مجلة لغة العرب العراقية

أنستاس الكرملي

العدد 1

العدد 1 بسم الله الفتاح المعين بعد حمده تعالى والشكر على آلائه، والاتكال على مدده، قد عقدنا على إصدار هذه المجلة الشهرية خدمة للوطن والعلم والأدب. من إنشائها: نعرف العراق وأهله ومشاهيره، بمن جاورنا من الديار الشرقية وبمن نأى عنا من العلماء والباحثين والمستشرقين؟ الغربية. وننقل إلى وطنيينا العراقيين، ما يكتبه عنهم الإفرنج من الكتاب المشهورين، عن بلادهم وأقوامهم؟ من خالين

وحاليين وخالدين. والذي دفعنا إلى هذا العمل هو إننا رأينا أغلب المجلات والجرائد والصحف السيارة، تبحث عن بلاد أصحابها ورجالها، ولا تذكر إلا النزر التافه من هذه الأرجاء وذويها. فرأينا من المناسب، أن ننشئ مجلة تفي بما في الأمنية ليدخل العراق في مصاف الربوع المعروفة بين الأمم المتمدنة المتحضرة. أما الأبواب التي نطرقها، فظاهرة من اسم المجلة نفسها، وما الغاية التي توخيناها من وضعها. وزيادة على ذلك نعقد في كل جزء من أجزائها (تاريخ الشهر في العراق) وندون فيه ما صرح ومحض من الأخبار والوقائع التي جرت في العراق ونواحيه من ديار جزيرة العرب لتصلح هذه الصحف، أن تكون ألواحاً تنقش فيها الحقائق الراهنة لا الشقاشق الواهنة ومرجعاً يرجع إليه عند الحاجة. ونكتب أيضاً في كل عدد من أعدادها رواية تاريخية أو خيالية أو تاريخية خيالية معاً يكون موضوعها أحد أبناء العرب أو جرت واقعتها في بلاد العرب أولها تعلق بهذه الديار الكريمة أرضاً وماء هواءً وسماء. سكاناً وعمراناً. ثم إننا لا ندع ديواناً من دواوين هذه المجلة إلا ونورد فيه شيئاً من المصطلحات الحديثة، والأوضاع العربية الطريفة، مما يوسع لغتنا الشريفة. ويحدو بنا إلى مجاراة الأقوام المتقدمة في الحضارة المنيفة بما يستحدث فيها من الموضوعات العصرية، والمدلولات العقلية

والأدوات الفنية أو الصناعية. والتصاوير الخيالية. والأفكار العلمية التي لا مقابل ولا مرادف لها في لساننا في هذا العهد. لانقطاع نظام العقد. بكثرة ما انتاب هذه الربوع من النوائب والرزايا. وانقطاع ديارنا عن معالم الحضارة ومعاهدها الغربية التي لا زالت في سير حثيث شديد. وتقدم وتجدد. وتوسع وتولد. ونحن لا نزا في سير ريث وئيد ووقوف وجمود. خمود وركود. فهذا أملنا الكبير، ومن الله العون والتيسير. وهو على كل شيء قدير وبالإجابة جدير: حاول جسيمات الأمور ولا تقل ... إن المحامد والعلى أرزاق وارغب بنفسك أن تكون مقصراً ... عن غاية فيها الطلاب سباق أصدقاؤنا الخلص لا بد من وقوع هذه المجلة في أيدي بعض الأدباء الفضلاء فيستحسنها بعضهم ويستقبحها البعض الآخر. على أن مجرد الاستحسان والاستقباح بدون الإشارة إلى ما يحمل القائل على أحد هذين الأمرين لا معنى له. والمحق: يؤيد كلامه بالبرهان الناصع ويبعث به إلينا لنتدبر صحة كلامه وانتقاده بيد أننا نجهز بأننا لا نلتفت إلى المقرض أو المادح وان ظهر لكلامه وجه لصحته، لعلمنا اليقين بقصورنا. ولهذا لا ندرج له شيئاً في مجلتنا هذه. لكننا نوجه كل نظرنا إلى الناقد الخبير الكفؤ الجهبذ، الذي يرمي بكلامه إلى الغرض فيصيب.

التقريظ والمشارفة والانتقاد

ومن ثم فنحن نرحب من الآن بكل من ينبهنا على غلط من أغلاطنا أو ينتقد كلامنا أو آراءنا أو أقوالنا بأي صورة كانت. بشرط أن يكون خالياً من الغرض والهوى. بل ونشكره على عمله هذا المبرور كل الشكر، ونطلب له من الله أن يثيبه عليه. كما أننا ننوه بفضل كل من يرشدنا إلى ما به خير الجمهور. ولا نستنكف من الإقرار بغلطنا، حالما نطلع عليه. لأن الكمال لله وحده. التقريظ والمشارفة والانتقاد نحن أغلب معشر الشرقيين إن لم نقل كلنا لم نتعود سماع عيوبنا من لسان غيرنا، ولو كانت تلك العيوب ظاهرة للعيون لا كذب فيها البتة. وكلنا أو جلنا يحب التقريظ ولو كان كذباً محضاً. وهذا الذي أخر شرقنا وأضر به هذا الضرر العظيم. بيد أن جماعة من متقدمي أدبائنا الراسخي القدم في الفضل لا يهابون اليوم شيئاً من هذا القبيل، ويحبون المنتقد الصادق النظر ويفضلونه بكثير على المقرظ الكاذب اللهجة. ولما كنا نجهل المجلين في هذه الحلبة من أهل الفضل والأدب فنطلب إلى الذين يهدوننا هداياهم العلمية من جرائد ومجلات ومؤلفات ومطبوعات وسائر نتاج العلم والحلم والقلم أن يراعوا في مراجعاتهم إيانا معنى هذه الألفاظ وهي: التقريظ، والمشارفة، والانتقاد. فإن كتبوا على الهدية العلمية (للتقريظ

أسفنا

فنحن لا نتكلم عن هديتهم إلا بما يطيب خاطرهم وثلج صدرهم ويقر ناظرهم. وإن صدورها بلفظة (للمشارفة فنحن نذكر حسنات ما في الهدية بقدر ما نذكر من سيئاتها بدون أن نرجح إحدى كفتي الميزان على الأخرى. لأن المشارفة مصدر شارف الشيء إذا اطلع عليه من فوق. والمطلع على الأمر من موطن يعلوه أتم العلاء يشاهد ما يتثبت رؤيته لا غير. وعند الحاجة إليه ينطق بما وقف عليه وقوف مخلص خال من كل غرض. وأما إذا كتب على الهدية (للانتقاد فحينئذ نبدي فيه رأينا على ما يلوح لنظرنا فنرجح إحدى الكفتين على الأخرى من حسنات أو سيئات. لأن الانتقاد في الأصل مأخوذ من انتقاد الدراهم. يقال: انتقدها: إذا ميزها ونظرها ليعرف جيدها من زيفها. وإذا خلت الهدية من الإشارة ساغ لنا أن نبدي فيها رأينا على أحد الوجوه الثلاثة بالخيار. بدون أن يحق للمهدي أن يلومنا بأي صورة كانت. لأننا قمنا بالواجب علينا منذ العدد الأول هذا. وقد أبلغنا كلامنا إلى الجميع. وما على الرسول إلا البلاغ. أسفنا نأسف لكوننا لم نجد في حاضرتنا دار السلام كاغداً كبير الحجم

شكرنا

لنصدر هذه المجلة بقطع سائر للمجلات العربية في الديار الشامية والمصرية. نأسف لكوننا لم نجد حرفاً كحرف سائر المجلات وسط الكبر ليكون طبع هذه الصفحات رائقاً للنظر لا ضخم الحرف ولا دقيقه. نأسف لكوننا لم نر هذا الحرف كامل التنقيط في ياءاته ولا كاملاً في بعض تصاوير حروفه ولاسيما: نأسف لكوننا لا نستطيع أن نضبط بعض الكلم بالشكل الكامل من حركات وعلامات لعدم وجودها فنضطر للضبط إلى ذكر التلفظ بالحرف بكلام يطيل البحث بدون أن يزيده فائدة تذكر. ومع ذلك فنحن نأمل أن مطابعنا تترقى مع الزمان فتتم عندنا المعدات كما هي تامة في البلاد العربية اللسان التي هي أرقى من ديارنا وما ذلك على وطنيينا بعسير أو بعيد. ومنه تعالى التوفيق. شكرنا ما كاد يفشو خبر إصدارنا المجلة إلا وتسابق الكرماء والأدباء إلى مساعدتنا. نخص بالذكر بين الأجواد ذاك الحميم القديم. من يغني التلويح بفضله العميم. عن التصريح باسمه الكريم. الذي يأتي الحسنات عن يد سخية. ولا ينظر إلى ما تتبرع به نفسه الأبية. ولكوننا نعلم أنه

فضل أهل العراق

لا يحب أن يسمع شيئاً بهذا الشأن فلا نطلق العنان. في هذا الميدان أكثر من هذه الإشارة الخفية. إلى أن تأتي الساعة نتكلم بها عنه بكل حرية. وهناك غيره من السراة الأماثل الأسخياء يأتي ذكرهم عند سنوح الفرصة لأن الأمور مرهونة بأوقاتها. وأما الأدباء من الكتاب. فعددهم وفضلهم ظاهر من مقالاتهم التي تشهد بطول باعهم. وحسن يرعاهم. وتغلغلهم في العلم والأدب. وسائر فنون العرب. وكفانا تقريظاً إياهم الوقوف على ما أتحفونا من النبذ والمقالات. وعلى ما يتحفونا هم وغيرهم من هذا القبيل فلهم منا الشكر الجزيل. فضل أهل العراق على سائر أقوام الآفاق في جمع شتات لغة العرب كان سكان جزيرة العرب يتكلمون لغات عديدة ولغياتٍ شتى حتى جاء الإسلام فوحدها وميز لغة قريش مضر الحمراء عن سائر أخواتها لفصاحتها وكثرة أوضاعها ومعظم اتساعها. وما كادت تنبغ بين لدائها حتى زادت مباني ومعاني فأصبحت بحراً زاخراً بعد أن كانت نهراً دافقاً بيد أنها بقيت قرنين لا ينمو قرن غزالها الشارقة بعد أن ذر ذروراً بيناً. حتى خالط العرب العجم فعني هؤلاء الأغراب غاية العناية بتدوين

اللغة وأصولها وقواعد ضبط شواردها وأوابدها. ووضعوا مبادئ أخذها وتلقيها والجري على أساليب العرب بأحكام ضوابطها الجزئية وروابطها الكلية. فنشأت حينئذٍ علوم اللغة العربية على ضروب تنوعها في الكيفية والكمية. على أن الفضل كل الفضل في ذلك عائد إلى أهل العراق باتفاق أهل الآفاق لأن جميع العلماء الذين نبغوا في صدر الإسلام كانوا من العراقيين أو ممن خالطوهم أو ممن أخذوا عنهم. وهل أنت تجهل سبب تمحيص اللغة العربية الشريفة وترقيها وتدوين وتحقيق أصولها واتباع السراط القوم من طرقها المتعددة المختلفة؟ أليس في المصرين الكوفة والبصرة من ديار العراق نشأت طائفتا العلماء الذين تفتخر بهم اليوم اللغة القرشية؟. طائفتان تشبهان ما يسميها اليوم أدباء عصرنا من الإفرنج الأكاديمية أي المجمع اللغوي. أجل. إنك ترى في هذا العهد مجمعاً لغوياً في كل أمة من أمم الغرب التي يمتاز أهلها عن جيرانهم بلغتهم الخاصة بهم. والغاية منه الداب في تحسين لغة أصحابه ولذا ترى أعضاء هذه الأكاديمية (التي لا يتعدى عددها الواحد في كل أمة) يسهرون على حفظ سلامة اللغة من كالخلل أو فساد. ويقتبسون من عوامهم بعد الألفاظ المأنوسة التي لا مقابل أو مرادفها في لغتهم الفصيحة والتي لا مندوحة لهم عنها للتعبير عن أفكارهم. ويدخلون الألفاظ الحديثة المعنى أو الطريفة الوضع والاكتساب لقرب العهد باستنباط مدلولاتها أو باكتشاف وجودها.

والخلاصة أن هذه الأكاديمية (أي المنتدى اللغوي) تسعى كل السعي لأن تجعل لغة قومها حية ابنة اليوم والعصر تغتذي بأطعمة جديدة لتعوض بها عما فنى ويفنى منها لقيامها بوظائف الحياة. وتقذف بأحشائها ما لم يعد صالحاً لبقائه في المذاخر (وهي من الأعضاء الداخلية ما يدخل فيها الطعام كالاجواف والأمعاء والعروق واسافل البطن) على غير جدوى. على أن الأكاديمية إذا كانت واحدة قد تهفو إن لم يعارضها معارض أو يناوئها مناوئ. أما إذا ناظرها منتدى آخر لغوي كفوء لها وناقشها في المسائل وجاذبها أطراف ما يقع فيه الخلاف أو يمكن أن يقع فيه نظر منتقد جهبذ خلصت اللغة من كل شائبة مشوبٍ. وتخلصت قائبة من قوب. ولم تبق حاجة في نفس يعقوب. فهذا الذي يتمناه كل عاقل لبيب محب للغته ومغرم بمحاسنها وقع في لغة العرب عندما أميطت عنها قمط الطفولة وشبت عن الطوق فأزيحت عنها التمائم وألبست القلائد. فبرزت من حجلها شابة بارعة الجمال رائعة الكمال كاملة السن كافلة لنفسها البقاء مهما صادفها وصادمها من الأحداث والطوارئ القومية والاجتماعية والعمرانية وقد زودت من الوسائط ما تدفع عنها كل غائلة أو كل ما يشين عرضها ويدنس نسبها أو حسبها. وخلاصة القول عن مذهب البصريين والكوفيين: إن البصريين أصح قياساً لحفظ لغة قريش. لأنهم لا يلتفتون إلى كل مسموع ولا

يقيسون على الشاذ والكوفيون أوسع روايةً. لأنهم جمعوا شتات لغات جميع قبائل العرب وحفظوها. قال ابن جني: الكوفيون علامون بأشعار العرب مطلعون عليها. (نقله صاحب الاقتراح ص 100) ولهذا فنتبع آراء الكوفيين واستقراؤها يطلعك على لغات قدماء العرب. وهو أمر جليل الشأن وأما تأثر آراء البصريين فلا يوقفك إلا على لغة قريش الفصحى. وقال الأندلسي في شرح المفصل: الكوفيون لو سمعوا بيتاً واحداً فيه جواز شيء مخالف للأصول (المتعارفة في لغة مصر) جعلوه أصلاً وبوَّبوا عليه. بخلاف البصريين. قال: ومما افتخر به البصريون على الكوفيين: نحن نأخذ اللغة من حرشة الضباب وآكلة اليرابيع. وأنتم تأخذونها من آكلة الحلوى وباعة الكواميخ. (عن كتاب الاقتراح للسيوطي ص100) على أنه هناك من سبق البصريين والكوفيين معاً. وكان قبل ظهور الإسلام بمائتي وخمسين سنة وهو من أهل العراق أيضاً. وبه يتضاعف فضل العراقيين على من سواهم ويتطاول طولهم على من نازعهم شرف حفظ اللغة العربية وآدابها وأشعارها وأريد به النعمان ابن المنذر المتنصر فقد قال عنه حماد الراوية ما نصه: (أمر النعمان بن المنذر فنسخت له أشعار العرب في الطنوج وهي (الكراريس)) ثم دفنها في قصره الأبيض. فلما كان المختار بن أبي عبيد الثقفي (وهو أبو اسحق المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي الذي طوى بساط أيامه في القرن الأول من الهجرة في عهد الأمويين) قيل له إن تحت القصر كنزاً فاحتفره. فأخرج تلك الأشعار. فمن ثم أهل الكوفة أعلم بالشعر من

أهل البصرة. (اهـ كلامه نقلاً عن المزهر121: 1) وكأن أهل العراق خصوا من بين أقوام الآفاق لترقية شأن اللغة العربية كلما مست الحاجة إليه. لأنه ما عدا ما أتى به النعمان بن المنذر المتنصر من المآثر الجليلة بحفظ أشعار العرب. وما خلا ما قام فيهم من علماء المصرين (البصرة والكوفة) من جمع شتات لغات القبائل وتدوين منظومها. فقد جاء بعد ذلك عهد العباسين فدفعوا اللغة في ميدان السباق حتى استنزفوا حضرها (بضم الحاء) وبلغوا بها إلى شأو الحصر (بفتح الحاء وهو التضييق والحبس) لأنهم بلغوا بها إلى أبعد غاية يكن الوصول إليها في عهدهم. أما في عهدنا فإذا كان العراقيون لم يشبهوا السلف بجلائل مآثرهم فليس الذنب ذنبهم. وإنما الجريرة جريرة المربي (بكسر الباء المشددة) وحالة المربى (بفتح الباء الخفيفة) ليس إلا. ومع ذلك فإننا نستبشر بسنة التأسل في وطنيينا العراقيين إذا أعانتهم الحكومة. إذ من شأنها أن تساعد حملة الأقلام ورافعي أعلام العلم بين الأنام. وما ذلك بعزيز على ربك العليم العلام. مما جاء في مدح العلم قال عبد الله بن مسعود: إن الرجل لا يولد عالماً. وإنما العلم بالتعلم وأخذه الشاعر فقال: تعلم فليس المرء يولد عالماً. ... وليس أخو علم كمن هو جاهل وقال آخر بالمعنى المذكور: تعلم فليس المرء يخلق عالماً ... وما عالم أمراً كمن هو جاهله

بغية الأنام في لغة دار السلام

وقال غيره: ولم أر فرعاً طال إلا بأصله ... ولم أر بدء العلم إلا تعلماً وقال رابع: العلم يحيي قلوب الميتين كما. ... تحيا البلاد إذا ما مسها المطر والعلم يجلو العمى عن قلب صاحبه ... كما يجلى سواد الظلمة القمر بغية الأنام في لغة دار السلام مقدمة الحمد لله الذي فطر الأنام، وخصهم بمواهب العقل والنطق والإفهام، وميزهم بها عن سائر الحيوان، ليكون ذلك أس النقد والمدينة والعمران، على ممر الدهور وتوالى الأزمان في كل أين وآن. أما بعد فقد قام في هذا العهد فريق من أفاضل المستشرقين يشيرون على الأدباء من أهل الفضل والعلم في الديار العربية أو في البلاد التي يتكلم سكانها باللغة القرشية أن يبذلوا جهد المستطاع في تقييد أوابد لغايتهم وإحياء دوارس معالم لهجاتهم وجمع كل ما يتداوله عوامهم ليدون في بطون الكتب ومعاجم اللغة وذلك لعدة فوائد منها: أولاً: لأن في بعض معاجم اللغة ألفاظاً نظنها مائتة وهي حية فنعرف معناها الحقيقي. ثانياً: لأن اللغويين قد جمعوا ألفاظ جميع القبائل بدون أن يصرحوا

باسم القبيلة التي نقلت عنها اللفظة إلا في ما ندر. فإذا عرفنا اليوم من يتكلم بها وقفنا على القوم الذين ينتمي هؤلاء الناس المعاصرون لنا وعرفنا قبيلتهم في سابق العهد. وهو أمر مهم للتاريخ ولا سيما لان بعض قدماء اللغويين قد بينوا لنا في غير كتب اللغة مميزات بعض القبائل في لفظها ومصطلحها ومساقط معنى حروفها وتعبير أفكارها الخ. ثالثاً: لأن في اللغة المدونة في الدواوين ألفاظاً مبهمة أو غير صريحة كأكثر ألفاظ علم المواليد ومصطلحات الصنائع. فإذا دونا لغة كل قوم صرحت لنا المعاني بوجهها الصحيح واتخذناها عند الحاجة للتعبير عما يجول في أفكارنا أو يدور على ألسنة جيراننا. رابعاً: لأن بعض الأوضاع والألفاظ العامية استعمالاً قديماً يرتقي إلى قرون عديدة ولا مرادف لها في الفصيح فتنفعنا حينئذٍ للتعبير عن أفكارنا ولإدخالها في لغتنا عوضاً من أن نقتبس ماضاهاها من أهل اللغات الدخيلة. خامساً: إن ما هو حي من الألفاظ اليوم يموت بعد سنين وإذا مات يحب من يأتي بعدنا أن يعرف ما كانت أقوالنا وأفكارنا ومصطلحاتنا فيكون ما دوناه احسن دليل على تاريخ حياتنا وآدابنا وعوائدنا ومآكلنا ومشاربنا إلى آخر ما هناك. سادساً: لو فعل اللغويون في سابق العهد في جمع لغات القبائل والعوام على ما يحب العلماء أن يفعلوه اليوم لوقفنا على شيء كثير من عمران أجدادنا وتاريخهم وهو اليوم في خبر كان مما اضر كثيراً بسابق

منافع تدوين اللغات واللغيات واللثغات

مجد أجدادنا وتمدنهم وارتقاء حضارتهم الخ. والخلاصة عن في تدوين اللغة العامية كل بلد من الفوائد التي لا تقل عن فوائد سائر العلوم التاريخية والعمرانية والتهذيبية والعادية والأثرية. هذا فضلاً عن أن مثل هذا الكتاب يكون مرجعاً ينتابه الكاتب كل مرة يريد أن يعرف فصيح الكلمة العامية التي تجري على لسانه فيصلح أود لغته ولغة قومه. وهي فائدة عظيمة لإبقاء اللغة على سلامتها وفصاحتها. ولهذا يجب في مثل هذا العمل أن يوضع بازاء كل لفظ عامي الحرف الفصيح المعروف عند أصحاب اللغة الصحيحة لتتم الفائدة المنشودة. والله الموفق. منافع تدوين اللغات واللغيات واللثغات إذا أردت أن تقف على منافع تدوين اللغة زيادةً على ما تقدم ذكره اعتبر هذا الأمر وهو أنك إذا أنعمت النظر في الماء عند منبعه ثم تفقدته في مجراه تحقق أنه كلما ابتعدت عن العين زادت كدورته أو زادت الجواهر الغريبة التي تخالطه لكثرة ما يصادفه من الأجسام عند هبوطه من مصدره. وإذا انتهيت إلى مندفعه لا تكاد تجسر على أن تقطع بأن هذا الماء من ذاك المعين. وعلى مثل هذا تقيس مجرى اللغات ومسراها وامتزاجها وكثرة ما يحل بها من الغير. هذه لغات اليونان والروم والعرب فطالما كانت غير مقيدة الألفاظ والقواعد حل بها من الطوارئ ما يسر تعدادها. فنشأ منها اللغات

الفرعية الكثيرة. ومنذ أن قيدت اوابدها انحصر شر فسادها وضاق أيضاً نطاق عبث بناتها من اللغات منذ أن عوملت هذه المعاملة. ولولا ذلك لتسلط عليها عامل الاحتكاك والتآكل كما هو متسلط على جميع موجودات الكون مهما تنوعت واختلفت. فهذا الحديد على شدة صلابته بل هذا الألماس على قوة مناعته إذا احتك بغيره من جنسه أو من غير جنسه تأكل شيئاً فشيئاً حتى يفنى مع الزمان. وهذه ألفاظ اللغة عند احتكاكها بغيرها يعتورها مثل هذا النقص والفناء حتى يدخل بعضها في بعضٍ وتضمر ضمور الحي حتى لا يبقى منها إلا الأثر أو يكاد. فجمع سقاط اللغة من لغية ولثغة وخلل وفساد والإشارة إلى تصحيح أود ما فيها هو من النعم اللغوية التي لا يقدرها إلا عشاق اللغة والغيورون على سلامتها. افعل هذا تر في الأجيال المقبلة ما رأيت نتيجته منذ خمسين سنة أي من دخلت الصحافة في بلادنا فادعمت ما تداعى من بنيانها وأسندت وشادت ما انهار منه فحصلنا على نتيجة لم نحلم بها في السابق وسوف تكون أعظم إذا سعى أصحاب كل بلدٍ على نشر المطبوعات ولاسيما على نشر اللغيات والإشارة إلى ما يحسن عيبها وينفي عنها ما يشوه محاسن محياها. ومن ثم فقد أخذتني النخوة العربية والنشوة الأدبية في أن أشمر عن ساعد الجد وألبي إلى تأليف معجم يستوعب أغلب الألفاظ

نجد

العامية والدخيلة البغدادية إن لم أقل كلها. ليكون سراجاً منيراً يهتدي بنوره العوام. وقائداً مرشداً إلى شحذ الإفهام. ودليلاً يركن إليه الغرباء عن اللهجة واللسان. إن من المستشرقين وإن المستعربين في جميع البلدان. هذا ومع إقراري بقصر باعي أعلم حق العلم أن أمامي عقبة كئوداً من دونها خرط القتاد. وورائي من الصعوبات ما لا يشعر بها إلا من سلك هذا الوعث وعرف ما يحصل منه من الوعثاء. بيد أني استسهلت تلك العراقيل والعواقيل لما ينجم من وراء ركوبها من الفوائد الجمة والمنافع العامة. وقد وسمت كتابي هذا ببغية الأنام، في لغة دار السلام، عملاً بإشارة أعز الإخوان، وأخص الأخدان، وأطلب ممن يقف على ما يقع فيه من الأغلاط أن ينبهني عليها وأنا لا أنساه من الإقرار بفضله والتنويه بأدبه عن الله مثيب الصالحين والمصلحين: رزوق عيسى نجد 1 - موقع نجد وحدودها ديار نجد واقعة في قلب بلاد العرب أو هي سرتها. وحدودها هي من الشمال النفوذ الفاصلة بلاد الجوف عن بلاد نجد. وهي النفود بوجه الإطلاق.

ومن الجنوب النفود المسماة بالربع الخالي وهي بلاقع أو مفازة أو فلوات لا تفرق بشيء عن نفود الشمال ومن الشرق الاحساء والقطيف ومن الغرب أغلب بلاد الحجاز. 2 - سكان نجد في الزمن الخالي وفي الزمن الحالي كان أهل نجد في الساب كأغلب سكان بلاد العرب. أخلاطاً من أمم شتى من عرب وفرس وأرميين وعبران وآشوريين وكلدان وبابليين. ثم امتزجوا امتزاجاً واحداً مع الزمان حتى أضحوا أمة واحدة ولما جاء الإسلام زادوا وحدة ولما ظهرت الوهابية بانوا كل البينونة عن سائر سكان الجزيرة حتى أضحوا أمة مستقلة بنفسها ولها أوصاف خاصة بها كالشجاعة والبسالة والتدين المفرط الضارب إلى التعصب والاباءة وعدم تحمل الضيم وتوقد الذكاء وحب التجارة الواقفة على أصول الشرع إلى غير هذه المناقب الدالة على النجديين من الناس الذين بانوا عن سائر العرب بالمآثر الجليلة التي لا تشاهد إلا في السلف الخالي. 3 - أقسام نجد (تقسم نجد إلى ثلاث إمارات ولكل إمارة حاضرة قائمة بنفسها).

الإمارة قاعدتها (الرياض) وهي حاضرة إمارة الأمير الخطير ابن سعود الذي قام بتجديد مذهب السلف الصالح وهو المذهب الذي يعرف الآن بمذهب الوهابية أو بالوهابية من باب الإطلاق أو من باب الأغلبية وأهل نجد كلهم يلقبون بالوهابية نسبة إلى من قام بالدعوة في بادئ الأمر وهو الشيخ محمد بن عبد الوهاب. أما موقع الرياض فمعروف أي في جنوبي نجد. الإمارة الثانية: إمارة الأمير الجليل ابن الرشيد وقاعدتها (حائل) وهي في شمالي نجد. الإمارة الثالثة: (القصيم) (بالصاد لا بالسين كما يكتبها بعض أهل الجرائد) وهي عبارة عن بلدتين كبيرتين وهما: (عنيزة) وهي عاصمة إمارة (آل سليم) (وبريدة) وهي عاصمة إمارة (آل مهنأ) وما بين هاتين البلدتين مسافة قدرها ست ساعات للراكب. وكلتا البلدتين: عنيزة وبريدة دخلتا في قبضة الأمير عبد العزيز ابن السعود الموجود الآن. 4 - العلم بوجه الإجمال في هذه الإمارات الثلاث استناداً على ما تقدم، نقسم البحث إلى ثلاثة أقسام نخص كل إمارةٍ بكلام يناسبها مناسبة إجمالية. فنقول: كانت ربوع ديار (الرياض) وتلقب حيناً (بالعارض) منبعث أنوار العلم والعرفان في عهد غضارة إمارة آل سعدون. لكن أكثر هذا العلم يدور على علم التوحيد والكلام

والأصول والتفسير والفقه واللغة وجميع العلوم الدينية وقليل من النحو والصرف وسائر علوم الآلة. فلما أخذت دولتهم بالزوال تقلصت ظلال العلوم عنها أيضاً رويداً رويداً وتشتت العلماء على أوجه شتى: فمنهم بالموت وآخرون بالمهاجرة إلى بلاد أخرى يرتزقون فيها لأن عيشتهم في السابق كانت متوقفة على ما يجريه الأمير ابن السعود من الرواتب الدارة الإخلاف الجارية من بيت المال وهذا يمتلئ مما كان يجمع على ما جاء به الشرع الشريف من النظام والأصول المثبتة في الإسلام. أما اليوم فلم يبق من تلك العلوم شيئاً في الرياض وانتقل أغلبه إلى بلاد (القصيم) و (حائل) السالفتي الذكر. ولا يوجد من يتعاطى العلوم فيها إلا أناس قلائل. ووجودهم كعدمهم. وهم الذين يقال أنهم خبطوا في الديانة خبط عشواء. وأظهروا التعب الديني الأعمى وأشاعوا عنه وعن أصحابه أموراً لا توافق مذهب السلف. وهي وإن كان أغلبها ملفقاً إلا أن لها بعض الحقيقة فجسمها خصومهم وحسادهم على تلك البقاع وعلى عزتهم فيها وانتصارهم على مناوئيهم إلى أن آل تقلص ظل دولة آل سعود ففرحوا بذلك فرحاً لا يوصف. وما زالت الحالة في تأخر وتقهقر حتى اضطر أكثر أهل تلك البلاد إلى المهاجرة للاسترزاق فظعنوا عنها مكرهين ولكن هجرتهم لم تبعد لأنهم لم يتجاوزوا الاحساء والزبير والبصرة. أما أكثرهم فتراهم في البحرين وعمان وسائر تلك الأصقاع وكلها لا تخرج عن بلاد العرب. والذين

هاجروا لم يكتسبوا بهجرتهم علوماً تقدمهم إلا النزر القليل مما يوافق مشربهم وتغربهم أي معرفة أعداء الدول وقواها وبعض ممالكها ومستعمراتها وسياسة بعضها لبلاد نجد. والخلاصة إنهم يتأثرون كل ما له تعلق ببلادهم. والبعض منهم (وهم أفراد قليلون) وصلوا إلى الهند كمدينة لكنو وحيدر آباد وأمرتسر وغيرها ودرسوا بعض علوم الدين وشدوا شيئاً من الفلسفة وعلوم العمران والاجتماع. لكن علوم هؤلاء الأفراد لم تؤثر في قومهم التأثير المطلوب لما رجعوا إليهم قافلين بها. ولذا لا تراهم حظيين في عيون وطنييهم. أما إمارة ابن السعود الآن وحاشيتها. وان شئت فقل.: أما مقدموا إمارة ابن السعود فانهم على كفاية من العلم اللازم لإدارة شؤونهم حسب سعتها وما تطلبه منهم مكانتهم بل يوجد بينهم أفراد لا يستغنى عنهم لحل الأمور المعضلة أو المشكلة. وأكثرهم ممن تربوا في المدن. وفي هذا العهد (أي منذ إعلان الدستور العثماني) انتبهوا انتباهاً عظيماً وهم في شوق لاعج إلى الاطلاع على حقائق الأمور والانضمام إلى الحكومة العثمانية. ولكن يا للأسف إن الحكومة لم تشرح صدرهم إلى اليوم ولا تراسلهم بل ولا تنظرهم. لا بل لما طلب ابن السعود من ناظر الداخلية (طلعت بك) حسبما بلغني - ليبعث إلى المجلس من قبله مبعوثين رده قائلاً: نفعل ذلك في الانتخاب

الجديد. ولما كانت بيني وبين الأمير ابن السعود قرابة مثلت بين يديه بعدما قضيت سنين في الهند وشرحت له أحوال الدستور في الأمم الراقية فانشرح له صدره وأفادني بأنه يكون أول مؤيد له واعظم مساعد للحكومة العثمانية فيما تريده. وألححت عليه بان يوفد إلى الحكومة العثمانية مبعوثين من قبله ففعل وطلب ذلك لكنه رد كما تقدم القول. هذا أهل هذه الإمارة يطالعون بلاعج الهوى الجرائد والمجلات وتأتيهم من كل حدب وصوب ويطلبون الكتب ولا سيما الحديثة الوضع ليقتنوها ويطالعونها. ويقبلون عليها إقبال الجياع على القصاع غير أن الاضطرابات التي تحدث بين القبائل غالباً لأدنى سبب. وسنة الأعراب منذ القدم. وسنة الأعراب منذ القديم سنة الغزو والهجوم لا تدعهم يتفرغون لها كل التفرغ يستفيدون منه الفائدة المطلوبة. ومع هذا فأنا أرى انه لا تمضي سنوات إلا ويصلون إلى درجة حسنة من العلوم والآداب بمنه تعالى وكرمه. 2ًواما العلوم والآداب في الحائل (ويقال لهذه الإمارة أيضاً الجبل) و (جبل شمر) (وهو جبل طيء في السابق) فهي على غير ما رأيته في الإمارة الأولى. ومما يجب أن تعلمه قبل الإيغال في البحث أن هذه البلاد قد وصلت إلى درجة تذكر في العلوم والمعارف منذ سابق العهد. وإمارتها

لشمر منذ أن وجدوا إلى يومنا هذا. وقد استولى عليها آل سعود حين قويت شوكتهم وعظمت صولتهم. وما كادت شمسهم تميل إلى الغروب إلا وعادت تلك الديار إلى أهلها الأقدمين. وكان أول أهلها ورؤسائهم: آل على ثم انتقلت إلى طلال. فبندر فمحمد الرشيد فعبد العزيز ثم إلى ابنه متعب ثم إلى خال متعب (سلطان) ثم إلى سعود أخ سلطان ثم إلى سعود بن عبد العزيز أخ متعب. ولهؤلاء في ذلك قصة تاريخية عجيبة طويلة لا يسع المقام ذكرها. ولما دالت إمارة آل سعود وافق آخرها نمو إمارة محمد الرشيد فانتقلت اكثر الكتب إلى حائل. وأنت تعلم لا صناعة ولا تجارة لأهل حائل إلا الغزو لا غير. ومع ذلك فتراهم قد سبقوا غيرهم في العلوم العصرية وذلك لاختلاف كبرائهم إلى الأستانة ومصر والحجاز أيام السلطان عبد الحميد المخلوع فاصبح البعض منهم يعرف اللسان التركي والفارسي. وترى في بلادهم اليوم الكتب العربية القديمة النادرة الثمينة التي لا ترى لها وجوداً في سائر البلاد العربية وأغلبها غير مطبوع. وتؤنس جماعةً منهم تطالع الصحف السيارة والمجلات الموقوتة. وأهل هذه الديار أنور من غيرهم من تلك الأقطار في العلوم العصرية وأوسع اطلاعاً في الأمور السياسية. ولهم ميل شديد إلى الحكومة العثمانية وهذا الميل أظهر فيهم ممن سواهم. لكن الحكومة لا تزال في ريبٍ من أمر العرب والإحجام عنهم. وعلى ما أرى: أنها تود أن

تكون في غنىً عن نصرتهم. ولعلها تخاف من انهم إذا تمدنوا قلبوا لها ظهر المجن وعادوا إلى مجدهم السابق. وهذا كله من التخيلات السياسية ومن الأوهام التي لم تدر في خلد العرب. ولما أتيت بغداد ورأيت الحالة الحاضرة أبديت ما أوجبته على الوطنية العثمانية والعربية للطرفين بجامعة الدين وشرحت ذلك بعدة مقالاتٍ بسطتها في جريدتي الرياض وبينت ما يجب من الفوائد الجمة إذا انضموا إلى أبناء آل عثمان وصاروا يداً واحدة على الأعداء. ولقد أثر كلامي هذا على أبناء وطني تأثيراً عظيماً حسناً ذا نتيجة تذكر لكن ذهب كله أدراج الرياح لما رأوا أن الدولة العثمانية لا تعيرهم أذناً صاغية ولا أحلاماً واعية. فلعل الزمان يحسن النيات في أبناء عثمان فيجني هؤلاء في بضع سنين ما لم يجنوه بحذرهم مدة سنوات متطاولة. هذا فضلاً عما شرحت للحكومة ما يجب أن تتخذه من الاحتياطات اللازمة لمنع الأسلحة من دخولها العرب. وذكرت لها الوسائط الحسنى للبلوغ إلى تمدن صادق وأرسلته إلى أحد مبعوثي العراق وبعد أن قرأ في المجلس حول إلى النظارة. ولا أدري بعد هذا ما جرى به. ولعله ضاع أو احترق مع جملة الأوراق التي ذهبت في إحدى حرائق الأستانة في هذه الأيام الأخيرة. أما ميلهم إلى العلوم الأدبية كالشعر والنحو وعلوم الآلة والسياسة والاجتماع فمما تظهر منافعه عن قريب إذا ما تحسنت الأحوال

وتوفرت وسائط النقل والانتقال بعد أمد غير بعيد بمنه تعالى وكرمه. 2 - القصيم: - البحث في علوم وآداب أهالي القصيم يتناول البلدتين المذكورتين اللتين تتقوم منهما فأهل هذه البلاد ليسوا كاهل الديار الأخرى. فلقد دخلوا بتجارتهم البلاد الكثيرة من الأصقاع المتمدنة كالهند ومصر والشام ولندن ومدن أميركية. وتجد بعضهم قد توطنوا تلك الربوع كما احتلوا بلاد العراق كبيرها وصغيرها. ولقد تقدموا في التجارة أحسن من غيرهم بكثير. وكذلك قل في العلوم على مختلف أنواعها وتشعب أفنانها كل ذلك في البلاد المختلفة المذكورة كما في ديار قطرهم الواسع. فانك لا تسير إلى بلدٍ إلا وتجد فيه منهم نفراً يتعاطى الأمور التجارية غير غافل عن العلوم المعروفة في تلك البلدة مقامه. ولهذا إذا تيسر لك فدخلت بلادهم ترى فيهم هذا يكلمك بالتركية وذاك يطارحك الكلام بالفارسية وتسمع واحداً يذاكرك بالهندية ويقبل إليك آخر يفاتحك بالإيطالية. ويقترب منك صديق محب يخاطبك بالفرنسوية إلى غير هذه اللغات من أردوية وتامولية وإنكليزية. أما التاريخ فهم يعتنون أشد الاعتناء. وكذلك يزالون علوم الاجتماع والسياسة مزاولة تفوق معالجة سواهم لها. وهنا نختصر القول بإضافة إلى ما تقدم ذكره عن الإمارتين الأوليين بخصوص العلوم والمعارف أنه لا يوجد في تلك الربوع مدارس أو مكاتب على ما نشاهده في البلاد الأخرى المتمدنة من ابتدائية ورشدية وكلية وجامعة.

التأسل والتأسن

إما مدارسهم فهي مدارس خاصة بهم تشمل جميع المطالب وتجمع في ردهاتها كل طالب على السواء. فالتلميذ يأخذ أي كتاب كان أو أي كتاب أراد قراءته ثم يحضر المدرسة ويقرأه على المعلم الموجود فيها بدون أن ينتظم في سلك حلقةٍ تتلقى العلم معاً من الأستاذ في وقتٍ محدود كما في المر الجاري في المكاتب العصرية المنتظمة. (وبيوت أكثرهم ليست إلا مدارس ونوادي علم. إذ ترى فيهم من ينضم إلى رفيقٍ ثانٍ له أو إلى ثالث أو أكثر حسبما يتفقون عليه فيجتمعون في بيتٍ واحد منهم. أو انهم يجتمعون في كل يوم في بيت غير البيت الأول في بيت الرفيق على التوالي فيتدارسون في الكتب التي وقعت بأيديهم وهكذا يفعلون حتى النهاية على ما كان جارياً في سالف الزمن في أنديتهم ومجالسهم ومجتمعاتهم). سليمان الدخيل: صاحب جريدة الرياض ومنشئها. التأسل والتأسن للإفرنج لفظة وهي يريدون بها خاصية تكون في الكائنات الحية من شأنها أن تنقل صفاتها وفصولها إلى من يخلفها أو يعقبها، تلك الصفات والفصول الراجعة إلى هيئة جسمها أو تركيب بنيتها مادياً أو أدبياً أو عقلياً. وقد تظهر هذه المميزات في الابن رأساً بعد أن كانت في الأب. وقد لا تظهر في الابن قدماً بل تنتقل إلى الحفيد أو إلى ما وراءه بعد

فترةٍ في النسب أو فتراتٍ لا تظهر فيها تلك الفصول وكل ذلك يحسب من باب الوراثة. والعرب يسمون هذه الخاصية (التأسن والتأسل) على ما نراه قال في تاج العروس: تأسن أباه: أخذ أخلاقه. نقله الجوهري عن أبي عمرو. وقال اللحياني: إذا نزع إليه في الشبه. وأنشد ابن بري رحمه الله تعالى لبشير الفريري: تأسن نريد فعل عمرو وخالدٍ ... أبوة صدق من فرير وبحتر وقال في لسان العرب: يقال: هو على آسانٍ من أبيه. أي على شمائل من أبيه وأخلاق من أبيه. واحدها أسن مثل خلق وأخلاق. . . وقال ابن الأعرابي: السن: الشبه وجمعه آسان. وأنشد: تعرب في أوجهها البشائر ... آسان كل أفقٍ مشاجر آه والبيت الأول يدلك كل الدلالة يدلك كل الدلالة على المعنى الذي يعقده الإفرنج بلفظتهم ونحن نظن أن التأسن لغة في التأسل. والعرب كثيراً ما تعاقب بين النون واللام. قال في اللسان تأسل أباه: نزع إليه في الشبه كتأسنه. وقولهم: هو على آسالٍ من أبيه مثل آسانٍ أي على شبه من أبيه وعلامات وأخلاق. قال ابن السكيت: ولم أسمع بواحد الآسال) اهـ. ونظن أيضاً أن أصل (التأسل) بالسين: التأصل بالصاد. ومعناه العود إلى الأصل. وهو المعنى المطلوب من وضع هذه اللفظة. واللغويون يقولون: تأصل الشيء: صار ذا أصل أو ثبت أو رسخ أصله. وهذا

أيضاً يتحصل من الوراثة المذكورة. على أنه لم يسمع في كلامهم: هو على آصال من أبيه. ولم يقولوا في جمع أصل: آصالاً بل أصولاً وآصلاً. وهذا لا يمنع منبت اللفظة لأن العرب قد تتصرف بالمصحف والمحرف حتى تجعله أصلاً حياً قائماً بنفسه. وتميت الأصل الذي نما منه هذا الفرع على حد ما يفعل الزراعون بأنبتتهم وأشجارهم. وخلاصة البحث أن لفظة (التأسل) أو (التأسن) هي أحسن حرف يقوم بمؤدى الكلمة الإفرنجية (آتافسم وهي مشتقة عندهم من آتافس أي الجد الرابع أو أب الجد الثالث. ومعناه. (العود إلى الجد الأكبر). وقد أثبت الباحثون اليوم أن التأسن لا يكون في الإنسان فقط بل في الحيوان أيضاً وحتى في النبات. وهذا ما يشاهده كل منا إذا ما تدبر بعض ما يقع تحت ناظريه فقد رأينا مرارا كلاباً ولدت من آباء هي بنات آوى تنزع دائماً إلى أصلها. كما ثبت لنا أحياناً أننا قد ركبنا نارنجاً على كبادٍ. فرجع كباداً بعد حين. وكم من مرة أردنا أن نركب توتاً شامياً على توت عراقي فعاد الشامي عراقياً نازعاً إلى أصله.

المتكهفة والمكتهفة

وقد تفيد التربية الحسنة الإنسان والحيوان فتفنى فيهما بعض السيئات إذا اخذ كل من الإنسان والحيوان في حداثة سنه وقد لا تفيد أبداً بل وربما أحدثت فيه انتكاسا أو ارتكاساً. وهذا ما انتبه إليه أو إلى مثله قدماء العرب. ومن هذا القبيل ما يحكى أن إعرابيا ربى بالبادية ذئبا فلما شب افترس سخلةً له. فقال الإعرابي: فرست شويهتي وفجعت طفلا ... ونسواناً وأنت لهم ربيب نشأت مع السخال وأنت طفل ... فما أدراك أن أباك ذيب اذا كان الطباع طباع سوء ... فليس بمصلح طبعا اديب وقال غيره: وأنت كجرو الذئب ليس بآلف ... أبى الذئب إلا إن يخون ويظلما وهذا الكلام يصدق على كثيرين ممن ربوا تربية صالحة فلما شبوا دبت إليهم عقارب خصالهم الرديئة فلسعت آدابهم فأوردتهم حياض الموت. فاصبحوا في ديارهم جاثمين. ولأخرتهم خاسرين. بعد أن كانوا في دنياهم من الخاسئين. المتكهفة والمكتهفة أو المنتفقة للإفرنج لفظة يونانية الأصل منحوتة من كلمتين من نفس تلك

اللغة وهما (تروغلى) أي النفق أو الكهف. و (دوين) أي دخل فنشأت من تركيبهما لفظة (تروغلوديت) أي (داخل الكهف أو داخل النفق) وقد زعم بعض كتاب العرب ممن يرمي اللغة بالعجز والقصور والشيخوخة أن لا مردف لهذا الحرف اليوناني في العربي وكل من تكلم من العرب عن الأقوام الذين يأوون إلى الكهوف أو الأنفاق أو المغاور لم يذكروهم إلا باسم (تروغلوديت أو تروغلوديته) ولو انصفوا لوجدوا في العربية غير لفظة. من ذلك: المتكهفة والمكتهفة. فالمكتهفة. من اكتهف أي لزم الكهف. ومثله: تكهف والكهف كالغار إلا انه أكبر منه. والمنتفقة. وقد مر الكلام عنها وعن صحة استعمالها بهذا المعنى وانطباقها اشد الانطباق على اللفظة اليونانية كأنها قدت من أديم واحدٍ. وإذ قد أثبتنا صحة مقابلة هذه الكلمة لكلمتهم نقول: قد قرر الباحثون أصحاب القدم الراسخة في العلم أن أول سكنى البشر كان الكهوف والمغاور والأنفاق على حد ما يفعله بعض الحيوان إلى عهدنا هذا. ثم ارتقى الإنسان شيئا فشيئا في سلم الحضارة حتى ابتنى الدور العامرة وشيد القصور الفاخرة. إلا أن هناك أقوام بقوا على حالتهم الوحشية وهمجيتهم الدنيئة ومن حواليهم أناس متحضرون يهزءون من إخوانهم المتأخرين وجيرانهم الجامدين بل الهامدين.

وممن اشتهر بهذه الحالة أقوام كانوا في أقطار بلاد الحبشة وصعيد مصر وسواحل البحر الأحمر وميسية وموريطانية (بلاد الغرب) بل وأناس منهم كانوا في الصقع الشمالي من جبل قاف (قوقاس) إلا أن البلاد التي اشتهرت ببلاد المكتهفة كانت تبتدئ من بلدة برنيقة إلى مالا حد له من فلوات أفريقية وأنت تمعن فيها. وقال بعضهم بان الذين اشتهروا بالمكتهفة هم سكان الجهة الشرقية من أفريقية على طول الخليج العربي المعروف أيضاً باسم ساحل الحبش. وذهب فريق إلى أن المشتهرين بالمكتهفة هم سكان مصر الجنوبية والحبشة حيث توجد مقاطعة واسعة تعرف باسمهم. وفي صقع من بلاد العرب جبال متكهفة (فيها كهوف) تأوي إليها إلى عهدنا هذا قبائل من البادية تكاد تكون متوحشة وتوشك ديارهم أن تكون محاذية لربوع أولئك الأقوام الموجودين في أفريقية أو الذين وجدوا فيها. واغلب مساكن هذه الأجيال هي كهوف منها ما حفرتها أيدي الطبيعية ومنها ما نحتها ابن آدم. واغلب ما تكون هذه المغور في الجبال والأودية التي قوامها الجص أو الكلس واكثر هذه الجبال واقعة على شواطئ البحر الأحمر من جهة بلاد الحبشة وهي غير ذاهبة في السماء بل متوسطة الارتفاع. واسم المكتفهة لفظ عام يشمل أقواماً شتى تأوي كلها إلى هذه المغاور فمنها طائفة كانت قد أوغلت في داخل البلاد وكانت تطارد النعامة والفيل. ومنها طائفة كانت تقيم على ضفاف البحر الأحمر وطعامها

السمك وجذور الانبتة. ولهذا سماهم اليونان بما معناه: (آكلة النعام) و (آكلة الفيلة) و (آكلة السمك) و (آكلة الرز) إلى ما ضاهى وضارع هذه الألقاب وكلها دون هذه ضبطا وتحقيقا. وكان لكثير من ديار المكتهفة اصورة (قطعان بقر) وأسراب معز. وهذه الأموال كانت تثير نيران الشرور في الصدور بل قل كانت تسعر نيران حروب لا تعرف الفتور وان مرت عليها طوال الدهور بيد أنها كانت تخمد بعض الأحايين على طلب النساء والحاحهن. ومن شعائرهم الغريبة انهم كانوا إذا أرادوا دفن موتاهم يربطون رأس الميت برجليه ثم ينقلون جثته وهي على هذه الهيئة إلى هضبة وهناك يجتمع الجم الغفير من أقاربه وأصدقائه وأنسابه فارحين ضاحكين. ثم يلقون عليه الحجارة إلى أن يواروه عن الأبصار. ومن نوادر الاتفاق انه وجد في بلاد اسكندنافية (اسوج ونروج) قبور عادية فيها جثث أموات هامدة موضوعة على الصورة المذكورة تحت ركام من الحجارة. إلا أن هذه الحجارة مصفوفة صفا فيه شئ من النظام والإتقان. فانظر يا هذا كيف تتلاقى الشعائر الغريبة بين أقوام وأقوام وان شط بينهم المزار وترامت بهم الديار وتلاعبت بهم الأقدار. المعنى الثاني للمكتهفة وقد جاءت هذه اللفظة عندهم للدلالة على فرقة نصرانية كانت في صدرها وهم قوم من المبتدعة دفعتهم جميع الفرق من بين ظهرانيها

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

فاضطرت إلى أن تعقد مجالسها في المغاور والكهوف فسموا بهذا الاسم. المعنى الثالث أطلق العلامة لينيوس هذا اللفظ في علم المواليد على ضرب من القرد يقيم اغلب أوقاته في الكهوف والغيران وقد جعله بعد الإنسان العاقل في الترتيب والنظام. واليوم يسمي العلماء (مكتهفة) أنواع الشمبانزي والغورلي: ولا سيما المكتهف الأسود المعنى الرابع يسمى اليوم الإفرنج مكتهفة أيضاً أناساً يقضون معظم ساعات نهارهم تحت الأرض لأشغالهم أو لطلب رزقهم كالمعدنين مثلا والمشتغلين باستخراج الفحم الحجري من قلب الأرض. المعنى الخامس تجئ هذه اللفظة أيضاً للدلالة على طويئرات طعامها الدويبات وهي التي يسميها أهل الشام وما جاورها: (سكسوكة الحيطان. نمنمة. أم نوح. سكسكة. دعويقة.) وسوف نعقد لهذا المعنى فصلا إيفاءً. للموضوع حقه في عدد آتٍ وكل آتٍ قريب. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره (الكلية الاعظمية) في أوائل شهر حزيران (أوائل جمادي

الآخرة) تم تخطيط كلية العراق الإسلامية المعروفة (بالكلية الاعظمية) ولا زالت عناية دولة يوسف باشا مصروفة إلى إخراج هذه الكلية من عالم الخيال إلى عالم المثال. وهي تلك الكلية التي رفعت إلى هذه المرتبة نهار الجمعة 26 أيار (28جمادي الأولى سنة 1329) وكان قد حضر حفلة ترقيتها جم غفير من أكابر البلدة ورجالها الأماثل من عسكريين وملكيين ومدنيين. (الأمير ابن سعود (في أواخر شهر أيار وأوائل حزيران طارد حضرة الأمير عبد العزيز باشا آل سعود بعض القبائل العائثة في طريق العقير ولاسيما فتك بإحدى عشائر العجمان المخلة براحة أهل السبيل فكسب شكر أهل الجميل. (ملخص عن الرياض في عددها 72). (الأمير ابن الرشيد) وفي مثل ذلك العهد ضرب الأمير سعود باشا الرشيد بعض قبائل الرولة وشتت شملها واخذ شيئا كثيرا مما ملكت أيديهم من مال وخيل وابل وقد رجع إلى بلاده غانماً مظفراً. واكثر أولئك المفسدين هم الذين يتعرضون لسكة الحجاز ويبعثون بأمن تلك الأرجاء (عنها) (عشيرة الضفير) ظعنت هذه العشيرة إلى نواحي الكويت بعد أن كانت محتلة ما جاور البصرة من الربوع كالزبير ونواحيه (عن الزهور في عددها 83) (إنكلترا في شط العرب) ركزت إنكلترا ثلاثة أعلام في كل من القريتين الآتيتين وهما: (القصبة) (والمنوحى) وكلتاهما داخل شط العرب. (عنها) (باخرتان على الفرات) أخذت الحكومة في ولاية بغداد بان تسير باخرتين

على الفرات لتقريب المسافة بين بغداد الزوراء. وحلب الشهباء فسافرنا من بلدتنا في أواخر أيار متجهتين إلى الفلوجة ومنها إلى مسكنه فقطعتا المسافة التي بينهما في 85 ساعة (عنها يبسط في العبارة). (حوادث الناصرية) جاء في بعض الرسائل البرقية الموثوق بها انه لما كانت عشائر البدور تضيق الخناق على الأعراب الموجودين في (المائعة) والمحاصرين فيها وكان هؤلاء إلى حاجة ماسة إلى القوت سارت باخرتان من مركز الناصرية اسم الواحدة (فرات) وفيها مدفعان واسم الثانية (استيم بوط) وفيها بندقية آلية (ماكينولى تفنك) ولما وصلتا إلى المحل المرغوب إليه قابلها الأعراب بإطلاق الرصاص فأمطر عليهم العسكر حينئذٍ مطرا من الرصاص فتبددوا بعد أن قتل منهم جم غفير وهدمت المدافع قلاعهم وحصونهم. وإذ ذاك تيسر للمحاصرين أن يتلمسوا الطعام الذي جاء به لهم العسكر المظفر. وفي رسالة برقية أخرى: انقسمت عشيرة الحسينات إلى فرقتين إحداهما مهادنة للبدور والثانية متفقة مع سعدون باشا. فلما وقع هذا النفور بين الجمعين المفترقين تقاتلا في محل يبعد عن الناصرية نحو نصف ساعة فلما علمت الحكومة بأمر هؤلاء الأعراب أنفذت إليهم باخرة لتصلح ذات البين فلما دنت من موطنهم تفرقوا تحت كل كوكب أما الآن فالظاهر أن الأمن سائد في تلك الأرجاء بفضل سعي الحكومة. (عن الرصافة ببعض تصرف. في العدد 66) (تأمير الشيخ مصبح) الشيخ مصبح رجل بدوي لا تملك يداه

(ملخص عن الرياض 73)

غير بيت من الشعر ينزله هو وولده وقد قدمه بعض أهل الأغراض والأهواء لغايات في صدرهم وادعوا بأنه رئيس عشيرة فيها ثلاثة آلاف فارس. . . ثم طلبوا إلى الوالي أن يقيمه شيخاً لعشيرة بني مالك ومن ينتمي إليها وتعترف يه الحكومة اعترافا رسميا. فلبى طلبهم والى ولاية البصرة حسين جلال بك. (ملخص عن الرياض 73) (حريق في الديوانية) وقع في نحو منتصف هذا الشهر حريق في سوق من أسواق الديوانية فالتهمت النار ما يقدر بخمسين دكانا مع محتوياتها. ولا تزال الخسائر مجهولة. (بين عشيرتين كرديتين) وفي مثل ذلك العهد وقعت معركة بين داود خان رئيس عشيرة كلهر وبين شيرخان رئيس عشيرة السنجاوية. وكانت الدائرة على داود خان فقد قتل كثير من جنوده وأما شيرخان فانه خرج ظافراً من هذه الموقعة وكل ذلك يدلك على أن الأمن ليس على ما يرام. ولهذا رجعت قوافل التجار العثمانية وتضاعفت ضرائب المعتدين ويخشى سوء المغبة إذا لم تبادر حكومة إيران إلى ما يؤيد الراحة والسلام ويعيد المياه إلى مجاريها. (عنها) (هجوم في البرجسية) هجم بعض الأشقياء من عشيرة بني مالك على (البرجسية) إحدى ضواحي الزبير وهي تبعد عنها نحو خمسة أميال. واخذوا أربعة من الحمير وعبثوا بشيءٍ من الزرع وعادوا على آثارهم. فأخذ أصحابها المنكوبون بالاستغاثة بأصحاب الحمية لكن لم ير

من يغيث. أما مدير الناحية (محمد زكي أفندي) فقد استاء جداً من هذه الواقعة فأخذ يبحث وينقب عن المصدر الحقيقي فعلم أن (مصبح العوفج) الذي كان زعيماً لعشيرة بني مالك أمسى ثاوياً هو وأهل بيته في (الشعبية) إحدى ضواحي الزبير وهي تبعد عنها نحو ثلاثة أميال ونصف. وقد لجأ إليها منذ عامين. ولما كان اعتداء هذه العشيرة في هذه الأيام متوالياً على ناحية الزبير كانوا إذا أخلوا بالأمن آووا إلى حماه. . . فلما وقف المدير على جلية الأمر أرسل حالاً يطلب حضوره. فحضر ولده الأكبر (مهلهل) والزمه بالجلاء عن (الشعبية) مع تأدية ما أخذته يد الأشقياء. فأبدى أعذارا ربما كانت صحيحة في حد نفسها. إلا أن المدير الحازم لم يقبلها منه. وفي الأخر كتب مهلهل عريضة إلى الولاية يطلب فيها أن يتم حصاد زرعه ثم يبارح الشعبية. بيد أن الوالي حسين جلال بك اصدر أمراً باتاً في 26 جمادي الأولى (24 أيار) إلى المدير: أن لم يأخذ الشيخ مصبح بالسير حالاً اضربوه بالسلاح. فلما رأى أن لا مفر من هذا القضاء المبرم غادرها صاغراً مرغماً. فانقطعت بذهابه جرثومة الفساد والإفساد (الزهور العدد 84) (الصحة في بغداد في هذه الأيام) نشر مجلس ولاية بغداد تقريراً هذا معناه: بناءً على ما دهم حاضرة الولاية بغداد من الغرق في هذه السنة

ينبوع الشفاء

حتى أحاط الماء كل جانبٍ وملأ الخندق نتجت منه أنواع الأمراض التي أضرت بالأهالي ولاسيما الحمى المعروفة بحمى البطائح وعليه فيجب على الحكومة أن تتخذ وسيلة تزيل بها الماء المنتن المحيط بالبلد والمضر بالصحة العمومية وذلك بان يجعل منفذ لماء الدفرة (وهو الماء المتدفق في سهل بغداد) يفضي إلى الخندق ليغسل ما فيه من الأقذار والأوضار ثم يمضي بوجهه إلى منفذ آخر يفضي إلى الشط وحينئذ لا يبقى ماء في الخندق ولا في الدفرة. وإذا تم ذلك يباشر بدفن خندق المدينة الذي لم يعد ينفع شيئاً البتة. وإذ قد ظهر في هذه الأيام اثر للوباء في البصرة وظهرت بعض إصابات بالهيضة في العزير فيجب أن نتخذ الذرائع اللازمة لحفظ الصحة في دار الولاية واعتناء البلدية بالتطهير والتنظيف فوق ما كان يجري في السابق. وان ترمى أقذار البواليع والكنف في غير ضاحية المدينة لما ينشأ منها من الأمراض. وان تتخذ الوسائل اللازمة لكي لا يضر جواره بأحدٍ. (عن الرصافة ببعض تصرف العدد67) ينبوع الشفاء أحدوثة إسلامية وضعها بالفرنسوية الكاتب كزافيه مرميه من أعضاء المجمع اللغوي وعربها الأب انستاس الكرملي.

كان في دمشق الشام في سالف الأيام رجل قد اشتهر بالمال والغنى ولا شهرة قارون أو ثروة هارون وكان الناس يقولون عن مبارك (وهو اسم الرجل): (لقد وافق الاسم المسمى فان مباركاً قد بارك الله في ثروته) وكان بيده كنوز الهند وديار العرب ويسكن داراً مفروشة بأبهى الفرش وأفخره وكان الله قد من عليه بامرأة حسناء ذات فضل وفضيلة. وأولاد نجباء عددهم عدد نجوم الثريا (أي سبعة) ومع هذا كله لم يكن الفرح من نصيبه لأنه كان قد بذل معظم همه وراء زيادة زهو بيته مقتنياً النفائس مزيناً بها داخل مسكنه وكان كلما حصل على شيء طلب شيئاً آخر وهو لا يعلم إلى أين المنتهى. ولا متى يبلغ موئل السعادة القصوى. إذ لا يزال في تعب ونصب وكلما فاز بالمبتغى. تولدت في قلبه رغائب أخرى كلها غرائب. ومن ثم كان يطوى بساط أيامه وهو يعلل النفس عند النوم بأنه ينال الراحة عند الصباح وإذا لاح جبين الفجر الصبيح يقول في نفسه: لعلي أنال المنى عند غياب الشمس وهو لا يعرف ما هذه المنى كما لا يزال على هذا التعليل. والنفس تفيض بالكآبة لا يسليه مسل. ولا يضحكه مضحك ولا يستطيب لذة من اللذات. ولما كانت امرأته ترى هذا الحال تحزن لحزنه كما كان أولاده يغتمون لغم الوالدين والجميع من كبار وصغار يفرغون ما في وسعهم وطاقتهم لإرضائه أو لتطييب مر أيامه. وهو لا يزال إلا تبرماً من الحياة وتأففاً من العيشة. وقد ضجر من هذه الدنيا وما فيها لشعبه منها بل

لتخمة. وكان يود أن يموت والموت لا يزال منه إلا هرباً وبعداً. فسمع ذات يوم انه في بلدة منف من ديار مصر رجل عالم بل حكيم لا بل بنى يستطيع أن يحل اعقد المسائل وأعضلها ويصف الدواء الناجع لأي مرض كان. فعقد مبارك النية على الذهاب إليه واستفتائه أو استشفائه. فدعا وصيفه (مالكاً) وكان يثق به كل الثقة وأمره أن ينتخب له من ابله أحاسنها وان يحمل على واحد من نجبها أسفاطاً يملاها ذهباً وفضة وجواهر وجماناً ويجعل على مهري آخر أنواع الطيوب طيوب بلاد العرب ويركب كل منهما مهرباً ويظعنان إلى منف مقر الولي العظيم. لها بقية -

-

العدد 2 - بتاريخ: 01 - 08 - 1911 المنتفق عقدنا ضميرنا على أن نكتب كثيرا عن أعراب العراق. إلا أن عملنا هذا يجرنا إلى إعادة العنوان الواحد مرارا عديدة. وهذا مما يدفع إلى السام فحذراً من هذه الرطمة قصدنا أن نصدر البحث الواحد بعناوين أقسامه دفعاً للملل وتشويقاً لمطالعة الموضوع. وهانحن نبتدئ بأصل معنى المنتفق. أعراب المنتفق يلفظون الكلمة (المنتفج) بميم مضمومة بعدها نون ساكنة يليها تاء مثناة مفتوحة ووراءها فاء مكسورة وفي الآخر

جيم مثلثة النقط فارسية اللفظ كما في جيم جهره وجهار وجه الفارسيات التركيات. وأنت تعلم أن كل ما يلفظه الأعراب بالجيم المثلثة هو بالكاف العربية إذ لا يسمع منهم لفظ الكاف الحقيقي إلا نادراً فهم يقولون مثلاً جال وحجي وشبجه وشباج في كال (يكيل) وحكى (يحكى) وشبكة (للصيد) (وشباك للطاقة أو النافذة) وعليه: فيكون في لفظة المنتفق لغة ثانية وهي (المنتفك) على أنك إذا تسمعت بعضهم ممن يعنون بحسن اللفظ والكلام تحققت أنهم يقولون (المنتفج) بالجيم العراقية الفصيحة وهي الجيم المنصوص عليها في كتب النحاة والصرفيين والقراء والمجودين لا الجيم الشامية أو المصرية. وأعراب المنتفق كسائر أعراب البادية لا يعرفون لفظ القاف الفصيح وهم يكرهونه أشد الكراهية ويقلبونه جيماً عراقية أينما وقعت وفي أي لفظة جاءت ومنهم من ينطق بها كافاً فارسية كما في كلستان وكوز وكرم الفارسيات. وعليه ففي لفظة (المنتفق) خمس لغات وهي المنتفق بقاف والمنتفك بكاف والمنتفج بجيم فارسية وفصحاهن الأولى لأنها هكذا وردت في كتب الأقدمين من البلغاء وهي لا تزال ترد بهذه الصورة في من يتحرى الفصيح في كتابته وكلامه كما يتضح لك صحة هذا اللفظ من الشواهد الآتي إيرادها. ما معنى المنتفق ولمَ سموا كذلك لكل اسم من أسماء العرب يرجع إلى حكاية أو واقعة أو بيت شعر أو صناعة أو ما ضاهى هذه الأبواب وهي كثيرة عندهم. فما

عسى أن يكون معنى المنتفق ولمَ سموا بهذا الاسم. قلنا: علينا أولاً أن نعلم ما معنى انتفق في اللغة. فقد جاء في تاج العروس ما معناه انتفق اليربوع: خرج من نافقائه. . . وانتفق الرجل: دخل النفق. . . والنفق: السرب ووكر اليربوع أيضاً. اه فيكون سبب هذه التسمية إما لأن الجد الأكبر لبني كان يحرش قبل الإسلام فبقي عليه هذا الاسم وهو غير بعيد لأنهم سموا أيضاً حريشاً وحرشاء ومحرشاً فمن سمي بحريش كأمير: قبيلة من بني عامر. وبحرشاء كصفراء: امرأة وبمحرش كمحدث: محرش الكعبي ومحرش بن عبد عمر والحنفي وغيرهما. وإما لأنه كان يقيم في نفق لشدة الحر. فيكون شبيهاً بسكنة المغاور. وقد وجد في بلاد العرب أناس (منتفقة) أي سكنة الأنفاق أو الأسراب والمغاور وقد ذكر ذلك بعض المؤرخين ومنهم من وجد في غير بلاد العرب ويسميهم الإفرنج تروكلوديت، كما مر الكلام عنهم في الجزء الأول. وأول من ذكر هؤلاء الأقوام كتاب اليونان فقد قالوا عنهم انهم أناس نازلون في الشمال الشرقي من أفريقية ويأوون إلى الأنفاق والمغاور وأكثر ما يكونون بين نهر النيل والبحر الأحمر وكان يحتل تلك الجهات أيضاً قوم من العرب يأتون إليها من بلادهم. وإلى هذا العهد يوجد جم غفير من الأفريقيين هم (منتفقون) حقيقة وهم مبثوثون في أصقاع مختلفة من قارة أفريقية.

وفي بلاد العرب قطر كله جبال تحيط به الأودية العظيمة العديدة وفيها من الكهوف والأنفاق شيء كثار تأوي إليه قبائل من الأعراب الأوابد والشراذم والشوارد. ولا يبعد أن يكون هؤلاء من أولئك أو أن منتفقة بلاد العرب من منتفقة بلاد الحبشة ونواحيها والله أعلم. أما رأينا الخاص فهو أن بني المنتفق لم يسموا بهذا الاسم لكون جدهم كان من منتفقة اليرابيع أي محرشها ولا من المنتفقة بمعنى سكنة الكهوف. إنما سموا كذلك لكونهم اتفقوا على التناصر والتكلف اشتقاقاً من الاتفاق لا من الانتفاق. ويؤيد قولنا هذا أن بني المنتفق هم عبارة عن ثلاث قبائل كبار قد اجتمعت متحدة بينها كل الاتحاد وهي: قبيلة بني مالك وبمي سعيد والأجود (الأجود كأفضل لا الأجواد بألف بين الواو والدال) وكثيراً ما كان يفعل العرب والأعراب على التعاقد والتعاهد والتناصر ليكونوا اشد صولة على أقرانهم. وقد كان ذلك قبل الإسلام وبعده ومن هذا القبيل الأحلاف والأحابيش وقريش وخثعمة والرباب ولعقة الدم والقارة وجمرات العرب ورضفات العرب وجمهرة العرب وتنوخ والضفير (هذه الكلمة تكتب بالضاد لا بالظاء المنقوطة المشالة) والمطيبون وغيرهم ولعلك تقول: إذا كان المنتفق من الاتفاق فكان يجب عليك أن تقول: (المتفق أو بنو المتفق) فمن أين هذه النون في المنتفق إذا كان من الاتفاق؟ قلنا أن العرب كثيراً ما تفك الحرفين المدعمين وتبدل الأول منهما نوناً وتبقي الثاني على حاله. وهذا الأمر معروف عندهم وإن لم يصرحوا

بهذه القاعدة في كتبهم. فقد قالوا: الأجار بتشديد الجيم والأنجار. والأجاص والإنجاص. والرز والرنز. والإجانة والإنجانة. والقبرة والقنبرة. والخروب والخرنوب. وربما أبدلوا نوناً من الحرف الثاني لا من الحرف الأول كقوله الخرنابتان وهما الخرابتان. وهناك غير هذه الأمثال مما يطول سرده. ومما يؤيد هذا الاشتقاق أن (المنتفق وردت بدلاً من المنتفق في نسخ ياقوت القديمة وقد صرح بذلك الفاضل وستنفلد في طبعه لمعجم البلدان. وهكذا وردت في نسخ الأغاني القديمة. وقد يتفق أمران والجوهر واحد كما يجتمع زندان في وعاء. فقد يمكن أن يكون المنتفق رجلاً سمي لبعض الأوجه اللغوية التي ذكرناها فكان رأس قبيلة. ثم ضعف في ما بعد أمر عشيرته حتى اضطرت إلى أن تنضم إلى أحياء أو أقوام أخرى فكان منها هذه العميرة أو هذه العشائر المشهورة باسم المنتفق. نسب المنتفق قال في تاج العروس: المنتفق أبو قبيلة وهو المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. وقال السيد إبراهيم فصيح الحيدري في كتابه عنوان المج في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد: وجميع قبائل المنتفق بطن من عامر بن صعصعة من العدنانية وهم بنو المنتفق بن عامر بن ربيعة بن كعب بن عامر بن صعصعة ويقال المنتفق متفق. اهـ. وبنو صعصعة: بطن من هوازن

من العدنانية. وهم بنو صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن كان له من الولد: عامر ومرة ومازن وغامر ووائل. وأمهم عمرة بنت عامر بن الضرب. وغالب وأمه غامزة بها يعرفون. وقيس وعوف ومساور ويسار ومثجور وأمهم عدية بها يعرفون. وكبيرة وزبينة وأمهم وائلة بها يعرفون وربيعة وأمه غويصرة بها يعرفون وعامر أكثرهم بطوناً. (عن أنساب العرب للقلقشندي). وذكر صاحب لسان العرب المنتفق ولم ينسبه ولم يذكر قبيلته. ومن العجب العجاب أن القلقشندي كتب سفراً مطولاً عن قبائل العرب ولم يذكر المنتفق أبداً. مع أنها قبيلة ضخمة بل عميرة جليلة. وممن ذكر نسب بني المنتفق ابن خلدون المغربي في تأريخه في المجلد 312: 2 قال: ومن بني كعب بن ربيعة. . . بنو عقيل (بن كعب وهم بطون كثيرة. منهم: بنو المنتفق بن عامر بن عقيل) ومن أعقاب بني المنتفق هؤلاء الأعراب المعروفون في الغرب (بالخلط). قال علي بن عبد العزيز الجرجاني: (الخلط): بنو عوف وبنو معاوية ابنا المنتفق بن عامر بن عقيل). انتهى. . . . قلت: والخلط في هذا العهد في أعداد جشم بالمغرب. ومن بني عقيل بن كعب: بنو عبادة بن عقيل: منهم الأخيل واسمه: كعب بن الرحال بن معاوية بن عبادة. ومن عقبه: ليلى الاخيلية بنت حذيفة بن سداد بن الأخيل.

وذكر ابن قتيبة: أن قيس بن الملوح المجنون منهم. وبنو عبادة لهذا العهد فيما قال ابن سعيد بالجزيرة الفراتية فيما يلي العراق. ولهم عدد وذكر وغلب منهم على الموصل وحلب في أواسط المائة الخامسة قريش بن بدران بن مقلد فملكها هو وابنه مسلم بن قريش من بعده. ويسمى شرف الدولة. وتوالى الملك في عقب مسلم بن قريش منهم إلى أن انقرضوا. قال ابن سعيد: ومنهم لهذا العهد بقية بين الحازر والزاب يقال لهم: عرب شرف الدولة. ولهم إحسان من صاحب الموصل. وهم في تجمل وعزٍ. إلا أن عددهم قليل نحو مائة فارس. وذكر المنتفق صاحب الأغاني في كلامه عن يزيد بن الطثرية قال: أن طثراً من عبد بن وائل أخوة بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار. وكان أبو جراد أحد بني المنتفق بن عامر بن عقيل أسر طثراً فمكث عنده زماناً ثم خلاه وأخذ عليه أصراً ليبعثن إليه بفدائه أو ليأتينه بنفسه وأهله فلم يجد فداء فاحتمل بأهله حتى دخل على أبي جراد فوسمه سمة إبله. فهم حلفاء لبني المنتفق إلى

اليوم نحو من خمسمائة رجل متفرقين فببني عقيل يولون إلى بني المنتفق وهم يعيرون بذلك الوسم. وقال بعض من يهجوهم: عليه الوسم وسم أبي جراد) اه وذكرهم في موطن آخر فقال: زعم علماؤنا أنه لما انهزم الناس خرجت بنو عامر وحلفاؤهم في آثارهم (في آثار بني تميم) يقتلون ويأسرون ويسلبون فلحق قيس بن المنتفق بن عامر بن عقيل عمرو بن عمرو فأسره (اهـ المراد من ذكره للتنويه بنسب المنتفق) وممن ذكر نسب المنتفق الطبري قال: وبارز زياد بن النضر أخاً له لأمه يقال: عمرو بن معاوية بن المنتفق بن عامر بن عقيل. وكانت أمهما امرأة من بني يزيد. فلما التقيا تعارفا فتوافقا. ثم انصرف كل واحد منهما عن صاحبه وترتجع الناس. اهـ. وقد ذكر بني المنتفق غير هؤلاء الكتاب فاجتزأنا بالقليل السلسبيل الراوي للغليل عن الكثير الأجاج المهيج لعلة العليل. ديارهم القديمة قد جاء في كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر لابن خلدون المغربي في الجزء 302: 2 ما هذا نصه: (وأٌما بنو عجل بن لجيم بن صعب وهم الذين هزموا الفرس بمؤتة يوم ذي قار فمنازلهم من اليمامة إلى البصرة. وقد دثروا وخلفهم اليوم في تلك البلاد بنو عامر المنتفق بن عقيل بن عامر:) فهذا كلام نفيس يدلك على قدم احتلال بني المنتفق لهذه البلاد.

وقال ابن خلدون في موطن آخر من كتابه في المجلد 2: 312 نقلا عن ابن سعيد: (ومنازل المنتفق الآجام التي بين البصرة والكوفة. . . ومن بني عامر بن عقيل: بنو عامر بن عوف بن مالك بن عوف وهم اخوة بني المنتفق وهم ساكنون بجهات البصرة وقد ملكوا البحرين بعد بني أبي الحسن ملكوها من تغلب. قال ابن سعيد: وملكوا أرض اليمامة من بني كلاب وكان ملكهم لعهد الخمسين من المائة السابعة عصفور وبنوه.) اهـ ومما يدلنا على الربوع التي احتلوها في سابق العهد المياه التي كانت لهم فإنها تطلعنا احسن الاطلاع على منازلهم وديارهم القديمة. فمن مياه بني المنتفق: (الميثب) كمبرد قال ياقوت: الميثب ماء بنجد لعقيل ثم للمنتفق واسمه معاوية بن عقيل. وقال الأصمعي: المثيب ماء لعبادة بالحجاز وقال غيره: مثيب واد من أودية الأعراض التي تسيل من الحجاز في نجد اختلط فيه عقيل بن كعب وزبيد من اليمن.) اهـ ومن مياههم (البيضاء) قال ياقوت: البيضاء ماء لبني عقيل ثم لبني معاوية بن عقيل وهو المنتفق. ومعهم فيها عامر بن عقيل. قال حاجب بن ذبيان المازني يرثى أخاه معاوية بالبيضاء قال. تطاول بالبيضاء ليلى فلم انم ... وقد نام قساها وصاح دجاجها معاوى كم من حاجةٍ قد تركتها ... سلوباً وقد كانت قريباً نتاجها السلوب في النوق. التي ألقت ولدها لغير تمام.) اه

ومن ربوعهم (العقيق) قال الهمداني في جزيرة العرب: العقيق عقيقان: العقيق الأعلى للمنتفق ومعه معدن صعاد على يوم أو يومين وهو اغزر معدن في الجزيرة العرب. وهو الذي ذكره النبي عليه السلام في قوله: مطرت أرض عقيل ذهباً. والأسفل هو في طي.) اهـ ويقال لهذا العقيق الأعلى: (عقيق بني عقيل). قال ياقوت: (ومن الاعقة) العقيق الذي في بلاد بني عقيل. قال أبو زياد الكلابي عقيق بني عقيل فيه منبر من منابر اليمامة. ذكره القحيف بن حمير العقيلي حيث قال. أأم ابن إدريس ألم يأتك الذي ... صبحنا ابن إدريس به فتقطرا فليتك تحت الخافقين ترسه ... وقد جعلت درعاً عليها ومغفرا يزيد العقيق ابن المهير ورهطه ... ودون العقيق الموت ورداً وأحمرا وكيف تريدون العقيق ودونه ... بنو المحصنات اللابسات السنورا انتهى النقل عن ياقوت. ومن هنا ترى أن المنتفق كانوا منتشرين بين العرق وجزيرة العرب ويترددون بين بلاد وبلاد للانتجاع أو للغزو أو لغاية أخرى على ما هو معهود في حياة أهل البادية. ربوعهم الحالية تمتد من الناصرية إلى الحي وبينهما شطرة المنتفق والحمار وسوق الشيوخ والبطحاء والبدعة وبني أسد وبني سيد والمشارقة وقلعة صقر

إلى غيرها من الأقضية والنواحي. وقصبة اللواء: الناصرية. وبكلمة واحدة هي البلاد التي احتلوها من سابق العهد. ومن ديارهم المشهورة في الأزمنة الخالية والحالية (الغراف) وهو نهر كبير تحت واسط بينها وبين البصرة وعلى هذا النهر كان في سابق العهد كورة عظيمة فيها قرى كثيرة وأما اليوم فلم يبق منها شيء يذكر. وكذلك القول عن البطائح التي كانت في جواره. فإنها كانت متسعة الأطراف مترامية الضفاف وأما في هذا العهد فقد نضبت مياهها وضاق عقيقها. وسمى الإفرنج نهر الغراف باسم (شط الحي) نقلاً عن العوام والحي قرية ضخمة راكبة الغراف سابقاً. واسم الغراف في العهد الماضي (المسرهد) على وزن مدحرج بفتح ما قبل الآخر وقريته الحي تبعد عن هذا النهر نحواً من نصف ساعةٍ لتحول مجراه مع الزمان. ونهر الغراف أو المسرهد أو شط الحي ينقسم هناك إلى شعبتين فالشعبة التي عن يمينك تسمى (أبو حجيرات) مجموع حجيرة مصغرة حجرة. والشعبة التي عن يسارك يقال لها (شط العمى) لأنه لا يدفع مياهه إلى نهر آخر ولان الرمال تدفن عقيقه رويداً رويداً. ولا يوجد الماء في شعبة إلا أربعة أشهر في السنة هي أشهر الشتاء. ومن غريب تأويل بعض كتاب الإفرنج أن هذا الشط يسمى (شط الحية) لا شط الحي. وسمى بذلك لأنه يتمعج الحية قلنا. وليس الأمر كذلك لأنه لا يوجد نهر إلا ويكون متعرجاً في سيره تبعا لحركة

الكلدانيون

الماء. نعم لو كان متعرجة شديداً يفوق منعطفات سائر الأودية والأنهر لصح التأويل. إلا أن الأمر ليس كما توهموه. وقد رأيت سبب تسمية العامة له بنهر الحي وسمى الحي حيا لحيوية أرضه وقوة إنباتها وخصب طينته مما لا يشبهه نظير قط في القرى المجاورة أو المندرسة. الكلدانيون واصل اسمهم ومعناه واختلاف الروايات فيه كان الكلدانيون في سابق العهد أمة عظيمة بلغت من شاو الحضارة مبلغا بعيدا، وكانت تسكن العراق من شماليه إلى جنوبيه، وكان لهم شهرة طبقت الخافقين. وقد ورد ذكرهم في كتب الأقدمين على اختلاف أجيالهم ولغاتهم، وقد جاء بنوع أخص في أسفار الكتبة المحدثين، لكثرة تتبعهم للحقائق، وتطال أعناقهم إلى تواريخ الأمم الخالية، وإمعانهم فيها بنوع لا يجاريهم مجار بل ولا يشق لهم غبار. ولما كان شغفهم بالروايات الصادقة لا يضاهيه شغفهم بغيرها نقبوا عن مصادرها كل التنقيب حتى ظفروا بضالتهم، أعنى بذلك: الآثار والعاديات التي اكتشفوها في بلادنا بينما نحن في غفلة عنها وعن المنقبين وكل ما عثروا عليه منقوش على الحجارة أو الصخر أو الآجر أو الفخار أو ما ضاهي هذه المواد من مشوية في النار أو غير مشوية في النار أو غير مشوية أو مقطوعة من مقالعها ومدافنها أو غير ذلك. واليوم يعرف الإفرنج تواريخ بلادنا وأممها وأجيالها ومواقع مدنها

وأنهارها وسابق مجدها ما لا تعرف منه عناوين أبحاثهم فيها أو عناوين المضامين التي بحثوا عنها. هذا فضلاً عن إننا لا نجد في المصنفات العربية من حديثة وقديمة ما يتصدى لهذا الفرع من العلوم الضرورية للعمران والتبسط في الحضارة والمدنية. ولهذا رأينا من الواجب علينا أن نتعرض لهذا البحث الغزير الفائدة ليقف عليه أهل الوطن، ويعرف ما كان عليه أصحاب هذه الديار في سابق الإعصار من الهمة والنشاط والتيقظ فيعظم في قلبهم حبها ويغارون عليها، ويسعون كل السعي إلى الاحتفاظ بها، وترقيتها إلى أوج الفلاح، كما فعل من سبقنا على هذه الأرض وعلى الله الاتكال. وأول شيء نستهل به بحثنا هذا هو كلمة الكلدانيين واصلها أو معناها مع أيراد جميع أقوال العلماء المختلفة فيها من قديمة وحديثة، فتقول:. . جاءت هذه الكلمة بصور شتى وكل يعتقد أنها اللغة الفصحى واللفظة الحقيقة القديمة التابعة لأتصل الوضع، وان ما سواها من اللفظ المرغوب عنه بيد انك إذا سالت: من المحق في كلامه؟ أجابك كل منهم من فوره: أنا المحق. فتعال يا أيها الأديب ننظر في الأمر لننشد ضالتنا. إن لفظة الكلدانيين وردت في التوراة البرية منذ العصر الذي طوى فيه الكلدانيون أيامهم أي منذ القرن العشرين قبل المسيح. وقد جاءت بصورتين متقاربتين وهما: كسديم وكشديم أي بالسين وبالشين وكذا

أيضاً وردت في بعض الرقم البابلية اللغة أو الأصل أو النقل أو الرواية وقد ذهب العلماء مذاهب في معناها. فمنهم من قال إنها تعنى الفاتحين. وفريق أولها ببلاد الكس (بفتح الكاف) لان (كس). اسم الجبل نفسه، و (ده) البلد وصرح آخرون أن الرواية الفصحى هي كشيديم بالشين المثلثة (لاكسيديم) بالسين المهملة وكذا وردت في النسخ القديمة من نسخ التوراة ومعناها عندهم. (الفاتكون). لأنهم كانوا في أول أمرهم أهل غزو وغارات وفتك. فتكون الكلمة من أصل شائع في العربية والبابلية واللغات السامية معاً. فقد جاء في كتب اللغة عن معنى كشد: قطع بأسنانه كقطع الجزر، وكشد الناقة حلبها بثلاث أصابع، وهذا يدل على انهم كانوا أصحاب ابل وأنعام. وكشد فلان: اخلص الزبدة وهو يدل على انهم كانوا في سابق عهدهم أهل بادية يمخضون الألبان ويخلصون الزبدة. ومن اللغويين من اثبت أنها مشاقة من الكشد (بضمتين) والياء والميم من علامات الجمع عند العبريين) ومعناها: الكثيروا الكسب والكادون على عيالهم، الواصلون أرحامهم، والواحد: كاشد وكشود وكشد (وهذه الأخيرة مفتوحة الأول والثاني) والكلدانيون كانوا مشهورين بكثرة كسبهم وحبهم لعيالهم.

وذهبت جماعة من البحثين إلى أن أصل (كسيديم أو كسديم: حسيديم اوحسديم) أي بالحاء في الأول بدلاً من الكاف ومعناها في العبرية: المحبون عيالهم الواصلون أرحامهم. وكان الكلدانيون معروفين يوصل الأرحام. والأخبار التي تنقل عنهم في هذا الباب كثيرة مستفاضة في أسفار تاريخ هذا الجيل. وقال بعض المحققين بان الأصل هو (كرديم) لاكسديم أو كشديم ومعناها الأكراد. لان الكلدانيين لما اخذوا بالانقراض لجاءوا إلى جبال أو بلاد كردستان فبقى اسمهم القديم عليهم وما الاسم المصحف فبقى في بطون المهارق والأوراق. وقد وردت الكلمة في الكلمة في بعض نسخ التوراة العربية بصورة (خلدانيين وسبب ذلك هو أن للخاء والكاف صورة واحدة في اللغة الارمية فالذين قرؤوها خاء في العربية والذين جروا على رسم اللغة الارمية أثبتوها كافا عند نقلهم إياها إلى لغتنا. على أن المشهور المستفاض هو كلدانيون بالكاف بعدها لام. وأما العرب فقد تلاعبوا باللفظة كل التلاعب. وهم يفعلون ذلك في جميع الكلم الدخيلة في لسانهم ولا عجب في ذلك فان الأعاجم يتصرفون أيضاً كل التصرف بالألفاظ العربية ويسومونها الذل والخسف والتصحيف والتشويه فلا يحق لهم أن يعيروا العرب بم يركبون متنه. وقد أشار بن عربشاه إلى تصرف العرب هذا بقوله: أن كرة الألفاظ الأعجمية، إذا تداولها صولجان اللغة العربية، خرطها في الدوران على بناء أوزانها

ودحرجها كيف شاء في ميدان لسانها،. . اهـ. وعليه فقد ذكر كتاب العرب الكلدانيين بصور مختلفة وهانحن نورد بعض ما جاء من القبيل. قال في تاج العروس في مستدرك مادة ك ل د: الكلدانيون بالضم: طائفة من عبدة الكواكب. اهـ وقد وردت (ك ش د) الكشدانيون بالضم: طائفة من عبدة الكواكب. اهـ وقد وردت في كتاب الفهرست لابن النديم بصور مختلفة كرداني وكزداني وكسداني (ص194 و195 من التذبيل الذي ذيله فلوغل) وكأنها بضم الكاف وهو غريب لان الأصل هو بفتح الكاف إلا أن العرب لم تجار الأجانب في نقلهم هذا. وجاء في مروج الذهب طبعة باريس 2: 112 و4: 681 أن الصابئين كانوا يعرفون أيضاً باسم كماريون وهو لفظ غريب أيضاً فقيل الأصح كتباريون وقيل كسكريون وفي مروج الذهب المطبوع على حاشية نفح الطيب (279: 1) الكيماريين وفي (2: 152) الكنياريون وهذه التصحيفات أيضاً تختلف باختلاف طبعات مروج الذهب الكثيرة وفي كل طبعة رواية جديدة غريبة وعندي ثلاث طبعات منه وفي كل طبعه ما يؤيد قولي هذا. ولو سردت الكل لطال المقال على غير جدوى. وقد ذكرهم ابن خلدون باسم قنطارية قال. والقنطارية أصحاب قنطارين ارفكشاد. وقد جاءت مصحفة على اوجه شتى منها كنتاريون وكتباريون وقطباريون والأصح في ذلك كشدانيون فصحفت كشرانيون وكنترانيون وقترانيون. وأساس كل هذه التصحيفات والتحريفات

والتشويهات الكتابة غير المنقوطة. وأما الرواية الصحيحة فهي الكلدانيون نسبه إلى كلدة بفتح الكاف فسكون اللام أو كلدة بفتحتين وهو اسم شيخ أو أمير من شيوخ العرب غزا ديار العراق في بطائح الفرات فتسمت البلاد باسمه ومن صلبه ولد الملك مرودخ بلدان ملك بابل وكان الشيخ كلدة في عهد إبراهيم الخليل وحارب الآشوريين ومنعهم من التسلط على العراق. واسم كلدة كان في صدر الإسلام معروفاً عند العرب ومنه اسم الحارث بن كلدة بن عمرو بن علاج الثقفي طبيب العراب المشهور والكلدة بكسر الكاف وسكون اللام نبت مشهور بالعراق يسميه أهل البادية بهذا الاسم كما يسميه أهل بلاد العرب أيضاً وهو يشبه بعض الشبه الحلفاء أو غيرها من الانبتة وهو إذا تأصل في الأرض فشا فيه فشواً مريعاً ولا يقلع أو يزال إلا بجهد جهيد وأمل البلاد سميت بهذا الاسم من باب التشبيه لان العرب الكلديين أو الكلدانيين لما نزلوا هذه الديار لم يستأصلوا منها إلا بشق النفس. ومن غريب الأمر أن العراق فخذا من الإعراب يرجعون إلى العبيد اسمهم الكلادنة أو الكلدانية وصيحتهم للحرب (أي استنفارهم) هي واحدة مع أعراب الغوالبة والكبيشات وقد رأيت هؤلاء البدو في 14 آذار سنة 1904 سألتهم عن سبب تسميتهم بهذا الاسم فلم يستطيعوا أن يفيدوني فائدة تذكر. فلعلهم سموا بهذا الاسم لأنهم احتلوا أراضي بابل فعرفوا باسم الأرض التي نزلوها لأول مرة وهي الأرض المعروفة باسم كلدية في هذه الأيام عند بعض سكان البادية. والله اعلم

هذا جملة ما يقال في أصل هذا الاسم وتشويه المختلف ومعناه المشتبه والخلاصة هي: أن الكلدانيين قوم من العرب فتحوا العراق وبقوا فيه وتغلبوا على من عاداهم فنشأت منهم هذه الدولة الضخمة المشهورة. ومن غريب الأمر أن العرب لم يعرفوا أن هؤلاء كانوا منهم في سابق الزمن بل كما اتفق لهم الكلام عنهم ذكروهم باسم نبط العراق أو أنباط العراق ونسوا اسم الكلدانيين بتاتا. قال المسعودي في كتابه مروج الذهب في الباب العشرين: (ذكر ملوك بابل وهم النبط وغيرهم المعروفين بالكلدانيين): ذهب جماعة من أهل التنقير والبحث والعناية بأخبار ملوك العالم: أن أول ملوك بابل هم أول ملوك العالم الذين مهدوا الأرض بالعمارة. وان الفرس الأولى إنما أخذت الملك عن هؤلاء كما اخذ الروم المملكة من اليونانيين فكان أولهم نمرود الجبار. . . إلى آخر البحث. ولم يذكر اسم الكلدانيين إلا شيئا نزراً، على أن الذي أثبته العلماء اليوم أن الكلدانيين غير الأنباط. لا يجوز خلط اسم قوم باسم قوم آخر وقد جرى سائر مؤرخي العرب على هذه التسمية المغلوطة أن كانوا ممن تقدم المسعودي أو ممن جاء بعده. هذا فضلاً عن أن لفظة النبط أو الأنباط جاءت عند كتاب العرب بمعان عديدة. منها: بمعنى الأنباط الحقيقيين. ومنها معنى الآراميين ومنها بمعنى السريانيين. ومنها بمعنى الكلدانيين. واغلب هذا الوهم ناشئ من اللغة الشائعة بين هؤلاء الأقوام فإنها كانت الارمية. ولهذا

كتاب الفرق بين الصالح وغير الصالح

وقع الكتاب في مهواة هذه المغواة. والله الهادي إلى سبيل الهداية والسداد. كتاب الفرق بين الصالح وغير الصالح تأليف أبي حامد محمد بن محمد بن محمد بن احمد الغزالي. تاريخ كتابته 648 هـ (- 1250 - 1251 م) بيد ناسخه علي ابن أبي العشائر بن الغزالي. طوله 23 سنتيمترا عرضا. عدد أوراقه 71 وفي كل صفحة 15 سطراً بخطٍ نسخي حسن. هذا الكتاب من كتب اسكندر أفندي داود مسيح في بغداد. تنقصه ورقة واحدة من الرأس والظهر مصحف بالمقوى بكعب سختيان أخضر فاتح اللون. وخطه وان كان حسنا إلا انه لكونه غير منقوط في بعض الألفاظ تصعب قراءته لقدم النسخة. وفي بعض الأوجه بقع تدل على انه قد بل بالماء في بعض المواطن. وكثيرا ما حيل الغزالي في كتابه (نصيحة الملوك) وربما قيل (التبر المسبوك. في نصائح الملوك) على هذا الكتاب. وكتابه (نصيحة الملوك) فارسي وهذا الكتاب قد أقامه على سبعة أبواب وهي: الباب الأول: في سياسة السلطنة وسيرة السلطان. الباب الثاني: في سياسة الوزارة وسيرة الوزراء. الباب الثالث: في ذكر الكتاب وآدابهم وسيرة الوزراء. الباب الرابع: في سمو همم الملوك. الباب الخامس: في ذكر حكمة الحكماء وهو باب جليل.

الباب السادس: في شرف العقل. الباب السابع: في نعت النساء وذكر ما فيهن من خير وشر. وليس في ديار الشرق نسخة ثانية لهذا السفر الفذ وقد تصفحت ما قد وصلت إليه يدي من فهارس كتب خزائن الشرق والغريب فلم اظفر بضالتي وهو غير مذكور بين مصنفات الإمام والذين ذكروه نفر قليل. قال السيد محمد بن محمد الحسيني الزبيدي الشهير بمرتضى في مقدمة شرح أحياء العلوم في الفصل التاسع عشر في ذكر مصنفات أبي حامد الغزالي (ورتب ذكرها على حروف المعجم). قال في حرف الفاء: والفرق بين الصالح وغير الصالح ذكره في كتابه نصيحة الملوك. اهـ. فيعلم من هذه العبارة أن السيد محمد مرتضى لم يعثر على نسخة كتاب الفرق هذا. وإنما تعرض لذكره وعلم به من استقراء كلام الغزالي نفسه في كتابه نصيحة الملوك. وأما الحاج خليفة فلم يذكر إلا اسمه ولم يصفه لأنه لم يقف عليه في عهده. وقد بذلت جهدي في الفحص عنه في خزائن الكتب الشرقية حتى استكتب الورق المنخرم من أول هذه النسخة فلم أفز بطائل. ثم علم انه يظهر من مطاوي كلامٍ له في الباب الثاني في الوزارة أن أيام تصنيفه كانت في عهد السلجوقية. وأما ناسخ هذه النسخة فهو على ابن أبي العشائر بن الغزالي. وأظنه علي بن احمد الغزالي الذي

حكاية انوشروان والصبية الحكيمة

ذكره السيد محمد مرتضى في شرحه على الأحيياء. قال: العلامة علي بن احمد الغزالي مؤلف كتاب ميزان الاستقامة لأهل القرب والكرامة: توفي سنة 731 هـ (- 1330م) وقال الملا كاتب جلبي في كشف الظنون: (ميزان الاستقامة لأهل القرب والكرامة لعلي بن الغزالي المتوفي سنة 731هـ وهو غير الغزالي المشهور اهـ. وفي هذا السفر الجليل شئ كثير من الأمور التاريخية غير معروفة وغير مذكورة في الكتب كبعض أمور رواها عن البرامكة ونحوهم ممن كان في عهد المؤلف أو قبله بقليل وفيه أيضاً أخبار تدل على حكمة وأصالة رأي تفيد القارئ وسوف نأتي على نتف منها أن سنحت الفرصة ونحن نروي هنا حكاية تتعلق بانوشروان لتكون أنموذجا مما يحوي الكتاب. حكاية انوشروان والصبية الحكيمة يقال: أن انوشروان الملك العادل مضى يوما إلى الصيد، فرأى ضيعة في القرب منه، وكان قد عطش. فقصد الضيعة وآتي باب دار قوم، وطلب ماء ليشرب، فخرجت صبية فأبصرته. ثم عادت إلى البيت، فدقت قصبة واحدة من قصب السكر، ومزجت ما عصرته بشيءٍ من الماء، ووضعته بالقدح وسلمته إلى انوشروان. فنظر في القدح فرأى فيه تراباً وقذى. فشرب منه قليلاً حتى انتهى إلى آخره. وقال للصبية: نعم الماء لولا قذىً كدره.

فقالت: أنا عمدا ألقيت به القذي. فقال: ولم فعلت ذلك؟ قالت: رايتك شديد العطش، فلو لم يكن في الماء قذي كنت شربته عجلاً في نوبةٍ واحدة، وكان يضرك شربه فعجب انوشروان من كلامها. وعلم إنها قالته عن ذكاءٍ وفطنةٍ. ثم قال لها: من كم قصبةٍ دققت ذلك الماء؟ فقالت: من قصبة واحدة. فتعجب انوشروان واضمر في نفسه انه إذا عاد أمر يزاد عليهم في الخراج. ثم عاد إلى تلك الناحية بعد وقتٍ، واجتاز على ذلك الباب منفرداً، وطلب ماء. فخرجت تلك الصبية بعينها فرأته، فعرفته، ثم عادت لتخرج الماء، فأبطأت عليه، فاستعجلها انو شروان. وقال: لأي سبب أبطأت: قالت لأنه لم يخرج من قصبة واحدة حاجتك، وقد دققت ثلاث قصباتٍ. ولم يخرج منها بقدر ما كان يخرج من واحدة. فقال انوشروان: ما سبب هذا العجز؟ فقالت الصبية: سببه تغير نية السلطان. فقد سمعنا: انه إذا تغيرت نية السلطان على قوم زالت بركاتهم. وقلت خيراتهم. فضحك انوشروان وعجب من قولها وأزال من نفسه ما كان قد اضمر لهم. وتزوج الصبية لتعجبه من ذكائها وحسن كلامها.

أخلاق أهل نجد

الرجل الفاسق والمرأة العفيفة فقال: انه كان رجل فاسق يكايد امرأةً عفيفةً بالحرام. فلما حصل عندها. قال لها: امضي واغلقي جميع أبواب الدار واحكمي إغلاقها. فمضت المرأة. ثم عادت وقالت: قد أغلقت سائر الأبواب التي بيننا وبين الخلق وقد أحكمتها. وقد بقى الباب الذي بيننا وبين الخالق تعالى، ما قدرت عليه ولا استطعت أن احكم إغلاقه وهو بحاله مفتوح. فوقع في نفس الرجل الهيبة. فاخلص لله التوبة واقلع عن ذنبه وعاد إلى طاعته تعالى. اهـ وبهذا القدر كفاية لمن يريدان يعرف ما في هذا الكتاب من الكنوز الأدبية والحكمية وكفى بالكتاب أن يكون منسوباً إلى مثل الغزالي لتعرف مكانته من البلاغة والفصاحة وحسن سبك العبارة مع اختيار احسن الحكايات واصح الأخبار. السيد صدر الدين الكاظمية: أبو محمد الحسن العاملي أخلاق أهل نجد (تتمة) (5:) أخلاقهم هي أخلاق العرب الأقدمين العزيزي النفس المتوقدي الذهن الأذكياء الشهام الأباة أخلاق لم تغيرها الحوادث والأزمان فهم اليوم أهل كرم وشجاعة ووفاء وسماحة وحمى ودخالة وسيرتهم توافق قوانينهم وتنطبق عليها أتم الانطباق ولا تحيد عن الكتاب والسنة فهم يجلونهما اعظم الإجلال ولا يعتبرون إلا إياهما.

نعم يوجد بين القبائل من يجري على قوانين وسنن وشرائع راجعة إليهم وخاصة بهم يقومون لها ويقعدون لكن إذا جاءوا المدن رجعوا إلى الشرع الشريف في أمورهم وشؤونهم الاجتماعية. هذا فضلاً عن أن لهذه السنن من المزايا والمحاسن ما تفيد كل الإفادة تلك الأقوام في هاتيك الربوع ولولا ضيق المقام لأتينا على ذكر بعض منها إظهاراً لمنافعها ولما أودعتها من الحكمة البعيدة المرمى والمبنى والمعنى (6 جارتهم) (التجارة التي يتعاطاها أهل تلك الأرجاء هي الخيل والإبل وكلاهما من احسن ما وجد من جنسيهما في الدنيا كلها جمعاء. ولعلنا نعقد يوما فصلاً نذكر فيه ما يجب الوقوف عليه في البحث والتمر وأنواعه كثيرة وأسماؤه هي تلك الأسماء القديمة لا تتغير وهذا يفيدنا في تصحيح بعض الألفاظ الواردة في هذا المعنى والسمن (واسمه عندهم الدهن كما يسميه العراقيون) والصوف والوبر. ويذهبون بكل صنف من هذه الأصناف إلى حيث يكون رواجه. فيذهب بالخيل مثلا إلى بلاد الهند. واغلب أصائل هذه الأنحاء من نجد. وينقلون الإبل إلى مصر والشام. ويحملون التمر إلى الحجاز. ويبيعون الدهن أو السن في البصرة والكويت والحجاز حسب الوقت الذي يوافق نقله أو يصادف تصريفه وإنفاقه في موطن دون الموطن الآخر الذي رخص فيه. وهذا هو سر أسفارهم المترامية وتغريهم عن أقطارهم العزيزة ولهم في ذلك من الصبر والجلادة مالا تراه في أقوام آخرين سواهم. فانك ترى الواحد منهم يقيم نائباً عن مسقط رأسه ثلاثين حولاً مثلاً ولا

يتأفف من حالته البتة وهم أهل سعى وكد وجد ولا تعيقهم الأخطار الشديدة ولا الأهوال الهائلة عن الوصول إلى ما به منفعتهم. أفبعد هذا تتعجب من كون كثيرين منهم وصلوا إلى لندن وأميركة والديار النائية فلقد يقضي واحدهم الأيام الطوال والاعوام الكثار بدون أن يلتفت إلى وطنه). (7: زراعتهم) (اغلب زراعتهم متوقفة على الحنطة والشعير والذرة (الاذرة أو الادرة) والسمسم والدخن ويزرعون كل هذه الحبوب بقدر حاجتهم. وإذا حبست السماء ماءها اضطروا إلى جلب ما يحتاجون إليه من البلاد الأخرى كالكويت والبصرة والسماوة وغيرها ولقد كانت الزراعة تتقدم عندهم تقدما عظيما لولا أمرين أحدهما: جور الحكام. والثاني قلة المياه. ولقد حاولوا مرارا استنباط المياه بالآلات المختلفة أو حفر الآبار الارتوازية فلم يتيسر لهم ذلك. لصعوبة الطرق ووعورتها بحيث لا تستطيع العجلات السير فيها. وأما إذا قلت: فهناك جمال تضطلع بحملها. قلنا: تضطلع بحمل بعضها لا بكلها لأنه يوجد آلات ثقيلة غاية الثقل لا يحملها البعير الواحد بل ولا البعيران أو الثلاثة. ومن ثم أصبح نقلها من البعيد التحقيق. ولولا ذلك لأصبحوا في غنى عن الديار الأخرى في كل أين وان. بل لزادت حاصلاتهم على نفقتهم ولربحوا من التجارة بما فضل عندهم أموالاً طائلة تأتيهم من البلاد التي ينفقون اليوم فيها أموالهم للحصول على ما يحتاجون إليه.

(8: الصناعة عندهم) (ليس لهم من الصنائع إلا ما لغيرهم من مجاوريهم من أهل الكويت والبصرة كالنجارة والحدادة والسكافة والخياطة وما ضاهي هذه المهن. ومهارتهم في الأسلحة غريبة فانهم وان كانوا إخلاء من جميع الوسائل الميسرة لهذه الغاية فانك تراهم يصلحون ما يقع من أنواع الخلل ببنادق ما وزر ومارتيني. واغرب من هذا انهم يفرغون المدافع إفراغاً محكماً ويحسنون التصرف بالمدافع الجديدة الطرز حتى انك تخالهم انهم تلقوا علم المدافع عن أصحابه المهرة وإذا وقع في هذه الآلات خلل أصلحوه على أقوم وجه. ومع كل هذه البراعة والتفنن لا تشاهد في أيديهم أدوات تامة العدة كما ترى في البلاد الراقية في المدنية. وعندي انه لو وجد بأيديهم آلات تساعدهم على تحقيق أمنيتهم لبرزوا في الصناعيات على من سواهم ولاتوا بكل عجاب. وأوقفك الآن على اغرب من هذا كله: انهم يتحرون المباحث العلمية الدقيقة ويتتبعون الاكتشافات الحديثة كالكهرباء والسلك الجوي وبعض الآلات البرقية وما ضاهي هذه الموضوعات الجديدة واعهداً واحد في القصيم يضيء محله بالنور الكهربائي الذي هو صنع يديه وقد ركب الأجزاء التي يتولد منه بأعمال فكرته. وإذا كانوا لا يحققون دائما ما يعقدون النية علبه فهو لأنهم في شغل شاغل عنه بما يقومون به من أمر العيشة وتطلبها في الأقطار النائية.) (9: ديانتهم) (بقى علينا أيراد أمر الديانة والاعتقاد عندهم. فقد أسلفت وقلت. انهم يعتمدون على الكتاب (القرآن) والسنة

(وهي الحديث الصحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ولدى بحث جليل في هذه الموضوع وهو لا يخلو من فائدة لمن يريد تتبع الحقائق على وجهها الصادق الصحيح واستقراء ثوابت الأمور. ولعلى أعود إلى هذا المجال في فرصة أخرى.) (10: هواء البلاد) لا تكاد تلفظ كله نجد إلا وتتصور هذه البلاد تحت عينيك ويهب عليك نسيمها ويتلاعب أمامك هواؤه الطيب الجاف. لان معنى (نجد) ما اشرف من الأرض وارتفع واستوى وصلب وغلظ. . . ولا يكون النجد إلا قفاً أو صلابة من الأرض من ارتفاع مثل الجبل معترضا بين يديك يرد طرفك عما وراءه. . .) - (عن التاج) -، والهواء في منتهى الحرارة وقد تبلغ في الظل في بعض المواطن 52 درجة بالميزان المئوي. وعند الصباح يهب نسيم طيب لذيذ في الصيف وإذا تكبدت الشمس السماء انقطع الهواء في شهر تموز وأب وأيلول حتى يكاد الإنسان يموت اختناقا إلا انه لجفافه لا يؤثر كثيرا على الصحة. ويضطر من يسكن تلك الديار اتخاذ المآكل الخفيفة الهضم والانقطاع عن المسكرات والامتناع عن الأطعمة المطبوخة باللحوم الثقيلة. (11: تأثير الهواء على السكان) اعلم أن اغلب الأمراض تتولد هناك من الكبد لشدة الحر. ومن مؤثرات الحر على أهل البلاد أن اغلبهم ضعاف نحاف سمر الألوان طوال القامة إلا انهم أقوياء يحتملون الجوع والعطش والحر إلى درجة لا تكاد تراها في سواهما. وهم عصبيو

البنية ذو عزم شديد ومضاء بعيد إذا قصدوا شيئاً لا يرجعون عنه ولو كلفهم كرب الموت وإراقة الدماء وهم من بين جميع العرب سريعو تلقن العلوم والمعارف بل هم يتلقفونها تلقفا لسرعة تناولهم إياها وكذا قل عن الصنائع والفنون على أعلى اختلاف أنواعها وضروبها. (12: عدد السكان) ليس في بلد من بلدٍ العرب من يحصى عدد الأنفس. هذا فضلاً عن أن هذا العمل عندهم مشؤوم. إلا أن العارفين يقدرون أهل نجد بما ينيف على مليون نسمة. (13: نظرة وادع لبلاد نجد) يتضح لك مما أسلفنا ذكره أن بلاد نجد من احسن بلاد جزيرة العرب ترابا وهواءً. ولهذا قال ياقوت في معجمه: (لم يذكر الشعراء موضعا اكثر مما ذكروا نجدا وتشوقوا إليها من الأعراب المتحضرة) من ذلك قول أعرابي: حنينا إلى أرض كان ترابها ... إذا أمطرت عود ومسك وعنبر بلاد كان الأقحوان بروضه ... ونور الأقاحي وشي برد محبر احن إلى أرض الحجاز وحاجتي ... خيام بنجد دونها اطرف يقصر وما نظري من نحو نجد بنافع ... اجل لا ولكني إلى ذاك انظر أفي كل يوم نظرة ثم عبرة ... لعينيك مجرى ماؤها يتخدر متى يستريح القلب أما مجاوز ... بحربٍ وأما نازح يتذكر وقال أعرابي آخر: فيا حبذا نجد وطيب ترابه ... إذا هضبته بالعشي هواضبه وريح صبا نجدٍ إذا ما تنسمت ... ضحىً أو سرت جنح الظلام جنائبه

نظرة عامة في لغة بغداد العامية

بأجرعٍ ممراعٍ كان رياحه ... سحاب من الكافور والمسك شائبه واشهد لا أنساه ما عشت ساعة ... وما إنجاب ليل عن نهار يعاقبه ولا زال هذا القلب مسكن لوعة ... بذكراه حتى يترك الماء شاربه بغداد: سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض ومنشئها نظرة عامة في لغة بغداد العامية على من ليس من الزوراء أن يعلم: أن أهل دار السلام ينقسمون إلى ثلاثة أقسام كبيرة تابعة لأديانهم وهي: المسلمون واليهود والنصارى ولكل منهم لغة أو لهجة خاصة بهم دون غيرهم. حتى انك إذا سمعت كلام واحد منهم حكمت للحال على الدين الذي ينتحله المتكلم أو ينتسب إليه. وذلك لان لهجة المسلم غير لهجة النصراني، وكلام هذا يمتاز عن نطق اليهودي كل الامتياز، عربية اليهودي لا تشبه لسان المسلم والنصراني بشيء أبداً من جهة النبرة والنغمة: وهذا الأمر لا تشاهده على مثل هذه الصورة العجيبة إلا في بغداد وبعض مدن العراق. نعم كان يمكنك قبل عشرين سنة أن تميز المسلم من النصراني في اليهودي بمجرد النظر إلى ثيابه وبزته. وأما اليوم فقد اختلط عليك الحابل بالنابل، إذ أن اغلب شبان بغداد يلبسون زياً واحداً لا يكاد يميز صاحبه عن وطنيه المنتسب إلى الدين الآخر إلا بأمرٍ واحد وهو أمر اللغة التي يتكلم بها.

أما احسن اللهجات البغدادية فهي لهجة المسلم لأنها فصيحة الكلمات مربوطة المعاني محكمة لفظ الأحرف كل الأحكام. ودونها لغة النصراني ومن بعدها لغة اليهودي. المسلم لا يتنازل أبداً إلى أن يتشبه بالنصراني أو اليهودي من قبيل اللفظ إلا ليهزا منهما. وإذا حاول التشبه بهما لغير السخرية خانه لسانه وظهر خداعه بعد ألفاظٍ قلائل. وقد يقلد النصراني المسلم بسهولة عظيمة غير انه يصعب عليه كل الصعوبة مجاراة اليهودي في نطقه لما في لهجته من النبرة اليهودية التي يرتضخها والتي لا يستطيع أن يأتيها إلا من ولد بين اليهود أو نشا فيهم منذ نعومة أظفاره وأما اليهودي فيصعب عليه كل الصعوبة محاكاة المسلم أو النصراني من جهة التلفظ. هذا وأنت تعلم أن أصحاب الأديان الثلاثة كانوا في بغداد قبل زهاء عشر سنوات في محلات خاصة بهم لا يخرجون عنها. بل وكان اليهود في عزلة تامة عن غيرهم لا تعلق لهم بمن ليس منهم. اللهم إلا في الأسواق ومعاطاة الأمور التجارية. وما عدا ذلك فكانوا ملازمين بيوتهم لا يترددون إلى دور غيرهم بل ولا يطأون عتباتها لأي غاية كانت. أما اليوم فان اختلاط قوم يقوم أصبح من الأمور التي لا غنى عنها مراعاة لمقتضيات الأحوال وتغير المنشأ أو اقل: لتغيير الأديم الأدبي والاجتماعي.

فإذا علمت ذلك زد على ما تقدم: أن لأصحاب كل دين مخالطة لا تجدها أو لا تكاد تجدها إلا قليلاً في أصحاب الدين الآخر. فان المسلم يعاشر مثلاً: التركي والكردي والهندي والفارسي اكثر من معاشرة النصراني واليهودي لهم. والنصراني يؤالف الإفرنجي والآرامي الأصل اكثر من سواه لهما. واليهودي يمازج أهل المال مهما كان وأينما وجده وعلى أي دين كان والي أي قوم ينتسب. ولهذا ترى هذه المخالطة تأثيرا عظيما في ألفاظ اللغة ومفرداتها ومركباتها. ومن ثم إذا آنت أنعمت النظر في لغتنا البغدادية وجدت فيها بقايا أو آثار من جميع اللغات أي انك تسمع بين ألفاظها مفرداتٍ تركية وفارسية وكردية وهندية وإنكليزية وفرنسية ورومية وإيطالية وألمانية وأرامية وعبرية. ولعلك تجد أيضاً فيها من غير هذه اللغات إلا انك إذا استقريت هذه الألفاظ ألفيتها تكثر بالنسبة إلى المتكلم بها ممن يخالط قوماً دون قومٍ. فان الحروف التركية مثلا تتوفر في لغة العسكري والمتوظف في الحكومة ولو كان عربي المنشأ والنجار. وذلك لكثرة ما يسمع هناك من اللغة الرسمية وهي التركية والهندية والفارسية تتدفق على السنة التجار ومن اخذ أخذهم. والإنكليزية تكثر على السنة المتوظفين في البواخر لان أول من ادخل السفن التجارية في العراق كان الإنكليز. والفرنسية تسمعها من طلبه المدارس وأصحاب المحلات التجارية ولو لم يكونوا فرنسويين أي انك تسمع هذه اللغة من الألمان والنمسيين والإيطاليين وغيرهم لان لغتهم التي

يتعاطون بها في تجارتهم هي الفرنساوية. والآرامية تكون في لغة النصارى لاسيما في لغة أولئك الذين يأتوننا من شمالي الموصل أي من تلكيف والقوش وما جاورهما. وقس على هذا القياس ألفاظ سائر اللغات. وكل من طرق باب هذا البحث من الأدباء المتأخرين أشار إلى هذا التداخل تداخل اللغات الغريبة في لغتنا العربية البغدادية. إلا أن بعضهم قصروا كلامهم على لغة وغضوا الطرف عن اللغة الأخرى التي لها أيضاً تأثير على لغتنا. أي انهم قالوا مثلاً: أن لغة عوام بغداد اقرب إلى التركية منها إلى العربية. وسكتوا عن دخول سائر اللغات فيها. ومنهم من قالوا مثل هذا القول إلا انهم جعلوا الفارسية أو الإفرنجية أو الكردية إلى غيرها بدلا من التركية. على أن الحق هو أن ألفاظ بعض هذه اللغات تكثر على السنة قوم دون قوم على ما ألمعنا إليه بعيد هذا بموجب طبقات الناس وتفاوتهم في مخالطتهم للأعاجم. فإلى فشو الألفاظ الفارسية في لغتنا أشار واحدهم بقوله: (شعر) أن العناكير ساهت بعدما سبزت. بعدما كانت طراشيش ومعناه حرفاً بحرف هو: (أن) أداة التوكيد. - (العناكير) بكاف فارسية جمع عنكور تصحيف لتكور وهو العنب بالفارسية. وقد جمعت جمعا عربياً حملاً لوزنها على الأوزان العربية. - (ساهت): اسودت وهي مشتقة من سياه الفارسية. والتاء للتأنيث. - (بعدما) عربية بمعناها المألوف. - (سبزت): أخضرت من سبز بالفارسية. -

ينبوع الشفاء

(واستشرنت) حلت (من الحلاوة) وهي مشتقة من شرين الفارسية وهو الحلو. (بعدما كانت) عربية مفهومة المعنى. (طراشيش) جمع طرش أي ترش معناها الحامض بالفارسية وقد جمعت جمعاً عربياً على هذه الصورة لمزواجة الوزن أو لأقامته. ومحصل معنى البيت: (إن العنب اسود بعد اخضراره واحلولي بعد أن كان حامضاً) وتكاد تجد جميع هذه الألفاظ في كلام أهل بغداد من العوام. فمن ذلك بيت (انكورلي) لصاحب بيت شهير وكان في السابق من باعة العنب أي عناباً ويقولون: (سياه بخت) أي اسود الحظ لمن كان سيئ الطالع. ويسمون الخضروات: سبزوات أو زوزوات. والشيرة عندهم: السكر العقود أو المطبوخ وهو الرب بضم الراء بالعربية. والطرشي عندهم الأثمار المخللة. رزوق عيسى ينبوع الشفاء (تتمة) فلبي العبد سيده وودع مبارك أهله وولده وسافر مع مالك إلى ديار مصر وما سارا زمانا إلا وأضلهما الطريق ملاك الله فأخذا يضربان في البوادي ولا بادي يبدو لهما. كما انهما لم يقعا أبداً على طريق لاحب يؤدي بهما إلى منزلة ترام. فاخذ العطش يفعل في جوفيهما فعل النار في الهشيم. وكانا في الليل ينشران رداءيهما في الهواء وعند الصباح ينهضان باكراً ليرطبا شفتيهما بوضعهما إياهما عليهما. وما كانا يفوزان بشيء يل كانا كالقابض إلى الماء لأنه ما كان يقع سدى ولا ندى في تلك الفلوات المحرقة أو اقل في تلك الحرار الجهنمية.

فلما تأجج صدرهما عطشاً وأخذا يتلعلعان على نحر واحد من الإبل في وسط تلك الرمال المتوهجة المتقدة وشرب الماء الذي يجدانه في معدته. ولما فعلا ما نويا خاب مسعاهما إذ لم يجدا فيها قطرة ماء. فقال حينئذٍ مبارك لعبده: وأسواتاه! هل أني أخذتك إلى هنا لأميتك. فلقد أحببت نفسي فوق ما يتصوره كل عاقل. ولقد غررت بنفسك على غير جدوى. وزد على ذلك أني اقر باني قترت على عيالي تقتيراً ذميما استنزل على كل البلايا وصبها على صباً. فهل من بعد هذا كله أتلف روحك وأكون أنا دائماً ذلك الظلوم الغشوم بعينه وأنت لا تتشكى ولا تتظلم ولا تتضجر بل تتبعني بكل وداعة اتباع الفرار لامه. بل ولا تلومني على شيء حينما لا أقابل إحسانك بحسنة من الحسنات. فقال له مالك: مالك يا سيدي ولم هذه الوساوس. وكيف لا اتبعك يا مولاي إلى القبر. ألم أكل من خبزك وملحك واشرب من ماءك ولبنك. ألم أتتنعم بالطيبات أيام السعد فلم لا أذوق الخبيثات يوم النحس؟ وكل أملي أن أرى سيدي يفوز بالنجاة من هذه المفازة الغائلة وان يستعيدني ربي إليه ويضم ما بقي من أيام حياتي إلى أيامك لتعود إلى عيالك قرير العين على الطائر الميمون. وأني اطلب هذا إلى ربي لأني بدون أهل وولد. وأما أنت وسندي فان ذويك ينتظرونك على أحر من جمر الغضا. وما نطق مالك بهذا الكلام إلا وخر مغشياً عليه. فلما رآه شيده اخذ يتلوى من الألم ويتحوى ثم ركع ساجداً واخذ يبتهل إلى الله ويقول: اللهم أطلق روحي من سجنها وأمتني في هذه البادية لأني لم اكن أهلاً

لا تلقى منذ تلك النعم والآلاء وها أنا ثقل أوزاري يرهقني فلا حق لي أن أعيش بعد هذا فدونك نفسي، دونك نفسي! وملا أتم كلامه خارت قواه واخذ ينتحب انتحابا. ومضى على هذه الحالة هنيهة من الزمان ثم تألقت غرته وبرقت أساريره وزالت غضون جبينه فابتسم عن ثغر كالأقحوان واخذ يتسع ويتنصت. وبينما كان قد الصق أذنه. . . وما زال يصغي له حتى تخيل له انه يسمع دوياً، وهل الدوي من اثر الجوع أم من اضطراب في دماغه لآفة أصيب بها؟. . . وبعد التدقيق والتثبت تحقق أن لا وهم هناك وان تحت الأرض خرير ماء يتدفق من عين تزارة فهرول متتبعاً ذلك الهدير وإذا به أمام عين تنفجر زلالاً نميراً بل كوثراً وسلسبيلا فقام ورفع يديه وأهل بذكر الله. وقبل أن يبل صداه فكر بوصيفه مالك الذي بقي صريعاً على الأرض فملاء قدحاً من هذا الماء الزلال واخذ يسقيه منه جرعة بعد جرعة بعد أن بلل صدغيه وشفتيه حتى أفاق. ثم قال له: (لست يا مالك من الآن وصاعدا عبدا لي بل رفيقا. فان عودتك إلى الحياة هي بمنزلة تحرير لك فتعال واشكر الله معي على انه أنقذنا من هذا الموت الزؤام. فذهب كلاهما إلى حافة العين وكرعا منها أنفاساً ثم أوردا ابلهما فشربت حتى رويت. وحينئذٍ فتحا مزاودهما واكلا هنيئاً مرئياً وحمدا الله على هذه المنة التي لم يتوقعاها. ثم قال الملك لمبارك. بقي علينا الآن أن نبحث عن طريق التي تؤدي بنا إلى منف.

قال مبارك: لا حاجة لي الآن أن اذهب إلى تلك المدينة بل فلنرجع إلى دمشق الفيحاء قال هذا: وحملا أثقالهما ورجعا إلى الوطن العزيز ولما دخلا داره طيب خاطر أمرائه وأولاده ببشاشة وجهه وتلألوء جبينه. فأهلت امرأته وقالت: بارك الله في ذلك الرجل الذي شفاك من حزنك وغمك وهمك! فقال لها مبارك: (يا زهراء) أن الذي يشفاني هو الله نفسه لا ابن آدم. فإني لما تبطنت الصحراء وليس هناك ما يتعلق به قلبي جردني الله من حب الدنيا فاثبت في التواضع ثم باحتمال تلك الداهية الدهماء علمني الرأفة بالقريب ومحبته. وعليه فلا أريد أبداً أن أعيش كما عشت سابقاً أي أن لا اهتم إلا بنفسي بل عقدت النية على محبة الغير والاهتمام بأمرهم مصلحا ما كنت قد أفسدته وراتقاً ما كنت قد فتقته.) والحق يقال: أن مباركاً منذ دخوله قصره المشيد اخذ بمساعدة الفقراء وإعالتهم وتسلية الحزانى وتطييب خاطرهم. ومنذ ذاك الحين تولد في قلبه سرور لا يشبه سرور وأيقن أن الفضيلة وحدها هي رسول السعادة والفرح وهناء العيش ورغده. ولم تنحصر السعادة ببيته فقط بل امتدت إلى حواليه ومنها إلى ما وراء مسقط رأسه حتى بدا الناس يقولون: أن مباركاً ليس مباركاً في ثروته فقط كما في السابق بل هو مبارك في فضله وفضيلته وفواضله.) وفي السنة الثانية ظعن مع عياله إلى تلك الفلاة الشهيرة التي

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

وجد فيها الهدى والرعوي. وبنى بجانب العين منزلا للمسافرين ودعا تلك العين (ينبوع الشفاء.) تمت تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره (الإسرائيليون في بغداد) للإسرائيليين في بغداد عدة مدارس ومن جملتها مدرسة ثانوية أخرجت عدة طلبة نجباء وهي (مدرسة التعاهد الإسرائيلي) (اليانس) وتدرس العلوم فيها باللغة الفرنسوية وهي أيضاً لغتها الرسمية. وقد وقع اليوم خلاف بين الإسرائيليين في إبقاء هذه اللغة بمنزلة لغة أصلية أو جعلها فرعية. فان الجمعية الصهيونية تريد نزعها وإبدالها باللغة العبرية. وجمعية التعاهد الإسرائيلي تقاوم هذا التغبير اشد المقاومة. وأخذت تجمع الإعانات لإبقاء الأمور على حالتها. وأخذت الجمعية الصهيونية تقاومها بان شرعت هي أيضاً تجمع المال لتغيير هذا الأمر. وقد قامت شركة أو جمعية ثالثة في ألمانية لتكون بمنزلة الحكم بين الضرتين وتجعل اللغة الألمانية واجبة التدريس في المدرسة المذكورة وتكون لغتها الرسمية ثم تعلم سائر اللغات بمنزلة السنة فرعية. وقد نمى إلى الزهور أن في نية جناب مناحيم أفندي إنشاء مكتب ساحته 1500 ذراع مربع وتكون نفقة تعميره من ماله الخاص ويجري على المكتب مائة ليرة مسانهة ويودع إدارته إلى جمعية التعاهد الإسرائيلي فعسى تزداد المدارس ويترقى العلم ويتنافس كل قوم بإعلاء شانه ومجده. (الأمير ابن سعود وأعراب العجمان) ما زال الأمير يطارد

العجمان حتى اضطروا إلى دخول متصرفية الاحساء فتأثرهم الأمير وخيم قريباً منهم. فاحتج عليه المتصرف والزمه بالرحيل وبان لا يتعرض لعشيرة العجمان فأجابه: أن طلبي للعشيرة هو لأمر تعود فائدته على العموم لان هؤلاء الأعراب هجموا على الرجل الذي اسمه (ذو النون) واخذوا أباعره، ولما كان الرجل من رعيتي فأنا اطلب إرجاع ما سلب. والأمر بقي على هذا الوجه ويؤمل أن المتصرف يعيد أباعر الرجل المنهوب. (عشيرة الضفير) عادت هذه العشيرة تمتار (تكتال) من قصبة الزبير بعد طعن عشيرة بني مالك إلى مربع العيث والفساد أي الغراف (عن الزهور) (المنتفق) لما سارت الباخرتان بالميرة والمؤونة إلى المائعة لإنجاد سعدون باشا وإذلال العشائر المعادية له تحقق هؤلاء الأعراب أن الحكومة تذب عن حياضه انتصاراً له. فتجمهرت حينئذٍ جميع العشائر وهي: البدور، وال غزي، والجوارين، والعساكرة، والحسينات، وال ازيرق، وسائر أعراب الشامية وغيرهم وأحاطوا بالناصرية إحاطة السوار بالمعصم وأمطروا على السعدون ومن معه رصاصا حاميا داويا وما زالوا على هذا الفتك حتى وصلوا إلى ديار الصابئة (الصبة) فاحرقوا البيوت ونهبوا الأموال. ولما بلغوا إلى خان (أبو ليرة) داخل مركز الناصرية اتخذوه حصناً لهم. فلما رأى الأهالي هذا المشهد أيقنوا بالهلاك ولهذا أوفدوا إلى المحاصرين جمعاً من أكابرهم يسألون عما

يريدون من عملهم هذا. فأجابوهم انهم يريدون إكراه سعدون على الخروج من الناصرية وإلا فهم مصرون على نهب الناصرية وإتلافها وقتل من فيها على أخرهم. والظاهر انهم لا يرجعون عن عزمهم لأنهم أقاموا جماعة منهم على محل من نهر الفرات يقال له (أبو جداحة) هو مشرف (مسلط) عل الناصرية حتى انه إذا كسر مقدار شبر من سدته غرقت الناصرية بأسرها. وكان قصدهم إغراقها بعد نهبها وقتل أهلها وإحراقها. وحينئذ أعطوهم هدنة (عطوة) ثلاثة أيام ليخرجوا في مدتها سعدون باشا من الناصرية. واتفق انه في اليوم الثاني قام أحد رؤساء المركز وهو السيد زيدان ليبني منافذ الطرق والأزقة فظنت العشائر الهاجمة إنها حيلة ومكيدة فثاروا ثانية ثورة عظيمة ودخلوا مركز اللواء ونهبوا الديار وقتلوا من الأهالي نحو ثلاثين نفساً وقتل من العسكر عشرة رجال، وأما الأعراب فقتل منهم نحو عشرين نفساً. وفي اليوم الثالث أكرهت الحكومة سعدون على الخروج من مقره فخرج ذليلا بحماية آل إبراهيم وأوصل إلى محل مزيد باشا ابن عمه فهو الآن عنده كالمستجير به. ولا زالت الحرب على ساق لان المتصرف أمر بحبس (نجيدي) من آل جاسم زاعماً انه سبب هذه الفتنة. والعشائر تريد إطلاقه كما تريد إخراج السيد زيدان من الناصرية لأنه من خواص سعدون. وطريق الناصرية يكاد يكون الآن مقطوعا ولا يجسر أحد على

أن يمر به لكثرة إطلاق الرصاص فيه. ومن اشد ما يروى بخصوص التنكيل أن قوماً ما آل ازيرق قبضوا على جنديين من عساكر الحكومة ودفنوهما إلى صدريهما وجاء الأعراب يعذبونهما أنواع العذاب وهما يستغيثان بكل مارٍ بهما. وكان في نية الحكومة أن تجهز أربعة طوابير لحل هذه المشكلة التي وقعت بين السعدون وأعدائه. وفي الآخر اكتفت بإيفاد وفد من أمراء العساكر والضباط ومن موظفي الملكية تسمى (الهيئة التحقيقية والإجرائية) لإصلاح ذات البين فعسى أن تكون النتيجة حسنة حقناً للدماء وحباً بالأمن والسلام. عن الرصافة والزهور بتصرف قليل (هجوم أعراب على جابي البأج) قريباً من بغداد على منحدر دجلة قرية اسمها البغيلة مصغر بغلة. وقد ذهب جاب البأج (وهو مأمور الكودة بلسان العوام) واسمه مصطفى بك ومعه خمسة من الفرسان المسلحين (من سواريه الجادنرمه) لجباية غنم عشيرة أعراب السراية فوجدها قد هربت إلى ناحية عشيرة الخوالد في أرض (أبو جاموس) قرب أراضي الأمير (نفي) وبينما هو سائر نحوها إذ اقبل عليهم قوم من عشائر البادية وأمطروا على الجباة رصاصاً حامياً فأصيب واحد من الجندرمة وتوفي قبل أن يصل ناحية البغيلة بمسافة ساعتين ولا شك أن مثل هؤلاء الأعراب يستحقون العقاب الرادع لهم عن الإمعان في غيهم (عن الرياض بتصرف)

العدد 3

العدد 3 آثار سامراء الخالية وسامراء الحالية سامراء من المدن القديمة الحضارة والعمران، وقد سبق وجودها ظهور الإسلام بقرون عديدة، ومن بعد أن بلغت ابعد شأوٍ في المدينة، أخذت بالهبوط والهوى شان كل موجود، حتى كان عصر المعتصم فقام وبناها ثم نزلها سنة 221هـ (836م)، ثم جاء بعده الخلفاء العباسيون وكل منهم يبتني له قصراً أو صرحاً، حتى غدت غادة مدن العراق، بل واجمل غاداتها، وأخذ يقصدها القاضي والداني من

(لغة العرب)

أهل النزهة والأنس. وكان في جوارها من سابق العهد أي قبل الإسلام عدة أديرة لنصارى كلها شهيرة، منها: (قلاية العمر أو عمر نصر)، وكان من متنزهات آل المنذر بالحيرة، (ودير مار سرجيس)، (ودير العذارى)، ودير السوسي، وغيرها. أما اسمها فقد اختلفت الروايات فيه وفي معانيها. وكلها لا نصيب لها من الحقيقة، واصدق لغة رويت في اسمها هو سامراء (بفتح السين بعدها ألف يليها ميم مفتوحة وبجانبها راء مثقلة مفتوحة ثم ألف ممدودة وفي الآخر همزة). وأما قولهم أن الرواية الصحيحة هي سر من رأى أو سام راء فهذه وغيرها من مخترعات المخيلة، ومن التأويل التي أنتجها قرائح بعضهم إجابة للعقل الذي يحب الوقوف على أسرار الكون والاكتفاء بما يرضيه. ولو فكروا قليلاً لأقروا أن تأويلهم بعيد لقدم ورود الاسم، ولعله من وضع البابليين أو الآشوريين أو الكلدانيين أو غيرهم من الأقوام الخالية. فكيف يطلب له معنىً في اللغة العربية. وقد ذهب مدير هذه المجلة إلى مشاهدة ما يجري في هذه المدينة من التنقيب والحفر عن آثارها القديمة فكتب النبذة الآتية. وقد اعتمد في اغلب ما أثبته هنا على كتاب (سامراء) للدكتور هرتسفلد المطبوع في برلين سنة 1907 وعلى ما سمعه من المعمرين وشاهده هو بنفسه: (لغة العرب)

نظرة عامة في سامراء وفي التنقيب الجاري فيها. منذ غرة هذه السنة أي 1911 م أخذت بعثة ألمانية بالشروع تنقيبا عن آثار سامراء. وقد نال الامتيازبالحفر حضرة العلامة المشهور الأستاذ فريدريك صارة البرليني الرحالة، الذي يعرفه أهل المشرق والغرب برحله المتعددة إلى بلاد فارس وتركستان والأناضول (بلاد الروم) وبيت النهريين (الجزيرة) وعهد إلى اللوذعي الجهبذ الدكتور هرتسفلد من أساتذة جامعة برلين للأخذ بهذه الأشغال المهمة. وأهل بغداد يعرفون الأستاذ المذكور حق المعرفة. لاسيما الذين واجهوه وشافهوه. إذ عهدوا فيه سعة العلم والمعرفة بكل ما يتعلق بالشرق وآثاره. وبالأخص بكل ما يتعلق بالمسلمين وسابق حضارتهم. وهاهو الآن يواصل التنقيب والتنقير منذ أول قدومه حتى هذا اليوم بدون ملل أو ضجر أو قطع في الأشغال. وسامراء جليلة القدر والشان لأنك تجد بين أسوارها مشهد الإمامين العاشر والحادي عشر (علي الهادي وحسن العسكري) وسرداب غيبة صاحب الزمان وهي من المشاهد العزيزة على أبناء الشيعة. وإلا لما كان لهذه المدينة منزلة وقدر عند أهل العصر. أما موقع هذه البليدة فهو في سهل تموج فيه الاخربة الشواخص موج المياه في البحور الزواخر. وهي كلها من بقايا ذلك العمران الشهير الزاهر النضر المثبت ذكره في تاريخ صدر الإسلام. وتمتد هذه الأطلال على طول ضفتي دجلة الناشزتين وعلى مسافة 30 كيلو متراً وفي قراب

كيلو مترين عرضاً. ومما يشاهد هناك أيضاً إطلال قصور ذات بال ممتدة على الضفة اليمنى من دجلة. ومنذ بضع سنوات أخذت سامراء بان تستوقف أطيار الأفكار على جنباتها. ولا سيما أفكار أهل العلم والبحث من مسافرين ومؤرخين ومنقبين. وكان في مقدمتهم الأستاذ الدكتور هرتسفلد. فانه هو ومن جاء بعده زاروا هذه الآثار الطامسة، والأطلال الدارسة، والمبثوثة بث الجراد على أديم الأرض، ووصفوها قليلاً أو كثيراً. كل بموجب علمه ونظره. على أن الأنقاض ليست بشيء يذكر بجانب ما تحت تلك التلول المتراكمة من بقايا الأبنية وهي تغشى وجه المدينة القديمة كلها. حتى انك تخال إنها أمواج بحر هائج صادقته عوامل الجمود فجأة فوقفت ماثلة لا حراك لها ولا هبوط على نفسها. كيف لا ويرى في سامراء آثار جليلة وقد كانت في سابق الزمن مقاماً للعباسيين خلفاء هارون الرشيد. وبقيت نصف قرن عرشا لهم وذلك من سنة 221 - 262هـ (836 - 876 م) بل ومرجع دولة الخلافة العظمى، وان شئت فقل بدون غلو ومبالغته (سرة العالم المتمدن) في ذلك الأوان، ولذا تراكمت فيها كنوز لا يفي تعدادها اللسان، وثروة تخالها من نتاج عالم الخيال. لا من نتاج عالم المثال. وبعبارة أخرى: كانت سامراء تحقيق حكايات ألف ليلة وليلة. التي تخال أنها من أوضاع الوهم والتصور الفارغ.

على أن تاريخ سامراء ليس من الأمور المجهولة. فان ما أثبته مؤرخو العرب ووصافوا بلدانهم المعاصرون لزهوها وغضارتها كالطبري والبلاذري واليعقوبي وغيرهم لا يبقى ريباً في صدر المستريب. لا بل قد كتب اليعقوبي فصلاً نفيساً مفيداً للمسافر فائدة تشبه فائدة كتاب (بيدكر) اليوم ليطلع على ما يعثر عليه في تطوافه في سر من رأى وقد عقد هذا الفصل في مؤلفه الجليل (كتاب البلدان). أما الأسباب التي حملت المعتصم بالله بن هارون الرشيد على بناء هذه المدينة الطائرة الشهرة فكانت سياسية ودينية معاً. فان الخليفة المذكور كان ينتصر للمعتزلة وأي انتصار حتى أن مسلمي بغداد لم يعودوا ينظرون إليه بالعين التي كانوا يرمقونه بها سابقاً. هذا فضلاً عن انه كان أول من انشأ جيشاً من الترك يتقوم من موالٍ (مماليك) اشتراهم النخاسون من أسواق تركستان وتخوم بلاد الصين حتى أوصل عددهم إلى 70000 رجل. وذلك بعد أن خلف أخاه المأمون على عرش العباسين في حاضرتهم. على أن وجود مثل هذا الجيش في موطن لا يخلو من خطر ومن مناوشات بين أفراده وبين أهل البلدة. ولذا كانت تكثر الأحداث في الزوراء حتى تجري الدماء بين القبيلين. وكانت بغداد تمتد يومئذ من الكاظمية إلى مقبرة الشيخ معروف الكرخي. فلما رأى الخليفة أن لا سلام في دار السلام عقد نيته على بناء مدينة في الموضع الذي ترى اليوم سامراء. وفي هذه الحاضرة اخذ ظل الدولة العباسية يتقلص

أي منذ عهد هذا الخليفة ومن جاء بعده وسببه تكاثر الموالي وتداخلهم في شؤون الدولة وشؤون قادة أعنتها الأمراء العباسيين. وبعد أن مضى أربعون سنة على أعمال هؤلاء الموالي هي أعمال كلها منكرات خلدتها دواوين التاريخ وبطون الأوراق. أفضى بهم الأمر إلى إنشاء رتبة (منصب) أمير الأمراء وكان عبارة عن سيد مطلق اليد في ما يأتيه من الأوامر والزواجر. وقد وقع ذلك عند أفول شمس هذه الدولة في مدة الأربعين سنة. وهذا أمير الأمراء هو الذي انفق مع الموالي على إكراه المعتمد على الرجوع إلى بغداد وقضاء ثمالة أيامه في قصره الذي أصبح له بمنزلة سجن ذهبي الظواهر. وعلى اثر هذه الحوادث اخذ سكان سر من رأى بمزايلتها، الجماعة بعد الجماعة، منتجعين مرابع بغداد وجنباتها الخضرة النضرة، ولم تمض أيام كثيرة إلا وهدمت سامرا بالسرعة التي فنشئت بها. وكل من جاء بعد هذا العهد من كتبه العرب كابن حوقل وابن جبير وياقوت الحموي وابن بطوطة. لم يجدوا لوصفها إلا ما يفتت الأكباد ويلين الجماد إذ لم يعثروا فيها إلا على أنقاض وأطلال لمدينة كانت أزهى مدن الدنيا وأبدعها وأعجبها وأتقنها بناء وهندسة. وأذ لم تخرب هذه المدينة لا بالحرب ولا بالحرق ولا بالاكتساح ولا بزلزلة الأرض ولا بمرض من الأمراض الوافدة الجارفة بل بمهاجرة أصحابها لها، مهاجرة متصلة الأوائل بالأواخر، فلا يأمل الناقب العثور على الكنوز المذكورة في كتاب ألف ليلة وليلة لان سكانها اخذوا معهم

عند انحدارهم إلى بغداد على دجلة كل ما يحمل وينقل ويفيدهم ولو فائدة زهيدة. حتى انهم اخذوا معهم مرادي السقوف وحراديها وأبواب الدور. وكل ما ضاهى هذه الأمور. على أن العلماء من المنقبين، أهل البحث والتحقيق، لا يطلبون اليوم الركائز والدفائن. ولا الإغلاق ونفائس المعادن. إنما همهم تنوير الأفكار في ما يتعلق بأمر تاريخ عمران ابن آدم في سابق العهد. فالعراق العربي هو من البلاد التي يحق للعلماء أن يتباهوا ويتفاخروا بأرضه، لما فيه من الآثار العادية، لكل عصر من العصور الخالية، ومع ذلك لا ترى إلا أناسا يعدون على الأصابع عرفوا مكانه هذه الديار الرفيعة القدر، وأنزلوها حق منزلتها. وعلى كل حال فان التنقيب الحديث الطريقة العلمية يرى لأول مرة في سامراء، وهي الطريقة التي اتبعت في البحث عن آثار الجزيرة (بين النهرين) وبلاد الروم (بر الأناضول) وبلاد اليونان منذ 70 سنة. وذلك نشداً لضالة العمران الإسلامي في الديار المذكورة، ومن ثم فالتنقيب الجاري اليوم في سامراء هو جليل القدر والخطر ووحيد المثال، لان الدكتور العلامة هرتسفلد يتوخى الطريقة القربى للبلوغ إلى تحقيق ما في الأمنية. هذا فضلا عن أن البحث عن حضارة الإسلام اخذ مأخذاً عجيباً في ديار الإفرنج منذ عشرين عاماً، لاسيما بعدما أثبته وقرره علماء أذكياء نجباء لا يشق لهم غبار، يعدون من الطبقة الأولى في التدقيق والتحقيق،

مثل تيودور نولدكه في استراسبورغ. وانياز غولدزهير في بودابست وككبار المستشرقين الهولنديين مثل ده غوية واسنوك هوغرنية وغيرهما الذين غاصوا على دور الحقائق في بحار المشكلات والمعضلات المتعلقة بالإسلام، على وجه لم يسبقهم إليه سابق. ومما ساعد أيضاً في توسيع نطاق العلوم العربية (ديوان الرقم العربية) للدكتور مكس ون برحم وكتاب تاريخ الإسلام للبرنس ليونه كائتاني وكتاب الموسوعات الإسلامية الذي يولف بمراقبة الأستاذ هوتسما في ليدن وبنظارة مجامع العلم الدولية الأوربية ففي هذا الكتاب بل البحر المحيط تجد جميع المباحث المتعلقة بديار الإسلام كلها قاطبة وذلك من بلاد الأندلس إلى الصين، مع ذكر جميع الألفاظ التي وردت على السنة المسلمين، أوعنت على بالهم، أو خطرت في خيالهم، أو أبرزته مخيلتهم وقريحتهم، أو اتصلت إليه حضارتهم الخاصة بهم. أما الكتبة الذين يشتركون في إنشاء هذا الديوان الواسع المباحث والأكناف فهم عبارة عن جيش لهام، أسلحته الأقلام، وميدانه مطالب العلماء الأعلام، وقد جمعت أبطاله الصناديد المغاوير، من جميع الديار والأصقاع، وهم يدأبون

في التحقيق والتدقيق بدون أن يأخذهم ملل أو سأم. ومما يحق لنا أن ندونه بأحرف من ذهب هو أننا وجدنا بعض الأخوان المسلمين من أبناء هذه اللغة الشريفة يملئون الإفرنج في سعيهم هذا كعلماء تونس ومصر والهند. وأما في ديار دولة آل عثمان فلا نرى فيهم ممن اهتم لهذا المشروع العميم الفائدة، وعضده بما في طاقته ووسعه إلا الدكتور خليل ادهم بك الرئيس العام لدور التحف الشاهانية. ومما يجب أن يعرفه مطالع هذه السطور، أن الدكتور الأستاذ صارة يهتم منذ مدة مديدة بتاريخ الصناعة الإسلامية الفنية، ولقد ضرب في الأرض متجولا ليبحث في أسفاره عما يحقق أمنيته في هذه الغاية فجمع مجموعة كلها غرر بل دور من نتائج الصناعة الإسلامية، وهي اليوم في بابها يتيمة الدهر، وخريدة العصر، لا يضاهيها أو يدانيها عاق مهما كان نفسياً، والخلاصة أن الكلام يطول لذكر كل ما ينشر ويبرز من المطبوعات لترقية هذا الفرع من علوم المسلمين وعمرانهم وتمدنهم فرع، هو كما تراه، في المنزلة القصوى من القدر والخطر. ولتحقيق هذه الغاية على احسن وجه، وأدق أسلوب، بعث الدكتور صارة المذكور، دكتورنا العلامة هرتسفلد للبحث عن آثار سامراء والكشف عن دفائنها ووصفها. فقد ثبت لديك بعد هذا كله أن لا غاية لهؤلاء العلماء الإعلام إلا الهيام بالصناعة الإسلامية الفنية ولا سيما الهيام بفن الأبنية، والأسلوب المتخذة لتزيينه وتزويقه وتحسينه، أساليب متحدة به اتحاداً لا محيد عنه.

ولقد كانت الصنائع الفنية الإسلامية في القرن الثالث للهجرة، تكون مجهولة إلى عهدنا. ولهذا أصبحت نتائج التنقيبات في الغابة القصوى من الخطر والشان العلمي، وأول ما شرع به في سامراء كان رفع كل ما يغشى أخربة الجامع الأعظم الذي بناه المتوكل على الله، والمنارة الغريبة البناء الموجودة فيه، وهي المنارة المعروفة باسم (الملوية) وقد بنيت على غرار برج بابل أو الزقورة أو الذكورة البابلية. وبعد أن ظهر للعيان صحن الجامع بانت كل البيان البناية الداخلية وعمد الرخام وما يزينه في الداخل من نقوش مطبوعة وتصاوير ملونة وفسيفساء. ولقد دقق الدكتور هرتسفلد نظره في بعض دور الخاصة المجاورة للمدينة الحديثة فإذا هو أمام مدينة مدفونة في الشرق دفن بمبائي في الغرب. ووجد غرفاً وحجراً وردهاتٍ قد زينت جدرانها وغشيت حيطانها بتصاوير شرقية منقوشة نقشاً بارزاً وغائراً في الجص وهي في غاية البهاء والجمال، وكلها محفوظة احسن الحفظ، كان البناة قد غادروها قبل أن يدخلها أهل البحث. هذا ولا ترى النقش على الجص فقط بل انك تشاهد تصاوير ملونة في مواضع الجص الفارغة من النقوش، وهناك أيضاً تصاوير مختلفة الألوان بل وصور أناس كلها ملونة على أبدع مثال وهو أمر في غاية الندرة في تاريخ الصناعة الإسلامية أن فنية وان بنائية. وخلاصة القول انك تجد في سامراء كنوز فن ودفائن صناعة لم تسمع يمثلها من أفواه الناس والمسافرين، كما لم تشاهد العينان

نظيرها. ولقد سبر الدكتور بعض السير قصراً واقعاً على عدوة دجلة اليمنى يعرف (بقصر العاشق) ورأى انه يتابع السير بعد ذلك. أما الآن فانه يجري التنقيب في قصر مبنى قد افترش من الأرض فسحة عظيمة تناهز كيلو مترين مربعين ونصفا. وهو واقع في جنوبي سامراء واسمه (المنقور) وهو ولاشك القصر المعروف سابقاً باسم (بلكوارا) الذي بناه وسكنه المعتز بالله بن المتوكل على الله وذلك قبل ارتقائه عرش الخلافة. إلى هنا نوقف جواد القلم عن الجري في ميدان التنقيب ونلفت عنانه إلى ما يجب أن تحوم عليه أطيار الأفكار والأنظار وهو: انه ليس من ينكر اليوم المنافع الجزيلة التي انتفع منها الناس اثر التنقيبات التي أجراها أهل البحث، وممن انتفع منها بوجه أخص محبو تاريخ بلادنا ومجد السلف أجدادنا، مجد من شانه أن يفاخر به أبناء هذا العصر ليندفعوا إلى التشبه واللحاق بهم، ويعيدوا سابق عز هذه البلاد، ويستعيدوا ما سلب منهم أو يسلب ليحافظوا على ما لديهم من وسائط الغنى والثراء والنماء في مستقبل الأيام. وفي هذا الصدد لا يمكننا السكوت عن إبراز ما يكنه صدرنا من الأسف واللهف. فان هذه التحف التي أزيح عنها الستار، ذاك الستار الذي سدله عليها الزمان مع بواثقه، والجو مع تقلباته، إذا بقيت مكشوفة الوجه والظاهر، فإنها تكون عرضة للتلف

العاجل. ومما يساعد على ذلك قانون الآثار والعاديات نفسه ذاك القانون الذي يمنع كل المنع نقل الآثار القديمة بأي وجهٍ كان. ومع ذلك فان المتاجرين بها يتخذون أدق الوسائل وأوفاها بالمطلوب لتحقيق أمانيهم، أي انهم يتوصلون إلى مشترى ما يريدون بدون أن يقعوا في شرك التبعة المشؤومة، لأنهم يتخذون من الظواهر ما ينيلهم مرغوبهم وينجيهم من البلايا التي يقع في مهاويها من لا يحسن مزاولة هذه التجارة وإذا أنعمت النظر في ما يباع ويشتري في أسواق باريس من الآثار العادية تجد ثلاثة أرباعها قادمة من البلاد العثمانية، وقد بعث بها إلى فرنسة خفيةً وتهريباً، فتباع هناك بأثمان باهضة ينتفع بها من يشتريها فتخسرها الدولة خسارة لا مقابل لها، بل ويخسرها أصحاب تلك الديار التي كانت فيها، لا بل ويفقد منافعها أصحاب دور التحف الإفرنجية والعثمانية كما يفقد منافعها من قد الهج بجمعها ليستفيد منها فائدة علمية، ومن يفقدها العلم وأصحابه كل الفقد لأنها تقع بيد جهلة لا يعرفون قدرها. أذلاهم لهم إلا هم جمع المال بأي واسطة كانت وعلى أي وجه يكون، أريد بهم تجار الآثار العادية في باريس. فمما تقدم ذكره وتقريره ترى النتائج المشؤومة التي تتولد من قانون حصر الآثار المثبت في قوانيين الدولة، وكيف انه مضر بالعلم. فإذا لابد من اتخاذ ما يبعد هذا الخطر ويفيد الدولة والأمة ولهذا اعرض هذا الفكر:

إن قانون حصر الآثار القديمة لا يتكفل لنا أبداً بحفظها في محلها ولا في محل آخر خاص بها. وهي طامة كبرى لا يعرف عقباها الوخيمة إلا من يقدر التحف حق قدرها. وإننا لا نظن مثلاً أن المتحفة الشاهانية تعنى باتخاذ الوسائط اللازمة والناس المهرة لنزع ما على جدران وحيطان سامراء من المزينات والمزوقات والمحسنات البنائية وجعلها في صناديق ونقلها إلى الآستانة، لأنه قبل أن يخطر لها هذا الخاطر تسبقهم الأمطار والأرياح وسائر عوامل الجو إلى إيقاع الأضرار بهذه الكنوز الصناعية فضلاً عن وصول أيدي تجار العاديات إليها فتبعث بها ولا تبقى ولا تذر، وتنزع ما هنالك من عجب التصاوير والنقوش حتى لا تبقى لها أدنى اثر. نعم قد عني محبو الآثار في ديار مصر بحفظ ما يجدونه فيها وقد اخذوا جميع الوسائط اللازمة للانتفاع بما يكتشفونه. وربما كانت تلك الوسائط تضاهي الوسائط المتخذة في بلاد الافرنج، بل ولعلها تفوقها بكثير لحداثتها ووفائها بالغرض على احسن وجه، لكن أين بلادنا من ديار مصر. ومع هذا فان القانون هناك يبيح مقاسمة الآثار بين الحكومة وبين الناقب، كما تحبير له نقل الآثار العاديات إلى بلاده. فهذا أيضاً مثال يحتذي عليه ويتبع لحفظ هذه الآثار من التلف والفساد والاضمحلال أو أن أحسنت ظناً: من الضياع والانتشار فرادى مبثوثة على غير جدوى. ونحن نستحسن هذه الطريقة، ولا سيما إذا كانت تلك العاديات مزدوجة المثال، فان الناقب يحرص عليها اكثر من حرصه

يقظة العلم في ديار العراق

على حياته. فأملنا إذاً من الحكومة أن تسعى إلى اتباع هذا القانون الحسن النتيجة لها ولمتن يبحث وينقب عنها. وان لم يصح هذا الرأي فلنا فكر آخر في حفظ هذه الآثار وهو وان تسعى الولاية في إقامة دار للتحف في الحاضرة كما يرى مثل هذه الدور في سائر البلاد المتمدنة، فهذا أيضاً من الصعب الممتنع أو من المستحيل البعيد؟ إلا يوجد مثل هذه المتاحف في بلاد الهند ومصر وتونس لا بل ونجد اليوم في قونية نفسها من بلاد الدولة العلية متحفة صغيرة حسنة، أفلا يمكن لبعض أعيان مدينتنا الزوراء الزاهرة أن يتضافروا ويتكاتفوا للاشتراك في جمع مال، لمثل هذا المشروع المفيد الذي يزري بجمع اللآل. فهذا العمل، وأيم الحق، أحد تلك الأعمال التي تخلد أسماء الرجال. ونجاري بها أهل الديار الغربية. ونفاخرهم بآثار أجدادنا مفاخرة تعود فائدتها علينا وعلى بلادنا العربية أن الله على كل شيء قدير وبالإجابة جدير. وسنكتب في وصف سامراء ووصف ما شاهدناه فيها من الآثار الطوامس، والطلول الدوارس، وصفا يفيد متبعي الآثار، ومقتبسي الأخبار مما يدهش القارئ ويبهر السامع في العدد الآتي وما بعده أن شاء الله تعالى. للبحث صلة م. كاظم الدجيلي يقظة العلم في ديار العراق أسلفنا القول في العدد الأول من هذه المجلة ما كان لأهل العراق من اليد العاملة في جمع شتات لغة العرب قبيل الإسلام وبعيده.

على أن فضلهم يبدو كل البدو بل كالشمس في رائعة النهار، إذا ما نظرنا إلى ما أتاه العباسيون من جلائل المآثر لتدون اللغة وجميع علومها العربية، ترجمة الأسفار الأعجمية، واتخاذ كل ما يسير بها وبأهلها سيراً حثيثاً إلى بلوغ ابعد شأوٍ في العمران والحضارة والتبسط فيهما. وما زال الأمر على تقدم ونجاح حتى عصر المأمون، فان العربية وعلومها بلغت في عهده مناط العيوق، ثم وقفت حيناً من الزمن كأنها تكبدت سماءها، ومن بعده أخذت بالانحدار المتئد متبعة سنة الشروق والغروب. - ولما سقطت بغداد على يد هولاكو، غربت شمس العربية وعلومها، وخبت انوارها، وادلهمت دياجير الجهل، وتلبدت سماء العراق بالسحب المكفهرة، أو أن شئت فقل: أصيب العلم وذووه ورافعو ألويته بداهية لم تضارعها داهية في سابق تاريخها أهوت بهم إلى قعر الذل والهوان، بل إلى أقصى دركات الخمول والجمود. وهل تخال أن النوائب وقفت عند ذاك الحد؟ - كلا، فأنها سارت في وجهها صارعة أم العراق وبناتها وبنياتها، كإنها تحاول التشفي من ترقيها السابق، والانتقام من تقدمها الحثيث حتى إنها لم تبق لكان هذه الديار المنكوبة الأهم التخلص من دوائرها، والإفلات من سطواتها وفتكاتها. نعم اشتهر بعد ذلك جماعة من أهل العلم والأدب والفضل والكتابة

لكنهم لقلتهم عدوا من نوادر الزمان وفلتات بوائق الأيام. بيد أن بعضهم شدا اللغة ألا فارسية فنظم بها وانشأ وحرر وحبر وكتب التواريخ، ومع ذلك لم يرفع له منار كما رفع لمن تقدمه من أبناء هذه اللغة الضادية. وبقيت الأمور تجري على غير هدى: بين سير إلى الإمام، ورجوع إلى الوراء، وخبط أو جمع بينهما، حتى كان عصر حكومة سليمان باشا الكتخدا أو القتيل في فجر القرن الثاني عشر من التاريخ الهجري فاخذ العلماء والأدباء يتنفسون الصعداء، من تلك البرجاء، مستنشقين نسيم الراحة والطمأنينة، متمنيين بأيامه، متفائلين بيده عودة عهد غضارة لذاك كالمأمون للرشيد مع حفظ قاعدته النسبة لكل واحد بموجب عهده ومقدرته ومنشأه. ولابد من أن نذكر طرفاً من ترجمة كل من هذين الياشوبن الوزيرين حتى يجوز إنا بعد ذلك أن نتكلم عمن نبغوا في عصرهما أو اشتهروا بعدهما. ترجمة سليمان باشا القتيل كان سليمان باشا القتيل والكتخدا، الثالث ممن تسمى بهذا الاسم من ولاة بغداد، وهو ابن أخت علي باشا القتيل، وزر على بغداد سنة 1221هـ (1806 م) ولما تولى الوزارة سار في الرعية سيرة حسنة حميدة، ورغب في العلوم، ونكب عن الأبحاث الفلسفية التي

كان قد الهج بها في غلوائه، ومنع العمال من اخذ الرشا والهدايا، وكان يعاقب من يخالفه اشد المعاقبة وكان يتجسس الأخبار ليقف على من يتطلب السحت أو يأتي هذه الدناءة، واكرم العلماء واحتفى بهم والتفرغ للصلاح وأعمال البر. وكان ممن نال الحظوة عنده الشيخ علي بن محمد السويدي وكان هذا الرجل من مشاهير ذلك الأوان بعلمه وفضله وفضليته. وكانت ديار العراق في ذلك العهد عرضة لمساوئ أهل البادية وسكان جبل سنجار، ففكر الوزير بان يمثل بهؤلاء المفسدين العائثين بالبلاد ليستريح الناس منهم ويطمئنوا بالا. فلما كانت سنة 1224هـ (1809 م) غزا فيها ديار بكر بجيش لهام لتأديب أعراب الضفير وقبيلة من عنزة كان كبيرها الدريعي. وكان خروجه من الزوراء في الخامس والعشرين من محرم (12 آذار) فلما جاوز الموصل شن الغارة على اليزيدية فصبح القرية المعروفة باسم (البلد) وغنم وقتل وسبى. ثم تحصن أهلها بثنية من ثنايا سنجار ثنية لا تراهم فعدل عنهم. ثم توجه الوالي إلى الضفير والعنزيين فلما هبط البلدة المعروفة باسم (العين) الواقعة بين حران ونصيبين جاءه رسول من قبل رئيس الجند الذين في ماردين يطلب منه المدد، ولما لم يكن له بد أن يمده هو بنفسه أنقذ إليه أخاه في الرضاعة (احمد بيك) بباقي العسكر ليزحفوا

على الضفير وتوجه هو إلى ديار، بكر فلما وصل إلى قرية يقال لها (ديرك) حاصرها. فخضع أهلها وأدوا ما عليهم من الخراج. ثم توجه منها إلى ماردين ولما أوشك الوصول إليها جاءه اخوة في الرضاعة احمد بيك وقد كسره الضفير وقتلوا من عسكره خلقاً كثيراً فأراد الوزير الكرة على الضفير لكن لم تساعده الأحوال، لان عسكر الأكراد تخلف عنه، ولذا عدل عن مناجزتهم وحاول الرجوع إلى بغداد. فلما وصل الموصل أقام فيها ثلاثة أيام ثم رأى في خلالها أن الأصلح له أن يسرع في الرجوع إلى دار السلام ويبرز منها أوامره وزواجره سياسية للولاية ففعل ونجح لأنه قهر بني عبد الجليل في الموصل عند خروجهم عن الطاعة وان كان خسر في الموقعة واليها احمد باشا. وبعد أن انتشر الأمن في ديار العراق اخذ الوزير بمد أروقة العلم وضرب خيامه، فانشأ في بغداد عدة مدارس، وأعاد بناء ما كان منها دوارس، وشيد المساجد والجوامع، وأجرى على العلماء دافق سيول الوظائف والرواتب، وكافأ أهل الفضل والأدب بما لا يفي وصفه اليراع فكان هذا الوزر أول من أيقظ العلم والمنتمين إليه بعد ذاك السبات العميق ثم جاء بعده بقليل داود باشا فأنهضه النهضة التي خلدت له الأثر المحمود والذكر الطيب. وكان سليمان باشا شاباً متوقد الفؤاد، حسن الشمائل، جليل المناقب، كثير الحسنات والميزات محباً للعدل والقسط، كريماً، عارفاً بأمور الدنيا والدين، وديعاً، مطلعاً أتم الاطلاع على أمور

السياسة لين العريكة، رقيق العواطف دقيق الشعور، محبوباً لدى الكبار والصغار، ألغى بعض الضرائب القديمة وجميع الرسوم التي أقامها الولاة الذين سبقوه ولا وجه حسن لها وكانت قد أضرت بالبلاد وأهلها كالاحتساب وتحصيل الرسم ومباشرة الخدمة وضبط المخلفات وغيرها وابطل القتل إلا ما كان منه بمنزلة القصاص. والخلاصة: اتخذ له أئمة جماعة الحنفيين. ومما أتاه من الحسنات انه أمر أن ينفق على قضاة بغداد من مال خزانته الخاصة وأجرى مثل ذلك على سائر قضاة ديار العراق ونوابها الراجعين إليه. وكانت أرزاقهم في السابق غير معينة تأتيهم من حسنات المسلمين. ومن غرائب ما وقع لهذا الوزير الخطير انه من بعد أن نسخ تلك الرسوم الباهظة والضرائب الرازحة زادت واردات الخزانة أضعاف إضعاف ما كان يدخلها سابقاً وساد الأمن والسلام في جميع البلاد مع انه أزال كل تعذيب من أي نوع كان أن صلباً وان قتلاً. ومع ما كان الرجل العظيم من الأوصاف العجيبة طوحه غروره في مالا تحمده عقباه لأنه اعتزل الناس واخذ يعمل بما يوحيه إليه عنفوان شبابه وإشارة المعجبين به ممن يخاف أن ينبهه على زلله لئلا يفقد حسن التفاته إليه. ولهذا تتابعت عليه المصائب والنوائب حتى لم تبق له مجالاً، وفي النهاية أفضت به إلى عزله. ثم لما تظاهر بالعصيان قتل قبل أن يبلغ السنة الثلاثين من عمره على يد أحد أعراب الدفافعة سنة 1225هـ

مؤسس الصهيونية

(1810 م) فأسف عليه كل من عرفه. مؤسس الصهيونية كثر في هذه الأيام ذكر الصهيونية، واغلب الناس لا يعرفون من أمرهم شيئاً، كم لا يدرون عن مؤسسهم ما يبل صدى تشوقهم إلى الوقوف على دخلة نيته الأولى، وقد كتب بهذا الصدد أحد أدباء الأستانة رسالة إلى جريدة (الاونيفر) الفرنسوية، في عددها الصادر في 16 حزيران 1911، بها يطلع الناس على صاحب هذه العصابة بما هذا معناه: قبل أن تشتهر هذه الجماعة باسم (الصهيونية) كان الترك يسمونها (الدونمة) وهي لفظة تركية معناها: (المهتدون). ثم لما انتشر أمرها في البلاد عرفت باسمها الحقيقي. كان مؤسس هذه الفرقة رجل طوى بساط أيامه في القرن السابع عشر من الميلاد وكان يقول عن نفسه انه (المسيح المنتظر). وكان اسمه (شبطاي) ولد في ازمير سنة 1626م من آب كان قد قدم من إسبانية. ولما ترعرع بانت عليه مخايل الذكاء والنجابة، وكان حسن الصورة وضاء الوجه، ذا عارضة وفصاحة، وكان إذا تكلم جذب إليه الأنظار وحام عليه أطيار الأفكار، وكان همه معاطاة العلوم الخفية المعروفة

بعلوم الجفر، وكان قد أفضى به الأمر إلى انه اقنع عدداً مذكوراً من اليهود بسمو بعثته حتى أيقنوا به كل اليقين. ثم قضى عليه القضاء أن ينتقل من أزمير إلى الأستانة إلى سلانيك إلى حلب إلى القدس الشريف، فزاد بذلك جمع المنضمين إليه. ولما بلغ الأمر إلى هذا الحد من الشهرة ادعى انه متحد اتحاداً سرياً (بالشريعة) فتيسر له أن يتنبأ عن قرب عودة الأسباط الإثني عشر في ديار فلسطين. وبينما كان يوماً في مصر القاهرة، صادف فيها امرأة يهودية بارعة الجمال، غريبة الأطوار، قد اخذ منها الهوس كل مأخذ، وكانت تدعي أنها العروس الموعودة للمسيح المنتظر، ولا حاجة إلى القول (وافق شن طبقه) وما أبطأ أن تزوجها وأتم أسفاره في ديار الشرق، وهو بين إجلال وإذلال، بين رقي وهوى، تارة يعظمه القوم، وطوراً يطردونه من المدن بدون أن يدعوه أن يمضي فيها نهار اليومِ. ومن جملة ما حل به من النوائب انه دخل سنة 1665م الأستانة فعلم بأمره السلطان فاعتقله في قصر ابيدوس، وأذن له بعض الحرية لاسيما أن يقابل تلامذته ويجاذبهم أطراف الكلام. واتفق له أن في ذلك الحين حدث له ما بقي له شهرة حالته أي انتحاله الإسلام لاسيما أن السلطان وعده بالهيل والهيلمان أن اسلم. فظن هذا المسيح الممسوخ انه ألم يلب طلب الباديشاه، يخرج من هذه الدنيا بصفقة المغبون أو بسمة الملعون، فلبى طلب الخاقان واسلم.

أما متبعوه فلما كانوا قد اعجبوا به وبآرائه قالوا: أن لم يكن شيخنا ممن يعلم بحسن مآل أعماله هذه ويجذب المسلمين إليه لما كان يدين بالإسلام، ولهذا يحسن بنا أن نماثله في كل أمر ونتبعه في عمله هذا فتأثروه واسلموا جميعاً عن بكرة أبيهم. فوقع الرجل احسن موقع في عيني السلطان واحله محلاً رفيعاً في قصره، وبقى هناك قائماً يسنن ديانته الجديدة المركبة من اليهودية والإسلامية. ومتمماً شعائرها ومناسكها. غير انه بينما كان ذات يوم يزمر المزامير مع جماعة من قومه بوغت فنفي إلى دلشينيو من أعمال البانية (بلاد الارناؤوط) فمات فيها سنة 1676 في السنة الخمسين من عمره. مات الرجل المحتال وعاشت بعده فرقته متظاهرة بالإسلام مبطنة الموسوية وهي بعيدة عما تتظاهر به بعد الثريا عن الثرى. واليوم تجد أصحاب هذه الفرقة في أدرنه وسلانيك. وترى المسلمين ينظرون إليهم نظر المتحرزين المتحذرين منهم لأنهم بقوا على اعتقاد آبائهم. والحقيقة انهم أصبحوا بدون دين معلوم مترددين بين الشك واليقين. على حد ما يروى عن الغراب في سالف الأحقاب: إن الغراب وكان يمشي مشية ... في ما مضى من سالف الأجيال حسد القطاة ورام يمشي مشيها ... فأصابه ضرب من العقال فاضل مشيته واخطأ مشيها ... فلذاك سموه أبا المرقال لقد رأيت من هم الصهيونيون. وإلى من ينتمون. ولهذا تجد

الحكومة والمنتسبين إليها يخافونهم خوف الرجال من الأسد الرئبال، لأن الصهيونيين أناس ذوو جد وجهد. وسعي وكد وذكاء ودهاء، أوتوا من دقة النظر في الأمور ما يدفعك إلى أن تجعلهم في مصف الطائر المعروف بالقرلي. الذي قيل عنه: إذا رأى خيراً تدلى. وان رأى شراً تولى. ولهم سطوة عظيمة عجيبة على من حواليهم. لما بيدهم من الأصفر الفتان. والأبيض الرنان. ولهذا ترى مجلس المبعوثين من يلفت الأنظار إليهم. خوفاً من دسائسهم ودبيب عقاربهم ومن ذلك اصطلح عليهم المصلحون من أبناء الدولة الصادقي التبعة باسم (الخطر الصهيوني). وممن نبه الأفكار إليهم مبعوثو سورية وفلسطين فأنهم أشاروا إلى نمو اليهود في العراق وديار الشام وازدياد معاهدهم الزراعية والصناعية وحسن نظام مستعمراتهم. ومما قاله مبعوث القدس الشريف: أن في المدينة المقدسة ثمانين ألف يهودي بينما أن المسلمين لا يزيدون على تسعة آلاف نسمة. وقد أيد مبعوث الشام ما قاله رصيفه القدسي وزاد عليه قوله: أن السير هؤلاء الأقوام سير أمة ليس إلا. فأنك تراهم في أيام أعيادهم يركزون رايةً زرقاء مكتوب عليها (صهيون). ومهما يكن من أمر الصهيونية فلا خوف انهم يحشرون يوماً أمةً. وهم مهما فعلوا لا يكونون كذلك في الأرض التي تسكنها أنت. بيد أن الذي يبقى راسخاً في الأذهان هو أن هؤلاء ألا جناب يزاحمون بالمناكب أبناء الوطن ويقاسمونهم خبزتهم فيزداد التنازع عليها ويكثر

سؤال إلى مجلة العلم

الهراش والمراش بخصوصها ولما كان اليهود من اشد الأمم ارتباطاً في ما بينهم وان نأت الديار كان روح التكافل والتعاضد والتضامن قد بلغ منهم ابعد المبلغ. فليكن إذاً مثالهم آية لغيرهم ليكونوا يداً واحدة على من يناوئهم فيفوزوا بالنجاح. لان ربك قريب ممن يعقد نيته على الصلاح. ويبغي لقومه الخير والفلاح. سؤال إلى مجلة العلم في الديمقراطية والأرستقراطية جاء في ص78 من مجلة هذه السنة من (العلم) أن الديمقراطية نظام سياسي اخترعه ديمقراطس الفيلسوف. والأرستقراطية اختراع ارسطو الفيلسوف. والأرسطقراطية من اختراع ارسطو الفيلسوف. وقد فتشنا في ما لدينا من الكتب عن هذا الرأي فلم نقف عليه. فهل عثرت يا رصيفنا على هذا الرأي في أحد الكتب أم وجدت ضالتك هذه نبهاً بعد إمعانك في حقيقة البحث عنها ولا سيما لأنك أعدت مثل هذا الكلام في ص83 من مجلتك المذكورة الزاهرة. أما الذي حفظناه فهو أن الديمقراطية كلمة يونانية منحوتة من ديموس أي شعب وقراطس أي حكومة ومحصلها (حكومة الشعب أو الجمهور) والأرسطقراطية منحوتة من ارسطوس أي وجيه وقراطوس أي حكومة ومحصلها حكومة الوجهاء أو الأعيان. فنرجوك أن تفيدنا أي الوجهين اصح ولك الفضل.

سفرة إلى كربلاء والحلة ونواحيها

سفرة إلى كربلاء والحلة ونواحيها سافرت في شهر نيسان من هذه السنة إلى نواحي كربلا والحلة فوقفت في طريقي على بعض الأمور لا تخلو من فوائد أحببت أن أدونها في لغة العرب لكي يطلع عليها من لم يعرف هذه النواحي من عراقنا فأقول: قبل نحو عشرين سنة كان السفر إلى الحلة من الأمور الشاقة لما يتكلف المسافر من تحميل الأثقال وركوب البغال وإعداد الزاد واتخاذ المبذرقة لتخفره في الطريق من الأعراب المبثوثة في بوادي هذه الأرجاء أما اليوم فتوثير الطريق الواصل بغداد بالحلة وتمهيده آثار في أهل الوطن الغيرة على خير العموم فانشئوا شركات عجلات متعددة سهلت اعظم التسهيل قطع هذه السهول والحزون بدون أن يحصل ما يكدر صفو رحلتهم. اللهم إلا في النادر. والنادر لا يقاس عليه. ركبت إحدى هذه العجلات مع بعض الأصدقاء وذلك صباحاً في الساعة الحادية عشرة وربع ووصلنا (جسر الخر) نحو الساعة

الثانية عشرة إلا ربع الساعة فعبرناه على ظهر العجلات بسهولة عظيمة ولم نفعل كما يفعله ركاب العجلات التي تجري على جسر دجلة في بغداد فان من يريد العبور على جسر بغداد المؤلف من القوارب على الصورة القديمة المعروفة في عهد العباسيين والمبني كان من الخشب، عليه قبل كل شيء أن ينزل عن مركبته ويفرغها من كل ما فيها. ثم يدعو الحوذي أو السائق جماعة من أصحابه ليجروا العجلة جراً بكل رفقٍ بدلاً من الدواب فإذا أنزلوها إلى الجسر دفعوها بكل تحرز عليه خوفاً من أن تنكسر مما تصطدم به من العواثير المتوفرة على ظهر الجسر، وإذا قرب إخراجها من الجسر اجتمع الناس جماعات ليدفعوها إلى حيث يكون الخروج بسلامةٍ. وقد لا يكون الأمر كما توهموه. وأما جسر الخر فهو جسر من حديد مده الفرنسيون قبل 14 سنة فنجحوا ولم يصبه مصيبة إلى يومنا هذا، مع وقع من طغيان دجلة واشتداد جريان ما الخر وازدحام العجلات عليه وكثرة الأثقال التي تجر فوقه. هذا فضلا عن الواردات التي تأتيه. وقد سد مشتراه مرارا عديدة، فقلنا في نفسنا: ليت الحكومة تسعى إلى مد جسر من

حديد على دجلة وتحقق هذه الأمنية إلى حيز الوجود تلك الأمنية التي في صدور الكبار والصغار منذ سنوات كثار. ونحو الساعة الثانية صباحاً وصلنا إلى (المحمودية) فنزلناه لنستريح فيها. وهي قرية فيها منتديات لشرب القهوة وسوق وخان وعدة دور. ويجد فيها المسافر كل ما يحتاج إليه من طعام ومأوى. والظاهر أن هذه القرية حديثة البناء في هذه البقعة من الأرض لأني لم أر لها ذكرا في كتب التاريخ والبلدان التي بحث عن هذه الأرجاء. قمنا من المحمودية نحو الساعة الثالثة ألا ثلثاً فمررنا بعد قليل على (خان زاد) كذا يلفظ العوام هذا الاسم. والأصح (خان زاد) وهو خان قديم يرتقي بناؤه إلى عدة قرون فلما تهدم في أوائل القرن الحادي عشر للهجرة (أوائل القرن السابع للميلاد) أصبح مخبأ للصوص وقطاع الطرق فأعاد بناءه عمر باشا سنة 1089هـ (1678م) وأقام فيه حامية تحمى الحجاج والزوار والمسافرين من أهل العيث والفساد. بيد انه لم يمض نصف قرن على تجديده إلا وعاد اللصوص العماريط إلى هدمه وسكنه. ونحو الساعة الرابعة ونصف وصلنا إلى (الإسكندرية) وهي اليوم قرية خاملة الذكر فيها عدة قهوات وخان وبساتين ومقبرة وعدة

دور. لكننا لم نقف فيها بل سرنا قليلاً ووقفت العجلات في مقبرة الشيخ هرواي (الشيخ الهروي) في الساعة الخامسة إلا ربعاً. وأما الإسكندرية فكانت في سابق العهد مدينة كبيرة بناها الاسكندر ذو القرنين. وهي التي يسميها المؤرخون إسكندرية بابل. وقد بنى الملك المذكور إسكندرية ثانية في العراق على شط دجلة بازاء الجامدة قرب واسط بينهما خمسة عشر فرسخاً. وهي التي تسمى إسكندرية العراق. ثم أتممنا المسير إلى نحو الساعة السابعة فهبطنا (المسيب) (بضم الميم وتشديد الياء المفتوحة) فنزلنا من العجلات وعبرنا الجسر وهذه القرية مبنية على ضفتي الفرات فيها مساكن كثيرة وجامع فيه منارة ثم محجر صحي ودار برق (تلغرافخانة) إلى غير ذلك. وسميت هذه البليدة باسم المسيب بن نجبة الفزاري وكان من أصحاب علي بن أبى طالب وخيارهم (راجع تاريخ الطبري 497: 2 و 551) وكان قد قتل يوم الجمعة لخمس بقينا من جمادي الأولى سنة 65هـ (6 كانون الثاني 685م) في وقعة عين الورد. ولكن لا نظن انه دفن في هذا الموطن وإنما نبني له فيه مزار فسمى باسك المزار. وفي المسيب حركة عظيمة لما يختلف إليها من الناس إذ يرى فيها

باب التقريط

كل سنة اكثر من مائتي ألف زائر يأتونها من جميع البلاد عن طريق بغداد ليذهبوا إلى كربلاء. إما عدد سكانها المقيمين فيها فيقدر بستة الآلاف نسمة. وكان في نية مدحت باشا أن يجعل ممر السكة الحديدية في المسيب على جسر يركب الفرات. برحنا المسيب في الساعة السابعة وعشر دقائق ونحو الساعة الحادية عشرة وصلنا إلى (الإمام عون بن عبد الله بن جعفر الطيار) وهو الذي قال عنه في أسد الغابة هو عون بن جعفر بن أبى طالب بن عبد المطلب القرشي الهاشمي والده جعفر ذو الجناحين ولم يقل: عون بن عبد الله وإنما عبد الله هو أخوه على أن الذي نقلناه هو ما سمعناه. وهناك ضريح يقال انه ضريحه تظلله قبة معقودة من الحجر القاشاني فوقفنا هنيهة لنريح دوابنا ثم أسرعنا في السير إلى نحو الساعة الواحدة وكنا نمر ببساتين كربلاء فاجتازت عجلاتنا تلك الخمائل إلى أن انتهينا إلى المدينة. الباقي للآتي عمانوئيل فتح الله عمانوئيل مضبوط باب التقريط كتاب الإرشاد لمن أنكر المبدأ والنبوة والمعاد طبع بمطبعة الآداب في بغداد، تأليف واعظ زاده أبى إسماعيل السيد مصطفى نوري الحسيني الحنفي مبعوث بغداد. عدد صفحاته 93

باب المشارفة

ويليه زهر الربى في حرمة الربى. له أيضاً، من ص94 إلى 102 ويعقبه: المطالب المنفية في الذب عن الإمام أبى حنيفة في 24 صفحة له أيضاً ويتلوه: خلاصة المقال فيشد الرحال في 18ص. له أيضاً. ويختم الكتاب 6 صفحات (فقط) لتصحيح الأغلاط الواردة فيه. وهو كتاب جدل ودفاع وذب يفيد جماعة من أنكر من المسلمين، بعض الحقائق المدونة في أسفار الأيمة والدين، عسى تكون براهينه مقنعة لمن أنكرها. وهادية إياهم إلى سواء الصراط المستقيم. باب المشارفة مجلة الآثار مجلة عامة الأبحاث تصدر في رحلة في نصف كل شهر وهي اليوم شهرية موقتاً. وتطبع في دمشق. لمنشئها ومديرها المسؤول الكاتب الشهير صديقنا ورصيفنا عيسى أفندي أسكندر المعلوف اللبناني. بدل اشتراكها في البلاد العثمانية 6 فرنكات ونصف. وفي الديار الخارجية 10 فرنكات. برز عددها الأول في تموز من هذه السنة. فألفيناه حسن السبك والإنشاء مختلف المواضيع غزيرها. لكنه لا يخلو من مغامر: منها: خلو مباحثه من انتبويب أو من نظام متسق متبع كما هو الأمر في مجلات هذا العصر. ومنها: أن نقل أبيات السلطان احمد بن محمد (ص11) لا يستحب في مجلة تتناولها أيدي الكبار والصغار، لا سيما منشدها رجل والمقولة فيه من الشبان، الأمر الذي تأباه آداب هذا العصر.

تاريخ وقائع العراق وما جاوره

ومنها: أن في بعض العناوين شيئاً من التكلف كورود (مخطات العقول) ويراد بها (الآثار الأدبية) أو (المطبوعات الحديثة). نعم أن التأليف هي بمنزلة المحنطات، لبقائها على حالها بقاء المحنطات وان تراخت عليها أستار الاعصار، لكن ما ضر الرصيف لو قال مثلاً (مخلدات الكتاب) أو (مآثر العقول) أو (الآثار الأدبية) أو نحو ذلك، وبالأخص لان البلى قد يدب إلى المحنطات ولو بعد حين، لكنه لا يدب إلى المخلدات أو المآثر الأدبية أو العقلية. ومنها: انه سمي (باب الأخبار السياسية) متحف الأخبار. ليس لهذه اللفظة وجه لغوي فصيح صحيح. اللهم ألا أن يقال فيها (متحفة أو دار تحف أو خزانة تحف) أو ما أشبه ذلك (راجع المشرق 343: 10 - 344). ولم لا ينحو صديقنا سهولة اللفظ وسلاسته مع الفصاحة والبلاغة وهو من مشاهير كتاب هذا العصر ومقدميه. وعليه: فما ضره لو قال (باب الأخبار السياسية). على أن هذا كله لا يحط شيئاً من منزلة المجلة. ولا من مقام منشئها الرفيع. حفظه الله. وانجح مسعاه. خدمة للغة والعلم ولكل من ينتمي أليهما. تاريخ وقائع العراق وما جاوره (سعدون باشا والمنتفق) لا حديث اليوم في العراق إلا ما يدور قطبه على سعدون باشا والمنتفق على سعدون وإرساله إلى بغداد وسجنه

في قلعة المدفعية ثم أنفاده إلى حلب الشهباء. أما سبب هذا الانقلاب فطويل الشؤون، كثير الشجون، نورد مضامينه ملخصيه عن عدة أعداد صحف بغداد ولا سيما عن جريدة الزهور الغراء، فنقول: إن أعراب العراق من اشد الناس دهاء وذكاء وهي تميل من ذاتها إلى الفتك والغزو والحرب وان لم تحتج إلى ما يقوم بها عيشها. وإنما تفعل هذه الأفعال ظناً منها أنها من علامات البسالة والشجاعة والأقدام على الأمور الجسام. على أنها تسكن وتستكين إذا رأت من الحكومة ما تكبح به جماحها. والعكس بالعكس. ولما أسفر وجه الدستور عن حسنه البديع ظن بعض الرعاع أن الحرية هي الاندفاع إلى المعاصي والمنكرات وإتيان كل محظور، ومن جملة من شق عصا الطاعة العشائر المنبثة على ضفتي الفرات وفي سقيه حتى انقطعت حبال المواصلات بين (القرنة) إلى (الناصرية) ومنها إلى (السماوة) وكل ذلك في شهر ربيع الثاني من هذه السنة (نيسان 1911) فلما رأى آل سعدون عبث العشائر في تلك الديار تركت أملاكها وعبرت إلى جهة الشامية للتخلص من بغي تلك الأقوام الطاغية. ولما شاع مجيء ناظم باشا إلى بغداد وانه قد قدم لإصلاحه وترقية شؤونه طار فرحا السعدونيون واظهروا من السرور ما لم يخف على أحد. فسبب هذا الفرح ما آثار في صدور أولئك الناس اشد الحقد عليهم، وجزموا بان السعدون يكونون عوناً ويداً للحكومة. ومنذ

ذاك اليوم اخذوا ينظرون إليهم نظرهم إلى أعدائهم أو إلى كابحي جماحهم. وكانت عشيرة الضفير موالية لآل سعدون ومحبة له غاية المحبة حتى أنها كانت تود أن تفديه بحياتها. ثم انقلبت الأمور ظهراً لبطن وإذا بالضفير قد أصبحت من اشد أصبحت من اشد الناس عدواة له. والسبب على أثبته الرواة هو انه لما كان سعدون باشا في شهر محرم (كانون الثاني 1911) نزيل (الروضة) ومعه جميع عشائر الموالية له دبت عقارب الفتنة إليه وإلى الضفير فوقع الخلاف بين الفريقين وللحال انفصلت الضفير إليه وغادرته إلى مكان قصي فحاول سعدون باشا إلى إعادة المياه إلى مجاريها فلم يفلح وأظهرت العشيرة أعذاراً هي أو هي من بيت العنكبوت. فبعث إليها رسولاً ابنه (ثامر بك) مرة ثانية وقال له: أن لم تجبك اخفرها جرياً على سنن الأعراب وأمرائهم) (والخفر عندهم أن يأخذ الأمير الكبير من العشيرة العاصية بعضاً من ابلها بموجب الجرم الذي ركبت متنه تأديباً لها). فذهب الولد ووافى (ابن حويط) رئيس عشيرة الضفير وبلغه رسالة أبيه. فلم يعبأ ابن حويط بقوله، فأراد ثامر الخفر فمنعه الحاضرون عن مد يده بما سمع من إطلاق الرصاص، وعلى هذا الوجه رجع ثامر بك بما رجع به حنين بعد أن قتل رجل من رجاله وامرأة ضفيرية. وفي تلك الأثناء اخذ بعض محبي السلم الوسائل لإصلاح ذات البين بين سعدون وشيخ الكويت فرحب بها سعدون بدون شرط وعاد

أدراجه إلى دياره ومعه الضفير وفي القلوب من الذخل والغيظ والموجدة مالا يخفى على أحدٍ حتى بلغ صداه إلى ابن الرشيد لنصرته على الضفير لاسيما لأنها اعتدت عليه بتعرضها لقوافله سابقاً أخذها منه عدداً من الإبل وكان قد امتنع من التنكيل بها محبة لسعدون صديقه. فلما أحس ابن حويط بقدوم ابن الرشيد وانه يكون ظهر السعدون شعر بحرج الموقف ولهذا أسرع في الذهاب أمامه واستقباله ولما تلاقيا طلب ابن حويط من ابن الرشيد العفو والصفح فعفا عنه، ثم طلب إليه أن يتوسط بينه وبين سعدون لعقد عرى الصلح بينهما، فلبى طلبه، فسار للحال ابن سبهان ومعه شيوخ الضفير إلى سعدون باشا وأقنعوه بقبول الصلح فلم يقبل إلا بعد اللتيا والتي وبشرط أن تدفع الضفير خفر 300 بعير و70 جواداً. فقبلت ودفعت إلى سعدون ما طلبه أعطى هذا من هذا الخفر 70 بعيراً و15 فرساً هدية لابن الرشيد. وهنا روايتان: الرواية الأولى هي أن ابن الرشيد فرقها على عشائره التي كانت الضفير قد أخذت جمالها سابقاً. والثانية: انه وهبها للضفير. وبعد هذا الوفاق رجع كل منهم إلى قومه. وأما ابن الرشيد فانه من بعد أن أقام بين ظهرانيهم يومين بعد الوفاق ظعن عن ديارهم. على أن الدسائس لازالت تجري أفاعيها تحت ظواهر الصلح حتى ابتعد ابن الرشيد فقامت الضفير على سعدون حتى خذلته وليس من العجب أن يخذل سعدون لأنه لم يكن مستعداً لمثل هذه الخيانة وانجلت الموقعة عن قتل في الفريقين وممن عرف عن القتلى ثلاثة من السعدون وثلاثة

من شيوخ الضفير. وكانت هذه الوقعة في 22 ربيع الأول من هذه السنة (24 آذار سنة 1911) في موضع اسمه (الحسينية قرب (شقراء) التي فيها قصر سعدون باشا. فلما بلغت الأمور هذا المبلغ كتب محمد العصيمي من أعيان الزبير كتاباً إلى سعدون بتاريخ آخر ربيع الثاني (أواخر نيسان) يقول له فيه أن يرسل يوسف بك ابن أخيه إلى أنحاء الزبير لينضم إلى عشيرة بني مالك ويقطع الطريق عن قوافل الضفير التي آذنت لها الحكومة أن تأتي إلى الزبير. فأجاب طلبه السعدون وذهب يوسف بك حتى وصل إلى مسافة ميل من بلدة الزبير فاخذ من العشيرة المعادية ثمانية بعران ولما رأى أن لا قبل له بإتمام ما بدأ به لمقاومة الضفير له لجأ إلى قصر خالد العون في (الشعبية) إحدى ضواحي الزبير الذي اتخذه العصيمي مقاماً له. ثم كتب محمد العصيمي ليوسف بك أن يرغم العشيرة ويسلبها وينهها انتقاماً من الزبيريين (الذين استقبحوا عمل العصيمي) فحاصرها يوسف بك في 2 جمادي الأولى (1 أيار) حتى انقطعت السبل بين البصرة والزبير وغلت الأطعمة غلاء فاحشا وخاف الناس على أنفسهم إلى أن من الله بالفرج على عباده. ولم تنتبه الأمور إلى هذا الحد بل آلت إلى صورة أشنع وافظع: زار تسعة من شيوخ البدور في عيد الأضحى من هذه السنة عجيمي بك ابن سعدون باشا ولعلهم فعلوا ذلك حباً بالسلام والرجوع إلى الاتفاق

والوئام، لاسيما وان عجيمي المذكور أمنهم على أنفسهم وعاهدهم العهود الوثيقة أن لا يؤذيهم، ثم بعد ذلك غدر بهم كما غدروا هم بابيه فقتل سبعة منهم وفدى اثنان نفسيهما بمال طائل فافلتا. ولما سمعت العشائر بهذه الخيانة التي لم تكن ألا بآمر من سعدون باشا هاجت وماجت والت على نفسها أن تنتقم من سعدون مهما كلفها من المال والرجال وخلعت طاعته ولم يبق من العشائر الموالية له سوى الضفير وهذه أيضاً لم تبق على حبها له لأنه غزا عنزة مع الضفير ومع بعض عشائر السماوة وكانوا له بمقام الخدم والعبيد منقادين لجميع أوامره وزواجره وما كان يكرم أحداً منهم غير رؤسائهم فانه كان يكسوهم ثياباً في السنة مرة لا غير وبعد انتصاره نوى أن يحرم عشائر السماوة من الغنيمة. فأنكر الضفير عليه هذا العمل، ومن ثم تحكمت النفرة بين سعدون باشا وبين العشيرة المذكورة وأصبح سعدون وحيداً شريداً طريداً، لا يرق عليه قلب، ولا يعطف عليه عاطف. ولما كان بقاء سعدون باشا في مقامه مما يزعج الخواطر ويقلقها ويديم الاضطراب في أرجاء المنتفق، كتب رؤساء العشائر رسالة ونفذوها إلى ولايتي البصرة وبغداد وقد ذيلها أربعة عشر رئيساً باسمائهم، وهذا بعض ما فيها نقلاً عن جريدة مصباح الشرق في عددها 47 بدون إصلاح عبارتها المغلوطة: من المعلوم أن الدور البائد باستبداد حمولة آل سعدون على لواء المنتفقك

كانت حياة عموم الرعية مستغرقة، ولما تحقق لدى الحكومة جهزت جنداً كافياً فأخرجتهم إلى جهة الشامية وبقوا مدة سنين فاستراحت الأهالي وكسبت الأمنية وكانت الأميرية تعطى من قبل الأهالي. أما من مدة ثمان سنين، فبواسطة أهل الغرض عبر سعدون من الشامية إلى جزيرة الغراف وذلك في زمان ولاية مصطفى نوري باشا، واخذ العهود عليهم لإحياء مشيخة آبائه وأجداده، والذي يمتنع ينهب ماله ويسفك دمه فصارت السلطة عليهم ولما تمكن هجم على قضاء الشطرة وقتل رهطاً من الجند وضايقها، حتى اضطر الأهالي إلى دفع الأموال لخلاصهم من القتل، ثم ارتحل وهجم على قضاء السوق ونهب واحرق، ولما تحققت معاملته لدى الحكومة ساقت الجند مع الفريق محمد باشا بعد أن استغاث اللواء وعشائره، ففر إلى الكويت ثم عاد بواسطة العفو وشيد قلعة المائعة ووضع فيها ما تمكن من الذخيرة، ثم تسلط على العشائر واخذ يجلب رؤساءهم والذي لم يوافقه يقتله، وهكذا استمرت أفعاله والحكومة كانت تراها ولم تعاقبه لإطماعها فيه، إلى زمن الوالي السابق مخلص باشا فساق عليه الجند وأمر بقلع المائعة، ولما انفصل من وظيفته رجع واستمر على جوره، حتى بزغ الدستور وتلطف الباري علينا بالعدل فما لبث أن عاد لحانته الأولى أيضاً وجرى ما جرى منه من سفك الدماء وقتل الأنفس. ونظراً لما شاهدته العشائر من انتصار حكومة المركز أخيراً، وإعطاء القوة إلى سعدون وولده صاروا مأيوسين ومحاذرين من تسلط سعدون وولده، لعلمهم بمعاملاته السابقة من قتل النفوس والفعل الشنيع الذي

صدر من عجيمي فوقعت مناوشة خفيفة بين عشائر والبدور والجند، وعند دخوله إلى اللواء صارت مصادمة بنفس اللواء حتى تلفت جملة نفوس واحترقت جملة بيوت وانتهبت، وترك الناس يقتلون بعضهم بعضاً فلم يصلحوا ذات بينهم ولا اخرجوا سعدون من قلعة المائعة وقد كان ذلك غاية ما تطلبه البدور من الحكومة، وقد سحبوا تلغرافات إلى المقامات العالية شارحين الحال طالبين إخراجه من المائعة ووضع مفرزة فيها من العساكر المظفرة لإصلاح الطرق قيها والأمنية منتظرين الجواب. فإذا لم يصدر الأمر بإجراء الإيجاب على النظام تتحد عشائر البدور مع الضفير والشيخ مبارك الصباح وتتصل قبائل لواء المنتفك في معيته والي الآن ما حصلت النتيجة ولا صدر أمر بإجرائها. أما الضفير فقد ثم اتفاقهم مع الشيخ مبارك الصباح وأما عشائره البدور وقبائل لواء المنتفك ففي المخابرة والمذاكرة وإذا بقى هذا الحال ولم يصدر أمر بإجلاء سعدون وقلع المائعة لقطع دابر الفساد وإصلاح الحال ووضع مفرزة من الحكومة إلى إصلاح أحوال العراق وحقن دماء المسلمين وتخليصهم من يد سعدون وأولاده وتعيين مأمورين إلى اللواء خالين من الغرض محافظين حقوق الدولة والملة فيسعون إلى إصلاح هذه المفاسد قبل أن تكون ولاية البصرة مسرحاً للأجانب. اهـ ولما تريثت الحكومة في إصدار أمرها تحالفت العشائر على مناهضة

سعدون وضبطت قلعة صغيرة قتل في أثناء أخذها اثنان من رؤساء المنتفق فطلب حينئذٍ سعدون من الحكومة إرسال الطعام إلى أهل بيته بواسطة البواخر ففعلت وأرسلت معها العساكر، فلما علمت العشائر بذلك أمطرت الرصاص على المركب وعلى من فيها فقابلها الجند بالمثل ذهاباً وإياباً ودام إطلاق البنادق من الجانبين اكثر من 12 ساعة. وبعد أن تحققت العشائر وجود سعدون في اللواء حاصرته اشد الحصار لا كراهه على الخروج من تلك الديار فخرج بعد حصار دام يومين وليلتين وبخروجه انتهى الحصار. أما العشائر التي ناوأته في تلك الواقعة فكانت البدور والغزي والحسينات والبوعظم والعساكرة. بعد أن أهين سعدون هذه الإهانة وتثبت أن كل هذه البلايا التي نزلت به كانت بسبب الضفير إلى على نفسه أن يطاردها ولو بذل دمه في سبيل تحقيق أمنيته فما زال وراءها حتى أتى الزبير فسمع هناك بقدوم صديقه الحميم السيد طالب باشا مبعوث البصرة إلى المدينة عائداً من الآستانة فاحب مواجهته وكتب إليه رسالة ليعرف منه إذا كان هناك مانع يحول دون زيارته فأجابه المبعوث أن لا مانع من دخوله البصرة. فذهب ولما وصل إلى البصرة نزل به ضيفاً. وحالما علة والي ولاية البصرة بدخول سعدون باشا المدينة أنبأ بلسان البرق لجنة التحقيق والأجراء بموافاة الشيخ المذكور فورد الجواب بالقبض عليه وإرساله إلى بغداد مخفوراً. فأرسل إليه آمر المبدرقة (أي قومندان الجاندرمة) وقت القيلولة وطلب إليه أن يواجه والي الولاية، فلبى الطلب مسرعاً

فلما وصل دار الحكومة قيل له أن الوالي في العشار (محلة من محلات البصرة واقعة على شط العرب) فركب العجلة، ولما وصل الحي المذكور قيل له انه في المركب وما كادت أقدامه تطأ باخرة (مسعودي) إلا وشعر بأنه محاط بالخفر وانه ينقل إلى بغداد فوصلها في 27 تموز وانزل في دار خاصة به عينتها له الحكومة وجعلت له خدماً على نفقته ثم في 3 آب نقل إلى قلعة المدفعية الواقعة على دجلة. وفي ليل 20 آب سافر إلى حلب الشهباء عن طريق الموصل لمحاكمته هناك والله اعلم بمصير الأمور. أما أعراب المنتفق فقد أخلدت إلى السكون والراحة ريثما تجد لها ما يثير غضبها وفق الله الجميع إلا ما به خير العباد ونفع البلاد. في المدينة بضع إصابات بالهيضة أما الوفيات فتكاد لا تكون شيئاً مذكوراً. إلا أن هذا العرض يفتك في المحمرة والوفيات فيها من 25 إلى 30 في اليوم مع أن المدينة قليلة السكان. قدم إلى بغداد واليها الجديد احمد جمال بك نهار السبت 26 آب وقرء الفرمان نهار الأربعاء 30 آب.

العدد 4

العدد 4 البريم أو عبادان الحديثة 1 - تمهيد في الجهة الشرقية من البصرة الفيحاء، موطنان شهيران اسمهما اسما مدينتين قديمتين كانتا في سابق العهد بعيدتي السمعة وهما: عبادان (وزان شداد بالتثنية والرفع) وقبان (كشداد). وكانتا قبل 50 سنة داخلتين في أقصى حدود البصرة، ومعدودتين من أواخر السواد جنوباً، أو من ذنائب العراق، وهما اليوم في ملك دولة إيران، أو أن شئت مزيد التدقيق فقل: عما اليوم من أراضي الشيخ خزعل، أمير المحمرة، والمحمرة هي قاعدة إماراته.

وليس كلامنا هذا هو جواد قلمنا في ميدان البحث عن الأولى، لمونها أشهر من أختها في التاريخ والموقع. ونبقى الكلام عن اختنا إلى وقت الحاجة. وقد سمينا عبادان مدينة وان كان لا يحق لنا نطلق عليها مثل هذا اللفظ، لان ليس هناك ما يصدق فيه أن يسمي بهذا الاسم، وإنما دعوناها كذلك اتباعاً للفظ القديم، وجرياً على العادة، ولأنها الآن آخذة بالعودة إلى سابق عزها وعمرانها، وسوف تسمع بعد بضع ساعات بطائر شهرتها بعد أن تكمل عمارتها حتى تكسف شمس شهرتها بدر شهرة البصرة وبغداد، بل وشهرة جميع ديار العراق. وسوف يؤمها ويقصدها كبار الناس وسراتهم وأصحاب الثروة الطائلة، حتى تصبح من المدن الجليلة التي لا يمكنك أن تعارض بها بعد ذلك إلا من مدن ديار الإفرنج بل ومدنها الكبار، وحواضرها الواسعة الكثيرة السكان. وان سألتني عن سبب هذا التفاؤل الغريب وعن صدق هذا النبأ، أقول: أن شركة إنكليزية كبيرة راس المال واسمها - تهتم باستخراج الزيت الحجري، (وهو النفط المعروف عند الإفرنج باسم البترول) وقد ضمنت الأراضي التي ينبع فيها هذا السائل الجزيل الفائدة والعائدة لمدة سبعين سنة، واسم الأرض اليوم رامز (واسمها القديم رامهز أو رامهرمز اردشير) وهي

تشمل عدة مدن وقرى وهاك أسماء بعضها: مسجد سليمان، وميدان النفط، والناصرية (التي في فارس لا التي على الفرات) شيرين، ودار الخزينة وغيرها. وقد وجدت اليوم الشركة المذكورة بتعمير هذه المدينة على طرز لندن، حتى أن كثيرين من الإنكليز والوطنيين اخذوا يسمونها (لندن الصغيرة) وهي تسرع في بنائها وأي سرعة، حتى أنها بنت في ثلاث سنوات ما لا يبنيه أهل هذه الديار الشرقية إلا في 15 أو 20 سنة. هذا فضلا عن انه لا يكون إلا دونه أحكاماً ونظاماً وهندسةً وصبرا على الزمان. والغريب في هذه المدينة الحديثة أن تخطيطها لم يرسم في الوطن عينة أو بعد النظر إلى مواقع المدينة، بل إنما خط في غلاسو، فيعمل بموجبه الرازة والمهندسون، ولا يندون عن الرسم قدر شعرة أو ذرة. وجميع ما يأتيهم من بلادهم من أدوات ومواد مصنوعة ومهيئات يردهم على القدر المقدر في الرسم، فلا يعاني الرازة عناءً مذكوراً في إنزاله في محله كما انك لا تتكلف مشقة في إرجاع المفرغ في قالبه. وعبادان واقعة على شط العرب، ومراكب البحر تصل إليها وتقف في مرساها الجديد الذي بناه الإنكليز أهل الشركة المذكورة.

وقد تمت أشغاله في آخر يوم من تموز، ووقف فيه لأول مرة مركب (اناطوليا) في 29 تموز من هذه السنة 1911. ويبعد عن غربي عبادان بخمس دقائق أرض خالية اسمها بريم (مصغرة. ويلفظها العوام بإسكان الأول)، وهي تكاد تكون متصلة بعبادان لقربها منها. ولا بد من أن تضم إليها يوماً فيجتمع من المدينتين بلدة كبيرة من أكبر مدن العراق. 2 - معنى عبادان وبريم قال ياقوت الحموي في معجمه: قال البلاذري: كانت عبادان قطيعة لحمران بن أبان، مولى عثمان بن عفان رضه، قطيعة من عبد الملك بن مروان، وبعضها فيما يقال: من زياد. وكان حمران من سبى عين التمر، يدعي انه من النمر بن قاسط. فقال الحجاج يوماً وعنده عباد بن حصين الحبطي: ما يقول حمران، لئن انتمي إلى العرب، ولم يقل انه مولى لعثمان: لأضربن عنقه فخرج عباد من عند الحجاج مبادراً، فاخبر حمران بقوله: فوهب له غربي النهر وحبس الشرقي فنسب إلى عباد بن الحصين. وقال ابن الكلبي: أول من رابط بعبادان عباد بن الحصين) اهـ وقال غيرهما: بل سميت عبادان نسبة إلى العباد الذين كانوا منقطعين فيها. قلنا: هذا غير صحيح: أولاً، لان عين عبادان مفتوحة لا مضمونة. ثانياً، لان الألف والنون اللاحقتين بآخر (عباد) هما

من قبيل ياء النسبة عند أهل البصرة وهي لغة خاصة بهم جارية على ألسنتهم إلى يومنا هذا. إلا أن هذا الإلحاق النسبي الغريب خاص بالأعلام لا غير. فتسمعهم يقولون إلى اليوم يوسفان وسعيدان ومهيجران في النسبة إلى يوسف وسعيد ومهيجر، ولا يقولون غير ذلك. قال ياقوت: أما إلحاق الألف والنون فهو لغة مستعملة في البصرة ونواحيها، انهم إذا سموا موضعاً أو نسبوه إلى رجل أو صفة يزيدون في آخره ألفاً ونوناً كقولهم في قرية عندهم منسوبة إلى زياد بن أبيه: زيادان، وأخرى إلى عبد الله: عبد الليان، وأخرى إلى بلال بن أبي بردة: بلالان. قال: وهذا الموضع فيه قوم مقيمون للعبادة والانقطاع، وكانوا قديماً في وجه ثغر سمي الموضع بذلك. والله اعلم. وأما البريم فسميت كذلك لكثرة ما كان فيها في سابق العهد من البريم (مصغرة، وهو ضرب من التمر حسن للغاية أصفر اللون مدور الشكل عذب الحلاوة. وهو الذي كان يسميه الأقدمون من فصحاء العرب: البرني نسبةٍ إلى برن بالفتح والإسكان. وهي قرية في البحرين نسب إليها التمر البرني. (عم معجم البكرى) فلما صغروا البرني قالوا: البريني ثم حذفوا ياء النسب للتخفيف وللشهرة، وقلبوا النون ميماً. كما قلبوها في كثير الألفاظ. 3 - موقع عبادان وبريم وذكر أهلهما. قال ياقوت: (موقعها) تحت البصرة قرب البحر الملح، فان دجلة إذا قاربت البحر انفرقت فرقتين عند قرية تسمى المحرزي.

ففرقة يركب فيها إلى ناحية البحرين نحو بر العرب وهي اليمنى، فأما اليسرى فيركب فيها إلى سيراف وجنابة فارس، فهي مثلثة الشكل، وعبادان في هذه الجزيرة التي بين النهرين، فيها مشاهد ورباطات، وهي موضع رديء سبخ لا خير فيه. وماؤه ملح، فيه قوم منقطعون عليهم وقف في تلك الجزيرة، يعطون بعضه، واكثر موادهم من النذور، وفيه مشهد لعلى بن أبي طالب رضه وغير ذلك، واكثر أكلهم السمك الذي يصيدونه من البحر ويقصدهم المجاورون في المواسم للزيارة، ويروى في فضائلها أحاديث غير ثابتةٍ. اهـ كلامه وقد قال صاحب دائرة المعارف: وليس لعبادان (اليوم) من اثر باقٍ. فان مياه شط العرب تجري الآن إلى خليج فارس من مصب واحدٍ وليس هنالك جزيرة على ما وصفوا فقد أكلتها المياه (كذا) اهـ. قلنا: وقد وهم صاحب الدائرة لان البحر يجزر هناك ولا يتقدم أو يمد. ومن ثم لم يأكل شيئاً، وإنما غاضت تلك المياه ونشفت فانحسرت أرضها. وعبادان واقعة اليوم على شط العرب على عدوته اليسرى ويحيط بها من الشرق عدة انهر لا سيما نهر بهشمير وحولها مستنقعات كثيرة تنشف مياهها في أيام الصيف. وهي تبعد اليوم عن البحر قراب 20 كيلومتراً. ولكونها محاطة بالمياه يصدق عليها لقب الجزيرة إلى الآن. وبريم تبعد عن عبادان زهاء خمس دقائق أو اكثر بقليل. وفيها الآن آثار أبنية قديمة يقال أنها آثار حصن بناه في سابق العهد عبد

لهرون الرشيد اسمه غصيب سكن في الموضع المعروف اليوم بالبريم فعمر ذلك القصر. وارض عبادان اليوم مع أرض البريم خصبة جداً وهواؤهما على احسن ما يرام. والماء عذب فرات. وليس في هذين الموضعين وبالة كما في أرض البصرة وجوارها. 4 - مذهب أهل عبادان قال السيد إبراهيم فصيح الحيدري في عنوان المجد (وهو كتاب خط): (كان أهل عبادان كلهم مع نواحي المحمرة في القديم على مذهب الإمام الشافعي رضه كالبصرة ونواحها، ثم تشيع جميع أهل عبادان ونواحي المحمرة في القديم كلهم، وما بقي منهم أحد من أهل السنة والجماعة سوى بعض الأفراد من الدوق من عشيرة كعب.) اهـ 5 - وجود قرى كثيرة في جوار عبادان كان يقال سابقاً: (ليس وراء عبادان قرية) قال المجد في شرحه لكلمة عبادان: (عبادان جزيرة أحاط بها شعبتا دجلة ساكبتين في بحر فارس) اهـ. وأما اليوم فوراء عبادان قرى عديدة. ويطوف بها من جهة الشرق نهر بهمشير الحاجز بينها وبن المحمرة إلى أن ينتهي إلى البحر الفارسي أو خليج فارس. فعبادان هذه واقعة على جهة النهر المذكور الغربية وعلى جهته الشرقية ترى قبان، وشاطئ نهر بهمشير المقابل لراس

جزيرة عبادان من جهة الشمال يسمى المحمرة وهي غير المحمرة المشهور الآن بهذا الاسم. اهـ قال السيد إبراهيم الحيدري المذكور: (مما يدخل في جانب جزيرة عبادان من الجهة الغربية (من القرى التي هي) من أملاك الدولة العلية قديماً: (أما الجريدية، والحدة، (بتشديد الدال)، ونهر الشيخ وحوش العامر، وجزيرة المحلة، والشطيط، والبريم، والبويرة (هذه الثلاث تلفظ مصغرات) والمنجوحي، وقصبة النصار) وهي آخر جزيرة عبادان، وسميت قصبة لأنها منبت قصب. وأما ما على جانب جزيرة عبادان من الجهة الشرقية: (فنهر الحياج، وكوت شنة (بتشديد النون) ونهر الحدادين، ونهر مهيوب، والصوينخ (مصغرة) فهذه كلها معمورة وباقي القرى لا غرس فيها (ولهذا لا نتعرض لذكر أسمائها).) اهـ وأما بازاء نهر الدعيجي: فخميسة (مصغر خمسة)، وسعيدان (مصغرة)، ونهر يوسف والشاخورة، والمعموري، والدربند، والخيين. (مثناة) 6 - علماؤها خرج منها عدة زهاد وعباد ومحدثين وعلماء، ذكر بعضاً منهم ياقوت في معجمه. وممن اشتهر منهم في أواخر هذه الأزمان: ابن قاسم العبادي وهو الذي حشى تحفة ابن حجر المكي الهيتمي، وله حاشية

كتاب الصبوح والغبوق

على جميع الجوامع في الأصول اسمه: الآيات البينات، وشرح الغاية في فقه الشافعية، وحاشيته على حاشية اللقاني المصري على شرح التصريف للتفتازاني، وحاشيته على حاشية عصام الدين على شرح الكافية للجامي وغير ذلك من الكتب. وفي العدد القادم نذكر بناية عبادان الجديدة مع التفاصيل المتعلقة بها. كتاب الصبوح والغبوق لعله من تأليف شمس الدين محمد بن حسن بن علي بن عثمان النواحي القاهري الشافعي صاحب حلبة الكميت، المتوفى سنة 859هـ - 1455م. عدد قوائمه 155 وفي كل صفحة من صفحة 19 سطراً بخط نسخي واضح. طوله 15 سنتمتراً في عرض 11 سنتمتراً. هذا الكتاب من أسفار الأديب انطوان أفندي سمحيري في بغداد واسم المؤلف لم يذكر فيه لا في صدوره ولا في آخره. إلا انه يؤخذ من الصفحة 143 أن كاتب السفر أدرك عبد الوهاب بن حسن بن جعفر الحاجب وعاشره. فلعله إذاً للنواجي نسخة في خزانة كتب برلين الملكية عددها 8396. وقد جاء في آخر النسخة: (تم الكتاب بعون الملك الوهاب في

صبح يوم الجمعة المبارك سادس شهر ربيع الأول من شهور سنة واحد (كذا) وأربعين وألف. احسن الله ختامه آمين. على يد الفقير إلى عفو ربه المغني رمضان بن موسى بن عطيف الحنفي غفر الله تعالى له ولوالديه ولجميع المسلمين آمين والحمد لله رب العالمين سنة 1041) اهـ وعنوان الكتاب يدل على فحواه. وهذا استهلال المقدمة: بسم الله الرحمن الرحيم وهو حسبي ونعم الوكيل، أما بعد الحمد لله على ما وهب من إصلاح الشان، وإيضاح البرهان، وإفصاح السان، وسماح الجنان بالبيان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد ولد عدنان، واله وأصحابه ذوي الفصاحة والتبيان، والسماحة والإحسان، فأنني رأيت طائفة الشعراء من المحدثين والقدماء، قد وصفوا الصبوح ومدحوه، وذكروا محاسنه وفضله وشرحوه، وبينوا منافعه وأوضحوه، فقصروا في المدح وطولوا. وأسهلوا في المدح والشرح واجلبوا،. . . . وقد رتب هذا الكتاب على ثلاث طبقات: فالطبقة الأولى: نذكر فيها الملوك ومذاهبهم في الصبوح وأخلاقهم والطبقة الثانية: نذكر فيها وزراء الملوك وخوصهم وأمراءهم ومن شاكلهم. والطبقة الثالثة: نذكر فيها سوقة الناس وعوامهم. ونذكر في كل طبقة ما يستدل به على همها وأحوالها واختلاف أهوائها وشهواتها وتباين طبائعها، وتركيبها وترتيبها،. ثم نتبع

ذلك بما قالته الشعراء ومن اختار منهم الصبوح على البساتين والأزهار، وشطوط البرك والأنهار، ونجتزئ من ذلك باليسير القليل، مخافة الإكثار والتطويل، وحسينا الله ونعم الوكيل. اهـ. والكتاب في غاية الإفادة لمن يعني بالأمور التاريخية في عصر العباسيين، والاطلاع على عوائد المتحضرين من العرب في ذلك العهد، وما كان يدور في مجالسهم من الحديث ونظم الشعر وتجاذب أطراف الكلام. وهذا الكتب ينفع أيضاً لإصلاح عدة أغلاط وردت في كتاب الأغاني، سواء وقعت من المطابع أو من الناسخ. لان اغلب الذين ذكرهم الاصبهاني في أغانيه من معاقري الخمرة ذكرهم أيضاً صاحب هذا التأليف الغريب، وفي الكتاب ما عدا هذه المنافع فائدة ثالثة وهي معرفة بعض الموضع والأمكنة والبلدان معرفة تامة وهي المواطن التي اشتهرت بحسن موقعها فجذبت إليها أصحاب الأنس والقصف فأقاموا فيها للأكل والشرب أياما عديدة. وها أنا اذكر لك شاهدا على ما أقول: كل من يبرح بغداد طالبا حلب يمر في طريقه بموطن على الفرات اسمه القائم فيه نفر من العسكر في قلعة قد بنيت في عهد مدحت باشا حفظاً للطريق من قطاع الإعراب وشذاذهم ونفضاً إياها من أشرارهم. وهناك بقايا أبنية فخمة ضخمة تدل على أن (القائم) كانت سابقاً قرية كبيرة فيها أديرة للنصارى بيد انه لم يجسر أحد أن يقول هذا القول لعدم وقوعه على ما يثبت ما يختلج

فصل في دير القائم الأقصى

في الصدر وقد رأينا في ص33 ما يؤيد هذا الظن ويخرجه إلى عالم الحقيقة والصحة. قال المؤلف: فصل في دير القائم الأقصى قال أبو الفرج علي بن الحسين الاصبهاني: (دير القائم الأقصى) على شاطئ الفرات بطريق الرقة. القائم الأقصى مرقب (قلت أنا: والى اليوم ترى آثار هذا المرقب مائلة) كان بين أرض الروم وارض فارس. وعنده دير جليل. ومر به الرشيد في خلافته فاستحسن الموضع واستطابه، وكان الوقت ربيعاً، وكانت المروج التي حوله مملوءة بالشقائق والأنوار، وأصناف الرياحين والازهار، فنزل به وأقام ثلاثة أيام. قال هاشم ابن محمد الخزاعي: فدخلت الدير لأراه وأطوف فيه، فرأيت جاريةً ديرانية حين نهد ثدياها، لم أر احسن منها وجهاً وقداً وملاحة واعتدالاً، وكان والله تلك المسوح حلياً لها، تضئ بها وتنير. فدعوت بمن جاءني مسرعاً بشراب، فأقبلت اشرب على وجهها واستمتع من محاسنها، فقلت فيها هذه الأبيات: بدير القائم الأقصى ... غزال شادن أحوى برى حبي له جسمي ... ولا يدري بما ألقى وأخفى جليل جهدي ... ولا والله لا يخفى (كذا) إلى آخر الحكاية. وقد روى مثلها صاحب الأغاني في 5: 123 وفي صدر البيت الأخير: واكتم حبه جهدي

وأنت ترى من هذا المثال ما في هذا السفر الجليل من الفوائد التاريخية والجغرافية والعلمية والأخلاقية إلى غيرها. وفي هذا المجلد كتاب ثانٍ يبتدي من الصفحة 196 اسمه مفتاح الراح، في امتداح الراح. (ويروى مفتاح الأرواح) ونظنه لمؤلف الكتاب المذكور وهو عبارة عن ديوان شعر جمع كل مقاله الشعراء في الخمر وقد رتبه على حروف المعجم إلا أن غالب القصائد لأبي نؤاس وهذه فاتحة الكتاب بعد البسملة: (الحمد لله على ما وهب من إصلاح الشان. وإيضاح البرهان. وإفصاح اللسان. وسماح الجنان بالبيان. وصلاته وسلامه على نبيه محمد اشرف أنواع الإنسان. المنزل عليه القرآن. . . . وبعد فأنني رأيت طائفة الشعراء. من المحدثين والقدماء. وقد وصفوا الراح ومدحوها، وذكروا محاسنها وشرحوها. . . . وآخر قصائده تستهل بهذه الأبيات: في الله أياماً مضت ولياليا ... تروح روائح تربها وغواديا ليالي أطلقت العنان مع الهوى ... ورحت بها في ربقة الذنب عانيا فيا طيبها لو لم تكن قلائلا ... ويا حسنها لو لم تكن فوانيا وآخر بيت هذه القصيدة هو: وادعوا لمحو الذنب في كل موطن ... الهي عساه أن يستجيب دعائيا على أن أهم ما في هذا المجلد القسم الأول الذي ذكرناه. أما الثاني

ماذا يرى اليوم في سامراء

فدونه منزلة وان كان لا يخلو من فائدة. بغداد: الشماس فرنسيس اوغسطين جبران ماذا يرى اليوم في سامراء إذا أتيت سامراء وأطلقت فيها طائر نظرك لا يكاد يقف على عامر قديم العهد بل تراه يحوم على أطلال وأنقاض وتلال صغار وكبار، وإذ لا يجد له مقراً يعود إليك وقد وهنت قواه. ولكل تل من هذه التلول اسم معروف عند أهل المدينة، ولما كانت هذه الأنقاض مثبوثة شمالاً وجنوباً، شرقاً وغرباً، صعب عليك حفظها أن لم تدونها في رقعة تكون بيدك. وهل يدهشك وجود هذه الأطلال الدوارس، وأنت تعلم أنها كانت في سابق العهد منتزهاً للمناذرة، ومباءة لبني العباس، ومعهد انس، ينتابه كبار الدول المجاورة؟ وكيف تعجب وأنت تدري انه كان في سامراء من القصور والشوامخ مالا يصل إلينا إلا بعض أسمائه كالشاه، والعروس، والقصر المختار، والوحيد، والجعفري المحدث، والغروب، والشيدان، والبرج، والصبح، والمليح، وقصر بستان الايتاخية، والتل، والجوسق، والمسجد الجامع، وبركوان، (ويروى بلكوارا وهو الأصح) والقلائد، والفرد، والماحوزة، والبهو، واللؤلؤة، وغيرها وغيرها. ومع ذلك فإننا لا نروي هنا إلا بعض ما رأيناه لا كله، لان وصف

كل ما وقفنا عليه يستلزم وضع كتاب قائم برأسه، ثم إننا نذكر أسماء بعض الأطلال مستندين على رواية الكثيرين من المعمرين الذين قطنوا في جهاتها أو ترددوا إلى جنباتها إذ هي لا تعرف اليوم إلا بهذه الأسماء التي ننقلها عنهم. فنقول: ينتهي الخراب من جهة الغرب فوق سامراء إلى (أبي دلف) أي إلى مسافة ثلاث ساعات وفيه من الآثار الخربة أربعة مواضع ويفضي الخراب من جهة الشرق وراء سامراء إلى (قلعة الجالسية) وهي تبعد عن المدينة مسافة ساعتين ونصف. أما الآثار الأربعة الغربية فهي: الأول (الصليبية) (بالتصغير والنسبة) وتبعد عن سامراء ساعة واحدة، وهي عبارة عن دعائم (أي ذلك بلغة أهل بغداد جمع دنكة مائلة لا غير. وبنائها بالجص والأجر. والأثر الثاني: (العاشق) وهو فوق الصليبية نحو ربع ساعة وأرضه كثيرة الأبنية والسراديب: واليوم قد اخذ رئيس شركة التنقيب الألمانية وهو الدكتور هرتسفلد في كشف التراب عن بعض ما فيه. وقد وجد هناك سرداباً نزل فيه العملة إلى خمسين دركاً فلم يصلوا إلى قعره بل تجولوا في فناءٍ من أفنيته ما يقرب من مائة متر فلم ينتهوا إلى آخره ولا إلى أقصى جنبة من جنباته. أما طول كل دركة من دركه فمتر واحد و72 سنتيمتراً. وعرضها متر و9 سنتيمترات. والفراغ أي ما بين مرقاة ومرقاة 35 سنتيمتراً.

وأما سقف ذلك الفناء فمعقود بالطاباق أو الطابوق (وهو اسم الآجر المشوي بالنار بلغة أهل العراق والكلمة قديمة الوضع وترى في كتبهم) والجص: وفيه من غريب التصاوير والرسوم الهندسية وبديعها، ما يدهش الأفكار ويسحر الأبصار. وتبلغ ساحة أرض العاشق الخربة 350 متراً طولاً في 220 متراً عرضاً. وبجانب العاشق قصر آخر يعرف (بالمعشوق) ويسمى البعض (العاشق والمعشوق) باسم (الشاه والعروس) وقد ذكرهما ياقوت فقال: الشاه والعروس: قصران عظيمان بناحية سامرا انفق على عمارة الشاه عشرون ألف ألف درهم. وعلى العروس ثلاثون ألف ألف درهم. ثم نقضت في أيام المستعين، ووهب نقضانها لوزيره احمد ابن الخصيب فيما وهب له. اهـ كلام ياقوت.

وإزاء العاشق في الجانب الشرقي من ضفة دجلة (الكوبر) (بالكاف الفارسية وتصغير الاسم) وهو تلول مسافة طولها قراب 100 متر وعرضها

اليوم 10 أمتار وقد أكل الشط نصفها وبقي نصفها الآخر وظهرت

فيها غرف مبنية بالجص والآجر مع سراديب وهي اليوم في وسط الماء إذ مهواه عليها وفي أيام الفيضان يحيط بها الماء وتكون شبيهة بالجزيرة. والأثر الثالث (حويصلات. مصغرة وبتشديد اللام المفتوحة) وهي فوق العاشق بنحو ساعة. وهي تلول صغار وكبار لا غير. والأثر الرابع مهيجير (مصغرة) وهو تل مسطح علوه 5 أمتار وطوله 20 متراً. هذا كل ما في الجانب الغربي من الآثار. وأما الجانب الشرقي فآثاره الدوارس كثيرة لا تكاد تحصى. وقد قلنا إنها تنتهي من جهة الغرب إلى (أبي دلف) ومن جهة الشرق إلى قلعة (الجالسية). فلنأخذ الآن بذكر أم هذه الآثار وأعظمها شاناً وهي سامراء نفسها. ثم نأتي على ذكر بعض تلك الآثار شيئا بعد شيءٍ شرقاً وغرباً. واعلم قبل ذلك أن سامراء هي اليوم قائم مقامية من ملحقاتها قرية الدور وهي تبعد عنها غرباً مسافة أربع ساعات ونصف. وتكريت وهي فوق الدور مسافة 3 ساعات. وبلد وهي في شرقي سامراء وتبعد عنها مسافة 7 ساعات. والدجيل (مصغرة) ويقال لها أيضاً سميكة (مصغرة) وتبعد عن بلد 3 ساعات ونصف. ويحيط اليوم بسامراء سور عظيم له أربعة أبواب كبار تكاد تكون

متجهة نحو الجهات الأربع المعروفة. ولكل باب من هذه الأبواب اسم يعرف به وقوم من أقوامها يخرجون منه ويدخلونه. فالباب الذي عن يمينك يعرف (بالناصرية) وبعضهم يسميه (الحاوي) وهو باب (البو بدري والعشاعشة) ويبلغ رجال البو بدري من 150 إلى 200 رجل. ورئيسهم (جاسم المحمد فائز). وعدد العشاعشة ما يقرب من 40 بطلاً. ومن رؤسائهم (السيد حسون الياسين). والباب الذي عن شمالك اسمه الباب (الملطوش) والملطوش بلسانهم المردوم. وكان مسدودا بالآجر ثم فتح عند ورود بعض شاهات العجم إلى سامراء. وهذا الباب خاص بأعراب (البو عبد الرحمن) ومقدارهم 30 رجلا. ورئيسهم (خلف الحسين). والباب الذي يكون وراءك يعرف بباب القاطون (بالنون وهو تصحيف القاطول باللام) وهو خاص (بالبونيسان والبو عباس) وعدد اولئك يتردد بين المائتين والثلاثمائة رجل. وهؤلاء بين الستمائة والثمانمائة. رئيس البونيسان (الحاج فتح الله) ورئيس البو عباس (السيد حمدي). والباب الذي تراه أمامك يعرف بباب بغداد. وهو باب بغداد (البوباز والبو عظيم) تصغير عظيم. وعدد صناديد العشيرة الأولى 700 رجل

ورجال العشيرة الثانية 20 ورئيس الفرقة الأولى السيد جاسم العلي الأكبر ومقدم الزمرة الثانية (علي خلف) - وكل هؤلاء الأقوام يدعون السيادة وانهم حسينية النسب. وفيهم من يقطن البادية إلا انهم غير بعيدين عن الحاضرة. وهم (البو دراج) والبو عيسى) وغيرهم. ويبلغون ستة آلاف رجل. ومنهم من استوطن جانبي بغداد وعددهم زهاء ألف رجل ورؤساء جميع أهل سامراء من بلد منهم ومن تبدي هم (البو صالح الشيخ) ولهم الكليدارية أي بيدهم مفاتيح حضرة الإمامين علي بن محمد الجواد، وأبو الحسن العسكري وراثةً أباً عن جد والذي منهم اليوم في المنصب (السيد حسن ابن السيد علي). وهو رجل جليل فاضل لا يضاهيه رجل من أهل بلدته. وأما الغرباء الذين فيها فلا يقلون عن ألفي رجل. منهم دوريون (أي من قرية الدور المذكورة) في صدر هذه المقالة ومن بقي منهم أعجام من بلاد إيران. وقد توطنوها حباً وشغفاً بالأيمة المدفونين فيها. وتبركاً بمجاورة ضرائحهم. وقد شيد قبل نحو عشرين سنة الميرزا السيد حسن الشيرازي

طيب الله ثراه أندية العلم للزائرين والغرباء المسافرين. ولو بقي هذا الرجل حياً إلى هذا اليوم لأعاد شيئاً مذكوراً من مجد سامراء في سابق عهدها. لكن أبى الله أن يكون ذلك. وفي سامراء اليوم ثلاث مدارس يدرس في إحداها من انخرط في سلك طلبة العلوم الدينية وعلوم اللغة والأدب على ذاهب أهل السنة. ومن مدرسيها حضرة العلامة السيد عباس أفندي آل أمين الفتوي. وهو اليوم أيضاً أمين الإفتاء في سامراء. ومنهم أيضاً حضرة السيد عبد الوهاب أفندي وهو المدرس الثاني. - والمدرسة الثانية مدرسة رسمية خاصة بالحكومة والمترددون إليها مبتدئو الطلبة ويدرس فيها مبادئ العلوم التركية. والمدرسة الثالثة مدرسة تحاكي الأولى في الرتبة والتدريس إلا أن طلبتها من الشيعة وكلهم من الإيرانيين. وهذه المدرسة أكبر بناءً من أختها بناءً ومادة في العلوم. ومن أساتذتها الكبار حضرة المجتهد الشيخ محمد تقي التبريزي. وحضرة الشيخ محمد حسن آل كبة. وليس لمدرسي هذه المدرسة راتب من قبل الحكومة ولا لطلبتها رزق في السجلات الرسمية. غير انه يأتيهم من بلاد إيران حقوق معلومة من خمس وزكاة وما أشبههما فيدرون إخلافها على الطلبة هناك. وفي سامراء حضرة لمرقدي الإمامين علي الهادي وحسن

العسكري. وحليمة خاتون أخت الإمام علي الهادي. ونرجس خاتون زوجة الإمام حسن العسكري وأم صاحب الزمان معاً. وصاحب الزمان هذا هو محمد المهدي ويحيط بتلك الضرائح شباك من النحاس الأصفر يعلوه قبة من الذهب الإبريز كبيرة جداً ترى من بعد 12 ساعة وهي تتلألأ في الشمس كأنها شمس ثانية. وباطن هذه القبة البديعة الحسن مع الرواق الذي فيها مرصوف بقطع الزجاج المقطوعة على رسوم هندسية وقد رصعت في الحيطان ترصيعاً تسحر الألباب وتسبي العقول. وهذه القطع الموضوعة على أشكال هندسية تعرف باسم (عاينة) (بإسكان الياء وفتح النون، عند أهل العراق واللفظة تركية بمعنى المرآة) وفي الجهة الغربية من الرواق التي عن يسارك إذا دخلت الباب قبور الخلفاء العباسيين المعتصم والمتوكل وغيرهما وقد خربها الحاج ميرزا محمد السلماسي يوم عمر الحضرة المذكورة ولذلك لا يعرف لها اليوم اثر يذكر

ويطوف بتلك الحضرة صحن يدور عليها من أربعة أركانها. وأما جدرانه فمبنية كلها بالرخام إلى ارتفاع نحو خمسة أمتار. وما بقي من الجدار إلى نحو متر ونصف فمزين بالقاشاني ومكتوب عليه آيات من القرآن. وفي الزاوية الغربية من الصحن عن يمين الحضرة بئر يحتال بها خدام ذلك المحل على المغفلين من الزوار بأن يطلعوا في وسط مائها هيئة قمر بازغ لا يأفل ليلاً ولا نهاراً بل ولا يتحول عن محله ويروون لهم في هذا الصدد أن نرجس خاتون أم المهدي أطلت يوماً من الأيام على قمر البئر فقطر من ثديها قطرة من اللبن. فكان من تأثيرها على قعر البئر هذا الأثر وذلك لابتزاز المال. وبجنب البئر جدار حاجز بين الصحن المذكور وصحن قبة (غيبة الصاحب ابن الحسن العسكري) الذي تدعي الشيعة انه غاب عن الأبصار وهو حي يرزق وانه يظهر بعد حين. الأمر الذي ينكره السنة كل الإنكار. وقد اتفق الفريقان على ولادته واختلفا في وفاته واسم هذا الإمام الأصلي محمد المهدي. وله أسماء وألقاب كثيرة منها: صاحب الزمان، والقائم، والحجة، والمنتظر، وصاحب العصر، وخليفة الله في الأرض، وصاحب الأمر وغيرها. ولذلك المحل أيضاً حضرة ذات صحن صغير وهو عبارة عن صفة أو طارمة عرضها ما يقرب من سبعة أمتار وطولها 15 متراً وسمكها مثل عرضها. ثم تدخل رواقاً على مثال الصفة أو الطارمة المسنمة. ثم تنزل إلى سرداب فيه 13 دركة. ثم تمشي مسافة قدرها عرض 5

درجات ثم تنحدر منها 6 دركات فتهوى إلى فرجة بين عقدين. ثم تسلك في برزخ وتأتي بهواً صغيراً فتجد هناك باب مخدع من خشب الصندل مكتوب حفراً على إطاره مما يلي الأرض من يمينك ما هذا نقل نصه بالحرف الواحد: (بسم الله ارحمن الرحيم. قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى. ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسناً. وان الله غفور شكور.) ثم تجد كتابة تبتدئ من اسفل الإطار وتصعد إلى أعلاه ثم تنحدر إلى أسفله. وهذا حرفها: (هذا ما أمر بعمله سيدنا ومولانا الإمام المفترض الطاعة على جميع الأنام أبو العباس احمد الناصر لدين الله أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين. الذي طوى البلاد إحسانه وعدله. وغمر البلاد فضله. قرن الله أوامره الشريفة باستمرار النجح والنشر. وبإظهاره التأييد والنصر وجعل لأيامه المخلدة حداً لا يكبو جواده. ولآرائه الممجدة سعداً لا يخبو زناده في عز تخضع له الأقدار فتطيعه عواصيها. وملك تخشع له الملوك فتملكه نواصيها. يتولى المملوك معد ابن الحسين بن معد الموسوي الذي يرجو الحيوة في أيامه المخلدة ويتمنى أنفاق بقية عمره في الدعاء لدولته المؤبدة. استجاب الله ادعيته. وبلغه في أيامه الشريفة أمنيته). وترى على العتبة محفوراً أيضاً ما هذا إعادة نصه:

(للبحث صلة)

(من سنة 606 هلالية. وحسبنا الله ونعم الوكيل. وصلى الله على محمد وعترته الطاهرين). وفي عتبة باب المخدع عن يمينك مما يلي الأرض ثقب بقدر ما يدخل فيه الكف. ويروي عنه أن الناصر لدين الله هو الذي ثقبه لكي يلقى فيه من يريد أن يوصل عريضة إلى صاحب الزمان وهو اليوم على حالته الأولى. أما قدر المخدع فطوله متران وعرضه متر وعلوه ثلاثة أمتار وفيه يجنب الباب عن يمينك إذا دخلت نفق عمقه قريب من مترين ونصف وعرضه من فوق قدر ما يسلك فيه الرجل الوسط واقفاً ومن تحت قدر متر ونصف وهو مستدير الأطراف. ويروى عن هذا المحل انه كان يتوضأ فيه صاحب الزمان فجاء من بعده أناس فأخذوا من ترابه قبضة قبضة قصد التبرك فحدث من هذا الأخذ هذا النفق. وقد أمر بكبسه أي طمه حضرة الميرزا حسن الشيرازي المذكور آنفاً. فردم ولكن بعد وفاته نبشه الخدم هناك من أهل سامراء وذلك لابتزاز بعض الدراهم من الزوار. ويدعي ضعفاء العقول أن في هذا النفق غاب المهدي. أما علماء الشيعة فلا تعير لهذا الزعم أذناً صاغية، ولا تحله محلاً. وأما جدران تلك الحضرة فداخلها مغشى بالرخام من الأرض إلى علو متر ونصف. وما فوقه مغشى بالقاشاني وكذلك ظاهر القبة. وأما جدران الحضرة من الخارج فكله مغشى بالرخام. وكذا قل عن جدران البهو مع فرش ساحته. (للبحث صلة) م. كاظم الدجيلي

إفادة لمجلتي المشرق والعلم

إفادة لمجلتي المشرق والعلم نشرت مجلة العلم في عددها الثالث من سنتها الحالية وهي سنتها الثانية ص128 رسالة سمتها: (تشريح الحروف على الوجوه اللغوية) (كذا). ونظن هذه التسمية حديثة الوضع، ولعلها من يراعة وبراعة صاحب المجلة. وقد قال قبل نشرها:. . . نبتدئ بنشر رسالة وجيزة نادرة الوجود، قديمة الخط والتأليف، (ولم يذكر سنة كتابتها، حتى ولا على سبيل التخرص) من مؤلفات العالم النحوي اللغوي الشهير: النظر بن الشميل (كذا. والأصح النضر بن شميل) من قدماء العلماء، (قلنا: توفي النضر سنة 203هـ - 820م) وهي:. . .) قلنا: أن مجلة المشرق نشرت هذه الرسالة قبل أربع سنين أي في سنتها 11: 265 وسمتها: (رسالة الحروف العربية)، إلا أن ناشرها لم يهتد إلى معرفة كاتبها، فقد اتضح اليوم أنها للنضر بن شميل. ومما يجدر التنبيه عليه هنا: أن في كلتا الرسالتين أغلاطاً واختلافاً في رواية النص والأمثلة، فيحسن بمن يعنى بنشر هذه الرسالة على حدة أن يعارض النسختين الواحدة بالأخرى. فبثبت الرواية الصحيحة منهما، وينبه على الرواية المصحفة أو المغلوطة، ليكون القارئ على نجوةٍ من لحاق سيل الوهم به. ومما يزيد الرسالة فائدة تعليق حواشٍ عليها يستدرك بها الناشر على ما فات المؤلف من حقائق الأبواب التي عقدها لكل حرف كما فعل

أول مجلة في العراق

الأب شيخو. بيد انه، (والحق يقال) قد فات الأب المذكور أشياء جمة لم يتعرض لها. ولولا ضيق المقام لسردناه كلها. لكن لابد من ذكر شيء منها زهيد يكون بمنزلة الشاهد: ذكر المحشى مثلاً أن الخاء تبدل من الهاء. ولم يذكر اكثر من هذا القدر، مع أنها تبدل من الكاف أيضاً. مثل: اخبن من تربك واكبن، والخدب والكذب، وقد خدب وكذب (وفيها ابدالان) الخ. وتبدل أيضاً من الغبن: كاخبن واغبن، والوثيخة والوثيغة، وخب وغب، وختره وغدره، (وفيها ابدالان). - وقد تبدل من الشين: كالبخنقة والبشنقة. - ومن العين: كأرض خربسيس، وبخثره وبعثره، والخاميز والعاميص (وفيها ابدالان). ومن الصاد: كتنخل الشيء وتنصله. - ومن الضاد: كالخبدع والضفدع (وفيها ابدالان). - وكذا قل عن كل حرف من حروف الهجاء التي عقدت لها الأبواب. والشواهد عندنا كثيرة. فعسى تطبع هذه الرسالة احسن طبع على أجود ورق مع ضبط ما يجب ضبطه بالشكل الكامل، ويعمل بما نبهنا عليه. والله الموفق إلى سبيل الصواب والرشاد. وعليه الاعتماد في المبدأ والمعاد. أول مجلة في العراق كتب صاحب مجلة العلم في (2: 143) (أول مجلة عربية ظهرت في العراق هي هذه المجلة الموسومة بالعلم بكسر العين وسكون اللام وهي

كتاب طبقات الأمم

الآن في سنتها الثانية) والحق أن أول مجلة عربية صدرت في العراق هي (زهيرة بغداد) للآباء الكرمليين المرسلين صدر عددها الأول في 25 آذار سنة 1905 الموافقة لشهر صفر سنة 1323هـ: وبقيت حية سنة واحدة ثم توارت عن الأبصار. كتاب طبقات الأمم ينشر اليوم الأب لويس شيخو اليسوعي (مشرق) هذه السنة كتاباً نفيساً جليلاً ممتعاً لا يعرف رفيع منزلته إلا من قدر كتب التاريخ حق قدرها، ولا سيما لان المؤلف هو من اجل كتاب المسلمين وهو القاضي أبو القاسم صاعد الأندلسي وقد أخذنا بمطالعته بكل شوق ولذة، بيد أننا وجدنا فيه بعض أغلاط تشوه بديع محاسنه، منها صادرة من الناسخ، ومنها صادرة من الناشر نفسه، ونحن نذكر بعضاً منها. قال: (وجدنا بلادها (أي بلاد فارس) من الجبال التي في شمال العراق المتصل بعقبة حلوان والذي فيه اتجاهات (والأصح. كنجهات وهي جمع كنجه أو كنجات وتعرب جنزة، وهي اسم اعظم مدينة باران وتذكر بالمفرد والجمع على السواء مثل عابات وشامات) والكرج (وكان الأحسن أن تضبط هذه الكلمة هنا بالتحريك كابد وأزل لكي لا يقرأها القارئ بالضم والسكون فيعتقد أنها من بلاد الكرج بالضم ويحتمل أن تكون هنا الكرخ بخاء موحدة فوقية في الآخر. راجع مروج الذهب 9: 8). . . وطبرستان ومولتان (كذا. وقد ضبط الميم بالفتح والواو بالسكون وفيها غلطان: الأول، لا يوجد مولتان في بلاد فارس القديمة. والأصح

أن يقال هنا (موقان). والثاني. أن مولتان التي هي من بلاد الهند تضبط بضم الميم وسكون الواو واللام، أو يقال فيها (ملتان) بضم الميم وسكون اللام). . . وارزن (كذا. وفي النسخة التي بيد الناشر: أذان، وكلاهما غلط. والأصح (أران) أي بهمزة بعدها راء مشددة مفتوحة ثم ألف ونون). . . والمرو (والأصح (مرو) بدون لام التعريف) وغيرها من بلاد خراسان إلى بلاد تبجستان (كذا وقد احسن الناشر في قوله: لعله يريد سجيتان). وذكر بين لغات الفرس (الزرية) وقال الناشر في الحاشية: (كذا ولعله تصحيف الزندية) قلنا: كلا، بل هي تصحيف الدرية نسبة إلى الدر وهو الباب بالفارسية ويراد بالدرية اللغة التي كان يتكلم بها في بلاد فارس لا سيما في المدائن كما كان يتكلم بها أيضاً من بباب الملك فهي منسوبة إلى در بفتح وسكون حاضرة الباب والغالب عليها أنها من لغات أهل المشرق ولغات أهل بلخ) اهـ. وذكر (فارسون) والأصح (فارسان) أي الفرس باللغة الفارسية وورود بين الشعوب الكلدانية (الكوثابيون) بباء موحدة تحتية بعد الألف. والأصح الكوثانيون بنون موحدة فوقية نسبة إلى كوثي. ونبطها اوكلدانيوها مشهورون في سابق العهد. وجاء بين أجناس الترك (ص570) ذكر الجريجية. والأصح الخرلخية وقد صحفها النساخ بل المساخ بصورة غريبة منها الجريجية والخزلجية والحدلحية والقارلخية إلى غير هذه والأصح ما ذكرناه. - وذكر بين

الترك (جيلان) وفسر جيلان بكونها قريبة من الديلم. وهذا أيضاً خطأ لان جيلان من بلاد فارس وهنا الكلام عن أمة من أمم الترك والأصح جيدان (راجع المسعودي 2: 7 و39 من مطبعة باريس). - وذكر بين الترك أيضاً الخرزان وهؤلاء أيضاً غير معروفين والأصح الخرزان بتقديم الراء المهملة على الزاء المنقوطة (راجع المسعودي 2: 65). - وقال: البرابر ومن اتصل بهم إلى بحر اقنايس (كذا) الغربي المحيط. (وذكر في الحاشية: (والصواب بحر قابس) وكلاهما غلط. والأصح بحر اقيانس الغربي. وذكر في ص571 من الأمم حوران وكشل. والأصح جيدان أو جودان وكشك (مفتوحة) (راجع المسعودي 2: 45). وعد بين أصناف السودان (ص571) الزنج وعانة (كذا بالعين المهملة والأصح غانة بغين معجمة) وكذلك وردت في آخر ص582 مما يدل على أنها ليست من خطأ الطبع. وقال في ص571 (وحظهم من المعرفة التي يدور فيها مناجد الأمم). والأصح عندنا مساعد جمع مسعدة ما يبعث إلى السعادة، أو جمع مسعد مصدر ميمي بمعنى السعادة بمعنى سعد وحينئذ يستقيم المعنى) وقال في نحو آخر ص572 (وسكان الفلوات والفيافي كرماغ البجة وهمج عانة) (والأصح كرعاع البجة وهمج غانة) وورد في ص575 (صحة النظر وبعد الفور) (كذا بالفاء الموحدة والأصح الغور بالغين المعجمة).

هل الحي قرية أم مدينة

وجاء في نحو آخر ص576 الفرقتين الأوليتين (كذا) ولاشك أن هذا الخطاء من تنقيط الكاتب للكلمة والأصح الأوليين. وفي ص576 عرف الناشر الأوج بقوله: (ابعد نقطة من الخارج عن مركز الفلك) والأصح أن يقال: هو ابعد نقطة من الفلك الخارج المركز وبين التعبيرين بون بين في المعنى كما لا يخفى على المتأمل. وقال في ص577 وغوامض يتنحلوها من القوى الخارجة) والأصح (يتنخلوها) بالخاء المعجمة الفوقية كما يتطلبه المعنى في هذا الموطن. وذكر في ص578 أميم بن الاد (بتشديد الدال، كذا) والأصح لا ود أو لا وذ بالاعجام أو بدونه. وذكر في تلك الصفحة ازدشير بالزاء المنقوطة جرياً على لفظ بعض العرب. والأصح أن يقال اردشير بالراء المهملة. وقال: ملك ازدشير بن بابك الساساني أول ملوك بني إسرائيل) (كذا، والأصح أول ملوك (بني ساسان) كما يتضح لأدنى تأمل.) وهناك غير هذه الأغلاط إلا أننا اجتزأنا بما ذكرنا لضيق نطاق المجلة. وربك فوق كل علم عليم. هل الحي قرية أم مدينة سألنا بعضهم: هل الحي قرية كما ذكرنا في ص51 أم مدينة. نقول: الحي قرية لا مدينة أن لغة وان اصطلاحا. أما كونها قرية بموجب اصطلاح اللغويين فظاهر من كلامهم عند تعريفهم القرية فقد قال الفيروز أبادي: القرية: المصر الجامع. وقال في كفاية

نظرة عامة في لغة بغداد العامية

المتحفظ: القرية كل مكان اتصلت به الأبنية واتخذ قرارا، وتقع على المدن وغيرها. اهـ وفي محيط المحيط: قيل: المدينة ما كان حولها سور بخلاف القرية والبلد.) اهـ. وعليه فلما لم يكن للحي سور لم يجز أن يطلق عليها اسم المدينة لغة. وأما اصطلاحاً فالقرية هي البلدة التي اغلب سكانها أهل زارعة وفلاحة. وهذا أيضاً يصدق في الحي ولا يصدق فيها كلمة مدينة. فاحفظه ولا تغفل. نظرة عامة في لغة بغداد العامية (تتمة) والى توفر المفردات الكلدانية أو السريانية (الارمية) انشد عبد الباقي العمري هذه الأبيات الشهيرة: شبح لالاها وخلابو ... شبحا شمت حيزو لابو كوذنتا وخمارت شابو ... وقس مسكنتا بشاشة ليل دنحاوالو برطت قاشا ... شموقا لوطو وبراشا ومارت كركيزا ابن شاشا ... يوحنا واسحاقت شموئيل فرجو قس عمو قمبازو ... بادو واستخلو بي سازو ملكت حيزو خازو بازو ... طينلكابرطت طنبيل شعيا سمكا ماتيكا ... وشموني قاشا طمسيكا بيعة مارجرجس تحرسكا ... خوفا موفا بالزنبيل

جارت خيزو برطت طنبي ... بر بوطت شعيا قبصني لخمة غبشة ياقوغبني ... ومشيحا بصحفت لنجيل طنجي ميخا واشبانيثة ... دوخو قاطوثا ثرطيثا قريت برطلي وبشبيشا ... فقط عين كاوة ارويل والى وجود الكلم التركية قال الرصافي: (بينما كنت واقفاً مع الواقفين على جسر سامراء تقدم إلى رجل فقال: أين تريد؟ قلت: أريد العبور إلى سامراء. فقال: أأنت (قالي)؟ وفخم اللام. فلم افطن لما أراد. فقلت: وما تعني يا هذا؟ فأعاد على الجملة الاستفهامية وزاد فيها كلمة (هنا). فلم افهم أيضاً. فقال: أمقيم أنت هنا أم لا؟ فقلت: لا. وحينئذ علمت أن كلمة (قالى) قد أخذها من (قالمق) بمعنى البقاء في اللغة التركية. ولهذا الكلمة اليوم نظائر كثيرة في لغة العامة. فانك تسمعهم يصرفون الأفعال والأسماء تصريفاً عربياً من مصادر تركية فيقولون (لا تبوز فكري) أي لا تشاوشه. يأخذونه من بوزمق. ويقولون: (أنا اجالش) أي أسعى. من (جالشمق). وتغلب هذه الألفاظ على أفراد الجند ومأموري الحكومة من أبناء العرب فتسمع الجندي يقول للجندي: (اذهب داكش النوبة) أي بدلها. من (دكشدرمك) ويقول: (سبرك الأرض) أي اكنسها من (سبورمك). ويقول: (أنا أسيل تفكتي): امسح بندقيتي وأجلوها. من سلمك. وقد اجتمعت مرة واحدة بأحد مأموري الحكومة ببغداد في مجلس حافل فاخذ يكلم بعض الحاضرين هكذا:

(رحنا أمس إلى بيت فلان، فلما دخلنا السلاملك صعدنا فوق، وكانت باية من بايات النردبان منهدمة. وبما أن النردبان كان قرانلق عثرت رجلي. نه ايسه، صعدنا فدخلنا الاودة، وقعدنا بصورة قارمة قاريشق، وكان الضياء سونك، فحصل عندي صنقنتي. . . الخ) فهمست في إذن أحد الجالسين قائلاً: ما ضر الرجل لو تكلم التركية أو تكلم العربية الدارجة البغدادية وهو من أهلها من هذه الألفاظ التركية؟ - وهذا من اعظم ما قضى على اللغة العربية بالمسخ حتى كادت تخرج به عن وضعها الأصلي. ولو أردت أن استقصي البحث هنا لأتيت بما يبكي الناطقين بالضاد على ما منيت به هذه اللغة التعسة الحظ في بغداد.) اهـ. ومما يسوءني ذكره أن بعض هذه الألفاظ قد تسربت إلى بعض الجرائد والمجلات العراقية فأضرت بسمعتها. وعسى أرباب جرائدنا المحلية لا يستاءون من وصفى للغتنا العامية هذه، ولا من انتقادي إياها كما أرجوهم أن لا يسيئوا بي الظن لأني تجرأت على ذكر بعض أمور طفيفة ربما لا تصادف قبولا واستحسانا لديهم. فأوكد لحضراتهم أني قد كتبت ما كتبت مندفعاً بعامل الغيرة على الوطن والمحبة الخالصة لذويه النجباء لا غير ويا ليتهم يقومون بمؤازرتي في هذا الأمر الخطير الشان وينزهون منها جرائدهم الغر، معوضين عنها بما هو عربي النصاب فصيح اللهجة والبيان. وهذا القدر كاف في هذا المقام والسلام. رزوق عيسى

معنى انكورلي

معنى انكورلي نبهنا أحد الأصدقاء أن انكورلي صاحب البيت الشهير في البصرة مشتق من انكورة وهي بلدة أنقرة باللغة الأرمنية. ومن ثم فمعنى انكورلي بالكاف الفارسية (الانقري) لا العناب. كما توهمناه. بالنسبة باللام والياء هي على الطريقة المستعملة في العراق. فنشكر الأديب على تنبيهه هذا. رزوق عيسى سفرة إلى كربلاء والحلة ونواحيهما لاحق بسابق وقد سرنا منظر (كربلا) اعظم سرور، لاسيما (كربلا الجديدة) أو شهر نوفان طرقها منارة كلها تنيرها القناديل والمصابيح ذات الزيت الحجري. والقادم من بغداد إذا كان لم يتعود مشاهدة الطرق الواسعة والجادات العريضة أو إذا كان لم يخرج من مدينته الزوراء يدهش اعظم الدهش عند رويته لأول مرة هذه الشوارع الفسيحة التي تجري فيها الرياح والأهوية جرياً مطلقاً لا حائل دونها كالتعاريج التي ترى في أزقة بغداد واغلب مدن بلادنا العثمانية. وعند دخولنا المدينة نزلنا ضيفاً على أحد تجار المدينة وهو السيد صالح السيد مهدي الذي كان قد اعد لنا منزلاً نقيم فيه، فاقمنا

فيه نهاراً وليلتين. وفي الليلة الأولى خرجنا لمشارفة ما في المدينة مع السيد احمد. وأخذنا نطوف ونجول في الطرق فمررنا على عدة قهوات حسنة الترتيب والتنسيق ورأينا فيها جوامع فيحاء، ومساجد حسناء وتكايا بديعة البناء وفنادق تأوي عدداً عديداً من الغرباء، وقصوراً شاهقة، ودوراً قوراء، وانهاراً جارية، ورياضاً غناء، وأشجاراً غبياء. والخلاصة وجدنا كربلاء من أمهات مدن العراق، إذ أن ثروتها واسعة، وتجارتها نافقة، وزراعتها متقدمة، وصناعتها رائجة شهيرة، حتى أن بعض الصناع يفوقون مهرة صناع بغداد بكثير، لاسيما في الوشي والتطريز والنقش والحفر على المعادن والتصوير وحسن الخط والصياغة والترصيع وتلبيس الخشب خشبا اثمن وانفس على أشكال ورسوم بديعة عربية وهندية وفارسية وهندسية. ولما كان الغد وكان يوم السبت رأينا ما لم نره في الليل فسبقنا وصفه. وكنا نقف عند التجار زملائنا وحرفائنا ومعاملينا الذين نتعاطى معهم بالبيع والشراء. وفي خارج المدينة نهر اسمه (الحسينية) (بالتصغير) وماؤه عذب فرات ومنه يشرب السكان، إلا أن ماءه ينضب في القيظ فتحرج الصدور، وتضيق النفوس ويغلو ثمن الماء، فيضطر اغلبهم إلى حفر الآبار وشرب مياهها وهي دون ماء الحسينية عذوبة فتتولد الأمراض وتفشو بينهم فشواً ذريعاً كالحميات والأدواء الوافدة. والأمل أن الحكومة تسعى في حفر النهر وحفظ مياهه طول السنة.

وفي كربلاء مستشفى عسكري ودار حكومة (سراي) وثكنة للجند وصيدلية وحمامات كثيرة، ودار برق وبريد وبلدية وقيسريات عديدة. وفيها قنصلية إنكليزية والوكيل مسلم واغلب رعية الإنكليز من الهنود وفيها قنصل روسي وهو مسلم أيضاً من كوة قاف (قوقاس) وهيئة كربلا الجديدة ترتقي إلى مدحت باشا الشهير. ويبلغ سكانها نحو 105. 000 نسمة، منها 250 ألفاً من العثمانيين، و60 ألفاً من الإيرانيين وبعض الأجانب المختلفى العناصر و20 ألفاً من الزوار والغرباء الوافدين إليها من الديار البعيدة. وليس فيها نصارى لكن فيها عدد من اليهود. أما هواء كربلاء فمعتدل في الشتاء وردى في الصيف لرطوبته وأما في سائر أيام السنة فيشبه هواء سائر مدن العراق بدون فرق يعتد به. والذي يجلب المسلمين إلى كربلاء هو زيارة قبر الحسين ابن بنت رسول المسلمين وقبور جماعة من شهداء آل البيت والحسين مدفون في جامع فاخر حسن البناء فيه ثلاث مآذن وقبتان كلها مبنية بالآجر القاشاني ومغشاة بصفيحة من الذهب الإبريز. وهناك أيضاً ساعتان كبيرتان دقاقتان وكل ساعة مبنية على برج شاهق. وفي كربلاء جامع آخر لا يقل عن السابق حسنا في البناء وهو جامع العباس وفيه أيضاً مئذنتان. وقبتان وساعتان كبيرتان على الصورة المتقدم ذكرها ووصفها. وفي هذه المدينة قسم قديم البناء والطرز ضيق الأزقة والشوارع

والأسواق إلا أن ما يباع في تلك الأسواق بديع الصنع واغلب بضائعها تشاكل بضائع بلاد فارس لا سيما يشاهد الناظر كثيراً من الطوس من كبيرة وصغيرة من النحاس الأصفر (الصفر)، وهناك سلعة لا تراها تباع في غير كربلاء وهي الترب (جمع تربة وزان غرفة) وهي عبارة عن قطعة من الفخار اخذ ترابها من أرض كربلاء وجبلت على صورة مستديرة أو مربعة أو مستطيلة أو نحو ذلك يتخذها الشيعة وقت الصلاة فيجعلونها في جهة القبلة ويصلون متجهين نحوها. ومما يكثر في أسواقها أنواع الأحذية المختلفة الشكل الفارسية الطرز، وترى في الحوانيت الزعفران الفاخر الخالص من كل شائبة وغش مما لا تجد مثله في بغداد. ولغة اغلب أهل كربلاء الفارسية لكثرة أعجم فيها إلا أن كثيرين منهم تعلموا العربية ويحسنون التكلم بها. ويقسم لواء كربلاء إلى ثلاثة اقضيه وهي مركز قضاء كربلاء والهندية والنجف والى سبع نواح وهي: ثلاث منها في مركز القضاء وأسماؤها: المسيب والرحالية وشفاته وواحدة في الهندية وهي الكفل وثلاث في النجف وهي: الكوفة والرحبة والناجية. ولما كان نهار الأحد 4 نيسان نهضنا صباحاً وفطرنا ثم ركبنا العجلات وبرحنا كربلاء في نحو العاشرة فرجعنا إلى الإمام عون

بن عبد الله نحو الساعة الثانية عشرة إلا ربعاً، ثم إلى المسيب ووقفنا فيها إلى الساعة الثالثة إلا ثلثاً، ثم سرنا من المسيب في الساعة الرابعة إلا ثلثاً طالبين الحلة، ولما كنا في الساعة الخامسة إلا نصفاً رجعنا إلى الإسكندرية فاسترحنا فيها. ثم ارتحلنا إلى (خان الحصوة) فوصلنا إليه في الساعة السابعة وعشر دقائق، وأقمنا فيه للاستراحة. وهو خان واسع تقف فيه القوافل وفيه حجر واكناج للشتاء ودكة كبيرة للصيف يضطجع عليها المسافرون، وبجانب الخان قهوة، وهذا كل ما يرى هناك. ومن بعد أن تغدينا ظعنا من ذلك الموطن نحو الساعة الثامنة ونصف فجرت بنا العجلات جرياً حثيثاً حتى بلغنا في الساعة العاشرة إلى (خان الناصرية) ولم نقف فيه لأننا وجدناه (افرغ من فؤاد أم موسى). وما زلنا ننهب الأرض على ظهر عجلتنا حتى أتينا (خان المحاويل) عند غروب الشمس، فوقفنا فيه. وهذه المرحلة تشتمل على خان واسع وبعض دورٍ لا علو فيها ولا ارتفاع محوطة بسياج، فبتنا ليلتنا هناك. ولما أسفر الصبح عن جبينه الصبيح استيقظنا وسرنا منه نحو الساعة الثانية عشرة ونصف متجهين نحو (كويرشن) (بالتصغير) التتمة للآتي عمانوئيل فتح الله عمانوئيل مضبوط

العدد 5

العدد 5 - بتاريخ: 01 - 11 - 1911 وصف أطلال سامراء إذا خرجت من سامراء وصرت وراء سورها، وقعت في مسجد (الملوية)، وذلك على بعد 500 متر تقريبا: وهو هذا الجامع الذي قال عنه اليعقوبي: (وبنى المتوكل بن المعتصم المسجد الجامع في أول الحير في موضع واسع خارج المنازل لا يتصل به شيء من القطائع والأسواق وأتقنه ووسعه واحكم بناءه وجعل فيه فوارة ماء (أي شاذروانا) لا ينقطع ماؤها، وجعل الطرق إليه من ثلثة صفوف واسعة عظيمة من الشارع الذي يأخذ من وادي إبراهيم بن رياح، في كل صف حوانيت فيها أصناف التجارات والصناعات والبياعات، عرض كل صف مائة

ذراع بالذراع السوداء، لئلا يضيق عليه الدخول إلى المسجد إذا حضر المسجد في الجميع في جيوشه وجموعه وبخيلة ورجله، ومن كل صفٍ إلى الصف الذي يليه دروب وسكك فيها قطائع جماعة من عامة الناس، فاتسعت على الناس المنازل والدور، واتسع أهل الأسواق والمهن والصناعات في تلك الحوانيت والأسواق التي في صفوف المسجد الجامع.) اهـ. وقد وجدت اليوم آثار تلك الفوارة حتى لم يبق ريب في أن هذا الجامع هو الذي بناه المتوكل، هذا فضلاً عن بقاء الملوية على حالها الأولى، وهي اقدم مئذنة في الإسلام، لأنها على طرز الزقورة التي كان يتخذها الصابئة من الكلدانيين والحرنانيبن والبابليين في بيوت عباداتهم وكان يسنيها العرب (الهيكل). ومنه كلام صاعد الأندلسي عن الكلدان: وهم نجوا لأهل الشق الآخر من معمور الأرض الطريق إلى تدبير الهيكل، لاستجواب قوى الكواكب، وإظهار طبائعها، وطرح شعاعاتها عليها، بأنواع القرابين القربة لها، وضروب التدابير المخصوصة بها.) اهـ. وكانت هذه الأبراج على سبع طبقات وكل طبقة بلون يوافق لون السيارة الذي خص بها. ويصعد إلى أعلاها من الخارج لا من الداخل وكل ذلك على شكل ملوي. والظاهر أن المتوكل بنى تلك المئذنة على الصورة المذكورة تحويلاً للأنظار إليها للصائبة إلى دين الإسلام، لان الصائبة كانوا كثيرين في عهد الخلفاء العباسيين وقد برعوا في جميع علوم ذلك العصر ويحتمل أن يكون هناك سبب آخر لا يخطر ببالنا اليوم لان أسباب الحضارة

والتمدن قد اختلفت عمن كانت في سابق العهد. أما السور فمبني بالآجر والجص ويبلغ امتداد الباقي منه المبنى (240) متراً في جهة الطول وطول الباقي منه في جهة العرض (160) متراً فيكون مجموع ما في الطوليين والعرض (800) متر ويبلغ علوه (15) متراً وفي كل جانب من جانبيه في الطول (12) برجا وفي العرض (8) أبراج وفي كل ركن من أركانه برج أكبر مما تقدم ذكره فيكون الجميع (44) وبين كل برج وبرج أن كان في جانب الطول أو العرض (55) قدما وثلاثة أرباع القدم أو (14) متراً وأربع وثلاثون سنتيمتراً ومستدير قطر كل برج (27) قدماً وربع القدم أو (7) أمتار وسنتيمتران ومستدير قطر كل برج من أبراج الأركان (46) قدماً وربع القدم أو (11) مترا وتسعة وثمانون سنتيمتراً وفيه (13) باباً وبين كل باب وباب قراب (20) متراً وقد يكون دون ذلك. أما بابه الأصلي فمقابل للقبلة. وعلى جانبيه بابان دونه طولاً وعرضاً بشيء قليل. ويقابلهما أيضاً بابان بقدرهما. وعلو الباب الأوسط خمسة أمتار ونصف في ثلاثة أمتار عرضاً. وفي أعلى حائط الباب المذكور من داخل السور اثنتان وعشرون مشكاة يبلغ طول كل مشكاة نحواً من مترين في عرض متر و (25) سنتيمتراً.

وفي السور أيضاً بابان بكبر البابين المذكورين في الحائط الذي يكون عن يسارك إذا دخلت الباب الأكبر. وفي ركن الحائط المذكور من الجانب الآخر باب صغير يعلو الرجل بنصف متر ويقابله باب مثله. وفوق كل باب منهما في راس الحائط روزنتان نافذتان إلى الجهة الأخرى بقدر المشاكي المتقدم ذكرها في الطول والعرض. وأما فناء المسجد فهو اليوم عبارة عن أنقاض ركام لا غير. إلا أن الدكتور العلامة هرتسفلد كشف تراب جانب منه فأنحسر عن آثار الفوارة التي مر ذكرها واثر رواق. والفناء كله مفروش بالطاباق أو الآجر وقدر ذلك الطاباق هو قدر الآجر المستعمل اليوم في بغداد أي طوله وعرضه (30) سنتيمتراً. وربما كان الطاباق سامراء أكبر بقليل لكنه دون اجر بغداد ثخناً. ومما اكتشفه الدكتور المذكور دكة (أي دكان) قدام الباب الأصلي من الخارج علوها متر ونصف وطولها متران في عرض متر ونصف. وعند الدكان من الخارج قبر طوله ثلاثة أمتار وعرضه متر ونصف. ويظن إنه أطول مما يشاهد لان طرفه داخل تحت الردم. وبينه وبين المصطبة زهاء مترين. ووراء ذلك القبر من الخارج على مسافة (10) أمتارٍ سرداب عمقه (10) أمتار غير أن فيه أنقاضاً كثيرة ولا يعرف مقدار عمقه الأصلي.

أما الطاباق الذي بني منه حائط المسجد فهو بقدر طاباقنا البغدادي الحالي المذكور تكسيره آنفاً. إلا أن بعضه أثخن من آجرنا وبعضه أصغر منه أي بقدر الذي يسمونه في زورائنا (الطاوق السلطاني) الذي تكسيره (17) سنتيمتراً. أما الثخين من هذا الآجر فيبلغ ثخنه من (10) إلى (11) سنتيمتراً. وبين يدي السور من جهة المدينة فناء واسع مفروش بالآجر مساحته خمسون خطوة، ووراء سور المسجد من الجهة الأخرى المقابلة لذلك الفناء بهو يبلغ عرضه (50) متراً وعلى حد البهو مئذنة المسجد المعروفة بالملوية. وبها يسمى المسجد اليوم أي يقال (جامع الملوية) بدلاً من (الجامع المسجد المتوكلي). أما بناء هذه الملوية فبالجص والآجر وشكلها شكل مفتول أو مبروم فتل ست فتلات (ولعل الفتلة الأولى لا ترى لأنها تحت الأرض) ومن يريد الصعود يرتقيها دائراً فيها حتى يصل إلى أعلاها. وفي ذروتها باب معقود مسنم علوه (3) أمتارٍ وعرضه متر ثم تصعد منه في درج عدد درجاته (18) طول كلٍ منها متر وعلوها (20) سنتيمتراً والفرغ بين الدرجة والدرجة (250) سنتيمتراً وبين تلك الدرجات درجة وهي السابعة في الصعود والثانية عشرة في النزول فرغها (80) سنتيمتراً أما سقف تلك الدرجات فهو أيضاً معقود مسنم وعلوه وعرضه مثل علو وعرض الباب المذكور أنفا وفي رأسها محل يسع اثني عشر رجلاً. وعرض الطريقة التي يصعد فيها قراب مترٍ ومسافة فتلاتها

الست (400) خطوة أو (247) متراً ومدة الصعود أربع دقائق لا غير أما محيط الملوية من الأسفل فبين الأربعين والخمسين متراً ومن الأعلى بين (18) و (20) متراً وارتفاعها (50) متراً. والفناء الذي بين سور المسجد والملوية مفروش كله بالآجر أو الطاباق ويتخلل ذلك الفناء عمد مبنية بالآجر بعضها مربع وبعضها مدور مستطيل وهي متفرقة والمسافات بينها متفاوتة. وبجانب المسجد وعن يمينه من الوراء سور يسمونه (سور عيسى) ولا يعلم على التحقيق من هو هذا عيسى هل هو عيسى بن علي أو عيسى بن موسى العباسي لان اليعقوبي لم يذكره في كتاب البلدان عند إيراده الإقطاعات التي اقطعها الخليفة أصحابه وبعضهم يسميه (سور أم عيسى). ولم يبق البلى منه سوى بعض شرفات متداعيات وبناء هذا السور من اللبن ومسافة طوله (360) وعرضه (200) متراً وفي ساحته تلول صغار وكبار. ووراء سور عيسى على مسافة 200 متر عن جهتك اليمنى تلول كثيرة. كشف الدكتور هرتسفلد الآنف الذكر عن قسم منها معروف اليوم عند العوام باسم (دار بهلول) فظهرت فيه أبنية هي عبارة عن غرف متصلة بعضها ببعض مختلفة في طولها وعرضها. وبناؤها باللبن ومطلي خارجها بالجص وعلى الجص غشاء من البورق. ولون هذا البورق ضارب إلى الزرقة. وعلو الشاهق من حيطان من حيطان هذه الأبنية متران ونصف. أما ساحتها فبعضها مرتفع وبعضها منخفض. وفي جدرانها نقوش مختلفة

الأشكال بديعة الصنع. وقد اخذ الأستاذ الدكتور صور تلك الآثار ونقوشها وما فيها بالتصوير الشمسي. وقد رأينا في بعض جدرانها سطرين بالقلم الفارسي محفورين حفراً طول كل منهما عشرين سنتيمتراً غير إننا لم نهتد إلى قراءتهما كما ولا الدكتور ولا المهرة من أبناء اللغة الفارسية لقدم عهدهما وإندراس آثارهما. وتلك الأبنية المكشوفة هي عبارة عما يقرب من عشرين داراً. وهذا الوصف يذكرنا عما جاء عن المختار في معجم ياقوت إذ يقول: هو قصر كان بسامراء من أبنية المتوكل. ذكر أبو الحسن علي بن يحيى المنجم عن أبيه قال: اخذ الواثق بيدي يوماً وجعل يطوف الأبنية بسامراء ليختار بها بيتاً يشرب فيه، فلما أنتهي إلى البيت المعروف بالمختار استحسنه وجعل يتأمله وقال هل رأيت احسن من هذا البناء؟ - فقلت: يمتع الله أمير المؤمنين به، وتكلمت بما حضرني، وكانت فيه صور عجيبة من جملتها صورة بيعة فيه رهبان وأحسنها صورة شهار البيعة، فأمر بفرش الموضع وإصلاح المجلس، وحضر الندماء والمغنون، وأخذنا في الشرب، فلما انتشى

في الشرب اخذ سكيناً لطيفا وكتب على حائط البيت: ما رأينا كبهجة المختار ... لا ولا كصورة الشهار مجلس حف بالسرور وبالنر ... جس والاس والغنا والزمار ليس فيه عيب سوى أن ما في ... هـ سيفنيه نازل الأقدار فقلت يعيذ الله أمير المؤمنين ودولته من هذا. ووجمنا. فقال: شأنكم وما فاتكم من وقتكم، وما يقدم قولي خيراً ولا يؤخر شراً. قال أبو علي: فاجتزت بعد سنياتٍ بسر من رأي، فرأيت بقايا هذا البيت وعلى من حيطانه مكتوب: هذه ديار ملوك دبروا زمنا ... أمر البلاد وكانوا سادة العرب عصى الزمان عليهم بعد طاعته ... فأنظر إلى فعله بالجوسق الخرب وبركوار وبالمختار قد خلتا ... من ذلك العز والسلطان والترب وبركوار بيت بناه المتوكل. اهـ. وهو الذي مر الكلام عليه وصحة اللفظة بركوارا بألف في الآخر ومنهم من سماه خطأ بركوان بنون في الآخر على ما ذكره ياقوت في كلامه عن سامراء. ووراء سور عيسى أيضاً من جهة الشمال على مسافة ربع ساعة من يرى (الجب) وقد أنشأه (على ما يقال وينقل) الخليفة المتوكل العباسي ويحيط بالجب سور مبني بالطاباق والجص وقد سقطت منه بعض الشرفات، والباقي منه متداع مائل. ومسافة محيطه لا تقل عن مائتي متر. أما هيئة الجب فهي عبارة عن حفرة كبيرة في بطن الأرض مربعة الأركان تنزل فيها فتفضي إلى عشرين سردابا ينفذ بعضها إلى بعض.

وعمق كل سرداب منها أربعة أمتار وطوله سبعة وعرضه ثلاثة وتحت هذه السردايب واقع بابه في القبلة وقد سلكنا فيه ما يقرب من عشرين متراً فلم نصل إلى آخره غير إننا انتهينا إلى أنقاضٍ كثيرة ثم رجعنا أدراجنا. أما عمقه فلا ندري قدره لكثرة ما هنالك من الصخور المتراكمة. والحجارة المتبعثرة على أهاب الأرض. والذي يشاهد فيه اليوم أن غوره 1 متر وعرضه متران. وحدثني بعض المعمرين من أهل سامراء قال كان في القرن الماضي في هذا الجب سرداب ينفذ من الجب إلى بركة السباع وسيأتي ذكرها. أما عمق الجب في الأرض فيبلغ قراب 20 متراً ومسافة محيطه قراب 60 متراً وتمشي فوق الجب وأنت مغرب في أرض كلها دكادك وصخور وأنقاض متراكمة بعضها فوق بعض مسافتها 350 متراً. ثم تقف على بركة السباع التي مر ذكرها آنفا ويسميها أهل سامراء (أم البطوط) وهي نقرة مربعة الأركان يبلغ مسافة محيطها قراب (110) أمتار وعمقها قراب 16 مترا ويحيط بها سور قد سقطت جوانبه الثلاثة وبقي منه الجانب الرابع وقد سقطت منه أيضاً بعض شرافات والباقي مائل. وحول ذلك السور في جهاته الأربع أنقاض وأحجار وصخور كثيرة لا تقل مسافة محيطها عن ثلث ساعة ولعلها أنقاض القصور التي ذكرها اليعقوبي في كتاب البلدان قال بعد كلام طويل: ثم عزم المعتصم على أن ينزل بذلك الموضع (وكان فيه دير للنصارى) فاحضر محمد بن عبد الملك الزيات وابن أبي دؤاد وعمر بن فرج واحمد بن خالد المعروف بابي الوزير

البعبع والوعوع والضبغطري

وقال لهم اشتروا: من أصحاب هذا الدير هذه الأرض وادفعوا إليهم ثمنا أربعة آلاف دينار ففعلوا ذلك ثم احضر المهندسين فقال: اختاروا اصلح هذه المواضع. فاختاروا عدة مواضع للقصور وصير إلى كل رجل من أصحابه بناء قصر فصير إلى خاقان عرطوج أبي الفتح ابن خاقان بناء الجوسق الخاقاني وإلى عمر بن فرج بناء القصر المعروف بالعمري وإلى أبي الوزير بناء القصر المعروف بالوزيري. انتهى. ويظن إنها هي لان دار السلطنة المعروفة بدار العامة حولها واليوم تعرف تلك الدار بقصر الخليفة وسيأتي ذكرها أن شاء الله. للبحث تلو م. . . كاظم الدجيلي البعبع والوعوع والضبغطري إذا هبطت ديار الشام، وبالخصوص إذا نزلت لبنإن، وتجولت في ربوعه وزرت بيوت أهاليه. ثم تنصت لما تقوله الأمهات لأولادهن عند إسكاتهن لهم أو تخويفهن اياهم، تسمعهن يقلن: بعبع بعبع، اسكت جاء البعبع (بضم الباء وإسكان العين) فإذا سمع الوليد هذا الصوت خاف وسكت. وإذا سالت الأم: ما معنى البعبع وما تريدين بهذا اللفظ؟ تلجلجت وما استطاعت أن تفيدك شيئاً يروى غليلك. على إني سالت كثيرين من الأدباء أن يطلعوني على معنى هذا الحرف فقال قوم منهم: هذه كلمة تخويف ليس إلا. وقال فريق يراد بذلك حيوان مجهول الأوصاف إلا إنه من الوحوش الضارية. وقالت جماعة: بل

البعبع كلمة لا يراد بها سوى إسماع الطفل لفظاً غريباً على الآذان ليخاف ويسكت. ثم إني ما زلت ابحث عن هذه اللفظة لأعرف اصلها ومأتاها فلم اقف على ما فيها من غامض السر إلا في هذه الأيام. وهذا أيضاً من باب التخرص لا من باب التأكيد. أما الواسطة التي اتخذتها للبلوغ إلى غايتي فكانت مقابلة ألفاظ أهل البلاد بعضها ببعض وبما ينطقون في مثل هذه الأحوال. فان أهل الموصل يقولون (جت الدامي) أي جاءت الدامي. ومرادهم بالدامي أو الدامية السعلاة أو شبهها، وطعامها دم ابن ادم، تعضه من موطن من جسده ثم تشرب دمه. والظاهر أن اللفظة صحيحة لان أهل العراق يعرفون أيضاً الدامي ويعنون بها أنثى الغول. والبين أن اللفظ فصيح، وفعل دماه بمعنى أدماه أي أسال دمه قديم، لان الفصحاء يقولون: (الشجة الدامية) ويردون بها الشجة التي تدمي ولا تسيل. فتكون الدامي بمعنى الدامية وفاعل بمعنى فاعلة كثير الورود في كلام العرب ككاعب وناهد وحائض وعارك وهاجن. وعليه فيكون قولهم جاءت الدامي كقولك جاءت السعلاة. والمسلمون في بغداد يقولون لولدانهم: جاك الواوي، (أي جاءك ابن آوى)، جاك الذيب، (أي جاءك الذئب)، جاك السبعطلان، (أي جاءك السبتلان)، (وهو عامل السلال من نصارى النساطرة يأتي إلى بغداد من كردستان في أيام الشتاء ليكسب دريهمات من عمل لسلال ويرجع بها إلى

وطنه في أواخر الربيع)، جتك السعلوة، (أي جاءتك السعلاة)، والنصارى من أهل مدينتنا يقولون: السعلوة، السعلوة جتك السعلوة. السبع، السبع، جاك السبع، الواوي، الواوي. جاك الواوي. الهارون، الهارون، جاك الهارون (الهارون هو القط الذكر الضخم ويسمونه أيضاً البزون بفتح الباء وتشديد الزاي المضمومة). هذا ما تقوله الأمهات في يومنا هذا. وكل هذه الألفاظ لا تخرج عن معنى الحيوان المفترس حقيقياً كان أو خيالياً. - وأما قبل أربعين سنة فكنت اسمع الوالدات يقلن لأولادهن. بعبع، بعبع (بفتح الباء وإسكان العين) جاء البعبع. ومنهن كن يقلن: وعوع، وعوع، جاء الوعوع، أو وعواع، وعواع، جاءك الواعواع. هوين الواوي، جا الواوي (أي هوذا ابن آوى، جاء ابن آوى). فمن هذا ترى أن البعبع الشامي (أو اللبناني ويقال بضم الباء وإسكان العين) ما هو إلا وعوع أو عواعه لا غير (ويقال بفتح الواو والباء وإسكان العين) أما قلب الواو باء فكانت لغة بعضهم شابهوا بها النبط. وقد أثبتنا ذلك من تتبع ألفاظهم كقولهم: باشق وواشق. وجارية بكبابة ووكواكة أي سمينة. وبزمة ووزمة (أي وجبة من الطعام). وماله حبربر ولا حورور، والشواهد على ذلك كثيرة. وأما ضم المفتوح عند أهل الشام ولبنان فهذا غالب في أهل القرى. وربما ضموا المكسور أيضاً فيقولون مثلا المشمش بضم الميمين وهما مكسوران على الحقيقة. وهذا كان معروفاً في سابق العهد لان من الألفاظ العربية

ما هي بالحركات الثلاث في الأول بدون تغيير في المعنى وذلك جرياً على لغة قوم وقوم من تعشق الضم في الأول أو الفتح أو الكسر. ومن ثم فقد ثبت لديك أن البعبع والوعوع شيء واحد وكذلك الوعواع. فلننظر الآن ما معنى الوعوع. قال أصحاب اللغة على الاتفاق: الوعوع ابن آوى. . . والثعلب. وقالوا في الوعواع: صوت ابن آوى والكلاب وبنات آوى. إلى غير هذه المعاني. ولم نر اللغويين زادوا على معنى الحيوانين المذكورين حيواناً آخر. إلا إننا رأينا في ذيل فصيح ثعلب لموفق الدين أبي محمد عبد اللطيف البغدادي النحوي اللغوي ما نصه: الفرانق. حيوان شبيه بابن آوى. يقدم الأسد، ويصيح منذراً به. ويسمى فرانق الأسد. ويقال إنه الوعوع (بالعربية) وهو (أي الفرانق) فارسي معرب. اهـ. وهذا عندنا هو الرأي الأصح والوعوع هو عناق الأرض أيضاً المسمى عند العلماء ولعناق الأرض أسماء كثيرة في العربية منها (العناق، والغنجل (كهدهد) والعنفط. والخنجل. (كجرجر) والحنجل (كهدهد) والعنجل (كهدهد) والبريد. والنذير. والتميلة. والتفة. والفنجل. وغيرها. وهو المسمى بالتركية قرة قولق. وبالفارسية بروانك وبالفرنسوية وعليه فان الأم إذا قالت لولدها جاء البعبع أو الوعوع أو الوعواع فكأنها تقول له: جاء الأسد ليفترسك بما أن الوعوع لا يأتي إلا ووراء الأسد إذ ذاك منذر بهذا. فقد عرفنا الآن معنى هذه الألفاظ. فهل ترى كان العرب الأقدمون

يخيفون أولادهم وما كان اللفظ الذي يستعملونه في مثل هذه الحال وما هو معناه. قلنا: كان العرب يخيفون أولادهم بقولهم: (ضبغطري) قال في تاج العروس. الضبغطري مقصورة. . . كلمة أو شيء يفزع به الصبيان. . . والعين الذي ينصب في الزرع يفزع به الطير. والضبغطري الضبع. . . أو أنثاها. اهـ. ومثله الضبغطي بالغين المعجمة والضبعطي بالعين المهملة. قال ابن دريد: هو ما يفزع به الصبي. والجمع ضباغط وضباعط. ويقال. اسكت لا ياكلك الضبغطي. روى بالوجهين (بالغين المعجمة والمهملة). وقال أبو عمرو: الضبغطي (بالوجهين) ليس شيء يعرف، ولكنها كلمة تستعمل في التفزيع، وأنشد ابن دريد: وبعلها زونزك زونزي ... (يخضف أن فزع بالضبغطي إذا حطأت رأسه تبكى ... وان نقرت أنفه تشكى) قلنا: هذا ما رأيناه في دواوين اللغة. وأما أصل اللفظة فعندنا إنها منحوتة من قولك: (ضبع طرأ) أي جاءتك الضبع فجأةً. من قولهم: طرأ فلان على القوم إذا آتاهم من مكان بعيد أو خرج عليهم منه فجأةً. والضبع أنثى على الأشهر إلا أن ابن الإنباري يقول بتأنيثه وتذكيره. وعيه فقول قدماء العرب ضبغطرى كقول المعاصرين: (جاءك الوعوع). والظاهر أن هذه اللفظة كانت كثيرة الورود على ألسنتهم حتى أن صاحب ذيل الفصيح يقول: الضبغطى: شيء يفزع به الصبيان

ولا تقل ضبغطي. فهذا يدل على أن العوام كانت تتداول هذا اللفظ حتى إنها تصرفت به هذا التصرف وصحفته هذا التصحيف. ورب سائل يسألنا: إذا كانت الضبغطى منحوتة من (ضبع طرأ) فلم لم يرد في كتب اللغة (ضبعطرى) بالعين. قلنا: أن فصحاء العرب كانوا يقلبون العين المهملة غيناً معجمة كلما جاورت الطاء. من ذلك قولهم (المغط، بالغين واصله المعط بالعين المهملة ومعناه المد. ومغطه مثل معطه. وغير ذلك. ثم أن المزهر أورد اللفظ على اصله وان كان اللغويين كلهم أجمعون أهملوه. فقد قال (في 1: 263) ما نصه: (الضبعطرى والضبغطرى بالعين والغين مقصورتان: كلمة يفزع بها الصبيان يقال: جاء ضبغطرى ويا ضبغطرى خذيه (كذا. مرة بالمؤنث ومرة بالمذكر) قال الشاعر: يفزع أن فزع بالضبغطى. اه فهذا الكلام يؤيد رأينا في منحوت. ثم إنك ترى هذا المعنى المنحوت في شرحهم للفظة ضبغطى بكونها الضبع. ولما قر اللفظ عندهم نسوا اصله المنحوت وتصرفوا به تصرفهم باللفظ الواحد وبالمعنى الواحد وهو معنى الضبع. ولما كثر استعمالهم له أنقصوه على حد ما يطرأ على المواد التي يكثر استعمالها فإنها مع الزمان تتحات وتتناقص. فأحفظ ذلك تصب أن شاء الله. على أن هناك رأياً آخر وهو دون الأول متانة أي ربما تكون اللفظة منحوتة من ضاغب طرأ. والضاغب هو الرجل يختبئ فيفزع الإنسان بصوت كصوت الوحش. فهذان رأيان اختر

المباني الحديثة في البريم

منهما ما وافقك والله اعلم. وسوف نبحث في عدد قادم عن الضبغطى عند سائر القوام. وكل آتٍ قريب. المباني الحديثة في البريم وصف أحد مكاتبي جريدة الزهور البغدادية هذه القرية وزار مبانيها فكتب فصلاً تخلص منه ما يأتي قال: (البريم بفتح الراء: اسم قرية من قرى العراق العجمي واقعة على ضفة دجلة والفرات وهي في منتصف الطريق تقريباً الودية من ولاية البصرة إلى فم خليج فارس. وقد سعت شركة إنكليزية وهي شركة النفط الإنكليزية الفارسية برضى حكومة إيران لتعمير هذه القرية بناء على أن تكون هذه القطعة مستودعاً للزيت الحجري وقد نالت الامتياز باستخراجه من أرض رامز لمدة خمسين سنة (والأصح لمدة 75 سنة) وقد أصبحت اليوم مقاماً خطيراً في العراق لكثر ما يرد إليها من المعدات الحربية الكافية. اهـ كلامه. وقد مدت الشركة الإنكليزية المذكورة قساطل من حديد أي أنابيب منحدر من محل مخرج النفط إلى البريم حتى إذا تفجرت العيون تصب سائلها في الأحواض التي قد ركبت في بطونها تلك الأنابيب فينحدر الزيت الحجري إلى البريم ومن هناك يحمل إلى البلاد ليباع فيها. ولا تقل أن المسافة بين رامهرمز وبين البريم عظيمة وان بين عيون النفط

وهذه القرية نهر بهمشير. فان الأنابيب قد مدت على طول المسافة وليس هناك ما يحول دونها. ومساحة الأرض التي بدئ بعمارتها تقدر بعشرة آلاف متر ويحيط بها مشبك من نسيج الحديد. وتنقسم مبانيها على رواية مكاتب الزهور إلى قسمين: قسم لمستودع الذخائر الحربية (كذا. والأصح انه ديوان العمال والمتوظفين في أشغال الزيت والصيدلية) وقسم للزيت الحجري. فأما معاهد القسم الأول وهو القسم الشمالي فاهم ما فيه قصر ذو طبقتين مطل على الشط لم تر العيون مثل حسن بنائه وضخامته في ولاية البصرة. وعن يسارك مساحة من الأرض تكون في مستقبل الزمان حديقة غناء. وقد خطت على هيئة مضلع تمتد إحدى أضلاعه امتداداً حتى تحاذي منتصف بورة القصر الشمالية. ومن ثم يكون للقصر فجونان غربية وشرقية. يقال: إنهما دبرتا على هذه الصورة لتكونا محلين للجلوس متى تفرعت أغصان الأشجار واشتبكت فيها الأفنان ممتدة من الحديقة إلى القصر. قال المكاتب: وعندي إنها ستكونان غطاءين لمخزنين تحت أطباق الثرى تودع فيهما القنابل الجهنمية حفظاً لها من حرارة ووهج الشمس فتبقى تلك الذخائر في مامن من عوامل اشتداد الحر وأيدي العداة فضلاً عن إنها تبقى هناك في هواء معتدل طول السنة لترطيب عروق الأشجار له. قلنا هذه أفكار خطرت للمكاتب وليس إلى اليوم ما يؤيد هذا

الظن. وترى اليوم في شرقي القصر وقريباً منه أربعين حوضاً صغيراً لتصفية الزيت الحجري وقد تم عملها. وبجانبها يبنى سبعة أحواض كبار تم بناء حوضين منها. يسع كل واحد منها 30. 0000 تنكة (أي صندوق من الصفيح المستعمل لنقل النفط إلى البلاد وسعة كل تنكة 19 لتراً) وفوق كل حوض من هذه الأحواض كبيرة كانت أو صغيرة مشبك من الحديد. وقد مد اليوم سلك للبرق (تلغراف) وسلك للمسرة (أي التلفون)

وذلك في نية ضم شتات المدن والقرى إلى بعضها البعض، فضلا عن جمع أمر المتوظفين ليكونوا يداً واحدة مع المدير الأكبر. وفي أواخر شهر تموز وأوائل آب من هذه السنة وصل الشركة جميع الأدوات اللازمة لتنوير المدينة ومحلاتها الكهربائية. وقد شرعوا في وضعها منذ شهر أيلول. وهي قريب تتم على الوجه الأكمل. وقد جلبت تلك الشركة الإنكليزية أيضاً آلة عظيمة لصنع الآجر بطريقة سريعة وحسنة وعلى قدر واحد. كما إنها مدت سكة حديد لنقل الأدوات والأحمال والأثقال الداخلة في أشغالهم. وهناك أنبار كبير طوله مائة متر في عرض 75 متراً مبني بأجر البصرة ومشدود بعضه إلى بعض بالملاط (شيمنتو) والحديد للحمل البضائع فيه. قال عبد العزيز أفندي الطباطبائي: إني طفت مدن قارة آسية فجبت الهند وجبال سرنديب وجزيرة فلفلان وجاوة وسومطرة وجزائر الفيلبين حتى وصلت إلى حدود أميركة الشمالية وشاهدت من مستودعات الزيت الحجري شيئاً كثيراً وسمعت تفاصيل جمة عن كثير منها فلم أجد شبيهاً لهذه المستودعات التي بنيت حديثاً في البريم بل ولا ما يقرب منها. وإنما وجدتها على غرار القلاع بل هي هي بدون أدنى فرق. وفي القصر نوافذ كثيرة ووراء تلك البرك أو الأحواض معمل عظيم يدأب في قطع الحدائد للأشغال الآلية فيحملها قطار يخترق

البقعة بآسرها طولاً وعرضاً فيوزعها على آلات صغار هناك. ومن نظر إلى المعمل وكيفية وضعه وإلى المباني الموجودة حوله وإلى ينوى فيها ثم سمع بما يراد من تلك المشيدات في أرض رامز حول عيون النفط يحكم عقله بضرورة النتيجة وبان هذه الأبنية لا تحتاج إلى جلب معمل (فبريقة) كهذا. وإنما جلبت آلاته لأعمال غير هذه الأعمال ولغير ما تدركه الحواس الآن. والله اعلم بالسرائر وبما تخفيه الضمائر. أما معاهد القسم الثاني فهي الأبنية القائمة بجوار شط النهر. وهي عبارة عن ثلاثة مخازن طويلة متصل الواحد بالآخر وهي مسنمة ولولا تسنيمها لما عرفت إنها ثلاثة. وقد أقيمت ليوضع فيها ما يتعلق بالبواخر التجارية من شخص ونفض. ويمر بها فرع من الخط الحديدي حتى يوفي المسنا من عن يمين المخازن ويسارها. وقد خطت بجانبها رسوم أخرى تبرز إلى عالم الوجود شيئا بعد شيء. أن الرائي إذا قصر نظره على مجرد هذه البقعة لا يتصور إنها للتجارة وبيع النفط، لا سيما إذا علم بعدها الشاسع عن رامهرمز بل تحقق أن في الأمر إجحافا بشؤون التجارة كيف لا والتجارة مبنية على أسس الاقتصاد وليس هنا ما يؤيد أن في هذه المباني الفخمة وهذه المشيدات الضخمة ما يرى للعاقل أن الغاية منها توفير النفقات وتقليلها. أما إذا فزع إلى الدلائل العقلية فتراه للحال يعدل عن هذه الفكرة ويقول لك: بل أن الغاية من هذه المباني وتخير هذه البقع من بقع ديار العجم كلها هو الاستعداد لإيقاع

مصيبتين في هذه البلاد وما جاورها: الأولى أن موقع البريم السياسي ذو بال، إذ هو كموقع بلدة البحرين السياسي. فالسلطة المطقة التي فازت بها إنكلترا في الخليج لم يبد آثرها إلا بعد ما اتخذت لها مركزاً في البحرين. فمركزها هناك هو الذي خولها الحول والطول في الخليج وهو العامل الأكبر في انتشار سياستها في بر عمان من جهة، ولنجه وأبي شهر من الجهة الأخرى. إذ أن جزيرة البحرين واقعة في منتصف الطريق الواصلة الجهتين الواحدة بالأخرى. وأنت تعلم أن مركزها في البحرين هو الأنموذج الذي جعل لها مركزا آخر في الكويت. وان كان للكويت أسباب أخرى فتلك لا تنافي هذه التي ذكرناها. فكان إنكلترا والحالة هذه قد أخذت على نفسها أن لا تذر شعبا من الشعوب الإسلامية خاليا من هيجان وفتنة فكما إنها كانت السبب الوحيد لتهييج العشائر الرحل من عشائر الجزيرة والحويزة تريد أن تكون سببا لإثارة قبائل العراق الحاضرة ليتم لها بذلك حق المساواة والمؤاخاة في نظر عدلها وإنصافها. فيا له من حق ويالها من مساواة ومؤاخاة. والمصيبة الثانية هي: جعل البريم مقاما أبا يتولد منه عدة مراكز في العراق العجمي. إذ لو كان المركز على حافة نهر بهمشير الشرقية (وهو على بعد ميل ونصف من البريم) لما تمكنوا من التسلط التام على سكان العراق العربي والاختلاط بهم. ورب قائل يقول: أن المركز لو كان على ما ذكرت لصعب النقل

منه واليه. قلنا: أن صعوبة النقل موجودة إذا كانت البريم هي المحطة نظراً لعدم بعد عيون زيت الحجر، هذا مع غض الطرف عما يتطلب من النفقات التي لا توافق نجاح التجارة. وأما لو كان هناك ما يسهل النقل كالبواخر الصغيرة مثلا التي تقطر السفن المحملة (وهذا محسوس ومصلحته ظاهرة) فالعدول عنه إلى ما هو اصعب لا بد له من مصلحة بينة. والحال ليس من مصلحة أكبر عدد من تعدد المراكز التي تكون على حافات نهر بهمشير. وهنا يظهر أن جلب ذلك المعمل لم يكن من العبث. والخلاصة أن موطن البريم سيكون بمنزلة الآلة الكهربائية التي تحرك جميع سائر المواطن وتذخر فيها اعظم القوى على حد ما يرى في مولد الكهربائية. والله اعلم بمصير الأمور. وأما ما بقي من وصف البريم فهو: أن طرقها واسعة يبلغ عرضها 15 متراً. وهواؤها حسن وشرب أهلها من ماء (شط العرب) وطعام أهلها وخضرهم تجلب من أرض العراق. وما بقي يجلب من بهمشير أو أرض فارس. وقد بنى فيها من القصور إلى آخر شهر آب من هذه السنة سبعة وكلها ذات طبقتين. وثماني دور ذات طبقة واحدة وفي كل دارٍ عشر غرف. وفيها من الإنكليز خمسة عشر رجلا وكلهم من المتوظفين في أشغال الشركة. ومن الهنود رعية الإنكليز أربعمائة عامل. ومن الوطنيين العثمانيين اثنا عشر عاملا. ومن العجم أو رعية إيران من عامل وحمال

ومستخدم مائة وخمسون. ومن أعراب البادية أربعون رجلاً. فتكون جملة المشتغلين في الشركة ووظائفها وأعمالها 637 نفساً. ويبلغ سكان البريم ألف نسمة لا اكثر. وليس لأهل البليدة دار مبنية باللبن إلا دار السيد محمد وهو رجل نزل ذلك الموطن منذ اكثر من 50 سنة، ويرأس الأهالي باسم الشيخ خزعل أمير المحمرة، وكل دعوى تقع هناك ترفع إليه فيقضها على الوجه الأصوب. وهو شيخ كبير السن له ابن اسمه السيد علي وهو ولي عهده. ومن رجال البريم الملا سلمان وقد احتل ذاك الصقع منذ نيف وثلاثين سنة وله هناك مسجد يجتمع فيه المسلمون نهار كل جمعة. وللملأ ابن شاب. وكلاهما في خدمة الإنكليز مع أن أملاك الملا كثيرة واسعة لا حاجة إلى أن يستخدم في محل. وفي شرقي هذه المخازن أربعة مواف كبار لطبخ الآجر

سؤال إلى العلماء ولا سيما المتصوفة منهم

وبجانب كل منها آلات ضغار لتقطيع اللبن وإفراغه في القوالب وقصه وسحق ما يتكسر منه. وفي شمالي الآتاتين ردهة كبيرة مبنية بالآجر الصلب وبازائها شرفاً المستودع الحقيقي للزيت الحجري وهو حوض عظيم وله حيطان من حديد سمكها ثمانية أمتار. سؤال إلى العلماء ولا سيما المتصوفة منهم بخصوص قدم الكرمليين جاء في كتاب محاضرة الأبرار، ومسامرة الاخبار، في الأدبيات والنوادر والأخبار، للشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي في الجزء الثاني من النسخة المطبوعة بالمطبعة العثمانية في مصر سنة 1305 في الصفحة 192 و193 ما هذا إعادة نصه بحرفه: (أنشد ابن ثابت قال: أنشدني الحسن بن محمد البلخي قال: أنشدني طاهر بن الحسين وهو أبو الحسن المخزومي لنفسه: ليس التصوف أن يلاقيك الفتى ... وعليه من نسج المسيح مرقع بطرائق بيضٍ وسودٍ لفقت ... فكأنه فيها غراب أبقع إن التصوف ملبس متعارف ... فيه لموجده المهيمن يخشع اهـ. وفي هذا الكلام إشارة إلى ملبس الكرمليين في عصر المخزومي المتوفي في أوائل القرن الخامس للهجرة أي أوائل القرن الحادي عشر للمسيح. لأنهم كانوا يلبسون أردية أو أعبئة بطرائق سود وبيض

كما هو مشهور فيكونون فيها كالغربان البقع. على أن أحد علماء المستشرقين وهو المسيو لويس ماسنيون كتب إلينا في رسالته الأخيرة ما هذا تعريبه (إنك تتذكر الأبيات الثلاثة التي أنشدها المخزومي بخصوص مرقعه الصوفي، وكنت قد نقلت لك نصها، تلك المرقعة التي تشبه ملبوس طريقتك في سابق العهد، فوا سوءتاه! إني وجدت النص المطبوع على الحجر في مصر القاهرة محرفا عن اصله، واليك اقدم رواية لهذه الأبيات كما أوردها السلمي (المتوفي سنة 412هـ - 1021م) في كتابه (بيان أحق آل الصوفية) بموجب النسخة الخطية الموجودة في (لآللي جامع) العدد 1516 الورقية 173 في وجهها) (للمخزومي: ليس التصوف أن يلاقيك الفتى ... وعليه من (نسج النحوس) مرقع بطرائق بيضٍ وسودٍ لفقت ... فكأنه فيها غراب أبقع إن التصوف ملبس متعارف ... (يخشى الفتى فيه إلا له ويخضع) فإنك ترى أن اسم (المسيح، قد حذف.) اهـ.

كتاب في لغة الحديث

فنحن نطلب اليوم إلى الذين قد عثروا على هذه الأبيات في غير هذا الكتاب أن يطلعونا على ما عثروا عليه من حقيقة هذا النص وان يفيدونا عن اقرب هاتين الروايتين إلى الأصل لنكون على بينة من معنى هذه الأبيات. وله منا سلفا اعظم الشكر، كما له من الله اعظم الآجر. كتاب في لغة الحديث لعله كتاب مشارق الأنوار عند حضرة الفاضل اسكندر أفندي داود مسيح كتب قديمة كثيرة في مواضيع مختلفة. ومن جملتها في كتاب في اللغة يرتقي عهد كتابته إلى القرن السادس للهجرة. إلا إنه ناقص منه ورقة في الأول وورقة من الآخر. عدد أوراقه 250 ويبتدئ الكتاب بالهمزة وينتهي بالياء وعليه فالناقص منه شئ قليل جداً وهو الذي ذكرناه وقد كتب عليه بخط حديث (كتاب مشارق الأنوار) فلعله يكون إذا كتاب مشارق الأنوار على صحاح الآثار للقاضي أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي المتوفي سنة 544. وهو على ما قال صاحب كشف الظنون (كتاب مفيد جدا) أوله: الحمد لله مظهر دينه على كل دين الخ. واختصره ابن قرقول الحافظ أبو اسحق إبراهيم بن يوسف الوهراني

الحمزي المتوفي سنة 569 وسماه المطالع. وزاد عليه بعضاً. وقال قبل ذلك: هو كتاب في تفسير غريب الحديث المختص بالصحاح الثلاثة وهي الموطأ والبخاري ومسلم. طول النسخة التي أمامنا 27 سنتيمتراً في عرض 18 سنتيمتراً وفي كل صفحة 31 سطراً وطريقة المؤلف في وضع كتابه إنه يذكر الباب بقوله مثلاً (الهمزة مع الميم) ويذكر الجميع ما ورد من الألفاظ معقودا تحت هذا الباب. ثم يذكر فصلا يعنونه (فصل في الاختلاف والوهم) وان كان في المادة ذكر بعض البلاد أو المواطن يزيد فصلا آخر يسميه (فصل في ما ذكر في هذا الحرف وفي هذه الكتب (أي الصحاح الثلاثة) من أسماء المواضع والبقع من الأرض) وان احتاج إلى إزالة ليس يعقد فصلا رابعا عنوانه (فصل في مشكل الأسماء والكنى). وقلما تجتمع كل هذه الفصول في مادة واحدة. ودونك مثالا ننقله عن أسف ونائلة قال المؤلف: (اساف ونائلة) اسم صنمين كانا بمكة. ذكر محمد بن إسحاق إنهما كانا من جرهم رجلاً وامرأة اسم الرجل: اساف بن مينا، والمرأة نائلة بنت ذئب. ويقال: ديك. ويقال: اساف بن عمرو، ونائلة بنت سهل زنيا بالكعبة فمسخهما الله حجرين فنصبا عند

نقد طبع كتاب طبقات الأمم

الكعبة. وقيل: نصب أحدهما على الصفا والآخر بزمزم، وقيل: بل جعلهما بموضع زمزم. فكان ينحر عندهما، وكانت الجاهلية تتمسح بهما، فلما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح كسرهما. وجاء في بعض أحاديث المسلمين: إنهما كانا بشط البحر وكانت الأنصار في الجاهلية تهل لهما وهو وهم. والصحيح أن التي كانت بشط البحر مناة الطاغية.) اهـ. هذا مثال مما في هذا الكتب من المباحث الجليلة مع ما عليه من الاطلاع على مثل هذه النسخة أن يفيدنا عن اسم الكتاب وعن نسخة ثانية منه وعن سنة تاريخها. لأننا قد نقرنا في ما لدينا من فهارس خزائن كتب الديار الإفرنجية والعربية فلم نعثر على نسخة ثانية تكون أختاً لها. فعسى أن يرشدنا قراؤنا إلى تحقيق الأمنية ولهم الأجر والثواب خفية وعلانية. نقد طبع كتاب طبقات الأمم (تلو) ووردت لفظة التبرؤ مكتوبة بياءٍ في الآخر (أي بالتبرئ ص667)

والأصح كتابتها بالواو. وفي الحاشية: (هذه رواية حب وحك وصحيحة) والأصح: (وهي صحيحة). وقال في ص669 (وأما ارسطاطاليس بن نيقوماخوش الجهراشي الفيثاغوري). فقال الناشر في الجاشية: (في كتاب الحكماء: الجهراشني. وفي حب: الجراسني. لعله يريد: الاسطاغيري نسبة إلى اسطاغيرا موطن ارسطو (كذا) قلنا: أين الجهراشني من الاسطاغيري وبين اللفظيين من البون البين ما لا يخفى على ذي بصر فضلا عن ذي بصيرةٍ. وعندنا أن الجهراشني يونانية الأصل من جهرائسي أو جهرائشي ومعناها (الشيخ الجليل أو الوقور الشيبة) وتحتمل وجهاً آخر أي أن تكون اللفظة مصحفة عن جهرائستي أو جراستي أو عن جهرائشتي أو جراشتي نسبة إلى جهراست أو جراشت وهواله من آلهة اليونان والرومان هو ابن يوبيتر (المشتري). وكان الأقدمون من الأعاجم إذا عظموا رجلاً نسبوه إلى واحد من آلهتهم كما يسمون الإمام الكبير بالإلهي أو المتأله وأنت تعلم أيضاً أن جهراست نعت من نعوت نبطون آخي يوبيتر. - وهناك وجه ثالث من الاحتمال والتخرج وهو أن تكون الجهراستي بالسين أو بالشين والجراستي بدون هاء وبكلا الحرفين السين المهملة والشين المعجمة منسوبة إلى جهرست أو جرست وهي مدينة من أعمال الاوبية وراس من رؤوسها. وقد جاء بهذا الاسم أيضاً ميناء من موانئ يونية. فلعل أحد أجدادنا فيلسوفنا من أحد هذه البلاد المذكورة فحفظ نسبه. والخلاصة أن الجراستي

من ألقاب الحسب والنسب والتفخيم لقب به ارسطو أو أبوه أو أحد أجداده لعلو منزلته وسموق شرفه أو لغاية أخرى نجهلها الآن. وجاء في تلك الصفحة قول المؤلف: (وهي السبعون كتاباً التي وضعها لاونارس) فقال الناشر: (يريد أحد أعيان اليونان ولعل الاسم مصحف). قلنا: لا يظهر إنه مصحف لان طابع كتاب ابن القفطي لم ير اختلاف الروايات فيه. وورد في صفحة 670 (المقاتلين الأوليتين) والأصح الأوليين. وفي ص671: (واليد الحليلة (بالحاء المهملة) ونظنها (الجليلة) بالجيم وفي ص673 (وردا عليهم بالحجاج الصحيحة) والأسد أن يقال (بالحجج الصحيحة). وفي ص674 (وكان) (والكلام فيه عن مثنى) والأقوم أن يقال (وكانا) بالتثنية. وفي ص676 (كتاب سيبويه المصري (كذا) وهو تصحيف غريب. لان المطالعين يعرفون أن سيبويه لم يهبط مصر في حياته فكيف جاز أن ينسب إلى مصر. والأصوب أن يقال (المصري) بالباء في الأول نسبة إلى البصرة وقد نزلنا فنسب إليها وان كان اصله من البيضاء من قرى شيراز. وجاء في ص678 (وكان شديد الانحراف عن ارسطاطاليس وغانياً له في مفارقته معلمه أفلاطون). فأنت ترى أن لا معنى لكلمة (غانياً) هنا. ولذا قال الناشر في الحاشية: (لعل الصواب (عاتياً). قلنا: وهذه أيضاً لا محل لها ههنا. إذ لو كانت كذلك لما جاء بعدها: له في

اقتراح على علماء الشرق وأدبائه

مفارقته) لأنه يقال. عتبه على شيء. ومن ثم وجب أن تكون الكلمة (عائباً له أو غائباً له) وكلاهما بمعنى واحد. - وقال في تلك الصفحة: (ونحل مذاهب العلماء) والأصح (نخل) بالخاء المنقوطة. والمؤلف ينشر طي كلامه بعد ذلك بقوله: (وأنتقى لبابها، واصطفى خيارها.) قال في ص679 والبرغز، والاصح والبرغر براء مهملة في الآخر. وورد في حاشية ص680 (لم يتم تنصرهم دفعة واحدة بل تمادى الزمان) والأصح يتمادى الزمان. وجاء بين أسماء مؤلفات يوحنا بن ماسويه (كتاب البقرة) فوضع الناشر بعد هذا الاسم علامة الاستفهام (؟) كأنه شعر بغرابة هذا الاسم، ولقد صدق ظنه، لان اسم الكتاب هو (كتاب البصيرة) (له تلو) اقتراح على علماء الشرق وأدبائه قرأنا في مجلة العالم الإسلامي في الصفحة 183 من مجلدها الخامس عشر في عددها السابع والثامن الصادرين في شهري تموز وآب من هذه السنة هذه العبارة الغريبة وهذا تعريبها: (أن الفلسفة والعلوم المشهورة باسم (العلوم العربية) ليست في الحقيقة إلا عبارة عن نقل وشرح مؤلفات اليونان، وبخلاف الفقه فإنه من النتاج الخاص بالإسلام ومن نتاجه النادر. وهذا أيضاً لا يعتبر كذلك إلا طالما لا تظهر لحمة النسب بينه وبين فقه الروم.) اهـ.

مذنب بروكس

فنحن نطلب إلى علماء الشرق والراسخي القدم في تاريخ الإسلام أن يردوا على هذا المستشرق (وهو العلامة أ. آمار في الجرائد والمجلات بشرط أن يكون الرد خاليا من الطعن ومعززا بالأدلة والبراهين، ونحن نرحب بكل مقالة تكتب في هذا المعنى ونفتح لها باباً واسعاً في مجلتنا ومن الله العون والتوفيق. مذنب بروكس إذا استيقظت باكراً هذه الأيام أي نحو الساعة الرابعة ونصف إفرنجية، أو نحو الساعة العاشرة ونصف عربية صباحاً، أطلق طائر بصرك إلى جهة مشرق الشمس عند منفتق أو منبثق أهاب الفجر، تر كوكباً ذا ذؤابةٍ واقعاً عن يسارك إذا نظرت إلى نجم الصبح، واسم هذا الكوكب (مذنب بروكس وهذا الاسم مضاف إلى من رآه ووصفه وعين أوقات ظهوره وعودته لأول مرة. وقد رأينا هذا المذنب رأى العين (أو كما يقول العوام: بالعين المجردة، وهو من التعبير الإفرنجي المعرب تعريباً حرفياً) منذ نحو منتصف شهر آب، وهو لا يزال يطلع إلى الآن، وبلغ هذا الكوكب نقطة الرأس في 27 تشرين الأول نحو الساعة التاسعة مساء. الفانوس والمنوار سألنا بعضهم: ما أصل لفظة الفانوس وما الذي يقابلها في اللغة الفصحى.

باب المشارفة

الفانوس لفظة يونانية الأصل من أو والبعض يقول فانوص بالصاد وتجمع على فوإنيس. وقد وردت هذه اللفظة في تاريخ كتاب السلاطين المماليك. وكان يراد به في الأصل كما كان يريد به العراقيون قبل عشرين سنة أي مصباح يتخذ من نسيج مشنع مستدير الشكل على هيئة اسطوانةٍ قصيرة وهو متجعد تجعيدا من شأنه أن ينطوي على نفسه فيحتوي تحويا وفي قعره ورأسه قطعة من الصفيح ويركز في أسفله شمعة. ثم لما تحسن أمر الاستصباح نقل إلى صورة المصباح الذي تتخذ جوانبه من الزجاج وقد نزل هذا الزجاج في زوايا من الصفيح (التنك) لتمسكه من السقوط. ثم نقل معناه إلى هذه المصابيح التي توضع في الطريق ليستضيء بها الساري وهي المعروفة عند الإفرنج باسم ويقابلها بالعربية (المناوير مفردها المنوار). قال في ذيل الفصيح: (العوام يسمون ما يستصبح به على أبواب الملوك (المنيار) والقياس (منوار) لأنه من النور أو النار) اهـ. قلنا: يؤخذ من هذا أن الملوك في سابق الزمن كانوا يجعلون على أبواب دورهم مصابيح لتميز من سائر الدور. أما اليوم وقد شاع الاستصباح في كل البلاد لرخص مواده فالمناوير تعلق في جميع الطرق والشوارع إراحة للناس بدون تفريق بين التابع والمتبوع. باب المشارفة (البيان السنوي للكلية العثمانية الإسلامية في بيروت عن سنة 1329)

البيان

تلقينا بفرح هذا البيان ووقفنا على ما فيه وعلى تقدم هذا المعهد معهد العلم فوجدناه أنتقل من طور الصبوة إلى طور الكمال ونحن نتمنى له العروج في سلم الترقي الدائم. أن ربك على كل شيءٍ قدير. البيان مجلة تبحث في الأدب والتاريخ والفلسفة والأخلاق والتربية والاجتماع والنقد والروايات والصحة وتدبير المنزل وتعنى بنشر آثار الغرب وآثار العرب وتضرب بسهم في كل فن ومطلب، لصاحبها عبد الرحمن البرقوقي ومنشئيها عبد الرحمن البرقوقي ومحمد السباعي، وتظهر آخر كل شهر عربي في 80 صفحة وقيمة اشتراكها في السنة 50 قرشا ومحل أدارتها بشارع عبد العزيز في مصر. وقد طالعناها فوقفنا على هذه العبارة في ص7 إذ يقول الرصيف عبد الحمن أفندي البرقوقي: (أشركت في أمري آخي وصديقي الكاتب الكبير محمد السباعي أمكن من علمت في آداب العرب والمغرب واخلب من سمعت بياناً. وأكثرهم في مناحي البيان افتنانا) ومع ذلك فقد وجدنا في العدد ما لا ينطبق كل الانطباق على هذه الأوصاف. وأول شيء نأخذه على المجلة هو هذا المدح الذي يغض من كتاب مصر وفيهم حملة الأقلام وقالة الشعر ومجيدي النظم والنثر ما لا يرد على يراعتهم مثل ما ورد في مجلة البيان من هذا الكلام المغلق المعضل مما يحتاج فتحه إلى مقاليد الأرض والسماء. من ذلك قوله ص52: فلا درس يعطى للغلام. وهو من التركيب الأعجمي والأفصح فلا يدرس

الغلام درساً حتى. . . وفيها: (حتى يعرض عليها فتصدق عليه). والأفصح فتصدقه. وقوله: (وقدماً أيقظ الله بالجليد سوليه ووسيمه (كذا) اوجاستين من رقدته ونبهه بالثلج من غفلته) وكان الأليق بالمعرب أن يصحح وهم الكاتب اللورد بيرون لان صغار طلبة المدارس يعرفون أن الذي دفع القديس اوغسطين أو اوغسطينس (لااوجاستين) إلى الرعوي هو سماعه صوتاً يقول له خذ أقراً فاخذ رسائل الإناء المصطفى وتصفح وجهاً منها فوجد فيه الدواء لدائه فاهتدى إليه تعالى. ثم ما معنى (وليه ووسيمه) فلا جرم أن المعرب لا يريد التلميح إلى المطر ووسميه بل إلى وليه (أي وليه تعالى) وسميه. لكن لم يرد السمي عند العرب والنصارى بمعنى الإمام في القداسة. وإنما تسمى النصارى سمياً من الأولياء من كان اسمه شبيه اسمك لا معنى مجرد الصديق أو الصالح. ثم ما معنى هذا اللفظ المنكر (اوجاستين) والمشهور على الألسنة والمذكور في الكتب القديس اوغسطينس أو اوغسطين فلماذا هذا التغيير. وقال: (ص58 أن الآنسة أخبرتني أن اذهب شملة) أي يسرة. ولم يرد هذا الحرف في لغتهم بل صرح ثعلب في صفيحة بفساد هذا التعبير قال: ونظرت يمنة وشامة أي جانب اليمين وجانب الشمال. ولا تقل شلة) لأنها بالشملة وهي الكساء الذي يشمل به أي يتغطى به.

تحريم نقل الجنائز

وقال في تلك الصفحة: (لجهلي بالألمانية) والأفصح لجهلي الألمانية. وفيها أيضاً: (واستلمت الحلقة). والأصح وأخذت الحلقة. وقال في ص67 (فلففتها في قفازة الفتاة). وأعاد القفازة مرارا والأصح قفاز. وقال في تلك الصفحة أيضاً: (لا زهقت روحه لتوه وساعته) والأصح لتوته وساعته. والتوة (لا التو) هي الساعة. وأمثال هذا التعبير كثير فنجتزي بهذا القدر اليسير. هذا من جهة الإنشاء والتعريب وأما من جهة المواضيع فإننا رأينا منقوشا على صدر المجلة مواد كثيرة مختلفة لم نجد في مثانيها إلا ما يحصر في ثلاثة فصول. ومن اغرب ما رأينا في هذه المجلة مقالة التطفيل. فأي فائدة يا ترى أن نتعلم كيف يكون وكيف يتطرق إليه. ذلك إذاً فصل من الفصول النوافل التي نحن الآن في غنى عنها. - وهناك غير ما انتقدناه من التعبير والتنسيق والتفصيل إلا أن هذا كله لا يحط شيئاً من رفيع مقام المجلة لأنه قد قيل: كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه تحريم نقل الجنائز (رسالة فقهية علمية إصلاحية حرة من مؤلفات الأستاذ العلامة حضرة هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة العلم الغراء) طبعت بمطبعة الآداب سنة 1329 في 18 صحيفة بقطع الثمن.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

وهي رسالة مفيدة للإمامية غاية الإفادة ونحن نتمنى أن تنتشر بينهم وتزيل تلك العادة التي يتضرر منها أناس كثيرون وهي عادة نقل الموتى إلى كربلا التي بواسطتها تنقل عدة أمراض بين الأحياء وتفشو بين ظهرانيهم فشواً متلفاً لكثير من النفوس حقق الله الآمال. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره (سعدون باشا) وصل سعدون باشا إلى حلب في أواسط أيلول الماضي رغما عما أشاعه بعض المغرضين المرجفين وكان يخفره ضابط وثمانون جنديا وأودع سجن حلب ريثما يحاكم. (الدواسر) خطر في بال الحكومة بيع مقاطعة (الدواسر) في جوار البصرة إلى بيت آل براهيم من أغنياء الهند. والظاهر إنها عدلت الآن عن عنيتها لما رأت وراء الأكمة ما رأت. وموقع الدواسر جليل الخطر لأنه محاذ لجزيرة عبادان وقريب من الكويت ولان المسافة بينهما قراب 12 ساعة ولا فاصل بينهما سوى خور عبادان. (اضطراب في البصرة) وقع في أوائل أيلول في البصرة بعض أمور أقلقت راحة أهلها، ملخصها: إنه هجم نحو عشرين من الأشقياء على السوق نهاراً، فنهبوا بعض الأموال، وقتلوا أحد التجار، وجرحوا آخر اسمه موشي كباي، بعد أن اخذوا منه خمسين ليرة، وقد وقعت مناوشة بين هؤلاء اللصوص وجند الدولة، فانجلت الواقعة عن مقتل أربعة رجال: اثنان من الجند واثنان من العماريط، وقبض على خمسة

من هؤلاء الأنذال مقلقي راحة العموم. والتحقيق جار في تتبعهم والاقتصاص منهم والضرب على أيديهم واستئصال شافتهم. (غرق سفن جسر بغداد) يعلم القراء أن جسر بغداد الأكبر واقف أو ممتد على سفن أو زوارق تسمى جساريات مفردها جسارية (أي حاملة الجسر). ففي الساعة 7 من نهار السبت 9 أيلول أخذت سفينة من هذه السفن بالرسوب في قعر دجلة بعد أن امتلأ جوفها من الماء ولما بدأت بالغوص تصايح من كان على الجسر وعلى الشاطئ استنجاداً وتخلصاً فلم يكن هناك من مجيب. وكان سائر السفن حسدت أختها البكر فتسابقت في الهبوط في قعر الماء، وعلى هذا الوجه غرقت خمس منها في مدة ساعتين أو تزيد على هذه المدة قليلاً. أفلا يحسن بعد هذا أن يمد على دجلة جسر من حديد كجسر الخر حتى يأمن الناس على نفوسهم. (إصدار الخيل إلى بلاد الأجانب) كانت الحكومة قد منعت منعاً باتاً المتاجرين بالخيل العراب إصدارها إلى الديار الأجنبية، ولا سيما إلى ديار الهند، فلما درى بهذا المنع أرباب الخيل اخذوا يرسلونها على الطريق بدلا من إرسالها في البواخر فهم يذهبون بها إلى البصرة فالزبير فالكويت أو المحمرة ومن هناك تنزل في مراكب البحر لتباع في الهند. وهكذا خسرت الحكومة وإدارة المراكب وإدارة المكس (الكمرك) ما تستوفيه من إصدار الخيل. فقد قيل أن في الأسبوع الأول من أيلول سار الباعة بستمائة راس من الجياد عن طريق البر، فالأمل من الحكومة أن تسعى ف إصلاح هذا الخلل المضر بها

وبأهل الوطن. (صحن الشعلان) اظهر هذا الشيخ سوء نياته في ما آتاه وأجترحه من المنكرات كالعصيان على الدولة وآبائه دفع الزكاة والهجوم على البريد وقطع الطرق وتهييج العشائر على الحكومة ونهب أموال التجار والقوافل وابتداعه رسوماً جديدة لنفسه لم يسبقه إليها أحد إلى آخر ما جاء به، فسعت الحكومة في تعبئة الجيوش لكبح جماحه وردعه عن غيه فلما علم الشيخ بهذا النبأ، نهض مع عشيرته الخزاعل ونزل في عشيرة بني قحيم والبدور وسوف نرى ما تكون النتيجة. (زوال الهيضة) زالت الهيضة من بغداد وأنفذ مجلس المعارف وإدارة الصحة إلى أصحاب المدارس أمراً بفتح المكاتب، ففتح كثير منها في أوائل تشرين الأول. (تأثير معالنة إيطالية بالحرب للدولة العثمانية) في اليوم 29 من شهر أيلول أعلنت إيطالية الحرب للدولة العثمانية فاحدث هذا النبأ في بغداد والعراق بأسره هزة أشبهت الهزة الكهربائية واظهر المسلمون من التحمس الوطني والحمية العثمانية ما لا مثيل له وقد عقدت عدة مجالس ومجامع وخطب فيها مصاقع الخطباء وفي مقدمتهم والي الولاية فاظهر السامعون من حسن الالتفات والإجابة ما دفع أكثرهم إلى بذل المال والتطوع في خدمة الوطن العزيز. حقق الله الأماني ونصر المظلوم على الظالم، وكفى به نصيرا. (ذكر تفصيل واقعة الديوانية) واجه أحد كتاب جريدة الزهور

الغراء حضرة الوالي جمال بك فسأله عن القوة العسكرية التي يقودها الوطني سليمان بك قائد المجنبة (أي القول اغاسي) فقال له ما معناه: (لما هبطت الولاية رايتها والفوضى قد عمت فيها، لاختلال النظام والراحة في جميع إنحائها. وفي اليوم الثاني من وصولي إلى هنا ورد ألي نبأ برقي من متصرف لواء الديوانية ينبئني عن تحفز كل من عشيرتي الشبل والغزالات لجمع الجموع وإعداد القوة للهجوم على صاحبتها وقد أوعز إلى رئيس عشيرة ثالثة أن يتوسط في منع وقوع الحرب. فرأيت أن توسط من لا علاقة له بالمسألة غير موافق لحكمة الحكومة وللحال سيرت إلى محل النضال طابوراً من الجند البغالة وطابورين من المشاة وفرقة (بلوكا) من المندفعين أصحاب المدافع الرشاشة، وثلة من مدفعية الصحراء لمنع نهوض المعتدين، وحقن دماء العثمانيين، وإظهار سطوة الحكومة، وتأديب المخالفين. وقبل أن يزحف الجند على أولئك المقلقين وقائم مقام الشامية تطلعني على وقوع مناوشة بين العشيرتين انجلت عن قتل مائتي نفس من القبيلين فأمرت قيم المقام أن يزحف على أولئك الأقوام بطابور الرماة المقيم في النجف. فوصل إلى حومة الوغى قبل وصول سليمان عسكري بك إليها فلم يوفق إلى شيء بل ظهر من هيئة تصرفه وأعماله ما أوجبني إلى عزله. ولما وصل سليمان عسكري بك إلى المحل خضد شوكتهم وانتصر عليهم نصراً مبيناً. فاستراح الناس بعد هذا ولم يبق ما يخل بالراحة.

العدد 6

العدد 6 وصف القطار (أنفت إن أمس وجه الصعيد ... فتغشت محجة من حديد) وغدت تنهب السباسب ركضاً ... فغدا للقريب كل بعيد كلما هزها إلى السير شوق ... أخذت في الحنين والتغريد فهي طوراً (ظئر) أضلت فصيلا ... وهي طوراً كقينةٍ ذات عود وهي حيناً ذات الخلاخل خود ... وأوانا كراسفٍ في قيود فكأن الغناء والصدح والبغ ... م روته والبأس عن دواد كلما انحل المسير قواها ... جددوها بالنار ذات الوقود وإذا صادفت لدى السير طوداً ... جاوزته بأي بأس شديد

طوت الأرض في السرى أي طي ... ولديها (الاهراع كالتهويد) وإذا ارقلت ترى الشرق والغر ... ب سواً عندها بلا تحديد لو تبارى النوق المراسيل منها ... ساريات من غيب وشهود لأرتها في ساحة السبق ممشى ... عرش بلقيس في يد التأييد وارتها بساط ريح سليما ... ن عياناً محشداً بالجنود ولدى يوم خمسها تركتها ... خوف سبقٍ تعاف يوم الورود وأعادت ذاك الوجيف ذميلا ... بعد جهد من كل عنس شرود ما جرت للسباق إلا وحازت ... قصبات السباق من كل قود ذات جرىٍ يكاد يسبق نجم ال ... ليل بل ظل شخصها الممدود لا تشق الهجان منها غباراً ... بل ولو قد خفها من حديد سعد أين الهجان من ذات عدوٍ ... جاوزت فيه غاية المقصود يا لمقصود لها قاصرات ال ... طرف حمل من كل قب النهود ورشاً يفضح الغصون بقدٍ ... وغزال النقا بعين وجيد من نحيل الأعطاف يهتز قسراً ... عطفه لاضطراب ورد الخدود وابن سبعين حجة ثم عشرٍ ... وعجوز تزيده في العديد ثم من بعد ساعة فإذا هي ... ولدتهم فيالها من ولود مثل سرب القطا تجر قطاراً ... نظمته (الأسلاك) نظم العقود إن تمشت من بأسها ترجف الأر ... ض حذاراً منها فيا أرض ميدي

وإذا نوديت بهلا امتلأت ... فتناديهم بهل من مزيد ما شكت للوني وما عرفت قط ... كلالاً في الغور أو في النجود هذه الآية التي عرفتنا ... بالهٍ مدبرٍ للوجود تلك بنت البخار أم جوارٍ ... منشآت تدعو وجيب الكبود كل سيارةٍ لجوب القيافي ... ذات شوقٍ تهيم في كل بيد كم وكم صعدت لأنفاس صب ... وزفير وانةٍ ورعود وبخار يطوي السحاب بنشر ... قد تسامى وجازه في الصعود ولها مرجل من الشوق يغلي ... بين أحشائها بذات الوقود عبودتها عليه حكمة (وطٍ) ... يا عميداً فديته من عميد ذاك علامها أمام هداها ... علم مفرد بغير نديد ذاك شهم فيه الزمان تباهي ... كتباهي (أقوامنا!!! بالجدود) ذاك شهم بذكره يفخر الذك ... ر ويسمو القريض عند النشيد ذاك شهم بالجد ساد افتخاراً ... فشاي كل سائدٍ ومسود طبت نفساً يا واط بل طبت مثوىً ... وحباك الإله دار خلود أنت سهلت للآنام الطريق ال ... صعب فارتاح ذو المكان البعيد

وربطت البلاد بعضاً ببعضٍ ... خدمة للورى (بخط الحديد) فالوري شاكر لك اليوم فعلاً ... ما على غاي شكره من مزيد وكفى الناس فيك يا وط فخراً ... ولو قيل الإنسان نسل (القرود) يا زمان البخار يا زمان البخار شكراً لك اليو ... م وشكراً لعصرك المسعود يا زمان البخار عصرك عصر ال ... نور عصر التهليل والتمجيد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... علم عصر الآداب عصر القصيد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... كهربا والمنطاد عصر الصعود يا زمان البخار عصرك عصر ال ... برق عصر (التلفون) عصر (البريد) يا زمان البخار عصرك عصر ال ... كشف عصر الإبداع والتجريد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... سبق عصر الأسطول عصر الجنود يا زمان البخار عصرك عصر ال ... فكر عصر الآراء والتسديد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... حزم عصر الأقدام والتمهيد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... نقض عصر الإبرام عصر العهود يا زمان البخار عصرك عصر ال ... فضل والارتقاء والتصعيد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... فيلسوف المفيد والمستفيد يا زمان البخار عصرك عصر (ال ... رازي) عصر (المأمون) عصر (الرشيد) يا زمان البخار عصرك عصر ال ... كفر عصر الإيمان والتوحيد يا زمان البخار عصرك عصر ال ... شك عصر اليقين عصر الجحود

بعض الأعراب غير المنسوبة

يا زمان البخار عصرك عصر ال ... عقل عصر التنوير عصر الجمود يا زمان البخار حياك عصر ... منه قد جئتنا بعصر جديد وحباك القريض كل ثناءٍ ... وامتداحٍ لفعلك المحمود (لست ادري) لست ادري وليتني ذو اختبارٍ ... أي يوم يموت غيظا حسودي أي يوم أحظى بنيل الأماني ... من بني قومنا وبالمقصود ذاك يوم فيه العراقي يباهي ... كل قطر بالاختراع المفيد هل لأبناء قومنا من حراكٍ ... وانتباهٍ من غفلةٍ ورقود ما لأبناء قومنا من قيام ... يا ابن ود من بعد هذا القعود لا ولا نهضة لهم ابد الده ... ر تراها حتى ليوم الوعيد تعست أمة فشا الجهل فشواً ... بين أحرارها وبين العبيد (الدجيلي) بعض الأعراب غير المنسوبة 1 - نظر عام يوجد اليوم بين القبائل والعشائر الرحل ستة أفناد غير منسوبة وهي: الشرارات، والهتيم، والعونة، والصليلات، والعوازم، والرشائدة، والصلبة. وهذه كلها لا يعرف لها بين القبائل أصل يرجع إليه في النسب، اللهم إلا ما يزعمونه هم، أو يزعمه البعض منهم، أو يتقوله

بعض من لا إلمام له بهمم من أعراب وإغراب. وعلى كل حال فإن هذا الزعم باطل من عدة اوجه: أولا: لأن العرب الذين كتبوا في هذا البحث التأليف الجمة ونسبوا كل قبيل إلى الجد الأعلى الذي ينتمون إليه أم يذكروا هؤلاء الأقوام الرحل، بل لم يعترضوا لذكرهم حتى من باب التلويح إلى وجودهم. ثانيا إن القبائل العربية الحالية لا تعترف بمزاعم أنسابهم التي ينتحلونها لأنفسهم. ثالثاً: ليس من قبيلة واحدة أو عشيرة واحدة بدوية تعترف لهؤلاء الأقوام إنهم على النسب الذي يدعونه لأنفسهم. رابعاً: إن هؤلاء الأدعياء إذا جاوروا قبيلةً، انتسبوا إليها مما يدل على إنهم شذاذ خامساً: إن الأعراب ينظرون إليهم نظر أهل المدن إلى النور أو الكاولية المنتشرين في ضواحي المدن. فهذا يدلك على إنهم سقط الناس. ومن بعد إن أثبتنا هذه المقدمة العامة التي تصدق على هؤلاء الطراء جميعهم معاً نعقد فصلاً وجيزاً يتعلق بكل قوم من هؤلاء الأقوام دون غيره. فنقول:

2 - الصليب أو الصلبة (لفظة الكلمة وذكر لغاتها) الصليب مصغرة. وبعضهم يقول اصليب بهمزة موصولة بعدها صاد ساكنة وتلفظ هم الصليب (متحركة) أيضاً والصلبة (وتلفظ بضم الصاد وفتح اللام والباء الموحدة التحتية. وأما العوام فيلفظونها بإسكان الصاد وإشمام اللام ضماً ضعيفاً أي تلفظ اللام بحركة تشبه حركة الحرف الإفرنجي المعروف (بألف الروم أو الألف الخرساء) أي وهي الحركة التي نسميها من الآن وصاعداً (الحركة المشتركة) لاشتراكها بين حركتين أي بين الضم والكسر أو بين الضم والفتح. ومنهم من يقول: الصلب (أي بالصاد المشمومة ضماً واللام المفتوحة) وتلفظ أو معنى اللفظة على اختلاف لغاتها ومحل وجود الصليب لم يتفق العرب والأعراب والصلبة على معنى هذه الكلمة، فالصلبة أنفسهم يقولون إنهم من صلب العرب أي صميمهم، ولذلك سموا بهذا الاسم حفظا لأصلهم، ولا سيما لأنهم أصبحوا خاملي الذكر عند سائر العشائر والقبائل كلها. لكن يرد على هذا الزعم القائل إنهم لو كانوا من صميمي العرب لعنى بنسبهم الكتاب الأقدمون ولتشرفوا بذكرهم. والحال: إن الأمر على خلاف ما يظن أو يروى. وغيرهم يقول: إن الصلبي أو الصلب بمعنى السائل أو الطفيلي من

صلب العظام: إذا استخرج ودكها. كان هؤلاء الأقوام بكثرة إلحافهم يستخرجون من الناس ودك العطايا والحسنات. وهذا الزعم يصدق فيهم لأنه لا يعرف لهم أصل مثبت ولأنهم يتطفلون على ربوع الأعراب أينما حلوا وإلى حيثما ارتحلوا. ولهذا لا تعرف لهم دار كما لا يقر لهم قرار. ومن ثم فكل أرض لهم أرض وكل دار لهم دار. واستناداً على هذا المبدأ لا يطمع فيهم طامع، ولا يغضب عليهم أحد، ويزعم البعض إنهم من بقية الصليبين الذين تخلفوا بعد الحروب الصليبية عن رفاقهم الافرنج، ويقولون إنهم من الإنكليز. والحق إن أصلهم لا يعرف على التحقيق كما قدمناه فويق هذا. أقسامهم يقسم الصلبة إلى قسمين أو فرقتين أو شعبتين وهما: (قبيلة الغنمي) (بإشمام الغين المعجمة رائحة الضم المصحف عن الضم الصريح وإسكان النون وكسر الميم وتشديد الياء التحتية في الآخر) (وغير الغنمي) فالفرقة الأولى أعلى منزلة وارفع درجة من الشعبة الثانية، ولا يعطى رجالها بناتهم لشبان الفرقة الثانية، كما لا يتزوجون واحدة من نسائهم ولهم اليد العليا في كل أمر. نظرة عامة في أحوالهم وأخلاقهم وأوصافهم اكثر معاطاة هؤلاء الأقوام صيد الضباء والغزلإن، ولهم فيه

مهارة تامة وحذاقة عظيمة. - وهم اعرف القبائل كلها بطرق البر ومسالكه، وابصر الناس بأمكنة المياه والآبار. ومما لا ينكره عليه أحد هو إن الأعراب جميعهم يتخذونهم أدلة لهم في قطع البراري والفيافي دون غيرهم. - ولهم صبر جميل على الضما والجوع والبرد والحر. ومن خواص ما عرفوا به جودة النظر وبعد البصر وصحة الأجسام فترى الواحد منهم يبلغ الثمانين أو التسعين من سنيه ونظره شاب صحيح البدن والنظر. وأسنانه تضارع الدر المنظوم. وذلك لكثرة سيرهم في النهار ورياضة أجسامهم وقلة خلطهم في المآكل وتحاشيهم عن المشارب المسكرة أو المضرة بالأبدان. وسكناهم الأراضي العذبة ذات الأديم الرائق الموافق للصحة. 3 - الشرارات لفظة الكلمة الأعراب يلفظون هذه الكلمة بإشمام الشين رائحة الضم وفتح الراءين. والظاهر إن هذا اللفظ قديم على هذا الوجه لأن الفصحاء اختلفوا في حركة الراء فمنهم من جعلها فتحةً صريحة ومنهم من اعتبرها كسرة. فتكون الحقيقة إنها بين بين كما هو حالة الروم. قال في تاج العروس: الشرار ككتاب والشرر مثل جبل: ما يتطاير من

النار. واحدتهما بهاءٍ. هكذا في سائر النسخ التي بأيدينا. قال شيخنا: الصواب كسحاب. وهو المعروف في الدواوين. وأما الكسرة فلم توجد لغير المصنف. وهو خطأ. ولذلك قال في المصباح: الشرار: ما تطاير من النار. الواحدة شرارة. والشرر مثله. وهو مقصور منه ومثله في الصحاح وغيره من أمهات اللغة. وفي اللسان: والشرر ما يتطاير من النار. اهـ. ونظن الصواب إن الأصل في حركة الشين الروم أو إشمام الضم رائحة الكسر وهي الحركة التي هي بين بين التي سميناها ونسميها (الحركة المشتركة). ومن ذلك نشأ الاختلاف في الضبط. معنى اللفظة معنى هذه اللفظة ظاهر لكل ذي عينين لي إن الشرارات سموا كذلك لخستهم أو لقلة الاعتداد بهم فأصبحوا بالنسبة إلى العرب كنسبة ما يتطاير من النار عند اشتعالها إلى النار نفسها. وهذا كاف لتستدل على منزلتهم عند أهل البادية. عددهم ومحل وجودهم عددهم بين الألفين والثلاثة الآلاف من الرجال. وهم يسكنون وداي السرحان من الجوف إلى قرب القريات (جمع قرية مصغرة ومجموعة جمعاً مؤنثاً سالماً) في آخر الوادي المذكور. ويجني من هذه القرى الملح. وموقع هذه القرى في يمنة شرقي جبل الدروز.

أحوالهم هؤلاء الأعراب يسرحون ويمرحون كعادة سائر القبائل الرحل. إلا إن عوائدهم تختلف كثيراً عن أخلاق العرب في عدة أمور: فإنك لا تجد فيها الكرم ولا الترحيب بالضيف ولا حمى الذمار ولا سطوة لهم بالنسبة إلى سائر الأقوام. إلا إنهم يدافعون عن أنفسهم إذا اعتدى عليهم أحد. وبيوتهم حقيرة جداً. وقلما بنوا أو يبنون بيوتاً لهم خوفاً من قرى الضيف. فهم يتركونها على ظهور ابلهم وينزلون حيثما غربت الشمس في مفلى من مفاليهم ونيرانهم ضئيلة. واستعمالهم قهوة البن نادر. وكذلك يندر عندهم عقد المجالس والدواوين والأندية. 4 - الهتيم لفظ الكلمة الهتيم مصغرة كزبير. والبعض يقول: (اهتيم) بهمزة حركتها بين الفتح والضم أو بين الفتح والكسر، وتاء مفتوحة فتحاً ممالاً فيه إلى الياء وياء ساكنة. والبعض الآخر يقول: هتيم بإسكان الهاء وبقية لفظ الكلمة كما في اهتيم. قال ابن سيده: وارى هتيما تصغير ترخيم. نقله ابن منظور.

ذكرهم في كتب المؤرخين إن الهتيم كسائر حثالة الأعراب يتنقلون في كل صقع، وينتجعون كل ربع. وقد نزل قوم منهم ديار مصر وتنقلوا فيها. قال في تاج العروس بنو هتيم كزبير: الأم قبيلة من العرب، وهم ينزلون أطراف مصر. ويقال إنهم بطن من الترابين. وقال الحافظ: عرب مساكين يستجدون من ركب الشام). اهـ كلامه. سبب تسميتهم أظن إن الهتيم سموا كذلك أخذاً من الهتم وهو الكسر والتهتم: التكسر، كأنهم لذلتهم وخستهم ولومهم يعتبرون من كسارة العرب وحثالتهم. مساكنهم الهتيم يسكنون (ما عدا ديار مصر المذكورة) الحرة الواقعة في شرقي المدينة المنورة إلى روضة المستجدة، وهذه تقرب من حائل بيوم أو بعشر ساعات ونيف. والهتيم ارفع منزلة من الشرارات لرفعة نفوسهم وإبائها. أشغالهم وأحوالهم اعظم أشغالهم تربية الأغنام وتسلم ودائع المدن وحفظها والارتزاق منها ما دامت عندهم واستمناحها.

5 - العونة ضبط الكلمة العونة تلفظ بضم العين وفتح الواو والنون وفي الآخر هاء: وكأن اللفظة مأخوذة من الإعانة. وذلك لما كانوا عالة على الأعراب الذين ينزلون عليهم أصبحوا لهم أعواناً عند الحاجة إليهم. محل وجودهم ديار العونة هي ديار ابن الرشيد وتختلط هذه القبيلة بين العمائر المنتسبة إلى ابن رشد. وهؤلاء الأعراب الأدعياء هم أهل ابل وغنم. إلا إنهم لا يقبلون رعاية ما ليس لهم، وأحوالهم لا تند كثيراً عن أحوال الهتيم. 6 - الصليلات كيفية لفظ الكلمة ومعناها يلفظها الأعراب اليوم بإشمام الصاد حركة بين الكسر والضم ولام ممالة وياء ساكنة ثم لام وألف وتاء. والكلمة جمع صليلة تصغير صلة والصلة وزان زلة: الأرض اليابسة. ونسبوا إليها لفقرهم المدقع كما يقال: (المترب) ويراد به الفقير كأنه لصق بالتراب لشدة فقره، ومثله المدقع: وهو الفقير الملتصق بالدقعاء وهي التراب. ومثلهما بنو الغبراء: وهم الفقراء لإستفراشهم وجه الأرض. إلى أخر ما ضاهى هذا التعبير. نظر عام فيهم لا يزيد عدد الصلات على أربعة آلاف من الرجال. وهم في

عوائدهم وأخلاقهم وآدابهم ومآثرهم ومناقبهم دون سائر الأعراب من بقية القبائل. وهم يشابهونهم بحمى الذمار وإكرام الضيف، فلا يفرقون عنهم بشيء. واغلب منازلهم قرب القصيم ويحتلون أيضاً النفود والدهناء. ويصيفون في الأغلب بجوار مياه القصيم. وفي الربيع ينزلون كل واد كسائر القبائل بدون فرق يذكر. وهي في ذات أنفسهم يقسمون إلى شعب تبلغ العشر: ثنتان منها في الجنوب أي قرب الرياض، وسائر الشعب متفرقة على الوجه الذي لمعنا إليه. وكثيراً ما يجتمعون فيختلطون معاً. 7 - العوازم والرشائدة معنى اللفظتين العوازم جمع عازم على غير قياس كفوارس وهوالك جمع فارس

وهالك. والعوازم أهل عزم وجد واجتهاد كما إن الرشائدة أهل رشاد وسداد. منازلهم وأشغالهم منازلهم طفوف الكويت بلاد ابن الصباح. وهم أهل ابل وغنم وقد اخذوا في هذه الأيام الأخيرة يعانون الغوص على اللآلئ في بحر فارس ويمارسون سائر الأعمال المتعلقة بركوب البحر والاشتغال فيه فينتفعون من ذلك المنافع الجزيلة. وأما من بقي منهم في الفلوات والبوادي فإنهم يزاولون رعاية الأغنام واستمناحها على ما هم عليه الصليلات والعونة. واعلم إن هؤلاء الأعراب الأدعياء الشذاذ على اختلاف طبقاتهم وأسمائهم هم من أدنياء البوادي واسافلهم، ولذا لا تعطيهم العرب المنسوبة ما يحرص عليه ولا يأخذون منهم شيئاً من هذا القبيل، كما لا تعترف لهم بأصالة حسب أو نسب أو كرم محتد. هذا ما علق في الخاطر الفاتر وأودعته هذه الصحيفة حرصاً على

لغة العرب

الحقائق، وأظن إن من يخالف مقالي هذا لا يخلو من خطأ أو خطل، والله الموفق إلى السداد، والهادي إلى الرشاد. وكفى به هادياً ورشيداً. مدير جريدة الرياض وصاحبها: سليمان الدخيل لغة العرب لا يخفى ما في هذه الأبحاث من الفوائد الجزيلة، ولا سيما لأنها ليست مدونة في كتاب. ولا جرم إن هؤلاء الأعراب المتبدين الرحل وجدوا في سابق العهد، إلا إن كتاب العرب لم يتعرضوا لذكرهم استنكافاً منه. وإلا إنهم نوهوا بذكر من هم أدنى منهم عددا أو محلا أو محلة. فهذا ابن خلدون قد ذكر في كتابه (العبر) شيئاً جماً عن العرب والأعراب حتى إنه وضع مجلدا قائما برأسه في هذا البحث عدد صفحاته 338 من الصفحات الكبار، وقد نقرنا عما يفيدنا في هذا الصدد فلم نهتد فيه على شيء واو طفيف. ثم هذا القلقشندي قد صنف كتاباً جليلا في أنساب العرب على اختلاف قبائلهم وبطونهم وافخاذهم، وسمة بنهاية الأرب، في معرفة أنساب العرب، ولم يذكر عن هؤلاء الرحل شيئاً ولو من طرف خفي. فأنظر إذا حفظك الله إلى فائدة هذه المقالة وما حوت من ضروب الأخبار القومية. ولهذا فإننا نشكر حضرة الكاتب المتفنن ونتلمس منه كما نتلمس من غيره إن يتحفونا بما هو من هذا الباب حفظا لتاريخ العرب ولما يتعلق بهم ولهم الشكر الجزيل على عملهم هذا.

حول المنتفق

حول المنتفق سألكم سائل عن (الحي أقرية هي أم مدينة فكان الجواب (إنها قرية لا مدينة إن لغة وإن اصطلاحاً (ولما كان لدى شيء عن بلاد المنتفق وعن المنتفق وحاضرهم وباديهم جئتكم بما يمس البحث منه رغبة في الوصول إلى الحقيقة التي كثيراً ما توجد في وسط الاختلافات كما إنها كثيراً ما تضيع في ظلماتها الكثيفة. كانت تتجاذب طرفي الفرات الأدنى منذ عهد غير قريب عميرتان من أكبر عمائر العراق وهما خزاعة (الخزاعل) وكان منتهى ما يحتلون من ضفاف الفرات (سدرة الأعاجيب) وسدرة الأعاجيب هذه شجرة نبق قائمة على متن الفرات دون السماوة بأربع ساعات والأعاجيب قبيلة تنضوي تحت راية خزاعة التي لم يكن يتجاوز احتلالها سدرة المنتهى المتقدمة الذكر والتي أصبحت اليوم عشائر أشتاتاً لا تجمعها تلك الجامعة وكانت قبائل المنتفق تحتل ما وراء تلك السدرة من ضفاف الفرات حتى يودعوه عند دجلة في ملتقى النهرين. وقد جاء في مجلتكم النافعة إن (الغراف) سكان من ديار المنتفق الأزمنة الخالية وأنا اعلم خلاف ذلك وقد أكون مخطئاً فإن الغراف كان في الأزمنة الخالية من ديار ربيعة (الأمارة) وهي العميرة الكبيرة التي تحتل ضفاف دجلة اليوم من (البغيلة) (تصغير بغلة) إلى (الكوت) ويحتلون من الغراف فراسخ أيضاً تنتهي بأرض يقال لها (البسروقية) على خمس ساعات من الحي وذلك مما يقوى كون تلك البلاد بلاد ربيعة

ربيعة الفرس. أما المنتفق فلما تتغلب على الغراف إلا بعد إن قبض على صولجان الزعامة فيهم أجداد العائلة التي تدعي اليوم (آل سعدون) فإنهم يومئذٍ ناهضوا (ربيعة) في تلك البلاد حتى امتلكوا أكثرها بشبا السيوف والأسنة وأوضح دليل على إن الغراف لم يك من بلاد المنتفق إن كثيراً من العشائر النازلة في صميمه اليوم هي من ربيعة لا من المنتفق فمياح وآل سراج (وكلاهما كشداد) والعبودة وبنو ركاب وآل غريب والشحمان وعقيل وكنانة كل أولئك من ربيعة وكلهم في الغراف وبالجملة الغراف من ديار ربيعة في الأزمنة الخالية والمنتفق متغلبون ولذلك فالبغضاء مستحكمة بين أمراء العميرتين وبسببها جرت حادثات مشهورة في تاريخ تلك البلاد الذي أكثره في الصدور لا في السطور وآخرها الحادثة التي ساعدت ربيعة فيها الحكومة على فتح بلاد المنتفق على الغراف وذلك في أخريات القرن الماضي فتم للحكومة الاستيلاء عليها واجلب زعماءها آل سعدون بعد إن كان لهم الحول والطول وغب إن استبحر نفوذهم في البصرة والاحساء. وهذا واراكم قرنتم بين ربوع المنتفق على الشطين (الفرات والغراف) وأبرزتموها كأنها في صعيد واحد هو الغراف وذلك حيث قلتم عن ربوع المنتفق الحالية ما نصه: (تمتد من الناصرية إلى الحي وبينهما شطرة المنتفق والحمار وسوق الشيوخ والبطحاء والبدعة وبني أسد وبني سيد والمشارقة وقلعة صقر إلى غيرها من الأقضية والنواحي)

ففي كلامهم هذا تشويش وتصحيف وجمع بين بلادين بينهما بون بعيد ولعل تبعة ذلك على كتاب الإفرنج الذين نقلتم عنهم فإن بعض هذه البلاد على الفرات وبعضها على الغراف وها أنا ذاكرها حسب عرفاني كما يلي. ربوع المنتفق على الفرات البطحة أو البطيحة بالتصغير هي اليوم أول بلاد المنتفق على الفرات التي كانت تمتد من قبل إلى ابعد من ذلك بكثير والبطحة (ولا يقال لها البطحاء كما جاء في كلامكم) قرية قائمة على ضفة الفرات الغربية تبعد عن الناصرية من جهة الشمال أربع ساعات وهي حد بلاد المنتفق. الناصرية أكبر مراكز المنتفق على الفرات وهي مدينة جميلة خططها ناصر السعدون أحد أمراء المنتفق فنسبت إليه. وقد أقيمت على ضفة الفرات الشرقية واتخذتها الحكومة مركز متصرفية لها يوم استلمت أزمة البلاد وقرب هذه المدينة مصب للغراف طم أو كاد يعلم عليه إهماله وترك تطهيره. ويظهر الناصرية على نصف ساعة منها بحيرة (أبو قداحة) الهائلة التي تنتهي إليها فضول مياه دجلة والفرات. والبحيرة تتهدد البلاد بالفيضان ولم تمسح على التحقيق إلا إنها تبلغ بضعة أميال عرضاً وطولاً والظاهر إنها دعيت (أبو قداحة) لأنها تقدح الشرر ولعل ذلك لكثرة الأحياء

الفصفورية فيها. سوق الشيوخ الشيوخ هم مشايخ المنتفق أي زعماؤهم وهناك كانت سوقهم يبتاعون منها ما يضطرون إليه. وسوق الشيوخ اليوم بلدة على متن الفرات تحوطها البساتين واكثر ما فيها النخل مثل الناصرية ولكن هواءها غير صحي وتكثر فيها على الأخص حمى الغب وهي مركز قضاء للحكومة على ساعتين من جنوب الناصرية ووراء سوق الشيوخ الحمار (وزان شداد) وهو هور من اهوار الفرات ومن بلاد المنتفق أيضاً ووراءه طوائف (الجزائر) فالقورنة وعندها يلتقي النهران دجلة والفرات. وقد ذكر (الحمار) ياقوت وقال إنه موضع بالجزيرة وذكر في

(قورين) إنها مدينة بالجزيرة أيضاً ولعلها (القورنة) وهي مدينة على رأينا لا على رأيكم، أما الجزيرة فتوشك إن تكون ما بين النهرين. نقول كل ذلك تقريباً لا تحقيقاً. واقرب من ذلك إن الأصل في القورنة (قرنة) على زنة هجنة. إلا إنهم اشبعوا الضمة فكانت واوا. والقرنة لغة الشاخص من أطراف الشيء أي البارز. وغير خفي على المقبل من شط العرب عل الجزيرة إن أول ما يشخص لعينيه مما بين النهرين هو هذه البلدة لأنها حيث ملتقى النهران. وقد يقال إنها دعيت (قرنة) لأنها حيث يقترن الشيطان غير إن الكلمة ليست اسم (مكان) هذه أهم مراكزهم على الفرات.

بلاد المنتفق على الغراف

بلاد المنتفق على الغراف الغراف نهر كبير مخرجه من دجلة ومصبه في الفرات ينحدر إليه من الجزيرة ويصب في موضعين منه أعظمهما مصب الحمار قرب الناصرية فمضمحل ضيق على إن الغراف كله على وشيك الاضمحلال وللمنتفق عليه مراكز مهمة ومنها: الشطرة يتشعب الغراف شعبتين قبل انحطاطه إلى الشطرة بستة كيلومترات وتذهب الشعبة الكبرى منهما إلى الحمار وتصب الثانية بظهر الناصرية في شعبة من شعب الفرات وعلى هذه الشعبة الصغيرة بلدة الشطرة الجميلة وقد قضي عليها نحس الطالع إن تكون في محيط فتن المنتفق

الأخيرة فانحطت عمرانا واقتصادا وقد كان يؤمل لها مستقبل زاهر ولكن أبى ذلك جهل الاهلين، وسوء نية المتولين. قلعة سكر بليدة آهلة حسنة الموقع على متن الغراف تبعد عن الشطرة من جهة الشمال ثماني ساعات وقد نسبت إلى (سكر) (كعنب) بن مشلب (وزان مذهب) مؤسسها وهو زعيم عشيرة تدعى (الطوقية) والعشيرة هذه تقيم في أعراض البلدة وتسوم المترددين إليها سوء العذاب وقد جاء في كلامكم إنها (قلعة صقر) وهو تحريف والصحيح ما تقدم وجاء في كلامكم عن بلادهم (بنو سيد) والظاهر إنه تحريف: (بني زيد) وهم طائفة تقيم في البدعة على شعبة الغراف الذاهبة إلى الحمار. أما (المشارقة) التي جاءت في كلامكم فلا تعرف مكان أو طائفة بهذا الاسم في الغراف بل في بلاد المنتفق اجمع.

الحي من مدن الغراف المهمة الحي وهي قائمة على ضفته الغربية وتبعد عن القلعة ثماني ساعات أيضاً. وأما قولكم إن الحي: (قرية لا مدينة إن لغةً وإن اصطلاحا) فمنظور فيه، لان للقرية إطلاقات: فمنها (المصر الجامع) وقد ذكرتموه، ومما تطق عليه (الضيعة) والضيعة هي الأرض المغلة فيها من بيوت وسكان وهذا هو الذي جعلتموه معنىً عرفياً اصطلاحيا أي محدثاً مع إنه لغوي فصيح، وقد أغفلتموه وذلك حيث قلتم: (وأما اصطلاحاً فالقرية هي البلدة التي اغلب سكانها أهل زراعة وفلاحة. وهذا أيضاً يصدق في الحي ولا يصدق فيها كلمة مدينة). هذا كلامكم. وأنا أقول: أم (الحي) مدينة لأن المدينة، المصر الجامع وكذلك الحي. وليست بقرية، لأن القرية: هي الضيعة في الأشهر لغةً واستعمالا. والحي ليس بضيعة وعلى هذا فاستعمالكم (القرية) بمعنى (المصر الجامع) استعمال بعيد أو متروك فقد أصبح من المنكر إن نقول الفصيح لمثل بغداد أو البصرة (قرية). أما تخصيص المدينة بذات السور فإنه من تنطعات اللغويين، والفصحاء يأبونه وقد تمسكتم به على إنه ضعيف ومجهول قائله وما تعطيه عبارتكم من أن اكثر سكان

الحي أهل زراعة وفلاحة خلاف ما شاهدناه لأن سكان الحي لفيف من الأكراد والبغاددة والعرب المتحضرين من الغراف وغيره. وأكثرهم ابعد الناس عن الزراعة وإنما هم تجار حبوب وأقمشة وباعة بقول وعقاقير وصناع وحاكة وذلك على النحو المعهود في طبقات كل مدينة. ثم إنكم قلتم في آخر كلامكم على بلاد المنتفق ما يأتي: (ونهر الغراف يتقسم هناك إلى شعبتين فالشعبة التي عن يمينك تسمى (أبو حجيرات) مجموع حجيرات مصغر حجرة والشعبة التي على يسارك يقال لها (شط العمى) لأنه لا يدفع مياهه إلى نهر آخر ولأن الرمال تدفن عقيقه رويداً رويداً ولا يوجد الماء في هذه الشعبة إلا أربعة أشهر في السنة هي أشهر الشتاء) أما إن النهر ينقسم قرب الحي إلى شعبتين فصحيح ولكن شعبة اليسار تدعى (أبو جحيرات) بتقديم الجيم لا بتأخيرها وكأنه مصغر

ثابت الدين الألوسي

جحرة (على زنة فجرة) وهي جمع جحر الضب فيحتمل إن الضبان كانت كثيرة هناك وربما كان بنو المنتفق يحترشونها كما يحترشون اليربوع من نافقائه!!! وبتقديم الجيم يلفظها الناس هنالك وكذلك تلقوها وبعد فهل لديكم دليل يدفع (التلقي) ويضاد ما عليه الناس؟ أما في اللغة والتاريخ فلا حجة لأحد الفريقين على ما اعلم. أما تسمية الشعبة الثانية (شط العمى) فلأن الماء لا يصعد أبداً وليس لأنه لا يدفع مياهه إلى نهر آخر فلا مياه فيه حتى يدفعها وقولكم إن الماء يوجد فيه أشهر الشتاء غريب إذ لا يوجد فيه ولا يوماً واحداً من أيام الشتاء والصيف وإنما الذي يلجه الماء أيام الشتاء وبعض أيام الصيف هو أبو جحيرات وهو هو شط الغراف لا غير ولكنه يبس في اكثر أيام الصيف والخريف. النجف: محمد رضا الشبيبي (لغة العرب) نشكر حضرة الكاتب الشهير على مقالته هذه اليتيمة ونؤمل إنها تكون راس عدة نبذ تكون حلقاً متتابعاً. إن في المعنى الذي تعرض له هنا وإن في سواه، إن نثراً وإن شعراً، هو الشاعر الناظم، والناثر الناغم. ثابت الدين الألوسي 1 - نسبه هو السيد محمد ثابت الدين أفندي أكبر أنجال العلامة، والنحرير

الفهامة، ذي التصانيف المفيدة، والتأليف السديدة، نعمان خير الدين ابن المفسر الشهير أبي الثناء شهاب الدين السيد محمود أفندي الالوسي وينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. مولده ومنشأه واشتغاله - ولد على ما ذكره في (أريج الود والعود) فجر يوم الأحد لست عشرة ليلةً خلت من ذي الحجة الحرام سنة 1275هـ (- 18 تموز 1858م) فتربى في حجر الوالد، ونشأ في ربع المحامد، وترعرع بلبان الكمال، فلم يبلغ الحلم إلا وهو من كمل الرجال، وقد قرا طرفا من العلوم على والده، وبعض أفاضل بلده، ثم أجاز له والده بما تجوز له روايته، وتصح لديه درايته، ثم اشتغل بمطالعة كتب الأدب والتاريخ والسير، وحفظ طرفاً من جيد الشعر، وكان قوى الحافظة سديد الذاكرة، حسن المحاضرة، سريع الفهم، ذكي القلب، واسع الذهن، جيد التلقي، وكان اغلب ما يحفظ من الشعر ما كان فيه حماسة، أو حكمة، وموعظة، لما جبل عليه من شرف النفس، وعلو الهمة، وكان يحب الخيل حباً جماً، ويقتني جيادها، ويعلم ممدوحها، ومذمومها، وأدوائها، كثير المطالعة لما ألف في شؤونها من الكتب، وربما أنتقد بعض كلام المصنفين فيها، ألوفاً للعرب وعوائدهم، يتمنى السكنى معهم في البوادي ويطربه قول القائل: وما العيش إلا الضب يجرشه الفتى ... وورد بمستن اليرابيع أكدر هذا ما كان عليه من الأخلاق العظيمة، والسجايا العالية، من التواضع، ولين الجانب لكل واحد، وعدم التطاول على عباد الله والأرزاء بهم،

وإكرام الضيوف، ومزيد الكرم والإحسان، بما عز وهان، وكأنه المعنى بقول القائل: تعود بسط الكف حتى لو إنه ... دعاه لقبض لم تطعه أنامله لا يحب إيذاء أحد بقولٍ ولا بفعل، ولا يستخف بمخلوق من مخلوقات الله، ولا يغتاب أحداً، ولا يحب إن يذكر في مجلسه أحد بسوء فإذا تكلم أحد جلسائه في هذا الباب بادره بقول القائل: إذا أنت عبت الناس عابوا واكثروا ... عليك وابدوا منك ما كان يستر وكان ذا سكون ووقار، قليل الكلام، كثير الحياء والأدب، حليما، سليم القلب، فسيح الصدر، كثير الصبر على الأذى، متوكلا في كل شؤونه على الله، لا يشكو حاله لاحد، ولا يحزن مما أصابه، ولا يفرح بما يسر، وكان إذا اشتد به الضيق أنشد: ولرب نازلة يضيق بها الفتى ... ذرعاً وعند الله منها المخرج ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ... فرجت وكان يظن إن لا تفرج والحاصل إن أوصافه كلها غرر، ومزاياه عقود درر، 3 - أيامه - ولم يبلغ من العمر خمس وعشرين سنة إلا وابتلى بغائلة عائلةٍ عظيمة، فاضطر إلى إن يتقلد مناصب الحكومة والسلوك في مسالك طلب المعيشة، فساح كثيراً من البلاد، وإلى القسطنطينية أربع مرات، وإلى الحرمين الشريفين وأدى فريضته، وتقلد قضاء النجف، وكربلاء، والسليمانية، والاحساء، وغير ذلك، فاحبه أهل كل بلد دخله، ولما كان عليه من العفاف، والانتصار للحق، والأخذ يضبع المظلوم، وكل ضارع لخصومة. وبعد عوده

من الإحسان إلى على نفسه أن لا يتقلد منصباً، وإن يترك خدمة الحكومة بالمرة، وعزم على الإقامة في بلده بغداد، وإن يشتغل بالحرث، ويتعيش بما يرزقه الله من الزرع والضرع، فسلك هذا المسلك عدة سنيين فلم ينجح ولم يظفر بمقصده لفقد الأمن والأمانة من بوادي العراق حتى أثقلت كاهله الديون وضيقت عليه المحن والشجون فأنتخب لرئاسة بلدية بغداد فتقلدها نحو سنتين ثم لما لم يجر على ما يهواه أمراء ذلك العصر أنتخب غيره لهذه الرئاسة وبعد مدة يسيرة سعى فيه بعض الحسدة من منافقي بغداد إلى واليها فزور عليه بما أوجب تغريبه إلى الديار البعيدة ظلما وعدواناً. فلما وصل هو ومن معه إلى الموصل تبين للسلطان السابق تزوير ما اسنده إليه أهل النفاق فأمر بإعادته إلى وطنه وهو على خلاف ما إعتاده من إصراره على الظلم فعاد قرير العين مسرور الخاطر. وكانت مدة الذهاب والإياب نحو مدة شهرين بعد إن رأى من حفاوة أهل كل بلد مر عليه واحتفالهم به ما لم يره غيره، لا سيما ما رآه من اماجد الموصل. 4 - أفول شمسه - ثم إنه بقي مدة في وطنه يكتسب بالزرع فلم تنجح أيضاً، فاضطر إلى السفر إلى دار السلطنة بعيد الإنقلاب، فكلف بنيابة لواء السليمانية مرة ثانية فتقلد قضائها وعاد إليها ففرح به أهلها وابتهجوا به لما رأوا من حسن سيرته في المرة الأولى. وبقي فيها ما يزيد على سنتين

هو الموت

والكل لفعله شاكرون، حتى آتاه اليقين، وأنتقل إلى رحمة رب العالمين، وذلك أيضاً يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي العقدة الحرام سنة 1329هـ - 6ت2 سنة 1911 وبعد يوم ورد خبر نعيه إلى بغداد، وهناك سالت عليه من العيون، عيون، وتصاعدت أنفاس الشجون، وأصاب كل من عرفه مصيبة تفطرت لها القلوب: وزوال ذلك الطود بعد ثباته ... ينبيك إن الراسيات تبيد ولعمري إن الحزن عليه لطويل، والجزع من خطبه على ممر الأيام مقيل، فلذلك قلت في رثائه هذه الأبيات، وإن كانت لا تؤدي حق ما اتصف به من جليل الصفات، معزياً فيها حضرة أستاذي علامة العراق، ومن طبق ذكره الافاق، السيد محمود شكري أفندي الالوسي متع الله الأمة بحياته، وهي: هو الموت على أي أفعال الزمان مسالمة ... وهذي عواديه وهذي جرائمه عظام رزاياه وجم بلاؤه ... وتأتي على قدر العظام عظائمه دهى اليوم أبناء النبي وحيدر ... بخطبٍ به الإسلام هدت دعائمه نعى (ثابت الإسلام) ناعيه غرةً ... فعمت بنى الشرق الكبير مآتمه وأمسى منادي القوم تنبهوا ... فدهركم قومي تنبه نائمه وكان له من ثابت العزم (ثابت) ... يناجزه في حربه ويقاومه يعين عليه خصمه وغريمه ... إذا ما اكفهرت بالخطوب غمائمه وقد كان براً بالمساكين راحماً ... ومن قد بلاه الدهر قد عز راحمه

وقد كان عوناً للضعيف وناصراً ... على الدهر إن أنحت عليه مظالمه وقد كان للإسلام ركناً وجانباً ... منيعاً وأما اليوم فالموت هادمه ولما دعاه الله لبى دعاءه ... وراح وقد راح الفخار ملازمه فأصبح مأمون الحوادث خائفاً ... كمن جاءه موج وقد غاب عاصمه فقل للذي قد عاش منه بنعمة ... تبدل ذاك العيش بالبؤس ناعمة وقل للذي قد كان يأمل جوده ... رويدك إن الجود قد مات حاتمه أيا رائداً للجود أقفر ريعه ... ويا ناشد الإحسان أقوت معالمه ويا قاصد العلياء قد مات فردها ... ويا طالباً العلم غاضت خضارمه فكن حذراً من دهرنا لا تثق به ... فقد راح من قد كنت فيه تقاومه سرى نعشه والعلم يندب خلفه ... عليه ويرثيه من الشرق عالمه ويأسى عليه الدين والفضل والنهى ... ويعوله المعروف إذ هو ناجمه وساءله خل وسر مكاشح ... لئيم أبت حفظ الذمام محارمه بفيك الثرى إن سرك اليوم موته ... فلابد من يوم لشخصك عادمة وما مات من يبقى له الذكر خالداً ... وأعماله في القبر ظلت تنادمه ولولا التأسي بالأولى الغر آله ... وأبنائه لم (يكظم الغيظ كاظمه) هم القوم أبناء (الالوسي) مجدهم ... أثيل رفيع ساميات دعائمه (فشاكرهم) (محمود شكري) (عليهم) ... أئمة هذا العصر يشهد عالمه (بمحمود شكري) إن سطا حادث البلا ... لنا أسوة والموت تسطو صوارمه

هو الفيلسوف العالم الفاضل الذي ... تعظمه من كل حي أعاظمه فتىً سار سير البدر والشمس ذكره ... وهبت كما هب النسيم كرائمه ومن عصرنا شرقاً وغرباً بفضله ... لقد شهدت أعرابه وأعاجمه فلله هاتيك الفضائل ريحها ... تهب خوافيه صباً وقوادمه فتى العلم إن الصبر اجدر بالفتى ... إذا أصبحت جل الرزايا تزاحمه بأبنائه الكرام لك العزا ... وسلواً إذا ما ذكرتك مكارمه (جلال) و (إبراهيم) (عيسى) وغيرهم ... فكل لنيل الفضل قد قام قائمه لعمرك يا فخر العراق وإنه ... ابر يمينٍ للفتى هو قاسمه لأنت خبير بالذي ينتهي له ... مصير الورى في ذي الحياة وعالمه هو الموت حتماً لا محالة نازل ... بنا وعلينا الواحد الفرد حاتمه نعيش غروراً في الحياة وإننا ... جهلنا وراء الموت ماذا نصادمه فلو عقل الإنسان يبكي حياته ... ويرثى لها ما دام في الأرض دائمة وقد رثاه أيضاً الكثير من شعراء العراق 5 - صفاته - وكإن، عليه الرحمة، ربعة من القوم إلى الطول اقرب، اسمر اللون، بهي المنظر، شديد سواد الشعر، حديد النظر، قد وخطه الشيب، شجاعاً، حلو الحديث، لا يمله جليسه. وكان مجلسه غاصاً بأحبابه وأصحابه اكثر الأوقات، وقد أعقب تسعة أبناء وهم: جلال الدين، وحسن، وإبراهيم، وعيسى، ويحيى، وعطاء الله،

نقد طبع كتاب طبقات الأمم

وموسى، وسيف الدين، وعبد الرزاق، وكلهم يشتغلون بالعلم، سالكون مسلك والدهم، وبالجملة: هو كما قال القائل: صفاته لم تزده معرفة ... وإنما لذة ذكرناها وقد فقده قومه وأضاعه وطنه، رحمه الله رحمة الأبرار، واسكنه الجنة دار القرار. الدجيلي نقد طبع كتاب طبقات الأمم (تلو) وقال في ص754:. . . (وغير ذلك مما ذكره عنهم الوصفي في تاريخه المؤلف في أخبار مصر). وقال في الحاشية: (حك: الوصيفي. ولم نجد ذكراً في التاريخ.) كذا). والمؤلف مشهور بتأليفه واسمه إبراهيم بن وصيف شاه ويقال فيه أيضاً (الوصيفي) لا الوصفي. - وضبط في تلك الصفحة لفظة (البرابي) بتشديد الياء. والأصح بتخفيفه لأنها جمع بربا أو بربى أي بالألف المشالة أو بألف على صورة الباء. - وذكر في تلك الصفحة جمع المرآة بالآلف الممدودة بصورة (المرآي) والأصح (المرائي) وقال في ص755: ومن علمائهم بعده (أي من علماء مصر بعد هرمس) بصناعة العدد (بوقيطوس الاسكندراني). وذكر في الحاشية: (وفي حك (ص98): برقطوس. ولعل الصواب برقلوس.) قلنا نحن: وورد هذا الاسم في كشف الظنون المطبوع

في ديار الإفرنج (6: 50) (بقراطوس الإسكندري). ونظنها الرواية الصحيحة. وورد في النسخة المطبوعة بالآستانة 493: 2 (برطقوس الإسكندري ونظنها مصحفة. وفي رواية: بن طقوس. وفي رواية ثانية لابن القفطي برقطس وكلها مخطوء فيها. 198. . - وجاء في تلك الصفحة ذكر (بيوت الاسكندراني) وليس بين علماء الهندسة من اشتهر بهذا الاسم. وإنما النابغة فيهم هو (ثيون كما هو معروف. - وورد في ذلك الوجه قول المؤلف: (ومن علمائهم ورؤوسهم صاحب الكتب الجليلة في صناعة الكيمياء). قال الناشر في الحاشية: (يظهر إنه سقط اسم العالم الذي أراد الكاتب وصفه.) قلنا: وقد أصاب حضرته. والكلمة التي سقطت هي (اسطانس أو اسطانيس) وباللغة الإفرنجية ويقال أيضاً أو قال في كتاب الفهرست ص353: (ومن الفلاسفة أهل الصناعة. . . اسطانس الرومي من أهل الإسكندرية وله من الكتب على ما ذكر في بعض رسائله ألف كتاب ورسالة، ولكل كتاب ورسالة اسم يسمى بها.) اهـ. وقد ذكره في كشف الظنون 5: 280 من الطبعة الإفرنجية. إلا إن الطبعة الآستانة 2: 344 ذكرته خطأ باسم (أرسطاليس). - وورد في تلك الصفحة: (فيمن جامع) والأصح: (في من جامع). - وقال: (ما يول) والأصح: (ما يولد) بدال في الآخر.

وقال في ص756: (ومن علمائهم بأحكام النجوم وأليس صاحب الكتاب المعروف باليرندج الرومي المؤلف في المواليد). قلنا: أصل لفظ وأليس هو (والني اوفالنس وهو المعروف عند الإفرنج باسم أو وقد ذكره في كشف الظنون 1: 198 باسم وأليس المصري. لكننا لم نهتد إلى حقيقة اسم كتابه (اليرندج أو الزبرج أو البريدج) لقلة ما بيدنا من الكتب الهادية إلى تراجم الرجال. ولو كان بيدنا أسماء مصنفات هذا الرجل لاهتدينا إلى صحة اسم الكتاب المعروف باليرندج. - وقال في تلك الصفحة (فهي متفرقة من جذمين) والأصح: (متفرعة) كما في الحاشية نقلا عن ابن العبري. وورد في ص758: (فلا يزالون في حل ورحال) والأصح (وترحال) لأن لا معنى للرحال هنا. - وقال فيها: فإذا جاء الشتاء واقشرت الأرض ومدت. . .) والأصح: واقشعرت الأرض وعرت براء مشددة بعد العين في كلتا اللفظتين. ومعنى اقشعرت الأرض: اربدت وتقبضت وتجمعت (التاج) وليس لاقشرت هذا المعنى، ومعنى عرت ذهب خصبها أو قل اتاؤها من عر السنام. وهذا المعنى لا تراه في قرت، إذ معناه بردت فكيف تراه في مدت. - وجاء فيها أيضاً. . . . (يشاركون في بلغتهم مدمنون على أباء الضيم.) قال في الحاشية: وفي الأصل: لا منون (؟) قلنا: والأصح: لابثون أي مقيمون ومحافظون. وأما مدمنون فلا يعدى بعلي، بخلاف لابثون. هذا

فضلا عن إن تصوير الكلمة لا يوافق وضع كلمة (مدمنون) هنا. وقال في ص759: (وفي ذلك يقول خزيمة بن الاشيم؟.) وحسناً فعل بوضعه علامة الاستفهام وراء اسم هذا الشاعر، والأصح: (جريبة بن الاشيم) وقد جاء ذكره ومقاطيع من شعره في كتاب الحماسة 2: 139 من الطبيعة المصرية. وقد جاء ذكره أيضاً مع أيراد الأبيات برواية مختلفة في كتاب البدء للبلخي 2: 144 من الطبعة الباريسية. فلتراجع للمقابلة ولتحقيق المعنى. وجاء في ص760: (فعنه أتى كئير) والأصح: كثير. وورد في ص763: (فاستجاد (أي المأمون) لها (أي لكتب الأعاجم) مهرة التراجمة.) ولا معنى لاستجاد هنا. والأصح: (فاستخار) بخاء منقوطة بعدها ألف ثم راء في الآخر من الخيرة. أي (طلب لها خيرة التراجمة ومهرتهم.) ومن أغلاطهم ما وقع في ص765 في قوله: (جميع علماء عصره (أي المأمون) من أقطار مملكته وأمرهم إن يضعوا مثل تلك الآداب وإن يقيسوا بها الكواكب.) قلنا: لا نفهم كيف تقاس الكواكب بالآداب!!! وإنما تقاس (بالادوات) وهي اللفظة اللازمة هنا. ومن ذلك ما ورد في ص767: (الرد على المنائية) والمشهور عند الفصحاء العرب المنانية بنونين تفصلهما ألف. أو المانوية كما في هذا البيت للمتنبي: وكم لظلام الليل عندي من يدٍ ... تخبران المانوية تكذب.

الشق والشقة والشقيقة

ومن هذه الأوهام ما جاء في ص768 عن الرازي:) وتقلد آراء سخيفة وأنتحل مذاهب سخيفة.) وقد تكررت كلمة سخيفة بدون معنى جديد. والأصح (مذاهب خفيفة) كما وردت في كتاب تاريخ الحكماء ص271 س20. ومن تلك الأغلاط ما جاء في ص768 قال: (ومنهم. . . الفارابي فيلسوف المسلمين بالحقيقة اخذ صناعة المنطق. . . فبذ جميع أهل الإسلام فيها واتى عليهم في التحقيق). قلنا: والصحيح: أربى عليهم في التحقيق أي زادهم وفاقهم في التحقيق. وجاء في تلك الصفحة. (وسمى تأليفه). وضبط الهاء بالكسر والأصح ضبطها بالضم. (له تلو) الشق والشقة والشقيقة سألنا سائل عن احسن لفظة عربية تؤدي المعنى المعقود بناصية الكلمة الإفرنجية نقول: احسن لفظة في هذا المعنى هي كلمة شقة وزان علة: قال البلوى في كتابه ألف باء 274: 1 (قال ثابت رحمه الله في قوله عم: (إنما النساء شقائق الرجال). يقول: هن في شبههن بالرجال كعصاً ارفضت شقتين فكان الرجل شقة والمرأة شقة. اهـ كلامه. وقال البلوى قبل ذلك: (الشقائق جمع شقة ويجمع على شقق) إلا إن أصحاب الدواوين اللغوية لم يذكروا الشقة مجموعة على شقائق يل على شقق لأن فعلة بالكسر لا تجمع على فعائل. قلت: إن جمع فعلة بالحركات الثلاث على فعائل مطرد في باب التضعيف. قاله

أتجوز الكتابة باللغة العامية

الأزهري في التهذيب. ومثله حقة وحقائق، غرة وغرائر، ضرة وضرائر، حرة وحرائر كنة وكنائن شدة وشدائد، حمة وحمائم، شبة وشبائب، إلى آخر ما هناك من الأمثال. ومن اغرب الأمور تناسب وتشابه لفظه الإفرنجية لكلمة شقة العربية مبنيً ومعنىً ومثل الشقة: الشق بالكسر والشقيقة. - وأما المحدثون فقد عربوا اللفظة الإفرنجية المذكورة بكلمة (جنس) فيقولون جنس الإناث وجنس الذكور. والحال إن الجنس يقابله بالإفرنجية ولهذا وجب التمييز لا من اللبس. فحفظ ذلك تصب إن شاء الله. أتجوز الكتابة باللغة العامية لقد قامت اغلب الجرائد والمجلات، وكتبت الفصول الطوال، وأرصدت عواميد عديدة من صفحاتها، لتتلافى بها الخطر المحدق باللغة العربية من كل حدب وصوب. وقد نطقت كل صحيفة من هذه الصحف بما يخطر لها وعن، وأوجبت التمسك به حسب ظنها. فبعضها قالت: يلزم إن نستأصل شافة الكلمة العامية والدخيلة ونستعمل عوضها كلمات لغوية فصيحة. وفي نظري إن في الوقت الحاضر، من رابع المستحيلات لأنه كيف يتأتى لشخصٍ إن يترك تلك الكلمات والعبارات بعد إن رضعها مع الحليب وكادت تكون بعضاً من لحمه وعظماً من عظامه. وقالت غيرها: إنه من اللازم اللازب إدخال الاصطلاحات العلمية

الحديثة العهد بالوضع في العربية لافتقارها اليها، لإنه لا يوجد اليوم في اللغة الفصحى كلمات تقوم مقامها، لاسيما في هذا العصر عصر الاكتشافات والاختراعات وركوب أجنحة الخيال من الأفكار. وهذا كلام يصدق في أمور ولا يصدق في غيرها. وقالت أخرى: إذا أراد علماء العربية اليوم وضع ألفاظ حديثة ففي وسعهم إن يشتقوا كلمات مأنوسة الوضع يتخذونها من نفس لغتنا ويصطلحوا اصطلاحات علمية لم يسبقهم إليها القدماء لخلو عصرهم من وجودها. فإذا قعدوا (لا سمح الله) عن إتمام هذا الغرض المقدس والواجب الذي لابد منه، فعار عليهم ونقص على لغتنا الشريفة التي نحسبها أوسع اللغات وأفصحها، ونفاخر بها الاعاجم، إن تعجز عن مباراة لغات أوربا في هذا المضمار. (فكر حسن ونافع جدا لو عمل به اليوم علماء اللغة النحارير). وقالت أخرى: يجب إن تجمع الكلمات العامية وتدون في معاجم اللغة وكتبها وتحسب كجزءٍ منها. ذلك في نظري وفي نظر غيري أيضاً مما يقضي على فصيح اللغة بالتلاشي، ويشوه رونقها، ويعدم جمالها، هذا فضلا عما هناك من العقبات التي ليست بالحسبان. منها: إذا كان المقصود تدوين كلمات بغداد العامية والدخيلة فقط لكان الأمر سهلاً. لكن كيف العمل والمراد كتابة كلمات جميع أقطار البلاد العربية العامية كمصر وبيروت وحلب والشام وبلاد اليمن والحجاز ونجد وما يجاورها من القرى والدساكر. فإن ذلك ما يلزم جميع أبناء العرب بأن

يبدءوا بلغتهم ويتعلموها من جديد، لأن الكلمات العامية تختلف باختلاف الأماكن والبلاد. وعدا هذه الصعوبات والعراقيل، هناك أمر لا يرضاه كل من كان محباً لوطنه وقومه لغته، وهو إلحاق الضرر بلغة فصيحة تقتل بدون جريرة، لخير أحياء لغية لا تقوم بجميع ما قامت به أختها البكر، ومن ثم: فعلى العربية الفصحى السلام، لأننا نطفئ إذ ذاك نورها السني بايدينا، وتنقلب لغة الكتاب عامية محضة. والحاصل كل من الجرائد والمجلات تقريباً ارتأت رأياً وأشارت إلى أمرٍ أوجبت التمسك به والتعلق باذياله، امر لو حققناه لما وجدنا لذلك سبيلا، لاختلاف الآراء، تشعب الطرق، ووعرة المسالك، هذا فضلا عن العراقيل والموانع التي تعترضنا. ولكني اسمع من الآن قائلا يقول: إذا كنا لا نلتفت إلى كلام هذه الجريدة، ولا نحفل بقول تلك الصحيفة، فكيف العمل، يا رعاك الله، ونحن في موقف حرج؟ أجيب قائلا: لي فكر أبديه اليوم لعلماء اللغة وأربابها فإن وافق العقل والصواب، فليحلوا محله، ويعملوا به، وإلا فليضربوا به عرض الحائط. وهذا الرأي هو: إن يجمعوا كلمات البلاد العربية العامية والدخيلة، وينتقوا منها ما هو قريب من اللغة الفصحى والتفاهم به بين الأمصار العربية، ويدخلوها في اللغة ويحسبوها كجزء منها لأن خير الأمور أوسطها. وأما الكلمات التي هي عامية ودخيلة فلينبذوها نبذ النواة وعسى إن يروق ذلك في أعين أدبائنا، ويتلقوه بالقبول والاستحسان، ولو

كان صادراً من فكر رجل خامل الذكر، وليس له اسم في عالم الأدب. فن الأمر غير بعيد عن همتهم لو أرادوا. ثم إذا تساهل علماء العربية اليوم وعملوا بما أشرت إليه، فإنهم يخدمون اللغة والبلاد خدمة تذكر فتشكر، ولا يمضي زمان إلا وترى جميع من يطالع الجرائد والمجلات والكتب من العوام يفهم ما يقرا، وحينئذ تصبح لغته الدارجة ولغة الكتب واحدة كبعض اللغات الحية اليوم. لكن بما إن هذا الفكر ربما لا يوافق الجميع، ونحن في حاجة ماسة إلى سد هذا الثغر، وإصلاح هذا الخلل، فقد رأيت منذ بضعة أشهر إن اجمع كلمات بغداد العامية والدخيلة، وأنقب عن اصلها، واضع لها ما يرادفها من الكلمات الفصيحة. وقد جمعت منها الآن ما ينيف على ألف وخمسمائة كلمة أنشرها تباعاً على صفحات مجلة لغة العرب الغراء. واسلك مع عوامنا إن شاء الله سلوك الطبيب الحاذق مع مريضه وعلى الله الاتكال. هذا رجائي الوطيد من لغويينا الكرام إن ينتقدوا كل لفظة عامية أم دخيلة إذا ظهرت لهم غير صحيحة، سواءً كان في الأصل أو المعنى. فإذا فعلوا ما نوهت به، وما أخالهم إلا فاعليه، خدموا اللغة العربية اجل خدمة وأخص منهم بالذكر نارسيسيان أفندي ترجمان قنصل إنكلترا العظمى الذي ارصد نفسه لدرس اللغات القديمة والحديثة، وعسى إن يصادف رجائي قبولا عند ذوي الاطلاع على مكونات اللغة العربية وغيرها من اللغات، بمنة تعالى. رزوق عيسى

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره حبس شيخي عشيرة الفتلة حبس شيخا عشيرة الفتلة مزهر الفرعون وأخوه مبدر ومعهما سبعة من رؤساء وأشراف هذه العشيرة لاتهامهم بحادثة الديوانية أو الجعارة. وقد أودعوا جميعهم سجن المشخاب. ثم نقلوا إلى سجن بغداد. مدرسة الألمان في بغداد فتح الألمان منذ سنتين مدرسة في بغداد وكان محلها بجوار مدرسة الكرملين في دار آل ابكيان. وفي غرة هذه السنة المدرسية (أي أوائل ت1) نقلوها إلى دار أوسع في محلة رأس القرية في زقاق التكية الخالدية مع توسيع خطة علومها وآدابها. ويكون إلقاء الدروس فيها باللغة الألمانية. ومن اللغات التي تعلم بها العربية والتركية والفرنسية. وقد أفردت حلقة للشبان ليتلقوا اللغة الألمانية في وقت هو غير وقت التدريس، ليسهل عليهم التردد إلى اخذ اللغة المذكورة من الأستاذ المخصص بهم. مكتب أهلي في الهويدر لما رأى سراة الهويدر (وهي قرية من قرى بغداد) إن لا مندوحة اليوم عن الاكتحال بنور العلم، سعوا في إنشاء مكتب أهلي لتخريج أولادهم في الأدب والعرفان، وكان مجموع ما تبرع به أولو الفضل والحمية 7715 قرشاً صاغاً إعانة فتح المكتب. والأمل إن لا يقف معين

العطاء عند هذا القدر. والله لا يضيع فضل المحسنين. عود أشقياء الأعراب إلى العيث عادت عشيرة ابن هذال، أي عشيرة الصقور، إلى العيث والفساد وقطع طرق العباد، ونهب أموال التجار. وتعقبوا المسافرين إلى إنحاء الشام فسرقوا من بعضهم 222 بعيراً وحصاناً ونحو 400 ليرة وعروضاً وبضائع وقد اخلدوا إلى الفرار. وممن نزع إلى هذا العيث عشيرة السويلمات وشيخها ابن مجلاد فإنها أغارت على عشيرة ابن خالد بنواحي حمص وأخذت زهاء 300 بعير. وأغارت فرقة أخرى منها على عشيرة العقيدات واستاقت منها عدة قطعان من الغنم وهؤلاء ينزلون ربوع كربلاء. فعسى إن تسعى الحكومة إلى كبح جماحهم. وردع قبائحهم. تشييد دار المعلمين عند الساعة العاشرة عربية من نهار الجمعة 8 كانون الأول، احتفل بوضع الحجر الأول لدار المعلمين في بغداد وذلك بحضور وإلى الولاية وآمر الفيلق والرؤساء الروحانيين والدنيويين من جميع الملل والطوائف وكان يوماً مشهوداً. وقد ورد من مجلس المعارف في الآستانة مبلغ مائة ألف قرش لتنفق على تعميرها. وقد خصص لبنائها بأسرها 10، 600 ليرة. حقق الله الأماني. مبالغ للمدارس ورد من الآستانة مبلغ 35 ألف غرش لتنفق في سبيل إعلاء شأن الطلبة المتعلمين في المكتب الإعدادي الملكي الداخلي.

تعاضد الأعراب للدفاع عن حمى الوطن كتب الشيخ سلمان المنشد والشيخ شواي الفهد من رؤساء العشيرة الازيرق (الازيرج) المقيمين في لواء العمارة إلى أصحاب الحل والعقد كتابا يقدمان فيه نفسيهما ونفوس عشائرهما وكل أموالهما وأموالهم ذبا عن حياض الوطن وفدى عنه. وكذلك فعل رؤساء البو محمد النازلين في العمارة ونواحيها. تضرر النخل هذه السنة في العراق كانت شتوة هذه السنة شديدة الوطأة في العراق ولهذا جاء إناء النخل قليلاً. وكان هذه البلية لم تكف لديارنا ونخلنا فأصابتنا مصيبة أخرى وهي: إن الصيفة لم تكن شديدة الحر فاضطر ضمانوا النخل إن يبقوا التمر على أشجاره مدة أطول من سائر السنين، وإذ بأمطار غزيرة وافتنا قبل أوانها من العفونة، وفي بعضها نوعاً من الحموضة، أحدثت خسارة للضمانين. وقد قيل إن مبلغ الخسارة في العراق كله ألف ليرة. عوض الله عنها بربح في السنة المقبلة. مصالحة العشيرتين عشيرة بنى لام وعشيرة البودارج وقع نزاع بين هاتين العشيرتين فصمم رؤساء عشيرة الازيرق (الازيرج) الانتصار للواحدة على الأخرى، وكادت تكون الفتنة كبيرة لولا وطنينا الغيور جميل صدقي أفندي مدير المجر الصغير الذي أطفأ جذوتها بمهارته العجيبة وكتب رسالة إلى الشيخ شواي الفهد

والشيخ سلمان المنشد والشيخ زيارة المحيي (الذين كانوا قد صمموا على نصرة السواعد النازلين في مقاطعة (الكميت) ردعاً للشيخ خطاب الحسين رئيس عشيرة البودارج) ليحضهم على الوئام والوفاق فنجح في سعيه كل النجاح، وفقه الله إلى كل خير. وفاة الشيخ محمد اليماني ليلة الاثنين الثالث عشر من شهر ت2 أنتقل إلى دار القرار الشيخ محمد اليماني عن عمر يناهز التسعين، وكانت وفاته في جامع الإمام أبي حنيفة. وكان من المشتغلين بالعلم والمطالعة وتوخى القربات. عوض الله لأولاده عن فقده وسلاهم تسلية توفقهم إلى اكتساب الصبر الجميل. مدرسة الأعظمية العالية يعز علينا إن نرى ديار العراق لا تسير السير الحثيث في طريق الرقى والنور كسائر ديار الله في هذا العصر: - كان بعض منوري قصبة الاعظمية (وفي مقدمتهم الشيخ الأجل السيد نعمان أفندي الاعظمي صاحب مجلة تنوير الأفكار) سعوا كل السعي في إعادة مدرسة الاعظمية إلى سابق مجدها وسامقه، فأجابت الحكومة العثمانية سؤالهم لعلمها ما ينجم من الفوائد الجمة عن هذا العمل، وأصدرت أمراً بتشييد كلية تفي بالمطلوب، وعينت مبلغاً طائلا لهذه الغاية مع وجوب إدخال جميع العلوم العصرية في خطة التدريس (أي بروغرامه). فلما سمع بذلك أهل الغايات وأصحاب الأغراض الدنيئة الذين هم خفافيش العلم

ووطاويطه وأعداء النور والعمران والوطن اخذوا يفتلون في الذروة والغارب حتى بناية المدرسة إلى يومنا هذا، بل ربما إلى يوم النشر والحشر وعلى هذا الوجه تضرر الطلبة اشد التضرر من سوء تصرف بعض أهل النزغات نزغات هي شيطانية ليس إلا. . . فإلى متى يا قوم هذا التخاذل؟ وإلى متى هذه الكراهية كراعية النور والتمتع بأشعته المنعشة؟ لكن: شر الجهالة ما كنت على كبر ... تسود الشيب مثل الحبر في الورق وايسر الجهل ما يرتد صاحبه ... عنه كمن هب منتاشاً من الغرق وهل يجهل هؤلاء الأعداء أعداء الإنسانية والألفة والوطن ما قال الشاعر: إذا رمت يوماً أن تميت قبيلةً، ... فبث بها روح التعصب والجهل وهل أطفأ الأنوار واستعبد الورى ... سوى الجهل أن الجهل مجلبة الخذل جماعة من أكابر إيران في بغداد منذ أوائل الشهر الحالي اخذ بعض أكابر إيران يفدون إلى بغداد ومنهم: (الأمير الأفخم) وهو الذي كان حاكماً على همذان وهو الذي طلب من حكومته بلسان البرق في عهد ولايته 15 ألف تومان ولما حصل على المبلغ لحق سالار الدولة، وهو صاحب (أزار اللؤلؤ) الذي نهب من داره حين فراره من همذان إلى العراق. وقد رأى هذا الأزرار يباع في سوق بغداد بيد أحد اليهود بقيمة بخسة فلم يسترجعه الأمير استنكافاً منه. وقد قدم معه ابناه (احتشام الدولة، وحسام ولاة الملك).

وهم يقيمون اليوم في قضاء الكاظمية مع ستين شخصاً من حاشيتهم ومن القادمين (عضد السلطان) وهو أخو الشاه المخلوع محمد علي شاه وكان حاكماً على كرمنشاه من قبل أخيه سالار الدولة، وقد نزل ضيفاً على الشابندر أو الفضيلة الإيرانية. ومن بعد زيارة قبور الأئمة يرجع إلى إيران ما يقال. ومن الوافدين إلى الزوراء أيضاً (الخطيب السيد اكبر شاه) وهو من اعظم أعوان (سالار الدولة) والذي احدث الأحداث في كرمنشاه فصارت سبباً لدخول سالار فيها. ومن بعد أن نزعتها الدولة من يده التجأ إلى القنصلية الروسية ثم فر إلى هذه الديار. وهناك غير هؤلاء مما يطول ذكره. السيد هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة العلم نشر حضرة السيد رسالة في تحريم نقل (بعض) الجنائز ولاسيما الجنائز التي يتضرر منها الناس لما صارت إليه من الفساد والانحلال، فسبب نشر هذه الرسالة بين القوم حزبين: حزب انتصر لحضرة السيد الأستاذ وحزب قام عليه معادياً له. والذي شاهدناه أن الغلبة هي إلى اليوم بجانب صاحب مجلة العلم. ونحن نتمنى أن يزول روح الخلاف والشقاق بين الوطنيين وان يهتموا بما يعود فيه خير العموم. إذ هذه الأحوال المضطربة مما تحط بشأنهم. مكتب الإناث الإسرائيليات في بغداد نهار الثلاثاء 14 ت2 جرت حفلة افتتاح هذه المدرسة بحضور

والي الولاية احمد جمال بك واغلب موظفي العسكرية والملكية والوجهاء. وقد قضى البناءون أربع سنوات في تشييد هذا المعهد الحسن البناء وصرف عليه بانيه واحداً وعشرين ألف ليرة عثمانية وهذا المحسن العظيم هو العازار خضوري أفندي وقد جعل البناء على اسم قرينته (لورا) فعسى أن تكون هذه المدرسة سبب ترقٍ للإسرائيليات. قتل وسرقة في خان المخزوم دخل جماعة من السفلة ليلة السبت 25 تشرين 2 خان المخزوم الواقع في السوق الكبيرة وبعد أن خنقوا الحارس سرقوا شيئاً غير زهيد من حلى ومصوغات من دكان الصائغ شاول يونة اليهودي. وقد شاع أن هذه الفعلة المنكرة قد دبرت برأي (وضحاء) زوجة المقتول المطلقة. وكان قد راجعها قبل يوم. اعتذار كثرت المواضيع في هذا الشهر فأصدرنا المجلة في ثلاث ملازم ولم نستوف الأبحاث حقها والأبواب قرعها. فنمتاح القراء عذراً والعفو من شيم الكرام.

العدد 7

العدد 7 - بتاريخ: 01 - 01 - 1912 هيت ومعادنها 1 - (تمهيد البحث ونظرة عامة في هبة العراق من سبات الغفلة) مما يستدل به العارفون على نهضة الأمة من رقادها: وجود حركة فكرية تدفع بعض الأفراد إلى البحث عن طريق الحياة المؤدية إلى سعادتها الحقيقية المتوجهة إليها، سواء كان ذلك البحث والتنقيب نشدا لاستمداد حياتها من الخارج، كتقليد أمة أخرى في أعمالها الجليلة، ومآثرها الخطيرة واكتساب ما عندها من العلوم والفنون، - وسواء كان ذلك البحث طلباً لآثار هذه الأمة نفسها وتاريخ آباءها وأجدادها السابقين، الذين خلدوا ذكرهم بما وصلوا

إليه من الوقوف على أسرار الكون، وهتك أستارها، وقوف يدل على ما كان لهم من اليد الطولي في العلم والعمل. - اجل: انك أن رأيت هذا كله فاعلم رعاك الله، أن الحياة تجري في روق تلك الأمة وان تلك الحياة هي حياة مادية وأدبية وعلمية معاً. وغير خفي على قراء (لغة العرب) أن العراق هو مهبط الأمم الكبيرة، ومنبع العلوم الغزيرة، في سالف القرون الغابرة، والعصور الدابرة، ففي العراق كان بناة القصور الشاهقة، ومشيدو الصروح السامقة؛ في العراق كان أصحاب الحدائق المعلقة، والجنان ذوات الأشجار الباسقة؛ في العراق كان سباق الأقوام إلى العلوم المتنوعة؛ في العراق نشأ حملة الأقلام الرائعة؛ في العراق ظهر اعظم الرجال وأشهر الملوك؛ في العراق بدا أولوا العزائم والأعمال وخيرة أهل السلوك. كيف لا وقد كان في هذه الديار من الملوك من إذا سمعنا التاريخ يروى لنا أعمالهم، ويورد على أسماعنا أخبارهم وسيرهم، نقول: أن هذه إلا حديث خرافة أو من أساطير وأقاصيص الأولين، أذلا تعن ليال، ولا يخطر على الأفكار منها خيال. ومع ذلك فإننا إن أوغلنا في البحث عن حقيقتها، لا نصدر عن مواردها أو مشارعها إلا رواء، بل ومتضلعين منها. ثم إننا لو فتشنا عن هذه الأخبار والأعمال تفتيش متتبع الحقائق ومتوخيها، وتحدينا ما فيها من العبر المعجزات، والأنباء البينات،

لعدنا وبيدنا من حقائق التاريخ الصادقة، وأستار أسرار الحياة المتفتقة، ما يغنينا عن مد يد العوز إلى الغرب، أو عن طرقه هذا الطرق الملحف، ولصدرنا عنها وصدورنا مفعمة علماً وخبراً وخبراً، وجيوبنا مملوءة لجيناً بل نضاراً لا بل درراً. هذا وأني لا أريد أن اذكر هنا شيئاً قد أثبته التاريخ إثبات الشمس في رائعة النهار، وقد علمه الخاص والعام بل الكبار والصغار، واجمع عليه علماء الاجتماع، وفحول الباحثين في جميع الاصقاع، بل الذي أريد أن اسطره على صفحات (لغة العرب) من حين إلى حين آخر هو ما اعلمه عن بلادي وآثارها ومعادنها وما فيها من المرافق والخيرات، مما علمته بنفسي، أو نقبت عنه بذاتي ومما خفي أو يخفى على كثيرين من القراء، أو مما كنت أجهله فأحفيت في نشد ضالتي حتى توصلت إليها بوسائل شتى ووسائط متنوعة. ذلك ليثبت لدى العالم اجمع مزية هذه البلاد الطيبة وفضلها على سواها، وليعلم الطامعون في ديارنا أن فيها رجالاً يذيقونهم الأمرين، قبل أن تدنسها أيديهم بالإشارة إليها، وان فيها اسوداً يصدونهم عن هجماتهم، ويقفون سداً حصيناً دون أطماعهم. ويمنعونهم عن الانتفاع بمرافق ديارهم وربوعهم، - بل ليعلموا أن وصية أولئك الأباء الاماجد مغروسة في نفوس الأبناء الأباة، وان الزمان يظهرها عن قريب. على أن القول لا يفيد إذا كان مجمل التعبير، فلهذا أردنا أن نبين

اليوم غنى إحدى بلداننا وثروتها الطبيعية، وما قد أودعته أحشاؤها من الكنوز المدفونة وهي بلدة (هيت) فأقول: 2 - موقع هيت وحدودها هيت من مدن العراق الواقعة على ضفة الفرات اليمنى، وهي اليوم (ناحية) تابعة لقضاء الرمادي التابع لولاية بغداد. - يحدها من الشمال (بغداد)، ومن الجنوب (قلعة الرمادي)، ومن الشرق (وادي الفرات)، ومن الغرب (وادي الأسد). - وهي تبعد 160 كيلو مترا عن بغداد في الدرجة 40 والدقيقة 32 طولا من الشرق وفي الدرجة 33 والدقيقة 38 عرضا من الشمال. 3 - اسمها ذهب لغويونا مذاهب شتى في اسم هذه البلدة ومعانيه. قال ياقوت في معجمه: هيت بالكسر، وآخره تاء، مثناة. قال ابن السكيت: سميت هيت هيت، لأنها في هوة من الأرض. انقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. قال رؤية: في ظلمات تحتهن هيت أي هوة من الأرض، وقال أبو بكر: سميت هيت لأنها في هوة من الأرض. والأصل فيها: (هوت) فصارت الواو ياءً لسكونها وانكسار ما قبلها. وهذا مذهب أهل اللغة والنحو. (قلنا: ويرد هذا: أن الذين وضعوا اسم هيت لم يكونوا من العرب حتى تؤول هذه اللفظة جريا على أصول اللغة العربية، بل كانوا من الأعاجم

4 - ذكرها في التاريخ القديم

الأقدمين) وذكر أهل الأثر: إنها سميت باسم بأنها وهو: هيت بن السنيدي ويقال: البلندي، بن مالك بن دعر بن بويب بن عنقا بن مدين بن إبراهيم عم. (قلنا: ولم نجد إلى اليوم في التاريخ ذكر هذا الباني، فلعل الآثار التي هي مدفونة اليوم تبوح لنا باسمه وبعصره في العصور المقبلة!!!) وأما الحقيقة. فهي أن اسم هيت القديم هو (ايس فقلب العرب الهمزة هاء على لغة لهم كما قالوا في أراق: هراق وفي النأي: النهي، وفي هنئت ولا تنكأ: هنئت ولا تنكه. وجعلوا السين التطرفة تاء جريا على لغة ثانية لهم يسمونها الوتم كما قالوا في الناس: النات. وفي المسلئب: المتلئب وفي السوس (أي الأصل): التوس، وقد سماها الأقدمون أيضاً (ايوبوليس ومعناها (مدينة أيا) بتشديد الياء. و (أيا) من معبوداتهم. ويحتمل أن تكون (ايس) مقصورة من (ايوبوايس). 4 - ذكرها في التاريخ القديم هيت من المدن القديمة وقد كانت عصر الكلدانيين والآشوريين، ولعلها كانت قبلهم بكثير، وكان البابليون يجلبون منها القار. قال هيرودوتس المؤرخ الشهير: (على مسافة ثمانية أيام من بابل مدينة (ايس) وهي راكبة جدولاً اسمه كاسمها، ويدفع مياهه في الفرات، وتجر مياهه شيئاً كثيراً من القير، ومنه جمعوا ما احتاجوا إليه لبناء

أسوار المدينة) فهذه الكلمات الوجيزة تفيدنا فائدة عظمى وهي: أن البابليين لما بنوا أسوار مدينتهم بنوها بالقير، لعلمهم أن المياه التي تكثر في سقي الفراتين تدأب في العبث بالأبنية بل وبأسسها فتنقضها وتلاشيها، ولهذا اتخذوا القير لكي لا يعمل الماء فيها. وهذا النص يدلنا أيضاً على أن البابليين كانوا يجمعون القار من على وجه الفرات الذي كان يشق مدينتهم، وما كانوا أبداً يتكلفون عناء في نقله أو جلبه كما هو الأمر في هذا العهد. لان في ذلك الزمن كان يوجد جدول أو نهر اسمه (هيت) يدفع مياهه في الفرات وكان القير مخلوطاً بمائه. وأما اليوم فان ذاك الجدول قد دفن ولم يبق له اثر، ولهذا لم يعد يأتي القير محمولاً على ظهر الفرات كما كان يأتي سابقاً، لان عيون القارة بعيدة اليوم عنه. 5 - سكانها يبلغ اليوم عدد سكان هيت خمسة آلاف نسمة من العرب والأعراب المختلفي النسب، فالقسم الكبير منهم يرجع أصلهم إلى الدليم (مصغرة) والقسم الآخر ينتمي إلى سادات قريش، وفيه من ينتسب إلى عشيرة عقيل، وما بقى خليط من الأقوام الغريبة المستعربة إلا انه تضمهم جامعة واحدة هي جامعة الكرم وحسن الأخلاق والأقدام والثبات والآباء. ولا بدع في ذلك فانهم من سلالة أولئك الأجواد الأمجاد (العرب) الذين يفتخر التاريخ ذكرهم. إبراهيم حلمي: من طلبة المكتب الإعدادي الملكي.

المنحوت العامي واللفظ الدخيل في لغة بغداد

المنحوت العامي واللفظ الدخيل في لغة بغداد كانت الألفاظ العامية جلها، ألم اقل كلها، فصيحة صحيحة في عصر من العصور، ثم طرأ عليها ما طرأ على موجودات الكون من زيادة ونقصان، وإبدالٍ وتغيير، وتقديم وتأخير، وتصحيف وتحريف، وقلب وحذف، ونقل ونحت، وما شاكل ذلك شيء كثير مالا يقع تحت الحصر والعد، حتى اصبح الخوض في هذا البحث من اصعب المباحث اللغوية، لما يقتضي له من الدقة النظر وأعمال الروية. ولما كان الجزء الأوفر والأعظم من لغتنا العامية مركباً من كلمات منحوتة ومقلوبة ومحرفة ومصحفة الخ فلا أرى بداً من التلميح والإشارة إلى بعضها لخطورتها وعلاقتها الكلية في موضع كتابي (المعجم) الذي امامي، فاقول: النحت إن النحت في العربية هو: عبارة عن جعل كلمتين كلمةً واحدةً وذلك يضم بعض حروف إحداهما إلى بعض حروف الأخرى في الألفاظ التي يكثر استعمالهم لها. وقد ورد على السنة عوامنا شيء كثير، من ذلك قولهم: (اشبيك) في أي شيء بك، (ومنو) في من هو، (وشنو) في أي شيء هو، (ومحد) في ما أحد، (واشعبالك) في أي شيء عرا بالك، أو أي شيء على بالك، (واشجالك) في أي شيء جاء لك، (ولحد) في لا أحد، (واشكان) في أي شيء كان، (ويابا) في يااباه، (ويما) في يا أماه، (وبشبيا) في بي شيء بها،

(واشبيها) في أي شيء بها، (وليش) في لاي شيء، (وبيش) في بأي شيء، وقس عليها. وقد جاء أيضاً مثل ذلك في كلام أسلافنا في لا حول ولا قوة إلا بالله. أما النحت في اللغات الأوربية فعلى نوعين: أحدهما كما في العربية لا يفرق عنها بشيء، ومصداقاً لقولي خذ الإنكليزية مثلاً، تر شيئاً كثيراً مما ذكرت، فان أهلها يقولون في وفي في في في وهكذا قل عن الافرنسية والألمانية والإيطالية والنمسوية والأسبانية الخ أما النوع الثاني، فيختلف عن الأول اختلافاً لا مثيل له في العربية الفصحى، ولاسيما في أول عهدها، ولا أظن انه يوجد منها كلمة واحدة في لغتنا، اللهم إلا بعد زمان العباسيين، حينما أخذت اللغة العربية تنحط انحطاطاً بيناً، وابتدأت عقارب الفساد والركاكة تدب في جسمها، وسرت إلى شرايينها وأعماق قلبها، وهذا النوع يسمى بالإنكليزية وبالفرنسوية أيضاً وسميناه في العربية باللفظ الهجين.

إن لفظة مركبة من كلمتين وهما: اللاتينية أي سبب وجيه الإنكليزية، أي، بلا، فيكون معنى اللفظتين: (بلا سبب أو داعٍ). ولفظة من الإنكليزية أي أكل، اللاتينية أي صالح، فيكون معناهما (صالحاً للأكل) من اليونانية، أو الفرساوية، أي رد ودفع، اللاتينية أي شمس، فيكون المعنى من تركيبهما رادة الشمس أي مظلة أو شمسية، وقس على ذلك كثيراً من الكلمات وقد ورد شيء على هذا النحو في العربية ولكنه قليل جداً بالنسبة إلى اللغات الأوربية، من ذلك قولنا: (شمعدان) فان لفظة شمعة عربية ودان أداة تلحق الأسماء الفارسية فتفيد الظرفية. وهكذا قل سكردان، وبخوردان، وما كان من هذا الباب مثل كلمة شاه بلوط من شاه الفارسية أي ملك أو كبير وبلوط العربية بمعناها المشهور، وعلمدار، وتحصيلدار، وسلاحدار؛ وقلمدان، وبيرقدار، وسردار، وبازيدار، وخبردار، وباش كاتب، ودفتردار، وهذه اللفظة الأخيرة يونانية وفارسية، وقد جاء مثل ذلك على لسان العوام كقولهم: خدمتكار وبعضهم يقول خزمتكار (أي خادم)،

وعقلسز (جاهل)، وبيذمام والبض يقول بيذمان (أي بدون ذمام أو بدون وفاء)، وبداصل أو اصلسز (أي بدون شرف أو اصل كريم)، وبيذات (سيئ الذات)، وبيكار (أي بلا عمل) الخ. أما القلب فهو عبارة تقديم بعض حروف الكلمة على بعضها أو تأخيرها على أخواتها، نحو: خشاف في خفاش، وأجا في جاء ولبق في لقب، وخفس في خسف. وطاف في طفا، وبغبغ في غبغب، وجضع في ضجع، ومعلقة في ملعقة، وكصب في قبض، وهنا قد وقع الإبدال والقلب معاً. فتأمل. وقد ورد من ذلك في اللغة الفصحى شيء كثير، ويعرف بالاشتقاق. وقد قالوا في تعريفه: هو أن تجد بين كلمتين تناسباً في اللفظ والمعنى دون الترتيب، كجذب وجبذ، وذبح وبذح، ويقال له الاشتقاق الكبير؛ وإما إذا كان بينهما تناسب في المخرج والمعنى، كنعق ونهق؛ فيقال له الاشتقاق الأكبر. الإبدال أما الإبدال: فهو أن تقيم بعض الحروف مقام حروف أخرى. كقول العوام: مرد في مرث، وجاسم في قاسم، وعنجاص في انجاص واللية في الالية، والعطر في الإطار، وعنبار في أنبار. ومثل ذلك في العربية الفصحى شيء كثار. الدخيل إنني قد تكلمت في ما تقدم عن الكلام العامي وبينت بوجيز العبارة اصله وفرعه معاً، وأريد الآن أن ابحث عن الدخيل أيضاً بحيث يكون

هذا البحث جامعاً، خالياً من الإسهاب المخل والتقصير الممل. فأقول إن الداعي إلى استعمالنا الألفاظ الأعجمية هو اختلاطنا بالأعاجم ومشاركتنا إياهم في عالم التجارة والصناعة والعلم والأدب، ودرسنا لغاتهم على أنواعها، وتداول كثير من مفرداتها في مخاطباتنا اليومية. وقد عد أحدهم ذلك من أكبر الوسائل وأقوى الذرائع على انتشار الألفاظ الأعجمية بيننا. أما سبب تهافت أقوامنا على إدخال تلك الألفاظ الغريبة لغتنا العربية فهو افتقار هذه اللغة إليها، ولاسيما في الأمور المستحدثة أو المستنبطة في هذه العصور الأخيرة. وبعض الألفاظ ادمج في كلامنا العامي لعدم وفوقنا التام على ألفاظ لغتنا الشريفة. وكثير منها فشا قسراً بين أظهرنا، على انه يوجد في العربية ألفاظ تكفينا مؤونة الاستعارة من غيرها من اللغات الأجنبية، وإنما استعملها كبار حملة الأقلام رغماً عنهم لشيوعها الفاحش بين العوام، ألفاظ التقوطها من أفواه غرباء اللسان وحافظوا عليها محافظتهم على إنسان عينهم، كأنها كنز ثمين لابد من ذخره، حتى انك لو خاطبتهم بغيرها من الألفاظ العربية الفصحى لنظروا إليك شزراً، وأجابوك بكل تهكم واستهزاء وسلقوك بالسنة حداد ظناً منهم انك تضحك عليهم بإلقائك على مسامعهم الكلمات الصحيحة الاصل، والقويمة المنشأ، والحق معهم لأنهم لا يفهمون ما تكلمهم به، لان تلك العبارات عباراتهم المستهجنة هي التي أصبحت السيدة المالكة فؤادنا، والحاكمة على لساننا، والمتداولة في أنديتنا

وملاهينا، ومدارسنا، وقهواتنا هذا فضلاً عن إن جلب البضائع والمصنوعات والآلات والأدوات الإفرنجية التي نتخذها في منازلنا ومعاملنا وتكاد لا تخلو بقعة في مديتنا منها، ساعدت أيضاً على شيوع الألفاظ الغريبة بيننا شيوعاً يذكر. بل وقد دفعنا حبنا لها المفرط أن اتخذناها هي وأسماءها الإفرنجية غير ملتفتين إلى ألفاظ تقوم مقامها وغير مكترثين لها، من ذلك مثلاً كلمة (شمندوفير) الفرنسية للسكة الحديدية مع إننا نقدر نستغني عنها بكلمتين هما بمعناهما أي سكة الحديد وكقول بعضهم (الترين) وهو القطار أو الرتل والجمع ارتال وهكذا قل عن (فاكالس) فما ضرنا يا ترى لو قلنا عوضها (عطلة) أو (فراغ) وكقول كثيرين من البغاددة (كلاص) الإنكليزية وهم يريدون بها القدح وكقولهم كونيا ويونانية وقد استعمل السلف بمعناها كلمة كوس الفارسية وتجمع على كوسات ويراد بها مقياس الزاوية وهي التي سماها فصحاء العرب بالإمام. إلى غير هذه الألفاظ مما يجئ ذكره في موطنه إن شاء الله تعالى. رزوق عيسى سفرة إلى كربلاء ونواحيها والحلة ونواحيهما وكويرش هذه من المدن القديمة. وقد وجد

فيها الألمانيون من الآثار العادية شيئاً كثيراً. وكان فيها أحد العلماء الألمانيين العارفي الآشورية وهو الدكتور مايستر، فكان يقرأ العاديات ويحل طلاسمها ويفكك قيودها ويقيد مندرجاتها في صحفه قبل أن يبعث بها إلى دار التحف الشاهانية في الأستانة العلية. وقد جاء ذكر كوبرش أو كيرس أو كيرس في كتاب المجامع النسطورية الذي تولى طبعه ج. ب. شابو، في الصفحة 321 وهذا تعريبه: (انتعش يومئذٍ ضعف البطريق مار آبا محب المسيح، وحالما وقع الصلح في المدائن (سلوقية وطيسفون) زايل المدينة كيرس دار الملك (ومقر الاكاسرة في أيام الصيف) الواقعة في كورة فيروز سابور من ديار العرب. وكان نزولنا في دار الأستاذ الدكتور الألماني (روبر كولدواي) رئيس مهندسي في بابل. وفي كويرش عدة أمكنة قديمة، وبيوت خربة، وقصور عادية، تنشئ كلها بقدم تلك الحاضرة ويختلف

طرز بنائها باختلاف الأمم والأجيال التي احتلتها: أبنية كلدانية، وآشورية، وساسانية، وعربية. ومن جملة ما شاهدناه فيها: أسد كبير منحوت من الصخر، إلا إن وجهه قد تشوه لكثرة ما مر عليه من طوارئ الجو وأحداث الزمان. ومما يدهش الناظر هناك دور المدينة، وبيوتها المنقلبة، وجدرانها الشامخة الذاهبة صعداً في السماء، وسراديبها الغائرة، هناك يرى جب يزعم انه الجب الذي القي فيه دانيال النبي، وفيه درك تنزل بك إلى قعره، هناك يرى على الحيطان رسوم كثيرة، وصور حيوانات مختلفة، إلا إن الزمان قد طمس محاسنها، وشوه بدائعها وروائعها لتقادم عهدها. ويحسن بي هنا أن اترك الأب لويس الرملي يتكلم عوضاً عني، لأنه زار هذه الأنقاض قبلي واحسن وصفها فقال: عمانوئيل فتح الله عمانوئيل مضبوط

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد كثرت لدينا هدايا الأدباء من جرائد ومجلات وكتب وكلهم يحبون أن نشارفها أو ننقدها أو يخيروننا بين مشارفتها وانتقادها. على أن المجلة قليلة الصفحات، صغيرة الحجم، لا تحتمل أن تطيل النفس في انتقاد الكتاب الواحد إلا إذا كان ذا شأن وخطر يجتني منه القراء الفوائد الجمة، أو إذا كان التصنيف لأحد مشاهير الكتاب ويتوقع انتشاره بين ظهراني القوم، فنحرص حينئذ على نقده لئلا يشفو الوهم فيهم وتتأصل جذوره في العقول فيصعب بعدئذ استئصالها. بيد أننا أن كنا لا نخصص عدة صفحات لنقد الكتاب الواحد فإننا لا نغضي الطرف عنه كل الإغضاء تعريفا له عند من يجهله أو يريده الحصول عليه. وها نحن نسرد أسماء بعض الكتب الواردة علينا إشعارا لأصحابها بوصولها وسوف ننقدها عند سفوح الفرصة الواحد تلو الآخر حسب بلوغها إلينا: 1 - العقد المتلألئ. 2 - مناظرة الحاتمي والمتنبي. 3 - إتمام المتون 4 - المجازات النبوية. 5 - شواهد القطر. 6 - ذخيرة الأصغرين. 7 - كتاب الذهب. 8 - تاريخ آداب اللغة العربية. 9 - العلم الموروث في إثبات الحدوث. 10 - طلستوى. 11 - إرشاد الخلق إلى العمل بخبر البرق. 12 - الفوز بالمراد في تاريخ بغداد. 13 - قرة العين في تاريخ الجزيرة والعراق والنهرين. وغيرها كما سيأتي بيان أسمائها في أوقاتها المرهونة.

العقد المتلألئ في حساب اللآلئ (تأليف صالح سليمان بن صالح الدخيل من أهالي القصيم في نجد (وهو اليوم صاحب جريدة الرياض في بغداد) يتضمن بيان معرفة كيفية تكون اللؤلؤ والصدف وأنواع ألوانه وقيمة وحساب أوزانه وبيان كيفية الغواص في الخليج (الفارسي) وسيلان وغيره) (كدا). - حقوق الطبع محفوظة للمؤلف. - طبع في مطبع الترقي في بمبي). - وليس في ذكر سنة الطبع. - بقطع 18 وعدد صفحاته 140 وقيمته قرنك ونصف في بغداد. هو كتاب جليل لا يستغني عنه من يريد التعاطي بتجارة اللآلئ لاسيما في خليج فارس. وفيه من اصطلاحات أهل الفن في هذا العصر ما يحرص عليه التاجر واللغوي والغريب الوطن لفهم رطيني الغواصين. وقد ذكر عدد من السفن التي ترصد لهذه الغاية وسمى البلاد التي ترجع إليها فإذا هي على هذا الوجه: 100 سفينة من الكويت400 سفينة من أبو ضبير300 سفينة من البحرين 100 سفينة من دلما 200 سفينة من قطر 1300 سفينة من بقية القرى 30 سفينة من لنجة وفارس 3160 المجموع 80 سفينة من دبي 500 سفينة من الشارقة 150 سفينة من أم التمور

وعدد غواصي كل سفينة يختلف بين أربعين إلى 150 رجلاً. ولكل أمير حق يستوفيه من كل سفينة، قدره حصة غواص واحد. وحصة الغواص هي ضعف حصة السياب. ولرب السفينة شئ معلوم من الكسب مذكور في قوانين سنت لهم في هذا الموضوع. ووقت الغوص يكون في إبان الهجيرة (وفي الأصل عند هوجرة الحر وهو من اصطلاح النجديين) ومدته ثلاثة أشهر، وغور الماء في محل الغوص يبلغ 15 إلى 20 قامة وقد يتكفلون لعمله هذا الشاق أتعاباً فادحة، إلا انه إذا كان الهواء رائقا والبحر رهواً هادئا لا يلاقون كلفة في غوصهم وقد يتضرر الغواصون بآفة في أجسامهم أو يفقدون حياة بعض أعضائهم بل منهم من يعتريه الخبل فيظن فيه العوام انه صار واحدا من الجان. إلى آخر ما هناك من التفاصيل الغربية التي يتطال إليها الأديب للوقوف على ما يجهل فيعود بفائدة جزيلة بعد الاطلاع عليه. والكتاب مطبوع على الحجر وفيه أغلاط طبع كثيرة لم تصحح. هذا فضلا عن ركاكة العبارة في بعض المواطن وتتالى اللحن في كل صفحة تقريباً. إلا أن هذا كله هو على حد ما قيل: الفرس الأصيل لا يعيبه جلاله. مناظرة الحاتمي والمتنبي هي رسالة في المناظرة (بين أبي علي محمد بن الحسين الحاتمي وأبي الطيب المتنبي. رواية أبي عبد الله الحسين بن محمود الحسين

البغدادي) طبعت في بغداد بمطبعة الآداب سنة 1327 وهي في 40 صفحة بقطع الثمن. والرسالة فريدة في بابها وتقسم قسمين: في القسم الأول منها ذكر ما جرى بين الإمامين اللغويين من تجاذب أطراف الكلام في أسرار اللغة، وفي القسم الثاني ذكر ما أخذه المتنبي من المعاني الفلسفية والمنطقية وأودعها شعره. وكل بأسلوب رائق، وقالب شائق، لا يأخذ بمطالعتها الأديب إلا ويأتي على آخرها، لحسن عبارتها وتداخل حلقات روايتها، إلا أن فيها بعض أغلاط الطبع لا تخفى على المطالع. المسامرات (جريدة تصدر في يوم الأحد من كل أسبوع موقتاً). وهي تنشر في بيروت. برز عددها الأول في 28 ذي القعدة سنة 1329 - 19 تشرين الثاني سنة 1911 لصاحبها احمد حرب. بدل اشتراكها في الجهات ريال مجيدي وربع وفي الخارج 8 فرنكات. المنير (جريدة عربية أسبوعية صاحبها ومديرها احمد جودت كاظم) وهي تصدر في البصرة. بدل اشتراكها في البصرة والبلاد العثمانية 40 غرشا، وفي البلاد الأجنبية 12 فرنكاً. وصل إلينا العدد 5 فألفيناه حافلا بالمقالات المفيدة. وقد صدر العدد المذكور في 2 ذي الحجة سنة 1329، ونتمنى لها الرواج ونود أن تكثر من درج المقالات التي يكون مبحثها عن خليج فارس والثغور التي فيه وعن بلاد العرب، لان

أنظار الأجانب قد تحولت إلى تلك الأرجاء واقل إهمال في هذا الصدد يؤدي إلى إخطار عديدة. دار السلام تقويمي من احسن مطابع بغداد على الاتفاق مطبعة دار السلام، فان ما تبرزه من المنشورات المختلفة يرفل بحلة الحسن والوشي والنظام. وها قد أصدرت الآن (رزنامة) سمتها بالاسم المذكور باللغة التركية. وفيها ذكر أيام السنة الهجرية والمالية والعبرانية والإفرنجية وبحرف جميل وعلى كاغد فاخر. وقيمتها خمسة قروش صاغ. وإننا لنخيرها على كثير من الرزنامات التي تصدر في بيروت وديار مصر، لما فيها من الدقة في الفوائد الجزيلة المذكورة في بويب لها عنونته باسم (المواسم) فنحث القراء والتجار وبيوت العلم على اقتنائها. فوائد الفنر والفرن وكلاهما وزان سبب هو اسم الفانوس المتخذ من الكاغد على لغة البغدادين من العوام. وقد ذكر لنا غير واحد أن البعض يستعمله إلى يومنا هذا ومنهم عند خروجهم من مجالس الأنس والطرب. واللغة المشهورة فيه هي الفنر وقد يصحفها البعض بالنقل فيقول الفرن. وأما الفانوس فيخصونه بالذي تتخذ من الزجاج المركب في الصفيح. وقد دخل استعمال الفانوس عن طريق الهند فانه كان يؤتى بأمثاله

صغارا فتباع ببغداد باثمان حسنة فاخذ حينئذٍ البغداديون باصطناع أمثالها صغاراً وكباراً. وأما وضع المناوير في بغداد فكان في شتاء سنة 1875 في ذلك الوقت أيضاً أقيم حراس الليل (أو النواطير) في عدة محلات المدينة. الخازر لا الحازر ولا الجار كتبنا في الصفحة 47 نقلا عن تاريخ ابن خلدون أن من المنتفق من يسكن بين الحازر والزاب. وصحيح الرواية هو على ما نبهنا عليه حضرة الشماس فرنسيس اوغسطين جبران: بين الخازر والزاب. والخازر تكتب بالخاء المنقوطة الفوقية بعدها ألف ثم زاء منقوطة ثم راء مهملة. والاسم معروف إلى اليوم كمعرفة الزاب، وهو نهر بين أربيل والموصل كما أشار إليه ياقوت الحموي في معجمه. شرح مقامات الحريري للمطرزي كثيرون هم الذين شرحوا مقامات الحريري، لما حوت من الألفاظ العربية الغربية الجمة حفظاً تتسق فيها المعاني اتساقاً يسهل حفظها على من يريد استظهارها وليس كما يتوهم السواد الأعظم إنها آية الإنشاء يحتذي مثالها. لان احسن الكلام أقربه إلى الطبع وأنفذه إلى القلب، إلا ترى انه لا يروقك الزهر الصناعي مثل الزهر الطبيعي، فبلاغة الحريري في مقاماته بلاغة صناعية يظهر التكلف في كل حرف من حروفها بخلاف كلام الجاحظ مثلا ففيه من النفس العالي ما يزري

باللآلئ وفيه من الفصاحة والبلاغة ما ينفذ إلى الجنان قبل ولوجه الأذان. ولكون مقامات الحريري أصبحت بمنزلة ديوان لغة جامع لمفرداتها تصدى كثير من الكتاب لحل معضلها وفتح مغلقها وفض طلاسمها، ومن جملتهم المطرزي فقد قال عن شرحه صاحب كشف الظنون. . . والإمام أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي النحوي شرحها أيضاً وسماء (الإفصاح) ذكر في أوله علمي المعاني والبيان وقواعد البديع وتوفي سنة 610. أوله: الحمد لله المحمود على جميع الآلاء الخ والنسخة التي بيدنا هي لأسكندر أفندي داود مسيح وهي بخط قديم وقد جاء في آخرها: (وقع الفراغ من إتمامه، وفتح اكمامه، في شهور سنة ثلاث وستين وخمسمائة وفي الحواشي عدة تعاليق علقها بعض العلماء الأعلام وقد وقع الكتاب بيد جماعة لنفاسة النسخة كما يشاهد ذلك من تواقيعهم وختومهم واسماهم الموشحة بها والكاغد حسن ثخين والكتابة واضحة سهلة القراءة ولا تخلو كلمة من ضبط ما يحتاج إلى ضبطه بالحركات والشكلات. والمؤلف يتصدى لشرح مقامة مقامة بدون أن يسرد نصها على التمام. طول النسخة 23 سنتيمتراً في عرض 17 وفيها 196 ورقة أو قائمة أي فيها 392 صفحة. وفي كل منها 19 سطراً. وطوال المكتوب من الصفحة 18 سنتيمتراً في عرض 12 غير أن الذي يشين هذه النسخة النادرة اختلاف الكتابة فيها، فأن الأوراق الأول والقوائم الأواخر

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

من خط واحد وأما اوراق الوسط بل اغلب الأوراق فهي بيد الكاتب الأصلي وهي اقدم عهداً من الصفحات الصدر والعجز التي هي أيضاً قديمة. وعلى كل حال فان النسخة حسنة مقروءة على الأئمة تصلح أن تكون أماً لبنات تطبع عليها طبعاً متقناً. عسى أن يتصدى لها أحد الأدباء فيبرزها بطراز الطبع الموشى والله الميسر. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سير البريد بين بغداد والشام وأوربة كان يدوم سير البريد الذي يجري بين بغداد وديار الإفرنج مدة 28 يوماً إذا سار سيراً حثيثاً. وأما اليوم فان الدولة العثمانية قد اشترطت شروطا جديدة منذ شهر ونيف على أحد أصحاب البرد لتكون المدة بين الزوراء وباريس ولوندرة وهامبورغ تختلف بين 17 و21 يوما لا أزيد. وقد أقام المتعهد المذكور دواب مستريحة بين مرحلة ومرحلة فأصبحت المدة بين دار السلام وحلب 8 أيام ومنها إلى دمشق الشام يوم ومنها إلى بيروت يوم ومنها إلى أوربا 4 أو 5 أيام. وسوف تحافظ إدارة البريد على إدامة هذا النظام وتحسين أمورها بما في وسعها. حقق الله المساعي. 2 - مكتب الحقوق على حاله كان في نية حضرة والينا جمال بك أن يلغى مكتب الحقوق في بغداد بوسائط تهون هذه الضربة على أهل هذه المدينة، لكن لما رأى في

العرب من المدافعة التي لا تنكر وانه يخلف هذا الإلغاء سوء عقبى، عدل عن فكره الاول، واليوم يجري المكتب على مألوف عادته. 3 - الشيخ خزعل والإنكليز في البريم وقعت سارية علم (دقل بيرق) قنصل دولة الإنكليز في المحمرة لتقادمها وكانت قائمة على سطح القنصلية فأمر الجري (القنصل) أن يعاد نصبها لكن في أرض بستان القنصلية. فلما سمع بهذا الأمر حضرة سمو الأمير الشيخ خزعل، وكان ماراً بزورقه أمام القنصلية، منع هذا النصب في المحل المذكور، ونقدم بإقامة الدقل في موطنه السابق أي على سطح القنصلية، ثم وضع حراساً يحافظون على إجراء امره، اما القنصل الإنكليزي فلم ير في الأمر مانعا فأعاده إلى معهده الأول. وحضرة الأمير في اتفاق تام مع الأجانب وموظفي الحكومة العثمانية وليس هناك ما يعبث بالراحة والأمن أو يقلل محبته في القلوب. 4 - تعاضد أمراء العرب في إعانة الدولة العثمانية المع الأمير الشيخ مبارك ابن الصباح إلى الدار العلية بنية بأنه مستعد

لان ينجد جند الدولة المحارب بستين ألفاً من أبناء العشائر المنتمية إليه وأرسل لهذه الغاية 3000 ليرة إعانة للدولة. فشكر جلالة السلطان حضرة الأمير وانعم عليه بوسام يليق بشأنه.

وجمع أهل البحرين عشرة آلاف ليرة، وأمير راس الخيمة ثلاثة آلاف ليرة، وشيخ الشارجة ألفي ليرة، وابن دلموك ألفي ليرة أيضاً وشيخ آخر ألفي ليرة أخرى. وقد اخذ أهل ساحل عمان بجمع الإعانات ويقدر العارفون مبلغ ما يتحصل من أمراء العرب بخمسين ألف ليرة عثمانية. وعدد المقاتلة بمائة وعشرين ألفاً. بارك الله في سعاة الخير. 5 - المجتهدون والعلماء في النجف وفتاويهم بخصوص الحرب لما سمع أهل النجف بدخول روسية بلاد إيران عقد مجتهدوها وعلماؤها مجالس شتى وعطلوا الدروس والجماعة، وذهب عبد العزيز بك قائم مقام النجف إلى (حجة الإسلام السيد محمد كاظم اليزدي) وطلب منه فتوى مفصلة مفيدة للحكومتين العثمانية والايرانية، فافتاه حضرة السيد المذكور، وهذا تعريب الفتوى بحروفها وأغلاطها نقلاً عن الزهور في عددها 149 الصادر في 15 ذي الحجة 1329

(اليوم لما هجمت الدول الأوربية على الممالك الإسلامية من كل جهة، فمن جهة هجمت إيطاليا على طرابلس الغرب. ومن جهة أخرى الروسيا بتوسط عساكرها اشتغلت شمال ايران، والإنجليزي أتت جنوده إلى جنوب إيران، وهذا موجب لمخاطرة واضمحلال الإسلام، فلهذا يجب على عموم المسلمين من العرب والعجم أن يهيئوا أنفسهم إلى دفاع الكفر عن الممالك الإسلامية، وان لا يقصروا ولا يبخلوا في بذل أنفسهم وأموالهم في جلب الأسباب التي يكون بها إخراج عساكر إيطاليا عن طرابلس الغرب، وإخراج عساكر الروسيا والإنجليز من شمال وجنوب إيران، التي هي من أهم الفرائض الإسلامية حتى تبقى المملكتان العثمانية والإيرانية مصونتان محفوظتان (كذا) بعون الله من هاجم الصليبيين (كذا) حرر يوم الانين خامس ذي الحجة الحرام سنة 1329 حرره الاحقر: محمد كاظم الطباطبائي وقد المع أيضاً علماء النجف إلى الإيرانيين ومسلمي الهند ما هذا حرفه أيضاً: (إلى الإيرانيين ومسلمي الهند عامةً. - إن هجوم روسيا على ايران، وإيطاليا على طرابلس الغرب موجب لذهاب الإسلام واضمحلال الشريعة الطاهرة والقرآن، فيجب على كافة المسلمين أن يجتمعوا ويطالبوا من دولهم المتبوعة، رفع هذه التعديات الغير القانونية من روسيا وإيطاليا، وليحرموا السكون والراحة على

أنفسهم ما لم تكشف هذه النغمة والغائلة العظمى، وليعدوا هذه النهضة منهم تجاه المعتدين على البلاد الإسلامية جهاداً في سبيل الله كالجهاد في بدر وحنين. (محمد كاظم الخراساني) (عبد الله المازندراني) (شيخ الشريعة الأصفهاني) (إسماعيل بن صدر الدين العاملي). اهـ) وقد شاع بين الناس إن علماء النجف وكربلاء وسامراء يجتمعون في أواخر شهر ذي الحجة في الكاظمية لينظروا في مسألة إيران ويتخذوا الوسائل اللازمة لإيقاف رحى الحرب الطاحنة في طرابلس الغرب وللمحافظة على استقلال إيران لكن لم يتحقق الأمر لوفاة الملا الخراساني. 6 - السكة الحديدية في السواد أي في الجزيرة والعراق روى (المصباح الأغر) (من جرائد بغداد) أن الحكومة أوقفت أعمال مشروع السكك الحديدية الألمانية في الجزيرة ريثما تترضى الحكومة الألمانية الدولة العلية. ولعلها فعلت الآن. لان الأشغال المذكورة لم تنقطع في العراق البتة منذ الابتداء بها. 7 - وفاة حجة الإسلام الملا محمد كاظم الخراساني المع من النجف صاحب مجلة العلم هبة الدين الشهرستاني النبأ الآتي نصه: نعزي عموم الملمين والإيرانيين والعثمانيين، بوفاة اعظم رجال الإسلام، حضرة حجة الإسلام، الشيخ ملا كاظم الخراساني ليلة الثلاثاء

(12 ك1) بكيد الأعداء ليمنعوه عن هجرته إلى إيران مع الطلبة والأهالي لدفاع الروس عنها فبتنا أيتاماً، ليتنا فديناه بأرواحنا) اهـ. 8 - وفاة سعدون باشا توفى الشيخ سعدون باشا رئيس عشائر المنتفق في حلب الشهباء في أوائل شهر كانون الأول. 9 - شركة بواخر وطنية على الفراتين أنشئت شركة بواخر وطنية في أواخر الشهر الماضي بعنوان (شركة تجارة مراكب البصرة) لكي تسير على نهري الفرات ودجلة، وقد أتت منها باخرتان في أوائل هذا الشهر فيهما أموال وركاب قادمة من البصرة فنتمنى لها النجاح. 10 - سباق الخيل جرى سباق الخيل نهار الثلاثاء 5 ك1 بحضور والي الولاية وآمر الموقع وكبار المدينة ووجهائها وكان المجلي سليمان البحر أحد الإعراب صاحب فرس دفع له بها سابقاً ناظم باشا مائتي ليرة فلم يبيعها وكان الرهان 25 ليرة. إلا أن صاحبها أركضها بعد السباق فوقع منها ودقت عنق حجره فماتت بعد قليل أما هو فقام سالماً، حفظه الله. 11 - شريف مكة جمع شريف مكة مائتي جندي برئاسة أحد أنجاله ليذهبوا إلى القصيم في نجد. وأمر جميع القبائل المنقادة له من عتبة وغيرها أن تنضم إلى هذا الجمع لأنه قد عقد الني على أن يذهب بنفسه إلى تلك الديار

بعد انقضاء أيام الحج. وقد أرسل إلى الأمير ابن الرشيد يخبره بأنه يجتمع به، ولهذا ضرب الأمير موعداً على أحد الموارد التي هي بين المدينة وحائل. ملخص عن الرياض 12 - مصالحة عجمي بك السعدون وحمود بك السويط سار عجمي بك السعدون إلى ابن الرشيد، وما وصل إليه إلا وحضر حمود بك السويط رئيس عشيرة الضفير، فاصلح الأمير ما بينهما، والآن هما على وشك الوصول إلى ديارهما. ثم برز بعد ذلك الأمير ابن الرشيد بجيوشه إلى الضفير، وشمر، وحرب، ومن والاهم طالباً منهم أن يجتمعوا به هناك. (عنها) 13 - أعمال ابن السعود بعد أن غزا ابن السعود قبيلة (عتبة) ذهب فنزل بلاد القصيم وأبدل أميرهم محمد ابن جلوي بأمير آخر. ثم توجه قاصداً الرياض دار إمارته ليجم نفسه حيناً من الزمن ويعدها لأمر ذي بالٍ. (عنها) 14 - الإنكليز في أبي شهر (بوشهر أو بوشير من ثغور بلاد إيران) في خليج فارس أفاد مكاتب الرياض إن الإنكليز انزلوا 600 فارس و400 راجل من جنود الهنود في أبي شهر، وقد استقبلهم بعض الجنود الإيرانية وسار الجميع قاصدين شيراز. 15 - شيخ عشيرة شمر الجديد عين والى ولاية بغداد حميدي بك ابن فرحان الجرباء شيخاً لعشيرة

شمر بدلاً من أخيه مجول، الذي تبين عجزه عن حفظ الأمن في دياره. ولما طرق سمع مجول ذلك أمر بعض العشائر من اتباعه وتعرف (بالمثلوثة) (ومعنى المثلوثة عندهم أخلاط من الناس من عشائر متفرقة) بان ينهبوا ويسلبوا كل من عارضهم في طريقهم وقد حصل بعض ذلك سيما في طريق بغداد وسامراء. فعسى أن يحقق الشيخ الجديد صدق الأماني ويمنع رسم المرور بدياره وهو الرسم المعروف (بالخاوة)، ويترك الغزو ويحافظ على تأمين الطرق ويشوق عشائره إلى الفلاحة والزراعة ونزع الأسلحة على أسباب الرقى والحضارة والتمدن. (عنها) 16 - إطلاق سراح النوري شيخ عشيرة الرولة بلغ الرياض أن قد عقدت النية على إطلاق سراح النوري من سجنه في دمشق بشرط أن يدفع 4000 ليرة. وقد جمعت عشيرته الرولة 500 بعير لتباع في هذا السبيل فعسى أن يكون ذلك من باب العقاب والتأديب لا من باب الرشوة والبرطيل. 17 - التدريس في المكاتب باللغة العربية خطت الحكومة الدستورية خطوة عظيمة في إلزام الطلبة بتحصيل مبادئ العلوم باللغة العربية بشرط المحافظة على التدريس باللسان العثماني، فان هذا القانون من أدل التباشير على انبلاج صبح الرقي والتبسط في العمران والحضارة. 18 - انكسار الفلوس الفارسية والإنكليزية في بغداد نهار الخميس 14 ك1 ناد المنادي في الأسواق والطرق أن

المعاملة بدراهم بلاد العجم لا تقبل. ولم يعلم السبب. ولا يخفى ما في هذه المناداة من الأضرار: 1 لان اغلب الدراهم الفارسية التي يتعامل بها هي من النقود الصغيرة التي تختلف قيمتها بين السنتيم والفرنك. ولا تتجاوزه 2ً لان بدل للشاهيات (وهي بارات العجم) في نقود الدولة العثمانية. فكيف المعاملة بالورق (أي دراهم زهيدة السعر كالبارات) لاوجود له. 3ً إن الفقراء والأوساط من الناس يملكون شيئاً كثيراً من هذا الورق فكيف يبقى عندهم بلا ثمن ولاعوض، افليس من هذا الأضرار الفادحة التي تحل بالأمة. وهناك من هذه البلايا. ولهذا رجعت المعاملة بتلك الدراهم بعد أسبوعين من هذه المناداة. 19 - تشييد دار لإدارة البرق والبريد في نحو ظهر نهار السبت 16ك1 تألب الناس على اختلاف طبقاتهم في حفلة يرأسها والي الولاية ومدير البرق والبريد ووضع الحجر الأول للدار الجديدة التي تبنى لإدارة البرق والبريد فنتمنى إتمامها على احسن وجه وطرز وامتن أساس وبناء. 20 - مكتب جديد للتعاهد الإسرائيلي في خانقين أنشأ اليهود في خانقين مدرسة جديدة راجعة إدارتها إلى (التعاهد الإسرائيلي) فنقل له الخواجا الياهو روبين من حاجياته ما حمل على ثمانية عشر بعيراً بدون أجرة، حباً بنشر المعارف. 21 - نهضة العلم في الكويت اتصل بالرياض أن حضرة الأمير والشيخ الكبير مبارك باشا الصباح

عقد النية على إنشاء مدرسة عالية علمية راقية في الكويت، وعندما ابرز هذا الفكر لكبار الكويت قدر العارفون نفقاتها بمائة ألف ربية (أي بمائتي ألف فرنك) فتبرع للحال الإخوان محمد وزيد الخالد بخمسة آلاف ربية، ومثلهما إبراهيم ابن مضفر، وكذلك فعل هلال المطيري وحسين بن علي وأخوه شملان، وقد اصبح المجموع الآن أربعين ألف ربية، والبقية يجود بها الأمير الجليل. وعن قريب يشرع ببنائها. حقق الله الآمال، وبارك الله بهمة هؤلاء الرجال. الذين يحسنون تحري الأعمال، بوضع المال، إلى ما به خير المآل. 22 - عشيرة البوعاينة وعشيرة الفتلة علمت الرياض إن أبناء عشيرة البوعاينة المقيمين في أنحاء الشامية والزارعين عند الشيخ عليوي الرخيص من شيوخ أعراب الحجارة قد عزموا على الرجوع إلى أراضيهم السابقة. والحال إن هؤلاء الإعراب كانوا قد قتلوا (في سنة 1907) 35 إعرابياً من عشيرة الفتلة. وكانت الحكومة قد أرسلت في ذلك الحين جماعة من الجند معقودة اللواء لقائم المقام عبد الجبار بك وللبيكباشي محمود أفندي لتأديب أولئك المخلين بالراحة. فما كان من أولئك الأغرار إلا أن قابلوا الجند بما في مكنتهم ورفعوا الأسلحة عليهم فحينئذ هدمت تلك الجنود قلاعهم ومقاتيلهم، فهرب العصاة مولين الأدبار.

ولما كان من عادة العرب المطالبة بالدم أن كان من باب الآثار وان كان من باب الدية أو الفصل. ودم أولئك القتلى لو يفصل بوجه من الوجوه، فحضورهم في ذلك الموطن يسبب القلاقل والفتن التي تجر إلى ما لا تحمد عقباه. اصلح الله الأمور. 23 - زرع مقاطعة البغيلة ورئيس عشائر عفك صممت الحكومة على تسليم أراضي مقاطعة البغيلة لعهدة الشيخ الحاج مهدي الفاضل رئيس عشائر عفك لتزرع وتؤكد عيشة إعرابه ويؤمن شر بطالة منهم.

مريم

مريم معربة عن الفرنسوية عن الرسائل البانية في سنة 1214هـ (1799) كان في الناصرة رجل نصراني اسمه يوسف. وكان قد تزوج امرأة كنعانية اسمها مرتا. فبارك الله اقترانهما وولدت مرتا بعد سنيين ابنة حسناء تخجل البدر بطلعتها البهية. ولم يجد لها أبوها من الأسماء ما يذكر هذا الجمال البديع، والمنظر السنيع، إلا (مريم) تلك العذراء التي قضت بضعة أعوام في هذه البليدة عينها فسماها باسمها. فحق أن يقال عن كل من هتين المريمين: ولو كانت النساء كمثل هذى ... لفضلت النساء على الرجال نشأت مريم بين أترابها وهي بينهن كالبدر بين الكواكب الزاهرة، لان جمالها لم يكن إلا أمراً لا شأن له بالنسبة إلى ما اتصفت به من الأوصاف التي تجعل الابنة في مقام رفيع من الخطوة عند الناس بحسن الآداب وتوخى الفضائل والمبرات، حتى ناهزت السنة الثانية عشرة من عمرها، ففقهها الأب انطونيو رئيس دير الرهبان الفرنسيين أصول الدين واعدها للتناول الأول. في أثناء تعليمها مبادئ الديانة لاحظ رئيس دير اللاتين ذكاء هذه الابنة ما يميزها عن سائر أترابها. فعرض على والديها أن يعلمها القراءة والكتابة. ففرحا بهذه البشرى فرحا لا مزيد عليه. وأما مريم فكادت تطير من فرحها لما عرفت ما نواه أبواها ومرشدها. لأنها كانت تقول لمن يسمعها: ما اسعد حظي إذا تمكنت من مطالعة

الإنجيل الجليل كلما أمكنني ذلك. وما اعظم فرحي حينما اتبع الكاهن عند تلاوته التنزيل العزيز ولما سمع كلام الله وقت القداس في الكنيسة التي هي بيعة مريم ومحل تبشيرها بأجل البشائر. ما مضت ثمانية أشهر على ابتدائها بالدرس إلا وأتقنت مريم اللغة العربية والإيطالية والأسبانية قراءة وكتابة. فهل بعد هذا الدليل الواضح ما يبقى شكاً في توقد فؤاد هذه الغادة الغيداء الغريبة الذكاء. وان خفيت كانت لعينيك قرةً ... وان تبد يوماً لم يعمك عارها من الخفرات البيض لم تر شقوة ... وفي الحسب المحض الرفيع نجارها فلما رأى الأب انطونيو هذه الابنة تتلقف من فيه العلم تلقفاً، أوقفها على وقائع التاريخ وعلى علم تقويم البلدان وتخطيطها فشدت شيئاً منهما. وكانت كلما تعلمت بعض العلوم يتسع لعينيها أفق المعارف وتنبسط تخوم أفكارها وتمتد إلى ابعد الأصقاع. والخلاصة أنها كانت تزيد علماً وفضيلة كلما تقدمت سناً. لان الغاية الصمدانية كانت قد جادت عليها بعوارف العقل والذكاء فزاد فؤادها توقدا المثابرة على الدرس وتعاطي أطراف العلوم. ولما بلغت السنة الخامسة عشرة من عمرها أصبحت ابنة يوسف خوداً من أشهر الخود بمضاء ذكائها وصدق اطلاعها على جل معارف القوم. ذلك هو وصف مجمل ما ازدان به عقلها الثاقب وأما محاسنها الظاهرة فلا يصورها قلم ولو كنت مصورا ماهراً أو كاتباً جليلاً.

على انه مالا يدرك كله، لا يترك جله. فكان قوامها خوط بان. في قراح من أرض لبنان. وشعرها الأسود الفاحم، يفحم كل شاعر ناظم: اضفيرتان على بياض خدودها ... أو في كتاب الحسن سلسلتان أو ليلتا العيدين أقبلتا معا ... أو من قصائدهم معلقتان وكان ثغرها عبارة عن نضدين من اللآلئ الغوالي. يزيد ماءهما بريقاً بريمان من الأرجوان. أما محياها فكان آية في حسن التقطيع كأنه بيضة غضة، أو بيضة في روضة، ولونه لون السنبل إذا نضج. وكان ثوبها الأزرق. يشبها حسناً. كيف وقد: ليست حسيناء الغوير بنفسجاً ... يا ربنا صنها عن المعيان قد حل لون في لون الهوى ال ... عذرى بالإفرنج والسريان وكان يجللها أزار يبرزها للناس قمراً من الأقمار، لا سكناً من سكان هذه الديار. وأما آدابها فكانت أيضاً من هذا الطراز العالي البديع فإنها كانت حليمة، وديعة كالحمامة، رقيقة الشعور والقلب، تغض من طرفها إذا مشت، ومن صوتها إذا تكلمت. وإذا جدت عليها بقطرة من الندى، كانت لك اشكر من بروقة. وهي مع ذلك في ابعد غاية من السذاجة وفي أعلى مقام من الطهر والعفاف. وهذه المناقب والخصال الحميدة كانت تزيدها حسناً وبهاءً. ولهذا كان إذا نظرها الناظر يظن انه يرى ملكا من النور، أو غادة من حور القصور. وكل الناس كانوا يقدرونها حق قدرها لهذه المحاسن الفريدة التي تحلت بها، إلا هي فإنها كانت تجهل نفسها.

وهل احتاج بعد هذا التفصيل المجمل إلى أن أقول لك إن أهل الناصرة من مسلمين ونصارى كانوا يعزونها اعظم الإعزاز، ويحبونها الحب العذري، فوق ما يدور في الخلد. وكان يوسف ومرتا يشكران العناية الإلهية على كونها جادت عليهما بهذه الخريدة الفريدة، بل يتيمة الدهر الوحيدة، وكانا يطلبان إلى الله أن يصونها من كل شائبة لتكون سعيدة في الدارين. وكان من عادة مريم الغادة أن تجمع في بيت أهلها أترابها الناصريات، وتفقههن أصول الدين على الأسلوب الذي تلقته من الأب انطونيو. وكانت تفعل هذا الفعل عن طيبة خاطر وبغيرة تتقد اتقاداً. وكانت تفيدهم اعظم فائدة، لما كانت تلقيه عليهم من الشروح لتؤيد بها تلك الأصول الدينية في القلوب الغضة، وكل ذلك يخرج من فمها عفواً بدون تعمل أو تصنع لأنها كانت تتكلم عن كثرة حبها لله عز وجل لا غير. وكانت تلك النفوس الناشئة تتقلى تلك الإفادات تلقى الوردة العطشى لندى الصباح. وتفعل فيها الفعل المكين. ولو رأيت مريم بين أترابها لقلت هذه أرزة لبنان بين سائر أشجار الجنان. إذ إنها كانت تقضى معظم نهارها في تعليم بنات الناصرة الخياطة والتطريز، ومطالعة الكتاب العزيز، وخدمة كنيسة القديسة مريم. ومما كان يطيب لها مناجاة العذراء في مصلاها في مغارة البشارة، حتى ما كانت ترى إلا هناك كلما دخلت تلك البيعة، لان هناك ظهر ملاك الرب لابنة يواكيم ليبشرها بأنها تلد للعالم مخلص الأمم ولهذا لم ير ذلك

الموطن مزيناً مثلما كان يرى في عهد تردد الغادة إليه ولا سيما أنها تتعهد فيه النظافة فوق مألوف العادة. ومن جملة ما كان يذكر لهذه الابنة الصالحة في هذا المعبد إنها كانت طرزت ستراً ابيض بقى مدة طويلة حول دمية العذراء مريم الموضوعة على اليكل، وكانت أواني البلور الموضوعة على المذبح مملوءة أزهاراً وأوراداً وأنواع الرياحين، تقطفها بيديها الرخصتين على منعطف هضبات الناصرة بينما كانت ترنم بصوتها الشجي أنواع الترانيم العذبة، ونور القناديل الضئيل يخيل للسامعات أترابها إنهن يغردن معها تغريد الهزار، عند منبثق الأنوار. واغلب تلك الألحان الشجية كانت طلبة العذراء وسائر الأناشيد التي يدور موضوعها على محاسن العذراء مريم وفضائلها. وكان كل من سمع صوتها الزجل ويشاهد محاسنها الفتانة يندفع إلى أن يقول رغماً عنه ما سمع يقال عن سميتها العذراء الحسناء: يا نجم الصبح، ووردة سرية، ومرآة العدل، وهيكل الحكمة، ادعى لنا. ونحن لا نريد أبداً أن نقيم مناسبة بين هذه الابنة الأبية، وبين سميتها العذراء النبية. فكلما نقوله هو من باب الخيال، بالنسبة إلى المثال. أو من باب الصورة إلى الحقيقة وهل من مناسبة بين ابنة خاملة الذكر فقيرة حقيرة وبين تلك البكر التي سحقت برجلها الطاهرة رأس الحية الجهنمية وأعادت مجد ابن آدم الساقط إلى سابق عزه، وسامق فخره. هل من مقابلة بين هي كالزهرة ابنة اليوم الذابلة الزائلة

وبين تلك الزهرة التي يضوع منها روح الحياة الخالدة. هل من مفاضلة بين غادة لا تعرف إلا في قرية وبين عذراء طبقت الدنيا شهرتها وردد اسمها الأقوام وارتفع عرشها في أعلى السماء. من هي مريم ابنة يوسف بالنسبة إلى مريم ابنة يواكيم. ابنة يوسف فقيرة حقيرة. وابنة يواكيم غنية ثرية. وعن كنز فضيلة كلتيهما أتكلم لا عن كنز الأموال الفانية. ابنة يواكيم رمزها القمر، لان القمر يسلى بأنواره الذهبية من يغوص في البحار الفكرية أو يغرق في لجج الأحزان المضنية، ابنة يواكيم رمزها الزهرة، ذلك النجم الذي يشع ضياء يجلو صدى القلب وينعش الفؤاد. ابنة يواكيم رمزها الشمس لأنها بنور هداها ومحياها تطرد ظلمات الضلال إلى حيث لا رجوع منه. نعم وان لم يكن مناسبة بين الزهرتين الزاهرتين، إلا أننا نقول انه يوجد بعض الشبه بينهما: فابنة يوسف ولدت كما ولدت مريم العذراء في وادي الناصرة. وكانت تقضي أيامها كالبتول الأم في البيع والكنائس متذكرة في عملها هذا تلك التي قد تسمت باسمها الكريم العظيم. - أن ذوق ابنة يوسف وأشغالها وعوائدها تنظر إلى مثل تلك الأعمال التي كانت تأتيها ابنة يواكيم. هذا فضلاً عن إن جمال هذه الابنة وسناءها وبهاءها وخفرها يذكرنا محاسن تلك البتول التي قيل عنها: إنها بهية تبهر الأعين والتي قال عنها القديس ديونيسيوس الاريوباجي: إنني لولا علمي انه لا يوجد إلا اله واحد لسجدت للعذراء سجودي لمعبودة.

أصفر الحصاد ست عشرة مرة على جبال الجليل وفي أوديته منذ ولدت مريم بنت يوسف وبعد ذلك جاء الطاعون تلك الطلعة الكبرى التي تحفر القبور في بلادنا الشرقية وتجرف النفوس جرفاً وتلقيها في المدافن الفاغرة أفواهها. ومن جملة من أخذه سيل الموت أو إحتزه سيفه أم مريم. فكانت هذه الوفاة بمنزلة صاعقة نزلت على هذه المظلومة لأنها كانت تحب والدتها محبة لا توصف بعد هيامها بالله وبالعذراء مريم. بيد أنها لما كانت متمسكة بعروة الدين الوثقى كل التمسك سلمت أمرها بيد خالقها متكلة على عنايته، وعلى أن أمها انتقل من دار الفرار، إلى دار القرار، وقد فازت بالنعيم المقيم. وبعد أن مضى على هذا الحادث المشؤوم ستة أشهر وتصرمت ثلاث ليال بعد عيد جميع القديسين تذكرت مريم أهوال الموت وفظائعه، وتجددت قروح قلبها المصاب بأنواع الآلام، لان في تلك الأيام، تتذكر النصرانية جميع موتاها وتستمطر البركات على قبورهم. ومن غريب الاتفاق إن وجه السماء الصاحي السافر في اغلب بلادنا الشرقية امتقع لونه، وتغضن جبينه، واكفهر سحابه، وتثاقل ضبابه. فضاق الأفق على منفسحه، واحتجبت الشمس كأنها لم تكن شارقة. ومما زاد في هذا المنظر حزناً وكآبة تناثر أوراق الأشجار. وسكوت الأطيار. وهبوب الأرياح. بين الادواح. هبوباً تتلاعب فيه الأوراق اليابسة. وتسمعك أصواتها المائتة كأنها حفيف الأفعى أو سحيق الملعى. لها تابع

العدد 8

العدد 8 - بتاريخ: 01 - 02 - 1912 الحفر والتنقيب في أطلال بابل تمهيد أول ما يشتاق إليه المتطال إلى معرفة أخبار التاريخ ودقائقه إذا ما ألقى عصاه في بابل العظمى، هو الوقوف على مصير قصر يخت نصر الملك (نبو كدر أصر) ذلك القصر الشهير الذي بنى في نحو سنة 600 قبل ظهور المسيح، والذي خطت على أحد حيطانه أنامل لم تر، تلك الكلم الثلاث السرية الغامضة التعبير التي قامت الملك وأقعدته، لا بل أقامت وأقعدت جميع أشراف مملكته وكل من ينتمي إليه. فهذا الشوق هو الذي

دفعنا حال قدومنا إلى استطلاع طلع تلك الإطلال لنشاهد ما فيها بأعيننا. تنبيه عام وأول كل شيء يجب علينا حفظه قبل أن نتغلغل في البحث ونستقصي في ذكر التفاصيل المختلفة هوان نعلم مرة واحدة استغناءً عن التكرار أن ما تطلق عليه اسم (اخرية) هو عبارة عن أسس الأبنية القديمة التي ندعوها بأسمائها وقد كشفها قبيل بضع سنوات علماء المانيون راسخو القدم في التاريخ وقراءة الآثار العادية وقد أتوا إلى هذه الديار حباً بالوقوف على صحيح الأخبار وإفادة لأبناء وطنهم المشهورين بالحرص على العلوم باختلاف أنواع مواضيعها. فما نورده إذاً مأخوذ عن أوثق المصادر وقد تلقفناه في مواطن التاريخ عينها من أفواه الذين أوقفوا قواهم وحياتهم خيرا للعلم تحت شمس وقادة تصهر الأدمغة صهرا ونذيبها ذوباً كل ذلك ليعيدوا تاريخ تلك الحاضرة الشهيرة إلى نصابه الأول. اجل، أن الأبنية نفسها التي كانت قائمة على أديم الأرض هدمت منذ عهد عهيد، ليستخرج منها الأجر فاستخرج منها شيء لا يتصوره العاقل لكثرته وبنيت به أبنية، ليتها لم تبن ولم تكن، إذ نقلت أولا تلك الأنقاض إلى سبوقية (على ما رواه جلة المؤرخين) وذلك في عهد خلف إسكندر ذي القرنين ثم إلى طيسفون (المعروفة اليوم باسم سلمان باك وهو سلمان الفارسي وعند الإفرنج باسم اكتيسيفون الراكبة

دجلة ومنها إلى بغداد، إذ وجد الناقبون ولا يزل يجدون في بغداد أبنية قد شيدت قواعدها وأسسها باجر عليه كتابات وخطوط آشورية أو مسمارية مصدرها أو مأخذها مدينة بابل الشهيرة ولعل القارئ يستغرب قولنا هذا فنقول له: إذا علمت السبب، بطل العجب. ولا تستغرب هذا النقل من مدينة إلى مدينة أخرى، لأنك إذا أغرت في العراق، وانجدت، واسهلت وأحزنت، وصعدت وحدرت، لاتعثر فيه على حجارة للبناء كما تعثر في سائر الديار، وعليه فالعثور على آجر هو إليك اقرب من حبل الوريد يعد بمنزلة العثور على كنز دفين، أو علق ثمين ولذلك جميع عمائر هذه الديار من قديمة وحديثة مبنية كلها بالأجر الذي يسميه العراقيون (الطابوق أو الطاباق) بتفخيم الألف الثانية. يدخل في تلك الأبنية مع الطابوق الخشب بأقدار وافرة وفي بعض الأحايين لا ترى أجراً في تلك المشيدات، بل ليناً لندرة الوقود وفي هذه البلاد ولغلاء أسعار الخشب. فيتخذ حينئذ الوطنيون الشمس بمنزلة الوقود. لكن ما كان اللبن لا يصبر على طوارئ الجو صبر الأجر فتتهور الأبنية في زمن وجيز. هذا فضلاً عن أن البناء باللبن لا يستعمله إلا المتحضرة من الإعراب المجارة للمدن أو المنبثة في أرياضها وأرجائها. وأما المنازل القوراء، والقصور الفيحاء، والأبنية الشاهقة، والمعاهد العمومية العالية فلا تشاد إلا بالطاباق الحسن المتخذ من صلصال أرض بغداد والمشوي في مواف منتشرة في حوالي الحواضر والقرى. ومما لا ينكر أن ما يشوي اليوم من الأجر هو دون ما كان يشوى سابقاً أن من جهة الشيء، وان من جهة الصلابة والصبر على مساوئ الزمان وفتكاته ومما يفوق آجر جميع هذه الديار جميع هذه الديار هو طاباق

بابل لان الأقدمين كانوا قد جادوا عن يد ندية ليكون لهم معدات من احسن معدات البناء ولهذا لما أراد سلوقوس بناء مدينته المسماة باسمه (أي سلوقية على عدوة دجلة نثل كنانة وسعه لينقل معدات بابل الجليلة إلى مدينته الجديدة، فنجح كما نجح في نقل أهاليها أيضاً إلى حاضرته هذه. وأما الوسائط التي اتخذت لنقل تلك الأنقاض فكانت في ذلك العهد كما هي اليوم (السفن) من النوع المألوف الذي نشاهده وهي مصنوعة صنعاً بدون إحكام ولا هندام؛ ومقيرة من الخارج بدون إتقان وهي تنحدر انحداراً ناصبة الأشرعة وسائرة سيراً متئداً متبعة جرى الماء، وإذا أريد اصعادها جرها الرجال بالفلوس والحبال المتينة جراً بزهق الارواح، على حد ما يرى اليوم بدون أدنى تغيير. ولما كان هذا النقل لا يكلف مبالغ باهظة استسهله الأقدمون والمحدوثون وجروا عليه جرياً مطرداً، سنة الله في خلقه ولن تجد لسن الله تبديلا. هذا ولولا وقوف بعض العقبات في وجه المخربين لما بقى اليوم في ديار العراق حجر من حجارة الأقدمين وبعض هذه العقاب فراغ أيديهم من معاول وآلات هادمة تنسف الأبنية من أسسها ولهذا افلت من أيديهم ما افلت، وما ذلك إلا لان ربك أراد أن يثبت لك حقائق كنت تنكرها كل الكير، لو لم تقع على آثارها اليوم، تلك الآثار الناطقة بسابق وجودها. قصر بخت نصر لقد حان لنا الآن أن ننظر إلى ما بقى من قصر نبو كدر أصر (بخت

قصر) الذي كشف اليوم عنه الناقبون كل ما كان يغشاه من النبائث والنثائل، والأنقاض والاردام، التي تراكمت عليه منذ قرون مديدة عديدة، وقد أميطت عنها بنفقات لاتقدر، وباتعاب لاتعبر، ولاتسطر؛ كل ذلك على أصول مقررة في هذه الصناعة الحديثة الوضع بحيث لو يتلف شيء من كل ما كانوا يبحثون عنه. والبناية واسعة الأرجاء، رحبة الأبهاء، على هيئة مربع مستطيل، وفيها أربعة قصور مبنية في زواياه الأربع يجمعها كلها سور في غاية الثخن. قيدانا زيارتنا في القسم الشمالي الغربي وهو دون سائر الأقسام حفظاً، إذ لا يوجد منه إلا بعض إطلال حيطان منها ساجدة راكعة، ومنها قد ألقيت على ظهرها نجداً برقيم أو كنز يجده في بطنها أحد المتطالين إلى الغرائب التاريخية أو الدفائن العادية ومهما يكن من أمراً غاية صرع هذه الجدران وجندلتها، فهذا الهدف من القصر يعد اقدم من سائر ما هناك من الأبنية ويظن انه يرتقي على الأقل (نبويل أصر) والد (نو كدر أصر) الكبير مؤسس مملكة بابل الحقيقي. ولم نقف كثيراً على هذه الدوارس المواثل لقلة جدواها، فانتقلنا إلى القسم الشمال الشرقي، وهو احسن منه حالاً ومشهور بأسد موجود عليه، وقد قطع ونحت في الحجر الاصم، كبير الجثة، أكبر مما هو عليه في الحقيقة، ويرى تحت أرجله عدو صريع مقهور، وكان هذا الليث الغضنفر مستلقياً مدفوناً في الارض، فلما وجد أمرت الحكومة العثمانية أن يقام على أرجله فأنهضه المسيو موجيل مهندس ولاية بغداد الفرنسوي، ونصبه على أحد تلك

إعراب الشرارات

الحيطان وهو جدار محفوظ احسن الحفظ بالنسبة إلى سائر الأسوار ويشرف على تلك الاخربة كلها. أما نحت هذا الأسد فهو وان لم يكن متقناً أتم الإتقان إلا أن سمت هذا السبع حسن أي حسن حتى انه يخال الناظر إليه أنه يرى عظمة بابل السابقة السامقة التي يمثلها أبدع تمثيل ملك الحيوانات هذا، ويصورها لأهل عصرنا هذا كما تصورها أهل تلك القرون الخالية. وفي زاوية هذا الصرح المنيع تبتدئ الجادة السلطانية التي كانت تؤدي السائر فيها إلى عدوة الفرات التي تتشطط الجهة الشرقية من القصر الثالث الذي يسميه اليوم المهندسون (قصر الجنوب الشرقي) وهذه الجادة عريضة بعرض طرقنا الإفرنجية العمومية ومحدودة بحائطين عظيمين هائلين، وقارعتها مفروشة بطبقة قير ثخينة وعليها آجر عريض تكسير وجهه المربع خمسون سنتيمتراً وثخنه اثنا عشر سنتيمتراً. وفي وسط الجادة بين القصرين قصر الشمال الشرقي وقصر الجنوب الشرقي. الأب لويس الكرملي إعراب الشرارات ذكر حضرة الكاتب الألمعي سليمان أفندي الدخيل هؤلاء الإعراب في مقالته (بعض الإعراب غير المنسوبة) ص309 ووعدنا القراء أن نوافيهم معرفتنا لهؤلاء الأقوام فنقول:

1. عددهم ومحل وجودهم ووصف بلادهم الذي سمعناه نحن عن عدد هؤلاء الأقوام انه يتردد بين الستين والثمانيين ألف نسمة، يأوون جميعهم إلى خيم يحيكونها من وبر الجمال ويضربونها في الديار الواقعة بين مواب (متصرفية معان الحالية) والبلقاء شرقاً بين خليج الفارس غراباً وشمالاً إلى غرب. واسم تلك الديار (ارض السرحان وارض الصوان والحماد) أما أراضي السرحان (والسرحان بكسر فسكون) فأكثرها سوداء مثل حلك الغراب، بركانية الأصل والتركيب، كلها حرار، وسميت بأراضي السرحان والسرحان هو الذئب والأسد لان الإعراب يتوهمون أن الذئاب والأسود تكثر فيه وتفتك بالمسافرين. وأما أراضي الصوان فبعضها حرار وبعضها عبلاء وحمراء قليلاً. وسميت بأراضي الصوان لكثرته هناك. وهي متوفرة الحصى واسعة الأكتاف مترامية الأطراف وأكثرها سهول وحزون. لأنه يرى فيها هضاب وتلال. ويبلغ طولها من شمال إلى الجنوب نحو خمسة أيام على الهجين، وعرضها من الشرق إلى الغرب نحو مسير ثلاثة أيام. وتبعد عن الكرك شرقاً نحو ستة أيام على ذلك السير، ونحو ذلك من مادبا. ومادبا قرية نصرانية في سهول البلقاء. وأما الحماد (وزان سحاب) فهو أرض واسعة واقعة في جنوبي تدمر ممتدة من وادي الفرات إلى جبال حوران عرضاً. وأما طولاً فلا يعرف

له قرار متفق عليه. وقيل: أن تحت اسم الحماد ينطوي أراضي أو وادي السرحان وأراضي الصوان، لان الحماد صقع تكسير سطح اكثر من خمسمائة ألف كيلومتر مربع وهو عبارة عن كل شنخوبة جزيرة العرب من الشمال أي بين جبال عبر الأردن وجبال ديار أدوم والحرار غرباً، وبين جبل شمر جنوباً، وسهول الفرات شرقاً وشمالاً، والحماد هو الذي يسميه بعضهم (بادية العرب) وفريق منهم (بادية الشام) وارض العراق (شولاً) وهذا الصقع وان كان عبارة عن فلواتٍ وفدافد، إلا أن أدنى مطر يسقط عليها ينبتها كلأ ووافراً ترعاه ماشية الإعرابي ومن ذلك اسمه الحماد لمحمدة ارضه، وحسنه. 2 - زرعهم وطعامهم قد رأيت أن هذه الأراضي فلوات قاحلة لا زرع فيها من زرع ابن آدم، بل أن ما ينبت فيها بعض الأنبتة الضعيفة من جنس الحشائش ولاسيما نوع منها يتغذون بحبوبه اسمه (السمح) بفتح وسكون. وتلك الحبوب تشبه السمسم أو الخشخاش بلونها وقدرها. ونوع آخر اسمه الدخن (بضم فسكون) وحبته صغيرة جدا تشبه حبة القريص ولونها أحمر جداً. وهو غير الدخن المعروف بهذا الاسم في العراق. فمن حبوب هذين النبتين يتقوم طعام الشرارات إذ يطحنونها ويتخذون منها أقراصاً ثم يخبزونها. وهم يظنون أن من يأكل خبز الحنطة أربعين سنة تنهكه الأمراض وتتمزعه الأسقام ولهذا يسمونه (خبز الأوجاع) ويكرهونه اشد الكراهية حتى انهم لا يبقونه عندهم في البيت لاعتقادهم أن مجرد وجوده فيه مجلبة للأضرار والأدواء على أصحاب الديار. وهم يرون انهم إذا حرموا حب السمح أو الدخن

فالأحسن لهم أن يأكلوا خبز الشعير. بيد أنني شاهدت فقراء منهم يأكلون خبز الحنطة بشوق وارتياح كما يأكله غيرهم من أعراب سائر القبائل والعشائر. ومن أطعمتهم نوع من العجر النباتية اسمها التمر (وزان سكر) تشبه البطاطة وهي تجيء عفواً في الصحراء في شرقي معان. وفي الجوف أنواع النخل إلا أن الشرارات لا يذوقون تمرها لأنها راجعة إلى ملاكين آخرين، ولهذا فليس لهم شيء يذكر سوى ما يقتنونه من غنمهم ومواشيهم. وإذا وقع في بلادهم الجراد فرحوا اعظم الفرح لأنهم يفضلونه على سائر الأطعمة والألوان. وفي أراضيهم تنبت أنواع الحمض والأشواك كالعاقول وغيره فتكون طعام الجمال. وهم يكثرون من شرب لبن النوق حتى انه كثيراً ما يتفق لهم انهم يبقون أياماً عديدة بدون آكل وشرب ماء لاعتمادهم على جرعة من اللبن المذكور. وفي ديار الشرارات ملح كثير وهو يغزر في بقعة اسمها (ارض السيار) بتشديد الياء. وهناك كثير من الإعراب يحملون منه الأقدار العظيمة فيذهبون به إلى سائر قبائل وعشائر البوادي المبثوثة في ديار مؤاب وسهول البلقاء وحزون السلط. وقد شاهدت هذا الملح فوجدته احسن بكثير من ملح جبل أسدم الواقع في الزاوية الجنوبية الغربية من البحر الميت.

3 - المطر المطر القليل في تلك الأرجاء، ألا أن الضباب يكثر عندهم في أيام الشتاء ومثله الندى والسدى فيقوم ذلك كله مقام الأمطار الغزار. على انه يرى فيها عدة ينابيع وعيون ماء شديدة الاندفاع وفي بعض أراضيها من المياه المخزونة ما يكفيك أدنى حفر لتقع على حائر وافر الماء. 4 - حيواناتهم مال هؤلاء الرجال: الحمر والهجان والجمال. وقد سمعت بعضهم يقول أن بعض اتتاتتئم (تلد ولدين) وعندهم عدد غير يسير من جياد الخيل العراب. ولهم أيضاً شئ من البغال. يسمون بلسانهم البغل الذي أبوه حصان وأمه أتان (سيسي) وتجمع على سياسي وكلا اللفظيين بتشديد الياء ويقوم مقام السرج عندهم ضرب من الجلال يتخذ من الجلد يعلقون به ركابات بسيطة يسوونها من قشر الحمض ويضفرونها ضفراً أو يبرمونها برماً ويعلقون بالطرف الأسفل من كل جهةٍ من جهتي الراكب عودة مستديرة

أو كالمستديرة يقطعنها من الحمض فيتخذونها بمنزلة الركابات التي نتخذها نحن لخيلنا. أما سائمنهم فهي البقر والغنم وهي قليلة عندهم. ولبغض هذه الغنم أربعة أو ستة قرون وهي وان تكن نادرة فانك لا تشاهد مثلها في الديار المجاورة للمدن. 5 - لباسهم يلبس رجال الشرارات مئزراً من جلد الجمال يسترون به عورتهم. والشيوخ منهم يستشعرون شعاراً من وبر الجمال يستر جسدهم من فوق إلى اسفل. وأما نساؤهم فلباسهن كلباس الرجال إلا أن مآزرهن مزركشة الأهداب والذباذب. 6 - نقودهم هؤلاء الأعراب لا يعرفون من النقود إلا المجيدي. وهم يقيسون كل الدراهم من كبيرة وصغيرة على هذا النقد. فربما اخذوا ما ليس بمجيدي واعتبروه مجيدياً لكونه بقدره. وفي المعاملات التي هي أدنى من مجيدي يقولون: نصف مجيدي وربع مجيدي ونصف ربع المجيدي. وما عدا ذلك لا يعرفون شيئاً. 7 - القراءة والكتابة عندهم لا تجد فيهم من يحسن القراءة والكتابة بل ولا من يميز حرفاً من حرف. وإذا اضطر أحدهم في معاملاته إلى التعبير عن أفكاره اتخذ الرسول كتاباً ناطقاً وأنفذه صاحبه.

الكسوف والخسوف في سنة 1916

8 - أخلاقهم وعوائدهم هؤلاء الإعراب أشداء في الحرب، بارعون في الغزو، يكثرون شن الغارات على من جاورهم، ولديهم من وسائل جوب القفار وقطع الفلوات والفيافي ما ليس في مكنه سائر أهل البادية المجاورين لنهر الأردن والبحر الميت هذا عندهم الذلول (الهجين السهل الانقياد) السريع السير الذي يستعينون به على قضاء حوائجهم. وشن الغارات على أعدائهم. أما سائر عوائدهم وأخلاقهم فهي كعوائد وأخلاق سائر أعراب البادية ما عدا الزواج فانه يختلف عندهم بعض الاختلاف. هذا ما علق بالذهن الفاتر، وهو فوق كل علم عليم. الكسوف والخسوف في سنة 1916 يكون في السنة المقبلة كسوفان وخسوفان: فالخسوف الأول يكون في نهار الاثنين والثلاثاء 1 - 2 نيسان (- 13 - 14 ربيع الثاني 1330) ويكون جزئياً أو حلقياً ويدخل: في الظليل في مساء 1 نيسان في الساعة 8 و 55 دقيقة على الحساب المتوسط من ساعة أوربة الوسطى. وفي الظل10و26 ويكون وسطه11 و 14 ويخرج من الظل في صباح 2 نيسان 03 ويخرج من الظليل 1 و، 34

نهر فسقس

ويكون كبر الخسوف 188، 0 من قطر القمر. ويكون كسوف القمر نهار الأربعاء 17 نيسان - (29 ربيع الثاني) ولا يرى إلا قليلاً ويكون حلقياً. ويبتدئ في النيرول وسويسرة في الساعة 11 و 54 دقيقة (أي قبيل الظهر) ويبلغ وسطه في الساعة 1 و 17 دقيقة وينتهي في الساعة 2 و 39 ويبلغ كبيره 830، 0 من قطر الشمس. ويكون الخسوف الثاني نهار الخميس 26 أيلول (4 شوال) ويكون حلقياً. ولا يرى في جنوبي أوربة. ويكون الكسوف الثاني نهار الخميس 10ت 1 (28 شوال) يكون تاماً لكن لا يرى في جنوبي أوربة. نهر فسقس وهو حمشا ومدينة أوبي أو اوابيس وهي باحمشا من الألفاظ التي أعيى تحقيقها العلماء فسقس (وزان هدهد) وهو اسم نهر بلاد أشور القديمة. ومعنى فسقس بلغة اليونان المعا أو اسفل البطن أو الربيض (وهو مجتمع الحوايا في البطن). ولاشك أن النهر المذكور الموجود في بلاد آشورية أو ارمياً لم يكن باليونانية في اصل وضعه بل كان لفظاً آشوريا وارمياً، فنقله اليونان إلى لغتهم بمعناه لا بلفظه لصعوبة نطقهم بالكلمة الأصلية. ومن ثم وجب البحث عن لفظة ارمية تعنى هذا المعنى وتكون في الوقت عينه واردة باسم نهر يدفع مياهه في الفرات وفي الموطن الذي عينه له المؤرخون أوصاف البلدان الأقدمون. والحال لا يوجد حرف يجمع في نفسه هذه الشروط كلها إلا كلمة (حومشا) (وتلفظ بضم الحاء

أصل لفظة الرزق

وإسكان الواو والميم وفتح الشين بعدها ألف) ثم تصروه تسهيلاً للفظ فقالوا فيه حمشا. فيكون هذا رفسقس شيئاً واحداً. ثم أن الأقدمين من مؤرخي اليونان قالوا ما مخلصه: أن عند مصب نهر قسقس في الفرات بلداً اسمه أوبي (أو اوبيس) ولم يعرف ما كان يقابل هذه اللفظة اليونانية أيضاً عند أهل تلك الديار في السابق الإعصار. والذي تحققناه اليوم أن اوبيس أو هي باحمشا. وأنت تعلم أن (با) أو (ب) في الارمية مقطوعة من بيت أي ودار ومدينة. وتكون هذه اللفظة بصحتها أو حرف منها رأساً لألفاظ كثيرة تدل على مدن أو قرى. من ذلك: بيت لحم، وبيت زبدي أو بازبدي، وبادرايا، وباعذري، وبا جرمي، وبيلاب أو بيت لافط أو بيلاقط، وبانهدرا، وبعقوبا) الخ. فتكون باحشما من هذا القبيل ومن المدن المبنية على نهر حمشا. قال ياقوت: باحمشا بسكون الميم والشين معجمية، قرية بين أوانا (وتسمى اليوم وأنا) والحظيرة (وكذلك اسمها اليوم) وكانت بها وقعة للمطلب. . .) اهـ. وتعرف اليوم باحمشا باسم (بوحمشة) وهي عبارة عن نهر في أرضه تلول، وهي قريبة من الدجيل أو السميكة (مصغرتان). فاحفظ ذلك تصب أن شاء الله ملخص عن حديث جرى بين الدكتور هرتسفلد والشيخ كاظم الدجيلي. أصل لفظة الرزق المشهور بين اللغويين أن لفظة الرزق عربية فصيحة. ولم يخطر ببال أحد إنها من اصل أعجمي. أما نصوص اللغويين على صحة هذه اللفظة

وعربيتها المحظة فاكثر من أن تحصى ومن أراد التحقيق فليطلبها في مظانها على إني اذهب إلى أنها من اصل فارسي. وقبل أن تقف على هذا الأصل عليك أن تعلم أن المراد من الرزق في كلام الفصحاء والعوام هو (قوت اليوم) سواء كان هذا القوت لأبناء آدم أو لأبناء الحيوان على اختلاف طبقات القبليين. ومنه: (وكلوا من رزقه - إلا على الله رزقها - يأتيها رزقها رغداً - وعلى المولود له رزقهن - أن الله هو الرزاق) فإذا أعلمت ذلك فلا يبعد من أن يكون هذا اللفظ مشتقاً من لفظة (روزه) الفارسية ومعناها (القوت اليومي) وروزه مأخوذة من روز أي يوم. وأنت خبير بان ما يكون آخره بالهاء في الفارسية يعرب بالقاف أو الجيم أو السكاف بالعربية كجردق وجرموق وخندق وديباج ودورق ودلق ودانق ودهلج والأصل فيها: جرد، وسرموزه، وخنده وديباه ودوره ودله ودانه ودهنة. وعليه قالوا: روزق في روزه ثم خففت فقيل (رزق). ولما ادخلوها في لغتهم شنقوا منها ألفاظاً أخرى وتصرفوا بها تصرفهم بالألفاظ العربية فقالوا: رزق وارتزق واسترزق والرزاق ولرزقه والمرزق والمرزوق إلى أخر ما هناك. نرسيسيان الترجمان الأول في القنصلية الإنكليزية في بغداد

(لغة العرب) وممن ذهب إلى هذا الرأي أيضاً السيد أدي شير رئيس أساقفة سعرد الكلساني (الألفاظ الفارسية المعربة) ص72. وهو رأي محتمل كما انه يحتمل أن يكون عربياً صرفاً مشتقاً من الزق يقال: زق الطائر فرخه: أطعمه بمنقاره. ويفعل الطائر هذا الفعل كل يوم إلى أن ينهض أو يقوى فرخه. فإطعام الله عبيده كل يوم هو من هذا الباب لأنه تعالى بمنزلة الأب الشفيق على أبنائه. هكذا تصور العرب أمر الرزق بالنسبة إلى الرازق. وان قلت من أين أتت الراء المثبتة في أول اللفظة. قلنا: قد أثبتنا في إحدى المجلات العلمية التي تنشر في بيروت أن اصل الألفاظ العربية كلها ثنائي كما اتفق عليه جمهور اللغويين في عهدنا هذا. ثم زيدت حروف في أوائل اللفظة أو أواسطها أو أواخرها كلما احتاج الواضع إلى معنى جديد وأراد أن يحدثه في اللفظ الثنائي. فزادوا هنا الراء في الأول لان الراء تفيد التكرير والإعادة فكان الواضع أراد في قوله: رزق الله عبده: (زقه مكررا عمله يوما بعد يوم). وزيادة الراء في الأول حقيقة لا تنكر. من ذلك مثلا: رجس الماء قدره بالمرجاس واصله: جسه. ورمث الشيء: مسحه بيده واصله: مثه. والرحامس بضم الأول وكسر الميم: الجري الشجاع. وهو مشتق من الحماسة. وزيادة الراء في الوسط واردة أيضاً في العربية منها: العربرب في العبرب (وهو السماق) وقدر عربربية في عبربية. والخرنوص في الخنوص. وشرطا النهر، هما شطاه. والجحمرش في الجحمش.

التنهس

وكذلك معروفة زيادة الراء في الآخر، من ذلك: شمخر في شمخ، وبحثر في بحث، وفجر الشيء في فجه، والبحريت في البحت. إلى آخر ما ورد في لسانهم وهو كثير لا يحصى. وأما زقه فعربية قحة لأنها مشتقة من حكاية صوت الزق. - والقارئ مخير في اتباع الرأي الذي يستحسنه أو يلذ له وهو فوق كل علم عليم. التنهس (وهو البركندان أو المرفع) والتنحس (وهو القطاعة) سألنا بعضهم: هل كان المرفع معروفاً عند العرب النصارى سابقا وما كان اسمه عندهم؟ - ثم ما كان اسم الانقطاع عن أكل اللحم عندهم المعروف اليوم باسم القطاعة؟ قلنا: كان المرفع معروفاً سابقا باسم التنهس. والكلمة لم يذكرها أصحاب المعاجم اللغوية، إلا أن موفق الدين أبا محمد عبد اللطيف البغدادي ذكرها في ذيل الفصيح لثعلب ص105 قال: العوام نقول: تنهس النصارى والمسلمون، إذا أكلوا اللحم واكثروا منه قبيل صومهم. ووجهه ظاهر. لان العرب تقول: تنحس النصارى: إذا تركوا اللحم. والعامة تقول: تنهسوا: إذا أكلوه. وأيام التنهيس هي أيام في أواخر شعبان يغتنم فيها أكل اللحم في النهار. وهذا سائغ لأنه من النهس وهو أكل اللحم بشره وخطف. لأنهم يأكلونه أكل مودع. اه فنرى مما تقدم أن التنهس أو أيام التنهيس يقابل ما يسميه أهل الشام

وديار مصر: المرفع، وأهل العراق، بركندان. والتنحس هو القطاعة. أما المرفع فلفظة ليست بقديمة إذ لا وجود لها في دواوين اللغة ولا في كتب نصارى العرب نهى إذاً محدثة. ويرتقي دخولها في اللغة إلى المائة السادسة عشرة على ما يبين لنا، وقد دخلت عند قدوم المرسلين الإيطاليين إلى ديار الشام ومصر. فعربوا كلمة بكلمة مرفع تعريباً معنوياً أي من باب النقل، ومرفع اسم زمان من رفع ويراد به قرب زمان رفع اللحم. وعليه فعندنا أن الفرنسوية ماخوذة من الإيطاليين. وهؤلاء نحتوها من حرفين لاتينيين وهما أي رفع اللحم. ويشهد على صحة ذلك: أن أهل ميلان يسمون المرفع وان مولدي اللاتين يقولون وهذا ينفي قول من يزعم أن مأخوذة من وأي وداع اللحم أو أي بلع اللحم، لكثرة ابتلاع الناس للحم في تلك المدة. فهذه الآراء الأخيرة هي عندنا في منتهى السخف. أما أهل العراق والجزيرة أي أهل السواد من نصارى العرب فلا يعرفون لفظة المرفع. والمستعمل عندهم كلمة بركندان بالكاف الفارسية (أي وقد اختلف في اصلها. فقال قوم: إنها من اللغة الأرمنية منحوتة من أي حسن وجيد. وكنتان أي قصف، فيكون محصل معناها. القصف الحسن. وذهب قوم إلى إنها فارسية الأصل مركبة من (باده) أي خمر (وخوردن) أي شرب ومؤداها شرب الخمر، لان القصف لا يخلوا من شربها ثم صحف ونحت. بيد أني

خبايا الزوايا في الرجال من البقايا

أرى أن اصلها من (بركردن) الفارسية المستعملة في اللغة التركية ايضا، ومعناها: الاستئصال والرفع، فيكون محصلها نفس مؤدي لفظة مرفع. بقي علينا أن نوضح سبب تسمية التنحس بهذا الاسم. والذي نراه في اصله هو انه مشتق من تنحس الرجل: إذا جاع، لان من يأكل الأطعمة الخالية من اللحم يجوع بسرعة لسهولة هضمها وخفتها على المعدة، على أني اجنح اكثر الجنوح إلى أن تنحس هنا بمعنى تجنب النحس المتولد من أكل اللحم. لأنك تعلم أن أكل النصارى للحم في الأيام المحرم إلا كل فيها من مخالفات الشريعة، ومخالفة السنن من الأمور المشؤومة التي تجر الويلات على صاحبها. ولعلك تقول: لم يأت قط تفعل بمعنى نفي الشيء عن صاحبه أو إلقائه عنه حتى يكون هذا من ذلك - قلنا: قد وردت بضعة أفعال من هذا القبيل ولا يبعد أن تكون هذه العصا من تلك العصبة، فقد جاء عندهم تنجس بمعنى القي عنه النجاسة بان أتى فعلا يخرج به من النجاسة إلى الطهارة. وتأثم، إذا فعل فعلا يخرج به من الإثم. ومثلهما: تحرج وتحنث وتحنف وتحوب. وعليه، فتكون تنحس بمعنى خرج من النحس بامتناعه عن أكل اللحم. احفظ ذلك كله تصب أن شاء الله تعالى. خبايا الزوايا في الرجال من البقايا للعلامة المحقق، والفهامة المدقق: الشهاب احمد الخفاجي المصري، تغمده الله برحمته، أمين أمين) هذا هو نقل النص الموجود في الصفحة

الأولى من كتاب خط في التراجم للخفاجي المشهور، موجود في دير المبعث في بغداد. طوله 19 سنتيمتراً في عرض 12، فيه 172 ورقة وفي كل صفحة 29 سطراً دقيق الحرف حسن الخط، وقد ضبطت ألفاظه في المواطن التي تحتاج إلى ضبط، والعناوين كلها مكتوبة بالأحمر. وقد وصف صاحب كشف الظنون هذا الكتاب النفيس فقال: مجلد لأديب العصر شهاب الدين احمد الخفاجي المصري المتوفى سنة 1069 (0 - 1658م)، أوله: (حمداً لك اللهم يطوق جيد البلاغة نظم عقوده الخ. ذكر فيه أدباء عصره من شيوخه وشيوخ أبيه كصاحب الذخيرة، وقلائد العقيان، واليتيمة، والدمية، وعقود الجمان. ورتبه على خمسة أقسام: الأول في رجل الشام (وهو في نسختنا من ص11 - 65) الثاني في رجال الحجاز (وهو في نسختنا في ص65) الثالث في رجال مصر (وهو في نسختنا في ص80) الرابع في رجال المغرب (وهو في نسختنا في ص126)

الخامس في رجال الروم وهو في نسختنا في ص144 الخاتمة، في نظم المؤلف ونثره وهو تأليف لطيف يدل على مهارة مؤلفه في الأدب اهـ كلام الحاج خليفة وفي الصفحات الاول إشعار خارجة عن نص الكتاب وهي بأقلام مختلفة والشعراء شتى. ومن جملة ما ورد في إحدى الصفحات ما هذا نصه: (ومما كتبه المرحوم سلطان سليم خان على جدار تكية القادرية الواقعة على نهر العاصي لما دخل حماة حين ذهابه لفتح مصر القاهرة. بنو الكيلان (كذا) طبتم في مقام ... أرى من دونه السبع الطباقا أطاع لديكم العاصي ولما ... تشرف بالجوار حلا وراقا وقد يبلغ عدد المترجمين من علما الشام وشعرائها 47، ومن أعيان مكة 19 ومن مشاهير مصر 62، ومن نوابغ أهل المغرب 14، ومن فضلاء وأدباء ديلر الروم 3 فيكون مجموع التراجم 145 وفي الختام أرجوزة طويلة للمؤلف سماها (بذوات الأمثال) وفيها 627 بيتا وكلها من روائع، الحكم، وبدائع الكلم: أولها. الشكر روض قد زها أنوارا ... ما كل نور يعقد الثمار فالشكر لله على الأنعام ... يختال في ملابس الدوام وختامها: والدهر نجار له حانوت ... ينحت فيه المهد والتابوت لا شيء كالقلب انفساحاً وسعه ... فكل شيء في الوجود وسعه

فلا تضيقه بهم قد نزل ... وما لغير الله فيه من محل فاشرحه بالفوز اللطيف القدسي ... وصير البسط أنيس النفس إن فيه عيباً لا يغتفر، وهو أن المؤلف قد جرى في وضع كتابه يجري بعض من تقدمه من شيوخه وشيوخ أبيه، كصاحب الذخيرة، وقلائد العقيان، واليتيمة، والدمية أي انه يترجم الشاعر بعبارات مسجعة منمقة بدون أن يذكر سنة ولادته ولا مسقط رأسه ولا يوم وفاته ولا محل دفنه وهذه كلها من الأمور التي لا يستغني عنها. وكذلك لا يقول شيئاً عن مؤلفات المترجم ولا ما يبين علو كعبه في الفضل والعلم ليميزه عمن سواه. ومن عيوبه أيضاً انه يصف الشاعر بأوصاف علمه يمكن أن تصح في مئات من أهل النظم والأدب بدون فرق جزيل. فانظر مثلا ما يقول في تقي الدين بن معروف: (ص80) (سماء نضل معروف. وغيث كرم ومعروف. رياض علمه أريضه. وساحة مجده عريضة. إذا لمس اليراع سجد في محراب طرسه شكرا، وماد بمدام مدامه سكرا. فكم بليل حبره المسكي الأنفاس، يد بيضاء بيض الله بها وجه القرطاس، تخبران المانوية تكذب. وله في علم النجوم مرتبة دونها الثريا إذا رامها سواه. قالت أعوذ بالرحمن منك أن كنت تقيا. فلا زال ينم بأسرار السما، إذ صعدها بخطوات أفكاره وسما، حتى كأنه اتخذ جداولها له سلماً. . . .) إلى آخر هذه السجعات التي لا تزيدنا علما بالمترجم ولا تميزه عمن سواه.

باب المشارفة والانتقاد

وليس في نسختنا تاريخ كتابتها، لكنها قديمة ولعلها من عصر المؤلف وورقها حسن من أجود النوع، وفي هذا القدر كفاية لمن يريد أن يتولى نشر هذا الكتاب أو مقابلة نسخة طبع عليه، والسلام. باب المشارفة والانتقاد 1 - تمام المتون، في شرح رسالة ابن زيدون. للعلامة صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي. طبع في مطبعة الولاية في 321 صفحة بقطع الثمن سنة 1327. وقد عني بنشره محمد رشيد أفندي الصفار أحد كتاب جريدة (بغداد) سابقاً. وصاحب صحيفة (الزهور) البغدادية حالاً. وبعد أن بيع في أوائل طبعه بعشرين قرشاً صاغاً يباع اليوم بخمسة غروش صاغ لا غير حباً بتعميم نشره. كل أديب من أدباء العرب يعرف ما لأبي الوليد احمد بن عبد الله المخزومي الخضرمي الأندلسي القرطبي المشهور بابن زيدون المتوفى سنة 463هـ (- 9ت1 سنة 1330م) من الإنشاء العالي النفس والاطلاع على آداب العرب وأمثلهم وأخبارهم وآثارهم وله عدة تأليف منها التاريخ المسمى باسمه. والرسالة التي كتبها إلى الوزير أبي عامر بن عبدوس وشرحها جمال الدين أبو عبد الله محمد بن محمد نباتة الشاعر المشهور المتوفى سنة 768. وسمى هذا الشرح سرح العيون، في شرح رسالة ابن ء ؤزيدون؟

والرسالة التي كتبها إلى أبي الوليد بن جهور وشرحها ابن أبيك وهي التي طبعت في بغداد على كاغد حسن، لكن الطبع غير جلي. وقد نشر محمد رشدي أفندي الحكيم الدمشقي في مجلة المقتبس 6: 542 شيئاً كثاراً من المتن نقلاً عن النسخة المخطوطة الموجودة في خزانة السيد عبد الباقي الحسني الجزائري والمكتوبة سنة 1256هـ. ومن يقابل بين نسختي المتن ير بينهما فرقا يذكر. وكنا نود أن ينشر متولو الكتب القديمة اختلاف الروايات أو النسخ، وان يميز المتن عن الشرح بشكلين من الحروف: المتن بحرف ضخم والشرح بحرف أدق. وان ينبه على المواطن المغلوطة بقواهم: (كذا) حتى يفهم القارئ أن هذا الغلط من النسخة الأصلية لا من الطبع. والظاهر من نسخ هذه الرسالة وشرحها أنها كثيرة الأغلاط دسها جهلة النساج لقلة بضاعتهم في الأدب. وكأن ذلك لم يكف لمسخ هذا السفر الجليل فقد ورد في طبعها أغلاط أخرى أتى بها الصفافون ولم تصحح. والأمل أن يصححها ناشرها كما وعد. حرصاً على كنوز السلف الأدبية. وضناً بفرائدها من الامتهان. 2 - المجازات النبوية إليك ما كتب في صدر هذا الكتاب لتعريفه: (كتاب للشريف الموسوي السيد راضي، ذي الحسين، فصيح قريش وناطقة الأدباء، وقدام العلماء، والمبرز على سائر البلغاء، أبي الحسن محمد بن أبي احمد النقيب الطاهر، ذي المناقب، الحسين بن موسى الابرش بن محمد بن موسى أبو (كذا)

صبحة ابن إبراهيم الأصغر المرتضى بن موسى الكاظم، عليه آلاف التحية والسلام، وعلى آبائه الأئمة الكرام. (ولو قيل: للشريف الموسوي لكفى، لشهرة الكاتب البليغ). - طبع في مطبعة الآداب، على نفقة جلالة السيد العالم الفاضل، والحبر الكامل، اشرف الحاج جناب السيد محمد نجل حجة الإسلام والمسلمين السيد سيد حسن صدر الدين، دام ظله العالي آمين. حق الطبع محفوظ. (ولو بقي في الصفحة بياض لما اكتفى الطابع بهذا الكلام، بل لزاد عليه حتى يثير في صدر القارئ دفين السام.) الكتاب بقطع الثمن وعلى ورق حسن وعدد صفحاته 287 إلا انه كثير أغلاط الطبع التي تشوه محاسن هذا السفر البليغ كما هو شان جميع ما يطبع في حاضرنا لقرب عهد أبناء وطننا بهذه الصناعة الشريفة. وليس في آخره إصلاح الغلط. فمما ورد في ص2 وأخفانها (أي وأجفانها) وجاء في ص3 وعرنينين (والأصح وعرينين) لقوله بعد ذلك: لم اسبق إلى قرع بابهما. وجاء: (بتوفيق لله). والأصح (بتوفيق الله). وجاء: لم يبق من الفضل إلا الدماء (والأصح الذماء) بذال معجمة. وورد أن يفوثني والأصح أن يفوتني فهذه خمسة أغلاط في الصفحتين فما القول فيما يتلو من الصفحات وكنا نود أن تكون العبارة المشتملة على المجاز أو على الأثر بحرف يمتاز عن حرف الشرح وان تقع في سطر لا يتصل بما قبله أو بما بعده إراحة للفكر والنظر. وإلا فالكتاب على ما تراه عبارة عن جملة واحدة تبتدئ بالسطر الاول وتنتهي في آخر سطر من الوجه الآخر. ولا يخفي ما في ذلك

من الارتباك والتشويش المخالف لأصول الطبع في عصرنا هذا. والأمل أن يصلح هذا الخلل وما ضاهاه في الطبعة الثانية تقريباً لمنافعه. 3 - شواهد القطر (كتاب شواهد القطر وحاشيته، للفاضل الكامل، والعالم العامل، الشيخ عبد الرحيم ابن الشيخ محمد ابن الشيخ عبد الرحمن السويدي الشافعي البغدادي العباسي) (قام بطبعه خدمة للعلم أفقر الورى إلى الملك الوهاب محمود بن عبد الوهاب. حقوق الطبع محفوظة للطابع. طبع بمطبعة الآداب في بغداد سنة 1329) في 315 صفحة بقطع الثمن الكبير. كتاب قطر الندى، وبل الصدى، لابن هشام الأنصاري من اشهر الكتب النحوية وهو اشهر من القمر. وقد عني بشرحه وتعليق حواشٍ عليه جماعة من النحاة في كل عصر من العصور، فشروحه إذا لا تعد وكذلك حواشيه. وممن اهتم بشرحه علماء بغداد في جميع الأزمنة ولا تخلو أسرة من اسر مدينة السلام إلا وفيها من تصدى للتأليف في الموضوع المذكور مع أن الشروح أصبحت اكثر من أن تذكر أو تحصر. والكتاب المطبوع في مطبعة الآداب هو العلامة السويدي المشهور. وهو لا يمتاز بشيء عما صنف في هذا الباب. فكنا نود أن نرى ما يطبع اليوم واضح الأبواب. مقسم الفصول، وان لا يكون السفر من أوله إلى آخره عبارة عن فصل واحد يبتدئ بأول سطر وينتهي في السطر الأخير. تلك الفصول في تلك العصور الخالية

وتوفيرا للدراهم. وأما اليوم فان طلبة العلم يحبون أن يصرفوا شيئاً من مالهم ضنا بالوقت، وحبا بأخذ العلم بسرعة. وهذا لا يكون إلا بتسهيل وسائل التلقين والتلقي، ومن جملتها هذه الذرائع التي أشرنا أليها. فالأمل أن تكون الطبعة الثانية واقية بالمقصود، بمنة تعالى وكرمه. 4 - ذخيرة الأصغرين (الجزء الاول) طبع بمطبعة ماربولس في حريصا (لبنان) سنة 1911 في 308 صفحات بقطع الثمن. وهو كتاب مختارات جمعها سيادة الحبر الجليل والكاتب المجيد جرمانوس معقد مطران اللاذقية من أقوال بعض أعاظم الكتبة الأقدمين كصاحب الأغاني، وابن المقفع، وابن خلدون، والمحدثين كاليازجية ولا سيما الشيخ إبراهيم اليازجي. وهو سفر يصلح لان يكون مصحفاً بأيدي الطلبة لحسن طبعه وتهذيب عبارته وضبطها بالشكل الكامل، إلا انه ورد في الصفحة 34 عبارة لا توافق الغاية التي توخاها سيادته من وضع هذا الكتاب وهي تعميم نفعه بين جميع الطلبة على اختلاف مللهم ونحلهم. فعسى أن يكون الجزء الثاني أوفى بالمراد. 5 - كتاب الذهب، لتهذيب أحداث العرب (الجزء الاول) طبع بمطبعة الآباء الدومنيكيين في الموصل سنة 1911 في 80 صفحة تأليف سليم أفندي حسون، احد معلمي مكتب الآباء الدومنيكيين والغاية من وضعه: (إتحاف أحداث العرب بكتاب قراءة عصري جديد يلذ لهم ويفيدهم) على أن هذه الكتب التي توضع في أيدي أحداث الطلبة من

كيش وهس اليوم تل الاحيمر

أبناء اللغة لا تكون مفيدة ما لم تكن مهذبة العبارة غاية التهذيب، حتى تنشأ في المتعلم ملكة الكتابة، وان تكون الألفاظ مضبوطة ضبطاً صحيحاً وقد وقع في هذا الكتاب شيء كثير يخالف هذه السنن كقوله ص36 حوش الدجاج والأصح حير الدجاج وكقوله أيضاً: بنظر نظرة الحائر وضبط نون نظرة بالفتح، والأصح بالكسر، وكقوله وهو يعطي الأوامر والنوهي، والاصح يأمر وينهى. فنأمل أن يكون الجزء التالي أوفى بالمقصود من ضوء هذا كيش وهس اليوم تل الاحيمر (تل الاحيمر) راجع إلى لواء أو سنجق الديوانية، الذي هو من ملحقات قيم مقامية الحلة. وهو واقع على بعد 20 كليو متراً من الشمال الشرقي من الحلة. وقد زارته البعثة الفرنسوية في سنة 1853 التي كان زعيمها جول اوير وذلك عند عودتها من بابل قافلةً إلى بغداد بعد أن حفرت في هذه المدينة العظمى حفراً هو الحفر الاول الذي أجراه الأوربيون في حاضرة ديار بابل. وكان أولئك العلماء رأوا في ذلك الصقع ثلاث طوائف من التلال الطائفة الأولى: تلال الغرب ويسميها أهل تلك الديار. (تل الخزنة) وقد وجدوا فيها بعض الرقم أو الآجر المكتوب. والطائفة الثانية: تلال الوسط ويسميها الأعراب (الاحيمر) (تصغير الأحمر) وهيئته هيئة هرم، ويظن انه البرج ذو الطبقات، وقد وجدوا فيه آجرة من نبو كر أصر.

والطائفة الثالثة (تلال الشرق) وهي تشمل على عدة أطلال تدل على إنها كانت دوراً ومنازل في سابق العهد، ما عدا التلال الكثيرة المنبثة في حواليها، وبناء غريباً بصورة نعل فرس مستطيل الشكل. ويطلق البدو عليها اسم (البندر). وممن زار هذه الاخربة قبل البعثة العلمية الرحالة الإنكليزي كير بورتر الشهير وتتفق أوصافه لهذه الاخربة مع أوصاف اوبر وتوما. والاحيمر هذا هو كيش بكسر الكاف بعدها ياء ساكنة وفي الآخر شين مثلثة أما أن أطلال الاحيمر هي كيش في سابق العهد، فقد كان قد ذهب إلى هذا الرأي العلامة ويسباخ من باب الرجم إلا أن الباحث النقاب ثورو دانجين بين بأدلة قاطعة ناصعة في سنة 1908 أن الاحيمر هو كيش، وقد أوضحت بعده أنا أيضاً هذه الحقيقة بحجج لا تقبل الشك والريب مأخوذة من نصوص جديدة عثرت عليها في السنة المنصرمة في الرقم والكتابات القديمة المسمارية الخط. كانت كيش من اقدم مدن ديار بابل، وكانت من جملة بلاد مملكة أكد (وزان شمر) (وكانت مملكة سامية) مقابلة لمملكة سومر (وكانت سومرية). ومما وجد بخصوص تاريخ كيش ما وقعوا عليه في تلو (بفتح التاء واللام المشددة المفتوحة والواو الساكنة) من الآثار وهي جملة أسلحة كانت لملك من ملوك كيش اسمه مي سليم - وقد اشتهر بعد ذلك في ما اكتشف في الأسانيد التي وصلت إلينا، بكونه سعى في إصلاح ذات البين

بين اثنين من أصحاب اقطاعاته وهما: حاكم لجش وهي المسماة اليوم تلو وحاكم (أُمَّا) (بضم الهمزة في الاول بعدها ميم مشددة مفتوحة وفي الآخر ألف مقصورة) وهي التي تسمى اليوم جوخى ويلفظها بعض أعراب المنتفق بوخى. ومن أخبار ملوك كيش انهم ناوأوا حكام تلو. وقد أبقى أحد هؤلاء الحكام وهو المسمى: أي أن ناتوم - نصبا يعرف بنصب النسور وهو محفوظ اليوم في قصر اللوثر في باريس محفور عليه صورة لملك كيش وقد فاز به الحاكم المذكور وانتصر عليه. وبقيت كيش مدة قرن كرسي المملكة في عهد الملوك اورومش ومانشتوسو ووشروجين ومن أسماء ملوكها ما وجد في رقيم نشره في السنة الماضية الأثري العلامة الأب شيل الدومنيكي وقدمه إلى ندوة علماء الآثار الفرنسوية، وفيه مختصر تاريخ خمس دول. وهذا الرقيم وجده الأعراب في الاحيمر عند تنقيبهم فيه عن الآثار العادية. ومن بعد أن خمل ذكر كيش مدة عاد فنبه في عهد حمورابي معاصر إبراهيم الخليل، (وحمورابي هذا هو المعروف في التوراة باسم امرافيل على ما أثبته النقاب الأب شيل الدومنبكي وهو موحد المملكة البابلية) فلما اتضح لهذا الملك الغيور ثبوت شهرة كيش وخاف من أن تضره بنوع من الأنواع آلي على تخريبها فاكتسحها وضعضعها. ومن ذاك الحين خبت نارها، واندرست آثارها. ومما وجد في كيش (الاحيمر) كتابات تثبت وجود مدرسة للكتبة

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

في سابق الزمن كما كان مثلها في سيارة (وهي اليوم أبو حبة) وهناك كان الكتاب يمارسون الخط والمشتق والإنشاء والترسل وكتابة الوثائق والحجج وما كان من هذا الباب قبل أن يتخذوا لهم تلك الصناعة مهنة لهم. فهل بعد ذكر هذه الأمور المقررة من يشك بالفوائد التي تنجم للباحث إذا ما نقب في الاحيمر عن الآثار العادية التي يعثر عليها. فلهذه الغاية عينها اتفقت دولة فرنسة مع الدولة العلية فعينتني في هذه البعثة العلمية التي أتوسم فيها النجاح للتاريخ ومحببة والسلام. دجنوياك تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره أشتاء بغداد اغلب ما يشتد البرد في بغداد في شهري كانون فينزل إلى درجة السادسة أو الثامنة تحت الصفر، وأما هذه السنة فلم ينزل إلى الصفر، وابرد يوم كان عندنا هو الذي فيه نزلت الحرارة إلى الدرجة الثانية فوق الصفر ولهذا لم يكن عندنا إلا وبيع لما كان هذا الربيع غير مألوف في مثل هذين الشهرين كثرت الأمراض ولا سيما أنواع الحميات والأدواء المتولدة من الرطوبة كالرثية (وجع المفاصل) والنقرس والنزلة والزكام ولا يخلوا أسبوع إلا ويموت فيه واحد أو اثنان من النصارى. فما القول في المسلمين واليهود وهم اكثر عدداً من أولئك.

2 - المسرة (التلفون) بين بغداد والكاظمية وضع التلفون بين بغداد والكاظمية في نحو أوائل شهر كانون الاول وعن قريب يقام بين بغداد وخراسان. 3 - عشائر البوشبل وحسن آغا كانت العساكر العثمانية تحافظ على حسون آغا لمنع الأعراب من الهجوم عليه. فلما ذهبت عنه ولم يبق بجانب الاغا إلا قراب ثمانين من الجند سارت عشائر البوشبل تريد احتلال أراضيها السابقة وقد انقسمت قسمين: القسم الواحد يجمع أن آل صادق والثاني آل دهيم (كزبير) فأما آل صادق فعبروا من (أبي تبن). وأما آل دهيم فانهم عبروا من (الهبش) ولما اجتمع القبيلان سارا على بني زريق (كزبير) وهم أعمام حسن آغا وحمى الوطيس وانجلت المعركة عن استيلاء آل البوشبل على القلاع وإخراج من فيها وأما حسن آغا فقد هرب إلى معسكر الجند فتعقبه الأعراب ولما اصبحوا على قاب قوسين من الفتك به خرجت العساكر على المعتدين فوقع بين الجمعين إطلاق نار أماتت طائفة من المتخاصمين وفي تلك الأثناء سمع سلمان الظاهر أحد رؤساء عشيرة الخزاعل دوى البنادق فخرج للمحاجزة واخذ حسن اغا إلى بيته فسكنت ثائرة الفتنة. وكانت العشائر الشبلية هدمت جميع القلاع التي بنتها الحكومة لحسن آغا بدون أن تخاف عساكر الدولة لا بل لبثت واقفة أمامها بقلب كأنه قد من جلمود إلى أن جاء طابور النجف فناجزها كل المناجزة وحينئذ وقفت عن

الإمعان في القتال. والظاهر أن الأمور لم تنته إلى هذا الحد، فان عشائر البوشبل تبلغ عشرة آلاف رجل من حملة السلاح وهي تريد الرجوع إلى أراضيها فإذا دفعوا عنها يصرون على أن يطالبوا بها الحكومة إلى أن يحصلوا عليها. وان لم يفد الإلحاح يلجئون إلى القوة. ومن ثم يضطرب حبل الأمن في تلك الأرجاء. هذا فضلاً عن أن العشائر إذا علمت إنها محرومة من أراضيها أو أن لا ديار لها وهي قد آذت الحكومة فلا يسعها إلا ارتكاب الموبقات والمنكرات حملا لأهل الحل والعقد على توخي الصلح والسلم إنهاء للمعضلات. (ملخص عن الرياض) 4 - أشقياء الاحساء كثر الأشقياء في هذه الأيام في الاحساء وجوارها وعاثوا فيها عيث الذئب الامعط في الغنم. من ذلك أن رؤساء العجمان اخذوا من ذي النون الموصلي (المصلاوي) ثلاثمائة بعير، ولم يستطع أن يسترجع منها إلا خمسين بعيراً، لتراخي الحكومة في القبض على شؤون تلك الديار. وحاول الأمير عبد العزيز باشا السعود إرجاعها إلا أن الأعراب اثبتوا إنها أصبحت في قبضة الرؤساء رجال الحكومة. فتأسف الأمير على وقوع مثل هذه الأمور في هذا العهد. (عنها ببعض التصرف) 5 - نهر الحسينية جرى الماء في نهر الحسينية (كربلا) بعد أن كاد أهالي تلك الأنحاء

يموتون عطشا. 6 - علماء النجف ومجتهدوه وفد إلى الكاظمية عصر نهار الاثنين 8ك2 علماء النجف ومجتهدوه وهم: آية الله المازندراني مع جم غفير من طلبة العلم. وقدم نهر الثلاثاء الشيخ باقر القمي حجة الإسلام السيد علي التبريزي المشهور بالداماد، والشيخ عبد الهادي شليلة، وشيخ الشريعة الأصفهاني، والسيد مصطفى الكاشاني، والسيد آغا القزويني، والشيخ محمد حسين القمشي، والسيد محمد علي الشاه عبد العظيمي. وقدم من كربلاء السيد محمد الكاشاني والسيد إسماعيل الصدر والشيخ حسين، ومن مجتهدي الحلة السيد محمد القزويني. وجاء من سامراء حجة الإسلام الميرزا محمد تقي الشيرازي. 7 - قدوم عالمين فرنسويين للتنقيب في الاحيمر مساء نهار الخميس 11ك2 قدم على الباخرة (خليفة) عالمان فرنسويان وهما الابيل دجنوياك والأديب المسيو دروين الاول مستشرق كبير ويحسن اللغة المسمارية قراءة وكتابة ويفهم معانيها والثاني راز (عارف بأصول البناء وتزينه وقد قدما لينقبا في الاحيمر التي كانت تسمى قديماً (كيش) اوكيشو وقد مر الكلام عنها في هذا الجزء. 8 - أشقياء من عشيرة الصائح وأعراب التومان سرق بعض الأشقياء من عشيرة الصائح 167 رأساً من الشياه من أعراب عنزة القاطنين في ارض الجزيرة وحالما وصل الخبر إلى مدير ناحية تكريت هجم هذا

الهمام على اللصوص بينما كانوا يستعدون للهرب وكانوا مقيمين في شريعة القائم التي تبعد نصف ساعة عن تكريت قاصين عبور نهر دجلة. ولمل اصبح المدير على قاب قوسين منهم رمى هؤلاء العماريط أسلحتهم وامتطوا خيلهم وفروا وتركوا كل ما نهبوه من أعراب عنزة فسبق إلى دار الحكومة. وبعد يومين سرقت شرذمة أخرى من العشيرة المذكورة 29 رأسا من الغنم وثلاثة من الحمر قلما درى بأمرهم المدير وقع له ولهم ما وقع له ومع رفقائهم المذكورين وسلبت جماعة من عشيرة التومان وهي من سكن (حويجة العبيد رجلا من قضاء عانة اسمه السيد احمد الراوي 83 رأساً من الشاه فاستردها أيضاً المدير المذكور. فمثل هذا يجب أن يكون أرباب الحكومة لأن الأمور لتي أتاها وان كانت لا تعد شيئاً بالنسبة إلى الأعمال العظيمة إلا إنها تدل على نفس عظيمة فعسى أن يكون المتوظفين مثله. (ملخص عن الزهور البغدادية) 9 - البريد العثماني والبريد الإنكليزي مضت طائفة من الشهر الماضي واغلب أيام هذا الشهر والبريد

العثماني لم ينقل ألينا جرائد البلاد العثمانية ولا صحف الديار الغربية ولم نقف على السبب إلى الآن. أما الرسائل فقد جاءنا بعضها في ميعادها. فإلى متى يسود في بلادنا الارتباك والتشويش والاضطراب؟ أما البريد الإنكليزي فهو في غاية الانتظام ولولا إياه لأصبحنا في بلاد لا تتصل بديار خلق الله البتة. 10 - اللقالق وسائر الطير القواطع في ديار العراق اللقالق في العراق من الطيور القواطع، تأتينا في أواخر ك2، أو أوائل شباط وتهجر ديارنا في أوائل أيلول. أما هذه السنة فإننا رأيناها منذ ت2 فتفاءلنا بسرعة عودها ألينا وبربيع لا يسبقه شتاء بارد. وهكذا كان الآمر. وما قلناه عن اللقالق نقوله عن سائر الطير القواطع كالسنونو والحدأة وبعض أنواع الغراب وغيرها، فإنها كلها قدمت قبل أوانها المعهود لتبشرنا بربيع طويل وأمطار غزيرة وخيرات متدفقة. 11 - عشائر آل غزالات وآل إبراهيم هجمتا على عشيرة آل نبهان في اليوم 25 من شهر رمضان من السنة الماضية (15 أيلول 1911) وفي أثناء الهجوم قتل الأعراب المعتدون من عشيرة آل نبهان 12 رجلاً وامرأتين واخذوا قلعتين واحرقوا ما يقرب من أربعين داراً ونهبوا من المواشي شيئاً مذكوراً وحاصروا القلعة التي يأوي إليها عيالهم وأطفالهم من 15 إلى 21 من الشهر المذكور. ولما زحف عليهم جند الدولة أمر

حضرة قائدهم أن يرجع الضباط المنهوبات لأصحابها فأرجعت واخذ المعتدين إلى قضاء (أبي صخير) وقبض على جماعة من العشيرتين الهاجمتين أي على ملاح آل طغيش، والسيد علوان، وشعلان، وعبد آل صفوق، ورباط ومعهم شيخ آل نبهان وولده فسلموا كلهم إلى قضاء أبي صخير وأوقفوا هناك. ومن بعد أيام قلائل أطلقتهم الحكومة جميعهم إلا آل نبهان وولده فابقوا محفوظين. وزيادة على ذلك أمرت الحكومة بإخراج آل نبهان من أراضي (أم سباع) وإعطائها إلى حسن آغا. فلما صدر الأمر بذلك امتثلت تلك العشيرة الأمر وانتقلت من أرضها التي عمرتها بأيديها وجدها وكدها واحتلت دارا خربة هي وعيالها ومن يلوذ بها. والأمل أن الحكومة تستجلي الأمر وتؤدي لكل ذي حق حقه. لان الأمور بقيت معلقة بهذه الصورة الآن. الحقوق جريدة يومية تنشر في دار السلام إلا إنها تصدر الآن أسبوعية وهي (محبة للحقيقة وخادمة للحق) اغلب مندرجاتها باللغة التركية وفيها ما يقارب العمود باللغة العربية صدر عددها الأول في 28 محرم 13330 الموافق 18 كانون الثاني سنة 1912 وهي تطبع في مطبعة الشابندر وصاحبها ومديرها المسؤول اصغر زاده معروف أفندي ومحررها معروف أفندي المضحكات جريدة هزلية فكاهية تصدر في بغداد مرة في الأسبوع موقتا وقد برز

المعاجم العامية في اللغة العربية

عددها الاول في 8 صفر 1330 الموافق 23 كانون الثاني 1912 لصاحبها ومديرها م. لطفي. المعاجم العامية في اللغة العربية إني لست أول من تصدى لجمع الألفاظ العامية والدخيلة والتقاطها من أفواه العموم وتدوينها بطون الكتب والقواميس بل قد سبقني إلى هذا الموضوع الحيوي كثيرون من الأدباء. أما المؤلفات التي وصلت يدي إليها فهي ثلاثة: الأول، هو المعجم الموسوم بالدليل، إلى مرادف العامي والدخيل، تأليف اللغوي الفاضل رشيد أفندي عطية اللبناني وهو أكبرها حجماً وأدقها بحثاً وأغزرها مادة وفيه ما ينيف على ألف لفظة مع ما يرادفها من الكلمات العربية الفصحى وكان الفراغ من تأليفه في 30 نيسان سنة 1898 وقد جاء في الصحيفة 341 منه ما يأتي: (إن هذا الباب من التأليف في لغتنا لم يطرقه أحد بعد من الأدباء سوى الطيب الذكر الشيخ خليل شقيق علامتنا اللغوي الفاضل الطائر الشهرة الشيخ إبراهيم اليازجي. ولسوء الحظ انقض عليه طائر الموت فاختطفه قبل إنجازه ولم يتيسر لنا وجود شيء مما كتب في هذا الموضوع لنستعين به على الخوض في هذا الميدان) فيكون حسب رواية هذا الأديب أم حضرته أول من ألف في هذا الموضوع الجليل. والثاني هو: أصول الكلمات العامية تأليف حسن أفندي توفيق وهي الرسالة الأولى التي برزت في سنة 1898 تقع في 46 صحيفة وقد وعد

صاحبها انه سيشففعها بثانية وثالثة وهلم جراً ولكن لم يقم بوعده فلربما ثبطه عن سعيه تراكم الأشغال وهاك بعض ما ورد في المقدمة: (وقد اختلست أوقات الراح التي سمحت بها الأشغال للقيام بهذا الموضوع الوعر الطريق وبعد زمن ليس بالقليل وجدتني قد وقفت على كثير من أصول هذه الكلمات. إلى أن بعضها يحتاج إلى زيادة التحقيق والتدقيق كان بودي لو انشرها جميعاً في كتاب ضخم بعد تتبع كل الكلمات إلا أن كثير من الأخوان والطلاب رغبوا إلى أن انشرها تباعا في رسائل متتالية تعجيلاً بالفائدة وتسهيلاً للتداول. ولم يسعني سوى إيثاري رغبتهم وإبلاغهم أمنيتهم، فأنفذت هذه الرسالة الأولى في جامعة لأصول (مائة) كلمة مرتبة على حروف المعجم علها تكون داعية للشبان ولناشئة المدارس إلى تقويم ألسنتهم وباعثة لهمهم الأخوان للبحث معي في هذا الموضوع الذي يكاد تقصر دونه همة الفرد الواحد.) والثالث هو: الدوائر السريانية، في لبنان وسورية صدر عام 1920 بقلم القس الفاضل يوسف حبيقة الماروني وهو الجزء الأول عدد صفحاته نحو 130 وقد وعد مؤلفه انه سيردفه بغيره ولكنه لم يقم بما قال والأسباب أجهلها. واليك ما ورد في مقدمة المؤلف: (فان أصاب كتابنا هذا عند حفدة العلم انعطافاً عليه ولاسيما حضرات الأعلام المستشرقين أتينا غير هذه نعدها أما على هذه الطريقة أو على سواها لأن إقبال الأدباء على ثمرات الأقلام يزيدها استدراراً وانتجاعهم رياض الأدب يحث من وليها ركاب الجد وراء تعهدها بما يزيدها رونقاً ورواءً)

فقد ظهر مما تقدم أن بعض أدباء سوريا ومصر ألفوا بعض كتب في العامي والدخيل. أما أدباء العراق فلا أظن أن أحداً منهم كتب شيئاً من هذا القبيل. لأني بحثت ملياً ونقبت لعلى اظفر بتأليف قديم أم حديث في لغة ديارنا لاستعين به على الإقدام في هذا الميدان فذهبت أتعابي أدراج الرياح ولم احصل على طائل. بيد أني وجدت داود أفندي فتو الصيدلي قد أخذ بتأليف معجم عربي إنكليزي يشتمل على لغة اغلب أهالي العراق وهو على وشك إنجازه وتمثيله للطبع فعساه وافياً بالمطلوب يمنه تعالى وكرمه رزوق عيسى (لغة العرب) أن جماعةً من المستشرقين كتبوا عن لغة العراق ولا سيما عن لغة بغداد، لكنهم لو يؤلفوا كتاباً قائماً برأسه في الألفاظ والمفردات. ومم خاض عباب هذا الموضوع أحد أبناء بغداد من النصارى وهو القس جبرائيل أوساني الكلدانى وقد نشر مقالة طويلة في هذا البحث أدرجها في مجلة أميركية اسمها (مجلة اللجنة الأميركية الشرقية) في سنتها الثانية والعشرين التي صدرت في سنة 1901 في الصفحة 97 وما يليها وعنوان المقالة: (اللغة العامية البغدادية) والمستشرقون الذين طرقوا باب هذا البحث هم: الدكتور ماينر والدكتور يحيى الدانمركي وغيرهما.

العدد 9

العدد 9 - بتاريخ: 01 - 03 - 1912 السيد صالح القزويني تمهيد شعراء العراق في القرن الثالث عشر للهجرة، أو القرن الثامن عشر للميلاد، كثيرون واغلبهم من المكثرين. ومع توفر عددهم لا تكاد ترى لهم تراجم مدونة. وما ذلك إلا لضعف همم رجال ذلك العصر، أو لاشتهار أولئك الشعراء في عهد معاصريهم، فظنوا أن شهرتهم تنتقل خلفاً عن سلف. وما خالوا أن ما لا يدون في بطون الكتب والأسفار، لا يصبر على تتالى الإعصار. وممن برز

في حلبة الشعر السيد صالح ابن السيد مهدي ابن السيد رضى ابن السيد محمد علي الحسيني الشهير بالقزويني، من مقدمي شعراء العراق الامامية، واحد نوابغ دار السلام في القرن الماضي 2 - نسبه وولادته وأول نشأته ولد في النجف نهار الخميس في اليوم 17 من شهر رجب من سنة 1208 (19 شباط سنة 1793) وما كاد يترعرع إلا ومال إلى الشعر كل الميل وكانت نفسه كبيرة نتوق إلى الأعالي وتميل إلى الأمور الدينية السامية. ولما كان مسقط رأسه مدينة العلم والدين معاً ساعده منشأه على إنماء شواغره وتوجيهها احسن متجه ولهذا اصبح وهو صغير السن متقد الخاطر قوي الحافظة بعيد الهمة صادق اللهجة متضلعاً من العلوم الدينية والدنيوية معاً. ولما راهق اخذ يتلقن مبادئ العلوم من بعض مشايخ أهل بلدته حتى بلغ اشده فأخذ الفقه والتفسير والمعاني والبيان والمنطق وغيرها من العلوم العقلية والنقلية عن الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر (في الفقه) وكان هذا من مشاهير عصره في قطر العراق ولاسيما في النجف إلا أن السيد صالحاً اشتهر بشعره الرائق الرقيق المترقرق حتى اقر بالسباق أئمة عصره من قاص ودان. 3 - (خلقه وخلقه) كان السيد صالح حسن الصورة ابيض اللون مشرب حمرة بهي الطلعة طويل الرقبة ممتلئها أزج الحاجبين أفنى الأنف صغير الأذنين

أنجل العينين أزرقها واسع الجبهة بارزها اسود الشعر في صباه بين الوجنتين طويل الحية كثها خفيف الشاربين متوسط الفم رقيق الشفتين العسهما طويل الذراعين خثن الكفين لطيف البنان طويل النجاد خشن العظام ريان الأعضاء لاسمينا بدينا ولا ضعيفا نحيفاً. وأما خلقه فكان كثير الأدب حسن السلوك ومما كان يشاهد فيه وهو أمر نادر في أبناء الإمامة البشاشة فانه كان طليق المحيا يهش بمن يلاقيه وكان مع ذلك على جانب عظيم من التؤدة والوقار لا تكاد تنظر إليه إلا ويجذب قلبك بمحاسن سمته لما طبع عليه من كرم الخصال والمزايا الشريفة وكان من عادته أن لا يرد سائلا أبداً أن استجداه أن في الطريق وان في المجالس العامة. وكان مضيافا يحب إكرام زائريه في أقصى الغاية فان داره كانت تقسم إلى قسمين البهو وهو (الدوة خانة أو الديوان خانة) وكان يستقبل فيه الضيوف ويعدون بالعشرات كل يوم والحرم وهو البيت المعد للسكنى. وكان ينتاب مجلسه الشعراء والعلماء والأدباء والفضلاء على اختلاف مراتبهم وطبقاتهم وإذا جرى الحديث بحضوره لم يجسر أحد أن يخلط به ما يخالف أصول الآداب أو الدين أو يشتم منه رائحة العداوات لأنه كان يضع له حداً لا يتعداه أحد كما أنه كان يزع الحضور وزعاً فت منتهى الأدب والرقة واللطافة إذا احتاج الأمر إلى ذلك ولما كان عمله هذا بارزاً بأحسن صورة من المجاملة

فما كنت ترى أحداً يمتعض منه البتة. 3 - (شعره) قال الشعر منذ حداثته ونظم القصائد الطويلة النفس العامرة الإثبات وقد أبدع في الوصف حتى يصح أن يقال فيه إنه كان شاعراً ساحراً وقد وضع ديواناً قائماً برأسه اسمه الدرر الغروية في العترة المصطفوية. موضوعه مديح نبي المسلمين والأئمة الأثني العشر والديوان يشتمل على أربع عشرة قصيدة في مدح كل من نسبت إليه. وأبيات كل قصيدة تزيد على المائتين والقصائد كلها تشتمل على ما يناهز ثلاثة آلاف بيت. وله ديوان ثانٍ كبير الحجم موضوع نظمه يختلف بين مديح وثناء ووصفٍ وردٍ وحكمٍ وعلمٍ ونسب وغزل ورثاء إلى آخر ما هناك لأنه طرق جميع أبواب الشعر وقد انشد اغلب قصائده في أيام غضاضة أهابه ومقتبل شبابه ثم مازال يقال من النظم ويجرد المواضيع من كل ما لا يناسب تقدم العمر حتى انقطع عنه بتة عند تجاوز سن الكهولة لأنه كان يعتبر الشعر منقصة وشأن الإنسان في كماله أن لا يتجنب الآثام فقط بل أن يتحاشى النقائص أيضاً ولهذا فطم نفسه عما تحن إليه. حتى تفرغ للعلم كل التفرغ والمراد بالعلم علم الدين بفروعه وكان لا يمدح في شعرهِ إلا أهل البيت والأحباب والجلساء والعلماء ومن يحق له أن يمدح. . .

4 - (انتقالهِ إلى بغداد وزواجه وأولاده ووفاته) إن السيد صالح لم يقم طول عمرهِ في النجف يل صعد إلى بغداد في سنة 1259هـ (1843م) وكان قد تزوج في النجف ابنة أستاذه ومعلمه الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر المذكور ولما جاء بغداد تزوج ابنة الحاج محمد علي الشهير بالصفار. وولد له ستة بنين وست بنات. أما البنون فهم 1: السيد مهدي وكان عالماً فاضلاً 2: السيد راضي وكان شاعراً مجيداً ماهراً بالتخميس كان إذا خمس قصيدة زاد الأصل حسناً ورونقاً وبهاءً بما يحيطه من درر نظمه ولفظه الرائع وقد أعقب أبناؤهم السيد محمود والسيد جواد والسيد أحمد وقد توفوا هم وأبوهم 3: السيد باقر وقد توفي 4: السيد حسون 5: السيد علي وهما حيان يرزقان. وقد توفي السيد صالح القزويني في بغداد نهار الجمعة بعد الظهر 5 ربيع الأول من سنة 1301هـ (4 كانون الثاني 1883م) وكان عمره زهاء 93 سنة ثم نقلت جثته ودفنت في النجف. قصر بخت نصر (تلو) وفي وسط هذه الجادة بين القصرين قصر الشمال الشرقي وقصر الجنوب الشرقي رتاج (باب عظيم واسع) مزدوج يرى إلى

يومنا هذا وهو محفوظ احسن الحفظ. على أن الذي يستوقف طائر بصر الناظر الحائر وخاطر المتجول الزائر ويثير فيه عواطف العجب العجاب هو نقشان بارزان منقوشان في الآجر نقشاً دقيقاً محكماً متقناً بديعاً رائعاً يأخذ بمجامع القلوب ويسحر الألباب ويفتنها فتناً يرى في كل نقش من هذين النقشين الرائعين ثور أو حيوان خرافي كالثور، لسانه لسان حية نضناض، ومخالبه مخالب يبر هزبر، وذنبه ذنب عقرب شائل، وعنقه عنق تمساح مراوغ. ومن ينظر هذين الحيوانين الغريبين العجيبين البارزي النقش لا يتمالك عن أن يحكم حكماً صائباً: أن الأقدمين كانوا قد أمعنوا كل الإمعان في هذه الصناعة، وقد بلغوا منها أقصى الغاية وابعد المرمى. وأما الحيطان الخارجة عن هذه الجادة، فالظاهر من كلام المؤرخين إنها كانت مزينة بأسد من آجر مطلية بطلاء اصفر كالميناء (أي القيشاني أو الكاشاني) على ارض بيضاء.

وقبل أن ننزع في قوس البحث ونتعهد القسم الأخير من هذا الصرح الممرد وهو اجمل قسم فيه. نغادر هنيهةً هذه الأطلال الناطقة بلسانها الأعجم افصح نطق لنعبر الجادة العظمى ونزور دوارس هيكل الزهرة، وهذا الهيكل يشتمل على فناءٍ صغير ومقدس ومشكاة (روزنة اورشن) كان يضع فيها تمثال هذه المعبودة، وكان التمثال من الذهب الإبريز، وكان قد عقد عليها قبة من الذهب الخالص أيضاً إلا إنها لم تكن عالية. هذا ما نقله إلينا الرواة وثقات المؤرخين ووجد مسطرا في الرقم المكتشفة في تلك الأنحاء. فإذا علمت هذا تصور الآن تألق تلك القبب المتلألئة حينما تشرق عليها الشمس أو تفيض عليها صيب أنوارهما عند تكبدها السماء في بلاد كبلاد الشرق الرائقة الهواء الشفافة الأثير، الناعمة الأديم. وفي قصر طوله من أربعمائة إلى ستمائة مثر في عرض ثلاثمائة متر، وقد تدفقت فيه جميع أعاجيب الكون والطبيعة، وغرائب الصناعة البديعة ومحاسن الزهو الرائعة السنيعة. وأما مجدل الجنوب الغربي متصل بمجدل الجنوب الشرقي بأبنية فخمة ضخمة، قوراء غراء، مقسومة إلى ردهات وغرف متعددة، وفي هذا الصرح الممرد، وجدت الردهة الكبيرة، ردهة العرش، التي لو كان يجمع فيها هذا الطاغية مجلسه العظيم، ويعقد فيه تلك المقاصد بل المطامع، التي كان غرض مرماها إخضاع الدنيا كلها

إلى صولجان، فهذه الردهة هي والفناء الداخلي الذي بين يديها محفوظان احسن الحفظ حتى أن الرائي يستطيع أن يشاهد مشاهدة صادقة الطوابيق (الآجر) المفروشة فيهما فوقفنا في هذا المعهد وقوفاً طويلاً لسرح فيه طائر النظر، ونطلقه على القرون الماضية الخالية المنقرضة فيذهب ويحلق في عالم الخيال، ويستحضر تلك الأمم البائدة، من حاضرة وبادية، ويحييها بلمح البصر، ويبعث فيها دبيب الحياة ومظاهرها، ومحاسنها ومساوئها ويشاهد ما كان يصدر من أصحابها. ثم نعيده إلى الأيام الحاضرة وهو حاسر نقض، فينبئنا بلسان فصيح عن أمور لا يسع إيرادها القلم، لان ذلك اللسان لسان الفكر، لا لسان الفم. ومما صوره لنا هذا الطائر الخيالي مشهد الوليمة الشهيرة التي أولمها بلعشصر آخر ملوك بابل ويرويها لنا التنزيل العزيز بتفاصيل تريك الأمور بصورتها وحقيقتها، بل تجعلك كأنك واحد من أولئك المدعوين إليها. ولقد نشر لنا الخيال تلك الحقائق التاريخية من دفائنها أي نشور، حتى إننا رفعنا لننظر إلى الحائط الذي كتبت عليه تلك الألفاظ العجيبة، أو الغريبة، أو السرية، والسحرية، أو المطلسمة، بل الأولى والأصح الإلهية إذ خطتها أنامل يهوه، فلم نرها، فتأكدنا إننا من أهل الغفلة، لا من أهل اليقظة، ومن أهل الذهول، لا من منتبهي العقول. وإننا في عالم الخيال، لا في عالم المثال. فيالها من الألفاظ، وما هي إلا ثلاثة! (منا، ثقل، فرس) هـ لكنها

من أهول ما كتب في الكتب، ومن اعجب ما دون في الصحف، ومن اذهل ما تحقق تأويله، كيف لا ومؤوله دانيال النبي الكبير. فإذا زدت على هذا كله أن الموقف هو الموطن الذي أولمت فيه تلك الوليمة المشوومة التي عقبها بعد قليل فتح كورش لبابل تحققت أن ما تولانا من الحرس واعتقال اللسان والدله مالا مزيد عليه وان كان الفاصل بيننا وبين أولئك الأقوام البائدة أعوام مديدة بل عصور عديدة. ولم نجسر أن نزور في هذا النهار اكثر مما زرنا، خوفاً من أن يكل غرب نشاطنا وتخور قوانا. ولذا رجعنا إلى مضيفنا نمشي الهوينا ونحن نفكر في تلك الممالك الضخمة التي أبادها ربك لكبريائها وغطرستها. وأما منزل القرى فانه مبنى كسائر أبنية هذه البلاد أي انه عبارة عن دار فيها فناء تطل عليه جميع الغرف والعلالي. وهي واسعة ذات رفاهة جديرة بساكنيها المهندسين والمنقبين الألمانيين. ومن حسنات هذه الدار إنها مبنية على عدوة الفرات، وقد تحول قليلاً عن عقيقه الأول الذي كان عليه في عهد غضارة بابل. هذا ووجود الأشجار، وتدفق الأنهار، وتجاوب الاطيار، في تلك المواطن الساحرة للأنظار وللأفكار، ذكرينا منفى اليهود إلى هذه الديار، فأخذنا كتاب صلواتنا، وجلسنا على شط هذا النهر الجليل، وأخذنا نتلو ذاك المزمور الذي مستهله: (على انهار بابل) والذي انشأ في هذه الأرجاء الغناء.

وفي تلك الأثناء كانت الشمس تنحدر في الأفق كل الانحدار، حتى غابت عن الأبصار، وراء رمال تلك القفار، فأجبرتنا جنود الظلام، على العودة إلى دار أولئك الكرام، وفي خلال تناولنا الطعام، أخذنا نتجاذب أطراف الكلام، ولم تخرج مواضيعها كلها عن أمور الخفر والتاريخ ووقائع الأيام. ولما اقبل وقت النوم شعرنا بحاجة عظيمة إليه استجماعاً لقوانا، لأننا كنا قد عزمنا على أن نسير على دوابنا ست ساعات لنزور ما هو واقع على طف الفرات، وهو ما يظنه البعض (وظنهم فائل) انه: (برج بابل)، وتسميه كتب التاريخ: (برج نمروذ) وتسميه العرب منذ سابق العهد إلى زمننا هذا: (برس) أو (برس نمروذ) وقد ورد ذكره في كتب الفتوحات كما سنذكره بعيد هذا. والرأي الراجح اليوم هو أن هذه الأنقاض هي بقايا (هيكل نيو) الذي يتكلم عنه اشعياء والذي كانت تفتخر به بابل. ومهما يكن من حقيقة الأمر فان الليلة كانت طيبة، وما كاد جبين الصباح الاغربيين إلا وسمعنا في جوارنا دويا مهماً هو جعجعة الجواريش وكانت النساء في أثناء الطحن يغنين غناء شجياً على نغم واحدٍ. وما سمعنا ذلك إلا وتذكرنا كلام

بقايا قصور الخلفاء في مدينة سامراء

إعياء النبي القائل لبنات بابل اللواتي ربين في الترف والكسل: (انزلي واجلسي على التراب، أيتها البكر بنت بابل، اجلسي على الأرض، فانه لا عرش لك يا بنت الكلدانيين، ولا تدعين من بعد ناعمة مترفة، خذي الرحى واطحني الدقيق، اكشفي نقابك وشمري الذيل (اشعياء 47: 1 - 2) -. من العجب أم مر على كلام الرب قرون وعصور ولم نر ما يكذب ذاك العقاب الذي عاقب به تلك المدينة العظمى من جراء شعب الله. وكنا نتصور عند سماعنا تلك الجعجعة إننا نسمع دائما ذلك الوعيد يدوي في آذاننا، ولعل تلك النساء كن مولودات في أرض تلك المدينة القديمة بابل العظيمة. (الأب يوسف لويس الكرملي) بقايا قصور الخلفاء في مدينة سامراء تابع لما في الجزء الخامس 5 - قصر الخليفة إذا جزت (بركة السباع) أو (أم البطوط) وأنت متوجه إلى الشمال الغربي، وقطعت مسافة لا تقل عن 500 متر تقف على قصر يعرف اليوم عند أهل سامراء (بقصر الخليفة) والبعض

يسميه: (دار الخليفة) والمعنى واحد. وهو الذي مر ذكره في آخر مقالة الجزء الخامس. أما هيئة هذا القصر فتشبه بعض الشبه (إيوان كسرى) المشهور الواقع في شرقي بغداد في جانبها الشرقي على مسافة عشرين كيلومتراً تقريباً. ولا نعلم شيئا يعتمد عليه من أمر هذا القصر بوجه اكيد، ولا لمن هو، ولا أي خليفة كان ينزله كما نجهل الخليفة الذي ينسب إليه، والوقت الذي بني فيه، ونحن لم نعثر على ما يدلنا إلى غايتنا، لا كتابة ولا علامة، إذ الذي يشاهد هو بناء مرتفع ذاهب في السماء وقد افترش من الأرض مساحة تقارب كيلومترا، وهو ولاشك من آثار الخلفاء العباسيين الذين دوخوا العالم بمدنيتهم وحضارتهم، إذ لكل من نزل سامراء شيد فيها قصرا بل ربما قصورا، لا سيما المتوكل، فقد قال ياقوت في معجمه عند ذكره قصور سامراء: (وأراد الرشيد أيضاً بناءها (يعني سامراء) فبنى بحذائها سراً بازاء اثر عظيم قديم كان للاكاسرة. . . وكان الرشيد حفر؟ دها نهرا سماه (القاطول) (وهو الذي مر ذكره في الجزء الرابع من هذه المجلة) واتى الجند وبني عنده قصراً، ثم بنى المعتصم أيضاً هناك قصرا ووهبه لمولاه اشناس. . . ولم يبن أحد من الخلفاء سر من رأى من الأبنية الجليلة مثل ما بناه. فمن ذلك القصر المعروف (بالعروس)، انفق عليه ثلاثين ألف درهم، والقصر

(المختار) خمسة آلاف ألف درهم، (والوحيد) ألفى ألف درهم (والسيدان) عشرة آلاف درهم، و (البرج) عشرة آلاف ألف درهم، (والصبح) خمسة آلاف ألف درهم، (والمليح) خمسة آلاف ألف درهم، (وقصر بستان الايتاخية) عشرة آلاف ألف درهم، (والتل) علوه وسفله خمسة آلاف ألف درهم، (والجوسق) في ميدان الصخر خمسمائة ألف درهم،

(والمسجد الجامع) خمسة عشر ألف ألف درهم، (وهو الذي جاء وصفه في الجزء الخامس باسم مسجد الملوية)، وبركوارا (ويروى بركوان وهو خطاء) للمعتز ألف ألف درهم، (والقلائد) خمسين ألف دينار، وجعل فيها أبنية بمائة ألف دينار. (والفرد) في دجلة ألف ألف درهم، (والقصر بالمتوكلية) وهو الذي يقال له (الماحوزة خمسين ألف ألف درهم. (والبهو) خمسة وعشرين ألف ألف درهم، (واللؤلؤة خمسة آلاف ألف درهم. . . وكان المعتصم والواثق والمتوكل إذا بنى أحدهم قصراً أو غيره، أمر الشعراء أن يعلموا فيه شعراً فمن ذلك قول على بن الجهم في الجعفري الذي للمتوكل: ومازلت اسمع أن الملك ... تبني على قدر أقدارها واعلم أن عقول الرجال ... تقضى عليها بآثارها فلما رأينا بناء الإمام ... رأينا الخلافة في دارها بدائع لم ترها فارس ... ولا الروم في طول أعمارها وللروم مشيد الأولون ... وللفرس آثار أحرارها وكنا نحن لها نخوة ... فطامنت نخوة جبارها وأنشأت تحتج للمسلمين ... على ملحديها وكفارها صحون تسافر فيها العيون ... إذا ما تجلت لأبصارها وقبة ملك كأن النجوم ... تضيء إليها بأسرارها نظمن الفسافس نظم الحلي ... لعون النساء وإبكارها

لو أن سليمان أدت له ... شياطينه بعض أخبارها لا يقن أن بني هاشم ... تقدمها فضل أخطارها ولا تكاد ترى اليوم أثراً لهذه القصور التي ذكرها ياقوت بل ولا تسمع من أسمائها إلا ما ذكرناه أو سوف نذكره. 2 - قصر الخليفة قصر ينبئك مرآه ورصانة بنائه وحسن وضعه عن مدنيةٍ لم تجئ في العصور التي تلت بناء ذلك الصرح. فهو إذن اثر عظيم من آثار العراق الخالدة. ونظن أن هذا القصر من أبنية المعتصم، ويؤيد ظننا قول اليعقوبي في كتاب البلدان وهذا نصه:. . . (ويمتد الشارع (أي الشارع الكبير وهو الأول) وفيه قطائع عامة إلى دار هارون بن المعتصم وهو الواثق. ) ثم باب دار العامة ودار الخليفة وهي دار العامة التي يجلس فيها يوم الاثنين والخميس:. . (ثم قال عن الشارع الثاني.،. (ويتصل ذلك (أي مجموع الإقطاعات) إلى باب البستان وقصور الخليفة.) اهـ والذي أقطع الاقطاعات وبنى القصور وكان صاحب دار العامة هو المعتصم بالله. ولعل هذا القصر من بقية قصور الخليفة وإنما لم يقولوا (قصور الخليفة) بالجمع لان من يراه اليوم وهو قصر واحد ظن انه إذا سماه بلفظ الجمع يخطأ، فلهذا يعدل عنه إلى المفرد تطبيقاً للكلام على حقيقة الواقع فيقول (قصر الخليفة) والجري على هذا السنن من مألوف عوائد أعراب العراق في تحريف الكلم عن مواضعها.

أو لعل ما يرى اليوم هو دار العامة لان بعض أهل سامراء يسميه اليوم (دار الخليفة) كما ذكرناه فويق هذا. وهذا الاسم يقرب أيضاً الظنون من الرأي الأول. وعلى كل فهو لابد أن يكون للمعتصم أو لولده المتوكل والله اعلم. ودونك الآن وصف هذا القصر على ما يرى اليوم: هو إيوان كبير كما أسلفنا القول في صدر هذه المقالة وعن جانبيه إيوانان آخران أصغر منه طولاً وعرضاً وارتفاعاً. ووجهه يقابل الشمال الغربي. أما طول الإيوان الكبير وهو الأوسط فيبلغ 13 متراً وعرضه ثمانية أمتار ونصفاً. وارتفاعه 25 متراً. وفي آخره من داخله باب ينفذ إلى إيوانٍ صغير ليس له منفذ من الجهة الأخرى. أما عرض الباب المذكور فثلاثة أمتار ونصف ارتفاعه خمسة أمتار. وعرض الجدار الذي عليه طرفا عقد الإيوان الكبير فطول كل منهما خمسة أمتار ونصف. في أربعة أمتار ونصف متر عرضاً وعشرة أمتار علواً. وعرض الحائط الذي يقوم عليه طرفا العقد متران أيضاً. ولكل منهما من الداخل باب ينفذ إلى حجرة صغيرة. أما عرض الباب فمتران وارتفاعه ثلاثة أمتار ونصف مترٍ. أما بناء هذا الصرح الفخم فبالجص والأجر أو الطاباق الكلدانى، وبعض هذا الطاباق من نوع طاباق جامع الملوية، وقد فرش صحنه بالطاباق الكبير المذكور أي الكلداني وكل عقوده

مقوسة. وعن جانبيه فناءان طول كل منهما سبعة أمتار. أما الفناء الذي عن يمين الإيوان المقابل للشرق فقد سقط ثلثه وبقى منه ثلثان. والذي عن الشمال وهو المقابل للغرب فقد هدم ثلثاه ويلم منه ثلث واحد. ووراء الإيوان المذكور تجاه الجنوب الشرقي بناء قد بقى منه شيء وهو متصل به وما هذا الشيء الأرسمه. ويمتد إلى الشرق من وراء الإيوان مسافة ثمانية أمتار ونصف متر وحوله أنقاض جمة لا تكاد ترى موضع شبر من أرضها خالياً منها لتراكمها وتكاثرها. وفوق سطح الإيوان جاه الشرق أو قل تجاه الشمال الشرقي شرافة قد سقط معظمها وبقي منها ما يبلغ علوه زهاء ثلاثة أمتار في متر ونصف طولاً. والإيوان الكبير مائل بهيئته الأولى ولم يتلف منه إلا بعض الحجارة وبينه وبين الشط قراب كيلومتر. 3 - سوراشناس على بعد نحو 1300 متر من جهة الشمال الغربي من سامراء سور اشناس. هذا الاسم القديم معروف إلى هذا اليوم وهو مضاف إلى اشناس التركي قال اليعقوبي: (واقطع (أي المعتصم) اشناس وأصحابه الموضع المعروف (بالكرخ) وضم إليه عدة من قواد الأتراك والرجال وأمره أن يبنى المساجد والأسواق. . . ولما

اقطع اشناس التركي في آخر البناء مغرباً واقطع أصحابه معه وسمى الموضع (الكرخ) أمره أن لا يطاق لغريب من تاجر ولا غيره مجاورتهم ولا يطلق معاشرة المولدين. . . وقال ياقوت. . . ثم بنى المعتصم أيضاً قصراً وهبه لمولاه اشناس وانزل اشناس بمن ضم إليه كرخ سامراء وهو كرخ فيروز. . . ولم يبق منها (أي من سامراء) إلا الموضع الذي به سرداب القائم المهدى ومحلى أخرى بعيدة منها يقال لها كرخ سامراء. . .) أما السور فهو عبارة عن شرفات قاعات لا غير، وبناؤه باللبن والجص وساحته كلها عبارة عن تلول صغار وكبار ومساحته بقدر مساحة عيسى المار ذكره في الجزء الخامس، بل ربما يزيد عليه بقليل. وفي جوانبه الأربعة أنقاض كثيرة. وإذا جزته وأنت متجه إلى الشمال الغربي تقع بعد مسافة نحو (50) متراً على طريق شبيه بالشارع عرضه زهاء عشرين متراً ويمتد إلى أبي دلف قراب خمسة كيلومترات إلا انه يتشعب من جانبيه مسالك وطرق كثيرة هي اليوم ضيقة تتفاوت مسافاتها في القرب والبعد عن سامراء.

4 - أبو دلف إذا أمنعت في ذلك الشارع ينتهي بك إلى (أبي دلف) وهو عبارة عن مسجد له سور بالطاباق والجص على غرار سور (مسجد الملوية) بالطول والعرض، بل ربما يكبره بقليل. أما طاباقه فهو أكبر حجماً من طاباق مسجد الملوية وأقوى بناءً واحسن هندسةً. وقد سقط جانبان منه وبقي الجانبان الآخران. وفيه منارة بهيئة منارة مسجد الملوية إلا إنها ليست مفتولة بل مستديرة مستطيلة يبلغ محيط أسفلها نحو (130) متراً وأعلاها قراب (10) أمتار. وهي دون الملوية علواً بنحو (15) متراً والجامع قريب من دجلة بينه وبين الماء زهاء (20) متراً وفوقه بنحو (50) متراً صدر نهر (الرصاصي)، وقد كانت عليه في سابق العهد قنطرة عامرة مبنية بالجص والطاباق وقد تهدمت اليوم ولم يبق منها سوى الأثر. وحول أبي دلف شرقاً وغرباً أنقاض وتلول تفترش على أرض

غنى هيت وذكر معادنها

تبلغ مسافتها نصف مسير نصف ساعة، ثم إذا جزت تلك الأنقاض وسرت في أرض تقارب مساحتها مساحة تلك الأرض التي غادرتها تقف في قرية الدور. كاظم الدجيلي غنى هيت وذكر معادنها 6 - هوائها وماؤها وأرضها وزراعتها هوائها طيب ومناخها حسن وأرضها عذبة. وليس في العراق بلدة مشهورة بنقاوة هوائها وصفاء مائها وحسن تربتها مثل هيت. ولهذا اشتهر أهلها بالزراعة والحراثة منذ سابق العهد إلى يومنا هذا. لكن زراعة اليوم ليست كزراعة أمس في عهد العباسيين فهي لا تكاد تذكر بجنب ما كانت عليه في عصر غضارتها.

7 - البلور يرى في نهر الفرات بين هيت وعانة بلور يستخرجه بالغطس بعض أهالي الأنحاء فيتزين به بناتهم ونساؤهم. 8 - المغرة وفي غربي هيت على بعد نصف ساعة نوع من التراب اسمه المغرة ويسميها بعضهم (القرمز) وهو في بطن من الأرض تقدر مساحته بنحو نصف كيلومتر. 9 - الكبريت في هيت وضاحيتها وجوارها عيون كبريت كثيرة وقد قدر بعض العارفين ريع ما يستخرج منه لو بذلت له الهمة بنحو خمسين ألف ليرة سنويا. لكن أصحاب الهمم؟ 10 - النورة في هيت نفسها وأطرافها نورة كثيرة منها ما هو على وجه الأرض ومنها ما هو مدفون في بطنها. واغلب ما تكون في الأرضيين المرتفعة حتى أن بضع عيالٍ قد اتخذت استخراجها وبيعها مهنة لها فتبيعها على نفقتها بدون معارضٍ. 11 - الفحم الحجري على بعد كيلومترين من هيت في الجهة الشرقية منها مناجم فحم حجري وتقدر مساحة تلك الأرض بنحو عشرين كيلومتراً. حتى أن بعض العارفين يقول: لو اهتمت شركة بتعدين هذه المناجم

لأمكنها أن تستخرج منها اكثر مما يستخرجه الأمير كيون في اركلي من بر الأناضول. 12 - الملح في الجهة الجنوبية من هيت وعلى بعد ثلاثة كيلومترات منها ملح كثير مبذول. واغلب ما يكون في الأراضي المرتفعة وفي هيت عين ملح كبيرة تجرى في الشتاء بقوة 12 حصاناً وفي الصيف تنجمد فتستخرج الحكومة ملحها. 13 - الزيت الحجري على بعد كيلومتر من هيت وفي الجهة الجنوبية منها الزيت الحجري (البترول) بكثرة، وتقدر مسافة الأرض التي فيها هذا السائل النفيس بكيلومتر مربع. وهو شيء ليس بزهيد. وفي جانبها الشرقي عين أخرى على حافة الفرات اسمها (النفاطة) وهناك جماعة من العسكر تحافظ عليها وتستخرج منها النفط الأسود ليباع في الأسواق. 14 - البورق الورق كثير الوجود في هذه المدينة حتى أن الفقراء يبنون بيوتهم بحجارته فضلاً عن الأغنياء والموسرين. وهو يقطع من جبل محيط بهيت. 15 - عيون مياه معدنية على ربع ساعة من شرقي هيت عين تنبط ماء معدنياً حاراً

اسمها (العين الجرباء) يقصدها أهالي هيت والديار المجاورة لها ليستحموا بها إذا أصيبوا بالجرب أو بمرض من أمراض الجلد. وماؤها ملح ورائحته كريهة كسائر المياه المعدنية الكبريتية الجوهر. 16 - عيون القار في هت اكثر من عشر أعين يجري منها القير على أنواعه وأشهرها ثلاث وهي كبار والسبع الأخر صغار. فإحدى الكبار في جنوبي هيت والثانية في شرقيها والثالثة متوسطة بينهما. واليك تفصيل هذه العيون: 1 - عن (لطيف) (والكلمة مصغرة) تنبع قيراً نفيساً 2 - عين (الذهبي) تفيض قيراً أيضاً، وعلى وجه الماء رغوة خفيف ذهبية اللون. 3 - عين (دروبي) بضم الدال والراء وإسكان الواو وكسر الباء الموحدة ثم ياء مثناة) وتجرى قيراً حسناً، لكن رائحة هذه العيون لا تطاق. وهي على بعد عشرين دقيقة من البلدة، وينبط منها الماء مرتفعاً صعداً إلى علو متر ونصف متر عند اشتداده العظيم. ومع الماء يخرج الحمر (أي القير) كتلاً كتلاً بحجم البندقة أو أصغر، وكلما هدأت قوة الاندفاع لانسداد مسام العين حفرها صاحبها وتتبع آثارها في أعماق الأرض. والماء المنبجس منها عكر وله دوي عظيم يسمع على بعد خمس دقائق وحرارته واحدة صيف شتاء ولا تنقص كميته على مدار السنة، ويخرج من هذه العين

يومياً من أربعين إلى مائة حمل حمار من القير الفاخر. والقيم عليها يضمنها من الحكومة بعشرين قرشاً صاغاً عن أربع وعشرين ساعة. 4 - عين (لائق) يغتسل فيها المرضى والزمني أصحاب العاهات الجلدية. 5 - عين (معمورة) تسيل (قسطاً) وهو القير الذي يعلك 6 - عين الملح وهي تفيض ماء ملحاً ومعه فصفور وقير. والماء سخن صيف شتاء. وعند خروجه من منبعه تسمع له بقبقة شبيهة ببقبقة الكوز. يسمعها من يدنو منها. وقد اهتم من يعنى باستخراج الملح منها بتحويل الماء عند خروجه إلى دبرات يقيم فيها مدة ستة أشهر اقل أو اكثر وبعد تبخر السائل منه يرسب الملح طبقات بعضها فوق بعض يكون ثخنها من سنتمترين إلى خمسة عشر سنتيمتراً، وهو ابيض اللون حسن الطعم تحمل منه سنوياً أحمال كثيرة تشحن بها السفن فتنزل بها إلى بغداد أو البلاد الراكبة الفراتين ولشدة ملوحته يضرب طعمه إلى المرارة ولهذا لا يستعمله البغداديون للطعام بل للصنائع فقط. وهذه العين نفسها تجري قيراً ومادة فصفورية فالقير يعوم على

وجه الماء كتلاً صغيرة يجمعها القيم عليها كلما كثرت وتجمعت. والعين مكشوفة على مساواة وجه الأرض مستديرة الشكل يبلغ قطرها متراً واحداً ولا يحيط بها إلا دائرة من التراب صدا للمياه النابعة كي لا تطفح عليها وتصب فيها من كل الجهات وللماء منفذ واحد غلظه غلظ الزند، ومنه يجري في ساقية مكشوفة ومنها إلى الدبرات والمشاور، - أما المواد الفصفورية فتراها سابحة على وجه الماء تنبعث منها تلك الرائحة المشهورة التي تغنيك عن وصفها وكنهها. وإذا كان الإنسان جاهلاً خواص الفصفور ومفاعيله في الجسم ولمس تلك المواد فانه يحترق لا محالة. كما جرى لبعض الهيتيين الذين يعترفون للسائح بان عين الملح تقذف ناراً طبيعية، ولهذا لا يجسر أحد على جمع تلك المواد الثمينة لأنهم يجهلون كيفية التقاطه ومنافعه العديدة في أمور الكيمياء. 7 - عين (المرج) (وزان سبب) وهي تنبع قسطاً. 8 - (العطاعط (وزان سباسب) وهي تفجر قيراً فقط ولا يبض منها قطرة ماء. 9و10 عينا (الجرب) (وزان سبب) وهما عينان تفيدان أصحاب العاهات الجلدية. هذه العيون التي تحققت وجودها ومنافعها المعدنية، فهل من حاجة بعد هذه الحقائق المذكورة إلى القول أن هيت من أغنى مدن الدولة العثمانية ومع ذلك فلا ترى من يستغل أو يستثمر ما فيها من أسباب

هل كان أعشى قيس نصرانيا؟

الغنى والثروة ورقى البلاد، مع انك لوزرت إحدى مدن ديار الإفرنج ولها عين واحدة معدنية الماء أو فيها مادة مفيدة من نفط أو زيت حجري أو قير أو ملح أو كبريت أو فصفور أو نحوها لرأيت أصحابها الثروة يكترون (يضمنون) ما فيها من المرافق ومندفق الريع والإناء. وتحققت أن من عنى باستثمار ما في الطبيعة فالطبيعة تفيض عليه بالفواضل والنعم، عسى أن ييسر الله من يحقق هذه الأماني من أبناء الوطن. وإلا سبقنا الأجانب إلى تلقف ما في أيدينا لأننا لا نعرف قدره. والسلام على من سمع وعمل. إبراهيم حلمي من طلبة المكتب الإعدادي الملكي هل كان أعشى قيس نصرانياً؟ سألنا سائل قال: قرأت في كتاب شعراء النصرانية للأب الفاضل لويس شيخو اليسوعي أن أعشى قيس كان نصرانياً إذ عده بين شعرائهم. ثم بحثت في كتابه عن دليل يؤيد هذا الرأي فلم أر فيه إلا قوله: وقال يذكر مدينة اورشليم (1: 378) وقال يمدح بعض أكابر بيوتات النصارى ودياراتهم: (ص372). وكعبة نجران حتم عليك ... م حتى تناخي بأبوابها نزور يزيداً وعبد المسيح ... وقيسا هم خير أربابها وقال يمدح يزيد وعبد المسيح أبني الديان (وكانا من النصارى) وقيل: يمدح السيد والعاقب أساقفة نجران: (ص384) ألا سيدي نجران لا يوصينكما ... نجران فيما نابها واعتراكما. . .

وان أحلبت صهيون يوماً عليكما ... فان رحا الحرب الدكوك رحاكما فهل هذه الأقوال كافية ليستنتج انه كان نصرانيا؟ قلنا: 1 - لم نعثر في ما قرأناه على من صرح أن أعشى من باب إطلاق اللفظ أو من باب التغلب) كان يدين بالنصرانية. 2 - لا يجوز لكاتب أن يستنتج أن فلانا نصراني لكونه مدح نصرانيا أو ذكر ألفاظاً نصرانية أو ذكر معتقدات النصارى فان لكل أديب فاضل من كل دين اطلاعا كافية على أصحاب سائر الأديان ومعتقداتهم. فمجرد الاطلاع على شئ لا ينتج قبوله أو القول أو القول به. وإلا فلم لا يقال أن الأعشى كان مسلما وقد مدح نبي المسلمين مدحا صريحا بقوله (وهو يكلم ناقته): فآليت لا أرثى لها من كلالة ... ولا من حفا حتى نزور محمدا تبى يرى ما لا ترون وذكره ... أغار لعمري في البلاد وانجدا متى ما تناخى عند باب ابن هاشم ... تراحى وتلقى من فواضله يدا (ثم سئل): أين أردت يا أبا نصر؟ قال: أردت صاحبكم هذا لأسلم. . . (عن الأغاني 8: 85 و86) فهذا كلام واضح على انه كان يريد الإسلام. 3 - لا يمكن أن قال أنه كان نصرانياً وقد سمى الصليب وثنا والنصراني لا يجسر على أن ما يسميه بهذا الاسم. أما انه سماه وثنا فظاهر من هذا البيت:

كأني محاربه

تطوف العفاة بأبوابه ... كطوف النصارى بيت الوثن قال صاحب اللسان: وكانت النصارى نصبت الصليب وهو كالتمثال تعظمه وتعبده. ولذلك سماه الأعشى وثنا. وقال (البيت) ثم قال: أراد بالوثن الصليب.) 4 - كان الأعشى على دين دهماء العرب وهي الوثنية مع التوحيد وكان قدرياً وقد اخذ مذهبه عن العباديين نصارى الحيرة وكان يأتيهم يشترى منهم الخمر فلقنوه ذلك (عن الأغاني 8: 79) وهذه الأدلة كافية ليهتدي بها ويؤخذ منها أن الأعشى لم يكن نصرانيا أبداً، وان عاشر النصارى وخالطهم، فالرجل كان منهكاً يشرب الخمر ولم يهمه أمر الدين البتة. على الأب لويس شيخو لم ينصر هذا الرجل وحده بل نصر جماعة من شعراء الجاهلية لكن وا أسفاه! بعد موتهم وانتقالهم إلى دار البقاء! حقق الله أمنيته وأثابه على نيته أن لم يثبه على عمله المبرور!!! كأني محاربه وعرفني بالناس ما كنت جاهلاً ... به صرف دهرٍ حنكتني تجاربه فها أنا للأيام ما زلت شاكراً ... وللدهر لما حاربتني نوائبه جزى الله الدهر عنى الدهر خيراً لأنه ... أرتني إخلاء الزمان عواقبه واظهرن لي حب الحبيب وبغضه ... وغدر أخي القربى ومن أنا صاحبه

باب المشارفة والانتقاد

فلم أر منهم مذ دهتني رزية ... من الدهر إلا من كأني احاره كاظم الدجيلي باب المشارفة والانتقاد 1 - جبل عامل (جريدة أسبوعية جامعة تعتني اعتناء خاصا بشؤون جبل عامل) وتصدر في صيداء، وتطبع بمطبعة العرفان، لصاحبها ومديرها المسئول: احمد عارف أفندي الرين، صاحب مجلة العرفان وهي من الجرائد التي تغني مطالعتها عن كثير من الصحف اليومية والأسبوعية التي تنتشر في الديار الشامية، لان صاحبها يجمع فيها خلاصة الأخبار ولبابها بحيث لا يرى فيها قشوراً تنبذ كما يرى في بعض الجرائد التي أشرنا إليها. وأما خطتها فهي من احسن الخطط، أذهى علمية، إخبارية، سياسية، اجتماعية غايتها الأولى والقصوى: الجمع بين العناصر والحث على الاتحاد والاتفاق. وصل إلينا العدد الأول منها، الذي برز في 7 المحرم سنة 1330 الموافق 28ك1 سنة 1911، وقد بحث فيه الكاتب النحرير عن جبل عاملة وسبب تسميته بهذا الاسم، فرجح انه اسمي كذلك بالإضافة إلى عاملة بن سبا، وقيل: إلى بني عاملة، وهم من القبائل اليمانية. قلنا: هذا رأي كثير من الكتاب والأدباء، إلا إننا لا نرى هذا الرأي، لان اسم (جبل عاملة) حديث الوضع بالنسبة

إلى عاملة بن سبا، أو إلى بني عاملة، فلو كان الأمر كما ذهب إليه جماعة، لعرف هذا الاسم منذ الإعصار المتوغلة في القدم، والحال إننا لا نعلم به إلا منذ خمسة أو ستة قرون، والاسم الذي كان يطلقه عليه العرب في سابق العهد هو: (جبل الخليل). قال ابن الأثير في الكامل (12: 84) من الطبعة الإفرنجية أو 12: 50 من الطبعة المصرية): (جبل الخليل الذي يعرف بجبل عاملة) فالظاهر من كلامه هذا أن اسم جبل الخليل اخذ بالتناسي، وباشتهاره باسم (جبل عاملة) (حتى ذكر ما ذكر. وقد نوه بهذا الاسم أبو الفداء في تقويم البلدان ص48 من الطبعة الباريسية، وممن ذكر أيضاً هذا الاسم صاحب دائرة المعارف في مادة (عاملة) وأما حروف الجريدة وطبعها وكاغدها ففي غاية الجودة، ولا ينقصها إلا عناية بتصحيح أغلاط الطبع وهي كثيرة. كقوله في ص2 من العدد 1 في العمود 1 (لمصالح القضوات الثلاث) فالقضاء مذكر فكان يجب أن يقال الثلاثة والقضاء لا يجمع على قضوات لأنه ممدود بل على أقضية. وكقوله: صيدا. وصوور. والمراد: صور وكقوله: يتبركون هناك في العاملين، والأصح: بالعاملين، وكقوله في العمود 4 يتخرج منها أفاضل، والمراد يتخرج فيها أو يخرج منها. وكقوله: وناهيك أن يوجد في هذه الرقعة. ولا معنى لناهيك هنا. فلا جرم أن هذه الأغلاط من المنضد أو دسها بعض جهله المصححين. وإلا فان حضرة صاحب الجريدة من الكتاب

المجدين. ومن شيوخ العلم المعروفين، وفقه الله إلى ما به خير العموم، ونهضة الوطن. بمنة تعالى وكرمه. 2 - العلم الموروث، في إثبات الحدوث رسالة للشيخ محمد سعيد أفندي النقشبندي وقعت في 30 صحيفة بحرف دقيق وهي تفيد من ينكر وجود الكون أو خالقه، واغلب ما ورد فيها من الأدلة معروف. فكان من الأجدر بالكاتب أن يأتينا ببراهين جديدة (لان لكل جديد لذة) والرسالة كلها على نفس واحد لا تقطيع فيها وهي على الطريقة القديمة التي يستثقلها الذوق ولا يستحسنها العقل فضلا عن أهل العصر. فالأمل إنها إذا طبعت ثانية تقطع المباحث بعضها عن بعض ويعنون كل بحث على حدة في سطر خاص به تشويقا للمطالعة وترويحا للعين والنفس معاً. 3 - طلستوي (ترجمة حياته - منتخبات من تأليفه وقصصه - آراؤه الفلسفية ثم روايته سلطان الضلال. تأليف وتعريب محمد أفندي المشريقي. طبع بمطبعة التقدم الإسلامية لصاحبها البشير الفورتي في تونس. وكثير من الكلام هذه السنيين الأخيرة عن الكاتب الروسي طلستوي ولاسيما عند وفاته التي وقعت في 20ت 2 سنة 1910 فمنهم من صوب كتاباته كلها بدون أن يرى فيها أدنى مغمز ومنهم من عابها بتاتا ومنهم. من استصوب ما جاء فيها من الحسنات ورذل ما جاء فيها من الآراء الواهنة الواهية. ونحن من أصحاب الفريق الثالث، واحسن دليل على ما تقوله

مطالعة ما نقله حضرة محمد أفندي المشيرقي فانه عرب شيئا من نفثات طلستوي ليطلع عليها أبناء هذه اللغة ولكي يعلم الكل أن ما ذهب إليه هذا الرجل الغريب الأطوار هي من باب الخياليات أو المحاليات، إذ (يقول: انه بعد أن تحمل زمنا طويلا الآلام الباطنية لعدم مقدرته على تطبيق شؤون حياته المنزلية على أصول معتقداته النفسية - إذ الزم بالعيش بوسط باذخ رغم انفه - ترك ذويه ليلقى الموت ناسكاً مثل روسي الغابرة) (ص3) وهذا الكلام وحده كاف لإظهار ما كان في مذهبه من خلل وعيب. وقد رأينا في كلام المعرب تكلفاً ظاهراً وفي بعض المواضيع عدم تدقيق في تعريب الألفاظ الإفرنجية كقوله النهيليسم (الفوضى) والأصح أن يقال (العدمية). ولو فرضنا أن الفوضى هي اللفظة الواجبة في هذا المقام من جهة المعنى فهي لا توافقها كل الموافقة من جهة المقابلة الواجبة هنا فكان يجب أن يقال مثلا (الفوضوية) على أن هذه هي (انارشي) باللغة الفرنسوية. ومن أغلاطه النحوية قوله: كلما استغرق متأملاً. . . إلا وازدادت مفارقته.) ص15 والأصح: ازدادت بحذف (الآلف والواو) وكقوله في تلك الصفحة: لم يكن الحب خيالي دون شخص معين.) والأصح: خياليا. إلى آخر ما هناك. وعلى كل فان هذا الكتاب لا يخلو من فائدة لمن يطالعه بعين نقادة. 4 - إرشاد الخلق، إلى العمل بخبر البرق

(تأليف الشيخ محمد جمال الدين بن محمد سعيد بن قاسم بن صالح القاسمي الدمشقي. هو كتاب في جواز الاعتماد على التلغراف، ويليه عدة من فتاوى الإشراف في العمل بالتلغراف. طبع في ملعبه المقتبس سنة 1329) عدد صفحاته 104 يقطع 104 الثمن الكبير. الكتاب الذين يجمعون بين سداد الرأي وحسن التعبير ومتانته قليلون يعدون على الأصابع بالنسبة إلى كثرة المؤلفين. وممن يعد من مبرزي هذه الجماعة الشيخ العلامة محمد جمال الدين القاسمي الدمشقي فان كل ما خطته أنامله وخبرته يراعته يشف عن سمو في الأفكار وابتداع في المعاني وابتكار في الآراء. وله عدة تأليف تؤيد قولنا هذا ومن جملتها هذا الكتاب الذي نتصفحه اليوم فانه مفيد كل الإفادة ولاسيما لهؤلاء الأقوام الذين يريدون بالأمة التخلف عن سائر الناس والجمود في حالتها الأولى التي فطروا عليها. وهم ليسوا بقليلين في الديار العربية اللسان والإسلامية المعتقد. وفي هذا الكتاب (تمهيدات) حرية بأن يطالعها كل مسلم، فهي تدل على ذكاءٍ غريب في كاتبها. والسفر حسن العبارة، على إننا كنا نود أن ينزه الكاتب قلمه عن بعض الألفاظ غير الفصيحة كقوله في ص4 (وما أوصلهم إلى هذه الميزة إلا تمنعهم في دقائق الأمور) ولو قال إمعانهم في دقائق الأمور أو تدبرهم دقائق الأمور لكان اصح وافصح. ومثله قوله: (وسبر غور الماجريات). فلقد اكثر أصحاب الجرائد من هذه اللفظة وهي لا تليق أن ترد على قلم

القسطاس

مثل قلم شيخنا الفاضل، على أن مثل هذه الألفاظ قليلة جدا لا تكاد تذكر. فعسى أن تكون الطبعة الثانية منزهة عن هذه الشوائب. القسطاس (جريدة مؤقتة أسبوعية (أي أسبوعية مؤقتاً) أدبية سياسية جدية هزلية حرة. . . . لصاحب امتيازها أعظمي عبد الجبار أفندي. ومديرها المسؤول: محمد هادي أفندي). صدر عددها الأول في بغداد في 17 صفر سنة 1330 الموافق 5 شباط سنة 1912 وهي تنشر بالعربية والتركية معا. وعساها أن لا تحتجب كما توارت أخواتها عن الأنظار. الحياة ظهرت في بغداد (مجلة شهرية تبحث في السياسة والاقتصاد والتاريخ والاجتماع) مديرها المسؤول: سليمان أفندي الدخيل وصاحبها ومحرراها: سليمان أفندي الدخيل وإبراهيم حلمي أفندي. وقد طالعنا العدد الأول منها الصادر في صفر هذه السنة (الموافق لشهر شباط 1912) فوجدناه حافلاً بالمباحث، جم المادة، متوفرها. ومن خطة هذه المجلة: (البحث في الإسلام، والعرب والعجم، والآثار، والأمم والشعوب، والسياسة الداخلية والخارجية، والانتقاد، والهجوم والدفاع، وأقواس (؟) وأنفاس، والتاريخ. اشتراكها في بغداد 40 غرشاً صاغا و45 غرشاً في

نفكر

البلاد العثمانية و15 فرنكاً في الخارج. والمجلة كثيرة المواضيع، مختلفة التبويب، إلا انه يشوه محاسنها غرائب بعض الآراء كالتي وردت في ص9 وركاكة التعبير في بعض المواطن وكثرة أغلاط الطبع في (جميع الصفحات). من ذلك ما ورد على الغلاف: أصحابها ومحرروها سليمان الدخيل وإبراهيم حلمي. والأصح صاحباها ومحرراها. وفي ص1 كانون الثاني. والأصح كانون الثاني. وفي ص2 وردت كتابة (ابن) بدون ألف 11 مرة مع إنها لم تقع هناك بين علمين بين اسم الابن وأبيه. وجاء فيها ذكر (بن خرد باذيه) والأصح: ابن خرداذبة. (ويظن في وقته) والأصح: ويظن وقته، (ويصرفه فيما لا ينفع) والأصح: في ما لا ينفع). وهكذا لا تخلوا كل صفحة من بعض أغلاط، وما العتب إلا على أصحاب المطابع الذين لا يعنون بإصلاح ما ينقح لهم. فعسى أن يكون العدد الثاني اقل أغلاطاً. ويوفق رصيفانا وصديقانا الماجدان لكل نجاح وفلاح، يمنه تعالى وكرمه. نفكر كثرت الصحف والمجلات في بغداد على قلة عدد القراء، ولهذا لا تعيش طويلاً والتي تعيش منها تتبع خطة خاصة بها ومن جملة الجرائد التي برزت إلى عالم الوجود هي (تفكر) وهي تركية عربية قد كتبت على صدرها: (اونيون اوتومان معافيرور جمعيتك مروج أفكاري)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

أفكار نده حر عثمانلي غزته سيدر. (وقد ظهر عددها الأول نهار الأربعاء في 3 ربيع الأول سنة 1330 الموافق 21 شباط 1291 صاحب امتيازها ومديرها المسؤول سلمان أفندي عنبر ومحرر قسمها العربي ابن المنذر. وهي تخدم أفكار الاتحاد العثماني وتسعى في نشرها. وهي تطبع في مطبعة دنكور. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره بيع أرض عقرقوف - عقرقوف بناء فحم ضخم على أربعة فراسخ من غربي بغداد وله شهرة عظيمة في التاريخ. وكانت حواليه قرية تعد من نواحي دجيل. وليس اليوم هناك قرية بل أرض قفر فيها تل عظيم مبني باللبن. وكان هذا التل في عهد الكلدانيين صرحاً جليلاً مبنيا في مدينة كانوا يسمونها (دور كوريجلزو). وكان قد دوخها ملك أشور (تفلت فلاشر) في نحو سنة 1130 قبل المسيح. فتكون المدة من تدويحها إلى هذا اليوم 3042 سنة فإذا زدنا عليها إنها بنيت ومصرت قبل هذا التاريخ ببضع مئات من السنين، فيكون بناء هذا التل من نحو أربعة آلاف سنة، أي من عهد إبراهيم الخليل مع أن الذي يراه اليوم لا يحال انه شاهد صرحاً من تلك العصور الخالية. وهذا الذي نقوله ليس من باب الرجم والتكهن بل هو من باب الحقائق المثبتة المقررة والتاريخية التي لا تحتمل

لريب والشك لكثرة ما اكتشف من الرقم المؤيدة لهذه الأنباء بدونه. وقد ذكر التاريخ عدة أحداث وقعت في أنحاء عقرقوف، منها سبقت الإسلام بمئات من السنيين، ومنها طرأت بعده، ومنها لا تزال مع حواليه بين أعراب البادية إلى يومنا هذا، والغور (أو الهور) الذي يسمى بعقرقوف يشمل أرضاً واسعة، ومساحة أهم قسم فيه يبلغ 690 فدانا ويسميها اليوم بعضهم القرمة) ويلفظونها (الكرمة) بالكاف الفارسية المثلثة التنقيط بالجيم المصرية أي تلفظ والقرمة عند العراقيين أرض مئنة تفيض فيها بعض الأحيان مياه أمطار التلاع والأراضي العالية تكون لورة لها، أو مياه الأنهار المشرفة عليها والغياض والآجام آنية لها، حتى انه يشق منها انهار تسقى بها الأرضون لمزروعة؟ تاجه إلى الماء. وقد جاء دار السلام في هذه الأيام رجل اسمه (السيد أبو بن عبد الله العطاس) من تجار جزيرة جاوة، مسلم العقيدة أني الأصل، هولندي التبعة، يريد المهاجرة إلى العراق هو روه، ليعمر فيه أرضا بكده وجده. وقد وقع نظره على أرض وقوف المذكورة التي هي من الأملاك الأميرية. ووعد انه إذا رآها يجلب لها زراعاً من أهالي اليمن ومسقط ويتقيد بين العثمانيين

الأمير أحمد بك السعود

هو من ينتمي إليه. وبعد أن عين رجال يبحثون في مساحة الأرض التي تباع وقيمتها وقع أرضى بين أرباب العقد والحل وبين هذا الرجل الجاوي اليماني انه يشتريها بسبعة آلاف وخمسمائة ليرة فقط على الشروط الآتية: 1 - يجب أن تعرض رسوم إنشاء الأنهر التي تشق من الفرات على المهندس الأول لمياه الولاية ليوافق عليها إذا كانت وافية بالمقصود. 2 - أن يكون هذا الرجل وابن عمه السيد عمر بن علوي العطاس وجميع المسلمين الذين يزرعون تحت أنظارهما من التبعة العثمانية. 3 - يجب أن تعرض على الحكومة مواقع القرى التي ينشئانها وطرز إنشاء الأبنية التي يبنيانها وتقدم لها مخططاتها لترى رأيها فيها وتوافق عليها. 4 - يجب أن ينشأ مكتب ومسجد في كل قرية يحدثانها. لا يسوغ لهما أن يبيعا الأراضي المذكورة لا قطعةً قطعة ولا صفقة واحدة وبعد أن وقع لاتفاق بين الفريقين على هذه الشروط سافر السيد أبو بكر إلى الأستانة لينهي الأمر على وجه لا يكون فيه فسخ ولانقض. الأمير أحمد بك السعود قدم دار السلام في هذا الشهر احمد بك أحد أبناء السعود من أمراء نجد، وقد حل ضيفا في دار سليمان أفندي الدخيل صاحب جريدة الرياض. والغاية من قدومه بحقوق النيابة

الأمراض في البلدة

لديار نجد. الأمراض في البلدة لازالت الأمراض الوافدة كثيرة في البلدة ولاسيما في محلة النصارى فان الحمى التيفوئيدية (ويسمها العوام هنا النقطة) تفتك فتكا ذريعا ولاسيما في الأولاد. وربما وجد ولدان أو ثلاثة في البيت الواحد. والأطباء ينسبون هذا الداء إلى أكل الخس الذي يمد بأنواع السرقين ولاسيما بالبراز المتحلل. والأولاد مولعون بأكل أحرار البقول وينسبونه أيضاً إلى الماء الذي يتحلل فيه أنواع الأوساخ. فيجب على أهل البيوت أن ينقوا مياههم بإغلائه إلى أن تضمحل الوافدة من المدينة. وقد كثر أيضاً موت الفجأة أو الموت بعد مرض قليل المدة رحم الله عباده. أشغال السكة الحديدية البغدادية الألمانيون يسرعون في أشغالهم كل السرعة والأعمال الأولى قد تقدمت كل التقدم والأمل أن تكثر العملة والموظفون لكي لا يمضي الزمان بدون فائدة. إعراب العبارة جمع الجموع حاتم وعبد الكريم ابنا الشيخ صيهود رئيس عشيرة البو محمد وأخذا يتعرضان للسفن والبواخر السائرة بين القرنة وشطرة العمارة ومن بعض تعديات هؤلاء الأقوام انهم هجموا على الباخرة

مدارس في البحرين

(بغداد) في ذهابها إلى البصرة، والباخرة (برهانية) في عودتها من البصرة، وأمطروا الرصاص على المركبين من جانبي دجلة ولولا وصول الباخرة (مرمريس) البحرية وإطلاق مدافعها على هؤلاء الأشقياء لكان الضرر عظيماً. (عن جريدة بين النهرين ببعض تصرف). مدارس في البحرين لما يئس أهل البحرين من مطالبة الحكومة بما يعود إلى خيرهم وخيرها اخذوا يجمعون المال من باب الإعانة لفتح مدارس يدرس فيها اللغة العربية والإنكليزية. وفي نيتهم أن يجلبوا لها معلمين من بيروت بشرط أن يكونوا من العرب. (عن الرياض) تبرع في سبيل كلية الكويت تبرع الشيخ عبد الرحمان ابن الشيخ جاسم من آل إبراهيم بعشرين آلف ربية تشييد هذه الكلية فبلغ مجموع ما جمع في هذا السبيل النافع ثمانيين آلف ربية. والأمل انه يشرع ببناءهما هن قريب. (الرياض) التنقيبات في الاحيمر عثر الابيل دجنوباك في تنقيباته في الاحيمر على هيكل قديم العهد، لكنه لم يجد ثم أجرا مكتوبا أو تماثيل تدله على ما يتعلق بتاريخ ذلك الموقع، فلعل تتابع الحفر يميط النقاب عما يرغب فيه.

العدد 10

العدد 10 بلد روز أو بلاد الروز في التاريخ في قضاء خراسان من ولاية بغداد وان شئت فقل في شمالي مركز لواء بغداد قرية شهيرة بخصبها اسمها الحالي (بلد روز) ويظن البعض أن هذه القرية هي حديثة العهد وإنها سميت بهذا الاسم لكثرة زراعة الرز فيها إذ هو من اعظم حاصلاتها. على انهم لو انعموا النظر في اللفظة لما قالوا ذلك لان اللفظ الشائع هو (بلد روز) لا (بلد رز) على انه يحتمل أن يقال أن اللفظة صحفت على هذا الوجه ولا شئ أهون من هذا التصحيف كما يظهر لأدنى روية.

بيد أن الأمر ليس كما يتوهم. فان بلد روز قديمة العهد ولعلها ترتقى إلى ما وراء عهد ملوك بنى ساسان، إذ قد ورد ذكرها منذ أول عهد فتوح العرب لهذه الديار، واسمها الحقيقي هو (براز الروز) أو (إبراز الروز) بسكون الباء في الحرفين. قال الطبري (2: 906 من طبعة دي كوي) في أحداث سنة 76 هـ (695م): ثم أخذنا (أي شبيب الذي يتكلم وجنده حيثما كنوا بجوار الكوفة) الطريق على براز الروز ثم مضينا على جرجرايا وما يليها. وقال (في 2: 909) وقد اخذ شبيب إلى براز الروز فنزل قطيطيا وأمر دهقانها أن يشترى لهم ما يصلحهم ويتخذ لهم غداءً ففعل) والظاهر انه كان في جوار براز الروز دير للنصارى فقد قال المؤرخ المذكور (في 2: 91 وفي حوادث تلك السنة). . . . والحديث الآخر قتالهم فيما بين دير أبى مريم إلى براز الروز. وقد ذكر المحققون من أهل التاريخ أن خصب هذا الصقع من اخصب ديار السواد (أي شمالي العراق) فقد ذكر ابن خرداذبة باتاء سنة 260هـ (873م) ما هذا نصه: كان حاصل طسوج براز الروز 3000 كر حنطة 5100 كر شعير 120000 درهم عن ريع سائر الغلات. وقد كانت براز الروز طسوجاً من طساسيج كورة (استان شاذهر مز) وهو من تعبير ذلك العصر نقلاً عن الفرس يقابله اليوم قولنا: قضاء من أقضية خراسان.

وكان هواؤها طيباً يذهب إليها بعض موسري بغداد طلباً لترويح النفس وقد كان المعتضد بالله قد بنى فيها قصراً. قال الطبري (في 3: 2192) ولأربع ليال بقين من صفر (سنة 287 هـ 1 آذار سنة 900م) دخل المعتضد من منتزهه ببراز إلى بغداد، وأمر ببناء قصر في موضع اختاره من براز الروز فحمل إليه الآلات وابتدأ في عمله. وقال ياقوت في كلامه عن هذا الطيوج ما هذا نصه: براز الروز: بالزاء (في آخر كلمة براز) ثم ألف لام وراء مضمومة وواو وزاء. من طساسيج السواد ببغداد من الجانب الشرقي من استان (شاذ قباذ) (ويقال أيضاً شاذ هرمز وهما اسمان لمسمى واحد وهذا تقول ما تريد فانك مخير في اللفظيين) وكان للمعتضد به أبنية جليلة. وممن ذكر هذا الطسوج المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف ص 61 من طبعة ليدن فقد في كلامه عن آطام البحر الخزري ما هذا نصه: (اطمة اربوجان ممايلى السيروان من بلاد ماسبذان وهي المعروفة (بحمة نومان) مما يلي منجلان. وذلك يرى على أربعين فرسخاً من بغداد على طريق البند نيجين وإبراز الروز) وقد ذكر براز الروز غير هؤلاء الكتاب ولا حاجة لنا إلى إيراد جميع النصوص فحسبنا ما استشهدتا به إلى الآن وقد جاءت في اغلب الكتب المذكورة بألف في الأول أي إبراز الروز. ومنهم

من لم يذكرها إلا بالألف ومنهم أيضاً بالوجهين. ويوجد مدينة ثانية مسماة بهذا الاسم وهي على طريق واسط. قال ابن رستة في كتابه الاعلاق النفسية ص186 ما نصه وهو يعتبره وادياً: (من (المدائن) إلى (قباب حميد) تسير حتى تنتهي إلى قنطرة على شط دجلة يقال لها (قباب حميد). وبحذائها مما يلي الجانب الغربي موضع يسمى (طيرستان). ومنه إلى (سيب بنى كوما) تسير حتى تنتهي إلى واد يقال له (براز الروز) وينصب في دجلة فتعبر بالسفن حتى تنتهي إلى (سيب بنى كوما) وكان هذا الموقع وقعة الصفار مع الخليفة وفيها أشجار الزيتون. اهـ. ومعنى براز الروز بالفارسية (ضياء النهار أو بهاء النهار) لحسن موقع المكان لا لأنه بلد الرز كما يتوهمه العوام. واليوم براز الروز قرية مهمة. ولاسيما لان أحد موسري الأستانة وهو المسيو زريفي اشترى فيها أرضاً واسعة مساحتها 45 ألف هكتار وعين لها أحد مهرة العارفين بأصول الزراعة على أنواعها. فكان مثال سعى المشترى والخبير القيم بأمرها ومن معه من الإفرنج من احسن ما يمكن أن يدفع أهالي هذه البلاد إلى اقتفاء آثارهم للحصول على ما بلغوا إليه من النتائج الحسنة. ومنذ أن اشترى المسيو زريفي تلك الأرض وهي عبارة عن ربع مساحة القضاء (لان تكسير القضاء المزروع بأسره هو

عبارة عن 179208 هكتارات) اصبح من احسن اقضية هذه الديار ومن أغزرها عائدة للبلاد ولأهاليها وللحكومة. وهذا الكلام يشمل الزرعين الشتوي والصيفي. فشتويه الحنطة والشعير والطرماهي وغيرها. وصيفيه: السمسم والرز والقطن وغيرها. وهناك النخل وتموره المتنوعة وفي قضاء خراسان العنب والرمان والبرتقال وكلها من أجود الأنواع وأفخرها وشهيرة في العراق. واحسن أرز خراسان هو أرز ملك المسيو زريفي. وأما المياه التي تسقى هذه الزروع فكلها تأتى من ديالى الذي كان يسمى أيضاً في السابق نهر تامرا وهو يقطع القضاء بأسره من

أنواع الأرز المعروفة في العراق

الشمال إلى الجنوب ومنها تأتي من نهر خراسان وهو النهر الذي يسمى في السابق جلولاء وكانت تسير فيه السفن في عهد العباسيين إلى باجسرا (المسماة اليوم أبو جسرة) وأما اليوم فقد اصبح نهراً صغيراً لا شان له الاسقى الأرضيين. وأما حاصلات هذا القضاء فكانت من الحنطة والشعير في السنة الماضية. 14200 طغار حنطة 52400 شعير21، 868، 000 كيلو غرام 80696000 - المجموع 66600 طغارالمجموع 102564000 كيلو غرامفهذه الأرقام وحدها من احسن الأدلة على غنى هذا القضاء والله الموفق. أنواع الأرز المعروفة في العراق يسمى العراقيون الأرز باسم آخر مشهور عندهم وهو التمن بتاء مثناة مضمومة يليها ميم مشددة مفتوحة بعدها نون. وأسماؤه تختلف باختلاف تفاوته في اللون وطول الحبة أو امتلائها إلى غير ذلك. فمنه: 1 - الرز أو الأرز أو التمن الأحمر أو تمن الخالص وتكون حبته حمراء ممتلئة وأكثر زرعه يكون في الخالص وهو كورة في شرقي بغداد. وهو أدنى أصناف الرز في الطعم والرائحة واللون والغذاء، لأنه يزرع لكثرة ما تؤتي الحبة الواحدة منه فانه تفوق سائر الأنواع

نتاجاً وحاصلاً. ولا يأكله إلا الفقراء. 2 - التمن النقازة (وزان رمانة ونشابة أو اقل بالحركة المشتركة) هو أرز فاخر يشتريه أصحاب الذوق اللطيف لا يأكله إلا المثرون لغلائه. وهو إذا طبخ لا يحتاج إلى سمن كثير وطعمه فاخر وكذلك رائحته. ولعله سمى كذلك لأنه ينقز عنه أي يدفع عنه كل تمن سواء. ويسمى النقازة أيضاً بالمولاني نسبة إلى المولى لان السادة تأكله. 3 - التمن الشنبة بالحركة المشتركة في الأول ثم نون ساكنة وباء مفتوحة هو دون أخيه السايق ويأكله متوسطو الحال والمال ولعله سمى كذلك لان حبوبه المتراصة تشبه أسنان الاشنب لان الشنب هو صفاء الأسنان ورقة مائها. 4 - التمن عنبر بوه أي ذو الرائحة (بوه) العنبرية وهو افخر أنواع التمن كلها لحسن رائحته وطول حبته وامتلائها وحسن لونها وهو أغلى الكل ثمناً كما انه أغلى أنواع التمن كلها قاطبة. ويقال له أيضاً تمن عنبر. 5 - تمن العقر. البعض يقول تمن عقرا، والعقر (وبلسان الآراميين أو الكلدان الحاليين عقرا) قرية بين تكريت والموصل وهو أرز حسن جلبت حبثه من هناك واخذ العراقيون بزرعها منذ بضع سنوات فنجحت عندهم وجاءت بإيتاء وافر هذه الأنواع الخمسة تزرع في الخالص ولاسيما في (بلدروز) وهي مشهورة عندهم بالأسماء التي ذكرناها. ومن الأنواع التي

الأمثال العامية في ديار العراق

تجلب إلى العراق وتباع في بغداد هي الآتية: 1 - تمن زيرة بكسر فسكون. 2 - التمن البنكالي (بكاف فارسية) ويوتي بهما من الهند. 3 - الحويزاوى (نسبة عامية إلى الحويزة كما يقولون حلاوي وبصراوي في حلي وبصري) يجلب من الحويزة وهي بليدة بين واسط والبصرة وخوزستان في وسط البطائح. 4 - تمن الهندية ويؤتي به من الهندية بجوار بغداد. 5 - تمن شتال وهو مشتق من الشتل وهو الغرس بلسان العراقيين زنة ومعنى ويؤتي به من أنحاء العراق. هذه هي أنواع الأرز المشهورة في العراق ذكرناها لان الكلام يكثر عنها كل مرة يجرى البحث عن مزروعات هذه الديار ومحصولاتها. فأحببنا أن نجمعها في نبذة واحدة تسهيلاً للرجوع إليها عند الحاجة. الأمثال العامية في ديار العراق مضى على اللغة العربية ردح من الزمن وهي تسكن القفار وتعيش بين البهائم وفي ظل الكهوف يلوكها قوم بينهم وبين العمران شقة قذف ومسافة شاسعة قد قنعوا بشظف العيش ومن جراء ذلك بقيت لغتنا العربية متسلحة بهمجيتهم مصونة عن فواعل التغيير بعيدة عن التحريف منزهة عن وصمة الدخيل حتى إذا ائتشب القوم بسواهم وكثرت حاجياتهم دعتهم الضرورة إلى أن يتخذوا ألفاظاً ليست من لغتهم وهذا أول حجر وضع في أساس تغييرها ولما استحكمت

عرى المواصلات واشتد احتكاكهم بالغير واضطر غير العربي إلى أن يعرف العربية خف إليها النحت والقلب والتحريف والتصحيف مسرعات هذا هو السبب الوحيد الذي استأصل شأفة مجدها التالد ودهورها في هوة الانحطاط ودفعها إلى ما هي عليه اليوم إلى ما نسميه لغتنا الدارجة فلغتنا الدارجة هي نسيلة اللغة العربية وقد اختصت لغتنا الدارجة بأوزان تتغنى بها العوام وتتمادح بها وتتهاجى وتهيج بها في ساحة الكفاح كما يكون ذلك في القريض وكم برع بالنظم رجال يضاهون أب الطيب في قريضه ولو جمع الجيد مما نظم فيها لكان سفرا غزير الفائدة ولكل واحد من هذه الأوزان اسم يعرف به فمنها ما يسمونه (أبوذيه) وهذا قد فاز من بينها بمجد الشهرة

والانتشار ومنها ما يسمونه (العتابة) ومنها ما يسمونه (المربع) وغير ذلك وعسانا أن نكتب شيئا عنها على حياله وكلها قد اشتملت على أمثال كثيرة هي موضوع البحث وسأذكر فيها ما ظفرت به منها والحق ما يحتاج إلى إيضاح بيان موجز واذكر بعد ذلك مورد المثل وأظني أن هذا الموضوع لم أضع فيه قدما على قدم وسأبالغ في رسم المثل بما ينطق به العوام. اسمي بالحصاد ومنجلي مكسور حصد الزرع والنبات حصاداً قطعه بالمنجل والمحصد كمنبر المنجل يقال فلان بالحصاد وبالسقي وبالكري (وتقول العامة بالجري بالجيم المثلثة الفارسية وكثيراً ما تقلب الكاف جيماً مثلثة كقولهم في سمك سمج وفي أكيدة اجيدة وغير ذلك) أي في محل الحصاد ومحل السقي ومحل الكري وليس المراد وجوده في ذلك المحل فقط بل أن يكون مشتغلاً بذلك الفعل غالباً وهذا ما يسميه علماء البيان بالمجاز في الإعراب ومنجل كمقول آلة تعمل من حديد مقوسة مسننة كالمنشار شائعة الاستعمال عند الفلاح العراقي يقضب بها الزرع وهي عربية. تقول العامة اسمه يفعل كذا واسمه بالشغل واسمي افعل كذا أو بالفعل الفلاني وتقصد أحد المعنيين: أما انه لا ينفك مبالغا ومجتهداً في فعل كذا وإذا قصدت هذا فالأكثر أن تعقب ذلك بجملة تدل على حال الفاعل غب هذه المثابرة كما يقال اسمه يفعل كذا ومعناه يستفيد منه وقد لا يستفيد منه ومفاد التركيب على هذا انه من شدة

الملازمة لهذا الفعل صار اسمه الذي يعرف به (يفعل كذا) أو (بالفعل الفلاني) وهو عنوانه ومن تبطن لغتنا العامية ومارس لهجاتها يعلم أن هذا المعنى غير مقصود هنا وأما لا يقصد ذلك بل يراد انه معدود في من يفعل هذا الفعل وان لم يثابر عليه وغالباً يستعمل في هذا المقام (اسمي) (لا اسمه) ومعنى اسمي بالحصاد على هذا أن لي اسما في محل الحصاد أي أمد من الحاصدين والأشيع حينئذ أن تعقب هذه الكلمة بجملة تدل على فقدان الفائدة الناشئة عن هذا الفعل كما ترى في هذا المثل فان (منجلي مكسور) كناية عن عدم الفائدة وقد يقول بعضهم اسمه الخ ويريد به المعنى الثاني إلا انه يكون من غير الشائع يضرب لمن يشتهر في عمل ذي فائدة وهو لا يحصل عليها. أكبر منك بيوم اعقل منك بسنة ليس في هذا المثل ما يحتاج إلى الشرح من الألفاظ العامية واللغوية والقول في حقيقة العقل وما يرتئيه الماديون فيه وغيرهم خروج عن خطة البحث والمراد بالعقل هنا ما يسمونه العقل المكسوب والمسموع وهو ما يستفيده الإنسان من (دروس الحوادث في كلية العالم) وقد قسمه صاحب أحياء العلوم وغيره إلى قسمين فقال بعد ما ذكر قسمي المطبوع. الثالث علوم تستفاد من التجارب بمجارى الأحوال فان من حنكته التجارب وهذبته المذاهب يقال انه عاقل في العادة ومن لا يتصف بهذه الصفة فيقال انه غبي غمر جاهل فهذا نوع آخر من العلوم يسمى عقلاً الرابع أن تنتهي قوة تلك الغريزة

إلى أن يعرف العواقب ويقمع الشهوة الداعية إلى اللذة العاجلة ويقهرها فإذا حصلت هذه القوة سمى صاحبها عاقلا من حيث أن أقدامه وأحجامه بحسب ما يقضيه النظر في العواقب لا يحكم الشهوة العاجلة إلى أن قال فالأولان بالطبع والأخيران بالاكتساب (قال) ولذلك قال علي (ع) رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مطبوع إذا لم يك مسموع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع أقول والمنقول عن المازني وعن يونس وقد صوب الأول الزمخشري انه لم يقل عليه السلام غير هذين البيتين وهما: تلكم قريش تمناني لتقتلني ... فلا وربك ما بروا ولا ظفروا فان هلكت فرهن ذمتي لهم ... بذات ودقين لا يعفو لها اثر والمعروف عن الأشكال إذ الزيادة المستفادة من صيغة التفضيل أما في العقل المطبوع وهو لا يتفاوت في الصغر والكبر كما هو معروف عند من تكلم على العقل من قدماء الفلاسفة (والظاهر أن المثل يجري على قولهم) وإذا نظرت إلى رسالة الحدود لابن سينا ومقالة معاني العقل للفارابي وكلام أحياء العلوم في حقيقة العقل يتضح لك ما قلنا جلياً وأما المسموع فهو لا يتفاوت بالصغر والكبر إلا أم زيادة العمر بيوم لا تقضي حتماً بزيادة عقل صاحبه بل هذا من

الأدب والمجاملة ومعنى المثل أن من هو أسن منك اعقل منك أي اعرف منك بالحوادث لزيادته عليك بالتجارب يضرب لمن يستبد برأيه ولا يشاور من هو أكبر منه. عيوني اليحط بالسكلة رقي (اليحط) الذي يضع الألف واللام من قبيل الأسماء الموصولة وهي أما بمعنى الذي وأما مقتطعة منها لكثرة الاستعمال والقول الثاني قال به بعض النحاة في ال الموصولة هذه على الفعل المضارع موجود في شعر العرب والنحويون يحظرونه إلا في الخطورة والمخالف في ذلك قليل قال دينار بن هلال يقول الخنى وابغض العجم ناطقا ... إلى ربه صوت الحمار اليجدع وقال آخر ما أنت بالحكم الترضي حكومته ... ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل (بالسكلة) السكلة اصلها الاسكلة حذفت منها الهمزة والاسكلة كلمة تركية معناها آلمينا ومرسى السفن والتركية مأخوذة من الإيطالية والأولى أن يقال من اللاتينية وتطلقها العامة الآن على المحل الذي توضع فيه الأشياء المختلفة كالفحم الحجري والحطب والبترول والقير والفاكهة والخشب الذي تصنع منه الروادف وأبواب الدور والغرف والبلاط وغير ذلك مما لا يوضع في الأماكن المنظمة والمناسبة بين المعنى الذي تستعمله العامة فيه وبين معناه الأصلي جلى وإذا لم تعدد الأنواع التي وضعت فيها أضيفت إلى النوع الذي اختص بالوضع

مختارات من شعر السيد صالح القزويني

فيها فيقال حينئذ (سكلة الرقي) و (سكلة السمج (الرقي) قال صاحب القاموس والحبحبة البطيخ الشامي الذي تسميه أهل العراق يأتيهم من جهة الرقة والفرس من جهة الهند أو أن اصل منشأه من هناك وروى له أسماء غير هذه أقول ويسميه فرس اليوم هندونة وهندانة ودونة ودانة الحبة أي حبة الهند ثم أطلقوها على هذه الفاكهة لان هذه الحبة أتى بها من هناك لتزرع في بلادهم واستعمال العامة في كل لغة يكفيها أدنى ملابسة هذا ما يظهر لي وأهل الحجاز إلى اليوم يسمونه الحبحب على ما روي لنا والرقة على ما قال ياقوت مدينة مشهورة على الفرات بينها وبين حران ثلاثة أيام معدودة في بلاد الجزيرة لأنها من الجانب الشرقي ومعنى المثل أن الذي يجتهد في سعيه ويأتي بالفائدة ولا يكون رفيفه اكثر من زفيفه وكنى عن ذلك (باليحط بالسكلة رقي) محبوب عندي وأنا أهواه وأوده وكنى عن ذلك (بعيوني) يضرب لمن لم يقصر في عمله ويحصل على نتيجته الباقي للآتي النجف: (مرج) مختارات من شعر السيد صالح القزويني قال السيد صالح في مدح بغداد حيا العهاد معاهد الزوراء ... وجرى النسيم بها مع الأنواء وزهت أزاهير الرياض بلؤلؤ ... رطب تسمطه يد الانداء

وعلا الحمام على الاراكة صادحاً ... يثنى على الأنواء خير ثناء نشرت غضون الآس أعلامكما ... نشر الورى الأعلام في الهيجاء ورنا لخال شقائق النعمان نر ... جس روضها في مقلة كحلاء والجلنار كاكؤس فيها طلا ... صيغت من الياقوتة الحمراء والورد نم على البنفسج مذراي ... برد الحداد عليه في الأرجاء وترى الغصون تميس ما جر الصبا ... طربا على الأزهار فضل رداء تالله ما الزوراء إلا جنة ... الفردوس فيها وافر النعماء ما الترب إلا عنبر ما الماء إلا ... كوثر يبري عضال الداء وكان بين رياض وحسانها ... درر على ديباجة خضراء وقال يمدح النارجيلة: باكر مذهبة البلور باكرة ... والشمس بالبدر يجلوها لك القمر فالجمر والتتن ياقوت على ذهب ... دخانه فاح منه العنبر العطر كأنما الماء فيها هو مضطرب ... بحر قد انتثرت في موجه الدرر أو أنه برد زجته بارقة ... بالرعد كان رذاذا فوقه المطر وقال يصف حالة قلبه وتقدمه في السن: قلب تصارع فيه الهم والهمم ... حتى تسارع فيه الضعف والسقم فالرأس مشتعل شيباً ومنعطف ... كالقوس ظهري وأذني نالها صمم والجسم فيه ضنى والقلب فيه لظى ... والجفن فيه قذى والدمع فيه دم فلم يغثني أخ أشكو إليه على ... علم بضري ولا خل ولا رحم فالجأ إلى الله واشفع بالنبي فما ... حقا سوى الله موجود هو العدم

رحمت ولدى على ضعفي وكنت بهم ... على شفا جرف هار وما رحموا وقال في دجاجة أهديت: هدية من ملك صالح ... قد أهديت للملك الصالح دجاجة يوقظني ديكها ... قبل طلوع الفجر بالصائح ولو سليمان حبته بها ... كان عن الهدهد بالصافح تهزا بالقمري في صدحها ... راد الضحى والبلبل الصادح تمشي رويداً وإذا ما عدت ... كأنها تعدو على سابح تجنح للطاؤوس في ريشها ... بحسن ذاك الرونق الجانح لم يمش كدري القطا مشيها ... إلى ورود الماء في بارح كلا ولا البط إلى ورده ... غداة تمشي مشية المارح لم يروها النيل ولم تغذها ... غلاته في الزمن السامح لو بعتها في ملك مصر وما ... وراءه ما كنت بالرابح سوداء كالليل ومن عرفها ... يلوح لون الشفق الواضح تفارق الجوزاء في برجها ... إن قرنت بسعدها الذابح وطائر النسر تراه على ... سماكها الأعزل والرامح لا تنجس الميزان في حملها ... إن نقلت للمشتري الرائح طال بها متن امتداحي وما ... أرى لذلك المتن من شارح فما أرى فرحة كسرى ولا ... قيصر في عزمها الجامح كلا وسابور في فتحه ... وقبضه للملك الفاتح

كفرحة الملك الذي أصبحت ... ملكا له والملك المانح لم يستطع حصراً لأوصافها ... نظم لسان اللسن المادح فهاكها عذراء ما شامها ... سواك من دان ومن نازح وقال يمدح ميرزا علي نقي الطباطبائي: لم يشرب الصفو من لم يشرب الكدرا ... وليس يخطر من لم يركب الخطرا ولم يفز بالمنى من ذل جانبه ... ولم يطل في الورى من باعه قصرا من شاء نيل الأماني لا ينهه ... خوف المنية لا ورداً ولا صدرا ولا يقود العلى من لا يقود لها ... قود العزائم يرمي زندها الشررا أولى الورا بالعلى من كان أكرمها ... كفا وأشرفها ذكراً إذا ذكرا فانصب نصب خفض عيش رافعاً علماً ... للعزم تقتاد فيه المجد والخطرا وانهض لشمس المعالي مدركاً قمراً ... من الأماني يغشى الشمس والقمرا وطر لها بقدامى العزم مرتقياً ... إلى العلى تقض في إدراكها الوطرا وخض غمار المنايا فوق سابحة ... تشق بحراً بموج العزم منغمرا جرد لحفظ المعالي صارماً ذكرا ... من العزائم يبرى الصارم الذكرا ومدفكاً إلى العلياء باسطة ... للمجد برداً بطي البيد منتشرا إذا خطبت العلى فاسهر تلذ كرى ... فلن يلذ الكرى إلا لمن سهرا وصل على كبر الأقدار بالهمم ال ... كبرى تصغر من الأقدار ما كبرا إن كذبتك الأماني بالعلى فابن ... بصادق العزم منها الكاذب الأشرا من يشتري الحمد فلينفق خزائنه ... فليس يحمد من لم ينفق الدررا شمر من العزم أذيالاً وكن رجلاً ... بالحزم يملا سماع الدهر والبصرا

وغر على غير الأيام جامحة ... مغيرا بسرايا عزمك الغيرا وافزع إذا أفزعتك النائبات إلى ... كهف الأرامل والأيتام والفقرا مصباح كل هدى مفتاح كل ندى ... مقباس كل تقي مطعام كل قرى وهكذا إلى آخر القصيدة، فأنت ترى أن الأبيات الأولى جمعت حكما رائعة بخلاف ما يرى في اغلب قصائد المدح التي ينسج بردها على منوال عصر انحطاط الشعر في القرون المتأخرة. ومن شعره قوله طالباً تبغاً من صديق له: يا خير فرع طيب الأصل ... وخير قرم شامخ الفضل إليك أشكو توتناً منتنا ... يأذن قبل الشرب بالقتل جد لي بتتن منك يشفى الضنى ... مشروبه بالعل والنهل ما أنا عنه راغب بالذي ... توليه من شرب ومن أكل وصلت في حبلك حبل الرجا ... فصل به حبلك في حبلي إن قلت هل في الناس من مفضل ... قالوا نعم ذاك أبو الفضل فأن يكن بعل لبكر العلي ... فما لها سواه من بعل كم في المعالي من قضايا له ... منتجة عقيمة الشكل وكم له وابل جود همي ... أزرى على منهمل الوبل. . . فاسلم مدى الأيام من غدرها ... من العلي تجني جني النحل وقال في وصف شمعة: وبيضاء يحكي ألبان حسن اعتدالها ... أضاءت لنا ليلاً وأغنت عن البدر فكانت كخطى القنا غير إنها ... لحين وقد كان السنان من التبر

اسم بغداد

وله أيضاً مرتجلا: إن أبا الفضل له همة ... تنحط عنها همة الطائي ينهل كالوسمى لكن هما ... ما بين ضحاك وبكاء محله النجم وقد لاح ما ... بين الورى كالنجم في الماء وقد مدح طائفة من علماء زمانه بقصائد عامرة الأبيات طويلة النفس ورثى كثيراً من أبناء وطنه فاجتزأنا بما ذكرنا تعريفا به ومن أراد الوقوف عليها فليطلبها في ديوانه. فقد جمع ووعى. وأبقى له فيه أثراً لا يمحى. اسم بغداد ومعناها وقدمه ولغاته ومرادفاته اختلف العلماء في اسم بغداد ومعناه. وهاء نحن نجمع ما قالوا فيه من الأقوال. قال أبو الفداء في كتابه تقويم البلدان: قال في اللباب: وإنما سميت (بغداد) بهذا الاسم لان كسرى

أهدى إليه خصي من الشرق فاقطعه بغداد. وكان لهم صنم يعبدنه بالمشرق، يقال له (بغ) فقال ذلك الخصي: (بغ داذ)، يقول: أعطاني الصنم. والفقهاء يكرهون هذا الاسم من اجل هذا. وسماها المنصور مدينة السلام. لان دجلة كان يقال له: (وادي السلام) قال: وكان ابن مبارك يقول: لا يقال بغداذ. يعني بذال المعجمة، فإن (بغ) شيطان. و (داذ) عطية، وإنها شرك. وإنما يقال بغداد، يعني بالدالين المهملتين، وبغدان أيضاً. وقال بعضهم أن (بغ) بالعجمية (البستان) و (داذ) اسم رجل يعني بستان داذ) اهـ. وقال ابن الانباري: أصل بغداد للأعاجم. والعرب تختلف في لفظه، إذ لم يكن اصلها من كلامهم ولا اشتقاقها من لغاتهم. . اهـ. وقال بعض الأعاجم (نقلا عن معجم ياقوت): تفسيره بستان رجل. (فباغ): بستان. (وداد) اسم رجل. وبعضهم يقول: بغ: اسم للصنم، فذكر انه أهدى إلى كسرى خصي من المشرق فاقطعه إياها، وكان الخصي من عباد الأصنام ببلده، فقال: (بغ داد) أي الصنم أعطاني. وقيل: (بغ) هو البستان. و (داد) أعطى. وكان كسرى قد وهب لهذا الخصي هذا البستان فقال (بغ داد) فسميت به. وقال حمزة بن الحسن. بغداد اسم فارسي معرب عن باغ داذويه) لان بعض رقعة مدينة المنصور كان (باغ) لرجل من الفرس اسمه داذويه) وبعضها اثر مدينة دارسة كان بعض ملوك

الفرس اختطها فاعتل. فقالوا: ما الذي يأمر الملك أن تسعى به هذه المدينة فقال: (هليدوه وروز) أي خلوها بسلام) فحكى ذلك للمنصور، فقال سميتها مدينة السلام. وفي بغداد سبع لغات: بغداد. وبغدان. ويأبى أهل البصرة ولا يميزون بغداد في آخره الذال المعجمة. وقالوا لأنه ليس في كلام العرب كلمة فيها دال بعدها ذال. قال أبو القاسم عبد الرحمن بن اسحاق: فقلت لأبي اسحاق إبراهيم بن السرى: فما تقول في قولهم خرداذ، فقال: هو فارسي ليس من كلام العرب. قلت أنا: وهذا حجة من قال: بغداذ، فانه ليس من كلام العرب. وأجاز الكسائي بغداد على الأصل، وحكى أيضاً مغداذ ومغداد ومغدان. وحكى الخرزنجي: بغداد بدالين مهملتين وهي في اللغات كلها تذكر وتؤنث. وتسمى مدينة السلام أيضاً. فأما الزوراء فمدينة المنصور خاصة. وسميت مدينة السلام لان دجلة يقال له (وادي السلام). وقال موسى بن عبد الحميد النسائي كنت جالساً عند عبد العزيز بن أبي رواد فاتاه رجل فقال له: من انت؟ فقال له: من بغداد، فقال: لا تقل بغداد، فان (بغ) صنم. و (داد) أعطى. ولكن قل: مدينة السلام، فان الله هو السلام والمدن كلها له. وقيل أن بغداد كانت قبل سوقا يقصدها تجار أهل الصين تجاراتهم فيربحون الربح الواسع. وكان اسم ملك الصين (بغ فكانوا إذا انصرفوا إلى بلادهم قالوا: بغ داد) أي أن هذا الربح الذي ربحناه من عطية الملك.

وقيل: إنما سميت مدينة السلام. لان السلام هو الله. فأرادوا مدينة الله. إلى هنا من كلام ياقوت بحرفه. وقال صاحب تاج العروس: بغداد وبغذاذ بمهملتين ومعجمتين، وتقديم كل منها. فهذه أربع لغات في المصباح: الدال الأولى مهملة وهو الأكثر. وأما الثانية ففيها ثلاث لغات، حكاها ابن الانباري وغيره دال مهملة وهو الأكثر، والثانية وهي الأقل ذال معجمة، وبعضهم يختار بغدان، بالنون، لان بناء فعلال بالفتح بابه المضاعف كالصلصال والخلخال، ولم يجيء من غير المضاعف، إلا ناقة بها خزعال، وهو الظلع، وقسطال ممدود من قسطل وقال أبو حاتم: سالت الأصمعي: كيف يقال: بغداد أو بغداذ أو بغدين، وقد تقلب الباء ميما، فيقال، همذان. فقال: قل: مدينة السلام فهذه سبع لغات الفصيح منها بغداد بدالين (مهملتين) وبغدان بالنون (في الأخر). كما اقتصر عليه ثعلب، وأورد ابن سيدة هذه اللغات كما أوردها المصنف، وزاد القزاز: بغدام بالميم في أوله، وزاد صاحب الواعي عن أبي محمد الرشاطي: بغذان بدال معجمة. وحكى أبو زكريا، يحيى بن زياد الفراء بهداد بالهاء والدال. قال أبو العباس كلها لهذه البلدة المشهورة بمدينة السلام قال: وهو اسم أعجمي عربه العرب. وقال صاحب الواعي: هو اسم صنم فتأويلها: بستان صنم وقال الرشاطي قال عبد الله بن المبارك لا يقال بغداذ بالدال الثانية معجمة

فان (بغ (صنم و (داذ) عطية وعن أبي بكر ابن الانباري عن بعض الأعاجم يزعم أن تفسيره بستان رجل فبغ بستان وداد رجل وبعضهم يقول بغ اسم صنم لبعض الفرس كان يعبده وداد رجل قال الرشاطي: وكان الأصمعي ينهى عن ذلك ويقول مدينة السلام قال شيخنا ويقال لها دار السلام أيضاً) اهـ وقال في البرهان القاطع: بغداد مخفف باغ داد، ومعناه بستان العدل وقال ابن الخازن وابن المكين بغداد مأخوذة من اسم راهب كان يقوم بشؤون كنيسة مبنية في الموقع الذي هو اليوم بغداد فقيل: مدينة بغداد مضافة إلى اسمه، كما يقال مثلا مدينة اسكندر أو قسطنطين أو المنصور. وقال آخرون: بغداد مأخوذة من (بيت غدادا) الارمية ومعناها: مدينة الغزل أو الحياكة والنسيج أو أيضاً: مدينة الجداد (وزان الرمان) وهو كل متعقد بعضه ببعض من خيط أو حبالٍ صغارٍ. قلنا نحن: هذه كلها خواطر خيالية اخترعها مخيلة اللغويين أو واهمة بعض المتشدقين والمتحذلقين إجابة لما في الإنسان من حب الوقوف على ما يجهل لكي لا يقال عنه انه جاهل وإلا فان اسم

نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

بغداد قديم إذ قد ورد في تاريخ الآشوريين قبل المسيح بألف وتسعين سنة. فقد جاء في التواريخ المسمارية الخط المكتوبة على الآجر: أن الملك أشور بلكلا رتق ما فتقه أبوه فأخذه بغداد واكتسح أنحاء بابل واضطر الملك مردوخ شايكزر مايي على أن يطلب الصلح. وقد وجد العلماء في نفس بغداد أجراً كثيرا مكتوبا عليه اسم بغداد وبعض الوقائع التي جرت فيها، وعليه فالقول أن اللفظة فارسية أو أرمية أو غير ذلك هو من باب التكلم على أساس غير ثبت. وأما معناها في اللغة الآشورية فلم يهتد إليه العلماء فلعل التبحر في هذه اللغة يكشف القناع عن حقيقة معناه. وأما أسماء بغداد واختلاف اللغات فيها فقد رأيت أنها كثيرة تبلغ العشرين وهي: بغداد. وبغذاذ، وبغداذ. وبغذاد، وبغدان، وبغدين، ومغذان، ومغدان، وبغدام، ومغدام، وبغذان، وبهداد، والزوراء، ومدينة السلام، ودار السلام، وقبة الإسلام، وحاضرة العباسببن، ودار الخلافة، ودار الأمارة العباسية، وأم العراق. إلى غير هذه الأسماء ما يستغني عن ذكرها. رزوق عيسى نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية 1 - تمهيد إذا بحثت عن كتبة العرب في هذا العصر وجدتهم كثيرين

وفيهم المعرب والجاري على طريقة الكتابة في عصر انحطاط اللغة. والجاري إلى أساليب أهل هذا العصر. والجاهل الذي لا يدري ما يكتب، أما إذا فتشت عن الكاتب البليغ المبتدع للمعاني، والمبتكر للمواضيع، فانك لا تجده إلا بشق النفس ونعني بالمبتدع المبتكر من يكتب في المواضيع لم يسبقه إليها أحد فينقلها عنه من يجيء بعده من الكتبة أو ينقلها الأجانب إلى لغاتهم إقراراً بفضل المؤلف وعلمه وابتكاره المباحث. وممن نفتخر بقلمه وعلمه الكاتب والمؤرخ الشهير جرجي أفندي زيدان صاحب مجلة الهلال والتأليف المختلفة المواضيع، والذي نقلت عدة كتب من تصانيفه إلى لغات الأجانب. فإذا قلنا أنه هو العربي الوحيد الذي اقر بفضله علما الإفرنج لنقلهم بعض أسفاره إلى ألسنتهم لما غالينا في كلامنا، ولما تعدينا الحقيقة. على أن سماع هذه الكلمات بشق على كثيرين من الحساد. ولهذا اخذ بعضهم يتنقصونه ويغضون منه ظناً منهم انهم أن فعلوا هذا الفعل يزيدونه قدراً ويسبونه إلى الفضل ويتفوقون عليه كل التفوق، ونسوا قول الشاعر: ترى متى تشتفي الحساد من رجل ... تريد خفضاً له والله يرفعه إذا قضى الله أمراً لا يرد وان ... أجرى عطاء فمن في الأرض يمنعه ألف جرجي أفندي زيدان عدة كتب وروايات حظيت غاية الحظوة عند العامة والخاصة، ومن الكتب التي وقعت احسن موقع

عندهم هذا كتابه الأخير وهو: (آداب اللغة العربية) فلما وقف عليه الحساد جاشت في صدورهم أبحر الغيظ وأخذت الحزازة تزداد شدة وأذى. حتى انهم اخذوا يتعرضون لما يمس شرفه وشخصه في انتقادهم لهذا الكتاب الجليل عوضاً من أن يذكروا ما فيه من المغامز والأغلاط لتصحح في الطبعة الثانية. هذا وأننا وأن أجللنا المؤلف وتأليفه فأننا لا نريد بهذا الإجلال أن نعصمه من الخطأ أو نجعل مصنفاته بعيدة عن شوائب النقص والخلل فالإنسان لكونه إنساناً ينزله الوهم وينتابه الزلل، على حد ما قيل: الإنسان، محل النسيان. وكتاب تاريخ آداب اللغة العربية من المؤلفات التي تطرق إليها السقط على أنواعه ونحن نقسمه إلى ثلاث طوائف: 1 - أغلاط الطبع والأصول العربية 2 - أغلاط التعبير 3 - الأوهام في جدة الآراء. ونحن نأتي بذكر كل طائفة على حدة لتتضح الأمور للقارئ فنقول: 2 - أغلاط الطبع والأصول العربية كنا نظن أن مطابع بغداد وحدها تأتينا بأعاجيب الأغلاط وما كنا نخال أن سائر المطابع تلد مثل ذلك النتاج الغريب. فان أغلاط هذا الكتاب كثيرة تعد بالعشرات وتكاد تبلغ المائة. وكان الأجدر بمتولي طبع هذا السفر الجليل أن يصونه عن مثل هذه الشوائب المخلة به. لاسيما لأنه ينتظر أن يقع في أيدي الكثيرين من علماء وجهلاء. ولهذا كان يحسن بان ينزه عن كل ما يشوه محاسنه. من

ذلك ما ورد في ص 11 قوله الاحافير وهي لفظة لاحظ لها من العربية بهذا المعنى والأحسن أن يقال: الآثار المدفونة. أو المندرجات أو الرقم بضمتين جمع رقيم. لان الاحافير جمع احفار جمع حفر وهو التراب المخرج من المحفور لا غير. وقوله ص 120 وقد تعاصر البابليون والمصريون. والأصح: وقد عاصر البابليون المصريون لان لاوجود للتفاعل في مادة ع ص ر. وقوله في تلك ص: فيها قائمة بأسماء، والأصح: قائمة أسماء، واحسن منه: ذكر أسماء وقوله: ورقة. وهي اسم بلدة قديمة في العراق. والأصح: وركاء بالكاف لا بالقاف وراءها ألف ممدودة (راجع معجم ياقوت. ومجلة المشرق 5: 675. وجاء ص13: بغدد، والأصح بغداد، والمتحف، والأصح دار المتحف. وعثر النقابون أمس على بقايا هذه المكتبة مكتبة بين النهرين. أو على بقايا مكتبة بين النهرين هذه. أو نحو ذلك. وورد في ص14: فالتمدن الإسلامي مدين لآداب اليونان في اكثر العلوم الطبيعية. فهذا تعبير إفرنجي، ولو قال: فلآداب اليونان فضل على التمدن الإسلامي في اكثر العلوم الطبيعية، لكان افصح وأحلى عبارة. ومن هذا الباب باب الوهم قوله في ص15: تجد لكل أمة خصائص في شعائر ومداركها تمتاز بها عن سواها، والمطلوب في

هذا المقام شواعرها بدل شعائرها. وهذه غير تلك وبالعكس. وفي ص17 الشعر الغنائي والأصح الغنائي وفي ص30 والزراقة للزرافة وفي ص40 الطياهج للطباهج والسكنجين والخلنجين في السكنجين والخلنجين والمزنجوش في المرزنجوش وفي ص45: وكان الهذيليون وهم قبيلة من مضر يجعلون الحاء عيناً ويسمونها العجعجة (كذا). والأصح الفحفحة بفاءين عوض العينين. وقال: ومنها الجعجعة (كذا) في قضاعة وهي أن يجعلوا الياء المشددة جيناً (كذا) والأصح العجعجة. . . جيماً. ثم أن تقييد القول يجعل الياء المشددة جيماً هو موافق لبعض اللغويين والحق أن قلب الياء جيماً غير خاص بالياء المشددة بل بمطلق الياء. راجع التاج مادة ع ج ع ج. وقوله: الاسننطاء في لغة سعد بن بكر وهي أن يقولوا أنطى بدل أعطى. وليس هذا الكلام بصحيح وإنما الصحيح هو: أن الاستنطاء في لغة سعد بن بكر وهذيل والازد وقيس والأنصار جعل العين الساكنة نوناً إذا جاورت الطاء (لا في انطى فقط بل كلما شابه اللفظ) وما انطى إلا من باب التمثيل هنا. وان كان الاستنطاء مشتق من ذلك فهذا من باب تعميم التسمية. (راجع المزهر 1: 109). وقوله ص46: ليس في جزيرة فقط بل في كل بلد دخله الإسلام. والأصح أن يقال: ليس في الجزيرة فقط (أي في جزيرة بلاد العرب) بل. . .

الخستاوي والزهدي

وجاء في ص48 المعائب (مهموزة) والأصح المعايب بالياء لان الياء فيها أصيلة وود فيها: لكل قوم أعجاز. وصور الهمزة فوق الألف والأصح جعلها تحت الألف لأنها مكسورة. ومثل هذين الضبطين المخطوئين شيء كثير لا يعد. ومثله قوله ص52: سبق السيف العزل. والأصح العذل. وهو كثيراً ما يجعل الذال المعجمة زاء تبعا للفظ أهل الشام ومصر كما أن أهل العراق كثيراً ما يخلطون الصاد بالظاء وبالعكس كما يرى ذلك في صحفهم وكتبهم ومطبوعاتهم. وورد في ص60 والشعب في حطم. والأصح: والعشب في حطم. وفي ص63 كانت بداية النظم والأفصح بداءة. وفيها: صفاء جوههم. والأصح جوهم. وقال في ص126: إذا قالت حزام فصدقوها. فان القول ما قالت حزام. والأصح حذام بالذال المعجمة. وقال ص65 فدسوا رجلا اسمه زيابة. وقد تكرر الغلط مراراً. والأصح ابن زيابة كما في الأغاني (21: 95، 96) وشرح الحماسة للتبريزي. قلنا: ونقف عند هذا الحد من نوع هذه الأغلاط لئلا نملأ عدداً من مجلتنا منها. وبهذا القدر كفاية. (للبحث تلو) الخستاوي والزهدي سألنا أحدهم عن التمر المعروف اليوم عند أهل العراق

باسم الخستاوي، هل هذه اللفظة فصيحة وان لم تكن كذلك فما هي الكلمة التي صحفت عنها. قلنا: الخستاوي ويلفظها العوام بضم الخاء المنقوطة وإسكان السين المهملة وفتح التاء المثناة بعدها ألف ثم واو مكسورة وفي الآخر باء مشددة هي كلمة مصحفة عن الخستواني بضم فسكون فضم ففتح إلى آخر الضبط السهل المعرفة. وقد جاء ذكر هذا التمر الصادق الحلاوة اللذيذ الطعم في كتاب احسن التقاسيم للمقدسي ص130 من الطبعة الإفرنجية قال: عبد الله: وبالبصرة من أجناس التمور تسعة وأربعون ثم عددها وذكر فيها: الخستواني وقد صحف في بعض الكتب بصورة: (خاستوي) كما جاء في كتاب خط موجود في دار المتحف البريطانية عدده 19913 في وجه القائمة 41 على ما نقله دي كويه في كتابه معجم مجموعة البلاد (ص175) إذ يقول في ما ذكره من أنواع التمور: القرش والخاستوي والمشمش. . . .) وقد ذكره نيبهر الرحالة باسم الخستاوي (في 2: 215) بفتح الخاء وكذلك نقله دوزي في كتابه ملحق المعاجم العربية في الجزء 1 ص 371، والظاهر أن الخستواني منسوب إلى الخستوان ومعناها الأكابر أو الأغنياء باللغة الفارسية وهي جمع خستو. وسبب تسمية هذا لنوع من التمر بهذا اللفظ هو لأن الأغنياء مولعون بأكله بخلاف الزهدي فانه لا يأكله إلا الفقراء وأهل الزهد في الدنيا ولم يرد

الجكير

كلا اللفظيين (الخستواني والزهدي) في دواءين اللغة أن مطولة وأن مختصرة بل ورد بدلاً من الثاني الازاذ والحر وهما مرادفاه الفصيحان وما الزهدي إلا تصحيف الازاذ. الجكير أو الشجير أو الجقير وسألنا آخر قال: نصارى العراق والجزيرة يستعملون لفظة الشجير ليدلوا بها على اليوم الأول من صومهم الكبير الذي لا يبتدي عندهم الأنهار الاثنين بخلاف نصارى الطائفة اللاتينية فهم لا يبتدئونه الأنهار الأربعاء الذي يتلو يوم الاثنين الشجير أو الجكير (بالكاف الفارسية في الثاني وبالجيم المصرية في الأول) فمن أين لهم هذه اللفظة وما معناها. قلنا: الشجير لفظة ارمية الأصل وهي بلسانهم. أو ومعناها البعث والإرسال. وسبب هذه التسمية أن بطرك الطائفة كان يرسل إلى أبنائه راهباً في بدء الصوم ليبلغهم أوامره وزواجره وليعظهم في تلك الأيام وكان الأهلون يعرفون هذا الأمر فيخرجون إليه زرافات ليستقبلوه ويرحبوا به. ثم أصبحت تلك العادة سنة جروا عليها وأن انقطع عنهم رسول الإمام الأكبر لان العامة تحافظ دائماً على ما به ترويح الجسد. وأصبح ذلك اليوم عندهم يوم نزهة ولهو وقصف وكان الأجدر بهم أن يجعلوه يوم توبة وقشف. وهذه العادة جارية في جميع البلاد التي كان فيها للبطاركة

بغية الأنام في لغة دار الإسلام

الشرقيين السلطة العظمى. إلى أن أهل العراق والجزيرة حافظوا على الاسم بخلاف أهل الشام مثلاً فإنهم لم يحافظوا عليه. ومما تقدم إيضاحه ترى مناسبة استعمال اللفظة وسبب اتخاذها للدلالة على هذا اليوم. وقدم هذه العادة في الشرق لقدم التسمية. بغية الأنام في لغة دار الإسلام وعدنا القراء بجمع ألفاظ عوام العراق ولا سيما أهل بغداد فها نحن ذا ننجز وعدنا مبتدئين بالحرف الأول من حروف الهجاء (آب كشت أو آب كوشت) كلمة فارسية معناها: ماء اللحم: هذه اللفظة شائعة ومنتشرة بين الجعفرية خاصةً. ولم ترد على لسان غيرهم. وقد اقتبسوها من العجم لكثرة مخالطتهم إياهم. أما السنيون واليهود والنصارى فيستعملون عوضها لفظة (تشريب أو تشريبة أو مشرب) وهذه الحروف الثلاثة مشتقة من شرب المضاعف العين بمعنى جعله يشرب. لأنهم يثردون الخبز في مرق اللحم فيتشرب الخبز ذلك المرق شيئاً فشيئاً. والتشريب طعام مشهور بعرفه أهل العراق كلهم ويتخذه الخاص والعام منهم. أما كيفية تهيئته فهي أن تأخذ اللحم وتقطعه قطعاً عديدة، ثم تغسله غسلاً نعما وتلقيه في قدر فيها ماء صاف نقي.

وتوقد النار تحتها إلى أن يأخذ الكل بالغليان والرغو. (وهم يسمون الرغو: الزفر. والرغوة: الزفرة أو القشفة وكلاهما وزان حركة)، فإذا رغا تقشط رغوته بمعرفة كبيرة مثقبة يسمونها الكفكير وهي لفظة فارسية ويراد بها بالعربية الفصحى المطفحة والمرغاة. وهي كالقفشليل التي عربها الأقدمون بالمعنى عينه. وتحرص عند الإرتغاء أن لا تغترف المرق. ثم تجتهد أن لا ترفع النار من تحت القدر إلى أن ينضج اللحم تماماً ويكون صالحا للأكل. ثم تحضر الخبز وتثرده ونضعه في الصحفة وتذر فوقه قليلاً من الفلفل المسحون، وتقدد بصلة أو اكثر وتضعها فوق كسر الخبز، وفي الآخر تسكب عليه اللحم والمرق. والبعض يصبون عليه سمناً إذا لم يكن ماء اللحم ودكا - والتشريبة لغة في التشريب وكان يجب أن يقال تشربة بحذف الياء كما هو القياس إلا أن العوام لا تعرفه. ولأولادهم لعبة يقف واحدهم وراء صاحبه ظهرا لظهر ثم يأخذ الواحد بذراع الآخر وينحني به إلى الأرض ويفعل الثاني بالأول ما فعل الأول به وعند انحنائه يقول: (يا حمصة يا زبيبة، وقت العشا تشريبة) وهم يفعلون هذا الفعل لتقوية الظهر أو لمجرد اللهو واللعب. والمشرب بتشديد الراء مصدر ميمي بمعنى المصدرين السابقين. وكل هذه الألفاظ الثلاثة مستعملة على السواء. وهم يميزون بينه وبين الثريد. فالثريد عندهم خبز مثرود في ماء قد غليا معاً في قدر

بها قطع اللحم. وأما عند العرب الفصحاء فالثريد مشتق من ثرد الخبز: إذا فته ثم بكله بمرق ثم شرفه وسط القصعة. فهو إذا نفس المشرب أو يكاد. وقد قيل أن هاشم بن عبد مناف أبا عبد المطلب كان اسمه عمرا وسمى هاشماً لأنه أول من هشم الثريد. فقلت فيه ابنته: عمرو العلا هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف آب نبات لفظة مركبة من الفارسية والعربية. معناها ماء النبات. ويريدون بها أنابيب دقيقة تتخذ من سكر النبات (أي الطبرزد) وتكون بحجم الخنصر. يتخذها حمولا المصاب بالقبض أي الاستمساك أو ببعض أمراض البطن ظانا أنها تجذب الرياح الداخلية وتطردها وتزيل الادران الجسدية فيستريح. واليوم لا يستعملها من أهل العراق إلا من يجهل أدوية الطب الجديد. والكلمة التي استعملها المولدون من العرب بهذا المعنى هي (الحمول) بفتح وضم. وأن أريد التدقيق قيل: الحمول السكري. آبونة كلمة فرنسية الأصل وقد أخذها العراقيون المحدثون عن الترك. ويراد بها الاشتراك في جريدة أو مجلة. آبيل كلمة عبرية معناها: الحزن والكآبة ويجمعونها على (آبيليم) ويستعملها يهود العراق في مخاطباتهم ولا يعرفها غيرهم. ويريدون بها مجرد

الدعاء بالشر على من يخالفهم وذلك من باب التوسيع وقد يستعملونها على سبيل المزاح مع أصحابهم وأخدانهم. فيقولون مثلا: آبيل عليك، أو برأسك، أو بمخك أو نحو ذلك. آجغ (بالجيم الفارسية المضمومة) كلمة محرفة عن آجيق (بالجيم الفارسية) أو آجق (بحذف الياء) ومعناها المكشوف والواضح والظاهر ومن الألوان الواضح البين الغير المشبع وهو الرائق أيضاً. وعوام العراق تستعمل هذه اللفظة بجميع معانيها التركية فيقولون مثلا: هذا البيت آجغ أي غير مستور وهذا اللون آجغ أي غير مشبع ورائق وهذا اللون آجغ أو أاجغ من هذا (هكذا بهمزتين) أي أوضح منه. ويقولون: هذا الرجل بقى آجغ أي بدون شغل وقد خرج من خدمته. ويقولون: في المحل الفلاني موضع آجغ أي انه موضع فارغ يحتاج إلى شخص ليشتغل فيه أو يملأ فراغه. آجي (بالجيم الفارسية المشددة المكسورة) كلمة تركية الأصل وهي محرفة عن اشجي ومعناها الطباخ والظاهي والعجاهن. وأهل الشام يقولون: العشي بتشديد الشين والياء ويظن بعضهم أن اللفظة مشتقة من العشاء وهو خطأ ولو كان كذلك لقيل المعشي المشددة العين. هذا فضلاً عما هناك من التكلف في المعنى. آخ (بمد الهمزة وإسكان الخاء) كلمة هي حكاية صوت المتألم أو المتضجر. والعوام يمدونها والفصحاء يقولون أخ بهمزة غير ممدودة يليها خاء موحدة

فوقية مشددة. قال في التاج: أخ كلمة تكره وتوجع وتأوه من غيظ أو حزن. قال ابن دريد: واحسبها محدثة. قلنا ليست اللفظة محدثة بل حكاية صوت المتألم ومن ثم هي قديمة. ويقول العوام: أخ بطني، أخ ظهري، إذا رأوا الاخوة أو الأقارب أو الأصحاب يتضاربون ويتنازعون ليس في الإمكان المدافعة عن الواحد دون الآخر إذ جميع الأقارب هم أعزاء لأنهم أخطاء جسد واحد أدبي هو الأسرة أو العشيرة. آخور فارسية تركية معناها: الاصطبل والمربط. والعامة تستعملها بمعنى مربط الدواب وبمعنى البيت القديم البناء الضيق الفناء العميق الأرض الكثير الرطوبة المظلم المساكن القليل النوافذ الفاسد الهواء الذي لا يصلح للإقامة ولا للسكنى. وذلك لما بين مثل هذه الدور ومرابط الخيل من المشابهة. ويجمعونها على أواخير وقليل منهم يجمعونها على آخورات وقد جاءت هذه اللفظة (بمعنى المربط) متشابهة في عدة لغات كالتركية والفارسية والكردية والأرمنية والسريانية والهندية والروسية أو الفرنسية والإيطالية واللاتينية المولدة والألمانية القديمة العالية إلى آخر تلك اللغات المتناسبة الأصل. رزوق عيسى

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 1 - الفوز بالمراد في تاريخ بغداد الكتب التي يرى فيها تاريخ بغداد الحديث قليلة واغلبها لا تزال في بيوت الخواص لم تظهر إلى عالم الطبع. ثم أن هذه المؤلفات تبحث عن عصر من عصور بغداد أو عن جملة من سنيه، وخلاصة القول انك لا ترى كتاباً مطبوعاً جامعاً لتاريخ بغداد من عهد سقوطها على يد هولاكو إلى يومنا هذا، فأراد (ساتسنا) أن يضع على طرف الثمام هذه الحاجة فاخذ بإنشاء سفر يحقق هذه الأمنية وينشره في جريدة الرياض البغدادية وبعد أن تم جزء منه نشره على نفقته صاحب الرياض، إلا انه وقع فيه من أغلاط الطبع ما ينفر القارئ عن مطالعته من ذلك ما ورد في ص2: تسيبر (والصحيح تسيير)، الداويدار (الدوايدر)، محى الدين (محيى الدين) طيب قلبه (وطيب قلبه) إلى آخر ما صحف وحرف ومسخ ونسخ لا سيما في الاعلام، مع انه يجب العناية بكل العناية في ضبط الإعلام وبالأخص القليلة الورود على الألسنة. لكن كيف العمل وقد قضى على بغداد أن تتأخر عن سائر بلاد الله حتى في مطابعها، فعسى أن يقوم أحد أصحاب الغيرة على وطنه يصلح هذا الخلل بجلب مطبعة تفي بالمرام، وليس هذا بعسر على أبناء الكرام. 2 - كتاب قرة العين، في تاريخ الجزيرة والعراق والنهرين. (تأليف محمد رشيد ابن العالم العامل المرحوم السيد داود ابن

الورع الزاهد السيد سعدي طاب ثراهما، آمين طبع على نفقة مطبعة الرشيد، حقوق الطبع محفوظة للمطبعة. مطبعة الرشيد بشارع بابلاتنك رود ببومبي سنة 1325 هجرية.) في 128 صفحة من قطع الثمن. هذا عنوان أطول من يوم الصوم لكتاب صغير لا يخلو من فائدة. والكتاب يحتاج تقسيم منظم يقرب فهم الفصول وهو كثير أغلاط التعبير والطبع كقوله في ص 6 والأزهار البديعة الألوان. . . التي لم يحتوي عليها (كذا) علم النباتات تزيد العيون نظرة (؟) وتفيدها خظرة (كذا)!!! وفرجة (!!!). . . ومزيداً على هذا فإن لأنهارها منظر عجيب (كذا) ومخبر عريب (كذا) مع ما يوجد فيها وفيما حولها من الأدوية النباتية (كذا). فاحكم أنت بعد هذا عن احتياج الكتاب إلى تهذيب أم لا وقل كيف جاز للمؤلف أن ينشره بهذه العبارة الركيكة ولهذا فالأمل انه يصلح في طبعة ثانية وتقرب فوائده من المطالع. 3 - خليل الخوري هو عنوان كتاب عنيت بطبعه ونشره حديقة الأخبار وما احسن ما قالت عن نفسها في صدر الكتاب: باغتت (الملية) نافح ازهاري، ومطلع ثماري، المغفور له المرحوم خليل الخوري، مؤسس الصحافة السورية، نائل أول رخصة سنية صدرت بإنشاء جريدة في السلطنة، شاعر الدولة، مدير الأمور الأجنبية سابقاً في ولاية سورية، صاحب زهر الربى

والعصر الجديد، والسمير الأمين، والشاديات، والنفحات، والخليل، وناظم الكواكب العثمانية، في تاريخ الدولة العلية، والكتاب مصدر برسم الفقيد وقع في 208 صفحات من قطع الثمن. قد جمع فيه كل ما يتعلق به من ترجمة وتأليف وأقوال الصحف والمجلات في خطب وفاته. ولا يشين هذا السفر الحسن إلا أمر واحد وهو سوء الكاغد النسي طبع عليه، فكان يليق بإدارة الجريدة أن غير اهـ احسن الورق إقراراً بفضل الفقيد رحمه الله. 4 - شجرة الرياض، في مدح النبي الفياض (من نظم عبيد الله المنتجي إليه: محمد ابن الشيخ طاهر السماوي طبعت على نفقة الشيخ احمد آل عبد الرسول لتكون هدية لمن له انس بالشعر من جميع المسلمين. طبعت في مطبعة الآداب سنة 1330) في 60 صفحة بقطع الثمن. قال الناظم بعد الحمد له: (نظمت قبلاً قصيدة في قصيدة في بحر السريع مشجرة الأوائل بحروف المعجم، خدمت بها أعتاب حضرة النبي الأعظم، - صلى الله عليه وسلم -، فحداني داعي التوفيق، على أن أتمها بذلك الطريق، روضة مشجرة، واخدم بها تلك الحضرة النظرة (النضرة)، فهاكها شجرة الرياض، في مدح النبي الفياض،. . . والكتاب حسن الطبع جيد الورق لكنه لا يخلو من أغلاط الطبع كما جاء في ص7: فاستوسق والصحيح فاستوثق وفي ص8: وهاث، والصحيح وهات، وفيها أيضاً: يدعوا والصحيح يدعو وفي ص9: الغوات والصحيح الغواة، وفيها: أحياءاً والصحيح

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

أحياء، وفيها العتات، والصحيح العتاة. وفي ص10 ماثر والصحيح موثر. وفيها: مازر والصحيح مازر. وفيها: للمهظوم والصحيح للمهضوم، وفي ص11: السمحاء والأصح السمحة وحينئذ ينكسر البيت. وقس على ذلك إلى آخر الكتاب. وهو مما يشوه محاسنه فعسى أن تكون الطبعة الثانية خالية من هذه الشوائب. 5 - الحاجيات والكماليات وفي أي منها نحن الآن خطية تلاها الدكتور كامل سليمان الخوري عيسى في نادي الحرية في حمص في 24 ت اغ سنة 1908 ثمن النسخة منها 30 بارة. طبعت في مطبعة التوفيق لنسيب أفندي صبر في بيروت. عدد صفحاتها 22. وهي خطبة حسنة إبان فيها صاحبها وجوب الابيداء بإصلاح ولا سيما بإصلاح الزراعة، والصناعة، والعلوم، والآداب وقد صدق في كلامه وأجاد في إظهار الأدلة المقنعة. حقق الله الأماني. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره ابن الرشيد والضفير أخبرت الرياض أن حضرة الأمير ابن الرشيد قد اقبل بخيله ورجله فنزل على (أبي غار) من ديار المنتفق. والغاية من هبوطه تلك الأرجاء تأديب عشيرة إعراب الضفير لإصرارها على قطع الطرق ونهب القوابل وهضم حقوق المنتفق وشق عصا الطاعة، على أن الأمير يعدل عن الإيقاع بهم إذا ارعوا عن ضلالهم، هداهم الله إلى الصراط المستقيم (طبعت بمطبعة دنكور - بغداد)

العدد 11

العدد 11 نظر تاريخ لغوي انتقادي بعث إلينا حضرة الكاتب اللوذعي، والشاب الألمعي، يوسف أفندي يعقوب مسيح بهذه المقالة التي جمعت فأوعت، وزفها إلى القراء بحلة وشاها قلمه البليغ، ودبجتها براعته الحسناء، فنوجه إليها الأنظار ونستوقف على أفنانها أطيار الأفكار (لغة العرب) إن من اطلع على شئٍ من تاريخ الثوائر المدلهمة التي ثار ثائرها على

الأمة العربية في اعصر حضارتها المدرسة وما إدراكها إذ ذاك من توالي غارات الأقدار ودواعي الدمار التي أفضت بفخامة ملكها ومدنيتها إلى مهاوي الذل والبوار إلى آخر ما طرأ عليها من الاستسلام إلى أحكام الجهل الذي مد رواقه وضرب إطنابه ما بينها يرى انه لم يبق لها من أعلام مجدها وسالف فخرها إلا هذه اللغة التي لا تكاد تضاهيها في الاتساع أي لغة كانت لما خصت به من المزية التي عز أن توجد في غيرها حتى تجاوب صداها بين مشارق الأرض ومغاربها مما لا يسعنا استيفاء ذلك في هذا المقال ومعلوم أن اللغة إنما تقوم بالذين ينطقون بها وتثبت بثباتهم ومن تدبر ما أشرنا إليه من انفصام عروة حضارة الأمة العربية وتخلفها في حلبة تنازع البقاء تخلص إلى ما لحق باللغة من عوامل الفناء التي دكت حصون ما كتب المتقدمون من مبتكرات الفرائح وطمست الألوف المؤلفة التي لا يأخذها الحصر من أسفار العلوم الجلائل أن كان بالإحراق كما وقع بمكاتب بغداد وفارس والإسكندرية والأندلس وغيرها أو بالاجتياح والنهب والإغراق في لجج لا يعرف لها درك ولا ساحل

بحيث لم يبق منها إلا الشيء النزر مما لا يتجاوز في الغالب علوم الدين ومما يتصل بها وإما ما سوى ذلك فلا يرى اليوم إلا في مكاتب الأعاجم وأكثره ابتيع من أيدينا وصار من مودعات الخزائن وبعضه قويض بكتب الخرافات والمجون وما يقابلها فأصبح في جملة الدفائن. غير انه مهما يكن من أمر هذه الرزايا التي حلت بالأمة العربية فلو أنها بقيت ثابتة ومجدة في أشواط سلفها من الاشتغال بأسباب العلم ولاسيما في ما يتعلق منه بمسائل اللغة لأحيت من آثار أساطينها ما خففت به اليوم عن كتبتها ما يلاقونه من العي في التعبير لقعود اللغة عن معايشتهم إلى مجاراة العصر الحاضر بالتأدية والتحبير بل لو اقتفت آثار الألوف من أولئك الدارسين والمصنفين ممن ضربوا في مناكب الأرض بحثا عما خبأته ذراتها من العناصر وما اشتملت عليه من المعادن والجواهر فوضعوا لها المسميات ونفضوا آفاق السماء تطلعاً إلى حقائق كواكبها وحركاتها فضبطوا ما اشتقوا لها من المصطلحات لخدمت العلم واللغة خدمةً لا يمحى ذكرها على تراخي الإعصار ولا تنقرض إلا بانقراض القرون والأجيال بل لو أنها تفانت في الحرص

على ما كان بينهما من استتباب الصلة الاجتماعية وتوحيد الكلمة القومية غير منصرفة إلى ما من شأنه إطفاء شعلة الآداب فيها وضرب الحواجز في سبيل نمو مداركها لنجت من تأثير عوامل الفاتحين لبلادها واستئثارهم بخصائصها الحسية والمعنوية التي أصبحت أثراً بعد عين كما ثبت الأمر لكل ذي عينين بل لصانت لغتها التي هي افصح ما اختلج به لسان واستدركت ما طرأ عليها من ألفاظ العجمية التي فشت في جميع البلدان إلى حد لم يكن يرى له مثيل في شيءٍ من لغات بني الإنسان غير أن الأمة تسربت من جوانب هذه الخطط الأدبية تسرب الماء من الإناء المثلم ونزعت عن هذه المناحي التي هي عنوان منزلة الشعوب الراقية إلى ما لا يعرف له منحى من غابر خمولها وتخاذلها حتى اختلط حابلها بنابلها فاستسلمت للقضاء المبرم الذي قذف بها وبعلومها ولغتها من أسمى ذرى الجلالة والعلاء إلى فيافي الضلالة والبلاء وسجل التاريخ في صحيفته البيضاء هذه الرزايا الدهماء وقامت لها قيامة الخطباء والشعراء وعلا من فوق المنابر ضجيج أصواتهم قياماً بواجب تأبين أمةٍ كانت دولة علومها رفيعة العماد فسيحة الظلال ورنت

المحافل بصدى الراثين للغتها التي فجعت بفجوع المتكلمين بها حتى بلغ أنين رثائهم عنان السماء. ومذ ذاك العهد سقطت هذه اللغة الشريفة من عالم الأقلام وفسدت بفساد ألسنة الأعقاب فاتشحت عليها بالحداد أنديتها بل تحطمت أقفرت أوديتها وطال بها عهد السكون في عالم الدثور عدةً من القرون دون أن تجد من خلف أولئك الذين طالما حملوا منارها وبثوا أشعتها من اخطر للنظر فيها فكراً ولا أجرى لأمر بعثها ذكراً فكان أبواب الأبدية أوصدت في وجها لذنبٍ فاضحٍ اقترفته حتى حق عليها مثل هذا المنفى المفرط. وقد توالت بعد ذلك الأحقاب والعصور واللغة لم تزل متسكعة في ديجور القبور إلى أن مست الضرورة إلى تدارك هذه الحال فمن الله على العربية في النصف الأخير من القرن التاسع عشر ببضعة رجال هم على الحقيقة أولو عزم وحزم بل فحول من فحول بر الشام ومصر إلا وهم الشيخ ناصيف اليازجي. المعلم بطرس البستاني. الدكتور كرنيليوس فانديك. احمد فارس الشدياق. رفاعة بك الطهطاوي.

عبد الهادي نجا الابياري. فيحق لهؤلاء الزعماء الأماثل أن تدون أسماؤهم بمحلول من التبر في صفحات التاريخ إجلالا لقدرهم بل أحر بهم أن تقام الأنصاب لعلماء مثلهم تخليداً لذكرهم فانهم رحمهم الله لما عاينوا أن اللغة العربية في غمراتٍ هي بالموت أشبه منه بالرقاد شدوا لها مئزر الإخلاص واندفعوا بفواعل قلما يحلم الدهر بمثلها إلى إنهاضها من رمسها وأحياء ما درس من معالمها فعطفوا على التأليف السديدة المنهج من علومها وآدابها بما تقصر بجانبها التأليف العصرية مما في بابها لأنهم استقصوا أطرافها وأحاطوا بأصولها وفروعها فجاءت آيةٍ في البراعة والبيان. ثم تناولوا بعد التحري والتنقيب طائفة من انفس ما وصل إليهم من كتب ورسائل المتقدمين من فحول علماء الأدب ممن أبدعوا في صناعتي النثر والنظم وأجادوا فوقفوا على بعضها ونزهوها عن شوائب اللبس والتحريف اللاحقة بها من قبل النساخ حتى أعادوا إلى مطرد انسجامها وذيلوا بعضها برخيم الحواشي فاستبطنوا دقائق أغراضها ومكنون فرائدها وعلقوا التفاسير على مغلق ألفاظها حتى برزت كالصبح وضوحاً وجلاءً. وإذ لم يقضوا نهمتهم من تمثيلها

أذاعتها بين ظهراني الأمة تصدوا لتدريسها بأنفسهم لطلبة العلم من تلامذة المدارس فلقنوهم إياها أجزاءً وقربوا مداركهم من استيعابها فاستضاءت بصائرهم بنبراسها وتأدب عليهم كثير من نوابغ العصر وجلة الكتبة ممن أزهرت بهم تلك الثغور وابتسمت وحفلت بمطابعها ومكاتبها وانتشرت. غير انك لا تجدهم قد اقتصروا على هذا القدر من الاشتغال بأسباب العلوم وفنون الآداب العربية بل انهم عمدوا إلى إنشاء الصحف والمجلات التي كانت من أعون الذرائع الموصلة إلى سرعة انتشارها بين طبقات الناس فأيقظت الهمم من غفلتها وهبت بالفطن من ضجعتها وتهافت القوم على تلاوتها ومطالعتها. ولم تكد ترى أولئك الأسود الأفاضل زعماء هذه النهضة العلمية والحركة الفكرية دائبين في مزاولة هذه الوجهة الأدبية شاحذين لها العزائم الماضية مستنزفين أيامهم في توطيد شانها دون أن يكترثوا بما طوروا من مراحل الحياة وما انتهوا منها حتى زفوا إليها من أشبالهم وذوي قرباهم أن ممن وردوا شرعتهم واقتبسوا من علومهم وان من أولئك المجيدين في

صناعة الأدب من خريجي المدارس الآخر التي كثرت في عهد هذه النهضة العلمية واتسع نطاقها ما يدعو إلى التنويه بذكرهم والإشادة ببيض أياديهم. فمن لنا بإمام من أئمة علماء هذا العصر تنقاد لبادرته دقائق الوصف لنشد إليه الرحال فيميط لنا اللثام عما أوتيه الشيخ إبراهيم ابن الشيخ ناصيف اليازجي من التفوق بل التناهي في إبداع أساليب الكلام والغوص على درر المعاني التي مثلها للأبصار تمثيلاً تفرد به عن الأشباه والنظراء بل مصاقع الخطباء ومتفنني الشعراء حتى نكب به عن طريق أبي تمام فانتهت إليه عن استحقاقٍ تام الرئاسة بين حملة العلم والأقلام. إنما ما لنا والضرب في مثل هذه البيداء وتحمل مشاق التكليف للبلوغ إلى من أوتى فصل الخطاب وهاهو ذا بين أظهرنا من تأليفه في فنون اللغة والآداب ما تكاد تحتجب بازائها الأنوار والأضواء والبيان والضياء التي دوى صدى شهرتها في كل قطر وناد ما تقف دون مجاراتها سوابق أفكار المبرزين في علم الإنشاء وكيف

لا وقد نهج من طريق الكتابة في ابرز المبتكرات ما كشف لنا النقاب عن مخدرات الأفكار واحدث من مذاهب التلاعب في قوالب اللفظ ما يحمل المطالع إلى التصور أن ذهنه عالم الصنع والإبداع. على انه أن وجد من يرتاب في مثل هذه المقررات البديهيات فما عليه إلا أن يسرح رائد الطرف فيما كتب فيها من مواضيعه المستفيضة المترامية الأغراض الجامعة لأصول العلم وفروعه المعنونة باللغة والعصر المجاز لغة الجرائد، أغلاط العرب، أغلاط المولدين، أغلاط لسان العرب، الشعر التعريب، وغير ذلك من المواضيع الجليلة في انتقاد ذخائر المتقدمين وتذليل بعضها فيجد هنالك من الإحاطة بأسرار اللغة وآدابها وسبر غور حالاتها وأطوارها ما لم يباره مبارٍ فيها بل إذا استقرينا ما جاء بين تضاعيف تلك المواضيع مما كتب من المقالات المحيرة في القمر والزهرة والمشتري نراه قد نهج فيها من جديد الوصف بل غرر البدائع ورشيق الاستعارات وضروب المجاز والكنايات التي لم يسبقه إليها سابق ما حق له أن يلفظ بقطب أفلاكها دون أن ينازعه فيه منازع وعلى الإجمال فانه أثابه الله أقام نفسه ترساً منيعاً وقى

به اللغة وفنونها من هجوم الأقلام المعتسفة فأفنى حياته في خدمتها وجدد من رسوم فصاحتها وبلاغتها ما يكاد يسترد لها سابق أبهتها ورفيع شرفها. ولما كان القيام باستيفاء الكلام عن جميع نصراء علوم العربية من العلماء الأفاضل والكتاب القرح الأماثل الذين رفعوا بتأليفهم ومنشوراتهم منار الفصاحة النعمانية وشيدوا الصروح الفخيمة للبلاغة المقفعية مما لا يضطلع بأعبائه وصف واصف فضلاً عن انه يتجاوز نطاق هذا الموقف لم تجد بداً من الإضراب عن الخوض في مثل هذا العباب الواسع الاكناف والاكتفاء بالإشارة إلى ذكر بعضهم على قدر ما تعين عليه الحافظة. ولكننا نستطرد في هذا المقام إلى أيراد أولئك الأفاضل الذين قد تقطعت أوتار أقلامهم على اثر إجابتهم إلى دعوة ربهم وهم محمد عبده، نجيب الحداد، إبراهيم المويلحي، الدكتور بشارة زلزل، الشيخ خليل اليازجي عبد الرحمن الكواكبي الشيخ محمد محمود الشنقيطي بطرس كرامة أديب بك، اسحق نصر الهوريني رشيد الشرتوني وسواهم ممن طوتهم الأيام

ولكن نفثات أقلامهم باقية على توالي الأعوام سقى الله يصيب الرحمة تربتهم واجزل في دار النعيم ثوابهم. وأما الجهابذة الذين ما فتئوا حتى الآن متفانين في نصرة اللغة عاقدين الخناصر على الدفاع عن حياض علومها فهم سليمان البستاني، نجيب البستاني، نسيب البستاني، الأب شيخو اليسوعي، سليم بك عنجوري، سعيد الخوري الشرتوني، احمد زكي باشا قسطاكي بك الحمصي، ولي الدين يكن، الدكتور شلبي شميل، خليل المطران، حافظ إبراهيم، احمد شوقي، نقولا الحداد، جماعة من بيت المعلوف مصطفى صادق الرافعي، يوسف جرجس زخم، توفيق اليازجي، خليل سركيس، مجلة المقتطف، مجلة الهلال، مجلة المقتبس (الخ). وعلى أثرهم نذكر أيضاً الأعلام الذين نبغوا في بغداد من القرن الغابر وهم السيد محمود الالوسي، عبد الباقي العمري الأخرس وأما العالمان الفاضلان اللذان تثني بهما الأصابع، في هذا العصر اللامع، فهما الشيخ محمود شكري اللالوسي وجميل صدقي الزهاوي من قد استصبح أدباء العراق ببدر علمهما في المعضلات اللغوية وضربت إليهما

أكباد الإبل في المشكلات العقلية والنقلية بل طالما رن في الخافقين صدى تأليفهما فانبثقت أنوار العرفان من سماء محرابهما. فهؤلاء الأفاضل وكثيرون غيرهم خواص أهل الأدب قد أذابوا أدمغتهم ولضنوا أجسادهم بل ضحوا حياتهم في أحياء رسوم اللغة وجمع شتيتها فأدركوا من علومها حظاً وسيعاً وبلغوا من القبض على أعناق المعاني فسخروها تسخيراً تأتي لهم معه أن يطرسوا عل آثار السلف من واضعي هذه اللغة وعلى الجملة فانهم أغاروا على حصون أسرها وما لبثوا أن نسفوها نسفاً أهلهم من أن يظهروها بما انتهت إليه اليوم من مظاهر الحسن والجمال بل العز والكمال وهو السر في سرعة نموها وبلوغها إلى هذا الحد العجيب. إلا انك مع ما ترى من انتعاش اللغة من كبوتها وإحياء ما اندرس من آثارها حتى بلغت آلة مثل هذا الطور طور ترعرها وريعان شبابها تجد من حين إلى آخر آراء لبعضهم في استبدالها وتنكرها مبسوطةً على صفحات الصحائف معززة بمقدمات ونتائج لم يكد يتناولها القلم والبرهان حتى يزيفها تزييفاً يلحقها بخبر كان ولعمر الحق

ما ندري ما الدواعي الباعثة إلى محاولة اقتحام مثل هذه العقبات المودية بشرف اللغة وطلاوة أسفارها إلى أحط الدركات ولقد طالما عرضت ضروب شتى من مثل هذه الاقتراحات وحيث إنها لم تلاق اكتراثاً ممن يعول عليهم في علوم اللغة طويت طيا بل لما انتبر اللغويون وتناصروا على دحضها بالحجج القواطع دحروها دحراً ولكنهم مع ما اثبتوا في أشهر الصحف البلاد التي هي مستودع ذخائر العلم والعلماء من وجوب التجافي عن مثل هذه الآراء والتنصل مما فيه تبخيس أو مساس باللغة فقد استأنف بعضهم هذه الكرة وعرض على أرباب العلم ما عن له من الرأي في تدوين جميع كلم البلاد العامة وان يعولوا فيها على تثبيت ما هو قريب من اللغة الفصحى ويعرضوا عن الأوضاع العامية والدخيلة القحة حتى إذا ألحقت بأصل اللغة واعتمدها جميع أهل الصحف ومؤافي الكتب حملوا قرائح العامة على فهمها وتقليدها فتغرب إذ ذاك شمس اللغة العامية بازائها ويسود تكلم الخاصة والعامة بها. ولا يخفى أن الاضطلاع بجمع لغة البلاد العامية عقبة تكاد لا

تظفر بها أمنية بل أحر به كمن يطلب أمراً لا تبلغ إليه همة قصية لما انه من الأعمال التي لا يقوم بأعبائها إلا العدد العديد في الزمن المديد من الكتبة المحققين والأفاضل المدققين مع ما يستلزم من تفرغهم للاشتغال به دون سواه بحيث ربما يستغرق هذا العمل جيلا برمته ولم يفوزوا بنهايته وحسبنا برهاناً على هذا ما ورد عن المستشرق النحرير دوزي من مقال له في هذا المعنى ما تعريبه (. . فمن الواجب إذا إنشاء معجم للغةٍ غير فصيحة لكن اللغة العربية وآدابها غنية حتى انه يجب أعوام بل عصور تمضي قبل أن يشرع بمثل هذا المشروع وقد قال لاين اللغوي الإنكليزي من الجهابذة لا يؤلف إلا ويقوم له جماعة عظيمة من علماء مبرزين مبثوثين في عدة مدن من ديار الإفرنج وتحت أيديهم مكاتب حافلة بكتب خط عربية ومنهم جماعة منتشرة في بلدان آسيا وأفريقية

شانهم شان أولئك المذكورين فيجمع جانب من اللغة من الكتب المخطوطة والجانب الآخر من أفواه الإعراب وان يتضافر لهذا المشروع علماء عارفون بعلوم المسلمين). ثم على تسليمٍ أن استجماع مثل هذه المؤن والمهام ليس مما يحول دونه تعذر وعناء غير انه والحالة هذه مما يقتضي نفقات طائلة ذات موارد غير منقطعة فكيف يتسنى لمن يقومون بهذه الأعمال أن يأتوا بمثل هذا المال؟ وأين الرجال من أرباب الغنى واليسار من تستفزهم النخوة العربية وتستمطر برهم الغيرة على الآداب اللغوية فيدرون عليها من فيض نعمهم السنية؟ بل أين يا ترى من شكا من اللغة عجزاً أو تقصيراً بما يستطير الخواطر للأخذ بأسباب الولوج في مثل هذه الأبواب ومعاناة اقتحام هذه الأمور الصعاب؟ ولكن هي اللغة التي طالما وصفها الواصفون من جلة العلماء الناطقين بها ومشاهير المستشرقين من الدخلاء فيها بأنها اغزر الألسنة مادة وأوسعها تعبيراً وأبعدها للأغراض متناولاً وأطوعها للمعاني تصويراً وكفى الناظر أن يجيل طرفه بين ألواح معجماتها فانه يجد هنالك ما يغنيه

عن إفسادها بإدخال الألفاظ المتداولة فيها لما عنده من وفرة الكلم ومرادفاتها ما لو شاء أن يضع عدة طبقات متفاوتة المراتب من محض اللغة الفصحى مركبةً من انس الألفاظ وأسلسها لما وجد من ذلك ما هو أدنى إليه منالا وأطوع له انقياداً ومما لا يجد له مثيلاً في شيءٍ من هذا بين جميع اللغات المنتشرة على ألسنة البلاد. اجل لا ننكر وجود لغةٍ صدعت في وضعها رؤوس أربابها لما بالغوا في نسجها من أوابد يعسر جمعها على العوام والخواص وفرائد غالية لكنها أشبه بدرر الغواص مما لا تخرق معانيها حس العامي فيقف بازائها قاصراً عن فهمها إلا أن مثل هذه اللغة قد أهملت من عهد عهيد ولم نجد لاستعمالها ظلا فيما بين أيدينا من التأليف الحديثة والكتابات المتداولة على ألسنة أرقى الصحف والمجلات التي أصبحت لغتها عذبة المورد خفيفة المحمل على سمع العامي وفهمه مما لو تسنى له استخدامها في معاملاته ومحادثاته لأنتسخت بازائها لغته الساقطة المبتذلة التي يمجها الذوق وينفر منها الطبع. ولذا فإذا ثبت ذلك تبين أن الداء الذي أريد علاجه لاستئصال

شافة اللغة العامة ليس من الأدواء التي ينجع فيها اقتباس ألفاظٍ من أوضاعها وإلحاقها بأصل اللغة الفصحى فهذا الضرب من العلاج مما يشوه وجه الجمال وينكر أسلوب وضعها بل يزيد اخرق بذلك اتساعاً والطينة بلةً وقد سبق أولئك النوابغ من كتبة العصر الذين أشرنا إليهم واغنوا بسعة علمهم وفرط اطلاعهم وتنقيبهم جميع المتشوقين إلى الخوض في مثل هذا العباب وكفوهم مؤونة التطرق إلى مثل هذه الأبواب إنما علاجه اتخاذ لغة هؤلاء الأفاضل مناراً عالياً نقتفي به آثارهم وأستاذاً هادياً يؤهلنا من النسج فيه على منوالهم والإجماع على إدخالها مدارس الفتيان والفتيات كلها جمعاء بل مدارس الحكومة نفسها وان تعمم المكاتب في جميع أنحائها وتحمل الأمة قسراً على الانضمام إليها ولا يستثنى منها ذليل ساقط ولا ضئيل لاقط حتى إذا احكم أصول تلقين هذه اللغة وبثت أشعتها في فضاء الإفهام لا تلبث أن تبلغ منها على طرف الثمام فتسقط إذ ذاك اللغة العامية من عالم اللسان وتلحق بما سبقها من لغات القرون الخوالي. ولقد كنا وقفنا على شيء مما تنبهت إليه الخواطر من هذا القبيل

وثارت على أثره حركة أرباب الصحف تتقاضى الحكومة لإبرازه من حيز القوة إلى عالم الفعل وانصرفت وجوه الأمة العربية استبشاراً لما من شانه تعزيز آخر ذخيرة تركها لها الدهر في عالم الوجود إلا انه ما عتمت الحوائل أن قضت قضاءها على ما جرى للحكومة في هذا الباب من المفاوضات فاندكت هذه الأماني الحيوية في عالم الأموات. وعليه فإذا تقرر أن اللغة قد انتعشت من رقدتها وتجلت في مجالي عزها وجمالها وتأتي لحملة الأقلام من فصحائها استخدام فنونها ومحاسنها لزمهم ضرورة أن يقفوا بها عند هذا الحد من الاتساع والإبداع وينتقلوا إلى عطف النظر إلى مزاولة أمر الوضع فيها والأحداث وهذا ولا جرم من الأمور الحرية بأن تتظافر الآراء عليه وتتزاحم أعمدة الصحف في مقاضاته وينتدب للقيام به علماء العصر بأسرهم على تفاوت مراتب علمهم وتحصيلهم ويكون محل شغل شاغل لعقولهم في مثل هذا العصر الذي اتسعت فيه سبل التنقيب عن أسرار الطيبعة والتطلع إلى خفايا الكائنات بعد ما ظهر من المكتشفات التي نبهت أرباب العقول للإيغال فيها وكشف غوامضها وهتك حجب

رموزها وآثارها وليس بين معجمات اللغة من الأوضاع ما يقوم بمباراة ذلك الغناء بل لم ير هناك ما يعين على أداء كثيرٍ من المعاني المدنية والعلمية مما كان ولا ريب متداولاً على ألسنة السلف وكتاباتهم في عهد حضارتهم وعز مدنيتهم لإغفال المدونين عن نقل كثير من أوضاعهم وبعد فلو كانت اللغة قد خلت من سنن وصيغ وضع الألفاظ فيها لوجد العلماء في ذلك عذراً يشفع بوقوفهم دون النزول إلى مثل هذا المضمار وأنى لهم مثل هذه الأعذار وقد سبق السابقون فمهدوا سبل استقراء أحكام الوضع واستنبطوا سره وقبضوا على قياده على ما يجدون ذلك مثبتا في محله. وغير خافٍ أن مواضيع الخلل في اللغة من هذه الجهة قد لاحت طلائعه فان نهض اليوم علماؤنا والسراة ممن يهمهم صيانة لغتهم عن الفساد ووقفوا في سبيلها الأعمار ومطامعهم من المال وإلا فهذه لغتهم بعد زمنٍ يسير ستنحط من عالم الأقلام وتذهب كل مذهب من الخلط بين السماء والأرض وتصبح عرضة للناقدين من فحول المؤرخين وهدفا لسهام المنددين والمفندين.

إلى حضرات المشتركين الكرام

إلى حضرات المشتركين الكرام طالما تبرم وسئم كل من طالع الصحف والمجلات التي لا تزال تطبع في مطابع بغداد لما أن جميع حروفها تركية النمط ولا تقبل شيئاً من الحركات في بعض المواضع اللازم أشكالها وياءاتها غير المنقطة وحين وقوعها من آخر الكلم لا تمتاز عن الألف المقصورة وحجمها متعب للأنظار وطرازها لا يقابل جمال الحروف العربية الحديثة وأما الأغلاط المطبعية الفاشية في جميع منشوراتنا فحدث عنها ولا حرج. وغير خاف عما ينجم عن مثل هذه الأحوال من الإخلال بالمعاني والذهاب بطلاوة ترصيفها وفضل ناشريها مما لا يسع المطالع في خلال ذلك إلا أن يقف بازائها حائراً بل متوقعاً أن يؤتى علم الغيب حتى يتكهن لمواقع الفساد ليتسنى له أن يرد كل معنى منه إلى نصابه. ولما كانت الحالة هذه مست الضرورة إلى تدارك شيءٍ من تلك الثلم فاستحضرت في هذه الأيام مطبعة بيخور الحرف المطبوع به هذا العدد وهو كما يراه القراء الأدباء من الحروف الوضاءة المعتدلة الحجم التي يطبع بها كثير من جرائد ومجلات ديار مصر والشام بل الآمال

معقودة على هذه الخطوة مما تدعو إلى تنبيه أرباب المطابع الأخرى إلى أن يحذو حذوها ملافاةً للتشكي بل للنفور المحيق بمطابعهم من تلك الأوجه. وحيث أن هذا الحرف يستهلك من المجلة محلاً أوسع مما يستغرق من ذاك فإدارة المجلة قد أعاضت عن ذلك على المشتركين بإصدار هذا العدد فما يليه في ثلاث ملازم أي بزيادة نصف ملزمة عما كان يصدر عليه أولاً وفي عزمها استئناف هذه الخطة حيناً بعد حين تذرعاً إلى التوسع في المباحث واختيار ما يكون منها اجزل فائدة واجمل وقعاً مع إبقاء قيمة الاشتراك بحالها. وقد انتدب لتنضيد حروف هذه المجلة الفتي الذكي البارع الياس أفندي يعقوب من قد امتاز على حداثة عهده في هذه الحرفة على كثير من المنضدين القديمي العهد بها. ومأمولنا في غيرته دوام الاجتهاد فيها تفديا من شوائب اللبس والأغلاط وهنا محل للإجهار بالثناء الطيب على حضرات المشتركين الأفاضل من الناطقين بلغة العرب والمستعربين معاً لما تفضلوا على إدارة هذه المجلة من كتب التهنئة والتقريظ ونقل كثيرٍ من مواضيعها إلى بعض

الجرائد الأوربية سائلين الله عز وجل أن يوفق الإدارة إلى ما به نفع عامة القراء انه تعالى ولي الإعانة والتوفيق الخميسية أو لؤلؤة البرية (1 - موقع هذه المدينة) بلدة واقعة في لواء المنتفق بين سوق الشيوخ والهور الكبير أي يحدها شمالاً الفرات وأبو غار والشقراء وهما من منازل لبعض أهل البادية وجنوباً شرقياً بلدة الزبير وهي تبعد عنها نحو عشرين ساعة وشرقاً وغرباً الحماد أو بادية العرب وهي على هور يأخذ ماءه من الفرات وواقعة بين الدرجة 44 وربع طولاً و30 عرضاً عن بارس (2 - حداثة نشأتها) الخميسية حديثة العهد، قد ولدتها حادثات الليالي الأخيرة. ومع حداثة وجودها أصبحت اليوم من اجل المدن الساعية وراء التقدم والرقي والعمران، بالنسبة إلى ما يجاورها من الربوع والديار، ولولا عوائق الفضاء وعوادي الدهر، التي لا تزال قائمةً في وجه سبيل رقي البلاد العثمانية كلها، ولا سيما البلاد العربية منها، لأوغلت في الحضارة والعمران أي إيغال. ولبلغت من

الحال والمنزلة غاية هي غاية ما وراء الآمال. الخميسية التي نروي ليوم حديث نشأتها على قراء لغة العرب، وتاريخ بدئها وتقدمها هي من القرى التي أبرزتها الحاجة إلى الوجود، ودفعتها إليه طبيعة البلاد لأنها أجبرت أهاليها على اعمارها، واقامة أعلام التمدن فيها رغماً عما هناك من سوء أصحاب السياسة والإدارة الذي كان في عهد الاستبداد، إذ وجد بينها من كانوا بمنزلة لمعاول بيد الزمان دائبين في تأخير البلاد وتخريبها إلى المهالك والمهاوي فضلاً عما كانوا يفتحونه على الرعية من أبواب الجور والظلم، ويطلقون عليها عقال العسف والغشم ومع ذلك فلقد قويت عليهم طبيعة هذا الفطر المبارك وأجبرتهم على أعمار تلك الخطة فأصبحت لؤلؤة البرية، وسوقاً قائمة لأهل البادية (3 - سبب تسميتها وضبط اسمها وبناؤها وقدمها) سميت بالخميسية نسبةً إلى عبد لله بن خميس (وزان كبير) وهو رجل من أبناء القصيم، قرية من القرى التابعة لبريدة إحدى عاصمتي القصيم والبعض يلفظونها خطأ مصغرة أي بضم الخاء المعجمة الفوقية وفتح الميم بعدها ياء ساكنة مثناة تحتية مشددة وفي الآخر هاء. والذي

دعاه إلى بنائها هو انه كان مع جماعة فاضلة من النجديين ممن كانوا يوالون فالح باشا السعدون أيام كان السعد يخدمهم والتوفيق يرافقهم أيام كانت كلمتهم نافذة، وصولتهم عظيمة في بلاد المنتفق وما يجاورها ثم قلب الزمان ظهر الجن لآل السعدون وذلك أن هذه العشيرة استاءت من حكومة ذلك العهد لكثرة ما ضيقت عليها الخناق فرفعت عليها راية العصيان وللحال أرسلت الحكومة جنداً في أواخر أيام تقي الدين باشا في منتصف سنة (1297 مالية 1881) لمناواة بني السعدون والتنكيل بهم، فاضطر المنتفق إلى الإمعان في بر الشامية وظلوا هناك حيناً من الدهر، وكانوا يمتازون من سوق الشيوخ. وبعد أن مضى على هذه الحال بضعة أعوام، حدث أن طغى ماء الفرات فأحاط بسوق الشيوخ ولا إحاطة الهالة بالغمر فتعطلت لتجارة وتعذر الامتياز (المسابلة) وأصاب أهل الأموال أضرارا فاحشة، ولا سيما لما كثرت الأمراض الوافدة بأسباب العفونات التي تولدت من زيادة المياه فهاجر اكثر ساكني سوق الشيوخ إلى جهات الزبير والبصرة والكويت وكادت سوق الشيوخ تتضعضع دعائمها وتنتكث مرائرها وفي واقع

الحال إنها أخذت منذ ذاك الحين بالتقهقر إلى أن وصلت إلى درجة قامت مقامها الخميسية المذكورة وذلك بصادراتها ووارداتها وحسن تجارتها. ومما زادها شأناً وقدراً أن الحكومة نظرت إليها نظر وامقٍ لحسن موقعها والعشائر قطعت التردد من سائر المدن المجاورة وأخذت تختلف إليها وهي ترد إليها من جهات نجد والزبير والبصرة والكويت وسائر ديار العراق. وعليه فان عبد الله بن خميس لم يختط تلك المدينة إلا سنة غرق سوق الشيوخ وجعلها على الهور قريبة من لبر على مسافة زهيدة منه بحيث جعلها مقاماً صالحاً لجميع أبناء البادية والمتحضرين، بين البصرة والكويت، بين بادية العراق وعشائر نجد والمنتفق، بين الزبير وسوق الشيوخ. وبعد أن اختطها بني فيها قصره فجاراه من كان معه من النجديين فبنوا لهم دويرات واخذوا يجابون إليها الأموال والبياعات والتجارات وأنواع المؤونة والميرة من طعام كالأرز والحنطة والشعير والتتن (التبغ) ولباسٍ كأنواع الأنسجة والأقمشة. وللحال اقبل

عليها الناس من كل حدب وصوب لقربها إليهم ولسهولة المعاملة فيها إذ ليس هناك دار مكس ولا رسوم ولا ضرائب ولا ما يماثل هذه الوضائع والجبايات كالتي تؤخذ على الحيوانات كما هو الأمر في البلاد المتمدنة وديار نجد والكويت وغيرها. ولما اتسع نطاق هذه المدينة ورأى فالح باشا إنها صالحة للأعمار وعليها إقبال عظيم من كل صقع وقطر قام وبنى فيها مسجداً تصلي فيها الجمعة ومدرسة يدرس فيها مبادئ العلوم الدينية وجلب لها أحد العلماء من نجد وهو حضرة الشيخ علي بن عرفج من أحد البيوتات الكريمة من إحدى القرى التابعة لبريدة السالفة الذكر وخصص لهذه الغاية واردات بأخذها العالم المذكور كل سنة من أطعمة السعدون فيصرفها على كل ما يتعلق بأمر المدرسة وطلبة العلم وما زال ذلك الشيخ مقيماً فيها حتى توفاه الله في سنة 1328 هجرية 1910 م فطلب حينئذٍ آل السعدون شيخ علم آخر بدلاً من المتوفي فجاءهم الشيخ العلامة إبراهيم بن جاسم قاضي القصيم عنيزة وبريدة سابقاً وهو لا يزال مقيماً هناك ومضطلعاً بوظيفته أتم اضطلاع إلى يومنا هذا.

أما عبد الله بن خميس فانه انتقل إلى رحمة الله منذ بضع سنوات فخلفه ابنه في مقامه ولا يزال الأمر الناهي في تلك المدينة الحديثة إلا انه لا يستغني اليوم عن مراجعة بعض ممثلي الحكومة التي أرسلتهم في آخر هذا العهد للمراقبة ومنع دخول الأسلحة الواردة من الكويت (4 - الخميسية في هذا اليوم) في الخميسية اليوم من البيوت ما يقدر بلف ويبلغ كأنها خمسة آلاف وهي لا تزال آخذةً في الرقي والتمدن للأسباب التي ذكرناها وما زالت الأسرة المؤسسة فيها إلى يومنا هذا وكلمتها نافذة ومما يجدر ذكره أن هذا البيت أصبح ملجأ الكرا الذين يخونهم الدهر من أمراء وشيوخ وتجار وأغنياء أو كل من نبذته أرضه فزايل وطنه فهؤلاء جميعهم يحلون ضيوفاً مكرمين في دار أولئك الاماجد فيجدون هناك وجوهاً باسمة وصدوراً رحبة وكرماً حاتمياً ومقاماً منبعاً بدون أن يسمعوا شكوى أو يروا فيهم مللاً أو يظهر منهم اقل ضجر. (5 - سكانها) اغلب هؤلاء السكان من نجد أن لم نقل كلهم والسبب في ذلك رخص المعيشة وسهولة تناولها حتى انه يقال إنها على

طرف الثمام. فالخميسية إذاً مأوى أمين بل حصن حصين لأهالي نجد، وبالأخص في هذه الأيام الأخيرة التي حدثت فيها الحروب بين ابن الرشيد وبين ابن الصباح من جهة وبين آل أبا الخيل وبين ابن السعود وال سليم من جهة أخرى ففي أثناء تلك الفتن والحروب التي طالت كانت هذه البلدة ملاذاً للذين يفرون من الحرب ويؤثرون السلم والراحة فكان الناس يأتونها فرادى ومثنى وزرافات والحق يقال أن ليس هناك من المدن القريبة إليهم مثل حافلة بما يحتاج إليه من ذخيرة وميرة ولباس وترى في هذه المدينة الحديثة لؤلؤة البرية بيوتاً نزحت عن وطنها نجد بذراريها وظعائنها وعيالها وفضلة الإقامة في هذه البلدة، غير ملتفتة إلى مسقط رأسها تلك هي نتيجة الحروب إنها إذا تفيد بعض الأفراد خدمةً لمنفعتها الشخصية فإنها بالجملة تضر بالجم الغفير من الناس. (6 - ديانة أهلها ومذهبهم) من عرف أن اغلب أهالي هذه المدينة هم من نجد علم أيضاً أن لا دين لهم إلا الإسلام وان مذهبهم

مذهب النجديين لا غير آذانهم سنيون على مذهب الإمام احمد بن حنبل (رضه) أو الوهابية وقلت أو الوهابية لان الوهابين هو حنابلة إلا أن المحدثين أعداء النجديين سموهم كذلك كأنهم يريدون أن ينسبهم إلى مذهب جديد ويكفروهم وليس الأمر كذلك إنما الحنابلة وهابية والوهابية حنابلة في المذهب وان كان الاسم حديثاً فالمعتقد واحد وعليه فديانة سكان الخميسية ديانة السلف، مذهب شيخ الإسلام ابن تميية، مذهب تلميذه ابن القيم، مذهب الشيخ محمد بن عبد الوهاب (7 - تجارتها) يصدر من الخميسية أنواع الحبوب كالأرز والشعير والذرة وغيرها، ويصدر منها أيضاً التتن (التبغ أو الدخان) والملبوسات وأنواع الأقمشة وغيرها من الحاجيات الضرورية وهذه تنفق على قبائل وعشائر العراق ونجد كالمنتفق والضفير وشمر وعتبة ومطير وغيرها ولكل قبيلة وعشيرة وقت للامتياز والابتياع. وإذا أصيبت ديار نجد بمحل أو غلاء اقبل أهلها على الخميسية وجاءت القوافل تتري وحملت منها إلى نجد مرتزقات تسد عوزها وإذا اضطر

أحد الأمراء لي شيءٍ من ذلك وجه إلى (لؤلؤة البرية) إحدى عشائره أو كلها لتمتاز ما يعوزها من المرتزقات والمؤونة والذخيرة أما وارداتها فهي التمر والسمن (الدهن) والصوف والوبر والجلود والخيل والإبل وأنواع البنادق من مارتيني (ماطلي) وموزر وغيرها والآن قد قل نقل هذه الأسلحة إليها لان ابن الصباح منع تهريب السلاح إجابةً لطلب إحدى الدول التي اتفقت على هذا الأمر مع دولة عثمان. (8 - زراعتها) ليس هناك من يعنى اشد العناية بالزراعة فالخميسيون لا يزرعون إلا الحبوب والبقول وما ضاهاها. (9 - صناعتها) قل عن الصناعة ما قلت لك عن الزراعة لان البلدة حديثة النشوء ليس فيها من قد احكم الصنائع وليس هناك من يحتاج إلا إلى الصنائع الضرورية التي تسد حاجاتهم التي لا غنى لهم عنها. (10 - العلوم قيها) لا يوجد فيها من يزاول العلوم والمعارف إلا ما نزر والذي يعنى بها لا يتفرغ إلا لعلوم الدين والعقيدة والمذهب بل ولمذهب الحنابلة فقط إذ لا يوجد في تلك المدينة من يقول بغير مذهب

الوهابية أو مذهب السلف (11 - الآثار القديمة فيها) سمعت كثيرين يقولون في جوار الخميسية آثار قديمة لكني لم أتحقق الأمر بنفسي كما لم استطع إلى الآن أن أتتثبت الخبر على أني لا اعجب من ذلك لان شاطئ الفرات كان آهلاً بالسكان في سابق العهد ومدنه كثيرة لا يعرف عددها على التحقيق فإذا ثبت لي صدق النبأ وأمكنني بسطه على وجهٍ مفيد أتيت به قراء لغة العرب إن شاء ربك القدير والسلام. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض ومجلة الحياة البعبع في مصر كتب إلينا العلامة الأستاذ الدكتور اغناز غولدزيهر في بودابشت كتاباً دل على طيب عنصره وكرم أخلاقه ومن جملة ما ذكره تعقيب له على مقالة البعبع قال حرسه الله بحرفه العربي، ونصه البدوي (أستأذن حضرتكم في أن استخرج من حافظتي لأعقب على ما في مجلتكم في الصفحة 70 أو ما يليها بصدد كلامكم عن البعبع وعما

يستعمله العوام من الألفاظ لزجر الصبيان وتخويف الأولاد الصغار فأقول في الزمان الذي كنت في مصر (1874) سمعت من بعض العوام عبارات يخوفون بها أولادهم بقولهم (اسكت لحسن (الأحسن بمعنى لئلا) أحط لك في عينك، (يعني الششمة) اسكت لحسن أحط لك في بقك الفلفل، اسكت لحسن أجيب لك شيخ الحارة اسكت لحسن السماوي (من السم) بيجي يأخذك ثم أن التخويف بالبعبع مذكور أيضاً في كتاب هز الفحوف، في شرح قصيدة أبي شادوف، (طبع حجر الإسكندرية 1289) ص147 وهاكم عبارته (وإذا أرادت أمه أن تخوفه أو تسكته عن الصياح تقول له اسكت لا يأكلك البعبع بكسر الموحدتين ورفعهما وجزم العينين المهملتين. والبعبع مشتق من البعبعة وهي صوت الجمل) اهـ في الصبر يقولون أن تصبر تنل كل غاية ... وقد فلتهم أن المرارة في الصبر وهل يستطيع المرءُ صبراً على أذى ... يكابده حتى يغيب في القبر محيي الدين فيض الله الكيلاني

يهتف باسمه وكم هادم للدين يهتف باسمه ... وينعاه للإسلام وهو يقاتله ويأمر بالمعروف وهو غريمه ... ويدعو إلى نصر الهدى وهو خاذله ويزعم أن الحق لولاه ما سما ... ويأتي بقولٍ يدحض الحق باطله ويدعي بأيد الدين حامي حمى الهدى ... وكم غالت الدين القويم غوائله ولو سلم الإسلام منه لأصبحت ... معارفه منشورة وفضائله كاظم الدجيلي أرز أو تمن العقر أرز العقر المشهور في العراق ينسب إلى العقر القلعة الحصينة (التي هي اليوم مدينة شهيرة) في جبال الموصل والتي أهلها أكراد وهي شرقي الموصل المعروفة أيضاً باسم عقر الحميدية لا إلى العقر التي هي بين تكريت والموصل كما كتبناه في ص375 البربن والبدرايي والإبراهيمي والبريم سألنا بعضهم ما صحة هذه الألفاظ من الفصاحة وما أصابها أو ما يقابلها عند لفصحاء الأقدمين

قلنا: هذه كلها من أنواع التمور المشهورة في العراق فأما البرين وزان جعفر فمن أصل فارسي وهو في هذه اللفظ (بهاربانو) ثم قصرت وصحفت ومعنى هذا اللفظ المركب: العروس أو السيدة (بانو) الحسناء (بهار) لان هذه لتمرة من احسن التمر بلونها لأحمر البديع وكبرها وطعمها اللذيذ فهي بين سائر أخواتها كالعروس أو السيدة الحسناء بين سائر العرائس. وأما اسم هذا النوع من التمر في سابق الزمان فهو الطن بضم الطاء وفتحها والنون المشددة. قال في لسان العرب: الطن ضرب من التمر أحمر شديد الحلاوة كثير الصقر. اهـ وفي الحاشية عن الصغاني: قوله كثير الصقر يقال لصقره السيلان بكسر السين لأنه إذا جمع سال سيلاً من غير اعتصار لرطوبته، قلت: وكذا قال ابن سيدة في المخصص على أن العراقيين لا يخصون لفظة السيلان بصقر الطن أو البربن بل بصقر كل تمر. وإذا طبخ السيلان قيل له الفضيخ. وأما البدرايي فهو نسبةً إلى بادرايا (بفتح الحروف كلها إلا الألف) لا بادورايا. وبادرايا هذه هي التي تسمى اليوم بدرة قال ياقوت:

بادرايا: ياء بين الألفين: طسوج بالنهروان، وهي بليدة بقرب باكسايا بين البندنيجين ونواحي واسط، منها يكون التمر الفسبا اليابس الغاية في الجودة واليبس اهـ. فالأصح إذاً أن يقال: البادرايي. لكن العوام تقصر الكلمة للتخفيف. وأما البريم فلفظه الحقيقي (البريني) تصغير البرني ثم نقله العوام إلى لفظ متعارف مشهور بينهم جهلاً للفظه الأصلي. قال في التاج: البرني بالفتح: تمر معروف أصفر مدور وهو أجود التمر، واحدته برنية وقال الأزهري: ضرب من التمر أحمر مشرب بصفرة كثير اللحاء، عذب الحلاوة، يقال: نخلة برنية، ونخل برني قل الراجز: برني عيدان قليل قشرة وهو معرب، وأصله: برنيك أي الحمل الجيد. وقال أبو حنيفة: إنما هو بارني، فالبار الحمل، وني تعظيم ومبالغة. وقول الراجز: وبالغداة فلق البرنج أراد البرني، فأبدل من الياء جيما. اهـ والأصح، أن البرني منسوب إلى البرن وهي قرية مشهورة بهذا التمر كما جاء في معجم لبكري كما

أن البادرايي منسوب إلى قرية بادرايا ومثل البرني أو البريم الصرفان والصيحاني. قال في التاج: الصرفان (بالتحريك) تمر رزين مثل البرني لأنه صلب المضاغ علك بعده ذوو العيالات وذوو الأجراء وذوو العبيد لجزائه وعظم موقعه والناس يذخرونه قال أبو حينفة: أو هو الصيحاني بالحجاز نخلته كنخلته حكاه أبو حنيفة عن النوشجاني فاحفظه نصب أن شاء الله ديوان ابن الخياط هو كتاب خط موجود عند أحد أدباء بغداد وهو من الدواوين القديمة. طوله 18 سنتيمتراً في 13 ونصف عرضاً. فيه 88 ورقة مكتوبة أي 176 صحيفة. وطول المكتوب من الصفحة 12 سنتمتراً في 9 عرضاً وهو كامل لا ينقصه شيء لا في الأول ولا في الآخر. وهذا بدا كلامه بحرفه، (بسم الله الرحمن الرحيم وما توفيقي إلا بالله قال الشيخ أبو عبد الله احمد بن محمد بن الخياط يمدح الأمير أبا القوام وثاب بن نصر بن صالح: عتادك أن تشن بها مغارا ... افقدها شذباً قباً تبارا

كأنَّ أهلة قذفت نجوماً ... إذا قدحت سنابكها شرارا وهل من ضمر الجرد المذاكي ... كمن جعل الطراد لها ضمارا إلى آخر القصيدة وهي في 37 بيتاً عامراً والكتاب حسن الخط جلي الحروف محلى بالشكل الكامل لاسيما في المواطن التي تحتاج إلى تحرير وضبط وتدقيق وفي كل وجه 19 سطراً وقد كتبت العناوين مرة بالحبر الأحمر ومرة الحبر الأخضر الضفدعي اللون، وربما لم يتبع الكاتب هذه القاعدة اتباعاً مطرداً فيخالفها في بعض الأحايين والنسخة قديمة جداً ويكاد كاغدها يتمزق أرباً أرباً لقدمه وتطاول الزمان عليه وقد جاء في آخره: (تم الديوان بأسره على ما قرره صاحبه أبو عبد الله محمد بن نصر بن الخياط من نسخة قبل فيها من نسخة الشيخ أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير الخالدي، ثم قال أيضاً: كتبته من نسخة عليها خط الشيخ أبي عبد الله بن الخياط رحمه الله بما نسخته كلما رواه عني الشيخ الأجل الأديب أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير، فهو ما سمعه مني وقراه علي وما رواه غيره فحالف ما في نسخته هذه فلا يعتد به، وكتبه احمد بن محمد بن علي بن الخياط

في سنة سبع عشرة. اهـ وهذه الأسطر مكتوبة بشكل مثلث وعن يمين المثلث هذه الأسطر وكان الفراغ من كتابة هذه النسخة في يوم الجمعة المبارك رابع عشر شهر رجب الفرد من شهور سنة أربع عشرة 814 (ووراء هذه السنة كلمة محكوكة حتى ثقب الورق هناك قم هتان اللفظتان) ختمت بخير وعن يسار المقلق هذه الكلمات (كاتبه الفقير الحقير، من حف باللطف الخفي، يوسف الملاح سبط الحنفي، غفر الله له ولوالديه والمسلمين أمين.) فترى من هذا الكلام نفاسة هذه النسخة أن بصحتها وان بقدمها وان بشهرة صاحبها. كيف لا وهو ابن الخياط الذي قال عنه ابن خالكان: هو أبو عبد الله احمد بن محمد بن علي بن يحي بن صدقة التغلبي المعروف بابن الخياط الشاعر الدمشقي الكاتب الذي كان من الشعراء المجيدين طاف البلاد وامتدح الناس ودخل بلاد العجم وامتدح بها ولما اجتمع بابي الفتيان ابن حيوس الشاعر المشهور بحلب وعرض عليه شعره.

نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

قال قد نعاني هذا الشاب إلى نفسي فقلما نشأ ذو صناعة ومهر فيها إلا وكان دليلاً على موت الشيخ من أبناء جنسه. ودخل مرة إلى حلب وهو رقيق الحال لا يقدر على شيء فكتب إلى ابن حيوس المذكور يستمنحه شيئاً من بره بهذين البيتين لم يبق عندي ما يباع بحبةٍ ... وكفاك علماً منظري عن مخبري إلا بقية ماء وجهٍ صنتها ... عن أن تباع وأين أين المشتري وكانت ولادته سنة 450 بدمشق (1058م) وتوفي بها في حادي عشر شهر رمضان سنة 517 (1123م) وبهذا كفاية لمن يريد أن يعرف قدر هذا الديوان الذي لم يطبع بعد وقد أصبحت نسخه الصحيحة كهذه اعز من بيض الأنوق، أو ابلق العقوق. نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية 3 - أغلاط التعبير جرجي أفندي زيدان من الكتاب المعروفين بسلاسة الإنشاء وحسن سبك العبارة حتى انك لتقرأ كتبه من الأولى إلى الآخر ولا يحدث فير صدرك ما يحدثه فيه حملة الأقلام في كتاباتهم فأنك إذا قرأت

صفحة أو صفحات من نفثات يراعتهم حرج صدرك وضاق نفسك وحارت عيناك ونشأ فيك نوع من السأم يدفعك إلى الثؤباء والمطواء يعقبهما ضرب من الوناء والفتور والرخوة إلى درجة يسقط فيها الكتاب من يديك ولا تشعر بإفلاته منهما. وانك لتشعر بالعكس عند تصفح مصنفات كاتبنا البارع ومهما اختلفت مواضيعها وطالت أبحاثها. على أن هذا القول لا ينفي عن المؤرخ البارع كل شائبة. فلقد رأينا في مؤلفاته بعض الشبهات ولعلها من سوءِ فهمنا إياها لا من وجودها حقيقةً فيها بيد أننا نذكرها على ما هي ونسوق لها ما يعن لنا إنها اجدر بالمقام للمقابلة بين التعبيرين وللأخذ بأحد الوجهين. فمن ذلك ما جاء في ص207 إذ قال اعتنق الإسلام وفي ص211 واعتنقها (أي النصرانية) اليونان وقد كثر هذا التعبير في مطبوعات هذا العصر منقولاً عن تعبير الإفرنج وله وجه في المجاز لا تأباه العربية إلا أن فصحاء كتاب العرب الذين يرمون إلى البلاغة يعدلون عن هذا القول وينخون نحواً عربياً صرفاً فيقول مثلاً دان بالإسلام أو دان دين الإسلام كما ورد في الأغاني (18: 2) إذ قال ودان دين المسيح.

وقال في ص216 كانت المدينة قد أصبحت مرسحاً للهو وهذا أيضاً من التعبير لدخيل وهو قبيح لان العرب لم تعرف لفظة المرسح لا بالمعنى الحديث ولا بمعنى لغوي يحرر هذا الاستعمال أو يحقه والأصح أن يقال هنا (ميداناً للهو) فان العرب عرفت الميدان وهو يوافق هذا التعبير هنا وإذا أراد الكاتب مقاتلاً فصيحاً لكلمة مرسح فالأفصح المرسح لان العين تسرح في جوانبه وفي الأشخاص والزينة التي ترى فيه. قال الحريري في المقامة الصنعانية: وأورد في مسارح لمحاتي ومسايح غدواتي وروحاتي. وفسروها بالمواضع التي يسرح أي ينطلق النظر فيها. وهو المراد هنا. إلا أن أحد الكتاب أنكرها في المقتطف فلا يحق له هذا الإنكار ووجه التسمية واضح لكل ذي عينين. وقوله في ص223 الأمور الهامة. والمهمة افصح. ومثلها في ص52 وقوله في ص224 وهكذا العرب فقد نظموا والأفصح وهكذا العرب نظموا. وجاء في ص228 أحراف الأخرى الألسنة والمسموع حروف وأحرف لجمع حرف.

وورد في ص230. . . فلما ظهر الإسلام واشتغل المسلمون بالفتح والحرب حتى استتب لهم الأمر ونزعوا إلى الجهاد، تدرجوا في وضع التاريخ. والأوفق أن يقال هنا: ونزعوا عن الجهاد لأن النزوع إلى الشيء الميل إليه أو الذهاب إليه. والمراد هنا الانتهاء أو الانقطاع عنها كما هو سياق العبارة ومقتضى المعنى. ومن هذا الباب ما جاء في ص231 فمعاوية بن أبي سفيان كان يجلس لأصحاب الأخبار في كل ليلة. . . فلقوله يجلس لأصحاب الأخبار وجه مقبول لكن لو قال يجلس مع أصحاب الأخبار أو يجالس أصحاب الأخبار لكانت العبارة أتقن وأوفي بالمراد ومن هذا القبيل قوله في ص237 (وكان عمال الأمويين أصحاب شعر وخيال وحساسة مثلهم) ولا نعلم ما بالمراد بالحساسة هنا فلعلها الحس أو الشعور أو دقتهما وعلى كل فليست الكلمة فصيحة إلا إذا كانت مضمومة الأول بمعنى مفرد الحساس وهو غير المطلوب هنا ومما يدخل تحت هذا لباب قوله ص250 (فكان اكثر الشعراء في هذا لدور أما على الحياد خوفاً من معاوية أو. . .) والأصح أن يقال

أما على. . . . وأما. . . بإعادة أما لان الأولى ذكرت متأخرة فيجب أن تعاد (أما) في الثانية وتعاد متقدمة كما هو مثبت في كتب القوم ثم أن الناس قد أفاضوا في استعمال الحياد بمعنى تجنب التحزب أو عدم الميل إلى أهل الحزبين الخصمين والمألوف عند العرب بهذا المعنى الاعتزال وان كان للحياد وجه فصيح لا غبار عليه إلا أن اتباع المألوف المطرد خير من اتباع غير المألوف القليل الورود في كلامهم. وجاء في تلك الصفحة دعا إلى ابن الزبير وخالف عَلى مروان (والاظهر خالف في مروان. وفيها أيضاً. . . ولذلك فلما علم بقصيدة الاخطل. والأفصح ولذلك لما. . . ومثلها في ص102 و181. وربما جاءت بعض الألفاظ في غير موطنها من وضع معناها كما جاءت (ناهيك ب. . . ) بمعنى (فضلاً عن) وقد وردت مراراً عديدة في الكتاب منها في ص41، 48، 66، 178، 195، 209، 234 إلى غيرها. وذكر في ص136 ما هذا نصه وكان (أمية بن أبي الصلت) يسمي الله في بعض أشعاره (السلطيط) وفي بعضها (التغرور) فربما اقتبسها

من الحبشية أو صاغها على صيغ تلك اللغة. اه: قلنا: التغرور أرمنية الأصل تصحيف تغفور أو تكفور ومعناها الملك أو الأمير. وجعل الراء فاء لغة عندهم قديمة فيقولون الصرير أو الصريف. وردم الباب والثلمة: سده كله أو ثلثه أو الردم اكثر من السد. وقدم فم الإبريق غطاه ووضع الفدام عليه. وقال في ص58 المودعة عنده. والأفصح المودعة إياه. لأنه يقال أودعه شيئاً. وجاء في ص114 نظم معلقته على مرتين. وهو من تعبير عوام الشام ومصر والأفصح مرتين بحذف (على). وذكر في ص174 قي الأشهر الحرام. والأصح في الأشهر الحرم وعدَّ في ص186 أيام الأسبوع عند العرب في عهد الجاهلية فقال أول أهون جبار والأصح (اوهد) كما ذكره اغلب اللغويين. نعم انه جاء في بعض النسخ (أول) لكن هذا من تصحيف النساخ أو من تصحيف الجهلاء تلك الأيام. وورد في ص93 أو التهويل عَلَى عدوهم. والأصح: تهويل عدوهم

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

وفسر العسب في ص201 بما حرفه: قحوف جريد النخل ولا نعلم معنى القحوف هنا إنما العسب جمع عسيب والعسيب السعفة مما لا ينبت عليه الخوص. وقال في ص94 ويسمونهم (أي يسمي اليونان الرواة) والحال هذه اللفظة بهذه الكتابة ليست إنكليزية واليونانية تكتب ومن هذا الباب كتابته للفظة (ص57) بهذه الحروف المذكورة. فإذا كانت بهذا الوجه فهي لا إنكليزية ولا فرنسوية ولا. . . ولا. . . والأصح أن تكتب إذا أردنا كتابتها باللغة الإنكليزية بالفرنسوية. الخ. وجاء في ص111 س22: وقد آلي على نفسه في الجاهلية أن تهب صبا إلا أطعم. (والمراد هنا: أن لا تهب صباً إلا أطعم.) هذا ما بدا لنا في أثناء المطالعة ونحن نحدر فيها تحديراً ولعنا في اغلب الأحيان من المخطئين لا من المصيبين وربك فوق كل علم عليم. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - ابن السعود والشيابين

أخبرت الرياض أن الأمير عبد العزيز باشا السعود غزا بجيشه الجرار القبائل العاصية من عتيبة وهم الشيابين فاخذ منهم غنائم كثيرة واحسن تأديبهم وقد أخلدت اليوم هذه الأعراب إلى السكون والراحة وعدلوا عن إثارة نيران الفتن وانتشر بين ظهرانيهم فكر الاتحاد العربي أي المطالبة بإرسال مبعوثين من جميع البلاد العربية ليشاركوا إخوانهم ويكونوا يداً واحدة عَلَى الأعداء. 2 - إنكليزي في بلاد العرب برح أحد سفار الإنكليز الكويت قاصداً التجول في الديار نجد والوقوف على ما فيها من الدفائن والمعادن وقد اخذ معه أحد أدلة العرب اسمه عثيمين (تصغير عثمان) ونقده لهذه الغاية مائة وخمسين ليرة ويقال انه قتل في الطريق. 3 - لجنة نجدية علمت الرياض من مصدر ثقة أن الباب العالي أرسل لجنة قوامها عالم ونباتي ومهندس وجغرافي ومكتشف معادن للوقوف على تلك الديار وما فيها وقوفاً تاماً وإحصاء نفوسها وعشائرها والاطلاع على

دخلة أمورها. وإذا تم إحصاء سكانها يوفد حينئذٍ أهلها مبعوثين ينوبون عنهم في المجلس فعسى أن تتحقق الأماني. 4 - قداد (ترامواي) للاعظمية وتنوير بغداد بالكهربائية توفق وطنينا الفاضل محمود جلبي الشابندر للحصول على امتياز إنشاء قداد (ترامواي) من الاعظمية إلى القرارة وقد سافر من الآستانة إلى ديار الإفرنج لجلب مهندسين مهرة يقومون احسن قيام بم يعهد إليهم. ومما حصل عليه حضرة وطنينا تنوير بغداد بالكهربائية وهو أمر يتشوق إليه جميع أهل الحاضرة. 5 - القضاء على صحف بغداد ورد أمر من نظارة الداخلية ما ملخصه: أن الجرائد التي اخذ امتيازها ولم تنشر حتى 5 مارت (آذار الرومي) أو نشر أصحابها بضعة أعداد منها ثم احتجبت حتى هذا التاريخ لا يسمح لأصحابها بعد ذلك أن ينشروها لسقوط امتيازاتهم بعد ذاك الحين. أما الجرائد التي وقعت تحت هذه الضربة القاضية في حاضرتنا

فهي هذه وقد أحطنا بقوسين ما لم يظهر منها عدد بل اخذ بها أصحابها امتيازاً لإصدارها وهي هذه: سيف الحق. الحقوق. (الرياحين)، يكي موده. خان لذهب، دونيلا. صائب. (الوطن)، أخوت. قلنج. العلم (بفتح العين واللام). الرقيب. تفكر، خان جغان. الأسرار. سبيل الرشاد، أفكار عمومية. تعاون. وجدان. بالك. البلبل. (جهينة)، يلديرم بين النهرين، الصاعقة. الرصافة. (عصا موسى)، المضحكات. القسطاس خردلة العلوم، (الكرخ)، روضه، (لسان)، العراق. الحقيقة، (الشرق)، (رعد)، (لسان الصدق)، بغداد. الإرشاد. الانقلاب. الظرائف. تنوير الأفكار. الوجدان. كرمه ونرمه. مصبح الشرق وعليه فالباقي من الجرائد هو الزوراء الزهور، الرياض، المصباح، صدى بابل، النوادر، والمجلات الحية هي: العلم (بكسر الأول) الحياة لغة العرب، لاغير، فليتدبر العقلاء.

العدد 12

العدد 12 وضع اللغات وخضوعها للطبيعة ذهب الأوائل مذاهب شتى في من هو واضع اللغات، فقال بعضهم: انه الخالق العظيم وضعها مباشرة أو بالهام منه، وينسب الأصوليون إلى سليمان بن عباد القول بأن الوضع حدث بالمناسبة الذاتية؟ ويفسرون هذا الرمز بأن الألفاظ بطبيعتها ولمناسبة ذاتية فيها دلت على المعاني دلالة أزلية. وخشي بعض أهل الرهبة من علماء الأصول وجود تلك الروح في الألفاظ واحتمال القدرة أو القوة الكامنتين فيها فاخذ ينزل ذلك ويؤله طبق الأصول المسلمة عند العقلاء قائلاً ما معناه:

أن الألفاظ وان دلت بطبيعتها إلا أن المبدأ الأعلى في تلك الدلالة هو الخالق، شأنه في رجوح اكثر الظواهر الطبيعية إليه، فدلالة الألفاظ بالطبيعة مثل هبوب الرياح، ونزول الأمطار، ولمعان البرق، وجولان السحاب، من رجوعها ظاهراً إلى الطبيعة والأسباب المخلوقة وواقعاً إلى الخالق. هكذا كتب بعضهم في هذا القول الغريب الذي لا تفهم فلسفته. ثم أن الرأي المعول عليه في هذا العصر، عصر الانتقاد والتمحيص، هو أن اللغات كلها جمعاً نشأت من الأصوات الطبيعية وتكونت قهراً بعد إرادة التعبير عن المرئيات أو غيرها، من معلومات الإنسان الأول، وليس هذا الرأي بحديث العهد، فقد قال به بعض العلماء الأول، كما قالوا بكير من الآراء العلمية المسلمة في هذا العصر المنسوبة إليه، الملزوزة به. فقد ذهب بعض الأوائل إلى حركة الأرض وقد عبروا عن الجاذبية بالثقل المركزي وذهبوا أيضاً إلى القول بالنشوء والارتقاء واتحاد أصل الكائنات إجمالاً، إلى غير ذلك من المذاهب العلمية التي يحسب بعضهم أنها أبكار، هذه الإعصار. وكذلك قل عن المذاهب الاجتماعية كالاشتراكية والإباحية أو السياسية كالجمهورية أو الملكية فقد قيل فيها في الأزمنة الخالية بل ووضعوها موضع الأعمال. فالقول بان اللغة من وضع الإنسان قديم، قال العرب به. وممن نذكر أن مذهبهم ذلك ابن سيده اللغوي الكبير صاحب المخصص أمتع

كتاب في اللغة العربية، غير انهم لم يصرحوا فيما اعلم بأن الألفاظ تكونت من الأصوات البسيطة بل صرحوا بأنها من وضع الإنسان مباشرة لا من وضع غيره. وقد استنكر الجامدون هذا المذهب واعترضوا عليه ذاهبين إلى أن الإحاطة بجملة المعاني الموضوع لها غير مقدور للبشر. فيقال لهم أن المعاني لم تعلم دفعة واحدة، وكذلك الألفاظ توضع دفعة واحدة، بل كلما تجددت المعاني، وعلا إدراك الإنسان، وتصور الأمور الدقيقة، اضطر لأحداث الألفاظ متبعاً في ذلك التدريج، لان الطفرة محال. هذا ما كان من أمر الوضع والواضع. وهناك نواميس طبيعية عامة مثل ناموس (التحول) وناموس (بقاء الأصلح) فهل اللغة خاضعة لها وهي جارية على سنتها جريان سائر الأشياء، وهل عرف العرب ذلك كما عرفه الإفرنج؟ فنجيب بنعم عن الجميع، وإليك البيان: اللغة كالأخلاق أو ككل مميزات الإنسان، خاضعة للقوى العاملة فيه فيصح من بعض الوجوه أن نقول أنها كائن حي كالإنسان، ولحياته أطوار كأطوار حياة الإنسان، فما كان ليسمع المقيم في إحياء عرب الجاهلية من الألفاظ غالباً إلا في أمثال السباسب والبسابس والغيلان والذعلبة والكوماء والفنيق والبيداء والفيفاء والأجرد وما أشبه ذلك وما كانت لتمر الألفاظ السهلة الجزلة المعبرة عن المعاني العالية إلا شذاناً. كل ذلك لتأثير محيطهم في أوضاعهم وأخلاقهم وظواهرهم الطبيعية

ومنها اللغة التي يتكلمون. ثم أن أوان البعثة فبعث النبي وأثرت تعاليمه في نفوسهم فأثرت في لغتهم، فكنت تسمه فيما يدور على ألسنتهم الصوم والصلوة والزكوة والعبادة والإيمان والاعتقاد والتوبة والثواب والعقاب وغيرها من الألفاظ الدينية ناهيك بالقرآن العظيم، وما أبقى في لغة العرب، فقد لطفها ورقق ألفاظها وبعث فيها روحاً من الفلسفة الأدبية، ثم لم يطل العهد حتى رأينا في ثنيات ألفاظهم: الألفاظ الرياضية، والعلمية، والفلسفية، وذلك العصر العباسي، عصر سلطان العرب، واستفحال حضارتهم العجيبة. في ذلك العصر رقت لهجة اللغة، وتهذبت ألفاظها، وحلت نغماتها، ليس من اجل انبعاث المؤلفين، والمترجمين فقط، بل قد ساعد على ذلك جمع من ذوي الذوق، والقريحة، وأرباب الفنون الجميلة، وهم طبقة من الشعراء، والكتاب والأدباء الفكهين، ورجال الغناء، والمطربات، والمطربين، فتكونت إذ ذاك آداب اللغة العربية كأرقي ما يمكن أن يكون، وبلغت شأوا لم تبلغه لغة من اللغات القديمة.

فمن آلم بآداب هذه اللغة عرف إنها كيف خضعت لناموس (التحول) وكيف اختلف باختلاف الأدوار تابعة سير الناطقين بها قرونا متمادية وعرف أيضاً كيف قضى ناموس (بقاء الأصلح) على الألفاظ الخشنة الوحشية والأصول الضخمة المستنكرة والتراكيب الثقيلة بحيث أصبح الشعراء والكتاب يشمئزون منها وينعون على مستعمليها ما يفعلون. وقد حفظت المعاجم الكبيرة شيئاً كثيراً من ذلك المتاع الكاسد أو اقل من تلك الأعضاء الأثرية في جسم اللغة التي قضت الطبيعة عليها بالضمور، فأصبحت لا وظيفة لها، غير أنها كل وعبء ثقيل على كاهل تلك اللغة الشريفة، ولو دونت تلك الأصول على حدة، أو اصطلح عليها قوم، لجاءت كأثقل ما تتحاماه الطباع، وأنكر ما يطرق الأسماع. هذا وربما كبر ما نقول على الذين يحبون القديم، لأنه قديم، فنقول لهم: أنا لم نختلف عن سنة السلف من قبلنا، في ما أردنا من هذه العجالة فأنا لنعرف رجالاً من سلفنا الصالح، كانوا يعتقدون بخضوع اللغة لناموس بقاء الأصلح وقد جروا فيما نظموا ونثروا وألفوا على ذلك لا بل الطبيعة اضطرتهم إليه. ألف أبو الحسن احمد بن فارس اللغوي المعروف المتوفي سنة 398 كتاب (المجمل) وهو الكتاب النادر الوجود، وقد قال المؤلف في مقدمة كتابه:

(أنشأت هذا الكتاب بمختصر من الكلام قريب، يقل لفظه، تكثر فوائده، لتبلغ بك طرفاً مما أنت ملتمسه، وسميته (مجمل اللغة) لأني أجملت فيه الكلام إجمالاً، ولم أكثره بالشواهد والتصارف، إرادة الإيجاز فمن مرافقه قرب ما بين طرفيه، وصغر حجمه، ومنها حسن ترتيبه) اهـ وقد انتقد هذا الكتاب واختصره الشيخ الأستاذ أبو الحسن بن المظفر النيسابوري، أستاذ الزمخشري، مؤدب أهل خوارزم ومخرجهم، وشاعرهم في وقته. وقد وقفنا على هذا المختصر المفيد مخطوطاً خطاً قديماً فوجدنا صاحب المختصر كصاحب الأصل ممن يقول مع أهل هذا العصر بخضوع اللغة لناموس (بقاء الأنسب) واليك ما جاء في صدر الكتاب: قال الشيخ الأستاذ العالم أبو الحسن بن المظفر النيسابوري: أني لما تصفحت هذا الكتاب، وجدته في النهاية من الاختصار والكفاية مع ما اختص به من حسن الوضع، وقرب المأخذ، وعموم النفع ورأيت ماشذ عنه من العربية وحشا شاذاً قد درس شأنه،! وانقضى زمانه! وبعد فأن هذا الكلام صريح فيما نريد إثباته من أن العرب عرفوا أن لكل عصر آدابا وأخلاقاً، وان الجمهور يناقض السنة الكونية سنة التبديل، والتحويل وتغير الأشياء، فالطبيعة تقضي على البشر بالتصرف وهم والهفاه يتطبعون على الجمود، ثم ليس أو المظفر هذا هو كل من يقول بهذا الرأي فان علماء العرب الأولين جمعا يرى ذلك. وابلغ شاهد نسوقه لك قصة الشيخ صفي الدين الحلي الشاعر المشهور مع أحد

فضلاء عصره، وقد قرأ شعره، فقال لا عيب فيه، سوى قلة استعماله اللغة العربية، فكتب الصفي إليه هذه الأبيات المعروفة: إنما الحيزبون والدردبيس ... والطخا والقاخ والعلطيس والسبنتي والحقص والهيق ... والهجرش والطرقسان والعطسوس وبعد أن ذكر أمثال هذه الألفاظ، قال: لغة تنفر المسامع منها ... حين تروى وتشمئز النفوس وقبيح أن يذكر النافرالوح ... شي منها ويترك ألمانوس درست تلكم اللغات!! وأمسى ... مذهب الناس ما يقول الرئيس إنما هذه القلوب حديد ... ولذيذ الألفاظ اللغة مغناطيس وممن تنبه لهذه المقالة من المتأخرين الشيخ كاظم الازري شاعر بغداد في القرن الثاني عشر، وزاد نغمة في الطنبور انه جمع إلى استهجان الألفاظ القديمة استهجان المعاني المفرغة في تلك الألفاظ. ومن العجب انه كان يستعمل ما يستهجن معاني وألفاظاً وهي شنشنة الشعراء الأول يقولون ما لا يفعلون. فقد كتب هذا الشاعر في ما نحن في صدده إلى صديق له أبياتاً جاء فيها: يا أبا احمد رويداً رويداً ... أنا في الشعر صاحب المعجزات! إن شعر الأولى غريب المعاني! ... رنق غير رائق الكلمات لو يريد الإنسان أمثال هذا ... لأتي بالألوف دون المئات فلهذا صددت عنه صدوداً ... وتعوضت عنه بالبينات

أمثال عوام العراق

كنقاخٍ وطحلب وجفاخ ... وسنيد وشبرق وطخاة فإلى مثل هذا نوجه أنظار علماء العربية وذلك لينشئوا في أبحاثهم لغة تناسب هذا العصر الذي اتضحت هذا العصر الذي اتضحت فيه أعمال القوى الاجتماعية والطبيعية ليسيروا معها لا ليقضوا في سبيلها جامدين فتقضي الطبيعة على هذا اللسان العربي المبين بمقتضى أصولها المقررة الثبوت. النجف: محمد رضا الشبيبي أمثال عوام العراق عرس الجليلو الجليلو (بجيم مثلثة فارسية وهو من لفظ أهل البادية للكاف العربية كما أشرنا إليه سابقا)، حشرة مائية يبلغ طولها من سنتمترين إلى ثلاثة وقد تزيد كبيرتها على ذلك، لونها ليس بأبيض يقق، ولا أصفر فاقع، بل قد يقال انه أزهر، وجناحان أبيضان لها شوكتان في ذنبها، وهي رخوة المجموع غير متماسكة البنية تتأثر من اقل ضغط وقد تختلف عما ذكرنا، ترى على وجه الماء عند الزيادة متراكمة بعضها فوق بعض متداخلة كأنها تتسافد أو هي كذلك. ترتفع قليلا طائرة ثم تسقط سابحة، ويعلل ذلك بأنها تعيش في ضفاف الأنهر فإذا زاد الماء أخذها بجريه لضعفها عن المقاومة. وبهذا يفسر عدم بقائها على وجه الماء اكثر من يوم أو يومين. وعندئذٍ تغدو فريسة

الحيوانات المائية والطيور ومنظرها على هذه الحالة شائق يصبو إليه الناظر ويتباشر الفلاحون إذا رأوها لان وجودها برهان على زيادة المياه المنوطة حياتهم بها. ويقولون آنئذٍ (أعراس الجليلو) أو (الجليلو عرس). اشتقاقه من قول العامة: (جلجل عليه) بفتح الجيمين المثلثتين وسكون اللامين وجلجل أي كل كل كل. وكله بمعنى كلله أي ألبسه الإكليل قال صاحب القاموس: وكلل فلاناً البسه الإكليل. وقال شارحه وكذلك كله. اه. أو هي بمعنى كلله بالحجارة أي علاه بها (كما استدرك عليه الشارح) إلا أن كل تتعدى بنفسها والعامة تعدى جلجل بعلي وهي عندهم بمعنى صار عليه كالإكليل أو علاه الإكليل على ما ذكرنا من اختلاف المأخذ. وكله معناها ألبسه الإكليل أو علاه والفرق بين علا عليه وعلاه يعرفه من مارس اللهجة أو نقول انه مشتق من قولهم (جل عليه) بمعنى جلجل عليه والفرق بينهما كما يشهد له استعمال العامة أن الأولى تفيد المبالغة لأنها مأخوذة من المؤكد دون الثانية والأولى اقرب إلى (الجليلو) معنى والثانية لفظاً لان الجليلو فيه جيم مثلثة واحدة وكذا (جل) والذي أظنه انه مشتق من الأولى ومثل هذا الحذف أعنى حذف الجيم من الجليلو الموجودة في المشتق منه سهل عند العامة وذلك لوجود معنى الكثرة في الجليلو وان ألغيت في الاستعمال وأطلق على الواحد. وشاهدي أن التسمية قارنت رؤيته بتلك الحالة وإلا لما صح نحته من هذه اللفظة لان تلك الحالة بها كانت المناسبة بين المعنيين. هذا هو الذي أظنه في

اشتقاق هذه الكلمة وإذا أنصفت الصواب ولم أجازف في القول القي معرفة اصلها على عاتق من يعرفه بل هو سؤال القيه أمام قراء مجلة لغة العرب الغراء وأستميحهم نشر ما تسمح به قرائحهم. كيف تقوله العامة عرس، العين مشتركة الحركة بين الفتح والكسر. والراء والسين ساكنتان وعند أضافتها إلى ما بعدها تحرك بحركة مشتركة. الجليلو الجيم أيضاً مشتركة الحركة واللام الأولى مكسورة واللام الثانية مضمومة. يضرب للمسرة تنقضي سريعاً. الشاص شاص والحمل حمل اشاصت النخلة أي حملت الشيص والجملة الأولى اصلها الاشاص (أي النخل الذي اشاص) ثم اقتضى التخفيف مجوز كل شيء عند العامة في لغتهم فحذفت الهمزة ثم أدغمت اللام في لأنها من الحروف الشمسية المعروفة وحذفت الهمزة من الثانية أما لأنها تناسب الأولى وأما للتخفيف وإضراب هذا التركيب - اعني ما كان فيه الخبر عين صلة الموصول الذي وقع مبتدأ - كثيرة في الكلام العربي قال الشاعر:

ما فات فات فلن يعود وإنما ... هم الفتى من أمره المستقبل والغرض منها بيان عدم القدرة على التلافي والاستدراك وان لا ندحة إلى العلاج. (ضبط الألفاظ) الشاص حركة الهمز مشتركة بين الفتح والكسر. والشين مفتوحة والصاد ساكنة في اللفظتين. والحمل حمل حركة الواو مشتركة بين الفتح والكسر، واللام ساكنة وحركة الحاءين مكسور والميمان مفتوحتان واللامان ساكنتان. يضرب للأمر فات ولا يتدارك فهو يشارك المثل العربي (سبق السيف العذل) في المضرب. كص راس وميت خبر (ضبط الألفاظ) الكاف مثلثة فارسية مضمومة بضمة خفيفة هي الحركة المشتركة، والصاد ساكنة مشددة. ميت الميم مفتوحة، الياء مشددة والتاء ساكنة ويروي بدل الياء المشددة واو مشددة أي موت. كص أمر من قص بتشديد الصاد بمنى قطع أو قطع بالمقصين وكافة الفارسية مقلوبة عن القاف وهو كثير وقد تقلب القاف جيماً كما سيأتي. يضرب لعمل الشيء وكتمانه. ما تخلف النار إلا الرماد (ضبط الألفاظ) تخلف التاء مفتوحة بفتحةٍ خفيفة، اللام مشددة

الفاء ساكنة، النار، الراء ساكنة، رماد، الميم مفخمة. يضرب للخلف السوء الشريف الأصل الدني النفس الذي لا ينفع به كما ينتفع بأصله فهو والمثل العربي (خوق من السام بجيدٍ أو قص) يتوارد على مورد واحد إلا أن الظاهر أن المثل العامي مورداً. صحبتة على ركبتة (ضبط الألفاظ) صحبته الصاد مضمومة. الحاء مشتركة الحركة بين الضمة والفتحة، الباء ساكنة، التاء مفتوحة، الهاء ساكنة، والتاء مفتوحة، والهاء ساكنة. مورد هذا المثل كنائي المعنى وهو عدم دوام الصحبة وانتفاء لوازمها، وهي أمور تجب على المصاحبين كان يغار كل منهما على صاحبه ويعينه عند الشدة وينصره إذا استنصر، ويغيثه إذا استغاث، ويقف معه في الحياة بكل صفاته الحسنة الغيرية. فالصحبة اخوة أدبية تضاهي الاخوة المادية وقد تكون اشد منها. وهذا المعنى ظاهر من وضع الصحبة على الركبة. ضع شيئاً على ركبتك ثم قم فانه يسقط لا محالة. ففعلك هذا يفسر هذا المثل. وهذا المعنى بعينه موجود في المثل العربي (شر الناس من ملحه على ركبته) والمراد بالملح غير الغضب. قال ابن الحديد في شرح نهج البلاغة في الكناية ويقولون ملحه على ركبته أي يغضب لأدنى شيء قال الشاعر:

(وهو مسكين الدارمي في امرأته): لا تلمها إنها من نسوة ... ملحها موضوعة فوق الركب كشموس الخيل يبدو شغبها ... كلما قيل لها هاب وهب ويروي البيت (من عصبة) بدلاً (من نسوةٍ) فرد يد ما تصفك الفرد لغة نصف الزوج ومن لا نظير له وجمع الأول فراد والثاني أفراد وفرادى والعامة تارة تقول (فرد) وأخرى (فد) وتستعمل هذه الكلمة إذا أرادت عدم تعيين مدخولها وتنكيره فيقال (فرد رجل) أو (فد رجل) والمراد رجل ما، والظاهر أن استعمال هذه الكلمة في أمثال هذا التركيب بهذا المعنى مأخوذ من التركية فأنه كثيراً ما يقال (بركون) (بر آدم) والمراد يوم ما ورجل ما و (بر) معناها فرد وواحد ومن يحفظ التركية يعلم أن نظائر هذا التركيب كثيرة فيها. وسنطلق عليها بعد هذا لفظ (أداة التنكير) فانه لم يقصد بها إلا التنكير كما هو ظاهر. وقد تستعملها العامة للمبالغة في مدح مدخولها أو ذمه. والغالب استعمال (فد) في هذا المقام كما أن الغالب في الأول استعمال (فرد) وحينئذٍ تكون (فد) تصحيف فذ بالذال المعجمة. وأهل العراق لا يميزون بين الدال المهملة والمعجمة أو لا يكادون يفرقون بينهما وتكون القرينة حينئذٍ لتعيين إرادة

هذا المعنى حركة خصوصية في يد المتكلم وفي عضلات وجهه وكثيراً ما تعين العامة المعنى المراد من الجمل المحتملة لوجوه شتى بحركات الأيدي وتغيير السحن وهي إذا استعملتها بهذا المعنى فالغالب أن تلحقها بوصف يدل على ذلك. فيقول: (فد رجل عظيم) وفي هذا المثل يقال تارة: (فديد الخ) وأخرى (فرد يد الخ) وأحياناً (فد أيد) أو (فد يد) وإنما بسطت الكلام في هذه الكلمة لشيوع استعمالها. كيف تقوله العامة فرد: بفتح الفاء وسكون الراء والدال. يد: بكسر الياء وسكون الدال. تصفك: التاء ساكنة والصاد مفتوحة والفاء مشددة. والكاف (المثلثة الفارسية) ساكنة. وقد يقال: متصفك بفتح الميم وسكون التاء وحذف ألف ما. يضرب لعدم القدرة على العمل لفقدان أسبابه أو لقلة المساعدين على إبرازه إلى عالم التحقيق. الباقي للأتي النجف: (مرج) الدور الدور (بفتح الدال المهملة بلغة العوام وبضمها باللغة الفصحى والبعض منهم يقول الدر ويسميها اليوم بعضهم (قرية العلماء) هي بليدة مبنية على كهف ذي صخور وحجارة، وذلك الكهف يطل على دجلة ويناوح الغرب. ويبلغ طول القرية (800) متر في عرض (350) متراً تقريباً فتكون

مساحتها 280 كيلو متراً. يبلغ عدد بيوتها 150 وسكانها نحو آلفي رجل. وهم يقسمون إلى خمس عشائر وهي: الأولى: (عشيرة الشويخات) (بالتصغير) وهم من (الجبور) ويبلغ عدد رجالها 160، ورئيسهم اسعد الطه. والثانية: (عشيرة البوجمعة) ومقدار رجالها مائة وشيخهم عتوي الجدوع. والثالثة: (عشيرة البومدلل) وعددهم 60 رجلاً وزعيمهم عبد الله رشيد. والرابعة: (عشيرة المواشط ويزعم في سبب تسميتهم هذه انهم من نسل عجوزٍ كانت ماشطة لنساء الخلفاء العباسيين). ورجالها مائة وأربعون ورئيسهم محمد الملا خليل. والخامسة (البوحيدر) وهم عبارة عن 140 رجلاً وعميدهم احمد الشهاب. وبين هؤلاء الأعراب أجناب دخلاء لا يرجعون إلى عشيرة مسماة أو منسوبة. وكل هؤلاء الناس على مذهب الشافعي من مذاهب أهل السنة. وهم كثيرو التعصب وفيهم بعض الحنفية. - والرئاسة الكبرى فيها هي لأسعد الطه السابق الذكر. أما لغة أصحاب هذه القرية ففصيحة إلا انهم يلفظون الراء المهملة

غيناً معجمة كما يفعل أهل الموصل وتكريت ويهود بغداد ونصاراها. والظاهر أن هذه اللغة قديمة في دار السلام وما جاورها شمالاً وجنوباً فقد جاء في ترجمة عبيد الله بن محمد بن جرو على ما رواه ياقوت في معجم الأدباء ما هذا نقله: حكى بعض الأشياخ من أهل صناعة النحو: أن عضد الدولة الدليمي التمس من أبي على الفارسي إماماً يصلي به واقترح عليه أن يكون جامعاً إلى العلم بالقراءة العلم بالعربية. فقال: ما اعرف من قد اجتمعت فيه مطلوبات الملك إلا ابن جرو أحد أصحاب أبي علي، وهو أبو القاسم عبيد الله بن جرو الاسدي. فقال: أبعثه إلينا. فجاء به وصلى بعضد الدولة. فلما كان الغد وافى أبو علي وسأل الملك عنه. فقال: هو كما وصفت إلا انه لا يقيم الراء أي يجعلها غيناً كعادة البغداديين في الأغلب فقال: أبو علي لابن جرو ورآه كما قال عضد الدولة: لم لا تقيم الراء؟ فقال هي عادة للساني لا أستطيع تغييرها. . . . إلى آخر الرواية. فضلاً عن أن صاحب المزهر ذكر في 269: 1 أن جعل الراء غيناً لثغته معروفة عند العرب. وأبنية هذه البليدة بالحجارة والجص لا بالآجر أو الطين فقط أو باللبن والطين معاً واغلب أشغال رجالها مكاراة الدواب والبذرقة واتخاذ الاكلاك

والعبرات.

وأمام البلد على شفا الكهف قبة لمرقد الإمام محمد الدوري الذي يصحفه عوام في هذه البلدة في هذه الأيام فيقولون (محمد الدر) بضم الدال المهملة وتشديد الراء. قال عيسى القادري البندنيجي في كتابه جامع الأنوار: أن هذا الشيخ ينتهي نسبه إلى الإمام موسى الكاظم وكان من أكابر مشايخ الأعاظم ذا إشارات غريبة وكرامات عجيبة، توفي في قرية الدور.) اهـ. ولا نعلم إذا كان هو المقصود من كلام ياقوت الحموي في معجمه معجم البلدان في مادة دور سامراء قال: (فمنها محمد بن فرخان بن روزبة أبو الطيب الدوري: حدث عن أبي خليفة (الجمحي وغيره) أحاديث منكرة، وروي عن الجنيد حكايات في التصوف). اهـ. وزاد في التاج: (مات قبل الثلثمائة، وقال الذهبي: قال الخطيب: غير ثقة.) ويزعم أهل الدور أن قرية سميت باسمه من قولهم: قرية الدر ثم مدوا الضم فقالوا الدور. وذلك تجنباً للالتباس من قولهم: (در) التركية ومعناها: قف. وهذا من سوء التأويل لجهلهم أن القرية موجودة بهذا الاسم قبل وجود الإمام المذكور. أما المحل المدفون فيه محمد الدوري فهو عبارة عن بهو مربع الأركان يبلغ طول كل ركن منه قراب 30 متراً وفي وسطه قبة معقودة بالجص والطاباق القديم مربعة الأركان من الأسفل. يبلغ طول كل ركن منها نحو 20 متراً. وتحتها مصطبة عليها شباك من الخشب كل ركن منها نحو 20 متراً. وتحتها مصطبة عليها شباك من الخشب يبلغ طوله ثلاثة أمتار وعرضه متراً وأربعين سنتيمتراً وارتفاعه

مترين. ولهذا الإمام زيارة يزورها أهل الدور في عصر كل خميس ويطلبون منه حاجاتهم وينذرون له النذور ويقربون القرابين وفي الدور خمسة مساجد أولها: الجامع الكبير ويزعمون انه من أبنية عمر بن عبد العزيز ولا اثر هناك من كتابة وغيرها يحقق زعمهم. أما اليوم فهو عبارة عن بهو كبير مسافة محيطه زهاء 150 متراً وقد سقط من حائطه شيء من طواره وفيه رواق معقود على ست دعائم ويبلغ ارتفاع حائطه 8 أمتار وفيه قبور أجداد آل مدلل منها: قبر الشيخ عبد العزيز والشيخ حمد وفيه منارة يبلغ سمكها عشرين متراً وفي أعلاها كتابة بارزة مخطوطة على البناء على شكل هندسي لم نهتد إلى قراءتها. والمسجد الثاني يعرف بجامع السادة وهو مسجد صغير قديم الوضع لا يعرف بانيه الأول ولما أخنى عليه الزمان جدده قبل أربع سنوات فخذ من الأعراب يعرف بالسادة وهم من سادة النعيم (وزان زبير) من عشيرة البو جمعة. فنسب إليهم. والثالث مسجد الشويخات وهو أيضاً قديم الوضع ولا يعرف بانيه. والرابع مسجد المواشط وهو اليوم خرب. والخامس جامع البو حيدر وهو قديم البناء أيضاً لا يعرف من عمره وقد خرب. وفي ظهر الدور تجاه الشرق على بعد عشر دقائق تل يعرف بتل البنات ولا نعرف من أمره شيئاً ووصاف البلدان لم يذكروه. ويبلغ محيطه قراب 300 متر وسمكه 20 متراً وفيه آثار انقباض. وفي شمال

غربي الدور على بعد 48 كيلومتراً نهر يعرف بنهر الحفر واقع في أرض تسمى بأرض نائفة. وفوقه بساعة ونصف حاو (هو بلسان العامة الوهدة بلسان العرب الفصحاء) يسمى الكلك. يمتد الحفر إلى مسافة 60 كيلومتراً ويصب في نهر الرصاصي

الجدول عندهم شاخة واللفظ من أصل أرمى معناها: سال وجرى) يسمى الحديد (كزبير) ولم نجد له ذكراً في كتب هذه البلاد. وفوقه بمسافة 12 كيلومتراً في فتحة جبل حمرين (أي شعب هذا الجبل) تل يعرف بتل الذهب. وهو على ضفة دجلة وقد أكل الماء نصفه. ويبلغ محيط الباقي منه نحو 130 متراً. وفوقه تجاه الشمال الشرقي على مسافة 60 كيلومتراً أو على بعد 50 كيلومتراً من غربي جبل حمرين في أرض الجبور تل يعرف عند أهل تلك الديار (بتل الماحوز) ينزله نحو مائة بيت من أعراب الجبور وهم أهل ماشية وأغنام وبيوتهم من الشعر. أما التل المذكور فيبلغ محيطه قراب 350 متراً وسمكه نحو 30 متراً. والظاهر من تسمية هذا التل بالماحوز انه كان هناك قصر جليل ولعله بني للأشراف على العدو وحركاته. فقد قال صاحب اللسان في مادة محز. . . . . . . . (أهل الشام يسمون المكان الذي بينهم وبين العدو وفيه أساميهم ومكاتبهم (ماحوزاً). وقيل: هو من حزت الشيء: أحرزته. وتكون الميم زائدة. قال ابن الأثير: قال الأزهري: لو كان منه لقليل محازناً ومحوزنا. قال: واحسبه بلغةٍ غير عربية.) اه. قلنا نحن: الماحوز لفظ كلداني أو سرياني (والأصح ارمي) معناه الحصن أو الحرز وأيضاً البليدة أو المدينة الصغيرة المسورة. وهم يشتقوها في لسانهم من مادة محز. والأصح أن يقال من مادة ح وز ثم تأصلت فيها الميم لكثرة استعمالها كما يقول العرب: تمذهب فلان

وهي من مادة ذهب. وعليه: فيكون (تل الماحوز) حرزاً حريزاً كان قد بنى على حدود ديار العدو للاطلاع على أعماله. أو لعله كان مدينة صغيرة دفنت تحت الأنقاض وهي هذا التل الذي يشاهد اليوم. على أن وجود اسم الماحوز بقرب الدور أو بقرب سامراء يدفع مستقري الآثار ومتتبعها إلى القول انه هو قصر الماحوزة المذكور في التاريخ والذي أسلفنا ذكره عن ياقوت الرومي في صدر المقالة لكنه ليس به على التحقيق، والذي يسوقنا إلى هذا القول هو ما قاله اليعقوبي في كتاب البلدان. . . (وارتفع البنيان (أي بنيان الجعفرية) في مقدار سنة، وجعلت الأسواق في موضع معتزل، وجعل كل مريعة وناحية سوقاً، وانتقل المتوكل إلى قصوره هذه من المدينة أول يوم من المحرم سنة 247 وأقام المتوكل نازلا في قصوره بالجعفرية تسعة أشهر وثلاثة أيام، وقتل لثلاث خلون من شوال سنة 247 في قصره الجعفري. واتصل البناء من الجعفرية إلى الموضع المعروف بالدور ثم الكرخ وسر من رأى، ماداً إلى الموضع الذي نزله ابنه أبو عبد الله المعتز بين شيءٍ من ذلك فضاء ولا فرج ولا موضع لا عمارة فيه فكان مقدار ذلك سبعة فراسخ.) اهـ. فإذا عرفنا أن المسافة بين الجعفرية وبين الموضع الذي ينزله المعتز، وهو آخر البناء شرقاً. هي سبعة فراسخ والمسافة بين تل الماحوز ومنزل المعتز زهاء 140 كيلو متراً يتبين للحال أن تل الماحوز ليس من قصور الجعفرية. أما الجعفرية فلا تكاد ترى لها اليوم أثراً يذكر، بل ولا تسمع

مغاصات اللؤلؤ

بشيء يدلك على آثرها، لأنها لم تبق عامرة بعد وفاة المتوكل ولا سكنها أحد بعده. قال اليعقوبي (وولى محمد المنتصر بن المتوكل (يعني بعد وفاة أبيه) فانتقل إلى سر من رأى، وأمر الناس جميعاً بالانتقال عن الماحوزة وان يهدموا المنازل ويملوا النقض إلى سر من رأى فانتقل الناس وحملوا نقض المنازل إلى سر من رأى وخربت قصور الجعفري ومساكنه وأسواقه في أسرع مدة وصار الموضع موحشاً لا أنيس به ولا ساكن فيه، والديار بلاقع كأنها لم تعرف ولم تسكن.) فهذا هو السبب الوحيد لإهمال ذكر الجعفرية وعفاء رسمها واندراس أثرها. - ويوجد اليوم في تكريت قوم يعرفون (بالجعافرة) والبعض يسميهم (بالجعفرية) وتظن جماعة من أهل العراق انهم بقية من بقايا أولئك القوم الذين نزلوا بالجعفرية أيام المتوكل وبقى هذا الاسم عليهم. - والحقيقة انهم ليسوا كما يظن بهم، بل هم من ولد رجل اسمه جعفر وقد انتسبوا إليه وهو جدهم الخامس. إلى هنا ينتهي ما كان في غربي سامراء من الإطلال الدوارس المعروفة الأسماء عند أهل تلك الديار. وهو فوق كل علم عليم. كاظم الدجيلي مغاصات اللؤلؤ إن برزخ بناما الواقع في العالم الجديد كان في حين من الزمان زاهراً

مملوءاً بالأصداف النفيسة حتى أن سفيل جلب في سنة واحدة كمية وافرة جداً من اللؤلؤ وكان بينها لآلئ حسنة ذات قيمة عظيمة قادرة الوجود ولكن واهاً على تلك الأراضي الجميلة المزدانة بأنواع الأشجار فقد أصبحت خراباً بعد أن كانت زاهية وذلك اثر ما آتاه فريق من بني البشر من التعديات الفظيعة على سكان تلك البقاع الضعفاء المساكين الذين كانوا يقاسون من الذل والهوان، ما تقشعر له الأبدان، وينفر من سماعه الإنسان. فكم هندي صار هدفاً لسهام المسيطرين الذين دوخوا تلك الربوع عندما اكتشفها كولمبس العظيم، وكم منهم لم يعط قوت يومه يطوي نهاره وليله صائماً خائر القوى، وكم منهم صار فريسة سائغة لكلاب الماء وتماسيحه المفترسة. وكم منهم ضربه سيده سياطاً ذلك السيد الفاقد المروءة والشهامة حتى مزقت لحمانه واسلت دماءه، وكم منهم انزل رغم انفه ليغطس في البحر ويستخرج الجواهر المدفونة في قعره فغاص مضطراً كارهاً ولم ير نور الشمس ثانية تخلصاً من العذابات الأليمة والقصاصات الشديدة، وكم منهم هرب ولم يوقف له على اثر، وكم منهم نجا بنفسه تاركاً وراءه عائلته المحبوبة تتضور جوعاً، وكم من الأطفال والنساء العاجزات لعبت بهم أيدي العبث والفناء. فشطوط اللؤلؤ تجردت هناك من أصدافها رحمةً بأولئك الأقوام النحسي الطالع وانتقاماً من ذوي المطامع الاشعبية الذين همهم الوحيد في هذه الدنيا جمع الأموال ولو سبب ذلك انقراض القبائل والشعوب

الضعيفة ودمار الأمصار العامرة وخرابها. ولحسن الحظ لم يحدث عندنا في الشرق ولا في غيره ما حدث عند إخواننا في العالم الجديد من الضغط والعبودية الجائرة، وعليه فمغاصات اللؤلؤ والمرجان لم تزل حتى يومنا هذا زاهية بالأصداف البديعة وهذه المغاصات هي في بحر هولاندا والمكسيك وشطوط اليابان والخليج الفارسي وجزيرة سيلان وقد وصف الأخيرة منها بلينوس الروماني العالم بالطبيعيات الذائع الصيت صاحب كتاب علم المواليد المشهور منذ آلفي سنة تقريباً بقوله (جزيرة ذات ذهب خالص ولآلئ لا نظير لها. جزيرة يغشاها النخل الذي لا يموت. جزيرة هي كالملكة جالسة على عرش المياه الساطعة بأشعة الشمس. جزيرة من غياضها تفوح رائحة القرفة الذكية ومن غاباتها تتضوع الأرجاء بشذا عبير أطيابها العطرية). إن أكبر مغاص للؤلؤ في جزيرة سيلان هو الشواطئ التي تبعد عنها نحو عشرين ميلا فيراها الإنسان مقفرة طول السنة إلا في شهري شباط وآذار فيوجد فيها من طلاب الكنوز النفيسة والجواهر الثمينة أقوام شتى مختلفة اللغات متباينو الدرجات قد آتوا من ممالك ومدن عديدة وجميعهم ساعون لغرض واحد وهو احتكار اللؤلؤ. فهناك التاجر والمسافر والكاتب والعامل والغواص الوطني الخ. أما كيفية استخراج اللؤلؤ هناك فهو عندما تجنح الشمس إلى مغاربها يطلق مدفع إشارة إلى إنزال القوارب في الماء ومباشرة العمل. وفي كل قارب

نحو عشرين رجلاً، عشرة منهم تجذف والعشرة الثانية تغطس متناوبة أما الغطس فلا يبدأ إلا حينما يقتنص بازي الضوء غراب الظلام. وفي اسفل كل زورق خمسة أحجار حمراء. وفي وسط كل منها ثقب فيه حبل متين فإذا غاص الغواص يضع قدمه اليمنى بثبات على الحجر ويتمسك بالحبل فيهبط حالاً إلى قعر البحر معه سلة أو كيس مربوط حول عنقه ثم يأخذ يجمع الأصداف التي حواليه بسرعة تحاكي وميض البرق بدون أن يلتفت يميناً أو شمالاً خوفاً من رؤية عدوه الأزرق. واعلم أن بعض الغواصين يبقون تحت سطح البحر دقيقة واحدة وآخرون دقيقتين وغيرهم ثلاث دقائق أو أربعاً أو خمساً الخ إلى أن تضيق بهم الحال فيحركون الحبل الذي بيدهم إشارة إلى أكتافهم بما لديهم والى ضيق ذرعهم فيسرع رفقائهم الذين في القارب إلى جذبهم إلى فوق. وكل من يبقى تحت الماء اكثر من اللازم يصاب غالبا بأنه في بدنه حتى أن اغلب الغواصين، ألم اقل كلهم، حينما يرفعون إلى وجه البحر يرعفون بل ربما تسيل الدماء من أفواههم وآذانهم ولكن قل من يفتكر منهم بهذه المسألة الخطرة. أما الذي يخيفهم ويفزعهم هو ذلك العدو الألد اعني به القرش أو الكوسج لا غير. هذا وكل من الغواصين يغوص في اليوم من أربعين إلى خمسين مرة تقريباً وإذا امتلأت القوارب يقفل أصحابها راجعين إلى الشواطئ حيث يفرغون الوسق ثم يستأنفون العمل على هذه الصورة يومياً إلى أن ينتهي فصل استخراج اللؤلؤ. أما استخراج اللؤلؤ في الكويت والبحرين وفي ثغور خليج فارس

فهو في كل سنةٍ يزداد ازدياداً باهراً وينمو نمواً عظيماً على ما ذكره عبد العزيز أفندي ابن احمد الرشيد البداح الكويتي وقد قال: (إن تعبه عظيم، ونصبه جسيم، وتقسم سفنه قسمين: قسم يكون صاحب السفينة هو الذي يعطي البحرية ما تحتاجون إليه من الدراهم ويكون إعطاؤها إياهم منجماً ومرتباً. وذلك قبل السفر وبعده: فما قبل السفر يسمى في اصطلاحهم سلفاً وما بعده تسقاماً. والغالب أن من اخذ بهذه الصفة تحسب عليه العشرة اثني عشر، فإذا أعطى صاحب السفينة للبحرية بهذه الصفة يكون له خمس قيمة اللؤلؤ ونصف الخمس لأجل السفينة. والنصف الآخر لأجل إعطاء الدراهم. والقسم الثاني أن يعطى صاحب السفينة سفينة لقوم يسافرون فيها ولا يعطيهم شيئاً من الدراهم فهذا القسم يكون لصاحب السفينة نصف خمس قيمة اللؤلؤ لأجل السفينة وهذا القسم قليل إذ الغالب هو القسم الأول. وأما من حيث البحرية فقسمان أيضاً قسم يباشرون استخراج اللؤلؤ بأنفسهم ويسمون هؤلاء في اصطلاحهم غاصة. وقسم يباشرون فيه الغوص على حساب غيرهم. وأما كيفية الغوص فأنواع: نوع يغوص الإنسان به بحجر في عنقه شبه الزبيل يجعل فيه الصدف المستخرج من البحر. ونوع يغوص الإنسان وفي رجله حجر فإذا وصل إلى الأرض نزعه من رجله ثم مضى لأجل الصدف وليس معه حبل. ثم إذا ضاق نفسه خرج، ونوع يغوص الإنسان وفي رجله حجر ومعه حبل فإذا وصل إلى الأرض نزع

باب المشارفة والانتقاد

الحجر من رجله ومضى ومعه الحبل وقد شد طرفه بالسفينة فيجره. والقسم الثاني أناس في السفينة يباشرون استخراج الأحجار التي تغوص فيها الغائصون ويباشرون أيضاً جر الغائصين في النوع الثالث وهؤلاء يسمون في اصطلاحهم (سيوب وارضفة) فالسيب له ثلثا الغائص والرضيف له نصف الغائص. وأما اللؤلؤ الحاصل في أيدي الغواصين فغالب المشترى له تجار أهل الكويت. فتارة يبيعونه في البحر وتارة يسافرون به للهند. ويبتدئ سفر الغواصين عند ابتداء دفء البحر ورجوعهم من السفر عند ابتداء برودته. فمدة أقامتهم في البحر أربعة أشهر إلا انهم في أثناء هذه المدة يمضون للميري أو القطيف أو دارى لأجل الراحة والقضاء بعض الحاجات ورواحهم. هذا في كل شهرٍ مرتين. فاستخراج اللؤلؤ من البحر هو الأصل الأصيل لأهل الكويت. والموضع الثاني الذي أريد أن ابحث عنه هو مغاص البحرين الواقع في خليج العجم فانه مشهور منذ الأزمنة العريقة في القدم وهو أكبر مغاص لؤلؤ في العالم على الإطلاق وقد قدر ما يستخرج منه سنوياً بربع مليون ليرة إسترلينية. رزوق عيسى باب المشارفة والانتقاد 1 - كتاب إرشاد الأريب، إلى معرفة الأديب، المعروف بمعجم الأدباء أو طبقات الأدباء لياقوت الرومي

وقد اعتنى بنسخه وتصحيحه د. س. مرجليوث، مطبعة هندية بالموسكى بمصر. الجزء الخامس كل منا يعلم ما الياقوت الرومي أو الحموي البغدادي من المنزلة الرفيعة في علوم العرب وبلادها وعلمائها ومشاهيرها. وله هذا السفر الجليل الذي لا يستغني عنه كاتب إذا أراد الوقوف على ماضي اللغة العربية ونوابغها وكتابها وتاريخها إلى آخر ما هناك مما يتصل بها. والكتاب حسن الكاغد والطبع. هذا فضلا عن أن متولي طبعه هو ذاك العلامة المستشرق الإنكليزي الشهير مرجليوث الذي لا يقوم بأمر إلا ويوفيه قسطه من الأحكام والإتقان. ونحن نتمنى لهذا الكتاب الأماني الآتية: 1 - إن وضع عند إتمامه وإكماله فهارس عامة للأعلام الواردة فيه ولو لم تدخل تحت الأبواب المصدرة بحروف المعجم، ونريد بها الأعلام الواردة في نص الكتاب وسياق التراجم المذكورة فيه. 2 - فهارس لأسماء الكتب الواردة ذكرها في مثاني التراجم. 3 - فهارس للبلدان والأبنية العامة والمدارس والمعاهد والمكاتب وما يدخل تحت هذا الباب. 4 - فهارس تذكر فيها الأعلام المترجمة في تضاعيف الكتاب بموجب شهرتها (كلقب الرجل أو كنيته أو اسم أبيه أو أمه أو نحوها) لا بموجب اسمه كما ورد في مثاني المعجم.

5 - لو كانت تطبع الأعلام المترجمة بحرف ممتاز عن النص لكان الأمر أهون مراساً للباحث أو المطالع واسهل وقوعاً للعين عليها. 6 - أن يفرد فهرس للألفاظ اللغوية التي ورد تفسيرها في المعجم حتى يتخذها الكاتب العصري عند الحاجة إليها. 7 - أن يجعل فهرس للقواعد اللغوية والنحوية التي وردت فيه. 8 - أن يعقد فهرس لتصحيح ما ورد من خطأ الطبع. فقد ورد في هذا الجزء الخامس في ص5 س13 زكياً والأصح ذكياً. - وفي ص7 س10 لأحد أصحاب والأصح أحد أصحاب. - وفي ص16 س8 قد جرد وأشتاط وغضب. والأصح واستشاط إذ لم يرد اشتاط بهذا المعنى أي ذوت نضرة الأدب. - وفي ص20 س10 وإدارة. والأصح: وأدرئه بإجلاس الهمزة على كرسي الباء. وفي تلك ص س18 وعزم غير مغلول. والأصوب هنا يقال غير مفلول بالفاء. وفي ص22 س6 فيبردها. والأصح. فيبرزها. وفي تلك ص س14 مهدبة والأصوب مهذبة. - وفي ص23 س2 يسموا والأصح يسمو إلى آخر ما ورد من هذا القبيل. ونحن نتمنى أن تتحقق هذه الأماني أو جلها لمنزلة المؤلف والناشر والله الموفق. 2 - كتاب غاية المراد، في الخيل الجياد. الخيل العراب من أشهر الخيل في الدنيا حتى أن سائر البلاد إذا

أرادت أن تصلح جيادها فلا تستغني من أن تستجلب لها فحولاً عراباً. وقد وضع العرب كتبا في وصف الخيل وكل ما يتعلق بها حتى أنها أدهشت العلماء في عصرنا هذا. وقد ألف صديقنا السيد رشيد أفندي ابن السيد داود السعدي رسالة سماها بالاسم الذي ذكرناه فويق هذا. وكان الأليق به أن يطلق عليه اسم الرسالة لأنها وقعت في 45 صفحة صغيرة لا غير إلا أنها مع صغر حجمها لا تخلو من فائدة. لان مؤلفها قد ذكر أسماء الخيل الجياد في العراق وأنحائه وفي نجد وجواره وذكر القبائل البدوية التي تربى مثل هذه الخيل في الديار المذكورة. إلا أننا نأخذ عليه نقصاً لا يمكننا السكوت عنه وهو خلو الرسالة من فهرس يطلعك بلمح البصر على محتوياتها بدون أن يتصفحها القارئ من الأول إلى الآخر. - ومما نأخذه عليه كتابة بعض الألفاظ فأنه يصور القاف البدوية كافاً عربية خالصة فكان الأصوب أن يكتبها قافاً صريحة أو كافاً منقوطة بثلاث فانه كتب مثلاً الصقلاوي: صكلاويا والمعنق (بتشديد النون) معنكاً (وكلاهما ص24) ومثلهما في ص25 فقد كتب بواق وطوقان: بواك طوكان. ومن هذا الباب كتابة الضاد ظاء أو بالعكس كقوله في ص30 الاضافر، والاصح: الأظافر ومثل هذا الخطأ كثير في هذه الرسالة الوجيزة وكذلك الأغلاط النحوية فعساها أن تصلح في الطبعة الثانية. 3 - عنوان المجد، في تاريخ نجد

(تأليف الإمام العالم العلامة بحر العلوم النقلية والعقلية الرحالة عثمان بن عبد الله بن بشر رحمه الله تعالى. - عنى بتصحيحه محمد بن عبد العزيز بن مانع النجدي ومدير جريدة الرياض سليمان الدخيل. الجزء الأول - الطبعة الأولى. طبع في مطبعة الشابندر في بغداد سنة 1328) نجد من البلاد العربية التي لا نعرف عنها إلا الشيء النزر. وهل من أمرٍ أشهر من مذهب الوهابيين، ومع ذلك فانك لا تجسد أناساً يعرفون أتم المعرفة ما يتعلق بأصل صاحب هذا المذهب ومنشأه والبلاد التي اختلف إليها. ولهذا كل كتاب أو رسالة أو مقالة تكتب في هذا المعنى تحل في القوم احسن محل لقلة ما اتصل إلينا منها ولا سيما إذا كان الكاتب ممن له اطلاع على تلك الأرجاء العربية البحتة. ومن ثم فإننا نرحب بهذا الكتاب كل الترحيب ونتمنى له الرواج والانتشار لان كاتبه ابن بشر الحنبلي (الوهابي) النجدي من اعلم الناس ببلاده وأقوامها ووقائعها. وقد صدر الواقفان على طبعه بترجمة مصنف الكتاب إلا انهما لم يتيسر لهما الحصول على سنة ولادته ووفاته. وهذا الكتاب سقيم الطبع كثير الأغلاط سيئ الورق لا يكاد القارئ يمسه بيده لقبح منظره غير أن محتوياته تهون هذا الخطب وتجرئ المطالع على تصفحه رغماً عن الاشمئزاز الذي يشعر به عند وقوعه بين يديه. فالأمل أن هذه الأمور تصلح في الطبعة الثانية أن شاء الله تعالى.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - أمراء العرب نمى إلى جريدة الرياض تفصيل المعركة التي جرت بين ابن الرشيد وبين عشيرة المنتفق التي آبت إلا ركوب مطايا العصيان والضلال وذلك على الصورة الآتية: ذهب ابن الرشيد إلى الخميسية للامتيار (وبلسان أهل البادية للمسابلة وبغبارة أخرى لمشتري ما يحتاج إليه من طعام وذخيرة ولباس للسنة كلها) فعارضته العشائر المعادية واجتمعت عليه من باب مدينة النجف (المعروفة أيضاً باسم المشهد أو مشهد علي) إلى باب مدينة البصرة. فلما رأى ذلك اخذ يراسل الحكومة والعشائر ليوقف أولي الأمر على الحقائق. أما العشائر فأعارته آذناً صماء لا بل طردت رسوله ومزقت كتابه وذكرت له أمراؤها لا يحق له أن يمتار من تلك الربوع وان يقفل عائداً إلى جبله، وقد وافقهم على هذا الكلام جميع تلك العشائر وهي: الزياد (كشداد) والضفير (وزان الضغير)، وبنو حكيم (وزان زبير وتلفظ الكاف جيماً مثلثة فارسية ويسمون أيضاً بنو حكام كشداد وتلفظ الكاف أيضاً جيماً مثلثة فارسية)، والبدور (كأنها جمع بدر)، والغزى (كغزى)، والخزاعل، والحسينات (مصغرة مجموعة)، وغيرها. وكلها من القبائل الغازية للأمير ولأمواله وسوائمه أينما وجدت. فالح الأمير عليهم أن يعدلوا عن مساوئهم وان يسيروا في سبيل

الصلاح والإصلاح، بل زادوا طغياناً وضلالاً. فلما رأى الأمير أن لا أمل في ما سعى انقض عليهم ولا انقضاض العقاب الكاسر ففل شباتهم وهزمهم شر هزيمة، واخذ منهم شيئاً كثيراً من أسلحتهم وأموالهم وعددهم وكبل بالقيود ثلاثة من شيوخ الضفير وآخذهم معه. فعسى الرعوي تعقب البلوى. 2 - طاعة العشائر كتب إلى الرياض ما ملخصه: لما رأت عشيرة البدور ما أوقعه ابن الرشيد بعشائر الضفير سلمت إلى الحكومة ما كان عليها من متأخر البأج (الكودة) وهو عبارة عن عشرة آلاف راس غنم. وكذلك فعلت عشيرة (أبي عظم). أما عشيرة البو شرف الحكام فأنها أظهرت من المقاومة ما سبب تلف أملاكها. ولهذا داخل الرعب قلوب عصاة العشائر ومن ثم أصبح رجوعهم إلى المسالة والأمن قريب الوقوع. والفضل في ذلك كله راجع إلى حضرة متصرف الناصرية فريد بك الذي يفرغ كل وسعه لتامين لواء المنتفق. 3 - انقضاض صاعقة وغرابة فتكها نهار الأحد 7 نيسان انقضت صاعقة على الحسينية العائدة إلى قضاء كوت الأمارة فأصابت امرأة اسمها (مرزة) زوجة (ذئب) فأماتتها للحال حرقا، وأصابت فتاة أيضاً لكنها في قيد الحياة. 4 - مبعوثو العراق انجلى الانتخاب في البصرة عن المبعوثين الآتية أسماؤهم وهم:

حضرة السيد طالب بك النقيب وقد أعيد انتخابه للمرة الثانية، وعبد الله بك الزهير صاحب جريدة الدستور، وحضرة عبد الوهاب باشا القرطاس، واحمد أفندي رئيس محكمة الجزاء. وانتخب فؤاد أفندي الدفتري البغدادي ونوري أفندي راس كتاب القسم التركي في جريدة الزهور البغدادية نائبين عن كربلاء. وعين إسماعيل حقي بك البابان المبعوث عن بغداد سابقاً نائباً عن لواء الديوانية. وانتخب مبعوثاً عن لواء المنتفق جميل صدقي أفندي الزهاوي. وأما مبعوثو بغداد فهم (مراد بك شقيق ناظر الحربية محمود شوكت باشا، والسيد عبد القادر محيي الدين أفندي الكيلاني، وفؤاد أفندي مدير الأملاك المدورة، وساسون أفندي وقد انتخب عن بغداد للمرة الثانية. والمبعوثان اللذان عينا للعمارة هما عبد الرزاق منبر أفندي ومجيد بك.) 5 - مصرف إنكليزي قدم في أوائل هذا الشهر رجال إنكليز ليؤسسوا في حاضرتنا مصرفاً (بنكاً)، ولا نعلم إذا كانوا ينجحون في سعيهم في مثل هذا الأوان، وعلى كل حالٍ فقد فتحوه واخذ المتوظفون بالعمل. 6 - مدرسة الوطن تم في ليلة الأحد 31 آذار الماضي احتفال فتح (مدرسة الوطن) التي أسسها يهود بغداد للطلبة الذين يريدون أن يدرسوا العلوم واللغات

بعد غروب الشمس، وقد حضر الحفلة والى ولاية بغداد وقائد الفيلق محمد علي رضا باشا الركابي وجم غفير من وجهاء البلدة من جميع الملل والطوائف. 7 - مجتهدوا النجف زايل بغداد مجتهدوا النجف وعادوا إلى مقرهم فاستقبلهم الاهلون استقبالاً حافلاً 8 - الطاعون في أبي شهر (بوشير) يظهر أن الطاعون قد توطن أبا شهر فهو في كل سنة يظهر في نيسان وآذار ويخف في أيار ويزول في حزيران. وعدد الوفيات يختلف بين 25 و30 في اليوم الواحد، وهو مما يدل على انه اثقل وطأة من السنة الماضية وقد هجر المدينة عشرة آلاف نفس واتأد سير التجارة فيها. 9 - ابن الرشيد وعنزة في أوائل هذا الشهر مثل ابن الرشيد بعشيرة عنزة شر تمثيل فغنم منهم ألوفاً من الخيل والإبل والشاء والأمتعة كانوا غزوها من قبيلة شمر فصادهم في الطريق فسلبهم إياها ورجعوا إلى ربوعهم خاسرين. 10 - الحر في بغداد تردد الحر من أوائل نيسان إلى الأسبوع الثالث منه بين 35و36 درجة من المقياس المئوي وهو غريب في مثل هذا الأوان. فكيف يكون حر صيفنا هذه السنة.

11 - عجيمي بك السعدون مع الضفير والبدور لم ينس عجيمي بك ما فعله أعداء أبيه في السنة المنصرمة. فتوفز للقتال بان ذهب إلى ابن الرشيد وتزوج ابنته فأمده حموه بجيش من شجعان الفرسان المقاتلين. ثم انظم إليهم أيضاً بنو خيقان (أو خيكان) ومن جاورهم من أعراب تلك الربوع وهجموا هجمة واحدة على الضفير والبدور فكانت الواقعة من اشد الوقائع هولا خذل فيها أهل العث والفساد وهم الضفير والبدور وكان الفوز للمؤدبين عجيمي السعدون ومن كان معه. وكانت خسائر النفوس كثيرة ومثلها خسائر الأموال والخيل والإبل ومن بعد هذا سار مزيد باشا السعدون لمساعدة عجيمي بك فعبر الفرات بأهله وعشائره وخيله ورجله وانضم إلى الشيخين أيضاً عبد الله بك ابن فالح باشا السعدون فأصبحوا سدا منيعا في وجه أعدائهم. ولعل الأعداء إذا رأوا هذه القوة العظيمة اخلدوا إلى الطاعة والسلام واهتموا بما فيه خير الأيام. 12 - كلية الكويت تم بناء قسم منها ووقف لها الشيخ مبارك الصباح خمسين حانوتاً ما عدا ما جاد به عليها من النعم والآلاء. 13 - مفتش العراق عين جلال بك متصرف كربلاء سابقاً ووالي ولاية البصرة مفتشاً عاماً لإصلاح العراق. 14 - إصلاح الخالص

قضي على ستة آلاف فدان من أراضي الخالص الغنية التربة القوية الإنبات أن تكون قاعاً صفصقاً كأن لم تكن بالأمس أنباراً للعراق وسائر الأفاق وقد ذهب بفنائها عدة قرى وضيع وبساتين وسببها سدة العويجة. فهل من يفكر في إعادتها إلى حالتها الأولى إرجاع الغنى إلى مجاريه في تلك الربوع؟ 15 - خزعل خان أمير المحمرة انتصر سمو معز السلطانة السردار الأرفع خزعل خان على مناوئيه عشائر البختارية وقد طلبت منه الصلح والأمن. فعسى أن يرعرعوا. 16 - حريق في خان النفط في بغداد في الساعة الثامنة من ليلة الأحد الواقع في 12 أيار شبت النار في خان الزيت الحجري والمواد الملتهبة الزيتية في محلة العوينة فدام الحريق 160 ساعة إلا انه لم يتجاوز الخان. وخسر التجار أربعة عشر ألف صندوق فيها زيت حجري (كاز أو نفط) وبنزين وثقاب (شخاطات) ولم يصب أحد من الناس بشيء لكن احترق في تلك النار أربعة حمير. وتقدر الخسائر بأكثر من خمسة آلاف ليرة عثمانية. 17 - ريح عاصفة في 14 أيار هبت ريح صرصر قبيل غروب الشمس بساعتين وذرت من الغبار شيئاً لا يقدر فاستحوذ الفزع على الناس وأضرموا المناوير والمصابيح إلا أن هذه الحالة لم تدم سوى نصف ساعة فسرى عن قلوبهم.

مفردات عوام العراق

18 - حريق في البصرة نمى إلى الرياض أن النار استعرت في المحل الألماني (محل روبرت فان كاوز وشركائه الواقع على سيف البصرة) فكانت المحترقات شيئاً من الصوف والعفص والجلود بما قدره 14 ألف ليرة عثمانية وقد التهمت أيضاً منزل الحيدر أبادية الراكب نهر العشائر والخسائر مجهولة. 19 - حريق في المعامل العسكرية في الساعة العشرة من صباح الجمعة 31 أيار ظهرت النار في الغرفة العليا من المعامل العسكرية فالتهمت مخزن الصوف وآلة النقش وتنظيفه ونسجه ولما درى بنشوبها أسرع الجند إلى إيقاف سير ضررها فأخمدوا أنفاسها وحصروا فتكها في العلية التي ظهرت فيها بعد أن هدموا ما حواليها، ولم يقع ضرر في الأنفس، وتقدر الخسائر بألفي ليرة عثمانية ومنهم من يقول بأكثر من ذلك. مفردات عوام العراق أخوند فارسية، معناها قارئ كبير أو معلم عظيم. وقد أخذت بعض الجرائد المحلية تستعملها. ولا بأس من استعمالها لكثرة شيوعها على السنة العوام والخواص. وهذه اللفظة تختص بنفر من علماء الجعفرية. وهم أولئك الذين يتعاطون الأمور الدينية والمسائل الشرعية ويرادفها في العربية الفقيه والمجتهد.

آذار الشهر الثالث من السنة المسيحية وهو 31 يوماً وصوابه أن يكتب اذار أو آذار بالذال المعجمة. إدريس كلمة إفرنجية الأصل وهي بإنكليزية وبالفرنسية وعربيتها العنوان. ادمجيل (تركية) معناها وحشي أو غير أنيس وهي تطلق على من كان غريباً في زيه وحديثه وأطواره لا يحب المخالطة والمعاشرة ولا يميل إلى الصحبة والألفية ويرادفها في العربية الطوراني والطوري وهو الوحشي من الطير والناس ومثلهما الوحشي والمتوحش. ادمي (عربية عبرانية) نسبة إلى آدم وآدم معناها الأحمر أو الترابي والجمع أوادم والعامة تتوسع في استعمالها وان كان معناها الأصلي هو الإنسان وقد استعملها ابن خلدون مراراً عديدة في تاريخه بهذا المعنى وجمعها على آدميين. والعامة تستعمل اللفظة تارة بمقام السخرية والازدراء وطوراً بمقام المدح والإطراء، فإذا قال أحدهم مثلا كأنه ادمي كان المراد من كلامه التهكم والاستهزاء بالرجل لتكبره وتصلفه وادعائه الطويل العريض. وإذا قال أن زيداً صار ادمياً كان المقصود منه انه نال منزلة رفيعة وأصبح غنياً ومشهوراً بعد أن كان ذليلاً فقيراً خاملاً وإذا قال أن عمراً ادمي ابن أوادم أو فيه رائحة أوادم كان المعنى انه نجيب شهم لين العريكة دمث الأخلاق متنور العقل والذهن. (رزوق عيسى)

العدد 13

العدد 13 - بتاريخ: 01 - 06 - 1912 سنتنا الثانية قد بلغنا، بحوله تعالى، السنة الثانية من مجلتنا؛ وقد رأينا من حسن التفات العلماء إلينا على اختلاف مذاهبهم وديارهم، ما يدفعنا إلى إتمام ما بدأنا به؛ ومن يطالع أعداد مجلتنا من أولها إلى آخرها، يرى أننا لم نبتعد عن الخطة التي اختططناها لأنفسنا ولو قيد ذرة. وهنا نشكر جميع الذين شجعونا بكتاباتهم الخصوصية والعمومية، أن كانوا من أصحاب المجلات والجرائد، وأن كانوا من أرباب العلم والقلم. كما أننا لا ننسى المستشرقين الذين جادوا علينا بهداياهم وتاَليفهم، وبادلونا بمجلاتهم مع صغر مجلتنا هذه وحداثة نشأتها. وما ذلك إلا لحسن أعراقهم، وطيب عنصرهم، وعظم فضلهم، إذ لا يعرف الفضل إلا ذووه. وكنا قد تهيأنا لترقية هذا الديوان، واتخذنا الوسائل اللازمة للبلوغ إلى غايتنا، منذ نصف السنة الأولى؛ فكتبنا إلى باريس لنجلب منها كاغداً حسنا كبير الحجم وصوراً وغير ذلك، فلم نفز بأمنيتنا. لأن بغداد في أقصى ديار الله. على أننا لا نيأس من التقدم والترقي، ولا سيما إذا ساعدنا الأصدقاء بايدهم، والكتاب ببنات أفكارهم، والقراء بالإقبال على مطالعة ما يقدم لهم. وهانحن ننتظر منه تعالى تحقيق هذه الأماني. (ومن يتوكل على الله فأن الله عزيز حكيم.)

العراق

العراق 1 - مقدمة تمهيدية عن العراق كثر الباحثون عن العراق وحالته الاجتماعية والسياسية والأدبية، وعن الحركة الفكرية التي ظهرت في أهاليه، وعن عادات قطانه وأخلاقهم وعاداتهم، وملئوا بكتاباتهم صفحات الصحف الكبيرة والمجلات الراقية؛ إلا أن أبحاثهم لم تكن وافية، ليتمكن القارئ بواسطتها من أن يقف على أحواله تماماً، إذ أن بعض أولئك الكتاب من هم ليسوا من أهل البلاد، فإذا كتبوا ما رأوه بأعينهم، دونوه عن غير بحث وتنقيب وإيغال، لعدم اطلاعهم تمام الاطلاع على ما عليه السكان من العادات والاخلاق، وما جبلوا عليه من الخصال، وما اتصفوا به من الأوصاف الجميلة، والمناقب الحميدة. وبعضهم من أهل البلاد، إلا انهم، ويا للأسف! قليلو البضاعة والتنقيب؛ وبما أني منذ أن مارست الكتابة أخذت أفتش وأنقب عن حالة العراق الاجتماعية وما بلغ إليه هذا الصقع من العمران والتقدم والترقي، أظنني أني وقفت على أشياء لم يعثر عليها غيري؛ وقد كتبت ما شاهدته ورأيته وعلمته وتوصلت إليه في عدة مقالات متسلسلة نشرتها في أكبر جرائد سورية كالمقتبس وغيرها، وبعض جرائد بغداد، بينت فيها بأجلى وضوح، حالة العراق العلمية والزراعية والاجتماعية والإدارية والسياسية، وقد رفعت بها الستار عن سياسة الأجانب في العراق، وما يرمون إليه بسياستهم فيه؛ وقد طلب مني من لا يسعني مخالفته، أن ارصد مقالة تضم شتات تلك الفوائد إلى فوائد أخرى جمعتها في أثناء أبحاثي المختلفة، وأن انشرها في إحدى المجلات البغدادية ليطلع عليها الجمهور، فأجبت طلبه، وقد شمرت عن ساعد الجهد للخوض في بحر هذا الموضوع، فعسانا أن نتوصل به إلى الغاية المطلوبة، وهي إسعاد هذه الأمة ورقيها. إن ربك على كل شيءٍ قدير. 2 - نظرة في هبة العراق أننا لا نريد أن نذكر هنا عن العراق ما قد أثبتته التواريخ إثبات الشمس في رابعة النهار فعلمه الخاص والعام، بل الكبار والصغار، واجمع عليه علماء

الاجتماع؛ بل الذي أريد أن اعرضه على قراء (لغة العرب) هو ما أشرت إليه في صدر هذه المقالة ولمحت إليه في كلامي عن هيت (راجع لغة العرب 249: 1) 3 - حالة العراق الاجتماعية الحاضرة إن صدري، وربك، ليضيق؛ بل ويقف قلمي عندما أريد أن أخوض في هذا الموضوع، لألم بحالة العراق العلمية والاجتماعية الحاضرة، وما قضى به عليها الدهر الخؤون، والطالع التعس، من التقهقر والتأخر وتبديل الحال بما هو اتعس منها من ذل، وجهل، وفقر، وفقد رجال علم وعمل. فقد اصبح الوطن بين جاذب ودافع وعامل لخرابه وجاهل بإصلاحه وضارٍ له غير نافع إياه. اللهم إلا في هذا العهد الجديد الذي تغيرت فيه الأحوال. ولا ادري ما السبب لهذا التأخر؟ إلا أن النواميس الطبيعية التي وضعها الحكيم، جل وعلا، هي أقوى دليل على إثبات الأسباب؛ فقد قضى ربك أن يكون لكل شيء ناموس طبيعي يجذبه إلى العلو، ويرفعه إلى فوق، وإذا فسد مجراه، عاد إلى الوراء أو هوى إلى تحت. وقد كانت هذه البلاد لما كان القائمون بها رجالاً يسيرون بها على مقتضى القانون والحكمة التي وضعها الله، سبباً لرقي الأمة: منبع الحكمة، وكعبة العلم، وأم المدنية، وعروس الحضارة والتقدم، في العلم والأدب والصناعة والزراعة والتجارة والحكمة والفلسفة والهندسة والطب وغير ذلك. فنبغ في ذلك الأوان أولئك الرجال الكبار الذين كانوا السبب الأعظم في كشف كثير من الأسرار الغامضة في عالم الطبيعة. ذلك ولما كانت العربية تتجلى عصرئذٍ في وطننا بأجلى محاسنها، وأبهى مناظرها، وكان إذ ذاك قائد الأمة واحداً، وهو التعاون على حفظ كيان الدين والوطن والاتحاد، وعلى السعي للحصول على السعادة المقدسة الدائمة، بلغت هذه الديار أقصى غايةٍ من الحضارة والعمران. أما اليوم وقد بدل من على هذه الأرض، وتغيرت تلك الأحوال، وطمست الآثار، وتهدمت صروح العلم، وسلط ربك على هذه البلاد الغرق،

والحرق، والطاعون، والتفرقة، غدت العربية تندب رجالها، وتبكي المنازل أبطالها، والمدارس طلابها، وأمست إلى ما تراه، أي لا تجد من الناس إلا القليل ممن يعرف تاريخ بلاده، وحياة آبائه، أو يحسن النطق بلغته. وهل بعد هذا الهوان العظيم هوان اعظم وادهم؟! وكلما سرحت طرفي في تاريخ هذه البلاد، وأخذت أفتش عن تلك المعاهد والمنتديات، وتلك المدارس والكليات، وتلك المعالم والمستشفيات، لا أجد فيها إلا آثاراً قائمة على جرفٍ هارٍ، كالمستنصرية، وقد اصبح قسم منها داراً للمكس، وآخر مطبخاً للآكلين، وشطراً منه مشرب قهوة للبطالين وأهل الفراغ. فيا لخجل العراق والعراقيين! وكلما أردت أن أرى رجالاً مثل الفارابي، وابن سينا، والبغدادي، لا يقع نظري إلا على أناس أفذاذ شغلتهم الحياة الدنيا عن السعي مثل ما سعى إليه أولئك الرجال، ولا أرى إلا مظاهر جلها البلاء الأكبر على البلاد، والعباد. 4 - حدود العراق وقسماه اختلفت حدود العراق باختلاف الأعصر والدول. قال ياقوت في معجم البلدان: (قال بعضهم: العراق هو السواد. . . وذهب آخرون في ما ذكر المدائني فقالوا: حده حفر أبي موسى من نجد، وما سفل عن ذلك يقال له العراق. وقال قوم: العراق: الطور والجزيرة والعبر. والطور ما بين ساتيدما (والمراد بساتيدما هنا جبل حمرين) إلى دجلة والفرات. وقال ابن عياش: البحرين من أرض العراق. وقال المدائني: عمل العراق من هيت إلى الصين والسند والهند والري وخراسان وسجستان وطبرستان إلى الديلم والجبال. قال: واصبهان سنة العراق. وإنما قالوا ذلك لأن هذا الكلام كان في أيام بني أمية يليه والى العراق لا أنه منه. والعراق هي بابل فقط كما تقدم.) اهـ ومهما يكن من أرف العراق سابقاً، فحدوده اليوم هي: الجزيرة في الشمال وخليج فارس في الجنوب، وجبال لورستان وبعض خوزستان وشيء من عربستان

ودورقستان في الشرق، وبادية الشام أو الحماد في الغرب. ويقسم العراق اليوم قسمين وكل قسم منهما عبارة عن ولاية قائمة بنفسها وهما: ولاية بغداد، وولاية البصرة. وكلتاهما كبيرة تحتوي على عدة ألوية وكثير من الأقضية، وألوف من القرى والنواحي. ولهاتين الولايتين شان عظيم في التاريخ سنأتي بذكره بحوله تعالى. 5 - اصل اسم العراق ومعناه وأقوال العلماء فيه. ذهب العلماء مذاهب شتى في حقيقة هذا الاسم وأصله ومعناه. قال ياقوت سميت العراق بذلك من عراق القربة، وهو الخرز المثنى الذي في أسفله، أي إنها اسفل أرض العرب. وقال أبو القاسم الزجاجي: قال ابن الأعرابي: سمي عراقاً لأنه سفل عن نجد ودنا من البحر. اخذ من عراق القربة وهو الخرز الذي في أسفلها. وانشد: (تكشري مثل عراق الشنة) وانشد أيضاً: لما رأينا دردرى وسنى ... وجبهتي مثل عراق الشن متن عليهن ومتن مني قال ولا يكون عراقها إلا أسفلها من قربة أو مزادة. قال: وقال غيره: العراق في كلامهم الطير. قالوا وهو جمع عرقة، والعرقة ضرب من الطير. ويقال أيضاً العراق جمع عرق. وقال قطرب: إنما سمي العراق عراقاً لأنه دنا من البحر. وفيه سباخ وشجر يقال استعرقت ابلهم، إذا أتت ذلك الموضع وقال الخليل: العراق شاطئ البحر وسمي العراق عراقاً لأنه على شاطئ دجلة والفرات مداً، حتى يتصل بالبحر على طوله، قال: وهو مشبه بعراق القربة، وهو الذي يثنى منها فتخرز. وقال الأصمعي: هو معرب عن إيران شهر، وفيه بعد عن لفظه، وأن كانت العرب قد تتغلغل في التعريب بما هو مثل ذلك، ويقال: بل هو مأخوذ من عروق الشجر. والعراق من منابت الشجر فكأنه جمع عرق. وقال شمر: قال أبو عمرو: سميت العراق عراقاً لقربها من البحر قال: وأهل الحجاز يسمون ما كان قريباً من البحر عراقاً. . . وقال حمزة: الساحل بالفارسية اسمه أيراه، ولذلك سموا كورة اردشير خرة، من أرض فارس، ايراهستان لقربها من البحر فعربت العرب لفظ أيراه بإلحاق القاف فقالوا:

أيراق. وقال حمزة في الموازنة: وواسطة مملكة الفرس العراق، والعراق تعريب أيرأف بالفاء. ومعناه مغيض الماء وحدور الماء. وذلك أن دجلة والفرات وتأمرا تنصيب من نواحي أرمينية وبندٍ من بنود الروم إلى أرض العراق وبها يقر قرارها فتسقى بقاعها وكان دار الملك من أرض العراق إحداهما عبر دجلة، والأخرى عبر الفرات، وهما بافيل وطوسفون، فعرب بافيل على بابل وعلى بابلون أيضاً، وطوسفون على طيسفون وطيسفونج. وقيل سميت بذلك لاستواء أرضها حين خلت من جبال تعلو وأودية تنخفض. والعراق: الاستواء كما في كلامهم قال الشاعر: سقتم إلى الحق معاً وساقوا ... سياق من ليس له عراق أي استواء.) إلى هنا كلام ياقوت. وأصدق هذه الأقوال وأوفقها للحقيقة: إن العراق هو تعريب (أيراه) وعليه إجماع العلماء من وطنيين وأجانب. وهو رأينا ايضاً، وصحته ظاهرة من مناسبة الاسم للمسمى كما هو بين لأدنى تأمل. 6 - أديم العراق وهواؤه وتأثيره على سكانه العراق اعدل أرض الله هواء وأصحها مزاجا وماءً. . . وليس بالعراق مشاتٍ كمشاتي الجبال، ولا مصيف كمصيف عمان، ولا صواعق كصواعق تهامة، ولا دمامل كدمامل الجزيرة، ولا جرب كجرب الزنج، ولا طواعين كطواعين الشام، ولا طحال كطحال البحرين، ولا حمى كحمى خيبر، ولا كزلازل سيراف ولا كحرارات الأهواز، ولا كأفاعي سجستان، وثعابين مصر، وعقارب نصيبين، ولا يتلون هواؤها تلون هواء مصر، وهو الهواء الذي لم يجعل الله فيه في أرزاق أهله نصيباً من الرحمة التي نشرها الله بين عباده وبلاده حتى ضارع في ذلك عدن أبين. (ياقوت) والحر والبرد شديدان في العراق ولكنهما في اغلب الأحايين يابسان. وقد رأينا الشتاء اشتد، حتى نزل ميزان الحرارة إلى 8 درجات تحت الصفر في المدن. و16 درجة في البرية، فقتل مئات من الناس والحيوان والنبات في ليلة واحدة. ويشتد الحر في كل سنة حتى يبلغ 48 درجة في الظل، وكان قبل 25 سنة يبلغ 50

درجة. على أنه يحتمل بعض الاحتمال إذا كان يابساً، والهواء غربياً أو شمالياً؛ أما إذا كان شرقياً فتضيق الأنفس وتحرج الصدور ويشتهى السكان سكنى القبور. وفي جنوبي العراق، يقتل الحر كل سنة عدة أُناس بأمراض تتولد من حماوة القيظ. وقد لاحظ بعضهم أن بين مناخ العراق ومناخ يعقوب آباد وبشاور (من ديار الهند العالية) مشابهة عظيمة. قال السر وليم ولكوكس: (أن حالة الهواء القصوى في نهار أيام الربيع تختلف بين 2، 23 درجة في ت2 إلى 4، 15 درجة في كانون الثاني؛ ثم ترتفع رويداً رويدا حتى تبلغ 7، 28 في نيسان. ومتوسط حالة الهواء. في يعقوب آباد في مثل تلك الأيام وتلك الساعات هو: 1، 23 في كانون الثاني و5، 17 درجة في بشاور في ذلك الشهر. وعليه فتكون حالة الهواء في بغداد أدنى بكثير في قلب الشتاء منها في الأصقاع الواقعة في ديار الهند العليا وعلى ذلك الخط عرضاً. ولعل ذلك ناتج من تراكم الثلوج البعيدة الأكناف التي تكسو الديار في الشمال الشرقي من العراق، أي بلاد كردستان وأرمنية. وحالة الهواء في الليل تنزل في كانون الثاني إلى الدرجة 2، 4 في بغداد. وفي الهند العليا تكون الدرجة الدنيا في شهر كانون الأول فإنها تنزل إلى الدرجة 9، 3 في بشاور و6، 4 في لاهور و3، 6 في يعقوب آباد. ومن ثم تكون حالة الهواء في بغداد أوطأ مما هي عليه في سائر مدن الهند العليا إذا كانت على خط ارتفاع بغداد أو أعلى منها بقليل.) 7 - الضغط الجوي أعلى ضغط جوي في بغداد يقع في شهر كانون الأول فيبلغ متوسطه 768 مليمتراً وينزل قليلاً جداً في شهري كانون الثاني وشباط. ثم بعد ذلك يهوى سريعاً إلى شهر تموز فيكون 753 مليمتراً تقريباً. ثم يصعد صعوداً متئداً في آب، وبعد ذلك يصعد صعوداً وحياً متواصلاً إلى شهر كانون الأول. ومحيان الدرجة العليا والسفلى يكون في مثل ذينك الشهرين في ديار الهند الشمالية أي في شهري كانون الأول وتموز. وتكون فسحة التراوح السنوي 16 مليمتراً وهي

أعلى بقليل في بشاور (15 درجة) منها في لاهور (14 درجة) وهي أدنى بقليل في يعقوب آباد (5، 16 درجة). وفي أيام الشتاء توجد بغداد (وهي معدودة من المدن المتصدرة شرقي العراق) قريبة من محور خطٍ منحنٍ وهمي عالي الضغط أو مقاوم للرياح الزعازع يمتد من آسيا الوسطى إلى بحر الروم. وعلى طول هذا المحور يزداد الضغط في كانون الأول وكانون الثاني وشباط من نحو 762 مليمتراً، في غربي بحر الروم، إلى نحو 763 مليمتراً في صقع متوسط قريب من بحيرة بيكال. هذا وفي أبان الحر اليابس تعد بغداد داخلة في الخط المنحني، خط ضغط قارة آسية الجنوبية، وهو الموطن الممتاز كل الامتياز من هذا الصقع في أوان البرشكال (1) الجنوبي الغربي. والصقع المتوسط يمتد من ساحل جزيرة العرب الشمالي الشرقي (أي عمان) إلى الجنوب الغربي من بنجاب، وصورته خط متشابه الامتداد أو يكاد، وهو يكون 748 مليمتراً في حزيران، و747 في تموز، و749 في آب، وهو خط يكاد لا يتغير عن موضعه في هذه الأشهر. وعليه فيكون الضغط الهوائي في وادي الفراتين طول السنة أوطأ مما هو عليه في تلك البلاد الهندية. ومتوسطها لا يتغير تغيراً عظيما في مدة أشهر السنة (معرب عن ويلكوكس) 8 - السحب في العراق إن مقدار السحب التي تبرقع وجه سماء العراق نزر جداً في مدة السنة. وهي لا تكاد تكون شيئاً، في أوان القيظ ولا تبلغ ألا 5، 0 (والسماء إذا تغشت كلها تبلغ 10) وفي أبان الرطوبة تبلغ 8، 1 في كانون الاول، و 7، 2 في كانون الثاني وشباط. والغيوم في هذا الفصل هي اقل مما هي عليه في مثل هذا الفصل في ديار الهند العالية، وأن كانت عللها واحدة على ما يظن، أي نشؤ أو تقرب هبوط عظيم، لكنه واطئ، أو بعبارة أخرى، اضطراب الجو في فصل الصيف. وهذه الانقلابات تنشأ في اغلب الأحيان في فارس، وتولد سحباً جمة

ابنة اليوم وحقيقتها وأسماؤها

في فارس نفسها وفي بلاد البلوص (بلوجستان) وأفغانستان وفي ربوع الهند الشمالية. وتعد بغداد من البلاد الداخلة في الصقع الغربي التي تقل سحبه غاية القلة. (عن وليم ولكوكس) 9 - المطر ثخن مقدار الماء الممطور في السنة 212 مليمتراً، منه 203 راجع إلى مطر الشتاء. وعدد أيام المطر هو 7، 18 فقط في السنة (ومقدار ماء المطر في اليوم مليمتران ونصف على الأقل). والمطر يسقط سقوطاً منتظماً في فصل البرد من تشرين الثاني إلى آذار. واعظم قدر المطر وقع في العراق هو الذي كان في سنة 1894 فأن مقياس المطر بلغ مائتي مليمتر ومليمتراً. سقط منه 158 مليمتراً في يوم واحد، وهي اعظم كمية سقطت في العراق في مدة 24 ساعة. وعليه فيكون معظم المطر في الشتاء ومزيته مزية مطر فارس وبلاد البلوص والأفغان. إلا أنه دون مطر تلك البلاد لموقع العراق الذي هو دون تلك البلاد ارتفاعاً (عن وليم ولكوكس) بغداد: إبراهيم حلمي ابنة اليوم وحقيقتها وأسماؤها ابنة اليوم، وتجمع على بنات اليوم، هي هذه الدويبة التي وصفها وصفاً دقيقاً صاحب مقالة (أمثال عوام العراق)؛ وهذا الاسم هو من وضعنا وهو تعريب اللفظة الإفرنجية أو الإنكليزية وكلاهما من اليونانية ومعناها: (ذو أو ذات يوم واحدٍ) ونحن نصفها هنا وصفاً علمياً على ما جاء في كتب أهل الفن، فنقول: ابنة اليوم جنس من الدويبات من رتبة العصبية الأجنحة من فصيلة المخصفية القرن راس أو أصل قبيلة بنات اليوم طويلة الجسم، لونها إلى البياض أو إلى الصفرة، (أو كما قال كاتبنا المحقق: إلى الزهرة) وأجنحتها طويلة ومثلثة ومرتفعة إلى فوق في وقت الراحة. وأجنحتها السفلى في غاية الصغر وكأنها فص من فصوص الأجنحة الخارجية. وينتهي مؤخرها بخييطين في الذكور وبثلاثة خيوط في الإناث، وللذكور ماعدا ذلك مقراضان واقعان في الأسفل.

وهي تولد عند أفول شمس الصيف، وتموت عند شروقها، ومنها ما يصبر على بضعة أيام فتكون بمنزلة العجائز المعمرة. على أنها إذا كانت تعيش قليلاً بعد بلوغها الحالة الكاملة فهي تعيش اكثر من سنتين في حالة الدودة أو الدعموصة وهذا الدود طويل وله متنفسات أو خياشيم خارجية لا يفتر عملها. وبعضها يقيم في الأرض في نخاريب حفرت في جروف الأنهر، وهذه النخاريب مزدوجة يفصلها فاصل على هيئة لسان صغير دقيق، ألا أنها لا تكون كذلك في الداخل، بل يكون النخروب وحيد المأوى. وبعضها تتيه على وجهها عائرة، ولا تحفر لنفسها مسكناً ولا مأوى. أما إسراف هذه الدويبات فلا تختلف عن دعاميصها ألا بنبت الأجنحة فإذا حان وقت التطور الأخير، تخرج الإسراف من الماء وتذهب لتقف على موطن يابس فلا تعتم أن تشق كفنها التي كانت مسجاة به، وما ذاك الكفن إلا جلدها. تولد بنات اليوم، كما ألمعنا إليه، نحو الأصيل، فإذا خرجت من سرفها ترتفع فوق سطح المستنقعات والبطائح خشارم لا تعد والغالب فيها الذكور. ولهذا ترى للأنثى الواحدة عدة طلاب يقضون وقتهم، على شدة قصره، في المنازعة سعياً وراء عقد الوصال، وصال لا يدوم إلا هنيهة من الزمان يبتدئ بالمعارك وينتهي بالموت الوحي، وإذا نال الذكر بغيته من اتخاذ عروسه يأخذها إلى محل بعيد عن الجماعات وهناك يعرس بها وما يكاد يقضي وطره إلا ويفاجئه الموت الزؤام. - أما الأنثى فأنها من بعد اللقاح يأخذها نوع من الطلق فتهوى على الماء وترفع مؤخر جسمها وهي مرقرقة فيخرج من نحو موصل الحلقة السادسة انظامان يتركان على الماء. وعدد بيض كل من هاتين الأنظومتين يتردد بين الثلاثمائة والأربعمائة فإذا صار على الماء هبط إلى أسفله وتفرق شذر مذر. وإذا وقفت على ما ذكرناه اتضح لك أمر ازدحام هذه الدويبات في أيام الصيف الرائقة الصاحية في البلاد التي تكثر فيها الغدران والبطائح والمستنقعات والأنهر الهادئة الجري. وعلمت أن تلك الألوف المؤلفة إذا ماتت طفت

جثتها على وجه الماء، ولا يمضي قليل من الزمن إلا وقد اضمحلت تلك الأشلاء البيضاء، لأن الأسماك وطير السماء قد ازدردتها بأسرع من البرق الخاطف، ولهذا سماها البعض (من السمك أو سلوى السمك) وإذا ماتت هذه الدويبات بعيدة عن المياه، ترى الأرضين المجاورة لها مغشاة عند الصباح بشيءٍ ابيض كالثلج أو كالقطن المندوف فيأخذ بك ذاك المنظر كل مأخذ. (وابنة اليوم المشهورة) ترى على شطوط الفرات وطولها من 18 إلى 19 مليمتراً، وخيبطات ذنبها أطول من جسمها، ويرى دباها على طول جرف الفرات وقد ثقبه ثقوباً كثيرة تعد بألوف الألوف وقد رأيناها رأي العين. أما حياة (ابنة اليوم) فإذ اعتبرناها في حد ذاتها فهي ليست دون حياة اعمر الحيوانات، لأن الخالق قد ضرب لها ساعات معدودة هي 12 أو 24 لا غيرها. وهي في هذه المدة تنتقل إلى جميع الأحوال التي ينتقل إليها الحيوان المعمر بدون اختلاف عظيم سوى المدة. فسبحان الباقي الذي لا يموت. أسماء هذه الدويبة اسم هذه الدويبة في العراق هو الجليلو أو الكليلو حسب المتلفظين به. فإن كان الناطق به بدوياً أو مسلماً متحضراً فهو يلفظه بالجيم المثلثة الفارسية، وأن كان نصرانياً وينطق بلغة النصارى واليهود، فهو يلفظه بالكاف العربية الفصيحة. والكلمة مشتقة من الإكليل والعوام تحذف منها الهمزة فتقول كليل بإسكان الأول. ثم زادوا (الواو) في الأخر على طريقة الأتراك للدلالة على النسبة، وهم يفعلون ذلك اذا كان آخر الحرف لاماً، وإلا فانهم يزيدون اللام والواو. فيقولون مثلاً في (كوبري) (الجسر) كوبريلو (الجسري) وفي ديكن (شوك) ديكنلو (شوكي) الخ فمعنى كليلو أو جليلو (الإكليلي أو الإكليلية) أو أيضاً (ذو الإكليل أو ذات الإكليل أو المكللة) لشبه أجنحتها بإكليل ابيض يعلو جسمها الدقيق. وكنت قد تشططت الفرات في رحلتي إلى حلب سنة 1886 فسألت عن اسمها بعض الأعراب الذين كانوا هناك فقيل لي (الخيتعور) ولا يبعد من أن يكون فصيحاً. لأن الخيتعور في دواوين اللغة:. . . كل ما لا يدوم

على حالة واحدة ويتلون ويضمحل. . . وشيء كنسيج العنكبوت يظهر في الحر ينزل من السماء كالخيوط البيض في الهواء. . . والخيتعور دويبة سوداء تكون على وجه الماء لا تثبت في موضع إلا ريثما تطرف. . .) اهـ. فيكون هذا الإطلاق على هذه الدويبة سائغ لسرعة زوالها من الحياة. ثم مررت بجرف الفرات سنة 1904 ومنه انتقلت إلى جرف الخابور، وكان الفصل فصل صيف كما في سفرتي الأولى فسألت عن اسمها فقيل: (الزخرف) والذي نراه في كتب اللغة عن الزخارف: إنها دويبات تطير على الماء ذوات أربع كالذباب قال أوس بن حجر: تذكر عيناً من غمازة ماؤها. له حدب تستن فيه الزخارف ولا يخفى ما في لونها الأبيض وهي على الماء من الزخرف الذي يبين لكل ذي عينين. ثم مررت بالفرات سنة 1908 فسألت عن اسمها فقيل لي هي (البعصوصة) والبعصوصة في معاجم اللغة: دويبة صغيرة كالوزغة بيضاء لها بريق من بياضها. قاله أبو عبيده ونقله الجوهري. وقال ابن دريد: هي البعصوص كقربوس. وعلى كل حال لا ترى كيف أن هذه اللفظة توافق هذه الدويبة؛ إلا أن يقال إنها مشتقة من البعص وهو الاضطراب ونحافة البدن وكلاهما ينطبق عليها أتم الانطباق. ثم عدت إلى بغداد سنة 1909 فمررت بشطوط الفرات فسألت عن اسمها فقيل إنها (الجليلو) والبعض سماها: الجليلة فاتضح لي صحة هذه التسمية كما اتضح لي أن أسماء الشيء الواحد قد تختلف باختلاف القبائل والأنحاء والأصقاع والبقاع وهو أمر جليل. وعليه فقد صح أن نسميها بعدة أسماء وهي: (ابنة اليوم) لأنها لا تعيش اكثر من ذلك، وهو معنى اسمها العلمي واليوناني (الخيتعور) لأنها سريعة الزوال والاضمحلال. - (والزخرف) لأنها زينة الماء والغدران - والبعصوصة لكثر اضطرابها ونحافة بدنها - والإكليلية أو ذات الإكليل أو المكللة لما يظهر من هيئتها للناظر إليها من الخارج. هذا ما أردنا أن نبينه

سرعة عمران عبادان

في هذا الباب وأن كان للقارئ شيء يزيد على هذا القدر فليتحفنا به ونحن له من الشاكرين. سرعة عمران عبادان اطلع كثيرون على مقالتنا التي أدرجناها في الجزء الرابع من السنة الأولى من لغة العرب (1: 121 - 129) فنقلتها بعض الجرائد الشامية والمصرية وترجمتها أيضاً بعض الصحف والمجلات الإفرنجية. ثم طلب إلينا بعض القراء أن نزيدهم علماً فيما حدث بعد تلك المقالة، وأي مبلغ بلغ عمران تلك المدينة الحديثة، وهل نبع الزيت الحجري أم لا، وكم يبلغ مقداره في اليوم. فالقينا هذا السؤال على أحد مخبرينا أبناء العرب النبهاء فكتب إلينا ما يأتي: أن اقتراحكم علي صعب التحقيق، والسبب هو: لأن الإنكليز أصحاب الأمر في عبادان يمنعون منعا باتا كل من يريد دخولها من أجانب ووطنيين من نقلة الأخبار. فقد حاول الدخول خمسة من الإنكليز قبل شهرين فردوا على أعقابهم خائبين لا يلوون على شيء. وحاول آخرون رشو بعض الحرس فلم يفلحوا وعادوا بخفي حنين. ولهذا اصبح الوقوف على ما يجري هناك اعز من جبهة الأسد. على أن الدخول مباح لكل رجل أمي لا يحسن القراءة والكتابة أو بيده رخصة من مدير محل ستريك سكوت وشركائهما في المحمرة وبالإنكليزية وأما الموظفون أو المشتغلون بإشعال المدينة وعمرانها على نفقة الشركة فهؤلاء يدخلون ويخرجون متى يشاءون. ولا يحق لهم أن يكتبوا شيئاً أو يبوحوا بسر من أسرار عمران الحاضرة أن كتابة وأن مشافهة. وإذا كان الموظفون من الإنكليز فهم يبدلون مرة في كل ثلاثة أعوام، وإذا رجعوا إلى أوطانهم وخرجوا من وظائف الشركة لا يجوز لهم نشر شيء مما علموه. وألا تقام عليهم الدعوى ويحاكمون. أما أنا فقد نكرت زيي ودخلت المدينة دخول عامل أمي يطلب رزقه بعرق جبينه فكانت هذه الواسطة سبب نجاحي وفوزي بمرامي.

وبعد هذا التمهيد أقول: إن أدوات المسرة (التلفون) والإبراق (التلغراف) قد تمت اليوم؛ وقد ربطت بها جميع المقامات والمراكز والمدن التي فيها محلات أو أشغال الشركة. وزيادة على ذلك تنور اليوم تلك الحاضرة الجديدة بالكهربائية البديعة الضياء حتى أن الليل فيها يشبه النهار. ولا تظن أن العمران قد بلغ اليوم أقصاه هناك ولم يبق مجال للإيغال فيه؛ بل بالعكس فأن البواخر البحرية لا زالت تتردد إليها وتنقل أنواع الأدوات والعروض والبضائع والأموال؛ منها للبناء، ومنها للبيع، وبعضها للاتجار، وغيرها طلباً لرغد ورفاهية المتوظفين وجميع الإنكليز الموجودين هناك. ومن جملة ما نقلته البواخر البحرية الأخيرة قطع من الحديد تدخل في الأبنية وفي تركيب الآلات الضخمة الراجعة إلى معامل الزيت الحجري وتصفيته وترويقه الخ؛ ومنها مراجل أو خلاقين من حديد هائلة العظم، وزن كل اثنين منها 31 طناً وعددها 30 مرجلاً فيكون وزنها جميعاً 930 طناً. وقد ادخلوا في عبادان جميع مستحدثات الحضارة حتى المطيرة وأول من ركبها وطار بها المستر ريتشي وبعد أن حلق بها لم يحسن تسيير آلتها المحركة، فهوت به فجأة إلى الأرض واوثى، إلا أن راكبها لم يصب بأذى وقد كتب فجلب مطيرة ثانية بدلاً من الأول فنجح في سعيه. وأما مقدار النفط أو الزيت الحجري الذي ينبع من الارض، ويستخرج من منبعه فلا يعرف على التحقيق، لأن الباخرة (سلطان فأن التي رست في عبادان في شهر أيار شحنت ثلاثة آلاف طن من هذا السائل في يوم واحد، وكان الشحن على هذا الوجه وهو: تركب أنبوبة تجمع بين منبع النفط وداخل الباخرة فكان السائل يجري جرياناً متصلاً إلى أن أخذت الباخرة ما يمكنها حمله فأقلعت في اليوم عينه متجهة نحو جاوة. ثم جاءتها في ذلك الشهر باخرة منهلا وشحنت ألف طن من النفط (وهو الزيت الحجري قبل أن يصفى) ونقلته إلى رانكون في الهند؛ ثم أقبلت بعدها باخرة (جلنار) من سفن شركة لنج التي تسير على دجلة من

البصرة إلى بغداد ونقلت مرتين 107 براميل ضخمة من هذا النفط ثم جاءت عدة سفن شراعية لتتزود ما يحتاج إليه (جلنار) من هذه المادة. وإذا أردت أن تعلم الآن ما هناك من الأبنية والمعاهد التي أقيمت لاستخراج النفط والزيت الحجري وما جلب له من الأدوات والسفن والآلات وما هيئ له من المعدات، فدونك أسماءها بالعربية والإنكليزية: أنابيب يجري فيها (الدوبة بلسان العراق هي السفينة الجنيب عند الفصحاء)

للمراجل أو الخلاقين الكبيرة 1، 2، 3، 1 2 3محل للمراجل مع 3 لتصفية زيت لتصفية زيت الاستصباح مع دار فيها متعددة الحمالين. والحي يشمل عدة خطوط وهي عشرة اليوم وفيكل خط عشر حجر ولكل حمال حجرة. فيها منزفة للزيت غير (قاطرة صغيرة) التصوير لتصفية - للأشغال أو صغيرة وسفن - (جنيبة) لجر الزيت مع دار القوى القوى (إسطبل أو آخور) كبار أحواض 1 3 4خمسة أحواض كبار 4 5 6 7 مسمرة (تلفون) ماء (وهو بناء موقت) لصناديق الصفيح (التنك) الماء ومحلات ميناء عبادان فقد اصبح من احسن موانئ خليج فارس وأمنها والآن لا يدع الإنكليز أن يرسو فيه ألا البواخر التي تنقل إلى عبادان ما يفيد أشغالها الخاصة بالزيت الحجري وبالعملة الذين يشتغلون به. فقد جاءها في شهر شباط مركب غريكوي وقد نقل حدائد تركب منها دوبة (جنيبة) حملها ألف طن. وقد ركبت قطعها في عبادان. وجاءها في شهر آذار مركب (أداليا وكان قد نقل إليها مائتي ألف صندوق خشب للنفط. وجاءها في ذلك الشهر أيضاً مركب وكان محموله عشرين ألف صندوق صفيح (تنك) وفي كل صندوق عشر قطع من الصفيح.

الخطر على نخل العراق

ورسا فيها في شهر نيسان مركب وكان مشحونه قطع حديد لدوبة كبيرة محمولها خمسمائة طن مع ستمائة صندوق من الحامض الكبريتي (دهن الكبريت وكان مركب منهلا قد حمل إليها أيضاً 1372 صندوقاً من هذه المادة. هذا أهم ما يقال في سرعة عمران عبادان، ولا ريب في إنها لا تقف عند هذا الحد بل تسير سيراً حثيثاً فيه، ولا يمضي عليها عشرة أعوام حتى تعد من اعظم مدن العراق وخليج فارس. فسبحان مالك الملك الذي يؤتيه من يشاء وهو الحي الباقي السرمدي. البصرة: عربي متبدٍ الخطر على نخل العراق ذهبنا هذا الشهر والشهر الماضي إلى الكاظمية، فرأينا نخل بساتينها مصاباً بعلة تجعل خوصها يبرق بريقاً غريباً كأنه طلي بطلاء من الصمغ، فسألنا عن اسمها، فقيل لنا: هذا داء المن. فطلبنا إلى حضرة صديقنا الفاضل وجيه بك مدير الزراعة في ولايتنا أن يصف لنا وصفة يدفع بها هذا الداء الفتاك، فوضع لنا هذا البيان الآتي نصه، ليقف عليه أرباب البساتين والزراعة فيدفعوا عنهم شراً هائلاً لا يعرف ما وراءه من الأخطار والأضرار، ألا من عرف هذا الداء وفتكه بالاشجار، في سائر الديار. وهذا كلام حضرة المدير عزه الله: إلى الملاكين وأصحاب البساتين اعلموا يا أهل بغداد أن قد حل بنخيلكم مصيبة عظيمة في هذه الأيام، وهذه الطامة الكبرى هي وقوع مرض فيه يسميه العامة (المن) ويسميه من ليس من هذه البلاد باسم (ندوة العسل) وبالفرنسوية

فهذا الداء يسري بسرعة عجيبة إلى سائر النخيل فيتلفها، وإذا أهملت المعالجة ولم تؤخذ التدابير الواقية أو الشافية تعم البلوى، ولا يبقى اثر لمحصول النخيل، بل ولا يمكنكم أن تجنوا منه شيئاً بالنسبة إلى العام الماضي، أو أنكم تجنون ثلاثين بالمائة فقط، إذا أخذتم الوسائل اللازمة لدفعه قبل أن يعم البلاء. أما الحكومة السنية فإنها تبذل كل ما في طاقتها لتبعد عنكم هذا الداء، وقد أخذت التدابير اللازمة للبلوغ إلى أمنيتها. وهذا لا يمنع الملاكين وأصحاب البساتين وأرباب النخيل من أن يتذرعوا بالذرائع الآتية وهي: 1 يجب قطع جميع السعف المصاب بالداء منعاً لسرايته. 2 بعد قطع السعف المصاب بالداء يهيأ إناء يوضع فيه ماء ويحل في كل مائة درهم منه درهمان من الليزول (وهي مادة سائلة توجد في الصيدليات أو الاجزائيات)، أو ان يحل في كل مائة درهم من الماء خمسة دراهم من الزنجارة (كبريتات النحاس) وبعد أن تحل إحدى هاتين المادتين بالنسبة المذكورة تغمس مكنسة في ذلك المحلول، ويرش بها السعف السليم حتى يشمل الرش السعفة كلها خوصها وعسيبها. - وهناك طريقة ثانية للرش وهي أن يؤخذ من البلدية المضخات (الطرمبات) التي كانت تستعمل في أيام الهيضة (الكولرة) وتملأ من ذلك المحلول، ثم يرش النخيل بها، فيكون حينئذٍ الرش بها محكماً وهذه الطريقة الأخيرة هي احسن من الأولى. وعلى كل حال فإياكم الإهمال، لأن من ورائه فشو الداء، وعموم البلاء، وقانا الله منه. - هذا وقد أبلغتكم وما على الرسول إلا البلاغ، والسلام على من اتبع الهدى. وجيه مدير الزراعة في ولاية بغداد (ملحق بما سبق) أن هذا الداء الذي عم بلاؤه النخيل في هذه الأيام كان يرى سابقاً على أوراق أشجار القطن وأغصانه في السنين الرطبة الكثيرة الأرياح الشرقية؛ وكان يسبب لأصحاب تلك الأشجار خسائر جمة عظيمة. ثم لما كثرت بزيراته نما نمواً فاحشاً. ومن خصائص انتشاره أن تبقى تلك الحبيبات أو البزيرات تحت التراب بدون أن يتكاثر فإذا تكاثر؛ فإذا صادفه سنة رطبة وهي

خواطر في المنتفق وديارهم

الشرقية الأهوية في العراق، ساعدته حينئذٍ البيئة على النمو فيأخذ بالتوالد والتكاثر بسرعة غريبة ويسبب خسائر عظيمة لأصحاب الزراعة. والحييوين الذي يفرز هذه المادة الصمغية يسمى (المن) بالعربية وبالفرنسوية والضرر ينتج من أن هذا الحييوين الذي يفرز هذه المادة الصمغية فيطلى بها مسام الأوراق والأغصان. وكما أن هذه المسام هو لازمة الحياة أعضاء الأشجار لزومها في الإنسان والحيوان فإذا سدت امتنع التنفس وأمتنع أيضاً سير الماء في داخل الأنبتة والأشجار، فينشأ حينئذٍ نوع من الاختناق يودي بها إلى الذبول والموت. فعسى أن ينتبه العقلاء إلى هذا الخطر ويدفعوه عنهم بأقرب وقت وأنجع وسيلة. (لوجيه بك صاحب النبذة المذكورة) خواطر في المنتفق وديارهم وقع بيدي نهار أمس العدد السادس من مجلتكم (لغة العرب) فرأيت في مقالة حسناء مذيلة باسم الشيخ محمد رضا الشبيبي الكاتب النجفي الشهير، وعنوانها (حول المنتفق) فبدا لي في أثناء مطالعتها بعض الخواطر فأحببت أن أبديها للقراء لاعتقادي المكين أن حضرة الكاتب ممن لا يخاف التعقيب على كلامه؛ لاسيما وقد قال في مستهل مقاله انه ممن (يرغب في الوصول إلى الحقيقة التي كثيراً ما توجد في وسط الاختلافات) قال حضرة الشيخ الكاتب: (كانت تتجاذب طرفي الفرات الأدنى منذ عهد غير قريب عميرتان من أكبر عمائر العراق وهما: خزاعة. . .) ونسي ذكر الثانية التي هي عميرة المنتفق. ولعله أغفلها عمداً لاشتهار أقامتها في تلك الربوع، وقد مر عليها في مطاوي البحث في صدره وحشوه وآخره. وقال حضرته: إن الغراف لم يكن في الأزمنة الخالية من ديار المنتفق وقد صدق. وأزيد على ذلك: إن ديار ربيعة تمتد حتى اليوم إلى نحو نصف المسافة الموجودة بين الحي وقلعة سكر على عدوتي الغراف وقد كانت عميرة ربيعة في صدر القرن التاسع عشر للميلاد محتلة الغراف، ثم وقع نزاع بين عميرتي ربيعة والمنتفق أدى إلى انجلاء أمير ربيعة عن تلك الديار إلى موطن اسمه (شادي)

ومن الأقوال العائرة المعروفة عند عمائر تلك الأصقاع (وأظنه من أقوال ضرب من أغاني الموال المسمى في لغتهم أبو دية، بكسر الدال المهملة وتشديد الباء المثناة المفتوحة وهاءٍ في الآخر): (اللي يريد البرص ما ينزل بشادي. وينزل بين العبد والقادرية). فالبرص (بضم الأول والثاني) تل يقرب جداً من مدينة الناصرية. وشادي من ديار ربيعة واقع بين الكوت والبغيلة (مصغرة) على العدوة اليسرى من دجلة العظمى. والعبد (بفتح العين وتحريك الياء بحركة مشتركة) تل يبعد عن شرقي قلعة سكر نحو خمسة عشر كيلو متراً. ويتوسع في معناه فيطلق اللفظ على الأرض المحيطة به. والقادرية (وتلفظ الجادرية) اسم ترعة تسقي هذه الأرض. وذكر حضرة الشيخ: إن ربيعة لا زالت محتلة من الغراف فراسخ تنتهي بأرض يقال لها البسروقية على خمس ساعات من الحي. ولا غرو انه قصد من قوله الحي: شماليه. وقال: إن كثيراً من العشائر النازلة في صميم الغراف هي من ربيعة لا من المنتفق. . . الخ. وأظن إن في هذا الكلام ما يناقض سابق كلامه بعض الناقضة. نعم أن كثيراً من العشائر النازلة في صميم الغراف هي اليوم من ربيعة كما سبقت الإشارة إليه، وصرحنا به نحن أيضاً، لكن فيهم من المنتفق أيضاً لأن ربيعة تقسم إلى ثلاث عشائر وهي: أولاً: العشائر التابعة رأساً لأمير ربيعة ويطلق عليها اسم بني عمير (بإسكان العين وميم مفتوحة بإمالة) وقريش (وتلفظ بالكاف الفارسية المثلثة وإسكان الأول وفتح الثاني فتحاً بإمالة) ثانياً: مياح (وزان شداد) وهي تحت زعامة أحد أبناء بيت ناصر من الشحمان (بتحريك الأول حركة مشتركة والباقي وزان سكران) ثالثاً: السراج (وزان شداد. والبعض يحملون الجسيم ياء فيقولون السراء) وهم تحت زعامة أحد أبناء بيت كليب (وتلفظ جليب بجيم مثلثة فارسية)

وأما عشيرتا عبودة وبني ركاب فبعد ان خاصمتا آل السعدون على الإمارة وخفقتا في سعيهما، انضمتا إلى عشائر المنتفق، وقطعتا كل علاقة مع ربيعة، وأخذتا تؤديان كل الضرائب والرسوم لوالي بغداد، وهي ضرائب ورسوم يؤديها عشائر المنتفق للوالي المذكور. بل أخذت تؤدي حتى الضرائب التي كانت معروفة باسم (الحصان) وهو ما كان مكلفاً بتأديته شيخ المنتفق من الجياد إلى والي بغداد. ويخرج من هاتين العشيرتين فخذا العائد والصالح من بني ركاب، ذلك لقربهما من عشائر ربيعة، ولهذا بقيتا منقادتين لزعامة آل السعدون من باب السياسة وتسهيل المعاملات مع مجاوريهم. وأما عشيرة مياح (وهي التي سبق الكلام عنها) مع جميع افخاذها، وآل غريب (وهي فرقة من هذه العشيرة)، وعقيل (وهي عشيرة من عشائر السراج)، والسراج وجميع افخاذها، وكنانة (تلفظ جنانة)، فكلها من الأحياء المنتسبة رأساً إلى أمير ربيعة. وعليه: فقد رأينا بعضهم لا ينتسبون إلى ربيعة. ولهذا وجب التصريح بهم وأن كانوا قليلي العدد بين الجم الغفير حرصاً على الحقيقة. وأما الناصرية فقد ذكر الكاتب اسم مؤسسها وبانيها، وهو ناصر باشا السعدون ولم يزد على ذلك ولهذا أضيف على ما ذكر ما يأتي: إن الذي خططها هو المهندس البلجيكي المسيو جول تلي ولم يعرف على التحقيق عام تخطيطها؛ ألا أن الحجر الأول الذي وضع لأساس دار الحكومة كان في سنة 1285 مالية الموافقة لسنة 1286 هجرية و 1869 ميلادية أي في عهد ولاية طائر الصيت مدحت باشا وعلى ترغيبه. وكان أول من بنى فيها داراً للسكنى نعمة الله بن آكوبجان بن سركيس بن آكوبجان بن مقصود المعروف بنعوم سركيس الحلبي الأصل، الأرمني العنصر، الكاثوليكي الطائفة. ثم بنى فيها أسواقاً وخانات وقهوات. وقد ولد نعوم سركيس في بغداد سنة 1830 مسيحية. وكان والده قد هجر حلب لكثرة الزلازل التي كان وقع فيها في أوائل القرن التاسع عشر. وبعد أن نشأ نعوم وشب اتصل بناصر باشا فقربه منه وأقامه أميناً لخزانته. ومات وهو اعز أصدقاء آل السعدون.

أشار حضرة الشيخ إلى أن سوق الشيوخ هي على ضفة الفرات وحسناً قال إذ ذلك مطابق للواقع. واحسن من هذا أن يقال أنها واقعة على ضفة الفرات اليمنى، وأنها تبعد نحو ست ساعات عن جنوبي الناصرية وليس على بعد ساعتين. وسوق الشيوخ من اقدم مدن المنتفق. وسورها اليوم متهدم. وكان هواؤها سابقاً حسناً جداً، لأن مياه الفرات كانت تجري في عقيق النهر ولم تتجاوزه لتفسد الأرض والبقاع. وقال حضرة الكاتب الفاضل: إن الغراف يصب في موضعين: أعظمهما مصب الحمار (وزان شداد) قرب الناصرية وهو مضمحل ضيق. ولم يبين المصب الثاني. قلت: أما مصب الغراف في هور الحمار فهو مصب شعبة الغراف المسماة (بالبدعة) وسيأتي البحث عنها. وهذا الموقع يبعد عن الناصرية بما يزيد على أربعين كيلومتراً. وأما المصب المضمحل فهو غير الذي ذكره حضرة الكاتب بل هو المصب المعروف (بشط الازيرق) المختلط ماؤه سابقاً بماء جدول (السديناوية المتفرع من الفرات. وقد اضمحل اليوم كل الاضمحلال. وذكر حضرة الكاتب النحرير الشطرة فقال عنها: وعلى هذه الشعبة الغيرة بلدة الشطرة. قلنا: الأمر على خلاف ما ظهر له فأن ما سماه شعبة الغراف هو الغراف الأصلي عينه وقد كان عامراً حين شيدت بلدة الشطرة الحالية وقد كانت الشطرة قبل ذلك العهد على جدول صغير آخذ من الغراف تبعد عن موقعها الحالي نحو كيلومترين من جهة الغرب واسم هذا الجدول الخليلية فلما كانت أوائل متصرفية ناصر باشا تحقق أن هذا الجدول اخذ بالاندراس وأن احسن موطن تنقل إليه الشطرة هو هذا الذي حولت أليه. وكان الذي حسن في عين ناصر باشا هذه البقعة العذبة هو مستشاره وصديقه الوفي الأمين نعوم سركيس المذكور آنفاً. ومن بعد أن تم الاتفاق على هذا الرأي شيد نعوم دوراً عديدة وأسواقاً وخاناً وقهوات ثم مسكناً له ولاتباعه. ثم عمر بيوتاً أخرى وأهداها إلى بعض وجوه

الشطرة القديمة، تشويقاً للانتقال إلى الشطرة الجديدة وقد تم بناؤها بعد إتمام أبنيته في الناصرية. ولم يكن اسمها كذلك بادئ بدء، بل كانت تسمى (بالفالحية) نسبة إلى فالح باشا (وهو فالح بك يومئذ) أكبر أنجال ناصر باشا. غير ان اسم الشطرة غلب عليها وهي تسمى كذلك إلى اليوم. وأما ما سماه حضرة الشيخ بالشعبة الكبرى وقد قصد بها (البدعة) فهي تبتلع اليوم نحو ثلاثة أرباع مياه الغراف أو اكثر. فهذا الجدول على ما وراء الرواة الثقات لم يكن في غرة القرن الميلادي السابق إلا قاعاً صفصفاً أهداها أحد أمراء ربيعة لآل السعدون (والواهب هو خال الموهوب له، وظنه الشيخ عيسى من آل السعدون) فشق لها نهراً اتسع شيئاً فشيئاً لانحدار مياهه في أرض مطمئنة، فأصبحت الآن من احسن مزارع تلك الجهات. وبخصوص قلعة سكر أقول: إن اسمها الأول كان (العلة) (بكسر العين وتشديد اللام المفتوحة) وكان هذا الاسم معروفا قبل نصف قرن. وسبب هذه التسمية هو انه كان في تلك البليدة قلعة مبنية من الطين يحتلها جماعة من الجند صداً لغارات الأعراب فكانت في وجههم كالعلة في البدن؛ وما أولئك الأعراب إلا العشيرة النازلة في العدوة اليمنى من أبي جحيرات واسمها عشيرة الجابر. ولهذا نسمع إلى اليوم من يسميها بالعلة وهو مع ذلك نادر. وأما ما يتعلق بأهل الحي فاغلبهم أهل زراعة؛ وإذا قلت نصفهم فلا أخطئ ومما احب أن أذكره هنا هو بعض الإفادات عن الغراف لكثرة وروده على الألسنة وفي هذه المجلة فأقول: للغراف اسمان (الواحد المسرهد) وقد نوهت به هذه الصحيفة في مقالتها عن المنتفق، وهو الاسم الكثير الورود في سجلات الحكومة المعروفة (بالدفتر الخاقاني)، والمسرهد لغة: المنعم والمغذي، ولا أرى كيف أن هذا المسمى يوافقه هذا الاسم. على أن الذي يتبادر إلى الذهن هو غزارة أناء أرضه وكثرة مياهه الوافرة الغريل الناعمة، فإذا زدت على ذلك قناعة الأعراب اتضح لك سبب هذه التسمية. وهناك وجه آخر مأخوذ من قولهم: رجل مسرهد أي سمين. وسمن مجاري المياه بمعنى غزارة تدفقها من باب المجاز أمر مشهور. وإن لم تقنع بما تقدم شرحه فلك وجه ثالث

مؤتمر المستشرقين في سنة 1912

وهو أن المسرهد سمى كذلك من قولك: ماء مسرهد أي كثير، وعليه فقولك نهر مسرهد هو من مائتي واحد أو وادٍ واحد. وأما اسم الغراف الثاني فهو الحمر وزان الجبل وهو تخفيف الأحمر وهذا اللفظ يعرفه بعض عشائر لواء الديوانية. وسموه كذلك لحمرة غريل مائه. وأما شط العمى (بفتحتين وهو تخفيف الأعمى) فقد كان قديماً الشعبة الأصلية؛ وعلى عدوته اليمنى قبة مبنية على اسم العقار (وزان شداد) وهو أحد أبناء الإمام موسى الكاظم؛ وكانت السفن تجري في هذه الشعبة من النهر إلى أمد غير بعيد؛ وأظنه لا يتجاوز ربع القرن. وكان محمول كل سفينة من هذه السفن خمسين ألف كيلو غرام. وأما قول حضرة الكاتب البارع أن الغراف ينقسم قرب الحي. فلا جرم انه قصد بكلامه هذا أن الانقسام يحصل على بعد نحو كيلومترين ونصف من الحي جنوباً. وعلمه فوق كل علم وهو الهادي إلى الصواب. الناصرية: منتفقي مؤتمر المستشرقين في سنة 1912 (1330) اجتمع المستشرقون في آثينة في شهر نيسان من هذه السنة وتليت فيه الخطب وجرت فيه المباحث حتى تذكر غير واحد منهم سوق عكاظ. أما المواضيع التي طرق أبوابها أولئك العلماء فكثيرة نذكر منها ما يختص بالإسلام مع ذكر أسامي أصحابها: 1 الأب هنري لامنس اليسوعي: المسجد في أول نشأته ومنزلته في القرآن. 2 سيكا في صورة صور فيها ذو القرنين. 3 بكر في الإسلام السوداني (تشاد) حسب بعثات مكلمبرج دخول دعاة العرب (رابح) - مراكز بث الدعوة - عبادة الأئمة. - حج مكة. 4 مرغليوث - نقد المجلد السادس من معجم الأدباء

لياقوت. وفيه تراجم في غاية القدر والشان كالجاحظ والشافعي والطبري. 5 دلبدن نقد ترجمته للفصل الثاني من الرسالة القشيرية 6 أحمد تركي باشا. بحث في نقل الألفاظ الكلامية اليونانية وكتابتها وتعريبها على ما وجدها في كتاب معرب غفل محفوظ في خزانة كتب كوب قبو. والكتاب الأصلي اليوناني تأليف ثمسطس بليطون. 7 احمد زكي باشا: نقد كتاب كنز الدر، تأليف أبي بكر الدواداري (المتوفى سنة 709 للهجرة) في اصل التتر. - عرض ما يريد أن يتولى طبعه من الكتب العربية القديمة ككتاب التاج للجاحظ وكتاب النويري، وكتاب ابن فضل الله العمري وكتاب الأصنام لابن الكلبي. 8 زكي باشا. في نشوء وتكامل الفنون المستظرفة عند المسلمين. 9 الشيخ احمد الإسكندراني (من أساتذة مصر القاهرة) نظر في كتابه آداب اللغة الدارجة المصرية. وفيه بحث عن الأغاني وما يتعلق بها. 10 دفوراك بحث في طبعه لديوان (باقي) التركي. وبأي قدر اقتبس من أفكار (حافظ). 11 لويس ماسنيون نقد عبارة المتصوفة (أنا الحق) استناداً على ما كتبه أهل الجدل من المسلمين. 12 ج. ج. هس بحث في لغة نجد الحالية. وفي انتقال النبرة والتنوين في كلامهم كما في (هي امرأة لي) فيقولون: (هي مرتا للي). 13 ناصف حفني بك. بحث في حقن (من ديار مصر)، مسقط راس مارية القبطية، وبحث آخر في رقيم عربي من بلاد اليمن. 14 احمد حكمت بك. (من الأستانة) ميل الآداب التركية العصرية إلى اللغة الطورانية. 15 الدكتور اوغسط فيشر (من لبيسيك) فكره في وضع معجم عربي تؤخذ مواده من كتب الفصحاء مواد أو اللفظ لم يذكرها أصحاب المعاجم.

المختار في الطب

16 الدكتور الأستاذ اغناز غولزيهر. بحث في علم كلام فخر الدين الرازي. وجمعه الفلسفة إلى علم الكلام. ومجادلته لأهل الجرجانية (وكانوا معتزلة من خوارزم) التي أقامها على ثلاث دعائم وهي: ضوابط لتأويل القرآن. نقد الحديث نقداً بتدقيق نظرية خلق (الكلام) في محل. فمن نظر إلى هذه المباحث وكثرتها وما فيها من الوعورة والصعوبة حكم أن ذاك المؤتمر كان من اجل المؤتمرات التي عقدت وكان للعرب فيه حظ وافر؛ فعسى أن ينشط الشرق من خموده أو جموده ويعود إلى سابق عزه، وسامق مجده. ل. م المختار في الطب (تصنيف الشيخ الإمام العالم الأوحد مهذب الدين شمس الإسلام أبى الحسن على بن احمد بن هبل المتطبب)، المولود ببغداد في 23 ذي القعدة سنة 515، والمتوفى في الموصل ليلة الأربعاء 13 من المحرم سنة 610هـ (أي ولد في 3 شباط 1122 وتوفي في 5 شباط سنة 1213م). قبل أن نصف هذا الكتاب البديع في خطه ومحتوياته نذكر ترجمة المؤلف نقلا عن ابن القفطي قال: على بن احمد أبو الحسن يعرف بابن هبل (لا الهبل كما جاءت في النسخة المطبوعة في ليبسك) الطبيب، ولد في بغداد ونشأ بها، وقرأ فيها الأدب والطب، وسمع وروى عن مشايخ وقته. ثم صار إلى الموصل، وخرج إلى أذربيجان، وأقام بخلاط عند صاحبها شاه أو من يطبه. وقرأ الناس عليه هناك الحكمة والأدب. وفارق تلك الديار لسبب وهو: إن بعض الطشتدارية (الخدام الذين يحملون الطشت للأمير) قال له يوما وقد نظر إلى قارورة الملك في بعض أمراضه: يا حكيم لمَ لا تذوقها؟ فسكت عنه. فلما انفصل عن المجلس قال له في خلوة: قولك هذا اليوم عن اصل أم قول غيرك أو هو شيء خطر لك فقال: إنما خطر لي لأنني سمعت أن ذوق القارورة من شروط اختبارها. فقال له: الأمر كذلك، ولكن لا في كل الأمراض. وقد أسأت ألي بهذا القول لأن الملك إذا سمع

هذا ظن إنني قد أخللت بشرط واجب. من شروط خدمته وقوانين الصناعة فيها. ثم انه عمل على الخروج لأجل هذه الحركة والخوف من عاقبتها بعد أن رشا الطشتدار حتى لا يعود إلى مثلها. وخرج وعاد إلى الموصل وقد تمول فأقام بها إلى حين وفاته وحدث بها وأفاد. وعمر حتى عجز عن الحركة فلزم منزله قبل وفاته بسنين. وكان الناس يترددون إليه ويقرءون عليه وسئل عن مولده فقال: ولدت ببغداد بباب الازج في 23 من ذي القعدة سنة515، وتوفي بالموصل ليلة الأربعاء 13 من المحرم سنة 610 وله كتاب في الطب سماه المختار رايته في أربعة مجلدات وله غير ذلك. وهذه الترجمة وردت في تاريخ الدول لابن العبري ص 420. وقد ذكر صاحب كشف الظنون كتابا آخر لطبيبنا هذا واسمه (مختارات ابن هبل) قال عنه: (في الطب ترتيب الأعضاء). والظاهر أن هذا الطبيب كان عظيم الشهرة في زمانه لأن ابن الحاج الشيرواني لما ألف كتابه (روضة العطر) نقل عن مؤلفات ابن هبل لأنه يقول في مقدمة كتابه: وكنت لما هممت بهذه الصنعة (أي الصيدلية) كتبت لنفسي هذا الكتاب حسب مرادي مجتمعاً من كتب شتى كالقانون والذخيرة ومختارات ابن هبل. . .) والظاهر أن صاحب كشف الظنون لم ير كتاب المختار لأنه لم يصفه. وقد وقع هذا الكتاب بيد أحد أدباء بغداد فأرانا إياه لنصفه للقراء. والموجود هو المجلد الأول وهو كبير الحجم طوله 26 سنتمتراً في 10 عرضا. وفيه 204 صفحات في كل صفحة 16 سطراً. طول كل منها 14 سنتمتراً. خطه في منتهى الحسن والجودة. وقد كتبت عناوين الفصول بالحبر الأحمر. ومن خصائص خط هذا الكتاب أن لكل حرف مهمل يقابله حرف معجم علامة تميزه، وهي سكون غير تام الاستدارة أو هلال صغير متجه قرناه إلى فوق. في أول صفحة من الكتاب هذا العنوان بحرف ضخم حسن: المجلد الأول من المختار في الطب. تصنيف. . . وفي أعلاه: طالعه محمد بن نصر الطبيب. وقد تملك الكتاب جماعة من الناس. يشهد على ذلك ما هناك من التعليقات وهذا نص بعضها: انتقل إلى تصرف الأمير حسن بن المرحوم بيري بك عفى عنهما العافي،، - (والآن قد انتقلت بالشراء الشرعي إلى الفقير محمد

بن غريب الموصلي أصلا والحلي مسكناً.) - انتقل بحكم المبايعة الشرعية إلى ملكه العبد الضعيف موسى بن القس مسعود عرف بالجصلوني وذلك في تاريخ رابع عشر نيسان سنة ألف وسبعمائة وثلاثة للإسكندر اليوناني ولله الحمد دائما كما هو أهله ومستحقيه. أمين. (هذه السنة توافق 1391م أو 794 هجرية) - قد انتقل إلى ملكي الحقير المتطبب محمد علي الطهراني مسكناً ومسقطاً الملقب بمؤيد الأطباء البختياري أصلاً. في كربلاء المعلي في سنة مائتين بعد الألف من الهجرة النبوية.) (لكن قد حكت كلمة مائتين وكتب عوضها ستة عشر وثلاثمائة إلا أن نقش الخاتم المطبوع بعد الكتابة وتاريخه 1200 يكذب كلام المزور المحتال أو السارق الخبيث) - قد اشتريت هذا الكتاب وصار من ممتلكاتي وأن فقير إليه تعالى محمد الحسيني الطبيب المازندراني في شهر ربيع الأول سنة 88، يلي ذلك نقش الخاتم وهذا نصه: لا اله إلا الله. الملك المحق المبين محمد الحسيني 88 ومن الذين تملكوه اثنان آخران لم نهتد إلى قراءة اسمهما. والظاهر أن هذه النسخة وضعت في مجلدين كبيرين لا في أربعة مجلدات، لأننا نرى في الصفحة الأخيرة ما هذا نصه: ولنختم الآن الكلام في الأصول الكلية في الطب ولنأخذ في ذكر الأدوية المفردة والمركبة ولنبسط الكلام فيها، لأنها هي الآلة المعينة في مقاومة الأمراض. ثم يقول: تم الكتاب الأول من المختار في الطب والحمد لله تعالى. . . المين وصلواته على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلامه وتحيته وإكرامه. ووافق الفراغ منه ثاني عشر شهر رمضان سنة عشر وستمائة. علقه لنفسه محمد بن احمد بن محمد بن يحيى.) وعليه فيكون الكتاب قد كتب في سنة وفاة المؤلف أي بعد ثمانية أشهر من وفاته. والكتاب يبتدئ هكذا: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد الله الواحد القهار، الملك الجبار، مدبر الفلك الدوار، ومرسل الشعاع من الأجرام ذوات الانوار، إلى سطح الأرض بلا قرار، لتصعيد أجزاء البخار، من الأرض والماء ومزجها بالهواء والنار، مزجا بالتفاعل والتضاد ثم بالثبات والقرار. على كيفية وأحكام متشابهة فيما بين الرطب واليابس والبارد

والحار. الخالق من هذه الأركان للإنسان بسائط الأعضاء. فمن الأرض اللحوم والعظام. ومن الماء جواهر الدماء. ومن الهواء الروح ومن النار الحرارة الغريزية الطابخة للغذاء المحسوسة في باطن الفضاء، من الصدر والمعاء، الحافظ لصحته بالإغتذاء وتنشق النسيم البارد من الهواء. منزل الداء ومعلم الدواء. والهادي إلى الشفاء. حمداً بلا انتهاء، وشكراً بلا انقضاء. والصلاة على محمد سيد الأنبياء، وعلى آل محمد الأتقياء الأصفياء. أما بعد. . . . فهذا هو الكتاب الجليل الذي أردنا أن نصفه للقراء وهو حسن الورق ثخينه مجلد بالسختيان الأحمر ومطبوع عليه نقوش عربية بارزة في الوسط والحواشي. أما عبارته فسلسة سهلة وفيه كثير من الألفاظ الإصلاحية الطبية التي تفيد اعظم فائدة للمشتغلين بالطبابة، فضلاً عن أن فيه من الحقائق العلمية ما يوافق العلم الحديث وهانحن نذكر شاهداً وجيز الفصل للدلالة على أسلوبه وطريقته. قال: فصل في تسمين القضيف وتقضيف السمين. السمين العبل مستعد لوقوعه في المرض سريعاً. وطريق تهزيله تقليل غذائه بحيث لا تضعف القوة، ورياضته على الريق رياضة متعبة، متنقلاً إليها بالتدريج. فإن السمين إذا فاجأ الحركة العنيفة اخطر بنفسه. ويجب أن يغذى بالأغذية اليابسة كالقلايا (أي المقليات) والمطجنات. ويجنب الامراق والدسم، ويتناول من الخل حسب الاستطاعة ومما يطبخ بالخل. وكذلك المري، ويستحم على الريق ويستكثر من الدلك، وخاصة الدلك الخشن والأدهان بالأدهان الحارة ومصابرة الجوع. ومن الأدوية المهزلة مداومة اخذ الاطريفل الصغير. وأما المهازيل فهؤلاء. تخصب أبدانهم باستعمال الأغذية المرطبة ويتفسحوا في تناولها، ويدخلوا الحمام عقيب الهضم، وقبل الحركة ويقللوا التعب، ولا يتعرضوا للشمس، ولا للعرق والدخان والغبار ويجلسوا على الفرش الوثيرة، ويهجروا الأغذية الحامضة ألا ما اصلح الشهوة ونبهها من المقدار اليسير. وسيأتي في كتاب الزينة كلام مستوفي في هذا الباب.

فترى من هذا المثال منزلة هذا الكتاب وبذل العناية في تعميم فوائده في طبعه إذا تمت أجزاؤه. ومن الغريب أن من هذا الكتاب نسختين في دار الكتب الخديوية وكل نسخة منهما تحوي الجزء الأول والتي عددها 7697 تامة والتي عددها 7698 ناقصة الأخر لكن فهرست الكتب المذكورة لم تذكر سنة كتابتهما. ولعل ذلك ناجم من إهمال التاريخ فيهما. وبهذا القدر كفاية. التشبيهات العامية أصبحت اللغة العربية تضم بين دفتيها أمماً شتى متبعثرة في كل صقع من أقاصي الهند وماليزيا شرقاً، إلى أقصى بلاد الغرب وبحر الادرياتيك غرباً، لا بل تعدت عباب الاقيانوس، ونثرت بذورها الحية في أميركا، فأصبحت موضوعاً من المواضيع التي تستحق البحث، لا سيما وأن اللغة خزانة تكنز تحت إغلاقها آثار الأمة وأفكارها، ولولا تقيد خواطر الأمم بالأخبار، وتدوينها في الكتب التي هي نسيلة لغتهم لضاعت الأمم كلها بأسرها؛ فهي أوسع عيبة لأخلاق الأمم ومعارفها، واعدل شاهد على الناقص والوافر من الناطقين بها. نرى صفاً من العلماء قد واصلوا الخطى، واجهدوا دقائق الدماغ، تفكراً وسعياً وراء العلوم الطبيعية أم الاختراعات الحديثة، وطلباً لمصادر الثروة، وتقريباً لأسباب المعيشة وتسهيلاً للنقل، وتخفيفاً للأثقال، ونرى أمامهم صفاً آخر ليس بالقليل يفتش أعماق الصخور، وينقب في أجواف الكهوف، عن كلمة من لغة الأمم البائدة، أو عن سطر من أسفارها، طلباً لتوسيع المدارك واختباراً لحالات البائدة. وتصفحاً لأخبارها وآثارها ومن أخلاق وعلوم وعادات. على أن علماء هذا اليوم لم يوجهوا أنظارهم إلى ما تقادم عهده من الأمم الهلكة المنقرضة، ولغاتها، وآدابها، وتاريخها، بل حولتها أيضاً إلى لغات أقوام هذا العهد الحية، وأخذت تعارضها بما سبق مثاله منها. لتعرف أسرار

الغابرين من وقوفها على دخائل المعاصرين. فنهض لهذه الغاية من جميع الأمم قوم من أهل السعي والإقدام، ونثلوا كنانة وسعهم وراء تحقيق هذه الأمنية، ففازوا بالسهم المعلى منها؟ وهانحن أولاء نقتفي آثارهم في وضع حجر في أساس لغتنا الشائعة العامية، تلك التي اختصم في أمرها أقلام ثلة من الكتاب، تختلف آراء أصحابها بعضها عن بعض. فقوم يظن أنها كانت قبل الإسلام أسيرة خدرها قد اشتبكت على حجلتها الإطناب، فعاشت بعيدة عن عوامل النحت والتحريف، نائية عن فواعل القلب والتصحيف؛ بل أصبحت في منحى لا يصل إليه التغيير، ولا يتطرق إليه الفساد. كيف لا وهي لغة نشأت بين قوم لم يألفوا ألا البهائم والقفار؛ ولم يعرفوا سوى المغاور والكهوف من الأمصار، حتى قال قائلهم: (ليس وراء عبادان قرية). ولهذا قال أصحاب هذا الحزب أن اللغة العامية ليست واللغة الفصيحة بتوأم، بل هي أخت صغيرة لها، نشأت بعد أن قطعت أختها البكر نصاباً من العمر أو مئين من السنين. وهناك حزب يرى انهما رضيعتا لبان، نشأتا في مهد واحد، وترعرعتا في حضن واحد، وأن اللغة العامية برأسها قديمة بقدم الفصحى. وربما ينضم إلى الحزبين حزب معارض وهذا صوته: إن اللغة العامية أن أريد بها نتائج التحريف والقلب والتصحيف فهي قديمة لوجودها في لغة الناطقين بالضاد منذ الزمن الأول، ولأنه لا يمكن للغات كلها أن تخضع لقانون عام ترسف بقيوده، وليس غرض الناطق إلا ما يدل على المقصود؛ فيردد ما يخف على الشفاه، ويسهل على اللسان، فيضطر حينئذٍ إلى التصحيف والتحريف؛ وحسبنا شاهداً على ذلك أن اللغة العامية في الأول كانت مقصورة على النادر والشاذ، ثم نمت هذا النمو المدهش؛ ولولا خطة البحث هنا أضيق من سم الخياط، لسردنا عليك أدلة جمة مقنعة. وإن أريد بالعامية ما اشتملت على الدخيل، وما حط بفنائها من النزيل، فهي ليست بقديمة كما هو مذهب الحزب الأول والشواهد هي أدلتهم. ولقد تتبع الباحثون عن لغتنا الفصحى، فكانت نتيجة استقرائهم قوانين

ونواميس قد عمت مفرداتها ومركباتها، فأودعوها مجلدات ضخمة، هي المعاجم وكتب النحو والصرف وأسفار المعاني والبيان والبديع؛ ولو قيض للغتنا العامية نقاب يستقري كلماتها، وينقب عن دقائقها، لعرف أن في الفرع ما في الأصل، بل وزيادة. ولا يلبث أن يرجع ممتلئ الحقائب من تلك النواميس الوضعية. فإن من عرف أن تلك القوانين ليست بالطبيعية ولا العقلية ولا يمكن التملص منها بل هي وضعية ناتجة عن قياس: كبراه الاستقراء، وصغراه الأغلب، آمن بأن لغتنا العامية قابلة للخضوع لتلك القوانين عينها. أما الأعراب فلا يستطاع إدخاله فيها كما هو في أختها لأن السكون سائد عليها فلا تجد حركة في آخر كلمة منها، ولكن النحو مستطاع لمعرفة الفاعل والمفعول وجملة من مسائل النحو بطريقة أخرى؛ عسانا أن نطرق موضوعها بعد البحث والتنقيب. وأما البديع فهو بأغلب أنواعه موجود فيها كالجناس والانسجام والاقتباس والاستعارة والتلميح والتشبيه الذي هو موضوع البحث. فالتشبيه، وبعبارة اضبط: القياس أو المقارنة موجود في لغتنا العامية ووجوده في أختها وسأفرغ الوسع في رسم التشبيهات بنصها ومنطوقها؛ ولا اتعرض للتشبيهات المبذولة فإنها لا تصلح لأن تكون غذاء للفكر، ولا مورداً للأقلام؛ وإنما اذكر الشائعة منها، والجارية مجرى المثل، وأنت تعلم بين التشابيه والمثل. فالمثل توقيفي، وهي ليست بتوقيفية، وربما التقينا على مادة البحث بصاحب الأمثال العامية وافترقنا بسلام وبعد هذا التمهيد أقول: أدوات التشبيه في لغتنا العراقية العامية ثلاث: (مثل) (وجنه) بالجيم المثلثة الفارسية ونون مفتوحة وهاء ساكنة؛ اصلها كأنه وقد اعتاد بعض العراقيين قلب الكاف جيماً كما مر الكلام عنه في هذه المجلة والأداة الثالثة المصدر المدخول عليه أداة تشبيه محذوفة. فإذا علمت ذلك اذكر لك الآن ما يقع في حفظي من التشابيه، فمنها قولهم: (مثل الزيبك لا يطير بعيد، ولا ينلزم بالأيد) الزيبك كثير الاضطراب، منه ما يستقى من معدنه، ومنه ما يستخرج من حجارة معدنية؛ واصل اللفظة زئبق، والعامة تبدل القاف كافاً فارسية مثلثة كما مر الكلام

عنها في غير هذا الموطن؛ وتبدل الهمزة ياء كما في وسائل ومائل فتقول فيهما (سايل ومايل) والزئبق بفتح الباء وكسرها فارسي معرب. (ابعيد) بهمزة مكسورة كسراً غير بين، وسكون الباء وهو بعيد فعيل بمعنى فاعل، زادوا عليه الهمزة هرباً من الابتداء بالساكن. (ينلزم) بفتح الباء وسكون النون وكسر اللام والزاء وسكون الميم وهو مضارع انلزم انفعل من لزم، ولزم في اللغة يأتي بمعنى ثبت ودام وأما العوام فيستعملونه بمعنى مسك وقبض. وزادوا في أوله النون إشارة إلى ما لم يسم فاعله، فانهم إذا أرادوا بناء الفعل للمجهول حملوه على وزن انفعل كما في قولهم أتقتل ينقتل وانضرب ينضرب، وليس عندهم بناء للمجهول في غير انفعل إلا ما ندر. وهذا النادر هو وزن تفعل وافتعل. والأيد. اليد. وعدم بعد الزيبك كناية عن اضطرابه المتواصل وهي وجه الشبه وقد قصد أبو تمام هذا التشبيه في الزئبق، فقال: وتنقل من معشر في معشرٍ ... فكأن أمك أو أباك الزئبق وأورده المتنبي في قوله: أدرن عيوناً حائرات كأنها ... مركبة أحداقها فوق زئبق وهذا التشبيه يذكر لمن يكون قريب المنال وعزيز الحصول عليه وهو من تشبيه المحسوس بالمحسوس وتشبيه حالة بحالة. ومن هذه التشابيه الخاصة بأهل العراق قولهم: (الطول طول النخلة والعقل عقل الصخلة) الطول: بكسر الألف كسراً غير بين، وحذف اللام لفظاً، وواو ولام ساكنتين، معروف. طول، بطاء مضمومة بعدها والساكنة يليها لام متحركة مشتركة هو أيضاً. بالمعنى المشهور. النخلة بالضبط المتعارف واللام المفخمة هي بمعناها المألوف. والعقل بالضبط المشهور ولفظ القاف الصريحة كافاً مثلثة فارسية واللام الساكنة. وعقل الثانية، مثل الأولى مع تحريك اللام بحركة مشتركة والصخلة. وزان النخلة. مع تفخيم اللام في كلا اللفظيين. والصخلة تصحيف السخلة وهي العنزة عند أهل العراق، تأنيث السخل وهو التيس عندهم. والبحث عن أدراك الحيوانات وتعقلها أمر لا حقيقة له ألا عند أصحاب

الخرافات وواضعي الأمثال على السنة العجماوات. فانهم قد فعلوا ذلك بغية إصلاح الإنسان لا غير. ومهما يكن من هذا الأمر وآراء الماديين والروحانيين فيه، فإننا لا ننظر إليه هنا إلا من جهته عند أهل البديع. فإن هذا التشبيه يضم تشبيها آخر على حد طريقة التشبيه المركب في اصطلاح علماء هذا الفن. إما تول المتشبهين فلا يتضمن شيئاً يوجب الالتفات. وإما الثاني ففيه فائدة لأن العامة تقول: عقل صخل، وعقل اصخول (- صخول) وتريد به أحد الوجهين. وهما: أما لأن المعز اشتهرت عند العرب بالغباوة - وهو مما لم يثبته الواقع إثباتاً لا يبق مجالاً للريب - فانهم إذا أرادوا التعريض بجهله وظلمة عقله قالوا: هو تيس. وإذا أرادوا الغاية في الجهل والغباوة قالوا: ما هو ألا تيس في سفينة. فأخذت ذلك العامة وشبهت به البليد. - وأما انهم يطلقون لفظ الصخل ولا يستعملونه في معناه الحقيقي بل هو عارية عندهم للزنجي لما بين لوني هذين المخلوقين من المشابهة في اللون. أو لتوحش الزنوج وهمجيتهم. وهذا التشبيه يساق لمن كبرته المناظر، وصغرته، المخابر، فالرائي يرى المرئي طوله كطول النخلة وعند الاختبار لا يرى فيه من العقل ما يزيد على عقل السخلة. وقد حذفت العامة أداة التشبيه وأقامت المصدر مقامها كما في قولهم: تمر مر السحاب. ومن تشابيههم قولهم: (مثل البعير، يشيل شكر، ويأكل عاكول) (ضبط الألفاظ ومعانيها) البعير، بكسر الباء عندهم دائما ولا يفتحونها البتة. وهي لغة قديمة في العراق وغير هذه الديار. قال عمر بن خلف بن مكي: (كل فعيل وسطه حرف حلق مكسور، يجوز فيه كسر ما قبله، أو كسر فاءه اتباعاً للعين في لغة تميم، كشعير ورحيم ورغيف وما أشبه ذلك، بل زعم الليث: إن قوماً من العرب يقولون ذلك وأن لم تكن عينه حرف حلق ككبير وجليل وكريم.). - والبعير للذكر من الإبل. ويسمون الأنثى ناقة (بلفظ القاف كافا فارسية مثلثة) وبعيرة. (يشيل) مضارع شال ومعناها عندهم رفع وحمل. وهي مأخوذة عندهم

باب المشارفة والانتقاد

من شالت الناقة بذنبها: رفعته، وشال الذنب نفسه أي ارتفع متعدٍ ولازم - (شكر) سكر. وهي لفظة قديمة في الفارسية من اصل سنسكريتي. والسكر عند الفرس قسمان: قسم طبيعي وهو ماء القصب (وقصب السكر وهو الابلوج وهذه أيضاً من اصل فارسي واللفظة العربية هي المصاب، بضم الميم). وقسم صناعي، وهو يكون أجزاء صغيرة متبلورة ذات أشكال هندسية مختلفة الهيئة من مثلثة ومربعة ومستطيلة. ولم نجد لكلمة سكر مرادفاً عربياً صرفاً في ما وصلت إليه أيدينا من الكتب. ولا جرم أنها دخلت لغتنا باحتكاك أبناء العرب بأبناء الفرس. وشكر (وزان سبب) تخفيف شكر الفارسية (وزان زفر وقبر أي بضم وفتح في الأول. وضم وفتح بتشديد في الثاني) (ويأكل) غير مهموزة وهي لغة فاشية عندهم. (وعاكول) بكاف مثلثة النقط أو قاف هو العاقول، النبات الشائك المشهور الذي تأكله الابال وهو دائم الخضرة ينبت في الأرضيين الرملية وعلى ضفاف الأنهار. وجميع ألفاظ هذا التشبيه ساكنة الأخر ألا كلمة (مثل) فلكون وراءها أل التعريف تحرك بحركة مختلفة مشتركة اللفظ بين الكسر والضم. يساق هذا التشبيه لمن يجلب المال الكثير بأنواع الكسب؛ وعليه فهو (يشيل شكر) ويقنع بالعيش الوبيل فهو (يأكل عاكول). وهذا من باب تشبيه غير المحسوس بالمحسوس وتشبيه حالة بحالة وكأن لغتنا الفصحى لم ترض لأختها الانفراد بهذا التشبيه فشاركتها بقول الشاعر: كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول النجف: (عش) باب المشارفة والانتقاد 1 - سبل الرشاد (مجلة بغدادية) مجلة دينية علمية اجتماعية فلسفية تاريخية، تصدر في الشهر مرة.

(في 32 صحيفة) لصاحبها ومديرها المسؤول: محمد رشيد الصفار. - يحرر فيها أحد فضلاء الهيئة العلمية. - اشتراكها السنوي ريال مجيدي في الممالك العثمانية. وفي البلاد الأجنبية يضاف عليها أجرة البريد ونصف القيمة لتلاميذ المدارس والعلماء ورؤساء الأديان على اختلافها. - نقلنا هنا بالحرف والرسم ما جاء على غلاف المجلة. واليك فهرس أبحاث هذا العدد: فاتحة الكلام. سبل الرشاد. التفكير والتدبر. كلمات من الحكم. نبذة من الأدب. تاريخ بغداد للعلامة شكري أفندي آل الالوسي. المتولد والمتوالد من الحيوان. منشور من باب مشيخة عموم السادات الصوفية بالديار المصرية. مراتب الكمال. مدرسة الإمام الأعظم رضه. كلية الإمام الأعظم. الفلسفة والفلاسفة. تاريخ صدور المجلة. وقيمة النسخة غرشان. فمن وقف على هذا كله علم ما في هذه المجلة والى أي غرض ترمي ومنزلتها من العلم وكفاها فخراً أن يقال: صاحبها محمد رشيد أفندي الصفار ومن كتابها محمود شكري أفندي الالوسي. وكلاهما من مشاهير بغداد. ونحن نتمنى أن تكون أبحاثها مفيدة للقراء نافعة لأبناء الوطن. بمنه تعالى وكرمه. 2 - دير القمر (جريدة) جريدة لبنانية عامة، تصدر موقتاً مرة في الأسبوع في دير القمر (لبنان) قيمة اشتراكها في لبنان والولايات العثمانية مجيديان وفي القطر المصري 10 فرنكات وفي البلدان الأجنبية نصف ليرة إنكليزية. وصلنا العدد الثالث من هذه الجريدة لصاحبها مسعود سماحة ونعوم افرام البستاني. وهي من الصحف التي تود ترقي جبل لبنان ولذا ترى صاحبيها يبذلان ما في وسعهما للبلوغ إلى أمنيتهما وهي نعم الأمنية. والظاهر من عبارة الجريدة أن كاتبيها يعنيان كل العناية تحبير الصفحة الأولى منها فإذا بلغا الوجه الثاني قل سعيهما في تحسينها؛ وهي كثيرة أغلاط الطبع كمطبوعات بغداد (ما عدا مطبعة الآداب) من ذلك ما جاء في راس الصفحة الثانية: 150 نفس والأصح 150 نفساً، ومنها مخابرة أهالي القرى، والأفصح: مفاوضة أهالي القرى. ومنها: وقد بلغت لمنكوبي هذه الحادثة مليون وخمسة وعشرون ألف فرنك. والأفصح: مليوناً

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

وخمسة وعشرين ألف فرنك. وقس على ذلك سائر المقالات. فالأمل أن يعتني بتخير مواضيعها وتحرير عبارتها. 3 - التنقيب في سامراء من ديار العراق. قصر إسلامي من القرن التاسع تأليف المسيو م. هو فيوله، رازٍ له شهادة عالية من الحكومة. ذاع خبر سامراء وقصورها السامقة الشهيرة البناء فطبق الخافقين؛ إلا انه كان يظن انه لم يبق من تلك المعاهد الجليلة ألا الموطن لا غير. بيد أن الإفرنج أهل السعي المتواصل والتحقيق الذي ليس وراءه غاية، بذلوا ما في وسعهم ليتأكدوا الأمر بأنفسهم. فلما جاء منهم نفر وبحثوا عن الأمر نعما اثبتوا أن هناك أشياء جمة تميط اللثام عن كثير من الحقائق المنشودة. ومن جملة من تابع البحث بنفسه عن هذا الدوارس المسيو فيوله. فانه احذ رسوم كثير من تلك البقايا العربية منها بالقلم ومنها بالشمس، فجاءت تلك الصور احسن دليل على ما كان عليه رقي فن عهد العباسيين. وفي الكتاب 33 صفحة كبيرة مع رسوم مختلفة و23 لوحة متقنة الرسم. فنحت علماء البحث من عارفي اللغة الفرنسية أن يطالعوا هذا الكتاب بتدبر ليقفوا على آثار السلف ويتقفوهم. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الحر والغيم والمطر في الحاضرة اشتد الحر منذ أوائل هذا الشهر إلى آخره، فبلغ اغلب الأيام الدرجة 45 من المقياس المئوي في الظل الظليل. وتكاثفت السحب نهار الخميس والجمعة 6 و 7 حزيران وأبرقت السماء ورعدت ثم أمطرت قطراً ضخماً دام 5

دقائق. وكل ذلك من الأمور التي لم يسمع بها في حاضرتنا في مثل هذا الشهر. 2 - حريق في الجزيرة ليلة السبت 23 جمادى الآخرة (- 8 حزيران) بعد صلاة العشاء ظهرت النار في سوق الجزيرة (قضاء من اقضية بغداد نظم بصورة قضاء في سنة 1884 عند فصل ولاية البصرة من ولاية بغداد وهو واقع على ضفة دجلة اليمنى على بعد 95 كيلومتراً من جنوب شرقي بغداد) فنادى المنادي بالويل والثبور فأسرع الناس إلى محل الطامة، وحصروا مأكل النار موطن بأن هدموا ما حواليه من الأبنية المعرضة للخطر وذلك بهمة قيم مقام القضاء ومن معه. وما مضت ثلاث ساعات إلا وقد خمدت تماماً. أما الخسائر فرجل واحد من الأعراب وجد بعد خمود النار محروقاً في إحدى الحوانيت. ونحو نيف وخمسين حانوتاً مع قهوتين وثلاث علاوٍ (جمع علوى وهي محل بيع الحنطة وسائر الحبوب). عوض الله المنكوبين من خسائرهم ما يعيد إليهم حالتهم الأولى. (ملخصة عن الزهور) 3 - الساعة الزواليةٍ اتخذت الحكومة في دواوينها العسكرية والملكية الساعة الزوالية (الإفرنجية) مع بقاء الساعة الغروبية للصلاة والآذان. وعليه فيكون فتح دواوين الحكومة في الساعة السابعة صباحاً إلى الساعة الثانية عشرة ونصف وحفظاً لمصالح متوظفي الحكومة وحرصاً على أوقاتهم أقيمت ساعتان عند باب دار الحكومة الواحدة لأوقات العبادة والثانية لأوقات الشغل. 4 - نهر الرشادي تم حفر نهر الرشادي (من انهر الديوانية) وجرى الماء فيه نهار الخميس 21 جمادى الآخرة (- 6 حزيران) ووصل الماء إلى الديوانية نهار الجمعة. 5 - غزوات الأعراب هجمت عشائر عنزة والرولة (رولة ابن شعلان) والحويطات طائفة من الشرارات وبنو صخر والسرحان على شمر في ديار نجد فأخذت منها 600 بعير وقتلت 16 رجلاً. فلما رأت شمر ما حل بها من الذل والعسف تجمعت عشائرها

وتأثرت الغزاة، فاستردت منهم ابلها وسلبتها 700 هجين وشيئاً كثيراً من الخيل والعدد. (عن الرياض بتصرف في العبارة) 6 - سالار الدولة في المحمرة لما يئس سالار الدولة من متابعة خطته وتحقيق أمنيته فر في هذه الأيام إلى المحمرة لائذاً بالشيخ خزعل خان. ولا نعلم إذا كان يطيب له المقام هناك، بعد أن اشتهر هذه الشهرة بين الخاصة والعام. (ملخصة عن الزهور) 7 - إحصاء المارين على جسر بغداد عينت البلدية أناساً لإحصاء عدد المارين ليلاً ونهاراً على الجسر من الجانبين. فكان عدد المارين يوم الأحد 16 حزيران من جانب الرصافة إلى جانب الكرخ 19 ألف عابر من إنسان وحيوان (كذا. أي بإحصاء الإنسان والحيوان معاً. وهذه هي المرة الأولى التي رأينا فيها هذا النوع من الإحصاء فهل ترى يوجد مثله في غير بلدتنا؟!) وكان عدد العابرين من جانب الكرخ إلى جانب الرصافة 24 ألف عابر (من إنسان وحيوان معاً!). وكان جملة العابرين يوم الاثنين (17 حزيران) من الرصافة إلى الكرخ 20 ألفاً (من إنسان وحيوان معاً!) والذين انتقلوا من ضفة الكرخ إلى ضفة الرصافة 30 ألف (من إنسان وحيوان معاً!) والغاية من ذلك معرفة عدد قاطعي دجلة على الجسر (من إنسان وحيوان معاً!) ولا تزد غاية على هذه الغاية. (نقلاً عن الزهور بتصرف قليل.) 8 - تجديد (سبيل شوكت باشا) شوكت بك دفتردار ولاية بغداد سابقاً (1271 - 1854) وهو شوكت باشا بعد ذلك كان قد شيد سنة 1272 (- 1855) سبيلاً رفعه على قواعد من المرمر. ثم توالت النكبات على محلة الميدان وهي المحلة التي فيها هذا السبيل، فخرب كما خربت أبنية ذلك الحي. فلما جاء قدرت بك مدير الأمور الأجنبية حالاً إلى ولايتنا وهو ابن عصمت باشا ابن شوكت باشا ورأى ما حل بذلك البناء صمم على تعميره بصورة تناسب دار الخلافة العباسية، فطلب إلى المهندس الفرنسوي المسيو غودار أن يخطط رسمه على هيئة بديعة، فلبى طلبه. وقد تم هذا البناء في منتصف الشهر ووزع الماء الزلال على العطاش

وقد بلغ مصرفه 108 ليرات. وللبناء صدران، على الصدر الواحد أبيات عربية وعلى الثاني أبيات فارسية وتركية. وكلها مكتوبة على الأجر المطلي بالقاشاني ويطيف بالكتابة أشجار خضراء، وأغصان غضة، ونقوش عربية، وأثمار بألوانها الطبيعية، حتى تخالها حقيقية. أما الأبيات العربية فهي هذه: ناظر أوقاف العراق الفتى ... شريف رب الحسب الطاهر في البلدة الزورا قضى نحبه ... وفاز بالغفران من غافر فسخر الباري له صاحباً ... كان له في الزمن الغابر محمد شوكت أقلامه ... تغني عن الذابل والباتر أنشأ له هذا السبيل الذي ... أبيح للوارد والصادر أصفى من الدمع على فقده ... ما قد جرى زج من الناظر (؟) وقد شوى الآجر وطلي بالطلاء القاشاني البديع وكتب في كربلاء مدينة الصناعة. فنحن نتمنى أن تكون جميع المباني الحديثة على هذا الطراز العربي العباسي البديع، أحياء للصناعة العربية. والله المعين. 9 - معرض صناعي زراعي في بغداد جمال بك والينا الحالي من احسن الولاة الذين قدموا إلى ولايتنا، ومن أشدهم حرصاً على ترقيتها، وأبعدهم همة في السهر على سعادة أبناء الوطن. ومما انتبه إليه من الأمور المنشطة والدافعة إلى خير هذه البلاد وعمرانها، إقامة معرض صناعي زراعي يعرض فيه كل ما هو من نتاج هذين السببين من أسباب النجاح والفلاح. وقد ألف لهذه الغاية لجنة أصحابها ذوو همة معروفة: 1 - لطفي بك معاون الوالي 2 - محمد كمال بك المدير الأول للرسومات 3 - السيد داود أفندي الكيلاني 4 - المسيو غرابوسكي مدير المصرف العثماني 5 - مناحيم صالح أفندي من وجهاء الإسرائيليين 6 - وجيه بك مدير الزراعة في الولاية 7 - رستم بك مدير مكتب الصنائع 8 - خسرو بك قيومجيان، من وجهاء الأرمن غير الكاثوليك 9 - المسيو فيوله، راس مهندسي البلدية. - ونحن نؤمل كل خير من وراء هذا المعرض لما ينشأ منه من ترقي الوطن والسعي وراء إسعاده وسعادته.

العدد 14

العدد 14 - بتاريخ: 01 - 08 - 1912 تيتنيك بأبيك أقسم يا ابنة البحر الذي ... واراك كيف رأيت فتك أبيك ما حط ثقلك في حشاه إهانة ... لكنه فرط احتفال فيك أبكيت اهلك لا الجزائر وحدها ... فالعالمون جميعهم أهلوك نبأ على الكرة استوى فأهالها ... فبكت وحسبك إنها تبكيك شكوا يحيلون أنطماسك آية ... هي تلك منشأ حيرة وشكوك عبرت تشق اليم غير مطيعة ... لإشارة التسكين والتحريك والبحر رهو ذو سكون رائعٍ ... والشمس تحت الأفق ذات دلوك أمليكة البحر اسمعي لك أسوة ... في الأرض كم ثلت عروش ملوك أنى ينجيك الحديد وما نجوا ... بأشد من فولاذك المسبوك يا بابل البحر الخضم سحرتنا ... سحراً أرى هاروت في تيتنيك السحر آيتك التي توحينها ... أم أنت آيته التي يوحيك وكأنك القمر الذي ألقي به ... ليضيئنا فلك السماء أبوك زعموا ضللت ولو أردت هدايةً ... كان (المحيط) بنفسه (هاديك)

ولو أن آلهة الجمال تمثلت ... للناس قبلك صورة ظنوك ولألهوك ووحدوك حقيقةً ... إذ أنت واحدة بغير شريك ما كان اقصر منك عمراً لم يطل ... لكن أطال شجا الأولى عمروك ألحقت هلهلة الشعوب بنعيها ... وجمعت تعزية إلى تسبريك أهل الثراء الجم اهلك في الملا ... وذوو النضار المستفيض ذووك ما وفروا سفن النجاة كثيرة ... تكفي الذين حملت أو تكفيك فدهيت من قوم حموك وهدمت ... فيك اليد الطولى التي تبنيك قالوا انزلي فالخطب خلفك صاعد ... وتقدمي فالنائبات تليك قتلوا بقتلتك النفوس فاينهم ... ليدوا النفوس مضاعة ويدوك واجل عاطفة لذكرك خلدت ... إيثار مالكة على مملوك سلمت نساؤك عن بوار رجالها ... ونجت بناتك في فناء بنيك خير النجاة نجاتهن فأنها ... بالدمع كانت لا الدم المسفوك كالدر ينتثر انتثار فرائد ... منها وينتظم انتظام سلوك من كل سافرة النقاب تنقبت ... بسنا ملاك واحتشام مليك جمدت تقلدها الحلي وكأنما ... جمد السبيك على مثال سبيك ولرب منتظرين آخر قبلة ... أدنت ضحوكة مبسم لضحوك يتشاكيان وإنما هي السن ... لولا البلاء لأفصحت تشكوك تدعو المتيم مقلتاك وفوك لي ... أمل فيصدع مقلتاك وفوك أفراق أختك هين فيجيبها ... كلا يهون إذاً فراق أخوك وتقول تسلوني فينطق دمعه ... لو كان لي قلب به أسلوك يا روحي احتملي الشقاء فربما ... يا روح أسعدك الذي يشقيك ما آن أن تتذكري فتذكري ... من لا يميل لخاطر ينسيك أما الرجا فلأزفرن على الرجا ... سلك القنوط له أدق سلوك أأنا أروح شريكة لك في الردى ... أم أنت ترجع في الحياة شريكي يا وجنة احترقي فقد فتك الثرى ... والماء بالماء الذي يرويك

نظرة في العادات

ولعز أن تدميك حمرة ادمعي ... من بعد حمرتك التي تدميك أما جنى الورد فيك فذابل ... إن كان عاش جنى ورد فيك قد كان مقطوفا لأكرم قاطف ... فليغد اقتل شائك لمشوك النجف: محمد رضا الشبيبي نظرة في العادات استفحل شأن العادات فاستحكمت عراها؛ وقويت حلقاتها، بعد أن كانت ضعيفة، ولكن تخالفت مظاهره في الأمم، فاصبح في أمة أقوى منه في أخرى. . . . . لا أقول: إن نفوذها استبحر في (عالمنا الإسلامي)، لا بل استغرق ثلة عوالم وأمم، فاخذ من كل أمةٍ نصيبه، حتى زحف إلى عالمنا هذا متخفياً، فاخذ يبث فيه روحه الخبيثة، إلى أن انتشر انتشاراً طبيعياً، واستوثقت روابطه فيه، فصار له النصيب الأكبر، والحظ الاوفر، فمالت إليه النفوس، وطمحت إليه الأنظار، وملك زمامها، وصارت تحت قبضته، وفي حكم سيطرته، فتمسك الناس بأصوله، وأنطبعوا به على خصال، توارثها الأبناء، عن الاباء؛ ومهما حرفوا، وغيروا، وبدلوا، كانت بقايا ما ورثوه راسخةً في أذهانهم. . . . سرى هذا الداء العضال في محيطنا، حتى صار عقبةً كؤوداً في طريق رقينا المادي، والأدبي، عقبةً في طريق نهضتنا الاجتماعية، عقبة في ترويج الإصلاح، عقبةً في طريق كل شيء تصلح به حالتنا الحاضرة. . . ذاعت نزعات العادات الخبيثة فينا، فهتك الحياء، وفشا الجهل، وغلبت النذالة، واستولى حكم الصفات الرذيلة، على النفوس النبيلة، وفسدت الاخلاق، وانحطت الطبائع عن حالق. . . . لم يستطع أحد نزع هذه الأوهام الفاسدة، والخيالات الواهية، بعد أن تعلقت بالعقول، والتبست بالأفكار، فكانت منشأ الهمجية والتعصب، منشأ الصفات الذميمة، منشأ حصول التعاسة، منشأ ما يمس بشرف الإنسانية، ويخدش عواطفها. . . .

أن قوماً تخلقوا بالعادات والخزعبلات، قوم هجر الحياء نفوسهم، فلا ترى فيهم سوى سوء الطبائع، وقبح الأخلاق، والإخلاد إلى سفاسف الأمور، قوم شوهوا محاسن وجه الحقيقة ببراقع الخرافة والمداجاة، بستائر الأقاويل والتمويهات، وألبسوها حلةً غير حلتها الطبيعية. إن النفوس الميالة بالطبع إلى هذه السفاسف والخرافات، كفى بها شناعةً أنها سقطت إلى حضيض الخسة، وانحطت عن درجات الإنسانية، ومكانة الاعتبار. . . جارت صروف هذه العادات على محيطنا، فثلمت مجده، وسلبته مزية الفضائل، وأورثته فتوراً في حركاته تجاه المعالي، قصوراً في همته نحو الفضائل، ضعفاً في قواه، بلادة في شعوره الفطري. . . . نجمت هذه الخرافات، فكانت صدمةً شديدة على بناء المعارف، صاعقة مجتاحةً لاقتطاف ثمرها الجني، صدعاً متفاقماً في روح الاجتماع، عقبةً في سبيل المدنية والحضارة، أماتت الأذهان الحية، حصرت الأفكار المنورة، ضغطت على الإحساس الحي، نفثت سمها في روح الأخلاق. . . أصبحت هذه الخرافات الاعتيادية، سداً منيعاً حال بيننا وبين الإصلاح، ووقف بيننا وبين المعارف الحقة، وقتل نهضتنا الأدبية، فقضى على أخلاقنا البسيطة، وشعورنا الفطري. . . تدرجت هذه الاعتيادات، فاتسعت لها أذهان الخرافيين، وتدحرجت فدخلت قلوبهم، حتى صيرت أذهانهم عشاً لها واهي الدعائم، بل هو (أوهى من بيت العنكبوت). . . مدهشة أنت أيتها العادة. مدهشة سياستك. سياستك تشبه سياسة (الإنكليز) حيث (تدخل في الأذن بغير إذن). آهٍ آهٍ! أخشى أن نقضي سيطرة الغفلة، فتحل طباعنا، وتقضي على نواميس حقائقنا الخرافات الاعتيادية وعلى لبابها الصافي من القشور!!! النجف: محمد باقر الشبيبي

قصر الاخيضر

قصر الاخيضر ورأي العلامة الآلوسي فيه. 1 - ما هو قصر الاخيضر على بعد نيف وخمسين كيلو متراً من غربي كربلاء، أو على بعد 100 كيلو مترا من غربي الفرات، قصر فخم ضخم، قائم احسن قيام على أسسه المتينة المكينة، يسميه العراقيون: (الاخيضر)، مصغر الأخضر، وهو ذو طبقتين يبلغ طوله 200 متر. وأول إفرنجي زار هذا القصر زيارة تذكر هو الرحالة نيبهر ثم زراه بعض سياح الإنكليز إلا انهم لم يكتبوا عنه شيئاً يستحق التنويه به، وفي سنة 1908، تعهده الشاب الذكي، والمستشرق اللوذعي، صديقنا لويس ماسنيون، فكتب عنه في عدة مواطن من المجلات، من جملتها في (نشرة مشارفة مجالس ندوة العلماء للرقم وعلوم الأدب، وفي (المذكرات التي ينشرها أعضاء دار العلوم الفرنسوية للآثار الشرقية، المقامة في مصر القاهرة، تحت إدارة المسيو أ. شاسينا؛ ثم زارته، بعد بضعة أشهر من تلك السنة، الآنسة الإنكليزية ج. ل. بل ووصفته وصفا مدققاً في كتابها (مراد إلى مراد) وبالإنكليزية ثم زاره الأديب الفرنسوي فيوله في شهر آب من سنة 1910، وكتب عنه مقالاً نفيساً قدمه إلى الأديب ديولافوا.

2 - عصر بناء القصر وبانيه اختلف العلماء كل الاختلاف في اسم هذا القصر، وفي بانيه الأول، وفي القرن الذي بني فيه. فالمهندس الأثري الأديب ديولافوا يذهب إلى أن هذا القصر يرتقي إلى الربع الأخير من القرن السادس للميلاد، أي قبيل العصر الإسلامي. والذي يحدوه إلى هذا الرأي هو قوله: (أن الريازة (فن البناء) وفن تزويق الأبنية كانا قد بلغا أوج الكمال، منذ عصر سامراء، ومن ثم يتضح أن كل بناء عظيم لا ترى فيه الريازة إلا في نيتها أو في نشوئها، فهو على الأرجح سابق للإسلام كقصر الاخيضر في العراق. أما الآنسة (بل) فإنها لا ترى هذا الرأي، بل تذهب إلى أن هذا القصر أقيم في الصدر الأول للإسلام. ووافقها على هذا الفكر الأديب فيوله المذكور، وهو اليوم رأس مهندسي الولاية، قال: (لقد تحققت كل التحقق أن هذا القصر إسلامي كل الإسلام، وهذا ما يظهر من الأساليب والذرائع المتخذة لتشييده. وقد زاد يقيني هذا كل الزيادة، لما نبشت في الأرض نبشاً زهيداً بواسطة المعول؛ وللحال وقعت على محراب في وسط الحائط الجنوبي وهو حائط بهو عظيم، سمته الآنسة (بل) (وقد صدقت تسميتها) بالمسجد. ولو فرضنا أننا لم نعثر على هذا المحراب، فأن استقراءات الأديب ديولافوا، لا تقضي إلى نتيجة تؤيد أن قصر الاخيضر هو غير إسلامي، ولو أنه تفرغ كل التفرغ لإنعام النظر في البحث الذي أنشأنه في هذا الصدد. لأن الريازة وفن تزويق البناء عند المسلمين، لم يبلغا طور الكمال في سامراء؛ بل كانا في حال التكون بامتزاج امشاج اطراز الأبنية المختلفة التي تآصرت فيما بينهما وتآخت. وهذا الأمر من اثبت الأمور، لأن التشابك لم يكن له بعد وجود عندهم. ولو فرضنا أن طرز البناء الإسلامي بلغ قراره في سامراء، فهذا لا يدل على ما يبين لي، أن الأخيضر يسند إلى العصر السابق للإسلام، لأن تزاويقه البنائية هي في غاية النشوء، وهي فيه بعد كالجنين في رحم أمه. نعم قد يحتمل أن غاشية الجص التي كانت تغشى دواخل الحيطان تزيينا لها، قد سقطت عنها على تراخي أستار الأيام على هذا القصر

السيئ البناء، لكن قد يحتمل أيضاً أنها لم تكن، لسبب أن هذا القصر قد بني، على ما يظهر، بناءً حثيثاً ليكون مصيفاً لصاحبه، لأن مواد بنائه رديئة (وهي أحجار وحصى أو جنادل مغرقة في ملاطٍ) فيكون هذا البناء من الجنس المعروف باسم حشو الاشكنج ولا يحتمل أن يكون مقاماً مزيناً بتزاويق البناء، كما هو الأمر في قصور الخلفاء. من قصور سامراء أو بغداد كلام الأديب فيوله. وأما الأديب لويس ماسنيون، فأنه لم يبت أمراً في ما يتعلق ببانيه، وعهد بنائه بل يميل إلى القول بأن هذا القصر إن لم يكن الخورنق أو السدير، فلا يبعد من أن يكون القصر، ذا الشرفات من سنداد، الذي يقول فيه الأسود بن يعفر: ماذا اومل بعد آل محرقٍ ... تركوا منازلهم وبعد أياد أهل الخورنق والسدير وبارقٍ ... والقصر ذي الشرفات من سنداد وأما أستاذنا، حضرة الشيخ العلامة السيد محمود شكري أفندي الآلوسي، فأنه يذهب إلى أن هذا البناء شيد في صدر الإسلام، في عهد عمر بن الخطاب في نحو سنة 635 للمسيح، أي في السنة الثانية من خلافة عمر وقد بناه اكيدر الملك السكوني الكندي، فسمي باسمه، ثم صحفه العوام هذه الكلمة بأن جعلوا الكاف، خاء والدال ضادا كما هو معروف في لسانهم فقالوا فيه: (قصر الاخيضر) وإنما هو (قصر الاكيدر). ومما يثبت هذا الرأي ما ذكره ياقوت في معجمه، قال في مادة دومة الجندل:

إن النبي - صلى الله عليه وسلم - صالح اكيدر على دومة، وأمنه، وقرر عليه، وعلى أهله الجزية، وكان نصرانياً، فاسلم أخوه حريث فاقره النبي (صلى الله عليه وسلم) على ما في يده، ونقض اكيدر الصلح بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) فأجلاه عمر (رضه) من دومة، في من أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة، فنزل في موضع منها قرب عين تمر، وبنى به منازل وسماها: (دومة). وقيل (دوماء) باسم حصنه بوادي القرى، فهو قائم يعرف، إلا أنه خراب. فقصر الاكيدر إذاً هو بناء نصراني بناه صاحبه على عجلة بعد أن أجلى عن حصنه بوادي القرى. وهو قريب من عين التمر وليس حصن هناك قريباً من هذه المدينة قرب قصر الاكيدر منها. وأما وجود المحراب في حائط الجنوب، فيعلل بأن المسلمين الذين احتلوا القصر بعد صاحبه، أقاموا فيه محراباً، قياماً بشعائر الدين، كما هي عاداتهم في قصورهم وحصونهم الكبيرة ولا سيما إذا بنيت بعيدةً عم جامع أو مسجد، كما هو الأمر في بادية مثل هذه البادية التي شيد فيها قصر الاخيضر أو الاكيدر. 3 - سبب تسمية هذا القصر بالاخيضر قد مر بك أن الاخيضر سمي كذلك من تصحيف العوام للفظة الاكيدر ليس إلا. وأما الذين لم يقفوا على هذه الحقيقة المقررة، فقد ذهبوا في هذه اللفظة ومناسبتها لهذا الحصن مذاهب شتى، منها: 1: إنما سمي كذلك، لأن الاخيضر تصغير الأخضر، وقد أتته الخضرة من عين هناك يبض منها الماء بضاً، فينبت حول القصر عشب، يحسن منظر القصر في عين الزائر، أو تنمو في فصل الأمطار خضرة على حيطانه القديمة، فيظهر كأنه البس ثوباً من سندس أو إستبرق. وقيل: لأن أرض الحصن خصبة والخصب ينعت بالأخضر، لأن الخضرة هي من أسباب الخصب. ومنه قول العرب: (هم خضر المناكب) أي في خصب عظيم. ومثله: هم خضر المرابع. ومنه قول الشيخ صفي الدين الحلي: أنا لقوم أبت أخلاقنا شرفاً ... أن نبتدي بالأذى من ليس يؤذينا بيض صنائعنا سود وقائعنا ... خضر مرابعنا حمر مواضينا

وقيل: إنه سمي بالاخيضر لأن هناك ذباباً يعرف بهذا الاسم وهو يكثر فيه في أبان الربيع وهو بقدر الذباب الأسود المتوسط الكبير، وقد يؤذي الدواب والناس. 2: ذهب بعضهم إلى أن اصل هذه التسمية، (تسمية الاخيضر)، ترتقي إلى سنة 310. وذلك أن ابن سيرين ذكر في تاريخه قال: وفيها (أي في سنة 310هـ - 2922م) انتقل أهل قران من اليمامة إلى البصرة لحيف لحقهم من ابن الاخيضر في مقاسماتهم وجدب ارضهم، فلما انتهى أمرهم إلى أهل البصرة سمي أبو الحسن احمد بن الحسين بن المثنى في مال جمعه لهم فقووا به على الشخوص إلى البصرة، فدخلوا على حال سيئة، فأمر لهم سبك، أمير البصرة بكسوة ونزلوا بالمسامعة محلة بها. وقال المسعودي في كتابه التنبيه والأشراف ص 381 بخصوص الاخيضر ما هذا نصه: . . . ثم مسيرة (مسير أبي طاهر سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي، صاحب البحرين، في سنة 313هـ - 925م) عن الكوفة إلى الاحساء بالذرية والثقلة وتسليمه البلد إلى إسماعيل بن يوسف بن محمد بن يوسف المعروف بالاخيضر، صاحب اليمامة، ابن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب ومسير أبي القاسم يوسف بن أبي الساج عن واسط في عساكره للقائه؛ وكان السلطان أشخصه عما كان يليه من الأعمال من بلاد أذربيجان، وأرمينية، واران، والبيلقان، وغيرها، ليستعد من واسط، وينفذ إلى بلاد البحرين؛ وكان مقيماً بواسط مستعداً، إلى أن جاءه الخبر بمسير صاحب البحرين إلى الكوفة، فخرج مبادراً له فسبقه أبو طاهر إليها، ونزل الموضع المعروف بالخورنق وجازها؛ ونزل ابن أبي الساج في اليوم الثاني بالقرب منه في الموضع المعروف ببين النهرين، مما يلي القرية المعروفة (بحر وراء)، واليها أضيفت (الحرورية)، من الخوارج، وأبو طاهر بينه وبين الكوفة: فكانت الواقعة بينهم يوم السبت لتسع خلون من شوال سنة 315هـ (أي في 9 ك1 من سنة 927م). المقصود من إيراده. وعليه فالمراد بالاخيضر، الخورنق. وسمي الخورنق بالاخيضر لأنه نزل

فيه فأضيف إليه منذ ذاك اليوم، وحمل اسم الخورنق الفارسي الاصل، الثقيل على لسان العربي. 3: وقال المستشرق الأديب لويس ماسنيون: وهناك رجم آخر وهو غير محتمل لما بين اللفظين من البعد أن الاخيضر مأخوذ من (الاكيدر)، صاحب دومة الجندل الكندي الذي ارتد إلى النصرانية. بعد وفاة النبي، وكان لهذا الملك حصنان: الواحد في دومة الحيرة (وهو في الواقع قريب من عين التمر)، والآخر في دومة الجندل، وقد ذكره ياقوت (في 2: 626) في قوله: (وفي داخل السور حصن منيع يقال له مارد وهو حصن (اكيدر) إلا أن هذا الرأي هو رجم محض، وموقع دومة الجندل على بعد أربع ليال من تيماء بين المدينة والشام؟ يجعل هذا الرأي بعيد التمسك به لا سيما القول بأنه قصر دومة الجندل. كلامه. قلنا: نعم، أن القول بأن حصن الاكيدر هو الذي كان له في دومة الجندل من وادي القرى بعيد الاحتمال؛ لكن القول بأنه الحصن الذي كان له في دومة الحيرة قريب، ولا قرب حبل الوريد. كيف لا وقد قال عنه ياقوت أنه قرب عين التمر وهو قائم يعرف إلا أنه خراب، وهو كلام يصدق على الاخيضر إلى يومنا هذا. 4: ذهب بعض الأدباء إلى أن الاخيضر هو ترجمة لفظة السدير القديمة لأن هذه الكلمة تعني العشب وكذلك الاخيضر، وربما كان هذان الحرفان متعاورين منذ البدء، ثم قتل الواحد الآخر لسهولة حفظه، وقرب معناه من الافهام، ولا شك أن معنى السدير للقصر النعماني المشهور هو بالفارسية ذو البيوت الثلاثة (سه د ير)، إلا أن العرب تركوا المعنى الأجنبي، وتمسكوا بالمعنى العربي حياً

بلغتهم، ومعانيها وكرهاً للأعاجم. ونحن نرى أن هذا الرأي فطير، بل في منتهى الفطر. وهناك غير هذه الآراء وكلها قائلة؛ وقد اجتزأنا بما ذكرنا، لشهرتها، ولعرضها على القراء الكرام. 4 - موقع قصر الاكيدر الحربي والسياسي قال صديقنا الفاضل لويس ماسنيون في كتابه: (بعثة في العراق) ص 2 ما هذا تعريبه: إن موقع الاخيضر من احسن المواقع، واجلها لبناء حصن هناك. وذلك لأنه في وسط نوع من الحلقة عظيمة القطر، يخطها الفرات خطاً بديعاً، على أبعاد متناسبة متساوية، أو تكاد تكون كذلك، من هيت، والانبار، وبابل، والحيرة؛ فموقعه إذاً من اجل المواقع الحربية؛ فهو يحافظ احسن المحافظة على صقع واقع على ثغر البادية، وكان مسقياً احسن السقي، لأن الأقدمين كانوا قد حفروا في أرضه انهراً، تأليها من الفرات، وتخرقها خرقاً كما يشق اليوم نهر الحسينية جوار كربلاء منذ القرن العاشر قريباً من رزازة. وهناك كان أيضاً بطائح تأتي مياهها من الفرات وتدفع فيها وفي البادية بعد أن تسقى الأراضي المزروعة؛ ولهذا كان يطوف بها الأدغال والآجام الكثيرة الطير والصيد (وهذه أيضاً أحدوثة ما يروى عن الخورنق وكان ملتقى الصيادين وموعدهم). (والى اليوم ترى آثار الزراعة وبقايا عقيق النهر القديم الجامع بين هيت والابلة، وهي ظاهرة كل الظهور بين كربلاء والاخيضر. وما عدا ذلك كان يمكن لأصحاب ذلك القصر أو الحصن المنيع أن يقبضوا على الذعار وقطاع الطرق الذين يأتون من ديار نجد أو من أنحاء بلاد الشام، قبل أن يتوغلوا في الارضين المزروعة أو العامرة ويعيثوا فيها. كلام صديقنا. 5 - موقعه السياسي الحالي. الاخيضر هو منتهى قيم مقامية رزازة، الراجع أمرها إلى فهد بك، من العنزة؛ وآخر حدود مديرية شفاتا (التي يسميها البعض شتاتة والبعض الأخر من الترك أو من المتتركين شفاتية والأصح ما أوردناه كما وردت في ياقوت في مادة

نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

عين التمر 3: 759). ويزعم فهد بك أن هذا القصر له. ومدير شفاتا؛ قد استخص عين الماء المجاورة له، وهي العين الوحيدة الموجودة في تلك الأنحاء والتي يخلو ماؤها من مادة كبريتية. (عن المذكور ص 2) نقد كتاب تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي أفندي زيدان صاحب مجلة الهلال. 3 - أوهامه في الآراء في تأليف جرجي أفندي زيدان، من المزايا الخاصة به، ما لا تكاد تراه في غيرها. ومن جملة المحاسن أنه يهيئ لك موضوع الفصل التالي للفصل الذي تطالعه؛ حتى انك لتقول في نفسك: هذا لابد منه. وعلى هذا الوجه تتصل الفصول وتأخذ بعضها برقاب بعض حتى نقضي العجب من هذا التداخل العجيب والالتحام البديع. وكثيراً ما اتفق لي أني بدأت بتصفح كتاب من كتبه، فلم اقدر أن القيه من يدي إلى أن أتيت على آخره. كأن الكتاب اصبح شيئاً من ضرائر حياتي في ذلك النهار ولم يمكنني أن استغني عنه. ومهما يكن من إعجابي بالمؤلف وشغفي بمطالعة أسفاره، فأني أرى فيها بعض الأمور التي كنت أود أن تكون منزهة عنها. ومن جملة هذه الشوائب انتقاله من وهم إلى حقيقة، ومن حقيقة إلى وهم، بعد إدماج عبارة يوهم هذا الانتقال أتم الإيهام، مثال ذلك: إنه قال في الصفحة الأولى من مقدمته (وهي ص 3 من الكتاب) ما هذا نصه بحرفه: (أما العرب فالمشهور انهم لم يؤلفوا في تاريخ آداب لسانهم. والحقيقة انهم اسبق الأمم إلى التأليف في هذا الموضوع مثل سبقهم في غيره من المواضيع (كذا). ثم أراد أن يؤيد هذا الرأي بدليل تاريخي نقلي صريحٍ، فقال: (فأن في تراجم الرجال كثيراً من هذا التاريخ لأنهم يشفعون الترجمة بما خلفه المترجم من الكتب ويبينون مواضيعها وقد يصفونها. . .) اهـ

قلنا. إن المؤلف خرج من الحقيقة إلى ما يشبهها فأن ما أراده بقوله: (تاريخ آداب اللغة العربية) لم يصدق على ما أراد أن يبينه بعد ذلك، بقوله: (أن العرب اسبق الأمم إلى هذا الموضوع) فأين كتابه مثلاً في (آداب اللغة) من كتاب الفهرست لابن النديم فهل يقال أن هذا الكتاب الأخير هو تاريخ الآداب للغة العربية. واحسن تفنيد لهذا الزعم أن ابن النديم سمى كتابه (الفهرست) ولم يسمه باسم آخر يحقق بعض ما أراد أن يطلق عليه حضرة كاتبنا الفاضل ولو انصف لقال: إن العرب ألفوا في تاريخ آداب لسانهم، ما يسهل للباحث أن يؤلف كتاباً يفي بمثل هذا الموضوع. ثم أن كان حضرته قد اقر للعرب بهذا الفضل، فلماذا أنكره على أهل الغرب! وهو يعلم أن لليونان والرومان تأليف تفضل كتاب الفهرست من جهة الموضوع الذي يدور قطب الكلام عليه. ونحن لا نفند قوله من كلام نأخذه من المؤلفين الاغراب، بل يكفينا شاهداً ما قاله هو في كتابه ص 15 وهذا نقله: (واقدم الأمم التي دونت تاريخ آدابها وعلومها على نحو ما نحن فاعلون في هذا الكتاب اليونان فقد ألفوا في تاريخ آداب لغتهم غير كتاب وقسموها وبوبوها وانتقدوها.؟ وألف آخرون في آداب اللغة اللاتينية، ثم آداب كل لغة من اللغات الأوربية الحية. . .) إذا لم يكن العرب اسبق الأمم إلى التأليف في هذا الموضوع. على أن جرجي أفندي زيدان ما أبطأ أن أنكر على العرب أنفسهم هذه المزية التي كان قد أثبتها لهم في أول مقدمته. فلقد قال في الصفحة التالية لمقاله الأول (أي في ص 4) ما هذا حرفه: (على أن هذه الكتب وأمثالها (أي كتب العرب كالفهرست ونحوه) تعد من المآخذ الأساسية لدرس آداب اللغة، ولكنها لا يصح أن تسمى تاريخاً لها بالمعنى المراد بالتاريخ اليوم.) وهذا هو الحق عينه. ومن كان الأجدر به أن لا يقول ما قال في الصفحة السابقة مما يشم منه رائحة التضاد والتناقض. كثيراً ما ينتقل حضرة المؤلف من الترجيح إلى اليقين، ويتفق له ذلك على

هذه الصورة وهي: يبدأ أولاً بعرض فكره أو رأيه في معرض الارتياب أو الترجيح، ثم يكرره مراراً وعلى كل مرة يعيده يقرض شيئاً من الألفاظ، وينحى عنها بعض الأدوات التي تدل على الأرجحية؛ ثم لا يزال يفعل ذلك حتى لا تمر بضع صفحات إلا وقد تحول الأرجح يقيناً لا يشوبه أدنى ريب. وما كنا نود أن نرى هذا الخلل في حضرة كاتبنا الفاضل. إذ هذا لا يجدر بالمؤرخ، وبالأخص في الأمور التي فيها شأن خطير، كما هي مسئلة دولة حمورابي. فانك ترى الكاتب مثلا رجح في كتابه (العرب قبل الإسلام) (1: 49) أنها عربية؛ وقد ذهب فيها إلى ما ذهب إليه جماعة من كبار المؤرخين والأثريين أي أنها كانت عربية الأصل ثم انتقل في كتابه هذا إلى أنها عربية اللسان، بل وعدها أول دولة عربية ظهرت في العصر القديم، لا بل جعلها في صدر دول الجاهلية الأولى. فلا جرم أن في ذلك تسرعاً في الحكم وتهوراً في الرأي. ثم أن طائفة من الباحثين ذهبوا إلى أن حمورابي، عربي النجار، كما أشرنا إليه، وأن دولته عربية المحتد بهذا المعنى: لكن بين أن يكون ملك قوم عربي المنبت؛ وبين أن تكون دولته، ولسان دولته عربية، وجميع رعيته وسوقته من العرب بون ظاهر. كيف لا ونحن نرى في هذا العهد ملوكاً ليسوا من اصل مملوكيهم؛ وهم مع ذلك يسوسون رعيتهم بدون أن تيجنس التابعون بجنسية متبوعهم. ألم نر ملكاً عربياً جلس على عرش رومة؛ ولم نر أيضاً ملوكا أجانب مختلفي العنصر حكموا على بلاد العرب؛ وعليه فلا نرى من المناسب أن تثبت دولة حمورابي بين الدول العربية وتدخل لغة ذلك العهد في تاريخ آداب اللغة العربية وليس هناك ما يمكن أن يبين أنها من هذه اللغة القرشية، التي وضع الكاتب كتابه من اجلها. فالأدلة التي أتى بها في كتاب (العرب قبل الإسلام) لا تقطع هذا الرأي قطعاً لأرد عليه، إذ لا يزال الحكم فيه من باب المجازفة. وأما أنه صرح في الأخير أن تبعة حمورابي هم عرب بدون أن يستريب به، فظاهر من نص عبارته في ص 47 وهذا هو: (ومما يحسن استطراده: إن اللغات السامية القديمة على كثرتها اختص منها بالأعراب لغة بابل (الآشورية) واللغة العربية، ويؤخذ ذلك من الأدلة على وحدة اصل العرب والحمورابيين

وأن الأمتين كانتا أمة واحدة يتكلمون لساناً واحداً معرباً؛ فتحضر الحمورابيون وظل العرب بادية؛ ومنهم العمالقة فلما تمدن الحمورابيون واركنوا إلى الرخاء ذهب الإعراب من لسانهم وبقي في كتاباتهم المنقوشة. كما أصاب العرب بعد قيام دولتهم وتقييد لغتهم؛ فنشأ من بقايا البابليين أمة لغتها غير معربة هم السريان والكلدان؛ كما نشأ من العرب أقوام لا يعربون كلامهم وهم عامة الشام ومصر وغيرهما من بلاد العرب، وكان أجدادهم في البادية يعربونه. فنحن نود للمؤلف أن يسير في ما يكتبه لأن (من سلك الجدد أمن العثار) ومن آرائه التي ننسبها إلى التهور قوله أن اللغة العربية (هي على الأجمال أغنى آداب سائر لغات العالم) فقوله هذا يحملنا على أن نظن في أنه أراد بالآداب غير ما اصطلح عليه في صدر كتابه. لكن تلو كلامه ينفي عن ذهن القارئ معنى آخر؛ لأنه يقول بعد ذلك: (لأن الذين وضعوا آدابها في أثناء التمدن الإسلامي أخلاط من أمم شتى جمعهم الإسلام أو الدولة الإسلامية وفيهم العربي والفارسي والتركي. . . وكلهم تعربوا ونظموا الشعر العربي وألفوا الكتب العربية في الأدب والنحو. . . فاحتوت آداب اللغة العربية بسبب ذلك على احاسن القرائح وشتات الأخلاق والآداب والصنائع؛ وادخلوا فيها كثيراً من أساليب ألسنتهم الأصلية بدون قصد أو تعمل.) والذي نراه انهم ادخلوا بعض الألفاظ وبعض الاصطلاحات التي لا تند كثيراً عن مناحي العرب وأصولهم، ولهذا لا نجسر أن نقول: إن العربية على وجه الأجمال أغنى آداب سائر لغات العالم. فاللغات السنسكريتية واليونانية والرومانية من اللغات التي اتسعت أكنافها، وجمعت في أحضانها من الأبناء ما لا ينكر عددهم واختلاف منشآهم ومنبتهم وعنصرهم. وأبقت من الآثار الأدبية شيء كثار لا يخطر على بال العربية أن تعارض نفسها بهن. ولا افهم كيف خفي هذا الأمر على حضرة الكاتب العلامة. ومن أوهامه أنه جعل الكهانة والعرافة والقيافة والفراسة وتعبير الرؤيا

وزجر الطير وخط الرمل وغيرها (ص 187 - 190) من العلوم التي اصطلح عليها العلماء باسم (ما وراء الطبيعة)، وليس الأمر كذلك. لأن هذه العلوم التي عدها، تعرف باسم العلوم الخفية أو السرية وأما علوم ما وراء الطبيعة فأنها تشمل عالم النفس وعلم سنن العالم وضوابطه وعلم اللاهوت أو علم الكلام؛ وعليه فخروجه عن مصطلح القوم ليس مما يمدح عليه. ومن أوهامه أن الأعشى أعشى قيس كان نصرانياً (ص 32). وقد أثبتنا في السنة الأولى (ص 354 - 356) من هذه المجلة أن الشاعر المذكور لم يكن نصرانياً البتة، وإنما كان في آرائه شيء من النصرانية، أخذه من نصارى الحيرة لتردده اليهم، لكنه لم يتنصر، بل بقي على دين دهماء العرب أي الوثنية، فاخذ بعض آراء دين من الأديان شيء، والتدين بدين شيء آخر. ومما يعد في هذا الباب كلامه عن النساء في الجاهلية، فأنه ذكر بعض من اشتهرن بخصال ومناقب ومحامد. ثم أطلق تلك المحاسن على جميع نساء الجاهلية فلا نرى ذلك من الأنصاف. فكان يحسن بالمؤلف أن يقيد كلامه لا أن يطلقه؛ أي أنه لو كان يقول مثلاً أن كثيراً من نساء الجاهلية كن يخيرن قبيل الزواج. لكان التعبير خالياً من كل غبار. لكن قوله: (على أن الغالب في نساء الجاهلية أن يخيرن قبيل الزواج) من الكلام الذي يخالف حقيقة الحال. ومن غريب ما ذكره قوله (ص 34): وكان في الجاهلية خطيبات اشتهرت منهن هند بنت الخس وهي الزرقاء (كذا) وجمعه بنت حابس. ولا ندري عمن نقل هذا الكلام والأصح أن بنت الخس هي غير الزرقاء قال في تاج العروس في مادة خ س س: (الخس) بالضم (وهو) الخس بن حابس: رجل من أياد معروف وهو أبو هند بنت الخس الايادية التي جاءت عنها الأمثال وكانت معروفة بالفصاحة، نقله ابن دريد. وفي نوادر ابن الأعرابي يقال فيه خسس وخص، بالسين والصاد، وهو خس بن حابس بن قريط الأيادي. وقال أبو محمد الأسود:

لا يجوز فيه الخس بالسين. أو هي (أي ابنة الخس) من العماليق. نقله ابن الأعرابي. والايادية هي جمعة بنت حابس الأيادي، وكلتاهما من الفصاح؛ والصواب أن ابنة الخس المشهورة بالفصاحة واحدة، وهي من بني أياد. واختلف في اسمها. فقيل هند. وقيل: جمعة. ومن قال: أنها بنت حابس، فقد نسبها إلى جدها، كما حققه غير واحد. ونقل شيخنا عن ابن السيد في الفرق: إنه يقال لامرأة من العرب، حكيمة بنت الخص، وابنة الخس. فهذا يدلك على أنها امرأة واحدة. والاختلاف في اسمها. فتأمل وقال عن الزرقاء في مادة زرق: (زرقاء اليمامة: امرأة من جديس، وكانت تبصر الشيء من مسيرة ثلاثة أيام. قاله ابن حبيب. وذكر الجاحظ أنها من بنات لقمان بن عاد وأن اسمها عنز وكانت هي زرقاء، وكانت الزباء زرقاء. ومن أوهامه، ذكره أول من وصل إلينا خبره من الشعراء، فرجح أنه أبو دؤاد الأيادي ولقيط الأيادي. والواقف على تاريخ العرب لا يجسر على ذكر اسم الشاعر الأول الذي وصل إلينا شعره، لما في وضع العرب من الأشعار المفتعلة، المنسوبة إلى رجال من الأقدمين، لا يوافق شعرهم عصرهم. وأني أرى أن التصريح بجهل اسم الشاعر الأول، أولى من التعريض لهذا البحث، الذي لا تحل عقده على الوجه الذي انتهى إلينا من كلامهم. ومما ينطوي على هذا الغر، قوله: (ص 68) وفيها (أي في ديار نجد) جبل عكاد (كذا) الذي لم تثبت العربية الفصيحة بعد تمادي الأجيال إلا بين أهله. قلنا: أول وهم في هذا الكلام أنه جعل جبل عكاد في نجد. والأصح أنه باليمن. وهو أشهر من أن يذكر، وليس في ديار نجد جبل بهذا الاسم. هذا فضلاً عن أن العرب إذا أرادوا ذكر حفظ الفصاحة في بلد من بلادهم، ذكروا جبل عكاد، وقالوا عنه أنه في بلاد اليمن، والوهم الثاني أنه جعل أصحاب هذا الجبل وحدهم ممن بقيت فيهم الفصاحة، بعد زوالها من سائر سكان جزيرة العرب؛ والصواب أن هناك أناساً آخرين، منهم: بنو صاهلة أو الكاهليون. قال صاحب التاج في مادة ك هـ ل: بنو صاهلة بن كاهل بن

الحرث بن تميم بن سعد بن هذيل: قبيلة، ويقال، لهم الكاهليون بكسر الهاء، وقيده الوقشى هكذا: كاهل بفتح الهاء، الهاء، كأنه سمي بالفعل من كاهل يكاهل. كذا في الروض؛ وفي المقدمة لابن الجواني. وهم افصح العرب. قال: وبلغني أن بطناً منهم مقيمون إلى الآن على اللغة البسالمة من اللحن والتغير والفساد. ومن العرب الفصحاء الذين نسيهم قعين نصر أو نصر قعين. قال في التاج في مادة ق ع ن: قعين كزبير: بطن من أسد، وهو قعين بن الحرث بن ثعلبة بن دودان ابن أسد. وسئل بعض العلماء: أي العرب افصح؟ فقال: نصر قعين أو قعين نصر. ثم إن حضرة الكاتب نسب إلى أهل نجد افصح العرب، ودعماً لرأيه ذكر أولاً عكاد. وقد رأيت خطأ هذا الرأي. ثم ذكر أهل السروات كأن السروات (وهي ثلاثة اجبل) من نجد، والحال أنها اجبل مطلَة على تهامة، مما يلي اليمن، فهي اقرب إلى هذه منها إلى ديار نجد. وعليه فقد سقط رأيه في أن أهل نجد افصح العرب في العهد السابق. نعم، أن هذا الرأي صحيح بعض الصحة في هذا العهد، إلا أن ما ينسب في هذا العصر، لا يجوز نسبته إلى ذلك، وبالعكس. واحسن فصل جاء في تقسيم فصاحة اللغة العربية، هو ما ذكره الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب) ص 134، فأنه أجاد كل الإجادة في هذا الباب فليراجع. ومن غريب استدلال واستقراء كاتبنا ما كتبه في ص 178 قال: (ويؤخذ مما حوته اللغة العربية قبل الإسلام من أسماء العلل والأمراض والعقاقير، أن العرب عرفوا كثيراً من الأمراض ومعالجتها، فلو قال (إنهم عرفوا كثيراً من الأمراض) بدون أن يزيد (ومعالجتها) لما كان على كلامه غبار، لكن زاد هذه الكلمة فافسد الاستدلال، إذ نحن جميعنا نعرف اغلب أسماء الأمراض بدون أن نعرف كيف نعالجها. وكذلك نعرف أسماء عدة أشياء أخرى ولا نعرف حقيقتها كما يعرفها الغير.

وفي بعض الأحيان يهمل علل الحقائق الاصلية، ويتمسك بعلل دونها قوة وإقناعاً. من ذلك ما قال في أسباب كثرة المترادفات وهذا كلامه: (وأسباب كثرة المترادفات في العربية عديدة منها: إن كثيراً من أسماء الحيوان اصلها نعوت ثم صارت أسماءً، وبعضها مأخوذ عن لغة أخرى. . . وقد يكون السبب في زيادة المترادفات استعارة أسماء حيوانات أخرى للدلالة على هذا الحيوان يتكنون بها عن بعض طبائعه.) - قلنا: وقد أهمل ذكر السبب الأصلي لهذه المترادفات وهو اختلاف القبائل، فأن الشيء الفلاني إذا عرف باسم عند قوم فهو يعرف باسم آخر عند قبيلة تجاورها. فلما جمع العرب في صدر الإسلام مفردات اللغة اثبتوا تلك الألفاظ على كثرتها بدون أن ينسبوها إلى القبيلة التي تتكلم بها فكثرت المترادفات. وكذلك القول في الأضداد في العربية. فإن هذه الألفاظ لا توجد بالمعاني المتضادة في لغة القبيلة الواحدة وإنما هي بمعنى في لغة جماعة منهم، وبمعنى آخر في لغة طائفة أخرى. أي أن القبيلة التي تستعمل مثلاً حرف (قعد) بمعنى جلس لا تستعمله أيضاً بمعنى قام. وألا امتنع التفاهم. وإنما هي بمعنى دون آخر عند قبيلة أخرى، كما أثبته القوم في كتبهم ودواوينهم. - ونقول مثل ذلك في الألفاظ الكثيرة المعاني، اللهم إلا أن تكون تلك المعاني متجاورة الوضع، أو مجازية، أو فيها بعض المناسبة اللغوية، أو الاشتقاقية؛ فالأمر كما ذكر. ومن الأقوال التي لا نوافقه عليها: زعمه في ص 59 أن: (ليس في الدنيا أمة تضاهي العرب في كثرة الشعر والشعراء.) فنظن أن حضرته لم يقف أتم الوقوف على شعراء اليونان والرومان وعددهم وعدد دواوينهم. فليطالع في هذا الموضوع ما كتبه العلماء في هذا العصر. ومما يدخل تحت هذا الباب قوله (ص 199): أما الأسلوب الإنشائي فلا يمكننا تعيين مقدار التغيير الذي أصابه، لأن ما وصلنا من إنشاء الجاهليين لا يخلو من صبغة إسلامية إلا سجع الكهان، فالغالب أنه بقي على حاله. والفرق بينه وبين أسلوب القرآن كالفرق بين الثريا والثرى.)

وقبل أن ننتقد رأيه في هذه المسألة نقول: إنه ختم تعبيره بخلاف ما يريد، لأنه أراد أن يبين الفرق بين سجع وسجع، وأراد أن يشبه سجع الكهان بالثرى وسجع القرآن بالثريا، فعكس التشبيه وقال كالفرق بين الثريا والثرى. فكان يجب أن يعكس ويقول (بين الثرى والثريا.) لأن الثريا في كلامه راجعة إلى المشبه الأول وهو سجع الكهان، والثرى راجعة إلى المشبه الأخير وهو القرآن فجاء كلامه بخلاف مرامه. وإذ قد بينا ذلك نقول: إن التغيير وقع في كلام الكهان اكثر مما وقع في غيره لأسباب: 1 - لأن كلام الكهان ليس من الأحاديث ولا من الأقوال الجارية مجرى الأمثال، حتى يحرص عليها وعلى الصورة التي جاءت بها. 2 - لأن كلامهم غير موزون. فكيف بهذا السجع، سجع الكهان وكيف تظن أنه لم تحل به الغبر، وقد غير الرواة من نظم الشعراء شيئاً لا يقدر. 3 - لأن سجع الكهان دون في القرن الثالث من الهجرة، بخلاف الأحاديث وأشعار الجاهلية فأنها دونت قبله. 4 - لأن لرواة العرب وكتابهم في صدر الإسلام غاية في تحقير سجع الكهان، ونسبته إلى الركاكة، وإبرازه بحلة زرية. 5 - لأن طول بعض هذه المسجعات يحول دون حفظها بحروفها. إلى غير ذلك من العلل والأسباب التي يضيق المقام دون استيعابها. وذكر في (ص 210 إلى 213) حالة الشرق العلمية عند الفتح الإسلامي فذكر آداب الروم في مصر والشام، ثم آداب مملكة الفرس ومدارس جميع هذه البلاد، ولم يتعرض لذكر مدارس الرها ونصيبين، وقد زل هنا الكاتب زلة لا تغتفر، إلا بعد أن يتعرض لها في طبعة كتابه الثانية، وقد وضع لهذا البحث رسائل وكتب عديدة، ومن جملتها تأليف السيد أدي شير، رئيس أساقفة سعرد على الكلدان، واسمه: (مدرسة نصيبين الشهيرة) طبع في المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين في بيروت سنة 1905 وهو كتاب في 63 صفحة في غاية النفاسة. وقال في صفحة 213: (ولم يبلغ العرب من العز والسؤدد ما بلغوا إليه في أيام هذه الدولة (الأموية)، ونحن نقضي كل العجب من هذا القول ومن

قائله. فما يريد بهذا العز وهذا السؤدد، وأي عصر يشمل كلامه هذا. فهل ترى يشمل عهد الحميريين، وحضارتهم، وعزهم، وسؤددهم، وإيغالهم في التمدن والحضارة؟ أو يشمل عهد العباسيين؟ فكنا نحب أن نعلم هل كلامه هذا يرجع إلى ما قبل عصر الأمويين، أم إلى بعده. ليجوز الحكم بعد ذلك. ومن آرائه القائلة التي توافق آراء كثيرين من الكتاب قوله ص 225 (أن الفتوح دعت إلى الاختلاط بالاعاجم، والاختلاط دعا إلى فساد اللغة؛ فاصبح الناس يهملون الإعراب. وكان العرب عند ظهور الإسلام يعربون كلامهم على نحو ما في القرآن. إلا من خالطهم من الموالي والمتعربين، فأن هؤلاء كانوا حتى في أيام النبي يخطئون الإعراب.) قلنا: ولنا أدلة على أن العرب خالطوا الأعاجم قبل الإسلام بأعصر متطاولة، لمجاورة جزيرتهم بلاد الفرس، والهند، والاشوريين، والكلدانيين، والفنيقيين، والمصريين، وغيرهم. والتاريخ خير شاهد على ذلك. ثم أن إهمال الإعراب كان معروفاً عند بعض قبائل العرب، كما كان معروفا استعماله وفي عهد واحد. ولنا أدلة نقلية وعقلية نأتي بها يوماً وليس هنا محل ذكرها. وذهب في ص 227 (إلى أن الحركات عند العبرانيين 11، وعند السريان الشرقيين 7، وعند السريان الغربيين 5، أما في العربية فهي ثلاث فقط.) قلنا: إن أراد بالحركات هنا حركات الإعراب فهي ثلاث كما قال. لكن يؤخذ من سياق الكلام أن المراد بها غير حركات الإعراب. فإذا كان كذلك فهي 7، بالعربية: ثلاث منها لها صور موضوعة، والأربع الأخرى لا صورة لها، ولا بد أن نتعرض لذكرها يوماً. اللهم إلا أن يريد الكاتب ذكر الحركات المعروفة صورها، فما قاله هو الصواب. ونظن أن الأمر كذلك؛ لأنه يقول في ص 228: والحركات العربية لا تقل عدداً عن الحركات السريانية، وربما زادت عليها؛ ولكن الأحرف الصوتية في العربية ثلاث (كذا أي ثلاثة) فقط (الواو والألف والياء) فاستعاروها للدلالة على الضم والفتح والكسر، وهي الحركات الرئيسية، وتركوا سائر الحركات المختلسة كالإشمام والروم والإمالة لفطنة القارئ.

العراق

والنفس يطول بنا إذا أردنا أن ننتقد كل ما رأيناه في هذا الكتاب. ولا سيما لأن فيه بعض الأمور التي لا يوافقنا أن نبدي فيها رأياً، وفي موطننا ومقامنا وما يحيط بنا من الأحوال والظروف ما يمنعنا عن إبراز كل ما في خاطرنا. فإن كلامه المذكور مثلا في آخر ص 211 لا يوافق الحق البتة، فهي من مبتدعات العصريين الأخيرين، من أصحاب التهور والإلحاد ومحبي الفجور. على أننا نختم كلامنا بهذا القول: إن كتاب آداب اللغة العربية هو احسن كتاب ابرز للقوم إلى هذا اليوم، ولا يمكن أن يستغني عنه أحد إلا من أعمته الأغراض، وقذفت به إلى مهاوي الجهل والضلال والغض من أصحاب الفضل والأعراض. والسلام. (تنبيه) وصلنا الجزء الثاني من هذا الكتاب النفيس وسوف ننتقده في وقته. العراق: (تابع لما قبله) العراق 10 - الأرياح فيه قد سبق القول أن الضغط الجوي في وادي الفراتين ينزل متدرجاً من الشمال إلى الجنوب سحابة السنة. وأرصاد الأرياح الشهرية تتفق على أن تبين أن الريح تهب من الشمال في مدة جميع الأشهر، بميل طفيف إلى الغرب. ماعدا في شهر شباط فأن وجهتها المتوسطة هي الشمال الشرقي، لكن في الدرجة التاسعة من الشمال. والمزية الخاصة بهذه الريح هي ثبات هبوبها، طول المدة الموجودة بين أيار وأيلول فحينئذٍ تهب نادراً في وجهة مخالفة لوجهة الشمال والشمال الغربي. 11 - الرطوبة الهواء في العراق جاف بوجه العموم، لكنه رطب في جنوبيه، وفي الأنحاء التي تكثر فيها البطائح والمستنقعات. وهو رطب أيضاً بعض الرطوبة على ضفة دجلة وقد لاحظ أصحاب المراقبة الجوية في دار الجرى (القنصل) الإنكليزي

أن ميزان الرطوبة يحوي من بخار الماء في كانون الثاني اقل مما يحويه في سائر الأشهر، (بموجب قياس الضغط الذي يرى فيه) فضغط بخار الماء هذا، هو 5. 9 مليمترات في هذا الشهر، وهو أعلى بقليل من ضغط بخار ماء بشاور (وهو هناك 5 مليمترات) ويعقوب آباد (5. 3)، ثم يعظم هذا الضغط متدرجاً، كلما عظمت حالة الهواء، واشتد التبخر؛ وهذا التبخر يتصاعد من انهر الجوار. ولا يقف في صعوده إلا في شهر آب، وهو أحر أشهر السنة في العراق، وحينئذ يبلغ 13. 7 مليمتراً، وهو دون ضغط يعقوب آباد، إذ يبلغ هناك 20. 8 مليمتراً، وضغط بشاور هو 19. 8 مليمتراً (اغلب هذا الكلام معرب عن السر وليم ولكوكس). 12 - خصب أرض العراق وحسن تربته ونظرة عامة في غلاته سابقاً قد جمع الله في أرض العراق ما لم يجمعه في غيرها من مرافق الخيرات، وجلائل البركات. إذ فيها غضارة العيش، وخصب المحل، وطيب المستقر، وسعة المير، من أطعمتها، وأوديتها، وعطرها، ولطيف صناعتها. ولهذا كان ملوك فارس يشبهون العراق بالقلب، وسائر الدنيا بالبدن، ومن أسمائه عندهم: (دل ايرانشهر) أي قلب ايرانشهر، وايرانشهر الإقليم المتوسط لجميع الأقاليم. قالوا وإنما شبهوه بذلك لأن الآراء تشعبت عن أهله بصحة الفكر والروية، كما تتشعب عن القلب بدقائق العلوم ولطائف الآداب والأحكام. فأما من حولها، فأهلها يستعملون أطرافهم بمباشرة العلاج، وخصب بلاد ايرانشهر، بسهولة لا عوائق فيها ولا شواهق تشبيها، ولا مفاوز موحشة، ولا براري منقطعة عن تواصل العمارة، والأنهار المطردة من رساتيقها، وبين قراها مع قلة جبالها وآكامها وتكاتف عمارتها، وكثرة أنواع غلاتها، وثمارها، والتفاف اشجارها، وعذوبة مائها، وصفاء هوائها، وطيب تربتها، مع اعتدال طينتها، وتوسط مزاجها، وكثرة أجناس الطير والصيد في ظلال شجرها: من طائر بجناح، وماش على ظلف، وسابح في بحر. قد أمنت مما تخافه البلدان من غارات الاعداء، وبوائق المخالفين، مع ما خصت به من الرافدين: دجلة والفرات، إذ قد اكتنفاها، لا ينقطعان شتاء ولا صيفاً، على بعد منافعهما في

غيرها، فأنه لا ينتفع منهما بكثر فائدة، حتى يدخلاها فتسبح مياههما في جنباتها، وتتبطح في رساتيقها، فيأخذون صفوه هنيئاً، ويرسلون كدره وأجنه إلى البحر، لأنهما يشتغلان عن جميع الأراضي التي يمران بها، ولا ينتفع بهما في غير السواد، إلا بالدوالي والدواليب بمشقة وعناء. وكانت غلات السواد تجري على المقاسمة في أيام ملوك الفرس والاكاسرة وغيرهم، إلى أن ملك قباذ بن فيروز، فأنه مسحه وجعل على أهله الخراج وكان السبب في ذلك: إنه خرج يوماً متصيداً، فانفرد عن أصحابه بصيد طرده حتى وغل في شجر ملتف، وغاب الصيد الذي اتبعه عن بصره، فقصد رابية يتشوفه، فإذا تحت الرابية قرية كبيرة، ونظر إلى بستان قريب منه فيه نخل ورمان وغير ذلك أصناف الشجر، وإذا امرأة واقفة على تنور تخبز ومعها صبي لها، كلما غفلت عنه، مضى الصبي إلى شجرة رمان مثمرة ليتناول من رمانها، فتعدو خلفه وتمنعه من ذلك ولا تمكنه من اخذ شيء منه، فلم تزل كذلك حتى فرغت من خبزها، والملك يشاهد ذلك كله. فلما لحق به اتباعه، قص عليهم ما شاهده من المرأة والصبي، ووجه إليها من سألها عن السبب الذي من اجله منعت ولدها من أن يتناول شيئاً من الرمان. فقالت للملك فيه حصة ولم يأتنا المأذون بقبضها، وهي أمانة في اعناقنا، ولا يجوز أن نخونها ولا نتناول مما بأيدينا شيئاً حتى يستوفي الملك حقه. فلما سمع قباذ ذلك أدركته الرقة عليها وعلى الرعية، وقال لوزرائه: إن الرعية معنا لفي بلية، وشدةٍ، وسوء حال، بما في أيديهم من غلاتهم، لأنهم ممنوعون من الانتفاع بشيء من ذلك، حتى يرد عليهم من يأخذ حقنا منهم، فهل عندكم حيلة تفرج بها عنهم؟ فقال بعض وزرائه نعم، يأمر الملك بالمساحة عليهم ويأمر أن يلزم كل جريب من كل صنف، بقدر ما يخص الملك من الغلة فيؤدي ذلك اليه، وتطلق أيديهم في غلاتهم، ويكون ذلك على قرب مخارج المير، وبعدها من الممتارين. فأمر قباذ بمساحة السواد وإلزام الرعية الخراج بعد حطيطة النفقة، والمؤونة على العمارة، والنفقة على كري الأنهار وسقاية الماء وإصلاح البرندات، وجعل جميع ذلك على بيت المال فبلغ إخراج السواد

في السنة مائة ألف ألف وخمسين ألف ألف درهم مثاقيل. فحسنت أحوال الناس، ودعوا للملك بطول البقاء، لما نالهم من العدل والرفاهية. وقد وقع اختلاف مفرط بين مساحة قباذ ومساحة عمر بن الخطاب رضه، ذكرته كما وجدته من غير أن أحقق العلة في هذا التفاوت الكبير: أمر عمر بن الخطاب رضه بمسح السواد الذي تقدم حده، لم يختلف صاحب هذه الرواية فيه، فكان بعد أن اخرج عنه الجبال والأدوية والأنهار ومواضع المدن والقرى ستة وثلاثين ألف ألف جريب، فوضع على جريب الحنطة أربعة دراهم، وعلى جريب الشعير درهمين، وعلى جريب النخل ثمانية دراهم، وعلى جريب الكرم والشجر ستة دراهم، وختم الجزية على ستمائة ألف إنسان، وجعلها طبقات: الطبقة العالية ثمانية وأربعون درهماً، والوسطى أربعة وعشرون درهماً، والسفلى اثنا عشر درهماً، فجبى السواد مائة ألف ألف وثمانية وعشرين ألف ألف درهم. . . وجباه زياد مائة ألف الف وخمسة وعشرين ألف ألف درهم وجباه ابنه عبيد الله اكثر منه بعشرة آلاف ألف درهم، ثم جباه الحجاج مع عسفه وظلمه وجبروته، ثمانية وعشرين الف ألف درهم فقط، واسلف الفلاحين للعمارة ألفى الف، فحصل له ستة عشر ألف الف. قال عمر بن عبد العزيز: وهاأنا قد رجع إلي على خرابه فجبته مائة ألف ألف وأربعة وعشرين ألف ألف درهم بالعدل والنصفة، وأن عشت له لأزيدن على جباية عمر بن الخطاب رضه. وكان أهل السواد قد شكوا الحجاج خراب بلدهم، فمنعهم من ذبح البقر لتكثر العمارة، فقال شاعر: شكونا إليه خراب السواد ... فحرم جهلاً لحوم البقر، وقال عبد الرحمن بن جعفر بن سليمان: مال السواد ألف ألف ألف درهم، فما نقص مما في يد السلطان منه فهو في يد الرعية، وما نقص من يد الرعية فهو في بيت مال السلطان. قيل أراد عمر قسمة السواد بين المسلمين فأمر أن يحصوا، فوجدوا الرجل يصيبه ثلاثة من الفلاحين، فشاور أصحاب رسول الله في ذلك فقال علي رضه: دعهم يكونوا مادة للمسلمين. فبعث عثمان بن حنيف الأنصاري فمسح

من أسماء ابنة اليوم

الأرض، ووضع الخراج، ووضع على رؤوسهم ما بين ثمانية وأربعين درهماً، وأربعة وعشرين درهماً، وأثنى عشر درهماً، وشرط عليهم ضيافة المسلمين وشيئاً من بر وعسل؛ ووجد السواد ستة وثلاثين ألف ألف جريب، فوضع على كل جريب درهماً وقفيزاً. قال أبو عبيد: بلغني أن ذلك القفيز كان مكوكا لهم يدعى السابرقان. وقال يحيى بن آدم وهو المحتوم الحجاجي: وقال محمد بن عبد الله الثقفي: وضع عمر رضه على كل جريب من السواد، عامراً كان أو غامراً، يبلغه الماء: درهما وقفيزاً، وعلى جريب الرطبة خمسة دراهم وخمسة اقفزة، وعلى جريب الكرم عشرة دراهم وعشرة اقفزة ولم يذكر النخل. وعلى رؤوس الرجال ثمانية وأربعين وأربعة وعشرين وأثنى عشر درهماً. وحتم عثمان بن حنيف على رقاب خمسمائة ألف وخمسين ألف علج لأخذ الجزية، وبلغ الخراج في ولايته مائة ألف ألف درهم. (اه عن ياقوت بتصرف قليل في العبارة) فيؤخذ مما تقدم أنه كان لكل رجل من المسلمين ثلاثة فلاحين من النصارى من باب التعديل المتوسط لا من باب الحقيقة. وعليه كان نصارى العراق الفلاحون في عهد علي ثلاثة أضعاف المسلمين، ماعدا من كان منهم في المدن الكبار كبغداد والموصل والبصرة. وكانت مساحة السواد 360. 000. 000 جريب مزروع، والجريب يساوي اليوم ما يسميه الإفرنج بالهكتار فتكون إذاً مساحة الأراضي المزروعة يومئذ 360. 000. 000 مترٍ مربعٍ فأين أولئك السكان من عدد سكان هذا اليوم؟ وأين تلك الارضين المزروعة وخراجها، وأراضي هذا العهد وخراجه؟ أعاد الله كل شيء إلى سابق مجده، وسامق عزه، بمنه وكرمه! إبراهيم حلمي من أسماء ابنة اليوم ذكرنا أسماء بنات اليوم على اختلاف بعض ربوع العرب والأعراب. وقد ذكر لنا أستاذنا الكبير حضرة الشيخ العلامة والسيد السند محمود شكري أفندي الآلوسي: إن الفرس يسمون هذه الدودة التي تأتي بها السيول من جبال الثلج (زالو) بزاي فارسية. ثم قال: فلعل الكلمة المعهودة (أي

الجليلو) محرفة عنها، ومغيرة منها، فأن كثيراً من كلمات الفرس دخلت لغة بغداد وحرفت عن اصلها. قلنا نحن: وكلمة (زالو) مختزلة عن (زلال) الفارسية القديمة. فإذا أملت ألفها قلت (زليل)، وهذه لا تبعد كثيراً عن جليلو، التي إذا كتبتها بالإمالة كانت جلالو. وأنت تعلم أن الزاي والجيم على أنواعهما كثيراً ما تتبادلان؛ ولا سيما، مبادلة الجيم والزاي الفارسية، مثل الجدوار واصلها زدوار. والجية، وفارسيتهازي. والازدهاق واصلها ازدهاك، وكلها بالزاي الفارسية، ومثلها كثير في اللغة. وأما أن الزلال هو الزالو أو الجليلو فهذا واضح من نص اللغويين: قال في التاج: الزلال بالضم: حيوان صغير الجسم أبيضه، إذا مات جعل في الماء فيبرده؛ ومنه سمي الماء البارد زلالاً. قلنا: إن هذا التعليل غريب. والحق هو هذا: إن هذه الدويبة تكثر في أيام الربيع وفي البلاد الكثيرة الثلوج والمياه المتحللة منها. فيتولد فيها. فنسب بعضهم برودة الماء إلى وجوده. وإنما لبرودته سبب آخر وهو سقوط درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر لا غير. وليس في الحشرة قوة لإنزال الحرارة إلى هذه الدرجة. وقال فارس في معجمه الفارسي اللاتيني: زلال كلمة عربية فارسية، يراد بها دودة تنشأ في الثلج ثم تطير منه، وتكثر في الماء الصافي، فيسمى ذلك الماء (آب زلال) أي الماء الزلال. وهي لا تعيش كثيراً، وإذا ماتت ظهر فيها حركة كحركة المذبوح. قلت: وهذا الأمر الأخير هو مطابق للحقيقة لا شبهة فيه. وهذا مما يزيدنا يقيناً في رأينا وتمسكا به. والفضل في ذلك راجع إلى شيخنا الآلوسي. وقال في (برهان قاطع) الزلال: دودة الثلج وهي تولد كل سنة عند تراكم الثلوج في الجبال الشاهقة؛ وهي دقيقة بيضاء مدورة الرأس وضعت في الماء بردته إلى الغاية وجعلته سائغاً لذيذاً، ومنه الماء الزلال لذلك الماء. والماء الزلال بالارمية (زليلا) وكذلك يقال له أيضاً بالعربية أي

باب المشارفة والانتقاد

وهو كقولك الماء الزلال. فاللغات كلها متفقة على وضع هذه الكلمة، أخذاً من مادة زلل. ومن أسمائها أيضا على ما ذكره لنا أحد الأصدقاء: (الجلبة) بهاء وهي بلغة أهل الشرقية من أنحاء بغداد. ويسميها العرب القاطنون في غربي بغداد: (سليلبح)، بحركة السين المختلسة، وفتح اللام فتحاً فيه إمالة، وسكون الياء المثناة، وتحريك اللام الثانية بحركة مشتركة، وفتح الباء الموحدة التحتية، وبحآء مهملة في الآخر أي وبعض أهل بغداد من ساكني الأهوار والمجاورين لها، (والأهوار هي البطائح أو المستنقعات)، يسمونه (مغيزل داده) ولعلها تصحيف (مغيزل ذاته) وهي كثيرة في تلك الأهوار. وهذا ضبطها: بسكون الميم، وفتح الغين المعجمة فتحاً فيه إمالة، وسكون الياء التحتية المثناة، وتحريك الزاي بحركة مشتركة، وسكون اللام. وضبط داده كضبط غاية. وفي الختام نشكر حضرتي الكاتبين الشهيرين، ونسدي آلاء الجميل والإحسان لكل من ينبهنا على كل هفوة أو زلة تقع منا لأن الكمال، لمن تنزه عن المثال، وهو وحده المتعال. باب المشارفة والانتقاد 1ً. موليير مصر وما يقاسيه (رواية تمثيلية هزلية، بقلم الشيخ يعقوب صنوع المشهور بأبي نظارة المصري، شاعر الملك، ومؤسس التياترات (المسارح) العربية في وادي النيل. طبعت في بيروت بالمطبعة الأدبية، سنة 1912، بقطع الثمن الصغير في 40 صفحة حسنة الكاغد والطبع. وقد صدرت بصورة الفيكونت فيليب دى طرازى الذي أهديت إليه هذه الرواية، وختمت بصورة المؤلف. هذه الرواية حسنة المغزى، وقد ألفها صاحبها بعبارة عامية مصرية، طلباً لإصلاح عوائد العوام، وإفهامهم فحواها بلسانهم. لكننا لا نرى من الصواب

أن تسجع عبارتها؛ وما أقبح السجع في هذا المقام. لا سيما لما ترى الكاتب يجد كل الجد وراء كلمة، ليقيمها بازاء أختها ويقابلها بها. ومما نأخذه على المؤلف أيضاً مزج الفصيح بالعامي. فكان عليه أما أن يجعل كلامه كله فصيحاً، وأما كله عامياً. أو أن يجعل أحد الممثلين مهذب العبارة، والآخر يعكسه، وأن يبقيهما بلهجتهما إلى آخر الرواية. ومهما يكن من حلة الرواية، فإن حليتها قائمة بمحاسنها الداخلية، وهي حليتها الحقيقية. وكفاها حسناً! 2 - فصل القضاء، في الفرق بين الضاد والظاء (أثر أحمد عزت) مميز قلم تحريرات ولاية بغداد. حق الطبع محفوظ لصاحبه. طبعت في مطبعة الشابندر في بغداد سنة 1328) في 186 صفحة من قطع الثمن الصغير. كل من يطالع كتب العراقيين المطبوعة في بغداد، يتحقق أنهم كثيراً ما يغلطون في رسم الضاد والظاء. وهذه جرائدنا ومجلاتنا من اصدق الشواهد على ما نقول؛ وهذا الغلط قديم في العراق. وسببه أن أهل بغداد لا يميزون بين اللفظين، فهم يلفظون الضاد كما يلفظون الظاء وهو خطأ بين، بعكس أهل الموصل فإنهم يلفظون الظاء كالضاد. ولهذا أراد صاحب هذا الكتاب أن يجمع جميع الألفاظ الواردة في اللغة العربية بهذين الحرفين، وينقل معناها إلى اللغة التركية أو الفارسية، فأجاد في العمل. فالكتاب المذكور إذاً عبارة عن معجم في ثلاث لغات، نافع لجميع أهل العراق، فليحرصوا عليه. أما أغلاطه الطبعية فهي أكثر من أن تحصى، ولهذا لا نتعرض لذكرها. ويكفيك علماً أن الكتاب طبع بمطبعة الشابندر التي لا تعني كل العناية بتصحيح مسودات الطبع على ما تنقح لها. فعساها أن تجد لها من يقوم بشؤونها أحسن القيام والله الموفق. 3 - كتاب التوحيد (للإمام جعفر الصادق عم وهو الذي أملاه على المفضل بن عمرو رحمه الله تعالى. كمل طبعه في مطبعة النفاسة الكائنة في شارع أبي السعود نومرو 55

بدار السعادة إسلامبول المحمية سنة 1330 في 82 صفحة بقطع الثمن الصغير وقيمة النسخة غرشان. أهدانا حضرة السيد العلامة، أستاذنا الشيخ محمود شكري أفندي الآلوسي، كتابين: أولهما، هذا الذي ذكرنا اسمه والثاني الآتي ذكره. وهذا الكتاب من اجل الكتب الدالة على وحدانيته تعالى، متين العبارة، محكم الآراء، يجدر بأن يكون كتاباً، يصاحب كل امرئ في حله ورحيله. إلا أنه يؤخذ على طبعه أن الطابع جعل الفصول كلها متسقة، الكلمة بعد الكلمة، والسطر بعد السطر، حتى انك لتخال أن الكتاب كله عبارة واحدة، بحيث لا يجد فيه القارئ موطناً يريح فيه نظره أو يتنفس فيه الصعداء. وأما النقط والفواصل فلا اثر لها هناك. وأما أغلاط الطبع، ففيه شيء غير يسير، من ذلك قوله: ص 47 فوجدت شيئاً من الصنف الذي يسمى الحاذون فأكلته. والأصح: الحلزون. وقوله بعد ثلاثة اسطر: إنشاء الله. والأصح: إن شاء الله. وهذا الغلط فاشٍ أيضاً في مطبوعات بغداد. وقوله بعد سطر: تضاعف سروري بما عرفينه، مبتهجا بما منحينه، حامداً الله على ما أنينه. والأصح في كل ذلك: عرفنيه. . . منحنيه. . . آنانيه. إلى آخر ما هناك، فعسى أن تصلح هذه الأغلاط في طبعه ثانية. 4 - استدراكات ابن الخشاب على مقامات الحريري وانتصار علامة المقدس ابن بري لابن الحريري طبعت في مطبعة (الشركة الطبعية) بالأستانة الكائنة في خان الوزير سنة 1328. في 94 ص من قطع الثمن الصغير، وثمنه قرشان. كتاب جليل من اجل كتب الانتقاد اللغوي، لا يطالعه الكاتب إلا ويرجع مملوء الحقيبة علماً وتحقيقاً. وقد صدر الكتاب بترجمة ابن الخشاب، ثم بترجمة ابن بري. ودونك مثالاً وجيزاً يطلعك على ما في هذا السفر الصغير من النفع الكبير. قال في ص 56: (وفيها (أي في المقامة الحادية والعشرين): (فاعتقبته أخطو متقاصراً، واريه لمحا باصراً.) (قال ابن الخشاب): هذا استعمال من لا يعلم حقيقة معنى قولهم: أراه لمحاً باصراً، لأن مراده

باب التقريظ

اتقاصر لئلا يراني في اتباعي إياه، وأتامله مع ذلك تأملا شديداً، كيلا يفوت بصري. وهذا المعنى لا يؤديه قوله: أريه لمحاً باصراً، لأن قولهم: أراه لمحاً باصراً، أي نظراً بتحديق شديد. (قال ابن بري): (كلام ابن الحريري صحيح، لأنه أراد أني أخطو خلفه متقاصراً، وأتبعه نظراً بتحديق، لئلا أضل عنه بتقاصر خطوي، فيفوتني. فالمتقاصر على هذا اشد تحديقا من غير المتقاصر.) هذا شاهد وجيز العبارة أتينا به، ليطلع على هذا الكتيب النفيس، من لم يقع بيده ليقدره حق قدره. ويسعى في الحصول عليه. باب التقريظ حفاوة التهليل بعيد اليوبيل قصيدة عامرة الابيات، وعددها 51، نظمها حضرة الأب الفاضل القس باسيل بشوري السرياني البغدادي، بمناسبة عيد صاحب الغبطة الفضي، مار اغناطيوس افرام الثاني بطريرك السريان. وقد أجاد الشاعر في تعديد حسنات صاحب العيد بما هو أهل له. فنحن نهنئ الناظم والمنظوم له: الأول لإجادته في النظم، والثاني لبلوغه المرحلة الأولى من عمره، وهو رائع بحلة الفضل والفضيلة. فوائد لغوية سألنا بعضهم: ما احسن لفظة عربية تقابل الكلمة الفرنسوية في معناها المجازي، وما الذي يرادف كلمة قلنا: معنى المجازي هو: محاكاة الواحد للآخر في حركاته وأقواله محاكاة مبالغاً فيها، حملاً للناظرين أو السامعين على الضحك. وبعبارةٍ أخرى: هي أن يحكي الواحد فعل الآخر أو قوله على جهة الهزوء. ويقابلها بالعربية (اللمص) قال اللغويون: اللمص هو حكاية فعل الواحد أو قوله على جهة الهزوء.

وأما ومعناها فن التمثيل بالإشارة أو الحركة فيقابلها بالعربية (المحاكاة). وسألنا آخر: كيف أن لفظ (القداد) يعني (الترامواي) قلنا: جاء في كتب اللغة: قد الشيء: قطعه مستطيلاً أو شقه طولاً. والعجلة السائرة على خطين من حديد، تجرها الدواب أو الكهربائية أو البخار، تتصور لعيني الرائي كأنها تشق الأرض شقاً مستطيلاً، لاسيما وهي تجري على قدد من حديد. والكلمة على قياس لفظة الجواري بمعنى السفن؛ وأنت تعلم أنها مشتقة من جرت السفينة على الماء بمعنى سارت عليه. ونظائر هذه الحروف كثيرة في العربية. وباب الوضع يعقد لأدنى ملابسة في المعنى بين كلمة وأخرى. وسألنا آخر قال: جاء في مجلة الكوثر البيروتية (301: 3) في مقالة الحليم إبراهيم دموس ما هذا نصه: وقال آخر (وعد كلامه من سقطات الأقلام) في مقالة يصف فيها وصوله إلى أمريكا: (هي أول مرة وطئت أقدامي أرض أميركا)، ونسي حضرة الكاتب أنه إنسان وله قدمان فقط، وليس هو من ذوات الأربع قوائم!! (ثم ذكر الكاتب أقوال كثير من الكتاب الذين سقطوا في مهواة هذه الهفوات ومنها العيون للعينين) قلنا: كان يحسن بالمخطئ أن يطلع على أقوال العرب في هذا الباب قبل أن يتعرض لتخطئة جماعة من أئمة الكتاب، من قد برعوا في أصول الإنشاء والبلاغة. وما جوابنا هنا إلا ما ذكره السيوطي في المزهر 158: 1 قال: (ومن سنن العرب ذكر الواحد والمراد الجمع. كقولهم للجماعة: ضيف وعدو. قال تعالى: هؤلاء ضيفي. وقال: ثم يخرجكم طفلاً. وذكر الجمع والمراد واحد أو اثنان. قال تعالى: إن يعف عن طائفة. والمراد واحد؛ أن الذين ينادونك من وراء الحجرات. والمنادي واحد؛ بم يرجع المرسلون. وهو واحد، بدليل: ارجع إليهم؛ فقد سغت قلوبكما، وهما قلبان. وصفة الجمع بصفة الواحد، نحو: وإن كنتم جنباً والملائكة بعد ذلك ظهير. وصفة الواحد والاثنين بصفة الجمع، نحو: برمة أعشار، وثوب اهدام،

وحبل احذاف. قال: جاء الشتاء وقميصي أخلاق. وارض سباسب، يسمون كل بقعة منها سبسباً لاتساعها. قال: ومن الجمع يراد به الاثنان قولهم: امرأة ذات أوراك ومآكم. وبهذا النص كفاية للمخطئ. وسألنا السائل المذكور: وأنكر كاتب الكوثر المذكور كلمة افود إذ قال: (302: 3) وجاء في الجريدة نفسها قول الآخر: (فنكتة أدبية هي عندهم افود من الانتقاد والصواب: أفيد، لأن الفعل يائي، لأنك تقول: (كلامك يفيدني) وليس: (يفودني). قلنا: المراد بافود في العبارة المذكورة: (اثبت) من فاد المال لفلان: ثبت. والاسم الفائدة. وقد ذكر صاحب التاج في فود أنها واوية ويائية بعد قوله: والاسم الفائدة. وقال: لأن المصنف ذكرها في المادتين. ثم زاد على ما تقدم: وأفاده واستفاده وتفيده: اقتناه، وأفدته أنا: أعطيته إياه. وسيأتي بعض ذلك في قيد، لأن الكلمة يائية وواوية. ومن احسن الأدلة على أن الافود من الفائدة جاءت بمعنى الافيد استعمال صاحب التاج لها. قال في مادة قصر: (506: 3) (ولو ذكر المصنف الكل في محل واحد كان افود.) وكفى بذلك جواباً، لشهرة صاحب التاج ولا سيما بعد أن قال في مادة ف ود) أن الكلمة يائية وواوية، فجاء استعماله هذا بالواو سنداً لما ذهب إليه. على أن كاتب مقالة (سقطات الأقلام) قد خطئ اكثر مما خطأ فكان يجدر به أن يتحقق الأمور قبل أن يستهدف لسهام الأقلام. والسلام. سؤال يسأله أحد أدباء النجف ويطلب من القراء أن يجيبوه عنه وهو في: (التأنيث في اللغة العربية) هل هو أمر لفظي أو معنوي؟ ولو كان معنوياً فلماذا نجد اللفظين الموضوعين لمعنى واحد أحدهما مؤنثاً والآخر مذكراً؟ ولو كان أمراً لفظياً فهل له قياس يوقف عنده وقاعدة لا يتعداها؟ - وما هو ذلك الأمر الذي أوجب تأنيث هذا اللفظ دون ذاك. وللقراء مهلة ثلاثة أشهر للجواب عنه، فأن لم يجب عنه أحد وافيناهم بما نحفظه في هذا الباب. والله المعين.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - ابن الشعلان غزا نوري بن الشعلان أعراب شمر، من العشائر الراجعة إلى ابن الرشيد في نجد، فغنم منهم ثلاثة آلاف بعير. فتأثره أصحاب الإبل، وهجموا عليه فاستردوها منه. وغنموا هجين ابن شعلان وقتلوا من أعرابهم جماعة، فرجع ابن شعلان بخفي حنين، وقد اخذوا منه رايته، وأرسلوا بها إلى الأمير ابن الرشيد. 2 - ابن هذال غزا اذعار بن هذال عشائر الشام (الشرارات)، وغنم منهم مائة بعير، ورجع بها إلى أصحابه سالماً. (عن الرياض) 3 - ابن السعود اشتدت الضغائن بين شريف مكة وابن السعود، وامتنعت قوافل نجد من الذهاب إلى الحجاز، ورجع وفد ابن السعود من عند الشريف، وامتنع عن الحج سكان ديار نجد هذه السنة؛ وقد أفاد بذلك القومان الأستانة وكل منهما يروي الحكايات تبعاً لغاياته، وعليه فإن لم تخمد الحكومة هذه الفتن فالظنون أن ابن السعود يتفق مع بعض الأمراء على الشريف. فيكون من هذا الاتفاق ما يكون وهو ما تطلبه سياسة إحدى الدول وتسعى له منذ حين من الدهر. (عنها) 4 - ابن الرشيد أرسل ابن الرشيد إلى الأستانة وفداً برئاسة ناصر باشا الخشمان لمطالب متعددة، منها: قبول مبعوثين عن بلاد العرب النجدية، وإطلاق الحرية له لتأديب العصاة العائثين في العراق، والمطالبة بحقوق أبناء سعدون. وغيرها. 5 - الفدعان أغار ابن مهيد، رئيس الفدعان، على شمر، النازلين بأنحاء الموصل، فغنم منهم 300 بعير كلها لفيصل بن فرحان باشا وقفل إلى دياره سالماً. (عنها) 6 - الضفير أغارت الضفير ومعها بعض أعراب ديار نجد على أطراف حمص وحلب

فغنمت اباعر وأموالاً تجارية ورجعتا بها إلى ديارها بدون معارض. (عنها) 7 - التمياط اغار برغش التمياط ومعه حسين بن سعدون رئيس العبيد في مائتي فارس ولم يأت خبر إلى اليوم بما صاروا إليه. (عنها) 8 - نزال ابن مهيد وشمر استنزل ابن مهيد، قائد عشائر الفدعان وعنزة، عشائر شمر بالجزيرة، وقد زحف بعشائره وعبر نهر الفرات واجتاز عانه وراوة متوجهاً إلى شمر في أنحاء الموصل (عنها) 9 - شمر خرج الحميدي، رئيس عشائر شمر، في اطرف الموصل ومعه طائفة من العسكر لتحصيل الضرائب الأميرية (عنها) 10 - الدويش غزا الدويش، رئيس قبيلة مطير؛ فغنم اباعر فهد الدغيم بن هذال وقبيلته، ولما صار إلى الصحراء أهلكه الظمأ؛ فمات من أصحابه ثلاثون رجلاً، ورجع من بقي منهم إلى ربوعهم صفر اليدين، لأن الإبل التي استاقوها رجعت إلى أصحابها من تلقاء أنفسها إذ بقيت بدون سائق. (عنها) 11 - الضفير وأولاد سعدون آبى عجيمي بك السعدون أن يصالح الضفير بعد تلك الخيانة الشهيرة. وهو على وشك الرحيل إلى حائل، مقر إمارة ابن الرشيد. وسبب انتكاث حبل الأمن بعد إمراره أن ابن ضويحي، أحد مشايخ الضفير، استاق من عشيرة عجيمي بك ابلاً من موطن يبعد عن الزبير 8 ساعات. والآن يحاول الضفير المصالحة بإلحاح فأحالهم عجيمي بك على رأي ابن الرشيد وبما يأمر به. 12 - تسقيف الأسواق بالتوتياء جميع أسواق بغداد مسقفة بالحصر والبواري والقصب، ممدودة على المرادي المقاومة بهيئة مسنم، فكانت إذا أصابتها النار تضطرم اضطرام الهشيم، فلا تلبث أن تصير رماداً في قليل من الزمن. ولهذا كان يكثر الحريق في بغداد لاسيما في أيام الصيف. وأما الآن فأن البلدية اهتمت بإبدال الحصر بالتوتياء (الزنك) وقد سقفت كثير منها على هذه الصورة المستحسنة وأمن الناس شر الحريق.

13 - احتجاب جرائد الموصل توارت عن الأنظار جريدة نينوى والنجاح وجكة باز وتلاثتها موصلية. 14 - وفاة الشيخ غلام رسول الهندي توفي هذا الشيخ مبطونا في 1 تموز وله من العمر نحو ستين عاما. وهو هندي الموطن، وقد قدم العراق منذ اكثر من 20 سنة، وكان صادق اللهجة العربية، عارفاً بقواعدها وشواردها. يحسن التكلم بها على الأصول الأعرابية بدون تعمل أو تصنع. وكان أول تدريسه في بغداد في جامع عبد القادر الجيلى، ثم انتقل بعد نحو سنة إلى جامع الست نفيسة، ثم درس في جامع حبيب الأعجمي، ومنه تحول إلى جامع الباجه جي، ومنه ذهب إلى مندلي (البندنيجين)، ولما قدم منها عين مدرساً في جامع الخضار. وكان متفرغا لعلوم الدين، ولا سيما لتعلم الكلام منها. وكان يعلم أيضاً الرياضيات. وقد رحل إلى الأستانة ثلاث مرات. وكان في منتهى القناعة وقد تخرج عليه جم غفير من أبناء هذه المدينة ومن غيرها من مدن العراق. - وهو لم يؤلف شيئاً سوى بعض التعليقات وهذه أيضاً لم تر عالم المطبوعات. وقد حضر دفنته زرافات من الناس من طلبته ومن معارفه ومن غيرهم. إن الله مع الصابرين. 15 - ارتفاع أسعار الأرضين في بغداد منذ أن سمع الناس بأن الحكومة صممت على مد السكة الحديدية بين بغداد وحلب، ثم بين بغداد والبصرة، جد كثير في مشترى الأراضي في بغداد وما جاورها، ولا سيما ما كان منها واقعاً على إحدى ضفتي دجلة. ولما أعلن الدستور في أنحاء الدولة زادت الرغبة في مشترى الأملاك حتى أن أثمانها ارتفعت أضعاف الأضعاف. واليوم اغلب المشترين هم الاجانب، واليهود الوطنيون، واغلب البائعين هم المسلمون ثم النصارى. ولا بد أن نذكر بعض الشواهد على ارتفاع هذه الأسعار الفاحشة، من ذلك: ما اشتراه سعادة الكونت جبرائيل أصفر في سنة 1906 في محلة السيد سلطان علي، وهو بستان مساحته 9000 ذراع مربعة بقيمة 2000 ليرة مع النفقات. والآن طلب منه الراغبين في مقتنى قطعة منه دافعين في الذراع من

ليرتين إلى ليرتين ونصف؛ والبائع يطلب 3 ليرات بالذراع. فتكون قيمة تلك الأرض سبعة أضعاف ما كانت عليه قبل 6 سنوات. اشترى قيومجيان أفندي في نحو سنة 1905 أرضا في محلة الدباغ خانة بقيمة 500 ليرة عثمانية. والآن يدفع له بها 2300 ليرة وهو يأبى بيعها بهذه القيمة. لصديقنا ن. أرض اشتراها سنة 1908 بقيمة 300 ليرة عثمانية. والآن يدفع له بها 1200 ليرة. والأرض واقعة في كرادة البو جمعة أي تحت كرد الباشا حيث تشيد القصور. وصاحب الأرض لا يبيع منها قيد ذراع. وفي سنة 1903 اشترى حضرة القس يوحنا مقصود جاقر بستاناً في محلة الزاوية، بقرب السيد ادريس، طوله 250 متراً في عرض 50، بمبلغ قدره 300 ليرة. فبيع بهذا الشهر بمبلغ 1300 ليرة وقد اقتطع منها قطعة لنفسه بقيمة 300 ليرة، فيكون حضرة القس ربح 1300 ليرة مع أناء بستانه في مدة السنوات التسع التي مضت. وأما أثمان الدور في داخل المدينة فقد تضاعفت أيضا، ولا سيما ما كان منها مبنيا على شاطئ دجلة من جانب الرصافة. والآن اخذ الألمانيون في تعيين موقع محطة السكة الحديدية وهو في جانب الكرخ بازاء دار ريشارتز قنصل ألمانية سابقا، الواقع في جانب الرصافة، ولهذا ارتفعت فجأة أسعار أراضي كرادة مريم بما يفوق التصور. وقد اشترى الألمانيون اغلب تلك الأملاك. وقالت الرياض: كانت قيمة السيفية 300 ليرة فاشتراها الأجانب بمبلغ 7200 ليرة. وكانت قيمة اليوسفية 600 ليرة فاشتراها الأعراب بمبلغ قدره 6200 ليرة. وهناك غير هذه الأملاك مما هو في شرقي بغداد وغربيها. 16 - الحرائق في بغداد كثرت الحرائق في بغداد حتى حار أهلها في أمرها وتتاليها، وبأضرارها،

ودونك الآن عددها في هذا الشهر: 1 - حريق ليلة الاثنين الواقع في 8 من هذا الشهر. وقد شبت النار نحو الساعة 12 زوالية في قهوة محمود بن حسين الواقعة في محلة الصدرية. وأطفأت بعد ثلاث ساعات من نشوبها. ولم تتجاوز مشرب القهوة. 2 - شبت النار يوم الجمعة في 12 من هذا الشهر بساعتين بعد الظهر في حجرة الملا حسين صاحب خان الدجاج الواقع في سوق العطارين، وكان سببها بقايا لفيفة تبغ، ألقيت هناك، فسرت نارها إلى ما يقرب منها من الكاغد، فاحترق الخان وما فيه ثم اندلع لسانها إلى ما يجاورها فكلفت طعمتها من 25 إلى 30 ألف ليرة على ما يتناقله الناس. ولعل في المبلغ مبالغة. 3 - استعرت النار في ضحوة ذلك اليوم في المنضحة (مكينة السقي أو طرمبة الماء كما يقول أهل بغداد) التي تسقي أرض محمود أفندي في ديالى. فأضرت بمتولي أمرها وهما: حسن بن عباس وابنه جاسم، حتى أصبحت اليوم حياتهما في خطر. وقد دبت النار إلى الغابة المجاورة المعروفة بالجادرية فأكلت الحطب المقطوع وأشجار الحرجة، وبقيت تضطرم إلى أن لم تجد ما تفترسه. 4 - في ذلك النهار دبت النار في دار مختار محلة (فضوة العرب) وهو الحاج ناصر، فأحرقت الدار برمتها، ولم تبق فيها شيئاً ولم تذر، لكنها لم تتعداها إلى سائر الدور، وسبب نشوبها الحطب الموضوع في المطبخ بجوار النار المتقدة للطعام. 5 - شبت النار أيضاً في ذلك النهار (وكانت حرارته في الظل 45 درجة مع رياح غربية حارة من نوع السموم) في دار زهرة بنت صالح من أهالي محلة الحاج فتحي، فسرت النار من الموقد إلى ما يجاوره، فأحرقت الدار وحدها ولم تتجاوزها. 6 - في اليوم الثاني في 13 من هذا الشهر شبت النار في موقد حمام الحاج رسول أفندي فأخمدت من فورها بهمة رجال الإطفاء ولم يصب الحمام أو غيره

مما يجاوره بضرر يذكر. 17 - تغير حالة الهواء كانت حرارة حزيران غير مألوفة هذه السنة، لشدتها في غير أوانها، كما ذكرنا في العدد السابق. وفي أوائل شهر تموز حدث تغير فجائي وهبوط غريب في الحرارة حتى كان معظم الحرارة في بعض الأيام 37 درجة مئوية، وهو أمر غريب يكذب المثل العامي البغدادي: حر تموز، يحمي الماء بالكوز. وفي الموصل شعر الناس ببرد شديد في الليل حتى تذكروا برد تشرين الأول، إلا أن الهواء كان طيباً في النهار؛ وسبب هذا البرد وقوع ثلج في الجبال المجاورة للموصل مع مطر في ديار بكر وجوارها. فأصبحت هذه السنة، صيفها وشتاؤها من اغرب السنين. 18 - ادمون أفندي بشارة قدم في أوائل هذا الشهر حضرة المهندس البارع الشهير ادمون أفندي بشارة، وقد عينته الدولة العلية مندوباً عثمانياً لها ومهندساً أكبر لأعمال الري في العراق. ونحن نفخر به لأنه من أبناء الدولة المخلصين لها، والعاملين لنجاح الوطن وترقيه. ونأمل بقدومه تقدم الأشغال وسرعتها. 19 - معتمد الأمير ابن الرشيد وقدم إلى حاضرتنا في الأسبوع الأول من هذا الشهر عبد الله أفندي ابن جاسم، معتمد الأمير سعود باشا الرشيد، لأمور عائدة إلى حضرة الأمير والدولة. 20 - إيران خمدت نار الفتنة والاضطراب في إيران، لا سيما بعد أن قتل الأمير فرمان فرما داود خان وابنه الكبير، وأقام خلفاً للأب، الابن، سليمان خان رئيساً على عشائر الكلهر. وإقراراً بهذا الفضل أهدى هذا الولد إلى الأمير المذكور هدية تبلغ قيمتها 50 ألف تومان و30 بغلا و3 رؤوس من جياد الخيل. 21 - الابيل الدكتور موسيل والأمير سكتوس البربوني نهار السبت 4 أيار قدم إلى حاضرتنا الابيل الدكتور الرحالة لويس موسيل، ومعه البرنس سكستوس من بيت بربون بارما، ومن بعد أخذا راحتهما في المدينة وتجولا فيها مدة 4 أيام، سافرا نحو شمالي بغداد. وقد أتيا إلى إدارة

هذه المجلة وتجاذبا أطراف الكلام مع صاحبها. ويؤخذ من كلام حضرتيهما، أنهما عثرا على أسماء بلدان وقرى مذكورة في التاريخ، وكان يظن أنها أصبحت في خبر كان، ولم يبق منها اسم يعرف. وقد حققا أيضاً أموراً شتى تخالف ما جاء به الأب لامنس اليسوعي في ما كتبه عن الأخطل وتاريخ بني أمية. لأنه كان كتب ما كتب عن جهل البلاد التي لم يطأها. مما وقعا عليه أيضاً حقائق مقررة عن بلاد العرب كان قد طمسها البرنس الإيطالي كائتاني، في كتابه تاريخ المسلمين أو قلبها ظهراً لبطن، لأنه يجهل تلك الديار. والخلاصة أن هذين السائحين وقعا على أمور كثيرة، من شأنها أن تصلح ما أفسده بعض المستشرقين الذين يضعون أنفسهم فوق ما هم عليه. وسوف ينشرانها خدمة للعلم. والبرنس الشاب المذكور جاب ديار الإفرنج ومصر والحبشة، ثم رغب في الضرب في ربوع العرب ليتعرف بأهلها، وقبائلها، وعوائدها، وآدابها، فرافق لهذه الغاية، الابيل الدكتور موسيل االنمسوي، وهو من اعظم الناس خبرة بلغة العرب، وتاريخهم، وبلادهم، وأحوالهم، إذ قد تفرغ لها منذ 16 سنة، فتوفقا في رحلتهما هذه، وخططا جميع ما رأياه من البلاد، ودونا الحقائق التاريخية، وعثرا على كتابات ورقم كثيرة مفيدة للعلم والتاريخ اعظم فائدة. وللابيل المذكور كتب كثيرة في بلاد العرب على اختلاف انحائها، وقد شهد له القوم بمحاسنها، وبما فيها من الأمور المبتكرة التي لم يأت بمثلها من سبقه في تلك الأبحاث. إلا أنه يسؤنا أن نذكر هنا، أن أعراب شمر غزوها قبل أن يصلا حلب بيومين، واخذوا منهما كل ما كان معهما، ومن جملة ذلك مصور بلاد العرب والديار التي هبطوا فيها، ومجموعة نباتات نادرة لا يعرفها الإفرنج إلى اليوم، يبلغ عددها على ما قيل 800 نوع. فذهب الابيل موسيل إلى شيخ شمر واسترجع منه كل ما نهبوه إلا الجمال وبعض الاثاث، وتبلغ قيمتها 15000 فرنك فقد بقيت بأيديهم. وأما اليوم فأن السائحين قد وصلا محلهما وعن قريب ينشران فوائد رحلتهما. فالحمد لله على سلامتهما وعلى ما عثرا عليه من الآثار العلمية والتاريخية على ضروبها.

العدد 15

العدد 15 - بتاريخ: 01 - 09 - 1912 الصحف صوت الشعوب وصيتها الصحف ... تجري بهم للمجد أن وقفوا ماذا أقول وكيف اذكرها ... وبأي وصفٍ مثلها اصف أن قلت داعية العلى فلها ... ولأهلها العلياء والشرف الناطقات ونطقها حكم ... والحاكمات وحكمها النصف والعادلات فلا يلم بها ... كلا ولا برجالها الجنف والمنزلات على الأولى ظلموا ... رجزاً بما ظلموا وما اعتسفوا فهي اللواتي أينما ثقفت ... تأتي عليهم أينما ثقفوا عكفت تندد بالذي فعلوا ... وهم على مرضاتها عكفوا من كل سائرةٍ مغلفةٍ ... كالدر اطلع وجهه الصدف لا البحر يمنع أن تخب به ... سيراً ولا المتباعد القذف منهن نور الفضل (مقتبس) ... وبهن نور (العلم) (مقتطف) المورقات فكل زاهرة ... في مجتلاها روضة انف بيضاء ما وشيت بأسودها ... إلا تلاقي الصبح والسدف فإذا ترى لونيهما اختلفا ... فالناس من اجليهما ائتلفوا

عرفوا الحقوق وكل عارفةٍ ... فيها ولولاها لما عرفوا ولمنكري آياتها كشفت ... عن حجة كالصبح فاعترفوا كم سددت بالحق أسهمها ... لكن قلب الباطل الهدف الداعيات لكل سالفة ... غراء أبقاها لنا السلف أخلاق علامين أن وعدوا ... لم يخلفوا حاشاهم الخلف قوم إذا ما الضيم أوترهم ... نهضوا له بالعزم فانتصفوا لا يتلف المعروف بينهم ... هيهات بل يحمي ولو تلفوا لا يأسفون على فنائهم ... فيه وحق عليهم الأسف لهم إلى العلياء متجه ... وبهم عن الفحشاء منصرف لم يتبعوا بالحلف قولهم ... فإذا دعوا فالصدق إن حلفوا ترفت ضمائرهم فما بطروا ... فيها ولا أغواهم الترف كم مفخرٍ أبدوه مخترعاً ... لله ما اخترعوا وما اكتشفوا النجف: محمد باقر الشبيبي العشائر القاطنة بين بغداد وسامراء 1 - خطورة البحث البحث عن العشائر والقبائل الصغيرة المجهولة النسب، من اصعب الأبحاث، وبالأخص العشائر القاطنة في أطراف العراق، من اللائي قد ضاع نسبها بانقسامها إلى افخاذ، وبطون، وعمائر، واختلط حابلها بنابلها، وفشت بينها الأخلاق الغريبة، والعوائد المستهجنة، باختلاطها بسكان المدن الذين هم خليط من أقوام مختلفة، وشعوب متفرقة. ولم يقف الباحثون، الذين يهمهم أمر هذه البلاد وسكانها، إلا وقوفاً طفيفاً على انساب تلك القبائل الحقيقية، وماضيها، وعاداتها، وأخلاقها. ذلك لأن اكثر هذه القبائل قد خيم الجهل في ربوعها، وضرب ستاراً كثيفاً على عقول أفرادها، فحجب أبصارهم عن

إدراك حقيقة ماضيهم، حتى جعلهم لا يعرفون من هذه الحياة أمراً سوى القتل، والنهب، والسلب. ولو سألت واحداً منهم عن تاريخ قبيلته، ونسبها، وتاريخ الأراضي القاطنة فيها، وعن السبب في تسميتها، باسمها الحالي، لما أمكنه أن يجيبك عن سؤالك بشيء، وبقي واجماً لا يعرف ماذا يقول وماذا يفعل؟ ومما يزيد البحث صعوبةً وخطورةً: عدم وجود كتاب أو رسالة بحث عن أحوال هاتيك القبائل، وعن أسباب هذا التشعب الذي بدا فيها، من تفرقهم إلى بطون، وأفخاذ، وعمائر، وجماعات. وهناك أسماء محرفة، مشوهة، تزيدك ارتباكاً وضلالاً. وإذا وجد شيء من ذلك، فهو لا يميط لك النقاب عن تلك المسميات. ولا يهديك إلى ضالتك المنشودة، وغايتك المطلوبة. وزيادة على ذلك، أن الحكومة السابقة، صاحبة البلاد، لم تكن تعرف من أمر هذه القبائل شيئاً سوى أن منهم الزراع، والغزاة، وقطاع الطرق، وأن منهم من يطيعونها، فتضرب عليهم الرسوم الفادحة والضرائب الثقيلة، فتثقل كاهلهم بالديون، وتجعلهم يئنون من وطأة الفقر عليهم. وإن منهم من يعصون أمرها، فكانت تسوق عليهم الجنود فترجع أما بصفقة الخاسر المغبون، وأما بتشتيت تلك القبائل في أطراف البلاد، فينتشر عقد جامعتها، ويذهب بذلك نسبها، ويمحى تاريخها، بمحو عصبيتها وجامعتها، وتندرس أطلالها، وتعفى رسومها. وعندي أنه لولا عصبة من دهاقين الغرب المنقبين، وفئة من أساطين الشرق الباحثين، تتبع الحوادث، وتقيد الشارد والوارد منها، وتبحث من غير كلل ولا ملل عن أحوال تلك القبائل، وتاريخها، ونسبها، فتذلل لنا الصعاب وتزيل عنها العقبات؛ بما كشفته من الأسرار الغامضة، لذهب تاريخها، كما ذهب من قبلها تاريخ عاد وثمود، وسائر الأمم البائدة. إلا أن أبحاث أولئك المنقبين، ويا للأسف! محصورة في بعض العشائر التي تراجع الكويت، وتتردد إلى البلدان الساحلية، ولم تتعرض لغيرها. ومن القبائل التي لم يهتد إليها كبار الباحثين، ولم يعرف تاريخها عظماء الاجتماعيين، القبائل القاطنة في ضفف دجلة، بين بغداد وسامراء (أو سر

من رأى) وهي موضوع بحثنا، ولصعوبة ووعورة طريقه، نستميح القراء عذراً، عما يبدو لنا من الغلطات، والهفوات. ولما كانت هذه القبائل كثيرة الاختلاط بعضها ببعض، والخصال المستحكمة في قبيلة، مستحكمة في أخرى؛ والبحث عن أخلاق وعادات قبيلة، كالبحث عن جميعها، أردنا أن نورد هنا البحث عنها مجملاً، ونأتي بعد ذلك بما نعرفه من مصيفها، ومشتاها، وأقامتها، وترحالها، وزرعها، وحاصلاتها، وعدد رجالها، ورؤسائها مفصلاً وعلى ذلك نقول: 2 - حالتها الاجتماعية من طبيعة البلاد التي يقل فيها الرزق، وتشتد الفاقة بسكانها، ويعم الخراب اراضيها، ان يشتغل القاطنون فيها بالتنقل والارتحال، من مكان إلى آخر، طلباً للرزق وللحصول على المعيشة الضرورية، ومن اجل ذلك كان اكثر الأعراب رحلاً، وهم سكان البادية الجرداء الخالية من كل نهر وينبوع، يتنقلون من قطر إلى آخر، للانتجاع، والافتلاء، ومن طبيعة اشتداد الفاقة التنازع، والتنافس، وعلى هذا المبدأ ابن أحوال جميع الأعراب، فانهم لما كانوا قليلي الاعتناء بالأمور الزراعية التي تزيد رفاهيتهم، اشتدت الفاقة بهم فتولد من ذلك الخصام، والقتال على الأراضي والمياه والمواشي والأنعام. حتى عد ذلك من خصالهم وصفاتهم، ولهذا لم يعدوا القتل والغزو سبة أو أمراً كبيراً لاعتيادهم إياهما. وكلما أتاح الجهل لهذه الحروب فرصة، ثارت نيرانها واندلعت السنة لهيبها، ولو حدث بعضها في بلد آمن قد ضرب العلم فيه اطنابه، وخيمت المدنية في ربوعه، لعد أمراً ذا بال، ينفر النفوس، ويستوقف الأنظار. - وعليه فأن هذه الشجاعة وهذا الأقدام اللذين يبديهما الأعراب في حروبهم وغزواتهم هي نتيجة تمرنهم عليها، إذ أن الإنسان قابل لكل شيء. وهذه العشائر التي نحن بصددها تقسم قسمين: قسم قد اقتطعوا أرضاً فيزرعونها ويحرثونها، وهؤلاء هم الذين يتخذون دوراً من اللبن، لحماية حيواناتهم ودوابهم من حرارة القيظ. وبرد الشتاء، وبيوتاً للسكنى يصطنعونها في أيام الصيف، من عروق السوس والعاقول (نوع من الشوك

أخضر اللون) فيرشون عليها الماء، فيجد الساكن فيها لذة عجيبة، لأن الهواء يأتيه من منافذ العاقول بارداً نقياً، ولو كانت حرارة الشمس شديدة الوطأة. وفي الشتاء يرحلون من الأراضي الوطيئة إلى الأراضي المرتفعة، التي لاتصل إليها المياه، عند فيضان دجلة، فيكونون في مأمن من الغرق، ومع ذلك يكثر فيها النبات والعشب فتكون مرعى لحيواناتهم. - ويتخذون حينئذٍ لسكانهم بيوتاً من الشعر وزان (سبب) تقام على أعمدة من الخشب لا يتجاوز طولها مترين، تقيهم برد الشتاء. وهؤلاء بطبيعتهم هادئون، قليلو الغزو، لاشتغالهم بالزرع والحرث، وتربية المواشي، مما يغنيهم عن طرق أبواب السلب والنهب. وسمى ابن خلدون مثل هؤلاء البدو (أهل مدر). والقسم الأخر يعنون بتربية الاغنام، والابل، وسائر الأنعام، يتغذون بلبانها، ويتجرون بأصوافها، ويندر بينهم أن يستقروا بأرض واحدةٍ، بل دأبهم التنقل والارتحال ارتياداً للمنتجع. ولما كان الارتزاق من الأنعام ضيقاً، ومن طبيعة ضيق الرزق التنازع فيه رأيت دأب هؤلاء البدو الغارات، ونهب المواشي بعضهم لبعض. 3 - أسماء القبائل وأخلاقها وعاداتها العشائر القاطنة في ضفاف دجلة، بين بغداد وسامراء كثيرة، وهي مختلفة في مصيفها، ومشتاها، وانتجاعها، وافتلائها، وزروعها، واراضيها، بقدر ما هي متفقة الكلمة، ومربوطة بعضها ببعضٍ بجامعة واحدةٍ. وهي الجامعة العربية بالوجه الاخص، والعثمانية بالوجه الأعم. وأما أخلاقهم فهي كأخلاق سائر العرب أي الكرم، والوفاء، وأداء الأمانة، وإكرام الضيف، والإباء، وحسن الجوار، وإعالة الفقير، والمدافعة عن الدخيل. ومن طبيعتهم الشجاعة، والأقدام، والثبات، والصبر على الملمات. ولهم عادات لا تزال مستحكمة فيهم منذ عصور الجاهلية، واطلاع غريب على خفيات الأمور، كالقيافة مثلاُ فانهم يزعمون أن الولد إذا ولدته أمه يجب أن يكون بين هيئته وهيئة أبيه تقارب في الهيكل، والشكل، والطول، والقصر. والقيافة علم يؤخذ بالحدس والتخمين، لا بالاستدلال واليقين، ولهذا يعتبر من شر العلوم،

لما يقوم على الظن من الأمور الكبائر. والقيافة من العلوم التي كانت قبل الإسلام؛ ومختصة ببني مدلج ومضر بن نزار ومنهم تعلمته القبائل العربية. وهي كثيراً ما هتكت الحرائر، وفضحت الطاهرات ظلماً وزوراً. وهؤلاء لا يزالون عاكفين على هذا العلم المستهجن، وكثيراً ما اتهموا زوجاتهم بالمنكرات التي لا حقيقة لها البتة، وأما ما يتعلق بسحناتهم، فهم سمر الألوان المشربة بحمرة صبيحو الوجوه، سود العيون كبارها، حادو النظر، لؤلؤيو الأسنان، قويو الأبدان، رحبو الصدور، ضخام الجثة مع طول، ويقل بينهم القصار. ولهم حذاقة ومهارة عجيبة بإصابة المرمى؛ كثيرو الصبر على الظما، والجوع، والعري، والحر، والبرد. وهم يضفرون شعورهم (قصائب) أي جدائل، ويرسلونها على اقفيتهم، أو على جانبي رؤوسهم أو على خديهم، ويسرحون لحاهم، ويخففون من شواربهم، ويقتاتون لحوم الابل، والضان؛ ويتغذون بألبانها. ومن أشهر تلك القبائل: بنو تميم، والمجمع، والعيدان، والحباب، والسعود، والبو عتاب، والبو دراج، والبو عباس، والبو عيسى، والبو مليس، والبو نيسان، والبو اسود، والبو باز، والبو صليبي، والغوالبه، والجبور، والخزرج، والبو فراج، والكبيشات، والبو طلحة، والعزة، والمشاهدة. وسيأتي ذكرها مفصلاً. 4 - المزروعات والحاصلات تزرع هذه القبائل أرضاً كبيرة ممتدة على جانبي دجلة، من قضاء الكاظمية إلى سامراء من الجهة اليمنى، ومن ناحية الأعظمية إلى سامراء أيضاً من الجهة اليسرى، وتقدر الأراضي المزروعة على الجانبين بما يزيد على 20 ألف فدانٍ. والزرع هناك قسمان: صيفي وشتوي، فالصيفي يزرع على ضفاف النهر وتسقيه المياه التي تجرها السانية، وهي الناقة، أو البغلة، أو البقرة التي يستقى عليها من البئر بواسطة دلو كبيرةٍ، فيسيحون الماء على المزروعات بالسواقي (بالأنهر الصغيرة) وهو ما يسمونه عندهم (بزرع الكرود). وكان الأقدمون يسمونه (زرع السيح أو زرع السانية). والشتوي هو الذي يزرع

في الأراضي المرتفعة البعيدة عن النهر، الآمنة من الغرق، فتسقيه السماء بما تجود عليه السحب من المياه وهو ما يسمونه (زرع الديم)؛ وكان يسميه الأقدمون (العذي)؛ ولهم نخيل وأشجار لا يصلها سيح ولا مطر، فيشرب بعروقه من غير سقي ولا سماءٍ وهو (البعل). ومن مزروعاتهم الصيفية الذرة، والدخن، والسمسم، واللوبيا، والماش، ويقدر محصولات هذه الأنواع بما يربو على 8 آلاف تغار. والخضروات، وعنايتهم بها قليلة لقلة أنفاقها أو صرفها وبعد الولاية عنهم. والرقي (البطيخ الأحمر) والبطيخ (البطيخ الأصفر أو القاون) وهذان النوعان مبذولان لكثرتهما هناك، وسهولة إنفاقهما، وفي كل سنة يرسل منهما إلى بغداد قدر جليل، ويبلغ قيمة حاصلاتهما خمسة آلاف ليرة. ومن مزروعاتهم الشتوية القمح، والشعير والهرطمان، والعدس، وغيرها. ومزروعاتهم هذه كلها على الأصول القديمة. 5 - رسوم الحكومة وضرائبها كانت الحكومة تأخذ سابقاً من هذه العشائر رسوماً كثيرة؛ وكانت كلها ثقيلة وهي التي حملت الكثيرين من رؤسائها على أن يندمجوا في العشائر الرحل هرباً من تلك الضرائب الفادحة؛ وبقيت اكثر الأراضي خراباً؛ ولو فتشت عن تلك الأراضي العامرة الآهلة بالسكان، لوجدتها اليوم اغلبها غامرة قفرة. ولو فتشت في دفاتر الحكومة لما وجدت فيها زيادة في الواردات بل نقصاناً، وأن كان ثم زيادة فما هي إلا من نماء موارد أخرى، أو من زيادة مكوس وضرائب. ولو أن الحكومة السابقة خففت من ثقلها ولم تستعمل العنف والشدة في تحصيلها، لعمرت اكثر الأراضي، ولعادت على الخزينة بالربح الكثير، والمال والغزير. ولو زادت على ذلك اتخاذ الوسائل الناجعة لوقايتهم من الغرق، فعمرت السدود، وشقت الجداول، وكرت الأنهار المندرسة، لما جاز لنا أن ننتقدها أو نطالبها بشيء. والأمل بهمة رجالنا الدستوريين الحاليين أن يتلافوا هذه الأخطار بأمرين: أما بإصلاح الأنهر وإنشاء السدود وشق الجداول، وأما بتخفيف الضرائب. وعندي أن العمل بالأول، يفيد

الطيارة في ديار العرب والغرب

الخزينة أضعاف ما كانت تحصله الحكومة السابقة بالعنف، والشدة، ولكفاها مؤونة سوق الجيوش، ومحاربة الرعايا، وإزهاق النفوس، ومن ضرائب تلك الحكومة التي يؤديها الأعراب اليوم، أنها تأخذ عن كل كردٍ من الكرود 30 مجيدياً. والكرد عبارة عن ثلاثة افدنة. ومن حيث أن المزروع 20000 فدانٍ أي عبارة عن 2000 كردٍ؛ فإذا ضرب بثلاثين مجيدياً، بلغت واردات الحكومة من الحاصلات الصيفية وحدها 60000 مجيدي أو ما يقرب من 11 ألف ليرة عثمانية. وتأخذ عن المزروعات الشتوية (الديم) الخمس؛ إلا أراضي (عظيم) وزان (زبير)، فإنها تأخذ عن شتويها العشر. وتأخذ عن كل رأس من الغنم أربعة غروش صحيحة؛ وعن كل رأس من الإبل فرنكاً واحداً. وتأخذ رسماً يسمى (البيتية) وهي ثلاثة عشر غرشاً صحيحاً عن كل رجل متأهل. إبراهيم حلمي الطيارة في ديار العرب والغرب - جاء في المثل العامي العراقي: (طياره وطايره في السما أو بالسما). (فطياره) خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذا أو هذه، بحسب المشبه، والجملة المقرونة بالواو حالية أتى بها لبيان أن التشبيه يكون في هذه الحالة، ولولا إياها لما صح التشبيه، وذاك ظاهر إذا نظر إلى مورد المثل. والطيارة لعبة شائعة بين صبية العراق، وسائر الآفاق، تتخذ في الأغلب من القرطاس. وتكون على أشكال مختلفة، ولكل منها اسم خاص في العراق، فمنها ما يسمى بالطيارة العربية، وما يسمى بالطيارة العجمية (أي الفارسية أو الإيرانية) ومنها ما يسمى بالطيارة الافرنجية، ومنها يعرف باسم المربعة؛ والمستطيلة، والعقرقة، وغير ذلك. وكيفية صنعها معروفة لاشتهارها. وهي تسمى بالفرنسية - وبالإنكليزية أو - وبالألمانية - وبالإيطالية وبالأسبانية وباللاتينية

وبالنرمندية وبالتركية (اوجورتمة) وبالفارسية (بادبر، بادير، كاغد باد، باديرك، باد بادك أو باد برك). ووجود هذه الألفاظ في اللغات المحدثة دليل على أن استعمالها غير مختص بصبية العرب. أما كيفية إرسالها فيكون بأن يركض صاحبها بخلاف مهب الريح، وأن يطلق لها رويداً رويداً الخيط الذي يربطها. وقد لاحظ أصحاب النظر أن الطيارة ترتفع صعوداً، وترسم على الأفق زاوية حادة لا تتجاوز الخمس والأربعين درجة. وإذا أردت أن لا (تضرب طيارتك رأساً) إلى اسفل شد بأسفلها (ذيلاً) تتخذه من الخرق المعقدة، أو من الكاغد الملفوف، على أبعاد متساوية أو تكاد، وتشدها كلها بخيط، وذاك الخيط يمسك التوازن في طيرانها. وللهنود ولع خاص بها. ولهم مهارة فائقة في تطييرها. وقد يجعلون الفضاء ساحة حرب تشب نارها بين طياراتهم. والمنصور فيها من قطع خيط طيارة صاحبه. وهذا يكلفهم نفقات باهظة كما نشاهد ذلك فيهم ممن يحتل العراق. وقد يجعل لهذه الطيارات بعض وريقاتٍ خصوصية تدوي في الهواء ونسمع أصواتاً مختلفة يسمونها (السنطور)؛ والطيارة التي فيها السنطور يسمونها (أم السنطور) وبعض الأحيان يصعدون إلى الطيارة خرقه أو قطعة ورق أو مصباحاً يرسلونها على الخيط الذي باليد، فيسمون هذه القطعة (الساعي) كأنها تسعى بمنزلة الرسول إلى الطيارة. وقد وجدت للطيارة أصلا عند العرب في سابق الزمن. قال أبو عنان الجاحظ في جملة كلام له فيما اشتق له من البيض اسم من كتاب الحيوان: (119: 4 وما يليها). . . وأما قول الشاعر الهذلي في مسيلمة الكذاب في احتياله وتمويهه وتشبيه ما يحتال به من أعلام الأنبياء بقوله: بيضة قارورٍ وراية شادن ... وتوصيل مقصوص من الطير جائف

قال: هذا شعر أنشدناه أبو الزرقاء سهم الخشعمي هذا، اكثر من أربعين سنة. والبيت من قصيدة كان انشدنيها، فلم احفظ منها إلا هذا البيت. فذكر أن مسيلمة طاف قبل التنبؤ في الأسواق التي كانت بين دور العجم والعرب، يلتقون فيها للتسوق والبياعات، كنحو سوق الأبلة، وسوق لقة (كذا في الأصل المطبوع وهو غلط. والأصح بقة بباء موحد تحتية في الأول بدلاً من اللام، وكذا وردت مصحفة في كتاب تاريخ آداب العرب للرافعي ص 85) وسوق الانبار، وسوق الحيرة. وقد كان يلتمس تعلم الحيل والنيرنجيات (وفي الأصل: النيرجان وهو غلط) وإحتيالات أصحاب الرقي والعزائم (وفي الأصل المطبوع: واختيارات النجوم والمتنبئين)، وقد كان احكم حيل السدنة وأصحاب الزجر (وفي الأصل المطبوع: حيل السدنة والحواء وأصحاب الزجر والخط، ومذهب الكاهن والعياف والساحر)، وصاحب الجن الذي كان يزعم ن معه تابعه. قال: فخرج وقد احكم من ذلك أموراً. وذكر الجاحظ كلاماً مسهباً في بيضة القارور وتوصيل المقصوص وكيف احتال بهما مسيلمة وموه على الأعراب إلى أن قال: ثم أنه قال لهم وذلك في ليلة منكرة الرياح مظلمة في بعض أزمان البوارح: إن الملائكة تنزل علي وهي ذوات أجنحة، ولمجيئها زجل، وخشخشة، وقعقعة؛ فمن كان منكم ظاهراً فليدخل منزله، فأن من تأمل اختطف بصره. ثم صنع راية من رايات الصبيان التي تعمل من الورق الصيني ومن الكاغد وتجعل لها الأذناب والأجنحة وتعلق في صدورها الجلاجل وترسل

يوم الريح بالخيوط الطوال الصلاب. (قلنا: هذا وصف الطيارة أم السنطور) قال فبات القوم يتوقعون نزول الملائكة، ويلاحظون السماء، وأبطأ عنهم حتى قام جل أهل اليمامة وقويت الريح فأرسلها. وهم لا يرون الخيوط. والليل لا يبين عن صورة الرق وعن دقة الكاغد، وقد توهموا قبل ذلك الملائكة. فلما سمعوا ذلك ورأوه تصارخوا. وصاح: من صرف بصره ودخل بيته فهو أمن، فاصبح القوم وقد أطبقوا على نصرته والدفع عنه. انتهى المراد من الاستشهاد بكلامه. ونقل ابن أبي الحديد، في مقام يذكر فيه الطيرة والفال وما ورد في ذلك من الحكايات التاريخية، هذا الحديث عن الجاحظ باختلاف يسير في التعبير. أقول: ويظهر من هذا الكلام أن هذه اللعبة كانت تسمى عند العرب (براية الشادن). لأن اسمها عند الأعاجم يعني هذا المعنى تقريباً. فمعنى اللفظة الفرنسوية (الأيل أو الشادن الطائر) ومعنى الإنكليزية (الحدأة الطائرة) ومعنى الألمانية (راية التمساح أو التنين) ومعنى الإيطالية كمعنى الفرنسوية، ومعنى الأسبانية (المذنبة) وهكذا إلى سائر حروف اللغات. فضلا عن أن شاعر العرب أراد أن يصف الشيء باسمه المعهود عندهم كما وصف بيضة القارور وتوصيل المقصوص؛ وإلا لما فهموه، لوضعه ألفاظاً حديثة المعنى. وعليه، تكون (راية الشادن) عند عرب الجاهلية بمعنى (الطيارة) عند المحدثين من أبناء العرب. ويظهر من ذلك أيضاً أن مسيلمة الكذاب لم يخترع هذه اللعبة، بل كانت معروفة عند العرب الذين لم يكونوا من قبيلة. أما أول من اخترعها فهو القائد الصيني (هان سين - بمائتي سنة قبل ولادة المسيح، والذي حداه إلى ذلك أنه حوصر هو وجنده في مدينة فاتخذ هذه الوسيلة للمفاوضة مع جيش يأتي لإمداده.

وقد اتخذ فرانكلين الطيارة أو راية الشادن لاختبار في عالم الطبيعيات، في منتهى الإفادة، إلا أنه خطر. وقد توصل إلى أن يستل الكهربائية من السحب بطيارة، اثبت في رأسها مسماراً معدنياً، وربطها بحبل موصل الكهربائية. ولقد اخترع روماس (العجلة الكهربائية) وهي مما يعين الباحث على التنقيب عن الكهربائية بدون أن يتعرض لخطر كهربائية السحب وذلك بواسطة الطيارة. وما هذه العجلة إلا مرفعة أو خنزيرة (ويسميها بعض عوام العراق بزونة وهي اسطوانة من خشب كالمحالة تدور على محور لترفع بها الأثقال وبالفرنسوية تقوم على قوائم من زجاج ويلف عليها خيط أو حبل الطيارة. وقد يلف ويحل هذا الخيط بمقبض من زجاج، حتى لا تضر الكهربائية بمن يزاول البحث عن خواص كهربائية الغيوم، ولا تناله الصاعقة بوجه من الوجوه. وإتماما لرواية المثل العامي نذكر هنا كيفية التلفظ بحروفه فنقول: (طياره) الطاء مكسورة بكسرة خفيفة، وقد تفتح فتحة طفيفة أيضا. والياء مشددة مفتوحة، وفي الأخر هاء ساكنة. (وطايره) الواو ساكنة وكذلك الياء التي تلي الألف. وفي الأخر هاء ساكنة. (بالسما) السين ساكنة والميم مفتوحة فتحة مشبعة، وقد تكسر السين فيكون في الآخر بدل الألف هاء ساكنة. يضرب هذا المثل للشخص الذي لا يستقر على حالة واحدة، وهو ينظر إلى قول الشاعر: كريشة بمهب الريح طائرة ... لا تستقر على حالٍ من القلق أو يضرب لمن اتسع له ميدان العمل فيفعل ما يشاء، كما قال الشاعر: يالك من قبرةٍ بمعرٍ ... خلا لك الجو فبيضي وأصفري ويضرب أيضاً للأمر الأسد الذي لا ينال، كما قال الأقدمون: اعز من الأبلق العقوق، ومن ألف الأسد، ومن است النمر، ومن أم قرفه، ومن بيض الانوق، ومن حليمة، ومن الزباء، ومن عقاب الجو، ومن الترياق، ومن مخ البعوض، ومن ابن الخصي، ومن الغراب الاعصم، ومن قنوع، ومن

السفن في العراق

الكبريت الأحمر، ومن كليب وائل، ومن مروان القرظ. هذا ما أردنا كتابته في هذا الباب، ومن زاد عليه فله الأجر والثواب النجف: مرج السفن في العراق 1 - مقدمة تمهيدية الإبحار، (أي ركوب البحر على سفينة أو نحوها)، أمر عريق في القدم. والظاهر، أن الذي ساق الإنسان إلى ركوب البحر - (والبحر في العربية ما خالف البر نهراً كان أو يماً) - رؤيته سير الأشجار، أو جذوعها، على ظهر الماء؛ فحاول حينئذٍ صنع شيء يتخذه من الخشب ليركبه، ويسير، به على الماء، تحدياً لما رأى. ثم أوحى الله إلى نوح (ع) صنع الفلك، فانتقل الإبحار إلى طور النشوء البين؛ ومنذ ذاك ارتقى رويداً رويداً، حتى بلغ هذا المبلغ في أيامنا هذه. ونحن لا نتعرض هنا ألا للسفينة، وانواعها، وما يتعلق بها، على ما يشاهد اليوم في العراق. 2 - السفينة في العراق المراد بالسفينة في العراق، مركب مائي يسير بالشراع أو بالمردى، أو بالمجذاف لا غير. وقد اختلفت أنواع تلك السفينة وأشكالها اليوم، كما اختلفت أسماؤها. ولم نعثر حتى اليوم على خبر يبين لنا هيئة السفينة القديمة في العراق، وكيف تدرج التغير في وضعها، حتى صارت إلى ما هي عليه اليوم؛ وذلك لأن وجود السفينة عندنا، وحالتها الأولى، اعني في عصور البابليين، مجهولة. ولم يعرف أسلافنا القدماء من أمر تلك الأمم البائدة شيئاً، إلا ما جاء منقولاً عن السنة الأعراب، من نوع الأقاصيص التافهة، المعروفة بالخرافات. وعليه لم يعرفوا من سفنهم ما يفيدهم علماً بها، وببنائها، وبتركيبها، وبتسييرها.

ثم أن الذين جاءوا أبعدهم، وهم أهل القرون الوسطى وما بعدها، وجدوا في عصر انحطت فيه المدنية، وتشاغل فيه الناس عن العلوم، ولم يلتفت إليها من كتب منهم، في مثل هذه المواضيع. وبقي أمر السفينة سدىً. ولذا اخذ العرب هذه الصناعة (اعني صناعة السفن)، عن اليونانيين؛ فكانوا يبنونها على طرز سفن اليونان والرومان ثم عدلوها أيام حضارتهم. والتعرض لهذا الموضوع، يستلزم تأليف كتاب، قائم برأسه. ولهذا نضرب صفحاً عن الإيغال فيه. ونجتزئ بذكر ما يفيد بحثنا، وهو وصف السفينة العراقية الحالية، وشرح أسمائها، وآلاتها المتداولة المستعملة عند أهلها اليوم. والإشارة إلى المخالف والمؤالف منها عند الاقدمين، مستندين في وضع ذلك كله، على ما سمعناه من أهلها، ورأيناه بالمشاهدة، وسألناهم اياه، حينما ترددنا إلى نهري دجلة والفرات، غير مرة. ولم يكن لنا وقتئذٍ مركب على الماء سواها. فلنبدأ الآن بوصف إنشاء السفينة أولا، ولنأت بعد ذلك على أسمائها، وآلاتها، شيئاً بعد شيء. فنقول: 3 - بناء السفينة العراقية أول ما يبنى من السفينة صحنها، ويسمونه (طابقاً)، ويلفظون القاف كافاً فارسية أو جيما مصرية. وهو عبارة عن أخشاب سوية ممدودة عرضاً. ثم يؤخذ ببناء جنبيها، ويتخذان من أخشاب منحنيات قليلاً. وتسمى تلك الحنايا عند أهل السفن: (عطوفاً) وأحدها (عطف)، عند الأقدمين (قائفاً)؛ ويسمون ما بين العطوف: (جوابش - كوابش) جمع جابشٍ - كابشٍ) وعند الأقدمين: (طائقاً). ويختلف طول تلك الأخشاب وقصرها، وكذلك يختلف ارتفاع ذلك الجنب. فأطول ما يكون من خشب العطوف نحو ثلاثة أمتار. وأقصرها قراب مترٍ ونصف مترٍ. ويكون صدرها مرتفعاً مستطيلاً ملقوطاً أي ململماً. فهو أشبه شيء بأحد طرفي القوس إذا وضعتها على

كبدها. أو أشبه شيء بعنق اللقلق؛ ومؤخرها غير مرتفع عن جنبها ولا هو مستطيل. ألا أنه ملقوط بدون ارتفاع وتسمر في تلك الأخشاب من الظاهر ألواح صغار تنشر من خشب الغرب، والتوت والصفصاف يبلغ طول كل لوحة منها متراً ونصف مترٍ في عرض 20 سنتيمتراً على الأكثر، ويكون ذلك التسمير بمسامير من حديد ينفذ طرفها إلى باطن السفينة، ثم يلوى المسمار على الخشبة بقدر ما ينفذ منه فيها، ويسمى ذلك اللوح المسمور (طابقاً) أيضاً. وبعد الفراغ من هذا العمل وإكماله تقام السفينة على أحد جنبيها. ثم تطلى بالقار المسمى (دوسة) وأول ما يطلى منها ظهرها. وإذا تم طلاؤها طرحت عليه، كما كانت في أول بنائها، ويبتدأ بتدميمها، اي بطلائها من اسفل جنبها حتى أعلاها. والمدمم (بالكسر) يسمى عندهم (قياراً) بتشديد الياء. وهي فصيحة: وتسمى آلته (سوبجا - سوبكا) وهي تصحيف الشوبك أو الشوبق وكلها من اصل فارسي وفصيحها بالعربية (المسطح) وهو محور من الخشب، مستدق الطرفين، ضخم الوسط، يبلغ غلظ أكبرها عشرين سنتيمتراً، في طول 40 سنتيمتراً. وأكبر نوع هذه السفن المبنية في العراق، وهو الذي يطلق عليه اسم السفينة دون سواه، يبلغ طوله 30 ذراعاً في عرض 6 اذرع من الأسفل

وثماني اذرع ونصف ذراع من الأعلى. وليس على حاشيتها من فوق لوح ممدود يغشيها، بخلاف ما يأتي ذكره منها. ولا يكون سير السفينة إلا في دجلة، لأنك لا تكاد ترى منها واحدة في الفرات بين الألف من سفنه. ومن السفن نوع آخر اسمه (المهيلة والبلم) وما شاكلهما - فالمهيلة تبنى كالسفينة إلا أن أخشاب جنبيها اكثر انحناء من السفينة، فهي أشبه شيء بإنسان مجردة أضلاعه من اللحم، ملقى على قفاه. أما صدرها فهو أوطأ من صدر السفينة وأطول، وهو كثير الشبه بجؤجؤ طير الماء، ومنه اسمه عند العرب أي الجؤجؤ. وأما مؤخرها فهو في الغالب غير ملقوط كثيراً، وعرض مؤخرها قراب مترين. وإذا كان كذلك يبنى عليه قبة، أو مخدع، أو علية، من الخشب يسمونها (عرشة). وتغشى أخشاب المهيلة بلوح الساج، وطول كل لوحة منها من ثلاثة إلى خمسة أمتار في عرض 25 سنتيمتراً و5 سنتيمترات ثخناً على التقريب. ويعد الغشاء تجلفط، أو تقلفت، بالقطن والدهن، ولا تطلى بالقار أو بالزفت أبداً. وصنع البلم مثل صنع المهيلة ألا أنه ليس فيه (عرشة) وليس في جنبيه انحناء كالمهيلة فهما بين جنبي السفينة والمهيلة وصدره ومؤخره واحد. وهما ملقوطان كمؤخر السفينة ومعقوفان إلى الأعلى. والبلم كلمة هندية وبلسانهم (ولم أو بلم). ويقولون (وشر) المهيلة أو البلم أي صنعهما أو انفق ما يفي بصنعهما: ولعله مأخوذ من قولهم وشر الخشبة بالميشار إذا نشرها به. ويقولون أيضاً (دق) السفينة، أي صنعها الصانع أو أمر بصنعها صاحب النفقة. وخصوا (الدق) بالسفينة، والتوشير بالمهيلة والبلم: لأن السفينة تطلى بالقار كما علمت، والمهيلة والبلم لا يطليان بالقار. وكذلك قالوا (وشر المهيلة والبلم، و (دق) السفينة، ويطلق الدق على كل ما يطلى من السفن بالقار. وكذلك

يطلق (التوشير) على كل ما لا يطلى بالقار من السفن. ويسمى المجلفط، أو المقلفت، عندهم (جلافاً) بتشديد اللام، وهو تخفيف جلفاط. قال في المخصص ما نصه: (. . . والجلفاط الذي يجلفط السفن وهو أن يدخل بين مسامير الألواح وخروزها مشاقة الكتان ويمسحه بالزفت والقار.) وسير هذين النوعين من السفن وما يشاكلهما يكون في الفرات، وقد تسير المهيلة في دجلة: أما البلم فلا تراه في دجلة. هذا وصف السفينة في العراق وسيأتي وصف الأنواع الأخرى استطراداً عند ذكر اسمائها. 4 - أسماء بقية السفن في العراق 1: (البركش) يجمع عندهم على (براكش) وهو أكبر السفن وسيره من البصرة وما تحت. وفي دجلة بغداد اليوم نوع من السفن يسمى بهذا الاسم أيضاً يبلغ طوله قراب 5 أمتار في عرض مترين، وارتفاع جنبه عن الماء نحو متر واحد، وصنعه من اللوح المقلفط والمطلي بالقار الرقيق: وله دقل وسكان ولا عرشة فيه وهو ملقوط الطرفين بقصر، إلا أن مؤخره اعرض من صدره: وهو أشبه شيء (بالدوبة) أي جنيب المركب البخاري الذي يسير بين بغداد والبصرة. أو (بالقائق) أي البلم البغدادي. 2: (البغلة) تجمع عندهم على (بغال) و (وبغلات): من السفن الكبار السيارة في البحار، لاسيما في خليج فارس وبحر الهند 3: (البلم) يجمع عندهم على (ابلام) (باسكان الهمزة وتخفيف اللام) (وبلامة) (وبلمات) والبلم كلمة هندية من (الولم) وقد تقدم وصفه ولا عرشة فيه، وله دقل وسكان، وحمل أصغره 10 طغارات وأكبر 50 طغاراً. والابلام أربعة: بلم عراقي، وبلم بصري، وبلم عشاري، (بتشديد الشين) وبلم بغدادي. أما العراقي، والبصري فهما واحد في الشكل والصناعة. وأما العشاري: (ويجمع عندهم على عشاريات): فهو كالبصري، والعراقي: إلا أنه صغير

ويصنع من خشب الساج أيضا: يبلغ طوله 7 أمتار، في عرض متر واحد من الوسط. وهو ملقوط الطرفين مستوِ ومحل ركابه في الوسط، وهو لا يصلح إلا للتنزه والعبور من جانب إلى جانب أخر من النهر. ولا يسع اكثر من خمسة ركاب و (دافوعين): أي ملاحين: ويسير بالدفع والجدف؛ واكثر سيره في نهر العشار الذي في البصرة، واليه ينسب. وليس له دقل، ولا سكان. والعشاريات سفن قديمة عند العرب قال في التمدن الإسلامي 1: 161 (. . . والعشاريات مراكب يسار بها في النيل.). وأما البلم البغدادي: فهو بلم أصغر من العشاري ويخالفه في الهيئة والشكل ولوحه من خشب التوت، ومحل ركابه في مؤخره. وله سكان ولا دقل فيه وغاية ما يسع سبعة ركاب (وبلامين) أي جدافين: لأنهم يسمون صاحبه (بلاما): بتشديد اللام: ويطلى بطلاء ابيض يسميه أهل بغداد (بالبوية) والكلمة تركية. ويسميه أهل بادية العراق (مغراً) بالتحريك. وسيأتي ذكر البلم أيضاً في باب أشباه السفن باسم (القائق). 4: (البوت) (بضم الباء وإسكان الواو والتاء) يجمع عندهم على (بواتي) والكلمة إنكليزية معناها المركب: وهي مهيلة لها صدر عالٍ وعرشتها أي عليتها وراءها منفصلة عنها وسكانها من الوسط وحملها مقدار 60 طغاراً من الطعام وسيرها في أطراف البصرة. 5: (الخشبة): بكسر الخاء وسكون الشين وفتح الباء الموحدة التحتية وفي الأخر هاء تجمع عندهم على (خشوب) والأقل على (خشبات) وهو زورق يصنع من خشب الساج يكون جنيباً للمهيلة الكبيرة جداً (وللبلم العراقي وهو الكبير أيضاً يستخف لحوائجهم: ويراد بالبلم العراقي ما كان أصحابه وبناؤه في شط الفرات) ويطلق عليه هذا الاسم أهل شط دجلة والبصرة أما البلم الذي يصنع في البصرة فيسمى عند أهل الفرات البصري وكذلك يقال سفينة بصرية. 6: (الدائك - الدانق) بالكاف الفارسية وتجمع عندهم على (دوانك - دوانق) ويسميه البعض (عانية) بتشديد الياء يتخذ من لوح الساج وهو

مخصوص بالعبور ويبلغ طوله 4 أمتار وعرضه من الوسط 80 سنتيمتراً على التقريب يسع من 6 إلى 10 رجال، وله دقل وسكان وطرفاه شبيهان بطرفي السفينة وهو بين السفينة والساجة واكثر ما يوجد في شط دجلة مما يلي العمارة وما فوق إلى الشرق الجنوبي وشط الغراف أيضاً. 7: (الساجة): وزان الحاجة تجمع عندهم على (سوج) والبعض يسميها الساجية بتخفيف الياء، والأول اصح، لأنها مصنوعة من خشب الساج فسميت به: وأما لفظ الساجية فانهم يزعمون أنها مأخوذة من الساقية (والساقية) الجدول الصغير الجاري وذلك لأنها تجري جريه في المسير. تسع من 5 إلى 10 رجال، وطولها قراب 5 أمتار وعرضها من الوسط الأعلى نحو متر واحد ومن الأسفل زهاء 40 سنتيمترا، وطرفاها ملقوطان لقطا مستدقا، ولا فرق بين مؤخرها ومقدمها وقد يطول مقدمها على مؤخرها: وقد يغلف طرف مقدمها أو مؤخرها بالحديد وليس لها دقل ولا سكان وتسييرها على الأغلب يكون بالدفع ولهذا يسمون نوتيها اليوم (دافوعا) - إلا إذا قصر المردي (وهو ما تدفع به السفينة) ولم ينل رأسه الأرض لارتفاع الماء فيكون سيرها بالمجداف ويسمى عندهم (غرافة): بكسر الغين وتشديد الراء وهي مأخوذة من غرف الماء وحينئذٍ تكون بفتح الغين: وعامة بغداد يكسرونها وأهل الفرات يفتحونها وهي خشبة غلظها قبضة الكف وطولها قراب متر ونصف وفي أحد طرفيها لوحة مثلثة الشكل ورأس المثلث متصل بالخشبة ويبلغ طولها 35 سنتيمترا تقريبا في عرض 20 سنتيمترا. وكذلك تسيير (الخشبة) و (الدانك) و (الجلابية) و (المعيبر) و (العسبية) و (المشحوف). ولعل يقابل هذه السفن السبع سفن أخرى كانت للأقدمين وهي (الزورق) و (البوصي) و (القارب) و (الركوة) و (المعبر). لأن أقدار هذه المراكب كأقدار تلك على ما يؤخذ من كلام ابن سيدة في المخصص. 8: (السفينة) بكسر السين والفاء تجمع عندهم على (سفن) وهي عربية فصيحة: وفصيحها (بفتح السين) وقد اختلف في اشتقاقها: قال ابن سيدة في المخصص عن ابن دريد: (. . . السفينة: فعيلة بمعنى فاعلة مشتق من السفن - أي

القشر لأنها تسفن الماء كأنها تقشره والجمع سفن وسفائن: وحكى ابن جني: سفون: ونظيره (قطوف) وقد تقدم وصفها أيضاً ولها دقل وسكان ولا عرشة فيها. واليوم تستعمل لحم التبن والاحطاب: وقد يطلق البعض اسم السفينة في الفرات على المهيلة الكبيرة الخالية من العرشة. 9: (السمادية): (بتشديد الميم بعدها دال مكسورة ثم ياء مشددة) هي سفينة أكبر من الساجة يحمل فيها السماد وتوجد في أطراف البصرة وليس لها دقل ولا سكان واسمها مشتق من السماد. 10: (السماجية - السماكية): (بتشديد الميم بعدها جيم فارسية ثم ياء مشددة) أو (الجبارية - القيارية) اسمان يطلقهما أهل بغداد على نوع واحد من السفن. والسماكية تصنع كما تصنع السفينة في دجلة وتطلى بالقار أيضاً: يبلغ طولها قراب 5 أمتار وعرضها من الوسط نحو مترٍ واحد ولا تستعمل إلا لصيد السمك ومنه اسمها. أما الجيارية فأنها تصحيف القيارية من القير وفيها دقل وسكان وقد يقلع منها الدقل في بعض الأحيان. وسيرها بالمجداف. وطول خشبة مجدافها قراب (3) أمتار ويبلغ غلظها زهاء 20 سنتيمتراً وفي طرفها لوحة مثل لوحة مجداف الساجة وقد تكبرها بقليل. 11: (السنبك) أو السنبق (بضم السين وإسكان النون وضم الباء الموحدة التحتية وإسكان القاف أو الكاف الفارسية) ويجمع عندهم على (سنابك وسنابق) والكلمة يونانية الأصل. وهو شبيه بالبوت وسيره في أطراف البصرة. 12: (الشختور، أو الشخطور، أو الجخجور) (بفتح الشين وسكون الخاء وضم التاء) أسماء لنوع واحد وتجمع عندهم على (شخاتير، أو شخاطير، أو جخاجير): والشختور مشتق من الكشتور وهو الكشتري من كشتى الفارسية والكشتور تصغير كشتى على الطريقة الآرامية: يطلق

عليه اسم الجخجور (والجخجور) من ألفاظ أهل الفرات الذين بين الكوفة والبصرة يكون صنه من اللوح فقط، وهو ذو أربعة اركان، يبلغ طوله قراب 3 أمتار، وعرضه نصف طوله. ويبنى في هيت، وعانة، وهو لا يصلح إلا لحمل النورة، والاحطاب، والقير المعروف بالسيال). وليس له سكان، ولا دقل. وإذا انحدر لا يستطاع أن يصعد به، بل تباع الواحه حيث يقف. 13: (الطرادة): (بفتح الطاء وتشديد الراء وفتح الدال المهملة بعدها هاء) وتجمع عندهم على (طراريد) والقليل منها على (طرادات) وهي عربية فصيحها طراد. قال في التاج: (طراد) ككتان سفينة صغيرة سريعة السير الجري. وهي اليوم كذلك وهيئتها كالمهيلة، وليس فيها عرشة، ولها دقل وسكان تسع من 40 إلى 60 رجلا وسير أكثرها في الفرات وقليلها في دجلة. وقد يطلق اسمها على غيرها من السفن. 14: (العسيبة): (بكسر العين وإسكان السين المهملة وكسر الباء وتشديد الياء بعدها هاء) تجمع عندهم على (عسابى): وهي تنسج نسيجا، ونسيجها من القصب والبردي. ويبلغ طولها 3 أمتار في عرض متر واحدٍ وعمقها يتفاوت من نصف المتر إلى المتر وتطلى بالقار واكثر ما يستعملها المعدان أهل الجاموس في الأهوار. 15: (الكروفي - القروفي) (بضم الكاف الفارسية والراء): وهو بين السفينة والبلم ويطلى بالقار. يسع 30 رجلا وله دقل وسكان، وسيره في الفرات. ونسبته إلى رجل يسمى الحاج محمد بن كروف - قروف، من أهل الكوت، وهو أول من بناه على هذا الشكل فنسب إليه. وهو اليوم ساكن في الكوفة وصناعته فيها تعمير هذه السفن إلى يومنا هذا. 16: (الكار) جمع السفن المنحدرة، أو المغربة؛ كالقوافل، والكراوين في البر. قال في المخصص: (. . . الكار، سفن منحدرة فيها طعام في موضع واحد). 17: (الجايه - الكلية): (بتخفيف الياء بعدها هاء) تجمع عندهم على (جوايا - كوايا) وهي سفينة تصحب السفن المحملة من طعام وغيره،

لتخفف من حمل السفينة إذا جنحت في هور وغيره (أي إذا انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض) حتى تخف السفينة فتجوز ذلك المحل ويعاد بعد ذلك ما حملها إليها. ويتفاوت كبر الجاية وصغرها، فكبراها ما طوله 10 أمتار وصغراها ما طوله 5 أمتار على التقريب: والجاية بالبصرة المهيلة الكبيرة، إذا قلع منها الدقل. ولا يصح عليها هذا الاسم إلا إذا ينزع منها. 18: (الكعد الصغير والكعد الكبير) (بكسر الكاف والعين كسراً غير بين) يجمع عندهم على كعود. وهو من نوع المهيلة) إلا أنه يطلى بالقار؛ وفنته تكون دائما أصغر من فنة المهيلة؛ وأن كان بمقدار المهيلة. يسع من 20 إلى 40 رجلا. وله دقل، وسكان، ولا عرشة فيه؛ وسيره في الفرات. 19: (الجلابية - الكلابية): (بفتح الكاف وتشديد اللام بعدها باء موحدة مكسورة يليها ياء مثناة تحتية مشددة بعدها هاء). واسمها عند معدان الهور والمعدان (قبيلة من الأعراب معروفة في العراق) (نجمة) ويسميها بعضهم (زعيمة) بالتصغير وهي تنسج، ونسيجها يكون من القصب. يبلغ طولها ثلاثة أمتار على التقريب، وعرضها من الوسط 60 سنتيمتراً؛ ومن طرفيها قراب (25) سنتيمتراً. وتطلى بالقار، وهي لا تصلح إلا لصيد السمك؛ أو عبور رجل من جانب إلى جانب آخر من النهر. وغاية ما تسع ثلاثة رجال، وليس لها دقل ولا سكان وسيرها في الفرات. 20: (المسح): (بفتح الميم وكسر السين بعدها حاء) سفينة ليس لها عرشة. 21: (المشحوف): (بفتح الميم وإسكان الشين وضم الحاء المهملة يليها واو ثم فاء): ويجمع عندهم على (مشاحيف): مشتق من شحف لغة يمانية، وبدوية، في سحف يقال: (سحفت الريح السحابة ذهبت به.) ومنه أيضاً: (السحوف، الناقة التي إذا مشت جرت (بتشديد الراء) فراسنها على الأرض.) وهو الذي يسع من 5 إلى 10 رجال، ويطلق عليه هذا الاسم من العمارة إلى المحمرة؛ وفي شط العرب من المدينة إلى سوق الشيوخ. وغاية

المنصورية أو المنصوري

طوله 7 أمتار، وعرض وسطه 70 سنتيمتراً على التقريب من الأعلى، و40 سنتيمتراً من الأسفل أي (من ساحته) وعرض صدره قراب 30 سنتيمتراً؛ وعرض مؤخره نحو 45 سنتيمتراً. وإذا ركب فيه الركاب لا يبقى من حاشيته المجاورة للماء سوى مقدار خمسة سنتيمترات. ولا يمكن أن يركب فيه غير أهل تلك الديار، لأنه متى ما تحرك الراكب أدنى حركة غرف ماءً، وقد يتحارب فيه، لأنه سريع الجري؛ وتسييره بالدفع وقد يمشي بعض الأحيان على الردغة: أي (الطين الرقيق) وذلك إذا ضايق ركابه العدو وليس لهم مهرب سوى ذلك الطريق. ويظلل أيام الصيف؛ وذلك خصيص بالرؤساء الكبار. وخشبه من الساج. وليس له دقل، ولا سكان. 22: (المعيبر): (بالتصغير) بلم من ابلام الفرات صغير يتخذ من لوح الساج، ويبلغ طوله 5 أمتار على التقريب. وعرضه من الوسط 80 سنتيمتراً؛ وهو مخصوص بالعبور يسع من 6 إلى 10 رجال وقد يسمى صاحبه به؛ والاسم قديم. قال في المخصص: (. . . المعبر - المركب الذي يعبر فيه). وليس له دقل ولا سكان. وسيره في الفرات. ويسمى (المعيبر) في البصرة (بلماً) وذلك خصيص بالتنزه فيما بين العشار والبصرة. 23: (المهيلة): (بإسكان الميم وفتح الهاء وسكون الياء بعدها لام مفتوحة يليها هاء): تجمع عندهم على (مهيلات) والأغلب يقولون (مهاييل) وقد سبق وصفها. وصغراها تحمل عشرين ظغاراً من الطعام ولها عرشة (أي علبة) ودقل وسكان وسير أكثرها في الفرات. هذا ما يوجد اليوم من السفن في نهري دجلة والفرات. وفي دجلة بغداد طائفة أخرى تدخل في ضمن السفن التي تسمى بهذه الأسماء. كاظم الدجيلي المنصورية أو المنصوري المنصورية أو المنصوري: نهر يعرف بهذا الاسم تابع لناحية دلي

عباس التابعة لقضاء بعقوبا؛ وهو أول نهر يخرج من ديالى أو تامرا، ويمتد إلى الغرب منها؛ ومخرجه من سلسلة جبال حمرين، من المحل الذي تنحدر ديالى منه إلى سهول العراق العربي؛ وينتهي إلى هور أبي فراش (بتشديد الراء وزان شداد) بالقرب من نهر المرفوع (أحد سواعد الخالص). وطوله من مخرجه إلى منتهاه مسافة ثلاث ساعات للراكب، وأربع للراجل وعرضه متران ونصف، وفي بعض الأماكن يكون عرضه أربعة أمتار؛ وفوهته منحوته في الجبل المتكونة بعض طبقاته في ذلك المحل من البورق؛ وعمق النحت 20 متراً وطوله مسافة ثلث ساعة وعرضه ثلاثة أمتار ومقدم النحت من جهة ديالى مبني بالطاباق والكلس، ولفوهته صناع أي باب من خشب وهو هناك من خشب التوت قد ركب في البناء وهو يرفع وينزل في فوهة النهر بحسب الاقتضاء والاحتياج إلى الماء أو لا. وعند نهاية القسم المنحوت في الجبل من هذا النهر رابيتان صغيرتان، علو الأولى القريبة من مجرى النهر أربعة أمتار وتسمى نفاضة الزنبيل، وعلو الثانية ثلاثة أمتار وتبعد عن الأولى خمسين متراً ولهاتين الرابيتين رواية خرافية يرويها أهل تلك الديار وهي: تحت مجرى هذا النهر في الجبل عفريت كانت تأجره صاحبة هذا النهر على عمله ديناراً في اليوم، وعند المساء كان يعيد لها الدينار فتؤاجره عليه فيزنى بها. وبقيا على هذا المنوال أياماً عديدة حتى تم نحت جدول النهر المذكور بدينار واحد. وتانك الرابيتان نفاضة زنبيل ذلك العفريت بعد إتمامه العمل في اليوم الأخير. ولهذا السبب يسمى الآن ذلك القسم من نهر المنصورية نهر الزناء أيضاً.

وعلى مسافة ثلثي ساعة من مخرج النهر، قرية تسمى المنصورية أيضاً أو منصورية الجبل. تتصل بساتينها بديالى فيسقيها نهر المنصوري الذي يخترقها من الوسط طولاً. وفي القرية 300 دار تقريباً. وأهلها أخلاط من العرب والأكراد وكلهم سنية حنفية المذهب ويتكلمون اللغات العربية والتركية والفارسية والكردية. ورئيس القرية رجل اسمه مالك أفندي؛ وفي القرية جامع قديم البناء مربع الأركان تكسير مساحته خمسون متراً في خمسين وطول مصلاه 20 متراً وعرضه 16 متراً. وهو مبنى بالطاباق القديم والجص والكلس وقد طليت جدرانه من الداخل بالبورق. وفي القرية من النخيل ما يقدر بخمسة آلاف رأس. وفيها من سائر أنواع الفواكه والأشجار كل ما ينبت في إقليم العراق. وهي مشهورة بكثرة كرومها وجودة عنبها الأسود وأهلها مشهورون بغرس الكرم اكثر من اشتهارهم بغرس سائر أنواع الأشجار ولهم بغرسه تعلق شديد، وغرام عظيم. وعلى مسافة ساعتين من قرية المنصورية وساعة من مركز ناحية دلي عباس مزار السيد مبارك مبنية قبته بالطاباق والجص وصحنه مربع البناء قياسه خمسة وعشرون بخمسة وعشرين من الأمتار، وجدارها من الطين أي (الطوف). وفي داخل المزار صخرة يبلغ طولها ومحيطها متراً واحداً ويعتقد الزائرون أن لهذه الصخرة بركة فتراهم يتبركون بها ويحملونها على ثقلها ويطوفون بها حول قبر المزار. ويروي أن أحد الأعجام حملها مرة على كتفه ولثقلها لم يتمالك عن أن يسمع ما يخجله، فرماها للحال على الأرض لكثرة ما اعتراه من الخجل؛ وأخذته سورة الغضب واستل قامته من جنبه وضربها بها فقطع منها قطعة صغيرة ولا يزال أثرها في الصخرة ظاهراً للعيان. وأهل تلك الديار يشدون الرحال بلا انقطاع لزيارة هذه الصخرة ولما ماثلها من بقية محلات الزيارة. أما نهر المنصورية وقريته فيه من الأوقاف العائدة إلى دائرة أوقاف

بغداد. ويزرع على نهر المنصوري الأرز والقطن وسائر أنواع الحبوب وزراعته من 250 إلى 300 فدان نيرين، وزراعه من ثلاث قبائل: الأولى طاطران ويتكلمون العربية والتركية والفارسية والكردية. وأصلهم أكراد. وهم سنية حنفية المذهب واسم رئيسهم عباس بك؛ والثانية المجاريون ويتكلمون العربية فقط وهم سنية حنفية المذهب واسم رئيسهم احمد الطعمة، والثالثة الجبور ويتكلمون بالعربية فقط وهم سنية حنفية المذهب وليس لهم رئيس بل هم وجميع عشيرة الجبور في تلك الأنحاء تحت رئاسة صالح العنبر النازل في نهر الزاوية التابع لناحية قزل رباط التابعة لقضاء خانقين. وعلى مسافة نصف ساعة، من مركز ناحية دلي عباس، إلى الشمال منه تل يعرف بتل (شكبان - شقبان): بضم الشين وسكون الكاف الفارسية. علوه قراب 15 متراً، ومحيطه زهاء 800 مترٍ، وهو واقع في منتهى (نهر السليماني) أحد متفرعات نهر المنصوري، ويقابل هذا التل تل آخر يعرف (بتل شهاب)، واقع في منتهى (نهر سمير)، من متفرعات نهر شروين، ويحكى أن عفريت المنصورية، حرد مرة من العمل في نهر المنصوري، ومضى لسبيله تاركا هزته المفعمة تراباً على كتفه، فلحقت به صاحبة النهر المذكور وصالحته على أن يرجع إلى عمله، فلما سكن غضبه نفض ما كان في هزته من التراب فكان منه هذا المثل.

كتاب معارج القدس

هذا ما سنحت لي الفرصة بمعرفته من أحوال هذه البقعة ولعلني قد أخطأت في بعض ما هنالك مما يستحق الذكر فالتمس من القراء عذراً. محي الدين فيض الله الكيلاني كتاب معارج القدس لأبي حامد الغزالي كتاب خط كان يظن أنه مفقود فوجد عند أحد أدباء بغداد كتب نفيسة نادرة ومن جملتها مجموعة فيها الكتب الآتية: 1 - مسائل في أحوال النفس. رسالة في ثلاث صفحات. (غير مطبوعة) 2 - كتاب معارج القدس لأبي حامد الغزالي (وهو غير مطبوع) 3 - كتاب معيار العلم للغزالي (مطبوع في مصر) 4 - كتاب محك النظر للغزالي أيضاً. (وهو مطبوع أيضاً) ونحن لا نصف هنا إلا الكتاب الثاني وهو في 82 صفحة. طول كل منها 17 سنتيمتراً في 9 سنتيمترات عرضاً. وطول المكتوب من الصفحة 13 سنتيمتراً في 6 سنتيمترات عرضاً. وفي كل صفحة 18 سطراً. وهو حسن الخط من نوع المعلق. اسود الحبر فاحمه. والمجموعة مجلدة بالسختيان الأحمر وفي اسفل الكتاب وأعلاه شيرازة محكمة الصنع بلونين أحمر وأخضر. وقد كتبت العناوين بحبر أحمر حسن. والمجموعة كلها بيد كاتب واحد ماهر. والكتاب الذي نحن في صدده محفور على طوله حفراً مسنناً وفيه ثلاث حفر. والكاغد حسن أصفر ترمذي، أما تاريخ المجموعة فلم يذكر إلا في آخر كتاب معيار العلم. إذ يقول ما هذا حرفه: (. . . وكما يشتبه العلم الحقيقي بما لا حقيقة له، وافتقر بسببه إلى معيار: فكذلك يشتبه العمل الصالح النافع في الآخرة بغيره، فيفتقر إلى ميزان تدرك به حقيقته. فلنصف كتاباً في ميزان العمل كما صنفنا هذا في معيار العلم. ولنفرد ذلك الكتاب بنفسه ليتجرد له من لا رغبة له في هذا الكتاب. ولله تعالى يوفق متأمل الكتابين للنظر إليهما بعين العقل لا بعين التقليد. إنه ولي التسديد والتأييد. - والحمد الله رب العالمين، حمد الشاكرين. وصلوته على

نبيه محمد وآله الطاهرين وأصحابه الهادين المهدين. ووقع الفراغ منه يوم الثلاثاء وهو يوم عيد الفطر سنة سبع وثمانين وثمانمائة (- يوم الثلاثاء 12 من شهر ت 2 سنة 1482م). - ودونك الآن فاتحة المؤلف: عونك يا لطيف بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله مبدع الأرواح وخالق الجسد. وفاتح الإغلاق والعقد. ومانح الاعلاق والعدد. ومن أعطا الهدى والرشد. حمداً بعدد ما يتكرر من لحظات العيون ويتعدد. ويتجدد من أنفاس الصدور ويتردد. والصلوة والسلام على اكرم والدِ وولد. محمدِ وآله صلوة تبقى وتتأيد. اعلم أن الله فتح بصائر أوليائه بالحكم والعبر. واستخلص هممهم لمشاهدة عجائب صنعه في البدو والحضر. فكلما لا حظوا شيئاً لا حظوا فيه عبرة لأن جميع الموجودات مرآة للوجود الحق المحض. فالظاهر بذاته هو الله سبحانه. وما سواه غايات ظهوره ودلائل نوره، شعر: وفي كل شيء له آية ... تدل على أنه واحد فكلما سنح لهم شيء في مسارح النظر. ومجاري الفكر. عاجوا منه إلى جناب القدس. حتى يتصلوا بمن هو شديد القوى. ذو مرة فاستوى. لم تغيره الأحوال بل علا. وكمالاته حاصلة بالفعل وهو بالأفق الأعلى. وإذا سنح لهم هذا العروج فلا يزالون في دنوِ وقربٍ حتى يبلغوا الغاية القصوى. فيفيض عليهم حقائق العلوم. وأسرار المعارف. وغرائب الآيات. في ملكوت الأرض والسموات. وإذا بلغوا هذا المنتهى. فهو السدرة المنتهى. فلا يلتفتون إلى شيء من عالم الزور وعبر التنزيل عن هذه الجملة بقوله علمه شديد القوى. ذو مرة فاستوى. إلى قوله من آيات ربه الكبرى. فينبغي لكل عاقل أن يكون الله سبحانه وتعالى أول كل فكرِ له وآخره. وباطن كل اعتبار وظاهره. فتكون عين نفسه مكحولة بالنظر إليه. وقدمه موقوفة على المثول بين يديه، مسافراً بعقله في الملكوت الأعلى، وما فيها من آيات ربه الكبرى. فإذا انحط إلى قراره فليره في آثاره. فانه باطن ظاهر. تجلى لكل شيء

واظهر الآثار التي يرى فيها جلال الحق وكمال صفاته. إنما هو معرفة النفس. كما قال تعالى: سنريهم آياتنا في الأفق. وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون. وقال عليه السلام: من عرف نفسه. فقد عرف ربه. وقال عليه السلام: أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه. ونحن نعرج في هذا الكتاب من تدرج معرفة النفس إلى معرفة الحق جل جلاله. ونذكر مخ ما يؤدي إليه البراهين من حال النفس الإنسانية. ولباب ما وقف عليه البحث الشافي من أمرها. وكونها منزهة عن صفات الأجسام. ومعرفة قواها وجنودها. ومعرفة حدوثها وبقائها وسعادتها وشقاوتها. بعد المفارقة على وجه يكشف الغطاء. ويرفع الحجاب ويدل على الأسرار المخزونة. والعلوم المكنونة. المضنون بها على غير أهلها. ثم إذا ختمنا فصول معرفة النفس، فحينئذ ننعطف على معرفة الحق جل وعلا. إذ جميع العلوم مقدمات ووسائل لمعرفة الأول الحق جل وعلا، وكل ما يراد لشيء فدون حصول مقصوده يكون ضائعاً. فمن عرف نفسه. عرف ربه. وعرف صفاته. وأفعاله. وعرف مراتب العالم مبدعاته. ومكنوناته وعرف ملائكته. ومراتبهم. وعرف لمة الملك. ولمة الشيطان. والتوفيق والخذلان. وعرف الرسالة والنبوة. وكيفية الوحي وكيفية المعجزات. والأخبار عن المغيبات، وعرف الدار الآخرة. وسعادته وشقاوته. وأقسامها ولذة البهجة فيها. وعرف غاية السعادة والتي هي لقاء الله تعالى. فمن يسر له هذا السفر. لم يزل في سيره متنزهاً في جنة عرضها السموات والأرض وهو ساكن بالبدن. مستقر في الوطن. وهو السفر الذي يسفر فيه عن وجه المعرفة. وتنحل أزرار الأنوار في هذه الأسفار. وهو السفر الذي لا تضيق فيه المناهل والموارد. ولا يضر فيه التزاحم والتوارد. بل يزيد بكثرة المسافرين غنائمه، وتتضاعف ثمراته وفوائده. فغنائمه غير ممنوعة، وثمراته متزايدة غير مقطوعة، ومن لم يؤهل للجولان. في هذا الميدان. والتطواف في منتزهات هذا البستان، فليس بيده إلا القشر. يأكل كما تأكل الأنعام. ويرتع كما ترتع البهائم. وشرح هذا السفر. وبيان هذا العلم العظيم القدر، لا يمكن (كذا أي لا يكون) في أوراق. وأطباق.

ويقصر عن شرح عجائبه العبارات والأقلام. ونحن بعون الله وتوفيقه، نشير إلى كل واحد من هذه الجمل على وجه يستقل به المتفطن. وأما الجامد البليد، الذي يأخذ العلم بالتقليد. فهو عن معرفة مثل هذه العلوم بعيد. إذ كل ميسر لما خلق له. فمن رشح للسعادة. وشارف نيل الإرادة. أعطى أولاً كمال الدرك من وفور العقل وصفاء الذهن. وصحة الغريزة. واتقاد القريحة. وحدة الخاطر. وجودة الذكاء والفطنة. وجزالة الرأي. وحسن الفهم. وهذه تحفة من الله تعالى، وهدية لا تنال بيد الاكتساب. وتنير دونها وسائل الأسباب. ومن وهبت له هذه الفطنة فحينئذ عليه استكداد الفهم. والاقتراح على القريحة. واستعمال الفكر، واستثمار العقل. بتحديق بصيرته إلى صوب الغوامض؛ وحل المشكلات بطول التأمل. وإمعان النظر. والاستعانة بالخلوة وفراغ البال. والاعتزال عن مزدحم الأشغال. والقيام بوظائف الطاعات، حتى يصل إلى كمال العلوم. وسمينا الكتاب معارج القدس، في مدارج معرفة النفس، وفقنا الله لإتمامه.) اهـ. ومن بعد هذه المقدمة الطويلة ذكر محتويات الكتاب وهي هذه: فهرست الكتاب 1. مقدمة الكتاب 2. بيان إثبات النفس 3. بيان أن النفس جوهر 4. بيان أنه جوهر ليس له مقدار وكمية 5. بيان قوى الحيوانية وتقسيمها إلى محركة ومدركة 6. بيان القوى الخاصة بالنفس الإنسانية من العقل النظري والعملي 7. بيان مراتب العقل واختلاف الناس في العقل الهيولاني وبيان العقل القدسي 8. بيان أمثلة درجات العقل من الكتب الإلهي 9. بيان تظاهر العقل والشرع وافتقار أحدهما إلى الآخر 10. بيان حقيقة الإدراك ومراتبه في التجريد.) اهـ وألان نذكر فصلاً من فصول هذا السفر الجليل وهو الذي عنوانه: بيان أن النفس قد تحتاج إلى البدن وقد لا تحتاج إليه إن القوى الحيوانية قد تعين النفس الناطقة في أشياء، منها: أن يورد الحس عليه الجزيئات فيحدث له من الجزيئات أمور أربعة.

أحدها، انتزاع النفس الكليات المفردة عن الجزيئات على سبيل تجريد معانيها عن المادة وعن علائق المادة ولواحقها ومراعاة المشترك فيه. والمباين به، والذاتي وجوده، والعرضي وجوده، فيحدث للنفس عن ذلك مبادئ التصور عن استعمال الخيال والوهم مثل الجنس والفصل والعرض العام والعرض الخاص. والثاني، إيقاع النفس مناسبات بين هذه الكليات المقودة على مثال سلب وإيجاب فما كان التأليف فيه ذاتياً بيناً بنفسه أخذه وما كان ليس كذلك تركه إلى مصادفة الواسطة. الثالث، تحصيل المقدمات التجريبية وهو أن يوجد بالحس محمول لازم الحكم لموضوع ما كان حكمه بالايجاب، أو السلب، أو نال موجب الاتصال أو مسلوبه، أو موجب القياد، أو مسلوبه، وليس ذلك في بعض الأحايين دون بعض، ولا على المساواة، بل دائماً متى تسكن النفس. على أن طبيعة هذا المحمول أن يكون فيه هذه النسبة إلى هذا الموضوع، والتالي أن يلزم هذا المقدم، أو بنافيه لذاته، لا باتفاق، فيكون ذلك اعتقاداً حاصلاً من حسٍ وقياس. أما الحس فلأجل مشاهدة ذلك؛ وأما القياس فلأنه لو كان اتفاقاً لما وجد دائماً، أو في الأكثر؛ وهذا كالحكم بان السقمونيا يسهل للصفراء بطبعة، لإحساسنا ذلك، وبقياسنا أنه لو كان لاعن الطبع بل بالاتفاق لوجد في بعض الأحايين. الرابع، الأخبار التي يقع بها التصديق لشدة التواتر. فالنفس الإنسانية تستعين بالبدن لتحصيل هذه المبادئ للتصور والتصديق ثم إذا حصلته رجع إلى ذاته؛ فإن تعرض لها من القوى التي دونها، بأن تشغله، شغلته عن فعله، واضرب بفعله، إلا في أمور تحتاج فيها النفس خاصة، بأن تعاود القوة الخيالية مرة أخرى لاقتناص مبدأ غير الذي حصل أو معاونة بإحضار خيال. وهذا يقع في الابتداء كثيراً ولا يقع بعده إلا قليلاً. وأما إذا استكملت النفس وقويت، فإنها تنفرد بأفاعيلها على الإطلاق وتكون القوة الخيالية والحسية وسائر القوى البدنية غير صارفة لها من فعلها؛ بل شاغلة لها. ومثال ذلك أن الإنسان قد يحتاج إلى أدلةٍ وآلات ليتوصل بها إلى المقصد؛

صحة اصل كلمة شاخة

فإذا وصل إليه ثم عرض من الأسباب ما تحوله عن مفارقتها صار السبب الموصل بعينه عائقاً. اهـ. هذا مثال من فصول هذا السفر الجليل الذي لم نجد له نسخة ثانية في ما وصلنا إليه من قوائم الكتب في خزائن ديار الغرب وديار العرب. ونحن نأمل أن يعني بعض الأدباء بنشره لما في مؤلفات الغزالي من محكم الآراء وحسن العبارة الكلامية والفلسفية وحمل المرء على محبة ربه والإخلاص له. حقق الله الأماني! صحة اصل كلمة شاخة شاخة قد ذكرنا في 477: 1 أن اصل الشاخة بمعنى الجدول من اللغة الآرمية بمعنى سال وجرى. وقد أفادنا حضرة الشيخ محمد رضا أفندي الشبيبي أن الكلمة فارسية الأصل لفظاً ومعنى، ويقال فيها أيضاً الشاخ بدون هاءٍ. وهو مأخوذ في الأصل من معنى الغصن والفنن، ثم نقل إلى الجدول الذي يتفرع من النهر من باب المشابهة في التفرع. فنشكر فضل الكاتب على تنبيهنا على هذا الغلط. عريسات ذكر لنا الثقة أنه على بعد 4 ساعات من جنوب غربي النجف باب كباب السرداب يودي إلى ديماس واسع فيه أزقة واسع ودور مبنية بالآجر، وفيه فسحة يقوم فيها منبر مبني بالآجر أيضاً ومجصص يصعد إليه بدرج. ويظن أن هذا الديماس كان مسلحة للنعمان من المناذرة لأنه يروى أنه كان له مسلحة تحت الأرض. فنؤمل أن بعض القراء والمشتركين الذين في نواحي النجف يوافوننا بما رأوه أو يرونه في هذه المدينة الغريبة ولهم منا سلفاً مزيد الشكر. الشهرستانية أسرة كبيرة في العراق. وشهرستان بفتح الشين وسكون الهاء وكسر الراء وسكون السين كلمة فارسية مركبة من (شهر) بمعنى البلد ومن (ستان)

بمعنى الناحية، والمراد منه حوالا البلد. وشهرستان اسم يقع على ثلاث مدن بإيران: الأولى، مدينة (جي) على مسافة ميل عن مدينة أصفهان الحاضرة وهي على نهر (زانيده رود) وبها قبر إمام الراشدين المسترشد والمؤرخون على أنها هي أصفهان القديمة ولها شان عظيم في تواريخ الفرس وأشعار الأدباء وينسب إليها سلمان الفارسي الثانية مدينة بخراسان بين نيسابور وخوارزم على طرف بادية الرمل، وبساتينها بعيدة عنها والرمال متصلة بها، ولا تزال الريح تسفيها، وهي تجري جري الماء هناك وينسب إلى هذه المدينة محمد الشهرستاني الاشعري، صاحب كتاب المثل والنحل، المتوفى سنة 548 هـ. بنى هذه المدينة عبد الله بن طاهر أمير خراسان في خلافة المأمون وأخرجت خلقا كثيراً من العلماء. الثالثة، في طبرستان مازندران وهي قرية اسمها (آمل) وفيها السادة المرعشية من عترة النبي صم. قال الشيخ الشهيد محمد بن مكي العاملي في بعض مجاميعه، نقلاً عن كتاب انساب الألباب، وألقاب الأعقاب؛ أن المرعش هو يحيى بن علي بن عبد الله بن محمد بن حسن بن الحسين الأصغر بن زين العابدين علي بن الحسين البسيط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام. والمرعشية ينسبون إليه وأكثرهم بالدليم وطبرستان انتهى. أقول: وكان عميد المرعشية في طبرستان السيد قوام الدين المشهور بينهم بمير بزرك وقبره الآن في (آمل) وعليه قبة عظيمة. الشهرستانية في العراق عائلة كبيرة شريفة امتزجت من عنصرين فصارا أسرة واحدة: العنصر

باب المشارفة والانتقاد

الأول، أشراف وردوا العراق من شهرستان اصفهان في حدود سنة 1180 هـ وينتهي نسبهم إلى الإمام الكاظم موسى بن جعفر الصادق عليهما السلام. وأول من انتقل منهم إلى العراق هو: السيد مهدي وكان عالماً جليلاً، ورفيع المنزلة، قطن في كربلاء، من مدن العراق، للتتلمذ على أستاذه اغا محمد باقر المشهور بالمؤسس البهبهاني وقد بلغت ذريته اليوم اكثر من 120 نفساً. والعنصر الثاني، أشراف وردوا مدينة كربلاء من شهرستان مازندران في أوائل القرن الثاني عشر الهجري، وينتهي نسبهم إلى السيد قوام الدين مير بزرك المذكور، ثم منه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، وقد امتزج هذا العنصر الأول امتزاجا غريباُ حتى صار جميع أعضائهما أسرة واحدة وفصيلة متصلة لا يكاد يمتاز واحدهم عن الأخر واصبح اسم الشهرستانة يقع عليهم جميعا بعد أن صاروا عائلة واحدة. احفظ هذا تصب إن شاء الله. النجف: هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة العلم باب المشارفة والانتقاد 1 - السجلات الاسوية مجلة فرنسوية العبارة، تصدر في الأستانة مرتين في الشهر. وقد أرصدت أبحاثها بالشرق، أقصاه وأدناه، ومنه اسمها أي (السجلات الآسوية) وهي في سنتها الأولى والأديب يرى فيها (مجموعة أبحاث وفوائد وأسانيد وتقارير تتعلق ببر الأناضول (أو آسية الصغرى) وديار الشام وفلسطين وكلدية وبلاد العرب وفارس وتركستان وافغانستان والهند البريطانية) وهي حسنة الطبع كثيرة المواضيع مختلفتها. وفي عدديها الأخيرين التاسع والعاشر المقالات الآتية: 1 - مشارفة الأشغال التي تمت في بلاد مصر لإحياء الآداب العربية 2 - من حمص إلى بغداد 3 - سير القطلونيين والاراغونيين في ديار الأناضول في القرن الرابع عشر 4 - فوائد عن أجناس المعزي الأصلية

في آسيه الصغرى. 5 - أعمال الري في العراق 6 - سنو تاريخ الخلفاء 7 - حول البحر الميت 8 - المؤتمر الثالث الآثاري الدولي في رومة سنة 1912 9 - هل يجب أن تنشر النصوص القديمة على ما هي أم ينبذ منها ما لا يصح نشره في هذا العهد 10 - تكذيب 11 - كتابة أصوات اللغة المندرينية 12 - أخبار المعادن 13 - بريد آسية 14 - الأشغال في آسية 15 - المطبوعات الاسوية. يكتب إلى إدارة المجلة في لطيف خان العدد 1 و 2 شارع مرطباني في غلطة. وبدل اشتراكها في الأستانة ليرة عثمانية وفي الولايات 120 قرشاً صاغا وفي الخارج 25 فرنكاً. ومما تقدم عرضه يرى القارئ علو شان أبحاث هذه المجلة وفائدة الاشتراك بها. على أنها لا تخلو من مغامز فلقد طالعنا المقالة التي عنوانها (سنو تاريخ الخلفاء) فإذا صاحبها يقول في تتمة العنوان: (كلهم أجمعين وهم خلفاء محمد الهاشمي القريشي (كذا والأصح القرشي) العربي الاسمعيلي الإبراهيمي الكلداني (كذا) نبي المسلمين.) - ونحن لم نر في كتاب إسلامي هذه النسبة وأن كان لها وجه للتأويل. لأن إبراهيم الخليل خرج من اور الكلدانيين. لكن الكتاب يحافظون على نسبة الرجل بحسب ما يتعلق به لا غير. - ثم يقول: أبحاث المطران الكلداني أبو بحيراء (كذا) ومواعظه وتأملاته وإعلانه لنبوته وذلك في سنة 28 - 13 قبل الهجرة 594 - 609 للميلاد. ففي هذه العبارة أغلاط بقدر ما يوجد ألفاظ. فلتراجع في مواطنها. والظاهر أن الكاتب كلداني النسب، فأراد أن ينسب إلى قومه كل ما يقع عليه من أمور التاريخ. والتاريخ لا يكتب بهذه الصورة. فعسى أن يدقق فيه اكثر مما قرأناه إلى اليوم. وما هذا بصعب المنال، لذوي الهمم من الرجال. 2 - قاموس القضاء العثماني لمؤلفه سليمان مصوبع المحامي وصلنا الجزء الأول من هذا المعجم (ولا نرى مناسبا أن يسميه بالقاموس إذ لم ترد هذه اللفظة عندهم بمعنى المعجم إلا من باب تنكير العلم وإطلاق قيده

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

على ما ضاهى قاموس الفيروزابادي) فألفيناه احسن ما جاء في اللغة العربية من هذا القبيل. فإن المؤلف حفظه الله قد بوبه تبويباً سهل المتناول، حتى أن أصغر طلبة المدارس يستطيع أن يهتدي إلى ضالته بدون عناء يذكر. هذا فضلا عن أنه يحوي لباب 48 مؤلفاً في هذا المعنى. والكاتب حسن الطبع جيد الورق، إلا أننا نرى فيه خللا وهو انك لا ترى فيه (نقط القراءة) وهي النقط التي تستعمل لتسهيل القراءة على المطالع كالفاصلة، والنقطة. والفاصلة مع النقطة؛ وعلامة الاستفهام؟ إلى آخر ما هناك. وكنا نود أيضاً أن يدفع المؤلف كتابه إلى أحد الكتاب ليصلح بعض اللحن الذي وقع فيه كقوله في ص 2 (مدة تنوف عن العشرين) والأصح: تنيف على العشرين وكقوله في تلك ص (أشبه بمجموعة) والأفصح: أشبه شيء بمجموعة وكقوله ص 3: (من المتعذر بهذه الحالة على الحاكم أن يضع أمامه صبرة من الكتب القضائية التي لا يستغني عن اقل من خمسة وثلاثين كتاباً منها). ولو قال: إن يضع أمامه طائفة من الكتب لا تقل عن 35 كتاباً. لأوجز في الكلام وافصح. وفي كل صفحة أغلاط طبع كثيرة لكنها لا تضر به لا بمعنى ما ورد فيه من الكلام. فسبحان من تنزه عن كل عيب! 3 - الكهف والرقيم كنا نظن أن هذه الرسالة تبحث عن أهل الكهف والرقيم. فإذا هي ملخص رحلة السيد محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار بقلم السيد عبد الحق حقي الأعظمي البغدادي. ولو ذكر الكاتب عنواناً يناسب الموضوع لكان احسن وأوفى بالمقصود. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - عيد الأمة العثمانية في 23 تموز كان عيد الأمة العثمانية، فجرى في بغداد احتفال عظيم فاق

كل ما شابهه في الماضي. فعند انبثاق الفجر تجمعت الجنود كلها في المكان المعد لها في الفضاء المتسع المقابل لتربة الشيخ عمر السهروردي؛ ثم اجتمعت هناك طلبة المكاتب والمدارس على اختلاف مللها ونحلها؛ ومذاهبها واجتمع من الخلق من سكان الحاضرة وجوارها ما يربو على مائة ألف نسمة. وهو أمر ليس بطفيف. ومما زاد رونق العيد أن شيوخ أعراب ولاية بغداد مع جماعة من كل قبيلة وعشيرة شهدوا تلك الحفلة واشتركوا مع الجنود في العرض وكانوا على جيادهم العراب شاكي السلاح وبلغ عددهم 1500 مع الشيوخ ابتدأت الحفلة في الساعة السادسة زوالية وانتهت بعد ساعتين. فأبقت في الفكر ذكراً لا يمحى. 2 - خلع لمشايخ الأعراب كانت الولاية قد دعت رؤساء القبائل الموجودين في الولاية وأطرافها ليشتركوا بعيد الأمة العثمانية، فأتوا ملبين أمر الوالي. وفي يوم الاثنين 22 تموز ليلة عيد الامة، اجتمع روساء القبائل وشيوخها قبل غروب الشمس بساعتين ونصف، في الخيام المعدة لهم بجوار المعسكر، فخلع عليهم الوالي ألبسة بحضور أماثل المدينة من وطنيين وأجانب. وكان عدد الشيوخ 150. وكان اللباس عبارة عن عباءة وكوفية وعقال مقسومة إلى ثلاثة أصناف: فاخر، وجيد، ومتوسط. فوزع كل صنف على الرئيس المناسب له من شيخ كبير، ووسط، وصغير. 3 - تدشين سكة حديد بغداد صباح نهار السبت 27 تموز، كان الاحتفال بوضع الحجر الأول لسكة حديد بغداد في جانب الكرخ بقرب السن. وقد دعا رئيس الأشغال وهو مايستر باشا الألماني، والي الولاية، وآمر الموقع، وسراة الوطنيين والاجانب، إلى الاشتراك بوضع الحجر الأول. وكان عدد المهندسين الموجودين أربعين من أمم مختلفة وكلهم من المشتغلين بالسكة إلا أن اغلبهم ألمانيون. 4 - تكاثر السكان في بغداد وغلاء المعيشة تكاثر الخلق في بغداد منذ إعلان الدستور، لكنهم زادوا زيادة فاحشة في هذه السنة، وكثر الأجانب في هذه الولاية حتى ارتقت جميع الأطعمة لا سيما

الحبوب والقطاني على أنواعها. فزادت حقة الخبز قرشا صاغاً عن سابق، وكذلك الشعير، أما اللحم والبيض فقد تضاعفت أثمانهما، فقد كان في السابق تباع ثلاث بيضات بعشر بارات أو بقرش رائج. أما الآن فتباع بعشرين بارة. واغلب المأكولات لا يرجى لها نزول في القيمة أو الثمن. أما الحبوب فيرجى لها إذا شددت الحكومة في منع إصدارها إلى ديار الغرب. فإن وزنة الحنطة تباع اليوم بليرة عثمانية. وكانت تباع سابقاً بخمسين أو ستين قرشاً صاغاً. ووزنة الشعير تباع اليوم بخمسين غرشاً، وكانت تباع سابقاً بعشرين أو 25 غرشاً فاحكم بعد هذا على بقية الأطعمة التي ارتفعت أسعارها بارتقاء الحبوب. 5 - بذور البقول والخضراوات جلبت إدارة الزراعة في الولاية بذوراً كثيرة اغلبها بذور بقول يرغب الناس في أكلها كبذور الملفوف (اللهانة) والقنبيط (القرنبيط) والكراب ونحوها. والحكومة توزعها مجاناً على من يتعهد ببذرها. 6 - مكتب للهنود في كربلاء أسس الهنود مكتباً مجانياً يقبل فيه التلميذ من أي رعية كان. وقد ادخلوا فيه تعليم اللغة الإنكليزية. وفي المكتب الآن نحو 130 طالباً. واغلبهم من رعية الدولة البريطانية وكذلك اغلب معلميهم. (عن الزهور العدد 289) 8 - السعدون حدثت معركة عظيمة بين عشيرة الضفير وبين ولد سعدون باشا وهم عجمي بك وإخوانه ومعهم العشائر العديدة المنضمة إليهم. فدام الصراع مدة طويلة انجلى عن انكسار الضفير وقتل كثير منهم كالشيخ عفتان بن ضويحي وخمسة من كبارهم وجرح حمود بن سويط رئيسهم الأكبر. وقد غنم ولد سعدون وعشائرهم إبلاً وخيلاً وأمتعة كثيرة. اصلح الله الأمور! 9 - مطير أغارت عشيرة مطير ورئيساها ابن لاحي وابن مبرد على تجار ابل في طريق الشام فسلبت أصحاب الاباعر ما يقدر بستمائة منها، قيمتها نحو 7000 ليرة فعسى أن تردع الحكومة هؤلاء الأشقياء وتومن أموال التجار!

10 - غرق الباخرة دمرا غرقت الباخرة من شركة المراكب الهندية البريطانية التي تتردد بين بمبى والبصرة وذلك في غبة برطيلة قرب كراجي وغرق معها الركاب والأموال. 11 - ناد في الكويت عقد شبان الكويت نادي أدبٍ وذلك بهمة الفاضل فرحان بن خالد الخضير. 12 - الأمن في إيران استتب الأمن في تلك الديار واخذ البريد والقوافل والمسافرين بالتردد إليها، إلا أن عشيرة (كاكاوند) هجمت على أموال التجار التي تنقل بين كرمنشاه وهمدان وحصيلتهم نحو مائة وعشرين حملاً من أحمال الدواب. فالأمل أنها تسترجع إلى أصحابها! 13 - عداي الجريان ورشيد الدبوني وقع قبل ما يزيد على سنة منافرة بين الشيخ عداي وبين رشيد الدبوني؛ وذلك لأن الحكومة أعطت الشيخ عداي أراضي الغبيشية، من ملحقات البغيلة، والجزيرة ليزرعها. فحاول رشيد أن ينزعها من يده فلم يفلح وقتل رشيد. ثم ارجع ناظم باشا عداي إلى أراضيه واسكنه فيها. لكن العدلية حكمت على عداي وعشيرته حكماً غيابياً، فهم الآن يسترحمون الحكومة لتعفو عنهم. 14 - وفاة عيسى جميل زاده نهار الاثنين 29 تموز غربي انتقل إلى دار البقاء عيسى أفندي جميل زاده أحد أشراف بغداد وعلمائها عن نحو 50 عاماً. ودفن في جامع آل جميل بجوار والده نسأل الله لآله ولمن يلوذ به الصبر والسلوان! 15 - غرق سبعة يهود بينما كان هارون بن ساسون وابنه كرجي والياهو، ويعقوب، وسليم، وعبد الله، أولاد عزرا، وعزرا بن ساسون، راكبين عند العشاء زورق ناصر بن خشان وذاهبين إلى قصرهم الواقع في الكرادة الشرقية أو البو جمعة إذ اصطدم الزورق بجسارية قديمة (سفينة تدعم الجسر) كانت غارقة في جوار شريعة باب

الشرقي وانقلب الزورق بمن فيه من الركاب ولم ينج منهم إلا صاحبه ناصر المذكور، وعبد الله بن عزرا، وعزرا بن ساسون، ولكن لما بلغ عزرا الشاطئ وعلم ما حل بابنه مات لما نزل به من الهلع الفجائي. سلى الله أقاربهم. 16 - قدوم شيوخ عنزة قدم شيوخ قبائل عنزة الحالة في ديار الشام وولاية حلب واظهروا خضوعهم للحكومة مذعنين لأوامر والي ولايتنا، وهم: حاكم بك بن مهيد، وبرجس بك ابن هديب، وتركي بك، وماجد بك الشعلان، وغشوان بك ابن رشيد، وفياض بك ابن جندل. ولما سمعوا باستعفاء الوالي أبوا أداء الرسوم الأميرية ولهذا ابلغ الأمر إلى كربلاء وشثاثا والهندية والنجف بمنع العشائر حق الامتياز (المسابلة) حتى تدفع ما عليها من الرسوم. 17 - غزوات الأعراب لا زال الضفير مجاورين اليوم لعشائر عنزة، وهم يدفعونهم إلى غزو المنتفق ومطير. وقد قام فهد الدغيم بن هذال بجيش لهام من عنزة صال على المنتفق ومطير ووعدهم ابن سويط زعيم الضفير أن يجمعوا قوتهم إلى قوة هذال ولا يرجعون حتى يضربوا أعداءهم ضربة قاضية. فإلى متى هذه الغزوات وهذه الفتكات؟ واملنا في الحكومة أن تردع هؤلاء الأعراب وتومن الطرق وتحافظ على حياة المسافرين وتمنع وقوع مثل هذه الأحداث، أحداث الجاهلية لا أحداث هذه العصور النيرة 18 - مبارك الصباح ومطير مطير قبيلة تحب الفتك والغزو، ولا تخلد إلى الراحة طالما ينبض فيها عرق. ولهذا ترى أفرادها في شن الغارات الدائمة والهجوم المتصل. وقد استاء الشيخ مبارك الصباح من عمل الدويش رئيس مطير لنزول إعرابه بجوار عجمي بك السعدون فكان خبر استيائه منهم باعثاً على مزيد فرحهم فجيشوا جيشاً، وأغاروا على اتباع مبارك النازلين في سفوان، واستاقوا منهم إبلاً وأموالاً فاسترجعها أصحابها بعد ملحمة عظيمة، ورجع كل قوم إلى أصحابهم. اصلح الله الأحوال! (كلها عن الرياض)

العدد 16

العدد 16 - بتاريخ: 01 - 10 - 1912 خمعة بنت الخس الإيادية - وقف حضرة أستاذنا الشهير، السيد الشيخ محمود شكري أفندي الآلوسي، على مقالتنا: (نقد تاريخ آداب اللغة) (المدرجة في 25: 2 - 62) فرأى إننا ذهبنا في اسم ابنة الخس الأيادي جمعة، كما ذهب إليه اغلب كتاب العرب فنبهنا على ذلك قائلاً: أنها بالخاء المعجمة الفوقية، لا بالجيم المعجمة التحتية فذكرنا له أن صاحب القاموس، وتاج العروس، ولسان العرب، والاوقيانوس وصاحب الاغاني، وغيرهم، من مشاهير الكتاب الأقدمين والمحدثين، ذكروها بالجيم لا بالخاء، فوعدنا حضرته بأن يذهب بنفسه إلى خزانة كتب المدرسة السليمانية في بغداد، ويراجع المادة بنفسه ليتحققها ويثبتها. وبعد أن وقف على مطلبه كتب الينا، حرسه الله وابقاه، الاسطر التالية: اليوم (7 آب)، وجدت فرصة لنقل ما ذكرته لكم، فذهبت إلى خزانة كتب مدرسة السليمانية؛ وراجعت (شرح حديث أم زرع) للقاضي عياض وذكر في هذا الشرح على سبيل الاستطراد، نبذة غير يسيرة من كلام من اشتهرن بالفصاحة من نساء الجاهلية، فقال: ومنهن خمعة، بضم الخاء وفتح الميم والعين المهملة، كما ضبطه صاحب العباب، والمحكم، وابن الشجري في كتابه: ما اتفق لفظه واختلف معناه، يقال: خمع في مشيته أي ظلع، وبه خماع أي ظلع، والخامعة: الضبع. إلى أن قال: واختلف نسبها، والمشهور أنها ابنة الخس أخت هند. وقيل: غير ذلك اهـ. ثم ذكر نبذة من كلامها المسجع

وشرحه. ومن جملة ما قال: إن كثيراً من النساخ بهم في هذه اللفظة، فيكتب الخاء جيماً، وهو غلط إذ ليس في أسماء العرب جمعة علماً على ذكر أو أنثى. اهـ كلام الأستاذ ونقله. قلنا: إن أستاذنا مصيب في كلامه هذا. وأصحاب المعاجم والدواوين اللغوية والشعرية والأدبية الذين ذكروها، لم يتعرضوا لها في بحثهم ولم يضبطوا الكلمة ضبطاً بالألفاظ، وإنما جاءت في كلامهم استطراداً، ولعلهم ذكروها في الأصل بالخاء المنقوطة الفوقية، فلما لم يفهمها النساخ، أو أصحاب المطابع حرفوها. وما اسهل إبدال اسم مجهول، أو نادر الورود، كخمعة، باسم معلوم أو متداول وهو جمعة. قلت: إن كان لم يرد علم ذكر أو أنثى باسم جمعة في القديم كما ذكره القاضي عياض، فأنه مشهور اليوم، لا سيما في العراق. فقد يسمى به بعض من يولد يوم الجمعة. لا بل ذكر صاحب التاج في المستدرك، أنه قد سموا جمعة بضمتين. فإنكار القاضي عياض لها في غير محله. وعلى كل قاسم المرأة المشهورة الايادية هي خمعة، بالخاء المنقوطة الفوقية، كما حققه شيخنا الأستاذ الآلوسي على ما تقدم إيضاحه. وقد ذكر الأدباء من كلامها المأثور، شيئاً من المنثور، ولم يذكروا لنا شيئاً من المنظوم، وقد روى لنا ابن أبي طاهر، صاحب كتاب بلاغات النساء أبياتاً من شعرها منها هذه: اشد وجوه القول عند ذوي الحجى ... مقالة ذي لب يقول فيوجز وافضل غنم يستفاد ويبتغى ... ذخيرة عقل يحتويها ويحرز وخير خلال المرء صدق لسانه ... وللصدق فضل يستبين ويبرز وإنجازك الموعود من سبب الغنى ... فكن موفياً بالوعد تعطى وتنجز ولا خير في حرٍ يريك بشاشة ... ويطعن من خلف عليك ويلمز إذا المرء لم يسطع سياسة نفسه ... فأن به عن غيرها هو أعجز وكم من وقور يقمع الجهل حلمه ... وآخر من طيش إلى الجهل يجمز وكم من أصيل الراي طلق لسانه ... يصير بحسن القول حين يميز وكم مافون يلوك لسانه ... ويعجن بالكوعين نوكا ويخبز

تذييل في نساء العرب

وكم من اخى شر قد أوثق نفسه ... وآخر ذخراً لخير يحوي ويكنز يفر الفتى والموت يطلب نفسه ... سيدركه لا شك يوماً فيجهز وهي كلها أبيات حكيمة في غاية الجودة ومن شعرها قولها: رأيت بني الدنيا كأحلام نائم ... وكالفيء يدنو ظله ثم يقلص وكل مقيم في الحياة وعيشها ... بلا شك يوماً أنه سوف يشخص يفر الفتى من خشية الموت والردى ... وللموت حتف كل حي سيغفص أتاه حمام الموت يسعى بحتفه ... وقد كان مغروراً بدنيا تربص كأنك في دار الحياة مخلد ... وقد بان منها من مضي وتقنصوا لقد افسد الدنيا وعيش نعيمها ... فجائع تترى تعتري وتنغص إلا رب مرزوق بغير تكلف ... وآخر محروم يجد ويحرص وقد ذكرنا هذا الشعر حرصا عليه ولقلة وروده في كتب الأدب ولما تضمن من الحكمة الرائعة، والأمثال الشائعة. والسلام. تذييل في نساء العرب كتب أحد المستشرقين وهو العلامة برون فرنسوياً عنوانه (النساء العربيات قبل الإسلام وبعده) وقد طبعه في الجزائر سنة 1858، وجمع فيه كل قاله العرب في نساء العرب قبل الإسلام (أي في عهد الجاهلية) وبعده (إلى عصر المأمون) ولا نظن أننا وجدنا كتابا عربيا حوى ما وعى هذا السفر الجليل الفذ، بل يتيمة الدهر. والكتاب في قطع الثمن الكبير في 604 صفحات يليها فهرس وافٍ يطلعك على محتوياته بسرعة لا تنكر. والقسم الأول منه، وهو قسم عصر الجاهلية، يحوي 42 فصلا، كل فصل يبحث عن حالة من أحوال المرأة. والقسم الثاني، وهو قسم عصر صدر الإسلام، يحوي 31 فصلا وكلها مرتبة ترتيبا انيقا، يجمع بين اللذة، والانس، ورغبة الوقوف على أخبار نساء ذلك العصر. ولما تكلم المؤلف عن المرأة الايادية ذكرها باسم جمعة وكتبها هكذا أي بالجيم لا بالخاء. ولا جرم أن الكاتب اعتمد في رسم هذا

العشائر القاطنة بين بغداد وسامراء

الاسم على الكتب المتداولة بين القوم، ولاسيما الكتب الخطية. لأنه وضع كتابه منذ اكثر من خمسين سنة. والمطبوعات العربية في مثل هذه المواضيع كانت نزرة أو نادرة. ومما يشهد على ذلك رسمه لأعلام أخرى على غير وجهها المشهور كقوله، جابس، في (حابس) والد جمعة على رواية، وغير ذلك، مما ليس هذا المقام مقامه. على أن هذا كله لا يضر بمنزلة هذا السفر الجليل، فأن فيه من الخواطر والأفكار في نساء العرب، ما لا تعثر عليه في المجلدات الضخمة أو ينتبه له أحد من كتاب العرب. فعسى أن يكون شرعة يردها أدباؤنا عند تعرضهم لأبحاث العرب، ولا سيما لنسائهم، ليكونوا على بصيرة مما يكتبون! والله الهادي إلى السراط المستقيم! العشائر القاطنة بين بغداد وسامراء 6 - نفوسها ورؤساؤها ومساكنها 1 - بنو تميم بنو تميم (وزان قدير) قبيلة كبيرة مبثوثة في أرجاء مختلفة من ديار العراق والعرب. ومنها عشيرة قاطنة في شرقي ناحية (بلد). عدد رجالها يربون على ألفي رجل ورئيسهم حسين الثامر وهم يحرثون الأراضي المدورة على ضفة دجلة اليمنى المقابلة لأراضي (عظيم) وأكثرهم على مذهب أهل السنة والجماعة وبينهم عدد قليل جعفريون؛ ومنهم قسم يزرعون أراضي الخضيرة شرقي بلد 2 - المجمع المجمع بضم الميم الأولى وفتح الجيم وتشديد الميم الثانية وفتحها يليها عين مهملة وزان (معظم) عشيرة كبيرة تقسم إلى عدة أفخاذ وبطون كثيرة لا يمكننا الإحاطة بها. رجالها ألف ومائتان ورئيسهم محمد المهدي. ومنهم من يشتغل بتربية الأغنام والمتاجرة بأصوافها ومنهم الزراع. وهم قاطنون في أراضي (قبان) (بفتح القاف وتشديد الباء وزان شداد) من أراضي

دجيل وأكثرهم من أهل السنة والجماعة وقليلون منهم جعفريون. 3 - العيدان العيدان (وزان ديدان) وهي عشيرة صغيرة لا يتجاوز عدد رجالها ثمانين وهم زراع نجباء افتعلوا لهم أرضاً في جنوبي (بلد) على حافة دجلة يحرثونها ويزرعونها ورئيسهم حسين العبد الله. 4 - السعود السعود (وزان جلود) فخذ من أفخاذ بني سعد (كذا قيل). عدد رجالها مائة وعشرون. رئيسهم خسارة الحمد. وهم يحرثون قسماً من أراضي دجيل. ويكثر بينهم الجعفرية. 5 - البو عتاب البو عتاب (وزان شداد)، عشيرة كبيرة بالنسبة إلى أخواتها. عدد رجالها ثلثمائة. رئيسهم محمد السبتي. وهم زراع في أراضي الخضيرة على حافة دجلة وشرقي ناحية بلد وسموا بهذا الاسم نسبة إلى رجل من أجدادهم اسمه (عتاب) وهم على مذهب أهل السنة والجماعة. 6 - البو دراج البو دراج (وزان شداد) فخذ من أفخاذ عشيرة السوامرة (وزان ملائكة) (كذا قيل) وعندي انهم خليط أقوام تسموا بهذا الاسم نسبة إلى رجل اسمه (دراج). عدد رجالها مائة رئيسهم السيد على العابد. ومحل سكناهم أراضي العابرية على ضفاف دجلة في الجهة الغربية من ناحية (بلد) وهم كلهم سنيون. 7 - البو عباس البو عباس (وزان شداد) عشيرة ضخمة متشتتة في أطراف بغداد يتجاوز عدد رجالها الألف رئيسهم (حمدي الحمد) وهو رجل موظف في عدلية سامراء مشهور بدماثة الأخلاق. وكلهم زراع وبينهم من يشتغل بتربية الأنعام أي انهم أصحاب ابل وماشية وخيام والزراع منهم في أراضي (الحاوي) وأرباب المواشي منهم ينتقلون من أرض إلى أرض على اختلاف فصول

السنة. ويدعون انهم سادة قرشية. وهم جميعهم على مذهب السنة والجماعة. 8 - البو عيسى البو عيسى فخذ من أفخاذ عشيرة السوامرة الكبيرة. عدد رجالها مائتان. رئيسهم حسين الحمادي. وهم يقطنون في شرقي بليدة تكريت وجلهم زراع وقيل انهم نسل الخلفاء العباسيين ولا نعلم مبلغ ذلك من الصحة. وهم جميعهم سنيون. 9 - البو مليس (مليس) بكسر الميم كسراً غير بينٍ وتشديد اللام الممالة وسكون الياء وفي الأخر سين مهملة. قبيلة صغيرة عدد رجالها تسعون رئيسهم عبد الوهاب ابن الشيخ عباس والقسم الأعظم منهم يسكنون بليدة سامراء وفيهم عدد قليل يقطنون في أراض العيث ومهنتهم تربية الأغنام وسائر الأنعام والمتاجرة بصوافها ويزعمون انهم سادة قرشية. واغلبهم سنيون. 10 - البو نيسان البو نيسان (بالضبط المشهور) والبعض يلفظها بفتح النون فخذ من أفخاذ

(السوامرة) عدد رجالها ثمانون رئيسهم الحاج فتح الله وهم من سكان سامراء وبينهم عدد قليل زراع في الأراضي المسماة (البركية) (بفتح الباء وإسكان الراء وكسر الكاف مع فتح الياء المشددة في آخرها هاء) المقابلة لبلدة سأمراء؛ ويدعون انهم سادة قرشية والسبب في تسميتهم بهذا الاسم هو أن جداً لهم ولد في شهر نيسان فسمى باسمه وسميت القبيلة (بالبو نيسان) نسبة إليه كما هي عادة الأعراب بأن يأتوا بكلمة (البو) ويدخلونها على الكلمة الأصلية فتكون بمعنى آل أبو (أبي). . . . واغلبهم سنيون. 11 - البو اسود البو اسود (وزان احمد) عشيرة صغيرة رجالها لا يتجاوزون المائة رئيسهم سهيل المطر وهم سادة قرشية وكلهم زراع يسكنون أراضي مختلفة وأشهرها (عزيز بلد) (والصعيوية) والضلوعية وجميعهم سنيون. 12 - البو باز البو باز (وزان عاد عشيرة) كبيرة مبثوثة في أرجاء مختلفة عدد رجالها ستمائة. رئيسهم جاسم محمد العلي الأكبر. واغلبهم يسكنون في أرض النباعي وهم زراع كرود وكرودهم عبارة عن فقر أي آبار متجاورة ينفذ بعضها إلى بعض يزروعون عليها زروعهم وذلك لبعدهم عن دجلة إلا أن هذه الآبار قد اشتهرت بعذوبة مائها وبرودته وخفته على المعدة. وهم سنيون.

13 - البو بدري البو بدري بفتح الباء وإسكان الدال وكسر الراء في آخرها ياء عشيرة صغيرة لا يتجاوز عدد رجالها الثمانين رئيسهم جاسم المحمد بن جعيص (مصغرة) ومهنتهم تربية الأغنام والمتاجرة بأصوافها وسمنها ويسكنون في أراض الكوش (بكاف فارسية مضمومة وهي أرض في شمالي سامرا كثيرة الآبار تبعد عن سامرا ساعتين) وجميعهم سنيون. 14 - البو عظيم البو عظيم (على زنة زبير والعامة يتلفظونها بإسكان العين المهملة والبعض يتلفظها بكسر العين المهملة كسراً غير بين) عشيرة عدد رجالها ثمانون رئيسهم حسين الكريم وكلهم زراع يقطنون شرقي مخيم البو عيسى في أراض مقابلة لسامرا. وجميعهم سنيون. 15 - البو صليبي البو صليبي (وزان زبيري) والبعض يتلفظونها بالهمزة الموصلة والصاد المحركة بحركة بين الضم والفتح واللام الممالة. وفي آخرها ياء النسبة. هي عشيرة قليلة العدد: رجالها 150 رئيسهم شهاب الحمد ويسكنون في أراضي الدوجمة (بضم الدال وإسكان الواو وكسر الجيم وفتح الميم وفي آخرها ياء) على حافة دجلة وسميت بهذا الاسم نسبة إلى رجل جاء من عشيرة (صليب) (وزان زبير) من قطان فيافي نجد والدهناء فسكن هذه الأراضي وكثر أولاده ونمت أبناؤهم حتى تألفت هذه القبيلة من صلبه. فسميت باسم القبيلة الأصلية وإن لم تكن عيشتهم كعيشتها (كذا حدثني رجل خبير). وجميعهم سنيون. 16 - الغوالبة الغوالبة جمع غالبي عشيرة كبيرة عدد رجالها ألفان ومن أكبر رؤسائهم خلف المرهج وجميعهم زراع يقطنون أراضي الصفيط (وزان زبير ويلفظها العامة بتحريك الصاد حركة مشتركة وفتح الضاد ممالة وإسكان الياء وفي الآخر طاء مهملة ويقال فيها) (السفيط) أيضاً بالسين عوضاً من الصاد وأكثرهم سنيون.

17 - الخزرج (وزان جدول) عشيرة أو فخذ من أفخاذ عشيرة خزرج العدنانية التي نصرت النبي (صلى الله عليه وسلم) عند مهاجرته من مكة (كذا قبل) عدد رجالها 400 رئيسهم جاسم المحمد الصلماوي وهم يحرثون الجهة الغربية من أراضي دجيل والجهة الشرقية من أراضي الضلوعية على ضفة دجلة اليسرى. 18 - الجبور الجبور، وزان دخول عشيرة ضخمة العدد مبثوثة في أرجاء مختلفة من العراق العربي. يتبعها بطون وأفخاذ كثيرة نضرب عنها صفحاً لجهلنا اغلب أسمائها. عدد رجالها ثمانية آلاف. والقسم الأعظم منهم في أطراف بغداد ولهم فيها خاصة بهم واقعة في جانب الكرخ تسمى (محلة الجبور) ورئيسهم في بغداد أحد تجار الأبل عبد الله المهيدي. وقسم منهم يقطنون في أراضي الضلوعية على حافة دجلة من الجهة الشرقية وعددهم 500 ورئيسهم عبد اللطيف بن سلامة ومنهم يسكنون في أراضي الخرنينة والشرقاط وأراضي العوجة والماحوز والزاب والخابور وجميعهم سنيون. 19 - البو فراج البو فراج وزان شداد. عشيرة رجالها أربعمائة. رئيسهم محمد المصطفى

وهم يزرعون القسم الشرقي من أراضي الضلوعية. وفيهم من يزرع في حويجة الجويزات (مصغرة) المقابلة لناحية (بلد). وهم سنيون. 20 - الكبيشات الكبيشات بالتصغير أي بضم الكاف وفتح الباء وإسكان الياء وهي عشيرة كثيرة العدد رجالها يتجازون الستمائة رئيسهم محمد أبو خشيم (بالتصغير) وهم متفرقوا الربوع فقسم منهم في أراضي العيث الواقعة شمالي سامراء وقسم في عظيم (بالتصغير) وأكثرهم قليلو الاهتمام بالزراعة وبينهم عدد قليل يربون المواشي ويتاجرون بها والقسم الأعظم منهم قطاع طرق. واغلبهم سنيون. 21 - البو طلحة البو طلحة (وزان كثرة) عشيرة قليلة العدد لا يتجاوز عدد رجالها الثمانين رئيسهم شكلة الحمد وهم سكان أراضي عظيم واكثر زروعهم عذى أي ديم لأنهم بعيدون عن دجلة اكثر من خمس ساعات ولا يصل الماء زروعهم وأراضيهم ليسقيها. وهم سنيون. 22 - العزة العزة (على زنة كنة) بفتح العين المهملة وتشديد الراء المعجمة وفي آخرها هاء عشيرة ضخمة منتشرة في ديار العراق العربي عدد رجالها ألفان ومائتان وهي تقسم إلى أفخاذ منها فخذ البو بكر ورئيسهم (دلو) بفتح الدال وتشديد اللام وإسكان الواو. والبو عواد (وزان شداد) ورئيسهم (جايل) بجيم فارسية - كائل (وزان قائم) والسبوطران (وزان جماد) ورئيسهم طعمة الخلف. والبو اجول وزان احمد ورئيسهم غضبان بن خلف الغصيبة وهو الرئيس الكبير لهذه القبيلة وله سلطة عظيمة على سائر القبائل القاطنة في جواره وهو مشهور بمحاسن الأخلاق والكرم الحاتمي. وهذه البطون أو الأفخاذ تقطن في أراض العظيم وجبل حمرين والخالص

وهم زراع. وزروعهم على الأنهار. وهم سنيون. 23 - المشاهدة المشاهدة، وزان مغاربة، وهي عشيرة ضخمة كثيرة العدد تحرث أرضاً كبيرة ممتدة من قضاء الكاظمية إلى أطراف دجيل. وهم غير المشاهدة الذين يقطنون في النجف. فالأولون يختلفون في المسكن باختلاف أراضيهم. وزروعهم تزيد على ثلاثة آلاف فدان. أما أراضيهم فتقسم إلى ثلاثة أقسام 1 - أراضي الوقف وتسمى التاجي وقليل منهم يسميها التاجية وهي ممتدة من بلدة الكاظمية إلى أراضي الحصيوية (بالتصغير) مسافة أربع ساعات وزعيمهم فيها حمد السليمان وتأخذ الحكومة منهم عن كل بكرة عشر جنيهات!! 2 - أراضي أبو سريويل (مصغرة) وهي عائدة إلى أحد كبار بغداد الحاج عبد الرحمن الباجه جي ومسافتها ساعتان والزعيم هناك السيد حبيب الشلال وتأخذ الحكومة عن هذه الأرض العشر 3 - الأراضي السنية أي الأملاك المدورة، وهي ممتدة من أبو سريويل حتى قلعة الطارمية وهي مسافة أربع ساعات للراجل والزعيم هناك السيد محمد بن السيد احمد وتأخذ الحكومة عن كل بكرة خمس جنيهات!! ومجموع رجال المشاهدة يزيد على 10 آلاف ويزعمون انهم سادة قرشية. وقد أراد ناظم باشا الوالي السابق تسجيل نفوسهم وإلزامهم بإيفاء الخدمة العسكرية إلا انهم أبو ذلك ففروا إلى أنحاء الجزيرة ولم يعودوا إلى أوطانهم إلا بعد أن اخذوا موثقاً من الحكومة بأن لا تعود إلى ذلك!! 7 - خاتمة البحث هذا ما علمناه من أمر هذه الأمة العربية الكريمة الآباء القاطنة بين بغداد عاصمة الخلفاء، وسامراء منتزههم الوضاء، أمة قبض عليها الدهر

نظر تاريخي في لغة الاسبرانتو

بيده الخانقة، فطمس آثار جناتها ذوات الأشجار الباسقة، وثل قصورها الشاهقة، ودك صروحها السامقة، وعفى رسومها السامية، ودرس معالمها البادية، حتى أصبحت إلى ما تراه اليوم، فقيدة النسب بين القوم، يستعبدها الأغيار، ويقودها الجهل إلى هوة الفناء والدمار، أمة ذهبت أخلاقها الكريمة، باختلاطها بالأعاجم منذ الأزمان القديمة، ففقدت مميزاتها النبيلة، وصفاتها الجليلة، وكانت قد امتازت بها في سابق الأزمان عن سائر الأقوام، أي في عهد سابق سعدها، وتالد مجدها، وما ذلك، وربك، إلا من تقعد العرب عن أمر جامعتهم، وتهاونهم في إحكام عرى رابطتهم، أمر اصبح أكثره اليوم في الصدور، لا في السطور، وعليه إن لم تبذل الهمة، في لم شعث هذه الأمة، فلا يمضي زمن قليل، إلا وتصبح شماليل، مضطربة النسب والتاريخ بين الأجيال، داخلة في عداد الأمم الآخذة بالزوال، أعاذنا الله من رؤية تحقيق هذا المآل، ذلك ولنا عودة إلى هذا المقال، سنأتي به إن شاء ربك المتعال. إبراهيم حلمي نظر تاريخي في لغة الاسبرانتو 1 - توطئة يليق بي قبل أن اخط شيئاً عن اللغة الاسبرانتية التي أصبحت في عصرنا هذا، منتشرة انتشاراً عظيماً في أربعة أقطار العالم المتمدن، أن اذكر، ولو على سبيل الاختصار، ما كان يدور في خلد لغويي الأعصر القديمة والحديثة فأقول: إن استنباط لغة صناعية تقوم مقام لسان ثانٍ عام لجميع البشر قاطبةُ ليس من تصورات أو ابتكارات هذه السنين الأخيرة، بل يرتقي عهدها إلى أوائل القرن السابع عشر واليك البيان: قام فريق من العلماء في ذلك الحين وارتأوا تأليف لغة جديدة تلم شعث المتكلمين، وتكون بمثابة لسان واحد للأمم كلها على اختلاف درجاتهم، وتباين طبقاتهم، ومعارفهم، ولكن هذا الرأي لم يحل محلاً رفيعاً، لأن الأمة الغربية كانت يومئذٍ حديثة العهد بالمدنية والعمران

وعليه القي هذا الأمر في زاوية الإهمال والنسيان. بيد أن نخبة من علماء اللغة الأعلام لم يقعدهم ذلك عن التقدم في هذا المضمار، بل جدوا كل الجد وسعوا سعيا حثيثاً، حتى كادوا يظفرون بضالتهم المنشودة، ويفوزوا بأمنيتهم الخطيرة، التي وضعوها نصب أعينهم، إلا أنه اعترضهم في سبيلهم بعض العقبات التي أودت بمشروعهم الحيوي وهو جنين، ومع هذا كله، إذا أحصينا التآليف العديدة التي برزت إلى عالم المطبوعات من عصر المطران ولكنس في القرن السابع عشر حتى الدكتور زمنهوف في القرن العشرين وجدناها تنيف على خمسين لغة صناعية عرضت على أنظار علماء فطاحل فرفضوها بتاتاً لوجودهم فيها شوائب جمة تشوه رونق محياها الأدبي وقد انتقدها انتقاداً دقيقاً العالمان الفاضلان الدكتوران ل. ول. ليو في كتابهما النفيس الموسوم بتاريخ لسان العالم وقد اهتم منذ بضع سنوات نفر من أئمة اللغة في أيجاد لغة صناعية تفي باحتياجات الناس في عصرنا هذا الذي كثرت فيه المواصلات العمرانية، والمراسلات التجارية، والمكاتبات الأدبية، والمفاوضات السياسية، الخ، حتى أنه في معرض باريس الملتئم عام 1900م عني فريق من ممثلي اللجان والجمعيات العلمية المختلفة اللسان والجنس والمكان، وأرسلوا بمنزلة مبعوثين من قبلها ليتفاوضوا في مسألة استنباط لسانٍ عامٍ يكون معاوناً للغة كل المدن والامصار، ورابطاُ لألسنة الممالك والبلدان الشاسعة. وكان قبل ذلك الزمان، قد برز من مكمنه للعيان، كتاب الدكتور زمنهوف، ونال قصب السبق في حلبة هذا الميدان، على جميع الكتب المصنفة في هذا الشان، فالتف حوله جل الأدباء والكتاب على تفاوت مقامهم وقدروه حق قدره إذا وجدوا كتابه طبق المرام، بل غاية ما كانوا يتوقعونه منذ اعوام، فتعاهدوا إذ ذاك على نشر هذا اللسان الجديد ومعاضدته بكل قواهم. 2 - لغة الاسبرانتو أن مستنبط لغة الاسبرانتو هو لويز لازار زمنهوف

طبيب روسي مشهور ولد في بيلوستوخ من أعمال غرودنو في سنة 1859م وهو الآن حي يرزق وعمره نحو ثلاث وخمسين سنة والذي حمله على استنباط لغة جديدة صناعية، كما عثرت على ذلك في إحدى المجلات الإنكليزية، هو أنه رأى منذ صغره الانقسامات الجنسية، والمنازعات اللسانية، الموجودة في مسقط رأسه بين اللغات الأربع التي كان الأهالي يتكلمون بها وهي: الروسية، والبولونية، والألمانية، واليهودية. فهذه اللغات كانت تحارب الواحدة الأخرى لكي تلاشيها من تلك البقعة، وكل من أصحابها يود لو كان في وسعه التشبث بلسانه والتعلق بأذيال لغته فقط. على اختلاف الألسنة بهذه الصورة مما يولد النفور والنزاع بل ويبعث على العداوة والبغضاء بين المتكلمين على حد سواء. ولذا علق منذ ذاك الحين بذهن الدكتور الموما إليه أن ينشئ لغة جديدة لتزيل بعض الزوال تلك العراقيل والمشاكل التي تؤدي إلى خراب الممالك وانقراض الشعوب والقبائل. وكان يرى بفكره الثاقب ورأيه السديد الصائب أنه يأتي زمان ترتفع فيه اكثر العداوات الجنسية واللسانية كما كان الحال قبل تبلبل الألسنة عندما كان البشر يسكنون معاً في سلام وآمان، وراحة واطمئنان، وأن كنا نرى ذلك مستحيلا الآن، ويكاد يعد من قبيل الترهات والأوهام. من درس حال الممالك ومسألة اللغات فيها يرى لأول وهلة كيف أن كل أمة عزيزة الجانب نافذة الكلمة تريد أن توسع نطاق لغتها وتنشرها في أطراف المعمورة، فخذ الإنكليزية مثلاً أو الافرنسية أو الألمانية فكل منها تود لو كان في وسعها أن تنتشر وحدها في المسكونة بأسرها وتمسي ملكة مطلقة تخر لعظمتها جميع اللهجات على اختلافها. ولما كانت هذه الأمور مما يخالف روح الدكتور زمنهوف كل المخالفة كد فكره واسهر جفنه منذ صباه قضاء لهذه الحاجة العظيمة باختراعه لغة مستقلة عن سائر اللغات تمام الاستقلال لتكون بمنزلة دواءٍ شافٍ لهذا الجرح الغير المشوه لجسم المجتمع الإنساني حتى توفق أخيراً لاختراع لغة صناعية سماها الاسبرانتو أي الرجاء وهي علم وعمل للناس طراً وكان الأجدر به أن يدعوها لغة العالم.

وخليق بي أن اذكر شيئاً من أعمال وأفكار هذا الدكتور الجهبذ قبل توصله إلى نتيجة أتعابه الكثيرة. قلت فويق هذا أنه علق بذهن المخترع من أيام فتوته أن ينشئ لغة جديدة وبقي هذا الفكر ينمو ويزداد على ممر الأيام والسنين نمو جسمه وقامته. لما كان هذا المستنبط تلميذاً في مدرسة الفنون في ورسوفية فأول ما خطر له أن يحي معالم إحدى اللغات القديمة العلمية المائتة وكثيراً ما تردد في ذهنه وتصور أمام مخيلته أن يتخذ اللاتينية في مهمته ولكن بعد أن تروى ملياً في تلك اللغة المهجورة الاستعمال اعرض عنها، لأنه رأى أن لغة بني الأصفر لا تناسب روح العصر ولا تفي بحاجات الناس فلو كانت تقوم بمطالب العالم وضرائر الأعمال لما اعرض عنها رجال العلم ووضعوها في زاوية الإهمال؛ وعليه رجع الدكتور زمنهوف عن هذا الفكر كل الرجوع. ولما لوى عنان فكره عن اللاتينية كان لسان حاله يقول أأتخذ الصينية ذات الفعل والاسم والأداة إذ اللفظة الواحدة تصح أن تكون تارةً فعلاً وطوراً اسماً وأخرى نعتاً ولا يستطيع الواحد أن يميزها مهما كان راسخ القدم فيها إلا بإضافة ألفاظٍ أخرى ذات معانٍ مستقلة عنها تمام الاستقلال. أم اتخذ العبرانية العزيزة عند ذويها والرفيعة المنزلة في أعين أصحابها؛ مع أنها ناقصة المبنى والمعنى، خالية من محاسن الفصاحة والبلاغة مفتقرة إلى صيغة لا فعل التفضيل ونحوها، فأن العبرانيين إذا آثروها أمراً على آخر عبروا عن الأول بكلام موجب وعن الأخر بمنفي كما نرى ذلك جلياً في الأسفار المقدسة فقد ورد في سفر هوشع وغيره (أني أريد رحمة لا ذبيحة) والمراد: (الرحمة عندي خير من الذبيحة). ومثل ذلك شيء كثير ولا يعرب الكلام عندهم بالحروف النهائية كما في اللاتينية واليونانية ولا بالحركات الإعرابية كما في العربية ولهذا كثيراً من ينشأ عن ذلك أشكال والتباس وغموض وإبهام. وماذا عساني أن أقول عن كثير من الألفاظ التي لا تدل دلالة صريحة على المراد بها فهذه لفظة (عالم) ومعناها (الأبد) إلا أنها لا تدل دائما على مطلق الأبدية بل كثيراً ما ترد للدلالة على مدة طويلة غير معينة وهكذا قل عن غيرها من الألفاظ التي يطول الشرح في سردها وتعدادها.

أم اوجه أنظاري نحو اللغة العربية المعدودة من افصح اللغات وأوسعها في المترادفات؟ مع أنها والحق يقال تفتقر إلى توسيع نطاقها العلمي وتهذيب ألفاظها فضلاً عن وعورة مسلكها في اختلاف حركات مفرداتها وصعوبة التلفظ بحروفها الحلقية وكثرة قواعدها وشواردها في الإدغام والإعلال ونحوهما ووفرة أوزان جموعها حتى أن اغلب الناطقين بالضاد لا يحيطون بها علماً. دع عنك تنازع نحويها الكوفيين والبصريين في أمور ومسائل تافهة جداً لا فائدة فيها ولا عائدة. أم احيي رفات اللغة الآرامية أي لغة بابل القديمة الباقية آثارها مكتوبة نقشاً على بقايا الأطلال الدوارس في مدينتي بابل وآشور العريقتين في المدنية والحضارة في الأزمنة الغابرة فبعد أن انعم النظر واعمل الروية في هذه الخواطر التي مرت أمام مخيلته مر الأمور المتجسمة عزم على أن يستنبط لغة جديدة لا علاقة لها البتة بغيرها من اللغات القديمة أم الحديثة ومنذ ذلك الحين شرع باستنباط لغة صناعية بسيطة التركيب سهلة المأخذ خالصة من الوعورة والشواذ تمكن الطالب من أن يصرف زماناً يسيراً جداً في تحصيلها وإتقانها بل والأخذ بناصيتها. ثم اخذ بعد ذلك وهو في الكلية بتأليف كتاب في أصول هذه اللغة أي غراماطيق منتهزاً لذلك الفرص وأوقات الراحة ولم يكن قد جاوز عمره إذ ذاك التاسعة عشرة ولا تسأل عن شدة فرحه عند إنجازه عمله لأنه كان باكورة أتعابه الكثيرة وبعد ذلك أردفه بمعجم موجز. هذا ولكي لا يعجز القارئ الكريم عن سردنا جميع ما افتكر وعمل به وكيف ألف كتبه وجمعها وانتقى الكلمات والألفاظ وبدلها على ما رأى موافقاً لمصلحته. نترك هذه الأمور لمن يريد استقصاء البحث بنفسه وننقل المطالع الأريب إلى سماع ما هو أفيد واحضر. في سنة 1878 ظهرت بعض أعمال الدكتور من حيز الفكر إلى عالم الوجود وسمي لغته الجديدة أي اللغة العامة. ولم يكن قد زايل الكلية إذ ذاك وليس له أشياع ولكن بعد أن أوقف رفقاءه

على مشروعه واخبرهم بجلية الأمر، وعزمه الذي أحيا الليالي الطوال لأجله، عاهدوه على استعمال لغته الجديدة فيما بينهم، ونشرها في الخارج إذا رأوا لذلك سبيلاً. واستمروا مدة يسيرة يتخاطبون بها إلى أن انهوا دروسهم الطبية، ثم تفرقوا في طول البلاد وعرضها لطلب الرزق أو للآخذ بمهنتهم، وبعد ذلك رأى المؤلف أنه وحيد فريد لا ناصر له ولا معين كما كان في أول الأمر، ثم رأى بنفسه أن في لغته بعضاً من الشوائب وشيئاً من الخلل وهي لا تفي كل الوفاء بالغرض الذي كان يتوخاه، فعزم من جديد على تنقيحها، وقد أصبحت بعدئذٍ اللغة المعروفة الآن بالاسبرانتو. أن المخترع لم يواصل سيره في مشروعه بعد خروجه من الكلية لأسباب منها تراكم الأشغال على عاتقه، وقصر الوقت الذي في يده لأنه كان يصرف جل أوقاته في الدرس والمطالعة لإتقان المهنة التي ألا على نفسه أن يتعاطاها لتحصيل قوته، وأود معيشته هذا ومشروع مثل هذا المشروع محفوف بعراقيل ومشاكل هذا عددها ليس بالأمر السهل إنجازه. ولما كانت همم الرجال تقلع الجبال ولا تعرف معنى للكلل والنصب بل تنتصر دائما على تذليل العقبات التي تحول دون بلوغ الأمنية، كما حدث مثل ذلك لغيره من مشاهير الرجال والنساء الذين يعدون بالمئات لا بل بالألوف. توفق هو أيضاً في مشروعه هذا فانقشعت غيوم العوائق المتلبدة في سمائه، وحصل على وقت مكنه من أن يستأنف مشروعه المهجور، ويعيد النظر في تحقيق الكلمات وتدوينها والتلفظ بها ويضع لها معاني ثابتة، ثم رسم القواعد، وضبط أصول اللغة كما يجب لئلا ينتقد عمله ويعاب بشيء. فلما أتم ذلك عرض لغته هذه على بعض أصحاب الذوق السليم والنقد الدقيق فاستحسنها اغلبهم. ثم صرف بعد ذلك سنتين كاملتين في البحث والتنقيب عن ناشر لها بين الناس ليعم استعمالها، فلما عيل صبره ولم يعد في وسعه التربص عن بث لسانه الجديد اخذ مسألة الطبع والنشر على عاتقه وطبع كراسة على نفقته في عام 1887. يدعي الدكتور زمنهوف أن من يدرس أصول لغته الاسبرانتية درساً صادقا يحيط بها في ساعة من الزمان، بيد أن ذلك إذا كان ممكنا لبعضهم فهو ليس

كذلك للجميع. إلا أن الواحد قد يحيط بأغلب قواعدها في تلك المدة اليسيرة لأنه لا يوجد فيها أفعال شاذة، ولا تصاريف عديدة، ولا جمع غير قياسي. إلى غير ذلك ويمكنني أن أصرح على رؤوس الملا قائلا: أنه ليس أمراً مستحيلا أن يتقن المطالع هذه اللغة في شهر واحد إذا كان حاذقاً وله إلمام بإحدى اللغات الأوربية، بحيث يصبح عالما جميع قواعدها ويمكنه التكلم والكتابة بها، وكلمات هذه اللغة لا تتجاوز التسعمائة لفظة قد طوى تحتها جميع الأسماء والأفعال والحروف بصورة متقنة أي إتقان حتى أنها لا تثقل على كاهل المتعلم إذ يستطيع أن يصيغ منها عبارات واصطلاحات ولو كان من أجلاف أهل البادية. إن الأدوات التي توضع في صدر الكلمة وفي مؤخرها توفر أتعاباً جمة للطالب لأنها تساعده على إنشاء كلمات جديدة مختلفة كما يشاء وبقدر ما يشاء. مثاله لفظة (مال) التي توضع في صدر الكلام فهي تدل على معنى الخلاف أو الضد فإذا أتينا بكلمة أخرى ووضعناها وراءها انقلب معنى الثانية ظهراً لبطن. ثم خذ كلمة (بونا) التي تعني صالحاً أو جيداً فإذا قدمنا عليها وقلنا، (مال بونا) كان معناها رديئاً أو شريراً ومثلها (آلتا) طويل فإذا قلنا (مال آلتا) كان المراد منها قصيراً و (استيمي) اعتبر فإذا قلنا: (مال استيمي) كان معناها احتقر. وعلامة التأنيث في الاسبرانتو (ان) فإذا أردنا أن نقلب المذكر مؤنثاً أتينا بهذه الأداة ووضعناها قبل الحرف الأخير، وإذا بالمذكر اصبح مؤنثاً مثاله: (فراتو) أخ فراتينو أخت. فبهذه الوسائط والأساليب السهلة يستطيع الإنسان أن يحفظ مئات من الكلمات بوقت وجيز وترسخ في ذهنه اشد الرسوخ لأنها لا تكلفه مشقة تذكر. وقد أمست الآن هذه اللغة نافعة كل النفع بل تفوق باقي اللغات بنفعها، وذلك لعدة وجوه منها أنه إذا أتقنها الواحد مع لسان قومه وبلاده تكون له بمثابة عدة السن تكفيه مؤونة الترجمان والمصاريف الباهضة التي كان يتكبدها السياح والتجار وغيرهم سابقاً. فلا

تاريخ آداب اللغة العربية

عجب إذا رأينا يوماً هذه اللغة قد انتشرت كل الانتشار في أقاصي البلاد وأدانيها بعد أن رأينا فيها من السهولة وقصر الوقت في تعلمها مالا يرى لها شبيه فيما يعهد اليوم من اللغات الحية. وقد طبعت في ماينيف على اثنتي وعشرين لغة، وترجم إليها افخر الكتب وأنفسها كهاملت لشكسبير الشاعر الإنكليزي الطائر الشهرة والإلياذة لهومرس الشاعر اليوناني الذائع الصيت وغيرها واليوم ينشر بهذه اللغة كتب ومجلات وجرائد عديدة لا محل لذكرها في هذه العجالة وقد اكتفينا بالإشارة عن الإطالة خوفاً من أحداث الملل في نفس القارئ. وبهذا القدر كفاية. رزوق عيسى نقد الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي أفندي زيدان (2 انتقدنا الجزء الأول من هذا الكتاب النفيس، ووعدنا القراء بنقد الجزء الثاني، وهو يحتوي على تاريخ آداب اللغة العربية في العصر العباسي من قيام الدولة العباسية سنة 132هـ إلى دخول السلاجقة بغداد سنة 447هـ ويدخل فيه تكون العلوم الإسلامية ونقل العلوم الدخيلة إلى نضج العلم في أواسط القرن الخامس للهجرة. وهذا الجزء بوجه العموم احسن ترتيباً من أخيه البكر واقل أغلاطاً. ولا بدع في ذلك لأن مآخذ المؤلف ومستمداته هنا مدونة قريبة التناول بخلاف مواضيع الجزء الأول. فإن المشارع التي يردها الكتاب بعيدة الشقة والغور ولهذا قل من كتب في ذلك الموضوع إلا وغلط أغلاطاً جمة. وقد فاق المؤلف سواه هنا لأنه بعيد النظر في التاريخ راسخ القدم فيه. ولهذا اصبح تأليفه سنداً يعتمد عليه شاء القوم أو أبوا. على أننا رأينا فيه بعض الأمور نعرضها عليه؛ لعله يرى فيها ما يجيبنا عنها، ويكفينا انتقاده في ما بعد. ونحن نقسم كلامنا هذا ثلاثة أقسام كما فعلنا في انتقادنا عليه الجزء الأول، ونزيد هنا نظرة عامة فيه فنقول:

لا نظن أن أحداً قسم تاريخ آداب اللغة في عصر العباسيين كما فعل المؤلف فأنه أجاد فيه فوق ما يتصوره القارئ، إذ فصل كل عصر بفاصل طبيعي كما نفصل الطبيعة بلاداً عن بلاد، بجبال عالية، أو بأنهر كبيرة، أو بأبحر بعيدة القرار. فكان تقسيمه هذا مما يتبعه كل عاقل منصف. وقد ساقه إلى ذلك ذكاؤه الغريب الذي خصه الله به فنحن نهنئه بهذه الهبة العظيمة ونتمنى له أن تتسع فيه كلما احسن التصرف بها. من مزايا هذا الجزء انه ذكر آخر كل فصل أو مادة المصدر الذي اخذ عنه وهو أمر عظيم الشأن قل من يلتفت إليه. - ومنها أنه ذكر كتب المؤلفين ومحل وجودها أو طبعها أو ندرتها أو ضياعها وهو من الأمور التي يجعل لهذا السفر قدراً كبيراً جليلاً. على أننا نرى: 1 - إهماله تاريخ سني الميلاد بجانب سني الهجرة الموافقة لها من الأمور الشائنة بهذا التصنيف الجليل لاحتياج اغلب الناس إلى معرفة هذا التاريخ. 2 - في المقدمة التي يصدر بها كل عصر أو كل مادة علمية لا يذكر أسماء المناهل التي وردها، وهذه المواد كثيرة في الكتاب فكان ينبغي له أن لا يهمل هذا الأمر المهم. فقد قال مثلاً في ص 335. . . فقد أحصوا أطباء بغداد وحدها في زمن المقتدر بالله في أول القرن الرابع للهجرة فبلغ عددهم 860 طبيباً امتحنوا لنيل الأذن في التطبيب سوى من استغنى عن الامتحان لشهرته وسوى من كان في خدمة الخليفة. فلا يمكن أن يكون مجموع ذلك كله اقل من ألف طبيب متعاصرين في مدينة واحدة وبلغ عدد أطباء النصارى فقط في خدمة المتوكل بأواسط القرن الثالث للجرة 56 طبيباً. وكان سيف الدولة إذا جلس على المائدة حضر معه 24 طبيباً. اهـ فهلا ذكر أسماء الكتب التي اخذ عنها هذه الأقوال؟ 3 - في بعض الأبحاث إعادة وتكرير بدون فائدة جزيلة كما كرر في نحو نصف الصفحة 43 ما قاله في آخر الصفحة 42 وكرره للمرة الثالثة في تاريخ

نقد الشعر ص 156 بخصوص نقد شعر الجاهلية. ومن باب التكرير ما ذكره في وسطي الصفحتين 68 و69. 4 - في ذكر بعض الأعلام الأعجمية ولا سيما أعلام بعض المدن اختلاف في الكتابة أو اختلاف عن لفظها الأصلي كتسميته منخن أو مونيخ مرة منشن (ص 36، 172، 213، 216، 248، 315، 322 الخ وطوراً مونيخ ص 218 والأصح أن يقال منخن أو مونيخ ويتخذ الكاتب إحدى الصورتين لكي لا يوهم انهما مدينتان مختلفتان، أو ينبه على اختلاف اللغتين، وعلى أن المراد بهما مدينة واحدة. وسمى المدينة الهندية دهلي باسم دلهي ص 324 والأصح الأول كما ذكرها ابن بطوطة وصاحب التاج وغيرهما. نعم أن الإفرنج يقولون دلهي لكن لا خطب في اتباع لغة العرب في هذا المقام. وذكر ص 156 مدينة جينا والأصح المشهور هو جنوة أو جنوى. إلى غيرها. 5 - كثيراً ما ينتقل من التخصص إلى الإطلاق ومن التبعيض إلى التعميم كقوله في ص 53: (وكثيراً ما كانت تعقد مجالس الشعراء لغرض أدبي كوصف منظر أو أداة كما فعل الهادي إذ استقدم الشعراء إليه واقترح عليهم أن يصفوا سيفاً أهداه إليه المهدي وهو سيف عمرو بن معدي كرب. . .) والحال: كان عقد مثل هذه المجالس لمثل هذه الغاية قليلاً فكان الأحرى به أن يقول مثلاً: وقد كانت تعقد مجالس الشعراء. . . . أو وربما عقدت مجالس الشعراء. . . . أو نحو هذا التعبير. وكذا قال في تلك ص:. . . وكثيراً ما كان الرشيد يعقد المجالس للبحث في معنى بيت. فلو قال: وكان الرشيد يعقد أحياناً المجالس للبحث، لكان كلامه اقرب إلى الصدق وواقعة الحال. - وغير مثل هذا التعبير في ص 54 وكأنه قد ألفه فلم يحل عنه. 6 - نسي ذكر سني بعض العلماء أو الشعراء أو الأدباء كمنصور النمري (ص 79) وأبان بن عبد الحميد (ص 82) ومطيع بن اياس (ص 86) ومحمد بن بشير الرياشي (ص 19) وربيعة الرقي (ص 93) وسهل بن هارون (ص 134) وغيرهم 7 - يحتاج هذا الكتاب إلى فهارس هجائية حتى يسهل التنقير عن بعض أعلام الرجال ولا شك أنه يفعل ذلك عند نهاية الكتاب.

8 - في ذكره سني وفيات العلماء لم ينص أبداً إلا ما كان على رأي واحد، بينما أن المورخين يذكرون لبعضهم وفيات مختلفة السنة غير متفقين فيها. مثال ذلك: أبو عمرو بن العلاء توفي سنة 154هـ مع أن كثيرين قالوا أنه توفي سنة 151 وبعضهم قالوا سنة 159 فلماذا لم يذكر هذا الاختلاف. ومثله أبو عبيدة معمر بن المثنى فقد قال عنه أنه توفي سنة 209 مع أن منهم من قال أنه توفي سنة 208 ومنهم من قال بل في سنة 210 وخالفهم آخرون فقالوا أنه طوى أيامه سنة 211 ومثله الأصمعي فقد جعل وفاته في سنة 214 مع أن بعضهم قالوا أنه توفي سنة 215 وبعضهم ذكروا سنة 216. وهكذا أبو زيد الأنصاري فقد اختلفت الروايات في سنة وفاته بين أن كانت 214 أو 215 أو 216 وعلى هذا المثال قس سائر الوفيات كسنة وفاة أبي عبيد القاسم بن سلام فأنه جعلها في سنة 223 والحال انهم اختلفوا فيها بين 223و224و230 وبهذا القدر كفاية. فكان ينبغي له أما أن يتحقق السنة التحقق الأقصى وأما أن يورد اختلاف السنين على اختلاف الآراء. وأما أن يذكر السنة ويقول أنها رواية الكاتب أو المؤرخ الفلاني. 9 - ضبط بعض الأعلام ضبطاً مخطوءاً فيه أو غير مشهور كضبطه مطيع بن اياس (ص 86) بفتح الهمزة والأصح بكسرها كما نبه عليها صاحب التاج وضبطه ص 187 المفضل بن سلمة بسكون اللام من سلمة والأصح بفتحها. وضبطه (ص 83) ابن مناذر بضم الميم مع أنه يجوز فيها فتحها كما قال صاحب التاج وهذا نص عبارته: ابن مناذر بالفتح ممنوع من الصرف، ويضم فيصرف. اهـ. وضبطه الرقاشي بضم الراء والأصح بفتحها كما ذكره صاحب التاج واللسان وغيرهما وحماد عجرد وضبط عجرد بفتح الراء والأصح بكسرها وزان زبرج ولو أردنا أن نأتي على جيمع مضبوطات أسمائه لطال بنا الكلام. في هذا المقام. فاجتزانا بما ذكرنا من باب التنبيه والتنويه لا غير. - وهذا كافٍ بخصوص النظرة العمومية فيه، بقي أن ننظر إلى الأغلاط التي وقعت فيه من طبيعية ونحوية أو لغوية وفكرية. والله الموفق لسبيل الحق والصواب. 2 - أغلاط الطبع حروف مطبعة الهلال حسناء، لكن يظهر من مطالعة الكتاب أن المنضدين لا ينقحون ما يصلح لهم. ودونك الدليل على ذلك:

ص 12 س 22 للاولى الألباب، صحيحه: لأولي الألباب، بدون ال التعريف ص29 س 16 ازدشير بالزاي المنقوطة والأصح اردشير براءِ مهملةٍ تبعاً للأصل الفارسي. ص 38 س 24 وضيار شمبر والزاتينج والروجون والأصح وخيار شنبر والراتينج والزرجون. ص 39 س 1 والجنزار والأصح: الزنجار بتقديم الزاء المنقوطة على النون والجيم. ص 41 س 13 والملايات والأصح والملاء وعلى ضعف الملاءات. ص 41 س 16 يشأؤون. صوابه يشاؤون بألف بعدها واو مهموزة مضمومة يليها واو ساكنة. ص 51 س 20 ولا يكادون يفترقون ويهجو بعضهم بعضاً. والأصح: إلا ويهجو. ص51 س 27 تقذفانها (3). ونسي المنضدان يذكر في الحاشية اسم المعتمد عليه. ص 55 س 3. في الهيأة الاجتماعية، صوابه الهيئة الاجتماعية. هذا فضلاً عن أن الهيئة الاجتماعية بمعنى المجتمع البشري من مصطلحات الترك لا من أوضاع العرب. ص 61 س 17 أنه هو وبشار وأبا العتاهية. صوابه: وأبو العتاهية. ص 63 س 11 وندمائه. صوابه وندماؤه لأنه مرفوع في العبارة. ص 63 س 22 فلامرئ القيس: صوابه وصل الهمزة الأولى من امرئ. ص 64 س 15 وإذا المطي بنا بلغنا محمداً. والأصح بلغن بدون ألفٍ. ص 65 س 14 صورة المشتري لدى بيت الليل والشمس أنت عند انتصاب والصواب: ببيت البد. ص67 س 25 ولا يك. صوابه. ولم يك ص 17 س 14 في همدان والأصح بذال معجمة في اسم البلدة ص 80 س 25 مخبوأة والأصح مخبوءة ص 81 س 6 احذى الغانيات والأصح إحدى

ص 85 س 15 وكان شديد التشعب والعصبية والأصح التشيع وفي أعلى الصفحة رقم 75 والأصح 85 الصفحة رقم 19 منتجعاً بشعره ولا متصد. صوابه: ولا متصديا ص 93 س 2 بالمشرفات النوادر (؟) بنون موحدة فوقية وقد وضع وراءها علامة الاستفهام. والأصح بالمشرفات البوارد بباء موحدة تحتية. يقال برد السيف أي نبا. ص 96 س 15 بالسياسة أو الشعر أو الخطابة به. . . الفطر. . والأصح بالسياسة. . . أو الخطابة. . . الفطرية ص 101 س 22 الرواي والأصح الراوي ص105 س19 المتقدم ذكر. صوابه المتقدم ذكره ص 107 س 4 والفرست. صحيحة: والفهرست ص 109 س 9 إلى الشعراء الإسلامين. صوابه: الإسلاميين ص 124 س 23 مشائخها والأصح مشايخها بالياء لأن اللفظة يائية الأصل ص 127 س 18 خرح صوابه خرج بالجيم المنقوطة ص 131 س 4 بادئ وقد نقط الياء بنقطتين تحتيتين ووضع عليها همزة. ومثل هذا الضبط كثير في الكتاب واصح هنا وضع الياء مهملة عليها همزة قطع. ص 133 س 27 مساويها. . . المساوي بباءين تحتيتين والأصح بهمزة في كليهما لأن الهمزة أصلية ص 134 س 24 لحساسة نفوسهم. والأصح لدقة حس نفوسهم. ص 140 س 7 في لاهون والأصح في لاهور براء مهملة في الآخر. ص 142 س 19 فتقفدني والأصح فتفقدني بتقديم الفاء الموحدة على القاف المثناة. ص 144 س 16 في الموطأ. وجعل الهمزة فوق الألف والأصح جعلها تحتها. ص 145 س 13 لم يتضج. صوابه: لم ينضج بنون بعد الياء

ص 145 س 18 دعهم، صوابه: دعتهم ص 149 س 4 السايب والأصح السائب ص 9 والموؤدات. صوابه. والموؤودات. بثلاث واوات. ص 156 س 21 وص 195 س 25 الأنذر يسير. والأصح الأنزر يسير. ومثلها كثير ص 158 س 5 إلى أصلة صحيحه إلى اصله ص 6 من المعاني لم يسبق إليها صحيحه من المعاني التي لم يسبق إليها ص 159 س 24 سايّر وقد وقعت شدة على صورة الياء بدلاً من الهمزة ومثلها كثير ص 161 س 27 وبايعوا لابن المعتز والأصح وبايعوا ابن المعتز ص 166 س 14 والتدبر بما اطلعوا عليه. صوابه وتدبر ما اطلعوا عليه أو والتدبر لما اطلعوا عليه ص 188 س 23 والمكائد والأصح والمكايد بالياء لأنها أصلية ومثلها كثير. ص 184 س 12 نعم وبؤس صوابه نعم وبئس ص 188 س 14 الغضى والأصح الغضا بالألف القائمة ص 190 س 9 أخباها صحيحة أخبارها ص 194 س 15 وتوفي في سر من راى ونقط ياء رأى بنقطتين والأصح إهمال الياء ص 20 التاويخية. صوابه التاريخية ص 198 س 17 ولو سئلوا عن معنى الإلحاد ما عرفوه. والأصح لما عرفوه ص 200 س 10 وقد طبع كتابه هذه والأصح هذا ص 207 س 3 لا نزال صوابه لا تزال ص 208 س 2 أبو حنفية والأصح أبو حنيفة ص 211 س 12 النسائي والمشهور الفصيح النساي بوضع الهمزة تحت الألف لا وراءها ص 219 س 1 الدائين والأفصح المشهور الدآءين بفصل الهمزة عن المدة والياء

لباس الحيوانات وتنكر أزيائها

ص 221 س 16 الاسكندية صحيحه الإسكندرية ص221 س21 المملكة لإسلامية صحيحه المملكة الإسلامية ص 223 س 8 الذي نحن شانه صحيحه الذي نحن في شانه ص 10 ووزارء تصحيحه ووزراء ص 18 من الجيلان صحيحه من جيلان ص 233 س 7 فضلاً الثالث. فضلاً عن الثالث ص 18 والمرضوع. والموضوع ص 238 س 23 والاذويسة. والاوذيسة بتقديم الواو على الذال المعجمة ص 240 س 27 وجاء بعده ابن ارفع راس شاعر المامون صحيحه راس شعراء المامون ص 242 س 27 وجعل كل قديم حديثاً في عصره، وكل شرف خارجية (كذا) في أوله. والأصح. . . وكل شريف خارجياً في أوله. والخارجي من يسود بنفسه من غير أن يكون له قديم. ص244 س 1 ومعائب والأصح ومعايب ص 247 س 23 التعالبي. . . تيمة الدهر والأصح الثعالبي. . . يتيمة الدهر ص 249 س 25 بالقصائد والأصح بالقصائد ص 255 س 5 من مشائخ الشعراء والأصح مشايخ ص 16 باصفان والأصح باصفهان ونقف عند هذا الحد من أغلاط الطبع لئلا يطول بنا الكلام إلى الملل والسآمة لباس الحيوانات وتنكر أزيائها أن من نظر إلى الطبيعة نظرة مدقق، ووقف بين يديها وقفة محقق، يأخذه الدهش، ويعتريه الدله، مما يتثبته من وجود الوفاق والوئام في أجزائها،

وارتباط بعضها ببعض ارتباطاً محكم العرى، مجدول القوى. انظر إلى هذه النباتات على أنواعها، ترها قد خلقت صالحة للبيئة التي تحيا وتموت فيها صلاحاً ليس وراءه شيء. وإذا أمعنت في النظر، فجاوزت فيه تخوم النبات، فبلغت مملكة الحيوانات، ترى هناك من الوئام والوفاق بين الحي وبين الوسط الذي ينشأ ويعيش ويقضي أيامه فيه، ما لم يمكنك إلا أن تقضي منه العجب العجاب. أن الطبيعة تحن على كائناتها ولا حنو الأمهات على أولادهن، فأنها قد هيأت لها جميع الوسائط، وذرعتها بكل الوسائل، لتعيش وتدافع عن كيانها مدافعة امهر القواد في ساحة الوغى، ولولا غريزة التنكر والدهاء، التي خصتها الطبيعة بالحيوانات، لما قدرت أن تهرب من الأخطار العديدة التي تتهددها في كل آونة، وتفلت من قبضة أعدائها القاعدين لها بالمرصاد. فبهذه الغريزة نتمكن من تغيير الوانها، وتبديل أزيائها تغييراً يجعلها تختلط بوسطها اختلاط الماء بالخمر، حتى لا تكاد تتميز عما يحيط بها، وقد تأخذ بعضها صورة نبات أو جماد احسن اخذٍ حتى تقلدها أبدع تقليد أو تتشبه بحيوانٍ فتظنه هو بعينه، ومع ذلك ليس هناك من رابطة قرابة. 1 - ألوان الحيوانات أن ألوان الحيوانات تتضارب بتضارب مناخ موطنها؛ واختلاف إقليم بيئاتها فهي توجد في الفلوات الواسعة الرملية، والسهول التي يكسوها الجليد، والإحراج الظليلة، والجبال، والمروج، والمستنقعات، والأنهر. فتتعدد ألوانها بتعدد مواطنها، وتتردى برداء يناسب محيطها. فالحيوانات التي مسكنها فلوات أفريقيا الواسعة الأطراف، الممتدة الأكتاف، تمتاز بوحدة لونها الآدم؛ ويخال الناظر إليها أن الشمس قد لوحتها، كما تصهر حرارتها رمل صحرائها التي تتوغل فيها هذه الحيوانات مثل الأسد والجمل والغزال. فلنقف هنا قليلاً ونسأل: هل يمكن أن يرجع هذا الأمر إلى العرض والاتفاق؟ لا لعمري، فأنه محتوم، بل لا مندوحة عنه، تتطلبه مصلحة تنازع البقاء. فلنفرض أسداً أخضر اللون، أو سماويه، أو مرقطاً كالحية، أم

لامع الجلد لمعان ريش الببغاء ففي أي بقعةٍ من القفر يختفي هذا الأسد، إن لم يكن له ملجأ إلا الصخر الاجرد، أو الرمل القاحل؟ أفلا تستوقف ألوانه الزاهية الصيادين الذين يمرون به؟ أو لا يضحى لهم غنيمةً باردة؟ هذا من جهة دفع الخطر عن ذاته وأما إذا طلب الرزق لنفسه، فمهاجمته لفريسته تكون صعبة جدا، لأنها تراه حينئذٍ فتهرب منه لكونه عدوها. فبوحدة اللون يتيسر للأسد أن يباغت الغزالة أو البقرة، ويهجم عليها على حين غرة منها، وبهذه الوسيلة نفسها تختفي كل منهما عن عيني عدوها وراء صخرة من الصخور، ويختلط لونهما اختلاطاً تاماً، فيمر على مقربةٍ منها ولا يشعر بها. لننتقل من هاجرة دائرة الانقلاب، إلى شتاء الأقطاب القارس، تر أن المنظر يخلف اختلافاً بيناً عما سبق، فلا تشاهد ثم، إلا سهولاً بعيدة الأكناف، مغطاة بالثلوج، قد تراكم عليها الجليد، واشتد فيها البرد، وساد عليها السكوت؛ لا بل تبقى أرضها وبحارها مدفونة مدة أشهر مسجاة بكفن ابيض. فحيوانات هذه الأرجاء تتزمل برداء يقيها شر الثلوج، ولون ذاك الرداء ابيض ناصع كالثلج فتذهب وتؤوب راخية البال لا تخشى طارقاً في تلك البيئة التي يشبها أدنى لونٍ، ويهتك سر وجود سكانها للعيان. لنتوغل الآن في الغابات، وندخل احراج أميركا، وأزوار الهند المشتبكة الأشجار. فماذا نرى؟ نرى جماعات من الشجر فيها الكبيرة والصغيرة، القديمة والحديثة، فيها النباتات المتشبثة بأخواتها تلتف حول الأغصان كأنها الأفعوان وكثيراً من الخنشار المتشجر. فجميع تلك البقاع هي عبارة عن قطعةٍ واحدة من النباتات الخضراء الناضرة، والأزهار البديعة، لكنها وعرة المسلك، لا يمكن أن يمر بها الإنسان إلا بكل عناء أو بشق النفس، لأنه لا يوجد فيها مخرف. فياله من منظرٍ بديع يخلب الألباب! ومما يزيده حسناً على حسنٍ، نفوذ أشعة الشمس بين الأوراق، فتبين تلك الأمكنة كأنها منورة بنورٍ صنعى، تقاطعها الاظلال والأشعة. فهناك تختفي حيوانات رائعة لها في ذلك التواري غاية، تعود عليها بالنفع، لحفظ كيانها وقيام وجودها.

هناك يكون شعر الحيوانات الموجودة فيها، ارقش أو منقش بألوانٍ مختلفة، كالنمر، والفهد، فكأن المحيط قد اثر عليها تأثيراً ظاهراً، وصبغها بألوانٍ مرقطة، تشبه جذوع الأشجار؛ والأوراق التي ترى تارة تخرتها الأنوار وطوراً تبقى في الظل. أن ما قلناه عن لون الحيوانات التي تعيش في الأراضي الرملية، وعلى الثلوج، وفي الغابات، يصدق أيضاً على لون الحيوانات التي تعيش في المروج فأنها تمتاز بخضرة لونها، مثل الضفادع، وبعض الحيات، والحيوانات الصغيرة بالعموم، من نوع الزحافات، والضفدعيات، التي تزحف أو تعوم أو تختفي في الكلا والبطائح. 2 - التلون الظاهر هل تريد برهاناً حسياً يؤيد صحة مذهبنا، ويدعم صدق مقالنا، أي أن لون الحيوان تعينه طبيعة البقعة التي يسكنها ثم إذا طرأ على الأرض طارىء، وتغير لونها. تسوقه حالاً غريزته إلى تغيير لونه؟ - خذ قرة (ضفدعة صغيرة) وضعها على ورقة خضراء يخضر لونها؛ ارفعها من هناك ودعها على جذع شجرة مرقط قاتم اللون، فلا تبطئ أن تبدل لونها، ويضحى لباسها ارمد، مائلاً إلى القتمة؛ ثم اجعلها على مقربة من شيء معدني، فتتلون باللون الذهبي. ولكن أين هذا التغير من تلون الحرباء الذي يضرب المثل بتقلبه؛ فأنه ينتقل من حالة إلى حالة أخرى خاضعاً لبيئته؛ فيظهر تارة دويبة دميمة الخلقة؛ وطوراً حسناء، ومرة يتلون بأي لون شاء من ألوان قوس قزح الجميلة؛ وأحياناً يستقر على أرض جرداء فتراه حينئذٍ ادكن اللون؛ وهو يخضر إذا وقف على الأعشاب والأوراق، وقصارى الكلام أن المتفرج عليه يظن أن الألوان تنعكس فيه، وذلك لشدة الائتلاف الموجود بينه وبين محيطه، وهذا التبدل يجري مجريين في المسألة: أولاً، يقي الحرباء من حملات أعدائه عليه، ثانياً؛ يواريه عن أعين الدويبات الصغيرة التي يصطادها قوتاً له. فالحرباء يقعد لفريسته بالمرصاد ساعات طوالاً صابراً متشبثاً بالاغصان، حتى يتمكن من اصطيادها، فيمد إليها لسانه الطويل الدبق ويسترطها هنيئاً مريئاً.

3 - تضاد الليل والنهار كما أن ألوان الحيوانات تختلف باختلاف الاقليم؛ فلاختلاف المناخ والنور والظلام اليد الطولى في منظر الحيوانات. كيف لا والتضاد الدائم الموجود بين النور والظلام ظاهر في كل الموجودات من حي وجامد. فللطبيعة لوحان: الواحد، لامع مبهج تظهر عليه سيماء السرور والابهة، وهو لحيوانات النهار المزدانة بألوان زاهية. واللوح الثاني، مصمت محزن يقبض القلب ويكرب النفس وهو لحيوانات الليل والغسق. أن ألون حيوانات النهار لامعة لمعان نور الشمس، كالفراش التي يتبعها الأولاد في المروج، وكطيور المناطق الحارة البديعة المزينة تزييناً عجيباً فتاناً، تبهج ألوانها الناظر، وتسر الخاطر؛ ويصدق أن يقال فيها أنها حلي الطبيعة. أما حيوانات الليل فهي متردية بلباسٍ حزين يوافق ظروفها، ويناسب أخلاقها، ورداؤها رداء الظلام والسكون لونه ارمد أو أطلس. تراها ساكنة حزينة كئيبة قاتمة اللون. ويكفينا أن نذكر الضبع التي جلدها اطلس، وشعرها خشن، ومنظرها خداع، كل ذلك دلائل باهرة على أخلاق المكر والغش الموجودة فيها. ومن حيوانات الغسق الخفاش ولونه اصحم. وما لنا وهذا الإسهاب الممل فأن طيور الليل اجمعها تظهر لنا مشؤومة الطالع، كالبوم، والخبل، والهام، ومثلها أبو الهول. أننا نكره هذه الحيوانات لما في لونها من لون الحداد ولكن ما الحيلة، وهي لها احسن واقٍ تمكنها من أن تطلب رزقها راخية البال لاختلاط لونها بلون السماء وتصطاد وترتزق بدون أن يداهمها خطر أو يهاجمها عدو؟ 4 - في أعماق البحار - بين السراب والماء أن هذا الوفاق المدهش بين الكائن ومحيطه يشاهد حتى في أعماق المياه، وإن قلنا أنه يبلغ اشده هناك لما أخطأنا المرمى، لأن شفوف الماء الأزرق، واختلاف تركيب قعور البحار والأنهار، التي تكون تارة رملية، وطوراً حجرية، والتغيرات الفجائية الحاصلة بين الظل والنور، وانعكاسات الأشعة

في المياه وتموجها فيها تؤثر في الحيوانات البحرية تأثيراً عظيما. ولهذا نراه في حركة دائمة يتبدل لونها ويتغير شكلها تغيراً فجائيا ومضطرباً كالوسط الذي تسبح فيه. مثال ذلك أن القريدس وذا المنشار لا يتميزان عن المياه الراكدة إلا بكل جهد، لأن لونهما شفاف كالزجاج الشديد النقاوة، وليس فيهما لون أو بقعة تخالف ما يجاورهما فيظهر وجودهما للعيان. أما السرطان البحري الذي يعيش في السواحل، فهو على خلاف ذلك، فأنه يتلون بألوان مختلفة يتوارى بها عن الأبصار فيختلط ببيئته ويفوز بالأمان. والبقع الموجودة على قشرته تكون سمراء أو غبراء أو حمراء بموجب لون حبوب الرمل المختلفة التي تحيط به. ومن الغريب أنه إذا وجد في غدير ماؤه ضحل أسرع وانحدر إلى قعره وأثار الرمل حواليه حتى يتغطى به فيتوارى حينئذٍ عن الأبصار بتاتا. وإذا انحدرت الأسماك المفلطحة، كسمك موسى والكنعد وغيرهما إلى قعر الماء، لا تبطئ أن تحرك زعانفها بكل لطافة، وتلقي عنها الرمل وتبقى هناك، كأنها مدفونة بجملتها، ولا يظهر منها إلا أرؤسها وأعينها. ويمكننا أن نقف على مثل هذا المشهد الغريب أن أنعمنا النظر في إحدى محافظ الأسماك التي تحبس فيها للفرجة وللاطلاع على أخلاقها وعوائدها. هذا وكل ما ذكرناه عن مهارة الأسماك ولباقتها في التواري عن الأبصار لا يعد شيئاً بازاء الغريزة التي فطرتها عليها الطبيعة، أي أنها إذا عامت على وجه الماء كان لونها أقتم أو أزرق أو اربد؛ وإذا بلغت القعر أصفر فجأةً. وهي تساق إلى هذا التلون وإلى مطابقتها للون الرمل الذي تستقر فيه بفعل غريزتها. وإذا تغيرت ألوانها صعب تمييزها عما يجاورها إلا على من لا تفوته حيلة أو تطور أياً كان. وما قلناه عن الوسائل التي تتذرع بها الحيوانات المائية تشبهاً بالجوار لتختفي عن أعين المراقبين، يصدق أيضاً في الأخطبوط فأنه إذا قام على صخرة دكناء أزرق لونه وقلص ذراعيه وأحنى ظهره فأشبه بخدعته هذه، صخرة قديمة الأيام قد أكل الدهر عليها وشرب. ولا يطيش سهمنا إن لقبناه بحرباء البحر إذ أنه يبدل لونه الأزرق الكمد بسمرةٍ شديدةٍ ويحاكي لون المياه الكدرة على حد ما يتلون الحرباء في البر. يوسف رزق الله غنيمة

أشباه السفن في العراق

أشباه السفن في العراق 1: (الاستيم بوت أو الاستيم بوط) لفظة حديثة الدخول، إنكليزية الأصل، معناها بالعربي (مركب بخاري) جئ به إلى بغداد قبل 8 سنين. وهو مركب صغير طول الكبير منه اليوم قراب 10 أمتار في عرض مترين؛ وصنعه من الحديد وقد يكون من الخشب. 2: (الجالبوت): بفتح اللام وضم الباء الموحدة التحتية: كلمة إنكليزية مركبة من - ومناها (زورق النزهة) ويراد به هنا بلم يربط في مؤخرة المركب البخاري يستخف لبعض الحاجات، ويسميه البعض (فلكة): ويسمى عند الأقدمين (قارباً) قال الثعالبي في فقه اللغة 26: (. . . القارب سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السفن البحرية تستخف لحوائجها.): وسماه ابن سيده (زورقا). 3: (الجسارية): بتشديد السين والياء: وتجمع عندهم على (جساريات) ويسميها البعض (عسبية): وهي سفينة ملقوطة الطرفين كمؤخر السفينة. توضع تحت الجسر يبلغ علوها مترين، في طول 7 أمتار وعرض مترين؛ وتطلى بالقار. 4: (الدوبة): (بضم الدال وسكون الواو وفتح الباء الموحدة التحتية وفي الآخر هاء) تجمع عندهم على (دوب): (بضم الدال المهملة وفتح الواو وفي الآخر باء) والكلمة تركية الأصل وعربيتها الفصيحة (بارجة) قال اللغويون: (سفينة بارجة مكشوفة لا غطاء لها) وهي في بغداد سفينة مكشوفة لا آلة فيها محركة ولا مجاديف بل تربط بسفينة فيها آلة محركة وهي اليوم جنيبة للمراكب البخارية السائرة بين بغداد والبصرة. 5: (الطوف): بالضبط المشهور: يتألف من الخشب الطوال بغير قرب (أي أجربة) ويبلغ عرضه قراب 10 أمتار في طول 15 متراً وهو فصيح قال في المخصص: (. . . الطوف خشب يشد ويركب عليه في البحر، والجمع (أطواف) وصاحبه (طواف): صاحب العين: هي قرب تنفخ ويشد

بعضها ببعض) اهـ وسيره بين البصرة وبغداد ويحمل فيه من بغداد الجرار، والأحباب؛ وأنواع الاكواز؛ وغير ذلك. 6: (العبرة): راجع لغة العرب 473: 1 7: (الفاك - الفاق): يجمع عندهم على (فاكات - فاقات) وهو من نوع العبرة يتألف أكبره من 120 قربة أو جراباً ويوضع فوقها حطب الطرفاء، أو الغرب، أو الصفصاف، أو الشوك. وسيره بين الدور (بضم الدال المهملة والعامة تفتحها) وبغداد. ولا يكون سيره إلا في موسم الرقي والبطيخ لأنهما يحملان عليه إلى بغداد. واكثر ما يكون الفاق من عبرتين صغيرتين تضم الواحدة إلى الأخرى ومنه اسمها وهو تصحيف اللفاق. 8: (الفلكة): (بكسر الفاء): وتجمع عندهم على (فلك): (بكسر الفاء وفتح اللام) و (فلكات): (بكسر الفاء وسكون اللام): والكلمة عربية الأصل، من الفلك المضمومة الأول وبدون هاء. قال في المخصص 23: 10: (. . . الفلك واحد وجمع، مؤنث ومذكر، وجمعها سيبويه على أفلاك، وقال ابن جني الجمع فلوك، وتقول في الواحد هو الفلك؛ والجمع هي الفلك) وهذا الاسم مخصوص بمركبين، أو زورقين صغيرين، مصنوعين من اللوح؛ يبلغ كل منهما قراب 8 أمتار: وهما لا يصلحان إلا للعبور؛ أو التنزه على ضفتي دجلة حول بغداد. يركبهما الوالي، والقومندان (أي قائد الفيلق أو الآمر) وتسييرهما بالمجداف الذي يسمونه (بالكرك) وزان سبب ويجمع عندهم على (كركات) وزان نظرات والكلمة تركية الأصل من كورك ومعناها المقذاف ولهما سكان، ولا دقل لهما. 9: (القائق): كلمة تركية، ويصحفها بعضهم، فيقولون (قايغ) وهو البلم أيضاً عند الأغلب من أهل بغداد. وقد مر وصفه في الجزء الماضي ص 98 باسم البلم البغدادي. وإذا أريد عربيته الفصيحة فهي (ركوة) قال ابن سيدة: (. . . الركوة - زورق صغير) اهـ وهو مركب صغير، لا يصلح إلا للعبور، أو التنزه على ضفتي دجلة حول بغداد. وهو والفلكة واحد. إلا أنه يقصر عنها مقدار مترين وتسييره بالمجداف ويسمونه أيضاً (كركا).

وفي البلم (الشباك)، وهو لوح مشبك، يوضع تحت أقدام الركاب. وفيه أيضاً (الدراغات) وهي ثلاثة ألواح من الخشب كالعرائض مسمور طرفاها بجنبي البلم يجلس عليها: (المجداف) أو (البلام) أو (الكراك). وبين كل لوحة ولوحة منها قراب 80 سنتيمتراً. وفي البلم أيضاً (البسمار): (أي المسمار): وهو حديدة مشعبة شعبتين من أعلاها يدخل أسفلها وهو طرفها المحدد في ثقب يكون في حاشية البلم ويوضع بين الشعبتين منها الكرك وذلك لتمسكه كي لا يزول عن محله. ويسمى المسمار عند نواتي الفلكة (قرموزاً): (بفتح القاف وسكون الراء وضم الميم والواو بعدها زاء) وفي أطراف حلب (اسكرموزاً). وفي البلم (التنتة) والبعض يسميها الظلال وزان شداد وفصيحها الظلال وزان زوال وهي كالمظلة. أو خام منسوج من القطنٍ المتين. يغمى بها أعلاه ليكون راكبه في الظل. وتنتة كلمة إيطالية مبنىً ومعنىً ويقول أصحاب البلم لماسك سكان البلم (فوز) بصيغة الأمر (وتشديد الواو المكسورة). أي ارم البلم بعيداً عن الشاطئ كثيراً أو أبعده عن الجرف كي لا يجنح. 10: (الكشر - القشر): (بكسر الكاف الفارسية والشين) وزان إبل ويجمع عندهم على (كشور - قشور) هي قفة صغيرة تطلى بالقير السائل. وتسع ثلاثة رجال وتربط بجنب السفينة من مؤخرها لاستخفاف بعض الحاجات وهو خصيص بالسفينة. 11: (القفة): الكلمة عربية وتجمع عندهم على (قفف) وهي مستديرة الشكل تنسج من الحلفاء، والبردي، وأعواد الرمان. وتسمى تلك الأعواد (روطاً) وبعد نسيجها تطلى ظهراً وبطناً بالقار السائل المعروف (بالسيالى): ثم بعد مرور أيام عليه تطلى بالقار الجيد الثخين، المسمى عند أهل بغداد (دوسة). وأضلاعها وهي الأعواد المنحنية، تسمى (شطوباً) وما بينها يسمى (رقاماً) ودائرها أو حاشيتها تسمى (شفة): (بكسر الشين وتشديد الفاء المفتوحة بعدها هاء) وذلك قبل أن تطلى بالقير وبعد الطلاء تسمى (تلتلة): بكسر التاء واللام وسكون التاء الثانية وفتح اللام بعدها هاء). وفي باطنها مما يلي حشيتها (الصكلات - الصقلات) بفتح الصاد المهملة

وسكون الكاف الفارسية) وهي ثماني خشبات مثبتة فيها طول كل واحدة منها قراب 30 سنتمتراً في عرض 7 سنتيمترات وتشد بها حبال قصار كالعري للربط تسمى (خيات) جمع (خية) (بكسر الخاء وتشديد الياء المثناة التحتية). والخية عربية مخففة واصلها (آخية) قال الإسكافي في مبادئ اللغة 34: (. . . والآخية محبس الدابة) اهـ وسرتها: (والعامة تقولها بالصاد) ساحتها أو أرضها. وفي سرتها (الفصلات): (بفتح فسكون) وهي أعواد مضمومة بعضها إلى بعض، ممدودة على قطر سرة القفة. وبين كل عشرة سنتيمترات منها عرضاً فاصل قراب ثلاثة سنتيمترات وفيها أربعة فواصل. ويقاطعها بالعرض أعواد مثلها، إلا أنها اضخم واعرض منها؛ وهي ثمانية، وفيها سبعة فواصل وتسمى عندهم (معيبرات) ويتفاوت عرضها وضخمها، بتفاوت القفة. ويسمى صاحبها (قفجي) ويجمع عندهم على (قفجية) بتشديد الياء المثناة التحتية. وفصيحها القفاف كما يقولها بعضهم. والقفة على ثلاثة أقسام: الأول - (الحصان): بسكون الحاء المهملة وتخفيف الصاد المهملة، وفي الآخر نون) وهو أكبرها، ومقدار قطر ساحته من تسع أقدام ونصف قدم إلى ست عشرة قدماً. الثاني - (قفة وسطانية) أي وسطى ومقدار قطر ساحتها من ست أقدام إلى تسع أقدام. الثالث - (قفة صغيرة) وساحة قطرها من ست أقدام إلى ما دون. وتسيير جميعها بالغرافة وقد وصفها في الجزء الماضي - وعهد القفة يرتقي إلى الكلدانيين والآشوريين كما يشاهد ذلك على الآجر المكتشف في هذه الديار. والكلمة العربية مشتقة من القفة وهي شيء كهيئة القرعة تتخذ من الخوص ونحوه تجعل فيها المرأة قطنها. ولما كان قفة الركوب تشبه هذه القفة هيئة وعملاً سميت باسمها وأن كانتا تختلفان كبراً. 12: (الكلك): قد مر الكلام عنه في لغة العرب 472: 1 كاظم الدجيلي

الملاحة على الفراتين

الملاحة على الفراتين واتفاق المصرف الألماني مع شركة لنج كتب أحد مراسلي جريدة (صدى باريس الفرنسوية) رسالة من لندن، هذا تعريبها، (نقلاً عن عددها 10236 الصادر بتاريخ 12 آب من هذه السنة) قال: لندن في 11 آب 1912. بلغ لندن هذه الأيام خبر مهم وهو: إن المصرف الألماني (دج بنك) صاحب السكة الحديدية البغدادية، اتفق مع شركة لنج، صاحبة البواخر التي تسير على الفراتين على الأمور الآتية، وذلك أنه تألفت في 3 تموز، في بروسل عاصمة بلجكة: (شركة النقليات النهرية في الشرق)، وقد تقرر غرضها بموجب العهد الآتي: 1 - شراء أو بناء أو تحصيل مراكب بخارية وجنائب (أي دوبات)، لنقل معدات السكة الحديدية على شط العرب، ودجلة، والفرات، وسواعدها في ديار العرب العثمانية، وتحصيل أنواع البضائع لتنقل على تلك البواخر والجنائب. 2 - كراء أو استكراء بواخر وجنائب، لنقل المواد التي تحمل على ذينك النهرين، أو على شعبهما وسواعدهما. 3 - المراجعة مع الحكومة العثمانية لتأليف (شركة إنكليزية ألمانية عثمانية) تأخذ على نفسها ما لها وعليها، وكذلك تأخذ على نفسها معاهدات الشركة التي غايتها هذه الشروط. 4 - بيع ونقل، وكراء، وتبديل المشروعات، أو قسم منها. وكذلك الأملاك والعقارات مهما كانت، وما لها من الحقوق مهما كان زمانها، وبيع أو وهب استثمارها أو استعمالها. 5 - وبالجملة عمل كل ما يتعلق بالشؤون المذكورة. وللشركة أن تهتم ما عدا

ذلك بالأعمال والأشغال غير المذكورة هنا، إذا أذن لها اغلب المساهمين. فهذا ما يتعلق بغرض الشركة. فالمادة الثالثة والرابعة تشيران إلى صفة الشركة التي هي موقتة لا غير وسهولة حدود دائرة اشغالها، تمكنها من أن تتكيف بموجب ظروف الأحوال. أما راس مال الشركة فهي عبارة عن مليوني فرنك ونصف مليون (2. 500. 000)، تقسم إلى 5000 سهم. وكل سهم عبارة عن 500 فرنك وقد دفع منها عشرة في المائة. ولكل من شركة لنج والمصرف الألماني2. 497 سهماً. وممثلو المصرف الألماني هم الأدباء. هلسريخ مدير المصرف الألماني واتورياسا وكنرادبيشوف وممثلو الأسهم الإنكليزية هم الفضلاء هنري ف. د. لنج وب. بري والسير جارلس ارشيبلد نيكولصن وقد اتخذ كل منهم واحداً لنفسه. وعلى هذا يكون راس المال مقسوماً على السواء بين القبيلين الإنكليز والألمان. أما اصل هذه الشركة فهو هذا: يرتقي امتياز تسيير مراكب لنج إلى سنة 1834 وذلك أن الحكومة العثمانية أرادت أن تكافئ احسن المكافاة الربان الإنكليزي لنج، لما فعله من المآثر للدولة العثمانية. فأجازت له أن يسير على الفراتين مركبين بخاريين. فأسس الربان المذكور شركة لينتفع بهذا الامتياز. ثم زاد مع الزمان عدد البواخر بفضل ما أجاد به أصحاب هذه الشركة من الهدايا (البخاشيش)، على الطريقة المالوفة يومئذٍ في عهد عبد الحميد فانتقل حينئذٍ ذاك الامتياز إلى صورة مشروع يتعلق بالأمة الإنكليزية. وفي سنة 1909، كانت نهاية أيام الامتياز فالح أصحاب الشركة على الحكومة الإنكليزية أن تفرغ وسعها لتجديد هذا الامتياز وكان ذلك في اليوم الثاني من ثورة شبان الترك. فطلب مبعوثو بغداد حرية الملاحة على نهري دجلة والفرات وفروعهما وكان يسندهم في

هذه الدعوى أعداء وخصوم شركة لنج الذين نشئوا لها فجأةً، فقاوموا تجديد ذلك الامتياز مقاومة عنيفة بل مقاومة الأبطال الصناديد. فلما رأت وزارة حسين حلمي باشا ذلك السد المنيع القائم في وجهها، لم تستطع أن تلبي طلب الوزارة الخارجية الإنكليزية، ففكرت في طريقة تجمع بين الإدارتين النهريتين: إدارة لنج الإنكليزية وإدارة البواخر العثمانية. التي لها عدة مراكب تسير على الرافدين. فعرضت الوزارة هذا الفكر في 11 ك 1 سنة 1909 على مجلس الندوة، فلم يتح لها بعد ذلك أن تعتني بالأمر لأن حله أرجئ إلى الغد المقبل ولم يقبل ذلك الغد وعلى هذا الوجه حصلت شركة لنج على امتيازها الأول بدون أن يثلم منه شيء يذكر. هذا وكانت شركة سكة حديد بغداد قد تيسر لها في المعاهدة التي حصلت عليها سنة 1903، أن يكون لها حق، لأن تنقل على الفراتين، وشط العرب، المعدات اللازمة، لبناء واستثمار الخط ونقل عماله في مدة الاشتغال به. فاستصوبت شركة السكة أن تنفق بهذا الخصوص مع شركة لنج، لكن لما سمع الباب العالي بهذا الاتفاق، جاهر بأنه لا يوافق شروط الامتياز المشروطة على الشركتين: شركة الحديد وشركة لنج. ولهذا حتم عليها أن تتفق مع شركة بواخر الإدارة العثمانية النهرية، أو أن تستحصل لنفسها بواخر تتخذها لمصالحها. فاتفقت الشركتان المذكورتان على إدخال شركة المراكب العثمانية أيضاً في هذا الشان، وعلى هذه الصورة تأسست الشركة البلجيكية التي من واجباتها العناية بتحقيق هذه المساعي والسهر عليها. وحل هذه المعضلة على هذا الوجه مفيد للباب العالي، ولهذا يؤمل خروج هذا الفكر إلى عالم الحقيقة. أن خطورة هذه المعاملة تفوق بكثير موضوعها، لأنها عبارة عن أول تضافر، يكون إنكليزياً ألمانياً في آسية الوسطى. وهذا وحده كافٍ لأن يشار إليه بالبنان. فكون المصرف الألماني، الذي هو المحرك الأول لسكة حديد بغداد، يتدخل تدخلاً بيناً في هذه المسألة، يجعلها في مقام سام من الخطورة والشان. هذا فضلاً عن أن المتداخل فيها أيضاً، هو لنج، الرجل المعروفة

مصالحه في بلاد إيران، وديار العراق لاطلاعه الكافي على هذه الأقطار، فيزيد حضوره المسألة مكانةً ورفعة في مسائل آسية الوسطى. أن الفاضل لنج، كثيراً ما انضم إلى حزب المتطرفين المتذمرين من سياسة السير أدورد غراي. ومداخلاته مع النقابة المالية، التي يرأسها السير ارنست كاسل، معلومة لدى الخاص والعام. فيكون من البديهي تقرب هذا الائتلاف الذي حصل من سفرة السير ارنست كاسل إلى برلين، في الوقت الذي أقام الأديب هلدان في عاصمة ديار ألمانية. فهو الذي دبر، في سنة 1903 مع الأديب فون غوينر. فكر مساعدة الإنكليز في سكة حديد بغداد. ومنذ ذاك الحين كان له المقام الأول بمنزلة متوسط بين المالية الألمانية وبين المالية الإنكليزية. هذا وقد بلغ المحافل السياسية المطلعة احسن الاطلاع على الأخبار الجارية بين الدول أن مساعدة الإنكليز لسكة حديد بغداد تعاد فتجدد. وقد اخذ من يهمهم الأمر أن يسعوا كل السعي بين (المصرف الألماني وبين مصرف أمة الترك) الإنكليزي. والحال أن مؤسس هذا المصرف الأخير هو السير ارنست كاسل في سنة 1908 بعد أن رفض ما طلبة منه المصرف العثماني في الاشتراك معه. وذلك لأنه لم يرد أن يقيد نفسه أو أنه لم يرد أن يغض من نفسه بتشاركه مع المصرف العثماني المتعاهد مع سكة حديد بغداد. بما في إمكانه من مساعدته إياه بمال الإنكليز. وهذا ما يجعله في مقدمة هذا الاقتصاد المالي للبلادين، بل بيت قصيده، وقلادة جيده. فهذا الاتفاق الغريب هو هو الذي نوجه إليه الأنظار، ونلوي إليه عنان الأفكار، إذ قد يكون أساساً لمراوغة أو محاولة تصرف فيها اسهم سكة بغداد في إنكلترا، تلك الأسهم التي تتداعى في صناديق المصرف الألماني. ومن الواجب تصريفها لإكمال الأشغال في بر الأناضول (أي آسية الصغرى). فتدبر أن كنت من الأيقاظ. والسلام.

فوائد لغوية

فوائد لغوية البرميل والبتية 1. سألنا سائل: ما قولكم في كلمة برميل وهل هي عربية أم دخيلة وأن كانت أعجمية فهل جاء في معاجم لغتنا ما يقاربها معنى أو ما يصح أن يسد سدها؟ قلنا: كلمة برميل قلطية الأصل إلا أن العرب أخذوها عن الأسبانيين وهي فيها (بريل) بفتح الباء وتشديد الراء المكسورة كما في القلطية ثم حذفت الراء الأولى وعوض عنها بميم. والعرب تفعل ذلك في كثير من الألفاظ وتبدل من الميم نوناً. كما في أنجاص واصلها أجاص، وأنجار واصلها أجار، وبرنيطة وأصلها بريطة. ولا حاجة إلى إبدالها بكلمةٍ تسد مسدها. لأنها من المعربات القديمة. وكلما كان كذلك فالأحسن إبقاؤه على حاله. وقد ذكر الكلمة صاحب تاج العروس قال: البرميل بالكسر. وعاء من خشب يتخذ للخمر، جمعه براميل. اهـ. وقد وردت أيضاً في رحلة ابن بطوطة قال في 3: 235 من الطبعة الإفرنجية: (ويكون بأيدي الفتيان براميل الذهب والفضة مملوءة بماء الورد وماء الزهر) وقال في ص 385 ثم اخذ الحاجب وأصحابه براميل ماء الورد فصبوه على الناس.) وقد ذكرها غيره في كتبهم. وإذا كان البرميل كبيراً قيل له البتية بضم الباء والأشهر الأفصح بفتحها وبتشديد التاء المثناة الفوقية المكسورة وتشديد الياء التحتية المثناة وفي الآخر هاء. وتجمع على بتيات وبتاتي. وقد وردت في كتاب نزهة المشتاق في أخبار الآفاق للشريف الأدريسي (المتوفى سنة 575 م - 1180م) ووردت في كتاب ألف ليلة وليلة وفي كثير من الكتب والظاهر أن الكلمة دخيلة في العربية أيضاً لأن بني يعرب لم يعرفوا هذا الضرب من وعاء الخشب. وليس في أصول هذه الكلمة ما يحقق معناها العربي. فلم يبق إلا القول بأعجميتها. وهي بالآرامية (السريانية) (بتيتا) والألف تزداد عندهم في جميع الألفاظ تقريباً. وفسرها القس يعقوب اوجين منا في معجمه دليل الراغبين بقوله:

باب المشارفة والانتقاد

(بت، دن للخمر.) وعلى هذا يكون البت بمعنى البتية ويحتمل أن تكون اللفظة من الفارسية بدية أو بادية التي عربها العرب باطية وجمعوها على بواط. وبادية مشتقة من باده وهو الخمر بلسانهم فيكون معناها وعاء الخمر. والكلمة السريانية بتية وردت في تاريخ ابن العبري المتوفى في 30 تموز سنة 1286 م - 8 رجب 685 فالكلمة إذاً قديمة في كلتا اللغتين وقد عربت بصورتين في العربية بصورة باطية وبتية. على أني أراها من اصل لاتيني أي أو بمعناها ومنها صاغ الإفرنج كلمة بمعناها أيضاً وهي بالرومية وبالألمانية ومن ثم ترى أن هاتين اللفظتين قديمتان ولا يحق للمحدثين أن يقتلوهما ويميتوهما ولا سيما لأنهما شائعتان بين العوام والفصحاء. وأما أهل بغداد فأنهم يعرفون البرميل باسم (البيب) بباءين مثلثتين وكسر الأولى منهما واسكان الياء. وهي من التركية فيج أو فيجي أو فوجي بمعناها. وقد استعمل العرب أيضاً بمعنى البرميل لفظة الكندوج قالوا في كتب اللغة: الكندوج بالفتح ويضم شبه المخزن. وهي من الفارسية (كندو) بمعناها. ويريدون بها الجرة الكبيرة أو الحب تخزن فيها الحنطة وغيرها وفيها لغات وهي: كندو بفتح الكاف أو ضمها. وكندوج وكندوك وكندر وكندولة. هذا ما عن لنا. وهو فوق كل علم عليم. باب المشارفة والانتقاد 1 - الضرران الكبيران الضرران الأكبران هما المسكر والدخان. وقد كتب الدكتور سليمان الخوري عيسى من حمص رسالة فيهما فأجاد. وثمن النسخة غرش واحد. وهي في 48 صفحة. ويوخذ على صاحبها أنه طبع رسالته على كاغد سيئ ولم يصحح أغلاط الطبع التي وقعت فيه كما لم يعن في بعض المواطن بتنقيح العبارة وتخليصها من شوائب الركاكة واللحن. فالأمل أنها تصلح في طبعة ثانية. وهذا لا يمنع الناس من اقتنائها فأنها مفيدة لمن يتعاطى المسكر والدخان.

2 - كتاب اللؤلو المرتب، في أخبار البرامكة وآل مهلب إذا طبع أحد أبناء النجف أو كربلاء كتاباً زين صدره بألقاب المؤلف ويالها من ألقاب، كلها مفخمة معظمة مجسمة حتى تظن أنك تقع على اعظم كنز في الأرض. وإذا فتحت الكتاب وتصفحت ما جاء فيه ترجع عنه بما رجع به حنين. ومن جملة هذه الكتب هذا الذي قرأت عنوانه فويق هذه الكليمات. فقد نقش على صدره هذه الألفاظ. (تأليف العلامة الفهامة، السيد محمد رضا، نجل سيد العلماء الأعلام، السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي نزيل النجف الأشرف.) اهـ والكتاب مطبوع في النجف بمطبعة العلوي. وقد وقع في 188 صفحة وقد جمع الكاتب فيه أخبار العلويين لاشتهارهم بالكرم وأخبار كرماء العرب من سوقة وأمراء وملوك. ثم أخبار المهالبة وهم الذين اشتهروا بجودهم في أيام الأمويين، ثم أخبار البرامكة الذي نبه ذكرهم في عهد العباسيين ثم ختم الكتاب ببعض أخبار البخلاء. - والكتاب سقيم الطبع، قد جمع فيه المؤلف الفصول كحاطب ليل ولم يذكر أسانيد نقله. ومع كل ذلك فلكونه ارصد الكتاب لهؤلاء المشاهير أصبح كتابه مما يحرص على اقتنائه. فعساه أن يجيد طبعه ويحبر عبارته ويصلح أغلاطه إذا أعاد نشره. 3 - الكتب الخطية العربية والأعجمية الموجودة في خزانة كتب شركة ترقية المباحث العلمية تأليف ج. ريبرا وم. آسن. وعنوانه بالأسبانية: - 1912. - 320 أن محبي الكتب العربية يظنون أن ديار مصر وحدها حفظت لنا كتب الأقدمين العربية في الديار المصرية اللسان والحال أن في ديار الأندلس مواطن العرب في سابق العهد تآليف شتى منها هذه التي ارصد لها الأديبان ج. ريبرا وآسن مجلداً وصفا فيه كتباً وجدت على الطريقة الآتية: بينما كان البناءون يشتغلون في سنة 1884 في بيت من بيوت مدينة مناقد من أعمال المنية على بعد 30 كيلومتراً من الجنوب الغربي من سرقسطة عثروا على بضع مئات من

الكتب الخطية كانت قد خزنت هناك منذ ثلاثة أو أربعة قرون بين جدار وحاجز من الآجر. واغلبها مكتوب بالحرف العربي. أما محتوياتها فصكوك وحجج ومؤلفات. والبعض الآخر كتب مترجمة إلى اللغة القسطيلية، لكنها مكتوبة بحروف عربية وهم يسمون هذا النوع من التأليف والكتابة اللغة الأعجمية والظاهر من تصفح ما هناك من الأوراق أن تلك المكتبة كانت لتجار من مسلمي الأندلس وقد أخفوها بعيد تقلص ظل العرب من بلاد اراغونية. ولعلهم فعلوا ذلك ظناً منهم أنهم يعودون إليها بعد قليل فيخرجونها من محلها. وهذه الكتب من بعد أن أخرجت أهمل شأنها وتركت ألعوبة بيد هذا وذاك ثم اقتناها أحد الأسبانيين اسمه بابلو جيل ثم اشترتها (شركة ترقية المباحث العلمية) وهي الموصوفة في هذا المجلد. وأول من عنى بوصفها طلبة الشيخين المستشرقين: ريبرا وآسن ثم أعادا النظر فيها وطبعاها. وعدد المخطوطات 63 ثم يأتي بعدها وصف أوراق جليلة قديمة كانت قد جلدت بها الكتب. وليس بين هذه الكتب شيء يستحق الذكر أو نادر الوجود لأن اغلبها دينية أو فقهية أو مواعظ أو حكايات أو لغوية وقد وضع المؤلفان 18 صورة خط منقولة عن الأصل وقد كتب الأصل في سنة 435هـ (1043م). وقد نشر الأديب آسن كراسة أخرى وصف فيها المخطوطات الموجودة في (جبل غرناطة المقدس) وهو في 30 صفحة بقطع الثمن طبع في غرناطة سنة 1912 وفيها كتب فلسفية وعلمية وفقهية وطبية وتنجيمية إلى آخر ما هناك. واسم الكتاب بالأسبانية: 1912. ومما يستحسن في هذين الكتابين أن الكاتبين جريا في تعريف الكتب المخطوطة على طريقة في غاية الحسن وهي انهما يذكران 1 - اسم الكتاب وعنوانه. 2 - صاحبه. 3 - مبداه. 4 - موضوعه. 5 - عصر كتابته. 6 - نهايته 7 - وصفه المادي من طول وعرض وكاغد وحبر وعدد الأسطر 8 - معارضته مع

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

سائر الكتب المؤلفة في هذا البحث. فعسى أن يحذو حذوهما كل من يتعرض لوصف خطوط دور الكتب والله الموفق. 4 - مختصر تاريخ الإسلام تأليف السيد صدر الدين الصدر. الجزء الأول من القسم الأول. يشتمل على سيرة النبي (ص) وتاريخ الدولة الأولى من دول الإسلام. طبع بمطبعة الآداب في بغداد. قيمة النسخة 4 غروش صاغ. وهو في 126 صفحة صغيرة. قال المؤلف في المقدمة: (وجعلته في ثلاثة أقسام ابتدائي، رشدي، إعدادي (كذا) بحسب ترتيب المدارس. وكل قسم ثلاثة أجزاء (الجزء الأول) سيرة النبي (ص) والدولة الأولى من دول الإسلام. (الثاني) في تاريخ الدولة الأموية العباسية. (الثالث) في تاريخ الدولة العثمانية والصفوية والقاجارية ومن عاصرهم (أي ومن عاصرها) من دول الإسلام. وسميته مختصر تاريخ الإسلام ومن الله التوفيق.) هذا الكتاب حسن التبويب، واضح التقسيم، سهل المطالعة إلا أن كثرة الأغلاط واللحن تشوه محاسنه حتى تكاد تطمسها. وفي الصفحات العشر الأولى بعض الآراء التي لا يوافقه عليها كتاب العصر ومؤرخوه. فكان الأجدر بالمؤلف أن يعتمدهم لانتهاء البحث إليهم. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سفر طلبة المكتب الملكي العسكري إلى الأستانة سافر مساء يوم السبت 10 آب 54 تلميذاً من طلبة الإعدادي العسكري متوجهين إلى الأستانة إتماماً لدروسهم في المكتب الحربي فنتمنى لهم سفراً ميموناً! 2 - جسر القرارة تم تعمير جسر القرارة على يد ملتزمه لمدة خمسة أعوام. وفي يوم الاثني

ن 13 آب جرى رسم افتتاحه ومر عليه الناس بفرح لا يوصف. 3 - سفر جمال بك والي الولاية استعفى والينا عند انقلاب الوزارة فقبل استعفاؤه وفي عصر السبت 17 آب سافر على طريق حلب وقد شيعه الأصدقاء من جميع الطبقات. أوصله الله إلى موطنه سليماً معافىً وقد دامت أيام ولايته نحو سنةً. وهذا دليل على حسن إدارته ودرايته إذ قل من يسوس ولاية في هذا العصر وتطول مدته هذا الطول. 4 - قبائل الأعراب في العراق اقتضت العيشة في هذه السنة أن ينتقل اغلب الأعراب إلى ديار العراق فسعت الحكومة لتحصيل الرسوم الأميرية وعينت الولاية لهذه الغاية الآمر إسماعيل حقي بك البيكباشي (قائد الطابور) 5 - ابن الرشيد وابن مجلاد رفع الأمير ابن الرشيد رقيعة إلى والي ولاية بغداد متظلماً من جور ابن مجلاد ونهبه ما يزيد على 800 بعير. فلما حضر ابن مجلاد في دار الحكومة وعد الوالي بأنه يرضي ابن الرشيد بالتي هي احسن. فلما صار في عشيرته عين القائد الكبير (الديدب) في 200 هجان ليغير على عشائر ابن الرشيد من شمر وغيرها. ولا نعلم نتيجة هذه الغارة. 6 - اشتداد الحر في بغداد اشتد الحر في الأسبوعين الأولين من آب حتى بلغ معظمه الدرجة 46 في الظل. وقد مات عدة أطفال من اجل ذلك. 7 - حريق في البغيلة شبت النار في موافي علوان البناء (أي في كوره أو اتانينه) يوم الجمعة 16 آب فأطفئت بهمة رئيس بلديتها. فلم يحدث منها ضرر عظيم. 8 - إنشاء شعبة بريد في البغيلة أنشئت شعبة بريد فيها وأودعت إلى عهدة وكيل الإدارة النهرية فيها وأخذت المبعوثات بان تصل إليها رأساً بعد أن كانت تذهب إلى كوت الأمارة ومنها إلى البغيلة.

9 - دعوى الرياض كان صاحب الرياض سليمان أفندي الدخيل ادرج قصيدة في جريدته من نظم محمد أفندي الهاشمي ومن جملة أبياتها ما يأتي: كيف السرور في إيران قد عبثت ... أيدي الطغاة وقد خنيت بها الذمم (كذا) في أرض طوس وفي تبريز قد ثمدنا (كذا) ... ملك الأعادي عيون الغيد تنسجم بتونس أمة الإسلام قد ظلمت ... وفي الجزائر دين الله يهتضم وكم يقاسون في القفقاس من وجلٍ ... وكم اسيسوا بذل شابه ألم (كذا) (يا قيصر الروس ثل الله عرشك هل ... علمت منقلب الظلام إذ ظلموا) فأقامت الحكومة المحلية الدعوى على صاحب الصحيفة لدرجه مثل هذه الآبيات التي لا فائدة من ورائها سوى إزعاج النفوس. ثم حكمت عليه، وعلى ناظم القصيدة بأن يسجنا ثلاثة أشهر. 10 - ظهور المقتبسين ظهر المقتبسان اليومي والشهري. أما اليومي وهو الجريدة فيصدر في دمشق الشام كما كان يصدر في السابق. وأما الشهري وهو المجلة فيبرز بحلته الموشاة في مصر القاهرة فنرحب بهما ونتمنى لهما الحياة الطويلة. 11 - الكهربائية في قصر الشيخ خزعل في المحمرة أن الشيخ خزعل من الأمراء الذين يحبون القصور العامرة البديعة وقد ابتنى له عدة قصور في حاضرته المحمرة. ومن جملتها القصر الفاخر المعروف بقصر الفيلية وهو على بعد نحو 400 متر من المحمرة. وقد ادخل فيه الكهربائية في جميع حجره ومقاصيره فهو يتلألأ ليلاً منذ شهر آب تلألواً يأخذ بمجامع القلوب. فنتمنى لساكنه الراحة وهناء العيش! 12 - الأمير ابن السعود غزا عبد العزيز باشا السعود عشائر العجمان وعتبة بين الاحساء وقطر وأدبهم احسن تأديب ثم رجع إلى محل إمارته. 13 - وجوه أهل العمارة تبرع أهل لواء العمارة من توابع ولاية البصرة بمبلغ 1500 ليرة عثمانية منها 1200 ليرة ثمن مطيرة باسم (العمارة) و250 لجمعية الهلال الأحمر و50 ليرة للبطلين الأولين اللذين الحقا ضرراً بالأسطول الإيطالي في هجومه الأول على الدردنيل.

مفردات عوام العراق

14 - عجيمي بك السعدون أغار عجيمي بك السعدون على عشيرة الخرسان بالقرب من الرافضية ونهب مواشيها وبيوتها. 15 - الحصبة لا زالت الحصبة تفتك في أطفال النصارى في مدة هذه الصيفة وكان يموت منهم في الأسبوع أربعة من باب التقدير المعدل. وفي آخر هذا الشهر الماضي خفت وطأته. وكان اغلب المتوفين أناثاً. 16 - حريق في العمارة في 9 أيلول شبت النار في العمارة فأكلت صرائف عديدة (الصرائف الأكواخ تبنى من البواري أو السعف) للأعراب وأحرقت ثلاث بناتٍ. ويقال أنها أتلفت رجلاً أيضاً. 17 - الممكس (الكمرك) الجديد لا زالت شركة حديد بغداد في رأيها الأول من إنشاء ممكس كبير تبلغ نفقاته 140 ألف ليرة عثمانية يكون نصفها من الحكومة والنصف الأخر من الشركة المذكورة ويغلب الظن أن هذه الدار تبنى في الكرخ قرب السن. 18 - وفاة احمد شاكر أفندي الآلوسي نعى البرق نهار الخميس 19 أيلول وفاة العالم الفاضل احمد شاكر أفندي الآلوسي، عضو مجلس المعارف الكبير في الأستانة، وذلك عن نحو70 عاماً. فنحن نشاطر الأسى أسرة الآلوسي كلها ونخص بالذكر أبنه درويش أفندي وسائر اخوته. ألهمهم الله الصبر والسلوان! مفردات عوام العراق آدمي هذه الكلمة إذا أضيفت إلى ضمير المتكلم أو المخاطب أو الغائب جاءت بمعنى الخادم والأجير. فيقال: آدميك وآدميه وآدمي. بمعنى خادمه أو أجيره أو مستخدمي آدميانه وآدمية وآدملغية بمعنى مروءة وإنسانية كثيرة الورود على ألسنتهم.

آديو هي الكلمة الافرنسية ومعناها الحرفي (إلى الله) وتستعمل عند الإفرنج بمعنى (الوداع، أو كن معافى، أو حفظك الله). وآديو محصورة الاستعمال في الطبقة المتفرنجة من الشبان. آب وهواء لفظتان مركبتان من فارسية وعربية وهما بحكم الكلمة الواحدة ومعناها (ماء وهواء) ويراد بهما بالفارسية المناخ الطيب. ويطلقهما بعض العراقيين للدلالة على البلدة الحسنة المنظر الطيبة البقعة. آرا فارسية معناها المزين والمزخرف وتجمعها العامة على آرات وتريد بها نوعا من الكشكش أو الخرج أو المخرم تزين به ثيابهن من فساطين وغيرها من ملبوساتهن آذان الفار كناية عامية يشار بها إلى من يكون دقيق السمع كأن آذانه آذان الفار. فيقال: لفلان آذان الفار أي دقيق السمع. والظاهر أن استعمال العامة لهذه الكناية مأخوذ من مشاهدتهم ما للفأر من الحذر والتيقظ والاحتراز التام. لأن أدنى صوت يفزعه ويلجئه إلى دخول وكره. أما آذان الفار في اللغة الفصحى فهي ضرب من النبات إذا فرك فاح منه رائحة القثاء ويعرف عند علماء النبات باسم أو آزيل أفرنسية معناها الملجأ ويراد بها كتاب الصغار للبنين والبنات وقد تأسس في بغداد عام 1880. تقوم بإدارته الراهبات الدومينيكات وهو بمثابة - أي حديقة الأطفال التي أنشأها الفاضل فريدرك ويلهلم فروبيل في جرمانيا سنة 1826م آكلة افرنكية اليهود والنصارى يقولون ايكلي افرنكيي يريدون بذلك داء السرطان وهي لفظة تقوم مقام الدعاء بالشر على من يؤذي صاحبه أو يتعدى على غيره ويهضم حقوقه. رزوق عيسى

العدد 17

العدد 17 - بتاريخ: 01 - 11 - 1912 نبذة من عادات العراقيين المسلمين 1 - كلمة في عاداتهم العراقيون من أسرع الناس إلى التقليد، وأكثرهم انهماكاً بكل شيء جديد، وأشدهم استمساكاً بعاداتهم وآدابهم وأخلاقهم ولا أبالغ إذا قلت أن ليس من قوة موجودة فوق الأرض (غير الله) قادرة على تغييرها أو إبدالها بأحسن منها. سرح طائر نظرك في أرجاء العراق وانعم النظر في أحوال قطانه وعاداتهم وتفقد شؤونهم وحركاتهم وسكناتهم، وراقب احتفالاتهم ومجتمعاتهم، وتدبر مسامراتهم ومحادثاتهم، وانقدها نقد الصيرفي الماهر للدرهم والدينار تجدها لأول وهلة لا تختلف كثيراً عما كان عليه آبائهم في سالف القرون، بل لتجدن أطوارهم وعاداتهم التي هم عليها الآن تنطبق تمام الانطباق على وصف الباحثين والأَثريين والسياح لسكان هذه البلاد قبل مئات من السنين، وأنك لا ترى فرقاً كبيراً بينهم وبين أسلافهم سواء كان في العادات أو الآداب أو الأخلاق إذ أن هذه البلاد قد

استعمرتها أمم عديدة واحتلتها دول كبيرة فلم تؤثر فيهم كثرة اختلاطهم بالأمم والشعوب، لا بل لم تغير شيئاً من عاداتهم اللهم ألا بعض أمور طفيفة لا يعتد بها لعدم شمولها جميع قطان القطر العراقي وهو أمر يدلك على شدة تمسكهم بها ويثبت لك ذلك. بيد أنك بينما تراهم شديدي التمسك بتلك العادات ضارة كانت أم نافعة؟ مخالفة لآداب الديانات أم موافقة لها، تجدهم أسرع الناس تبدلاً وتقليداً للأمم في كل شيء غريب في أزيائهم وقيامهم وقعودهم وأكلهم وشربهم. ويظهر ذلك لكل من جاءَ بغداد قبل عشر سنوات ولاحظ ما كان عليه أهلوها من السذاجة والبداوة ثم غادرها وقدمها ثانيةً رآها اليوم قد لبست حلة من حلل التمدن، وعلى قطانها من الأزياء الغريبة والأطوار العجيبة ما لم يكن العراقيون يعرفونه سابقاً وكثيراً ما كانوا يستهجنونها ويقبحون من جرى عليها أو استحسنها ولا ريب أنك لو حولت الوجه نحو هذه البلدة قبل إعلان الدستور وتدبرت أزياء العراقيين لوجدت فيهم مميزات فارقة بين اليهودي والمسيحي والمسلم إذ كان لكل علامات أو خصائص تدل عليه. ولو نظرت نظرة في أسواقها الطويلة العريضة وشوارعها وأزقتها لما رأَيت نصرانياً لابساً البرنيطة ألا المستخدمين في الوكالات والمحلات التجارية الكبرى ممن جابوا بلاد أوربا ونشئُوا في أحضان أساتذة كلياتها وتغذوا بلبان علومها ومعارفها. ولما رأَيت يهودياً لابساً الملابس الإفرنجية على ما هو عليه الآن ألا ما قل وندر، ولما رأيت مسلماً لابساً الطربوش ومتزيياً بالزيّ التركيّ أو الإفرنجي ألا الموظفين في خدمة

الحكومة بل لرأيت أكثرهم ولا أقول كلهم على ما كان عليه آباؤهم متمسكين بالملابس العربية وهي لبس العباءَة والعمامة والعقال، فكنت إذا دخلت أسواق بغداد في هاتيك الأزمنة تصورت انك في القرون الوسطى وتجلت لك البداوة والسذاجة بأَجلى مظاهرها وأبهى مناظرها. فلما أعلن الدستور واحتكت الأمة العراقية بالنزالة الأوربية سرعان ما قلدوهم في ملبسهم ومأَكلهم ومشربهم حتى انك اليوم لتعجب كل العجب من هذا التقليد الغير المنتظر وظهر لك الفرق بين الزمانين، ولكن هل ظهر الفرق في عاداتهم وأخلاقهم كما ظهر في أزيائهم وملابسهم؟ كلا، ثم كلا، فأن هاتيك العادات قد استحكمت عراها بمرور الزمن وقوة الاستمرار فتوطدت أركانها، وازداد القوم تمسكاً بها مع وجود طبقة من النابتة الحديثة تحاربها بكل قواها وتنشر الفضيلة بين السكان وتبين لهم أضرار هذه العادات المستهجنة التي ربما قضت على البقية الباقية من أخلاقهم النبيلة، وصفاتهم الجليلة فتقذف بهم من حالق إلى مهاوي الهلاك والدمار. أنا لا أريد بمقالتي هذه أن أحارب عادات العراقيين وأندد بالمتمسكين بها إذ أن ذلك يحتاج إلى وقت غير هذا الوقت، وقت يعرف فيه الشعب حقيقة الحياة ووظائفه في هذا المعترك ويعي بل ويتدبر ما يقال له. ومن العبث أن يريد رجل عاجز مثلي القضاء على عادات أمة كبيرة، كأُمة العراق بمقالة أو مقالتين أو ثلاث وهي قد استحكمت فيهم منذ عدة قرون

وقويت شوكتها وغرست في قلوبهم واستفحل شأنها بينهم حتى عدا أكثرها في عداد العادات الدينية ولا أغالي إذا قلت انهم يهتمون بها اكثر من اهتمامهم بأَمر الدين ولا ريب أن ذلك عبء ثقيل لا أطيق حمله. بل ادع ذلك لعظماء الرجال الذين يعرفون كيف يهذبون أخلاق الشعوب ويجعلونها خالصة نقية من كل شائبةٍ خرافيةٍ من حيث لا تدري ولا تشعر بيد أن الذي أريد أن اسطره على صفحات هذه المجلة الغراء هو ما وقفت على نبذ من عادات العراقيين في أفراحهم وأحزانهم واحتفالاتهم العمومية والخصوصية وطربهم وانسهم وحدسهم وتخمينهم ليظهر لدى القارئ النبيه ما وصلت إليه حالة سكان العراق من التأَخر والانحطاط في تمسكهم بعادات خرافية ومعتقدات ما انزل الله بها من سلطان حتى انهم يضاهون بها برابرة أفريقيا وقطان منغوليا في خرافاتهم التي قتلت كل شعور وأماتت كل إحساس وأدراك. 2 - عادات اعتقادية 1 - (جنبر سوري) هذه الكلمة محرفة عن جهار شنبه سوري، ومعناها عيد نهار الأربعاء إذ أن الفرس يزعمون بوجود أربعاء واحد نحس

وسائر الأربعاوات أربعاوات سعد ولهذا يطربون يتنزهون فيه طرداً للنحس والشؤم. وهو اجتماع عام يستحضر فيه آلات الأنس والطرب ويختلط فيه الرجال والنساء، ويكون ذلك عصر آخر يوم الأربعاء من صفر في كل سنة فيخرج فيه الأهالي من رجال ونساء وبنات وبنين بالزينة الكاملة إلى موقع خارج البلدة محفوف بالأزهار والأوراد حيث يكون العشب قد زاد الأرض رونقاً ونضارة وكساها حلة خضراء من حلل الطبيعة البهجة، فلا تسمع في ذلك الوقت ألا نغمة عود وغناء مغنٍ وطرب مطرب وهكذا يبقون حتى غروب الشمس فيعودون إلى منازلهم فرحين جذلين مستبشرين وقد علمت أن السبب لهذا الاحتفال الذي جعله العراقيون عادة من عاداتهم المفروض إجراؤها هو اعتقادهم بأَن شهر صفر شهر نحوس وويلات تكثر فيه النوائب وتزداد فيه الكوارث والمصائب وكذلك اعتقادهم بأَن يوم الأربعاء من انحس الأيام وهو عادة من عادات العرب الأقدمين أخذوها عن الفرس أو المجوس فكأَنهم بهذا الأنس والطرب وهذا الاحتفال الذي يقيمونه كل عام ينزعون من أنفسهم رداء الشرور تفاؤلاً. وقد بلغت السخافة ببعض الناس انهم في يوم الأربعاء لا يذهبون إلى حمام ولا يحلقون رؤوسهم ولا يغسلون ملابسهم لنحسه ويستدلون على ذلك بأن اليوم الذي أخذت فيه الريح الصرصر قوم عاد هو يوم الأربعاء وهو اعتقاد اكثر المنجمين بيد أننا لو حسبنا أن كل يوم تحدث فيه نائبة أو كارثة

نحس لكانت كل الأيام منحوسة لأنه لا يخلو يوم من كارثة وقعت أو تقع فيه. 2 - (الصوم الخرساني) من العادات التي فشت بين العراقيين فشواً كبيراً الصوم الخراساني. وهو صوم من شروق الشمس حتى نصف النهار تصومه كل أنثى بلغت الحلم صوماً عن التكلم في هذه المدة وإذا احتاجت إلى التكلم تكلمت بإشارات تدل على مطلوبها ومرادها ويكون ذلك في أول يوم الأحد من شهر شعبان في كل سنة، وقد جاء ذكر هذا الصوم في سورة مريم على لسان السيدة مريم عليها السلام وهو (وقولي أني نذرت للرحمن صوماً فلن اكلم اليوم انسياً) ألا أن الدين الإسلامي لم يأمر المتدينين به بوجوب صيامه فهو إذا بدعة منكرة. 3 - (صوم زكريا) هو صوم خاص بنساء العراق المسلمات وذلك بأن تمسك المرأَة نفسها عن الأكل والشرب وكل ما يفسد الصوم من شروق الشمس إلى الغروب. وعند الغروب يجري احتفال شائق في كل بيت من بيوت المسلمين يجتمع فيه أهل البيت فيمدون الموائد وعليها صنوف الأطعمة والأشربة وكل ما تشتهيه النفس وتلذ لمرآه العين. ويضعون بجانب مائدة الطعام مائدة أخرى في وسطها صحن مملوء (حناء) محاط بإبريق وتُنك (جمع تُنكة وهي الكوز بلسان أهل العراق والكلمة فارسية الأصل بمعناها) على عدد ما في البيت من الأنفس فيخصصون بكل ذكر إبريقاً وبكل أنثى تُنكة ويحيطونها بشموع ويضعون في أفواه الابارقة والتنك باقات الزهور ويكللونها بورق الليمون والبرتقال والياسمين، وعندما تغرب

الشمس ويجيء وقت الإفطار تجتمع العشيرة على المائدة المشحونة بكل أنواع الطعام، وعندها يقرا أحد العارفين بأصول القراءة سورة من سور القرآن وتكون على الأغلب سورة مريم برمتها وبعد ذلك يفطرون أولاً على خبز من الشعير وماء البئر وباقات من الكراث والكرفس وبعدها يتناولون ما يشتهون وتجري العامة على هذه العادة في الأحد الأول من شهر شعبان من كل سنة. 4 - (صوم البنات) وهو صوم تصومه كل أنثى مسلمة بلغت سن الرشد وذلك في اليوم السابع والعشرين من شهر رجب في كل سنة، وهذه العادة على ما كنت أظن خاصة ببنات الكرخ لأني لم أر لذلك أثراً في جانب الرصافة ألا أني قد سمعت من بعض الأصدقاء أنها شاملة لجميع صبيات بغداد. وهن يستعددن لهذا الأمر قبل شهر أو شهرين من شراء الألبسة الفاخرة وأدوات الزينة وفي 27 رجب من كل سنة تذهب بنات الكرخ بزينتهن إلى مسجد إمام بجانب الكرخ يعرف (بإمام حبيب العجمي) فيفتحن المسجد ويدخلن الضريح ويطفن حوله من جهاته الأربع وبأيديهن الشموع ويترنمن بهذه العبارة (جئنا نزوك يا حبيب العجمي

شمعة بطولك يا حبيب العجمي). وأما بنات الرصافة فيذهبن على ما بلغني من أحدهم إلى الشيخ الخلاني بالقرب من تربة الشيخ عبد القادر الحبيلي. وبعضهن يخرجن إلى خارج البلدة إلى مسجد الشيخ عمر السهروردي ولم احفظ ترنماتهن لكثرتها واختلاف بعضها عن بعض. 5 - (حادثة الكسوف) عندما تكسف الشمس أو يخسف القمر يصعد اكثر عامة المسلمين إلى سطوح دورهم فيطلقون الرصاص في الفضاء ويضربون على الطوس وعلى كل شيء له رنة عالية ودوي مخيف وينشدون في خلال ذلك الموقف هذه الكلمات: يا حوتة يا المنحوتة طلعي قمرنا العالي (وإن كان ما طلعتيه) نضربك بالجاقوجه وهم يعتقدون أن منشأ هذا الخسوف والكسوف التقام الحوت للشمس أو للقمر فهم بهذا الصراخ والصياح وهذا الدوي يريدون إرهابه لتخليصهما منه وذلك لاعتقادهم بأَن في السماء بحراً يسمى (بحر القدرة) وفيه مثل هذا الحوت الكبير الذي يبتلع الشمس والقمر برمتهما، يا للسخافة والحماقة! 6 - (إطلاق الرصاص في الفضاء) قد اعتاد العراقيون عادة من اقبح العادات وأظنها من عادات الجاهلية التي بقي العراقيون عاكفين عليها كما عكفوا على غيرها من العادات الذميمة المنافية لروح المدنية، والمشوهة لصفات الإنسانية، وهي أنهم يطلقون الرصاص في الهواء بعد غروب الشمس عند

رؤيتهم هلال صفر. وربما يكسرون الأكواز وكل شيء له دوي ويعللون ذلك بأن شهر صفر شهر مشؤوم تتوالى فيه الرزايا على العباد فيطلقون بنادقهم لإرهابه ولطرد الشرور. ولهم غير ذلك من السخافات كلها من هذا القبيل وكذلك يفعلون في آخر ليلة منه. 7 - (كربة عليها شمعة) ومن عادات العراقيين المتمسكين بها تمسكاً شديداً والتي توارثها الأبناء عن الآباء وهؤلاء عن الأجداد هو أن المريض إذا ثقل عليه مرضه وأراد أهله معرفة نتيجة المرض من ثقيلة أو خفيفة يأتون بكربة عليها شمعة مشعولة يسيرونها على دجلة فإذا توارت عن الأنظار ولم يصادفها شيء يعيقها عن سيرها أو يذهب بضيائها علم أن شفاء المريض محقق لا محالة! وتباشر أهله بذلك أما إذا صادفها عارض قبل تواريها عن الأبصار أو انطفأ ضياؤها علم أهل المريض إنه ميت لا محالة! وعندئذٍ يعلو الصراخ ويزداد العويل والنحيب وربما مات المريض لساعته من كثرة الصراخ ومن يأسه من الشفاء. وهذه التجربة لا تكون إلا في ليلة الجمعة. 8 - (القعود في الطرق) قد اعتادت نسوة العراق المسلمات القعود في الطرق ليلة الجمعة قرب الساعة الواحدة والنصف شرقية وذلك أن المرأة

إذا كان زوجها غائباً وانقطعت عنها أخباره وأرادت معرفة ما إذا كان مجيئه قريباً أو بعيداً أو ما هو عليه من صحة وسقم أو خير وشراً وإذا لم يكن زوجها غائباً ولها مريض وأرادت معرفة ما إذا كان شفاؤه مرجواً أم لا، وغير ذلك من معرفة المجهولات تقعد على مفرق ثلاث طرق وتقبض بيدها على ثلاثة أحجار فترمي واحداً منها على الطريق الذي عن يمينها والثاني على الذي عن يسارها والثالث على الجهة القبلية وتقول هذه الكلمات (يا خيرة الدرب علميني ما في القلب زينة تبينين شينة تبينين) وبعده تقعد صامتةً تراقب ما يقوله الآتون والذاهبون فإذا سمعت كلاماً منهم تعتقد فيه الخير استبشرت وفرحت وإذا كان شراً حزنت واكتأبت وكذلك شأن الجاهلين. 9 - (خيط الحمى) قد اعتاد العراقيون عادة تضحك الثكلى وتدل على سخافة في العقول وسذاجة في الأفكار وهي أن كل من تعتريه الحمى يأخذ أهلوه خيطاً من القطن ويذهبون به إلى باب أحد الجوامع في ليلة الجمعة قبل صلاة العشاء فيقبض أحدهم على طرف منه والآخر على الطرف الثاني ويمدونه على الباب ليكون بمنزلة مانع للداخل ويبقون كذلك إلى أن يخرج المصلون من الصلوة وعند ذلك يقطعه أو الخارجين من الجامع فيعتقد إذ ذاك أهل المريض أن الحمى قد انقطعت عن مريضهم وانتقلت إلى قاطع ذلك الخيط! إلى هذا الحد بلغت الخفة والسخافة بالعراقيين وكانوا

الماليسور

في ما سلف أساتذة العالم ومهذبي أخلاق الشعوب وهكذا يكون الجهل فإنه كقدح السم من شرب منه أودى به. إبراهيم حلمي الماليسور 1 - مدخل البحث كثر الكلام في هذه الأيام عن الماليسور أو الماليصور) وإذا أردت أن تعرف من أمرهم شيئاً لا تكاد تقع عليه في كتبنا العربية حتى ولا في كتب البلدان أو التاريخ ولهذا كتبنا هذه الأسطر ليقف على حقيقتهم من يهمه هذا الأمر. 2 - تعريفهم الماليصور من قبائل الارناؤوط أو الألبانيين معروفة بشراستها وشدة أخلاقها وتعلقها المفرط بالحرب والصيد والاستقلال والاستبداد وأخذ الثار من الأعداء. وبلادهم واقعة في أقصى تركية أوربة من بعض جهتها الغربية على البحر الادرياتيكي. 3 - عددهم وقبائلهم وألويتهم يبلغ عددهم اليوم 51. 000 لا غير. فيهم 15400 مسلم و220 رومياً أرثوذكسياً والباقي أي 35. 880 هم نصارى كاثوليك فيكون الثلثان منهم كاثوليكياً والثلث الآخر مسلمين. وهم يقسمون إلى عدة أفخاذ أو عشائر أشهرها الحطية والاكليمنتية والكسترانية وهناك غير هذه الأفخاذ وهي هذه بأسمائها وأقسام ألويتها وعدد نفوسها:

1 - بيرق أو لواء الحطية ويقسم إلى لواءين صغيرين. عدة بيوتهما 500 وعدد أفرادهما 4. 500 فيهم 50 مسلماً و. 550 كاثوليكياً. 2 - لواء غرودة ويقسم إلى لواءين صغيرين. عدد بيوتهما 400 وعدد أفرادهما 3. 400 نصفهم مسلمون والنصف الآخر كاثوليك. 3 - لواء الاكليمنتية وتحته أربعة ألوية صغيرة وهي عبارة عن 740 بيتاً و6. 050 شخصاً منهم 200 مسلم و5. 850 كاثوليكياً. 4 - لواء الغسترانية وهو لواء واحد تحته 450 بيتاً وعدد المستظلين به 3. 700 شخصٍ فيهم 570 مسلماً والبقية أي 1. 130 هم كاثوليك. 5 - لواء الاشكريلية وهو لواء واحد عبارة عن 550 أسرةً أو 5. 350 شخصاً فيهم 750 مسلماً و4. 600 كاثوليكيٍ. 6 - لواء الرج واللوغة وهو لواء واحد يظل 310 بيوت أو 2. 950 شخصاً فيهم 2. 130 مسلماً و820 كاثوليكياً. 7 - لواء الرنجة وهو عبارة عن فخذ واحد يسمي نفسه رفي بس ملاول (أي الجبال الخمسة) وهو لواء واحد يظلل 470 بيتاً أو 3. 125 شخصاً فيهم 2. 785 مسلماً و680 كاثوليكياً و660 أرثوذكسياً. 8 - لواء بستريبة وهو يتفرع إلى ثلاثة ألوية صغيرة يستظل بها 400 بيتٍ أو 3. 040 شخصاً. فيهم 2. 590 مسلماً و450 كاثوليكياً. 9 - لواء تمال وشيشلك ويتفرع إلى لواءين صغيرين هما عبارة عن 440 بيتاً أو 3. 680 شخصاً كلهم كاثوليك. 10 - قبيلة المردة أو المرديت ولها ست ألوية وعدد بيوتها 1. 030 وعدد

شروين

أفرادها 7500 وهم كلهم كاثوليك. 4 - نظرة عامة فيهم وفي تاريخهم هؤلاء الناس من أشجع الخلق وأبطشهم عرفوا في كل عصر بشجاعتهم وبسالتهم ومنهم خرج أبطال الدولة العثمانية. فهم يصبرون على الأتعاب والمشقات صبراً جميلا. ويرجعون في العنصر إلى الارناؤوط أو الألبانيين المشهورين في التاريخ. خضع هؤلاء الأقوام لملوك أبيرة ثم لمقدونية وللرومانيين ولقياصرة الروم. ومنذ القرن الحادي عشر شن الغارة على بلادهم نرمنديو نابلي والبنادقة والمجريون وأنشأوا في تلك البلاد ممالك صغيرة. ثم دخل الترك ديارهم سنة 1435 فأجلاهم عنها اسكندر بك الشهير سنة 1444 ثم ما أبطأوا أن عادوا إليها وقبضوا على عنانها. ومع كل ذلك لا يمكن أن يقال أن هؤلاء الأقوام خضعوا أتم الخضوع للأجانب. ولهذا فإن الدولة تنظر إليهم بتروٍ قبل أن تعاديها أو تهجم عليها. وأمرهم اليوم مشهور وفي الجرائد مذكور. والسلام شروين شروين: (بكسر الشين المعجمة وسكون الراء المهملة وكسر الواو وسكون الياء المثناة التحتية بعدها نون) نهر يخرج من ديالى ويمتد إلى الغرب منها. طوله من مخرجه الحالي إلى منتهاه نحو أربع ساعات ونصف، ومخرجه الآن من شرقي قرية المنصورية، على مسافة (400) خطوة منها، وقد كان

مخرجه القديم في الغرب الجنوبي من هذه القرية على مسافة (80) خطوة من بساتينها، فأهمله مستأجر النهر شارود أفندي (من آل مهدي السعد، وهم رؤساء قرية الهويدر إحدى قرى جلولاء) وأخرج له مخرجاً ثانياً من بين بساتين قرية المنصورية ثم تركه قبل 3 سنوات لقلة ما كان يجريه من الماء وأخرج له المخرج الحالي وهو غير منحوت في جبل ولا مبنية فوهته بشيء، وليس له باب بل يسد عند الحاجة بالأحطاب وصغار الحصى أما عرضه فهو متران ونصف، وعمقه ثلاثة أمتار، وعلى مسافة ساعة ونصف من مخرجه عبارة (أي بفتح العين المهملة وتشديد الباء الموحدة التحتية، يليها ألف بعدها راء مهملة وفي الآخر هاء) يعبر النهر عليها من فوق مجرى الخالص ويتعداه إلى الجانب الجنوبي منه، وهذه العبارة تبعد عن مخرج النهر مسافة ساعة ونصف إلى غربيه وعن مخرج الخالص مسافة ساعة واحدة وهو إلى شرقيها، وعن مركز ناحية دلي عباس مسافة ساعة وربع وهو إلى غربيها، والعبارة قنطرة يجري الماء على ظهرها، طولها 17 متراً وعرضها متران ونصف، وكانت قديماً مبنية بالطاباق والكلس فقط، فجدد بناءها قبل 3 سنوات سعادة عبد القادر باشا الخضيري وجعل للمجرى الذي على ظهر قنطرة العبارة أنبوباً من الحديد، مؤلفاً من عدة قطع متماسكة ركبها على البناء على طول قنطرة العبارة، وعلو المجرى متر واحد فقط. وليس على نهر شروين من مخرجه إلى عبارته شيء من المزارع سوى

ستة كرود (جمع كرد بفتح الكاف) يتولى زراعتها جماعة من الجبور، وهي واقعة بين مجرى نهر المنصوري وبين الخالص، فيجري شروين بينهما إلى أن ينتهي في جريه إلى العبارة، فيعبر الخالص ومن هناك يبتدئ بسقي المزارع إلى أن ينتهي إلى أراضي نهر الوشاع (وزان وشاح وهو أحد أنهر الخالص) وطوله من العبارة إلى منتهاه مسافة 3 ساعات وزراعته الآن نحو 200 فدان، وزراعته من خمس قبائل: (الأولى العزة) ولها هناك رئيسان معلى بن ساهي وأحمد بن علي الشلغيم. (الثانية الجبور) ورؤساؤها عطية بن عبد الله وحسين المحمد وحمادي الحسين وخلف العياش وآخر يقال إنه كردي الأصل اسمه حسين بن شهباز (وهو سكار نهر الخالص بفتح السين المهملة وتشديد الكاف وسكون الألف وفي الآخر رآء مهملة أي سداده) (الثالثة كروية) (بضم الأول وسكون الثاني) ورئيسها سلمان المحمد. (الرابعة قراغول) ورئيسها خضير الجسام. (الخامسة عويسات) ورئيسها محمد السلمان. وفي هذا النهر من (الركاك - الرقاق) جمع ركة - رقة (بفتح الراء المهملة وتشديد الكاف الفارسية بعدها هاء) وهي الأرض الواطئة التي تكون على جوانب الأودية الكبرى والمجاري الطبيعية إحدى عشرة رقة منها ثمانٍ تشبه الإحراج وثلاث لا تنبت إلا ما يزرع فيها. وعلى مسافة نصف ساعة من العبارة، وساعة من مركز ناحية دلي

عباس، قلعة على نهر شروين بناها منذ عدة سنين مستأجر النهر قديماً وهو فدعم الأطرش العزاوي (نسبةً عامية إلى العزة) وفيها من النخيل 20 رأساً. وفي هذا النهر من التلال والربى شيء كثير منها: (طريمش) حركة الطاء المهملة بين الفتح والكسر يليها راء مهملة محركة بحركة فيها إمالة بعدها ياء مثناة ساكنة ثم ميم مكسورة وفي الآخر شين معجمة)، وهو إلى شرقي القلعة على مسافة (200) خطوة منها، وعلوه أربعة أمتار ومحيطه 120 متراً. ومنها (المكلوز) بلام مكسورة كسراً غير بين وميم ساكنة بعدها كاف فارسية ولام ساكنة وواو مفتوحة وزآء معجمة. وعلوه ستة أمتار، ومحيطه 150 متراً، وهو واقع في منتهى أراضي شروين، وفيه كثير من الطاباق المكسر. ومنها (أبو عظام) (جمع عظم) وعلوه (15) متراً، ومحيطه 250 متراً وهو واقع على ديالى إلى جنوبي المكلوز ويبعد عنه مسافة نصف ساعة وفيه أيضاً كثير من كسر الآجر. ومنها (تل شهاب) إلى الغرب الجنوبي من مركز ناحية دلي عباس على مسافة نصف ساعة منه وهو في منتهى نهر سمير (وزان زبير وهو إحدى أنهر شروين) وعلوه (15) متراً ومحيطه 800 متر وعليه كسر طاباقٍ وشقف (كسر خزف). ومنها (أبو عجارب) وهو إلى الشرقي الشمالي من المكلوز

وهو واقع على مجرى شروين ما بين المكلوز وأبي عظام، وعلوه أربعة أمتار، ومحيطه 150 متراً وعليه كثير من الطاباق المكسر. ومنها (الخيوط) السبعة، وهي ممتدة من قلعة شروين إلى تل شهاب، علو الواحد منها أربعة أمتار ومحيطه يتراوح بين 100 و120 متراً وعليها قليل من الطاباق المكسر. ومنها (جندولة): (بفتح الحاء المهملة وسكون النون وضم الدال المهملة وسكون الواو وفتح اللام وفي الآخر هاء). وهو واقع على ديالى إلى الشرق الجنوبي من تل أبي عجارب علوه ستة أمتار ومحيطه 150 متراً، وعليه طاباق كثير مكسر وغير مكسر. ومنها (الغزيفي): (بكسر اللام كسراً غير بين وسكون الغين المعجمة وتحريك الزاي المعجمة بين الفتح والكسر وسكون الياء المثناة التحتية وكسر الفاء وتشديد الياء المثناة التحتية). وهو واقع بين جندولة وأبي عجارب، علوه أربعة امتار، ومحيطه 120 متراً وعليه طاباق كثير منه مكسر ومنه ما هو سالم الكسر. وقد رأيت في تلك البقعة تلالاً كثيرة غير هذه لم أتمكن من اخذ أسمائها بالتمام عليها كسر طاباق واكواز كثيرة ملونة الأديم. والسلام. شهرابان محي الدين فيض الله الكيلاني (لغة العرب) ذكر السيد إبراهيم فصيح الحيدري في كتابه عنوان المجد (وهو غير مطبوع) نهر شروين قال: وأما نهر شروين فقد أحياه

المرصاع أو الدوامة

جدي العلامة الشريف اسعد الحيدري، مفتي بغداد، بماله ورجاله في أيام الوزير العلامة داود باشا (الذي ولي بغداد من سنة 1232 - 1244هـ - 1817 - 1828م) بعد أن كان مندرساً مدة طويلة وصار مقاطعة جسيمة. وكان في تصرفنا إلى الطاعون (1241 هـ - 1813م) ثم غصبنا إِياه علي رضا باشا والي بغداد من سنة 1246 - 1252 هـ 1830 - 1836م) وهو موجود إلى الآن، ألا أنه بعد غصبهِ منا آل إلى الخراب، لأن منفعته ليست كالأول. اهـ المرصاع أو الدوامة تعريفه للصبيان لعبة يتخذونها من قطعة من الخشب مخروطة بشكل كمثري مفلطحة الطرف الواحد وحادة الطرف الآخر. والعراقيون يسمونها (المصراع) وهي تصحيف المرصاع بتقديم الراء على الصاد. قال اللغويون: المرصاع دوامة الصبيان وكل خشبة يدحى بها أي يدفع أو يبسط بها والكلمة اسم آلة مشتقة من رصع الشيء: إذا ضربه بيده: وأما الطرف المفلطح فيسميهِ صبية العراق: الجاك بجيم فارسية مثلثة والكلمة فارسية معناها: الفلحة والشق والفلطحة وهو بالفرنسوية وأما الطرف الأخر الحاد فيدخل فيه نوع من المسمار يسمونه النبل أو النبلة وبالفرنسوية 2 - أسماؤه ومعانيها واشتقاقها. للمرصاع أسماء متعددة بحسب البلاد ولغات القبائل. منها: الدوامة وزان رمانة. قال اللغويون في تعريفها: هي فلكة يرميها الصبي بخيط

فتدوم على الأرض أي تدور على نفسها والجمع دوام فاشتقاقها إذا واضح. وصغار صبية العراق يسمونه الفريرة بفاءٍ موحدة مضمومة بعدها راء مثقلة مفتوحة يليها ياء ساكنة بجنبها راء مهملة مفتوحة وفي الآخر هاء. وقد وردت في معجم بقطر بصورة القريرة بقاف مثناة عوضاً عن الفاء وهي خطأ. وعنه نقلها دوزي ففشا الغلط. والكلمة مشتقة من فرَّ الشيء إذا أداره على نفسه. فيكون معنى الفريرة والدوامة شيئاً واحداً. ألا أن الفريرة ويقال لها الفرارة أيضاً كشدادة هي غير الدوامة وسيأتي ذكرها. وبعض أهل ديار الشام ولبنان يسمون المرصاع البلبل. وأهل بغداد يريدون بالبلبل اللعبة المعروفة عند العرب بالقلة فالواحدة غير الأخرى. 3 - أنواعه يقسم أهل العراق المرصاع قسمين: ونان وناعور. فالونان وزان شدَّاد هو المرصاع العادي. وقد يكون نبله من خشب عوضاً من الحديد لكنه نادر الاستعمال. ويدار بأن يلف الصبي الخيط عليه مبتدئاً من طرف النبل وينهيه عند نحو منتصفه ثم يلقيه على الأرض بأن يجر الخيط منه بسرعة. وهذا الخيط يسمى بلسان عوام العراق الزيك بكاف فارسية في الآخر وزان الزيج والكلمة فارسية مبنى ومعنىً. وأما الناعور فهو الدوامة التي قد ثقب فيها ثقب فإذا دوّمت أي دارت على نفسها نعرت أي صاحت وصولت كصياح رجل يصوت من خيشومه. والفعل فصيح بهذا المعنى. والناعور في الزوراء على ثلاثة أنواع: ناعور له فلس. والفلس عندهم سداد أو صمام يسدّ به ثقب المرصاع من الطرف

الواحد من بعد أن يكون قد ثقب من الطرف الواحد إلى الطرف الآخر فإذا سقط هذا الفلس عند التدويم أو الدوران يقولون: طار الفلس. ويسمى بعضهم هذا النوع من الناعور (أبو حسّ) بمعنى (ذي الصوت). وإذا كان الفلس من طرف (الجاك) فيسمونه حينئذٍ (أبو حسين) أي (ذا صوتين) وهو النوع الثاني من الناعور. وإذا كان له فلس من الجانب الواحد وبازائهِ ثقب ثانٍ. وفلس آخر في الجاك فيسمونه حينئذٍ (أبو ثلث حسوس) أي (ذا ثلاثة الأصوات) وهو النوع الثالث منه. ويرمى الناعور كما يرمى المرصاع بدون فرق يذكر. ويكون الناعور أو المرصاع (يمنوياً أو يسروياً) فالأول هو الذي يتخذه الصبي الأيمن. والثاني هو الذي يلعب به الصبي الأيسر. وكان العرب الأقدمون يسمون الناعور (خُذْرَة) أو خذروفاً قال في التاج: الخذرة بالضم:. . . الخذروف وتصغيرها خُذَيْرَة. وقال في تعريف الخذروف: كعصفور: شيءٌ يدوره الصبيّ يخيط فيه يديه فيسمع له دويّ. قال امرؤ القيس يصف فرساً: درير كخذروف الوليد أمرَّه ... تتابع كفيهِ بخيط موصل وقال عمير بن الجعد بن القهد: وإذا أرى شخصاً أمامي خلتهُ ... رجلا فملتُ كميلة الخذروف وقال الليث: الخذروف، عويد أو قصبة مشقوقة يفرض في وسطه، ثم يشد بخيط فإذا أُمدَّ دارَ وَسَمعت له حفيفاً، يلعب به الصبيان، ويسمى

(الخرارة) وبه يوصف الفرس لخفة سرعته. قال: والخذروف السريع في جريه. . . وقال غيره: الخذروف: طين يعجن ويعمل شبيهاً بالاكر يلعب به الصبيان. اهـ قلنا: إذا جاء الخذروف بمعان شتى فمنها بمعنى الناعور وهو الرأي المشهور وبالفرنسوية ومنها: بمعنى الفرَّارة أو الفريرة وسيأتي ذكرها، وهي أو بمعنى التون أو الكجة أو كما يقولون اليوم: الكلة أي ومنها وردت بمعانٍ أخرى تخرجنا عن موضوع بحثنا وليس هنا موضع ذكرها. ومن مرادفات الخذروف: ليرمع. قال اللغويون: هو الخذروف يلعب به الصبيان. وهو مشتق من رمع الرجل: إذا سار سيراً سريعاً. وقد يأتي الخذروف وجميع مرادفاته بمعنى الدوامة من باب التوسع والأصح الجري على الوضع الأصلي تمييزاً لكل لفظ بمعناهُ عما يقاربهُ حفظاً له. ومن أنواعه ما يسميه صبية البصرة بالحنبوز أو الحنبوس ألو الحنبوش أو الحنبوص بزاء معجمة في الآخر أو سين أو شين مثلثة أو صاد. وهو نوع من الدوامة لا يدور ألا إذا ضرب ضرباً بسوطٍ أو نحوهِ. وهو الذي يسميه الإفرنج والكلمة الأصلية هو الحنبوش من حنبش الصبي: إذا لعب.

أما (الشاخة) عند العراقيين (وهي وزان قامة) فهي عويد مفلطح في جهة ومستدير في جهة أخرى أو مفلطح كله يخرقه من الوسط محور صغير يدور عليه وفي وسط العويد ثقب ويشد بخيط ويمده اثنان الواحد يقبض بيده على الخيط والآخر يُرسل الخيط فإذا دار سمع له حنين. والكلمة عندهم مشتقة من شاخ يشيخ: إذا فعل فعل الدراويس الشيوخ أي دار واخرج صوتاً غريباً في دورانه. وهذا هو الخذروف أو الخرَّارة على الحقيقة عند الأقدمين ويعرف اسمه بالفرنسوية بلفظة وأما الفرارة أو الفريرة فهو عويد صغير مستدير يجوز به محور صغير يديره الولد بإصبعه وهو الذي يسمى عند الإفرنج أو صبية الموصل نوع من الخذروف اسمه عندهم (الحاج لقلقي) وهو طويل الشكل في رأسه عود طويل وفي آخره عود قصير جداً ينتهي بنبل من حديدٍ. ويمد على الأرض بعد أن يلف الزيك على رأسه الطويل مبتدئاً من عند راس المرصاع وإذا لف كله يدخل رأسه في عويدٍ مسطح مثقوب فيمسك اللاعب العويد بيدهِ والخذروف باليد الأخرى ثم يحل الزيك حلاً سريعاً من ثقب هذا العويد فيدور المرصاع على نفسه. ويمكن أن يدار هذا النوع على أحد رأسيه على السواء بدون تخصيص رأسٍ دون آخر. ويكون (الحاج لقلقي) في الغالب ناعوراً صامتاً أي دوامة بسيطة. 4 - مصطلحات اللاعبين بالمرصاع إذا دار المرصاع ولم يصوت قيل له (سكيت أو اخرس)

وإذا دار دوراناً سريعاً حتى لا تكاد تميز حركته أو دورانه، قيل: غزل أو سكر وإذا لف الزيك على المرصاع، قيل تزيك المرصاع بتشديد الياء وإذا ضرب الصبي الجنبوص: وإذا ضرب الصبي بمرصاعه مرصاع ملاعبه قيل ضربه (رجل) بالجيم المثلثة الفارسية المكسورة والجل بالفرنسوية وإذا كان الجل خفيفاً قيل: جل زيك وإذا دار المرصاع على نفسه قيل دَّوم (بتشديد الواو) وإذا وقف عن التدويم قيل (مات) وإذا بدأ بالموت قيل (نزع) وإذا اخذ يُدوّم وحملهُ اللاعب على راحة يده قيل (شالهُ) وإذا شالهُ فوجده خفيفاً قيل لهُ (ريشة، أو دهنة) (ويلفظونها: ريشايي أو دهنايي). وإن وجده ثقيلاً قيل (دبلة) (بفتح الأول) وإذا دوَّم وسار على الأرض معاً منتقلاً من مرماهُ إلى ما يجاوره قيل له: (جاروشة) أو جاروشي أو دكدك (بكسر الدالين). وإذا القي على الأرض ولم يدر على النبل بل ولىَّ لا يلوي على شيء. قيل: (راح يشتكي) وإذا دوَّم. قيل: (فنّ وافترّ). وإذا وقف على الجهة المقابلة للنبل. قيل: (قعد أو وقف جاك) ويقولون: خذ لك شنة أو جنة (وزان كنة بجيم مثلثة فارسية) أي ارمهِ ليرى هل يقف جاكاً أم لا. وإذا لمس اللاعب بمرصاعه الدائر مرصاع ملاعبهِ الساكن الحركة المسمى بلغتهم (نائماً) قيل: (يبوز أو قَّوس (بتشديد الواو في الثاني) أو قاس)

الفصاحة وكتاب العراق

الظاهر أن الأقدمين من الرومان واليونان لم يعرفوا من المرصاع ألا (الحنبوز) واسمه عند اليونان أي مخروط وأي مخروط صغير أي دائرةٌ بسرعة أو خذروف وعن الرومان أي بقسة أو قطعة خشب من بقسٍ لأن الحنبوز يخرط عندهم من البقس أي المتحرك سريعاً وكان السحرة عند هؤلاء الأقوام يتخذون في سحرهم شيئاً مستديراً يشبه المغزل أو الدوامة أو الخذروف أو الدولاب يكون من نحاس يسمونه (رُنبس) وزان هدهد والظاهر أن العرب عرفوا هذا النوع من اللعب منذ الاعصر القديمة لوروده في شعرهم القديم ولورود مرادفات لهُ عندهم. وأما مخترعه فلا يعرف على التحقيق. - وقد أتينا على هذه المقالة لأن في هذا الشهر يكثر العراقيون من اللعب بالمرصاع. فعسى أن يكون هذا اللهو مشفوعاً بالعلم! والسلام. حنا ميخا الرَّسام الفصاحة وكتاب العراق كتب لي أن اطلع على العدد 297 من جريدة الزهور البغدادية، المنتشر عددها هذا في 23 رمضان سنة 1330 فرأَيت في صدره مقالةً لفتى عراقي، كتبها في موضوع (الفصاحة وكتاب العراق) وأنه لمبحث جم الفائدة طرق بابه جمع من أدبائنا، في بلاد مصر والشام وهاهو قد تطاولت إليه أعناق العراقيين فعسى أن تعيه آذان حملة الأقلام منهم، فيتورّعوا في

الكتابة، ويتقوا أن يسقطوا فيها، كما سقطوا من قبل. وقد رأيت أنا هذا العاجز أن أخوض عباب البحث، إجابة لكاتب المقالة، وفضلت أن تكون مقالته نفسها محط النظر، لما رأَيت من رغبته في تصحيح سقطات الكاتبين وقد كان يسرني أن يسبق إلى الكتابة في ذلك، كاتب من افصح كتاب العراق. لأن المقام مقام باحث طويل باعه، واسع اطلاعه. وأملي بعد هذا أن لا يستقلّ بهذا العمل، ألا من عرف من نفسه الكفاءَة، وأحرز فيها الاضطلاع، فأقول: إن تراكيب هذه المقالة لا تشبه تراكيب الفصحاء، ولم تكن تعرف من الطراز الأول عند أئمة الإنشاء، بل هي تراكيب جديدة الوضع، أحدثتها النقلة عن اللغات المغربية، ولم يكن الكثير منهم قد احكم معرفة العلوم العربية، وأخص علم اللغة منها، ولا أحرز ملكة الإنشاء الصحيح ولا كتب له أن يستظهر كثيراً من تأليف الكلم الفصيح وجمله وتراكيبه، ولا يزال رجالات من كتاب هذه الأيام المعدودين يسقطون في تلك الأغاليط، على كثرة ما َندَّد بها النقادون. فمن تلك التراكيب الموضوعة في هذه المقالة البعيدة فيما اعلم عن التأليف الفصيح، قوله: (خدمة يسطرها لهما التاريخ بمداد الفخر) وإذا أراد الفصيح هذا المعنى قال: خدمة تذكر فتشكر، أو خدمة مخلدة، أو تبقي أثراً خالداً وما أشبه ذلك. وقوله (فيتتبعون حركات صحافينا ويقفون لكتاباتهم بالمرصاد) والفصيح: فيتحرون كتابة الكتاب ويترصدون مظان خطائهم، أو ويستدلون على معايرهم، وما اشبه هذا. وقوله: (إلا أن يوقف أوقاته الثمينة في سبيل الترصد لهم) والفصيح أن نقول: ألا أن يستفرغ وسعه في تحري عثراتهم،

أو يستنفذ جهد استطاعته، أو أن يجتهد، أو ما يشبه ذلك من التأليف الفصيح وقوله (فتنقلب النعمة إلى نقمة، ومن أدبية إلى شخصية) يريد أن يقول. ومن الإخلاص إلى الغرض أو من حسن القصد إلى سوء النية. وقوله: (لو أريد إصلاحها تقوم عليه قيامة السذج والعامة فترشقه بالحجارة) ما ضره لو قال: لو أريد إصلاحها لعطفت عليه العامة لرجمه بالحجارة وقوله (واخذوا يقدسونه وهو في رمسه ويقيمون من الاحتفالات والتذكارات. .) والفصيح أن يقول عرفوا قدره، واحيوا ذكره، بعد موته. وقوله: (وإذا لم يتح الحظ لهم رجالاً يهدونهم إلى الرشاد فيبقون على حالتهم هذه) صوابه: وإذا لم يهيئ الله لهم رجالاً يهدونهم إلى الرشاد، تمادوا في ضلالهم، أو بقوا على حالهم، أو سدروا في غيهم، أو لجوا في غلوائهم أو ما أشبه ذلك، وقوله: (لما سقطوا هذا السقوط الذي حط من قدر الشعب العراقي) والفصيح أن يقال: لما خمل ذكرهم أو جاههم، أو لما دق خطرهم فحط من قدر الأمة العراقية. وقوله (لينال وظيفة يقيهِ راتبها ألم الجوع) الأفصح أن يقال: ليتوظف فيتبلغ أو فيسد رمقه بما يقطع له. وقوله: (أَخذ ظل العلم في التقلص والإقبال عليه قليل) صوابه: اخذ ظل العلم يتقلص والإقبال عليه يقل. وقوله: (وجعلت كتابنا في هذا الشقاء المحدق بهم) افصح منه وأخصر أشقت الكتاب وخصتهم بالبلاء. وقوله: (يقومون بواجباتهم) فصيحه أن يقال يقومون بما يجب أو بالواجب عليهم أو ينهضونه بتكليفهم أو ما يشبه ذلك. وقوله: (وبالأحرى لما أردت أن نقضي على هذه اللغة الشريفة) لا يقدم الفصيح على أن يقول: (وبالأحرى) وهي من بدع

عوام الكتاب في هذا العصر وقوله (ويحصل بواسطتها الطلاب على الوظائف). الفصيح أن يقال: يلتمسون بها الوظائف، أو يتوسلون أو يدلون، أو ما يشبه هذا. وقوله: (لولا ذلك لتفتحت على البلدان العراقية انهار العلم) صوابه: لطفحت، أو لفاضت، أو لانبعثت أو ما يشبه؛ وقوله (خطوا خطوات واسعة في ميادين الرقي) صوابه: حازوا قصب السبق في مضمار الاستعلاء، أو الرقي، أو استولوا على الأمد، أو جروا إلى ابعد الغايات أو مثل هذا. وقوله: (على أن ما أصاب ذلك الرجل الذي انتقد كتاب العراق من السب والشتم لا يزال حياً منح؟ الأحياء) وقوله: (وليس هنا مدارس وكليات للأمم الناهضة التي تودّ رقي الشعوب وتهذيب أخلاق الأمم؟!) أين الفصاحة من هذا التأليف، وأين جمال المعنى، ولطف الأسلوب وقوله: (وعلم العربية في تقلص) صوابه وظل العربية في تقلص. هذا وأما المفردات فقد سقط في كثير منها، كاستعماله (التدني) وهذا المصدر غير مدوّن ولا معروف والساقط فيه كثير من حملة الأقلام في الأقطار العربية، فانك تجدهم يقولون: (التأخر والتدني) وهي عبارة صاحب المقالة. وكقوله (المدارس الرسمية) والرسمية من مشتقات

الأتراك. فلماذا يقلدهم العرب فيها ولهم الشان في لغتهم. وهنا يلزم أن نقول أن تصرف الأتراك هذا وأمثاله في الألفاظ العربية صحيح عندهم، فلا يجب أن نأخذهم به، وهو مثل تصرف العرب في الألفاظ الغير العربية التي كانوا (ولا يزالون كذلك) يضطرون إلى استعمالها، فيقلبون، ويبدلون، ويزيدون، وينقصون، ويتصرفون فيها تصرف الملاّك فيما يملكون ومثل جمعه موضوعاً على (مواضيع) وهو غير فصيح أما السقطات النحوية فمنها قوله: (وربّ قائل أن يقول) فإقحام هذا الحرف هنا لا معنى له. ومنها قوله: (لغوية كانت أم نحوية) صوابه أو نحوية وقوله لم ينشرا تلك المقالتين (صوابه تينك المقالتين إلى غير ذلك. أما الأوهام المعنوية فمثل قوله: وهو يعني الأغلاط اللغوية (شوهت محاسن مقالاتهم وحطت من أفكارهم) اللغة آلة لا غاية وما هي من

العلوم النظرية التي يكون مدركها الفكر فمن يصبح ساقطة لغته، لا يلزم أن يكون ساقطاً فكره وهما على هذه البينونة والمسائل اللغوية لا دخل لها في العقل، وفي ضعف العقل، وقوله، ورقيه، وانحطاطه وهؤلاء إخواننا المتعلمون في غير بلادنا، لا يملك كثير منهم أن ينطق بلغته فوق أن يغلط فيها مع أنهم على جانب من العلم والمعرفة وقد ترقت أفكارهم كما يقولون ومثل قوله، وهو يريد الفصحاء من الكتاب واللغويين: (فيتتبعون حركات صحافينا ويقفون لهم بالمرصاد) وقد نعلم نحن أن تتبع حركات الناس ليس من شان الفصحاء ولا هو وظيفة علماء النقد بل وظيفة رجال الضبط والشرطة وموظفي السلطان) هذا وقد جاء في آخر مقالته وهو يستنهض علماء اللغة وحماتها القيمين عليها قوله: (ويجبرون الجاهلين منا بأسرار اللغة وغير الملمين بها على أن يتركوا طاولة التحرير) أنا لا اعرف بصيراً في لغة الفصحاء يركن إلى هذا التأليف الضعيف المغلوط فعسى أن ينصف الكاتب نفسه فيترك (طاولة) التحرير كما قال فأن في الآثار النافعة قولهم: رحم الله امرءاً عرف قدره ولم يتعد طوره. فإذا فعل ذلك دلنا على كرم أخلاق وسعة صدر وحبّ للحق ورضاً في النقد ثم له بعد ذلك أن يحرز ملكة الإنشاء

الصحيح فيتربع في دست الكتابة ونفاخر به إذا شاء كتاب العصر وأنا له لمن الشاكرين. النجف: ابن الأعرابي أسماء ما في السفينة 1: (الاشخاصة): شظية، تطير من السفينة. ويقولون (طارت أشخاصة): أي لوحة أو شظية. 2: (البندار): وزان غربال تحت الرقمة. وهو مخبأ يخبأ فيه الصفر والآنية والسلاح؛ وما أشبه. 3: (البيدار). بفتح الباء فتحاً غير بين، هو خشبة مسمورة على طول سوار جست الخير (أي المؤخر) مثقوبة ثقباً كبيراً من الوسط يدخل فيه حبل المجذب. 4: (التريك). بكسر التاء والراء المشددة المهملة وإسكان الياء. وفي الآخر كاف. وزان سكيت. لوحة السفينة التي تكون تحت (الدرميت) والتريك تكون للمهيلة والبلم وما أشبه. 5: (الجست). بفتح الجيم وكسر السين. ويجمع عندهم على (جسوت). ثلاث عوارض تفصل ربعات السفينة. يوضع طرفاها على جنبي السفينة من الأعلى. 6: (جسد السفينة). هو مجموع ألواح السفينة المسمورة بالعطوف. 7: (الجلنقة). بكسر الجيم واللام وإسكان النون والقاف بعدها هاء. خشبة مقوسة تجمع العطوف وتضبطها في مقدم السفينة ومؤخرها: وذلك

في المهيلة والبلم. 8: (الجمة). بفتح الجيم وتشديد الميم. وزان كنة. هي النقرة في السفينة تكون عند الدقل مما يلي المؤخر؛ وتقوم مقام البلوغة في الدور وذلك إذا رشحت السفينة ماءً فيجمعه الملاحون فيها ثم بعد فراغهم من الأشغال الضرورية ينزحونها. واكثر ما تكون الجمة في المهيلة والبلم. وهي عربية فصيحة. قال في المخصص. (. . . جمة المركب الموضع الذي يجتمع فيه الماء الراشح.) اهـ 9: (الدرميت). بضم الدال وإسكان الزاء وفتح الميم وإسكان الياء المثناة التحتية بعدها تاء طويلة. لوحة يبلغ عرضها 40 سنتيمتراً. ممدودة على طول جنبي المهيلة والبلم وما شاكلهما مما يلي داخل الحاشية وتكون في اسفل (الزبدرة). 10: (الدواية). وزان حكاية نقرة في (الفلس) يدخل فيها رأس الدقل الأسفل. 11: (ربعة الصدر، وربعة الوسط، وربعة الخير). والخير بكسر الخاء وهو المؤخر. والربعة فسحة تكون في المواضع المذكورة من السفينة وتكون فواصلها من أعلى (الجسوت). 12: (الرقمة): وزان نملة سطح السفينة مما يلي المؤخر والصدر. 13: (الرمامين). بكسر الراء والميم الثانية. أخشاب في صدر السفينة ومؤخرتها كالأوتاد. أصل وضعها كالرمانات تشد بها الحبال واحدتها رمانة.

14: (الزبدرة). بكسر الزاء المعجمة وفتح الباء وسكون الدال وفتح الراء بعدها هاء: حاشية المهيلة والبلم والطرادة والكعد والقروفي. 15: (الزغبة): وزان غرفة خشبة مسمورة بخشبة سوار الشيال من الوسط من فوق وهي بشكل المخدة ممالة (مسرحة) من طرفيها يبلغ طولها نحو 80 سنتيمتراً وارتفاعها من الوسط زهاء 40 سنتيمتراً. 16: (السيبات): بكسر فسكون. رمانتان تكونان عند العرشة في الجنب واللفظة مجموعة يراد بها المثنى وقد توجد السيبات وإن لم يكن في السفينة عرشة تسمى رمامين. 17: (سوار البطال): بتشديد الطاء. هو أحد الجسوت الذي يكون وراء سوار الشيال مما يلي المؤخر وقد اشتق اسمه من البطالة، لقلة الاحتياج إليه. 18: (سوار الشيال). هو العارضة التي يشد بها الدقل. وهو أحد الجسوت أيضاً. 19: (السيور). وزان قشور. أخشاب ممدودات على طول جنبي السفينة من باطنها وهي مخصوصات بالسفينة المطلية بالقير. 20: (الشيلمان). بفتح الشين المعجمة فتحاً ممالاً فيه أخشاب كالحنايا في جنبي السفينة اسفل الدرميت. توضع بين الفرمات وقد تقصر عن العطوف. والشيلمان يكون في المهيلة والبلم وما أشبه. 21: (الصنيديق). بالتصغير، خشبة ممالة (مسرحة). موصولة بالكلب فهي بين الكلب والقبيت.

22: (الطابق). خشبة ممدودة على طول المهيلة من الوسط وأول ما يسمر بها خشب الفرمات ثم العطوف. والطابق في السفينة لوح ساحتها المسمور بالعطوف وليس للبلم طابق. 23: (العبد). خشبة يربط بها الدقل من الأسفل، وهي في جنب السوار مما يلي صدر السفينة. 24: (العران). خشبة تمسك الدقل عند العبد ومحله بجنب الدقل مما يلي المؤخر. 25: (العرشة). وزان نملة وتجمع عندهم على (عرشات وعراش) واللفظة مشتقة من العريش قال في مجمع البحرين: (. . . العريش خيمة من خشب وثمام والجمع عرش) اهـ وهي تقوم مقام (القمارة) في المركب البخاري وقد تقدم وصفها عند وصف المهيلة والبلم. 26: (العطوف). وزان صفوف: الأخشاب الممدودة في ساحة المهيلة أو البلم من باطنها واحدها عطف. 27: (العقرب). خشبة ممدودة في صدر السفينة في باطن وسطها تقابل خشبة الميل. 28: (العنق) هو الطرف الأعلى من صدر كل سفينة ما خلا المهيلة والبلم. 29: (الغراب). مخبأٌ في السفينة، عند (الكامرة) من الأسفل شبيه بالصندوق يحفظ فيه الملاح عروضه. 30: (الفرمة). وزان غرفة: وتجمع عندهم على (فرمات) نوع من خشب العطوف تمتد إلى طرف الجنب الأعلى وأول ما تبنى السفينة

تبنى عليها. والفرمات خصيصات بالمهيلة والبلم وفي كل منهما خمس أو سبع فرمات ومحل الفرمة من المهيلة والبلم تحت الجست والسوار. 31: (الفلس). بالتحريك الممال فيه إلى الكسر. خشبة توضع تحت طرف الدقل من الأسفل. 32: (فنة الصدر، وفنة الخير) وزان كنة والخير هو المؤخر مرادف الزقمة. 33: (القبيت). بضم القاف وتشديد الباء المفتوحة فتحاً ممالاً فيه وفي الآخر تاء طويلة: هو الطرف الأعلى من المهيلة والبلم وما أشبههما. 34: (القوائم). أربع خشبات كالرمانات تكون في جنبي العرشة وكل من الرمانتين الأوليين تسمى (قائم العود). والعود بفتح العين فتحاً غير بينٍ. 35: (القون). بضم القاف وسكون الواو. أخشاب تكون في السفينة المطلية بالقير مثل الشيلمان في المهيلة والبلم. 36: (القيطان). وزان عيدان. حاشية الكنتة السفلى، أي مما يلي الماء أو خشبة ملصوقة بها مثل الخيط. 37: (الكافوت). وزان كابوس. والبعض يسميها المواليك خشبة ضخمة تكون في صدر السفينة، مما يلي الماء عند طرف الميل الأسفل، تحفظ السفينة من الخلل إذا صدمها شيء. والكافوت تكون في المهيلة والبلم والطرادة الكبيرة فقط. 38: (الكامرة) بإسكان الميم شيء كالمخدع يكون في صدر البلم ومؤخره. يفتح بابها من وجهها الأعلى، الذي تجاه السماء. يخبأُ فيها الطعام، والثياب

وما أشبه. والكلمة إيطالية الأصل. 39: (الكاورة). بإسكان الواو وفتح الراء أخشاب مقوسة مسمورة بطرفي سوار الدقل مما يلي جنب السفينة. 40: (الكاوية) مسمار يسمر الزغبة بالسوار يبلغ طوله 60 سنتيمتراً. 41: (الكاويات). واحدتها كاوية مسامير طول الواحد منها نحو 60 سنتيمتراً تسمر بها أخشاب الميل وجسد المهيلة وما أشبه من الأخشاب الضخمة في السفينة. 42: (الكلب) هو خشبة يبلغ طولها 80 سنتيمتراً وغلظها 15 سنتيمتراً. تعترض صدر السفينة الأعلى. ويمتد طرفاها خارجين عن جنبي السفينة قراب 20 سنتيمتراً وفائدته أن يشد به حبل الرباط وحبل الانجر وحبل الجوش. 43: (الكنتة) لوحة ممدودة على طول جنبي السفينة مما يلي الحاشية اسفل (الزبدرة) من الخارج أي تجاه الماء يبلغ عرضها زهاء 40 سنتيمتراً. 44: (الكوابش). بضم ففتح. واحدها (كابش) وهي الفراغ الموجود بين العطفين في باطن السفينة من وسطها. 45: (الكوثل) مؤخر السفينة؛ وهو عربي فصيح قال الإسكافي (الكوثل ذنبها) يعني السفينة والكوثل من السفينة هو على الأصح موطن قريب من مؤخرها تلقى فيه الأحمال والأثقال وهو معرب من اليونانية من

46: (المروخ). وزان مبرد خشبة تكون في كل من طرفي سوار الشيال (أي الدقل) على طول جنبيه يفصل بينهما الشيال لتسنده إحداهما إذا مال إلى جانب من السفينة. 47: (المسحة) خشبة الطابق في المهيلة والبلم وما اشبه، وقد ذكرت. 48: (المشايات). بتشديد الشين أربع خشبات تكون في الجمة - يبنى عليها خشب الجمة - اثنتان منها تكونان ممدودتين من سوار الشيال إلى سوار البطال من فوق والخشبتان الأخريان تكونان ممدودتين من تحت على خشب العطوف. 49: (الميل) بكسر الميم وسكون الياء وفي الآخر لام خشبة مربعة النحت باستطالة يبلغ عرضها قراب 20 سنتيمتراً وعلوها نحو 15 سنتيمتراً ممدودة من طرف صدر السفينة الأعلى إلى الطابق مما يلي الماء. وكذلك من طرف مؤخر السفينة. والميل في المهيلة والبلم والطرادة والكعد والقروفي فقط. 50: (الهديف) بكسر الهاء كسراً غير بين وفتح الدال فتحاً ممالاً فيه وإسكان الباء وفي الآخر فاء. بالتصغير شيء يكون عند طرف مؤخر السفينة الأعلى مثل الصنيديق في الصدر. ومنه قول شاعرهم (هتلوش الخزعلي) أي الخزاعي:

كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

(امحمله لهديفها عانيتي) يريد بذلك أنها مشحونة إلى أقصى طرفيها. 51: (الهمص). بضم الهاء والميم وفي الآخر صاد: خشبة تجمع العطوف عند المؤخر والمقدم في القياريات كاظم الدجيلي نقد الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي أفندي زيدان صاحب الهلال 2 - أغلاطه النحوية اللغوية وأصول العربية قد بينا فيما سبق (447: 1 - 448) أن إنشاء صاحب الهلال سلس سهل يتدفق تدفقاً من معينه لا تكلف فيه ولا تعقيد ألا أنه يرد فيه بعض الألفاظ التي هي اجدر بالعامة منها بالخاصة. ومما جاء في هذا الجزء قوله في ص 15، 18، 19، 29، 37، 78، 94 الخ ناهيك!. . . وقد نبهنا على هذا الغلط 451: 1. وقوله في نحو آخر تلك الصفحة وأحوالهم العائلية. ولو قال البيتية لأجاد وافصح. وقال في ص 22 ولكنهم جاءوا والعلوم قد تحلبت. . . لليونان. ولا معنى لتحلبت هنا. ولو قال استجمت لكانت أوفى بالمقصود. وقال في ص 30 وتخرج منها (أي من مدرسة قنسرين) جماعة كبيرة من السريان. والأصح أن يقال خرج منها أو تخرج فيها. وفي ص 37 وجعلوا لبعضهم رواتب وجواري والأوفق أن يقال: وجرايات. وإن كان لقوله الجواري وجه في اللغة ولاشتقاق. وفي ص 41 تخفف بالغلائل والملايات. (كذا) ولا معنى للتخفف

هنا. لأن التخفف عندهم لبس الخف لا غير. ولا جرم أنه يريد أن يقول هنا لبس الخفيف من الثياب أو الشف منها. وتخفف لم ترد عندهم بهذا المعنى. وقال في تلك الصفحة: (واستبدل المضارب وفرشها الرمال، بقاعات فرشها البسط والسجاد.) وقد اكثر الكتاب من استعمال القاعة بمعنى الردهة والبهو وهي من المولد لا من الفصيح. ولا بأس من استعمالها. ألا أن جماعة من المتفصحين أنكروها ونسبوها إلى العامة. فهم غير محقين وقد وردت في كلام الشريف محمد بن اسعد الحراني المعروف بالنحوي قال: كان في داره (أي في دار ابن خنزابة التي تقابل دار السكاكي قاعة لطيفة مرخمة فيها أنواع الحشرات والهوام). اهـ وفي ص 46: وكنت في حياتك لي عظات. والأصح: وكانت. - وفي ص 54 في تجواله الأرض والأصح في تجواله في الأرض. وإن كان يجوز الأول على تأويل. - وفي ص 55 تأثير الشعر في الهيئة الاجتماعية بمعنى المجتمع البشري أو الإنساني أو الألفة. كما انهم يستعملون الهيئة بمعنى اللجنة أو الجماعة أو الجمعية وكل ذلك من المولد الحديث والوضع ومن تصرف الأتراك في الألفاظ وتراكيبها كما أنهم يقولون (المختارية) بمعنى (الاستقلال الشخصي أو الإداري) وذلك أنهم يذهبون إلى أن الاختيار هو من أوصاف الإنسان الحرّ في عمله. فيكون المختار ذلك الرجل الذي يتصرف بأعماله الشخصية بمجرد اختياره. ومنه معنى الاستقلال الشخصي أو الإداري. ويقولون (التداركات العسكرية) مثلاً وهم يريدون بها التجهيزات العسكرية أو التعبئة وكل

ذلك من أوضاعهم وتصرفهم في لغتنا على غير هدى. - ولا نعلم كيف اخرجوا معنى لفظة الهيئة إلى المجتمع أو الجماعة أو اللجنة ألا أن يكون من باب التوسع الرحب بالألفاظ وذلك أن الناس إذا اجتمعوا فلابد لهم من هيئة يكونون عليها فالهيئة ملازمة للاجتماع كما لا يكون الاجتماع ألا ولهُ هيئة وعلى كلٍ فهو لم يسمع عن عربي فصيح قديم بل عن العرب المولدين فقط وقوم من الأتراك أو خالطوا الأتراك ونحن في غنىً عن تصرفهم في لغتنا ولا سيما عند وجود ألفاظ بمعناها سابقة لوضعهم هذا الركيك والضعيف الإشارة إلى اصله العائد إليه وفي تلك الصفحة: وكتبوهُ (أي الشعر) في صدور مجالسهم وعلى القباب والمستنظرات والأبواب ولم ترد المستنظرات بمعنى المنظرات أو المناظر. وفي ص 56: وآخرون انحازوا للشيعة العلوية والأصح انحازوا إلى الشيعة العلوية. وفي ص 61 وقد تقدم أنه هو وبشار وأبا العتاهية والأصح وأبو العتاهية وفي ص 94 وعدة عائلات والأفصح عدة بيوت أو أسر أو عشائر. وفي ص 166: أنه (أي الأدب) كان في العصر الماضي قاصراً على النقل وهذا من تعبير العوام. والأفصح مقصوراً على النقل وقد تكررت اللفظة في كتابه ومؤلفاته مراراً عديدة. - وفي ص 175: وله كتب أخرى هامة وهو يريد مهمة. وكثيراً ما يستعمل تلك اللفظة وهو يريد بها هذه. ولا وجه لها في العربية ألا من باب التخرج الحرج. وقد تكررت في كتابه هذا ومؤلفاته مراراً لا تحصى.

وفي ص 209: (وأصحابها ثقة) والأفصح ثقات. وإن كان لقوله وجه صحيح باعتبار تنزيل الجميع في المنزلة الواحدة من الثقة وفي ص 213 كان كثير التضلع في العلوم. والأصح من العلوم. وفي تلك الصفحة: وكلاهما موجودان. والأفصح موجود. وفي ص 221: غضب على بختيشوع الطبيب وقبض ماله ونفاه إلى البحرين. والأفصح أن يقال هنا وقبض على ماله. وفي ص 242: لم يقتصر التصدي للنقد على الأدباء أو الشعراء. والأصح لم يقتصر التصدي لنقد الأدباء أو الشعراء. وفي ص 245 عريق بالعروبة والأصح في العروبة وفي ص 246 في بادية سماوة. والأصح في بادية السماوة بال التعريف والتعريف لا ينقطع عنها ألا على لغة الترك فأنهم يقولون موصل، حلة، بصرة، في الموصل والحلة والبصرة. وفي ص 247: وحلوا شعرها إلى نثر والأصح حلوا شعرها نثراً. - وفي ص 249: هو أبو فراس الحرث بن أبي العلاء. . . فهو شاعر أمير. والأصح حذف (فهو). - وفي ص 253: وفي ألفاظه قعقعة وانين. والأفصح قعقعة وجعجعة أو قعقعة وطنين لأن الأنين لا يوافق القعقعة. وفي ص 266 عرَّب كلمة كلاسيك بالطريقة المدرسية والعرب يقولون: الطريقة الفصحى. وفي ص 275: وينظر في الأربعة والخمسة الأوراق والأصح في الأربع والخمس الأوراق لأنها جمع ورقة وورقة مؤنثة. - وفي ص 279 وأَأْباهم للضيم والأصح وآباهم للضيم - وفي ص 291: (يظهر أن العرب قلما اهتموا لهذا الفن والأصح اهتموا بهذا الفن لأنه يقال: اهتم له بأمره. لا اهتم به لأمره.

العدد 18

العدد 18 السويديون السويديون أسرة شريفة كريمة عريقة الفضل والنسب والعلم والأدب نبغ منها رجال مبرزون في فنون المعارف والآداب العربية في عصور مختلفة وقد صنفوا التصانيف المفيدة والتآليف العديدة فأفادوا من جاء بعدهم ببعضها إن لم يكن بجميعها كما استفادوا هم من الذين قبلهم. السويديون عباسيو النسب شافعيو المذهب بغداديو المنشأ والتربية والآداب والتحصيل أولاً وأخراً. نشأ أباء السويديين الأولون في بغداد على ما ذكروه في نسبهم وهم الخلفاء مثل محمد الأمين وهارون الرشيد ومحمد المهدي وعبد الله المنصور ثم لما انتقلت الخلافة إلى سامراء بانتقال المعتصم إليها وبنى المتوكل فيها قصوره في الجعفري أو الجعفرية فانتقل إليها قطن أباء السويديين منذ ذلك الحين الدور التي هي قرب الجعفريّ أو الجعفرية وما زالوا فيها حتى أواخر القرن العاشر من الهجرة وأول رجل منهم وصلنا خبره في بغداد هو

ناصر الدين الجد الثالث للشيخ عبد الله السويدي ولم تزل أسرة السويديين تقطن الكرخ الجانب الغربي من بغداد حتى يومنا هذا. أما الاسم الذي نبه به ذكر السويديين فهو عبد الله بن حسين بن مرعي بن الشيخ ناصر الدين وأن كان قد نبغ بعد عبد الله من هو اعلم منه بكثير مثل الشيخ علي ومثل الشيخ عبد الرحمن. - وسنأتي على ترجمتها في هذه العجالة إن شاء الله تعالى. - ولكن الفضل للمتقدم.

هذا وبعد تمهيد هذه المقدمة نأتي على ذكر تراجم عشرة رجال منهم أولهم الشيخ عبد الله وأخرهم الشيخ سليمان على حسب ترتيب الأباء والأبناء لا على حسب ترتيب حروف الهجاء. فنقول: 1 - الشيخ عبد الله السويدي 1: (نسبه): هو أبو البركات عبد الله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين بن الحسين بن علي بن احمد بن محمد المدلل بن الحسين بن علي بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي بكر بن الفضل بن احمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن احمد بن اسحق بن جعفر بن احمد بن الموفق طلحة بن جعفر بن محمد بن الرشيد بن محمد بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي القرشي 2 - : (مولده ومنشأه وتربيته): ولد الشيخ عبد الله في الكرخ الجانب الغربي من بغداد وذلك سنة 1104هـ - 1692م وما بلغ من العمر ست سنوات إلا ودهمت والده المنية فكفله عمه لامه (خاله) الشيخ احمد بن سويد فنسب إليه منذ ذاك الحين ومنذ ذاك العهد اخذ بتهذيبه

فاقرأه القران وعلمه صنعة الكتابة وشيئاً من الفقه والنحو والصرف وبعده أجازه بما يجوز له. 3 - : (اشتغاله وتحصيله وأساتذته): وبعد أن درس في بغداد على الشيخ حسين بن نوح المعمر الحنفي البغدادي وعلى الشيخ سلطان بن ناصر الجبوري الشافعي الخابوري ارتحل في طلب العلم إلى الموصل فدرس فيها علي ياسين أفندي الحنفي وفتح الله أفندي الحنفي ثم كر راجعاً إلى بغداد وقد أتم المادة في العلوم العقلية والنقلية وعند وروده بغداد قرأَ فيها شيئاً كثيراً من الفقه والأصول على الشيخ محمد الرحبي مفتي الشافعية ببغداد ثم تصدر للتدريس والإفادة في داره وفي جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وفي المدرسة المرجانية وفي يوم الأحد 21 من شهر شوال سنة 1156هـ - 1743م طلب لمعسكر نادر شاه في النجف للمناظرة مع علماء إيران والتحكيم في الخلاف الذي بينهم وقد كانوا من ثلاث بلاد مختلفة: من إيران وأفغانستان وما وراء النهر. وفي سنة 1175هـ - 1761م حج بيت الله الحرام متخذاً طريق الموصل فحلب

فدمشق وقد اخذ فيها عن عدة مشايخ ودرس في طريقه دروساً عامة وخاصة وقد اخذ عنه فيها خلق كثير منهم الشيخ محمد العقاد الشافعي ودرس أيضاً في المدينة المنوَّرة في الروضة المطهرة أطراف الكتب الستة وحضره الأَئمة والأفاضل. 4 - (مؤلفاته): وبعد رجوعه من الحج عكف على تأْليف المؤلفات النافعة فألف من الكتب كتاب الجمانات في الاستعارة وكتاب الأمثال السائرة وقد طبع في مصر 1324هـ وكتاب النفحة المسكية في الرحلة المكية جمع فيه من الأخبار والمحاورات وما أشبه من أنواع الأدب شيئاً كثيراً وذكر فيها قصة نادر شاه وما جرى من الأبحاث له مع علماء إيران وقد طبعت تلك المحاورة على حدة باسم الحجج القطعية لاتفاق الفرق الإسلامية في مصر سنة 1324هـ ولها ترجمة تركية أوسع منها نطاقاً طبعت أيضاً في مصر سنة 1326هـ وله من الشروح والحواشي كتاب رشف الضرب شرح لامية العرب وكتاب أتحاف الحبيب حاشية على مغني اللبيب جعلها محاكمة بين شراح المغنى والدماميني والشمني وابن الملا والماتن وله كتاب انفع الوسائل شرح الدلائل (أي دلائل الخيرات) وديوان شعر. 5 - (نظمه ونثره): قل من العلماء من يبرع في العلم والشعر فيكون عالماً فاضلاً وشاعراً ماهراً معاً وشيخنا المترجم قد حاز قصب السبق في كليهما فقد بلغ في الأدب شأُواً بعيداً ونال فيه منزلةً ترفعه بين الأدباء وله نظم يزري بالمنظوم ونثر يهزأُ بالمنثور ومن نظمه قوله وقد ضمنها مقامته الأمثال السائرة:

تهيأ لأشجان بقلبك حلت ... وعقد وكاء العين للدمع حلت ستبكي إذا بِناَّ وتنشد كلما ... تذكرتنا في كل يوم وليلة (وما كنت ادري قبل عزة ما البكا ... ولا موجعات القلب حتى تولت) وله من الشعر المزدوج وقد ضمنها مقامته أيضاً: إلى مَ تطلب الجد ... وتبغي الحظ والجد وتعني الكبر والجد ... بذكر الأب والجد تجنب جانب الزهو ... وخل عنك ذا السهو إلى مَ أنت في لهو ... ولا كسب ولا كد إلى كم أنت تعتل ... وكل الشر تفعل فعن ذا الفعل تُسأَل ... فما الجواب والرد تجنب قول من ذم ... وإن خص وإن عم ولا تصغ لمن نم ... ولو جاَءك بالحمد إذا حل بك الموت ... أَجبت داعي الفوت ولا حس ولا صوت ... وهذا آخر العهد هناك تخشى الأهوال ... وليس تجدي الآمال ولا أهل ولا مال ... ولا عرض ولا نقد وقال وقد أهداه أحد أصحابه في يوم واحد ثلاث هدايا وكان لصاحبه

الطباعة

المذكور غلام اسمه عطية فورى به: يا فاضلاً لا يجارى ... في البحث بين البريه وسيداً ذا أيادٍ ... بالشكر مني حريه غمرتني بالعطايا ... وكان حسبي عطيه ولهُ في الغزل والنسيب شعر يدخل الأذن بغير أذن لو كناه لعدم مناسبة موضوعه للمجلة وأما نثره فحسبه مقامته الأمثال السائرة ومن طالعها عرف علو كعبه في النثر. 6 - (افول شمسه): وفي ضحوة يوم السبت حادي عشر شهر شوال سنة 1174هـ - 1760م انتقل من الدار الفانية إلى الدار الباقية ودفن في جوار معروف الكرخي وقد عمر في الدنيا سبعين سنةً وأعقب من الأولاد أربعة وهم عبد الرحمن ومحمد سعيد وإبراهيم واحمد وكلهم برعوا في فنون العلم والأدب. كاظم الدجيلي الطباعة 1 - فوائد الطباعة للطباعة فوائد جليلة، ومنافع عديدة، إذ بها انتشرت العلوم الحديثة، وصار أفقر العباد في هذا القرن يقتني من الكتب والأسفار ما ليس في إمكان أغنى الأغنياء في القرن الثالث عشر والذي قبله أن يقتني عشر معشاره لقلة الكتب وندرة وجودها وغلاء أثمانها في هاتيك القرون الغابرة وكثرتها بواسطة الطباعة في هذا القرن فكم من كتاب جليل كثير النفع عظيم

الفائدة كان في ما سلف في زوايا النسيان قد انتشر اليوم بفضل الطباعة وتناولته الأيدي واستنارت الأمم بنبراسهِ، وكم من كتب موسوعات العلوم كانت في ما سبق باهضة الأثمان، لا يتمكن اقتناؤها إلا المثرون والملوك، فكان الفقير يتحسر على رؤيتها ويذوب شوقاً إليها فلا يمكنه شراؤها لقلة ما في يده، وكم من أرباب الذكاء والدهاء لو كان في أزمانهم من الوسائل التي تنشر أفكارهم وتبث آراءَهم بين الأمم والشعوب لخدموا المجتمع البشري خدمة ظهرت فوائدها، واقتطفت ثمراتها، وكم من علماء أعلام وأساتذة فخام، وباحثين وأطباء وبلغاء وفصحاء وملوك فاتحين، اندرست آثارهم، وغابت عنا أخبارهم بضياع دفاترهم ودواوين أخبارهم، لخلو الطباعة في هاتيك الأزمنة الغابرة لتنشرها بين الأقوام وبقي مجتمعنا اليوم محروماً من الوقوف على سيرهم وأديانهم ومدنيتهم إلا شيئاً طفيفاً استخرجه الباحثون من بين القبور في بلاد الفراعنة، وفي كهوف الجبال في فنيقية وفارس، ومن بين الخرائب في بابل ونينوى، فما هذه المدنية التي فضلت فيها قرننا الحاضر القرون الغابرة، وما هذه الكتب المفيدة والأسفار الكبيرة، التي حوت كل فكر سامٍ وعلم جليل، ورأي ثاقب إلا ثمرة من ثمرات المطابع وما سر هذه الحياة وعلة هذه المدنية التي أبهرت العقول، بل ما هذه النهضات الأدبية، والاجتماعية، والاخلاقية، والسياسية التي نراها كل يوم بين الشعوب إلا وهي نتيجة ذلك المخترع العظيم لذاك الاختراع الجليل. 2 - اختراع فن الطباعة المشهور أن أول من اخترع فن الطباعة، وأذاعه بين الأمم والشعوب

هو رجل اسمه غوتنبرغ وكان ذلك في أواسط القرن الخامس عشر حينما كانت الأفكار ناضجة في أوروبا أي أنه اخترعها سنة 1441م وأذاعها سنة 1454م بيد أن هذا المخترع العظيم لم يكن يكتفي بظواهر هذا الاختراع ويقنع بما ناله من شعبه من التبجيل والإكرام بل اخذ على نفسه طبع الكتب النفيسة والأسفار العتيقة لينشرها في العالم الأوربي. فكان أول كتاب طبعه التوراة الكريمة سنة 1456م وكتاب الزبور باللاتينية سنة 1457م. ولما ظهرت فوائد الطباعة للعيان أخذت الشعوب الناهضة باقتناء الكتب والآثار الدينية لرخص أثمانها وكانت إنكلترة هي السابقة إلى نشر الطباعة والكتب في بلادها. ففي السنة التي فيها طبع غوتنبرغ كتاب الزبور دخل فن الطباعة إنكلترة على يد أحد التجار وأول مطبعة أنشئت في إنكلترة كانت في وستمنستر سنة 1474م وقد كان فن الطباعة في بادئ أمره ناقصاً محتاجاً إلى إصلاح فارتقى رويداً رويداً عملاً بسنة النشوء والارتقاء حتى إذا جاء القرن الثامن عشر اخترع الأستاذ الوئيس سنفلدير الألماني الطبع على الحجر بصورة سهلة فتوسعت بذلك الطباعة وصارت تتناول الكتب الفلسفية والجرائد والمجلات وكتب موسوعات العلوم بعد أن كانت مقصورة على طبع الكتب الدينية والردود والمنشورات التي كانت قائمة بين لوثير مؤسس البروتستانية وأشياعه والبابا رئيس الديانة الكاثوليكية واتباعه، وهكذا انتشرت الطباعة بين الشعوب والأقوام السريعة الخطوات نحو المدنية.

فاستنارت الأمم بحضارتي الرومان واليونان ووقف العالم الغربي على سرائرهما ودخائلهما بعد أن كان لعب بكتبهما الزمان وغادرها مطروحة في زوايا الإهمال حتى اخذ كل فرد يقتنيها من غير تكلف وعناء. 3 - الطباعة في بابل وأشور وهنا لا بأس من أن نزيف أقوال البعض الذين أنكروا على غوتنبرغ اختراع فن الطبع وزعموا أنه يرتقي إلى عهد البابليين والآشوريين حينما كانوا يطبعون أدعيتهم للآلهة على ألواح صغيرة من الصلصال مستدلين على ذلك بما عثر عليه النقابون في خرائب بابل من ديار العراق وفي أشور قرب نينوى من تلك الألواح التي تؤيد مزاعمهم بيد أن ذلك مردود بأن مثل هذا لا يصدق عليه فن الطبع ولو صدق عليه لجاز لنا أن ننسب فن الطبع إلى الأمم التي كانت قبل أمة الآشوريين والبابليين كالأكديين والسومريين والعيلاميين الذين وجد الباحثون من آثارهم شيئاً كثيراً كالرقم المسمارية والآجر المكتوب عليها أخبارهم وسير ملوكهم وأحوالهم وحروبهم مع أننا لم ننسب ذلك إليهم ولم نسمع أحداً قال بذلك إذ أن فن الطبع غير الكتابة على الأحجار والألواح. أما وقد رأَيت بطلان هذا الرأي فلا بأس من أن نزيف أيضاً أقوال الناسبين اختراع فن الطباعة إلى رجل يدعى فست وذلك سنة 1441م أو إلى آخر يدعى كستر وأنه اخترعها سنة 1423م أي قبل فست بثماني عشرة سنة قلنا أن هذا الرأي مردود أيضاً لأنه أن كان هؤلاء الرجال في عصر واحدٍ فما الذي أقعدهم عن أن يكذبوا غوتنبرغ ويدعوا الاختراع لأنفسهم ولو فرضنا أن المخترعين لهذا الفن قد توفيا قبل

ادعاء غوتنبرغ ذلك له ولم يكن وقتئذ أحد عالماً بذلك فمن الذي أوصل إلينا خبر نسبة اختراع فن الطباعة إلى هذين الرجلين ولو سلمنا جدلاً أن المطلعين على الحقيقة أبوا أن يذيعوها إذ أنه مما يلطخ صفحة تاريخ غوتنبرغ بلطخة سوداء وهو مما كانوا يتحاشونه خوفاً على شرف الرجل فهل نسلم بأن أولئك الرواة الذين غضوا نظرهم عن منكر ليس كسائر المنكرات وجريمة باهظة لا يمكن الطعن بهم وبروايتهم أو لا تخلو أقوالهم من دسيسة وافتراء. كلا ثم كلا: إذاً أن مخترع فن الطباعة هو غوتنبرغ صاحب الراية البيضاء على العالم فلا يجب حينئذٍ أن نبخس حقه أو ننكر عليه سعيه بل يجب أن لا نذكر اسمه إلا ومقروناً بالتجلة والاحترام فجزاه الله عن العلم خيراً. 4 - الطباعة في البلاد العثمانية القسطنطينية اسبق البلاد العثمانية إلى صناعة الطبع النفيسة وكان سلاطين آل عثمان في بادئ الأمر لا ينظرون إلى الطباعة بعين الاهتمام والرضى لأنهم كانوا يخشون أن تتشوه محاسن الكتب الدينية أو يعتريها بعض التحريف بواسطة الطبع حتى أن السلطان بيازيد خان الثاني نشر منشوراً عالياً سنة 1485م حظر فيه على رعاياه اتخاذ المطبوعات ولما جلس السلطان الغازي سليم خان الأول على سرير الملك أيد منشور أبيه بأمر عال أصدره سنة 1515م على أن ذلك لم يكن يحول دون انتشار الطباعة في البلاد العثمانية إلا موقتاً

وأول من سعى بإنشاء مطبعة في الأستانة رجل يهودي عالم كان من أرباب الثروة والجاه متقرباً من رجال الإدارة في العاصمة يدعى اسحق جرسون وكان قصده من ذلك أن ينشر بين أهل ملته الكتب المطبوعة ويغنيهم عن المؤلفات التي لا يحصل عليها إلا بالمشقات لقلة وجودها وندرتها ويرتقي عهد هذه المطبعة إلى القرن الخامس عشر وكانت تطبع الكتب العربية بحروف عبرانية وهي على ما يرويه لنا التاريخ أول مطبعة شرقية أدت للآداب العبرية خدمة جليلة مدة ثلاثة قرون. أما الطباعة بالحروف العربية فقد دخلت الأستانة لأول مرة على يد محمد جلبي المعروف بيكرمي سكز وابنه سعيد أفندي في عهد السلطان الغازي سليم خان الثالث، وكانا من ذوي المدارك السامية، والهمم العالية وكان محمد أفندي سفيراً للدولة العلية في باريس فلفتت أنظاره المطابع الفرنسوية فأراد أن يتحف بها الأستانة فاخذ يستميل أراء كبار رجال العلم والأدب إلى هذا المشروع الكثير النفع وإخراجه إلى حيز الوجود وبدهائه واجتهاده اجتذب كبار رجال الدولة واستمال إليه الصدر الأعظم إبراهيم باشا صهر السلطان فأيد مشروعه ونصره في مهمته وأمده بأموال طائلة واصدر بحقه أمراً سامياً يجيز له طبع كل الكتب إلا الدينية كالتفسير والحديث والفقه بيد أنه أستحصل أخيراً فتوى أجازت له طبع الكتب الدينية أيضاً واليك صورة الاستفتاء بحروفها (وأظن أن هذا الاستفتاء هو بشأن جواز الطبع كما يفهم منه): (ما قولكم دام فضلكم في ما يقوله زيد ويدعيه عمرو من أنه يقدر على

نقش صور كلمات وحروف المؤلفات في العلوم الآلية: القواميس والمنطق والحكمة والفلك وجمعها في قالب وطبعها على الورق واستحصال نسخ كثيرة من هذه الكتب فهل يجوز له ذلك شرعاً أفتونا مأجورين) وقد أفتى له بجواز ذلك عبد الله أفندي شيخ الإسلام في ذلك الزمان واليك صورة الفتوى: (إن زيداً الذي برع في صناعة الطبع إذا نقش صحيحاً على الورق فأنه يحصل على نسخ كثيرة من غير عناء وتعب وهذا مما يستوجب رخص أثمان الكتب والمؤلفات ومن ثم تتداولها الأيدي وبذلك تعم الفائدة وتشمل كل طبقات الناس وعليه يجوز شرعاً الطبع على الوجه المذكور ويستحسن تأليف لجنة لتصحيح الكتب المراد نقشها والله اعلم). وقد اتفق أن سعيد أفندي فتش على رجل عالم بفن الطباعة ماهر بهذه الصناعة فسمع بشهرة (إبراهيم اغا متفرقة) وكان من حراس القصر السلطاني من أهل المجردان بالإسلام فحادثه على أن يساعده في هذه المهمة فاتفق معه فأخذا يبذلان جدهما في تأسيس مطبعة وجلب آلاتها وسكب قوالب حروفها وكان أول كتاب طبعاه ترجمة صحاح الجوهري سنة 1141هـ - 1728م وكتاب تحفة الكبار في أسفار البحار المسمى بتاريخ الحاج خليفة في تلك السنة عينها وتعددت بعد ذلك مطبوعاتها. ولما توفي (إبراهيم آغا متفرقة) أخذت المطبعة في الانحطاط والنزول إذ خلفه في أدارتها إبراهيم أفندي من القضاة السابقين إلى أن توفي هذا أيضاً فتعطلت مدة تزيد على 20 سنة ثم فتحت سنة 1198هـ - 1782م

وطبعت فيها أهم الكتب النفيسة وأكثرها لغوية وتاريخية وفنية ولما نجحت هذه المهمة ورأى المنورون فوائد الطبع وسهولة اقتناء الكتب بواسطتها انتشرت في سائر البلاد العثمانية وكثرت المطابع فيها ولم يأُت القرن التاسع عشر إلا وكثرت المطبوعات وتعددت ونمت نمواً باهراً ومن أشهر المطابع العربية في الأستانة في ذك القرن مطبعة الجوائب وكان لها اليد الطولى على النهضة العربية بمطبوعاتها النادرة. 5 - المطابع في سورية أما المطابع في البلاد العربية فدخلت أولاً (لبنان) على يد الراهب الماروني عبد الله ضاهر سنة 1141 وكان لها مطبوعات جمة ليس هنا محل ذكرها ودخلت الطباعة حلب في القرن الثامن عشر وأول مطبعة ظهرت فيها على ما نعلم المطبعة الحلبية المارونية سنة 1857م ومنشئها المطران يوسف مطر. وهي باقية حتى الآن وادخل الطباعة إلى بيروت الروم الأرثوذكس في أواسط القرن الثامن عشر وأول مطبعة أسست فيها مطبعة القديس جاورجيوس وأول مطبعة ظهرت في الشام المطبعة الحنفية وهي التي أحضرها من ديار الغرب المرحوم حنا الدوماني سنة 1272هـ 1855م وهي الآن متروكة لما انتابها من العراقيل ويليها في القدم مطبعة ولاية سورية أنشئت سنة 1282هـ - 1862م وفيها تطبع جريدة سورية الرسمية وأول من ادخل الطباعة إلى القدس الآباء الفرنسيسيون وأسسوا مطبعتهم فيها سنة 1846م بمساعدة الإمبراطور فرانسوا جوزيف النمسوي. هذا مختصر تاريخ الطباعة بالحروف العربية في ربوع سورية بقي علينا

أفكار الغربيين نحونا

أن نبحث عن تاريخ الطباعة في ديار العراق التي هي من صميم البلاد العربية وعلى ذلك نبتدئ أولاً بتاريخ الطباعة في بغداد لأنها قاعدة العراق وقلبه الحقيقي إبراهيم حلمي أفكار الغربيين نحونا لا ينكر أحد من الذين نور الله بصائرهم بنور الهدى أن للغربيين على الشرقيين يداً بيضاء لا تقوم بشكرها الألسن. كيف لا ونرى الشرقي المدرب متى حاول كتابة شيء عن الشرق وأبنائه بل عن قطره نفسه لا يقدر أن يفي الموضوع حقه بدون أن يراجع الكتب التي كتبها الإفرنج في موضوعه ويشرف عليه أتم الإشراف. والسبب الذي يجعل الشرقي مفتقراً إلى الغربي هو ما تعوده من المبالغة في أكثر الأشياء التي يكتب عنها حتى أن المبالغة فيها ربما جاءت أضعاف الأضعاف. أو هو خلوه من استقصاء الأخبار، وتمام ما يتعلق بها. وبما أن الغربيين قد جبلوا على نبذ المبالغة. وعلى تحري الحقائق مع البحث والتنقيب عنها بكل سعة وتفرغ. تراهم يتكبدون لها مشاق يقف دونها الهمام المقدام عاجزاً. بل تراهم غير هيابين ولا مبالين بصرف المصاريف الباهظة والمخاطرة بنفوسهم ونفائسهم. وهم مع كل ذلك لا يأُلون جهداً في السعي وراء ضالتهم المنشودة. هذا ومع حرصهم على تدوين الحقائق تراهم يخطئون في بعض ما يكتبون خطأُ

بيناً خصوصاً في كتاباتهم التي تختص بالمذاهب والأديان. وقد يعذرهم المنصف العارف بعوائد الشرقيين وأخلاقهم لأن ثمة سراً لا يقدر أن يطلع عليه غير الشرقي نفسه وسببه جهله الفاشي بين اظهر أصحابه فشوّاً فاحشاً سيما العراقيين منهم. فالعراقيون يخلطون الواجب بالمستحب، والحلال بالحرام، والأصل بالفرع، والفرع بالبدعة، والبدعة بالعادة، والعادة بالخرافة، ويعتبرون الجميع من أصل واحد. وينسبونها كلها إلى صدر الإسلام. وربما يعزونها إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) أو إلى صحابته الكرام (رض) بلا سند ولا دليل. وإذا اعترض عليهم معترض كفروه في الحال ونسبوه إلى الزندقة والإلحاد. والإسلام براء مما يزعمون. إذا سأل الغربي الذي لا يعرف من الشرقيين إلا صورهم وأسماءهم وأزياءهم سؤالاً يوجهه إلى العراقي ليستخبره عن عمل رآه يعمله أو يقوم بواجب: هل هذا من أصل الدين أو فروعه أو بدعة ابتدعها أحد المسلمين أو عادة تعودها العراقيون من القديم. فلا يجيبه إلا بعكس ما سأله وغير ما قصده ظناً منه أنه إذا أوهمه بالجواب وأضله بالكلام لا يحصل ذاك على نتيجة منه فيرجع حينئذٍ بخفي حنين. وذلك لاعتقاد بعض الجامدين حرمة كشف أستار الدين للرجل الذي ليس من المسلمين. أو تعصباً منه لفرقته حتى على الفرقة التي تناوئها من فرق المسلمين أنفسهم. أو حذراً من الانتقاد أو وقوعاً لسوء تفاهم بين السائل والمسؤول. فإذا سمع الغربي هذا الجواب، دونه في ديوان رحلته وجعله غاية سؤاله واخذ بعدئذٍ بتعليق حواشٍ وتفاسير عليه ظناً منه أنه لم يرو له إلا الصحيح.

لما تعوده من صدق اللهجة وحرية الضمير في أبناء قومه ولم يدر (شتان بين مشرق ومغرب) والذي حداني على كتابة هذه الأسطر هو ما كتبته مجلة الالستراسيون الباريسية من مقالة تحت عنوان (مكة الثانية) على رواية رجل غربي أقام في كربلاء مدة. ولما كان الكاتب والراوي قد اخطأا فيما كتبا في عدة مواضع من المقالة نفسها، أحببت نشرها لأعلق عليها بعض الحواشي إيضاحاً لما التبس عليهما أو إصلاحاً لخطأهما. لأن المقالة تمس الفرقة التي أنا منها ولأن أهل مكة أدرى بشعابها. وإليك المقالة برمتها معربة بقلم صاحب المجلة. قال الكاتب: لقد استفاض بين الناس أن دين محمد لا يميل بمومنيه إلى آراء الحرية ومع ذلك ترى مسلمين كثيرين، ومن أشدهم تمسكا بدينهم يخالطون الكفار ويصادقونهم، وربما اتصلت قلوبهم بقلوب خلطائهم اتصالاً لا شبهة فيه. ولقد أثبتت حوادث بلاد الدولة العثمانية الحديثة أن إيمان المسلمين أو معتقدهم ليس من العقبات الكؤودة التي تحول دون التقدم والرقي وقبول بعض الآراء الحديثة وكما أن للفضيلة درجات فللتعصب أيضاً طبقات ومهما يكن من هذا الأمر فأن وجد بعض المسلمين يوجهون حسن التفاتهم إلى النصارى، ولا يظهرون اشمئزازهم من اليهود فاعلم يقيناً أن أولئك المحمديين هم سنيون. فتقواهم السمحة، وحسن ملاطفتهم لمن كانوا على غير دينهم، والأنس بمن جاورهم وخادنهم، يقابله عند الشيعة التعصب الشديد الذي ليس ورآءَهُ تعصب.

ويرتقي أصل هذه الفرقة إلى الحسين الابن الثاني لعلي بن أبي طالب، صهر محمد، والى واقعة محزنة دموية وقعت سنة 61 من الهجرة 68 للميلاد في العراق العربي أي في ديار بابل القديمة. بعد وفاة علي بن أبي طالب ثارت مباحثات شديدة، واحتدمت نيرانها بين خليفة المسلمين، رئيس السلطة الزمنية وبين الأئمة العلويين الذين كانوا يقولون أنه يحق لهم تدبير كل أمر في ما يتعلق بالدينيات فلما انتقلت الإمامة إلى

الحسين، وأصبح راس العلويين، هجر المدينة طالباً الكوفة تخلصاً من قبضة الخليفة. وكانت الكوفة يومئذٍ حاضرة العراق والعربي وأمهُ، وفيها من محبي العلويين جماعة دعته إليها. وبينما كان يسير في طريقه إذ بحبل حزبه انتكث. وذلك أنه بعث مسلم بن عقيل ابن عمه بمنزلة رئيس للكوفيين وإذا بجمع غدروه وقتلوه. وفي 3 من الشهر المحرم وصل الإمام إلى كربلاء ولم يكن يعرف ما وقع من الخيانة والغدر بمسلم فخيم مع قافلته، على شز هناك وما كاد يستقر إلا وفاجأَه جيش زحف ليهجم عليه. فقاسى العلويون مدة أسبوع من العذابات ما لا يصفه واصف ولا سيما الجوع والعطش وفي اليوم العاشر من الشهر المذكور وهو يوم عاشوراء قتل من تلك الزمرة كل من لم يمت في تلك المدة وكان عدد المتوفين جملة 18 شخصاً من أهل البيت و72 ممن كانوا برفقته. وأما النساء فأخذن إلى دمشق الشام. وبعد وفاة هؤلاء المظلومين، نبت في تلك الصحراء أزهار روايات وأحاديث مختلفة سقتها دماء الشهداء وغدت مذبحة كربلاء (ومعنى كربلاء محل الحب) كذا مرادفة للمحرقة الصادقة في لغة جميع محبي هؤلاء الشهداء. وأصبح الحسين نوعاً من المسيح، وقد ذبح لفداء الناس في الزمن الذي أتى فيه لينقل إليهم كلام الحياة. ومن الأحاديث المروية عند الشيعة أن جبريل اخبر محمداً ومحمداً أنبأ فاطمة الزهراء أبنته بأن الأمر ينتهي بأحد أبنائها على هذا الوجه وبأن قبره يشتهر كل الشهرة في الدنيا كلها. وتبنى حوله مدينة تكون بعيدة السمعة. ولقد تم الأمر طبقاً للنبوة.

فإن أحد الصحابة واسمه جابر جاء بعد 40 يوماً من وقوع تلك المذبحة الهائلة ليكرم قبر الإمام الشهيد. لأن محمداً كان قد قال له: (أن الحسين يقتل ويدفن في كربلاء وبعد 40 يوماً تبدأ زيارة قبره.) فكانت زيارة جابر أول زيارة لهذه التربة. ومنذ ذاك الحين بدأ تاريخ تأسيس كربلاء

أما اليوم فأن هذه المدينة أصبحت مقدس الشيعة ومحجهم بل مكتهم الثانية وهم يحمونها من غير المسلمين اكثر مما يحمون مكة عنهم، ويدافعون عن حرمها كثر مما يدافعون عم حرم مكة وأن كان في مكة الكعبة وفي الكعبة الحجر الأسود. ولقد بقيت كربلاء بعيدة عن كل انتهاك. وأننا لنظن أن أحسن ما كتب في كربلاء من المقالات هو ما أدرج في جريدة الطان (الفرنسوية) في نحو أواخر سنة 1907 وأوائل سنة 1908 ولم يسبقها سابق قبل ذلك العهد في تلك اللغة. بل ولم يكتب عن الأرجاء المجاورة لها قبل ذلك الأوان أما مكاتبنا الفاضل المختفي عنا باسم (المنصور) المستعار، فأنه دخل حرم كربلاء وقد توصلنا بواسطته إلى نشر رسوم داخل الصحن وكل ما يتعلق به ورسوم سائر مساجد مدينة كربلاء مع صور الزوار والمواكب الحافلة التي رآها، كما فعل سابقاً فنشر في عدد 7 ت 2 من مجلتنا رسوم قلب مكة وما فيها. (المقالة مصورة في الأصل). كربلاء جالسة تحت ظل النخل الوارف، بل راكبة الحسينية نهر متفرع من الفرات، ذلك الفرات الذي كانت قد نصبت عليه بابل، عرشها لزائل وقبل أن تصل المدينة ترى عن بعد من فوق رؤوس النخل والغرب

والصفصاف وسائر الأشجار قبب صحنيها القاشانية الآجر المتلألئة في الشمس، ومآذنها المغشاة بغلالة من الذهب الإبريز وهذان الصحنان هما صحنا الإمام الحسين والإمام العباس أخ الحسين من أبيه وأحد أصحابه المنكوبين. وكل من هذين الصحنين قائم في الموطن الذي قتل فيه صاحب الإمام الشهيد وخص به. في كل سنة ينسل إلى هاتين التربتين من كل حدب وصوب زرافات زرافات من أبناء الشيعة قادمين إليها من ديار العجم والهند وكوه قاف (قفقاز) والبلاد القاصية من قلب اسية حيث يكثر الشيعيون. وكربلاء بدون الزوار مدينة فارغة، بل لولا الزوار لما بقيت هذه المدينة إلى يومنا هذا. وفي الأيام التي لا يفد إليها الزوار - والزيارة تدوم سحابة السنة تقريباً وتبطل شيئاً في أيام الباحوراء فقط - ترى كربلاء خامدة ليس فيها إلا 15000 نسمة في الأكثر. وقد أخذهم النعاس فوق سطوحهم المتظللة بالنخل.

وإذا أردت آن تعرف تقى الشيعة على مدى القرون، اذهب وانظر ذينك الصحنين وسائر مساجد كربلاء ترها مزدانة بأفخر ما يجود به الحب والدين. فإن حيطانها مثلاً مغشاة بالآجر المطلي بالقاشاني الملون بالألوان الزاهية العجيب الصنع حتى انك لتقول: أنه لا يمكن للإنسان أن يحلم ببناءٍ أفخر مما يرى هناك. ففي جوانب الأبواب سهوات محكمة البناء بديعة الشكل على هيئة النخاريب، مرصعة بقطع من المرائي تأخذ بمجامع القلوب. وترى الأبواب مقوسة أقواسا فائقة الحسن، تكاد تنطبق على نفسها انطباقاً، وكلها مخرمة، وتخاريمها من الطاباق الغريب القطع والنحت والحفر، هذا ولا يمكننا أن نغفل عن ذكر العمد الرشيقة القد المتخذة من الخشب الفاخر، وهي تدعم البناء الذي يطوف بالحرم أبدع طواف. وهل من مذخر احسن من هذا المذخر. وهل لا يكون إلا دون ما يجدر برفات الإمام الذي أصبح لجماعة الشيعة مخلصاً وفادياً؟ وفي أقصى الحرم مصطبة نفيسة تحتها رمم الإمام، والمصطبة بديعة النقش والحفر، عجيبة الصبغ والتلوين، ترى من وراء مشبك من الشبه

المصمت، يظللها غشاء أو ستار هو بساط فريد الصنع، بل تحفة من تحف العالم، حاكته طائفة من مهرة صناع الفرس، ولا يمكن أن يقدر له ثمن لبديع أحكامه، وغرابة إتقانه. فهذا القبر هو غاية ما يرمي إليه الزوار الإمامية. فإذا وصلوا كربلاء ودخلوا الحرم يدنون من هذا المشبك اللزز ويتمسكون به بعبادةٍ وتقى، ثم يبسطون أيديهم ويصلون صلاة حارة ثم يرجعون إلى من حيث اتوا والوجه باش منور من كثرة فرحهم. إن صحن الحسين وقبره يبقيان في كل زمن قريبي المنال خلافاً لكعبة مكة وزوار كربلاء يكثرون في الشهر المحرم وهو الشهر الذي قتل فيه الإمام وأصحابه ولذا تراهم يجتمعون في تلك المدينة ويتحلبون إليها من كل صوب فتاتي القوافل مئاتٍ مئاتٍ. وعليه يكون شهر المحرم شهر الصلوات والأدعية والتوبة. فإذا جئت أنت في ذلك الأوان ترى أفنية الصحون ولا سيما فناء صحن

الحسين غاصاً بالمؤمنين، لأن من أول فرائض الزوار في كربلاء كما في مكة أن يذهبوا إلى الحرم بعد الوضوء. وبعد أن يصلوا صلاةً أولى في فناء الصحن يكونون أهلاً لأن يدخلوه آمنين فيزدحمون فيه أزدحامهم على السعادة القصوى بهلاهل وأصوات الفرح العظيمة وعلى رؤوسهم العمائم البيضاء إشارة إلى بياض قلوبهم. أما الحجاج الذين حجوا مكة والسادة الذين ينتمون إلى أهل البيت فأنهم يعتمون بالأخضر. وفي اغلب الأحايين تكون نساؤهم معهم. وقد تحجبن اشد الحجاب من قمة الرأس إلى أخمص الرجل.

من معتقد المسلمين أن المؤمن الذي يتمكن من أن يدفن في جوار مزار مدفون فيه أحد الأئمة أو نسيب من أنسباء أهل البيت أو واحد من الصحابة، فأن دخوله الجنة مضمون ويكون على الرحب والسعة. ولهذا السبب ترى في مسجد أيوب في الأستانة امتداد تلك المقبرة التي تبتدئ من الوادي حتى تتوقل التلال حيث تنتهي فيها. وترى بين تلك القبور العديدة غابة غبياء من السرو الأسود. وهكذا جرى الأمر في كربلاء. فأنك ترى المؤمنين في أقصى بلاد آسية يوجهون أدعيتهم إلى الله لينعم عليهم أن يدفنوا بعد موتهم في جوار قبر الحسين لينالوا شيئاً من آلاء

إمامته التي يجود بها على المخلصين له. وبالجملة فأن كربلاء أصبحت اليوم مدفناً عاماً لجميع أبناء الشيعة المبثوثين في ديار الله كلها جمعاء. ولولا أن الحكومة العثمانية تتدارك الأمر لأصبحت اليوم هذه المدينة مباءة الأمراض الوافدة، ومنبعث جراثيم الأدواء الوبيلة، لأن الجعفرية ينقلون إلى هذه المدينة جميع الموتى ويجوسون بها الديار الملوثة بالأوبئة أو غير الملوثة. هذا فضلا عن أن بين هؤلاء الموتى من توفوا بأمراض معدية اشد العدوى. فتراكم تلك الجثث في أرض واحدة، وفي موطن واحد من شأنهِ أن يجعل تلك البقعة من الأرض منبت الوباء، أو منبعث الطاعون، أو منتشر الهيضة على الدوام. ولقد عقد من تهمهم الصحة العمومية لجاناً عديدة لصدّ هجمات جيوش تلك الأدواء السارية السريعة العدوى الشديدة الفتك وأخذت ما في مكنتها من الوسائل لتثبيط فشوّ العدوى فضربت رسماً هو 50 فرنكاً على كل جثة تدخل كربلاء. ولو أمكنها لمنعت الدفن بتاتاً، لكنها تحترم عقائد الشيعة الوثيقة العرى، أو تخاف أن تثور ثائرة الفتنة والتعصب فيقوم بوجهها ما لم يمر بخلدها

البتة. وهذا الرسم رسم الدفن. يثمر للحكومة المحلية مبالغ طائلة ويمنع الفقراء من أن يفكروا بأن يدفنوا موتاهم في هذه البقعة الميمونة. أما الأغنياء الذين ورثوا الميت، فأن الأموال الطائلة التي وقعت إليهم بعد وفاته تحث الوارث إلى أن يسرع في دفن جثة ذاك الذي جاد عليه بتلك المبالغ الجسيمة وحينئذٍ لا يستطيع أي مصرفٍ ينفقه في وجه هذا العمل المبرور الملزوم به. وهكذا تنقل جثث أولئك الموتى من أقصى ديار آسية إلى هذه الديار المجاورة لنهر الفرات المشهور في التاريخ. فالدفنات الحافلة الشائقة كثيرة الوقوع إذاً في كربلاء ولقد شهد صاحب هذه المقالة موكب دفن واحد من هنود الشيعة وأئمة علمائهم الفحول، وكان قد نقل إلى كربلاء بمبالغ باهظة من الأصفر الرنان. ولما دخل المدينة تابوت هذا الرجل الكبير قامت له كربلاء كلها وذهب لاستقبال جثته عشرة آلاف شخص وكان أهل البلدة قد ركزوا أعلاماً ورايات مختلفة إِعضاماً للمصيبة. وكان الجمع يقف بجثته على كل خطوة يخطوها ليتلو الأدعية أو يسمعها. وطافوا بها حول الأسوار ودام الطواف ثلاث ساعات قبل أن يبلغوا الصحن وهذا المتوفى الذي جاء من بعيد ليسند رأسه الإسناد الأخير في كربلاء فاز بأنعام سام وهو أنه دفن في صحن الإمام الحسين وبقي القراء يقرءون على قبره بالتناوب ليل نهار مدة شهر. وقياماً بتأُدية حقوق الحقيقة نقول: إن المؤمنين القليلي التوفيق في

سوق الشيوخ

هذه الدنيا وجدوا لهم طريقاً ينكبون به عن القانون الذي سن للموتى فلا يحتاجون إلى أن يؤدوا ما عليهم من رسوم المكس. وهذا الطريق لا يستحسنه علماء الصحة ولا يوافقون عليه. لكن لا يمكن للموظفين أن يشددوا فيه ويعسفوا خوفاً من أن يؤدي بهم هذا التشديد إلى ما لا تحمد عقباه فماذا فعل أهل العوز المتدينون الذين لا تمكنهم حالهم من تادية ما حتم على الدفن؟ - أنهم لجئوا إلى وسائل تخفي جثة الميت على الموظفين بجباية المكس. فتارة يقطعون الميت أرباً أرباً، وطوراً يطحنون عظامه حتى تغدو كالدقيق وأخرى يجعلون تلك الأخطاء تحت ثيابهم التي يتسترون بها من الداخل. وبالجملة يستعملون وسائل لا تخطر على بال بشر ليتوصلوا إلى أن يخلطوا رمم الميت بالرمال التي تسفيها أرياح كربلاء حتى يقال عنه أنه أحصي بين موتى تلك المدينة الحسينية. (البقية تأتي) سوق الشيوخ - 1 - موقع هذه المدينة وحدودها قضاء سوق الشيوخ من مدن العراق الحديثة واقع على ضفة الفرات اليمنى قريباً من الدرجة 30 عرضاً ونحو الدرجة 44 طولاً من باريس وهو في جنوبي لواء المنتفق. يحده شمالاً وشرقاً الفرات. وجنوباً وغرباً الصحراء الشامية وهو يبعد 40 كيلومتراً عن الناصرية وهو تحتها

و 140 كيلو متراً عن غربي البصرة على خط مستقيم و 130 كيلومتراً في جنوب غربي العمارة على خط مستقيم أيضاً. 2 - مؤسس سوق الشيوخ هو الشيخ ثوينى المحمد جدّ الأسرة السعدونية. وذلك انه لما كان حاكماً كبيراً في العراق، يمتد حكمه من الغرَّاف والبصرة إلى ما قارب الكويت من جهة. ومن الجزيرة إلى ما حواليها من الجهة الأخرى أصبح نفوذه عظيما على كثير من عشائر العراق ونجد وقبائلهما. وكان معه في غزواته وفتوحاته سوق متنقلة وهي عبارة عن خيام تجار وباعة ينزلون قريباً من الأعراب إذا ضربوا مضاربهم وخيامهم فتقوم سوقهم ويعرضون فيها ما يحتاج إليه من لباس وآنية وخرثي وأثاث وتبغ (أي تتن) ويعارضونها بغيرها من وبر وصوف وسمن (دهن) وبقل وخضرة وغيرها. ويوجد مثل هذه السوق إلى يومنا هذا مع القبائل الرحل. وعليه كان مع الشيخ ثويني وأعرابه سوق تقام أينما حلَّ والى حيثما رحل. ثم أن أعراب ثويني رغبوا في أن تقام سوق دائمة قريبة من الفرات في الصقع الذي ترى فيه اليوم سوق الشيوخ لطيب مائه وحسن هوائه وكثرة مرعاه فأذن بذلك فاشتق اسمه من الغاية التي وضع لها. وقبل أن يعرف بهذا الاسم سمي سوق النواشي وهو اسم عشيرة من عشائر العراق وكان الشيخ ثويني يعطي تجار الشيوخ مئات من نقود الفضة والذهب بمنزلة قرض يستفيدون من نفعها ويردونها إليه حينما يطلبها منهم أو يطلب عوضاً منها. وكان اغلب شيوخ القبائل يمتارون من تلك السوق فعرف

باسمهم جميعاً. ومات اسم سوق النواشي. 3 - تاريخ بنائه وحالة هوائه قويت سلطة ثويني واتسع ملكه من نحو سنة 1150هـ - 1737م إلى نحو سنة 1200هـ - 1785م واختلف في سنة تأسيس السوق. فمن قائل أنه كان سنة 1162هـ - 1749م وفي قول آخر كان سنة 1175هـ - 1761 - 1762م والأصح القول الأخير على ما نقله أحد العارفين الثقات من أهل تلك الأصقاع. لأن اعظم أيام الشيخ ثويني هي سنة 1165هـ إلى يوم قتله الذي وقع سنة 1212هـ - 1797م في مكان اسمه الشبكة وبعد وفاة الشيخ الكبير أصبح سوق الشيوخ مركزاً لمهمات شيوخ المنتفق ومخزناً لذخيرتهم ومئونتهم وملجأ حصيناً يلجئون إليه كلما احتاجوا إليه. فكم من حاجة قضيت فيه! وكم من دم

سفك على أرضه! وكم من أمير اغتيل على صعيده! وكم من هدية أو عطية جزيلة أكرمت في بيوته! إلى غير ذلك من الأمور التي لا تحصى ولا تعد! إلا أنه لما ضعفت قوة المنتفق وانتكثت مرائر أمرائهم وشيوخهم ووقع بين رؤسائهم اختلاف الكلمة اشتد نفوذ الدولة هناك فأدخلته في جملة ما أدخلته في أملاكها وقيد في سجلات أملاكها وأنشئ في ذلك الصقع نواحٍ وأقضية وألوية وجعلت السوق قضاءً سنة 1288هـ (1871م) ثم أخذ بالتقهقر والانحطاط حتى غدا في سنة 1315 (1897م) بمنزلة مديرية وأن كان فيه قائم مقام. وذلك باعتبار خطورته وانحطاط رقيه ورجوعه القهقرى عن سابق ما كان عليه من الشان والمنزلة. أما سبب هويه أو تسفله فهو انقطاع الأعراب عن الامتيار منه ووخامة أرضه وكثرة الأمراض والحميات التي تفتك بأهاليه لأن البطائح أو الأهوار تحيط به من كل جانب وتفسد هواءه. بينما كان في السابق بعيداً عن كل غمق ووبالة. وذلك لأن الشيخ ثويني كان قد افرغ جهده في منع وصول مياه طغيان دجلة إليه. بخلاف ما يحدث الآن فأن اغلب الأنهار قد طمت أو دفنت فانتشرت المياه في كل جهة بدون رادع يردعها أو حاجز يحول دونها وإذ لا تجد مجرى أو مصباً تنحدر إليه تبقى هناك مدى السنة فتخرب وتدمر وتتلف وتمرض وتقتل وتفتك بدون معارض أو محاسب ومن أسباب انحطاطها معاودة الطاعون إياها من حين إلى حين واشد طواعينها الذي فتك بها سنة 1832 فانه لم يبق ولم يذر. 4 - سكانه وتجارته كان سكان سوق الشيوخ من عرب ثويني وأهالي نجد لا غير وكانوا

كثيرين إلى قبل نحو خمس عشرة سنة وكان عددهم على الوجه الآتي: مسلمون شيعيون 2. 250 مسلمون سنيون 8. 770 صابئة 700 يهود 280 المجموع 12000 وكان عدد بيوتها في ذلك العهد 2000 بيت و1500 صريفة (بيت يشبه الكوخ) وكان فيها مسجدان للسنة ومسجد للشيعة وحمام واحد وخان و240 دكاناً و5 قهوات. وأما اليوم فلا يوجد فيه أكثر من 4 آلاف نسمة وهم مقسومون ثلاثة أقسام وهي: ثلاثون بالمائة منهم من أهالي نجد وهم وهابيون. والثلاثون الآخرون من البغداديين والأربعون الباقون من سائر أهل العراق ويطلق عليهم اسم (الحضر) واكثر التجارة بيد الحضر. وبياعاتهم هي كل ما تطلبه البادية من ألبسة وثياب وأحذية يليها في كثرة البيع توابل (وهي الإسقاط بلسان بعضهم والعطارية بلسان الآخرين) وبزور وحبوب وقطاني وما شابهها. ومن أهم تجارته الخيل فهي من أجود خيل البلاد لأن أصل اغلبها من نجد وما جاورها. 5 - زراعته وصناعته زراعة السوق الشلب (من أنواع الأرز أو التمن) والذرة (ويسمونها الاذرة) والدخن والحنطة والسمسم والشعير والهرطمان والماش. وواردات الزروع هي على الأقل ألف طغار (أو تغار والتغار يختلف وزنه باختلاف ديار العراق واختلاف الموزونات. واختلافه بين 1000 و1540 كيلو غراماً) والمياه هناك كثيرة كلها متدفقة من الفراتين. وهم يزرعون

أيضاً على شواطئ البطائح إلا أن زراعتهم قليلة بالنسبة إلى مياههم واتساع أراضيهم وكثرة فلاحيهم. ولعل أسباب تقهقر زراعتها كثيرة الفتن المستعرة نيرانها بين عشائر تلك الربوع. وأما صناعة السوق فليست مما يشار إليها بالبنان وكل ما فيها هو عبارة عن معرفة ما تمس إليه حاجة البدوي ومعروف ومبتذل في سائر الديار العراقية. إلاَّ أن أهاليها مشهورون بحياكة الأعبئة المخططة وهي معروفة في ديارنا باسم الاعبئة الشيخلية نسبة إلى سوق الشيوخ. ومن لا يحسن الحياكة يتعلم الحدادة وحدادتهم متوقفة على صنع المساحي وجميع آلات الزراعة البسيطة العمل. والصياغة من خصائص الصابئة (المعروفون بالصبة والواحد منهم صبي بضم الأول وكسر الثاني المشدد) وكذلك النجارة وجلّ نجارتهم متوقفة على عمل المشاحيف (جمع مشحوف راجع لغة العرب 102: 2) وأما اليهود فمعظم أشغالهم قائمة على البيع والشراء والإِقراض بالربى الفاحش. 6 - قسمته وحكومته ليس في هذا القضاء إلا ناحية واحدة هي ناحية بني السيد. وفيه قيم مقام لإدارة القضاء. ومدير لإدارة الناحية. يساعدهما مجلسا إدارة. 7 - العلم فيه لا شأْن يذكر للعلم هناك. وسكانه لا يعرفون الصحف ولا الصحافة إلا من ندر. وجملة من يطالع الكتب وبعض الجرائد النادرة لا يجاوزون عشرة أو خمسة عشر واغلب هؤلاء من أهالي نجد. وفيه أربعة كتاتيب يتردد إليها نحو 50 طالباً وفي أيام بدءِ الشتاء

الفرق بين الصالح وغير الصالح

60 أو 70 وفي أيام الحصاد 30 وهي مقسومة على هذا الوجه: 3 كتاتيب للمسلمين وفيها 3 معلمين و40 طالباً وكتاب واحد للصابئة. وفيها معلم واحد و10 طلاب. سليمان الدخيل صاحب الرياض إفادة عن كتاب الفرق بين الصالح وغير الصالح - كتب إلينا حضرة العلامة المستشرق الأسباني مغويل آسين بلاثيوس رسالةً ومن جملة ما ذكر فيها عبارة تتعلق بكتاب الفرق بين الصالح وغير الصالح قال حرسه الله ذكرتم هذا الكتاب في مجلتكم في عدد آب سنة 1911 في الصفحة 59 - 63 وأنه كتاب مستقل قائم برأسه. والذي أراه أنه القسم الثاني من كتاب الغزالي بنفسه المعروف باسم: (التبر المسبوك، في نصيحة الملوك) وقد طبع في مصر في مطبعة الآداب والمؤبد سنة 1317هـ وقارئ هذا السفر يطلع على أن كتاب التبر الذي أنشأه المؤلف المذكور باللغة الفارسية إنما ألفه للسلطان محمد بن ملك شاه وهو مقسوم قسمين: القسم الأول يحوي عشرة أصول وعشرة فروع في الإيمان والعدل. وعين لسقي شجرة الإيمان. والقسم الثاني يبتدئ في الصفحة 40 ويشتمل على سبعة أبواب. ومضامينها وأسماؤها مثل مضامين وأسماء كتاب الخط المذكور في مجلتكم. ودونك الآن صفحات رؤوس الفصول في الكتاب المطبوع الفصل 1 ص40. الفصل الثاني ص 83 الفصل الثالث ص 89 الفصل الرابع ص 93. الفصل الخامس ص 104 الفصل السادس ص 115 الفصل السابع ص 123. إذاً أظن أن السيد مرتضى في كتابه الإتحاف 19 لم يتكلم عن كتاب الفرق إلا لأنه كان قد توهم أن هذا الكتاب يختلف عن كتاب التبر وأنه مستقل عنه. والمثال الذي تذكره لغة العرب وقد استلته من المثال الذي تذكرة لغة العرب وقد استلته من الباب الثامي موجود برمته

حافظة الإمام ابن الحداد

وبعبارته في كتاب التبر في الصفحة 89. ومن سياق هذا المثال اخذ على ما أظن اسم الكتاب الخطي الذي نقش على صدره ومن هذا السياق أيضاً نشأ وهم السيد مرتضى والحاج خليفة صاحب كشف الظنون واليك عبارة التبر: وإنما ذكرنا هذا ليعلم من يقرأ كتابنا هذا الفرق بين الصالح وغير الصالح. وعليه أظن أن البعض قسموا إلى كتابين مختلفين لواحد عن الأخر ما هو مقسوم إلى بابين في كتاب واحدٍ. وعلى هذا الوجه فرقوا ما كان متصلاً. والله الهادي إلى الصواب.) (لغة العرب) إننا نشكر لحضرة المستعرب ما تفضل به علينا من الإفادة. وأننا الآن لنوافقه على ما يذهب إليه. إذ يظهر لنا أنه موافق للصواب. وهو فوق كل علم عليم. حافظة الإمام ابن الحداد وإحراق كتب المدرسة النظامية جاء في كتاب خط عندنا للشيخ عبد الوهاب بن احمد الشعراني المتوفى في سنة 973هـ (1565م) يذكر فيه المنن والنعم التي جاد بها الله عليه ما هذا نصه: (نقل في الطبقات أن الإمام ابن الحداد لما أحرقت كتب العلم التي في المدرسة النظامية ببغداد وندم على ذلك واقفها نظام الملك قالوا له: لا تخف فأن الإمام ابن الحداد يملي جميع ما أحرقت من حفظه. فأرسلوا ورآه فأملى جميع ما حرقت في مدة سنين ما بين تفسير وحديث وأصول وفقه ونحو وغير ذاك.) وفي هذا الكلام فائدتان الأولى: احتراق كتب المدرسة النظامية في أيام حياة واقفها والثانية: حافظة ابن الحداد الهائلة التي لم يسمع بمثلها في سائر الديار. المرء ودنياه - حياة المرء في دنياه ركب ... يجوب الأرض في طولٍ وعرض فتغوير له في أرض قومٍ ... وتعريس له في غير أرض وأيام الشهور هي المطايا ... تجد السير بعض اثر بعض

فوائد لغوية

وما عيش الفتى إلا غرور ... كظل زائلٍ أو بدو ومض فديتك هذه الدنيا تفكر ... تجدها ساخطاً من حيث يرضي كاظم الدجيلي فوائد لغوية في التأنيث جواب عن سؤال أحد النجفيين الوارد في 73: 2 المؤنث في العربية على نوعين: مؤنث حقيقي وهو ما كان بازائه مذكر من جنسه كالمرأة بازاء المرءِ. ومؤنث مجازي أو غير حقيقي وهو ما ليس بازاِئهِ مذكر كالخيمة والدواة. - ويقسم المونث قسماً آخر وهو: مونث لفظي وهو ما ظهرت فيه علامة من علامات التأنيث وهي التاء والألف المقصورة والألف الممدودة. ومونث معنوي وهو ما قدرت فيه تاء التأنيث مثل الشمس والأرض. فإذا علمت هذا، فالمونث أمر معنوي في الأول، ولفظي في الثاني. ولهذا قد ترد اللفظة الواحدة مؤنثاً ومذكراً حسبما يعتبر فيها أحد هذين الأمرين. فإن طلحة وارطى وخضراء، هي مذكرة، إذا سميت بها رجالاً. وهي مونثة إذا اعتبرتها من النباتات. - وقد تكون اللفظة الواحدة بمعنى واحدٍ وهي مع ذلك مذكرة ومونثة معاً حسبما تشاء. كأرنب وقدوم وفاس. وهذا ناشئ عن أحد هذه الأمور الثلاثة أي أما أن يكون العرب الأقدمون عرفوا في سابق العهد (الجنس المشترك أو المجرد أو الخنثى، وهو ما لا يعرف له مذكر أو مؤنث كالهيكل مثلاً والورقة والكتاب

كما تعتبر كذلك في بعض اللغات الآرية إلى يومنا هذا، فلما تركه العرب طلباً لتسهيل الأمر اعتبروا اللفظة الخنثى مؤنثاً ومذكراً معاً، أو تارة مؤنثة وطوراً مذكراً تلميحاً إلى الأصل المجهول جنسه. - وأما انهم تصوروا فيها تارةً التذكير وطوراً التأنيث حسبما تصوروا فيها الأصل أو الفرع، القوة أو الضعف، الإمداد أو الاستمداد. فإن الذين توهموا التذكير في القدوم تصوروا فيه ما فيه من قوة النجر والنحت. والذين توهموا فيها التأنيث تصوروا أنها لم تحصل على هذه القوة إلا لكون الإنسان أمدها بهذه القوة. وأما لأنهم قدَّروا للتذكير لفظاً مذكراً وللتأنيث لفظاً مونثاً. فإن الذين ذكروا القدوم توهموا فيه (الشيءَ القاطع أو الناحت أو الناجر). والذين أنثوها توهموا فيها (الآلة القاطعة أو الناحتة أو الناجرة). هذا وقد ذكرنا في صدر هذا الكلام العلامات الثلاث للمؤنث اللفظي. وأما أدلة المؤنث المعنويّ فهي: 1 - إن تكون اللفظة علماً لأنثى كهند ومريم: 2 - إن تكون مختصة بالإناث كأُم: 3 - إن تكون اسم بلدة أو قرية أو قبيلة أو أمة كبغداد وفدك وقريش والعرب: 4 - إن تكون من الأعضاء المزدوجة. وهذا الشرط ليس بأغلبيّ فأن الألفاظ: عين وأذن ويد مزدوجة. وهي مؤنثة والألفاظ: صدغ ومرفق وحاجب مذكرة مع أنها مزدوجة. فالسماع والنقل هما الحاكمان الفاصلان في هذا الأمر. هذه هي القواعد العامة. وهناك تفاصيل لا محل لها هنا، وهي تطلب في كتب القوم. إلاَّ أنه يحسن بالكاتب أن يعلم أن ما فيه تاء التأنيث ومدلوله مذكر كطلحة وحمزة يذكر ولا يؤنث ولا ينظر إلى اللفظ وشذ قوله: أبوك خليفة ولدتهُ أخرى.

باب المشارفة والانتقاد

فهذا من كلام المولدين. والمولدين الضعفاء. وكلام هؤلاء الأقوام لا يعد حجة ثبتاً يستشهد بهِ في مثل هذا الموطن. ثم أن التذكير والتأنيث لا يتحققان إلاَّ في الأسماء إذا قصد مدلولها فأن قصد لفظ الاسم جاز تذكيره باعتبار اللفظ، وتانيثة باعتبار الكلمة. وكذا الفعل والحرف وحرف الهجاء يجوز فيها الوجهان بالاعتبارين المذكورين وأما ما لا يتميز مذكره عن مؤنثه. فإن كان فيه التاء فهو مؤنث مطلقاً كالنملة والقملة للمذكر والمؤنث. وإن كان مجرداً من التاءِ فهو مذكر مطلقاً كالبرغوث للمذكر والمؤنث. قاله أبو حيان. ومما جاء في الهمع قوله: قد يذكر المؤنث وبالعكس حملا على المعنى، نحو قوله: ثلاث انفس، وثلاث ذودٍ. ذكر الأنفس بإلحاق التاء في عددها حملاً على (الأشخاص). وسمع جاءَته كتابي فاحتقرها. أنث الكتاب حملاً على الصحيفة أو الرسالة. - وبهذا القدر كفاية. باب المشارفة والانتقاد 1 - أنا الحق (بحث تاريخي انتقادي في هذه الكلمة الخاصة بمعتقد علم المتصوفة اعتماداً على الأسانيد الإسلامية) للويس ماسنيون باللغة الفرانسوية. الأديب لويس ماسنيون من مشاهير المستشرقين الفرنسويين. قدم بغداد سنة 1907 فرأينا فيه عالماً خبيراً بتاريخ العرب ومشاهيرهم ومؤلفاتهم حتى أنه لا يشق له غبار في هذا الميدان مع حداثة سنه. وقد بحث في مؤتمر المستشرقين المنعقد في آثينة في 11 نيسان 1912 بحثاً دقيقاً في هذه الكلمة: (أنا الحق) المنسوبة

إلى الحلاج. (راجع لغة العرب 25: 2) فأوغل في بحثها التاريخي إيغالاً عجيباً حتى فاق المتصوفة أنفسهم. وقد كتب كل ذلك باللغة الفرنسوية فجاء بحثه هذا فذاً في بابه. إلا أنه وقع له فيه بعض الأغلاط في ضبط الأعلام فنستأذنه في تصحيحها. ولما كان ضبطه لها بالحروف الفرنجية أصبح غلط الطبع بعيداً عنها. من ذلك: اسم ابن مسكويه ص 248 فأنه كتبه بالشين والمشهور بالسين. وإن كان أصل الاسم بالشين. وضبط اسم الغزالي ص 249 بالزاء الخفيفة كما يضبطه جميع علماء الإفرنج على اختلاف عناصرهم. والأصح الأفصح تشديد الزاء. قال ابن خلكان (29: 1) الغزالي: بفتح الغين المعجمة وتشديد الزاء المعجمة وبعد الألف لام. هذه النسبة إلى الغزال على عادة أهل خوارزم وجرجان، فأنهم ينسبون إلى القصار: القصاري، وإلى العطار العطاري. وقيل: إن الزاء مخففة نسبة إلى غزالة وهي قرية من قرى طوس (وهو خلاف المشهور). ولكن هكذا قاله السمعاني في كتاب الأنساب والله اعلم. وضبط الكيلاني ص240 بالكاف العربية والأصح بالكاف الفارسية المنقطعة بثلاث وهي تلفظ كالجيم المصرية ولهذا تكتب أيضاً نسبة إلى جيلان. الصقع المشهور. ومنهم من يخطئ هذا اللفظ ويقول أن الأفصح هو الجيلي أو الكيلي بالكاف الفارسية. وعلى كل حال فالكاف العربية خطأ هنا لأن العامة نفسها لا تخطئ في لفظها. فكيف لا يجب أن يصححه الخواص. وضبط في تلك الصفحة جلال الدين الرومي بدون ألف بين اللامين وهو خطأ لا حاجة إلى التنبيه عليه لاشتهاره. وضبط الألفاظ المختومة بالهاء بفتحة مشبعة أي أنه قال مثلاً والأصح أنها غير مشبعة كما يتحصل ذلك من كتب التجويد ومن الأخذ عن القراء المجيدين. على أنه قد خالف هذه القاعدة في بعض الأحيان فكتب وهذه هي الفصحى. وكان يحسن به أن يجري على وتيرة واحدة. على أن في قوله ابن مشكوية بضم الكاف وسكون الواو وفتح الياء غلط والأصح مسكويه بفتح الكاف والواو واسكان الياء وكسر الهاء

فلقد جاء في فوائد رحلة ابن رشيد ما نصه: مذهب النحاة في هذا ونظائره (كعمرويه ونفطويه وسيبويه وحربويه وخالويه) فتح الواو وما قبلها وسكون الياء ثم هاء والمحدثون ينحون به نحو الفارسية فيقولون هو بضم ما قبل الواو وسكونها وفتح الياء واسكان الهاء. فهي هاء على كل حال والتاء خطا. قال: وكان الحافظ أبو العلاء العطار يقول: أهل الحديث لا يحبون (ويه). وهكذا ذكره النووي في تهذيبه في ترجمة أبي عبد الله بن حربويه نقله السيوطي في التدريب (عن كتاب حياة البخاري ص11) والكتاب يصور الجيم العربية بحرف الفرنسوية وهو خطا بين فأن الجيم الفرنسوية يقابلها الزاء المنقوطة بثلاث وأما الجيم العربية فهي أو بعلامة خصوصية يصطلح عليها كما فعل صاحب مجلة الانثربوس التي تنشر في فينا. وهو يسقط الهمزة من جميع الألفاظ التي فيها همزة فيقول مثلاً: مؤمن الجزايري والأصح مؤمن الجزائري بهمز الواو في مؤمن وهمزة مكسورة بين الألف والراء في الجزائري. ويذكر (المتكلمين) بصورتها العربية المرفوعة (أي المتكلمون) والأوفق أن يقول أو أن يتصرف بإعراب اللفظة بحسب مواقعها من رفع ونصب وجر. ولو كان يبقيها على حالة النصب أو الجر لكان احسن من اتخاذها بحالة الرفع ورود الحالتين بخلاف الرفع فانه اقل وروداً. وذكر الحلاجي المنسوبة بصورة أي بالنسبة الفرنسوية والعربية معا. والأصح أن يتصرف بها على الوجه العربي أو على الوجه الفرنسوي لا بكليهما معاً لما ينشأ من الثقل باتخاذ هذا اللفظ المزدوج النسبة. وفي بعض الأحيان يضبط العبارة العربية ضبطاً أعرابياً بالحروف الإفرنجية كما في ص 252 في قوله التوحيد (كذا بسكون الدال والأصح التوحيد بضم الدال) إفرادك متوحدا (كذا والأصح متوحداً) وهو أن يشهدك الحق إياك (بفتح الهمزة والأصح إياك بكسر الهمزة) وفي بعض الأحيان يهمله كما في ص 253 وص 257 وهو يلحن غالباً في ضبط الشاهد عند إيراده إياه كما في ص 257. انكسر مغزل رابعة. وبقي قطن الحلاج. والأصح مغزل بكسر الميم وهو الأفصح أو ضمها وهو دونه فصاحة لا بالفتح كما ضبطها لأنه ضعيف وقد سمع. واللام من مغزل مرفوعة ساكنة كما ضبطها أو الأصح في بقي وزان رضي لا وزان

رمي ويجب رفع نون قطن لا إسكانها كما ضبطها ثم قال أن المراد برابعة ههنا: رابعة العداوية وكسر عين الكلمة الثانية واسكن دالها والأصح العدوية بفتح العين والدال وبدون ألف. وفي ص 252 ضبط اسم البيروني العلامة الشهير بكسر الباء وهو خطأ والأصح بفتح الباء كما ذكره السمعاني في كتاب الأنساب قال: البيروني. بفتح الباء الموحدة وسكون الياء أخر الحروف وضم الراء بعدها الواو وفي أخرها نون. هذه النسبة إلى خارج خوارزم. فإن بها من يكون من خارج البلد ولا يكون من نفسها يقال له (بيروني ست) ويقال بلغتهم (انبيزك ست) والمشهور بهذه النسبة أبو ريحان المنجم البيروني. اهـ. هذا ما بدا لنا في أثناء المطالعة ولعلنا نحن المخطئون وهو المصيب. وهو فوق كل علم عليم. 2 - الحق (جريدة لبنانية أسبوعية أنشئت 12 آذار سنة 1909 تصدر في بيت شباب صاحب امتيازها الخوري طوبيا عطا الله. قيمة الاشتراك فيها عن سنة في لبنان 10 فرنكات وفي سائر الجهات 15 فرنكا.) جريدة حسنة المبدأ ترمي إلى الوفاق والوئام بين العناصر والى حب الوطن والسعي في إعلاء مناره. وهي بعبارة فصيحة إلا أن كاغدها وطبعها يحتاجان إلى تحسين. 3 - الشعب (جريدة جامعة أنشئت لخدمة الشعب الشوفي. توزع مجاناً. منشئها ورئيس تحريرها رشيد نخلة. مديرها المسؤول ظاهر زيدان.) صحيفة لبنانية الفكر مدافعة عن حقوق سكان الشوف بعبارة حرة وصاحبها طلق اللسان إلا أنه يحتاج إلى تصحيح في بعض المواطن وتخليص التصحيف واللحن من مواطن أخرى.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

4 - دار السلام تقويمي تقويم حسن الطبع بديع الترتيب لا يدانيهِ ما يطبع من جنسه في ديار الشام أو مصر وهو في أربعة تواريخ وهي السنة الهجرية والسنة المالية الشمسية والسنة العبرانية والسنة الإفرنجية. وفيه أيضاً ذكر المواسم والأعياد عند المسلمين والنصارى واليهود مع ذكر ما يحدث في فصول السنة من برد وحر ووقوع مطر وزرع بعض الأشجار. ومما فيه أيضاً ذكر ساعات طلوع الشمس وساعات الظهر والعصر والعشاء والإمساك ودرجة البروج الشمسية. فأنت ترى من هذا البيان أن هذا التقويم مما يحرص على اقتنائه ويتفاخر بحفظهِ. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - واردات الممكس في بغداد كانت واردات الممكس (الكمرك) سنة 1326 مالية نحو 16 مليوناً ونصفاً من الغروش الصحيحة أي نحو أربعة ملايين فرنك و250، 31 فرنكاً. ولما زادت الحكومة الضرائب على الأموال الداخلة إلى بلدتنا وجعلتها 11 بالمائة بلغت الواردات سنة 1327 مالية نحو 26 مليوناً من الغروش الصحيحة أي نحو 6 ملايين ونصف من الفرنكات. وهذا يدلك على تجارة بغداد وما تكسبه الدولة من ممكسها. 2 - الاضطراب في إيران ما زال جو السياسة في إيران مضطرب ديارها لا تعرف الأمن والراحة ولهذا انقطعت سبل التجارة بينها وبين ربوع العراق وأصبحت في بغداد في كساد عظيم. ومن الوقائع التي أضرت البلاد والعباد ما حدث بين حاكم كرمنشاه فرمان فرما وبين أيار محمد خان. فأريقت الدماء في أسواق كرمنشاه بصورة تقشعر لها الأبدان. ولولا أن الله راف بعباده فنصر الحاكم على الزعيم

الزنيم محمد خان لا صبحت المدينة في قبضته. فعسى أن تهتم حكومتنا بتوطيد الأمن بين كرمنشاه وخانقين بخفر الطرق ونفضها من اللصوص والمقاليص لتراجع التجارة إلى مياهها. 3 - عشيرة الغزالات في 4 ت 2 وصل بغداد نخيلان بن جبر أحد شيوخ شمر يتظلم إلى الحكومة من هجوم الغزالات على أعرابه ونهبهم أموالهم وإلحاق الضرر بأربعمائة بيت من بيوتهم وسرقة خيل وابل وغنم منهم. والأمل أن تسترجع الحكومة المنهوبات. 4 - عشائر ربيعة بعد أن خرج سعدون باشا في حلب من دياره وظعنت معه من الغراف أسرته الكبيرة اتفق الشيخ شبلي بك ابن فهاد بك ابن منصور باشا أحد شيوخ المتفق من سكان الغراف وزراعه مع الشيخ محمد الياسين شيخ أعراب المياح أحد رؤساء ربيعة التابعين للأمير محمد الحبيب أكبر أمراء ربيعة على أن يحمي أراضيه عن تعدي العشائر الأخرى عليه ويعوض عن ذلك بشيء معلوم بينهما وهو نصف حاصل أراضي شبلي بك الموما إليه عن خمس سنوات ابتداء من سنة 1328 مالية، لكن الشيخ محمد الياسين لم يقم بما وعد، بل تجاوز طوره أو يكاد. فدخل الشبلي على محمد الحبيب ليحفظ له حقه. فاستدعى الشيخ محمد الياسين ليذكره بإيفاء وعده فأبى واخذ يجند الجنود ليقابل الأمير وإعرابه. إلا أنه لما أحس بضعفه بازاء ما رأى من عزم أمير أمراء ربيعة وكثرة ما لديه من العدد والعدد وتوطيد النفس على التنكيل به طلب منه الرحمة فعدل الأمير عن الهجوم بعد أن اشترط عليه عدة شروط يقوم بوفائها لقاء ما كان قد تعهد به للشبلي. فوعد محمد الياسين أن يدفع له خمسة آلاف ليرة نقداً وألف ليرة تدفع قسطين: النصف الأول في السنة المقبلة والنصف الآخر في العام الذي يليها. وعليه حقنت الدماء، ومنع حلول البلاء. 5 - عشيرة شمر اجتازت عشيرة شمر بغداد وما بين الرافدين بقيادة رئيسهم الأكبر حميدي بك ابن فرحان باشا متوجهين إلى قضاء الجزيرة فكوت الإمارة ومنها إلى لواء المنتفق لخصب مرعاه ورخص المعيشة فيه، ومعهم القعيط أيضاً رئيس الفرقة الثانية.

6 - الضفير تمادت هذه العشيرة في غيها وطغيانها وأبت دفع ما عليها للحكومة ولأمراء نجد، فجارتها بعض عشائر الغراف والسماوة حتى زينت لهم نفوسهم أن يقوموا مقام السعدون في الشامية. فلما رأى عجمي بك ما تطمح إليه أنظارهم طلب إلى الأمير ابن الرشيد أن يكسر من جبروتهم ففعل وخضد شوكتهم وأجبرهم على أداء ما عليهم للحكومة وأذعنوا له صاغرين. ثم أن الأمير ابن الرشيد اخطر حمد بن سويط زعيم الضفير أن يخضع لأوامر عجمي بك فقبل. وذهب شيوخ الضفير لمقابلة الأميرين: الأمير ابن الرشيد والأمير عجمي بك وقدموا لهما رسوم الخضوع والطاعة وعادت مياه الراحة إلى مجاريها. وقد هبطوا قرب أراضي الغبيشية (بفتح الغين وكسر الباء) حيث أمرهم عجمي بك أن ينزلوا مع الأعراب الذين تحت سطوته وهم هناك الآن في راحة واطمئنان. 7 - الرولة قدم ابن معجل من قبيلة الرولة وابن ماض من عشيرة آل عيسى ومعهما 500 هجان من بلاد الشام هابطين ديار العراق ليشنوا الغارة على عشائرها فغزوا عشيرة السبعة بجوار القبيسة (بالتصغير) ونهبوا منم آلفي بعير ولم يفقدوا من أصحابهم إلا أربعةً مع أسير واحد. وفي أثناء الغارة كان المسمى الديدب يرصد طريقهم. فلما أدركهم الظما وقدموا احد الموارد هجم عليهم الديدب وهو أحد الشيوخ ومعه جماعة من أصحابه واستردوا ما أخذوه من عشيرتهم ولم يتركون لهم إلا ما يكفيهم العودة إلى بلادهم من ماء وزادٍ لا غير. 8 - متبوعو عجمي بك السعدون زادت سطوة عجمي بك هذه الأيام حتى أصبحت التابعون له والخاضعون لآمره ألوف مؤلفة من الأقوام وله تحت رايته عدد عديد من المقاتلين مجموعين من عدة قبائل وهي مطير وعتبته وبني سد (بتشديد الدال وتصحيف أسد) وشمر ومن عشائر العراق: العساكرة والغزي (بكسر الأولين وتشديد الياء) والنواشي وحكام (كشداد) والبو حميدي والحسن (بكسر ففتح) وبني سالم والغريافية (بكسر الأول) والشواوشة وأهل السورة (وزان عورة) والبو حمدان وبني حطيط (بحاء مهملة في الأول وعلى وزان زبير) وآل إسماعيل

والعمائر والحول (وزان سبب) والبو شامة والفهود والشواليش والبو خليفة والبو جويبر (تصغير جابر) والزياد والمومنين وآل شميس (تصغير شمس) والنجيمات (بالتصغير) وغيرهم مما يطول ذكر أسمائهم. وتقريباً جميع عشائر المنتفق النازلة على الفرات. 9 - الشيخ قاسم ثاني أمير قطر تنازع أحد الجنود العثمانية مع أحد أبناء الشيوخ في قطر على شيء زهيد ولولا توسط هذا الشيخ ابن ثاني لالتحم القتال بين العرب والجنود العثمانية فنشكر له سعيه الحميد هذا. 10 - الأمير ابن السعود خرج ابن السعود من بلاده بجنود كثيرة قاصداً بلاد القصيم ونيته تجريد حملات منه. 11 - إعانة أهل عمان والبحرين ثارت الحمية الأعرابية في صدر الشيخ بطي بن سهيل أمير دبي (بالتصغير) وصدر الشيخ صقر بن غانم أمير الشارقة وفي صدور أهالي عمان قاطبة فتبرعوا بالأموال الطائلة لأعانة الدولة في حربها. وكذلك فعل أهل البحرين مع شيوخ تلك الجزيرة. 12 - وجيه بك مدير زراعة ولاية بغداد وجيه بك من الرجال المعدودين في الولاية ومن أهل السعي ومحبي الرقي الصادق ومنذ أن تعين مديراً لزراعة ولايتنا افرغ وسعه في جلب معاون (جمع معينة وهي المكينة أو الماكينة. وتجمع أيضاً على معينات) بخارية فبلغ عددها نحو المائتين اشتراها أصحاب الأملاك في الاقضية لسقي أراضيهم وبساتينهم. فنتمنى لصديقنا المدير إقامة طويلة في بغداد مقرونة بصحة وعافية. 13 - تبرع شيخ أعرابي تبرع الشيخ مزعل رئيس عشيرة القوام بحصان ادهم أصيل للجنة الإعانة الحربية في كربلاء. 14 - قدوم أميرين أعرابيين إلى بغداد قدم حاضرتنا الشيخ محمد الحبيب أمير أمراء ربيعة ومعه الشيخ محمد الشمران

من شيوخ ربيعة أيضاً. 15 - جمعيات عربية سياسية أنشئ في مسقط جمعية عربية سياسية رئيسها حمد بك نجل السيد فيصل سلطان مسقط وغايتها إسعاد الوطن. ويوجد مثل هذه الجمعية في البحرين والكويت أيضاً. 16 - أخبار خليج فارس جاء مياه مسقط والفاو أسطول إنكليزي عدد سفنه البحرية 17 وقد تضاربت الآراء في سبب قدومه. فمن قائل أنه لمساعدة سلطان مسقط. ومن قائل أنه لحفظ ثغور الخليج من إلحاق الضرر بها. إلى غير ذلك. ورعايا فرنسا تبيع الأسلحة علناً في مسقط وعمان لكن تقرر في هذه الأيام أن ما يرد هذين البلدين من الأسلحة يحفظ في خزائن خصوصية إلى أن تنتهي المذاكرة بين فرنسة وإنكلترة بشان بيعها. وقيل أن فرنسة عرضت على أمير الكويت فتح مخازن تجارية لهذا الغرض فأبى الشيخ (كلها عن الرياض ببعض تصرف) 17 - قدوم محمد زكي باشا والي ولاية بغداد في الساعة الثانية وربع من نهار الثلاثاء 12 ت 2 دخل محمد زكي باشا بغداد ونهار السبت 16 من الشهر المذكور في الساعة 9 قبل الظهر قرء الأمر العالي بتوليته (الفرمان) بحضور أمائل البلدة وأكابرها وقد تعين والياً على بغداد ومفتشاً للفيلق الرابع. فأهلا وسهلا به. 18 - حمية أبناء مكاتب ولايتنا للإعانة الحربية بلغت إعانة مكاتب اقضية ولاية بغداد وبعض مكاتب الحاضرة 10709 غروش صحيحة و15 بارة. وبلغت إعانة الضباط والأطباء 11988 قرشاً صحيحاً وقد أرسلت هذه المبالغ إلى جمعية الهلال الأحمر في الأستانة بواسطة المصرف العثماني. 19 - الأدعية للدولة العثمانية نهار الاثنين 11 ت 1 اجتمع الإسرائيليون في أكبر كنيس لهم وطلبوا إليه تعالى أن ينصر الدولة العثمانية على أعدائها. ونهار الخميس 14 من الشهر

المذكور احتشد المسيحيون في كنيسة الكلدان وفي مقدمتهم رؤساء الطوائف وتضرعوا إلى الله عز وجل أن يبارك مساعي الدولة في كل ما يعود إليها بالخير والصلاح ويحفظها من الملمات والبلايا. 20 - زراع القطن في المحمرة احضر الشيخ خزعل من مصر 16 زارعاً عارفاً بزراعة القطن والأمل أنه ينجح في مشروعه لأن أراضيه حسنة لهذا النبت وتمتد من فم الخليج الفارسي إلى قصره قصر الكمالية. 21 - العرب في بمبى (الهند) نمى إلى الدستور أن العرب في بميى (من ديار الهند) ما زالوا يوالون عقد مجالس لجمع الإعانة الحربية بهمة رئيسي اللجنة وهما الشيخ قاسم وعبد الرحمن آل إبراهيم وقد زاد هذان الكريمان ما تبرعا به بالأمس ضعفه حتى بلغ تبرعهما في المرتين 60. 000 روبية (والروبية نحو فرنكين) وقد بلغت الإعانة في الاجتماع الأول 151. 000 روبية وفي الاجتماع الثاني 272000 مع أن الحاضرين لم يكونوا كثيرين والأمل أن هذا المبلغ يتضاعف مراراً. 22 - وكيل والي البصرة ورد الأمر بتعيين قائد الفيلق في حاضرتنا حضرة علي رضا باشا الركابي وكيلاً لولاية البصرة وقد سافر إليها صباح 27 ت 2 كتب الله له السلامة. 23 - وفاة الشيخ عبد الله المازندراني توفي في النجف في الأسبوع الأخير ت2 الشيخ عبد الله المازندراني فرفع وكيل إيران في بغداد علم الحداد إعلاناً لهذا المصاب فنطلب له من الله الرحمة والرضوان ولأهله الصبر والسلوان. (المصباح) 24 - حريق في دار المعلمين ظهرت النار في 26 ت 2 في سقف إحدى غرف دار المعلمين. وكان منشأها من موقد الحمام فبادر الطلبة إلى إطفائها ثم ساعدهم على ذلك بعض موظفي البلدية والعسكر فأخمدت في الحال ولم تتجاوز المحل الذي ظهرت فيه.

العدد 19

العدد 19 - بتاريخ: 01 - 01 - 1913 قبور غريبة قديمة في البحرين سابقة لعهد التاريخ 1 - تمهيد الأثر الذي أريد أن أوجه إليه أنظار قراء لغة العرب هو المدافن القديمة العهد في البحرين فقد عزمت على أن أدون ما صرح ومحض من تاريخها خدمة للناطقين بالضاد لخفاء أمرها على الكثيرين منهم وطموس أخبارها حتى عن أغلب الرواد والمستشرقين معتمداً في ذلك على الثقات من السياح والمؤرخين. 2 - الطريق المؤدية إلى المدافن القديمة بعد أن يلقي السائح عصا ترحاله في البحرين يقصد المقابر المهجورة في وسط الجزيرة التي تبعد نحو سبعة أميال عن (منامة) إذا أراد الوقوف على سابق حضارة تلك الديار وأول ما يصادف في طريقه أرضاً جرداء رملية لا يوجد فيها من الآثار المهمة سوى قلعة عظيمة الشأن مربعة وفي خارج أسوارها مدفع لا بل مدفعان قديما العهد مهملا الاستعمال قد علاهما الصدأ والغبار وفي كل ركن من أركان المعقل برج هائل وهو عبارة عن صرح كان حاكم البلدة أي شيخها يصطاف فيه وداخل أسوارها الشاهقة لا يوجد

إلا غرفتان أو ثلاث صالحة للسكنى والإقامة. أما بقية الغرف فيأوي إليها أعوان الشيخ وخدمه الذين كانوا يدافعون دفاع الأبطال عن رفقائهم إذا مست الحاجة إلى ذلك. ثم لا يزال يسير وهو لا يلوي على شيء حتى يهبط موطناً ظل نخله ظليل فيه مجار وأقنية للسقي والماء يتدفق فيها كأنه الكوثر أو السلسبيل يجاورها آبار رائقة حولها أشجار أوراقها غضة وأطيارها شجية الغناء تنسيه الوعثاء وتفرج عن قلبه كل هم وعناء وتريحه بعض الراحة من مصاعب الطريق ووعورة مسالك (منامة) حتى أنه لا يتمالك من الطرب والسرور والانشراح والحبور فينشج قائلاً: وقانا لفحة الرمضاء وادٍ ... سقاه مضاعف الغيث العميم نزلنا دوحة فحنى علينا ... حنو المرضعات على الفطيم وارشفنا على ظمأٍ زلالاً ... ألذَّ من المدامة للنديم يصدُّ الشمس أنىَّ واجهتنا ... فيحجبها وياذَنُ للنسيم ثم أن الطريق يتعرج به ذات اليمين وذات الشمال ودليله جادة مغروسة أشجاراً تصعده تارة إلى أعالي التلال وإلى ركام جوامع تصفر فيها الأدهار وطوراً تهبط به إلى الحضيض ولا يزال كذلك في صعود وهبوط حتى يفضي به المسير إلى بقعة واسعة الأكناف فسيحة الأرجاء يشاهد فيها ردم (البلد القديم) وهي مدينة كانت في العصور السالفة عاصمة البحرين أما الآن فقد أصبحت بلقعاً ينعب فيها البوم والغربان ولا يقطن اخربتها المتبعثرة سوى بعض أجلاف السكان البائسين الذين يفترشون الغبراء

ويلتحفون الزرقاء. وأما منارتا جامعها المتهدم فحدث عنهما ولا حرج فإنهما لا تزالان قائمتين تناطحان عنان السماء عزاً وجبروتاً. إن أنفس مثال يدلك على فخامة هندسة البناء في الجزيرة هو معلم لتحية النوتية وقد بناه العرب في الزمان الغابر قبل أن مخرت عباب الخليج أساطيل ترستان داكنها والبوكرك القائدين الشهيرين والفاتحين العظيمين. ثم يلج السائح بعد تلك المناظر غابة غبياء فيتعرقل سيره فيمشي الهوينا مضطراً وذلك نحو ميل أو ميلين لكثرة ما هنالك من النخل المشتبك بعضه ببعض ثم ينتهي به الأمر إلى صحراء واسعة فيأخذ العجب منه كل مأخذ إذ يجد في وسط جزيرة صغيرة كالبحرين بادية كإحدى بوادي النوبة الجرداء مقفرة لا يرى فيها مهما توغل في داخلها سوى رمال محرقة وأراضٍ بائرة وعلى بعد منها (جبل الدخان) وعلوه أربعمائة قدم

وهو ذو مقام رفيع ومنزلة سامية عند أهل الجزيرة حتى أنهم يفضلونه على كثير من جبال سائر الأقطار. فإذا استمر المسافر سائراً نحو الغرب يلاقي غابة نخل تحجب في بداءة الأمر قرية (علي) عن أنظاره ولكن عندما يدنو كثيراً من تلك القرية ينفتح أمامه مشهد غريب لم ير اغرب منه قط في حياته وذلك المشهد هو: 3 - مدينة الموتى في البحرين مدفن مهجور واسع الأكناف واقع في وسط فلاة فيها مئات بل ألوف من القبور المتلاصقة البناء تشبه تلالاً واطئة أو جبالاً منخفضة غير متقنة البناء والهندسة. وهناك لا يرى السائح إنسياً ولا وحشياً حتى ولا نباتاً أو أثراً من آثار الأبنية المندرسة سوى تلك القبور العظيمة الشأن وهي تمتد أميالاً تدل على أن المدفونين فيها كانوا من جبابرة الزمان وأسرارهم غامضة عنا ولا يعرف عنهم إلا النزر القليل الذي لا يحفل به وبعض تلك القبور ترتفع زهاء خمسين قدماً وغيرها ثلاثين وأخرى عشرين وهلم جراً وبعضها لا يختلف عن البعض الآخر إلا اختلافاً طفيفاً جداً في حجمها وتكاد تكون واحدة وهي أعظم مقبرة في العالم على الإطلاق ولا يبعد أن تكون أقدمها عهداً وهي مع عظمتها لم يكتب عنها إلا بعض أفراد قلائل يعدون على الأصابع وهؤلاء الكتاب لم يكتبوا عنها مقالات ضافية الذيل بل عبارات مستطردة لا تروي غليلاً ولا تشفي عليلاً وقد جاءت في بعض كتب وصف البلدان أو في تقرير أو تقريرين من بعض سجلات الجمعيات العلمية التي همها الوحيد بث الرواد للوقوف على مجاهل البلاد.

إن المرحوم ثيودور بنت مع سعة إطلاعه لم يكتب عنها إلا فصلا واحداً في كتاب له بل اللرد كرزن نفسه المشهود له بدقة البحث وبعد النظر وعلو الهمة والصبر على المتاعب والمشقات لم يدون عنها في كتابه شيئاً يستحق الذكر سوى قوله يوجد عدد وافر من القبور في البحرين. ويظهر لنا أما إنه لم يتح له الحظ زيارتها والوقوف عليها بذاتها ليميط الحجاب عن بعض غوامض أسرارها أو إنه لم يعرف حقيقة أمرها ورفعة شأنها في عالم الآثار النفيسة. إن السائح الباحث إذا وطأت أقدامه تلك الربوع يقف حائراً مبهوتاً سائلاً ذاته: من هم ترى أصحاب هذه المدافن؟ ومن أي شعب أو قبيلة أو لسان كانوا؟ وما هي درجتهم في عالم المدنية والعمران؟ وبأي دين كانوا يدينون؟ وما هي جل معتقداتهم؟ وما هي شعائر ورسوم معبوداتهم؟ وما هي صفة حكومتهم أجمهورية كانت أم ملكية أم استبدادية؟ وما القصد من تشييدهم قبوراً هذا عددها في برية لا أنيس فيها ولا جليس؟ إلى غير ذلك من المسائل العديدة التي يطول الشرح في سردها وتعدادها. وليس في وسع أحد الإجابة عنها جواباً مقنعاً يشفي الأوام لأنه قد سدل على زمن تاريخها وتأسيسها حجاب الغموض والإبهام لبعد عهدها وتوغلها في القدم. وقد ارتأى بعضهم منذ أعوام أن الخليج الفارسي هو مهد حضارة الجنس البشري وأصحابه هم أول من تغلغل في المدنية وسكانه هم أول من قطع الفيافي ومخر البحار واقتحم الأخطار واختبر فن الملاحة وأهوالها. فقد أنبأتنا سجلات ورقم المصريين القدماء عن أرض تسمى

البنط وبعض النصوص تصرح بأن البنط هي نفس الأراضي المجاورة للاحساء والبحرين ولكن تحتاج هذه المسألة إلى بحث دقيق ونظر عميق لأن الكتابات المصرية القديمة لم تعين تماماً موقع البنط ولا حددت تخومها بل أشارت إليها بعض إشارات طفيفة لم تزل في موضع الشك والارتياب. ومهما يكن من حقيقة موقع البنط فأن ديار البحرين أو ما جاورها تعد مهد الجنس البشري وربوع خليج العجم هي أقدم محل في المعمور سطعت منها أنوار المدنية والحضارة وقد جاء في بعض أساطير الأولين أن الشعوب القديمة التي سكنت في أقصى أطراف المسكونة هم حديثو العهد بالنسبة إلى سكان الجزيرة. وقد ذكرتهم أقدم التواريخ وعدتهم بين أقدم أمم الأرض قاطبة فأبناؤهم هم الذين مصروا أرض الكلدانيين وشقوا أسس بابل وحفروا خنادقها وبنوا أسوارها وأبراجها وقد اشتهروا بمواهبهم العقلية السامية وبفطرتهم المتوقدة وقد أثبت رولنسن الشهير بالأدلة القاطعة والحجج الدامغة أن الكلدانيين القدماء أخذوا جميع معارفهم عن أهل تلك الجزيرة واقتبسوا منهم جل علومهم ومعلوماتهم كعلم التنجيم والسحر والعرافة والكهانة ونحوها وشهد أيضاً أن عهد ذريتهم يرتقي إلى نسل آدم المذكور في سفر التكوين من التوراة أي منذ بدء العالم وقال غيره إن من هذه البقعة انتشرت عبادة الآلهة الكاذبة والمعبودات الباطلة كآله

البحر العظيم المرسوم على بعض أطلال الكلدانيين المندرسة المسمى هيا أو أواني وكانوا يعتقدون أنه رب الهاوية وسيد البحار وقد دعوا خليج فارس باسمه تيمناً وزعموا أنه مطلق القدرة وفي استطاعته أن يأخذ بيد من يستغيث ويستجير به في ضيقته وبليته وهو الذي علم سكان دجلة والفرات القدماء العلوم والفنون والصنائع والمعارف ولقنهم الآداب ورسم لهم الشرائع والأحكام لكي يعملوا بموجبها إلى غير ذلك. وقد قيل إن الشعب اليهودي اقتبس جل تقاليده من البابليين الذين أخذوها قبلاً من الأمم الساكنة على ضفاف الخليج الفارسي. يعتقد اليوم جمهور من المؤرخين أن السلالة الصينية لم تنشأ قط من المملكة الصينية المتوسطة بل نزلت من الشعوب والقبائل التي رحلت من ديار البحرين إلى ما بين النهرين ومنها إلى آسيا الوسطى ومن هناك سارت إلى ضفاف النهر الأصفر وذلك قبل أربعة آلاف سنة أو عشرين قرناً قبل المسيح عندما أخذ مؤرخوهم يدونون الحقائق التاريخية المتينة المكينة بدلاً من الخرافات الواهية الواهنة كما شهد بذلك كونفشيوس ذاته. من يطالع تواريخهم الخرافية ووقائعهم الخيالية المدونة عن العشرة القرون السابقة لزمان مهاجرتهم ير أن الصينيين الحاليين وجدوا بلادهم مأهولة بالسكان الأصليين وقد قيل إن بعضاً من ذريتهم لم يزل موجوداً حتى يومنا هذا في أقطار الصين البعيدة وبعد سفرهم الشاسع القوا عصا ترحالهم في مشرق البلاد ولا يبعد أنهم شنوا الغارة على سكان تلك الديار وقتلوهم عن بكرة أبيهم واستباحوا أموالهم وأنهم دحروهم إلى ما وراء الجبال

تخلصاً من غدرهم وفتكهم الذريع. فالرأي القائل إن الصينيين أتوا من بين النهرين رأي لا يقبل النزاع أو الجدال لثبوت صحته ووفرة الشواهد عليه وهاك بعضها قال أحد كتبة الإنكليز الكبار (أمس كنت في دار التحف الأبريطانية ورأيت هناك بعض رسوم رؤوس شياطين البابليين وحتى يومنا هذا يمكننا أن نرى في أغلب بلاد الصين صوراً طبق الأصل تشابهها كل المشابهة) ومن يتدبر التواريخ الصينية ير لأول وهلة كيف أن الصينيين الحاليين عندما توغلوا في البلاد كان السكان الأصليون الذين حاربوهم يدعونهم (نسل الشعر الأسود) وسكان بابل كانوا يلقبون أصحاب المعارف والعقول الرفيعة من أهل الخليج الفارسي الذين وطئوا ديارهم وحلوا ربوعهم (الجزائريين ذوي الرؤوس السوداء) لقد صرح العالم الفرنساوي تريان دلاكودري أن الكتابات المصورة الصينية القديمة تشابه تماماً خطوط ورسوم سكان بين النهرين القديمة وأن آلهتهم وشعائرهم الدينية تماثل آلهة الشوشنيين ورسوم تقاليدهم ومعارفهم وفنونهم الطبيعية القديمة كعلم الهيئة وعلم الفلك والطب وحفر الترع ومجاري المياه الصناعية الخ لا تفرق البتة عن معارف وفنون البابليين وإن شئت فقل هي بعينها. إذا استقرينا التواريخ وتصفحنا الكتب القديمة العهد النادرة الوجود

نرى جلياً أن أهل بابل قد استمدوا جل معارفهم إن لم نقل كلها من سكان الخليج العجمي المندرس الربوع المهجور الشواطئ التي نطأها الآن غير مكترثين بها وقد كانت في عصر من العصور الخوالي مصدر حضارة البشر ومنشأ مدنيتهم فلما أخذ الإنسان يتدرج في معارج العمران هجرها وشرع يطوف في طول البلاد وعرضها ومنذ ذاك الحين أخذ ظل عزها يتقلص رويداً رويدا حتى أصبحت ديارها كما نعاينها الآن بلاقع خالية من آثار التمدن. أما سبب تقدم أهلها وسموهم على غيرهم في ذلك الزمان فهو على ما أظن موقعهم الطبيعي التجاري الذي دفعهم إلى أن يخوضوا غمار المخاطر ويحلقوا في سماء المجد والعرفان والسؤدد ومن هذا القطر نزح أيضاً شعوب وقبائل عديدة راقية جداً منها الطورانيون المذكورون في كتاب العهد القديم باسم الكنعانيين فأنهم اجتازوا بلاد العرب ودخلوا سوريا وأسسوا فيها مدينتي صور وصيداء. وقد أخبرنا هيرودوتس المؤرخ اليوناني الشهير أنه زار صوراً وتفقد معالمها وجالس شيوخها وخاطب كهنتها في أمر بنائها فأجابوه أن هيكلهم قد بني قبل زيارته إياها بألفين وثلاثمائة سنة وبعد أن برح الطورانيون

أوطانهم اجتازوا بلاد العرب شيئاً فشيئاً كما فعل قبلهم أسلافهم الصينيون عندما رحلوا نحو مشرق الشمس ويظن رولنسن أن ذلك حدث منذ نحو خمسة آلاف سنة. فلنترك هذه المسائل لمن يريد استقصاءها بذاته ثم نعود فنقول: متى بنيت القبور في البحرين؟ وما هو زمن تأسيسها على التحقيق؟ ومن الراقدون فيها؟ إن هذه الأسئلة تظهر لنا كأحجية أما ثيودور بنت فقد أخبرنا أن المدفونين فيها هم من أصل فنيقي هجروا أوطانهم وقطعوا فيا في بلاد العرب وحلوا بهذه الربوع وبنوا على البر بلدة على خط البحرين في موضع بقرب مدينة القطيف الحديثة ربما كان عند رأس الخليج حيث ترى اليوم جزيرة البحرين وكانت مدينة عظيمة فيها سوق تجارية واسعة اسمها (الجرعاء) التي يظنها البعض نفس مدينة أوفير الشهيرة بكثرة ذهبها والغنية بمعادنها وقد جاء ذكرها في العهد القديم من الكتاب الكريم. فهل يا ترى اعتقد سكان الجرعاء أن البحرين بقعة مقدسة التربة حتى ينقلوا إليها جنائز موتاهم ويدفنوهم فيها كما يفعل اليوم الإمامية في نقل جنائزهم إلى كربلاء والمشهد (أي النجف) أو لأنها قريبة من البحر وهي مركز التجارة وتلك المدافن هي قبور أولئك السكان أو أقيمت تلك المقبرة الغريبة قبل أن يبرحوا الوطن ويتوغلوا في قلب بلاد العرب أو قبل أن يمصر أهل الجزيرة أرض الكلدانيين وينشئوا فيها مهجراً

ويقيموا مستعمرة فهذه المسائل لا يستطيع الإنسان أن يبت فيها رأيه لقدم عهدها وغموض أسرارها. إن المستر بنت فتح بعض القبور وعثر على بضعة آثار فانتقى منها شيئاً وبعث به إلى المتحفة الابريطانية وبعد أن أمعنت لجنة المعهد نظرها فيها ودققت فحصها قر رأيها على أنها من أصل فنيقي وعليه تدل هذه الآثار على أن القبور قديمة جداً. فإذا سلمنا بتلك الدلائل واعتبرناها صحيحة تكون القبور قد بنيت على الأقل منذ نحو خمسة آلاف سنة هذا إذا كان رولنسن قد ضبط حسابه في تاريخ الهجرة إلى البحر المتوسط. إن الخط المسماري قديم جداً عند سكان بابل وكان للفنيقيين ضرب من الكتابة تشبه الحروف ولما اكتشفت صناعة الكتابة وأخذ الناس يستعملونها في التدوين والتسجيل تركت الكتابة المسمارية على أن الباحث مهما نقب في تلك المدافن لا يعثر على شيء من قبيل الحفر أو النقش على صخورها وأحجارها مع أن الفنيقيين عندما القوا عصا ترحالهم في البحر المتوسط أخذوا يقلدون المصريين في وضع موتاهم في نواويس ولسوء الحظ لم يوجد ناووس واحد في تلك المدافن ليتخذ منه دليل على تاريخ سالف لزمان الجلاء وهناك أمر آخر يستحق التدبر والتروي وهو أن أحد الباحثين قال حين اكتشف البقعة وتدبر ما فيها أن جميع القبور التي فتحت بجنب (قرية علي) وهي قبور أعلى من سائر القبور التي وراءها بنحو عشرين قدماً هي على رأيه أحدث من غيرها ومما يؤيد ذلك أن هذه القبور قائمة على طرف المقبرة الفسيحة الأرجاء القديمة العهد ويظهر أنها آخر ما شيد وأقيم هناك.

كتب القائد دوراند ما نصه (إن الآكام العالية هي قريبة من قرية علي وهي أكبر من غيرها) إن ما فاه به هذا الكاتب واضح وضوح الشمس في رابعة النهار فنيرخوس الذي تولى قيادة أسطول اسكندر الكبير في سفرته الشهيرة إلى خليج العجم يصف كيف أنه زار مدينة فنيقية في البر وجزيرة تدعى تيرين ويظهر أنها هي التي تسمى اليوم دارين عند العرب وديرين عن الأرمية وهي فرضة بالبحرين وقد رأى هناك قبر ارثرا الذي كان سلطان الخليج ولا يبعد أن يكون اسم الخليج في السابق أي البحر الارثري مشتقاً منه ونيرخوس يصف المدافن بقوله (رابية مرتفعة كثيرة النخل) فهذا الوصف ينطبق أتم الانطباق على إحدى تلك الروابي العالية بقرب (قرية علي) بخلاف سائر الروابي فأنها لا تنطبق عليها وهي بعيدة عنها أميالاً عديدة بيد أنه لا يوجد الآن نخل وهو ولا شك مات لتقادم عهده. وهذه الرواية تؤيد أن الآكام الكبيرة بنيت في العهد الأخير والدليل على ذلك أن اسم الشخص المدفون في إحداها ذلك في زمن نيرخوس رفيق اسكندر المكدوني عندما شاهدها. ويظهر إنه لم يبحث أحد في هذا الأثر منذ ذلك الحين حتى قام الضابط دورند الذي رفع بعد ذلك إلى درجة أمير (دوق) وذلك أنه بينما كان يجول في أراضي تلك الجزيرة الموحشة خطر له فجأة أن يفتح أحد تلك المدافن وينقب فيه عله يعثر على شيء يستحق الذكر والعناء ومن الغريب أنه مضى عدة قرون من نيرخوس إلى

زيارة ذلك الضابط الإنكليزي ولم يبحث أحد بحثاً وافياً عن تلك الآثار الغريبة القديمة العهد. لقد أطلقت العنان لقلمي في موضوع أنا فيه قصير الباع مع أن موضوعاً كهذا زاخر العباب يحتاج إلى أن يلم به خبير بارع. هذا ورولنسن لم يكتب شيئاً مذكوراً عن تلك المدافن ومنزلتها في عالم الآثار القديمة. وكل ما يقوله الأديب عنها هو من باب الرجم وليس عليها كلها شيء من العظمة والأبهة التي ترى في خرائب مصر الهائلة المنقورة في الصخور وأطلال صور وصيداء الخ إلا أن في آثار البحرين مزية لا توجد في غيرها وهي بها تفوقها من عدة وجوه منها أنها تبني في ذهب من يراها ذكراً لا محيى وصوراً تنطبع في مخيلته حتى أنه تنقله إلى الأعصر الخوالي وتضع نصب عينيه حوادث الأيام القديمة جداً ولا أراني أبالغ إذا قلت إنها تذكره بالوقائع التي جرت منذ تأسيس العالم. وعلى كل حال فصحراء البحرين الموحشة الفسيحة الأطراف المملوءة من القبور تؤثر في النفس أكثر مما تؤثره خرائب كرنك وثيبة فهل الآكام التي نحن بصددها هي أقدم من جميع أطلال مصر وبابل ونينوى وفينيقية المندرسة؟ ذلك مما لا أستطيع أن أبت فيه رأياً

الشيخ عبد الرحمن السويدي

لما يحتاج إليه من أعمال الروية ودقة النظر والوقوف التام على كنه الحقيقة ولا أظن أن أديباً من الأدباء يستطيع الإجابة الصادقة عن ذلك بالنظر إلى ما لدينا الآن من قلة الوسائل التي تهدينا إلى الجواب. بيد أن الظواهر تحمل السائح على أن يعتقد أن سذاجة المدافن وخشونتها وعدم إتقان بنائها هي البقعة التي سكنتها القبائل والأمم ذوات الرؤوس السوداء التي وافت بابل من عبر البحر وشيدت معالمها وهذا ما يستدل عليه من آثارهم التي تركوها للأجيال المقبلة إذ هي أقدم ما صنعته يد بشر على وجه البسيطة بأسرها. إني لا أتعب القارئ الكريم بشرح دقيق أو وصف مسهب عن قياس المدافن ومساحتها أو عن ماهية ونظام باطنها أو عن الذخائر والآثار الموجودة فيها. فهذه الأمور وغيرها يوفيها حقها من البحث أربابها وأريد بهم الرواد الذين يطوفون البر والبحر للوقوف على مجاهل البلاد وفي يقيني أنهم يتفرغون للفحص والتنقيب عن تلك المقابر العظيمة ولو بعد حين وينشرون عنها أبحاثاً علمية تاريخية وافية بالمراد. وقد عزمت بعد الاتكال على الله أن أصف المدافن ولو على سبيل الاختصار لكي يلم بها المطالع الأديب في الوقت الحاضر فأقول: (لها تلو) رزوق عيسى الشيخ عبد الرحمن السويدي - هو أبو الخير الشيخ عبد الرحمن زين الدين ابن الشيخ عبد الله السويدي كان إمام عصره في مصره وقطره ولد في بغداد سنة 1134هـ - 1721 - 1722م وأخذ العلم عن والده وعن فصيح الهندي وعن ياسين

الهيتي قال العلامة يوسف بن محمد بن يوسف العبادي في كتابه الذي فرغ من تأليفه سنة 1199هـ المسمى بالجمانات السنية شرح المنظومة السليمانية - من نظم سليمان بك ابن عبد الله بك الشاوي الشاهري الحميري -: (هو أبو الخير عبد الرحمن بن عبد الله. . . السويدي ذو التحقيقات المفيدة والتآليف العديدة مع صغر نفسه وكبر شفقته على أبناء جنسه وله من المصنفات المعتبرة (كذا) كتابه في السير المسمى بالكتيبة. والحاشية على (شرح) الحضرمية لابن حجر (في فقه الشافعية) ونكته على الشبراملسي سماه إرواء المحتسي (من كؤوس الشبراملسي في فقه الإمام الشافعي أيضاً علقها على الحواشي المنسوبة إلى أبي الضياء نور الدين على الشبراملسي التي علقها على نهاية المحتاج.) وشرح الشيبانية. وشرح حانات والده في علم البيان. وشرح الرسلانية (وهي شرح كلمات رسلان في التصوف) وشرح قصيدة للشيخ الأكبر. وشرح مسألة الشعيرة. وحاشية في علم الهيئة. سماها (زينة الأملاك شرح تشريح الأفلاك) والأجوبة الهندية (في الحكمة الإلهية) في علم الحكمة. وحاشية على جزء العبادات من تحفة ابن حجر. ومقامات بديعة. وتاريخ سماه حديقة الزوراء وهو تاريخ

كبير في ثلاثة مجلدات ضخام) وله مكاتبات ومراسلات كثيرة فهو في هذا الزمان خاتمة المؤلفين المحققين لم نعثر على أفضل منه في ما رأينا) اهـ. وله شرح حاشية على شرح القطر للعصامي. وله كتاب كشف الحجب المسبلة شرح التحفة المرسلة. رداً على من ادعى الحلول. وقد طبع في مصر وفي ذيله شرح الصلوات المشيشية أو البشيشية. نسبة إلى عبد السلام بن بشيش أو مشيش وهي أيضاً له. وله شعر ونثر فمن شعره من قصيدة أرسل بها من الشام إلى صديق له في بغداد: لولاك يا بلد الزوراء لولاك ... ما احرق القلب مني شجو شجواك سقى أديم الثرى منك الحيا وحيت ... سحب الكرائم في التكريم محياك واخضر ربعك من دون الربيع ولا ... زالت زهورك في صيف ومشتاك أقول للواكف المنهل من مقلت ... ي أكفف لتنجو من مجراه جرعاك شتان ما بين بغداد وجلق مع ... إقعاد حظي فحظي مدمع الباكي هيهاتُ هيهات أن ينجاب لي أمل ... به أعلل آمالي للقياك آه وآه فلا أنهي التأوه ما ... دام التفوه في بعدي لمرماك وقد أعقب ولداً واحداً وهو الشيخ محمد وبنتاً واحدة. وكانت وفاته في العشرين من شهر ربيع الثاني سنة 1200 هـ - 1 شباط 1786م ودفن في جوار الشيخ معروف الكرخي. وقد رثاه الفضلاء والأدباء من أهل مصره مثل أخيه الشيخ أحمد. وسليمان بك الشاوي. والشيخ علي أفندي البغدادي، وغيرهم مما يطول ذكره. كاظم الدجيلي

العمرة عند العراقيين

العمرة عند العراقيين تمهيد إذا جاور قوم قوماً آخر يختلف عنه في لبسه وأكله وشربه ونومه وقعوده وقيامه وأمور معيشته ولسانه ونحو ذلك لا يبطأ أن يدخل شيئاً من أحوال جاره في شؤونه، وكلما اعتقد فيه السيادة عليه كثر اقتباسه منه. وهكذا الأمر في أهل العراق. فإنهم لما خالطوا الفرس والترك وسائر الأعاجم أخذوا منهم شيئاً كثيراً مما يتعلق بشؤون ألفتهم ومجتمعهم ولاسيما بما يتعلق بلباسهم. وهانحن نذكر هنا ما يتعلق بعمرة الرجل أي بما يلبسه على رأسه وهي لفظة عربية فصيحة يقابلها عند الإفرنج كلمة فنقول: 1 - العرقجين بفتح العين والراء المهملتين وإسكان القاف وكسر الجيم المثلثة الفارسية وإسكان المثناة التحتية وفي الآخر نون، لفظة تركية فارسية الأصل مركبة من كلمتين وهما: (عرق) بالمعنى المشهور العربي وهو رشح الجلد. و (جين) الفارسية بمعنى جامع أو لام. ومحصل معناهما: (جامع العرق أو لامه. وبعضهم يزيد على آخره هآء فيقول (عرقجينة) وهو قليل. والمشهور الأول. ويراد بها سكبة أي خرقة تقور للرأس تكون في أغلب الأحايين من نسيج القطن تلبس تحت الطربوش أو الفينة (اسم الطربوش عند العراقيين). وقد تلبس وحدها في المنزل أيام الحر الشديد، أو قد تلبس ويلف عليها العمامة أو توضع عليها الكوفية المعروفة عند العراقيين باسم الكفية: - ولكون هذه العمرة تتخذ لكي تمتص العرق عرفت أيضاً باسم العرقية بفتح الحرفين الأولين. قال صاحب التاج في مستدرك ع ر ق: (العرقية محركة: ما يلبس تحت العمامة والقلنسوة مولدة.) أهـ. وكان أهل العراق أول من اقتبسها عن الفرس لمجاورتهم إياهم

ولشدة حر صعقهم. ثم انتقل بها قوم إلى ديار الشام فتعلم الشاميون منهم اتخاذها ولهذا سموها (عراقية) نسبة إلى العراق. قال في محيط المحيط: العراقية من ملابس الرأس تلبس غالباً تحت الطربوش.) ثم زاد على ذلك قائلاً: والمشهور عند العامة العرقية) وضبطها بإسكان الراء. وقد جاءت العرقية في بعض نسخ كتاب ألف ليلة وليلة (راجع طبعة برسلو 260: 9 و329: 4) وقد وردت مرة بصورة عرقية وأخرى بصورة عراقية. على أن (العرقية) أقدم ذكراً في كتب المولدين من (العراقية) فقد جاءت العرقيات في كتاب اللطائف للثعالبي (ص 112 س 10) وقال عنها أنها تصنع في طبرستان. وكان أهل الشام يريدون سابقاً بالعرقية غير ما يريدون بها اليوم. فقد ذكر روجه في كتابه (الأرض المقدسة) ما تعريبه: تلبس المرأة على رأسها نوعاً من التاج يكون من فضة ويسمونه عرقية (بإسكان الراء) ويكون بهيئة مخروط. وقال في ص 204: (على رؤوس نساء أمراء البادية تاج من فضة مخروط الشكل يلففن عليه لفافة من الحرير الأسود مطرزة باللآلئ والحجارة الكريمة.) أهـ. فيؤخذ من هذا الوصف أن ما كان يسمى عرقية سابقاً هو المسمى عند اللبنانيين بالطرطور الذي حظر استعماله الكهنة بعد حادثة 1841 و1845. وقد جاءت العرقية بهذا المعنى في كتاب ألف ليلة وليلة قال: وعلى رأسها خوذة بالذهب مطلية، وعرقية فولاذ وزردية. وفي بعض النسخ وردت كلمة بيضة بدلاً من عرقية. فالعرقية بإسكان الراء لغة أهل الشام. وبفتحها لغة أهل مصر والمغرب وبعض أهل العراق. وأهل مصر يسمونها أيضاً (طاقية) وقد وردت في كتب المولدين وذكرها ابن بطوطة في رحلته والمقريزي في كتابه الخطط والآثار. ومن أسمائها المعرقة (وزان مدرسة) وكان يعرفها بهذا الاسم بدو ديار الشام قبل نحو قرن. أما اليوم فاللفظة بهذه الصورة مماتة عندهم. ومن أسمائها الحالية

(الحدرية) (بكسر الأول) ويعرفها بهذا اللفظ أهل بادية العراق وبعض سكان مدن العراق كأهالي الشطرة والحي والناصرية أو المركز وسوق الشيوخ والكلمة مشتقة من حدر الجلد العرق: إذا سأل به. فهي والعرقية من معنى واحد وإن اختلف المبنى. وأما لفظة العرقجين فيعرفها أهل مدن العراق الكبيرة كبغداد والبصرة والنجف وكربلاء وبعض أهالي البادية الذي يختلفون إلى المدن. وتختلف هيئة العرقجين باختلاف أهل المدن وأعمارهم. فمن العرقجينات ما هو طويل محرب كثير النقش والتطريز والتزويق. وهذا تتخذه غالباً الفرس والهنود الموجودون في العراق. - ومنه ما هو على هيئة نصف كرة. وهذا يلبسه العرب العراقيون وبعض الفرس الموجودين بين ظهرانينا. - ومنه ما هو على شكل مثلث تسميه النساء العراقيات (كاوورية) بكاف فارسية مثلثة يليها ألف بعدها واوان: الأولى مضمومة والثانية ساكنة يعقبهما راء مهملة ثم ياء مشددة ثم هاء نسبة إلى الكاوور وهو عند العراقيين المسلمين اسم النصارى والكفار والمجوس. وقد نسبت إليهم كأنهم هم الذين أول من استعملها على هذه الهيئة. والمسلمون يتخذون هذا النوع من السكبة لأطفالهم خاصة. 2 - الفينة والطربوش والفيس والفس والشاشية والغفارة العراقيون يسمون الطربوش (فينة) بفاء مكسورة وياء مثناة تحتية ساكنة ونون مفتوحة وهاء في الآخر. والطربوش هو الاسم الشائع في سائر البلاد العربية اللسان. والفينة تصحيف فينة بفاء مثلثة وهي اسم حاضرة بلاد النمسة لأن أهل هذه الديار كانوا يجلبونها في السابق من تلك العاصمة فأضيفت إليها ثم حذف المضاف على ما هو مستفاض في لغة العرب. أما الطربوش فهو تصحيف سربوش أي غطاء الرأس بالفارسية. قلبت فيها السين تاء على لغة شائعة عندهم (لغة العرب 1: 253 و2: 176) ثم فخمت التاء فصارت طاءً فقالوا طربوش كما في القتر والقطر وهرت الثوب وهرطه. والمتلئب والمطلئب وغيرها كثير. وأما الفيس فهو كلمة فاس بالأمثلة وفاس قاعدة مراكش. وكان يجلب منها أيضاً هذا النوع من العمرة، فأضيفت إليها. ثم حذف المضاف كما جرى الأمر

في فينة. وبعضهم يقول فس وزان تل. ولم يرد من هذه الألفاظ في كتب المولدين إلا كلمة طربوش. من ذلك في بعض نسخ كتاب ألف ليلة وليلة في قوله وكان عليه كما ذكرنا الطربوش والشاش. - ونظن أن لفظة الفينة قديمة أيضاً في العراق لأن الرحالة الإفرنسي أوليفية المتوفى سنة 1814 يقول في رحلته في كلامه عن نساء بغداد: وفي زينتهن المألوفة يكون على رؤوسهن فينة سوداء من القطيفة (المخمل) تتدلى إلى الوراء لها عثكولة (بسكولة أو شرابة) من الإبريسم أو من الكلبدون (خيوط الذهب) فإن كانت العثكولة من خيوط الذهب (الكلبدون) فظاهر الفينة يكون مغشى بالقصب (بشريط الذهب) وتثبت هذه الفينة على الرأس بلفافة من شال قشمير.) وأما لفظة فيس أو الأصح فس فمأخوذة من التركية لأن الترك يلفظون مدينة فاس التي كانت تصنع فيها هذه العمرة (فس أو فيس) وعوام بغداد يقولون إلى يومنا هذا (فيس رنكى) أي (لون الطربوش) إذا أرادوا أن يعرفوا لوناً من الألوان الحمراء يكون بلون الطربوش. وفي سابق العهد كان أهل مصر يسمون هذه العمرة (شاشية) كما يعرفها بهذا الاسم أهل المغرب إلى يومنا هذا. وهم يعرفون أيضاً من مراد فاتها الطربوش. - وأما عرب الأندلس فكانوا يسمونها غفارة بكسر الغين وهو أفصح ما جاء في هذا المعنى. قال في تاج العروس: (المغفر كمنبر والمغفرة بهاء أو الغفارة ككتابة: زرد من الدرع ينسج على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة. ويقال: هو رفرف البيضة. . . قال ابن شميل: وربما كان المغفر مثل القلنسوة غير أنها أوسع يلقيها الرجل على رأسه فتبلغ الدرع ثم تلبس البيضة فوقها

نهر الرشادي في الديوانية

فذلك المغفر يرفل على العاتقين. وربما جعل المغفر من ديباج وخز أسفل البيضة. . . . وربما يعنوها وظهروها بديباج أو خز أو بزيون. هكذا ضبطها أبو عبيدة. وحشوها بما كان. وربما اتخذوا فوقها قوساً من نضة. وغير ذلك. انتهى. قلنا: فإطلاق اسم الغفارة على الطربوش فسيح إذاً من باب التوسع ومن باب إبقاء الاسم على مسماه وإن تغيرت مادته فاحفظه تصب إنشاء الله تعالى. النجف: محمد باقر الشيبي نهر الرشادي في الديوانية فتح هذا النهر في زمن المتصرف خيري بك (سنة 1319 هـ - 1901 م) وقد شق من (بحيرة ابن نجم) التابعة لقضاء الشامية. وهو يبعد عن مركز اللواء ثلاث ساعات ولشدة ضيقه لم يجر فيه إلا شيء قليل من الماء. ولما تعين محمد صالح أفندي نائب لواء الديوانية للنيابة في اللواء سنة 1326 وتقلد وكالة المتصرفية بلغه أمر النهر فأمر أن يشارف وبعد الإطلاع عليه وجده قابلاً للتوسيع وإرواء ما تحته من الأرضين فأنشأ لجنة لجمع إعانة تقوم بحفره فوسع وكري وجرى فيه الماء الكافي. ثم شوق الأهالي إلى جلب معينات (مكينات) لجر الماء فجلبوا منها نحو 20 منضحة (طرمبة) بخارية وركبوها على النهر. ولما قدم لواء الديوانية والي بغداد جمال بك (سنة 1912) أوقفه النائب الموما إليه على النهر ورغبه في تخصيص مال ينفق على توسيعه لتزيد زراعة ما يسقيه وتنمو وارداته فخصص له نحو ألف ليرة. وفي تلك الأثناء تعين متصرفاً للديوانية أحمد مدحت أفندي فلم يلتفت إلى الطريق

عاشوراء في النجف وكربلاء

المؤدية إلى تحقيق الأمنية ولذا ذهبت الأموال سدى على يده: وفي الآخر انقطع الماء. وكأنه لم يكتف بذلك فحاول أن يغير اسم النهر المسمى باسم جلالة السلطان ويسميه (نهر الخيري) باسم أبيه خيري بك لكونه فتح في زمانه. فإذا كان ما زعمه صحيحاً فلماذا لم يسع بتعميره وتتبع منشآت أبيه. ولما عزل وتعين في موطنه قيم المقام العسكري عبد الله صبري بك للوكالة ورأى هذا ما آل إليه أمر النهر وتلف الزرع وحاجة الأهالي إلى ماء الشرب وزع الأشغال للمحال على العشائر التابعة لمركز اللواء وسافر بنفسه إلى قضاء الشامية وأشغل الجميع بالحفر والكري وممن ساعده على ذلك مفتي اللواء إسماعيل أفندي آل الواعظ ومدير ناحية (شوفة مليحة) سليم ثابت أفندي الزهاوي. وبعد أيام قلائل تم العمل وجرى الماء في النهر بكفاية وقد وصل إلى الديوانية في أول ذي الحجة (10 ت 2 سنة 1912) بعد أن أشرف الأهلون على الهلاك من فقد الماء. وقد تليت الخطب والأدعية وأرسلت رسائل التشكر إلى الآستانة والولاية. والذي يجب اليوم أن نوجه إليه الأنظار هو سد منفذ (أم الهايتة) الواقعة في نهاية بحيرة ابن نجم وبذل العناية بتحكيمه حتى يدوم جري الماء بل يتضاعف وبذلك تعم الفائدة الجميع. الديوانية: فؤاد زاده عبد المجيد عاشوراء في النجف وكربلاء حبذا لو كان ينتهي تدين الشيعة المفرط إلى هذه الوسيلة تقليلاً لواردات الدولة العثمانية، لكنه يتعدى هذا الحد كما ستراه بعيد هذا حتى يصل إلى

ما يقارب الشطط. لأنه يتجدد في كربلاء في الشهر المحرم من كل سنة وفي الوطن الذي قتل فيه الحسين وأصحابه مشاهد تتفطر لها المرائر ويذوب لها الفؤاد حزناً وكآبة. والتحمس في الدين يبلغ أوجه في عاشوراء ومحاولة وصف ما يجري في تلك الأيام من العبث. هذا فضلاً عن أن الكاتب لا يستطيع أن يجري قلمه في هذا الميدان بدون أن يشعر بقشعريرة تدب في جسمه كله لهول ما يرى. وإذا تذكرت بجانب هذا المشهد ما سمعت أو رأيت من أعمال بعض الدراويش وتهاويلهم المدهشة لما تصورت شيئاً يذكر. الشهداء الذين يكونون موضوع هذه الحفلة الهائلة هم أصحاب

الحسين المقربون الميمونو الطالع. وقد آلوا على أنفسهم أن يضحوا أنفسهم ضحية للإمام ليحصلوا منه على نعمة أو بركة أو حسنة إذا حاماهم أو دافع عنهم وفي أغلب الأحايين يضطر بعض الحاضرين إلى أن يمسكوهم لكي لا يقوموا بمواعيدهم فينجزوها بالحرف الواحد وكثيرون منهم يموتون فدى للحسين لكثرة ما يقاسونه من الأعذبة المبرحة في مثل تلك الأهوال. وأول شيء يأتونه في مثل تلك الأيام أنهم يحلقون رؤوسهم من الوسط في عرض نحو 10 سنتيمترات وهذا الحلق يتجه من الجبهة إلى القفا. فيكون قحف الرأس أجرد ليس عليه ما يدفع أو يخفف غائلة الآلة الجارحة. ثم أنهم يلتحفون بثوب أبيض يميزهم عن سواهم من بين الجمع. إلا أنه لا يبقى مدة طويلة ببياضه الناصع إذ لا يعتم أن يتضرج بالدماء الحمراء القانئة. هذا فضلاً عن أن هذا الثوب هو الكفن الذي يسحبون به إذا ماتوا في أثناء هذه الحفلة الرائعة. ويجعلون بأيديهم سيفاً مشهوراً. وبهذا الزي وهذا السلاح يأخذونهم إلى الصحن

فترى الصحن على رحبه قد غص بمن فيه من تكاتف الجمع وازدحامه هناك. وفي مثل هذا المقام لا في غيره يحق أن يقال: (ضاق الفناء بمن فيه) وبعضهم يحاول أن يرى الواقعة المحزنة أحسن روية فيصعدون إلى الطارمات والمماشي والمشارف والسطوح وأطورة الدور ليشارفوا المشهد أتم المشارفة. وعدد الزوار المتجمعين في تلك المواطن بين ذكور وإناث لا يقل عن 20 أو 25 ألفاً. وهم في حالة التحمس والتهيج التي ليس وراءها حالة. وفي هذا الصحن يمثل كل ما وقع سابقاً في يوم عاشوراء. وبينما أنت تنظر إلى هذا الجمع المزدحم ترى في وسطه فرساناً عليهم ثياب بيضاء وتحتهم جياد بيضاء يزيدون الحفلة رونقاً وترتيباً وغايتهم مرافقة أولئك المستشهدين إلى حيثما يذهبون. فيطوف هؤلاء الناس جميعهم في أنحاء المدينة، ثم يتألبون في

مكان محصور ترى فيه نساء، لعلهن نساء بعض المستشهدين - وقد تحجبن أشد الحجاب ورافقنهم إلى ذلك الموطن وقد تجمع على جدرانه وأطورته طوائف من المتطلعين كأنهم عناقيد من الآدميين - وبعد هذا يبتدئ الاستشهاد. اصطف المستشهدون على هيئة نصف دائرة، وهم ينتظرون أدنى علامة أي سماع أول آية من الآيات التي ينطق بها الإمام ليضربوا أنفسهم الضربة الأولى. ثم يزداد هياجهم وتحمسهم بما يسمعون من الألحان الدينية ونغمات الأدعية وما يتلفظ به الجمع الحاضر من كلم الحث على الاستشهاد والتشويق إليه. هذا فضلاً عن أنه يحدث ساعتئذ نوع من الجلبة تخيل لهم أنهم سكارى وما هم بسكارى فيضربون إذ ذاك أنفسهم ضرباً أليماً. ثم يتحرك الطواف ثانية تحت رعاية أو مراقبة الفرسان ليجولوا حول المدينة ويروا أنفسهم لأغلب من هناك في البلدة حملاً لهم على رؤية ما فيه إصلاح النفس أو صلاحها. ها أن الدم يتصبب عبيطاً من جباههم ويتحدر قائناً على وجوههم، فيصبغ ثيابهم البيضاء الناصعة بالأحمر الأرجواني وقد أصبحت رؤوسهم عبارة عن جروح دامية عديدة. ومع ذلك ترى أيديهم المرتجفة المرتعدة تصك الرأس بالسيف صكاً عنيفاً بدون رحمة أو شفقة. ومن وقت إلى وقت ترى عضلات الساعد قد وهنت فلا تطاوع

الإرادة بل تعصيها فتقف عن الحركة ريثما تجم قواها فترجع إلى الصك أو القرع أو الطرق. ثم يقف الطواف في إحدى الطرق وعيون المؤمنين ترعى هؤلاء المستشهدين حتى إذا عادت إليهم قواهم، عادوا إلى إعمال تقاهم، وأخذ الناس بالأدعية والصلوات والتشهد واستأنف محبو الحسين بتعذيب أجسادهم بدون أن يشفق بهم أحد أو يحن قلبه عليهم، فينهي هذه الفاجعة التي يتصدع لها الجلمود، بل بالعكس تراهم جميعهم يحثونهم على طعن أنفسهم طعناً عنيفاً، بل أعنف فأعنف. وروية الدم العبيط يزيدهم إلحاحاً وتنشيطاً ولهذا يتبعونهم ويلازمونهم ملازمة الظل لصاحبه إلى أن يتم الاستشهاد وبينما يسير الجمع وراء الذين يجودون بأنفسهم تراهم لا يغادرون طريقاً إلا ويسيرون فيه ومثل هذه الفاجعة يقع خارجاً عن المدينة وفي أوانها. وبعد ذلك ترى أعراباً قد سلوا سيوفهم وشرعوا أسنتهم ونشروا ألوية بيضاء رمزاً إلى الصلح يرقصون ويهوسون ويصرخون ويعطعطون ويطلقون طلقات نارية في الهواء. فلما يسمع المستشهدون بذلك الضوضاء يزداد تحمسهم وتهيجهم زيادة لا يصفها يراع واصف فيقرعون رؤوسهم بالسيوف وهم يلهثون لشدة ما وصلوا إليه من إنهاك القوى. وقد يتفق بعض الأحيان أن يقع واحد منهم خائراً واهناً (كجلمود

صخر حطه السيل من عل). وللحال تمد إليه ألف يد لتنعشه. وقد يكون المغشي عليه قد سقط لضعف حركة في قلبه لا لوهن في عزمه، أو قد وقع لكثرة الجروح التي استنزفت دمه. وقد يتفق أن يموت المستشهد فتكون وفاته من أعظم الحسنات لنفسه ولأصحابه ولأهل بيته ولسكان المدينة كلها جمعاء، لأنه مات في حب الحسين. ولقد سبق فكرهم بوقوع مثل هذا الحادث قبل جريانه ولهذا ترى مع الجمع المزدحم أناساً من باعة الأكفان يتتبعون القوم أينما ذهبوا حتى إذا اقتضت الحاجة ذلك أظهروا من فورهم. وكل شهيد يسقط في مثل هذه الواقعة يسجى للحال بكفنه المضرج بالدماء ويضجع في تابوت وينقله للحال بعض من حضر بأوجه باشة هاشة وهم يظنون في أنفسهم أنهم من أسعد خلق الله لكونهم شهدوا بأنفسهم وقوع هذا الشهيد الكريم واقتربوا منه، وربما مسوه مساً لطيفاً تبركاً به.

وهانحن أولاء قد قربنا من نهاية الطواف المتهيج، وقد ازداد عدداً بما انضم إليه من كل بيت ودار وشارع وطريق، وقد ازدحموا ازدحاماً عظيماً حتى أن الواحد ليطأ الآخر أو يسحقه بدون أن يشعر بما أتى. وكل ذلك حباً لما يجري بمن جرحوا أنفسهم في هذه الفاجعة العظمى. ترى هذا البحر المتموج بالخلق يتجه نحو الصحن وقد غص فناؤه بمن فيه من الزوار والمتحمسين. ولقد ترى في هذا الصحن زهاء 50 ألفاً من النفوس وقد ازدحموا ازدحاماً بل قد رصوا رصاً. دع عنك ذكر من تسلق الجدران وتعلق بالحيطان ونظر من أعلى السطوح وتطلع من أعالي المشارف والأبنية فأنهم لا يحصون. هنا ترى المستشهدين قد صاروا إلى حالة تمكننا من أن نشبههم بآلات متحركة لا تعمل عن فكر وروية بل عن حركة عصبية اضطرارية أو عن نوبة صرعية وهم يظلون دائبين في عملهم هذا إلى آخر رمق من حياتهم بدون أن يشعروا بشيء أو يروا شيئاً، ويسمعوا شيئاً سوى القعقعة والجلبة التي تصدم آذانهم أو تغويهم فتنميهم عن هذه الدنيا. وهنا لا ترى ربع عدد أولئك الفرسان البيض الذين كنت رأيتهم قبل بضع ساعات. أما الآخرون فأنهم بقوا في الطريق مغشياً عليهم أو مائتين. وأما الحاضرون فإنهم قد صاروا إلى حالة تقشعر لها الأبدان وترتعد لها الفرائص. وبينما أنت تنظر إلى حواليك إذ براية خضراء تبدو لك في الفضاء

على رمح طويل يهزه هزاً عنيفاً فارس قوي البنية. وهذه العلامة هي إشارة إلى نهاية هذا الاستشهاد والمنظر الفاجع الرائع. وحينئذ يأخذ الجمع بالانقضاض، وما يمضي شيء من الزمن إلا وقد أصبح الصحن أفرغ من فؤاد أم موسى. على أن الحق يلزمنا بأن نقول: إنه يظل في فناء الصحن بعض الصعاليك الذين كانوا يقرعون صدورهم بأيديهم طول مدة الطواف وكان القرع موقعاً على سقطات السيف وهم يفعلون ذلك تأسفاً وتوجعاً على موت الحسين ولا ينقطعون عن إتمام ما شرعوا به عادين كفهم عنه أو وقوفهم في كآبتهم من رابع المستحيلات وهذه الحركة الاضطرارية لا تضرهم ضرراً يذكر. لم يعرف الشيعة سابقاً الحرية التي يتمتعون بها اليوم في كربلاء فأن التاريخ يشهد على أن العباسيين كانوا قد ضيقوا عليهم أشد التضييق حتى فزع أغلبهم إلى التقية، تخلصاً من البلية. ولولا تشديد العباسيين على العلويين لأصبحت كربلاء محجاً لهم لا مزاراً، بل محجاً يناوئ مكة مناوأة صادقة. ومع كل ما فعل بهم أعداؤهم لم يحد أبناء الحسين عن محبوبهم ولو قيد ذرة بل أظهر ثباتهم لخصومهم أنهم أرسى من الرصاص بل أرسى من الرواسي. ولقد شاهد الناس ملوكاً وسلاطين لم يكونوا على مذهب الشيعة ومع ذلك زاروا كربلاء كما فعل الشاه اسمعيل والسلطان سليمان (حليف

مشاهير بيوت وقبائل سوق الشيوخ

الملك الفرنسوي فرنسيس الأول) وعليه أصبح إيمان الإمامية قرين النصر المبين، وصنو الفتح المكين. كاظم الدجيلي مشاهير بيوت وقبائل سوق الشيوخ - 8 - مشاهير الرجال والبيوت أغلب بيوت سوق الشيوخ الشريفة أو الكبيرة هي من أبناء نجد. فإنهم يفتحون دورهم للضيوف ويكرمونهم ويحسنون إليهم. ولذا ترى كلمتهم مسموعة عند جميع العشائر ولهم جاه وصيت. ومن رؤوس البيوت الشريفة الشيخ محمد علي أبا الخيل (كذا يقال في حالة الرفع والنصب والجر على سبيل الكلمة الواحدة) وهو من أسرة كان بيدها سابقاً الحكم على بريدة إحدى عاصمتي القصيم. وسليمان أبا الخيل. وسليمان بن حسن المهنا أخو صالح بن حسن المهنا الذي دخل بريدة فقتله غدراً ابن السعود في الأيام الأخيرة. ومحمد العبد الله، وصالح العماري، وإبرهيم العماري وهذان من الرجال الكرام الأجلاء المحترمين وهما من أهل عنيزة. وإذ لم أجالس أحداً من الحضر لم أعرف واحداً منهم وإن كان فيهم من أهل الفضل وقدم المحتد ما لا ينكره أحد. 9 - نظرة عامة في البلدة وفي حالتها البلدية في غاية الانحطاط. وبيوت المدينة حقيرة أمام الناظر وذلك لأن البلدية لا تسعى في هدم ما يجب هدمه وترميم ما يحسن ترميمه وتقويم ما اعوج من طرقها وشوارعها. أما واردات البلدية فأنها لا تزيد على مائتي ليرة لكن لا يصف منها على تنظيف الأزقة وتوسيع الجواد وإنارة المحلات ما يجب صرفه في هذا الوجه. ويحيط بالبلد سور من الطين (أي سور من الطوف أو الطوفة) وجانب منه مبني باللبن والطاباق. وللبلدة أربعة أبواب تغلق كلها في الليل ما عدا باب النجديين فأنه يبقى مفتوحاً لأنه لا يتجاسر أحد على أن يطأ دارهم أو يخونهم. والبلدة خالية من الأمن في بعض الأحيان وقليلته في أوقات أخرى وهي أمينة

في برهة من السنة معلومة. وسبب ذلك وجود العشائر البادية في حواليها ولا سيما في إبان الفتن. كما وقع ذلك في أيام الاستبداد فأنه قل فيها نفوذ الحكومة واشتدت آنئذ المعضلات والمشكلات وتوالت فيها توالي المطر المدرار. والذي ساعد على استفحال الشر واستشرائه بين تلك الأقوام سوء تصرف بعض موظفي الحكومة وقلة درايتهم بسياسة تلك البلاد وعشائرها وأهاليها. الأمر الذي حط من ثلثي الثقة بالحكومة عند الرؤساء والأمراء والشيوخ وغيرهم كما ستظهر لك حقائقه وأسبابه في غير هذا الموطن. 10 - عشائر سوق الشيوخ عشائرها من جهة الغرب هي: 1. أهل أو عشائر الكوت وشيخهم قويد وجار الله الحواس [كشداد] وعدد من المسلحين منهم 1000 رجل 2. الشواليش وشيخهم عبد الله الوشاح (كشداد) وعدد حملة الأسلحة عندهم 300 عشائرها من جهة بر الشامية: 1 - النواشي ورئيسهم على المطلق وجنودهم 300 2 - حكام ورئيسهم ناصر الياسر وجنودهم 600 3 - البو حميدي ورئيسهم جاسم جولان وجنودهم 300 4 - بنو سالم ورئيسهم وهيب (مصغرة مشددة الياء) وجنودهم 500 5 - الغريافية ورئيسهم الحاج شهل العيسى وجنودهم 500 6 - الشواوشة والدبات [وزان ضمات] ورئيسهم فيصل الياسر وجنودهم 400 أهل السورة (كعورة) مزيعل البشارة وجنودهم 600 عشائرها من جهة الشرق:

1 - بنو أشرف وهم البوحمدان وبقية آل مشرف (وزان محمد) 500 2 - بنو سد (وزان تل وهي تصحيف أسد) ورئيسهم سالم بن خيون 400 3 - بنو حطيط (كزبير) الشيخ سبت (بالفتح) 300 4 - آل إسماعيل الحاج خشان (كشداد) 300 5 - العمائرة 6 - الحول (محركة) ينتمون جميعاً إلى بني خيقان 300 7 - الفهود 8 - البو شامة؟ 300 عشائرها الموجودة في غربي منازل بني سد: 1 - البو خليفة محمد الناصح وابن ركاب 700 2 - المؤمنون الميرزا عناية (بكسر الأول) 600 3 - بنو سعيد عيسى الرديني (مصغر ومنسوب) 600 4 - الجويبر ابن جويزع وابن قطان 1500 5 - آل زياد؟ 500 عشائر بني خيقان 2 - آل شميس؟ 450 2 - البو خليفة عبد الله الراضي 400 3 - الرحمة المغشغش 1500 4 - النجيمات زياد 300 5 - آلعبد الله زياد 300 6 - العليان (مصغرة ومشددة الياء) فيصل 1000 7 - العساكرة الحاج مري (بكسر الأول) والحاج دوخي (بضم فسكون) 2000 هذا مجمل العشائر المحيطة بالسوق وهنالك عشائر صغيرة اضربنا عن ذكرها حباً للاختصار كما أن ثم عشائر أخرى لا يعلم إلى أي قضاء راجعة اليوم وإن كانت في السابق عائدة إلى قضاء السوق. 11 - الأنهار الموجودة بجوار سوق الشيوخ يسمى الأعراب أنهارهم قراماً مفردها قرمة والكلمة مشتقة عندهم من قرم الساقية أو الجدول إذا كسره بالمسحاة ليجري منه الماء فالقرمة إذاً

الجدول أو النهر الذي يسهل فتحه أو سده عند الحاجة بخلاف النهر فأنه لسعته لا يسهل التصرف به على الوجه المذكور. وهناك أنهر كبيرة يحمل منها جداول صغيرة ونحن نذكر هنا ما وصل إليه علمنا. على أن هنالك نهاراً لا يزيد عرضها على ذراعين ونصف إلى 3 أذرع ولهذا نضرب صفحاً عن ذكرها. ودونك أسماء الأنهار التي بين المركز أو (الناصرية) وبين سوق الشيوخ. في الجهة القبلية أو في الشاطئ القبلي. العقر (كقفل) الحمار (كشداد) المجينينة (تصغير مجنونة) العثمانية، المصغر (كمحمد) السعيدية (مصغرة منسوبة) الخندق، قرمة جار الله، الحوسة (كعورة) الغافلية، المانعية، النغيمشي (مصغرة وبإسكان الياء والميم معاً وياء النسبة)، الفضلية. والأنهار التي هي في جهة الجزيرة أو في الجهة الشرقية هي: السديناوية (مصغرة منسوبة) المعيدية (مصغرة منسوبة) قرمة آل بو سوق بدعة (أي قرمة) الحسينات. أبا الرفوس (كذا يلفظنها في حالة الرفع والنصب والجر) الدقمانية، البو بزيم، الهدامية، العرجانية. غليوين (مصغر غليون) المجيحشية. السفحة (وهو نهر عظيم يأخذ أكثر من نصف ماء الفرات) والأنهار التي تبتدئ من السوق إلى أن يدفع الشط في برق الحمار أو الجزائر من الجهتين هي:

نحن والدهر

المحولة أو قرمة النواشي أم الطول، العتيبية الطليعة لآل أبو حميد، الاصيبح. الكرمانشية أم نخلة وهذه الأنهر من جهة الشامية. والأنهر التي تقابل تلك الأنهر من جهة الجزيرة هي: الرحمانية للنواشي الرميحية لحكام الزيادية للزياد الناطوري للحسن الحريقاوية للزياد قرمة بني سعيد للزياد نهر المومنين للمومنين أم شكاة؟ الدهلاوية؟ ومن بعد ذلك يتوزع الماء في البحيرات فيقل نفعه ويكثر ضرره. وإذا انتهى الأمر إلى مثل هذه الحالة فالأجدر بنا ختم الكلام. والسلام. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض نحن والدهر - عجبت لمن من دهره يتظلم ... وأفعاله مما تظلم أظلم

العريسات وأم الغراف

بأسوائه للنفس يستجلب الأسى ... ويرمي بهن الدهر ظلماً وينقم ولو أنصف الإنسان ما راح مسنداً ... إلى الدهر جرماً وهو لا الدهر مجرم ولو مثلما قد قيل للدهر سطوة ... على المرء تقضي بالشقاء وتحكم لما عاش إنسان بأرغد عيشة ... على رغم دهر بالغنى يتنعم ولو لم يقاوِ الدهر جزءُ اختيارنا ... لما بعث الله رسولاً يعلم فما الدهر إلا مسرح وفعالنا ... تمثل فيه ما نرى وتجسم أرى المرء يشقيه قبيح فعاله ... ويسعده حسن الفعال ويكرم ولكن أبى الإنسان إلا تحاملاً ... على الدهر فيما قد جنى حين يندم وذلك طبع راسخ في وجوده ... مدى العمر لا يبلى ولا يتصرم إبراهيم منيب الباججي العريسات وأم الغراف - كتب إلينا من النجف حضرة الشيخ العلامة محمد رضا أفندي الشبيبي ما هذا نصه: وقفنا على طرف من أخبار العريسات أخذناه عن قطاع تلك الفلوات وطلاع تلك الثنيات فقد رووا لنا أن العريسات موضع على 8 ساعات من النجف غرباً. وإنه جسيم بناء تحت الأرض ينفذ إليه الداخل من نفق طويل مظلم ينتهي بأبنية متعددة مختلفة. وهناك مسالك كثيرة أشبه شيء بالجواد إلى غير ذلك مما يطول شرحه. وقد ذكروا أن من يريد الوقوف عليه وقوفاً تاماً تلزمه الإقامة فيه لا أقل من يومين، لا يرى فيها نور الشمس ولا يستغني سالك هذه الطريق المؤدية إليه عن إدلاء وخفراء يصحبونه

هذا قليل من كثير من أحوال هذا الأثر الكبير. اهـ وقد سألنا حضرة المستشرق الأديب لويس ماسنيون عن العريسات وعن رأيه فيها فقال: (إني لا أستطيع أن أبت رأياً بدون أن أشاهدها فلعلها تشبه (أم الغراف) التي كتبت عنها في رحلتي إلى العراق. فراجعها هناك لتقابل بين الموضعين.) فراجعنا ما رواه عن أم الغراف فإذا هو يقول: (لما وصلت أم الغراف رأيتني أمام أجراف قائمة فيها خروق متتالية على عرض الأجراف وكل ثقب يبعد عن أخيه قراب 10 أمتار على علو ونصف قامة الإنسان فوق سطح الحضيض. - ولما صعدت التلعة ودخلت في نقب من تلك الانقاب تحققت أن مدخلها مستطيل أو قائم الزوايا تفضي إلى دهاليز هي دهاليز للموتى أو دهاليز قبور. وكلها متشابهة كأنها أفرغت في قالب واحد. ودونك وصفها: 1: مدخلها فوهة قائمة الزوايا ارتفاعها متر و60 سنتيمتراً وهي مفتوحة على نصف طول قامة الإنسان فتحاً ينظر إلى الجرف القائم. 2: وقبيل الفوهة بئر من آبار الموتى في سطحه أمت يفاجئك مفاجأة تكسيره متر و50 سنتيمتراً ويبلغ قطره من متر و50 سنتيمتراً إلى مترين. 3: وبين يدي ذلك دهليزان أو ثلاثة دهاليز تتقاطع ارتفاع كل دهليز من متر و20 سنتيمتراً إلى متر و60 سنتيمتراً تقريباً. وهو يؤدي إلى آبار تشابه البئر الأولى وذلك على بعد نحو مترين آخرين من الدهليز. ولهذه الدهاليز حروف حادة.

وإن سألتني عن تاريخ هذه المدافن قلت: إني لم أر هناك عظاماً في البئرين اللتين نظرت فيها نظراً غير بعيد. ولم أجد هناك شقفاً أو خزفاً إلا قطعة واحدة، ولعلها نقلت إلى ذلك الموطن نقلها إليه بعض المتجولين أو الأفاقين. إن البدو قد نهبوا ما في تلك المقابر وقد فضوا عدة كل بئر باحثين عن كنوز ظنوا أنها فيها. إنه وإن لم يك هناك ما يرشدني إلى ضالتي فإني أميل إلى أن أجمع بين هذه المدافن وبين مدافن البحرين التي ينبش فيها الآن أثريون من الإنكليز (يكتب المؤلف كلامه هذا في 15 نيسان 1908) إن نظام الآبار والفوهات التي وصفناها فويق هذا تبين لي أنها تشبه كل الشبه نظام ما رآه في البحرين سنة 1907 حضرة الدكتور جون استروب من جامعة كوبنهاغ. أما معضلة تاريخها فأنها تبقى في نظري أعقد من ذنب الضب على أني لا أؤكد أن مدافن أم الغراف بقيت مقابر تدفن فيها الموتى إلى عهد فتوحات الإسلام لكني أرى أنه غير مناسب الآن أن يعين لهذه المدافن التاريخ الذي يؤرخ به بعضهم مدافن البحرين (الفنيقية؟ قبل أن يهاجروا إلى فنيقية إلى ما وراء الألف الثاني من الميلاد؟) اهـ كلام الباحث المستشرق. ونحن ننتظر من أبناء هذه الديار أن يبحثوا عن هذين الموطنين القديمين بل الواغلين في القدم بحثاً نعما لكي يساعدوا علماء الغرب على إماطة اللثام الذي يستر حقيقتها وتاريخ إنشائهما والله المعين على كل حال وفي كل حين.

الطباعة في دار السلام والنجف وكربلاء

الطباعة في دار السلام والنجف وكربلاء - لم تكن بغداد حتى أواسط القرن التاسع عشر تعرف المطابع أو فن الطبع بل كان العراقي إذا سمع بأن الكتاب الكبير الكثير الصفحات يطبع في يوم أو بعض يوم تأخذه الحيرة ويبقى مبهوتاً مدهوشاً لضعف مداركه وقلة بضاعته في العلم حتى أنه لا يصدق ذلك وربما أنكره وعده من رابع المستحيلات، وليت الأمر وقف عند هذا الحد بل ربما استهزأ بأقوال الواصفين له فن الطباعة وعده من فنون السحر! بيد أن العراقيين لما رأوا ما جلبت الطباعة على أهل مصر الذين سبقوا البلاد العربية من الفوائد الجمة، وما درته عليهم من الذهب الوهاج، ورأوا كثرة الكتب وزهد أثمانها قامت بينهم نهضة علمية غلبت فيها التجارة فدفعتهم بسائق العلم إلى أن يجاروا على الأقل إخوانهم السوريين الذين كانوا أسبق البلاد العثمانية العربية إلى جلب المطابع بعد مصر. وعلى الأخص لما شاهدوا بأعينهم ما جنته الحكومة من الفوائد والثمرات من مطبعتها التي كان جلبها أبو الأحرار مدحت باشا سنة 1286هـ 1869م. إذ من عادات العراقيين التي قد استحكمت عراها بينهم (وكانت سبباً وحيداً في تأخرهم وعقبة كؤوداً في طريقهم وسيرهم نحو المدنية) أنهم لا يتشبثون بمشروع ولا يعقدون شركة ولا ينشئون محلاً أو غير ذلك إلا بعد أن يشاهدوا ثمراتها وفوائدها بأعينهم ولو أدى الأمر إلى قعودهم وتأخرهم عن مجاراة الأمم الراقية وبعد أن يستثمرها الأجانب ويتمكنوا من رقابهم والاستيلاء على منابع ثروتهم، ومصداقاً لقولنا هذه شركة لنج فأنها قبل أن تعطيها الحكومة امتياز تسيير بواخر في نهر الفرات كانت قد عرضتها على أغنياء بغداد وتجارها مع تساهل عظيم في الشروط بواسطة أحد الولاة فلم يقبلوا وأحجموا عن استثمار ينابيع ثروة بلادهم فلما رأوا ما جادت به على لنج من الريع الكثير والفوائد الجمة قاموا تلك القومة المشهورة وزعزعوا الآستانة باحتجاجاتهم على توحيد الإدارتين النهرية العثمانية والإنكليزية معارضين تسليمها إلى لنج ولكن بعد خراب البصرة! ولما نظروا الفوائد التي انتفعت بها بغداد من مطبعة الحكومة تهافتوا على جلب المطابع وما يلحق بها من أدوات لطبع الحروف وللطبع على الحجر

ومسابك ومقاطع وآلات تنحيس وصقل وتذهيب وتجليد وإلى الآن ليست مطابعهم على ما يرام أو ليست كافية لما تحتاج إليه البلاد العراقية المملوءة مكتباتها كتباً وأسفاراً ثمينة لم يرها إلا الأقلون من ذوي الثروة الطائلة وذلك لأن الرجل العراقي إذا أراد أن ينشئ مطبعة يتكبد النفقات والمشاق في سبيل جلبها ما لا يتكبده أخوه السوري وذلك لقرب البلاد السورية من أوروبا ووفرة الطرق والسكك الحديدية فيها وبعد البلاد العراقية عنها وخلوها من سكك حديدية وطرق مواصلات تربطها بالبلاد الراقية وتقربها منها. ولا ريب أن بلاد العراق في أقصى ديار الله. وهذا ما أخرهم عن غيرهم وجعل بينهم وبين غيرهم من الأمم الراقية مراحل كثيرة. وليس بعدهم عن البلاد الراقية هو الذي أخرهم في تكثير المطابع وتحسينها وإتقان صناعتها فقط بل أخرهم عن طلب العلم ومجاراة الشعوب الناهضة والسفر إلى البلاد التي نالت نصيباً وافراً من المدنية لتكاثر مناهل العلم فيها والاستفادة بنبراس كلياتها إذ أن للبعد والقرب من البلاد المتقدمة في عالم الحضارة دخلاً كبيراً في رقي الشعوب وانحطاطها. أسماء مطابعها ومطبوعاتها 1 - (مطبعة الولاية) - هي أول مطبعة أنشئت في بغداد بل في ديار العراق العربي جلبها من بلاد الإفرنج أبو الأحرار مدحت باشا فاتح متصرفية الاحساء وصاحب المآثر الجليلة والآثار الكثيرة في العراق سنة 1286هـ 1869م وسماها بالزوراء نسبة إلى بغداد وهي من أسمائها أو أنها سميت باسم الجريدة التي أنشأها سنة 1287هـ 1870م، وكانت مطبعة راقية فاخرة تدار بالبخار ويمكن أن يقال في وصفها أن أحسن مطبعة في مصر اليوم التي تطبع الجريدة بثمانية أوجه في آن واحد باللولب لا تكاد تضاهيها وكانت أعجوبة زمانها وفريدة أوانها وهي الآن مهجورة أتلفتها يد الكسل والإهمال، وبقيت نسياً منسياً. وكانت تطبع فيها جريدة لزوراء بثماني صفحات باللغتين التركية والعربية وكان محررو القسم العربي فيها من أشهر مشاهير الكتاب ممن كانت كتاباتهم تضاهي كتابات بديع الزمان وابن المقفع وأضرابهم كأحمد بك الشاوي والمرحوم طه أفندي الشواف، ثم جلب للولاية مطبعة ثانية فأصابها ما أصاب رفيقتها الأولى، ولما عين حازم بك والي بيروت

السابق والياً على بغداد سعى بإنشاء مطبعة تقوم مقام مطبعة الولاية الأولى الساقطة فجلب هذه المطبعة الموجودة الآن سنة 1323هـ 1905م وقد كانت هذه المطبعة الجديدة خاملة الذكر قليلة الفائدة في بادئ الأمر وأوشكت أن تندرس وتصبح في خبر كان لإهمال الولاة لها، لو لم يتح لها الله حضرة الفاضل محمد رشيد أفندي الصفار صاحب الزهور فضمنها من الحكومة بمائة وخمسين ليرة عثمانية سنوياً وبذل جهده في رقيها فجلب لها حروفاً متنوعة الأشكال من أشهر المعامل في الآستانة وسورية وجلب لها مسبكا فاخراً مع أمهات لسبك حروف جديدة، ويقال فيها على الجملة إنها اليوم من أشهر المطابع في العراق، وفيها ما عدا ذلك مطبعة حجرية تجيد الطبع. مطبوعاتها - 1 (سالنامه) لسنوات متعددة وهو كتاب تصدره الحكومة في كل سنة باللغة التركية تبحث في عن شؤون الولاية وإعمارها والتبدلات التي تقع فيها وأحوال عشائرها والأراضي القاطنة فيها وكل ما تحتويه الولاية من الآثار القديمة والمعابد العتيقة ولو أن الحكومة تصدره باللغة العربية لعمت فائدته وكثر انتفاع الناس به. (2) قوانين التجارة (3) قوانين الأراضي (4) نشوة الشمول في السفر إلى اسلامبول (5) نشوة المدام في العود إلى دار السلام (6) تمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون في 321 صفحة (7) العلم الموروث في إثبات الحدوث (8) السيف البارق في عنق المارق (9) تنبيه الأصدقاء في بيان التقليد والاجتهاد (10) أحسن الأجوبة عن سؤال أحد علماء أوربة تأليف العلامة عبد الله وليم كويليام الإنكليزي (11) تحفة الكرام في خبر الأهرام للإمام السيوطي، وتطبع فيها الآن من الجرائد جريدة الزهور ومن المجلات سبل الرشاد وكانت تطبع فيها سابقاً جريدة التعاون وغيرها. (مطبعة دار السلام) - سميت بهذا الاسم نسبة إلى مرادف بغداد وقد أنشأ هذه المطبعة صاحب السعادة إبراهيم باشا مدير الأملاك المدورة، وذلك سنة 1310هـ 1892م وهي مطبعة كبيرة كثيرة الأدوات فيها حروف حسنة جميلة تضاهي أحسن المطابع السورية في إتقان طبعها. مطبوعاتها - (1) كتاب الفوائد الآلوسية على الرسائل الأندلسية

(2) كتاب بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب للعلامة الشهير محمود شكري أفندي الآلوسي وهو في ثلاثة أجزاء مجموع صفحاتها (1330) بقطع الثمن وهذا الكتاب حاز قصب السبق في المجمع العلم في أسوج (3) دار السلام تقويمي، وهو تقويم تصدره المطبعة باللغة التركية في كل سنة راجع لغة العرب 267: 1 و259: 2 وقد طبع فيها كتب فارسية كثيرة ضخمة ومناشير عديدة ومؤلفات عربية صغيرة الحجم وكبيرتها. (مطبعة كامل التبريزي) - هي مطبعة حجرية جلبها إلى ديار العراق من بلاد العجم أحد أكابر الفرس الميرزا عباس سنة 1278هـ 1861م وهي الآن متروكة لاستغناء الناس عنها بالمطابع البخارية مطبوعاتها - (1) كتاب أخبار الأول في آثار الدول (2) كتاب إشراق التواريخ ليعقوب بن عطا الله الرومي القرماني (3) كتاب سبائك الذهب في معرفة أنساب العرب لمحمد أمين السويدي (4) الظرائف واللطائف للشيخ أبي النصر أحمد بن عبد الرزاق المقدسي (5) المقامة الطيفية لجلال الدين السيوطي. (مطبعة الفيلق) - هي مطبعة حجرية فاخرة جلبها إلى العراق مدحت باشا الشهير سنة 1286هـ 1869م. مع مطبعة الولاية للقيام بما يحتاج إليه الفيلق من المنشورات والأوامر والكتب الفنية العسكرية. وأكثر مطبوعاتها لا يطلع عليها إلا كبار الضباط خوفاً من ن يقف عليها أحد فتفشي الأسرار العسكرية، (المطبعة الحميدية) أنشئت هذه المطبعة سنة 1330هـ 1892م ومؤسسها عبد الوهاب نائب الباب في بغداد سابقاً وهي الآن متروكة وأكثر آلاتها تحطمت لعدم العناية بها أما مطبوعاتها فخاملة قليلة لا تتجاوز الرسائل الصغيرة وكتب الأدعية وأحسن ما طبع فيها هو كتاب بحر الكلام لسيف الحق أبي النسفي. (مطبعة بنجور) - مطبعة إسرائيلية أنشأها الحاخام يهوذا بنجور سنة 1884م للقيام بطبع الكتب العبرية الخاصة بطائفته وأبناء ملته. وأكثر مطبوعاتها

العربية مناشير تجارية وبطاقات زيارة، ومكاتيب وإعلانات. ولما لم تعترف المعارف بوجودها في العراق إلا في أوائل الدستور بقي ذكرها خاملاً طول تلك المدة ثم جلب لها بعد هذا العهد آلة تدار بالرجل وما نحتاج إليه من أنواع الحروف العربية والفرنسوية والتركية وهي الآن قليلة الأشغال لقلة المنضدين في العراق إذ يعدون على الأصابع لحداثة هذه المهنة في بلادهم. (مطبعة الآداب) - هي مطبعة جلبتها شركة تألفت من كبار رجال الجعفرية في بغداد سنة 1327هـ 1909م وهي من أشهر المطابع العراقية ولا تقل اتقاناً عن مطابع سورية وربما ضارعتها في جودة العمل وكثرة الأشغال، وهي في ترق دائم لا ينقصها شيء مما نفتخر به المطابع الراقية، وذلك بهمة ملتزمها يوسف أفندي فرنسيس الموصلي المشهور بمعرفته بالطباعة. مطبوعاتها - (1) شواهد القطر وحاشيته للشيخ عبد الرحيم السويدي ص 315 بقطع الثمن الكبير طبع سنة 1329هـ (2) الهداية في شرح الكفاية للشيخ عبد الحسين آل أسد الله في مجلدين ضخمين (3) الهيئة والإسلام للعلامة هبة الدين الشهرستاني صاحب مجلة العلم سابقاً ص 314 سنة 1327 وهو في جزءين (4) جوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام وأئمة البيت الكرام (5) الجاذبية وتعليلها لفيلسوف العراق جميل صدقي أفندي الزهاوي وهو كتاب لم ينسج على منواله أحد حوى مبتكرات وأفكاراً لم تدر في خلد أحد من العلماء (6) الجزء الأول من تاريخ الإسلام للسيد صدر الدين الصدر ص 126 (7) مناظرة الحاتمي والمتنبي (8) كتاب حقوق الدول باللغة التركية وهو كتاب ضخم (9) كتاب الإرشاد لمن أنكر النبوة والمبدأ والمعاد لواعظ زاده مصطفى نور الدين أفندي مبعوث الديوانية (10) خلاصة المقال في شد الرحال له أيضاً (11) كتاب زهر الربى في حرمة الربا له أيضاً (12) المطالب المنيفة في الذب عن الإمام أبي حنيفة له أيضاً (13) رحلة الشتاء والصيف (14) شجرة الرياض في مدح النبي الفياض (15) رسالة في تحريم الجنائز للشهرستاني صاحب مجلة العلم (16) رسالة في العصا (17) المجازات النبوية للشريف الموسوي الرضى وهو كتاب عدد صفحاته 287. وطبع في المطبعة

أكثر صحف العراق منها مجلة لغة العرب هذه والعلم والحياة وتنوير الأفكار وجريدة الرياض والرصافة والمصباح وصدى بابل والنوادر والمضحكات وغيرها. (مطبعة الشابندر) - أنشأ هذه المطبعة أحد تجار بغداد محمود أفندي الشابندر سنة 1326هـ 1907م وهي مطبعة كاملة الأدوات فيها آلتان بخاريتان تطبع كل منها 3000 نسخة في الساعة، وآلة أخرى تدار بالرجل ومطبعة حجرية كبيرة وأدوات كثيرة، وحروف عربية وتركية وفارسية وفرنسوية جميلة، صرف عليها منشئها زهاء 2500 ليرة، وقام لها مديراً إسرائيلياً ينقده راتباً ليس بزهيد مقابل مشارفته مصالحها، وهي لو كانت بيد من يحسن إدارتها ويرعاها حق رعايتها لنالت شهرة بعيد وجارت أرقى مطابع سورية في جودة الطبع وكثرة الأشغال. مطبوعاتها - (1) الجزء الأول من كتاب عنوان المجد في تاريخ نجد تأليف عثمان بن بشر ص 142 (2) الجزء الأول من كتاب الفوز بالمراد في تاريخ بغداد لساتسنا وهو كتاب يفيد من يهمه الوقوف على تاريخ بغداد بعد سقوطها بيد هلاكو وقد جمعه كاتبه من عدة كتب خطية ومطبوعة عربية وأعجمية (3) شرح قانون الجزاء مع ذيله باللغة التركية لعبد الله وهبي فندي أحد معلمي حقوق الجزاء في مكتب الحقوق في بغداد عدد صفحاته مع ذيله 735 جزأين (4) فصل القضاء في الفرق بين الضاد والظاء ص 168 سنة 1328هـ وقد حاز شهرة في ديار الإفرنج (5) كتاب التبصرة للمولعي بالخمرة (6) كتاب الشهاب في الحكم والآداب وكانت تطبع فيها جريدة القسطاس ولوجدان وكرمه ونرمه وغيرها من الجرائد البائدة. (مطبعة دنكور) - مطبعة إسرائيلية أنشئت سنة 1320هـ 1902م جلبها من ديار الإفرنج الحاخام عزرا دنكور وهي كاملة الأدوات أخذت في الأيام الأخيرة تسير نحو الرقي، وكانت أدواتها مقصورة على الوفاء بالمقصود أما الآن فهي في رقي مستمر، وتعني عناية خاصة بطبع المناشير التجارية وأغلب مطبوعاتها كتب ورسائل عبرية أكثرها تخص الصهيونيين والدعوة إلى نشر مبادئها، أما مطبوعاتها العربية فقليلة جداً كلها رسائل صغيرة لم نقف على أسمائها، وكانت تطبع بعض الجرائد منها جريدة التفكر لسان حال جمعية الاتحاد العثماني الإسرائيلية.

عادات العراقيين

10 - (مطبعة كربلاء) هي أول مطبعة حجرية جلبت إلى بلاد العراق صاحبها أحد أكابر الفرس في كربلا أنشئت في موقع قرب كربلا سنة 1273 هـ 1856 م في عهد ولاية لمشير محمد رشيد باشا حاكم العراق وكان من ذوي المدارك النيرة محباً للعلوم منشطاً لرجال الأدب، وأكثر مطبوعاتها مناشير تجارية وكتب أدعية ورسائل دينية حاوية لآداب زيارة عتبات أهل البيت (رضي الله عنهم) وليس بين مطبوعاتها كتاب يستحق الذكر غير كتاب مقامات الآلوسي في 134 صفحة طبع فيها سنة 1873 هـ وهي الآن متروكة لخلل ظهر في إدارتها. 11 - (مطبعة النجف) - تأسست هذه المطبعة سنة 1328 هـ 1909 م مؤسسها جلال الدين الحسيني صاحب جريدة الحبل المتين الفارسية المنتشرة في كلكتة (الهند) وأما الآن فهي تحت إدارة السيد محمود أفندي البزدي. وهي مطبعة بخارية جيدة، أما مطبوعاتها فقليلة لم نعرف منها سوى أنها طبعت كتاب اللؤلؤ المرتب في أخبار البرامكة وآل مهلب ص 188. وتطبع فيها جريدة (نجف) الفارسية. هذه هي المطابع الموجودة الآن في بغداد وألويتها، وهناك عدة مطابع أخذ امتيازها بعض الفضلاء لم نتعرض لها لأنها لم تفتح لها محلات ولم تبتدئ حتى الآن بالأشغال لعدم وجودها. وفقنا الله لسواء السبيل بمنه وكرمه، إبراهيم حلمي عادات العراقيين (نبذة من عادات العراقيين المسلمين) عنوان كلمة لكاتب عراقي افتتح بها صاحب هذه المجلة الجزء 5 من سنتها الثانية رأيته فاستوقفني لأني أعتقد أنه خير موضوع إصلاحي يطرقه قلم النقد الأدبي ويا حبذا لو انصرفت إليه زمرة من كتابنا حتى تتمميز العادة النافعة فتؤخذ، من الضارة فتنبذ وعلى الكاتب أن لا يتعدى خطته ويتناسى واجبات بحثه. عليه أن لا يحكم باستقرائه الناقص بنتيجة التام، فيخاطب البريء بلهجة المذنب، ويقدم الدواء لغير ذي

الداء، ولا يضع الهناء موضع النقب. العادة ومن لا يعلم أنها تكون لكل شعب وقطر بل لكل أسرة ودسكرة بل حتى أهل الكوخ الصغير قد يمتاز بعادة لا توجد عند غيره. أو يجوز أن نعاتب الشعب بعادة الأسرة، والقطر بعادة البلد كلا، إنه تحامل ولا عذر وقياس أن يلبس الإحسان ثوب العدوان. نسمع فيما نسمع أن الإنكليز يتطيرون من لقاء المرأة الحولاء ما لم تبادر بالكلام فحينئذ تزول الطيرة؛ وأنه إذا قص الإنسان شعر رأسه مدة نمو القمر نما وجثل؛ وإذا عزم إنسان على سفر وأكل نصف بصله وترك الباقي كان دليلاً على عدم توفيقه؛ وإذا انقلب الكرسي برجل عزب كان دليلاً على أنه لا يتزوج في تلك السنة وأن إكثار الضحك يعقبه البكاء لا محالة وأنهم يعتقدون بأنه متى احتضر شخص حضر في منزله روح يسمونه (رصد الميت) فيسمع له قرع على الباب أو الحائط أو صوت نحو صوت جر السلاسل فإذا سمع ذلك ثلاث مرات كان الموت بعدها لا محالة. أو يصح لنا أن نقول إن الإنكليز كافة يؤمنون بهذه الخرافات ويخنعون لهذه العادات وهم هم ذوو الرقى في معارفهم، في آدابهم، في جل شؤونهم. نعم ربما يكون في بعض طبقاتهم المنحطة من يتمسك بها. وعن المصريين أن بعضهم يتوهم شراً لو رأى جنازة في طريقه أو رأى شخصاً أحول في صباحه (سمعت عن الإنكليز مثلها) وأنهم لا يأكلون السمك يوم الأربعاء وبعض نسائهم يعتقدن في المرض المعروف (بمرض الأعصاب) أنه من مس الشيطان وأن فقيرة المصريين إذا أرادت أن تسمي ولدها باسم هيأت ثلاث شمعات وسمت كلا منها باسم وأنارتها ليلا وفي الصباح تسمي ولدها باسم الشمعة التي بقى نورها بعد نوري أختيها. وفقيرهم يمنع أولاده من ضرب القط ليلا لزعمه أن روحه مفصول من روح الملائكة. وشاهدي من ذكر أمثال هذه الأوهام لمن نعرف فيهم رفعة الفكر والسمو الأدبي إن الأمة مهما بلغت من الرقى فلا تزال تحفظ في أدمغة بعض أفرادها خرافات وخزعبلات فلا يجوز أن نوجه كلمة المؤاخذة إلى قوم بجهل منحطهم فإنه قول يجمع إلى البهتان. إفساد الغرض الصالح على حين أن القائل يروم إصلاح الفاسد. صدر كاتبنا بما قرأت من العنوان مقالته والظاهر أنه يريد بالعراقيين المنسوبين إلى العرق العربي والعجمي وإلا

لخصص وبعد أن تكلم عن عاداتهم ما شاء أخذ يعدد عاداتهم الاعتقادية فقال (جنبر سورى) وأنا لا أنكر على الكاتب ما ذكره هنا ولكني أقول لو استقرأ لما أخطأ فإن كثيراً من أهل البادية في العراق لا يعرف صفر ليعرف ويلاته ونحوسه وكثير من أهل مدنه من لم يسمع هذه العادة والكثير في من سمعها وشاهد إيمان قومه بها من لا يراها إلا خرافة ومما زاد الطين بلة ما استدركه المحشى بقوله ومن عاداتهم في ذلك اليوم أنهم إذا أقبل عليهم صباحه يذهبون قبل طلوع شمسه إلى الشط الخ اللهم إنك تعلم أنى في بلدة عراقية وليس إلى جنبها شط وكثير من مدن العراق وقراه ما هو كبلدي ونقول عن الثانية والثالثة ما قلناه عن الأولى وما سبر شؤون العراقيين وأحاط بها علماً ونظر إلى ما يلزم في الثالثة من المعدات والأسباب على ما ذكره الكاتب حكم أن هذه العادة لا تخرج عن أسوار مدن العراق إن لم نقل عن بعضهم. ويقول الكاتب في الرابعة أن بنات الكرخ يذهبن إلى (الإمام حبيب) وبنات الرصافة (على ما بلغه) إلى الشيخ الخلاني فهل ذلك الإمام وهذا الشيخ في كل مدن العراق؟ بل ألا يلزم ما عدا ذلك أن للقبائل الرحالة العراقية مقاماً سياراً لهذين الرجلين الإمام والشيخ لتقيم لهما مراسم هذه العادة في حلها وترحالها ويظن الكاتب أن السادسة من عادات الجاهلية وأنا أقطع أن البندقية حديثة الاختراع فكيف كانت الجاهلية تتخذ إطلاق الرصاص في الفضاء عادة وربما كانت نبالهم بدل رصاصنا ولهذا كان ظن الكاتب قائلاً وأما الخامسة فهي على الظاهر للعراقيين والمصريين وتعلل بحادث تاريخي هو أن فلكياً أخبر أميراً بحدوث خسوف في ليلة معينة فاتهمه الأمير بالزندقة وأوعده بالموت إن لم ينخسف تلك الليلة وفي الليلة نفسها نام الأمير وانخسف القمر فارتبك الأمر على الفلكي فاحتال لإيقاظه بأن أقنع جيشه بأن

فوائد لغوية

قمرهم يبتلعه حوت في السماء لا محالة وهم إن أرادوا أن يخلصوا قمرهم فليضربوا طبولهم وليضجوا حتى يخاف الحوت ويذهب فيبقى قمرهم سالماً. ولما فعلوا انتبه الأمير وقد سجل هذا الحادث بعض المؤرخين فهو كائن ولم يزل منذ كان العراقيون أساتذة العالم على ما يقول الكاتب وعلى هذه العدوة نذهب معه فيما ذكره من العادات أجل إن هذه العادات توجد عند البغداديين والكاتب قدر أن العراق هو بغداد وبغداد هي العراق فندد بالعراقيين بتلك الشدة في القول وارتكب إهانة قومه من غير مبيح ذلك خطأ عصمنا الله منه. النجف: عراقي. فوائد لغوية 1 - معنى ولك وورك (وزان سبب) أهالي بغداد يستعملون كثيراً كلمة (ولك) في مخاطباتهم إذا وجهوا كلامهم إلى من هم أدنى منهم. وأهل الموصل يبدلونها بكلمة (ورك أو وراك) وقد اختلف البعض في تأويلها فطلب منا أحد الأدباء رأينا في ذلك. فنقول: ولك (وزان سبب) والنصارى يكسرون الواو كسراً غير بين وبعض أهل البادية يقول (ويلك) هي كلمة فصيحة مشتقة من الويل كانت مستعملة في القديم عند مخاطبتهم من هو أدنى منهم منزلة ويتخذونها للزجر أو للتهديد في حالة الغضب وللمجاملة والملاطفة في حالة الأنس بالصغار وتقابلها عند الإفرنج أو وأهل الموصل يقولون عوضها (ورك أو وراك) بمد الفتح الثاني: وأهل الحدباء يرون في تأويلها أنها محرفة أو مخففة عن وراءك أي ما وراءك. وهذا التأويل فاسد. لأن استعمال الأقدمين لكلمة (ويلك) في مثل هذا المقام أشهر من أن تذكر. نعم إنهم استعملوا أيضاً وراءك لكن في مقام

السؤال يقولون مثلاً ما وراءك يا هذا؟ أي ما عندك من الأخبار مثلا. لكنهم لم يستعملوها في سياق الكلام بالمعنى الذي أشرنا إليه. فالراء هنا بدل من اللام كما في جلم وأملط واعلنكس والأصل فيها: جرم (أي قطع) وأمرط واعرنكس. وقد صرح اللغويون بأنها لثغة شائعة عندهم (راجع المزهر 270: 1) ومما يدعم هذا الرأي أن عوام الآرميين (أي السريان ونحوهم) يقولون: ولوخ (ولوك أي ويلك) بمعنى ويلك للزجر ولا يقولون وروخ (وروك أي وراءك) وعليه يكون لفظ البغاددة أصح من لفظ المواصلة. وقد تؤنث هتان اللفظتان وتجمعان فيقال فيهما: ولك وورك، ولكم ووركم. 2 أصل لفظة يول (محركة الأولين مشددة الآخر) يكثر أهل الموصل من كلمة (يول) إذا خاطبوا الرجل وقليل من أهل بغداد يستعملونها وقد سئلنا عن أصلها فنجيب: ذهب الناس في أصلها مذهبين. فريق يزعم أنها مخففة أو مختزلة من ياول (أي يا هذا ول أي اذهب) وجماعة تقول إنها مخففة من قولهم يا ويلك أو يا ويله وهم يريدون بذلك (يا هذا) ونظن أن كلا الفريقين واهم. وعندنا أن الرأي الأصح أنها مقطوعة أو مخففة من يا وهل بكسر الهاء. والوهل الرجل الضعيف والخائف والفزع ونسبة الضعف إلى الإنسان أمر مشهور وما قول العرب في مثل هذا المقام (يا هذا) إلا لأنهم ينسبون إليه الضعف وتخفيف المكسور العين أي إسكانه أمر مقرر عند النحاة أن في الأسماء وأن في الصفات أو النعوت ولنا رأي آخر وهو عندنا أصح من الآراء الثلاثة المذكورة وهو: إن (ياول) مخففة عريا ولد وأما وجه التخفيف فحدث أنهم أسكنوا اللام وهي لغة في المحركة ولما أسكنوها ضعف صوت الدال حتى أشبه التاء اللاحقة لبعض الألفاظ في الوقف. ثم استغنوا عنها بالحذف لكثرة الاستعمال فصارت كما ترى. ومما يشهد على ذلك أن هذه اللفظة أكثر ما تستعمل لنداء الأولاد أو بعض الرجال الذين هم أدنى منزلة من المنادى أو الأصدقاء الذين لا كلفة بينهم وبين من يكلمهم: ونعرض للقراء رأياً خامساً وهو: إن (ياول) مرخم عن ياولي بتشديد الياء الأخيرة

باب المشارفة والانتقاد

والولي هنا بمعنى المحب والصديق والعتيق (أي العبد المعتوق) ولهذا جاز استعمالها مع أصدقائك والذين أنعمت عليهم. هذا وإن كان للقارئ غير هذا الرأي فليعرضه على القراء ونحن نشكر له صنيعه سلفاً: حنا ميخا الرسام باب المشارفة والانتقاد 1 رواية جل الفرس نقلها من الفرنسوية (عن الألمانية) إلى العربية مع تصرف محمد دياب بك مفتش اللغة العربية بنظارة المعارف العمومية سابقاً، ثمن النسخة ثلاثة غروش صاغاً (صاغ)، حقوق إعادة الطبع محفوظة لمكتبة الشعب بشارع محمد علي بمصر. أولع الناس بمطالعة الروايات الخيالية. والغاية من وضع هذه الروايات تهذيب النفوس ودفعها إلى أعلى مراقي العمران وأبعد مطارح الآداب الصادقة. إلا أن بعضهم شغفوا ببعض ما يخالف هذه الغاية المحمودة فأخذوا يطالعون المصنفات التي تؤدي إلى مهاوي الفساد والعار والشنار فتباً لمن غط قلمه في مثل هذا الحبر الأسود في جميع معانيه المادية والأدبية والمجازية وأمامنا هذه الرواية البديعة وضعاً الحسنة سبكاً، الشريفة مغزى، الفصيحة لغة وتعريباً التي تبقى لكاتبها ذكراً حميداً، ولناقلها إلى لغتنا صيتاً بعيداً. كيف لا ومعربها هو حضرة الكاتب البليغ محمد دياب بك. فنحث جميع من لهجوا بمطالعة هذه التآليف العصرية أن يقرءوا هذه القصة التي قال فيها معربها: (فيها ذكرى واعتبار لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. ولا تظنوا أنها أسطورة موضوعة اخترعها الوهم والخيال بل هي حكاية عن واقع حصل في القرون الوسطى وصورة تشخص قصارى ما يبلغ إليه سوء الأخلاق في الإنسان.) وقد وقع للمعرب (وقد علمنا من مصدر ثقة أنها للمصحح فأنه أراد أن

يجلي العبارة فأعماها) بعض ألفاظ عامية كنا نود أن يبدلها من غيرها من الكلم الفصيحة السهلة المنال من ذلك الماجريات (ص 3) بمعنى الأحداث (والإمعان (حاشية ص 4) بمعنى التدبر وقد وقع له بعض عبارات توخى فيها التعبير الضعيف وترك التعبير الفصيح كقوله في ص 5: حتى إنه كان ليتألم إذا دعت الحاجة لبقائه في منزله. والأفصح: إلى بقائه. وكقوله ص 6 البرد القارص والأفصح القارس. وإن كان للقارص وجه للتأويل. وكقوله فيها: يعترف بخطئه. ورسم الهمزة على الياء والأصح بخطإه بوضع الهمزة تحت الألف. وكقوله هناك: وينصاع إلى ما يلقى إليه بمعنى ينقاد وانصاع لم يرد في كلام فصحائهم بهذا المعنى. وقال في تلك الصفحة وفاوضته الحديث. والذي يقال هو: فاوضه في الأمر لا فاوضه الحديث على أن هذا الغبار كله أو هذا الهباء لا يضر بجوهر العبارة التي تبقى كالسيف الصقيل في الغمد المتين 2 سيرة القديس يوحنا الدمشقي الأصلية تصنيف الراهب مخائيل السمعاني الأنطاكي نشرها لأول مرة الخوري قسطنطين الباشا الراهب المخلصي بمطبعة القديس بولس حريصا (لبنان) سنة 1912 بقطع الثمن. نشر مؤلفات السلف ولا سيما ما تدور أبحاثها على قطب الشرق ورجاله ومشاهيره من أنفع ما يفيد أبناء هذه الديار ويبعث في صدورهم الهمة والإقدام على تحري الأمور الجلائل. وممن يسعى كل السعي في تحقيق هذه الأمنية ناشر هذا الكتاب. فإنه ممن قد أوقف نفسه في سبيل هذا العمل العظيم. ومما نشكره عليه هو أنه يحافظ على إبقاء النص الأصلي بدون أن يعبث به أو يفسده بسوء قراءته إياه. ولهذا نجل الساعي في نشر آثار السلف الصالح ونحض القراء على اقتناء هذا الكنز الثمين الذي لا تزيد صفحاته على 29 صفحة. 3 نبذة مختصرة في الصحف العربية المصورة بقلم الفيكونت فيليب دي طرازي. في 13 صحيفة بقطع الثمن الصغير دقيقة الحرف طبعت بالمطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين في بيروت 1912. عني في هذه الأيام حضرة الفيكونت المذكور بتأليف كتاب شامل لتاريخ

الصحافة العربية منذ نشأته حتى الآن. وهو أمر جليل لا يقوم به إلا رجل جليل، ذو همة بعيدة ونية تسمو إلى تذليل كل المصاعب. بل رجل أمضى عزماً من السيف الذرب واثبت قصداً من الأوتاد والرواسي. ولا حاجة إلى إشارة ما في هذه الرسالة من الفائدة واللذة في الوقوف على محتوياتها وقد أفضى بحث هذا النقاب عن هذه النتيجة وهي: إن مجموع الصحف المصورة في تركية 31 منها 17 للمسلمين و14 للنصارى وفي القطر المصري 70 منها 21 للمسلمين و42 للنصارى و7 لجمعيات مختلفة وفي تونس 7 منها 4 للمسلمين و2 لليهود و1 لجمعية. وفي أوربا 15 منها 4 للنصارى و11 لليهود. وفي أميركا 6 كلها للنصارى. فمجموع المجموع 129 صحيفة مصورة منها 42 للمسلمين و66 للنصارى و13 لليهود و8 للجمعيات. - فنحنن نشكر للمؤلف هديته هذه النفيسة. ونطلب له من الله العون في إتمام ما بدأ به بمنه وكرمه. 4 لباب البراهين الجلية. عن حقيقة أمر الطائفة المارونية. منذ أوائل القرن الخامس إلى أوائل القرن الثالث عشر من القرون المسيحية. وهو درس تاريخي انتقادي في أصل الطائفة المارونية واسمها وديانتها وأحواله. للمطران يوسف دريان النائب البطريركي الماروني في القطر المصري. في 360 صفحة بقطع الثمن الكبير. الجدل والانتقاد على الطريقة الجديدة العصرية حديثا الدخول في لغتنا العربية وأغلب من طرق هذا البحث جاء وفي رأسه خطة. وخطته التشفي مما في صدره من الغيظ والحزازات ولهذا لا ترى عنده من الأسلحة إلا عبارات الهزء والتهكم والألفاظ الفظة أو البذيئة التي تدل كلها على خلو صدره من العلم والأدب والفضل. وفراغ رأسه من مواد البحث ومواضيعه. على أنك إذا أردت مثالاً ترى فيه غاية العلم والفضل والأدب والتوغل في الأبحاث التاريخية والدينية والمنطقية فعليك بهذا الكتاب الجليل فأن صاحبه قد امتطى غارب هذه الأبحاث وقبض على زمامها بنفس مطمئنة كأنه يجري في سهل لا أمت فيه ولا عقبة وهو كلما رأى أمراً صادقاً بيد خصمه أقر له به

وكلما وجده مخطئاً فيه أشار إلى وهمه من طرف خفي في غاية الأدب والمجاملة. وقد ختم المؤلف هذا البحث بخاتمة هي آية في الوضوح والجلاء وفي صدرها هذه الألفاظ: (لقد حصحص الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً. وقد ثبت على كل حال أن الطائفة المارونية منذ القرن الثاني عشر أو أواخره على الأكثر قد تربعوا في حضن كنيسة رومية ودخلوا حظيرها المقدس وانضموا إلى غنم رعيتها وأخذوا يسمعون صوت راعيها الأسمى. .) فأنت ترى خلو صدر هذا الكاتب الضليع من كل غاية أو غرض أو تحزب بخلاف بعض من ينتمون إلى طائفتنا هذه فأنك إن استنزلتهم إلى هذا الميدان نزعوا عنهم للحال كل ما يؤدي بهم إلى معرفة الحق والاهتداء إلى منبعث النور ومنبثق أشعة الصدق. واندفعوا إلى المقارعة بعين تقدح الشرر، وبصدر أضيق من خرت الإبرة. وهم قد ركبوا رأسهم لا تراهم يلوون إلى منعطف ولا يتقون المهاوي التي تحفرها أيديهم المتلطخة بأقذار القذيعة والإفك ولا يتحرجون من ركوب مطايا الضلال وأحرن دواب النفاق والتدليس. ولهذا فإننا نشكر كل الشكر صاحب هذا السفر الجليل على ما تحف أبناء العربية. ونتمنى لمصنفه هذا الرواج الصادق. إلا أننا كنا نود أن ينزه الكاتب سفره مما دسه مصححو المسودات أو المنضدون من الأغلاط مثل ذلك ما ورد في ص 1 في قوله: أما علماء الموارنة فهم حريصون أشد الحرص. . وحريص لا يجمع جمعاً سالماً بل بكير على حراص (وزان رمان) وحرصاء وحراص (وزان كتاب) وجاء في ص 2: مأخوذة عن تقاليد هذه الأمة من وجه التواتر بالرغم عما يعتورها من الخلل. فقوله بالرغم عما. . . من التعبير الإفرنجي وهو وإن كان له وجه في العربية إلا أن الفصحاء يتحاشونه ويقولون: على ما يعتورها أو مع ما يعتورها. أو نحو ذلك. وورد في ص 3: والعناية في تعريفها. . . والأفصح: والعناية بتعريفها. لأن فعل عني بالشيء وما يشتق منه يتعدى بالباء لا بفي. وإن كان يجوز ذلك من باب التضمين أو من باب التخريج والتوجيه. ومن هذا القبيل ما وقع في ص 4 فقد جاء هناك ما هذا

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

حرفه: بسبب الرزايا والبدع الذي بعض المصنفين ادعوا على الموارنة وأهل الشرق.) والأصح التي. ومثل هذه الأغلاط شيء كثار لا تخلو صفحة منه. فيا حبذا لو نزه منها هذا الكتاب الجليل الفذ بل يتيمة الدهر. ومما نتمنى لهذا الكتاب فهارس هجائية فيها على الأقل أهم المباحث التاريخية أو المتعلقة بالبلاد حتى يظفر بها المطالع إذا ما أراد أن يطلبها في هذه الخزانة عند احتياجه إليها. هذا ما عن لنا في أثناء تصفح هذا التأليف النفيس ونحن لا ننكر ما استفدنا من مطالعته. وهو جدير بأن تزين به كل مكتبة من أي نحلة كان صاحبها أو من أي صيغة أو ملة كان. وليس السمع كالعيان. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1. الإعانة الحربية في الصلاحية (من أعمال الموصل) والإعانة الأدبية فيها. يوم عالنت دول البلقان دولتنا بالحرب ووصل النبأ للصلاحية اجتمع الأهلون في الثكنة العسكرية وقرأ أحد ضباط القضاء بلاغ الخليفة الأعظم فأظهر الناس وقتئذ على اختلاف طبقاتهم تحمساً يدل على وطنية صادقة وودوا بذل أموالهم ومهجهم بل قرنوا القول بالفعل عندما دعاهم زكي بك الخطيب قيم مقام الصلاحية إلى أن يظهروا مكنونات صدورهم في مجتمعات عامة وخاصة فدلت إعانتهم على تأثرهم الداخلي إذ بلغ مجموع الإعانة 400 ليرة عثمانية في مركز القضاء والقرى الملحقة به. والأمل أن يزداد هذا المبلغ حتى يكون 700 ليرة. وقد أرسل إلى العاصمة خمسة آلاف قرش صاغ (صحيح) إلى جمعية الهلال الأحمر. وما بقي من الدراهم بعث به إلى رئاسة لجنة الإعانة الحربية في حضارة الولاية. ومما دل على تقدم روح الرقي في هذا الفضاء أن قيم مقامه توفق لجمع دراهم كافية لاقتناء أثاث للمدرستين الابتدائية والرشدية واستأجر داراً للمدرسة الأخيرة بإعانة أهالي القضاء وبنى بضعة جسور في طريق الصلاحية التي تمر عليه العجلات الجارية بين بغداد وكركوك أو بغداد والموصل. وهذه الجسور معقودة على سواعد ونواصر وسواقي نهر الصلاحية، وفي نية حضرة قيم المقام أن يبنى قناطر أخرى من أموال الأهلين الأسخياء النجباء الذين علموا ما عليهم من الفرائض بوجود حاكم بصير بخير

الأمة ورقيها. حقق الله الأماني وخول لهذه البلاد رجالاً مثل هذا الشهم الهمام! إنه كريم! (عن رسالة من مكاتبنا) 2. عجمي بك السعدون في نواحي الزبير شاع في البصرة أن عجمي بك السعدون عازم على كبسها فارتاع لهذا النبأ المشؤوم أهل البصرة كلهم أجمعون ولا سيما نصاراها ويهوديوها. وبعد أن تهيأ لمهاجمته سكان البصرة بأسلحتهم وعدتهم كذبت الأخبار والأراجيف ورجع كل إلى أشغاله. (عن كتاب خصوصي) 3. البوارج الحربية في مياه مسقط كتب أحدهم من مسقط إلى صاحب جريدة (الدستور) من جرائد البصرة قال: إن البوارج الحربية الإنكليزية في خليج فارس بلغت 50 بين كبيرة وصغيرة؛ وينتظر وصول أسطول فرنسوي إلى مسقط لحسم الخلاف الواقع بين حكومتها ورعايا فرنسا بشأن الأسلحة. 4. انحباس الأمطار ثم انهمارها انحبست الأمطار هذه السنة حتى أوائل شهر ك1 ثم أمطرتنا السماء مطراً غزيراً في الثاني والسادس والسابع والرابع والعشرين من الشهر المذكور فأروت الأرضين. لكن لا تسأل عن بغداد في أوقات الأمطار فأن الأوحال تحول دون كل ذي عزم ماضٍ ودون قضاء أشغاله وليس من يهتم بكسحها وتمهيد الطرق للمارين. 5. البرد نزل الحر في منتصف شهر ك1 إلى الدرجة 3 ثم نزل حتى انحط عن الصفر بدرجة واحدة وذلك في الخامس والعشرين منه. 6. الغلآء ما زالت أسعار الأطعمة مرتفعة لكثرة ما يصدر منها التجار إلى ديار الغرب. فلقد كانت تباع وزنة الحنطة في السنة الماضية بمائة غرش صاغ (صحيح) وهي تباع اليوم بمائة وخمسين. وقس على ذلك سائر الحبوب كالأرز والشعير والهرطمان والماش والقطاني بأنواعها وكذلك السمن والحطب وكل البياعات. ولا سيما في هذه الأيام أيام الشتاء فأن الفقراء يتضورون جوعاً من حالة الأسعار الحاضرة. 7. زوار كربلاء والنجف والكاظمية بلغ عدد زوار كربلاء والنجف والكاظمية في هذا الشهر مائة وعشرين ألفاً ولو وصلت بغداد بهذين البلدين بسكة حديد لكان الربح في مثل هذا الشهر أكثر من مليون مجيدي. ولاستفاد الزوار فائدة تذكر لأن نفقاتهم تقل فيذخرون ما وفروه لأنفسهم لشؤون البيت ولراحة أهله. حقق الله الآمال. (ملخصة عن الرياض) 8. ازدياد سكان بغداد بقدوم المهاجرين إليها سكان بغداد يزدادون سنة بعد سنة حتى أن المسير في الطرق ولا سيما في الأسواق

أصبح صعباً جداً لما هناك من ازدحام المارة وكثرة العجلات والدراجات والخيل وأنواع الدواب. ومما يزيد أهلها عدداً مهاجرة الناس إليها كل سنة في أيام الشتاء. فقد جاءنا هذه الأيام عدد عديد من مهاجري إيران وداغستان. عسى أن الحكومة تسعى بإنشاء أحياء جديدة خارجاً عن البلدة لكي لا يفسد ازدحام السكان هواءها ولكي يرخص كراء الدور فلقد أصبح فاحشاً جداً. 9. الغوص في خليج فارس يزداد عدد الغواصين في خليج فارس زيادة عظيمة سنة بعد سنة. ويظهر ذلك بالمقابلة التي ذكرتها الرياض ونظن أن فيها مبالغة عظيمة قالت: عدد السفن الغواصة في سنة 1326هـ (أو سنة 1907م) عدد السفن الغواصة في سنة 1330هـ (الموافقة لسنة 1912) 1. 0001. 500من الكويت3. 0005. 000من البحرين2. 0002. 500من قطر0. 3000. 700من لنجة وفارس0. 8001. 200من دبي0. 5000. 500من الشارقة0. 1500. 250من أم الاقيوين0. 4000. 500من (أبو ظبي) 0. 1000. 150من جزيرة دلما0. 0000. 100من بلد البوعينين0. 0000. 600من القطيف ودارين10001. 200من عدة جزائر وقرى مختلفة9. 25014500فمن هذين المجموعين ترى أن الزيادة بلغت في هذه السنة 5250 سفينة إلا أن معظم هذه السفن صغيرة ويختلف عدد راكبيها بين عشرة رجال وأربعين رجلاً. فلو فرضنا أن معدل الركاب 20 في كل سفينة فيكون عدد الغواص 290 ألف نسمة. منهم نحو 44 ألفاً من عناصر مختلفة وسائر ما بقي عرب أو أعراب. وقد أخذت البوادي بالغياصة في موسمها. وجاراهم أيضاً النجديون. حتى أن بعض الأمراء زاد الضرائب على أمثال هؤلاء خوفاً من كثرة المهاجرة وبقاء الشيوخ بدون أعوان أبطال وجنود شبان مغاوير.

العدد 20

العدد 20 - بتاريخ: 01 - 02 - 1913 طُعيرِيزات أَوْأَ طلاَل طَيزَنَاباَذ 1 - تمهيد في بقايا طيزناباذ وأخربتها الحالية. (لغة العرب) في نحو أواخر شهر تشرين الثاني أنفذت لغة العرب حضرة الشاب الأديب إبراهيم حلمي أفندي ليتفقد معالم العريسات ويكتب عنها ما يشاهده ويصفه وصفاً دقيقاً ولما وصل النجف وبحث عن رجل يرافقه إلى طيته لم يجد له دليلاً يرشده إليها مع أنه أقام في الغريين نحو أسبوع، ولما كان اليوم الأخير من مقامه هناك وكان يجالس قيم مقام النجف حضرة الشهم الأديب إبراهيم ناجي بك السويدي ويفاوضه في أمر العريسات ويكاشفه بما في صدره من الأسف والحزن على خفوق مسعاه نهض أحد الأعراب وقال: أني اعلم موقع البلدة التي تنشدها ولما طلب منه أن يرافقه أَبي وتصاعب في الذهاب معه وبعد الإلحاح العظيم والتماس حضرة قائم المقام المرة بعد المرة أَذعن الأعرابي ورافق كاتبنا المذكور، ولما وصل معه على بعد ميل من القادسية قال له: هذه هي العريسات. واراه أطلالا هناك ثم قال له: والأعراب تسميها طعيريزات، ولما انعم النظر حضرة الكاتب

في تلك الدوارس أو الشواخص وفي بعدها عن الكوفة والقادسية تحقق أنها طيزناباذ لا غير، فكتب لنا المقالة الآتية: 2 - موقع طيزناباد. طيزناباد مدينة شهيرة من اقدم مدن العرب الجاهلية في ديار عراق العرب وهي بين الكوفة والقادسية على حافة الطريق على جادة الحجاج بينها وبين القادسية ميل وكان يظن أن آثارها طمست ولم يبق لها اثر يذكر بعد أن جر الزمان عليها ذيله فعفى ما كان قد بقي من أطلالها وإذا الأمر على خلاف ما ظنوه 3 - وصف هذه الأطلال في يومنا هذا كان مسيرنا إلى طعيريزات عن طريق قضاء (أبو صخير) في شمال شرقي النجف فأشرفنا عليها بعد أن قطعنا قراب 9 كيلومترات، وأًهمّ الشواخص القائمة هناك هي تلول وروابٍ يتراوح ارتفاعها بين 15 و25 متراً وعلى جوانب تلك التلول آثار أبنية قديمة العهد، وتمتد التلول إلى نحو كيلومترين تبتدئ من موضع اسمه المصعاد وتتقدم إلى ما يقرب من الخورنق وبين هاتين التلول والهضاب أبنية قد شيدت في عصر الجاهلية الجهلاء وقد عقد بعضها عقداً محكماً قد غارت به الأرض حتى كادت تبتلعه عن آخره، ولا يظهر إلا اثر بناءِ السقف ومعداته الطاباق الصلب وقد شُدَّ

بعضه بعض بالجص القوي وطلي ظاهره بالبورق، قال رفيقي الأعرابي: هذا البناء كان سرداباً بعيد الغور وقد دخله والدي قبل 30 سنة ولما خرج منه كاد يُغشى عليه، وهو لم يخرج منه إلا لأنه أحس بسلب قواه، ولهذا لم يتمكن من رؤية شيء، وبين هاتيك النبوات آثار أسس أبنية بارزة للعيان قد هدمها الأعراب، واستلوا ح وقد ذكر لي دليلي الأعرابي نقلاً عن أجداده أن هذه الأنقاض جارتها واحداً بعد واحد ونقلوها إلى أراضيهم ليبنوا بها دوراً يتحصنون فيها يسمونها (قلاعاً)، ولم يبقَ من ارتفاع هذه الأبنية إلا نحو متر ونصف وأكثرها بهيئة دعائم مفتولة، ومحيط اكثر هذه الأساطين يتراوح بين المترين وثلاثة أمتار. كانت قبل نحو نصف قرن دوراً فسيحة الإفناء والجنبات، فنقضها أهل البادية انتفاعاً بآجرها وقد مسحنا هذه الأبنية الباقية فوجدنا طولها قراب 35 متراً وعرضها زهاء 28 متراً على شكل مستطيل. وفي شمالي هذه الدوارس بئر مهجورة بين يديها حوض من الرخام مستطيل ويبلغ طوله نحو مترين في عرض متر، والبئر مملؤَة تراباً، ولا يرى من عمقها سوى مترين ونصف وهي مطوية بالطاباق الحسن، وعلى بعد ما يقارب 50 متراً من غربي هذه البئر قبر قد ابتلعته الأرض ولا يرى منه إلا مقدار 20 سنتيمتراً، وهناك بناء معقود طوله متران ونصف وعرضه متران قوسي الشكل وليس عليه كتابة تدلنا على صاحبه وتشير إلى عهده. 4 - رأي النجفيين خاصتهم وعامتهم في هذه الأنقاض. قد اختلف أهل تلك الربوع في حقيقة هذه الأطلال وكل يذهب فيها

مذهباً، ونحن ندون هنا ما سمعناه حرصاً عليه وخوفاً من أن ينسى: قال دليلنا الأعرابي أن هذه الشواخص كانت قبل نصف قرن بناءً قائماً يناطح السحب بذهابه صعداً في الهواء، ولم يهدم بل ينسف إلا في هذه السنوات الأخيرة، وذلك أن الفتن اشتدت بين الأعراب وأخذت نارها تشب لأدنى سبب، فأراد بعضهم أن يقوى على أعدائه وخصومه فابتنى قلاعاً اتخذ حجارتها من هذه الأبنية الفخمة الضخمة، وكان على بعضها كتابات ورسوم، ونقوش، ورقم ترشد الباحثين عن دابر مجدها، وسابق عزّها، إلا أن الذي كان يجب عليهم أن يبقوها على حالها، ويعنوا بحفظها لم يعملوا شيئاً في هذا الأمر وذهبت تلك المصانع والمعاهد فريسة الجهل والإهمال. وسمعنا أحد الأدباء من سكان النجف يقول: إن عهد هذه الأبنية يرتقي إلى شرقون (شرجون) الأول الذي كانت تطوي أيامه في نحو سنة 3800 قبل الميلاد وهو لا يورد لقوله هذا دليلاً تاريخياً، وقال آخر أن الذي عمر هذه الديار هو أحد ملوك دولة حمُّوربيّ وهذا القول أيضاً لا يقوم على سند يعول عليه، وكلا القولين من باب الرجم والحدس، وذكرت جماعة أن باني هذه القصور هو أحد ملوك المناذرة، وقد اختلف في اسمه فمن قائل أنه النعمان الأعور السائح المتنصر الذي عاش قبل أبي قابوس بمائتي سنة، وهم في قولهم هذا يستندون على مواد البناء فأنهم يرون أن مواد بناء الخورنق والسدير تشبه مواد أبنية طعيريزات فإذا ثبت ذلك كان الباني الحقيقي هو النعمان الأعور لأن التاريخ يؤيد هذا الزعم بل هو أشهر من أن يذكر.

على أننا لا نستصوب رأياً واحداً من جميع هذه الآراء فهي كلها جديرة بأن تلقى بين النفايات لا غير، والرأي الحقيقي عندنا أنه من بناء الضيزن الذي قتله سابور ذو الأكتاف بين سنة 326 و328 للميلاد كما سنذكره في موطنه. 5 - وحدة الاسمين طعيريزات وطيزناباذ ومرادفاتهما لا تعرف اليوم طيزناباذ باسمها هذا القديم المشهور. أما الاسم الذي يدور على الألسنة فهو طعيريزات، وما هذه اللفظة إلا تصحيف طيزناباذ وذلك أن العوام استثقلوا اللفظة الدخيلة الوزن والتركيب وأبدلوها بكلمة تقرب منها صوتاً ويسهل عليهم حفظها ويفهمها جميعهم، وذلك أن طعيريزات جمع طعيريزة مصغر طعروزة والطعروزة عندهم أو التعروزة أو الترعوزة تصحيف الترعوزي وهو القثاء بلسان أهل العراق المعروف بالفرنسوية باسم

الشيخ محمد سعيد السويدي

وطعيريزات اسم مشهور عند أعراب البادية يعرفه صغيرهم وكبيرهم شابهم وشائبهم، وأما أهل النجف وإن شئت فقل أيضاً أصحاب القوافل التي تتردد بين الجعارة والنجف فأنهم يسمون هذه التلول المار وصفها باسم (أم فيس) أو (أم الطربوش) أي ذات الطربوش وذلك لأن في أعلى تلك الروابي تلاً في أعلاه تراب قائم بصورة دائرة مجصصة الخارج توهم الناظر إليها أنها طربوش أو فيس، وإن سأَلت بعض أبناء النجف عن طعيريزات وعن موقعها فلا يفهمون شيئاً من هذا السؤال لأنهم يجهلون هذا الاسم ويعرفون له اسماً آخر وكذلك القول عن الأعراب، فيجب أن يعاد على أسماع المخاطب المرادفات كلها ليعرف منها ما قد أَلِفه سمعه. هذا ما توفقنا للوقوف عليه وربك فوق كل ذي علم عليم وسوف نشفع هذه المقالة بمقالة أخرى في ضيزناباذ القديمة. إبراهيم حلمي 3 - أبو السعود الشيخ محمد سعيد السويدي - 1 - ولادته وأخذه العلم هو أبو السعود محمد سعيد بن عبد الله السويدي كان إماماً في الحديث

حسن السيرة طاهر السريرة سمحاً صفوحاً ولد في بغداد سنة 1141هـ - 1728م واخذ العلم عن والده وعن الشيخ عبد القادر المكي الحارثي وعن الشيخ علي الأنصاري وغيرهم وقد أجازه العلامة أبو الفيض الشيخ محمد المرتضى بن محمد الحسيني الواسطي الزبيدي نزيل مصر شارح القاموس والأحياء في سنة 1194مه - 1780م بإجازة له فيها رواية كتابه المقاعد العندية في المشاهد النقشبندية وكذلك أجاز فيها لأخيه الأكبر الشيخ عبد الرحمن وأولاده وأحفاده وأسباطه وللسيد أبي الفضل محمد خليل أفندي المرادي صاحب (كتاب سلك الدرر). . . وقال المجيز في الإجازة التي نحن بصددها في حق المترجم ما نصه: (. . . العلامة محمد سعيد أفندي. . اجتمعت به في دار هجرتي مصر وقد غمرنا بفوائده وأمتعنا بصنوف موائده من كل فن غريب. . . فانتفعنا به في كل ما تلقيناه منه أو عرض عليه بمحضرنا من كتب الآثار النبوية فقد سمعت منه في ما كان يقرره من فوائده أشياء وإن كان كل منا على نيته في ذلك فقد أخذته أنا عنه لأنه المتلقي ذلك عن شيوخه النيل ممن لم ندرك زمانهم. . . كل ذلك في شهور سنة 1194 ولما ورد مصر ثانياً وتشرفت بالاجتماع به جددت معه المذاكرة في أنواع الفنون. . . وفيه أجزت له سائر مؤلفاتي كشرح القاموس والأحياء وغيرهما من كبير وصغير وجليل وحقير فليثق به الواقف عليه من أهل العلم والأدب. . . وكتب ذلك عاجلاً ظهر يوم الاثنين ثالث محرم سنة 1204هـ - 1789م.) انتهى نقلا عن خط الزبيدي. 2 - (مؤلفاته وطرف من أشعاره) وله من المؤلفات أحكام التقليد وله

إجازات كثيرة وشعر رائق ونثر فائق فمن شعره قوله: يا ليلة الكرخ عودي لي بذي سلم ... لازال بَدْرُكِ مع ظلماك في سلم افدي سويعة بشر فيك إذ رجعت ... كرائم المال من خيل ومن نعم يا ليلة في أراضيك الشموس سمت ... إلى السما فمحت ما فيك من ظلم جعلت ذكراك ذكري كي اذكر ما ... بي من مذكر تأنيث الجوى السقم إن لم تعودي وأن العود احمد في ... باقي البقا فبقائي فيه كالعدم يا ليلة بحمى بغداد ذات حمى ... سقى أديمك هطال من الديم ومن شعره ما ذكره صاحب سلك الدرر وهي جواب أبيات أرتجلها في مدحه الشيخ عبد الله اليوسفي الحلبي في مجلس أحد أمجاد حلب اسمه عثمان وذلك سنة 1189هـ قال المترجم: أني سعيد حيث نلت سعادة ... في رؤيتي لمحاسن الشهباء اكرم بها وبأهلها فلقد حوت ... حسناً لناظرها جميل بهاء جلت عن التشبيه إلاَّ قولنا ... هي جنة الدنيا ونور الرائي فالله احمد حيث بدل سفرتي ... عن تدمر بمدينة حسناء فأنا السعيد وباغتنام اليوسفي ... قد صرت اسعد إذ بلغت منائي من درة في شعره من جوهر ... في نثره متلألئ اللألاء شكراً لمجلس سيدي عثمان مذ ... بجلوسه مستجلب الآلآءِ اكرم به وبربه وبصحبه ... درت عليه سحائب النعمآء وله محاورات شعرية غيرها أيضاً جرت بينه وبين اليوسفي المذكور ذكرها المرادي في الجزء الثالث ص 114 - 115 من كتابه سلك الدرر.

التشوه والتزين عند الحيوانات

وقد توفي في بغداد سنة 1223هـ - 1808م ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي وقد أعقب أربعة أولاد وهم الملا حسين والملا علي والملا عبد الله والملا اسعد. كاظم الدجيلي التشوه والتزين عند الحيوانات ليس الوفاق الغريب الموجود بين الحي وبين ما يجاوره على ما مر بنا سابقاً إلا قطرة من بحر تبدل الحيوان وتنكر زيه ليتوارى عن البصر ويرهب عدوه ويظفر بنجاته، بل هناك أمر آخر، وهو أنه يتزين ويتزخرف ويلبس لكل حالة لبوسها بموجب مقتضى الحال. خذ مثالاً لذلك المتعفرة وهي الدويبة المسماة بالفرنسية فأنها تتمرغ بالتراب والقمامة وتسدل على وجهها نقاباً درنا حتى يظن الناظر إليها أنها رتَيلاء هائلة، لأنها تماثلها بكل حركاتها وسكناتها وسيرها المضطرب. ويحذو هذا الحذو السرطان المعروف برتيلاء البحر. فإنه إذا أراد أن يختفي أثره على سمك اللما خصوصاً والأسماك النهمة عموماً يغرس أصول الفوقس على صدفته ولا تعتم أن تنمو تلك الأصول حتى تصبح رويداً رويداً كالجزة المنتفشة فيتسنى له حينئذٍ أن يختلط بالصخور المغطاة بمثل ذلك النبات. وبين الحيوانات التي تحوز قصبات السبق في حلبة التغير والتبدل

والتنكر السمك الفوقسي - والاربيان والقريدس الفوقسي - فأنهما يعيشان بين الكلا البحري المعروف بالفوقس وذلك أنهما يتحككان به فيلتصق منه شيء كثير بهما حتى يضحياهما والنبات شيئاً واحداً وإذا اخذ الإنسان بيده واحدة من هذه الأسماك يعسر عليه أن يعرف أين يبتدئ الفوقس وأين ينتهي الحيوان كيف لا وقد أصبح جسمه نحيفاً ضامراً وفيه زوائد طويلة تحاكي الأوراق. لا يحق لنا أن نكره هذه الحيوانات التي تحاول التنكر والتبدل دفاعاً عن نفسها؛ ولكن تسؤونا روية مثل هذا العمل في غيرها، إذ ترمي إلى غرض ممقوت عند تسترها، وهو أنها لا تفعل ذلك إلا لتهجم على طريدتها وتباغتها فتجرعها حينئذٍ كاس الردى حتى ثمالتها. ولهذا تتخذ المكر والخداع وسيلة للبلوغ إلى مآربها السيئة، فتتزمل برداء لا يستشف منه فساد غريزتها، فتنساب بين أعدائها كالجاسوس الخؤُوْن ولا تخشى طارقاً يداهمها إذا صارت بين خصومها. ومن هذا القبيل ذُبابة الورد وكان الأجدر أن تسمى (رعب الخلايا) فأنها تشبه بصورتها وشكلها الصقيع وهو نوع من الزنابير اسمه بالإفرنجية أو تشبه الزنبور أو السرمان فتدخل مساكن الزنابير وخلايا النحل خلسة ولو كان خفرها قائماً على الباب وقد حفظ مدخله ومخرجه فتبيض هناك راخية البال لا خوف عليها من انتهاك سرها لكن لا يبطئ أن يخرج من بيضها طوائف من الدعاميص كأنها عساكر جرارة شاكة السلاح فتلقي الموت حواليها.

2: الجبان يدعي الشجاعة أن حب الحياة يسوق غالباً بعض الخشاس أي الحيوانات غير المؤذية إلى تقليد هيئة وأخلاق الحيوانات الكثيرة الأذى والضرر. ومن درس أخلاقها، يعجب من تظاهرها بإمارات الشجاعة، مع أن غريزتها على جانب عظيم من الضعف والجبن. ويرى هذا المشهد يومياً في الطبيعة، من ذلك الدويبة المعروفة بالزباء الجاسية وبالإفرنجية فهي تبين لأول نظرة هائلة ويلتبس أمرها على الناظر بغيرها لنحافة خصرها ولون زببها المشرب شقرة ولسمرة حلقاتها فإذا قبضت عليها فأنها لا تؤذيك ومن أجناس هذه الحيوانات الفراشة النحلة المسماة بالإفرنجية أو فهي توجد عادة على أشجار الحور، في شهر حزيران. ومن يرها يحكم وحياً أنها زنبور كبير موذٍ، فأن جسمها مخطط بخطوط صفراء ذهبية، وأجنحتها نحاسية اللون، لكنها لا تضر ضرر النحل والصقيع. وكثيراً ما يخدع الإنسان بظواهر بعض الحيات فلا يميز السامة منها من غير السامة ويصعب عليه أن يفرق بين الحفث والأفعى ولو كان يعرف بعض الظواهر التي تمتاز بها لأنها على جانب عظيم من الدهاء. وقد عرف ذلك الأقدمون فقال السيد المسيح في التنزيل العزيز (كونوا حكماء كالحيات).

ومن الذين خدعوا بتلك الظواهر أحد المعلمين وكان يدرس في دار التحف بباريس أخلاق الزحافات فأنه قبض ذات يوم على حيةٍ صغيرة ظاناً أنها غير مؤذية ولكن ساء ظنه إذ وجدها أفعى سامة في منتهى الخبث وكادت ترديه لو لم تنكزه إلا نكزة خفيفة. أن الحيوانات غير المؤذية من هذا النوع متى شعرت بدنو الخطر تنتصب وتتظاهر بأنها تريد لسع عدوّها فيولي الأدبار. وقد عرف العرب ذلك وورد ذكره في كتبهم اللغوية في تعريف الحفاث وهي حية عظيمة تنفخ ولا تؤذي وقد جاء في كتاب فقه اللغة عن كل من العربد والعسود أنه حية تنفخ ولا تؤذي. وقد ذكر الجاحظ في كتاب الحيوان تفصيل ما تفعله هذه الأنواع من الحيات فليراجع في محله. 3 - الدويبات تتشكل بأشكال الأوراد لندخلن الآن عالماً جديداً فيه للحشرة المنزلة الأولى من الشان والخطورة أِن الأحياء هنا لا تحاول هذه المرة أن تتشبه بالأحياء أو بالجماد كائناً ما كان تشبهاً قريباً أو بعيداً للذب عن نفسها كما رأَينا فويق هذا، بل تأُخذ صورة بعضها أخذاً محكماً بالغاً حد الإتقان ليس وراءه مزيد لمستزيد. أن الدويبات والنباتات متكافلة بعضها لبعض في الوقت. فالزهرة تفيد الذبابة برحاقها وبكونها تتخذها كناً لها والذبابة تفيد الزهرة بتلقيحها بما يخرج منها من الذرق وبما يعلق بأرجلها أو بأجنحتها من اللقاح. وإذا أراد الطائر أن يظفر بالدويبة فأنه لا يتجشم مشاق البحث والتفتيش عنها بل يذهب تواً إلى النباتات وهناك يسطو على طريدته فإذا أرادت أن تنجو منه تختفي

وتتنكر ولهذا نراها تبالغ في التشبه بالنبات الذي تسقط عليه فتماثل تارة لحاءً وطوراً ورقة ومرة غصناً وأخرى ثمرة. فالطائر لا يميز الفراشة المسماة بالمغسقة أو المتقوّبة العروس التي هي فراشة كبيرة تظهر في الغسق وتحط على الحور ساكنة لا تبدي حراكاً وليس فيها ما يكشفها للعيان إذ أن لونها أقتم أو اسمر وفيها بقع وخطوط وعقد تجعلها كقطعة منفصلة من القشرة أو كقشرة متقوبة وكذلك نقول عن الدويبة المسماة الجخدب الشائك التي إذا سقطت على غصن من الأغصان يحسبها الناظر إليها قطعة شوك ليس إلا. أن عدداً من الديدان مثل ديدان الصفصاف والسندر والخمان والزيزفون وشجرة الكينا تبقى ساعات طوالا متشبثة بالأشجار ببعض جسمها وترخي ما بقي منه منتشراً ممتداً جامداً أتم الجمود الأمر الذي لا يقوم به أشهر جبابرة زماننا ومما يساعدها على اختلاطها بالأغصان سمرة جسمها وانتشار العقد فيه.

وهناك نوع آخر من الدويبات الغريبة تسمى الحشرات الخيالية فأنها لا تبين إلا كجزءٍ مفصول من الشوك الذي تستقر عليه ولا يرى منها أجنحة ولا أرجل وغاية ما يظهر منها شيء كالقضيب فيه أشواك. إِنّ الدويبة المعروفة بالورقة اليابسة - تتحول تمام التحول إلى ورقة يابسة بحيث أنه لا يمكن تمييزها منها حتى إذا أدركها الجوع نقرض أجنحة بعضها كما تقرض الورقة الحقيقية وهي لا تعلم ما تعمل وموطن هذه الدويبة جزائر أو قيانيا. هذا وفي الهند وماليزيا نوع من الدويبات تسمى كليمة وهي بهيئة فراشة كبيرة جميلة المنظر تراها إذا صفت تتلون بلون نارنجي وأزرق وإذا أدركها الملل وحطت على الشوك تغيب عن الأبصار كأنها تتعاطى السحر أو تلبس قبع الإخفاء فتباغت الإنسان الدهشة من تلك الحالة ولا يدري أين يتجسس أخبار تلك الفراشة الزاهية ولا في أي موطن يقف لها على أثر؟ إذ أنها عند سقوطها على الشوك تأخذ صورة ورقة اعتراها الذبول وتتعلق بالأشواك ويظهر فيها ثقبان كالثقوب التي تعملها الحشرات في الأوراق. فسبحان من خلق الطبيعة هذا الخلق البديع إذ جعلها تتفنن في تمثيل ذاتها لتظهر ما فيها من حكمة الوضع فأنها تتخذ من مواد مختلفة صورتين

متماثلتين لا تتميز إحداها عن أختها قيد حبةٍ وما غرضها من ذلك إلا محافظة حشرة صغيرة. فيا هل ترى والحالة هذه يجوز لنا أن نلفظ كلمة عرض أو اتفاق عند مشاهدة هذه الغرائب؟ إلا تظهر العناية الإلهية فوق كل هذه العجائب تلك العناية التي ترعى مصلحة أحقر الكائنات وحفظ أصغر الموجودات؟ أليس هذه هي العناية الإلهية التي قال عنها السيد المسيح في إنجيله الكريم: انظروا إلى طيور السماء فإنها لا تزرع ولا تحصد ولا تخزن في الاهراء وأبوكم السماوي يقوتها. . . واعتبروا زنابق الحقل كيف تنمو أنها لا تتعب ولا تغزل وأنا أقول لكم أن سليمان في كل مجده لم يلبس كواحدةٍ منها (متى 26: 6 - 29) يوسف رزق الله غنيمة (لغة العرب) إننا أدرجنا هذه المقالة لا لأننا نسلم بهذه المزاعم الواهنة الواهية، بل لنبين أن مذهب التحول معروف في هذه الديار كما هو معروف في غيرها؛ وقد انتشر بما أبرزته مطابع ديار الشام ومصر من الجرائد والمجلات والرسائل والكتب وغيرها من المطبوعات. على أن هذا المذهب يتداعى اليوم في ديار الإفرنج لقلة صبره على نار التحقيق، إذ لم يرج عندهم ألا بقدر ما يروج الدرهم الزيف عند من لا يعرف كنهه وحقيقته، أو لم يحكه بالمحك ولم يعرضه على نار الامتحان. أن هذا الرأي أي أن الحيوانات والنباتات تقلد الطبيعة بظواهرها فتتذرع في كل موطن بما يكفيها شر أو أذية أعدائها هو من ألاعيب الخيال والوهم، لا من حقائق العلم المقررة. - نعم أن أصحاب مذهب التحول يقومون لهذه النظرية ويقعدون لها ويسمونها في اصطلاحهم (محاكاة الطبيعة لكن العلماء الإثبات أصحاب النقد الصادق والخبرة التامة أثبتوا كذب هذا التوهم والتصور. لأننا أن سلمنا مثلا أن أرانب الديار الباردة المغطاة بالثلوج تكتسي بجلود بيضاء الشعر لمشابهتها لون الثلج لكي لا يميزها الصائد من الثلج بخلاف لو كان لونها ارمد مثلاً، فهل يظن أول من تصور هذا الفكر أن الصياد وحده يقتل الارانب؛ أو ليس هناك عوامل أخرى تفني بعض الحيوانات والنباتات؛ وألا كيف انقرضت بعض هذه الكائنات ولم يكن هناك ما نتصور لها اليوم من الأعداء. دع عنك وجود مخلوقات في الأقطار التي يتزيا فيها بعض كائناتها بزي

الطبيعة وهي لا تجاريها بمحاكاتها إياها. وإن وجد عشرة كائناتٍ تتزيا بزي ما يجاورها فأن هناك مئات تخالفها لوناً وشكلا وصورة. وحسبك دليلا على ذلك أن تمد نظرك إلى صحراء أو إلى ضاحية لترى كذب هذا المقال. ثم أن ما قيل في هذا الرأي هو مجرد تحكم خيال القائل الأول وألا أفتتصور أن أعداء هذه المخلوقات تنظر إلى فريستها كما ننظر نحن اليها، وتتوهم فيها الوهم الذي نتوهمه فيها؟ - ننسب إلى الحيوان والنبات حاجات وشواعر لا بل مشاعر وحواس بشرية كأنها أناس مثلنا إلا أنها بصورة مختلفة عن صورتنا؛ فناشدتك الله يا هذا هل أن كلاب البلاد الباردة وثعالبها وذئابها تنظر إلى تلك الأرانب بالعين التي ينظرها بها هذا المفكر. فلو كان كذلك لجاعت وماتت وانقرضت فالظاهر إذاً أن هذا التنكر لا يردعها عم طلب معيشتها، ولا يصدها عن مطاردة طريدتها. - هذا فضلا عن أن الأحياء الدنيا وجراثيم الأمراض الطفيلية لا تتخيل كل هذه الأمور وتجري في أعنتها بدون أن تلتفت إلى صحة هذه التخيلات أو كذبها. وعلى هذه السنة التي ذكرناها عن الحيوان بنى هؤلاء المتخيلون سنتهم في النباتات أيضاً. فأنهم ذهبوا إلى أن وجود بعض الأشواك والسلاء في طائفة من الأشجار كالعضاه والرتم والاسل والعرفج والقتاد والقرصعنة هو لوقايتها من آكل الحيوانات إياها. يا سبحان الله! فإن كان الأمر كذلك فلماذا الأغصان العالية أغصان تلك الأشجار التي لا تنالها الدواب لا تنبت بدون سلاء. ولماذا لا ينبت سلاء لسائر أنواع النباتات التي تعتلفها الماشية أو ترعاها حتى لا تبيد ولا تنقرض. فمن ثم يتضح أن النبات ليس بإنسان ولا كالإنسان إذ لا يمكنه أن يتصرف بالأمور على ما يشاء. أن الباحثين من أهل الخبرة والتجربة قد اثبتوا أن الجو الذي يكثر فيه الماء يزيل السلاء والأشواك ويحيلها أوراقا والجو الذي تقل فيه الماشية أو لا رطوبة كافية في أرضه تنبت تلك الأشواك أو تحيل أوراق الأشجار سلاء. وعليه تكون اليبوسة سبباً لتكوين الأنسجة الليفية ومن هذه تنشأ الأشواك والسلاء ليس إلا. فنشوءها إذاً لمقاومة السائمة أمر عبث لا حقيقة له هذا وهل حقيقة تخاف السائمة تلك الأشواك. فأننا نرى الجمال تأكل العاقول وأنواع الأشواك وتستطيبها وتستمرئها، بل إذا وجد بجانبها أنبتة غير شائكة فأنها تفضل تلك على هذه. فما جواب أصحاب مذهب التحول على هذا الاعتراض. هذا فضلا عن أن أنواع الدود تنفذ إلى قلب الزهرة وتآكل الحبة أو البزرة فتتلف وحدها من حبوب الأشجار وبزورها مالا تتلفه الدابة عند آكلها الورق. فما عسى أن يكون ذلك السلاح الذي تعده تلك الشجرة لتقارع به تلك الدودة. فهل السلاء يمنعها عن العيث؟ يشبه أصحاب هذا المذهب رجلاً رأى ثياب أهل البلاد الحارة واسعة الأكمام والأردن والأذيال

وصف مدافن البحرين

منفرجة الأسافل ثم شاهد ثياب أهل البلاد المعتدلة متوسطة بين السعة والضيق وتثبت أن أهل البلاد الباردة لا يلبسون إلا الثياب الضيقة التي لا ينفذها الهواء. فقال في نفسه: إن الثوب رأى أن لابسه في البلاد الحارة يحتاج إلى الهواء، فأتسع، ثم رأى أن البرد يقرس الرجل إذا كان عليه ثياب فضفاضة فضاق وتجمع حتى لا يصيب صاحبه البرد. وعلى هذا تبين ذكاء الثوب إذ طابق حالته دائما لحالة البيئة التي وجد فيها. قلنا: ومن لا يرى سقم هذا الاستدلال؟ أفلو عكس المستدل هذا التعبير أما كان اقرب إلى الصواب. أفليس صاحب الثوب هو الذي رأى مناسبة قطعه على تلك الصور الثلاث المختلفة. تطبيقاً لها على مقتضيات اختلاف حالة الجو؟ فليتأمل العاقل ولينصف في قوله. وصف مدافن البحرين وصفاً مفصلاً كل مدفن يشتمل على غرفتين كبيرتين الواحدة فوق الأخرى مبنية من قطع صخر ضخمة ولا يبعد أنها قد قطعت (من جبل الدخان) الواقع في صحراء بعيدة ويوجد فيها أيضاً على جوانبها غرف ومعابر مسيعة بطين على غاية الإتقان ولا يوجد عقود أو دعائم ويظهر أن الغرف قد بنيت قبل أن تبنى سائر ما يحيط بها من البناء. وهذا البناء محكم مجصص وله طبقات مرصوفة من التراب وصغار الحجارة وكائن هذه المدافن قد أقيمت لمقاومة الدهر وصد آفاته فمحيط أساس أكبر التلال نحو خمسين ذراعاً وقد عثر القائد دورند على هيكل بشري في الغرف السفلى طوله نحو تسع أقدام صغير الجمجمة منخفض الجبين واسع حرف حجاج العين (المحجر) وعندما عرضت الجمجمة للنور والهواء تكسرت كسراً عديدة. إن رؤية بعض عظام الهياكل تدل على أن أصحابها دفنوا وهم جلوس ويظهر لنا انهم كانوا من وجوه الأمة وسراة القوم وكان دفنهم يجري على خلاف ما كانت تدفن العامة على حد ما هو جارٍ اليوم عندنا في دفن البطاركة والمطارنة والملافنة والأساقفة وسائر الرؤساء الروحانيين بيد أن ذلك يحتاج إلى بحث دقيق وفحص كثير وقد اكتشف حديثاً في المنعطفات

قطع من عظام بني آدم. أما في الغرف العليا (الفوقانية) فقد وجد عظام كبيرة عدت من عظام حصان وأيضاً قطع من معدن يشبه الصفر (النحاس الأصفر) والنحاس الأحمر وشقف وخزف خشنة غير مصقولة وقشور بيض النعام وبضع آنية مصنوعة من العاج وتماثيل وغير ذلك من الأدوات المختلفة الأشكال. وفي أراضي غرف بعض المدافن شيء كثير من عظام اليربوع (واليربوع ضرب من الحيوانات يشبه الجرذ ويكثر في صحارى الخليج) وفي تلك القبور مقادير وافرة من العظام الصفراء قد دفنت هناك منذ قرون عديدة وقد نقبت اغلب تلك الغرف تنقيباً دقيقاً طمعاً في العثور على آثار ذات شان جليل ولكن جل ما وجد فيها بقايا سجف وستائر قد تحولت إلى كوم من تراب لطول عهدها وهناك أيضاً قطع أخشاب قد نخرها السوس والديدان. إما البناء فهائل جداً وجرمه عظيم لكن لم يعثر فيه على الأدوات التي كانت تتخذ في الحفر والبناء بل ولم يعثر على رسوم أو نقوش أو كتابة بيد أن هناك شقوقا وأخاديد ونوعاً من الخنادق القليلة الغور قد حفرت حول أساس كل مدفن. أن أول من فتح تلك المدافن وباشر بالحفر والتنقيب فيها هو المنكب (اليوزباشي) الباسل دورند وذلك في سنة 1879 ولا تسأل عن الصعوبات والمشقات التي لاقاها في سبيل الوقوف على أثار تلك الديار وقد نال أخيراً بغيته التي كان يتوخاها إذ حصل على معارف وإفادات جمة وذلك بينما هو مجد في عمله وسائر على الخطة التي اختطها باغتته سفينة حربية إنكليزية فساعده ربانها الهمام كل المساعدة ولم يمده فقط بفريق من نوتيته ليساعدوه في التنقيب والتنقير بل عرض عليه أراء جليلة تذلل العقبات والمشاكل وتمهد له السبيل للحصول على ما كان يدور في خلده وقد أشار عليه أن يتخذ وسائل النسف داخل إحدى الغرف المفتوحة ليزيل عنها سطحها ويتسنى له الوقوف التام على محتوياتها ولكن النتيجة لم تأت بالمطلوب لأن سقف الغرفة المذكورة سقط في باطنها وكان في ذلك نهاية أعمال البطل دورند إذ على اثر ذلك دعاه أولو الربط والحل ليتقلد زمام وظيفة أخرى في محل آخر وفي سنة 1889 خلفه الفاضل بنت

ومعه عقيلته واخذ بالحفر والتنقيب وقد فتحا مدفنين متوسطي الحجم ومنذ ثماني أو تسع سنوات زار جماعة من علماء بلجكة البحرين وتفقدوا القبور وفتحوا أحدها ولم يتصل بي نتائج أبحاثهم. وممن عني بالحفر أيضاً عامل بريطانيا العظمى في البحرين المنكب (اليوز باشي) بريدكس وقد حفر بقرب (قرية علي) واشتغل فيها عدة أسابيع وفعل مثل ذلك في (منامة) وكان قد ضرب له في وسط المدافن خيمة يتردد إليها من وقت إلى آخر. وجمع طائفة كبيرة من الرفات وبعض قطع من العظام البشرية وغيرها من الآثار وقد بعث بها إلى دار التحف في لندن. كم من أمة طرقت ذلك الطريق الوعر والجادة الموعثة ووقف أبناؤها ونخبة من أفرادها حاسري الطرف مشتتي الأفكار لا يبدون حراكاً لما داهمهم من الاضطراب والقلق بخصوص أسرار تلك المدافن المبهمة فخطوات أقدامهم تردد أمام مخيلتنا القرون المنصرمة ودوي آثار أيديهم ترن في آذان الادهار الغابرة وأحدثهم عهداً بها الإنكليز وقد سبقهم إليها البرتغاليون فالعرب فالفرس فالهنود فالرومان فاليونان فالفنيقيون فالبابليون فالكلدانيون فأصحاب الرؤوس السود الذين هم أول من مد رواق التمدن والعمران البشري على وجه البسيطة وعليه يكون تاريخ بلاد اليونان حديثاً جداً بالنسبة إلى تاريخ مسقط راس العالم الإنساني ولهذا تحسب مملكة الرومان والصين واليابان والهند من ممالك أمس بجانبه هذا وكم من أمة وقبيلة وشعب ولسان ودولة زالت وانقرضت وأمست في خبر كان وأما تلك المدافن فشاخصة قائمة بعزها ومجدها كما كانت منذ أول بنائها إذا أنياب الدهر ومخالب طوارئ الزمان لم تقو على ملاشاتها وافنائها من على سطح الكرة الأرضية وهي واقفة على أركانها الضخمة تسخر بمرور الأيام وكرور الأعوام فسبحان من بيده البقاء والخلود والفناء والوجود. في كل مكان وفي كل زمان! رزوق عيسى

لعبة البس والهر

لعبة البس والهرّ أو البكرتين والقعود 1 - مدخل البحث اعرف للأعراب في ديار العراق ونجد ألعاباً كثيرة وها أنا ذا اشرح واحدةً من هذه الألعاب تناسب وقائع الحرب. لأن الذي يتدبرها يراها تتطلب حكمة ودهاءً فطنةً وذكاءً، بل دربة في المحاربات، وحنكة في المعاركات. 2 - شرح ألفاظ اللعبة البس عند أعراب نجد: القط الصغير. وفي دواوين اللغة: البس بالفتح الهرة الأهلية الواحدة بسة والعامة تكسر الباء فيها. وأما النجديون فيجعلون حركتها بين الفتح والكسر. والهر عند النجديين القط الكبير عمراً وجثةً. - والبكرتان عندهم تثنية البكرة بفتح والبكرة عندهم الناقة الفتية التي لم يضربها الفحل. وإذا ثنوا اللفظة حركوا الكاف الساكنة بحركة مشتركة بين الفتح والكسر والقعود: القلوص والبكر إلى أن يثني والفصل. وعند النجديين هو القلوص الذي لم يضرب أنثى قط. ولم تستعمل هذه الألفاظ إلا للدلالة على ما يجري عليه موضوع اللعبة. 3 - بسط بدء اللعب يجمع أولاً جمعان من اللاعبين متساويا العدد في كلا الطرفين ويقام لكل جمع أو قسم أو حزب رئيس يسمونه (الشيخ) ولا ينتخب الشيخ إلا بين اللاعبين الذين قد اشتهروا بمهارتهم ودهائهم وحسن معرفتهم واغلب ما يكون في الجمع الواحد خمسة أَشخاص وخامسهم الشيخ. وقد

يتجاوز عددهم فيكونون تسعة وتاسعهم الشيخ. ثم يعين كل من الشيخين حاكماً ووزيراً وشاهدين بعيدين عن كل غرض ومحاباةٍ. فإذا تم ذلك يمد الحاكم رداءً ثخيناً أو عباءً متينة كبيرة لا يشف ما وراءها تكون كالحجاب بين قوم وقوم طرفها الواحد بيد الحاكم والطرف الأخر بيد الوزير بحيث لو دنا الواحد من جانب لا يرى الآخر الموجود في الجانب الثاني من وراء الستار. إما الوزير وإن شئت فسمه بالرقيب فوظيفته الاعتراض على الحاكم وعلى أعمال تنفيذ أمورهِ. وكل ذلك بحضور الشاهدين العدلين اللذين لهما حق المراقبة. وعند الحاجة تكون الأرجحية بجانب الحزب الذي ينضمان إليه إذا وقع في القضية اختلاف أو تعارض أو تنازع. 4 - الاستعداد بعد أن يتم كل ما سبق شرحه يستعد الفريقان استعدادهما للحرب السجال فيأخذ كل فرد من أفراد الحزبين حبلاً لا يزيد طوله على ذراعٍ ونصف. وإن لم يكن له حبل يأُخذ عمامتهُ بعد أن يفتلها فتلا نعما لتقوم مقام الحبل أو يتخذ عقاله بدلاً من ذلك ليكون بيده بمنزلة السلاح يضرب به عدوه بدون أن يضر به. وبعد هذا الاستعداد ينضوي كل واحدٍ إلى فريقه الذي يرجع إليه. 5 - الافتراق والقدوم يفترق كل من اللاعبين من أي حزب كان فيختفي في مكان لا يراهُ الآخر أو يختفي بحيث إذا جاءه واحد من الفريق الآخر لا يستطيع أن يعرفه (ولهذا لا يكون هذا اللعب إلاَّ ليلاً) وبعد التفرق ولزوم كل حزب مكانه بكمال السكون والتؤدة يمد الحاكم العباءة عرضاً فيقبض هو

على الطرف الواحد والوزير على الطرف الأخر على ما أسلفنا تبيانه. ويقف الشاهدان بجانبي الحاكم عن يمينه وعن يساره. ثم ينادي الحاكم ببدءِ اللعب قائلاً: (ليات من هؤلاء وهؤلاء بكرة وقعود.) فيتقدم حالاً واحد من كل من الفريقين وهو يحبو حبواً بحيث لا يمكن أن تعرف هيئته ولا حركته ويختفي وراء العباءة موجهاً وجهه وأذنه وجميع حواسه إلى جهة الحاكم بالسكون التام والسكوت الكامل. 6 - الصفير والنفير وبعد أن يدنو كل واحدٍ من مناوئهِ من الفريق الثاني وراء الستار أو العباءِة لصقاً بلصق لا فارق بينهما سوى هذا الرداء الثخين المتين ينادي الحاكم مكلماً المختفي عن يمينه قائلاً له: (أصفر) فيصفر صفيراً خفيفاً. ثم يلتفت إلى الذي عن شماله ويقول له كما قال للأول: (أصفر) فيصفر أيضاً (وكلاهما على صفرة واحدة) ثم يبتدئ الحاكم بالسؤال فيسأَل أولا الذي عن اليمين ويقول له: (من جاء ومن وصفر) فيجيبه المسؤول: هذا فلان (ويكون جوابه بصوتٍ خافت لا يسمعه إلا الحاكم) ثم يسأَل الثاني الذي عن اليسار مثل ما سأَل الأول فيجاوبه أيضاً حسبما يعنّ له في خاطره. فإن أصابا في جوابيهما وعرف كل واحدٍ منهما الآخر أرجعهما إلى محليهما. ونادى مناداة ثانيةً اثنين آخرين قائلاً (ليات من هؤلاء وهؤلاء بسّ وهرّ). فيدفع كل شيخ واحداً آخر من تبعته وقد يعيد الأول إيهاماً أو تلبيساً على من يريد إيهامه أو حسبما تقتضيه سياسته وفكرته. وحينئذٍ يجري الحاكم أوامره كما أجراها على من سبقهما. فإن عرف الواحد صاحبه

للمرة الثانية أرجعهما بصوت يسمعه الفريقان قائلاً: (تعرفوا) أو (معارفة) أو نحوهما. وقد تستمر المعاملة بين الفريقين إلى ثلثي الليل أو إلى أن يتعبا فيحكم حينئذٍ الحكم مع الوزير والشاهدين بتغيير أصحاب الفريقين وتأُليف فريقين آخرين يقومان مقامهما. والتعارف تابع لنباهة الأولاد وتوقد خاطر الشيخ وذكاء جماعته. 7 - ما العمل عند جهل أفراد قوم أفراد القوم الآخر أن لم يتعارف ممثل الفريق الواحد بصاحبه ممثل الفريق الآخر سواء كان ذلك في المناداة الأولى أو الثانية أو الثالثة فيتبع الحاكم القانون المسنون بين الطرفين. مثال ذلك إن كان الذي جاء عن اليمين عرف الذي جاء عن الشمال والذي جاء عن الشمال لم يعرف الذي جاء عن اليمين فيأُمر الحكمُ البارح (وهو الذي جاء من جانب اليسار) الذي لم يعرف خصمه أن ينصرف إلى أصحاب اليمين ويبقى هناك أسيراً فيقيده واحد من فريق الخصم تقييداً محكماً. ثم يأمر الحاكم أهل الشمال ليتقدم منهم واحد آخر. ويجب أن تعلم أن في حين سوق الأسير إلى محل الأسر يكون الحاكم والوزير قد غطيا بالعباءة ذاك الذي عرف الأسير أو بعبارة أخرى ذاك الذي هو من أصحاب اليمين لكي لا يعرفه أحد ويبقى مجهولاً. فإذا جاء الآتي من أصحاب الشمال وضع رجله وهو واقف على من ستر بالعباءة من أصحاب اليمين. فيمسكه الذي تحت العباءة من رجله مسكاً جيداً. وقد يمسكه بيده أو بعمامته أو بحبله أو ردنه أو بطرف من ثيابه (حسب الشرط الذي عقد بين اللاعبين في بدء اللعب) فإذا تمكن منه يقوم الحاكم وينادي: (هل تمكنت منه أيها

القابض عليه) فيجيبه الماسك بإشارة خفية قد تواطؤا عليها يراد بها أنه قد مسكه مسكاً محكماً. وحينئذٍ يسأَل الحاكم ذلك الواقف: (من هو هذا الذي مسجى بالرداءِ؟) فيجيبه الواقف جواباً بموجب معرفته فأن عرفه أطلقه وعاد إلى أصحابه وأعيدت اللعبة من جديد ويبقى الأسير في الأسر إلى أن يفكه أصحابه بغلب مثل هذا. أو إلى أن لا يبقى إلاَّ الشيخ. وحينئذٍ يحكم على كل واحدٍ من الغالبين أن يضربه ضربات معلومة معدودة يكثر عددها بقدر ما تطول مدة الأسر. مثلاً: إن يضرب الأول 20 ضربة والثاني الذي يليه 40 وهلم جراً والضارب يضاعف عدد ضربات المضروب الذي سبقه. ثم يهجم سائر الناس من رفقائه على المقبوض ويوالون ضربه إلى أن يتخلص المضروب بقوته من يد القابض عليه (لكن لا يجوز له أن يتخلص من يدي ماسكه بالضرب أو بالعنف بل بنتل نفسه فقط) أو يصدر الشيخ عفواً عنه أما الحاكم فلا يجوز له أن يتدخل بصفة معتمدة (أي رسمية) في حله أو بالنظر إلى حالته ووجاهته إذ بذلك يخالف حقوق الغالبين أهل الفوز والنصر. لكن إذا رأَى المضروب قد أضره الضرب مثلاً أو تأَثر منه تأَثراً يذكر فيجوز حينئذٍ للحاكم أن يأُذن لأحد رفقائه أن ينتصر له ليخلصه من يدي القابض على رجله. وذلك لا يكون إلا من بعد أن يوخذ رأُي الوزير في ذلك أو بعد مناداة الشاهدين معاً بذلك. فإذا تم كل ذلك تعاد اللعبة والأسير باقٍ في أسره إلى أن يشمله عفو من الشيخ أيضاً لتتم شروط الصلح والسلم. والسلام. س. د

السبحة في الشرق

السبحة في الشرق السبحة قديمة في ديارنا. وأول من استعملها في الشرق الأدنى اليهود فأنه كانوا يسمونها (ماه بركوت) أي المائة بركة وذلك لأنهم كانوا يسبحون بها الله مائة تسبحة. ولما ظهرت النصرانية أخذها المسيحيون عنهم. ثم جاء الإسلام فاقتبسها الحنفاء من النصارى منذ العصر الأول من نشوء الدين المحمدي. وقد ذكرها الخليل في كتاب العين قال: السبحة: (خرزات يسبح بعددها) وأنت تعلم أن الخليل عاش 74 سنة وتوفي سنة 160 وقيل 170 وقيل أيضاً سنة 175 للهجرة (الموافقة لسنة 777 و786 و791 م) ولو كان المسلمون قد اتخذوها في عهده لأشار إليه لكن الظاهر من سكوته عن التنبيه أنها كانت معروفة قبله. وإلا فمن العادة الجارية عند اللغويين أن يشيروا إلى حديث الدخول من ألفاظ اللغة ولهذا نقول أنها كانت معروفة في القرن الأول من الإسلام. والى ذلك يشير صاحب تاج العروس إذ يقول: السبحة: بالضم، خرزات تنظمن في خيط للتسبيح تعدّ. وهي كلمة مولدة قاله الأزهري. قال الفارابي وتبعه الجوهري: السبحة التي يسبح بها. وقال شيخنا: أنها ليست من اللغة في شيء (كذا. قلنا: وفي هذا الكلام نظر) ولا تعرفها العرب (كذا) وإنما حدثت في الصدر الأول إعانة على الذكر وتذكيراً وتنشيطاً. اهـ

وأما الإفرنج فقد أخذوها من نصارى الشرق في الحرب الصليبية الأولى (أي في نحو سنة 491 هجرية - 1097م) نقلها إليهم بطرس الناسك الشهير الذي هو أول من نادى بالحرب الصليبية. ومما سهل دخولها ربوع الغرب أنهم أولجوا في الأديرة رهباناً مساعدين للرهبان القسوس واغلبهم يجهلون القراءة والكتابة فألزموهم باتخاذ السبحة وبعدّ الصلوات الربية عليها والصلاة الربية هي (أبانا الذي في السموات) وكانوا يسمونها يومئذٍ باتنوتر أي (أبانا) ثم غيروا اسمها ودعوها أي قبعية لأنهم كانوا يتخذونها على هيئة إكليل من الورد المنظوم ويضعونها على رؤوسهم. ومهما يكن من أمرها فأن الإفرنج كانوا قد اتخذوا السبحة من مكملات ملابسهم في ذلك الأوان. وكانوا يشدونها بمناطقهم. وقد أوجب بعضهم اتخاذها في كل آن ومكان وتعهدوا لذلك بعهد وسموا أنفسهم (المسبحين) وبالإفرنجية ثم قلَّ اتخاذها وتقلدها رويداً رويداً لا سيما عند من لم يتقيد بنذر رهبانية. والإنكليز يسمونها كالفرنسويين أي قبعية. والألمانيون يسمونها - أي إكليل ورد. والإيطاليون سموها أولاً أي قبعية لكنهم يسمونها الآن أي إكليل. ومن أسمائها بالعربية المسبح بكسر الأول. وهي لم ترد في دواوين اللغة لكنها وردت في عدة كتب والعوام تستعملها وتفتح الميم. وقد جاءَت في كتاب ألف ليلة وليلة من طبعة الإفرنج 16: 7، 5. وفي بعض حواشي الزنجاني. وفي تاريخ المقري من طبعة الإفرنج 5: 1 وفي مدة معاجم فرنسوية عربية. - ويسميها

الإيرانيون هزاردانه أي ألف حبة. ويسميها الترك (التسبيح) وهذه الكلمة مأخوذة من العربية من مصدر سبح. ومن العجب أن الترك يتصرفون بعض الأحيان في لغة العرب على خلاف ما يجري عليه العرب. فإن العرب سموا هذه الخرزات المنظومة سبحة وهي اسم مصدر لفعل سبح المثقل العين. ولم يسموها تسبيحاً وهو المصدر القياسي. أما الترك فأنهم لم يجاروا العرب في اتخاذ ألفاظهم بل كثيراً ما اخذوا منهم الشيء ذاته وسموه باسم عربي آخر كما هو الأمر في التسبيح. وهو غير معروف في لغة العرب وهو وإن كان مصدراً لكنهم لم يستعملوه لهذه الخرزات. وقد جاء في حاشية تاج العروس لمادة س ب ح: (السبحة مولدة، وإطلاق التسبيح عليها غلط. انظر ص 112 من الدرر المنتخبات المشورة.) كذا. قلنا: والأصح من الدرر المنتخبة المنثورة. على أننا لا نجسر أن نخطئ من يستعمل هذه اللفظة بهذا المعنى لأنه جاز لبعضهم أن يسموا الشيء بلفظ (اسم المصدر) لا نرى كيف لا يجوز لغيرهم أن يسموه بلفظ (المصدر) وقد نقل عن العرب ألفاظ كثيرة مسماة بالمصدر كقولهم: التنبيت والتلبيب والتمتين والتقسيط والتنبيه والتودية والتهنية والتزبرة. إلى غيرها وهم في كل ذلك لا يراعون معنى المصدر بل يذهبون في موضعها مذهب الأسماء الصرفة على أننا لا ننكر أن الجري على مصطلح العرب خير من العدول عنه إلى وضع لم تضعه والى الجري في طريق أو نهج لم تألفه. لأنك: إذا ما أتيت الأمر من غير نهجه. ضللت وإن تقصد إلى النهج تهتدي

أوائل في الأدب مرتبة على سني الوفيات

أوائل في الأدب مرتبة على سني الوفيات 1 - أبو الأسود الدؤلي (المتوفى سنة 599هـ - 717م) أول من نقط القرآن وأسس النحو. 2 - أبو اسحق الحضرمي (117هـ - 735م) أول من علل النحو على ما قيل. 3 - حماد الراوية (155 أو 158هـ - 771 أو 774م) أول من جمع السبع الطوال أي المعلقات 4 - الخليل بن احمد (160هـ - 776م) أول من دون اللغة وكتب في العروض وحصر الشعر العربي 5 - معاذ الهراء (187هـ - 802م) أول من وضع التصريف. 6 - خلف الأحمر معلم الأصمعي (187هـ - 802م) أول من احدث السماع في البصرة. 7 - أبو الخطاب الأخفش الأكبر (في نحو أواخر المائة الثانية للهجرة أو أوائل المائة التاسعة للميلاد) أول من فسر الشعر تحت كل بيت. 8 - أبو جعفر الرؤاسي (هو محمد بن الحسن بن أبي سارة كانت وفاته في نحو عهد وفاة الأخفش الأكبر) أول من ألف في النحو من الكوفيين. 9 - معمر بن المثنى اللغوي البصري (208هـ - 823م) أول من صنف في غريب الحديث.

صاحب البستان

10 - هارون القارئ النحوي (وهو هارون بن موسى بن شريك الدمشقي خاتمة الاخافشة توفي سنة 291 وقيل 292 هـ - 903 أو 904) أول من تتبع وجوه القراءَات وألفها. 11 - ابن المعتز (296هـ - 908م) أول من ادخل البديع في علوم الأدب النجف: ابن الأعرابي قواعد لغوية صاحب البستان أو السرعوفة سألنا سائل من البصرة ما الاسم العلمي لهذا الطويئر الذي يسميه بعض أعراب العراق باسم (أبي البستان) ويعرفه أهالي الشام بفرس النبي أو جمل اليهود. وما اسمه العربي الفصيح القديم وكيف وصفه الإفرنج؟ قلنا (أبو البستان) هو (صاحب البستان) في سابق العهد. وسمي كذلك لأنه يكثر في البساتين وفي الحقول من ديار العراق وهو يكثر أيضاً بعكس ذلك في المواطن القفرة اليابسة والأرضين الشائكة من ربوع سواحل بحر الروم. وقد وصفه احسن وصف أبو حاتم السجستاني في كتاب الحشرات قال: صاحب البستان جندب أخضر إنما هو قوائم وذنب وقرنان وليس له كبير جسد. اهـ وهو وصف صادق دقيق لهذا الجندب. واسمه بلغة العلماء وكذلك باليونانية وهو بالفرنسوية وهو يشبه الجرادة كل الشبه بل هو بين الجرادة واليعسوب. ولهذا كثيراً ما يهم الناس في تسميته حتى أن بعضهم يسميه جرادة وله في العربية اسم آخر وهو السرعوفة. وهذه يونانية الأصل من بهذا المعنى. إلا أن العرب عرفوا السرعوفة بالجرادة الطويلة. وسبب هذا

الوهم هو المشابهة الموجودة بين الدويبتين على أن الجراد لا يكون طويلاً متناسب التقطيع وقد وصف علماء الإفرنج هذه الدويبة قالوا هي حشرة من رتبة المستقيمة الأجنحة تعرف بجسدها الطويل (ولهذا قال العرب. هي الجرادة الطويلة. وإلا فالجراد الحقيقي لا يكون طويل الجسم كما قلنا) وبقائمتين مقدمتين طويلتين جداً والسراعيف أو أصحاب البساتين من الحشرات اللواحم وهي تقبض على فريستها بيديها المذكورتين المسننتين أو الشائكتين وتترصد الدويبات مدة ساعات طوال لتهجم عليها إذا دنت منها. وإذا تربصتها أقامت لها بهيئة يخالها الناظر إليها أنها تقيم الأذكار ومنها أحد اسميها عند اليونان الأقدمين وهو (منتس أي متكهنة) ويسميها الفرنسيون المتكهنة الدينية أو المتكهنة لولية أي القديسة المتكهنة المصلية أو المتضرعة إلى - وهي تجعل بيضها في كتلة لزجة مصمغة وتلصقها بالحجارة أو بالرمثة أو العنظوانة (أنبتة شائكة) وأما اسمها العامي الشامي (فرس النبي) فمأخوذ من هيئته عند ترصده غنائمه الحشرات فكأنها هيئة فرس في الحضر وأما (جمل اليهود) فمأخوذ من طول قوائمه فهو بين الحشرات كالبعير بين ذوات الأربع. على أن عوام مصر يسمون (جمل الهود أو جمل اليهود) الحرباء لا هذه الدويبة وقد ذكر ذلك فورسكال في كتابه أزهار ديار مصر والعرب ص وص 28 وقد ذكرها بهذا المعنى أيضاً ابن الدريهم في كتابه منافع الحيوان والمؤلف توفي في بغداد سنة 863هـ - 1361م وعدها بين أسماء الحرباء. وذكرها أيضاً بابن سمث في معجمه الكبير السرياني اللاتيني في ص 1368 في كلامه عن الحرذون فأورد هناك شيئا عن الورل ثم وصفه قائلا: واعلم أن هذا الوحش هو في أربع قوائم كالحردون أم كحمل اليهود (كذا بحرفه) ناقلا عبارة معجم إيليا برشينايا مطران نصيبين الذي كتب كتابه سنة 1008 للمسيح ومن الغريب بعد إيراد هذه النصوص أن يقول رجل مثل دوزي في كتابه الملحق بالمعاجم العربية ص 218 لا يقال جمل الهود بل جمل اليهود وقد خطأ فريتاغ لكونه قال ذلك فكأنه يجهل لفظة الهود بمعنى اليهود مع

باب المشارفة والانتقاد

أنها وردت في سورة البقرة ثلاث مرات ومرة في سورة الأعراف ومرتين في سورة هود. فسبحان من لا عيب فيه. باب المشارفة والانتقاد 1 - نقد فاضل للعدد السابع من لغة العرب لما كنتم قد فتحتم في مجلتكم باباً للمشارفة أو الانتقاد أستاذنكم بنقد بعض ما رأيته في العدد السابع من مجلتكم فأقول: ذكر حضرة الأديب إبراهيم حلمي أفندي في كلامه عن مطبعة كامل التبريزي أنها (الآن متروكة لاستغناء الناس عنها بالمطابع البخارية) وهذه العبارة توهم من يقرأها أن في بغداد عدة مطابع بخارية. والحال إنكم تعلمون أتم العلم أن ليس عندنا مطبعة بخارية سوى مطبعة الشابندر. وجاء في باب (تاريخ وقائع الشهر) ما لخصتموه عن الرياض في بحث الغلاء ما هذا إعادة نصه: (ما زالت أسعار الأطعمة مرتفعة لكثرة ما يصدر منها التجار إلى ديار الغرب فلقد كانت تباع وزنة الحنطة في السنة الماضية بمائة غرش صاغ صحيح وهي تباع اليوم بمائة وخمسين) فالظاهر من هذه العبارة أن محررها يجهل أتم الجهل الأحوال التجارية ومعاملاتها لأن التاجر إذا اصدر الحنطة إلى ديار الغرب بهذا السعر أي 150 غرشاً لمائة كيلو غرام فأنه لا ينسى ما يلحقها من نفقات الشحن والنقل التي لا تقل عن 50 غرشاً فيا هل ترى في ديار الغرب (ولا اعرف أيها منه) قحط عظيم والناس هلكى من الجوع ليشروا الحنطة بثمن يربح به التاجر ويوافق كيس المشتري أي بأكثر من 200 قرش صحيح؟ - والصحيح أن الحنطة كانت ترسل إلى أوربا إذ كان سعر الوزنة 70 غرشاً فما دون. ومذ أن ترقى سعرها أي من رمضان من السنة المنصرمة إلى هذا اليوم لم يرسل أحد حبة إلى تلك الديار. وفضلاً عن ذلك أن التجار مهتمون

بجلب الحنطة من الهند. ولولا رسوم الممكس (الكمرك) عليها وهي 11 في المائة لكثرت في بغداد. ولذلك قدمت دائرة البلدية تقريراً للولاية في 15 ك1 سنة 328 (28 ك1 سنة 1312) طالبة به أن ترفع الرسوم من الذخائر التي ترد من الهند. ومتى ترفع تروا الألوف بل مئات الألوف من الأكياس المملوءة حنطة وأرزاً إلى الولاية. وذلك بعد تكبدهم مصاريف الجلب التي لا تقل عن مصاريف الإرسال المذكورة آنفاً. ومما يدخل في باب المبالغة أمر الغوص في خليج فارس. ولقد أحسنتم في قولكم (ونظن أن فيها مبالغة عظيمة). ورأيت من تحامل الأديب ك، د. على العراق النافي اغلب ما اسند إلى العراقيين في مادة (الجنبرسوري) ما يخالف الحق إذ الحق مع العراق. ولا يعمل ما ذكره الكاتب سوى بعض الأجلاف الذين تمسكوا بالخرافات. فلا يجب أن تلام أمة بفعل حمقاها. - ورأيكم في الأمر أعلى. أعانكم الله وسدد أعمالكم. بغداد في 1 ك1 سنة 1913: ع. ن 2 - وقائع من أخبار كردستان للمطران ادي شير رئيس أساقفة سعود على الكلدان (مستل من المجلة الاسوية الفرنسوية لسنة 1910) في 25 صفحة بقطع الثمن. طبع في باريس بمطبعة الشعب سنة 1910 لا ينهض العلم عندنا بل ولا ينشر من قبره إلا بعد أن يتخصص رجال لأبحاث معدودة ويعدون لها العدة اللازمة للتفرغ لها تفرغاً صادقاً. حاصرين لها أوقاتهم وقواهم وإلا فطالما نرى بين ظهرانينا أُناساً ينتفون العلوم نتفاً فأننا نبقى في أخريات أهل البحث والنظر. ولهذا نسر كلما رأينا علماء من هذا القبيل. وهانحن نفتخر بان نعد بين أهل التحقيق المطران ادي شير الكلداني فأنه قد تفرغ للأبحاث التاريخية الشرقية ولغاتها المتعددة

فأصبح ممن يشار إليه بالبنان. وقد وضع عدة تآليف تشهد بما له من البراعة في هذه المواضيع من ذلك هذه الرسالة المذكورة في صدر هذه الأسطر وقد نقلها من الآرامية إلى الفرنسوية ونشرها في اعظم مجلة علمية من مجلات العالم فجاءت تسفر عن محيا كثير من الحقائق التاريخية التي يحرص عليها أهل البحث والتنقيب ويتتبع دقائقها أصحاب نقد الأخبار والتاريخ. ونحن نشكر لسيادته هديته ونتمنى له المثابرة على خطته هذه لما وراءها من الفوائد والعوائد والله لا يضيع اجر المحسنين. 3 - كتاب قلائد الذهب، في فصيح لغة العرب تأليف حضرة محمد أفندي دياب المفتش في نظارة المعارف المصرية سابقاً الجزء الأول (وهو يشتمل على ما يزيد عن 5000 كلمة لغوية ولها من الشواهد نحو 500 بيت شعر و500 آية قرآنية و150 حديثاً و 100 مثل سائر وغير ذلك من نوابغ الكلم وجوامع الحكم التي تعد بالألوف. - والكلمات المبدوءة أصولها بأحد الأحرف الخمسة الألف والباء والتاء والثاء والجيم يجدها الطالب في هذا الجزءِ. - حقوق الطبع محفوظة للمؤلف - طبع بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر). كتاب في متن اللغة حوى على صغر حجمه اغلب موارد الفصحاء وأشهر مشارع البلغاء. ومن محتويات هذا الديوان مقامة أدبية. وعت جميع مشتقات مادة جلل تهون على المطالع حفظ جميع فروع هذا الأصل. وكفى هذا التأليف تقريظاً أن يقال أنه من مؤلفات حضرة محمد أفندي دياب اللغوي

والكاتب البدوي الذي لا تخط أنامله إلا الفصيح ولا يسير من سبل اللغة إلاَّ في الفسيح. على أننا نرى في بعض المواد نقصاً. ولا نريد بقولنا نقصاً أنها غير مستوفية جميع فروع الأصل لأننا إن قلنا هذا نكون قد نسبنا النقص إلى جميع مواد الكتاب؛ بيد أننا نريد بالنقص هنا نقص بعض المعاني المتداولة غير المهجورة كما في بعث مثلاً فأنك لا ترى فيها ذكراً لانبعث الماء: بمعنى سال ولا للبعث بمعنى الجيش مع انهما مشهوران. ومع هذا فأن الكتاب إذا طبعت سائر أجزائه يكون أخف سفراً تتداوله أيدي الأحداث في متن اللغة العربية. أعانه الله على إتمامه. 4 - الجزء الثالث من قاموس القضاء العثماني لمؤلفه سليمان أفندي مصوبع المحامي. حقوق الطبع والترجمة محفوظة للمؤلف طبع في مطبعة العرفان في صيداء (سوريا): هذا الجزء الثالث من معجم القضاء الذي أشرنا إلى جزءه الأول في مجلتنا هذه (115: 2 - 116) ونحن كلما طلبنا فيه مادة للبحث عنها نراها جلية البسط فيه جامعة لأنواع الفروع. على أننا ناسف 1: على أن عناوين مواده مكتوبة بالعربية فقط فلو كان بجانبها مرادفتها بالتركية وبالإفرنجية لتضاعفت فائدته. 2: على أن المواد تطلب فيه بعد تجريد اللفظة من زوائدها. وهذا لا يكون ألاَّ في كتب اللغة. وإلاَّ فيحسن بمعاجم المصطلحات أن تدون الكلم بالنظر إلى زوائدها. 3: المواد المكتوبة في أعلى الصفحة غير مطردة الاستعمال فأنه كتب مثلاً في أول ص 244 بعد كلمة (الجد) لأن آخر كلمة يدور قطب البحث عنها هي (الجدة) وأما في ص 245 فقد كتب بجانب الكلمة (الجدة) مادة (جد)

أيضاً مع أن هناك بحثاً في (الجرائم) فكان يجب أن تعنون المادة بعنوان آخر كلمة يبحث عنها في الصفحة أي بمادة جرم كما هو مشهور. وأما المؤلف فقد خالف بين هذه المصطلحات. 4: لا يزال الكاتب يذكر في الكتاب ألفاظاً عامية أو تركية الدخول في العربية كلفظة جنحة مثلاً المذكورة في ص 245 فأنها دخلت العربية على يد الأتراك لجهلهم أصول العربية. والأصح أن يقال فيها (جناح) بضم الأول. وكقوله في ص 246 في خلال عشر سنوات. والأصح عشر سنوات وكقوله في تلك الصفحة: الاحتفاظ عليها والأصح بها. ومن مثل هذه الأغلاط الصرفية والنحوية واللغوية لا تخلو صفحة من الكتاب. عساها أن تصحح في طبعته الثانية. 5 - طبقات الأمم أو السلائل البشرية هذا كتاب علمي طبيعي اجتماعي يبحث في أصول السلائل البشرية وكيف نشأت وتفرعت إلى طبقات وانتشرت في الأرض. وما تقسم إليه كل طبقة من الأمم والقبائل وخصائص كل أمة البدنية والعقلية والأدبية ومنشاها ودار هجرتها ومقرها الآن وعاداتها وأخلاقها وآدابها وأديانها وسائر أحوالها. تأليف جرجي زيدان منشئ الهلال. مطبعة الهلال بالفجالة بمصر سنة 1912 لصاحب هذا الكتاب الجليل مزية لا تجدها في سائر المؤلفين إلا من باب الندرة. وهذه المزية هي أن جرجي بك ينظر إلى حاجة أبناء الأدب والى ما يتطلبه سواء القراء فيسد الخلل ويرأب الصدع بما تبرزه براعته من الأسفار النفيسة. ومما كان يتشوق إلى الوقوف عليه ويتشوق إلى معرفته الأمم والقبائل والأجيال المبثوثة على هذه البسيطة. فإذا سمع الأديب باسم قوم أو جيل أو عثر على اسمه في كتاب أو مجلة أو صحيفة وأراد أن يعرف موطنه أو إلى أي سلالة ينتمي لا يجد تصنيفاً يبل صداه. فوضع حضرة الكاتب المتفنن هذا السفر الجليل فجاء كالمرهم على الجرح. وقد اشتمل على كل ما ينشد عنه في مثل هذه الضالة. وما عليك إلا أن تنعم النظر في الأسطر الأولى لتقف على جوف ذلك الفرا.

على أننا نأخذ عليه بعض الأمور منها: 1 - إنه ذكر في محتويات هذا التصنيف (ما تقسم إليه كل طبقة من الأمم والقبائل.) ونظن أنه بالغ في قوله (القبائل) لأن هناك قبائل عديدة لم تسم بأسمائها فضلا عن ذكر أحوالها. أو لم تسمع هذه الأيام بذكر الماليسور والمردة والجيك ونحوهم فأنك لا ترى لهم أثراً في هذا الكتاب. وأما الأجيال المنقرضة فلا تقف لها أيضاً على ذكر مثل الجراجمة والجرامقة وياجوج وماجوج ونحوها التي إذا أردنا تعدادها نثير السأم في صدر القراء. 2 - إنه خلط الأمور التاريخية الراهنة بالأمور الخرافية المبنية على وهم أو تخيل بعض الباحثين كقوله في ص 10 ويقدرون المدة التي استغرقها العصر الجليدي بأكثر من مليون سنة وكقوله تحت الرسم الأول من كتابه ص 11 بقايا الإنسان محجرة منذ 20000سنة. وكقوله ص 13 (والعلم يقول بمرور القرون المتطاولة قبل أن بلغ الإنسان حالته المعروفة من التكون البدني والعقلي) فإطلاق العلم هنا على التخيل في غير موطنه. فلو قال: والعلماء الماديون يقولون كذا. . . لأصاب لأن بين العلم الحقيقي والعلم المادي بوناً شاسعاً وبمثل هذه الأقوال يعثر القارئ في جميع الصفحات الأولى من كتابه أي من 10 إلى 16 وفي بعض اوجه (تاريخ الإنسان قبل التاريخ). 3 - وضعه بعض الأجيال في غير موضعها كوضعه السوريين ص 234 بين أقسام الساميين الكبرى. مع انهم ليسوا من تلك الأقسام في شيء وإنما هم ساميون سكان ربوع الشام وإلا لوجب أن يذكر العراقيين وغيرهم من سكان البلاد المتسعة الأكناف التي كثر فيها اختلاط الأمم المتغلبة عليها وهم في الأصل ساميون. كما وقع مثل ذلك في ديار الشام. 4 - يجري في ذكر بعض الأعلام مجرى الإفرنج فيها مع أنه في غنى عنها لو جرى مجرى العرب فيها. كقوله القلت ص 242 وهم القلط ومنه الكلاب القلطية نسبةً إلى هذا الجيل ومنه في ص 231 في قوله: (عرب الجنوب: وهم الحميريون والصابئة والأحباش) والأصح السبايون نسبةً إلى سبا لكنه لما نقل عن الإفرنج ويراد بها عندهم الصابئة والسبايون معاً ظن أن المراد هنا الصابئة وهو غلط. وكقوله ص 232 الغير ناقلاً كلمة عن الإفرنج والصحيح (الجعز) كما يكتبها هؤلاء

الساميون بحروفهم. على أنه يجوز أن يقال فيهم (الجاز) على لغة جعل العين همزة جاء ذلك في الهلال نفسه (341: 10) كقوله في شرع: سرا في الامحرية وصرع في الأثيوبية. وهي خلاف اللغة المعروفة عند العرب بالعنعنة: 5 - يفعل مثل ذلك في الألفاظ اللغوية أي أنه ينقل اللفظة الإفرنجية أو بما تعنيها معنىً حرفياً ويترك اللفظة الفصيحة العربية كقوله في ص 233 الذقن حاد والأصح الخد أسيل. وكقوله في تلك الصفحة لون البرنز والأصح لون الشبه. والشبه بهذا المعنى مشهورة في العراق حتى عند أهل البادية. 6 - في الكتاب أغلاط طبع كثيرة حتى أنه يذكرنا مطبوعات بغداد كما في ص 234 في قوله: وأما الساميون فانهم ميالون إلى التجمع والبقاء على حال واحدة. ولا شك أنه أراد التجمد بدلاً من التجمع. والأصح أن يقال الجمود. وكقوله في صفحة 232 في المقدمات التمهيدية والأصح التمهيدية وقد عددنا من هذه الأغلاط اكثر من 120 غلطاً. 7 - في الكتاب أغلاط نحوية ولغوية كقوله في ص 180: اصله إنسان تقمص إلى طير والأصح تقمص طيراً أو طائراً. وكقوله ص 182 ولهم أنف مسلطح. ولو قال سلاطح أي عريض لكان عربياً. ولو قال: (وهم فطس) لأفصح وأفاد أكثر. وكرر كلمة قاصر بمعنى مقصور في مواطن كثيرة. وقد أشرنا إلى غلطه هذا مراراً ولا وجه له في العربية إلا بتكلف ومن باب وجهٍ ضيق أي من باب مجيء فاعل بمعنى مفعول وهذا لا يأتي إلا في الألفاظ التي سمعت عنهم ولا تتعدى. وفي ص 42 وكلتاهما مائتان والأفصح مائتة وكقوله مراراً الفرنساويون والأصح الفرنسويون وكقوله ص 45. إن يقتات أفرادها على الأعشاب. والأصح أن يقتات أفرادها على الأعشاب. وكقوله في تلك الصفحة والمغر وهو يريد المغاور. وتلك خطأ كبير. وكقوله في تلك الصفحة أيضاً نزلوا الشاطئ. وقد نقط الياء وهمزها معاً. والأصح همزها لا غير. 7 - الفهرس الهجائي الذي في ذيل الكتاب غير وافٍ بالمطلوب. فإن المؤلف ذكر في كتابه مثلاً السكسون والألمانيين أو الجرمانيين والنمسويين والجيك والمجر وغيرهم. فإذا أردت أن تنقر عنها في داخل الكتاب احتجت إلى مطالعة الفهرس وإذا طلبتها في الفهرس فلا تقع عليها.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

ومهما عددنا من مغامز هذا الكتاب فأن حسناته تزيد على سيئاته وتذهب به ذهاباً لا تبقي أثراً لها. إذ قلما يكتب المؤلف كتاباً إلا وتراه صاحب مبتكرات في الموضوع ولهذا فأننا نهنئه بفوزه هذا في عالم الأدب ونطلب لكتابه الرواج الذي يستحقه إذ من لا يحصل عليه فقد خسر كنزاً من كنوز الأدب وبهذه الإشارة ما يدلك على منزلة هذا السفر الرفيعة. كفى بها منزلة. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - العرائف هجمت العرائف على عشائر قحطان في أودية سبيع في جنوبي الرياض من ديار نجد وقد غنموا منها غنائم كثيرة. 2 - أعمال حمدي أفندي ابن محمود رامز في الكوفة هذا الرجل هو وكيل مديرية ناحية الكوفة ودونك ما فعله من الأعمال الجليلة 1 - أتم بناء دار الحكومة 2 - وضع سلك مسرة بين الكوفة والنجف 3 - بنى جسرها احسن بناء 4 - أقام مسنيات متينة مكينة على الفرات 5 - شيد مكتباً على الطراز الحديث 6 - عمر سوقاً وسقفها 7 - أنار الكوفة القديمة 8 - بنى مخفراً (قراغو لخانة) بقرب القداد (التراموى) 9 - نشر أجنحة طير الأمن والراحة في ربوع البلدة وجهاتها 10 - استمال قلوب الأعراب المنتشرين في أرجائها بحسن السياسة والخبرة والدراية فعسى أن يكون مديراً لهذه الناحية ولا يبدل بسواه! (نقلاً عن المصباح والعهدة عليه) 3 - التجارة بين ديار العراق وبين ديار فارس بارت التجارة هذه السنة بين ديارنا وبين ديار جيراننا الإيرانيين وأصبحت الخسائر كثيرة والأضرار لا تقدر بسبب ما اعترى تلك الأرجاء من الفتن والاضطرابات التي لا تزال جمراتها تتقد حتى يومنا هذا. وكأن تلك الفتن لم تكف فأخذت رؤساء بعض قبائل الأكراد وبوادي الفرس بجباية

محرمة لا يقبلها الشرع ولا يذعن لها بشر إلا كرهاً. وبعضهم لا يكتفون بذلك بل يسوقون دواب القوافل أمامهم ويتركون ما معها من الأموال والبضائع ويبقون لأنفسهم الدواب التي استاقوها فتكون الخسارة خسارتين خسارة التاجر وخسارة المكاري. وقد وقع لبعضهم في الشهر الماضي أن أحد رؤساء كوران وحاكم سربيل أخذا من أحد القوافل 40 حملاً ثميناً وأربعة رؤوس خيل و16 حماراً وسلبا جميع الألبسة التي كانت مع أصحاب القوافل. ومشير خان يأخذ 3 قرانات (فرنك و50 سنتيماً) على كل بعير يسير بين قصر شيرين وقلعة شوزى ماعدا ما ينهبه لنفسه من الأموال وحمو خان حاكم هرناوة يأخذ ما شاءت نفسه فإذا أضفت إلى ذلك ما يأخذه راس كتاب جرى (باش كاتب شاهبندر) الدولة العثمانية وهو قران (50 سنتيماً) على كل عشرة بعران وما يأخذه الشاهبندر وهو 10 قرانات (5فرنكات) على كل عريضة (عرض حال) ظهر لك ما يصرفه التجار من الأموال والبضائع للاتجار بين العراق وإيران فتأمل. (كلها عن الرياض بتصرف). 4 - إعانة مكتب حقوق بغداد للحرب البلقانية بلغ ما تبرع به طلبة هذا المكتب 2365 قرشاً صحيحاً زادهم الله سخاء. 5 - نفوس محلة كرادة نجيب باشا من محلات الاعظمية أخذت الولاية بعد نفوس من فيها. وقد بلغ عدد نفوس المحلة المذكورة 3000 نسمة بعد أن كانوا سابقاً 1500 وبلغ عدد البيوت 500 بعد أن كانت 170 وقد وفق المحصون لإدخال كثير من الأعراب في تلك المحلة. ولم يكونوا مقيدين سابقاً. 6 - المكاتب الأهلية في قرى خراسان تجول قيم مقام خراسان حضرة احمد فائق بك في قرى خراسان فرأى كثيرين من الأطفال بدون تعليم فشوق الناس إلى فتح مدارس ابتدائية أهلية ففعل كثيرون إجابة لترغيبه إياهم في الأدب وقد تم فتح هذه المكاتيب في قرى الهويدروبهرز وبلدروز (برازالروز) وأرسلت الحكومة إليها معلمين أثاب الله كل من سعى في هذا الخير ومثله.

7 - الأمطار في العراق وديار العرب كثرت الأمطار في شهر كانون الثاني بعد أن كانت اعز من بيض الانوق وقد عمت ديار العراق والعرب ولاسيما ما كان بين العارض والقصيم فحائل فالجوف فقلب الجزيرة وقد انتشرت الأعراب تفتلى الممطور في أراضيها. 8 - عبود اليوسف رسول ابن الرشيد وصل بغداد عبود اليوسف رسولاً من قبل الأمير ابن الرشيد لمقاصد حسنة ولخير عشائر العراق. 9 - الإعانة الحربية في البحرين بلغت مجموع الإعانة في هذه الجزيرة مائة ألف روبية (نحو مئتي ألف فرنك) ولعلها تزيد بعد قليل. 10 - أعراب شمالي جزيرة العرب طلبت عشائر الحويطات وبني عطية والشرارات إلى الأمير ابن الرشيد أن يضمها إلى أعرابه ففعل وعين لها تيماء منزلاً واستقدم رؤساءها ليربط تلك القبائل ربطاً محكماً بالجامعة العربية الشاملة أمراء جزيرة العرب ومشايخ قبائلها. 11 - ابن السعود برح هذا الأمير الرياض عاصمة أمارته وذهب إلى القصيم وطيته شمالي الجزيرة وقد بث رسله إلى قبائل نجد ليدعوهم إلى التآخي والتناصر والتكاتف وفي نيته أن يضرب خيامه في (الوديان) ويجعلها منبعث أعماله وقد ارتبط اشد الارتباط بالأمير ابن الرشيد رداً لهجمات الأعداء. 12 - نشف نهر الحسينية نشف نهر الحسينية في كربلاء وعاد الناس إلى حفر الآبار وشرب مياهها. ولا يجهل أحد ما يتولد من الأمراض من تجرع تلك المياه. عسى الحكومة تسعى في حفر النهر حفراً لا يحتاج بعده إلى كريه ثانية. 13 - الأمطار والبرد تتالت الأمطار في هذا الشهر حتى جعلتنا أن نتفاءل بسنة خير عميم ورخص عظيم حقق الله الأماني. وقد نزل الحر إلى الصفر في السادس عشر من هذا الشهر. 14 - الضيق في بغداد وتكاثر الفقراء إذا ذهب الإنسان من محلة إلى محلة أخرى ولا سيما في أحياء المسلمين واليهود يصادف من الفقراء والمكدين عدداً وافراً من رجال ونساء وبنات. وفقراء

النصارى يزدحمون على أبواب الكنائس وفيهم من يستحق الصدقة. ومن لا يستحقها. فلا جرم أن المتصدق على أصحاب البنية الصحيحة والقوة التامة يزيد الأمة بلاءً. والأجدر بهؤلاء الناس أن يجدوا ويشتغلوا ليعيشوا بعرق جبينهم. وإلا فالكدية من اشد أدواء الآلفة. 15 - نتائج الجهل الأعمى وقعت في الكاظمية نهار عاشوراء (20ك 1) وقيعة مؤلمة أحزنت قلب كل عاقل. وصورة هذه الحادثة أن ألوفاً من المسلمين يجتمعون في الكاظمية يوم عاشوراء تذكاراً لوقعة الطف. ومن جملة من كان من المتألبين هناك في ذلك النهار جماعات من جانب الكرخ وفي هذه الديار عادة سيئة وهي أنه إذا اكتظ الناس في ساحة تساءلوا فيما بينهم: أيهم من المحلة أو البلدة الفلانية وأيهم من المحلة أو البلدة الفلانية الأخرى. فإذا القي هذا السؤال ينشأ للحال نفور بين سكان محلة ومحلة أو مدينة ومدينة ثم لا يعتم أن يتجسم هذا النفور فيتحول إلى سب وشتم، إلى قدح وذم، إلى ضرب ولكم، إلى جرح وقتل. وهذا ما وقع في الكاظمية فأنه لما علم بعض جهال الكاظمية من هم الذين من محلة الكرخ تنابزوا فتشاتموا فتلاكموا فتجارحوا فتقاتلوا وانجلت الوقيعة عن قتل واحد من الكاظمية وجرح ثلاثة منهم. وعن جرح ثلاثة من أهل الكرخ. فقبض على المتهم بالقتل وجماعته وأودعوا السجن. عسى أن هذه الحادثة تكون الأخيرة في هذا الباب بهمة الحكومة وسهرها على رعاياها! 16 - عجمي بك السعدون والأعراب أن هذا الأمير نازل اليوم على (ماء الشقراء)، على بعد 14 ساعة من الزبير وقد وفدت إليه العشائر التي كانت قبلاً معادية له وهي: البدور والسعيد والفواز والزياد ومطير وطلبت منه العفو فعفا عنها. وقد نزلت اليوم بأهاليها وأموالها في أراضيه. وقد وفد إليه من شجعان القصيم ما يقرب من ألفى محارب فسلحهم وأعطاهم خيلاً. وقد أصبحت قوة هذا الشيخ في هذه الأيام في ازدياد ويحسب لها حساب. ولهذا عدل أبناء فالح باشا عن الخروج على عجمي ولا سيما لأنهم رأوا أن الأعراب الذين مر ذكرهم، وكانوا مصافين لهم غادروهم

وانضموا إلى عجمي بك ولم يبق معهم إلا بعض الضفير ولا بد انهم ينضمون إليه أيضاً. وقد أغارت سرية له على الضفير النازلة بقرب الخضر (وهو الأخضر) وهي ناحية بقرب الدراجي على طريق السماوة فغنمت منهم أبلاً وخيلا وغنماً وذخائر كثيرة. وفرت الضفير من وجه عداها ولجأت إلى داخل الناحية فساق الغزاة ما وجدوه من السائمة بعد فرار العشيرة وفر ابن سويط ناجياً بنفسه. (الرياض) 17 - عجمي بك والضفير قالت الدستور (من جرائد البصرة) ما خلاصته: كان لسطوة سعدون باشا في السنين الأخيرة دوي. ترامى الصدى وذلك حينما كانت عشيرة الضفير نصيرة له في السراء والضراء باذلة المهج في سبيل حبه حتى أنها اشتهرت بذلك وفاقت سائر أعرابه المخلصين له. وأشهر هذه الوقائع الوقيعة التي شهد لها سعدون باشا نفسه أي وقيعة سنة 1327 في أبان عداوته للشيخ مبارك الصباح. هذا ولما كانت الأمور لا تستقيم على حالة واحدة وقع بين الباشا وبين الضفير ما قلب ظهر المجن وأن كان السبب طفيفاً لا يحفل به أل أن أطماعه جسمت الصغائر وجعلتها من الكبائر فانقلبت العشيرة عدوة له بعد أن كانت صديقة له. وتطايرت شرر الفتن بين الخصمين حتى اضطرت ولاية البصرة إلى إبعاد سعدون عن ديار العراق حقناً للدمار وأرسلته مخفوراً إلى حلب وهناك مات سنة 1329 وما كاد يموت إلا وقام ابنه عجمي لينتقم من الضفير. إلا أنه رأى نفسه في الآخر عاجزاً عن مناواتها فغادر ربوعه متوجهاً إلى (حائل) مقر الأمارة الرشيدية فاستجار بالأمير ابن الرشيد وكان هذا الأمير ينتظر فرصة للضرب في العراق فزحف مع المستجير به بخيله ورجله لإصلاح ذات البين بين عجمي بك والضفير إعادةً للمياه إلى مجاريها. إلا أن الزمان كشاف الأسرار والسرائر اظهر عكس الأمر أي أن الأمير لم يأت إلا ليغزوها ويأخذها إرضاء للائذين به. وبعد أن جرت معركة كبيرة بين ابن الرشيد والضفير رجع الأمير إلى مقر إمارته ظافراً إما العشيرة فنهكت فتخلف عجمي ليحاول الكرة عليها ما دامت في وهنها فلم يفلح. وما زال يتطلب هذه الغاية اليوم. وفي هذا العهد الأخير لما توفر لديه المال (وهو الثروة التي وقعت له من عمه مزيد باشا أي

مفردات عوام العراق

250. 000 ليرة) اخذ يجمع العدد والعدد لمناجزة الضفير القتال والإيقاع بهم. هذا واغلب الضفير نازلون اليوم على (الصخرية) داخل لواء الناصرية وعلى بعد نحو 3 ساعات من المركز (أي الناصرية). وعليه تكون المسافة بين منزل عجمي بك (أي الشقراء) ومنزل الضفير قريبة ويسهل على القبيلين نشوب المعركة بينهما لامتلاء الصدور من نتاج النفور. ابعد الله تلك الشرور. إنه رحيم 18 - إعانة البصرة للحرب البلقانية بلغت الإعانة في البصرة وبعض البلاد العربية في بحر فارس 36 ألف ليرة ولعلها تزيد بعد قليل. مفردات عوام العراق آني وفلان كجا آني أي أنا بلهجة عوام المسلمين وكجا بضم ففتح كلمة فارسية معناها أين أو في أي محل ومعنى هذه العبارة العربية الفارسية. أنا أين وفلان أين وفصيحها مالي ولفلان؟ وبعبارة أخرى ليس فلان من أكفائي أو نظرائي أو أيضاً: بيني وبين فلان بون شاسع. أي آي أنني آي بمد الألف وسكون الياء. أنني بفتح الهمزة والنون الأولى وتشديد الثانية المكسورة. كلمات تكررها أمهات النصارى إذا أردن أن ينمن أطفالهن فيهززن مهدهم هزاً رخيا قائلات تلك الكلمات وأظن أن كلمة آي للهتاف وأنني بمعنى نم (أمر من نام) بلسان الأطفال ومحصل العبارة نم يا عزيزي. وقد يظن بعضهم أن العبارة من أصل تركي محرف أي آي أنا ايني ومعناها الحرفي يا والدة الأخ الصغير أو عن أيا ايا أنني أي أيتها الوالدة انظري واسمعي الأخ الصغير لأن أيا أداة نداء تستعمل بمعنى انظر واسمع أو انظري واسمعي كان أصل هذه العبارة استعملتها البنات لأنامة أو إسكات أخواتهم أو إخوانهم الصغار ثم تلقتها الأمهات من بناتهن وقد تستعمل هذه العبارة في غير الانامة لكن ذلك قليل وفي كل هذا التأويل من التعسف ما لا يخفى على عاقل والأصح عندنا هو الأول. آراروت أو أرروت بثلاث فتحات والبعض يقولون عرروط بفتحتين فضم كلمة

إنكليزية تعريب معناها الحرفي جذر السهم أو الجذر المسهم أو السهمي وهو نشاء يتخذ من جذور بعض الأنبتة التي تنمو في بلاد الهند الغربية يعمل كالعصيدة ويطعم المرضى والأطفال. أما أصل هذه التسمية وسببها فراجع إلى الكتب المطولة. آس من اللاتينية أو الفرنسوية أو من الإنكليزية وهذه كلها من أصل يوناني معناه واحد وتجمع عندنا على اوس بضم اوآسات. ويريدون بها ورقة من أوراق اللعب فيها نقطة واحدة أو النقطة الواحدة في الاسقنبيل لنوع من اللعب بالورق. آسقي تركيتها آصقي بالصاد نوع من الربط له عرى عند طرفيه يزرر به أعلى الساق (البنطلون) ويلقى على الأكتاف لكي يرفعه إلى فوق ويمنعه من أن يمس الأرض وأسمه بالفرنسية ويجوز أن نسميه بالعربية باسمين أما بالمحمل أو الحمالة وأما بالمعلاق والمعلوق فقد ورد في مختار الصحاح المحمل بوزن المرجل ج المحامل: علاقة السيف وهو السير الذي يتقلده المتقلد وكذا الحمالة بالكسر والجمع الحمائل بالفتح. اه وجاء في تعريف المعلاق والمعلوق هو ما علق به من لحم أو عنب ونحوه وكل شيء علق به شيء آخر فهو معلاقة. آجي أو اشجي الأولى بتشديد الجيم المثلثة الفارسية والثانية بشين بعدها جيم مثلثة وأهل الشام يقولون غشى بشين مشددة مكسورة كلمة تركية معناها الطباخ والطاهي أو العجاهن آجي أو اشجي باشي كلمة تركية معناها: راس الطباخين يطلقونها على من يريدون تعظيم معرفته للطباخة ولحسن طبخه الأطعمة. آفرين كلمة فارسية تركية والبعض يقول عفرم بفتح العين والفاء وكسر الراء وفي الآخر ميم كلمة تقال لاستحسان عمل الإنسان مثل قولك بالعربية أحسنت

بارك الله فيك! لا شلت يداك! لله درك! نعم العمل عملك! عافاك الله! بخ بخ! مرحى! ونحوها كثير. آفة يعقد العوام بناصيتها معنى غير المعنى المألوف فهم يريدون بها الرجل الداهية أو النابغة أو البطل. على حد ما استعمل العرب الأقدمون (الداهية) فأنها تعني ذا الدهى والدهاء وتعني أيضاً الأمر العظيم والمنكر من الأمور. ومنه دواهي الدهر وهي ما يصيب الناس من نوبه. والآفة أيضاً عند بعضهم ثعبان عظيم يحرس الكنوز المدفونة. وقد يتوسعون في معناها فيطلقونها على كل حية عظيمة ولا سيما الأفعى وحينئذ تكون الآفة تصحيف الأفعى على لغة الفرس الذين يستثقلون العين على لسانهم فيحذفونها وتجمع آفة على آفات. آل تركية معناها الأحمر. ويراد بها نوع من الحمام أحمر اللون يتخذ في البيوت للعب به ولتطييره والحمام الأحمر متفاوت الحمرة عندهم فتختلف أسماؤه باختلاف تفاوت حمرته فمنه الباكوبز وهو أفخره لوناً ومنظراً ويليه في الحسن السيرنك فالأسمر فالبدرنك فالاشكيري وهو دونها حسناً. إلى آخر ما هناك من الألوان وتفاوتها وإذا أردت التدقيق في وصف الآل فهو حمام أحمر اللون قرمزيه أو يكاد وله نصف وردة أو وردة ونصف وردة في جناحيه ويراد بالوردة عند طيورينيا أن يكون في جناح الطائر ريشة في طرفها سواد بقدر العقدة وسائر ريش ذنبه خالية منه. آلة لها معنى آخر عند عوامنا ما عدا معناها المألوف. إذ يريدون بها أيضاً معدات الشيء ولوازمه أي ما يقوم به الشيء أو يتقوم منه فإذا قلت مثلاً آلة الطبخ فالمراد منها اللحم والخضروات والسمن والتوابل (أي الابازير كالملح والفلفل والقرنفل والقرفة والهال والكركم ونحوها) وإذا قلت آلة البقال فالمراد منها السكر والقهوة والشاي والحمص إلى غيرها. آني وين وهذا وين أي أنا أين وهذا أين. مثل عامي يضرب في البون الشاسع بين شخصين

ليس بينهما نسبة أياً كانت ويقابله في العربية: (ما إمامة من هند) ومعنى إمامة ثلاثمائة من الإبل وهند هي هنيدة وهي المائة منها. وقيل إمامة وهند من النساء إحداهما مشهورة بالمحاسن والثانية مذكورة بالمقابح. آلطلغ تركية تحريف التيلق ومعناها الستي أي ذو ستة قروش وهو نوع من النقود القديمة كانت معروفة عندنا قبل نحو ثلاثين أو أربعين سنة وأما اليوم فليس لها وجود عندنا. وكانت قيمتها ستة قروش صحيحة. ثم نزلت فصارت بخمسة قرش. آلطنجي تركية من آلتنجي ومعناها السادس. وهم يستعملونها في بعض الأحيان تعظيماً لرتبة المعدود. آن (يقولون: لا آن ولا ودان) كما يقول الفصحاء ما بالدار ديار ولا نافخ نار. وآن اسم فاعل من أن. وودان بمعنى المؤذن من أذن بتشديد الذال. ومحصل الكلام ليس في المحل أحد لا من يئن ولا من يوذن أي لا عليل ولا صحيح المزاج. آنة كلمة هندية ويراد بها قطعة من النقود التي يتعامل بها في ديار الهند تساوي عشرين بارة. والعوام تقول: تحاسبت مع فلان إلى حد الآنة أي محاسبة مدققة بحيث لم يبق في ذمة أحد المتحاسبين شيء. والبعض يقولون عانة بالعين. آني بمعنى أنا. عامية إسلامية فقط. ومنه المثل النسائي: آني غنية، وتعجبني الهدية. أي لكل ذي مقام حق. آه كلمة توجع وتضجر. ويقولون: آه منك. إذا اعيا الواحد صاحبه واقلق راحته. ويقولون آه عليك أي تأسفاً عليك. ويقال أيضاً بمعنى الاستحسان إذا غير المتلفظ بها نغمة صوته. فيكون معناها حينئذ لله درك ما أحسنك؟ آهرة عربية تصحيف عاهرة: مبنى ومعنى.

آهم أو آهن من باب المفاعلة ومعناها ظن وتوهم وتصور يقولون: لتآهم أو لتآهن أنا أروح عنده أي لا تتوهم أني اذهب إليه. آهين فارسية الأصل ويراد بها الفولاذ المصبوب وتأتى في الأغلب بمعنى الحديد المصبوب المتخذ من الرمل الحديدي. أيري تركية معناها غير أو سوى أو آخر. وتطلق على من انفرد من الناس برأيه أو بأي شيء كان. فيقولون هو آيري عن الناس أي منفرد عنهم. رزوق عيسى ملحق بألفاظ عوام العراق ذكرنا في بعض الأجزاء الماضية ما جمعه حضرة الكاتب رزوق أفندي عيسى من ألفاظ العوام ما كان مبدوءاً بالمد وقبل أن نمعن في تدوين سائر الألفاظ المبدوءة بغير المد نذكر ما فاته من تلك الألفاظ: آي كلمة صراخ المتألم أو المريض أو المتضجر. آبينة والمشهور عاينة وهي المرآة لا سيما ما يكون منها قطعاً على أشكال هندسية تجعل على الحيطان أو في السقوف لتزيينها. وقد مر الكلام عنها مراراً في هذه المجلة. فلتراجع. آتشجي الآتشجي هو الوقاد في المراكب البخارية. والكلمة تركية من آتش أي نار. والغالب في لفظ هذه الكلمة هو عطشجي تقريباً للفظ الذي لا يفهمونه من لفظ مألوف على آذانهم يعرفونه وإن كان يختلف في المعنى. آجنتة والبعض يقولون أجنطة وهو الأكثر. وقد أخذوها من الإيطالية ومعناها وكيل شركة بحرية.

آجي بادم والرواية المشهورة (عجي بضم) وهي تصحيف الأولى التي معناها في التركية (لوزمر) كلمة يراد بها نوع من الحلويات التي يدخل فيها اللوز المر. وقد يدخل فيها اللوز الحلو أيضاً. آجيو كلمة إيطالية الأصل ادخلها الترك يراد بها فرق الدراهم أو الربح على صرفها. آرسلان بمعنى الأسد فارسية تركية يستعملها بعض العراقيين ويسمون بها بعض بنيهم الذين يتوسم فيهم الشجاعة. آرش تحريف الفرنسوية ومعناها تقدم وهي كلمة يتلفظ بها الضباط لأمر جندهم بالمسير. إلا أن الجميع يستعملونها الآن بصورة (عرش) ومعناها لنسر إلى الأمام أو كما يقولون أيضا: يا لله! آرمود والغالب في لفظها (عرموط) هو الكمثرى والكلمة تركية. آزار تركية يستعملها بعضهم بمعنى الظلم أو التعدي أو الخلل مهما كان. آزوت من الإفرنجية ويستعملها من له اطلاع على الطب أو الصيدلية أو الكيمياء وكذلك ما يتفرع منها. آسايش كلمة مشهورة تركية الأصل وقد اشتهرت في العصر الحميدي لكون أصحاب الصحف كانوا مضطرين إلى استعمالها ولو كان في البلاد اعظم الفتن ومعناها الأمن والراحة. وكانوا يجعلونها في صدر كل عدد من أعداد صحف الأخبار إشارة إلى أن الأمن والراحة والطمأنينة ضاربة إطنابها في البلاد وفي قلوب العباد. وكانت تستعمل عنواناً لعبارة مفرغة يكررونها في كل عدد.

العدد 21

العدد 21 - بتاريخ: 01 - 03 - 1913 صرعى الكتب والمكتبات في العراق لا يعرف على التحقيق الزمن الأول الذي دوّنت الكتب فيه واقتناها الناس على هذه الصورة أو ما يشبهها حسب اختلاف العصور غير أنا نعلم أنه قد قارن عهد وجود الكتب وجودُ أناسٍ فتنوا بها وسحرتهم فبالغوا في جمعها وفي الضنة بها وقد تأنقوا في نسخها ووراقتها وتجليدها وتنضيدها وتحليتها بما لا مزيد فوقه. وربما كان بعض جماعة الكتب من غير قراّئها ولا من المتدبرين لها ولكنه أولع بها فوجد مع جهله لذّة في اقتنائها وارتياحاً إلى الازديادِ منها وطيب نفسِ لا للاستفادة ولكن لمجرَّد انفتاحها وانطباقها وللهو بها كما كان يفعل أحد جماعة الكتب من الفرس في النجف على عهد غير بعيد وقد كانت اليد الطولى للفرس في بث روح المغالاة بالكتب بين أهل العراق وذلك على عهد هبوطهم هذه الديار وانتيابهم إياها لطلب العلم أو للجوار وفيهم أولاد العلماء والملوك وأهل الجاهِ والثروة فحملوا إلينا خزائن الكتب من بلادهم غير ما جمعوه بعد تمكنهم في

هذه البلاد وغير ما حملَ إليهم من بلاد الهند وغيرها. هذا غير ما كان لإِيران من الفضل في طبع الكتب التي لا تقع تحت حصر من علمية على تشعب فنون العلم ودينية على اختلاف فروع الدين وكلها تحمل إلى العراق أو إلى النجف حيث اطمأَن العلم والعلماء وشيدت المدارس وأنشئت بيوت الكتب الكبيرة فاقدم إذ ذاك عامةُ الناس على ابتياعها وكان قد نبغ أثناء ذلك قوم معروفون أُولِعوا بجمع الكتب وشغفوا بحبها وبينهم فريق من أبناء الملوك والعلماء وذوو الأسر. والبيوت الأصيلة. وآخرون من الدهماء خلقوا لتصرعهم الكتب فعكفوا على نشدانها وطلبها من مظانها فتيسرَ لهم جمع ما ليس باليسير منها ومن هؤلاء من أدرّكناهم في زماننا هذا كالشيخ (الملا باقر التستري) المتوفى في النجف سنة 1329 فأنه كان مفتوناً بجمع الكتب فتنةً قلَّ أن تعهد في غيره وكان إذا قدّم إلى (معرض الكتب) في النجف كتاب مخطوط بذل النفس والنفيس في سبيله على قلة ذات يِدِهِ وربما تملق لمن ينافسه في الكتاب تملقاً لا مزيد عليه حين (المناداة) على بيعه وقد يقبل المنافسَ ويتعلق به ليتركَ لهُ طلبتهُ. قال بعضهم نافسته يوماً في كتابٍ و (المنادي) ينادي عليه فسألني تركه فما كان منه إلاَّ أن امسكني بيده قائلاً وقد تغيرَ: أَما تخشى الله؟ وله نوادر جمة في باب اقتناء الكتب وقد جاور زماناً بمكة واتصل بالشريف هناك واقتنى قسماً من كتبه المخطوطة فيها. وله إلى إيران رِحلات كان أهمَّ ما يحمله عليها جمع الآثار ولقد حصل باجتهاده على أمهات الكتب النفيسة القديمة على اختلاف موضوعاتها وقد شاهدنا بينها كتب الدين والفلسفة

والفلك والرياضيات والشعر والتاريخ والعربية وكان إذا اقتنى كتاباً كتب عليه بخط بديع (للحقير محمد الباقر) وخط معروف يشار إليه عند الصحفيين وفي أسواق الكتب ومعارضها ولما عرضت كتبه للبيع سنة 1329 وكان فيها اكثر من ألف مجلد مخطوط نودي عليها عدة أسابيع وكنت ممن يحضر المناداة فشاهدت فيما شاهدت ما يدهش المتأَمل من آثارٍ نادرة في بابها ونفائس مخطوطات قليلة الوقوع حتى في أمهات بيوت الكتب الكبيرة في العالم وذلك مثل كتاب (مشارق الأنوار) للقاضي عياض الذي كان يظن أنه أصبح أثراً بعد عين وكتاب (العين) للخليل الفراهيدي وكتاب (الزينة) لأبي حاتم وكتاب (غريب أبي عبيدة) وكتاب (طبقات القراء) وشرح (تذكرة الطوسي) في الفلك للخفري وشرحها أيضاً للسيد الشريف وقد ملكتهما و (القول المأنوس) وهو وجيز حاشيةٍ على القاموس وغير ذلك من شواذّ الأسفار الكبيرة التي لم تمثل بعد للطبع كبعض مؤلفات الثعالبي المعروف ووقفت أيضاً بين كتبه على كتاب (وفَيات الأعيان) بخط مؤلفه قاضي القضاة ابن خلكان هذا عدا ما لا اقدر أن آتي عليه في هذه العجالة وبالجملة ذهبت كتبه بثمن بخس وبيعت بصفقة خاسرة ولو نودي على هذه الكتب في أسواق الغرب لذهبت بزنتها لجيناً على أن مبتاعها غير مغبون. وممن عرف في النجف من الغلاة في اقتناء الكتب العالم المحدَث الكبير الشيخ (ميرزا حسين النوري) الطهراني المتوفى قبل اثنتي عشرة سنة تقريباً فقد كان متعلقاً بجمع المخطوطات متفانياً في إحراز

نفائس الآثار وله نوادر غريبة في هذا السبيل تدل على شديد افتتانه وعظيم بلائه بها منها أنه وجد يوماً في سوق من أسواق كربلاء كتاباً كان ينشده عند امرأة فاستباعها واستامها عليه فأرضاها ويظهر انه كان ذاهلاً لعثوره نبهاً على ضالته فأنه لما أراد إيفاءها ثمن الكتاب لم يجد عنده شيئاً ولكنه بادرَ فخلع حلةَ ثمينة كانت على متنهِ وباعها في سوقٍ كاسدةٍ بثمنٍ تافهٍ يسير واخذ الكتاب من صاحبته بهذه اللجاجة الغريبة وبالجملة كانت خزانة كتبه من احفل خزائن الكتب الكبيرة ويحكى أنه كان في جملة مخطوطاتها ألف مجلد عليها خطوط مؤلفيها وهذا مما لم يتفق حتى في خزائن كتب الملوك في القرون الأخيرة فأنا نعرف أميراً من أمراء الهند لم يجمع غير سبعمائة مجلد عليها خطوط المؤلفين وقد كان رحمه الله مصلحاً سالكاً سبيل السلف الصالح وعالماً مؤلفاً حريصاً على نشر العلم ولذلك لم يوصد باب خزانته في وجوه الطلاب ولم يمتنع أن يعير كتبه من يستفيد بها من الناس كما يفعل كثير ممن كنز الكتب وقبض عليها قبضة الشحيح وخصوصاً العامة من جماعتها فانهم لم يذوقوا لذة العلم ولا حملوا بالمعرفة ليهون عليهم بذل أسفارهم في سبيلهما وعلى العكس من ذلك رجل صرعته الكتب وهو قد رضع افاويق العلم وخلصت نيته في نشره فأنا كثيراً ما سمعنا عن السلف الصلحاء انهم حبسوا كتبهم حبساً عاماً على من ينتفع بها من الناس ويؤثر عن بعضهم قوله: أن زكاة الكتاب عاريته ويوجد اليوم في النجف من العلماء المطبوعين على حب الكتب

وتفقد الآثار الجامعين لها جماعة منهم الشيخ الفاضل الرفيع القدر الغريب الصبر والثبات (الشيخ علي) من آل كاشف الغطاء وهو الرجل الذي لا يرى إلاَّ مجدّاً في النسخ والتأليف أو عاكفاً على المطالعة أو لهجاً بجمع الكتب وذكرها يقص عليك أحاديثها ويصف لك مظانَّ وجودها ويترجم لك أحوال صرعاها وجماعتها وقد كانت نفسه الكبيرة حملته على الرحلة فجاب بلاد الفرس وبلاد الترك وبلاد مصر وسوريا والحجاز ولم تكن رحلته هذه رحلة تسلية وتفكهة لا بل كانت أشبه برحلات منتجعي العلم والرواية من السلف الصالح فأنه كان إذا حط رحلهُ في بلد وجه همه إلى زيارة معاهده العلمية والوقوف على دور كتبه المهمة هكذا كان في مصر والشام والأستانة وقد ألقن في هذه العاصمة اللغة التركية فشافه كبار ساستها وعلمائها ولم يبق فيها بيتاً من بيوت الكتب إلا زاره واستفاد منهُ وكان إذا أعجبه كتاب لم يكبر عليه نسخه واكتتابه وإن كبر كما فعل يوم كان في الأستانة فانه أنتسخ فيها لنفسه بنفسه أسفاراً جمة منها كتاب (شرح أبي تمام على مهاجاة جرير والأخطل) وقد وجده منتسخاً بالخط المغربي القديم وهو خط معمي يجهل المشارقة تهجئته فعكف أياماً على تفهمه ومحاكاته بقلمه حتى أتقنه فلم يصعب عليه بعد ذلك أنتساخ الكتاب ونسخ أيضاً ديواني (مهيار) و (كشاجم) ولم يكونا يومئذ مطبوعين وبفضله طبع الأخير على نسخته التي أنتسخها لنفسه وهمته في الصبر على الكتابة مشهودة حتى أنه تناول كتاب (آمالي القاليّ) قبل طبعه وعكف على نسخه في عدة أسابيع وكان الوباء منتشراً حيث أقام فلم يعقه ذلك عن مقصده

ومما نسخه لنفسه كتاب (نسمة السحر في من تشيع وشعر) وهو كتاب نادر الوجود قل من سمع به ونسخ كتاب (رسائل ابن العميد) الكاتب المعروف وهو يقع في مجلدٍ ضخم ونسخ غير ما رأَيت بهمة غريبة وجد متواصل حتى أنه لو اقتصر على ما ورقّه بيده لحصل على خزانة كتب حافلة لكنه لم يقتصر على ذلك واخذ يتطلب الكتب النادرة ويبتاعها وساعده على نجاح قصده تجواله في البلاد فاشترى من الأستانة وغيرها من البلاد التي عرج عليها كتباً نفيسةً مخطوطة ومطبوعة فاجتمعت له خزانة كتب لا تزال من أمهات خزائن الكتب العربية وفيها المخطوطات الكثيرة في كثير من الفنون وبعض نسخها قل أن يعرف لها ثانٍ مثل ديوان الشاعر المشهور (الحسين بن الحجاج) العراقي صاحب الدعابة والمجون ومثل كتاب (الطراز) في اللغة للسيد علي خان الأديب المعروف صاحب سلافة العصر وأنوار الربيع وديوان (مهيار) الديلمي تاماً أو قريباً من التمام وديوان السيد الشريف المرتضى وعشرات من أسفار العلم والأدب الشاذة سلف ذكر بعضها ثم أنه لم يقف عند جمع الكتب والتقاط آثارها أو أنتساخها بقلمه فعكف على الكتابة في الأدب والتأليف فيه وقد نجز إلى الآن من مؤلفاته كتاب (فصل الخطاب في الكتابة والكاتب والكتاب) مخطوطاً في مجلدين ضخمين وهو كتاب جامع لم يسبق مؤلف إلى إفراغه بهذا القالب البديع وقد استعان على تأليفه بما وفق لجمعه ونسخه من الكتب وبما حدث على عهده أو ما قبله بقليل مما يدخل في موضوع كتابه وقد ملحه بشذرات من الكتب العلمية الحديثة فجاء كتاباً ممتعاً جامعاً لفنون المعاني حافلاً بضروب المقاصد وقد استمالني منه فصل معجب جاء

المؤلف فيه على وصف دور الكتب التي وقف عليها أو انتهى إليه وصفها سواء كانت في بلاد العراق بلاده أو في غيرها من البلاد التي جابها في رحلته وقد كان بودنا أن ننقل هذا الفصل عن هذا الكتاب لمكان مناسبته لموضوع المقالة لولا أنّ ضيق نطاق الوقت حال دون ذلك ونحن إذا عنت الفرص فاعلون. ومن مؤلفات هذا الشيخ الكبيرة التي وقف لها حياته كتاب (طبقات الشيعة) على اختلاف الصور وعلى تباين الأحوال فمن طبقات رواتهم ومحدثيهم وحملة أخبارهم إلى طبقات علمائهم وكتابهم وشعرائهم وطبقات ملوكهم ووزرائهم وأمرائهم وقد نجز إلى الآن قسم كبير منه يقع في عدة مجلدات وهو دائب السعي وراء إتمامه متصل الاجتهاد في سبيل إنجازه وإذا تم كان أكبر خدمة لهذه الطائفة الإسلامية العظيمة الشان التي قلما انصرف رجالها وخصوصاً المتأخرين منهم إلى وجوه التاريخ وتدوين آثار أسلافهم ومعاصريهم انصراف أهل السنة من إخوانهم المتقدمين والمتأخرين وبالجملة أن حياة هذا الرجل حياة جدٍ وعمل متصلين ونعمت الحياة. ومن صرعى الكتب في النجف اليوم الشيخ (محمد علي الخونساري) فأنه مبالغ في اقتناء الكتب وخصوصاً النادر منها وقد جمع عدداً غير يسير منها ومن مخطوطاته قسم كبير في الفلسفة القديمة ومنهم السيد (محمد) اليزدي فأن لديه خزانة كتب خطيرة حوت كثيراً من الأمهات مثل كتاب (غريب أبي عبيدة) مخطوطاً في القرن الخامس على ما أظن وكتاب (المجمل) في اللغة لابن فارس وغيرهما كثير. ومن عشاق الكتب في العراق وجماعيها السيد (حسن صدر الدين

طيزناباذ القديمة

العاملي) العالم المعروف في الكاظمية فقد انشأ له طلبه الحثيث لها خزانة كتب مهمة بينها قسم كبير من الآثار النادرة ككتاب (العين) وكتاب (الجمهرة) لابن دريد فيها وكتاب (طبقات القراء) ولا نعرف لمن هو فقد ألف جماعة من العلماء في هذا الباب وفيها غير ذلك من نفائس المخطوطات والرجل ممن اشتهر بالتأليف وقد نجز إلى الآن على يده كتاب (تأسيس الشيعة) وهو كتاب تاريخي أدبي جم الفائدة بعثت صاحبه الغيرة على الطائفة فألف كتاباً دَل به على سبقها الفرق الإسلامية في التأليف وانبعاثها قبلها إلى تأسيس العلوم والفنون ولا يزال كتابه هذا مخطوطاً ويسعى مؤلفه طبع كتاب (المجازات النبوية) للسيد الراضي في بغداد سنة 1329 وللسيد هذا غير ذلك الكتاب مؤلفات في الموضوعات الدينية والتاريخية ويوجد اليوم في هذه البلاد رجال آخرون من صرعى الكتب لم نذكرهم لضيق المجال النجف: محمد رضا الشبيبي طيزناباذ القديمة 1 - تمهيد البحث تقدم القول عن موقع أطلال طيزناباذ في الزمن الحالي وآراء الباحثين ممن اشتهروا بطول الباع وبعد النظر في المسائل الأثرية فيما كان لهذه المدينة القديمة العهد في القرن الماضي من الآثار الخطيرة المؤيدة لحدودها والناطقة بخطورة شأنها هذا بعد أن أشبعنا تلك الأقاويل حججاً دامغة. وبراهين قاطعة وهل هناك أدلة وإمارات اقطع من تلك الأدلة والإمارات، لأن بعدها

عن القادسية، وتوسطها حافة طريق الحجاج من البراهين التي لا تحتمل النقض، هذا فضلا عما رأيناه هناك من الدوارس والأطلال التي أثبتنا وصفها في رسالتنا السابقة، بقي علينا هنا أن نأتي على ما كان في القرون الخالية، والعصور الغابرة من العز والسؤدد وما بلغته من العمران والتقدم ذلك مع الالماع إلى ما قاله شعراء العرب فيها، وتدوين نبذٍ صغيرة من تاريخها المتفرق أيدي سبا في بطون الدفاتر معتمدين في ذلك على اصدق الكتب التاريخية واصح الروايات، وأوثق المصادر وعلى ذلك نقول: 2 - مؤسس طيزناباذ ونبذ من أخباره لا يختلف اثنان في مؤسس طيزناباذ هو الضيزن بن معاوية بن العبيد السليحي واسم سليح عمر بن طريف بن عمران بن الحاف بن قضاعة - نقلاً عن البلاذري ص 284 - وقيل غير ذلك وقد اختلف في نسبه وهو المعروف عند الجرامقة بالساطرون، وضيزناباذ منسوبة إليه، وهي مركبة من كلمتين الأولى (ضيزن) وهو اسم هذا الأمير والثانية (اباذ) وهي كلمة فارسية معناها (العمارة) أي (عمارة الضيزن) وكانت العرب تتلفظ بها بالضاد، إلا أنه لما غلبت الفارسية ضرتها العربية في هذه الأرجاء وكانت الفارسية خالية من الضاد تكلموا بها بالطاء فاشتهرت بها، وكان الضيزن ملكاً من ملوك العرب المعاصرين لسابور ذي الأكتاف ملك الفرس، وكان ذا هيبة ووقار وسطوة تخشى بأُسه اقيال العرب وملوكها، وكانوا يهادونه ويسالمونه خوفاً من بطشه، وهرباً من سيطرته، وكان قد ملك الجزيرة إلى الشام وأخضعها لسلطانه ومما يشهد على ذلك التاريخ، فأن سابور عدو العرب لما سمع

بما وصل إليه ملوكها من العز والسطوة آلى على نفسه أن يذله فسار إلى بلاد الجزيرة حتى وصل الحضر، وكان الضيزن كثير الجنود مهادناً للروم متحيزاً إليهم يغير رجاله على العراق والسواد، فكانت في نفس سابور عليه فلما نزل الحضر تحصن الضيزن في الحصن فأقام عليه سابور شهراً لا يجد إلى فتحه سبيلاً ولا يتأتى له في دخوله حيلة، فنظرت النضيرة بنت الضيزن يوماً وقد أشرفت على الحصن إلى سابور فهويته وأعجبها جماله وكان من اجمل الناس وأمدهم قامة، فأرسلت إليه إِن أنت ضمنت لي أن تتزوجني وتفضلني على نسائك دللتك على فتح هذا الحصن فضمن لها ذلك، فأرسلت إليه ايتِ الثرثار وهو نهر في أعلاه فانثر فيه تبناً ثم أتبعه فانظر أين يدخل فادخل الرجال منه، فأن ذلك المكان يفضي إلى الحصن ففعل ذلك سابور فلم يشعر أهل الحصن إلا وأصحاب سابور معهم في الحصن، وقد عمدت النضيرة فسقت أباها الخمر حتى أسكرته طمعاً في تزويج سابور إياها وأمر سابور بهدم الحصن بعد أن قتل الضيزن وكان ذلك بين سنة 336 و338 بعد الميلاد، وقد اكثر الشعراء من ذكر الضيزن وحصنه الحضر وخيانة ابنته النضيرة وزوال ملكه في الكتب التي نشير إليها بعيد هذا. 3 - تصحيف الكتاب لاسمها طيزناباذ بفتح الطاء المهملة وسكون الياء وراءها زاء معجمة مفتوحة يليها نون وبعدها ألف ثم باء يليها ألف ثم ذال معجمة كذا ضبطها ابن خرداذبه والطبري وابن الأثير وقد صحفها غيرهم تصحيفاً مشيناً، وضبطوها بكسر الطاء كما نبه عليه ياقوت، والأفصح الفتح تقريباً للاسم من اصله المفتوح الأول

على رواية جميع اللغويين؛ ولعل النساخ هم الذين صحفوها لأنها كلمة أعجمية وقد صح ما قيل فيهم - الناسخ ماسخ - فقد وردت في كتاب البلاذري صفحة 255 و274 وغيرها من الطبعة الإفرنجية بكسر الطاء والأصح بالفتح وجاءت في الأغاني 9 - 93 و2 - 133 باسم طيرناباذ؛ وجاءت مصحفة في بعض نسخ البلاذري بصورة طبرناباذ بالباء الموحدة في الأول، وجاءت في تاريخ ابن دحلان 1 - 73 (طبع مصر) باسم طرناباذ؛ وإذا أردنا أن نتتبع كل التصحيفات التي وردت في هذا الصدد يطول بنا الكلام ولهذا نجتزئ بما ذكرناه. 4 - ذكرها في مؤلفات العرب لم تكن طيزناباذ مدينة خاملة الذكر بل كانت مدينة شهيرة عريقة في القدم، والذي أذاع صيتها فطبق الخافقين طيب هوائها؛ وحسن مناخها؛ وجودة شرابها حتى أنه كان يوصف كالقطربلي؛ ولهذا كانت ملوك الفرس الأقدمين، وأمراء المسلمين من بعدهم يتخذونها دار نزهة أو مصيفاً يقضون فيها أيام الفراغ في اللهو واللعب والتمتع بالملذات، وكانت في الزمن الخالي ذات أشجار فنواء؛ ونخيل حسناء؛ ورياض غناء، وجنائن فيحاء، تخرقها الأنهار من كل البقاع تحمل إليها من الفرات؛ وقد ورد ذكرها في أشعار العرب ودواوينهم؛ فوصفوها وصفاً دقيقاً؛ وكانت آثارها قد عفت منذ عهد ياقوت الحموي إذ يقول في معجمه: وهي الآن خراب لم يبق بها إلا اثر قباب يسمونها (قباب أبي نواس) واليها أشار في قوله: قالوا تنسك بعد الحج قلت لهم ... أرجو الإله وأخشى طيزناباذا

أخشى قُضيب كرم أن ينازعني ... رأس الخطام إذا أسرعت اغذاذا فإن سلمت وما نفسي على تقة ... من السلامة لم اسلم ببغذاذا ما ابعد الرشد ممن قد تضمنه ... قطر بل فقري بِنا فكلواذا هذا وقد ورد ذكرها في عدة مؤلفات من أسفار العرب من ذلك في معجم ياقوت 79: 3 من طبع مصر أو 569: 3 من طبع الإفرنج؛ وفي مراصد الاطلاع انظر مادة (طيزناباذ) والبلاذري في صفحة 255 و274 و284 من الطبعة الإفرنجية؛ وتاريخ الطبري 2264: 1 و2855 و718: 2 من الطبع الإفرنجي؛ والأغاني 93: 9 و133: 2 من الطبعة المصرية والكامل لابن الأثير 357: 1 من طبع الإفرنج و178: 2 من طبع مصر؛ وابن خرداذبة في ص 11 وابن الفقيه ص 183 وكلاهما من طبع الإفرنج. 5 - تاريخ وقائعها وسقوطها لم تقع على تاريخ بناء هذه المدينة ولكن يمكننا أن نقول أن التواريخ أثبتت أن سابور ذا الأكتاف قتل الضيزن ما بين سنة 336 و328 بعد الميلاد، فإذا فرضنا أنها تأسست قبل هذه الحادثة بأقل من نصف قرن فتكون. قد بنيت قبل ستة عشر قرناً، وكانت طيزناباذ في ذلك العهد إحدى المدن الفخيمة الجليلة القدر وما زالت كذلك حتى الفتح الإسلامي؛ وكان الفرس قد عرفوا حسن موقعها الحربي والسياسي ولهذا اتخذها رستم قائد الفرس الكبير في حرب القادسية مباءة لعسكره؛ ولما اندحر الفرس في تلك الحرب؛ وتشتت شملهم وسقطت بأيدي المسلمين سنة 15هـ - 636م مع ما سقط من مدن الفرس وحواضرهم أخذت منذ ذلك الحين تسير نحو التأخر؛ وفي زمان خلافة عثمان

أبو الفتوح الشيخ إبراهيم السويدي

بن عفان اقطعت الأشعث بن قيس الكندي؛ وكان لمحمد بن الأشعث فيها قصر فخيم على عهد الدولة الأموية؛ وبقيت كذلك وهي تقارع الدهر والدهر يقارعها؛ تارة تغلبه؛ وأخرى يغلبها؛ حتى أدركت في أواخر عمرها أوائل الدولة العباسية؛ فتوالت عليها المصائب في أواسط الدولة العباسية وما زالت في نزاع واحتضار حتى فاضت نفسها وأصبحت أثراً بعد عين في القرن الرابع للهجرة؛ فبعثت يد الزمان برسومها ولم يبق منها اليوم إلا تلك الأطلال الدارسة؛ والآثار الطامسة التي أشرنا إليها في النبذة السابقة؛ ومع ذلك فإن تلك الأنقاض تنطق بما كان لها في العهد العهيد من الشان الخطير والعمران الذي ليس له نظير، وربك على كل شيء قدير. إبراهيم حلمي أبو الفتوح الشيخ إبراهيم السويدي - هو أبو الفتوح إبراهيم بن الشيخ عبد الله السويدي أخو الشيخ المتقدم ذكره ولد في بغداد سنة 1146هـ - 1733م واخذ العلم عن والده وعن الشيخ فصيح الهندي وغيره قال عثمان أفندي العمري في كتابه الروض النضر ما نصه: (. . هو ذو الأدب الجسيم والكمال الرائق الذي يهزأ بالنسيم. . . نارت به نجوم الفضائل وشموسها ودانت لمعاليه أرواحها ونفوسها. . . فمما أثبتت له الأيام قوله هذين البيتين وقد أرسلهما إلي على ظهر كتاب). ذا شريف بلثم أقدام من قد ... فاق الأقران بالتقى عثمانا فهو كالجلد بالتفرد نذل ... وشريف إن صاحب القرآنا

وسافر إلى بلاد الهند وجعلها دار أقامته إلى أن توفي فيها وله من الكتب كتاب البدائع في الأدب ورسائل في الحديث. 5 - أخوه أبو المحامد الشيخ احمد السويدي - هو أبو المحامد احمد بن عبد الله السويدي ولد في بغداد سنة 1153هـ - 1740م واخذ العلم عن والده والشيخ فصيح الهندي والشيخ عبد الله الهيتي والشيخ محمود الكردي وغيرهم. كان كثير الحياء سالكاً طريق السلف رادعاً لأهل البدع والرياء له من الكتب كتاب الصاعقة المحرقة في الرد على أهل الزندقة وشرح بانت سعاد وحاشية على شرح الأزهرية ورسالة لطيفة في علم التصوف وله شعر ونثر فمن شعره في وصف أيام الربيع. هذا الحمى برجاله ونسائه ... وربيعه وعبيره وسنائه قم فاجتلِ زهر السرور بروضه ... وأفض علينا الراح بين فضائه فالدهر يرفل في مروط زبرجد ... والغيم مد عليه فضل ردائه والطل يقطر في الرياض دموعه ... والروض يضحك في خلال بكائه ومنه قوله الليل والكواكب من قصيدة يمدح بها النبي (صلى الله عليه وسلم) لقد جد وجدي يا سعاد فاسعدي ... وطالت عهودي بالوصال فجددي فللله كم من ليلة نابغية ... بها بت ذا سهد بليلة انقد كأَن نجوم الأفق سمط وبعضه ... نضيد ومنه البعض غير منضد كان ضياء البدر عند مغيبه ... على الأرض سحق من قراضة عسجد كان الدجى مذجن واسود جنحه ... على ساحة الغبراء عثير أثمد

كان مبادي الصبح والليل حالك ... بشارة عيسى للأنام بأحمد وقد توفي في بغداد سنة 1210هـ - 1795م ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي. 6 - أبو المعالي الشيخ علي السويدي - هو أبو المعالي علي بن محمد سعيد بن عبد الله السويدي كان اعلم أهل زمانه بالحديث وسائر العلوم وكان يحفظ عشرين ألف حديث من كتب الصحاح الستة وكان خطيباً مصقعاً قال الشهاب الالوسي في (غرائب الاغتراب) (والمجموعة الوسطى) (. . . كان الشيخ المشار إليه. . . لأهل السنة برهاناً وللعلماء المحدثين سلطاناً ما رأَيت اكثر منه حفظاً ولا أعذب منه لفظاً ولا احسن منه وعظاً ولا افصح منه لساناً ولا أوضح منه بياناً. . . ولا أكبر منه بمعرفة الرجال علماً. . . ولقد مضت لي معه أيام كرعت فيها من حميا مجالسه أهنا مدام. . . وقد كان في مبدأ طلبي وأوان صلاحيتي لمجالسة أمثاله. . . قاطناً في دمشق الشام. . . وكانت تفد أخباره على مسامعي حتى لقيته. . . وقرأُت عليه نخبة شرح الفكر في مصطلح أهل الأثر. . . ونال مزيد القرب عند الوزير سليمان باشا الصغير حتى انه لم يصدر إلاَّ عن رأُيه ويرى إرشاد غيره عين غيه فلم يتغير عن أخلاقه الحسان وحسن معاملته للعوام والأقران. . . ثم انه لم يبق إلاَّ القليل حتى عزم على الرحيل وقصد الرجوع إلى الشام. . . فلم تمض مدة حتى قطفت يد الأجل نواره وأطفأت ريح المنية أنواره فتوفي ليلة الخميس 27 رجب سنة 1237هـ - 1821م. .

ثم غسل وكفن وبقي إلى الصباح فصلي عليه ودفن في سفح جبل قاسيون. . . اهـ قد رثاه جماعة من فضلاء زمانه منهم ابن عمه الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ احمد وقد أرخ وفاته بقوله منها: مذ وسد اللحد نادانا مؤرخه ... أن المدارس تبكي عند فقد علي ومنهم الشيخ علي الأمين رثاه بقصيدة رنانة عدد أبياتها 41 بيتاً والشيخ علي المكي بقصيدة عدد أبياتها 29 بيتاً وغيرهم وقد اخذ العلم عن والده وعن عمه الشيخ عبد الرحمن وعليه تخرج وله من الكتب العقد الثمين في العقائد وقد طبع في مصر سنة 1325هـ وذخر المعاد في معارضة بانت سعاد تخميس قصيدة البوصيري مطلعها (يا غافلاً عزه وعد وتسويل) وشرح المناوي الصغير ورسالة في الحضاب ورسالة لطيفة في شرح قول بعض الآجلة (طه النبي تكونت من نوره ... كل البرية ثم لو ترك القطا) وله نظم رقيق ونثر بليغ فمن شعره وقوله في وصف أهل زمانه. يا نفس كم لا تعبئين بحال ... هلا اتعظت بفرقة الأمثال هذا الشباب تصرمت أيامه ... واتى المشيب يميل للترحال ذهب الزمان بأهله وتخلفت ... إخلاف سوء عادمو أفضال بئس الخلائف هم ولا ذكرى لهم ... أشباح أهواء ومحض خيال أخلاقهم نقض العهود ودأُبهم ... خلف الوعود وزخرف الأقوال لا يعرفون وداد من صافاهم ... ويرون ذلك شعبةً لضلال

بلد البوعينين

وأما نثره فقد قال فيه الشهاب الالوسي في (المجموعة الوسطى) ما نصه (. . . فهو مما تتمنى النجوم أن تنظم في سلكه ولكن لم يحفظ منه إلا القليل منها مقامة بليغة أنشأها في تحكيم العقل بينه وبين نفسه مقدار نصف كراسة. . .) وقد أعقب أربعة أولاد وهم الشيخ محمد أمين والملا صالح وإسماعيل ومحمود ولم نعثر على تاريخ ولادته رحمه الله رحمة الأبرار كاظم الدجيلي بلد البوعينين - جاء في الجزء السابع من مجلة لغة العرب (320: 2) ذكر بلد البوعينين من الديار التي فيها غواصون. فسألني غير واحد عن السبب الذي سميت بهذا الاسم والى من تنسب ومن هو هذا البوعينين ولماذا سمي بهذا الاسم. فكتبت هذه الأسطر لطب الأدباء المذكورين فأقول: سميت بلدة البوعينين بهذا الاسم لأن أول من احتل تلك الأرض رجل من العرب كان يعرف بالبوعينين. وكان ذا شدة وبأس وصولة ومراس كان يطوي بساط أيامه في نحو سنة 1200هـ - 1785م. وكان هذا الرجل على ما نقل من الأخبار أعمى. وقد قيل في سبب عماه أخبار مختلفة ترجع إلى ثلاثة وهي ذهب بعضهم إلى انهم سمي بذلك لكونه ولد اكمه أي ولد أعمى العينين. وقال آخرون كان له عينان أخريان فوق العينين الطبيعيتين لكنه ما كان يبصر بهما. والإشارة في قولهم البوعينين أي ذي عينين هي إلى هاتين الباصرتين الزائدتين. وهذا ليس ببعيد فقد ذكر التاريخ مثل هذه الصورة الشاذة. والرأي الثالث وهو الأصح الأقرب إلى الصواب وهو المشهور كل الشهرة على الألسنة هو أن الرجل المذكور ولد بصيراً لكن سملهما أي فقأهما بحديدة محماة أحد أمراء العرب نكاية وتنكيلاً به، أو تعذيباً وانتقاماً. وذلك بعد أن قتل أبويه وإخوانه

فاستحياه لهذه الغاية القاسية الظالمة. ثم دالت الأيام فتقهقرت تلك الأمارة العربية فأصبح تابعوها أشبه بملوك الطوائف. ولكل أمير ملك لا يتجاوز ما يجاوره من الأرضين. أما رؤساء العشائر والقبائل وما هم من قبيلهم فأنهم كانوا كالفوضى إلى أن ظهرت أمارة محمد بن الرشيد في السنين الأخيرة وحينئذ تغيرت البلاد. وإن كان حكم هذا الأمير لم يعم الجزيرة كلها كما سنذكره في غير هذا الموطن إن ساعدت الفرص. وبعد أن تقلص ظل سطوة تلك الأمارة أصبح البوعينين كبيراً في قومه نافذ الكلمة موفقاً في أعماله وسياسته أما عشيرته فكانت فخذاً من أفخاذ قبائل العجمان التي تقطن في قطر. وقد جرت في أيامه محاربات جمة شديدة توفق فيها وحاز النصر على العشائر الأخرى التي كانت تناوئه. ومنذ ذاك الحين أصبح بعيد الأمر والنهي نافذ الكلمة وكان له سفن يغزو بها في خليج فارس. ويتعرض دائماً للسفن التجارية فكان كأنه هو وأصحابه من القوم المعروفين بالقرصان أي غزاة البحر. وفضلاً عن ذلك كان لعشيرته من الصولة في البر ما لا مثيل لها في تلك الأنحاء. واتفق له ذات مرة أنه بينما كان يغزو في سفينته وهو في الخليج إذ أحاط به العدو إحاطة السوار بالمعصم ولم يتمكن من الفرار لخلو ريح موافقة تسير سفينته فلما رأى عدوه على قاب قوسين منه وأن لا مناص من الهلاك وأنه واقع في قبضة العدو لا محالة عمد إلى الذخيرة فأطلق عليها النار وكانت المؤونة في السفينة التي كان فيها فاندلع لسان اللهب إلى السفينة كلها واحرقها واحرق جميع السفن التي كانت وما عتمت أن أصبحت بعد هنيهة رماداً تذره الريح أو فحماً طاف على وجه الماء. ولم ينل عدوه منه مأرباً. كانت هذه النكبة من اشد النكبات على هذه العشيرة فأفقرتها فاضطرت إلى أن تقيم في قطر وتتعيش كما تتعيش سائر العشائر أي بالكد والكدح إلى أن نجمت أمارة (آل ثاني) في قطر فخضعت تلك العشيرة المرزوءة للشيخ قاسم بن ثاني أمير قطر الحالي. وكان عددها قليلاً لا يزيد على 400 رجل على الأكثر.

الضرب على النحاس في أبان الخسوف

ولما قتل الشيخ احمد بن ثاني سنة 1323هـ - 1905م في أثناء القنص وكان سبب قتله ظنه في الأسرة نفسها وكان الشيخ القتيل يستوفي هو بذاته زكاة العشيرة إذ كانت من جملة العشائر الخاضعة له لم تحد عن خضوعها للشيخ الذي وليه بل ثبتت منقادة له بينما كانت تستطيع أن تفلت من أيديه. إلا أنه وقع في سنة 1328 حادث أوجب الشيخ أن يؤدب العشيرة (هكذا روى الخبر) فكان من نتيجة ذلك أن أمر بزيادة الزكاة أو الرسوم المضروبة هناك. فضجرت العشيرة من تلك المعاملة وظعنت إلى (الجبيل) (بالتصغير) وهي جزيرة أو شبه جزيرة قريبة من قطر لا تبعد كثيراً عن البحرين وهي على بعد بضع ساعات من كلا البلدين. وقد آلو على أنفسهم أن يعتمدوا عليها وينشئوا بين ظهرانيهم أمارة يقلدون أمرها أميراً يدبرهم ويكون سيدهم ويجعلون بيديه الحل والربط ففعلوا. ثم اخذوا يعنون بشؤون المعيشة بحيث أنهم يستغنون عمن ليس من قومهم فجمعوا أموالهم وسفنهم والتف بعضهم على بعض وتكاتفوا كل التكاتف فكان مجموع سفنهم في عام أول مائة. ولا يخفى أن في السنة الماضية قد عالج الغياصة من لم يزاولها إلى ذلك العهد. فانهال عليها العرب من كل حدب وصوب أي من الاحساء ونجد والعارض والقصيم. فضلا عن الزبير والبصرة فإن غاصتها زادوا عدداً عن السنين السابقة حتى أن من ينعم النظر في عدد الغواص وعدد سفنهم لا يصدق بما يقال. على أن الحقيقة هي كما تسمع بها هذا ما اعرفه عن بلدة البوعينين وعن منشئها وأخبارها وعن مبدأ أمر القبيلة وعسى أني لم أخطئ في ما ذكرته والله اعلم. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض الضرب على النحاس في أبان الخسوف الضرب على الطاسات عادة قديمة في العراق ولا سيما في ديار فارس. وقد

أنكر بعض كتاب مجلة لغة العرب نسبة هذه العادة إلى حادث تاريخي فجئت بهذه الأسطر أؤيد ما كتبته سابقاً في هذا المعنى (311: 2) نقلاً عن الكتبة الأقدمين وهو ما أشرت إليه بوجه الأجمال هناك فأقول: ذكر المولى محمد المحبي صاحب خلاصة الأثر، في أعيان القرن الحادي عشر، في الجزء الثالث من تصنيفه في ترجمة ابن الصغير عمر بن محمد ما انشد إليه البديعي قوله:. . . دقوا بطاساتهم لما رأوه بدا ... توهما أن بدر التم قد كفا قال: وهو معنى حسن تصرف فيه واصله ما اشتهر في بلاد العجم أن القمر إذا خسف يضربون على الطاسات وباقي النحاس حتى يرتفع الصوت زاعمين بذلك أنه يكون سبباً لجلاء الخسوف وظهور الضوء هكذا قاله بعض الأدباء والذي يعول عليه في اصله أن هلاكو لما قبض على النصير الطوسي وأمر بقتله لأخباره ببعض المغيبات قال له النصير: في الليلة الفلانية، في الوقت الفلاني، يخسف القمر. فقال هلاكو: احبسوه إن صدق أطلقناه واحسنا إليه وإن كذب قتلناه فحبس إلى الليلة المذكورة. فخسف القمر خسوفا بالغاً. وأتفق أن هلاكو غلب عليه السكر تلك الليلة فنام ولم يجسر أحد على إيقاظه. فقيل للنصير ذلك. فقال: إن لم ير القمر بعينيه أصبح مقتولاً لا محالة وفكر ساعة ثم قال للمغول: دقوا على الطاسات وإلا يذهب قمركم إلى القيامة فشرع كل واحد يدق على طاسه فعظمت الغوغاء فانتبه هلاكو بهذه الحيلة ورأى القمر قد خسف فصدقه وبقي ذلك إلى يومنا هذا. المراد من إيراده وهناك ذكر شاهد آخر يؤيد هذا الخبر لا محل لإيراده هنا. وفي روضة الصفا التاريخ الفارسي في ذكر فتح هلاكو بغداد ما يقرب من هذه الحكاية. قلنا: وأنت تعلم أن نصير الدين الطوسي توفي في مراغة سنة 675هـ - 1276م وتوفي هولاكو سنة 664هـ - 1265م فتكون العادة إذاً قديمة. وفي ديوان أبي بكر العمري ذكر خبر يؤيد وجود مثل هذه العادة في دمشق الشام وقد ارتجل أحدهم أبياتاً منها هذا البيت:

الكوفية

عادة البدر يتجلى ليلة الخس ... ف بدق النحاس دفاً عنيفا وفي كتابات الثعالبي ص 28 من طبع مطبعة السعادة إشارة إلى تلك أيضاً. ومثل ذلك في كتاب حاضر المصريين أو سر تأخرهم في حاشية ص 218 ولو استقرينا كلما جاء في هذا المعنى لقام بين يدينا كتاب قائم برأسه. وكفى بما ذكرناه شهيداً على ما أردناه. النجف: عرقي الكوفيّة أو الكفية وأنواعها واستعمالها مر الكلام عن أن العرقجين (العرقية) يوضع تحت الفينة (الطربوش) أو تحت الكفية (الكوفية) وقد ذكرنا كلا من العرقية والطربوش بقي علينا الكلام عن الكوفية فنقول: أهل العراق لا يعرفون الكوفية إلا بالكفية بدون واوٍ بضم الكاف وتشديد الفاء المكسورة والياء المشددة المفتوحة وهاء في الآخر. وهي لفظة منسوبة إلى الكفة لا إلى الكوفة. والكفة عندهم كل ما استطال ويقولون أيضاً كف الثوب كفاً: إذا تركه بلا هدب. وكلا هذين المعنيين فصيح معروف. ومعلوم أن أهل البادية يلفظون الكاف جيماً مثلثة فارسية فيقولون فيها الجفية. واللفظة الفصيحة المشهورة هي الكوفية بواوٍ. قال صاحب التاج: الكوفية: (ما يلبس على الرأس سميت لاستدارتها) ولم يزد على هذا القدر. وقد ذهب آخرون إلى أن الكوفية مشتقة من الكوفة. ونسبت إليها لأن سكان هذه المدينة كانوا يلبسونها منذ الأزمان القديمة فنسبت إلى بلدتهم. ولعل الأصح أنها رومية الأصل (أي لاتينية مولدة أو -) لأن الاروام هم أول من ادخلها ديار الشام ومنها انتشرت في سائر ربوع العرب. وهي بلسانهم: أو وقد اشتقوها من كوفة أو كفة أي القدح أو الصحفة أو القصعة وكل منها لا يكون إلا مستديراً وقد وردت هذه الكلمة بهذا المعنى على قلم فرننانس الأسقف المتوفى سنة 600 للمسيح أي المتوفى باثنتين وعشرين سنة قبل ظهور الإسلام.

وصاحب التاج لم يصفها لشهرتها بين العرب. ودونك وصفها: كفة مربعة أو تكاد، تطوي على نفسها فيخالف بين زواياها معطوفة إحداها على الأخرى كما يفعل في الوشاح وتلبس فوق الرأس بأن تلقى عليه فيجعل طرفها السائب على الظهر ويقع طرفاها الآخران على الصفحتين اليمنى واليسرى يفعلون ذلك ليتقوا الشمس أو طوارئ الجو وتثبت بواسطة رباط متين كالحبل يعرف عندهم بالعقال. وقد تكون الكوفية من خام أو حرير أو قز أو من نحوها وهي إذا طويت على نفسها يحصل من شكلها مثلث. وإذا كانت من الخام الأبيض سماها أهل بادية العراق (بالحلالية) وبالقزية (أو الجزية محرف القزية) إن كانت من ابريسم والنجديون يعرفون الكوفية باسم (المحرمة) إذا كانت غير بيضاء وإلا فهي (الغترة) (بكسر الأول) وحضريو بغداد ولا سيما نصاراها يريدون بالكوفية المشوش أي المنديل الذي يتمسح به أو يمخط فيه. وذلك لأن الأعراب يمتشون بأحد طرفيها. ولأن أهل المدن استعملوا تلك الكوفية نفسها للمش لا لستر الرأس إذ يستعملون بدلها العمامة. فبقي اسم الشيء عليه وإن تحول استعماله لأمر آخر لأن التسمية هنا واقعة على المادة لا على سواها. كما أن أهل الشام يريدون بالمحرمة ما يريده البغداديون بالكوفية للسبب المذكور. وأما أهل تونس وما يجاورها فيريدون بالكوفية ضرباً من الكلوتة أو العرقية تكون مطرزة: وتجمع الكوفية على كوافي (بتشديد الياء) والعراقيون يقولون كفافي ويقال فيهما كوفيات وكفيات أيضاً وكلاهما مقبول مأنوس. وقد ذكرت لفظة كوفية في كتاب ألف ليلة وليلة في عدة مواطن. وكانت النساء يومئذ يلبسنها. من ذلك قول المؤلف: خلعت بعض ثيابها وقعدت في قميص رفيع وكوفية حرير. وقوله: كوفيه بألف دينار. وقوله: على رأسها كوفية دق المطرقة مكللة بالفصوص المثمنة. وقوله: فوق رأسها كوفية مطرزة بالذهب مرصعة بالجواهر.

وممن ذكر الكوفية النويري في تاريخ مصر وكان السلاطين المماليك يتخذونها وقد وردت في جميع كتب السواح الإفرنج الذين جابوا ديار العرب والعراق وبعض ربوع الشام منذ ثلاثة قرون فما دون لكنها لم ترد بهذا اللفظ في كتب العرب الأقدمين. والظاهر انهم كانوا يستغنون عن هذا الاسم بآخر كالعمامة والعمار والعميرة والعصابة ونحوها لأن الكوفية من لوازم العميرة. وأما الحلالية فأنها مضافة إلى الحلال. كان لونها الأبيض ومادتها المتخذة منها وهي القطن تحل لأن تكون عمرة لجميع الناس بخلاف ما لو كانت من حرير أو لونها أخضر أو أزرق فأنها لا تحل إلا لبعض طبقات الناس. وأما الغترة بكسر وسكون فان اصلها الغثراء على ما نظن. والغثراء ما كثر زئبره من الأكسية والقطائف ونحوها. ولما كانت الكوفية تتخذ عندهم من الأنسجة الكثيرة الزئبر سميت باسمها. وقد تختلف ألوان الكوافي باختلاف لون الثوب الأصلي. ولهذا لا ينظر إلى اللون وهي تكون في الغالب حمراء أو زرقاء أو رمداء أو أن تكون رقعة الثوب بيضاء وما عليها من النقوش زرقاء أو حمراء. ويكون في أطرافها أهداب طوية يعقدها البعض عقداً مختلفة الشكل أو يحبكونها حبكاً على أوضاع غريبة والأكابر يتخذون الكوفيات من الابريسم أو الحرير الذي يدخله القصب أو الكلبدون تدلى أطرافها من جانبي الرأس لتلقى على الفم أيام البرد القارس أو العواصف

الكثيرة الغبار التي تكثر في العراق لتمنع البرد أو دخول الغبار الفم. . ولهذا سماها العراقيون الكفية من الكف وهو المنع أو من الكفة بضم كما قلنا في أول هذا المقال. ومن الغريب أن لفظة الكوفية تكاد تكون في جميع اللغات بلفظ واحد وبمعنى مقارب للمعنى العربي فقد ذكرنا اسمها عند الروم. وأما الإيطاليون فيعرفونها باسم وهو بالأسبانية وبالفرنسوية وبالبرتوغالية قال دوزي المستشرق الشهير: أظن أن الشرقيين اخذوا هذه الكلمة من الإيطاليين لأنه كان لهم في القرون المتوسطة تجارة كبيرة في موانئ مصر والشام وكانوا ينقلون الصليبين من ديارهم إلى ربوع الشرق والظاهر أن الكلمة التركية (اسقوفية) مأخوذة من الأصل الإفرنجي المذكور لأن الرحالة كوتوفيك يقول في كلامه عن البنات اليهوديات في الشرق ما معناه: (ويضعن على رؤوسهن اسقوفية من فضة أو من نحاس مذهب بمنزلة حلية وتتخذها أيضاً الكبيرات سناً منهن بعد أن يكن قد عقصن شعورهن بمهارة ولباقة.) والبائن أن قدماء العرب كانوا يتخذون العمامة فوق الكوفية ولا سيما أهل المدن منهم. وكانوا يسمونها باسم واحد وهو العمامة كما ألمعنا إليه فويق هذا. وقد أشار إلى بعض ذلك الأديب الإنكليزي والمستشرق الكبير (لين في تعليقاته على كتاب ألف ليلة وليلة، قال: يلبس أهل المدن الكوفية وفوقها العمامة، وأظن انه مصيب في قوله هذا. لأن الرجل المذكور من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان ومن المتبحرين في اللغة العربية وآدابها ومعرفة الناطقين بها وأحوالهم وأمور معاشهم. فإذا عرفنا ذلك هان علينا فهم كثير من عوائدهم التي لا تتضح إلا بعد الوقوف على هذا النوع من العمرة. وكثيراً ما كانوا يتلثمون بفضلة الكوفية لكي لا يظهروا أنفسهم لأعدائهم فيخفون وجههم كله أو بعضه حسبما يعن لهم أو يشاءون. ولهم أوضاع واصطلاحات في ذلك منها: (الاعتجار) قال صاحب تهذيب الألفاظ: كانت الفرسان في الجاهلية عند اجتماع الناس بعكاظ في وقت الحج يعتجرون (أي يلفون عمامتهم دون

أدوات السفينة

التلحي) لئلا يعرف من قد أصاب من الدماء. فأتى (طريف بن تميم العنبري) سوق عكاظ فرأى قوماً ينظرون بوجهه وكان من مقدمي الفرسان فحسر اللثام وقال أبياتاً منها هذه: أو كلما وردت عكاظ قبيلة ... بعثوا إلى عريفهم يتوسم فتعرفوني أنني أنا ذلكم ... شاكٍ سلاحي في الحوادث معلم تحتي الأغر وفوق جلدي نثرة ... زغف ترد السيف وهو مثلم حولي أسيد والهجيم ومازن ... وإذا حللت فحول بيتي خضم ولكل بكري لدي عداوة ... وأبو ربيعة شانئ ومحلم ومن ذلك: (اللثام) قال اللغويون هو رد الرجل عمامته على انفه ومنه (التلفم) قال أبو زيد: تلفمت تلفماً إذا أخذت عمامة فجعلتها على فيك شبه النقاب ولم تبلغ بها أرنبة الأنف ولا مارته. قال: وبنو تميم تقول في هذا المعنى تلثمت تلثماً. قال: فإذا انتهى إلى الأنف فغشيه أو بعضه فهو (النقاب) ومنه (التلحي) قالوا تلحى الرجل: طوق العمامة تحت الحنك. ومنه الحديث: نهى عن الاقتعاط وأمر بالتلحي. (والاقتعاط) أن يتعمم الرجل ولا يدير تحت الحنك. ومنه أيضاً (الزوقلة) قال ابن سيدة: زوقل عمامته إذا أرخى طرفيها من ناحيتي رأسه. وقال ابن دريد: فإذا لاثها على رأسه ولم يسدلها على ظهره ولم يرددها تحت حنكه فهي (القفدآء). وأوضاعهم في هذا المعنى كثيرة اجتزأنا بما ذكرنا من باب التمثيل لا غير وبهذا القدر كفاية للقنوع. أدوات السفينة 1 - (الاتيمة) مصحفة عن تصغير اتمة وزان أكمة. هي حلقة بين الفنة والكلب مربوط بها حبل قصير بهيئة حلقة أخرى.

2 - (الانجر أو الانقر والهوجل): ويجمع عندهم على اناجر، واناقر؛ حديدة طويلة في طرفها الأعلى عروة أو حلقة. تتفرع من طرفها الأسفل خمسة فروع ثم يعقف كل فرع منها إلى الأعلى كالقوس. قال الخليل في كتاب العين في باب الجيم والراء والنون: (الانجر مرساة السفينة اسم عراقي حتى يقال للثقيل اثقل من انجر. وهو أن يأخذ خشبات فيخالف بين رؤوسها ويشد أواسطها في موضع واحد ثم يفرغ بينها الرصاص المذاب فتصير كأنها صخرة ورؤوس الخشب ناتئة يشد بها الحبال ترسل في الماء فإذا رست السفينة فأقامت. وذكر نحوه ابن سيدة في المخصص وقال الثعالبي في فقه اللغة ص 193: (. . . الهوجل الحجر الذي يثقل به الزورق والمركب وهو الانجر) والكلمة دخيلة من اليونانية والانجر فارسية. 3 - (أبكار أو بكرات): جمع بكرة وهي عشر بكرات أربع منها في العمارين وتضاف إليها واثنتان تسميان (قوفيات) ومحلهما في حبل المجذب من الأسفل واثنتان يقال لهما (أوائل) ومحلهما في أعلى الدقل والتاسعة تكون في حبل الدامن وتسمى (بكرة جراي) بفتح الجيم وتشديد الراء وذلك إذا خالف الهواء السفينة في السير والعاشرة (بكرة لرويسي). 4 - (البنيجة): نصف الشراع الأسفل من العمود (أي الكبير) تفصله سفيفة فيها حبال قصار طول الشبر تلف طرف الشراع الأعلى عند عدم الحاجة إليه فإن احتيج إليه بسط وتسمى تلك الحبال القصار (دروراً) واحدها (در) بضم الدال وتشديد الراء. 5 - (البيابي) جمع البيب بالباء الفارسية والياء ثم الباء الفارسية أيضاً وهو البرميل ومحلها في باطن العرشة يوضع فيها الطحين والتمن وما أشبه. 6 - (البيوار) وهو واحد (العمارين) ومحله في صدر السفينة وإذا كان في جنبها سمي (عمرانيا) وهو مشتق من بار الشيء يبور بمعنى زاد

عن الحاجة. 7 - (التركيت) وهو أصغر الشرع. ومقداره 80 ذراعاً. 8 - (التسلومة) هي إحدى الحلقتين تكون الواحدة منهما في الميل من المؤخر والأخرى في قائم السكان يشد بهما حبل ليمسك السكان كي لا يزول عن محله. 9 - (التورية): وزان حورية: تجمع عندهم على (تواري وتوريات) وهي سفيفة تشد بطرف (الشاروفة): يضعها الملاح في كتفه عند جره إياها. 10 - (الجوش): بضم فسكون: حبل يشد بطرف (الفرمل) الأسفل ويربط في صدر السفينة طوله نحو مترٍ 11 - (حزام الشيال): هو حبل يشد به الدقل بالعبد. 12 - (الخذعة): وزان برمة: هي الريعة يطلق عليها هذا الاسم أهل السفن التي تسير في دجلة وقد فاتنا أن نذكرها في محلها. 13 - (الخطرة): وزان نملة خشبة يقاس بها عمق الماء وهي المسبار وصاحبها (خطرجي) بمعنى خطار بتشديد الطاء. 14 - (خمارى): هو حبل يرفع به طرف الشراع الأسفل عند نشر الشراع لكي يرى صدر السفينة الناخذاة فيوجهها لوجهها. 15 - (الدامن): وزان حاتم: هو طرف الشراع الأسفل يشد به حبل يسمى أيضاً (دامناً) ويكون محل ماسكه في مؤخر السفينة يطيله ماسكه ويقصره بحسب شدة الريح ورخائها. 16 - (الدراب) وزان شداد: لوحة يبلغ عرضها نحو 30 سنتيمتراً

توضع على طول السفينة من الجانبين إذا شحنت ويخشى عليها طفح الماء والغرق عند اضطراب الأمواج. والدراب يوضع للمهيلة والبلم وما شاكلهما ولا يوضع للسفينة. 17 - (الدركة): وزانة نملة: وتجمع عندهم على (دركات) أو (ادراك) هي حبال كالعرى في جنبي السفينة وهي مأخوذة من دركة الوتر قال الخليل في كتاب العين في باب الكاف والدال مع الراء: (. . . والدركة حلقة الوتر تقع في الفرضة وهي أيضاً حلقة يوصل بها وتر القوس العربية.) وهي في السفينة ما يوصل به حبل العمراني. 18 - : (الدقل) (أو الشيال): وزان شداد اسمان لمسمى واحد وهو الخشبة القائمة في وسط السفينة والدقل كلمة ارمية الأصل استعملها العرب منذ عهد الجاهلية فهي عربية فصيحة وفصيحها بفتح الدال المهملة قال ابن سيدة: (الدقل خشبة طويلة تشد في وسط السفينة يمد عليها الشراع وقد اختلف في جمعه فمنهم من جمعه على (ادقال): قال أبو الحسن: ادقال جمع دوقل وإنما يكون ادقال جمع دقل على توهم طرح الملحق وطرح الملحق لا يسوغ لأنه بازاء الأصل وأحر بهذا الجمع بان يكون الدقل لغة في الدوقل فأماتوه وأحيوا جمعه.) اهـ وقال في القاموس: (الدقل سهم السفينة كالدوقل). اهـ 19 - (الدقة) خشبة ملساء عرضها نحو 40 سنتيمتراً وطولها قراب 50 سنتيمتراً تكون تحت الخرز فهي تفصل بين الخرز وخشبة الدقل تتخذ لكي لا يصعب على الملاحين رفع الفرمل. 20 - (الدوسة): لوحة يمشى عليها من الجرف إلى السفينة وبالعكس. 21 - (التروسي): حبل يشد بطرف الفرمل الدقيق وهو الأعلى ويكون في طرفه الأعلى بكرة تسمى بكرة الرويس يطول بها الحبل ويقصر وذلك عند

نشر الشراع فقط. 22 - (السداويات) كلمة مجموعة تدل على المثنى يراد بها لوحتان تكونان في طرفي الدراب مما يلي صدر السفينة وهما مفصولتان ولا توضعان إلا إذا اضطربت أمواج المياه من هبوب الريح الشديدة وكانت السفينة مشحونة. 23 - (السريدان) الموقد الذي توقد فيه نار الطعام وما أشبه يكون من خشب أو طين سهل النقل من محل إلى محل. ويسميه أهل بغداد (منقلة) وهذه مشتقة من النقل والسريدان ذو أربعة أركان يبلغ طوله متراً في عرض نصف مترٍ. 24 - (السكان): عربية قال في المخصص: 10: 24: (قال أبو عبيد الخيزرانة السكان واشتقاق السكان من أنها تسكن به عن الحركة والاضطراب.) ولفضة السكان مشهورة عندنا وهي وزان رمان هل الشام يسمونه الدفة. 25 - (الشاروفة): تجمع عندهم على (شاروفات وشواريف) وهي حبل طويل تجر به السفينة ويسميه البعض (قنباً) بتشديد النون وغالب ما يستعمل القنب في السفن الكبار والشاروفة في السفن الصغار. 26 - (شايخ الدراب) أخشاب كالأوتاد مسمورة بالدراب تثبت الدراب في الزبدرة. 27 - (الشبيحيات) بصيغة الجمع حبلان كالعمارين يكونان في صدر السفينة القيارية مع العمارين وليس في ما سواها شبيحيات. 28 - الشرت: بفتح فكسر: حبل دقيق يشد طرفه بالقلادة وفائدته وصل القلادة بالدقل وجرها إذا لصقت بالدقل فلم تزل وذلك عند إنزال الشراع. 29 - (الشفيرة): حاشية الشراع السفلى.

30 - إشبينة: هي رباط السفينة والجسر وقد يسمى (رباطاً) وهو حبل ضخم جداً ومثله (الشمندورة) وهو حبل الباخرة في بغداد. وكان العرب القدماء يسمون الحبال التي يربطون بها سفنهم (امراساً) وقلوساً و (مراراً) جمع (مرِ) بتشديد الراء وقالوا أمر السفينة أو الشيء بمعنى ربطهما بهذا الحبل الغليظ المتين قال ذلك احمد زكي باشا في مجلة المقتبس 423: 7 31 - (الصبوب) واحدها صب وهي المجاديف جمع مجداف ويقولون بصيغة الأمر صب أي أجدف. 32 - (الصكية) هي طرف الدقل من الأسفل. 33 - (الصمية) حبل يلف على الخشبة الموصولة بالفرمل ويقولون أصم الخشبة أي شدها. 34 - (الصنفير) خشبة في أصل الدقل من طرفه الأعلى كالقطب للرحاة تكون بين القلوب أو عود يدخل في القلوب ليمسكها. 35 - (الطاط) راية صغيرة في رأس الدقل لأعلى توضع لمعرفة هبوب الريح والتي في دقل الباخرة تسمى بنديرة (بضم الباء الموحدة) ويكون إعلاؤها إشارة إلى أن المركب عازم على السفر والكلمة إيطالية الأصل وقد أخذها الإيطاليون عند بند المعربة عن الفارسية راجع المقتطف مجد 39: 41. 36 - (الطخماخ) بضم فسكون مدقة من الخشب يدق بها الوتد الذي يشد به رباط السفينة والكلمة تركية من (دقماق): بمعناه.

37 - (الطوق) حبل يكون فوق القلوب من الأعلى. 38 - (العدة) وزن شدة، قال عدة السفينة آلاتها كالشراع والحبال وما أشبه وهي عربية فصيحة. 39 - (العمراني) تجمع على عمارين وزان قوانين هي حبال السفينة يشد أحد طرفيها برأس الدقل الأعلى والطرف الأخر بالدركة وفائدة العمراني في السفينة قوة مقابلة للشراع إذا نشر وذلك إذا ملأته الريح لكي لا يقلب السفينة ويكون أيضاً قوة مقابلة للملاحين إذا جروا السفينة فيشد بالجانب الأخر من السفينة ليمسك الدقل عن الميلان لأنه إذا مال غرقت السفينة. 40 - (العود) هو الشراع الكبير وقدره 150 ذراعاً وهو فصيح مشتق مجازاً من العود بالفتح وهو الجمل الذي جاوز في السن البازل. واسمه عند الأقدمين ألقب قال الخليل في باب القاف والنون مع الباء من كتاب العين (. . . والقنب شرع ضخم من عظم شرع السفينة) وكلمة شراع مستعملة اليوم عند أهل السفن ويجمعونه على شرع بضم الشين والراء. 41 - العينات هي ثقوب في وسط العطوف من الجنب مما يلي ساحة السفينة يجري منها الماء حتى يجتمع في الجمة 42 - الفرخ الشراع الصغير إلا أنه أكبر من التركيب بقليل قدره 100 ذراع وهو عربي مأخوذ من فرخ الحيوان قال في مجمع البحرين: وقد يستعمل الفرخ في كل صغير من الحيوانات والنبات. 43 - الفرمل خشبة تكون على عرض الدقل وعلى طول السفينة يشد بها الشراع وينشر عليها أيضاً واسمه عند القدماء المشحور والممسوك أيضاً قال الخليل في كتاب العين في باب الجيم والشين والثنائي: (. . . والمشحور الممسوك وهي خشبة فيها شراع السفينة.)

44 - الفيسة خشبة الدقل العليا تفصل بينها وبين الدقل القلوب وهي من القلوب وما فوق يبلغ طولها 80 سنتيمتراً. 45 - الفيلم آنية يحمل فيها ماء الجمة عند النزح. 46 - (القائم) خشبة السكان التي يدخل فيها طرف (الكانة). 47 - (القلادة) حبل ينظم به خرز من الخشب يربط بها الفرمل وتدور على الدقل لكي ترفع الفرمل بسهولة إلى الأعلى عند نشر الشراع. 48 - (القلوب) كلمة مجموعة تدل على المثنى ويراد بها بكرتان في أصل الدقل من أعلاه دون الفيسة ويعرف (بقلوب الشيال) وهما خصيصتان بالحبل الذي تجربه السفينة والهنزة. 49 - (القوفيتان) بكرتان كبيرتان في المجذب واحدة في أعلى الدقل والأخرى مما يلي اسفل البيدار. 50 - (الكابة) خشبة يمسك طرفها الربان ليحرك بها السكان يبلغ طولها مترين في المهيلة والبلم وقراب خمسة أمتار في السفينة. 51 - (الكبرت) هو ما تحت طارمة العرشة. 52 - (الكبورة) خرق يجفف بها الماء الراشح في السفينة. 53 - (الكلخة) وتسمى أيضاً (زغبة السكان) خشبة خفيفة طولها نحو ذراع وعرضها زهاء 20 سنتيمتراً تسمر بطرف خشبة القائم من الأعلى وهي التي تدخل فيها خشبة الكانة.

54 - (الكوثلاني) هو حبل يربط به مؤخر السفينة عند اضطراب الأمواج وهو منسوب إلى كوثل السفينة أي مؤخرها. 55 - (اللائح) هو الدامن. 56 - (اللعبة) هي لوحة خفيفة تسمر بالقلوب من الخارج كي يسهل على الملاحين رفع الفرمل إذا أريد رفعه. 57 - (لغد السكان) هو لوحة عريضة تتلي الماء تدار بها السفينة وتسمى أيضاً (مشطاً) 58 - (لغود الدقل) كلمة مجموعة يراد بها خشبتا الدقل يوضع بينهما القلوب. 59 - (اللواث) هو حديدة كرأس الحربة مجوفة يدخل فيها طرفي المردى الأسفل لتثبت المردى في محله من الأرض عند الدفع 60 - (المجذب) وزان مبرد حبل يرفع به الفرمل إذا شد به الشراع وهو مشتق من الجذب ومن أسمائه في العربية الفصحى ما ذكره صاحب المخصص قال نقلاً عن ابن السكيت: (. . . الكر حبل الشراع وجمعه كرور صاحب العين الجمل والقلس والخيسفوج حبل الشراع وقيل نفسه) 61 - (المردى) عندهم بفتح الميم ويسميه البعض (مردا) بالألف القائمة في الأخر: والأول محرف عن فصيح وفصيحة (بضم الميم) قال الخليل في كتاب العين في باب الدال والراء مع الميم: (. . . والمراد دفعك السفينة بالمردى أي خشبة يدفع بها الملاح والفعل مرديمرد.) وقال الإسكافي في مبادئ اللغة 19: (القيقلان خشبة يدفع بها ورأسها في الأرض وانشد. . .)

إلا أننا نستغرب صورة هذا اللفظ. إذ لم نجد له أثراً في كتب اللغة ونظن أن صحيحه القلقلان بقافين ولامين من القلقلة وهي الدفع. 62 - (المساطر) هي أربع خشبات مسمورة بلغد السكان مما يلي الماء كل اثنتين في جانب منه. 63 - (المشايات) بصورة الجمع السالم خشبتان تشدان بطرفي الفرمل يبلغ طول كل واحدة منهما قراب مترٍ ونصف مترٍ. 64 - (المليطة) خام يمد مع الشراع العود مما يلي الدامن إلى الرويسي (أي من أعلاه إلى أسفله) وتكبر المليطة وتصغر بكبر الشراع وصغره وأكبرها عرض أربع اذرع ويسمونها (أربع فرائد) وأصغرها ذراع (أي فريدة) بكسر الفاء ولا توضع المليطة إلا إذا تسابق أهل السفن فيما بينهم ويلزم نشرها إذا كان الهواء رخواً والبحر رهواً وحينما لا تسرع السفينة في سيرها بالشراع العود أو أراد الناخذاة سبق ناخذاة تقدمه أو يخاف من ناخذاة وراءه يريد سبقه ولا يقدر على نشر المليطة مع العود إلا الناخذاة الماهر بالفن لأنها مفصولة عن الفرمل. 65 - (النباش) خشبة توصل بطرف الفرمل مما يلي الصدر لتطويله وتقصيره يبلغ طولها متراً ونصف مترٍ تقريباً. 66 - (النثية والذكر) حدائد عديدة في خشبة القائم تربط السكان بالسفينة كي لا يزول عن محله والواحدة داخلة بالأخرى. والنثية تصحيف الأنثى عندهم ولا يقولن غير ذلك. 67 - (الهنزة) وزان نملة حبل يشد به الفرمل والقلادة ويوصل (بالفوقية). 68 - (الهواليش) جمع واحدها (هالوش) وهي الأوتاد جمع وتد. ويسمي أهل العراق الوتد (وداً) وهو فصيح في لغة تميم ذكره الخليل في العين يسمونه أيضاً (ثباتاً) بكسر الثاء كسراً غير بين ويجمعونه على (ثباتات).

أسرار الحياة وهتك أسرارها

69 - (الوسطاني) وزان عدناني: الشراع الأوسط مقداره زهاء 120 ذراعاً. 70 - (الوصلة) المليطة البلورة كلها تطلق على حبل الانجر. كاظم الدجيلي أسرار الحياة وهتك أسرارها نال أحد الأطباء في الأيام الأخيرة جائزة فتطالت الأعناق إلى حائزها، وأراد الناس أن يعرفوا من هو هذا الذي توفق لإحراز هذه القصبة، قصبة حلبة السباق في عالم العلم والشهرة؛ فلما عرفوا اسمه الكسيس كريل أرادوا أن يعرفوا الأمر الذي توجهت إليه الالحاظ، فكتب صاحب التوقيع هذه المقالة فعربناها للقراء قال: هذا الرجل هو جراح فرنسوي المولد، تلميذ مدرسة ليون الطبية، وكان قد ناوأه بعض الحساد، فهاجر إلى أميركة ديار الحرية، واخذ بمتابعة أشغاله العظيمة، وهي التي فتحت له باب سمعة لا يغلق البتة. وقد نال في دار العلماء الطائرة الصيت في نيويرك المعروفة باسم (روكفلر) منزلة رفيعة في التحقيق وسعة الاطلاع. وما برح كريل دياره إلا وأسف على فراقه جم من الأفاضل المشاهير الذين يقدرون العلم وحملته حق قدره إذ أيقنوا انه يرحل إلى بلاد ينقل إليها خبرته وتوغله في المباحث الطبية الدقيقة. على أن أسفهم تضاعف حينما طالعوا في الصحف والمجلات السيارة ما رفعه إلى مجمع تقدم الطب في باريس؛ وخلاصته أنه توفق لأن يحيي في سائل صناعي حيوان وهي عبارة عن قلبه ورئتيه وأنبوب معدته وكليتيه وكان قد استلها جملة واحدة من داخله برفق عجيب. وحالما استلها غطها كتلة واحدة في ابزن أو طست مملؤ محلولاً خاصاً. وقد حافظ على حرارتها بالدرجة المعهودة في جسم الحيوان نفسه، وأبقى التنفس على حالته الأولى بمسبار أثبته في قصبة الرئة، وقد ابرز طرف المعي خارجاً من الابزن إقامة لمخرج صناعي له يعمل عمله المألوف.

ولما تم هذا العمل كان يستطيع كل أحد أن يرى مشهداً في أقصى الغرابة وهو انه يعاين جميع الأعضاء تتم وظائفها كأنها لم تخرج من موطنها، يشاهد القلب يديم نبضه بدون خلل في الحركة، والرئتين تتنفسان على مألوف عادتهما، والمعدة والأمعاء تهضم الأطعمة احسن هضم، والكبد والكليتين تفرز مفرزاتها بينما يبقى الدم في أوعيته برباطات ويجول في مجالاته بدون انقطاع، متنقلاًَ من عضو إلى عضو، متخذاً من الرئتين الاكسيجين الضروري لحياة الخلايا ولما يعود إلى مقره الأول يغزر الحامض الكربوني المنبعث من الاحتراق في الأخطاء. ومن غريب أمر هذه الأعضاء أنها تقوم بوظائفها على أتم وجه كأنها في الجسم نفسه ولم تخرج منه، لأنك ترى الماء والأطعمة التي تدخل المعدة تهضم احسن الهضم، لا بل يجري الهضم مجراه المألوف إلى آخر عمل من أعماله وقد تم ذلك في خبرة اختبرها كانت فيها المعدة مملوءة طعاماً حينما سلت من موطنها. هذا وانك لا ترى هذه الظواهر في بضع دقائق فقط، بل تراها دائبة عدة ساعات طوال. وفي الاختبارات التي نجحت أتم النجاح دام الذماء ثلاثة عشرة ساعة. فتحقق مما تقدم بسطه انك ترى جميع مظاهر الحياة النباتية بينة ومحفوظة في تلك الأخطاء وإن نزعت من موطنها. ويمكن للباحث أن يتبع مدة ساعات أسرار الحياة التي تتدفق في مجاري تلك الأعضاء الموضوعة في بوقالة تلك الأسرار التي كانت قد بقيت غامضة إلى عهد هذا الطبيب النطاسي والبارع الفذ. هذا وليس في علم وظائف الأعضاء من الاختبارات ما يضاهي هذه التجارب الغريبة التي تدهش كل إنسان، ولا سيما لأنها وضعت أسرار الحياة الغامضة على طرف الثمام.

وإن قلنا أن مختبرات كريل تنتهي عند هذا الحد فنكون قد ظلمناه وبخسنا حقه وغضضنا من فضله. فثم أمور حديثة اطلعنا عليها وهي ليست إلا صفحة من صفحات أعماله التي يستقريها منذ بضع سنوات. وهو بحث يتصل كل الاتصال بأبحاثه السابقة عن الغرز الحيواني وعلى هذا المبدأ تثبت وحدة أشغال وأفكار النطاسي كريل وتتصل بعضها ببعض اتصال حلق السلاسل، وبدونها لا يقوم عمل خطير علمي يستحق الذكر وهانحن نذكر هنا ما كان قد فعله سابقاً من الاختبارات، منها أنه نزع من بعض الكلاب كلى وأرجلاً وغرزها في كلاب أخرى فثبتت فيها كأنها لم تؤت بها من خارج ولم تجعل فيها بل خلقت خلقاً مع سائر أعضائها حال تكونها، وكل ذلك من الغرابة بمكان عزيز. ففي مطاوي هذه الأشغال توفق نطاسينا لحفظ أخطاء الغرز في مرباها ريثما يحتاج إليها لإثباتها في مواطنها من الحيوان. وإن اتفق له أنه لم يغرز العضو حالاً في الموطن الذي يريد إثباته فيه تبقى تلك الأشلاء الحية محفوظة في مرباها ريثما يحتاج إليها، وقد لا يفتقر إليها إلا بعد شهر أو اكثر. واعلم أن اختبارات كريل لحفظ الحياة خارجاً عن مجموع الأعضاء تقسم إلى طائفتين: وقد عانى في الطائفة الأولى أحياء أخطاء كاملة في سوائل صناعية. والى هذه الطائفة ترجع تجاربه التي رفع رفيعتها إلى مجمع ترقي العلوم الطبية الفرنسية. فلا فائدة إلى العود إلى هذا الموضوع بعد أن بسطنا الكلام فيه بسطاً كافياً شافياً إلا أننا نقول: لا يسوغ لنا أن ننسى في هذا الصدد الأشغال التي تمت قبله على أيدي مختبرين سبقوه إليها. فلقد عنى منذ زمن مديد بذماء بعض الأعضاء المنفصلة

وقد قيض لأحدهم أن يحفظ قلب ضفدع حياً مدة 33 يوماً بعد أن غطه في سائل صناعي. وقد شوهد قلب أرنب ينبض مدة نهار بانتظام عجيب لا خلل فيه. بل وأنعش أحدهم قلب جثة هامدة بشرية بعد أن مضى على وفاة صاحبها عشرون ساعة. وبحث آخر على هذا الوجه في حفظ الأمعاء وأحشاء أخرى أما فضل كريل فأنه متوقف على حفظ حياة هذه الأشلاء (مجموعة معاً وخارجاً عن مقرها مع إبقاء تعلق الواحد بالآخر يربطها دوران الدم جارياً فيها ومنها وإليها.) ويجب أن يوضع هنا بجانب هذه الظواهر ذماء الأعضاء الكاملة طائفة اختباراته الثانية التي حاول فيها كريل أن يثبت حياة الخلايا الحيوانية خارجاً عن مجموع الأعضاء ومنفصلة عنها وهي مع ذلك تنشأ وتنمو بعد أن يكون قد استلها من أعضاء شتى. وعنايته بها هنا لا تقوم على مربى صناعي بل على قطرة جبلة دموية وضعها على زجاجة وجعل عليها جزيئاً في منتهى الصغر من جزيئات النسيج الذي يراد استنباته. فإذا دقق الباحث نظره في هذه المستنبتات بواسطة المجهر يرى أول مظهر فيها نمو الخلايا المبذورة. ثم أن هذه الخلايا تتكاثر بسرعة عجيبة مدهشة منبعثة مئات بل ألوفاً من القطعة الأولى. ثم تتخطى متشععة متوجهة حول محيط القطرة المستنبتة وتهجم عليها هجوماً وحشياً.

فوائد لغوية

وعند تكاثرها على هذا الوجه تحفظ مزية خلايا الأعضاء التي خرجت منها وذلك في مدة طويلة بكفاية. فإن قطعة قلب جنين دجاجة نزع في 17 كانون الثاني سنة 1912 بعد أن غسل ونقل مراراً بقي نابضاً بعد أن مضى عليه ثلاثة أشهر وفي 28 نيسان كان قياسه 29 نبضة في الدقيقة. لكن إن كانت الخلايا عند تكاثرها تحفظ مزيتها الخاصة بها فأنها بعكس ذلك لا تحفظ أدنى ميلٍ إلى تحقيق النظام الخلوي وبنية الأعضاء التي تتفرع منها. فإن خلايا الكلى مثلاً تحفظ في مقدار معلوم مزية خلايا الكلى لكنها لا تحاول أن تبتني لنفسها قطعة من قطع الكلى بل تحول إلى كيان منفرد وتفقد من بينها المناسبات التي كانت فيها عند وجودها مع سائر الأعضاء المجموعة. أن هذه الاختبارات اختبارات غرز الأنسجة الحيوية وإن كانت لا تظهر بصورة مدهشة كما رأيناها في الاختبارات السابقة إلا أنها لا تنقض عنها شأناً وبالاً. ومستقبلها من احسن ما يتمناه العلم لأنها تمده بأساليب جديدة بعيدة المرمى والغرض وتعينه على أن يفتح باباً جديداً لمعرفة وظائف الأعضاء ينقش على صدره: (باب وظائف الخلايا) اجل أننا اضطررنا إلى الآن إلى أن نبحث عن مجموعة الأعضاء التي تبدو فيها مظاهر حياة الخلايا والى أن ننشد ضالتها في مجموع الأعضاء كلها التي تتصل بها ولهذا كان يقع في نتائجها خطأ لا مناص منه لأنه من المحال أن ينزع ما هو خاص بالخلية نفسها من عمل سائر مجموع الأخطاء. وأما بعد الآن وبعد تحقيقات كريل فنستطيع أن نتتبع حياة الخلية المنفردة معتمدين على الأساليب التي قرر أسسها نابغة هذا العصر الجديد بل ونطلع على وظائفها الخاصة بها دون غيرها. وهذا ما يحمل العلماء على أن يعقدوا بناصية هذه الأصول المكينة شأناً جليلاً ومستقبلاً باهراً، والله الموفق. . الدكتور جاك آميو فوائد لغوية السليقة والسليقية والهداية والوهم بمعنى سألنا أحد الأدباء من الإصلاحية (من أعمال الموصل) ما احسن لفظة

عربية ترادف أو تقابل كلمة لأني أرى بعضهم وضع لها كلمة السوق الطبيعي أو الانسياق كما جاء في المقتبس 426: 7 ولا أرى ذلك موافقاً لوضع الألفاظ العربية فإن لم نقبلها فأي حرف يتخذ عوضاً منها. نقول: إن لفظة سوق الطبيعة أو السوق الطبيعي أو الانسياق هو من أوضاع الترك كما يرى ذلك في المعاجم الفرنسوية التركية. والظاهر أنهم لم يصيبوا في وضعهم هذا لجهلهم أسرار اللغة العربية وأسرار ألفاظها. وأول اعتراضنا على (السوق الطبيعي) أنه مركب من لفظين للدلالة على معنى واحد. وثانيا أنه يؤدي المعنى المطلوب أتم التأدية وأما الانسياق فغير وافٍ بالمقصود لأننا نحتاج أيضاً إلى أن نردفه بكلمة ثانية فنقول الانسياق الطبيعي. هذا فضلاً على أن وزن الانفعال لم يسمع في هذا الفعل. واحسن لفظة تقوم مقام الفرنسية هي السليقية وقد وردت مراراً عديدة في مقدمة ابن خلدون النقاد البصير والكاتب الضليع الخبير. ومما يؤيد ما ذهب إليه كلام عرب صدر الإسلام بل كلام عرب الجاهلية. قال في تاج العروس فلان يتكلم بالسليقية: منسوب إلى السليقة. قال سيبويه وهو نادر. أي عن طبعه لا عن تعلم. ويقال أيضاً: فلان يقرأ بالسليقية أي بطبعة الذي نشأ عليه. وقال الليث: السليقي من الكلام ما لا يتعاهد إعرابه وهو فصيح بليغ في السمع، عثور في النحو. وقال غيره: السليقي من الكلام: ما تكلم به البدوي بطبعه ولغته وإن كان غيره من الكلام آثر واحسن. وقال الأزهري: قولهم هو يقرأ بالسليقية أي أن القراءة سنة مأثورة لا يجوز تعديها فإذا قرأ البدوي بطبعه ولغته ولم يتبع سنة قراء الأمصار، قيل: هو يقرأ بالسليقية، أي بطبيعته ليس بتعليم. وفي حديث أبي الأسود الدؤلي: أنه وضع النحو حين اضطرب كلام العرب فغلبت السليقية أي اللغة التي يسترسل فيها المتكلم بها على (سليقته) من غير تعهد إعراب ولا تجنب لحن. قال: ولست بنحوي يلوك لسانه. ولكن سليقي أقول فاعرب. (كلامه). فالظاهر من هذا القول الطويل أن السليقي خاص بالكلام واللغة. وأما السليقة فخاصة بغيرهما. ولو أردنا أن نطلب من أبناء الغرب أن يشرحوا لنا كلمة

لما تكلموا بأحسن ما نطق به هؤلاء العرب. وقال في لسان العرب: السليقة الطبيعة والسجية. وفلان يقرأ السليقة أي بطبيعته لا يتعلم وقيل: يقرأ بالسليقية وهي منسوبة أي بالفصاحة من قولهم سلقوكم. وقيل بالسليقية أيضاً وبالعكس إذا كانت بمعنى ما طبع عليه الإنسان من النشوء على لغته بدون تعلم. وقد يتوسع في معناها فتأتي بمعنى ما ينشأ عليه المخلوق من الطبائع والأخلاق بدون تعلم كما يوخذ ذلك من تفسيرهم لكلمة السليقة بمعنى الطبيعة والسجية. فيتحصل مما تقدم بسطه أن السليقة في الإنسان هي ما يبدر منه من الأعمال الدالة على تصرف في العقل وتصدر منه قبل أن يفكر بها. وهي في الحيوان: شعور داخلي لا تعلق له بالتفكر يهدي الحيوان إلى إتقان ما يأتيه من الأعمال. وهذا ما يراد بكلمة الفرنسوية. وقد استعمل الجاحظ في هذا المعنى كلمة هداية في كتاب الحيوان. وقال صاحب الكليات: الهداية. . . أيضاً: الإلهام نحو (أعطى كل شيءٍ خلقه ثم هدى) أي ألهمهم المعاش. قلت وأمر المعاش يحوي عدة أمور منها الاحتيال على الرزق واتخاذ الوسائل اللازمة للحصول على الطعام والشراب والسكنى إلى غيرها. وقال أيضاً بعد ذلك. إن هداية الله مع تنوعها على أنواع لا تكاد تنحصر في أجناس مترتبة منها: انفسية، كإضافة القوى الطبيعية والحيوانية والقوى المدركة والمشاعر الظاهرة والباطنة ومنها: آفاقية، فأما تكوينية معربة عن الحق بلسان الحال وهي نصب الأدلة المودعة في كل فرد فرد من أفراد العلم. وأما تنزيلية مفصحة عن تفاصيل الأحكام النظرية والعملية بلسان المقال بإرسال الرسل وإنزال الكتب. ومنها الهداية الخاصة وهي كشف الأسرار على قلب المهدي بالوحي والإلهام. ومما جاء في كلامهم بهذا المعنى: الواهمة والوهم قالوا: الواهمة قوة الوهم والوهم على ما جاء في كليات أبي البقاء. هو عبارة عما يقع في الحيوان من جنس المعرفة من غير سبب موضوع للعلم. وهذا أصرح تعريف ورد في كلام

العرب مطابق كل المطابقة لما نطق به علماء هذا الزمان ولهذا فإتخاذ هذا اللفظ من احسن ما جاء في هذا المعنى. وقال الجرجاني: الوهم قوة جسمانية للإنسان محلها آخر التجويف الأوسط من الدماغ من شأنها إدراك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات كشجاعة زيد وسخاوته. وهذه القوة هي التي تحكم بها الشاة أن الذئب مهروب عنه وأن الولد معطوف عليه. اهـ المقصود من إيراده وهذا كلام واضح في تأييد ما أردنا تبيانه فليحفظ. ولك وسألنا أخر من بغداد هل لا يوجد توجيه أخر لكلمة ولك. قلنا: بلى وهو أنها مخففة عن (أولى لك) قال في تاج العروس: (قولهم: أولى لك، تهدد ووعيد. وانشد الجوهري: فأولى ثم أولى ثم أولى ... وهل للدر يحلب من مرد قال الأصمعي: أي قاربه ما يهلكه، أي نزل به. وانشد: فعادى بين هاديتين منها ... وأولى بن يزيد على الثلاث. ومن قوله تعالى فأولى. معناه التوعد والتهدد أي الشر اقرب إليك. وقال ثعلب دنوت من الهلكة. وكذلك قوله تعالى: فأولى لهم. أي وليهم المكروه. وهو اسم لدنوت أو قاربت. قال ثعلب: ولم يقل أحد في (أولى لك) احسن مما قال الأصمعي. وقال غيرهما: (أولى) يقولها الرجل الأخر يحسره على ما فاته ويقول له: يا محروم أي شيء فاتك. وفي مقامات الحريري: أولى لك يا ملعون. أنسيت يوم جيرون. وقيل هي كلمة تلهف يقولها الرجل إذا افلت من عظيمة. وفي حديث أنس: قام عبد الله بن حذافة فقال: من أبي؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبوك حذافة وسكت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قال: أولى لكم والذي نفسي بيده أي قرب منكم ما تكرهون وقول الشاعر: فلو كان أولى يطعم القوم صدتهم ... ولكن أولى يترك القوم جوعا. أولى في البيت حكاية وذلك أنه كان لا يحسن الرمي واحب أن يتبدح عند أصحابه فقال: أولى. وضرب بيده على الأخرى. فقال: أولي. فحكي ذلك. اهـ وقال في الكليات ص 149 معنى قوله تعالى: فأولى لهم. فويل لهم.

دعاء عليهم بأن يليهم المكروه أو يؤول إليه أمرهم فأنه (افعل) من الولي أو (فعلى) من آل. وقال الاصبهاني في المفردات في غريب القرآن: قيل: أولى لك فأولى من هذا معناه العقاب أولى لك بك. وقيل هذا فعل المتعدي بمعنى القرب وقيل معناه أنزجر. وقال في محيط المحيط:. . . وهو مقلوب من الويل. ونحن لا نصوب قوله. وقال صاحب لسان العرب. . . وحكى ابن جني: (أولاة الآن، فأنث أولى. قال: وهذا يدل على انه اسم لا فعل.) وقد استوفينا البحث في هذه الكلمة لكثرة استعمالها على السنة العراقيين حضرييهم وبدوييهم إشارة إلى قدم عباراتهم وصحتها. والله ولي التوفيق. فانوس سألنا أديب بغدادي: هل فانوس عربية الأصل وهل هي قديمة في كلام الناطقين بالضاد. قلنا: للفانوس معنيان النمام والمصباح فإن كان بمعنى النمام فاللفظة عربية فصيحة قديمة. وهي وإن كانت ثلاثية التركيب إلا أنها ترجع إلى أصل ثنائي كما قرره اللغوييون المعاصرون من أعراب وأغراب. أي أن مادة ف ن س مأخوذة من مادة ن س بزيادة الفاء في الأول ومنه النسيسة أي النميمة. فالفانوس النمام فاعول بمعنى فاعل للمبالغة وهو كثير في العربية. وأما إذا كان بمعنى المصباح فليس بعربي الأصل وإن قال به صاحب القاموس إذ هذا نص عبارته: الفانوس: النمام. . . وكأن فانوس الشمع منه. وقد خالفه صاحب محيط المحيط إذ قال: الفانوس النمام. وكان فانوس المصباح مأخوذ منه لأنه لو كان مأخوذاً من معنى النمام فأحر بلفظة النمام نفسها أن تأتي بهذا المعنى وكذلك كل ما جاء من مرادفاتها. وليس الأمر كذلك. فأن الفانوس المصباح مولدة دخيلة وهي من اليونانية من فانوس زنة ومعنى وهي مشتقة عندهم من فعل أي أنار فيكون معنى الكلمة المنير أو آلة الإنارة أو كما قال العرب المنوار وهي الكلمة الفصيحة المقابلة لفانوس الدخيلة.

باب المكاتبة والمطارحة

والفعل اليوناني يفيد المعنيين: الإنارة والنميمة. فلعل كلا المعنيين مأخوذ من اليونان لأن صاحب لسان العرب لم يذكر من معاني مادة فنس إلا قوله: الفنس: الفقر المدقع. قال الأزهري الأصل فيه الفلس: اسم من الإفلاس فأبدلت اللام نوناً كما ترى. قلنا: وأما نحن فأننا نظن أن الفنس يرجع إلى لفظ ثنائي وهو فس الممات بالعربية الموجودة في الارمية ومعناه فص أي عرق العظم وجرده من لحمه أو انتزع ما عليه: والدليل على أن اللفظ ممات في العربية انهم ذكروا الفسيس وقالوا عنه: الضعيف العقل أو البدن، ونزيد: الضعيف مالاً أيضاً. لأن كل ذلك من المجاز مأخوذ من الفس بمعنى الانتزاع أو التعرق. وإذا انتزع من الإنسان ما فيه أصبح فقيراً علماً وجسماً وحالاً ومالاً. وفوق كل ذي علم عليم. باب المكاتبة والمطارحة هل أصاب الأب لويس شيخو؟ كتب إلينا أحد الأدباء ما هذا نصه: وقع بيدي العدد الثاني من المشرق فرأيت فيه هذه العبارة في باب المطبوعات (157: 15): ولعلمنا أن حضرته (أي صاحب كتاب التعبد ليسوع طفل براغ) يحب الانتقادات اللغوية نذكر له بعض أغلاط وقعت في كتابه كقوله مثلاً ص 9 س 1 (كذا والأصح س 11) (الكلمة المتجسدة والصواب هنا المتجسد) أي ابن الله ليوافق قوله بالمذكر انتقل من أحشاء مريم وقوله (ص 10 س 7) لولا إياك والصواب لولاك وقوله (ص 11 س 13) يسرع غلطة طبعية يريد يسوع وقوله (ص 12 س 2) والدموع التي فاضها والصواب أفاضها وقوله (فيها س 3) يسمعه للناس والصواب يسمعه الناس إذ اسمع يتعدى إلى مفعولين وقوله (فيها س 8) أن تنزلي لكي تلينيه والصواب تنزل لكي تلينه عائد إلى (الصراخ) هذا بعض ما لحظناه في الصفحات الأولى. كلام المنتقد وهو ل. ش. فسألنا الكاتب المذكور: هل أصاب صاحب المشرق في كلامه هذا؟ قلنا: أما تذكير نعت الكلمة فجائز لأن مدلوله مذكر. لكن ذلك لا

يمنع تأنيثه جرياً على اللفظ إذ هذا غير محظور ولهذا لا يحق له أن يقول: (والصواب) بل (ويجوز) ولا سيما إذا دللت على تذكيره شيئاً تذكره في العبارة التالية فقد قال الفراء في كلمة سلطان: السلطان عند العرب: الحجة يذكر ويؤنث فمن ذكره ذهب به إلى معنى الرجل ومن أنثه ذهب به إلى معنى الحجة (راجع أيضاً التاج في سلط) وقال الجوهري في مادة خ ل ف: الخليفة قد يؤنث قال صاحب التاج معقباً: قال شيخنا في الإسناد ونحوه مراعاةً للفظه كما حكاه الفراء وانشد: أبوك خليفة ولدته أخرى ... وأنت خليفة ذاك الكمال قلت (أي صاحب التاج) (ولدته أخرى) قاله لتأنيث اسم الخليفة والوجه أن يكون (ولده آخر) فترى مما تقدم بسطه أنه لا يجوز تأنيث ما يسند إلى المذكر ذهاباً إلى اللفظ ولهذا اخطأ صاحب المشرق بقوله. والصواب وأما تصحيحه لولا إياك: بلولاك. فمن تعابيره الركيكة الخاصة بإنشائه ونحن لا نوافقه عليها: لأننا كنا كتبنا (لولا اياتك) جمع آية فغلط الطابع وكتب (ولولا إياك) وإلا لو أردنا المعنى الذي يشير إليه صاحب المشرق لقلناه لولا أنت، وليس لولاك كما ادعى قال ابن كيسان المكنى بعد لولا له وجهان: إن شئت جئت بمكنى المرفوع فقلت لا لولا هو، ولولا هم ولولا هي ولولا أنت. ولو شئت وصلت المكنى بها فكان كمكنى الخفض والبصريون يقولون هو خفض والفراء يقول وإن كان في لفظ الخفض فهو في موضع الرفع قال وهو أقيس القولين تقول. لولاك ما قلت ولولاي ولولاها ولولاهم. والأجود لولا أنت كما قال عز وجل: لولا انتم لكنا مؤمنين، فانظر بعد ذلك أين بقي كلام المنتقد وقوله: والصواب. . . وأما قوله: يسرع غلطة طبعية يريد يسوع. قلنا: إن في الكتاب عدة أغلاط طبع لكن هذه (أي يسرع) ليس منها كأنه قد كتب على حضرة المنتقد أن لا يصيب في كلمة واحدة مما ينطق به وعبارتنا هي هذه نعيدها هنا ليطلع عليها القارئ: فبهذه الصورة يسرع لإنسان الإله منذ دخوله العالم في أن يتألم ويعمل أعمال التوبة. فلو أبدلنا يسرع (من الإسراع) بيسوع لما استقام هناك معنى. فلينصفنا حضرة المنتقد وليقر بغلطه.

وأما قوله: (والدموع التي فاضها والصواب أفاضها) قلنا: إنما أردنا والدموع التي فاض بها عينه فحذفنا الجار ووصلنا. والوصل بعد حذف الجار باب معروف عند النحاة. قال ابن عقيل: إن الفعل اللازم يصل إلى مفعوله بحرف جر نحو مررت بزيد. وقد يحذف حرف الجر فيصل إلى مفعوله بنفسه نحو مررت زيداً (قلنا) وعلى هذا النحو جرينا في قولنا والدموع التي فاضها فلا غبار عليه بشهادة النحاة كلهم أجمعين. وكذلك لم يصب في تصحيحه يسمعه للناس نعم أن (اسمع) يتعدى إلى مفعولين لكن قد تقحم اللام أو تزاد بين الفعل المتعدي ومفعوله فتسمى حينئذ (اللام المعترضة) كما نص عليها النحاة واللغويون ومثلوا له قولهم: ضربت لزيد قال الشاعر: وملكت ما بين العراق ويثرب ... ملكاً أجار لمسلم ومعاهد وقد آن أن يصيب المنتقد في كلمة، وهي كلمته الأخيرة لكنه قال: (والصواب أن يقال أن تنزل لكي تلينه عائد إلى الصراخ) قلنا: لا يحق له أن يقول: والصواب بل (والأفصح) لأنهم أجازوا أن يؤنثوا الاسم المذكر إذا رادفه اسم مؤنث وبالعكس. وقد المع إلى هذا القول جميع النحاة ولما كان الصراخ هنا بمعنى الصيحة جاز أن يؤنث الفعل العائد إليه فيتحصل مما تقدم بسطه أن يتأنى المنتقد في كلامه وأن ينطق بما ينطق عن روية لا عن هوى فأن الهوى يعمي ويصم: وإذا توعر بعض ما تسعى له ... فاركب من الأمر الذي هو اسهل طعيريزات شيء وعريسات شيء آخر وقفت على الجزء الثامن من (لغة العرب) فرأيت فيها نبذة من تحرير الفاضل إبراهيم حلمي أفندي في (طعيريزات) فراقني جداً. لولا أنه زعم تبعاً للأعرابي المصاحب له أن (عربسات) هي (طعيريزات) والحق أنها ليست إياها. فأن عريسات موقعها خلف الرحبة إلى الغرب بمقدار ثلاث ساعات كما اخبرني مدير مال السماوة الحالي علي أفندي البغدادي، قال: خرجت وأنا مدير مال النجف قبل سنوات مفتشاً في زكاة الأغنام إلى الرحبة وما والاها فرأيت عريسات بمكان بين الرحبة والقادسية والشقيق، وأدخلت خادماً لي في سربها فدخل قليلاً ثم عاد ولم يخبرني بشيء لما عرض له من الظلمة والوجل: قال: وفي الأخيضر

باب المشارفة والانتقاد

سرب مثل سربها دخلته ووصفه لي وصفاً مجملاً. هذا ما أردت أن أثبته خدمة للحقيقة والسلام. محمد ابن الشيخ طاهر السماوي باب المشارفة والانتقاد 1 - نقائض جرير والفرزدق في 3 مجلدات ضخمة بقطع الربع - كلما قرب كلام العرب وشعرهم من عهد الجاهلية حرصنا عليه وعلى جمعه لأنه يكشف لنا عن اللغة العربية المحضة وعن عوائد أصحابها وأخلاقهم التي تغيرت بتغير الزمان. - ولقد انتبه المستشرقون إلى هذه الحقيقة فاخذوا يبحثون عن كتب شعراء الجاهلية والمخضرمين وصدر الإسلام وكلما ظفروا بها عنوا اشد العناية بجمع نسخها المتفرقة ومقابلتها ونشرها بأمانة لا أمانة بعدها. وهذا الفرزدق مشهور بمتانة شعره وجزالته وفخامته وشدة آسره وهو من صدر الإسلام الأول. وقد اولع حضرة المستعرب الكبير الظي آشلي بفان من مستشرقي الإنكليز البعيدي الغور في معرفة آداب العرب وأشعارهم فجمع نقائض جرير والفرزدق في مجلدين كبيرين ضخمين. يبلغ عدد صفحاتهما 2000 صفحة ما عدا الصفحات الإفرنجية والتذييلات التي تبلغ في المجلدين 40 صفحة وقد ذكر الواقف على نشره في الصفحات الأولى مقالاً باللغة الإنكليزية بين فيه ما لكل نسخة من النسخ الثلاث من المزايا وهي نسخة اكسفرد ولندن واستراسبورغ. وبحث عن كل واحدةٍ منها بحثاُ نعما ودقق فيها النظر حتى بلغ من التحقيق. وقد بدأ بطبع الجزء الأول سنة 1908 وانتهى من طبع الجزء الأخير وهو الثالث سنة 1912. ولما اخذ يطبع الجزء الثالث ويبوب له الفهارس المختلفة العميمة الفائدة وقف على نسختنا الخطية الموجودة في دير المبعث في بغداد فتكلم عنها كلاماً يشف عن سعة علم ونقد بصر دقيق وانتفع منها. واهتم بها اشد الاهتمام. وهذا الجزء الثالث يحوي أربعة فهارس ومعجماً وخاتمة وتذييلات.

ففي الفهرس الأول ترى ذكر القصائد مرتبة بحسب رويها وبحرها. وفي الفهرس الثاني ذكر ما ورد من المعارضات والعبارات الشبيهة لما جاء في شعر الفرزدق. وفي الفهرس الثالث أسماء المشاهير الذين ذكروا في الديوان من رجاله وقبائله وغيرها. وفي الفهرس الرابع سرد أسماء المدن والمواقع والديار التي وردت في تضاعيف الديوان. وكل هذه الفهارس على حروف المعجم مما يسهل على الباحث الوقوع على كل ضالة ينشدها في هذا السفر الشبيه بالبحر الخضم. وبعد أن بوب الفهارس وجعل محتويات الكتاب على طرف الثمام نسق المعجم فحشاه بجميع الألفاظ العويصة التي وردت في مطاوي الكلام مع ذكر عدد الصفحة والسطر الذي توجد فيه فانظر إلى هذه العناية العظيمة التي بذلها هذا الرجل الكبير في تيسير كل ما يطلب في كتابه. ثم بعد ذلك ذكر أمراً لم يسبقه إليه سابق وهو سرد الكلم والعبارات الفارسية التي وردت في هذا السفر البليغ وختم هذا الجزء الثالث العجيب الترتيب والترصيف بتذييلات وإضافات وتصحيحات زادت محاسنه على ما فيه من المحاسن التي لا يمكننا إلا أن نشير إليها إشارة إذ ليس الخبر كالخبر وقد بلغت صفحات هذا الجزء الثالث 644 وقيمة الجزء الأول والثاني 67 فرنكاً و50 سنتيماً وقيمة الجزء الثالث 42 فرنكاً و50 سنتيماً. وقد طبع بمطبعة بريل في ليدن من ديار هولندة وكاغده من أجود الكاغد وأثمنه. ويسوؤنا أن نقول أن فيه عيباً وهذا العيب هو حروفه فأنها غير جميلة بل قديمة الطراز قبيحة الرسم شوهاء المنظر؛ ولهذا تأسفنا اشد الأسف لوجود هذه الشائبة فيه: ولا سيما لأن كتابة بعض حروفه مخالفة لأصول الكتابة العربية فأن الكلمة جحاجح مثلاً وما شابهها من الكلم التي فيها الجيم والحاء والخاء يزيد فيها سناً فيكتبها بخلاف الأصول المتعارفة وهذا عيب فاضح. وما عدا ذلك فأن الكتاب درة من الدرر الغوالي:

ولعلك تجد السعر فاحشاً. ولكن لو رأيت ما فيه من المحاسن لقلت أنه ليس شيئاً يذكر ولعل هناك سبباً آخر يمنع بعضهم من شراء هذا الكنز وهو كثرة ما فيه من الأبيات التي تخجل أناس هذا العصر. وتمجها آدابهم لكن العتب على الناظم لا على الطابع. ولا شك أنه أراد ناشره أن يطبع منه نسخة تكون لأبناء المدارس يحذف منه هذه المنديات ويطهر الكتاب من هذه الأوساخ الشائنة حرصاً على حفظ الآداب. 2 - كتاب آداب العرب تأليف إبراهيم بك العرب قررت نظارة المعارف العمومية طبع هذا الكتاب على نفقتها وتدريسه في المدارس الابتدائية بنين وبنات. وفي مدارس المعلمات السنية ومدارس معلمي الكتاتيب. - حقوق الطبع محفوظة للنظارة -. المطبعة الأميرية بمصر 1911. ما تراه هنا ليس اسم كتاب بل اسم درة ترصع بها تيجان الملوك. ويتنافس في اقتنائها كل من يود اكتناز الخزائن النفيسة التي لا يتطرق إليها الفناء أو الفساد. - وهذه الدرة هي عبارة عن أمثال حكمية منظومة نظماً رائعاً رائقاً يلج الأذن بلا أذن ويصل القلب بدون أدنى تكلف. أقوالها آية في البلاغة والحكمة فهي كتاب كل إنسان يريد أن يجمع إلى بلاغة الإنشاء وسلاسته حكمة سليمانية وعقلاً صائباً لقمانياً. ومع كل هذا التقريظ الذي هو دون ما يستحقه هذا السفر الجليل فأنه لا يخلو من بعض أغلاط طبع أو لغة أو تعبير من ذلك ما جاء في ص 89 قوله: الأرنب وطير الشرشور ولو قال الأرنب والشرشور لكان احسن لأنك لا تقول مثلاً: (العقاب وحيوان الحمار). بل والحمار أو والحيوان الحمار أو والحمار الحيوان. وكذلك يقال والشرشور أو الطير الشرشور أو الشرشور الطير. وقال في حاشية تلك الصفحة (طائر يسمى الرقش والأصح البرقش وقال: في تلك الصفحة يجتمعان في الدجى والفجر، ذلك في العش وذا في الجحر) والحال أن (ذلك) ترجع إلى الأرنب. و (ذا) ترجع إلى الشرشور كما هو مقرر في كتب القوم. من رجوع أسماء الإشارة إلى مدلولاتها

البعيد للبعيد والقريب للقريب. فإذا سلمنا ذلك فكيف يكون العش للأرنب والجحر للشرشور وإنما الأمر بالعكس. وقال أيضاً فيها: حتى رآه بسراي الملك ... في قفص ليس له من مسلك ولو قال (ببلاط الملك) لكان احسن. لأن السراي كلمة تركية حديثة الدخول في العربية. وأما البلاط فأنها رومية قديمة في لغة قريش. على أن كل ذلك هو بمنزلة غبار دقيق يغشى ضياء هذه الدرة البديعة المتلألئة ولا جرم أن المؤلف إذا أعاد طبع هذا الكتاب (ويكون ذلك عن قريب) ينزهه عن كل عيب ولو كان لا يبين لكثيرين. والكتاب بديع الطبع مضبوط بالشكل الكامل مطبوع على كاغد فاخر. كل ذلك حسنات قلما تجتمع في كتاب واحد. 3 - أمثال الشرق والغرب جمعة يوسف توما البستاني. حقوق الطبع محفوظة. طبع بمطبعة اليوسفية بمصر سنة 1912 كثير تصدوا لجمع بعض الكتب الأدبية واغلبهم كانوا كحاطبي ليل لأنهم جمعوا بين البعرة والدرة وأما حضرة يوسف أفندي البستاني فأنه جمع بذوق سليم أمثال الشرق والغرب فأصبح كتابه ديواناً يجد فيه المطالع حكمة سكان الخافقين ويمكنه أن يقابل فيه بين أمثال وأمثال. وقد بوب مواضعه أبواباً تسهل على الطالب الرجوع إلى ضالته بدون أدنى عناء. - وكنا نود أن تكون عبارته صحيحة لا شائبة فيها إلا أنه ورد مثلا في ص 93: لقد كنت مغبوطاً فأصبحت مرحوماً ولئن كنت مرتفعاً فقد أصبحت متضعاً. ولو قال: وأني وإن كنت مرتفعاً. . . لكان اصح وافصح وكثيراً ما استعمل لئن في غير موقعها. والظاهر انه لم يرد أن يقوم أود الكلام حرصا على اصله المنقول عنه. وقال ص 94 ولما فرغت الفلاسفة من الكلام قامت زوجة اسكندر (روكسندرة) ابنة الملك داريوس ملك العجم. والأصح أن تورد أسماء الشرقيين بموجب ما ينطقون بها لا بموجب ما يرويه الإفرنج ولفظة روكسندرة لا توافق رواية الشرقيين ولا رواية الغربيين. أما الشرقيين فيسمونها (روشنك) وأما الإفرنج فيعرفونها باسم (روكسان وأما داريوس فالأصح أن يقال فيه (دارا) كما هو مشهور لأن داريوس هي من رواية الإفرنج.

وما هذه الأمور إلا طفيفة والكتاب جدير بالاقتناء لاحتوائه على مفاخر حكم الشرق والغرب. 4 - كتاب المسلك الحميد، من مريم العذراء إلى يسوع المجيد تأليف الخوري عبد الأحد جرجي البغدادي تلميذ مدرسة الآباء الدومنيكيين طبع في مطبعة الاتحاد في بيروت سنة 1912 في 626 صفحة وقيمته 6 غروش وربع صاغ. كتاب تتدفق مياهه من معين الأباء أئمة القداسة والعبادة، سهل العبارة، حسن التأليف والتبويب، لا يطالعه القارئ إلا وينشأ في قلبه شواعر حب لمريم العذراء ولابنها يسوع. وقد اعتمد المؤلف في كل ما كتبه على عقيدة القديسين والكتبة الراسخي القدم في الإيمان والآداب والتقى. ولهذا نحض السالكين إلى الحق أن يستعينوا بنور هذا المصباح الزاهر إذ يجدون فيه كل ما تتوق إليه نفوسهم ويحفظهم في سبيل الصلاح والورع. 5 - رسالة التكملة في عمدة مواعظ نهج البلاغة. تأليف سيد الفقهاء والمجتهدين، حجة الإسلام والمسلمين، السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي، مد ظله العلي، في 33 صفحة بطبع الثمن طبعت في مطبعة الحبل المتين في النجف سنة 1330 ويليها: 6 - رسالة مسلك الذهاب، إلى رب الأرباب (في 24 صفحة) للمؤلف المذكور أيضاً 7 - مختصر الوقعة (أي وقعة كربلاء) طبع في مطبعة الحبل المتين في النجف سنة 1330 في 32 صفحة 8 - أرجوزة في علم المنطق لجناب العالم الفاضل الكامل المحقق الشيخ موسى ابن المرحوم المغفور له. الفاضل النحرير التقي النقي الشيخ حسن الفلاحيين قدس سرهما. وقد صادف طبعه في غرة شهر الربيع الثاني سنة 1320. طبعت في مطبعة الحبل المتين في النجف الأشرف في 36 صفحة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

9 - مختصر الكلام في وفيات النبي والزهراء والايمة عليهم السلام انتخبناه من كتاب الإيفاد لسيد العلماء الأعلام، حجة الإسلام، السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي، دام ظله العالي. طبعت في مطبعة (حبل المتين) في النجف سنة 1330 في 48 صفحة 10 - كتاب كشف الغواية، عن الكتاب المسمى بالهداية (تأليف فريد العصر، وحيد الدهر، علامة زمانه، وفريد أوانه، العالم النبيل، والسيد الجليل، السيد أسد الله المجتهد، الخارقاني.) وفي آخر الكتاب الذي ينتهي في آخر الصفحة 94 يقول المؤلف: (تمت المقدمة وإنشاء الله (كذا) يليها الجزء الأول النجف الاشرف. طبعت في مطبعة حبل المتين. (كذا) سنة 1329 تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - أثمان الأطعمة في بغداد في هذه السنة وأثمانها قبل 15 سنة إذا أردت أن تقف على أمر الغلاء في حاضرتنا قابل أسعار الأطعمة في هذا اليوم مع أثمانها قبل 15 سنة والنتيجة الآتية: قبل 15 سنة كانت حقة الخبز (وهي عبارة عن أربعة كيلو غرامات) بغرشين ونصف من الغروش الصحيحة أما اليوم فبستة غروش كان ثمن حقة لحم الغنم قبل 15 سنة 5 غروش صحيحة وأما اليوم فثمنها 24 كان ثمن حقة لحم البقر قبل 15 سنة 3 غروش صحيحة وأما اليوم فثمنها 18 كان ثمن حقة السمن (الدهن) قبل 15 سنة 16 غرشاً وأما اليوم فثمنها 40 كان ثمن حقة الية الغنم (اللية) قبل 15 سنة 12 غرشاً وأما اليوم فثمنها 36 كان ثمن حقة لسان واحد من ألسنة البقر قبل 15 سنة 1 غرش وأما اليوم فثمنها 5 كان ثمن حقة المعلاق قبل 15 سنة 20 بارة وأما اليوم فثمنها 3 غروش كان ثمن حقة سمك البز قبل 15 سنة 4 غروش وأما اليوم فثمنها 18 غرشاً

كان ثمن حقة السمك مهما كان 2 غرشين وأما اليوم فثمنها 10 غروش كان ثمن حقة بالغاء الغنم الكاملة (طخم باجة) وهي عبارة عن راس ويدين ورجلين وكرش وأنفحة (شردانة) قرشاً ونصفاً واليوم 6 غروش. كانت تباع 12 بيضة بغرش واحد صحيح وأما اليوم فتباع بثلاثة غروش كانت تباع حقة الشعير بغرش واحد. واليوم بثلاثة غروش كان ثمن حقة الأرز بثلاثة قبل 15 سنة بثلاثة غروش أما اليوم فتباع بستة ونصف كان ثمن حقة الفاكهة (الميوة) بقرش واحد أما اليوم فتباع 3 كان ثمن حقة الخضراوات بقرش 1 أما اليوم فتباع 3 وقس على ما مر سائر ما يباع في الأسواق. وليس من يفكر بتعديل هذه الأثمان الفاحشة التي يتشكى منها كل الناس. 2 - الدعاء لنصرة جيوش الدولة في الساعة الواحدة بعد ظهر نهار الاثنين 3 شباط اجتمع في ثكنة العسكر جميع من دعي من أمراء الجند ورؤساء الدواوين الملكية وجم غفير من الاهلين للدعاء لنصرة جيوش الدولة. فلما كانت الساعة الثانية قرأ الوازع (أمير الالاي) شكري بك عن لسان والي الولاية حضرة محمد زكي باشا خطاباً باللغة التركية ثم عقبه اثنان من طلبة العلم وتلوا خطابين عربيين ثم تقدم نقيب الأشراف وتلا دعاءً بليغاً حوى التضرع للبارئ سبحانه بنصرة الجيش العثماني على أعدائه ورددت الموسيقى ثلاثاً (ليعش سلطاننا كثيراً) وبعد ذلك مرت الجيوش بنظام تام ثم انتثر عقد الأنام. 3 - الأشقياء في قرفة وأبي غريب في جوار قرفة وأبي غريب (في حدود ولاية بغداد من جهة الموصل) أشقياء أصلهم من أكراد الزنكنة (المعروفين عند العرب في سابق العهد ببني ساسان) (والدلو والطلبانية وقد شردوا من وجه الحكومة العثمانية التي تتاثرهم لجرائم اقترفوها أو لافتراءات خافوا سوء عاقبتها فأقاموا بين العشائر الإيرانية القريبة من التخوم العثمانية واتخذوا لأنفسهم الشقاوة صنعة ومورد رزق فكلما وجدوا فرصة دخلوا الحدود العثمانية من قضاءي خانقين

وخراسان فقره تبه فأبي غريب حيث يصادفون القوافل القادمة من بغداد أو الذاهبة إليها فيقتلون بعض رجالها ويسلبون أموالها ويرجعون بغنائمهم إلى من حيث أتوا بدون أن تجد فرسان لدرك الوقت اللازم لتعقبهم وتنكل بهم. - ويبلغ عدد هؤلاء الأشقياء ثلاثين أو أربعين فارساً متمرناً على الرماية والفروسية ولهذا يحتاج القبض عليهم إلى قوة من جند الدرك أو النظامية تعادلهم أو تزيدهم عدداً وعدداً كما انه ينبغي أن تخصص هذه القوة بتأثرهم الأشرار بدون أن تشغل بعمل آخر غير أن مدير ناحية قراتبة واسمه عبد العزيز آغا وهو من عشيرة الزنكنة في هذا القضاء اخذ من رجاله هذه المرة الأخيرة بضعة عشر رجلا وأضاف إليهم ما لديه من فرسان الدرك وتأثر هؤلاء الأشقياء الأشرار بنفسه فاسترد منهم أموال قافلة بتماهها وقتل فرسين لهم ولكنهم نجوا منه لتفوقهم عدداً وعادوا إلى من حيث آتو. ولقد سبق لهؤلاء الأشقياء الأشرار التعرض للقوافل بين السليمانية والصلاحية في سنكاو قبل بضعة أشهر فقتلوا ضابطاً برتبة يوزباشي. وحبذا لو تعمل معاً ولايتا الموصل وبغداد لتتفقا على استئصال شافتهم ولا تدع أمرهم للقدر والقضاء فأن شرهم قد استفحل وصبر الأمة قد نفذ. حقق الله الأماني! لمكاتب فاضل 4 - تصرم حبال الأحزاب في البصرة اتفق أشراف البصرة وزعماؤها وأعيانها على أن يتركوا الأحزاب السياسية على اختلاف أنواعها وأن لا ينتموا إلى حزب أو جماعة وتعاهدوا على أن يكونوا يداً واحدة عاملة في حفظ الوطن وسلامته 5 - زيادة مياه الفراتين زادت مياه دجلة والفرات في هذا الشهر اثر الأمطار الغزيرة التي وقعت في شهر كانون الثاني. وقد زاد الفرات زيادة كافية ليجري منه الماء إلى الحسينية إلا أن هذا الماء غير وافٍ بالمقصود

6 - راتب ابن السعود أبلغت الحكومة العثمانية مشاهرة الأمير عبد العزيز ابن السعود إلى 150 ليرة عثمانية 7 - قتل ناظم باشا والي بغداد السابق ناظم باشا يعد من ولاة بغداد الكبار وقد أقرت الحكومة بفضله فقلدته أمراً ذا خطر في المملكة وهو منصب نظارة الحربية وقيادة الجيش العامة. وقد أنبانا البرق انه قتل في الأستانة في 24 من الشهر الماضي وقتل معه اثنان من حاشيته. ودفنوا جميعهم بأبهة عظيمة. 8 - مجتمعات المسلمين لخير الدولة اجتمع المسلمون نهار الجمعة 7 شباط في جامع الشيخ معروف الكرخي وكان عدد العلماء المدعوين 33 وطلبوا إلى الله قهر أعداء الدولة. واحتشدوا أيضاً في الثكنة نهار الاثنين في 10 شباط وفي 19 منه أيضاً لهذه الغاية عينها. 9 - دعاء الإسرائيليين لنصر الدولة اجتمع الإسرائيليون صباح 11 شباط في اعظم كنيس لهم ليطلبوا إلى الله نصر الدولة العثمانية فشهد الحفلة أكابر الإسرائيليين وسراتهم وفقراؤهم من رجال ونساء من شبان وشابات من أطفال وشيوخ وممن حضر الأدعية والي الولاية ووكيل آمر الموقع ورؤساء الدواوين العسكرية والملكية وبعد الصلاة انتثر عقد المجتمعين بكل هدوء وسلام. 10 - الدعاء في بيعة الكلدان في نهار الجمعة 14 شباط اجتمع الكلدان في كنيستهم الكبيرة وتضرعوا إلى الله أن يوفق الدولة في مساعيها وأن يدفع عنها كل الضرر حقق الله الآمال. 11 - تخلية سبيل مشايخ عشيرة آل فتلة ظهر اليوم للعيان بأدلة ناصعة أن مشايخ آل فتلة أبرياء مما اتهموا به وحالما اتضح الأمر لأصحاب الحل والربط أطلقوا من سجنهم في 13 شباط بإرادة سنية ونحن نهنئهم بهذا الفوز المبين ونطلب لهم إلى الله أن يحفظهم من كل ضرر ومن كيد الكائدين والمفسدين.

ألفاظ عوام العراق

12 - سفر المسيو بولس ب. يوينوي في 15 شباط غادر مدينتنا الزارع العالم الأديب المسيو بولس ب يوينوي وهو شاب فاضل عارف بالزراعة حق المعرفة وقد أتى ديار العراق وما والاها ليبحث عن النخل وغرسه والعناية به. وقد أتى باسم جمعية تهتم بغرس النخل في بستان معروف باسم بساتين الهند الغربية في التادنا (من ديار كاليفرنية) وقد اخذ من بغداد 1300 تالة اغلبها من الزهدي (الازاذ) وهو يأخذ مثل هذا المقدار من البصرة. ويشتري أيضاً مقادير عظيمة من ديار مصر والجزائر مراكش وتونس. وقد غرس الأميركيون قبل 25 سنة شيئاً من نخل العراق فجاء على احسن ما يرجى ويؤمل. حتى أن حجم الجذوع زاد هناك عن حجمه هنا بكثير. وقد ألف الرجل المذكور مقالات في هذا الموضوع ونشرها في المجلات الأميركية. ولابد أننا نتعرض لذكرها. وقد علق في مذكرته أشياء كثيرة عن غرس هذا الصنف من الأشجار وله نية أن يدون كل تلك الفوائد في سفر ضخم. ويجمع أيضاً كل ما كتبه العرب في السابق. وقد أقام عندنا مقدار سبعة أسابيع مع أخيه. وكان أخوه قد سبقه بأسبوعين إلى البصرة. أوصلهما الله إلى ديارهما بسلام! 13 - زيادة دجلة وضعف الأسداد أخذت دجلة بالزيادة بعد تساقط الأمطار في هذا الشهر وفي الشهر المنصرم. والناس يخافون الطغيان لأن الاسداد غير محكمة الصنع. أعاذنا الله من الغرق. ألفاظ عوام العراق آشكاره بمعنى واضح وبين وجلي تركية الأصل وهي كثيرة الاستعمال بمعناها الأصلي واغلبهم يقولون: اشكراه بتقديم وتأخير في الحروف. آغا أو آقا كلمة مشهورة واغلبهم يتلفظون بها بالهمز لا بالمد. آغر آغر تركيتان يستعملهما بعضهم بمعناهما أي رويداً رويداً اقتارمة أو آقطارمة أو اخطرمة هو النقل والكلمة من أصل تركي. أستعملها أصحاب المراكب. ويريدون بها نقل البضائع من مركب إلى مركب

العدد 22

العدد 22 - بتاريخ: 01 - 04 - 1913 الكتابة في العراق 1 - تمهيد اثبت اليوم علماء البحث والتنقيب أن الكلدانيين سكان وادي الرافدين دجلة والفرات هم اسبق الأقوام إلى وضع الكتابة على طريقة الأهجئة أو المقاطع. ثم ما عتم أن انتشر أسلوبهم بين اظهر الآشوريين لسهولته فاستطار بين الأجيال المنبثة في شمالي أرمينية وشرقيها. ثم بين الأمم المتوطنة ديار ماذية وشوشن وفارس. ولم يزل في انتشار، وامتداد وعيار، حتى عصور النصرانية الأول.

هذا مجمل ما يقال في هذا الباب الواسع المجال، أو في هذا الموضوع الخطير البال. ولهذا يتمثل لك خيال وادي السلام بصورة شيخ جليل هو أبو الكتابة والكتب والكتبة، بيده قلم تتساقط منه رشاش مدادهِ على الطاباق والرق والورق والجدران ما خلد ذكر أمهات مدن العراق ابد الدهر. ومن هذه الحواضر (أور) (التي تعرف اليوم باسم المقير وهي مهجر إبراهيم الخليل) وأريدو (أي أبو شهرين ومعناها ذو البلدتين) واوروك (الوركاء) ونبور (نفر) وأما (جوخي) ومارو (أم العقارب) ونيسي (دريهم أو دليهم) ولجش أي تلو (المقصورة) عن تل اللوح وسبارة أو سفارة (البو حبة) ولارسا (سنكرة) وبورسبا (برس نمرود أو البرس) وكوثي ربَّا (حبل أو تل إبراهيم) ودور كوريجالزو (عقرقوف) والكوفة وبغداد والأنبار والحيرة وسامرا وغيرها مما يطول تعدادهُ. ولجميع هذه المدن بل ولكل واحدة منها حصة وافرة من آداب لغة العرب القديمة والمخضرمة والحديثة والعصرية. ولهذا لا نغالي إن قلنا: العراق منبعث أنوار العلم ومصدر معارف البشر وملتقى الأقوام المتنورة وملتقط أنباء المؤرخين والأخباريين والأثريين والباحثين والمستقرين أصحاب التحقيق والتدقيق. تشهد على ذلك أوراقهم ومهارقهم ودفاترهم وأسفارهم ومؤلفاتهم صغيرها وكبيرها حتى أنها اكتظت منها. ظل العراق حافلاً بالعرب الأولين حتى جاء الإسلام فكان العراقيون احفظ الأقوام باللغة الفصحى من غيرهم بها، وهي تلك اللغة لغة البطحاء وأم القرى، لغة قريش

القبيلة الشريفة الكريمة السمحة ذات الجود والقرى. العراق وأن لم يكن صاحب هذه اللغة ومنشئها إلاًَّ انه أبو آدابها؛ فهو الذي أفرغها في قالب لغة علمية وفسح لها موطناً بين سائر اللغات أخواتها وضرائرها، فكان هو أول مدرسة لها، بل مدرسة النبوغ، وأصبح يضم بين أحنائه وترائبه طوائف فنون الكتابة والكتاب وبين هؤلاء تجد النابغة الفذ، والمترجم النقاد، والخطيب المفوهّ، والكاتب المجيد، ذلك الكاتب الذي يجمع إلى كتابة الرسائل تصنيف الأسفار الضخمة وإنشاء صحف القضاء، ودواوين الجند، واوارجة الخراج، وجرائد المساحين، ودفاتر الشرطة. الكتابة هي مبدأُ تلك الحياة العقلية، وجرثومتها العلمية. ولهذا يحسن بنا أن نحصر الكلام في دائرتها لكي لا يتسع الخرق علينا نقول: 2 - تطورات الخط أو أدوار الكتابة للكتابة العربية تطورات شتى تنقلت فيها من حالٍ إلى حالٍ، وتلك الأطوار لا تشمل حياتها المادية فقط، بل حياتها الأدبية والعقلية وأشهرها ثلاثة مواقف وهي: موقف في الحيرة قبل ظهور الإسلام بردح من الزمن، وموقف في الكوفة، وموقف في بغداد والثلاثة كلها جمعاء عراقية صميمة كما ترى. 3 - الموقف الأول وهو طور الخط الحيري أو الانباري أو الجزم أما شهادة المؤرخين على الموقف الأول فقد نطق بها كثيرون من مؤرخي العرب الأقدمين، إلاَّ أننا نجتزئ بذكر شهادة أقدمهم وهو البلاذري فقد قال في كتابه فتوح البلدان (ص 471 من طبعة الإفرنج) ما هذا نقله (حدثني عباس بن هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه عن

جده وعن الشرقي بن القطامي قال: اجتمع ثلاثة نفر من طيىء ببقة وهم: مرامر بن مرة واسلم بن سدرة وعامر بن جدرة فوضعوا

الخط وقاسوا هجاء العربية على هجاء السريانية، فتعلمه منهم قوم من أهل الانبار، ثم تعلمه أهل الحيرة من أهل الانبار. وكان بشر بن عبد الملك أخو اكيدر بن عبد الملك بن عبد الجنّ الكندي ثم السكوني صاحب دومة الجندل يأتي الحيرة فيقيم بها الحين، وكان نصرانياً، فتعلم بشر الخط العربي من أهل الحيرة، ثم أتى مكة في بعض شانه فرآه سفيان بن أمية بن عبد شمس، وأبو قيس بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب يكتب فسأَلاه أن يعلمهما الخط فعلمهما الهجاء. ثم أراهما الخط فكتبا ثم أن بشراً وسفيان وأبا قيس أتوا الطائف في تجارة فصحبهم غيلان بن سلمة الثقفي فتعلم الخط منهم وفارقهم بشر ومضى إلى ديار مضر فتعلم الخط منهُ عمرو بن زرارة بن عدس فسمي عمرو الكاتب ثم أتى بشر الشام فتعلم الخط منه ناس هناك وتعلم الخط من الثلاثة الطائيين أيضاً رجل من طابخة كلب فعلمه رجلاً من أهل وادي القرى، فأتى الوادي يتردد فأقام بها وعلم الخط قوماً من أهلها.) اهـ ومما تقدم بسطه ترى انه من الصواب سمي هذا الخط بالخط الحيري أو الانباري إشارة إلى معدن نقله أو وضعه أو تعلمه. ويسمى أيضاً: (الجزم) إلاَّ أن العرب قالوا في سبب تسميته به قولاً جمعوا فيه الصحة إلى الضعف وقد لخصه صاحب القاموس بهذه الكلم: (الجزم هذا الخط المؤلف من حروف المعجم لأنهُ جزم أي قطع عن خط

(حمير) فقوله جزم أي قطع عن خط آخر صحيح إِلاَّ أنه لم يصب في تعيين اسم هذا الخط بخط حمير. فالأصح الموافق للاكتشافات العصرية ولأقوال العرب أنفسهم هو أن يقال لأنه جزم عن خط السريان أي الاسطرنجيلي. وأما الخط المسند أو خط حمير فهو خط آخر لا مشابهة ولا مناسبة له مع الجزم. والمسند عبارة عن حروف تكتب منفصلة بعضها عن بعض. وإنما نسب إلى حمير لما كان لملوكهم من النفوذ العظيم في العرب أو لأنه كان خاصاً بحمير فقط ومنهم اقتبسه سائر الناس في ديار الحبش وغيرها من البلاد المجاورة لليمن. ولم تكن قريش تعرف المسند بل كانت تكتب بالجزم قبيل الإسلام ولذلك قال رجل كندي من أهل دومة الجندل يمن على قريش: لا تجحدوا نعماء بشر عليكم ... فقد كان ميمون النقيبة أزهرا أتاكم بخط الجزم حتى حفظتم ... من المال ما قد كان شتى مبعثرا فأجريتم الأقلام عوداً وبداة ... وضاهيتم كتاب كسرى وقيصرا وأغنيتم عن مسند الحيّ حميراً ... وما كتبت في الصحف أقلام حميرا وما زال ذلك الخط يعرف بالجزم قبل الإسلام حتى اختط المسلمون (كوفة الجند) فأصبحت قاعدة تلك البلاد. فاستعمله أهلها فنزع منه لقبه الأول واشتهر بالكوفي. وهذا هو دوره الثاني. إلاَّ أنه اشتهر في ذلك العصر خط آخر هو أصل الخط النسخي المعروف في عصرنا هذا وهو الخط الذي كان يظن أنه من وضع ابن مقلة على أن مكتشفات المستشرقين والعرب العصريين فندت هذا القول القائل وقد

ظهر للعيان أن للخط النسخي مشابهة عظيمة للخط النبطيّ الذي كان معروفاً عند تجار النبط في جوار سلع والبتراء ونواحيهما. وهذا الاكتشاف يحدو بنا إلى أن نقول أنه كان قبل ظهور الإسلام خطان عند العرب: خط له مشابهة كلية للآرامي الاسطرنجيلي وهو المعروف بالجزم وكان يكتب به العرب المجاورون لديار العراق. وخط كان له مناسبة بينة لخط الأنباط وهو الخط النسخي. وكان يكتب به العرب المجاورون لديار الشام وكان يعرف بالخط الجليل (عن القلقشندي) وقد أشار إلى وجود هذا القلم الأخير ابن النديم في كتابه إذ يقول: أول من وضع الخط العربي. . . قوم من العرب العاربة نزلوا في عدنان بن ادّ. . . فلما استعربوا وضعوا الكتاب العربي. . .) وأما وجود مثال من الخط العربي النسخي قبل الهجرة فظاهر مما يحرز في دار الكتب الخديوية وقد كتب على البردي أو على الخشب أو على نحوهما مما لا يبقي ريباً في هذه الحقيقة التي أصبحت في قيد الحقائق المكينة التي لا تتزعزع. ونسبته إلى ابن مقلة خطأ اللهم ألاّ أن يقال لأنه حسنه وصوره على أبدع صورة فيجوز ذلك من باب التوسع في وضع معاني الألفاظ لا من باب الحقائق التاريخية المقررة. 4 - الموقف الثاني وهو طور الخط الكوفي كانت الغاية من وضع الخط تقييد ما يراد إثباته على تراخي أستار الأزمان أو اطلاع آخر على فكر الكاتب أن كان بعيداً عنه أو قريباً منه أن زماناً وأن مكاناً فكان رسم الحروف أو نقشها أو حفرها ليس من الشان في شيء. وكان كاتب النعمان بن المنذر وغيره من زعماء العرب لا يعرفون

إلاَّ خط رسائل الملوك ورقعهم المنفذة إلى العمال. ولم تكن كتابتهم كتابة تدوين العلوم لأنها كانت يومئذٍ تابعة لحالة أدب العرب وكان اغلب العرب عهدئذٍ لا يعنون بشؤون العمران والتمدن إلا عرب اليمن فانهم كانوا أرقى حالاً وحضارةً من سواهم. فلماذا دان العرب بالإسلام وانتشر في البلاد هو والقائمون به واحتاج المسلمون إلى مجاراة الأمم الراقية المعاصرة لهم رفضوا تلك السذاجة والبداوة وطرقوا بابي التدوين والتأليف ولا سيما من احتل منهم ديار الشام والعراق ومما اضطروا إلى وضعة كتب القضاءِ ودواوين الخراج لوجود الذميين في بلادهم وتقييد ما يؤخذ منهم لكي لا يعودوا إلى أخذه ثانية حفظاً لذمتهم من مال الظلم والخداع. لبثت الكتابة بعيدة عن الترجمة في بادئ الأمر لأن العرب لم يكونوا قد احتكوا بعد بأمم العالم احتكاكاً تاماً. بل كانوا في بدءِ الاختلاط لا يعرفون الحضارة ولا ضخامتها الزاهرة فصح لنا أن نسمي الخط الكوفي (بخط الفتوح والانتشار) لا خط الفن والعلم لأن حظه من ذلك الاسم أوفى وأوفر. ألم تزل اغلب الآثار العربية الإسلامية في شرق البلاد وغربها بالخط الكوفي كما أن اغلب المخطوطات القديمة هي بالخط النسخي الذي حسنه ابن مقلة فصار خط العلم والأدب، خط الإنشاء والتحرير، خط التنميق والتحبير. وهذا هو طور الكتابة الثالث. الموقف الثالث وهو طور الخط النسخي قد تقدم القول على أن النسخي كان معروفاً قبل الإسلام لكنه لم يكن

شائعاً إلا في شمالي جزيرة العرب من جهة ديار الشام. فلما اخذ العرب بالتبسط في العمران ورأوا صعوبة الخط الكوفي، ولا سيما عدم انقياده لسرعة الكتابة إجابة لسرعة الخاطر، عدل الناس عنه إلى الخط النسخي وكان ذلك في أواخر خلافة بني أمية وأوائل خلافة بني عباس على ما نقله القلقشندي في كتابه (صبح الأعشى في كتابة الإنشاء) المطبوع منه الجزءُ الأول في مصر القاهرة. ثم قال: (أن كثيراً من كتاب زماننا يزعمون أن الوزير أبا علي بن مقلة (المتوفى سنة 328هـ - 939م) هو أول من ابتدع ذلك وهو غلط. فأنا نجد من الكتب بخط الأولين فيما قبل المئتين ما ليس على صورة الكوفي بل يتغير عنه نحو هذه الأوضاع المستقرة قال أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب: يقال أن جودة الخط انتهت إلى رجلين من أهل الشام يقال لهما: الضحاك واسحق بن حماد وكانا يخطان (الجليل) (قلنا هو هذا الخط النسخي في أول عهده نقلا عن الأنباط). قال صاحب إعانة المنشئ: وكان الضحاك في خلافة السفاح أول خلفاء بني العباس وإسحاق بن حماد في خلافة المنصور والمهدي. . . وانتهت رئاسة الخط بمصر إلى طبطب المحرر جودةً وأحكاماً. . . وكان أهل مدينة السلام يحسدون أهل مصر على (طبطب) و (ابن عبد كان) يعني كاتب الإنشاء لابن طولون. ويقولون: بمصر كاتب ومحرر ليس لأمير المؤمنين بمدينة السلام مثلهما. قلت (أي القلقشندي) ثم انتهت جودة الخط وتحريره على راس الثلاثمائة إلى الوزير أبي علي محمد بن مقلة وأخيه أبي عبد الله. قال صاحب

الشيخ محمد سعيد السويدي

إعانة المنشئ: وولدا طريقة اخترعاها؛ وكتب في زمانهما جماعة فلم يقاربوهما وتفرد أبو عبد الله (بالنسخ)؛ والوزير أبو علي (بالدرج). وكان الكمال في ذلك للوزير وهو الذي هندس الحروف وأجاد تحريرها وعنه انتشر الخط في مشارق الأرض ومغاربها. . . ثم اخذ عن ابن مقلة محمد ابن السمسماني ومحمد بن أسد وعنهما اخذ الأستاذ أبو الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب المتوفى سنة 413هـ - 1022م وهو الذي اكمل قواعد الخط وتممها واخترع غالب الأقلام التي أسسها ابن مقلة. . . وممن اخذ عنه محمد بن عبد الملك وأخذت الشيخة المحدثة الكاتبة زينب الملقبة بشهدة ابنة الابري. وعنها اخذ أمين الدين ياقوت. اهـ ثم نبغ بعده أبو الدر ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي المتوفى سنة 622هـ (1225م) ووليه أبو الدر ياقوت المستعصمي المتوفى سنة 698هـ (1299م) ومنذ ذاك الحين اشتهرت الأقلام المختلفة ونبغ بكتابتها ورسمها جماعة منهم عبد الصيرفي ويحيى الصوفي والشيخ احمد السهروردي وغيرهم يطول ذكرهم على غير طائل. الشيخ محمد سعيد السويدي - الشيخ محمد سعيد بن احمد بن عبد الله السويدي ولد في سنة 1180هـ - 1766م. وكان أحد مرشدي الطريقة النقشبندية. وقد برع في العلوم سيما في التصوف منها واخذ الطريقة فيه عن الشيخ خالد. والعلم عن والده وعمه الشيخ عبد الرحمن وغيرهما ودرس مدة مديدة في مدرسة

جامع داود باشا في جانب الكرخ قرب مقام الخضر. وله مؤلفات منها: كتاب إيصال الطالب للمطلوب في التصوف. منه قوله عن لسان القوم في مدح النبي (ص). علامات إخلاص الثناء لها رفع ... لجزم انخفاض السؤل أو نصب المنع (؟) علانية ينجاب في مظهر الخفا ... سناها إذا في المصطفى خصها السمع عنان العلى عهدا لولا شافع الملا ... مزيح البلى محيي البلا لو بلا النفع وكانت وفاته في سنة 1246 هـ - 2 آذار: 1831م ودفن في جوار الشيخ معروف الكرخي ولم يعقب سوى ولدين وهما الشيخ نعمان واحمد. 8 - الشيخ محمد امين السويدي - هو أبو الفوز محمد أمين بن علي بن محمد سعيد بن عبد الله السويدي.

ولد في أواخر سنة 1200هـ - 1786م واخذ العلم عن والده وعن الشيخ علي الموصلي وعن فحول زمانه واشتغل بالتأليف في حياة والده وهو ابن خمس وعشرين سنة فألف التآليف المفيدة وهو اكثر السويديين تصنيفاً. منها: كتاب الجواهر واليواقيت في معرفة القبلة والمواقيت. وكتاب التوضيح والتبيين شرح كتاب والده العقد الثمين في العقائد. وكتاب الكوكب الزاهر في الفرق بين علمي الباطن والظاهر. وكتاب الصارم الحديد في عنق صاحب سلاسل الحديد رداً على الأثني عشرية. وكتاب معين الصعلوك شرح السير والسلوك في التصوف. وكتاب سبائك الذهب في انساب العرب وقد طبع على الحجر في بغداد سنة 1280 وكتاب المواهب الإلهية شرح قصيدة البوصيرية مع تخميسها لوالده. وكتاب قلائد الفرائد شرح المقاصد للإمام النووي. وكتاب السهم الصائب في الرد على من طعن في حضرة الشيخ خالد وكتاب فتح المنان في مواعظ شهر رمضان وكتاب مختصر التحفة الأثني عشرية للحافظ غلام مليح الدهلوي. وكتاب شرح تاريخ ابن كمال باشا. وشرحان على مقاصد الإمام النووي أحدهما مطنب والآخر موجز. وشرحان على متن التعرف في الأصلين والتصوف واحد مطول والآخر مختصر سمي المطول منهما وقلائد الدرر في شرح رسالة ابن حجر. وكتاب التحفة المرضية مختصر الترجمة العبقرية. وله رسائل في كثير من الفنون منها: رسالة في إجازة الوقف مدة طويلة. ورسالة على عبارة الدر في الأوقات المنهية للصلوة فيها. ورسالة على عبارة من تفسير الإمام البغوي في بحث

الحمد. ورسالة في شرح تاريخ معمي. ورسالة في الانتقاد على ما في الأحياء من الأحاديث. ورسالة في الواجب. ورسالة تشتمل على ثلاثة أجوبة في النحو والكلام والفلسفة. ورسالة عن سوال بعض الصوفية في بحث الاقتداء. ورسالة في حل لغز بهاء الدين. ورسالة في حل لغز في الموم. ورسالة في حل عبارة القاموس في بحث ورد الإبل. ورسالة في حل لغز في الماشة. وله أرجوزة في هجو الفلاسفة وردهم. وله مقامات بليغة وشرح الغاز عالية. ورسالة في المولد النبوي. ورسائل أخرى في كثير من المسائل الفقهية غاب عنا أسماؤها وله شعر منه قصيدة في مدح النبي (ص) مطلعها: سما في امتداح المصطفى الفكر والحدس ... وراق رقيق الشعر واتقد الحس وكانت وفاته في سنة 1244هـ - 1828م وقد قرأت في بعض المجاميع أنه توفي سنة 1246هـ - 1830م في قرية بريدة إحدى قري نجد ودفن فيها وذلك عند رجوعه من الحج ولم يعقب ابناً. 9 - الشيخ عبد الرحيم السويدي - هو عبد الرحيم بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله السويدي. ولد في بغداد سنة 1175هـ - 1761م واخذ العلم عن أبيه وعن عمه الشيخ علي. وعن الشيخ محمد الكردي وعن غيرهم من فطاحل زمانه. وكان سلفي العقيدة له اليد الطولى في سائر العلوم سيما في الحديث منها. وله مؤلفات منها: كتاب أقوم المسالك في شرح كتاب عمدة السالك في فقه الإمام الشافعي. وحاشية وشواهد على شرح قطر الندى في النحو وقد طبعت مع

الأصل في بغداد سنة 1329هـ ورسالة في علم الكلام وله شعر منه قوله من قصيدة في الإمام علي بن أبي طالب (ع). حثثنا عتاق الخيل تستبق الطرفا ... فاكرم به سيراً واكرم به طرفا فلما توسطنا الطريق أنار من ... منار علي نيرٌ قط لا يخفى فصرنا نقد البيد طياً لنشرها ... خطاً ما خطت بل خط في اجرها لفا (الخ) وكانت وفاته في بغداد سنة 1327هـ - 1821م ودفن داخل جامع الشيخ معروف الكرخي. 10 - الشيخ سليمان السويدي - هو سليمان بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله السويدي. اخذ العلم عن الشيخ احمد السويدي والشيخ رسول بن احمد الشهير بالشوكي والشيخ عبد الرحمن الكردي وغيرهم. وله مؤلفات منها: كتاب الفوائد السنية شرح مختلطات الشمسية ورسائل لم تحضرنا أسماؤها. توفي في بغداد سنة 1230هـ - 1814م ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي ولم نعثر على تاريخ ولادته. هذا ما حصلنا على جمعه من مآثر السويديين وأحوالهم وقد جمعنا جميع ما نشرناه من عدة مجاميع متفرقة وكتب وعلى ما علمنا أننا لم نترك من مؤلفاتهم سفراً إلا ذكرناه ولم نبق من رجال السويديين أحداً من الذين ألفوا إلاّ دوناه سوى رجلٍ واحدٍ منهم لم يعرف بالتأليف إلا أنه عرف بالفضل والنبل والتقوى وهو الشيخ نعمان بن محمد سعيد بن احمد بن عبد الله السويدي وهو والد حضرة العالم الفاضل الجهبذ السري الشيخ يوسف أفندي السويدي

كتب القراءة

أحد أعضاء مجلس ولاية بغداد الحالي. ومن أحفاد الشيخ نعمان: الأدباء الفضلاء إبراهيم ناجي أفندي قائم مقام النجف الحالي وعارف حكمت أفندي قائم مقام الكوت الحالي وعلي ثابت أفندي كاتب معية (أي حاشية) الولاية وسليمان توفيق أفندي طالب في مكتب الحقوق في باريس وكلهم أولاد الشيخ يوسف أفندي السويدي. حفظهم الله جميعاً ووفقهم لما فيه نفع الأمة والوطن. وكان الشيخ نعمان المتقدم الذكر اسمر اللون طويل القامة من السالكين في الطريقة النقشبندية. وكانت ولادته سنة 1215هـ - 1800م وقد توفي صبيحة يوم الثلاثاء قبل طلوع الشمس لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رجب سنة 1279هـ - 10 كانون الثاني 1863م ودفن في مسجد الشيخ معروف الكرخي قريباً من الحرم عن يمين الداخل إليه. عطر الله ثراه واكرم مثواه. كاظم الدجيلي كتب القراءة وطريقة التدريس عند الشيعة في العراق 1 - مدخل البحث العلوم التي يدرسها الشيعة في العراق اغلبها دينية، وغير الديني منها قليل قارئوه. وربما قرأ أحدهم علماً من الرياضي كالحساب ليفهم به مسألة فقهية حق معرفتها. 2 - كثرة كتب الدين عندهم وسببها يقدرون الكتب الدينية اكثر من غيرها، كما أن للعالم الديني مؤثراً قوياً في تكييف اجتماعهم، فهو مقدس الإرادة اكثر من كل وازع. وقد اكثروا

من تصنيف هذه الأسفار لفرط عنايتهم بأمور معادهم ولشدة مقاومتهم لمن ناوأهم في القرون الخالية. وأنت تعلم أن المقاومة تستثير القوى الكامنة. ولذا يشتد الضعيف عندما يحاول غيره أن يقهره ويذله. 3 - مدن دور العلم ولا بد لهم (ولا يزال ذلك إلى الآن) مدينة يسمونها (دار العلم) يهاجرون إليها من أطرافهم الشاسعة لدرس هذه العلوم. فاصفهان وحلب والحلة وقم (كن دور علم)، والنجف هي الآن من دور العلم لهم. فهم يتهافتون إليها من البلد النازح ولعلنا نكتب شيئاً عنها في دفعةٍ أخرى. 4 - كتب التدريس وكتب القراءة ومن كتبهم هذه ما يدرسونه، ومنها ما يرجعون إليه. وكتب القراءة ما برحت في تغير وتبديل. وبالأخص كتب الفقه والأصول. فأن المجتهد إذا أصبح ذا نفوذ وعمت كلمته درس كتابه وأشاعه على نسبة ما له من المنزلة. فأن استحسنه أهل عصره بقي وإن مات مصنفه. وإلا مات بموته. أما الشرائع وشرح اللغة لنجم الدين المحقق ولزين الدين الشهيد الثاني من كتب الفقه فأنها قاومت كل جديد وقتلت من نازعها فعمرت وغمرت. 5 - أسلوب التدريس التدريس يكون أما في الكتاب بأن يشرح الأستاذ للتلميذ عبارته ويوضح غامض معناه فيسمونه (القراءة السطحية). وأما أن يتواطأ الأستاذ والتلامذة على كتاب مخصوص وينظرون مسئلة معينة منه ثم يأتي مجلس الدرس الأستاذ والتلامذة فيجتمع هؤلاء حول ذاك فيلقى عليهم نفس المسئلة يعرض عليهم رأيه فيها ولا ينفضون إلا وقد تبين لهم الأمر فيسمونه (الحضور الخارجي) والطالب ما لم يفرغ من كثير من (السطوح) لا يستفيد من هذه الدروس. واليوم لا يدرسون هذا التدريس إلا الفقه والأصول. 6 - العلوم التي يدرسونها أما العلوم التي يدرسونها في هذا العصر فأول ما يقرءونه النحو والصرف والكتب التي يقرأها عرب الشيعة في ذين العلمين غير ما يقرأها فرسهم.

أما كتب العرب فأول ما يقرأ الطالب: كتاب الاجرومية، وهو متن صغير في النحو لابن آجروم المتوفى سنة 723هـ (1323م) والتصنيف حسن جداً. لكن الأطفال قد مسخته وشوهت ديباجته بما أضافوا إليه وما نقصوا منه لما انتهت نوبته إليهم. وبالجملة ليس لابن آجروم في كتابنا الحاضر إلا ترتيبه إذ لا تكاد تجد نسختين منه متفقتين في ما تحتويان من المسائل. ومن بعده (شرح قطر الندى) لابن هشام وهو كتاب جامع لكثير من أبواب النحو. والشيعة تقرأه منذ أزمان طوالٍ. فقد قرأه الشيخ يوسف البحراني على علي بن عبد الصمد سنة 1137هـ (1724م) كما في لؤلؤة البحرين والروضة لابن شفيع. ومن بعده (شرح الخلاصة) لابن الناظم وهو كتاب طويل يخسر فيه الطالب شطراً من عمره على غير جدوى. وقد قرأه ومتنه الشيعة من قديم. ففي إجازات البحار وفي منبع الإفادات تاج الدين عبد العلى قرأ علي محمد بن مكي الشهيد الأول كتاب الخلاصة لابن مالك سنة 770هـ (1368م) وهو يرويه عن مصنفه. وكذا الشيخ يوسف البحراني قرأ الشرح لابن الناظم سنة 1138 هـ (1725م) على أستاذ قرأه على آخر إلى المصنف. وفي السلسلة عدة من الشيعة كما في اللؤلؤة. والكتاب إذا قرأه عالم عصره يعلم أنه كتاب يدرس فيه. ومع هذا الشرح يقرءون شرح النظام في الصرف وقد يقرءون قبله كتاباً صغيرة في التصريف والصرف إلا أن الطالب لا يحتاج إلى قراءتها إن أتقن ما تقدم لما فيه من القواعد التصريفية والصرفية التي تكون كمدخل لهذين التاليفين. أما إذا أنهى الخلاصة فقد قرأ شيئاً كثيراً من الصرف فأن في آخرها باباً له. والواجب أن لا يقدم النحو عليهما. إلا أن عادتهم على خلافه. ومن بعد هذا يأخذون كتاب المغني لابن هشام ويقرءون من الباب الأول وشيئاً من الثاني واكثر الرابع واكثر ما في هذه الأبواب ليس من النحو في شيء. فالباب

الأول معجم صغير في اللغة ذو خطة مخصوصة وأما الثاني والثالث فكل ما فيهما جدال ونزاع ونقض وإبرام وعلل باردة يتعلم الطالب منها الجدل العملي اكثر من النحو. وقد قرأه الشيعة من قبل كما جاء في عدة من إجازات علمائهم. ومنهم الشهيد الأول قرأه وهو يرويه عن مصنفه. وكانوا قبله يقرءون (النكت) في النحو وقد قرء على ابن زهرة سنة 583هـ (1187م) (واللمع) لابن جني وقد قرء على علي محمد بن مكي سنة 770هـ (1368م) (والكتاب) لسيبويه وقد قرء على محمد بن إبراهيم وهو يرويه عن مصنفه. وأما الفرس منهم فيقرءون (جامع المقدمات) وهو مجموعة كتب فيه (عوامل) الملا محسن (والنموذج) للزمخشري (والصمدية) وغيرها من كتب التصريف والصرف والنحو. ثم شرح السيوطي لخلاصة ابن مالك. ثم شرح الجامي. فلا يفرغ هذا العربي والفارسي إلا وقد دفنا شبابهما في أعماق مغالطات واعتراضات قليلة الجدوى. وبعد هذا كله لا ترى هذين العلمين الآليين في دماغيهما إلا كالسيف في يد الخطيب. ومن عجيب أمر علم النحو أن لكل من المصري والتركي والهندي طريقة خاصة غير طريقة الأخر. ثم يشرع الطالب في علم المنطق ولا يقرأ من كتبه عندهم إلا حاشية الملا عبد الله وشرح الشمسية لقطب الدين. وإذا أراد التوسع قرأ شيئاً من شرح المطالع. وهذان الشرحان من الكتب التي كانوا يقرءونها سابقاً فقد قرأهما عبد الصمد والد البهائي على الشهيد الثاني سنة 959هـ (1551م) وكثير من علمائهم. وكانوا يقرءون (الجوهر النضيد) للعلامة ابن المطهر. - وهذا العلم قد حرمه جماعة من المسلمين حتى شاع بينهم: (من تمنطق فقد تزندق) ويقرءون مع هذا العلم بعض الرسائل الفقهية كالتبصرة للعلامة، والرسالة التي يضعها عالم الوقت لمقلديه ويسمونها (رسالة عملية) وبعد هذا يقرءون علم المعاني والبيان. ولا يقرءون من كتبه إلا المطول للتفتازاني واكثر الطلبة لا يقرأ

علم البديع منه وكان سلفهم يقرأ في هذا العلم (الفوائد الضيائية) وشرحها للمرتضى. وشرح المفتاح للسيد الشريف. والمطول. وهذا الأخير قرأه بن أبي جمهور الاحسائي سنة 900هـ (1494م) والشيخ يوسف البحراني كما في إجازتيهما وغيرها من علمائهم. ولي كلمة أقولها في هذا الكتاب وهي: إن عبارته أشكل من معناه، وفيه من النحو وفلسفته والمنطق وأدلته وغيرهما من العلوم اكثر مما فيه من علمي المعاني والبيان. ومعه يقرأ كتاب الشرائع في الفقه للمحقق وهو الكتاب المشهور عند الشيعة ذو الحواشي والشروح الكثيرة. ثم يشرع في أصول الفقه وأول كتاب يقرءونه منه (كتاب المعالم) للشيخ حسن وقد يقرأ قبله (المبادئ والمعارج) وكتاب المعالم فصيح العبارة سهل المأخذ يقرأ منذ أن صنف إلى اليوم. ثم الكتاب الأول من (القوانين) للميرزا القمي ويقرءون معه (شرح اللمعة) في الفقه. وهذا في المنزلة عندهم كالشرائع. ثم كتاب الرسائل في الأدلة العقلية للشيخ مرتضى الأنصاري. وهو العمدة في كتب الأصول. ويقرءون معه من كتب الفقه أما (الرياض) وأما (كتاب المكاسب) لهذا الشيخ. والرسائل والمكاسب كتابا نظر واجتهاد لا يتقنهما الطالب إلا بعد الكد والاشتغال الكثير. أما اليوم فقد شاع بينهم (كتاب الكفاية) للشيخ الأعظم الملا كاظم الخراساني. والكفاية كتاب رغب مشتغلوهم فيه لاختصاره وكثر مسائله وجودة مطالبه وصحتها. وهو جزءان: جزء في مباحث الألفاظ وآخر في الأدلة العقلية وقد قرأه عدة من المشتغلين وتركوا كتاب القوانين وقد طبع طبعة خامسة في إيران وبغداد. وفي ظني أنه بعد سنين يكون عليه المدار في علم الأصول. إلا أن عبارته مغلقة إلى الغاية ولو حرر هذا الكتاب وأفرغت مسائله في عبارات سهلة لما قرء غيره من كتب الأصول. 7 - حضور الدروس إن كان الطالب من ذوي الاجتهاد والتحصيل حضر الدروس الخارجية

عش وحيدا

فقهية كانت أو أصولية من حين قراءته للمعة والقوانين وألا حضرها بعد أن يفرغ من درس كتاب القراءة. ويبقى إلى أن يحصل على ملكة استنباط الفروع من الأصول وعند ذلك يكون مجتهداً. 8 - كلمتي الأخيرة هذه هي الآن طريقة التدريس وكتب القراءة عند الشيعة في العراق وقد يقرءون كتاب شرح التجريد للقوشنجي. أو شرحه من علم الكلام للعلامة. ولما لم تتوقف مرتبة الاجتهاد على درس هذا العلم لم يكن من العلوم التي يجب قراءتها على الطالب. والشيعة كانت تقرأ قبلاً كتب أخبار أئمتهم الأربعة: الكافي، والاستبصار، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب. حتى أني لم اقرأ إجازة من إجازات علمائهم السالفين إلا ورأيت المجاز قرأ على المجيز هذه الكتب أو أجازه روايتها عنه إلا ما ندر والنادر كالعدم. أما اليوم فلا يقرأ منها شيء. وكذا قل عن كتب التفسير فقد كانوا يقرءون سابقاً (مجمع البيان). أما هذه الأيام فلا يقرءونها. وكذا علم التجويد فقد رأيت عدة من علمائهم كانوا يقرءون (الشاطبية) وغيرها من كتبه أما اليوم فقليل قارئوه. النجف: عراقي عش وحيداً تجرد ما استطعت وعش وحيدا ... إذا ما رمت أن تحيى سعيدا أرى الإنسان في دنياه يشقى ... إذا هو لم يعش فيها فريدا فأن سدت الورى وافاك هم ... لأنك قط لا ترضى العبيدا وإن تك بينهم عبداً ذليلاً ... تجد مولاك جباراً عنيدا فإرضاء الخلائق ليس سهلاً ... ولو أفنيت دونهم الوجودا لأن الخلق مختلفون طبعاً ... وطبعاً أن ترى فيهم جحودا محال أن ترى في الدهر خلاً ... وفياً عن ودادك لن يحيدا فكم من صاحب لي بعد عهد ال ... مودة والاخا نكث العهودا وصفو العيش تلقاه إذا ما ... تركت الأهل والخل الودودا وجبت الكائنات وأنت حر ... إلى حينٍ به تلقى اللحودا وليس بضائر إن قيل هذا ... غدا متوحشاً عنا شرودا إبراهيم منيب الباجه جي

المرأة المسلمة والتربية

المرأة المسلمة والتربية لا ريب في أن المرأة أدرى من الرجل في التفكير في المستقبل؛ وليس المراد بها المرأة العديمة التربية والعلم، التي يكون منها دثور البيت لا تعميره ومنبع التعاسة والشقاء في الأولاد لا سعادتهم، بل نريد بها المرأة الأديبة صاحبة التربية الحسنة ذات الأخلاق الفاضلة فهذه هي التي يجدر بها الالتفات، هذه هي التي تستحق أن تحل في قلب الرجل، وأما إذا كانت عديمة الآداب والمعرفة منحملة عن مكانة الشرف والإنسانية فليست هي متعة وظيفتها النسائية ولهذا إذا رأينا عدم اعتناء الرجل بالمرأة الجاهلة وعدم استشارته إياها فذلك لما كسبت يداها. وعليه كل امرأة أرادت أن تحفظ وظيفتها النسائية يجب عليها درس العلوم والآداب (قال نبي الإسلام) العلم فريضة على (كل مسلم ومسلمة) ويجب انتباه الأبوين إلى ذلك لأن الشيء الذي يحط قدر ابنتهما عن حالق ليس إلا الجهل. أن التهذيب والتربية الصحيحة من الأمور الضرورية للأم لأن عليها قوام البيت وتربية نشئها الصغار قابلون لأن يتخلقوا بأخلاق كثيرة وأدنى سجية يعتادها ترسخ في أطباعه فإذا كان يحفظ خصالاً رديئة وتربية فاسدة وقد نشأ وبلغ (درجة الرجولة)، فلا يمكن أن تجتث تلك من أصولها وتزول عنه فإذا ترك والحالة هذه ونشأ على تلك الأخلاق الفاسدة والطباع المنحطة يفسد بفساده الكون فنتج أن تعليم المرأة أمر ضروري اكثر من تعليم الرجل. المرأة العاقلة هي الحارس الأمين على الأولاد ومن الواجب اعتبارها كثيراً (لأن على ركبتيها تربية العالم) وعليها مدار الكون فالأب هو عضو القوة والعمل ونائب الأسرة (العائلة) ورئيسها فعلى الأب أن يقيدها في الأمور الخارجية ويجتهد على حفظها وعزها وأما المرأة فوظيفتها: المثابرة على الأمور الداخلية وغرس الآداب والسلام في قلوب من يحيط بها ويحوم حولها.

إن الرجل بقطع النظر عن المرأة غير كامل، كما أن المرأة ناقصة بدون الرجل ولا يكمل كل واحد منهما إلا إذا اجتمعا ويتقلد كل منهما وظيفته المنوطة به بدون اختلاس وظيفة الأخر. أن البارئ قد أعطى كلا منهما خصائص ومميزات وبنى لكل جسماً يوافق استعمال وظيفته: أعطى الرجل القوة والحماسة والجسارة والأقدام والثبات والوقار والأشغال الطبيعية الشاقة وأعطى المرأة اللطف وحركة الأفكار والإحساس الدقيق السريع والشعور الحي والحياء وقواها على الأعمال البيتية. فسعادة الرجل والمرأة أن يشغل كل منهما حيزه بدون اختلاس في الوظائف وتبادل في الأعمال وإذا تبادلا الأعمال والأشغال يحصل الاضطراب ويضمحل البناء ويخرب البيت وهذه كلها من النتائج اللازمة لتلك المقدمة وهاأنا امثل لك ذلك: أن الرجل لو أعطي الحياء والمرأة أعطيت الجسارة فماذا يحدث في بيتهما؟ قلنا لاشك انه يتلاشى. فآداب النساء هي عيوب للرجال نوعاً ما. فعلى المرأة أن تحفظ هذه المواهب وتمشي على سننها فالمرأة الأديبة الكاملة ليست هي الصامتة التي لا تبدي كلاماً قط؛ إنما المرأة الأديبة من كان حديثها بغاية العذوبة والرقة والظرف ومع ذلك لا يمكننا أن نقف على (الحقيقة) بالاختبار الشخصي أو الشفاهي إذا ليس الاختبار وحده علامة راهنة لمعرفة الآداب فيها بل أن أكبر علامة راهنة تكشف لنا الحقيقة فيها هي خصال أسرتها (عائلتها) وخصوصاً الوالدة فأن أخلاق الأباء تتصل بالبنين - وأما الآداب فأنها أيمر وراثي إذ تنتقل من الأباء إلى البنين. أن الذين لهم عيال وليس لهم روابط قوية تربطهم بالآداب المحكمة هم اقرب إلى الرذائل منهم إلى الفضائل فلذلك يجب أن نتفكر بمستقبل هذه العائلة وأول فكر يخطر بهذا الخصوص هو الخطوة الأولى في الحياة وفي السير إلى المجد والشرف والارتقاء فالرجل الذي يفتكر في عائلته رجل شريف والعائلة التي تهتم بفردها عائلة شريفة ومن سلب هذه الحالة فأن الشرف بوادٍ وهو بواد. نحن لا نبحث عن معنى العائلة اللغوي بتاتاً فهي جماعة صغيرة تتألف من والد ووالدة من بنين وبنات فلا جل أن يكون لها شرف ينبغي أن تكون الرابطة قوية

ينبغي أن نتذكر دائماً فنبث فيها التربية الصحيحة (ينبغي لكتابنا وعلمائنا ومدرسينا) أن يأتوا بالأساليب المهذبة للعائلات لتصلح في المستقبل تربية النشء الجديد وعلى الأخص البنات (والقرآن المجيد) يتكفل ببيان هذا المعنى فأنه (يوصي بالوالدين إحساناً وبالبنين تربية حسنة). أن اعظم شيء فيما أظن يقوي روابط العائلات هو التذكر أنه لا يليق بالحي إلا أن يكون عضواً نافعاً غير مهمل فمتى اعتقد المرء هكذا بنفسه تذكر أنه يجب عليه أن يصلح ما لديه من ولدٍ وزوجة ليجعلهم نافعين صالحين فأنا إذا أكثرنا النصح والتأليف والكتابة بهذا الصدد يكون مستقبلنا احسن من ماضينا لأن ماضينا غير محمود، ماضي الجهل، ماضي لعب الأطفال بالأزقة والطرق، ماضي جهل البنات بتدبير المنزل، ماضي جهل الوالدين بحفظ صحة الأبناء. أما المستقبل فيكون خيراً بفضل تقوية هذه الروابط واحب أن اذكر أن هذه الروابط لما كثرت في (أمة الإنكليز) كانت من الرقي والحياة بمكان لم يتسن لشعب أو أمة أن ينال مثله فالأمة الإنكليزية هي على ما تعلمون في سير حثيث إلى الأمام فانظروا كيف يجب أن تتعلم البنات، كيف يجب أن يتهذبن، ولكن يجب أن يحدد تعليم البنات، لأن الكلمة مطلقة المعنى فينبغي أن لا ترسل إرسالاً بل تحدد تحديداً. بناتنا يجب أن يتعلمن تدبير المنزل، يجب أن يتعلمن القواعد العربية والتاريخ، يجب أن يكن ضليعات في اللغات الأجنبية، فأنها تساعد على التربية الصحيحة والأخلاق الفاضلة وتعين على التبصر في الحقيقة. أن التعلم رابطة طبيعية إذا أهملناها أهملنا أنفسنا وإذا أتممناها نكون قد أخذنا لها قوة تدفع بها كيد من يريد كيدنا؛ فلو فككت هذه الرابطة وجعلتها في بعد عنك أصبحت كالعدم بالنسبة إليها وأنت وكل أحد يعلم مقدار ضعف الإنسان واحتياجه إلى التعليم والتهذيب فمن تذكر ضعفه ونقصه علم قيمة التهذيب والتعليم. لا ينبغي أن نلقي سمعاً للذين يقولون (أن بقاء الأولاد وعلى الأخص البنات على هذه الحالة هي خير وأبقى) لا ينبغي أن نلفت إليه بل ينبغي أن نلقي سمعاً إلى من يقول أن بقاء البنات على ما هن عليه الآن، عثرة في سبيل تقدمهن وارتقائهن، عثرة في

سبيل مصالحهن وتثقيف عقولهن، عثرة في سبيل كل ما يرفعهن إلى مكانة الارتقاء. كيف هؤلاء يقولون أن هذا التعليم مانع من الترقي؛ ويا ليتهم يأتوننا بمثال يصح أن يقال أنه مانع من الارتقاء. لماذا ينقم البسطاء السذج على البنات المتهذبات تهذيبهن؟ لماذا يسوؤهم ذلك؟ ولأي شيء ينكرون عليهن التعليم واكثر ما حوته الأماكن والأقطار من البنات عالمات ومتعلمات وليس بيننا إلا بعض الأقطار الفاسدة، العديمة التربية، الساقطة الأخلاق، المنحطة الطباع، التي نبذت التعليم ظهرياً وحرمته على البنات بتاتاً. أن هذه الأحلام والوساوس ناشئة من الضعف الأخلاقي، ناشئة عن ضعف في التربية، من نقص في العلم؛ لا بل من قلة شعور وإحساس ولا أغلو إذا قلت أنها ناشئة عن عدم تدين كيف وقد سبق ما تكلفه (القرآن المجيد) والسير النبوية. لا يعرف هؤلاء المتشدقون من تاريخ الإسلام شيئاً؛ هؤلاء نسوا أن للإسلام تاريخاً وعلوماً يضمن هذه المعاني ويكفل هذه الروح لو درسوا حقيقتها حادوا عن تلك الجادة المستقيمة. نحن لا نقول أن العلم وحده هو العلاج لهذا الداء لأنا نأتي بكلام غير صريح ولا يؤيده العقل؛ أذن فلنعمل على التربية مع العلم وأن ما نراه من سقوط العائلات وضعف الروابط منشأه فقد العمل مع العلم ليس إلا، منشأه عدم الاهتداء إلى الطريق الواضحة، طريق الخير والصلاح، طريق السعادة والنجاح. إذا عرفت أن سقوط البنت وعدم الالتفات إلى ما يصلحها ويرفعها إلى مكانة الشرف ويجلسها على كرسي السعادة هو سقوط عائلتها فلا شك انك تعرف أن الآداب والعيوب وراثية تنتقل بالوراثة. فالابنة الأصيلة تكون دائماً ذات حسب وشرف نفس فهي محمودة الفعال بحيث إذا كانت تريد أن تفعل منكراً ترى يداً غير منظورة تمنعها عن فعله. وكذلك تنظر إلى أمثالها فترى أنهن لم يفعلن ما كانت مزمعة أن تفعله فتقتدي بهن والاقتداء بفعل المعروف يساعد على ترك المنكر وكذلك خوفها من أن أحداً من أهلها يقف على حقيقة أمرها فيسوئها ذلك وقد يكون فعلها المنكر ضرراً محضاً يقع على رأسها. فكل هذه أسباب تمنع الابنة الأصيلة عن فعل القبيح وتساعدها على حفظ

شرفها فتتحمل من الرجل السيئ الطباع والخلق ما يصدر منه ولا تبدي في ذلك كلاماً لم يجاورها. ونريد بالابنة الأصيلة من تربت ونشأت في حجر عائلة لم يسمع عنها قط أمر قبيح ولسنا نريد بها الشريفة الغنية لأنا نشاهد أحيانا أن بعض العائلات وإن كان منسوبا إليهم الشرف قد يفعلون أفعالاً غير لائقة بشرفهم كما نرى من الأغنياء من لا يربون تربية حسنة. أذن لا يدخل الشرف والغنى في التربية، بل الشرف والغنى في الأدب إذ بدون الآداب ينحط الشرف ويتلاشى الغنى والحاصل أن خصال العائلة هي الأمر العظيم وأن أهم عضو رئيسي في العائلة الذي يقتضي له الاعتبار والالتفات هو الأم لأنها تنقل عيوبها إلى الأولاد بسهولة اكثر من الرجل لشدة اتصالها بهم وممازجتها إياهم سيما وهم في دور الطفولية التي يكون فيها المخ طرياً فترسم فيه العيوب بسرعة والأم توصل عيوبها إلى ابنتها اكثر من الولد لأن اكثر حياتهما معاً فكما أن الأم تورث ابنتها الحياة تورثها أيضاً الخصال. ومن المتحقق أن الوداعة والتعقل وجميع الخصال الحميدة تبرز من عائلات مخصوصة كما أن قلة الأدب والشقاوة والرذالة والنذالة وجميع الخصال القبيحة تصدر من عائلات مخصوصة أيضاً ولا سيما من عائلة الأم لأن العرب تقول (ولد الحلال يشبه العم والخال) وفي المثل العامي (ثلثين الولد من خاله) أنا كثيراً ما نشاهد أن الرجل إذا احب الاقتران بزوجة فأن أول ما ينظر إليه هو الجمال الذي هو حسن صورة أعضاء الجسم وتقاطيعه سيما الوجه بحيث يكون كل منها في غاية الظرف بالنسبة إلى الذوق البشري في الهيئة البشرية وهذا الجمال يميل إليه الإنسان ميلاً طبيعياً لأن من خواصه حب الجمال. والحاصل أن للجمال شاناً خطيراً مودعاً في قلب الإنسان. أما العاري منه فلا يحوم حوله طائر الغرام. فيا أيها السامع تأمل واحكم واقرأ واعجب ومثل نفسك كأنها في رياض تفتحت ازهارها، وتنوعت ثمارها، وأينعت أغصانها وأشجارها، وغرد قمريها وهزارها فاختالت لديك حسناء ممشوقة القوام، مدنرة المحيا، بسامة الثغر، دعجاء العينين، قوسية الحاجبين، دجوجية الشعر أو هي

كالتي قال فيها واصفها: لها مقلة كحلا وخد مورد ... كان أباها الظبي أو أمها مها. فما يداهمك عندما ترى أول وهلة صاحبة تلك الصفات؟ أما يستفزك الشوق؟ فتقف على قدميك بقوة غريبة مدهشة وترى قوة كهربائية تجذبك نحو تلك المحاسن المسبوكة في تلك الذات اللطيفة وتنتظر منها أمراً كي تفدي نفسك دونها؟ الست بعد هذا الميل الغريب تتقدم وتساجلها بالكلام فتعرض عليها كل ما يهمها. فإذا كان جوابها: (تنح عني واتركني وشأني) وماذا يعنيك من أمري؟ فماذا يكون أثره عليك؟ ماذا يا ترى تكون احساساتك الأولى؟ أظن انك تفقد نصفها وأما النصف الأخر فيبقيك جالساً على قدميك أمامها نصف ساعة وأنت تتأمل في وجهها وتراه عبوسا يضطرب من اقل كلمة وتظهر عليه هيئة الغضب في كل لحظة، تراها مفتخرة بنفسها متعجرفة خفيفة العقل متلاعبة جاهلة. . . وإذا أوردت لها نوادر مضحكة وحكايات عقلية ترى وجهها (على حالته الأولى وفي سمته الأول) لا يتغير عما هو عليه فكأنه قطعة دم جامدة لا تتحرك أو صخرة صماء. وإذا ابتدأت أن تخبرك، ترى في أخبارها فتوراً أو برودة بل عدم تعقل لا بل قلة أدب. فماذا يكون من احساساتك عندما تشاهد ذلك؟ وما تظن بهذا الجمال الباهر العقول؟ وأظنك تفضل خروجها من رياضك على مكنها وأنت تنظر إليها فتشاهد بعد زمان عكس ما شعرت به أولا ومع ذلك فجمالها باق فما الذي غير حالك وجرح عواطفك؟ أظن الذي جرحك كونها خالية من الفضائل عارية من التربية. صور نفسك مرة ثانية بهذه الرياض وتلك الأزاهير وهاتيك المياه والبساتين وقد وافتك فتاة أخرى إلا أنها بمنظر معتاد وتقدمت إليك بوجه هش بش خاضعة رأسها خافضة عينيها خجلا وحياء وكلمتك بصوت خافت وحديث مملوء من الرقة والعذوبة نظيفة الجسد والثياب لطيفة الحركات فصيحة المنطق موزونة الكلام أن سألتها أجابتك جواباً يشف عن المعاني الرقيقة فماذا تكون احساساتك عند ذلك؟ لا اشك أن تلك الشواعر المضطربة والعواطف

الاشتيار

المجروحة في المرة الأولى عند نظرك الفتاة الأولى تتحول وتتنقل إلى هذه الثانية وتسامرها وتساجلها بالكلام المليح وتحول نظرك عن تلك الأولى. فنتج عن ذلك أن الجمال الحقيقي هو خلاف الجمال المعروف والجمال الحقيقي هو اعتبار الهيئة الباطنة لا جمال الصورة فالوجه البشوش اللطيف فيه كل الجمال وهو الذي يحبه المحبون فالبشاشة واللطف يدلان غالباً على قلبٍ سليم خالٍ من الغش والسوء. أما الوجه العبوس المضطرب فيدل على قلبٍ مملوء من الحقد والاعوجاج لا يخامره سوى الأفكار المحزنة، فمهما كانت تقاطيع الوجه فليس لها اعتبار إذا كانت خالية من الوداعة والبشاشة. أن ذوات الجمال الصوري جاهلات متعجرفات قد عودهن الأباء منذ نعومة أظفارهن التربية الفاسدة والأخلاق الذميمة وحب الذات حتى أن اغلبهن يخفن على جمالهن فلا يلتفتن إلى علم ولا فضل ولا أدب ولا شغل فيبقين جاهلات أميات مغفلات. وقصارى الأمر نهتف بلسان الدين وننطق بلهجة صادقة ونقول أن من الواجب انتباه الأبوين إلى تربية أولادهما تربية حسنة وأن يحترزا من وقوع أبناءهما في حبالة الجهل المظلم وأن يعوداهم طهارة الوجدان وصدق اللسان والأفعال الحميدة فأنها هي الجمال الحقيقي وأن لا يقفا عقبات في سبيل ما يصلحهم كما نشاهد مثل ذلك في أباء هذا العهد. وعسى أن لا يدوم هذا المانع حباً للدين والوطن والخير العام! النجف: محمد باقر الشبيبي الاشتيار أو جمع العسل في ديار الكرد 1 - توطئة بلاد كثرت خيراتها، اشتهرت بخصبها، ووفرت حاصلاتها، وامتازت عن غيرها، بكثير من جلائل الأمور الزراعية، حتى باتت البلاد الراقية تحسدها على ما منحها الله من جودة التربة، وحسن المناخ، وغزارة المياه، وما أودعته فيها الطبيعة من الأسرار، ولكن أين الرجال العاملون الذين وهبهم الله شعوراً

ورحمة بالأقوام ليستفيدوا منها، ويشاطروا البلاد الراقية في زراعتها، وتأخذهم الغيرة على منافسة الأمم المتمدنة في جليل الأمور وحقيرها، حتى يأمن مجتمعهم نوائب الدهر وصولاته، لا بل ليرفعوا منزلة وطنهم فوق السماكين، أجل! أن هذه البلاد التي توفر فيها كل شيء لفي حاجة شديدة إلى رجال غير يعملون لمصلحة اوطانهم، ويحسنون استعمال ما فيها من القوى المادية والأدبية، فيسعون إلى تقويم مرافق البلاد الاقتصادية، بيد أن ذلك لا يكون إلا بالالتفات إلى الزراعة التي هي مصدر الحضارة ومادة الشعب إذ من ينابيعها تدفقت الثروة على الأمم من قبلنا وتتدفق عليهم من بعدنا، ولهذا عنوا بها عناية كبيرة ولو جاراهم أهل بلادنا لما مضى ردح من الزمن إلا وأصبحت ديارنا في مقدم الأوطان رقياً وحضارة والذي نوجه إليه أنظار القراء ورجالنا هو العسل في بلاد الكرد وكيفية اشتياره أو جمعه هناك فأنه والحق يقال من أهم الأمور الزراعية وأخطرها، فلو أن من بيدهم الحل والعقد أرسلوا إلى تلك الربوع رجالاً درسوا في معاهد أوربا الزراعية الكبرى صناعة جنى الشهد ثم جاءوا إلى أصقاع الكرد فعلموهم كيفية اشتياره على الأصول الحديثة، والقواعد الفنية المتبعة عند الأمم الناهضة لحصلت الأمة في وقت قصير على فوائد جمة، ولكانت تلك المواطن في حالة هي أرقى منها اليوم من الوجهة الاقتصادية، ولا بأس إذا لمحنا بمقالنا هذا إلى ما يفعله الأكراد عند جنيهم العسل على الطريقة المتبعة عندهم منذ القديم، ليقيس أهل الفن والخبرة على ما يجري من هذا القبيل بين الأقوام الراقية، والأقوام الباقية على فطرتها في الصناعة. 2 - أقسام العسل وقيمه ينقسم العسل إلى قسمين من حيث جودته ولذته: (الشهدة) وهو الذي استخرج منه الشمع، أو الذي لا اثر له فيه، و (الخام، أو عسل بكورة) وهو الذي لم يستخرج منه الشمع، واحسن عسل في ديار الكرد (عسل تيارية) - وهي بلدة تبعد عن الموصل أربعة أيام - ويأتي بعده في الجودة واللذة واللطافة (عسل رواندوز) وبعد هذا (عسل الجزيرة) - جزيرة ابن عمرو - وأثمانه

تختلف في بغداد بكثرة الوارد منه إليها وقلته، وجودة الموسم ورداءته، فعسل التيارية إذا قلت كمية الوارد منه ربما تجاوز ثمن الكيلو غرام 6 غروش صحيحة، وإذا كان الوافد منه كثيراً ربما تنزلت قيمته إلى 5 غروش فما دون وعسل رواندوز على قلة الوارد منه يساوي ثمن الكيلو غرام منه 4 غروش وعند كثرته يهبط سعره إلى 3 وعسل الجزيرة إذا كان موسمه جيداً والمحاصيل وافرة تهبط قيمة الكيلو إلى 22 وقد بيع منه في أسواق بغداد في ربيع سنة 1908 ب 3، وأما إذا كان الموسم رديئاً فتتصاعد أثمانه إلى 3. وقد أمدنا أحد تجار العسل في بغداد بما جاء الحاضرة من العسل على طريق الموصل قال: كثرة العسل وقلته تابعتان بالطبع جودة الموسم ورداءته واليك معدل الوارد منه في خمس سنوات على وجه التقدير بالكيلو غرام: سنة 1908سنة 1909سنة 1910سنة 1911سنة 191225. 00030. 00018. 00028. 00024. 000 عسل تيارية15. 70014. 20016. 80012. 88010. 750 راوندوز6. 0007. 90010. 1009. 4505. 460 الجزيرة46. 70052. 10044. 90050. 330 40. 210فأنت ترى أن منفوقات سنة 1909 اكثر بكثير من منفوقات سائر السنين وارداً السنوات هي سنة 1912، إذ أن منفوقاتها لا تكاد تذكر بجانب منفوقات السنين السابقة، ومنشأ ذلك - على ما قيل - ظهور دويبة كثيرة الشبه بالذبابة أكلت النحل فأبادت أكثره في بعض القرى، وعسل التيارية مشهور بشدة بياضه ولطاقته فهو احسن ما يكون في ربوع الكرد، ولا يستخرج منه شمع كثير، وأما عسل راوندوز فلا يؤكل إذ لا يستخرج منه الشمع ومثله عسل الجزيرة فهما إذا يكونان مائعين بعكس العسل التياري الذي هو عبارة عن قطعة واحدة صلبة.

3 - كيفية جمع العسل أو الاستشيار للأكراد مهارة عجيبة بجمع العسل واستشياره متبعة عندهم منذ العهد العهيد إلا أنها ويا للأسف بدون قواعد فنية. وخبرة علمية ولسوء تدبيرهم يعرضون نحلهم للهلاك ولو أنهم زادوا على عنايتهم بدويبات النحل وشغفهم بترتيبها اتخاذ الوسائل العلمية لذلك لتضاعفت حاصلاته وكثرت خيارته والنحل هناك قسمان: أهلي وجبلي. فالأهلي هو الذي يصطاده الاهلون من مغاور العسل في كهوف الجبال والأودية فيولد عندهم ويستدرون عسله ويستفيدون منه كما يستفيد الزارع من حدائقه وحقوله والفلاح من ماشيته وأنعامه. ولهذا السبب ترى في تلك المواطن أسراً كثيرة لا شغل لها إلا تربية النحل وخدمته وهم من عسله يرتزقون بل قل يعيشون عيشة مرضية وكثيراً ما نرى هناك أناساً أضحوا أغنياء من ذوي الأملاك والمزارع والقرى من وراء ذلك وكيفية تربيتهم النحل وجنيهم عسله يكون على الوجه الآتي: أن كل من يملك 1000 نحلة فاكثر يضعها في خلية (سلة) يشبه راقود أي (حب) يكون قطرها الأسفل غالباً قراب 45 سنتيمتراً ويتراوح قطرها الأعلى بين 15 و20 سنتيمتراً ويكون طولها متراً، وهي في اكثر الأوقات معمولة من عيدان (الطرفاء) يطلى ظاهرها بالطين الأحمر ويجعلون لكل خلية ثقبين: الواحد وهو الكبير في قاعدتها أو أسفلها والأخر وهو الصغير في قمتها أو أعلاها ومن هذا تدخل النحلة إلى داخل القفير فتعسل فيه؛ ويكون عسلها على قطر الخلية الأسفل فيجيء بشكل نصف دائرة، ويتراوح ثخنه بين 35 و40 سنتيمتراً وعندما يعلم صاحب الدويبات أن الكوارة ملئت عسلاً يأتي فيفتح الباب من قاعدتها ويأخذه وهو على تلك الحالة ويدع شيئاً قليلاً تأكل منه الدويبات ويطلق على مجموع الدويبات في العسالة اسم (شلح) وهو الثول بالعربية الفصحى وللدويبات في كل سلة رئيسية أو ملكة وكان العرب يظنون أنها ذكر واسمه عندهم اليعسوب والخشرم إلا أن البعض منهم ظنوا أنها أنثى كما صرح به ابن سيده في كتابه المخصص. والنحل - تتبع الملكة إلى حيث حلت وارتحلت، وأما أوقات تعسيلها فيبتدئ من آذار - (مارس) إلى حزيران - (يونيو)، أي

طول أيام الربيع. 4 - النحل الجبلي أو البري النحل الجبلي هو خلاف الأهلي ومأواه الجبال والوهاد وكيفية الوصول إلى مكمنه ومحل تعسيله يكون على الصورة الآتية: لما كان هذا النحل يأوي إلى أشجار الجوز والتين الكبار يخرق في جذوعها ثقوباً صغيرة يدخل منها فيجوفها ويعسل فيها فكان هم الأكراد ترصدها على عيون الماء فإذا أتت النحلة لترد الماء راقبوا حركاتها وامتطوا ظهور خيولهم السريعة الجري ولحقوا بها مسرعين وهي طائرة حتى تدخل الشجرة التي تأوي إليها فيأتي الأكراد ويحفرون حفرة أمام الشجرة التي فيها مباءة النحل ويوقدون فيها ناراً حامية، ويدون مثقب الشجرة بخلية وحينما يعلو الدخان ويتصاعد وينفذ قسم منه داخل الشجرة تهيج النحل وتموج فتروم التخلص من الدخان الذي يكاد يخنقها فلا تجد طريقاً غير الثقب فتخرج منه منذهلة فتقع في الخلية فيصيدها الأكراد، وإذا علموا أن جوف الشجرة خلا من النحل شقوا ساقها واستخرجوا العسل من باطنها. وفي بعض الأحيان يأوي النحل إلى مغاور في الجبال فيأتي الأكراد إليها ويخاطر أحدهم بنفسه فيغطي بدنه كله بجلد من جلود المعز ولا يبقي من جسمه إلا عيناه فينزل إلى تلك المغارة ورفقاؤه يدلون له دلواً فيملأه لهم عسلاً شهداً فيجرونه ويضعونه في ظروف ويكرر هذا الفعل مراراً إلى أن ينفذ ما في داخلها وإذا أراد الخروج شد حبل الدلو في وسطه وجره أصحابه إلى خارج. وهناك علامات غير هذه وهي انهم يستدلون على وجود العسل والنحلة في الأشجار بالدب والدب مغرم بالعسل وهو يعرف الشجرة المملوءة عسلاً من الفارغة منه، فيأتي إليها ويمتص من ثقبها العسل فإذا رآه الأكراد قريباً من إحدى الأشجار علموا أنها مملوءة عسلاً فيطردون الدب ويتخذون لاصطياد النحل واستخراج العسل تلك الحيلة التي وصفناها آنفاً. 5 - حقائق عن النحل حكى لنا الذين أخذنا عنهم ما كتبناه حقائق نورد بعضاً منها إيقافاً للقارئ عليها قال: إن مرعي دويبة النحل أثمار التين وسائر الفاكهة والأزهار

بجميع أنواعها. ولذة العسل تابعة لمناخ الإقليم وجودة أثمار أشجاره، وكلما كان الإقليم جيد الهواء، عذب الماء، كثير الأشجار والأزهار، ازداد العسل حلاوة ولذة ورونقا، وأي قسم من أثمار كل إقليم يغلب على غيره بأثماره تجد طعمه ورائحته فيه، ولذلك تشم في عسل شهرزور وكركوك رائحة البرتقال لأن النحلة ترعى هناك فقاحه، وهكذا قل عن كل قطر فأن القطر الذي يغلب فيه ورد البنفسج مثلا على بقية الأزهار يشم من عسله رائحة تشبه رائحة البنفسج وقس على ذلك بقية المواطن، قال: وخلايا العسل توضع في غرفة مسدودة الأبواب والمنافذ فيها ثقوب صغار تروح منها النحلة وتغدو، ويكون أمام الغرفة أشجار، وفي بعض الأحايين تغضب على أصحابها وتطير وتجعل الشجر الذي أمام غرفتها وكراً لها فتقف على غصن منها مجتمعة فيأتي صاحبها متخفياً ويقطع ذلك الغصن بمنشاره ويأخذ الغصن ويدخله بسرعة في مشوارة كان أعدها لمثل ذلك الوقت فيحبس النحل فيها، وربما عمل غير ذلك، وهو أن يأتي بعميرة طلى ظاهرها وباطنها بالدبس ثم يلقيها على الأرض فيتهافت عليها النحل لأنه يميل إلى الحلوى فيدخلها من باب مفتوح وللحال يسده صاحبها. وقيل إذا غضبت النحل ولم تر أمام غرفتها شجرة تأوي إليها حلقت في الجو فلا تنزل في وكرها ومأواها إلا بعد أن يدق لها صاحبها بالطاسات أو بشيء يسمع له دوي في الفضاء، ومما يذكره عن النحلة إنها إذا لسعت الإنسان تورم جلده وربما هيجت فيه القيء لأن لسعها كلسع العقرب، وإذا اجتمعت النحلة على عصفور قتلته. والزنبور المعروف في العراق يقتل النحلة ويأكلها. 6 - عسل هوزومير هوزومير قرية تبعد عن شرقي زاخو يومين وهناك نهر يسمى (الهيزل) يدفع ماءه في الخابور بالقرب من زاخو والخابور يصب ماءه في دجلة بالقرب من قرية (بيش خابور) وهذا النهر يمر بين جبلين شامخين وفي الجانب الأيمن منه في أعلى قمة الجبل مغارة عزيزة المنال لا يمكن الوصول إليها وهي مملوءة عسلاً شهداً فيتخذ الأكراد هذه الوسيلة الآتية لاستخراج العسل منها وهي انهم يمدون

الماء في النجف

جسراً على الماء فيصلون إلى اسفل المغارة وهناك يمدون آنية وقدرواً كثيرة وبعد أن يفعلوا ذلك يعودون إلى الجبل الأيسر المقابل للمغارة فيرمون من موطنهم حجارة تسقط على ما هناك من الخلايا الظاهرة المملوءة عسلاً وتدهور ما فيها من الشهد في الآنية المعدة لقبوله آنية وضعت عند أسفل فوهة المغارة فإذا تم ذلك أتى الأكراد واخذوا ما وقع فيها ويقولون أن عسل تلك المغارة من ألذ ما يكون في ربوع الكرد، ومما هو جدير بالذكر أن أولئك الناس يستخرجون العسل من تلك المغارة من مدة 200 سنة على تلك الصورة وهو لا ينفذ وربك عليم فوق كل ذي علم. إبراهيم حلمي الماء في النجف النجف لم تسم بهذا الاسم ألا لعلوها عما يجاورها من الأرضين. لأن النجف في اللغة الأرض المستديرة المشرفة على ما حولها وتعلو هذه المدينة عما حواليها لا يصل إليها ماء البتة لأنها غير راكبة على نهر ولا على مجرى ماء عذب وأرضها كلسية البنية في بعض الإنحاء ورملية التركيب في الجهات الأخرى. وهي تبعد عن الشريعة (وهي فرضة من فرض الفرات الواقعة في جانبها الشرقي) ستة كيلومترات ويرتفع سطحها عن مصب النهر المذكور 34 متراً. ومن هذا الوصف المجمل يتضح لك أن النجفيين قاسوا من أعذبة العطش أمرها وذلك منذ العهد الأول من سكنى الناس إياها أي منذ بدء الإسلام إلى يومنا هذا. وقد كانت مياه الفرات تتدفق في سابق الزمن في موضع قريب من هذه المدينة فتتجمع فيه فنشأ هناك بحيرة عرفت باسم (بحر النجف) ولكون الأرض رملية كانت تلك المياه تمتزج بها فيجيء الماء ملحاً وقد سد منفذه

في عهد السلطان عبد الحميد لتزرع تلك الأراضي بعد انحسار الماء عنها فنشف اغلب ذلك البحر وزرع جانب منه فانتفع به بعض الناس. وفي الجانب الغربي من البلدة المذكورة سفوح وشعاب عليها آثار تدل الباحث على أن هناك كانت المياه تتلاطم. وهذا ما يؤيده تاريخ علم طبقات الأرض الذي يصرح بأن البحر كان ينقطع عند تلك الصخور القديمة. وقد نبه على ذلك علماء الإفرنج في كتبهم التي تبحث عن هذه الديار وقد سبقهم إلى ذكر هذه الحقيقة العرب. قال ياقوت في مراصد الاطلاع في مادة الحيرة: (أنها على ثلاثة أميال من الكوفة على النجف. زعموا أن بحر فارس كان يتصل بها). وليس في النجف نفسه ما يرشد الباحث إلى أن الناس سكنوه قبل الإسلام والظاهر أن اغلب من توطنه جاء إليه بعد الحنيفية بقليل لوجود قبر على بن أبي طالب فيه ومجاورة محبيه له. ولما كان الماء من أول واجبات الحياة بل وقوامها الأعظم. وتلك الأرض خالية منه سعى كثيرون في نقل الماء إليها بوسائل مختلفة منهم بالقرب ومنهم بالآنية ومنهم بحفر الأنهر وشق القنى. وممن ذكر التاريخ اسمهم بالشكر والمديح بنو بويه فانهم طلبوا الماء في أعماق الصخور فثقبوها حتى بلغوا أحشاءها وحفروا فيها آباراً واسعة بعيدة الغور حتى وصلوا فيها إلى 60 متراً ولكن لما رأوا أن الماء لم ينبط وأنه وراء تلك الصخور بمئاتٍ من الأذرع وبقيت تلك الجباب الفارغة من أبين الأدلة على ما لبني بويه من بعيد الهمة وفي نحو سنة 662هـ - 1263م حفر علاء الدين عطاء الملك الجويني عامل بغداد من قبل هولاكو نهراً شقه من الفرات إلى النجف وما أبطأ أن ردمته الرياح الساقيات. ولما اخذ الصفويون يشيدون بعض المباني والمعاهد والدور المكينة في النجف وانشئوا الصحن والحضرة على الطراز الحالي تضاعف سكان البلدة لكثرة ما جاءها من العملة والصناع ولتحسن سكناها فقدم إليها زرافات من الأمامية لمجاورة تلك البقعة فاضطر الشاه إسماعيل إلى حفر فقر سنة 914هـ - 1508م

سموها (قناة) لكي تمد السكان بالماء الكافي للشرب وهي نفس القناة التي كان حفرها علاء الدين عطاء الملك الجويني وسماها (نهر الشاه) إلا أنه لم يجيء عذبا سائغاً لأن ماء الفرات كان يختلط بماء الآثار فيأخذ منه شيئاً من الملوحة ويصبح أجاجاً فيضر ولا ينفع. وقد قال أحد سواح الفرنسيس في صدد ماء النجف وحفر قناةٍ له ما هذا تعريبه: إن أرض (مشهد علي) في غاية النشف واليبوسة حتى انه لا يمكن للإنسان أن يتصورها. ولا يرى هناك الرائي إلا مشاهد هائلة وأكواماً من الرمال تلهبها الشمس لهيباً في أيام القيظ. وكان يضطر سكان هذا الموطن سابقاً إلى أن يذهبوا إلى الفرات ليأخذوا منه الماء. لكن منذ مدة 15 سنة (أي في سنة 1793م - 1208هـ) ابتنى أخ ملك المغول قناةً كلفته مبالغ باهظة ومع كل ذلك لم يتمكن البناة من أن يجعلوها على ما كان في خاطرهم لكثرة ما ينتاب المدينة من زوابع الرمال التي تثيرها الرياح إثارة شديدة وتذريها بعد ذلك حتى إنها كانت تردمها ردماً لولا أن الموكلين بحفظها يعنون بتنظيفها كل سنةٍ. ولهذا بقيت مسألة جر ماء النجف من الفرات من اعقد المسائل بل اعقد من ذنب الضب فلما رأى ذلك صاحب المكرمة علامة عصره أبو الطائفة الجواهرية الشيخ محمد حسن، انتدب المثرين وأهل اليسار من الفرس ليشقوا نهراً يروي الظمأى ويسقي الأرضين ويلطف حرارة الهواء ويفرش الأرض بساطاً من الخضرة فأمطر عليه أهل المال الأصفر الرنان تلبيةً لطلبه وشرع يشق النهر وكان العملة مئاتٍ بل ألوفاً وكان هو يقوم بينهم وينشطهم في أتعابهم بأنواع الوسائل وهم يفرغون كل جهدهم في تحقيق أمانيه باتخاذ

ضروب الآلات والأدوات لتفتيت الحجارة وقلع الصخور من مواطنها واستعملوا لهذه الغاية البارود الناسف وبذلوا كل ما في ذراعهم من القوة وما في قلبهم من الشغف بالأئمة ليخرجوا الأمنية من عالم الخيال إلى عالم المثال حتى بلغوا في سعيهم ما لم يبلغه من سبقهم. ثم جاءوا بحراقة ركبها الشيخ وكان الجمهور المثالب على ضفتي النهر يصفقون لكونهم ظفروا بما لم يظفر به أجدادهم من علو الهمة وبعد الغاية وكانت مياه الفرات تتدفق وتتدافع وتتصافق كأنها تشترك بهذا الفرح وتهنئ الفائزين بفوزهم المبين ومازالت الحراقة تسير والماء يحملها حتى وصلت باب النجف فإذا الأرض أعلى من مشق النهر فوقفت لوقوف الماء. وتولى الفرحين من الحزن والكآبة ما لا يصفه قلم واصف وبقيت فوهة ذلك النهر مفغورة فغر فم الأخرس يحاول النطق ولا يستطيع وأخذت السافيات تدفن فيه الآمال بل القلوب ولم يبق من ذاك المشروع الكبير إلا الأثر وهو يسمى اليوم (كري الشيخ) (وتلفظ غالباً بالجيم المثلثلة المكسورة وكسر الراء والياء) ذهب قوم وجاء قوم آخرون وودوا من جديد تحقيق جر الماء إلى النجف فجاء السيد (أسد الله) وهو من كبار بيوتات أصفهان ونحت في باطن الأرض سوهقة (أي كاريزاً) وركب عليها طاحونتين. وارصد لهذه المبرة ما يكفل بقاءهما من المبالغ لإصلاح ما يقع في مشروعه من الخلل على توالي الأيام. ولكن ما لبث أن دخل في خبر كان كما دخل غيره فيه. وفي أيام السلطان الخليع عبد الحميد خان خط نهر ضيق في الجهة الشمالية من البلدة وسمي (بالحيدرية) ولم يفد اكثر ما أفاد غيره. لأن كثبان الرمال كانت تنهال على مشقه عند هبوب الرياح فكانت تردمه ويصبح كأنه سنام البعير. فلا يمكن للماء أن يتعداه فلما انتبه أولياء الأمر لهذا الحادث الذي لا محيد عنه غرسوا أشجاراً على مجاريه لتقف في وجه الرمال وتصدها عن مهاجمتها له وتكون بمنزلة الأسداد ولبث الموكلون بهذا الشان يتعهدون أشجار الصفصاف بالسقي حتى كلوا وملوا فذبلت ويبست وعاد كل شيء إلى حالته الأولى وأصبحت تلك السوهقة في حمارة القيظ مقر الدويبات والحشرات ومستنقعاً تغزر فيه الأقذار والأدران. وأصبح ماؤها ضاراً لا نافعاً بل أصبحت كبدن المسلول أو

المحموم تارةً يعرق فيسيل رشحه فيغدو ذاك الماء مع ما يرسب فيه عصيدة وحلة لا اسم لها ولا وصف. وطوراً يضطرم ذاك البدن فيجف قطره فيصبح صلصالا لا تعرف حقيقته. فمما تقدم بسطه يتبين للقارئ أن لا علاج لهذا الداء العضال سوى أمر واحد وهو أن يتفقد الأرض أحد المهندسين البارعين ويخطط فيها نهراً يختلف غور حفره باختلاف ارتفاع الأرض وانحدارها ويقيم على فغرته آلة بخارية تغترف الماء. من الفرات وتدفعه دفعاً عنيفاً إلى مندفقه. ويقوم بالنفقات أحد الرجال الأغنياء أو إحدى الشركات ينشئها أبناء النجف وحينئذٍ تتحقق الأمنية فيسقى النجفيون ماء سلسبيلا ومحقق هذه الأمنية يجلب لنفسه كل محمدة فيجمع فيها شرف البويهي والجويني والصفوي والمغولي والجواهري والأصفهاني والعثماني فيفوز بقصب السبق وحده دون غيره وبخدم الوطن خدمة لم يسبقها سابق ولا يوجد اليوم في النجف رجل كبير محب خير الأمة مثل السيد العظيم الاقتدار جواد الكليددار فأنه اخذ على نفسه أن يؤسس شركة تجلب قساطل (أي أنابيب) من حديد ويحصل ما في الصدور من دواعي السرور على ما أشرنا إليه قبيل هذه السطور وقد منحتها بلدية مركز الولاية الرخصة بجلب الآلات والأنابيب وسائر الأدوات وتتعهد الشركة بدفع ربع الربع إلى البلدية فتكون الخطة على الوجه الأتي تقريباً: تجلب ثلاث معاون بخارية (مكائن) قوة كل واحدة منها 60 حصاناً. اثنتان منها تشتغلان والثالثة تبقى واقفة تشغل عند الحاجة إليها عند تضرر إحدى الدائبتين. وقيمة كل معينة من هذه المعاون 700 ليرة عثمانية. ويحتاج إليها من الأنابيب 10. 000 متر يكون قطر الأنبوب 12 قيراطاً (أي أنجاً) أو 30 سنتيمتراً ونصفا وقيمة كل متر من هذه القساطل ليرة عثمانية. وعليه تبلغ النفقات من أول غرش يصرف إلى آخره نحو 15. 000 ليرة أو 345. 000 فرنك. وإن بالغت في النفقات فلا تقل إنها تتجاوز نصف مليون فرنك وهو مبلغ لا يذكر

فوائد شتى

بالنسبة إلى النتائج التي يأتيها من أحياء الموات والموتى. وإذا أبت الشركة أن تتمم ما تعهدت بالقيام به فأن السيد جواد الكليددار ذو ثروة طائلة يستطيع أن يصرف وحده المبلغ المذكور بدون أن يصيب يسره أدنى خلل. حقق الله الأماني. وابعد عن أولي العزم أنواع التراخي والتواني! فوائد شتى أول إنجيل عربي طبع في حلب الشهباء إدعاماً لما ذهبنا إلينا من قدم وجود المطبعة في حلب الشهباء نقول: إننا رأينا عند يعقوب أفندي نعوم سركيس إنجيلاً مطبوعاً في حلب وقد جاء في آخر مقدمته: (اثناسيوس برحمة الله تعالى البطريرك الانطاكي وساير المشرق سابقاً) والكتاب خال من أرقام الصفحات وهذا الكلام يقع في الصفحة 6 منه وقد ناب عن الأرقام كتابة أول كلمة الوجه التالي في أخر الصفحة خارجا عن الإطار. وقد ورد في آخره: (طبع حديثاً بمحروسة حلب المحمية سنة 1706 مسيحية) فوائد لغوية معنى المراجل في قولهم: سوى أو عمل مراجل طلع أو بين أو روى (أي أرى) مراجل. وقع حديث بين أديبين مسلم ونصراني. فقال المسلم لصاحبه: هل فكرت في معنى قول وطنيينا: فلان سوى أو عمل مراجل، طلع أو بين أو روى (أي أرى أو اظهر) مراجل؟ التي يرادفها عند الفصحاء: (تظاهر بالعظمة أو بما يكسبه فخراً أو عزاً أو كبرياء أو تفتح في الكلام أو تطاول به فتحة أو أراه ما يفتخر به؟ - قال: لا - قال: إن هذه العبارة ترتقي إلى عهد الانكشارية فانهم كانوا إذا أرادوا مقاتلة العدو اتخذوا المراجل وهي القدور (أو الدسوت) الكبيرة وأخرجوها معهم لكي لا يحتاجوا في الطريق إلى طلب الطعام من أهل البادية أو من غيرهم

ولإشباع من ينضوي إليهم وأرهاباً للعدو. فكانت تلك المراجل دلالة على سعة حالهم ورفاهية عيشهم. هذا ولم يكونوا يفعلون ذلك الفعل في ولاية بغداد فقط بل في جميع المواطن التي كانوا يحتلونها أو يوجدون فيها قال البستاني في دائرة المعارف في مادة انكشارية (539: 4): (فكنت تسمع في ساحة (آت ميدان) أصول طبول الانكشارية العظيمة وترى (المراجل) مصفوفة بالترتيب أمام القشلة لأجل جمع المتفرقين من الانكشارية من بيوتهم ودكاكينهم). فلما شاع ذلك عن الانكشارية أصبح إخراج المراجل إلى الخارج بمعنى اطلاع العساكر وما تأكل فأن كان ما يخرج كثيراً اقتضى إخراج مراجل كثيرة ودل ذلك على قوة عظيمة. وإن كانت المراجل قليلة دلت على عساكر قليلة وقوة ضعيفة. ثم انتقلت العبارة إلى المعنى المتعارف أي بمعنى اظهر ما تتفتح به وما تتطاول به فتحة. واكثروا من ضم كلم إليها مختلفة المباني مؤتلفة المعاني فقالوا: صاحب مراجل وأبو مراجل وطلع (أي أطلع) مراجلك ورويني (أي ارني مراجلك) إلى غيرها. فلما أتم الأديب كلامه أذعن صاحبه لهذا التأويل ثم قال هذا لذاك: لقد أحسنت في الإفادة فهل تعلم أنت ما أصل معنى. (ضربة راشدي أو محمودي) بمعنى صفعه أو لطمه لطمة قال: لا. قال النصراني هذا الذي أراه: 2 - معنى ضربه راشدي أو محمودي الراشدي هو عند أهل العراق لحن أو مقام عالي النغمة واكثر ما يعرف في بغداد. ودونه علواً (المحمودي). فإذا قيل: (ضربه راشدي) فكأنه قيل: لطمه لطمةً يسمع صوتها كما يسمع الراشدي أو المحمودي أي من بعيد أي لطمة قوية وقد يبدلون كلمة (ضرب) بألفاظ أخرى مرجعها كلها إلى هذا المعنى كقولهم: شرفه أو جرخه براشدي أو داره براشدي (أي أدار صفحة وجهه بصفعته لقوتها) إلى آخر ما هناك. فلما وقف الأديب المسلم على ذلك قال: لقد توافينا في التأويل. وما علينا إلا أن نعرض ألفاظنا على أصحاب الحكم والتعليل، ليبدوا رأيهم ويظهروا ما فيها من دبير وقبيل.) قلنا: فأن كان لأحد القراء غير هذا الرأي فليبده والله الموفق لسواء السبيل. ي. ن. س

باب المكاتبة والمطارحة

3 - الجزمة بمعنى الخف والموق سألنا سائل: هل الجزمة كلمة عربية الأصل وإن لم تكن فبأي لسان هي وما الذي يقابلها في العربية؟ قلنا: الجزمة بجيم مثلثة فارسية وعربها المولدون المتأخرون بالجيم العربية هي لفظة تركية الأصل يقابلها بالعربية (الخف) وبالفارسية (موزة) التي عربها الأقدمون بصورة (الموق) قال ذلك صاحب (بهار عجم) وصاحب (برهان قاطع) وذكر ذلك بشواهد عديدة فلوس صاحب المعجم الفارسي اللاتيني الكبير. والظاهر من وصف العرب للموق أن الموق غير الخف. فالموق هو الجزمة حقيقةً. والخف ما يلبس تحته. قال في تاج العروس: (الموق: خف غليظ يلبس فوق الخف. فارسي معرب. قال الصاغاني: وهو تعريب موكه. هكذا قال. والمشهور (موزه). . . وقال ابن سيده: الموق: ضرب من الخفاف. اهـ وقال في الخف: (الخف واحد الخفاف التي تلبس في الرجل. ويجمع أيضاً على أخفاف. . . . وفي الصحاح والعباب: اغلظ من النعل. وفي الأساس: أطول من النعل. وهو مجاز). اهـ. وأهل بغداد يسمون الخف: يميناً أو يمنيةّ نسبةً إلى اليمن لأنه كان يؤتى بأحاسنها من تلك الديار. أو لأن اغلب المشتغلين بها كانوا من اليمن. ويجمعونها على يمنيات. واشتغال اليمانيين بالصنائع من قديم الزمان لأعراق حضارتهم. قال الأصمعي: افتخر إبراهيم بن مخرمة يوماً بين يدي السفاح باليمن. وكان خالد بن صفوان حاضراً. فلما أطال عليه قال خالد بن صفوان: وبعد فما منكم إلا دابغ جلد، أو ناسج برد، أو سائس قرد، أو راكب عرد، دل عليكم هدهد، وغرفتكم جرد، وملكتكم أم ولد. فسكت وكأنما ألجمه. باب المكاتبة والمطارحة ارسطاطاليس بن نيقوماخوش الجهراشي سأل مستفيد من بغداد مجلة المشرق: من هو (ارسطاطاليس بن نيقوماخوش الجهراشي)، الذي ورد ذكره في طبقات الأمم لصاعد الأندلسي الذي توليتم طبعه في المشرق (669: 14) فأجاب ل. ش. هذا الجواب: (المشرق 80: 16)

(قد أثبتنا في ذيل المشرق هناك أن اسم الجهراشي قد التبس علينا وذكرنا أنه من المحتمل أن المؤلف أراد (الاسطاغيري) نسبةً إلى اسطاغيرا وطن أرسطو. فقام صاحب لغة العرب (189: 1) ليفند هذا الرأي. وتأول له تأويلات غريبة كقوله: إن الجهراشي تعريب أي الشيخ أو نسبةً إلى أحد آلهة اليونان أو نسبة إلى مدينة غرسته مدينة يونانية. وكل ذلك لا أصل له ولا فصل. والصواب أن (جهراش) مدينة في حوران واسمها جرش أو جهراش فنسب إليها صاحب طبقات الأمم نيقوماخوش أبا ارسطاطاليس وذلك غلط بل خلط منه لأنه وجد عالم من جرش اسمه نيقوماخوش الجرشي أو الجهراشي كان رياضياً وفيلسوفاً في القرن الأول بعد المسيح فظن صاحب طبقات الأمم أنه والد ارسطو. وبذلك سقطت تأويلات صاحب لغة العرب.) ثم أن هذا (المستفيد البغدادي) نقل لنا هذا الكلام وقال: وانتم ما رأيكم في هذا القول؟ قلنا: أول ما نلاحظه على المستفيد أن كلام حضرة ل ش في تأويله الأول (المشرق 669: 14) يختلف عن قوله هنا فأنه قال هناك: (لعله يريد الاسطاغيري) ولم يصرح أنه التبس عليه بخلاف ما يقول هنا. فلو لم يكن من كلامنا فائدة إلا هذه لكفت ثانياً: إن تأويلنا لا تخرج عن الغرابة وإن صح كلام حضرة ل ش لأننا أن وصفنا ارسطوطاليس بالشيخ وشيخ العلم فهذا من ارجح الأمور وأظهرها للعيان. وكذلك لو كان آخر سمي بهذا الاسم. فوصفنا إياه بالإمامة في العلم أمر طبيعي. وكذلك إذ ألهنا علمه فقلنا ارسطو الجهراشي فذلك على حد ما قالوا: (أفلاطون الإلهي) ومثله لو نسبناه إلى موطن ولادته جهراشته (لا غرسته كما عربها) ثالثاً: وأما القول بأن الجهراشي هنا هي نسبة إلى جهراش وجهراش هي جرش فهناك عدة أسباب تمنعنا عن قبول هذا الرأي الغريب بل الغريب كل الغرابة منها: إن صاعداً الأندلسي يعدد في كتابه اعظم فلاسفة اليونان إذ يقول: (اعظم هؤلاء الفلاسفة عند اليونان قدراً خمسة فأولهم زماناً. بندقليس (أي انبدقليس) ثم فيثاغورس ثم سقراط ثم أفلاطون ثم ارسطاطاليس بن نيقوماخوش)

فهل يمكن أن يعد هذا الجرشي بين هؤلاء الخمسة أو أن يبدل واحداً شهيراً مثل ارسطو بأخر خامل الذكر لم يعرف من أمره شيء سوى جرشي الأصل. وأن ذلك لغريب فيا للأسف! (ما إمامة من هند) ثانياً: إن الأندلسي يقول صريحاً: ارسطاطاليس بن نيقوماخوس هو الجهراشي (لا ارسطوطاليس الجرشي. فهذا ليس بابن نيقوماخوش ولا هو من فلاسفة اليونان الخمسة المشاهير فأين هذا من ذاك فيا للأسف (أريها السها، وتريني القمر) ثالثاً: من إقرار حضرة ل ش بلدة جرش من حوران. فهي إذاً ليست من بلاد اليونان (وإن كانت من سجمها) فهل يعقل أن كاتباً مثل صاعد الأندلسي يخلط هذا الخلط ويتوهم في ارسطاطاليس بن نيقوماخوش أنه من حوران. وهو أشهر من أن يذكر بأنه من اليونان. أو ينسب أباه إلى مدينة في حوران، ويهذي هذا الهذيان، الذي لا ينطق به أصغر الصبيان. إن هذا من الغرابة في مكان. وهل تخلط الدرة بالذرة. فيا للأسف! (أراد أن يعرب فأعجم) رابعاً: لم يأت اسم المدينة (جرش) بصورة جهراش في لغة من اللغات ولا من صرح بذلك عند العرب. هذا فضلاً عن أن بين (جرش) (وجهراش) بوناً بيناً. وإذا كان تصحيح الأمور مبنياً على التقول والتحكم لم يبق شيءٌ عسراً. وتمهدت جميع العقبات. وإلا فيجب على المؤول أن يقول لنا أين ورد لفظ جهراش بمعنى جرش. وأي عربي قديم نطق بذلك. يا للأسف! (سكت الفا، ونطق خلفا). خامساً: لو سلمنا أن جهراش وجرش شيء واحد فأن سائر الاعتراضات تبقى اعقد من ذنب الضب. اللهم إلا أن يخطئ الجميع، وينسب إلى نفسه الرأي البديع. وحينئذ يا للأسف! وهل (يعقد في مثل الصؤاب، وفي عينيه مثل الجرة) سادساً: لو سلمنا أنه مصيب في قوله فأي غرابة ترى يا هذا أن وصفنا أحد الارسطو طاليسيين (بشيخ في العلم. أو بالمتأله في العلم) ولا سيما إذا كان من الفلاسفة فأنت ترى أن لا غرابة في ما ذهبنا إليه. وأنت مخير في اتباع ما يبدو ولك أو يحلو لأن الأطيار تقع على أشكالها. قلنا: (وبذلك سقطت تأويلات صاحب المشرق).

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 1 - مكتب وقع بيدنا العدد الأول من رسالة موقوتة تطبع في بغداد في مطبعة دنكور اسمها (مكتب). لصاحبها ومديرها المحامي يونس أفندي وهبي. والغالب على عبارتها التركية وفيها نحو ثلاثة عواميد عربية. والباقي (أي 13 عموداً) باللغة العثمانية يخالطها شيء من الفرنسوية وهي تصدر نهار كل جمعة وتباع نسختها بعشرين بارة. وقد ذكر صاحبها أنها (علمية فنية تاريخية فلسفية). وهذه الرسالة لا تنفع إلا أبناء المكاتب التركية. إذ المقالات العربية فيها قليلة مع أننا في بلاد عربية وأغلاط الطبع فيها كثيرة حتى أن مطالعتها تصبح لهم بمنزلة كتاب جفر لا رسالة تعلم وتفهم. ونحن نذكر لك شاهداً لتحكم أنت بنفسك عنها قال في ص 12 وهو يذكر مثلاً فرنسوياً بهذه الصورة: وقال في ما يقابلها بالعربية: يغوص البحر من طلب الآلي ... ومن رام العلى سهر الليالي ففي السطر الفرنسي ثلاثة أغلاط وهي: وفي السطر العربي غلط واحد وهو اللآلى. وقس على هذا ما بقي ونحن نأمل من صاحبها أن يدقق في تصحيح المسودات لكي لا تبدو الرسالة الأسبوعية مشوهة بهذه الصورة الشنيعة. وأن يختار لها كاتباً عربياً يكتب فيها ليكثر قراء هذه الرسالة في سائر المكاتب البغدادية بل العراقية. 2 - منتخب الأعمال رسالة في 20 صفحة لمحمد علي الحسيني وهي مختارات في الصلوة والصيام مطبوعة في النجف بمطبعة الحبل المتين. 3 - (الجزء الأول من) موعظة السالكين للسيد محمد علي الشاه عبد العظيمي مطبوع في المطبعة المذكورة سنة 1329 في 138 صفحة وهو كتاب ديني كالأول.

4 - غرفة المعجزات في جزءين كتاب ديني لمحمد علي الحسيني مطبوع في النجف في المطبعة المذكورة. 5 - هذه وجيزة في فضايل (كذا) الضيافة وما يتبعها وفي آداب الآكل والشرب وما يناسبه. وفي الأخر: منظومة في آداب الآكل والشرب. رسالة في 52 صفحة تأليف السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي طبعت في مطبعة الحبل المتين في النجف سنة 1330. 6 - الغرى أو در النجف الغرى مجلة نجفية فارسية العبارة ظهر منها عددان بهذا الاسم ثم برزت باسم (در النجف) لصاحبها اغا محمد محلاتي. وقد صدر منها أعداد السنة الأولى. وهي تطبع بمطبعة علوى. 7 - الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية لمؤلفه محمد حسين آل كاشف الغطا النجفي. طبع على نفقة الشركة العراقية. - طبعة ثانية - في مطبعة العرفان في صيدا سنة 1330. كتاب يدل عنوانه على فحواه وهو من قلم رجل ينتمي إلى بيت علم رفيع العماد، مشهور في النجف بين الحاضر والباد، وقد قال المؤلف في آخر كلامه تحت عنوان (ذكرى وبيان) ص ز: (لا ابتغي من الكتاب والأفاضل الثناء عليه، والإطراء فيه، وتصفيف الأقوال الضخيمة (كذا وهو يريد الضخمة ولعله فعل ذلك للمزاوجة) والمقالات الضافية الفخيمة. في تقريضه وتوصيفه. (كذا. ولم يرد وصف مشدداً في كلامهم ولعله فعل ذلك للتسجيع) بل بغيتي منهم ورغبتي إليهم. إن ينظروا إليه نظراً مجرداً. ويضعوه في محكمة التمحيص والتدقيق عارياً. فيذكرون (أي فيذكروا) (فضلاً منهم) ما له وما عليه. وما يستحقه على الواقع والحقيقة بنفسه (؟) من مدح أو ذم. ويعرفوني محاسنه ومساوئه (أي مساوئه) فالإنسان مهما كان أعمى عن عيوبه. واصم بنفسه (؟) عن سيئاته. وأني لا محالة اعتد ذلك منهم على فضلاً. . . .) فإجابةً لصلبه ولما امتاز به صاحب هذا الكتاب من رسوخ القدم في العلم وثباته في التحقيق وإن انتقده الناقد نذكر هنا بعض ما في سفره من المحاسن والمساوئ فنقول:

أما مساوئ الكتاب فأولها أنه أطال مقدمة الكتاب لبسط رأيه في سبب تأليفه والدواعي إلى وضعه. وأهل هذا العصر يخالفون أهل العصور المتوسطة فأن أبناء زماننا يحرصون على أوقاتهم ويحبون أن يقعوا على ما يتطلبونه بدون أن يضيعوا أوقاتهم في نشده بين تضاعيف السطور الكثيرة. وهذا ما كان يفعله كتاب العرب في أول عهدهم بالكتابة والعود إليه احمد. ولهذا لو أوجز في الكلام لكان احسن. 2: لا يجدر بالمؤلف أن يمدح كتابه أو عبارته أو نفسه وإنما يدع ذلك إلى القراء والمطالعين وأصحاب الرأي والحكم. فقد قال مثلا ص 18: وما صدني ذلك عن امتلاك شيء من ملكة الإنشاء. ولا عاقني عن الانتظام في سلك من يقتدر على البيان والإفصاح عما شاء. وقال واصفاً كتابه ص 25:. . . ببراهين بينة متقنة، مكسوة (؟) بالعبارات الرشيقة، والفقر الأنيقة، التي تقرب البعيد، وتسهل الشديد. جامعة بين الرصانة والرقة. والوضوح والقوة، وفصاحة الكلام. والأفصاح عن المرام، متوخياً جهدي تجنب ما يوجب التعقيد من الإصلاحات الفلسفية، والمجادلات الكلامية. بمألوف من البيان مأنوسه، وواضح من القول يعيد معقول الفكر كمحسوسه. كل ذلك تسهيلاً لمطالبها. وطلباً لانتفاع العالم والعامي بها. حسب جهدي وطاقتي، وما في مزجات (كذا أي مزجاة) بضاعتي. . .) وقال في ص ز من الأخر: (فأني على أمل وثيق أن يجد مطالع هذا الكاتب ما يرتاح الفكر إلى النظر فيه. وتنبسط النفس إلى المطالعة مطاويه لسهولة عباراته وسلاسة مجاريه. .) ومثل هذه الأقوال كثير في تضاعيف هذا الكتاب. 3: أنه ينحى على أهل الغرب باللائمة ويعامل صالحهم وفاسدهم معاملة واحدة بدون تمييز ولا نظن أن هذا من الحق في شيء. كقوله مثلاً في ص 16 و17: ولو سألتني ما سبب ضعف الدين في المسلمين لقلت زخارف الدنيا ونفوذ الروح الغربية التي دخلت فيهم. . . فليس كل ما يأتينا من روح الغربيين مذموماً؛ فلهم من المحاسن ما لا ينكره أحد مهما كان من المتهورين ولهذا يحسن بالكاتب أن يقيد عند الحاجة ولا يطلق. ولا سيما لأنه سبق فقال في ص 4: نفذت

الروح الغربية في جسد الشرق وجسم العالم الإسلامي فانتزعت منه كل عاطفة شريفة وإحساس روحي، وشرف معنوي ومجد باذخ، واستقلال ذاتي. . . . لا جرم إننا إذا طالبناه بالبراهين المؤيدة لهذا الكلام فأنه لا يأتينا إلا بمثل ما أتى به في مطاوي الكتاب. وهي ليست من الأدلة الدامغة. هذا ولو اكتفى بالإشارة إلى ما يريد مرةً واحدة لكفى؛ لكن التكرار ينشئ الضجر في صدر القارئ. 4: قد يأتي بعض الأحيان باعتراض محكم المعنى والمبنى ويجيب عنه بجواب لا يقابله قوة ومتانة كقوله ص 17: (ولو قلت: ما الذي أوجب سكوتهم (أي سكوت مصلحي الإسلام والآمرين منهم بالمعروف) وإغضاءهم (كذا) عن تمزيق دينهم بترقيع دنياهم. فلا هذا ولا ذاك. قلت: حسبك (في فمي ماء وهل ينطق من في فيه ماء). قلنا ولو لم ينبه الخاطر إلى هذا الأمر لكان اجدر به ولا سيما لأنه يعرض بمن لا يجدر بهم هذا التعريض. أو لعل ما يتوهم فيهم الظن لا يصدق فيهم بل في غيرهم. 5: علم المؤلف أن بين المسيحيين زعانفة (والزعانفة غير مخصوصين بدين دون آخر بل هم في جميع الأديان) غالت وتطرفت في الطعن على شرف الإسلام (ص 22) ولكن لا نرى موجباً لأن يتعرض للرد عليهم ص 23 فالرعاع من الناس يعرض عنهم ولا يلتفت إليهم إذ هم بمنزلة الغثاء في مسيل الماء ولا سيما لأنهم لم يخصوا المسلمين بالثلب بل أطلقوا ألسنتهم على النصارى إطلاقاً لا يعرف له قيد ولا حكم. وعليه لا نرى من الحق أن يسموا نصارى وهم ينكرون ذلك على أنفسهم. نعم انهم نصارى منشأ واصلاً لكنهم ليسوا بهم عقيدة وعملاً. فالرد عليهم من العبث. 6: ربما استعمل ألفاظاً حديثة الوضع لكن في غير مواطنها كَقوله ص 24: (انظر بالمجهر الكبير إلى زوبعة في الكوز وعاصفة في الوجود تريد أن تأتي على كافة الأديان. . .) فالمجهر مهما عظم لا يتخذ لينظر به إلى زوبعة أو عاصفة إلا بتكلفٍ. 7: الكتاب مشحون بأغلاط صرفية ونحوية ولغوية إذ لا تخلو صفحة منها. ففي أول صفحة منه وهي ص 2 ترى: الآنات بمعنى الآناء أي الساعات وهي غير

مألوفة وغير معروفة. وفيها (لا تتصرف أفكار أغياره إلا إليه) وتصرف بمعنى صرف أو الصرف لم ينقل عنهم. وكذلك تجول بمعنى جال وضبط توطد بشد الطاء وضمها. ومقتضى المعنى هنا كسر الطاء المشددة. وقال: تلبد الأمل. وضبطها بضم التاء وفتح اللام. فلينظر ما يراد بهذا الفعل هنا. وفيها: ولا ربوة غدر ألا افترءتها. وهذا المعنى غريب ونحن في غنى عنه. إلى آخر ما جاء هناك. وهو في هذه الصفحات الأولى يتوخى السجعات فيضطر إلى ركوب ما لا تحمد عقباه. ونحن في غنى عن مثل هذا التقييد ولا سيما في كتب غايتها الإفهام لا الإيهام والعبارة المألوفة لا المعقدة. 8: إن الألفاظ الأعجمية من علمية وجنسية جاءت مصحفة تصحيفاً شنيعاً لا يهتدي إليها إلا بعد الروية ولا غرو أنه نقلها عن بعض من لا يحسن اللغة الإفرنجية. كما في الارنج والجوري أو الشامبنزيه وهو يريد الاوران اوتان - والغورلا والشمبنزي (ص و) وذكر العلامة نيوتن باسم ينوتن ولعلها من غلط الطبع ولني جاءت لينيه وكلاهما في ص ز وسط الكتاب. 9: كثيراً ما يستعمل المؤلف ألفاظاً تدل على الدعاء بالشر وهي اليوم ليست من آداب هذا العصر كقوله في ص 40:. . . فما لبثوا أن تمادى فيهم الغرور وطغى بهم طوفان الجهل حتى قال قائلهم سل الله أسلة لسانه كما سل عقله بيد شيطانه (أنا قد قتلنا إلهنا واسترحنا). . ومثل هذا التعبير كثير في هذا الكتاب. على أن هذه الأمور لا تنزع من الكتاب مزيته فأننا إذا اعتبرناه من جهة تفنيده للمذاهب الجديدة الواهية كمذهب الماديين والدهريين وأصحاب مذهب تنازع البقاء والنشوء والارتقاء والدروينية والتعطيل والإلحاد ونحوها. فأنه بمنزلة الصاعقة لهم. طالع مثلاً الفصل الأول من هذا السفر الجليل فانك تراه يتكلم عن إثبات الصانع جل صنعه ببراهين بينة قريبة المثال. هذا فضلاً عما هناك من الحقائق الأخرى كاليقين بوجود النفس مقارن لليقين بوجود الإله. (ص 65) وكالنفس هي التي تدرك قبل كل شيء والمادة التي تدرك أبداً. (ص 66) وككلامه في بذاءة الملحدين وصلابة أوجههم (ص 67) إلى غيرها

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

من الأبحاث الجليلة والتي لا تعد. وإنما عددنا بعض معايب هذا السفر الخطير عملا بقول المفكر الكبير: كفى المرء نبلا أن تعد معايبه تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مرض الغنم وقع داء في الغنم منذ أوائل شهر شباط ولا سيما في الغنم الموجودة في جوار قضاء خراسان. وقد سافر إلى المحل المذكور فاروقي أفندي مفتش بياطرة الولاية ليطلع على هذا المرض وقد تحقق بعد الفحص انه حاصل من قلة الأمطار. وقد مات بهذا المرض اكثر من عشرين بالمائة وليس له علاج آخر سوى كثرة العشب والكلا. وقد وقع مثل هذا الداء في غنم قضاء (بدرة) (بادورايا) (عن الزهور) 2 - مرض خيل الجند وقع مرض شديد في خيل الجند الخيالة في أوائل الشهر المنصرم فاتلف منها 32 جواداً. وبعد أن عالجها بياطرة الجند انقطع عنها الداء. وقد أمر أصحاب الفن قتل جميع الكلاب التي كانت بجوارها وكان يظن بها أنها من نواقل العدوى (عنها). 3 - منع إخراج الحبوب والتمر قدم مجلس بلدية بغداد عريضة بتاريخ 18 كانون الثاني من هذه السنة إلى مجلس الولاية طالبة جعل التمر من عداد ما يمنع إخراجه من بغداد حفظاً لحياة الفقير فالمع المجلس الأخير بهذه الرغبة إلى نظارة الداخلية فلبت طلب المجلسين بل ورفعت المكس عما يجلب إلى الولاية من الحبوب إلى الحاصلات الجديدة. 4 - رجفة في بغداد أرجفت الأرض فشعرنا بهزتها نهار السبت 1 آذار في نحو الساعة التاسعة مساءً ودامت الزلزلة 3 ثوانٍ والظاهر أن كثيرين لم يشعروا بها لأنهم كانوا قد ناموا

العدد 24

العدد 24 - بتاريخ: 01 - 06 - 1913 عريسات 1 - تمهيد اختلفت الرواة في عريسات وموقعها ووصفها اختلافاً تاماً وقد وصفها بعضهم أنها مدينة تحت الأرض والبعض الأخر أنها معابد للأقدمين وقال آخرون أنهم رأوا في بعض مغاورها إيواناً فيه محراب إسلامي ومنبر، إلى غير ذلك. ولما لم نقف على الحقيقة لم نر بداً من هذا الأثر النفيس بأنفسنا فرحلنا من بغداد إلى النجف في يوم الأربعاء 11 من ربيع الثاني سنة 1331هـ - 19 آذار سنة 1913م. ثم وردنا لنجف بعد مدة 18 يوماً وقد زرنا في خلال تلك المدة المحمودية، والدير وتل أبو حبة (سبارة) والمدائن، والإسكندرية

والمسيب، وسدة الهندية، وكربلاء، وشفاثا، وقصر الاخيضر وقبر احمد

ابن هاشم، والقبور القديمة التي بقربه، وقصر الخراب وعين التمر وقصر البردويل

وقصر شمعون في شفاثا وطربريق، والحلة، وكوبرش (قصر بختنصر في بابل) وبرس، والكفل، والنجف. 2 - الطريق المؤدية من النجف إلى عريسات في يوم الاثنين 30 شهر ربيع الثاني رحلنا صباحاً من النجف قاصدين عريسات وكان دليلنا الخريت رجلاً من أهل محلة العمارة إحدى محلات النجف اسمه هجول بن احمد سران وقد قضى هذا الرجل مقدار 40 سنة في عريسات لطب ذرق الخفاش وبيعه لأهل الحدائق والبساتين ولم تزل هذه مهنته حتى اليوم ولذا تراه من اعرف الناس بمتايهها الباطنة لكثرة أنتيابه إليها والى دهاليزها العديدة.

خرجنا من باب المشهد الكبير (أي من باب النجف) الذي هو تجاه الشمال الشرقي ثم سرنا مع السور متجهين إلى الغرب ثم انحرفنا إلى الجنوب الغربي وبعد مسافة ربع ساعة عارضنا في طريقنا تل ممتد يسمونه جبلاً وهذا التل هو الذي فيه عريسات ثم اخترقناه وملنا معه إلى الشمال الغربي وبعد مسافة 45 دقيقة رأينا عن يمين الطريق على حافته آثار أنقاض تسمى (قصر الفتحة) وهو في جنوبي فرجة من تل عريسات لأن التل هناك ينحني شيئا قليلا وذك الانحناء يسمونه (فتحة) وبعد مسافة ساعة يلوح لك عن يسار الطريق على بعد ساعة منه (قصر الرهيمة) وبعد مسافة 7 دقائق مررنا بأثر أنقاض عن يسار الطريق يسمى (قصر الدكاكين) وهو ربوة يبلغ ارتفاعها عن الأرض نحو 3 أمتار ومحيطها زهاء 200 مترٍ وبعد 7 دقائق ملنا عن الطريق إلى اليمين مسافة 30 متراً ثم مررنا بوادٍ بين تلين عظيمين علو كل منهما نحو 10 أمتار وفيهما (الدكاكين) التي نسب القصر إليهما والدكاكين عبارة عن مساطب متوالية تتفرع إلى دهاليز وأظنها مقابر قديمة وإنما سميت بهذا الاسم لأن العرب رأوا وضعها كبعض الدكاكين التي عندهم اليوم فظنوها

كذلك فأطلقوا عليها هذا الاسم وقد رأينا في ركن جانب منها كتابة حميرية مكتوبة بالحبر الأسود وعدد الدكاكين نحو الأربعين وهي متقاربة تبعد الواحدة عن الأخرى زهاء 3 أمتار وعرض الواحدة قراب مترٍ أو مترٍ ونصف متر وطولها يتفاوت بين الأربعة الأمتار والعشرة وهي منحوتة نحتا في الحجارة في أعلى جانبي الوادي وبعضها في الجانب الأخر من الجبل الذي هو تجاه الشمال وينفذ بعضها إلى الجهة الأخرى ويمر يميناً ويساراً. وبعد مسافة 20 دقيقة وقفنا على (أم الغرف) وهي أشبه شيء بالدكاكين إلا أنها أكبر واعمق وعددها 11 ثلاث منها في أعلى الجبل الذي وجهه تجاه الشمال وثمان في صفحة الجبل التي هي تجاه الجنوب و4 فقط من هذه أل 11 يوصل إليها بطريق أما الباقي منها فلا سبيل إلى وصولها ويبلغ عرض كل واحدة من الأربع التي صعدنا إليها نحو مترين في غور سبع أمتار في سمك 3 أمتار وهي مقابلة للجنوب ويتفرع منها ثلاث طرق مثلها أيضاً ورائحتها كريهة جداً لكثرة ذرق الخفاش الذي فيها وهناك كثير من كسر الصخور الصغار التي يسميها الأعراب (رضماً) (بالتحريك وهو فصيح ولكن يراد بفصيحه الصخور العظيمة) وفي اغلب جدرانها سواد أشبه بالسناج (أي بسواد دخان السراج) وليس فيها أثر كتابة قطعا وهي منجورة نجراً (أي منحوتة نحتا) في الحجارة (والنجر من اصطلاح الأعراب) وفيها زوايا منحوتة أيضا وعند سفح الجبل الذي فيه أم الغرف على بعد 15 متراً ماء تحت الأرض يبض من عين هناك لا ترى ولم يقف الأعراب عليها إلى الآن وقد شربنا منها فكان عذباً إلا أن فيه طعم عفونة لقلة الاستقاء منه وعدم تجدد الهواء هناك. ثم جاوزناه فسرنا متجهين إلى الشمال الغربي وبعد مسافة 1 ساعة وردنا عين ماء تسمى (عين السطيح) يبلغ محيطها نحو 12 متراً وماؤها حلو وهي واقعة جنوبي الجبل أو التل على بعد 200 مترٍ منه وفي جنوبيها على بعد 20 متراً عين أخرى مثلها. ثم ملنا إلى ركن بارزٍ من التل وقطعنا التل من هناك متجهين إلى الغرب وبعد مسافة 10 دقائق رقينا أرض السطيح

وهي أرض ذات صخور وافهار تعلو الأرض قراب مترين ومحيطها مسافة نصف ساعة ثم بعدها كان على طريقنا التل السالف الذكر وسرنا معه متجهين إلى الشمال الغربي وعندما انحدرنا من أرض السطيح رأينا على بعد 60 متراً إلى الشمال الغربي منها تلاً يبلغ علوه 7 أمتار ومحيطه 160 متراً يسمى (تل السطيح) وفي شماليه على بعد 60 متراً تل أصغر منه بقليل يسمى أيضاً (تل السطيح) وفي كليهما صخور وافهار. وفوق أرض السطيح إلى الشمال الغربي على مسافة نصف ساعة محل في خشم الجبل يسمى (الرهيميات) - ويسمي الأعراب انف الجبل خشماً تصحيف الخيشوم الفصيح وهو بمعناه - وفي جنوبي الصطيح على بعد 40 دقيقة (قصر الرهبان) 3 - : الوصول إلى عريسات ثم سرنا من أرض السطيح وبعد مسافة ساعة وربع وقفنا على عريسات

عند العصر وهي في الجبل الذي لازم طريقنا من سور النجف حتى وردناها. وعند وصولنا إليها دخلنا مغارة من مغاورها وهي التي تسمى (أبو سبعين) ولما دخلناها وعلمنا أن الوقت لا يساعدنا على الاطلاع عليها في وقت وجيز لأن الشمس كانت قد قاربت الغروب عزمنا على المسير إلى قصر الرهبان (اعني القلعة الحديثة) للمبيت فيه والرجوع في اليوم الثاني إليها. فنزلنا ذلك اليوم ضيوفا على رئيس القلعة (حمود العكاشي) وهو من أهل النجف وعند الصباح من يوم الثلاثاء عدنا إليها. وقبل وصولنا إليها مقدار نصف ساعة عارض طريقنا (وادي النعمان) الذي كان يحميه النعمان بن المنذر وهو الذي يمر أمام قصر الاخيضر أيضا مما يلي الشمال ثم عبرناه وسرنا حتى وردنا عريسات ودخلنا تلك المغارة التي دخلناها عصر أمس ودليلنا هجول السالف الذكر فكانت مدة دخولنا وخروجنا في مغارة (أبو سبعين) ساعتين وعشر دقائق وقد أنهكنا النصب قبل استقصاء طرقها ثم استرحنا هنيهة ودخلنا مغارات أخرى في شرقيها وغربيها ولما علمنا أن التجول في عريسات على الطريقة العلمية - التي لا تغادر صغيرة ولا كبيرة إلا تحصيها وتصفها - يستغرق على الأقل مدة شهر وليس لدينا من المؤونة والمعدات ما يلزم ركبنا وخيلنا ورجعنا وقد أجلنا التجول فيها إلى وقت آخر واليك وصف عريسات كما شاهدناه وسمعناه. 4 - وصف عريسات نفسها عريسات عبارة عن دهاليز غائرة كالمغاور عديدة تتجاوز المائة عدداً وهي واقعة في أعلى الجبل أو التل وأبوابها مقابلة للقبلة ويتفاوت علو أبوابها تفاوتاً بيناً فأعلى ما يكون منها نحو مترٍ ونصف مترٍ وأدناها قراب 80 سنتيمتراً وكذلك يتفاوت بعد أبواب بعضها عن بعض نحو المتر والمترين والثلاثة الأمتار والمغاور صفان أو طبقتان عليا وسفلى وبين الطبقة والطبقة نحو 4 أمتار واكثر أبواب الصف الأعلى لا طرق إليها ولا يمكن وصولها إلا بسلم. واكثر تلك المغاور

تتفرع إلى طريقين وثلاث وأربع وخمس طرق ما عدا (أبو سبعين) السالف الذكر ومسافة الطرق المذكورة نحو مترين و4 و7 10 أمتار لا غير. والتل الذي فيه عريسات يبلغ نحو 12 متراً وهو دليل الخارج من النجف إلى عريسات لأنه يمتد مع الطريق إلى عريسات كما ذكره. وجميع مغاور عريسات منحوتة في حجر ذلك التل أو الجبل نحتا وليس ثم أثر بناء بالطاباق أو اللبن أو الجص أو غير ذلك البتة. 5 - وصف ما شاهدناه داخل عريسات إذا دخلت مغارة من مغاور عريسات وتقدمت فيها إلى الأمام مقدار 10 أمتار يعتريك في الحال دوار (دوخة في الرأس) وضيق في النفس وذلك مما تشمه من الرائحة الكريهة رائحة بول الخفاش وذرقه الذي تمر عليه المئات من السنين ولا يمر عليه الهواء. والدخول في مغاور عريسات بدون ضياء بعيد التحقيق أو محال لأنك إذا جاوزت باب المغارة وتقدمت إلى الأمام مقدار عشرة أمتار صرت في ظلمة لا يبصر فيها العقاب. وإذا انطفأ سراجك وأنت داخل عريسات، فلا بد لك من الوقوف في مكانك حتى تسرجه (تعلقه) لأنك لا تدري أين تضع قدمك أفي البحر أم في النار. دخلنا عريسات وفي يد كل منا شمعة مسرجة (وقد اخبرنا جماعة من أهل النجف أن السراج ينطفئ فيها لانحباس الهواء هناك فوجدناه خلاف ذلك). ولنكتف الآن بوصف ما في داخل مغارة (أبو سبعين) عن باقي المغاور لأنا قد قلنا فيما سبق أن اكثر تجوالنا فيها. وهي واقعة على حد المغاور المقابلة للقبلة في طرف الشمال الغربي منها. سرنا في دهاليز أو ديماس يبلغ سمكه دون القامة بقليل ووجهنا إلى الشمال الشرقي وبعد مسافة 20 متراً ملنا إلى طريق عن يسار طوله مقدار 25 متراً وبعدما سلكناه رجعنا القهقرى لأن لا منفذ فيه ثم سرنا ووجهنا أيضا إلى الشمال الشرقي وقد اخذ ارتفاع الدهاليز أو الدياميس يقل ويضيق وتتفرع الطرق فكنا كلما مشينا خمسة أمتار أو 10 أمتار وجدنا طريقين إحداهما عن اليمين والأخرى عن اليسار وفي وسط الطريق التي تتفرع إلى أربع طرق أو ثلاث طرق نقرة

شبيهة بالبئر منحوتة نحتا بسيطا تتصل حافاتها بجوانب الطرق الأربع فلا بد للسالك وقتئذٍ من أن يتعداها طفراً. على أن بعضها لا يمكن تعديها طفراً لعرض فمها. وأن عزم السالك على عبورها فلا حيلة له سوى التثبت عند وضع رجله على حافتها لأنها ملساء وليس فيها موضع يضع الإنسان فيه قدمه. - وقد سقط أحد أصحابنا في إحداها ولولا حضورنا لتعسر عليه الخروج آنئذٍ - أما عمق تلك الحفر فيختلف إذ يبلغ عمق بعضها قامة وبعضها دون القامة بنصف ذراع وبعضها أعلى من القامة واعمق ما فيها يبلغ بين 2 و3 أمتار لا غير وقد القينا في الحفر العميقة منها حجارة لنعلم ما في قعرها فسمعناها وقعت على كسر أحجار (رضم) ولم نجد فيها ماء البتة بخلاف ما روي لنا أن في بعضها ماء فتحققنا أن الخبر ليس كالخبر. ثم مررنا في تلك الطرق المتفرعة ذات اليمين وذات الشمال وكلما سلكنا طريقاً منها وجدنا فيها طرقاً أخرى تتفرع منها فنسلكها ونترك تلك الطريق الأولى وإذا صدنا حائط ينتهي إليه طريقنا رجعنا القهقري وسلكنا الطريق الأولى التي ذكرناها آنفا. أما عرض الطرق وسعتها وكيفية وضعها فبعضها لا يمكن السلوك فيها إلا حبواً كما يحبو الطفل لقرب سمائها من أرضها وبعضها لا يسلك فيها الماشي إلا كالراكع في الصلاة أو كالمنحني انحناء بحيث تقف البيضة على ظهره وبعضها يرتفع بعلو القامة أو ما يقرب من القامة ولم نجد فيها أعلى من القامة إلا قليلاً - وبعضها لا يمكنك أن تمشي فيها والطريق أمامك ولكن تمشي مجانباً (صفحاً) ويكون وجهك أمام الجدار. أما تحتها فهو بسيط جداً يظنه الرائي لأول وهلة نحتاً طبيعياً لخلوه من دقة الصناعة والهندسة وفي كثير من أرضها وجدرانها وسقوفها سلوع (شقوق أو فطور) طبيعية تدخل فيها يد الإنسان وأرضها وجدرانها وسقوفها غير مستوية وكلها مضلعة (مركنة أي ذات أركان بارزة) إلا بعض السقوف (وهي قليلة) فأنها مقوسة ولم نشاهد فيها أثر كتابة أو نقوش وأن كان ثم شيء منها فلا يمكن الاهتداء إليه لأن جميع الجدران والسقوف مغشاة ببول الخفاش وتعسر أزالته أو كشطه بدون آلة واعتناء في مدة مديدة ولم نسمع فيها أيضا سوى وطوطة الخفاش وقد شاهدنا في أثناء الطريق عظام حيوانات غير مفترسة. وبعد مسافة

نصف ساعة نزلنا في نقرة واقعة في وسط فسحة بين مفرق أربع طرق يبلغ محيطها نحو 6 أمتار وعرض فم النقرة على قدر جسم الإنسان الذي هو ليس بالسمين ولا بالضعيف وعمقها 3 أمتار تقريباً ومن هناك سلكنا في طريق تتفرع منه طرق متعددة كما وصفنا وقد نزلنا في حفرة عند منتهى إحدى تلك الطرق يبلغ عمقها ثلاثة أمتار ومحيطها 6 أمتار فوجدنا فيها كثيراً من كسر الحجارة (رضماً) وبين تلك الرضام عظم زند إنسان لا غير عليه وسخ كثير. وما زلنا نخرج من دهليز ونسلك في آخر حتى مللنا. - وفي أثناء مرورنا شاهدنا ضياء الشمس فسألنا الدليل من أين هذا الضياء فقال هذا من مغارة بابها من الجهة الأخرى من التل أو الجبل (أي تجاه الشمال) - ثم سرنا ووجهنا إلى القبلة وإلى الجنوب الغربي حتى مررنا بحفرة لها باب كأبواب مغاور عريسات في الجدار الذي عن اليسار من الدهليز وأطلنا من الباب عليها لننظر ما فيها فلم نتحقق شيئاً لأنها واسعة وعميقة ومظلمة جداً وليس هناك طريق للنزول فيها بدون سلم ويبلغ طولها نحو 4 أمتار في سمك ذلك في عرض مترين وفيها كثير من كسر الأحجار الصغيرة والكبيرة ثم جاوزناها وسرنا متوجهين إلى الجنوب أيضا وبعد مسافة بين 20 و30 متراً أفضينا إلى باب مغارة على البر تجاه الجنوب وهي غير المغارة التي دخلنا منها أولاً وهي واقعة شرقيها نحو 15 متراً وفي تلك المسافة أبواب أربع مغاور فسألنا الدليل هل أبواب هذه المغاور تؤدي إلى الدهاليز التي سلكناها فقال نعمٍ تؤدي إليها فكانت إذاً أبواب المغاور التي تؤدي إلى دهاليز (أبو سبعين) سبعةً: ستة منها مقابلة للجنوب وواحدة في الجانب الآخر من الجبل أو التل مقابل للشمال وهو الذي أشرنا إليه آنفا. أما مسافة تلك الدهاليز فهي من 3 أمتار إلى 10 أمتار إلى 15 إلى 25 متراً وليس فيها طرق سوية غير 6 طرق والباقي تميل يميناً وشمالاً. وقد سألنا الدليل كيف حالة عريسات في الصيف والشتاء فقال في أيام الحر كصبارة الشتاء وفي أيام البرد كحمارة القيظ وسألناه أيضاً هل وجدت فيها شيئاً فقال

وجدت في بعض حفائرها جوزاً فلما كسرته وجدته فارغاً. ووجدت أيضاً في وسط حفرة من تلك الحفر جسم إنسان ميت قائم على قدميه. ولما مسسته بيدي انقلبت عظامه رماداً فكان إذاً هامداً. ولم أجد فيها (يعني في عريسات) من الحيوانات والأحناش سوى هر البر (بزون البر) والعقارب. ثم بعد ما استرحنا هنيهة دخلنا بعض المغاور الواقعة في شرقي وغربي مغارة (أبو سبعين) كما أسلفنا ذكرها وبين تلك المغاور التي سلكناها مغارة واقعة في غربي كهف (أبو سبعين) على بعد 15 متراً منها تقريباً. مشينا بعدما جاوزنا بابها في دهليز طوله مسافة 10 أمتار في عرض دون الذراع ووقفنا على حفرة واسعة الفوهة عميقة لا يمكن مجاوزتها قفزاً وأمامها طريق واسع يبلغ عرضه نحو 24 متراً في طول سبعة أمتار في علو مترين ونصف متر وسقفه مبسوط (مركن) النحت ولم ندر ما فيه لأنا لم نتمكن من الوصول إليه كما ذكرنا من أمر الحفرة الوقعة بينه وبين الدهليز الذي نحن فيه ولم يكن لدينا شيء نضعه عليها كالجسر ونمر عليه فلم يكن لنا بد من الرجوع فرجعنا كما جئنا صفر الأيادي من الإطلاع على ما فيه. هذا ما شاهدناه داخل عريسات والذي خفى عنا أكثر مما ظهر لنا والله اعلم. 6 - . موقع عريسات الجغرافي وأبعادها عما يجاورها عريسات واقعة في الشمال الغربي من النجف أو مشهد علي بن أبي طالب (عم) على بعد 6 ساعات للراكب و7 للراجل وفي غربي أم الغرف على بعد 2 أو 3 ساعات وفي الشمال الغربي من السطيح على بعد ساعة وربع الساعة وفي غربي الرهيميات على بعد ثلاثة أرباع الساعة وفي الشمال الغربي من قصر الرهبان على بعد ساعة وربع الساعة وتقابل الحياضية من الشمال على بعد ساعتين تقريباً وفي جنوبي خان الحماد (الواقع في منتصف الطريق المؤدية من كربلاء إلى النجف) مقابلة له على بعد بين الثلاث الساعات والأربع الساعات فهذه حدود عريسات المتداولة الأسماء عند أهل تلك الأطراف وقد جرينا جريهم في مصطلحاتنا وعباراتنا. 7 - . ما كانت عربسات يستدل من كيفية وضع عريسات وهيئتها أنها كانت مدافن (قبور) قوم تقادم عصرهم وطوت حديثهم الدهور والذي يساعد على هذا القول هو ما رأيناه

بعض آراء في معنى بغداد

من مغاورها المسدودة الأبواب بالحجر الكبير - الذي لا يزحزحه أربعة رجال حتى اليوم وهي علامة القبور القديمة وهذه المغاور أو الكهوف المسدودة الأبواب واقعة تجاه الجنوب الشرقي وهي أربع مغاور فقط ولا يمكن الوصول إليها إلا بسلم لأن ليس ثمة طريق تؤدي إليها وهي في أعلى الجبل وتعلو عن الأرض بين 7 أمتار و10 أمتار والحجر الذي سدت به أبواب تلك المغاور منحوت على قدر الباب كأنه صب في قالب ومنه يظهر أن وضعه قديم. وقد سمعنا كثيرين من معمري الأعراب يقولون أن عريسات كانت في القديم محبساً للنعمان بن المنذر والبعض منهم قال كانت عريسات محبساً لبختنصر. وقد حدثني العالم الفاضل الثقة الشيخ محمد صالح الجزائري النجفي أنه سمع كثيراً من معمري الأعراب يقولون بهذا القول أيضاً والله اعلم بالحقائق. ولعل علماء العاديات يكشفون لنا عن غامض سرها وخفي أمرها وربك علام الغيوب. (كاظم الدجيلي) بعض آراء في معنى بغداد 1 - الفاتحة ذكرت لغة العرب 392: 1 أسماء بغداد وما يرادفها واللغات التي وردت فيها وهانحن نورد بعض الآراء في تفسير هذه اللفظة فنقول: 2 - آراء المصريين في معناها. 1 - ذهب حضرة الدكتور وليم هارصون إلى أن بغداد محرفة عن (بعل جاد) ومعناها معسكر البعل وقد شرح هذا الرأي في بحث مسهبٍ وأبان أنها كانت معسكراً للجيش البابلي ومحط ذخائره ومعداته الحربية أما نحن فلا نوافقه على رأيه هذا لأن بعل جاد كانت مدينة مشهورة واقعة في شمالي فلسطين اللهم إلا أن تكون مدينتان قد تسمتا باسم واحد كما وقع ذلك في بعض المدن بيد أن ذلك يفتقر إلى إثبات. 2 - قال الأستاذ الفرد ولصن بغداد تحريف (بعل داد) أي مدينة إله الشمس وتأييداً لما ذهب إليه قال: كان أهل المشرق

في الأزمنة الغابرة يعبدون الأجرام السموية فعبد الشنعاريون أي البابليون والكلدانيون القدماء والفنيقيون والكنعانيون الشمس والقمر فكان البعل عندهم الإله الشمس وعشتروت الآلهة القمر وعليه لا يبعد من أن تكون مدينة بغداد بنية أولاً لعبادة البعل ثم أرصدت له وسميت باسمه. 3 - وقال العلامة ج. لسترانج يظهر أن أسم بغداد مركب من لفظتين قديمتين فارسيتين وهما بغ أي الله وداد أي أسس فيكون مؤدى معناها (مدينة مؤسسها الله). 4 - وكتب عمانوئيل أناويس قائلاً (إن الإفرنج نقلوا إلى لغتهم أسم بلطشاسر مصحفاً بصورة بغدا سار. والظاهر أنهم أخذوا هذه الأسماء من اليونان وهؤلاء من الأرمن والأرمن من الفرس فهي إذاً فارسية الأصل والظاهر أن الفرس كانوا يقلبون اللام غيناً فيما نقلوه قديماً عن السريان (وقد نقلوا عن السريان كلمات كثيرة فأخذها منهم الأرمن وجروا مجراهم) فأسم صنم الفرس القديم بغ مصحف عن (بل) الإله الكلداني - وعليه يكون أسم مدينة بغداد لفظاً كلدانياً في الأصل وهو (بلداد) ومعناه بل حبيبي. وربما كان هذا أصلح الآراء في أسم بغداد. 5 - ارتأى أحد سياح الإنكليز المدعو بولص هملتون الذي جاب أغلب ديار العراق. إن بغداد هي تصحيف (بلداد) أي بطش بل فداد لفظة آرامية قديمة معناها فتك وقد ذهب إلى أنه جرى في هذه البقعة ملحمة عظيمة يشيب لهولها الأطفال فيها أنتصر نبوخدنصر على أعدائه فشتت شملهم وألقى الرعب في قلوبهم حتى هلكوا عن أخرهم فتذكاراً للفتح المبين والنصرة الباهرة بنيت المدينة ودعيت باسم الصنم (بل) إكراماً له وتيمناً به. ودونك ما جاء في تاريخ الخلفاء العباسيين تأليف العلامة لسترانج ادعاماً لرأي الكاتب. إن السر هنري رولنصن الشهير

زار بغداد وتفقد معالمها عام 1848م وأتفق أن في قيظ تلك السنة نضبت مياه أغلب الجداول والآبار ونقصت مياه دجلة نقصاناً فاحشاً حتى أن كثيراً من الأبنية التي كانت قد غمرتها المياه وحجبت عنها أشعة الشمس الساطعة قروناً عديدة ظهرت بجبروتها وعظمتها تسخر بتيارات دجلة وأمواج عبابه. وبينما كان المذكور ذات يوم يجول في شاطئ الجانب الغربي من بغداد (أي الكرخ) عثر على متراس فسيح مبني بالآجر البابلي وكانت كل لبنة منه مختومة باسم نبوخدنصر وألقابه وفتوحاته. 6 - صرح أحد مؤرخي الإنكليز الكبار الذي يركن إلى قوله: إن مدينة بغداد قديمة جداً ولا يعرف معنى أسمها على التحقيق وربما يرتقي عهد بنائها إلى حموربي المعاصر لإبراهيم الخليل وهو المذكور في سفر التكوين من التوراة باسم أمرافل كما أثبت ذلك أحد العلماء الفرنسويين بأدلة لامعة لا محل لإيرادها هنا. 3 - قدم بغداد ظهر مما تقدم إيضاحه أن بغداد كانت مدينة شهيرة قبل عصر الخلفاء بأزمنة لا يعرف قدمها على التحقيق وعلى كل حال ليس معنى اسمها كما أوله كثيرون من كتبتنا القدماء حسبما عن لهم وأوحت إليهم مخيلتهم وربما شك البعض في حقيقة قولي ولا يصدق أن مدينة بغداد الحديثة بنيت على أنقاض القديمة فلدي براهين تاريخية مكينة لا تقبل الرد بل تؤكد كل التأييد ما ذهب إليه فهاكها على سبيل الاطلاع. أولاً ورد في بعض الرقم الآشورية والجداول الجغرافية أسم يشابه كل المشابهة أسم بغداد على عهد حكومة الملك أشور بن هبل -

المعروف أيضاً عند الأثريين وعلماء التاريخ باسم سردنيال ثانيا أنبأتنا التواريخ التي بأيدينا أنه في العصر الأخير من دولة الساسانيين كانت بغداد الواقعة على الجانب الغربي من دجلة بقعة مخصبة جداً وزاهية زاهرة بأنواع الورود وأصناف الرياحين ثالثاً كان يقام في بغداد من قديم الزمان سوق كسوق عكاظ في غرة كل شهر للبيع والشراء وقد ذاع صيته في أربعة أقطار المسكونة حتى أنه في أوائل فتوحات العرب أوفد خالد بن الوليد (الملقب بسيف الله قائد الجيش في عصر الخليفة أبي بكر الصديق) شرذمة من جيشه يقودها أحد الأمراء الأبطال ليدخل بغداد ويغزو سوقها الغني بجواهره الثمينة وقد توقفت تلك الحملة في غزوتها لأن الغزاة باغتوا المدينة. وأغاروا على سوقها فحملوا شيئاً كثيراً من الذهب والفضة وكروا راجعين بتلك الغنيمة الباردة إلى الأنبار حيث كان القائد العام معسكراً بجيشه الجرار وهذه الحادثة وقعت سنة 13 هـ الموافقة 634 م رابعاً جاء في صفحة 454 من تاريخ (قيام وسقوط الخلافة العربية) للعلامة السر وليم مور ما معناه: (طاف المنصور بلاد تلك الأرجاء حتى تخوم الموصل ليختار له بقعة تلائم الغرض الذي كان يتوخاه فعثر أخيراً على موضع في الجانب الأيمن (الشرقي) من دجلة يبعد نحو خمسة عشر ميلاً عن المدائن وكان بالقرب منه دير يقطنه فريق من الرهبان مع رئيسهم فلما سئلوا عن ذلك المحل أطنبوا في مدحه)

خامساً ورد في الصفحة 9 من تاريخ بغداد في زمن الخلفاء العباسيين تأليف الفاضل لسترانج ما نصه (إن المنصور ساح سياحات عديدة في نية أن يعثر على بقعة حسنة ليتخذها عاصمة جديدة لمملكته فأخذ يجول في ضفاف دجلة من جرجرايا إلى الموصل حتى بدا له محل واقع بقرب بارما الكائنة وراء تخوم الموصل حيث يخرق دجلة جبل حمرين ولكن لم يطب ذلك الموضع للخليفة لأنه كان قاحلاً جداً وعليه قفل راجعاً إلى أنحاء بغداد فرأى هناك قرية للفرس على ضفاف دجلة فيها بضعة أديرة يقطنها جماعة من الرهبان واغلبهم من النساطرة فاستخبر منهم عن حال القطر فعرفوه أنه يفوق سائر أقطار العراق باعتدال مناخه وجودة هوائه وعذوبة مائه وحسن مناظره الطبيعية التي تشرح الخاطر وتبهج الناظر فضلاً عن طيب لياليه الباردة حتى في أشد حرارة القيظ وخلوه من مستنقعات تكون مباءة للبعوض ومنبتاً لجراثيم الوباء) فحملته هذه الأقوال على أن يلقي عصا ترحاله في ذلك الإقليم السليم ويصمم على بناء مدينة جديدة تكون عاصمة لبين النهرين وذلك في عام 145هـ - 762م. فمن هنا يظهر بأجلى بيان أن بغداد مدينة قديمة وقد بنيت الحديثة بجنب تلك أن لم تكن على أنقاضها فلينصفنا المطالع الكريم، إذا لم يرق في عينه شاهدنا هذا القويم، وفوق ذي كل علمٍ عليم. 4 - الزوراء لم تسم بغداد على ما أظن بالزورآء لأن الأبواب الداخلة كانت مزورة عن الأبواب الخارجة ولا لانحراف محرابها عن القبلة ولا على ما قال ياقوت في المشترك لأن الزورآء أسم لدجلة ببغداد وسميت بذلك لميلها وانحرافها بل السبب الأصلي عندي هو لأن يوم تأسيسها كان موافقاً لطالع القوس كما أنبأتنا به بعض التواريخ. وللزوراء جملة معان في العربية منها القوس والقدح الخ. بل ربما سميت بذلك لأنها بنيت مدورة كالقدح وكان قصر الخليفة في وسطها كإناء من فضة على

كتاب مقاييس اللغة

شاطئ دجلة كما نشاهد حتى يومنا هذا استدارة أطلال سور المدينة وخندقها. وهاك ما جاء في الصحيفة 433 من تاريخ أخبار الدول وآثار الأول: (ليس في الدنيا مدينة مدورة غيرها (أي الزوراء). بيد أن حمد الله المؤرخ الفارسي أحد كتاب القرن الثامن للهجرة الموافق للرابع عشر من التاريخ المسيحي ذهب إلى أنها لفظة آرية لا يعرف معناها لخفائه عن إفهام أهل تلك الأيام. 5 - مدينة السلام أما سبب تسمية بغداد بمدينة السلام فليس لأن دجلة كان يقال لها وادي السلام فاستحسن المنصور أن يسميها دار السلام فقط بل أيضاً لأن مؤسسها الكبير أراد أن يزيل عنه بهذا الاسم الجديد وصمة الأراجيف التي صوبها إليه أعداؤه الذين كانوا يدعون إنها سميت الزوراء تهكماً واستهزاء كأنهم يريدون أن يلمحوا إلى ما بها من الزور أو التزوير. 6 - الخاتمة أزف كلمتي هذه إلى القارئ الأديب قائلاً أن بغداد سميت بأسماء عديدة مختلفة لغايات شتى وليس بلا داعٍ ولا من باب الاتفاق. هذا ورجائي الوطيد ممن له وقوف تام على تاريخ بغداد أن ينتقد مقالي هذا أن رآني قد حدت عن محجة الصواب وزغت عن منهج الحقيقة بشرط أن يكون بأدلة ساطعة وبراهين لامعة حتى لا تفوتني الغاية التي أنشدها. والله الموفق. رزوق عيسى كتاب مقاييس اللغة - 1 - مؤلفه هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني من أئمة اللغة في القرن

الرابع للهجرة صاحب المجمل في اللغة والمصنفات الكثيرة أستاذ بديع الزمان وشيخ الصاحب بن عباد كان واسع الاطلاع بعيد النظر جاء في اليتيمة: إنه من أعيان العلم بهمذان ومن أفراد الدهر يجمع إتقان العلماء وظرف الكتاب والشعراء اهـ توفي عام (395هـ - 1004م) في الري ودفن فيها ولم أقف على تاريخ مولده 3 - الكتاب مقاييس اللغة كتاب لم ينسج على نوله ولا ألف على شكله فيما أطلعت عليه من كتب اللغة - عيناً أو خبراً - جاء فيه ابن فارس بالمبدع وبرهن به على إمامته في اللغة ودقة بحثه ولطافة ذوقه في القياس والاستنتاج. أما نهجه في هذا المؤلف فهو أنه يذكر للمادة معنى يسميها أصلاً أن اجتمعت فروعها بأصل واحد وإلا فأكثر حسب اجتهاده تكون كل فروعها راجعة إليه يذكر الفروع. وهذا الكتاب مع ما ستعرفه من حسنه لم يشتهر بين أرباب اللغة ولا عرفه الكثير منهم حتى ولا ممن اعتنى منهم بمعرفة كتب اللغة خصوصا؛ كما أن الكثير ممن ترجم

ابن فارس لم يذكره في مؤلفاته وهذا دليل على قلة نسخه وقد رتبه ترتيب حروف الهجاء الشرقي لا المغربي ولا الطبيعي أي الابتداء بأقصى حروف الحلق إلى مثله من الشفة على الأوائل فهو يذكر الحرف وما يثنيه مضاعفاً كان أو غير مضاعف أولاً ثم ما يثلثه وأما ما هو على أربعة أو خمسة فمذهبه فيه أنه منحوت من الثنائي أو الثلاثي ولذا خصه بباب على حدة بعد فراغه من التراكيب الثنائية والثلاثية ذكر فيه كيفية نحته. مثال ذلك في باب الهمزة الهمزة مع ب إلى ي ثم الهمزة مع ب وما يثلثهما إلى ي ومع ث كذلك إلى أن تتم الحروف وهاأنا ذاكر خطبته وآخره وشيئا من فصوله لتكتمل المعرفة به قال (بعد البسملة) الحمد لله وبه نستعين وصلى الله على محمد وآله أجمعين أقول وبالله التوفيق: للغة العرب مقاييس صحيحة وأصول تتفرع منها فروع وقد ألف الناس في جوامع الكلم ما ألفوا ولم يعربوا في شيء من ذلك عن مقاييس ولا أصل من تلك الأصول والذي أومأنا إليه باب العلم جليل وله خطر عظيم وقد صدرنا كل أصل بالأصل الذي يتفرع منه حتى تكون الجملة الموجزة شاملة للتفصيل ويكون المجيب عما يسأل عنه مجيباً عن الباب المبسوط بأوجز لفظ وأقربه وبناء الأمر في سائر ما ذكرناه على كتب مشتهرة عالية (أقول) وهي كتاب العين وكتابا أبي عبيدة وهما غريب الحديث وغريب المصنف وكتاب المنطق وكتاب الجمهرة وقد ذكر أسانيد روايته لها ومن رجال بعضها أبوه فارس وجده زكريا وقد أضربت عنها لعدم الفائدة في ذكرها قال وهذه الكتب الخمسة معتمدنا فيما استنبطناه من مقاييس اللغة وما بعد هذه فمحمول عليها وراجع إليها فأول ذلك باب الهمزة وقال في آخره

وقد ذكرنا ما شرطنا في صدر الكتاب أن نذكره وهو شطر من اللغة العربية صالح فأما الإحاطة بجميع كلام العرب فمما لا يقدر عليه إلا الله أو نبي من أنبيائه يوحي الله عز وجل ذلك إليه أقول وذكر هذا المعنى بعينه في كتابه الصاحي قال في باب العين: وما بعدها في المضاعف والمطابق أل ع وأل ف أصلان صحيحان أحدهما الكف عن القبيح والآخر دال على قلقه في الشيء فالأول العفة: الكف عما لا ينبغي ورجل عف وعفيف وقد عف يعف عفة وعفافة وعفافا والأصل الثاني. العفة بقية اللبن في الضرع وهي أيضا العفافة قال الأعشى: لا تجافى عنه النهار ولا تع ... جوه إلا عفافة أو فواق ويقال تعاف ناقتك أي أحلبها بعد الحلبة الأولى ودع فصيلها يتعففها كأنه يرتضع تلك البقية وعففت فلاناً سقيته العفافة فأما قولهم جاء على عفاف ذلك أي أبانه فهو من الإبدال والأصل أفانه وقد مر وقال أيضا في ذا الباب أل ع س ب كلمات ثلاث كل واحدة منفردة بمعناها لا يكاد يتفرع منها فالأولى طروق الفرس وغيره والثانية عسيب الذنب والثالثة نوع من الأشياء التي تطير فالأول العسب قالوا هو طروق الفرس ثم حمل على ذلك حتى سمي الكرى الذي يؤخذ على الضراب عسبا وفي الحديث أنه ع نهى عن عسب الفحل فالعسب الكري الذي يؤخذ على العسب سمي باسمه للمجاورة قال زهير: (ولولا عسبه لرددتموه) ومنه قول كثير: يغادرون عسب الوالقي وناصح ... تخص به أم الطريق عيالها يصف خيلا وأنها أزلقت أجنتها تعباً والآخر عسيب الذنب وهو العظيم الذي فيه منبت الشعر وشبه عسيب النخلة وهي الجريدة المستقيمة به تشابهها في طريقة الامتداد والاستقامة يقال عسيب واعسبة وعسب قال: بين الأشيا تسا ... مى حوله العسب وعسيب الريشة مشبه بعسيب النخلة والكلمة الثالثة اليعسوب يعسوب النحل يعنون ملكها وقال أبو ذويب: تنمى بها اليعسوب حتى أمرها ... إلى مألف رحب المباءة عاسل والجمع يعاسيب قال: زرقا أسنتها حمرا مثقفة ... أطرافهن مقبل لليعاسيب

وزعموا أن اليعسوب ضرب من الحجل أيضا وضرب من الجراد ومما ليس من هذا الباب. عسيب أسم جبل يقول فيه امرؤ القيس: أجارتنا أن المزار قريب ... وإني مقيم ما أقام عسيب وقال في حرف الباء: باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أولها ب اعلم أن للرباعي والخماسي مذهبا في القياس يستنبطه النظر الدقيق وذلك أن اكثر ما تراه منحوت ومعنى المنحوت أن تؤخذ كلمتان وتنحت منهما كلمة واحدة تكون آخذة منهما جميعا بحظ والأصل فيما ذكره الخليل من قولهم: حيعل الرجل إذا قال: (حي على) ومن الشيء الذي كأنه متفق عليه قولهم عبشمي قال: (وتضحك مني شيخة عبشمية) فعلى هذا الأصل بنينا ما ذكرنا من مقاييس الرباعي فنقول: إن ذلك على ضربين أحدهما المنحوت الذي ذكرنا والآخر الموضوع وضعا لا مجال له في طريق القياس وسنبين ذلك بعون الله فما جاء منحوتاً من كلام العرب في الرباعي وأوله ب (بلعوم) مجرى الطعام في الحلق وقد تحذف الواو فيقال (بلعم) وغير مشكل أنه مأخوذ من بلع إلا أنه زيد عليه ما زيد لجنس من المبالغة ثم قال بعد ذكر ألفاظ كثيرة ومن ذلك: البرقش وهو طائر وهو منحوت من كلمتين من برقشت الشيء إذا نقشته ومن البرش وهو اختلاف اللونين ثم قال الباب الثالث من الرباعي الذي وضع وضعا البهصلة المرأة القصيرة اهـ هذا ما أردت نقله منه وبه الكفاءة لم أراد معرفته وقد علمت أن الكتاب كتاب اجتهاد واستنباط فربما يخطأ ابن فارس في اجتهاده وربما أصاب كل الإصابة ولو أردت أن أذكر خطأه لوجب علي أن أعمل كتاباً في ذلك. 3 - نسختنا التي بين أيدينا طولها 36 سنتمتراً وعرضها 19 وطول المكتوب منها 25 وعرضه

في معترك الحياة

14 في كل صفحة 21 سطراً وعدد أوراقه 497 وقد خرقتها الأرضة ولكن لم تؤثر في نفس الكتابة كثيراً والظاهر أن في خبرها شيئاً لا تستطيع الأرضة أكله هي كثيرة الغلط لا ينتفع بها إلا من مارس هذا الفن وأخذ بأطرافه. وكاتبها لم يذكر تاريخ الفراغ من نسخها إلا أن المتدبر العارف بتاريخ الخط العربي يحكم بأنها كتبت بعد الألف وهي بخط واحد والظاهر أنها كتبت في الهند وبقيت ثمة زماناً لما عليها من الخواتيم الواسعة الكبيرة التي يمتاز بها الهنود ولأسماء مالكيها الهندية ويظهر لي أنها كتبت على نسخة مخطوطة بالخط الكوفي لأن جنس أغلاطها يدل على ذك وذلك أن ناسخها على ما أظن لا يحسن قراءة الخط الكوفي فتشتبه عليه الحروف ومن يحسن قراءة الخط الكوفي يستطيع أن يستخرج أكثر أغلاطها إذا علم ما قلناه. النجف: عراقي في معترك الحياة إن الزمان قلوب ... يحار فيه الليب آناً يطيب وآناً ... تراه ليس يطيب والناس فيه ضروب ... والخلق منهم عجيب هذا تردى الأماني ... وذا أردته الكروب وذا غنى مهنا ... وذا فقير كئيب وذا صحيح معافى ... وذا عليل يلوب وذا ضعيف يقيم ... وذا قوي يجوب وذاك يسعى فيحظى ... وذا تراه يخيب

عمل الطاباق في العراق

وذاك يرمي فيحظى ... وذا تراه يصيب وذاك موصول شملٍ ... وذا معنى غريب وذا يعمر دهراً ... وذاك طفلاً يغيب وذا لئيم بخيل ... وذا كريم وهوب وذا يعيش قنوعاً ... وذا حريص كسوب وذا حليم صبور ... وذا جزوع غضوب وذا وفي صدوق ... وذاك جاف كذوب وذا قبيح بغيض ... وذا مليح حبيب وذا جبان يروع ... وذا شجاع يريب وذاك طلق المحيا ... وذا عبوس قطوب وذا ذليل غبي ... وذا نبيل أريب وذاك غر جهول ... وذا عليم أديب وذا الكن عي ... وذا قؤول خطيب هذى الحياة وفيها ... أمر الإله عجيب فأختر لنفسك منها ... ما الذكر فيه يطيب إبراهيم منيب الباجه جي عمل الطاباق في العراق 1 - مدخل البحث سافرت في شهر كانون 2 سنة 1911 متوجهاً نحو العراق لمهمة صناعية واتخذت طريق البر مسلكاً لي. وتمكنت في أثناء إقامتي في الأقطار التي هبطتها من أن أبحث عن حاصلات هذه الديار من صناعية وزراعية فشاهدت فيها من الشؤون التجارية ما لا ينكره أحد وأن مجاري الحياة تتدفق في بغداد. وفي المدة التي قضيتها في عدة مواطن من العراق وهي مدة ستة أشهر جمعت في المواضع التي يعتمد عليها من الإفادات المدققة بخصوص مقدار ونوع المواد التي تنفق كل سنة ما لا يشك في صحته وكذلك فعلت بما يتعلق بقيمتها وكلفتها

بنقلها أو تحميلها وأجرة العمل والشغل وعدد العملة ووسعهم وطاقتهم في كل ما يعالجونه ويزاولونه. ويحسن بنا هنا أن نطلق طائر البصر ونتركه يحوم حول بنية أرض هذه الديار ليوقفنا بسرعة القابس العجلان على جوهر مواد البناء تلك المواد التي تستخرج من الأرض لتقوم بحاجتنا المنشودة. وأعلم قبل كل شيء أن الحجارة الكلسية لا ترى إلا في شمالي هذه الربوع أي في الأرجاء التي ينشأ فيها الفراتان أو الرافدان وتكون مقالع الحجارة الكلسية في سقي الفرات في هيت ومقالعها في سقي دجلة في سامراء. ولما كان هذان المقلعان بعيدين عن أمهات المدن التي توجد فيه التجارة والبياعات غدا نقل هذه المواد من أشد الأمور كلفة ومصرفاً. وأنت تعلم أن الإنسان إذا أراد أن يبني بناية يتخذ لها من المواد أقربها إليه وأصلبها وأرخصها لديه ولهذا ترى أغلب أبنية هيت وسامراء من حجارة الجص وهذه الحجارة لا ترى في بغداد ولا في ما أحاط بها فعوضوا عنها باللبن أو بالطاباق أو الطابوق وهو الذي يسميه أهل مصر الطوب وأهل الشام الآجر وغيرهم القرميد. ولقد أوغلت في البحث عن هذا الضرب من نتاج الصناعة الذي كان ولم يزل مستعملاً في هذه الديار إذ البابليون والكلدانيون أنفسهم لم يتخذوا في عماراتهم إلا الطاباق كما تشهد عليه من آثارهم ما صبر على صروف الزمان وطوارئ الحدثان. 2 - نظرة عامة في تربة العراق المتخذة للطاباق. تربة العراق صلصالية جصية متخلخلة هشة سهلة الكراب لنسبة ما يدخل في تركيبها من الكلس وهذه النسبة هي من 12 إلى 15 بالمائة وهذه الحواري الصلصالية سهلة العجن والتمثيل والتصوير لكنها إذا شويت انقلبت قوية صلبة بعض الصلابة إلا أنها قليلة المقاومة لما يعاندها من الأحداث والطوارئ. والطاباق المتخذ هنا هو ذو حبة رخوة سهلة النحت. وقد يكتفي به لعدم وجود ما يقوم مقامه أو يسد مسده أو ريثما يأتي من يعجنه عجناً مطابقاً لأصول الفن بعد أن يكون قد أدخل على كتلته ما يزيدها تماسكاً وتضاماً وصلابة وشدة. ونحن نعلم علما عاما أن أحسن التراب لصنع الطاباق هو الصلصال الخالي

من المواد التي تفرق حبيبات جواهره ولو تفريقا زهيداً أو تمنع ضم بعضها إلى بعض ضماً محكماً. وأحسن فخار هذه الديار هو ما كان في شمالي بغداد على مقربة من السندية على عدوة دجلة اليمنى وما يداني مشارعه فان هذا الفخار من أنقى ما يوجد من نوعه هنا وهو سهل العجن وصلب وآجره رنان عند القرع دقيق الحبيبة متلززها متماسكها أشد التماسك. وإذا حاولت وجود مثله في سقي وادي السلام لا ترى ما يضاهيه ولا يقاربه أو يدانيه. على أنك تجد والحق يقال طبقات من الفخار في مواضع مختلفة لكنه دون ذاك صنعة ونقاء دع عنك م يكلفك من المصاريف الباهظة. 3 - مقادير الطاباق يغلب على هيئة طاباق العراق التربيع فانه في بغداد يساوي 30 سنتيمتراً في الطول و30 في العرض و6 في الثخن وفي الكاظمية 25 - 25 - 6 وفي النجف 19 - 19 - 6 وهذه المقادير عينها كانت مستعملة سابقا عند البابليين والكلدانيين ويرى كثير منها إلى يومنا هذا في الاخربة التي صبرت على فتكات الدهر. وكان للصورة المربعة شأن في أبنية الأقدمين لأنهم كانوا يبنون الحيطان أثخن مما يبنيها أبناء هذا الزمان الذين يرمون دائما بسهم التوفير إلى غرض الرخاء في العيش. وأغلب الناس يبنون جدرانهم بنصف الطاباقة فيحتاجون إلى قطعها أو نشرها بمنشار وهذا يكلفهم أجرة قطاع يستغنون عنه. وقد لاحظ البناءون أن الطاباق المستطيل أصبر على نوائب الزمان من المربع. ولهذا ترى أغلب الناس قد اتخذوا اليوم في جميع الديار التي يستعمل أصحابها الآجر المقياس الآتي 25 - 12 - 6 ولا يبعدون عنه إلا قليلاً. وهذا القدر في الحجم يشوي الأجرة شيئاً محكماً ومنتظماً ويبعد عنه كل خللٍ من هذا القبيل وأعلم أن بناية 1. 000 طاباقة تساوي مترين مربعين و360 سنتيمتراً مربعاً أو 424 طاباقة لمتر واحد مكعب. 4 - صنع معجون الآجر إن الآجر في بغداد هو بحالته الأولى التي كان عليه في بدء هذه الصناعة

ومنذ ذاك العهد إلى هذا العصر الأنور لم تتقدم خطوة واحدة. بخلاف المصريين فأنهم سبقوا العراقيين غايات بعيدة ولهذا فأني أستحسن طريقة سكان وادي النيل على طريقة قطان وادي السلام. ودونك الآن الأمرين الأهمين في هذه الصناعة: 1: نختار التربة اللازمة للآجر وإذا نقصها شيء من المواد الضرورية يضاف إليها الناقص كالرمل أو المادة العلكة الدسمة الموجودة في السماد حسبما تكون التربة دسمة أو ضعيفة متخلخلة. 2: يعجن هذا الخليط إلى أن يتقوم منه معجون متماسكاً متلازاً يكون مطواعاً لليد العاجنة. 3: يدخل هذا المعجون في قوالب لا قعر لها بل لها تختات (أي لوحات) يداس عليها المعجون دوساً باليد. 4: بعد أن يستخرج الآجر من القالب (وهو المسمى باللبن في هذه الحالة) يشمس على تختاته مدة 24 ساعة ثم يرفع ويوضع بعضه على بعض على شكل مشبك أي بجعل فسح متقاربة منتظمة ببن آجرة وآجرة بحيث يجري الهواء بينهما. ويعرف عند المصريين هذا لآجر المضغوط عليه باليد باسم (طوب الألواح) ويبقى على هذه الصورة من 10 إلى 12 يوماً قبل أن يوضع في النار. 5: إذا أراد المصريون طبخ هذا الآجر تتخذ له عدة طرق وفي ضروب من الاتاتين أصفها في فصل تالٍ. وعليه تتوقف محاسن الآجر على محاسن الأمور التي ذكرناها. وأما في بغداد فأنها مهملة لا شأن لها عند أصحاب هذه الصناعة ومن تلك المعايب ما يأتي: 1: إنهم يستعملون التربة التي يقعون عليها بدون أن يمتحنوها قبل الشروع باتخاذها. 2: إن المعاجين لا تعجن بكفاية ولهذا ترى الكتلة غير متماسكة بعضها ببعض وحباتها غير متلززة مع أن هذا العمل الأخير هو مما يحرص عليه أصحاب الفن ويعلقون به محاسن الآجر وصبره على طوارئ الجو. 3: من المألوف عند صناع الآجر في سقي الفراتين أنهم يضعون اللبن على أرض غير سوية فيجيء الآجر بهيئة الأرض التي كان عليها أي أنه يأتي معوجا.

4: يبقى هذا اللبن على تلك الحالة المعيبة إلى أن يبس وإلى أن يوضع في الأتون. 5: يوضع اللبن في أتاتين مبنية متقطعة الحرارة ويوقد فيها نار خشب وهذه الأتاتين مبنية من أربعة جدران قائمة كلها من اللبن؛ والحيطان ثخينة ومغشاة بتراب إلى سمك غير مرتفع كثيراً والغاية من وضع التراب منع الحرارة من الضياع والإشعاع ويكون طول الأتون في أغلب الأحايين من 8 إلى 10 أمتار في عرض 5 أو 7 وسمكه 6 وفي أسفل الأتون عدة عقود منتسقة تقوم كلها على قوائم سوية قليلة الارتفاع وهذه العقود مخرقةً على هيئة الشباك لتدع حرارة النيران تنفذ منها وتلك النيران دائمة الاضطرام. وتمد هذه الأتاتين بالوقود طول مدة الطبخ ومادة الوقود هي الخشب والحطب والشوك ويدوم الطبخ من 8 إلى 10 أيام حسب سعة الأتون. فأنت ترى من طريقة هذا الطبخ أن ليس لجميع أنحاء الميفي درجة واحدة من الحرارة ولهذا لا تجد جميع الطاباق مشويا على صورة واحدة وإن كانت خارجة من ميفي واحد. وهذا ما يتحققه كل إنسان من لون الآجر إذ يتفاوت بين الأصفر والأحمر وما لم يطبخ حسنا يعرف من لونه الأحمر ومن صوته الأصم إذا قرع ومن تحات أجزائه إذا فرك باليد. وفي طبخ الطاباق بالخشب والحطب من النفقات ما لا يتصوره من لا يكون من أهل البلد لأن هذا الضرب من الوقود غالٍ جداً في هذه الديار. - هذا وأعلم أن الطبخ على هذا الوجه وكبر حجم الطاباق يسببان سقطاً كثيراً حتى أنه يعد 25 في المائة في الأقل. وهذا من أسباب بيعه بثمن فاحش. ومن ذلك فأن هذه المعايب كلها تقل أو تتلاشى إذا كان الخبير ينتقي التربة الصالحة للطاباق ويعجنها عجناً حسناً ويحرقها إحراقاً منتظماً. 5 - طبخ الآجر أشهر طرق طبخ الآجر المعروفة في ديار مصر هي المعروفة (بالطبخ السريع) وهي تتوقف على تكويم الآجر كوماً كوماً على منبسط من الأرض وعلى جمع الكوم سافات سافات وبين طبقة وطبقةٍ طبقة من الفحم الدقيق. وطبخ الآجر كوماً في الهواء المطلق يسبب نفقة في الوقود أعظم من

النفقة التي تصرف على الطبخ بالأناتين الصناعية. ويبلغ قدر الفحم الحجري نحو 50 كيلواً لألف آجرة من الحجم العادي. وهذا النوع من الإحراق لا يوافق إلا في البلاد التي يكثر فيها الفحم الحجري أو يكون فيها رخيصاً ومع ذلك يكون نتاجه غير منتظم الطبخ ويسبب من السقط 25 في المائة إلا أنه لا يوجب نفقة بناء الأتون فتكون مصاريفه في كيس الطابخ وهذا لا يكون إلا في الأبنية الفرعية البعيدة التي يكلف فيها بناء الأناتين تكليفاً باهظاً. إن في أتون الطبخ السريع (نفعاً) لا يرى في سائر الموافي المتصلة الحرارة أو المتقطعتها وهو أنه يوصل الإحراق إلى درجة بعيدة في الحرارة أي إلى درجة إسالة الآجر حتى يكون كالزجاج. فإذا كان كذلك يلتصق بعضه ببعض التصاقا شديداً ويصبح كتلاً مكينة حتى يغدو بمنزلة كتلٍ تتخذ اتخاذ الجلاميد أو الصخور. وقد ينتفع منها انتفاعاً آخر وهو أنها إذا دقت تقوم مقام الحصى الناعم في اللياط. وهذا ما ظهر نفعه واستعماله في (سد الهندية) الذي يبنى اليوم على الفرات. وفي هذه الحالة الأخيرة يجب إحراق 350 كيلواً من الفحم الحجري لطبخ ألف طاباقة من القدر المألوف. أما الأتون الذي أشيد بذكره فهو أتون متصل الحرارة من جنس (أتون هوفمان) الذي ينتفع بالحرارة المتولدة بشروطٍ لا خسارة فيها. هذا الأتون يتركب من دهليزين مستقيمين متوازيين يجتمعان عند طرفيهما بدهاليز مستديرة وهو يختلف عن أتون هوفمان بهذه المزية وهو أن هذا الدهليز المتصل هو غير معقودٍ ووجهه مفتوح من جهة السماء. ولهذا الأتون كما لذاك الموقد أضلاع في الجانب وحجرة لدخان الوسط تكون بين الدهليزين ومدخنة. ويدخل الوقود من الخارج رأساً ويوضع في ثقوب قائمة مخروقة في كومة الآجر المعدة للطبخ صنعت لهذه الغاية. وفي هذا الأتون كما في أتون هوفمان

تغطى هذه الثقوب بحب (براقود أو كما يقول المصريون بزير) من الآهين (أي من حديد الصب يوضع ويرفع على إرادة العامل. والنار نتمشى رويداً رويداً على طول الدهاليز فتمر بالآجر وتتصرف فيه تصرف الطبخ متنقلة فيه من حالة إلى حالة حتى يبلغ أقصاه. ولما لم يكن في الموقد عقد فملؤه وتفريغه يكون رأساً على أسهل ما يطلب في هذا السبيل ولكون هذا الأمر يجري من وجه الدهليز الأعلى المكشوف يبقى هذا الترتيب ممتازاً على سواه لأنه يبين بنوع حسن سير الإحراق والطبخ. ومن منافع هذا الموقد أنه ما عدا كونه يشوي الطاباق شياً منتظماً وعلى وتيرة واحدة هو قليل المصرف والنفقات في أول بنائه لما في نظامه من البساطة وتوخي الغاية المطلوبة. ويبلغ طول هذا الدهليز 60 متراً وعرض قطعة مترين وسمكه مترين أيضاً وإذا تم بناء هذا الأتون على هذه الصورة فأنه يعطي في اليوم 10. 000 آجرة. وتختلف كمية الوقود اختلافا عظيماً باختلاف أنواع تربة الطاباق. فاتون هوفمان ينفق من 25 إلى 150 كيلواً من الفحم الحجري لألف آجرة حجمها 25 - 12 - 6 وأما أتوننا الذي هو صنف أتون هوفمان فلا يأكل من الفحم أكثر منه. وهذا النوع قد أنشئ حديثاً فأتخذ في ديار مصر منذ بضع سنوات وقد جاء بنتاج عجيب. وبناء هذا الموقد مع جميع ملحقاته يكلف نحو 600 ليرة عثمانية. ويباع طن الفحم الحجري (الوارد من نيوكاستل) في بغداد بثلاث ليرات وينفق لألف آجرة 45 قرشاً ذهبياً صحيحاً. وأما في مصر فثمن الطن 145 قرشاً ذهبياً صحيحاً. وينفق على ملئ الأتون وتفريغه لألف آجرة 12 قرشاً ذهبياً صحيحاً وهو يسع كل مرة 10. 000 طاباقة ويمد ناره بالوقود ثلاثة عمال يدفع لكل منهم في اليوم 7 غروش صحيحة أي ينفق غرشان صحيحان على كل ألف آجرة. وسوف نأتي في جزء آخر بما يتم هذا البحث ويفيد القراء والله الموفق. أ. ب.

العرائف

العرائف 1 - توطئة جاءت لفظة العرائف بمعانٍ شتى في لغة أهل نجد الحاليين. فنحن نذكر هنا أهمها ثم نذكر في الآخر المعنى الذي عقدنا له هذا البحث فنقول: العرائف جمع عرافة بكسر الأول ويراد بها أولاً: ما يعرف به الشيء أي يعلم به بعد ضياعه أو فقده فيشمل الضالة والذاهبة والضائعة والمسروقة والمبطوحة والعبد الآبق والبعير الشارد وغيرها. وإذا عرف الرجل ماله الضائع فوجده عند رجل آخر أو عند قوم غير قومه أطلق على ذلك المال اسم (العرافة) باسم المصدر فيقول صاحبه والمطالب به (عرافتي كذا (أي مالي المفقود الذي وجد الآن هو) عند فلان. ومنهم من لا يطلق على الأشياء المفقودة اسم العرافة إلا بعد المطالبة بها أو حين الشروع بالمطالبة. ومنهم من يطلقها عليها حين العرف بها (أي حين العلم بها). فإذا قيل مثلاً: الشيء الفلاني عرافة فهم السامعون أن

الشيء الفلاني الضائع قد صار إلى غير صاحبه أو قد وجد عنده وهو لغيره. وسواء كان حافظ المفقود رجلاً واحداً أو قوماً. لأن المشروط في العرافة أن يكون الشيء منتقلاً إلى آخر بغير طريق مشروعة عندهم لأن المشروعات عندهم هي البيع والشراء والمبادلة والكسب وغارة الضحى وما شاكل ذلك في الغزوات من أخذ وسلب وغيرها. والعرافة عندنا هي غير العارفة؛ لأنك رأيت ما تريد بالأولى فأما العارفة فهو عندنا وعند أهل البادية جميعاً بمنزلة القاضي عند المتحضرة. وسمي بالعارفة على وزن فاعل مع تاء في الآخر وهي تاء المبالغة كالراوية لا تاء التأنيث لأنه يعرف المتحاكمين إليه بالحق ويحكم به أو لأنهم يعرفهم بحق كل واحدٍ منهم حينما ارتضوه حكماً لهم. وكان الأقدمون من العرب يسمونه الحاكم. وهو مشتق من الحكم لا من الحكمة كما يتوهمه قوم من الكتاب ومنهم أكثم بن صيفي وحاجب بن زرارة والأقرع بن حابس وعامر بن الظرب وهاشم بن عبد مناف وعبد المطلب بن هاشم وغيرهم. وإذا علمت ما هي العرافة فاعلم الآن أنه يجوز عليها القرع. أما القرع عندنا فهو عبارة عن التنبيه والإخطار أو بعبارة أخرى هو أن ينبه صاحب الضائعة لمن عنده حينما عرفها أنها له فيقول: إن عرافتي الفلانية هي عند فلان بن فلان أو عند العرب الفلانيين أو في المحل الفلاني وهي (مقروعة أو مقروع عليها أو مقروعة عليه). وله وجه فصيح في اللغة من قرع السهم القرطاس إذا أصابه؛ لأن الإنسان إذا أصاب شيئاً مطلق الحرية بسهم من سهامه أخذه له فكيف لا يأخذه وهو له في الأصل. ولهذا لا يجوز للرجل أن يبيع العرافة أو المقروعة

كما لا يجوز لأحد أن يشتريها إلى أن تنتهي المحاكمة. فإن باعها خسر ثمنها أو ما يقابلها ودفعه إلى صاحبها الأول. ويجوز لصاحبها بعد القرع أي بعد التنبيه أن يأخذها أن وجدها عند آخر وهو الذي وجدت عنده أخيراً. أما هذا صاحبها الأخير فله حق استرجاع ثمنها من صاحبها الغير الشرعي وهو الذي وصلت منه إليه (وعلى تعبيرهم: الذي درجت منه إليه). وأما إذا انتهت المحاكمة بعد القرع فأن أثبت المدعي إنها له أخذها منه ودفع صاحبها إلى أن يتتبع الذي وجدت عنده أن كانت درجت إليه من أحد. فإن لم يثبت أنها له سقط القرع وجاز لذاك التصرف فيها. ولهذا البحث فروع كثيرة يطول ذكرها وليس هذا محلها. ولكن هناك شيئاً وهو هل يجوز القرع على من وجدت عنده العرافة (الضائعة أو نحوها) إذا كان من أعراب أو من قبيلة معادية لقبيلة القارع أم لا؟ - قلنا: إن بعضهم لا يجوز القرع في مثل هذا المقام وسببه أن القرع لا يتمشى حكمه على العدو؛ لكن إذا تم الصلح بين القبيلتين وكان قد أشترط رد العرائف أرجعت في أبان الصلح. هذا إذا لم تكن قد انتقلت (وبتعبيرهم إذا لم تكن قد درجت) من عند من

علمت أنها عنده ببيع أو شراء أو مبادلة أو ضياع قبل الصلح. أما إذا كانت قد درجت إلى آخر في حين عداوتهم فالقرع يسقط عن ذلك الرجل. فإذا صار الصلح فما لم يكن قد وقع عليه شرط رد العرائف لا يعاد. والعكس بالعكس، أي إذا درجت إلى آخر وهم في حين المحاربة لا يشملها شرط إرجاع العرائف في أبان الصلح كما تقدم بيانه ويجوز القرع بعد الصلح أن لم يعلم بالعرافة إلا بعد الصلح فقط. وقد جوز البعض الآخر القرع في حين العداوة وذلك أن كانت العرافة قد درجت إلى من وجدت عنده قبل حدوث العداوة (أي في زمن الصلح) ثم نشأت بعد ذلك فنشبت المحاربة جاز لصاحبها أن يقرعها ويشهد على ذلك شهوداً. فإذا تم الصلح طالب بها أن أراد وخاصم مناوئه عليها إذ تجرى عليها الشروط المتقدم ذكرها بتمامها بدون أن يثلم منها حرف واحد. أما المحاكمة فتجرى عند القاضي أن كان المتخاصمون في المدن، أو عند الأمير إن كان حولهم أمير، أو عند العارفة أن كان هناك عارفة. وإن أصدر أحد هؤلاء المحكمين أمراً فلا يجوز لأحد تغييره أو الجري بخلاف ما قضى. بقي علينا هنا أن نذكر أمر المغصوبة وهل تعد عرافة وهي يقدر صاحبها أن يسترجعها أم لا؟ قلنا: إن بعضهم ينفي ذلك لأن حكم المغصوبة داخل في حكم الغنيمة ولهذا تسمى باسم المغصوبة حين المطالبة بها أو حين المحاكمة. وبعضهم يعد الاغتصاب كاللصوصية داخلاً في الطرق الغير المشروعة عندهم ولهذا يطلق عليها اسم (عرافة) والقائلون بهذا القول أقرب إلى الحق منه إلى خلافه. وهذا ما يظهر لك صدقه من سرد حادثة العرائف الذين نعقد لهم هذا الباب. وقد ضربنا صفحاً عن أشياء كثيرة يطول ذكرها كمنفعة العرافة في عهد من عرفت عنده كما لو كانت مثلاً جواداً أو هجيناً فغزا به وغنم فهل يرجع الغنم إلى صاحبه الأصلي أم إلى من غزا به؟ أم هل يكون لصاحبه الأصيل الربع أم لا؟ وما حقوق العارفة وكيف تجرى على من حفظها وعلى أي وجه

تجرى المحاكمة وكيف تكون الإيمان والشهود والاستشهاد وغيرها من الاصطلاحات المعروفة عندهم من سابق العهد وهي كلها غير مدونة في الكتب والمؤلفات أن قديمة وأن حديثة وإنما تناقلوها خلفاً عن سلفٍ منذ العهد العهيد. أما العرائف الذين قد أرصدنا لهم هذه الأسطر فهم رجال يعرفون لهذا الاسم من أمراء نجد ويعرف واحدهم باسم (عرافة). وإنما سموا بهذا الاسم للحروب التي حدثت بين أمراء نجد في القرن الأخير. وقد استطار هذا الاسم في جزيرة العرب كلها حتى إنك إذا حللت قوماً أو نزلت داراً أو دخلت عمرة (ندوة) وسمعت لفظة العرائف فأعلم أنه لا يراد بها إلا هؤلاء الأمراء الآتي ذكرهم. فإذا حفظت كل ذلك نقول: 2 - العرائف بمعنى جماعة من أمراء نجد لما تضعضعت أركان دولة آل سعود في نجد وأفضت بعد وفاة الإمام فيصل سنة 1282. (1865م) إلى أولاده الثلاثة: عبد الله وسعود (وقد توفيا) وعبد الرحمن الفيصل (وهو حي يرزق إلى اليوم) حدث بينهم شقاق أنتج حروباً كثيرة متتالية أضرت الجميع. وفي أثناء تلك المعارك كان الأمير محمد ابن الرشيد يغتنم الفرص كلما سنحت له ليوسع أملاكه فساعده الحظ والجد على أن تعنو له نجد كلها وذلك بين سنة 1297 وسنة 1308. (بين سنة 1879 وسنة 1890م) وكان قبل هذا العهد قد وقع بين سعود الفيصل وقائع جمة توفي في أثنائها سعود فقام أحفاده محمد وعبد العزيز وسعدون وخرجوا على عمهم عبد الله الفيصل وأذاقوه الأمرين فأستنجد بالأمير محمد ابن الرشيد فسار بجيش لهام وزحف به عليهم وأخرجهم من الرياض وبعد أن مات البعض ألقى القبض على الباقين وعلى أولادهم وسجنهم في (حائل) مقر إمارته إلى أن توفي سنة 1315 فخلفه الأمير ابن أخيه وهو عبد العزيز به متعب الرشيد. وفي أيامه وقعت تلك الفتن فأطلق سراح الباقين مع أولادهم. ومن ذلك العهد لقبوا بالعرائف لأن قضيتهم والفصل فيها يشبهان قضية وفصل العرافة التي مر بنا ذكرها. ولما أطلق سراحهم أستقبلهم عبد العزيز باشا السعود بالسرور والأكارم ورحب بهم كل الترحيب فلم يقيموا عنده سوى عامين ثم قاموا بما قاموا به فهاجوا

باب المكاتبة والمذاكرة

وماجوا في ديار نجد وعشائرها وأثاروا حروبا وفتناً أضرت كثيراً من سكان نجد. وبما أنهم لم يثبتوا بين يدي الأمير عبد العزيز السعود لجأوا أخيراً إلى أمير مكة ونفثوا في صدره أنهم يضمون ديار نجد كله إليه (كذا) أن هو مالأهم على ما ينوونه. ولكن هذا لا يقع! ولعلنا نبحث في عدد آخر عن أسباب ذلك وما نجم أو ينجم عنه وعن الحالة الحاضرة وبالله التوفيق. صاحب الرياض ومجلة الحياة سليمان الدخيل باب المكاتبة والمذاكرة رحلة الأب لويس شيخو من بيروت إلى الهند بعث إلينا أحد الأصدقاء بالعدد الثاني من مجلة المشرق لسنتها 16 وقال لنا: أرجوكم أن تطالعوا بتدبر ما كتبه حضرة الأب لويس شيخو عن دار السلام وتوقفونا على منزلة كلامه من الحقيقة في رحلته إلى حاضرتكم وعلى مطابقته للصحة. قلنا: في ما كتبه الأب شيخو الغث والسمين، القض والقضيض، على أن الأوهام، تغلب على ما فيه من حقائق الكلام. وفي رحلته من أولها إلى آخرها من تقديم وتأخير في الحوادث ما يقضي منه الأديب العجب العجيب إذ يذكر فيها أموراً لم تجر إلا في هذه الأيام، وهو قد سردها كأنها جرت قبل بضعة أعوام. وربما ذكر أشياء لا مناسبة بينها وبين رحلته مثلاً ذكره آثار القادسية المبنية على دجيل فأنه يقول (إن الكلك تحدر به سريعاً من سر من رأى إلى بغداد) فكيف أمكنه أن يرى هذه المدينة القديمة الراكبة على نهر دجيل. ومدينة أوبي وبلد وحربي وغيرها. فلا جرم أنه رأى كل هذه المواقع في الكتب التي تبحث عن هذه الديار فأغتنم فرصة سفره في هذه الأرجاء ليكتب عنها ما كتب؛ ومما يشهد على أنه لم يزر تلك المدن العتيقة قوله في ص 66: (وبين سرى من رأى وبغداد نحو 140 كيلومتراً على دجلة قطعناها في اليوم الثالث من سفرنا إلى الموصل.) ومن أوهامه في رحلته هذه إلى بغداد قوله في ص 143: ويزورون مقامه (أي يزور المسلمون السنيون مقام الإمام الأعظم). كل يوم سبت. والمشهور أنهم يزورونه نهار الجمعة. - وذكر في ص 143 صاحب مجلة العلم باسم الشيخ

هبة الله الشهرستاني والأصح السيد هبة الدين الشهرستاني. - وقال في تلك ص: فبقينا نحو الساعة ننتظر مرورهم (أي مرور الشيعة) ريثما يزاح الجسر. وجسر بغداد لا يزاح بل يقطع. - وقال في تلك ذاكراً عمارات الفرس (أي ملابيس رؤوسهم) (وعلى رؤوسهم القلانس والالباد). ففهمنا أن القلانس تلبس فوق الرؤوس لكن لم نفهم كيف الألباد تلبس كالقلانس. وقال في ص144: نمشي تارة في ظل النخيل المائسة سعوفها في الفضاء وتارة على مقربة من قصور المثرين من البغاددة والمزارات المصفحة بالصيني والكاشاني. قلنا: نحن لا نعرف في بغداد مزارات مصفحة بالصيني ولا بالقاشاني وإنما يوجد بعض المآذن مبنية الخارج بالقاشاني لا غير فأين هذا من ذاك. وهل يجهل أن الصيني أو الفغفوري أي لا وجود له في بغداد وأنه يكلف أثماناً باهظة لبناء جزء زهيد من الجدار فما قولك في عدة مزارات؟ ووصف في ص 144 صنع القفة على خلاف ما هو متعارف عندنا فليقابل كل أديب ما كتبه حضرته في هذا الصدد بما كتبناه في هذا المعنى وليحكم بين الأمرين ليرى من المصيب في وصفه. - ثم أنه شبه القفة (بدنية القضاة) والحال أنك تعلم أن الدنية قلنسوة تشبه الدن وهو الراقود أو الحب الذي له عسعس لا يقعد إلا أن يحفر له أو بعبارة أخرى: هي قلنسوة لها طرف دقيق ذاهب في الهواء بخلاف شكل القفة التي هي مبطوحة الأسفل فالقفة كالكلمة لا كالدنية. - وقال: وكان نائبه (أي نائب رئيس الكرمليين الأب بيار المنتمي إلى أم الله.) والصحيح أنه لم يكن نائبه وقتئذ ولا بعده - وفي الصفحة المقابلة للصفحة 144 نشر صورة كتب عنها أنها: (كنيسة الآباء الكرمليين ومدرستهم في بغداد) والحال: ليست هي صورة كنيستنا ولا صورة مدرستنا فكيف يمكن بعد هذا أن يعتمد على ما يكتبه الأب ولا سيما عما هو وراء هذه الأزمان ووراء ما شاهده بعينيه. والمعلوم أن الصورة التي ينقلها الرحالة في سياحته يأخذها بنفسه وتكون بمنزلة حجة بيده عما رآه بذاته. والحال أننا نراه هنا قد نقل صورة

من الصور التي طبعتها مجلة انتشار الأيمان في ليون سهواً ونسبتها إلى بلدتنا وهي صورة كنيسة ومدرسة لرهباننا في بلدة من ديار الشام لا في دار السلام. فليحكم القارئ بعد ذلك بمنزل التحقيق حضرة الأب الأكرم. - وقال في ص 146: ويبلغ عدد النصارى غير الكاثوليك نحو 3000 أكثرهم أرمن غريغوريون والحقيقة أنهم لم يكونوا يومئذ أكثر من سبعمائة. وقدر عدد النصارى في سنة زيارته بغداد بين 10. 000 إلى 12. 000 ألف والحال كانوا يومئذ بين سبعة آلاف وثمانية آلاف ولا تزد على هذا العدد واحداً أن أردت المبالغة. - وقدر سكان بغداد 160. 000 من السكان والمعلوم إنهم كانوا يومئذٍ 200. 000. - ونسب إلى راهبات التقدمة: مأوى للغرباء ومستوصفاً ومستشفى وغير ذلك وكلها ليست لهن. - وذكر أن معنى أسم بغداد هو (هبة الله) والحال أن العلماء غير متفقين على هذا التأويل. كما رأيت في هذا العدد، فكان يحسن به أن يضع تأويله موضع الشك. - وذكر في ص 147 كلام ابن المعتز في ذم بغداد فقال: حيطانها تروز (كذا)، وتشرينها تموز.) قلنا ما معنى تروز؟ فهو كثيراً ما ينقل نصوص الكتاب مع ما فيها من الخطأ ولا يهمه تصحيحه أو التنبيه على غلطها. فتروز لا معنى لها. وإنما هي دروز جمع درز وهو من درز الخياط الثوب درزاً: إذا خاطه خياطة متلزرة في الغاية.) كان ابن المعتز يقول أن حيطان بغداد غير مبنية ولا تستحق اسم البناء وإنما هي مخيطة خياطة لضعفها - وقال في ص 147 ثم توفر عدد سكان بغداد (في عهد العباسيين) حتى ضاقت ضفة دجلة الشمالية (كذا) عن إيوانها فجعل الناس يبنون على ضفتها اليمنى مدينة عرفت بالكرخ (كذا) وكان يجدر بحضرته قبل التصدي للكتابة أن يطالع ما كتبه المؤرخون عن بغداد لكي لا يخطأ هذا الخطأ الجسيم. لأن أول ما بنى من بغداد كان في الكرخ أي في ضفة دجلة اليمنى ثم لما كثر الخلق بنيت الرصافة وهو الجانب الأيسر من المدينة. - وذكر في تلك الصفحة بقايا ما شيده العباسيون فقال: أما الآثار الباقية من تلك القرون فقليلة منها بقايا القلعة القديمة (كذا) وفيها المطبق أي السجن الذي كان تحت الأرض كانوا يجعلون فيه أصحاب الجنايات الكبرى فيثملون بهم (كذا بتقديم الثاء على الميم) أو يقتلونهم جوعاً). اهـ قلنا: لم يذهب أحد إلى أن ما يشير إليه من بقايا القلعة القديمة وأن فيها كان المطبق

فهذا كله حديث خرافة وإنما المظنون بهذا الطلل أنه من بقايا أحد قصور العباسيين على دجلة لا غير. - وذكر من أبنية عصر العباسيين (جامع الخاصكي) هو أمر مضحك إذ هو حديث البناء ولعل الاسم هو الذي ساقه إلى هذا الوهم والأصح أن معمره هو محمد باشا الخاصكي والي ايالة بغداد سابقاً وكان قد تولى أمرها من سنة 1067 إلى سنة 1069هـ وكان قبل ذلك بيعة للمرسلين الكبوشيين. - وذكر بين أبنية العباسيين بعض الخانات كخانة عرتمة) (كذا) قلنا: ليس في بلدتنا خان واحد من عهد العباسيين. أما (خان اورتمة) لا عرتمة فهو من عهد مرجان الشهير لا غير - وذكر بين الأبنية العباسية (مشاهد ومدافن أشهرها مدفن السيدة زبيدة) قلنا: (مدفن الست زبيدة) (لا السيدة زبيدة) حديث البناء وليس من عهد العباسيين كما توهمه حضرته. وبعد أن ذكر الأبنية تصدى في ص 148 بعض من استولى على بغداد فقال: (إلى أن استولى عليها أمراء الترك المعروفون بكراكويولي) (كذا) وقد بحثنا في ما بين أيدينا من الأسفار لنرى من هم هؤلاء الذي يشير إليهم ففهمنا في الآخر أنه يريد الأمراء المعروفين باسم (قره قوبونلي) فأين هذا من ذاك؟ - ثم تقدم إلى ذكر الآثار الباقية من عهد فتح المغول لبغداد فقال: (والآثار الباقية من بعد فتح المغول لبغداد ليست من المحاسن على شيء (كذا) (أي في شيء) إلا بعضها كمسجد الإمام موسى الكاظم السابق ذكره ومسجد السيد سلطان علي ومسجد الشيخ عمر) قلنا: كل ما ذكره ليس من عهد المغول في شيء وإنما هو من أعصر مختلفة بل حديث البناء - وذكر مدارس بغداد ثم قال: (ومدرسة الطوائف الكاثوليكية للكلدان والسريان والأرمن المعروفة بمدرسة الترقي الكاثوليكي.) (كذا) وليس في بغداد مدرسة بهذا الاسم؛ إنما كان مكتب باسم الاتفاق الكاثوليكي لكنه لم يكن في عهده إذ انحلت عراه قبل مجيئه بسنواتٍ. ثم تطرق إلى ذكر أبنية بغداد ووصفها فقال في ص 149: ومنازلهم ذات طبقة واحدة سفلى يبنوها بالطين والكلس إلا دور الوجوه والأعيان فأنها أشبه ببيوت أهل الشام). قلنا: إننا لا نعلم بوجود بيوت في بغداد مبنية بالطين والكلس. ولا جرم أن حضرته رأى في أسبوع واحد ما لم نره نحن طول حياتنا

فوائد لغوية

فأكرم به من سائح رائد وفاحص مدقق!!! ثم سرد أسماء بعض الأعلام من مدن ورجال فقال في أسماء المدن: نيفار والأصح نفر؛ وأبي هبة أو لبيار والأصح أبو حبة أو سبارة؛ وبرز والأصح برس والخمر والأصح والخضر؛ ولرسام والأصح ولارسا؛ ومغير والأصح (والمقير) بتشديد الياء. إلى آخر ما هناك من أغلاط الأسماء. - وذكر بين أعلام الرجال: نجيب أفندي شيحا وقال عنه أنه (نسيب حبيب أفندي شيحا) والحال أنه ابنه. وهو لم يكن في بغداد لما كان حضرته فيها. بل كان قد غاب عنها قبل بضع سنين ولم يأتها بعد ذلك فكيف ذكره بأنه (حظي بمعرفته) كما قال. فهذا من أغرب الغرائب، بل من خوارق العجائب. هذا مجمل ما رأيناه من الأوهام في رحلة الأب لويس شيخو اليسوعي إلى بغداد فقط. فما القول في الرحلة كلها؟ بل وما القول في ما يكتب عن تواريخ الأجيال المنقرضة والقرون الخالية؟ وما عسى أن تكون منزلة ما يكتبه مثلا عن قبائل العرب وما يتعلق بأديانهم؟ فلا جرم أن الأغلاط تكال حينئذ كيلا ولا تقال قولا. وبهذا القدر كفاية لمن يريد أن يقف على مكانة مؤلفات حضرة الأب ونحن لم نتعرض لما في عبارته من الأغلاط الجمة التي تزيد كلامه غموضاً وخفاءً لأن ذلك يجرنا إلى تطويل أذيال المقال، إلى ما لا يسعنا فيه المجال. فاكتفينا بالإشارة إذ (إن اللبيب من الإشارة يفهم) فوائد لغوية زقنبوت! سألنا أحدهم: ما معنى زقنبوت ومن أي لغة هي؟ قلنا: هذه اللفظة كثيرة الشيوع على ألسنة العوام وضبطها بفتح الزاي وسكون القاف وفتح النون وضم الباء بعدها واو ساكنة ثم ياء مبسوطة ويقولونها للآكل إذا دعوا عليه. وإذا عطفوا عليها مرادفا قالوا: زقوم. أما

معنى زقوم فمشهور وقد ذكره اللغويون في كتبهم فلتراجع للفظة في مظانها. وأما زقنبوت فلم يذكرها. وقد ذهب الأدباء في معانيها مذاهب شتى فمنهم من قال إنها مصحفة عن (ذق نبوت) والنبوت بلسان الشاميين هو الدبوس (أو الطبوس) بلسان أهل بغداد فيكون محصلها: (ذق أو كل خشبة) وقد اشتقوا منها فعلاً فقالوا: زقنبه (فتزقنب) أي أطعمه طعاماً سيئ المغبة فأكله فتضرر منه. لكني سمعت بعض الأعراب من أهل البادية يقول: الزقنبوت دويبة إذا وقعت في العشب الذي تأكله نفختها أو سممتها وربما قتلتها وسمعت كردياً يقول الزقنبوت تسمى عندنا الزقنبورت (بياء مثلثة فارسية وواو ساكنة ثم راء ساكنة) هي دوبية كالخنفسة الصغيرة تكون في العشب فإذا أكلته الدواب سممتها. وجاء في كتاب الهدية الحميدية، في اللغة الكردية، تأليف الشيخ يوسف ضياء الدين باشا الخالدي المطبوع في الآستانة سنة 1310 ص 129: زقنبورت. يقال (زقنبورت خوار) أي أكل لا هنيئاً ولا مريئا. قلنا: واسم هذه الدويبة بالفرنجية الفصيحة وباللغة العامية وهي من رتبة الغمدية الأجنحة الخماسية المفاصل من فصيلة المسننة القرون وهي رأس قبيلة (الزقانب) وهذه الهوام لا تستطيع القفز لأن قوائمها قصيرة ولها عيون ملوزة. وهذا الجنس يشمل نحو 150 نوعاً وهي كثيرة الوجود في ولاية بغداد والبصرة والموصل لاسيما في البصرة فإنها أكثر وألوانها حارة زاهية متموجة وقد سميت بهذا الاسم الإفرنجي (ومعناه نافخة البقر من اليونانية لأنهم توهموا فيها ما قاله بلينوس عنها (في 4: 30) إنها تنفخ بطون البقر عند ابتلاعها إياها في مراعيها. لكنهم عرفوا اليوم أن التي يشير إليها بلينوس المذكور هي من جنس المحرقة على الأرجح. - ومن هذا كله يظهر أن معنى زقنبوت: عسى أن يكون أكلك هذا سبباً لموتك! ولهذا تسمعهم يقولون أيضا: (سم وزقنبوت) أو (وجع وسم وزقنبوت) أو (زقنبوت وموت) وكان فصحاء العرب يقولون في هذا المعنى: أغصك الله وأشجاك! وكل ذلك لا يليق أن يتلفظ به الأدباء. . وكفى ردعاً للعاقل أن يقال أن هذه العبارات من كلام القليلي الأدب!

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 1 - شمس المعارف صحيفة عربية علمية أدبية تاريخية فكاهية أسبوعية مؤقتة (كذا) أي مؤقتاً ظهر عددها الأول في 25 نيسان من هذه السنة بأربع قوائم لصاحبها ومحررها ومديرها إبراهيم صالح شكر واشتراكها في السنة عن 50 نسخة 20 غرشاً صحيحاً وثمن النسخة 10 بارات وهي تطبع في مطبعة الشابندر. 2 - تاريخ كلدو وآثور تأليف أدى شير رئيس أساقفة سعرد الكلداني الأثوري الجزء الأول طبع في المطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1912 في 185 صفحة بقطع الثمن المتوسط. من العجب أن الأجانب يعنون بتاريخ بلادنا ولغتنا وأدبائنا وشؤوننا على اختلاف أنواعها ولا يقوم واحد بين ظهرانينا فيجاري هؤلاء الأغراب في تتبع خطواتهم والجري على آثارهم. هذه بلاد السواد من أقدم ديار الله تاريخاً وأفيدها عبرة للعاقل المتبصر فقد بقيت بدون سفر عربي يسفر عن ماضي تاريخها ومنقرضات أجيالها حتى قام السيد أدي شير فوضع هذا الكتاب الجليل وهو يحوي تاريخ ديار كلدة وأشور منذ أول عهدها إلى عصر ظهور ملوك الطوائف التي ظهرت بعد وفاة الإسكندر بقليل وقد أضاف إليه المؤلف حرسه الله في آخر هذا التصنيف مصور هذه الديار فجاءت الفائدة جليلة وافية بالمقصود. على إننا نأخذ على سيادته بعض أمور منها: 1 - إنه سمى كتابه (تاريخ كلدو وآثور). وكلدو غربية هنا. وإن قال لنا أنه كتب أغلب أسماء الأعلام. (وفي الأصل العلم وهو خطأ) على صورتها الأصلية (ص زين أي 7) فكان يجب أن يقول آثور بل أشور لأن آثور من تعريب العرب فلذا كان الأحسن أن يجمع بين المعربين ويقول مثلاً (تاريخ كلدة وآثور) جريا على المعرب لأن كلدو هو كلدة بالعربية وهو اسم شيخ عربي مؤسس دولة الكلدان. ثم إذا كان آثور هو الاسم القديم الحقيقي (وهي ليس كذلك) فلماذا قال في تضاعيف

مباحثه اسوربنيبال واسوردان واسورتيراي ونحوها فكان يحسن به أن يجري على وجه واحد تبعاً لمبدأه وإلا فالتمسك بالأشهر آنس وأبين. 2 - قال في (ص دالث) أن سكان الجزيرة وآثور والعراق على اختلاف مذاهبهم (من يهود ونصارى ومسلمين ويزيدية وغيرهم) هم كلدان آثوريين جنساً ووطناً وقد دعوتهم كلداناً آثوريين لأن هذين الشعبين هما في الأصل شعب واحد نظراً إلى الديانة والعوائد والشرائع والآداب والصنائع) اهـ بحرفه. فنقول لسيادته: ليس من شأن الديانة والعوائد والشرائع والآداب والصنائع توحيد الشعوب وإنما وحدة الشعوب راجعة إلى وحدة العنصر وإلى الجد الأكبر؛ والحال قد قام في العراق قبل الكلدان وبعدهم أقوام أجداد مختلفة وعناصر شتى من عيلاميين وماذبين وعرب ورومان ويونان وبرث وغيرهم فكيف يجوز له أن يقول هذا القول الذي لا يذهب إليه اليوم عالم من علماء البحث الإثبات فهل في حفظه من ذكر هذا الرأي؟ وإن كان يوجد من يذهب إليه فقوله قائم على قائمة نخرة وإلا فليس اليوم على الأرض كلداني أو آشوري واحد صادق النسب ينتمي إلى أولئك الكلدان الأقدمين الحقيقيين فكيف القول بوجود قوم يعرفون بهذا الاسم. لا جرم أن التاريخ يزيف هذا القول بدون أن تعارضه حجة ثبت. 3 - وقال في تلك الصفحة: وترى الكلدان أنفسهم ولا سيما الذين يسكنون المدن كالبصرة وبغداد وكركوك الموصل وديار بكر وغيرها عوضا عن أن يجتهدوا بدرس (كذا أي في درس) لغة أجدادهم الشريفة وأحكام آدابها فهم يحتقرونها ويستهزئون بالقرويين والجبليين الذين لا يزالون إلى اليوم يتكلمون بها) اهـ. - قلنا: الغاية من اللغة التفاهم والتفاهم لا يكون مع الأموات بل مع الأحياء ولغة أحياء البلدان التي سماها هي العربية فمن الطبيعي أن يتعلموا ويتكلموا العربية لا الارمية. ثم أن أمر المعيشة يقدم على أمر التوغل في الأدب تبعا لكلام الأقدمين: (عليك بالتعيش قبل التفلسف وبلسانهم: فلو فرضنا أن العراقيين تعلموا الأرمية وأتقنوها فهل يستطيعون أن يتعيشوا بها؟ فلا يجب عليهم تعلم لغة يرتزقون بها قبل أن يوغلوا في إتقان لغة مماتة؟ نعم أن بعض القرويين والجبليين يتكلمون

بها لأنهم جميعهم ينطقون بها فهي عندهم لغة حية لا مماتة وإلا فلو لم تكن لغة وطنهم لعافوها كما تعاف الأموات ولو كانوا أعزاء. 4 - في الكتاب من الآراء الغريبة أن له وأن لغيره ما لا يقبلها العقل فقد ذكرنا شيئا من مذاهبه الخاصة به. ونحن نذكر هنا الآن ما ينقله من آراء الإفرنج العجيبة فأنه قال مثلاً ص11 قال المسيو أوبير: (إنه يوجد في شمالي بغداد موقع (كذا أي ربض أو بليدة) يسمى موسى الكاظم (أي الكاظمية) يسكنه أناس هم من بقايا الكلدان (كذا. والجميع يعلمون أن اغلب سكان الكاظمية هم من أهل إيران وليسوا أبداً من عنصر الكلدان) لهم صنائع فائقة كالنقش والتطريز والصياغة وخصوصا الحفر على الحجر) اهـ. فانظر حرسك الله هل هذه من الأقوال التي يقبلها عقل آدمي. فهل كونها منسوبة إلى إفرنجي تجوز علينا نحن الذين نعرف من هم سكان الكاظمية. فالكتاب مشحون من مثل هذه الآراء وما ضاهاها نقلاً وأن تصنيفاً. 5 - سمعته يقول أنه يروي الأعلام على صورتها الأصلية ثم أن استقريتها رأيتها بخلاف ذلك فأنه يقول مثلا كويسنجاق وإنما هي كوي سنجق. ويقول قوينجوق وإنما هي كوي أنجك أو أنجيك ومعناها قرية الأنجك أو الانجبيك والانجك قوم من التركمان احتلوا موضع نينوى القديمة في أواخر هذه الأزمان فسميت باسمهم. ويكرر عشرات وعشرات نهر (الأدهم) من الأنهر التي تصب في دجلة وإذا سألت عن هذا النهر لا ترى له ذكراً لا على الألسن ولا على مصورات البلاد ورسومها وإنما هو عظيم (وزان زبير) ولكن لما كان الإفرنج لا يستطيعون أن يصوروا هذا الاسم بحروف لغتهم إذ يكتبونه أدهم ظن أن الأدهم هو الاسم الحقيقي وليس الأمر كذلك (راجع لغة العرب 130: 2) وهو يقول جبل قرجه طاغ. والأصح قره جه طاغ لأنها هكذا تكتب في أصلها التركي. والأعلام المشوهة كثيرة لا تحصى. 6 - أما عبارة الكتاب فهي سهلة لا وعورة فيها لكنها كثيرة الأغلاط العربية من صرفية ونحوية ولغوية. فإنك لا تطالع صفحة منه إلا وتعثر بعدة أغلاط فقد قال في الصفحة الأولى: سبحان من خلق الإنسان (وغرز) فيه حبا لأبويه وذويه. ولو قال هنا (غرس) لكان أنسب للمقام. - وفيها: وهذا لا يمنعها

(أي سبرطة وآثينة) من أن تكونا (ملة) واحدة والأصح (أمة) لا ملة فإن الواحدة غير الأخرى في العربية وإن كان الأتراك لا يرون فرقا بينهما. إذ شوهوا محاسن العربية تشويهاً شنيعاً وفيها: نرى اليعاقبة والسريان. . . يلقبون أنفسهم بالسريان الغربيين (كأنه) إنما من سوريا قد أتوا.) والأصح: (كأنهم) وفيها: عوضاً عن أن يجتهدوا (بدرس) لغة أجدادهم. والأصح يجتهدوا (في درس) إلى آخر ما هناك. إلا إننا مهما عددنا أغلاط هذا السفر الجليل فأنه يبقى معين علم يرده كل أديب ولا سيما من كان من أهل العراق. فسبحان من تنزه عن كل عيب ونقص. 3 - كتاب الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية الجزء الثاني لمؤلفه محمد الحسين آل كاشف الغطاء النجفي طبع في مطبعة العرفان في صيداء سنة 1330 (بقطع الثمن) هذا الجزء الثاني من الكتاب الذي أسلفنا الكلام عنه (في 468: 2) وقد صدر بصورة المؤلف يليها أبيات عنوانها (شعري وشعوري، وعواطفي، ولطايفي) فقد فهمنا الألفاظ الثلاثة الأولى وموطنها هناك لكن بقي على المؤلف أن يفهمنا معنى (لطايفي) في ذلك العنوان وموقعها هناك وسبب كتابة ما جاء على وزن مفاعل أو فواعل أو ما ضارع ذينك الوزنين بالياء لا بالهمزة مخالفاً في كتابته هذه جميع الأصول المقررة عند النحاة. ثم أننا لا نستحسن نظم الأشعار في حين لا حاجة إليها لا سيما في الأبحاث التي قد عني بنشرها فإذا زدت عليها ركاكتها وقلق ألفاظها كان من اللائق أن تحذف من الكتاب بتاتاً إذ ليس فيها من الشعر والشعور شيء سوى الاسم لا غير. فقد قال مثلاً في البيت الثاني: رأيتكم شتى الحزازات بينكم ... وما بينكم غير التضارب بالوهم فإضافة (شتى) إلى الحزازات في منتهى الركاكة لأن شتى لا تعرف (بال) ولا تضاف إلى ما بعدها. وقوله (التضارب بالوهم) من باب المجاز ضعيف غير مانوس. وفي البيت الخامس ما هذا حرفه: فأهديتكم بالود نصحي قائلا ... عليكم سلامي دايباً (كذا) ولكم سلمي وعندي أن (بالود نصحي) ضعيف وأن كان يجوز من باب زيادة الباء كما هو مشهور. وكتب (قائلا) بالهمزة مع أنه صور (دايباً) بالياء والأصح أن تصور بهمزة

على الياء وذكر في تلك الصفحة (تلايم) (كذا) بمنزلة مصدر لتلاءم. والأصح أن يقال (تلاؤم) وفي ذلك الوجه غير هذه الأغلاط وذكرها يجرنا إلى ما لا طائل تحته ولا سيما لأننا لا نرى فيه سوى نظم فارغ بل أفرغ من فؤاد أم موسى ولا أثر للشعر فيه هذا عدا الأغلاط الكثيرة التي تنفر بوجهك في كل صفحة من صفحات هذا التصنيف فتثير السأم في صدرك، وتنفرك من إتمام المطالعة. وأما من جهة الموضوع فأن حضرة صديقنا ووطنينا أرصد هذا الجزء (للنبوة) في مطاوي البحث خرج عنها إلى مواضيع شتى ذكر فيها نتفاً من جميع العلوم العقلية والنقلية، الأصلية والفرعية، الطبيعية والغيبية، المعروفة والمجهولة، الغريبة والمألوفة، المسموعة والمنبوذة، حتى أن المطالع لا يأتي على صفحات منه إلا ويتصور أمامه فلك نوح عليه الصلوة والسلام الذي كان فيه زوج من أصناف جميع الحيوانات من طاهرة ومن نجسة. فما هكذا تؤلف الكتب. نعم أن أجدادنا العرب الأقدمين كانوا يجرون في هذه الطريق لقربهم من عهد نوح. وأما اليوم فأن القرآء يريدون أن يسيروا سريعاً راكبين أجنحة البخار أو وميض البرق أن تصنف الأسفار مفرغة في قالب متقن فلا تخرج عنه وأن مست الحاجة إلى العدول عنه يجعله الكاتب على منحاة من قارعة البحث ويعلقه حاشية وأنت ترى هنا أن الجري في الفروع المستطردة أكثر من الجري في الأصول التي وضع كتابه لها. ولهذا كان يحسن بالكاتب أن يذكر في المقدمة الغاية التي دفعته إلى وضع هذا الجزء الثاني ويختط فيها لنفسه الخطة التي يسير عليها بعد ذلك في تضاعيف الكتاب حتى لا يختلط عليه الحابل بالنابل وإلا فأن الأبحاث ضائعة في هذه الفيافي الواسعة الأكناف. ثم إن الدعوة إلى شيء لا تكون بتقبيح ما قد أغرم به الإنسان؛ بل تكون بذكر حسنات المرغب فيه ومزاياه الحسنى على ما سواه والحال أن الكاتب يعيب على البروتستان قحتهم وخشونة عبارتهم وهو يفوقهم في ذلك حتى كاد ينسينا كتابهم. أفهكذا تكون أوصاف الدعاة ولا سيما من يصنف في (الدعوة الإسلامية)؟ فنحن نتوقع أن يكون الجزء الثالث أوقع في النفس وأعلق بالقلب وافصح عبارة والطف إشارة وأوفى بالمراد وآنس للعباد بمنه تعالى وكرمه!

4 - قانون الولايات الموقت باللغتين التركية والعربية طبع في مطبعة الولاية بغداد سنة 1331 وبدله 60 بارة. 5 - سكك الحديد في تركية آسية (باللغة الفرنسوية) وهو بحث فني اقتصادي تأليف مصطفى إبراهيم بك دي كورتن طبع في باريس سنة 1910 بقطع الثمن. صديقنا مصطفى إبراهيم بك كاتب مقالة (أثار دخول الشرقيين أميركة قبل اكتشافها) هو من كتاب الشرق الكبار ومن عظماء المهندسين وقد أتقن الفرنسوية غاية الإتقان حتى أنه قضى سنين جمة يكاتب أعظم مجلات فرنسة وجرائدها وهو اليوم يشتغل بمنزلة مهندس في سكة بغداد ويقيم في سامراء وقد صنف كتيباً في سكك حديد ديار العثمانيين فأجاد وأفاد فنحث عارفي اللغة الفرنسوية أن يطالعوها ليقفوا على ما تدره هذه الطرق من الذهب الوهاج على الدولة وأهل الوطن. 6 - الحسبة (البوليس) في مراكش (باللغة الفرنسوية) وهي رسالة في تاريخ هذه المسألة والمبادئ التي اتخذتها محاضرة الجزيرة ووافق عليها جلالة السلطان وفي البحث عن التنظيم المؤسس على هذه المبادئ تأليف مصطفى بك إبراهيم المذكور. طبع في طنجة سنة 1906. وهو كتاب صغير الحجم جزيل النفع في الموضوع الذي ذكرناه وفي آخره معجم صغير باللغة الفرنسوية والإسبانية والعربية حاوٍ أهم الألفاظ العسكرية وهو معجم نفيس لأنه يحوي المصطلحات العلمية الفنية التي يغلط فيها أغلب كتاب العصر وهي مذكورة باللغة العربية المراكشية التي تحتاج إلى معرفتها كما تحتاج إلى معرفة سائر لغات ولغيات ديار العرب. والمؤلف ممن يعتمد عليه لمعرفة اللغات الثلاث المذكورة معرفة تامة. فنحث اللغويين والمحققين على اقتنائه. 7 - يوسف حزايا (من كتبة السريان في القرن الثامن للمسيح) باللغة الفرنسوية تأليف السيد أدي شيرر رئيس أساقفة سعرد على الكلدان. طبع في باريس سنة 1909. سيادة المطران أدي شير من أبناء الشرق المبرزين في لغت الشرق وتواريخه فضلاً عن معرفته بلغات الغرب وهو يعرف نحو 15 لغة ويؤلف في كثير منها وقد صنف بالعربية والكلدانية والفرنسوية والتركية والكردية واللاتينية وغيرها. وهذه النبذة التي نتكلم عنها هنا قد كتبها بالفرنسوية وتحوي ترجمة يوسف حزايا من

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

مصنفي النساطرة الذي قال عنه يشوع النبي أنه ألف 1900 رسالة. ومن راجع هذه الرسالة علم توغل السيد أدي شير العلامة في الأبحاث التاريخية الشرقية ووقوفه على أمور جمة لا يقف عليها عدة علماء معا. فنتمنى له أبعد النجاح مقروناً بالفلاح. 8 - غراسة النخل في كليفرنية (في أميركة) (باللغة الإنكليزية) من قلم بولس ب. بوينوي في التادنا (كليفرنية) نبذة بالإنكليزية مع تصاوير شتى الإفرنج في سعي حثيث لا يعرف الملل والكلل في كل ما يرقى بلادهم علماً وأدباً ومادة. فهذا النخل الذي هو من أشجار الشرق خاصة بدأ ينمو في بلاد كليفرنية من ديار أميركة حتى أنه في قليل من الزمن فاق نخيل هذه البلاد مع أن تاله أخذ منها. إلا أن الإفرنج شرعوا يغرسونه بموجب أصول الفن ولهذا تراه قد أقبل عندهم إقبالاً ليس وراءه إقبال. وممن نبغ في تحسين غرسه ومداراته صديقنا الأديب بولس ب. بوينوي فأن نبذته التي ألفها في هذا الموضوع تدل على ما للعناية بالانبتة والأشجار من حسن التأثير على الأتاء. فنحث أبناء الشق أن يعنوا بأشجارهم عناية علمية فنية وإلا فأنهم يكونون في ذنابى الأقوام في جميع الأمور بدون شاذ. أبعد الله هذه الأحلام! تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مطر شديد الوقع في بدرة في اليوم 6 من نيسان أمطرت السماء مطراً مدراراً شديد الوقع في مركز قضاء بدرة (بادورايا) فخرب مقر الإمارة (الحكومة) وسقطت دار علي المبذرقة فمات منهم وسلم من بقى. وأما موظفو الإمارة فإنهم تفرقوا أيدي سبا. (عن رسالة خاصة). 2 - طغيان الماء في لواء كربلاء كتب إلى الزهور أن الماء طغى فأحاط بأطراف اللواء فأقام الأهلون سدة محكمة لحفظ البيوت من الغرق ويقدر الضرر الناتج من طغيان الماء بأكثر من 15 ألف ليرة (كذا) والعهدة على الكاتب. ابن الرشيد وابن سويط بعد وقوع الواقعة بين عجمي السعدون زعيم المنتفق وبين عشيرة الضفير زحف

الأمير ابن الرشيد على المعتدين فجاءه حمود ابن سويط رئيس عشيرة الضفير ومثل بين يديه واضعاً أموره تحت حكمه فقام ابن الرشيد ووعظه عظة كلها حكمة وأدب وأوجب عليه أن يرجع إلى طاعة زعيم المنتفق على ما كان عليه سابقاً فوقع ابن سويط على عجمي بك وقبل ركبتيه وتعهد له بأنه لا يخرج عن طاعته بل يسير معه كما سار قبلاً مع آبائه الأولين خادماً مطيعاً وعبداً مملوكاً (كذا) فقبله وشكر الأمير على إصلاحه ذات البين بين الطرفين فأصبح الضفير والمنتفق وابن الرشيد وابن السعود في ساحة واحدة إخوان صفاء واخدان وفاء. أدام الله الصلح بين الجميع! (ملخصة عن الرياض) وفي رواية للزهور أن قيم مقام السماوة سلتان بك سار لعقد عرى الصلح بين عجمي بك السعدون وبين الضفير مع القبائل التي ترجع إلى القبيلين فنجح في مسعاه وربط الشروط بأوراق ومحاضر ووافى بها إلى دار الإمارة. وقد أمنت الطرق ووردت السماوة حدرة (أي راكب) قوامها ألف وخمسمائة بعير لآل الرشيد للامتياز وهذا ما يدلك على رجوع الأمور إلى مجاريها. 4 - استعفاء والي ولاية بغداد قبلت نظارة الداخلية استعفاء محمد زكي باشا وفي صباح الثلاثاء 13 أيار أشيع الخبر وتعين وكيلاً للولاية عمر لطفي أفندي معاون الوالي إلى قدوم الوالي الأصيل وقد سافر حضرته في 22 أيار عن طريق حلب. 5 - انتحار إنكليزي في بغداد أطلق المستر ماكنا (المعلم الأول في الباخرة مجيدية من شركة لنج) رصاصتين من مسدسه على نفسه فوقع يختبط بدمه نحو عصر نهار الاثنين 12 أيار ويقال أن السبب هو إنزاله عن رتبته إلى رتبة أدنى. 6 - فتنة في ثغور إيران خولت الحكومة الإيرانية شركة إنكليزية امتياز مد خط حديدي من موضع قريب من (المحمرة) إلى (خرمة آباذ) في قلب لورستان. فأرسلت الشركة إلى موضع العمل طائفة من المهندسين للشروع بالاشتغال فداهمهم الأهالي وهجموا على الإنكليز فوقع قتال شديد بين القبيلين. وللحال اتقدت نيران الفتن في بندر عباس من ثغور خليج فارس إلا أن الدولة الإنكليزية أرسلت باخرة حربية إلى تلك المدينة وأنزلت فريقاً من نوتيتها في دار الجرى (القنصل) حفظا لرعاياها. فخمدت الفتنة بعد قليل. (عن المصباح) 7 - الأمير ابن السعود قدم الحاضرة في أواخر نيسان أحد أتباع الأمير عبد العزيز باشا السعود، وأفادت الرسائل التي أتى بها من ديار نجد أن الباشا المشار إليه غزا عشائر متقومة من العرجانية والدواسر والمريسة حتى وصل لواء الإحساء بل أوغل في الأراضي العثمانية ولما شاهد أولو الأمر ذلك دهشوا من هذه الحادثة وكاد يحدث ما لا تحمد عقباه لولا أن تداركها الأمير بحكمته فأنفذ وفداً يتقدمه أحد أفاضل أسرته الكريمة وهو أحمد بك السعود إلى متصرف الإحساء

نديم بك لمقابلته فأكد له حسن نيات الأمير وشدة غيرته على الجامعة الثمانية وارتباطه بعرش الخلافة فما كان من المتصرف إلا وأجابهم بالمثل ورحب بهم وأحسن وفادتهم وخلع على حاشية الأمير خلعاً فاخرة فخرجوا من عنده شاكرين إحسانه وهكذا انتهت الحادثة بسلام وبعد ذلك نزل الأمير بجيشه على (الخويرة) وهو موضع يبعد عن الإحساء 3 ساعات ثم عرج على طريق (جودة) وهي ماء يبعد عن الإحساء يوماً ثم جاء بعد ذلك (الطوقية) وهي عين ماء تبعد عن (الإحساء) 3 أيام؛ ثم نزل مباءة جيشه أو معسكره المقيم قرب (غدير الحاج) في (العريم) الذي يبعد عن (لرياض) خمسة أيام وهو هناك باق إلى اليوم. وفي نحو 20 أيار شاع الخبر في بغداد أن ابن السعود أحتل الإحساء وطرد منها موظفيها الأتراك. 8 - الأمير ابن الرشيد جاء في الأخبار الخاصة أن الأمير ابن الرشيد هجم بخيله ورجله على عشيرة الشرارات المخيمة في (الطويل) وهو يبعد عن (الجوف أو دومة الجندل) خمس ساعات وسلبها إبلها وخيلها وأدبها في المستقبل تأديباً لعلها يردعها عن العبث في الأرض وقد انضوت إلى رايته بعض العشائر، ونبه أتباعه على أن يسهروا على محافظة السكة الحديدية من أن تضرها القبائل المتمردة، وهو الآن نازل مع عشائر شمر ما بين العراق ونجد مترصداً بعض الأعراب من قطاع الطرق وشذاذ العشائر. 9 - عشيرة عنزة هبطت قبائل عنزة ومن تابعها يقودها أميرها فهد بك الهذال أودية (الثميليات) لكثرة أعشابها وخصبها وهي قريبة من قضاء الدليم (في ولاية بغداد). 10 - قبيلة الدهامشة اتخذت قبيلة الدهامشة التي يرأسها أميرها جزاع من مجلاداودية (الشامية) منتجعاً لها ومرعىً لماشيتها وهي بالقرب من شفاثا من ولاية بغداد. 11 - عشيرة شمر نزحت عشيرة شمر عن ديار العراق قبل انهمار الأمطار وتطلبت أرضاً خصبةً فظلت سائرة في الغلاة حتى نزلت ما بين ديار بكر والموصل وهي الآن هناك. 12 - إعانة أهل العمارة أرسل متصرف العمارة مبلغ خمسمائة ليرة إعانة للحرب البلقائية وقد جمعه من أهاليها وموظفيها. 13 - وفاة يوسف باشا والي بغداد السابق توفي يوسف باشا الجركسي في الآستانة في شهر ربيع الثاني من هذه السنة. 14 - تبرع حاكم لورستان تبرع حضرة أمير الجنك والي يشت كوه غلام رضا خان حاكم لورستان (الذي جاء بغداد في هذه الأيام الأخيرة) بمبلغ أربعة آلاف مجيدي إعانة للدولة العلية ثم سافر بعد ذلك إلى مقر إمارته عن طريق كوت الإمارة.

15 - صيدلية جديدة للبلدية في الأعظمية نهار الأحد 27 نيسان جرى رسم افتتاح صيدلية في الأعظمية وكان ذلك بحضور جمع من العلماء والأشراف والوجهاء. 16 - الإنكليز في خليج فارس لا زال الإنكليز يسعون في خليج فارس لتحسين مشاريعهم وتوسيعها ومن جملة ما وفقوا له في مدى هذه السنة وضع ست أمرِ (جمع أمرة وهي من الأعلام التي يهتدي بها في البحر) حول مغاصات اللؤلؤ (والمغاص يسمى اليوم هناك باسم هندي وهو هيرة والجمع هيرات ومعنى الهيرة اللولؤة) وقد هموا بتمهيد السبل لإنشاء قلس برقي بحري يربط جزيرة البحرين بابي شهر (من ثغور فارس)؛ بسائر مستعمرات الإنكليز في الخليج. وقد حاول القنصل إحصاء السفن البحرية التي يبحث أصحابها عن اللولؤ وصمم على وسمها بالأرقام لاستيفاء الرسوم عنها فطلب شيخ البحرين أن يبدأ الجري المذكور بأن يفعل هذا الفعل بسفن الكويت أولاً. وإذا تم ذلك لا يتلكأ عن القيام بما يطلب منه. وفي أوائل نيسان من هذه السنة نقل الإنكليز إلى ثغور الخليج 500 عامل من رعاياهم فأنزلوا طائفة منهم في جزيرة طنب (وزان سبب) والطائفة الأخرى في جزيرة هنجام (بفتح الهاء وسكون النون وفتح الجيم بعدها ألف ثم ميم) وكلتاهما واقعة بالقرب من مضيق هرمز. والغرض من الإتيان بهم إلى هناك وضع المناور على كل جزيرة ومضيق في الخليج لينيروا ظلماته المادية والأدبية والمعنوية. 17 - أسماء الولاة الذين عينوا لولاية البصرة منذ إعلان الدستور إلى هذا اليوم أصالة ووكالة نقلا من الدستور (جريدة بصرية) عبد الرحمان حسن بك (أصيل)، ممتاز بك متصرف الإحساء (وكيل) محرم بك (أ) عارف بك (أ) راقم أفندي (و)، آمر العسكرية (و) سليمان نظيف بك (أ)، سعاد بك (و) شوكت أفندي الدفتردار (و)، وهبي أفندي القاضي (و)، عارف بك المكتوبجي (و)، جلال بك (أ) حسني بك الدفتردار (و)، حسن رضا باشا (أ)، محمد طاهر أفندي (و) علي رضا باشا الركابي (و)، محمد علاء الدين بك الدروبي الحمصي (أصيل) وهو واليها الحالي. الذي قدم إليها في 4 أيار فليتدبر من أراد الإمعان في الأمور.

ونحن نود الآن أن يوافينا أحد الأدباء بأسماء ولاة بغداد الأصل والوكلاء ليبين لكل ذي عينين ما وراء آه الستور من الأمور 18 - القنصل الإنكليزي في نجد ذكرت الدستور ما ملخصه: وصل القنصل الإنكليزي بلدة (المجمعة) قاعدة (سدير) ولما أراد دخولها مانعه الأهلون. ولكنه بادر (على ما يقال) إلى إرسال هدايا إلى أميرها عبد الله العسكر ومن جملتها نظارة وساعة وبعد ذلك خرج إليه الأمير بنفسه وصحب القنصل وادخله البلدة بين لعنات الأهالي المتحشدة على طريقه. فطاف القنصل في شوارعها ثم علا (المرقب) وهو تل شامخ مطل عليها واخذ صورتها الشمسية ثم ذهب وزار الأمير عبد العزيز السعود في موضع اسمه (الخفس) وطلب منه ابتياع (عمان) بالثمن الذي يريده. بيد أن الأمير لم يحفل بكلامه. 19 - أعراب الطواطحة والضفير فوجئت عشيرة الطواطحة ليلاً (في نواحي الكويت) ونهب منها 47 بعيراً ويظن أن الخارب (سارق الإبل) هو ابن ضويحي أحد زعماء الضفير. 20 - هجوم الأعراب في ساحل بلبول أفرغت سفينة شراعية لأهالي البحرين أكياس أرز في ساحل بلبول فهجمت عليها عشائر البادية فنهبتها. (عن الدستور)

21 - العشائر وعجمي بك السعدون نمى إلى المصباح: إن الأزيرق والحكام والبدور والعبودة والضفير من عشائر المنتفق تجمهرت على عجمي بك السعدون قرب الزبير فأحاطت به إحاطة الهالة بالقمر ونادت: (يا لثارات المشايخ) وما قالت ذلك إلا وهجمت هجمة واحدة عليه وعلى من أنضم إليه ففر عجمي بك مدبراً ناجياً بنفسه على ظهر جواده. وغنمت العشائر ما كان معه. - قلنا: فتكون هذه الوقيعة قبل الصلح الذي عقد معه ومع الضفير على ما يظهر لنا. 22 - عجمي السعدون قرب البصرة نمى إلى الجريدة المذكورة أن عجمي نازل قريباً من البصرة مهدداً إياها بالهجوم لكنه لم يفعل ولن يفعل شيئاً. إذ كلامه من قبيل البرق الخلب. والظاهر أن الذي سول له ذلك أحد شياطين الإصلاح من سكان بغداد. 23 - حريق في بغداد جاءنا الصيف وجف الهواء فتيسر للنار أن تمد لسانها إلى كل ما تصل إليه وقد شبت نهار الأحد في 18 أيار في ثلاث دور من محلة فرج الله. وكان ظهورها من دار عبود النقاش اليهودي. ولكن بهمة الجند وغيرهم أخمدت أنفاسها. وقد قدرت الخسارة بما يقرب من مائتي ليرة ولعل في ذلك مبالغة. 24 - أدب صلاح الدين الكركوكي المدير المسؤول لجريدة الزهور جاء إدارة مجلتنا حضرة الفاضل الزول! والشاب المهذب! صلاح الدين أفندي الكركوكي (أو الكركوكلي كما يسمى نفسه) وطلب إلينا أن نطلعه على مدرستنا. فسألنا مديرها فقال: راجعوا رئيس المبعث فراجعناه فقال: ليستأذن حضرته القنصل الفرنسي بذلك. ثم أعطيناه قوانين المدرسة ونظامها وخطتها. فكتب حضرته في أول عدد صدر من الزهور بعد زيارته إيانا أي في العدد 386 هذا الأمر كما وقع ثم قال: (نه دبه جكمزي بيله ميورز. يالكز فرانسزارك بوقبا لقلرينه بيان تأسف أيدرز.) أي: (ماذا نقول؟ - لا ندري إلا أننا نتأسف على ما أظهره الفرنسويون من هذه الفظاظة (أو سوء الأدب) - قلنا: لو كان كل إنسان

وكل مدير مسؤول لجريدة أو لو كان جميع أعيان بغداد ووجهاؤها الذين هم أعلى منه طبقة ومنزلة يأتوننا ليشارفوا ما في المدرسة لأصبحت هذه المدرسة من محلات النزهة أو من قبيل مربط الحيوانات الغريبة. وإنما الرئيس أراد أن يفهم هذا الأديب أن طلبه في غير محله ولا يحق له ذلك فقال له بصورة مهذبة: (استأذنوا القنصل بذلك). فمن أصبح سيئ الأدب أو فظاً أو خشناً؟ فليحكم القارئ. - ثم أن نسبته سوء الأدب إلى جميع الفرنسويين لأن أحدهم أراد أن يعلمه أصول الأدب بصورة مستحسنة ولطيفة في غير محلها أيضاً بل هذا يدل على أنه لا يعرف من أين تؤكل الكتف. فليفهم أن كل من ذوي العرف!!!

العدد 25

العدد 25 - بتاريخ: 01 - 07 - 1913 سنتنا الثالثة نبتدئ سنتنا الثالثة بحمد الله على ما جاد به علينا في مطاويها، شاكرين قراءنا الكرام على تصفُّح مجلتنا هذه، ومقرين بفضل علماء العرب والغرب علينا لتنشيطهم إيانا، وحثهم على مواصلة مسعانا، ونخص منهم بالذكر أصحاب الكفاءة في الحكم والنقد، وأرباب الحل والعقد، مما يحدو بنا إلى متابعة الخطة التي عاهدنا نفسنا على القيام بها. ومما يدل على أن مجلتنا راقت كثيرين من الأدباء من متعربين ومستعربين ومستشرقين أن طائفة من مقالات السنة الماضية نقلت إلى الفرنسية والإنكليزية والإيطالية والألمانية. ومنها ما تناولته صحفنا ومجلاتنا الشرقية من شامية ومصرية وعراقية. وقد رأينا عدداً من المؤلفات التي صنفت بعد ظهور (لغة العرب) تذكر طفلتنا هذه مع الثناء على خطتها وحسن منتجعها، نخص منها بالذكر تآليف المستشرقين لأنهم تحققوا أن كتاب هذه المجلة من الاختصاصيين الذين يكتبون عن خُبْر لا عن خَبر. وإننا لنشكر هنا أعظم الشكر جميع من بادلونا بمجلاتهم وصحفهم، واهدونا

صفحة من تاريخ خليج فارس

كتبهم ومصنفاتهم، واتحفونا بمقالاتهم ورسائلهم، من خاصة وعامة، مما يدل على كرم سجاياهم، وطيب أعراقهم وعنصرهم، ويكشف عن حبهم لمؤازرة الأدباء سراً وجهراً. ونوجه أطيب ثنائنا وأعطره إلى أولئك الذين تبرعوا علينا بنضارهم، مساعدينا في نفقاتنا ومخففين ما أخذنا على نفسنا من العبء الثقيل الباهظ. نعم إننا وان كنا لا نستطيع أن ننشر أسماءهم الآن خوفاً من أن نمس أرق شواعرهم، إلا انه لا بدَّ من ذلك يوماً ريثما تنكشف الأسرار، وتنتهك السرائر، فيعطي كل ذي حق حقه، وكل ذي فضل فضله. وقد رأى القراء من تزاحم أقلام كتاب هذا القطر وغيره أن كثيراً من الأبحاث والمطالب تأخرت عن إتمامها، أو لم تبرز إلى عالم الوجود، مع أننا كبرنا حجم المجلة وزدنا صحائفها مؤملين تحقيق بنات الصدور، لكن لما كان مبدأنا أن نفضل مقالات أرباب الأقلام على نفثات قلمنا، - إظهاراً لما في أبناء العراق من روح التعاون، وصدق التناصر، والاخلاص في حب التسابق والتنافس في ميدان العلم والأدب، - بقينا في مقرنا الأول كأننا لم نجرِ شوطاً، على أننا أبرزنا ما كان في نيتنا من محض الخدمة وكفى بذلك شاهداً على رغبتنا في التقدم والتبسط وحق لنا أن نقول: ولي في غنى نفسي مراد ومذهب ... إذا انصرفت عني وجوه المذاهبِ صفحة من تاريخ خليج فارس. كثر الكلام، في هذه الأيام، عن خليج فارس وعن رسوخ قدم الإنكليز فيه وفي ثغور أقاصيه وادانيه، فوضعنا هذا المقال، مجاراة لمقتضى الحال:

موقع خليج فارس من أحسن المواقع إن للتجارة وإن للمحاربة وان لتنازع الأمم للبقاء. وكل أمة أفلحت في تسيير سفنها في مياهه، أفلحت أيضاً في رقيها وعمرانها وحضارتها. ولهذا اصبح هذا البحر منذ اقدم الأزمان مطمح أبصار الأقوام والأجيال والفريسة التي تتخاصم عليها أقواهن لتزدردها وتقر بها عيناً وتسعد بها نفساً. وهذا الأمر الذي لم يخف على أمة خلت، لم يخف أيضاً على دولة إنكلترة التي تتربص الفرص لمد جناح سطوتها على بلاد الله. لاسيما إذا قدرت أن تصل إلى منيتها أو ضالتها نبهاً، أو بدون أن تريق قطرة من دم من دماء أبنائها الشرفاء، بل الذين هم أشرف خلق الله على زعمها. اجل. إن ملكة الإنكليز اليشباع (اليزبت) لما أذنت سنة 1599 (لشركة الهند) أن تنشئ محلات تجارية في ديار الهند طمح للحال بصر تلك الدولة إلى خليج فارس، مع إن قدمها لم تكد تستقر في الهند تمام القرار، ولم تكن بعد بمبي في قبضتها. لكن كيف الوصول إليه والبرتوغاليون كانوا قد نشروا أجنحة سطوتهم على ذلك الخليج منذ أواخر القرن السادس عشر، وكانوا قد ظهروا فيه بعد أن طاب لهم المقام في أقطار الهند وجعلوا ساحل بحر فارس كما جعلوا ريف بحر الهند ميداناً ينزله فرسان مفتتحيهم، فيأخذون من البلاد والثغور والموانئ ما يروقهم، ويضربون صفحاً عما لا يحظى في عيونهم الطامحة؟ أما علو شان هذا الخليج وخطورته في أبصار البرتغاليين والإنكليز فظاهر من تسارع شخوص بصرهم إليه، بعد ثبوت قدمهم في بعض ديار أقطار الهند، لعلمهم يومئذ أن لا قرار لدولة غربية في بلاد الهند إن لم تقبض بيدها مفتاحها الذي هو خليج فارس، وما على سواحله من الثغور المتراصة المتناسقة المتفاوتة الارتفاع ارتفاع درج السلم البعيد المراقى. هذا فضلاً عن أن تجارة الهند لا تنفق ولا تروج إن لم يحافظ على تأمين الطريق التي ترسل فيها أي طريق البحر الفارسي وتنفضها من الغزاة الذين يعيثون فيها كل العبث. هذا وفي العهد الذي اكتشف رأس الرجاء الصالح كانت تساق بياعات الهند إلى ديار الغرب على البحر وعلى بحر العجم. وهو الطريق التي كانت معروفة منذ أعرق الأزمان في القدم. إذ كانت ترد من تلك الربوع النائية على السفن الكبار فتتشطط سواحل ديار الفرس. ثم ترسو في ما نسميه اليوم (شط

العرب)،. - وأول الذين عرفوا هذه الطريق الطبيعية التي لحبها البارئ هم أول من عرفهم التاريخ باسم (الأمم الكبار) أي أولئك الذين انشئوا نينوى وبابل ثم سلوقية وطيسفون ولما دثرت هاتان الحاضرتان جاءك العرب القروم فعرفوا ديار الهند ومجازها وابتنوا البصرة وبغداد. فقامت لهم يومئذ دولة ضخمة فخمة تضارع أعظم دول التاريخ وأضخمها بل تصارعها صراع الأبطال، لصغار الرجال. ففي عهد زهو دولة العرب، كما في إبان القرون الخالية، كنت ترى ثياب الحرير والإستبرق، الفلفل والقرنفل، الدارصيني والجوز بوا، الهال والزعفران، الصدف والعاج، الدر والمرجان، الميعة والصمغ، المصطكى واللبان، المر ودهن البان، البخور والعطور، وغيرها من حاصلات الهند ومما جاورها من الديار والجزر، من قريبة ونائية، من ثغور بلاد السيلى إلى جزيرة العرب وتبعث كلها بغلاتها لتستجلب بدلها الزجاج والرصاص، الحديد والنحاس، الاسرب والقصدير التي كان يؤتى بها من ديار الغرب. وكانت تنتقل هذه السلع والبياعات من بغداد إلى قلب المشرق الأدنى: إلى دمشق والإسكندرية إلى موانئ الشام والديار المصرية، التي كان فيها يومئذ محلات تجارية زاهرة زاهية، عائدة إلى البيزيين والفلورنسيين، إلى البنادقة والجنوبين. لا بل بعد أن عرف طريق أفريقية البحري، واكتشاف معبر أو منفذ يؤدي إلى ربوع الهند ماراً برأس الرجاء الصالح، بقى الطريق الأول طريق خليج فارس على علو كعبه طول القرن السادس عشر وبعض القرن السابع عشر، ولما ذهب شيء من شأنه عند معرفة التجار الطريق الثاني، دام المسلك الأول نهجا عظيما، نهج تجارة الهند وديار الروم، بل لم يزل أب كل نهج تنهجه جميع الدول التي تمد يدها من الديار الآسيوية إلى الديار الأوربية وبالعكس. وداوم التجار الإيطاليون ولا سيما البنادقة منهم والقطلونيون على إنفاذ أموالهم ومبيعاتهم على القوافل التي تجتاز بوادي الشام وصحارى بين النهرين يجلبون من ديار الهند والسند والصين وزابج (جاوة) جميع ما يحتاج إليه الغربيون من أثمار وغلات الأرجاء الحارة فيصعدونها على متن شط العرب الذي كان يعرف يومئذ عند أجدادنا (بدجلة العوراء) ومنه على ظهر الفراتين ومنهما إلى ربوع مملكة العرب التي صارت بعد ذلك من ديار سلطنة آل عثمان.

أما سبب بقاء طريق خليج فارس لنقل بياعات الشرق إلى أهل الغرب مع وجود غيره فهو لأن هذا النهج كثير السهولة يسير الركوب جم المنافع، وليس فيه من الأهوال ما في أخيه الثاني الحديث السن. هذا فضلا عن أن السفن البحرية لا تحتاج في المهيع الأول إلى أن تقتحم العباب وغمراته كما في اللحب الثاني، بل يكفيها أن تتشطط السواحل الواحد بعد الآخر من الهند إلى دجلة العوراء، فتصيب الغرض، بدون أن تصاب بعرض. وهذا لا يتضح لك صدقه إلا إذا نظرت رعاك الله إلى هذا الخليج وأنعمت النظر في تقوير الطبيعة إياه وكيف أبرزته عل مثال غريب عجيب. فإن الجواري المنشآت إذا غادرت أرياف الهند صعدت شواطئ ديار البلوص (بلوجستان) ودخلت بحر عمان ثم قاربت شطوط العجم إلى موضع تكاد فيه بلاد إيران تصافح بلاد العرب وهو الموضع الذي يعرف عندهم باسم (الرأس المسنن أو المسنم) في مضيق هرمز. وكأن العرب لم يحبوا أن يمدوا أيديهم إلى الإيرانيين لما بين عنصريهم من العداوات القديمة ترى بلاد العرب توغل في الماء كأنها تنفر نفور الشادن من وجه العدو فيأكل البحر شيئاً من أرضها مع أن بلاد فارس تحاول دائماً التقرب منها متحببة لها وكأنها تقول لها: تعالي إلي ولا تهربي مني فإننا إن تعاونا نصبح حرزاً حريزاً في وجه العدو. أما جزيرة العرب فلا تجاوبها كأنها تعلم أنها إذا مدت إليها يد المعونة سحقتها بقبضتها قبضة الحديد. وكأن الطبيعة حكمت في الآخر بين البلادين فجمعتهما بعد أن أخذت منهما العهود وشهدت عليهما الشهود أن لا تعتدي الواحدة على الأخرى وآنئذ تصافحتا وتعاقدتا على الولاء والصفاء. فاتصلت بلاد إيران ببلاد العربان وعليه يكون

خليج فارس من الرأس المسنن إلى مدالث العورآء أو شط العرب. فهذان الساعدان ساعدا بحر الهند أي بحر عمان وبحر فارس يوغلان في الأرض على غور 500، 2 كيلومتر ويمكنان البواخر من أن تصل فوهة شط العرب. وإذا وصلت هناك جاءت بواخر أو سفن أخرى دون الأولى غوصاً في الماء، ونقلت أحمالها على دجلة. ويحمل دجلة السفن النهرية إلى أبعد موطن من بين النهرين إلا أنها لا تصعد الآن إلى ما وراء بغداد، لأن وادي السلام يحتاج إلى أن يكسح عقيقه من الرمال ليكون قابلاً لحمل السفن إلى حيث ما يرام، أما الفرات فإنه من بعد أن يصاحب أخاه دجلة ويتفق معه ويتحد به بحيث أن الرائي يظنهما واحداً ينخزل عنه وينشعب ويولى مدبراً هائماً على وجهه في رمال الجزيرة وصحراء الشامية حتى يخال الناظر إليه أنه يريد الهرب إلى ديار الشام كأنه يقول في نفسه: بما أن العراقيين لم يقدروا قدري ولم يعرفوا منزلتي ولا فوائد مياهي ولم ينتفعوا بها فإني فار إلى حيث أريد، إلى صديق لي في ديار الشام اسمه (العاصي) لنشق كلانا عصا الطاعة على أبناء هذه الديار الذين لا يعنون بالزراعة ولا بالفلاحة ولا بالغراسة ولا ولا ولا. . . وكان ناصحاً نصحه في نهاية الأمر إلى الرعوى فارعوى إذ قال له: يا أخي لا تترك الوطن، إن الوطن عزيز فارجع إليه. وما كاد يسمع هذا الكلام إلا ورجع عن غيه إذ تراه يعود إلى نحو أخيه البكر دجلة من قلعة نجم مقابل منبج إلى أن يرجع إلى منابعه في ديار الأرمن. ترى مما تقدم بسطه وشرحه إن افتراق النهرين الواحد عن الآخر هو لخير هذه البلاد ليمدها بالماء والنماء وهذا ما تثبته الأقدمون من أعرق الأزمان قدماً ولهذا كان للحواضر القديمة: نينوى وبابل والمدائن (أي طيسفون وسلوقية) ولا سيما كركميش شهرة طائرة في التاريخ. وقد نوه بمجد هذه الأخيرة وعزها وغضارة حضارتها الأخبار القديمة المدونة على صفحات الآجر وصحف المهارق

إذ تروي لنا إن الفراعنة كثيراً ما قارعوا ملوك الآشوريين في كركميش لأنهم رأوا حسن موقع تلك المدينة وهي راكبة على مرفق الفرات أو منعطفه وقد شارفت من موطنها وما فيه من الدساكر والرساتيق والقرى والفلاليج والمزارع. وفي الأزمان التي هي أدنى ألينا أي في عهد الرومان كانت إنطاكية الراكبة على العاصي في الموطن الذي يدنو ريف بحر الروم من منعرج الفرات قد نالت من البعد الزهو والثروة والأبهة ما حق لها أن تسمى (بملكة الشرق). وما عساني أن أقول عن تلك الحاضرة الزاهرة، بل درة البر الفاخرة، لا بل يتيمة الدهر النادرة، تدمر القاهرة، فلقد كانت أنشئت عن طريق القوافل، بل في بهرة المراحل، فكانت تنتابها أو تغشاها كلما أرادت ثغور الشام. أو بالعكس كلما أرادت التوجه إلى وادي السلام. فهي أيضاً نالت من شامخ العز، وباذخ المجد، ما جعلها شامة في جبين الدهر. ولما دالت الدول، وقلب الزمان ظهر المجن لتلك الحواضر، والمدن الزواهر، أبقت لنا من ذكرها أنقاضاً مبعثرةً على أديم الأرض، يشهد على مكانتها من العمران والحضارة، في القرون المنطوية، بل على مكانة لم تبلغها المدن الجديدة التي أنشئت بعدها كالبصرة الفيحاء، وبغداد الحسناء، وديار بكر القورآء، ودمشق الفيحاء، وحلب الشهباء، وغيرها - نعم إنها ورثت من أمهاتهن المنقرضات روح التجارة والمبايعة والمعارضة، لكن هيهات أن يصلن ما وصلت إليه تلك الأمهات الجليلات. فشتان ما هن، وشتان ما بين الدر والحصى، والسيف والعصا. ومما تقدم بسطه يتضح أن أصحاب الهند لا يطمحون إلى مد أجنحة نفوذهم وسطوتهم على خليج فارس إلا ليجاروا الأمم السابقة التي أوغلت في الحضارة، ونالت قصب السبق في التجارة. وهذه الأسباب نفسها هي التي حدت بالبرتغاليين إلى إحراز مفتاح الهند حينما دخلوا هذه الديار الأخيرة ولهذا كنت ترى سفنهم تمخر عباب الهند، وتشق مياه بحر عمان، ثم تغوص في أغوار بحر فارس، لتذهب إلى البصرة. ولما كانت تقضى لبانتها كانت تغادر البصرة. فتذهب إلى مسقط، إلى قاليقوط (كلكتة) إلى رامني أولامري (سومطرة)، إلى جزيرة الوقواق (مدغسكر)، إلى جزائر القمر، إلى زنجيار، إلى سفالة. وهكذا كانت سفنهم تختلف إلى بلاد وبلاد وتجمع بين ديار آسية وأفريقية وكان كل همهم معاداة غزاة العرب البحريين لأنهم كانوا يغيرون على تلك الثغور ويفعلون بأصحابهم كما يفعلون بأعراب

البوادي. ولهذا كنت ترى بين العرب والبرتوغاليين حرباً عواناً بل طاحنة، طحنت في الأخير أبناء يعرب فأوردتهم حياض المنايا. ودامت تلك الحرب طول القرن السادس عشر بدون أن يمكنوهم من الراحة هنيئةً. وما زالوا كذلك حتى ركز قائدهم الكبير البوكرك علم دولته البرتوغالية في مسقط وصحار وذلك في سنة 1515 وهي سنة دخول النصارى جزيرة العرب بعد أن طردوا عنها سنة 634م على يد عمر بن الخطاب. قال البلاذري (ص 68) وهو يروي حديثاً معنعناً: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه لا يبقين دينان في أرض العرب، فلما استخلف عمر بن الخطاب (رضه) أجلى أهل نجران (وكان أغلبهم نصارى وفيهم أيضاً يهود) إلى النجرانية (بناحية الكوفة) وأشترى عقاراتهم وأموالهم. وقال أيضاً: (ص 68) أنزلت (هذه الآية) في كفار قريش والعرب: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله). وأنزلت في أهل الكتاب: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق إلى قوله: صاغرون. فكان أول من أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران فيما علمنا. وكانوا نصارى. ثم أعطاها أهل أيلة وأذرح وأهل أذرعات الجزية في غزوة تبوك. أهـ كلام البلاذري بحرفه - فترى من هذا أن أول من خالف هذه القاعدة أو خرمها هو البوكرك بعد أن مضى 881 سنة على جزيرة العرب وهي تأبى أن تأوي نصرانياً. ولما تيسر للبرتوغاليين دخول تلك الديار هان عليهم أخذ غيرها أيضاً فضبطوا هرمز. ثم احتلوا البحرين وحصنوا القطيف بعد أن ملكوه ومدوا أيديهم إلى جميع الثغور التي كانت تخدم أمانيهم أن على ساحل إيران وإن على ريف جزيرة العرب وحصونها أشد التحصين. وكل من كان يحاول أن يقاومهم كانوا يذيقونه الأمرين أو يوردونه حياض المنية وكان الجميع يخافونهم كما يخاف الخشاش والبغاث جوارح الطير وعتاقها. وكانت هرمز أحصن تلك القلاع وأبقاها بوجه العدو ولذا جعلوها أيضاً خزانة أسلحتهم ومستودع تجارتهم وهي كما تعلم مدينة ثابتة في قلب جزيرة تعرف باسمها وهي كالشجا في حلق بحر عمان لا يستطيع أن يسيغها ولا أن ينبذها وهي أيضاً كالشجا في حلق كل داخل بحر عمان أتياً من خليج فارس أو كل مقتحم بحر فارس قادماً من خليج عمان

الراديوم

فهي إذن جزيرة بحرية حربية تجارية منيعة لا يتيسر للعدو أن يدنو منها ولا أن يناوئ سكانها. هذا فضلاً عن أنها متمنطقة بنطاق من الصخور الشبيثية وهي صخور كأداء منيعة تطوف بها المياه من كل جانب وتضحك من السحب ضحك مستهزئ لأنها تناطحها بروقها وبدقة ما رفع عليها من الأبراج والقلاع. أما فناء المدينة فكان حريزاً منذ يوم ولد. دع عنك ما أقام فيها البرتغاليون من الأسوار المخندقة والمتاريس المبرجة والبواشير والفصلان التي جعلتها من أحصن المواقع في تلك الأرجاء حتى أنهم كانوا فيها في مأمن ولهذا جمعوا فيها كنوزهم وأموالهم وكانت كثيرة لا تحصى. فهذا كله يريك هرمز موقعاً بديعاً لتوسطه بين ديار العرب وإيران والروم والهند وكنت ترى فيها السفن مئات مئات بين واردة وصادرة بين جائية وغادية وكلها تحمل هدايا الشرق للغرب أو تنقل ألطاف الغرب للشرق. هناك كنت ترى الصينيين والهنود. الإيطاليين والبورتوغاليين. الإيرانيين والعرب. قد امتزجوا امتزاج الراح بالماء القراح. ولهذا كنت ترى البورتوغاليين قد شمخوا بأنفهم إلى السماء وتسمعهم يقولون: لو كان العالم حلقة ذهب لكانت هرمز درتها الفريدة! الراديوم 1 - تعريفه الراديوم هو العنصر الغريب الذي أحدث انقلاباً في الطبيعيات أعظم من كل ما تقدمه فإنه يتولد من عنصر آخر هو الأورانيوم ويولد عنصر الرصاص ويشع من نفسه حرارة وثلاثة أنواع من الأشعة ويبعث غازاً يكسب كل ما أتصل به خاصة الإنارة.

2 - مكتشفة الراديوم والراديوم اكتشفته مادام كوري مع زوجها وهو عزيز جداً يقدر ثمن الليبرة منه بمائة مليون ريال وفي الليبرة منه قوة تساوي 1. 500. 00 طن من الفحم الحجري والخالص منه ذرة عند مادام كوري وأما الموجود منه عند غيرها فأملاح مركبة منه ومن الكلور والبروم. 3 - أشعة الراديوم وأغرب ما في الراديوم أشعته وهي ثلاثة أنواع سماها العلماء بأسماء الأحرف الثلاثة الأولى اليونانية ألفا وبتا وغما. أما أشعة ألفا فهي دقائق كهربائية إيجابية تتطاير منه بسرعة 15. 000 ميل في الثانية وحجم كل دقيقة ضعفا حجم الجوهر الفرد من الهيدروجين. وأما أشعة بتا فإلكترونات (كهيربات) من الكهربائية السلبية وحجم الواحدة منها جزء من جوهر الهيدروجين أو جزء من 500 جزء من دقائق ألفا وسرعتها 175 ألف ميل في الثانية. ومن غريب فعلها أنها تفرغ الجسم المملوء من الكهربائية. وأما أشعة غما فهي أشعة رنتجن وتنشأ عن اصطدام أشعة بتا بشيء يعترضها فإذا صادفت أشعة بتا مانعاً ولدت في الأثير تموجات تنفذ الأجسام كما ينفذ النور الزجاج. 4 - أصل المادة وذكر حياة الراديوم ويرى بعض العلماء أن الإلكترونات أصل المواد كلها وإذا تحركت كان من حركتها مجرى كهربائي. والتلغراف اللاسلكي يقوم بحركتها التي تولد في الأثير تموجات ويرى جماعة من العلماء أن العناصر كلها تراكيب مختلفة من الإلكترونات فإذا كثرت الإلكترونات في بناء الجوهر كان العنصر ثقيلاً مثل البلاتين والذهب وإذا قلت كان خفيفاً كالصوديوم والليثيوم وإذا دارت في وجهة واحدة حول قضيب من الحديد صيرته مغنطيساً جذاباً ويرى بعضهم أن النور والحرارة يتولدان من تحريك هذه الإلكترونات للأثير في دورانها حول الجوهر فان هذه الإلكترونات تدور حول الجوهر على أبعاد مختلفة وسرعة مختلفة. وقد قدروا أن حياة الراديوم لا تطول أكثر من 2. 500 سنة وحياة الأورانيوم الذي هو أسرع المواد انحلالاً بعد الراديوم 7. 500 سنة. 5 - الراديوم في الشمس والأرض قال الأستاذ سنيدر أنه اكتشف الراديوم في غلاف الشمس فنسب نور

الشمس وحرارتها إليه وقال إن جميع الثوابت تنير بالراديوم ومن رأيه أن النجوم المتغيرة تظهر من انبعاث الراديوم منها في أدوار مختلفة واستنتج أن الشمس نجم من النجوم المتغيرة ودور تغيرها 11 سنة وأن ظهور الكلف عليها من نتائج فعل الراديوم. ومن رأي الأستاذ رذرفرد إن حرارة الأرض أيضاً من الراديوم فإن الحرارة المتولدة من تركيب العناصر كيماوياً أقل من حرارة الشمس والأرض ولكن الراديوم وغيره من المواد المشعة تولد من الحرارة أكثر مما تولده المواد بتركبها مليون مرة. وقد ثبت لبعضهم أن الراديوم يفعل بالسائل الجلاتيني فيولد (الراديوب) وهذا الجسم تام وهو أرقى من البلورات وأحط من الميكروبات ولعله مبدأ الحياة. 6 - من أين تأتي حرارة الراديوم والظن أن الحرارة المتولدة من الراديوم حادثة من انحلال جواهره وتولد مواد أخرى منها. وقد وجدت المواد المشعة التي من قبيل الراديوم منتشرة في كل مكان من قشرة الأرض وكرة الهواء ولكن مقاديرها قليلة جداً حتى أن كل قطرة من المطر وكل حبة من البرد وكل رقعة من الثلج تصل إلى سطح الأرض ومعها شيء من المشعات وكل ورقة من أوراق النبات مغطاة بقشرة رقيقة جداً من هذه المادة وإذا كان الهواء محصوراً لا يتحرك كما في المغاور والكهوف فالمواد المشعة كثيرة فيه وقد وصلت هذه المواد المشعة من الراديوم في المياه الخارجة من أعماق الأرض وفي مياه البحيرات وفي الزيت الخارج من الآبار والتراب نفسه فيه كثير منها ولا سيما إذا كان طفالاً. ويقول المستر ستروت أن الراديوم موجود في كل الصخور النارية ولا سيما في الغرانيت (المحبب) وقد وجدوا إن الراديوم إذا أدنى منه بعض المواد مثل سلكات الزنك وكبريتيته أضاءت تلك المواد أيضاً وإذا نظر إليها بالميكرسكوب حينئذ ظهرت فيه نقط صغيرة منيرة تتألق كالكواكب أو كالنيازك المتساقطة من السماء أو كالشرر المتطاير من الحديد المحمي إذا طرقته بمطرقة ووجدوا إن حرارة الراديوم أكثر من المحيط درجة أو درجتين بميزان سنتكراد (بالميزان المئوي). وإذا كانت الأرض تشع الكترونات الراديوم فهي تشع بواسطتها الحرارة أيضاً وقد قدروا الحرارة التي تشع من الأرض كلها بحرارة تتولد من مائتين وسبعين

مليون طن من الراديوم وإذا وزع هذا المقدار من الراديوم على الأرض كلها بلغ جزءاً من مائة مليون مليون جزء من الأرض. وعليه ففي الأرض من المواد المشعة ما تقوم حرارته مقام الحرارة التي تفقدها بالإشعاع المتواصل. 7 - الكهربائية والراديوم اكتشف الدكتور سينا الجنيفي أنه إذا كهرب سلك بالكهربائية السلبية وأحمى فعل بغيره من المواد فعل الراديوم وكذلك إذا وقعت أشعة رنتجن على الجسم صار يشع مثل الراديوم وبقيت فيه هذه الخاصة بضعة أيام. وقيل أن الأستاذ ولتر الألماني بين أن نور الراديوم ناتج من وقوع أشعة بكرل على دقائق النيتروجين التي في الهواء حول الراديوم ورجح ذلك السر وليم هجنس منذ سنة 1903 ولكن لم يكن لديه حينئذٍ ما يثبت ذلك. 8 - البركانات والراديوم وأدعى الماجور دتون الأميركي أن البركان يقذف بالحمم من عمق ميلين أو ثلاثة لا أكثر وذلك بسبب حرارة الراديوم فإنها تصهر الصخور بالتدريج وتبخر ما فيها من الماء فيشقق الأرض. والثابت أن الأرض فيها كثير من الراديوم وإن الراديوم يتولد من الأورانيوم ويولد الهاليوم والرصاص وقالوا أن في الشمس كثيراً من الهاليوم فهو دليل على وجود كثير من الراديوم وهو كاف لتعليل حرارتها ونورها. 9 - كيف اكتشف الراديوم وأما الراديوم فقد اكتشف في درس الإشعاع أو الفصفورية التي تظهر في بعض الأجسام كما يحدث في أنبوب زجاجي مفرغ من الهواء إذا جرى فيه مجرى كهربائي. وقد درس كروكس ولنارد ورنتجن هذا النور فوجدوا أنه مؤلف من ثلاثة أنوار الواحد أشعة غير ظاهرة تضرب جوانب الأنبوب فينيرها ويصدر منه نور أخضر لامع وتقع على بعض الأجسام فتجعلها تشرق بنور فصفوري وتفعل بألواح التصوير وتفرغ الكهربائية من آلة مكهربة وتخترق الأجسام غير الشفافة كالخشب والورق الأسود والصفائح الرقيقة المعدنية وهذه هي أشعة رنتجن وتسمى أشعة أكس أيضاً وكتاب العرب المحدثون يسمونها الأشعة المجهولة. والنوع الثاني من الأشعة التي تكون في الأنابيب المفرغة هي الأشعة الكهربائية السلبية والنوع الثالث أشعة لنارد.

وهناك مواد أخرى تشع نوراً فصفورياً كما في كبريتيت الكلسيوم ومثله بعض الجواهر والمركبات ولكنها لا تنير إلا إذا تعرضت أولاً لنور الشمس. ثم وجد أن الأورانيوم ذاتي الإشعاع ووجد الأستاذ كوري وزوجته أن الإشعاع سببه عنصر آخر وكان ممزوجاً بكلوريد الباريوم وقوة هذا الكلوريد على الإشعاع أشد من قوة الأورانيوم2. 000 ضعف وتدرجا في تنقية ما وجداه إلى أن وصلا إلى ملح من أملاح ضالتهما فألفيا أن قوته على الإشعاع أشد من قوة الأورانيوم مليوناً وثمانمائة ألف وعرفا من خواص الملح الذي استخرجاه وهو كلوريد الراديوم أن العنصر الأصلي معدني ثقله الجوهري 225 وله أشعة خاصة تظهر في الحل الطيفي وهو مشع باتصال دائم وأشعته تخترق الأجسام غير الشفافة وتولد نوراً فصفورياً وتؤثر في الألواح الفوتوغرافية. ثم وجد أن خاصة الإشعاع موجودة في عناصر أخرى بعضها نادر الوجود كالاكتيوم والبولونيوم وبعضها كثير كالثوريوم والأورانيوم وأشعة الراديوم تؤثر في الجلد وتقرحه وإذا دخل شيء قليل جداً منه في غرفة فيها آلة كهربائية تفرغت كهربائيتها حالاً وفعل الراديوم من هذا القبيل شديد جداً حتى لو كان مقداره جزءاً من خمس مائة ألف جزء مما يظهر بالحل الطيفي لكفى لتفريغ الكهربائية ومقدار قليل منه في الأرض يكفي ليرد إليها كل ما تخسره من الحرارة بالإشعاع وقد أتضح أن الأرض لا تبرد من نفسها بل تسخن من نفسها قبل وذلك بما فيها من عنصر الراديوم ونحوه. 10 - ماذا ينبعث من الراديوم غير الأشعة واكتشف رذرفرد في كندا أنه ينبعث من الراديوم دواماً مادة غازية غير أشعته الفعالة أو أشعة بكرل وهذه المادة مشعة أيضاً مثل أشعة بكرل ويرسب منها شيء على الأجسام التي تدنى من الراديوم فتصير أيضاً مشعة وتبقى فيها قوة الإشعاع بعد أبعادها عن الراديوم مدة ويمكن جمعه وهو ثقيل لا يتغير بالحرارة ولا بالفواعل الكيماوية وله طيف خاص به وهو عنصر جديد مثل الأورغون ثم إنه ينحل من نفسه ويخسر نصف قوة الإشعاع كل أربعة أيام وفي هذه المدة يكون الراديوم الذي تولد الغاز منه قد ولد مقداراً آخر من الغاز مساوياً له فيما خسره من قوة الإشعاع. وثبت من تجارب رمسى وصدى ومادام كوري أنه يتولد من هذا الغاز عنصر الهاليوم الذي اكتشفه كلير في الشمس منذ

25 سنة ثم وجده رمسى في بعض الحجارة المعدنية التي تشع نوراً وحرارة وثبت تولد الهاليوم من الراديوم بواسطة السيكترسكوب (منظار الطيف). 11 - أي العناصر تشع مثل أشعة الراديوم وقد تحقق أن أشعة الراديوم موجودة دائماً في الهواء الجوي وهي كثيرة في هواء الكهوف وفي المياه التي تخرج من باطن الأرض وإن كثيراً من المواد تشع أشعة الراديوم منها: القصدير والزجاج والفضة والنوتيا والرصاص والنحاس والبلاتين والألومينيوم ولا يعلم هل ذلك ناتج عن وجود دقائق لطيفة جداً منتشرة من عنصر قوي الإشعاع أو أنه خاصة من خواص كل العناصر. 12 - انحراف أشعة الراديوم وأبان بكرل في أول مباحثه أن بعض أشعة الراديوم ينحرف إذا مر بين قطبي مغنطيس كهربائي قوي ونتج من ذلك أن قسمت أشعة الراديوم إلى ثلاثة: الأول المنحرف قليلاً وقوته على نفوذ الأجسام ضعيفة، والثاني ينحرف بسهولة وانحرافه إلى جهة تخالف انحراف الأول، والثالث لا ينحرف أبداً مهما قوى المغنطيس وقوته على نفوذ الأجسام شديدة جداً فينفذ لوحاً من الحديد ثخنه قدم ويؤثر في ألواح التصوير وسمى الأول الفا والثاني بتا والثالث غما، كما تقدم. 13 - ما هي أشعة الراديوم ثم ثبت أن أشعة الفامجارٍ دقائقها صغيرة جداً مثل المجارى التي تتولد من لهب الغاز والمعادن المحماة إلى درجة الحمرة وحرارة الراديوم ناتجة من مصادمة هذه الدقائق للأجسام التي تقع عليها وأشعة بتا مجارٍ من الدقائق مشابهة للمجارى السلبية وإليها ينسب ما في أشعة الراديوم من النور والتأثير في الألواح الفوتوغرافية وأشعة غما مثل أشعة رنتجن والمرجح أنها ليست دقائق بل هي حركات أو أمواج في الأثير تحدث من سير دقائق بتا وتأثيرها مثل تأثير أشعة بتا إلا أنها أشد نفوذاً كما تقدم. 14 - المادة حسب ظني أكثر ما تقدم ملخص مما أتى عن الراديوم في عدة مقالات في المقتطف الأغر وأما أنا فأظن أن جميع المواد تشع دقائق غير أن ما يشعه بعضها صغير جداً لا يحس به فهو أصغر من أشعة بتا وأسرع منها حركة وما يشعه بعضها مثل أشعة بتا والنور ليس إلا نوعاً من الدقائق تتولد من تكسر أشعة هي أكبر منها

إذا أصابت مانعاً فهي ليست إلا شظايا بعض الدقائق التي ترسلها المادة المتصادمة وقد صدق القائلون أن المادة كلها كهربائية إلا أن الكهربائية متنوعة حسب صغر دقائقها وسرعتها. وأما كون نور الشمس وحرارتها من الراديوم فيضعف القول به كون أشعة بتا تفرغ الكهربائية ونور الشمس لا يفرغها وكون أشعة بتا إذا صادفت ما يوقف سيرها تولد منها أشعة غما وهي أشعة رنتجن التي تنفذ الأجسام غير الشفافة ونور الشمس ليس كذلك. وأما كون نور الراديوم موجوداً في الهواء فهو ما أرجحه فإني إذا أغمضت عيني أو فتحتها في الظلام الدامس وأمضت في النظر شاهدت ظلاماً تلمع من خلاله نقاط مضيئة لمعاناً خفيفاً جداً فهي تضيء وتنطفي وتضيء مكانها نقاط أخر فظني هو أن هذه الأشعة هي أشعة غما المتولدة من أشعة بتا ولذلك تنفذ الجفن كأن الجفن شفاف تماماً لها وإن كان ضئيلة جداً. 15 - الجاذبية العامة وما الجاذبية العامة إلا أثر فعل الإلكترونات ضمن الجواهر الفردة فإن هذه تجيء وتذهب ضمن الجوهر الفرد من المادة بسرعة فائقة وهي بحيث يخرج قسم منها دائماً إلى جهة المحيط وهذا القسم الذي يخرج من الجوهر الفرد أقل كثيراً من القسم الذي يبقى فيه مصادماً جدرانه الداخلية وهو عندما يخرج لا يصدم بالطبع جدار الجوهر الداخلي في الجهة التي يخرج منها وأما بقية الإلكترونات فهي تبقى مصادمة لكل طرف من جدرانه فتتساوى المصادمات منها على داخله إلا في جهتين إحداهما جهة المحيط من مجتمع المادة فهي هناك معدومة لخروجها منها والأخر المادة وهي هناك شديدة فينتج من ذلك أن الجوهر الفرد يتحرك إلى جهة المركز ولا يتحرك إلى جهة المحيط. وإذا سأل سائل لماذا لا تخرج الإلكترونات من جهة المركز؟ أجيب أن الإلكترونات يسهل عليها الخروج في الجهة التي لا يقاومها مقاوم وإذ أنها كثيرة الخروج إلى المحيط من جهة المركز فإلكترونات الجوهر الفرد تجد في جهة المركز مقاومات لا تجدها في جهة المحيط ولذلك كانت الجاذبية أشد كلما كانت المادة أكثر لأن كثرة المادة سبب لخروج الكترونات الجوهر الفرد من جهة المحيط بكثرة.

ولنا في الطبيعة أمثلة على ما تقدم فإنك إذا ركبت وعاء خفيفاً قد امتلأ من الماء على عجلات خفيفة وجعلت ماء الوعاء يجري من ثقب في طرفه السفلى تحركت العجلات إلى خلاف جهة انصباب الماء. وكذلك إذا ثورت مدفعاً فإن عجلاته تتحرك إلى خلاف جهة القنبلة ومثلهما الصعادات النارية فإنها تصعد في السماء إلى خلاف جهة الغاز الخارج بقوة من فوهاتها التحتانية وذلك لأن الماء في المثال الأول والغاز في المثالين الأخيرين يجريان فلا يصدمان الجسم في جهة جريانهما وهما يدفعانه في الجهة المقابلة فيتحرك الجسم بهذا الدفع. 16 - تولد العناصر وعندي أن العناصر إنما تتولد في باطن الأرض وفي باطن كل جرم تحت ضغط شديد من الدفع الذي نسميه بالجاذبية العامة فإن هذا الضغط كهربائية وهي عندما تغور في المادة ويتكرر غورها على توالي السنين تملأ جواهرها إلكترونات على تفاوت في مقدار هذه الإلكترونات متناسب مع شدة الضغط ودوامه وهذا هو السبب لكون الأجسام في باطن الأرض أثقل منها فوقها فإذا خرجت هذه العناصر بقيت محافظة على ثقلها غير أنها تشع ألكتروناتها على توالي السنين وتخف ولكن لا تظهر هذه الخفة إلا بعد ألوف من السنين وفي بعضها إلا بعد مئات الألوف من السنين. وإذا خف عنصر من العناصر تحول إلى عنصر آخر والراديوم من العناصر السريعة الانحلال بالنسبة إلى كثير من غيرها من العناصر المنحلة ببطيء. 17 - عاقبة الأرض لقد مر أن بعض العلماء يعتقد أن حرارة الأرض في ازدياد وذلك يؤيد ما نذهب إليه من أن الأرض وبقية السيارات آخذة في النمو فهي سوف تكون شموساً تضيء بذاتها وتشع من نفسها حرارة كما أن الشمس تفعل كذلك وقد أخذت السيارات الكبيرة تحمى أكثر من الصغيرة لأنها قد نمت أكثر منها فهي أقرب إلى الحالة التي تكون فيها شموساً ويرجع ذلك وجود العلماء سطح المشتري سائلاً لشدة حرارته مع أنه أكبر عمراً من الأرض بل ومن عطارد بمئات الملايين من السنين فلو كان منفصلاً عن الشمس لبرد سطحه. والسيارات كلما زدن نمواً زدن ابتعاداً عن الشمس كما أن شمسنا ابتعدت

عن شمس الشموس لوفرة مادتها بكثرة نموها وسبب ابتعادها عند كبرها هو تأثير دفعها الخاص للشمس ودفع الشمس الخاص لها بكهربائيتها كما أن القمر يبتعد الآن عن الأرض بكهربائيتها وقد كان القمر في أوائل أيامه أقرب إلى الأرض فكان فعل الأرض به كثيراً من توليد البراكين وإثارتها. 18 - كيف تنمو السيارات والسيارات تنمو بما يضاف إليها من الغبار الكوني الساقط عليها ومن الحجارة النيزكية والشهب والرجم ومن تولد المادة في مراكزها بسبب تلاقي القوى الكهربائية ومن زيادة إلكترونات جواهرها بسبب الضغط الشديد الآتي من الأثير عليها. 19 - حرارة الشمس وإذا بلغت هذه السيارات مبلغ الشمس من العظم أخذت تشع من ذاتها حرارة ونوراً كما تفعل الشمس فإن الغبار الكوني الذي يسقط الآن على الأرض من مسافة تسع مائة ألف ميل وهي حد جاذبية الأرض يسقط حينئذ من ضعفي بعد نبتون فيكسب سرعة هائلة وهذه السرعة تتحول عند المصادمة إلى حرارة والشمس قد كانت في بداءة أمرها جرماً مظلماً فلما نمت على هذه الدرجة التي هي عليها الآن أخذت المادة تسقط عليها من مسافة نبتون فأبعد وأخذ مقدار الساقط عليها يزداد زيادة فاحشة فتحولت هذه السرعة في الساقطات وهذه الكثرة إلى حرارة وافرة ونور ساطع. وهناك وجه آخر لحرارة الشمس ونورها هو أن الأثير الذي يجري إلى الشمس بسبب حركة مادتها أكثر مما يجري إلى السيارات لكثرة مادة الشمس وقلة مادة السيارات بالنسبة إليها والأثير هو الكهربائية فهو يغور في مادة الشمس لأن المادة لا تتحرك إلا إذا صرفت مقداراً من الأثير فالأثير دائم الجريان إلى المادة طلباً للموازنة ولذلك كانت الأجسام تقع على الأجرام فإن الأثير الذي يجري إليها يجرف في طريقه إليها كل ما يصادفه من المادة وهذا الأثير يتلاقى في مركز الشمس ويملأ جواهر مادية إلكترونات ويرتد بعض ما لا يمكث هناك في صورة الحركة المحورية وبعضه وهو الأكثر يرج إلى المحيط ماراً بالطبقة الغازية اللطيفة وحيث أن هذه الطبقة غير موصل جيد للكهربائية فالأثير يتحول إلى حرارة ونور.

زكاة النصح

وهذا لا ينافي كون قسم من الأثير المرتد عن المركز يتحول في رجوعه إلى المحيط إلى حرارة قبل وصوله إلى الطبقة الغازية فإن المادة تقاوم ارتداد القوة فيتحول بعضها إلى حرارة فيها وكل ذلك منوط بشدة القوة وأذان الأثير قوة وهو لا يجري إلى المادة بكثرة إلا إذا كان مقدارها عظيماً جداً كما في الشمس كان الأثير الجاري إلى مادة السيارات أقل من أن يولد فيها نوراً ذاتياً وحرارة مثل حرارة الشمس غير أن السيارات آخذة بالنمو كما تقدم فالأثير سوف يجري إليها أكثر فأكثر حتى يصل إلى درجة يولد فيها حرارة كافية ونوراً ذاتياً كما يفعل في الشمس. وما الراديوم في الشمس والأرض وبقية الأجرام إلا مادة قد جرى إليها الأثير وهي في باطن الجرم حتى ملأها إلكترونات فإذا خرجت من باطن الجرم بواسطة بركان ثائر أخذت الإلكترونات تتطاير منها لقلة الضغط عليها أو أن بعض المواد قد اكتسب ذلك في باطن الجرم فلما خرج إلى وجهه طارت بعض إلكتروناته وتحولت إلى راديوم والراديوم أخذ يتحول إلى رصاص والرصاص نفسه متحول إلى عنصر آخر لم يعرف ما هو بعد. ولا حاجة بنا أن نعتقد أن حرارة الشمس والأرض من الراديوم بل ما حرارة الراديوم وكذلك كل المواد المشعة إلا الأثير قد مكث فيها عند ما كانت في باطن الأرض فلما صارت على وجهها أخذت تشع منه. جميل صدقي الزهاوي زكاة النصح لاح المشيب ولم تزهد ولم تتب ... إلى م هذا التصابي بابنة العنب أنستك نشوتها كأس الحمام وكم ... من شاربٍ مات بين الأنس والطرب قد كفن الشيب منك الوجنتين متى ... تتوب من معصيات اللهو واللعب أراك تعتب أن نابتك نائبة ... على الزمان وتشكوه من الوصب ولست تذكر ما قد كنت مقترفاً ... من المآتم في ماضٍ من الحقب ما نابك الدهر يا هذا بلا سببٍ ... لكل نائبةٍ لا بد من سبب من يتق الله في كل الأمور يكن ... محصناً آمناً من طارق النوب ومن يكن بمعاصي الله منهمكاً ... فليرتقب منه يوماً بطشة الغضب

عصام الدين العمري

فأختر لنفسك إحدى الحالتين ولا ... تعاتب الدهر إذ تختار ذا نصب والنفس إياك لا تخضع لها أبداً ... فتابع النفس لم يسلم من العطب فإنها شرك الشيطان بنصبه ... وللشياطين فينا أعظم الأرب إني نصحتك فاختر ما تشاء وذا ... مني إليك زكاة النصح في رجب إبراهيم منيب الباجه جي عصام الدين العمري - هو عثمان بن علي مراد بن عثمان العمري الموصلي مولداً الملقب بعصام الدين شاعر مفلق وناظم ثائر مبدع كان له في الأدب نوادر ومجالس ومطارحات ومناظرات ومحاضرات. ولد في سنة 1134هـ - 1721م وقرأ على الشيخ درويش الكردي والعلامة جرجيس الأربيلي وسافر إلى (صوران) وهي قرية في اليمن وقرأ على الشيخ صالح فضل الحيدري وغيره. وعند عودته منها استخدمه الوزير حسين باشا ورحل معه إلى (القصر) و (وان) وولاه بعض البلاد الصغيرة وبقى مكرماً عنده إلى أن عاد إلى مسقط رأسه قبل سنة 1170هـ - 1756م فأستخدمه الوزير محمد أمين باشا وبقى في تلك الوظيفة مقداراً من السنين ثم رحل إلى الأستانة فولى قلم المحاسبة في بغداد ودفتر أراضيها وبقى في تلك الوظيفة أربع سنوات إلى أن ولى الوزارة علي باشا في سنة 1175هـ - 1761م فلم يستقم له الأمر بعدئذ لما حصل بينه وبين الوزير المذكور من المشاغبات فرحل صحبة الوزير السابق محمد أمين باشا إلى الأستانة وبعد مدة كر راجعاً على طريق حلب وعند وروده إياها مدحه الشعراء وبجله الفضلاء ثم بقى في بلدته الحدباء ولم يخرج منها بعد إلى أن توفاه الله إليه وذلك في سنة 1193هـ - 1779م وله من التصانيف كتاب (الروض النضر في تراجم أدباء العصر). وهذا الكتاب جليل القدر مفيد جداً لولا فيه عيب فاضح وهو خلوه من فائدتين عظيمتين وهما تاريخ سني ولادة المترجم ووفاته لأنهما من أهـ م ما يحتاج إليه في وضع التراجم. هذا فضلاً عن أن أغلب أوصاف المترجمين فيه عامة المعنى مبتذلة ربما تقع على عدة فضلاء بدون فرق كبير. وفي هذا الكتاب تراجم كثيرين من الشعراء الذين يحق لهم أن يعدوا من المشاهير في عصرهم. وفيه شعر فائق رائق ونثر عجيب غريب وقد احتوى

على ترجمة 123 فاضلاً من أدباء عصره ويقع في 748 صفحة من القطع الكبير ولم ينح مؤلفه فيه نحو المصنفين من أهل التراجم بل نحا فيه نحو الكتاب من شراح البديعيات؛ لأنه يذكر مثلاً للمترجم أبياتاً ورد فيها بيت قد سبقه إلى معناه شاعر قبله وعند ختام الأبيات يأتي المؤلف بالبيت الذي أخذ منه المترجم المعنى ويأتي أيضاً ببقية الأبيات التي منها البيت المذكور إن كان له أبيات أخرى. ثم أن كان هذا الشاعر الثاني قد أخذ بيته من شاعر قبله فانه يورد المأخذ وهلم جرا حتى يقف على الأصل وقد يعدد في ذلك الموضوع عشرين شاعراً وقد أخذ المعنى بعضهم من البعض الآخر وهذا أكبر دليل على سعة إطلاع المؤلف ووقوفه التام على أشعار الجاهليين والمخضرمين والمولدين والمحدثين والمتأخرين. فكتابه إذاً مجموعة أدب توقفك على سرقات الشعراء المتقدمين منهم والمتأخرين. لا كتاب تراجم وأحوال رجال كما ستقف عليه بعد أسطر من قول المؤلف نفسه. وهو خط لم يطبع حتى اليوم ولم يتصد أحد لطبعه لخلوه من تاريخ سني الولادة والوفاة كما مر بك ومنه نسخة في المدرسة المرجانية في بغداد ونسخة ثانية كتبت عليها وهي في دبر الآباء الكرمليين في بغداد وعندنا منها نسخة ثالثة فيها الربع الأول فقط. قال المؤلف في ديباجة كتابه المذكور: (. . . أنى منذ رتعت، وعلمت نفسي وبرعت. . . إلى أن صرت في مدائن الأدب هادياً مهدياً. . . وأنظم فيه عقدا جماناً، وأستخرج من قعر بحاره لؤلؤاً ومرجاناً. . . ومضت على ذلك الأيام وانقطع عني ذلك الشوق اللهام، لعوائق حدثت وحوادث عاقت. . . اعتزلت عنها حيناً من الدهر لم يكن شيئاً مذكورا. . . وقد كنت ادخرت لمثل هذا اليوم من نفائس المكنون والمدخر. . . من مسودات مناظرات ورسائل، ومحاورات ومفاخرات ووسائل، شاملة لتلك الفوائد نفيسة بتلك الخرائد. . . ولما غلب عليهم الوهم وظن بي. . . أنى قد رفضت الأدب، وتنحيت عن سنة فصحاء العرب، أحببت أن انسج تلك الأوراق، وأضم أصول تلك الأعراق. وأرتبها ترتيباً يحسن بها الجمع. مضيفاً إليها ترجمة المعاصرين، الذين هم لعناقيد كروم الأدب عاصرين. . . وقد حذوت فيها حذو الريحانة وصاحب القلائد. . . وسميتها (الروض النضر، في ترجمة أدباء العصر.) وقد خدمت بها الساحة العليا، والدوحة العظمى. . . المشير الأكرم والدستور الأعظم. . . أحد رجال هذا

الكتاب الصدر الأعظم محمد راغب.) ثم قال: (ومن البيوت العامرة في بلدتنا الحدباء بيتا العمرية. . . أما الجد المشهور، ذو الفضل المأثور، الحاج قاسم ونجله علي، ففضلهم (كذا) معروف وجدهم (كذا) علي، وعمر وأبو بكر، ويحيى وفتح الله وأحمد ففضلهم لا ينكر،. . . وأما الجد القريب مراد. . . فهو البحر الزاخر. . . إمام فن العربية وترجمان لسانها. . . أحيا أموات العلوم، وعمر ربيع المنثور والمنظوم،. . . فتحقيقاته كثيرة حقيقة. . . وتعاليقه رائقة وتصانيفه فائقة. . . ومما أخبرني الوالد عن أبيه هذا الكريم قال كان في علوم العربية فريد الزمن. . . أمة في الحديث وعلامة في التفسير. . . وتعليقاته على المشارق نعم الأثر. . .) أهـ وقد أثبت له من نظمه قصيدة عدد أبياتها 21 بيتاً مطلعها: بح بالغرام فما عليك ملام ... إن التستر في الغرام حرام ثم قال: (نجله الوالد علي. . . نشأ الشرف والإفتاء. . . شرح الفقه الأكبر في مذهب الإمام الأعظم. . . وله من جملة الآثار شرح الآثار. . . هذا وكان حفه الله بغفراته ميالاً لأدب وأربابه. . . فتفسير القاضي أنيسه، والكشاف جليسه. وسعدي في لسانه، والبخارى من حملة بيانه. ثم بعد ذلك يتفكه بنوادر الأدب، ودواوين دهاة العرب، وبعض أشعار البلغاء، وطبقات الأدباء، كالتحفة والإطباق، والمفاكهة والأطواق. وتنتثر الرجال كأقمار ليال ويبقى وحده، وليس غيري عنده، وأنا إذ ذاك في العشرة الأولى وهو في العشرة الثامنة. . .) انتهى قول المؤلف. وقد أثبت له من نظمه قصيدة يمدح بها شيخ الإسلام فيض الله عدد أبياتها 30 بيتاً مطلعها: خذ تورد بارتشاف الاكؤس ... فرنت لواحظه بطرفٍ انعس وقال في كتابه المذكور في ترجمة عمه عبد الباقي: (وفي سنة 1164هـ - 1750م اتفق لي سفرة إلى بلاد الروم وامتدت الغربة إلى أربع سنين وأيام،. . . وخلال الأنس والانتظام، صادفت ما أزعجني، وإلى حب الوطن هيجني، فأنشأت قصيدة. . .) أهـ أما القصيدة فهي طويلة ومطلعها ما فاح نشر صبا تلك المعالم لي ... إلا واذريت دمع العين في وجل

رحلة إلى شفاثا

ومنها: فاصبر على المركى تلقى حلاوته ... فإن نيل العلى قسم من الأزل وكن إذاً هدفاً في كل حادثة ... (فربما صحت الأجسام بالعلل) وأشدد لها عزم صبر غير مضطرب ... واسلك لنيل مناها أصعب السبل وأنهض لنيل العلى وأركب لها خطراً ... ولا تكن قانعا في مصة الوشل وكن أبينا نبيها غير مكترث ... بحادث الدهر واسمع صحة المثل إذا اعترك عناء الضيم في بلد ... فانهض إلى غيره في الأرض وانتقل وكن عن الخلق مهما اسطعت مجتنبا ... فإن قربهم ضرب من الشلل الخ ومن شعره المثبت في كتابه المذكور آنفاً، قوله مشطراً: (ورب حمامة بالدوح باتت) ... بهمٍ زائدٍ ومزيد حزن على بعد الديار وفقد ألفٍ ... (تعيد النوح فناً بعد فن) (أقاسمها الهموم إذا اجتمعنا) ... فتأخذ أكثر الأشواق عني فأشكوها وتشكو لي زمانا ... (فمنها النوح والعبرات مني) وقال يصف الروض وهي من كتابه المذكور أيضاً: نسمة الروض ضوعتها الأزاهر ... وذكت أطيب العبير المجامر خففت راية الغصون فدقت ... زمر الريح في فؤاد البشائر وعلمتها بلابل الأنس لما ... شق جيب الشقيق صوت المزامر ما ترى الروض قد تكلل حسنا ... قم وقلنا من نار حر الهواجر وتنبه لرقة العيش واغنم ... فرصة الوقت فالزمان مسافر بين روضٍ ونرجسٍ وقاحٍ ... وبدور وأنجم ودياجر وله مجموعة شعر قد جمعت الغث والسمين من شعره وله مراسلات نثرية وشعرية قد عقد لها فصلاً في آخر كتابه الروض النضر وغير ذلك مما يطول شرحه وبهذا القدر كفاية. كاظم الدجيلي رحلة إلى شفاثا وقصر الأخيضر وأحمد ابن هاشم - 1 - تمهيد لما نشرنا في المجلد الثاني من لغة العرب صفحة 45 رأى شيخنا وأستاذنا

العلامة السيد محمود شكري أفند ي الآلوسي في قصر الأخيضر وأنه محرف الاكيدر وأقوال وأراء العلماء الذين زاروه أحببنا الوقوف على هذا القصر بنفسنا لنشاهد ما فيه من البناء ولما توقفنا لزيارته في رحلتنا إلى عربسات وجدنا مجالاً لأن نقول كليمات نزيد البحث فائدة وها نحن أولاً نثبت جميع ما شاهدناه وسمعناه من أقوال وأراء الشيوخ والمعمرين في تلك الأطراف فنقول: 2 - من كربلاء إلى شفاثا ركبنا من كربلاء في صباح يوم الجمعة 19 من شهر ربيع الثاني 1331هـ الموافق 28 آذار سنة 1913م - وخرجنا من أحد أبواب كربلاء المعروف عندهم بباب الحر وسرنا متوجهين إلى الشمال الغربي قاصدين شفاثا وبعد مسير 3 ساعات مررنا بهور (أبي

دبس) وكان عن يميننا على بعد 150 متراً وهو عبارة عن بحرة في منخفض من الأرض يبلغ انخفاضه 5 أمتار تقريباً ويصب فيها (نهر الحسينية) بقية مياهه ويبلغ محيطها نحو نصف ساعة وماؤها ملح وفي شماليها تقع (الرزازة) على بعد ساعة منها ثم سرنا في منهبط من الأرض ذي رمال كثيرة ليس فيه أثر طريق ولولا الدليل لما قدرنا على السلوك فيه - وكم سالك تاه ثمة ولم يوقف على أثرة حتى اليوم - وبعد مسافة ساعتين رأينا عن يسار الطريق على بعد 20 دقيقة تلولاً وأودية في وعر من الأرض وهو موضع يسمى عندهم (رأس دخنة) وهو منتصف الطريق بين شفاثا وكربلاء. وفي جنوبي رأس دخنة على بعد نصف ساعة يمر (وادي الأبيض) (وبالتصغير وتشديد الياء) وهو الذي سماه الأعراب النازلون قرب عربسات (وادي النعمان) ثم سرنا وبعد مسافة ساعة ونصف نزلنا للاستراحة والغداء عند قبر في أركانه الأربعة سعفات مركوزة يعرف عندهم باسم (قبر ابن حمور) وهو من أهل شفاثا ومن اجوادهم المعروفين بالجود والكرم وقد قتل قبل 25 سنة ودفن هناك فقبره اليوم علم يعرف وهو منزل ركب كربلاء إلى شفاثا ويقابل قبر ابن حمور (رأس الملح) والملح هناك في بحرة كبيرة واسعة يبلغ محيطها للماشي على ما ينقل يومين. وملح أهل كربلاء وبغداد وما في غربي بغداد منها وملحها جيد ناصع اللون ذره اني. ثم سرنا وبعد مسافة ربع ساعة قربنا عن يميننا من طريق شاطئ الملح المذكور وكان على بعد نحو 100 متر منا. وبعد مسافة ساعة رأينا عن يسار الطريق على بعد ربع ساعة إلى الغرب نخلات في البرية حولها عين تسمى

(العوينة) ثم على بعد ساعة دخلنا نخل شفاثا وما زلنا سائرين مقدار ساعة بين تلك النخيل الباسقة والأشجار العظيمة ذات الثمار اليانعة والمروج الخضراء النضرة والمياه النميرة الغزيرة التي خريرها يطرب السامعين حتى وردنا شفاثا (التي يسميها العوام شثاثة) بل قل: وردنا قصراً من قصور شفاثا اسمه (قصر العين أو العين الكبيرة) وعندها سوق أهل شفاثا ونزلنا ضيوفاً على الحاج شريف وهو أحد أجواد أهل شفاثا لأن أهل شفاثا يأنفون من بيع الخبز والتمر وما أشبه مما يؤكل وليس للغريب عندهم مأوى سوى المضيف (أي محل الضيافة) وإلا هلك جوعاً وكل أهل شفاثا شيعة وليس بين ظهرانيهم سني سوى المدير والقاضي وما أشبههما من أرباب الحكومة ومن كرم طباعهم أنهم يقبلون النصراني واليهودي ضيفاً على أنهم يعتقدون نجاستهما ولا تسل عما يقاسمونه من المشقة حينما يحل ضيفاً فيهم غير المسلم؛ بين أنهم لا يعرفونه أنهم يتنجسون منه وذلك منهم في منتهى الأدب والظرف. وفي شفاثا عيون كثيرة منها ماؤها جارٍ ومقدارها 30 عيناً ومنها ماؤها راكد وتبلغ 100 عين أما أسماء العيون الجواري التي هي في داخل شفاثا نفسها فهي: الأولى (العين الكبيرة) وهي أكبر عيون شفاثا ويبلغ محيطها زهاء 50 متراً ولا يدرك غورها والثانية (العين الحمراء) وحولها عين صغيرة تسمى (عين مريزة) والثالثة (عين السيب) والرابعة عين (أم التين) والخامسة (العين الجديدة) وجميع مياه هذه العيون الجواري يذهب ضياعاً بدون أن يستفاد منه واحد بالمائة. وماء شفاثا معدني كبريتي لا يروي الغليل إلا قليلاً إذ يعطش شاربه بعد

5 دقائق وإذا أكثر من شربه في الصيف أنهك قواه وقويت فيه جراثيم الحمى المطبقة فظهرت فيه بعد قليل ولا ينحسم داؤها منه إلا بعد مدة طويلة. أما العيون التي حول شفاثا فهذه أسماء بعضها (عين الصحيفة) عين (أم الغر) عين (البركة) عين (أم الغويل) عين (أبو صخر) بالتحريك. وفي نفس شفاثا 15 قصراً (والقصر عندهم المحلة التي يرأسها رجل من أهلها راجع لغة العرب 2: 541) وهذه أسماؤها وأسماء رؤسائها الحاليين: قصر العين (أي العين الكبيرة) ورئيسه الشيخ محسن العباس، قصر البوهوي ورئيسه الملا حسين، قصر ثامر ورئيسه حمزة الرميد، قصر أم رميلة ورئيسه السيد حسن، قصر الجنون ورئيسه خضر العبلي، قصر البو حسان (بتشديد السين وهو أحسن القصور) ورئيسه عباس الملا، قصر البو حسان أيضاً ورئيسه عبد العلي العزيزة، قصر اسالي ورئيسه الحاج فرحان، قصر الدرواشة ورئيسه حسين العبد، قصر البو جربوع ورئيسه صديان، قصر البو طريمش ورئيسه متعب الشامخ، قصر الخرائب ورئيسه عباس السليمان، قصر السمينة ورئيسه مشعل الفاضل، قصر الحساويين ورئيسه الحاج فيصل، قصر المالح ورئيسه عبد الله العاشور، قصر البوحردان (وزان عدنان) ورئيسه كلوب.

أما بناء دور شفاثا فجلها إن لم نقل كلها باللبن والطين لا غير ومسقفة بجذوع النخل ومغماة السطوح (أي مفروش على سطوحها الطين) وفي شفاثا سوق واحد صغيرة يباع فيها الحنطة والشعير والتمن (أي الأرز) والتمر والثياب (أي الأقمشة) على اختلاف أنواعها. وقد أخبرني مدير شفاثا الحالي الحاج سليم أفندي رواية عن المعمرين من أعراب تلك الجهة أن شفاثا لم تكن قبل مائة سنة تقريباً سوى بربة فيها بعض النخيلات لا ساكن فيها غير أن البدو الرحل كانوا ينزلونها أحياناً وكانت مساكن أهل شفاثا إذ ذاك في عين التمر. ولما نضب ماء عين التمر وجرى ماء شفاثا الكبيرة رحل أهل شفاثا عن عين التمر ونزلوا حول عين شفاثا الكبيرة وبنوا دورهم الحالية وأخذوا يغرسون النخيل منذ ذلك الحين وكانت العين في أول أمرها صغيرة ثم توسعت مع الزمان حتى بلغت مبلغها اليوم. أما اليوم ففيها من النخل المثمر (الحمال) مقدار 500 ألف نخلة (رأس) ويبلغ مسافة نخلها نحو خمس ساعات والنخلة مغروسة بجنب أختها لصقاً وفي الطرف الشمالي من شفاثا بين النخيل (قصر شمعون) وهو قصر قديم البناء قد تهدم أكثره راجع وصفه في المجلد 2: 540 من لغة العرب. ولا يزال قوت أهل شفاثا التمر والدبس لأنهم لا يتعاطون مهنة غير مهنة غرس النخل حتى أنهم قبل عامين أخذوا يزرعون الحنطة، والشعير، وألقت (الجت) والخيار والبانجان، والباميا أو البانيا، والطماطة أو الباندوري. وما يجري مجراها من أنواع الخضر. وكذلك أخذوا يغرسون في بساتينهم شجر التين، والخوخ، والمشمش، والتوت (لنكي) والبرتقال، والليمون (النومي) وأهل كربلاء من العجم يسمونه الليمو بكسر اللام) والعنب والرمان وما أشبه. وأهل شفاثا يكثرون من شرب الشاي الترياق (أي الأفيون) وترى في وجوههم صفرة تمازجها سمرة وأكثرهم قضيفو الأبدان ولهم عادات وأخلاق أخرى لا يسع المقام شرحها. 3 - من شفاثا إلى الأخيضر وفي صباح يوم السبت الساعة 2و20 دقيقة عربية ركبنا من شفاثا قاصدين الأخيضر وكان

وجهنا إلى الجنوب وقد ركب معنا مقدار 10 فرسان من أهل شفاثا وخمسة من الجند العثماني لأن الطريق مخوفة جداً لكثرة ما يوجد فيها من غزاة البادية وأكثر أولئك الغزاة من عشائر عنزة لا غير وقد يتفق أن يكمنوا لزوار الأخيضر في الأخيضر نفسه فيمسكوهم بأيديهم ويأخذوا جميع ما عندهم وما عليهم ويتركوهم عراة مجردين مكبين لليدين وللفم. ثم مشينا بين النخيل والأشجار والأرياف مسافة عشرين دقيقة وخرجنا إلى البر المقفر القاحل الذي ليس فيه سوى الروابي والتلول والأودية وفي فصل الأمطار يفرش الربيع أزهاره وأوراده على هذه الطريق فتغدو بساطاً موشىً وشته أصابع الطبيعة البديعة - أما نحن فلم نشاهد فيها سوى الزهر المعروف بشقائق النعمان ويسميه أهل العراق (شجيرة النعمان) والبدو الرحل وأهل الشرقية (ديدحان) ومنه قول شاعرهم الملا ياسين من أبيات يصف فيها معشوقته: (يا ديدحانه أبراس وديان). وبعد مسافة 20 دقيقة مررنا بعين تسمى (عين الصفيحة) وعندها قصر ينسب إليها وهي واقفة في غربي قصر شفاثا. وبعد مسافة 20 دقيقة رأينا عن يسار الطريق على بعد 300 متر منا تلاً كبيراً مستطيلاً يبلغ طوله زهاء 100 متر وعرضه قراب 40 متراً وارتفاعه نحو 6 أمتار يسمى (آبجة أي آبقة) وبعد مسافة ساعة مررنا (بالقصير) (تصغير قصر) وهو عبارة عن بناء مستطيل قد تهدم جانب منه والباقي منه يبلغ طوله نحو 15 متراً في عرض 3 أمتار في ارتفاع 6 أمتار وبناؤه بالحجارة التي بنى بها قصر شمعون والبرد ويل والخراب والأخيضر. وهو على مرتفع من الأرض وفي أسفله وادٍ ينسب إليه وحوله

كثير من التلول والأودية. ثم جاوزناه وبعد مسافة ساعة وردنا الأخيضر وقبل ورودنا القصر على بعد 10 دقائق تقريباً رأينا رعاة يردون ركايا واقلبة هناك وعندما شاهدونا أطلقوا علينا رصاصة ظانين أننا أعداء فأشار إليهم أحد أصحابنا عباءته وتلك إشارة الصديق فعلموا أننا لا نريد الإساءة إليهم فانصرفوا عن القصر وتوجهوا ذاهبين إلى الشرق ثم وردنا القصر قبيل الزوال ببضع دقائق. 4 - وصف قصر الأخيضر نفسه وما حوله دخلنا قصر الأخيضر فوجدناه ثلاثة قصور الواحد بجنب الآخر ولكل قصر منها بهو كبير ويحيط بتلك القصور الثلاثة سور عظيم مربع الأركان في كل جانب منه باب يعلو القامة بقليل و11 برجاً يبلغ محيط قطر كل برج منها زهاء 6 أمتار و60 سنتيمتراً وفي كل ركن من أركانه الأربعة برج كبير أيضاً يبلغ محيط قطره قراب 13 متراً وطول كل جانب مقدار 160 متراً وارتفاعه نحو 15 متراً أما بناؤه فبسيط جداً ليس فيه من فن التزويق ما يروق الأنظار وبناؤه بالحجارة الجبلية التي هي أشبه شيء بحجارة الجص إلا أنها صلبة جداً لم تؤثر فيها عوامل الدهر وقد وضع الرازة بين تلك الحجارة وفي بعض المواطن الطين. وهو ذو ثلاث طبقات بين الطبقة والطبقة نحو 3 أمتار ونصف متر. أما الطبقة الثالثة فقد تهدم أكثرها وكذلك قسم من الطبقة الثانية ولم يبق منها قسم ذو ثلاث طبقات سوى الجهة الشرقية من القصر وهي التي أخبرتنا أن القصر كان ذو ثلاث طبقات. أما السور فقد تهدم منه أعلى الجانب الغربي والجنوبي والشمالي وأكثره من الجانب الشمالي وأبوابه الثلاثة مردومة إلا الرابع وهو الباب الشمالي الذي منه إلى القصر فهو مفتوح وأمام القصر الشمالي على بعد 50 متراً منه بناء معقود مستطيل كالازج فيه

حجرات يبلغ طوله نحو 20 متراً وبقربه إلى الشرق أثر ساقية تأتي من الغرب قد فرش عقيقها بالحجر وعقد جانباها به أيضاً. وفي شرقي القصر أيضاً على بعد 100 مترٍ تقريباً بناء تهدم أكثره يزعم الأعراب القاطنون هناك على رواية أجدادهم السالفين أنه كان في القديم حمام القصر وفي شمالي القصر على بعد 500 متر تقريباً واد يسميه الأعراب من أهل تلك الجهات (شعيب الأبيض) والبعض منهم يسميه (وادي الأبيض) وهو الوادي الذي يمر بجنوبي (عريسات) (ورأس دخنة) (وزان ظلمة) كما أسلفنا ويبلغ عرضه قراب 20 متراً وفيه تجتمع مياه الأمطار عند انهمارها وقد نقل لنا أعراب تلك الجهات أن هذا الوادي يكون في أيام الربيع مجمعاً لصنوف الأوراد والأزهار فكأنه مفروش بفراش من الزهر ويروى إنه يمتد إلى الشام أو دونها بقليل. وفي وسطه وجانبيه حفائر قريبة القعر نزوعة غروفة يسميها أعراب تلك الجهات (قلبان) وأحدها قليب (ولكنهم إذا أفردوا لفظوا القاف جيماً وإذا جمعوا لفظوه كافاً فارسية) وماء تلك الحفر نمير عذب. وقرب شعيب الأبيض إلى الشمال الغربي منه وادٍ إذا حفرت في وسطه عمق ذراع أو أقل من ذلك أمهت ماء سلسبيلا. وفي شرقي قصر الأخيضر على بعد ساعة تقريباً عين تسمى (العين الخضرة) وفي شرقيها على بعد 4 ساعات تقريباً منارة في البرية كالبرج أو كالميل ملساء ليس فيها طريق إلى الصعود إلى أعلاها يسميها الأعراب (موجدة) يبلغ طولها نحو 8 أمتار وقد أخبرني فهد بك أحد شيوخ عنزة أنها واقعة في غربي العطشان على بعد 7 ساعات منه والأخيضر واقع في غربي كربلاء

على بعد 5 ساعات ونصف. 5 - وصف داخل قصر الأخيضر إذا دخلت من الباب الذي هو تجاه الشمال تفضي بعد مسافة 20 متراً تقريباً إلى إيوان معقود بالطاباق المشوي عقداً مقوساً وبناؤه أشبه ببناء الإيوان الموجود في (قصر الخليفة أو دار الخليفة) في سامرا بل قل كأنه هو. وهو عامر لم يتهدم منه شيء يبلغ ارتفاعه عن الأرض نحو 10 أمتار في عرض 8 أمتار من الأسفل ونظن أن بناء هذا الإيوان بعد قصر الأخيضر بقرن أو قرنين أو أكثر من ذلك لأن ليس فيه ما يشابهه قطعاً. وفي الطبقة السفلى من القصر كثير من الأزاج المعقودة عقداً مقوساً يبلغ طول كل منها زهاء 20 متراً في عرض 4 أمتار في ارتفاع 6 أمتار وفيه كثير من السراديب والدياميس والبيوت والغرف والعلالي والصفف والأسراب وكلها معقودة عقداً وقد دخلنا في سرداب قريب من باب القصر واقع في جهة اليمين عند الدخول ولما مشينا فيه مقدار 20 متراً سمعنا دوياً أشبه شيء بدوي المياه العظيمة التي تنصب من شاهق وقد سألنا الأعراب عن ذلك فقالوا نسمع مثله في أسفل سور القصر من البر أيضاً وقد حفرنا مرات عديدة فلم نجد شيئاً من ذلك والله أعلم. وكل جدران القصر سواء جدران الغرف أو غيرها مطلية بالجص وفي ساحة البهو الذي هو عند الجانب الغربي من السور بئر فيها ماء وحولها بعض تالات مغروسة وهي ليست قديمة وقد حفرها رجل من عنزة اسمه علي لأنه أراد عمارة هذا القصر وقد سكن فيه مدة فيه فلم ينجح في مسعاه ثم تركه. ولم نشاهد في القصر أثر كتابة أو علامة تدلنا على بانيه الأول أو عمن سكنه في القديم غير أن لنا رأياً فيه نبديه: ليس قصر الأخيضر هو قصر الأكيدر الكندي والذي قاله ياقوت في معجمه في مادة: دومة الجندل لا ينطبق على الأخيضر. بل ينطبق كل الانطباق على قصر الخراب الواقع في شرقي عين التمر (المعروفة عند أهل شفاثا اليوم برأس العين) على بعد نصف ساعة منه وطرز بناء هذا القصر كطرز بناء الأخيضر غير أنه خراب فكأن الباني واحد بل ربما يكبر قصر الأخيضر بقليل وإليك ما قاله ياقوت في معجمه: (أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صالح أكيدر

على دومة وأمنه وقرر عليه وعلى أهله الجزية وكان نصرانياً. فأسلم أخوه حريث فأقره النبي (صلى الله عليه وسلم) على ما في يده ونقض أكيدر الصلح بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) فأجلاه عمر (رضه) من دومة مع من أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة فنزل في موضع منها قرب عين التمر وبنى به منازل وسماها (دومة) وقيل (دوماء) باسم حصته بوادي القرى فهو قائم يعرف إلا أنه خراب) أهـ. والذي يؤيد رأينا أن قصر الخراب هو قصر الأكيدر نفسه قول ياقوت (قائم يعرف إلا أنه خراب) وهذا الاسم باق عليه إلى اليوم لا يعرف بغيره وقول ياقوت أيضاً (وبنى به منازل) وحول قصر الخراب كثير من الأنقاض والتلول ذات الآثار القديمة بخلاف قصر الأخيضر فليس حوله من ذلك شيء البتة وأقوى من ذلك قوله (قرب عين التمر) وقد علمت كما سلف أن بين قصر الخراب وعين التمر مسافة نصف ساعة وبين عين التمر وقصر الأخيضر مسافة تزيد على 6 ساعات ونصف فهل يشك أحد بعد هذا في أن ياقوت يريد بقوله هذا قصر الخراب لا قصر الأخيضر فإذا عرفنا أن قصر الأكيدر هو قصر الخراب بعينه، فلا بد لنا أن نعرف قصر الأخيضر لمن كان في القديم ومن بناه وهذا أمر يحتاج إلى أدلة قوية لعلنا نأتي بها في وقت آخر. وبعد الزوال بساعتين ونصف ساعة ركبنا من قصر الأخيضر ورجعنا إلى شفاثا فوردناها قبل غروب الشمس بنصف ساعة تقريباً. 6 - من شفاثا إلى أحمد ابن هاشم وفي صباح الأحد خرجنا من شفاثا قاصدين أحمد ابن هاشم ووجهنا إلى الغرب وبعد مسافة 25 دقيقة مررنا بعين عن يمين الطريق تسمى (أم الغر) وقد مر ذكرها وبعد مسافة 5 دقائق عن يسار الطريق عين تسمى (عين البركة) (وقد سلف ذكرها) وبعد مسافة عشر دقائق عن يسار الطريق على بعد 30 متراً منه عين تسمى (أم الغويل) وبعد مسافة 20 دقيقة عن يسار الطريق أيضاً على بعد نصف ساعة منه تلول متقطعة مستطيلة من الحجر والتراب تسمى (البوب) وهي على طريق الرحالية وفي شماليها على بعد ساعة منها الملح. وبعد مسافة 25 دقيقة مررنا بتل واقع عن يمين الطريق على بعد 100

نظرة في الاحساء

متر منه يسمى (المحيريجة) وفي شمالها على بعد300 متر منه تقريباً (البوب) وهي غير البوب الأولى ولكنها مثلها وبعد مسافة 10 دقائق عن يمين الطريق على بعد 20 متراً منه عين تسمى (عين أبو صخر) بالتحريك وبعد مسافة نصف ساعة عارضتنا تلول تسمى (العقيد) ومن هناك إلى (قصر البردويل) نحو 25 دقيقة وذلك عن يمين الطريق وبعد مسافة تقرب من الساعة عبرنا نهر عين التمر القديم وهو نهر يكاد يساوي الأرض وحوله عين ماء صغيرة وبعد مسافة 10 دقائق وردنا أحمد ابن هاشم فكانت المسافة بين شفاثا وأحمد قرب 3 ساعات. وفي غربي أحمد ابن هاشم على بعد ساعة عين تسمى (عين السداح) وعندها قصر ينسب إليها ودونها مما يلي أحمد ابن هاشم تلول كثيرة تسمى (كسرونية) وفي جنوبي أحمد ابن هاشم تل كبير يسميه الأعراب (كهفاً) وفيه بيوت حديثة العمارة شبيهة بالصفف بناها أهل شفاثا يأوون إليها في أيام زيارة أحمد ابن هاشم. هذا ما شاهدناه في طريق أحمد ابن هاشم من الآثار وهناك دوارس أخرى قد سبق وصفها مع وصف قبر أحمد ابن هاشم فلا حاجة بنا إلى إعادتها. نظرة في الاحساء - الحساء جمع حسى بالفتح ويكسر؛ سهل من الأرض يستنقع فيه الماء أو غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر وكلما نزحت دلواً جمت أخرى. فتحفر العرب الرمل وتستخرج الماء. والحساء في البوادي كثيرة. منها هذه الاحساء القريبة

من البحرين وقد مصرت وهي على مرحلتين من القطيف إلى الجنوب الغربي. وكان أول من عمرها وحصنها وجعلها قصبة بلاد هجر أبو طاهر القرمطي الشهير في التاريخ. لأن تلك الأنحاء كانت بيده وهي الآن قصبة البلاد المذكورة وربما أطلق عليها كلها اسم الاحساء. وإذا أطلقت طائر بصرك على تلك الأرجاء التي تجاورها ترى فيها مواقع ومواضع كثيرة الأنقاض والأطلال والرسوم المندرسة تدلنا على أنها كانت في سابق الزمن مقاماً لطائفة من المجوس عبدة النار وذلك قبل ألفي سنة من التاريخ الحالي هذا فضلاً عن أن التاريخ يؤيد هذه الحقيقة تأييداً لا ريب فيه. ولما ظهرت النصرانية كان أهل تلك الديار أول من دان بها. وكذلك قل عن ظهور الإسلام. قال في سالنامة البصرة سنة 1308هـ: وهي أول من أسلم أهلها من قطعات جزيرة العرب. وقال - صلى الله عليه وسلم - (هم وفد عبد القيس) (مرحباً بالوفد لا خزيا ولا نادمين) وهي أيضاً أول قطعة أقيمت فيها صلاة الجمعة بعد المدينة المنورة على ما ذكر أهل السير والتواريخ (ص 174). أهـ ثم أنها لم تزل بعد فتوح الإسلام بأيدي عمال عمان والبحرين إلى القرن الثالث الهجري (التاسع الميلادي) فظهر القرامطة فاستولوا عليها ثم أخذت منهم بعد حين فتداولتها أيدي عمال الولايات المذكورة. ثم استولى عليها بنو زملك زماناً غير يسير. ثم تلقفتها أيدي العربان والمشايخ تارة يستقلون بها وطوراً يلحقونها بأملاكهم حتى ظهور الدولة العثمانية. وفي سنة 926هـ (1520م) في عهد السلطان سليم خان الأول حينما كان سنان باشا والياً على اليمن كانت الاحساء وما جاورها من الديار تحت إدارة الدولة العثمانية وكانت داخلة في الولاية اليمانية. وفي سنة 964هـ (1557م) استقلت إدارتها تحت ولاية محمد باشا. ثم لما ظهرت الوهابية وكانت الدولة يومئذ في شغل شاغل عنها لكثرة ما كانت تأتيه من المحاربات والوقائع مع أعدائها أحتل الوهابيون تلك الأصقاع وامتلكوها عنوة. ولما بلغ الدولة العلية خبر احتلالها أرسلت عساكر من بغداد ومن المنتفق ليزحفوا على الوهابيين الموجودين في الرياض وكذلك أيضاً استنفرت المصريين فاندفعوا عليهم كالسيل الجارف إلا أن بعد المسافة وقلة المياه وصعوبة ثقل المؤونة والذخيرة

اللازمة لهذا الجيش اللهام أوجبت ترك تلك الديار بعد وقائع عديدة ومهاوشات جمة. واجتزأت الدولة بوضع قيم مقام يرأس تلك الأرجاء وله اليد العليا على زعماء قبائلها. وفي سنة 1287هـ (1870م) ثار النجديون ثورة عظيمة فوقع الشقاق بين آل سعود فراجعوا مجلس ولاية بغداد وكان حاكمها يومئذ مدحت باشا ثم أمر فانشأ لجنة متفومة من أماثل بغداد والبصرة فسار هذا الجمع العظيم حتى وصل القطيف ففتحها الجند بدون ممانعة. ثم فتحوا الاحساء بعد حصار قليل المدة وعقبها فتح سائر المواضع والأمكنة وأخذ العلم العثماني يخفق بسرور على الخطة كلها جمعاء. وأطلق عليها اسم لواء نجد تغليباً أو تفاؤلاً بفتحها كلها إذ نجد هي من أوسع بلاد العرب ولا تكون الاحساء بالنسبة إليها إلا شيئاً زهيداً. وممن كان له الفضل العظيم في هذه الفتوحات مشايخ الكويت وأهاليها إذ ساعدوا المنتمين إلى الدولة أعظم المساعدة. فإن مبارك الصباح الشيخ الحالي قاد بنفسه جيشاً عرمرماً من أهـ إلى الكويت وعشائرها وزحف على الاحساء من طريق البر. وأما الشيخ عبد الله الصباح المتوفى اليوم فإنه رافق القائد العثماني بحراً. وعلى هذا الوجه جاءهم النصر المبين. على أن الأعراب لم يدعوا أبناء الدولة العثمانية في راحة وطمأنينة فإنهم هاجموهم مراراً عديدة وأذاقوهم الأمرين وحاصروهم وضيقوا عليهم من كل جانب ونهبوا أموالهم وقتلوا جماً غفيراً من العساكر في الطريق الواقع بين الميناء والمدينة. وفي سنة 1293هـ. (1876م) ثار هذا اللواء ثورة أخرى فأنفذ رديف باشا والي بغداد يومئذ ناصر باشا السعدون شيخ المنتفق الأكبر سابقاً ليقوم أود هؤلاء الأعراب فركب البحر ناصر باشا ومعه الشيخ بزيع العرير ابن حاكم الاحساء سابقاً زاحفين بجيش جرار على الثائرين بينما كان مزيد السعدون ابن ناصر باشا المذكور يسير نحوهم وهو يقود 10 آلاف فارس من المنتفق ومعهم ألف بعير يحمل المؤونة والذخيرة. فتلاقى الجمعان عند أبواب الاحساء

هفهوف، فهاجم المنتفق الأعداء الثائرين وأنقذوا الحامية العثمانية التي كان الأهلون قد اسروها. وبعد أن أطفئوا جذوة النار المتقدة أتم الإطفاء رجعوا إلى الناصرية بعد أن قاموا هناك الشيخ بزيع العرير متصرفاً للواء نجد. - وما كادت بضعة أشهر تمضي إلا ونشبت نار الفتنة من جديد لأن أعراب الاحساء وما جاورها أرادوا أن ينتقموا مما لحقهم من الانكسار إذ خضد شوكتهم جند الحكومة وأعراب المنتفق فزحف ناصر باشا من جديد ومعه ابنه مزيد فتم لهما مرة ثانية الاستيلاء على الاحساء ونكلوا بالأهالي أشد التنكيل فكان ذلك مدعاة لسكوتهم مدة سنين طويلة. ولما فل غرار الشيخ بزيع العريعر عين مزيد السعدون ابن ناصر باشا متصرفاً للواء بدلاً من السابق ذكره. وفي سنة 1302هـ. (1884م) كان مزيد في ذلك اللواء لما فصلت البصرة عن ولاية بغداد وعقد بها لواء نجد فأصبحت ولاية البصرة مستقلة عن أمها بغداد وعين والياً لها ناصر باشا. وكان قد رقى في عودته الأولى من زحفة الاحساء سنة 1868م رتبة ميرميران لأنه اظهر في تلك الأثناء من الإباء وعظم النفس ما لا مثيل له إلا في سابق العهد إذ إن الباب العالي أهـ داه عشرة آلاف ليرة (أي 230. 000 فرنك) مكافأة له على أتعابه وعلى النفقات التي بذلها في تلك الزحفة فأبت نفسه الكريمة الكبيرة أخذ المبلغ وأبقاه للدولة. ولو كان أخذه لكان حطه عن شاهق إذ لم يكن إلا جزءاً زهيداً مما أنفقه في هذا السبيل من النفقات الباهظة الفاحشة. وبقيت الأمور تجري في أعنتها حتى كانت سنة 1320هـ. (1902م) فأضطرب حبل الأمن فعينت الدولة السيد طالب بك نقيب إشراف البصرة متصرفاً للواء المذكور فما كاد يلقى فيه عصاه إلا وفك الحصار عن الاحساء وأدب العشائر وأمن الطرق. فانقادت له رؤساء الأعراب طائعة إياه بعد أن شاهدت ماله من شدة العزم والحزم وقوة إلباس والمراس. وبعد أن استعفى وتوجه إلى

باب المكاتبة والمذاكرة

الأستانة استحسنت الدولة أن نزيد القوة العسكرية في تلك الديار فأنفذت إليها أربعة طوابير زيادة لما كان فيها. ولكن سليمان نظيف بك والي البصرة استصوب استدعاء معظم هذه القوة وأبقى طائفة قليلة منهم لا تكفي لحفظ الراحة في البلاد. فأثار هذا الأمر طمعاً في صدر عبد العزيز السعود وأخذ يترقب الفرص حتى تيسرت له في هذه الأيام فهجم بخيله ورجله في نحو منتصف أيار على مدينة الاحساء واستولى عليها بعد مقاومة قليلة قتل فيها نحو 25 جندياً وبعد ذلك أرسل محاربين إلى القطيف أيضاً فاستولى عليها وأصبحت من دياره. - قالت الدستور التي نقلنا عنها هذه العبارة الأخيرة بتصرف قليل: نشرنا (هذه الأخبار) آسفين على أن العلم العثماني قد طوى من الخليج الفارسي ولم يبق للدولة العثمانية مقدار شبر من الأرض على ضفافه. فلا حول ولا قوة إلا بالله). وجاء في عددها 57 ما مؤداه: أن العساكر العثمانية الموجودة في الاحساء والقطيف تبلغ أربعمائة نفر، منهم 90 في القطيف والباقي في مدينة الاحساء وضواحيها. وقد اجتمعت هذه القوة الآن في مركب (جانسكات) الراسي في ميناء البحرين منتظرة المدد من البصرة وأصبحت حالة الجنود سيئة للغاية لقلة الماء واشتداد الحر وضيق الباخرة التي تحملهم. وقال: إن عبد العزيز السعود طلب من قائم مقام قطر الشيخ قاسم ابن ثاني طرد العساكر العثمانية التي عنده فلم يوافق على ذلك. وقد قدم البصرة أغلب موظفي الحكومة الملكيين في الاحساء والقطيف! وقد ذكرت الرياض في عددها 161 إن الذين احتلوا القطيف اعتدوا كثيراً على أهـ اليها. فأمر الأمير فيها (عبد الله بن جلوى) الذي كان أميراً في القصيم سابقاً فساد الأمن بعد ذلك. باب المكاتبة والمذاكرة 1 - معنى اسم بغداد كتب إلينا من سامرآء حضرة العلامة هرتسفلد قال: طالعت مطالعة عجلان ما جاء في لغة العرب عن معنى بغداد وأصلها 2: 549 فلم أر حاجة إلى ذكر آراء بعض علماء الإنكليز ومن شايعهم في أصل معنى بغداد. فإن المسألة قد انتهت

إلى هذه الصورة وهي: إذا ثبت إن اسم المدينة يوجد على صفائح الآجر المسمارية الخط (بصورة بغدادو أو بغداتو) كما قاله العلامة فريدريك دليتش فسدت سائر التآويل الفارسية والأعجمية المخالفة لرأي العلماء. وإلا ففي اللغة الفارسية علم رجل وهو (بغداد) وليس له إلا تأويل واحد ممكن وهو (هبة أو عطية الله). لأن (بغ) بالفارسية القديمة تخفيف (باغا) وهو الإله. ولا سيما الإله (مثرا) (وداذ) مشتقة من (دادن) أي هبة أو عطية فيكون مآلها: (هبة أو عطية الله) ويقابلها عند الأقدمين (مثريداد) وعند أهل الغرب (ثيودورس) ومن ثم يقول: هل ينتقل العلم الشخصي إلى اسم المدينة؟ - قلنا: نعم. لأنه يوجد أسماء أخرى من هذا القبيل كقولهم: شروان (وهو اسم رجل ومعناه ذو ست أرواح) ونهروان (أي ذو تسع أرواح) الخ ولهذا لا أشك في قراءة العلامة النقاب دليتش. ولا جرم أن (بغداذ) المكتوبة على الآجر البابلي لم تكن اسم مدينة في ذلك العهد القديم بل اسم رجل. ومن اسم الرجل انتقل إلى اسم المدينة. هذا ما عن لي في أثناء المطالعة والحكم للقارئ. 2 - مرقعة المتصوفة كتب إلينا أحد الأدباء ما نصه: أدرجت لغة العرب (185184: 1) ثلاثة أبيات من الشعر قالها أحد الشعراء بخصوص مرقعة الصوفية. وقد وجدت اليوم رواية أخرى قديمة ورد فيها لفظ (المسيح) مبدلا بلفظ (المجوس) وقد ذكرت في (منتخبات وصاف) (راجع برنامج المكتبة الخديوية المجلد 4: 332 تحت عنوان: (الأدب العدد 113 والمخطوط خالٍ من أرقام الصفحات وهي واردة في نحو الثلث الأول منه) وهذا نص عبارته: (البيتان لأبي محمد طاهر بن الحسين بن يحيى المخزومي البصري: ليس التصوف أن يلاقيك الفتى ... وعليه من لبس المجوس مرقع بطرائق سود وبيض لفقت ... وكأنه فيه غراب أبقع قال مكاتبنا حفظه الله: وهذا النص مهم مما يحرص عليه لأنه يثبت لنا اسم الناظم بنسبه. فليحفظ لما فيه من الفائدة. 3 - غبرة النخيل (نوع من أمراض نخل العراق) وكتب إلينا من بسكرة (من بلاد المغرب في أفريقية) حضرة صديقنا الفاضل بولس ب. بوينوى ما نصه: إن السعفة التي قطعناها لما كنا معاً في بستان

أسئلة وأجوبة

من بساتين الكاظمية وكان عليها المرض المعروف بالغبرة (وزان حركة) قد فحصتها فحصاً مدققاً فوجدتها مصابة بالآفة المذكورة لكنها هي غير الآفة المعروفة في ديار الشام بندوة العسل فندوة العسل شيء والغبرة شيء. تلك تسمى بالفرنسية وأما هذه فأسمها عند العلماء وهي نوع من الشبيهة بالفطريات فيحسن بكم أن تصححوا ما كتبتموه في لغة العرب 17: 2 وما يليها. أما طريقة أهلاك هذه الجراثيم الضارة فهي رش المواطن المصابة بها بماء الزنجارة (واسم الزنجارة عند الكيماويين كبريتات النحاس). 4 - آثار قديمة في تكريت وأخبرنا القس توما ماروثا حكيم بعد سفره من بغداد ومروره بتكريت إن سكان تلك المدينة يجدون كل يوم نقوداً قديمة من عباسية ورومانية وبرثية ويونانية وفارسية وساسانية. وهم يبيعونها بقيمة بخسة. وأغلبها من النحاس ثم قال: ووجدت رقيم قبر باللغة الآرامية من القرن الثالث عشر للمسيح وهذه هي عبارته: (يونيا كب بآب اعكح ألها نحسه له. أبو ناصر مشمشنا) ومعناها: (توفى بموجب التاريخ) اليوناني 22 آب سنة 1528 (1217م) غفر الله لأبي ناصر الشماس.) وفي تكريت آثار كثيرة نصرانية تدل على ما كان لهذا الدين من القدم الراسخة فيها. أما اليوم فليس فيها سوى المسلمين! 5 - المطبعة الحميدية في بغداد هذه المطبعة من مطابع بغداد الحجرية ولم نكن نعلم بوجودها حتى ظفرنا في هذه الأيام بكتاب صغير مطبوع فيها اسمه: (بحر الكلام) للإمام سيف الحق أبي المعين النسفي. . . وقد طبع في المطبعة المذكورة برخصة المعارف سنة 1304 والكتاب في 70 صفحة. . . وفي آخره: (وكان ذلك بقلم الفقير أحمد الكردي البغدادي.) أهـ أسئلة وأجوبة أصل كلمة حنفص

سألنا غير واحد من أدباء الحاضرة: هل كلمة عنفص عربية الأصل؟ وإن لم تكن فمن أي لغة هي؟ وما هي معانيها المتعددة؟ قلنا: جاء في تاج العروس: العنفص بالكسر. . . والنون زائدة وفيه خلاف. . . المرأة البذيئة. عن الأصمعي، أو القليلة الحياء عن أبى عمرو، وخص بعضهم به الفتاة وأنشد الجوهري للأعشى: ليست بسوداء ولا عنفص ... لسارق الطرف إلى ذاعر وقال الليث: هي القليلة الجسم؛ وقال ابن دريد: هي الكثيرة الحركة في المجيء والذهاب. ويقال هي الذاعرة الخبيثة وأنشد شعر: لعمرك ما ليلى بورهاء عنفص ... ولا عشه خلخالها يتقعقع وقال ابن عباد هي القصيرة: وقال ابن السكيت: هي المختالة المعجبة. قال ابن فارس: هو من عفصت الشيء: إذا لويته. كأنها عوجاء الخلق وتميل إلى ذوي الذعارة. وقيل العنفص: جرو الثعلب الأنثى والعنفص أيضاً: السيئ الخلق من الرجال، والعنفصة المرأة الكثيرة الكلام. وهي أيضاً المنتنة الريح. كل ذلك عن ابن عباد. أهـ كلام اللغوي. فيتضح من ذلك أن العنفص هي الأنثى الخبيثة، الذاعرة، القليلة الحياء والجسم، (امرأة كانت أو ابنة) الكثيرة الحركة في المجيء والذهاب، المنتنة الريح المتعوجة الخلق. وهذا كله على ظننا مأخوذ من اليونانية (وهي باللاتينية وهي عندهم اسم امرأة شهيرة بخبثها وفسادها ولكثرة شرها وعبثها كانت تظهر بمظاهر مختلفة أو تتغول (كما يقول العرب) على حد تغول الغول. والفرنسيون يقولون وهي الفصحى وهي دونها فصاحةً. وقد قال الأقدمون في وصفها: إنها شبح أو طيف أنثى كانت تنفذها هبكات أو عكاظ (وهبكات معبودة هي القمر حينما يحجبه السحاب أو الضباب) إلى الناس ولا سيما إلى المسافرين منهم لتخيفهم في طريقهم أو تفتك بهم أو تمتص دماءهم. والعنفص توافق كل الموافقة لغول العرب ولعل العرب أخذوا حكايات الغول والخرافات التي تتعلق بها عن اليونان الذين أخذوها عن قدماء الشرقيين كالكلدان والآشوريين والبابليين والمصريين إذ اقتبسوا منهم أشياء كثيرة ترجع إليهم في الأصل. ويوافق هذا الوصف أيضاً بعض الموافقة لما يسميه الإفرنج فامبير وهو الذي سميناه

بالعربية النزافة أو المصاصة وهو في اعتقاد جهلائهم وعوامهم: ميت يخرج من القبر ليلاً ليمتص دماء الأحياء. وكان أهل الغرب يمثلون العنفص بصورة أنثى رجلها الواحدة من نحاس والرجل الثانية من روث الحمار (والروث سرجين ذي الحافر). وأحسن وسيلة كانوا يتخذونها لطردها كان الشتم والسب والإهانة. وقد توسع الغربيون في معنى العنفص حتى أطلقوها على كل أنثى خبيثة. من قبيل ما يسمونه ساحرة والساحرة عندهم كالعنفص عندنا. ومن معاني العنفص عندهم ما اشتهر في القرن السابع عشر والثامن عشر بمعنى التخيل المحالي أو الجنوني. ومن معانيها عند علماء المواليد: دويبة من المستقيمات الأجنحة كثيرة الشبه للسرعوف (راجع لغة العرب 349: 2) وقد صحف العرب هذه الكلمة بهذا المعنى بصورة: عنقص وعنقوص بجعل الفاء قافاً. وهم كثيراً ما يفعلون ذلك في الألفاظ الدخيلة فضلاً عن العربية النجار؛ فقد قالوا مثلاً: الفاطوس وهي في الأصل القاطوس أو القيطس القوقس للنبات المعروف بالفوقس باليونانية (راجع لغة العرب 329: 2) وقالوا القوقيس وإنما هو الفونقس وقالوا الفاقيطوس وإنما هي الفافيطوس هذا في الدخيل وأما في العربي الصميم فقد قالوا: الزحاليق والزحاليف جمع الزحلوقة أو الزحلوفة؛ المفرشة والمقرشة؛ نفز الظبي ونقز؛ صلفع الرجل وصلقع؛ المحفد والمحقد؛ رفح ورقح؛ النفض والنقض؛ النفاض والنقاض؛ الفصم والقصم؛ الوفي والوقي؛ وغيرها كثير. ومما يحدونا إلى تعريب هذه اللفظة وتحريفها ما ذكره صاحب التاج قال: العنقص والعنقوص (بالقاف) بالضم: دويبة عن ابن دريد؛ وقد ذكره المصنف بالباء الموحدة بدل النون (أي يقال أيضاً عبقص كما في الإفرنجية وهو من باب تعاقب الباء والنون) وأباه الأزهري. ورواه بالنون كما نرى. أهـ كلامه قلنا نحن ولا يحق للأزهري إنكاره بعد إيراد اللغويين له وبعد وجوده في الأصل المأخوذ منه. وزدنا على ما تقدم: أن هذه الحشرة كثيرة الوجود في البلاد الحارة من ديار العالم القديم. ولا سيما في ديار العرب والعراق وجنوبي بلاد فارس وبالأخص في جوار المستنقعات والغدران. ومن معاني العنفص أيضاً عند علماء الإفرنج ضرب من الفطر ذي البيض

فوائد لغوية

من فصيلة متلفات الحشرات تتطفل على الحشرات منها: عنفص الذبان وهو يعيش على الذبان فيقتلها قتلاً ذريعاً في أيام الخريف. والعنفصية عند علماء النبات جنس من الحشائش المفترشة إلا نبتة من فصيلة السحلبيات من قبيلة الجنبية الأغصان وهي تتكون ببلاد النفال أو من ديار الهند. فوائد لغوية جمع مدير وعمل وفعل وعضو وما ضارع هذه الألفاظ الثلاثة الأخيرة أدخل الترك ألفاظاً عربية كثيرة في لغتهم وفي بعض الأحيان أحسنوا التصرف فيها. وفي بعض الآخر أساءوا كل الإساءة. ومن جملة ما أفسدوه علينا قولهم في جمع مدير: مدراء. ومفعل كمفسد لا يكسر على فعلاء إذا كان اسماً بل على مفاعل وأما إذا كان صفة أو نعتاً فيجمع جمعاً سالماً فيقال: مديرون في حالة الرفع ومديرين في حالة النصب والجر. ومما يوسف له أن كثيراً من الصحف والمجلات العربية من شامية ومصرية وعراقية تقول: مدراء وهو غلط فاحش ترتعد له فرائص من في السماء وعلى الأرض من أبناء العرب ولا سيما لأن الميم زائدة غير أصلية. ومما يغلطون فيه جمع عمل وفعل وعضو فيقولون اعمالات وافعالات واعضاوات ويجعلون مفرد هذه الكلمة الأخيرة (أعضاء) وهذا كله من الشنائع التي لا توصف وإن بالغت في نعتها بالسوء والأصح في جمع عمل أعمال وفي فعل أفعال وقد يجمع جمعاً ثانياً فيقال أفاعيل وأما عضو فلا يجمع إلا على أعضاء. فأحفظ ذلك تصب إن شاء الله. باب المشارفة والانتقاد 1 - (شحر بابل وسجع البلابل) (أو) (ديوان السيد جعفر كمال الدين الحسيني الحلي)

ورد هذا السفر الحلة الفيحاء مطبوعاً، فكان له رنة سرور وابتهاج لدى مؤدبيها. وطالت به الألسن بل تطاولت على حضرة ناشره بالشكر والثناء لما أسداه من التفضل على الأدب وأهله. وبالأخص الحليين منهم فقد خلد لهم ذكراً جميلاً وإطراء حسناً إذ قد خلد ذكر نابغة من نوابغهم. بيد أني قد سمعت بعض من لهم النصيب الوافر من الأدب ينتقد بعض ما جادت به قريحة الشاعر. ونبذاً مما انطوت عليه (كلمة الناشر) بل ربما نالت يد الانتقاد بعض التراجم وغيرها مما كتبه الناشر في غضون ذلك الديوان. وأني خدمة للأدب وجلاء للحقيقة أحببت أن أكون كالترجمان لهؤلاء الأدباء الأفاضل معرباً عما همت به ألسنتهم. ومظهراً ما أجنته ضمائرهم راجياً من أبناء أسرة شاعرنا الفاضل أن لا يجعلوا ذلك عن سوء قصد. كما أني أرجو ذلك من حضرة الناشر وبعض أولى التراجم الكرام. فإنه لا مغضبة في الحق. ولا نجاة إلا بالصدق. قال الشاعر (ص) 429 من قصيدة يرثي بها العلامة السيد ميرزا حسين الشيرازي وهو يخاطبه في بيان حالة الناس بعده: فهم بأضيق من قبر دفنت به ... كأنهم وهم أحياء قد دفنوا فقد وصف شاعرنا قبر مرثيه بالضيق ولم يلتفت إلى أن ذلك غير جائز في شريعة الأدباء دون أن يكون المرثي مثل هذا الرئيس الروحاني فكيف. . .؟ وقوله في تخميسه لقصيدة المولى المفضل السيد سعيد حبوبي (ص) 389 و390 فآية السحر فيها عينه اكتحلت ... وآية النحل في طرس العذار حلت

وعينه هي صاد حولها اكتملت ... ذي نون حاجبه لو حاؤه اتصلت في ميم مبسمه لم تعد حاميما أني لا أفهم للشطر الثالث من هذا البيت معنىً وأما الأصل فهو (كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. . .) وقوله من قصيدة يرثى بها الشيخ الإيراني (ص) 56 راعي الشريعة فالشريعة بعده ... كالشاة خائفة من الأذياب لا يخفى قبح تشبيه الشريعة بالشاة ولعل القافية أو مراعاة كلمة (راعي) جرت شاعرنا إلى ذلك. هذا فضلاً عن أن الأذياب جمع ذئب لم يسمع عن فصيح. هذا ما رأيت أن انتقده من شعر الشاعر وهناك انتقادات أخرى غير جوهرية لا حاجة إلى الإسهاب بذكرها. وأما الناشر أعزه الله فقد جعل موضوع (كلمته) حياة الشاعر المادية والأدبية مع شذرة يرجو أن يتضح بها للقراء ما حير رابع سبابتيه وإبهامه. (! كذا) ولكنا مع الأسف قد رأينا ناشرنا ترك موضوعه كما هي عادته في التراجم أو قل في غيرها أيضاً. وراح يتجول به بين القادسية وجبال حلوان وأخرى بين الموصل والبصرة وطوراً في هضبة إيران وتركني كالحيران في (كلمته) لا أدري ما أقول عنها: أأقول أنها تبحث في جغرافية الديار العراقية. أو عن مسائل شتى تاريخية. وهي مقالة إصلاحية. أو أنها معجم من معاجم الأدباء. أو رسالة في علم الرجال؟ فليت ناشرنا نزه (كلمته) عن هذا الخيط والشطط الذي يدعو إلى الملل فإن لحضرته موضوعاً يجب أن يتحراه فلا يعدو عنه حتى ولا قيد أنملة. أما ما ذكره عن حياة شاعرنا المادية. فلا أريد أن أقول أنه رحمه الله كان من المثرين. نعم كان كذلك قبل جفاف النهر المنشعب من الفرات إلى الحلة. أما بعد جفافه فقد كان من الأواسط كما عليه أكثر سكان البيئة التي نشأ فيها. فما لزه به الناشر من الفقر المدقع الذي يخيل للقارئ أنه كان لا يملك قوت يومه ما هو إلا حدس غير مصيب وقد نشأ في فكره حين رأى ما يشتمل عليه شعره من الدعابة مع بعض أصحابه ومن مدح الملوك والوجهاء والأمراء شأن طلاب الفخر والصيت من الأدباء في الدرر البائد. ورأى مثل قوله: وعندي أنكم خزان رزقي ... إذا ما الرزق أعوزني طلابا فأندفع حضرته يقول (ولما أحس من نفسه قوة الملكة وحسن الاستعداد

وأنه يستطيع أن يستدر من شق قلمه لماظة عيشه. ودرة قوته. ومؤونة أهله صارت هذه كبعض الدواعي له المثيرة لما في كامن قريحته فأصبح) الخ ولم يلتفت إلى أن أديب ذلك العصر إذا أنشأ شيئاً لا ينظر إلا إلى جهة واحدة هي التي بعثته على الإنشاء. فهو إذا مدح لا ينظر إلا إلى كيف يؤله ممدوحه. فيطربه بما شاء وشاءت له مخيلته مما ليس فيه من الصفات العالية. والألقاب الفخيمة. فتراه قد يطري من ليس فيه إلا صفة العلم بالشجاعة والكرم. ويلقب الشجاع الفارغ من العلم بالعلامة. ويصف من ليس له معه إلا المودة بخازن رزقه. كل ذلك لمقدمة عنده من المسلمات (أعذب الشعر أكذبه) على أن حضرة الناشر نفسه يعلم ذلك. فقد انتقد بيت سيدي (الرضا) في القصيدة المشتركة بينه وبين شاعرنا التي أنشئت في مدح الفاضل (الهادي) آل كاشف الغطاء حيث قال: ما ركعت في كفه بيض الضبا ... إلا وهام قرنه خوفاً سجد ولو نظرنا إلى شعراء ذلك الدور لوجدنا جل أشعارهم. بل كلها كذلك فلا أدري ما يقول حضرة الناشر في سيدنا الشريف الرضي الشهير بالإباء والشمم إذا رأى قوله في مدح (فخر الدين) أبي غالب بن خلف: يا أبا غالب دعوتك للخط ... ب ومن يظم يستدر القطارا لم أجاوزك بالدعاء فلبي ... ت جهاراً وقد دعوت سرارا لم تقل لا ولم تشد على خا ... ف الندى بين راحتيك صرارا قد هززناك للندى فوجدنا ... ورقاً ناضراً وعودا نضارا ورأينا النوال عينا بلا مط ... ل إذا ما النوال كان ضمارا ولو أردت أن أثبت ما يشبه هذا من شعر الشريف وغيره ممن أشتهر بالإباء والثروة من الأدباء لملأت الصحف. افيقول ناشرنا في الشريف الرضي (أنه يحتلب مسكة رمقه، ودرة عيشه، من ضرع قلمه، وشق قصبته، وإخلاف محبرته) أو يقول إنه (يستظل سماء القناعة ويلتحف إيراد الفقر والفاقة) وأما قوله بعد أن طال بالفضلة دون العمدة (فمن كسف البال. وضجر الخاطر كان بعد أن تمكن من الشعر صار ربما ينتحل نفس شعره فيقول القصيدة في إنسان

ثم يحولها إلى أخر إما تبرما وسأما أو لغير ذلك) نعم قد أثبت الناشر من ذلك قصيدة واحدة مدعياً أنها كانت في مدح الفاضل (محمد الحسين) آل كاشف الغطاء ثم حولت إلى مدح بعض السادات. أما نحن ففي حاضرتنا نسختان من الديوان إحداهما أكثرها بخط الشاعر ولم نجد فيهما شيئاً مما ذكر. بيد أنه كان على الناشر أن يترك الإشارة إلى انتحال هذه القصيدة إلى حين إثباتها. فيقول: إن هذه القصيدة كان من أمرها هكذا. . . . لا إنه يذكر عبارة في مقدمة الديوان كأنها باب من أبوابه وفصل من فصوله يظهر منها أن انتحال قد وقع من الشاعر في أربع قصائد أو خمس لا أقل. وأما قوله: (فأقترن بإحدى كرايم قوقومه) أظن أنه يريد بالقوم بني الإنسان وإلا فلا جامعة بين شاعرنا وقرينته غير ذلك. أو إن كلاً منهما من قرية واحدة (قرية السادة). وهذا مما يدلك أيها القارئ على ما ادعاه حضرة الناشر مكرراً من شدة اتصاله ومعرفته بالشاعر. ولو كتب كرائم بدل (كايم) لما خالف الأصول العربية. ثم قال في بعض ما كتبه عن حياة شاعرنا الأدبية ما نصه ص 15: (ثم لم تنزل شمايله تتمثل نصب عيني. وحلاوة حديثه كمرارة فقده يترددان بين لهاتي وحناجري وكانت مرت على منعشات (ما أدري أهـ ي أيام أو أحلام) كان فيها عطر الله مرقده لضيق داري. وشقيق

جواري، وسمير ليلى، وعشير نهاري، بل نسيب نفسي. وقريب روحي. . . لست أدري وأبيك ما دهى ناشرنا حتى صار يلقى الكلام على عواهنه وحتى أصبح كأنه لم يعلم أن حملة أقلام الانتقاد واقفون له بالمرصاد فيا حضرة الناشر لو كان حقاً ما وصفت نفسك به من حبك للشاعر ومن انه سمير ليلك. وعشير نهارك. وإنك تريد تخليد حياته. لما جعلت كتاب شعره غرضا لسهام نقدك. ومرمى لي ولأمثالي من بعدك؟ بل لأسقطت منه ما يزري بحياة نسيب نفسك الدنيوية وأزالت ما يشين حياته التخليدية. كما هي العادة في تهذيب الدواوين والأسفار قبل نشرها. ولخلدت لمن لم تزل شمائله تتمثل نصب عينيك حياة طيبة (ولكن لا حياة. . .) على أني لا أدري كيف وجهت سهام نقدك إلى الشاعر وأنت القائل أن نسخة ديوانه التي بيدك هي بخط بعض العوام. أما نحن فهاتان نسختان بين أيدينا الآن لم نجد فيهما شيئاً مما انتقدت. وكتب (شمايله) والصحيح شمائله. وهذا ما رأيت أن انتقده مما كتبه الناشر عن حياة الشاعر. وهناك غير هذه المغامر فاجتزاءنا بالقل عن الجل مناسبة لضيق المقام. أما ما كتبه من التراجم التي أطال فيها الإطراء. وأفرط بالمدح والثناء الذي لا يوافق روح هذا العصر. فقد كان الفوز الأعظم فيها. والحظ الأوفر منها لمن كانت جدته أو جده من آل كاشف الغطاء أو كان أبوه أو جده حضر تدريس أحد المنتمين إلى كاشف الغطاء! فما بالك أيها القاري بآل كاشف الغطاء أنفسهم؟ فالبشرى للأسرة القزوينية: وهنيئاً للأسرة الجواهرية! وإنني لا أريد الإطالة ولو أردت لانتقدت أكثر تلك التراجم. لكنني اقتصر على ما يجب انتقاده منها فأقول: ترجم الناشر حضرة الفاضل الشيخ (محمد الحسين) آل كاشف الغطاء فقال. . . أحد أفراد الأسرة الجعفرية التي انتقلت من نواحي الحلة إلى النجف الأشرف وإن من انتقل من جناجة التي هي إحدى نواحي الحلة هو العلامة الشيخ جعفر نفسه وقيل معه أخوه فنسبة الانتقال إلى أسرة جعفرية ليس من الحقيقة في شيء إذ ليس هناك أسرة وقد كفانا حضرة الناشر انتقاد ما وقع في هذه الترجمة من الشطط والإطالة بما ليس من مقصوده بقوله: (شط القلم عن القصد. . .) ولكن ما عتم حضرته بعد أن خلنا أنه قد استقام

وأعاد الكلام إلى مجاريه أن سقط في ما هو أدهى فقد وصف حضرة الفاضل صاحب الترجمة بقوله (فكرع من علوم الشريعة ولا سيما الفقه والأصول ومباديهما ما حسب وأحس أنه ارتوى واستغنى) فنسب إلى هذا الرجل ما هو أجل من أن يدعيه. وأصلح من أن يرضى أن ينسب إليه. إذ هو يعلم من نفسه أنه لم يبلغ ذلك بل هو أقل مما هو اقل مما هنالك نعم تلك مرتبة كانت لبعض آبائه سيبلغها إن شاء الله تعالى. وقد رأينا في ترجمة المولى الشيخ علي آل كاشف الغطاء الذي هو كبير الأسرة الجعفرية اليوم ما نصه: (وفي كل ذلك لم تكن مهنته وعنايته إلا بالتحصيل والعلم وفصل الخصومات)! إن الناظر إلى قوله (وفصل الخصومات) يخال إن للشيخ المذكور رتبة الاجتهاد. فلو عقب الناشر كلمته هذه بما يزيل الاشتباه لكان أولى! على أن القارئ لو نظر إلى ترجمة هذا الفاضل. لرأى أن الناشر قد خبط خبط عشواء. وخرج عن غرضه خروجاً فاحشاً. إذ قال حضرته في جملة ما ترجم به المولى الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء، ما نصه: (فهو اليوم في النجف لطالبي التحقيق والمهاجرين للاستفادة والتحصيل. المدرس الوحيد. بل العلامة المعلم لهم والمفيد)!!! أنني لا أريد أن أبخس هذا الفاضل حقه فأقول مقالة كثير من النجفيين فيه كقولهم (خادم السيد كاظم اليزدي (أو كاتبه) أو (مقسمه) أو (جاهل لا يفهم) أو غير ذلك من العبارات. لا. لا. لا. إن الرجل لأجل وأرفع من ذلك. وأما ملازمته للسيد كاظم المذكور فالأغراض أخر. ولكني لا أغالي فيه كمغالاة حضرة الناشر فإن الرجل ليس بالمدرس بالمعنى الذي قصده الناشر فضلا عن أن يكون وحيداً. نعم يحضر تدريسه ثلاثة أو أربعة لأغراض تبرم منها الناشر في ترجمة الفاضلين (الشربياني والمغمغاني) على أن كل نجفي بل كل عراقي يعلم أن ليس في النجف اليوم رجل يتصف بأنه مدرس وحيد. أجل قد كان ذلك قبل اليوم لحضرة العلامة الشيخ ملا كاظم الخراساني. وأما المولى الشيخ (أحمد) فليس

كذلك وإنما هو محتاج إلى المدرس كما نراه حفظه الله ما زال وما يزال يحضر في درس حضرة الفاضل السيد (كاظم) اليزدي. وإني لأعلم أن الشيخ أحمد لا يرضى أن يصفه أحد! (العلامة) و (المفيد) إذ هاتان الصفتان ليستا له وهو لما وصفه به حضرة الناشر من التقوى لا يرضى أن يوصف بما ليس فيه. ثم قال الناشر بعد أن وصف المترجم بما ليس إلا للأنبياء (كل ذلك وأكثر ما يخوله الإطلاع بأعباء المرجعية العظمى والرياسة الدينية الكبرى) فإني أسأل الله له ذلك. ولكن بين الرجل وتلك الحالة مراحل. فليس كما يقوله الناشر. ثم قال ما تلخيصه: إن الشيخ أحمد المذكور قد حضر للتحصيل على ثلاثة: الأول (الشيخ رضا الهمذاني والثاني (السيد كاظم اليزدي) وأما الثالث فقد قال عنه ما نصه: (ثم حضر على أشهر المحققين في الأصول وأوسع المدرسين حوزة في ذلك العصر) ولم يذكر أسمه!! ولماذا؟ وقال حضرة الناشر في ترجمة فخر الأعلام (الشيخ عبد الحسين) حفيد صاحب الجواهر (هو أحد أفاضل السلالة الجواهرية) ولم يطر تلك السلالة بشيء حتى ولا كسلالة (آل الحلو أو آل مرزة فضلا عما تستحقه من طويل الثناء. كما أنه لم يذكر لأبيها العلامة صاحب الجواهر على كثرة مآثره وآثاره سوى كتابه الشهير (جواهر الكلام) وقد ذكر لغيره مساعي ليست أحرى منها بالذكر. كل ذلك وقد رأينا من حضرة الناشر الإفراط والتفريط في جانبي الإيجاب والسلب. فبين من ترجمه ولم يوفه بعض حقه العلامة (الشيخ ميرزا حسين الميرزا خليل)؛ ولم يذكر أسرته مع أنها أسرة شريفة عريقة في المجد حرية بالذكر!. وبين من ترجمه بما لا يستحق إلا القليل من ترجمتهم كثير من آل كاشف الغطاء!!. وبين من لم يترجمهم أصلاً أخوه الشاعر الذين ذكروا في الديوان؛ مع أنهم ذوو شرف وعلم ولبعضهم مصنفات عديدة. وكالفاضل (الشيخ عبد العزيز الجواهري) صاحب القصائد الاجتماعية. والمقالات الفلسفية. التي نشرت في (العرفان) و (المقتطف) فهو حقيق بأن يترجم. هذا وبين يدي الآن نسخة من الديوان بخط جامعه لم أر في عناوين القصائد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

المثبتة فيها ألفاظاً ضخاماً مملوءة بإثناء على الممدوحين كما رأيته في الديوان المطبوع. ولا سيما عناوين القصائد التي يمدح بها آل كاشف الغطاء. فإن فيها كثيراً من مثل لفظة (العلامة) و (ملاذ الأعلام وغيرهما)! ولعل ذلك من تصرفات الناشر؟ أو من العوام الذين كانت النسخة بخطهم! ورأيت في المطبوع أيضاً تصرفات كثيرة غير هذه. بحيث لا يصدق بعدها على حضرة الفاضل (السيد هاشم) أخي الشاعر أن يقال عنه أنه جامع الديوان!!!؟ اللهم أني أسألك قولاً صدقا! (ع. . .) 2 - مدرسة التهذيب مجلة مدرسية بيتية تهذيبية علمية أدبية تصدر موقتاً مرة في الشهر في الشويفات (لبنان) ومحل إدارتها في مدرسة الشويفات الإنكليزية وتظهر في 16 صفحة. منشئها وصاحب امتيازها القس طانيوس سعد ومحررها: عمسيح ن. وزيريان. 3 - التقرير السنوي الثالث لجمعية تهذيب الفتاة السورية في بيروت والشويفات وهو يتضمن خلاصة أعمالها لسنتها الثالثة من 1 كانون2 إلى أواخر كانون الأول سنة 1912 أشتق العرب الأقدمون لفظة الأمة (من الأم) لأنهم علموا أن الأمة لا تتقدم إلا بتقديم الأم فإذا عني ابن الوطن بتهذيب أخته أو ابنة وطنه لا تبطئ هذه أن تكون أماً ويصبح الجميع في رقي حقيقي دائم. وقد أخذت بعض السوريات بإنشاء لجنة أو جمعية تقوم بهذه الغاية والأمل أنها تنجح في مسعاها. يشهد على ذلك التقرير الذي بين يدينا. فعسى أن يقوم في سائر المدن العربية مثل هذه الشركات تفاؤلاً بمستقبل حسن راقٍ. والله الموفق! تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الجراد في جوار نصيبين كتب إلينا أحد الأدباء إن الجراد قد انتشر في نصيبين وحواليها منذ أواسط نيسان حتى أنه لم يبق شيئاً ولم يذر. ولكثرته زاحم ينابيع المياه ومجاريها حتى أنه أفسدها وجعلها غير صالحة للشرب. ولا جرم أن الأضرار التي يبقيها بعده تكون جسيمة. وقد هاجر الأعراب من تلك الربوع طلباً لديار أخرى أمرع وأخصب ولو عنوا بقتله حينما كان دبي لما استشرى شره اليوم أضرهم هذا الضرر العظيم.

2 - عشائر الشامية علمت المصباح أن عشائر آل زيات امتنعت عن أداء الرسوم للجباة فحصلت بين الجند وبين الأعراب مهارشات. 3 - الإنكليز وسفن الغوص علمت الدستور البصرية أن قنصل الإنكليز في الكويت طلب من أميرها أن يضع علامة على جميع بنادق رعاياه الذين في سفن الغوص لأن في نية الحكومة الإنكليزية البحث عن كل بندقية خالية من أمارة الأمير. وبناءً عليه وسمت جميع البنادق الموجودة في سفن أهـ إلي الكويت بعلامة الأمير. 4 - واردات الكويت وصادراته بلغت واردات الكويت في العام الماضي 6. 500. 000 وصادراته 1. 500. 000 (تنقل هذه العبارة عن الدستور الجريدة البصرية التي نسيت أمراً مهماً وهو: هل هذه الأرقام هي أرقام غروش أو فرنكات أو ليرات. - ثم كان يحسن بها أن تذكر ما الذي كان يقابلها في العام الذي قبله ليعارض بين مبالغ العامين). 5 - هبوط أسعار الحبوب في بغداد منذ أن قدمت حبوب حصاد هذه السنة هبطت أسعارها في بغداد (منذ أول حزيران) إلى ما يقارب من النصف أعاد الله الرخص بمنه وكرمه. 6 - ارتفاع أسعار السمن في نحو أواخر أيار وأوائل حزيران يكثر السمن في بغداد فيمتار الناس منه ما يكفي سنتهم كلها. أما في هذه السنة فقد أخذ المحتكرون (أو البندارية كما كان يقول أجدادنا) يجمعونه ليذخروه فيرفعوا ثمنه. وقد أصبح المن بمائتين وثمانين قرشاً. والأمل أن البلدية تضرب أيدي هؤلاء الجناة، جناة المدن ليرجع كل شيء إلى نصابه الأول. 7 - النقطة (الحمى التيفوئيدية) في بغداد. تفشت هذه الحمى المشؤومة في محلة النصارى أشد التفشي. وقد توفي بها بعض الناس إلا أنها تكاد تفتك بجميع البيوت بدون خطر كبير. والأطباء ينسبون استشراءها إلى الماء الذي يشربونه فإن المعينة التي تجره تستقيه من (شريعة المصبغة) والحال أن بعض الجهلة يغسلون في دجلة فوق مأخذ الماء جلود الأحذية والصوف الذي يرسل إلى البلاد والمصارين والكروش وأنواع الثياب القذرة وهذا كله ينحدر انحداراً سوياً إلى الموطن المذكور فتجره المنزحة فيشربه الأهلون وهناك الطامة الكبرى. 8 - ابن الرشيد قالت الرياض أن هذا الأمير هو اليوم في (حائل) مقر إقامته بعد أن غزا (عشيرة حرب) التي كان قد التجأ إليها العرائف أعداء ابن السعود. فهجم عليهم وسلبهم ما عندهم من قوة ومال وخيل. وأخذ السوادين (وهما في لسانهم البيوت والغنم) لإخلالهم بالراحة

والأمن في تلك الديار. 9 - انهزام بعض سجناء أهل كربلاء كسر الحبس في أوائل أيار بعض السجناء ثم ولوا فارين فتعقبهم السجانون ورموهم بالرصاص فقتلوا منهم اثنين وجرح ثالث وفر الآخرون وهم ثلاثة ولا يزال البحث عنهم حثيثاً (الزهور). 10 - قتل محمود شوكت باشا قتل أحد الرعاع بطل الحرية محمود شوكت باشا البغدادي ناظر الحربية فتوفي في الأستانة في 11 حزيران، سلى الله أقاربه عن فقده! 11 - الجراد في بغداد انتشر الجراد في حاضرتنا في نحو العقد الأول من هذا الشهر (حزيران) ولم يظهر عيثه إلا من بعد ثلاثة أسابيع فإنه أكل شيئاً كثيراً من الخضراوات والبقول والأثمار لا بل هجم أيضاً على التال (أي صغار النخل) وأوراق الأشجار والناس يخافون غلاءً جديداً. وهو قد جاءنا من جهات نصيبين قذفته إلينا الرياح الزعازع التي حدثت في أواخر أيار وأوائل حزيران. 12 - مصير الكويت وبعض ديار خليج فارس استقلت الكويت استقلالاً إدارياً ولم يبق للدولة العلية فيها إلا السيادة الرسمية. أما المعاهدات المعقودة بين الكويت ودولة الإنكليز فإنها تبقى محكمة العرى. وقد تنازلت دولتنا أيضاً عن جميع حقوقها بما يتعلق بجزيرة قطر والبحرين ومسقط وعمان وسائر ديار الشيوخ الموالين لإنكلترة. وأخذت هذه على نفسها إنارة الخليج ومراقبة ما يجري فيه وخفارته وامتلكت سكة الحديد التي سوف تمد بين البصرة والكويت. 13 - عجمي السعدون كتب من البصرة إلى المصباح: إن عشيرة الإمارة النازلة في جوار عجمي بك السعدون قد هجمت على حيه وأحرقته وقتلت كثيراً من اتباعه وأوردتهم حياض المنون ولما كان عجمي قبل ذلك بأيام نازلاً الشعيبة على مسافة ساعة ونصف من البصرة حدثت حادثة بين بعض أفراد عشيرته أي بين أولاد عمر المنصور قتل فيها الكبير أخاه الصغير بعد مشاجرة وقعت بينهما. وثبت أيضاً ثباتاً محققاً أن عجمي بك المذكور هجم على قصر هاشم بك آل النقيب وهو القصر الواقع في الشعيبة فأخذ جميع ما فيه من أثاث وفرش وأقام فيه 25 رجلاً من أتباعه. (عن الدستور) 14 - وفاة السيد محمد باقر الطباطبائي توفى هذا السيد في كربلاء. وهو المشهور بالحجة الطباطبائي في 15 حزيران الهم اللهم أهله الصبر الجميل. 15 - أبو صخير والشامية لواء الديوانية من الألوية المهمة في ولاية بغداد لأنه لواء زرع وضرع لحسن موقعه وتجمع العشائر فيه وقد كان مركز القضاء بلدة (الشامية)

قبل مدة ولكن طلب بعض الموظفين نقله إلى (أبو صخير) فنقل إليه فأصبح مركزاً بعد أن كان ناحية وغدت الشامية ناحية بعد أن كانت مركز قضاء. والظاهر أن نتيجة هذا العمل جاءت على خلاف ما كان يظن لأن جباية الأموال الأميرية أصبحت فيها شاقة بعد أن كانت سهلة. (المصباح) 16 - واردات الاحساء والقطيف وعدد سكانهما تبلغ واردات الاحساء والقطيف الأميرية نحو 60 ألف ليرة. أما عدد سكانهما فلا يعرفون على التحقيق ويظن أنهم لا يقلون عن 50 ألف نسمة. (الدستور) 17 - عشيرة فالح الصيهود أطلق النار بعض من ينتمي إلى هذه العشيرة على الباخرة العثمانية (بغداد) في جوار العمارة فلم يضروها. (الدستور) 18 - قتل فظيع في البصرة أطلق بعض الأشقياء رصاصاً على فريد بك آمر موقع البصرة وبديع نوري بك الجابري متصرف الناصرية فمات الأول حالاً وأما الثاني فتوفى بعد بضع ساعات ولم يعرف الجناة وكانت وفاتهما نهار الجمعة 20 حزيران. 19 - قدوم جلال بك والي ولاية بغداد قدم والينا الجديد في الساعة الثانية ونصف بعد ظهر نهار الأحد 22 حزيران فأهلاً به وسهلاً! 20 - رجوع الأمن في أنحاء خانقين كتب إلى الزهور ما ملخصه: كان قد وقع بين عشائر إيران وبين عشائر الأعراب من ربيعة وبني ويس (أي أويس) والعساكرة الساكنين في جوار خانقين نهب أغنام ومواش وغيرها بعد مهارشة ومناوشة سببت الاختلال في تلك الأنحاء. وفي هذه الأيام ذهب قيم مقام القضاء ونائبه وبعض الأمثل إلى حاكم القصر شيرخان وبعد المذاكرة قر الرأي على إعادة المنهوبات إلى أصحابها فأعادت عشائر إيران ما يرجع إلى الأعراب وأعاد الأعراب ما يرجع إلى عشائر إيران ولما تم ذلك توثقت عرى المودة بين القبيلين وتعهد كل من ينتمي إليهما بالمحافظة على الأمن والراحة وعلى هذا الوجه عاد الأمن ورجعت المياه إلى مجاريها.

العدد 26

العدد 26 - بتاريخ: 01 - 08 - 1913 البصرة وأنهارها 1 - تمهيد - إن نهر البصرة الجسيم المسمى (شط العرب) الشهير الممتد من قضاء (القرنة) إلى مصبه في البحر عند ثغر قضاء (الفاو) طوله مائة

وثمانية عشر ميلاً بحرياً وعرض المحل الواسع منه ثلاثمائة مترٍ. وأما عمقه فمتفاوت فعند وقوع الجزر التام يكون غور العميق منه تسعة أمتار، وغير العميق منه ستة أمتار. وهذا النهر يتكون من النهرين اللذين ماؤهما من أعذب مياه الدنيا وهما (دجلة) و (الفرات) الغنيان عن التعريف فإنهما يختلطان في قصبة القرنة الواقعة على بعد 6 ساعات تقريباً من شمالي قصبة البصرة بسير السفن البخارية وبعد اختلاطهما يتألف منهما (شط العرب) الجسيم فيمر بوسط لواء البصرة ثم يتحد بنهر (كارون) الذي هو أحد الأنهر الدافعة في شط العرب فيتابع سيره حتى يصل قصبة الفاو الواقعة على بعد 6 ساعات من جنوبي البصرة ومن ثم يصب في البحر الملح أي (خليج فارس) وكان يجب أن يكون ماء شط العرب عذباً فراتاً لتجمعه من ثلاثة أنهر عذبة

ولكن الحال يا للأسف بعكس ذلك إذ أن ماءه أقل عذوبة من مياه تلك الأنهر الثلاثة بكثير. وسبب ذلك هو أن نهري دجلة والفرات قبل أن يصل ماؤهما قصبة القرنة تنشأ منهما أهوار ومستنقعات فيجري الماء فيها كثيباً حزيناً وقد تغير طعمه وأصفر لونه إلى أن يصل قصبة القرنة فيتكون منه شط العرب المذكور. ومن أجل نعم الله تعالى على البصريين هي وجود (المد والجزر) في شط العرب فإن ماء (المد) يزورها كل أربع وعشرين ساعة مرتين فيسقي النخيل والأراضي (بدون استعمال آلات السقي أو نصب الكرود) وبعد أن تأخذ تلك البقاع قسطها من الري بفضل تلك النعمة الجليلة يرجع الماء إلى من حيث أتى ثم يعود بعد اثنتي عشرة ساعة وأربع وعشرين دقيقة (فسبحان من تحيرت في صنعه العقول). 2 - الأنهار المتفرعة من شط العرب - إن ولاية البصرة الفيحاء مشهورة بكثرة أنهارها المتفرعة من شط العرب المار الذكر بحيث أنه لم يتوفق أحد لحصر تلك الأنهار حتى الآن إلا أنه في العام الماضي سعى أحد أشراف البصرة الأفاضل فأحصاها على وجه الصحة والضبط فبلغت على ضفتي شط العرب ستمائة وأربعة وثلاثين نهراً بعضها حديث والبعض الآخر قديم جداً وقد ورد ذكرها في كتابي (معجم البلدان) لياقوت الحموي و (فتوح البلدان) للبلاذري وفي غيرهما من كتب التاريخ (كما سنشير إليها) وكل نهر من هذه الأنهار يتشعب منه عدة جداول صغار تسمى

في اصطلاح البصريين (شاخة) وحصر هذه الجداول الصغار عسر جداً فدونك الآن أسماء الأنهر الكبار المتفرعة من شط العرب كما أحصاها الفاضل المومأ إليه. 3 - أنهار الجهة الغربية من شط العرب - تبلغ عدد أنهار الجهة الغربية من شط العرب المبتدئة من قضاء القرنة إلى منتهى قضاء الفأو 470 وهي: نهر علي. الشيخ. العتيق. الجديد. الدير، الإمام، الشافي، شهيب، (بتشديد الياء تصغير شهاب)، أبو بردى، شنانة، الصويلح (تصغير الصالح)، ناصر، شاهين، حسين، سعيد، المجلس، الوحيدية (تصغير واحدية)، الغميض، تاجر، الشرش، وحيد، (بتشديد الياء تصغير وحيد) أم التفاح، أبو علية، الجراحي، صفاي، سميدة (تصغير سمادة) أبو حليب، الكراي، أبو زهدي، الزردات، السيل، السحاب، الخضيرة، (تصغير خضرة) عباس، لروف، الطويلات الكبير، الطويلات الصغير، أبو صخية، أم سدرة، أبو شحم، أبو لحم، أبو أمانات أبو مكسر، معبر، أبو الجبابي، الدوة، الشيبازية، التاملي، الحوسة، الجلبية،

الراضية، سيد علي، عواد، القاطع، المشان، ابن عمر، سمرة، الصويل الصغير، الصويل الكبير، اللويثي (تصغير ليثي)، لزوين، (تصغير زين)، الجراحي (الثاني)، الهارثة، أم مسجد، خضاب معاوية، السادة، مطيميم (تصغير مطمام)، المعيدي، الصليبية، العرفج، السحاب، راشد، المفتي، الميري، الناحية، الخرنينة، حمرانان، العطارية، العنبري، قرمة ماجد، قرمة علي، أبو الصبور،

كوت الإفرنجي، الرميلي، (تصغير رملي) الجبيلة، الخريو طلية المطابيق، المفتية، لرباط، الخندق، العشار، القزازة،

المقدسية، مناوي باشا، الششترية، ابن كامل، الخورة، الشيرازية، المحرقة، البراذعية، الجلبية، أم الزهدي، الشحامية، الشطانية، السراجي، القس، فريق الصخر، كوت

الضاحي، الشعشاعي، خريبط، باب الهوى، اللقطة، مركب، عبد اليان، فجة مصلح، مهيجران، الضمائن، الباغشة، يوسفان الأول، يوسفان الثاني، البز، حمدان، المحيلة، (تصغير محلة)، كوت الصلحي، كوت الفداغ، اليهودي، الضفر، الحبابة، البداع، السبيليات، الحلبي، المعدان، أبي مغيرة، خوز. إسماعيل. عائشة. بعيبيص. الغبية. البان. الكتكي. أبو عيد. البريم. الجبالية. الوقف. أبي الخصيب. ابن خميس. لزريقية، أبو بقي. الوقف. باب زائد. أبو

الفلوس. دهقان. العامية. الفياضي. بلجان. بليجين (تصغير بلجان). اللقطة. الكوت. ابن ناهي. دبة. قاووس. طيب. قليصية. الوقف. ابن عبد. شمرتة. النوفلي. كوت الزين أم مسجد. الوقف. الربائل الكبير. الربائل الصغير. الباشية. رشتة. المسرح. الهلالية. البلد. المعاف، البارقة، أبو رشيد، أرض مصر، غانم. الحمد. العميرية الحوض. السبيتة (تصغير سبتة) النخيلة (تصغير نخلة). الخميس. سهل كوت الحرامية، عطيوي (تصغير عطاء). زبيران. المكري. سالم، ثابت، الخورة. الحد. جبارة. بنت المنلا. السلطانية. شنينة. طه. السية. الشليشية.

الجالي. الحائك. الحدة. الخزوم. العنبرية. الريضة. فريق النصار. أم العنب. مطر. المجالدة. الخرص. أبو التفاح. شبيب. العمارين. أبو شهاب الوقف. الفارسي. الحنية. عبد الزائد. بريمان. الزياد. الشبيكي. (مصغرة). فضيضة (تصغير فضة). الخربة. الدريسية. (مصغرة) الصلبوخية. الدويب (مصغرة تصحيف ذؤيب) الوقف. الهيتمي. تركي. بنت سعيد. الحدة. الصلخي. حوز كارون. بنت حمود. البدران. كوت بندرة. الطويل. العواد. الصباح. الضفري. النغيمشية. المرابحي. المقامسية. الزلوخية. ابن زيد. مبارك. عربيد. كوت عباس. الزائر. سيرة. الكشيشية. كوت حلاوي. الشلخ. النافع. بندر. الوقف. الآغوات. البيد. النوفلية. السيدية. سالمين. شراع. المقطوفية. السبيعية. مطرود. طالبية. باب الهواء. كوت خليفة. جوهر (الأول). الهرفية. ابن عبد. الحاجية. دسمالية. السحالية. عيسى. جوهر (الثاني). العطافية. النوفان. الزوار. حمود. عبد الله. الخشنام. نعمة. أبو شورى. ابن حاكم. سهران. حاجية. رحمة. مسلم. عاقول. الخرج. القطعة. الحويزاوي. . الخان. سلمان. حمد. جاسم. حسين. سوزلي. يونس. أبو بردى. جعيدة. الكوت. الشيوخ. معتوق. أبو الشكر. عوض. العجم.

نتر. أبو عقاب. الدورة. عبد الله. دفار. عبد الكريم. عبد ربه. البحرانة. الروم. الدور. الكوت. سعد. نوروز. المسرح. فيروز أبو هاني. عيسى. صالح. دبيس الكباوي. حسن الطوال. أم الغرب. غنام. علقم. رويض (تصغير رائض). ميلاد. الكوت. اللشيش. حمود. خميس (مصغر خميس) طه. يوسف. إسماعيل. صالحز درباس. طعين (تصغير طعين). علقم (الثاني). عبد الدائم. سبتي. خنفر. خشني. بارود. اليتيم. سويلم (تصغير سالم) الكوت. القلعة. خلفان. سبتي (الثاني). سوادي. الكندي. يسين. طهماز. ميمنية. عبد الملك. أبو معلاق. الخوارج. زيادي. كوت خضراوي. صبيح. مذخور. جوهري. ابن غضبان. منان. العبيد (جمع العبد) أبو مسجد. غلوم. أبوحلقة. جبر. سنيسل. جوعان. الشلخة. سبهان. ندة. الحد. العشاري. البصيري (تصغير البصري). عواجة. سلمان. كلبي. الديلمي، المير. . زعير (تصغير زعر). عبد النبي. علي. زلزم. الجوز. باقر. خصيف. أبو عقاب. الجنوبي. كبرة. حبش. خضر. الدورفي. الشنانية. محمود. جلال. الزهيري. حويدر. عيد منور. حوت. بربك (تصغير براك) أحمد. موسى. البواري. شناوة. عبد الخضر. حبش (الثاني). الدواسر. شجر. الحوز. شافي. غلام. معرك. عبد الحسين. الدائم. العشماوي. صبح. معروف. سعيد. شينوى. الشيوخ. شنان. طاهر. شبر. خصيف.

بيت علم في العراق

يعقوب. خلف. شمل. حاج راشد. غضبان صفر. ابو حلفة جحيش (تصغير جحش). إبراهيم. بكاي. كريم. دوشمان. عبد اليان صفر (الثاني). غضيب (تصغير غضب). جبران. إسحاق. التناكيس. دراوشة أبو الزيط. البدوي. سلمان. عبد النبي (الأول). عبد النبي (الثاني). صبيح (تصغير صبح). الغزل. ومن هنا يبتدئ البحر وهو (خليج فارس). (له تلو) بيت علم في العراق 1 - تمهيد البحث أنجبت تربة بغداد الطاهرة أسراً فاضلة رفيعة العماد عريقة في المجد والشرف، ونبغ من هاتيك الأسر رجال كانوا أئمة العلم والفضل وكان لهم من علو الكعب وطول الباع في العلم والأدب ما أذاع شهرة هذا القطر في الآفاق. ولا غرو فإن بلاداً كانت في ما سلف مهبط العلم ومنبع الحضارة، ومنشأ العمران، ومقر العرفان، لجدير بها أن تفتخر بأمثال تلك البيوتات الكريمة التي أحيت بفضل سعيها ما كان اندرس من آثار مدنية السلف الصالح، فأعادت إلى البلاد رونقها وبهاءها، وبنت حياة جديدة دفعت الشعب إلى الإقتداء بالأمم الحية ومسابقته إياها في معترك الحياة، وأنا لا أريد هنا أن أبحث عن تراجم مشاهير العراق في القرون الخالية لأن ذلك متوفر لدينا في كتب التواريخ والتصاريف المفردة للتراجم ودواوين الأدب بل الذي أحب أن أذكره هو الإلمام من طرف خفي إلى تراجم مشاهير العراق في القرن التاسع عشر ممن قد غابت عنا أخبارهم بضياع دواوينهم وطمست معالمهم باندثار آثارهم، إلا وأن هذا البحث خير بحث يتعرض له

الأدباء والكتاب. ويا حبذا لو اقتفى كتابنا أثر كتبة الغرب الذين يسعون سعياً حثيثاً وراء إحياء معالم أسلافهم، وتدوين مآثرهم، وتخليد ذكرهم، في بطون التواريخ وصفحات الدفاتر إذ التفتيش عن تراجم رجالنا الأقدمين والمحدثين وجمع متفرقها وضم شتاتها ونشرها بين القوم مما يثير الغيرة الوطنية في الصدور ويحرك الجامدين ويجري ماء الحياة في عروقهم للجري على منوال أسلافهم وإن شئت فقل أن ذلك مما يدفع ناشئتنا الحديثة وشبابنا إلى الإقتداء بأجدادهم وتقليدهم في سيرهم، في اجتماعاتهم، في خطبهم، في آدابهم، في مناظراتهم، لا بل بأعظم شيء نفاخر به الأمم أي بوفرة عظمائنا وكثرة أدبائنا ونحن إن تابعنا هذه الأبحاث ونشرناها على صفحات الجرائد والمجلات نكن خلدنا لقطرنا وأمتنا ذكراً جليلاً، وعزاً خطيراً، ومجداً فخيما، وفخراً عظيماً، لا تمحوه الدهور ولا العصور. 2 - أسرة الألوسي ومن البيوتات ذات الشرف الباذخ، والمجد الشامخ، والمقام الرفيع، والدرجة العليا في العلم والفضل، أسرة الآلوسي التي تنسب إلى آلوس وهي جزيرة في وسط نهر الفرات على خمس مراحل من بغداد فر إليها أجداده من وجه هلاكو التتري عندما دهم بغداد وفتك بأهلها ومنذ نحو ثلاثمائة سنة رجع أبناؤه إلى الزوراء ولبثوا فيها حتى الآن. وقد نبغ من هذا البيت رجال فضلاء، أدباء، بلغاء فصحاء. ألقى إليهم الأدب مقاليده، فخدموا الآداب العربية ونشروا أثارها وجمعوا متفرقها، وأحيوا أمواتها، وهم والحق يقال أنهم رؤساء النهضة العربية في عراق العرب بعد أن بقى زمناً طويلاً يحن إلى سامق مجده نادباً أبطاله، راثياً مدارسه ومعاهده؛ وممن أشتهر من هذه الأسرة الرفيعة العماد السيد محمود شهاب الدين الآلوسي وأخواه عبد الرحمن وعبد الحميد، وكانوا من أبناء القرن التاسع عشر، رضعوا كلهم افاويق الأدب وذهبوا في فنونه كل مذهب فوقفوا على أسراره ودخائله وميزوا غثه من سمينه وصحيحه من عليله. وهانحن نبدأ بترجمتهم تخليداً لذكرهم، واعترافاً بفضلهم. 3 - السيد محمود شهاب الدين الآلوسي 1: نسبه وولادته وأوائل نشأته - هو أبو الثناء شهاب الدين السيد محمود

- ويعرف بالشهاب الآلوسي - ابن العلامة السيد صلاح الدين ابن السيد عبد الله رئيس المدرسين في بغداد ومدرس المدرسة الأعظمية وينهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي رضه، ولد في بغداد في 14 شعبان سنة 1217هـ 1802م وكان منذ أن نشأ وترعرع كلف بالعلوم والآداب. وأخذ العلم عن أعاظم مشايخ العراق في ذلك العهد منهم: الشيخ خالد الكردي النقشبندي وغيره وكانت نفسه كبيرة تتوق إلى الأعالي فبذل ما لديه من القوى المادية والأدبية في سبيل الوصول إلى تحقيق مبادئه السامية، حتى أن مواظبته على المطالعة وانكبابه على الاشتغال بحل العويصات من الفقه والتفسير انسياه لذة العيش، وكان قد وجه همته منذ حداثة سنه إلى التأليف والتحبير وقد ساعده منشأه على إنماء أفكاره وتوجيهها احسن متجه. والخلاصة أنه كان ذكياً متقد الخاطر قوي الحافظة، وصادق اللهجة، وقد أوتي من فرط الذكاء ما جعله إماماً في التفسير والإفتاء. . هذا فضلاً عن أنه كان كاتباً بليغاً، وشاعراً مفلقاً، وخطيباً مصقعاً. 2: رتبه ومناصبه - كان علامتنا بعيداً عن أمور الدولة، معتزلاً أشغالها، تاركاً الدنيا وملذاتها، وبقى على ذلك زمناً طويلاً إلى أن قلدته ولاة الأمر سنة 1248هـ 1832م منصب إفتاء السادة الحنفية، ومنذ ذلك الحين ألجأته الحالة إلى التقرب من رجال الدولة العظام الاختلاط بكبار ساستها ووزرائها فسافر سنة 1262هـ 1845م مع عبدي باشا إلى الموصل ومنها إلى الأستانة وعرج في طريقه على ماردين فارزن الروم فسيواس، وكلما مر ببلدة تهافت عليه أعيانها وعلماؤها وأشرافها لرؤيته والاقتباس من أنواره والاغتراف من بحاره، وبقي في دار الخلافة سبع سنوات لاقى في خلالها من الاحتفال به والالتفات إليه والرعاية شيئاً عظيماً أظهره له السلطان عبد المجيد خان إننا لا يمكننا أن نصفه، ثم عاد إلى وطنه معززاً ممدحاً بكل لسان مشمولاً بألطاف الخليفة الأعظم. وقد منحه الوسام المرصع العالي الشان سنة 1269هـ 1852م. 3: اشتغاله بالتأليف وذكر تصانيفه - ولما رجع إلى وطنه انكب على التأليف والتحبير والاشتغال في تدريس العلوم وقضاء الحاجات لا يضيع ساعة من وقته ولا يضن بشيء على غيره مما أنعم الله به عليه من العلم والجاه والمال، وكان مجلسه خاصاً بالأدباء والفقهاء. أما مصنفاته فكثيرة وكلها جليلة المواضيع جمة الفوائد،

ومن أعظمها شأناً وأكثرها اشتهاراً كتاب روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني المطبوع في مطبعة بولاق سنة 1301 في تسعة مجلدات كبيرة جمع فيها خلاصة ما حوته سائر التفاسير بعد أن حل مشكلاتها وأزال الستار عن معضلاتها بيراع دل على غزارة أدبه ورسوخ علمه وطول باعه. ومنها كتابه نشوة الشمول. في السفر إلى اسلامبول، وهو كتاب طبع في بغداد سنة 1291هـ 1884م في 54 صفحة اشتملت على كل ما شاهده من الآثار والعجائب والغرائب في سفره إلى الأستانة وشفعه بكتاب نفيس دعاه نشوة المدام، في العود إلى دار السلام، ضمنه ما وقف عليه أثناء رجوعه من القسطنطينية وطبع في بغداد أيضاً وله أيضاً كتاب الأجوبة العراقية المطبوع في دار الخلافة وكتاب الطراز المذهب في شرح القصيدة الممدوح بها الباز الأشهب وقد طبع في مصر. ومن مؤلفاته النادرة كتاب غرائب الاغتراب في الذهاب والإقامة والإياب ويدعى أيضاً بنزهة الألباب ضمنه تراجم الرجال وخلاصة ما دار بينه وبين السيد أحمد عارف حكمت بك شيخ الإسلام أثناء إقامته في عاصمة الملك من الأبحاث الفلسفية والمناظرات الأدبية طبع في بغداد سنة 1327 ومن مصنفاته كتاب: الأجوبة العراقية، عن الأسئلة اللاهورية، طبف في بغداد، والفيض الوارد على روض مرثية مولانا الشيخ خالد، وطبع بالمحروسة بالمطبعة الكستلية سنة 1278، وشرح القصيدة العينية في مدائح علي كرم الله وجهه وطبع أيضاً في مصر، وله في المنطق تأليف جليلة القدر خطيرة الأبحاث ومما نعرفه منها شرح السلم في المنطق، وكتاب وكشف الطرة عن الغرة وهو شرح درة الغواص للحريري طبع في دمشق الشام سنة 1301 في 477 صفحة وحاشية على شرح ابن عصام في الاستعارة ألفها في شبابه وحاشية علي مير أبي الفتح في علم آداب البحث وشرح البرهان في إطاعة السلطان وسفرة الزاد لسفرة الجهاد ومن نفائس أثاره رسالة في الإنسان وله في النحو حاشية على قطر الندى لأبن هشام ألفه وهو لم يبلغ بعد الحلم طبع في القدس الشريف وله كتاب يدعى بالمقامات طبع في كربلاء سنة 1873م وعدد صفحاته 134 ومن آثاره النافعة كتاب البيان في مسائل إيران ورسالة في الإمامة رداً على الشيعة، وكتب ورسائل ومجاميع فتاوي وحواشٍ وتعليقات يضيق نطاق البحث عن سردها وتبيانها.

4: شعره وأدبه - مر بك القول عما كان عليه المترجم من المقام السامي في التفسير والفقه؛ وهنا نقول أنه كان أديباً كاتباً لا يشق له غبار وشاعراً فصيحاً لا يسبقه أحد في مضمار، وقد نهج في شعره منهج فحول الشعراء في عصر الجاهلية الجهلاء، وفي صدر الإسلام بوصفهم وبلاغتهم وإبداعهم في ترصيف المعاني وانتقاء الألفاظ الرقيقة والأساليب الدقيقة، ومن شذرات شعره قوله يذكر العراق ويحن إليه: أهيم بآثار العراق وذكره ... وتغدو عيوني من مسرتها عبرى والثم أخفافاً وطئن ترابه ... وأكحل أجفاناً بتربته العطرى وأسهر أرعى في الدياجي كواكباً ... تمر إذا سارت على ساكن الزورا وأنشق ريح الشرق عند هبوبها ... أداوي بها يا مي مهجتي الحرى وقال يصف بغداد وفراقه إياها: أرض إذا مرت بها ريح الصبا ... حملت من الأرجاء مسكاً أذفرا لا تسمعن حديث أرض بعدها ... يروي فكل الصيد في جوف الفرا فارقتها لا عن رضى وهجرتها ... لا عن قلى ورحلت لا متخيرا لكنها ضاقت علي برحبها ... لما رأيت بها الزمان تكدرا ومن لطائف شعره وصفه لشاعر سهل الألفاظ بعيد المعاني قوله: تتحير الشعراء إن سمعوا به ... في حسن صنعته وفي تأليفه فكأنه في قربه من فهمهم ... ونكولهم في العجز عن ترصيفه شجر بدا للعين حسن نباته ... ونأى عن الأيدي جنى مقطوفه وقال مفتتحاً به كتاب مقاماته ومستغفراً: أنا مذنب أنا مجرم أنا خاطئ ... هو غافر هو راحم هو عافي قابلتهن ثلاثة بثلاثةٍ ... فستغلبهن أوصافه أوصافي وله من القصائد الرقيقة الألفاظ البليغة المعاني شيء كثير. ومما يذكر عنه ويعد له من جملة المواهب أنه كان لا يقصر تأليفه في اليوم والليلة عن أقل من ورقتين كبيرتين، وهذا ما يدلك على ما ناله من سهولة الكتابة وسرعة القلم. 5: أقول شمسه - وقد توفى في 5 ذي القعدة سنة 1270هـ 1854م بلغ عمره 53 عاماً قضاها بالتقوى والبر بالفقراء والإحسان إلى البؤساء ودفن

نقد الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية

قرب والده المتوفى بالطاعون سنة 1248هـ عن يمين الذاهب إلى الشيخ معروف الكرخي قريباً من باب مسجده وقبره الآن مشهور يزار، وقد خلف خمسة بنين نبغوا في العلوم والآداب وتسنموا الوظائف السامية وهم عبد الله وعبد الباقي ونعمان وحامد وشاكر، وقد رثاه رجال الأدب بقصائد رنانة جمعت ما قيل فيه من المديح والثناء والتنويه بفضله أثناء حياته في كتاب سمى (حديقة الورود في مدح أبي الثناء شهاب الدين محمود) وهو يطبع اليوم. ومن الله التوفيق. إبراهيم حلمي نقد الجزء الثاني من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي أفندي زيدان صاحب مجلة الهلال 3 - أوهامه في ما قال وفكر وذهب إليه (تلو) - لله در صاحب الهلال فإن كتابه لم يكد يصدر إلا واهتمت به أشهر الصحف والمجلات وقام له كتاب العرب والإفرنج وتصدوا للخوض في نقده وإظهار ما فيه من المحاسن والمعايب. وكفى بهذه العناية دليلاً على منزلته بين المؤلفات واحتياج الأدباء إليه وإلى محتوياته. ونحن نقول أن هذا السفر يبقى في مقدمة الكتب التي صنفت أو تصنف في هذا الموضوع. كما أننا على يقين من أن هذا الكتاب يروج أعظم الرواج كمعظم ما صنفه حضرة كاتبنا الضليع ويعاد طبعه مراراً. فإذا عقد النية صاحبه على تجديد نشره نود أن يزول منه بعض الشوائب ليحل المحل الأول بين ما يؤلف في هذا المعنى وينال استحسان الجميع. على أن الإتيان بها كلها هنا مما يضيق له نطاق المجلة غير أننا نذكر منها القضيض لا القض متتبعين الصفحات لا المواضيع ليسهل على الباحث اقتصاصها والوقوع عليها في موطنها بتسلسل وتحدر بدون أدنى عنف أو مشقة. ذكر في ص 10 من كتابه أن (أكثر العلوم نشأ من القرآن أو توحد خدمة له) ثم لما جاء بذكر تلك العلوم لم يبين ما ذهب إليه في صدر مقاله لا بل أيد الخلاف

إذ نسب بعضها إلى الأقدمين وإن العرب سعوا في ترجمتها. - وقد قال في تلك الصفحة (لا يكاد يخلو علم من تأثير القرآن عليه رأساً أو ضمنا) ونسي أن العرب إذا بحثوا بحثاً في موضوع لم يأنفوا من الإشارة إلى سائر المواضيع فما من أحد تعرض لشرح المعلقات مثلاً إلا ورأيت فيها سائر العلوم (رأساً أو ضمناً) فلماذا لم يقل مثل قوله السابق عن هذه المعلقات. فأنت ترى أن ما قاله في البدء لا يوافق ما أشار إليه في ما تلا من تأييد آرائه. وقال في ص 11 (أنه (أي النحو) نضج (عند العرب) في قرن وبعض القرن. واليونان لم يتم علم النحو عندهم إلا بعد إنشاء دولتهم بعدة قرون. ولم يضع الرومان نحو اللغة اللاتينية إلا بعد قيام دولتهم بستة قرون) لكن ذهل حضرته عن أن اليونان والرومان اهتموا بوضع المبادئ والأسس والعرب جاءوا بعدهم فوجدوا كل شيء مهيأ فأخذوه عمن تقدمهم ليس إلا. نعم. إن بعضهم ينكر ذلك لكن أدلة المعاصرين من أهل البحث والمستشرقين من أبناء الغرب أماطوا اللثام عن محيا الحقيقة فأصبحت اليوم سافرة لا تحتاج إلى إثبات. وقال في صفحة 13: (لم يصلنا من أساليب الإنشاء الجاهلي غير سجع الكهان وأقوال شق وسطيح الكاهنين الجاهليين مشهورة وكلها باردة ركيكة يمجها الذوق). قلنا: إن الذين نقلوا أقوال شق وسطيح وسائر الكهان جاءوا بعدهم بعدة سنين بل بعدة مئين من السنين فلما نقلوا لنا شق وسطيح لم ينقلوها لنا بنصها بل بما يكاد يكون بمعناها. لا بل لعلهم وضعوها على لسانهم بدون أن يكون لها ظل من الحقيقة وقد فعلوا ذلك تحقيراً لكلامهم في عهدهم ذك. وإلا فإن ما وصل إلينا من أشعارهم المتينة وارتجالهم إياها يدل على ما كان لهم من قوة العارضة وأداء البلاغة بجميع حقوقها. طالع مثلاً أمثالهم وما يعزى إلى خطباء العرب ووفودهم وراجع العقد الفريد في ما ينسبه إلى قدماء الناطقين بالضاد تر العجب. وفي ص 14 ذكر ما: (دخل اللغة في الألفاظ الإسلامية واكتسبت كثيراً من المعاني الإسلامية لم تكن فيها من قبل كالصلاة والزكاة والمؤمن والكافر والمسلم وغير ذلك). قلنا إن شيوع تلك الألفاظ بالمعاني التي يشير إليها كان عرب النصارى قد سبقوا عرب الإسلام إلى وضعها بل كان عرب اليهود أيضاً

قد عرفوها واستعملوها. وقد أشرنا إلى ذلك في غير هذا الموطن قبل سنتين فكيف يقول حضرته هذا القول وهو يعلم ما يقابل هذا الكلم من المصطلحات الآرامية أخت اللغة العربية وتكاد تكون هي هي حرفاً بحرف. إن صدور مثل هذا الرأي من صدره لعجيب! وفي ص 17 وما يليها ذكر ما للعصر العباسي من المزايا وأورد منها شيئاً ونسي شيئاً أكثر وكتب الإفرنج الموضوعة في هذا المعنى تتعرض أكثر لما تعرض له. فلتراجع في مظانها. ومن غريب ما ذكره في هذا السياق حرية الدين ونسي أن كثيراً من الخلفاء ضيقوا على العلويين تضييقاً يقف دونه كل تضييق ديني. وهذا كتاب (مقاتل الطالبيين) لصاحب الأغاني دليل على ما نقول. ثم هل نسي ما فعل بعضهم بالنصارى واليهود فليرجع إلى كتب المؤرخين والإخباريين ير العجب. والمؤلف كثيراً ما أهمل أمر الأمامية في تضاعيف هذا السفر مما يسفر على أنه غير متوفر العدة في ما يتعلق بشؤون هذه الفرقة التي لها أعز مقام في العلوم العربية وحضارة العرب وتمدنهم. ومن جهله أمور الشيعة قوله عن الفقه والفقهاء ص 138: ووقف التقليد في الأمصار عند هؤلاء الأربعة وتولدت منهم مذاهب الإسلام الأربعة). . . فكان يحسن به أن يقول هنا: أما الاجتهاد عند الشيعة فإن بابه لم يوصد بل بقي مفتوحاً إلى يومنا هذا. وأغلب كبار مجتهدي الجعفرية هم في النجف. ومما زاد الطين بلة قوله في ص 144: (ومن الفقهاء في هذا العصر فقهاء الشيعة لم ينبغ منهم من يستحق الذكر. . .) قلنا: ولو راجع حضرته بعض كتب هذه الفرقة كروضات الجنان، وكتاب نهج المقال، في أحوال الرجال، لميرزا محمد الاسترابادي المكي المطبوع في طهران، وكتاب الفهرست، للشيخ منتجب الدين المطبوع في آخر بحار الأنوار، وكتاب أمل الآمل في علماء جبل عامل المطبوع في ذيل منهج المقال، وكتاب منتهى المقال، في أحوال الرجال، للشيخ أبي علي المطبوع في طهران. - لرأى أنه غير مصيب في كلامه هذا ولتحقق أن بين الأمامية من فقهاء المتوغلين في هذا العلم ما قلما نشاهد مثلهم في سائر الفرق الإسلامية ففيهم أبان بن تغلب وأبان بن عثمان وجابر الجعفي وهشام بن سالم وهشام بن الحكم وزرارة بن أعين وأخواه عمران وبكير، هذا فضلاً عمن يضاف إلى هذا البيت بيت العلم والفضل والآدب، ومحمد بن مسلم وأبو

الليث المرادي ويزيد بن معاوية العجلي وغيرهم. وكان يحسن به أن يذكر في ص 155 التقية إذ قال: وفيه (أي في عصر العباسي الثاني) قيدت الأفكار فطارد المتوكل للمعتزلة والشيعة فضعفت الحرية. وعمد الناس إلى التستر بأفكارهم خوفاً على حياتهم خلافاً لما كانوا عليه في أواخر العصر الماضي) أهـ. قلنا وهذا ما يسميه الشيعة بالتقية وهنا كان يليق به أن يذكر بحثاً وجيزاً فيها ويظهر ضررها بالدين لأنها ليست إلا رياء فيه، الأمر الذي لا نراه في أهل السنة. وقد نسي في كلامه عن علماء الكلام في العصر الثاني العباسي (ص 29) ذكر جماعة من كبار متكلمي الشيعة منهم: أبان بن تغلب وأبان بن عثمان ومحمد بن سنان وهشام بن الحكم وهشام بن سالم وأبو جعفر محمد الأحول المشهور بلقب مومن الطاق والمفضل بن عمر الجعفي ومحمد بن أبي عمير الازدي. وكذلك لم يذكر من مؤلفات محدثي الشيعة ص 211 كتاب الكافي لمحمد بن محمد الكليني الذي له أيضاً الروضة. ونسي أيضاً كتاب من لا يحضره الفقيه لمحمد بن علي بن بابويه والتهذيب والاستبصار لمحمد بن حسن الطوسي وكتاب بصائر الدرجات لمحمد بن الحسن الصفار وهي أربعة كتب مشهورة وغيرها. ومما يذكره بعز وافتخار، وعده من ثمار تمدن تلك الإعصار، إعصار العباسيين الكبار، (تكاثر الجواري مما لم يسمع به قبله حتى كان فيهم (كذا والأصح منهم) في بعض المنازل عشرات وفي البعض الآخر مئات إلى آخر ما هناك (ص 20) - قلنا: إن هذا مما لا يتباهى به في حضارة أمة ولا دخل له في (تاريخ آداب اللغة العربية) وإنما هذا مما يسكت عنه خوف الفضيحة والعار. خوف الإهانة والشنار. وفي ص 21 وما يليها إلى ص 32 تقدم إلى ذكر (امتياز العرب على سواهم من الفاتحين) وإلى ذكر (آداب اللغة اليونانية والفارسية والسريانية والهندية) وكل ذلك لا حاجة إليه بل كان يكتفي بإشارة خفية إليه لا غير. وفي ص 37 نسب إلى العصر العباسي ألفاظاً كثيرة كان معروفة قبل العباسيين لا بل قل الإسلام كالكي والحجامة والتوليد والفسخ والهتك والوثى والرض والخلع إلى آخر ما سرد من الألفاظ. فحقيقة لا أدري كيف يلقي كلامه بعض الأحيان على عواهنه حتى أنه يدفع القارئ إلى أن يظن بأنه لا يفعل ما يفعل إلا

لتوسيع حجم كتابه؛ مع أن الحقيقة هو أنه يهرب من ذلك هربه من الأفعى. ومما ذكره في ص 39 قوله: (فترى مما تقدم أن أهل تلك النهضة (العباسية) لم يكونوا يستكفون من اقتباس الألفاظ الأعجمية ولم يتعبوا أنفسهم في وضع ألفاظ عربية لتأدية المعاني التي نقلوها عن الأعاجم، بل كانوا كثيراً ما يستخدمون للمعنى الواحد لفظين من لغتين أعجميتين. فالسرسام مثلاً أسم فارسي لورم حجاب الدماغ استعمله العرب للدلالة على هذا المرض ولما ترجموا الطب من لغة اليونان استخدموا اسمه اليوناني وهو (قرانيطس) ولو استكفوا من استخدام الألفاظ الأعجمية لاستغنوا عن اللفظيين جميعاً). أهـ كلامه - قلنا إن المترجمين أو المعربين لم يكونوا جميعهم من طبقة واحدة فإن الضلع منهم كانوا يعربون الألفاظ معنىً لا مبنىً. فيقولون مثلاً علم الحساب ولا يقولون (الأرثماطبقي). وعلم الفلك أو النجوم لا (الأسطرونومية) وعلم المنطق لا (اللوجيقي) وعلم الإيقاع أو الغناء لا (الموسيقي) بخلاف الظلع فإنهم عربوا الألفاظ تعريباً لفظياً وذلك إنهم لبسوا الأعجمي لباساً عربياً وقالوا له إنك عربي فأذهب بسلام على الطائر الميمون. ثم إن الذين استعملوا الألفاظ الأعجمية الفارسية هم غير الذين اتخذوا الألفاظ اليونانية فليسوا هم إذاً بعينهم كما يفهم من قرائن كلام حضرة الكاتب؛ والذين كانوا يدخلون ألفاظ لغة أعجمية كانوا يجهلون أن غيرهم أدخلوا غيرها بمعناها من لغة أخرى أو كانوا يجهلون أن لها مقابلاً في العربية. وفي ذلك العهد كما في هذا العصر كان الضالع والضليع، وابن اللبون الخريع، والبازل القريع، ومنهم من يعلم الألفاظ الاصطلاحية ومنهم من يجهلها وكان أمر النقل من لغة إلى لغة في ذلك العهد اصعب مراساً من هذا اليوم لقلة شيوع الكتب واستلزام نسخها أو نقلها وغلاء ثمنها وعدم وجود المطابع والمعاجم على الوجوه الميسرة المقربة المعروفة اليوم لدينا. وعليه يكون في قول حضرة كاتبنا الفاضل مغالطة ومجازفة. هذا فضلاً عن إن السرسام غير الفرانيطس (بالفاء) عند المحققين. نعم إن بعض جهلة النقلة قالوا ذلك وبذلك؛ لكن بين أن يكونوا محقين وأن يكونوا محقوقين فرق كفرق ما بين الثرى والثرياء. فإن السرسام لفظ مركب من (سر) أي رأس (وسام) أي ورم أو مرض. وأما قرانيطس بالقاف فهو خطا والأصح إنها فرانيطس بالفاء أجل. إنها وردت في كثير من مؤلفات الطب بالقاف ظناً أنها من قرانيون

ومعناها قحف الرأس مع أداة (ايطس) في الآخر للدلالة على الالتهاب لكن هذه اللفظة بهذه الصورة لا وجود لها في لسان اليونان. وإنما هي فرانيطس بالفاء وفي الأول وهي من اليونانية أي التهاب الحجاب. فأنت ترى أن السرسام غير الفرانيطس عند المحققين وعليه سقط توجيه حضرة الكاتب التحرير في هذا الموضوع ولو كان أتى لنا بعده شواهد مدعاه لكان يتفوم من كلامه ضابط يتمشى عليه لكن الشاهد الذي أتى به انقلب عليه خصماً. على أننا لا ننكر أن ما ذهب إليه قد وقع حقيقة إلا أن وقوعه يعد من النوادر والنادر كالعدم لا يقوم عليه يعمل به المجتهدون. وفي تلك الصفحة ندرج إلى ذكر التراكيب الأعجمية التي تسربت إلى العربية في عصر العباسيين. وذكر أهم تلك التراكيب لكنه لم يذكر بينات تثبت مدعاه. فكان يحسن به أن يدعم آراءه بالأدلة الناصعة ليؤخذ بكلامه؛ لا سيما إن ما ذهب إليه هو من المبتكر أو يكاد يكون. ولهذا كان إسناد الرأي الجديد بحجج قاهرة أو مثبتة واجبة التفصيل، في هذا القبيل، وعلى كل فنحن لا نظن أن (الإكثار من استعمال الفعل المجهول) هو من مميزات تلك النهضة بل إنه حدث بعد ذلك بكثير ولا سيما عند المعربين النصارى. أما المسلمون فإنهم كانوا يأنفون من هذا السبك إذ كانوا في مندوحة عنه. ومما يذكر في تلك ص (أي 39) في باب التراكيب الأعجمية في اللغة العربية قوله. (إدخال الألف والنون قبل ياء المتكلم (كذا) في بعض الصفات كقولهم روحاني ونفساني وباقلاني ونحو ذلك مما هو مألوف في اللغات الآرية لا يستحسن في اللسان العربي). . - قلنا: إن الألف والنون اللذين يشير إليهما لا تدخلان قبل (ياء المتكلم) بل قبل (ياء النسب) وقد أخذ العرب هذا النوع من النسبة من الأرميين لا من الآريين وإن كانت هذه النسبة موجودة بهذه الصورة عند الآريين الذين يشير إليهم وهذا أشهر من أن يذكر. وقال في تلك الصفحة (أي 39) ومن التعبيرات التي اقتبسها العرب من اللغة اليونانية ما لم يكن لهم مندوحة عنها ولا بأس منها: 1 تركيب الألفاظ مع (لا) النافية وإدخال ال التعريف عليها كقولهم: اللانهاية واللاادرية واللاضرورة أهـ. - قلنا: إن هذا الاستعمال كان معروفاً قبل عصر

العباسيين فقد جاء في كلام عامر بن الضرب العدواني من خطباء الجاهلية: أنى أرى أموراً شتى وحتى. قيل له: وما حتى؟ قال: حتى يرجع الميت حياً، ويعود اللاشيء (أي العدم) شيئاً. أهـ. فأنت ترى أنه كان في غنىٍ من أن يقول اللاشيء بقوله العدم. لكنه قال ما قال لتوجيه الفكر إلى معنى دقيق جديد لا يوجد في لفظة العدم. وقال في ص 40: (ومن الكتب التي يمكن الرجوع إليها في هذا الموضوع موضوع الألفاظ العلمية غير كتاب تاريخ اللغة العربية المتقدم ذكره: (كتاب التعريفات) للجرجاني المتوفى سنة 816هـ، ويشتمل على المصطلحات الفقهية والنحوية وغيرها مرتبة على حروف المعجم وهو مطبوع في باريس سنة 1845 وفي مصر أهـ. - قلنا: لا ندري لماذا خص بالذكر المصطلحات الفقهية والنحوية دون غيرها مع أن مصطلحاتهما قليلة بالنسبة إلى أوضاع سائر الفنون. ثم قال إنه طبع في باريس والحال إنه طبع في لبسيك بسعى غستاف فلوجل: وأما الطبعة المصرية فقد برزت سنة 1283 نقلاً عن الطبعة الإفرنجية كما أن شركة الصحافة العثمانية في دار السعادة طبعتها على النسخة المصرية وهي كثيرة الأغلاط كالأصل الذي نقلت عنه إذ لم تحرر. ومن غريب أقواله ما ذكره في سبب الشكوك في الدين والزندقة (ص 51) قال: الفلسفة لم تدخل في ديار قوم أهل دين إلا شوشت اعتقادهم وتركتهم حيارى مذبذبين ريثما يرسخون في العلم فيستقر رأيهم على شيء يدينون به (كذا). أهـ. قلنا: ليست الفلسفة إلا نوراً طبيعياً لا يضر العقل المتدين السليم بل يزيده جلاء مهما تغلغل في الحكمة وإنما يؤذي من كان في عقله آفة أو في دينه مغمز أو مطعن ونحن نعلم أن كثيراً من المتدينين تفرغوا أو يتفرغون لدرس الفلسفة فنهضوا أو ينهضون عنها وقد تمكن معتقدهم في صدرهم وازدادوا نوراً على نور. وإلا فمن ينسب إلى الفلسفة تسبب الضعف في الدين والزندقة كمن ينسب إلى الشمس موت الأحياء. نعم إن الشمس قد تميت لكن الغالب على أفعالها الحياة والأحياء وكذلك فعل الفلسفة. ولهذا فنسبة الزندقة إليها ظلم بين فاضح. وقد قال قدماء الأجانب: قلة العلم تبعدنا عن الله وكثرته تقربنا منه. وحضرة الكاتب كثيراً ما يلمح إلى عدم اتفاق الدين والعلم كأن الواحد عدو الآخر وكأن مصدر الاثنين مصدران متعاديان لا يجتمعان معاً. ونحن ننزهه عن هذا المقال، على أنه لا يسلم هو بصحة مبدأ هذا وكأنه رأى نقصه عند تدوينه إياه

فأستدركه بقوله: (على أن الشكوك في الدين شاعت في الأدباء والشعراء قبل نقل الفلسفة إلى العربية فلعلها تطرقت إلى أذهانهم من معاشرة الأمم المختلفة في بغداد والكوفة والبصرة ممن دخل منهم في الإسلام.) أهـ. قلنا: إن تخصيصه الأدباء والشعراء بقلة التدين ظلم بحت أو محض تحكم. فإن فساد الدين في طبقة من الناس دون الطبقة الأخرى فضعفاء الدين موجودون في كل قطر وعصر، وفي كل شق وعمر، وفي كل أمة وملة، وفي كل طبقة من طبقاتها وقد وجد بين العرب قبل الإسلام وفي عهده وفي صدره وفي عقبه بقليل أو كثير أناس ممن يشير الكاتب إليهم كما يشهد عليه التاريخ. وممن ثم لا نستصوب رأي كاتبنا في هذا الصدد كما إننا لا نوافقه على رأيه. والكاتب البارع المبتدع كثيراً ما يعمم بعض الأمور لورود خبر خاص جاء في معنى من المعاني التي يريد تأييدها. وهذه كتبه كلها مشحونة بمثل هذا الإطلاق المخل بالحقائق وقد جاء مثل ذلك في ص 53 قال: (وكثيراً ما كانت تعقد مجالس الشعراء لغرض أدبي كوصف منظر أو أداةٍ كما فعل الهادي إذا استقدم الشعراء إليه وأقترح عليهم أن يصفوا سيفاً أهداه إليه المهدي وهو سيف عمرو بن معدي كرب فوضع السيف بين يديه وقال للشعراء: صفوه فنال الجائزة ابن يامين المصري.) - قلنا: ولو قال (وربما كانت تعقد مجالس. . . الخ) لكان أثبت قدماً في موقف الحقيقة وإلا لو كان صادقاً لأتى لنا بشواهد جمة تأييداً لمقاله. فإذ لا يسرد إلا شاهداً واحداً فالأوجه أن يقول مثلاً عبارة تشعر بضيق موقفه وحرجه أو تدل على أن الأمر لم يكن على وجه العموم. - وفي تلك الصفحة قال أيضاً: وكثيراً ما كان الرشيد يعقد المجالس للبحث في معنى بيت. وهو لم يذكر هناك إلا شاهداً واحداً إدعاماً لرأيه. ومثل ذلك قال في الصفحة التالية (54) وهذا نص كلامه: (وكثيراً ما كان رجال الدولة يعولون على الشعراء في تبليغ بعض ما يخافون غضب الخليفة منه كما فعلوا بتبليغ الرشيد خبر نقفور ملك الروم) وهنا أيضاً لم يذكر كاتبنا إلا خبراً واحداً لبناية حقيقة تاريخية عامة الموضوع. ولو أردنا أن نتبع مثل هذه الأقوال. لاتسع بنا المجال. إلى ما يخرجنا عن ميدان البحث. والظاهر من تتبع صفحات كتاب مؤلفنا المبتدع أنه لم يعن بتتبع أحوال الشيعة وليس بيده كتبهم الكبار إذ قلما يستشهد بمصنفاتهم بل كثيراً ما يظهر

جهله أخبارهم. أنظر مثلاً ص 57 تر أنه عد من شعراء الشيعة السيد الحميري ودعبل وديك الجن فقط وأخرج من بينهم صريع الغواني مسلم بن الوليد ومنصور النمري والعكوك وأبا دلف وأبا تمام والبحتري وأبا نواس. مع أنهم من المتظاهرين أو القائلين بالتشيع. وقد يهفو أحياناً في جزمه في بعض الأمور لا سيما في وجود الكتب وضياعها فقد قال مثلاً في ص 123: (ولم يصل إلينا من كتاب العين إلا ما نقل في كتب اللغة كالمزهر للسيوطي وكتاب النحو لسيبويه) ولو زاد عن ذلك ثلاث نسخ في العراق ولعل يوجد أكثر من ثلاث وقد ورد مثل كلامه هذا بخصوص المؤلفات النادرة في عدة مواطن ونحن نكتفي هنا بالإشارة فقط. ولهذا يحسن به أن يكسر قليلاً من لهجته في هذا الصدد. ولا سيما وقد عاد في الصفحة 124 إلى كتاب العين فقال: وللأسف أنه ضاع وقد كان موجوداً إلى القرن الرابع عشر للميلاد ولا يبعد أن يعثر الباحثون على نسخة منه في بعض المكاتب الخصوصية). ومن أوهامه أنه نسب إلى ابن المقفع معرفة اليونانية (ص 129) وهذا رأي فائل ذكره بعض مترجميه على طريق التكهن لأنهم رأوه اختصر بعض كتب مترجمة من اليونانية لكن لم يذكر أحد هذا الخبر على طريق التأكيد والحكم المبتوت فكيف جاز له بعد ذلك أن يقول: وكان يعرف اللغة اليونانية (جيداً)؟ وفي بعض الأحيان يقابل حضرته بين ما أتجه تمدن اليونان والرومان بما ولدته حضارة العرب ثم أنه يحكم بأن نتاج أهل الغرب لم يكمل إلا بعد سنين طوال وأما نتاج العرب فإنه كمل بعد حين قليل. مثال ذلك مقاله في ص 144 (فترى مما تقدم أن المسلمين دونوا فقههم واقروه واستنبطوا الأحكام والشرائع قبل انقضاء القرن الثاني من تأسيس دولتهم ولم يتفق ذلك لدولة من الدول قبلهم. فإن الشريعة الرومانية لم يستقر أمرها وتضبط إلا في زمن يوستنيان وذلك بعد تأسيس الدولة الرومانية بأكثر من عشرة قرون.) أهـ كلامه. قلنا في مثل هذه المقابلات والمعارضات: إن العرب أخذوا أغلب علومهم عن كتب الرومان واليونان وغيرهم فحصدوا ما زرع غيرهم. وأما من سبقهم فإنهم حصدوا ما زرعوا بأنفسهم. ومع هذا كله فشتان بين نتاج ونتاج وبين حضارة وحضارة

رجال السفينة العراقية

فإن المستشرقين الراسخي القدم في تواريخ أهل الشرق والغرب يرجعون اليوم كثيراً عما ذهب إليه من سبقهم إلى هذه الآراء التي أرتاها إخوانهم قبل أن يطلعوا تمام الإطلاع على مآخذ العرب ومصادر علومهم. رجال السفينة العراقية 1: (الأولى) هو كبير الملاحين. ويكون في مقدمتهم عند جرهم السفينة. وهو مشتق من الأول (أي المقدم). وتختلف أجرة (الأولى) في السفينة باختلاف المواقع ففي بغداد يأخذ (الأولى) على السفرة من بغداد إلى البصرة عشرة مجيديات ويكفل كل الملاحين وإذا هرب أحدهم في الطريق يتعهد بإرجاعه إلى محله أو يأتي غيره وإلا يغرم عشرة المجيديات عوض ذلك. وفي الفرات يأخذ (الأولى) مجيدين إلا أنه لا يكفل أحداً أبداً؛ وكذلك (أولى) السفينة التي تسير بين الكوت والبصرة. وقد تختلف هذه المعاملات في بعض الأحيان أو الأمكنة والاختلاف طفيف. 2: (الآشجى أو العقب يراد بهما الطباخ الذي يطبخ طعام أهل السفينة وأجره الآشجي أو العقب الذي في بغداد أربعة مجيديات والذي بين الكوت والبصرة مجيديان وذلك على كل سفرة يسفرها من المحل الذي تقلع منه سفينته إلى البصرة ذهاباً فقط. لأن أهل الكوت وأهل سقي العراق يتحاسبون في المحل الذي تنقل فيه أحمال سفينتهم ولا يتركون الحساب إلى الرجوع بخلاف أهل بغداد فإنهم لا يتحاسبون إلا عند رجوع النوتية إلى المحل الذي أقلعوا منه ويسمى أهل السفن نقل حمل السفينة (نفاضاً) فيقولون (نفضت) السفينة (ونفضتها) أنا و (انفض) أنت السفينة بصيغة الأمر. 3: (البواب) هو الملاح والبوابون خمسة وهم بواب أول وثانٍ وثالث ورابع وخامس. وهذا عدد الملاحين في السفينة الكبيرة وقد ينقص ويزداد بحسب كبر السفينة وصغرها.

4: (الجوقة) هو اسم جميع رجال السفينة من صغير إلى كبير ما عدا الناخذاة والكلمة فارسية الأصل من جوخ بمعناها. 5: (الصاعود): هو الذي يصعد دقل السفينة لتحويل بعض حبال السفينة من محلها إلى محل آخر ومن أعلى الدقل إلى أدناه أو لغير ذلك مما يخص هذا العمل. وأجرة الصاعود من أهل بغداد مجيدي واحد في السفرة والذي من أهل الكوت نصف مجيدي. 6: (الصانع): هو الذي يجر القفة وأجرته عن كل سفرة تدوم نحو أربعة أيام زهاء عشرة فرنكات. والكلمة مشتقة من الصنع أي العمل. 7: (الطراح): هو مسير (العبرة) و (الكلك) ويجمعونها على طراريح. وهو ذو رتبتين عليا وسفلى وصحب الرتبة العليا يسمى عندهم (رأساً) وصاحب الرتبة السفلى يسمونه (دوناً) بمعنى أدنى وأجرته تقل أو تكثر بحسب رواج سوق النقل وكسادها فقد تقل أجرة (الرأس) من الموصل إلى بغداد حتى تكون نحو 35 فرنكاً وقد تكثر فتبلغ 70 فرنكاً بل وترتفع في بعض الأحيان فتبلغ 100 فرنك أو أكثر. وأجرة (الدون) من الموصل إلى بغداد أيام البطالة 30 فرنكاً وأيام الشغل 60 فرنكاً وأجرة (الرأس) من تكريت إلى بغداد أيام الكساد 13 فرنكاً وأيام الرواج 40 فرنكاً وأجرة الدون في الوقت الذي تقل فيه النقليات 9 فرنكات وفي أيام المواسم 25 فرنكاً وقس على ذلك. 8: (العقب أو الآشجي): هو الطباخ وقد مر ذكره في صدر المقالة. 9: (الملاح): هو العامل في السفينة ويجمع عندهم على ملاليح (وزان مصابيح). ويسمى أيضاً سفاناً بفتح السين وتشديد الفاء والجمع (السفانة) وكل ذلك فصيح أما البواب الذي مر ذكره فيستعمل عند عدهم ويأخذ ملاحو السفينة جميعهم نصف أجرة حمل السفينة وذلك بعد إخراج المصرف الذي صرف عليهم من طعام وغير ذلك ويقتسمونه بينهم ويخرجون

للقفة التي تسير بجنب السفينة سهماً من عندهم يأخذه الناخذاة: هذا ما يفعله أهل بغداد. أما أهل الكوت فلا يخرجون سهماً باسم القفة أو (الخشبة) ويتحاسبون حيثما يلقى حمل السفينة بخلاف أهل بغداد فإنهم لا يتحاسبون إلا بعد رجوعهم إلى المحل الذي أقلعت منه سفينتهم أما أهل الفرات فهم كأهل الكوت إلا إنهم يخرجون قبل كل حساب من جملة الربح (وهو في لسانهم الوسط) عشرة مجيديات إلى الناخذاة ويسمون ذلك (ذبة) ويخرجون أيضاً من نصفهم سهماً كسهم أحدهم ويعطونه إلى مالك السفينة لكي يشتري به ما ينقص من أدوات السفينة ويسمون ذلك أيضاً (ذبة). والملاح عربي أصيل ومن أسمائه أيضاً عند الأقدمين نوتي، صارٍ، غادف، داري، عركي: قال في المخصص: (. . . النواتي الملاحون وأحدهم نوتي (والكلمة يونانية) الغادف الملاح يمانية. . . والصاري الملاح وجمعه صرآء والداري الملاح الذي يلي الشراع منسوب إلى موضع يقال له دارين.) أهـ وقال الإسكافي: (. . . العركي الملاح.) أهـ. قلت: والعركي يونانية. 10: (الملاك): هو مالك السفينة ويأخذ من ربح السفينة النصف وأجرة الناخذاة عليه. 11: (المليطي): ويسميه البعض (المليطة) بالهاء هو معاون الناخذاة ولا يعطي أجرة إلى أن يتعلم صناعته: والكلمة مشتقة من المتملطة وهي محل الإشتيام أو الإستيام أي رئيس الملاحين أو رئيس ركاب السفن. راجع المجلد السابع من مجلة المقتبس ص 111 - 118. 12: (النوخذة): ويجمع عندهم على (نواخذ) و (نواخذية) هو (ربان) السفينة وقد استعمل القدماء كلمة (النوخذة) بصورة الناخذاة والكلمة فارسية ويأخذ الناخذاة من عشرة مجيديات إلى ما فوق. أشهر مشاهير النواخذة من اشهر مشاهير النواخذة الحاليين في دجلة رجلان: الأول اسمه (هويدي الصالح الحياوي) نسبة عامية إلى الحي (أي واسط) وهو حي يرزق إلى الآن

وعمره قراب 40 سنة. والثاني (هويدي الكيتاوي) نسبة عامية إلى (الكوت الإمارة). وهو أيضاً في الحياة والأول أمهر وأشهر وله حكايات في سير السفن تحير الأفكار حتى تخال أنك تسمع حكايات خيالية ملفقة وهي ليست بها. وفي الفرات رجل اسمه (غافل الدغاري) نسبة إلى الدغارة ومن مهرة غافل المذكور أنه كان يرسل سفينته في مصب (عين) سدة الهندية الشهيرة بحملها فتعبرها بدون ضرر وغيره لا يقدر على ذلك أبداً وهو إلى الآن في الحياة وقد بلغ من العمر نحواً من 45 سنة. وأحذق أهل السفن في العراق كله في سيرها أهل (لملوم) أي (الأبيض). ومن أشهر عمال السفن في الفرات الحاج محمد بن قروف من أهل الكويت

إقامة أتون طاباق عمومي

وهو اليوم ساكن الكوفة وقد مر ذكره في لغة العرب 2: 101 باسم (قروفي). وفي دجلة حسين أبو عير وهذا الرجل قد جن في آخر عمره ومع جنته لم يفتر عن صناعة السفن ويجيد صنعها وقد مات قبل 15 سنة. والمشهور اليوم في دجلة (تونة (2) البغدادي). ومن أشهر (عوارف) السفن (والعوارف جمع عارفة والعارفة عند إعراب العراق هو الذي يتحاكم إليه في الخصومات. وعوارف السفن هم الذين يفصلون الخصومات التي تتعلق بأمور النوتية) هو (غافل الدغاري) في سقي الفرات وقد مر ذكره والحاج (محيسن الغيداوي) من أهل طويريق. (وحسين آل حنظل) من أهل النجف. وفي دجلة (داود الجنابي) من أهل بغداد (والسيد طاهر بن الحاج عبد الله) من أهل بغداد أيضاً. و (هويدي) و (شمندو) وكلاهما من أهل الكوت. وبهذا القدر كفاية والسلام. كاظم الدجيلي إقامة أتون طاباق عمومي لا يقام أتون للطاباق في وادي الفراتين إلا على نحو ما يقام في وادي النيل أي يحتاج إلى طائفة أو عدة طوائف من الملبنين (الذين يعملون اللبن) بموجب خطورة العمل. وطائفة الملبنين هي عبارة عن ثمانية عملة يعملون منها في اليوم ألفين. ودونك الآن كيف تتوزع أنواع الأشغال: ثلاثة عمال اسمهم (مشاؤون) يستخرجون التراب ويخلطونه الخلط اللازم ويعجنونه في نقر عجناً بالأرجل والمألوف في هؤلاء العملة أن ينتقوا من بين كثيرين ويدربون على هذا الشغل ويأخذون على أنفسهم أن ينتقوا هذا العمل المتعب والمهم ومياومتهم 7 غروش صحيحة. وعاملان أسمهما (نقالان) ينقلان الطين المعجون على مائدة الملبن ومياومة كل منهما 4 غروش صحيحة. و (ملبن) يكون رأس الطائفة وهو الذي يعني بإفراغ الطين في القالب وأول شيء يعمله يذر على لوحته وقالبه شيئاً من الرمل اليابس الدقيق ليمنعه من الالتصاق باللوح ثم يجعل فيها المعجون اللزج فيحزقه حزقاً بيده ويلقى عنه ما فضل

عند حزقه ويساوي سطح القالب بمكشط من الخشب. ولا حاجة إلى القول إن القوالب تكون من خشب صلب وقد تكون من الحديد. ومياومة الملين 12 قرشاً صحيحاً. وتحت يدي الملين فتيان يسميان (حمالين) يحملان القالب المحشو مع لوحه فيفرغانه على اللوحة المذكورة بعد أن يكون قد وضعها على متسع من الأرض نظيف وسوي ويابس. ثم يعود الحمال بالقالب فيغسله في ماء موضوع في سطل ويعيده إلى الملبن أستاذه ومياومة كل من الحمالين 4 غروش في النهار. وقد ينزل عدد الطائفة من 8 إلى خمسة فيكون حينئذ حاصل كل يوم 800 طاباقة وهذا لا يوافق النفقات إذا كانت الأشغال تتطلب طاباقاً كثيراً. فترى مما تقد شرحه إن مجموع مصرف كل يوم لكل طائفة تعمل ألفي لبنة هو 49 قرشاً صحيحاً لألف لبنة. ملاحظات عامة (أيام الشغل) الأيام التي يشتغل بها الطاباق ليست على السواء فالتي يوافق فيها الشغل هو 200 يوم في السنة أي من 15 نيسان إلى آخر تشرين الأول وأما بقية الأيام وهي 165 يوماً فإنها كثيرة البرد والرطوبة ولا يوافق الشغل فيها لصعوبة نشوفة اللبن. (ماء الشغل) إذا تدبرت الأبنية التي تشاد في بغداد تلاحظ أنها قد علاها غشاء أبيض بعد أيام قليلة من بنائها لا سيما سافات البناء السفلى وهو ما يسمونه بالشورة. هذه الشورة تتولد من خروج ملح الكلس الذي كان في معجون اللبن قبل إحراقه ولذلك سببان: الأول هو وجود هذا الملح في الأرض. ثانياً: زيادة هذا الملح المذكور عند عجنه بالرجل في نقرة الدوس وذلك أنه يجلب له ماء هو ماء الآبار وهذا الماء في بغداد كثير الملوحة فيزيد على ملح الأرض الأول ملح الآبار فيزداد قدره. فإذا أردت أن تجتنب هذا الخلل ابن مفخرتك قريباً من الشط وخذ ماءك منه لأن الماء الداخل في حجم اللبن هو نحو نصف قدر التراب الذي يتخذ منه اللبن.

سورة الخيل

(الشغل بالآلات) في كل ما تقدم سرده وشرحه لم أتعرض لذكر الوسائط الآلية عمداً سواء كانت هذه الآلات للدوس أو للعجن أو للتلبين. والسبب هو أن الشغل باليد أقل نفقة من الشغل بواسطة الآلات لأن أجرة العملة هنا غير باهظة بخلاف المعينات فإنها تكلف مصارف جمة ورجالاً خصوصيين فتزيد كلفة إقامة المفخرة. وقد يستعان بهذه الآلات لعمل بعض الآجر الذي يزين به ظواهر الأبنية أو ما يراد التأنق ببنائه. (سقط الآجر) قد سبق القول عن سقط الطاباق فهذا السقط يكون: 1: من الآجر الذي يحرق إحراقاً تاما 2: من الأجر الذي بولغ في إحراقه فأصبح كالزجاج 3: من الآجر الذي تكسر عند إدخاله الأتون وعند إخراجه منه. وكل هذا السقط لا يلقى بل ينتفع به. فالآجر الأول يتم إحراقه والثاني يتخذ في إقامة الأسس وإدخاله في أجراء اللياط. والثالث يتخذ كردة أو حمرة فإذا علمت كل ذلك هان عليك ما يجب اتخاذه من أنواع الموافي وعلمت أن أحسنها هو الذي نشيد بذكره أي أتون هوفمان مع بعض إصلاح يفيد هذه البلاد وهو لا بد منه. وبذلك أكون قد نفعت أصحاب هذه البلاد. وهذه هي الغاية التي توخيتها من وضع هذه المقالة. والله الموفق لسبيل الرشاد. أ. ب. سورة الخيل نزلت ببغداد في جمادي الأولى سنة 1300 موعظة لمشتري خيل الشرط من الأعراب الباب الأول في تفصيل الأصل إذا عشيرته يشبون من أصله يكفي وذاك يعلم بالتحقيق وعلامات

الأصالة مكتوبة على الوجود بقلم الخالق أيضاً خصوصاً في الجلد والشليل والشعر والوجه والمشية والعيون، والله. الباب الثاني في تفصيل الشكل في الجملة (1) طويل مثل السفينة أو الحية، (2) قريب من الأرض، (3) ملموم مثل المصارع لا مبسوط مثل العنكبوت أو اللقلق، (4) عيون كبار وجازع، (5) طبعه ساكن وصبور، (6) في تحت بطنه عرض واسع. الباب الرابع في تفصيل الوسط 1 - بطنه قريب من الأرض، 2 - الحارك منخفض، 3 - الدفتان طويلان وأعوجان 4 - الحزام نازل كثيراً مثل حزام كلب الصيد وقوي 5 - الظهر ما طويل بل مناسب ومرتفع مثل التل، 6 - المسمط قوي كثيراً ومرتفع مثل الجبل وجنباه واسع، 7 - الأضلاع مدورات مثل القوس أو القدح لا عدلاً مثل الجدار، 8 - الشاكلان قريبان من الحجبتين

الباب الخامس في تفصيل القطات 1 - القطاتان وسيعتان ومبسوطتان مثل أبواب المدينة وبينهما تحت الدبر محل مثل الشارع والدبر داخل مدفون في رأسه، 2 - المجمع مرتفع كثيراً بنسبة الحارك 3 - الحجبتان منتشران وواسعان وعليهما أعصاب قوية كبار ما مدورة بل مبسوطة مثل اللوحتين المقطوعتين من الحجر أو الحديد 4 - من المجمع إلى الشليل طويل وأن نازل ما يخالف بشرط الوسط والفتح الباب السادس في تفصيل اليد 1 - الذراعان طويلان وأعصابهما كبار كثيراً 2 - الركبتان كبيرتان وبعض من إعظامهما جازية مثل القرون. 3 - الأساس عدل وقصير وكبير والجريدان كبيران بلا لحم مثل السيوف وسابطان أبداً من العيون والنكس، 4 - الرسغان كبيران. الباب السابع في تفصيل الرجل 1 - الفخذان طويلان وعدلان يعني ما فيهما انحناء مثل الهلال وأعصابهما محكمة خارجاً وداخلاً مثل أفخاذ الديك، 2 - العرقوبان كبيران ومن ورائهما إلى قدامهما واسع كثيراً ومفتوح وإعظامهما معلومة مثل الآجر في الجدار 3 - الأساسان قصيران ومائلان إلى اليدين يعني أعوجان من تحت العرقوب

مشارفة سد الهندية

الباب الثامن في تفصيل المشية 1 - في الركض يستر الأرض مثل العندليب ولا يرفع اليدين أو يعوج الركبتين 2 - في المشية رجلاه تقعان أمام يديه وخارجاً عنهما أيضاً 3 - وذلك يتعلق بوسط قطاتيه وفخذيه. (تمت وبالخير عمت) بدوي عراقي مشارفة سد الهندية (لغة العرب) كثر الكلام في هذه الأيام، عن سد الهندية. فمنهم من استحسنه وتفاءل به خيراً للبلاد والعباد، ومنهم من رأى فيه ضرراً لنا ولديارنا، وفريق ذهب إلى أن النضار العثماني وأموال الدولة تدفن فيه دفناً. وجماعة قالت أنها تبذرها بذراً يثمر عن قريب المثل مائة ضعف أو ألف ضعف. إلى غير هذه من الأقوال والآراء. فأرادت إدارة مجلتنا أن تعرف الحق من الباطل. فأنفذت رجلاً بصيراً بالأمور عارفاً الحقائق محباً للوطن، ليشارف ذلك السد ويرفع إلينا رفيعة. وبعد أن عاد من مهمته كتب إلينا ما خالجه من الشواعر بهذا الخصوص ونحن ندرج هنا للقراء ما أنشأه وإليك ما قال: سمعت منذ حداثة سني وما زلت اسمع إلى الآن أقوالاً مختلفة بشأن هذا السد وعن تصميم الدولة على بنائه وعلى تحقيق أمنيتها. وكانت هذه الأقوال كثيراً ما تتصادم بعضها ببعض. ويناقض الواحد ما يثبته الآخر، لا بل رأيت كثيرين ينتقدون السد وأشغاله الخالية والحالية انتقاداً يشف عن حزازات دفينة أو عن غايات وأهواء متباينة حسب الدافع الذي يدفعهم إلى القول. ومن الغريب أن كل ما سمعته من زين وشين (وبعض الأحيان كنت اسمع أشياء تصدر من مصدر جليل أو يعتمد عليه) لم يثبت في نفسي رأياً دون رأي بل أثار في صدري شوق التحقيق ولاعج الاستقرار. فقلت في نفسي: لا يحسن بي أن أتمسك بقول هذا دون ذاك بل يجدر بي أن أذهب بنفسي إلى محل الأشغال وأنظر ما فعله في السابق المهندس البارع الفرنسوي شندرفر وأقابله بما رسمه المهندس الشهير الإنكليزي السير وليم ولكوكس وحينئذ أستطيع أن أبين حكمي وأرى رأيي بعد أن أكون قد نظرت ما في الرسمين من الحسنات والسيئات. أما اليوم وقد أتممت ما كان قد دار في خلدي تبين لي الحق وصرح فجمعت في ذاكرتي ما سمعته في السابق وضممته إلى ما رأيته

واختبرته بنفسي، فتقوم من كل ذلك حقيقة أظنها قائمة على ركن مكين. وقبل أن أتعرض لوصف السد ابدأ بأن أقول لكم إن إعادة الماء إلى نهر الحلة أمر مبتوت لا رجوع إليه ولا يحتاج الإنسان إلى أن يكون من العلماء أصحاب الفن لكي يوقف صاحبه على ما لم يره بنفسه. فمجرد النظر إلى تلك الأشغال الهائلة التي تجريها الحكومة بل تختسها في الهندية تكفي لكي تريح عن فكركم كل شك في هذا الصدد. ودونكم الآن الإفادات التي اقتبستها في المواطن التي تقوم فيها الأعمال، وقد قرنت بها الملاحظات والتأثرات التي وقعت في نفسي أو شعرت بها في مطاوي مشارفتي إياها: في الموطن الذي تتم الأشغال اليوم يتفرع الفرات إلى فرعين: الفرع الأول وهو الفرع الأيسر اسمه (شط الحلة أو نهر الحلة) والفرع الثاني وهو الفرع الأيمن اسمه: (شط الهندية أو نهر الهندية). وكانت شعبة الحلة في الأزمان الخالية أعظم من الشعبة الثانية أختها. أما اليوم فالأمر بالعكس إذ كل ماء الفرات يتدفق في شط الهندية. وقد ذهب الباحثون في هذا الانقلاب مذاهب شتى معللين له أسباباً مختلفة. ولما كانت معرفتي لا تجاري معرفة أولئك المدققين من أهل الفن لقلة بضاعتي في هذه المادة اجتزئ بأن أذكر الأمور على أوجهها بدون أن أتوغل في البحث عن عللها وأسبابها ولهذا الضرب صفحا عنها. بدأ تحول الفرات عن مجراه قبل نحو 40 سنة. فلما رأى أولو الأمر هذا الانحراف في الجري قاموا له وقعدوا، وشرعوا في سنة 1885 بإقامة سد غواص وكان المهندس له الفاضل شندرفر المذكور وبناه بالطاباق وجعله في عرض النهر ليقلل جريانه في شط الهندية ويكثر انحداره إلى شط الحلة لا سيما في إبان الصيهود (نقصان الماء) الذي يكون في أيام الخريف. ولو سعى أولو الأمر بالمحافظة على حالته التي رسمت له محافظة تامة لكانت تحققت الأمنية. إلا أنه لأسباب عديدة أهمل أمره. ولما تعاقب الزمان عليه أخذ بالانهدام والانهيار حتى لم يعد وافياً بالمقصود ولم تبق فيه فائدة. وأصبح ترميمه كثير النفقات وصعب التحقيق فاضطر أصحاب الحل والربط إلى إهماله بتاتاً وإلى إبداله بسد آخر أقوى وأمكن وأوفى فائدة بالمرام حسماً للأمر بدون أن يحتاجوا إلى أن يعودوا إليه كل حين مع

تحقيق الأمنية أن يجري الماء جرياً غزيراً في شط الحلة على طول مدة السنة وهذا هو فكر السير وليم ويلكوكس وهو الفكر الذي يخرج اليوم إلى عالم الوجود منذ سنة 1909. أن أشغال السد تقدمت تقدماً عظيماً إذ إنها تنتهي في أواخر الخريف واليوم يجد المهندسون والعملة في إتمامها ولا يمكنني أن أخفي عليكم ما أقوله وهو: إني تعجبت غاية التعجب من فخامة هذا البناء المكين وضخامته وجلالته. وفي ظني إن هذا السد هو أعظم وأجل من جميع الأسداد الموجودة في بلاد دولتنا العلية. ولقد عجبت من حسن محل الشغل الذي يستغرق أرضاً مساحتها 1. 500. 000 متر مربع ودهشت مما رأيت من عمالنا العراقيين المشتغلين هناك. فحقيقة هم أهل لأن أهنئهم بما رأيت منهم من شدة النشاط والنباهة والذكاء إذ كل ذلك يرى في كل ما يأنونه ويفعلونه مع أنهم لم يتخرجوا في مدارس أصحاب الفن ولا في مكاتب عليا بل ولا دنيا. فكيف بهم لو دخلوها وأتقنوا الفنون الراجعة إلى هذه الأعمال. وتحققت اليوم كما تثبت الأمر سابقاً إن لأبناء العراق من الذكاء الفطري والانتفاع من كل نور عصري ما قلما يرى في أهالي سائر البلاد إذ يتلقون بسهولة كل ما يشاهدونه بدون أدنى كلفة أو تعب. وسواء كانوا مرارين أو طيانين أو بنائين أو مشتغلين بالآلات فكلهم قد اكتسبوا في زمن قليل من حسن التصرف بأعمالهم وأشغالهم ما يقضي منهم بالعجب العجاب. ونحن ننسب تقدم هذه الطبقة من العملة إلى دراية مهندسي محل السير جون جاكصن وحسن آدابهم ورفقتهم بأبناء الوطن. كيف لا وقد أخذوا على أنفسهم بناء هذا السد وحسن معاملة أبناء هذه الديار لتكون الفائدة فائدتين: تعمير البلاد، ومجاملة العباد. هذه الأمور ترى كلها روية حسية بل تكاد تمس بالأيدي ولهذا لا يمكن أن ينكر هذه الحقيقة البينة إلا من أعماه البصر وأغواه شيطان الفساد والحسد إذ المشاهد لا يستطيع إلا أن يقر صاغراً أمام هذه الإدارة العامرة التي أخذت على نفسها إبراز تلك الأمنية إلى حيز الوجود. ولقد شبهت محل الشغل بخلية عظيمة من خلايا النحل (أي بكورة زنابير العسل) إذ عددت فيها أكثر من ألفي عامل من كل صف وصنف بينهم من يحفر في الأرض، وآخرون يقطعون اللبن، وفريق يبني الجدران، ويقيمها على أسسها، وجماعة تسير الآلات المختلفة، وكثيرون يمشون

أو يدفعون عجلات السكك الخفيفة التي أنشئت لنقل التراب والمواد وأنواع المعدات. ورأيت في جميع المواطن ترتيباً عجيباً ونظاماً غريباً ولم أشاهد أبداً رجلاً قد انقطع عن شغله أو قد لها بغير وظيفته كما إني لم أبصر من أساء العمل أو أساء التصرف في ما بين يديه بل بالعكس رأيت كل شيء سائراً في مجراه الذي رسم له قبل الشروع به وباذلاً كل ما في وسعه ليحقق ما أطلع عليه فيتمه أو يحكم عمله على احسن ما يمكن أو أفضل ما يرام لكي يمنع كل تبذير في الوقت أو في المال أو في المعدات. فلما اعتبرت كل ذلك قلت في نفسي: وكيف وجد أناس ينتقدون مثل هذه الأعمال. فقاتل الله أصحاب الأغراض ما أشد ضررهم على الوطن! يتكلمون بأشياء وعن أشياء لم يروها ولم يفقهوها! فليأتوا مثلي إلى هنا وليشاهدوها بعيونهم وليحكموا بعد ذلك بما توحي إليه أنفسهم. على أني أقول أنهم إذا شارفوها لا يتمالكون عن أن يعدلوا عن رأيهم الأول المعوج ويلقوا عنهم الآراء التي تلقوها عن بعض أصحاب المفاسد والغايات ويتمسكوا بما هو أقرب إلى الحق وأبين للعقل السليم. لا بل أقول بكل جراءة: إن كان في بناء السد بعض المغامز والشوائب (وهي ليست فيه) فيجب علينا مع ذلك أن نشكر الذين أنتجوا لنا هذه النتيجة وهي أن محل الشغل أصبح مدرسة تخرج فيها عملة عديدون من جميع الأصناف مهروا في صناعتهم كل المهارة وكانت البلاد في السابق خالية منهم، عارية من أمثالهم، ولا جرم أنهم يصبحون للعراقيين أمثلة حية لمحبة الشغل والجري على خطة معلومة وتحقيقها على الوجه الأتم المرضي مع إتقان العمل والصناعة التي تلقوها. إن السد الحالي يبنى على أرض قارة تبعد نحو 700 متر فوق السد القديم وشكله شكل جسر قائم على عقود مألوفة وطوله نحو 250 متراً وعرضه بين الطوارين (أي بين التيغتين) 4 أمتار وعدد الأبواب التي فيه 36 وعرض كل منها 5 أمتار وهذه الأبواب تكون من المعدن وتنزل إنزالاً كما ينزل السيف في القراب وأقربتها من الآهين (الحديد المصبوب) وتنزل فيها بواسطة آلات خصوصية تقام على الأطورة (التيغ) من جهة صدر النهر تسمى مرافع (جمع مرفعة) ويكون ارتفاع منبسط الماء الذي يمر خلال هذا السد 6 أمتار في وقت

الفيضان ويدفع 2600 متر مكعب في الثانية. وعرض كل عمود من عواميد هذا السد متر ونصف وطوله عند قاعدته 13 متراً. والسد كله مبني بالطاباق وبالملاط (الشيمنتو) ولقد صنع له أكثر من 12 مليوناً من الآجر واتخذت الأسس من اللياط والملاط (خراسان ولم يستعملوا فيه من الحجارة إلا حجارة هيت وذلك لتقوية بعض المنحدرات وبنى على الجانب الأيسر من السد درقتان متتاليتان عرض كل منهما 8 أمتار وطولها 50 متراً لتتمكن السفن من العبور من جانب السد إلى الجانب الآخر منه. وقد أقيمت تانك الدرقتان لأنهم ضموا على بعد 50 متراً من أسفل السد الموصوف فويق هذا سداً آخر مصمتا غواصا عرضه متران ونصف وانحداره متر ونصف في أيام الصيهود (أي نقصان الماء) والغاية منه إبداله من سد شندرفر الذي لا بد له من الاضمحلال. وفي أيام الفيضان تفتح جميع أبواب السد فيجري الماء على هواء. ولا يبدأ بسد الأبواب إلا عند بداءة وحينئذٍ تفتح قليلاً بحيث يمسك الماء المنحدر إلى علو مرتفع ارتفاعاً كافياً ليدخل في شط الحلة. وقد قيل لي أن سطح الماء في ذلك الوقت يكون أدنى من المألوفة في أيام الفيضان بمتر ونصف. ويكون ثخن طبقة الماء الداخلة شط الحلة مترين ونصفاً وحينئذ لا يحتاج الزارع لسقي أراضيه في أيام الصيهود إلا إلى كرد أو إلى منضحة ترفع الماء إلى علو متر ونصف أو مترين لا غير. وفي وقت الفيضان يسقى أراضيه بدون آلة رافعة. وعلى بعد 400 متر من أعلى هذا السد وعلى الضفة اليسرى من النهر ينفصل شط الهندية واليوم يتمم ما خذ مائة المعروف بالكيالة وهو بهيئة جسر معقود وفيه 6 فتحات عرض كل فتحة 3 أمتار. ويكون على يسار هذه الكيالة درقة تمكن السفن من عبور النهر إلى القناة وبالعكس. وتسد فتحات هذا الكيالة بأبواب من المعدن على نحو أبواب السد. وسمعت المهندسين يقولون إن هذه الكيالة تدفع مكعباً قدره (150) متراً مكعباً في أيام الفيضان و50 متراً مكعباً في أيام الصيهود وهذا يجعل الزارع أن يزرع في الشتاء أكثر من 150. 000 هكتار (جريب) من الأرض أي

12. 000 فدان من فدادين الطابو. وتحت كيالة الماء حفر المهندسون على بعد 4 كيلو مترات شعبة جديدة تكون مبدأ نهر الحلة وطول واديه أو عقيقه 30 متراً وعمق الخفر يزيد على 3 أمتار وقد قيل لي بخصوص ما بقي من القناة إن الحكومة تنتظر نضوب الماء من القناة لتبتدئ بكريها (أي بحفرها وتطهيرها) وهذا الكرى يشمل مكعباً كبيراً يوجب أشغال أكثر من 3. 000 عامل ويؤمل أنه ينتهي في هذا الخريف القادم مع سائر أشغال البناية. إني لا أشك في أن الحكومة تسترجع في أول سنة من إطلاق الماء في السد مالاً طائلاً. وإن قلت لك إن وارداتها من شط الحلة أو قناة الحلة تكون خمس مرات أكثر مما يردها اليوم فلست مبالغاً أبداً بل أكون دوين الحقيقة. وعليه يرجع صقع الحلة على ما كان عليه سابقاً وتعود إليه ثروته الماضية. فطوبى وقرة عين للملاكين الذين في الحلة، ولينتفعوا بالماء وليباركوا ربهم عليه وليتذكروا إن القحط الذي وقع فيهم منذ ربع قرن زال والحمد لله وليتعلموا إن إهمال الصغائر، تؤدي إلى الكبائر، وإن نتيجة الإهمال، خسارة الأموال. واليوم قد تحولت إليهم أبصار، جميع سكان هذه الديار، وجميع أهالي العراق يودون أن يحصلوا على ماء غزير في مواطنهم كالماء الذي يجيئهم عن قريب. فلندع إلى الله أن ييسر للذين قاموا بأعباء هذه الأشغال أن يحققوا جميع ما نووه من معاهد السقي والري لهذه البلاد. ولنبذل كل ما في وسعنا لتمهيد العقاب التي تقوم بوجههم لنعد من الأقوام الراقية الحية. ودعوني الآن في الختام أن أقول تيقظ أرباب الحكم وانتباههم لم ينقطع هنيهة من الزمان إذ لا زالوا يبذلون المال عن يد سخية حتى في أبان الحرب وحتى في معظم الصعوبات التي نشأت في هذه الأيام. وقد فعلت ذلك لترى بعين السرور نتيجة الأشغال. وفرح سكان هذه الديار وإنبعاثهم من الحالة التي وصلوا إليها بعد ذاك العز البعيد المنال. ولهذا يحق لنا أن نسطر لتاريخ هذه الدولة صفحة مكتوبة بماء الأنظار، لا بماء النضار، وإن يحصل العراق على تتميم ما في الصدور من الأماني ليصدق قول أهل الأمثال والمعاني: لهمم الرجال، تعنوا المياه والجبال! مندوب مجلة لغة العرب

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة (لغة العرب) حينما كتب الشاب الأديب إبراهيم حلمي أفندي مقالة في قبائل أهل البادية المنتشرة بين سامرآء وبغداد سألنا عبد الرزاق بك الشاوي في دجيل إذا كان ما كتبه كاتبنا البغدادي صحيحاً فأجابنا بما يلي وقد نسينا رسالته بين الأوراق فوقعت بيدنا الآن وهي هذه: بنو تميم بنو تميم القانطون في شرقي ناحية (بلد) يربون في الحقيقة على ألف رجل جعل لهم حضرة الكاتب رئيساً واحداً. والحال إنهم على ثلاثة فرق: فرقة كبيرة وهي فرقة (البو حشمة) وعدد رجالها خمسمائة ورئيسها حسين الثامر وهم من أهل السنة. والفرقة الثانية (البو حسان) ورئيسهم مطلق بن عباس السبتي. وعدد أبطالها مائتان. والفرقة الثالثة (العتاتبة) وعدد صناديدها ثلاثمائة. ورئيسها حاتم بن هذال الشوكة. وهاتان الفرقتان شيعيتان. وأما النازلون بحذائهم في الجانب الشرقي من دجلة فهم من بني تميم أيضاً لكن يقال لهم الشريفات وعدد رجالهم مائتان. ورئيسهم ابن مراح. والفرق الثلاث الأولى تزرع على الكرود في أراضي (الخضيرة) في شرقي قرية (بلد) وأما الفرقة الرابعة (فرقة الشريفات) فتزرع أيضاً زرع الكرود لكن في أراضي (الدوجمة). المجمع تقدير الكاتب إن رجال هذه القبيلة 1200 هو صحيح لكنهم على عدة فرق. الفرقة الأولى (الطعيمة) ورئيسهم علي الحمد الظاهر. والفرقة الثانية (الطرفآء) ورئيسهم سلتان المحمد. والفرقة الثالثة (العطيش) ورئيسهم وائل الثلجي والفرقة الرابعة (الغضيب) ورئيسهم مشووع الفلاح. والفرقة الخامسة (العذية) ورئيسهم محمد المهدي. والفقرة: السادسة (الرواشد) وليس لهم رئيس لكنهم يخضعون لمحمد المهدي. والفرقة السابعة (الجسات) ورئيسهم ابن حسين القرنوص. والفرقة الثامنة (الرفيعات) ورئيسهم خميس السنبل. والفرقة التاسعة (العويسات) وليس لهم رئيس لكنهم قريبون من فرقة الجسات وتحت

أسئلة وأجوبة

نظارتهم. - وهؤلاء جميعهم ينزلون ما بين دجلة ونهر دجيل. ويزرع بعضهم سقياً على الكرود والبعض الآخر يعنون بتربية المواشي كما ذكر حضرة الكاتب وعدد الجميع كما ذكر آنفاً. وهو فوق كل ذي عليم. دجيل: عبد الرزاق الشاوي الشاهري أسئلة وأجوبة اللامركزية والمركزية أو الإنتباذ والأحتياش سألنا أحد الأدباء: هل في اللغة العربية لفظتان ترادفان المركزية واللامركزية اللتين تفيدان الكلمتين الفرنسويتين و - قلنا: أن أريد بمرادفين عربيين قديمين للأعجميتين الحديثتين فليس في العربية شيء من ذلك. لأن أجدادنا لم يضعوا أسماء لأشياء لم توجد. وأما إن أريدت لفظتان تؤخذان من اللغة العربية وتفيدان فائدة اللفظتين الغربيتين فالعربية غنية بهما وبأمثالهما ويقابل: المركزية لفظة (التحاوش والحتياش) قال في التاج. احتوشوا على فلان: جعلوه وسطهم كتحاوشوه بينهم وكذلك احتوشوا فلاناً؛ وعليه من جعل الأستانة مركزاً للعقد والحل فقد احتوشها أو احتوش عليها أو تحاوشها. - وأما اللامركزية فيقابلها في لغتنا الفصحى: (الانتباذ) قال أصحاب الدواوين اللغوية: انتبذ فلان: اعتزل وتنحى ناحية. يقال انتبذ مكاناً: أتخذه بمعزل يكون بعيداً عن القوم. ومن هذا المعنى تنتبذ مدينة من المدن مثلاً أي تتخذ بمعزل تكون بعيدة عن قوم المدينة الكبرى وهو ما يراد باللامركزية. ومع وضوح هذين اللفظيين وصحة استعمالهما وقيامهما مقام الكلمتين الحديثتين لا نرى حاجة إلى استعمالهما لأسباب: منها 1 - إن اللفظتين المركزية واللامركزية قد انتشرتا بين القوم وفشا استعمالهما كل الفشو 2 - إن هاتين اللفظتين وإن كانتا معربتين عن الإفرنجيتين تعريباً معنوياً إلا أنهما لا تخالفان مناحي العرب وإن أنكرهما قوم. 3 - إن في لفظة الاحتياش بعض الغرابة والخشونة لا تجدهما في لفظة

فوائد لغوية

المركزية التي هي آنس منها. 4 - إننا لما ذكرنا لهما بدلين أردنا أن نبين إن للعربية سعة لقبول المعاني الجديدة بألفاظ تؤخذ من المباني السابقة الوضع بحيث أنه يجوز أن يقال إن العربية حية على الدوام لما فيها من عوامل التجدد فهي كالماء العد الجاري الذي لا يزال يتدفق من ينابيعه وهو هو لا يفسد ولا ينضب. فسبحان من أبدعها على هذه الصورة العجيبة وأبقاها شابة غضة بضة على ممر الأيام. فوائد لغوية 1 - استلم الشيء بمعنى تسلمه غير فصيح خذ أي جريدة شئت، وتصفح أي مجلة بدت لك، وطالعها بترو، ترها تقول: (استلمت الشيء، حينما تريد أن تقول: تسلمته أي تناولته (هذا إذا جرت فيها عبارة أدمجت فيها هذه اللفظة؛ وإلا فلا يعقل أن جميع الصحف تذكر في جميع أعدادها هذه الكلمة لمجرد النطق بها). وقد بحثنا عن هذه الكلمة في ما وصلت إليه أيدينا من أسفار الكتاب واللغويين فلم نعثر عليها. والذي وجدناه هو هذا: (قال الجوهري: استلم الحجر لمسه أما بالقبلة أو باليد. لا يهمز، لأنه مأخوذ من السلام وهو الحجر كما تقول: استنوق الجمل: وقال سيبويه: استلم من السلام لا يدل على معنى الاتخاذ. وقال الليث: استلام الحجر: تناوله باليد وبالقبلة ومسحه بالكف. قال الازهري: وهذا صحيح كاستلامه من باب الاستفعال. نقله الفراء وابن السكيت وهو المراد من قول الجوهري. وبعضهم يهمزه. ونقل ابن الانباري في كتابه الزاهر الوجهين. ونقله الشهاب في شرح الشفاء. ثم قال: ولم يقف الدماميني على هذا فذكره في حاشية البخاري على طريق البحث. قلت: قول الجوهري مأخوذ من السلام أي بالكسر والمراد منها الحجارة وقول سيبويه من السلام أي بالفتح والمراد منه التحية، ويكون معناه أللمس باليد تحرياً لقبول السلام منه تبركاً به). (عن التاج) وفي هذا كله لا ترى معنى تسلم الشيء. نعم إننا لا ننكر إن الاستلام بمعنى التسلم وجهاً في العربية يجيز لنا هذا التعبير سواء من باب ورود افتعل بمعنى تفعل أو بالعكس وسواء من معنى التسلم الذي

لا يخلو من استلام اليد للشيء. على أن هذا كله من باب التوجيه والتخريج الذي لا يخلو من تكلف وتمحل. والكلام هنا ليس من هذا القبيل لأنك إذا سرت في طريق التأويل لم يبق هناك غلط لا في اللحن بل ولا في لغة العوام إذ يجوز لك حينئذ أن تقول: جاء زيداً (بالنصب) وجاء زيد (بالجر) إذ رفع زيد في الأول على الفاعلية، ونصب في الثاني على تقدير محذوف وهو قولك: جاء رجل يعرف بزيد. - واللغة العربية من هذا الوجه لا تضاهيها لغة إذ توجه كل غلط على وجه معقول ومنقول. وإنما كلامنا هنا على اللغة الفصحى وعلى ما سمع منهم ونقل عنهم مما وصل لينا من ألفاظهم المودعة في أشعارهم والواردة في مؤلفات بلغائهم. فإذا اعتمدنا عليها واتخذناها علماً أو مناراً نهتدي بها في ظلمات كلامنا نقول: لم يرد استلم الشيء بمعنى تسلمه أي تناوله. وإلا فإن وجده أحد الأدباء في كلام فصيح قديم فليتذكره لنا ونحن له من أعظم الشاكرين. 2 - قائم مقام لا تجمع على قائمقامون أو قائمقاميون أو قائمقامات أو نحوها. من جملة ما أفسدته علينا اللغة التركية تصرفها في كلام العرب على غير وضعه وفي غير وجهه من ذلك جمع كلمة قائم مقام فإن من الكتاب من شابهوا الترك في إفساد اللغة فقالوا: قائمقامون أو قائمقاميون أو قائمقامات أو نحو ذلك وليس لهذا كله وجه صحيح في لغتنا الشريفة وإنما يقال قائمو مقامات أو قوام مقامات أو قيمو مقامات لأن اللفظة مركبة من مضاف ومضاف إليه أي من قائم أو قيم ومن مقام. ومن قواعد جمع المركب المضاف جمع الصدر والعجز معاً أي المضاف والمضاف إليه كما نص عليه النحاة. اللهم إلا أن يكون المضاف إليه مصدراً أو علماً لا يجمع فحينئذ يبقى على إفراده ويجوز جمع المضاف إليه المصدر إذا كان من المصادر التي لا يعتبر فيها معنى المصدرية بل مطلق الاسمية فيقال مثلاً في جمع دار العلم (دور العلم أو دور العلوم) معاً، وكلا الاستعمالين مستعمل فصيح فتبصر. 3 - النزل بمعنى الفندق (أو اللوكندة أو الأوتيل خطأ عظيم ومن باب وضع الألفاظ في غير محلها. أكثر الكتاب من استعمال النزل بمعنى الفندق وهذا خطأ. والذي في دواوين أهل اللغة: ما هيئ للضيف أن ينزل عليه ويريدون بذلك ما يعد له من

باب المشارفة والانتقاد

طعام وشراب وصلة. وعليه قول أبي سعد الضبي: وكنا إذا الجبار بالجيش ضافنا ... جعلنا القنا والمرهفات له نزلا ومنه أيضاً في سورة آل عمران: فيه نزلاً من عند الله. ونظن إن سبب سقوطهم في هذا الغلط سوء فهم نص اللغويين. وأما إذا أريد بمرادف لكلمة أوتيل أو لوكندة فللعرب كلمة فندق وهي مشهورة وكلمة (ثوي) بفتح الثاء المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء. وقالوا في معناه: هو البيت المهيأ للضيف. 4 - تأنيث لفظة الباب قبيح رأيت كثيرين يؤنثون هذه اللفظة مع أن تذكيرها أشهر من كفر إبليس؛ ولعل عذرهم في تأنيث هذه اللفظة هو أن لها مرادفاً مؤنثاً وهو السدفة فيحمل تأنيث اللفظة على مرادفها. فهذا جائز، وقد قلنا أن باب التأويل والتخريج واسع وحينئذ لا غلط في العربية وبهذا القدر كفاية. باب المشارفة والانتقاد 1 - كتاب الطواسين لأبي المغيث بن منصور الحلاج البيضاوي المتوفى في بغداد سنة 309هـ - 922م وقد نشر نصه العربي للمرة الأولى لويس ماسنيون نقلاً عن مخطوطي استانبول ولندن وشفعه بنص البقلي الفارسي العبارة مع حاشيته المشروحة باللغة الفارسية أيضاً وقد حلى كل ذلك بمقدمة انتقادية وملاحظات وتعليقات وحواشٍ وطبعه سنة 1913. ابن منصور الحلاج من أشهر المتصوفة في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع للهجرة. وقد أوغل في التصوف حتى بلغ به الأمر أن أتخذ مصطلحات اغلبها خاصة به ظنها جماعة من المسلمين أن الناطق بها هو من القوم الكافرين وكأنهم لم يجتزئوا بما فكروا بشأنه سراً فأباحوا دمه هدراً وجهراً وفي نهار الأربعاء 18 ذي القعدة أفتى القضاة بقتله وفي 22 من الشهر المذكور أثبت الخليفة تلك الفتوى فتم قتله وحرقه في 24 منه بازاء باب الطاق في بغداد. وبعد أن قضي عليه أخذ كثيرون يتدبرون أمره وهل كان الحكم عليه ظلماً أم عدلاً وهل كان من أهل الهداية أو من أهل الضلال وهل مات وهو من الهالكين أم من الناجين

فالمسلمون إلى اليوم لم يتفقوا على القطع في هذا الشأن فمنهم من هم له ومنهم من هم عليه أما حضرة صديقنا المستشرق لويس ماسنيون الذي بحث بحثاً نعما في أقوال أعدائه وأصدقائه فقد رأى أنه لم يكن لا من الضالين ولا من المضلين؛ بل إنه كان من القوم الصادقين ومات على دين مبين. وهو لم يقل ذلك اعتباطاً بل تجشم للبحث عن هذه المسألة سفراً شاقاً إلى بغداد وسافر إلى ديار مختلفة فوجد فيها الكتب التي تبحث عن هذا الصوفي الغريب الأخلاق وبذل في سبيل تحقيق الأمر المال والصحة وطالع جميع ما كتبه المؤرخون والإخباريون والكتاب على اختلاف مذاهبهم وآرائهم وطبقاتهم وعصورهم فجاءنا بهذا الكتاب الذي قطعت فيه جهيزة قول كل خطيب بل هو فصل الخطاب في هذا الباب. وقد أفرغ فيه من كنانة السعي والجد والجهد ما لا نراه في أبناء ديارنا هذه فنحن نهنئه بهذا الفوز المبين وسبق جميع من تقدمه في هذا الميدان بل ميدان الميادين. على أننا لا ننكر على الساعي الهمام ما ورد في طبع سفره من الأغلاط التي لا يخلو منها كتاب، إذ العصمة لرب الأرباب، فمن هذه الأغلاط ما هي من الطبع، ومنها ما هي من النسختين الأصليتين، ومنها ما هي من ابن منصور نفسه، منها ما هي من سوء النقل إلى الفرنسية المتولدة من سوء فهم العبارة العربية. فمن أغلاط الطبع ضبطه أعذبك بإسكان العين والأصح بفتحها. - وضبط بلى (في تلك ص) بتنقيط الياء والأصح بإهمالها. ومثل هذا كثير وقد يعكس الأمر - وضبط شئت بفتح الشين والتاء والأصح بكسر الشين وفتح التاء. - وجعل الهمزة على ألف أتى (في تلك ال ص سطر 4) بعد الكلمة، فقال: والأصح كسرها. ومثل هذا الضبط المخطوء كثير. - وضبط القدرة بفتح التاء مع أن قبلها كلمة (علوم) والأصح كسرها. ومثل هذا أيضاً كثير -. وشدد طاء فقد ظناً منه أنها مثل قط والأصح إسكانها. - وكتب مائة (ص بالياء والأصح بالهمزة كما كتبناها. - وضبط (ص تعتريه المرفوع المضارع المضاف إلى ضمير الغائب المفرد بضم الهاء وهو خطأ والأصح بكسره. - ونحن نقول هنا كلمة وهي أن ما صححه من الأغلاط في آخر الكتاب هو دون ما بقى من تصحيحها.

ومن أغلاط النسختين قوله في (ص المعرفة الأصلية التي هي أصل المقامات ومكان المشاهدات (فهي). . . والأصح (هي) وقوله ص 10 وأشرقت شمسه من تحية تهامة والأصح من ناحية تهامة وفي تلك الصفحة وأندل فحدد. والأصح دل (بصيغة المجهول) فحدد. وفي ص 12 قبل الحواديث والكواين والأصح قبل الحوادث والكوائن وفي تلك الصفحة جنسه أبوي، رفيقه رفوى، والأصح رفيقه رفوى. وهناك غير هذه الأغلاط وهي كثيرة تبلغ العشرات فاكتفينا بما ذكرناه. ومن غلط كلام ابن منصور نفسه: نعته النيران بالشهيقة (ص 21) وفيها تكلف ظاهر. - وقوله ص 30 والذي وصل إلى دائرة الحقيقة نساني والأصح نسيني وفي ص 34 ثم دنى (كذا) كأنه دنى (كذا) من معنى ثم حاجر كعاجز (بكسر الجيم) لا كعاجز (بضم الجيم) ولا جرم أنك تقرأ أو تسمع كلاماً باللغة الهندية ومثله قوله ص 36 من زائد العورة. ومثله في ص 40 وص 42 ونحو هذه كثير. وقد جاءت أغلب أبيات الحلاج ركيكة قلقة الألفاظ سيئة الوزن تبدو عليها آثار التكلف كما في ص 133 و134 و135 و138 وفي غيرها. ومن أغلاط ضبط الساعي في نشر الكتاب قوله في ص رقعه بخط الحلاج. وضبط رقعة بفتح الراء إذ ضبطها بالحروف لا بالشكل أي هكذا والأصح بضم الراء أي ويكتب الشين عند نقلها بالحرف الإفرنجي بسين وهاء أي ولو جمع الحرفين بخط واحد من تحتهما لكان آمن للبس وإلا لو ضبط كلمة (أسهر) و (واشر) لكتب كلتيهما وهو نقص فاضح. ولو يضبط الشين بسين عليها علامة كالثمانية العربية أي 8 أو كالنقطة لكان أنفى للوهم. - وهو كلما أراد أن يضبط كلمة في آخرها همزة غفل عن تصويرها تصويراً تاماً بالحرف الفرنجي فهو يكتب مثلاً عطاء كما يكتب عطا أي (ص 3) وهو قصور بين لا سيما وفي إمكانه أن يدقق في الضبط. - ولا أدري لأي سبب يضبط اسم الحلاج بكسر الحاء وتخفيف اللام كل مرة يذكر هذا الاسم نقلاً عن نص فارسي راجع ص 3 مع أن العجم ينطقون به كما ينطق العرب أي بفتح الحاء وتثقيل اللام. - وضبط الغزالي بتخفيف الزاي والأفصح

بتشديدها كما ألمعنا إليه في لغة العرب غير مرة وضبط ابن شمعون (ص 15) بالحرف الفرنسوي هكذا والأصح بالشين وضبط سورة النمل بفتح الميم في (ص 25) والأصح بإسكان الميم. وضبط قوله لعظم نعمته ص 9 بفتح العين وسكون الظاء والأصح بكسر العين وفتح الظاء. وضبط قوله (ولا مقول ولا مفعول (ص 12) بتشديد واو مقول وفتحها كمكرم والأصح بفتح الميم وضم القاف وسكون الواو. وضبط (أثمرت) ص 13 على باب احمرت أي بتشديد الراء وهو غلط قبيح والأصح وأثمرت من باب أكرمت. وضبط بحره ص 13 بكسر الحاء. والأصح بإسكان الحاء. ولو أردنا أن نأتي على جميع أغلاط الطبع لاندفعنا إلى المقال، بما يضيق عنه المجال. النقل قوله في نعت الحلاج (العالم الرباني) وفسر هذين اللفظيين بما معناه (العالم الذي ومن أغلاط سوء علمه الرب) مع إن معناه واضح أي العالم العارف بالرب والرباني باللاتينية هو - وترجم قوله: غمض العين عن الاين بقوله: أي غمض العين خارجاً عن الاين وهو خطأ والذي ساقه إلى هذا الوهم الأداة (عن) والأصح أن يقول في نقلها أو - ونقل إلى الفرنسية هذا الكلام: لا يسلم لأحد معناها إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: ومعناها: لا ييسر معناها إلا للنبي عليه الصلاة والسلام وقد فسر هذه الألفاظ الأخيرة بالمعنى الغير المألوف عند المسلمين والأصح أن يقول بلغته الفرنسية هكذا: ونقل ص 18 كلام ابن منصور (إن الله. . . لا تصوره خطرة ولا تعتريه فترة إلى الفرنسوية بقوله: وهذا يدل على أنه لم يفهم العبارة والأصح أن ينقلها إلى لغته بقوله:. . . لأن هنا الفترة هي اسم المرة من الفتور ولا تفيد هنا

معنى فترة الأنبياء البتة. ومما أساء نقله إلى الفرنسوية عدة عبارات منها ص 18 (فأي سبيل للشيطان إليهم، وأي يد للعدو عليهم) وفي ص 23 (ليتجلى عليهم فيها) وفي ص 24 هذان البيتان: جحودي لك تقديس ... وعقلي فيك منهوس فما آدم ألاك ... وما في الكون إبليس ومما لم يحسن نقله إلى الفرنسوية كلمة الموحد بكسر الحاء والموحد بفتح الحاء وفسر التجريد ص 5 بقوله والأصح ولو أتينا بجميع ما في هذا الكتاب من الأغلاط لملانا عدة صفحات من هذه المجلة فاجتزأنا بذكر بعضها لتكون بمنزلة أمثلة يقاس عليها ما بقي ونحن نأسف كل الأسف لوقوعها فيه لما بذل المستشرق الأديب من السعي في طبعه وإبرازه في حلة تزيده حسناً. ومن مزيدات الأسف فينا حرفه العربي فإنه مشوه قديم الشكل لا يحق أن يطبع به سطر من الأسطر بل يجدر بأن يلقى في نار جهنم مع ما يذوب فيها ولا يبرز إلى عالم الوجود. إذ أنه أقبح موجود اللهم أمين. 2 - دليل لبنان وسوريا لمنشئه بولس مسعد، الجزء الأول. ثمنه 3 فرنكات في خارج القطر المصري. طبع في مصر سنة 1912 - 1913 في 433 صفحة بقطع الثمن. هذا الجزء الأول من هذا الكتاب يحوي جغرافية البلاد السورية وما يدخل في هذا الباب من المباحث المتعلقة. بجوها ومناطق أقاليمها وطبيعة أرضها ومعادنها وجبالها وسهولها وأنهرها وبحورها وبحيراتها وما يتناول منها مملكتي الحيوان والنبات ويتعلق بتجارة هذه البلاد وصنائعها وفنونها وسائر شؤونها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وفي سكانها وأديانها وطوائفها ولغتها القديمة والحديثة ومنشأ مدنها ونهضتها العلمية وأسباب رقيها وتأخرها وطرق إصلاحها وغير ذلك. إنك ترى من عناوين المضامين ما لهذا الكتاب من الأبحاث الشائقة التي تفيد كل باحث مهما كان موضوع أشغاله: ولهذا لا يستغني عنه كل أديب يحب الوقوف على ما في سورية ولبنان. والظاهر إن الكتاب اطلع على كثير من المؤلفات التي صنفت في هذا المعنى لكننا نراه قد نقل بعض النصوص بدون أدنى تدبر ولا سيما في المباحث الاصطلاحية كقوله في ص 136: وهكذا الدردار (غرغاج) والأصح قره اغاج والكلمة تركية. وقال في ص 137

وفي جنوب فلسطين. . شجر يعرف بزبزفوس وسببنا كريستي (كذا) وقارئ هذه الكلمات يظن إن هذه الألفاظ معروفة على هذه الصورة في جنوبي فلسطين. والأمر ليس كذلك. والاسم المعروف هناك هو النبق والأعراب يسمونه السدر. وكلاهما فصيح وأما زيزفوس سببنا (لا وسببنا) كريستي فهو اسمه العلمي وقال في تلك الصفحة والعرعر (سندروس). قلنا: وكان يجب أولاً أن يقال: (السندروس). لأن المفسر يكون بحالة المفسر منه. وثانياً: إن العرعر غير السندروس. وقد جاء العرعر عند العرب بمعان شتى لا سيما بمعنى ولكن لم يجئ بمعنى السندروس الذي هو إلا عند بعضهم. - وقال في تلك الصفحة أيضاً (شجر الصمغ الذي يستخرجون من قشرته الصمغ العربي) والأصح أن الصمغ يستخرج من الشجرة كلها لا من قشرتها. - وقد تطالع الصفحة بعد الصفحة وأنت تتعثر في كل منها بعدة عواثير من هذا القبيل. والفصول التي تعرض فيها ذكر الأديان كثيرة الأغلاط راجع مثلاً الصفحة 327 تره يقول: الحرمية (كذا) فرع من الطائفة الباطلة الباطنية ينتسب إلى بابك الحرمي (كذا) الذي ظهر في خلافة (كذا) عبد الله بن المأمون بن رشيد (كذا) العباسي واستولى على بلاد همران (كذا) وعلى الجبال ثم اتهرمت (كذا) جماعته إلى بلاد الروم ويسمى اتباعه ملحدون (كذا) وهم ينزلون شمالي سوريا وعددهم هناك قليل يكاد أن لا يذكر (كذا) أهـ. وتصحيح العبارة هو: الخرمية (بالخاء المضمومة والراء المشددة المفتوحة نسبة إلى بابك الخرمي ومعنى خرم بالفارسية فرح. لأن أصحابه يحللون كل ما فيه لذة من المحرمات فيسمون دينهم دين الفرح) فرع من طائفة الباطنية (على رأي بعضهم. والأصح أنهم ليسوا منهم) ينتسب إلى بابك الخرمي الذي ظهر في سنة 201 في أيام المأمون بن هرون الرشيد العباسي واستولى على بلاد همذان وبلاد الجبال ثم انهزمت جماعته إلى بلاد الأرمن وما يجاورها وكانت تسمى يومئذ بلاد الروم. ويسمي بعضهم اتباعه ملحدين لاشتهارهم بالإلحاد. وليس لهم اليوم بقية. وأما ما يقال أن منهم جماعة قد احتلت شمالي سورية فهو وهم محض لا حقيقة له.

وقال في تلك الصفحة متكلماً عن الوهابيين: زعيمهم محمد عبد الوهاب التميمي الذي ظهر سنة 1746 في داريا من بلاد نجد (كذا) أهـ وسماها كرنيليوس فإن ديك في كتابه المرآة الوضيئة ص 221 (ضرعية) وكلاهما غلط. والأصح الدرعية بلام التعريف (راجع مجلة الزهور المصرية 2: 292) وأما أغلاط الطبع والنحو واللغة فكثيرة لا تخلو صفحة منها كقوله في ص 329 هيبة الله والأصح بهاء الله. وكقوله فيها: حتى أضطر للفرار والأصح إلى الفرار. وكقوله فيها: ويقيم (أي عباس أفندي بهاء الله) في عكاء حيثما صرف والده آخر أيامه. اهـ. قلنا: يقيم اليوم عباس أفندي في مصر (راجع طوالع الملوك ص 399) وقال في عدة صفحات: سميوا (منها في ص 330) والصحيح سموا. وكلامه عن الصابئين غير صحيح من أوله إلى آخره. وليس للزيدية والصابئة وجود في سورية البتة وإن قال ذلك بعض ضعفاء الكتاب. وبالجملة فللكاتب حسنات وسيئات لكن حسناته تطمس سيئاته وبذلك كفاية فعسى أن يكون أخوه الثاني أصح منه في جميع الوجود. 3 - كتاب معالم الكتابة، ومغانم الإصابة إنشاء عبد الرحيم بن علي بن شيت القرشي عنى بنشره وتعليق حواشيه الخوري قسطنطين الباشا المخلصي طبع في بيروت في المطبعة الأدبية 1913 في 192 بقطع الثمن الصغير وقيمته 12 غرشاً صحيحاً. هذا الكتاب من أنفس كتب اللغة التي لا يستغني عنها أحد وهو وإن كان صغير الحجم إلا إنه عميم النفع يدرب الكاتب الناشئ في طرق أساليب فصح التراكيب ويعين المجيد على إتقان التعابير واختيار أحاسن الكلم وقد وضعه مؤلفه في مقدمة وثمانية أبواب وهي: مقدمة الكتاب للمؤلف. وفيها ذكر سبب تأليف هذا التصنيف. الباب الأول في ما يجب تقديمه ويتعين على الكاتب لزومه وفيه مطلب في آداب كتاب الملوك وأركان الدولة. - الباب الثاني في طبقات التراجم وأوائل الكتب وما يكون به التخاطب بين المتكالبين على مقدارهما. - الباب الثالث في ذكر وضع الخط وحروفه وبري القلم وإمساكه مما لا يستغني الكاتب عنه. - الباب الرابع في البلاغة وما يتصل بها. - الباب الخامس في ألفاظ يقوم بعضها مقام بعض. - الباب السادس في الأمثال التي يدمجها الكاتب في كلامه ويستشهد بها. - الباب الثامن في ما لا بد للكاتب من النظر فيه والتحرز منه وكثيراً ما يسقط فيه الكاتب. وهنا توصد الأبواب.

وأنت ترى من سرد هذه الأبواب أن لا ذكر للباب السابع والمؤلف لم ينبه على إهمال هذا الباب في المقدمة بل ذكر في حاشية ص 130 في آخر الباب السادس: (هذا آخر ما في هذا الباب. وأما الباب السابع فليس منه في الأصل سوى صفحتين ولذلك عدلنا عنه.) ولم يزد على هذا القدر. وقد ذهب الناشر إلى أن صاحب الكتاب كان شيعي وأنه طوى أيامه في القرن السادس من الهجرة في زمان الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي وأخيه الملك العادل. كل ذلك من باب الاستنتاج والاستقراء. فإن كان لأحد نسخة من هذا الكتاب أو له إطلاع على ترجمة المؤلف أو وقوف على ذكره في أحد الكتب في غير كتاب صح الأعشى فنحن نشكره على كل ما يأتي به من هذا القبيل. والكتاب حسن الطبع. لكنه ليس مضبوطاً بالشكل الكامل؛ إلا أن الواقف على إبرازه إلى عالم النشور بذل ما في وسعه لضبط بعض المواطن التي تحتاج إلى إزالة الأشكال. بيد أنه يسوءنا أن نرى فيه أغلاط طبع كثيرة. وكان يجب أن يحترز منها في مثل هذا الكتاب الجليل النفع لوقوعه في أيدي كثيرين من المتعلمين والمعلمين. فقد جاء مثلاً في ص 146 ما حرفه: البان الياسمين. ولا نعلم كيف يكون ذلك. فلا جرم أن هناك كلماً ساقطة. وقال: الرنف الهرامج. والأصح البهرامج بباء قبل الهاء. وقال: الحلبان الياسمين. والقوف شجرة مريم. وهذا كله من الكلام الفاسد وفي غير وضعه وقد نشأ من سوء كتابة النسخة والأصح والجلسان (وزان جلنار) الياسمين والفوف شقر مريم وقال. (السنط): أم غيلان والحقيقة هي كأم غيلان لكنه ليس بها. وقال. الشوحط والنبع ما تتخذ منه القسى فإذا كان في أسفله فهو شوحط (كذا. فأنت ترى أن هنا عبارة ساقطة) والأصح النبع شجر تتخذ منه القسى وهو ينبت في قلة الجبل والنابت منه في السفح يسمى الشريان وفي الحضيض الشوحط وقال: البطم حبة الخضراء. والأصح الحبة الخضراء. وقال: الصرد (كذا) ألاراك. والأصح الضرو الاراك. وقال: والكفة بالضم كل مستطيل وكفة الصائد من ذلك. ثم ورد في الحاشية تأويلاً للكفة (حالته) والأصح حبالته أي حبالة الصائد. وجاء في ص 147 الصغابين: القثاية. والأصح الضغابيس القثاء. وفيها الفرفخ بقلة الرجلة. والأصح الفرفح بحاء مهملة في الأخير. وفيها: النيمة.

الطرخون وهذا غير صحيح. لأن لا مشابهة بين النيمة والطرخون: ولا جرم أنه سقط من بين هاتين الكلمتين كلمتان أخريان. وقال فيها: الطرم البلسن والحال أن الواحد غير الآخر فينتج أن هناك تشويهاً آخر أن نقصاً في العبارة وفيها السرار: الهندي والأصح الحبحب: الهندي وفيها النعنع والنعناع ليس بشيء. ولعل الأصح النعنع (وزان قنفذ): النعناع والنعنع (وزان سبسب) ليس بشيء (أي ليس في شيء من العربي الفصيح) وفيها: العثم (بالثاء المثلثة) الزيتون وهو المردقوش. والأصح العتم: (بالثاء المثناة) الزيتون والعنقز هو المردقوش. وفيها ضبط الجلوز بضم اللام المشددة والأصح بفتحها. وفيها: الدبا: القرع والأصح الدباء (بالمد) القرع. وفيها: والدرق الحندقوقي والأصح والذرق (بذال معجمة) الحندقوق لا الحندقوقي لأن هذا نبت آخر ليس بالذرق وفيها: والجرجار نبت طيب الريح يرى أنه السوسن والأصح يروي وإن كان يجوز أن يقال هنا يرى. وفيها: الجاد الشاهسفرم والأصح الجادي: الزعفران. هذا ما رأيناه من أغلاط الطبع في صفحتين. فما القول إذا تصفحنا عدة صفحات من هذا الكتاب فيا للأسف على وقوعها في مثل هذا المصحف وخلوه مع ذلك من فهرس الأغلاط وتصحيحها: نعم إن الناشر قال في خاتمته: بذلنا جهدنا حتى لا يكون غلط في طبع الكتاب ولكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. إلا أن هذه الألفاظ لا تخفى على اللبيب إذا دقق النظر فيها.) لكن الأمثلة التي سردناها تخفى على كثيرين حتى على الالباء ولهذا نتوقع أن تكون الطبعة الثانية أصح وأوفى بالمراد والله الموفق للسداد. 4 - ديوان إبراهيم منيب الباجه جي الجزء الأول. طبع بمطبعة الآداب في بغداد سنة 1331 في 135 صفحة إبراهيم منيب أفندي الباجه جي من شبان شعراء بغداد يستحق كل إكرام لأنه لم يتلق اللغة العربي وآدابها عم معلم وإنما درسها بنفسه وأخذ ينظم الأشعار على ما توحيه قريحته وتفيض به سليقته. وهو في غضاضة الاهاب، وعنفوان الشباب، وقد وقف القراء على بعض منظوماته التي نضدت في لغة العرب. واليوم أهدانا حضرته الجزء الأول من ديوانه فوجدناه شاعراً عصرياً وقد نحا في جميع قصائده مناحي أبناء هذا القرن وخلع عنه أطمار الأقدمين التي لا يليق بأحد من أبناء زماننا أن يلبسها معانيه لعتقها وبلاها وتهرؤها. ولهذا نهنئه بنظمه ونتمنى له معارج

الرقي؛ إذ وقد وضع أقدامه على أوائلها كيف لا وهو القائل في وصف ليلة في دجلة: رعى الله ساعات تقضت من العمر ... بدجلة والأرجاء تزهر بالبدر وزورقنا إذ ذك طيراً تخاله ... يمد جناحيه من الشوق كالنسر ودجلة تجري في مذاب مفضص ... يمازحه ضوء المقاصير بالتبر يلاعبه نفح النسيم فتنجلي ... مويجاته عن نسج درع من الدر ويطرب سمعي من بعيد خريره ... إذا أنحط من عال إلى اسفل يجري تعوم به من كل فج زوارق ... فمنهن ما يرسو ومنهن ما يسري إلى غير هذه الأبيات مما يدل على إن الشاعرية مطبوعة فيه. - على أننا كنا نود أن نرى طبعه قليل أغلاط الطبع ليكون احسن قالب لأحسن شواعر القلب. إلا أن الواقع يخالف ما في الأمنية وهي كثيرة تعد بالعشرات ولكثرتها وشهرتها لا نتعرض لذكرها. لكن نذكر بعض أغلاط فرطت من الشاعر على غير انتباه منه لكثرة ارتجاله الأبيات بدون أن يراجعها كقوله في ص 90 ما حرفه: تحكي بلين القد غصن النقا ... ونفحة الورد براياها فالنقا هو القطعة من الرمل تنقاد محدودبة. وما كان كذلك لا ينبت شيئاً لعدم وقوف الماء في رمله ولا حديدابه. فكيف جاز له أن ينبت فيه شيئاً. وأما الرايا بمعنى الريا فلم ترد في كلامهم. وكقوله في ص 91: أنت المليكة في الملاحة بينهم ... وهمو لديك بمنزل المملوك فالمملوك راجعة إلى (هم) وهم صغير للغياب فكيف جاز له أن يقول المملوك بالمفرد. نعم إن هناك الروي وبعض التوجيه لكن هذا كله لا يرفع نظم الشاعر ولا شعره ولا يجيده يعده من الكلام الفصيح. ومن هذا القبيل ما جاء في ص 102 قال: فيا له عقد سعيد سرت ... به المحبون وكل الآل فقد أنث فعل الفاعل وهو المحبون وليس هناك وجه يجيز له هذا الاستعمال القبيح المنحط الذي لم يأت بمثله إلا العوام. - وانشد في ص 104 يا ناعياً أرخ (على قبره ... لقد توفى مصطفى الباجه جي) قلنا: حق توفى هنا أن تكون بصيغة ما لم يسم فاعله. فإذا فعلنا ذلك ثار بوجهنا جواز شعري من أقبح الجوازات وهو إسكان آخر المتحرك في وسط الشعر وهو مكروه أشد الكراهية وإن ورد منه في شعر الأقدمين. وورد في تلك الصفحة

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

أنت المليك على الحسان ومن عدا ... ك من الملاح وحقهن عبيد فقوله: (من الملاح وحقهن عبيد) فساد ظاهر. إذ الملاح جمع مليح أو مليحة (وحقهن) لجمع المؤنث الغائب وليس هناك اسم مؤنث مجموع حتى يرجع إليه ضمير و (حقهن) و (عبيد). جمع مذكر. فأنت ترى ما في هذا العجز من التشويش مالا يخفى. - فالأمل إن هذه الأغلاط وما كان من بابها تصحح في الطبعة الثانية ولا يرى منها شيء في الجزء الثاني. - على أننا نقول أن هذه الهنات وقعت في القسم الأخير من الديوان وهو القسم الذي نظمه الشاعر في أول عهده بالشعر وأراد أن يبقيه على علاته ليرى القارئ تقدمه في النظم وإن الشاعر وإن كان مطبوعاً في ما يفيض به لسانه لكنه لا يسلم من العثرات النحوية. وإنما تزول من أمامه كلما رسخت قدمه في الفن كما يقع مثل ذلك في أول سير الإنسان إذا أراد لأن يعتمد على نفسه. والله المسدد إلى سواء السبيل. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - أنباء عمان كتب إلى الدستور ما ملخصه: (اتفق الشيخ عبد الله بن حميد السالمين أكبر علماء الأباضية مع جماعة من المشايخ وأقاموا لهم إماماً اسمه سالم بن راشد الخروصي وتبعهم جم غفير من أهالي البلاد وساروا إلى مدينة (نزوة) عاصمة عمان سابقاً. واستولوا عليها بعد حصار قصير المدة لأن عسكر السيد فيصل تمرد وعصى وخان مولاه. أما حاكم المدينة سيف بن حمد فقد انتحر بعد أن رفع رفيعة مطولة إلى إمارة مسقط التي قامت للأمر وقعدت وبادر سلطانها فيصل إلى إرسال ولده نادر إلى (سمائل) وولديه حمد وحمود إلى (مصنعة) من بلاد الساحل. ثم تأكد أن جل اتباعه من الخونة وليس فيهم من يرد العدو إذا أراد الهجوم على (نزوة) وسير بارجته (نور البحر) إلى بلدة (خصب) ميناء رؤوس الجبال ليجلب له منها عدداً كافياً من عشائر الشحوح الباقين على ولائه.) أهـ. ثم كتب إليه بعد أسبوع ما محصله: (ازداد نفوذ الزعيم الاباضي وذلك بعد (نزوة) قلعة (زكي) ثم استولى على بلد. (العرابي) غلا أن حصنها لم يسقط ولم يزل محاصراً. أما سمو السلطان فإنه أخذ يعبئ الجيوش للتنكيل بالبغاة ولا تزال بارجته (نور البحر) تنقل العساكر من صور وغيرها ووجهتها بلدة (سمائل) التي يريد الإمام أن يستردها ويحصنها ليتمكن من صد الخوارج إذ أنها ممر القوم إلى مسقط. والذي تعنو له (سمائم) تعنو له الحاضرة أي مسقط وما دانها. والله يؤتي ملكه من يشاء.

2 - دار البريد والبرق الجديدة في بغداد في 16 ك الأول من سنة 1911 كان وضع الحجر الأول لدار البريد الجديدة (لغة العرب 1: 179) وفي صباح نهار الأحد 29 حزيران من هذه السنة 1913. افتتحت هذه الدار وقد تم بناؤها على الطرز الحديث المعروف في المدن الكبرى وكان يوماً مشهوداً وحضر الحفلة والي الولاية وسائر كبار الموظفين من ملكيين وعسكريين ونحن نتمنى أن تضبط شؤون هذا البريد حتى يناسب حسن منظر البناء حسن إدارة الأشغال! 3 - كوت العصيمي نمى إلى أصحاب العقد والحل أن في كوت العصيمي أسلحة ممنوعة فلما حاول الموظفون تحقيق الأمر بأنفسهم هجم عليهم اتباع العصيمي وقابلوا الجند بالرصاص فأمطر هؤلاء على المعتدين مطراً حميماً فهرب أولئك فارين. وبعد كبس الدار لم يجدوا فيها شيئاً. فلعلهم حملوها حين الفرار (ملخصة عن الدستور) 4 - ابن السعود والأجانب أخطر عبد العزيز السعود جميع الغرباء المقيمين في الاحساء والقطيف لمعاطاة التجارة أن يزايلوهما في أقرب وقت. وقرر بأن يؤخذ 8 في المائة بمنزلة مكس عن كل ما يرد إلى الاحساء والقطيف. (عنها بتصرف قليل) 5 - عجمي السعدون وقع نزاع بين عجمي السعدون والسيد طالب بك النقيب في البصرة ثم زال في الآخر حتى إن عجمي أبرق ما معناه: إني لما زحفت على البصرة كنت أظن أن السيد طالب بك كان يعمل على خلاف الحق فلما تبين لي صدق نيته رجعت إلى مقري (أي إلى الغبيشية) (عن الرياض) 6 - الحويطات نفر ابن جازي أحد شيوخ الحويطات ومعه أبو تائه وجماعة من الترابيين والعزازمة والتياهة لمقاتلة عنزة فالتقى الجيشان على ماء البصة وتقاتلا قتالاً شديداً أسفر عن نصر ابن جازي ومن حالفه. وهكذا يقصى الأعراب أيامهم بين فر وكر ولا هم لهم سوى الغزوات والمعارك! فإلى متى هذه العيشة المقلقة؟ (عنها) 7 - الرولة حمل ممدوح الشعلان لرولة على عشيرة السويد (التابعة لأبن الرشيد والمقيمة في غوطة دمشق) ومعه من 600 مسلح فدارت الدائرة عليه فقتل من قتل من قومه (عنها) 8 - الدهامشة اشترت عشيرة الدهامشة جميع الأطعمة الموجودة في كربلاء فارتفعت أسعارها. فعسى إن الحكومة تهتم لرتق هذا الفتق. (عنها) 9 - اشتداد الحر اشتد الحر في أواسط تموز فبلغ الدرجة 45 في الظل وفي 22 منه ابتدأت الباحوراء فكان مع الحر هبوب رياح هالت علينا رملاً دقيقاً غزيراً حتى حرجت منه الصدور وحجبت السماء الغيوم مدة ثلاثة أيام ظننا أنفسنا في أيام الشتاء والسحب في أيام الصيف عندنا أعز من الكبريت الأحمر.

العدد 27

العدد 27 - بتاريخ: 01 - 09 - 1913 كدرُلعومَر في أقاصيص العرب 1 - من هو كدرلعومر كدر لعومر كان ملك بلاد عليم في عهد إبراهيم الخليل. وهو من مشاهير الفاتحين إذ امتدت فتوحاته إلى البحر الميت (أو بحر الزفت) وهو الذي أسر لوطاً. وكان قد احتل جانباً من ديار فلسطين. فأسرع إبراهيم إلى نجدة حفيده وكسر كدرلعومر وأنجى لوطاً. هذا ملخص ما نعرفه معرفة صادقة عن هذا الملك الغشوم وقد جاء ذكره في سفر التكوين (14: 1 - 24) وهو الذي قهر أيضاً الرفائيين والزوزيين والايميين والحوريين وهؤلاء كانوا في جبلهم سعير إلى سهل فاران الذي عند البرية وكل ذلك من بلاد العرب. ثم ضرب العمالقة والأموريين إلى غيرهم. وكل ذلك يدل على أنه أبقى ذكراً عظيماً في حافظة العرب. بل ذكراً لا يمحى. على إنك إذا استقريت كتب العرب وأخبارهم وتواريخم من أولها إلى آخرها لا تقع على هذا الاسم أبداً. وأنت خبير أن العرب إذا سمعت اسماً أعجمياً تصرفت فيه كل التصرف ولا سيما إذا كان طويل الحروف. وهذا الذي وقع في هذا الاسم. وهانحن نثبت هنا اللغات التي وردت فيه لتعرف الأقاصيص التي وردت بصدده: 2 - اللغات الواردة في كدرلعومر وتحقيقها. هذا الاسم ورد في نسخ التوراة العبرية بصورة (كدرلعمر) بدون تغيير آخر. وورد في بعض النسخ العربية (كدرلعمر) أيضاً كما في العبرية (وكدرلاعومر) كما في النسخة اليسوعية البيروتية. و (كدرلغومر) (بالغين المعجمة) كما في

النسخة العربية الرومية المطبوعة بأمر المجمع المقدس سنة 1671. وكدرلعومر كما في النسخة البروتستانية البيروتية والنسخة الدومنيكية الموصلية. وخدرلاهومور كما في اللغتين اللاتينية والفرنسوية وفي ما ضاهاهما من لغات الإفرنج وكما وردت في نسخ التوراة الموجودة في لغاتهم (وخدلوغومر أو قدلوجومر) كما في اليونانية وفي ما نقل عنها. وأما العرب غير النصارى فإنهم صحفوا اللفظة بصور مختلفة منها: (كرد عمرو) بتقديم الراء الأولى على الدال وبتأخير الواو عن الراء الأخيرة. ثم توهموا أن كرداً هو اسم الابن وعمراً اسم الأب فهو مضاف ومضاف إليه. ولعل الوهم ثبت فيهم لرؤيتهم فيه اللام التي توهموها لام الإضافة تلك الموجودة في أصل الاسم أي (كرد لعمرو). ثم ذهبوا إلى أن كرد عمرو أو على وهمهم كرد بن عمرو هو عليم أو عيلام أكرادا أيضاً نسبوا هؤلاء الأقوام إليه. ونحن لا نقول هذا القول بدون سند. فإن ابن خلدون يورد في تاريخه (2: 7) ما هذا نصه: (وفي التوراة ذكر ملك الأهواز واسمه كرد لا عمرو من بني غليم): وقال في صدر الصفحة المذكورة: (وبني غليم أهل خوزستان) وأنت تعلم أن في الأهواز أو في خوزستان أكرادا كثيرين يعرفون باللر أو اللور ولهذا نسبوهم إليه. وقال في التاج في مادة كرد: (الكرد بالضم جبل معروف. . . واختلف في نسبهم فقيل: جدهم كرد بن عمرو مزيقياء. وهو لقب لعمرو لأنه كان كل يوم يلبس حلة، فإذا كان آخر النهار مزقها لئلا تلبس بعده. . . قال بعض الشعراء: لعمرك ما الأكراد أبناء فارس ... ولكنه كرد بن عمرو بن عامر. هكذا زعم الناسبون. . . وقال ابن دريد في الجهمرة: الكرد أبو هذا الجيل الذين يسمون بالأكراد. فزعم أبو اليقظان أن كرد بن عمرو بن عامر بن صعصعة وقال الكلب: هو كرد بن عمرو مزيقياً. وقعوا في ناحية الشمال لما كان سيل العرم وتفرق أهل اليمن أيدي سبا. . .) إلى آخر ما جاء هناك. فأنظر حرسك الله كيف صحف العرب هذه الكلمة وكيف جعلوا المسمى بها أباً للأكراد وكيف ابتدعوا له نسباً عربياً. ولقبوه بلقب مزيقياً. وما مزيقياء إلا لفظة مرادفة لكرد العربية ومعناها قطع. ثم اخترعوا لسبب هذا الاسم حكاية فقالوا لأنه

كان يقطع أو يمزق الثياب لئلا يلبسها أحد بعده. وكل ذلك من الحكايات الملفقة اختلقها بعض القصاصين تأييداً لسبب وضع هذا الاسم وهذا الاشتقاق لا غير. قلنا: والذي يجب أن يؤخذ من هذه الأقاصيص كلها أن كرد عمرو كان في نواحي خوزستان أو ديار الأكراد اللورية ثم وقع في ناحية الشمال من جزيرة العرب فنسبت إليه تلك الأقاصيص لمرور الزمان عليها إذ كان المذكور في عهد إبراهيم الخليل. ثم أن العرب صحفوا هذا الاسم عينه (كدرلعومر) بصورة قدار الأحمر أو قدار الأحيمر أو قدار بن سالف أو قدار عاد أو قدار ثمود أو أحمر عاد أو أحيمر عاد أو أحمر ثمود أو احيمر ثمود إلى غير ذلك من اختلاف الروايات واللغات. وسبب هذا التصحيف أنهم نقلوا هذا الاسم عن اليونانية أو عن الرومية كما نقلوا كرد عمرو عن العبرية. ثم ظنوا أنهما شخصان مختلفان كما فعلوا في النبي الياس فإنهم نقلوا هذا الاسم بصورتين: الواحدة بصورة إيليا عن العبرية والثانية عن اليونانية بصورة الياس ثم ذكروا للواحد غير ما ذكروه للآخر فتقوم من وصفهم شخصان ومثل هذا الأمر كان يقع للعرب في الألفاظ الجنسية أيضاً أي أنهم كانوا يعربون اللفظة الواحدة بصورتين مختلفتين ويعقدون بناصية كل منهما ما لا يعقدونه بناصية الأخرى صاحبتها. على أنه، والحق يقال، لم يقع ذلك عند العرب فقط بل عند سائر الأقوام الأقدمين وهو أمر لا ينكر. وقد قالوا عن قدار الأحمر ما انقله عن ثمار القلوب في المضاف والمنسوب للثعالبي. قال: (أحمر ثمود هو قدار بن سالف عاقر ناقة الله. يضرب به المثل في الشؤم والشقوة. وقد غلط زهير في قوله: فتنتج لكم غلمان شوم كلهم ... كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم وكأنه سمع بعاد وثمود فنسب الأحمر إلى عاد على ما توهم وهو من ثمود. وكان قدار أحمر أزرق، وهو الذي ذكره الله تعالى فقال: إذ انبعث أشقاها. وعن عمار بن ياسر قال: خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في غزوة ذات العشيرة فلما قفلنا نزلنا منزلاً فخرجت أنا وعلي بن أبي طالب ننظر إلى قوم يعتملون، فنعسنا، فسفت علينا التراب فما نبهنا إلا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لعلي (رضه): يا أبا تراب، لما عليه من التراب، أتعلم من أشقى الناس؟ فقال: خبرني يا رسول الله. فقال: أشقى الناس أحمر ثمود الذي عقر ناقة الله؛ وأشقاها الذي يخضب هذه، ووضع

يده على لحيته، من هذا، ووضع يده على قرنه، فكان علي (رضه) كثيراً ما يقول عند الضجر لأصحابه: ما يمنع أشقاها أن يخضب هذه من هذا). أهـ. قلنا: إننا لا نرى في كلام زهير خطأ أو غلطاً على خلاف ما ظنه الثعالبي لأن الشاعر استعمل هنا كلمة (عاد) بمعنى (العادي) أي القديم كما جاء في كتب اللغة. فقوله كأحمر عاد أي كأحمر القديم الذكر في التاريخ؛ وهذا لا يمنع كونه من ثمود القبيلة البائدة: أي أن الميداني يقول في شرح هذا المثل: أشهر من أحمر عاد. هو قدار بن سالف عاقر الناقة؛ ويقال له أيضاً قدار بن قديرة وهي أمه وهو الذي عقر ناقة صالح عم فأهلك الله بفعله ثمود. أهـ. وعليه لا غلط في كلام زهير ولا حاجة إلى تأويل كلامه. وأما إسناد عقر الناقة إلى (قدار الأحمر) فهو إشارة إلى فتكه بالعرب الذين في جبل سعير مثوى بعض بني ثمود. وأما بقية أسمائه فظاهرة من كتب اللغويين والمؤرخين. قال صاحب لسان العرب: قدار بن سالف الذي يقال له (أحمر ثمود) عاقر ناقة صالح عم. - قال في تاج العروس: قدار بن سالف الذي يقال له (احيمر ثمود) عاقر الناقة ناقة صالح عم. - وقال الثعلبي في كتابه قصص الأنبياء ص 43 وقد زاد الكلام تفصيلاً: (قدار بن سالف من أهل قدح، واسم أمه قديرة، كان رجلاً أشقر (أي أحمر) أزرق قصيراً ويزعمون انه كان. . . لرجل يقال له صفوان ولم يكن لسالف). . . إلى آخر ما ورده من الأخبار الغريبة الضعيفة السند. وذكر قدار صاحب كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور (وهو محمد بن أحمد بن أياس الحنفي ص 73 من الطبعة المصرية وما يليها) بصورة (قيدار) قال: (فكمن قيدار للناقة في مكان من الجبل فلما أقبلت الناقة وهي ترعى وقربت من قيدار ضربها بسيف فقتلها): أهـ. ولو تتبعنا جميع كتاب العرب ومؤرخيهم لرأينا كل واحد منهم يصحف الاسم أو يحرفه قليلاً أو كثيراً حتى يبعد كل البعد عن أصله المذكور في سفر التكوين. وقد جاء أن الرقم المسمارية المكتشفة في ديارنا هذه العراقية ذكر اسم ملك قرأه العلماء (قدرمابلا) (بضم الباء المثلثة) وهم يظنون إنه (كدرلعومر) ولا سيما لأنهم رأوا من جملة أوصافه هذا اللقب وهو (فاتح الغرب). فلا جرم أن (كدروقدر) في الروايتين هما واحد في الأصل. إلا أن

الطريق من الاحساء إلى الرياض إلى مكة

الاختلاف واقع في عجز هذا الاسم المركب. ومثل هذا الاختلاف يقع في كثير من الأعلام من قديمة وحديثة أي أن المتكلمين يكتفون أما بالصدر عن العجز وأما إنهم يختزلون الاسم فقالوا مثلاً رزوق أو رزوقي في رزق الله. وحمو في حمدويه أو حمود. وعبو في عبد الأحد أو عبد الواحد وهذا في الأعلام الحديثة. وبخت نصر في نبو كدنزر أو بنو كدراسر، وشلمان في شلمانزر ومرد خميل في مرودخ بل أدن إلى ما هناك في الأعلام القديمة العادية. ويحتمل أيضاً أن يكون معنى (مابلا) في اللغة الحامية أو الاشكوزية (الأحمر) بالعربية بيد أنهم لم يقفوا تمام الوقوف على معناها ولهذا قال العرب تارة قدار وطوراً قيدار وأخرى قدار الأحمر أو نحوها. وقد قال العلامة رولنصن في طبعته لتاريخ هيرودرتس الشهير: إنه من المرجح أن كدرلعومر كان شيخاً من غزاة الكلدانيين العيلميين (والكلدانيون من محتد عربي بحت على ما أثبته الباحثون العصريون) الذين انشئوا دولتهم في النصف الأول من القرن العشرين قبل الميلاد على ما يؤخذ من أنباء بيروس المؤرخ. فإذا وقفت على هذا كله علمت ما لهذا التحقيق من معرفة زمان بعض أخبار العرب. ومن الغريب أن العرب كانوا يذهبون إلى أن قدار الأحمر كان في عهد إبراهيم الخليل لأنهم يذكرونه في عهده. فهذا الثعلبي يذكر قصة نوح ثم قصة هود ثم قصة صالح التي فيها ذكر قدار بن سالف ثم قصة إبراهيم. وفعل مثل ذلك مؤرخو العرب عند كلامهم عند كل من قدار وإبراهيم. ولهذا لا عبرة اليوم لما يقوله الغربيون والإفرنج هازئين بالعرب أن حكاية قدار الأحمر لا حقيقة لها إذ لا وجود لقدار في التاريخ؛ فالتاريخ قد أثبت الآن وجوده وكذلك لا يلتفت إليهم لما يقولون عن كرد عمرو أنه من الأشخاص الوهميين الذين لم يخلقوا إلا في مخيلة الناطقين بالضاد. فتحقيقنا هذا المذكور بوجه الاختصار كاف لرد هذه الأقاويل وهو فوق كل ذي علم عليم. الطريق من الاحساء إلى الرياض إلى مكة - إن المسافرين إلى نجد كثيرون في ديار العراق لكنك لا ترى واحداً منهم دون مراحل

سفره. هذا فضلاً عن إن المراحل تختلف سنة عن سنة أو على الأقل كل بضع سنين لما في تلك الربوع من قبائل البادية التي تقطع الطرق أو لنضوب مياه الآبار التي يردها السفر. فوقعنا عند حضرة صديقنا محمد رشيد أفندي ابن السيد السعدي على رحلة والده من الاحساء إلى الرياض إلى مكة وهي الرحلة التي طوى مراحلها سنة 1288هـ (1872م) مع رجب أفندي البيكباشي، فطلبنا إليه أن يؤذن لنا بنشرها فإذن، وهاهي ذه ننشرها بحروفها بدون أن ننقح عبارتها حرصاً على سلامتها، ونشكر صديقنا على ذلك. (لغة العرب). بسم الله الرحمان الرحيم إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد هو أنه: لما كان طريق الرياض والدرعية أسهل طرق السواحل والبحرين مع الاحساء والقطيف ولنجة وبندر أبي شهر وغالب بلاد إيران الواقعة بتلك الأطراف والكويت والبصرة إلى الحرمين المحترمين. لكن في هذه المدة يتعنى الحجاج فوق طاقتهم في الطرق البعيدة بسبب تعسير المسرى من هذه الطرق المذكورة فلما أراد الله الخير لعباده القاصدين أشرف بلاده هيأ لهم أسباب التيسير في مسلك هذا الطريق، وجعل لهم التوفيق، خير الرفيق، وذلك بما من به من النصر الأبدي، والتأييد السرمدي، لحضرة مولانا الوزير الأفخم، والمشير المفخم، صاحب الدولة، وحامي الملة، أفندينا السيد أحمد مدحت باشا، جعل التوفيق له غطاء وفراشاً، بأن فتح على يديه القطعة النجدية، ومن عليه باستجلاب أدعية كافة الملة المحمدية، لدوام السلطة السنية. وكنت حينئذ متقلداً إفتاء تلك الفرقة المنصورة، الكاسرة شوكة أولي البغي من العشائر المخذولة المقهورة، بمعية قوماً ندانها المشيد بآرائه السديدة أساس أركان صاحب السعادة، والحائز لكل سجية مستجادة، محمد نافذ باشا الفريق، سلك الله به إلى الخير سواء الطريق، فوقع استحسان المشار إليه، اسبغ الله نعمه علينا وعليه، أن أسير حجاج ذلك الطريق إلى الحرمين المحترمين، وأكون واسطة لجلب أدعيتهم الوافية لدوام دولة خليفة رسول الثقلين، بعد أن أمر بنشر العلم السلطاني، واللواء الخاقاني، وضرب خيمته سعود الباغي، الخارج الطاغي، المأخوذة منه قهراً، والمخرج منها جبراً، بواسطة العساكر السلطانية، والجنود الخاقانية، وجعل الدليل والأمير لهذه السائرة، الموفقة لخير الدنيا والآخرة، تحت نظارتي فامتثلت ما أمره الفريق، وعزمت متوكلاً على من شرف البيت العتيق، وأحببت أن أذكر رحلة المسرى،

وأحمد من بعبده أسرى، وأبدي غاية التشكر والدعاء لحضرة أفندينا المشار إليه أعني والي ولاية يغداد، والكاشف الغمة عن هؤلاء العباد، إذ هو السبب الأقوى، والواسطة العظمى، إلى هذا المسير، المقرون بالتيسير. فأقول وبالله الاستعانة، ومنه العون والإعانة، مدة المسرى تاريخ سنة 1288. الساعةذو القعدة 1. 5. تحركنا من الاحساء إلى (قلعة صاهود) بعزيمة صاحب الرفعة رجب أفندي البيكباشي وكان نهار الثلاثاء وهي قلعة مشيدة البناء وفيها مقدار من العساكر المنصورة. يوم الأربعاء منها إلى (عين نجم) وهي لعين الحارة من القدرة الإلهية وأقمنا بها يوم الخميس ويوم الجمعة تحت الخيمة المذكورة ليتكامل الحاج وقافلة الرياض وظهرت العساكر المنصورة بأمرائها الفخام بمعية حضرة الفريق الأفخم وأكابر وجوه البلدة وقرأت دعاء حافلاً في دوام السلطنة السنية وتأييد وزرائها وأمرائها ووكلائها وكافة عساكرها المنصورة وللحجاج والغزاة والمسافرين. 8. 9: يوم السبت تحركنا من عين نجم بمقدار مائة من الحجاج وقافلة نجد ونزلنا (غار الشيوخ) خالياً عن المرعى والماء. 8. 10: يوم الأحد منها إلى (شعاب الفروك) مرعىً لا سقياً خالية من البدوان 6. 11: يوم الاثنين منها إلى (نكيرات الحاج) رعياً لا سقيا وفيها من البدوان من عشائر. المرة والعجمان. 10 12: يوم اللاثاء منها إلى (بدالى) رعياً لا سقياً وكذلك منزولة (أي فيها عربان) 6. 13: يوم الأربعاء منها إلى (أبي جفان) كثيرة الآبار والمرعى خالية من البدوان 7. 14: يوم الخميس منها إلى (أبي الناس) على سيل عظيم وغدير جسيم وأمطرنا فيها ثلاث ساعات ليلاً. 3. 15: يوم الجمعة منه إليه نزلنا بطرف الوادي لكثرة انحدار السيول عليه. 7. 16: يوم السبت منه إلى (السلي) على سيل عظيم. جعل الله كل نبت حي. 5. 17: يوم الأحد منه إلى (الرياض) ونزلنا (حوطة عبد الله الفيصل) فركزنا

البيرغ السلطاني ونصبنا الخيمة المذكور واجتمع الأهالي لدينا لأجل السلام إلا الشيخ النجدي عبد اللطيف الوهابي وعزمنا محمد الفيصل على وليمة معظمة فأبدلنا النصائح الدينية، والمواعظ المحمدية، وحرضناه على إظهار الطاعة والانقياد لحضرة الدولة العلية، وامتثال أوامر الحضرة المشيرية وكان حينئذ عبد الله الفيصل بالخارج عن الرياض بمسافة ثماني ساعات فسيرت له ساعياً وحررت له كتاباً فيه من النصائح والترغيب في حسن الخدمات المرضية، لجانب السلطنة السنية، والانقياد للحضرة الفريقية، فأجابني بالسمع والطاعة. وأما (الرياض) فبلدة فيها نحو ألف بيت وفيها بساتين كثيرة وتخمين (الرياض) (والدرعية) (ومنفوحة) وباقي قرى (العارض) لو اجتمعت وأرادتها تقرب من واردات (الاحساء والقطيف) وأهاليها أكثرهم في غاية الغلاء والمحنة والعياذ بالله وأكثر قوتهم اليرابيع والجراد وما أشبههما. 0. 18: وأقمنا بالرياض يوم الاثنين بضيافة المذكور محمد الفيصل. 3. 9: يوم الثلاثاء منها إلى (الدرعية) بلدة عظيمة آثارها وهي خربة كثيرة المياه. 9. 20. يوم الأربعاء منها إلى (الحسينية) قرية (بوادي حنيفة) قليلة البساتين، كثيرة المياه. 8. 21: يوم الخميس أيضاً بوادي حنيفة ومررنا على بساتين وقرى كثيرة. 10 22: يوم الجمعة منها إلى قريب (ثرمدة) ببر أقفر موجود المرعى عديم الماء اسمه (العريج) 7. 23: يوم السبت نزلنا (ثرمدة) قرية كثيرة المياه والبساتين والأهالي. 10. 24: يوم الأحد منها إلى (مروتة) كثيرة والآبار والمرعى خالية غير منزولة. 7. 25: يوم الاثنين منها إلى (مكيسة) خالية عن الماء والمرعى وصادفتنا فيها غارة العتيبة يقدمهم عبد العزيز الجامع وأراعوا الحاج فتوسطت بينهم أن سلمهم الحاج مائة وأربعة وأربعين ريالاً

وأعطيتهم بعض المختلفات وكفانا الله تعالى شرهم. وتعهدت للحاج أنه بحول الله تعالى وبأنفاس الحضرة المشيرية استرجع لهم المبلغ في مكة المشرفة فكان الأمر كذلك حيث صادفنا حسين بن جامع شيخ عتيبة في منى، وحصل منه بلوغ المعنى، وكان معه اختيارية العشيرة المذكورة فحذرتهم وأنذرتهم من سطوة وكلاء الدولة العلية فسلموا المبلغ المذكور إلى الحجاج المرقومين بعد الدخالة العظمى وقدموا لي نكالاً عوض المختلعات سيفاً مصنوعاً من الفضة ثم بعد ذلك علم حضرة سيدنا ومولانا الشريف، الحائز لكل بحر منيف، صاحب الدولة عبد الله باشا، وفقه الله تعالى لما يشاء، فحبس حسين المذكور وعزره على فعلهم بحجاج بيت الله الحرام، وأن من دخله كان آمناً ومن قصده لا يضام، فتشكرنا لحضرته السنية، وأثنينا على غيرته المحمدية، وهذه جملة اعترضت هنا وسنعود إلى ما نحن فيه. 9. 26: يوم الثلاثاء رحلنا من (مكيسة) إلى (قرية الداودي) فيها بساتين ومياه. 8. 27: يوم الأربعاء منها إلى (قرية الشعرة) آخر قرى نجد وفيها بساتين ومياه. 8. 28: يوم الخميس منها إلى (ظليع الخوار) كثير المرعى خالي من المياه والمنزل. 9. 29: يوم الجمعة منها إلى (خشم النير) فيه آبار كثيرة ومرعى. 10. 30: يوم السبت منها إلى (عيسلان) كثيرة المرعى بلا ماء وفيه رأينا هلال ذي الحجة الحرام. الساعة ذو الحجة 10. 1: يوم الأحد منها إلى (الحميمة) خالية من الماء والمرعى والعربان. 10. 2: يوم الاثنين منها إلى (البرة) فيها مرعى وآبار ماء وعليها من عربان عتيبة وحمانا الله منهم. 9. 3: يوم الثلاثاء منها إلى (سكوة) على سيل عظيم، ومرعى جسيم. 10. 4: يوم الأربعاء منها إلى (الكموم) مرعى فقط. 9. 5: يوم الخميس منها إلى (ركبة) رعياً فقط. 11. 6: يوم الجمعة أيضاً إلى ركبة رعياً وسقياً.

الساعة ذو الحجة 6. 7: يوم السبت منها إلى (وادي العقيق) وأحرمنا فيه إلى الحج مكررين التلبية والتهليل والتكبير والتحميد. 4. . . في اليوم المذكور منها إلى (عرفات) نهاراً وليلاً حتى وصلنا ليلة الساعة 9 من الليل فأقمنا بعرفة يوم الأحد ويوم الاثنين وكان وقوفنا يوم الاثنين والحمد لله تعالى ونفرنا منها إلى (مزدلفة) وجمعنا بها الحصيات 10: ويوم الثلاثاء رجعنا إلى (منى) ودخلنا (مكة المشرفة) قطفنا طواف الإفاضة ورجعنا إلى (منى) وأقمنا بها يوم الأربعاء، ويوم الخميس دخلنا مكة المكرمة ويوم الجمعة نحن بضيافة حضرة سيد الشرفاء المنسوب إلى سلالة المصطفى مولانا الأفخم، وعمادنا الأقوم، صاحب الدولة الشريفة عبد الله باشا أدام الله وجوده، وأعلى سعوده، وأقمنا بمكة شرفها الله تعالى خمسة عشر يوماً كل ليلة منها نحظى بمنادمة حضرته السنية ونتجاذب أبحاث العلم والآداب مشاهدين منها الالتفات، ومزيد التوجهات، وعند الموادعة أحسن علينا بكرك وفراجة فاخرين وأمر لي بحصان من جياد الخيل فاستعفيت عنه، عفى الله عني وعنه، وأخذت الكرك والفراجة متبركاً بهما وآخر يوم الإقامة وهو يوم الجمعة كنت بضيافة صاحب السعادة والي جدة الأفخم قاسم باشا، يسر الله له من الخير ما يشاء. 6. 28: يوم السبت تحركنا من مكة المشرفة مودعين البيت الحرام قاصدين زيارة نبينا عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام فنزلنا (وادي فاطمة) مع الحاج الشامي وكانت ليلة كثيرة السراق فسرقوا خرجي بما كان محتوياً عليه من ملبوساتي وخرجي. - 8. 29: يوم الأحد (خليص) سقياً ورعياً. المحرم 6. 1: يوم الاثنين منها إلى بئر (التفلة) سقياً ورعياً. 7. 2: يوم الثلاثاء منها إلى (كظيمة) ولحق الحاج (دآء أبو الركب) فمات منهم نحو عشرين نفرأً ومنهم عبد لي حبشي الجنس وحمدت الله على السلام

الساعة المحرم 6. 3: يوم الأربعاء منها إلى قرب (رابغ) رعياً فقط وأعترى الحاج علة القوليرا (الهيضة) ومات سبعة أنفار. 6. 4: يوم الخميس منها إلى (رابغ) بلدة معمورة من أسا كل البحر ومات عشرة نفر وعبد لي آخر حبشي. 4. 5: يوم الجمعة منه إلى (الوادي) سقياً من ماء السيل وانقطعت العلة بحمده تعالى. 9. 6: يوم السبت أيضاً في الوادي على ماء السيل. 5. 7: يوم الأحد أيضاً في الوادي على ماء السيل. 5. 8: يوم الاثنين منه إلى (الريان) فيه بساتين ومياه. 12 9: يوم الثلاثاء نزلنا (الغدير). 6. 10: يوم الأربعاء نزلنا قرب (المدينة المنورة) سقياً ورعياً من السيول. 6. 11: يوم الخميس دخلنا المدينة المنورة وشاهدنا أنوارها الساطعة المنيرة. فبلغ المسير من مكة المشرفة إلى المدينة المنورة بمشي الأثقال 97 ساعة وأقمنا بها عشرة أيام مواظبين لزيارة مرقد سيد الأنام، ومصباح الظلام، ورافعين أكف الدعاء لجانب السلطنة السنية، وللحضرة المشيرية، ولجميع إخواننا المسلمين. 6. 22: يوم الاثنين تحركنا من المدينة المنورة متوجهين على طريق القصيم؛ نزلنا مقابل (جبل أحد) بقرب سيدنا الحمزة على سيل عظيم. 10. 23: يوم الثلاثاء منه إلى (وادي الحرة) سقيا من ماء السيل. 9. 24: يوم الأربعاء نزلنا (الحناكية) قرية من قرى المدينة فيها قلعة مشتملة على أربعين نفراً من العساكر الهايتة ومن كثرة أمطار هذه السنة هدم أكثرها. 7. 25: يوم الخميس منها إلى (الارطاوي) على سيل. 7. 26: يوم الجمعة منها إلى (العرجة) على سيول عظيمة. 8. 27: يوم السبت منها إلى (الأصيغر) على سيل عظيم وأمطرنا فيه إلى مطلع الفجر. 8. 28: يوم الأحد منها إلى (سمر الهميلية) على سيل عظيم وأمطرنا فيه ليلاً.

8. 29: يوم الاثنين إلى (وادي الرشا) على سيل كثير وأمطرنا فيه ليلاً الساعة صفر 9. 1.: يوم الثلاثاء منه إلى (وادي الرمى) على سيل كثير وأمطرنا فيه ليلاً. 6. 2.: يوم الأربعاء منه إلى (عقلة ابان) على سيل كثير وأمطرنا ليلاً. 8. 3.: يوم الخميس نزلنا خارج (البنهانية) قرية من قرى (القصيم) كثيرة البساتين والعيون وأمطرنا ليلاً. 6. 4.: يوم الجمعة منها إلى خارج (الرس) بلدة معتبرة كثيرة البساتين والعيون. 8. 5.: يوم السبت منها إلى بلدة (عنيزة) من أكبر بلاد (القصيم) أهلها أخبار. كثيرة البساتين والعيون وأقمنا بها ثمانية أيام وسيرت حاج الاحساء إلى حضرة الفريق مع حمدان بن ناصر. 1. 14: يوم الاثنين نزلنا (وادي عنيزة) متوجهين إلى (لكويت) سقياً ورعياً وأقمنا فيه يومين. 6. 16: يوم الأربعاء منه إلى (روضة مهنا الصالح) قرية من قرى (بريدة) فيها بساتين ومياه. 6. 17: يوم الخميس منها إلى (نفودالزلفي) من بلاد (القصيم) لو اجتمعت توازن بلاد الاحساء والقطيف. - 5. 18: يوم الجمعة منه إلى (الفزوك) رعياً لا سقياً. - 6. 19: يوم السبت منه إلى (ابرق الجراب) رعياً لا سقياً. - 6. 20: يوم الأحد منه إلى (مقطاع جراب) سقياً ورعياً على آبار كريهة اللون والطعم والريح. 10. 21: يوم الاثنين في (ابرق جراب) رعياً. 12 22: يوم الثلاثاء منه إلى (الدحول) سقياً من مياه الأمطار مجتمعة في غار جبل. 3. 23: يوم الأربعاء منه إلى (ابرق الدحول) رعياً فقط. - 12 24: يوم الخميس منه إلى (الصمان) لا ماء ولا مرعى. 6. 25: يوم الجمعة منه إلى (المصافة) على آبار وأقمنا بها يوم السبت. 10 27: يوم الأحد منها إلى (القرعاء) الخالية عن الماء والمرعى. 12 28: يوم الاثنين في (ابرق القرعاء).

الساعة صفر 10 29: يوم الثلاثاء نزلنا قرب (الكويت) مرعى لا ماء. 10 30: يوم الأربعاء نزلنا (الكويت) بلدة معمورة خالية من البساتين والنبات، قليلة المياه، على جانب البحر، وأقمنا بها يوم الخميس وصلينا بها الجمعة. الساعة ربيع الأول 5. 2.: يوم الجمعة بعد الصلاة تحركنا منها صحبة صاحب الرفعة مبارك الصباح إلى (الجهرة) مننزه لأهل الكويت فيها قصور ونخيل قليلة. 4. 3. ليلة السبت ويومه مسرى إلى (اسفوان) متنزه لأهل البصرة نزلنا بقصر ذي الفضيلة نقيب أفندي فيها مياه كثيرة وبستان الأفندي المومأ إليه. 7. 4.: يوم الأحد منه إلى البصرة بضيافة حضرة نقيب أفندي. 598 تكون ساعات المسير يوم الاثنين مساءً من البصرة ركبنا (مركب لندن) وتحركنا ليلة الثلاثاء بصحبة صاحب العزة نقيب زاده السيد محمد سعيد أفندي لزيارة حضرة أفندينا الوالي حرسه الله تعالى ونحن وجناب مبارك الصباح بضيافة حضرة السيد الموما إليه في الوابور المذكور. ساعة - 64. من الاحساء إلى الرياض 183 من الرياض إلى مكة المشرفة 97. من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة - 100 من المدينة المنورة إلى عنيزة - 444 اليكون - 117 ومن عنيزة إلى الكويت 36. من الكويت إلى البصرة 101 من البصرة إلى بغداد - 699 تكون الساعات (تمت والحمد لله على التوفيق)

أسماء الأرياح عند أهل السفن العراقية

فهذا ما كان من أمر ذهابي وإيابي وأنا اسأل الله تعالى الذي لا يخيب سائله، ولا يحرم قاصده نائله، أن يديم دولة أيام مولانا السلطان الأعظم، والخاقان الأفخم، سلطان السلاطين، وحامى ذرى الملة والدين، ويؤيد دولته، ويخلد ملكه، وأن يوفق حضرة أفندينا الذي ما شق أحد من أمثاله لسعيه غبار، ولا بلغ مدى جريه أثر له من الآثار، وهذا حديث يا كل الأحاديث في كل شجر نار، وأن يجعله دائماً مسهلاً لأمور هذه الملة المحمدية، والفرقة الناجية الإسلامية، مولاي وملاذي صاحب الدولة السيد أحمد مدحت باشا؛ كان الله له. وحماه من كل ولهٍ. في 17 ربيع الأول سنة 1288 وأنا الفقير إلى الله عز شأنه سعدي زاده السيد داود أسماء الأرياح عند أهل السفن العراقية 1: (الازقامة) ريح مخالفة للريح التي تجري بها السفينة، فإذا تسلطت عليها أرجعتها القهقري، وألقتها على الشاطئ أو تحاول بها ذلك. وأكثر ما تكون الازقاقة في الدورة من الشط. والكلمة أرمية الأصل من (زقاقا) أي هياج وإثارة والمضاف محذوف أي ربح التموج. وأسمها في القديم (علاوة الريح) والتي بعكسها (سفالة الريح) وأما الازقافة فهي الزقافة على الصحيح. 2: (الاسقية): هي التي تهب من مطلع الشمس. ولعلها منسوبة إلى السقي - المشددة الياء - نسبة محرفة. والسقى: السحابة العظيمة القطر الشديدة الوقع ولما كان هذا السحاب ينشأ في العراق من مطلع الشمس إليه الريح المذكورة. 3: (الحسيني): هي التي تهب من مغيب الشمس ونسبتها إلى مشهد الحسين بن علي عم وهي كربلاء ويستعمل هذه اللفظة أهل السفن السائرة بين المسيب والكوفة.

4: (الحصيوي): ريح تهب من محل يسمى (الحصوة) مصغرة فنسبت إليه والحصوة دون النجف من بغداد بساعتين وتكون مقابلة للكفل أيضاً وبينها وبين الكفل نحو نصف ساعة يفصل بينهما نهر الهندية والحصيوي اسم يعرفه الأهالي المنتشرون بين المسيب والكوفة. 5: (الحويزي) هي التي تهب من الشمال الشرقي والكلمة منسوبة إلى بلدة في العراق العجمي لأنها تهب من جهتها وهي (الصبا) في العربية. 6: (الروج) هو مطلق الموج والروجة: الموجة. وكان البغداديون يسمونها في عهد العباسيين (الروك) قال في تاج العروس: الروك الموج بغدادية وليست عربية كما أشار له الصاغاني.) أهـ. 7: (الشرقي): هي التي تهب عندنا من الجنوب الشرقي فنسبت إلى الشرق من باب تسمية الكل بالجزء وهي المعروفة قديماً باسم (الازيب). 8: (الشمال): هي التي تهب من الشمال الغربي. وهي عربية فصيحة. 9: (القبلي): هي التي تهب من القبلة ونسبتها إليها وفي العربية (الدبور). 10: (القمانة): هو الموج الشديد وإنما ذكرناه هنا مع الروج. لاختصاصهما بالرياح. 11: (النوف): هي التي تهب من جهات مختلفة في وقت واحد ويقابلها في العربية الفصحى (المتذابة) قال الإسكافي في مبادئ اللغة ص 14: (. . . والمتذابة (يعني الريح) التي تحيئ من هنا وثمة.) أهـ.

البصرة وأنهارها

وقد وردت لفظة النوف في قصيدة (هتلوش) الخزعلي (أي الخزاعي) من شعرائهم الحاليين وهو قوله: (امحمله وحمالها كله صخر ... النوف ضاربها وهي ببطن البحر) هذا ماجمعناه مما يتعلق بالسفن وما يلحق بها عند أهل العراق خاتمين كلامنا هذا بقولنا: كتبنا أشياء وفاتتنا أشياء أخرى لعلنا نستدركها في مقالة أخرى في فرصة أخرى نفترصها والله الموفق. كاظم الدجيلي البصرة وأنهارها (تلو) 4 - أنهر الجهة الشرقية من شط العرب يبلغ عدد انهر الجهة الشرقية من شط العرب المبتدئة من قضاء القرنة إلى نهاية الحدود العثمانية عند إيالة (المحمرة) الإيرانية 164 وهي: نهر راس القرنة، بني منصور، النهيرات، الشافي. مزيرعة (تصغير مزرعة) مرعى. صعب. السواعية. الحد. الكوازي. الدبرة. الشيخ. باش اعيان. السلك. السليك 0تصغير السلك). السبل. أبو مرادب. أبو الحصن. راشد. سلمان. الرعيدات. العباسي. الجعفري. السويب. هويدي (تصغير هادي)، الصبيح. الشيب. لقمان. بربهة. لويط (تصغير لوط). النجر. ياقوت. المجانين الكبير. المجانين الصغير. قير. الكواسر. الروط، السبول الكبير السبول الصغير. المطلاع، السويب الصغير. أبو بصيري (تصغير بصرى)، أبو شويع، (تصغير شايع). أبو دفلة. كوت الخان. الجبلي. النشوة. شهاب. الديرة، أبو غرب. المصطفاغيات. سالم. الزريفي. قتيبان، الهورة، باب قليع. العبيدية. حوطة رباط. حوطة عباس. أبو الكلاب. حوطة زامل. تل كارة. الخمس. الريان. الجبارات. الصينخ. كباسي الصغير، كباسي الكبير. الكاولية. الجديد. الهنجية (تصغير الهندية)، الثامرية. الفيروزية. أم السباع. الرملة. زعبر. أبوزوري. الجحيوي. فضيلة. المكرية،

الغبي. ابو الهدل. السيد. المجموعة. أم مسجد. الحوز. الخضر. الكوت. البلد. خويسة (تصغير خيسة). بربادة. البيكية. حسن. كوت السادة. الجرندي. المعاف. زغير. الحوبزاوي. قردلان. معدل. القشلة. التنومة، السلطان. أبو التنانير. كوت الباشا. كوت الجوع. ميتان كوت السيد. سيحة. أبن ناصر. شملة. المعاف. أبو وشيعة. المكري. كوت أبن نعمة. الخربة. سودان. أصفر. المجمل. أبو عامر. كوت زعير. الذهب. أبو بردى. ريح مالك. عويان. الخافور. الاحيمر (تصغير الأحمر). الصبخة. مير علي. كوت الشيخ. الحبابة. الجريف (تصغير جرف). كوت سوادي. النجارية. بكار. دحيمي الكبير. دحيمي الصغير. كوت السني. كوت السيد (الثاني). فجة العرب. الطالبية. البور. جاسم. الدعيجي، بعيبيص. الشرقي. الجوهرية. كوت الخراب. السيد. المكري. الفحول. الوهبي. أم الصبور. حسكان. كوت عبد الله. شعيب. باب الهواء. عميرة. تينة. مصطفى ميمن. أبن برغوث. الخرنوبية. ومن هنا تبتدئ حدود إيران. هذا وليعذرنا القراء من تكرار اسم بعض الأنهر لأن من عادة البصريين أن ينسبوا أسم النهر إلى من حفره ولذا يوجد كثير من الأنهر مسماة باسم واحد كما أني أرجو من القراء الأفاضل أن ينهوني عما نسيته أو غلطت فيه ولهم مزيد الشكر. باش أعيان زاده أمين عالي البصري ملحق بأنهار البصرة أجاد حضرة الكاتب التحرير في وصف أنهار البصرة ولا نظن أن أحداً سبقه إلى ذكرها كلها كما فعل وإتماما للفائدة ننقل هنا ما كتبه صاحب عنوان المجد السيد إبراهيم فصيح الحيدري. وهو كتاب خطي لم يطبع إلى ألان وعندنا منه نسخة ودونك ما كتب عن الأنهر التي في الجهة الشرقية قال: وأما الأنهر التي في جهة شرق شط العرب فهي ثلاثة وسبعون نهراً عظاماً كباراً وهي: 1 - نهر كتيبان وهو من المحال الجسيمة فيه عدة أنهر وفيه بساتين عظيمة كثيرة جداً 2 - نهر أبي كلاب وهو من الأنهر التي يتفرع منها جداول كثيرة حولها بساتين جليلة عديدة 3 - نهر الشلة وهو من الأنهار

الكبار التي يتفرع منها جعافر كثيرة حولها بساتين غناء ونهران كبيران (لجزيرة الصقر التي تسمى أيضاً جزيرة العين) ويتشعب النهران المذكوران إلى أثني عشر نهراً حولها جنان كثيرة - 4ً نهر الخراب وهو نهران كبيران يتفرع منهما أنهار حولهما بساتين عديدة - والنهر الدائر على المقاطعات الجسيمة أعني: 5ً الكباسي الكبير و6ً الكباسي الصغير و7ً الحوطة و8ً الريان. - وكل من هذه المحال يشتمل على أنهار كثيرة وبساتين عظيمة عديدة - و9ً نهر حسن وهو عبارة عن نهرين كبيرين يتفرع منهما أنهار حولها بساتين كثيرة و10ً نهر كوت السادة وهو ثلاثة أنهار كبار حولها بساتين كثيرة و11ً كردلان كبيرين حولهما بساتين كثار و12 تنومة وهي عبارة عن نهرين كبيرين حولهما بساتين جليلة ظليلة و13ً كوت الجوع وهو عبارة عن أربعة أنهر جسام يكتنفها بساتين عظام و14ً نهر كوت الباشا وهو من أحسن الكبار حوله بساتين كثيرة و15ً كوت ابن نعمة وهو ثلاثة أنهار كبار يحف بها بساتين كثيرة و16ً كوت زهير وهو عبارة عن أربعة أنهر كبار تطوف بها جنان غناء و17ً كوت الكوام و18ً الموحية خمسة أنهار كبار حولها بساتين جليلة الشان و19ً كوت غضبان و20ً كوت الشيخ و21ً الحبابة تسعة أنهر كبار. حولها بساتين كثيرة جليلة و22 نهر جاسم وهو عشرة أنهار كبار و23 نهر الدعيجي وهو من الكبار التي يتفرع منها أنهار حوله بساتين وافرة العدد والمقدار و24ً نهر البور وهو من الكبار حوله رياض وغيطان و25ً جزيرة البوارين اثنا عشر نهراً كباراً حولها بساتين وخمائل حسناء هذا والعمارة في جهة الجنوب أكثر من غيرها.

وأما الأنهر التي في جهة الشمال فمنها: 1ً نهر الخندق وهو من الكبار التي يتشعب منها جداول حولها بساتين كثيرة ريا و2ً نهر الرباط الصغير وهو من الكبار حوله بساتين كثار و3ً نهر الرباط الكبير وهو من الكبار تحف به الجنان والخمائل و4ً نهر الجلبية الصغيرة وهو من الكبار، تحيط به النخيل والأشجار، إحاطة السوار بالمعصم و6ً كوت الفرنكي وهو ستة انهر كبار، حولها بساتين كثار، وهو من المحال الجسيمة المساحة والمقدار و7ً نهر قرمة علي وهو من الكبار تحف به بساتين كثيرة و8ً نهر قرمة ماجد وهو من الكبار حوله بساتين ذات أشجار فنواء و9ً نهر العنبري وهو من الكبار تكتنفه الأشجار الباسقة الكثار و10 الهارئة وهي من المحال الجسيمة، ذات الأنهار الغزيرة الماء، الكثيرة الأشجار الفنواء. وهي من توابع أراضي المنتفق. إلا أنه لما كان فيها لبعض أهل البصرة أملاك ذكرناها هنا. ويتصل بها الملك الذي تحت يد متصرف المنتفق وهو ملك عظيم جسيم يشتمل على بساتين لا تحصى ومزارع ومحال لا تستقصي. . . وأما الأنهر والجداول المتفرعة من تلك الأنهر المذكورة فتبلغ أكثر من عشرة آلاف. والعشائر الساكنة في تلك المواطن بين البساتين وفي حواليها لا يحصى عددها. جزائر شط العرب وأما الجزائر التي في شط العرب المشتملة على البساتين ومزارع الرز فمنها: 1ً المحمودية وفيه أشجار أدواح ومزارع. و2ً أم الخصاصيف وفيها مزارع للرز وبساتين واسعة. و3ً أم الجبابي وفيها بساتين ومزارع الرز و4ً أم الرصاص

الكلكسة

وفيها مزارع رز وغيره. و5ً لزيادية وهي كبيرة جداً وفيها بساتين عديدة ومزارع رز واسعة و6ً الفداغية وفيها رياض فيحاء ومزارع رز قليلة. و7ً جزيرة العين وفيها بساتين كبيرة ومزارع رز كثيرة. و8ً الصالحية وفيها بساتين كثيرة ومزارع رز جليلة. و9ً العقيراوية أو العجيراوية وفيها رياض فيحاء ومزارع رز قوراء. و10ً الطويلة وفيها مزارع رز وحنطة. و11ً القليصاوية وفيها مزارع حنطة وبعض الصيفيات. و12ً جزيرة المحلة وهي عظيمة وفيها بساتين عظيمة ومزارع رز. - وجميع هذه الجزائر واقعة في شط البصرة. ولما أفلس جابر المراد شيخ آل محيسن من عشيرة كعب حاول التصرف في جزيرة المحلة تصرفاً جائراً وهي الجزيرة التي هي من أملاك الدولة العلية لأنها واقعة في البصرة وفي قربها وهي مقاطعة جسيمة تغل في السنة غلة تبلغ قريباً من ألف كيس وغفل عنها المتصرفون في البصرة. إلى هنا كلام صاحب عنوان المجد، في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد. ومن زادنا في هذا البحث مادة، زدناه شكراً والله الموفق. (لغة العرب) الكلكسة - 1 - تمهيد في علم الحيوان عند العرب من الألفاظ الغربية ما يصعب الاهتداء إلى تحقيقها لسوء تعريفها أو نقص تحديدها أو لجهل الكاتب نفسه حقيقتها. فيضطر العصري إلى أن يقول: (وهذا من خرافات العرب). وكأنه إذا قال هذه الكليمات أراح فكره وعقله وأعفى نفسه من التحقيق والتدقيق. ومن هذا القبيل اسم الحيوان الذي صدرنا به هذه المقالة. فما هي الكلكسة على ما جاءت في كتب العرب وما حقيقتها؛ وبأي لسان هي هذه اللفظة المعربة؛ ومن أي أصل مشتقة. هذه أربعة أسئلة نجيب عن كل منها على حدة فنقول: 2 - ما هي الكلكسة نقلاً عن كتب العرب. جاء في كتاب الحيوان للدميري ما هذا حرفه: (قال قوم: إنه ابن عرس. وقال

قوم: إنه حيوان آخر غير ابن عرس؛ وزبله إذا سحق وديف بالخل وطلى به مواضع النملة الظاهرة نفع نفعاً بيناً. وفي كتاب دمقراطيس: أن الكلكسة تبيض من فيها.) وروى في نسخة قديمة عندنا هكذا: (وفي كتاب دوبقراطيس (كذا): أن الكلكسة طائر (كذا): تبيض من فيها. وهذه الكلمة لم يذكرها صاحب التاج ولا اللسان ولا القاموس ولا الاوقيانوس ولا البابوس ولا ولا ولا. . . لكن ذكرها صاحب محيط المحيط نقلاً عن الدميري ولم يعزها إليه. ونقلها عن محيط المحيط صاحب أقرب الموارد. وقد ذكرها أيضاً فريتاغ وقزميرسكي وغيرهما. 3 - من أي لسان معربة هذه اللفظة. عندنا أن هذه اللفظة ليست من أصل عربي محض بل أرمى إذ هي بالسريانية. ككزشتا) وبالكلدية القديمة الترجومية (كركوشتا) وقد شرحها أصحاب المعاجم الآرامية شروحاً مختلفة. قال أحدهم وهو من الأقدمين: (وجدت في كتاب الحيوان المنسوب إلى ارسطو طاليس أنها ابن عرس. وإن الأنثى منها تحبل من فمها وتلد من أذنها. وتجمع الفضة والذهب والخرز وتخلطه وتلعب به. فإذا أخذ منها عاقبت من أخذه منها بقرض ثيابه وفراشه. وأنا استغفر الله من هذا القول.) (أورد هذا الكلام باين سمث في معجمه السرياني اللاتيني الكبير نقلاً عن معجم بر علي). وزاد آخر: ويقال له بالفارسية (راسو) (بواو في الآخر) ويقال له: الكنشخت بالشين المعجمة. وفي رواية ثانية إنه الكشخت، وفي رواية ثالثة الكحش ويسمى أيضاً ابن مقرض وصحف بعضهم كلمة كنشخت بالخنفسة وبعضهم بالورشان (كما ذكر ذلك باين سمث). فأنظر حرسك الله أين يفضي الجهل ولا سيما جهل ألفاظ اللغة وبالأخص ما يتعلق منها بعلم الحيوان. 4 - ما هي الكلكسة على التحقيق وما هي مرادفاتها. ما الكلكسة على التحقيق إلا ابن عرس لا غير. وما ذكر بعضهم تلك الأقوال القائلة إلا جهلاً لعلم الحيوان. وكان بين بعض الأقدمين جماعة يحبون غاية الحب

عجائب الأخبار فإذا سمعوها من واحد أثبتوها على علاتها بدون أن ينعموا النظر في مواقع صحتها وفسادها. . . وابن عرس وابن مقرض والكلكسة أسماء مختلفة لمسمى واحد. وحكاية جمعه للفضة والذهب والخرز مختلفة من أولها إلى آخرها مسندين ذلك إلى اشتقاق أسمه لظنهم أن (العرس) لا يكون إلا بعد جمع الأصفر الرنان والأبيض الفتان. وحكاية قرضه للثياب مبنية على أسمه (ابن مقرض). وقصة بيض أنثاه مؤسسة على مناسبة في الاشتقاق بين الكيكة (وهي البيضة) والكلكسة لا غير. ومن أسمائه العربية الكثيرة: السنعبة (وأظنها خاصة بالأنثى) لأن الذكر من هذا الحيوان هو السرعوب. وكلاهما مشتق من السعب مصدر سعب الممات بمعنى الجري لأنه يقال: انسعب الماماي جرى. وسمى هذا الحيوان بهذا الاسم لخفة حركته. ثم زيدت النون بعد الحرف الأول وأبدلت بالراء في الثاني للدلالة على تكرار الحركة وشدتها وأصل السعب: السعي وهو المشي والعدو. وكل ذلك معروف في هذا الحيوان. وعندي أن السرحوب (بالحاء) من أسمائه وهي تصحيف السرعوب على لغة شائعة في القديم يسموها الفحفحة كانت فاشية في هذيل يجعلون فيها الحاء عيناً (راجع المزهر للسيوطي 1: 109) فقد قالوا بعثره وبحثره، لعس ولحس، عوج به الطريق وحوج. المصعنفر والمسعنفر إلى مئات مثلها. - نعم إن اللغويين قالوا في تفسير السرحوب: ابن آوى. لكن هذا يشبه قولهم: الكلكسة: ابن عرس أو فارة التمر. وقيل: ابن آوى. وقيل: السنورة والقطة (راجع دليل الراغبين، في لغة الآراميين. تأليف القس يعقوب أوجين منا الكلداني. طبع في الموصل في دير الآباء الدومنيكيين سنة 1900 الصفحة 335) وسبب اختلاف الآراء ناشئ من جهل حقيقة الحيوان على حد ما يفعل الرامي إذا كان غير ماهر في الرماية فإنه كلما أخطأ الغرض أعاد رميه إلى أن يصيبه. ومثل هذا القول المتضارب قالوا في النمس فقد شرحوه بمعناه الحقيقي المعروف به. ثم قالوا: وقيل هذا الظربان وقيل: ابن آوى. إلى آخر ما هناك من الأقوال المختلفة. - ومن مرادفات ابن عرس (لزلم) (وزان سبب وصرد). وهي وإن لم ترد بمعنى الكلكسة عند جميعهم فإنها وردت بهذا المعنى عند قوم آخرين. لأن العلامة اللغوي الإنكليزي العارف بالسريانية أتم المعرفة

وهو باين سمث في شرحه للكلمة السريانية (ككوشتا) ص 1830 قال: معناها: ابن عرس، ويقال له نرعم (كذا). ولا غرو أن هذه اللفظة مصفحة عن (زلم) كما جاءت صحيحة بهذا الوجه في كتاب معجم بر بهلول. لكن الزلم في دواوين اللغة هو الوبر وهو حيوان غير ابن عرس. - قلنا: هذا صحيح لكن قد ترد اللفظة الواحدة بمعانٍ مختلفة بموجب اختلاف البلاد والقبائل، وهذا من ذاك. وإلا لما جاز لهؤلاء العلماء الإثبات اللغويين المشهورين أن يذكروا ما لا علم لهم به. إذ جماعة فصحاء السريان يذكرون لككوشتا معنى ابن عرس والزلم. - هذا فضلاً عن الزلم معدول عن الزالم وهو المسرع والزلمان من أوصاف ابن عرس. 5 - في أي لسان وردت أولاً لفظة الكلكسة ومن أي حرف أواصل مشتقة. من نظر إلى هذه اللفظة العربية وبحث عما يقاربها من الألفاظ في أصل مادة ك ل ك س لا يقع على ما يبل صداه. فالكلمة إذا معربة عن (كركوشتا) الكلدانية القديمة. ومنها بالسريانية (ككوشتا) وإبدال الراء لاماً والشين سيناً أمر مشهور لا يحتاج إلى إثبات وهو كثير الورود في لغتنا العربية. وهي مشتقة في الأصل من مادة ك ر ك التي تقرأ أيضاً ك ر خ بالكلدانية. والمادة تدل على الدور والإدارة والبحث والتفتيش وهي مادة تكاد تكون بهذا المعنى في جميع اللغات ومنه: الكرخ: اسم لكل مدينة كانت تبنى مدورة مسورة. ومن ذلك (كرخ بغداد) لأنه أول ما بنى كان على هيئة مدورة مسورة. ومن هذا الأصل أيضاً الجرخ بالفارسية وهو الدولاب. وأنظر الألفاظ اللاتينية واليونانية وما يتفرع منها في اللغات الإفرنجية على اختلاف أنواعها، تر العجب العجاب. إذ كلها تفيد الدور والإدارة والاستدارة والبحث والتفتيش. وكل ذلك من صفات الكلكسة أو ابن عرس.

تطواف في جوار بغداد والمدائن

وهذا ما يؤيدنا في هذا الرأي وفي أن الأصل هو الكركسة أو الكركشة. ومن ير الخلاف يظهر أدلته. والسلام. تطواف في جوار بغداد والمدائن زايلت بغداد في الساعة التاسعة عربية من نهار الخميس الواقع في 17 آب سنة 1911م قاصداً المدائن لا صرم بعض أيام عطلة المدارس وأقضي وطراً لي هناك وأتذكر أجدادي الكلدان وأعمالهم وما آل إليه أمرهم وأبكيهم على تلك الأطلال التي كاد يدرسها فيضان دجلة في أغلب الأعوام، إذ تسيل مياهه من ثلم ضفتيه على تلك الأراضي، فتطفح حتى ينتهي ماؤها إلى تلك الأطلال والروابي. فيهدمها وينقض آجرها ويحل لبنها فتطمس تلك الآثار شيئاً فشيئاً على مر السنين وفيضانها. فسرت في رفقة مرافقين من الشمر خبيرين بتلك الأراضي، نتجاذب أطراف الأحاديث والروايات عن تيك الأطلال والروابي التي تجتاز بها. لا يخفى أن ضفتي دجلة ذواتا منعطفات ومنحنيات من بغداد إلى الكوت لا بل إلى مقربة من العمارة، فتراها كقسي يدخل محدب قوس إحدى

الضفتين في مقعر قوس الضفة الأخرى وماء دجلة ينساب بين تلك المحاني انسياب الأفعى. فكل قوس من تلك القسي يسميها عرب تلك النواحي (بالزاوية) وكل زاوية من تلك الزوايا تسكنها عشيرة من أعراب الزبيد على الضفة الغربية من دجلة وعشيرة من عرب شمر طوقة (طوكه) على الضفة الشرقية منه وكل زاوية مختصة بعشيرة من القبيلتين وهي كالملك لها تؤدي للحكومة الخمس من غلات تلك الأراضي الأريضة. وأوتار تلك القسي أو الزوايا المتصلة بعضها ببعض هي الصراط المستقيم والأقرب مسافة للسائرين من زاوية إلى أخرى ومن مكان إلى آخر. وفي نهاية كل وتر من تلك الأوتار تعترضك ضفة النهر فتسير عليها موصلة طرف الوتر السابق بطرف وتر الزاوية التالية وهكذا إلى النهاية وذاك المعترض يسميه العرب (طالعة) فهناك ترد الخيل الظمأى ويرتوي المارون وتملأ الأسقية ماءً قراحاً ومسافة كل وتر من تلك الأوتار ثلاثة أميال أقل أو أكثر أي مسير ساعة أو ما ينقص عنها أو يزيد وبين كل وتر ووتر طالعة ومسافة كل وتر منها تسميها العرب سوقة (سوكة) وكل زاوية من تلك الزوايا اسم مختص بها. فأول طالعة بلغناها بعد مسيرنا من بغداد طالعة القرارة (الكرارة) وتبتدئ قوس زاويتها من كرد الباشا محيطة (بالسيد إدريس) وبساتين (القادرية أو الجادرية) الغناء التي منها خوخ الجادرية الفاخر المشهور بالطعم والرائحة واللون ينادي عليه البقالون في أسواق بغداد (خوخ الجادرية

يا خوخ) (أي شاري الخوخ): إلى أن تنتهي إحاطتها في طالعة القرارة واسم تلك الزاوية (الجادرية) ثم سرنا من هناك في وتر زاوية (الدودية) الكثيرة البساتين والنخيل وفي منتصف الطريق عن مسيرتنا اعترضنا تل يقال له (تل بليقة) وقد غرقت في هذه السنة أغلب الزروع الشتوية الواقعة على جوانبه وهي عبارة عن مجتمع أنقاض أبنية شامخة وآجره أحمر ينقل منه الفلاحون إلى ضفة دجلة لبناء أركان ركاياهم وفيه كسر خزف خوابئ وآنية الخ. وعن رواية: أن محل هذا التل كان مدينة عامرة زمن استيلاء الفرس على هذه الديار ومن هناك سرنا حتى انتهينا إلى نهر يقال له (ديالى) بعيد المغرب فعبرناه على جسره المبني على معبدات (سفن مقيرة) وديالى هذا هو من سواعد دجلة. فوجدنا هناك قهوة يجاورها بيبتات كأنك بها فندق للمسافرين فتعشينا وبتنا ثم هببنا من نومنا بعد طلوع القمر في الساعة السادسة فسرينا قاطعين وتر زاوية (الثويتة) ومن هنا يرى حديد البصر محدب إيوان كسرى ومسافة هذا الوتر يساوي مسافة وترى زاويتين وفي منتصف الطريق عن ميمنتنا رويبية يقال لها (أبو الحيايا أي أبو الحيات) ثم واصلنا السرى حتى بلغنا (طالعة قصيبة) ويقال لذلك المكان (المعيرض) لأن هناك تعترضنا مفارق الطرق المؤدية إلى العزيزية (والجزيرة أو الصيرة) والمدائن الخ فتروينا وملأنا تنكنا (التنك في لغة العراقيين جمع تنكة وهي كوز من فخار له عروتان وليس له بلبل) ثم سرينا قاطعين وتر الزاوية (باوي) أو (السمراء أو السمرة) وهذه الزاوية متوسطة المدائن إلى أن انتهينا إلى مسجد الإمام سلمان الفارسي الذي كان يسمى قبلاً روزية وهو بمقربة من

إيوان كسرى فألقينا فيه العصا في الساعة التاسعة من تلك ليلتنا ثم أوينا إلى قهوة هناك واضطجعنا على الأسرة غافين حتى بزغت الشمس فاستيقظنا وسرنا متجهين إلى زاوية (السطيح). إن مسجد الإمام سلمان واقع في الشمال الشرقي من إيوان كسرى ويبعد عنه مسافة ربع ميل وسور كسرى يبعد عن إيوانه مسافة ميل واحد والسور المذكور هو الحد الفاصل بين الزاوية (باوي) الواقع فيها إيوان كسرى وزاوية السطيح. وأعلم أن هذا السور لم يبق منه شاخص سوى زاوية قائمة متجهة إلى الشمال تماماً وضلعين يحيطان بها أحدهما يتجه إلى الجنوب الغربي وقد خرقه وبتره ماء دجلة وجعل طلل المبتور منه شاخصاً إلى يومنا هذا في جانبه الغربي والضلع الآخر متجه إلى الجنوب الشرقي لكنه لا يكاد ينتهي طرفه إلى دجلة من الجهة الأخرى من زاوية السطيح بل باق رسمه إلى شاطئ دجلة وارتفاع هذا السور الآن عن الحضيض نحو من سبع اذرع وأعلاه منثلم متآكل قد أذابت لبنه الأمطار والثلوج وهو مبني من لبن (ملوح) أي مجبول بجل الحنطة وسنبلها (الجل قصب الزرع إذا حصد وقطع) وإلى الآن ترى سنابل الحنطة في مكسر اللبنة. وعلى رواية أن هذا السور سور حديقة أو جنينة (باغجة) (شاه زنان) ابنة كسرى العادل (انوشروان). وهذه (شاه زنان) بعد ما استولى الحسين بن علي بن أبي طالب مع الصحابة على أبيها وعلى بلاده قيدت أسيرة فتزوجها الحسين بن علي المشار إليه. قلت هذه رواية العوام على علاتها. ويلي زاوية السطح (زاوية الصافي) والحد بينهما أو قناة أواردب (الذرعية) حفره ذريعي بن خدر المنصوري وعشيرته وهم من شمر طوقه (طوكة) وقد وجدوا في ضحضاح شاطئ دجلة عند فم هذا النهر الجاري وقت الفيضان إلى أرض (السعدة) عند حفره لقطاً كخاتم ذهب ساقط فصه وأجراس ذهب

إلى غير ذلك. ووجدوا جثث أشخاص موضوعة في ما هو كالدن أو الراقود من خزف وعلى بعض تلك الجثث حلى من ذهب وغيره والذي وجد بعض ذلك ورأى بعضه رواه لي وهو من ثقافتهم. ويلي زاوية الصافي (زاوية الخناسة) ويلي الخناسة (اللج) وهكذا إلى الآخر. وأغلب هذه الزوايا وأراضيها المقابلتها أريض مخصب يزرع فيه الحنطة والشعير والهرطمان والحمص والسمسم والذرة البيضاء والصفراء والعدس والماش واللوبيا وتعرف عند أعراب تلك الجهات بالعوين الخ وهذه المزروعات يسقيها ماء المطر وفيضان دجلة وتسقى بعضها الدوالي. وجميع الزوايا الواقعة على الجانب الشرقي من دجلة من (باوي) إلى ما وراء (كوت الإمارة) تسكنها شمر طوقة وتزرعها. وبيوت هؤلاء العشائر في الشتاء خيم منسوجة من شعر المعز وهي مظالهم وكل مظلة منها مؤلفة من ثلاث أو أربع أو خمس شقاق (شكاك) حسب التمكن وعرض كل شقة ذراع وثلث أو نصف الذراع قل: متر. وطولها نحو من نيف وعشرين إلى ثلاثين ذراعاً فيضمون حاشية الشقة الواحدة إلى حاشية الأخرى ويخيطها الرجال وخيمهم في الصيف من شقاق شوب العوين أو اللوبياء ومعنى الشوب أنهم يأخذون قضبان العوين وسوقها بعد اصفرار ورقها وينقعونها في الماء مدة سبعة أو ثمانية أيام ثم يرفعونها منه ويخبطونها بالعصي والهراوي ويدقونها بالأخشاب والحجارة دقاً بليغاً إلى أن تصير كالقطن وهذا المدقوق يسمى عندهم بالشوب ثم تشرع النساء يغزلنه وينسجنه شقاقاً ثم يخيطها الرجال خيمة فيرفعونها بالأعمدة سقفاً للبيت. روى بعض شيوخ شمر طوقه الثقات الإثبات وأنا جالس بحضرتهم قال: قبل خمسة أو ستة أظهر أي أجيال كنا في الجانب الغربي من دجلة مع شمر الجرباء البدو تجمعنا جامعة واحدة وسابلتنا لا تقطع من الموصل والشرقاط إلى سوق الشيوخ والقرنة ولأمور عرضت لأجدادنا تظاهروا أي تدابروا فعبر أجدادنا من عبر دجلة الغربي إلى عبره الشرقي فتخلف في العبر الغربي كلبة من كلابنا وكان اسمها طوقة فأخذت امرأة منا تشليها قائلة طوقة! طوقه! طوقه! طوقه! طوقه! فسمى البدو شمر الجرباء أجدادنا بشمر طوقه إهانةً واستخفافاً بهم وسار هذا الاسم علينا إلى يومنا هذا فأصبحنا قبيلتين أو فصيلتين ولنا عشائر

نصرانية غسان

عديدة يجمعها الجدول الآتي: قبيلة أو فصيلة شمر طوقه (طوكة) وعشائرها. المناصير (وهذه العشيرة تنقسم إلى عشيرتي العياف والعمران)، الكفيفان. المردان. الشويفي. الهذيل. البنوة. الداورة أو الدعيرات. المجابلة (أي المقابلة) (ومنهم الشيخ بطيخ المشهور)، حميان (تصغير حميان)، الذلابحة. الكراغول (أي القراغول). العتبة، (الضم). الدعجة، (بالفتح)، الثوابت، الصدعان، الطليحة، (مصغرة)، النفتفشة، الشهيلات (مصغرة)، الهيرار، السكوك، العوال، الجعفر، الزكيطاط أو الزقيطاط (مصغرة)، الادلفية. (جميع هذه العشائر من المناصير إلى الزكيطاط تسكن الجانب الشرقي من دجلة وتزرعه). بنو ويس، الحريث (مصغرة)، المجمع (كمعظم) خسرج (أو خزرج) (هذه العشائر الأربع هم في جبهة جبل كرد ومن جبال مندلي وكرمنشاه) العزير (مصغرة). الزكاريط (أو الزقاريط). الاكرع (أو الأقرع). السعيد (ككريم) الزوبع، (هذه العشائر الخمس تنزل في ديرة أبي غريب والمحمودية والرضوانية في الجانب الشرقي من الفرات). المسعود (تنزل في الحسينية والمسيب والناصرية على الجانب الشرقي من الفرات) وجميع هذه العشائر تؤدي البيتية أي ضريبة السكنى وهي عبارة عن ثلاثة مجيديات على كل بيت وتؤدي خمس الزرع والكودة أي خراج الأغنام. هذا ما استطعت جمعه والإطلاع عليه في هذه الرحيلة والله الهادي إلى صراط مستقيم. بغداد في 28 آب سنة 1911م الشماس فرنسيس جبران (لغة العرب) تأخرت هذه المقالة إلى هذا اليوم لتكاثر المواد كما عندنا مقالات أخرى لم تنشر لهذا السبب عينه. فنطلب إلى الكتاب الأفاضل أن يعاملونا بالحلم والإناءة. نصرانية غسان - يظن بعضهم أن قبيلة غسان كانت نصرانية ولم تكن تعرف ديناً سواه. والحال أن الأمر لم يكن كما يقولونه. نعم إن أغلب تلك القبيلة كانت على دين المسيح لكنها لم تكن كلها عليه. ولنا على هذه الحقيقة التاريخية أدلة واضحة بينة نذكر بعضاً منها: أثبت دي خوي من أشهر الباحثين عن تواريخ العرب وتمحيصها في كتابه

2. 1900 6 - 7:: ما هذا ملخص كلامه: (كان بين القبيلتين العربيين (بين اللخميين والغسانيين) سبب من أعظم أسباب العداوة والنزاع وهو اختلاف الدين؛ فإن اللخميين عرب الحيرة كانوا وثنيين وأما تابعوا الغسانيين فكان بينهم عدد عديد من المتنصرين. فترى من هذا إنهم لميكونوا جميعهم نصارى بخلاف ما ذهب إليه دوشين - (1896) 113 - 1896 1905 336 وقد أبان العلامة دي خوي إنه في أبان فتح المسلمين ديار الشام كان بين قضاعة الذين كانوا يحاربون مع الروم ما يجاوز نصفهم ممن كانوا على الوثنية. ولذا صمم جيش المسلمين أن يناهزهم القتال في حين تهيؤهم للاحتفال بعيد لهم سماه المؤرخ ثيوفانس عيد النحر هذا ويؤخذ من كلام سقراط المؤرخ أن النصرانية ابتدأت أن تنتشر بين بني غسان في القرن الرابع للميلاد - 36. وراجع أيضاً المؤرخ روفينس - 6 والذي أثار في صدورهم تعشق هذا الدين قربات النساك وكراماتهم. وهذا ما يؤخذ من أقوال مؤرخي الغرب والشرق الأقدمين، ومن ترجمة القديس سابا التي كتبها كيرلس البيساني. وكان

الفكر سياح

الغسانيون والحيريون على جانب عظيم من التعصب والتمسك بعقائدهم وقد نقل المؤرخ بروكوبيوس أن العرب اللخميين كانوا يقعدون عن الحرب والغزو مدة من الزمن ولم يكونوا يناهزون أحداً القتال في الشهرين اللذين يتلوان انقلاب الصيف لأن هذه المدة كانت مخصصة للقرابين ولأعمالهم الدينية. فإذا انقضت استدركوا ما فاتهم بشن الغارات ومتابعة الغزوات. راجع كتابه 16 18. ومن الأصنام التي كانت تعبدها غسان مناة. قال ياقوت في معجم البلدان: مناة: اسم صنم في جهة البحر مما يلي قديداً بالمشلل على سبعة أميال من المدينة وكانت الازد وغسان يهللون ويحجون إليه. . . وكان الحارث بن شمر الغساني أهدى لها سيفين أحدهما يسمى مخذفاً والآخر رسوباً وهما سيفا الحارث اللذان ذكرهما عقلمة بن عبدة في شعره. . .) وقال اليعقوبي في تاريخه 1: 297 كانت تلبية غسان عند وقوفها عند صنمها: (لبيك رب غسان راجلها والفرسان.) وهذا سطيح الكاهن المشهور فإنه كان غسانياً إلا إنه لم يكن نصرانياً وإن كان خال نصراني من أهل الحيرة. هذا بعض ما عندنا من أدلة المؤرخين من أهل الشرق والغرب الأقدمين مع ذكر الأسانيد التي أخذناها عنهم وكلها تدل على أن غسان لم تكن كلها نصرانية كما إن النصرانية لم تعمها وإن غلبت على أفرادها. فإن كان لأحد ما يهدم هذه الحجج التاريخية بمعول برهانه فليأتنا به لنتابعه في رأيه. والسلام. الفكر سياح إنما الفكر سائح لا يجاري ... يقطع الليل كله والنهارا لم يمانعه بالسياحة شيء ... هو إن شاء سار أو شاء طارا من يجاري سراه وهو يجو ... ب البر طراً بلحظة والبحارا قوة حازها فأصبح فيها ... كيفما اختار سائحاً دوارا سائحاً ما له مقر ومأوى ... كل آن تراه ينزل دارا فزماناً ينحو القفار ويروي ... لك عن كائناتها الاخبارا وزماناً يهوى إلى طبقات الأر ... ض مستكشفاً لك الاثارا وزماناً إلى المجرة يرقى ... يكشف النجم ثم والاقمارا

فوائد لغوية

وزماناً يغوص كالحوت في البح ... ر فيبدي عن قعره الأسرارا وزماناً يختال بين رياضٍ ... يقطف الزهر يجتني الأثمارا وزماناً يطوف حول قبورٍ ... دراسات فيندب الاخبارا وزماناً يبيت بين حبيب ... ين فيملي عليهما الاشعارا وزماناً يأتي الطلول فينعى ... سالف الدهر والدمى والديارا وزماناً يعلو المنابر للوع ... ظ فيهدي بوعظه الفجارا وزماناً يقوم بين كؤوس ... وغوان فيخدع الابرارا وزماناً تراه يتبع نعشاً ... باكياً ينثر الدموع الغزارا وزماناً يسير خلف عروس ... باسم الثغر قد سلا الاكدارا وزماناً يعلو قصور أولى اليس ... ر فيختال بينها استكبارا وزماناً يأتي بيوت أولي العد ... م فيأبى دخولها استحقارا وزماناً يجول بين حروب ... لا يهاب الأهوال والاخطارا وزماناً تراه يعقد صلحاً ... بعد ما كان ثم اضرم نارا وزماناً تراه يدخل حانات المعاص ... ي فيحمل الاوزارا وزماناً يحتل هالة ذكر ... يذكر الله ربه استغفارا وزماناً يحل مسرح تمثيل ... فيبدي ما يدهش الابصارا وزماناً يجوب سوق عكاظ ... ينثر النظم ينظم الاشعارا هكذا يركب الخيال ويسري ... موقفاً وداراً فدارا تارة يصحب الدوارج بالسي ... ر وآنا يصاحب الاطيارا كم أرانا الفكر المنور أعجا ... زاً به ظل عقلنا محتارا وسيرقى مع الزمان إلى أن ... يتجلى بقدرة لا تجارى إبراهيم منيب الباجه جي فوائد لغوية 1 - غيور لا تجمع على غيورين ولا نشيط على نشيطين ولا يجمع جمعاً سالماً ما شابههما يظن بعض الكتاب إن كل ما يجئ على وزن فعيل أو فعول يجمع جمعاً

أسئلة وأجوبة

(صحيحاً) قياساً مطرداً ولهذا يقولون في جمع غيور ونشيط: غيورين ونشيطين وليس الأمر كذلك. فإن النحاة قد نصوا على أن جميع ما يستوي فيه المذكر والمؤنث وهو أغلب ما يكون في باب فعيل وفعول لا يجمع جمعاً صحيحاً بل يكسر. اللهم إلا ما نقل عنهم مجموعاً جمعاً صحيحاً. ولهذا لا يقال في جمع غيور إلا غير بضمتين ولا في جمع نشيط الأنشاط (بالكسر) ونشاطي (بالتحريك في الأولين والقصر في الآخر). 2 - لا يقال: المشاركة مع فلان خطرة. قد أكثر كتاب هذا العصر من قولهم مثلاً: المشاركة مع فلان خطرة وهم كثيراً ما يضمون إلى (وزن فاعل) في جميع صيغه وإشتقاقاته الأداة (مع) والحال معنى هذه الأداة موجودة في الصيغة نفسها لأنها تدل على المشاركة فلا يجوز إذا أن يقال: المشاركة مع فلان خطرة وإنما يقال (مشاركة فلان خطرة) وإنما تدخل (مع) في وزن تفاعل فيقال: التحارب معه مهلك) مثلاً. 3 - لا تقل: الكتاب تحت الطبع ويقول بعضهم: (الكتاب تحت الطبع) وهذا التعبير إفرنجي لا وجه مجازي عربي له إلا بتكلف وإنما العرب تقول في مثل هذا التعبير: (الكتاب يطبع) لا غير. أحفظ كل ذلك تصب إن شاء الله. أسئلة وأجوبة 1 - أصل كلمة قزلقرط كتب إلينا أحد أصدقائنا في بغداد: قال بحثتم عن أصل معنى زقنبوت ولم تبحثوا إلى الآن عن أصل كلمة قزلقرط فنرجوكم أن تفعلوا. قلنا: يلفظ البغداديون هذه الكلمة بضم القاف وتشديد الزاي المضمومة وسكون اللام وضم القاف الثانية وسكون الراء وطاء في الآخر والبعض يقولون قزرقرط وقزرقط بإبدال اللام راء في الأول وبحذف الراء في الثاني. وآخرون يقولون: قزل قوردا وقزل قورت وكلها بمعنى واحد وأصل واحد وهو التركي (قزل قورد أو قزل قورت) ومعنى (قزل) أحمر (وقورد أو قورت) دود والمراد دود

أحمر واسمه الثاني بالتركية (أت قورتي) وهو يتولد في الجلد أو اللحم على زعمهم ويكون سبب موت المصاب به ومحصل المعنى (عسى الدود يقع في جلدك ويميتك) ويحتمل أن تكون اللفظة من الكردية (قزلقرت) وهي دويبة كالدودة تتخذ لها بيتاً من هشيم الكلا تلصق ذنبها به وتمشي به وربما تأكلها الدواب فتموت منها. راجع كتاب الهدية الحميدية، في اللغة الكردية، تأليف يوسف ضياء الدين باشا الخالدي مادة قزلقرت. - وقد قيل أنها مركبة من (قوص) التركية ومعناها (منفوخ) (وقورت) أي دود ومحصلها واحد. وهذه اللفظة تستعمل للدعاء على الإنسان وهي كثيرة الورود مع غيرها فيقولون (وجع وموت وقزرلقرط). ونحن نرجع أنها بمعنى الدود الذي يتولد في جسم الإنسان. ولعل العبارة قديمة في هذه الديار. فقد جاء في أنشودة يهوديت (16: 21) يسلط على لحومهم النار والدود لكي يحترقوا ويتألموا إلى الأبد. ومن ذلك عبارة البغادجة (موت وقزلقرط) كأن هذا الدود يقع فيهم بعد موتهم لتعذيبهم وإن كان الميت لا يتألم عذاباً في جسمه لعدم شعوره حينئذ؛ إلا إن هذا التعبير يصور ما يتمنى للميت من الأعذبة تمثيلاً به. والله اعلم. 2 - المعلمة بمعنى الكتاب الحاوي لأنواع العلوم والفنون. وسألنا بصري: ما أحسن لفظة عربية تؤدي معنى اللفظة الإفرنجية السكلوبيذيا قلنا: أن: عن المعلم بطرس البستاني عرب هذه اللفظة بقوله: (دائرة المعارف) وهو تعريب اللفظة اليونانية الأصل المذكورة آنفاً لكنها أصبحت بمنزلة العلم لكتابه المشهور الذي برز منه أحد عشر جزءاً. هذا فضلاً عن أن هذه التسمية هي عبارة عن لفظتين. وهذا ما يجب أن يعدل عنه إلى غيره يكون في لفظ واحد إن أمكن. ولهذا لما قرظ جمال الدين الأفغاني كتاب دائرة المعارف أطلق عليه اسم (الكوثر) كما يرى ذلك في مجلة الجنان التي كانت تصدر قي ذلك العهد أي في الأجزاء التي ظهرت في سنة 1876 و1877. على أن الكوثر في اللغة هو: (الكثير من كل شيء ونهر في الجنة تتفجر منه جميع أنهارها.) فاستعار لهذا الكتاب هذا الاسم لجامع التفجر وهو تفجر العلوم من هذا الكتاب أو هذا النهر بيد أن الكتاب لو يوافقوه على هذا الاصطلاح لما رأوا فيه من التكلف فنبوا عن

استعماله واتخاذه ولم يقبلوه. فجاء المرحوم الشيخ إبراهيم اليازجي وعرض على الكتاب استعمال كلمات (كتاب موسوعات العلوم) قال في الطبيب لسنة 1884 - 1885 في الصفحة 330: كتاب موسوعات العلوم هو العنوان الذي أطلقه الملا أحمد بن مصطفى على هذا الجنس من التأليف في كتابه (مفتاح السعادة، ومصباح السيادة) والمراد بموسوعات العلوم مشتملاتها وما وسع كل منها. ويقال في جمعه (كتب موسوعات العلوم). فأقبل بعض الكتاب على اتخاذ هذا الاسم إلا أنهم اختصروه مكتفين بقولهم: (الموسوعات أو الموسوعة) استغناء بالجزء عن الكل أو من باب التلميح إلى الاسم الصريح. فقال الشيخ على من شوه هذا الاستعمال فكتب في البيان أسطراً يرد بها على صاحب اكتفاء القنوع بما هو مطبوع بما هذا نصه: (وكقوله في صفحة 357 في الكلام على مفتاح العلوم للسكاكي: (وهو موسوعة في علوم اللغة والبلاغة) ولا معنى للموسوعة في هذا الموضع ولكن استعمالها من سوء التناول وذلك على حد ما جاء له في صفحة 176 من هذا الكتاب حيث قال: (ومذ أعتني العرب بالفلسفة ساروا سير المصنفات (كذا) الحاوية الجامعة التي سماها بعض أهل عصرنا بالموسوعات) أهـ. ولم يسبق لأحد من أهل عصرنا ولا من غيرهم تسمية هذه المصنفات بالموسوعات ولكن هذه اللفظة أول ما ورد ذكرها في هذا العصر في مجلة الطبيب أيام تسليم عهدتنا إلينا وقد اتفق لنا ذكر كتاب من هذا الجنس فسميناه (موسوعات العلوم) ثم ذكرنا في الهامش ما نصه (النص المذكور) ثم قال: وإلى ذلك الإشارة بقوله: سماها بعض أهل عصرنا) مما كان يجب أن يصرح فيه بذكر المنقول عنه إذ لم يسبقنا أحد في هذا العصر إلى ذكر هذا اللفظ. على أن هذه التسمية ليست من وضعنا كما عرفت وكما صرحنا به هناك ولا هي على الوجه الذي ذكره ولكنه تصرف في هذه اللفظة بما رأيت حتى خرجت عن وضعها لفظاً ومعنى وانعكس وجه الاستعمال فيها فصارت اسماً للظرف بعد أن كانت اسماً للمظروف.) أه (البيان ص 184) ولكن هذا القيام على الكاتب المذكور وعلى من جاراه لم يؤثر شيئاً إذ بقي كثيرون يتخذون اللفظة الواحدة أي (موسوعة أو موسوعات) عوضاً من الألفاظ

الثلاث من باب تسمية الظرف باسم المظروف كما ورد في كتبهم أيضاً أو من باب أن اللفظة الواحدة تفيد ما يجئ معها من الألفاظ كالقاطرة التي تجر وراءها سائر مقطورات القطار. ولهذا رأينا أن أحسن كلمة تستعمل في هذا الوجه أن تتم فيه ثلاثة شروط: 1ً أن يكون مؤداها لفظة واحدة بسيطة لا مركبة حتى إذا أحتاج الإنسان إلى أن ينسب إليها بعض الألفاظ يسهل عليه العمل - 2ً أن تفيد هذا المعنى المطلوب بمجرد النظر إليها أو سماعها بدون أدنى تكلف أو بذل مشقة أو عناء لتفهمها - 3ً أن ينحى فيها مناحي العرب وأن تكون سهلة المأخذ والتلقي لا وعورة فيها ولا خشونة ولا ينبو منها السمع. والحال أننا لا نرى هذه الشروط مستجمعة إلا في كلمة (معلمة) وزان مدرسة والمفعلة اسم للمكان الذي يكثر فيه الشيء. والمكان هو بمنزلة الظرف. والدليل إنهم وضعوا ظروفاً كثيرة وهي تدل على المكان أو الأداة أو الإناء. كقولهم محبرة فإنها إناء يجعل فيها الحبر أي الظرف الذي يوضع فيه. ومثلها المشربة أو المصنعة والمخبزة والممدرة والمقبرة والمخبرة والمدنبة فضلاً عما فيها من معنى الوعاء أو الظرف أو ما شابه معانيهما. وقد فصل ذلك التاج في مادة حبر. كما إنهم وضعوا أسماء آلات على أوزان أسماء الأمكنة كالمصحف بضم الميم وسكون الصاد وفتح الحاء. ومثله المطرف والمغزل والمخدع والمجسد إلى غيرها. - وعليه تكون (المعلمة) بمعنى الكتاب الذي توجد فيه العلوم مدونة أو الديوان الذي تكثر فيه أنواع العلوم. وهذا هو المطلوب من قولهم السكلوبيذيا

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة (سحر بابل وسجع البلابل) (أو) (ديوان السيد جعفر كما الدين الحسيني الحلي) طالعت بهذا العنوان مقالة انتقادية منشورة على صفحات الجزء الأول من السنة الثالثة من هذه (المجلة) فرأيتها تعرب عن أفكاري في انتقاد هذا الكاتب (سحر بابل وسجع البلابل) غير أن حضرة كاتبها ترك بعض انتقادات جوهرية لا أعلم كيف أخطأها سهم فكره الصائب وتعلق بغيرها دونها شأناً. مع انه كان على حضرته أن يجعلها واسطة قلادة مقالته. ولهذا أنشرها هنا تتميماً لما كتبه حضرة الفاضل (المنتقد) وخدمة للحقيقة التي هي بنت البحث فأقول: وجدت قول (لناشر) في (كلمته) ص 3 (وفي أخريات القرن الخامس انشأ الأمير العربي سيف الدولة منصور بن صدقة بن دبيس الأسدي في أرض تسمى بالجامعين غربي الكرخ على ضفاف غربي الفرات بل من جانبيه تلك البلدة القوراء، الحرية بما اشتهرت به من اسم الحلة الفيحاء) يخالف قوله في ص 4 (وكانت الحلة من أول القرن الخامس إلى أربع قرون هي دار الهجرة لطلب العلم عند الشيعة الأمامية) فإن ما أفاده حضرة (الناشر) يوضح أن (الحلة الفيحاء) كانت مدينة ممصرة قبل أن ينشأها سيف الدولة. إذ أنها دار الهجرة لطلب العلم في أول القرن الخامس على زعمه وأما إنشاء سيف الدولة لها ففي أخريات ذلك القرن على رأيه فليتأمل. ورأيت في مقدمة جامع الديوان قوله في ص 19 (ورتبته على مقدمة وأبواب وخاتمة) أما المقدمة والأبواب فهي مثبتة في الديوان. وأما الخاتمة فأظنها قد غلبت عليها يد التصرف فأسقطتها من المطبوع. أما في مجموع (جامع الديوان) فهي موجودة فيه وهي عبارة عن شذرة من نثر (الشاعر) ولعل حضرة الناشر لم يستحسنها فأسقطها فكان عليه أن يشير إلى ذلك أو يسقط قوله (وخاتمة) فإن حضرة الناشر كما نراه من تصرفه الولاية

باب المشارفة والانتقاد

المطلقة على الشعر والشاعر وجامع الديوان!! ورأيت في ترجمة (محمد الحسين) آل كاشف الغطاء في ص 100 ما نصه (هو محمد الحسين بن علي بن الرضا بن موسى بن جعفر كاشف الغطاء الذي تقدمت الإشارة إليه أحد أفراد الأسرة الجعفرية التي انتقلت من نواحي الحلة) مع إن الرجل لم ينتقل بنفسه كما يظهر مما كتبه الناشر بل كما قال المنتقد فإن الذي انتقل هو الشيخ جعفر نفسه جد جد الرجل ورأيت للناشر تصرفاً غريباً في بيت شعر من قصيدته البائية وهو قوله في ص 29: هو الجمود وإذا أردت مخالفها ... فأركن إليها وإلا أضرب بها العقبا فجعل الثعبا (مكان العقبا) وللناشر كثير مثل هذا التصرف الذي من بعد أن يثبته غلطاً إلى الشاعر نفسه. فجل من لا عيب فيه. نجفي باب المشارفة والانتقاد 1 - كتاب الفصول المهمة في تأليف الأمة لمؤلفه عبد الحسين بن شرف الدين الموسوي العاملي طبع في مطبعة العرفان. صيدا سنة 1330م وثمنه 11 غرشاً و30 بارة صحيحة. كثيراً ما يكون العنوان خلافاً لما في باطن التأليف أما هنا فقد صدق وصدق مؤلف هذه الفصول النفيسة فإن الكاتب حرسه الله قد افرغ كنانة وسعه ليصلح ما فسد ويرتق ما فتق. وقد راعى في كل ما قاله جميع آداب المناظرة مع إيراد البراهين المحكمة بنفس مطمئنة اطمئنان رجل يمشي في الجدد كيف لا (ومن سلك الجدد آمن من العثار) ونحن لا نتذكر أننا قرأنا كتاباً في مثل هذا الموضوع إلا واستهدف صاحبه لأنواع الملام لما يتسرب إلى كلامه من السب والذم والشتم واللعن والقدح والطعن. أما هذا الكتاب فقد نزه نفسه عن كل هذه المعايب ولهذا ننظر إلى المصنف وتصنيفه بعين الإكرام والإجلال ونحث المسلمين على أنواع الفرق على مطالعته. وإننا لنأمل أن تكون الطبعة الثانية منزهة عن بعض الألفاظ الغامضة عند الاستغناء كما هو ديدن بعض الكتاب الذين يهجرون الفصيح ويتشبثون بالمهجور من الكلام. فقد قال في ص 3 (هوادينا) بدلاً من (أعناقنا) وهذه

أدور على الألسنة وأقرب إلى الإفهام. وكل كاتب يكتب ليفهم أفكاره لا لكي يسترها بستار. ومثل هذه الألفاظ كثير كقوله في ص 4 سهو بنا بمعنى سهولنا أو ما يقاربه. وكقوله تتفرق في بيد العمران. والبيد لا توافق العمران. إنما توافق التوحش والخراب ونحوهما فاللفظة إذا على خلاف ما يروم الكاتب. وفي ص 149 من كلا الطائفتين والأصح من كلتا الطائفتين وأما أغلاط الطبع فكثيرة كقوله فص 4: ويستوثق نظام العدل والأصح ويستوثق. وفي ص 5 بخطابة نملئ والأصح تملأ وفي ص 13 المرجفين على حمية الجاهلية والأصح في أو بحمية الجاهلية. وفي تلك الصفحة والصلوة الخمس والصلوات الخمس. وفيها: لم توءمنوا بوضع الهمزة وراء الواو والأصح لم تؤمنوا (بوضع الهمزة على الواو) وفيها: الإسلام (وقد وضع الهمزة على الألف) والأصح وضعها تحتها. إلى غيرها مما لا يحصى. والأمل أنها تنقح في الطبعة الثانية التي نرغب أن تكون عن قريب. والله الميسر. 2 - صناعة البناء الإسلامية في القرن الثالث عشر في العراق للفاضل فيولة في 18 صفحة طبع في باريس الفاضل فيوله الفرنسوي من المغرمين أشد الغرام بصناعة البناء الإسلامية وقد طاف أكثر الديار الإسلامية إرواء لغليله فتحقق أموراً لم يسبق إليها. وقد كتب مقالات وكتباً في هذا الصدد فقدرها العلماء العارفون حق قدرها. وقد تفرغ المذكور لمعرفة هذا الفن في العراق خاصة لأنه عين مهندساً لولاية بغداد فهان له أن يحقق أموراً كثيرة لم تتيسر لغيره لبعد منالها عنهم. وهو اليوم قد زايل بغداد عن طريق فارس وقبل أن برحنا أهدانا رسالة عنوانها ما ذكرناه في صدر هذه السطور وهي تحوي بحثاً جليلاً عن المدرسة المستنصرية في بغداد التي لا يزال شاخصاً منها بعض الآثار الجليلة التي صورها المهندس المذكور وأخذ أقيستها وأورد الكتابات التي نقشت على حيطانها ونقلها إلى لغته الفرنسوية. وصور معها بعض الآثار الراقية إلى عصر العباسيين التي لم يعرفها رصفاؤه لعدم وقوفهم عليها. فجاءت رسالته أو مقالته هذه وافية بالمقصود. وقد وقع فيها بعض أغلاط طبع ظاهرة لكن ذي عينين كما في ص 5 تحريصاً على والأصح تحريضاً على. . . وفي ص 7 أجر من أحسن عملاً وطلباً للفوز. والأصح طلباً للفوز وفيها أمنوا

والأصح آمنزا وفي ص 17 خان خنية والأصح خان خرنينة. وما عدا ذلك فالرسالة مما يتنافس فيها المتنافسون. 3 - مصور بغداد أهدانا حضرة الفاضل محمد رشيد بك البغدادي وكيل رئيس أركان الحرب رسم بغداد الحالية والعباسية. طولها متر و24 سنتيمتراً في عرض 91 سنتيمتراً. وكان قد رسمها قبل 5 سنين فأتم طبعها الآن على الحجر في مطبعة الفيلق في بغداد حبا لإظهار ما هي عليه اليوم دار السلام من العمران. وقد خطط لكل قسم من الأقسام الآتية خطاً خصوصياً ليتبين للمطالع ما يريد الحصول عليه من: نخيل وبساتين وغابات وآجام ومزارع وأبنية ومخافر ومزارات المسلمين وبيع النصارى وكنائس اليهود والأراضي الرملية والمقامات والجوامع والخنادق والاسداد والطرق والجسور والقداد والأراضي الوحلية في أيام الشتاء والأراضي التي يصيبها فيض دجلة في أبان طغيانه هذا عدا ذكر المحلات والأسواق ومعاهد الإمارة ومنازل مشاهير القوم إلى غير ذلك. ونحن نفتخر بابن وطننا العزيز ونتوقع أنه يحسن طبعها إذا أعاده لأنه يخدم البلاد خدمة صادقة أطال الله عمره فخراً للوطن! 4 - بعض مقدمات مبتسرة في حفريات سامراء للدكتور ارنست هرتسفلد سافر الدكتور ارنست هرتسفلد من سامرآء في نحو أوائل تموز من هذه السنة بعد أن أتم جميع أشغاله بخصوص نبش آثارها. وقد أخذ جميع الرسوم اللازمة حتى إذا عاث الزمان فيها ولم يبق منها شيئاً تكون تلك المصورات حجة على من ينكرها. وقد ألف في أطلال هذه الحاضرة كتاباً في عدة مجلدات دقق النظر فيها وحقق جميع ما يقوله عنها وقد انشأ الآن تأليفاً صغيراً هو بمنزلة مقدمة لكتابه الكبير وهذا المجلد يحوي 46 صفحة و 15 لوحة حسنة الرسم بل بديعته والطبع في منتهى الجودة والقرطاس من أفخر ما يكون وقد طالعنا عدة فصول منه فوجدناها آية في التحقيق والتدقيق ونتوقع أن يكون التصنيف الكبير على هذا النسق من اختيار المعدات له ليكون أحسن مادة لأحسن جوهر. 5 - تاريخ مدينة زحلة تأليف عيسى إسكندر المعلوف

وهو يبحث في أحوال زحلة الجغرافية قديمها وحديثها ووقائعها وأسرها وعمرانها مع حواشٍ وتعاليق مفيدة طبع بمطبعة زحلة الفتاة في (لبنان) سنة 1911م. صديقنا المحبوب عيسى أفندي اسكندر المعلوف من كبار كتاب العصر وشعرائه المعروفين برقة حواشي النظم وحسن سبك العبارة مع تحقيق وتدقيق في كل ما يكتب وينشئ وأحسن دليل على ما نقول كتابه هذا في تاريخ مدينة زحلة فقد حوى فوعى من أخبار تلك المدينة ما لا يرى إلا في عدة مجلدات مختلفة المؤلفين واللغات والكتاب في 289 صفحة بقطع الثمن. وفي الآخر ثلاثة فهارس: الأول منها في أهم المواضيع الواردة في المتن والشرح والثاني في أسماء الأعلام الشخصية والثالث في الأعلام المكانية فنتمنى الرواج لهذا الكتاب لما تضمن من الفوائد والعوائد. 6 - آداب المراسلة للخوري بطرس البستاني كتاب التلميذ. - طبع في المطبعة العلمية ليوسف صادر في بيروت سنة 1913 في 174 صفحة بقطع الثمن الصغير. أحسن عصر امتاز بالإنشاء البديع هو العصر العباسي وما أخذ ظل دولتهم يتقلص إلا وأخذت دولة القلم تدول حتى بلغت في العصور الثلاثة الأخيرة أدنى دركات التعبير والسبك. ومنذ أن ظهرت الصحافة في ديارنا بانتشار المطابع نشأ بين ظهرانينا كتاب من جميع الطبقات وبعضهم يفوق بعضاً وما تبلج صبح هذا القرن حتى أصبح الكتاب النوابغ كثيرين ولا سيما في فن الترسل والإنشاء. ومن الكتب التي يشار إليها بحسن السبك العبارة وسلاسة الجري هذا المصنف الحسن في بابه لمنشئه الخوري بطرس البستاني ونحن على يقين أنه يروج كل الرواج لأنه منسوج على منوال عصري جمع إلى جودة تصوير الأفكار، بديع الابتكار. ونحن نأمل من المؤلف أن يصحح الطبعة الثانية مما وقع في هذه الطبعة الأولى من باب السهو كقوله في ص 5: يذكر. . . بعض صفاته المعهودة فيه بحيث لا تتجاوز الثلاثة والأصوب الثلاث. وفي ص 6 بدون تشوش وبلبلة والأفصح تشويش. وفي ص 7 يرقمه في ذيل الرسالة للجهة اليسرى والأحسن في الجهة اليسرى منها. وفي تلك الصفحة: المكان هو الموضع الذي تصدر منه الكتابة ولا بد من أن يكون مفهوماً بيناً: ولو قال واضحاً بيناً لكان أبين للمراد. - وقد وقع مثل هذه الأغلاط في كل صفحة تقريباً مع أن

مثل هذه الهفوات في مثل هذه المؤلفات تعد بالعشرات في الصفحة الواحدة وهي هنا قليلة بل نادرة وهذا ما جعلنا أن نقول: إنه من خير ما ألف في هذا الموضوع. 7 - التذكار المئوي لميلاد فريدريك اوزانام مؤسس شركة القديس منصوردي بول من سنة 1813 - 1913 لأحد الآباء اللعازريين. نشرت في مجلة الجسمانية بإدارة الآباء المذكورين. فريدريك اوزانام من رجال الخير المشهورين. وكانت اللغة العربية مفتقرة إلى ترجمة هذا الرجل الهمام فأنشأها أحد الآباء اللعازريين فنال بهذا السعي الممدوح شكر الناطقين بالضاد. آجره الله على عمله هذا وأثابه. 8 - الحسين ابن المنصور الحلاج بقلم ا. غولدزيهر - كان أغلب هم المستشرقين في بادئ أمرهم الإطلاع على أخبار العرب وتواريخهم والوقوف على أخبار بلادهم وديارهم إلى غير هذه المعارف التي كانوا يجنون منها فائدة لتوسيع مطلعاتهم على ما كان للشرق من المجد السابق. وكان الوقوف على أديان هذه الديار ونحلهم ومذاهبهم في المنزلة الثانية. أما اليوم فإن عنايتهم بالأمور الدينية الشرقية لا تقل عن عنايتهم بتاريخهم وبلادهم وممن يعد في أول طبقة العارفين بأحوال المسلمين وديانتهم وفرقهم وشيعهم هو بلا مراء العلامة الفذ غولدزيهر فإنك لا تقرأ منه عبارة تبحث عن فرع من فروع الإسلام إلا وتقر له إنه العلم الفرد فيه. وما يشهد على صحة قولنا هذا انتقاده لكتاب الطواسين الذي أبرزه إلى عالم المطبوعات المستشرق الفاضل لويس ماسنيون وقد تكلم عنه على مثال لم يسبق إليه. ونحن نتمنى أن يقوم في الشرق مثل ذاك المنتقد (بالكسر) وهذا المنتقد (بالفتح) إذ الأول يصرف سعيه وراء البحث البعيد الغور غائصاً على لآلئ الحقائق. والثاني يرحب بمقال صاحبه بصدر واسع مما يدل على سمو همته البعيدة الشان فحق أن يقال في كل منهما: هو الفاضل الحق الذي شهدت له ... بذاك مقامات العلى والمقاعد 9 - أعمال جمعية النهضة العلمية المؤسسة في الكلية الباسيلية في زحلة وهي عبارة عن كراسة فيها ذكر الجمعيات العلمية وتاريخ إنشاء جمعية النهضة العلمية والخطب التي ألقيت في كل سنة منها وأسماء الذين ألقوها ونظاماتها ونحو ذلك وهي في 32 صفحة بقطع الثمن فنحن نتمنى لهذه الجمعية رقياً حثيثاً وأن ينحى منحاها في المدارس الوطنية تعزيزاً للعلوم وتشويقاً إياها للطلبة وبسطاً لأسباب الحضارة والعمران.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

10 - طريقة الأخت بونفوى في مداواة الأمراض بالحشائش كثر اليوم في ديار الإفرنج حزب الذين يعيدون معالجة الأمراض بأبسط الطرق وأهونها. من ذلك المداواة بالعقاقير لا بنتاج المعادن ومن أحسن الكتب المفيدة في هذا الباب كتاب الراهبة بونفوى وأسمه بالفرنسوية لأنها لا تستعمل في جميع معالجاتها للأمراض نباتاً فيه سم بل الحشائش والعقاقير التي تذكرها فقط وهي كثيرة الوجود ومشهورة بين العوام. وقد قسمت كتابها قسمين أودعت القسم الأول وصف العقاقير التي تستعمل في كتابها مع رسمها وأودعت القسم الثاني الأمراض ووصفها ومعالجتها مع ذكر ما يحتاج إليه من مقدار ذلك العقار. والأمراض كلها مذكورة على حروف المعجم وقد ألحقت بالقسمين المذكورين قسماً ثالثاً ذكرت فيه نصوص الشهادات التي كتبها الأطباء في حقها وحق أدويتها وكذلك شهادات المرضى الذين شفوا باتخاذ عقاقيرها. والكتاب بسيط العبارة وهو يباع بفرنك في مطبعة في باريس. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الزوراء كان مدحت باشا انشأ جريدة لبغداد يعتمد على أخبارها سماها (الزوراء) وكانت تنشر باللغتين التركية والعربية، وبقيت كذلك حتى أيام إعلان الدستور فأخذت حينئذ تبرز بالتركية فقط. - فساء ذلك جمهور أهالي هذه البلاد العربية السكان واللسان. أما الآن فقد عادت إلى لغتيها السابقتين وذلك من عددها 2418 الصادر في 7 شعبان 1331 الموافق لنهار السبت 12 تموز 1913. 2 - الأزبرق وآل حسن في طعان بلغ (الدستور) البصرية أن وقع طعان بل طحان بين عشيرة الأزيرق (الازيرج) وعشيرة آل مدلل إلا أن النتيجة لم تعرف معرفة بينة. 3 - عجمي السعدون والضفير تم الصلح بين عجمي السعدون والضفير وزال ما كان بينهما من النزاع وأسباب الخلاف والنفور. (عن الدستور)

4 - الأمن في الاحساء والقطيف لم يبق في الاحساء والقطيف ما يشوش الأفكار وعادت القوافل تروح وتغدو بكل راحة واطمئنان. (عنها) 5 - الإمام سالم بن راشد الخروصي الاباضي في سمائم استولى هذا الإمام على سمائم (سمائل) بعد محاربة عظيمة قتل فيها كثير من الرجال وأخذ يهدد مسقط فاضطر السيد فيصل إلى طلب المساعدة من حكومة إنكلترة دفاعاً عن عاصمة ملكه وما جاورها من الثغور فلبت طلبه وأنزلت الجنود الإنكليزية إلى البر واستعد الأسطول الإنكليزي الراسي في الثغر للحرب وسوف نرى النتيجة عن قريب. 6 - عزل والي البصرة في نحو الأسبوع الثالث من شهر تموز عزل علاء الدين بك الدروبي والي ولاية البصرة عن منصبه وأنيطت الأشغال بالآمر عزت بك. 7 - أشقياء الأعراب في جوار بغداد في نحو الأسبوع الثالث من شهر تموز غادر بعض الأدباء ولايتنا راكبين العجلات للذهاب إلى الأستانة. فلما وصلوا المحل المعروف (بقبر حمود) الذي يبعد عن المدينة ثلاث ساعات هجم عليهم أعراب من عشيرتي زوبع والبو عامر وأطلقوا الرصاص على المسافرين ولما قربوا منهم أخذوا ما كان عليهم من ثياب وغيرها تبلغ 50 ليرة وكانوا قد فعلوا مثل ذلك قبل أسبوعين في جوار (بغدادي) وحينما علم حضرة الوالي بالواقعتين أرسل على رئيس العشيرتين وأمرهما بالقبض على الأشقياء والأمل أن الأمن يستتب في عهد والينا سلمه الله! 8 - ابن السعود أرسل الأمير عبد العزيز السعود أخاه محمداً إلى عاصمة إمارته الرياض وأمره أن يرجع إليه بغزواته وجنوده بعد قضاء المهمة التي عهدها إليه. 9 - عشائر الجعارة قامت عشائر الجعارة على حسن آغا الذي أقرته الحكومة في تلك الأراضي طالبة إجلاءه عنها زاعمة أن أصحاب الحل والربط عهدت في زراعتها إلى الحاج مخيف. والأمل إن أرباب الحكم لا يجيبون طلب أولئك الأعراب لئلا يتسع الخرق على الراقع ويجري سائر أهل البادية مجرى أولئك العصاة فتقع الفوضى أعاذنا الله من شرها.

10 - واردات قطيف عهد الأمير ابن السعود في واردات القطيف فقط دون الصادرات إلى عبد الله القصيبي بمبلغ قدره 10. 000 ليرة. وقد صادر أملاك منصور باشا لدينٍ عليه قدره 10. 000 ليرة. 11 - جنود من الغواصين اجتمع لدى الأمير ابن السعود 5. 000 جندي وكلهم من أهل الغوص الذين تأخروا عنه في هذه السنة. وقد أعطاهم أسلحة وركاباً وكل ما يحتاجون إليه ورتب لكل منهم ليرة في كل شهر. 12 - الشارقة وأميرها وأمراء ما يدانيها ممن أتفق مع ابن السعود أهل الشارقة وشيخهم صقر بن غانم، وشيخ أم الاقيوين وهو راشد بن معلي. وشيخ رأس الخيمة وهو سلطان. أما صاحب البريم فلا يزال على عهده أي أنه محافظ على ولاء ابن السعود منذ نحو مائة سنة تقريباً. 13 - عتبة وصلت عشيرة عتبة إلى الاحساء وقيل أنها موالية الآن لأبن السعود (عن الرياض) 14 - حريق في بغداد في 28 تموز شبت النار في الساعة 5 بعد الظهر في بيت (ناوي) المرقوم بالعدد 36 في الشورجة في محلة التوراة وهي من محلات اليهود ثم اندلعت لهابتها إلى دارين مجاورتين له فأحرقت بعضاً منها ولم يحضر الجند لإطفائها إلا بعد ساعة بتمامها فتمكن من خنق أنفاسها بعد حصر لهيبها بهدم ما حواليها. ومن الغريب إن جرائد بغداد لم تلمح إلى هذا الحريق مع أنها تذكر بعض السفاسف التي لا شان لها! 15 - وسام أحسنت الدولة العلية إلى حضرة الفاضل الحاج الميرزا محمد رحيم البلبلي البادكوبي بوسام من الرتبة الثانية مكافأة له على خدمته للوطن والمعارف بتأسيس مكتبين في النجف وسامرآء وحث الآهلين على تلقي العلوم والآداب فنهنئ الصديق بهذه المنحة ونتمنى له الرقي والنجاح في أعماله. 16 - مصير ثروة البصرة، إلى أخوات رزنة على مسافة 40 دقيقة من مقر ولاية البصرة في الجهة الشمالية منها محلة تسمى (الصبخاية) يقطنها خليط من عشائر الغراف يبلغ عددهم نحو الألفين من ذكور وإناث وكلهم أصحاب جد ونشاط وعمل دائم لأنه حالما يسفر الصباح عن

وجهه الصبيح ينتشرون في المدينة للتحميل والبناء والخدمة في البيوت وبعضهم للبيع والشراء إلى أن يأتي المساء فيعودون إلى محلتهم وفيها نحو 700 بيت أكثرها صرائف. أما معدل كسبهم اليومي فيقدر بربية واحدة لكل واحد (أي نحو فرنكين) فيكون ربح الجميع في اليوم الواحد 2. 000 ربية على الأقل. وهذا المبلغ لا يصرف بل يدخر لأن أولئك الحراص لا يصرفون منه فلساً واحداً إذ يعيشون من فضلات البيوت ومن الطعام التافه كالسمك اليابس الزهيد الثمن وغيره. وإذ عادت نساؤهم إلى منازلهن تراهن حاملات على رؤوسهن حطباً للوقود التقطنه في طريقهن من هنا وهناك. وعلى هذا الوجه يكون دخلهم السنوي 720 ألف ربية أو 50 ألف ليرة عثمانية. ولهم طرق أخرى للكسب والجمع. وذلك إذا أثرى أحدهم ذهب إلى الغراف مسقط رأسه وعاش عيشه تناسب حاله. ومن الغريب أن سكان (الصبخاية) التي أصبحت من أكبر محلات البصرة وفيها كثير من البيوت المبنية بالطين ليسوا مكلفين بشيء من التكاليف الأميرية مطلقاً. نعم إن أشغال البصرة وتجارتها وسائر أعمالها متوقفة عليهم. ولو أنهم انقطعوا عن الأعمال يوماً واحداً لتوقف رحاها لكن على كل حال يجب أن تكون المصلحة مبادلة المنافع بين الطرفين ليكون التوازن على وجه سوي وهو الموفق. (عن الدستور بتصرف قليل العدد 63) 17 - الأراضي الأميرية في بغداد والبصرة اجتمع الأشراف في النادي الوطني العلمي في بغداد وعقدوا النية على مقاومة بيع الأرضين الأميرية بالمعالنات والتجمهر وبعد أن حصل المطالبون على رخصة عقد مجلس لهذه الغاية المع الوالي إلى الأستانة بما جرى فورد الجواب صريحاً بعدم بيعها وبإنشاء لائحة لتقسيمها على الآهلين. فلم يبق عذر بعد هذا للوطنيين أن بقوا جامدين في عزائمهم. وقد فاز البصريون بما فاز إخوانهم البغداديون والأمل أن أبناء العراق يهبون من رقدتهم ويشترون ما يتيسر لهم لكي لا يحتجوا بعد هذا على الدولة وعلى أبناء الغرب من ذوي الصولة. 18 - عجمي السعدون يقيم اليوم عجمي السعدون في الغبيشية التي تبعد عن البصرة نحو12 ساعة وقد أخذ في هذه الأيام يجمع حوله عشائر الأعراب ويجزل عليهم المال.

والظنون أن سبب ذلك هو خوفه من أولاد فالح باشا السعدون الذين يتحينون الفرص ليثأروا عمهم مزيد باشا الذي نهب عجمي جميع ما عنده من مال وسلاح وأثاث بينما كان نازلاً في بيته وبجواره فبرهن بعمله ذاك على أنه من أدنياء اللصوص وقطاع الطرق. (الدستور) 19 - انكلترة في مسقط لما رأت انكلترة ما للإمام الاباضي من توالي النصرات في أغلب الوقائع أخذت تعزز حاميتها في مسقط ونواحيها وزادتها 500 جندي وقد نقلتهم إليها من (كراجي) في الهند. وأنتشر أسطولها على طول الساحل وهو يراقب حركات العدو. ويظن إن هذه الثورة تقضي على استقلال مسقط التي تدخل عن قريب تحت أجنحة الحماية الإنكليزية. إلا أن السلطان رفض كل نجدة حتى الآن وفي 11 شعبان المنصرم (16 تموز) توجه سموه بقوة الجند إلى السيب ومعه نجله الأمير تيمور وفي نية الابن أن يتسلم القيادة العامة ويرجع والده إلى مقر إمارته. أما السيد نادر فلا يزال محصوراً ولم تصله نجدة إلى الآن. وقد حاول جرى الإنكليز إنزال ثلة من الجند إلى (السيب) فرفض السلطان الإجازة وبقيت الحالة على ما هي عليه من الحرج والعسر ولا بد للإنكليز من مساعدة السلطان لأن فتنة العدو قد استشرت وعمت الثورة سائر عمان ما عدا (صور) والقبائل التي لم تتظاهر بعدوان السلطان لم تجهر بموالاته ولهذا يظن أنها على الحياد. ويخاف من هجوم العدو على مسقط العاصمة إلا أن خبر ممالاة انكلترة للسلطان ينشئ في النفس ثقة واطمئناناً. (عنها) 20 - عشيرة العجمان هجمت طائفة من عشيرة العجمان على موضع اسمه (الرتقاء) بجوار الكويت ونهبت 300 بعير من العشائر الراجعة إلى الشيخ مبارك الصباح. 21 - سالم الخيون يقلب ظهر المجن كتب أحد الأدباء المتجولين في العراق مقالة إلى المصباح فأخذنا منها ما يأتي: قبل نحو عشر سنين كان (حسون الخيون) والد الشيخ سالم الخيون الحالي رئيساً لعشيرة (بني أسد) التي تقطن في الجبائش أو (الكبائش) وكان ديدنه قطع الطرق وسلب الأموال وقتل الناس مما دفع أصحاب الأمر إلى تأديبه فأخذت تطارده أشد المطاردة حتى ضيقت عليه الخناق فاضطر إلى أن يفر إلى

الجزيرة ليأمن العقاب فمات هناك غريباً. ولما كان غضب أولي الأمر عظيماً على آل خيون لما ركبوه من الموبقات شمل غضبهم سالماً الخيون أيضاً وهو صديق عجمي السعدون. إلا إنهم لم يعاقبوه على ما جنته يدا والده إذ لا تزر وازرة وزر أخرى فألقوا حبله على غاربه فأقام هو في البصرة حباً في الراحة. فظل هناك ردحاً من الزمن يتضور جوعاً حتى اضطرته المعيشة إلى الخدمة في مشارب القهوة سعياً وراء قوته. وفي سنة 1324هـ حل في دار النقابة البصرية طالباً إلى رب البيت أن يفرغ كنانة جهده في إعادته إلى عشيرته فأجيب طلبه وقد افرغ النقيب كل ما في وسعه وبذل النفقات اللازمة في مثل هذه الظروف حتى نجح وعينه أولو الأمر (يوزباشي الشبانة) (أي قائد العسس) بشرط أن يترك طريقة أبيه وسيرته ثم عينوه رئيساً لعشيرته بدلاً من أبيه. وإذ قد نال ما تمنى قلب اليوم ظهر المجن لآل النقيب فكان الأمر على هذا الوجه: لما تحرك بعض الاتحاديين البصريين في هذه الآونة وهموا بمطاردة المصلحين ودعوا إلى مساعدتهم عجمي السعدون قامت عشائر العراق من أقصاه إلى أقصاه فتوارد الرؤساء والشيوخ إلى البصرة زرافات ووحدانا لمعاضدة رجال النهضة الإصلاحية. وكان بين أولئك الرؤساء سالم الخيون مدعياً أنه أتى للأمر الذي جاءت من أجله رؤساء العشائر. غير أن كثيراً من الناس لم يصدقوا مدعاة لعلمهم أنه لا يقبل له بمقاومة عجمي لما له من المنفعة عنده لا سيما لأنه شاركه في الهجوم على أموال مزيد باشا السعدون. فكان نصيبه من تلك الأموال 5 آلاف ليرة مؤملاً مبلغاً آخر. ولم يدر في خلد أحد من البصريين أن يقلب سالم ظهر المجن لآل النقيب المحسنين إليه كل الإحسان. ولما اتضح الأمر ولم يبق شك في انقلابه هذا جاهر بعداوته وبغضه للمصلحين وأصبحت اليوم أمور البصرة قلقة ولهذا يسعى أولوا الحل والعقد إلى إرجاعها إلى مجاريها. والأمل أنها تعود عن قريب! 22 - آتي هذا اسم غريب لجريدة تركية بصرية تصدر الآن مرة في الأسبوع لصاحب امتيازها ورأس محرريها كركوكلي مكتوبي زاده عمر فوزي أفندي وقد وصل إلينا منها العدد 17 من سنتها الثالثة ونحن نود أن تكون عربية تركية لا تركية كلها وأن يغلب قسمها العربي على قسمها التركي. لوجودنا في بلاد عربية محضة فعسى أن يتحقق الأمل!

23 - الدستور اتصل بالمصباح أن قد وردت برقية من نظارة الداخلية تفيد تعطيل جريدة الدستور البصرية وأخذ صاحبها للمحاكمة. فنأسف لهذا النبأ وعساه أن لا يصدق لما في الجريدة من الأخبار المفيدة والخدمة الصادقة للوطن وأصحابه! 24 - وفاة الشيخ قاسم بن ثاني وشيء من ترجمته توفى الشيخ قاسم بن ثاني أمير قطر وينتظر أن يقوم مقامه من يكون له خير خلف ويقتفي أثره أحسن اقتفاءٍ! ولد الشيخ قاسم سنة 1216 على ما نقله سليمان أفندي الدخيل فيكون قد عاش 115 سنة بدون أن تظهر عليه علامات الشيخوخة لأنه كان في غاية النشاط والقوة وكان إذا ركب جواداً لا يجاريه فارس. وكان حنبلي المذهب متصلباً فيه يصرف جميع واردات أوقافه على الجوامع والخطباء والأئمة والمدرسين. وقد أقام عدة مدارس لا هم لمعلميها النجديين سوى علوم الدين فهم يدرسون في مكاتب قطر التوحيد والفقه والتفسير والفرائض والأصول والحديث وما أشبهها. والشيخ نفسه كان يلقى مثل هذه الموضوعات على القوم ويخطب فيهم خطباً دينية وعقب كل صلاة جمعة يحث المجتمعين على طلب علوم الدين وتوخي القربات وإتيان الحسنات. ومما يروي عنه أن أهل قطر اجتمعوا يوماً للصلاة في أوان الغوص ولم يكن عددهم سوى تسعة وثلاثين فدعا أحد مماليكه (وله ما يقرب من 50 مملوكاً) واعتقه في الحال فتم عدد الجماعة ثم قام وخطب وأقام الصلاة. وقد اعتق أكثر من 50 مملوكاً بين ذكر وأنثى. وللشيخ قاسم أوقاف كثيرة في البلاد العربية منها أربعة أوقاف كبيرة في نجد وأربعة مثلها في المذنب ومثلها في الاحساء والقصيم والبحرين وقطر وغيرها ويصرفها كلها في سبيل البر وكان رجل قطر الكبير إذ كان أميرها وخطيبها يوم الجمعة وقاضيها ومفتيها وحاكمها. وكان جواداً كريم الخصال مهتماً بكل من يجاوره بدون أن يغض طرفه عن أهل بيته. وكان قد تزوج بأكثر من تسعين امرأة وبعدد عديد من الإماء. وقد ولد له ما يزيد على 60 مولوداً بين ذكر وأنثى والموجود اليوم من أولاده: خليفة وثاني وعبد الرحمن وعبد الله وجوعان

وسبعة اسمهم محمد وثمانية اسمهم علي و9 فهد و10 عبد العزيز و11 ناصر و4 آخرون ليس لهم مماليك خاصة بهم وهم كلهم في خدمة والدهم وللأبناء الكبار أولاد كثيرون. وجماعة عديدة من مماليكه توالدوا في فطر فكثروا وانشئوا موضعاً لهم عرف باسم (بلدة السودان) ومن أخوة الشيخ قاسم الشيخ أحمد وكان قد قتل سنة 1323 وكان عمره نحواً من 60 سنة. وكان له من سفن الغوص نحو 25 وكان يشتري من الغواصين اللآلئ ويبيعها إلى التجار فيربح شيئاً كثيراً. ويقال إن مقتنياته تناهز المليون ليرة. هذا جملة ما يقال في هذا الشيخ رواية عن صديقنا سليمان الدخيل. والعهدة عليه. 25 - الحر في بغداد بعد أن سكن الحر نحو أواخر تموز وأوائل آب فأشتد في نحو منتصف هذا الشهر الأخير فتذكرنا قول العوام البغداديون: (آب اللهاب يشلع البسمار من الباب) وغامت السماء من اليوم 14 إلى اليوم 26 حتى خلنا أنفسنا في أيام الشتاء واحتجبت الشمس عنا في بعض الأيام كل الاحتجاب. وأعظم حرارة وصلنا إليها كانت 46 درجة من المقياس المئوي في 17 و23 آب وذلك في الظل وعليه يكون حر بغداد قد فتر عما كان عليه سابقاً لأنه كان يبلغ الدرجة 48 وبعض السنوات الدرجة 50. ولما كان أوان اشتداد الحر قد مضى. فالمظنون أن حمارة القيظ قد ولت. 26 - جرح أحمد بك البكباشي أطلق عبد المجيد كنة على أحمد بك البكباشي معاون مفتش المبذرقة ثلاث رصاصات فأصابت اثنتان منها فخذه فجرحتاه جرحاً غير خطر وذلك ليلة السبت 16 آب في محلة دكان شناوة في نحو الساعة 11 ليلاً. وقد نسب بعضهم هذه الواقعة إلى غايات سياسية وليس الأمر كذلك بل إنما المسألة مسألة غصب أملاك لا غير. قالت النوادر: (إن الجناية لا دخل لها بالسياسة وإنما هي تتعلق بمسألة أراضٍ وقع الاختلاف عليها بين أسرة المظنون وبين محمود الوادي). 27 - النهب في شمال بغداد سافرت إحدى القوافل الذاهبة إلى ناحية الموصل في أواسط آب فخرج عليها بالفرحانيات قرب تكريت جماعة من الأعراب قطاع الطرق فنهبوا عشرة

ألفاظ عوام العراق

أحمال بدوابها وكانت أموالاً لتجار بغداد وبعد مرور أيام وجدت الدواب في نواحي الفلوجة مما يدل على إن أولئك البدو كانوا من الدليم إن لم يكونوا من زوبع فالأمل إن أولي الأمر يهتمون بتحصيل البضائع المنهوبة وتأمين طرق القوافل بوضع رجال الضبط في المخافر لتستتب الراحة في الولاية وأرجائها. 28 - تبرع الشيخ حمادي تبرع الشيخ حمادي رئيس عشيرة الأكرع من سكان الديوانية بألف ليرة عثمانية لتعمير دار العدلية. 29 - سرقة قافلة في نهية نهية من المراحل الواقعة على الفرات للسائر إلى حلب. وقد نهبت هناك قافلة كانت قد غادرت بغداد في أواسط آب واغلب أحمالها بضائع نفيسة تنقل إلى حلب والشام فخرج أعراب على أهل القفل وأخذوا منهم نحو 40 حملاً قيمتها نحو 2800 ليرة عثمانية فالظاهر من السرق أو النهب الذي جرى في هذين الشهرين الأخيرين إن أعراب البادية تريد قطع الطرق. ولعل هناك من يدفعها إلى هذه الأعمال. وإلا فإنهم كانوا قد خلدوا إلى الراحة منذ مدة طويلة فعسى أن أرباب الأمر تقلم أظافرهم وتخضد شوكتهم! ألفاظ عوام العراق آخ بويه لرنده عبارة تركية محرفة عن (آه بويار آل لننده) أو (الده) ومعناها: آه هذا هو الحبيب الحاضر أو (المهيأ) والعبارة بمنزلة أنشودة يتغنى بها نصارى بغداد خاصة دون غيرهم في زف العروس إلى خطيبها بعد دعاء الإكليل في البيعة أو في بيت أهل العروس فإذا صاروا في الطريق أو في الشوارع تغنوا بالأغنية إلى بيت الخطيب وأنشدوا غيرها معها وقد بطلت هذه العادة عند اغلب أغنياء المسيحيين وأدباهم إلا أنها لا زالت جارية شائعة في الطبقات الوسطى أو السفلى منهم. آذار يطلع السنبل من الأحجار يبتدئ الربيع في العراق (في شهر آذار) فإذا كانت أيامه الأولى أخذ السنبل بالانعقاد فنسب ظهوره إلى أيامه ولما كانت حرارته كافية لإنباته قالوا: يطلع السنبل من الحجار. أمير ضرب من المشروبات المسكرة المرة أحمر اللون يتعاطاه الأوربيون خاصة والكلمة فرنسوية الأصل معناها المر من ولا سيما أمير بيكون

(آتارات) ج اتار جمع أتر ويريدون بها الآثار. (أباطات) ج آباط وهو عندهم الإبط ومن الاصطلاحات العامية فلان أشتم جوا آباطه أي شم رائحة ما تحت إبطه ويريدون بذلك إنه أخذ يفقه أمور العالم ويميز غثها من سمينها ويقولون فلان دخل جوا إبط فلان أي خدعه وأغواه عن سواء السبيل. (ابانوز) يونانية وهي تحريف ابنوس العربية المعربة وبعضهم يلفظها ابانوص وصوابها أن تكتب ابنوس وهو خشب أسود صلب مشهور. (ابه أو عبه) تقولها الأم لرضيعها بمعنى غزير ولعلها مشتقة من العب أو الأب بشد الباء أو من العباب أو الأباب وهو معظم السيل. وتلفظ ابه أو عبه بتشديد الباء المفتوحة. (اببا) لفظة تلقنها الأم لرضيعها تعويداً له النطق بادئ بدء ومعناها الأب لشديد احتياج الأطفال إلى والدهم بعد أمهم وهي أول بنت شفة ينطقها الصغار على الأغلب وقد ذهب بعضهم إلى أنها من ابب أي صاح. والكلمة اببا تلفظ بتشديد الباءين وفتحهما. (أبة) كلمة عربية الأصل محرفة عن أبهة ومعناها العظمة والكبر فإذ قيل فلان يحسب نفسه من الأبة أو يدعي من الأبة كان المطلوب أنه من الأغنياء أو العظماء. وتلفظ على وزن قبه. (ابدالك) عربية عامية منحوتة من (أنا بدل لك) والبعض يقولون افد لك وهي تصحيف (أنا فدى لك) يستعملها يهود العراق في مخاطباتهم خاصة ويريدون بها مجرد التوسل والتضرع والالتماس والطلب. (أبدى) يستعملونها بمعنى أولى فإذا قالوا مثلاً نحن أبدى منكم في هذه الديار يريدون بذلك أولى وأحق من اشتقاق فصيح من بدا يبدو أي ظهر وهي هنا للتفضيل. (ابراتيك) عن الافرنسية وعربيتها الإدمان والممارسة والتمرن وبعضهم يقولون ابراكتيس وهي عن الإنكليزية بالمعنى المتقدم ويستعملها بالخصوص بعض طلبة مدارس الأجانب. (إبراهيمي) نغمة مشهورة في العراق يعرفها كافة المغنين والموقعين على آلات الطرب. والإبراهيمي أيضاً ضرب من التمر معروف في ديار العراق ويسمى بعضهم أيضاً الجزر بهذا الاسم. (ابرش) ما كانت به نكت بيضاء وغير بيضاء أما العراقيون فيريدون بالابرش الأبيض الوجه من الناس الأصفر الشعر صفرة ناقعة والأنثى برشاء. (ابرص) معناها في اللغة الفصحى مجذوم وهي لفظة تطلق على من كان شديد البهق ذا شعر أصفر مائل إلى البياض وفصيحها أصهب والصهبة حمرة تضرب إلى البياض ويوجد أيضاً في بغداد ضرب من الحمام يعرف بهذا الاسم ويجمع على برص وهو خالص البياض أي بياضه يقق ومسرول (أي مغشى القدام بالارياش) ولبعضها قنبرة أو كشة. (إبرة وخيط) اصطلاح عامي يقولون فلان صار إبرة وخيط أي هزل هزالاً شديداً ولم يبق منه سوى الجلد والعظم وهو مثل قول العرب القدماء رجل جراقه وما

عليه جراقة لحم أي شيء منه والعوام تقول أيضاً من الإبرة إلى الخيط إذا جهز الإنسان بكل لوازمه وحوائجه. (ابروش) لفظة إنكليزية وهي التي عربها بعض اللغويين بصورة فرشاة أو فرشة وعربها آخرون بصورة شعرية والأحسن هلبية من لهب وهو شعر الخنزير الذي يتخذ منه هذه الاضمامة. (ابريد) عن الفرنسية وهي عروة الأبزيم أو عروة الزر أو مشبك معقوف مصنوع من النحاس الأصفر وأصل معنى هذه الكلمة اللجام أو العنان فاستعيرت مجازاً لعروة المشبك إذ كما يكبح الفرس باللجام تشبك العروة بالإبزيم وتمنع انفتاحه وهي نصرانية الاستعمال. (الابريسم) الحرير والبعض يقولون فلان ابريسم ابيض يريدون بذلك الرجل الدمث الأخلاق اللين العريكة اللطيف المعشر لأن الابريسم الأبيض عندهم يصلح لكل لون. (ابريسمي) ضرب من الثوب الدقيق الخيط الفاخر المس تتخذه السيدات لصنع أثوابهن واسمه يدل على مادته واللفظة فارسية. (إبريق وابريك وابريج) ج بركان وبرقان وبلسان اليهود والنصارى ابغيق تحريف إبريق ج أباريق وهو إناء من خزف أو معدن له عروة وفم وبلبلة معرب آب ريز بالفارسية ومعناه صاب الماء وقد جاءت هذه اللفظة متشابهة في بعض اللغات كالتركية والكردية والسريانية ومن أمثال عوام العراق: فلان يودي لقن (أو لكن) ويجيب إبريق. أي ينقل لقناً ويجئ بإبريق ويريدون بذلك أنه ينقل كلام الناس من واحد إلى آخر أو يتدخل في ما لا يعنيه متعرضاً لكل شيء أو ينقل الحديث من واحد إلى آخر لمجرد النميمة. (أبريل أو افريل) إفرنجية الأصل يستعملها بعضهم بدلاً من نيسان وإبريل فول عن الإنكليزية - محصورة الاستعمال في بعض المتفرنجين واللفظة العربية التي تقوم مقامها في العراق كذبة نيسان أو كما يقول بعضهم (عيد الكذب) (ابريم) ضرب من التمر حسن للغاية أصفر اللون وبعضه أحمر مائل إلى الصفرة مدور الشكل صادق الحلاوة وهو من أجود تمر العراق راجع لغة العرب 1: 443 ولعل اللفظة تصحيف بريم العربية فعيل بمعنى مفعول وقد سمى بذلك لاستدارة شكله. (ابزار أو ابزاغ) خيوط تعقد وتوضع على القصب وتربط بحبلي الدواسة عند الحاكة فعندما يبدأ النساج بالنسج تأخذ بالهبوط والصعود وهي إما تحريف آبز العربة المنشأ أي وثاب وإما تحريف البزاء وهو خروج الصدر ودخول الظهر وهذا ما ينطبق على عمل الابزاغ أشد الانطباق وقد يحتمل أنها مصحفة. (آبسوار) الفارسية ومعناها السابح الذي تقذفه الأمواج فيكون تارة فوق المياه وطوراً في ما بين لججها. (ابزيمات) ج إبزيم والصواب أن تجمع على ابازيم وهو لسان في رأس المنطقة أو

الحزام ينشب في الطرف الآخر. (ابساط) صوابها بساط بحذف الهمزة ومن اصطلاحاتهم فلان مات على ابساط الفقر وفصيحها ماله سعنة ولا معنة أو لا يملك شروى نقير. (ابساع) عربية عامية أصلها بهذه السرعة ويقولون فيها أيضاً إسا أو هسا أو إسع أو هسع أي هذه الساعة وللسا أو لسع أي للساعة. (ابشارة) صوابها بشارة بحذف الألف وبعضهم يقول بشراوية ويؤيد بها حلوان البشارة أو البشرى. (ابشر) يقولها الصانع أو التلميذ لأستاذه إذا طلب منه أن يتقن عملاً أو يسرع في إنجازه ويقصد بها سمعاً وطاعة. (ابقع) هو الرجل العي العاجز أو الأخرق الأحمق ومن أقوالهم فلان كأنه غراب أبقع أي يشبه الهبقع. (ابكم) من لا يستطيع أن يعبر عن أفكاره والعاجز الأبله الذي يأتي الأمور بغباوة وجهل فظيع فصيحه عبام أو طباقاء. (ابلية سوداء) صوابها بحذف الألف اصطلاح عامي يقال للبارع الأريب الذي يحل المعضلات بحذق وذكاء عجيب أو للمحتال المكار الذي يضر الناس بطرق مختلفة وأساليب عديدة من حيث لا يشعرون ويرادفها بالعربية داهية دهياء أو رجل باقعة. (إبليس) يستعملها العوام أيضاً بمعنى من يفحم صاحبه أو يعيبه حجة ومن كان حاذقاً فطناً. فصيحها عض وهو من كان ذا كيس ولب ونكر. (ابن الآخرة) تطلق عند بعضهم على الطفل الجميل الصورة الذكي الفؤاد السريع الجواب. (ابن الأصيل) تطلق على من كان والده طيب العنصر ومن أمثالهم خذ الأصيلة ونم على الحصيرة أي تزوج بفتاة ذات حسب ونسب ولو كانت فقيرة جداً. ويقولون أيضاً الأصيل إن خضعته ملكته والبدا أصل يستمرد معناه إن الكريم المحتد إذا أرشدته ملكته بخلاف السيئ الأصل فإنك إذا بادرته بنصيحة أنكرها عليك. (ابن الاوادم) أي ابن البشر وليس ولد العجماوات تقال لمن كان شريف الأرومة حميد الخصال أديباً حكيماً ويقولون أيضاً لمن يقصدون توبيخه بكلام لين يا ابن الأوادم لماذا فعلت الأمر الفلاني. (ابن الاحزيني) أي ابن الحزينة يستعملها اليهود لمن خالفهم في الرأي ويريدون بها الخبيث أو اللئيم أو النذل. (ابن الانكريزي) أي ابن الإنكليزي يراد بهذه العبارة من كان كثير البدع ناكراً للجميل أو المعروف كافراً بالنعم ولا يتلفظ بها اليوم سوى بعض الشيوخ فإذا سخط أحدهم على ولده وصمه بهذه اللفظة كأنه شتمه أعظم الشتم. (ابن البانياني) يستعملونها بمعنى ابن الكافر أو ابن الزنديق والمنافق والبانيان

مريم

لفظة هندية الأصل من (بانيا) المصفحة عن السنسكريتية (فاني) ومعناها تاجر والبانيان طائفة من الهنود جل مهنتهم التجارة ولهم دين خاص بهم. رزوقي عيسى مريم (حادثة معربة من الفرنسوية عن الرسائل البائية تابع لما في السنة1: ص 288) كل ذلك جدد المشهد الذي رأت فيه مريم وفاة أمها بعد أن شهدت تململها على فراش المرض والموت. فحدت بها هذه الأفكار إلى الذهاب إلى قبرها وهناك أطلقت العنان لأحزانها وما زالت تبكي وتنتحب وهي وحدها في مقبرة الناصرة التي لا تبعد كثيراً عن المدينة. لكن يا للعجب! من هذا الرجل الذي يتقدم منها رويداً رويداً وهو يقود جواداً أصيلاً؟ رجل يتلفت ذات اليمين وذات الشمال كأنه خائف أو منهزم من بلية ذات بال. رجل يناهز عمره خمسة وعشرين عاماً طويل النجاد ثيابه ثياب العنزيين وفي منطقته سكين منعطف الرأس لامع الفرند تحيط به غدارتان مرصعتان بالحجارة الكريمة وموشيتان بالذهب والفضة. رجل أسيل الخد هزيل البدن أسمر اللون أبي النفس حسن الطلعة غلا إلا إن ظواهره تنم عن هوى وجوى؟ يا الله! من هذا الرجل! وهاهو ذا قد دخل المقبرة. لما سمعت مريم وقع الحوافر ورأت الرجل صاحت صيحة كاد يغمى عليها. - وحاولت الفرار لكن أين المفر. أما هو فأطلق من يده عنان جواده وانقض على الابنة انقضاض العقاب على فريستها الحمامة وكم فمها واحتقبها على فرسه ثم أخذ ينهب الأرض نهباً كأنه البرق الخاطف. يقطع الجبال ويعبر الوهاد ويتغلب على العقبات ويركب الحزون والسهول ولا يبالي ببلية مهما عظمت أو صعبت حتى جاز مسافة قدرها خمس عشرة ساعة لمن يسير على أقدامه سيراً حثيثاً. فنزل على ساحل بحر الجليل في وسط اخربة ينعب بها البوم هي اخربة كفر ناحوم. تلك المدينة التي لم تنب إليه تعالى ولم يرد سكانها أن يؤمنوا بمعجزات المسيح وهي التي تحاسب في يوم الدين محاسبة دونها حساب سدوم. ولى النهار وانقشعت السحب وصحت السماء وظهر وجه البدر المنير الصبيح

الحسن وهو يتراءى في مرآه البحيرة ولسان الحال يقول فأفصح مقال: أما ترى الليل قد ولت عساكره ... مهزومة وجيوش الصبح في الطلب والبدر في الأفق الغربي تحسبه ... قد مد جسراً على الشطين من ذهب أما مريم فكانت في حالة الجمود يبكي لها القلب وإن قد من جلمود. وبعد أن أفاقت من غشيانها ورأت نفسها منقطعة عن جدتها وأبيها وكنيستها وأترابها وأقاربها كادت تجن مع جنون الليل. فقالت بعين عبرى وكبد حرى. وقد بلغ بها القنوط كل مبلغ: من أنت يا هذا؟ وما تريد ولماذا أبعدتني عن قبر أمي وحشاشة فؤادي فقال لها الغريب بصوت خافت: (لا تبكي يا عزيزتي، كفكفي دموعك يا نور عيني. لا تخافي مني. أني أنا ليث الوغى أذب عنك كل من يحاول أذيتك بأدنى شيء. أني أنا الذي تخر بين يدي الأبطال الصناديد إذا ما رأوني في حومة الوغى. اطمئني بالاً يا سيدتي وملكتي ومالكة قلبي. إني أدافع عنك بل وأدفع عنك الأسود ولو كانوا مئات وألوفاً. إني أسترك برمحي وجنتي اللذين اتقى بهما العدو الأزرق واصرعه بهما. وإنك لترين مجندلاً صريعاً يختبط بدمه كل من يجسر على أن يمس شعرة من شعر رأسك؟ وهل في الكون من يتجرأ على أن يسبيك أو يأسرك أو يهينك إهانة مهما كانت زهيدة؟ ومن ذا الذي يفكر بأن يمد يده إليك؟ إن رمحي يكرع الدماء وأعدائي تتمرغ بالتراب وتبقى معفرة فيه إلى ما يشاء الله. إنك حصن حصين لا ترامين لأني أنا وأنا لا غيري أنا مظهر ابن الشيخ الجليل ربيعة من قبيلة عباد أنا السيد القمقام والأسد الضرغام أنا بجانبك لأدفع عنك كل غائلة وأبلغك كل طائلة. إني مغرم بك غراماً عذرياً لا يشوبه أدنى دنس. إنك مولاة قلبي. من أنت. وأعرفك منذ مدة مديدة. واسمك أحلى من الشهد والعسل. اسمك أرق الأسماء وأعذب من ماء السماء. وأفعل في القلب من البدر في الليلة الظلماء. اسمك مريم. ولقلبي المجروح مرهم وبين الناس مكرم. . (لها تلو)

العدد 28

العدد 28 الجرامقة 1 - مقدمة البحث من الأجيال البائدة التي لا بقية لها اليوم الجرامقة. وقد اختلف العلماء في أصلهم ونسبهم كما ذهبوا مذاهب في لغتهم وتمدنهم. ولكي لا يقع ارتباك في تعريفهم نذكر أولاً رأي العرب فيهم ثم نذكر رأي الإفرنج ونختم البحث بما يعن لنا فنقول: 2 - رأي العرب في الجرامقة قال القلقشندي في كتاب نهاية الأرب، في معرفة انساب العرب: (الجرامقة هم أهل الموصل في الزمن القديم، من ولد جرموق بن آشور بن سام، فيما قاله ابن سعيد. وقيل: الجرامقة من ولد كاثر (أو جاثر) بن ارم بن سام فيما قاله غيره.) أه. وقال السيد المرتضى في تاج العروس: الجرامقة قوم من العجم صاروا بالموصل كما في الصحاح. وزاد غيره. في أوائل الإسلام. وقال الليث: جرامقة الشام انباطها، الواحد منهم جرمقاني، وهذا كالاسم الخاص. ومنه قول الأصمعي في الكميت: هو جرمقاني. ويقال أيضاً في الواحد منهم الجرمقي. وهكذا نسب أبو العباس أحمد بن اسحق الكاتب الشاعر) أه. وقال المسعودي في كتاب التنبيه والإشراف ص 78: وكانوا (أي الكلدانيون) شعوباً وقبائل منهم: النونويون (أي النينويون) والآثوريون والأرمان والاردوان والجرامقة ونبط العراق وأهل السواد) أه.

وقال ابن الفقيه في مختصر كتاب البلدان ص 35: قال الكلبي: علوج مصر: القبط؛ وعلوج الشام: جراجمة؛ وعلوج الجزيرة: جرامقة؛ وعلوج السواد: نبط؛ وعلوج السند: سبابجة؛ وعلوج عمان: المزون؛ وعلوج اليمن: سامران (وفي رواية: الأبناء وهو الأشهر). أه وذكر الطبري في تاريخه الكبير (1: 827) ملك الحضر وعده من الرامقة قال: وكان بحيال تكريت بين دجلة والفرات مدينة يقال لها الحضر وكان بها رجل من الجرامقة يقال له الساطرون. . . والعرب تسميه (الضيزن) وقيل: الضيزن من أهل باجرمي وزعم هشام بن الكلبي: إنه من العرب من قضاعة وإنه الضيزن بن معاوية بن العبيد بن الإجرام بن عمرو بن النخع بن سليح بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة. . . إلى آخر ما ذكره عنه. وقال مثل هذا القول تقريباً ابن الأثير في 1: 278 من الطبعة الإفرنجية والذين سماهم الطبري وابن الأثير وابن خلدون بالجرامقة سماهم الأصفهاني في الأغاني 2: 37 بني جرم أو بني الأجرام. وقال ابن خلدون (2: 68) لما هلك فالغ قام بأمره بعده ابنه ملكان فغلبه سوريان على الجزيرة. وملكها هؤلاء الجرامقة إخوانه في النسب بنو جرموق بن اشوذ (أي آشور) بن سام وكانت مواطنهم بالجزيرة وكان ابن أخت سوريان منهم الموصل بن جرموق فولاه سوريان على الجزيرة وأخرج بني عامر منها ولحق ملكان منها بالجبال فأقام هناك. ويقال أن الخضر (ولعل صحيح الرواية: ملك الحضر) من عقبه. واستبد الموصل على خاله سوريان بن نبيط ملك بابل وامتازت مملكة الجرامقة من مملكة النبط. . . ويقال أن يونس بن متي. . . من الجرامقة من سبط بنيامين بن إسرائيل من ابنه.) وقال المذكور في ص 69: ويقال: إن الجرامقة وهم أهل نينوى غلبوا على بابل ملك سنجاريف (سنحاريب) منهم. . . . ولما هلك بختنصر ملك من بعده فيما ذكروا ابنه نشبت نصر ثم من بعده بنيصر وغزاه ارتاق مرزبان كسرى من ملوك الكينية (الكيانية) فقتله وملك بابل وأعمالها وصار النبط والجرامقة رعية للفرس وانقرضت دولة النمارذة ببابل. هكذا ذكر ابن سعيد ونقله عن داهر مؤرخ دولة الفرس.).

وقال ابن الأثير (5: 56 من الطبعة الإفرنجية و5: 28 من الطبعة المصرية) وما أهل الشام؟ - هل هم إلا تسعة أسياف؟ سبعة منهم إلى وسيفان علي. وما مسلمة (بن عبد الملك) إلا جرادة صفراء أتاكم برابره وجرامقته وجراجمته وأنباط وأبناء فلاحين وأوباش وأخلاط. . . .) وفي تاريخ حمزة الأصفهاني (ص 39): (من بالشام وفلسطين من الجرامقة والجراجمة) وذكر لغة الجرامقة ياقوت الحموي في 1: 26 قال: قال محمد ابن أحمد أبو الريحان البيروني: الإقليم. . . هو الرستاق بلغة الجرامقة سكان الشام والجزيرة. . على ما ذكر حمزة بن الحسن الأصفهاني وهو صاحب لغة ومعني بها.). . . وممن تعرض لذكر الجرامقة المسعودي في مروج الذهب (7: 119) قال: انتهى (المعتصم) إلى الموضع المعروف بالقاطول فاستطاب الموضع وكان هناك قرية يسكنها خلق من الجرامقة وناس من النبيط على النهر المعروف بالقاطول آخذاً من دجلة فبنى هناك قصورا. . . وقال أيضاً في (8: 91): (وكان غناء النبط والجرامقة بالغيروارات وإيقاعها يشبه إيقاع الطنابير.) أه وقال ابن العبري (ص 131) الجرامقة هم قوم بالموصل أصلهم من الفرس. وقال صاحب الأغاني (16: 76) بنوا الأحرار. . . هم الفرس الذين قدموا مع سيف بن ذي يزن. وهم إلى الآن يسمون بني الأحرار بصنعاء ويسمون باليمن: الأبناء؛ وبالكوفة: الأحامرة، وبالبصرة: الأساورة، وبالجزيرة: الخضارمة؛ وبالشام الجراجمة) اه. وقد روى صاحب تاج العروس هذه النبذة بفرق ظاهر قال في مادة خضرم: الخضارمة: قوم من العجم خرجوا في بدء الإسلام فسكنوا الشام. وفي الصحاح: فتفرقوا في بلاد العرب. فمن أقام منهم بالبصرة فهم الأساورة (وفي الأصل المطبوع: الأساودة بالدال وهو خطأ واضح)؛ ومن أقام منهم بالكوفة فهم الأحامرة؛ ومن أقام منهم بالشام فهم الخضارمة (كذا والأصح الجراجمة)؛ ومن أقام منهم بالجزيرة فهم الجراجمة (كذا والأصح الجرامقة) ومن أقام منهم باليمن فهم الأبناء. ومن أقام منهم بالموصل فهم الجرامقة. أهـ وذكر صاحب لسان العرب الجرامقة قال: جرامقة الشام: انباطها

واحدهم جرمقاني. ومنه قول الأصمعي في الكميت: هو جرمقاني. التهذيب: الجرامقة: جيل من الناس. الجوهري: الجرامقة قوم بالوصل أصلهم من العجم.) أهـ. هذا جل ما جاء عند العرب عن الجرامقة وأنت ترى أن بعضهم لم يميز بين الجرامقة والجراجمة، ولا سيما اللغويين منهم ولهذا لاحظ علماء الإفرنج أن العرب لم يميزوا بين قوم وقوم. والأصح: إنهم لم يقولوا كلهم هذا القول بل بعضهم كما ظهر من ذكر أقاويلهم. 3 - رأي الإفرنج في الجرامقة كان رأي الإفرنج في أول عهدهم بالأبحاث الشرقية أن الجرامقة كانوا من الفرس؛ مستندين في ذلك على قول العرب أنفسهم وعلى ابن العبري وعلى الاسم نفسه لأن فيه الجيم والقاف وقد قالت العرب لا تجتمع الجيم والقاف في كلمة عربية. - وممن كان على هذا الرأي جميع علماء الشرقيات إلى عهدنا هذا حتى قام العلامة نلدكي فخالف من سبقه وقال أنهم من أصل رمي أو نبطي. وما قال ذلك إلا وتأثره جميع المستشرقين لمكانة هذا الرجل الكبير من العلم ووقوفه على أخبار الشرق وتواريخه وقوفاً عجيباً. على أننا وإن كنا لا نخالفه في إنهم كانوا ارميين إلا إننا نثبت إنهم كانوا من العرب لا من النبط السريانيين والكلدانيين كما ارتأى. ودونك أدلتنا: 4 - أدلتنا على أن الجرامقة كانوا عرباً أول دليل نؤيد به رأينا أن الجرامقة كانوا عرباً نأخذه من معارضة عبارة الطبري بعبارة الأصفهاني صاحب الأغاني وكلاهما من المتقدمين. والدليل الثاني نأخذه من نسب أحد مشاهير الجرامقة الذي أورده هذان الإمامان في العبارة المذكورة وهي: (إن الحضر كان قصراً بحيال تكريت بين دجلة والفرات وإن أخا الحضر الذي ذكره عدي بن زيد هو الضيزن بن معاوية بن العبيد بن الأجرام بن عمرو بن النخع بن سليح من بني يزيد بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وأمه جبهلة (ويروي جيهلة) امرأة من بني يزيد بن حلوان أخي سليح بن حلوان. وكان لا يعرف إلا بأمه هذه. وكان ملك تلك الناحية وسائر أرض الجزيرة. وكان معه من بني الأجرام (وهم الذين سماهم

الطبري في 1: 827 وابن خلدون 2: 68 بالجرامقة) وسائر قبائل قضاعة ما لا يحصى وكان ملكه قد بلغ الشام فأغار الضيزن فأصاب أختاً لسابور ذي الأكتاف وفتح مدينة نهرشير (ويروى بهرشير والأصح بهرسير) وفتك فيهم فقال في ذلك عمرو بن السليح بن حدي بن ألدها بن غنم بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة: لقيناهم بجمع من علافٍ ... وبالخيل الصلادمة الذكور فلاقت فارس منا نكالاً ... وقتلنا هرابذ بهرسير دلفنا للأعاجم من بعيد ... بجمع م الجزيرة كالسعير قالوا: ثم إن سابور ذا الأكتاف جمع لهم وسار إليهم فأقام على الحضر أربع سنين لا يستغل منهم شيئاً ثم إن النصيرة (ويروى النضيرة) بنت الضيزن (اتفقت مع سابور فدلته على عورة المدينة) ففتحها سابور عنوة فقتل الضيزن يومئذٍ وأباد بني العبيد وأفنى قضاعة الذين كانوا مع الضيزن فلم يبق منهم باقٍ يعرف إلى اليوم وأصيبت قبائل حلوان وانقرضوا ودرجوا فقال في ذلك عمرو بن آله وكان مع الضيزن (الأبيات). . . قالوا: وكان الضيزن صاحب الحضر يلقب الساطرون وقال غيرهم: بل الساطرون صاحب الحضر كان رجلاً من أهل باجرمي والله اعلم) فأنت ترى من هذا الكلام الذي بسطناه بجملته إن الأجرام أو بني جرم أو الجرميين هم الجرامقة بعينهم لأن بعضهم سماهم باسمهم العربي والبعض الآخر سماهم باسمهم المنقول إلى الصورة الأعجمية الفارسية. - وأما مسألة الساطرون وهل هو الضيزن أم لا؟ وهل هو عربي أم لا؟ فهاتان مسألتان أخريان لا نتعرض لهما الآن. ودليلنا الثالث على أن الجرامقة هم بنو جرم هو: وحدة الاسم وإن اختلفت صورتاه. فجرم تلفظ (جرما) على اللغة الآرامية وهي لغة عوام ذلك العصر وجرما تلفظ (جرمق) بلغة الفرس وكانت يومئذٍ لغة سادة البلاد كما هو الحالة في العراقيين اليوم فإن لغتهم هي العربية ولغة الدولة الحاكمة عليهم هي التركية. قال المسعودي في كتابه الأشراف ص 91: جاء زرادشت بالكتاب المعروف بالابستا وإذا عرب أثبتت فيه قاف فقيل: الابستاق) اه وعلى هذا اوجه عربت كلمة جرمق هذه.

وحجتنا الرابعة ما ذكره صاحب الأغاني (في 11: 162) إن العباد (وهم أقوام شتى من نصارى العرب نزلوا الحيرة وكان أغلبهم من قضاعة) هزمهم سابور فصار معظمهم ومن فيه نهوض إلى الحضر من الجزيرة يقودهم الضيزن بن معاوية التنوخي فمضى حتى نزل الحضر وهو بناء بناه الساطرون الجرمقاني فأقاموا به. أهـ ومن مؤرخي العرب الذين ذهبوا إلى العربية الجرامقة ابن خلدون. قال (في 2: 171): كان بحيال تكريت بين دجلة والفرات مدينة يقال لها الحضر وبها ملك من الجرامقة يقال له الساطرون من ملوك الطوائف وهو الذي يقول فيه الشاعر: وأرى الموت قد تدلى من الحض ... ر على رب أهله الساطرون ولقد كان آمناً للدواهي ... ذا ثرآء وجوهر مكنون وقال المسعودي: هو الساطرون بن استطرون من ملوك السريانيين قال الطبري وتسميه العرب الضيزن. وقال هشام بن محمد الكلبي: هو من قضاعة وهو الضيزن بن معاوية بن العميد بن الأجدم (كذا في الأصل المطبوع وهو خطأ والأصح الأجرام) بن عمرو بن النخع بن سليم (كذا والأصح بن سليح). . من قضاعة. وكان بأرض الجزيرة وكان معه من قبائل قضاعة ما لا يحصى. . وكان ملكه قد بلغ الشام.) أهـ. وذكر ابن سعيد (راجع ابن خلدون 2: 249) إنه كان لبني العبيد بن الأبرص بن عمرو بن عمر بن اشجع بن سليح (وبنو سليح بطن من قضاعة من القحطانية) ملك يتوارثونه بالحضر آثاره باقية في برية سنجار وكان آخرهم الضيزن بن معاوية بن العبيد المعروف عند الجرامقة بالساطرون وقصته مع سابور ذي الجنود من الأكاسرة معروفة أهـ. وممن صرح بعربية الجرامقة ابن صاعد الأندلسي في كتابه طبقات الأمم قال في ص 45 عند ذكره أخبار العرب ونقلهم إياها: (ومن وقع بجبلي طيء فعنه أتت أخبار آل اذينة والجرامقة) فهذا نص صريح على ما نذهب إليه. ولا سيما إذا علمت أن من مساكن بني جرم بعض ديار طيء. قال ياقوت في مادة القرينين: موضع في ديار طيء يختص ببني جرم. وقال في مادة الموقف: قرية ذات نخل وزرع لجرم في اجأ أحد جبلي طيء. وقال في فردة: فردة جبل في ديار

طيء يقال له فردة الشموس. وقيل: ماء لجرم في ديار طيء. وقال ياقوت في مادة جزيرة اقور: (لما تفرقت قضاعة في البلاد سار عمرو بن مالك التزيدي في تزيد وعشم ابني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وبنو عوف بن ربان وجرم بن ربان إلى أطراف الجزيرة وخالطوا قراها وكثروا بها وغلبوا على طائفة منها فكانت بينهم وبين من هناك وقعة هزموا الأعاجم فيها. (قلت: ارتأى بعض العلماء أن معنى الفرثيين: الأعاجم وأخلاط الناس فلعل المراد بالأعاجم هنا الفرثيون) فأصابوا فيهم فقال شاعرهم جدي بن الدلهات بن عشم العشمي. صففنا للأعاجم من معد ... صفوفاً بالجزيرة كالسعير لقيناهم بجمع من علاف ... ترادى بالصلادمة الذكور فلاقت فارس منهم نكالاً ... وقاتلنا هرابذ شهرزور ولم يزالوا بناحية الجزيرة حتى غزا سابور ذو الأكتاف الحضر وكانت مدينة تويد فأفتتحها واستباح ما فيها وقتل جماعة من قبائل قضاعة وبقيت منهم بقية قليلة فلحقوا بالشام وساروا مع تنوخ). أهـ. ولو أردنا أن نأتي بجميع الأسانيد التي أوردها مؤرخو العرب لضاق بنا المجال وقد اجزنا بما ذكرنا خوف الإطالة على غير جدوى. وأحسن برهان نأتي به إثباتاً لما نقول هو شهادات أهل الغرب أنفسهم من رومان ويونان على إن أهل الحضر كانوا عرباً. فقد نقلوا في كتبهم على طرايانس قيصر أنه اخضع أمماً شتى لرومة حتى أن الرومانيين كانوا يسمعون كل يوم باسم جيل جديد يذعن لصولجانهم لم يسمعوا به سابقاً وقد أفضى الأمر إلى أن مجلس الشيوخ قرر أن يحبى طرايانس من مجالي الظفر والنصر بقدر ما يريد وعلى ما يريد. وقد كانت تهيأت رومة وإيطالية كلها لتستقبلاه بكل ما يليق به من الأبهة والعظمة والجلالة إلا إنه لم ير ذلك. والسبب هو أنه ذهب ليحاصر (الحضر) وهي (مدينة عربية) فلم يفلح واخفق سعيه وظن أنه سم فنهض مريضاً من تلك المحاصرة شاخصاً إلى بلاده لكنه لما وصل إلى سلندي (سليننتة في قليقية توفى فيها سنة 117

وقد ذكر المؤرخون مثل هذا الفشل للإنبراطور سويرس وقالوا أيضاً إنه اخفق في محاربته للعرب الذين كانوا في الحضر. بيد أننا لا ننكر أن كثيرين من المؤرخين يذكرون أسم الفرث أو الفرس بدلاً من أن يقولوا (الحضر أو عرب الحضر) حينما يذكرون هذه الوقائع وقائع الرومان مع أهل الحضر. ولا بد لذلك من سبب وها نحن نشرحه: يوم حارب الرومان عرب الحضر كانت هذه المدينة تحت سطوة الفرث الذين يسميهم العرب: الفرس (بفتح الفاء أي لا الفرس بضم الفاء أي ومنهم من يحمل الواحدة على الأخرى ويخلط اللفظين) أو كانت بلدتهم داخلة في أراضٍ يحكم عليها الفرث. وإذ كانت تلك المدينة على تلك الحالة جاز للمؤرخ أن يسميها بلدة عربية لأن اغلب سكانها عرب وبلدة فرثية أو فرسية لكونها كانت في أرض البرثيين أو كانت تحت حكمهم ومن هذا نشأ الاختلاف في التعبير على أن اغلب المؤرخين الأقدمين كانوا يروون الحوادث والوقائع ذاكرين أن العاهلين الرومانيين حاربا عرب الحضر لا غير. 5 - اعتراضات المخالفين لرأينا. قد يعترض علينا هذا الاعتراض وهو: إن أهل الحضر لم يكونوا عرباً لأن لغتهم كانت فرثية وسريانية أو جرمقانية ومن لم تكن لغته عربية لم يكن عربياً. قلنا: سبق الكلام على أن الجرميين كانوا في قلب بلاد الفرثيين أو البرثيين. وكان أهل الحضر يتكلمون ثلاث لغات: الفرثية لغة سادات البلاد، والسريانية لغة عوام البلاد وأهاليها، والعربية لغة القوم أنفسهم. وعلى هذا لا يكون تناقض ولا يقوم علينا اعتراض ذو شان. وكانت حالة الجرميين يومئذ كحالة التلكيفيين في يومنا هذا. فإن منهم من يعرف التركية وهم الذين يريدون الدخول في وظائف أهل الحل والعقد، والعربية وهم الذين يعيشون بين أهالي البلاد لكونهم عرباً، والآرامية وهي لغة أقوامهم أو بني عنصرهم. 6 - اللغة الجرمقانية هي فرع من اللغة الارمية ليس في كتبنا التاريخية والمعاجم اللغوية ما يهدينا إلى معرفة حقيقة اللغة المسماة بالجرمقانية، فإن المستشرقين لم يبتوا حكماً في هذه المسألة إلى يومنا هذا وذلك لأن ابن الفقيه يقول في كتابه: مختصر كتاب البلدان ص 77: (الروم

ملكانية يقرءون الإنجيل بالجرمقانية) ثم يقول في ص 136 من كتابه المذكور (الروم كلهم نصارى ملكانية ويقرءون الإنجيل بالجرمقانية فلا جرم أنه يتكلم عن روم ديار الإفرنج والحال إنه لم يقرءوا الإنجيل بالجرمقانية بل باليونانية أو بالرومية فكيف تؤول عبارة ابن الفقيه هذا المعروف أيضاً بأبي بكر أحمد الهمذاني. - قلنا: جرمقانية روم الإفرنج مبنية على وهم الملكانية أو الملكائية فيهم لا غير. ولما كان ملكائية ديار الشام يقرءون الجرمقانية في ذلك العهد ويفهمونها ظن الكاتب أن كل ملكائي يقرأ الجرمقانية ويفهمها. ولما كان اغلب روم الإفرنج ملكائيين حمل شيئاً على شيء وهذا هو سبب الوهم لا غير. وإلا فإن الجرمقانية بمعنى فرع من فروع الأرمية أشهر من أن يذكر. قال العلامة في السريانية الإنكليزي بابن سميث في معجمه السرياني اللاتيني الكبير ما معناه (1: 585) جرمقي وجرمقيا هو الجرمي أو الجرمقي أي من كان أهله من (بيت جرمي) وهذا اسم صقع. وبالعربية الجرمقاني والجمع الجرامقة وذكر ابن بهلول: اللسان الجرمقي. . قال سوبرس في كتاب له في النحو في كلامه عن اللغتين الأثورية والجرمقية: إن مزيتهما أنهما تبدلان الباء والفاء واواً. اه بحذف ذكر الأسانيد التي ينقل عنها. ومن هنا ترى أن الجرمقانية هي كالأثورية أي فرع من اللغة الأرمية لا غير وبدون ريب. 7 - ديانة الجرامقة كانت ديانة الجرميين أو الجرامقة الوثنية وعبادة الأجرام السماوية طالما كانوا في ديارهم العربية. ومن أوثانهم المشهورة عندهم يومئذ الأقيصر وذو الخلصة وغيرهما. ولم نعثر في مؤلفات القوم على من تنصر منهم وهم في ربوعهم بل إنهم تنصروا لما انتقلوا إلى الجزيرة إلى الصقع الذي عرف من بعد نزولهم فيه باسم (باجرمي أو بيت جرمي أو ديار بني جرم أو بلاد الجرامقة) وقد دانوا بالنصرانية منذ أول عهد انتقالهم إليها وتمسكوا بها كل التمسك. وإن لم يكونوا كلهم عليها في وقت واحد وفي جميع الديار التي احتلوها، وكان صقع باجرمي واقعاً في شرقي دجلة بين دجلة والزاب الأصغر وجبال حمرين ونهر ديالى. والدليل على إنهم انتحلوا المسيحية منذ القرون الأولى جملة من أشتهر منهم بالإمامة والقداسة والشهادة في عهد سابور الملك (سنة 330) ومن الأسقفيات التي تذكر في برنامج ايليا الدمشقي: شهرقرد (المعروفة اليوم باسم شرقاط أو شرقاد)، ودقوقا،

والبوازيج، وداراباد، وخانيجار. وقد شهد الصوباوي أن القديس شمعون (المتوفى سنة 330) هو الذي انشأ مطرنة الجرميين. وكان لها المقام الرابع بين المطرانات النسطورية كما يتضح ذلك من الطقس الحبري الخاص بهم. وكان يلقب أحيانا مطران تلك الديار بلقب مطران الكرخ وشهرقرد وباسلوخ أو بيت سلوخ أو كرخ سلوخ وهي كركوك الحالية وفيها كان كرسي هذا المطران. - ولما ظهرت النسطورية صبأ اغلب أولئك الأقوام إلى المذهب الحديث ولما عرفوا غلطهم رجعوا إلى دين آبائهم القديم أي إلى الكثلكة. قال بطرك الموارنة السيد بولس بطرس مسعد في كتابه الدر المنظوم المطبوع سنة 1863 ص 91 ما حرفه: (كان رجوع سعدون (أي سهدونا) الأسقف وشعب الجرميين أو الجرمقيين (الجرامقة) في بلاد العراق في زمان بطريركهم يشو عيهب الغدلي (أي ايشو عيهب أو ايشوعياب أو يشو عياب الجذالي) نحو سنة 630) أهـ. قلنا: وآخر مطران عرفنا اسمه من مطارنة الجرميين هو الأسقف سمعان الذي جلس على كرسيه في شهر شباط سنة 1318 وكان نسطورياً. وقليلون منهم انتحلوا اليعقوبية ومن مطارنتهم قسطنطين الذي رافق يوحنا السابع سنة 969 إلى القسطنطينية. وقال ماري بن سليمان في فصل الفطاركة ص 70: (وكاتب يوماً أسقف كشكر الآباء بالحضور وحضروا فاختاروا مروى الاركيذياقن وأهل الحيرة حنا نيشوع والجرامقة. وخالفهم يعقوب بن يزدين الكشكري واختار جيورجيس الراهب من عمر باحالا أهـ وهذا يدل على أن الجرامقة كانوا نساطرة في أيام حنا نيشوع الثاني. فترى مما تقدم ذكره أن اغلب الجرمين أو بني جرم أو الجرامقة كانوا نصارى في ديار الجزيرة لكنهم لم يكونوا جميعهم مسيحيين، إذ كان بينهم مجوسيون ولا سيما في الحضر نفسها. يشهد على ذلك هيكل الشمس الذي كان موجوداً في تلك العاصمة في عهد العاهلين الرومانيين طرايانس وسويرس. - ولما ظهر الإسلام في بلاد العرب دان به كثيرون منهم ممن كانوا في تلك الربوع. قال ابن خلدون في تاريخه (2: 247) في بني جرم ومواطنهم: بنو جرم بن ربان

بن حلوان بن عمران: بطن كبير (من قضاعة) وفيهم كثير من الصحابة. ومواطنهم ما بين غزة وجبال الشراة من الشام وجبال الشراة من جبال الكرك. 8 - ديارهم الأصلية ديار بني جرم الأصلية هي نفس ديار قضاعة لأنهم جذم منهم. على أنه قد جاء في كتاب صفة جزيرة العرب للهمداني (ص 163) ما هذا حرفه: ديار جرم من بين العرب متفرقة منها باليمامة، ومنها بالبصرة، ومنها بالعقيق ومنها بحضرموت. وكان لها دار بصعدة في وادي يشور ولها دار ما بين صنعاء ومأرب، ولها بدينة واحور مسلم وخاصة لبني دينار وبني سبيلة) أهـ وقد ذكرنا قبيل هذا كلام ابن خلدون في هذا الصدد ولاحظنا في الحاشية إنه مخطئ في كلامه ذاك وأن ما يشير إليهم وإنهم موجودون في أنحاء غزة هم جرم طيء لا جرم قضاعة. وقال صاحب الأغاني عن جرم قضاعة إن منازلهم كانت بالفلج (راجع 7: 118) وفي نواحي الشام مع محالفيهم كلب وعذرة (7: 118).

الشيخ عثمان بن سند البصري

ثم نزلوا السماوة. قال (في 11: 162): أغارت حمير على بقية قضاعة فخيروهم بين أن يقيموا على خراج يدفعونه إليهم أو يخرجوا عنهم فخرجوا وهم كلب وجرم والعلاف. وهم بنو ربان بن تغلب بن حلوان. وهو أول من عمل الرحال العلافية. وعلاف لقب ربان فلحقوا بالشام فأغارت عليهم بنو كنانة بن خزيمة بعد ذلك بدهر فقتلوا منهم مقتلة عظيمة وانهزموا فلحقوا بالسماوة فهي منازلهم إلى اليوم.) أهـ. 9 - أوصافهم حينما كانوا في ديارهم القبائل كالرجال لها من يمدحها ولها من يقدح بها. قال زيد الخيل يمدح بني جرم عند الخليفة عمر: (جرم فوارس الغدرة، وطلاعو نجوة، ولا تحل لهم حبوة، ولا تراع لهم ندوة، ولا تدرك لهم نبوة؛ عمود البلاد، وحية كل واد، وأهل الاسل الحداد، والخيل الجياد، والطارف والتلاد. (عن الأغاني 16: 50) - وقال من يذمهم وهو حميد بن ثور الهلالي يكلم رجلين أرسلهما في قضاء أمر: وقولا إذا جاوزتما أرض عامر ... وجاوزتما الحيين نهداً وخثعما نزيعان من جرم بن ربان إنهم ... أبوا أن يميروا في الهزاهز محجما قال ابن قتيبة في كتاب الشعر والشعراء ص 231 من طبعة لبسيك: أمرهما أن ينتسبا إلى جرم لأن العرب تأمنها لذلها ولا تخاف منها غارة.) اهـ. 10 - الخلاصة هذا بعض ما وصلت إليه يدنا من التحقيق وهناك تفاصيل غير هذه وإنما اجتزأنا بما ذكرنا حباً للاختصار. ونحن نقضي العجب من أن دائرة المعارف للبستاني ومعلمة الإسلام لمستشرقي الإفرنج أرباب الفنون المتخصصين لها لا تذكر أن شيئاً عن الجرامقة ولا عن جرم أو بني جرم أو الجرميين أو الأجرام مع إنك رأيت خطورة هذا البحث ومنزلته من التاريخ مما وقفت عليه في مطاوي هذه السطور. فعسى أن يعوض عن هذا النقص بما يفيد القوم في الملحقين اللذين يدرج فيهما ما فات أولئك المؤلفين. هذا ما في وطابنا ومن زادنا تحقيقاً زدنا الشيخ عثمان بن سند البصري - 1 - مقدمة تمهيدية شكراً.

من أجمل القرون الأخيرة التي مرت على العراق وأبهاها وأحسنها وأرقاها القرن الثاني عشر والثالث عشر للهجرة. إذ قد شيد فيهما مدارس للعلم وأندية للآداب ومساجد للعباد وزوايا (تكايا) للزهاد. ونبغ فيهما من العلماء والشعراء والفضلاء والصلحاء الكثير كآل الحيدري وآل السويدي وآل الرحبي وآل الألوسي وآل الشاوي وآل العمري وآل القزويني وآل الطالقاني وآل الطباطبائي وآل الازري وآل الشيخ جعفر الكبير وآل بحر العلوم وآل الخنساري وآل الطريحي وآل البحراني وآل الجزائري وآل عصفور وآل قفطون وآل النحوي وآل السيد سلمان الحلي وآل الشهرستاني وآل يسين وآل الكواز وآل الطبقجلي وآل المدرس ومن البيوتات كمحمد فيضي الزهاوي والسيد حيدر الحلي والشيخ حمادي نوح والشيخ جابر الكاظمي والسيد حسين العشاري والسيد جعفر الحلي والشيخ محمد الأعسم والشيخ صالح التميمي والملا عمر رمضان الهيتي وعلاء الدين الموصلي والشيخ محمد بن النائب والشيخ عيسى البندنيجي والشيخ خالد النقشبندي وغير هؤلاء الأماثل من الأعلام المشاهير ممن يضيق نطاق المجلة عن ذكر أسمائهم ومن جملة من نبغ منهم وأشتهر كل الشهرة الشيخ عثمان بن سند البصري المترجم قي هذه العجالة 2 - نسبه ومولده وشيوخه وأحواله الشيخ عثمان ابن سند البصري نجدي الأصل من عنزة بصري الموطن ولد في نجد في سنة 1180هـ - 1766م ثم سكن البصرة ولما ترعرع وشب قرأ القرآن وتعلم الكتابة ودرس قواعد الإعراب ثم أخذ العلم عن الشيخ محمد بن فيروز النجدي. من كبار العلماء النجديين، وعن اليتوشي وقرأ على الشيخ زين العابدين المعروف بجمل الليل المدني - عند وروده البصرة في فبغداد في سنة 1222هـ - 1807م - أوائل الكتب الستة وأجازه الشيخ المذكور وسلك في الطريقة على شيخ خالد النقشبندي ثم صار مدرساً في المدرسة الرحمانية في البصرة وبقى فيها مدة عمره وكان مالكي المذهب متعصباً جداً ونقل بعض العلماء إنه صار في آخر أيامه سلفي العقيدة وهذا غير صحيح لأنه تكلم على الوهابية في كتابه (نيل السعود) وذم طريقتهم بل شنع عليهم وهذا الكتاب صنف في السنة الأخيرة من عمره. وقال فيه (أعني المترجم) صاحب حديقة الأفراح لإزالة الأتراح: (هو طرفه الراغب وبغية المستفيد الطالب) أهـ وكان له في اللغة

باع طويل وقوة عارضة حتى قيل إنه كان يحفظ كتاب القاموس للفيروز بادي من أوله إلى آخره. 3 - مؤلفاته ألف المترجم كتباً كثيرة غزيرة المادة وقد أفاد في بعضها فائدة كلية منها شرح النخبة في أصول الحديث ومنها اهنأ الموارد من سلسال مدائح الشيخ خالد (يعني الشيخ خالد النقشبندي) ومنها كتاب منظم الجوهر في مدائح حمير ومنها رسائل في الأدب سماها فكاهة السامر وقرة الناظر وكتاب نسمات السحر وروضة الفكر ومن كتبه التي اشتهرت كتاب مطالع السعود في تاريخ داود وهو كتاب يبحث في سير الوزير داود باشا وترجمة حياته وشيوخه ومجيز به ويحكي بعض الوقائع التي وقعت في السنين الأولى من عمر الوزير المذكور والتي وقعت في أيام حكومته أيضاً بين أعراب المتفق وزبيد والخزاعل (خزاعة) ونجد والأعجام وكعب والأكراد وشمر وعنزة والعبيد وعقيل والدفافعة وغير هؤلاء الأعراب ويحكي أيضاً عن محاصرات البصرة وبغداد مبتدئاً فيه من سنة 1188 إلى سنة 1242هـ أي 1774 - 1826م وهي آخر أيام المؤلف وننقل هنا للقارئ نبذة وجيزة من الكتاب لا تخلو من فائدة وليطلع على فحوى الكتاب قال في المقدمة: (. . . وقد كنت وعدت حضرته العلية (يعني داود باشا) تأليف كتاب يتضمن ذكر أوصافه السنية. . . وذلك. . . في الرابعة والثلاثين بعد المائتين وألف. . . فاجتمع عندي من ذلك ورقات ونكات هي من حسنات الزمان. . . لكنها لما لم ينظم ببيان التأليف سمطها وطال عليها الزمن ذهب منها كل حسن ولكم عاتبني الأديب الأريب. . . عبد القادر بن عبد الله الحيدري قاضي البصرة في تأخير تبييض ذلك الموعود المرة بعد المرة وأخبرني إن الحاج محمد أسعد المشهور بابن النائب طامح منه عيون الهمم والمطالب إلى إخراجه من أدهم السواد. . . إلى أن ورد كتاب من بعض من تشرف بحلول أنظار سامي الجناب (يعني داود). . . وذلك في السابع والعشرين من رمضان. . . وما تضمنه الكتاب بعد السلام والعتاب إلى أن قال: (لا يخفى على شريف علمكم أنه تعلقت إرادة الحضرة العلية. . . بوصولكم إلى دار السلام لتفوزوا بما يغبطكم به الخاص والعام.) ولما علمت تعلق تلك الإرادة بوصولي

إلى دار السلام. . . اغتربت غارب الارتحال. . . ووافق دخولي دار السلام أثنى عشر ذي الحجة الحرام في عام أرخته (داود يمتثل أمره) سنة 1241هـ. . . ولما انصرفت من سراياه. . . ووصلت إلى البيت الذي بوأني إياه أرسل في الحال ما لاق من الكسوة واتبعها بعد أيام من الدراهم بحبوة. . . فشكرته نظماً ونثراً وخلدت له بهذا الأنموذج ذكراً لما علمت يوم دخولي بغداد إنه العلة لإرسال الكتاب من المواد فدونك أيها الوزير كتاباً لشمائلك عديم النظير. . . وابتداء تأليفة اليوم الحادي والعشرين عام أحد وأربعة بعد المائتين والألف (هجرية) إذ لم يكن فيه كلمة مما في تلك الأوراق بل ولا حرف لما ذكرت من اضمحلال أكثرها. . . مرتباً على سنين وأعوام أولها عام ولادة ذلك الهمام (يعني داود) مبيناً فيه في كل سنة ما وقع من الأحوال مما أحاط به علم مؤلفه من ثقات الرجال. . . مترجماً للوزراء من سليمان إلى سعيد ذاكراً لهم ما يليق ذكره في هذا الديوان ولمصاحب له أيده الله وخادم ولأناس من علماء مصره الأكارم ممن اطلعت على مواليدهم ونفائس أحوالهم ومن مات منهم ذاكراً ما سبق أزمنة وفياتهم. .) أهـ وفي هذا الكتاب فوائد تاريخية جمة لأنه يمثل للقارئ حالة العراقيين من بدو وحضر في أيام حكومة عمر باشا من سنة 1188هـ - 1774م ثم حكومة مصطفى باشا 1189هـ - 1775م فحكومة عبدي باشا في السنة المذكورة فحكومة عبد الله باشا 1190هـ - 1776م فحكومة حسن باشا سنة 1192هـ - 1778م فحكومة سليمان باشا الكبير 1193هـ - 1779م فحكومة علي باشا كتخدا 1217هـ - 1802م فكومة سليمان باشا القتيل 1221هـ - 1806م فحكومة عبد الله باشا الكردي 1225هـ - 1810م فحكومة سعيد باشا ابن سليمان باشا الكبير 1228هـ - 1813م فحكومة الوزير داود باشا 1232هـ - 1816م. ثم ذكر ما حدث في أيامه من الحوادث على ترتيب السنين إلى سنة 1242هـ - 1826م ويعلم مما تقدم أن معظم الكتاب في أخبار غيره (أعني داود) وهو كذلك لأن سيرة الوزير سليمان باشا الكبير والمحاربات التي وقعت في أيامه استوعبت من صفحات الكتاب أكثر مما استوعبته سيرة الوزير داود باشا من الصفحات. وقد ذكر المؤلف كثيراً من تراجم رؤساء القبائل والفرسان المشهورين وعلماء البصرة وبغداد والأطراف المجاورة لهما ثم ختمه بذكر من قرأ عليهم الوزير وأخذ

عنهم واستجازهم وجالسهم وقد ترجمهم على حسب معرفته بهم وإطلاعه على أخبارهم وأحوالهم. والكتاب في أكثر من 600 صفحة بالقطع الكبير وهو لم يتم لأن حكومة الوزير داود امتدت إلى أواخر سنة 1246هـ - 1830م والمؤلف توفى قبل ذلك بأربع سنين ونحو نصف هذا الكتاب شعر هو في مدح ورثاء وشكر وذم الذين جاء ذكرهم في الكتاب المذكور وأكثره في الوزير داود ونثر الكتاب كله مسجع على عادة كتاب القرون الوسطى وهي من أقبح العادات وهو خط لم يطبع إلى الآن ومنه في بغداد نسختان واحدة في المكتبة المرجانية وأظنها مكتوبة في أيام المؤلف وبخطه والأخرى في مكتبة الأباء الكرمليين وقد نقلت على الأولى بقلم إبراهيم أفندي بن عبد الغني الدروبي وكلتاهما بخط جلي صحيح وقد اختصره بعضهم فطبعه على الحجر وخطه أمين بن حسن الحلواني المدني وطبع هذا المختصر في بمبي في المطبعة الحسينية سنة 1304 في 63 صفحة بقطع الربع. ومن كتب الشيخ عثمان كتاب (سبائك العسجد في أخبار أحمد نجل رزق الأسعد) وهو في ترجمة حياة الشيخ أحمد المذكور من يوم مولده إلى مماته كما قاله مؤلفه بعد مقدمة نثرية وشعرية في المترجم قال في صفحة 13: (. . . وحين قضى لسان حاله من نعت بعض أحواله صمم العزم على ما قصد. . . من إنشاء ترجمته وذكر أحواله من مولده لموتته. . .). اهـ. وقد ترجم فيه أيضاً أحوال الرجال الذين جالسوا المترجم وصحبوه وخدموه وكاتبوه وعرفهم وعرفوه من أعيان البصرة ومشايخ الزبارة والبحرين والكويت وبعض أعيان نجد والبلاد العراقية وذكر فيه أيضاً القرى والبلاد التي قطنها المترجم وتاريخها فهو ككتاب مطالع السعود السالف الذكر إلا أنه خال من ذكر الحوادث والوقائع لا غير. والكتاب نصفه نثر ونصفه نظم ونثره سجع على نهج يورث القارئ الملل والسأم لأول نظرة ينظرها فيه وقد ذيله بذكر تراجم أولاد الشيخ أحمد المترجم فبلغ عدد المترجمين فيه 42 فاضلاً وهو مطبوع في مطبعة البيان ببمبي سنة 1315هـ في 117 صفحة بقطع الربع.

ومن مؤلفاته نظم قواعد الإعراب ونظم الأزهرية ونظم مغنى اللبيب ومنظومة في العقائد سماها: (هادي السعيد) ضمنها جوهرة التوحيد وزاد عليها، ونظم النخبة في أصول الحديث وله منظومات في علم الحساب ومنظومة في فقه السادة المالكية وله الصارم القرضاب في نحر من سب الأصحاب نظماً في نحو ألفي بيت وهو رد علي دعبل الخزاعي الموفى سنة 246هـ - 860 م. 4 - شعره وأفول شمسه كان الشيخ عثمان من المكثرين في النظم والمطيلين فيه فقد تبلغ القصيدة من نظمه مائتي بيت وفي بعض أشعاره ركة وفي بعضها رقة وجزالة وهذه قليلة ومنها وقد ضمنها كتابه (نيل السعود) قوله في ذم الدهر: شكوت فما أشكاني الدهر إنني ... لفي حيرة من ريبه وصروفه كأني قرن للزمان محارب ... إذا رمت سلماً سل حمر سيوفه سقى كل ذي جهل بكأس حياته ... وذا العلم ارواه بكأس حتوفه فلا تك بدراً كاملا في ضيائه ... إذا تم بدر حان وقت كسوفه وله أيضاً في ذم الدهر وقد ضمنها كتابه المذكور: كلما قلت إن دهري يصفو ... ورياح المنى بصفوى تهفو كدر الدهر بالخطوب اللواتي ... لم يذق لي من قدحها الغمض طرف فكأني من اعتلالي فعل ... يعمل النصب فيه والجزم حرف رقعتي أن يقال هذا أديب ... جاع بطناً وفيه ظرف ولطف وله أرجوزة جمع فيها أقسام الحديث قال بعد البسملة والحمدلة والصلاة: هذا وما إلى نبينا انتهى ... من سنن في الاصطلاح قستها لمتواترٍ وللمشهور ... صحيحها والحسن المأثور وصالح مضعف ضعيف ... مسندٍ المرفوع والموقوف مؤتمنٍ معاقٍ مدلس ... ومدرج عالٍ ونازل قس مسلسلٍ غريبٍ العزيز مع ... معانٍ فردٍ وما شذ أتبع متقلبٍ مديح مصحف ... وناسخٍ منسوخٍ المختلف دونكما على اختصار مجمله ... لكنها بديعة مكمله وله من أبيات كتب بها إلى الوزير داود باشا وهي من باب الجناس:

الشيخ السكير

صلوا صبكم إن الهوى قاتل له ... ومنوا عليه بالوصال لكم منا واسقوه من صهباء تقريبكم له ... مثلثة تحكي مذاقتها منا ومنوا بتكليم له حالة الرضا ... ليرجع بالمن الذي لم يشب منا إلى غير ذلك من أشعاره الكثيرة. وقد توفى كما هو مذكور في ظهر كتابه سبائك العسجد في بغداد سنة 1242هـ - 1826م ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي قرب مرقد زبيدة زوج الرشيد وقد قرأت في بعض المجاميع أنه توفى في سنة 1240هـ وقال مختصر كتابه مطالع السعود توفى سنة 1250هـ وهما خلاف والأول أصح كما تقدم من تاريخ تصنيف كتابه مطالع السعود ولو كان على زعم الأخير لأتم سيرة الوزير داود وأتى بذكر بقية أيامه ولما ترك تصنيفه هذا ناقصاً والله اعلم. كاظم الدجيلي الشيخ السكير قطعت من عمرك جل الطريق ... بمعصيات الله هلا تفيق تثنيك عن نهج النهى خمرة ... كما انثنى عطف القوام الرشيق خدر أعصابك خمر الهوى ... فرحت منه في سبات عميق ولهان عن غيك لا تنثني ... سكران لا تسمع نصح الصديق هوت بك النفس ولم تعصها ... إلى مكان من هواها سحيق نبذت ما قد يرتضيه الحجي ... واخترت من جهلك مالا يليق رفيقك الجهل وكأس الطلا ... فبئس ما اخترت وبئس الرفيق إلى م والعمر انقضى جله ... وأنت لا تصحو ولا تستفيق يكفيك تجديد المعاصي هوىً ... يا أيها الشيخ بحمرٍ عتيق حسبك شيباً قد بدا منذراً ... أن واسع العمر غدا في مضيق يا ويح شيخ قد قضى عمره ... وهو في بحر المعاصي غريق يلقى الذي يرشده عابساً ... وذا الغوايات بوجه طليق تباً له من بغنٍ مدمن ... زاغ ضلالاً عن سواء الطريق إبراهيم منيب الباجه جي

لواء السليمانية 1 - مدخل البحث لما كنت مغرماً بالبحث عن آثار بلادي وأحوالها، وما بلغته في سابق الأزمان، من الرقي والتقدم والعمران، مما جعل الأجانب يتحملون المشقات، ويبذلون الألوف من الليرات، فيأتون من بلاد نائية، وربوع قاسية، لرؤية ما أبقاه لنا أسلافنا من الآثار، والوقوف على ما كانت وصلت إليه تلك الربوع والديار، من التقدم المادي والأدبي، رأيت أن أسطر هنا مجمل ما علمته عن لواء السليمانية، الذي كان سابقاً مهبط الأمم الكبيرة، ومقر الأقوام التي شادت صروح العلم، وأعلت شأن الآداب، وما فيه اليوم من الآثار، والأبنية الفخمة، التي لم يبق منها سوى أطلال دارسة، وآثار مندثرة، تنطق بعظمة بانيها، ومدنية قدماء ساكنيها، بل أريد أن أبحث عما فيه من المعادن والمناجم الطبيعية، التي لو بذلت الهمة في استخراجها من بطون الأرض، لعادت على هذه الأمة التي تشكو الفقر المدقع، في بلاد هي أغنى بلاد الله، بمال وفير، وخير كثير، ورفاه وسعادة. وليعلم القابضون على زمام الملك إن هذه البلاد لا ينقصها شيء سوى الأقدام والثبات والتساهل مع أغنياء البلاد على استثمار مناجم بلادهم، وتخفيف وطأة الرسوم التي تضربها على المنقبين والضامنين للمناجم المعدنية. خذ مثالاً على ذلك (حمام العليل أو حمام علي) بجوار الموصل ذلك الحمام الذي اتفق الأطباء المهرة، من أجانب، ووطنيين، وسياح وآثريين، على أنه لا نظير له في العالم، وهو يفوق كثيراً حمامات (مارينباد) في النمسا التي تقصدها، من كل فج وصقع الملوك، والقياصرة، والنظار، والأعيان والأغنياء من كل أمة وملة، للاستحمام به وقضاء عطلة الصيف فيه، فلو أن الحكومة اتخذت الوسائل المطلوبة، للاعتناء به، وتنظيمه على النحو ما هو جار في أوروبا لدر على الخزينة الذهب الوهاج، ولحصل الشعب على فوائد كثيرة، منها هذه المياه التي هي أحسن ما جاء من نوعها، يستشفى بها أرباب الأمراض، والعاهات الجلدية، وكم من أمثال هذه الحمامات في سليمانية وأطرافها وفي غيرها، مهجورة، متروكة، وهي تستغيث من بوارها فلا تغاث.

2 - حدودها وتقسيماتها الإدارية السليمانية واقعة في كردستان العثمانية، وهي إحدى الألوية التابعة لولاية (الموصل) الشهيرة، مقحمة بين بلاد إيران شرقاً، وسنجق شهر زور غرباً وتبعد عن كركوك 73 ميلاً إلى شرقيها، وتقسم إدارياً إلى خمسة أقضية وإحدى عشرة ناحية 353 قرية على الوجه الآتي: الأقضية النواحي القرى 1 - السليمانية (مركز القضاء): سراشيز شرق، سراشيز غرب، قره طاغ، بلغ وادا 104 قرى 2 - بازيان: سنكاس - كلك سيوكا 54 قرية 3 - كل انبار: قزلجا - سروجيك 95 قرية 4 - شهر بازار: موات 40 قرية 5 - مرغا أو (معمورة الميد): يشتر - سور طاش 60 قرية المجموع 353 قرية وسيأتي البحث عن كل من هذه الأقضية مفصلاً كما ستراه. 3 - عدد سكانها وأخلاقهم يبلغ عدد سكان لواء السليمانية 51. 600 نسمة موزعة في الأقضية الخمسة وفي 353 قرية، فسكان السليمانية بما فيها من النواحي والقرى 26. 000 وقضاء بازيان بما فيه من النواحي والقرى 5. 400 نسمة وكل انبار 7000 نسمة. وشهر بازار 6. 600 ومرغا 6. 600 فالمجموع 51. 600 وأما من جهة العناصر والأديان والملل فالعدد 51. 600 مقسوم تقريباً على هذا الوجه: 48. 600 مسلمون 900 نصارى و2. 100 يهود. وأما أخلاق سكانها فحسنة وهم معروفون باللطف وطيب المعاشرة، يلتذ الإنسان بمحادثتهم، ومسامرتهم، وأكثرهم خليط من الأكراد المختلفة النسب والمشرب. والعرب هناك قليلون وهؤلاء أتوا للتجارة والأمتيار. 4 - قضاء السليمانية وأحواله يشتمل مركز هذا القضاء على 4 نواح و104 قرى، وقصبة (سليمانية) وهي مركز المتصرف، وله مجلس إدارة على طريقة سائر الولايات، وفي القصبة مفتٍ، وقاضٍ، وجاب، وحاسب، ومدير برق، وآخر للديون العمومية ولحصر التبغ، وموظفون للضرائب، على اختلاف درجاتهم، وطبيب محجر (كرنتينة). وفيه محكمتا استئناف وكلتاهما في السليمانية، الأولى مدنية، والثانية

جنائية، ويساعد رئيسيهما نائب مدعي العموم، ومستنطق، وتدبر أمور المدينة دائرة البلدية، ويتألف أعضاؤها من السكان بالانتخاب، على نوع ما تفعله سائر الولايات والألوية. وحامية سليمانية، تتألف من الطابور الأول والثاني من الالاي 46، والجندرمة (والمبذرقة) الموجودة هناك هي عبارة عن بلوكين بلوك (فرقة) راجلة وبلوك راكبة وهما عبارة عن 16 ضابطاً و50 خيالاً و80 راجلاً، وعدد سكان هذه المدينة 26 ألف نسمة منهم 24. 825 مسلماً كردياً و175 نصرانياً كلدانياً و1. 000 يهودي. 5 - خطورة تجارتها وعمرانها سليمانية ذات مركز تجاري خطير، وليس في كردستان العثمانية بلدة تماثلها بكثرة الحاصلات وسعة التجارة، وخطورة المركز، لأنه مقام وحيد لتردد القوافل التجارية إليها، تلك القوافل الواردة من العراق والذاهبة إلى طهران وكردستان، ولا أغالي إذا قلت إنها بمنزلة مخزن التجارة بين تركيا وإيران. ومن صادراتها الغنية الكثيرة، وتنقل إليها من إيران، عدا ما فيها من تجارة التبغ الواسعة وغناها منها. وهي تحتوي على 5 آلاف دار تقريباً وعلى ما يزيد عن 500 حانوت و7 حمامات، وجملة مدابغ، وعلى أكثر من 20 مدرسة ابتدائية، وفيها مدرستان إعداديتان إحداهما ملكية، والأخرى عسكرية، أنشأتهما الحكومة في هذا العهد الأخير، حرصاً على تمدين أهلها الذين لا يزال أكثرهم حتى الآن في دور الجهل، وليس لنصارها ويهودييها مدرسة. أما المباني العمومية ففيها 40 جامعاً وكنيسة كلدانية صغيرة، وكنيس صغير لليهود، وفيها دار كبير للحكومة رصينة مبنية بالصخر أو الحجر الصلد على نوع ما عليه البلاد الشديدة البرد، وهناك ثكنة يقيم فيها جند الحكومة وضباطها. 6 - لغاتها وصنائعها ومناخها ووصفها اللغة المستعملة فيها هي الكردية، وهي وإن كانت لغة أهلها، فإنهم يتقنون أيضاً العربية، وأكثرهم متضلعون منها، حتى ظهر منهم علماء أعلام وكتاب، وشعراء، ولغويون، وفقهاء وقد تدرج منهم إلى المناصب الرفيعة جماعة في خدمة الدولة، والبعض أحرزوا ملكة الإنشاء، والبلاغة، والفصاحة،

والتكلم بعدة لغات أجنبية كالفرنسوية والفارسية، والتركية. وهذه اللغة الأخيرة يتكلم بها موظفو الحكومة، وسائر أصحاب الدواوين، إلا إن اللغة العربية أكثر اللغات هناك شيوعاً وانتشاراً بعد اللغة التركية. أما صنائعها فخاملة لا تكاد تذكر، إلا أن بعضها نجحت بعض النجاح في سليمانية لا سيما نساجة الأصواف والدباغة، والصياغة، وصناعة البنادق المرغوبة في هذا السنجق، وفي شهر زور وكركوك. وأما مناخها فموافق للصحة، والهواء في موسم الشتاء بارد جداً، وفي الصيف معتدل لطيف، ويكثر في فصل الشتاء تساقط الثلوج حتى إنك ترى أكثر جبالها في ذلك الوقت قد لبست حلة بيضاء. وهي مشهورة بعذوبة مائها واعتدال مناخها، وخصب تربتها، وكل بيوت المدينة مبنية بالطين كبيوت اغلب القرى، وموقعها حسن طيب، والمياه تجري فيها دافقة، ولهذا يرى بجانب كل بيت حديقة صغيرة، فيها أشجار مثمرة، وحوض في الوسط، يتجدد ماؤه في كل ليلة، والماء الذي يغزر في سليمانية يأتي بطريقة فنية صناعية غريبة بديعة خاصة بذلك القطر، وبديار أربيل وكركوك، وهذه الطريقة متوقفة على أن يحفر عدد من الآبار، يتصل بعضها ببعض من قعرها، فيصب الواحد في الأخر، ويجتمع هناك كمية وافرة، تساوي كمية نهير وهو ما يسمونه عندهم بالكاريز. 8 - حاصلاتها وخيراتها جميع أهل تلك الديار مولعون بالزراعة والفلاحة ورعاية المواشي وبساتينهم وكرومهم تدل على همتهم ونشاطهم وإقدامهم؛ إلا أن الزراعة عندهم لا تزال على الطريقة القديمة. التي لاحظ لها من العلم في شيء. وآلاتهم التي يستعملونها لحراثة أرضهم من أخس الأدوات إذ هي أيضاً لا تزال على العادة القديمة. ولو كان لديهم آلات وأدوات زراعية حديثة. ولهم علم وخبرة بالأصول المتبعة في البلاد المتمدنة لأصبحت من أغنى أراضي الدولة العثمانية. ومع هذا كله فإن كثرة غلاتها مما يباهي بل ويفتخر بها. ومن حاصلاتها السهلية المشهورة الحنطة والشعير والأرز وزراعة التبغ عندهم متقدمة جداً وصادراتها منه وفيرة تقدر بعشرين ألف ليرة. يرسل نصفها إلى بغداد عن طريق كركوك واربيل. وحاصلاتها الجبلية هي العنب والليمون والرمان والتين والفستق.

ويقدر العارفون ما يخرج منها من هذا النوع الأخير بألفي ليرة كمية وافرة. هذا عدا ما يصرف منه في البلدة نفسها. ومن محصولاتها الجوز وقد اشتهر هذا الجنس بلطافة قشوره حتى أن الطفل ليكاد يكسر الجوزة بيده من دون أن يحتاج إلى الحجر يستعين به على كسرها. وأهم صادراتها الشهد الذي لا نظير له في الدنيا. وهم يعملون للنحل خلايا (كواثر) وفي موسم الشتاء يشتغل الناس بجمعه على طريقة فنية. وأصول غريبة معروفة عندهم. 8 - جبالها ومنظرها أرض السليمانية جبلية. والجبال محيطة بجميع جهاتها. وهي عبارة عن سلاسل متصلات بعضها ببعض ولا يزيد ارتفاعها على ألف متر. ويعلوها الثلوج على الدوام. وفي أيام الشتاء عند اشتداد حرارة الصيف يسيل ماء الثلج من على الجبال فيهدم الدور ويتلف المزروعات. ويحصل من جراء ذلك أضرار في النفوس والقرى والبساتين لعدم اتخاذ الحكومة الوسائل الناجعة لوقاية أهل البلاد من هذه المصائب التي تتوالى عليهم كل حين التي منها ما جرى سنة 1327هـ عند انحدار المياه من شواهق الجبال. فإنها دمرت أكثر من ثمانين داراً وأخرجت عدة بساتين وقرى. وبقيت عدة أسر من أرباب الغنى تتضور جوعاً وتطلب الصدقات دع عنك الأضرار في النفوس. وصقع السليمانية مشهور بحسن منظره الطبيعي. ومواقعه الجبلية التي تأخذ بمجامع القلوب فهو يمتد بين سلسلتين من الجبال. وإذا أتيت سليمانية وأنت قادم من كركوك تتجلى لك في وسط أشجار خضراء ومروج غناء. كأنها بيضة في روضة. 9 - عقائد السكان وآدابهم سكان سليمانية المسلمون كلهم شديدو التمسك بالطريقة النقشبندية (وهي طريقة الشيخ خالد النقشبندي). وبالقادرية (نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلي) وهم أخذوا هذه الطريقة عن الشيخ أحمد كاكا. ولهاتين الطريقتين عندهم قوانين ونظامات وآداب لا يتعدونها. وزعماء يتوارثون الرئاسة فيها على أصول متبعة عندهم فيديرون شؤون تكاياهم وزواياهم على حد ما تدار مثل هذه الزوايا لتلك الطرائق في مصر وأواسط بلاد أفريقية. أما آدابهم فهي لا تختلف كثيراً عن آداب سائر الكرد، وفيهم شيء من

التعصب المذموم، وكثيراً ما كانوا يضطهدون وطنييهم من سائر الملل، ولذلك ترى النصارى هناك قليلين، ولهؤلاء قسيس واحد يرجع إلى مطران يقيم في (سنا) من بلاد إيران على بعد 7 أيام من سليمانية، وليس فيه ما يجعله من رؤساء الأديان المعدودين، المدافعين عن رعاياهم. هذا فضلاً عن إن الفرمان الذي بيده هو من الشاه لا من السلطان ولهذا لا يجل إجلالاً عظيماً عند موظفي الدولة. 10 - تاريخها ووصفها المجمل كانت أرض سليمانية في سابق العهد من مملكة آشور، وأما اليوم فلا شان لها يذكر، بالنظر إلى ما توالت عليها من الرزايا، والبلايا، فذهب منها ذلك العز والسؤدد، وانطمست تلك المعالم، واندثرت هاتيك الأمم، وصارت كاهس الدابر، وسليمانية نفسها ليست بقديمة ولهذا لا ترى في المدينة مباني قديمة تدل على قدمها ويقال إن منشئها سليمان باشا البابان قد بناها سنة 1788م. وهي واقعة على مقربة من خرائب (شاربازير) أو (شهر بازير) القديمة، وقد كانت في بادئ الأمر صغيرة حقيرة، فلم تزل في نشوء وتقدم، ونمو، حتى بلغت درجة عنيت بها الحكومة، وجعلتها متصرفية. 1 - قضاء بازيان في هذا القضاء ناحيتان وعدد سكانه 5. 400 نسمة، وفيه قيم مقام، يعينه مجلس إداري وقاضٍ، وجاب، ومحاسب، وفي قصبة القضاء محكمة استئناف وضابط جندرمة (مبذرقة). وقصبة قضاء بازريان هي جمجمال وهي واقعة على حدوده من جهة كركوك، وهي قريبة من دربند، ودربند هذا جبل صغير منقوب لم تنقبه يد إنسان، ويجتازه أصحاب القوافل، وفي هذه القرية دار حكومة عامرة، وثكنة، وجامع ومحل للبرق. والهماوند يقيمون في قضاء بازيان الواقعة بين شهر زور، وسليمانية في سهل خصب لكن غير مزروع، والهماوند عشيرة من الأكراد شأنها السلب والنهب، وطالما شقت عصا الطاعة على الحكومة، فسيرت هذه عليهم الجنود فيدحرونها وتدحرهم، وهم أولو بأس شديد، وشجاعة خارقة للعادة.

12 - قضاء كل انبار كانت كل انبار في أول الأمر قصراً بناه سلطان ال عثمان سليمان الكبير حينما أتى لفتح بغداد، ليكون قصراً للباشوات الأتراك، وفي بدء القرن السابع عشر أخربه الشاه عباس عند فتحه تلك الأنحاء وانتصاره على جيوش الدولة، إلا إنه بعد 20 سنة أي في سنة 1630م كان الصدر الأعظم للسلطان مراد الثاني معسكراً في شهرزور مع جماعة من جلسائه فقال لو لم يكن هذا القصر في هذا الموضع مفيداً للدولة من الوجهة العسكرية لما بناه السلطان سليمان ولو لم يكن مضراً بالأعداء لما أخربه الشاه عباس ولهذا يجب إعادة بنائه؛ وبعد أن قال هذا بناه في سبعة أسابيع، وبعد ذلك أقيمت وبنيت حوله البيوت فتألقت بمدة قصيرة بلدة عامرة حصينة. وفي هذا القضاء ناحيتان و95 قرية، ويبلغ عدد سكانه كلهم 7. 000 نسمة تقريباً، وقصبة هذا القضاء (هليجا) ويقيم فيها الباشا وهو رئيس قبيلة كردية كبيرة اسمها (الجاف) ويبلغ سكان هذه البليدة 3000 نسمة، ثلثهم يهود والثلثان الآخران مسلمون، وحاصلات هذا القضاء مهمة وهو غني بخيراته والتجارة فيه واسعة، ويعتني اغلب سكانه بتربية الماشية والمتاجرة بأصوافها، ولهم دراية عظيمة بزرع التبغ. 13 - قضاء شهر بازار في هذا القضاء ناحية واحدة و40 قرية، وسكانه 6600 نسمة، وقصبته المهمة هي (شيوكل) (بكسر الشين وضم الياء ضماً خفيفاً بعدها واو يليها كاف مضمومة وفي الأخر لام) وهي جليلة بحاصلاتها كالتبغ والارز والعنب والكثيراء، وعدد سكانها 1. 500 نسمة كلهم مسلمون ولهم جامع واحد، وهذا القضاء خامل الذكر، والذي يعرف من أهاليه إنهم يعنون بزراعة الكرم والأرز والتبغ والأشجار المثمرة. 14 - قضاء مرغا أو مركا مرغا كلمة أرامية معناها (المرج) ومنها اسمها بالعربية سابقاً (مرج الموصل) لقربها من الحدباء وقد اشتهر فيها رجال علماء قبل الإسلام وبعده، وقد

جاء في ياقوت ما نصه: مرج الموصل ويعرف بمرج أبي عبيدة عن جانبها الشرقي موضع بين الجبال في منخفض من الأرض شبيه بالغور، فيه مروج وقرى، ولاية حسنة واسعة على جبال وقلاع. . . ينسب إليها أبو القاسم نصر بن أحمد بن محمد الخليل المرجى سكن بعض آبائه الموصل وولد أبو القاسم بها يروى عن ابي يعلي الموصلي وغيره، روى عنه جماعة أخرهم أحمد بن عبد الباقي بن طوق اه. ومن نصارها عبد يشوع الأسقف. وفي هذا القضاء ناحيتان و60 قرية وسكانه يقدرون بما يزيد عن 6600 نسمة كلهم مسلمون. واغلب سكانه يعتنون بتربية النحل واستخراج العسل وهم ماهرون بهذه الصناعة النفيسة، واغلب حاصلاته جبلية من أحسن ما يكون من جنسها، وفيه أراض كثيرة خصبة موافقة لزرع أنواع الأشجار المثمرة، واغلب سكانه من قبيلة الهماوند، وهم الذين كانوا السبب لتأخير هذا القضاء وانحطاطه، ولذلك ترى إلى الآن البعض منهم يقلقون راحة الزراعين ويسلبونهم حاصلاتهم. 15 - الآثار في ديار سليمانية قلنا في المقدمة إن في السليمانية آثاراً كثيرة تدل على عظمتها السالفة، وعزها الباذخ. وهنا نذكر طرفا من هاتيك الآثار مما وصل إليه تنقيبنا وبحثنا فنقول: على مقربة من سليمانية اخربة (شاربازير أو شهر بازير) القديمة المعروفة عند مؤرخي الإفرنج باسم (سيازوروس - وكانت عاصمة بلاد الكرد في العهد العهيد، وكانت قد سميت (على ما يرويه لنا التاريخ القديم) أولاً باسم (شهر فيروز) باسم بانيها قباذ بن فيروز من الدولة الساسانية، وفي أقصى المضيق الذي تحرسه (شهر باريز) كانت مغارة مفتوحة باسم معناه: مغارة الحارة الزرقاء: وبين يدي هذه المغارة على صخرة قائمة كانت قلعة حصينة، مبنية بالصخر ذات سبعة أبراج فيها آلات الحصار القديمة تعرف باسم (سليم علي قلعة سي) وهي اليوم أنقاض لم يبق منها إلا بقايا دوارس تدل على وجودها. وكان يرى قريباً من المدينة طاق خرب يقال إن جثة الإسكندر الكبير دفنت فيه قبل أن تنقل إلى الإسكندرية، والآن لا يبلغ إليها أحد. وكان قد ذهب إلى سليمانية منذ مدة عدة من السياح الأوربيين لمشاهدة هاتيك الأنقاض وتلك الخرائب، وللتفتيش على بعض كتابات ورقم علهم

تصرف العرب في الألفاظ الأعجمية

يعثرون على شيء يخدمون به التاريخ، ويكشفون الستار عن تاريخ هذه البلاد الغامض الذي لم يعرف الباحثون منه إلا نزراً يسيراً لا يفي بالمقصود ولا يشفي غليلاً، فعثروا هناك على آثار قديمة وصخور عليها إشارات وكتابات غريبة يرجع تاريخها إلى عهد الآشوريين، سكان تلك البلاد الأقدمين، وبعض تصاوير ورسوم تفيد التاريخ فائدة كبرى، وقد بعثوا بكثير منها إلى دور التحف في أمهات العواصم الأوربية. فعسى إن اللجان العلمية في أوربا تستنطق تلك الآثار. وتحل تلك الرموز والإشارات. فتحدثنا عن تاريخ تلك البلاد بالنبأ الصحيح. إبراهيم حلمي تصرف العرب في الألفاظ الأعجمية 1 - تمهيد خالط العرب العجم منذ أقدم العصور وإن أنكر هذه الحقيقة بعض ضعفاء الكتاب. لأن التاريخ يشهد على ذلك شهادةً لا ريب فيها ولأن اللغة العربية تؤيدها. بيد أن هذا الاختلاط زاد زيادة عظيمة منذ انتشار الإسلام في العالم فكثر الدخيل في لسانهم وفشت اللغة الفاسدة بين المتكلمين فشواً خيف منه سوء العقبى ولكن لما سهلت المطابع نشر المطبوعات والمؤلفات والجرائد أخذ اللفظ الفصيح يصارع القبيح حتى أصبحنا اليوم في مأمن من قتل هذا ذاك. وقد جرى العرب في نقل الألفاظ الأعجمية على طريقة تكاد تكون قياسية في اغلب الأحيان ولهذا وضع اللغويون قواعد يجري عليها المعربون فكان في ذلك نفع عظيم لكي لا يعبث بعضهم في الألفاظ الدخيلة ويفسدها إفساداً لا يهتدي إليها. ومع ذلك فقد جاءت ألفاظ كثيرة يصعب اليوم معرفة أصلها لكثرة ما أصابها من التشويه والتصحيف والتحريف وقد يبلغ تصحيف اللفظة الواحدة إلى عشر صور مختلفة أو عشر لغات وقد يتجاوز هذا العدد حتى لا يعرف على التحقيق وفي جميع كل تلك الحالات لا ترى أثراً للجري على الخطة التي وضعوها إذ يخالفون فيها ضوابط الأقدمين وأقوال المستشرقين الذين يظنون هم أيضاً أن العرب وضعت طرقاً مطروقة لم يخرجوا عنها وقد جمعنا من الألفاظ المشوهة شيئاً كثيراً خالفوا فيها النهج المألوف. من ذلك الكلمة الآتية:

2 - طرخشقون 1 - طرخشقون تعريب اليونانية ويراد به نوع من الهندباء البري يعرفه أعراب العراق باسم (هندبة البر أو اليعضيد) وبالإنكليزية وبلسان العلماء يخرج من ساقه عصارة كالحليب يقال إنها طاردة للحمى ومنقية للدم ومن ذلك اسمه طرخشقون المشتقة من اليونانية أي حرك. وهذا النبات أشهر من أن يذكر. وهذه اللفظة على هذه الصورة هي بفتح الطاء والراء وسكون الخاء المعجمة وفتح الشين المثلثة وضم القاف وسكون الواو وفي الأخر نون وهي الأصلية وأم سائر اللغات وقد وردت في كتاب مفردات ابن البيطار المطبوعة والخطية وقد صحفها العرب بصور كثيرة غريبة منها: 2 - طرخشقوق بإبدال النون الأخيرة قافاً وإبقاء الضبط على حاله. وقد وردت في مفردات ابن البيطار المطبوعة وفي كثير من المؤلفات الطبية. 3 - طرخشقوق بفتح فسكون على الترتيب إلى آخر الكلمة. وقد وردت بهذا الضبط في لسان العرب في مادة عضد. 4 - طرخجقوق وردت في لسان العرب أيضاً مضبوطة كالضبط السابق لكن بإبدال الشين جيماً وقد وردت هاتان اللفظتان في تاج العروس أيضاً وفي التهذيب وفي كتاب النبات لأبي حنيفة الدينوري في كلامهم عن اليعضيد. 5 - طلخشقوق مضبوطة ضبط طرخشقوق 2ً لكن بإبدال الراء لاماً وقد وردت في كتاب مفاتيح العلوم للخوارزمي ص 176 وكذلك في معجم دوزي. 6 - طلشقوق مضبوطة بفتح الطاء وسكون اللام وفتح الشين المعجمة وضم القاف وسكون الواو وفي الأخر قاف. وقد وردت في عدة نسخ خطية من كتاب مفاتيح العلوم المذكور وفي حاشية الصفحة المذكورة من النسخة المطبوعة في ليدن. 7 - طرشقوق مضبوطة كالسابق بإبدال اللام راء. وقد جاءت في كتاب مفردات ابن البيطار المطبوعة في مصر بالمطبعة العامرة 3: 102 قال: طرخشقوق وطرشقوق وهو الهندبا البري وكذلك في منهاج الدكان المطبوع في مصر ص 132 8 - بلخشكوك. وردت هكذا مصفحة في ابن البيطار من الطبعة المصرية 4: 200

9 - تلخشكوك. هي الرواية الصحيحة في طلخشقوق إلا أن الأولى مرفقة الحروف والثانية مفخمتها. 10 - بلحسلوك. وهي تصحيف قبيح للكلمة السابقة وقد وردت في مفردات ابن البيطار المطبوع في باريس في نحو آخر العدد 2263. 11 - طرخشقوقي. وردت في تذكرة داود الأنطاكي طبع الشيخ محمد علي المليجي في مصر 1: 274 في مادة هندبا. 12 - طرحشقوق. وردت في الكتاب المذكور 1: 189 وفي نسخة قديمة عندنا من كتاب مفردات وتذكرة داود وفي شرح الألفاظ العربي الموجودة في كتاب منافع الأغذية ودفع مضارها ص 6 وفي ضمن الكتاب نفسه في عدة مواطن. 13 - طرحشقوق. في تذكرة داود الخطية القديمة الموجودة عندنا في مادة هندبا في ظهر الورقة 277. 14 - طلحشقوق. وردت في قانون ابن سينا المطبوع في رومة وفي مصر في الفصل التاسع في الكتاب الثاني في مادة الأدوية المفردة. 15 - طرخشقون. بفتح وسكون على التتابع إلى آخر الكلمة. هكذا ضبطها فرنسيس جونصن في معجمه الكبير الفارسي العربي الإنكليزي المطبوع في لندن سنة 1852 ص 815 وقال إنها فارسية الأصل. 16 - طرشقون. وردت في عدة نسخ خطية من منهاج الدكان وكتاب منافع الأغذية وتذكرة داود وغيرها. 17 - تلخ جكوك. هي مثل تلخشكوك. ذكرها صاحب هفت قلزم. 18 - تلخ جكوك. بجيم مثلثة فارسية في الأول وكاف مثلثة فارسية في الآخر ذكرها فرهك الشعوري. 19 - تلخ جكوك. هي مثل السابقة إلا أن الكاف الأخيرة كاف عربية لا فارسية مثلثة. ذكرها صاحب شمس اللغات. 20 - تلخ جوك. بجيم عربية وواو وكاف عربية. ذكرها صاحب برهان قاطع. 21 - طرخشم. وردت في بعض نسخ تذكرة داود الخطية القديمة وذكرها أيضاً دوزي وبابن سميث.

رؤية أدبية

22 - طليخم. وردت في معجم بربهلول السرياني العربي وفي الملحق بالمعاجم العربية دوزي وكلاهما نقلها عن العرب. 23 - طركسينا. وردت في نسختين خطيتين من كتاب مفردات ابن البيطار وهي ولا شك مأخوذة من السريانية بلفظها ولعل السريانية ومعناها مأكول أي كل (ما يؤكل) وقد ذكرها بابن سميث. ثم خصت بهذه البقلة. 24 - طركسيما. كالسابقة وقد ذكرها بابن سميث وأصلها سرياني يوناني. 25 - طرسيما. بحذف الكاف. وقد جاءت في معجم بابن سميث وأصلها كأصل السابقة. 26 - طرقسيما. وردت في بعض النسخ وذكرها بابن سميث وغيره من اللغويين العارفين بالسريانية والعربية في انطوبيا. 27 - طرخسقوس. وردت في بعض نسخ المعاجم الفارسية العربية الموجودة عندنا. 28 - طرسقوس. كذلك وفي إبدال أحمد بن خالد المعروف بابن الجزار. 29 - طرحشقون. كذلك وفي كتاب إبدال الزهراوي. 30 - طلحشوش. وردت في ص 135 من كتاب الكنز العربي السرياني اللاتيني تأليف الأب توما النوفاري من رهبانية الأصغرين المطبوع في رومية سنة 1636. وإذا أضفت إلى هذه اللغات المختلفة الغريبة من مصحفة ومحرفة ومشوهة لغات الضبط لتضاعف القدر لأن اغلب هذه الأسماء وردت غير مضبوطة في الكتب الطبية أو النباتية. - وقد جاءت ألفاظ كثيرة وقع فيها مثل هذا التصحيف الشنيع لكن لغاتها لم تبلغ هذا المبلغ. وإنما أوردنا ما أوردناه ليكون بمنزلة المثال يقاس عليه ما كان من هذا الباب ولا يقولن امرؤ أن العرب جرت (دائماً) على طريقة واحدة في تعريب الألفاظ الدخيلة إذ قد وقع لهم ما يخالف قواعدهم التي وضعوها. وليس العرب وحدهم يفعلون هذا الفعل بل الأعاجم أيضاً وهو أشهر من أن يذكر. رؤية أدبية أرقت ذات ليلة أرقاً شديداً كاد يضر بجسمي فتناولت أحد كتب الآداب

وشرعت أسرح طائر الطرف في أطرافه وصفحاته فاقتطف ما طاب لي من ثماره اللذيذة وفوائده الجليلة واكرع شيئاً لا يقدر من ينابيعه العذبة التي ترتاح إليها نفس كل فاضل أديب مشجون. . . وبقيت على تلك الحالة إلى أن حكم عليّ سلطان النوم فغمضت عيني فرأيت في الكرى كأني في فضاء واسع ليس له انتهاء وأنا أسير فيه سيراً حثيثاً واقطع ما فيه من الفيافي والقفار من وعرة وسهلة لا يأوي إليها إلا الوحوش. ثم وجدتني كأنني تحت جبل شاهق فرقيته حتى علوت ظهره فوجدت هناك غاراً فكمنت فيه منتظراً ما يفعل بي الدهر الخؤون. . . فبينما أنا أترقب تلك الساعة الهائلة إذ بصرت نقعاً عظيماً ثار من جوف الفلاة وما لبث أن اقشع فرأيت حيدراً وخيتعوراً وخنوصاً نتواثب حتى صارت عند أسفل الوتد وأنا أتتبعها بعيني لأرى نتيجة تواثبها. ولما أنهكها التعب واللغب أخذ الخنوص يتهكم من هذين الحيوانين كما يتهكم الجاهل من الرجل العاقل وهو يتهجم عليهما تارة من اليمين وطوراً من الشمال وهما يتذللان له خوفاً من جوره واعتسافه كما يتذلل المظلوم بين أيدي الظالمين. . . فلم تمض بضع دقائق إلا وساعدت التقادير ذلك الغشوم المارق أي الخنوص فوثب وثبة على الأسد وأذاقه كأس المنون بأن بقر بطنه بنابه الحاد. فلما رأى الخيتعور ما حل برفيقه المحبوب وما صار إليه وتحقق إنه قد صرع على الأرض يختبط بدمه أطرق هنيهة ثم رفع رأسه ونادى صارخاً بملء فيه: واحزناه واأسفاه عليك أيها الشجاع الباسل! واويلاه كيف خانك هذا اللعين ألفظ الطباع! وما قال هذه الكلمات إلا وتساقطت الدموع منحدرة من مآقيه كأنها الغيث من الجون. . . ولما رأى أن الأمر قد مضى وأن لا رجوع لرفيقه إلى الحياة دنا رويداً رويداً من القاتل الطاغي الباغي ثم وقف بازائه وشرع يخاطبه بكلام تقشعر له الجلود ويلين الجلمود. وهذا بعض ما حفظته: أيها المغرور بنفسك المعجب بقوتك وفعلك، إنك لقد فتكت فتكاً ذريعاً بسيدنا المبجل وفجعتنا بتلك الفاجعة المدلهمة. فوالله إنك لم تفعل فعلتك هذه الشنعاء إلا لتقبض على زمام الأمور وتستولي على مقام ذلك الغضنفر، ولكن يأبى الله أن يجعلك بدلاً منه لأنك من عنصر الأدنياء الأوغاد الغدارين. . .

ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي

فلما سمع الخنوص هذا الكلام وما ضاهاه وكله قارص أو جارح أخذ الحنق منه مأخذه وحاول أن يبطش به كما بطش بصاحبه القتيل ظلماً وزوراً فلم يفلح ساعتئذ وقال له: ويلك! إني لم آت ما أتيت إلا لأنال منصباً جليلاً. واستعبد قوماً ذليلاً. واذرهم من شدة سطوتي في سكرتهم يعمهون. . . أقول: فلما رأيت ذلك الموقف الهائل وما عمل الخبيث الكنود بالأسد الجليل اضطرمت النار في قلبي أي اضطرام. فوثبت حنقاً مغادراً الغار. لا اعي شيئاً من شدة ما تولاني من الغضب المستطار. قاصداً الدنو من الخنوص المستبد لأخذ منه ثار الضرغام. وبينما أنا أسير إليه إذا بصوت أيقظني من نومتي تلك والدموع تنحدر من عيني تحدر القطر من السحب من هول ما رأيت ومن شدة ما تأثرت منه ولما نظرت إلى ما حوالي وجدت الغزالة قد ارتفعت سافرة الوجه عالية الجبين فقلت إنا لله وإنا إليه راجعون. . . . ثم لما ثابت إلي نفسي وأنعمت النظر في حالتنا الاجتماعية التي نحن عليها فهمت إن ما رأيته في الخيال، هو تصوير ما يجري في عالم المثال. وتحقت إن ما وقعنا فيه من البلاء المبين. هو نتيجة ما سعينا إليه في ماضي السنين. ولكن (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. .). محمد فائق الكيلاني ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي يقولون لي (باريز) أرض مظلة ... فقلت بعدتم فهي سابغة الظل وكم قيل أرض فرقت جمع شملنا ... فقلت لهم هيهات بل مجمع الشمل أحن لها مثل (الحمامة) شاقها ... إلى الايك أفراخ تحن إلى الوصل فبي ما بها من لاعج الشوق والأسى ... وما حملت من لوعةٍ للجوى حملي فها هي تشجيني فاصفق في يدي ... وها أنا أصيبها فتفحص بالرجل لئن شاقها تذكار رملة عالج ... فما شاقني ذكر الاجيرع والرمل وما هاجني ذكر الأحبة عرسوا ... بذي الاثل يالا ابعد الله ذا الاثل أجل هاجني ذكر الترحل للتي ... يروق بها قولي ويسمو بها فعلي وما زلت في ذكرى لها كل ساعة ... أسير جوى بين الترحل والحل يذكرني يا (ورق) سجعك في الضحى ... على الايك من (باريز) مقصدي الأصلي

فأصبو إليها كلما مر ذكرها ... ببالي وكم يصبو لرؤيتها مثلي بلاد عليً شفت مخايل عزها ... وولت كما ذل الفرند على النصل ولعت بها طفلاً لأني وجدتها ... تغذى بألبان العلى فكرة الطفل كتمت الهوى جهدي فحرره الاسي ... بماء المآقي ذا يخط وذا يملي لعل الصبا يهدي إليها رسالة ... فقد تعبت ما بيننا السن الرسل وما شغفي بالآنسات وحسنها ... ولا بفتور اللحظ والأعين النجل ولا بالخدود الزاهرات ورودها ... ولا بالقدود المآئلات من الدل ولا بنحور زينتها قلائد ... ولا بابتسام الثغر والألسن الرتل ولكنني أصبو لذكرى أحبةٍ ... فلاسفة الأيام بالعقد والحل لئن قطنت أهلي العراق فإن لي ... (بباريز) أصحاباً أعز من الأهل وإن حرمت (باريز) قتل أخ الهوى ... فإن بلادي حللت في الهوى قتلي وإن قل في أرض العراق مساعدي ... أشد يدي منها بأذرعها الفتل فشتان ما بين العراق وبينها ... وبين أخ جهلٍ بري وأخ فضل خليلي لوما إن تشاءا أو اعذلا ... فلي إذن صما عن اللوم والعذل فكم صدني عن نيل ما رمت معشر ... يكلفني أن أقتل العمر بالجهل فبين صديق ليس يعرف غايتي ... وبين شقيق قد ألح عليّ مطلي إذا حكموا مالوا عليّ بحكمهم ... وإن عدلوا جاروا على سنة العدل لقد كنت قبل اليوم أحسب أخوتي ... كثيرين فيها غير ذي عدد قل فصرت وحيداً لا أرى قط واحداً ... يشاطرني وجدي ويسلك في سبلي فيا راكبي (ظهر القطار) بعدتم ... مدى وقربتم للمنى زمناً قبلي ففزتم بما نلتم على شقة النوى ... وخلفتم قلبي مراجله تغلى وكم من رجال راقهم ما شربتم ... على البعد في (باريز) علاً على نهل (يحثون للمغنى الذي أنتم به) ... ويصيبهم ذكر الأحبة والوصل

فوائد لغوية

وما الدهر أهل أن يرجى ابن عزه ... حياة امرئ أو موته لا على ذل يروم أصحابي البقاء لديهم ... ودون الذي راموا أبيح لهم قتلي وما أنا وحدي قد كلفت بحبها ... فكم واجد وجدي وكم عاشق مثلي فيا لائمي في حبها لي أسوة ... بقوم تناءوا عن مواطنهم قبلي يكلفني قومي اتصالا وما دروا ... بأن حياتي في التفرق والفصل فلست بباكٍ إن ترحلت عنهم ... وإن كان فيهم لحمتي وبهم أصلي وليس ثوائي سائغاً ببلادهم ... فليس مطيتي عندهم لا ولا رحلي وما طوق عليائي يجيد بلادهم ... ولا سكني فيهم ولا عندهم ابلي أقومي لأنتم في سبيلي عثرة ... فيا قدمي عن سبلهم رغبة زلي ويا كاتباً عني لصحبي مقالةً ... (ألم تر أن الدهر يكتب ما تملي) النجف: محمد باقر الشبيبي فوائد لغوية 1 - أم الرأس وأم العين أكثر بعض الكتاب في هذه الأيام من القول: رآه أو شاهده بأم رأسه ورآه أو شاهده بأم عينه وكل ذلك من قبيح الاستعمال ومن وضع الشيء في غر موضعه. لأن (أم الرأس) عند الفصحاء هي الدماغ أو الجلدة الرقيقة التي عليها. فيقال: ضربه على أم رأسه أو وقع على أم رأسه؛ لكن لا يقال: رآه أو شاهده بأم رأسه لأن الروية لا تنسب إلا إلى العين. ونسبتها إلى الدماغ لا يخلو من تكلف بعيد. وأما قولهم رآه بأم عينه أو شاهده بأم عينه فمن قبيح التصرف في الألفاظ. وإذا تمحلنا لها وجهاً قلنا: إن ألام في اللغة هي كل شيء انضمت إليه أشياء فتكون (أم العين) بمعنى المقلة أي شحمة العين التي تجمع البياض والسواد والتي يقال لها عندهم أيضاً (مخ العين). لكن أم العين لم تأت في كتبهم بمعنى المقلة أو الهانة أو الهناتة التي هي شحمة العين لأن جميع

أسئلة وأجوبة

الألفاظ التي وردت مبتدئة بأم ذكرها صاحب كتاب المرصع وليس فيها هذه اللفظة. وذكر كثيراً منها صاحب المزهر وليس فيها أيضاً هذه الكلمة. 2 - لا يقال: يجب على الأقل أن تفعله أو لا تفعله استعمال (على الأقل) من التعبير الإفرنجي. وقد وردت في كلام أعاظم الكتاب وأشهر الشعراء. وكل ذلك حديث الاستعمال غريب النشأة دخيل في اللغة الفصحى؛ فهم يقولون مثلاً (يجب على الأقل أن تفعله أو لا تفعله) أما بلغاء العرب فقد قالوا في معنى هذا التركيب: (لا أقل من أن نفعل كذا). قال الجاحظ في الرسالة العاشرة في بيان مذاهب الشيعة (ص 176): (كما إن زلته (أي زلة العالم) ليست كزلة غيره فلا أقل من أن نعده. . .) وقال فويق ذلك: (ولكن لا أقل من أن نجعله في طبقتهم. . .) 3 - حصل أوصال التصميم على عقد الروابط. هذا التعبير من جملة ما أدخله الترك في العربية وذلك لسبب إنه لا يوجد في لسانهم وزن أفعل فيضطرون إلى أن يعبروا عنه بفعل (ايتمك) ويضيفونه إلى مصدر الفعل الثاني فيقولون مثلاً: (تمام ايتمك) أي أتم. وكذلك يفعلون في ما يؤخذ منه معنى الحصول والصيرورة ولهذا لما أخذ أبناء العرب يتلقون التركية في مدارس أصحاب الأمر نزعت نفوسهم إلى النزعة التركية حتى أدخلوها في العربية ومن ذلك قولهم: حصل أو صار التصميم على عقد روابط مثلا. وهم يريدون (صمم) من باب التفعيل بصيغة الماضي من المجهول. احفظ ذلك تصب إن شاء الله. 4 - أصل كلمة جلنجبين وسألنا أحد الأدباء من أبو كبير في القطر المصري: ما معنى جلنجبين وهل هي معربة. - قلنا: جلنجبين كلمة معربة من الفارسية من جل (وبالفارسية كل بكاف فارسية) أي ورد وأنجبين (وبالفارسية انكبين) أي عمل. ومحصل معناه شراب مركب من ماء الورد والعسل أو معجون يتخذ من الورد والعسل. أسئلة وأجوبة 1 - معنى وسألنا أ. ن. من هذه الحاضرة: ما معنى هاتين الكلمتين الفرنسويتين

واللتين يقابلهما بالإنكليزية وبلسان العلم وفقد بحثنا عنها في جميع معاجم هذه اللغات فلم نقع على غير تأويلها بالهندباء والهندب لكليتهما أفلا يوجد فرق بينهما أو ما يقابلهما في لغتنا الفصحى؟ قلنا: إن لغتنا مفتقرة إلى تحرير ألفاظها العلمية والإشارة إلى ما يقابلها في اللغة العربية وفي اللغات الإفرنجية حتى يهتدي الكاتب إلى استعمالها في مواطنها بدون خلط أو خبط. وكان المقتطف قد أودع مثل هذا العمل الخطير إلى عهدة الدكتور الألمعي أمين أفندي المعلوف فوضع معجم الحيوان وأحسن انتقاء ألفاظه إلا إنه لم يضمنه كل الألفاظ بل اكتفى بالمشهور منها. وقد وقف الآن عن نشر ما عنده من أسماء النبات والحشرات والجماد فبقي هذا العمل الحميد العظيم غير كامل. ولهذا يقلد اللغة أعظم خدمة من يضافره في هذا الأثر الجليل أو ينشر ما بقي عليه نشره أو تحقيقه. ولقد تتبعنا تحقيق هاتين اللفظتين بعد إلقاء السؤال علينا فوجدنا هذه النتيجة. الهندب أو الهندبا أو الهندبآء على صنفين: بستانية وبرية، فالبرية يقال لها أيضاً بقريس وقيخوريون وكلتاهما من اليونانية وأما لفظة الهندباء فهي أيضاً من اليونانية من وقد جاءت في اللاتينية على لغات شتى منها ووهذه ضعيفة وقالوا في جمعها ولم ينتبه أحد من اللغويين من أقدمين ومحدثين إلى أنها دخيلة في العربية وكذلك لم يشر إلى أعجميتها المستشرقون مع أنها واضحة العجمة وليس لها نسب بين في لغتنا. وقال ابن البيطار في مادة الهندباء. . . البستاني صنفان أحدهما طويل الورق. . . ومن هذا الصنف بري شبيه به في صورته وزهرته إلا أنه أقوى مرارة وأشد كراهةً ويسمى عندنا الأميرون) - (قلت: وهذا معرب من بتقدير أي الهندباء المرة.) ثم قال: والصنف الثاني من البستاني عريض الورق أبيض الزهر تفه الطعم عديم المرارة وخاصة في أول الربيع ويسمى

بالرومية انطوبيا وتعرف بالهندبا الشامي والهاشمي وبريه قريب منه في شكل ورقه وقلة مرارته بعيد منه في شكل زهره وكثرة زغبه وهو السرالية بالعجمية وزعم أنه الطرخشقوق ومن البري صنفان آخران وهو اليعضيد ويسمى باليونانية خندريلي. . . وقال الطبري: الهندبا البري هو الطرخشقوق ويسمى بالفارسية تلخي. . . ابن ماسوية: التلخشكوك

وقو للمعدة. . . قلنا: والذي سماها ابن البيطار: الهندبا الشامي أو الهاشمي سماهل أيضاً داود الانطاكي في التذكرة (البلخي). والأصح التلخي كما أشرنا أغيها. ومن أسماء الهندباء (اللعاعة) وهي ما يكون منها في غاية النعموة وهي بالفرنسوية (والبقلة المباركة) وقيل إن هذه هي الرجلة أي الفرفحين والأصح أنها تعني الهندباء عند قوم من العرب (والبقلة الحمقاء) عند قوم آخرين. وقد ذكر بقطر أن الهندباء البرية تسمى عند بعض عوام العرب (الجلجلان) مع أن هذا الاسم عند الفصحاء لا يعني هذا النبات بل السمسم أو غيره. وقد سبق بقطر إلى هذا القول أصحاب المعاجم السريانية العربية ومنهم صاحب دليل الراغبين في لغة الارميين ص 221 قال في تفسير (حدبا ددبرا): هندباء بربة، جلجلان. وذكر من أسمائها باين سميث في معجمه السرياني اللاتيني الكبير في مادة حدب. الحندبة، الهندبة الجوبة أو البربة ويقال لها الهندباء وطرخشقوق وطرشقوق. وذكر من أسماء الهندباء في مادة انطوبيا قال الانطوبيا هي الهندباء. ويقال إنه هندبا شامي وقشنبج (أي قشنيزة) وهندبا عراض وقال مسيح: الانطوبية وذكر من أسمائها في السريانية: طرقسيما أو طركسيما وطرسيما المنقولة عن اليونانية على ما يظن ومن أسماء الهندباء البرية الواردة في كتب العرب السريس قال صاحب منهاج الدكان في ص 132 من النسخة المطبوعة بالمطبعة الشرفية بمصر سنة 1305: طرشقوق وطرخشقوق هو الهندباء البري ويقال له (سريس بري.) قلنا: وسريس هو باليونانية هذا الذي وقفنا عليه في كتب أهل الفن واغلبها لا توجد في المعاجم العربية الأعجمية أو الأعجمية العربية بل ولا في ما يسمونها المعاجم العلمية أو الاصطلاحية أو النباتية التي تورد الأسماء بالعربية والأعجمية أو بالأعجمية والعربية. وهذا المثال كافٍ ليطلعك على أن دواوينا في نهاية النقص وعلى أننا في حاجة ماسة إلى معاجم كاملة وافية بالمقصود تكفينا مؤونة البحث في الكتب العديدة

باب المشارفة والانتقاد

التي لا يشير الحصول عليها لكل أحد بخلاف ما لو كانت كلها محصورة في تصنيف واحد وعسى أن يقوم أحد محبي اللغة العربية ممن يغار على شرفها فيضع لنا كتاباً بهذا المعنى أو يأمر بتأليفه فيخلد لنفسه الذكر الحسن وللغة العربية الخدمة الصادقة. 2 - شبارق ميفارق وسئلنا: ما معنى هذا المثل الشامي: شبارق ميفارق الذي يضرب للمقيم في المكان فلا يفارقه. قلنا: الذي في كتب اللغة: الشبارق وزان عنادل و. . .: القطع. . . وشجر عال له ورق أحرش مثل ورق التوت وعود صلب جداً يكل الحديد ويقلد الخيل وغيره كالبقر والغنم وكل ما خيف عليه بعوده عوذة للعين قال أبو حنيفة: وربما أهدى للرجل القطعة منه فأثاب عليه البكر. وإذا قدر عليه اتخذت منه الارعوة وهي نير البقر لصلابته. . . وهو معرب، عن التاج. قلنا: وهذا كله لا ينطبق على ما يراد من المثل إلا بتكلف ظاهر. - والأصح عندنا أن يقال إن الشبارق كلمة فارسية بمعنى الخفاش تعريب شب بارة التي يقال فيها أيضاً شب بره وشب يرك وشب برست وشب بور وشب بوزه. وأنت تعلم إن الخفاش إذا لز بمكان لا يبرحه لضعف بصره وعجزه عن وجود موطن ثان يناسبه إذا طلبه في النهار. ومعنى ميفارق (ما يفارق). فيكون المآل: فلان كالخفاش إذا حل موطناً لبد به ولم يفارقه. باب المشارفة والانتقاد 1 - الحصون المنيعة، في رد ما أورده صاحب المنار في حق الشيعة. تصنيف محسن الأمين. طبع بمطبعة الإصلاح بالشام سنة 1327 هجرية في 120 صفحة بقطع 16 2 - الحصون المنيعة والمنار لمنشئ العرفان أحمد عارف الزين. طبع في مطبعة العرفان في صيدا للمذكور ولصاحب العرفان ولأبن شرف الدين الموسوي في 45 صفحة بالقطع المذكور. هذان الكتابان صغيران في موضوع واحد وهو الرد على صاحب المنار في مقاله عن الشيعة. وفي الكتاب الأول من الفوائد والبراهين والأدلة المتينة ما يدل على سمو فكر الكاتب وإطلاعه أتم الإطلاع على حقائق التاريخ والحديث والأصول والفقه بحيث بحكم القارئ إن المؤلف لا يرمي إلا إلى الحقيقة وإنه قابض على أزمتها

بنفس مطمئنة. والتصنيف الثاني صنو الأول في معانيه وترصيف مبانيه وسعة إطلاع أصحاب الرد حتى أن الواقف على ما كتب صاحب المنار وما حرره هؤلاء الأدباء بحكم أن الحق في تلك المباحث مع الشيعة أصحاب الحصون المنيعة وكفى. 3 - كشف الأستار، عما لحقوق الدول من الأسرار الجزء الأول بقلم صبحي أباظة. حقوق الطبع محفوظة له. طبع بمطبعة العرفان في صيدا سنة 1331 هجرية بقطع الثمن في 125. هذا عنوان كبير، لسفر صغير، صغير في مبادئه، صغير في تعبير أفكاره، صغير في فناء البحث الذي فتح له أبواباً كبيرة. صمم الكاتب أن يبحث في حقوق الدول. ونعم القصد! لكن ما كاد يبدأ بموضوعٍ إلا وزاغ عن سواء السبيل فخاض عباب مباحث لا مناسبة لها ولما تحداه. وهو إذا ركب متن موضوع ذهب فيه مذاهب غريبة قال مثلا في أول صفحة من الفاتحة: (قمت من ساعتي مشمراً عن ساعد الجد لإظهار ما كان كامناً من التمويهات والترهات والأضاليل في مكنونات تلك الحقوق الغامضة. . . التي اتخذتها الدول سلاحاً معنوياً تموه به على أعين الواهمين من أقوام المشرق الأقصى والأدنى. . .) قلنا: من يقف على هذه الكلمات يظن أن أقوام المشرق الأقصى والأدنى كانوا إلى هذا اليوم في غفلة عن معرفة ما لهم من الحقوق. أما الآن وقد أخذ حضرة صبحي أفندي اباضة بكشف تلك الأستار فلا خوف علينا من تغلب أولئك الأقوام الفاتحين. والحال إننا نعلم حق العلم إن في الشرق أقواماً عرفوا منذ عصر غايات الفاتحين لكنهم لضعفهم بقوا لا طاقة لهم على كبح جماح من ناوأهم. ولو فرضنا أن مشارقتنا كانوا جهلة لحقوقهم إلى اليوم فوقوفهم الآن عليها بواسطة هذا الكتاب لا يقويهم على أعدائهم، فيكون مثلنا مثل طبيب حاذق شخص الداء ووصف الدواء لعليله لكن لم يجد ذاك الدواء الشافي في الموطن الذي هو فيه فلم يفده علمه شيئا. ولهذا كان الأجدر بالمؤلف أن يسير سير كتاب الأجانب في مثل هذه المؤلفات الإفرنجية ولا يخرج عن الغاية التي أرصدها له وأن لا يتعرض لما لا يمس موضوعه. ومن غريب مدعياته أنه يقول في ص 3: وهمت لمجرد هذه الغاية باقتطاف أطيب الأبحاث من نخب مؤلفات العالم العثماني الكبير شاهباز وغيره من علماء الحقوق كمنتسكيو وبرافيه فودبري وفولتر وهوقو غرشيوس وسيلدم وهولس وموللوا

وهنسيوس وويكفور الذي طنت ورنت شهرتهم في أفاق أوربا والعلم الجديد.) هذا الكلام يدفعك إلى أن تقول إن المؤلف يحسن اللغات الفرنسوية والألمانية والإنكليزية واللاتينية وغيرها. أم الحق فهو إنه على ما يظهر من كلامه لا يعرف منها إلا الفرنسوية ومعرفته لها معرفة نتفه لاغبر (النتفة من ينتف من العلم شيئاً ولا يستقصيه). وسبب ذهابنا إلى هذا القول هو إنه إذا نقل شيئاً عن الإفرنج مسخه أقبح مسخ وإذا عرب الكلمة الواحدة حولها إلى غير وجهها في اغلب الأحايين. فمن الأول قوله ص 33: إنه ثابت لا يحتاج لبيان سيما إذا استقصى المستقصي التاريخي أثر التتبعات التاريخية ظهرت له أنواع المظالم المنطوية وراء سحب القرون الغابرة والطارئة على المسلمين الأندلسيين والأرثوذكسيين والبروتستانت والإسرائيليين المهرقة دماؤهم بالملايين (كذا) على مذابح (الإنكليز اسيون) أي ديوان التفتيش في إسبانيا (كذا وهو يريد الإنكليزسيون الذي حول مياه البحر الأبيض إلى بركة دماء كما غاصت كنيسة سان بارتهلمي (كذا. وقد صورنا الحروف بصورتها الأصلية) في باريس (كذا) بأنهار انهمرت من دماء البروتستانت (الهوقنو) في ليلة حالكة الظلام لم يسبق لها ذكر في ظلمات الأساطير) - قلنا: هذه أقوال من يريد أن يعلمنا أسس حقوق الدول ويكشف عن أسرارها الأستار ويرشدنا إلى سواء سبيل التاريخ ولا جرم أن أصغر طلبة المدارس يقول: إن في هذه الكلمات أغلاطاً تتجاوز الحد المعقول في مثل عددها. وهو فوق ذلك يقول في الحاشية: (ومن شاء الاستزادة من حيث هذه الفظائع فليراجع كتب التاريخ نذكر منها معجم لاروس الفرنساوي الجزء الأول صفحة 902) قلنا: إنه من الجهة الواحدة يقول: فليراجع كتب التاريخ ومن الجهة الثانية يقول: نذكر منها معجم لاروس (فهل يتصوران المعاجم تنزل منزلة كتب التواريخ ومتى كان ذلك؟ كيف لا ومعجم لاروس الذي يشير إليه من أكثر الكتب غلطا في ما يتعلق بالمسائل التاريخية. وأما أغلاطه في التعريب الحرفي فقد ذكر في تلك الصفحة هذه الكلمات ونقلها هكذا: الممالك المسيحية وما يتتبعها والممالك الغير المسيحية والحال: إن المراد بلفظة البلاد ومعنى خارج عن) فيكون معناها: بلاد

النصرانية وبلاد غير النصرانية أو والبلاد التي هي في خارج النصرانية وهي بازاء قول كتاب العرب: دار الإسلام ودار الحرب. - وأما عبارة الكتاب فهي أقرب إلى التركية منها إلى العربية. فعسى إن المؤلف يتنكب في الأجزاء الآتية قوس الحقيقة ولا ينزع إلا بسهمها. 4 - كتاب الشيعة وفنون الإسلام لمؤلفه السيد حسن الصدر من أكابر علماء العراق. طبع على نفقة شرف الدين ورضا وظاهر وزين. حقوق الطبع محفوظة لهم. مطبعة العرفان صيدا سنة 331هـ في 150 صفحة بقطع الثمن. منذ أن أعتزل الصحافة رصيفنا أحمد عارف أفندي الزين أخذ يعني بنشر الكتب النافعة لا سيما كتب التاريخ والأدب والشعر ويحق لهذا الفاضل الأديب أن يبرز تلك اللآلئ من أصدافها لأن مطبعته من أجمل مطابع الشام بديعة الحرف حسنة الكاغد نظيفة الطبع. ومن جملة الكتب التي أصدرتها مطبعته العامرة هو هذا الكتاب الموسوم بكتاب الشيعة وفنون الإسلام. وهو من المؤلفات التي يحرص عليها الأدباء وتزين بها خزائن الكتب. وكنا نود أن نرى تأليفنا في هذا العصر بهيئة غير الهيئة التي كانت تظهر بها قبل خمسين سنة أي أن تكون خالية من الإطراء. الفاحش بحق مؤلفيها ذاك الإطراء الذي يخرج الممدوح عن طوق البشرية فقد قال مترجم المؤلف قبل الفاتحة في ص 3:) ثم أكب على العلم مجتهداً في التحصيل والاشتغال حتى كان من أمره اليوم أنه أمسى فاقد الند وعديم المثال.) فلا جرم أن كاتب هذه الحروف لا يصدق ما يكتب كما لا يصدقها الممدوح نفسه. وكيف يجوز لنا أن نجرع مثل هذه الكأس ونحن نعلم أن في ديار مصر وسورية من ألفوا أكثر من تأليف السيد الكبير حسن الصدر ولم يقل عنهم مثل ذلك القول. وفي ديار الإفرنج من المستشرقين من يعرف لغات عديدة ولهم تآليف جمة وسعة إطلاع واسعة ومع هذا كله لم يذكروا بما ذكر به حضرة صديقنا السيد حسن الصدر الذي ألف خمسين مصنفاً في عدة فروع من العلوم التي كلها ترجع إلى أمور الدين لا غير. ومما لاحظناه أن المؤلف لم يذكر دائماً سني المواليد والوفيات وفي مثل هذه الكتب العناية بهذه السنين من أشد ما يحتاج إلى معرفتها. ولاحظنا أن المؤلف أعتبر الشيعة حينما كانوا فرقة سياسية كما لو كانوا

فرقة دينية. ونحن لا نرى ذلك من باب الإنصاف. اللهم إلا أن يقال أن المقصود من نسبة المؤلفين إلى الشيعة نسبة اسمية لا غير فهذا أمر آخر لكن يجدر بالمؤلف أن يشير إليه في صدر سفره. ومما رأيناه فيه أنه كان يحسن أن يذكر في مقدم بحثه عن العلوم عند الشيعة ملاحظة عمومية عن حالة العلم عندهم وتقدمه عصراً فعصراً حتى ينتهي إلى حالته إلى حيث وقف به ثم يشرع بذكر أصناف المعارف ومن أشتهر بها. وقد أهمل أيضاً من نبغ من الشيعة بعد القرن الثامن. اللهم إلا أن تكون نيته أن يفرد لهم جزءاً آخر لكنه نسي أن ينبه عليه. ومما نأسف له أن الناشرين للكتاب تركوا طبع فهرس العام الهجائي الحاوي لأسماء الكتب وأسماء المؤلفين فلو كانوا نشروه لاقتناه كثير من الناس ليستشيروه عند الحاجة. وأما الآن فلا يمكن ذلك فعسى أن يطبع في هذه الأيام ولا ينتظر نفوذ طبعته الأولى. فإنه وإن أستغرق وضعه أكثر من ست ملازم أي أكثر من ثلث الكتاب، إلا أنه يروج إنفاقه ترويجاً عجيباً. على أن ملاحظتنا هذه كلها لا تنزع من هذا الكتاب مزيته الكبيرة وهي الوقوف على بعد غور الشيعيين في العلوم على اختلاف أنواعها مما يرفع لهم مناراً نيراً في عالم الإسلام ويخلد ذكرهم في عالم الإعلام. 5 - العراقيات الجزء الأول وهو مختار من شعر عشرة مشاهير شعراء العراق. طبع بنفقة جامعيه رضا وظاهر وزين. جميع حقوق الطبع محفوظة لهم. مطبعة العرفان صيدا. سنة 1331هـ. في 209 صفحة بقطع الثمن. لقد أحسن الأفاضل رضا وظاهر وزين في نشر هذا الكتاب الدال على تقدم العراقيين في نظم الشعر وعلى إنهم ليسوا دون غيرهم في التضلع من العربية وإتقان تعبير فكرهم نظماً ونثراً. والذين أخذ من شعرهم في هذا الجزء هم الشعراء النوابغ: السيد محمد حبوبي والسيد إبراهيم الطباطبائي، والسيد حيدر الحلي، والشيخ جواد شبيب، والشيخ ملا كاظم الازري، والشيخ عباس ابن ملا علي والسيد جعفر والشيخ عبد الباقي الفاروقي، والشيخ عبد المحسن الكاظمي، والأخرس البغدادي. وقد قدم الناشرون على قصائد هؤلاء الشعراء مقدمة حسنة (في ماهية الشعر وفي منزلة الشعر عند العرب، وفي أدوار الشعر) ومع كل هذه الفوائد

ليسمح لنا الأدباء أن نبدي بعض ما عن لنا في مطاوي تصفحنا هذا الكتاب البديع الطبع. الحسن التبويب ونرجوهم أن يحملوه محمل كلام صادر من صديق لا من غريب: 1 - إن القصائد التي اختاروها من نوابغنا الشعراء لا تكاد تخرج عن هذه الأبواب وهي: المدح والرثاء والغزل والتشبيب ولا تزد على هذا القدر إلا شيئاً نزراً خارجاً عنها. وأنت تعلم أن المحاسن إذا أعيدت أنشأت في الصدر سأماً لا يطاق. فكان يحسن بمتولي طبع هذا الجزء أن ينوعوا الأبواب وأن لا يجعلوها كلها على وتيرة واحدة. ولا سيما معاني تلك القصائد (وإن كانت لنوابغ) ترجع كلها أو جلها إلى مودىً واحد أو يكاد لأنها جميعها مفرغة في قالب قديم ليس فيه من المحاسن العصرية شيء يذكر كأنه قضي على عراقنا وأهاليه أن لا يخرجوا من حالتهم الأولى القديمة المفرغة بقالب الجمود والهمود الأبدي. 2 - في تلك القصائد أبيات كثيرة تمنع أبناء الأدب والفضيلة أن يتناولوا الكتاب بأيديهم لأن ما فيه من العشقيات المفرطة والمخالفة لروح العصر تؤدي بهم إلى ما لا تحمد عقباه. 3 - إن المعتنين بنشر هذه المختارات لم يشبعوا الكلام عن تعريف نوابغنا. نعم قد علقوا على بعض الحواشي شيئاً زهيداً لكن دون ما يستحقونه فمثل هؤلاء الإجلاء جديرون بترجمة مفصلة ليقدروا حق قدرهم ولو أهملوا بعض هذا الأمر لمن هم في قيد الحياة لفهمنا لكن ما العذر لمن هم اليوم في دار البقاء. 4 - الكتاب غرة من الغرر بل درة الدرر وكان يحسن بأن يخلص من شوائب الطبع أو من شوائب اللغة الضعيفة من ذلك مثلا ما جاء في ص 5 في قوله: (فأنظر تر نهجاً. . . ترى القوم). . . والأصح تر القوم. وقوله في ص 6: وتقلبت على هذه عصور تقارب الثمانية قرون. والأصح أن يقال الثمانية القرون أو ثمانية القرون. وأما الثمانية قرون أي بتعريب المضاف فقط فقد حكى جوازه ابن عصفور إلا أنه أشار إلى أنه قبيح لإضافة المعرفة إلى النكرة. كما نص عليه في شرح الطرة عن الغرة ص 98 وكقوله ص 8: ولم تتحلى بها أسماع أبناء الشام. والأصح تتحل وفيها: اللئالئ والأصح اللآلئ. وفيها: وقد تشظى عنه الصدف ولو قال: وقد تفلق عنها الصدف لكان أوفى بالمقام وقال في ص 9 والحياة

الهنية والأفصح الهنيئة وإن كان يجوز الأول. وفي ص 11 مؤنة والأصح مؤونة إلى غيرها. 5 - في بعض سطور هذا الديوان آراء لا نوافقه عليها. فقد جاء في ص 4 (يوم كانت العربية المضرية لا تزال غضة بضة لم تدنسها العجمة ولم يشنها اللحن) فنحن هنا نوافق قول من يقول: إن العجمة دخلت العربية منذ عهد عهيد وكذلك اللحن على ما نعهده اليوم وبالمعنى المشهور. وقد أعاد هذا الفكر في ص 6 قال: بقي الشعر عزيز الجانب موفور الحظ عند العرب حتى دخلت العجمة ألسنتهم فأبعدتها عن اللغة الفصحى، واتخذت لها من شعرها شكلاً جديداً دعوه زجلاً. وهو شعر للعامة. . .) قلنا: إن الزجل قديم الوجود في العربية وإنما لم يدونوه في صدر الإسلام لأنه كان خرجا عن مألوف سائر الأوزان المضبوطة المقبولة ولا سيما لأنه ما كان يراعي في وزنه قواعد الإعراب. لكن لما كثر استعماله بين العوام وشاع أكثر مما كان عليه في السابق أخذ يعمل عليه كثيرون. هذا ما بدا لنا في مثاني المطالعة ولعلنا لا نرضي الجميع في ما نقول والله الهادي. 6 - تاريخ صيدا يحوي تاريخها وسائر شؤونها منذ عمرانها إلى وقتنا الحاضر. لمؤلفه أحمد عارف الزين صاحب العرفان. - جميع حقوق الطبع محفوظة له مطبعة العرفان صيدا سنة 1331 في 176 صفحة بقطع الثمن. الشيخ أحمد عارف أفندي الزين من نوابغ صيدا ومن العلماء العاملين الذين لا يعرفون الملل ولا الراحة فإننا لا نزال نراه يدأب في العمل واصلاً الليل بالنهار ناشراً من الآثار، ما يخلد له الذكر الحسن على توالي الإعصار. ومن جملة ما أتحفنا إياه كتابه في تاريخ صيدا. فإنه جمع كل ما وصلت إليه يداه في هذا المعنى ناقلاً شيئاً جماً من أسفار متعددة ومجلات كثيرة فجاء كتابه هذا من التواريخ المشبعة الوافية في صيدا. والكاتب من الرجال الراسخي القدم في العلم وهو لا يخاف نقد ناقد بخلاف كثيرين من بلادنا هذه فإنهم يقولون شيئاً ويودون شيئاً آخر وقد لحظنا ذلك مما نقدناه من الكتب والمقالات فإن بعض الأنذال الضعفاء العقول السخفاء الأحلام أقاموا القيامة علينا وهددونا بتعطيل مجلتنا إن واظبنا على طريقة انتقادنا وكما أننا أفهمناهم إننا لا نحيد عن خطتنا فآلوا هم أيضاً أن لا يحيدوا عن قصدهم السيئ فليهنئوا عيشاً.

مهدنا هذه التوطئة لما رأيناه من ثبات رصيفنا الفاضل وحسن نيته في هذا المعنى مما يجعلنا أن نتفاءل فيه كل خير ومستقبلاً ميموناً. تاريخ صيدا من الكتب التي تقتني لما بذل صاحبه من العناية بإفراغه في قالب بديع وخطة حسنة لكننا رأينا فيه بعض أشياء نود أن لا تكون في طبعته الثانية من ذلك: 1 - تكرير المعنى والمبنى على غير طائل ومثل هذا كثير في الصفحات الأولى من الكتاب. وفي بعض المواطن يقول شيئاً ثم بعد قليل ينفيه أو يعكسه فقد قال مثلا في ص 19: (وقد اختلف المتقدمون والمتأخرون في أصل الفينيقيين وزمان دخولهم فينيقية. والأرجح إنهم قبائل كثيرة حامية وسامية وقد هاجروا إليها في أزمنة مختلفة) اه. وما انتهى من هذه الكلمات حتى قال: إنه لا يعلم بالتحقيق أصل هذا الشعب غير أنه من نحو أربعة آلاف سنة أخذت سواحل بحر الروم تعمر بسكان جاءوا إليها من بلاد الشرق ولكن من أين جاءوا وكم كان عددهم ومن هم السكان الذين كانوا قبلهم؟ لا نعرف من ذلك شيئاً.) ثم قال في ص 20: وأصل الفينيقيين سامي وقد أتوا من الخليج العجمي وأسوا مملكتهم على شواطئ البحر المتوسط في كعب لبنان وذلك من القرن الرابع والعشرين قبل المسيح) اه. ففي هذه الأسطر من تشاجر الأقوال وتضاربها ما لا يجمل أن تفرغ بهذه العبارة في مثل هذا الكتاب بل يجمع بينها ويستخلص منها الأقرب إلى الرأي الأعم بين العلماء وهو الرأي الأخير ويهمل ما كان يذهب إليه العلماء قبل نحو 50 سنة وهو الذي نقله عن قطف الزهور لأن المؤلف هذا الكتاب لم يكن من المدققين. ومثل هذا التكرير في القول في ص 21 و22 ففي ص 21 ذكر إن دين الفينيقيين كان عبادة الأوثان وكان اسم آلهتهم العظيمة (بعل) وآلهتهم المشهورة (عشتروت) ثم رجع فقال في ص 22: ودينهم وثني وكان إلههم العظيمة (بعل) وإلهتهم المشهورة عشتروت. فهذا كلام نافل لا معنى لوجوده بعد أن ذكر ما ذكر وقال في صدر ص 22 إن الفينيقيين كانوا يذبحون أولادهم ضحايا للربة مولوش (كذا والأصح للرب مولك أو مولوك) ثم قال في آخرها: (وقد بلغوا في عبادته (أي مولك) منتهى الوحشية فذبحوا له بنيهم وبناتهم) فلا جرم إن في هذا التكرار

ما يثير في صدر القارئ السأم والملل. هذا فضلاً عن إن في العبارة الأخيرة كلاماً يخالف ما يراد منه. فكان يحسن أن يقول مثلاً: وقد بلغوا في عبادته منتهى الوحشية فذبحوا له من بنيهم وبناتهم ذبائح) وإلا فلو كانوا يذبحون له بنيهم وبناتهم فمن أين كانوا يتوالدون. وقال في ص 23: أشهر صنائع الفينيقيين البرنز (كذا ولو قال الشبه أو الفلز لأصفح) والأرجوان والزجاج وعمل الحلي والتماثيل والتمائم. . .) ثم يقول بعد قليل: (ولم يكن للفينيقيين فن مختص بهم لكنهم كانوا يتاجرون في المصوغات المصرية والآشورية واليونانية) فهذا الكلام ينفي ما تقدمه. ومثل هذه الإعادات غير ما ذكرناه فاجتزأنا بما أوردنا. 2 - كان يحسن بالمؤلف عند نقله الألفاظ السامية الأصل عن كتب الإفرنج أن يعيدها إلى نصابها السامي وأن لا يتابع الأعاجم في عجمتهم. وأول كل هذه الألفاظ كلمة فينيقية وما ينسب إليها فالأصح فيها فنيقية بدون ياء بعد الفاء. وكقوله في ص 13: الآشوريين والآمدين والأصح والماذيين نسبة إلى ماذية بذال معجمة ومنها الماذية في العربية وهي المنسوبة إلى بلاد ماذية. وأما الآمدية فلم ترد في كتب قوم من الأقوام من أعراب وأغراب بهذا المعنى. وكقوله في ص 21: ولجبيل بعل تموز وباليت. والأصح: وبعليت أو بليت بحذف العين على لغة قديمة مشهور. وقال في ص 20: أشهر مستعمراتها قرطاجنة وكاديكس. والمشهور وقادس. وفي ص 22 ويرسم بعل مولوش في قرطاجنة تمثالاً عظيماً والأصح الأفصح ومولك أو مولوك بكاف لا بشين في الآخر. ومثل هذه الأغلاط غير ما ذكرناه. 3 - قد وقع فيه أغلاط طبع كثيرة لم تصحح في آخره مثل قوله في ص 11 والأحول أي الأحوال. وفي ص 13: اللذان قلبا العالم. والأصح أن يقال في ذلك الموطن: اللذين (بالجر). وفي ص 14 في زمن الفينيقين النشيطين. والأصح الفينيقيين النشطاء وفي ص 15 الذي يدعوه اليونانيون سوريين يدعونه البرابر آشوريين) والأصح يدعوه البرابرة آشوريين وفي تلك الصفحة مساحتها 15900 كيلو متراً مربعاً والأصح كيلو متر مربع. وفي تلك الصفحة: عدد سكانها مليون وستماية وستين ألفاً. والأصح مليون وستمائة (بالهمزة لا بالياء كما وردت كثيراً) وستون

(بالرفع) ألفاً. وفي ص 14 إلى سنة الستين والأصح إلى السنة الستين. ومثلها في السطر التالي وقوله في ص 16: بأنهم أوزاع شتى الدول التي تعاقبت عليها. والأصح أوزاع شتى من الدول. . . أو: اوزاع شتى اوزاع الدول التي تعاقبت عليها. وكقوله ص 18: فقد كانت قبل افتتاح يشوع بن نون فلسطين تمتد. ولو قال: فقد كانت تمتد فلسطين قبل أن يفتتحها يشوع بن نون لكان أقرب إلى الفصيح. وفي تلك الصفحة: المملكة الفينيقية التي اشتهرت بهذا المقدار قديماً قد انحصرت. . . . وهذا من التعبير الأعجمي والأفصح: المملكة الفينيقية التي اشتهرت تلك الشهرة قديماً قد انحصرت. أو التي اشتهرت أي شهرة أو نحو ذلك. وفي ص 24 واخترعوا ألف باء فلعبوا دوراً مهماً في تاريخ الشرق. وهذا أيضاً من التعبير الدخيل والعرب تقول في مثل هذا المقام: واخترعوا حروف الهجاء فكان لهم مقام رفيع في تاريخ الشرق. ولو أردنا أن نستقصي مثل هذا الكلام لخرجنا عن طي هذه المجلة. 4 - قد وقع أغلاط فاضحة في طبع الألفاظ الإفرنجية فكان يجب أن يدقق في تصحيحها لأنها كثيرة. 5 - في الكتاب بعض الآراء لا نوافقه عليها وقد نقلها عن كتاب المشارقة والمغاربة لا محل لذكرها هنا. وهذا كله لا ينقص من شان الكتاب شيئاً ولا سيما لأنه أحسن تنسيق الأخبار العصرية عن صيدا. فجل من لا عيب فيه وعلا. 7 - تاريخ الصحافة العربية يحتوي على أخبار كل جريدة ومجلة عربية ظهرت في العالم شرقاً وغرباً مع رسوم أصحابها والمحررين فيها وتراجم مشاهيرهم - بقلم الفيكونت فيليب دي طرازي - جميع الحقوق محفوظة - بيروت المطبعة الأدبية سنة 1913 - الجزء الأول والثاني. المؤلفات كالأجرام النيرة، فمنها ما تظهر فجأة وتزول وشيكاً، ومنه ما نقتبس أنوارها من غيرها ويظن الرائي أنها لها. ومنها ما تنير مدة ثم تنطفئ ومنها ما تنير بنفسها سنين مديدة وتبقى نيرة ما شاء الله. وهكذا الأمر في المؤلفات. فإن منها ما لا تكاد تخرج من المطبعة إلا وتزول فتكون كالهباء المنثور، ومنها ما يكون لها شهرة مؤقتة فإذا ذهب أو إنها أصبحت في خبر كان، ومنها ما يكون مؤلفها قد أقتبسها من سائر الكتب وانتحلها لنفسه فتحيا بعض الحياة لا غير ومنها ما تكون حياتها من ذاتها فتبقى خالدة ما كر الجديدان ويؤخذ منها ما يكون مادة

لحياة كثير من جنسها فتكون أماً لها. ومن هذا الصنف الأخير كتاب (تاريخ الصحافة العربية) فإن صاحبه أفرغ كل ما في وسعه ليكون سفره جامعاً لأبحاث هذا التاريخ وما تشتت منه في مئاتٍ من المصاحف والصحف فجاء آية في التحقيق والتدوين. ومن حسناته العجيبة أن مؤلفه أثابه الله رصعه بأقوال الصحافيين ترصيعاً عجيباً مما يدل على إطلاع واسع على الجرائد والمجلات واستقصائها استقصاء بعيد الغور. فلا جرم أن هذا المصنف يكون مورداً ضرورياً لكل من يريد أن يكتب بعده في هذا الموضوع ويبقى كالشمس النيرة بنفسها تقتبس منها سائر الأقمار أنوارها وأما هي فلا ينقصها شيء. ولو لم يكن لحضرة هذا الكاتب الضليع إلا هذا الأثر الجليل المنيف لكفاه خلوداً في عالم الكتابة والتأليف. أما الجزء الأول فيحوي أبحاثاً رائقة لا غنى للأديب الصحافي عنها. إذ فيه ذكر تراجم مشاهير الصحافيين في الحقبة الأولى وعددهم 22 كاتباً فيهم سبعة من المسلمين وأربعة عشر من النصارى وأحمد فارس الشدياق النصراني الأصل والنشأة الذي أسلم حينما كان عمره 44 سنة أي في منتصف حياته. ويحوي الجزء الثاني أخبار صحافة البلاد العثمانية وتراجم مشاهيرها وذكر من أعلامها في بيروت 25 كاتباً ثلاثة منهم مسلمون والبقية نصارى ثم تطرق إلى ذكر أخبار الصحافة خارجاً عن بيروت. وذكر من مشاهيرها 9 محررين منهم ثلاثة مسلمون والبقية نصارى ثم ختم الجزء بأخبار الصحف العربية في أوربا وعدد من نوابغهم ثمانية نصفهم نصارى ونصفهم مسلمون وأتم الكل بذكر جميع الصحف والمجلات التي ظهرت في الحقبتين الأولى والثانية في ديار آل عثمان وديار الإفرنج. - فأنت ترى من هذا النظر المجمل إن الكتاب من أنفس ما ألف في هذا الموضوع وهو حسن الطبع والكاغد فيه صور كثيرين من نوابغ الصحافة وحري بأن يقتنيه كل أديب ليطالع فيه أو يجعله من محسنات مكتبته. والكتاب متقن التأليف والتنسيق والتبويب صحيح التركيب صادق اللهجة لا يتحزب لأحد ولا يقوم على كاتب أو يهجم عليه مهما كان فكره أو مذهبه شأن المؤرخ المتجرد من كل غرض وقد ذكر المؤلف في أول صفحة من مقدمة سفره هذا القول: البلاد التي لا صحافة فيها لا صحة فيها. وهو من كلام هذا العاجز في المسرة. وذكر في 2: 161 ما حرفه: وما طال غياب البستاني كثيراً

عن بغداد بل عاد إليها وتزوج كلدانية غنية هي ابنة المثري انطون البغدادي. قلنا: الذي نعلمه عن انطون البغدادي أن لا ولد له ذكر ولا أنثى: أما مريم امرأة سليمان البستاني فهي ابنة اسحق سربوس الأرمني الكاثوليكي. فهي إذا أرمنية وإنما الكلدانية هي أمها وكانت أخت انطون بك ابن يوسف الشماس عبد المسيح وليست ابنته. فليحفظ. ومن حسنات هذا التاريخ إنه مذيل بفهارس هجائية تتضمن أسماء الكتاب والصحافيين وصحفهم ومجلاتهم لكن المؤلف لم يجر على خطة واحدة في ذكر تلك الأسماء ففي جزء يوردهم بموجب اسمهم الشخصي وفي جزء آخر بموجب جمامهم أي اسم عشيرتهم أو أسرتهم أو شهرتهم. وفي بعض الأحيان باسم لا مناسبة بينه وبين ما يجب أن يطلب في الفهرس. فقد ذكر مثلا قاسم الكستي وقدور باحوم وقيصر المعلوف وقيصر كرم في الجزء الأول في حرف القاف. وذكر الشيخ قاسم الكستي وقيصر المعلوف في الجزء الثاني في حرف الاسم الذي أشتهر به أي أنه ذكر الأول في حرف الكاف والثاني في حرف الميم. ومثل هذا الخلل كثير. وذكر اسمنا في الجزء الأول في حرف الهمزة. وفي الجزء الثاني في حرف الكاف أي الكرملي. وكان الأولى أن يذكر في الجزأين في حرف الهمزة. ومن حسناته أيضاً أنه أصلح أموراً كثيرة تاريخية كان أدخلها التاريخ بعض الصحافيين على غير عمد؛ من ذلك: ما جاء في الفصل الثالث من الجزء الأول الذي ذكر فيه مؤرخي الصحافة العربية فدل بحثه على غور بعيد في تتبع الحقائق والوقوف على أدق الدقائق ولذلك يستحق كل مديح وثناء. وقد وقع في الكتاب بعض أغلاط طبع كقوله في ص 9 من الجزء الأول (بعد البحث) والأصح البحث. وفيها: ويبتروا لسان المتطفلين والأصح (السنة) وإن كان لكلامه وجه صحيح. وفيه: لأن الواجبات الأولية في الصحافي أو السياسي هو أن يكونا حاصلين، والأصح: هي. وفي ص 21 و25: أدار (بالدال المهملة) والأصح آذار (بالذال المعجمة) كما نبه عليه صاحب التاج وفي ص 29 (ألفتنا نظرة إلى هذا السهو) والأصح لفتنا نظره من الفعل لا من الأفعال. والأفصح وجهنا نظره. وفيه: فيما ذكره عن الدورين والأصح في ما ذكره بفصل الكلمتين. وفيها: وهي ثالثة الجرائد في قدمة العهد والأصح في قدم أو قدامة العهد وفي 2: 14 رسوم جميع مدراء البشير

والأصح مديري البشير على أن هذه الهنات لا تستحق الذكر بجانب هذا السفر الجليل الحسنات التي تجعله بين الكتب الممتعة الخالدة وأباً لكل ما يصنف بعده في هذا المعنى وكفاه ذلك ثناءٍ وتقريظاً. 8 - المنهل مجلة أدبية تاريخية اجتماعية مصورة عند الاقتضاء. تصدر مرة في الشهر بالقدس الشريف لمنشئها محمد موسى المغربي - الجزء الأول. رمضان سنة 1331 قيمة الاشتراك في البلاد العثمانية ريال مجيدي ونصف وفي البلاد الخارجية عشرة فرنكات. في هذا العدد الأول من المباحث بعد الفاتحة: مناهل الأدب، مصارع العظماء (مصورة)، الجديد وفتاة العصر (قصيدة للشيخ علي أفندي الريماوي) عرس ابنة غليوم (مصورة) الحب (بلسان الحداد والقصار والخباز والطبيب) الحب الخالص، حكم للوزراء فتاة عربية (للأديب ع) متفرقات وهي 40 صفحة. والأمل أنها تكون منهلاً للأدباء، ومشرعا للفضلاء. 9 - النادي الكاثوليكي ما هو - ضرورته وفوائده - تآليفه وخطته بقلم الأب بولس سيور المرسل البولسي - مطبعة القديس بولس في حريصا 1913. 10 قوانين النادي الكاثوليكي المؤسس في دمشق لشبيبة الروم الكاثوليك على اسم القديس يوحنا الدمشقي. طبع بالمطبعة المذكورة 1913. في الجماعات من القوة ما لا ترى في العناصر المفردة التي تتركب منها وهذا يقال في الأمور المادية والأدبية. ونفعها ظاهر لكل ذي عينين. والكراسان المذكوران يدلان أحسن دلالة على إثبات هذه الحقيقة فهما جديران بالمطالعة لما فيهما من الفوائد التي يقف عليها القارئ في أثناء المطالعة. وثمن الواحد غرشان ونصف. 11 - فردريك أوزنام نصير الدين ورسول المحبة (1813 - 1853) بقلم الخوري نقولا دهان رئيس المدرسة البطريركية بدمشق، طبع بالمطبعة المذكورة 1913. كان هذا الرجل مجهول الترجمة في الشرق ولم تعرف حياته إلا في هذه السنة بعد أن مضى على ولادته قرن بتمامه. ومن التراجم الحسنة المكتوبة في هذا المعنى هي هذه التي ذكرنا منشئها فإن صاحبها قد اعتمد في كتابتها على أصدق الأسانيد وأوثق الأخبار وأحسن الأنباء وأفرغها في أجود قالب عربي.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

12 - البيان السنوي للكلية العثمانية الإسلامية لعامها التاسع عشر سنة 1331هـ الموافق 1903غ هذا البيان من أصدق الأدلة على تقدم هذه الكلية العثمانية الإسلامية وهو مزين بعدة تصاوير تمثل بعض أبنية هذه الكلية وطلبتها مع ذكر ما يتعلق بخطة المدرسة ودروسها وشروط قبول طلبتها إلى غير هذه من الفوائد الجزيلة. والمنافع الجليلة مما يشوق المسلمين إلى إدخال أبنائهم فيها. 13 - فوائد عن الجيش المصري (بالفرنسوية). لمصطفى بك إبراهيم دي كورتن. طبع في باريس في مطبعة فرزنية 1913 صديقنا مؤلف هذا الكتاب من أدرى الناس بشؤون الشرق لا سيما بشؤون ديار شمالي أفريقية. وكان يظن بعض الأدباء إن معرفته محصورة في بلاد تونس والجزائر لا غير. وهذا الكتاب الذي أمامنا يشهد على إن الكاتب واسع الإطلاع واقف على ديار مصر وجيشها وتاريخ أعماله. وقد أيد أقواله كلها بجداول مفيدة لا يستغني عنها كتاب مصر ولا سيما أرباب الصحافة الذين يهمهم الوقوف على حقائق الأنباء ودقائقها. وقد قسم كتابه قسمين: الأول في تاريخ الجيش المصري والثاني في الجيش المصري الحالي فنحث كل أديب يهمه الإشراف على أحوال مصر أن يطالع هذا التصنيف المفيد لأنه يجد فيه ضالته المنشودة. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سقوط مسقط مسقط هي الثغر العربي البحري حاضرة بلاد عمان على حرف بحرها في عرض 23 درجة و37 دقيقة من الشمال وفي طول 56 درجة و15 دقيقة من الشرق فيها نحو 35 ألف من السكان وميناؤها حسن وكان قد حصنها سابقاً البرتغاليون. وتجارتها مع بمبي وخليج فارس نافقه، والميناء الصغير الذي يجاورها واسمه (مطرح) يعد من مرافقها وكان قد فتحها البوكرك في سنة 1507 فأمتلكها البرتغاليون إلى سنة 1648 ثم خرجت من أيديهم وتقلبت عليها الأحوال حتى أصبحت هدفاً للنفوذ الإنكليزي إلى هذه الأيام الأخيرة فجاءتنا الأخبار إن الإنكليز احتلوها وغدت من أملاكم. ولا بد من أن نعرض على

القراء مجمل الأنباء منذ أقرب عهد إلينا أي منذ عهد السيد سعيد بن سلطان لتقوم في الفكر صورة الحقيقة منذ نشأتها إلى هذا العهد. وقد استندنا في اغلب هذه الرواية على حضرة سليمان أفندي الدخيل صاحب الرياض فنقول: كان لمسقط في عهد السيد سعيد بن سلطان شأن يذكر أصبحت فيه حاضرة إمارة كبيرة على سيف الخليج الفارسي تمتد على الثغور البحرية المجاورة لها حتى جزيرة البحرين التي لم تغلب عليها مع أنه حارب أهلها أشد المحاربة ومن الثغور التي كانت تضاف إلى الإمارة المذكورة لنجة وبندر عباس وما يجاورهما من البلاد الإيرانية الواقعة على خليج فارس. لا بل امتدت أجنحة إمارته إلى ساحل شرقي أفريقية مثل بلاد (لامو) و (منباسة) و (الانفزيجة) و (بندر السلام) و (هنزوان) (الجزيرة الخضراء) وزنجبار وغيرها. وكان قد أقام حاضرتين وهما (مسقط) للبلاد الواقعة في بحري عمان وفارس (وزنجار) للأقطار الأفريقية. وعقد معاهدة مع والي البصرة ومثلها مع دولة الهند ليحافظ على استقلاله وأمور دياره حتى أن فرنسة أقرت له بلقب سلطان العرب أو إمبراطورهم وقد نالت رعيته من الرفاهية ورغد العيش ما لم تنله تلك الأقطار في سابق الأعصار، وكان له أسطول ذو حول وطول يمخر أبحر الهند وفارس وعمان. . . بقيت تلك الدولة في نمو وزهو إلى أن توفى السعيد فانقسمت دولته بين أبنائه قسمين: شطر عربي وشطر أفريقي، فكان الشطر الأفريقي نصيب السيد ماجد ومن بعده السيد برغش ووقع الشطر العربي حصة للسيد ثويني الذي قتله ابنه السيد سالم ليستولي على سلطنته، وما بدأ هذا الرجل بالقبض على زمام الأمر إلا واستعرت نيران الفتن واندلعت السنة اللهيب إلى تلك الديار ولم تخمد إلا بتغلب السيد تركي عليها وهو ابن السيد سعيد أخي السيد ثويني وبقيت الأمور تجري في مجراها إلى عهد السيد فيصل بن تركي السلطان العربي الحالي، فتقاسم الإنكليز والألمانيون تلك البلاد في معاهدات سنة 1890 وأفضت ثغور فارس والبحرين والكويت إلى حماية الإنكليز. وهكذا أخذت البلاد تخرج من أيدي أصحابها. ولما اخترع الإفرنج البواخر وسيروها على متان البحار وشحنوها آلات جهنمية وبقي العرب على حالتهم الأولى من اتخاذ السفن الشراعية أو ذوات المقاذيف ضعفت قواهم في المحاربة وتأخروا عن سائر الأمم التي كانت تزداد قواها بازدياد عدد بواخرها وبوارجها ومدرعاتها فاضطر أمير مسقط أن يسايس الإفرنج والإنكليز خوفاً من أن تفلت بلاده من يديه قهراً وقسراً بدون أن يتمكن من معارضة المتغلبين الطامحة أبصارهم إلى دياره. فاضطر إلى منع النخاسة (بيع الرقيق) ثم إلى منع بيع الأسلحة ثم إلى غير هذه المطالب مما أوغر صدور العرب عليه ودفعهم إلى الخروج عليه. وأول من نفث في صدور الناس روح العصيان هو الشيخ عبد الله السلمي من (الشرقية) فإنه

دعاهم إلى أن يبايعوه وقد كان بلده (ضبية) ومسكنه في لبد (لقابل) الذي أميرها الشيخ عيسى بن صالح وأول من بايعه هو هذا الشيخ وكانت المبايعة سراً والغاية من هذا الخروج إقامة السيد فيصل (إماماً شرعياً) على الاباضية في مسقط يكون نافذ القول والأحكام لا سلطاناً ولهذا كتبا إليه كتاباً ليطلعاه على ما جال في فكرهما فأبى السيد فيصل قائلاً إنه (سلطان وإمام معاً) وإنه حر القول والفعل في مملكته يعمل ما يشاء ويقول ما يشاء. فلما بلغ ذلك الخبر إلى الشيخين امتعضا وأنضم إليهما جمع شايعوهما في أفكارهما ثم طلبوا جميعهم إلى السيد فيصل أن يقطع دابر المومسات من مسقط وعمان وأن يمنع شرب المسكرات والدخان وتجول المبشرين في تلك البلاد إلى غير هذه المطالب فأبى كل الإباء قائلاً: إن الإنسان خلق حراً ولا يحق لي أن أقيده بقيود. فلما رأوا أنه رفض كل ما طلبوه منه اجتمع الشيخ عبد الله السلمي والشيخ عيسى بن صالح والشيخ عبد الله بن سعيد وعقدوا مجلساً خفياً في (سمائم) من بني الريحة وقرروا أن يبعثوا الشيخ عبد الله بن حميد إلى جميع ديار عمان ليدعوا أهلها إلى النهوض مع الشيوخ المذكورين وإلى محاربة السيد فيصل لكونه أبى تلبية مطالبهم. فجرى الأمر على ما قرروه وكنوا الصلح في قبائل عمان المختلفة وربطوا بعضها ليكونوا يداً واحدة على السيد السلطان ثم سار الشيخ عبد الله بن حميد إلى (تنوف) بليدة قريبة من (نزوة) وواجه شيخها حمير الأمامي الذي أمر للحال فجمع علماء الاباضية وذاكرهم في الأمر فقر رأيهم على تعيين إمام ومبايعته فأقاموا عليهم الشيخ سالم بن راشد الخروسي ودخلوا (نزوة) سراً ودعوا سكانها إلى المبايعة فبايعوا الإمام وكان في مقدمتهم بنو يام والكنود. فلما بلغ الخبر أمير نزوة وهو السيد سيف بن حمد من أبناء بني سعيد هجم عليهم بعسكره كبحاً لجماحهم. لكنهم أبلوا بلاء حسن وقتلوا من بني سعيد خاصة أكثر من 25 رجلاً وجرحوا الوالي ثم بعد ذلك أخذت نزوة أو قل سلمت نفسها بدون ممانعة ليضعف أهلها وقوة محاربيهم وللحال أخرجت العساكر من القلعة الحصينة وأحتلها أتباع الإمام.

أما الوالي فإنه لما رأى الحال على تلك الصورة لجأ إلى أحد المساجد فطلبوا إليه أن يطاوع الإمام وإلا يعامل معاملة الأسير فاستمهلهم ساعة قبل الجواب فلما أمهلوه انتحر. قبض الإمام على زمام الأمر في نزوة ولما قرت فيها قدمه أرسل يقول لسكان بيت سليط إما الطاعة وإما الحرب. فسالموه وأطاعوه. ثم سار وقد قسم جنده إلى طائفتين وجه الطائفة الأولى إلى (بركة الموز) والطائفة الأخرى إلى الرستاق وما كادت تصل تلك الجنود إلى تلك الديار إلا وانقاد سكانها للهاجمين بدون معارضة. ثم زحفوا على بلاد الحزم فبايع أهلة الإمام ثم زحفوا إلى ولاية الغوابي فلم يقاومهم فيها أحد. وفي تلك الأثناء كانت الطائفة الثانية من الجند قد زحفت من (بركة الموز) إلى (ولاية تركي) وقالوا لواليها: إن أنت وافقتنا على أنرنا أقمناك إماماً. فسلمهم القلعة بدون محاربة وللحال لفوا رأسه بعمامة وقالوا له: (كن مستعداً لأن تكون خليفة (!!!) بعد إمامنا هذا (!). لما سمع السيد فيصل هذه الأمور جيش جيشاً فيه 5 آلاف جندي وأمر عليه ابنه السيد ناذر فلما وصل إلى قرب موقع الإمام الجديد في (سمائم) قلب له جيشه ظهر المجن فانحاز إلى جيش الخصم ولم يبق معه إلا فرقة من البلوص وأولاد بني سعيد وكلهم لا يتجاوز عددهم التسعين. فلما رأي هذه الخيانة لجأ إلى حصن سمائم فدخلة ولبث فيه محصوراً منتفعاً بالمدافع التي كانت هناك دفعاً لهجمات عدوه الشديدة. أما قبائل ذلك الموطن فإنها لم تنفعه فتيلاً لأنها كلها خانته وانحازت إلى الإمام الجديد الذي اشتد ساعده لما رأى من الفوز المبين ومع ما توفق له من انضمام القوم إليه لم يستفد من محاصرة السيد ناذر عظيم فائدة لأنه كان يدحرهم شر دحر بما كان يمطره عليهم من قذائف مدافعه. ولهذا رأى الإمام من الأوفق له أن يتركه وشأنه ويحاصر البلد محاصرة ضيقة بحيث يبقى السيد ناذر وهو في حصنه في بؤرة البلد.

ثم إن الشيوخ تفرقوا بجنودهم فسار الشيخ حمير بجنوده إلى (سمائم السفلى) وسار الشيخ عيسى إلى بلد (سرور) فبايعه أهلها. وسار الإمام ومعه الشيخ عبد الله إلى سمائم العليا محاصرين السيد ناذراً. ثم إنهم لما لم يروا نتيجة أتعاب محاصرتهم حفروا سرباً أو نفقاً تحت الأرض على بعد ربع ساعة (كذا ولعل في هذه الرواية غلواً عظيماً ولا سيما لأن الأرض هناك ذات حجارة صلبة سوداء تكاد تكون كالحرة) ينتهي إلى القلعة ونسفوا بالبارود شيئاً يسيراً من الحصن ولم يصب أحد بضرر لا من المحاصرين ولا من المحاصرين لكن لما أعادوا الكرة وأخذوا ينسفون الحصن للمرة الثانية رجع مفعول البارود على جند الإمام وأهلك من قومه نفوساً كثيرة. أما الشيخ عيسى فإنه أوغل في البلاد وبايعه أهلها وما زال يمعن فيها حتى وصل إلى بلد (فنكا) فأرسل السيد فيصل عليه جيشاً جراراً وعند وصوله إلى بلد (الخوث) رجع على أعقابه وذهب إلى بلاد (السيب) بدون أن يرى العدو بل علم أن العدو قد احتل (الخوث) قبل أن يصل إليه وبايعه أهله فحقق سعي جيش السيد فيصل - وأما جيش الإمام الذي كان قد احتل (الرستاق) فإنه تجاوزه وأمعن في البلاد حتى دخل (العوابي) وفيها أبناء السيد فيصل وهما حمود وحمد ومعهما السيد (هلال) والي (بركة) فلما رأوا صولة العدو فروا هاربين من القتل فأخذها الإمام وأخرج منها العسكر الموجود فيها وامتلك الأسلحة المذخرة هناك وباعها للعشائر. استمرت هذه المحاربة نحو أربعين يوماً. . وفي الآخر رأى السيد فيصل أن لا طاقة له على مقابلة العدو فأستنجد بالإنكليز فأمدوه بست بوارج هائلة وبخمسمائة جندي. واعديه أن يساعدوه في كل ما يطلب وأن لا يبعدوا في البر أكثر من مسافة ساعة. وقد احتلت الجنود الإنكليزية بعض القلاع واخذوا يقاومون العدو أشد المقاومة وأصبحوا أصحاب الأمر والنهي في عمان. ولما قرت قدم الإنكليز في مسقط وفي سائر ديار عمان وأصبحوا فيها أصحاب الأمر والنهي نشروا فيها أجنحة الأمن والراحة والسكون. حتى أن أحد تلك الأرجاء كتب إلى جريدة الدستور البصرية (أن السكينة قد عادت إلى ربوعها بعد أن أتخذ الإنكليز جميع وسائل الحرب لصد العدو عن مهاجمتها لا بل شرعوا المذاكرة في أمور الصلح بينهم وبين الإمام الأباضي) فتبارك مالك الملك الذي يؤتى الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء.

العدد 29

العدد 29 جزيرة العرب 1 - نظر مجمل فيها إن معرفة أحوال جزيرة العرب والإحاطة بما فيها من القبائل والعشائر والمواقع والمواضع إلى غيرها من أشد الأمور غموضاً على الباحثين من العلماء وأصعب من ذلك الوقوف على ما في كبد جزيرة العرب مما أشرنا إليه فلقد بقي إلى الآن مطوياً عن المتطالين إلى الإطلاع عليه ولا يعلم بما فيه من النفوس والقبائل إلا الله وحده. ومع كثرة دواوين التواريخ العربية فإنا لم نعثر إلى الآن على من بحث فيها بحثاً شافياً وافياً؛ وجل ما رأيناه من المؤلفات تتناول أطراف الجزيرة مما يداني الأبحر الواقعة عليها. أما وسطها فإنه بقي كعنقاء مغرب يسمع باسمها ولا يرى جسمها؛ وقد أدعى كثيرون إنهم جاسوا الديار لكن تفاصيل أبحاثهم دلت على ما يخالف أقوالهم أو إنهم لم يروا إلا الشيء النزر الذي لا يعتد به. ومن أحسن الكتب التي أنشئت في جزيرة العرب هو كتاب (صفة جزيرة العرب) للهمداني لكن اغلب أبحاثه تشمل القسم الشمالي والجنوبي من الجزيرة وما فيهما من الموارد والمياه والمراعي. وكل ذلك على ما كان في سابق الزمان في عهد المؤلف وقد حالت الأحوال وتغيرت الأجيال وانتقلت القبائل من مواضعها إلى مواضع أخرى حتى أن الباحثين اليوم لا يكادون يقعون على ما يطالعونه في ذلك التصنيف الجليل ولا يجد فيه الرحالة ذريعة يتذرع به للوصول إلى غايته. اللهم إلا أن يضيع شطراً من عمره في التجول في تلك البلاد والتنقل مع قبائلها كما فعل أفراد من الإفرنج المتفرغين لهذه الأبحاث فتبدوا مع أهل بادية الشام ومع ذلك رأينا

أنباهم دون ما كان يتوقع من مثلهم مع أن أحدهم أضاع أكثر من 13 سنة فجاءت جل إفاداته ما يكون بمنزلة ملحق للأمور السياسية مما يدل على إن معظم همه كان تدوين ما يخص تلك الوقائع دون غيرها من الشؤون الاجتماعية والتاريخية. ومما نوجه إليه الأنظار رسوم جزيرة العرب فإننا لم نعثر على ما يفي بالمقصود فإن اغلب ما أحسن رسمه منها هو سواحلها دون أواسطها. وكثير مما ذكر جاء مصحفا أو محرفاً قلت معه تلك الفائدة على أننا لا ننكر فائدتهم بوجه الأعمال إذ ترشد الباحث الخبير من أبناء الشرق إلى ما يجب تتبعه من هذا القبيل. وقد عنى جماعة من علماء الإنكليز والألمان والفرنسويين بوضع رسوم لا ننكر فائدتها. وقد سمعنا إن في نظارة ألمانية مخططات كبيرة فيها ذكر مواقع وقرى وبلدان لم تذكر في غيرها فعسى أن يصح الخبر. وكذلك يقال عن مثلها للإنكليز بيد إن هذا كله لم يظهر إلى عالم الوجود إلى يومنا هذا ولا بد أن تنشر يوماً إن صحت الأخبار. أما تاريخ العرب فهو على هذا المثال من الغموض والإشكال. ولا سيما تاريخهم في العهد القديم السابق لعهد الإسلام، ذلك التاريخ الذي يصل الأمم الباقية بالأمم البائدة فكل ما جاءنا لا يذعر له الفكر ولا يصدقه العقل. وقد سعى الكتاب في هذه السنين الأخيرة في نشر بعض الكتب اعتماداً على ما اكتشف من الآثار والرقم إلا أن هذه الأسفار لا تزال ناقصة. وإننا لنأمل إن علماءنا العصريين يعيدون الكرة فيجددون عزائمهم الخائرة، ويمعنون في البحث ليقعوا على ما يزيل الشبهات، ويقطع أصول الريب ببينات لامعات. أما اللغة العربية فقد كادت تفسد بالتمام في هذه العصور الأخيرة لكثرة ما أصاب أبنائها من النوائب لولا أن القرآن الذي هو أساس الدين ولغته لغة الدين حفظها من الدمار والبوار. ثم قيض الله لها باحثين أصحاب نظر وفكر بينوا محاسنها وصححوا ما أفسد من ألفاظها وميزوا ما فيها من حسن وسيئ فنبذوا منها القبيح وضنوا منها بالصحيح فأخذت تعود إلى نضارة عزها وغضارة مجدها. وأصبحت اليوم واسطة الوحدة العربية. والرابطة القومية بين بلاد وبلاد. ولا بد أن يأتي يوم نعرف فيه ما لفضل هذه اللغة وشدة ارتباطها بالأم التي ولدت منها، وإن هذه الابنة هي أحسن سائر البنات أخواتها في حفظ عوائد وأخلاق تلك الأمم المنقرضة البائدة.

2 - حدود جزيرة العرب وأقسامها أما حدود جزيرة العرب فمن بين جميع سائر البلاد لم تتغير على تطاول الاعصار وتغير الأحوال والأجيال لأنها طبيعية فقد كانت في السابق كما هي اليوم بدون فرق عظيم. فيحدها من الشمال بادية الشام ومن الجنوب بحر الهند (أو إن شئت فقل بحر العرب وخليج عدن) ومن الشرق خليج فارس وبحر عمان ومن الغرب البحر الأحمر أو بحر قلزم. وكان يعرف هذه الحدود العرب الأولون لكن باختلاف في إيراد الأسماء. وتقسم جزيرة أو بلاد العرب إلى قسمين قديمين وهما: ديار بني عدنان أو بني إسماعيل وديار بني قحطان وبعبارة أخرى ديار عرب الشمال وديار عرب الجنوب. وهذا التقسيم لا يعرف اليوم. أما المعروف فهو: الحجاز واليمن وحضرموت وعمان ونجد والاحساء وهذا الأخير لا يعرف إلا منذ نحو نصف قرن. 3 - ديار نجد ولما كنت نجدي المولد والمنشأ أحببت أن أقدم تعريف دياري على غيرها ولا سيما لأنها سرة جزيرة العرب ولأنها من أغمض أقسامها إذ قلما جاس خلال دورها الإفرنج وكتبوا عنها الكتابة الصادقة، الصحيحة الأخبار والأنباء. وهي تقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول العروض أو العرض أو الرياض أو الدرعية وهي إمارة ابن السعود. والثاني: القصيم وهو عبارة عن إمارتين: إمارة آل سليم وإمارة آل مهنا. والثالث: الجبل أو جبل شعر أو جبل طي وهو إمارة ابن الرشيد وعاصمته حائل سمى كذلك لأن هذا البلد حال دون ديار الشام ودومة الجندل أو بين القصيم والرياض. وقد ذكرنا ذلك في هذه المجلة 1: 17 - 18 فراجعها. أما اليوم فنتعرض لذكر أسماء أمراء كل إمارة مع أنسابهم باختصار بموجب التاريخ الصحيح ثم إذا سنحت لنا الفرصة للحق بكل إمارة ذكر قبائلها وعشائرها ووصلها بالقبائل القديمة المشهورة مع ذكر أسباب التنقل والتغير والانتجاع التي وقعت في العهد السابق. وفي الأخر نذكر الطرق والمياه والمواطن والجبال المشهورة فيها وإن ساعدتنا الأحوال مساعدة عظيمة خصوصية وضعنا لتلك الديار رسوماً كبيرة تحوي في كبد هذه الجزيرة من البلاد والقرى والموارد والمنتجعات، والله المعين.

4 - أمراء نجد لما كان الأمير سعود الأول هو الذي رفع ذكر هذه الإمارة إلى مناط العيوق كان من المناسب أن نجعله في مبتدأ النسب ونذكر أجداده على ما وقفنا عليه ثم نعود إلى ذكر الأمراء وتاريخهم واحداً بعد واحدٍ فنقول: الأمير سعود هو ابن الأمير محمد ابن الأمير مقرن ابن الأمير مرخان (وقد كان أميراً مستقلاً) ابن الأمير إبراهيم الذي كان في عهد العباسيين أميراً قائماً بنفسه صاحب الأمر والنهي في جزيرة العرب وهو ابن الأمير موسى الذي كان مستبداً بنجد وبما والاها في آخر أيام الدولة العباسية وهو ابن الأمير ربيعة وقد كانت تخضع له الاحساء والقطيف وقطر. وهو ابن الأمير مانع الذي وضع أساس (الدرعية) وبناها. وجدد بناء الاحساء والقطيف وقطر وعمان وأول من بنى فيها القلاع المنيعة والحصون المكينة والأسوار الشامخة وكان مستقلاً بالإمارة في سنة 850هـ (1446) ومن ذريته (المنانعة) الموجودون اليوم في نجد. وهم أسرة كبيرة شريفة متفرقة في كثير من الديار العربية وغيرها. وهو ابن المسيب بن المقداد بن بدران بن مالك بن سالم بن مالك بن حسان بن ربيعة بن مر بن منقذ بن الحارث بن سعد بن همام بن سعد بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن دعمي بن جديلة بن معد بن عدنان. فنسب الأمير سعود يتصل بعدنان. وفي غير كتب خطية يتصل نسبه بإبراهيم (عم) لكننا نعتمد على الأول لوضوحه وجلائه. وقد تولى الإمارة بعد والده الأمير محمد بن مقرن وكان مسكنه في الدرعية وإليه ينسب بيت السعود. وكانت وفاته في سنة 1137هـ (1724م) وخلف أربعة بنين وهم ثنيان ومحمد ومشاري وفرحان. والذي تربع على عرش الإمارة بعده هو ابنه:

الأمير محمد ابن سعود وسار هذا الأمير سيرة حسنة في الناس إذ رفع المظالم وأبطل المكوس والضرائب وعاضده على ذلك أخوه ثنيان الأكبر فقويت شوكته وامتدت سطوته وناهض الاستبداد أشد المناهضة وحاول الاستيلاء على جميع جزيرة العرب في حياة أخيه ثنيان إلا أن الأخير مات في سنة 1160هـ (1747م) فلم ينل محمد ما كان ينويه ثم مات هو أيضاً في سنة 1170هـ (1756م) فقام بالإمارة بعد ابنه: الإمام عبد العزيز بن محمد الذي هو أيضاً سار سيرة حميدة في القوم ولم يبتعد عن سنن والده وحاول تحقيق أمنية أبيه من إخضاع جزيرة العرب كلها لإمارته فدانت له نجد كلها وكل ما في أطرافها المترامية الأكناف فاتسع نطاق ملكه وكان مغواراً لا يمل من المحاربة والمقارعة وكان يباشر الملاحم بنفسه حتى كبر. وقد كانت وفاته قتلاً إذ أغتاله رجل رافضي من أهل العمادية (من ديار الجزيرة) جاءه لهذه النية السيئة وكان ذلك في نهار الجمعة في صلاة العصر في جامع الدرعية سنة 1218هـ (1803م) فتولى زمام الأمر بعده ابنه: الإمام سعود بن عبد الله تولى هذا الأمير ديار نجد وجند جنوداً تزيد على 400 ألف رجل بين فارس وراجل واخضع سائر ديار جزيرة العرب وحاول مناهضة الملوك الحاكمين على أطراف الجزيرة واستخلاصها من أيديهم. وقد توفق لشيء كثير من ذلك ومن عجيب أمره إنه لم تهزم له راية قط. وقد كان عالماً ذكياً حسن الخط مجيد القراءة الصحيحة. وقد كان من الهيبة والأبهة والجلال ما يبهر عيون الناظرين وكان فصيح الكلام إذا تكلم أنصت له جميع السامعين. ثم توفى في سنة 1229هـ (1814م) وتولى بعده ابنه: الإمام عبد الله بن سعود فسار سيرة والده في القوم إلا إن أخوته ما كانوا يوافقونه كل الموافقة وكان لا يستطيع مخالفتهم فنازعه أخوه سعود بن فيصل بن سعود فكان كل منهما يأمر وينهى في الشؤون على خلاف ما يقطع به أخوه وللحال تفرقت كلمتهم ونفر منهم فئام من العرب واتسع الخرق في قوتهم فانتهزت الحكومة المصرية هذه

الفرصة فرصة الخلاف بين الأخوين فانحاز إلى المصريين كثير من عرب نجد والحجاز والعراق والشام واليمن فخذل آل سعود. وتوفى عبد الله في القسطنطينية سنة 1233هـ (1818م) وكان شهماً عفيفاً كريماً سخياً لكنه لم يكن صائب الفكر والرأي كما كان والده. ولهذا السبب أضاع شيئاً كثيراً من مملكته واختلت سياسته لرعيته. وبعد وفاته تولى الإمارة أخوه: الإمام مشاري بن سعود الذي حاول أن يسترد ما فقده أخوه لكن حالت دون أمانيه موانع جمة لا بل اضطربت قبائل نجد في عهده فشغبت عليه ولم يتمكن من إخضاعها له. وما زالت شاقة العصا عاصية عليه حتى توفى في سنة 1235هـ (1829م) وخلفه بعده في الإمارة ابن عمه: الأمير تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود فاخضع نجداً بسيفه البتار وفكره الصائب وسار سيرة محمودة في الرعية وكان يمارس الطب عارفاً الأدوية، عالج كثيراً من المرضى فشفوا على يده ولم يزل مقيماً في دار إمارته (الرياض) حتى قتله فيها ابن عمه مشاري بن عبد الرحمن سنة 1249هـ (1833م) فتربع على عرش إمارته قاتله المذكور: الأمير مشاري بن عبد الرحمن بن مشاري بن حسن بن مشاري بن سعود إلا إنه لم يلبث في الإمارة إلا مدة أربعين يوماً ثم أحاطت به جنود أهل نجد ومعهم فيصل بن تركي فأدركوه في قصر الإمارة في الرياض وقتلوه. ثم هجرت (الدرعية) واتخذت (الرياض) مقراً للإمارة فأصبحت هي العاصمة منذ ذاك الحين إلى يومنا هذا وبعد أن قتل الأمير مشاري تولى الإمارة بعده: الأمير فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود فسار سيرة طيبة في المسلمين إلا أن الأقدار لم تساعده على أن يبقى راخي البال لأن الاضطرابات كثرت في نجد وخرج عليه ابن عمه خالد بن سعود في عسكر جاء به من مصر فقبضوا على فيصل في إحدى قلاع الخرج وذلك بعد حروب ووقائع كثيرة لم يفشل فيها فيصل بل ثبت فيها ثبت الأسد القسور حتى غلبه القضاء والقدر بأن خانه جنده فأخذ أسيراً إلى مصر سنة 1255هـ (1839م) وقبض بعده

على زمام الإمارة ابن عمه: الأمير خالد بن سعود وقد ساعدته الحكومة المصرية على نيل هذه الرتبة بما بذلت له من المال والرجال إلا إنه لم يسلك سنة آبائه في السياسة بل سار على نهج المصريين فأنكر عليه أهل نجد أعماله وسلوكه ونفرت منه القلوب ولم يبق شيئاً مذكوراً في نظرهم وكانت أمه جارية حبشية ذكية فطنة جداً. وما زال مكباً على لهوه حتى أجمع أهل نجد على خلعه فخلعوه سنة 1257 (1841م) وتولى بعده ابن عمه: الأمير عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود فاخضع نجداً بسيفه وفكره وأسس سياسته للبلاد على سنة آبائه الكرام فأحبوه ومالت إليه القلوب وكان شجاعاً لا يهاب اقتحام الأخطار وحومات الحروب فهابته الملوك وعزم على مناوأتهم فعالجه القدر وتوفى مسموماً أو قتيلاً وذلك سنة 1259هـ (1843م) وتولى بعده ابن عمه: فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود وهو الذي أخذ أسيراً إلى مصر فإنه توصل إلى الهرب من سجنه وعند هبوطه نجداً صادف مجيئه وفاة عبد الله بن ثنيان المتقدم ذكره فتولى الإمارة بعده ودانت له أعراب نجد واستقام له الأمر فيها مدة حياته التي عاشها بعد خروجه من مصر وكانت وفاته في سنة 1282هـ 1865) ومن بعده تولى الإمارة ابنه الأمير عبد الله باتفاق جميع عشائر ديار نجد وحمولة آل سعود. وسار في أول الأمر سيرة حسنة ثم تغيرت سياسته بعد ذلك مع أخوته وبني عمه فانقلبت به الأحوال ظهراً لبطن وأجمع خصومه على خلعه وتقدم لرئاسة الخلع أخوته سعود وعبد الرحمن وثنيان وأبنا عمه فهد بن صنيتان (مصغرة) وعبد الله بن ثنيان (مصغرة) وآل مشاري وآل مقرن فخلعوه سنة 1281هـ (1864م) بعد حروب ووقائع شتى. ثم انتقلت الإمارة من بعده إلى أخيه: الأمير سعود بن فيصل واخضع له شرقي نجد وباديتها وحاضرتها فانحاز أخوه المخلوع عبد الله إلى عشائر قحطان وحارب أخاه محاربة طويلة اضطر في نهايتها إلى أن يهرب من أمام وجهه فاتفق آل سعود مع الأمير سعود على محاربة عبد الله إن عاد إلى فكره على شرط

أن يشتركوا مع سعود في إمارة نجد فرضى بذلك فتجزأت البلاد وأصبح كل صقع منها لأمير فكان أمير الخرج ثنيان بن عبد الله بن ثنيان وأمير الاحساء وما فيها من الجيوش وأمير الاحساء والقطيف وقطر وبلاد البحرين وما والاها من أطراف عمان وملحقاته: الأمير عبد الله بن عبد الله بن ثنيان وأمير العارض وجيشه ونواحيه وما والاه من بادية وحاضرة الأمير سعود بن جلوي بن تركي. وأمير الفرع وجيشه وما يتعلق به وما يضاف إليه من آل شامر والقرينية (بالتصغير والنسبة): الأمير فهد بن صنيتان من آل ثنيان وأمير الرياض وملحقاتها: الأمير عبد الرحمن بن فيصل بن سعود الموجود اليوم وأمراء نجد جماعة منهم: أمير جيوش نجد (القصيم وما يضم إليها من الملحقات) الأمير محمد بن سعود والأمير عبد الله بن سعود والأمير سعد بن سعود والأمير عبد الرحمن بن سعود والأمير عبد العزيز بن سعود آل فيصل والأمير ناصر بن فيصل بن ناصر والأمير إبراهيم بن عبد الله الثنيان من آل سعود. وما زالوا على هذه الحال إلى أن توفى الأمير سعود بن فيصل سنة 1291هـ (1874م) فبقيت نجد بين آل سعود ولم يمكن منهم أن يستقل بها وحده دون غيره لتفرق كلمتهم وعدم اتفاقهم على واحد يقرونه على الإمارة. إلى هنا نختم هذا الفصل من تاريخ أمراء نجد وسيتلوه فصل آخر في ظهور دولة السعود الجديدة. والله الموفق. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض ومجلة الحياة

لغة العرب

لغة العرب الجائرون بحكمهم أهلوك ... ظلموك إذ خمدوا وما رحموك كنت المليكة في اللغات وإنما ... كان الملوك على الأنام ذويك أبكيك مما يعتريك وإنني ... أبكي زمانهم كما أبكيك وسعت رصانتك الكتاب فما لهم ... جهلوا (الكتاب) وما لهم جهلوك كرهوك إذ نبذوك خلف ظهورهم ... يا ليت شعري مم هم كرهوك وكسوك ثوب تغير فتصوحت ... بك زهرة التسكين والتحريك لا تجزعي مما لقيت فإنما ... أيام (عبد الله) قد تكفيك أنسيت أيام (الرشيد) أم انثنى ... منك الفؤاد إلى الأمين أخيك لا عهد (إبراهيم) فيك بقية ... منه ولا عهد (الرشيد) أبيك عذلي أوجهه إلى العرب الالي ... تركوك (والترك) الالي تركوك جهلوك (يا أم اللغات) جميعهم ... ولقد شناك بنوهم وبنوك لو كان جرحك منهم لأسوته ... لكن بنوك كجرحهم جرحوك تركوك (يا لغة النبي) وآثروا ... في المسلمين سياسة التتريك ظنوك قاصرة البيان ورجموا ... في قومك العرب الظنون وفيك ما بالهم خضعوا لشانك فاجتنبوا ... من بعض عسجد لفظك المسبوك ظلموك فيما يحكمون وإنما ... ظلموا. . . . . . إذ ظلموك أم البلاغة والفصاحة ما لهم ... أنسوا البلاغة بعد ما نسوك ولي زمان فيه غصنك ناضر ... إذا أنت ذات شرافة وسموك كنت العقود بلبة الدنيا فقد ... صارت عقوداً غير ذات سلوك لما تعطلت من حليك جيدها ... بكت المعارف بالدم المسفوك حسدتك آفاق السماء فآنت ... بنحوسها فغدت بها تشقيك ما أحمر خد الشمس إلا إنها ... غضبت عليك بسترها المهتوك حسبت مكانك في الجمال مكانها ... من حيث ظنت أنها تعلوك بدر السماء عليك يلطم خده ... فلذاك لاح كدرهم محكوك

الكرد الحاليون

تنعاك أبراج السماء ونجمها ... ومن الملائك معشر ناعيك ونعتك مصر والشام وبعدها ... أمسى العراق بدمعه يرثيك بالله يا لغة (النبي) تجملي ... فلعل حادثة الرقي تليك أهلوك قد نهضوا ليستلموا العلا ... لله ما نهضت به أهلوك نقضت لك الأيام عهداً موثقاً ... فلعلهم بعهودهم موفوك لم يغن عنك البدر عند طلوعه ... كلا ولا الشمس التي تحكيك كنت الشريفة والزمان ما عف ... وملوك أهل الأرض غير ملوك أنت العلاج لنا من الجهل الذي ... أودى بنا وبديننا المنهوك ما من أعادينا تصاب بلادنا ... لكن تصاب بجهلنا والنوك يا يومنا الحلكوك طال أنيننا ... فيه فكيف بلينا الحلكوك حتى م يا شعب العراق أرك في ... لين الذليل وذلة المملوك في أمس تسحب ثوب رق للعلا ... واليوم تسحب بذلة الصعلوك أمياه (دجلة) في العراق لعلما ... يجري على إمهاله واديك أجريت يا وادي الفرات بمهلة ... أم كيف أنت بمائك المتروك أعيون أودية العراق تريثي ... إن العراق بجدبه يشكوك يشكوك من ظماءٍ وأنت مفيضة ... ذهباً عليه من منابع فيك محمد الهاشمي الكرد الحاليون (لغة العرب) لاحظ الأدباء إن كتاب هذه المجلة هم ممن تفرغوا للأبحاث تفرغاً عرفوا واشتهروا ونبغوا فيه. وهذه المقالة التي نزفها للقراء دبجتها براعة الكاتب المجيد شكري أفندي الفضلي الذي عاش بين ظهراني الأكراد نحو 20 سنة وقد وقف على هذا الجيل أتم الوقوف حتى اطلع على عجرهم وبجرهم داخلهم وخارجهم خلوتهم وجلوتهم وقد تجول في تلك الديار كل التجول حتى إنه لم يفته أمر ولهذا لا تقرأ هنا إلا الصحيح الذي لا يشوبه ريب فنوجه نظر القارئ إلى مطالعة هذا البحث بتدبر. 1 - المرأة لا يقوم بناء مكين، إلا إذا كان هناك أساس متين، وحيث لا أساس رصين،

يكون الخراب السريع الأكيد اليقين، وما يقال في البيت المادي يقال في البيت الاجتماعي، الذي تضم حيطانه سكانه، وأساس البيت الاجتماعي هو المرأة؛ فحيثما ترى المرأة كاملة عدة النفس وهي الفضائل الصادقة، والعلوم المرقية، والآداب الطاهرة، وخدمة المنزل بدون وناء وفتور، تحكم إن هناك العمران الحقيقي والحضارة المنشودة. وقد ترى المرأة مزودة بعدة النفس إلا أنه لا يرى هناك ما أشرنا إليه من أمر هذه الحقيقة؛ والسبب هو حالة المربي الموجودة هي فيه، كما أنك لو أقمت داراً عامرة أو قصراً مشيداً في وسط فلاة لا ماء فيها، ولا نبات يوشيها، فإن ذلك المعهد قد يستقيم أعواماً مديدة، إلا أنه يبقى خالياً من كل ساكن لوجوده في موطن لا يعيش فيه حي ولا يأنس فيه أنيس. وهذا الذي نقوله يؤيده الواقع في المرأة الكردية الحالية التي تختلف بيئتها عن بيئة سائر الناس ولا سيما عن نساء العرب. فالمرأة الكردية لا تحتجب كالعربية أو كالإعرابية قطعاً، بل تطوي بساط أيامها في مقامها الطبيعي حرة العمل والتصرف هادئة الضمير والوجدان تذب عن حقوقها على حد ما يذب عنها الرجل الكردي بدون فرق. وهي ترافق زوجها مدى العمر إذا راعى حقوق الزوجية. وتفارقه أو تهجره إذا أصر على هضم تلك الحقوق أو انتهاكها ولهذا زوجها يوافقها قلباً وقالباً ولا يتعدى عليها إلا في النادر. تراها تشاطر الرجل (سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً أو قريباً) في أمر المعاش وتخفف عنه أعباء المتاعب والمصاعب بكمال النشاط والهمة وتبعث في نفسه دواعي الشجاعة وتسليه في حالتي السراء والضراء، الرجاء واليأس. - تعنى بتربية الأولاد من بنين وبنات أشد العناية ولا تفرق تربية البنين من تربية البنات، إلا أنها تراعي حقوق المكان والزمان وتعودهم الأشغال الشاقة منذ نعومة أظفارهم وتناسب بين شغل وشغل مناسبة لشق وشق - تقوم بإدارة البيت وتستقبل الأقرباء والأحباء والضيوف بذيل طاهر، وطرف قاصر، وجفن ساهر، وقلب سليم، وعقل قوي، كل ذلك حضر زوجها أو غاب، حياً كان أو ميتاً - تصغي للرجل والرجل يصغي إليها في تجاذب أطراف ما يجب عمله أو إهماله حفظاً لحياة الأسرة أو تسهيلاً لقضاء حاجياتها لأنها تشاهد وترى كل ما يجري في بيتها وتعرف جميع أحوال الذي تعيش فيه فتطابق حالتها عليه ولا تفرق عن الرجل في

الانتباه إلى ما يجب عمله وتركه. اللهم إلا في الأمور التي لم يكن لها فيها ناقة ولا جمل، أو جرت بعيدة عنها على غير مرأى ومسمع منها - المرأة الكردية الشريفة الكبيرة العريقة النسب تقوم مقام الرجل في المعاملات: في اكرآء الدور والبساتين والخضر والحوانيت والخانات وتفجير العيون وتعمير الأرضين وأغلال الضيع بل تشارك الرجال في وظائف الحكومة المودعة لزوجها أو لأحد أقربائها وأنسابها وإن كان هذا الأمر نادراً. رأيت امرأة أحد قوام المقامات في كردستان واسمها (خانم) تدير شؤون القضاء فيراجعها المتوظفون في كل الأمور المتعلقة بالإمارة. وشاهدت امرأة أحد القضاة واسمها (آمة) (أي أمينة) تجمع الحرس وتجول بهم في الأزقة من الصباح إلى المساء أو بالعكس لحفظ البلدة من سطوة اللصوص وهجمات الأشقياء. والمرأة الرحالة الكردية تمتطي الجواد كالرجل إذا أرادت السفر وتتسلح بالأسلحة المألوفة وتستعملها إذا اقتضت الحال، لركوب الأهوال - صادفت امرأة من عشيرة الشوان اسمها (كوخا نركس) قتل الهماوند أخاها فتزيت بزي الرجال وتسلحت وتنكبت بندقية وشكت في منطقتها مسدساً وامتطت جوادها وما زالت على متن فرسها حتى أخذت به وثأرت أخاها - والمرأة القروية تقطع المسافات البعيدة وتأتي المدن للبيع والشراء وهي تسعى سعياً حثيثاً على رجليها سواء كانت وحدها أم لا وقد تجلببت بالعزم والحزم وتحجبت بالمناعة والعفاف: رأيت في سفري إلى بعض ديار كردستان امرأة راجلة كانت تتبع قافلتها بجد وسعي وكانت حبلى. وفي أثناء السير تأخرت عنا زمناً. ثم لما نزلنا على ماء لنتناول الغذاء إذا بالمرأة قد أدركتنا وبين ذراعيها وليد تباغمه، ولما ظعنا نهضت معنا وهي تجد في السير كالسابق فعلمنا أنها تأخرت لوضع الحمل. ولم يعقها عائق لا الحبل ولا الطلق ولا النفاس فقلت نعمت المرأة ولتكن النساء على هذا المثال من الجد والعناء، جاهلات الحمول والوناء. على أن المرأة المدنية لا تضاهي الكردية القروية في جميع الأمور لتغير أسباب المعيشة والبيئة والمربى. 2 - الرجل الكردي يمتاز الرجل الكردي بكونه يعود نفسه الأشغال الشاقة منذ صغر سنه ويرو جسمه رياضة دونها كل رياضة لأنه يكافح الموانع الطبيعية بقلب قد من

جلمود وبصدر أرحب من الفضاء وذلك بعد خروجه من مدرسة حضن أمه الحرة بقليل من الزمن - تراه إذا ضرب في الفيافي طواها طي البساط، وإذا رقي في الجبال طاولها همة وإباء واصلاً الجد بالنشاط. وإذا جاع في تلك المطاوي اكتفى بكسرة خبز وشربة ماء، وإذا احتاج إلى النوم افترش الأرض والتحف السماء - تراه يجد في السير راكباً أهوال الحياة بشوشاً فرحاً جلداً يستقبله الأمل ويشيعه الحزم والعمل، تراه لا يصعر خداً ولا يقطب جبيناً إذا قامت بوجهه العقبات أو حلت به النوائب والملمات. وإذا نظرت إليه وهو في السهول أو الحزون أو الجبال وأمعنت فيه النظر نظر شاعر مصور للأفكار، يخيل لك إنه سلطان، وإن السهول الواسعة هي له بمنزلة الديوان؛ وما حواليه من مظاهر الطبيعة بمقام الأعوان. يخيل لك إن الجبال المرتفعة تطاطئ له الرؤوس، وتقوم بين يديه قيام رجل واحد مرؤوس، لا نفاذ أمره والجري على خاطره، يصعد إلى قمم الأطواد بحذاء يتخذه من الشعر أو الخيوط وهو الرشك ويتجول به إلى حيثما يشاء وهو يقطع الصخر ويقطع الشجر لبناء بيته منهما. ويصطاد الحيوانات ويلتقط المواد النباتية ليتخذ منهما طعامه أو يتجر بهما معاً ويدأب في غرس الكروم والأشجار المثمرة ويزرع الحبوب المتنوعة في الحزون والسفوح مكتفياً بماء المطر والثلوج وينحدر إلى السهول فيفجر فيها الينابيع المعروفة عندهم (بالكهريز) ويخترق الأنهار ويحرث الأراضي ويرعى الماشية ويربي الحيوانات الداجنة ويستبدل الثمار والغلال بغيرها من نتاج الصناعة الإفرنجية ويبيع المواد الأولى ليشتري بها المواد المعمولة ويمشي المسافات الطويلة أو البعيدة على الثلوج المتراكمة في بلاده وليس في رجله إلا حذاء عريض اسمه (جاروخ) ويكافح البرد بقباء قصير يتخذه من الصوف اسمه (فرنجي) وهو الذي يسميه بعض العرب (كبنة) (وزان غرفة). - كان رجل كردي يلقب (بابردو

يهبط من السليمانية إلى بغداد في مدة لا تزيد أبداً على ثلاثين ساعة مع أن المسافة بين هاتين المدينتين هي عبارة عن تسع منازل للقوافل الاعتيادية. فإذا فرضنا إن هناك قطاراً يقطعها في عشر ساعات اتضح لك إن ذاك الرجل كان يسير سيراً يعادل ثلث سير القطار المتئد. هذا في المشي وأما في الانحدار من الجبال والتلول المرتفعة فكان ينزل منها راكباً فرسه مغيراً. ولا جرم أن الرجل العاقل إذا رأى انحدار تلك الاطواد وركوب الفرس عليها يذهب إلى جنون الراكب. والأمر مع ذلك أشهر من أن يذكر. ورأيت رجلاً اسمه (ججه) (وزان سبب) نزل من جبل (هروته) (وزان الوكة) الذي لا يقدر أحدنا أن ينزل منه راكباً لنشوزه كان ينحدر منه ججه راكباً جواده. والكردي يحسن الرماية ببندقيته أحسن الرماية سواء كان واقفاً أو ماشياً أو راكباً ولا يخطئ الهدف إلا قليلاً. رأيت بعض الهورمانيين يرمون الجوز بالقنابل الجوزة بعد الجوزة والقنبلة بعد القنبلة وذلك على قدر مدى المرمى وبواريدهم من الطرز القديم لا تصلح شيئاً إذا وقعت في أيدي الرماة البارعين والكردي إذا حارب يثبت في حومة الوغى ويصبر على تجرع كأس الردى كأنه يتحسى الحساء. وقد يهجم وأمامه من الأعداء ما يساوي عدده أضعافاً وكثيراً ما ينجو سالماً غانماً بدون أن ينال بأدنى آذى. كان رجل اسمه (جوامير الهماوندية يقابل فئة وفيرة من الجنود المنظمة أو من مغاوير الرجال وليس معه من إخوانه إلا بقدر الأنامل وقد طبقت شهرة هذا الرجل العراق كله وكان الجميع يخافونه حتى صار العوام يضربون به المثل فيقولون (خوش ما صرت جوامير) أي ألعلك أصبحت كجوامير بشدة البأس والمراس. هذه صفات الرجل الكردي الجبلي والقروي والبدوي وأفعاله. أما المدني فشأنه شأن العراقي في التجارة والعلم والصناعة وربما فاقه ذكاءٍ إذا عني بتربيته وهو لا يشبه القروي أو الجبلي أو الرحال بحال من الأحوال إلا شيئاً قليلاً.

3 - الأسرة الكردية إذا تزوج الرجل امرأة نشأ البيت أو قامت الأسرة والأسرة الكردية تنشأ طبقاً للسنن الطبيعية، بملء الحرية، ولهذا تراها في اغلب الأحايين تشبه الأسرة العربية البدوية، منزهة عما يكدر صفاء العيش، أو يعكر كأس الراحة. قل ذلك عن البيت الشريف أو الوضيع عن الغني أو الفقير. والسبب الرئيس لحصول هذا الأمن العظيم ناشئ من رضاه من امرأته، ورضاه من امرأته متولد من كونه انتخب هو بنفسه شريكة حياته بعد أن عرفها من مخالطته إياها بنفس عفيفة أبية، ولذا تراها تشاركه في مر الحياة وحلوها، في خيرها وضيرها تراها باقية غير محتجبة عن الرجال، كما كانت على تلك الحال قبل الزواج. كل ذلك لأن الوسط لم يلوث بفساد الأخلاق، وكثيراً ما يرى أو يكلم الزوج المستقبل زوجته المستقبلة وقدر منزلتها ولا خطبة بينهما ولا عقد ملاك. ولا تظن أن هذا يصعب على الرجل حتى في المدن لأن وسائل الملاقاة كثيرة متوفرة منها الأعراس ومواسم الأفراح والمتنزهات والزيارات إلى غيرها. أما الأعراس فإن الأبكار والثيبات يأتينها من كل فج سحيق، وواد عميق، وإذ اجتمعن تمسك الواحدة منهم يد الأخرى على شكل نصف دائرة ويأخذن بالرقص فينشأ من شبه تلك الدائرة روضة من أزهار الحسن والجمال، مائسات بغنج ودلال، على إيقاع الطبل والزمارة (وهي زورنا بلغتهم وهي السرناي أو السريانة المعربة) ويسمون هذا الرقص (شاهي أو شائي). وفي تلك الأثناء تغنى الأغاني المؤثرة والشبان من حواليهن يشجعونهن بما ينثرون عليهن من النقود والملبس وهم لا ينثرون هذا النثار إلا على رأس من استحسنوها أو فاقت صواحبها أو أترابها بالرقص العفيف والطرف النظيف وفي بعض الأحيان قد يشترك الشبان مع الشابات فيطلق حينئذ على هذا الزفن المشترك اسم (رش بلك) وإذا تعب الرجل فقد يسقط بين امرأتين أو أكثر أو بالعكس وليس من يفكر بأدنى شر وليخسأ كل من يضمر السوء في نفسه وأما التنزهات فهي خاصة بفصل الربيع وكثيراً ما تعقد مجالس الأنس

والنزهة حول المقابر أو المزارات المشهورة النازحة عن البلد أو القرية فيتقاطر هناك الألوف والألوف من إناث وذكور على اختلاف أعمارهم وطبقات مهنهم وأشغالهم ويبدأ الغناء والرقص فيبتسم الفضاء لهذا المشهد ومن ينظر إليه يبصر كتلة عظيمة حية تتموج بأنواع الألوان والحلي والثياب على بساط أخضر بديع الحسن وشته محاسن أيدي الطبيعة فانبتت فيه الأزهار المتارجة والرياحين العطرة والحشائش الربعية والأنبتة النضرة تحي النفوس وتزيد فيها السرور وتميت الحسود وتزيد فيه الحزن وأما الزيارات فإنها شائعة عندهم يلاقي فيها الرجال المرأة فيتسالمان ويتخاطبان ويتفاوضان ويتواعدان بكمال الحرية ولا يستثنى من هذه الأحوال المألوفة إلا بعض مقلدي المجاورين، مع إنك لو أنعمت النظر في ما يجري في الأعراس والمتنزهات والزيارات من الأمور والشؤون لا ترى حركة واحدة ولو طفيفة مخلة بالآداب أو بأوامر الدين لا في الرجل ولا في المرأة وهذا أبين برهان وأدل دليل على سلامة طبع الأكراد وعفتهم ونقاء قلوبهم وطهارة دخيلتهم وحفظهم للآداب العمومية. والأخلاق الرضية. والخلاصة من هذا كله إنه لا مانع للكردي من أن يختار المرأة المناسبة له بعد هذه المجتمعات والملاقيات والمواجهات اللهم إلا أن يكون نقص في عقله أو شواعره أو مشاعره وعليه إذا أراد الكردي أن يتزوج ينتخب له في الغالب زوجة فيخطبها وتزف إليه بعد العقد والعرس الذي يمتد يوماً أو يومين أو ثلاثة وإذا زفت ذهب معها الأقرباء والأنساب والأصدقاء يحف بها النساء ووراءهن الرجال فيخرج الخطيب لملاقاتها إلى مسافة غير قليلة وعند دخولها الباب يضربها على رأسها بقصبة مصبوغة بأنواع الأصباغ، أو يلقي عليها ديكاً حياً فيتخاطفه أصحاب الموكب فيأخذ كل واحد منهم عضواً أو شيئاً منه إظهاراً للهيبة. وبعد أن يتم القران ويكمل النكاح ويمر زمان على الزوجين وتحمل المرأة ينتظر الولد بصبر جميل فإن ولدت ذكراً يفرح به أهل البيت أشد الفرح ويحرسون الأم أشد الحراسة مدة سبعة أيام ويلعبون حولها ويغنون من الصباح إلى المساء ويسمون هذه الأيام (شواره) وزان سحابة) وقد يفعلون مثل هذا الفعل للأنثى أيضاً إذا كانت عزيزة على الوالدين أو إنها البكر أو أنها لم تولد إلا بعد كثير من البنين

أما سبب هذه الحراسة فهو، ما عدا شدة فرحهم بالمولود وسلامة الأم من خطر الولادة، ذهابهم إلى أن الوالدة إذا لم تحرس أشد الحراسة عند الوضع وبعده ولم يكن في يدها آلة جارحة يتسلط عليها عفريت يسمونه (آل). ويقولون عن التي تموت في تلك الأثناء ما معناه: أخذها الأل؛ وإذا أشرفت على الموت يطلقون البنادق لتخويف العفريت المذكور. أما الحقيقة فإنها تموت من شدة الطلق أو ألم المخاض أو من نتائجه. - أما الولد فيتسلط عليه أنثى من إناث الجن أو العفاريت يسمونها (شوه) ويقولون عنها إنه لا يعيش لها ولد فإذا سمعت بولادة واحدٍ أسرعت لتأخذه وإذا أخذته ضمته على صدرها ضماَ شديداً لكثرة فرحها وشغفها به وإذا فعلت قتلته. ولهذا تسمع الكل يقولون إذا مات الوليد في تلك الأيام ما معناه: (أخذته الشوه). ومن مزاعمهم وخرافاتهم وأكاذيبهم في هذا الموضوع ما يرويه الخلف عن السلف وهو: إن رجلاً صادف يوماً في طريقه مخلوقاً غريباً وفي يده كبد إنسان يطلب منه ماء ليغسل به الكبد فلما رآه الرجل المسافر علم إنه الآل. وإن الكبد هي كبد امرأة نفساء فلما تحققه انتهز غفلة منه وشك صدره بمخيط وللحال تكاثف جسمه ولم يبق شفافاً لطيفاً. ومن ثم لم يستطع أن يتوارى عن الأبصار. فلما رأى الآل نفسه في تلك الحال استكان للرجل وتذلل له واستحلفه أن يستل المخيط من صدره وعاهده أن يحقق جميع أمانيه ورغائبه. فقال له الرجل: إني افعل. نريد إن أعدت تلك الكبد إلى صدر الوالدة التي انتزعتها منها. فقال له الآل: أعاهدك عهداً صادقاً إني ألبي طلبك ثم ذهبا معاً وأعاد الآل الكبد إلى المرأة التي استل منها الكبد وكانت قد أشرفت على الهلاك فتعافت للحال فلما تم ذلك نزع الرجل المخيط من صدر صاحبه وللحال لطف جسمه وذهب فرحاً مسروراً. فحكاية حراسة الأم مبنية على هذه الخرافة المفتعلة.

خلد أثرا

أما بخصوص الشوه فإن الأكراد يروون أيضاً إن رجلاً صادف في طريقه مخلوقة غريبة قالت له: أبعد عني هذا السرطان (قرزال) الميت أصلحك الله فلما سمع هذه الكلمات علم للحال إنها الشوه لأنها نخاف السرطان أشد الخوف. ولهذا إذا أراد الأهلون أن يحرسوا أولادهم ويحفظوهم من الشوه يعلقون في رقبتهم مجففاً فتخاف أن تدنوا منه. هذا مجمل ما يقال عن الوليد وهو في أيامه الأولى وما بعدها. فإذا ترعرع تراه يميل إلى الحرية الطبيعية ميلاً عجيباً بدون أن يردعه أبواه. وقد يتجرأ فيغضب عليهما ويشتمهما ويضربهما وهما لا يخالفانه في شيء زاعمين إنه إذا فعل ذلك يكون شجاعاً جريئاً بخلاف إذا ضرباه فإنه ينشأ فسلاً. نعم هذه أمور مخالفة لأصول التربية الصحيحة المألوفة عند جميع الأمم لكنها إذا كانت سيئة في بعضها فهي لا تخلو من فائدة. ولذلك ترى الكردي إذا ما بلغ أشده قوي القلب شجاعاً باسلاً مغواراً قد يهجم على من هو أقوى منه ولا يهابه وقد يهجم على عدة رجال معاً فيكون هو الغالب القاهر. أما إذا أصبح رجلاً كاملاً (إذا كان ذكراً) أو أصبحت امرأة كاملة (إذا كانت أنثى) فالكلام يكون على ما أسلفنا بيانه وبهذا القدر كفاية. شكري الفضلي خلد أثراً لا المال يفيد ولا النسب ... إن مت ولا تجدي الرتب فسوارءك لا يحي أبداً ... غلا حسناتك والأدب كم ذي مال كم ذي نسبٍ ... أنسته إذا مات الحقب خلد أثراً يذكرك به ... أخلاقك بعدك والعقب والعمر فلا تجهله يمر ... م كما مرت عنك السحب فأغنمه لما يجديك ولا ... تغفل إن ينبهه اللعب واستغن بصحبة كتبك عن ... دنياك فصحبتها تعب دنيا ما والاها أحد ... إلا وتولاه العطب ما أشقاك إن هي ألهت ... ك بزخرفها عما يجب وسعيد الناس تكون إذا ... ألهتك عن الدنيا الكتب إبراهيم منيب الباجه جي

أفعال تتعلق بأهل السفن

أفعال تتعلق بأهل السفن كنا قد ختمنا ما كتبناه في السفينة وما يتعلق بها (بأسماء الأرياح) وأشرنا في الأخر إننا ننشر فيما بعدما نعثر عليه مما يتعلق بالسفينة، وقد حصلنا اليوم على أشياء تتعلق بأهل السفن لأنقل فائدة عما تقدمها في بابها رويناها عن الثقات العارفين من أصحابها وها نحن ننشرها إتماماً للفائدة وإكمالاً للموضوع فنقول: يقول أهل السفن عند جرهم السفينة ورفعهم الشراع (آموليسا) ومعناها امولاي سهل: والبعض يقول (مويليسليه) ويجيب أصحابه (موليه) وهم يترنمون بها على طريقة الهوسة وهي أيضاً بالمعنى السالف و (ابسط الشراع) بصيغة الأمر (أنشره): (وأخرز) بصيغة الأمر (كأنجز) أي أرم الحبل من وراء النخلة أو الشجرة أو الجدار أو ما شابه وذلك إذا عارض حبل السفينة عارض يمنعها من السير والملاحون يجرونها فينادي الناخذاة الملاح اخرز: (وأصلب الشراع) أو الفرمل أي قوم الفرمل مع الدقل: (وأقتل الشراع بسطة) وبسطة وزان (نملة) أي شده مما يلي الجوش مقدار متر ونصف متر وذلك إذا عصفت الريح؛ وأقعد (شفيره) أي أجلس في ظل الشفيرة وذلك في أيام الصيف فقط لأن الريح تهب ثمة بليلة: و (أنفض السفينة) بصيغة الأمر وينفضها أي كبثها ويكبثها في العربية الفصحى أي حول حملها إلى الأرض أو إلى سفينة أخرى: و (أوال بيس) يقولها الجسارة وهو (جمع جسار كشداد) عند ربطهم الجسر إذا قطعوه لعبور مركب أو سفينة أو غير ذلك ومعنى أوال بيس أهل البأس ورأى آخرين يا ولنا حسب لأن (بس) عند العراقيين بمعنى حسب إشارة إلى إن الجسر ربط فلا تهتم بأمره بعد هذا و (التبريكة) ويلفظون الكاف جيماً فارسية) في الكرفي وهو أن يمسك الدامن بجنب السفينة مما يلي الصدر ولا يدعه يزول عن محله: و (الجب أو الجم) هو رفع الشراع والرء يسي في رأس الدقل ويكون سير السفينة والشراع ممدوداً عرضاً وذلك إذا لم يكن عند صاحب السفينة سوى الشراع العود: و (جلس الشراع) بتشديد اللام المكسورة وصيغة الأمر أي أنزله إلى وسط الدقل: و (حط الجوش اتيمة) أي جعله بين الفنة والكلب:، (وخم الجمة) أي أنظر هل فيها

ماء فيجيب الملاح (شاهين) أي ليس فيها ماء (وخيور الشراع وخايره هو) واحد والمصدر المخابرة وهو أن يصير أوله آخره وآخره أولا وحينئذ يخشى لبخ الشراع أو لبقه وقد يقع ذلك إذا لم يكن الملاحون ذوي معرفة (بتخويره أي بإدارته على مؤخره ووقوع اللبخ نادر: و (دق العمراني) بصيغة الأمر أي شده بالدركة و (دق السفينة أو الكعد) هو أي جفف بطنها من الماء و (راحت السفينة تدهور) أي سارت مع الماء حسب جريانه وفي العربية سخرت: (ورأس قنة) وقنة وزان كنة وهو سير السفينة السهل وذلك أن يكون الجوش في الصدر والدامن في المؤخر. و (رد الشراع) بضم الراء وتشديد الدال وصيغة الأمر أي شده على الفرمل و (رد الشراع) بفتح الراء هو شده و (الرد) أيضاً بالفتح عند أهل دجلة بمعنى الفرسخ ويجمع عندهم على ردوده ومسافته بين الساعة ونصف: و (سفينة مقطوعة) أي مقطوعة من أحد شطريها أو مقطوعة من الوسط نصفين: و (سكن) بتشديد الكاف المكسورة أي حرك السكان ومن (يسكن) (للاستفهام) أي من يحركه: و (السوري) (كجوري) هو رفع الفرمل والشراع مبروم عليه برماً قوياً: و (شاهت السفينة تركت قصدها ولم يضبطها الملاحون ويكون ذلك من تراخي صاحب السكان وعند الأقدمين جمحت: و (شايخ الحبل) بصيغة الأمر أي أقتله وصل طرفيه برما لا عقداً: و (شلهت والبعض يقول شهلت السفينة على الإبدال) أي جنحت باللغة الفصحى قال في المخصص: (جنحت السفينة أي إذا انتهت إلى الماء القليل فلزقت بالأرض فلم تمض. . .) اه: و (طارت أشخاصة) أي لوحة و (طر السفينة) هو حركها عن المرسى وبدأ بالسير في دجلة (دفع) هو بالتحريك. و (طيح) بتشديد الياء المكسورة وصيغة الأمر أي أدن من الساحل و (طبح) هودنا بسفينته وأجنحها (وطيح الشراع) أنزله: (وغرقة جعفة) وجعفة وزان (كسرة) أي غرقت السفينة غرقةً على جنبها: و (قاست السفينة) ويلفظون القاف جيماً مصرية (كشلهت): (وقتل العيب) هو و (أقتله) أنت أي قلفته هو وقلفته بصيغة الأمر: و (قدم) بصيغة الأمر ويلفظون القاف جيماً مصرية أي أدن من الساحل والمقدم الميناء وهو عربي ومثله (قلط) بتشديد اللام المكسورة وصيغة الأمر ويلفظون القاف كافاً فارسية

و (الكرفي) بضم فسكون هو نشر الشراع في حالة يكون فيها الدامن في صدر السفينة ومقابلاً للريح والجوش (كقفل) في مؤخرها وفيه خطر على السفينة ولا يكون الكرفي إلا في الزوايا (الدورات) الصغار: و (كندر الدامن) أي أعقده بالرمانة أنشوطة (عقدة ونصفاً): و (كود الشراع) بتشديد الواو المكسورة وصيغة الأمر اطوه على الفرمل ومثله كوثل بالأمر أيضاً: و (لابت السفينة) أي سارت سيراً غير مستقيم تارة يميناً وطوراً يساراً وإذا لابت يعلمون إن السفينة قد عيبت ويقولون (طارت أشخاصة): و (لبخ الشراع ولبق) واحد وهو بمعنى لصق بالدقل ورده الريح معكوساً ومتى صار كذلك وكان الهواء شديداً تنقلب السفينة بأسرع من لمح البصر: و (لبق السفينة والكعد) أي جفف بطنها من الماء: و (لوف المهلبة) بضم اللام وإسكان الواو والفاء كما يقولون ذبها إلى الجرف أي أدنها منه: و (ناشت السفينة): شلبهت وقاست ويقول (الخطر جي) أي صاحب الخطوة وهي الخشبة التي يقاس بها عمق الماء (نمش ماي) معناها نمشي الماء غزير و (نوف الشراع) بتشديد الواو المفتوحة وصيغة الماضي خفق تارة تحركه الريح وطوراً تسكنه فيكون غير قارٍ في مكان وإذا كان قاراً قيل (صامتاً) بكسر الميم: و (هالت السفينة) طافت على وجه الماء ولعل منه أشتق اسم المهيلة: و (هامت السفينة) أسرعت في سيرها على وجهها كالبهائم وذلك إذا جاءت الريح من مؤخرها وتوسطت الشراع فيكون سيرها حينئذٍ في غاية السرعة و (وك) السفينة عند أهل دجلة بصيغة الأمر وزان (ول) ويلفظون الكاف جيماً فارسية كقدم وطبح: و (اليدك) بالتحريك والكاف الفارسية عند أهل الفرات الفرسخ ويجمع عندهم على يدكات وهي تركية الأصل وقد تقدمت مسافته. ويقولون بانتقال الجوش بالتدريج عند نشرع الشراع أول وضعه عند الكلب وإذا انتقل قليلاً فإلى رمانة الصدر وإذا انتقل قليلاً فإلى البيشار (وزان شيطان) وهو إحدى الدركات وإذا انتقل قليلاً فإلى رأس قنة وهي دركة أيضاً وإذا انتقل قليلاً فإلى العمراني. 2 - حكايات عن بعض أهل السفن وبراعتهم في تسييرها نذكر هنا من باب الفكاهة شيئاً من دهائهم: إذا تسابقت سفينتان وسبقت الواحدة الأخرى ثم لحقت السابقة سفينة ثالثة وأراد ناخذاتها أن يعيقها عن تلك يقول للملاح (لا تروح أي تثاقل في مشيك فإذا لم يصغ الملاح

إلى قوله يشد الفيلم بالدركة وهم يقولون (يربط) ويطرحه في الماء أو يربط تورية ويضعها في الماء أيضاً فإذا فطن لذلك الملاح يناديه (فيلمك توريتك) أي أخرجهما من الماء وإذا لم تجز حيلته هذه عليهم يضع قصبة بين السكان والميل مما يلي الماء. ومن دهائهم إن السفينة المسبوقة إذا أراد صاحبها سبق مجاريها في السبق وقد سارت السابقة بعيدة عن الجرف ويسمون مثل ذلك (عاليا أو صاعداً) يأتيه المسبوق من الأسفل ويصد عنه الهواء ويسبقه ولكن ليس بهذا السبق عند أهل السفن فخر وقد يأبى بعضهم ذلك فيسبق سابقه في العالي أيضاً ويحرز فخر السبق وهذه السفينة هي الممدوحة في السير ونقيض الصاعد والعالي عندهم هو (الأسفل) والأسفل قرب الجرف وهذا السير غير ممدوح. ومن براعتهم إذا كانت السفينة منشورة الشراع ولها أخرى تسابقها في السير ثم طارت في تلك الأثناء فتيلة (أي شيء من مادة القلفاط) من السفينة السابقة مما يلي الماء وخاف الناخذاة سبقها يربط نفسه بحبل ويرمي بها في الماء ويقلفته وهو غاطس في الماء والسفينة جارية كالعادة لا تفتر عن سيرها. وإذا طارت منها اشخاصة وقد خشي الغرق وكان شراع السفينة الوسطاني أو الصغير منشوراً يطويه في الحال وينشر الشراع العود ويقذف السفينة على الجرف فيسلم من الغرق ويجعل عذره لدى سابقه فعل الهواء أو الشراع الذي قذف بسفينته على الجرف. ومن هممهم إذا اختلف الهواء وصار (كرفيا) (برخصون الجوش) أي يحلونه ويجلس عليه الملاح وهم يقولون (يبرك) بضم فسكون ويقول الناخذاة (شيلوا الجوش من العمراني إلى الشرت سريعاً، طيرو بيوار، احجس بالجوش، فك لدامن، خاير) ومعناه (ارفعوا وأقلعوا وقوموا الفرمل مع الدقل) وعند ذلك يستريحون ويأمن من الخطر جميع (الجوقة). 3 - ما فاتنا من أسماء السفن سفينة (بشرة) بفتح فسكون واسعة الصدر و (بيص) بكسر فسكون ملمومة أو مجموعة الصدر. وهذه تطلب ماءً كثيراً ويسمى صدرها الملموم (قلداً)

أسرة بدروس آغا كركجي باشي

بكسر القاف التي يلفظونها كافاً فارسية وإسكان اللام و (حيحة) بفتح فسكون سفينة كبيرة وهي البغلة و (الدقنية) في البصرة سفينة كبيرة ذات شراع تسير في البحر و (الركبة) ابلام صغار يركب فيها الذين ديدنهم نهب ما في السفن وسلب أهلها وهي من نوع المشحوف: و (الشوعي) (كجوري) دون الدقنية حجماً وهي أيضاً من سفن البحر ذوات الشرع و (البوم) وزان (روم) دون الشوعي حجماً. و (الشويعي) عند أهل الفرات مهيلة صغيرة مطلية بالقير و (ألعابدية) سفينة أكبر من (الكلابية) ومن (الزعيمة) ومن (نجمة) يبلغ حملها طغارا: و (العسبية) سفينة صدرها ومؤخرها واحد وهي تنسج نسجاً ونسيجها من أعواد الرمان والحلفاء وهي مخصوصة بحمل البورق والقير السائل من أطراف هيت لا غير. (والكشتري) عند أهل الفرات هي السفينة التي يحمل فيها الحطب والتين وتكون مطلية بالقير ويستعملها أهل دجلة (راجع لغة العرب: 2: 95 و99) هذا ما استدركناه على مقالة السفن ومن عثر على شيء فاتنا ذكره فليرسل به إلينا لننشره ونكون له من الشاكرين. الدجيلي أسرة بدروس آغا كركجي باشي (لغة العرب) حضرة الأب نرسيس صائغيان من المولعين أشد الولع بتاريخ أسر

نصارى بغداد وقد تفرغ لهذا السعي منذ مدة طويلة فجمع شيئاً كثيراً في هذا الموضوع مطالعاً لهذه الغاية سجلات العماد الموجودة في الكنائس ورحل الإفرنج وكتب المؤرخين القديمة والحديثة. ولهذا نرجو كل من عنده أوراق أو أشجار نسب أو كتب أو حجج قديمة تذكر بيتاً نصرانياً أن يطلعه عليها وله من الأب الفاضل الشكر الدائم وهذه المقالة هي أحد فصول الكتاب الذي ينشئه في هذا الموضوع. إن أسرة بدروس آغا كركجي باشي الأرمني الكاثوليكي المذهب والهمداني المنبت من الأسر البغدادية التي لم يبق لها باقٍ بل ولا ذكر وصارت نسياً منسياً. مع إن بينها وبين بعض الأسر التي لم تزل في الوجود آصرة من جهة النساء كما سترى. وكانت من البيوت الوجيهة والغنية في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. لأن أول ذكر لبدروس آغا عثرت عليه كان في سجل الأباء الكرمليين في بغداد بتاريخ سنة 1751 حيث ورد ما يلي (وفي هذا العهد تبرع لكنيستنا الخواجه بدروس الأرمني الكاثوليكي فرآء الوالي بستمائة زولته رائج بغداد ومعها قنديلان الكبير منهما للهيكل الكبير والصغير للهيكل الصغير الذي في الجانب كما يريان أنهما صنعا بأمره. وفي رسالة أرمنية مؤرخة في 5 شباط سنة 1766 يثنى عليه الأب إبراهيم بيريميان المرسل الأرمني في بغداد ويلتمس من رئيسه أن يرسل إليه برسالة شكر. والحق يقال أن بدروس آغا أهل للمديح والامتنان لأنه كان رجلاً صالحاً وسنداً مكيناً وعضداً قوياً للكاثوليك في تلك الأيام الحرجة لكونه كان فرآء وزراء الزوراء وكبارها نخص منهم بالذكر سليمان باشا الرومي المعروف بأبي الليل (الذي ولى بغداد سنة 1750) وسليمان باشا الكبير التفليسي (الذي ولى بغداد سنة 1779) وقد نال لديه حظوة ومكانة تمكن بها من إنقاذ السيد ميخائيل جروة بطريرك السريان من أيدي خصومه اليعاقبة وذلك سنة 1783 وإليك

ما كتبه السيد أفرام نقاشة رئيس أساقفة حلب حالاً على السريان في كتابه المسمى عناية الرحمن في هداية السريان (صحيفة 304، 305). (أما ما كان من السيد ميخائيل فإن شعب الموصل أجمع على إيجاد وسائل لنجاته وأكثروا الكتب إلى بدروس آغا كركجي باشا الوالي يستنجدونه ويستنهضون همته حتى كتب إلى البطريرك نفسه يقول: قد رفعنا مسألتكم إلى أعتاب أفندينا سليمان باشا الوالي فسمح بنزولكم إلى بغداد لمواجهته فإنه مستعد للسعي في إستحصال براءة بتأييد رئاستكم وتنكيس خصمكم فعجلوا إليها سفركم ووعدنا أفندينا أيضاً أن يكتب إلى مفتي الموصل موعزاً إليه أن يرسلكم إلى بغداد سالمين. . . . . وفي اليوم السادس لوصوله جمع إليه أحد أهل الثقة من كل الطوائف مع القنصل الفرنساوي وبدروس آغا كركجي باشي واستبيان قشيشو وقسطنطين ليستشيرهم الخ. .) وبدروس آغا كان يسكن في جهة البلد المعروفة بالميدان مع أسرته الكثيرة العدد كما يتضح من سجل إحصاء نفوس الكاثوليك الذين كانوا في بغداد سنة 1753 وهذا الإحصاء كمل بهمة الأباء الكرمليين وإليك نصه ما خلا المضاف إليه المحصور بين قوسين والحواشي فإنها لي: بيت كركجي باشي بدروس كركجي باشي الوالي امرأته صوفي (خاتون) ديمتري عبد الأحد أولاده سارة (قزما اعتمد في 7 آب سنة 1757) ويبين إنه توفى صغيراً) مريم أخت صوفي

زوجها استوراكي يوناني ابنتها كترينة (ابنها يعقوب ولد في 7 تشرين 2 سنة 1755) حنة أخت أخرى لصوفي زوجها يوردان ديمتري المدعو بوزو تسبينا سارة أولادهما (سيدي التي ولدت في 11 تموز سنة 1753 (توماس الذي ولد في 8 كانون 2 سنة 1758 سيدي أم الأخوات الثلاث (توفيت في 27 نيسان سنة 1760) جاريتان: مريم أماسيا خدامهم: أصلان كوركيس عبدو كورو وكان لبدروس آغا خادم أخر من ديار بكر اسمه ياني بن أيوب من طائفة الملكيين إلا إنه كان يسكن مع أسرته وأخيه عبد الأحد في دارٍ أخرى

وبعد وفاة امرأته صوفي خاتون تأهل ثانية بدروس آغا بسيدي السريانية أرملة يعقوب ابن شماس حنا الامدي (المتوفى في 7 آب سنة 1782) وذلك في 8 كانون 2 سنة 1784 وأما تاريخ وفاته فنجهله ولنأت الآن على ذكر ولديه ديمتري وعبد الأحد 2 - ديمتري وذريته لا نعرف ما كانت مهنة ديمتري إلا إنه كان غنياً وأقترن بسيدي ابنة كرومي بن عبد العزيز الكلداني البغدادي في 23 نيسان سنة 1759 وكان مبارك عقد الزواج السيد عمانوئيل بايه المار ذكره. ورزق منها: منوش (مريم) التي ولدت في 13 أيار سنة 1762 وتوفيت في 16 تموز سنة 1844 وهي امرأة حنابل انطون الكلداني عم اوساني إلا أن هذا الفرع من عشيرة اوساني المعروفة اليوم عندنا بهذا الاسم قد انقرض. سنا (أو صنا) التي تعمدت في 19 حزيران سنة 1768 وتوفيت في 10 تشرين 2 سنة 1854 وهي امرأة يوسف مضبوط الامدي الكلداني وأسرته لم تزل إلى يومنا الحاضر في بغداد: أما ديمتري فلا نعرف زمان مماته. 3 - عبد الأحد وذريته إن عبد الأحد كان يعرف بعبد الأحد آغا ونجهل إن كان خلف أباه في مهنته ومن الظاهر إن عبد الأحد كركجي باشي المذكور في كتاب عناية الرحمان في هداية السريان (صحيفة 361) غير هذا الذي نحن بصدده بل كان كلدانياً من ديار بكر توفى في بغداد في تشرين 2 سنة 1810 ونعرف من أولاده ثلاث بنات تزوجن في بغداد وسأذكرهن في محلهن. وتأهل عبد الأحد آغا في يوم واحد مع أخيه ديمتري بصوفيا ابنة يوسف عبدي الارمني الكاثوليكي البغدادي المولودة في 4 كانون 2 سنة 1742 وأمها قدسي ابنة غريب التي توفيت في 29 نيسان سنة 1746. وتوفى عبد الأحد آغا مخلفاً الأولاد الآتي ذكرهم: شموني التي ولدت في 22 آذار سنة 1760 وهي امرأة يعقوب

كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي المصري

بن بوغوص سيواصي الأرمني الكاثوليكي وهو جد لولو امرأة فتح الله نعمان المتوفاة في البصرة قبل سنتين من تاريخ هذه الأسطر وبموتها انقرضت هذه الأسرة. انطون الذي تعمد في 24 تشرين 1 سنة 1762 ونجهل ما جرى له. تربزيا وهي امرأة يعقوب بن انطون عم ثانٍ لأوساني المار ذكره وأسرته أيضاً قد انقرضت. سيدي التي اعتمدت في 19 آذار سنة 1769 وهي امرأة قدسي الموصلي السرياني وقد انقرضت أسرته من بغداد. كترينة التي اعتمدت في 12 تشرين 1 سنة 1769 وقد تزوجها سمعان بن إبراهيم السرياني (ويبين إن أصله من الموصل) في 30 تشرين 2 سنة 1789 وتوفى سمعان في 15 تشرين 2 سنة 1792 ولم يبق له أثر عندنا. ويبين إن يوسف الموصلي السرياني تزوجها أيضاً في 11 تشرين 2 سنة 1797 بعد وفاة زوجها الأول. حنا الذي تعمد في 15 آب سنة 1775 ونجهل أيضاً مصيره. كلارة أوصنا التي ولدت في 12 أيار سنة 1787 وتوفيت في 10 تشرين 2 سنة وقد تزوجها نعمان دنحا الموصلي الكلداني في 29 كانون 2 سنة 1801 ولم يزل في الوجود أناس من أسرته في بغداد والبصرة وبوشهر. كرجية التي توفيت في 22 شباط سنة 1848. ويذكر له ابنة أخرى اسمها أغنيس لا نعرف عنها شيئاً. كتاب الولاة وكتاب القضاة للكندي المصري - فاقنا الإفرنج في كل شيء حتى في طبع كتبنا العربية فإنهم يعنون بها عناية لا توصف من المحافظة على النص الأصلي ومعارضته بالنسخ القديمة معارضة دقيقة نرفع الطبعة إلى أوج الكمال والتحقيق وتبقى بمنزلة الإمام التي لا يستغني عنها. ومن الكتب التي أصبحت آية في الحسن والضبط والسداد هذا السفر الجليل الذي صدرنا باسمه هذه الأسطر وقد تولى نشره وتصحيحه وتهذيبه الفاضل رفن كست الإنكليزي على نفقة شركة

تذكار ا. ج. و. جب حسن الطبع والكاغد والتجليد والضبط وقد ضم إليه رسمين الأول يمثل لك البلاد التي كانت قد صارت إلى الدولة العباسية في المائة العاشرة من التاريخ المسيحي مع ذكر أسماء البلاد التي كانت تعرف بها عهدئذ. والثاني يبين لك ديار مصر السفلى لا سيما الفسطاط وما جاورها في القرن العاشر من التاريخ المذكور. ثم قدم على هذا التصنيف أكثر من 70 صفحة باللغة الإنكليزية ذكر فيها منزلة هذا الكتاب ومجمل الأحداث التي وقعت في ديار مصر من المائة السابعة إلى المائة الحادية عشرة، ثم خصائص حياة الكندي وسرد أسماء مؤلفاته وشفعها بفوائد نزيد الواقف عليها معرفة بمحتوياتها وعددها 13 ثم انتقل إلى أسانيد كتابية للمولاة وللقضاة ثم ذكر أسماء رواة الأحاديث التي جاءت فيهما مع نبذ في تراجمهم، ثم منزلة مصادر الكندي التي اعتمد عليها، والأشعار التي استشهد بها، ثم تكلم عن الملحق الذي ضمه إلى الكتابين المذكورين لتنم فائدتهما، وفي الختام تكلم عن النسخة الخطية الأم التي نقل عنها وعن طبعها وشفع هذه الفوائد بمعجم صغير ضمنه جميع الألفاظ التي لا توجد في دواوين اللغة العربية وقد جاء بها الكندي (المتوفى 15 ت1 سنة 961م) نقلاً عمن سبقه وكان يظن أن اغلب تلك الألفاظ عامية حديثة الوضع غير قديمة العهد. فأراد الأديب رفن كست أن يبين أنها ترتقي إلى صدر الإسلام إذ نقلها الكندي عمن سبقه أو عاصره. ولهذا المعجم الصغير فوائد جمة لا يعرف قدرها إلا من زاول مفردات اللغة بنفسه. وقد ذكر في جانب كل لفظة عني بتفسيرها وشرحها عدد الصفحة التي وردت فيها. ومما استحسناه غاية الاستحسان في طبع هذا التاريخ الجليل إن الناشر حفظه الله توفق لتصحيح أغلاط الناسخ توفيقاً عجيباً حتى أن القارئ يظن أن متولي هذا التنقيح من علماء العرب الخلص المتوغلين في التاريخ واللغة معاً بعد توغل إذ لا تخلو صفحة من صفحاته من دليل يؤيد كلامنا هذا. والحق يقال: إننا نهنئ شركة جب الخيرية بكونها عهدت هذا الإصلاح إلى عالم متبحر مثل رفن كست ولا نظن إنها كانت تستطيع أن تختار أحسن منه. ولما كان الكمال لله وحده فالمرء مهما أفرغ وسعه لا بد أن يرى في عمله نقص دلالةً على بشريته وعلامتنا الناشر لم يشذ عن هذه القاعدة. فقد وقع في طبع هذه النسخة بعض هفوات ونحن نستأذنه في إبداء ملاحظاتنا، منها:

1 - وقع أغلاط طبع لم يستدركها في فهرس إصلاح الأغلاط منها: في صفحة 11 سطر 1 ولابة والصحيح ولاية. وكتابة (ابن) إذا وقعت بين علمين بين علم الولد وأبيه تحذف الألف كما صرح به النحاة إلا أنه ورد تارة بالألف وطوراً بدون الألف إذا كان في رأس السطر فمن الأول ما ورد مثلاً في ص 11 س 12، 13، 14 ومن الثاني ص 29 س 9 و20: 13 و21: 17 إلى غيرها والأصح أن تحذف الألف لأن النحاة لم ينصوا على أن تعاد الألف أو يخير بين كتابتها وتركها إذا كانت اللفظة وقعت في رأس السطر. - وفي ص 12 س3 فيقال أن وفتح الهمزة والأصح كسرها. - وضبط ابن وهب بفتح الهاء ص 15 س 11 والأفصح بإسكانها وإن كان يجوز فتحها لأن عينه من حروف الحلق. - وفي ص 17 س 8 ضبط مت بكسر الميم والمشهور ضمها وإن يجوز كسرها. وفي ص 18 س 5 حديج بالياء الموحدة والأصح حديج بالياء المثناة - وضبط السرب الواردة بعد إلا من بفتح السين والأفصح كسرها (راجع ص 21: 9 و14) وكثيراً ما جاءت الياء مهملة من التنقيط في حين يجب تنقيطها كما في أبي ارطاة ص 18: 2 وشيعتي 21: 10 وعلي 23: 5 و8 إلى غيرها. وفي ص 22: 6 بدل قيس والأصح قيساً وفي ص 24: 7 إن كان في دخوله مصر خيراً والأصح خير بالرفع - وفي ص 25: 5 اكر وضبطها بفتح الكاف والأصح بضمها وفيهما: وأضرب بفتح الراء والأصح بكسرها. وفيها س 17 وفي عدة مواطن (فلهفي) وضبطها بفتح الفاء والألف الجالسة والأصح فلهفا بالألف القائمة أو فلهفي بياء المتكلم المنقوطة في الأخر - وفي ص 27 س 12 الرياسة والأفصح الرئاسة بالهمزة. وفي 36: 13 الحهني والأصح الجهني بالجيم المنقوطة - وفي 38: 17 أمر مسلمة بإبتناء منار المساجد كلها. والأصح مناور لأن منارة لا تجمع على منار وإذا أردنا أن نتتبع جميع أغلاط الطبع فيطول الكلام. 2 - اخطأ في تصحيح بعض الأغلاط من ذلك ضبطه لأسم داود بواوين بهمزة على الأولى هكذا (داؤود) في جميع مواطن الكتاب حتى في الفهرس. وهو في ذلك يخالف اللغة المشهورة لأن الأفصح على ما نقله صاحب التاج في مادة طوس هو بواو واحدة وهذه عبارته: (قال الصاغاني): والاختيار أن يكتب الطاوس علماً بواو واحدة كداود). ثم صرح في مادة دود. إنه لا يهمز) - وفي ص 25 س 4 هذا البيت:

أبعد الاشتر النخعي نرجو ... مكاثرة ويقطع بطن واد ضبط يقطع بالمثناة التحتية وفتحها ثم قال في الحاشية: في الأصل: نقطع): قلنا ونحن هنا نخير رواية الأصل أو أن تضبط يقطع بضم الياء لا بفتحها بصيغة ما لم يسم فاعله. وقال عند ذكره هذا البيت (ص 26 س 5): ولو مارسوه مارسوا ليث غابةٍ ... له كالتي لا ترقد الليل فإنك لعل صوابه كلأة (في موضع كالتي). قلنا: ولا معنى لكلاة هنا ورواية البيت لا غبار عليها. ومعنى التي: الأم التي أو المرأة التي واكتفى بذكر الموصول للاشتهار. ومنه مثل العراقيين والموصليين: أم المقتول تنام وأم المهدد لا تنام. - وقال في ص 32 س 13: ولكن أبايعكم على أنكم توفوني وذابتي.) قال في الحاشية قوله ذابتي فيه شبهة لعدم ظهور معناه: لعل الصواب ذأمتي.) أهـ. قلنا: وردت الذامة والذابة بمعنى واحد في كتب اللغة فلا محل لتفضيل لفظة على لفظة لكننا نظن أن الأصح: (وذمتي) - وقال في ص 35: 11 ورقي على المنبر وذكر في الحاشية: (في الأصل: رقا والظاهر أنه سهو من الناسخ.) قلنا: ونحن لا نظن لأن كلام المؤلف إشارة دقيقة، ورقا هنا مأخوذة من رقا الطائر يرقو: إذا ارتفع في طيرانه كأنه يشير إلى سرعة تسنم عتبة للمنبر كالطائر. وعلى كل حال فقوله: ورقى على المنبر بتعدية الفعل بعلي مما يحتفظ به لأن اللغويين ذكروا رقى فيه وإليه وإنما عداه بعلي لتضمينه معنى الإشراف والإطلال والإنافة لا معنى الصعود بخلاف ما يظهر من القرينة. - وقال في ص 37: 2 وكان عقبة قارئاً فقيهاً مفرضاً شاعراً. وضبط مفرضاً بضم الميم وإسكان الفاء وكسر الراء. ونحن نرى أن الأصح وقرضاً بالقاف ومن باب التفعيل. قال صاحب تاج العروس في مستدرك قرض: التقريض صناعة القريض وهو معرفة جيده من رديئه بالروية والفكر قولاً ونظراً. اهـ. ولم يجئ المفرض بمعنى الفراض أو الفريض أي العارف بعلم الفرائض فإذا كان هنا بهذا المعنى الأخير فكان يحسن به أن يدونه في (فتح المغلق) - وجاء في 36: 6: يا أمير المؤمنين حوت بحر ووغل بر وليتني الصلاة وزويت عني الخراج ونقط الوغل والأصح بالعين المهملة لأن لا مناسبة بين الوغل والبر على ما شرحه في فتح المغلق بخلاف الوعل بالمهملة كأن ابن عوف المعافري يقول جعلتني حوت بحر ووعل بر معاً وهذان لا يكونان فإما أن أكون حوت بحر وإما أن

أكون وعل بر وفي كل من هتين العبارتين تلميح إلى المثلين هو يماقس حوتاً وهو أزهى من وعل. - وقال في ص 323: 15 فضرب عثمان بمحضرته الأرض. فقال في فتح المغلق المحضرة مصدر حضر قلنا: ونحن لا نرى رأيه والأصح: بمحضرته أي بخاء معجمة ثم صاد مهملة. وهي ما يتوكأ عليه كالعصا ونحوها وما يأخذه الملك بيده يشير به إذا خاطب والخطيب إذا خطب على ما أوضحه اللغويون وهو المعنى المراد في هذا المقام - وورد في 179: 10: لكن فات فوق اقب نهدٍ. كرجع الطرف لا تخشى اصطلاعا. فقال في الحاشية عن (تخشى): لعله: بخشى. ونحن نوافقه على هذا التصويب. لكنه قال في فتح المغلق: يحتمل أن يكون معنى اصطلع هنا بمعنى مر وإن كان المعنى يبقى بهذا التوجيه غير واضح. قلن: الذي نراه إن اللفظة محرفة ومصحفة عن الاطظلاع فكتبها الكاتب الاضطلاع من باب الإبدال وهو جائز ثم صحفت وحينئذ يستقيم المعنى والاطظلاع هو الضلع قال التاج في مستدرك ظلع: دبر مطيته واظلعها اعرجها) ومطاوع افعل هو افتعل كأحرقه فأحترق وأشعله فأشتعل إلى أخر هذا الباب. ومما يجري في وادي هذا المعنى ما ورد في ص 463: 12 فأتى كتاب المتوكل بحبسه واستقصاء ماله) قال في الحاشية: لمنبادر إنه تصحيف استصفاء إلا إنه ورد استقصاء في غير موضع الأصل بهذا المعنى، وقال في فتح المغلق ومعناه: استصفاء المال. قلنا: ونحن نظن أن الواجب هنا الاستقضاء بضاد معجمة بدلاً من الصاد المهملة: واستقصى المال أخذه وقبضه مثل اقتضاء. راجع اقتضى في مستدرك قضى في التاج. وكثيراً ما يتعاور افتعل واستفعل. ونظن أن الاستقضاء منه. - وفي ص 319: 8 (إن عبد الرحمن بن حجيرة كان يشرب الشوبية) فقال: في الأصل: السوبية بالمهملة وفي التلخيص: الشوبيا.) قلنا: السوبية أو السوبياء بالسين المهملة نوع من المبردات معروف في بغداد بهذا الاسم إلى يومنا هذا ويسمى أيضاً مستحلب اللوز وبالإفرنجية ولا محل إلى الرجوع إلى معجم دوزي القائل إن الشوبة هو شهد العسل فكل من السوبية والشوبية من واد والكلمة تركية الأصل ووجودها في كلام

الكندي مما يحرص على تقييده وتدوينه - ومن هذا القبيل ما جاء في ص 252: 16 وهو قول المؤلف في نقل أبيات اسمعيل بن أبي هاشم ومنها هذا البيت: وكأن وجوههم إذا أبصرتها ... من فضة مصيوغة أو عاج وأورد (مصبوغة) بباء موحدة أي مصبوغة. وقال عنها في فتح المغلق: (تنظر إلى رواية الخطط (فضة بيضاء) والأصح مصيوغة كما قيل في مبيعة ومخيطة مبيوعة ومخيوطة ومعنى مصيوغة هنا مخلوقة خلقة حسنة كأنها من فضة أو من عاج. - ومن هذا القبيل ما جاء في ص 180: 16 قول المؤلف: (فتقاتلوا فاستأمن من أبو السرور في جمع كبير إلى ابن طاهر ثم تخامروا) فقال في مفتاح المغلق: إن المعنى هنا مرتاب فيه والظاهر إن المراد به (تصالحوا). قلنا: إن أبا تمتم لما نظم أبيات هذه الوقعة قال في آخرها: توخوا أمان الاريحي ابن طاهر ... فمن فارسٍ يأتيه طوعاً وراجل فيكون معنى تخامروا ذلوا وخعضوا وهو ما جاء به صاحب اللسان والتاج وغيرهما. - وجاء في ص 416: 1 وكان عمرو بن خالد يلزمه ويترسل إليه وكان أيضاً يكتب له. فقال في مفتاح المغلق: معنى ترسل تأنى في القراءة. قلنا: ولا يمكن ذلك هنا والمانع هو قوله (إليه) والأصل إن الترسل في هذا الموطن بمعنى المكاتبة ومنه صناعة الترسل وهي كتابة الرسائل ومعنى العبارة إنه كان يكاتبه وفي بعض الأحيان حينما يكون بجانبه (يكتب له) أيضاً أي الغير عن لسان صاحبه. - ومما يطوي على هذا الغر ما جاء في ص 400: 4 في إيراد هذا البيت ليحي الخولاني: قد كشف الخف من ضلالته ... في عصبةٍ من مسالم الحرس فقال في فتح المغلق: (الظاهر إن المسالم جمع مسلماني وهو الحديث الإسلام.) قلنا: إننا نرى إن المسالم هنا مصحفة عن المسالح ومسالح الحرس جمع مسلحة وهم القوم ذوو السلاح فيستقيم المعنى وإلا لا يتصور إن شاعراً عربياً قحاً يدخل في شعره لفظة مثل مسلماني المخالفة للأصول العربية بالمعنى الذي يعقده الشارح بناصيتها. - ومما يدخل في هذا الباب شرحه لهذه العبارة: (حتى ترابي عليه دين كثيرة) في ص 337: 6 فقال: لعل معناه اجتمع عليه دين بالفائدة أي الربا قلنا: ومعنى ترابي: تكاثر فكما قالوا تكاثر من الكثر قالوا ترابي

من الربو وهو الزيادة والنمو بدون معنى الربا أي الفائدة لأن المسلمين لا سيما الأقدمين منهم يحرمون كل التحريم الدين بالرباء. - ومن هذا القبيل ما جاء في ص 263: 3 في شرحه هذا الكلام: (واخرج معه ابن الخليج في ثلاثة مراكب وحمامة) فقال في الحاشية: لعله حمالة، لأن الحمالة نوع من السفن. قلنا: والأصح (وعامة) وهو الطوف الذي يركب في الماء ويسميه أهل العراق الكلك. - ومما يساق هذا المساق تأويله للفظة وردت في هذا البيت: (ص 142: 13، 14) أما الأمير فحناج وصاحبه ... على الخراج سوادي من الاكر وضبط الاكر بضم ففتح فقال: هو جمع اكرة والأكرة على ما شرحها صاحب القاموس ونقلها (لين) هي الحفرة يجتمع فيها الماء فيغرق منها صافياً.) قلنا: ولا معنى لهذا التأويل هنا والأصح إن الاكر في هذا الموطن بالتحريك لا بضم ففتح جمع أكار الذي يجمع على أكرة كأنه جمع آكر على قول اللغويين والأصوب عندي أن يقال الاكرة جمع آكر ويقال فيه أيضاً اكر بدون هاء لا سيما في الشعر مثل تابع وتبع وتبعة وبالأخص إن وزن فاعل كثيراً ما يجمع على فعل بالتحريك بدون هاء كخادم وخدم، وطالب وطلب وطلبة، وغائب وغيب، وسالف وسلاف، وراصد ورصد، ورائح ورئح، وفارط وفرط، وحرس وحرس، وعاس وعسس، وقافل من سفره وقفل، وخائل وخول، وخابل وخبل، وهو الشيطان، وبعير هامل وهمل، وهو الضال المهمل، فكل هؤلاء جمع. وقال سيبويه إنها أسماء لجمع ولعله الصحيح. - ومما يوافق هذا البحث قوله في ص 226: 4 فقرئ على أهلها بأن أبا أحمد نكث بيعة المعتمد وأسره وحرش عليه في دار أحمد بن الخصيب) فقال في شرح المعضل: الظاهر إن معنى حرش عليه عامله معاملة سيئة. قلنا نحن: والأصح إنها جاءت هنا بمعناها المألوف أي هيج. وإنما عدى الفعل بعلي لتضمينه معنى التهيج قال في تاج العروس. التحريش إغراؤك الإنسان والأسد ليقع بقرنه. . . وفي الحديث إنه نهى عن التحريش بين البهائم هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك وغيرها. 3 - لم يصب في بعض الأبيات الشعرية حينما أراد إعادتها إلى نصابها وإن كان قد أصاب في اغلبها. قال مثلاً في ص 401: 6 تصحيحاً لهذا البيت: ليت البلا بين التي تجري ... تقوم بمسمعاتك

لم يتهيأ لنا تصحيح هذا البيت فتركناه على ما في الأصل ولعله: ليت الثلاثين التي تجزي ... تقوم بمسمعاتك أي الثلاثين الشهود المذكورين أدناه. قلنا. والأصح: ليت البلا بين التي ... تجري تقوم بمسمعاتك بتقدير ليت البلا بين (الريح) التي تجري. . . وقال في ص 400: 5 في إيراد هذا البيت. يقدمه خالد ويتبعه، لوط فران الكبين في مرس كذا في الأصل. قلنا واللفظة ظاهرة وهي قران مصدر قرن أو قارون ومعنى البيت يقدمه خالد ويتبعه لوط وهما بمنزلة كلبين شدا بمرسٍ واحدٍ. - وجاء في ص 57: 12 و13 فإن نزعا مصراً فبالجد فارق ... أحل وخلا فسطها وقراهما. فقال في الحاشية. لم يظهر لنا وجه لتصحيح هذا المصراع فتركناه كما هو في الأصل. قلنا: ونظن إن صحيحه هو هذا: . . .، أجل وخلا فسطاطهما وقراهما و (فسطاطهما) راجع إلى مصر وقراهما راجع إلى عبد العزيز والي الأصبغ ابنه المذكورين في البيت. وورد في ص 217: 1، 2: يعالج مرضاكم ويرمي حريمكم، جيش. . . القلب أدهم أعزل فقال في الحاشية: (لعله: بجيش. وهذا المصراع ظاهر النقصان). قلنا: ونعلن أن تمامه هو: بجيش جرئ القلب أدهم أعزل. ومن أقواله الحاشية التي علقها على هذا البيت (ص 150: 7، 8) أضحت قضاعة قد علتها كابة ... وبنو الحرس سوافر الأظلام فقال: (قوله الحرس لا يفي بالوزن. فمن ذلك يعرف عدم صحته وأقرب ما وجدنا في قضاعة إليه جريش فلعله الصواب). قلنا: أما قوله الحرس لا يفي بالوزن فغير صحيح لأنك إن جعلت الحرس كالسجل بتشديد اللام استقام الوزن. لكن لا وجود للحرس بمعنى بطن من قضاعة ولهذا صدق في قوله: (وبنو الجريش) لأنهم من قضاعة ولأن المؤلف يذكرهم في ص 161 من كتابه. وجاء في ص 161: 1، 2:

كلا الفيلقين. . . . . ... مقاماً على ما كان فيه يماصع فقال في الحاشية: (في الأصل: كلا الفيلقين له بطو). قلنا: ونظن أن الأصل هو: (كلا الفيلقين له بطئ إذا ابتغى). الخ ويكتب البعض كلمة بطئ إذا كانت مرفوعة (بطؤ) كما يكتبون الكفء (كفؤ) فأحفظه. وقال في ص 399: 11 هذا البيت: إلا لعن الرحمن من كان راضياً ... بهم رغماً ما دامت الشمس تغرب (كذا في الأصل.) قلنا: وإذا كسرت الغين استقام المعنى. والرغم بالكسر وإن لم يرد إلا إنه لما كان بمعنى الغضب هنا وزن وزنه وقد عقد النحاة واللغويون باباً لهذا الموضوع سموه (الحمل على النظير) قال السيوطي في كتابه الأشياء والنظائر في اللغة: قال ابن الأثير في النهاية: الحداث جماعة يتحدثون وهو جمع على غير قياسٍ (حملاً على نظيره) وهو سامر وسمار فإن السمار: المحدثون.) - فإذا سلمنا بهذا يكون حينئذ معنى البيت: لعن الله المرائين الذين يظهرون الرضى ويبطنون الغضب لعنةً تدوم ما دامت الشمس تغرب. 4 - الحق بآخر الكتاب معجماً صغيراً يحوي شرح الألفاظ الغامضة التي وردت في تضاعيف الكتاب. قلنا وهو أمر حسن نود أن يجري عليه كل من ينشر كتاباً للأقدمين؛ والإفرنج قد سبقوا العرب في هذا الميدان إغناء للغة بالألفاظ المولدة أو بالألفاظ التي لم يظفر بها اللغويون حينما دونوا الكلم الغريبة أو فاتتهم بدون أن ينتبهوا لها إلا أن الناشر قد فاته بعض الأمور: منها عدم تنبيهه على بعض الألفاظ التي تحتاج إلى التنبيه ومنها إنه نسي من الألفاظ أكثر مما قيده منها. ومنها إنه نبه على أشياء كان في مندوحة عنها لشهرتها أو لدخولها تحت ضابط عام أو لأن اللغويين طرقوا بابها. - فمن الأول قوله في كشف الغامض: عن كلمة مواخير الواردة في هذه العبارة (297: 13): (وأمر برفع الكلف والمؤن وتعطيل المواخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). الظاهر إن المواخير هنا هي ما تأخر دفعه من الضرائب (كذا) قلنا: هذا غير صحيح. إنما المواخير هنا جمع ماخور والماخور هو (على ما ذكره اللغويون) مجلس الفساق وبيت الريبة. وإلا لما

قال: وتعطيل المواخير لأن التعطيل لا يوافق المواخير لو كانت بمعنى ما تأخر دفعه من الضرائب. - ثم لو فرضنا إنها وردت هنا بالمعنى الذي يشير إليه (وهو ما لا نسلم به البتة) كان يجدر به أن يذكر واحدها. وواحدها يكون حينئذ (موخر) بالهمز على الأصل أو بالواو من باب تسهيل الهمز على لغة قريش وإنما جمعوها على مفاعيل كما قالوا في جمع مقدم (المشش الدال) مقاديم وفي منكر مناكير. - وربما نبه على أمر لا يحتاج إلى توجيه الفكر إليه كقوله في الجلاب: هو على ما قاله دوزي نقلاً عن محيط المحيط: ماء الزبيب المنقوع) ثم زاد عليه قوله: والظاهر إنه من الأشربة التي يسم بها. ومن هذه الزيادة قال عن السوبية. قلنا: ولا حاجة إلى هذا التنبيه لأن الواحد إذا أراد سم آخر لا يضع السم إلا في شراب قد ألف جرعه وإلا انتبه له الشارب. كما أن الذين يسمون الناس اليوم لا يتخذون لنيل مآربهم الممقوت إلا قهوة البن أو المسكر أو المشروب المحلى أو نحوها. وأما ما نسي إلحاقه بمعجمه فهو كثير من ذلك: النظارة ص 7 بالتشديد بمعنى المكان المشرف الذي ينظر منه كالمنظرة، والرطب السرة بمعنى الحديث الوضع أو الولادة كما في قوله ص 19 لو طلبت منا جدياً رطب السرة. - وفي ص 22: فلم يزالوا به حتى كتب إليه، بمعنى فما انقطعوا عن الإلحاح عليه - وفي ص 25 وعيني ما تهم إلى رقادي بمعنى تهم برقادي وإنما عداها بعلي لتضمينها معنى العزم - وفي ص 27 فبعث بأبي عمرو بمعنى بعث أبا عمرو. قال الشيخ إبراهيم اليازجي رحمه الله في الضياء 1: 484: وقول البعض: بعث برسول إلى فلان خطأ وكذلك بعث إليه هدية لأن ما ينبعث بنفسه كالرسول تقول بعثته وما ينبعث بغيره كالهدية والكتاب تقول: بعثت به فتعدى الفعل إلى الأول بنفسه وإلى الثاني بالباء.) اه. قلت أنا: وكذلك القول في أرسل كما نبه عليه الحريري. لكن كل ذلك من تمحلات اللغويين وإلا فإن ابن جني قد صرح بجواز ما منعه الغير في شرح ديوان المتنبي وعليه قول النابغة الجعدي من شعراء الجاهلية: فإن يكن ابن عفان أمينا ... فلم يبعث بك البر الأمينا وفي ص 32: 2 فصلى خارجه بالناس، أي تقدمهم فيها فصار إمامهم. واللغويون لم يذكروه. - وفي ص 39: 5 وولاه البحر بمعنى أقامه رئيساً على الأسطول أو السفن البحرية وفي ص 43: 3 وقطع بعثاً في البر بمعنى بعث بجيش. - وفيها: 10

فنزل عليها عاصف بمعنى هب عليها ريح شديدة والنزول بمعنى الهبوب والعاصف بمعنى الريح الشديدة من المستدركات - وفي ص 46: 10 لتشغب الجند وتشغب من الشغب لم يذكره اللغويون وإن كان مقيساً. - وفي ص 47: 4 وأوقع إلى كل رئيس منهم إنه خاصتك بمعنى أثبت لكل رئيس إثباتاً يكون بمنزلة خاطر يخطر في نفسه - وفي ص 50: 7 ووقف على غروسه ومساقيه. - فورود غروس بمعنى اغراس أو غراس من المستدركات على أصحاب المعاجم - وفي تلك الصفحة نخل مواقير بالقناء. ومواقير جمع موقر وموقرة وميقار لم يذكره اللغويون مع إنه قياسي بل ذكروا مواقر. وكذلك القناء جمع قنو لم يذكره اللغويون بل ذكروا اقناء وقنيان وقنوان مثلثتين. لكن الناشر ضبط القناء بفتح القاف وهو خطأ والأصح بكسرها لأن فعلا لا يجمع على فعال بالفتح بل على فعال بالكسر. - وفي ص 51: 4 وعرف على موالي تجيب بمعنى جعل عريفاً عليهم من المستدركات - وفي ص 423: 13 مناسي الجدود بمعنى منسيو الجدود وفي ص 424: 1 كبراطيل اليهود جمع براطل بتخفيف اللام وتشديدها. - وفيها: 2 كالمقاعيد بمعنى كالمقاعد وكلتا الكلمتين من ضرائر الشعر وفيها 3 عدالات الشهود في جمع عدالة. - وفيها 1 تحت أميال اليهود جمع ميل وهي قلنسوة طويلة كالبرطل مأخوذة من معنى شكل الميل للمنار الذي يبنى للمسافر لهدايته وفي ص 323: 8 وأنا غلام جفر اعقل. والجفر هنا الصغير من الغلمان مأخوذ من معنى الجفر لولد الشاء الذي فصل عن أمه. وفي ص 365: 10 فلم يشك ابن شجرة إلا أن. . . أي تأكد. - وفي ص 391: 8 وأخذ ابن مسروق جمعاً من جلسائه فضربهم وطاف بهم. ومعنى طاف بهم هنا شهرهم بتشديد الهاء وجرسهم بتشديد الراء وهو إن يجعل في عنق المشهر جرس ويركب على دابة مقلوباً أي وجهه من جهة ذنبها. وكانوا يفعلون ذلك بعد أن يضربوهم. وكانت هذه العادة معروفة في بغداد قبل نحو 60 سنة والفعل (جرسه) معروف إلى اليوم أي شهره أو نوه بذكره تنويهاً قبيحاً. وكانوا يقولون أيضاً (داروا به) وهو بمعنى طافوا به فليحفظ - وفي ص 437: 8 إن قمطر عيسى بن المنكدر كان يرفع في حانوت أي كان يحفظ إلى أن يحتاج إليه. وهذا الفعل بهذا المعنى معروف في بغداد إلى يومنا هذا. - وفي ص 607: 8 فأمر بإحراق المرأة في بارية. ووضع بعد بارية علامة الاستفهام كأنه يقول: وما مراده ببارية هنا؟ - قلنا:

معناها الحصير المتخذ من القصب. ويقال فيها أيضاً بارياء وباري بتشديد الياء في الثاني والكلمة بهذا المعنى معروفة إلى يومنا هذا في العراق. - وفيها: 20 فزاد في أبنيتها وترخيهما (كذا) والأصح وترخيمها من رخم الدار بتشديد العين أي فرشها بالرخام. وقد وردت في كلام المولدين بهذا المعنى وإن لم يذكرها اللغويون. قال الشريف محمد بن أسعد الحراني المعروف بالنحوي. (كان (في دار ابن خنزابة) التي تقابل دار السكاكي قاعة لطيفة مرخمة) أهـ. وقول صاحب محيط المحيط والدار المرخمة عندهم (أي عند العامة) المبلطة بالرخام في غير محله. - وفي ص 614: 12 وساط دعائم دين الإله. والأصح وشاط بالشين المثلثة ومعناها أحرق وشاط بمعنى أشاط من المستدركات. إلى غير هذا ولو أردنا استقصاءها لخرجنا عن نطاق هذه المجلة. أما إنه نبه على أشياء في شرح الغامض كان في منتدح عنها لشهرتها أو لدخولها تحت ضابط عام أو لأن اللغويين طرقوا بابها فمنها البحر بمعنى النيل وقد نبه على إطلاق هذا اللفظ اللغويون - ومنها مجيء (إلى) بمعنى (على) لا سيما إذا تضمن معنى فعل يجيء بعده أحد الحروف المبدلة منه كما في توجه إلي وتوجه عليّ. وورد إليه وورد عليه إلى غيرها مما ظنه من المستدركات. وذكر الفرانق بمعنى الذي يدل صاحب البريد على الطريق وهذا قد نبه عليه اللغويون وليس من المستدركات - وذكر القفيز الفالج بمعنى ضرب من المكاييل والأصح أن الفالج كلمة أرمية معناها نصف ويراد به نصف الكر الكبير. - وذكر القمطر وقال: وهذه الكلمة ذكرت مؤنثة. قلنا: وقد نبه اللغويون عل أنها تؤنث وتذكر وعندي إن تأنيثها أجود لأنها عندي معربة من ولهذا يقول العرب فها أيضاً قمطرة تبعاً للأصل. - وذكر الكم بمعنى الحجرة. قلنا: ويراد بها بالخصوص الحجرة الطويلة ككم الثوب. والكلمة قديمة بهذا المعنى ومنه وصفهم للسدلي بقولهم: كالحاري بكمين. (لغة العرب 2: 516، 517) هذا ما أردنا تبيانه لعلمنا إن الناشر من جله العلماء وإنه يحب الوقوف على تحسين هذه الطبعة. على إننا نقول ما ذكرناه هو دون ما يمكن أن يذكر. وإنما اكتفينا بالإشارة لعلمنا أن تتبع بقية ما جاء من هذا القبيل لا بعسر على مثل حضرته وهو العالم الجليل، وفقنا الله وإياه لسواء السبيل.

سياحة في النوم

سياحة في النوم بينما كنت مضطجعاً على فراشي أردد في فكري محاسن صنع الله تبارك وتعالى، الذي أتقن كل شيء فبرأه بمقتضى حكمته الربانية، إذ أخذتني سنة الكرى فرأيت في منامي كأنني أتجول في بستان أشجاره القنواء، وأزهاره غراء، وأطياره بديعة الغناء، وأنهاره متدفقة الماء، فأخذت أسير الهوينا لأتمتع بمشاهد تلك الطبيعة البديعة، وكنت ألتفت يمنة ويسرة لكي لا يفوتني قل ولا جل. ثم ما أبطأت أن وقع طائر بصري على قصر شامخ رفيع العماد مزين بأنواع القناديل والمصابيح وكل ضياء ساطع حتى ظننت أنه سابح في بحر من نور، والمياه المتألقة تنساب في جوانبه، كما تنساب الأفاعي في الفلوات الناعمة الرمال، السريعة الانهيال، قدار في خلدي أن أتأثر هذا الماء الزلال، لأرى مقره ومصبه أو مندفقه، وبقيت أتتبع منعطفاته، حتى أدى بي المسير إلى غدير كبير، ماؤه عذب نمير، واقع في وسط بقعة القصر المشيد، وفي جنباتها مجلس نضيد، وبين يديه أسرة متخذة من العاج، المرصع بالجور الوهاج، فلما شاهدت ذلك، دفعني حب الاطلاع على الغرائب، والاستكشاف عن الخفايا أن أستريح هنيئةً مما لحقني من العناء، وكابدته من البرحاء، وكانت عيناي شاخصتين شطر القصر، مفكراً ألف فكر. فبينما أنا على تلك الحال، إذ فتح الرتاج، وخرج منه شاب مقنع بقناع مواج، وعلى رأسه تاج، ولا بس حلة من الديباج، يناهز عمره الحادية والعشرين، كأنه منحدر من عليين، ويحيط به مئات من الحور العين، وفئات من أجمل البنين، وهم يمشون كلهم مشياً وئيداً. ويكرمونه إكراماً حميداً. وما زالوا على تلك الحال، حتى بلغوا محلاً مرتفع المنال، فرقي السلم، ووقف ليتكلم، وأمر أحد حجابه أن يميط النقاب عن وجهه الوضاء، وطلعته الحسناء، فلما فعل الحاجب ما أمره به، ظهرت عليه جميع محاسن ربه، وبدا وجهه الوسيم، يتلألأ بنور أهل النعيم، ولاح جبينه الوضاح، أبهى من ضياء الصباح، تقول حواجبه دم عاشقي مباح، وهو ذو عيون كأنها عيون الجآذر الملاح، ووجنات تزري بالجلنار، تتوهج توهج النار. وخال كأنه قيراط عنبر، أو مسك أذفر، وقد كقضيب ألبان أو كاملود الخيزران.

وبعد أن تكلم كلاماً يؤنس الغزلان، ويوقظ الوسنان، أخذ يلتفت ذات اليمين وذات اليسار، منزهاً الطرف بين الأشجار والأزهار، مستأنساً مع أعوانه وهو في أحسن مقام، وأطيب أقوام، فوقع بصره عليّ فوجدني جالساً لا أتمكن من القيام، لما اعتراني من شدة الغرام، وكثرة الهيام، فأشار إليّ بالنزول، وأن لا أبقى في محلي كالسجين أو كالمغلول، ثم رأيته مقبلاً أليّ، مراقباً ما أحوالي. فقلت في نفسي: إنك لقد وقعت في بلاء عظيم، لدخولك في موطنٍ خاص بهذا الأمير الكريم. وبينما كان الهلع قد أخذ من كل مأخذ، تقدم أليّ وحياني أحسن تحية، ورحب بي كل الترحيب، فرددت عليه السلام، مجيباً إياه بعبارات الإجلال والإكرام، ثم قال لي: لا تخف يا بني، وارك لا تعرفني، فقلت: لا يا سيدي: فقال أنا الذي طبق أسمي الخافقين، وسمع به سكان ديار القطبين، أنا الذي اسمه (العفاف، أنا الذي أقع من القلب في الشغاف. أنا مزكي النفوس، أنا زينة كل عروس، أنا سر السعادة، أنا مرقي الصلحاء إلى أوج الإمامة والعبادة. فلما سمعت هذه الكلمات، وما حوت من المعاني الطيبات، سكن روعي، واطمأن قلبي، وانقشعت من سماء أفكاري، سحب الخوف والفزع، وتذكرت هذه الأبيات: لك منزل في القلب ليس يحله ... إلا هواك وعن سواك أجله يا من إذا جليت محاسن وجهه ... علم العذول بأن ظلماً عذله الوجه بدر دجى عذارك ليله ... والقد غصن ثرىً وشعرك ظله هذه جفونك أعربت عن سحرها ... وعذار خدك كاد ينطق نمله عار لمثلي أن يرى متسلياً ... وجمال وجهك ليس يوجد مثله هل في الورى حسن أهيم بحبه ... هيهات أضحى الحسن عندك كله وما كدت أفرغ من إنشاد هذه الأبيات، إلا وفزعت في نومي واستيقظت وقد انطبعت صورة (العفاف) في مخيلتي فقلت في نفسي: لأدعون الناس إلى حب هذا الخلق البديع، ذي الحسن السنيع، لما يورث النفس من المناقب السامية، والفضائل العالية. إن ربك لرقيب، وهو المجزي المثيب. فاجعلنا اللهم ممن يخافك ويترقب منك، ولا تجعلنا أن نصرف وجهنا عنك. اللهم آمين (20 - 8040)

فوائد لغوية

فوائد لغوية سبب إفراد معدوم ما فوق العشرة في الجمع. من أغرب خصائص اللغة العربية أن الناطقين بالضاد إذا عدوا المعدود إلى العشرة جمعوه وإذا تجاوزوها أفردوه. فيقولون مثلاً ثلاثة رجال إلى عشرة رجال. ثم يقولون أحد عشر رجلاً وعشرون رجلاً ومائة رجل وألف امرأة. ولم يعترض النحاة لذكر سبب هذه الغريبة. وعندي إن سببها هو أن العرب كانوا في جاهليتهم قوماً أميين أجلافاً لا يعرفون من العدد والمعدود معرفة تامة مثبتة إلا بقدر ما عندهم من الأصابع في أيديهم، ولهذا سموه جمع القلة أما إذا تجاوزوه فإنهم يرتكبون في عده ويضطربون ويرتكبون الخطأ. لهذا أفردوا المعدود بعد ما فوق العشرة وسموه جمع الكثرة كأنهم يشيرون إلى أن ما يعدونه بعدها يحتمل زيادة واحد أو نقصان واحد. فقولهم مائة رجل معناه مائة (من رجال بزيادة) رجل (أو بنقصان) رجل. لكن كان يجب عليهم أن يقولوا على هذا الوجه ثلاث مئات إلى تسع مئات كما قالوا ثلاثة آلاف إلى عشرة آلاف ومع ذلك فإنهم خالفوا هنا القياس أيضاً وقالوا: ثلاثمائة إلى تسعمائة. والسبب هن أنهم اعتبروا الثلاثمائة والتسعمائة بمنزلة كلمة واحدة مركبة ولهذا يكتبونها متصلة الصدر بالعجز بخلاف ثلاثة آلاف مثلاً فإنهما تعتبران كلمتين منفصلة إحداهما عن أختها. ولعل هناك غير السبب الذي أشرنا إليه. إذ أننا وجدنا في أعراب العراق كثيرين من الناس الذين لا يعرفون أن يحسبوا أكثر من عشرة فإذا احتاجوا إلى عد مائة سألوا واحداً يحسن العد. ولقد رأيت أناساً إذا ضاقت بهم الحيلة يجمعون المعدود عشرات عشرات على حدة ثم يحسبون العشرات ليعدوا المائة أو يحسبون المئات ليعدوا الآلف. قلنا فإذا كان أعراب هذا العهد في هذه الدركة من الجهل فما قولك في أعراب ذلك العهد العهيد الذي ما كانوا يخالطون فيه المتحضرين مخالطة عظيمة على ما هي اليوم. - هذا وإذا جمعوا العشرات كوماً وجعلوا كلاً منها على حدة سموا كل طائفة منها (جمع) فلم تعد تسمى المائة

أسئلة وأجوبة

من الرجال مائة (رجال) مثلاً بل (جمع رجل) عشر مرات. وهكذا بقى لفظ المفرد على إفراده. على أننا نخير التأويل الأول. وهو فوق كل ذي علم عليم. أسئلة وأجوبة الشكيمة ومعانيها اللغوية سألنا أحد أدباء مصر قال: جاء في القاموس: الشكيمة: الأنفة والانتصار من الظلم والعهد والشم) فما هو المعنى الأصلي الرابط لهذه المعاني؟ قلنا: الذي جاء في التاج: (الشكيمة: كسفينة، الأنفة والانتصار من الظلم وأيضاً العهد وأيضاً الشم. هكذا في النسخ والأولى الشمم وفي بعض النسخ: والفهد والسم وهو غلط، وبكل ما ذكر فسر قولهم ذو شكيمة). اهـ. أما نحن فنقول: في لفظة الشكيمة معنيان معنى عربي فصيح ومعنى دخيل. أما المعنى العربي الصرف فهو مأخوذ من شكيمة اللجام وهي حديدة معترضة في فم الفرس وفيها الفأس كما هو نص الجوهري. وفاس اللجام هي الحديدة القائمة في الشكيمة إذا كان إذ عارضة وجد. . . ومنها قولهم: فلان شديد الشكيمة أي شديد النفس انف أبي. . . قال في التاج وأصله من شكيمة اللجام.) أهـ وأما المعنى الثاني وهو الدخيل فهو الشكيمة بمعنى الفهد لا العهد ومعنى السمور لا السم أو الشم أو الشمم. والكلمة فارسية الأصل من شكم (بكسر وفتح) ومعناه جلد الفهد والسمور يسلخ من قبل البطن. والفهد هنا بمعنى الوشق أي - بالفرنسوية. وقد صحف العرب هذه الكلمة تصحيفاً آخر وهو الشكم ككنف وقالوا عنه هو الأسد. والعرب كثيراً ما يذكرون أسم سبع

باب المشارقة والانتقاد

من السبع ويريدون به سباعاً مختلفة. وأنت ترى إن الاسم الأصلي هو واحد إلا إنه صحف تصحيفاً مختلفاً وأول تأويل شتى وإنما اختلفوا في تأويله لأنهم لما رأوا من معانيه الأصلية الفهد والسمور ولم يروا بينهما وبين الأنفة والانتصار لحمة نسب في معنى الأصل توهموا لها معاني مختلفة تناسب كتابة الألفاظ والمعاني في العربية الأصلية ورأوا أن أقرب لفظ يفيد تلك المعاني هي العهد والشمم. والأصح أن يرجع إلى المعنى الأصلي الدخيل أي أن يقال من معاني الشكيمة: والفهد والسمور لا العهد والشمم. وبهذا القدر كفاية. باب المشارقة والانتقاد 1 - العربية (الجريدة) صحيفة علمية تاريخية أدبية إخبارية تصدر في اللاذقية يوم السبت من كل أسبوع لصاحبها ومحررها ومديرها المسؤول محمد أفندي سعيد حسن سعيد. بدل اشتراكهما في اللاذقية والولايات العثمانية مجيديان وفي سائر الجهات 3 مجيديات أو 13 فرنكاً. وقد وصلنا منها العدد الثامن الصادر في 13 أيلول سنة 1913 فوجدنا في صدره مقالة حسنة مفتتحة بهذا البيت من أبيات المتنبي: ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ... عدواً له ما من صداقته بد وللجريدة عدة مراسلين في جهات مختلفة فنتمنى له الرواج والحياة الطويلة! 2 - صدى الدستور (جريدة هي خلف من الدستور) حكم على الدستور الجريدة البصرية الحرة فماتت. وما كادت أنفاسها تخمد إلا وانبعث من رمادها خلف هو صدى الدستور فتذكرنا حكاية الفقنس. وقد بقي صاحب امتيازها ومدبرها المسؤول العربي السمح البحث عبد الوهاب أفندي الطباطبائي؛ أما محرر قسمها التركي فهو مكتوبي زاده عمر فوزي أفندي. وقد صدر العدد الأول منها وهو التاسع والستون من الدستور في 25 شوال سنة 1331 الموافق 25 أيلول سنة 1913. وهي جريدة سياسية أدبية اقتصادية إصلاحية وصدى الدستور كالدستور من أجل الصحف العراقية لأنها توقفك على حوادث العراق وخليج فارس وقوفاً تاماً لا تكاد تتوفق له في غيرها أحياها الله وأبقاها!

3 - النهضة (الجريدة) هذا اسم مما يتفاءل به وعسى أن يصح تحقيقه أو عسى أن يسعى أصحاب هذه الجريدة للحصول على الضالة التي ينشدونها (والنهضة جريدة سياسية عمرانية اجتماعية موقوتة تصدر مرة في الأسبوع) في بغداد لصاحبها ومدبرها مزاحم أفندي الأمين الباجه جي ورئيس تحريرها إبراهيم حلمي أفندي. وقد برز منها العدد الأول نهار الجمعة 1 ذي القعدة 1331 الموافق 3 أيلول 1913 وصاحب هذه الصحيفة من الشبان أصحاب الهمة العالية والكتاب من الكتاب الذين تفتخر بهم بغداد وتتوقع منه السعي الحثيث إلى ترقية الوطن. وكلاهما لا يخاف الانتقاد. ولهذا نوصي المحرر أن يتحرى صدق اللهجة في الكلام فقد قال عن العرب في المقالة الأم: (العرب وهم المعروفون بشدة البأس يؤلفون القسم الأعظم من قطان المملكة فعددهم (إذا) عدت نجد وحضرموت وشرقي جزيرة العرب عثمانية لا يقل عن 20 مليونا) أهـ. فنقول: ولماذا لم يعد أيضاً عرب الجزيرة كلها وديار مصر وطرابلس وفزان وتونس والجزائر ومراكش فلا جرم أنه نسيهم وعسى أن يذكرهم في الأعداد الآتية. ثم أين رأى أن عرب المملكة العثمانية فقط يبلغون 20 مليونا ولو فرضنا أننا عددنا معهم عرب ديار نجد وحضرموت وشرقي جزيرة العرب. أفليس بيده كتب وصف البلدان من عربية وتركية وإفرنجية! فما أسهل عليه مراجعتها والاعتماد عليها! - وقال في الصفحة الثالثة عند كلامه عن الشيخ مبدر الفرعون: (أصاب في الأزمنة الأخيرة عشائر الشامية ظلم وحيف، فقد صارت الضرائب تستهلك كل المحصولات حتى لم يبق بأيدي المزارعين ما يسد الرمق.) قلنا: إننا لا ننكر أن الضرائب بهظت الأعراب لكن بين أن تكون بهظتهم وبين أنها لم تبق في أيديهم ما يسد الرمق بون بين وكلام مخالف للحقيقة فعسى أن لا يكتب في هذه الصحيفة مثل هذه الأقوال الزائفة. - ثم نتمنى أن تصحح المسودة قبل أن يؤمر بطبعها فقد وجدنا في العمود الثاني من الصفحة الثالثة 22 غلطاً من أغلاط الطبع. وهل من الأنصاف أن لا يكون هم القارئ في أثناء المطالعة إلا أن يذب عن فكره ذباب الطبع. ومع كل هذه الشوائب التي لا بد منها في بعض الأعداد لا سيما الأولى منها فإننا نتمنى لهذه الصحيفة الترقي والنجاح وتحقيق الأماني! 4 - عالم الإسلام (مجلة ألمانية)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

10. أنشئ في برلين، حاضرة ديار الألمانيين، جمعية غايتها الإطلاع على أحوال البلدان الإسلامية، والبحث عن أحوال المسلمين والعمرانية، والذي دفع العلماء الألمانيين إلى إنشاء هذه الجمعية ما رأوه في الأمم الشرقية من النشاط والهمة والسعي الحثيث للرقي والعمران. ولما كانت الجمعية لا تكفي للوقوف على ما ننشده، أنشأت مجلة هي لسان حالها سمتها (عالم الإسلام) وهي تصدر أجزاء بأوقات غير ضرورية. وقد ورد إلينا جزءان منها وفيها مقالات ضافية الذيول لعلماء يشهد لهم بالإمامة والكفاءة والجهبذة. ولهذه المجلة باب واسع يذكر فيه جميع المطبوعات الحديثة المتعلقة بالعالم الإسلامي في جميع اللغات من شرقية وغربية. وللجمعية مكتبة تجمع كل ما يتعلق بما يجري في البلدان الإسلامية في الزمان الحاضر من المطبوعات العصرية ولا سيما ما يكون منها من قبيل الجرائد والمجلات. والجمعية تذكر كل ورقة تصلها وتشير إلى خطورتها وموضوعها في مجلتها المذكورة. فنحث أبناء العراق من كتاب ومؤلفين وأصحاب مجلات وجرائد أن يبعثوا إلى إدارة هذه المجلة مما يخطه قلمهم حفظاً لآثارهم وصونها في تلك الديار. 5 - مبادئ الديانة تأليف الأب يعقوب بلميس الإسباني وتعريب الخوري بطرس مراد طبع بالمطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1912. من الكتب أسفار كبيرة ضخمة إذا عصر ما فيها لا يخرج منها ما يبل صدى المتشوق إلى العلم. ومنها كتيبات لا ظاهر لها تضم صفحاتها القليلة فوائد جمة لا تكاد تطالع سطراً من سطورها إلا وتقضى العجب من موشى عبارتها. ومن هذه التصانيف الأخيرة الكتيب الذي ذكرنا عنوانه. فإنه يفيد كل صاحب دين مهما كان دينه. ولا يأتي على آخره إلا وقد فتح الله له أبواباً لم تكن تخطر على باله حينما أخذ الكتاب بيديه. ولهذا نحث الجميع على اقتنائه. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره (هذه الأخبار تأخر إدراجها في العدد السابق لكثرة المواد التي جاءت فيه)

1 - ابن الرشيد والدولة العثمانية من أخبار الزهور إن سعود باشا الرشيد ألمع إلى الصدارة العظمى ما هذا نصه: علمنا إن بعض الناس يقومون الآن في بعض الولايات طالبين من الدولة العلية مطالب مجحفة بحقوق الدولة ومنافية للدين الإسلامي الحنيف. الأمر الذي ساءنا جداً. وعليه ليكن معلوماً لدى دولتكم ولدى العالم الإسلامي أجمع إننا لا نقبل هذه الشؤون المضرة بالدين الإسلامي والدولة وإننا مستعدون مع كافة جنودنا وقبائلنا للقيام بما تأمرنا به الدولة العلية ولا تحيد عن أوامر خليفتنا المعظم. 2 - السيد طفار في السماوة ومن أخبارها: إن الشقي السيد طفار أخذ يعيث في السماوة بعد خروجه من السجن بقليل وأخذ يستميل العشائر والأهالي ويمنيهم بالأطماع الكاذبة في نهب السماوة حتى بلغ السيل الزبى فأنفذ أولو الأمر العساكر يقودها قائم المقام ثابت بك ولما طلب رشيد بك متصرف الديوانية إحضاره امتنع وتحصن في بستانه فأرسل عليه الباخرة (الفرات) وجماعة من المشاة والخيالة ولما وصل الكل إلى الموقع انضم إلى السيد عشائر آل عيسى وزياد وكان عددهم أضعاف الجند مراراً عديدة ووقع بين القومين موقعه أبلي فيها الجند بلاءً حسناً حير العقول الأعداء أنفسهم لكنهم لم يقبضوا على الشقي لأنه فر عند آل زياد فرجع الجند إلى من حيث أتوا. 3 - المكتب الإعدادي الليلي في ديار بكر أمرت نظارة المعارف مدير معارف بغداد بأن ينتخب خمسة من طلبة المكتب الإعدادي البغدادي لمكتب ديار بكر لأنه قر الرأي على قبول 100 طالب في المكتب المذكور يكون منهم من أبناء بغداد. 4 - المتوظفون واللغة العربية أبلغ والي الولاية رؤساء الدواوين إنه إذا أريد تعيين موظف إلى المستقبل فيجب أن تمتحن معرفته للغة العربية حتى إذا تحقق تضلعه منها عين وإلا فلا. 5 - تعمير جامع الدليم سعى قيم مقام الدليم شوكت أفندي فأستأذن والي الولاية لجمع إعانة من الموظفين وأبناء العشائر والأهلين لبناء جامع الدليم المنهدم فأذن له وجدد بناءه وبناء الأوقاف المحبوسة عليه بدون أن تنفق عليه الدولة شيئاً. 6 - إدارة البرق في بغداد كان حضرة الفاضل مزاحم أفندي الباجه جي ألمع إلى معتمد الشبيبة العربية في الأستانة يجيب على رسالة برق وافته منه يقول له فيها ما ملخصه أن الإصلاح يحتاج إلى تنفيذ ما سن له من القوانين وعزل موظفي الدرك والعدلية والمعارف. ولم يكن يتناول موظف البرق هذه الأنباء بعد قبض الأجرة إلا وفشت بين الناس مع إنه لا يعلم بإنقاذها إلا صاحبها وبعد مضي بضعة أيام بدون جواب وتبادل المفاوضات علم أن تلك الأنباء لم تسلم إلى صاحبها بل أبقيت بين أوراق مدير البرق في الأستانة مما يدل على أن لا حرية للإنسان في هذه الديار لإبداء بعض ما يكنه صدره من الخواطر والأفكار! (عن النوادر العدد 130)

7 - رمضان في بغداد رئى في بغداد في رمضان هذه السنة ما لم يكن يرى سابقاً في دار العباسيين وذلك أن أناساً كثيرين كانوا لا يبالون بالإفطار في الأسواق والشوارع لا بل كانت اغلب مشارب القهوة مفتوحة الأبواب لأمثال هؤلاء بدون أدنى معارض. فهل تدوم هذه الأحوال على هذا المنوال؟ 8 - النهب في الولاية في نحو العشر الثالث من شهر آب بينما كانت إحدى القوافل صاعدة نحو الموصل هجم عليها بعض قطاع الطرق في موضع اسمه الناظريات يبعد عن خان المشاهدة بضع ساعات قتل فيه رجل وجرح آخر ونهبت الأموال كلها وليس هنا من يعقب هذه الأمور المخلة بالراحة العامة وفي نحو أوائل أيلول أغار الضفير على قافلة قادمة من حلب فنهبوها في جوار عانة وتقدر المنهوبات بعشرة آلاف ليرة. وفي نحو منتصف أيلول هجم ثلاثة من الأشقياء من عشيرة بني تميم علي حمدي بك الباجه جي الذي كان معه أحد المهندسين وأخذوا منهما كل ما كان عليهما من ذلك: 14 ليرة عثمانية وساعة ذهب وخاتم ثمين وجرى كل ذلك في مكان لا يبعد كثيراً عن قضاء الكاظمية. وبعد أسبوع سلبت العجلات التي كانت تحمل بياعات التجار فوق قضاء عانة بساعتين وأخذوا خيلها. وفي 13 تشرين 1 خرج بعض الأشقياء على 13 عجلة كان فيها زوار وعدد من المبذرقة عند (تلغرف) بقرب الكاظمية فوقع بين المبذرقة واللصوص قتال شديد أسفر عن قتل جندي وفرار الأشقياء وعود العجلات إلى الكاظمية. 9 - العرب واللغة التركية أنشأ بعض البغداديين لجنة غايتها تخليص اللغة العربية من الألفاظ الأعجمية لتقريب لغتهم من اللغة الفصحى ووضعوا على من يخالف هذه القاعدة عشر بارات على كل كلمة دخيلة يستعملها في كلامه إعانة لمدرسة زهرة الكرخ التي نوى تأسيسها. فما كان من بعض المفسدين إلا أن شيعوا أن القصد من هذه اللجنة محاربة اللغة التركية ومنع انتشارها فبثوا العيون والرصد بغية الوقوف على نيات أولئك الغير على اللغة الفصحى فرجعوا عن آمالهم بما رجع به حنين. أصلح الله شأنهم. (ملخصة عن المصباح) 10 - هدايا السيد طالب في هذه الأيام مرجفون كثيرون في بغداد إلقاء الفساد بين قوم وقوم ومن جملة ما نفروا منه القلوب وأشاعوه من أخبار هدايا السيد طالب من آل النقيب في البصرة وقد قالوا إن السيد المذكور أرسل مع الملازم الوطني محمود أفندي 800 ليرة عثمانية وعشر ساعات من ذهب ليهديها إلى بعض رجال بغداد استمالة لقلوبهم إلى السيد البصري. وكان من جملة الذين أنعم عليهم بساعة من هذه الساعات عبد الرحمن باشا الحيدري ولما سئل هذا السيد الفاضل عن حقيقة الأمر قال: إذ هذا يعد إهانة لمقامي وإن الساعة لا يقبلها أحد خدمي إذا كان وراءها مثل هذه الغاية الذميمة فكيف بي وأنا من بيت علم عريق في الشرف والسؤدد. ولهذا أطلب إلى أولي الأمر أن يطلعوني على اسم المخبر لأقيم عليه الدعوى واعلمه نتيجة إشاعة مثل هذه الأراجيف فلم يسمع بعد ذلك للخبر المذكور ما يقلق الخواطر.

11 - ترصد أولي الأمر لمحمي العرب وشى بعض الجواسيس الأراذل إلى أولي الأمر بأن مزاحم أفندي الباجه جي أساء التكلم عن الحكومة في مجلس آل الخوجه الكرام وكان الحاضرون من أفاضل رجال الجيش وبعض الصحافيين فلما تتبع أصحاب الحل والعقد حقيقة الخبر وجدوه ماء سراب لا غير (منها) 12 - برنامج جمعية الإصلاح البصرية في البصرة جمعية إصلاح رأسها السيد طالب بك الرافعي من آل النقيب. وقد نشر الدستور في عدده 685 الخطة التي يجري عليها للبلوغ إلى المقصد التي تتوخاه هذه اللجنة وقد بلغت موادها 28 ومادتها الأولى (أن يكون وطننا العزيز منسكاً عثمانياً خاصاً تحت راية الهلال). ويقال في موطن آخر إن هذه الجمعية هي فرع لجمعية أخرى أكبر منها كما لها فروع في ديار مختلفة وكلها ترمي إلى الإصلاح. ولا نعلم إذا كانت تثبت ثباتاً راسخاً في مطالبها أو ترجع عن قصدها بعد أيام قليلة. 13 - ابن السعود والدولة العثمانية كتب الفاضل إبراهيم العبد العزيز الدامغ مقالة في الدستور ذكر فيها ما جرى له من الحديث مع الأمير عبد العزيز السعود نقتطف منها ما يأتي. قال الأمير: (إن الدولة العلية حفظها الله غصبت آبائي هذا اللواء بدون أمر مشروع بحجة دعوة عبد الله السعود شقيق والدي ومن بعد أن أخذته لم تحسن إليهم صنعاً. وكان والدي يومئذ ولي العهد بعد والده على إمارة نجد التي يدخل فيها هذا اللواء وما يتبعه وعمان وسواحله ولما أشتد الخصام بين سعود وعبد الله آل السعود على الإمارة أرسل الأخير مندوباً إلى بغداد لمفاوضة واليها في مسألته مع أشقائه وبقي ينتظر من الدولة إسعافه ونجدته لإخماد نار الفتنة المتأججة؛ غير أن الدولة وجدت أن قد آن زمن الاحتلال فوضعت يدها من ذلك الوقت على الاحساء وأبعدت أمراءها عنها مع أنه لم تبدر منهم بادرة تستوجب ما أتته. وليت الدولة احتلت ما يداني الاحساء من البلاد كعمان وغيرها التي تركتها هملاً ومكنت الدول الأجنبية من أن تقذف فيها نار الفتن لتحصل على ما تنويه. ومنذ ذاك الوقت أخذ سكان هذا اللواء بالسقوط والهوى لتغلب قطاع الطرق عليه لكثرتهم هناك وكان الأهلون يرفعون ظلامتهم إلى مقام الولاية ويذكرون له عجز أصحاب الأمر في ذلك الموطن فما كان يسمع صدى لأصواتهم المتكررة فراجعوني مراراً فأضربت عنهم صفحاً إذعاناً لدولتي وإن كان يسوءني نظري إياهم في تلك الحالة لأن مجتمع الإنسان كالجسد إذا أصيب عضو منها بآفة انتقل الألم إلى الجسد كله. ثم جاءتني محاضر (مضابط) فيها تواقيع كثير من

العلماء والوجوه القائلين أن لم تسعفنا نضطر إلى ما لا تحمد عقباه. وفي تلك المطاوي سمعت أن الدولة تنازلت عن حقوقها في خليج فارس وسواحله فاستندت حينئذ على ما لي من الحقوق الشرعية في هذا القطر بمنزلة أساس فبادرت إلى تلبية طلب الأهالي ليكونوا حرز حريز من فتك أرباب الفساد فيهم وإبعاد الأجانب عن ديارهم. فهذه هي الأمور التي ساقتني إلى ما أتيت فقدمت الأهم على المهم وسرحت موظفي الإمارة محافظاً على حياتهم بدون أن ينالهم أذى وعليه إذا أنعم النظر رجال الدولة المخلصون في هذه المسائل وفكروا في مآلها أحسن التفكير وأعطوا لكل ذي حق حقه ولاحظوا الأمن الضارب إطنابه في البلاد وتثبتوا ما انتشر من مرافق العمران بين العباد حبذوا عملي هذا ولا سيما إذا علموا أني قطعت دابر الأشقياء والمفسدين وحقنت دماء الأهلين وبسطت أروقة الراحة بين العالمين) هذا جل ما جاء في خطاب الأمير أخذنا منه زبدته. وعسى أن أرباب الحكم يرون في نيته الصلاح وإن لا يحملوها على غير محملها. والله يؤتى ملكه من يشاء. 14 - الإنكليز في خليج فارس سعى الإنكليز في القبض على أربعة رجال في ميناء لنجة ظن فيهم أنهم هم الذين قتلوا سيف بن رومي أحد تجار الكويت الأماثل فسلموهم إلى إمارة الكويت ليذوقوا هناك ما جنته أيديهم. ثم أعدموا بالرصاص بحضور جم غفير. 15 - الشيخ قاسم أمير قطر وقفنا في الدستور على بعض أخبار تصحح ما كتبناه نقلاً عن الرياض بخصوص هذا الشيخ فنقتطف منها ما يلي: توفى الشيخ عن 95 سنة ولم يكن أميراً لقطر في السابق كما لم يرث الملك والمجد كابراً عن كابر بل ورثه كلالة. وكان والده مثرياً أشتهر بحسن الأخلاق والمزايا وكان يحسن إلى جميع من كان حواليه حتى ملك قلوب كبيرهم وصغيرهم. ولما تلاشت قوة أمراء قطر وقلت عزائمهم وضعفت كلمتهم بسبب ما أثارته منازعات الأسرة واستئثار كل فرد منها بالإمارة وقع الانقسام والتحزب والتجزؤ فنهض الشيخ قاسم وتولى زمام البلد بجد ونشاط وغايته حفظه من استحكام الفوضى فيه فلما نجح في مسعاه ألزموه بالقبض على الزمام، وأن يكون هو الأمير على الدوام، وعاهدوه على الخضوع التام، فرضي بما انتدب له وقام به أحسن قيام، فأحبه الأهالي جميعاً وأطاعوه طاعة خالصة.

ولما ثبتت قدمه على عرش الإمارة رأى أن بقاءه وحده مستقلاً لا يحميه من معارضة الأغراب فطلب إلى مقام الخلافة الإسلامية إرسال حامية عثمانية لبلاده فأجيب طلبه. لكن سارت الأمور في وجه أدت إلى امتشاق الحسام فقتل 200 من الجند. إلا أن السلطان المخلوع كان يقدر الأمير حق قدره فعفا عنه لعلمه أن مركز بلاد قطر مركز سياسي خطير وإذا أراد الاحتفاظ به فمن الواجب أن يترضى أميره الكبير. أما قطر فهو عبارة عن عدة قرى متجاورة متسلسلة قائمة على سيف الخليج وواقعة بين جزائر البحرين وعمان. وأشهر بلاده (الدوحة) وهي مقر الأمير ولها ميناء حسن وقلعة حصينة فيها طابور من الجند العثماني إلى هذا اليوم. ولها عدة مغاصات لآلئ خاصة بها لا تبعد كثيراً عن الساحل. وقد يقدر ما يحصل منه في السنة بمبلغ قدره 15 مليون ربية. ويمكن لمن يتولاها من الأمراء أن يوسع نفوذها في أي وقت شاء. لأنها واقعة في شبه سلسلة مستديرة كالحلقة ويتعذر على غزاة البر الوصول إليها وكم مرة راموا الهجوم عليها فلم يفلحوا. وقد طلب في هذه الأيام حضرة الأمير عبد العزيز السعود احتلال قطر وأخذها من الفقيد وإجلاء الحامية العثمانية واستبدالها بحامية عربية فأبى. فعسى أن ولي عهده الأمير الشيخ عبد الله يقتفي أثر والده فيكون خير خلف لخير سلف. 16 - جنود ابن السعود قسم الأمير ابن السعود جنوده أربعة أقسام بمنزلة أربعة فيالق وهي: جند عمان وجند الاحساء وجند القصيم وجند الرياض وجعل لكل قسم من هذه الأقسام عشائر أعراب ترجع إليه وأمير بيده الحكم ثم وزع عليهم ما يحتاجون إليه من الأسلحة والذخائر. 17 - اتحاد أمراء العرب نمى إلى الرياض إن الأمير ابن السعود اتفق اتفاقاً جديداً مع أمراء العرب وهم: صقر بن غانم (الشارقة)، وراشد بن معلي أمير (الأقيوين) وأمراء (رئيس الخيمة) و (دبي) و (البريم). وهذا الاتفاق يؤيد ما كان قد عقد سابقاً والغاية منه المحافظة على بلادهم وبقاؤها في أيديهم. 18 - عباس العلي الكوتي في سجن بغداد عباس العلي هو من كوت الإمارة وقد سجن في بغداد لما نسب إليه وهو

من أسرة عربية كبيرة من عشائر الكوت. وفي أيام مدحت باشا طلب هذا الحاكم الهمام إلى هذه العشيرة أن تقر في الكوت فقرت وألقيت بيوت الشعر فسهل تمدين الأعراب الذين في ذلك الموطن. وما زال الكوت في نمو وتقدم وهؤلاء الأعراب يخدمون الدولة بمالهم ونفوسهم إلى يومنا هذا. وأصبح الكوت مقر قيم مقام كبير حوله عشائر ومقاطعات كثيرة ويجيء منه واردات جمة ومنافع وفيرة. وقد مضى على أعمار الكوت 45 سنة والفخر فيه يعود إلى آل عباس العلي. فالأمل أن أصحاب الأمر يصفحون عنه نظراً إلى أعماله السابقة ولأن ما ينسب إليه شيء لا شان له. 19 - تبرع شارود أفندي شارود أفندي من رؤساء ناحية الهويدر وأعيانها. والهويدر قرية ضخمة تابعة لقضاء بعقوبا، وقد تبرع الرجل المذكور بقطعة أرض مبني فيها مكتب جديد وجاد بتسع ساعات فاخرة وسبعة أوانٍ توزع مكافأة للطلبة النابغين. كثر الله أمثاله في هذا الوطن. 20 - الغرقى في دجلة في أيام الصيف يكثر البغداديون من السباحة في النهر وقد يغرق فيه من لا يحسن السباحة. وقد اتصل بالمصباح إن عدد غرقى هذه السنة منذ أول الصيف إلى يومنا هذا ما ينيف على 20 طفلاً وشاباً. عسى أن أهل الأمر يعنون بما يمنع تكرر هذه الفواجع. 21 - تدريس العربية في بغداد أبلغ والي الولاية جميع الألوية والاقضية التابعة لولاية بغداد بأن يكون التدريس عموماً في دار المعلمين ومكتبي الحقوق والإعدادي باللغة العربية ما عدا بعض دروس فتكون بالتركية. وعسى أن لا يكون هذا الأمر حبراً على ورق! 22 - الصيهود في دجلة قلت مياه دجلة حتى بلغ أدنى دركة تصل إليه وهذا ما يسمونه بالصيهود ولهذا لا تجري البواخر جريها السابق بل تضاعف المدة بين ذهاب وإياب ولو كان يكرى النهر ويطهر من رماله لما وقع هذا الضرر بالتجارة والبلاد والعباد. 23 - تكاثر الموظفين في الدواوين ورد في نحو منتصف أيلول 25 موظفاً لديوان الرسوم قادمين من الأستانة، ليستخدموا في عدة دواوين من مركز الولاية. ويؤكد البعض إن 45 موظفاً جديداً يأتون أيضاً ليستخدموا للبريد والبرق و50 من رجال

الدرك و15 من الشرط. فالأمل أن لا يتحقق في بلادنا هذا المثل العامي (من كثرة الملاليح غرقت السفينة). 24 - البغداديون والشرطة من عادة المسلمين البغداديون في كل عرس وختان أن يقيموا حفلة عظيمة يطوفون بالمحتفل به في شوارع المدينة ومعهم آلات الطرب ومع آخرين الأسلحة النارية والجارحة ويسمون هذه الحفلة (الزفة) وإذا كانوا في أثنائها يصيحون صياحاً كالغناء وينطقون بألفاظ حماسية يقولها الواحد ويكررها الآخرون جواباً لها يسمونها حينئذ (الهوسة). فاتفق في أن 11 من أيلول جرى مثل هذه الهوسة فكان بعض الأغرار يطلقون النار من آلاتهم ويشهرون السيوف ويحركونها في الهواء ولما وصل المهوسون قريباً من دور محلتهم اعترضهم أفراد من الشرطة وحاولوا نزع الأسلحة من أيديهم فأبوا فوقعت مناوشة بين الطرفين أسفرت نتيجتها عن قتل واحد من الأهالي وجرح كثيرين منهم. وجرح أحد الشرطة جرحاً خفيفاً. فلما سمع أولو الأمر بالحادثة أسرع بعضهم إلى محل الواقعة وقبضوا على نحو ثلاثين من الرجال. فالأمل من أرباب الحل والعقد يردعون الجهال عن ارتكاب مثل هذه الأحوال التي هي من أعمال الجاهلية البائدة. 25 - الحيف في المكتب الإعدادي البغدادي أصر بعض أساتذة هذا المكتب على إحباط سعي مائة طالب عربي في الامتحان فأثار هذا التجني الحزازات في الصدور والأمل أن همة الوالي تصلح هذا الخلل قبل أن يتمكن في النفوس فيندفع المظلوم إلى عمل ما لا ندحة عنه إذا مسه الضير والحيف. 26 - آفة الزنبور كثر الزنبور في هذه السنة في بغداد حتى أنه لم تبق دار إلا وفيها كور أو عدة اكوار. وقد شعر بلسعة هذه الدويبة كل من لم يعرفها في السابق الزمن وأبسط دواءٍ تداوي به الملسوع إذا لم يكن عنده الحامض الفنيك أو روح النشادر هو أن يدلك الموضع بطينٍ مدة خمس دقائق فأن هذا الدلك يمنع الورم. 27 - جمعية الأخوان أنشئ في الارطوية (راجع لغة العرب 2: 483 وما يليها) جمعية لقب أعضاؤها أنفسهم (الأخوان) ومن تصريحاتها على ما نقلته صدى الدستور

(العدد 2) (إن من لا يلتحق بزمرتها يعد من المشركين (وإن كان من المسلمين) وإن الذي يقصد البيت الحرام ويعرج على محلها الارطوية يغنيه ذلك عن زيارة قبر النبي (عم)) 28 - قتل أحفاد عبيد الرشيد اختطف ابن رخيص (مصغرة) الشمري أربعة أطفال من أحفاد عبيد الرشيد وقصد بهم المدينة لكي يدبروا هناك أموراً ضد الأمير الحالي وحينما أحس بهم وكيل الإمارة زامل السبهان ركب في أثرهم طالباً إياهم فأدركهم قبل أن يصلوا المدينة وقتلهم جميعاً. (عنها) 29 - عجمي السعدون في السوجية قام عجمي بك السعدون بزملته من الغبيشة ونزل في السوجية متخذها مباءةً له. فتألبت عشائر لواء المنتفق وصممت على مناوأته ولا بد من أن يتطاير عن قريب شرار هذه الفتنة. 30 - النهب في أنحاء البصرة في نحو أواخر شهر أيلول هجم الشقي عطب الشريفي على الأعراب المعروفين بالمعدان في (أم البطوط) ونهب منهم طائفة من الجواميس (الجمس) وقبل أن يهرب بالغنيمة بادره الأعراب بإطلاق البنادق فتركها وفر هارباً بعد أن قتل أربعاً من تلك الماشية. وبعد ذلك هجم على السدة ونهب تسعة حيوانات (دبش) من أهالي حمدان (عنها) 31 - غلة التمر في البصرة يزيد النوع المعروف (بالسائر) عن العام الماضي بنحو 30 في المائة ولكن الحلاوي ينقص بقدر هذا المبلغ أو أكثر. وبيع الحلاوي بقيمة 460 شامياً والخضراوي 310 والسائر 200 والزهدي 18 ليرة وكل 15 شامياً ونصف عبارة عن ليرة عثمانية. 32 - ميناء البصرة دخل ميناءها في سنة 1911 - 1912 ما هذا إحصاؤه: 250 سفينة تجارية محمولها 319. 234 طناً كان يقابلها في العام الماضي 180 سفينة شحنها 216. 035 طناً وكانت السفن الإنكليزية العلم 182 محمولها 274. 444 طناً بإزاء 165 سفينة شحنها 229. 978 طناً. 33 - بين عشائر عنزة وبين بني حسين وقعت معركة بين هذه العشائر بجوار النجف قتل فيها بعض الرجال. 34 - الجبيل بلاد تبعد عن قطر بضع ساعات طلب أهاليها إلى الأمير ابن السعود أن يؤمر فيهم أميراً من قبله فأجاب طلبهم.

35 - وفاة السيد فيصل سلطان مسقط تتالت الرزايا على السيد فيصل وعلى بلاده حتى أثرت على صحته فمرض عدة أيام وفي أوائل ت1 انتقل إلى دار البقاء وخلفه نجله السيد تيمور وقد انضوى إلى الماسونية قبل نحو سنتين. 36 - المجلس العمومي في بغداد وأعضاؤه جرى انتخاب هذا المجلس في 8 أيلول فكانوا الآتين: السيد عبد الرحمن أفندي نقيب إشراف بغداد، الشيخ محمد سعيد أفندي مدرس الأعظمية، عبد الرحمن باشا الحيدري رئيس البلدية، عبد الله سالم أفندي الحيدري، عاكف أفندي الألوسي، عبد الجبار باشا الخياط المحامي، وعزرا أفندي مناحيم صالح وهؤلاء كلهم عن مركز الولاية. وأما الأعضاء الذين انتخبوا لينوبوا عن قضاء الشامية فهم: الشيخ مبدر الفرعون وفؤاد أفندي ورؤوف أفندي آل أمين. - وأعضاء قضاء الكاظمية: الشيخ حميد أفندي وعبد الحسين جلبي، - وقضاء الجزيرة عبد الرحمن أفندي آل جميل. - وقضاء بدرة (بادورايا القديمة) محمد طاهر أفندي آل صالح. - وقضاء خانقين عبد المجيد بك آل الحاج أحمد. - وقضاء سامراء السيد علاء الدين أفندي ابن عبد المجيد الآلوسي الساكن في تكريت. - وقضاء مندلي عبد الله أفندي آل معروف. - وقضاء عانة الشيخ إبراهيم أفندي الراوي. - وقضاء كربلاء الشيخ هادي آل وهاب والسيد سعيد أفندي رئيس الخدمة. - وقضاء النجف السيد علي أفندي آل بحر العلوم والسيد علي أفندي آل الكليدار. - وقضاء الهندية الحاج عبد المهدي أفندي مبعوث كربلاء سابقاً والشيخ فخري أفندي. - وقضاء الدليم - السيد أحمد أفندي آل النقيب ويوسف أفندي آل السويدي - وغير هؤلاء عن غير هذه الأقضية. قال المصباح في خصوص هذا الانتخاب: (جرى انتخابهم على عكس آمال جمعية الاتحاد والترقي التي حاولت انتخاب غيرهم وسعت السعي الحثيث لأن تجعل الموافقين لمشربها أو آرائها أعضاء في المجلس العمومي دون غيرهم فلم تفلح وهو دليل واضح على ما في حاضرتنا من نمو الحرية الشخصية في الأفكار). وفي 14 ت1 افتتح المجلس العمومي المذاكرة واتخذ لهذه الغاية البهو المخصوص بإدارة الولاية وكان ذلك بعد الظهر بساعتين وفي الساعة الخامسة انتثر عقد المجتمعين. أصلح الله على أيديهم شؤون الوطن! 37 - بين عشيرتي الحسينات وقاطع في أوائل آب جرت واقعة بين عشيرتي الحسينات وقاطع بن بطي على مقربة من لواء الناصرية خسر فيها الفريقان نحو مائة قتيل وأصيب رجلان وامرأة بالرصاص العائر وكانوا في داخل المدينة فماتوا. ولعل يتلو هذه الموقعة موقعة أخرى أما منشأ العداوة فهو على ما جاء في صدى الدستور من نتائج سياسة فريد بك المتوفى حينما كان متصرفاً في ديار المنتفق فإنه دفع عشيرة الحسينات عن مزارعها وديارها التي كانت تبعد عن لواء الناصرية أكثر من نصف ساعة وانزل في مكانها قاطع بن بطي لأن الحسينات لم تذعن للمتصرف تمام الإذعان في أمور انتخاب

المبعوثين السابقة كما أذعنت له عشيرة قاطع ولما انفصل فريد بك من متصرفية اللواء أخذت الحسينات تدعي بإعادة أراضيها إليها وإجلاء قاطع عنها ولما لم ترد الحكومة أن تسمع شيئاً بهذا الخصوص نشبت العداوة بين العشيرتين ووقع ما وقع. وفي الوقت عينه وقعت واقعة أخرى بين عشائر (حسن القبيح) وعشائر (كويد المحينة) إلا أنه لا يعلم تفاصيل قتلاها. فلما رأى عجمي السعدون حالة تلك العشائر أراد أن يصلح بينها فأرسل يطلب حضور رؤساء العشيرتين فلما جاءوا قبض على كويد (مصغر كائد) وحبسه ولم يطلق سراحه إلا بعد أن افرغ له قلعة (البوصلابيخ) فسكنها عجمي بك - ويقال إن كويد المحينة لما أطلق سراحه ذهب إلى قبائل خيقان والعساكرة أعداء عجمي ليشاركها في مناوأة عدوهم جميعاً. 38 - مخلوق غريب ولدت إحدى نساء الكرخ (في بغداد) في محلة (علاوي الحلة) ابنة بدون أنف وأذنين، وفمها في حلقمومها وعيناها في وسط وجهها ولما علم بعضهم ذلك ذهبوا لرؤيتها وبينهم جماعة من الأجانب وبعد ثلاثة أيام ماتت. 39 - رواتب رؤساء بعض عشائر العراق وذهاب بريد حلب كل يوم سعت الحكومة سعياً مشكواً لتنظيم أمور البريد. وكان هذا البريد يجري مرة في الأسبوع بين بغداد وحلب؛ أما الآن فإنه يسير كل يوم كما في ديار الإفرنج. وقد أتخذ أولو الأمر أحسن وسيلة لذلك وهي إنهم وطنوا النفس على دفع مشاهرات وافية إلى العشائر المبثوثة في العراق لتضمن الراحة والأمن للبريد وناقليه وحفظ الطريق من اللصوص قطاع الطرق فتدفع إلى حميدي رئيس عشيرة شمر 45 ليرة (نحو 1080 فرنكاً) وإلى أخيه مجول 20 ليرة (وكانت الحكومة السابقة أعطت أباه فرحان باشا مقاطعة الفرحانية) وكل ذلك لحفظ طريق الموصل وتدفع إلى علي سليمان البكر رئيس عشيرة الدليم 15 ليرة. ولا جرم أنه بعد هذا يردع جماح ابن عمه مطلق الذي قطع طريق ما بين بغداد وعانة قبل أيام وجماح (أبو زعيان) الذي هو ابن أخ حردان لحفظ طريق حلب والشام وخصصت لهزاع بن محيميد الفيحال رئيس عشيرة المعامرة 5 ليرات لحفظ طريق المسيب. وقد اشترطت الحكومة على هؤلاء الشيوخ أن ينفضوا الطرق من اللصوص أو القطاع وإذا سرق أحد المسافرين فعلى الشيخ تسليم الأثيم إلى الحكومة أو تسليم ما سلب منه. 40 - فهد بك آل عبد المحسن في الرزازة كانت الحكومة السابقة أهدت عبد المحسن رئيس عنزة مقاطعة الرزازة من ملحقات لواء كربلاء التي تبلغ وارداتها نحو 6 آلاف ليرة وقد أخذ اليوم ابنه فهد بك يسكن العشائر فيها ليجعلها قضاء تستفيد من وارداته الحكومة وقد جعل اليوم فيها النعم والغنم ريثما يتسنى له تحقيق الأمنية وعلى الله الاتكال.

العدد 30

العدد 30 - بتاريخ: 01 - 30 - 1913 سياسة لا حماسة الشعر مفتقر مني لمبتكر ... ولست للشعر في حال مفتقر دعوت غر القوافي وهي شاردة ... فأقبلت وهي تمشي معتذر وسلمتني عن طوع مقادتها ... فرحت فيهن أجري جري مقتدر إذا أقمت أقامت وهي من خدمي ... وأينما سرت سارت تقتفي أثري صرفت فيهن أقلامي ورحت بها ... أعرف الناس سحر السمع والبصر ملكن من رقة رق النفوس هوىً ... من حيث أطربن حتى قاسي الحجر سقيتهن المعاني فارتوين بها ... وكن فيها مكان الماء في الثمر كم تشرئب لها الأسماع مصغية ... إذا تنوشدن بين البدو والحضر طابقت لفظي بالمعنى فطابقه ... خلواً من الحشو مملوءاً من العبر أني لأنتزع المعنى الصحيح على ... عرى فأكسوه لفظاً قد من درر سل المنازل عني إذا نزلت بها ... ما بين بغداد والشهباء في سفري ما جئت منزلة إلا بنيت بها ... بيتاً من الشعر لا بيتاً من الشعر (وأجود الشعر ما يكسوه قائله ... بوشي ذا العصر لا الخالي من العصر) (لا يحسن الشعر إلا وهو مبتكر ... وأي حسن لشعر غير مبتكر) ومن يكن قال شعراً عن مفاخرة ... فلست والله في شعر بمفتخر وإنما هي أنفاس مصعدة ... ترمي بها حسراتي طائر الشرر وهن إن شئت مني أدمع غزر ... أبكي بهن على أيامنا الغرر

المدائن أو طاق كسرى أو سلمان باك

أبكي على أمة دار الزمان لها ... قبلاً ودار عليها بعد بالمغير كم خلد الدهر من أيامهم خبرا ... زان الطروس وليس الخبر كالخبر ولست أذكر الماضين مفتخرا ... لكن أقيم بهم ذكرى لمذكر وكيف يفتخر الباقون في عمه ... بداس من هدى الماضين مندثر لهفي على العرب أمست من جمودهم ... حتى الجمادات تشكو وهي في ضجر أين الجحاجح ممن ينتمون إلى ... ذؤابة الشرف الوضاح من مضر قوم هم الشمس كانوا والورى قمر ... ولا كرامة لولا الشمس للقمر راحوا وقد أعقبوا من بعدهم عقبا ... ناموا عن الأمر تفويضاً إلى القدر أقول والرق يسري في مراقدهم ... (يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر) يا أيها العرب هبوا من رقادكم ... فقد بدا الصبح وأنجابت دجى الخطر كيف النجاح وأنتم لا اتفاق لكم ... والعود ليس له صوت بلا وتر مالي أراكم أقل الناس مقدرة ... يا أكثر الناس عداً غير منحصر الرصافي المدائن أو طاق كسرى أو سلمان باك نشرنا في الجزء الثالث من لغة العرب مقالة للأستاذ الشماس فرنسيس جبران عنوانها (تطواف في جوار بغداد والمدائن) أبدع في أسلوبها منشئها كل الإبداع وأجاد في وصف زوايا دجلة (دوراتها) ومنعطفاتها كل الإجادة ولكنه قد غلط في تسمية بعض الأعلام ونسبة بعض العشائر إلى غير قبائلها وفاته أيضاً الكثير من التلول والآثار المبثوثة في تلك الأرجاء وإتماماً للبحث والفائدة نأتي بنبذة ننبه فيها على أغلاط الكاتب ونصف فيها ما فاته من تلك الرسوم الدوارس فنقول: لأهل بغداد عادة جارية يعملون بها في كل عام وهي إنهم يذهبون إلى زيارة سلمان الفارسي وموسم تلك الزيارة يكون دائماً في أول فصل الربيع وتمتد مدته

إلى نحو شهرين يتعاقب فيها الزائرون من أهل بغداد وغيرهم وأكثرهم من أهل (باب الشيخ) ويعرفون (بالشيخلية نسبة تركية إلى محلة الشيخ عبد القادر الكيلاني إحدى محلات بغداد) والسنة التي لا يذهب فيها الشيخلية إلى المزار المذكور لا يقوم لموسمها كالسنة التي قبلها. أما كيفية تهيؤهم للسفر وظعنهم إلى المزار فإنهم يأخذون خيام القطن ذوات السرادقات المزركشة بالحرير - ويسمونها (جوادر) والكلمة تركية الأصل - ويضربونها بجوار الإمام على نهر هناك يسمى (بدعة أحمد أفندي) وقد حفر قبل سنين وتجري جداوله وسواقيه من بين تلك المضارب ويجتمعون في طرفي النهار وهم في عدة السلاح الكاملة ويكون اجتماعهم هذا كحلقة واحدة لا يعرف طرفاها ويسمون ذلك الاجتماع (الآي والبعض هلاي وهي مأخوذة من الآي التركية) ويضربون نوعاً من الطبول صغيراً يسمونه (دماماً) وزان شداد ويجمعونه على (دمامات) ويقعون على الضرب بهوسة يسمون طريقتها (عقيلية) نسبة إلى عقيل من نجد وأما عقيل فيسمونها (هجيني) نسبة إلى الهجين من الإبل - وينزل رجلان من الجمع في ساحة تلك الحلقة يلعبان بالسلاح والناس من حولهما يطلقون أثناء اللعب الرصاص ولا يزالون كذلك مقدار ساعتين على الأقل وفي الأخر ينتثر عقد الجمع بسلام ثم يذهبون في عصر كل يوم بهذه الصورة إلى (إيوان كسرى) وهم يسمونه (طاق كسرى) وهو فصيح وهناك أيضاً يطلقون الرصاص على جدران الطاق وعقده ويبقون ثمة إلى آخر النهار ثم يرجعون زرافات ووحدانا. وإذا جن الليل تراهم يجتمعون جماعات جماعات ويضربون في آلات اللهو والطرب (كالعود) و (القانون) و (الكمان) و (الدنبك) و (الدف) وغير ذلك ويغنون أنواع الأغاني ويرقصون شيباً وشباناً، أشرافاً وأراذل، وضعفاء ورفعاء، ولا يرون في ذلك بأساً ولا تحاشياً وكذلك قل عن النساء فيما بينهن ويعدون جميع هذه الأعمال الفاسدة حلالاً، فيها لله وللإمام رضىً لأنهم يزعمون أن الإمام سلمان كان في حياته من أهل

اللهو والطرب وإنما يعملون هذه الأعمال تأسياً به فهي لا شك تجلب مرضاته عنهم. وكنت أذهب في بعض السنين مع الذاهبين لأجل التفرج والتسلي وفي الحقيقة إن الذي يحضر هذا الموسم يجد مدة حضوره انشراحاً، إلا إن هذا الانشراح متولد مما يشاهده هناك لا غير إذ يرى السماء الصافية الأديم ويشرب الماء الزلال ويسرح طرفه في المروج الخضرة النضرة ويستنشق النسيم العليل البليل المنعش للأرواح هبوبه ويتروى من اللبن المخيض ويتغدى الزبد اللذيذ ويبيت خالي البال من الهواجس والأفكار يطرب سمعه إذا مر هزيع من الليل أنين النواعير وحنين الكرود وخرير المياه وحفيف الأشجار وتغريد الأطيار. وكنت أدون جميع ما أشاهده من الآثار والتلول والرسوم وما أسمعه من حكايات الأعراب النازلين في تلك الأطراف عنها في مذكرتي وآخر عهدي في تلك الرحلات كان في 12 ربيع الثاني سنة 1331هـ - 20 آذار 1913م وإليك وصف ما شاهدته وسمعته: 2 - سلمان الفارسي أو سلمان باك (سلمان باك) واقع في الجنوب الشرقي من بغداد على بعد ست ساعات للراكب وهو عبارة عن بهو كبير مربع الأركان يبلغ طول كل جانب منه نحو 40 متراً مبني بالجص والطاباق وقد جدد ذلك البناء في سنة 1322هـ - 1904م وبابه تجاه القبلة وفي وجوه جدرانه الثلاثة ما خلا الشمالي منها حجر واواوين معدة للزائرين وعند الجانب الشمالي قبة معقودة قديمة البناء يظهر من طرز بنائها أنها من أبنية القرن السادس أو السابع للهجرة يبلغ ارتفاعها بين 14و 18 متراً وفي باطنها نقوش بديعة بأشكال ثلاثية دقيقة وهي في أصل البناء يشابهها ما يسميه اليوم بناءو العراق (مقرنص) وقد غشيت تلك النقوش بصبغ لونه كلون الزعفران ورسم منه أشجار وأزهار والرائي لا يقدر أن يعرف أن تلك الرسوم هي أصباغ إلا بعد تأمل طويل وإلا يقطع أنها صنعت كما تصنع الفسيفساء. وهذه القبة معقودة على حجرة طولها نحو 9 أمتار في عرض مثل ذلك قد غشيت جدرانها الأربعة بالقلشاني الأزرق والأبيض إلى علو 4 أمتار وقد فرشت

أرضها بالرخام الناصع الملون وفي وسطها مشبك من النحاس الأصفر طوله نحو 3 أمتار وعرضه زهاء 2 متر وارتفاعه قراب 1 متر وتحت المشبك دكة عليها ستار من الحرير الأخضر المقصب ومما يلي الرأس عمامة خضراء كبيرة ملفوفة على ثلاثة أعواد وقد نصبت على شكل ثلاثي لتلف عليه تلك العمامة وفي أعلى باب الحجرة أو الحرم مكتوب بالقاشاني الأبيض والأزرق المشجر الحديث المشهور (سلمان منا أهل البيت) وأبيات من الشعر نظمت في تاريخ بناء الرواق والصحن وهي مكتوبة على القرطاس ومعلقة على لوحة من الخشب وتاريخ ذلك في سنة 1322هـ وأمام الباب من الجنوب رواق طوله نحو 12 متراً وقد صرف على هذا التعمير محمود أفندي المتولي أحد أشراف بغداد وهو القيم أو الكليدار هناك والمتولي أيضاً لسائر أوقاف الإمام نفقات باهظة وقد نال هذه التولية بالإرث عن أبيه وأبوه عن جده حتى يرتقي هذا التسلسل إلى أحد عشر صلباً. أما الأراضي التي هي وقف لسلمان فهي: أرض باوي، وأرض السمرة، وأرض صافي وأرض عريفية وهذه كلها في الجانب الشرقي وأرض دزدي، وأرض المناري وهاتان في الجانب الغربي وتغل جميعها في العام من 600 إلى 700 ليرة عثمانية كذا أخبرنا رئيس كتاب الوقف الأسبق في بغداد عبد الجبار أفندي. وكانت أرض سلمان قبل عشرين سنة قاعاً صفصفاً لا يسكنها أحد من أهل المدر سوى أعراب من أهل الوبر ينزلون بالقرب منها وهم بطة (وزان كنة) والدليم والمناصير وغيرهم وكان يبلغ عدد بيوت الجميع قاب 500 بيت أم اليوم فتجد حول قبة سلمان دوراً وسوقاً فيها ما يحتاج المسافر إليه وخانات وقهوات وقد بدأت العمارة والسكنى فيها منذ خمس سنين. وينزل اليوم في أرض سلمان وأطرافها من الأعراب العشائر التي يجمعها الجدول الآتي: عدد البيوتاسم أرضهمالعشيرةالرئيس 100 المناري في الجانب الغربي ويبلغ طولها الجبور ومنازلهم في الطرف صالح التجرات من حبل السور إلى الغرب ساعتين ونصفاً الشرقي منها 120 - الطرف الغربي الجبور موسى الحروبي 30 السمرة في الجانب الشرقي البطة مطلق الصالح وعيدان الهومي

100 السيافية في الجانب الغربي (العبد الله وأخوه ناعسة من الخزرج مرهج السلمان وخلف المرير 12 السطيح في الجانب الغربي الدليم إبراهيم السليمان 5 الصافي في الجانب الشرقي الدليم دخيل المروح 10 الصافي في الجانب الشرقي المناصير فرج العنفوص 40الخناسة في الجانب الشرقي البو رقيبة حمد الصالح ؟ بدعة الهلالية في الجانب الشرقي المناصير عبد العاتي 10 الدرعية في الجانب الغربي الدليم عبد العودة 150 غريبية وهي على حد المناري الغربي الجبور زيدان الخلف وطولها ساعة ونصف بين 220 و300 الزمبرانية أو الزنبرانية طولها خمس ساعات ونصفصالح العلي وهي في الجانب الغربي الجبور وجميع هؤلاء الأعراب أهل ماشية وكرود وليس لهم مهنة سوى الزراعة. 3 - إيوان كسرى وفي الجنوب الشرقي من قبة سلمان على بعد 10 دقائق منها إيوان كسرى وهو أثر جليل من الآثار التي يتنافس فيها في العراق أما علو شأنه وسامق مجده فيخبرك منظره عن مخبره ولم تبق لنا الأيام منه إلا طاقه المعقود عقداً حكمته يد الإنسان الذي علمه الله ما لم يعلم وقومته فكرته التي غلبت كل مخلوق. مرت القرون تلو القرون وذهب الملوك أثر الملوك وانقرضت الأمم بعد الأمم وهو باق على حالته الأولى يصارع الأيام فتصرعه ويصرعها وسيبقى - والبقاء لله وحده - ونذهب نحن والذين يأتون بعدنا إلى ما شاء الله يبقى وما بقاؤه إلا عبرة للمعتبرين (فاعتبروا يا أولي الأبصار). 4 - وصف الإيوان القديم والحديث قال الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه تاريخ بغداد طبعة باريس في الصفحة 88 (المدائن لكثرة ما بنى بها الملوك والأكاسرة واثروا فيها من الآثار. . . وتسمى المدينة الشرقية العتيقة وفيها القصر الأبيض القديم. . . وتتصل به المدينة التي كانت الملوك تنزلها وفيها الإيوان باسبانير. . .) اه

وقال في وصفه ابن الأثير في الكامل: (. . . وهو (يعني الإيوان) مبنى بالآجر وهو على مرتفع من الأرض طوله 150 ذراعاً في عرض مثلها وأمامه ميدان طوله 80 ذراعاً في 25 وقيل سعة الإيوان من ركنه 90 ذراعاً. . . وكان فيه من التماثيل والصور شيء كثير من جملتها صورة كسرى انوشروان وقيصر ملك إنطاكية وهو يحاصرها ويحارب أهلها فلما فتحت المدائن سنة 16 هجرية على يد سعد بن عبادة ترك ما فيه من التماثيل واتخذه مصلى وصلى فيه صلوة الفتح ثماني ركعات لا يفصل بينها وقيل إن المسلمين أحرقوه بعد ذلك بقليل) انتهى كلامه وقد سبقه إلى هذا الوصف نظماً بسنين كثيرة البحتري فلتراجع الأبيات في ديوانه ج 1: 108 طبع الجوائب. أما اليوم فلم يبق إلا ما يأتي: (الإيوان) ويبلغ طوله أو غوره نحو 42 متراً في عرض 25 متراً في ارتفاع 30 متراً وعرض الباقي من العقد من علاه وثخنه 8 طاباقات أو متران و40 سنتيمتراً وهو مقوس ويبلغ مقدار قوسه 14 متراً وعرض حائط الإيوان الذي عليه طرف العقد زهاء 5 أمتار وعرض الباب الذي يكون مقابلاً لك إذا وقفت في وجه الإيوان ووجهك إلى الجنوب الغربي متران و20 سنتيمتراً وارتفاعه خمسة أمتار وهو معقود مقوس (ويزعم العامة أن هذا الباب هو الباب الذي كان تدخل منه وتخرج العجوز التي كانت دراها في أيام كسرى بجنب الإيوان وليس لها طريق سواه) وفي طرفي الجدار الذي فيه الباب المذكور من أعلاه روزنتان نافذتان إلى الوجه الآخر من الجدار يبلغ ارتفاع كل منهما مترين في عرض متر وارتفاع الجدار المذكور بين 15 و20 متراً. وفي حائط الإيوان الشرقي مما يلي وجهه باب طوله 7 أمتار في عرض متر و87 س وقد شق عقده إلى أعلى الإيوان ويروي الأعراب عن أسلافهم إن هذا الشق هو الذي حدث يوم ولادة النبي (ص) وفي شرقي الباب المذكور جدار قائم قد سقط أعلاه وطرفه الشرقي ولم يبق منه إلا ما طوله نحو 31 متراً في عرض 7 أمتار في ارتفاع زهاء 30 متراً وفي وجهه الذي هو تجاه الشمال الشرقي آثار نقوش ومشاك وطيقان وأعمال هندسية في البناء بديعة ولعلها آثار ما وصفه البحتري وابن الأثير وفي أعلاه تجاه الجنوب الغربي أثر عقد يدلك على أنه كان هناك إيوان صغير غير هذا الكبير وقد هدم ومن الأرض إلى أثر العقد قراب 8 أمتار وفي وسط الجدار المذكور باب معقود طوله 7 أمتار في عرض 4 و20 س

في ارتفاع متر و80 س وبناء الإيوان وجدرانه بالجص والطاباق وهو مربع يبلغ تربيع الآجرة منه قراب 30 س وثخنها زهاء 10 س وفي الجنوب الشرقي من الطاق بقرب الجدار تل ركام يسمى (شاه زنان) يبلغ ارتفاعه زهاء 7 أمتار ومحيطه 60 متراً وفي الجنوب الشرقي منه على بعد عشر دقائق تل آخر يسمى (تل الذهب) يبلغ ارتفاعه نحو 15 متراً ومحيطه قراب 200 متر وفي شرقي الإيوان على بعد 20 دقيقة السور الذي ذكره الشماس فرنسيس في الجزء الثالث ص 139 أما ضلعه الذي يذهب إلى الجنوب الغربي فبعد مسافة عشر دقائق يمحي أثره ثم بعد نصف ساعة يبدأ طرفه دون قبر حذيفة اليماني نحو 300 متر ثم يمر بارتفاع وانخفاض مسافة عشر دقائق ثم ينقطع مثله ثم يظهر ويبقى إلى مسافة 20 دقيقة ثم يأخذ في هبوط وصعود ووصل وقطع قليلاً قليلاً حتى يرد شط دجلة أسفل (قصيبة) وعلو أعلى موضع منه خمسة أمتار واخفض محل منه 3 أمتار ولعل هذا الأثر هو أثر السور الذي ذكره الخطيب في مقدمة تاريخه في الصفحة 89 قال (وكان الإسكندر. . . ينزلها (يعني المدائن). . . وبنى فيها مدينة عظيمة وجعل عليها سوراً أثره باق إلى وقتنا هذا موجود الأثر وهي المدينة التي تسمى (الروضة) في جانب دجلة الشرقي.) أهـ ولكل من هذه القطع المذكورة اسم يطلقه عليها أعراب تلك الجهات فأول قطعة منه في الشمال الغربي من الطاق على بعد 200 متر تسمى (تل جميعة) تصغير جمعة وهو اليوم مدافن موتى النازلين في تلك الأرض ثم فوقه بقليل (الطويبة) ويبلغ علوها 7 أمتار ومحيطها 60 متراً وطرف السور الذي في أسفلها يسمى (رأس العين) وقطع السور الواقعة في الجانب الغربي من دجلة وهي التي أشار إليها الشماس فرنسيس في مقالته السالفة تسمى (حبل السور) وهذه القطع تذهب إلى الجنوب وهي ثلاث قطع الأولى واردة دجلة بل قل أكلتها هي وطول الجميع نحو 100 متر والفاصل بين القطعة الأولى والثانية 4 أمتار وبين الثانية والثالثة زهاء 100 متر وارتفاعهما زهاء 4 أمتار وعرضها من الأسفل 4 أمتار ومن الأعلى متر ونصف متر و (حبل السور) عند حد أرض (المناري) الشرقي وفي الجنوب الغربي منه على بعد ساعة تل يبلغ علوه 15 متراً ومحيطه قراب 120

متراً يسمى (تل عمر) ثم فوقه إلى الجنوب مسافة 40 دقيقة تلان متقابلان يسميان (الخياميات) يبلغ علو كل منهما خمسة أمتار ومحيطه زهاء 60 متراً وفيهما أثر أنقاض وقحوف ويقابل تل عمر من الشرق على بعد ساعة تل يسمى (بنت القاضي) يبلغ علوه 14 متراً ومحيطه 100 متر وبقربه على بعد 100 متر بقايا سور يسمى (السور الصغير) وفي جنوبي حبل السور على بعد نصف ساعة نهر قديم يكاد يساوي عقيقة الأرض يسمى (نهر اليوسفية) وهو يابس لا ماء فيه ومبدأ اسفل فوهة (نهر الرضوانية) الجارية إلى يومنا هذا يذهب إلى الشرق ويقاطعه الشط فوق سلمان من الجنوب الشرقي بقليل ثم يذهب حتى يمر بقرب كوت الإمارة والبصرة إلى أن يرد (الحويزة) وفوقه إلى الجنوب على مسافة 5 دقائق (نهر تل الذهب) وهو يابس وفي جنوبيه على مسافة نصف ساعة (تل الذهب) المذكور وهو غير تل الذهب السالف الذكر وهو عبارة عن تل يبلغ علوه نحو 7 أمتار وطوله 35 متراً وعرضه 10 أمتار ويمر في أسفله مما يلي الجنوب على بعد 20 متراً (نهر المحمودية) وفيه ماء وفي شرقي تل الذهب على مسافة نصف ساعة ثلاثة تلول تسمى (السمر) (وزان) (قفل) وفي جنوبي تل الذهب على مسافة ساعة ثلاثة تلول من التراب الواحد بجنب الآخر تسمى حويصلات وفي شرقيها على مسافة 50 متراً تل فيه حجارة وقحوف يسمى (حطيحط) يبلغ علوه

نحو 5 أمتار ومحيطه 80 متراً وإذا رحلت من المنارى تريد الإسكندرية فليكن وجهك إلى الجنوب وطريقك على تل عمر وتل الذهب وحويصلات والمسافة من المنارى إلى الإسكندرية 6 ساعات للراكب. وفي الجنب الشرقي على بعد نصف ساعة من حبل السور تل يسمى (أبو حليفية) يبلغ ارتفاعه نحو 10 أمتار ومحيطه قراب 100 متر وغربي حبل السور على بعد 40 دقيقة تل يسمى (تل منثر) وهو تل مستطيل يبلغ علوه قراب 7 أمتار وطوله 100 متر وعرضه زهاء 20 متراً وفوقه إلى الغرب على بعد 300 متر تقريباً تل يسمى تل (قريقص) وهو تل مستطيل يبلغ طوله 50 متراً وعلوه 4 أمتار وعرضه 10 أمتار وفي الجنوب الشرقي من حبل السور على مسافة 20 دقيقة من حافة دجلة اليمنى تل كتل قريقص يسمى (اشان هومي أو البارودة) وهو ينسب إلى رجل كان ينزله في القديم ويستخرج منه الشورة وكان اسمه هومي والبارودة هي الشورة فنسب إليه وهو أبو عيدان رئيس عشيرة البطة النازلة أرض السمرة وقد سلف ذكره وأما البارودة أو الشورة فإنها تستخرج من أرضه ومنها يعمل البارود وأرضه من أوقاف سلمان وفي شماليه على مسافة 50 متراً تقريباً قلعة مبنية بالحجارة والطين قد تهدم أكثرها وكانت قبل سنين مخفراً للجند العثماني يقيم فيه ليخفر تل البارودة كي لا يستخرج منه الأعراب الشورة وفوق البارودة أو اشان هومي إلى الجنوب الشرقي على مسافة 25 متراً تل يسمى (أبو خشيم) تصغير خشم وفوقه إلى الجنوب الشرقي على بعد خمس دقائق تل يسمى (أبو الهيت) وزان (جيل) سمى على ما ينقله الأعراب باسم إمام مدفون هناك يقال له (علي أبو الهيت) وفي الجنوب الشرقي من تل أبي هيت مسافة ربع ساعة أرض (السيافية) وبازاء فوهة ديالى في الجانب الغربي من دجلة على بعد 30 متراً عن الشط تل يسمى (أبو عصافير) وهو كاشان هومي أو أكبر منه بقليل ينزله أعراب من الجبور والبو عيثة وفي الشمال

الغربي من سلمان في الجانب الشرقي من دجلة على بعد ربع ساعة وعلى قارعة الطريق تل يبلغ ارتفاعه 5 أمتار ومحيطه بين 30 و40 متراً يسمى (أبو زنبيل) هذا أسماء اغلب الآثار والتلول المبثوثة في أرض سلمان شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وأسماء العشائر النازلين فيها. 5 - قبر حذيفة اليمان وعبد الله الأنصاري وفي الجنوب الشرقي من إيوان كسرى على مسافة 10 دقائق على ضفة الشط اليسرى قبر حذيفة وعبد الله الأنصاري وهما عبارة عن بهو

طوله 15 متراً وعرضه 10 أمتار مبني بالطين والحجارة وعند حد جانبه الشمالي صفة عرضها 3 أمتار ثم وراءها رواق معقود عليه ثلاثة عقود بالجص والطاباق وفيه قبتان معقودتان أيضاً في اليمين والشمال التي عن اليمين فتحتها قبر حذيفة وعليه شباك من الخشب وأما التي على اليسار فتحتها قبر عبد الله الأنصاري وباب الرواق والبهو تجاه القبلة. 6 - أوهام الكاتب وأغلاطه أما أوهام الكاتب وأغلاطه التي أشرنا إليها في صدر المقالة فهي قال ص 136 (من الشمر) والأصح من شمر وقال ص 137 (بالزاوية) ويسميها الأعراب اليوم (زوية) بكسر الزاء والواو وتشديد الياء وقد فاته أسمها الآخر عندهم وهو (دورة) بفتح الدال فتحاً غير بين وقال (القرارة) والعراقيون يلفظونها قرارة وقال ص 138 (تل بليقة) والأصح بليغة بالغين وقال (التويثة) تصغير توثة وهي شجرة التوت وقال (نهر الذرعية) والأصح الدرعية بالدال المهملة وقال ص 140 (وجميع الزوايا. . . من باوي إلى ما وراء كوت الإمارة تسكنها شمر طوقة) والأصح قبل الكوت بخمس ساعات ثم قال: (وخيمهم في الصيف شقاق شوب العوين واللوبياء) والأصح الفقراء منهم أما الأغنياء فخيمهم من الصوف وقال ص 141 عند عده أفخاذ شمر (الداورة) والأصح الداور كما ذكره إبراهيم فصيح الحيدري في كتابه عنوان المجد وهو خط لم يطبع وقد عدهم على حدة ونخوتهم حسيني ثم قال: (الذلابحة) والأصح الدلابحة ونخوتهم صليتي: ثم قال: (العتبة بالضم) والأصح بالكسر وهم من ربيعة ثم قال: (الهرار) والأصح الهريرار ونخوتهم الغرير ثم قال (العواذل) والأصح العوادل بالدال المهملة ثم قال: (الزقيطاط) والأصح الزقيطات وهم من زبيد وقد فات الكاتب (الدفافعة) ثم (المهيات) ثم (النجادات) وهذه الأفخاذ الثلاثة تنزل في الجانب الشرقي من ديالى ومنازل الدفافعة من مصب نهر ديالى إلى الشمال ثم فوقهم النجادات ثم المهيات وقال السيد مهدي القزويني في رسالته في عشائر العراق وهي خط لم تطبع:

(الزهيرية بطن من شمر طوقة). ثم أدخل الكاتب في قبيلة شمر القبائل التي ليس لها نسبة ولا قرابة معها وعدها منها وهي (بنو ويس) وهؤلاء من الأوس قال الحيدري في كتابه المذكور في باب عشائر العراق (بنو ويس وهم الأوس ولا يعلم إنهم الأوس من طابخة. . . أو من حارثة. . . أو من مناة) ثم قال الكاتب (المجمع) وهؤلاء كما ذكرهم الحيدري عن القلقشندي: (بنو مجمع بن مالك بن سعد بن عوف بن جعفر) ثم قال (خزرج) وخزرج العراق أشهر من أن يعرفوا إنهم من الخزرج الذين هم أخوة للأوس وهم النازلون اليوم في أرض دجيل وقريته والذين أشار إليهم الكاتب منهم أيضاً وطالما تتوافد القبيلتان وأمير أهل الجبل تقي عباس وأمير أهل دجيل قيس الحسين العلي السلطان ثم عد من شمر طوقه (الغرير. . . الزقاريط. . . الأقرع. . . السعيد. . . الزوبع (والأصح زوبع) السعود) أما الغرير فقد قال عنهم الحيدري السالف الذكر ما نصه: (الغرير من حمير ومن قبائلهم آل شهوان وآل بكر.) اه وأما الزقاريط فهم من عبدة من ولد رجل اسمه (زقروط) بفتح الزاء وأخوته العفاريت والجعفر وغيرهم وقد ذكرهم القزويني في رسالته قال: (الزقاريط قبيلة من العرب في العراق تنسب إلى شمر ذي الجناح من لهيعة الحميري أبي قبيلة شمر اه والأول أصح وأما الأقرع فقد قال عنهم القزويني المذكور: (الأقرع قبيلة في العراق ذات

أيها العربي

بطون ينتسبون إلى عبدة من شمر وإن انتسبوا إلى الأقرع بن حابس أو أخيه مزيد فهم من بني تميم ويقال لهم ولعفك الأقرعان ولهما بطون كثيرة) وأما السعيد فنجهلهم ولعلهم من السعود وأما زوبع فهم من شمر ذي الجناح كما ذكرهم القزويني وأما السعود فهم ينسبون إلى خالد بن الوليد وقد ذكرهم القزويني أيضاً. ونخوتهم صليتي ومع شمر طوقه عشيرة تسمى كرادة ونخوتهم أخوة فرية أي فرجة لأنهم يلفظون الجيم ياءً. وأعلم إن كل قبيلة من القبائل التي ذكرناها عدة بطون وأفخاذ لا محل لذكرها هنا هذا ما عن لنا ذكره والله أعلم بالصواب. كاظم الدجيلي أيها العربي - أرى لأبيك تاريخاً مجيداً ... تردد فيه ألسنة الرواة علاً مجداً أباً فضلاً وعلما حجىً وبسالةً شرفاً وحكماً خصالاً كلها لأبيك تنمى به جمعت فكان بها فريداً ... تزين بالخصال الحاليات له دانت ملوك الأرض قسرا مسخرة له براً وبحرا أبى للذل أن يسطيع صبرا وأن يدعي إلى ملك مسودا ... فيخضع كالرعية للرعاة أيا ابن الأكرمين كم التواني وكم تغضي على حسك الهوان ألست اليوم في أرقى زمان ترى أبناه يقضى قعودا ... سواك وأنت في نوم سبات بحقك راح حكم الجور يقضى به جنفاً فتنظره وتغضي أما بك شيمة للمجد ترضى

فتحيى يا ابن قحطان جدودا ... تعيد حياتهم بعد الممات حقوقك قد دعت هل من غياث فقد عبثت بها أيدي البغاث فهل بك يصدق الدور الوراثي فننظر عزنا غضاً جديداً ... نبضن عروقه بدم الحياة أجب صوت الرقى إذا دعاكا وساور في المزايا من سواكا ولا تعبأ بذي غرض نهاكا وعش حراً أخا شرفٍ سعيداً ... لسانك فائز بين اللغات فهلا ثقفتك يد الليالي وأيقظك الزمان إلى المعالي ألم تر صبية لك في ضلال دعوك لكي تكون لهم رشيداً ... فرفقا بالبنين وبالبنات أما بلغتك آيات السديم ومعجزة اكتشاف (الراديوم) فتنهض للصحيح من العلوم وتجهد طالباً علماً مفيدا ... له تفدي العلوم السابقات علوم ليس تجدي طالبيها يضيع سدىً ثمين الوقت فيها فهل بدت الحقيقة من ذويها وهل هي صيرت عدما وجوداً ... يرى فيحس بين المرئيات فلا هي نورت بالرشد فكراً ولا كشفت لهذا الكون سراً ولا قطع البخار بهن بحراً

أمراء السعود في جزيرة العرب

ولا ناجي البعيد بها بعيداً ... يخاطبه من الست الجهات فنل علماً تحلق في الفضاء به وتقيس أجرام السماء وتكشف فيه سر الكهرباء وتبدي للملا رأياً سديدا ... تدل به على أصل الحياة النجف (نزيل الأهواز) سعيد كمال الدين أمراء السعود في جزيرة العرب 1 - تفرق أهل نجد لما انشقت عصا آل سعود وتفرقت كلمتهم تفرق أيضاً أهل نجد واتبعت العشائر من أحبته من أمراء ذلك البيت وجاورت البلد الذي نزل الأمير لتكون له عوناً عند الملمات، فكان لعبد الله الفيصل قبيلة سبيع (مصغرة) والسهول (مجموعة، والبعض يقول الشهول بالشين المعجمة إلا أنها غلط) وبعض من عشائر عتيبة (مصغرة) - وانضوى بنو أيام إلى عبد الرحمن الفيصل والي أولاد أخيه سعود - ولحقت عشائر الدواسر والفرع وأهل الجنوب أمراء آل ثنيان. 2 - تقلص إمارة السعود من نجد ما وقع هذا التجزؤ والاختلاف إلا ونشبت نار الفتنة وامتدت لهباتها فاستعرت بين عبد الله الفيصل وبين سعود وعبد الرحمن. وحدث بين القبيلتين وقائع وحروب كثيرة كانت عاقبتها ضعف الطرفين. وفي الآخر استعان عبد الله السعود بالأمير محمد بن الرشيد أمير حائل وعشيرة طيء؛ فاغتنم الأمير هذه الفرصة للتدخل بينهما والتغلب على كليهما ففاز بما أمل. ثم إنه اتفق معهما على أن يكونا في بلاد إمارتيهما وله عليهما اليد العليا وشرط عليهما شروطاً أخرى رضيا بها. فكان أولاد سعود في الخرج، وعبد الرحمن في الرياض. أما عبد الله فإنه زهد بالملك واستقر في حائل. وكان للأمير ابن الرشيد في كل بلد معتمد بمنزلة أمير وهذا آخر انحطاطهم في ملكهم. 3 - خروج السعود من نجد في بحر سنة 1295هـ (1878م) وقع بين ابن الرشيد وبين أمراء القصيم فتور فاتفق آل السعود مع عبد الرحمن ووعدوه المساعدة إن فعل بما يطلبونه منه. فقام عبد

الرحمن لينكب المعتمدين هناك فأحس الأمير ابن الرشيد بالأمر فأسرع إلى مصالحة أمراء القصيم. ثم بعد أن تم له هذا الأمر غزا الرياض والخرج واجتاحهما. وقتل بعض أولاد السعود والبعض الآخر أخذوا أسرى وأبقوا في حائل في تجلة واحترام. وهم الذين يعرفون باسم العرائف (راجع لغة العرب 2: 567 - 572) - وأما عبد الرحمن فإنه فر من بين يدي الأمير ونزل الاحساء ثم بغداد ومنها رحل إلى الأستانة ثم زايلها فرجع إلى ديار العرب فاحتل الكويت. وقد عينت له الدولة العلية راتباً قدره 40 ليرة عثمانية في الشهر وكانت لا تعطى له إلا في بعض الأيام. هذا هو آخر أيام السعود في نجد وقد كان ذلك في سنة 1296 و 1297هـ (أي 1879م) 4 - عودة السعود إلى نجد على يد عبد العزيز باشا السعود في سنة 1313هـ (1895م) استفحل أمر الأمير محمد بن الرشيد أمير حائل وتسلط على نجد كلها فخضعت له حاضرتها وباديتها. وتم له فيها كل ما يريد. فأخذ حينئذ يفكر في إنشاء ميناء بحري لنجد فرأى أن البلاد كلها بيد الدولة العثمانية وليس له بلدة قريبة منه إلا الكويت فهم بذلك. وكتب إلى الشيخ قاسم بن ثاني يفاتحه بالأمر ويستشيره في غزوة الكويت (كذا) ولما كان الشيخ قاسم وجد من آل الصباح ما لا يناسب شأنه كتجهيزات جهزت عليه في أثناء محاربته العساكر العثمانية المقيمة في قطر أشار على الأمير ابن الرشيد أن يزحف على الكويت. إلا أن الأميرين اتفقا على أن يؤخرا هذه الزحفة إلى حين انسلاخ الشتاء. وفي تلك الأثناء مرض الأمير محمد وانتقل إلى دار القرار في آخر سنة 1314هـ (1896م) فخلفه الأمير عبد العزيز بن متعب الرشيد وما كادت قدماه تستقران على عرش الإمارة إلا وفكر بتحقيق ما كان قد نواه سلفه من أمر الزحفة. وبينما كان يتأهب لذلك قتل الشيخ مباركك بن الصباح أخويه محمداً وجراحاً وهم بغزوة نجد فثارت الحرب بين ابن الرشيد وبين ابن الصباح ولم تخمد نارها إلا بعد مدة مديدة كان الفوز فيها للأمير ابن السعود. فأغتنم عبد العزيز هذه الفرص ودخل الرياض سنة 1319هـ (1901م) وأمده ابن الصباح بالمال والسلاح لاتفاقه معه. وفي سنة 1325 - 1326 (1907) تصالح عبد العزيز السعود مع الرشيد. ولا يزالان متسالمين متحابين إلى يومنا هذا وقد عقد كل منهما مع صاحبه عهوداً وثيقة محكمة العرى. وقد عرف كل منهما حدود دياره وربوعه وأراضيه وعشائره - وبعد أن صفا الجو لأبن

السعود أخذ بتوسيع نطاق ملكه وما زال على هذه النية إلى أن احتل الاحساء والقطيف ودارين في هذه السنة سنة 1331هـ - وهو اليوم مقيم في نجد ويلقب (بالإمام) وهو أمير عادل كريم شجاع سياسي ذو رأي متين وفكر مصيب وعلى جانب رفيع من العزم والحزم والدهاء ولهذا تراه ذا حظ وافر وتوفيق مجيد وطالع سعيد. ويؤمل العقلاء أن تكون النهضة العربية المنتظرة في أيامه الميمونة. هذا آخر بحثنا عن أمراء السعود على غاية من الإيجاز واختصار وقد ضربنا صفحاً عن ذكر الأمير ابن الرشيد والأمير ابن الصباح اللذين جاء ذكرهما في هذا المقال إذ في نيتنا العود إلى البحث عن إمارة كل منهما في فصل آتٍ. والله الموفق. 5 - حدود إمارة السعود السياسية في عزها لم يكن لديار السعود حدود سياسية واسعة قبل أن تظهر هذه الدولة وإنما كانت إمارتهم في بادئ أمرها من وراء أمير الاحساء. فكان الأمر يصدر إليها من هنالك وأول ما اعتبرت إمارة كان بعد ظهور الشيخ محمد بن عبد الوهاب رأس الوهابية فناصره آل سعود ووافق هذه النهضة إقبال ميمون وأخذت تتوسع منذ ذاك الحين. أما أول أمرها فكانت عبارة عن بلدة (العيينة) التي هي مقر آل سعود. وبلغت حدودها في عهد غضارتها وأوجها إلى تخوم عسير من جهة اليمن وإلى حوران من ناحية الشمال وإلى قطر وقطيف وعمان من جانب خليج فارس وقد أخضعت هذه الإمارة مسقط والاحساء. وقد بلغ بآل سعود أن كسو الكعبة سبع سنوات متتاليات وحكموا في الحجاز بضعة أعوام. 6 - حدودها الحالية أما حدودها اليوم فهي من جهة الغرب ديار قبيلة حرب النازلة بين المدينة والرياض ومن جهة الشمال (قصيبة) الواقعة بعد القصيم وما حولها من الأراضي وهي الحدود الفاصلة بين حائل والقصيم. ومن جهة الشرق الحفر (بفتح الأول) وما حواليه. ومن جهة الشرق الاحساء ويتبعها بلاد عمان وقطر والقطيف وما في تلك الديار ومن جهة الجنوب شمالي حضرموت. 7 - القبائل التابعة لها اليوم يتبع اليوم هذه الإمارة من القبائل عشائر جمة وإنما نعد منها تلك التي

تغزو مستظلة بظل راية الإمام الكبير عبد العزيز باشا السعود ونشير إلى مقطن كل قبيلة بجانبها مع إعداد حملة الأسلحة والفرسان فيؤخذ من هذا إن هذه القبائل تقسم قسمين: قسم تابع لها بنوع خاص ويشمل القبائل التي تلازم أوامر الأمير ونواهيه ولا تنفك عنه البتة. وقسم تابع لها بنوع عام ويشمل القبائل الخاضعة لأمر الأمير ونواهيه لكنها تقطن حيثما أرادت بدون أن تقيد نفسها بقيد خاص فتشترك معه في الحروب والغزوات دون الإقامة في ظله فالقسم الأول من قبل العصبية والقسم الثاني من قبل الخضوع والطاعة. ودونك الآن قسم القبائل الخاصة بالإمارة وهي: عدد حملة السلاح عدد نفوسها اسم القبيلة 8. 0000 من 19. 000 إلى 20 قحطان 7. 000 من 18. 000 إلى 20 السهول 6. 000 من 40. 000 إلى 45 الدواسر 10. 000 من 22. 000 إلى 25 السبيع 41. 000 99. 000 إلى 110 المجموع هذا إحصاء من باب التقريب إذ لا تعداد أنفس عند عرب تلك الأرجاء وقد يرى القارئ إن فيه مبالغة، لكن ليعلم إن هذه القبائل هي من العمائر الأمهات وفيها أقسام عديدة إذ تشمل عدة بطون وأفخاذ وفصائل. فلو سمينا كل قسم من الأقسام باسمه وذكرنا لكل منه ما له من العدد والعدد لطال بنا الكلام إلى ما يحرج الصدور ويضيق الأنفاس. ولوجدنا هذا الإحصاء مطابقاً للواقع. ولا بد من أن نذكر هنا قولا ذكره لنا أحدهم قائلاً إنهم لا يقلون عما يأتي ذكره: 05. 000 10. 000 قحطان 05. 000 11. 000 السهول 12. 000 35. 000 الدواسر 08. 000 20. 000 السبيع 30. 000 76. 000 المجموع أما منازل قحطان فواقعة في شمالي الرياض وديار السهول في شرقيها وربوع الدواسر بين الأفلاج ونجلان من جهة عسير ومخيم السبيع تجاه الطائف إلى الشمال.

وأما قبائل القسم الثاني فيكون على نسبة قوة الحاكم وممن لا يزال في طاعة هذه الإمارة فهم (ما عدا من تقدم ذكرهم): 17. 000 50. 000 عتيبة (بالتصغير) ومقامهم في شمالي ديار السبيع 2. 00008. 000 المناصير وهم في جنوبي منازل السهول 4. 50017. 000 بنو هاجر في قبلي ربوع المناصير 2. 50010. 000 المره (بالضم وزان درة) في جنوبي مخيم بني هاجر 4. 00015. 000 العجمان (وزان فرسان) في جنوبي مقطن المرة 30. 000 100. 000 المجموع ويلحقهم بنو مطير (وزان زبير) وهنالك عشائر أخرى صغيرة صرفنا النظر عنها لقلة شهرتها أو لخمول ذكرها وقد تأخذ الحيرة القارئ عند وقوفه على هذا العدد العديد من نفوس العشائر وربما تصور لنا إنها تنمو نمو الكلا في البر لكننا نذكر عنها لمعة مجملة عن أصلها وبعض ما يتعلق بها فنقول: قحطان هي قبيلة قحطانية الأصل لم تتغير عما كانت عليه في سابق العهد وسامق المجد فقد بقيت على شرفها وجلالة قدرها ومحتدها وهي تقسم أقساماً كثيرة منها: السمر (بضم الأول) والعاصم والخنافرة والورقة (ويسميها البعض الروقة) وآل سعيد والحماملة والمجمل (بتحريك الميم الأولى حركة مشتركة والباقي وزان مأكل) وعبيد (وزان زبير) إلا أنها تلفظ بسكون الأول كما هو مشهور عندهم في لفظ كل مصغر) السهول ترجع هذه القبيلة في نسبها إلى سهل أو بني سهل وهم بطن من بني بحر من لخم من القحطانية وتتجزأ إلى بطون وأفخاذ كثيرة. الدواسر تتجاوز أعداد بطونهم العشرين لكنهم يرجعون جميعهم على ما يقال إلى عمارة من العرب اليمانين. والأصح إنهم بنو وائل لأن نخوتهم في يوم الحرب هي (أولاد وائل). السبيع قيل إنهم بطن من بني عامر بن صعصعة من القحطانية ولعلهم هم. عتيبة بطن من عتيب بن أسلم بن تديل بن جشم بن جذام من القحطانية وهم اليوم

الشيب والشباب

ينسبون في بني شيبان. فيقولون: عتيبة بن عوف بن شيبان. ونخوتهم في عهدنا هذا: (أولاد شيبان). المرة ويقال لهم أيضاً: آل مرة. ويظن أنهم من بني مرة وهم بطن من الأوس من الأزد من قحطان. وذكر إنهم من بني مرة بطن من بكر بن وائل من عدنان. وقيل من بني مرة بطن من ذبيان من العدنانية. وعندنا أن القول الأخير هو أبعد الأقوال عن الحقيقة. العجمان هم بطن من قحطان ويقسمون أقساماً شتى. والإمارة فيهم في هذا العهد لآل حثلين (كأنها مثنى حثل المكسورة الأول) وهم القسم الأكبر عن بطونهم. هذا ما يقال في هذا الموضوع والله ولي التوفيق والتيسير. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض ومجلة الحياة الشيب والشباب إن المشيب وليته وولاني ... فغدوت طوع تصرف الحدثان لاحت تباشير الصباح بلمتي ... فكأنهن أسنة المران يا نازلاً أزري بنا بنزوله ... هل للشيبة من زمان ثانٍ طلعت بفودى أنجم أرمي بها ... يوم التصابي مقلتي وجناني نزل المشيب فزادني بياضه ... ضعفاً وشد بنسعتيه لساني طر البياض على السواد فذكرت ... بيض الشعور بياضة الأكفان لعبت بك الأحوال وهي مجدة ... لعب الرياح بقائم الأغصان قضى الشباب وما قضيت لبانة ... لك من عهود فلانة وفلان مني تحيات عليه فإنه ... نكث العهود وجد في الهجران لم أنس من أيامه صفواً ولم ... يك لي بما فعل المشيب يدان لا تبك أيام الشباب فإنها ... قد غادرتك مدمج الجثمان زمنا ألم به خيال مائل ... كيف العلالة بالخيال الفاني لا كان يومك من سواد عارض ... في العارضين يزول بعد زمان

مستقبل قضاء الحلة

طرقتك طارقة المشيب فأنبأت ... إن المشيب نهاية الإنسان الشيب نار والشباب دخانها ... ولرب نار أغشيت بدخان نار سيخمد بعد حين وقدها ... ولسوف يبدل جمرها بدمان مارست أيام الحياة وإنني ... صعب عليّ الأيام رد عناني حتى لحت غصني بمدية صرفها ... ولوت يداها معصمي وبناني فتشنجت مني الخدود وأوهنت ... عزمي الخطوب وخانني إمكاني ركضت بميدان الحياة خيولنا ... إن المنية منتهى الميدان فلكم أنفت من الهوان وذوقه ... ولكم أبيت ولاءه وأباني ولقد نظرت إلى الشباب وأهله ... نظر الغريب مدارج الإظعان وذكرته بصفائه وبهائه ... ذكر المعبد شاسع الأوطان فرأيت إني حين أكبر ذكره ... تزداد في نصاعة الألوان أأرى دلاتي في الحياة كأنها ... مصرومة الأوذام والأشطان من بعد ما علم الرجال بأنني ... أسد الأسود وفارس الفرسان كم منهل ناضلت عنه ومعرك ... جادلت فيه بناصع البرهان بمثقف صلب الكعوب معزز ... بمهند ماضي الغرار يماني فبنيت لي بالسيف بيتا أشرفت ... شرفاته والسيف نعم الباني بالجد تمتنع النفوس فإن هوت ... يوم السباق فقد هوت لهوان لا غادرت أيدي النوائب أمة ... صبرت على الإذلال والإذعان أيهان من عدنان فرع طاهر ... ومن الذوائب من بني قحطان للعرب آناف تدق كأنها ... زبر الحديد بمطرق الأقيان إن المعارف في بلادهم غدت ... منقوضة الأساس والبنيان وإذا رأوا للجاهلية دعوة ... يتسابقون تسابق الأقران مثل الجهالة في ذوائب يعرب ... يسري به الشرقان والغربان محمد الهاشمي مستقبل قضاء الحلة كنت قد أدرجت مقالة في العدد 435 من الزهور البغدادية بينت فيها

النهضة التي ظهرت في أبناء العراق بخصوص ما يتعلق بأمر الإصلاحات المستحسن إدخالها في ولايتنا. وها إني اليوم أوافي هذه المجلة بمقال لأوجه أنظار القوم إلى قضاء الحلة الجليل ومستقبله الزاهر فأقول: إني لا أريد أن أسير في بحثي مبتعداً عن الغرض الذي أرمي إليه بل أذهب إليه تواً وأتعرض للوسائل التي هي في طاقتنا لنصل إلى أحسن نهج بحسن مستقبلنا. - إن للحلة اليوم من وسائل الثروة والغنى ما لا ينكر إذ فيها شعبة من الفرات التي تجري ماء النضار ما لا مثيل له في سائر الديار، إلا أن نموه وتبسطه في غاية البطيء والتثاقل. فهل يحسن بنا أن نراه باقياً على هذه الحالة حالة الطفولة؟ ألا يجب أن يسير سيراً حثيثاً في صراط الارتقاء والتوسع والتبسط؟ إني أدع الحكم لأهل الرأي والتفكير. إن بناء سد الهندية ليس إلا بمنزلة الأضلاع للجسم فكما أن هذه الأضلاع لا تكفي لقوة الجسم بل يجب أن تكسى لحماً وعضلاً كذلك يقال عن هذا البناء الجليل الذي لا ينتفع منه ما لم يقرن بما يتمم الغاية التي بنيت له. ولعل قائلاً يقول إن هذا المشروع هو فوق طاقتنا. قلنا: الأمر بخلاف ما يظن أو بخلاف ما يذهب إليه. والدليل ما نعدد لك من الأشغال التي يمكننا أن نقوم بها لتحسين مستقبلنا. وأول كل شيء سقي الأرضين الواسعة الممتدة في تلك الأرجاء الرحبة. فلقد أصبح الري اليوم من أيسر الأمور لتحدر المياه بسرعة وعليه إذا أراد الناس الوصول إلى ما يرومون عليهم أن يبنوا ثلاث كيالات أي ثلاث قناطر في عرض نهر الحلة ويقام مآخذ الماء لجميع ما يتفرع منها من الخروص. وقد عنى ديوان أشغال الري بدرس فكرة من سن قانون ينظم به تقسيم الماء على الأرضين ونحن نؤمل أن يكون إخراجه إلى حيز الوجود والعمل بموجبه بأقرب ما يمكن. أما الأموال اللازمة لهذه الأعمال فإنها ليست باهظة بل في مكنة جميع

الذين ينتفعون بمرافق السقي. لا سيما إذا علمنا إن أهالي الحلة يحصلون على نعم ونتائج لم يحلموا بها سابقاً وتتوفر لهم المعيشة وتجعلهم أصحاب ثروة طائلة في قليل من الزمن لأنهم إن بنوا الكيالات المذكورة لا يحتاجون بعد ذلك إلى آلات رافعة للماء إذ هذا السائل الحيوي يأتيهم عفواً متحدراً إليهم من تلك الكيالات ويتدفق إلى حيثما يريد الساقي أو الزارع. والحصول على هذه الأموال يكون على هذا الوجه: تزاد الأعشار اثنين في المائة فما يمضي غير قليل من الزمن إلا وقد اجتمع المبلغ ونالوا ما أملوا. إن فعلوا هذا الفعل أظهر تسرعهم في هذه المسألة مسألة حياة الجماعة وإحياء الموات من الأرضين إنهم من أنشط الناس ومن أرغبهم في ترقية وطنهم وإنهم ممن يسعون في فتح باب جديد لبلادهم باب الرقي والفلاح باب الحضارة الهنيئة والنجاح المبين. أما المشروع الثاني الذي يبشرنا بمستقبل زاهر هو العزم على تسيير مراكب سريعة الجري على نهر الهندية بين السد والديوانية لجمع ريع الحصاد الذي يجتمع على ضفتيه ذلك الريع الذي إذا بقى في محله بدون نقل لم يفد أهل تلك الأرجاء وإذا نقل إلى حيث يصرف ويباع وينفق يغنى أصحابه ويوسع أسباب معيشتهم. هذا فضلاً عن إن تلك البواخر تجمع القرى بعضها إلى بعض تلك القرى التي تتتالى منسوقة على طول النهر والتي لا تزال في حال النشوء مع أنها تنزع إلى النمو والتبسط والتقدم. وإن قيل لنا إن هذه المراكب لا تفيد فائدة تذكر إذا ما مد خط السكة الحديدية قلنا: إن الخط لا يمر بالحلة كما هو مشهور ولهذا تكون المراكب من أوجب ضروريات حياة الجماعة والأهالي في ذلك القطر وإلا تبقى حاصلاته بدون فائدة عمومية. - أما وسائل النقل على ظهور الدواب فهي في منتهى البطيء والثقل وغير وافية بالمقصود دع عنك ما تكلفك من النفقات الباهظة. أي أن هناك وسيلة أخرى وهي مد فرع للسكة الحديدية البغدادية وهذا الفرع هو المعروف عند أهل الفن (بالفرع الزراعي) لاختصاصه بنقل حاصلات الزراعة. وهذا مما لا بد منه يوماً لإتمام خط بغداد بوجه يفي بالمرام ويقوم بحاجيات أهل ديارنا هذه الميمونة وربط المركزين الكبيرين (بغداد والحلة) برباط واحد يدفعهما إلى التقدم والترقي الدائم. أما النفقات اللازمة لمد هذه السكة فهي ليست بعظيمة لأنه لا يحتاج إلى بناية

بديعة تبتلع الأموال بدون فائدة بل تكون معتدلة مناسبة لحالتنا. ولنا دليل على نجاح هذا الفرع من السكة ما فازه خطا النجف والكاظمية من التوفيق والتيسير والربح الكبير. ولو كنا ممن يريد الترقي الحثيث لبلادنا لأكثرنا من هذه السكك الحديدية في طول البلاد وعرضها وأصبحت عامرة راقية في معارج الحضارة. وكل ما أشرت إليه من الأشغال ليست لنا ولا هي حديثة الفكرة إذا لكل يعلمونها لكنهم لا يعلمون بها خوفاً على تشتت أموالهم على ما يتخيلونه إذا ما سعوا إلى توسيع أشغال النقل والانتقال. ولهذا نوجه أقوالنا هذه إلى عموم الناس لا إلى الخاصة منهم أهل الاحتكار والإحتجان الذين يجمعون الأموال لمجرد التمتع برؤيتها لا غير. وصلت إلى هنا من كلامي وأنا أسوقه إلى أبناء وطني العراقيين أما الآن فألفت عنان كلامي إلى الحليين خاصة أولئك الذين هم جرثومة مستقبل الوطن الزاهر وأول شيء أقوله لهم: جودوا على الوطن بما في طاقتكم يجد عليكم بنعمه ومرافقه وأرزاقه. ولا تكتفوا بالماء الذي جاءكم وكنتم تتشوقون إليه بل سيروا دائماً إلى الأمام سير مائكم المتدفق وأفرغوا كل ما في وسعكم ليجود عليكم صقعكم بكل ما تنتجه أرضه إلى أقصى غاية: واستشيروا لهذا الغرض أرباب الفن المتنورين ليطلعوكم على ما يجب اتخاذه من الوسائل اللازمة لترقية الزراعة على أرقى طريقة وصلت إليها في البلاد العامرة أو المتحضرة. ولا تغفلوا عن الصناعة: اتخذوا غلاتكم لبلادكم فإن في ذلك غناكم وثروتكم ونمو أموالكم. ومن أجل الأمور الضرورية لدياركم هي آلات إخراج الحب من القطن وتربي دود الحرير والطحن ودباغة الجلود وغيرها. والخلاصة عليكم بكل وسيلة تبرز آيات نشاطكم ومساعيكم العامة النفع. وحينما تصبحون في يسر العيش ودعته بما يفيضه عليكم ماء الفرات من الخيرات باشروا بما يعلي كعب الوطن أبعد العلاء وهو أمر ترقية المعارف إذ بقدر ما تزرعون تحصدون وبقدر ما تسعون تتوفقون وكلما قدمتم أمر الآداب على سائر أمور هذه الدنيا تفتقت عليكم منابع الخير وأفلحتم كل الفلاح. ها إن بابل القديمة قد اتكأت رأسها على أبواب مدينتكم فأهدئوها بأيدي نشاطكم لا بل أيقظوها من سباتها الطويل العادي بأناشيد حضارتكم وعمرانكم لترى الضوء الجديد الذي يحيط بها وغنوا قائلين:

الحياة خيال

العلم يرفع بيتاً لا عماد له ... والجهل يهدم بيت العز والحسب توفيق بشارة الحياة خيال بلبل هاجه الغرام فغنى ... فوق أغصان بانةٍ تثنى قابل الصبح هائماً وهو يشدو ... بنشيد يشجي فؤاد المعنى قرب جورية أماطت لثاماً ... عن محيا زها جمالاً وحسنا هام وجداً بحبها وحرى ... بهواها إن هام وجداً وجنا منحتها يد الطبيعة حسناً ... وجمالاً لغيرها ما تسنى لوعة الحب لم تدع فيه صبراً ... كل آن تراه يبدل غصنا كلما هم أن يطير إليها ... ثبط الوهم عزمه وتأنى حسبه الله كم وكم منعته ... واهمات عما هوى وتمنى يتغنى آناً ويسكت آناً ... مشرئباً لغير طيرٍ تغنى نغماتٍ تثيرها نغمات ... من طيور تجيد ثمة لحنا هاجها الوجد والغرام فغنت ... بقوافٍ رقت أداءً ومعنى ما جرت نسمة هنالك إلا ... وتشاكينها ولوعاً وهمنا يا لغنىً وقفت فيه صباحاً ... كان للعاشقين أحسن مغنى بينما كنت في مراتع أنسى ... ثم أرعى أثمار عيشي المهنا فاجأتني بارودة بدويٍ ... أسكنت كل طائر قد تغنى أرسلتها يد القضاء لتقضى ... عمر ذا البلبل الشجي المعنى لا تسل كيف فارق العمر قسراً ... بعد ما حرك الجناح وأنا وأنا ناظر إليه بعينٍ ... ذرفت دمعها فرادى ومثنى ولمثلي يشجو لكل شجيٍ ... ولمثلي يبكي على كل مضنى فتفكرت في الحياة إذا هي ... كخيال يلوح وهنا فيفنى إبراهيم منيب الباجه جي

الأكراد الحاليون

الأكراد الحاليون 4 - ملابسهم وأزياؤهم (ثياب المرأة وحلاها) - تلبس المرأة الكردية قميصاً أو شعاراً يسمونه بلسانهم (كراس وتزرر فوقه الصدرة من تحت ثدييها وهي بلسانهم (سخمة والبعض يقولون زخمة) وفوقها تلبس القباء وهو بلسانهم (كوا وتضع على كتفيها قطعة من القماش تسمى (جاروكة تعقدها عند صدرها وتضع على رأسها طربوشاً صغيراً أسود اسمه عندهم (فيس وترسل بعضهن منه عذبة أو قطعة طويلة من القماش يسمونه (قوجكه تنحدر إلى نحو ركبتيها من الوراء وتتبرقع بكسفة من الكتان اسمها (سربوش وربما لم تكن من الكتان بل من نسيج رقيق. وقد تتمنطق بعضهن بنطاق ويشددنه شداً محكماً ويسمونه (كمر وبعضهن يسمونه (كمبر ويكون مفضضاً أو مذهباً وإن كان من القماش فأسمه (يشتين وهو نادر عندهن. وتسدل الكردية من شعر جبينها خصلتين تنوسان على صدغيها اسم كل منهما (زلف أكريجه وهذه الكلمة الأخيرة من التركية. والمرأة الكردية الشمالية تطيل هاتين الخصلتين بخلاف الجنوبية فإنها تقصرهما. وترسل باقي شعرها مضفوراً على ظهرها. وتشد على جبينها سلسلة تمتد من اليسرة إلى اليمنة وقد نظمت فيها النقود الذهبية والفضية وتعرف عندهم باسم (برجاوكه وتفعل مثل ذلك عند مؤخر رأسها وتسمى (بشته سر - وتزين الطربوش بالنقود أيضاً ويسمى (كلاوي آلتون وتكحل عينيها وتجعل في أنفها حلية تسمى (قرافل أو خزمة وتحنئ يديها ورجليها. والمدنيات يعرفن الأسفيداج والحمرة بخلاف القرويات والبدويات منهن فإن اللواتي يستعملنهما قليلات. هذا هو زي الكرديات على الغالب ألم يكن قد خالطهن غيرهن أجنبيات فإن خالطنهن فإنهن قد يستعرن أزياءهن وحينئذٍ لا ضابط يضبط الملبوس وأنواعه. (ثياب الرجل) أما الرجل الكردي فيلبس ثوباً أو قميصاً أو شعاراً وقد لا يلبس ويجعل فوقه قباء قصيراً اسمه عندهم (جوغه وهو ينحدر

إلى عجزه. ويتسرول بسراويل تعرف عندهم باسم (رنك وكلاهما رقيق يحاك من الصوف العادي أو من شعر المعز ولا سيما من الشعر المعروف عندهم باسم وهو المرعزي عند العرب، ويلبس فوق القباء ردآء باسم (بستك وهو لباس يشبه العبآء إلا أنه قصير مزند (أي مزمك بلسان أهل الشام وقصيف أو ضيق بلسان العراقيين) يتجاوز طوله المنطقة بقليل. وثخنه نصف إصبع يعمل من الشعر أو من المرعزي. ويتخذ فوقه الكبنة وتسمى عندهم (فرنجي وهي ذات ردنين يكونان قصيرين أو طويلين وتتخذ الكبنة من الصوف. وإن كان الكوا قصيراً يسمونه (كورتك أي القصير ويشد وسطه بقطعة قماش لا يقل طولها عن أربع أذرع يسمونه بشتين يغرز فيه الكردي خنجره وأسلحته. ويلبس في رأسه قلنسوة يسمونها (تبله وهي بشكل نصف كرة صلبة مجوفة تعمل من الصوف ثخنها نصف إصبع وقد يكون أعلاها مسطحاً فتشبه حينئذٍ القدر وهو خاص بالأكراد الجنوبيين. أما الشماليون فيلبسون عرقية مخروطة الشكل وتكون من القماش. ويشدون على كليهما قطعة من الحرير الثخين تسمى مشكي وإلا فإن كانت من الحرير الرقيق الأسود فتعرف باسم آخر. ويلبس في رجليه حذاءين يسمى الواحد منهما (كلاش وهو يحاك من الصوف ويكون في داخله خرق تكون بمنزلة النعل. ويتقن صنعه قبيلتا الدوم والخرات وهما عشيرتان تتجولان في ديار كردستان. والخلاصة يشبه زي الكردي الحالي زي الحثيين الأقدمين الذين يظن إنهم أجداد الأرمن. وهذا الزي معروف في ربوع الكرد من حدود ديار بكر إلى تخوم تستر إلا أنه يتغير قليلاً بتغير مواقع البلاد أو المجاورة الأعراب والأعجام. 5 - مذاهب الأكراد اغلب الأكراد مسلمون وفيهم نصارى ويهود. واغلب المسلمين سنيون

وما بقي منهم فعلى مذهب الشيعة. أما الداسنيون الذين يعدون من الأكراد فهم مجوس هجروا حاضرتهم القديمة (يزد) واحتلوا أرض فأقاموا فيها ولهذا يقال لهم أيضاً (يزديون) فصحفت العامة اللفظة فقالوا (يزيديون) وهو غلط أو لعلهم سمو كذلك لمشابهة ديانتهم ديانة اليزديين أي المجوس وقد وقع تغيير عظيم في ديانتهم الزرادشتية كميلهم إلى روح الشر وهو (آهرمن) المعروف عندهم بملك الطاووس أكثر من ميلهم إلى روح الخير (يزدان) لخوفهم من الأول وأمنهم من الآخر. - وهم يعظمون الشمس ويصلون ثلاث ركعات عند طلوعها وعندهم الختان والمعمودية معاً. ولا شك إنهم أخذوها عن اليهود والنصارى وعندهم كتب مقدسة منها كتاب جلوة. وكان يوجد في أواسط كردستان طائفة وحشية يسمى القائل بها (كاكه يي نسبة دخيلة إلى (كاكه) مؤسس ذاك المذهب الغريب. وقد هجاهم الشاعر الشهير الشيخ رضا الطالباني الكردي. وهم يجلون أعظم الإجلال رجلين آخرين وهما باوايادكار و (سي بركه - وامرأة يقولون لها (دايه ريزبار

وبقرة صفراء (كازدر - وغصناً رطباً (توني سبز - ويحتم عليهم أن يجتمعوا رجالاً ونساءً في ليلة معلومة من السنة في محل مخصوص يطفئون فيها السرج والأضواء وتسمى عند أهالي تلك الأنحاء (ليلة الكفشة) ومن الناس من ينسب هذه الليلة إلى اليزيدية ومنهم إلى الشبك ولعلها كذبة مختلفة. وكانت تعرف هذه الليلة في عصر العباسيين أو في العصور المتوسطة (بليلة الماشوش وقد تركوا هذه العادة القبيحة منذ أن فهموا معنى الإسلام وفرائضه فهماً معقولاً. والظاهر إن هذا المذهب منتحل من مذهب (مزدك) الذي ظهر في عهد انوشروان وقتل أيضاً في ذلك العهد. وقد سرى داء ذاك المذهب إلى (بابك) الذي ظهر في زمن المعتصم من خلفاء بني العباس وقتل أيضاً في عهده. ثم أخذه (فضل الله الحروفي) الباطني الذي ظهر ونفى إلى آسية الصغرى في زمن (شاه رخ ميرزا ابن تيمور لنك) وتبعه بعض البكتاشية. وكانت هذه العادة جارية عند الروس القدماء وهي تجري الآن في شمالي آسية عند أقوام الإسكيمو. وفي كردستان أيضاً فرقة تعرف (بالعلي اللاهية) وهم قسم من السنجاويين المتوطنين قرب (قصر شيرين) وهم يعتقدون بأن الله حل في علي بن أبي طالب (رضه) رابع الخلفاء الراشدين ويستحلون لحم الخنزير. 6 - مزاراتهم والتداوي فيها يذهب الأكراد بمريضهم وبكل من يصاب بداء من الأدواء إلى المزارات المشهورة في بلادهم. فيتضرعون إلى الله فيها ويطلبون الشفاء لمرضاهم وينذرون النور كالقرابين وإطعام الجياع والفقراء والمحتاجين وإذا تعافوا أنجزوا مواعيدهم وينسبون إلى بعض المزارات خواص دون غيرها. فيذهب من يبتلي بداء السعال إلى مزار (بيري كوكه - ومعناه شيخ السعال. فيتبرك المصاب بتراب الشيخ بأن يأخذ شيئاً منه ويدلك به رقبته. - ويذهب من يصاب بالرثية (داء المفاصل أو الروماتزم) إلى (كاني با - أي منبع الهواء، فيتبرك بماء العين الجارية هناك. - والمرأة العقيمة والمقلات (وهي التي لا يعيش لها ولد)

تنطلق إلى مزار (بيره مكرون - وهو على جبل من أعلى جبال كردستان الوسطى (شهرزور) وعرف باسمه أي (كيوبير مكرون - وهو كثير الكروم والأشجار المثمرة يسمع في أنحائه خرير المياه العذبة الباردة، ويرى الجليد على قمته على مدار السنة. - ويروي إنه كان (ليبره مكرون) أخت اسمها (خان خالان - بتفخيم اللامين) فزارته ذات يوم في حياته فأعجبها مكانه فقال له: إن شئت أبقي هنا وأنا أذهب إلى مكانك فاتفقا على ذلك؛ ولما نهض بيره مكرون من مكانه ومشى تبعته الأشجار والمياه مقتفية أثره فلما رأت ذلك أخته قالت له: أبق في مكانك لأن الله قد خصه بشخصك دون غيرك. ومما يحكى عن بيره مكرون أيضاً أن أحد أعدائه أحاط به ذات يوم فضيق عليه الحصار فلما رأى ما صار إليه تزيا بزى طائر وفر من ثقب في الجبل المذكور والثقب يرى إلى هذا اليوم والناس يزورونه. وعلى الجبل تمثال ثعلب من حجر في فمه ملعقة من الحجر أيضاً والكرد يذهبون إلى وجود هذا الحيوان هناك إلى أنه سرق في حياة الشيخ ملعقة من السمن (أو الدهن) الخاص بمطبخه، وما كاد يتم هذه السرقة إلا وتحول الحيوان حجراً. - وليس في الجبل طائر ولا ذباب ولا بعوض ولا دابة مؤذية وينسب كل ذلك إلى كرامة المزار وجلالة قد صاحبه. - ومما هناك من الغرائب رحى يتفاءلون بإدارتها. فإن دارت بقوة قليلة تفاءلوا بحركتها خيراً. وإلا تشاءموا بها. - والأكراد كثيروا الاعتقاد بمثل هذه المزاعم والخرافات فإنك ترى في مزاراتهم حصى صغاراً تكون عند رأس المزار فإذا جاءوه أخذوا طائفة منها وقسموها ثلاثة أقسام، ثم شرعوا يعدونها مثنى فإن انتهى كل من الأقسام الثلاثة بوتر (بفرد) فالفأل خير وإلا فبالعكس. وقد يستعملون واسطة أخرى وهي إنهم يلصقون حصاة صغيرة بحجر المزار فإن لصقت به أو جذبها كان ذلك علامة خير وحصول المطلوب ونيل المراد. وإلا فلا. - ووجدت مزاراً يسمى (باوا خلخل - أي الأب المدحرج (بكسر الراء) فإذا أراد الزائر أن يعرف أمانيه أضطجع بجانبه وشبك أصابعه وراء رأسه وأغمض عينيه وتململ قليلاً فإن تدحرج نال مناه وإن بقى في محله أيقن الخلاف وقس على هذه الخرافات ما بقي منها. 7 - اعتقادهم بالجن يعتقد الأكراد بوجود الجن اعتقاداً عظيما، ولعلهم أخذوه عن قدماء البابليي

ن ولهم في هذا الموضوع حكايات وروايات طوال تضيق دونها هذه المجلة. ونحن نورد هنا حكاية من حكاياتهم إثباتاً لما يزعمونه فنقول مما يروونه إنه كان لرجل هر قد ألف بيته فسمع ذات ليلة طارقاً يطرق الباب وينادي بصوت جهوري (مام هومر (أي يا عمي هومر) وما سمع السنور هتين الكلمتين إلا وانتفش انتفاشاً عجيباً وذهب إلى الباب وخرج من منفذ كان فيه وولى. فلما رأى الرجل هرب هره قال في نفسه: لا بد لي أن أتعقب هذا الهر لأنظر إلى ما يصير فتأثره من بعيد وإذا بالهر قد انقلب شابا نشيطا وأخرج زمارة من منطقته وهو يسعى وراء الذي ناداه حتى أدرك المنادي وسارا معا إلى أن صارا خارج البلدة وصاحب الهر يتعقبهما. فلما انتهيا إلى مقرهما رأى صاحب السنور نيراناً موقدة وحولها جماعات من الناس ينتظرون قدوم رجل فلما رأوه مقبلا صاحوا جميعهم قائلين: يا مام هومر لم تأخرت إلى الآن فقد مل أهل العرس من كثرة الانتظار فقال لهم: تأخرت إلى أن نام صاحبي. ثم طفق يزمر لهم بالزمارة والحاضرون يرقصون حوله. فلما شاهد صاحب السنور هذا المشهد الغريب رجع إلى بيته ونام إلى الصباح. فلما أستيقظ من نومه وجد الهر يدور في البيت. فقال له صاحبه. يا مام هومر ما يضرك لو زمرت لنا بزمارتك وأطربتنا هنيهة كما أطربت وتطرب غيرنا فلما سمع الهر هذا الكلام ولى هاربا ولم يعد يدخل البيت. 8 - اعتقادهم بالتمائم ومن غرائب أو أبدهم اعتقادهم بالتمائم ولعلهم أخذوها أيضاً عن الأشوريين والبابليين لشيوعها بين أجيال تلك العصور وقد يتقلدون التميمة المكتوبة ليدفعوا عنهم مرضاً كالحمى ووجع الرأس والقولنج ونحوها أو لدفع غائلة من الغوائل. وقد يتقلدونها لمجرد الزينة. - وممن أشتهر بصنع التمائم وكتابتها رجل منهم اسمه (كاكه أحمد) الشيخ المتوفى قبل نحو 25 سنة. وكان يكتب التميمة ويشترط على متقلدها شروطاً فإذا قام بها لا يتأثر من الآلات الجارحة على زعمهم. وكان يكتب نوعاً آخر منها إذا وفى حاملها الشروط التي تشترط عليه لا تؤثر فيه القنابل ولا المدمرات النارية. ويعتقدون إنهم قد جربوا هاتين التميمتين في أثناء حروبهم ومعاركاتهم فلم ينلهم ضرر فرسخت فيهم هذه المعتقدات رسوخ الرواسي. ويقول بعضهم: إننا جربنا هذه التمائم إذ علقناها على شاةٍ ثم ضربناها بالأسلحة

حكم

الجارحة والنارية فلم يصبها ضرر. وكثيراً ما نرى المحاربين يرجعون من حومة الوغى وأعبابهم ملأى رصاصاً. ذا مجمل ما يقال في هذا الباب وهناك غير هذه الأوابد والخرافات يطول ذكرها هنا فاجتزأنا بالمشهور منها على وسع الطاقة إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها. والسلام شكري الفضلي حكم 1 - من جعل قائده الهوى، هوى. 2 - من تقلب مع الأحوال، سقط من مصف الرجال 3 - من لم يكن له صديق، كان دائماً في ضيق.

الهيلاج ومعانيها

4 - من جعل سلاحه الكذب، مر في ذوقه كل شرب. 5 - من كان له كل يوم صديق، بعد عنه كل رفيق. 6 - سلاح العاقل قوة برهانه، وسلاح الجاهل بذاءة لسانه. 7 - سلاح (بالكسر) الحبارى سلاحها (بالضم)، وسلاح السفيه كل ما ينهى عنه النهى. 8 - إذا جلست بين قوم. فلا تتكلم بما يعود عليك باللوم. 9 - قم بحرمة الصنيعة، تكن في مكانة رفيعة. 10 - لا تنكر فضل من أحسن إليك، لكي لا ينقلب فضله ويلا عليك. 11 - المكابرة، من إمارات الجهالة والمهاترة، من علامات الضلالة. 12 - لا يقر أو رياح كما لا يقر من ليس فيه صلاح. الهيلاج ومعانيها (لغة العرب) أقترح علينا هذا الموضوع حضرة صديقنا الفاضل لويز ماسنيون المستشرق الفرنسوي الباريزي. الهيلاج لفظة لا وجود لها في المعاجم العربية التي في أيدينا لا في القديمة ولا في الحديثة مع أنها ترتقي إلى القرن الثاني للهجرة لورودها في كتب نوبخت وما شاء الله المنجمين. وممن ذكرها في القرن الثالث ابن الرومي في شعره قال في وصفه الربيع: ذو سماء كادكن الخز غي ... مت وأرض كأخضر الديباج فتجلى عن كل ما يتمنى ... موضع الكد خداه والهيلاج

قال في شفاء الغليل: (كدخداه وهيلاج هما كوكبا المولود، فالأول لرزقه والثاني لعمره، فإن الولد في صعوده كان زائداً فيه وإن كان في هبوطه كان بعكسه وهذا مما ذكره الحكماء والمنجمون وأرباب المواليد وعربوه قديماً. أهـ. وقال صاحب كتاب جامع التعريب، بالطريق القريب (وهو كتاب خط قديم) (الهيلاج اسم فارسي معرب. ومعنى هيلاج: دع التعس. قاله أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي في كتابه المدخل في علم المنجم). (المتوفى سنة 376هـ 986م) وورد في (برهان قاطع) ما معناه: هيلاج وزان قيقاع هو بحر الحياة في اللغة اليونانية. وفي اصطلاح المنجمين هو اسم دليل جسم المولود، ويقال له عند منجمي الفرس (كدبانو) كما أن دليل روح المولود يسمى عندهم (كدخدا)، ويستدل على البعض إلى أن هذه اللفظة هندية الأصل) وفي غياث اللغات ما معربه: هيلاج بياء معروفة وجيم معروفة هو حساب يعرف به المنجمون دليل العمر، ويطلق مجازاً على زابرجة المولود على ما هو مصرح في كتاب (المؤيد وشروحه). أهـ. وورد في كتاب مفاتيح العلوم: الهيلاج أحد الهيالج الخمسة وهي: الشمس والقمر والطالع وسهم السعادة وجزء الاجتماع أو الاستقبال وهي أدلة العمر وذلك أنها تسير إلى السعود النحوس ومعنى التسيير أن ينظر كم بين الهيلاج وكم بين السعد أو النحس فيؤخذ لكل درجة سنة فيقال: تصيبه السعادة أو النكبة إلى كذا وكذا سنة. - الكد خذاه هو الكوكب المبتز على الهيلاج وهو الذي يدل على كمية العمر بسنين موضوعة لكل كوكب: كبرى ووسطى وصغرى. وقيل: هيلاج بالفارسية امرأة الرجل، وكدخذاه هو الزوج ومعناه رب البيت لأن كذه هو البيت وخذاه هو الرب ويسمى هذان الدليلان بذلك لأن بامتزاجهما وازدواجهما

يستدل على كمية العمر.) أهـ. وقال فرهنك الشعوري في الهيلاج نحو ما قاله صاحب (برهان قاطع) لكنه زاد على معناه المذكور معنى المخاض والطلق. ويقال في الهيلاج: الهيلج ومنه الجمع الوارد في كتاب مفاتيح العلوم عند قوله: الهيلاج وأحد الهيالج فلعل الصحيح الهيلج وأحد الهيالج. أو أن يقال الهيلاج أحد الهياليج أو الهيالجة كما هو مقرر في كتب النحاة. وعلى كل حال فالفرس يقولون في الهيلاج: الهيلج والهيلة بهذا المعنى. وقد ذهب فلرس في معجمه الكبير الفارسي اللاتيني إلى أن أصل الهيلاج يوناني الأصل على ما ظهر له والأصل هو (آلوخس) ونحن نستبعد ذلك أولا لما بين اللفظين من البون. ثانياً لأن معنى اللفظة اليونانية: المرأة التي لم تلد والعاقر والبتول. ومعناها أيضا المرأة وزوج الرجل. فهذا المعنى الأخير وإن كان يتفق مع ما ذكره صاحب مفاتيح العلوم عند قوله: هيلاج بالفارسية امرأة الرجل. إلا أنه ليس بالمعنى الأصلي. هذا رأينا ولعلنا مخطئون. أما رأينا الخاص فهو إن الهيلاج يونانية الأصل كما ذهب إليه فلرس لكن الأصل هو (هلياد وقد ورد هذه اللفظة مصحفة بصورة هيلاد في إحدى نسخ مفاتيح العلوم (راجع هذا الكتاب طبعة فإن فلوتن في ليدن ص 231 حاشية ويراد بالهيالد أما بنات هليوس وأما أبناء هليوس. فإن أريد الأول فهم أخوات فائيتون أي الشمس وهن: المضيئة (أي لمبيتية واللامعة (أي والقمر (أي وأن أريد الثاني فهم: المثلث المسننات (أي والسعيدة (أي والفجر الطالع وعلى كل حال إذا أضفنا إلى الثلاث أو الثلاثة أبويهن أو أبويهم. كان عندنا خمسة وهو ما يريد به المنجمون. أما إذا اعترض معترض وقال إن بين هلياج وهلياد فرقاً في اللفظ. قلنا: نعم لكن إبدال الجيم دالاً وبالعكس أمر معروف في اللغة العربية فقد قالوا: الجشيشة والدشيشة، الادل والأجل (بالكسر) ارتعدوا رتعج. وفي المعربات. الجوسق والدوشق، الماجشونية المادشونية، الفود

بحر النجف

والفوج. والألفاظ كثيرة في مثل هذا الإبدال فكتفيا بما ذكرنا. إننا وإن كنا نذهب إلى أن أصل الهيلاج هو يوناني إلا أن العرب اخذوا اللفظة عن الفرس. ولهذا إن قال قائل إن الهيلاج فارسية لا يخطئ. وعليه قول العلامة كرلونلينو في كتابه (علم الفلك) تاريخه عند العرب في القرون الوسطى) ص 146 وهذا نص عبارته: (إن اصطلاحات فارسية مثل الهيلاج والكذخداه والجانجتان كثيرة الوجود في نفس كتب ما شاء الله) - وإن قال قائل إن اللفظة يونانية لا يخطئ أيضاً لأنه يذهب إلى الأصل الحقيقي لا إلى الأصل اسقولة عنه اللفظة أما القول إنها هندية كما أريناه بعضهم فهو عندنا بعيد. أما مجيء الهيلاج بمعنى عين الحياة فهو ناشئ من مناسبة في كتابة الكلمتين الياس وهلياس أو هلياد في اليونانية. وكما أن العرب يعتقدون إن الياس شرب من عين الحياة فبقى حياً، ذهبوا إلى أن الهيلاج هو عين الحياة. هذا الذي عن لنا في هذه اللفظة وأصلها ومعانيها. وإن كان لاديب غير هذا الرأي فإن المجلة تنشره مع الشكر العظيم. بحر النجف تؤلف اليوم الكتب وتخطط رسوم العراق والجميع يذكرون (بحر النجف) (والمشهور سابقا بهذا الاسم وهو الذي يسميه بعض الكتاب المعربين) (بحيرة النجف)) كأنه موجود إلى اليوم. وهذا دليل على أن اغلب المصنفين ينقلون الكتب نقلا ولا يحققون الأمور بأنفسهم أو على يد أناس أكفاء. والصحيح أن لا وجود اليوم لبحر النجف فإن مياهه قد نشفت منذ سنة 1305هـ 1887م) وأصبحت قاعة مزارع ولها أسماء خصوصية كالمشخاب وأم البط والأحيمرات أما (المشخاب) فسمى كذلك لأن أرضه كانت أعلى مما يجاوره من قاع بحر النجف فكان يشخب ماءه أي يسيله ويدفعه إلى قاع البحر المذكور فنشف باكراً بالنسبة إلى ما حواليه. وسميت الأرض الأخرى أم البط لبقاء البط فيها مدة طويلة وأما لفظة (الأحيمرات) فهي جمع الأحيمر والأحيمرات ثلاثة، قيل له ذلك لاحمرار ترابها. وهناك غير هذه الأسماء وقد ذكرنا أشهرها. وكان ذوق ماء بحر النجف يختلف باختلاف ما ينصب فيه من المياه. فإذا تحدرت

باب المكاتبة والمذاكرة

إليه المياه العذبة آنية من الفرات طاب، وإن تبخرت تلك المياه في الصيف ملح وعلى كل حال لم يكن بعيد الغور ولم يكن له من الصفات البحور سوى أتساع الأرض المغمورة بالماء لا غير ووجود البحر هناك قديم ولم يعرفه قدماء العرب إلا باسم البحر لا باسم البحيرة. قال اسحق بن إبراهيم الموصلي في قصيدة يمدح بها الواثق هذا البيت: قد حف بر وبحر فهو بينهما ... فالبر في طرف والبحر في طرف هذا ما أردنا إثباته في هذا الصدد رداً على من قال الخلاف ممن ألف في هذه الأيام، أو رسم رسوم هذه الديار في هذه الأعوام، والسلام باب المكاتبة والمذاكرة نظر في (إصلاح غلط) كتب أحد أدباء النجف في إحدى صحف هذه الحاضرة مقالة وسمها (إصلاح غلط) ظنه وقع في قصيدة (ألم نر) قال: (وذا يملي) في هذا البيت: كتمت الهوى جهدي فحرره الأسى ... بماء الماقي ذا يخط وذا يملي غلط ويجب أن يصلح هكذا: (وذي تملي) والحال إننا أطلعنا صاحب القصيدة عنده صعوده في بغداد أن القصيدة التي خطها بيده تروي البيت على ما طبع في المجلة وهو الوجه الصحيح الذي لا ضعف معنى فيه بخلاف ما توهمه المعترض إذ المعنى يوجب هذا القول: وقول المعترض (وذي تملي). (تملي) مخل بقواعد النحو لأن ضمير تملي يرجع إلى الماقي وهو مضاف إليه وهذا لا يجوز إلا بتأويل أو توجيه بخلاف ما أثبته الشاعر النبيه. ثم إن (ذا يخط). راجع إلى الماء وهو سائل من جنس المداد الذي يناسبه قولنا الخط. أما الاسي فيوافقه الإملاء لكونه من الشواعر والشواعر هي التي تدفع الإحساس في الشاعر ولهذا اخطأ المعترض الحفرة والأصح بقاء البيت على رواية الشاعر الأصلية. أما تصحيحه (لعل الصبا) لكوننا لم نحصره بملالين فلان الأصيل هو كذلك. هذا فضلا عن أن هذه العلامة من الاصطلاح الحديث لا دخل لها في

أسئلة وأجوبة

(إصلاح الغلط) حتى ينبه عليه في جريدة لا يهمها إصلاح مثل هذه الأغلاط التافهة بل همها الشؤون الخطيرة. وأما تصحيحه (ودلت كما دل الفرند) فهذا ناشئ أيضاً من سوء خط الشاعر والقارئ لا يقرأه غير ما قرأه المنضد. فالعتب هنا أيضاً على الشاعر لا على القارئ. مع أن المعترض لو تدبر البيت الذي خطأه لوجد في الخطأ معنى دقيقاً لا يجده في ما صححه بل يدل على ذكاء المنضد. وأما تصحيحه هذا البيب: يروم أصحابي البقاء لديهم ... ودون الذي راموا أبيح لهم قتلي فليس فيه غلط حتى يصحح فإن الواو هنا مشددة ومعنى روم المثقل: هم بشيء بعد شيء: وهو المطلوب هنا. والشاعر لم يصغر (أصحابي) إلا لإقامة الوزن دون أن يفكر أنه يخل بالمعنى إذ لا موجب لتصغير أصحابه لأن الاسم يصغر أما للتحبب وأما للتعظيم وأما للتحقير وكل هذا لا موجب له هنا. فإن كان الشاعر يحب أصدقاءه محبة صادقة وجب عليه أن يحقق أمانيهم ولا يخالفها فلا حاجة بعدئذٍ إلى قول ما قال. وإن كان يعظمهم فما أحرى أن ينصت لنصيحتهم ولا يقول ما قال. وإن كان يحقرهم خالف أصول الآداب والصداقة وأصبح في غنى من أن يهينهم إهانة علنية. ولهذا يجب كل الوجوب أن يقول (بروم) بتشديد الواو فيستقيم الوزن والمعنى معاً. وأما تصحيح مطيتي بمطي فليس فيه كبير أمر وإنما من قال مطيتي خفف الياء من باب الضرورة لا غير. ولهذا يحق لي في الختام أن أقول: (ليس هذا بعشك فأدرجي) وعلى المنتقد السلام. أسئلة وأجوبة 1 - الإشباع قبل الروسي من كربلاء. هل ورد الإشباع قبل الروسي؟ نعم. ومنه قول ابن هرمة من شعراء الجاهلية: فأنت من الغوائل حين ترمي ... ومن ذم الرجال بمنتزاح

والأصل (بمنتزح) إلا أنه أشبع فتحة الزاي فتولدت الألف. ومثل هذا كثير في الأشعار، إلا أنه يدل على ضيق ذرع ناظمها. 2 - الحضيرة بمعنى اسكلة الخشب وسبب وجود الحضائر على شواطئ دجلة من بغداد. كثيراً ما نرى اسكلات الخشب على شواطئ دجلة لا في داخل المدينة فهل من سبب لذلك؟ ثم كيف كان الأقدمون من البغداديين يفعلون وما كان اسم الأسكلة عند العراقيين في عهد العباسيين؟ الاسكلات تكون على الشواطئ لأمرين على ما نرى: - 1ً لسهولة نقل الحطب من الشط (دجلة) إليها توفيراً لنفقات النقل - 2ً لقرب الماء فيها إذا نشبت فيها النار إذ يسهل حينئذٍ إطفاؤها وكثيراً ما تكون خزائن الحطب والخشب معرضة للحرائق في حمارة الغيظ. وكانت تسمى في عهد العباسيين (الحضائر) جمع حضيرة وكانت تتخذ أيضاً بجانب دجلة. قال ياقوت في معجم البلدان في مادة الحضيرية: (على شاطئ دجلة مواضع يباع فيها الحطب يقال لكل موضع منها (حضيرة) ويجمعونها على (الحضائر)). أهـ. 3 - معنى الحكومة ليست بحديثة الوضع من بغداد. قرأت قبل بضعة أشهر في إحدى الجرائد الشامية إن لفظة الحكومة بمعنى أصحاب الأمر والنهي أو بمعنى الدولة هي حديثة الوضع ادخلها الأتراك اللغة العربية فهل هذا صحيح. كلا. الكلمة بهذا المعنى قديمة وإن لم يصرح بها اللغويون لأن مدوني المعاجم لم يقيدوا جميع الشوارد والأوابد والنوادر والشواذ. وممن استعملها من الأقدمين أبو عمر الكندي المصري في كتاب الولاة (من كتاب القرن الرابع للهجرة) قال في ص 31: (ثم خرج عمرو للحكومة واستخلف على مصر ابنه عبد الله بن عمرو) ولو فرضنا أنها من مدخلات الترك فإنها لا تخلو من صحة، إذ الحكومة مصدر حكم. وحذف المضاف وإبقاء المضاف إليه من أبواب توسيع اللغة المشروعة وهو أشهر من أن يذكر ومنه الحديث: (وإن مجلس بني عوف ينظرون إليه، أي أهل المجلس كما صرح به غير واحد من الشارحين. وفي الأساس: رأيتهم مجلساً أي جالسين. وقد عقد ابن الأثير في كتابه المثل السائر باباً رحباً لهذا الوضع فراجعه تستفد.

3 - فجر الانبعاث كيف تكونت فكرة المحفى العراقي العصري ما كادت بلاد السواد تتخلص من حكم الغريب وتؤسس الحكم الوطني فيها بعد الحرب العظمى وتقيم عرشا جديدا وسدت عليه جلالة الملك فيصل حتى فكرت وزارة المعارف في وجوب تعزيز لسان الأمة والدولة وترقيته فتحفزت في شهر تشرين الأول سنة 1921م (1340هـ) لإنشاء المحفى باسم (لجنة الترجمة والتعريب) وأقامت الأستاذ معروف الرصافي نائبا لرئيسها الذي لم تعينه وقد صرحت الوزارة للصحف يومئذ بأن مهمة اللجنة تعريب الكلمات الإفرنجية ووضع أسماء للمسميات الأجنبية التي لا أسم لها في اللغة العربية) فكتبت على أثر هذا التشبث مقالا نشرته جريدة (لسان العرب) البغدادية في صدر عددها الصادر يوم 7 تشرين الثاني 1921 بعنوان (لجنة التعريب عندنا والمجامع اللغوية عند غيرنا) ذكرت فيها وزارة المعارف بواجبها وإن الحاجة إلى تأسيس مجمع لغوي على مثال المجمع العلمي العربي في دمشق يوكل إليه النظر في أمور المعارف والتأليف وإنماء دار الآثار والعناية بخزائن الكتب وإصلاح اللغة ووضع الألفاظ للمسميات الحديثة وتنقيح الكتب وإحياء المهم مما خلفه الأسلاف منها والتنشيط على التأليف والتعريب. ولكن لا نعلم لماذا لم تعقد تلك اللجنة إلاَّ الاجتماع التمهيدي ثم دفن المشروع وهو جنين. وحاول (المعهد العلمي) (وهو النادي الأدبي المؤسس في العراق سنة 1921) أن يؤسس المجمع اللغوي فدعا جماعة من رجال العلم والأدب فعقدوا اجتماعا في بنايته في 23 كانون الثاني سنة 1925 فعرض عليهم ثابت عبد النور - مقترح مشروع المعهد العلمي وتعليم الأميين وسوق عكاظ المقام في بغداد سنة 1922 - الفكرة فقرروا بإجماع الآراء ما يأتي بحروفه: (نحن المجتمعين في بناية المعهد العلمي في 23 كانون الثاني 1925 الموقعين أدناه (كذا) بعد المداولة (كذا) في موضوع تأسيس مجمع لغوي يقوم بتعريب

الكلمات وإيجاد الاصطلاحات العلمية وترجمة الكتب التي يحتاجها (كذا) العالم العربي أن تأسيس (كذا) مرجع علمي لتحقيق هذه الأمنية من الضروريات الحيوية للغة العربية ونهضة البلاد فقررنا بإجماع الآراء تأليف لجنة من السادة جميل الزهاوي ومعروف الرصافي وتوفيق السويدي وعبد اللطيف ثنيان وثابت عبد النور لتهيئة الوسائل والمنهاج ومراجعة الحكومة العراقية بهذا الخصوص. وهذه أسماء الذين ذيلوا القرار بأسمائهم مرتبة على حروف الهجاء: السيد أحمد الداود. أحمد منير القاضي. أمين المعلوف. توفيق السويدي. ثابت عبد النور. جميل الزهاوي. رفائيل بطي. ساطع الحصري. طه الراوي. عبد الحسين الازري. عبد الحليم الحافاتي. عبد اللطيف ثنيان. عبد المجيد الشاوي. يوسف غنيمة. وبعد مدة يسيرة عقد اجتماع ثان في المعهد العلمي حضره نفر من الأفاضل مع المذكورين واشتركوا في البحث فعرض على المحفل المنهاج الذي وضعته اللجنة المنتخبة في الاجتماع الأول لمشروع تأسيس المجمع العلمي اللغوي وقرئت طائفة من الأجوبة التي وردت على اللجنة من وزارات العراق كافة تحبذ المشروع وتعد بمعاونته جهد الطاقة من غير أن تعين نوع تلك المعاونة. ولا بأس من أن نورد هنا النقاط الأساسية من ذلك المنهاج: يسمى المجمع (المجمع العلمي اللغوي) ويشترط للانخراط في سلكه أن يكون العضو من أهل العلم والأدب وممن لهم اختصاص بفرع من العلوم العصرية ولا بد من أن يكون منهم من يتقن إحدى اللغات الأجنبية وهو يتألف من أعضاء عاملين وأعضاء فخريين والأعضاء العاملون 9 ثلاثة منهم أعضاء دائمون ينقطعون للعمل فيه وهم المسؤولون عن الإدارة ويتقاضون رواتب والباقون أعضاء خبراء يتقاضون اعطيات عن كل اجتماع يحضرونه. أما طريقة انتخاب الأعضاء العاملين فتنتخبهم لأول مرة لجنة معينة مؤلفة من (14) شخصا نصفهم من ممثلي الوزارات ونصفهم من منتخبي اللجنة المؤسسة وكلما خلت عضوية ينتخب الأعضاء الدائمون بالاشتراك مع ممثلي

الوزارات من يشغل الكرسي الشاغر. ولا يجوز أن يجمع العضو العامل المداوم بين العضوية ووظيفة الحكومة. أما عمله فقد حدد بإحضار الوسائل المجددة لشباب اللغة العربية كوضع مصطلحات للعلوم والآداب وهو يهيئ خطبا ومحاضرات علمية أدبية اجتماعية تلقى على الجمهور ولرفع مستوى البلاد العلمي وينشر مجلة شهرية يسجل فيها أعماله ومباحثه. أما نفقاته فقد قدر جمعها من أنصار العلم والأدب والحكومة وإذا اشتركت الحكومة في نفقاته فيكون لها حق الإشراف عليه، ما دامت تمد إليه يد المساعدة. ثم انتخبت لجنة جديدة تقوم بتهيئة الوسائل التأسيسية ومراجعة الحكومة في هذا الباب. ولما بلغ مسامع صاحب الجلالة الملك خبر الفكرة حبذها ونشط المعهد لتشبثه بها، ثم أخذت اللجنة تراجع الحكومة لتستمد منها المساعدة المالية من جهة ولتعيين ممثلي الوزارات لحضور اجتماعات انتخاب الأعضاء بعد إيجاد المال الذي منه يعيش المجمع وأخيرا بلغ معتمد المعهد واللجنة المهيئة وسائل التأسيس أن فخامة رئيس الوزراء عبد المحسن بك السعدون تفاوض مع وزارة المعارف وقررت إضافة مشروع المجمع العلمي اللغوي إلى أعمال لجنة عالية تؤلفها الوزارة المشار إليها لتنظر في ما يرقي المعارف ويرفع مستوى التعليم وطلب إلى المعتمد المذكور مراجعة وزارة المعارف في هذا الأمر. وعند هذا الحد وقفت جهود المعهد العلمي في تأسيس المحفى. رفائيل بطي أصل كلمة بيرام الأتراك يسمون العيد (بيرام) وهم لا يعرفون أصل الكلمة؛ فهي يونانية من ومعناها التهيؤ والاستعداد والثبات ويريد به النصارى الليلة التي تتقدم العيد؛ وهم يحيونها في الصوم والصلاة والعبادة. ولما كان العيد يبتدئ عند الشرقيين في المساء الذي يسبقه ليدوم 24 ساعة توسعوا في التسمية فالمسلمون الأتراك يقولون (بيرام) والنصارى العرب يقولون (بيرامون) كما في اليونانية. ومن غريب الأمر أن الترك يظنون أن الكلمة تورانية أو ايرانية؛ ولو طالبناهم بدليل يسبق اتصالهم باليونانيين؛ لعجزوا. فلله درهم.

الحالة العلمية والحركة الفكرية في النجف

الحالة العلمية والحركة الفكرية في النجف وجدنا مقالا للشيخ الشرقي في الجزء الممتاز من جريدة النجف ثم وجدنا له تكملة في مكان آخر بقلم الشيخ نفسه فأحببنا أن نجمع بين الأمرين، فالكلام كله إذن للشيخ الشرقي وليس لنا فيه كلمة واحدة. ل. ع. توطئة قبل سبعة أهلة نشرت في العدد الممتاز لجريدة النجف، مقالا تحت عنوان (الحركة الفكرية في النجف) صادف استحسانا في نفوس العلماء هنا وهناك وقد رغب إليَّ بعض العلماء في تكميل ذلك المقال من بعض جهاته ونشره مع التكملة وها اناذا ممتثل ومجيب. لا تمتاز النجف بأسلوب فكري خاص، وإنما أسلوبها هو الأسلوب الفكري القديم الماثل بتمامه في هذه الزاوية وليس فيها هيكل خاص بالحركة الفكرية وكلما هناك خميرة من حبوب كثيرة أنبتتها مزارع مختلفة فالحركة الفكرية هنا نتيجة لا علة واهم تلك الحبوب المكان والزمان. 1 - المكان على طف الحماد بين سواد الفرات وصحصاح الجزيرة مما يلي ظهر الكوفة أبراج سور وضعته الهندسية وضعة أسد رابض يطوق مدينة راكبة على متن الوادي متمتعة بأنف البرية وجمال الهضاب يناوحها الهبوب الناشف وحواليها الربوات البيض ومساحب السيل تطل من جهتي الشمال والشرق على مخيم واسع فيه القباب والبيوت والمساطب والغرف وحفائر منبوشة ودكاك وأكوام مبثوثة تلك جبانة النجف أو وادي السلام الذي ترفرف في سمائه أجيال من أرواح البشر وأجيال، وتطل من جهتي الغرب والجنوب على واد أفيح ربما دلت آثاره الجيولوجية على بحر أو بحيرة في التاريخ البعيد. سماء صافية وجو نقي وشمس تتوهج على شمسين شمس السماء وشمس

الذهب تلك القبة الابريزية الموقرة التي ترى في الرواق العلوي. فالنجف هي خورنق اليوم وقريب منها خورنق الأمس. النجف المعري الذي تكتنفه أودية منورة الاقاح كان متنزها للساسانيين وللمناذرة وللعباسيين وكان حوله النصارى نصارى الحيرة بيع وأديرة في الزمن الغابر مبثوثة في بلاد العيون التي حول النجف وتسمى اليوم (بلاد القصور) بل حتى في النجف نفسها يذكر وجود دير وفي ذلك أكبر دلالة على جمال الموقع فاعتدال الجو وصفائه ورملة الأرض ونقائها وبهاء الشمس، إذ له الأثر البالغ في تكوين الروح النجفي ونشأته النفسية، وفي إلهامه وآرائه وخواطره. 2 - الزمان للشيعة مدن علمية تعاقبت في الظهور حسب الأحوال الاجتماعية والسياسية التي تنقلت بهذه الطائفة من مركز إلى مركز، فكانت (قم) ثم (الحلة السيفية) ثم (شيراز) ثم (اصفهان) ثم (كربلاء) ثم (النجف) كما أنه ربما كانت (جبع) وغيرها من بلاد جبل عامل من المراكز العلمية لهذه الطائفة. كل هذه المدن أخذت سلطتها الزمنية والدينية وصارت محطة علمية توزع تلاميذها على سائر أقطار الشيعة ويهاجر إليها رواد العلم وطلاب الأدب من أقصى البلاد وفي كل مدينة من هذه المدن آثار علمية كثيرة ف (قم) إلى اليوم تعرف عندهم بدار المؤمنين وفيها إلى الآن زوايا ومدارس وخوانق قديمة وحديثة. وفي (شيراز) إلى الآن محلة كبيرة تعرف بمحلة العلماء والحكمة والعرفان الشيرازي معروف عند هذه الطائفة. وفي اصفهان وبلاد عامل المدارس التاريخية والمحلات العلمية. وكل تاريخ الحلة تاريخ أدب وعلم. وأكثر الكتب الحية والتآليف الممتعة التي في أيدينا وفي دور كتبنا هي: للقمي أو للحلي أو للشيرازي أو للعاملي أو للأصفهاني أو للحائري أو للنجفي الغروي.

وقد انتقل النتاج الفكري من كل هذه المدن إلى النجف. وفي النجف آثار علمية من القرن السادس للهجرة ولكنها في ذلك العهد كانت كزاوية لا كمدينة علم، وفي القرن التاسع والعاشر كانت فيها طائفة علمية كبيرة تتردد بين (النجف) وبين (الرماحية) وهي اليوم بلد دارس من مدن الفرات الأوسط بين النجف والسماوة وفي القرن الحادي عشر كان العلم يتردد بين النجف وبين كربلاء ومن القرن الثاني عشر ابتدأت المركزية العلمية في النجف وأصبحت هذه المدينة جامعة علمية ضمنها كليات عديدة لكنها بصورة غير منظمة فهي مبثوثة ومبعثرة، فيها: كلية للآداب وكلية للغة وكلية للرياضيات والفلسفة وعلم الكلام وعلم الأخلاق وعلم الحديث وعلم الفقه، ولكن الصبغة العامة فيها والرونق الجلي فيها هما للعلوم الدينية، والنجف زاوية دينية قبل كل شيء فهي في العراق كالأزهر في مصر إلاَّ أن الأزهر أثرت فيه الحضارة المصرية والحركة الفكرية فحورته وهذبته ورتبته. والنجف لم يجد من نفسية قطره ما يؤثر فيه فهو ما زال مؤثرا غير متأثر والروح العلمي الذي نشأ في الأزهر روح عربي، أما في النجف فالروح العلمي روح فارسي لأن الشيعة في تاريخها وشعائرها وسيرتها العلمية والأدبية فارسية اكثر منها عربية، وقد هاجر إليها وما زال يهاجر إليها طوائف وجماعات من سائر البلاد الفارسية هاجروا إليها بالأدب والمادة، هاجروا إليها بجسومهم وعقولهم هاجروا إليها بأذواقهم واميالهم فأثروا في مختلف الطبقات وأوجدوا حركة فكرية فارسية ولكنها متقمصة ثوبا عربيا رثا. وقد نفعت النجف هذه الهجرة الفارسية وأضرتها معا، أما وجهة الضرر فقد كانت الحركة الأدبية والسير العلمي قبل الهجرة اصح مما هما عليه اليوم وأمتع فقد كانت كتب الدراسة وطريقة التدريس وأقلام التأليف وأسلوب التحرير والتقرير كلها عربية صحيحة وكان للأدب العربي العالي رونق ومكانة، ولكن بعد الهجرة فسدت اللغة وسقم التحرير والتقرير وضعف التأليف والأسلوب العربي فأصبحت السيرة العلمية سيرة فارسية صرفة ليس فيها غير طائفة متفككة من الألفاظ العربية تلوكها الألسن الفارسية بهجنة ولكنة، على أن فيها من

الدقائق والروابط والأساليب الفارسية ما يخرجها عن اللغة العامية فضلا عن الفصحى. وقد أهملت كثير من الأعضاء العلمية حتى غمضت وصارت أعضاء أثرية. فاللغة والحديث والتفسير والتاريخ والأدب والفلسفة انسد باب الاشتغال فيها في النجف فضلا عن باب الاجتهاد والفقه العربي مسخ أسلوبه وانقلب انقلابا كبيرا. أما النفع فمن جهات عديدة فلقد أنعشت النجف تلك المهاجرة بأمور كثيرة مادية واجتماعية وأوجدت لها مكانة تاريخية، لقد لطف الذوق الفارسي وأثرت تلك العقول في نفسية البلاد فالنهضة الحديثة في النجف بما فيها من جهاد أو عناد سياسي وتجدد أدبي وتحرك إصلاحي كلها من نافخ فارسي وإذا كان للاحتكاك أثر أدبي فإن الاختلاط الفارسي بالنجف والنجفيين أوجد أشياء كثيرة منها هذه الحركة الفكرية الجديدة التي تتمخض في النجف منذ 19 عاما أي منذ تاريخ الانقلاب السياسي الإيراني والعثماني. والأدب النجفي - وخصوصا الشعر - فيه خميرة من الأدب الفارسي ولكن كانت الجالية الفارسية والمهاجرة بالأمس انفع للحركة الفكرية في النجف اليوم لأمرين: أولا - لأن التجدد في بلاد فارس والحركات السياسية والاجتماعية في إيران جذبت المفكرين والمتنورين من الجالية الإيرانية التي فضلت الإقامة في بلادها والعمل لها على المهاجرة وأصبح لا يهبط النجف من الطبقة الراقية أحد وكل من يغشى النجف فهو من الدهماء وطبقة السواد من أبناء الاكرة والتناء القرويين. ثانيا - أن النجف اضطربت في مبادئها ونزعاتها السياسية وسايرتها السياسة البغدادية زمن القلاقل والزعازع، فلما أرادت سياسة بغداد أن ترسخ وتستقر وتشتغل في بنيان حكومة دائمة اختلفت مع النجف في بعض تعاريج السياسة وملتوياتها فقضت بغداد باعتزال النجف عن السياسة فاعتزلت النجف وقبعت في زاويتها. فالنجف في عزلتها اليوم فقدت عضوا كبيرا من أعضاء الحركة الفكرية.

3 - المدرسة النجفية إن مبدأ المدرسة العربية الإسلامية وبذرتها الأولى هي تلك الحلقة المقدسة التي كانت تجتمع في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فتتطارح بالحديث والسنة والإدارة والتاريخ والأدب، ثم توسعت تلك الحلقات والاجتماعات فكانت في مسجد الكوفة ومسجد البصرة وصارت المساجد مركزا للحركة الفكرية فالمساجد في غير أوقات العبادة مدارس. وهذه الطريقة القديمة محفوظة في النجف اليوم، فالجامع الهندي ومشهد علي (ع) المعروف عندنا بالصحن - وغيرهما في أوقات العبادة تجد الطلاب هناك حلقا حلقا مبثوثين وبعض الأساتذة على المنابر وكلهم يتطارحون في المباحث العلمية والأدبية. ومشهد علي (ع) - الصحن - أول إنشائه كان بصفة مدرسة حول الرواق العلوي كما ذكره الرحالة ابن بطوطة في سنة 726 هـ وذلك على عهد عمارته الأولى العمارة البويهية وهكذا هو في عمارته الحالية وهي العمارة الصفوية التي خططت في غرة القرن الحادي عشر فإنه بشكل مدرسة تدور عليها خلوات وأيونات في الطبقة السفلى ومثلها في الطبقة العليا وأمامها بهو (قاعة) للتدريس والاجتماع وهكذا كانت الخلوات مشحونة بالطلاب الغرباء ورواد العلم وما زالت بعض الخلوات أو الحجر تعرف بأسماء العلماء الذين كانوا يقطنونها مثل حجرة الاردبيلي في الطبقة العليا فوق الباب المعروف بباب القبلة. وقد كانت خزانة كبيرة للمدرسة العلوية أي (للصحن) قيل أنها كانت تشتمل على 400 ألف كتاب وأخيرا تبدلت الحال وصارت الخلوات التي في الطبقة السفلى مقابر للأموات التي تريد التقرب من مرقد الإمام (ع) وبقيت الخلوات التي في الطبقة العليا فارغة موحشة وما هي إلاَّ عشا للخفاش ولطيور الحمام المعروف بحمام الحضرة. بادت تلك الخزانة ولم يبق منها غير مئات من نسخ القرآن المجيد وكتب الأدعية وشيء من الكتب المبعثرة مكدسة في بيت صغير في الصحن من جهة القبلة، وقد ذكر ابن بطوطة أن مشهد علي (ع) محفوف بالمدارس والزوايا والخوانق ومن القرن الثاني عشر كثر تشييد البنايات والأروقة حول المشهد

المقدس لسكنى الغرباء من طلاب العلم وربما كان فيها بغض التخصيص فيقولون هذه مدرسة الهنود، وهذه مدرسة الترك، وهذه مدرسة القزوينيين، وهلم جرا؛ وما هذه بمدارس لأنه ليس فيها مناهج ولا أساتذة ولا صفوف، وقد تعرف باسم أستاذ كبير مثل مدرسة الملا كاظم ومدرسة السيد كاظم وقصدهم من هذه النسبة أنه شيدها وما هي إلاَّ منازل للسكنى فقط. والمدارس الحقيقية هي الجوامع والمشهد الصحن. وفي النجف 53 مدرسة بين قديمة وحديثة، أعتقها المدرسة المعروفة بمدرسة الصحن ويظهر أنها اقدم مدرسة في النجف وهي بناية قديمة بجنب الصحن من الجهة الشمالية وبابها مشروع من أحد أيونات الصحن وطرز هندسة عمارتها مغاير للعمارة الصفوية الماثلة في الصحن والرواق ويظهر أن عمارة المدرسة اقدم واقدم وهي اليوم فارغة ومتداعية ويعرف النجفيون بعض مدارس قديمة جدا درست ونهضت بمكانها دور للسكنى مثل دار في محلة المشراق تعرف بدار الملا شاكر ومثل عمارة في محلة العمارة تعرف بدار الاغاخانية وكثير غيرها. وقد كانت المدرسة العربية الأولى بمثابة عنوان للأدب الناضج والنور الشائع في نفوس الأمة بأسرها لا يخص طائفة دون أختها فمثل بيت الحكمة في بغداد كان بيت الأمة بأسرها وهكذا كانت المدرسة النظامية والمستنصرية وسائر مدارس بغداد والأندلس في دورها الأول ثم افترقت الأمة فتأسست مدرستان مدرسة للاشاعرة ومدرسة للمعتزلة من جهة ومن جهة أخرى مدرسة للظاهرية ومدرسة للباطنية كالتصوف بطرقه كلها وبحلقاته ومناحيه وزاد الافتراق فتأسست مدرسة للسنة في بغداد ومصر ودمشق ومدرسة للشيعة في قم وفي الحلة وشيراز واصفهان وبلاد عامل ثم زاد الافتراق فوق ذلك كله فتأسست مدارس لفرق السنة ومدارس لفرق الشيعة فكان في القرن الثاني عشر للهجرة مدرستان للشيعة في كربلا تتزاحمان، مدرسة الأخبارية ومدرسة الأصولية وكان الرجحان لمدرسة الأخبارية حتى بعث الله ذلك المجدد الكبير والمصلح الشهير العلامة المعروف بالآغا البهبهاني. نبغ ذلك العبقري في بهبهان إحدى مدن الخليج الفارسي وبعد أن برز فيها

هاجر إلى كربلاء فنفخ من روحه الطاهر في مدرسة الأصولية فزاحمت المدرسة الأخبارية بل أحرجتها فأخرجتها من كربلاء والنجف وعلى يد ذلك العلامة تأسست المدرسة الأصولية الكبرى أو دار المعلمين في النجف وصارت تلك المدينة مدرسة عالية لتلك الطائفة فالنجف اليوم هي مدرسة الاغا البهبهاني وكل من نبغ فيها أو ينبغ من العلماء فهم تلاميذ الاغا البهبهاني. 4 - طريقة التدريس في مدارسها وطريقة التدريس في النجف قديمة تتردد بين الطريقتين اليونانيتين القديمتين وهي طريقة التحليل بأن يتناول الأستاذ الموضوع ويجزئه إلى أقسام ثم يتناول كل قسم ويحلله إلى أجزاء وهكذا يقسم ويحلل ويجزئ حتى يصل إلى أدق تلك الأقسام وحينئذ يتناولها ويبحث في الأسباب والعلاقات والمعاني والألفاظ. وطريقة التفسير والشرح هي أن يضع الباحث أولا نص القضية فيدرسها ويأخذ بتفسيرها من جميع الوجوه الممكنة وفي الأخير يختار الوجه الذي يستنسبه والتفسير الذي يختاره. ويغلب على الأسلوب العلمي في التحرير والتقرير أسلوب محاورات سقراط المعروفة وهي الطريقة المعروفة بطريقة السؤال والجواب أو طريقة: (فإن قلت كذا قلت كذا) وهي عبارة عن محاورات يفرضها الأستاذ بينه وبين طرف مفروض، يبدأ الأستاذ بطرح بعض الأسئلة ثم يذكر الجواب الذي يتوقعه من ذلك الطرف المفروض ثم يتدرج إليه بالأسئلة حتى يصل به إلى الاستجواب عن الحقيقة التي يحذقها ذلك الأستاذ. والدراسة في النجف على نوعين (سطوح) و (خارج) أما طريقة السطوح فهي أن يتكلم الأستاذ والتلميذ على سطح كتاب مفتوح بينهما ويتعاطيان جملة منه خاصة. وأما دراسة (الخارج) فهي أن يذكر الأستاذ عنوان المسئلة التي يريد أن يبحث فيها ويقرر عن ظهر قلبه عدة آراء وأقوال حولها ثم يختار ما يرتئيه والتلاميذ يلتفون حول منبره كالمستمعين لخطابه أو لمحاضرته وهم مثل الأستاذ يستظهرون تلك المسئلة وما فيها من آراء وأقوال وينتظرون ما يرتئيه الأستاذ فيقرونه عليه أو يناقشونه فيه.

وكتب الدراسة قديمة مثل كتاب (قطر الندى) لأبن هشام وشرح منظومة ابن مالك ومغني اللبيب لأبن هشام في النحو. ومثل كتاب النظام والمكودي للصرف. ومثل حاشية الملا عبد الله الشارحة لمتن التفتازاني في المنطق. ومثل شرح المطول أو المختصر لسعد الدين في المعاني والبيان. ومثل كفاية العلامة الخراساني، ورسائل الشيخ الأكبر الأنصاري في الأصول. ومثل شرح اللمعة للشهيد العاملي طاب ثراه، والمكاسب للشيخ الأنصاري قدس سره في الفقه. ومثل رجال أبي علي في الرجال. ومثل كتاب الوسائل وكتاب البحار في الحديث والأخبار. ومثل قاموس الفيروزابادي وصحاح الجوهري في اللغة. وخلاصة الحساب للشيخ البهائي العاملي في الحساب. ومثل أشكال اقليدس في الهندسة. وكتاب المجسطي في الهيئة. 5 - مسك الختام أتراني قد المستك طرفا من الحركة الفكرية في النجف بما حللته لك من تأثيرات المكان والزمان والحالة الاجتماعية؟ وإذا عرفت أن النجف زاوية دينية تعرف أن الجمود فيها أكثر من الحركة لأن الدين بتقاليده وشعائره قديم مصمت لا يقبل التجدد وكان اللائق بالنجف أن تحدث فيه النهضة الأدبية قبل النهضة السياسية ولكنها نهضت سياسيا ولم تنهض أدبيا لأن النهضة الأدبية توجد حركة فكرية ونموا في الأخلاق والعقول وتلطف وتجدد كثيرا من المبادئ التي يود بعضهم أن تبقى على غبارها ولا تتزعزع بركة القديم فيها. وقد لطف القرن العشرون شيئا كثيرا وانتقلت عدواه إلى النفوس طائفة من المتجددة فتمردت أرواحهم على التقاليد وتعاطوا وجوه الإصلاح فهدموا شيئا

من البنيان القديم ووضعوا في البناء الجديد أحجارا ولكنهم ممتحنون بحالة اجتماعية ثقيلة إذ الشعب مزور ومنحاز عنهم فلا يجدون نوعا من التنشيط ولا طرفا من الإقبال على بضاعتهم فهم يتغذون بأدمغتهم وينتعشون بأرواحهم وتكاد تكون حياتهم في عزلة وانقطاع والأديب النجفي يعيش في ذلك وحده؛ يضيق البلد بالشاعر النجفي الذي طالما أطربك بعوده فينقبض في زاوية ينقطع إلى منعطفات الوادي بين الدكادك وحول التلال؛ الشاعر النجفي اليوم مثل المفكرين القدماء في بلاد العرب القاحلة يتلقى الوحي في العزلة أكثر مما يتلقاه في الاجتماع؛ يختلف الشاعر النجفي إلى مغارة في الوادي أو جبل أو ربوة أكثر مما يختلف إلى محفل أو ندوة؛ الشاعر النجفي مدفوع ومضطر إلى التشرد وبوده أن يغطس في المجموع ويتوسط الناس لتتحول إليه الوجوه؛ لأن الشاعر الحقيقي اليوم هو الشاعر الاجتماعي وليس في النجف إلاَّ أشباح للجديد وتلك الأشباح خائرة مرتعشة في مشيتها لا تتمكن من أن تنهض أو تنتعش. اليوم في النجف أربع مدارس للجديد ابتدائية ومدرسة ثانوية، وفيها اليوم مطبعتان سقيمتان وفيها سوق للكتب تجلبها من مطابع إيران والهند ولا تكاد تجلب لها شيئا من المطابع العربية. علي الشرقي سقاية كنج عثمان كان في قرب دار الإمارة المعروفة بالسراي سقاية على اسم كنج عثمان؛ وفي سنة 1915م أمر الأتراك بهدمها لتوسيع الطريق لتصلح أن تكون جادة؛ وابقوا منها قبره وحوطوه بدار ولما أحتل الإنكليز بغداد وطأوا ذلك الطريق فأزالوا القبر المذكور وسووه مع القارعة وذلك في شهر أيلول من سنة 1917م أما من كان كنج عثمان فراجعه في لغة العرب 3: 408 - 414 رزوق عيسى

لا همز في كلامهم

لا همز في كلامهم لهجة العوام في الأسماء الممدودة إن قصر الممدود جائز في العربية الفصحى، وواجب في كلام العامة. فإن الهمزة معدومة في كلامهم، لا توجد إلاَّ في أوائل الكلمات؛ فتسمعهم يقولون في رأس راس وفي جمعه روس؛ وكذلك الفأس يقولون فيها فاس وفوس؛ ويقولون في مأمور مامور؛ وفي مأخوذ ماخوذ: وفي مؤمن مومن. والأسماء الممدودة لا ينطقون بها إلاَّ مقصورة. ثم أنهم بعد قصرها، أي بعد حذف همزتها، يسقطون منها حرف المد أيضا لفظا، مكتفين عنه بما قبله من الفتحة الدالة عليه. ولهجتهم في مثل هذه الأسماء الممدودة بعد قصرها على الوجه المذكور هي أن يجعلوا أولها مكسورا؛ فيقولوا في سماء سما (الألف تكتب ولا تلفظ) وفي رجاء رجا، وفي شفاء شفا، وفي جفاء جفا، وفي شقاء شكا، وفي مساء مسا، وفي شراء شرا، وفي غراء غرا. كل ذلك بالقصر والكسر إلاَّ في هواء وعطاء فيفتحونهما ويقولون فيهما هوا وعطا. وهذا أي الكسر خاص بالأسماء الثلاثية أما غير الثلاثية فيقصرونها فقط ولا يكسرونها فيقولون في حلفاء حلفا (الألف تكتب ولا تلفظ) وفي طرفاء طرفا، وفي علباء علبا. وكذلك يفعلون في ألف التأنيث الممدودة، أي يكتفون فيها بالقصر دون الكسر، فيقولون في حمراء حمرا (الألف تكتب ولا تلفظ) وفي شقراء شقرا، وفي بيضاء بيضا، وفي سوداء سودا، وفي جرباء جربا، وفي عرجاء عرجا إلى غير ذلك من الصفات التي على فعلاء. وإذا كانت الهمزة في وسط الكلمة وكانت مكسورة قلبوها ياء. كما يفعلون ذلك في اسم الفاعل من الأجوف فيقولون في قائل كايل، وفي بائع بايع، وفي خائف خايف. وكذلك يفعلون في همزة الجموع التي هي على فعائل كعجايب وغرايب وصنايع وغير ذلك.

الحركات في اللغة العامية ست حركات: ثلاث منها مشتركة بينها وبين اللغة الفصحى وهي الضمة، والفتحة، والكسرة؛ وثلاث خاصة بها وهي الفتحة المقبوضة؛ والفتحة المبسوطة، والكسرة الضئيلة أما الحركات المشتركة فمعلومة، ولها علامات ترسم فوق الحرف أو تحته فالتي ترسم فوق الحرف هي الضمة وهذه علامتها (ُ) والفتحة وهذه علامتها (َ) والتي ترسم تحت الحرف هي الكسرة وهذه علامتها (ِ) وأما الحركات الخاصة باللغة العامية فهي هذه: (الفتحة المقبوضة): وهي فتحة تليها واو ساكنة ويكون صوتها مائلا نحو الضم قليلا، ولذا سميناها مقبوضة، فصوتها كصوت بالفرنسية كما في جوز وثوب. وقد جعلنا لهذه الحركة علامة توضع فوق الحرف هكذا: (َ) وهي علامة الفتحة بعينها إلاَّ أن طرفها الأيسر معطوف إلى فوق لتدل عطفته على ميل الفتحة إلى الضم. (الفتحة المبسوطة) وهي فتحة تليها ياء ساكنة ويكون صوتها مائلا إلى الكسرة قليلا، ولذا سميناها مبسوطة، فصوتها كصوت بالفرنسية، كما في جيب وذيل وقد جعلنا لهذه الحركة علامة توضع فوق الحرف هكذا (َ) وهي علامة الفتحة المعلومة إلاَّ أنها معطوفة الطرف الأيسر إلى تحت لتدل عطفته على الميل بها نحو الكسر قليلا. (الكسرة الضئيلة) قد ذكرناها فيما تقدم فأنظرها هناك وهي كسرة غير محسوسة بحيث يظن الحرف معها ساكنا كحركة الغين من غراب في قولهم (غراب يكول لغراب وجهك اسود) وقد جعلنا للكسرة الضئيلة علامة توضع تحت الحرف هكذا (ِْ) وهي علامة مركبة من علامتي الكسرة والسكون فإن علامة الكسرة هي هذه (ِ) وعلامة السكون هذه (ْ) فجمعنا بين العلامتين وجعلناهما علامة على الكسرة الضئيلة إشارة إلى أن هذه الكسرة قريبة من السكون. وأما حركات الإعراب وهي الرفع، والنصب، والخفض، فلا توجد في كلام العامة البتة، لأن اللغة العامية لا إعراب فيها.

التنوين لا يوجد التنوين في كلام العامة، لأنه من خواص الأسماء المعربة والإعراب ساقط في كلامهم؛ فلزم أن يكون التنوين ساقطا أيضا إلا أنه قد يوجد في كلامهم نادرا. وذلك أنهم ربما كسروا آخر الاسم النكرة ونونوه كما في قولهم (جوزٍ (بتنوين الكسر) معدود بجراب (بتنوين الكسر) مشدود) وكقول بعضهم إذا سلم: (سلامٍ (بتنوين الكسر) عليكم) وكقولهم وهو من أمثالهم: (كحيلةٍ (بتنوين الكسر) جسبت وردت) فالتنوين إنما يوجد في كلامهم نادرا مقترنا بالكسرة فقط ولا يدخل وقوعه تحت ضابط بل هو من قبيل السماعي؛ لأن الغالب المطرد في كلامهم هو أن تكون أواخر الكلم ساكنة خالية من حركات الإعراب. إسقاطهم الألف من اللفظ كل كلمة انتهت بالألف اسقطوا ألفها من اللفظ، اكتفاء عنها بالفتحة التي قبلها سواء كانت تلك الكلمة اسما كالعصا أو فعلا كمشى أو حرفا كعلى فيقولون مثلا مشى على رجله. وضربني بالعصا. فالأسماء المقصورة كلها يجرون فيها على هذا الوجه مثل: موسى وعيسى وحبلى ومصطفى وغير ذلك. وكذلك يفعلون في الأسماء الممدودة فإنهم يحذفون الهمزة منها كما تقدم بيانه ويسقطون ألفها أيضا من اللفظ مثل سما ورجا وهوا. ويسقطون الألف أيضا من ضمير المؤنث الغائبة فيقولون مثلا (شفتها تلبس بنتها ثيابها) ومن حرف النداء أيضا في الأغلب. فيقولون يا محمد يا جاسم يا حسن، إلا مع لفظ الجلالة فلا يسقطونها بل يقولون يا الله. وكذلك في الأفعال يسقطون الألف من أواخرها اكتفاء عنها بالفتحة التي قبلها إلا إذا اتصل بها ضمير المفعول، فأنهم عندئذ يثبتونها في اللفظ فيقولون مثلا (رماني الزمان) (وعلاك ربك على عدوك) و (هالحجاية منو حجاها) وأما الألف في (جا) الفعل الماضي فيثبتونها لأنها ليست في آخر الفعل بل في وسطه، لأن لام الفعل هو الهمزة التي يسقطونها في كلامهم كما ذكرنا في الفصول المتقدمة. ومنهم من يسقطها أيضا فيقول (ج) فيبقى الفعل حرفا واحدا كما ترى. ومنهم من يقدمها على الجيم فيقول (إج) فتصير همزة. غير أن الغالب في كلامهم هو (جا). معروف الرصافي

الدول

الدول 1 - تعريفه العامي (الدول: حيوان هلامي لا يهتدي في سيره لجهة وإنما تقذفه الأمواج على وجه البحر؛ وهو بقدر الكف فأصغر مدور له خيوط طوال نحو ذراع فأطول كأنه حرير متشبك؛ فإذا لامس هذا الحيوان جسم بني آدم أحرقه حرقا مبرحا وربما اعاب الموضع الذي لامسه. فلو رفع هذا الحيوان بنحو عصاة عن الماء أصابته حرارة الشمس مقدار خمس دقائق لذاب وتحلل ماء ولم يبق له أثر وهو من عجائب المخلوقات؛ فإذا وجد في البحر لبس أهل الغوص ثيابا ضيقة ملامسة للجسد اتقاء لشره) اه بحرفه وغلطه عن كتاب التحفة النبهانية في إمارات الجزيرة العربية لمحمد بن خليفة النبهان 26: 1 وقال عبد العزيز الرشيد في تاريخ الكويت 59: 1 (الدول: ابيض لا يعرف رأسه من ذنبه كأنه قطعة شحم غير أنه أصفى منه وهو لين جدا؛ إلاَّ أنه يحرق بلسعه) أهـ بحروفه. 2 - أصل الكلمة ومرادفاتها الدول ومفردها الدولة؛ بفتح الأول شيء كالمزادة ضيق الفم؛ والحوصلة أو القانصة وسمي هذا الخلق المائي بهذا الاسم من باب المشابهة لأن الكتلة الهلامية التي تتفرع منها تلك الجراميز أو الخيوط تشبه تلك المزادة أو تلك الحوصلة فالاسم إذا عربي فصيح إلاَّ أنه لم يرد في معاجم السلف لأن تلك الدواوين لا تسع مفردات اللغة جميعها فلا جرم أنها من فصيح الكلام. وأهل سورية يسمون هذا المخلوق (الأخطبوط) والكلمة يونانية الأصل معناها ذو الثماني الأرجل. لأن له ثمانية جراميز. وذكر النجاري في معجمه الفرنسي العربي اسما لم يذكره سواه. فقد قال في مادة حمار بحري ولا جرم أنه من وضعه الخاص به. لأن الناطقين بالضاد لا يعرفونه بهذا المعنى.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - انقلاب المكتب الإعدادي مكتباً سلطانياً ابرق من الأستانة إلى ولاية بغداد تحويل المكتب الإعدادي إلى مكتب سلطاني 2 - ريع ممكس البصرة يبلغ دخل الممكس (الكمرك) السنوية في البصرة من 350 ألفاً إلى 400 ألف ليرة عثمانية 3 - جرائدنا البغدادية مضى على إعلان الدستور نحو 5 سنوات وجرائدنا لا تزال في طور التكون فهي في تقاطع وتقاذع وتطاعن وتطاحن ولا نعلم متى تنتهي هذه الأمور الصبيانية التي لا تفيد القارئ ولا تسمن ولا تغني من جوع. 4 - قبائل الأعراب في مسقط كثر ذكر مسقط وأعرابها في هذه الأيام وانقسامها إلى موالية للسيد تيمور سلطان مسقط ومواليه للإمام الاباضي. فالقسم الأول يعرف بالغافري والثاني بالهناوي. - أما قبائل مسقط الشهيرة فهي: بنوا أبو علي وبنوا أبو الحسن والمشارقة وبنو خالد (في جهة الاحساء) والأجنبية (وزان أنصبة) وبنو بطاش (كشداد) وبنو غسان (كالاسم المشهور) ومساكرة وبنو ريحة (وزان قيمة) والشروق (كالسهول) والعوامر والمزار (وزان ملاك) والثوبي (كالنسبة إلى الثوب) وبنو حراس (كشداد) والعوفي (كالثوبي) والعبري (بكسر الأول) والكندي (بالكسر) وبنو وهيبة (بالتصغير) وعيال سعد (وزان رعد) وبنو كلبان (بالفتح) والحواسن وبنو ربيعة وطئ وبنو سرحان والمناذرة وبنو قحطان وعيال أبو سعيد وبنو كتب (وزان عرب) ويعاربة وبنو حاتم (بفتح التاء) والهدابيون وجابري (بإسكان الباء) وعنابي (كشدادي) ولعل هناك غيرها لم نقف على أسمائها. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض 5 - الجدري في بغداد فتك الجدري هذه السنة في بغداد فتكا ذريعاً حتى أصيب به نحو العشرين من كل مائة العدد 31 - بتاريخ: 01 - 01 - 1914 كتب تواريخ بغداد 1 - توطئة بغداد كانت ولم تزل مدينة عظيمة طبقت شهرتها الخافقين، أسسها الخليفة جعفر المنصور؛ ثم وسعها بعده هارون الرشيد والمأمون وزيناها بقصور شماء، وحدائق غناء، مما يأخذ بمجامع القلوب؛ ولم يكتفيا بذلك بل أوصلاها بجدهما الحميد، وسعيهما الحثيث، إلى أسمى درجة من الحضارة والعمران. فلا عجب بعد ذلك إذا رأينا فريقاً كبيراً من الأدباء والكتاب قاموا فوضعوا لها دواوين عديدة منها مطولة ومنها مختصرة. ولكن يا للأسف ضاع معظم تلك الأسفار الجليلة وأصبح لا أثر لها ولا عين ومنها ما زينت به مكاتب أوربا ومتاحفها مع أن أبناء الزوراء هم أحق من غيرهم بكنز السلف النفيس؛ بيد أن النزر اليسير لم يزل محفوظاً في بعض دور أغنياء مدينتنا الاماجد، وأعيانها الأماثل، وهم يحرصون كل الحرص على ما بقى في مكاتبهم، ويحافظون عليه محافظتهم على إنسان عينهم؛ وقد أفضى ببعضهم إلى الشح بها إذ ضنوا على أدباء حاضرتهم بنسخها بل برؤيتها لئلا يطرأ عليها ما طرأ على غيرها من تواريخ مدينة السلام. ولو تبصروا قليلا وأنعموا النظر في ما يفعلون لما تمسكوا بعملهم هذا غير المحمود بل لبادروا إلى الضياع وغوائل الزمان وإلا فما الفائدة من وجودها في زوايا الإهمال وتعرضها للفقد كما فقدت أخواتها من قبلها بعد ذهاب أصحابها وانتقالها من يد إلى يد.

هذا وقد بحثنا بحثاً بقدر ما وسعته الطاقة عن أسماء تلك المؤلفات من قديمها وحديثها وهاك ما وصل غلينا خبره ورأيناه مبسوطاً في بعض المواطن ناشر به على صفحات مجلة (لغة العرب) إذ لعل هذا الأمر يدفع أحد سراة القوم وفضلائهم إلى أن يشمر عن ساعد الجد وسنشر بعضها على نفقته فيخدم بذلك وطنه خدمة تذكر فتشكر فنكون قد نلنا على يده الضالة التي ننشدها منذ أمدٍ بعيد والله الميسر. 2 - تواريخ بغداد القديمة (1) - تاريخ بغداد: تأليف أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور البغدادي: هو أقدم تاريخ لدار السلام على ما يظن فريق من المؤرخين عثر على الجزء السادس منه الدكتور كلير الألماني بين مخطوطات لندن وقد وقعت نسخة منه في يد أحد الأدباء فألفها سفراً نفيساً جديراً بالمطالعة يشتمل على تاريخ المأمون خاصةً من شخوصه إلى بغداد سنة 204هـ - 819م إلى حين وفاته. ويصف فيه كافة الأدباء والندماء والشعراء الذين كانوا يحضرون مجلسه وما كان يدور بينهم من المحاضرات الأدبية والمناظرات العلمية اللغوية فضلاً عن المساجلة والمناشدة وقد علق عليه ناشره الفاضل بعض الملاحظات الدقيقة مع ترجمة ألمانية وطبعه على الحجر في ليبسك 1908م - 1326هـ (2) - تاريخ بغداد: تأليف الحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي المعروف بالخطيب المتوفى سنة 463هـ - 1070م يحتوي على تراجم علماء الزوراء وأدبائها ومن ورد إليها من الرجال العظماء وقد ضم إليه فرائد وخرائط يضيق النطاق عن حصرها وتعدادها. ومنه الآن نسخة خطية في كل من المتحفة البريطانية في لندن والمكتبة الأهلية في باريس وخزانة كتب السيد عبد الرحمن أفندي النقيب في بغداد وفي مكتبة جامع ايا صوفيا في القسطنطينية ومن هذا التاريخ الفريد أجزاء متفرقة في كل من مكتبة برلين وكوبرلي والجزائر والمكتبة الخديوية في مصر وفي بعض دور أعيان بغداد وعلمائها. وكانت منه نسخة بخط المؤلف في خزانة كتب الكلية المستنصرية بأربعة عشر مجلداً فقدت وأصبحت أثراً بعد عين. (وقد نشر المستشرق سلمون مقدمة هذا التاريخ بباريس سنة 1904م - 1322هـ كتاباً على حدة في ثلاثمائة صفحة تحتوي على أصل بغداد وأسمها وتاريخ بنائها وأقسامها ودورها وقصورها ومدائنها

كما كانت في أيامه وغير ذلك من الفوائد. وذيلها الناشر بحواش وفهارس فجاءت كالكتاب المستقل بوصف عمارة بغداد وخططها والكتاب على إجماله مروي بالأسانيد على طريقة أهل الحديث). (3) - تاريخ بغداد تأليف أبي اليمن مسعود بن محمد البخاري المتوفى سنة 461هـ - 1068م وهو ملخص تاريخ الخطيب وقد زاد عليه صاحبه شيئاً كثيراً من الأخبار والوقائع المهمة التي عرفها بنفسه أو وجدها في سائر الكتب. (4) - ذيل تاريخ الخطيب: تصنيف الإمام أبي سعيد عبد الكريم بن محمد السمعاني صاحب كتاب الأنساب المتوفى سنة 562 - 1166م ذيل به صاحبه تاريخ الخطيب ونسج على منواله وهو في خمسة عشر مجلداً. (5) - السيل على الذيل: لعماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الوزير والعالم الكبير المتوفى سنة 597هـ - 1200م صنف المؤلف تاريخه هذا وجعله ذيلاً على ذيل ابن السمعاني وقد ضمنه الوقائع والحوادث التي أغفل ذكرها الموما إليه وهو في ثلاثة مجلدات. (6) - ذيل ابن الدبيثي: تصنيف أبي عبد الله محمد بن سعيد المعروف بابن الدبيثي الواسطي المتوفى سنة 637هـ - 1239م وقد ذكر فيه مؤلفه أخباراً لم يذكرها السمعاني ولا غيره ممن سبقه. (7) - صلة الذيل: لأبن القطيعي المتوفى في نحو سنة 640هـ - 1242م وقد وضعه ليكون بمثابة ذيل على ذيل ابن الدبيثي. (8) - ذيل تاريخ بغداد: تأليف الحافظ محب الدين محمد بن محمود المعروف بابن النجار البغدادي المتوفى سنة 643هـ - 1245م (جعله ذيلا عظيما على تاريخ الخطيب نفسه جمع فيه فأوعى حتى قال بعض من رآه إنه يتم في ثلاثين مجلداً ورأى منه المجلد السادس عشر في حرف العين وقد ذكر تراجم الرجال كالطبقات) ويوجد الآن جزء منه في مكتبة جامع مرجان في بغداد. (9) - تلخيص ذيل ابن الدبيثي: لشمس الدين محمد بن أحمد الحافظ الذهبي المتوفى سنة 748هـ - 1347م وهو عبارة عن ملخص ذيل ابن الدبيثي واختصاره ولم يضف

إليه شيئاً على ما قيل وذكر. (10) - ذيل تاريخ ابن النجار: تصنيف تقي الدين محمد بن رافع المتوفى سنة 774هـ - 1372م وهو كتاب محكم جداً بل في غاية الإتقان جعله ذيلاً لتاريخ ابن النجار واستدرك فيه ما فاته وأضاف إليه ما أهمله. (11) - ذيل تاريخ تقي الدين: تأليف أبي بكر المارستاني المتوفى في نحو سنة 785هـ - 1383م ضمنه من الفوائد والأخبار شيئاً كثيراً. (12) - ذيل تاريخ المارستاني: لتاج الدين علي بن أنجب ابن الساعي البغدادي المتوفى سنة 674هـ - 1275م وقد ضمنه مؤلفه من الفوائد الغزيرة والعادات الغريبة ما يعز وجود اغلبها في غيره من تواريخ ودواوين الزوراء. (13) - تاريخ بغداد: تأليف أبي سهل يزدرجد بن مهماندار الكسروي وهو كتاب نفيس جداً وصف فيه صاحبه بغداد وصفاً دقيقاً في عصره فذكر خبر بناء مدينة السلام وطاقاتها ومبلغ مساحتها وأحصى أنهارها وجسورها وحماماتها وقصورها وسككها ودروبها وأرباضها ومعابدها ومقابرها ومساجدها المخصصة لصلاة الجمعة والعيدين ومحلاتها الخ وقد نشر هذا السفر الجليل الفوائد أحد المستشرقين الأفاضل وعلق عليه حواشي بالافرنسية وتصحيحات بالعربية؛ طبع في مدينة شالون على نهر سون بمطبعة (برطرند). (14) - (كتاب البيان) تأليف أحمد بن محمد بن خالد البرقي الكاتب الكبير والمؤرخ الشهير وهو مؤلف حافل بمحاسن الزوراء التي أخنى عليها الدهر بكلكله مع ذكر أثارها لدوارس وأطلالها الطوامس. (15) - (روضة الأريب) لأحد علماء بغداد الأعلام وفلاسفتها العظام وهو في سبعة وعشرين مجلداً حوى من نفائس الآثار وطرف الأخبار ما يبهر البصائر والأبصار (16) - تاريخ بغداد: تصنيف أبي الحسن محمد هلال الصابئ وهو تصنيف سديد جم الفوائد واغلب هذه المصنفات أصبحت أعز من بيض الأنوق. وأندر من الأبلق العقوق. إلى آخر ما هنالك من تواريخ بغداد التي تعد بالعشرات (17) - وصف الجزيرة وبغداد تأليف ابن سرابيون وهو كتاب يبحث عن بين النهرين

وصف فيه المؤلف تلك الديار ومواقعها وعرضها وطولها وأنهارها ومصابها وما يحمل منها وقد نقل بعض هذا المصنف إلى الإنكليزية المستشرق الكبير غي لسترانج وعلق عليه شروحاً حسنة وأضاف إليه تعاليق بديعة أنظر نشرة الجمعية الآسوية الملكية لسنة 1895م - 1313هـ طبع في لندن في نفس تلك السنة. (18) - نزهة القلوب: تصنيف حمد الله المؤرخ الفارسي أحد كتاب القرن الثامن للهجرة الموافق للخامس عشر من التاريخ المسيحي وهو كتاب جزيل الفائدة بحث فيه مؤلفه عن جغرافية بغداد وغيرها من البلاد أما الفصل المعقود لجغرافية دار السلام فقد استله المستشرق شارل شفر المتوفى في 3 آذار سنة 1897م - وطبعه على حدة في باريس سنة 1897م - 1315هـ والباقي من الكتاب المذكور طبع على الحجر في بمبي سنة 1311هـ - 1893م ويوجد منه الآن نسخة خطية نفيسة في كل من المتحفة البريطانية والمكتبة الأهلية في باريس. 3 - تواريخ بغداد الحديثة (1) - (عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد) تأليف السيد إبراهيم فصيح بن صبغة الله الحيدري البغدادي المتوفى في سنة 1299هـ - 1881م وهو تاريخ جزيل الفوائد سامي المباحث يشتمل على أخبار ووقائع شتى يوجد منه نسخة خطية في خزانة كتب دير مبعث الأباء الكرمليين المرسلين ومنه نسخة أخرى في بعض مكاتب دار السلام وقد صنفه صاحبه الفاضل في البصرة وأنجزه في شهر رمضان سنة 1286هـ - 1869م. (2) - (حديقة الزوراء) تأليف أبي الخير الشيخ عبد الرحمن زين الدين ابن الشيخ عبد الله السويدي البغدادي المتوفى في سنة 1200هـ - 1876م وهو تاريخ كبير في ثلاثة مجلدات ضخام يبحث فيها مؤلفها عن وقائع العصور الأخيرة التي انقطعت عنا أنباؤها وعفت أخبارها ويبحث أيضاً عن تراجم الخلفاء والوزراء والأمراء والمشاهير وهو كتاب جامع لشتات الأخبار والوقائع جليل القدر نفيس الأثر كان منه نسخة بخط المؤلف في دار يوسف أفندي السويدي الشهير ففقدت ولم يوقف لها على خبر ولا يوجد منه اليوم سوى نسخة واحدة في مكتبة السيد عبد الرحمن أفندي نقيب بغداد الحالي ويا ليت يبرزه حضرته

هذا الكنز الثمين إلى عالم المطبوعات ليقف على مشتملاته الأدباء ويرتشف من زلال نميره الصافي المؤرخون والفضلاء. (3) - (مطالع السعود بطيب أخبار داود) لمؤلفه الشيخ عثمان بن سند البصري الوائلي المتوفى سنة 1250هـ - 1834م وهو تاريخ كبير في نحو 40 كراساً كبيراً حوى بعض أخبار القرن الثاني عشر وبعضاً من الثالث عشر ولولا هذا السفر المفيد لذهب شيء كثير من حوادث تلك الأيام نخص منها بالذكر أخبار الوزير الكبير سليمان باشا والمشير الشهير داود باشا. وقد اختصره في سنة 1290هـ - 1873م أمين بن حسن الخلواني المدني فذكر منه الوقائع التاريخية فقط وأهمل الأشعار والمدائح وطبعه على الحجر في مدينة بمبي في المطبعة الحسينية في غرة شوال سنة 1304هـ - 1886م. (4) - (تنزه العباد في مدينة بغداد) تاريخ بغداد وجغرافيتها تأليف المعلم نابليون بن ميخائيل الماريني وهو كتاب نفيس مع صغر حجمه ويقسم إلى قسمين قسم طبيعي وقسم أدبي فالقسم الأول يتضمن أحوال بغداد في العصور الغابرة وأما القسم الثاني فيشتمل على تجارة بغداد ومعاملها ومصنوعاتها ومدارسها وجوامعها وكنائسها ومكاتبها ومقابرها ومزارعها الخ طبع بالمطبعة اللبنانية في بيروت سنة 1888م - 1306هـ. (5) - (حضارة الإسلام في دار السلام) تصنيف جميل نخله مدور المتوفى في سنة 1907م - 1325هـ: وهو كتاب جزيل الفائدة غزير المادة حسن السبك بليغ العبارة بديع الأسلوب سديد الحجة حوى من الفرائد والخرائد ما يزري باللآلئ الحسان فإنه يوقف المطالع الأديب على أمور ومسائل ذات شأن عظيم في عصر الرشيد الذهبي ولا أراني مبالغاً إذا قلت إنه أنفس مؤلف صنف في بابه وهاك ما جاء عنه في (تاريخ الصحافة العربية 1: 115 (حضارة الإسلام في دار السلام) الذي يغنى ذكر أسمه عن وصفه. وقد قدر هذا الكتاب قدره وأنزله منزلة رفيعة كما يستحق كل من أحمد جودت باشا وزير

المعارف العثمانية وأحمد مختار الغازي المعتمد السلطاني في مصر سابقاً وغيرهما من مشاهير الرجال. وقد كافأه عليه حينئذٍ السلطان عبد الحميد بجائزة مالية تنشيطاً له على خدمة العلم) وجدير بهذه التحفة السنية أن يزين بها صدور المكاتب والنوادي العلمية وقد طبع في مصر ثانية بمطبعة المؤيد على ورق صقيل بحرف بديع الشكل سنة 1323هـ - 1905م. (6) - (كتاب الهدية المصرية للخطة العراقية) تأليف عبد الرحمن إبراهيم المصري الشهير بالهندي الدندي (صاحب جريدة عفريت الحمارة بمصر) وهي نبذة لخص فيها صاحبها بعض تاريخ بغداد القديم وما تحتاج إليه الآن من الإصلاح وذكر أيضاً في مطاوي بحثه أموراً شتى ويظهر أن المومأ إليه ألف نبذته هذه ليجمع من ريعها بعض دريهمات يستعين بها على السفر إلى مسقط رأسه إذ يقول في صدر الكتاب: مساعدة الغريب أجل شيء ... وأحسن ما تكون لدى الأنام بها الذكرى تخلد في البرايا ... وذا فرض على القوم الكرام ثم قال: حقوق الطبع للمصري ... بعين العدل ملحوظة لصاحبها مدى الدهر ... حقوق الطبع محفوظة طبع بمطبعة الولاية في بغداد سنة 1327هـ - 1909م. (7) - (كتاب الفوز بالمراد في تاريخ بغداد) تأليف ساتسنا يشتمل على كثير من الأخبار والوقائع حتى حدثت في الزوراء في القرون الوسطى وقد جمعه صاحبه من عدة كتب خطية ومطبوعة عربية وأعجمية وإليك نص المقدمة (لما كان الكثير من أدباء بغداد يتشوقون إلى أخبار ماضيها منذ سقوطها على يد هولاكو إلى يومنا هذا أحببت أن أجمع من الكتب القديمة والحديثة ما يحقق أمنية هؤلاء الفضلاء) وقد طبع بمطبعة الشابندر في بغداد سنة 1329 هـ - 1911م. (8) - (أخبار بغداد وما جاورها من القرى والبلاد) تأليف السيد محمود شكري بن عبد الله الحسيني الآلوسي البغدادي: تاريخ نفيس جداً في أربعة مجلدات نشرت مقدمته في الجزء الأول من مجلة (سبل الرشاد) صفحة 11 وقد ذكر صاحبه ما طرأ على القطر العراقي منذ استيلاء المسلمين عليه إلى الآن وبيان الأسباب التي حملت

المنصور على بناء دار السلام وقد بحث فيه بحثاً نعما عما أشتهر في الأفاق من مدن العراق وما كان لها من القصور الشامخة والأبنية الفخمة وقد ذكر أيضاً تراجم أدباء الزوراء وأكابر رجالها وأعيانها وزهادها ومدارسها ومعابدها إلى غير ذلك من الأبحاث الطلية وقد قرظه نخبة من كتاب العصر حين وقوفهم على محتوياته الجليلة نخص منهم بالذكر تلميذه الشيخ معروف أفندي الرصافي القائل: آثار محمود شكري دام يشكرها ... بين الورى حاضر الأقوام والبادي قد أصبحت وهي بعض من مناقبه ... عد الكواكب لا تحصى بتعداد أسفار علم بدت كالصبح مسفرة ... عما له من مدى علم وإرشاد قد أسفر اليوم سفراً في صحائفه ... للناس أسفر عن أحوال بغداد وشته أقلامه وشي البرود لنا ... فراق في حسن إيجاز وإيجاد جم المباحث في ذكر الحوادث عن ... لحن المثالث يحكى نغمة الشادي أبحاثه تحف في طيها طرف ... إيرادها شرف للناس في النادي أبدى من الفضل علماً في مؤلفه ... ما عنه يعجز إنشائي وإنشادي أطروفة يرتضيها كل ذي أدب ... ونجعة يبتغيها كل مرتاد وهذا الكتاب الفريد لم يزل خطاً وعسى أن صاحبه العلامة المفضال يبرزه من مكمنه وينشره لتعم فوائده الجزيلة وينتفع به الخاص والعام. (9) - (كشف اللثام عن آثار دار السلام) لصاحب هذه المقالة بحث فيه مؤلفه بحثاً وافياً عن آثار بغداد وما فيها من المساجد والجوامع والكنائس والمدارس والكتاتيب والأندية العلمية والفنادق ودور الصنائع والمكاتب التجارية والحمامات والقهوات والمنتزهات وخزائن الكتب والمجلات وأسماء الشوارع والأسواق وعدد السفن والبواخر والقصور الفخمة والأبنية الشامخة والجنائن والأطلال الشاخصة. وهو كتاب خط. (10) - تاريخ بغداد الحديث: لصاحب المقالة أيضاً: يبحث عن عادات البغداديين ومعتقداتهم وحقيقة تربيتهم لأولادهم وأمور زواجهم وأفراحهم ومآتمهم ومواسم أعيادهم الأهلية وملابسهم وملاهيهم ولعبهم وغيرها والذي حدا المؤلف إلى وضع هذا الكتاب هو اعتقاده إن مدينة الزوراء ستتغير تغيراً عظيما في مدة لا تقل عن ثلاثين سنة إذا طالت لدخول مرافق الحضارة العصرية إليها واختلاط السكان بالأقوام والشعوب الغربية التي تختلف عوائدها عن عوائدنا فتأكل بعضها بعضا ولا يبقى منها شيء يذكر

فرأى من اللازم اللازب تدوين المسائل المهمة في بطون التواريخ لتكون دليلا صادقا يركن إليه الباحث والمؤرخ عن شؤوننا وحالتنا الاجتماعية في تباشير القرن العشرين. (11) - (سجع الورقاء في مشاهير الزوراء) لمنشئ المقالة: كتاب جم الفوائد يبحث عن تراجم العلماء والأدباء والشعراء والأمراء والأغنياء والشيوخ والأعيان والرؤساء الروحانيين من جميع الملل والنحل وغير ذلك من الأخبار والحوادث مما يلذ الوقوف عليها وجملة القول سيكون هذا المؤلف سراجاً يهتدي بنوره الوطنيون الكرام ودليلا لغرباء الديار واللسان. وسننشر اغلب فصول مؤلفاتنا هذه على صفحات (لغة العرب) تباعاً ومن الله نطلب الهداية، في البداءة والنهاية. (12) - (منتجع المرثاد في تاريخ بغداد) تأليف الكونت جبرائيل حنوش أصفر وقد لخصه فدعاه (مختصر المستفاد من تاريخ بغداد) تصنيف نافع غاية النفع بحث فيه مؤلفه بحثاً نعماً عن تراجم مشاهير الزوراء وأدبائها الكبار وقد ضمنه شيئاً كثيراً من تواريخها ووقائعها وأخبارها القديمة وهو لم يزل مخطوطاً. منه نسخة في دير مبعث الكرمليين في بغداد ويا ليت حضرة مؤلفه الكريم يبرزه إلى عالم المطبوعات. (13) - (مساجد بغداد) للسيد شكري أفندي الآلوسي تصنيف مفيد يبحث عن معابد الزوراء وجوامعها ومساجدها وقد وصفها وصفاً دقيقاً والكتاب لم يزل خطا في مكتبة مؤلفه العامرة. (14) - (زينة البلاد في تاريخ بغداد) بالفارسية تأليف ميرزا محمد ملك يشتمل على ماضي تاريخ بغداد وما كانت عليه من الحضارة والمدنية وهو مصنف بالفارسية وقد طبع في بمبي في 32 صحيفة بقطع الثمن. (15) - (كتاب جامع الأنوار في مناقب الأخيار) تأليف صفاء الدين عيسى القادري النقشبندي البندنيجي يتضمن تراجم علماء بغداد ومشاهير رجالها وفقهائها وأدبائها وزهادها وشيئاً كثيراً من أخبارها وقد فرغ مؤلفه من تصنيفه في الساعة الحادية عشرة من نهار يوم الأربعاء في 23 صفر سنة 1326هـ - 1908م وهو لم يزل خطا وقد رأينا نسخة منه في مكتبة دير مبعث الكرمليين المرسلين في بغداد. (16) - (مدارس بغداد) تأليف الفاضل لويس ماسنيون بالافرنسية وقد بحث فيه مؤلفه عن بعض مدارس دار السلام وكلياتها

القديمة الشهيرة كالنظامية والتاجية والمستنصرية والبهائية والبشرية والتثقيفية والمجاهدية والعصمية والقادرية والمرجانية والسليمانية والمرادية والعلية والعمرية ومدرسة أحمد أمين السويدي الخ وقد طبع في مصر القاهرة بدون تاريخ السنة. (17) - (تاريخ ولاية بغداد) تصنيف حبيب أفندي شيحا بالافرنسية يحتوي تاريخ الزوراء الحديثة وعدد سكانها ومدارسها وكنائسها وجوامعها ومجامعها ومقابرها وشيوخ البادية وقبائلها وخرافات أهلها وعاداتهم إلى غير ذلك من الأبحاث الطلية وقد طبع في القاهرة سنة 1908م - 1326هـ. (18) - (تاريخ الجزية) تأليف المؤرخ حمد الله بالفارسية وهو يبحث عن الجزية التي كانت تجمع في عصر الخلفاء العباسيين من ولاية بغداد وما جاورها من القرى والبلاد ويتضمن أيضاً فصولاً عن الممالك والحكومات منه نسخة خطية نفيسة في كل من المتحفة الابريطانية والمكتبة الأهلية في باريس. (19) - رفيعة (تقرير) القائد جونس فيلكس بالإنكليزية وهي عبارة ن كتاب تاريخ بغداد مع رسم لها كبير ومصورات عديدة لما جاورها من البقاع والضياع وقد طبعت في بمبي سنة 1857م - 1274هـ. (20) - (نبذة من تاريخ بغداد) بقلم السر هنري رولنصن بالإنكليزية وقد أثبتت في دائرة المعارف البريطانية في طبعتها التاسعة. (21) - (الكنز الثمين في أخبار الذميين في عهد الخلفاء المسلمين) تأليف الملفان (الدكتور) عيسى بن يحيى (يوحنا) بن يونس (يونان) بن إبراهيم البابلي النصراني المتوفى سنة 220هـ - 835م وهو تاريخ نفيس بل فريد في بابه حوى ما محض من الأخبار والوقائع في عصور الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسيين والسلاطين العثمانيين قدم واضع هذا السفر بغداد وعمره لا يتجاوز الخامسة عشرة في سنة 145هـ - 762م عندما أخذ جعفر المنصور ببناء الزوراء وقد بحث فيه مؤلفه الفاضل بنوع خاص عن علماء وفلاسفة وشعراء وأدباء وأعيان ومشاهير النصارى الذين نبغوا في زمن هرون الرشيد والمأمون في بغداد وقد وصفهم وصفاً دقيقاً وذكر عدد بيعهم ورؤساء مللهم ونحلهم وشعائرهم الدينية وعادات عوامهم وما انتابهم من العسر واليسر والحرية والعبودية والاضطهاد والرفاهية وقد أوصى بنيه وحفدته بأن يستمروا على تصنيف الكتاب

على هذا النسق إلى ما شاء الله فكان كل منهم يدون فيه أهم الحوادث وأصدق الوقائع والأخبار الطارئة في عصره وقطره وقد استمر الخلف يقتفي أثر السلف إلى أيام المستعصم بالله فتوقف الأبناء برهة ثم استأنفوا التدوين إلى سنة 1831م - 1247هـ عندما داهم الزوراء وباء شديد الوطأة فحصد الألوف من النفوس وإذ ذاك تشتت شمل هذه الأسرة فمنهم من مات ومنهم من هام على وجهه. وكانت مهنة مؤلفي هذا التاريخ - الجامع لشتات أخبار بضعة أحقاب - الكتابة في دواوين الخلفاء العباسيين والبرامكة وغيرهم من رؤساء وأعيان دار السلام والذي جعلهم أن يستمروا في وظائفهم على طول هذا الزمن هو نزاهتهم وأمانتهم وتضلعهم من اللغة العربية والتفنن في أساليب الإنشاء. وقد ثابروا على تأليف هذا التاريخ أكثر من ألف سنة. وكان عند المرحوم والدي نسخة منه بخط مؤلفيه في مجلدين ضخمين تربو عدد صفحاتهما على الألفين بقطع كبير وحرف دقيق فاستعارها منه المرحوم القس ميخائيل أيلو السرياني ليطالعها فلما وقف على مشتملات الكتاب وجده مؤلفاً نفيساً نادراً فطلب إلى والدي أن ينسخه وكان حسن الخط فلم يضن عليه به وبعد بقاء الكتاب في حوزته نحو سنين أدعى بأن أحد المستشرقين الفرنسويين استعاره منه ليقف على محتوياته فسافر به إلى مسقط رأسه (باريس) ولم يعده إليه وقد ذهل عن أخذه في حينه ففقد هذا السفر الجليل ولم يوقف له على أثر منذ ذلك اليوم. وعسى المستشرقون ذوو الهمم الشماء أن يبحثوا في متاحف أوربا ومكاتبها الخاصة والعامة عن هذا الأثر العظيم والمؤلف اليتيم الذي يحق له كل الحق أن يدعى (الكنز الثمين) فإنه يشتمل على كثير من المسائل والأمور المهمة التي يعز وجودها بلا امتراء في غيره من الأسفار سيما ما أهمل ذكره مؤرخو العرب وغيرهم من كتاب المسلمين. (22) - (تاريخ بغداد في عهد الخلفاء العباسيين) تأليف العلامة غي لسترانج وهو نفس تأليف بل أسمى تصنيف وقفنا عليه في الإنكليزية حتى الآن وهو يتضمن تاريخ الزوراء منذ يوم تأسيسها حتى سقوطها على يد هولاكو

على الأرض وفي السماء

طاغية العباد والبلاد وفصلا من تاريخها الحديث مع ثمانية رسوم ملونة لدار السلام وقد جمع بين دفتيه فرائد يتيمة يعز وجود كثير منها في غيره من الأسفار والدواوين لأن مؤلفه الفاضل قد أخذ أنباءه من كتب شتى عربية وفارسية وأوربية تربو على الستين وبينها مخطوطات نادرة. طبع هذا السفر الجليل في جامعة اكسفورد بمطبعة كلارندون سنة 1900م - 1318هـ. (23) - (الإسلام في عصر خلفاء دار السلام) كتاب نفيس جداً يتضمن حضارة الإسلام في دار السلام وشيئاً كثيراً من المسائل والأمور الجديرة بالمطالعة وضعه في الإنكليزية مؤلفه الأديب الفاضل ر. د. اسبورن وقد طبع في لندن سنة 1878م - 1295هـ. (24) - (بغداد) في دائرة المعارف للبستاني. وقد استغرقت هذه المادة عدة صفحات حتى أنها لو طبعت على حدة لأصبحت كتاباً قائماً برأسه. هذا جل ما وقفت عليه الآن من تواريخ بغداد القديمة والحديثة وقد فاتني شيء كثير منها بالألمانية والفرنسوية والإنكليزية لا بل وبالعربية نفسها ومن له اطلاع على ما أغفلت ذكره فالرجاء أن يتكرم بإفادتي عنه وإني أشكره سلفاً. رزوق عيسى (لغة العرب) لما كانت هذه الأسماء غير وافية كما أشار إليه الكاتب فلا بد إننا نعود إلى هذا الموضوع في فرصةٍ أخرى حذراً من إثارة السأم في الصدور إن أكثرنا الآن من الكلام في جزءٍ واحد. على الأرض وفي السماء سار القطار وفي مفاصله ... ماء وفي أحشائه لهب فكأنما شامت نواظرنا ... برقاً به تتصادم السحب يبكي ويزأر عند جريته ... فكأنه ولهان مكتئب يجري وتجري الريح دائبة ... يعتاقها عن سبقه التعب يطوي الفلاة فليس يدركه ... في طيه ولا نصب لا مهل يعيبه ولا عجل ... فسوآء الإبطاء والخبب فكأنما (روبرت) عاهده ... أن لا يفوت لركبه أرب

وكأنما البيدآء حين مضى ... نهب من الأرضين ينتهب يتنفس الصعدآء لا حزن ... يغشاه في بعدٍ ولا طرب وتراه للعمال مؤتمراً ... يسعى فلا يرمي به غضب ترتجف الأرض منه خاشعة ... في قلبها من وطئه ريب يلج الجبال بطونها نحتت ... طورا وطورا فوقها يلب يعلو على شم الجبال فلا ... يعدو إذا ولا يثب ويجد في بيدأء خالية ... عجفاء لا يلوي بها الرهب وكل إذا قل البخار به ... أو قل فيه الفحم واللهب عرف المنازل بعد ما جهلت ... أوصافه الأغوار والحدب متعصب ما أن يمس سوى ... سكك تمد له وتنشعب سار القطار بكل منزلة ... لا الركب يبلغها ولا الركب كلا ولا الخيل الجياد ولا ... وصلت إليها الأنيق التعب فكأنما مصر به عدن ... وكأنما فرغانة حلب هذا البخار وذوي مآثره ... ذكرت فأين السمر والقضب طورا يسير بأهله سرعا ... حيث البعيد به لهم كثب وتراه آونة يطير بهم ... يعلو السكاك به فيحتجب يخترق اللوح والفضاء بهم ... فيجوبه وتجوبه الشهب فكأنما العقبان خافقة ... تحت السماء لهن منقلب الطير تحسد وهي طائرة ... يهوي بها إن جدت التعب والناس حسدها وقد صعدوا ... فوقا وقد رفعت لهم رتب بكرت بأجنحة فما ذهبت ... ببكورها فوق الذي ذهبوا فلئن هم سبقوا فما بلغت ... سبقا ولا ضربت كما ضربوا الناس يرقون والبخار لهم ... سبب يمد لهم به سبب وكأنما (يعقوب) يركبه ... و (ليوسف) من فعله عجب إن البخار محلق بهم ... في الجو والمنطاد مرتكب يغدون من بلد إلى بلد ... فعل الذي يستحثه الدأب محمد الهاشمي

أقسام إمارة السعود

أقسام إمارة السعود تقسم إمارة ابن السعود أقساماً مختلفة على غير الوجه المعهود في ديار آل عثمان. وإنما نسميها بالأسماء المصطلح عليها اليوم في هذه الربوع طلباً للإيجاز وتقريباً للعبارة من الإفهام. ففيها من الايالات شيء كثير والأيالة مثل الناحية أو بعبارة أخرى مثل القائمية (القائم مقامية) أو المتصرفية ومن هذه الايالات ما هو بقدر المتصرفية ومنها ما هو بسعة الولاية ومنها ما هو دونها مما لا يقاس عليه وأشهر هذه الولايات هي. 1 - العارض أو الرياض أو العروض العارض عاصمة الإمارة. وقد سبقنا فقلنا إن العارض والرياض أو العروض أسماء لمسمى واحد في الإجمال لكنها تقع على بعض مواطن منها دون غيرها إذا أردت التدقيق في المعنى. (فالعارض) على الحقيقة هو وادي حنيفة المشهور في التاريخ وهو عبارة عن وادٍ واسع تقوم على حافاته جبال متوسطة الارتفاع تعرف عندهم باسم (العارض أو العروض) لاعتراضها في السماء قال الحفصي: العارض جبال مسيرة ثلاثة أيام. قال: وأوله (خزير) وهو أنف الجبل. وقال أو زياد: العارض باليمامة. أما ما يلي المغرب منه فعقاب وثنايا غليظة، وما يلي المشرق وظاهره فيه أودية تذهب نحو مطلع الشمس كلها العارض هو الجبل. قال: ولا نعلم جبلاً يسمى عارضاً غيره. - أما الرياض فهي روضات منسقة آخذة بعضها برقاب بعض على شكل مستطيل يوازي الوادي المذكور وكانت الإمارة تسمى سابقاً بالعارض وكان كرسي الإمارة في موضع يقال له (الدرعية) فلما كانت حرب إبراهيم باشا انتقلت إلى الرياض المذكورة. وكانت الدرعية في سابق العهد في رخاء من العيش حسنة الأبنية عالية الجدران كثيرة الزرع والضرع ولما كانت كرسي الإمارة كانت تتوافد إليها الأعراب من اليمن والحجاز وتهامة وحضرموت والاحساء والبحرين وقطر وكان لها مواسم في أيام مخصوصة بحيث إن الداخل كان إذا دخلها في عهد الأعياد والمجتمعات بل حتى في سائر الأيام يرى جموعاً كثيرة مؤلفة من أنواع قبائل العرب وعشائرها. وحسبك دليلاً على ما نقول إن بعض المنازل والدور بيعت وشريت بأثمان تتراوح

بين الخمسمائة ليرة وبين الألف والخمسمائة ليرة. وبلغت أجرة بعض الدكاكين في الشهر الواحد نحو ست ليرات وكفى بذلك برهاناً على تردد الأقدام إليها لطيب المعيشة فيها يومذٍ. (لغة العرب: كذا ولعل في ذلك مبالغة فاحشة). ومن بلدان العارض (بلدة حريملة) تصغير حرملة ويلفظونها والبعض يكتبها خطاً (حريملا)، ويليها بلد (سدوس) (وزان عروس) وحوله آثار قديمة وأبنية عالية ضخمة فخمة عليها كتابات قديمة لا تعرف بأي قلم مكتوبة لأن الإفرنج لك يصأوا تلك الديار، وعلى كثير من جدر تلك المواطن كتابات منحوتة في الحجر ومثل هذه الرقم العادية في كثير من الكهوف والمغور المجاورة لسدوس. ومن غريب الأمر إن ياقوت لم يذكر شيئاً عن هذه المدينة مع أنها عريقة في القدم. فالظاهر إن الذين كانوا ينتابون تلك الربوع غير كثيرين. لكنه ذكرها في مادة حزوى وهو أسمها الحقيقي لأن (سدوس) هي اسم القبيلة التي أوت إليها مدة طويلة فسميت بهم. قال ياقوت: (حزوى. . . . موضع بنجد في ديار تميم. وقال الأزهري: جبل من جبال الدهناء مررت به. وقال محمد بن إدريس ابن أبي حفصة: حزوى باليمامة وهي نخل بحذاء (قرية بني سدوس) وقال في موضع آخر: حزوى من رمال الدهناء.) اهـ ومن بلدان العارض: (ضرمة) ويلفظونها (اضرما) ثم (العمادية) و (أبو كباش) و (الجبيلة) (مصغرة) و (النير) (بكسر فسكون) و (عرقة) (بكسر فسكون) و (منفوحة) و (الخرج) (بفتح فسكون) وهو واقع في جنوبي العارض. وقد كان سابقا مسكن قبائل عائذ وآل فضل. أما اليوم فلم يبق من عائذ شيء هناك لتفرقهم في البلاد. وأما آل فضل فإنه يوجد منهم بقية وأكثرهم متحضرون. 2 - الرياض لما انتقل كرسي الإمارة من الدرعية إلى الرياض للأسباب التي ذكرناها وذلك بعد حرب إبراهيم باشا ووقعة الدرعية افرغ أمراء السعود كل وسعهم لتحصين الرياض أشد التحصين. أو لا يحق للرياض أن تكون روضات وجنات في وجنات ديار العرب وأرضها عبارة عن بساتين متناسقة. فإذا زدت على ذلك أن الطبيعة قد جعلتها من أحصن المواقع. بأن أطافت بها الروابي قلت إنها جمعت بين محاسن حلب الشهباء وبدائع دمشق الفيحاء، لأنك تجد فيها

كما في تينك المدينتين أسواراً قائمة، وأبراجاً ماثلة؛ تذكرك بالعصور الوسطى أما العروض أو جبال اليمامة فإنها شمخت بأنوفها إلى فوق بل رفعت رؤوسها نحو السماء كأنها السنابل وقد حدقت بالأفق من جهة الجنوب. وهناك جبال أخرى تواري عن أنظارك رمال الدهناء. والرياض هي اليوم من أحصن بلاد نجد لأن حيطانها ثخينة وأبراجها حصينة ذاهبة في السماء وقصر أمرائها من امتن القصور كأنه قلعة بديعة والناظر إليه من خارج يظنه سجنا لا قصراً. وفي الرياض مسجد جامع كبير يسع 4 آلاف مصل. وفي الرياض من جياد الخيل ما لا ترى لها أمثالا في سائر ربوع العرب. 3 - الخرج الخرج (بفتح وسكون) من البلاد التي تتعلق به قرى كثيرة منها (لسليبية) (مصغرة منسوبة) والبعض يقول السلبية (بكسر وسكون ونسبة) والبعض الأخر السبيلية (مصغرة منسوبة) واللغة الفصحى والشهري هي الأولى. ومن تلك القرى: الدلم (وزان سبب) وحوله واد عظيم وقرى صغيرة. و (اليمامة) وهي أشهر من أن تذكر. ومنها زرقاء اليمامة. و (رميثة) (مصغرة) ونعاج (وزان سحاب) والسيح (بفتح وسكون) وما عدا هذه القرى مدن وبلاد أخرى لا تحضرني أسماؤها. 4 - الحوطة الحوطة ويقال لها أيضاً (حوطة بني تميم) وهي مساكن هؤلاء الأعراب في عهدنا هذا ولا يدخلها أو يأوي إليها إلا من ينتسب إلى هؤلاء الأقوام وهي بلاد كبيرة ولها نخيل وبساتين جمة. وأهلها في غاية البسالة والشجاعة والعدد والعدد والصبر والجلد والتصلب في الدين الحنيفي. ولم ينقل عن أحد أنهم خضعوا لكلمة حاكم رأوا فيه ما يخالف الشرع المحمدي. وتمرها من أحسن تمور نجد وكذلك فواكهها. وعليها حصون متينة، وقلاع مكينة، وبناؤها متقن غاية الإتقان. 5 - الحريق بلد واسع كثير القرى والضيع وفيه بساتين ونخل كثير. وفي الزمن السابق كانت الحوطة قصبتها. وفي ذلك العهد الذي نشير إليه كانت الحوطة تنافس الرياض وتجاريها في ميدان الحضارة والعمران إلا أن نطاق أرضها الخصبة ضيق لوقوعها بين صحراوين كبيرتين إحداهما الدهناء الواقعة في جنوبيها ولهذا لم تستطع أن تزاحم

أختها في كثرة السكان ومحاسن العمران. 6 - نعام هو على مثل الحريق من ازدحام القرى الصغيرة حواليها وتشابك البساتين في أراضيها وكثرة النخيل الذي يكثر في ضواحيها وبواديها. وفي أصحابها تصلب في الدين، وتعلق بأهداب الحق اليقين. 7 - الافلاج هي أول بلد من بلدان الدواسر. والدواسر قبيلة ضخمة ترجع في نسبها إلى وائل - ولها قرى عديدة منها: ليلى (بفتح اللامين وإسكان الياء الثانية) وهي مكان مشهور قديم. أما ماء قديم للعرب - والبدع (بكسر الأول) من مياههم القديمة في سابق العهد إلى هذا اليوم. - والأحيمر والبعض يسميه الأحمر وهو موقف أشبه شيء بالتل وحوله مياه عذبة. - والهدار (وزان شداد) وهو واد عليه بلد عامر. وهذه كلها بلاد آهلة بالسكان وفيها كثير من المياه العذبة القريبة الماء. وفيها بساتين جليلة ونخيل عديدة وأشجار متنوعة ومزارع واسعة. 8 - الدواسر ويقال بلاد الدواسر أو قرى الدواسر والمشهور وادي الدواسر. وقد عرفت من هم الدواسر. والمراد بوادي الدواسر هنا قرى متتالية تبلغ العشرين كلها واقعة على هذا الوادي العجيب الخصيب العظيم الرحيب واغلب سكانها من عشيرة الدواسر المشهورة العديدة وهي أضخم عمارة في ديار نجد وأهم مساكنهم فيها. وأول وادي الدواسر السليل (تصغير سليل) وقراه كثيرة منها اللدام والحنابج وغيرهما. - ووادي الدواسر هذا هو آخر بلاد من جهة الجنوب. والمعمور من نجد من جوف آل عمر إلى وادي الدواسر مسيرة خمسة عشر يوماً من جهة الشمال إلى الجنوب. وأما من جهة الشرق إلى الغرب فالمعمور منه مسافة ستة أيام. هذا هو المعمور المأهول وأما مساكن أهل البادية من العشائر والقبائل والعمائر فيبلغ طولاً مقدار شهر وعرضا نحو ذلك. فتدبر. 9 - أودية نجد وعقابها ورمالها أودية نجد كثيرة والكبار منها غير قليلة منها: وادي حنيفة، ووادي الدواسر، ووادي القصيم المعروف أيضاً باسم وادي الرمة، ووادي سدير وغيرها. - وفي نجد عقاب صعاب شداد كقيرة لا تحصى - والدهناء هي الرمال الحاجزة دون نجد من الجنوب، وهي أشهر من أن تذكر.

10 - البلاد الشرقية الراجعة إلى هذه الإمارة إن استقراء النواحي الشرقية مثل الاحساء وقطر وغيرهما يطول ولهذا نحيل القراء على كتابنا الذي صنفناه حديثا وأسمه تحفة الالباء في تاريخ الاحساء) وهو كتاب يبحث عن تاريخ الاحساء والبحرين والقطيف وقطر في 92 صفحة بقطع الثمن الصغير. 11 - البلاد الشمالية أما البلاد الشمالية فهي بلاد القصيم وهي عبارة عن إمارتين جليلتين يأتي البحث عن كل واحد منهما في محلها مع ذكر أمرائها على ما فعلنا في هذا الفصل. 12 - البلاد الجنوبية البلاد الجنوبية من هذه الإمارة هي البلاد المعروفة ببلاد عسير من قبائل حمير وغيرها. وسيأتي عنها الكلام في فصل خاص بها. 13 - إدارة هذه الإمارة تختلف إدارة هذه الإمارة عما نعرفه من إدارة الولايات الحديثة فهي لا تشبه إدارة ولايات العراق. مثلاً وليس هي على الحالة البدوية في أحوالها بل هي إدارة شرعية أي أن كل ما يجري فيها يتم على وجه موافق للشرع الشريف وأوامره ونواهيه ثم تختلف هذه الإدارة الشرعية باختلاف الناس الذين تناسبهم فأجراؤها على البدو أي الأعراب والقبائل الرحالة يكون على غير السنن المألوف بين الحضر الذين يسكنون المدن والقرى. ولهذا يحسن بنا أن نقسم هذا البحث إلى موضوعين: الموضوع الأول يكون في الإدارة الحضرية والثاني في الإدارة البدوية وهانحن نذكر شيئاً نزراً عن كل منهما ليتصورهما القارئ بصورتهما أو ببعض صورتها فنقول: 14 - إدارة الأقوام المتحضرة لما كانت الأحكام الشرعية سهلة الجري على قطان البلاد لانحصارهم فيها ترى أن جميع المعاملات جارية في وجهها بدون مانع. ففي كل بلد ترى قاضياً عارفاً بالأمور الشرعية وأميراً يمثل السلطة العادلة في البلاد. أما القاضي فيستعان به للفصل في القضايا على اختلاف أنواعها. وأما الحاكم أو الأمير أو العادل فيستعان به لإنفاذ حكم القاضي في أي قضية كانت؛ فلو فرضنا إن قضية وقعت فأول ما يذهب بها إلى الحاكم. وهذا يدفعها رأساً إلى القاضي ويعين لها رجالاً لكي ينفذوا ما يقضي به هذا الرجل. فإذا برز الحكم ذهب الرجال المذكورين في الحال وحققوا ما بته من الأمر. هذا ما يجري في الأمور المختصة بأنواع

المعاملات من جزائية أو حقوقية أو شرعية. أما المسائل التي تتعلق بالسياسة فليس للقاضي فيها دخل بل هي راجعة إلى الحاكم أو العامل فقط. ولهذا الحاكم شبه مجلس إدارة يشاور أعضاؤه في بعض الأمور وله الخيار بعد ذلك في أتباع ما يشيرون به عليه أو لا. ومما يتعلق أمره بالقاضي كل ما من شأنه إصلاح حال الناس فيدخل في هذا الباب مسائل الديون والقسمة والإرث والمعاملات التجارية وشؤون الفلاحة والمبايعات على اختلاف أنواعها وما أشبه هذه من قيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وملاحظات الواجبات الدينية وغيرها. وليس للحاكم أو لمن يقوم مقامه خرق شيء يأمر به القاضي أو يجزم به مما تقدم ذكره ولا يحق له أن يعارضه في شيء ما. وأما الأمور الراجعة إلى الحاكم أو العامل فهي الأمور السياسية كحفظ البلاد وصيانة حقوق الإمارة سياسةً وإدارة فهو من الجهة الأولى منفذ للأحكام الشرعية ومن الجهة الأخرى محافظ على حقوق الحاكمية ويتعلق به جباية الأموال وتجنيد الجنود ونشر جناح الأمن وإصلاح ذات البين بين قبيلة وقبيلة ومحافظة القوافل ونحو ذلك. - أما أعضاء المجلس فهم عبارة عن كبار البلد وأعيانها يستعين بهم وبأقوالهم عند جباية الأموال وجمع الزكاة والعشر وتوزيع الضرائب واتخاذ الأسلحة إلى غيرها وذلك إذا مست الحاجة إلى هذه الأمور. 15 - إدارة أقوام البادية لما كانت أحوال أهل البادية لا تشبه أحوال المتحضرين في أمور كثيرة ينتج أن شرائعهم تختلف عن شرائع أهل المدن. ولهذا تراهم يرجعون في شؤونهم إلى مصطلحات وسنن وعوائد ترتقي فيهم إلى قرون عديدة واغلة في القدم. ومن جملتها (العارفة). والعارفة هو بمنزلة القاضي في المدن. فإذا احتاجوا إلى حسم مسألة ترافعوا إليه وحكموه فيها. - وأحكام العارفة غير منوطة بقانون ولا مربوطة برباط شرعي معروف بل هي عبارة عن طائفة من الأمور قد تواطئوا على تقريرها على وجهٍ يرضى المتخاصمين على ما أنتجه الزمان ومقتضيات الأحوال.

وما عدا العارفة يوجد قاضٍ شرعي دائم المقام بينهم من شانه إنه إذا أراد المتخاصمان رفع الدعوى إليه وارتضياه ذهبا إليه؛ إلا أن الأحكام إذا فصلت فصلاً باتاً على يد أحد هذين الاثنين (أي على يد العارفة أو على يد القاضي) لم يجز أو لم يحق بعد ذلك لأحد المتخاصمين أن يستأنف الدعوى عند الآخر الذي لم يذهب إليه. اللهم إلا إذ ظهر ظهور الشمس في رائعة النهار أن الحاكم أو العارفة قضى بما قضى لغرض أو ميل كان في نفسه فحكم بما يرجع إلى خير الخصمين فحينئذٍ يسوغ لأحد المتنازعين استئناف الحكم عند من لم يستفضه في أول الأمر. وإذا أبى أحدهما إلا الاستئناف فإن كان أنتظر في دعواهما راجعاً إلى العارفة فيسوغ له ذلك ولكن بشرط أن ترى تلك الدعوى عند عارفة أو قاضي قبيلة أخرى غير القبيلة التي تخاصما عند عارفتها أو قاضيها. وهذا كله لا يقع إلا نادراً لأن الشروط المفروضة على المتخاصمين ثقيلة الوطأة عليهما كأداء خسر لحاكم أو لعارف تلك القبيلة الثانية وتجشم نفقات يؤديها المغلوب للغالب وغير ذلك مما يثبط عزم الخصمين عن الترافع إلى عارفة أو قاضي قبيلة أخرى. أما ما يتعلق بالأمور الدينية وقسمة التركة فمرجعها إلى القاضي بدون ريب. ومما يجب أن يعلم هو أن للحاكم أو للقاضي من هو أعلى منه بمنزلة أو مقاماً وهو شيخ القبيلة وفوق الشيخ الأمير أو الإمام بموجب خطورة الأحكام. ولا بد أن يكون العارفة من بيت قديم معروف بهذا الشان كما أن الشيخ لا يكون شيخاً إلا من بيت عرف بقدم الإمارة أو الشيخة. وهناك أمر آخر وهو أن القبيلة البدوية إذا جاورت مدينة من المدن جرى عليها أحكام المدن. فإذا ظعنت سقطت عنها الأحكام. وهناك تفاصيل أخرى يطول شرحها تتعلق بالعارفة ربما عدنا إليها في فرصة أخرى. 16 - العاصمة والأحكام الجارية فيها. وقبل أن نمسح القلم من مداد هذا البحث يحسن بنا أن نختم هذا الفصل بما يتعلق بشؤون الإمارة بعد نشوئها وبما يناط بها. - فاعلم قبل كل شيء إن للولاية الواحدة عدة نواحٍ والنواحي مربوطة بالأقضية والاقضية بالمتصرفيات

وهذه بالولاية. فيكون لكل عالٍ حق إشراف على من دونه. ولكل من كان في منزلةٍ دنيا إتباع من هو أعلى منه. أما في هذه الإمارة فكل جزء من أجزائها كبيراً كان أو صغيراً (أي أن كل مثل الناحية أو مثل المتصرفية) فمربوط بقاعدة الإمارة رأساً وليس لأحد على أحد أمر أو نهي. بل ترى جميعهم مربوطين برباط واحد يساويهم في القدر والمنزلة ويعلقهم بالإمارة على سبيل التكافل والتضامن فيراجع رئيس كل قرية أو مدينة عاصمة الإمارة بدون أن يراجع أحداً بمنزلة وسيلة أو ذريعة لإصلاح أموره وشؤونه عند الأمير الكبير. هذا من جهة المصالح المعروفة بالمدنية أو الملكية. وأما ما يتعلق بالأمور السياسية فهذا شيء آخر ولا يحتاج إلى إدارة خاصة. لأنها وإن تنوعت فهي لا تبعد عن أمر واحد هو الغزو لا غير. فمتى أراد الحاكم أن يغزو استنفر قومه وإذا استنفرهم نفر معه الكبير والصغير، اللهم إلا ذاك الكبير العاجز، أو ذاك الصغير الضعيف، أو من كان ذا أشغال مهمة إذا تركها تضرر ضرراً عظيماً وكذلك يترك من يعنى بالفلاحة أو الزراعة. وإذا كان في البيت الواحد أخوان يذهب أحدهما ويبقى الثاني وكذلك قل عن أبني العم أو أبني الخال فإن أحدهما ينفر للقتال والآخر يبقى عوناً لأهل البيت. والأمير في أبان الحرب لا يقوم بشيء من المؤن والذخائر الحربية لأن كل من يخرج للغزاة مكلف بأعباء نفسه من اتخاذ الأسلحة اللازمة والمتاع وكل ما يضمن له القتال مدة من الزمن. فإذا طالت المدة فالحاكم يجدد له الخيل والركاب والأسلحة إذا تلف منها شيء. وهو يمدهم بالأطعمة وبكل ما يحتاجون إليه من نفقات اليوم أو مما لا بد منه. واعتماداً على هذا المبدأ تراهم يستعدون للقتال أو الغزو في هنيهة من الزمن كاملي العدة شاكي السلاح مهيأي الكراع أما عشائر البادية فهي على هذا المثال من امتثال أوامر الأمير فإنه يكتب إلى شيوخها كتاباً ويعين لها موضعاً تجتمع فيه في يوم يضربه لهم فإذا حانت الساعة وجدها في انتظاره في الموطن المعين. هذا ما يجري في هذه الإمارة من الاستعداد للحرب والغزو وهو ما كان يجري في سابق العصور الخالية فلم تغيره الأيام ولا كرور الأعوام لأنهم وجدوا

هذه الطريقة من احسن الطرائق في تلك الأصقاع وأوفقها لحالة القوام الموجودين فيها كيفما اعتبرت تلك الحالة وعلى أي وجه كان. 17 - الديانة والاعتقاد ديانة أهل هذه الإمارة الإسلام الصرف ولا يعرف هناك من يدين بغير هذا الدين الحنيف. فمعتقدهم إذا من احسن المعتقدات إذ هو الاعتقاد الصحيح القويم الذي لم يدخله باطل ولم يمازجه هوى أو بدعة. - وقد أكثر بعض خصومهم من التقول عليهم وشنعوا المذهب الوهابي أو الوهابية وذموا محمد بن عبد الوهاب أسوأ ذم حتى أن الجاهل يظن إن الوهابية اعتقاد حديث العهد هو غير الاعتقاد الذي عليه أهل السنة والجماعة أو هي مذهب خارج عن أحد المذاهب الأربعة المشهورة. والحال إن هذه كلها ظنون وأوهام رماهم بها خصومهم ليعدلوا بالناس عنهم في حين كانت العدوة السعودية عظيمة وبعبارة أخرى كان الأعداء يفعلون ذلك في العهد البائد عهد الاستبداد والطغيان حينما كان أولئك الرجال الخصوم يخشون من وجود مزاحم لهم يشاطرهم الألقاب الإسلامية؛ وليس غايتهم أبداً الطعن بمذهب الوهابية. هذا ما يشم من الأقاويل والأكاذيب التي لفقها بعض المؤلفين الذين استعبدتهم الغايات واستغوتهم الأطماع واستمالتهم الأهواء فمالت بهم إلى مهب كل هواء ومدب كل هوى. وإلا فالوهابية أو مذهب أهالي نجد هو مذهب قديم إذ ليس هو إلا مذهب الإمام أحمد بن حنبل (رضه) فهو هو المذهب الذي عليه أهل نجد كلهم قاطبة مع بعض المسائل التي أوردها لهم الشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم. فهم إذا موحدون حنبليو المذهب، تابعون للسنة والجماعة وهم لا يميلون أبداً إلى البدع والخرافات، ولذلك تراهم لا يسلمون بعبادة القبور ولا الإكثار من زيارتها للتبرك بها ولا يطلبون منها قضاء الحاجات لا لدفع ضر ولا لجلب خير، ولا يقيمون عليها الأبنية ولا ولا ولا من مثل هذه الأمور التي صدت كثيرين من المسلمين عن إتباع الحق المبين، ونكبت بهم عن الصراط المستقيم فأضعفت إرادتهم للخير وقوت فيهم الاتكال على الأوهام والتخيلات التي تدفعهم إلى أن يظنوا إنها تنفع وتضر بينما أن النافع هو الله والسامح بالضرر هو تعالى أيضاً وأن ما ينفقه أولئك الناس في سبيل تشييد الأبنية على القبور وما ضارعها هي الضرر وخسارة في المال والروح والاعتقاد. فالوهابيون يعملون بما هو مسنون ومستحب بلا مبالغة ولا خروج عن الحد

الأدب خير نسب

والمطلب. يوحدون الله وإليه يلجئون في النوائب والنوازل، ومنه يرجون كل خير ويطلبون كل صلاح، وبه يستعيذون ويستجيرون وإياه يسبحون ويقدسون، وهم لا يشركون أحداً مع الله في العبادة والتوحيد والاستعاذة والاستعانة. - هذا وكتبهم مشحونة بمثل هذه الأقوال الصحيحة ولا سيما مؤلفات الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله، فإنها كلها مؤيدة بالأدلة القرآنية، والأحاديث النبوية الصحيحة فمن شاء مزيد تفصيل وإطلاع على هذا المذهب وأصوله وتعاليمه فعليه بكتاب التوحيد، وكشف الشبهات، والكبائر، والأصول، من تأليف الشيخ المذكور؛ فقد جمع فيها ما يغنى عن الإطالة في هذا البحث في هذه المجلة الضيقة النطاق. 18 - العادات والأخلاق أما عادات أهالي هذه البلاد فقد يستغني المطالع عن الوقوف على تفاصيلها إذا علم أن عرب تلك الأنحاء هم العرب الأقدمون الصرف البحث المحض الذين لم يشب نسبهم شائبة، ولم يخالطهم أجنبي الدم أو الدار، ولذا تراهم باقين على عروقهم الطيبة، ومنابتهم القويمة فأخلاقهم أخلاق العرب الأولين من شجاعة وبسالة، من أقدام واقتحام، من جود وكرم، من وفاء وإباء، من صدق وشرف. إلى غيرها من الأوصاف والمناقب الموجودة فيهم التي إن لم تزد فيهم مع الزمان فإنها لم تنقص أبداً، فبلادهم هي البلاد التي تغنى بها الشعراء وأقوامها أولئك الأقوام الذين نبغوا بين مشاهير الرجال الكرام. وكفاهم شرفاً أن الله أمتدحهم بأنهم (أولو قوة وألو باس شديد). وبهذا القدر لهذا البحث كفاية للقنوع، وفي الختام، السلام سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض الأدب خير نسب كن سيداً بالأدب ... ما بين أهل الحسب فخير أم هو لل ... مرء وهو خير أب وهو لنيل المجد وال ... علياء لأقوى سبب وهو لدى الفخر سرا ... ج ضاء فوق الشهب رتبته سامية ... تعلو جميع الرتب

أربع أسر بلا أثر

والشعر لازمه فهو ... تاج لرأس الأدب وذو الغنى في الناس ذو الآ ... داب لا ذو الذهب فالمال تفنى كنزه ... في الدهر أيدي النوب وكنز آدابك لا ... يفنيه مر الحقب تحفظه الأيام ما ... تعاقبت في الكتب فكن له منتسباً ... فهو لخير النسب إبراهيم منيب الباجه جي أربع أسر بلا أثر (لغة العرب) ننشر فصلاً آخر من كتاب الابيل الفاضل نرسيس صائغيان عن أسر بغداد النصرانية. وبهذه المناسبة نطلب إلى الشرقيين والمستشرقين من له وقوف على بيوت بغداد (القديمة النصرانية) أن يدلنا عليها وعلى أسمائها سواء ورد ذكرها في نصوص الكتب التاريخية أو في حواشيها أو في بواطن جلود بعض المؤلفات التي كانت في حوزة البغداديين مما انتقل بالشراء الشرعي إلى ديار الإفرنج أو مصر أو الشام. والكاتب يشكر من الآن كل من يتكرم عليه بأي إفادة كانت في هذا الباب). من البيوت البائدة التي لا بقية لها اليوم في بغداد وصارت في خبر كان أربع أسر متنوعة الطائفة غريبة المنبت والمنشأ وهي منوطة بعضها ببعض ولا نياط حلقات السلسلة، وإليها تنتسب أسر عديدة لم تزل موجودة عندنا. ولكن من عجب الأمر أن ذكر الأسرتين الأوليين منها قد كاد يمحي كل الإمحاء بعكس الأسرتين الأخيرتين فإن ذكرهما لم يزل حيا بين ظهرينا غير أن لا بد من تمهيد وجيز قبل أن نأتي على أسماء هذه الأسر وعليه نقول: الحلبيون في بغداد قبل أن يصل فردينان دي لسيس الفرنسي 1805 - 1894) البحر المتوسط ببحر القلزم بفتحة ترعة سويس كانت حلب من أعظم

وأشهر مدن الشرق تجارة وثروة حتى كان يقال لها (تدمر الحديثة) ولو أنها كانت قد فقدت قبل هذا التاريخ بسنين عديدة شيئاً من عظمتها التجارية وأرباحها الطائلة وذلك بعد أن أجتاز البحار الشهير فاسكودي غلما البرتوغالي رأس الرجاء الصالح سنة 1498 واختط طريقاً جديدة إلى الهند. ومع هذا كله ظلت الشهباء حتى نحو فتح الترعة زاهية زاهرة واسعة التجارة كثيرة المواصلات والعلائق مع بلاد وأقطار شتى وخاصة مع العراق لخطورة مركز تجاريه موقعه فضلاً عن أن بريد شركات الهند الأوربية كان يأتي تواً من حلب إلى بغداد ومنها كان يتوجه إلى البصرة ومن البصرة إلى سورات في الهند. وقد زادت هذه العلائق توثقاً بين حلب والعراق وتحسنت كثيراً بعد سنة 1702 أي بعد أن أخت الزوراء تدخل في طور جديد عند تأسيس باشوية بغداد الواسعة الأرجاء تسليم زمام أمورها إلى أيدي ولاة همام ساد الأم في أيامهم داخلا وخارجا وعمت الراحة واتسع نطاق التجارة وعليه أخذ كثيرون من نصارى حلب يتواردون إلى بغداد والبصرة للتجارة والارتزاق وللهرب من الاضطهادات ومن الزلازل التي كانت تحل بالشهباء من وقت إلى آخر وتبقي الرعب في قلوب سكانها. ومن هؤلاء النصارى من كان يعود إلى وطنه بعد مكثه مدة في بغداد ومنهم من كان يستوطنها ويتأهل فيها. ولم يبق اليوم في بغداد والبصرة من هذه الأسر المستوطنة التي لا ريب في أصلها الحلبي سوى عشر أسر وسيأتي ذكر كل منها في محلها. وأما الأسر التي قد انقرضت من عندنا فكثيرة توصلت إلى معرفة البعض منها وفي مقدمتها الأسرة الآتي ذكرها: وهي أسرة يوسف الحلبي المدعو تنتجي من طائفة الملكيين ولعله من العشيرة المعروفة بهذا الاسم إلى يومنا هذا في حلب وكان اسم امرأته دونيا والأرجح أنها أرمنية كاثوليكية من همذان أو من ديار بكر وأما أولاده فكانوا: مريم التي تزوجها إبراهيم بن عبد الله الطويل السرياني سنة 1734 أو سنة 1735 وتوفيت في 28 كانون 2 سنة 1748 ومرتا التي توفيت في 22 أيار سنة 1750 وهيلاني التي تعمدت في 4 حزيران سنة 1734 وعبد الله الذي تعمد في 7 حزيران سنة 1735 وأما

باقي الحلبيين الذين نعرف أسمائهم فهم: بشارة السرياني الذي خطبت له قدسي الموصلية الكلدانية في الأحد الأول من صوم سنة 1735 ومرتا الإمرأة الأولى ليوسف بن عبد العزيز الكلداني وقد توفيت في 29 تموز سنة 1748 وتريزيا ابنة الشماس ميخائيل التي تزوجها يوسف المذكور في 25 تشرين 1 سنة 1750 وسارة أرملة مراد التي توفيت في 28 حزيران سنة 1751 وافيديس (بشاره) الذي ورد ذكره في 13 شباط سنة 1762 وسوسان امرأة إسحاق الامدي التي ورد ذكرها في 21 تشرين 2 سنة 1767 وأيضاً: جرجس التاجر الذي توفى في 16 كانون 2 سنة 1756 والمقدسي بطرس ابن الخوري ميخائيل الذي توفى في 20 أيار سنة 1757 ويوسف بركات الذي توفى في 20 أيلول سنة 1758 وفي 20 شباط سنة 1756 كان قد توفى خادمه الحلبي عيسى بن يعقوب وموسى بن باتيستا الذي توفى في 20 كانون 2 سنة 1762 وفي 20 نيسان سنة 1812 يذكر عيسى السرياني وامرأته حنة ابنة كسبر الامدية التي توفيت بالزحار (الدوسنطاريا) في 14 تشرين 2 سنة 1815 في محل يقال له كفري أو الصلاحية من ولاية بغداد حيث دفن فيه وكان ذلك عند عودته من الأستانة إلى بغداد وعمره نحو 22 سنة وحنا بن عيسى السرياني الذي توفى في 5 أيلول سنة 1817 وعمره نحو 20 سنة وأيضاً: نعمة الله التابع لطقس اللاتين الذي تزوج بتريزيا الكلدانية أرملة ليوني البندقي في 24 حزيران سنة 1805 وفتح الله ابن الخوري شدياق الذي أقترن بماريا تريزيا ابنة انطون تنيوتي الطبيب الايتالي في 11 شباط سنة 1833 ولويز واسطيفان شدياق اللذان كانا في بغداد يتعاطيان التجارة وهناك أسر أخرى حلبية الأصل قد انقرضت أو على وشك الانقراض سأذكرها في فرصة أخرى. 1 - أسرة حنا الحلبي وهو حنا بن عيسى الطوراني واسم أمه تريزيا من طائفة السريان ومن الظاهر إنه كان تاجراً وقد قدم بغداد في أواخر الربع الأول من القرن الثامن عشر. ولما أراد أن يقترن بصوفيا ابنة جبران البغدادي أبيح له بالتأهل من مانع القرابة الموجودة بينهما في الدرجة الثالثة وذلك في 22 نيسان سنة 1730 لأنا نجهل تاريخ زواجهما وهذه القرابة بين الحلبي والبغدادية من الأمور المحيرة التي تدفعنا إلى أن نرى فيها آراء ونتساءل: هل عن أجداد حنا كانوا قبلاً في بغداد أو هل إن أصل بيت

جبران الكلداني من حلب أو. . . أو. . . والله اعلم الذي من على حنا وامرأته صوفيا بالأولاد الآتي ذكرهم تريزيا التي توفيت في 17 كانون سنة 1815 انطون الذي توفى في 27 آب سن 1765 بريجيتا التي توفيت في 8 تشرين 2 سنة 1780 وسيأتي ذكرها مرة أخرى مرغريتا التي اعتمدت في 9 حزيران سنة 1743 يوسف الذي أعتمد في 28 آب سنة 1745 انسطاسيا التي اعتمدت في 28 أيلول سنة 1747 وهي امرأة بطرس بن عبد الأحد بشارة السرياني وقد انقرضت أسرته من عندنا عيسى مريماللذان اعتمدا في 1 تموز سنة 1751 سيدي التي ولدت في 23 حزيران سنة 1753 وهي امرأة عيسى بن شماس كوركيس غنيمة الكلداني البغدادي غير أن هذا الفرع من بيت غنيمة قد انقرض. جبرائيل الذي ولد في 7 كانون سنة 1757 وكان لحنا أخ اسمه عبد الله وأختان وهما مجدلية (مدولة) وهييلاني التي كان قد تزوجها كوركيس بن عبد العزيز الكلداني البغدادي وهو أرومة عشيرة كبيرة عندنا كبيت يسائي وبيت تيسي وغيرهما. ومجدلية كانت تسكن مع أختها المذكورة وكان في بيت حنا جارية اسمها مرتا. وتوفى حنا في 15 آب سنة 1770 وأما امرأته صوفيا فتوفاها الله في 7 آب سنة 1796 2 - أسره ميخائيل راجي وهذا أيضاً حلبي أخر وهو ميخائيل بن جبرائيل راجي الماروني وكانت مهنته الطب ولعله كان يزاول التجارة أيضاً كعادة بعض أطباء ذلك الوقت وقد قدم بغداد

في أوائل النصف الثاني من القرن الثامن عشر واقترن ببريجيتا ابنة حنا الحلبي السابق ذكرها في 4 أيار سنة 1761 واحد الشهود بزواجه كان آكوب جان مقصود الحلبي ونراه أيضاً أشبينا (أو قريبا) في عمادات جميع أولاده ويذكر لأخر مرة في 26 آذار سنة 1780. ويبين إنه أتى بغداد في وقت واحد مع ميخائيل وربما كان يسكن معه أو كان شريكه في التجارة: ولم آت بهذه التفاصيل إلا لأن اسم الجد الأكبر لآل سركيس الكرام الأرمن الكاثوليك المنتشرين اليوم في بغداد والبصرة وباريس كان أيضاً آكوب جان مقصود من حلب ولو أن المؤكد عندنا أن حفيديه هما اللذان قدما بغداد وكان قدومهما إليها في أوائل القرن التاسع عشر ومنهما تسلسل بيت سركيس ولهذا ليس في وسعنا أن نجزم بوحدة الأكوبين ولو أنهما شخص واحد على الأرجح وحينئذٍ يجب أن نفرض أن آكوب جان رفيق ميخائيل راجي عاد إلى وطنه حلب وتأهل هناك والله اعلم. وأما ميخائيل فتوفى في بغداد سنة 1819 وأعقب الأولاد الآتي ذكرهم: جرجس الذي ولد في 11 أيلول سنة 1762 يوسف الذي اعتمد في 12 كانون 2 سنة 1764 هيلاني التي اعتمدت في 11 أيلول سنة 1766 كترينة وسيأتي ذكرها مرة أخرى حنا الذي اعتمد في 23 كانون 2 سنة 1775 كلارة انسطاسيا التي اعتمدت في 20 كانون 2 سنة 1777 وهي المعروفة والمشهورة في بغداد باسم (جدة قبرة) ولا يعرف أحد أسمها الحقيقي بل كما لا يعرف البغداديون ابنة من كانت وقد تزوجها أولاً رجل كلداني أسمه يوسف وبعد وفاته تأهل بها يوسف عبد الله نمنومي وهو أخو جرجي السرياني البغدادي في 5 آذار سنة 1815 وتوفيت بشيخوخة صالحة في 31 تموز سنة 1871.

السائح الغربي في العراق العربي

السائح الغربي في العراق العربي 1 - توطئة كنا قد كتبنا في لغة العرب 2: 231 نبذة يسيرة عن أفكار الغربيين في العراق وعاداتهم واليوم نكتب هذه العجالة عن حالة السائح الغربي في العراق وأفكار العراقيين نحوه وعن السبب الذي يعرقل مساعيه ويضع أمامه العقبات الكؤودة فيتركه ينقم من العراقيين ويرميهم بالتوحش والهمجية وغير ذلك مما هم براء منه فنقول: 2 - بسط الموضوع علم الناس من القديم أن لكل قوم من الأقوام أخلاقاً وعادات تخالف الأقوام المجاورين لهم بل قل تخالف أهل كل قطر وبلدة وقرية وحارة وإذا سمع فرد من الأفراد شيئاً عن عادات غير قومه أو شاهد أخلاقهم استغربها واستهجنها بل رمى أولئك القوم بالتوحش وسخافة الرأي وكذلك قل عنهم في قومه. والكل يزعم أن أخلاقه احسن الأخلاق وعاداته احسن العادات وآدابه احسن الآداب. من ذلك أن البدو وأهل القرى ينكرون على أهل المدن المراحيض ويعدون وضعها من أقبح ما يكون وإذا جادلتهم فيها يقولون لك إنا نستنشق الهواء الغربي الهاب من صدر الفضاء

وفي معاطفه وما فيها خير من أن تضر بصحتنا الروائح الكريهة المارة علينا دائماً وغير ذلك مما يطول شرحه. يقصد السائح الغربي الشرق عموماً والعراق خصوصاً لأجل التجول فيه والوقوف على آثاره الخالدة ومشاهدة ما شيد فيه الأقدمون من الأبنية السامية والقصور الفخمة فيؤلف في ذلك كتاباً مزيناً بالرسوم والصور المنقولة بآلة التصوير الشمسي ومحتوياً على جميع ما شاهده وسمعه من غريب الحكايات واصفاً الآثار الدوارس والصلول الشواخص ومسحها وذكر أسمائها القديمة والحديثة وما كانت في سالف الزمن وترجمة ما يجده مكتوباً في صخورها. وذكر المياه القريبة منها والبعيدة عنها. ووصف الطرق الهادية إليها والعلامات البعيدة عنها والقريبة منها وذكر الأعراب النازلين حولها والنازحين عنها وأنسابهم ورؤسائهم وآدابهم ومعاشرتهم ومهنهم وما يجري مجراها. وما قصده من هذا كله إلا خدمة أبناء قومه الذين كانوا سبباً لرقيه ويكون أيضاً قد أغنى بكتابه المذكور عن السياحة الفقير الذي ليس لديه مال يقوم بنفقاتها وكسب شهرة تخوله المنزلة العليا بين أقرانه. وخلد له أثراً يذكره الناس فيه ما دام باقياً. 3 - ظن العراقي لما كانت السياحة على الطريقة العلمية محتاجة إلى بحث وتنقيب وسؤال وجواب واستفهام وتدقيق. يسأل السائح الغربي الأعرابي من العراقيين عن ذلك التل مثلا ما أسمه عندهم. أو هذه البيوت من أي عشيرة أهلها ومن يرأسها. أو ما اسم هذه الأرض أو غير ذلك مما يتعلق بالسياحة فيسكت المسؤول ولا يجيبه بشيء أو يقول له أني جاهل جميع ما ذكرت أو يجيبه بخلاف الواقع. ثم يذهب ذلك الأعرابي إلى أصحابه ويقول لهم إن ذلك الإفرنجي أو الإنكريزي ينشد عن ذاك التل شسمه (أي ما أسمه) مدري شيريد منه (أي ما أدري ما الذي يريد منه) فيجيبه الآخر (أنت شمدريك هذا كي جدوده شوف لو بيه خزينة لو شو شكو بيه) معناه أنت لا تعرف شيئاً. فهذا ملك جدوده أفتكر فأما فيه كنز وأما فيه شيء آخر. ثم يقول

الأعرابي: (وزاد ينشد عن هذه العرب مدري شيريد منها) معناه. وهو يسأل أيضاً عن هذه البيوت لا أدري أي شيء يريد منها. فيجيبه الآخر: (هذا يريد يعرف شكثرها حتى يجيب ربعه ويأخذها) معناه هذا يريد أن يعرف عددها فيأتي بأصحابه وينهبها. ثم يقول الأعرابي: زاد ينشد على اسم هذي القاع (ويلفظون القاف كافاً فارسية) فيجيبه الأول: ما قلت لك هذي قاعهم وجاي متعني عليها مناك (أي جاء قاصداً إياها من هناك أي من بلاده). ثم يأخذ الجميع بسبب ذلك السائح الغربي وإضمار السوء له وقد يحققون ما اضمروا إن لم يكن لهم من يردعهم وقد شاهدت مثل هذه الأفكار في جماعة من المنورين منهم. 4 - ذكر بعض عوائد الأعراب عرف العموم أعراب العراق وما هم عليه من السخاء وعزة النف والآباء وحمى الجار والذمار والنجدة والشجاعة. وما كنت أعرف السبب الذي يحمل الغربي على أن ينقم من العراقي ويرميه بالتوحش والهمجية حتى سافرت مع عدة رجال من فضلائهم وحينئذ أميط عني الحجاب المرسل على تلك الحقيقة الغامضة. ووقفت على السر الذي خفي على كثير من أدباء الغرب والشرق. من عادات أعراب العراق إنهم يضيفون كل من ينزل بجوارهم وإنهم يقبلون كل ضيف مهما كان مذهبه ونحلته. ويعدون أكبر عار عليهم إذا دعوا أحداً إلى طعامهم ولم يجبهم إليه وكم مرة نشبت الحرب فيما بينهم من أجل فنجان قهوة يعطى لأحد

جلساء النادي (وهم يسمون النادي المضيف أو الديوان أو الربعة) فلم يشربه فيقتله

صاحب الديوان أو يبارزه لكونه أخل بشرفه لأنه لم يشرب فنجانه. فتضرم نار الحرب بين القبيلتين أو القبائل ولا تنطفئ إلا بعد قتل النفوس الكثيرة من الطرفين لأنهم يعدون الذي لا يشرب فنجانه مغموراً في عرضه. ومن عاداتهم إنهم يحتقرون الحضر أهل المدن ويصفونهم بالجبن والبخل فيقولون إذا أرادوا أن يعبروا عن أحدهم بالذم: (هذا شنهو حضري غلاك بابه اجال الطمامة أبو يمه بوليني) معناه من هذا؟ هذا حضري يغلق باب داره دائماً حذراً من أن ياتيه ضيف وخوفاً من السرق وهو يأكل دائما الطماطة (البندوري أو الطماطم) والجبنة إذا أراد أن يبول في الليل ينادي أمه لتذهب معه طرداً لما يمكن أن يسبب له الخوف. وكذلك قل عن أهل المدن فيما بينهم فإن الذي لا ينتسب إلى قبيلة من قبائل الأعراب هو محتقر عندهم أيضاً بخلاف المنتسب إلى قبيلة فإنهم يجلونه ويصغون إلى كلامه. ومن عادات أعراب العرق أن الرئيس أو الشيخ منهم يعد نفسه في محلة أكبر من سلاطين الدنيا بأسرهم وكثيراً ما يعقدون بينهم مجالس يتهكمون فيها على قوانين الحكومات لزعمهم أن الحكم للسيف لا غير وقد ضربوا لذلك مثلا قالوا: (الحق بالسيف والعاجز يريد شهود). ومن عاداتهم أن الأدنى لا يجلس في محل الأعلى ولا يعلوه وإذا وقع مثل ذلك يعد الأعلى هذا العمل احتقاراً له وازدراء به. ومن عاداتهم الاستياء ممن يتضجر من مجالستهم ولا يصغي إلى كلامهم ولا يظهر له الارتياح عند سماعه إياه ولا يسر بملاقاة أحدهم ولا يبش في وجهه وهذه العادة في الشرق كله لا في العراق فقط. ومن عاداتهم الجلوس على الأرض وإذا وجد من يجلس على الكرسي يذم عند قومه ويحتقر ويرمي بالكبر والجبروت. ومن عاداتهم الجلوس على السفرة جميعاً والأكل من إناء واحد ولا يمد أحدهم يده إلى الطعام بل ولا يقدم عليه بدون إذن ودعاء. وإلا حجم ولو مات جوعاً. ثم لا يمد المدعو إلى الإناء قبل أن يمدها الرئيس أو الداعي إياه. ولما كان مخالفة هذه العادات عند الأعراب أكبر أثم من مخالفة خلق الناس ورازقهم لأن المحافظة عليها من أوجب الواجبات وأفرض الفرائض كانت مخالفتها عند الغربيين من باب مقابلة الضد بالضد. لأن الغربي المدني

يحتقر القروي. ولا يقبل ضيفاً لم تسبق معرفته غياه وإذا ضاف من يعرفه فتكون ضيافته بمنزلة دعاء إلى غذاء لا غير. ويحب الغربي الجلوس في غرفة مخصوصة به. ولا يقبل زائراً بدون استئذانه وقد يرده إذا لم يرد مواجهته. وإذا ضجر من جليسه أو أحتاج إلى أمر أعتذر منه في الحال. ولا يعمل عملاً مهما كان كبيراً أو صغيراً بدون أجرة ولا يشرك أحداً في طعامه عند الأكل ولا يجلس إلا على الكرسي وعلى هذا قس ما سواها. وكل ذلك مما يخالف أخلاق العرب وعوائدهم كما يتضح ذلك لمن يعرف مصطلحات القومين. 5 - سوء التفاهم يأتي صاحب هذه العادات الغربية إلى العراق وهو لم يعرف من أخلاق أهله وآدابهم شيئاً فيعاملهم بعاداته وأخلاقه. فينزل مثلا حول (فريق) من العرب ويضرب خيمته بقرب بيتٍ من بيوتها ومنذ ذاك الحين يعده صاحب البيت ضيفه وهم يقولون (قصير) وفقاً لعادة الأعراب وعند الظهر أو المغرب يدعوه صاحب البيت إلى طعامه (لأن نقل الزاد منهم إليه قبيح) فيأتي المدعو الرواح زاعماً إنه لا يحب تكليف جاره وخسارته لما يعده في قومه. وجاره يعد هذا العمل احتقاراً له وإخلالا بشرفه فيرجع إلى بيته وهو مستشيط غيظاً وحنقاً ولكنه لا يترك نزيله أو قصيره يشعر بذلك بل يزوره في خيمته ويحدثه ويسامره لكي لا يقول عن هؤلاء الأعراب أنهم جفاة متوحشون ولا يزورون الضيف ولا يحبونه وتلك عادة الأعراب منذ خلقوا) منه قول شاعرهم في الفخر: (فراشي فرش الضيف والبيت بيته ... ولم يلهني عنه غزال مقنع) (أحدثه أن الحديث من القرى ... وتعلم نفسي أنه سوف يهجع) ويقال العكس إذا زار ذلك الأعرابي الإفرنجي النازل بقربه فإنه إذا دخل عليه يفرش له بساطاً على الأرض ويجلسه عليه ويجلس هو على الكرسي هذا إذا قبل زيارته ولم يطرده لأن في الغربيين من يطرد زائره من الأعراب حابساً

نفسه أنه في غرفته التي في لندن أو باريس أو برلين. فيستهجن الأعرابي هذا العمل ويلعن الساعة التي جمعته وهذا الفظ الغليظ الطبع المتكبر لأنه يعد جلوسه على الأرض وجلوس صاحب المحل على الكرسي حطاً من قدره وخفضاً لشأنه ولم يدر أن ذلك الغربي المسكين لم يطق القعود على الأرض لما تعوده من الصغر. والذي يزيد الطين بلة أن الغربي بعد هنيهة يقول مثلا (لذلك الأعرابي: قم من هنا أني أريد أن أنام. فيقوم الأعرابي وهو يكاد يتميز من الغيظ فيتولد من هذه الأعمال ومما شابهها التنافر والتخاصم. وقد افترق الاثنان وكل يرمي صاحبه بسوء الخلق والتوحش. هذا إذا كان الأعرابي من العقلاء الذين يراعون خدمة الغريب. وإلا قتل خصمه الغربي أو نهب جميع ما عنده وتركه مجرداً كيوم ولدته أمه في قفر من الأرض يستوحش فيه الغول والسيد العملس. فيرجع الغربي إلى وطنه وهو يذم العراقيين ويسبهم ويلطخ بهم كل رذيلة، ويجردهم من كل فضيلة، ويصفهم بأقبح الصفات وأشنعها ويختم ذلك بأن يوجه لومه إلى العراقي ويطعن به أشد الطعن ذلك العراقي الذي رافقه في سفره لكونه جاري قومه على عاداتهم وآدابهم ولو انصف لمدح ذلك الرفيق وأطراه إذ لولا مداراته لأفكار القوم لما تمكن أن يخطو خطوة ولأصابه من المحن أضعاف ما جرى عليه ولأعترف هو بذنبه وبما جنته عليه يداه لأن سبب ذلك كله هو مخالفته لعادات القوم لا غير. 6 - محاسن أعراب العراق لا نكران أن العراقيين يجلون الغريب ويحترمونه كل الاحترام ويودون أن يسدوا إليه كل مكرمة ولا يعتذرون أبداً ممن يندبهم إلى كشف ملمة أو قضاء حاجة أو سد عوز. وهل يذم رجل تسأله أين الطريق الفلاني وهو يرك متحيراً غريبا فيشفق عليك وللحين يترك شغله ويذهب معك حتى يدلك عليه ويرجع عنك بلا أجرة ولا مكافأة؟ وهل يسب فتىً تنزل حوله فيحسن قراك ويقوم بضيافتك - ولو بقيت مدى الدهر - بلا من ولا أذىً ولا جزاء ويقدم طعام عشرة رجال لرجل واحد وإذا فضل من ذلك الطعام شيء فلا ترجع فضالته إلى البيت الذي جاء منه بل يأكلها من حضر الديوان؟ (لأنهم يعدون رجوعها أكبر عار عليهم).

وهل يرمي بالتوحش شخص يرك وحيداً فيأتي إليك ويحدثك بملح الأحاديث حذراً من أن تقول: ما أوحش هؤلاء القوم لا أنيس فيهم ولا جليس! وهل يقذف بالغدر امرؤ تقول له: أنا بذمامك (وهم يقولون بوجهك وأهل الشرقية بعلفك) فيضطر إلى أن يرسل معك أفراداً من رجاله (ويسمون واحدهم مسير والجمع تسيار ومسايير) ولا يتركك هؤلاء النفر حتى ينزلوك أرضا تكون فيها أميناً على نفسك ومالك؛ وحينئذٍ يرجعون عنك بسلام ولا يأخذون منك درهماً ولا ديناراً ولو أخذوا لأنبهم أميرهم وللحقهم عار قومهم إلى الأبد.؟ وهل يحتقر إنسان تزوره في بيته فيتواضع لك ويتصاغر بين يديك ويجلسك على أعلى المراتب ويقوم بخدمتك ولو كان أكبر منك بكثير لكي يكون مصداقا لقول الشاعرهم: (لعمرو أبيك الخير إني لخادم ... لضيفي وإني إن ركبت لفارس) وإذا أصابك سوء وأنت في بيته فلا بد من أن ينتقم ممن أساء إليك أو يقتل دونك ومنه قول الشاعر البدوي العصري النجدي (ويقال أن صاحب هذين البيتين الريمان من شعراء نجد الفرسان) وهما الفخر والحماسة: ذبحت سبعة كلهم فرسان ... بين الظهر والعصر ما صليت كله لأجل خاطر الضيفان ... خليت باجي سورهم بالبيت معناه ذبحت سبعة فرسان لكونهم أهانوا ضيوفي الذين تركت فضلة طعامهم في بيتي لا يأكلها أحد حتى أخذ بثأرهم وكان وقت ذبحهم بعد الزوال أي قبل أن أصلي العصر. وأعظم من ذلك الحكاية التالية التي تزري بفخر السموأل وهي: غزا ذات يوم كبير العمور (وهم يسمونه قليط والعمور فخذ من أفخاذ شمر ينزل مع الضفير وهم قوم ابن سويط) وكان معه طائفة من قومه فصار عليهم

عقيداً وبعد أن خرجوا من بيوتهم لحق بهم ابن صنيتان السويط يريد الغزو معهم أيضاً ولما غنموا أختار ابن صنيتان ناقة من الإبل التي غنموها قبل القسمة لكونه ابن الشيخ العرب فأبى أن يعطيها إياه العقيد لأن من عادة الأعراب إذا غزا قوم منهم وأقاموا عليهم عقيداً فللعقيد الأمر والنهي والعزل ومعنى العزل أنه يأخذ من الماشية التي كسبت قبل القسمة ما كان ظهرها أبيض دون سواه ولو كان في الجيش من هو أكبر منه ولوجود هذه العادة عندهم منع العقيد (العمرى) (أي العموري) وأسمه نائف طلبة ابن صنيتان عنه فأسرها الشاب في نفسه ولم يبدها لأحد حتى وردوا مخيم العرب وذهب كل إلى بيته وبعد بضعة أيام زار العقيد المذكور ابن صنيتان في بيته (وهم يقولون سبر عليه) ولما أقبل قام له كل جالس إجلالاً لشأنه وأدنوه حتى جلس على الشداد وما كاد يستقر في مكانه حتى أخذ الشاب السالف الذكر بندقية وضربه برصاصة من خلفه فأصابت مقتلاً بين كتفيه فمات للحال ولما شاهد العمور ما جرى لزعيمهم قوضوا خيامهم وعزموا على الرحيل وقالوا: إننا لا نريد جوار شيخ يقتل كبيرنا في بيته. ولما سمع القول ابن صنيتان حكم على أخويه وقومه: أن لم تأتوني بالصبي قبل المغرب لكي اقتله انتحرت فذهبوا يفتشون عليه فوجدوه في بيت من بيوت الأعراب فأتوا به إلى أبيه فمسكه أبوه وذبحه بيده كما تذبح الشاة وقال: إن ولداً يهين مجاوري (وهم يقولون أقصر أي) في بيتي لحق أن يذبح هذا الذبح ثم أهدى رأسه إلى العمور ولما شاهدوا الرأس رجعوا إلى منازلهم السابقة. وقد وقعت هذه الحادثة في حدود 1320هـ - 1902م على ما أخبرنا الحاج جار الله الدخيل العقيلي النجدي. ونظير هذه الحكاية حكاية وقعت للمهدي شيخ حرب مع رجل من عنزة وذلك في أوائل القرن الثالث عشر من الهجرة ومثلها لأبن مجلاد وأسمه

باب المكاتبة والمذاكرة

(برجس) وهو من شيوخ عنزة الفرسان مع التمياط من شيوخ شمر وأسمه مجحم وذلك قبل 25 سنة ونحوها أيضاً لأبن شعلان وأسمه محمد مع رجل من الفضلة من شمر وذلك قبل 4 سنين. فبالله أيها العادل المنصف أمن الحق أن يقال لصاحب هذه الأعمال رذلا لئيما وأن يقال لصاحب الأعمال التي تضادها فاضلا كريما؟ فلينصف السائح الغربي نفسه وليجار العراقيين في عاداتهم وأخلاقهم وإذا رأى بعد ذلك طريقاً للذم والانتقاد فله أن يسلكه وإلا كان ذمه إياهم ظلماً وعدواناً. كاظم الدجيلي باب المكاتبة والمذاكرة 1 - أيهما الصحيح صاحب لغة العرب المحترم إذا وقف القارئ على الأسطر التي جاءت في ص 228 من هذه السنة من مجلتكم الغراء لا بد أن يستوقفه النظر على ما جاء فيها من تناقض الأقوال، بل يقف متحيراً لا يدري أي القولين أصح وهما: قال الكاتب: (الأمير إبراهيم الذي كان في عهد العباسيين أميراً مستقلاً. . .) ثم قال عن والده موسى: (. . . الذي كان مستبداً بنجد وما والاها في أخر أيام العباسيين) ثم قال عن جده مانع: (الذي وضع أساس الدرعية وبناها وكان مستقلاً بالإمارة في سنة 850هـ - 1446م) وقد علم الناس أن كلما تقدمت الأباء والجدود يتقدم التاريخ عهداً ولا يعكس كما يظهر لأدنى تأمل. وهنا ترى الجد الثالث لإبراهيم وهو مانع كان في أواسط القرن التاسع للهجرة وتجد إبراهيم المذكور وهو حفيد ابن مانع عاش في عهد العباسيين ومعلوم لدى العموم أن انقراض الدولة العباسية كان في سنة 1258م. فنظن أن الكاتب يكتب بدون تروٍ كافٍ وإلا كيف يكون التوفيق بين القولين؟ فليفدنا. سائل

فوائد لغوية

فوائد لغوية 1 - الأميال والميول شاع على ألسنة أقلام الصحافيين في هذه الأيام جمع الميل (المفتوح الأول) على ميول وهذا خطاء. لأن الميول والأميال جمع الميل المكسور الأول. وأما الميل بالفتح فلم ترد مجموعة إلا على أميال. والحال أن معنى الواحد غير معنى الأخر. فليحفظ. 2 - هذا الشيء يخالف ذاك على خط مستقيم ومما أولع به كتابنا قولهم: هذا الشيء يخالف ذلك (على خط مستقيم). وهذا الاصطلاح الأخير اصطلاح سقيم مسلوخ سلخاً من لغات الفرنجة لا يعرفه العربي الصميم فإن هذا يقول بهذا المعنى: هذا الشيء يخالف ذك مخالفة بينة، أو يخالف ذاك مخالفة أي مخالفة، أو يخالف ذاك كل المخالفة، أو مخالفة لا تنكر، أو بينة لكل ذي عينين، أو نحو هذه مما هو أشهر من قفا نبك. 3 - جمع كيف على كيوف وقال بعضهم: إن الله مقدس عن الأشكال و (الكيوف). وتكسير الكيف هذا التكسير من أقبح ما ورد. والفصحاء. لا ينطقون به ولا يعن لهم وإن أرادوا التعبير عن مثل هذا الفكر يقولون: إن الله مقدس عن الشكل (والأحسن الصورة) والكيف. وإن شئت جاريت المولدين فقلت الكيفية وجمعتها على الكيفيات. أما الكيوف فثقيلة أثقل من أحد، وقبيحة أقبح من خنزير. 4 - انطلت عليه الحيلة انطلت عليه الحيلة بمعنى جازت عليه من العبارات التي أولع بها كتابنا العصريون. وقد نقلوها عن كتاب ألف ليلة وليلة وقد وردت فيه في عدة مواطن، منها قوله: لا ينطلي عليكم كلامه وما هذا إلا لص. وقوله: انطلت عليه الحيلة، (وفي نسخة انطلق وهو خطأ بين) وقوله: ولكن مرادي أن تخبرني بالصحيح لأن حيل الكذب غير نافعة ولا تنطلي في كل الأوقات. اهـ. على أن هذا الفعل وإن كان غير قديم الورود في كلام فصحائهم إلا أن له وجهاً مجازياً وذلك أنك إذا طليت شيئاً بسائل أو بمعدن مذاب توهم الناظر إليه أنه الأصل أو الجوهر بعينه. ولهذا قد يعذر العصري من هذا الاستعمال.

5 - هذه المصيبة أعطته درساً مفيداً في سياسة المملكة ومن التعابير المسلوخة من الإفرنجية سلخاً قبيحاً قولهم مثل هذه العبارة المذكورة التي يدخلون فيها (أعطاه درسا). فإن العرب لا تفهم هذا الكلام وإنما يقال في هذا المعنى: إفادته هذه المصيبة، أو: أدبته، أو أن يقال: أعتبر فلان بهذا المصيبة أو أتعظ به، أو نحوها مما يرى مدوناً في كتب اللغة وهي أكثر من أن تحصى. 6 - النوائي نسبة إلى النواة وينسب بعضهم إلى النواة فيقول: النوائي، مع أنهم إذا نسبوا إلى الحياة قالوا: الحيوي. ومن مقابلة هذين الحرفين يعرف الكاتب غلطه ولا سيما إذا وقف على قواعد النسبة إذ يقال في عصا عصوي وليس عصائي كما هو مثبت في كتبهم. وعليه يجب أن يقال النووي لا النوائي إذ هذا غلط بين. 7 - مذهب الخبرية أو مذهب الوضعيين أو الكونتية كثر الكتاب في هذه السنين الأخيرة ممن له خبرة باللغات الإفرنجية وأخذوا ينقلون من الأجانب علومهم وفنونهم وأفكارهم ومقالاتهم فالمصيبون في الترجمة قليلون والمسيئون كثيرون إلا أن سوء النقل ينفضح عند نل الألفاظ الاصطلاحية وقد شاع في القرن الأخير مذهب فلسفي جديد عند الإفرنج سموه صاحبه أوغست كونت خلاصته أن موضوع العلوم هو المحسوس والمحسوس هو الأحداث والشرائع أو النواميس. (فالأحداث) هي الظواهر التي تبديها لنا الحواس. (والنواميس) هي الروابط الموجودة بين أحداث وأحداث أخرى سبقتها أو تتلوها أو تكون معها. وبعبارة أخرى هو مذهب فلسفي يرمي إلى الانتفاع بالأمور المادية أو ربما تطلبه الحواس فتتأثره أو هو مذهب من يرفض كل ما لم تتحققه الحواس أو الخبرة، ولما كان واضعه هو الفرنسوي الذي ذكرناه، سماه بعضهم مذهب كونت أو الكونتية وهذا صحيح من باب نسبة الشيء إلى صاحبه، لكن كثيرين من كتابنا حاروا في وضع لفظة تقابل (البوزيتيفسم) حتى أن بعضهم سماه باسمه الإفرنجي هذا والأصح أن يسمى بالعربية (التحسس) مصدر تحسس الشيء إذا تعرفه وتطلبه بالحاسة لا (الخبرية ولا الوضعية) فإنهما من التعريب اللفظي الذي لا يفيد فائدة في لغتنا بخلاف لغتهم. - والمتحسس (بصيغة اسم المفعول هو المعروف عندهم

أسئلة وأجوبة

لا (الخبري ولا الوضعي) وقد رأينا بعضهم من سم وهذا يوافقه بالإفرنجية لا ما يدور عليه الكار (بالفلسفة المثبتة أو الفلسفة المقررة) وهاتان لفظتان تعليان شان هذه تستحق؛ ولهذا فهي من باب وضع الشيء في غير محله. أحفظ إن شاء الله. أسئلة وأجوبة 1 - صحة كلمة المنتزه سألنا أحد أدباء بيروت قال: رأيت أحد كبار لغويي العصر ينكر صحة وفصاحة المنتزه إذ قال: هذا من أغلاط كتاب هذا الأوان والصواب المتنزه بتقديم التاء على النون. فهل هذا اللغوي محق؟ قلنا: إن إنكار اللغوي لهذه اللفظة مبني على خلو المعاجم منها ومن فعلها أنتزه، على إننا قلنا ولا نزال نقول: إن الدواوين العربية لا تحوي جميع المفردات فإن كثيراً منها وارد في كتب الأقدمين وأشعارهم وفي مؤلفات المولدين وهي لم تدون إلى الآن، فعدم وجودها في المعاجم اللغوية لا ينفي ورودها على ألسنة الأقدمين. ومن هذه الألفاظ المتنزه. فقد جاءت في شعر المولدين. قال أسامة بن مرشدة: ما بعد جلق للمرتاد منزلة ... ولا لسكانها في الأرض سكان فكلها لمجال الطرف منتزه ... وكلهم لصروف الدهر أقران وهم وإن بعدوا عني بنسبتهم ... إذا بلوتهم بالود إخوان راجع معجم الأدباء لياقوت الحموي 2: 192) ومحال أن يقال: إن الكلمة وردت مصحفة؛ لأن البيت ينكسر إذا قلنا: متنزه. وأما ورودها في النثر فكثير. قال في تاج العروس في مادة سغد: وهو أحد منتزهات الدنيا على ما حكاه المؤرخون. وكذلك ذكرها في مادة صغد؛ وهكذا ذكرها أيضاً صاحب الحواشي. وفي كتاب الأغاني 21: 4 المتنزهات. وفي نسخ ثلاث: المنتزهات. وقال ابن خلكان في ترجمة أبي دلف العجلي 1: 425: الابلة. . . . إحدى المنتزهات

الربع فيكون واحدها هنا المنتزهة وهي غريبة وممن نص على المنتزه صاحب القاموس في ترجمة زملك. والمرتضى في التاج في عدة مواد غير التي ذكرناها منه: صمدح وطلح وجير وزهد وحبش وسيط ويشتنق وجنق ورطل وبشتن وبري وغيرها. وفي مروج الذهب للمسعودي طبعة باريس في 1: 84، 90، 130، 178، 266 ثم في 2: 156، 321، 329 وغيرها. وجاءت في رسائل بديع الزمان الهمذاني ص 210 وفي الأغاني 1: 277. وفي قلائد العقيان في أخر القسم الأول في قوله: فأفضنا في الحديث حتى أفضى بنا إلى ذكر منتزهنا. وأما ابن الأثير فلم يقتصر على استعمال المنتزه والمنتزهات في تاريخه بل استعمل أيضاً اسم الفاعل من هذا الوزن قال: في هذه السنة (سنة 417هـ) توفى حماد. . . وكان خرج من قلعته منتزهاً فمرض ومات. اهـ ولو أردنا أن نثبت النصوص التي جاءت بخصوص صحة المنتزه لملأنا ثلاث صفحات من هذه الوضعية وقد اكتفينا بما ذكرناه. 2 - معنى المستحاثة أخذ علينا أحد أدباء الحاضرة في إننا تطرقنا في نقدنا كتاب (دفع الهجنة) للشيخ الرصافي. ومن جملة ما ذكر لنا قال: إنكم أنكرتم على معروف أفندي تأويل بعض الألفاظ بغير معانيها التي قررها العلماء، والحال أن المعنى الذي أثبته الرصافي هو الشائع وهذا هو كلامه بحرفه: (مستحاثه يجمعونها على مستحاثات ويطلقونها على العاديات القديمة التي تستخرج من الأرض عند حفرها. وهي إن لم تكن في العربية تفيد هذا المعنى بتمامه فمعناها العربي القريب من هذا المعنى جداً. وقد أثبتناها هنا لا لكونهم حرفوا معناها العربي في الاستعمال؛ بل لكونها مما يلزم أن يستعملها العرب أيضاً في علم الآثار. فإن المستحاث في العربية هو المستخرج من الأرض إذ يقال: إستحاث الشيء: أي استخرجه. ويقال إستحاث الأرض أي أثارها وطلب ما فيها؛ فيلزم أن لا يغفلها العرب في الاستعمال. والأولى في ما يسمونه (بعلم الآثار) في العصر الحاضر أن يسموه: (علم المستحاثات أو علم الإستحاثة) أي علم إثارة الأرض وطلب ما فيها. (والآثار) لا تدل على هذا المعنى إذ هي جمع أثر وهو ما بقي من رسم الشيء) اهـ. فإذا كان هذا هو نصه فما اعتراضكم عليه؟ قلنا: إن الذي أثبته الشيخ عن معنى المستحاثة بموجب أصول اللغة العربية

صحيح لا غبار عليه وأما تعريف المستحاثة على ما اصطلح له علماء الأتراك نقلاً للفظة الإفرنجية إلى اللغة العربية ففي غير محله. فالمستحاثة عند الأتراك هو ما يستخرج من بطن الأرض من بقايا الأجسام العضوية مما يوجد مدفوناً دفنا طبيعيا في أعماقها المختلفة سواء كانت تلك البقايا هي الأجسام نفسها أو كانت بقايا رسومها الأولى المتحجرة المطبوعة فيها كالحيوانات والأنبتة التي وجدوها فيها. وهذه اللفظة يقابلها في الإفرنجية تراها موجودة في المعاجم الفرنسوية التركية أو العثمانية الفرنسوية. وأما العاديات أو العتائق (جميع عتيقة أي أنتيكة أو عنتيكة) فهو كل ما يوجد من بقايا الأقدمين وصنعهم سواء وجد مدفوناً في الأرض أو لم يكن. وهذا ما يسمى بالفرنسية: وقد سمى كتاب سورية ومصر المستحاثات بالأحافير (راجع لغة العرب 1: 395) وهو استعمال غير صحيح وقد بينا غلطه في وقته. وسماها البعض (الآثار) وهذا استعمال واسع المعنى. فإذا خصص فلا بأس من استعماله. ومن الغريب أن معروف أفندي يستعملها ثم يحكم بغلطها. فقد قال مثلا (مما يلزم أن يستعملها العرب أيضاً في علم الآثار). - وأما العاديات فهي من الألفاظ الحسنة المعنى لتأدية لفظة العتيقة (أي العنتيكة) إذ العادي في اللغة: الشيء القديم كأنه منسوب إلى قوم عاد الهالكين. ومما يرادف المستحاثة: المحاثة من الباب الرابع. فهذا الذي أشرنا إليه عند انتقادنا كتاب الصديق العزيز وليس فيه ما يزعج الخاطر أو يكدر صفاءه. 3 - ذو القرنين وسألنا 1. ع. ق من أبي كبير في ديار مصر: نرجو التحقيق عن ذي القرنين. هل هو الصعب الحميري العربي ما رجحه الأستاذ الآلوسي في كتابه بلوغ الأرب أو هو الإسكندر المكدوني كما رجحه غيره؟. قلنا: (ذو القرنين) لقب لقب به أقدمون ومحدثون، فمن الأقدمين إسكندر الرومي المعروف بالإسكندر الكبير أو الإسكندر المكدوني والصعب بن الحرث الرائش ومرزبي أو مرزبان بن مروية وهرمس وعبد الله بن الضحاك بن معد بن عدنان والمنذر بن ماء السماء. ومن المحدثين (أي بعد الإسلام) علي بن أبي طالب كما ذكره صاحب القاموس. وليراجع أيضاً تاج العروس في مادة قرن. وعليه من قال إنه الإسكندر الكبير لم يخطئ ومن قال الصعب أو غيره لم يخطئ.

وفي هذه المسألة مجادلات طويلة لا محل لذكرها هنا. 4 - كتاب الأنواء لأبي حنيفة الدينوري وسألنا الأديب المذكور عن محل وجود هذا الكتاب وعن وصفه وصفاً شافياً. قلنا: من هذا الكتاب على ما حققناه نسخة خط محروزة في خزانة كتب اكسفرد من بلاد الإنكليز. وهذا الكتاب من أتم ما كتبه العرب في هذا الموضوع ومنه أستمد ابن سيده في كتابه المخصص 9: 10 إلى 18 ووصفه عبد الرحمن الصوفي في كتاب الكواكب والصور قال: ووجدنا في الأنواء كتباً كثيرة أتمها وأكملها في فنه كتاب أبي حنيفة الدينوري فإنه يدل على معرفة تامة بالأخبار الواردة فإنه يحكي عن ابن الأعرابي وابن كناسة وغيرهما أشياء كثيرة من أمر الكواكب تدل على قلة معرفتهم بها وإن أبا حنيفة أيضاً لو عرف الكواكب لم يسند الخطأ عليهم.) ثم يورد عبد الرحمن الصوفي شيئاً مما يدل على أن أبا حنيفة لم يكن ماهراً بالأرصاد. (راجع علم الفلك. تاريخه عند العرب في القرون الوسطى للسنيور كرلونلينو ص 130، 131). 5 - أرجوزة ابن سينا الطبية ومنه: هل نشرت مطبوعة هذه الأرجوزة وهل يمكن نشرها في مجلة لغة العرب؟ قلنا: نشرت هذه الأرجوزة مراراً. وقد سمط أبياتها المطران جرمانوس فرحات أسقف موارنة حلب سنة 1713 فتجدونها في ديوانه المطبوع في بيروت سنة 1894 في الصفحة 274 فلا حاجة إلى نشرها هنا. 6 - لآء الممدودة بمعنى لا ومنه: ما معنى (لاءه) الواردة في قصيدة الفرزدق الميمية التي مدح بها زين العابدين في البيت: ما قال لا قط إلا في تشهده ... لولا التشهد كانت لاءه نعم فهل هي (أي لاءه) بفتح الهمزة أو بضمها؟ قلنا (لاءه) هنا بمعنى لا خلاف نعم. وإنما مدها على لغة لهم لا سيما عند وصلها بالضمير أو عند الوقف عليها. على أن لغة المد معروفة ولو لم تضف إلى ضمير أو يوقف عليها. قال الليث: تقول هذه لاء مكتوبة فتمدها لتتم الكلمة اسماً. ولاءه في البيت المذكور ممدودة مفتوحة. 7 - فصاحة كلمة (أهمية) وسألنا أحد أدباء الشام قال: هل صحيح أن كلمة (أهمية) غير فصيحة بمعنى

باب المشارفة والانتقاد

الخطورة والبال. قلنا: قرأنا ذلك في إحدى المجلات لكنا لا نرى رأي صاحبها. ولعل سبب إنكاره إياها عدم وجودها في كتب اللغة. وهذا ليس بدليل فإن القياس لا يأباه. فكما إنهم قالوا الأفضلية والأولية والأولوية ونحوها جاز قول (الأهمية) أيضاً. فإن الأفضلية وردت في كتب النحاة الأقدمين ووردت الأولية والأولوية في شعر الفرزدق فقد قال في القصيدة التي مدح بها زين العابدين: أي الخلائق ليست في رقابهم ... لأولية هذا أو له نعم من يعرف الله يعرف أولوية ذا ... فالدين من بيت هذا ناله الأمم ومع ذلك أن من يستعمل الخطورة والبال في مكان (الأهمية) ينحو مناحي العرب الأقدمين الفصحاء لا المولدين الفضلاء. باب المشارفة والانتقاد 1 - سبل الرشاد (مجلة) لصاحبها ومديرها محمد رشيد أفندي الصفار سبل الرشاد مجلة تظهر في بغداد؛ برز منها منذ سنة مجلد واحد. والآن عادت إلى الظهور. قال صاحبها في مقدمة هذه السنة: (وردت إلينا كتب متعددة من سائر الجهات يطلبون الاشتراك بها فعلمت أن الناس لهم ميل كبير إلى الاستفادة من أبحاثها فعزمت على توالي (كذا) إصدار مجلداتها. وبدل اشتراكها عن عشرة أعداد في الممالك العثمانية 30 غرشاً ولأهل العلم والطلبة والمعلمين 20 غرشاً بلا فرق بين المسلمين وغيرهم. وفي البلاد الأجنبية 8 فرنكات. وهي مجلة دينية علمية اجتماعية فلسفية على ما طبع في نحرها. 2 - نشوء فكرة الله (كراسة (في 37 صفحة) تحتوي على خلاصة كتاب لجرانت الين الكاتب الإنجليزي المشهور عن نشوء الاعتقاد بالله وترقي الإنسان من الوثنية إلى التوحيد الحاضر مع بيان أصول المسيحية ونشوئها. لسلامة موسى مؤلف مقدمة السبرمان. الثمن عشرة مليمات طبع بمطبعة الأخبار) في مصر القاهرة، يرتئي مؤلف الكتاب الذي لخصه سلامة أفندي موسى أن الإنسان

بدأ يعبد الأوثان ثم تدرج رويداًُ رويداً في تنزيه معتقده حتى انتهى إلى التوحيد. وهو رأي يناقض التوراة مناقضة بينة. لأننا نعلم منها أن الله خلق الإنسان الأول منزهاً عن جميع الأوهام المادية والأدبية والعقلية لا بل وبما يتعلق بما وراء الطبيعة ثم لما سقط آدم في مهواة الخطيئة دبت إليه عقارب الفساد فغشيت أفكاره سحب الضلال فعبد الأجرام السماوية والأوثان كما نراه مثبتا في التوراة عن بني إسرائيل أنفسهم بعد أن اصطفاهم الله وميزهم عن سائر الأمم والشعوب. فالتوحيد سبق الوثنية كما أن الحقيقة سبقت الضلال والصواب سبق الخطأ والصلاح سبق الشر والصحة سبقت المرض. وكفى دليلاً على فساد آراء مؤلف الكتاب إنه بنى أقواله على تخيلات توهمها بدون دليل عقلي أو نقلي. فقد قال مثلا في ص 16 (نريد أن نبين الآن أن إله العبرانيين (يهود) الذي تغلب علة كل الآلهة المعاصرة له وتفرد بالألوهية دونها لم يكن في الحقيقة إلا حجراً من هذه الأحجار (كذا) أي أسطوانة ترمز إلى الذكورة كان يراد بها الدلالة على جنس الشخص المتوفى ثم عم تقديسها عند اليهود). ثم قال وهذا الحجر (هو الحجر الذي خرج اليهود من مصر به) وقد أدمج بين هاتين العبارتين من الآراء الضعيفة المبنية على مجرد الوهم ما لا يقبله الطفل. وعلى كل فإن سلمنا جدلا أن اليهود لم يعرفوا التوحيد إلا بعد خروجهم من مصر فما القول في توحيد آدم ونوح وأولاده وإبراهيم وإسحاق وسائر من طووا بساط أيامهم قبل دخول بني إسرائيل مصر. وإذا كان ينقل عن التوراة بعض الأمور فلماذا لا يؤولها على ما هي بل يؤولها على ما توحيه إليه مخيلته فيأخذ منها ما يوافقه وينبذ منها ما لا يوافقه. - ومهما يكن من آراء الكاتب الأول فإننا لا نرى موجباً لنشرها بين ظهراني أقوام الشرف لعدم فائدتها. فما الذي يقصده المعرب من نشر هذه الأقوال؟ فكان يحسن به أن يذكر ذلك في مقدمة تصنيفه لتعرف الغاية من وضعه وبهذا القدر كفاية للبيب. 3 - فهارس كتاب الأخبار الطوال (لأبي حنيفة أحمد بن داود الدينوري) (جمعها واعتنى بترتيبها وطبعها وتعليق مقدمتها أغناطيوس كراتشقوفسكي المعلم بالمدرسة الكلية الإمبراطورية في بطرسبورج. طبع بمطبعة بريل في مدينة ليدن المحروسة سنة 1912م) لا يمكن للإنسان أن يحكم على عقل صاحبه ما لم يفاتحه ويجاذبه أطراف

الكلام ليطلع على خفيات أفكاره فيعرفها ثم يحكم عليها فيكون لسانه ميزان عقله. والكتاب لا يعلم ما فيه ما لم تطلع على مواضيعه ولا تعرف المواضيع ما لم تبوب وتفهرس فيكون الفهرس دليل القارئ على محتويات ذاك الكتاب. والإفرنج من أعظم الناس عناية بتبويب الفهارس وتنسيقها. وكان الفاضل جرجاس أعد نشر كتاب الأخبار الطوال للدينوري. وهو من أجل الكتب التاريخية وفي تلك الأثناء مات المستعرب فنشره البارون روزن تخليداً لذكر صاحبه. إلا إنه لم يتوفق لطبع فهارسه فبقي الكتاب طلسماً من الطلاسم لا يعرف ما فيه. ومن بعد أن مضى على طبعه 25 سنة وهو على تلك الحالة قام العلامة اغناطيوس كرانشقوفسكي فوفى في الموضوع حقه وزاد على الفهارس مقدمة باللغة الفرنسية ذكر فيه حكاية طبع الكتاب ثم وصفه وصفاً دقيقا بديعا. ثم انتقل إلى ترجمة أبي حنيفة الدينوري وذكر تأليفه العلمية والأدبية والتاريخية فجاء هذا التأليف حاويا أمرين: الفهارس وترجمة المؤلف ترجمة طويلة فريدة في بابها. فنحن نشكر للناشر هديته هذه الثمينة ونطلب إليه أن يثابر على إحياء مآثر السلف حفظه الله وأبقاه. 4 - تصحيحات ومختارات بالروسية والعربية للمستشرق المذكور وهي تصحيحات ومختارات في نهاية الإصابة نشرها المستشرق الروسي المذكور يصلح فيها ما نشره بعضهم من مؤلفات المتنبي وأبي العلاء المعري والحلاج (الحسين بن منصور) وابن طيفور والصولي ونحوهم. وهي كلها تحقيقات تدل على ذكاء هذا الأديب الفاضل وإمعانه في اللغة العربية وآدابها وتواريخها وهي مطبوعة في بطرسبرج طبعاً متقناً بين سنة 1909 و1913. فعسى أن علماءنا يجرون على آثار هؤلاء المحققين في ما ينشرونه من إحياء تآليف السلف. 5 - دار السلام تقويمي طبع في مطبعة دار السلام لسنة 1332هـ - 1914م ما زال الأستاذ (الاسطا) (علي) صاحب مطبعة دار السلام يحسن تقويمه السنوي الذي ينشره في مطبعته حتى بلغ هذه السنة من الإتقان ما لا نراه في التقاويم التي تنشر في ديار الشام ومصر وغيرها فتقويم هذه السنة يحوي ذكر أيام السنة

الهجرية والمالية والعبرانية والإفرنجية باللغات العربية والتركية والإفرنجية وذكر ما يقع من المواسم والأعياد عند من يتخذ تلك السنين تاريخاً. هذا فضلاً عن ذكر ساعات طلوع الشمس والظهر والإمساك. فحري بكل إنسان أن يقتنيه لفائدته العامة وبخس ثمنه. 6 - المحروسة جريدة يومية سياسية أدبية تجارية تصدر في مصر مضى على صدور هذه الجريدة 38 سنة وهي لا تزال في تقدم ورقي وكانت تزف إلى القراء بأربع صفحات أما اليوم فإنها تبرز إليهم بثماني صفحات كبيرة فنتمنى لها الانتشار والنجاح الدائم. 7 - مجلة الأميركيين مربي الحيوانات في أميركا شركات وجماعات همها تربية الحيوانات وتحسين نسلها والعناية بالنباتات فإذا وقفوا على وسيلة يبلغون بها وطرهم عمموا فائدتها بنشرها في مثل هذه المجلة وغيرها أما هذه الوضعية فتصدر مرة في كل فصل من السنة وهي حسنة الطبع متقنة التصوير فاخرة الكاغد تطبع في واشنطون وناشرها صديقنا الفاضل الهمام بولس ب. بوبنوى وبدل اشتراكها شلينان. 8 - دراشا ديهي عنى بنشره مارق لدز بارسقي بعد أن عارضه بنسخ باريس واكسفرد ولندرة وطبعه في جياسن سنة 1905. - المجلد الأول يحوي نص الكتاب الأصلي باللغة الصابئية في 291 صفحة. لم يدع الإفرنج لغة من اللغات إلا وتعلموها فإذا أتقنوها عنوا أشد العناية بنشر أحسن كتبها الدينية واللغوية والتاريخية والأدبية. - كانت اللغة الصابئية أو المندائية مجهولة في ديار الإفرنج حتى قام بعض المرسلين الكرمليين في العراق في مبادئ القرن السابع عشر وهدوا إلى الحق جماعات من هؤلاء الصابئة ونصروهم وأخذوا شيئاً كثيراً من كتبهم وتعلموا لغتهم فأرسلوا إلى ديار الإفرنج بما حصلوا عليه من مؤلفاتهم وكانت مئات فغرقت في البحر مع السفينة التي كانت تحملها ثم لما سافر أحدهم على طريق البر أخذ معه بضعة كتب بقيت معه وأهداها إلى أدباء الفرنسويين الذي أهداها إلى خزانة كتب باريس بعد أن دفع إليه مفتاح هذه اللغة وأصول قراءتها. غير أنه لم يلتفت إليها أحد من العلماء لأنهم ما كانوا يوجهون يومئذ

باب التقريظ

همهم إلى إتقان اللغات السامية. فلما كان القرن التاسع عشر حولوا أنظارهم إلى هذه الكتب وإلى معرفة ما فيها. وممن برز في معرفة أسرار اللغة المندائية العلامة الألماني الشهير نولدكي واللغوي يونيون قنصل فرنسة سابقاً في بغداد والمحقق في اللغات السامية مارق لدزنارسقي وقد نشر هذا الكتاب وهو من أسفار الصابئة الدينية. وقد خطه بيده خطاً بديعاً وطبعه على الحجر طبعاً متقناً وذكر في الحاشية جميع روايات نسخ باريس واكسفرد ولندرة فجاء فريداً في بابه بل درة لا بل علقاً نفيساً لا يعرف له ثمن وقد صمم الناشر ترجمته إلى الألمانية وطبعها في مجلد ثان ليستعين بها من لا يحسن اللغة الصابئية ويقف على آراء أولئك الأقوام الغريبي المذهب والاعتقاد. وموعد صدور هذه الترجمة في هذه السنة وفقه الله وانجح مسعاه. 9 - ما كانت عليه بابل في السابق على ما أكتشفه النقابون الألمانيون إلى هذا اليوم تأليف روبرت كولدواي - 1913. هذا من أجل الكتب التي صنفت في تاريخ بابل لأن صاحبه الدكتور روبرت كلدواي لا يذكر شيئاً من أخبار هذه المدينة العظمى الشهيرة القديمة ما لم يسنده إلى العاديات التي وجدها في تلك الحاضرة ونقلت إلى المتحفة العثمانية أو إلى ديار الإفرنج. والكاتب من العلماء الذين يشار إليهم بالبنان وله تأليف عديدة. وقد لاقيناه في باتل حيث يواصل النبش فرأيناه من الراسخين في العلم. وفي كتابه 255 رسما متقنا كل الإتقان وفيه مصور المدينة القديمة وما بقي من آثارها الآن. وفيه رسوم ملونة محكمة الصنع والطبع. والكتاب على كاغد فاخر صقيل في 328 صفحة في قطع الثمن الكبير. فنشير على من يحسن اللغة الألمانية أن يطالع هذا السفر الجليل لما فيه من منن الحقائق التاريخية المقررة والفوائد الجمة التي لا يستغني عنها. باب التقريظ 10 - كتاب إرشاد الناشئين

للأستاذ نعمان فندي الأعظمي طبع في بغداد بمطبعة الآداب في سنة 1332 في 65 صفحة بقطع الثمن الصغير. هو مجموع الدروس الدينية والعلمية والأدبية التي ألقاها الأستاذ المذكور على تلامذة المدرسة الرشدية في بغداد. وفي الصفحة 27 يقول المؤلف ما هذا حرفه بصورته: (إن الأورباويين مهما نسجوا من التمويهات وادعوا أنهم كشفوا لبعض أشياء نذكرها فهي مجرد دعوى ليس لها ظل من الحقيقة. - نلوي كشحا عن إثبات كشفيات العرب وإنهم موجودون للعلوم العقلية والفنون العصرية وعلم (الميخانيك) أي جر الأثقال واختراع المناطيد وإنهم بذلك تلامذة أسلافنا العرب في الأندلس والعراق وغيرها ولنكشف النقاب عن حقائق أشياء نسبوها لأنفسهم مع أن القرآن صرح ببعضها وأشار بالبعض الآخر) فمثل هذا الكتاب المنقح إلى أنفسهم ما ليس لهم لجدير بان يقتنيه كل عربي بل كل غربي ليقف على الحقائق ويعرف ما فيها من الدقائق كما نتمنى لكل كاتب أن ينسج على هذا المنوال ليكون على رقي من المجد والكمال!!! 11 - رسالة الأمثال البغدادية التي تجري بين العامة للقاضي أبي الحسن علي بن الفضل المويدي الطالقاني جمعها في سنة 421هـ (1030م) طبعت بمطبعة رعمسيس بالفجالة بمصر (سنة 1913) في 37 صفحة بقطع الثمن. قال ناشر هذا الكتاب في صدره ما هذا نصه: (كتبت هذه النسخة المحفوظة في مكتبة أيا صوفيا تحت العدد 399 ن هـ برسم الخزانة الشريفة السلطانية السلطان ابن السلطان محمد خان بن مراد خان. وأول من نبهني إليها العلامة السيد الحاج علي علاء الدين بن نعمان الآلوسي البغدادي - لويز ماسينيون - إذا كان الإنسان يتراءى في المرآة ليشاهد صورته المادية فأحسن مرآة ترى فيه أفكاره وقواه العقلية هي الأمثال وما يحفظ منها فإن الرجل لا يعي منها إلا ما يتخذه قاعدة لسيرته وسلوكه. فإذا جمعت منها ما يقول أهل بلدة واحدة أو بلاد أقوام تجمعهم لغة واحدة تتمثل بين يديك سرائرهم كأنك تنظر إليها بمنظار روحاني. - وكان القاضي ابن الفضل المؤيدي قد جمع من أمثال بغداد طائفة غير قليلة فعنى صديقنا المستشرق الفرنسي لويز ماسينيون بطبعها وتعميم فائدتها وقد بلغ مجموعها 613 مثلاً ما عدا ما حذفه منها من الأمثال البذيئة القذرة. وقد رتبها المؤلف على حروف الهجاء وختمها الناشر بخمسة فهارس جعل محتوياتها على طرف الثمام ذكر في الفهرس الأول: الأعلام

والكنى والصنائع وفي الثاني أسماء الشعراء الذين ورد ذكرهم في تضاعيف الكتاب وفي الثالث: أسماء الأماكن والأمم وفي الرابع غريب اللغة وفي الخامس التعليقات. وختم الكل بتصحيح الأغلاط. وقد طالعنا الكتاب من أوله إلى آخره فلم نر فيه من الأمثال التي صبرت على الأيام سوى نحو عشرين لا أكثر ولعل هذه العشرين لم تصلنا نقلاً عن السلف بل أخذت أخذاً من بعض الكتب. وهذا يدل على إن سكان بغداد الحاليين ليسوا من نسل سكان بغداد الأقدمين الذين كانوا في عصر المؤلف أي عصر العباسيين وهذه الحقيقة يثبتها التاريخ من اجتياح الغزاة لها ومن الوقوف على أجداد سكانها الحاليين إذ ليس فيهم من يرتقي أصله إلى الأجداد الأقدمين إلا بضعة بيوت لا تتجاوز العشرة إن بالغنا في العدد وإلا فسائر البغداديين من بلدان أخرى مجاورة لبغداد أو بعيدة عنها. وهذا القول يشمل المسلمين والنصارى واليهود. وعلى كل فاقتناء هذا الكتاب من الأمور الواجبة على كل بغدادي يحب الوقوف على أقوال من هم من وطنه والكتاب يباع في بغداد في إدارة هذه المجلة بفرنكين وفي باريس بهذه القيمة أيضاً عند كتبي 13. 12 - فتى العرب (جريدة) حكمت محكمة بداءة بيروت على مدير جريدة (المفيد) المسؤول محمد منيب أفندي الناطور لكونه نشر رسالة عنوانها (كتاب السباب والشتم) بعث بها أحد جبناء الأستانة ليهين بها أصحاب تلك الجريدة فادعت المحكمة المذكورة أنها (حقرت العرب (كذا) ولهذا غرمت المدير بعشرين ليرة وقضت عليه بالسجن مدة شهر فاصدر صاحباها السابقان وهما عبد الغني أفندي العريسي وفؤاد أفندي حنتس صحيفة أخرى بدلا منها سمياها (فتى العرب). وأحر بها أن تسمى بهذا الاسم الشريف لأنها نشأت وعمرها خمس سنوات. وفكرها فكر فتى كامل الصفات والمزايا. أما خطتها فخطة المفيد مع زيادة بابين وهما: في (السياسة الدولية الحاضرة) وباب آخر في (ما يجري من الحوادث الداخلية) في الديار العثمانية والأجنبية. فأنت ترى من هذا البيان أن هذه الجريدة من الصحف التي يحرص على مطالعتها الأديب وإنها أهل لأن يشترك فيها أبناء يعرب لما يجدون في صفحاتها من المقالات الرائقة التي تحبب عنصرهم وتذب عن حياضه وحقوقه وامتيازاته. فأهلاً بها وسهلاً! وعسى أن لا يرى نجم سعدها مكسوفاً ولا أفولاً!

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - وكيل والي الولاية عين صاحب السعادة محمد فاضل باشا مفتش الفيلق وكيلاً لمقام الولاية إلى قدوم والي الولاية الجديد جاويد باشا. 2 - ابن السعود هبط الأمير ابن السعود بجيوشه بلاد القصيم ويذهب منه إلى أنحاء الاحساء. والكويت في الشهر القادم. 3 - مطير نزحت قبيلة مطير من بلاد الكويت إلى أنحاء نجد حيث تجتمع بابن السعود. 4 - السلطان تيمور وفد على تيمور سلطان مسقط بعض القبائل التي كانت تخالفه سابقاً وزاره أيضاً بعض رؤساء بلاد عمان وهو دليل على تحسن الأحوال في تلك الأرجاء. وقد أرسل السلطان أخاه (باذراً) إلى (صحار) لينشر لواء العدل بين الرعية ويضرب على يد الظالم فافلح أعظم الفلاح ولا سيما في أنحاء (الباطنة). 5 - ناد في الزبير افتتح بعض أهالي بلدة الزبير نادياً اتحادياً رئيسه الأول عبد الحسن باشا الزهير. 6 - أمير الزبير الجديد تنازل أمير الزبير محمد بك المشري عن الإمارة في الزبير لعبد المحسن باشا الزهير المتقدم ذكره. 7 - شعبة للبرق والبريد في الكرخ في أوائل كانون الأول فتح في الكرخ شعبة للبريد والبرق تسهيلاً للأشغال في ضفة دجلة اليمنى الكثيرة السكان. 8 - الأمطار في العراق كانت الأمطار غزيرة في هذا الشهر في العراق ولهذا ظعن الأعراب يرتادون الكلأ وكل قبيلة تضرب في جهة من ديار العراق الواسعة. (الرياض) 9 - عزت بك التركي في العمارة وصل لواء العمارة الشاب الذكي عزت بك التركي نجل شيخ مشايخ بني لام

عريبي باشا. وعزت بك هو ابنه من زوجه التركية التي تزوجها في الأستانة عند ذهابه إليها منذ نحو 16 سنة. وعند قدوم الشاب إلى والده احتفى به أبوه واستقبله هو والعشائر استقبالاً باهراً وولاه رئاسة إحدى فرق العشائر فأصبح رئيساً جليلاً في قومه. وعزت بك مزين بأعلى المحاسن كالشجاعة والإقدام وحب الوطن وحسن الأخلاق. فعسى الله أن يجمع به كلمة الأعراب في تلك الأنحاء ويعينه على نشر المعارف بين ظهرانيهم. وفقه الله لكل خير! (الزهور) 10 - أملاك ظريفي (أو زريفي) في بلدروز للفاضل زريفي الصراف الشهير في الأستانة أملاك عظيمة في برازالروز (المعروفة اليوم باسم بلدروز) يبلغ قدرها 2. 40 فدان (أو 60. 000 هكتار) يزرع منها في السنة 900 فدان وريعها 10 آلاف ليرة ينفق منها 6 آلاف لشؤونها ويبقى منها 4 آلاف ليرة عثمانية يقبضها المثري الشهير. والنهر الذي يسقى هذا العقار الجسيم يمتد من ديالى إلى البزائز وطوله 75 كيلومتراً ومسير سقيه 13 ساعة ويتفرع منه خرص وشاخات وسواق يبلغ عددها 240 بين كبير وصغير. وقد اشترى الآن الصهيونيون هذه الأرضين بمبلغ 150 ألف ليرة. وكان قد اشتراها صاحبها سنة 1880 بمبلغ قدره 25 ألف ليرة عثمانية، فانظر وتأمل. وبجانبها عقار آخر يبلغ قدره القدر المذكور عليه دعوى بين الفاضل زريفي وبين الحكومة. وسوف يوضح حقيقة مالكها الزمان أبو الحوادث ووالدا الغرائب. 11 - لواء المنتفق طلبت حكومة المنتفق من عشيرة (العساكرة) 600 ليرة وهي بقايا ما عليها من الأموال الأميرية فأبت العشيرة دفعها فأرسل أولو الأمر بإحدى البواخر الحربية لإجبارها على تأدية المبلغ فلما وصلت إلى مقر العشيرة أمطرت على إحدى دورها الحصينة وابلاً من الرصاص فأذعنت وأدت ما عليها. وقد مات من الرصاص امرأتان وأربعة حيوانات. 12 - عجمي والغزي والحسينات طلب عجمي السعدون من ابن حبيب رئيس عشيرة (الغزي) إتاوة عن الأراضي التي زرعها فرفض طلبه وحينئذ أخذ عجمي يتقرب من عشيرة (الحسينات) ليتخذها عوناً له على تلك القبيلة فاخفق في مسعاه. وكان مع عجمي نجديون بمنزلة جند فغادروه

وذهبوا إلى (الخميسية) وسلموا أسلحتهم إلى معتمده هناك. ويقال إن سبب ذلك هو أن عجمي لم يدفع مشاهراتهم. 13 - مشتري أملاك علي الخابور ابتاع الحاج محمد العبد الله البسام من الحكومة طائفة عظيمة من الأراضي الزراعية الواقعة على ممر سكة حديد بغداد بجوار (الخابور) بمبلغ قدره 40 ألف ليرة عثمانية ويقال أنه اتفق في شراءها مع جماعة من أغنياء الألمان. 14 - استقلال مسقط ابلغ قنصلا إنكلترة وفرنسة سمو السيد تيمور بلاغاً رسميا أن دولتيهما متفقتان على حفظ استقلال بلاده واعترافهما بسلطنته فكان لذلك الخبر فرح عظيم في نفوس سكان مسقط وعمان. 15 - أمير أسطول انكلترة في الكويت في 12 ت 2 زار الكويت أمير أسطول انكلترة في خليج فارس وبعد أن زار الأمير أستأذنه بالتجوال في أنحاء الكويت فأذن له فذهب بإحدى بوارجه إلى (الصبيحية) من قرى الكويت على نحو 4 ساعات منها ومنها ذهب الأمير ومن معه على ظهور الجياد فأمعنوا في البرية فوجدوا فيها مواضع فيها قير وزيت حجري وكبريت. ثم رجعوا إلى مواطنهم ولا بد إنهم يرجعون يوماً إلى تلك الأرجاء ليستثمروا ما فيها. 16 - نهب وقتل في أبي الخصيب هجم لصوص في 25 ت 2 على سفينة شراعية لرعايا دولة إنكلترة كانت راسية بالقرب من ممكس أبي الخصيب وقتلوا ربانها وجرحوا أحد توتيتها وأخذوا ما وجدوه فيها من النقود وفروا إلى كوت العضيمي وانضموا إلى اتباعه هناك. فأرسلت عليهم الحكومة طائفة من الجند للقبض عليهم فأبوا الانقياد بل قابلوا العساكر بإطلاق الرصاص وبعد أن ضيق هؤلاء عليهم الخناق فروا إلى البرية ريثما يعود العسكر إلى موطنه فيعود هؤلاء العصاة إلى منكراتهم المألوفة منذ سنين. 17 - صدى الدستور كنا قد قلنا (في 3: 336) إن أولي الأمر منعت جرائد البصرة من الصدور؛ على أن (صدى الدستور) لا يزال يدوي إذ وصلنا منها ثلاثة أعداد بعد المنع المشار إليه. 18 - سد الهندية تم بناء هذا السد المحكم العظيم وجرى الماء من مفاتحه نهار الجمعة 12 ك 1 بحضور

جم غفير من المدعوين والأهالي. وأقيمت أفراح عامة وبلغ الماء الحلة وسر الناس أعظم السرور وبلغت نفقاته 300 ألف ليرة وليس 450 ألف كما وهمه البعض. 19 - احتجاب النهضة بعد أن ظهر من النهضة (البغدادية) 11 عدداً ورد أمر من الأستانة بأقفالها فتوارت عن الأنظار إلى أن يأتيها يوم النشور وعساه أن يكون قريباً. 20 - عبد الله جنباز علمت الزهور أن هذا الرجل الموصلي نشر بياناً دعا فيه أهل البادية إلى القيام على الحكومة وقد بعث بنسخ منه إلى ديار بكر والسليمانية وكركوك وأقضية ولاية الموصل. وقد قبض والي ولاية ديار بكر على عدة نسخ منه وعليها طابع بريد الموصل فأرسل به إلى والي الموصل فكبست دار المخل بالأمن العام وأرسل مخفوراً إلى الأستانة ليحاكم أمام ديوان الإدارة العرفية. 21 - أعراب الشامية كانت قد أنشئت في حاضرتنا لجنة لتحقيق رسم الذرعة وإنصاف الأعراب في الجباية. وأول ما عنيت به هذه الجماعة مسح الأراضي المنوي ذرعها. ولما قدرت الضريبة على هذا المسح ثبت أن الحكومة تخسر 50 ألف ليرة بالنسبة إلى الجباية السنة الماضية. فأراد رئيس الجباة حمل جباية هذا العام على العام الماضي فهاجت الأعراب وثارت في صدورهم ثوائر الغضب وقاموا قومة واحدة على هذه الفادحة وعلى من نواها فلما رأى أصحاب الأمر والنهي في الديوانية تفاقم الخطب طلبوا إلى السماوة مدد جيشها فذهب إليها طابور من الجند ومعهم مدفع. وحاول رئيس الجباة أخذ الأموال الأميرية بالقوة. فلما رأى الأعراب هذا الأمر تألبوا من كل حدب وصوب ونفروا كلهم للذب عن أنفسهم إلا أن عقلاء قبائل الشامية وشيوخها نصحوا القوم ثم ذهبوا إلى ديوان البرق وطلبوا إلى الأستانة مراجعة الصدر الأعظم فوعدهم خيراً والآن ينتظر تحقيق المواعيد وحقن دماء الخلق وإنصاف المظلومين. 22 - الجدري ولى هذا الداء وتصرمت حبال وفادته ولم يبق منه إلا شيء لا يستحق الذكر. 32 - اعتصاب دباغي الاعظمية اعتصب دباغو الاعظمية منذ أوائل المحرم وطلبوا أجرهم بنسبة

ربع ما كانوا يعطون وتركوا العمل إلى أن اضطر أصحاب المعامل إلى تحقيق رغبتهم فعادوا إلى أشغالهم. وكان زعيمهم في هذه المرة أحد خريجي المدرسة الابتدائية سابقاً. 24 - عجمي بك السعدون غزا عجمي بك السعدون عشيرة الضفير على الماء المعروف بالشقراء وأخذهم بأجمعهم وذلك لأنهم كاتبوا بعض الأمراء ليطلبوا منهم مساعدتهم على عجمي المذكور. 25 - الحكم على صاحبي المصباح والنهضة حكمت محكمة بداءة الجزاء على صاحب المصباح البغدادية وهو عبد الحسين أفندي الازري بالحبس شهراً وبخمس ليرات لنقله ما أشيع عن والي بغداد القادم. وحكمت على مزاحم الأمين أفندي صاحب النهضة بالحبس شهراً ونصفاً وخمس ليرات والمنتظر العفو عن الأديبين. 26 - وفاة إسماعيل حقي بك البابان نعى لنا البرق وفاة هذا الشهم الفاضل والكاتب الأديب الضليع في أثناء التدريس في المكتب الملكي ودفن في جامع بايزيد. وكان مبعوث بغداد في السابق فنحن نعزي أقاربه جميعاً ونستمد لهم من الله الصبر والسلوان. 27 - مكتب الاتحاد والترقي للإناث فتح في حاضرتنا هذا المكتب للإناث المسلمات في 25 ك 2 ونتمنى أن تكون الطالبات كثيرات والتدريس على الأصول الحديثة المتعارفة اليوم. 28 - قدوم لجنة لتحديد الحجر الصحي قدم نهار الجمعة 14 ك 2 لجنة تحديد الحجر الصحي بين العثمانيين والإيرانيين وهي مؤلفة من خمسة فضلاء ثلاثة عثمانيون واثنان ألمانيان وعن قريب يسافرون إلى خانقين للقيام بما عهد إليهم. 29 - الشيخ غضبان عفت الحكومة عن هذا الشيخ وعما أتى من المساوئ والفتن قبل بضع سنوات فعاد إلى قصره في لواء العمارة.

العدد 32

العدد 32 - بتاريخ: 01 - 02 - 1914 طاق كسرى بناء شاده ملك كبير ... دعائمه العدالة لا الصخور يذكرني العدالة كيف كانت ... بها تجري على الحق الأمور تسامى مشمخراً بارتفاع ... لديه كل ذي طول قصير كأني بالسماء عليه شيدت ... كطاق حوله الأفاق سور تفرد في الفلاة ولا أنيس ولا خل لديه ولا سمير تعالجه الزعازع وهو راسٍ ... كطودٍ لا يزول ولا يمور فكم عصرٍ نقضي بعد عصرٍ ... وما أبلت معالمه العصور وما قد كان شيد فوق عدلٍ ... فلا تبلى معاليه الدهور إيوان العدالة ين (كسرى) ... وهاتيك (المدائن) والقصور أنت وددت أن تبقى وحيداً ... حواليك الدوارس والقبور أم الدهر الخؤون بذلك أفتى ... وإن الدهر خوان يجور يجاوبني لسان الحال منه ... ولا صوت هناك ولا صفير يد الأيام لم تعبث بمثلي ... وإن أضحت دوائرها تدور ولكن قد رأيت العدل ولى ... وحل مكانه الظلم الكبير فملت إلى التزهد بانفرادي ... ومثلي يفعل الرجل البصير إبراهيم منيب الباجه جي

برس نمرود

وأربعة أثمان من المكاييل المعروفة تنحت من الخشب. وأما الذراع فالمستعمل منها عندهم (الذراع الطبيعية) وهي التي تمتد من رؤوس الأصابع إلى المفرق أي نحو 45 سنتيمتراً. والحاكم نفسه يعين مقدار امتدادها أو طولها على التحقيق. واعلم أنه لا يجوز لأحد أن يعمل الأوزان والمكاييل والمقاييس ما لم يطلع عليها الحاكم ويسمها بخاتمه وقد نقش عليه اسمه أو شعاره دلالة على أنه يجوز العمل بها - وهنالك أشياء تباع جزافاً أو قطراً (أي كوثر كما يقول أهل بغداد) مثل التين والحطب والفحم واللحم والملح وما شابهها فتباع بالتخمين والظن والنظر حسب المراضاة. وبهذا القدر كفاية. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض برس نمرود (تابع لما في 1: 333) لما أخذ وجه الشمس يبدو على الأفق حثنا الشوق إلى أن نسرع في الذهاب إلى زيارة برس نمرود قبل أن تؤذينا شمس الربيع بحرارتها، لأن لا ربيع في ربوع العراق. فما كانت الساعة السابعة صباحاً إلا ونحن على ظهور الجياد العراب المتعودة السير في تلك الأرضيين الجليلة القدر والشان في التاريخ وكأن العناية الإلهية رأت أن لا طاقة لنا باحتمال حر النهار أنشأت سحباً في الجو لتظلنا طول سفرنا مع أن وجه سماء العراق سافر في اغلب أيام الربيع. وما كدنا نخرج من الحلة إلا وهبت ريح غربية غريبة بدأت رخاء ثم ما زالت تشتد شيئاً فشيئاً حتى غدت ريحاً صرصراً حدقت بنا من كل جانب، وأخذت تذر علينا تراباً دقيقاً متلززاً متلبداً. وما كانت الساعة العاشرة إلا وغدت الريح أشد ما تكون. وقامت في وجهنا غشاوة من الغبار الدقيق حتى أنه لم يمكنا أن نرى ما بين يدينا على بعد 20 مترا. ومع هذا كله لم يدر في خلد أحدا منا أن يرجع القهقرى ويعدل عن الإمعان في السير. فما زلنا نصل الوخد بالذميل حتى ضقنا ذرعاً. وكل ذلك لنشاهد ذك البناء القديم الذي يجلب الناس من شاسع الأقطار القاصية. وظللنا سائرين الواحد بجنب الآخر بدون أن نعلم

الطريق التي نسير فيها. وزد على ذلك أننا كنا نلاقي في سبيلنا أنهراً كثيرة وجداول جمة تسقى الأرضيين المزروعة فكانت جيادنا تغوص في وحلها فتتأذى منه، إلا أن ثقتنا بادلتنا كانت عظيمة ولهذا ما كنا نخاف أمراً. لكن لما انقضت الساعات الثلاث وهي المسافة التي بين الحلة وبرس نمرود قلنا لأدلتنا: أين أنتم يا ربع، وأين برس، ها قد مضت الساعات الثلاث ونحن لم نر شيئاً منه؟ قالوا: (لا تخافوا يا قوم بل اتكلوا على الله ميسر الأمور ولولا اشتداد هبوب الرياح الذاريات لرأيتموه.) ومهما كانوا يقولون فإننا ما زلنا نخبط في سيرنا خبط عشواء، في ليلة ليلاء. ولا نصل إلى الغاية المطلوبة. ثم قيض الله لنا أن صادفنا رعاة غنم فسألناهم عن الطريق فهدونا إليها. ومن فورنا عدلنا عن الأولى إلى الثانية. ورأينا أنفسنا للحال بازاء الأنقاض المنشودة، فدنونا منها فإذا هي ضخمة فخمة جليلة. وصف تل برس هو تل شاخص قد اختلف العلماء في سمكه فإن استرابون الذي هو من قدماء مؤرخي اليونان (المتوفى في عهد طيباربوس قيصر في منتصف القرن الأول للمسيح) يقول إن ارتفاع هذا الهيكل الفخم ذي الطباق السبع استادة واحدة (والاستادة هي عبارة عن 185 متراً) وعرضه استادة أيضاً. وذكر فلندرن أن قياس قاعدة برس هو 154 في 194 متراً. أما ارتفاع هذه الأطلال في هذا العهد فأرقام الزائرين لها لا تتفق بعضها مع بعض فإن لنورمان وريش يقولان أن ارتفاعها يبلغ 71 متراً، وفلندرن وكوست يجعلان سمكها 70 متراً ونصفاً. أما أوبر فلا يرى ذهابها في الهواء إلا نحو 46 متراً. وهناك سميط عظيم (السميط آجر قائم بعضه فوق بعض وهو الذي يسميه بعضهم شقة حائط فيه خروق نافذة من الوجه الواحد الآخر على أبعاد متفاوتة قطر كل خرق منها يختلف بين 12،. من المتر ولم يستطع أحد أن يهتدي إلى سبب وجودها. أما صفاح هذا التل الضخم وجوانبه العريضة فقد خددتها الأمطار الغزار، التي تنتاب هذه الديار، في فصلي الشتاء والربيع. والسميط القائم هناك ماثل يستهزئ بالرياح العاصفة، والرعود القاصفة. ويشهد على أن علم الأقدمين

بصناعة البناء والهندسة كان قد بلغ شأواً بعيداً من الإجادة والإتقان. حتى إن الإنسان ليسأل نفسه قائلاً: إذا اجتمع المعاصرون لإقامة بناء من طين وآجر، هل يستطيعون أن يأتوا بمثله متانة وصلابة ولو على هيئة تل ركام كهذا التل الذي يصارع الصوان لو أمكنته الحياة من النهوض والمصارعة؟ كانت مدينة برس تعرف في القديم باسم برسيا أو بضم الباء أو فتحها وإسكان الراء وكسر السين المهملة وفتح الياء المثلثة التحتية الفارسية المشددة وفي الآخر ألف مقصورة. وقد فتحها المسلمون سنة 15هـ (636م) وأشتهر يوم فتحها بيون برس. قال البلاذري (ص 259 من كتابه فتوح البلدان): بعث سعد خالد بن عرفطة على خيل الطلب فجعلوا يقتلون من لحقوا حتى انتهوا إلى برس، ونزل خالد على رجل يقال له بسطام فأكرمه وبره، وسمى نهر هناك بنهر بسطام، وأجتاز خالد بالصراة فلحق جاينوس فحمل عليه كثير بن شهاب الحارثي فطعنه، ويقال: قتله، وقال ابن الكلبي: قتله زهرة بن حوية السعدي وذلك اثبت، وهرب الفرس إلى المدائن ولحقوا بيزدجرد وكتب سعد إلى عمر بالفتح وبمصاب من أصيب. اهـ وقال ياقوت: برس، بالضم، موضع بأرض بابل به آثار لبخت نصر وتل مفرط العلو يسمى (صرح البرس). اهـ. والباقي من المدينة في هذا اليوم أخربه عظيمة مقسومة إلى قسمين هما تلان متجاوران متلاصقان قاعدتهما مستطيلة قائمة الزوايا يعرف الأول منهما وهو الذي على قمته السميط (تل البرس) والثاني باسم (إبراهيم الخليل). فأما (تل البرس) هكذا بال التعريف خلافاً لما هو معهود في لفظه) فكان فيه قديماً (برج برس) أحد مباني بلاد كلدية الشهيرة، وهو البناء الذي ظن فيه أنه (برج بابل أو صرح بابل) المذكور في التوراة. وقد أبقى لنا بخت نصر الملك تاريخ هذا البرج مكتوباً بحرف مسماري مع وصف الأشغال العظيمة التي قام بها ليعيد لهذا الهيكل الضخم مجده السابق وعزه السامق. قال: (أنا بخت نصر ملك بابل، ولدني مردوخ الإله العظيم وأمرني بتشييد معابده. إن الهرم هو أعظم هيكل في السماء وعلى الأرض، وهو مقام مردوخ رب

الإلهة. وأنا جددت مقدسه مكان قرار جلاله بالذهب الإبريز، وجددت برجه ذا الطباق الذي هو مقر الخلد وشيدته بالذهب والفضة ومعادن أخرى، وبالأجر المرصع بالميناء وخشب السرو والأرز، وأتممت زينته والبنية الأولى التي هي هيكل قواعد الأرض القائم بها تذكار بابل قد أتممتها، وأقمت أعلاها بالطاباق والشبه. وأما البنية الثانية التي هي هيكل سبعة أنوار المسكونة القائم بها تذكار برسيا فكان قد شرع في بنائها أول الملوك ولم يتمها إلى أعلاها وبيني وبينه اثنان وأربعون زمناً؛ ثم أهملت دهراً مديداً واعيا الملوك الذين سبقوني مقصدهم من تشييدها، فأجترفتها السيول والعواصف وزعزع زلزال الأرض اللبن وحطم الآجر المطبوخ واتلف لبن الطباق فكان روابي ركاماً فشدد مرودخ الإله الكبير عزمي لإعادة بنائها فأعدتها من غير تغيير في موقعها ولا تعطيل في أسسها. (وفي شهر الختام في النهار السعيد حوطت الطباق من اللبن والطاباق المشوي بأروقة، وجددت السلم المستديرة ونقشت أسمي المجيد على إفريز الاروقة، وقد أسست البناء وجددته على وفق ما رسمه من تقدمني حتى كاد كأنه قد بنى في سالف الأزمنة) أهـ (توفي بخت نصر في نحو سنة 561 ق م) فيكون عمر هذا البناء الماثل منه السميط نحو خمسمائة وألفي سنة. وهذا البرج من أهول ما بناه البابليون واجله خطراً وأعظمه شانا، وكان بمنزلة هيكل سباعي للآلهة السبعة التي يلقبونها بسبعة أنوار المسكونة وكانت له سبع طباق كل طبقة منها خصصت بواحد من تلك الإلهة. فأول طبقة منه وهي السفلى كانت لزحل ولونها أسود. والثانية للزهرة ولونها أبيض. والثالثة للمشتري ولونها بردقاني والرابعة لعطارد ولونها أزرق. والخامسة للمريخ ولنوها قرمزي. والسادسة للقمر ولونها فضي. والسابعة للشمس ولونها ذهبي. وقد ذكرنا أن من الناس من استدل على أن بلبلة الألسنة كانت في هذه المدينة وهم يقولون أن البرج المشار إليه هو البرج المذكور في الفصل الحادي عشر من سفر التكوين وعلى ذلك تحول الحادثة المذكورة هناك من مدينة بابل إلى برسبا. وقد كثرت أقوالهم في هذا البرج وواضعه وعلة بنائه على أنحاء شتى. فذكر يوسيفوس أن واضعه نمرود بناه بعد الطوفان ليلوذ الناس به إذا حدث طوفان آخر. وذهب غريفل إلى أن أول من بناه ملك من أقدم ملوك تلك البلاد أراد أن يكون ذكراً مخلداً للبلبلة أي بلبلة اللغات وذكر أن ارتفاعه اثنتان وأربعون

ذراعاً (أو مقياساً آخر لا يعلم ما هو) وذهب غيره إلى أنه هيكل بعل الذي ذكره هيرودوتس وقال عنه أنه ذو ثمانية أبراج أو طباق بعضها فوق بعض وقد تقدم ذكره. وقال قوم أنه كان بناء عظيما ذاهبا في العنان استلزم لأقامته عدداً غفيراً من العملة وكان المشتغلون فيه في أول الأمر جميعهم بابليين يتكلمون بلسان واحد فألجأتهم الحال لتعجيل العمل إلى أن يستعينوا بعملة آخرين من غيرهم فحشدوا لذلك بنائين ونحاتين من أمم مختلفة يتكلمون بألسنة شتى. فلما كانوا في بعض الأيام هبت عواصف شديدة فنسفت رأس البرج فخيل لهم أن الآلهة فعلت ذلك وبلبلت ألسنتهم فكفوا عن بنائه وشاع هذا الاعتقاد بين الكلدانيين من ذلك الوقت. قلنا: وما هذا القول إلا تشوبه كلام الكتاب الكريم وتحويله عن مجرى معناه المألوف. ويظهر أن برسبا في أوائل الأجيال النصرانية كانت معمورة بالأبنية والهياكل وقد ذكرها استرابون على حالها الأخيرة فقال: (أن برسبا المعروفة الآن باسم بورس أو برس هي من المدن المشهورة بنسج الكتان وفي جملة أبنيتها هيكلان فاخران أحدهما لابولون والآخر لأرطاميس أخته. وقال ويكثر في نواحيها الخفاش وهو أكبر من الخفاش المعروف عندنا وهم يأكلونه وبعضهم يذخره مقدداً ومملوحاً إلى حين الحاجة إليه. انتهى. وكان فيها سابقاً أي في عهد الكلدانيين مدرسة عامرة يدرس فيها علم الكلام وسائر العلوم العالية حتى أنه لم يكن في الشرق كله إلا في وركاء أو أرك. - وقد فتحها عدة ملوك من جملتهم شلمناصر الثالث في نحو سنة 852 قبل المسيح. ثم استحوذ عليها آشور بنيبل (المتوفى سنة 625 ق م) وقد جاء عنه في التاريخ أنه انتصر على شمش سمكين في السهل وأحاط ببقايا جيشه إحاطة السوار بالمعصم في بابل وسبار وبرس وكوثى. وبينما هو يحاصر هذه الثغور المنيعة، إذ أقبل عليه تمريتمو يناجزه فقال آشور بنيبل على ما ورد في الرقم: (ابتهلت إلى آشور واشتر فتقبلا أدعيتي واستمعا كلام شفتي. خرج عليه عبده اندبيجش فكسره في حومة الوغى). فاضطر المخذول إلى أن يفر هارباً إلى نينوى وأصبح في يدي ملك آشور العوبة لا غير. (نعم أنه قبل رجلي الملكيتين وعفر وجهه أمام موطئ قدمي. . . فأنا آشور بنبيبل السمح أقلته من خيانته وأنزلته هو وذريته وبيت أبيه في قصري) ولما رأى شمش شمكين أن حليفه النافذ الكلمة غادره وبقى بدون عضد بعد هذه النائبة الفجائية إنهاض

عظمه ووهنت قواه إلا أنه وأعدوه إلى ما لا غاية من ورائه بل حتى بلغ الذمار وحدث من هذا الحصار مجاعة أكره فيها المحاصرون على أن يأكلوا لحوم أبنائهم وبناتهم ضنا بالحياة. وقد حاول العرب أن يشقوا لهم طريقاً في صفوف الأعداء إلا أن سعيهم ذهب أدراج الرياح فسلم أمراؤهم أنفسهم بشرط أن يستحوا فاستبقوا. . . .) وقد جدد بناء هذه المدينة بخت نصر الكبير الذي شيد فيها أيضاً (بنو) هيكلاً جليلاً وأحاط الحاضرة كلها بنطاقين من الأسوار صداً لغارات العدو. بقيت برس وسائر المدن المجاورة لها بيد خلفاء بخت نصر حتى جاء قاهر ممالك البغي والظلم كورش الكبير فدوخ مملكتي بابل وآشور من جملة ما ذلل لصولجانه وذلك سنة 538 ق م ومنذ ذاك الحين انتقلت تلك الديار إلى الفرس وبقيت بأيديهم مدة طويلة. ولما ظهرت راية الإسلام في العالم أخفقت أيضاً على هذه الأنحاء كما نوهنا بذلك في مستهل هذا المقال وأخرب ما بقي من تلك المباني الجليلة واليوم لا يشاهد منها إلا ركام من الأنقاض والغالب فيها آجر أحمر أو قطع من الآجر قد غشت معظم الحيطان التي تتقوم منها أسس هذا البرج ذو الطباق. وعلى قمة هذا الركام يقوم سميط ثخين كل الثخن علوه قراب عشرة أمتار ومبني بالطاباق وقد ضم بعضها إلى بعض بل شدها شداً محكماً ملاط صبر علة نوائب الدهر وكوارثه لا القير كما قد يمكن أن يتصوره بعضهم. وعند أسفل هذا الحائط صخور متكومة إذا فحصها الباحث عن قرب يراها قطعاً ندرت من الحائط وقد فعلت فيها بعض العوامل النارية فعلاً هائلاً لا يمكن إنكاره. من ذلك: أن الآجر ملوي لياً بل مبروم برماً بدون أن يرى فيه البتة أثر كسر بل يبين انه مصهور صهراً. وقد علا غالب وجهه ضرب من الطلاء لا يعرف كنهه ولهذا اختلف العلماء فيه فمن قائل أنه من حريق وقع هناك. ومن ذاهب إلى أن صاعقة انقض عقابها على تلك الأكوام فصهرتها ذاك الصهر العجيب وليس هذا ببعيد في ديار العراق فإن انقضاض الصواعق على شواهق الأبنية معروف إذ لا تخلو سنة من السنين إلا ويقع حادث أو حادثان من هذا الجنس. فليحفظ. ومما استوقف طائر بصرنا هناك مياه الفرات فإن تغير مجراه على الدوام وتنقله من موطن إلى موطن مما يحير له الفكر. فاليوم قد طفحت مياهه على الأرضيين المجاورة لقرب غوره وإندفان عقيقه بما يجره من الطين والغريل، وأصبح الذهاب من برس

إلى كربلاء من رابع المستحيلات وتبتدئ المستنقعات على بعد مائتي متر من الأخربة وأما في زمان بعثة جسني فإن شواطئ نهر الهندية - (وهو شعبة من الفرات) الذي لم يكن أطول من خمسة أميال - كانت على بعد سبعة أميال عن برس نمرود. أما غوره هناك فليس ببعيد لأن أحد الرجال كان يخوض فيه خوضاً الماء دون نطاقه. ونختم كلامنا عن برس بإيراد ما قرأنا وسمعنا من غرائب الخواطر وهي: أن برس نمرود الذي قد قذف به النوى في قلب الصحراء كان في سابق العهد من الأبنية الداخلة في نطاق بابل. وذهب آخرون إلى أنه كان بين برس وقصر بخت نصر سرب عظيم يجمع الأول إلى الثاني مع أن المسافة بينهما نحو من 20 كيلو متر. ورأى فيه آخرون أنه هيكل (نبو) الذي تكلم عنه اشعيآء في سفره الجليل وكانت بابل تفتخر به ومهما يكن من هذه الأقوال فإن برس كانت داخلة في نطاق سور بابل الخارجي كما كانت كوثى ربى. وهذا ما تشهد عليه الرقم التي وجدها الباحثون وقرأها علماء الغرب. من ذلك ما جاء في الرقيم الذي أتت به شركة الهند وهذا معرب نصه: (بنيت في بابل إكراماً للمعبودة الكبرى (وأسمها عندهم زرفنيت) الوالدة التي ولدتني (هيكل معبودة قمة الجبال) وهو قلب بابل. وترى أخربة هذا الهيكل إلى اليوم في الموطن المعروف باسم القليعة (مصغر قلعة) بقرب الحلة. وقد وجد الناقبون هناك كتابة تحوي تخصيص الهيكل للآلهة المذكورة مع اسم بانيه وهو نبو خذ نصر. (ولقد شيدت في بابل بالقير والآجر تبعاً لأصول البناء إكراماً للآلة نبو الرب المطلق واهب صولجان العدل ليسوس طوائف الناس. (هيكل واهب الصولجان) هيكلاً له. (وبنيت في بابل للآلة سين (القمر) وهو الذي يلهمني الحكم والقضاء في الأمور هيكل (الضياء الأعظم) داراً له. (وأقمت في بابل بالقير والطاباق إكراما للآلة الشمس (وهو مذكر عندهم) الذي يوحي إلى قلب شاعرة العدل (هيكل قاضي العالم) هيكلاً له. - وكان هذا البناء في المحل الذي يعرف اليوم بمشهد الشمس وهو في ظهر الحلة.

(وبنيت في بابل على هيئة كوس أم إمام بالقير والآجر إكراماً للآلة رمان (وزان حلال) الذي يفيض الخصب في بلادي (هيكل مانح الاضطرابات الجوية) هيكلاً له. (وابتنيت في بابل بالقير والآجر باء يكاد يكون مصمتاً إكراماً للمعبودة الكبرى (وأسمها عندهم نانا) التي تشرح صدري وتشد أزري (هيكل الأعماق وهيكل الجبال العالية) هيكلين لها. (وبنيت عند دخولك سور بابل بهيئة كوس إكراماً لربة دار السماء الملكة الشفيعة على هيكل (كيكفان) هيكلاً لها. ورفعت في برسيا هيكلاً للآلة (أدار) محطم أسلحة أعدائي. (وبنيت في برسبا إكراماً للمعبودة الكبرى (نانا) التي تتقبل أنشودتي (الهيكل الأكبر وهيكل الحياة وهيكل النفس الحية) أعاجيب ثلاثاً لهاز. - (وهذه الهياكل الثلاثة التي تشير إلى المزية القمرية مزية المعبودة نانا وإلى أوجه الكوكب في هلاله وبدره ومحاقه كانت تحت هدف واحد اسم أنقاضه اليوم (تل إبراهيم الخليل) قريباً من برس نمرود. (وشيدت في برسيا بناءً ركاماً هيكل الإله رمان الذي يفجر في بلادي صاعقة النبوة. فهذه الأبنية والهياكل كانت كلها متجاورة في بقعة بابل، وقد أتينا بذكرها ليعلم القارئ ما كانت عليه تلك الأرض في سابق العهد وإلى ما صارت إليه في هذا الزمن. فسبحان الذي يغير ولا يتغير الأب يوسف لويس الكرملي

أيها الأمل

أيها الأمل رأى ناظم هذه الموشحة البديعة فقيراً في أحد أزقة بغداد وقد أنهكه المرض فأشرف على الهلاك وهو يئن وفي خلال أنينه كانت تبدو منه كلمات تفتت الأكباد وتلين الجماد وهو لا يزال يرددها. ومحصلها: (لولا الأمل الذي عشت به لمت قبل خمسين سنة). وبعد أن سمع الشاعر تلك الكلم أخذ ينقب عن أمر الفقير فقيل إنه من البيوتات القديمة وكان لقومه حظ عظيم من الغنى ثم انقلب بهم الدهر حتى أدبر عنهم بتاتاً وانتهى بهم إلى أسوا حال. فقال: (لغة العرب) ضحكت فأشرقت يوم الجزع ... فيالك من ضاحك مبتسم هو العيش ليل وأنت القمر ألا لا ولكن بك المستقر فأنت الصفاء وأنت الكدر وأنت المصادي إذا ما فجع ... زمان يجور بخطب ملم لوجهك تعنو صروف الحياة فمن رائحات ومن غاديات ولسن وإن جرت بالعاتيات ولا بللواتي يزن الخدع ... فيذهبن عنك ذهاب الأصم بنورك يبتهج العالمون وبالجد ينتعش الميتون فما لا يكون وما قد يكون إليك انتهى وإليك انقطع ... فأنت الحكيم وأنت الحكم كأنك روح لهذا الوجود فمنك النحوس ومنك السعود وفيك النزول وفيك الصعود وأنت الشهود وأنت الجمع ... وأنت الوجود وأنت العدم فلولاك ما نهض العالم ولا قام من بينهم قائم ولا كان ظلم ولا ظالم

ولا كان صنع ولا مصطنع ... ولا كان عزم ولا كان هم ولا بلغوا غاية الاكتشاف ولا أكثروا بانقضاء الطواف كأنهم فيه طير صواف تروح إلى حيث لا مرتفع ... ولا النسيم الرياح نسم ولا استخدموا بالبخار الحديد ولا قربوا كل مرمى بعيد ولا دخل الناس طورا جديد فما في أخلاقهم من طبع ... ولا في نفوسهم من قزم ولولاك لم يسع في الأرض ساع ولا بلغ الناس طور النزاع فهذا مريع وهذا مراع وقد جعلتهم في البدع ... وخالفت ما بينهم في الشيم ولولاك مات عديم الثراء ومات السخي ومات السخاء ومات العلاء ومات الإباء ومات المسود والمتضع ... ومات الفخار كموت الهمم بك انتظمت ماربات الورى فمن تجره أنت منهم جرى قليل ألانى مستحث السري يضيع بعزمته أو يضع ... إلى حيث يبلغ بعض النعم خفيت فما تمتري في وضوح ولم يدر كنهك يوما سطيح ولا كان شق يقول الصحيح ولكنه خبر منقطع ... يعدونه من ضعيف الكلم إليك العوالم تلقى المراس لأنك في كل أمر أساس

طوب أبو خزامة

فلم يدركوك بوضع القياس ولم يلج الباب من قد قرع ... ولم يعلم الأمر من قد علم كأنك معني بمعنى الحياة وفيك غموض خفي الصفات أيعجز معناك أهل الحصاة وقد بلغوا مبلغا مرتفع ... من العلم والأدب المحترم على بابك القوم قد هوموا فضل الجهول ومن يعلم فلو يعلمون وهم نوم بفحوى معانيك ولم يرتدع ... من القوم من لم يكن بك الناس تبلغ أوج العلى ويدرك من نزلوا من علا فيجمع تلو إلى من تلا ويدنوا الأذل إلى ذي الرفع ... فيبلغ شأواً منيع القمم لا أنت العناء وأنت الدعة وأنت المضيق وأنت السعه وأنت العلو وأنت الضعة وأنت الأمان وأنت الفزع ... وأنت عزيمة من يعتزم غمضت كما تغمض الكهرباء فما كان يبرح عنا الخفاء ولم يبد فيما تسر بداء لنا أو لمن سار سيراً سرع ... فزلت به في الطريق القدم محمد الهاشمي طوب أبو خزامة 1 - تمهيد لما استولى الشاه عباس الصفوي على بغداد في نحو سنة 1033هـ -

1623م وذلك بعد حصاره إياها مدة ثلاثة أشهر وكان استيلاؤه عليها بخيانة ابن بكير رئيس الشرطة وبعد أن دخل الشاه المدينة وملكها أمر بقتل الخائن (ابن بكير أغا) فقتل ثم بقى الحكم للشاه ومن يوليه أمرها من رعيته إلى سنة 1048هـ. وذلك أن السلطان مراد خان العثماني قصدها بجيش جرار كامل العدد والعدد فحاصرها (في 8 رجب سنة 1048هـ 15 ت 2 سنة 1638م وكان يشتغل بنفسه في أعمال الحصار الشاقة تنشيطاً للجند. وسلط على أسوارها المدافع الضخمة التي نقلها إليها ولما فتحت المدافع فيها فتحة كافية للهجوم أصدر السلطان أوامره بذلك فهجمت الجيوش كالليوث الكواسر (كذا) في صبيحة 18 شعبان سنة 1048هـ - ك1 1638م ولم يثنها قتل الصدر الأعظم (طيار محمد باشا). . . بل استمر الحرب 48 ساعة متوالية ختمت بانتصار الجنود العثمانية) ولما دخل الجند العثماني بغداد وملك زمامها السلطان مراد خان ولى عليها من قبله والياً هو كجك حسن باشا (أو حسن باشا الصغير) وبعد أن تم ذلك رجع السلطان مراد إلى من حيث جاء وقد ترك المدافع التي أتى بها من الأستانة والتي غنمها من الشاه عباس لينتفع بها عند الحاجة إليها ولتصد عن بغداد هجمات العدو وإلى اليوم تراها مطروحة في قلعة (الطوب خانة) وقد أخبرنا أحد ضباط المدفعية أن الحكومة تريد نقلها إلى الأستانة لتوضع في محل التحف والآثار القديمة. 2 - وصف (طوب أبو خزامة) ومن تلك المدافع المار ذكرها مدفع (يسمى أبو خزامة) وهو اليوم في محلة الميدان في الجانب الشرقي من بغداد أمام باب (الطوب خانة) الشرقي (أي باب قلعة المدافع) على دكة تعلو الأرض نحو نصف ذراع يبلغ عرضها نحو 4 أمتار في طول 8 أمتار وفي كل ركن من أركانها الأربعة مدفع صغير مركوز في الأرض من فوهته ومربوط بأطراف هذه المدافع العليا سلسلة حديد بغلظ الزند توصل الواحد بالآخر فهي شبه سور (لطوب أبو خزامة) والمدافع شبه أبراج ومشدودة بتلك السلسلة كثير من الخرق وفي رأس مدفع من المدفعين اللذين مما يلي الشرق فانوس وضعته الحكومة ليسرج في ليلة الجمعة.

وهذا الطوب (أعني طوب أبو خزانة) مصنوع من الصفر أي النحاس الأصفر (البرنج) والحديد وهو مضطجع على مرقد في وسط الدكة السالفة الذكر. والمرقد عبارة عن جذوع نخل لم تبلها الأيام لأنك تراها على حالتها الأولى في أول وضعها. وللمرقد المذكور دولابان من الحديد قد نزل نصفهما في الأرض لمرور الزمن عليهما ولما عليهما من ثقل الحديد وعند فوهة (طوب أبو خزامة) أربع قنابل ثلاث منها في الأسفل والرابعة قائمة عليها محيط كل منها 29 س ويبلغ طول (طوب أبو خزامة) 4 أمتار و44 س ومحيطه من مؤخره مترين و4 س ومحيطه مما يلي فوهته متراً و44 س وقطر فوهته 48 س ومكتوب على ظهره مما يلي فوهته بالحرف المركب البارز ما نصه: (مما عمل برسم السلطان مراد خان بن (كذا) السلطان أحمد خان) ووراء الكتابة المذكورة أربع سمكات صغار وأربعة أنجم ووراءها في الوسط عروتان مقوستان محيط ل منهما نحو 50 س فيهما خرق مشدودة - ترمز إلى ما يطلبه الزائرون من الأماني وكذلك قل عن الخرق المشدودة في السلسلة المتقدم ذكرها - وفي جنبه الأيسر (أعني طوب أبو خزامة) مما يلي العروة انخفاض محيطه 28 س وغوره نحو 3 س ووراء العروتين السالفتي الذكر أربع سمكات كالتي تقدم ذكرها وكذلك خمسة نجوم وهلالان صغيران ووراء الأسماك والنجوم والأهلة على ظهر الطوب الذي نحن بصدده مما يلي مؤخره مكتوب بالحروف المركبة البارزة ما نصه: (عمل على كتخداي جنود بردركاه عالي سنة 1047) معناه عمل على الذي هو رئيس الجنود في الباب العالي (أي باب السلطان وقد ساعدنا على قراءة الكتابة المذكورة وتعريها شكري أفندي الفضل وفي مؤخرة شبه ذنب ينتهي بكتلة مخروطة الشكل وفي فوهته مما يلي داخله صدع (أي شق طبيعي) غير سوي. 3 - ما يرويه العامة في شأن أخذ بغداد و (طوب أبو خزامة) يحكي الشيوخ من العامة أنه لما أخذ الشاه عباس بغداد واستقر بها منع كل فرد من الذهاب إلى الأستانة وبث الرص والعيون في جميع الطرق المؤدية إليها ثم أنه جعل حضرة الشيخ عبد القادر وحضرة المعظم (أي النعمان بن ثابت أحد أئمة المذاهب الأربعة) وحضرة الشيخ معروف الكرخي والشيخ عمر السهروردي مرابط لخيله وبغاله ولما رأى أهل بغداد ذلك استشاطوا غضباً فخاطر رجل من بيت السويدي

بنفسه وصمم على الرواح إلى القسطنطينية وإذا أحس به أحد فإنه يفدي نفسه لهذا السبيل فتزيا بزي درويش إيراني وذهب إلى إسلامبول ولما وردها تخارس لأن أهلها أيضاً منعوا دخول كل من يأتي من نواحي العراق كي لا يسمع السلطان بخبر سقوط بغداد فيسوق إليها الجنود ثم أن السويدي لما دخلها (أعني الأستانة) بقي متخفياً مدة أيام إلى أن توصل إلى خطيب جامع السلطان فظل عنده بصفة طالب علم وخادم له. وفي ذات يوم مرض الخطيب وكان يوم جمعة فلما حان أوان الخطبة والخطيب مريض لم يطق القيام فضلاً عن المسير فتحير في أمره ولما رأى السويدي منه ذلك اغتنم الفرصة وقال له: أنا أنوب عنك خطيباً هذا اليوم فسر بذلك الخطيب لما علمه من علم السويدي وفضله ثم ذهب إلى الجامع ولما رقى المنبر نادى بأعلى صوته: أيها المؤمنون المسلمون إن الدين قد ذهب وإن بغداد قد ضبطها الشاه عباس وربط خيله وبغاله في حضرات أئمتها وفعل من المنكرات مالا يوصف ولا يخطر على بال إنسان. فلما سمع الحاضرون كلامه ضجوا بالتكبير وأخذوا بالصراخ والعويل فأخذه السلطان إلى داره وأستقصه القصة من أولها إلى آخرها. ثم بعد ذلك نادى منادي السلطان في الأستانة أن لا يصحبه من عسكره إلا الكهول والذين يغرز المشط في لحاهم فأخذ الشبان والكهول لا غير وبعد أن تجمع العسكر، سار به قاصداً بغداد. ولما صار قرب سامراء، أراد أن يجعل عليهم قائداً محنكاً، ويذهب هو إلى بغداد متجسساً فأخذ يسأل كل من يرى فيه اللياقة للقيادة: أين بغداد؟ فيجيبه القائد: على بعد يوم منا مثلا، فيأمر بقطع رأسه ثم يسأل الآخر فيجيبه على بعد يومين فيأمر بقطع رأسه أيضاً وهلم جرا حتى قطع رؤوس جماعة من القواد وقد تحير الباقون في جوابه ثم باتوا تلك الليلة وكان عند أحدهم ابن في الثامنة عشرة من عمره ولشدة حبه إياه لم يطق فراقه فوضعه في صندوق يستطيع أن يتنفس فيه وأخذه معه وكان إذا جن الليل يخرجه من الصندوق ويجلس هو وإياه يتسامران وفي تلك الليلة رأى الفتى وجه أبيه متغيراً فقال له: ما بالك يا أبتي؟ فقال إني. سأقتل غداً. فقال: ولم؟ فقال إن السلطان ألقى على القواد سؤالاً وهو: كم المسافة بين سامراء وبغداد

وكل من أجاب من القواد بقليل أو كثير أمر بقتله وغداً دوري ولم أدري ما الجواب لأني اعلم أن السلطان قاتلي لا محالة إن زدت أو نقصت فقال الغلام: أهذا يهمك يا أبتي؟ فقال له الوالد: وكيف لا يهمني يا بني سؤال فيه القتل فقال له إذا دعاك السلطان غداً وسألك عن المسافة فخذ اللواء بيدك وأركض بفرسك وقل بغداد تحت حافر هذا الجواد ولا بأس عليك. ولما كان النهار دعا السلطان القائد المذكور وسأله عن المسافة بين بغداد وسامراء ففعل القائد كما قال له ابنه فاستحسن ذلك السلطان وقال: الآن وجدت ضالتي ثم دعا ذلك القائد وقال له صدقني من علمك هذا ولك الأمان فقال أن لي ابناً أحبه حباً شديداً ولفرط غرامي به لم أطق فراقه فوضعته في صندوق وإذا جن الليل أخرجنه وسامرته (لأنك منعت ذلك وقلت من أتى بصبي قطعت رأسيهما) وفي هذه الليلة رآني ولدي في ضيق فسألني عن حالتي فقصصت له القصة فدبر لي هذا الأمر فقال له السلطان أين ابنك؟ فقال هاهو في الصندوق فقال ايتني به فأتاه به فلما رآه إستسماه فقال له الحدث اسمي كنج عثمان (أي عثمان الحدث) فقال له السلطان ألم تسمع أني أمرت بقتل كل من لا يغرز المشط في لحيته فكيف جئت إلا تخاف القتل؟ فقال يا حضرة السلطان أنا لست كما ترى بل أنا شيخ من الشيوخ فقال له السلطان إن كنت صادقاً فخذ هذا المشط واغرزه في لحيتك ولشدة خوفه من السلطان تناول المشط وأثبته في لحم خده فقال له السلطان أين لحيتك فأنا لا نراها في وجهك فقال لحيتي في داخلي (بطني) فقال له السلطان: كيف عرفت ذلك فقال له إني سمعت أنك تقتل كل من أخبرك عن المسافة سواء كانت بعيدة أو قريبة فعلمت أنك لا تريد أن تعرف المسافة ولكنك تريد أن تمتحن همم الرجال وأفكارهم. فقلت لوالدي هذا القول لأن الجواد إذا سار لا يبعد عنه شقة فكأن بغداد تحت حافره فقال له أنت طلبتي فولاه السلطان القيادة وأعطاه اللواء الكبير ثم أن السلطان مراداً ترك الجيش في سامراء وسار قاصداً بغداد راجلاً ولكنه تزيا بزي درويش إيراني لكي لا يعرف أو لا يظن فيه ظن سوء ثم إنه ما زال سائراً على رجله حتى ورد أرض عجوز هناك وضافها فاحتفلت به العجوز وقامت بضيافته (كما هي عادة الأعراب في خدمة الضيوف) ولما سار السلطان من عندها أراد أن يكرمها مكافأة لضيافتها إياه فقال لها ما الذي تريدين من الأراضي والعقار فإني صديق السلطان

فقالت: إذا كنت صديق السلطان كما تقول فإن لي دواب لا يتركها الرعاة تسرح في هذه الأرض فأطلب إليك أن تكلم السلطان بذلك. فقال: من أين إلى أين تريدين فقالت: (من حسحوس لدوب السوس) فقال لك ذلك ثم أنه أخرج من جيبه ورقة وكتب ما طلبت ووقع عليها ثم ناولها الورقة وقال لها أنا ذاهب إلى بغداد وسيأتي السلطان مع الجند بعدي فإذا جاء السلطان ودخل بغداد فأتى بورقتك هذه إليه وأعطيها إياه فسيجري ما تريدين. ثم سار السلطان وما زال سائراً حتى دخل بغداد ولما دخلها ذهب رأساً إلى السراي وأخذ ينشد الأشعار الفارسية بأطرب الألحان (كما هي عادة الدراويش من الفرس) ولما سمع صوته الشاه دعاه إليه وقربه منه ثم أنه قال للشاه هل لك أن نلعب أنا وإياك في الشطرنج؟ فقال: نعم. ثم إن الشاه دعا بالشطرنج فأتى به وأخذا يلعبان وبعد ساعات غلب السلطان مراد مناوئه الشاه عباساً ثم إنه ضرب (شاه) الشاه بفرزانه وقال (الشاه مات) وقام مسرعاً وخرج من السراي وفي حينه دخل بيت العجوز وأعطاها مقداراً من الدراهم وقال لها ابتاعي لي نعجة وأتي بها الساعة فذهبت تلك العجوز واشترت له شاة وأتت بها إليه فذبحها السلطان مراد ووضع دمها في طست ثم إنه جلس على حجر رحىً في بئر ووضع طست الدم على رأسه ولما انتبه الشاه لقول السلطان مراد وهو: (الشاه مات) تيقن أن هذا الدرويش ليس هو في الحقيقة درويشاً ولا بد من أن يكون السلطان مراد خان أو أحد وزرائه ثم أنه دعا المنجم وقال له: أريد منك أن تعرف بحساب الرمل والتنجيم من هو هذا الدرويش أين ذهب ثم أن المنجم أخذ بالحساب وبعد

ساعة من الزمان قال للشاه: إن هذا الدرويش هو السلطان مراد وهو الآن جالس على جبل بين بحر من الدم وبحر من الماء؛ فتحير الشاه والحاضرون من قوله ثم إن الشاه أمره أن يعيد الحساب مرة أخرى لعله واهم به فأعاده مرة ثانيةً وثالثة ورابعة حتى المرة العاشرة والحساب ينتج تلك النتيجة. ثم إن الشاه طرده وصرف هواجسه في أمر السلطان العثماني وبعد يوم خرج السلطان مراد متخفياً من بيت العجوز في بغداد ليلاً وذهب إلى جنده ولما التقى بالعسكر قص عليهم قصته. ثم إنهم ساروا حتى وردوا بغداد فحاصروها وبقوا في حصارها مدة مديدة حتى تعسر عليهم فتحها وكاد السلطان مراد يخفق في مسعاه وينتقض ما أبرمه من الأمر فحرج صدره لذلك وصدور جميع من في المعسكر وفي ليلة من الليالي طاف الشيخ عبد القادر الكيلاني دفين بغداد على كنج عثمان (القائد العام) وقال لهم: مالي أراكم في ضيق واضطراب؟. فقال له كنج عثمان: قد أعيانا فتح بغداد وقد نفدت قوانا وذخيرتنا فقال له الشيخ عبد القادر: إذا كان الغد اذهب إلى السلطان مراد وقل له أن أعمل مدفعاً كبيراً. ولما بزغت الشمس، ذهب القائد المذكور إلى السلطان وأخبره بالخبر. فقال له السلطان: من أين لنا أن نأتي بالحديد ونعمل مدفعاً وليس عندنا منه شيء؟ وفي الليلة الثانية أيضاً طاف الشيخ عبد القادر على كنج عثمان وقال له: ألم أقل لك اعملوا مدفعاً من الحديد؟ لم لم تعملوا ذلك؟ فقال له: يا مولاي ليس عندنا شيء من الحديد. فقال: خذوا انعل خيولكم ومرابطها الحديدية وصبوها. وعند الصباح اخبر كنج عثمان السلطان بذلك، فأمر السلطان بجمع النعال والمرابط ولما جمعت وأذيبت تحيروا في كيفية صبها ولم يهتدوا إلى قالب يفرغونها فيه. وفي الليلة الثالثة طاف أيضاً الشيخ عبد القادر على كنج عثمان المذكور وقال له: لم لم تصبوا ما ذاب من الحديد فقال له: يا حضرة الشيخ إننا لا نعرف كيفية صبه فقال له الشيخ: خذوا خشبة وابنوا عليها غلافاً من الطين شبه كوارة الطعام ثم صبوا ما ذاب من الحديد فيها وبعد أن يجمد ما افرغ في الكوارة اكسروها واستلوا منها الخشبة تكن حينئذٍ مدفعاً تاماً لا ينقصه شيء. وفي الصباح ذهب كنج عثمان المذكور إلى السلطان وقص عليه ما رآه في المنام فبادر السلطان إلى العمل حتى أتمه ولما لم يكن عندهم من البارود والقنابل شيء أخفقوا في مسعاهم وباتوا في هم واضطراب وفي تلك

الليلة وهي الرابعة طاف أيضاً الشيخ عبد القادر على كنج عثمان وقال له: لا يهمكم نفاد البارود والرصاص فاجعلوا بدل البارود التراب وبدل القنابل قطع الصخور وارموا بها العداء فإنها ستقع عليهم أشد وقعٍ من البارود والرصاص وإذا تعسر عليكم الفتح ولم تقدروا أن تثغروا ثغراً في سورها فسأقف لكم غداً على قمة قبتي بصورة بازِ أشهب فإذا رأيتموني صوبوا المدفع إلي واقذفوني بما فيه ثم ارموا رمية أخرى على السور تلثم منه ثلمة واسعة فادخلوا المدينة عنوة ولما أسفر الصبح عن وجهه أسرع كنج عثمان إلى السلطان واخبره بالخبر وحينما طرق سمعه ذلك باشر بالعمل كما أمر الشيخ عبد القادر وفي الضحى رأوا على رأس القبة (بازاً) أشهب فوجهوا إليه المدفع ورموه بقذائفهم وكانت من التراب والصخور ثم أنهم وجهوا المدفع إلى السور ورموه رمية أخرى وما خرجت تلك الصخور مع التراب من فم المدفع إلا وإنهدم من قواد السلطان مراد يفتك في الأعداء بسيفين بعد أن قطعوا رأسه وما زال يقاتل على هذه الحالة حتى نظرت إليه امرأة من على طوار الدار فقالت يا للعجب رجل يقاتل بسيفين ورأسه مقطوع! ولما نادت بهذا النداء سقط من على ظهر الجواد إلى الأرض وخر صريعاً فدفن في موضع مصرعه وهو في المحلة المعروفة اليوم بمحلة (أبو سيفين) إحدى محلات بغداد وأكثر سكانها اليهود. أما كنج عثمان فإنهم يقولون عنه أنه لما دخل بغداد وكان حاملاً لواء

الجند العثماني وقد قطعت يداه بقي العلم يمشي أمامه بلا حامل يحمله ولا ماسكٍ يمسكه حتى رآه أحد الناس فدهش به وعند ذلك هوت الراية إلى الأرض وقتل كنج عثمان ودفن في الموضع الذي سقط فيه وهو اليوم بقرب باب سراي الحكومة (أي دار الإمارة) مما يلي الشمال الغربي على بعد 9 أمتار منه وله حجرة عليها قبة وفي وسطها ضريح عليه مشبك من الخشب طوله متر و80 س في عرض 90 س في ارتفاع متر و10 س وعليه ستار أخضر اللون وقد ركز في أركان المشبك الأربعة أربعة أعلام خضر وفي رأسي علمين منها رمانة من النحاس الأصفر وفي رأسي العلمين الآخرين شبة كف من نحاس أيضاً. وفي أعلى الشباك المشرف على الطريق الكائن في جنب باب الإسطبل المعروف (بطولة الضابطية) أي إسطبل رجال المبذرقة مكتوب على خارجه بالقاشاني الأبيض يتخلله الأزرق ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم. إلا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. رئيس الشهداء. كنج عثمان. قد عمر هذا المكان صاحب الخيرات حسن باشا سنة 1133هـ (1721م). ويزوره الناس من أهل السنة والجماعة وينذرون له النذور وتشعل الشموع على قبره في ليلة كل جمعة. 4 - معتقد العامة في طوب أبو خزامه وكيفية زيارتهم إياه. يعتقد العامة في طوب أبو خزامه ما يعتقدونه بالأنبياء والأولياء ويزعمون أنه ولي من أولياء الله تعالى فلذا تراهم يزورونه ويتبركون به ويطلبون منه تحقيق أمانيهم وتجد دائماً خرقاً معقودة بسلسلة الحديد والعروتين السالفتي الذكر وهذه الخرق ترمز إلى الأماني (أو المراد) ومن اعتقاداتهم فيه أنه لا يخيب قاصداً قط وفيهم كثيرون وينذرون له النذور ويسرجون حوله الشموع في ليلة كل جمعة وأكثر زواره وقصاده النساء وأكثرهن من أهل السنة والجماعة. ولا تقصده منهن إلا المرأة العقيمة فتمر أحشاءها عليه كي يعطيها ولداً. أو المقلات التي لا يعيش لها ولد فتأتي إليه بالمولود وهو ابن سبعة أيام وتدخله في فوهته وتخرجه تفعل ذلك ثلاث مرات. ثم تتوسل إليه أن يطيل الله عمر ولدها وتنذر له النذور وتفي بنذرها أن أعطاها مرادها. ومنهن (أعني من النساء) من في عينيها رمد فتأتيه قاصدة إياه للاستشفاء ببركته فتدخل رأسها في فوهته وتخرجه ثلاث مرات ثم تغسل شيئاً أو من السلاسل التي حوله بقليل من الماء وتداوي بها عينيها ثم تنذر له نذراً وإن زال الرمد منها وإذا تم ذلك وفت بنذرها

المال حاكم

في الحال ويعتقد مثل هذه الاعتقادات بعض الأغرار من الرجال لا سيما الأكراد منهم. 5 - خرافاتهم في طوب أبو خزامه يزعم ضعفاء العقول في الانخفاض الموجود على ظهر المدفع إن هذا المدفع توقف عن السير يوم الحرب فغضب عليه السلطان مراد وضربه بجمع (أي بكف مجموعة أصابعها إلى راحتها) فحصل من تأثير ضربة السلطان هذا الغور. ويعتقدون في الصدع الذي في داخل فوهته أن هذا المحل هو مكان أنفه الذي كان فيه خزامة ولما استعصى على السير نتله السلطان مراد من خزامته فخرم أنفه وهذا أثر الخرم باق إلى اليوم. ويذهبون في وجود تسع السمكات الموجودة على ظهره إلى أن السلطان لما خرم أنفه غضب المدفع ورمى بنفسه في دجلة فخاض عليه السلطان مراد وأخرجه واسترضاه ولما خرج بانت على ظهره هذه السمكات ملصوقات إشارة إلى إنه ألقى نفسه حقيقة في دجلة لما سكن من غضبه ورضى على مراد خان أخذ السلطان ينثر له الدخن في ممره على الأرض ليسهل مروره عليها وهو ينساب الهوينا وفي أثناء الحرب نفذ ما عند الجند من البارود والرصاص والقنابل فأخذ الطوب يلهم التراب والحجارة من الأرض ويقذف بها الأعداء فتقع عليهم أشد من وقع القنابل الحقيقية والبارود الحقيقي عليهم وما زال هذا دأبه حتى فتح الله عليه. هذا خلاصة ما تعتقده العوام في (طوب أبو خزامة) وما يحكمونه من الأسباب التي سهلت للسلطان مراد خان فتح بغداد. وفي العراق كثير من مدافن الأئمة والمزارات التي هي أشباه (طوب أبو خزامة) لا بد أن نأتي على ذكرها في فرصة أخرى ولله في خلقه شؤون. كاظم الدجيلي المال حاكم وجدت ذات ليلة في مجلس كان فيه جماعة من الأحباب، يسحر كلامهم الألباب، فأخذنا نتجاذب أطراف أحاديث الأسبوع، حتى أدى بنا الموضوع إلى ما أحدثته يد الدهر من المصائب والأهوال التي يشيب لها الأطفال. ثم أنتثر عقد الجمع فانطلق كل واحد إلى بيته ورجعت أنا أيضاً إلى منزلي منزعج النفس مكدر ماء الخاطر فاضطجعت على فراشي وأفكاري في اضطراب عظيم ولا اضطراب

البحر المتلاطم بالأمواج. فبينما أنا خائض عباب ذلك البحر والوساوس تتقاذفني وتلعب بي كل ملعب أقبل عليّ قاضي الوسن فحكم عليّ بالنوم ولم أعد أشعر بعدئذ بشيء من الهم والغم. وبينما أنا في تلك الحالة رأيتني كأنني أحوم حول بلد لم أر مثله في عالم اليقظة ثم دخلته فرأيته على غابة من الرقي والتمدن. فأخذت أطوف في أزقته وأسرح طائر النظر في معاهده وأبنيته وما حوته من النفائس والمآثر والحلل والأمتعة والخيل المسومة والأنعام الحسنة حتى سدر بصري وطاش سهم فكري وذلك لأني رأيت بجانبي قصراً شامخاً رفيع البناء مزيناً بأنواع الرياش الفاخرة تنيره الكهربائية الساطعة الضياء. وهناك رايات وأعلام مختلفة الأشكال تخفق على مرتفعات القصر. وكانت جدرانه من الداخل مفروشة بمنسوجات الحرير وأعمدته مغشاة بالبز الوهاج. يطوف حوله حرس من الجند موكلين بحفظه فأتيت أحدهم وخاطبته برفق وقلت له: لمن يا أخي هذه الدار المشيدة؟ قال إنها لسيد هذا البلد الأكبر. وإن أنت اختفيت في موضع لا يراك منه أحد تشهد حضور هذا السلطان العظيم. ففعلت بما أشار به عليّ وكمنت في غار كان هنالك يبعد عن القصر نحو قيد غلوة. وبينما أنا أترقب تلك الساعة العظيمة إذ سمعت أنغاماً عجيبة تلتذ بها الأسماع وتألفها القلوب النافرة. فاقبل جند لا يحصى عددهم وعلى أكتافهم البنادق وفوق رؤوسهم تخف الأعلام. ولما قربوا من القصر انقسموا شطرين كل شطر على جانب وقد اجروا ذلك بانتظام عجيب وأسلوب غريب. ولما دنا الملك صدحت آلات الطرب كأنها تسلم عليه وأجرى الجند مراسيم الاحترام لسيدهم الهمام حينما رأوه يخرج من القصر فإذا هو رجل جليل واسع الصدر صبيح الوجه ذو هيبة ووقار على رأسه إكليل مرصع بأنواع الجواهر ومن حوله عدة رجال كل منهم كالضرغام وقد شهروا بأيديهم البواتر وهم يمشون أمامه وخلفه يسرة ويمنة فلما رأى تلك الصفوف المعبأة رفع يده فسلم عليهم وهو يمر أمامهم ويشجعهم بألفاظ تتقد حماسة. ولما رأيته يمعن في السير خرجت من مكمني وما زلت أتتبعه عن بعد حتى رأيته أتى ضاحية المدينة فأتى له بكرسي فاخر وضعوه على أشرف مكان هناك وشرع يتكلم بكلام جهوري ترتعد له فرائص الأرض ومن جملة ما سمعته وحفظته قوله: أنا الحاكم الأكبر، أنا الذي تطاطئ لسطوتي رؤوس

العوالم، أنا الذي أقيم الدنيا وأقعدها. أنا زينة النفوس الدنيوية التي جعلت هذه الحياة أقصى مناها ورغائبها، أنا الذي قيل عني: من كان يملك درهمين تعلمت ... شفتاه أنواع العلوم فقالا لولا دراهمه التي يزهو بها ... لوجدته في الناس أسوأ حالا إن الغني إذا تكلم بالخطأ ... قالوا صدقت وما نطقت محالا أما الفقير إذا تكلم كلمة ... قالوا كذبت وأنكروا ما قالا إن الدراهم في المواطن كلها ... تكسوا الرجال مهابة وجمالا فهي العلوم لمن أراد فصاحة ... وهي السلاح لمن أراد قتالا فلما أتم كلامه هرولت إليه ودنوت منه ومثلت بين يديه فقلت له: وما الذي يبعث في البلاد الرقي والعمران ويزيد فيها النماء والثروة قال هذه الأمور وهي: 1 - توفير النفقات وتدبير أمر المعيشة. 2 - السعي وراء شق الأنهار وتحسين أمور الزراعة وتوسيع أبواب التجارة. 3 - بث العلوم بين أكبر الناس وأصاغرهم لأنها أساس الصناعة التي هي مجلبة المال. 4 - مساعدة الأهالي المعوزين بالمال وبجميع الذرائع التي تمهد لهم سبل السعادة. 5 - نشر ألوية الآداب الصحيحة والفضائل القويمة وقطع دابر أهل الفساد. فلما رآني متطالاً إلى سماع أقواله الدرية قال: ومن أي قطر أنت؟. - قلت له: سيدي إني من ديار العراق من بلدة دار السلام، دار الحضارة والعمران في سالف الأيام. - فلما سمع هذه الكلمات أطرق ساعة ثم قال: نعم كانت الزوراء أم العلوم والمدنية، أم الحضارة والعمران، مقر الخلفاء العباسيين، مصدر أنوار العلماء العاملين. نفقت فيها التجارة، وتقدمت فيها الزراعة، واشتهرت فيها أرقى الصناعة، وانبثقت منها أنوار العلوم والفنون، بيد أن دخول (هولاكو) فيها تداعى ذلك البناء، فضلاً عن أنه هدم دور صنائعها وقوض معاهدها ودرس مدارسها وردم أنهرها فأخذت منه ذاك الحين بالهوى العجيب يوماً فيوماً. فلما نظرت ما حل بتلك الحاضرة من الرزايا والبلايا وخيانة الدهر لها لما ظعنت عنها فنزلت ديار الإفرنج واتخذتها إليّ مقراً لأني أيقنت حق اليقين أنها لا تعود إلى ما كانت؛ طالما يكون بيت المال فارغا. وما دام فيها. . . .!

الذرعة

ولما وصل إلى هذه الألفاظ الأخيرة التفت إلى حاشيته وبدأ يخاطبهم بصوت خافت وأنا أنظر إليه حائراً بائراً. ثم نهض من مكانه فقام له الجند بالسلام كما فعلوا حينما قدم ورجع إلى البلد بتعظيم وتبجيل وأردت الدخول معه لكن حال بيني وبينه جماعات الناس وبينما كنت أحاول الانسلال بينهم شعرت كأن واحداً دفعني فصحوت من نشوة الكرى وقد انطبعت في مخيلتي الرؤيا التي رأيتها في عالم الخيال فوجدته مطابقاً لعالم المثال فاغرورقت عيناي بالدموع وقلت: رحماك يا رب رحماك! أسألك بأن تلطف بعبادك وتقيم لهم رجالاً ذوي حزم وعزم ينظرون في الأمور على ما هي ويتبصرون في العواقب لكي يعود إلينا طائر العمران، فيخفق بجناحيه على جميع هؤلاء السكان، فأنت الرحيم وأنت الرحمان. 20 - 8040 الذرعة 1 - تمهيد بمناسبة ما حصل في العام الماضي من توالي شكايات الزراع وفي هذه السنة من تشكي الحكومة من الذرعة - واغلب الناس في الولاية فضلاً عن الموجودين خارجاً عنها، بل حتى موظفي (مأموري) الذرعة أنفسهم يجهلون أصولها (ومعاملاتها)، ولا لوم عليهم ولا تثريب لأنها خاصة بالعراق، بل ببعض أنحائه فقط، وذلك على قاعدة أن أحكام حكومتنا العثمانية جارية في الأغلب (على التعامل) (كما يقولون، أي على العادة الجارية في ذلك المحل منذ القدم) فلا تشبه معاملة معاملة حتى في الجنس الواحد - أحببت أن أبين حقيقتها ليعلمها الجميع ويطلعوا على خفاياها إطلاعاً كافياً بحسب الأماكن وقصدت نشر ذلك في مجلة (لغة العرب) لما هي عليه من كثرة الانتشار ولأن عموم الطبقات الراقية في كل البلاد يعيرونها الالتفات الجدير بها، ولأن مثل هذه الأمور لا فائدة من نشرها في صحف تقرأها العوام، فلهذا رأيت إبقاءها مخلدة في هذا التاريخ؛ والله المستعان. 2 - تعريفها وذكر واضعها وسبب وضعها الذرعة (وزان سبعة) نوع من الضريبة تضرب على الأراضي أرزاً وأول من أقام أصولها مخلص بك دفتر دار ولاية بغداد (أي أمين خزينتها) في نحو سنة 1277 مالية أي سنة 1861 ميلادية. وكانت الحكومة قبل ذلك تضمن الأراضي

(وهم يقولون بهذا المعنى: تعطى الأراضي بالالتزام) والضامن (أي الملتزم) يقتسم المزارع مع الزراع وتأخذ ريعها (أي عوائدها)؛ فرأى المومأ إليه أن الزراع يسرقون القسم الكبير من محصولات التمن (أي ريع الأرز) وعند المقاسمة لا يبقى للضامن (أو الملتزم) إلا الشيء الطفيف أو يظلمهم فيأخذ منهم أكثر من حقه، وهو محق في ما يظنه. والسبب في سرقة الزراع هو جور العمال وطمع الضامنين معاً. أما طمع الضامنين فلأنهم كان يريدون الحصول على أضعاف ما سلموه إلى الحكومة. فضلً عما كانوا يؤدونه يومئذ للموظفين من كبير إلى صغير. وأما جور العمال فلأنه لم يكن للحكومة العثمانية مكافأة للمحسن ولا مجازاة للسارق الخائن كما كان دأبها. فكم سمعنا بمن أخذ منهم للمحاكمة ويكاد يتصور السامع أن المأخوذ يشنق عن قريب لأن جرمه عظيم، فلا تمر بضعة أيام حتى يسمع ببراءته رفقاً به وببيته. اللهم إلا كان الموظف (المأمور) صغيراً وسرقته حقيرة فحينئذ يعاقب، على حد قول الشاعر التركي: مليونله جالان مسند عزنله سرافراز ... برقاج غروشك مرتكبي جاي كركدر معناه: أن سارق الملائين قائم على منصة العزة اللائقة بجلاله، والمختلس، لبضعة غروش مستحق للسجن. 3 - كيفية الذرعة يخرج بضعة موظفين (مأمورين) يرأسهم ناظر وتحت أيديهم ذارعون ومحافظون (واغلبهم لا يميز بين الزرع الذي يراه إن كان أرزا أو حنطة أو شعيراً) فيذرعون الأرض المزروعة بحبل طوله 50 ذراعاً بذراع اليد الذي هو عبارة عن نصف متر فيكون طول الحبل نحو 25 متراً. والأرض التي طولها حبلان في مثلهما عرضاً (أي 50 متراً) يسمونها (مشارة) ولكون زرع الأرز يحتاج إلى كثرة المياه، يضطر الزراع لزرعه على حافات الجداول؛ ولكثرة الفلاحين تضيق عليهم الحافات فلذا يجعلون لكل فلاح على النهر فسحة يتراوح قدرها بين 8 أذرع و20 ذراعاً بذراع اليد أي ما بين 4و10 أمتار. فهذا عرض الزرع. وأما طوله وهو ما يسمونه

بلغتهم (النزال) فيمتد إلى 100 أو 200 حبل والحبل كما ذكرناه نحو 25 متراً فتتصل مزارع البعض بمزارع البعض الآخر تقريباً لأن كل طائفة من الفلاحين مربوطة بشيخ وهو الذي يسمونه (سركال). فإذا أتى الذراعون أخذوا أولاً بذرع (النزال) أي طول الزرع فلا يعارضهم أحد. لكن الطامة الكبرى في العرض إذ هناك تقوم قيامة الزراع مع الذراعين لأنهم إذا أرخوا الحبل أو شدوه أو بلوه بالماء حدث فرق كبير، إذ على الذراع الواحد يبني حساب طول المزرعة التي هي 10 آلاف ذراع أو أكثر أو أقل. فإن كان العرض 8 أذرع وحصل النزاع على الواحد فهو الثمن بالنسبة إلى الزرع كله كما لا يخفى والفائز من أرضي الذراع فأغضى له عن ذراع أو نصفه! والويل لمن لم يرضه بل لمن أغضبه والعياذ بالله! على أن أمره أهون مما يليه من الأعمال لأن هذا العمل هو (أول عقبة) في هذا الصدد. (العقبة الثانية) التخمين وهو الخرص، فالخراص وهو المعروف عندهم (بالعمدة) ينظر الزرع بنظره الثاقب فيقول: إن هذه الأرض التي ذرعت فكانت 10 مشاور مثلاً: 3 منها وصف زرعها أعلى (أي فاخر) و2 أوسط و2 أدنى. و1 عديم (أي كالعدم بمعنى ليس فيه حاصل) و2 عائد والقول قوله؛ فإن رضي عن الفلاح قلل الأعلى وزاد في العديم أو العائد والعكس بالعكس. والرضا لم يكن إلا عن طمع في نفس الخراص بعد أن يكون قد تواطأ مع الفلاح على مغنم يجره منه كما هو مألوف العادة يومئذ. وهنا يحسن بنا أن نعرف القارئ بأمر الحساب: فالأعلى على حساب القاعدة يترك منه (أي يطرح منه) السدس في الهندية، والسبع في الشامية. والأوسط يلقى منه الخمس فلا يدخل في الحساب في الهندية. والربع في الشامية. وذلك لأن أراضي الشامية أقوى إنباتاً وأكثر ريعاً من أراضي الهندية، والعائد هو أن يخمن الخراص ما يعود

إلى الحكومة من حاصلات الزروع من دون (تجبير) والتجبير عندهم هو هذا الحساب أو التنزيل الذي ذكرناه. فنقول مثلاً: إن هذه الأرض ذرعت فكانت عبارة عن 400 مشارة فيها: 140 أعلى و100 أوسط و100 أدنى فالجملة 340 وفيها 30 عديماً لا حاصل فيه و30 عائداً. فيكون صافي الزرع عن 140 مشارة الموصوف زرعها (بالأعلى) 120 بعد ترك السبع. وصافي 100 الأوسط 80 بعد ترك الخمس وصافي 100 الأدنى 75 بعد ترك الربع فجملة الصافي عن 400 مشارة هو 275 مشارة لا غير. وحاصل شلب المشارة الواحدة هو 800 حقة من حقق الأستانة فيكون حاصل جميع تلك المشاور 220. 000 حقة. منها: النصف للفلاح اسماً أي 110. 000 والنصف الآخر أي 110. 000 يعطى خمسه للسركال أي 23. 000 والباقي أي 88. 000 هو حصة الحكومة. ويلحق بها العائد وهو عن الأرض الرديئة الزرع أي يؤخذ عن كل شارة نحو 60 إلى 100 حقة حصة (الأميري) الميري. هذه صفة المقاسمة التي جرى عليها (التعامل) ذكرناها استطراداً للوقوف على حقائق الأمور وإلا لم يحن وقت ذكرها لأننا لم نزل في العقبة الثانية. (العقبة الثالثة) هي عقبة الكتاب والموظفين (المأمورين) فإن العمدة يقول للكاتب أكتب: الأعلى 140 (فيقيدها 200) والأوسط 100 (فيدونها 140) والأدنى 100 (فيحررها 20) والعديم. . . والعائد. . . فيقول لسان حال الكاتب: (وأذني عن الفحشاء صماء. وكثيراً ما جرى مثل هذه المعاملة معاملة الكاتب لتقييد حاصلات الزراع فكانوا يأخذون أوراقاً من العمدة تشهد بحاصل زرعهم فإذا أتوا لمقابلته بما في دفتر الكاتب يرون الخلاف فتكثر الجلبة ويعلو الصياح وتشتد المخاصمة حتى أنها ربما تنتهي إلى امتشاق الحسام كما جرى الأمر غير مرة. اللهم إلا أن يكون قد وقع التراضي مع الموظف أيضاً فالويل حينئذ للخزينة. (العقبة الرابعة) أمر تخمين الأسعار. إن الأسعار يقدرها القضاء فيزيدها اللواء وربما زادتها الولاية. فيجري بهذا الخصوص مخاصمات كثيرة حتى يبلغ فيها السيل

الزبى. أما سعر الحقة على الغالب فهو 20 فيكون حاصل ال 400 مشارة التي ذكرناها فويق هذا أي حصة الأميري منها 440 ليرة على الفلاح أن يؤديها كيفما كانت الحال. وزد على ما تقدم فعل الحكومة فإنها تأخذ من الفلاح دراهم على الحساب قبل إدراك زرعه فتطلب مثلاً من هذا الرجل الذي سيكون حاصل زرعه ما حصته الأميرية 440 من 200 إلى 300 ليرة (على الحساب) وتضطره إلى الدفع بالجنود والإرهاق فيضطر إلى بيع الحاصل قبل إدراكه ويبيع للتجار التيغار الذي هو عبارة عن 1600 حقة بثلاث ليرات أي أنه يبيع الحقة بسبع بارات ونصف إلى ثمان. وهذا البيع يعرف عندهم باسم (على الأخضر) فيأخذ منهم الدراهم ويدفعها إلى الحكومة. وعلى هذا الحساب تكون أثمان جميع حاصلاته 412 ليرة. وعند الحساب المار ذكره يكون عليه من الرسم الأميري 440 ليرة (هذا إن كان السعر كما ذكرنا وهو ما يكون في السنين الرخية الأسعار. وأما في سنة غلاء الأسعار فالمثل يكون مثلين. وهذا كله يجري في أنحاء الهندية والشامية وأما في العمارة وما جاورها فرسم الحكومة مقطوع وهو ليرة عثمانية عن كل مشارة سواء زاد السعر أو نقص. ولذلك قلنا أن معاملة الحكومة تجري (على التعامل) إذ في كل موطن نوع معاملة وبعد هذا يريد منه الشيخ حصته فيضطر إلى البيع على السنة القادمة فيدفع

إلى الشيخ طلبه. وفي القابل (العام الذي هو بعد العام الحاضر) لا يفي زرعه لأداء ما عليه من الدين ولما يحتاج إليه من الطعام واللباس فيضطر إلى مماطلة الحكومة. فتبقى البقايا في الدفاتر فترى حاصل الشامية مثلاً 80 ألف ليرة. فيدخل منها الصندوق من 20 إلى 30 ألفاً فقط والباقي يدون في الدفاتر باسم (بقايا) وهلم جراً. فيسبب هذا الارتباك الحروب وهلاك الأنفس. هذا ما كانت عليه الحالة في العهد البائد الاستبداد والتحكم ولا يظن القارئ إن في الأمر مبالغة أو إغراقاً، كلا وألف كلا، بل فيه تهوين وتقليل. أما الآن فلكوني اعتزلت المداخلات لا اعلم كيف تجري المعاملة في هذا الخصوص!!! لكن مادة الذرعة والحصة والتجبير باقية على حالها بدون أدنى خرق لأنها معاملة رسمية. وفي العام الماضي تولى نظارة الذرعة دفتر دار الولاية (أمين خزينتها) توفيق بك وأوصل الرسوم الأميرية إلى 120 ألف ليرة فصاحت العشائر وناحت (لأنها كانت تتراوح في السنوات الماضية بين 30 و50 ألفاً) ولكن بدون جدوى. وبقي منها قسم دون في دفتر البقايا حسب العادات القديمة. - وفي هذه السنة خرج الموظفون بنظارة متصرف الديوانية رشيد بك فكانت الظواهر تدل على أن الحصة الأميرية ستكون ما بين 40 إلى 30 ألف ليرة؛ فقامت قيامة الحكومة وعزل المتصرف وجرت المفاوضات بين الولاية والأستانة فكانت نهاية الأمر ورود الجواب من نظارة المالية أن يؤخذ من الزراع الحاصل المعدل تخميساً أي بحسب حاصل خمس سنوات يؤخذ منها خمسها. فالزراع يقولون: نعم لكن بشرط عدم إدخال السنة الماضية في السنوات الخمس لأنا مظلومون فيها ظلماً فاحشاً ظاهراً لكل ذي عينين فلعل الحكومة تصغي إليهم. وهي اعلم بأمرها معهم. قلنا: والسبب الذي الجأ ذوي الأمر إلى حساب خمس حاصل الأعوام الخمسة السابقة هو أن أرض زرع الأرز بعد حصاده يغمرها أصحابها بالمياه خدمة للزرع المستقبل فلا يمكن إعادة ذرعها وإن يكن قد سبق للحكومة ذرع الأرض بعد حصادها وتخمين العمدة لحسن الزرع وسوئه وإن كان مغموراً بالماء فهو من باب المكاشفة

أربع أسر بلا أثر

لكن الحكومة الدستورية لم تشأ مجاراة الحكومة السابقة في هذا العمل أيضاً! أما السراكيل أو المشايخ فهم يأخذون خمس حصة الحكومة كما ذكرنا ويأخذون من حصة الفلاح نصفها أو أقل قليلاً من النصف ومن هذا كله تعلم دركة حالة الفلاح العراقي. أنعشه الله وأقاله! أحمد رفيق أربع أسر بلا أثر (تتمة) 3 - أسرة مركار آغا إن مركار آغا أو أغا مركار بن افيد خلداريان الأرمني غير الكاثوليكي والمولود في جلفا (قرب اصفهان) كان وكيلاً في بغداد لشركة الهند الإنكليزية التي ينبغي أن نعرف أمرها للقراء ليحطوا علماً بمقام هذا الرجل وعليه نقول: في سنة 1599 أسس بعض التجار الإنكليز في لندن شركة ذات امتياز غايتها التجارة في بلاد الهند ولم يكن رأس مالها أول بدء سوى 64. 000 ليرة. لكن لم يمض على تأسيسها قليل من الزمن إلا وأخذت تكبر وتتسع وتنجح نجاحاً لا مزيد عليه وخاصة عندما انضم إليها ثلاث شركات أخرى إنكليزية فإنها أصبحت إذ ذاك كدولة صغيرة في تلك الأقطار تنفذ الوفود والسفراء إلى ملوك وأمراء الشرق وتضرب معهم العهود التجارية والسياسية ويمخر أسطولها عباب بحر الهند وخليج العجم وتفتح عساكرها المدربة على الطريقة الأوربية البلاد الواسعة وتشيد الحصون المنيعة وتعززها بما لديها من القوة استتب لها إخضاع القسم الأكبر من الهند لسلطانها وكسر شوكة مزاحميها من بورتوغاليين وهولنديين فرنسيين وهكذا أصبحت أو كادت تصبح انكلترة الحاكمة الوحيدة في هندستان المأهولة بمئات ملايين من النفوس

لأن الشركة - التي كانت قد فقدت شيئا من استقلالها من سنة 1773 - ألغيت في 1 تشرين الثاني سنة 1858 وانضمت أملاكها إلى مملكة بريطانيا العظمى وذلك أثر قمع ثورة أثارها العسكر الهندي المدعو سيباهي (وهي كلمة فارسية معناها العسكر). فهذه الشركة كان لها في البصرة تجارة واسعة وقنصل حائز على امتيازات جمة منها حرسه الخاص به فإنه كان مؤلفاً من 50 سيباهياً وعند أبواب قصره مدافع مصفوفة وكان يطيعه خيالة يمشون أمامه وبأيديهم الدبابيس المفضضة وغير ذلك من الامتيازات التي لم يحصل على بعضها سفراء انكلترة أنفسهم لدى الباب العالي. هذا في البصرة وأما في بغداد فكان للشركة عامل أو وكيل للقيام ببعض شؤونها ولتبليغها الأخبار التجارية والسياسية وما أشبه ذلك بواسطة قنصل البصرة المنوطة به وكالة بغداد وعرض الوكلاء الذين كانوا غالباً من مسيحيي الشرق وظلت هذه الحالة حتى سنة 1798 التي أرسلت فيها الشركة المستر جونس وكان أول قنصل إنكليزي في بغداد فعينت الحكومة العثمانية داراً لسكناه وسمحت أن يكون له شرذمة من السيباهية.

فمركار أغا الذي نحن بصدده كان أحد هؤلاء الوكلاء وكان يتعاطى التجارة أيضاً وقد ذكره الرحالة ستيني الإيطالي في كتاب رحلته من الأستانة إلى البصرة سنة 1781 باسم خوجا مركار ولما كان وقتئذ في البصرة كان ينوب عنه في بغداد رجل أرمني أيضاً اسمه مانوك وهو إنسان خشن وفظ وطماع ومحب للمال كثيراً واغلب المسافرين الإنكليز كانوا يتشكون من طمع وكلاء الشركة في بغداد (أنظر رحلة سستيني بالفرنسية صحيفة 160 و166) ولدى مكاتيب قديمة أرمنية يذم فيها مركار اغا ذم حسود وهو الذي ساعد اليعاقبة غير مرة على إنجاز مقاصدهم ضد السريان الكاثوليك ولو أنه كان يتفق تارةً مع الكاثوليك وطوراً يلازم الحياد تسوقه يد أعلى منه. وكان أحد المساعدين له في أعماله هذه العدائية الكسان اغابن مرادخان أحد تجار الزوراء من الأرمن الغير الكاثوليك (أنظر عناية الرحمان في هداية السريان صحيفة 290 و302 و328 و361). وقد تأهل مركار اغا بكترينة ابنة ميخائيل راجي الطبيب الماروني المار ذكرها بشرط أن يتبع الأولاد الذكور أباهم في معتقده وتتبع الإناث أمهن الكاثوليكية وكان كذلك وأما أولاده فهم: اوصنا التي توفيت في شهر ك 2 سنة 1842 وهي امرأة كوركيس بن قسطنطين الكلداني أي والد فريدة امرأة الياس عيسى الأولى وأختها شموني امرأة حنا كركجي الأرمني الكاثوليكي. انشتى (حنة) التي توفيت في 25 نيسان سنة 1858 وسيأتي الكلام عنها مرة ثانية. افيد أو اغا أفيد الذي توفي في 8 ت 1 سنة 1857 وكان قد سافر مرة إلى العجم وقضى معظم عمره بالبطالة وكان يقول لمن يحرضه على أن يدين بالكثلكة: حاشا لأبن اغا مركار أن يصير كاثوليكياً ولو تكون جهنم نصيبه لأني أريد أن أذهب إلى حيث ذهب والداي وسيذهب اغا ميناس واغا خاجيك (وهما من وجوه الأرمن الغير الكاثوليك) وكان وفاة مركار اغا في المدة التي بين سنة 1794 وسنة 1797. وأما زوجته كترينة المعروفة في بغداد بكتة خاتون أو جدة كتة فتوفيت في 11 أيلول سنة 1862 وشيع القنصل الإنكليزي جنازتها ووضعت الراية الإنكليزية على تابوتها وفي قيد حياتها كانت قنصلية الإنكليز في بغداد تؤدي لها شهرياً 100

قران (وكان سعر القران يومئذ 5 غروش صحيحة) ويقال أنها كانت من النساء المعدودات يزورها الرفيع والوضيع وذات صوت رخيم تعدد في مآتم الأهل والأصدقاء وتجلو عرائسهم كعادة نصارى بغداد في ذلك الوقت وهذه العادة التي تسمى الجلوة لم تزل جارية عند الإسلام واليهود وأما عند النصارى فقد أهملت من نحو 30 سنة. 4 - أسرة أرتين يا مرجي أو يارمجيان

باب المكاتبة والمذاكرة

في الربع الأخير من القرن الثامن عشر قدم بغداد عدة أشخاص من أرمن الاستانة للتجارة والإرتزاق فواحد منهم كان ارتين يامرجي الأرمني الكاثوليكي وكان قد أرسله أحد أقاربه التجار في استانبول ليتعاطى البيع والشراء في بغداد ويربح كغيره من مواطنيه الذين سبقوه غليها إلا أن الحظ لم يسعده أن يحصل على ثروة تذكر وقد اقترن بأنشتى مركار اغا المار ذكرها وتوفي في يوم نجهله وإليك أسماء بناته الأربع: ديروهي (سيدة) التي توفيت في 6 شباط سنة 1837. تريزيا التي توفيت في 1 تموز سنة 1845 وكانت من النساء ألعابدات الناسكات. اغنيس التي توفيت في 11 آب سنة 1871 وهي امرأة الياس عيسى الثانية، شمة (شموني) التي توفيت في 30 آيار سنة 1883 وهي امرأة انطون اسطنبولي الأرمني الكاثوليكي أعني به والد اليزة خاتون (مدام روبين) فسبحان الحي البافقي الذي لا يفنى زلا يزول. الأبيل نرسيس صائغيان باب المكاتبة والمذاكرة 1 - بنية بن جرينس أو قرينيص أو قرينس أو بنية بن مزبان كنا قد كتبنا في حاشية 3: 293 أسطراً في شأن بنية بن جرينس أو قربنيص أو قرينس الجرباء وقلنا أنه من شمر طوقة وكان اعتقادنا كذلك وفي الشهر الماضي ذهبنا إلى زيارة حضرة السيد محمود أفندي النقيب في بغداد فصادفنا في ناديه الشيخ مجول بن فرحان الجرباء أحد الشيوخ شمر الغربيين، والحاج عباس العلي كبير أهل الكوت ولما استقر بنا الجلوس أخذنا نتجاذب أطراف الأحاديث كما هي عادة الزائر والمزور وبعد هنيهة قال حضرة السيد محمود أفندي إنكم ذكرتم أن بنية من شمر طوقة والصحيح أنه من شمر الغربيين ثم التفت إلى الشيخ مجول المتقدم ذكره وقال أليس ما أقوله صحيحاً؟ فقال الشيخ مجول بلى وهو من المحمد ابن أخي فارس

الجرباء والدجدي صفوق. وليس اسم أبي بنية جرينس بل اسمه قرينيص فقلنا إذا كان الأمر كذلك فما المناسبة لدفنه في النجف وتشييد هذا البناء على قبره وهو مخالف لمعتقد شمر الغربيين سيما وهم من أهل السنة والجماعة فقال إن قتل بنية كان في أرض الخزاعل وهم الذين دفنوه في النجف فقلنا إذا فرضنا جدلاً أنهم دفنوه في الغرى فمن الذي انفق على هذا البناء الفخم والقبة المغشاة بالقاشاني المبالغ الطائلة فلم يأت بدليل مقنع ثم قلنا أما دليلنا نحن على أنه من شمر طوقة فلأن شمر طوقة هم على مذهب الشيعة وهم يدفنون موتاهم في النجف وكربلاء فلا شك أنه كان منهم وهم الذين شيدوا على قبره هذا البناء. ثم انتبه الحاج عباس العلي السالف الذكر لقولي (دفنه في النجف وتشييد البناء على قبره) وقال لي صف لي قبره فوصفته له فقال: (هذا الذي تعنيه هو قبر بنية رئيس عشيرة بني لام وليس قبر بنية الذي جرى الكلام عليه وقد توفى رئيس عشيرة بنى لام المذكور في حدود سنة 1313هـ 1895م والمشيد على قبره هذا البناء هو ابنه غضبان الرئيس الحالي لعشيرة بني لام) اهـ. وقد راجعنا بعض المجاميع فوجدنا الأمر كما ذكره القوم. ثم بعد أسبوع صادفنا الشيخ مجول السالف الذكر وقال لنا: (إن قبر بنية الجرباء اليوم واقع في الجنوب الشرقي من (أم البعرور أو لحميدية) من أرض الشامية على بعد 4 أو 5 ساعات) فنحن نشكر حضرات الجميع على إفادتهم إيانا وتنبيههم على أغلاطنا سيما نشكر لحضرة السيد محمود أفندي النقيب لأنه هو السبب في ذلك ويا حبذا

لو حصل لنا من يدلنا على خطأنا ويرشدنا إلى الصواب إذ الإنسان موضع الخطاء والنسيان والكمال لله وحده. كاظم الدجيلي 2 - الهيلاج ومعناها كتبت لغة العرب مقالةً في أصل هذا المعنى ولما كان ختام الكلام حمل القارئ على إبداء رأيه إن كان له رأي يخالف رأي صاحب المقالة جئت بهذه الأسطر لأعرض للمطالع ما عن لي، فأقول: (كدخداه وهيلاج) لفظتان فارسيتان لا يقوم معنى الواحدة منهما بدون الأخرى لأنهما قد ارتبطتا معنى ارتباط الروح بالجسد وعندي أن (كد خداه) محرفة عن (زاد خداه) ومعناها الحرفي (مولود الله) لأن (زاد) بالفارسية (مولود) و (خداه) (الله) فيكون مؤداهما (المولود من الله) وذلك لأن مصدر الروح هو سبحانه عز وجل. أما (هيلاج) فهي عندي مصحفة عن (هل) و (لاش) ومعناهما (دع الجثة الهامدة) أي الموت وبعبارة أخرى (دم سعيداً) أو (عش دهراً طويلاً) أو عن (هج) مقوم و (لش) جثة أي (مقوم الجثة ومصلحها) وصفوة القول أن المرام بهاتين اللفظتين الروح والهيولي (أي المادة) لأن في اصطلاح المنجمين (كدخداه) اسم دليل روح المولود و (هيلاج) اسم دليل جسم المولود وقد استعيرنا مجازاً لأسمى نجمين يراد بهما نجما المولود. وإثباتاً لما نحن بصدده نورد نص صاحب كتاب شفاء الغليل: (كدخداه وهيلاج) هما كوكبا المولود، فلأول لرزقه والثاني لعمره، فإن ولد في صعوده كان زائداً فيه وإن كان في هبوطه كان بعكسه. وهذا مما ذكره الحكماء والمنجمون وأرباب المواليد وعربوه قديماً) اهـ. ومما يؤيد ظني أن (هيلاج) لفظة فارسية اتجار أن الفرس القدماء كانوا يتعاطون علم التنجيم وقد نبغ فيهم منجمون عديدون برعوا في هذا العلم ووضعوا ألفاظا عديدة من جملتها (هيلاج) بمعناها الآنف الذكر. هذا ما عن للخاطر الكليل. ولعلى قد أخطأت أكثر مما أصبت. غير أن أملي في كبار حملة الأقلام هو العذر المشفوع بالسلام. رزوق عيسى (لغة العرب) لا يكفي للباحث أن يقول أن الكلمة الفلانية هي من الأصل الفلاني ما لم

يأت بشاهدٍ أو سندٍ يثبت مدعاه. وإلا فإن المخيلة تختلق أموراً كثيرة لتؤيد ما تتوهمه. ألم يقل العرب الأولون إن إبليس من البلس والخندريس من خدر العروس والاطربون من الطرب ونحو هذه كالإسطرلاب والنوتي والتاريخ والاركون والاردمون والمنجنيق وغيرها تعد بالعشرات. فلقد تخيلوا لها أصولاً غريبة من عربية وأعجمية. واليوم لا يقبل بهذه الآراء. - (أعني أراء أئمة لغويي العرب في سابق العهد) - طلبة الكتاتيب فضلاً عن طلبة العلم الأفاضل ولهذا نستبعد رأي حضرة الكاتب الأديب بل ولا نعرضه بين الآراء ما لم يأتنا بنقول أو نصوص أو شواهد أبين وأدل على ما ننشده. 3 تصحيحات لما في العدد السادس من السنة 3 تلقينا هذا الرسالة من أحد مشاهير أدباء بغداد فأدرجناها بحروفها. ونحن نشكر الكاتب عليها ونلتمس إلى كل فاضلٍ أن ينبهنا على أغلاطنا إذ فتحنا هذا الباب لهذه الغاية حضرة الفاضل الأديب المحترم، غيرة على مجلتكم الزاهرة من وقوع ما هو مغاير للحقيقة ومحاشاة لسمعتها جئت بهذه الأسطر راجياً درجها إن وافق نظركم ذلك وإلا فإهمالها وعدمه سواء قرأت في العدد السادس من السنة الثالثة في الصحيفة 313 بحثاً عن معنى العب وقد أجدتم في التنقيب عنه غير أنكم ذكرتم أنه عند العراقيين جيب العب وهو الجيب الذي يلي الصدر في الثوب أو في الصدرة والحال أن العب المتعارف عند العراقيين ليس بذاك بل هو ما يكون فوق الحزام أعني غير الجيب لأن الجيب هو الذي يشبه الكيس المخيط بالثوب والعب هو (ما إذا كان فيه شيء وانحل الحزام يسقط في الأرض) وسواء كان الحزام على الثوب أو على ما يسمونه بالزبون الذي يسميه الشاميون (القنباز) والعرب (القباء) أو على العباءة أو الجبة أو غير ذلك فكل فرجة بين الثياب فوق الحزام تسمى عباً وتعريفه: (ما لا يحفظ شيئاً بدون ربط (الحزام) عليه والحزام هو الزنار عند العرب الأقدمين. وفيه في الصحيفة 317 أن بحيرة النجف نشفت منذ سنة 1305 (1887م) والحال في تلك السنة غرق فيها مئات من السفن في يوم شديد الرياح كما ذكرته لكم في مسألة البرد (وزان سبب) ونشافه. كان بعد نحو 3 أو 4 سنوات فيلزم تصحيح ذلك خدمة التاريخ. وفيه في الصحيفة 321 تأويلكم معنى شظ بأن اصلها شط قلنا والأصح أن أصل ذلك من شذ شذوذاً والغالب في سبب هذا التحريف أن كاتباً سمعها من أحد الأعاظم

من أولئك الذين يلفظونها (شز) بالزاء وإذ أن بعضهم يلفظون الذال والظاء زاء ظن أن المراد الظاء ولم يتبادر إلى ذهنه أنها الذال. هذا ما سنح للبال. وفي ص 368 فسر الكاتب كلمة (الشلفة) بالرمح. وهي ليست به فالشلفة حديدة عريضة محددة تكون في موضع السنان وهي من الارمية (شلفا) بمعناها ويراد بها أيضاً الحرية والنصل والسكين والمدية وكل شفرة بلا مقبض. بل والشفرة نفسها. أو من (شلفتا) وهي الشفرة التي لها حدان. وأدل دليل على أن الشلفة غير الرمح أنهم يقولون (رمح أبو شلفة) أي ذو شلفة. وعندهم أن من يطعن بالشلفة لا بد أن يموت. ومثله تأثيراً ما يسمونه (أبو شراشيب) وهو ما يناط برأسه سلاسل صغار من الحديد. أما ما يوضع في أسفل الرمح فهو الزج وهم يسمونه اليوم (العكوز). وورد في ص 372 س 12 لعمر وأبيك والصحيح لعمر أبيك بدون واوٍ وهو ولا شك من المرتب (المنضد). فسبحان من لا عيب فيه. عبد اللطيف ثنيان 4 - أنهر البصرة سيدي الفاضل صاحب (لغة العرب) سلام واحترام. أما بعد فقد جمعني وبعض الأصحاب بالأمس مجلس أدب فأخذنا نتجاذب أطراف الكلام حتى أفضى بنا الحديث إلى ذكر مجلتكم وخدماتها الجليلة للقطر العراقي خاصة فانبرى أحد الحضور قائلاً لقد قرأت ما ورد في صفحة 220 من (عنوان المجد في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد) للسيد إبراهيم فصيح بن صبغة الله الحيدري المدرج في الحاشية من (لغة العرب) 3: 59 وهو (أما الأنهر والجداول المتفرعة من تلك الأنهر المذكورة فتبلغ أكثر من عشرة آلاف نهر والعشائر الساكنة في هذه المحال بين البساتين لا يحصى عددها. أهـ.) وقد صرح أن في ذلك العدد مبالغة جسيمة. هذا ولما كنت قد وقفت في بعض الدواوين على عدد أنهر وجداول البصرة في أبان عزها أقول: لا يوجد مسحة من المبالغة في قول السيد إبراهيم المذكور لأن أنحاء البصرة من عهد العباسيين وما بعده مملوءة من جداول وسواقٍ تعد بالمئات لا بل بالألوف واغلب مؤرخي دقائق الحقائق شكوا في صحة

عددها حتى أن (الاصطخري) عندما طرق مسامعه أنه كان يوجد مائة وعشرون ألف نهر في عهد بلال بن أبي بردة سنة 118هـ - 736م أرتاب في صحة هذا العدد وعده من قبيل الأوهام حتى اضطر أخيراً أن يذهب بنفسه إلى البصرة ليتحقق ما سمعه وذلك في القرن الرابع للهجرة وهاك ما كتبه بعد الفحص والتدقيق: (قد كنت أنكر ما ذكر من هذه الأنهار في أيام بلال حتى رأيت كثيراً من تلك البقاع فربما رأيت في مقدار رمية سهم عدداً من الأنهار صغاراً تجري في كلها زوارق صغار ولكل نهر اسم ينسب إلى صاحبه الذي احتفره أو إلى الناحية التي يصب فيها فجوزت أن يكون ذلك في طول هذه المسافة وعرضها) (لاصطخري 80). وقال نفس هذا القول ابن حوقل في عرض كلامه عن البصرة ودونك إياه (ولها (أي البصرة) نخيل متصلة من عبدسي إلى عبادان نيفاً وخمسين فرسخاً متصلة لا يكون الإنسان منها بمكان إلا وهو في نهر ونخيل أو يكون بحيث يراها) (ابن حوقل 159). فمن وصف ما تقدم يظهر بأجلى وضوح أن أنهر البصرة كانت أضعاف ما ذكره السيد إبراهيم بن صبغة الله الحيدري البغدادي وفي هذا القدر كفاية لما أردنا بيانه والسلام. رزوق عيسى 5 - رجوع إلى الحق قد اطلعت في مجلتكم على سؤال دبجه يراع أحد الفضلاء في (باب المكاتبة والمذاكرة) ص 374 من مجلد هذه السنة وذلك فيما ظهر للسائل الفاضل من تاريخ إمارة إبراهيم وولده موسى وجده مانع وما فيه من الارتباك ونحن قد ذكرنا ما ذكرناه هناك اعتماداً على (مثير الوجد) وقد أهملنا مراجعة ذلك لكن لما أطلعنا على سؤال السائل فهمنا مما لدينا من الأبحاث إن إمارة مانع كانت في سنة 580هـ وإمارة ربيعة كانت في سنة 627 وإمارة موسى كانت في سنة 645 هجرية فيكون هذا أقرب إلى الصواب مما تقدم وأوفق للمقام هذا ما حققناه. ونحن نشكر السائل الفاضل على انتقاده هذا الذي جعلنا نعتقد أن في مقالتنا هذه حظى في نظره كما أننا سنتابع السير في مثل هذه المواضيع إن شاء الله وإنا نرجو من جميع الأدباء والفضلاء أن يدققوا النظر فيما نكتبه ويذكرونا فيما نهمله وننساه لأن في مثل هذا يكون للإنسان باعثاً للتحري والنشاط. صاحب الرياض سليمان الدخيل

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة 1 - أصل الأميرال ومرادفاتها في العربية سألنا أحد أدباء طرابلس الغرب: هل حقيقة أن لفظة الأميرال الإفرنجية هي عربية الأصل؟ وهل استعملها العرب سابقاً. وإن لم يستعملوها فما كانوا يقولون في معناها؟ ذهب كثير من المستشرقين وجماعة من الباحثين عن أصول المفردات من أبناء العرب المحدثين (متبعين في هذا الرأي الإفرنج المتعربين) إلى أن الأميرال لفظة عربية الأصل من (أمير الماء أو أمير البحر). أما نحن فنوافقهم في بعض الشيء لا في كله ونرى أن الكلمة من العربية (أمير) لا مقطوعة من اللفظتين والسبب هو أن الإفرنج أخذوا عن العرب ما نطقوا به لا غير. والحال أن العرب الأقدمين لم يقولوا البتة: أمير الماء بل أمير البحر، أما أمير الماء فإنهم لم يعرفوها وأما أمير البحر فقد استعملها أبو المحاسن ابن تغري بردى صاحب كتاب النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر والقاهرة وقد طبعه جوينبول ومتثيس وقد توفى مؤلفه سنة 874هـ (1469م) ووردت اللفظة فيه في عدة مواطن منها في 2: 116 وقد أكثر المحدثون من ذكرها. - أما وجودها عند الإفرنج بصورة أميرال فإنه كان عن طريق اللغة اللاتينية المولدة وهذه من العربية أي من الأمير. وكان هذا الاسم يختلف عند العرب الأقدمين باختلاف البلاد ففي ديار المغرب وأفريقية كان يعرف باسم (الملند) وهي من اللغة الإسبانية من (وهي بكسر الميم وفتح اللام المفخمة بعدها نون ساكنة يليها دال مهملة) قال ابن خلدون في مقدمته (ص 218 من طبعة بيروت الأولى) في كلامه عن قيادة الأساطيل: هي من مراتب الدولة وخططها في ملك المغرب وأفريقية ومرؤوسة لصاحب السيف وتحت حكمه في كثير من الأحوال. ويسمى صاحبها في عرفهم (الملند) بتفخيم اللام منقولة من لغة الإفرنجة فإنه أسمها في اصطلاح لغتهم)، اهـ على أن لفظة الملند مصفحة

عن الإسبانية المبرنت) وهي من (الأمير) العربية لا غير. لكنها تزيت بزي الإفرنج فلم يعرف ابن خلدون أنها بدوية. وقد صحفها بعضهم بصورة (الملبد) قال أبو حمو في كتابه واسطة السلوك في سياسة الملوك ص 133: بعد أن فسد ملبد الطاغية النصراني وأخذ ما كان له في البحر من الطرائد والشواني.) وقد يسر عليه هذا التصحيف لقربه من أصل عربي وهو (لبد) وخلو (لند) منها. وفي ديار مصر كان يعرف باسم (أمير البحر) على ما أشرنا إليه. وأما في ديار العرب وبحر فارس وداخل العراق فكانوا يسمونه الاستيام أو الإشتيام) إلا أنها وردت في معان أخرى وقد ذكرنا ذلك في غير هذا الموضع ولعنا نثبته في عدد مقبل من مجلتنا. ولهذا تكون لفظة أمير البحر أو أمير الأسطول أو (الأمير) وحدها عند وجود القرينة أو دليل في العبارة من أحسن الألفاظ لتأدية الإفرنجية (أميرال). 2 - معنى لفظة البصرة وسألنا من واشنطون صديقنا ب. ب. ب. قال: أود أن أعرف معنى كلمة (البصرة) فإني أراك تضبطها بالإفرنجية هكذا كما يضبطها العرب الفصحاء في كتبهم لأنهم يقولون: إن معناها الأرض الغليظة التي فيها حجارة تقلع وتقطع حوافر الدواب أو البصرة حجارة رخوة فيها بياض والحال إني لم أجد في رحلتي إليها حجارة بيضاء أو سوداء في البصرة أو في قربها. وقد سمعت بعض علمائها الحاليين يقولون: إن الأقدمين اخطئوا في تسميتها بالبصرة بالفتح وإنما هي بالضم. إذ ليس معناها الحجارة البيضاء بل (الأرض الغمقة أو الكثيرة المياه الراكدة) كما هو الأمر في عهدنا هذا وفي سابق العهد. فما قولكم؟ لم نجد في كتب اللغة العربية والارمية والفارسية لفظة البصرة بالضم بالمعنى الذي أشرتم إليه. والذي عندنا أن البصرة بالفتح (وهو الضبط الصحيح الفصيح) هي الطين العلك أو الأرض الطيبة الحمراء. (معجم ياقوت 1: 636) وهي التي ترى بعد انحسار الماء في ديار العراق وعليه يكون معنى البصرة: الأرض العلكة الطيبة الحمراء كالغريل التي انحسر عنها ماء شط العرب. وهذا موافق للحال أحسن موافقة. على غني سمعت أحد الأدباء يقول لي: أن صحيح الرواية في البصرة هي البسرة (بضم الباء فسكون السين) كما نقلها الإنكليز إلى لغتهم بقولهم. مشتقة من البسر بالضم: وهو الماء الطري الحديث العهد بالمطر والتمر قبل أرطابه.

فوائد لغوية

وكلا الأمرين معروف في البصرة فإن ماءها كثير جم يجدده المد والجزر على الدوام فهو طري حديث العهد. وهي أيضاً معروفة بكثرة التمر وحسنه ولا سيما رطبها. - قلنا: كل هذا ممكن لكن الرواية هي بالصاد لا بالسين كما رواها جميع المؤرخين واللغويين والأدباء ولم نسمع من ذكرها بالسين. فليختر القارئ بعد هذا ما يشاء. فوائد لغوية 1 - دور الاستبداد أكثر الكتاب في هذه السنين الخمس الأخيرة من قولهم: (دور الاستبداد) وقد وقعت هذه الكلمة في منشآت أفصح الصحف والمجلات. ولا وجه لها في العربية إلا بتكلف عظيم. وهم يريدون بذلك: (عهد الاستبداد) ولم ترد الدور المعنى إلا في التركية الحديثة وهي من الألفاظ التي أفسدت معناها اللغة العثمانية أما (العهد) بهذا المعنى فمشهور ويقابله بالفرنسوية: 2 - أشان بحقه ومشين به. وورود افعل بمعنى فعل من الألفاظ التي لهج بها كتاب العصر قولهم: هذا مشين به وقد أشان بحقه. ولم يرد هذا الباب في كلامهم. إلا أن له وجها وهو أن صاحب المزهر قال (في 2: 206) كان الكسائي يقول: قلما سمعت في شيء (فعلت) غلا وقد سمعت فيه (افعلت). وقال أيضاً (في 2: 167) قال في الجمهرة في باب ما اتفق عليه أبو زيد وأبو عبيدة وكان الأصمعي يشدد فيه ولا يجيز أكثره مما تكلمت به العرب من (فعلت وأفعلت) وطعن في الأبيات التي قالها العرب وأستشهد على ذلك: بأن لي الأمر وأبان، ونار لي الأمر وأنار. . . إلى أن قال: وسرى وأسرى. ولم يتكلم فيه الأصمعي لأنه في القرآن. وقد قرأ: فأسر بأهلك واسر بأهلك. قال: وكذلك لم يتكلم في عصفت واعصفت لأن في القرآن: ريح عاصف. . . .) فيظهر من هذا الكلام وما ذكره غير واحد من اللغويين أن أصحاب دواوين متون اللغة لم يدونوا جميع الأفعال الواردة بالوجهين فعل وافعل ولهذا لا نجسر أن نقطع كل القطع بخطأ من ينطق باشان. اللهم إلا أن يجد المخطئ نصاً صريحاً يمنع هذا الباب لهذا الفعل فحينئذ نعنو له ونسلم له بالحق.

باب التقريظ

ومثل هذا القول نقول لمن استعمل اصانه بمعنى صانه وأساقه بمعنى ساقه واباعه بمعنى باعه واجاء بمعنى جاء. وأدعمه بمعنى دعمه وأهاجه بمنى هاجه إلى غيرها مما يعد بالعشرات بل بالمئات وقد أكثر منها كتاب العصر. 3 - الأكلاف بمعنى الكلف جمع كلفة ومن الألفاظ التي سالت على أقلامهم قولهم: وكانت الاكلاف كذا. والحال أن الذي أثبته أصحاب المعاجم اللغوية هو أن الكلفة المضمومة الأول تجمع على كلف ولم يسمع بغيرها من فصيح. وأنت تعلم أن الجموع المكسرة وإن كانت قياسية إلا أنه يستعمل منها ما نقل عنهم لا غير. وإلا فإن لفعلة المثلثة الأول الساكنة الثاني قد جاءت على أفعال من باب اعتبار الهاء زائدة أو ذاهبة قال صاحب تاج العروس في مادة ز ب ر: الزبرة بمعنى الكاهل تجمع على الازبار. وأنشدوا قول الحجاج: بها وقد شدوا لها الأزبارا وأنكره بعضهم وقالوا: لا يعرف جمع فعلة على أفعال وإنما هو جمع الجمع كأنه جمع زبرة على زبر وجمع زبراً على أزبار ويكون جمع زبرة على إرادة حذف الهاء. اهـ - قلنا: وعلى هذا يحمل جمع كلفة على كلف على اكلاف بيد أننا قلنا ونقول ولا نزال نقول: يحسن بالكاتب الفصيح أن يتوخى المسموع المشهور ولا يلتفت إلى ما فيه تكلف أو تأويل أو تخريج لأن هذا الباب أوسع من أن يتصوره متصور. باب التقريظ 1 - كتاب البيان. في تاريخ آل عثمان تأليف السيد محمد خلوصي الناصري. طبع في مطبعة الرياض ببغداد سنة 1331 في 80 صفحة من قطع الثمن الصغير. حينما انتشر خبر تدريس التاريخ باللغة العربية ألف للحال جماعة من فضلاء بغداد ومصنفيها كتباً وجيزة العبارة تصلح لأن توضع في أيدي الطلبة ومن جملة هذه التصانيف الكتاب الذي نحن في صدده فإن مؤلفه رتبه ترتيباً يوافق كل الموافقة خطة المدارس الابتدائية حتى أن اللجنة الموكلة بانتخاب الكتب اللازمة للتدريس استحسنت إدخاله في المدارس. والكتاب حسن

باب المشارفة والانتقاد

العبارة، جلي التبويب. سهل الأخذ فقد جعل المؤلف حرسه الله عدداً رتبه بموجب جلوس السلاطين على عرش السلطنة وجعل تحت كل اسم سنة ولادته وجلوسه ومدة سلطنته ووفاته وعمره بحيث أن الناظر إلى الكتاب يرى للحال كل هذه السنين بنظرة واحدةٍ ومن هذا البيان يظهر لك حسن أسلوب هذا التصنيف. باب المشارفة والانتقاد 2 - رسائل البلغاء عنى بجمعها محمد كرد علي صاحب مجلة المقتبس طبع بمطبعة دار الكتب العربية الكبرى على نفقة أصحابها سنة 1331 - 1913 في مصر في 320 صفحة من قطع الثمن. هذا المجلد يحتوي على ما عرف لعبد الله بن المقفع من الأدب الصغير والأدب الكبير وغيرهما. وما لعبد الحميد بن يحيى الكاتب من الرسائل والنتف والحكم وعلى الرسالة العذراء في موازين البلاغة وأدوات الكتابة لأبي اليسر إبراهيم بن محمد بن المدير، ورسالة أبي حسن علي بن منصور الحلب المعروف بابن القارح إلى أبي العلاء المعري، وملقى السبيل للعمري، ورسائل الانتقاد لأبن شرف القيرواني، وكتب العرب لأبن قتيبة، ورسالة رشيد الدين الوطواط فيما جرى بينه وبين الزمخشري، ومنتخب من عهد اردشير في السياسة، وكتاب الأدب والمروءة لصالح بن جناح الربعي. فأنت ترى من هذه الأسماء ما يحوي هذا المجلد من عيون الرسائل البليغة ومنزلة أصحابها إذا اغلبهم بل قل كلهم من مشاهير الكتاب. وأدل دليل على نفق هذه المصنفات الفريدة نفاذ طبعتها الأولى. وقد ظهرت اليوم في أحسن مظهر من حسن بع وجودة قرطاس وتعليق حواش وعناية عظيمة بتصحيح المسودات. على أننا نلاحظ امرأً وهو أن كتابة (ازدشير) بزاء معجمة بعد الهمز هو من مصحفات الكتاب والأصح (اردشير) براء مهملة. لأن الأسماء تروي على ما تحكي لا على ما تصحف. وإنما صحفها بعض نساخ العرب لأن ليس في لغتهم مادة (أرد) بل (أزد). قال في تاج العروس: اردشير. قال الحافظ ابن حجر

هكذا رأيته في كتاب الذهبي بخطه (أي براء مهملة) ولم أره في الإكمال ولا في ذيله. وسمعت من يذكره بالزاي (المعجمة). فاعدل عن المهجور إلى المشهور تصب في جميع الأمور. 3 - العرفان مجلة شهرية سنتها عشرة أشهر تبحث في العلم والأدب والأخلاق والاجتماع وتعتني عناية خاصة بشؤون الشيعة. لمنشئها ومديرها أحمد عارف الزين - قيمة الاشتراك ريال مجيدي في صيدا محل طبعها و5 فرنكات في سائر البلاد العثمانية و6 فرنكات في مصر والبلاد الأجنبية تدفع سلفاً. كانت هذه المجلة تصدر في السابق حتى برز منها أربعة مجلدات ثم خانها بعض المشتركين ولم يؤدوا ما عليهم فقعد عن إصدارها حولاً وهاهي الآن تعود إلى الظهور على تشجيع فئة من الأدباء والفضلاء. وهذه الوضعية مما يحتاج إليها كل من يهمه الوقوف على فضلاء الشيعة وآدابهم ومؤلفاتهم وكل ما يتعلق بهم. وهي في 40 صحيفة حسنة الطبع والحرف والكاغد ونحن نطلب لها عمراً مديداً وحياة جديدة. 4 - التمر في العالم القديم والجديد تأليف بول ب. بوبنوي 1913. وفيه فصل في قيمة غذاء التمر للفاضل تشارلس ل. بنت دكتور في الطب. مؤلف هذا الكتاب لم يقدم على وضعه إلا من بعد أن تجول مدة سنوات في الديار التي ينبت فيها النخل. ولكثرة غرامه بهذا الشجر تعلم العربية فأتقنها وقد جاء بغداد مع صاحب له في السنة الماضية فرأيناه يتتبع بهمة لا تعرف الملل كل ما يتعلق بأمر النخل. وقد طوى كتابه على غرين وكسر الأول على 15 غراً أو فصلاً وكسر الثاني على غر واحد وزينه بخاتمة وإليك تفصيل ذلك: القسم الأول: المقدمة - 1ً. النخل - 2ً. ديار النخل - 3ً زراعة التمر التجاري - 4ً إنماؤه بالتال - 5ً. إنماؤه بالنواة - 6ً زراعته - 7ً التلقيح - 8ً الفحال - 9ً الصرام - 10ً. التكميخ (أي الإنضاج الصناعي) - 11ً الموت والأوبئة - 12ً تنظيم التمور - 13ً. فوائد زراعة النخل - 14ً استعمالات العرب للتمر - 15ً قيمة غذاء النخل. القسم الثاني. أصناف التمر (مرتب على حروف الهجاء الإنكليزية)

خاتمة. - تنظيمات صحية - نمو الموز من نوى التمر (على رأي بعض قدماء العرب) - طلسم الحلوى - فهرس. ذكرنا كل ذلك ليرى المطالع ما حوى هذا الكتاب من الفوائد الجليلة إذ جمع صاحبه فيه كل ما أمكنه تدوينه في ما يتعلق ببحث النخل أو ثمرها التمر. وقد جاء الكتاب في 316 صفحة بقطع الثمن وفيه صور عديدة أتقن عملها كل الإتقان فغدا فريداً في بابه لا يستغني عنه من يهمه الوقوف على هذا الشجر لا سيما وإنه سبب ثروة العراق. ولا يحسن بنا أن نقعد عن التغلغل في تحسين شؤونه وإلا فإن الأميركيين يسبقوننا عن قريب فنتأخر عنهم بمراحل. فلقد نقلوا من تال بغداد والبصرة ومصر وتونس والجزائر وغيرها من ديار النخل فزكا وراع كل الريع لأنهم يتخذون كل الوسائل لتحسينه ولطرد كل آفة عنه - بخلاف ما يجري في بلادنا فإن طريقة غرسه اليوم لم تتغير عما كانت عليه قبل نحو 4 آلاف سنة في عهد البابليين والكلدانيين. على أننا رأينا في هذا الكتاب شائبة وهي أن الكاتب لم يجر على خطة واحدة لتصوير الألفاظ العربية. وكنا نغض الطرف عن ذلك لو كان كتب بالحرف العربي كل كلمة اصطلاحية عربية وردت في مثاني البحث وبالأخص أسماء أصناف التمر فإننا لم نكدر نهتدي إلى تصحيحها إلا بشق النفس ومع ذلك لم نتوفق إلا لمعرفة بعضها فما قول من لم يسمع بتلك الأسماء. وإننا لنتوقع إن هذا الكتاب يرغب في إحرازه ومطالعته ويعاد طبعه ثانية فيصحح المؤلف ما فاته في هذه الطبعة. ومما نلاحظه أيضاً أنه كتب في ص 249 القسب بهذه الصورة - ونقله إلى الإنكليز بمعنى الكسب وهذا كله ناتج من سوء تصوير الحروف العربية بالإفرنجية فالقسب غير الكسب إذ القسب مشتق من قسب (المضموم) ومعناه: صلب وأشتد وسبب تسميته واضح لصلابة تمره. ثم إنه نقل عن البكري عند تكلمه عن بسكرة أن القسب هو الصيحاني فإذا صح هذا الكلام فهمنا أن الصيحاني هو المسمى اليوم عند العراقيين بالبدرايي أو البادرايي (وهو التمر المنسوب إلى بادرايا المعروفة اليوم باسم بدرة) لأن ياقوت يقول في معجمه: ومنها (أي من بادرايا

يكون التمر القسب اليابس الغاية في الجودة واليبس (راجع لغة العرب 1: 442 و443) ويقول في بسكرة: (فيها نخل وشجر وقسب جيد) فنحن لا نرى في هذا النص أن الصيحاني أو القسب أو البادرايي تمر واحد. فالصيحاني على ما ذكر اللغويون هو ضرب من تمر المدينة أسود صلب المضغة. والقسب اسم عام يقع على كل تمر (صلب يابس) مهما كان جنسه والبادرايي هو تمر أصفر صلب رقيق اللحم من جنس (دقلة النور) المعروفة في تونس. وأما الصيحاني فهو عندنا الاشرسي الأسود أي الصرفان (راجع لغة العرب 1: 444) وأما سبب تسمية الصيحاني بهذا الاسم فقد ذكر له اللغويون عدة أسباب، منها: إنه نسب إلى صيحان وهو كبش كان يربط في نخل التمر المذكور، أو اسم الكبش الصياح وهو من تغييرات النسب إلى غيرها. وأما حضرة مصنفنا فقد ذكر لسبب تسميته ما نقله عن لسان العوام أي أنه سمى كذلك لأنه صاح: (هذا هو محمد - صلى الله عليه وسلم -، هذا هو أمير الأنبياء. . .) الخ وذلك عند مرور نبي المسلمين بنخلة في المدينة وكان معه علي بن أبي طالب. - أما سبب تسميته الصحيح عندنا فهو أنه منسوب إلى الصيحان والصيحان مصدر صاحت النخلة أي ارتفعت لارتفاع نخل هذا التمر. وقد ذهب في نقل بعض الألفاظ مذاهب لا نظنه أصاب فيها. فقد نقل إلى الإنكليزية كلمة الأشرسي أي النامي في طول) أو الطويل. وليس الأمر كذلك. فإنه سمى كذلك نسبة إلى الشرس (محركة) وهو الصلب لصلابة تمره. أو لكونه ينبت في المكان الشرس أي الصلب وعلى كل فإنه لا يعني الطول. ومثل هذا التأويل كثير في الكتاب. ومع ما فيه من هذه الشوائب الزهيدة فإن الكتاب يبقى جليلاً في بابه. ويخلد لمصنفه ذكراً لا يمحى. 5 - رحلة إلى سورية للأستاذ الدكتور مرتين هرتمن 1913. في 132 صفحة بقطع الثمن الكبير وقيمته 3 ماركات لله در الإفرنج لا يقدمون على أمر إلا ويتقونه كل الإتقان ويحكمونه كل الأحكام. هذا المستشرق الكبير الأستاذ العلامة (الدكتور) مرتين هرتمن من مشاهير العارفين بلغة العرب والواقفين على أسرارها فقد هجر بلاده

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

في شهر آذار من السنة المنصرمة ورحل إلى ديار الشام رحلة جعلها أدبية علمية تاريخية جغرافية فدون ما رآه في كتابه وهو هذا فجاء من أحسن ما كتبه الرحالون بالمعنى الذي أراده وقد هبط أشهر بلاد الشام ووصفها وصفاً دقيقاً وهي حيفا ودمشق وبيروت وحماة وطرابلس واللاذقية وحمص وحلب ثم عاد إلى وطنه وقد تعارف في طريقه بكثير من الأدباء والفضلاء والعلماء ونحن نتمنى أن يقدم يوماً إلى الزوراء ليكتب رحلة ثانية مثل رحلته هذه وليس ذلك أمراً صعباً على ذوي الهمم ولا سيما مثل حضرته. قرب الله تلك المدة ومتعنا برؤياه! تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مصير المستنصرية وقهوة الشط كانت المستنصرية مدرسة كبيرة من أشهر مدارس الإسلام في دار السلام بل في بلاد خلق الله في عصر العباسيين ثم انقلب بها الزمان فحالت عصراً بعد عصرٍ حتى كاد يعفو أثرها إذ قد بني في موقعها ديوان المكس الآن وقهوة تعرف بقهوة الشط وهي قرب قهوة المصبغة. وقد جاء في النوادر في عددها 152 ما نلخصه للقراء: كان أولو الأمر قد منعوا منذ نحو ثلاث سنوات فمثيل بعض الوقائع فيها ضرر على الصحة والآداب والمال وهو المعروف عندهم بالتياترو (لأن العوام تصرفت في هذه الكلمة الفرنسوية فأخرجتها عن معناها المألوف حتى جعلتها بهذا المعنى) وسبب هذا المنع وقوع هذه القهوة قريباً من جامع الخفافين وجامع عملة الأسرة (السريرجية) إذ القاعدة المرعية في الأبنية هي إن قربت الملاعب من الجوامع بقدر مائة متر منعت. والحال أن الجامعين المذكورين لا يبعدان عن القهوة المذكورة أكثر من 40 متراً ولهذا امتنع أصحاب القهوة مدة من الزمان من إتمام ما كانوا قد بدءوا به لكنهم عادوا إلى سابق عملهم حينما رأوا أرباب الأمر تغاضوا عنهم. ولا سيما لأن الحكومة عينت رجالاً من (دائرة البلدية) لتحقيق الذرع. فقدم المندوبون ورقة كشف يذكر فيها مقدار الأذرع فإذا هي تزيد على المائة فلما أطلع عليها أرباب الأمر أذنوا لأصحاب القهوة بالعود إلى ما كانوا عليه. ولعلك تقول: كيف يمكن التوفيق بين قولك إن الجامعين لا يبعدان

عن القهوة أكثر من 40 متراً وبين قول الكشافين إن الأذرع تزيد على المائة؟ - قلنا: إن الكشافين ذرعوا المسافة من الطبقة العليا بل من المكان الذي تجلس فيه الراقصة إلى جدران الجوامع مع الدرج!!! ومن ذلك بأن الفرق. فتأمل. ومما ينطوي علي مثل هذا الغر: القهوة المسماة (بقهوة عزاوي) الواقعة في سوق الميدان فإنها لا تبعد عشرة أمتار عن جامع الميدان الشهير ومنذ سنة تحيى فيها ليلة راقصة ولم يوجد من احتج على هذا العمل. 2 - مئذنة الكفل أو منارة الكفل قالت النوادر: ومما هو أعظم من الأمرين الأمرين المذكورين ما يأتي ذكره وهو: ادعى قبل نحو 30 سنة (الحاج ذرب) رئيس ناحية الكفل (والكفل مزار مشهور فيه قبر النبي حزقيال بقرب الحلة) إن جامع الكفل هو للمسلمين وإن الموسويين قد تملكوه بدون حق. والدليل على ذلك وجود منبر هناك ومحفل ومحراب ومئذنة فلما سألت حكومة بغداد الموسويين (وكان السؤال في ذلك العهد) عن حقيقة الأمر أنكر الموسويون ما نسب إليهم وأنكروا وجود مئذنة وما يتعلق بها في ذلك الموطن. فندبت الحكومة رجلاً يكشف عن كنه الأمر وعن وجود المئذنة فكان جواب الكشاف بعد الذهاب إلى الموطن المذكور أن لا منارة هناك. فكتب الحاج ذرب إلى الأستانة ليطلع أولي الأمر على حقيقة المسألة وطلب منهم أن يبعثوا رجلاً ليثبت ما وقع عليه النزاع فبادروا إلى تلبية طلبته وأرسلوا كشافاً لهذه الغاية من الأستانة نفسها فلما وصل الرجل المذكور إلى بغداد بقي فيها بضعة أيام ثم رجع إلى من حيث أتى وقال: لا يوجد مئذنة في ناحية الكفل. - والحال أنها إلى الآن موجودة والإفرنج وغيرهم من أهل التحقيق صوروها من جهاتها الأربع بحيث لا يمكن أن ينكرها (العناديون) أنفسهم فكيف يمكن الجمع بين الوجود والعدم؟ إن هذه من الخوارق التي لا تجري إلا في بلادنا. 3 - السيد طالب بك النقيب نشرت جرائد مصر والشام إن الحكومة عرضت على السيد طالب النقيب منصباً في مجلس الأعيان فرفض وأبى الذهاب إلى الأستانة كما أنه استعفى من النيابة في مجلس المبعوثين. 4 - السكينة في العراق تذهب البرقيات تترى من العراق العربي (هذا كلام جريدة فتى العرب

ولم تذكر من أي بلدة تصدر هذه البرقيات) إلى الباب العالي احتجاجاً على تعيين جاويد باشا وحسني باشا في بلاد العراق. ثم قالت: فحار رجال الحل والعقد في الأستانة لهذا الأمر والصحف انقسمت فيه إلى قسمين قسم يشجع الحكومة على إخضاعهم بالسيف والسنان وقسم يوصيها بأخذهم باللين والإحسان). قلنا: السكينة سائدة في العراق وليس فيه ما يقلق الخواطر ويثير عليه غضب الحكومة فالظاهر أن أهل الفتنة أناس قليلون لا يتعد بهم، بل ولا يلتفت إليهم. 5 - جاويد باشا والي بغداد الجديد ومن بصحبته قدم بغداد جاويد باشا ومعه بهاء الدين بك رئيس أركان الحرب و18 ضابطاً منهم 11 عربياً والباقون من الترك. - وقد صممت الحكومة على أن تسير مع القبائل بالتي هي أحسن وأعطت جاويد باشا هدايا وألطافاً ليهديها إلى شيوخها. ومع والي بغداد الجديد وقائد عسكرها فؤاد أفندي الدفتري مبعوث بغداد سابقاً وقد عين مفتشاً للأوقاف في ديار العراق بمشاهرة 70 ليرة، ومعه أيضاً حكمت بك قيم مقام مركز بغداد وهو أخو شوكت باشا الشهير ومع المذكورين أيضاً خليل هجري بك مدير تحريرات الولاية وعبدي بك قائد الدرك في بغداد. وللوالي الجديد سيارة (أوتوموبيل) قيمتها 600 ليرة ومعه ألفا حقة من بزر القطن لأحياء زراعة هذا النبت في العراق. وكان قدوم الجميع في 18 ك 2. 6 - تبرع عبد الحسين أفندي الدده تبرع هذا الرجل الفاضل بعشر ليرات عثمانية على مكتب الاتحاد والترقي للإناث المفتوح جديداً في بغداد، أكثر الله من أمثاله إحياء للفضل والكرم. 7 - رجوع النقود القديمة إلى التعامل بها وزعت الخزينة مشاهرات الموظفين ورواتبهم ودفعتها إليهم من النقود القديمة من ذوات خمسة الغروش والغرشين ونصف والعشرين بارة والعشر بارات فأخذها الموظفون بكل ارتياح لكن باعة الخبز واللحم ومن ضاهاهم امتنعوا من قبولها أولاً ثم عادوا فقبلوها عند تنبيه أولي الأمر على ذلك. 8 - مخفر الجميلية تعهد فخر الدين أفندي من آل جميل ببناء مخفر في سوق تجاه (سبيل الماء) وأرسل 4 آلاف طاباقة لهذه الغاية ويسمى بالجميلية نسبة إلى أسرتهم. 9 - عجمي السعدون والضفير بعد أن تم الصلح بين عجمي بك وبين شيخ مشايخ الضفير حمود السويط

وتعاهدا على أن لا يؤذي الواحد الأخر وأخذ شيخ الضفير ميثاقاً من عجمي يؤكد له الأمن والراحة إذا بعجمي استنفر عشائره ونزل بها بالقرب من ماء (الشقراء) ثم هجم على عشائر الضفير على حين غره منهم بينما هم في مأمنٍ منه فنهب طائفة من بيوتهم وشيئاً من إبلهم. ويقال إن من جملة القتلى ستة من رؤسائهم وينتظر أن يقوم هؤلاء على الفتك بهم فتتأجج نيران القتال. 10 - يوسف المنصور السعدون خرجت قافلة من الضفير من الخميسية بعد أن أمنها عجمي السعدون وقبل أن تصل إلى غرض سفرها هجم عليها يوسف المنصور السعدون فاستلق منها 25 بعيراً. فاغضب عمل يوسف هذا عجمي ابن عمه وأثار في صدره حزازاتٍ وقد غادر الخميسية طائفة من الأهالي فاستوطنوا قضاء سوق الشيوخ لما لحقهم من بوار التجارة بسبب استحكام عرى العداوة بين عجمي والضفير. 11 - السيد محيي الدين أفندي النقيب البغدادي تعين هذا السيد الفاضل (وهو ابن صاحب السماحة السيد عبد الرحمن أفندي نقيب أشراف بغداد حالاً) عضواً في مجلس الأعيان فنهنئه بهذا المقام الجديد. 12 - للطيارات العثمانية طبعت أوراق بدلها خمس ليرات وليرة وما بينهما لتوزع على النساء العثمانيات البغداديات إعانةً للطيارات فوزع منها ما بدلها 53 ليرة. والأمل أن المبلغ يضاعف مرات لاشتهار أخلاق عراقياتنا. 13 - نفي (علي موسى خان) من مسقط نفى هذا الرجل وهو من أصحاب المبرات في مسقط بأمر حاكمها وقد أرسل مخفوراً مع سبعة عشر جندياً من عساكر الهند يقودهم ضابط لإيصاله إلى البصرة. ويقال أن سبب نفيه خوف انكلترة من سطوته ونفوذه لأنه من مخالفي سياستها هناك. أما الرجل فقد سافر من وطنه قاصداً المدينة. 14 - عبد الكريم مدير ممكس مسقط قبضت حكومة مسقط على عبد الكريم أفندي مدير ممكس مسقط وزوجته في السجن وسيرسل منه إلى الهند مخفوراً. والسبب لم يعرف إلى اليوم. 15 - شيوخ عشائر الشامية قدم بغداد في أوائل شهر ك 2 شيوخ عشائر الشامية وهور الدخن للمفاوضة في مسألة الذرعة التي قر رأي الحكومة على إلغائها وأخذ الجباية بطريق التخميس

طالبين أن تسمح لهم الحكومة بطرح خرص غلات السنة الماضية من قياس التخميس كما سمحت لرؤساء عشائر المشخاب بذلك مساواةً قوماً بقومٍ. والأمل أن أرباب الأمر يحققون أمانيهم. 16 - مهرجاه (راجه) هندي قدم في الأسبوع الأول من الشهر المذكور أحد مهرجاهية الهند وهو حاكم (سليم بول) إلى بغداد لزيارة الكاظمية وسامراء والنجف وكربلاء وهذا الفاضل كان في مقدمة الرجال الذين أعانوا الدولة العثمانية في حربي طرابلس والبلقان وهم من رؤساء مشاهير الهند. وقد دفع من الإعانات المالية ستة آلاف ليرة من ماله الخاص به. وقد رحب به الناس أينما ذهب وحيثما حل. 17 - لا شتاء إلى الآن في بغداد وزيادة دجلة أبرد أشهر شتاء بغداد هما كانون الأول وكانون الثاني والحال إلى الآن لم نر البرد نزل إلى أدنى من 4 درجات (فوق الصفر). فالظاهر أن لا شتاء في سنتنا هذه. أما الأمطار فغزيرة حتى أن دجلة فاضت فيضاناً خارق العادة في 26 ك 2 وكان الفيض فجأة فأغرق بعض (جساريات) وساق قسم منه جنائب (دوب) بعض المراكب بل ساق أمامه مركباً تجارياً بعد أن قطع سلسلته القوية. 18 - عودة الجدري كان الجدري أخذ بالزوال في شهر كانون الأول إلا أنه أخذ يعود إلى فتكه في شهر كانون الثاني أبعده الله وأزال جراثيمه إزالة لا عود فيها! 19 - رطوبة هذا الشتاء كثرت الرطوبة في هذه السنة بسبب هبوب الرياح المعروفة هنا بالشرقية (وهي على الحقيقة الجنوبية الشرقية) فكثرت الأمراض التي تتولد منها كالرثية أو داء المفاصل (المعروف عند العراقيين بالصليل) والنقرس وعرق النسا والتهاب الكلى والحمى الباردة إلى غيرها. لكن عاقبة المرض في اغلب الأحيان النقه. 20 - جمال بك والي بغداد سابقاً رقى جمال بك إلى رتبة (أمير لواء) ووسدت له وكالة نظارة اليافعة والأمل أنه يرتقي رتباً أعلى لأنه أهل لها وذو إطلاع واسع وخبرة معروفة. 21 - رحالتان فرنسويان جاء بغداد في أواخر الشهر الماضي القائد الفرنسوي (دولو) والفاضل (غلوا) وهو من أعضاء الجمعية الجغرافية في باريس وقد تفقدا آثار العباسيين

ثم ذهبا إلى بابل وكويرش وتلك الأرجاء ليشاهدا ما أبقى الدهر في هذه الديار من بقايا الأقدمين. ثم سافرا إلى وطنهما بعد أسبوعين على طريق البحر. 22 - البرد (وهو الحلوب أو الحالوب عند العراقيين) في اليوم السابع من كانون الثاني سنة 914 الموافق لليوم العاشر من صفر سنة 1332 كان عندي في محلي جناب الأب انستاس ماري الكرملي فوقع مع المطر برد صغار كالعدس ثم عقبه برد أكبر منه كالحمص تقريباً فذكرت له إني كنت في سنة 1305 هجرية الموافقة لسنة 1888 في ناحية المسيب قرب بغداد فنزل مطر غزير بريح شديدة ترفع في الهواء الأبواب المقلوعة الموضوعة على الجسر ثم تلقيها على بعد وعقب ذلك سقوط برد كبار للغاية منها بحجم الليمون ومنها أكبر منه وأصغر منه فاستغرب الأمر فذكرت له بعد ذلك إني لما عدت إلى بغداد في ذلك التاريخ من السنة بنحو عشرة أيام وقع في بغداد مثل ذلك البرد عينه فكسر اغلب الألواح المخرمة التي اعتاد أهالي بغداد أن يزينوا بها الاطناف ويسمونها (بيجة) (من اللغة الفارسية والسبب إن اغلب أسماء أدوات وأعمال البنائين والنجارين مأخوذة عن الإيرانيين مما لم تزل آثاره إلى اليوم) وقتل عدداً لا يحصى من الطيور البرية التي تقف عادة على قباب الجوامع وذكرت له أيضاً أن في ذلك الهواء غرق عدد غير قليل من السفن الحاملة للزوار في بحيرة النجف وقدروا وقتئذ الغرقى بنحو ألفين إلى ثلاثة آلاف نفس حتى أخذ الأعراب هناك إخراج الجثث بالآلة التي يستخرجون بها السمك ويسمونها (قالة) ولكن يا للأسف ليس رحمة بهم أو لمواراتهم ودفع التعفن لدفع الأمراض بل لسلب ما يكون في جيوبهم من المال وإعادتهم إلى الماء وحيث أن هذا الأمر مما يجب ذكره تخليداً للتاريخ حررت هذه الأسطر لطبعها في مجلة لغة العرب راجياً ممن لديه تاريخ الواقعة باليوم أن يعلن الأمر حفظاً وخدمة للتاريخ الذي هو من أهم الأمور. عبد اللطيف ثنيان 23 - لجنة تحديد الحجر الصحي كنا قد نقلنا قدوم رجال هذه اللجنة اعتماداً على إحدى الجرائد المحلية ثم تحققنا أسماءهم بأنفسنا فإذا هم: 1 - الدكتور (جناب شهاب الدين بك) المفتش العام في اللجنة الصحية المذكورة وهو عثماني؛ 2 - الدكتور (والتر) طبيب سفارة روسية في الأستانة وهو روسي؛ 3 - الدكتور كليمو طبيب سفارة انكلترة في فروق. وهو إنكليزي، 4 - الدكتور (شمبرغ)

الترجمان الثاني لسفارة ألمانية في القسطنطينية وهو ألماني، 5 - الدكتور (سموئيل خان) أرمني غير كاثوليكي، طبيب سفارة إيران بالأستانة وهو إيراني مندوب اللجنة وقد سافروا إلى محل وظيفتهم في 22 ك 2. 24 - مفتش فيلق بغداد عين مفتشاً لفيلق بغداد وهو الفيلق الرابع عشر والي ولايتنا جاويد باشا. 25 - وقعة في سوق الشيوخ تخاصم في أوائل شهر ك 2 النجديون المقيمون في سوق الشيوخ مع قطان المدينة فوافق رجال الحكومة والبغداديون النجديين فتضاربوا فأسفرت المعركة عن 15 قتيلاً و20 جريحاً من الجمعين. وما أبطأ أن جاء النجديين مدد من الخميسية فهدأت النفوس الجائشة وأخلد الجميع إلى الراحة. 26 - النوري ابن شعلان أغار النوري ابن شعلان رئيس قبائل (الرولة) على الفدعان والسبعة في (عكاشات) وهي أودية قرب (القعرة) وبعد مناوشات عديدة فاز النوري ببعض الغنائم. 27 - ابن السعود وتقرب الدول منه وذهابه إلى الاحساء أرسلت دولة فرنسة معتمدا إلى الأمير عبد العزيز باشا السعود فزاره في مقر إمارته الرياض وتباحث معه في أمور سياسية عديدة ومن جملتها ما يتعلق بتجارة الأسلحة وبيعها في العقير أو في القطيف ثم قال المعتمد: ودولتي تتكفل لك: 1 - بمسانهة مائة ألف ليرة أو برسوم تبلغ 50 ألف ليرة عثمانية 2 - إن ما يشتريه الأمير من الأسلحة يكون بثمن أدنى مما يباع لغيره 3 - أن تجلب له كل ما يريده من مستحدث الأسلحة بأثمان بخسة. فلما سمعت بذلك دولة انكلترة عرضت للأمير ما يأتي: 1 - مسانهة 50 ألف ليرة 2 - دفع ما يحتاج إليه هو وجنوده من الأسلحة. أما الأمير فلم يجب الآن بشيء ريثما يستشير مجلسه ولعله يميل إلى الدولة الثانية لما له معها من العلاقات السياسية وقد نول في هذه الأيام أنحاء الاحساء ونزلت أعرابه بجوار الكويت. 27 - ابن الرشيد خرج من بلاده متجهاً نحو ديار العراق لتأديب (أي لغزو) بعض القبائل المبثوثة في بواديها. 28 - أمير الزبير عاد محمد بك المشري أمير الزبير إلى كرسي إمارته بعد أن تنازل عنه لعبد المحسن باشا القرطاس. 29 - اللؤلؤ في البحرين كسدت سوق اللؤلؤ في ديار الإفرنج هذه السنة فتضرر من هذا الكساد اللألون في البحرين فأعلنت بعض محلاتهم الكبيرة إفلاسها. 30 - طالب بك النقيب وإعاناته للأسطول تبرع السيد طالب بك بسبعمائة ليرة إعانة لأسطول الدولة فدفع منها 500 عن نفسه و200 عن نجليه اللذين ذهبا إلى كلية الأستانة الفرنسوية وهما نجم الدين بك وتوفيق بك وجمع ألفي ليرة من البصريين خدمة للدولة وإعانة لأسطولها.

العدد 33

العدد 33 - بتاريخ: 01 - 03 - 1914 خرافات عوام البغداديين إن للعراقيين المسلمين عادات ليست من دينهم في شيء سنها لهم الهوى والشياطين من الإنس، الذين يؤثرون مصالحهم، ولو كتم وراء ما سنوه مخالفة لدينهم ومشاقة لله ولنبيه وقد كثرت البدع والخرافات واستفحل خطبها في المسلمين عموماَ والعراقيين خصوصاً وانتشرت بينهم انتشاراً سريعاً وأخذت البدع تكثر بعد وفاة صاحب الرسالة في القرون التي بعده حتى أن بني أمية أحدثوا أموراً ليس لها أصل في الإسلام والسيرة ولكن لا يخلو قرن إلا ويظهر فيه من يحارب البدع وينتصر للحدود الشرعية وكان الصحابة ينكرون على من يجيء بشيء لم يفعله صاحب الرسالة أو لم يأمر به ويزجرونه ويحقرونه وبلغ من تعصبهم في ذلك أن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب حج مرة وجاء لاستلام الحجر الأسود فقبله وقال أنا أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولو لم أر رسول الله قبلك لما قبلتك وقال صاحب الرسالة يحذر أصحابه من البدع فكان يقول لهم: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم في أنبيائهم) وكان يقول: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد عليهم) وكان يقول: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد) مخافة من ظهور ما ليس من الدين ولقد أصبح العراقيون على خطر مهول من ذلك فقد نسبوا الضر والنفع للأحجار والجلاميد واستنجدوا بقبور علماء الدين وسألوهم أموراً لم يتمكن منها الأنبياء فضلاً عن العلماء (حالة حياتهم) ودعوهم وتضرعوا عند قبورهم وسألوهم دفع مرضهم وإيفاء ديونهم وإسداء الرزق إليهم.

ولما يرى غير المسلم ما عليه هؤلاء السخفاء يحسب أنه من الدين فينسب إليه السخافة والنقص فتشمئز نفسه من الدين الإسلامي وكأني بالإفرنجي الذي يطوف ببلادنا يرى ذلك الرأي فيغضب على الدين ويحنق عليه ويرميه بكل سوء على أنه لو أعاد النظر ورجع إلى عقلاء المسلمين وعلمائهم لوجدهم على بعد عن ذلك إذ يتميزون غيظاً على فاعليه. فحاشا الدين الإسلامي أن يرضى بما يفعل الجاهلون المفسدون أهل المخرقة والغش والبهرجة في الأفعال والأقوال وحاشاه أن يبيح لهم من ذلك شيئاً. وهانحن نبحث الآن عن بعض العادات التي يتمسك بها العراقيون وهي أشبه بما كان يفعله عبدة الأصنام في أيام الجاهلية فنقول: أصبح العراقيون يعتقدون أن النفع أو الضر يجوز أن ينسب إلى الجمادات كالشجر والصخر والتراب وغيرها فيقولون إن جلاميد الجنيد تبرئ من المرض الطارئ على بعض الأخطاء ويقولون أن بئر الجنيد هي السبب الوحيد لإنتاج العاقر إلى غير ذلك من الخرافات والسفسطات التي أخذوها عن بعض فرق المسلمين. وهاك بيان ما يكثرون الترداد إليها من الجمادات المعروفة بينهم الموصوفة بالقدرة والتأثير عندهم. 1 - جلاميد الجنيد في مسجد الجنيد الذي يبعد عن نفس بغداد نصف أو ثلث ساعة ثلاث جلاميد موضوعة حيال قبر الجنيد الصوفي الزاهد المشهور وللعامة في تلك الجلاميد اعتقادات باطلة وكذا النساء المسلمات وبعض اليهوديات فإن لهن اعتناء عجيباً بتلك الصخور وذلك إن عاداتهن زيارة الجنيد كل يوم أربعاء فمن كانت منهن تشكو مرضاً في عضو من أعضائها تضع الصخور على محل الوجع أما مجتمعة وأما صخرة فصخرة على التوالي ويزعمن أن الوجع يزول ببركة هذه الصخور. وإن كان الوجع بحيث لا تتمكن من وضع الصخور عليه تمسح عليها بكفها وتمسح بها على المحل المؤلم كما لو كان رمد في عينيها أو صداع في رأسها. وإن كان الوجع داخلياً حملنها على كتفيها ودارت بها حول قبر الجنيد وإذا لم تستطع حملها حملتها مع امرأة أخرى فتضعها مباشرة على محل الوجع وإن كان في رضيعها داء حملتها هي نيابة عن الرضيع. ولا فضل لهذه الصخور إلا لكونها في محل مدفون فيه الجنيد.

2 - بئر الجنيد وراء مسجد الجنيد من جهة الشرق بئر يزعم النساء أن الجنيد كان يتوضأ ويغتسل منها فمن كانت منهن عقيماً تعمد إلى تلك البئر فتدلي فيها ثلاث دلاء وتسفحها على جسدها فبذلك يكون نتاجها (على زعمهن) وكذا من كانت منهن مثاثاً (أي تعودت ولادة الأنثى) فإنها تقول إذا سبحت بها: ألد ذكراً. ولا يصح ذلك إلا يوم الأربعاء ويشترين الماء من تلك البئر بقيمة فاحشة ولهن به اعتناء عجيب. 3 - بيوت بهلول لبهلول المجنون الشهير قبر على مقربة من الجنيد وبمناسبة زيارتهن للجنيد يزرن قبر بهلول وله مسجد صغير أنشئ حديثاً وبعضهن تبني خلف مسجده بيتاً صغيراً من آجر والبيوت هناك تختلف فبعضها يعلو إلى ذراع وبعضها إلى نصف ذراع وبعضها يجعل من ثلاث قطع من الآجر تبنى ذلك من لها حاجة تسرها في نفسها وتنادي بهلولاً بهذه الكلمات (يا بلهول لا أخرب بيتي إلا تكضي لي حاجتي) معناها: تقضي حاجتي، لأن من عاداتهم إبدال القاف بالكاف الفارسية. وينذرن له نذوراً مختلفة فمنهن من تنذر له شمعاً توقده فوق قبره أو في مكان من مسجده ومنهن من تنذر له طعاماً تطعم به صواحبها في مسجد بهلول إلى غير ذلك من النذور. ومن كانت عاقراً تبني لها بيتاً هناك وبعض البنات تبني به بيتاً رجاء أن يكون لها خطيب جميل. فإذا قضي أمر إحداهن هدمت بيتها ووفت بنذورها ولن تهدمه أبداً إذا لم تقض حاجتها ولكنه يبقى على حاله. ومنهن من تعلق في البيت مهداً صغيراً تتفاءل أنها ستتزوج ويولد لها ولد وتضعه في المهد ومنهن من تضرب على وسطه كلة تتفاءل أنها تتزوج وتضرب لها كلة. والبيوت تقام بلا طين ولا جص ولكنها أحجار يوضع بعضها فوق بعض فمنها ما هو مستطيل ومنها ما هو مستدير ومنها ما هو مربع وبعضها نصف مستدير تبنى على حائط من المسجد أو على قرب منه. والتي تصيب مرادها تطلي باب المزار بالحناء بعد أن تفي بما نذرت.

4 - طلاء أبواب المزارات بالحناء من عادات المستفيضات عند نسائنا إنهن إذا زرن أحد الأئمة المدفونين في العراق وطلبن منه حاجة فقضاها (على زعمهن) يقضين نذورهن ثم يعمدن إلى باب من طلبن منه فيطلينها بالحناء إشارة إلى أنه له تأثير عظيم وله يد في كل ما يطلب منه وإنه قضى لهن مرادهن ولذلك ترى أكثر أبواب المزارات والأئمة مطلية بالحناء أو عليها صورة كف مفتوحة الأصابع إشارة إلى إعطائه وسخائه وبعضهن تعمل غير ذلك. 5 - نصب الراية الراية عندهن قطعة من خام تخاط في رأس قصبة طويلة وقصيرة وتنقسم عندهن قسمين سوداء وبيضاء فالسوداء ينصبنها إذا طلبت إحداهن من أحد الأئمة أمراً فلم تقع على مرادها والبيضاء بعكسها فمتى قضى لها مطلباً تنصب الراية البيضاء إشارة إلى إنه قضى مرادها الذي طلبته والراية تنصب بأعلى شرفات البيت وإذا قضى لإحداهن مطلب عملت راية بيضاء وصعدت على سطحها تنادي بأعلى صوتها، والراية في يدها، (عرب واهليه خطار والفيه راية البيضا لفلان الإمام مبنية بيض الله وجهه) وتكرر هذه الجملة سبع مرات أو خمس مرات بحسب التصادف وتهلهل بعد كل صوت ثم تركزها على شرفة في بيتها ولا تأخذها حتى تقذفها الريح أو يهوي بها المطر أو تقع لسبب أخر. 6 - القفل والمفتاح في مسجد الشيخ عبد القادر الكيلاني العالم الزاهد الشهير رجل يدعى إنه شريف هاشمي وللنساء به اعتقاد غريب وذلك أن البنات إذا فات وقت نكاحهن أو تريث ولم يخطبهن أحد ذهبن إلى ذلك السيد وشكين له حالهن فيقول لهن ايتنني بقفل ومفتاح فإذا أتين بهما أقعدهن في باب الشيخ عبد القادر وأمرهن أن يرسلن طرف أثوابهن فإذا أرسلنه وضع عليه القفل وأغلقه ثلاث مرات ثم يأمرهن بالقيام فيقمن ويخطون على القفل ثلاث خطى ثم يقرأ عليهن ما شاء أن يقرأ ثم إنهن يعطينه شيئاً من الزبيب والحمص وهو حلوانه ولا يكون ذلك إلا يوم الجمعة قبل الظهر ويزعمن إن نكاحهن يقع بعد ذلك وقوعاً محققاً ويقرب زمانه ببركة ذلك السيد فإذا وقع ما أردن رجعن إليه وفتح القفل وأعطينه جزاءه وأكثر ما يستعمل ذلك عند نساء اليهود وبعض رجالهم وقد يستعمله بعض سخفاء المسلمين.

7 - قصبة الصداع إذا شكا أحدهم الصداع عمد إلى قصبة غليظة وقسمها طولاً إلى قسمين ثم شدها بخيط من شعر ووضعها بين المقابر ويقال أن في بطن القصبة أسطراً لم أطلع على مضمونها ويزعمون أنها تنفي الصداع. 8 - إيقاف السعف إذا حم أحدهم أو صدع أخذوا قطعة من سعف النخيل وأوقدوها وإذا اتقدت تعطي امرأة ثيباً وتسير بها قليلاً حتى تخمد نار السعفة فتنتهي من سيرها ويزعمون أن الحمى والصداع يسكنان بذلك. 9 - شد الخرق مما تعودته النساء إنهن إذا كان لإحداهن أمر يهمها عقدت خرقة وخيطاً بشباك أحد الأئمة فإذا بلغت أربها حلته ووفت نذرها وعقد الخرق قديم في عهد الجاهلية ومن أشهر ما كان يعقد به الخرق ذات انواط فراجعها في محلها. 10 - تمثال الأيل بين الكاظمية وبغداد بستان فيه تمثال أيل منحوت من الرخام أبيض الشكل له قرنان ذوا شعب وأغصان ولكنهما كسرا بتعاقب النساء عليه يبلغ علوه ذراعاً وثلث ذراع وله ذنب ملتصق بفخذيه وهو قائم على أربع واقف وقوف الأيل الذي أوجس نبأة ففزع منها وهو صنع عجيب يشابه في شكله بعض الآثار التي وجدت في بابل ولا يزال باقياً هناك والمرأة العاقر إذا أعيا أمرها تعمد إليه وتركب على ظهره وتبقى عليه بضع دقائق ثم تنول عنه وتذهب إلى شانها وتزعم أنه سبب لحبلها والمرأة التي لا يحبها زوجها حباً شديداً تركب عليه فتكون من أحب الأحباب إليه (على زعمهن). 11 - العقد تنقسم إلى أقسام فمنها عقدة الخطيب، ومنها خيط ينزع من طراز يوضع على قبور بعض الأئمة فيعقد في الرقاب وفي الأرسغ ويخيطه بعضهم بثوبه وبعضهم (بعقاله) وله شأن عظيم عند الأعراب. والنساء يتبركن به ويزعمن أنه يذهب الحمى والصداع وبقية الأمراض. قرأ أحدهم سورة الفلق حتى إذا بلغ إلى قوله: (ومن شر النفاثات في العقد) قال له بدوي لا يحسن القراءة وهمت إنما هي النفاثين. قال: هكذا الآية. قال: إني رأيت الخطباء ينفثون في العقد وليس بينهم امرأة ثة. مسلم بغدادي

الزواج عند يهود بغداد

الزواج عند يهود بغداد 1 - تمهيد تختلف مناهج وأساليب الزواج عند يهود بغداد اختلافاً يذكر عن وطنييهم المسلمين والمسيحيين حتى أن اغلب أبناء الزوراء يجهلون اليوم جل عاداتهم إن لم نقل كلها ولهذا أحببنا أن نطلع قراء مجلة (لغة العرب) الكرام بهذه النبذة على عادات زواجهم فنقول: 2 - انتقاء الزوجة ومسألة الصدق إذا وطن الشاب نفسه على الاقتران يطلع والديه على ما يدور في خلده (هذا إذا كان له والدان وإلا فيكاشف بما في صدره أقرباءه أو أحد معارفه) فيستدعي الأبوان أحد دلالي الفتيات (وما أكثرهم عند اليهود!) ويعرضان عليه مسألة ولدهما فيأخذ الدلال ويصف لهما حالاً بعض الفتيات اللواتي يعرف أسماءهن ويذكر منيني (دوطة) كل منهن واسم أبويها ولقب أسرتها ويثني على مناقبها ومحاسنها فإذا صادفت إحداهن حظوة وراقتهما يخبران عنها أبنهما ويأخذانه معهما إلى دار والديها حتى يراها بعينه. وكان يحظر على الفتى في السنين السالفة أن يرى الفتاة قبل عقد النكاح أما الآن فقد خرقت تلك العادة السيئة المغبة ولم يبق حكمها جارياً إلا عند طائفة من المتعلقين بأهداب العوائد القديمة. فإذا رآها الشاب وأعجبه حسنها وآدابها يخبر والديه بأنها قد وقعت في نفسه فيأخذان بمساومة الدلال في أمر الصداق (الدوطة) فيعرض عليهما الرجل قدراً من الدنانير فإذا وجداها زهيدة بالنسبة إلى مقام أبنهما يقولان له بكل تصريح إن ثمن ولدنا لأكثر مما دفعت له فيذهب الدلال إلى أهل الفتاة ويقنع والديها أن يزيدا نقود المهر لأن الفتى من زهرة الشبان النجباء ومن نخبة الفتيان الأدباء النبلاء وأهل لكل المحامد والفضائل وهو جدير بأن يدفع له مبلغ يجذبه إلى الابنة. هذا فضلاً عن أنه وجيه بين أقرانه عظيم عند معارفه وأخدانه ويأخذ بالثناء على همته ومروءته وما له من المنزلة الرفيعة عند التجار والأغنياء إلى أن يغوي الدلال سامعيه في اغلب الأحيان بنا يبذل من شقشقة لسانه حتى يبلغ مناه وينال

اسماً رفيعاً ومالاً طائلاً من الحلوان الذي يتقاضاه ولا يهمه البتة شيء آخر وبعد أن يتم الوفاق بين أهل الفتى والفتاة تعلن الخطبة على رؤوس الأشهاد وتختلف البائنة (الدوطة) بحسب تفاوت الدرجات فلا يكون مهر ابنة الغني كمهر ابنة التاجر أو الصانع بل تختلف اختلافاً عظيماً فالفقراء منهم يدفعون غالباً من عشر ليرات إلى ثلاثين ليرة وأما المتوسطون فمن خمسين ليرة إلى ثلاثمائة وأما التجار والأغنياء فمن خمسمائة إلى ألف أو ألفين وأكبر صداق دفع في حاضرتنا هو سبعة آلاف ليرة عثمانية أي 1. 680. 000 فرنك دفعته السيدة (ن) كريمة المثري الشهير منشي مثلون إلى الخواجا اخضوري بن شماش. والشيء الذي لا بد من ذكره هو أن الفقراء الذين لا يملكون شروى نقير يكرهون نساءهم على أن يجلسن في باحة الكنيس وأروقة المجامع وقوارع الطرق وفارق الشوارع ليستعطين من المارين وليجمعن بائنة لبناتهن ولا تسأل عن صورة جمعها فإنها تجمع بطرق تشمئز منها النفوس الأبية فتقعد الأم وعيناها شاخصتان إلى المارة وهي تستعطفهم وتوجه أنظارهم إلى ذلها ومسكنتها وفقرها المدقع وبعض الوالدات يذهبن إلى رئيس الحاخامين ليكتب لهن رسالة وصاة يحملنها إلى سراة القوم ووجوه الأمة ليمدوا إليهن يد المساعدة. فبهذه الصورة وبغيرها تجمع الدراهم المطلوبة وتقدم إلى الشاب كلقمة سائغة وطعام مريء هنيء. فإذا اعترض أحد عقلاء الأمة على هذا العمل المخالف للشهامة وعزة النفس يجاب حالاً أنه لا يجوز شرعاً في الدين اليهودي أن تطلق الفتاة من دار والديها صفر اليدين ويستشهدون إدعاماً لرأيهم بما ورد في سفر التثنية 15: 12 من أن العبد إذا خدم سيده ست سنوات ففي السنة السابعة يعتق ويطلق سراحه مزوداً بالمال فكيف لا تزود الفتيات اللاتي قد خدمن والديهن منذ صغرهن. ولقد فات المعترض أن ذلك يعمل إذا كان الإنسان ذا سعة ولا واجب عليه إذا ضاقت حاله بحيث يضطر إلى أن ينتهك مبدأ التعاون والتعاضد الحقيقي. ويخيل إلينا إن منشأ هذا الإكراه هو الاعتقاد الجازم بصحة الزواج الباكر فالفتاة إذا تجاوزت الثامنة عشرة أو العشرين باتت منبوذة كإحدى الثيبات لا يمد أحد إليها يداً. أما الآن فقد تغيرت الحال قليلاً بواسطة المدارس والمكاتب فأصبح الشاب المتهذب لا يرضى شريكة لحياته إلا التي تكون كاملة السن حائزة صفات الأمومة ملمة بأغلب

فروع المعارف العصرية كتدبير المنزل والخياطة والقراءة والكتابة ونحوها. 3 - تزوير الخطبة عند نفر من رعاع يهود بغداد عادة ذميمة جداً ألا وهي إذا رأى أحدهم غادة حسناء بديعة الجمال فريدة الخلال والخصال وهام بها لكنه لا يصل إليها لأنها أرفع جاهاً وأسمى نسباً أو حسباً فلا يستطيع أن يقدم على خطبتها جهراً لئلا يلحقه من الذل والهوان وقوارص الكلام ما لا تطيق على حمله الأطواد الراسيات يعمد إلى اختلاق الحيل فيغويها بنفثات لسانه. فإذا أفلتت من كيد فخه ونجت سالمة من شركه، احتال عليها بوسيلة أخرى. والوسائل في شرع اليهود عديدة ناجعة تساعد الأوباش على نيل بغيتهم وقضاء وطرهم. فمنها: إنه إذا أهداها أحدهم خاتماً أو نفحها بصرة من الدنانير أو بقطعة من النقود الدارجة بشرط أن تكون من الذهب أو الفضة بمرأى ومسمع من الناس وقال لها: يا فلانة لك أقول خذي هذه الهدية مني عربوناً على عقد خطبتي لك (وغالباً يتلفظ بتلك الكلمات بصوت منخفض جداً بحيث يتمتم ولا يسمع كلامه بجلاء) فالفتاة المسكينة تذهل طبعاً من تلك المباغتة فتأخذ بأن تتفرس بوجه الصبي وبيدها تقدمته لأنها لا تعرف من أمره شيئاً ولا لأي شيء قدم لها تلك الهدية فإذا خطت ثلاث خطوات وهي حاملة خاتمه أو نقوده تعد خطيبته له شرعية ولا يقدر أن ينازعه فيها منازع؛ أما إذا ألقت من يدها في الحال هديته فلا يعتد بفعله بل ولا يحفل بما أتاه؛ بيد أن اغلب الفتيات المسكينات يعتريهن شيء من الذهول فلا يفطن لما في أيديهن ولا يدرين بماذا يجبن فيهربن من أمام ذلك الحيوان الضاري لا يلوين على شيء كالظبي النافر من وجه الأسد فيعد فرارهن هذا حجة ساطعة عليهن ودليلاً راهناً على رضاهن وكم جرت هذه العادة الذميمة - التي لم ينزل بها الله من سلطان - من الويلات والمنازعات فعلى شبان العصر ورجال النهضة الحالية أن يجعلوا حداً لتلك الموبقات المعدودة من فظائع الهمجية. ومما يزيد الطين بلة إن بعض المتشردين والمشعوذين يستأجرون طائفة من أرباب المفاسد لهذه الغاية السافلة فإذا تم لهم ما قصدوه يذهبون بهم إلى الربانيين فيستنطق هؤلاء أولئك الواحد بعد الأخر فإذا وجدوا أن الشهود يؤيدون دعوى الشاب يصرحون على رؤوس الملأ إن الفتاة باتت خطيبتة شرعية للمدعي ومما

هو أنكى من ذلك إن كثيرين من أغبياء اليهود يذعنون لحكم الحاخامين ذلك الحكم الذي لا يجحف بحقوق الفتاة فقط بل بحقوق الوالدين وبمن يلوذ بهم أيضاً إذ كيف يجوز في شرع العقل إن فتاة سامية المناقب حميدة السجايا كريمة المحتد ترغم فتقترن بفتى لئيم خبيثٍ فاجر دنئ الأصل من سفلة الناس وطغامهم لكون سنة الشيوخ تحتم ذلك. وقد حدثت واقعة من قبيل ما أوردناه فويق هذا منذ نحو سنة وهو أن أحد الرعاع البدالين (البقالين) في سوق حنون سولت له نفسه أن يقوم بهذا الفعل الفظيع فلما طرق خبر تلك الجراءة مسامع أبوي الفتاة قاما وقعدا لتلك الوقاحة بل الفظاظة الغير معهودة في عصر الحرية والعدالة وأهانا الربانيين كافة لتأييدهم دعوى سخيفة كل السخافة وحجة باطلة يمجها الذوق السليم ولا يأتيها إلا فريق من الطغام اللئام. فلما رأى رؤساء الدين وتحققوا أن لا طاقة لهم على مقاومة والدي الفتاة وأخوتها وأنسبائها وإرغامهم على ما رسموه، فتق لهم عقلهم إذ ذاك أن يتواطئوا سراً مع أحد الشهود على أن ينكر بتاتاً ما فعل ويقول أن المدعي قد رشاني لا شهد زوراً فأتيت ما أتيت من شدة فقري وهاءنذا أعترف أمام الحضور بعظم جريمتي طالبا الصفح والغفران عن زلتي. لقد فعل الربانيون ما فعلوا خوفاً من هياج الجمهور لئلا يخالفوا سنة الشيوخ ويتعدوا على تقاليد الأباء حسب زعم السذج منهم وادعاء البلداء فناشدتك الله يا صاح هل سمعت في عمرك عن عادة أجحف بحقوق ذوات الحجال من هذه. فيا ليت يقوم اليوم عقلاء اليهود وأدباؤهم ويلغون هذه العادة القبيحة المار ذكرها لكي لا يسري داؤها العياء إلى ما بينهم ويصبحوا مضغة في أفواه ناشئة العصر الذين قد وقفوا نفوسهم وأقلامهم لقلع زوان الظلم والاستبداد ويكونوا في الوقت ذاته قد خدموا طائفتهم خدمة جليلة لا يقدرها حق قدرها إلا ذووها. 4 - عقد الخطبة عقد الخطبة ويعرف عند اليهود باسم (التقديس) (واللفظة غير عربية بهذا المعنى) معروف عندهم. ويقولون فلان قدس فلانة وفلان مقدس وفلانة مقدسة إلى آخر ما هنالك من هذه الألفاظ. بمعنى خطب ومخطوبة وخطيب. وتتم الخطبة على هذا الوجه: يحضر العروسان مع الوالدين والأقرباء والأصحاب والمدعوين إلى ردهة

فسيحة الأطراف فيقوم الحاخام ويأخذ بيده قدحاً من الشراب الفاخر ويباركه ثم يناوله الخطيب فيشرب نصفه ثم يقدمه إلى الخطيبة فتكرع ثمالته ثم ترده إلى خطيبها فيأخذه ويكسره أمام الحضور دلالة على أن الوفاق قد تم بينهما ولم يعد في طاقة أحدهما رفض صاحبه أو رفض عقد الخطبة بلا مسوغ شرعي فإذا ألقى القدح تتلقف الحضور كسره وكل من يحصل على كسرة منه يعد نفسه سعيداً لأنه يعتقد أنها بمنزلة آنية مقدسة ويتيمن بها فإذا تم ذلك تقدم أطباق الحلوى إلى الجمهور وبعد أن يأكلوا منها ينتثر عقد المحفل ويذهب كل منهم إلى داره داعياً للخطيبين بالسعد والفلاح. وفي اليوم التالي يرسل الخطيب إلى خطيبته عقداً ثميناً أو حجراً كريماً أو غيرهما من الهدايا النفيسة والحلويات مع دلال الفتيات وعلى الدلال أن يتقاضى نقوداً من الخطيب باسم جعل الحمال تختلف قيمتها باختلاف الدرجة والمقام. 5 - رسوم الزواج عندما يتم جهاز العروسة ويدنوا أوان الاقتران تدفع البائنة إلى العروس بعد أن انفق منها جزءاً في مشتري حلي وثياب للعروسة وأثاث للبيت فإذا كان صاحبنا غنيا ضمها إلى دراهمه وإذا كان تاجراً أضافها إلى رأس ماله وإذا كان مفلساً أصبح ذا رأس مال يتاجر به. بيد أنه يؤخذ من الصداق مبلغ معلوم يخصص لدار السكنى ويسمى بلسانهم (مشكنتي) ولا يجوز للزوج أن يتصرف فيه اللهم إلا إذا مست الحاجة إلى ذلك. وقبل أن تكون ليلة الزفاف يرسل العروس بدراهم إلى العروسة من جيبه الخاص لتنفقها على نفسها وصويحباتها في الحمام. وفي تلك الليلة تخضب النساء بنان العروسة وأنامل أكثر المدعوات والنسيبات بخضاب يعرف بالحناء وقبل بضع سنوات كانت تحنأ كلتا اليدين ولم تزل تلك العادة جارية عند الكثيرين من سكان الزوراء حتى يومنا هذا. وفي ليلة الحناء يقرع أهل العروسة الدنبركة

من المساء حتى الصباح ويوقدون شمعتين بالتناوب تركزان في وسط لقن مملوء قمحاً وتوقد الشمعة الأولى إلى نحو نصف الليل ثم تليها الأخرى حتى الفجر. فتطرب النساء والصبيان ويسكر الرجال حتى يعربد بعضهم وفي وسط أفراحهم تأتي الحوانئ (المحنئات) وهن حاملات أطباق الحناء فيحنئن أطراف أصابع العروسة بقموع فترفع أصابعها إلى فوق إلى أن يجف الخضاب ثم تنقض عليها الفتيات ويخطفن القموع من أصابعها لأنهن يعددن ذلك تبركاً وسعادة واغلب الخاطفات يكن من الصبايا العذارى وفي اليوم التالي وهو يوم عقد الزواج يذهب العروس ومعه المدعوون والأقرباء والرفقاء إلى بيت العروسة فيجلس في صدر الردهة وعن يمينه (الشبين) وفي لسانهم يدعى (اشبنيم) والعروسة في حجرة أخرى خاصة بالنساء ومما يحتم على والدي العروسة ليلتئذٍ أن يحضرا آلات الطرب كالموسيقى والجالغي والدف والدنبك ونحوها لتطرب الحضور بألحانها الشجية. وبعد أن يمضي بضع ساعات يقوم الحاخام ويعقد عهد الزواج ثم تدار أقداح الشراب وأطباق المرطبات والحلوى على الحضور فيأخذ العروس المدعوين إلى داره وتأخذ النساء معهن العروسة ويرافقها إلى قرينها ثم يرفض المجلس وهم يدعون للعروسين بالرفاه والبنين. من العادات التي لا توجد عند غير يهود بغداد: هي أنه عند زفاف العروسة إلى عروسها أي في الليلة التي يبنى الزوج على زوجته (ليلة الدخلة) تختلي معهما عجوز لتكون شاهدة عياناً على ثوب عفاف العروسة أو بعبارة أصرح لتكون خير شاهد على بكارة الفتاة ولهذه العجوز مشاهرة تتقاضاها من المجمع أو الكنيس في غرة كل شهر قياماً بمهنتها هذه وهناك بضع عجائز قد أقمن لهذه الغاية وإذا اعترض أحد على هذه العادة الذميمة الغير اللائقة بروح العصر يفحمونه بما ورد في هذا المعنى في سفر التثنية 22: 13 إذ يقولون إن مثل هذا الاحتياط يحفظ الشابين من كل ما لا تحمد عقباه. ومن خرافاتهم في مثل هذه الليلة إنهم لا يسمحون ببقاء الماء في حجلة العروسة

والعادة عند الأغنياء والمتوسطين منهم هي عندما يبنى الزوج على زوجه أن تصدح الموسيقى بألحانها المطربة هذا وتقف والدة العروسة وبعض النسيبات عند باب مقصورة العروسين أو بالقرب منه وهن يهلهلن هلاهل تمزق جلباب الفضاء من شدتها وبعد أن يدنوا الزوج من زوجه لا يجوز له بعد ذلك أن يتقدم منها إلا بعد مضي سبعة أيام وأحيانا خمسة عشر يوماً لأنهم يعتقدون إن ذلك لا يخلو من فوائد طبية وفي أثناء هذه المدة لا تترك العروسة وحدها في خدرها لكي لا تكون فتنةً لرجلها قبل المدة المضروبة للملاقاة الثانية. ومن عاداتهم القديمة أن العروسة تجلس في الوسط ومن عن يمينها وشمالها تقعد امرأتان وعلى رأس كل منهما أزار ولكن هذه العادة قد بطلت عند المتنورين منهم لأن القدماء وكثيرين من العوام يعتقدون إن المرأتين تطردان الأرواح الخبيثة عن العروسة. وفي اليوم السابع يدعو الحم صهره وابنته معاً إلى داره ويعد لهما وليمة وهم يدعونها في اصطلاحهم (فتح الوجه) ذلك لأن العروس لا يذهب إلى بيت حميه حياء وتأدباً ما لم يدعه دعوة خصوصية وإذ لم يأدب له مأدبة. فلا أقل من أن ينفحه بصره من الدنانير تكون بمثابة الدعوة. ومن العادات الراسخة في الأذهان والمعدودة من قبيل وحي الأديان أن الشاب لا يجوز له شرعاً أن يتزوج أرملة أو مطلقة وإذا اقترن بها لداعٍ من الدواعي وأصبحت حليلته يحتم عليه أن يتزوج بعد حين بفتاة عذراء لم يعرفها رجل قط. ويجوز للرجل في شرع اليهود أن يتخذ ابنة أخته زوجةً له وأما عند المسلمين والنصارى فلا يجوز البتة لأنهم يعتقدون أن ابنة الأخت هذه هي بمقام أخته أما اليهود فيذهبون إلى أن ابنة الأخت تعد غريبة النسب لكون والدها غريباً ويوردون لخصمهم ما جاء في سفر اللاويين 18: 6 من أنه لم يرد نهي عن اتخاذ ابنة الأخت زوجة للخال غير أنه وإن لم يرد شيء من قبيل ذلك إلا أنه مما تنفر منه الطباع العفيفة والعقول السليمة لقرب صلة الرحم بينهما وكثيرون من الإسرائيليين لا يقدمون على ذلك تشاؤماً من الموت الباكر وتطيراً من انقضاض غراب البين واختطاف أحد الزوجين

الرماحية

وهو في شرخ الشباب وغضاضة الإهاب فلأجل ذلك لا يقدم عليه في حاضرتنا إلا نادراً وقد اقترن بعضهم ببنات أخواتهم بيد أن اغلبهم ماتوا وتركوا نساءهم أرامل حتى مماتهن لأنه لم يجسر أحد الرجال على أن يقترن بإحداهن لئلا يصيبه ما أصاب الزوج الأول. والشيء الذي لا بد من ذكره في هذه العجالة وتوجيه الأنظار إليه هو أن بعض الفتيات الإسرائيليات يصبأن إلى الدين الإسلامي في كل عام تقريباً أما لفقرهن المدقع وأما لداعي العشق والغرام وقد صبأت إحداهن إلى النصرانية منذ نحو عامين في البصرة واقترنت بأحد النصارى الأرمن وهي حية ترزق وقد ولدت ابناً وابنة وهذا مما لا يقع إلا نادراً. 6 - الطلاق عند اليهود الطلاق جائز في الدين اليهودي لأمرين مهمين فقط وهما: 1 - إذا خانت المرأة بعلها ودنست مضجعه بشهادة الجم الغفير. 2 - إذا كانت عاقراً وأراد بعلها أن يقيم له نسلاً فيمكنه أن يطلقها أو يهجرها فإن أبت الزوجة أن تفارق قرينها فراقاً باتاً يجوز لها أن تمكث معه ولكن حذراً من وقوع الخصام والنزاع بين الضرتين تقيم كل من الزوجتين في بيت خاص بها. هذا ولا يجوز لليهودي الأضرار أي التزوج بأكثر من امرأة واحدة اللهم إلا لأسباب صحية أو غيرها من الأسباب التي تتعلق بها سعادة الزوجين وهناؤهما. رزوق عيسى الرّماحية في ربوع خزاعة بالشامية على مقربة من النجف أنقاض بلدة قائمة على جدول كان ينحط إليها من الفرات، تلك هي بلدة (الرماحية) لم يذكرها ياقوت لأنها مستحدثة بعد زمانه قليلاً ولا تكلم عليها الباحثون المتأخرون فيما اعلم ويقول

بعض المنتسبين إليها طائفة من حاشية السلطان سليم الأول (من سنة 918 (1512م) - سنة 926 (1519م) نزلوا هذا المكان فاستطابوه واختاروا الإقامة فيه، وقال لي بعضهم أن هؤلاء من متصوفة الأتراك احتلوها في بدء أمرها وبهم عمرت أوليهم تنسب بعض البقاع إلى الآن؛ وكان العراقيون يسمونهم روماً - على عادتهم في تسمية الأتراك - ثم أضيفت الناحية إليهم وقيل (روم ناحية) ثم ادمجوا الكلمتين فقالوا (الرماحية). هذا كل ما عند أهلها عنها إجمالاً غير أني لا أعتمد ولا أراه ثبتاً لأن ما انتهى إلينا من أخبار الرماحية يرتقي إلى أبعد من التاريخ الذي عينوه، فإن المولى علي بن محمد المشعشع ملكها في نحو سنة 860 (1456م) في جملة حواضر العراق التي وقعت بيده وبنى قربها حصناً للحامية ذكر ذلك بعض مؤرخي الدولة الايلخانية في العراق وحكاه التستري صاحب (مجالس المؤمنين) الفارسي في كتابه بل يظهر مما أورده النوري في كتابه (دار السلام) أن بعض العشارين كان يقيم في الرماحية على عهد السيد عبد الكريم بن طاووس المتوفى سنة 693 (1294م). فالظاهر أنها أنشئت في أخريات القرن السابع للهجرة ولم يقم دليل قوي على أن عمارها الأولين كانوا أتراكا أو روماً أضيفت الناحية إليهم وربما كانوا رماحة أي يعملون الرماح ويتخذونها لأن موقع البلدة في سرة العراق وصميم القبائل العربية وكل حي لقاح ممتنع على السلطان من خزاعة وغيرها وكانوا يصطنعون أسلحتهم بأيديهم قبل اختراع الناريات وقد أخرجت الرماحية جماعة من العلماء والمجتهدين غير من كان يختار الإقامة فيها من فقهاء النجف وطلابها؛ لا سيما عهد آل طريح الرماحيين حتى قصدها الناس وتطلعوا إلى زيارتها؛ وأقدم من نعرف من زوارها غير الفاتحين السيد نعمة الله الجزائري المتوفى سنة 1200هـ (1700م) عاج بها سنة 1189

(1775م) وقصدها من النجف قال في ترجمته نفسه: (ولما فرغنا من الزيارة (في النجف) شرعنا في زيارة الأفاضل والمجتهدين ومباحثتهم ثم أتينا إلى الرماحية وكنت ضيفاً عند رجل من المجتهدين أياماً). ومر علينا السيد عبد اللطيف الرحالة الجزائري سنة 1195 (1781م) فقال في رحلته الفارسية (تحفة العالم): (واكترينا جمال جمالة (السماوة) على أن نذهب إلى النجف بطريق الرماحية). وكانت الرماحية معاج من يصعد في الفرات من البصرة ففي سنة 1213 (1798م) مر بها عامل البصرة من قبل سليمان باشا القتيل والي العراق وكان ابن سند البصري في صحبته. وأقدم من غزاها المولى (علي) ملك الحويزة كما مر بك وفي سنة 1222 (1807م) حصرها الوهابيون بعد امتناع النجف عليهم فصابرتهم وافرجوا عنها إلى الحلة. ثم إن الماحية منذ عهد غير بعيد طم نهرها وتحول مجراه واستحدثت قربها بعض الحواضر فهجرها أهلها وتفرقوا في مدن العراق الفراتية وهم يعرفون بالنسبة إلى بلدهم إلى الآن وما زالوا حلفاء أهل النجف وإليه ينسب الشيخ فخر الدين الطريحي العالم المحدث اللغوي المتوفى سنة 1085 (1674م) وبها أقام في أواخر أمره وكان يجتهد في تسديد الرماحيين وتبصيرهم وقد عثروا أخيراً على آثار له في جامع خرب كان يصلى فيه فغالى الناس بها هناك ومن العلماء الذين أخرجتهم الرماحية السيد (أحمد زوين) (سنة 1230) (1815م) جد آل

زوين الأسرة العلوية المعروفة في النجف. هذا ما أردنا تدوينه حرصاً على الحقائق التاريخية وفوق كل ذي علم عليم. النجف: محمد رضا الشببي (لغة العرب) وقد جاء ذكر الرماحية في حوادث سنة 936هـ (1530م) حينما ولى الشاه طهماسب (صالح سلتان) الرماحية - وفي وقائع سنة 959 (1552) حينما أقيم محمد باشا والي بغداد (سرداراً) وعهد إليه أن ينوب مناب عثمان باشا المتوفى ليأخذ الوسائل اللازمة لقهر حصن شهرزور ومن فيه فتوجه إلى هذه القلعة وأقام في موطنه في بغداد قيم مقام سهيل بك والي الرماحية - وفي أحداث أواسط جمادي الأولى سنة 1076 (الثلث الثاني من شهر ت 2 سنة 1665) حينما حاول الوزير إبراهيم باشا التنكيل بحسين باشا المتحصن في القرنة لكنه لم يتبصر في العواقب وذلك أنه توقع أن حسين باشا يطلب منه الصفح والغفران عما فعل إلا أنه لما وصل جيشه إلى الرماحية ولم ير ما كان يؤمل كتب إليه رسالة يحمله بها على الرعوى فلم يعمل خصمه بما أشار عليه حتى دارت عليه الدوائر ونكب نكبة شديدة - وفي أخبار سنة 1078 في 7 جمادي الآخرة (25 ت 2 سنة 1667م) حينما سافر لوزير قره مصطفى باشا والي بغداد زاحفاً على حسين باشا والي البصرة الذي كان قد طغا وبغى وعصى على السلطان فذهب الوزير إلى زيارة النجف بينما كان عسكره يتجه نحو الرماحية ليجتمع به هناك - وفي أنباء سنة 1105هـ (1694م) حينما رأى الحاج أحمد باشا استفحال أمر المنتفق الذين كانوا قد كسروا مراراً عديدة العسكر الذي زحف عليهم في عهد شيخهم مانع واستحوذوا على العرجاء والسماوة والرماحية ونواحي الجزائر. واخذ ذكر الرماحية بالخمول منذ طغيان الفرات الذي وقع في سنة 1112

الطيارون في الشرق

(غرقة سنة 1700) وهذا تفصيلها: على بعد أربع ساعات من شرقي الرماحية نهر اسمه (ذياب) يشق الأرضين التي تمتد بين الرافدين ويدفع ماءه في دجلة، إلا أنه يصب الآن في الفرات وفي تلك السنة لم تقو الاسداد التي كانت على مصب النهر احتمال الطغيان إذ كانت على تلك الحالة منذ نحو 30 سنة فلما فاض الفرات فيضاناً غير مألوف في سائر السنين طفحت مياهه على جميع البلاد المجاورة له. ثم رجع الفرات إلى مجراه عائداً إلى السماوة. فكانت هذه الداهية الدهياء سبباً لأتلاف الزراعة والتجارة وقطع طرق المواصلات فلما رأى الأهالي ما صاروا إليه من الحالة الضنكة ولم يستطيعوا أن يدفعوا ما تراكم عليهم من الضرائب تركوا ديارهم وقراهم ولجئوا إلى الجزر التي نشأت في تلك الأهوار. فلما رأى أحد الرجال واسمه سلمان بن عباس فرار الأهلين أخذ مزارع الرماحية وكبشة وحسكة وناحية بني مالك لا بل مد يده إلى صحن النجف ومنذ ذاك الحين خمل ذكر الرماحية ولم يعد يذكرها الناس مدينة كما كانت سابقاً. وتغلب نهر ذياب على نهر الرماحية فاخمل ذكره بالمرة حتى ضربت العرب به المثل فقالت: (طلع فلان طلعة نهر ذياب) يضربونه لمن يقوى على غيره فجأة بعد أن كان ضعيفاً. وسمى نهر ذياب بذلك إضافة إلى رجل كرى النهر المذكور لسقي أراضيه فنسب إليه. الطيارون في الشرق لا تطر (فدرين) في الشرق افتخارا ... كم فتىً في الغرب من قبلك طارا (شول رينار) على منطاده ... (لافرنس) البدء قد طار اشتهارا و (بباريس) (البرازيلي) قد ... طار في الجو وحول (البرج) دارا إن تطر فدرين في الشرق فلا ... تحتقره بتعاليك احتقارا وأغضض الطرف إذا ألفيته ... غارقاً في النوم ليلاً ونهارا فبنوه أبداً في رقدة ... وعليهم نفض الذل غبارا

أنت طير في الفضا منطلق ... وهم في قفص الجهل أسارى عاهدوا الدهر بأن لا يقظةً ... لا حراكا لا نهوضا لا وقارا فلقد ضلوا طريقاً بعد ما ... أوضحوا للغرب بالعلم منارا لم لا تبكي عليهم غيرة ... وهم كانوا على الحق غيارى (بارنيه) أفصح ولا تهزأ بهم ... فهم من خمرة الجهل سكارى عقد الجبين عليهم خنصراً ... وكساهم من ثياب الذل عارا وغدا الفقر عليهم جائراً ... بعدما كانوا أعز الناس جارا أنت (بونيه) على (المرن) إذا ... طرت بالرفق فقد طرت فخارا أنت سلطان على عرش الهوا ... جالس إن رمت منه السير سارا أم ملاك يتهادى في الفضا ... بجناح ساير الريح اقتدارا وله رجلان من تحتهما ... مثل (دولابين) بالقوة دارا أيها الطائر فخراً في العلا ... تنهب الجو غدواً وابتكارا طالما سيرتها منطادة ... في السما لم تتخذ في الأرض دارا كلما تعلو بها تعلو بهاً ... والطويلات لها عدن قصارا خال من أبصرها في جوها ... إن (هالي) (ذنبا) منها استعارا هي كالزورق لكن من رأى ... زورقاً من قبلها في الجو طارا وهي كالوهم على الفكر إذا ... مر في الحال عن العين توارى كلما اشتد بها فرط الظما ... وسقاها (الغاز) تشتد أوارا فإذا ما أججت زفرتها ... نفثت من صدرها في الجو نارا وإذا ما غضبت يوم وغىً ... قذفت غيظاً على الخصم شرارا وإذا ما طلبت ثاراً لها ... أدركت عند مناط النجم ثارا فيها يعرف ما عند العدى ... وبها يستكشف الناس الضرارا

ارتفع أسعار الأرضين في بغداد

كلما زارت بحى خلتها ... غادة تسحب بالمشى الأزارا إن أهل الغرب بالعلم لقد ... ركبوا الريح وقد عافوا المهارا تخذوا العلم بجهد آلة ... صنعوا منها أساطيلا كبارا كل أسطول كطود شامخ ... من رأى الأطواد يقطن البحارا ملكوا الأقطار بالعلم وقد ... سيروا فيها من العلم القطارا جعلوا (الأسلاك) وحياً بينهم ... وأحالوا الفحم بالعلم نضارا سخر العلم لهم ريح الصبا ... فلذا قد ركبوا منه البخارا يا بني الشرق فانتبهوا ... من رقاد فوقكم ألقى التبارا (واطلبوا العلم ولو في الصين) كي ... تدفعوا فيه عن الشرق البوارا فاقتدوا بالغرب كيما تدركوا ... ما مضى واجنوا من العلم ثمارا ودعوا ذكر عظام نخرت ... واذكروا العلم كباراً وصغارا إنما فخر الأولى قد درسوا ... ليس يجدي الحي نفعا وافتخارا (فسليمان) الذي كان مضى ... ببساط الوحي والقدرة طارا إن دور الأنبياء تم بهمٍ ... وزمان الفخر قد شط مزارا فاصنعوا واخترعوا اليوم على ... ودعوا ما كان في الماضي وصارا وأنعشوا ما مات من أجدادكم ... بندى العلم ولا تبقوا حيارى فمن العلم هرت أجسامكم ... فالبسوا من حلة العلم شعارا فهو للعالم أم أب ... فانحتوا منه أصولاً ونجارا عبد الرحمن البناء ارتفع أسعار الأرضين في بغداد قرأت في العدد السابع من سنتكم الثالثة في الصحيفة 389 خبر بيع الأراضي الراجعة إلى الأجنبي زريفي أو ظريفي الصراف في الأستانة بمبلغ 150 ألف ليرة وعند ذكر ذلك ذكرتم تم أنه قد كان اشتراها سنة 1880 بمبلغ قدره 250 ألف

ليرة وقلتم بعدها (فانظر وتأمل) كأنكم رأيتم الفرق كبيراً والمدة التي هي 34 سنة وجيزة بالنسبة إلى هذا الارتفاع العظيم ولذا خطر لي أن أحرر لمجلتكم الزاهرة هذه الأسطر أعلاماً بما وصلت إليه أثمان الأملاك والأراضي في حاضرتنا وما جاورها في هذه الأيام الأخيرة أعني منذ خمس عشرة سنة فقط بل قل من بعد إعلان الدستور فأقول: 1 - منذ نحو 12 عاماً على الأكثر بيعت قطعة بستان قرب باب الشرقي وهي ما يعرفه المسنون من أهالي تلك المحلة باسم (حمام الراعي) لأنه كان فيها سنة 1265هـ (1849م) حمام ولعل من الذين دخلوه للاغتسال هم أحياء إلى اليوم وقد حولت بستاناً وملكها السيد محمد أفندي البرزنجي. فأراد بيعها فلم يرغب فيها أحد حتى أخذها منه ابن أخته الحاج عبد الجبار جلبي خضيري زاده بنحو 400 ليرة وذلك من قبيل ترويج المصلحة لخاله لا رغبة في الأرض ومنذ نحو سنة أو أكثر بقليل باع المومأ إليه بوكالة أخيه حضرة عبد القادر باشا نحو نصفها بنحو 6 آلاف ليرة والنصف الثاني لم يزل في عهدته. فما القول في هذا الفرق؟ 2 - قرب مخفر محلة السنك أرض كانت بستاناً تسمى (السماكية) عرضها من جهة نحو ثماني أذرع ومن الجهة الثانية نحو من 60 ذراعاً عرضت للبيع فوصلت إلى نحو 300 ليرة فاستكثرها كل سامع وذلك منذ نحو 15 سنة لا أكثر ثم أشترى قطعة منها كيروب ستيان المحامي البغدادي وهي اليوم (فندق (أوتيل) بابل) ثم أخذ قطعة منها حسن أفندي الباجه جي المحامي وهو نحو الربع منها بل أقل بنحو 800 ليرة فيكون مجموعها 3200 ليرة فما القول في هذا الفرق؟ 3 - بيعت قطعة بستان قرب جامع السيد سلطان علي وهي المعروفة بباغجة (جنينة) خليل أفندي بمبلغ 800 ليرة فاشتراها جبرائيل أصفر قبل نحو خمس سنوات وهي اليوم في الدعوى لأن ورثة البائعة يدعون بوقفها وقد قسمت إلى عدة مواقع وفتح منها جادة بلغني أن قد دفع في بعض قطعها ثمن المتر المربع ثلاث ليرات وقيل أربع وكلها ما لا ينقص عن عشرة آلاف متر مربع فما القول في هذا الفرق؟ 4 - باع آل الشيخلي رحمهم الله قبل نحو 20 سنة محلاً قرب بستانهم في الكرادة الشرقية طوله نحو 20 متراً وعرضه نحو 12 ليعقوب باشا عيسائي بقيمة 90 ليرة وليسوا محتاجين إلى أضعاف أضعافها إذ هم من الأغنياء وكل من سمع استحمق المشتري

والآن بلغني أن ثمنها نحو 1000 ليرة أو أكثر فما القول في هذا الفرق. 5 - عرضت بصورة الاجارتين أرض للوقف الراجع إلى الحاج علي كافل حسين منذ نحو خمس سنوات وهو مصدر بستانه على دجلة في الكرادة الشرقية فوصل إلى 400 ليرة وصدر الأعلام الشرعي بانقطاع الزيادة فيها وإن قد انقطعت رغبة الراغبين ثم فسخ الأعلام والآن وصلت إلى 600 ليرة فما القول في هذا الفرق؟ 6 - كانت أرض جادة باب الشرقي وهي الآن ملك حضرة السيد داود أفندي النقيب داراً معمورة اسمها (دار السرور) ولا أظن أن أحداً لا يعرف هذه الأرض لأنها كانت مرمى الرماد والتراب إلى غير ذلك فاشتراها المومأ إليه بأقل من عشرة ليرات على ما سمعت واليوم يخمن متر أرضها غير المعمورة بأربع ليرات أو خمس ومساحتها لا تقل عن 800 متر مربع فما القول في هذا الفرق؟ هذا كله فيما لم ينله قرب السكة الحديدية ولا غيره فأما ما هو بجوارها فحدث عنه ولا حرج؟ 7 - فقد اشترى حافظ أفندي الريزه لي وأخوه رضا بنحو 250 ليرة قبل مدة لا تزيد على عشرة سنوات أرضاً اتخذاها مزرعة وبستاناً قرب مقابر الشيخ معروف الكرخي وقبل سنتين باعا نصفها بنحو 3500 ليرة وهي تبعد عن المحطة نحو ألفي متر فكيف بها لو كانت قريبة منها فما قولكم في هذا الفرق؟ 8 - هناك أرض صغيرة فيها ثلاث نخلات يابسة كانت ملكاً لحمودي الوادي الخانجي وعليه دين للبلدية نحو 300 ليرة فحجزت ووضعت في المزايدة فبلغت إلى 30 أو 40 ليرة وذلك قبل نحو ثماني سنوات ثم تركت. وقد بيعت في العام الماضي بمبلغ 800 ليرة أو نحوه ولم تزل خالية يباباً فما قولكم في هذا الفرق؟ هذا ما سنح للخاطر في سويعة من الزمن ولو أراد أحد الاستفسار لرأى أن الواحد صار عشرين بل خمسين وربما بلغ مائة وأكثر مما لا يعد ولا يحصى على أن الأعمار لم يقع والترقي لم يحدث والمدنية لم تنتشر والأمن لم يحط والحال لم يتغير فما القول أن توافد الغربيون زرافات ووحدانا على السكة فهذا أمر نوجه إليه أنظار القراء الكرام. ع. . . ن

النخل في العراق

النخل في العراق 1 - توطئة البحث غايتي من كتابة هذه المقالة أن أبين للقراء صورة غرس النخل وإنمائه والاعتناء به وتلقيحه وجني تمره وما ينتفع به وما يتعلق بتجارته فأقول: 2 - تعرف النخل على ما تصفه العامة والخاصة إن شجرة التمر تعرف عند العرب بالنخلة وهي نوع من الشجر له جذع قائم طويل قد يبلغ بعض الأحيان 12 متراً وتبقى عليه كرانيف السعف فيكون شكله شكل درج ملوي وفي أسفل سعفه الأخضر ليف يشبه شعر الإنسان يبقى قلبه من شدة البرد أو فرط الحرارة. أما الخاصة أو العلماء فقد عرفوا النخل بقولهم شجر من فصيلة الأنبتة الوحيدة الفلقة ذات آح وهي تشمل أشجار مختلفة القد جذعها بسيد أجرد إلا أنه ذو كرانيف تنشأ من بعد قطع السعف وفي أعلاه طائفة من السعف الأخضر طويل جداً ومخوص يلزم بالجذع أشد اللزم وهو في بعضها على شكل أصابع تنفرج الريش أو تتجزأ إلى آخر الجريدة (وهي السعفة إذا جردت من خوصها) فإذا تجزأت أوراق السعفة تسمى الخوص وقد يختلف شكل الخوص بين عريض وضيق وطويل وقصير ومحدد إلى غير ذلك. 3 - أرض النخل أطيب أرض للنخلة هي 1 - الأرض ذات الطينة الحلوة الحمراء الرخوة 2 - دونها الحمراء الممزوجة بالرمل 3 - دونها السوداء 4 - دونها الرملية البنية 5 - دونها الأرض التي فيها شيء من الملح الأبيض المعروف بالبوطاس وهي التي يسميها العرب الأرض السبخة البيضاء إذ يوجد سبخة سوداء 6 - سبخة سوداء لا تنفع للنخلة شيئاً بل تقتلها قتلاً وعلامة هذه الأرض أن تكون رطبة دائماً كأنها مبلولة ماء وقد تنمو أيضاً النخلة في هذه الأرض إذا عني بها أشد العناية من تسميد وسقي وحرث لكنها لا تنمو كافياً في الأرض الصلصالية وهي الأرض التي طينها أحمر صلب جداً لا يلينه الماء إلا أن ماء يرويها رياً وتضر بها الشمس بحيث تكون بعيدة عن الفيء.

4 - زرع النخلة وغرسها النخلة قد تنبت من النواة لكن نخلها لا يجئ إلا بعد مدة طويلة تكاد تكون ضعفي أو ثلاثة أضعاف مدة النخلة الناشئة من التال وإذا جاءت النخلة النابتة من النواة فلا تكون مثل أمها الأصلية بل تمتاز عنها فيسمى نتاجها (دقلة) وقد تشيص (أي يفسد تمرها) والنخلة النابتة من النواة تسمى الجمع (بالفتح) وإلا فالمألوف في غرس النخل أن يؤخذ صغارها وهي المسماة بالتال لا الفسيل لأن الفسيل أصغر من التال اللهم إلا إذا كان صاحب البستان فقير الحال وليس له تال في بستانه ولا يريد أن يصرف مالاً لشراء التال فيقلع الفسيل ويكتفي به عن التال أنا التال فيقلعه أحد العارفين ويتخذ لذلك الآلة المسماة عند قدماء العرب الفصحاء: (المجثات أو المجثة) ويسمونها اليوم في العراق الهيب وهي العتلة والمخل عند المولدين من أبناء الناطقين بالضاد. ولا حاجة إلى أن تقلع التالة بعروقها لأنها إذا طرحت على حدة مدة شهر لا خوف على موتها بشرط أن تبل لكي لا تيبس عروقها وأكثرها ما يكون قلعها وغرسها في أيام الربيع والخريف وإذا شتلت في سنتها الأولى ووافق قدوم البرد عليها تلف لفاً محكماً بالحلفاء أو البردى أو الليف أو سعف النخل أو السوس أو نحو هذه الأنبتة لكي لا تؤثر عليها طوارئ الجو المفرطة. وإذا كان غرسها في أيام الربيع ووافق قدوم الصيف عليها الطخت بالطين حتى يصبح لها كالثوب. والبعض الآخرون يلفونها بل قل يقمطونها بالأنبتة المذكورة كما يفعلون بها عند قدوم البرد عليها. أما الفسيل فإنه يقلع ليباع لكي يأكل قلبه الأولاد الصغار وهذا القلب يسمى الجمار وأكثر الأولاد أكلاً للجمار هم اليهود ثم المسلمون ثم النصارى وقد يأكله كبار الناس وهو وإن يكن لذيذاً للذوق إلا أنه سيئ الهضم والمغبة. وإذا عنى الزراع كل العناية بغرس هذا التال ومداراته ومراعاته يثمر بعد سنتين أو ثلاث في البصرة ونواحيها وبعد ثلاث أو أربع في نواحي العمارة وأربع أو خمس وما فوق في بغداد وما جاورها ولا حاجة إلى القول أنه يجب أن يكون معرضاً للشمس وإلا فقد

يبقى عشرات من السنين بدون حمل إذا كان قد غرس تحت الأشجار الفنواء. وقبل أن نتكلم عن كيفية غرس النخل نوصي الفلاح بأن يختار من صنف النخلة التي يريد غرسها التالة الحسنة من جانب نخلة أصيلة كثيرة الحمل (الطرح) حسنة التمرة لأن النخل كبني آدم قريب النزوع إلى أصله. وإن لم يوجد في بستانك أو ولايتك تال حسب مرغوبك فاطلبه من البلاد المشهورة بتمورها لأن النخل الغريب متى انتقل من محله وحسنت تربيته يتمر جيداً. وإذا بخلت بالدراهم لشراء التال الجيد من بلدك أو من غيره فتلك التالة غير الأصيلة التي تغرسها إذا نمت يوماً تثمر لك ثمرة بخلك وهي الندامة لأنك تندم على أنك غرست بدون جدوى فلا يجوز لك بعدئذ أن تقول ما قاله أحدهم في سابق العهد: (غرسوا فأكلنا نغرس فيأكلون). وأما غرسها فيكون بعد أن تحفر لها في الأرض حفرة يختلف عمقها باختلاف كبر التالة وصغرها وأما قطر الحفرة فيكون بنسبة كبر التالة والأحسن أن يكون بقطر متر ثم خذ التالة وتشتلها شتلاً مستقيماً بكل دقة لكي لا تنمو عوجاء وأحذر عند دفنها من أن تضع التراب على قلبها لئلا تتأذى أو تموت وبعد الشتال (الغرس) تسقيها ماء بدون أن تغرق قلبها وإلا فإن غرق قلبها ماتت. وأن يساعدك الوقت فاسقها بين يوم ويوم. ولما تغرس التالة اقطع منها السعف الموجود فيها من نصفه ولا تدع سالمة إلا سعفات القلب الصغار لئلا تأخذ السعفات الكبار قوتها فتضعف. أما إذا قطعت فتذهب كل قواها إلى السعف الجديد وإلى العروق المحتاجة إليها وداوم على سقيها مدة شهرين وما فوق إلى أن تتأصل عروقها وتصبح قوية جداً. وإذا يبس فيها سعف فاقطعه بلطافة لئلا تهزها وتحركها فتتأذى النخلة من عملك هذا بل إذا أردت قطع السعف اليابس فاستعمل مقص التزبير المعروفة بالفرنسوية باسم مفضلاً إياه على استعمال سكين التكريب وهو السكين الذي يعرفه أهل القرى بالكلاب (ويلفظونها على مألوف عادتهم بالجيم الفارسية المثلثة) وأحذر من أن تبقى حول التالة حفرة لئلا يسرى منها إلى منها ما يقتلها من برد شديد أو حر لا يطاق من عوارض الجو الفجائية.

ولهذا يجب عليك أن تتعهدها في غالب الأحيان وتحيطها بالتراب فإذا فعلت ذلك أمنت عليها من هبوب الريح الشديدة والعواصف القوية لما تكبر ثم تضع في الجوة التي تشتل فيها التالة قدراً وافياً من السماد (وتسميه الأعراب أيضاً الدمن أو السرقين) وأفخر سماد البغداديين يكون من خثى البقر أو بعر الجمال أو بعرور الغنم وكل سرقين يتخذ من الدواب ويجب أن تبعد التالة عن التالة مقدار خمسة أمتار وإذا بعدتها عشرة أو خمسة عشر فقد ضمنت لها حياة أطول وريعاً سريعاً وثمرة حسنة ولهذا تقول النخلة بلسان زراع العراق (أبعد أختي عني، وخذ حملها مني) وهو مثل مشهور يدلك على أنك كلما أبعدت النخلة عن أختها زكت وراعت وقد دلت التجارب على أن النخل المتقارب لا يحمل إلا شيئاً زهيداً لأن كثرة الحمل (الطرح) ينشأ من عدد العروق إذ أن المتقدمين من علماء الفلاحة يقولون إن كل عرق يزيد في النخلة يقوم برطل من الرطب وأما كثرة العروق فتنشأ: أولاً من رخاوة الأرض ولا جرم إن سريان العروق في الأرض الرخوة هو أهون وأسهل عليها من سريانه في الأرض الصلبة. ثانياً ينشأ من إرواء النخلة ماء كافيا واعلم أنه من غرس في الدنيا يتحمل كثرة الماء وتوالي السقي كل يوم مثل النخل سواء كان الماء عذبا أو ملحا بخلاف باقي الأشجار فإن بعضها يضره كثرة الماء وتوالي السقي عليه كل يوم وملوحته ولهذا ترى في البصرة وما يليها كثرة النخيل وما ذاك إلا من كثرة السقي بواسطة المد والجزر مع أن الفلاح قليل العناية به ولا يتعهد سماده ومداراته إلا قليلاً وسوف يرى عن قريب فلاح العراق إن الفلاح الأميركي يسبقه في عمله لمداراته النخل كل المداراة فيجني من حسن عنايته به كل نفع ويفرح كل الفرح بخلاف فلاحنا العراقي فإنه يرى نفسه إنه لم يترق عما كان عليه أسلافه فيندم على تهاونه وإهماله الاعتناء اللازم بنخله. وإذا نشأت التالة وصارت (نشوة) يعمد الفلاح إلى تركيبها أي إلى قطع سعفها أو جريدها اليابس إذ لابد منه. والتكريب بلسان العراقيين هو التشذيب عند الفصحاء وهو أن تقطع من النخلة ما كثر من سعفها وتلبد من ليفها بأن

تنزع طبقة واحدة من الليف ويقطع صفا واحداً من السعف الذي كان يغشيه فيبقى منه على النخلة (الشذب) وهو ما بقى من الكرب بعد قطعه من الجذع. وأما كثرة حفه والإفراط في قطع سعفه الأخضر فإنه يؤذيه كما يؤذي الإنسان إن قطع منه عضو أو كما يؤذي الإنسان إذا بولغ في حلق رأسه وأخذ شيء من فروته فهل يمكن أن لا يتأذى وهذا ما يقوله فلاحونا بهذا الخصوص وللنخلة شبه بابن آدم وطباعه وخواصه من حيث استقامة قدها وطولها وامتياز ذكرها عن إناثها واختصاصها باللقاح. وإن لم تكرب النخلة لا يكون لها جذع بل تكون كغابة من سعف أو كرأس إنسان قد نفش شعره بحيث يصبح منظره مخيفاً لكل من يراه وكذلك القول عما حولها من الفسيل والتال لأن هذه تضعف أمها جداً جداً. فيجب على الفلاح أن لا يربي تحت النخلة صغاراً من أولادها بل كلما خرجت تالاً قلعه لأنه كلما اتلف من أولادها أذخر قوة لأمها ولهذا ترى اغلب النخل في العراق ضعيفاً قليل الحمل لأنك إذا دخلت البساتين ترى حول كل نخلة نشوة من عشر تالات وما فوقها وحول بعضها أحيانا ما يقارب الثلاثين من تال وفسيل وهذا أكبر خطاء والخطاء الذي هو أكبر من الأول هو أن العراقيين اتخذوا عادة قبيحة وهي قطع السعف الأخضر من النخل لبيعه أو لنسج الحصران الخ. وسنذكر منافع سعفه في فصل خصوصي. فإن الفائدة التي تنتج من ثمن السعف المقطوع لا تساوي ضعف النخلة وهزالها ومن الناس من يقطع من سعف قلبها وهذا أمر مضر أشد الضرر لأنه أول واسطة لأهلاك النخلة إذ تحت هذا السعف الجمار الذي في رأس النخلة فإن أصيب هذا بآفة أو بضربة فاس قوية الخ. هلكت النخلة لأن الجمار لها بمنزلة الدماغ لرأس الإنسان فيجب عليك أيها الفلاح أن لا تقطع شيئاً من جريدها إلا ما مال بنفسه وبدا بالجفاف وسبب تكاثر التال حول الأم ناشئ من قلة العناية بالزراعة في هذه البلاد والتال يباع وينقل إلى الديار الغريبة وتباع الواحدة منه بنصف فرنك أو أكثر وإذا كانت ذات تمر نادر الوجود فلا يبيعها صاحبها بل يغرسها ويعتني بها. وأما أرباب البساتين الواسعة الكبيرة فإذا طلب أحد أصدقائهم منهم تالاً تكرموا عليه بقدر ما يريده بدون عوض. 5 - احسن واسطة لتحسين أراضي السبخة للغرس والزرع احسن طريقة لتحسين أراضي السبخة هي أن تكربها كرباً نعما وذلك إن تمر عليها السكة أو الفدان مرتين أو ثلاثاً في إبان فيضان المياه في الربيع ويوضع فيها من السرقين أو من أي نوع كان من السماد بقدر ما يمكن ثم أطلق عليها الماء الكدر المعروف عند

بقايا بني تغلب

العراقيين (بماء الدهلة) وهو الغريل أو الغرين إلى أن يعلوها نحو نصف متر واتركها على حالتها إلى أن يصفو فيحول الماء الصافي إلى أرض أخرى بشق جدول صغير يدفعه فيها. فإذا نشفت الدهلة يطلق الماء عليها ثانية ويتصرف فيها كما تصرف فيها في المرة الأولى فإذا يبست كربت كراباً حسناً مرتين. ويعاد هذا العمل مدة الربيع كلها إن أمكن إلى أن يأتي الصيف فتشمس لتحميها الشمس بحرارتها المحرقة وتقتل كل ما تولد فيها من الدود المضر بسبب السماد الكثير الذي ألقى فيها. وإذا فعلت ذلك مدة سنتين أو ثلاث تزول السبخة وتصبح أرضاً جيدة تربي النخل بنوع يدهش العقول ويحير الألباب وإذا أردت أن تزرع في الأرض السبخة التي أصلحتها بعملك هذا نخلاً فازرع فيها شعيراً بعد السنة الأولى التي أغرقتها بالدهلة وأبذر فيها بذراً كثيراً ولا تفشل أن لم ينبت فيها كثيراً في السنة الأولى لأنه ينبت أكثر بل أضعافاً في السنة الثانية وما يليها. وإذا داومت على عملك هذا إلى السنة الثالثة والرابعة والخامسة فيمكنك بعد ذلك أن تزرع فيها ما تشاء وهذا أبين دليل على إمكان تحسين الأرض السبخة وليس كالتجربة بينة قاطعة. أختبر، تعجب. والله الموفق. حنا انطون جرجس بقايا بني تغلب 1 - مدخل ليس الغاية من هذه النبذة تحبير مقالة في بني تغلب وتاريخهم منذ نشوئهم إلى يومنا هذا. فهذا مع ما يكون فيه من الطول وعر المسلك بل الوصول إليه بمناط العيوق بيد أننا نريد بهذه اللمعة أن ونوقف القراء على ما صارت إليه هذه القبيلة العظمى بعد الإسلام والإشارة إلى أنها لم تنقرض إلى عهدنا هذا. 2 - من المراد بالتغالبة هنا بنو تغلب (وهي بكسر اللام إلا أن النجديين الحاليين يلفظونها بضم اللام وزان تنضب) اسم يقع على قبيلتين: إحداهما بطن من قضاعة من القحطانية وهم بنو تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة والمظنون بل المرجح أنها

انقرضت مع سائر ما انقرض من بطون قضاعة، والأخرى حي كبير من وائل من ربيعة من العدنانية، والنسبة إليهم تغلبي بفتح اللام وسكون الغين المعجمة وكانوا في الأغلب نصارى وهم الذين أرصدنا لهم هذا المقال. 3 - خمول ذكرهم في التاريخ وضياع اسمهم قال القلقشندي في صبح الأعشى وفي نهاية الأرب ما محصله: من التغالبة أقوام باذرح وبصرى ومنهم نفر بالقريتين وقال في موضع آخر من كتابيه: ومنهم ملوك حلب قديماً وهم بنو حمدان. قلنا: تفرقت بعد ذلك هذه العميرة وانضم كثير منها إلى أعراب مختلفين فلم يجد النسابون لها حياً يسمى باسمها ولهذا لم يذكروها في كتبهم المؤلفة بعد مصنفات الأقدمين. ولعل المتأخرين اشتغلوا بذكر القبائل الكبيرة التي كانت في عهدهم عن هذه القبيلة الشهيرة لأسباب عديدة لا يسعنا ذكرها هنا منها: لكونهم انزووا في أحد مواطن ديار العرب فلم يروا ولم يذكروا، أو لإندساسهم في إحدى القبائل الكبيرة فغلب اسمها اسمهم فكانوا كالقطر في البحر. ولهذا نبحث عنهم في جزيرة العرب لعلنا نجدهم في إحدى ديارها. 4 - البحث عنهم في ديار العرب الصميمة من اصطلاحات الناطقين بالضاد في بلاد جزيرة العرب إنهم يقسمون اليوم سكانها إلى قسمين عظيمين وهما: عرب الشمال وعرب الجنوب. ويعرف الشماليون باسم (عناز) والجنوبيون باسم (لماز)

أما عناز فمنهم الحاليون وهم يرجعون إلى أوائل ربيعة؛ والرولة وهم قبيلتان فخمتان يتفرع منهما بطون وأفخاذ وعشائر كثيرة وتقطن عنزة في الغالب ديار العراق وأكثرهم أعراب رحالة ذات ابل وخيل وماشية وشاء كثيرة. وترى لرولة بين الجوف (جوف بني عمرو) والشام. وهم يرتادون الجولان أياماً وينتجعون أراضيه فصلاً من السنة ويمتارون من الشام كما تمتار عنزة من العراق ويدخل في (عناز) قبائل أخرى عديدة مسكنها في الأغلب الديار الشمالية من جزيرة العرب ومنهم شمر وفدعان وغيرهم مما يطول ذكرهم. وأما (الماز) فهم قبائل كثيرة وهذا الاسم يطلق على كل من كان في جنوبي الجزيرة العربية بدون تحديد فيسمى العرب الشماليون: الضفير ومطير والعجمان وبني خالد وغيرهم (قوم لماز). وفي المثل السائر عندهم (ما أكثر من عناز إلا لماز) أي لا يزيد عنازاً في العدد إلا لمازاً. ولهم في هذه التسمية أقاويل منها: إن عنازاً ولمازاً كانا أخوين نشأ من أب واحد إلا أن الطمع داخل قلبيهما فاختصما ثم افترقا وكل منهما اتجه إلى ناحية من ديار العرب فولد الأولاد الذين نشأت منهم العمائر والأحياء الموجودة في القطرين الشمالي والجنوبي فانتسبت كل قبيلة إلى أحد جديهما الأكبر أي أما إلى عناز وأما إلى لماز وهذه من حكاياتهم الحالية. فإذا علمت ذلك عرفت أن القبائل في هذه الجزيرة المباركة أصبحت كالكتل الكبيرة وكل كتلة تتفرع منها بطون كثيرة يشملها اسم القبيلة الكبيرة مع المحافظة على ما هنالك من البطون المجاورة لها ولهذا لا يقدر النسابون أن يصلوا إلى تحقيق بطون تلك القبائل إلا بعد خوض عبابها ومعاشرة أهليها وإحفاء السؤال عنها بكل دقة. والقبائل التي حفظت من الانقراض هي العمائر أو الأحياء الكبيرة وبوجودها إلى يومنا حفظت أنسابها من التشويش والارتباك ولكن إذا أردنا أن نفتش عن بقية القبيلة بفروعها الصغرى عسر علينا العمل وشق إلا أن نستقري دقائق الأمور بجلائلها فحينئذ تتجلى لنا الحقيقة بصورتها البديعة الحسناء.

5 - طريقة وصولي إلى معرفة هذه القبيلة التغلبية في سنة 1319هـ (1901م) كنت في بلاد عمان فوجدت في نادي أحد الشيوخ رجلاً نسابة من كبار رجال جنوبي نجد يقال له (فهد المحمد الفضلي) فسألته عن أشياء كثيرة تتعلق ببعض القبائل فأجابني عنها أحسن إجابة واستفدت منه فوائد جمة دونتها في مذكرتي ولم أزل أحفظها وأدعو له بالتوفيق لما اقتبست منه. ومن جملة هذه الفوائد ما ذكره لي عن قبيلة (الدواسر) قال: (إنهم من بني تغلب بن وائل وسبب تسميتهم بالدواسر هو لأن أحد رؤسائهم واسمهم (دواس) حينما نزل بإعرابه (وادي حنيفة) غرسوا فيه نخيلاً سموه السر و (السرية) وهما معروفان إلى يومنا هذا بالاسمين المذكورين والسر بطن الوادي فلما أقاموا فيه طويلاً عرفوا بذلك الوادي ونسبوا غليه فقالوا: (دواس سر) كقولك أعراب الشيخ دواس النازل في سر أو كغارس سر وسرية أو عرب دواس سر وقد قدموا إليه من اليمن وبتداول الأيام قالوا دواسر ثم قال: وأحقهم بالتغلبية (آل فضول) (بضمتين) ولا يوجدون اليوم إلا في الوادي المذكور. وليس كل من نازلهم هناك هم منهم لأن فيهم من أعراب بكر وزائد وغيرهم.) والظاهر إنهم من تغلب طبقاً لما قال هذا النسابة وذلك من وجهين: 1 - اتفاق أكثر النسابين العصريين على هذا الرأي لا سيما أولئك الذين ترددوا إلى تلك البلاد إذ هم لسان واحد في أن التغالبة هم في جنوبي جزيرة العرب ولم يذاكروهم بين عرب الشمال وإن كانوا في سابق العهد ينزلون الديار الشمالية. 2 - كثيراً ما ينقل في أدبيات وأشعار هؤلاء الأقوام مما يدل على إنهم تغالبة فقد قال أحد شعرائهم العصريين إنا بني تغلب من نسل وائل ... من قديم شبوب الحرب منا إن خذينا السلائل بالدبائل ... نعجب إلى غطاريفه تثنى

ومعناه: نحن بني تغلب من نسل وائل ومن صفاتنا القديمة إشعال نار الحرب ونحن إن أخذنا (خذينا) البنادق (السلائل) بالهجمات أو الحملات (الدبائل) نعجب الذي (إلى) جدائله (وهي الغطاريف) تتثنى (تثنى) لطولها ومحصل البيتين: إننا نحن بني تغلب من نسل وائل ولقد اشتهرنا من سابق العهد بأننا مساعير حرب فإن نحن أخذنا البنادق في الهجمات أعجبنا ذوات الحسن والشعر الطويل الذي ليس في طوله تغضن أو تجعد. قلت: أذكر أنني سمعت (بآل فضول) لما كنت في نجد وهم ينسبون إلى قبيلة كبيرة ولكن لم أبحث يومئذ عن أصلهم. ولا بد لهم بقية باقية في جنوبي نجد. ثم إني سألت بعد ذلك أحد الشيوخ الكبار وهو الشيخ (مجول الجرباء رئيس عشائر شمر) عن تغلب وهل لها بقية موجودة في الديار الشمالية، فلم يذكر لي من ذلك شيئاً بل تعذر عليه تعيين البطن معتذراً عن ذلك لتغيير الأسماء عليه ولم ينف بالمرة وجود بقية منهم فلما ذكرت له (الفضول) طابت نفسه وأرتاح لهذا الاسم كثيراً وكأنه كان نائماً فاستيقظ ثم قال: إنه قريب من الصواب، ثم فكر هنيئة وقال: بل هو الصواب عينه. وعد لي منهم (سالم الجرباء) جد مطلق وبنيه الجرباء رؤساء شمر أي الجد الأول المؤسس لإمارة شمر في جبل طي. وكان ذلك في حين نبوغ أول رجالها المشهورين بهذا الاسم - وذكر بعد ذلك أشياء تدل على صدق قوله. ثم قال: إن الفضول اندمجوا في القبائل وتشتتوا في البلاد وأورد أدلة عديدة على تأييد كلامه هذا.

ويخطر ببالي إني سمعت أن لبني تغلب بقية في بلاد عمان. ولكن لا يسعني تعيين ذلك أما إن الدواسر هم من بني تغلب فأكثرهم يقولون به بل وإلى الآن نخوتهم في الحرب حينما يتداعون: (يا أولاد وائل) - وعرب الجزيرة تشهد لهم بالأصالة التي يدعون بها. وينقسم الدواسر في عهدنا هذا قسمين: حضر وبدو. وذلك بالنسبة إلى بلادهم فالحضر هم سكان الوادي ولما حوله من قرى ومدن تجاوره أو تبعد عنه. - والبدو هم سكان بيوت الشعر ولهم سابلة (أي أناس يترددون إلى المدن ليمتاروا لهم وينزلون حيثما يرتادون الكلا لكنهم لا يبعدون عن أراضيهم وديارهم بعداً شاسعاً. وهم كلهم كثيرو العدد والعُدد، شديدو البأس وهم أشجع قوم يقطن تلك الديار ويجودون بأنفسهم لأدنى أمر صغير أو كبير - وهم أعزاء لقاح لم يدينوا لحاكم أبداً ديناً صادقاً وإنما كان خضوعهم للحكام بمنزلة خضوع أناس لا يخرجون عليهم ولا يقاومونه أو يعتدون عليهم. وإذا انصفوا أعطوهم مالهم عليهم من الواجبات كالزكاة وما أشبهها. ومن جملة ما يحكى عن شجاعتهم إن واحداً منهم صادف رجلاً من أعراب العجمان فعدا أحدهما على الآخر فلما أخذا الواحد بالآخر وتناول كل منهما خنجره ليضرب صاحبه قال العجمي للدوسري: (هدني وأهداك) (أي اتركني وأتركك) فقال الدوسري: (لا بل قدني وأقدك وكن أمنا ما جابتنا) أي: لا بل قدني (أي أضربني وشقني بخنجرك) وأضربك بخنجري ولنمت في سبيلنا كان (وكن) أمهاتنا لم تلدننا (ما جابتنا) ثم ضرب أحدهما الآخر فخرا صريعين مضرجين بدمائهما وهي من رواياتهم المشهورة بينهم بل أشهر من قفا نبك عندنا. 6 - قبائل الدواسر المنسوبة إلى التغالبة من الدواسر (آل زائد) وهم ينقسمون إلى ثلاث قبائل وهي: البدارين وأولاد

سالم والصهبة. والبدارين ينقسمون إلى بطون وهي: آل عامر ومسكنهم الغاط السويد بنو على ومسكنهم جلاجل بنو سعيد أو ابن سعيد ومسكنهم ثادق آل أبو فلاح ومسكنهم عمان ويقسمون أولاد سالم إلى: الوداعين والرجبان والمخاريم أما الوداعين فمنهم: آل ضويان وآل دليم والخماسين والولاحين، وآل عويمر أو آل عمر وآل معنى، والجماعين والضغمة، وآل خليف، والرواشدة، ومن الرجبان: الشوائق، والحرارشة، والبراز، والطوال وآل حميد، والذلوق. ومن المخاريم: الصييلات أو الخييلات، وهو الأشهر والأصح، والضبان وآل منيع. ومن الصهبة: المساعرة، وآل بريك، والشرافاء أو الشرفة - وينقسم آل بريك إلى هذه الأفخاذ وهي: البو زمام،

الكلمات الكردية في العربية الموصلية

والقربان، والحراجين، والحفزان، والدغمة، والعجالين والبو رأس، وأما المساعرة والشرافاء فلم تذكر اليوم أفخاذهم. هذا ما أردت إثباته تدويناً للحقائق وحرصاً على أنساب العرب وفوق كل ذي علم عليم. سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض (لغة العرب) وإتماماً لهذا البحث الجليل الذي أتحفنا به حضرة صديقنا العزيز سليمان أفندي الدخيل نذكر هنا ما جاء في الكتب عن الدواسر. قال في التعريف. بالمصطلح الشريف، ص 78: (من عرب اليمن: الدواسر وزبيد. كان لي رجال منهم بسبب خيل تسمى للسلطان عندهم. وكنا نكتب إليهم على قدر ما يظهر لنا بالاستخبار عن مكانة الرجل منهم. اهـ ونقل هذا الكلام القلقشندي في كتابه نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، ولم يزد عليه حرفاً واحداً وأما المعاجم اللغوية والمعالم العربية والأعجمية فلم يذكروهم وقد ذكرهم أيضاً السيد إبراهيم فصيح الحيدري في كتابه عنوان المجد، في بيان أحوال بغداد والبصرة ونجد، قال. ومن أعظم عشائر نجد (الدواسر) وهم خلق كثير حاضرة وبادية في غاية القوة والشجاعة والكثرة والعنف وقبائلهم التي في البادية كثيرة منها: المساعرة، وآل بريك، وآل أبو سباع أو المخاريم والرجبان، والخييلات، والشرافاء، والغيثيات، وآل أبي حازم؛ وآل عمار، وشيخهم أبو قويد. قال في نهاية الأرب: وهم بطن من العرب باليمن ولم ينسبهم إلى أحد اهـ. الكلمات الكردية في العربية الموصلية (لغة العرب) في بغداد اثنان من الأدباء النصارى يعنون بتدوين لغة العوام في العراق وهما رزوق أفندي عيسى وداود أفندي فتو. أما رزوق أفندي فقد أكمل معجمه وهو كله مسود وأما داود أفندي فإنه أنهاه أيضاً لكنه لم يبوبه تمام التبويب. وكنا قد بدأنا بطبع معجم رزوق أفندي في مجلتنا إلا أن تراكم المواد والمواضيع تحول دون تحقيق الأمنية في بعض الأحيان. أما داود أفندي فتو فقد استل من معجمه الذي سماه (بغية المشتاق، إلى لغة العراق) مقالة يذكر فيها ما في لغة الموصل العربية، من الألفاظ الكردية لإنتياب الأكراد تلك المدينة العظمى وهاهي:

لما كانت الموصل قريبة من ديار الأكراد وكان ترددهم إليها لا ينقطع في بحر السنة دخل شيء من لغة المواصلة وهاءنذا أورد بعض تلك الألفاظ على ما تحضرني بدون أن أتبع في سردها ترتيباً. فمنها: 1 - كزيغ وتلفظ وهو الجابي أو معاون مختار القرية وأصلها (كزير) (وزان صغير) لكن لما كان الموصليون يلفظون الراء غيناً قالوا كزيغ بإسكان الأول. 2 - شكفته كهف في أسفل الجبل من شكفت بمعناها. 3 - أرى نعم أو بلي. وتستعمل في البيع والشراء في السوق فقط. 4 - كلي الوهدة بين جبلين. 5 - جراغ القنديل وأحيانا بمعنى التلميذ لأن الخريج اقتبس علمه من ضياء معلمه. 6 - هرا اذهب أو ابعد (بصيغة الأمر). 7 - ورا تعال أو اقبل (بالأمر) وأهل بغداد والموصل يقولون إذا عزموا على إتيان أمر ولا يعرفون نتيجته: أنا أسوي هذا لوهرا لو وراء أي أما أن أكون ناجحاً فيه أو خاسراً أو معناه أني لأفعلنه مهما كانت نتيجته إن حسنة وإن سيئة. 8 - نرم تستعمل للدلالة على الشيء الغض أو الرطب اللين كالخبز مثلاً ولهذا يقول الخباز: نان نرم أي خبز غض. 9 - ترك ضرب من خشب الوقود يكون كالجزل. 10 - جاكون المحجن والعصا وأصله جوكان فقلبت: 11 - برو: اذهب (بصيغة الأمر). 12 - جاروخ شيء يابس في الرجل (راجع لغة العرب 3: 237). 13 - كرم الحار يستعملها الخباز إذ يقول: نان كرم بمعنى خبز حار. 14 - نان خبز. 15 - هم نان وهم درمان من عباراتهم المشهورة ومعناها الحرفي خبز ودواء معاً وهو على حد قولك: هذا نافع كل النفع بمنزلة طعام ودواء. 16 - كجي القصيع والقصير القامة. وتستعمل غالباً صفة لضرب

من البغل صغير الجثة بطئ النمو أو يبقى قصيراً بدون أن يعظم. 17 - كرو تستعمل للنداء كقولك: يا هذا ويا صاح أو ويلك! 18 - روبال النهر أو الساقية تكون في الجبال أو بين الجبال وهي منحوتة من (رو) أي نهر و (بال) أي عال. 19 - جاكا بمعنى كلمة تقال للاستحسان كقولك حسن أو طيب! 20 - نزانم لا أدري. 21 - نزانم راحتي جانم معناه: كلمة لست أدري، مدعاة لراحتي، أو كقولك السكوت من ذهب. 22 - كيخوه هكذا يلفظها أهل الموصل وينطقون بهاء أما أهل كركوك فيقولون (كوخه) ومثلهم يقول أعراب الخالص. وأصلها كتخد أو كدخدا. وأهل بغداد يقولون (كهيه) وآخرون يقولون (جخوه) ومعناها رئيس القرية أو القهرمان أو القيم على المال. 23 - بير الرئيس أو المقدم. 24 - هركل أحمل (أمر من حمل). 25 - كلاش نوع من الجرموق أو الحذاء (راجع لغة العرب 3: 308) ولعلها من قالوش أو غالوش التركيتين وهما من أصل رومي أو يوناني وهو بالفرنسوية 26 - كلاو أو كلاه أو قبع أو نوع من القبع. 27 - دشت السهل والصحراء. 28 - تشيي نوع من المغزل وهي بالكردية تشي تسوي من الخشب وتكون غليظة الرأس دقيقة الأسفل وفي أعلاها مسمار ملوي يغزل بها الصوف ونحوه. 29 - سر الرأس. ولا سيما قطعة من الصفيح توضع على متقد النارجيلة لتحفظ نارها من السقوط أو من الريح الزائدة. 30 - سر سريمن وسرجاوه عبارة يقابلها عند العوام من العرب: على العين والرأس أو عند الفصحاء سمعناً وطاعة. 31 - دوست الصديق. 32 - فعلت بهردو بمعنى لعن الله الاثنين. 33 - حقيمن بدا، حقيتو سهله عبارة

التجارة في بغداد

تقال للشخص المماطل الذي يريد أن يدفع الغير طلبه وأما طلب الغير منه فيستهين به. 34 - على خدا أي على الله أو الاتكال عليه تعالى. 35 - كشتار أو كشتال قطيع الغنم المعد للذبح. 36 - ما يأخذه صاحب الأرض ممن يرعى دوابه فيها أو رسم تتقاضاه الحكومة عن رعي الغنم. 37 - جال الحفرة الكبيرة تحفظ فيها الحبوب. 38 - جربارة جمبارة من جالبارة تصحيف جاربارة من الفارسية جها رباره وهي الصفاقة. 39 - دراكا بنا أي هات العصا، من دارك تصغير دار وهو العود والعصا. 40 - جوال أصلها جال في لسانهم وهو الجوالق بالعربية والجوالق من أصل فارسي وهو كواله. هذا ما أردت تعليقه في هذه النبذة الوجيزة إظهاراً ما للأكراد من التأثير على البلاد العربية التي يترددون إليها. وهناك غير هذه الألفاظ وقد اكتفينا بهذا الوشل عملاً بكلام الشاعر القنوع القائل: فاقنع ففي القناعة راحة. واليأس عما فات فهو المطلب داود فتو التجارة في بغداد 1 - مدخل البحث ما من شيء يدل على صحة البدن مثل صحة الدم وتجوله في أنحاء الجسم بدون أن يقف بوجهه مانع يحول دون سيره. وإذا أردت أن تعرف ما يقابل حياة البلاد وصحة بدنها العمراني فحول نظرك إلى تجارتها؛ فإن رأيتها نافقة وليس هناك ما يمنع ترقيها أو تقدمها من حيف أو قلة أمن أو تعدٍ من أي نوع كان، حكمت على أن تجارتها راقية وإن أهلها راتعون في بحبوحة الأمن والراحة. وإثباتاً لهذه الحقيقة جئنا بهذه المقالة لنبين للقراء ما وصلت إليه بغداد من التجارة في آخر سنة 1912 ثم نشفعها بمقالة أخرى لنثبت حالتها في آخر سنة 1913 وعلى الله الاتكال.

كانت تجارة هذه الحاضرة في مدى سنة 1912 متقلبة على فراش كان تارة وثيراً وطراً جافياً. بسبب ما وقع في ديار فارس من الاضطراب والفتن السياسية. وأنت خبير بأن بغداد تدفع مياه بياعاتها في بحر تلك الأرجاء فكان من تلك الارتباكات السياسية ما تردد صداه في بلدتنا هذه فأثر عليها أشد التأثير. ومع ذلك نقول بوجه الأجمال: وكانت تجارة بغداد في مدى سنة 1912 حسنة النتاج من جهة الإصدار وقليلته من جهة الجلب. 2 - أسعار الحوائل (الكمبيو) جرت الأسعار في السنة المذكورة على هذا الوجه: صرفت الليرة الإنكليزية محولة بعد الاطلاع عليها في لندن بسعر غروش صحيحة 107 إلى 111 بعد 4 أشهر 105 إلى 108 1000 روبية صرفت حوالة بعد الاطلاع عليها في بمبي من 72 إلى 74 ليرة عثمانية. 3 - أسعار الناولون (الجعل) أسعار النول أو الناولون (الجعل) على البحر كانت أعلى من سنة 1911 أما الجعل على الشط (النهر) كان أدنى. وكانت الأسعار تتراوح على هذه الصورة والمعاملة بالشلينات. الجعل على الشط من بغداد إلى البصرة من 5 شلينات إلى 23 عن الطن الواحد 16 شلينا إلى 33 شحنا إلى المحل المطلوب الجعل على البحر من البصرة إلى لندن شحناً عاماً من 27 شلينا إلى 30 عن الطن الواحد لشحن الحبوب من 6، 24 إلى 6، 27) إلى مرسيلية شحنا عاما من 32 إلى 35) لشحن الحبوب من 6، 29 إلى 6، 32) إلى سويس لكل شحن كان من 6، 27 إلى 30) ويجب أن نلاحظ هنا أن أصحاب شحن الأموال إلى بلاد الإفرنج يفضلون

إيداع بضائعهم إلى الشركات التي تكبثها في بمبي (أي تعمل أخطر منها كما يقول أهالي بغداد دأى تحول شحنها من مركب إلى مركب في بمبي والأقطرمة كلمة تركية). والسبب هو لأنهم يعملون بوجه أكيد أنها تصل إلى محلها في يوم معلوم إلى الميناء المطلوب وإن كان الجعل أعظم من الجعل الذي ينفق على سائر بواخر الشركات الأخرى التي تذهب تواً إلى الميناء التي تقف فيه. وللشركة التي تكبث الأموال في بمبي سفرة واحدة مطردة في كل أسبوع من البصرة إلى بمبي بدون تخلف البتة. لنقلها بريد الهند الذي يذهب إلى لندن أيضاً. اعلم هذا حتى تقف على حقائق التجارة في انحائنا هذهز 4 - الجلب سكر القوالب إن سكر بلجكة المصبوب بهيئة قوالب صغيرة هرمية الشكل غلب سائر أنواع السكر المفرغ على صورته التي تأتينا من سائر بلاد الإفرنج ولا سيما ما يأتينا من فرنسة والسبب هو رخاء أسعاره. إلا إن في هذه السنة قل جلبه بنحو نصف القدر الذي جلب منه في السنة السابقة للفتن التي وقعت في بلاد فارس. وبيع السكر في غرة السنة بقيمة 36 فرنكا وفي أواخر السنة بقيمة 45 فرنكا. السكر البلوري جلب من هذا السكر شيء كثير في أوائل سنة 1911 من بلاد الإفرنج المختلفة لكنه لم يبع كله لاضطرابات فارس ولهذا لم يجلب منه في بقية أيام السنة. النحاس لما كان سعر السلعة غالية جداً في أوربة وكان الطلب قليلاً لم يجلب منه شيء كثار. الشاي جلب منه شيء نزر من أجل الفتن الفارسية ولم يبع منه إلا 2 من المائة لأهالي حاضرتنا أما الباقي فقد بقي مخزوناً في ديوان المكس والتجار لبثوا ينتظرون أمن الطريق ليبعثوا بأموالهم إلى بلاد العجم. الثقاب (أو الشخاطة بلغة العراق) إن جلب الثقاب يزداد كل الازدياد بنوع مدهش واغلبها يأتينا من بلاد اسوج. الزيت الحجري (الكاز) زاد صرف الزيت الحجري في هذه السنة فقد جلب منه 120. 000 صندوق

كانت ثلاثة أعشارها من ديار روسية والباقي من أميركة. أما الزيت الحجري الروسي وهو الأحسن فقد بيع الصندوق منه بقيمة 58 قرشاً صحيحاً، وفي كل صندوق تنكتان (التنكة أما الأميركي فقد بيع الصندوق منه بسعر 46 قرشاً صحيحاً - ومنذ يضع سنين شاع على ألسن الناس ذكر الزيت العجمي الذي ينبع في عبادان لكنه لم يظهر في أسواقنا إلا في أواخر هذه السنة وهو غير حسن ولهذا لم ينفق منه عندنا إلا قليلاً. 5 - الإصدار الصوف العربي كان اتاء الصوف العربي حسناً هذه السنة من جهة القدر والصنف وكان في أول الموسم يباع المن منه بقيمة 16 شلينا وفي آخره كان يباع بقيمة 20 شليناً والمن هو عبارة عن 34 ليرة إنكليزية والليرة الإنكليزية عبارة عن 453 غراماً و54 سنتغراماً (فيكون المن 15 كيلغراماً ونحو 650 غراما) والظاهر أن ارتفاع سعره فجأة نشأ من رغبة الإفرنج فيه فبيع كل ما كان مخزوناً ولم يبق منه شيء. الصوف العواسي والكرادي كانت أسواق أوربة وأميركة كثيرة هذه الأصواف ولهذا لم يبع منهما في أول الموسم إلا بقيمة 13 وتسع وفي آخر الموسم بيع المن منه بقيمة 24 للصنف الذي لم يغسل. الكثيراء كان موسم الكثيرآء متوسطاً من جهة القدر والصنف وكانت قيمة القنطار الإنكليزي (وهو الهندرويت - وهو عبارة عن 50 كيلو غراما و8 أعشار الكيلغرام) بين 6 و10 ليرات. العفص كان اتاء العفص متوسط القدر هذه السنة وأما صنفه فكان سيئاً ويأتينا العفص عن طريق الموصل بأكياس وفي كل كيس من العفص الأبيض أكثر مما فيه من الأخضر وكانت قيمته تختلف بين 11 ليرة عثمانية ونصف بزيادة ونقصان في كل قنطار والقنطار عبارة عن 640 ليرة إنكليزية (والليرة الإنكليزية هي 453 غراما و54 سنتغراما). التمر كان اتاء التمر متوسطا لكن غلاء العيشة في بغداد رفع أسعاره لا سيما لأنه طعام

أسئلة وأجوبة

المتوسطي الحال ولهذا لم يرسل منه إلا نزراً إلى أوربة وديار الشام. الأفيون إصدار الأفيون كان متوسطا وكانت أسعاره أعلى من سابق وكان ثمن الصندوق الذي يزن 140 ليرة إنكليزية من 90 إلى 130 ليرة عثمانية وكان اغلب هذه السلعة إلى هنكنع وسنكابور. الحبوب كان اتاء الحبوب أدنى من المتوسط وارتفعت أسعاره ارتفاعاً محسوساً بحيث إن المعيشة أصبحت صعبة لغلائها ومع ذلك فقد شحن من الحنطة والشعير إلى ديار الإفرنج قدر لا يسكت عنه وما بقي منهما في المدينة بأثمان باهظة. هذا مجمل ما يقال عن البضائع المجلوبة والصادرة ودونك الآن بيان هذه البياعات بالتفصيل. (له تلو) البر كسبرخان أسئلة وأجوبة 1 - أصل لفظة التمن بمعنى الأرز سألنا كثيرون من العلماء والأدباء من عراقيين وشاميين ومصريين: من أين أتت لفظة التمن العراقية الواردة بمعنى الأرز الحب المشهور وهل هي قديمة في العراق. وما أصلها؟ قلنا: التمن (وتلفظ بضم التاء المثناة وتشديد الميم المفتوحة) كلمة عراقية قديمة بمعنى الأرز أو الرز. ولعلها من السريانية (تمز) بمعناها، قلبت الزاي نوناً وكثيراً ما تعاقب العرب بين هذين الحرفين أينما وقع إن في الأول أو في الوسط أو في الآخر فقد قالوا: مثلاً: نكأ فلان حقه وزكأه أي قضاه إياه وازدكأ منه حقه وانتكأه أي أخذ رفضه. ويقال: هو زكأة نكأة كهمزة فيهما أي يقضي ما عليه من الحق ولا يمطل رب الدين. ويقولون: اللجن واللجز وهو اللزج والضيأز والضيأنك الذي يتقحم في الأمور. ومثل هذا كثير في لغتنا العربية ولعله لغة من لغاتهم القديمة. وعهد هذه اللفظة قديم لأن ابن بهلول يذكرها في معجمه الآرامي العربي

وكان من بلاد شمالي العراق (من أوانا من طيرهان وهو من أهل منتصف القرن العاشر المسيحي أو من أهل منتصف القرن الرابع للهجرة مما يدل على أنها قديمة). أما إنها السريانية الأصل فلا نظن لأننا لم نجد في هذه اللغة مادة تثبت هذه اللفظة بمعنى من المعاني عندهم إلا أنه عندهم في السريانية الحديثة فعل (تمز) ومعناه: نظف وطهر (بتشديد عين الفعل في المثالين) ولم نجد غير ذلك. ولهذا نظن إن اللفظة عربية الأصل قديمة الوجود من (التمن) وهو نوع من الرز أو الأرز به رائحة خاصة تذكرك رائحة العطر الإفرنجي المعروف عند العلماء (بالتمن) وهو ضرب من الغارانيون كما أن (العنبر بوه) نوع آخر تذكرك رائحته رائحة العنبر ثم كثر رز التمن في العراق حتى سموا كل رز بالتمن من باب إطلاق المقيد. أما إن التمن ضرب من الغارانيون فقد ذكره ابن البيطار قال في هذه المادة: غارانيون (في الأصل المطبوع في مصر غارايتون وهو غلط فاحش لأنه تعريب ديسقوريدوس في الخامسة معناه عندهم (الغرنوقي) والنوع الأول منه يعرف بثغر الإسكندرية بالتمن وبالتمين أيضاً بالتصغير وسمعته من عرب برقة وهو بظاهر الإسكندرية من غربيها بالحمامات وغيرها. اهـ. أو لعل التمن هو الرز الذي يكون لون قشره أحمر ثم توسعوا فيه فأطلقوه على

كل رز والرز الذي قشره أحمر كثير في العراق وحمرته تشبه حمرة النبات المسمى بالفارسية تمنك (بكسر ففتح فسكون وكاف فارسية في الآخر) وتمك (بكسر الأولين وكاف فارسية) وتميك (وزان صغير وبكاف عربية) وتميك (بكسر الأولين) وهو نبت أحمر حامض المذاق - أو لعله من (تمن) الفارسية وهو الضباب لأن الرز يحب الجو الكثير الضباب أو الكثير الرطوبة. ويقال أيضاً في تمن: تزم وتثرم (وزان قلب) وتثرم (وزان بئر) ونزم ونثرم إلى آخر ما هناك. وقد سمعت كثيرين أن التمن عربية الأصل مشتقة من اليمن وهو البركة لما في حبته الواحدة من التعدد بعد النبت كما اشتقوا تيمن الموضع المشهور من اليمن أيضاً فعلى القارئ أن يتبع ما شاء من هذه الآراء. 2 - من شاتان إلى ماتان وسألنا ي ن س من حاضرتنا: إن البغداديين إذا أرادوا التعبير عن قولهم: فلان ينتقل من كلام إلى كلام بدون رابط يربط تسلسل حكايته يقولون: ينتقل من شاتان إلى ماتان أو باتان على حد ما يقول الإفرنج بهذا المعنى - قلنا: أصل هذه العبارة: من شاتان إلى ماجان أو إلى ما حان كما يقولها بعضهم فصحفها العوام فقالوا من شاتان إلى ماتان أو باتان. وشاتان هي قلعة بديار بكر شهيرة في التاريخ كما ذكرها ياقوت الحموي. وماخان (إذا رويتها بالخاء) هي قرية من قرى مرو. وماجان (الجيم) نهر كان يشق مدينة مرو فيكون محصل معنى العبارة فلان ينتقل من كلامه عن ديار العراق إلى ديار العجم من دون رابط يربط كلامه. 3 - زلق الشادي ببيت المكادي وسألنا المذكور: وما معنى هذا المثل العامي: زلق الشادي ببيت المكادي. قلنا: معنى الشادي عند العراقيين القرد والكلمة فارسية مبنىً ومعنى لأن الشوادي (القرود) تأتيهم من بلاد الفرس والمكادي (وزان مفاعل) جمع المكدي (بدال مشددة) وهو المتسول المستعطي بلسان العراقيين فيكون المعنى نزل القرد في بيت الفقراء سهواً منه وذلك لأن القرد لا ينزل إلا في الدور التي ينتفع مما يجد فيها من الطعام وهذا لا يجده في بيت المكدين. فمعنى المثل إذا قد يزل العالم أو قد يهفو الإنسان مهما كان عارفاً وحكيماً.

4 - أصل الجلبة بمعنى الضوضاء وسألنا من الموصل: هل الجلبة عربية الأصل بمعنى الضوضاء؟ الجلبة (ويقول بمعناها عوام بغداد: قلبالغ وقلبالق وأصلها من التركية قلابة لق تصحيف العربية (غلبة) مع الأداة التركية (لك) في الآخر أو (جبة) العربية و (لك) (التركية) من أصل فارسي وهو جلب (بالجيم الفارسية المثلثة) بمعناها. 5 - معاني ألفاظ إنكليزية وسألنا سلامه أفندي موسى من مصر القاهرة: كيف تترجمون الكلمات الإنكليزية الآتية أو - وما هي أسماء (عروق ورق الشجر) قلنا: يقابل - في العربية: القوقس والفوقس (راجع لغة العرب في حاشية ص 329 من السنة 3) وقد ورد في المعاجم الإنكليزية والعربية أو الفرنسية العربية صوف البحر، وقش البحر، وخث الماء، ونبات الماء، والعرب لم تعرف ولا تعرف هذه الألفاظ مرادفات للقوقس اليونانية الأصل. - ويقابل في العربية: بسعيرا (وهي ارمية الأصل) وبطارس (يونانيته) ورقعاء (وجاءت مصفحة رقعا ورقعة ورقعاء وكلها خطأ. وهي عربية) وسرخس وهي أشهر الألفاظ وفارسية الأصل. وشرد (لبنانية قديمة. وزان عنق) وبليخنون (وفي رواية فليخنون وتلك أصح وفي المفردات المطبوعة لأبن البيطار فلحون وهو تصحيف قبيح والكلمة فارسية) وكيلدارو وجيلدارو وهما فارسيتا الأصل. وهذه الألفاظ وردت كلها في مفردات ابن البيطار. فلتراجع وورد في بعض المعاجم الفرنسوية تفسيراً لكلمة العربية اللفظة (خنشار) التي قال عنها في محيط المحيط نبات. ونقلها في دائرة المعارف إلى لكن لم أجدها في دواوين اللغة العربية الفصيحة ولا في سائر الكتب المتقنة التأليف فلتحرر - وأما عروق ورق الشجر، فلم نعثر على اسم لها إنما يوجد (عير) الورقة وهو الخط الذي في وسطها أو العرق الأوسط الذي فيها. وإذا أريد الدلالة على البقية قيل لها (اشاجع) الورقة جمع (أشجع) وهي عروق ظاهر الكف. فيتوسع في معناها من باب المجاز وهو واضح لا يحتاج إلى تأييد. 6 - الجمبارات أو الجربارات أو الجاقات ومرادفاتها وسألنا أديب من البلدة: هل كانت الجمبارات أو الجربارات معروفة في عصر العباسيين وما كان أسمها عندهم؟ - وما يقال لها عند الإفرنج؟ ورأيا أناساً من

نصارانا يسميها جربارات وجاقات والمسلمين جمبارات وجربارات وطناكير (بالكاف الفارسية) فمن أي اللغات هذه الألفاظ وما معناها على التحقيق وما اسم هذه الآلة آلة الطرب عند السوريين والمصريين؟ قلنا: لجربارات أو الجمبارات أو البربارات أو الشربارات هي تصحيف وقصر الفارسية جاربارات المخففة عن جهاربارات ومعناها: (القطع الأربع) لأن (جهار) تفيد الأربعة (وباره) القطعة. وهي آلة طرب مركبة من أربع قطع مجوفة تتخذ من الخشب أو العاج أو المعدن يجعل اللاهي اثنتين منها في إصبعي يده اليمنى والاثنتين الأخريين في إصبعي يده اليسرى ثم يضرب الواحدة بالأخرى ضرباً وهو يقصد الإيقاع جلباً للطرب. ويسميها بعض النصارى البغداديين الجاقات أخذا من الجاق ويريدون به كل فلقة من فلقتي نواة اللوزة أو المشمشة لأن تلك القطع الأربع على شكل هذه (الجاقات) والجاق من جاك الفارسية أيضاً (راجع لغة العرب 2: 186). - أما اسمها في عصر العباسيين فكان (الصفاقات) قال في الأغاني 5: 124) أخذت بيدي صفافتين وأقبلت اخطر واضرب الصفاقتين وأغني أهـ. وفي (5: 75) قوله: فلما اخذوا في الأهزاج دخلت وفي يدي صفاقتان وأنا أتغنى.) والكلمة لا توجد في دواوين اللغة واسمها بالفرنسوية أو وبالإنكليزية وباللاتينية أو وباليونانية وبالأرمية (صصلا). وقد سماها بعضهم الصنوج مفردها الصنج وهذا غير الصفاقة والصنج هو بالفرنسوية وسماها آخرون: (الساجات) مفردها الساج وهي الخشب المنحوت والخشب مطلقاً وسماها بعضهم (جلبارة) كما ذكرها أصحاب بعض المعاجم الإفرنجية العربية وهذه تصحيف جهاربارة كما هو واضح. وسماها أهل سورية (فقيشات) مصغرة جمع فقيشة والفقيشة عندهم شق في ذيل الثوب على طول شبر ليتسع انفراجه وهو (الجاك) عند أهل العراق لما في الصفاقتين من الشق الغائر والأصح أنها تصحيف الشقيفات الآتية الذكر وسماها آخرون صغانة كما جاءت هذه الألفاظ الأخيرة كلها في معجم بادجر الإنكليزي العربي والصغانة هي نوع من آلات الطرب كالقيثارة وليست بالصفاقة. وسماها ابن البيطار المسافق أو المصافق مفردها المسفقة والمصفقة من السفق أو الصفق وهو اللطم. - ومما جاء في هذا المعنى عند الفصحاء من أسمائها

(الصحنان) مثنى الصحن قال في تاج العروس: الصحنان: طسيتان صغيران يضرب أحدهما على الآخر. قال الراجز: سامرني أصوات صنج ملهيه ... وصوت صحنى قينة مغنيه اهـ. وسماها أهل الشام شقيفات قال في محيط المحيط: الشقيفات مصغرة مجموعة عندهم صنوج من النحاس لها عرى يدخل الراقص واحدة منها في إبهامه ثم يصك الواحدة بأختها وهو يرقص فيخرج لها صوت موزون على طريقة مخصوصة.) أهـ وهي من الشقفة أي الكسرة والقطعة من الخزف ثم توسع فيها فأطلقوها على كل كسرة أو قطعة - وذكرها أحد كتاب مجلة الزهور (4: 358) باسم الصاجات وهي تصحيف الساجات بالسين المذكورة فويق هذا. قال: كان بعضهن يرقص بهيئة قبيحة وفي أيديهن الدفوف والصاجات. فأنت ترى من هذا البحث أن الألفاظ بهذا المعنى كثيرة فلو كان الكتاب عرفوا اللفظتين الفصيحتين لم كثروا من اتخاذ غيرها بدون فائدة ولما ادخل العوام مفردات لا طائل فيها ولهذا نعيد القول: إننا نحتاج إلى ثلاثة معاجم معجم عامي يذكر فيه الفصيح بجانبه ليعرف. ومعجم عربي واسع يذكر فيه جميع الألفاظ العامية والمولدة إفرنجي يذكر فيه ما يقابل اللفظة الإفرنجية من الألفاظ العربية المترادفة الواردة في مؤلفات الفصحاء والمولدين وعوام البلاد العربية وعسى أن يتصدى لها جماعة من الرجال العظام فيخلد ذكرهم التاريخ على توالي الأعوام! 7 - الرواصير ومعناها ولغاتها وأصلها وسألنا صديقنا الشيخ محمد السماوي: ما معنى الرواصير وأصلها ولغاتها الفصيحة؟ قلنا: الرواصير لا توجد في دواوين اللغة التي بأيدينا ولا في معجم دوزى الذي جمع ألفاظا عامية وأعجمية وغربية كثيرة لكنها وردت في كتب الطب في كلامهم عن الكواميخ فذكروا بينها الرواصير وصحفها البعض على مناحٍ مختلفة بين قبيحة ومليحة. فأما المليحة فهي الرواصيل وذلك لأنهم وجدوا مادة ر ص ل أخف من مادة ر ص ر فأبدلوها. وقد وردت هذه اللغة في كتاب منافع الأغذية ودفع مضارها لأبي بكر الرازي. في ص 31 من نسخة المطبعة الخيرية قال: الفصل الحادي عشر في الكواميخ والرواصير. الغريبة التي وردت في الكتاب المذكور قال في ص 4 الرواصير: البقول التي تطبخ في المياه

فوائد لغوية

الحامضة مثل ماء الحصرم والرمان ونحوها.) اهـ. وقد نقل هذا الكلام من تذكرة داود ومفردات ابن البيطار والمنهج المنير، في أسماء العقاقير وغيرها كما نبه عليه في مستهل شرح الغامض، فالرواصير عند الأقدمين هو ما نسميه اليوم (ترشي أو طرشي) وهذه من تصحيف العوام للأولى وكلتا الكلمتين (رواصير وترشي) فارسيتا الأصل. فالرواصير جمع ريصار وهو الريجار تعريب الفارسية ريجار ذكر ذلك الخوارزمي في كتابه مفاتيح العلوم في ص 168 من الطبعة الإفرنجية والترشي لغة مشهورة معروفة وأما التصحيفات القبيحة أو المخطوءة أو المرغوب عنها فهي الرواضير (بالضاد المعجمة) كما وردت في بعض نسخ مفاتيح العلوم وكذلك الرواضين وجاء في مفردها ريضار وريضان وريحان وريحال إلى غيرها. على إن (ريجار) بالفارسية لا تعني الترشي بل تعني المربى المتخذ من الأثمر المطبوخة ثم نقلوها إلى كل ما يطبخ بالحليب أو باللبن المخيض ثم توسع فيها العرب فأطلقوها على الترشي وهي بالإنكليزية وبالفرنسوية أما البغداديون في عصرنا هذا فيسمون (ريجار) والأشهر (رجل) (وزان سبب) ما كان يريد بها الفرس سابقا بزيادة معنى الحموضة لطبخ تلك الأثمار بالسكر وثمر آخر حامض كالبرتقال أو النارنج أو الليمون الحامض أي ونحن أخذنا اللفظة من الترك لأنهم يقولون رجل وهم نقلوها من الفرس على ما أومأنا إليه. فوائد لغوية 1 - الشهية بمعنى المشتهى أو الشهوة عامية من الألفاظ التي أولع بها كتابنا العصريون قولهم شهية الطعام. والكلمة عامية وفصيحتها المشتهى والشهوة والشاهية كما جاءت مصرحة في كتب اللغة. على أنه جاء في تاج العروس في مادة شهو: (الشاهية): الشهوة وهي مصدر كالعاقبة) فظن بعض العوام إن فاعلة وفعيلة مما يتعاقب فيهما الإبدال كما هو الحقيقة في بعض الأحيان لكن نسوا إن فاعلة وفعيلة لا تتعقبان في المصادر إلا في ما نقل عنهم. 2 - عصارى اليوم بمعنى عصره خطأ ومما أكثر من ذكره الصحافيون استعمال العصارى بمعنى العصر وهو من

الغرائب. ولا اعلم كيف استدرجوا إلى هذه الغلط الفاضح اللهم إلا أن يكونوا قد أبدلوها من (الأصيل) وذلك أنهم أبدلوا الألف المهموزة عيناً على لغة قيس وتميم وأسد وكلاب وقضاعة، فقالوا: العصيل) وأبدلوا اللام راء على لغة بعضهم فقالوا: العصير ولما كان العصير والعصارة بمعنى واحد قالوا فيها لعصارة ثم عاملوا الهاء في الآخر معاملة الألف كما في العرضنة والعرضني والرعامة والرعامي والقصيرة (مصغرة) والقصيري وقد فعلوا ذلك لأن الهاء والألف هما علما تأنيث جاز لهم أن يقولوا عصارى بمعنى الأصيل وهو الوقت بعد العصر إلى المغرب أو العشى لأنهم عرفوا العصر بالعشى إلى احمرار الشمس. وفي كل ذلك من التكلف ما لا يحتاج إلى الإشارة إليه. وهذا وإن كان له تأويل على هذا الوجه وهو جائز على لغة قبائل العرب إلا أنه لا يؤخذ إلا بالمسموع إلى الصحيح أو الفصيح لاستشراء داء الإبدال في عموم الكلم. 3 - استعمال (إذا) في محل (هل) وبالعكس في غير محليهما من الألفاظ التي جاءتنا عن طريق لغة الإفرنج قول كتابنا المحدثين: اسأل فلاناً إذا يجئ أم لا، وأنت تعلم أن (إذا) ظرف يتضمن معنى الشرط فإن أدخلتها في عبارتك وجب أن تدخل بعدها جواب الشرط، والحال إن الشرط متحد بالجواب لأن الجواب يتوقف عليه أما ظاهراً وأما مقداراً فكيف يتحصل الجواب على الشرط في هذا التركيب المذكور ولهذا يجب أن تضع أداة الاستفهام في موضع (إذا) وتقول أسأل فلانا هل يجئ أم لا فيصح التركيب والمعنى معا. 4 - لفظ نطقاً فصيحا بمعنى ألقى خطابا بليغا تعبير قبيح ومن قبيح تعابيرهم قولهم: (لفظ نطقاً فصيحا) وفيها ثلاثة أغلاط: الأول: (لفظ) بمعنى (ألقى) وهو لم يأت إلا في اللغات الإفرنجية ولا يجوز في العربية إلا من باب التأويل البعيد كما إن النطق لم يأت في العربية بمعنى الخطاب أو الخطبة وإنما أتانا هذا الكلام من الترك الذين لا يفقهون العربية تمام الفقه وإنما يتصرفون فيها وفي ألفاظها وقواعدها تصرفاً يخطئون فيه مرة ومرة يصيبون ومن جملة ما اخطئوا في استعماله هذه الكلمة التي ادخلوها بمعنى الخطاب. وأما لفظة الفصيح فهي وإن كانت عربية محضة إلا إنهم لم يستعملوها هنا في موطنها وإنما الواجب في هذا الموطن إبدالها بالبليغ لأن الكلام قد يكون فصيحاً ولا يكون بليغاً وهو لا يكون بليغاً إن لم يك في الغالب

فصيحاً. لأن البليغ ما (بلغ إلى القلب) فأثر فيه على ما يتوقع من تنسيق مبانيه ومعانيه (والفصيح ما أفصح عما في الذهن) فقد بدون أن يشرط فيه أن يكون بليغاً وعلى كل حال أن هذا التركيب السقيم هو تعريب حرفي للعبارة الإفرنجية والأولى أن يقال في العربية: ألقى خطابا بليغا. 5 - المواطن بمعنى الوطني غير معروف ومما كثر ذكره على ألسنة الأقلام والأنام قولهم: فلان مواطني وأولئك مواطنوه وهم يريدون فلان وطني وأولئك وطنيوه. ولم يرد واطنه وزان شاركه. ومن الغريب أننا نرى كثيرين من الراسخي القدم في اللغة يستعملون هذه اللفظة بينما هم في مندوحة عنها الوجود لفظة مرادفة لها وردت في كلام الأقدمين والمحدثين من البلغاء فليحفظ. 6 - النجمة بمعنى النجم للكوكب ضعيف ومن الألفاظ الفاشية بين فصحاء هذا العصر قولهم النجمة وهم يريدون النجم بمعنى الكوكب ويعتبرون النجم جمعاً مفردها النجمة من باب تمر وتمرة. وليس الأمر كذلك إنما النجم مفرد وجمعها النجوم: ولذا لم يصب صاحب الجمانة في الفصل الذي عقده في الكلام عن شبه الجمع: النجم يطلق على جماعة الأجرام الفلكية فإذا أريد الواحد منها ألحقت بها التاء فيقال نجمة. اهـ. قلنا: وتصحيح العبارة هو: النجم يطلق على جماعة الأنبتة التي هي دون الشجر وهو ما نجم على ساق فإذا أريد الواحد منها ألحقت بها التاء فيقال نجمة.) - والظاهر أن هذا الوهم قديم لأنهم سموا: (نجمة الصبح) فرساً نجيباً وهو علم له. (راجع التاج في نجم) وقال في لسان العرب: (وقال أهل اللغة: النجم بمعنى النجوم والنجوم تجمع الكواكب كلها.) قلت فإذا كان الأمر كذلك لم يكن هناك غلط إذ يكون واحدها نجمة. وقد وردت كثيراً في أشعارهم المولدة. 7 - الوضاء لم ترد مؤنثة بل هي مذكرة ومؤنثها الوضاءة ومن أغلاط الخواص الشائعة قولهم: قصيدة أو قصائد وضاء وهو خطأ. لأن وضاء مضمومة الأول لا مفتوحته وهي للمذكر لا للمؤنث والهمزة أصلية لا زائدة للتأنيث) ولهذا يجب أن يقال قصيدة أو قصائد وضاءة. إذا أريد استعمال هذه اللفظة وبيت أو شعر وضاء وزان رمان من الوضوء لا أوضأ إذ لا وجود لهذه اللفظة الأخيرة في العربية.

باب المراجعة والمكاتبة

باب المراجعة والمكاتبة 1 - كتاب الألفاظ الكتابية وكتاب ألفاظ الأشباه والنظائر وكتاب الألفاظ كتبنا في المقتبس مقالة أثبتنا فيها إن الكتاب المسمى بالألفاظ الكتابية أو كتاب ألفاظ الأشباه والنظائر يسمى على الحقيقة (كتاب الألفاظ) لا غير. وصاحبه هو عبد الرحمن بن عيسى بن حماد الهمداني (بالدال المهملة لا بالمعجمة) نسبة إلى همدان وهي قبيلة باليمن من حمير شهيرة برجالها العظام وليس الهمذاني نسبة إلى همذان وهي بلدة في ديار فارس. وكنا قد قلنا أيضاً إن النسخة التي نشرت في الأستانة باسم كتاب ألفاظ الأشباه والنظائر كان قد سعى في تعميم فوائدها بالطبع السيد نعمان الآلوسي. وقد اتضح لنا الآن ما يخالف هذا القول فأسرعنا إلى تصحيحه والحقيقة هي أن الطابع وهو أبو ضياء استعار النسخة الآلوسية من السيد المذكور لكي يطبعها على نفقته وهي نسخة قديمة الخط محفوظة إلى الآن في خزانة كتب جامع مرجان التي أوقفها السيد علي الجامع المذكور تعميماً لفوائد العلم على ما هو مشهور عن الأسرة الآلوسية وكان السيد المومأ إليه في ذلك الحين موجوداً في الأستانة فصحح الملزمة الأولى فقط من الكتاب ثم عاد إلى وطنه لأمور أوجبت رجوعه إلى مسقط رأسه. وبعد أن تم طبعها أرسلت إليه نسخة منها فلما رآها وجد الطابع نسب تصحيحها إليه ترويجاً لمقصده وهو بيعها بأقرب مدة فأسف لذلك. ثم بقي متردداً في نسخته بعد أن وقف على نسخة بيروت التي طبعت في وقت واحد أو تكاد، فلم يعلم أي النسختين أصح هذا ما تحققناه بعد كتابة ما أدرجناه قبل نحو سنتين فلنتبع الحقيقة وليعمل بها. 2 - أبو خزامة هو المدفع الذي ارصدنا له مقالة طويلة حبرها مدير هذه المجلة المسؤول الشيخ كاظم أفندي الدجيلي. وفي اليوم الذي وردتنا مقالته جاءتنا مقالة ثانية في المعنى نفسه من صديقنا الشيخ سليمان أفندي الدخيل فقدمنا الأولى لما فيها من التفاصيل وأجلنا الثانية معتمدين على نشرها في هذا الجز لتكون بمنزلة تتمة للأولى إلا أن كثرة المواد حالت دون تحقيق الأمنية في هذا العدد أيضاً ولعلنا نثبتها في الجزء القادم. وقد سمعنا من أحد الثقات إن حضرة أستاذنا الشهير والعلامة الكبير السيد محمود شكري أفندي الآلوسي صاحب التآليف الجليلة كان قد وضع في

باب المشارفة والانتقاد

عهد مشيرية هدايت باشا رسالة سماها: (القول الأنفع، في الردع عن زيارة المدفع) وقد كان قدمها إليه ليمنع العوام مما هو عليه من الاعتقاد الفاسد في هذا المدفع المغاير لما جاءت به شريعة الإسلام، وبحث فيه عن تاريخه والمفاسد التي تنجم عن هذه المعاملة. والرسالة تقع في نحو عشر صحائف وترجمت إلى اللغة العثمانية وقد فقدها السيد الأستاذ منذ سنين فلا يعلم أين صارت. ولعلها توجد يوماً فتبشر بالطبع فيعم نفعها الكبير والصغير والله الميسر. باب المشارفة والانتقاد 1 - فتاة لبنان مجلة أدبية علمية روائية تصدر مرة في الشهر لمنشئها سليمة أبي راشد تصدر في بيروت بدل اشتراكها في الولايات ريالان. منذ عشرين سنة أخذت ذوات الحجال بالتدخل في الصحافة فانشأن نحو 25 مجلة تشهد على أن كواتبها ممن يروق في أصابعهن اليراع كما تروق فيها أعمال الإبرة وأشغال المنزل. ولهذا نرحب بهذه الرصيفة الجديدة متمنين لها العمر الطويل والثبات في جادة الفضل والأدب وأن تكون الكاتبة (سليمة) في ذوقها (رشيدة) لبنت جنسها إلى كل ما به خير هذا الشق وترقيته. 2 - رسائل ومقالات باللغة الروسية هي رسائل كلها غرر للعلامة المستشرق كراتشقوفسكي وقد أظهر فيها من دلائل الإمعان في طلب الحقائق العلمية والمواضيع العربية ما يشهد له أنه من الحائزين قصبات السبق في هذا الميدان الذي يظلع فيه الجواد وإن كان من العتاق المناسيب فنحن نتمنى له النجاح في كل ما ينمق ويوشى. 3 - كتاب لطائف السمر، في سكان الزهرة والقمر، أو الغاية، في البداءة والنهاية. وضعه الكاتب الضليع ميخائيل بن انطون الصقال. طبع بمطبعة النجاح بأول درب سعادة بمصر سنة 1907 وقيمته ريال مصري. أهدانا هذه الهدية صديقنا عبد اللطيف أفندي ثنيان من قبل كاتبها وهي: 1 - رواية من احسن الروايات وضعها مؤلفها ليبين للقارئ بعبارة عربية حسنة

السبك إن النفس خالدة وإن لا بد من عمل الصلاح لمن يريد السعادة الخالدة وإلا فإن في الآخرة (مدينة للتكفير) يعذب فيها من أتى النكرات. على أننا نأخذ على المؤلف أشياء: منها: أنه أدمج فيها فصولاً لغوية في غاية الإفادة لكنها في غير موضعها إذ من شروط الروايات أن تخلو من مثل هذه الفصول التي موطنها كتب اللغة. 2 - ذهب في تقرير بعض الحقائق على مذهب خاص به غير متبع فيها مذهبا من المذاهب الدينية المعروفة فالقارئ إذا وقف عليها أو أراد أن يستفيد منها لا يرى نفسه على دين من الأديان وهو عيب فاضح. 3 - استعمل في مطاوي كلامه ألفاظا غامضة في حين لا حاجة إليها. وإنما الكاتب يأتي بمثل تلك الكلم إذا اضطرته الضرورة وإلا فأي ضرورة إلى سرد تلك الألفاظ الغريبة التي هي أشبه شيء باللغة الهندية ثم يضطر إلى شرحها في الحاشية بألفاظ أفصح وأبلغ من مفردات المتن. إن هذا العيب شائع في بعض كتابنا وهو من العيوب التي يجب علينا أن نتخلص منها في أقرب وقت. اللهم إلا إذا ألجأتنا الضرورة إليه! أما في الروايات التي يقرأها الجاهل والعالم فيجب أن تكون سهلة العبارة. 4 - إن الكاتب وإن كان ضليعاً في تقويم الكلام إلا أنه فاته أود أو أمت في بعض المواطن كقوله مثلاً في ص 153 (فشبه الحيوان. . . بعد قوله: المائرات. . . والماصعات. . . والمتخلجات. . . الخ. فكان يجب أن يقول فأشباه الحيوانات حتى يجوز له أن يفسرها بقوله: وهي التي مرتبتها أدنى من الحيوان وقال في حاشية ص 156: ورزق الله حسون وجبرائيل الدلال الحلبيبن والأصح الحلبيان إلى غير إلا أن خلو الكتاب منها يزيده حسناً وإتقاناً. وإلا فالكتاب لا يخلو من ابتكار، في الإنشاء والأفكار، وعسى أنم يوفق لتصحيحه على أساليب الروايات العصرية بمنه وكرمه. 4 - مقدمة السبرمان تأليف سلامه موسى، طبع في مطبعة الهلال بالفجالة بمصر في 29 صفحة صغيرة هذه رسالة غريبة الوضع، والعبارة، واللغة، والآراء، وحسبك إن تطلع على إن كاتبها يقول في آخرها: (فهذه الفلسفة الجديدة تحسن الإنسانية الآتية يمنع كل ما فينا من العناصر الرديئة من الوصول إلى نسلنا. وأهم هذه العوامل هو تحريرنا

الاقتصادي بشكل يساوي بين فرصة العمل (؟) بين الأفراد؟ وهذه هي السوسيالية (كذا) وتحريرنا الأدبي بشكل ينقرض فيه الدنيء الذي يعيش الآن بسلطة الواجبات الأدبية ويبقى العالي الذي يرى في نفسه قانوناً لسلوكه.) أهـ. قلنا: الإنسان في آدابه وفي مجتمعه كأعضائه المنتظمة فيه. فيها العالي والسافل، الرأس والرجل، العقل والحس. فإن توفق حضرته لأن يلاشى من أعضائه الرجل وما والاها ويبقى فيه الدماغ وما أودعه من القوى العاقلة يستطيع أيضاً أن يرى يوماً أن فلسفته تؤدي به إلى أن تبقى من الإنسان (العالي الذي يرى في نفسه قانوناً لسلوكه وينقرض الضعيف أو المريض). فمن لا يرى ضعف هذه الآراء التي هي أضغاث أحلام ليس إلا ونحن نرى أن السكوت عن مثل هذه الأقوال أصون لشرف الكاتب من التصريح بها وهذا الكاتب من أسوا ما كتب في اللغة العربية وأضرها للآداب والأديان وكفى. 5 - الاشتراكية لسلامة موسى. طبع بالمطبعة المصرية الأهلية بشارع كلوت بك في 23 صفحة صغيرة هذا الكتيب لا يبعد في أفكاره عن أخويه: (مقدمة السبرمان) و (نشوء فكرة الله) فإن صاحبه أنشأه لينور الرأي العام عن ماهية (حقيقة) الاشتراكية وذكر مآثرهم في التشريع وما وصلت إليه حالة العمال من الرفاهية بمساعديهم) (هذه عبارة الكاتب) وإذا وقف عليه القارئ يقول في نفسه وا أسفاه على الوقت الذي أضاعه صاحب هذه الصفحات! ولو استعمله في تصنيف كتيب آخر نافع للألفة لخدمها احسن خدمة هذا فضلاً عن أن هذه الكتب لا تفيد الشرق والشرقيين فائدة تذكر والتي تفيده: الفضل والأدب وحسن الأخلاق والدين والتآليف المفيدة لا غير. 6 - مجلة الكمال بإدارة كمال عباس بدل الاشتراك فيها في بيروت والبلاد العثمانية مجيديان وفي مصر والبلاد الأجنبية نصف ليرة افرنسية تطبع في بيروت في المطبعة العثمانية بسوق التجار. وهي مجلة شهرية سنتها عشرة أشهر تظهر في 48 صفحة يدور اغلب مباحثها على مواضيع أدبية ولولا شكلها واسمها لظنها القارئ أنها جريدة لا مجلة. وقد عقد فيها باب عنوانه (كنانة النحوي) يتعرض فيه صاحبه لما يرى من الأغلاط اللغوية والنحوية في الجرائد والمجلات. ولو أرصد هذا الناحي لتصحيح ما يرد في مجلة (كمال) لما ورد فيها (نقص) شائن كل الشين. ولا سيما لأن عنوانها يوجب هذه

باب التقريظ

يوجب هذه المزية. وقد خبط هذا النحوي في تخطئة بعض الكتاب خبطاً يدل على أنه هو المخطئ وأنه غير واقف على أسرار اللغة وأما أنه ورد في (الكمال) نقص فهو أكثر من أن يحصى منه ما يتعلق بالرسم ومنه ما يتعلق بالنحو ومنه ما يتعلق باللغة. أما ما يتعلق بالرسم فنذكر منها ما جاء في ص 38 في قوله: (نظم اللآل فيها ورد للعامية والفصيحة من الأمثال) والأفصح أن يقال (في ما) بكلمتين. وتكتب كذلك إذا كانت (ما) اسم موصول كما هي بهذا المعنى في العبارة المذكورة. وترسم كلمة واحدة مع (في) إذا كانت حرفاً. وقال: ورد للعامية والأفصح ورد في العامية ومن غلط الرسم: قوله في تلك الصفحة (ابتدأ بالبحث) والأصح (ابتدئ) برسم الهمزة على الياء لأنها للمتكلم لا للمفرد الغائب وأما أغلاطه النحوية فكقوله في تلك الصفحة (والقهاوي) وهذا من جمع العوام لهذه اللفظة. والأصح (القهوات) لأن فعله عند (النحاة) لا تجمع على فعائل إلا في ألفاظ معدودة قليلة ليست هذه منها. ومن ثبت هذا الوادي قوله في تلك الصفحة: وعلى كل فلا أستطيع أن أسجل على نفسي والأفصح بل الأصح: حذف الفاء هنا إذ لا معنى لها وإن وردت في كلام كثيرين من كتاب هذا العهد وأما أغلاطه اللغوية في تلك الصفحة عينها فكقوله: (لأنه يخاف على إمضائه) ولم يرد (الإمضاء) عند الفصحاء بالمعنى الذي يريده وإنما قالوا (التوقيع) وقال أيضاً (في تلك الصفحة دائماً) ولذا أصبت في حل من أمر الأمثال أثبتها أن وفى. وأمحوها إن أخلف. والأصح أن يقول: (ولذا أجاز لي أن أثبت هذه الأمثال إن وفى. وأن أهمل بابها أو أوصده أن اخلف). وإذا تدبر عبارته هنيهة بأن وجه الغلط حالاً. هذا: وقولنا: (والأصح) يدل على أن كلامه وجها أن أراد أن يتلمسه لها. إذ لا يوجد غلط في العربية إلا وله باب يخرج منه على سنن أصولها القديمة لكن العبرة في مثل هذا المقام أن ينحو الكاتب منحى البلغاء وهذا الذي نلمح إليه في قولنا: (والأفصح) وفوق كل ذي علم عليم. باب التقريظ 7 - ديوان البناء طبع في مطبعة الرياض في بغداد سنة 1331 في 210 صفحات بقطع الثمن. ناظم درر هذا الديوان هو صديقنا الأديب عبد الرحمن أفندي البناء وقد أجاد كل الإجادة في قصائده وأكثرها في مواضيع عصرية. ومما يعلي كعب شاعرنا إنه

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

ينظم القصائد عن سليقة عربية محضة لا عن تعلم أو تلق فإنه لم يدرس اللغة والنحو على معلم قط بل يتدفق منه الكلام الموزون تدفقا عفواً بدون تكلف وهو أمر عجيب في عصر فسدت فيه اللغة. وكيف لا نعجب! والإنسان إذا ما أتقن الآداب العربية وعلومها ثم كتب فيها نبذة أو نظم أبياتاً غلبته سليقته العامية على تعلمه الأصول والضوابط إذ الطبع اغلب من التطبع. ومما يدل على قوة شاعريته أنه نظم قصائده في مواضيع عصرية كما فعل بعض نوابغ عراقنا في هذا اليوم كالرصافي والزهاوي والشبيبي والحبوبي ومن نحا نحوهم بخلاف بعض شعرائنا الظلع فإنهم لا يزالون يمشون وراء جميع الناظمين ليجمعوا من خلفهم نفاية القصائد في المدح والذم والرثاء والتهاني والغزل وبكاء الأطلال وغيرها مما أكل عليها الدهر وشرب. ويا ليتهم يحسنون نظم تلك الأبيات لكنهم يعمدون إلى بعض قصائد من تقدمهم فينتحلون معانيها ومبانيها ويمسخونها مسخاً أو يغيرون عليها إغارة عمياء أو يصالتونها مصالتة تشمئز منها الطباع وينفر منها كل ذي ذوق سليم ثم يفاخرون الناس بها ويدعون أنها لهم وهم أبرياء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب! على أنه وقع بعض أغلاط طبع شوهت محاسن هذا الديوان كما جاء في حاشية ص 16 قال: الحلكوك: بفتح اللام الشديد السواد. والأصح أن يقال بضم اللام كما هو الغالب في هذا الوزن إلا أنه يوجد الحلكوك بفتح الحاء واللام فإذا فتحت الحرفين انكسر البيت ومهما يكن من هذه الأغلاط الطفيفة فإن هذا الديوان يبقى للشاعر ذكراً مخلداً. 8 - الحكمة مجلة دينية أدبية تاريخية أخبارية تصدر مرتين في الشهر موقتاً في دير الكرسي الرسولي الأنطاكي المشهور بدير الزعفران، - مديرها المسؤول حنا القس ومحررها ميخائيل حكمت جقي وقيمة الاشتراك في ماردين ريال مجيدي وفي الممالك العثمانية ريال مجيدي وربع وفي الممالك الأجنبية ثمانية فرنكات طبعت بالمطبعة السريانية في دير الزعفران (ماردين) في 16 صفحة. اغلب مباحث هذه المجلة دينية أخبارية وعسى أن تحقق ما في صدرها من عناوين المباحث لتفيد البلاد والعباد. لا لكي تفشي العيث والفساد! تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مبعوثو البصرة الذين حازوا ثقة البصريين من المبعوثين هم: 1 - السيد طالب بك النقيب،

السيد أحمد نعيم بك، عبد الله صائب أفندي، سليمان فيضي أفندي؛ الحاج عيسى أفندي عبد الرزاق أفندي النعمة، وقد استعفى السيد طالب بك من النيابة. 2 - ابن الرشيد وعنزة اشتد الخلاف بين الأمير ابن رشيد وقبيلة عنزة ويخشى أن يقع بين المتعاديين ما لا تحمد عقباه. وقد أنضم إلى عنزة ابن مجلاد بعد أن كان موالياً لأبن رشيد. 3 - البدور وعجمي السعدون نزلت عشائر البدور أعداء عجمي في رحاب (نبعة) قريبا من عشائر الزياد ولما علم بذلك عجمي نزل (الشقراء) ثم توجه نحو (أبي غار) وليس في نيته اللحاق بابن رشيد لما وقع في جيشه من المصائب والخسائر في هجومه الأخير على عشيرة (الغليظ) من عشائر شمر ثم وقع بينه وبين البدور محاربات كان النصر فيها حليف البدور فاستعان عجمي بالأمير سالم. 4 - جمعية الأخوان في الارطوية بلغ عددهم فيها زهاء 300 عضوٍ وقد أقام عليهم الأمير عبد العزيز السعود أميراً من آل عبد الكريم من السعود وقاضيا من أهالي الرياض. 5 - القشعم وعجمي السعدون انفصلت عشيرة القشعم من موالاة عجمي وانضمت إلى عشائر أمير الكويت وقد جاراها في عملها ابن ماجد ومن تبعه من عشيرة مطير. 6 - أعداء عجمي السعدون كثر أعداء عجمي السعدون فمنهم الضفير والبدور والزياد والغليظ وغيرها. وقد هجم (حمدان الضويحي) أحد رؤساء الضفير على عشائر السعيد والفواز الذين هم من أقوى أركان عجمي فأخذهم جميعاً ثم أعاد الكرة على لفيف من عشيرة مطير المحالفة لعجمي فأستاق منها أربعة قطعان من الإبل. 7 - سلطان مسقط والثوار انتكث حبل الصلح بين سلطان مسقط وبين الثوار لأن السلطان طلب إليهم إخلاء وادي سمائم بأجمعه فأبوا فثارت نار الخلاف بينهم وبينه ولعل يداً غريبة تضرم النار هناك. 8 - إعانة الأسطول في البصرة بلغت هذه الإعانة 5. 000 ليرة عثمانية بسعي السيد طالب بك النقيب.

العدد 23

العدد 23 الباب الوسطاني مرت عليك تصاريف وأهوال ... حتى خلوت فأنت اليوم أطلال كم لي بجنبك أعوال ومنتحب ... لو كان ينفع في الآثار اعوال ذكرتني عهد من شادوك فانهمرت ... مني دموع على الخدين تنئال إن لم تجب سائلاً عن معشر درجوا ... فأنت كلك أخبار وأقوال ظنوك تنقذهم مما يريبهم ... حتى جرت فيهم بالنحس أحوال بنوك راجين أن تبقى جدودهم ... وهم لهم في مراقي العز إطلال خالوا الليالي والأيام تسعفهم ... يوم الملمات لا ظنوا ولا خالوا عليك آيات إجلال تبين لنا ... من المباني وفي التفصيل إجمال وفي أعاليك ما تكفي دلائله ... على المعالي ولا قيل ولا قال مضى الملوك وقد أبقوك شاهدهم ... أن المكانة مالت حيثما مالوا نالوا من الدهر ما شاءوا فما انتبهوا ... حتى هووا فكأن القوم ما نالوا كأنني بك والخيل الجياد لها ... من حول ركنيك أهزاج وأرمال

وللرشيد لواء يستظل به ... تساق من خلفه جند وأبطال وللسلاح صليل فوق هامهم ... وللغبار وراء القوم أذيال كأنني بك والمأمون منقلب ... إليك والخيل ارعال فأرعال والناس تنظر والأبصار شاخصة ... والجند تعرض والأثقال والمال لي في فنائك شغل أن اعوج به ... من الأسى ولقلبي فيك أشغال أطوف فيك وأستبكيك من جزع ... وللمدامع إرسال فإرسال قد أخلقتك الليالي في تقلبها ... وغيرت منك أبكار وآصال أأنت تخلب الباباً لنا ونهىً ... أم ذاك منا على الإجلال إجلال يا أرسماً رصنت آثارها فهوت ... كما رمى بالجبال الشم زلزال ما كنت اعلم في ما كنت اعهده ... أن المعاقل كالكثبان تنهال الباب باق وبعض الباب دارسة ... منه الطلول ومن حوليه اهجال أبت نواحيك بخلاً أن تكلمنا ... ونحن في دارس الأطلال سؤال يبقى البناء ولا يبقى البناة كما ... يبقى من الشعب بعد الشعب أعمال وللمعاقل آجال مقدرة ... أيامهن كما للناس آجال نابتك نائبة هدت ذراك وقد ... غالت بنيك من الأعجام أغوال جار العلوج على من شيدوك وقد ... مالت بهم لضياع العهد إذ حال أرضاك إن جاءك الأعجام فاندثرت ... منك الأعالي وخابت منك آمال أني لأشكر ما أوليت من نعم ... لما أتوا ولهم في السير إجفال إذ كنت تحفظ دار الملك دونهم ... أن يستقل بدار الملك أنذال ما سامك العجم خسفا غيروك به ... وفي رتاجك دون العجم أقفال قد مارسوك فأعيتهم ممارسة ... أن يفتحوك وأن يفتك أشكال حفظت عهد رجال أسسوك فما ... للعهد نكث ولا للحفظ إغفال ثم اطمأنوا إلى من يمكرون بهم ... كما اطمأنت إلى الآساد أوعال فاسترسلوا في أمور الملك فأنهدمت ... عروشهم فتولى الأمر أرذال

نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق

ما كان أغنى عن (ابن العلقمي) ولا ... عن قومه أنه في الملك يحتال جنى على نفسه (ابن العلقمي) ردى ... فراح يصحبه عار وإذلال ذاق الخسار فلا مال ولا وطن ... ولا حياة ولا عز ولا آل أن ينكث (الأعجمي) العهد من سفه ... فكم له في ذويه العجم أمثال محمد الهاشمي نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق في أوائل القرن التاسع عشر من الميلاد. اذكر قراء لغة العرب الغراء ما كنت قد دونته في جزها الحادي عشر من سنتها الثانية وهو قسم من ترجمة سعدون باشا وكنت قد علقت هناك حاشية بشأن حمود آل ناصر آل سعدون معربة عن كتاب التاريخ العثماني لأحمد راسم ومستندة على ثقات الرواة وقد جاء فيها أيضاً بوجه الاستطراد لمحة من تاريخ بغداد تعريبا عن الكتاب المذكور ولم اقف في غيره على تفاصيل وافية تشفي غليل مطالع التاريخ عن تلك الأزمنة؛ وربما لم تدون الوقائع بالإيضاح الكافي أو دونت ثم عبثت بها يد الدهر وها أنني قد عثرت على نبذة تاريخية بين أوراق حواها صندوق وجدته في دار الشاب الأديب الحسيب، الحلبي الاصل، والبغدادي المولد؛ واللاتيني الطقس لطف الله أفندي ابن نصر الله بن فتح الله بن نعمة الله بن المقدسي يوسف بن ديمتري الخوري عبود وهذا الصندوق طوله نحو متر واحد وعرضه نحو نصف متر وكذلك ارتفاعه وهو مملو رسائل كان قد بعث بها أجداد أسرته الكريمة بعضهم إلى بعض من حلب وبغداد والبصرة وأزمير وكلكثة وغيرها لقصد التجارة ودوام الوداد بين الأقارب وفيه الأوراق التجارية الواردة إليهم من سورية والعراق والهند وإيران وتواريخ أوراق هذا الصندوق تتعلق بأواخر القرن الثامن عشر للميلاد وأوائل القرن التاسع عشر وفيها شيء نزر من صكوك شرعية صادرة من قضاة حلب يرتقي تاريخها إلى أواسط القرن السابع عشر. وهذه الأوراق وإن كان اغلبها تجاريا فأنها لا تخلو من الفوائد التاريخية في غير بابها هذا أيضاً. إذ قد ذكر أصحابها في سياق كلامهم حوادث ووقائع بلدة سكنوها الأقارب وأصدقاء وتجار قطنوا في غيرها. وقد خصص أهلها شيئاً من هذه الأوراق للدين والتاريخ والأدب وغيره. وما هذه الدفينة إلا جزءاً ضعيفاً من أوراق التهمتها نار شبت في 7 رمضان 1326 (2ت1 سنة 1908) في خان الموما إليه لطف الله أفندي عبود فأحرقت جميع ما فيه ولم تكن هذه الأوراق المحترقة مهملة بل كان قد خصص لها فيه حجرة مبنية بالطاباق معقودة به كما نسق بناء الخان المذكور وليس في بنائها من المواد القابلة الاشتعال سوى أخشاب الباب والطاقات بحيث نفذت النار منها فأمست طعمة لها ونصيباً. وهذه الأوراق المحترقة كان ينوف قدرها على نحو عشرين صندوقاً كصندوقنا المحكى عنه وقد حوت أعمالاً تجارية متسلسلة التواريخ حتى صدر القرن العشرين عائدة كلها إلى الأسرة المذكورة وفيها من الكتب المخطوطة وغيرها ما يندر وجوده وكان قد اهتم بحفظه الخلف عن السلف ومن هذه الأوراق ما هو مختص بأحدهم فتح الله عبود الذي عرفه كثير من معاصرينا وكان يعتني بالأوراق المنتقلة إليه اشد

الاعتناء. منذ حداثة سنه وقد زادها ما اقتناه بذاته فكان يدون الوقائع في تقاويمه اليومية كما كان يفعل سلفه. هذا فضلاً عما حوته مفاوضاته التجارية والأهلية من الشؤون الجمة وكنت ترى عنده الجرائد نفسها عن السنين المتعددة الطويلة مجموعة مجلدة ومنها (الزورآء) منذ ابتداء انتشارها. ولحسن الحظ كان قد بقى من هذه الأوراق في دار السكنى الصندوق الذي ساقني إلى هذا المقال. ورب معترض يرمي إلى قلمي الزوغ عن الصدد إنما أوردت شيئاً عما يتعلق ببعض أحوال هذه الأسرة طلباً لتوثيق القارئ الكريم بها لما سيأتي من ذكر حوادث وأخبار ذات بالٍ في التاريخ فأني لاحظت بونا عظيما بين ما ذكرته (سالنامات) ولاية البصرة من أسماء (متسلميها) وسني نصبهم وبين ما أفادتنا به النبذة التي اكتب هذه الأسطر توطئة لها وقد أقرت سالنامة ولاية البصرة سنة 1309هـ بافتقارها إلى الأخبار وطلبت إلى الذين يعرفون مثل هذه الأمور أن يفيدوها بما عندهم. فزادني طلبها هذا نشاطا ولبيته إذ قد سنحت الفرصة بذلك وأما صاحب النبذة هو الحلبي أصلا، والرومي الملكي طقساً، الشماس ميخائيل بن المقدسي يوسف

بن ديمتري الخوري عبود المتوفى في 18 آب سنة 1814 في كلكتة ونبذته هذه موجودة بخط يده ويظهر جلياً من نسق تحريرها ومن تقويم له وجد بين الأوراق انه كتبها في البصرة حيناً بعد حين على توالي حلول الوقائع والله أعلم فأنه علام الغيوب. يعقوب نعمة الله سركيس (لغة العرب) كاتب هذه المقالة هو يعقوب أفندي بن نعمة الله (نعوم) بن آكوب جان بن سركيس بن آكوب جان بن مقصود. وهو ابن عمة لطف الله عبود الذي وجدت عنده هذه الأوراق التاريخية النفيسة.

الذي حاصل لنا فهو بالحقيقة ولا أنكره ونحن من القديم إلى الآن خدام لسلفاكم ولكم وأما من طرف البيكاوات الموجودين عندي فما يمكن تسليمهم لأن مثل هؤلاء أناس أجواد جاءوا لعندي فيقتضي على أن الفيهم واسعد بك ابن أبوه الذي نحن خدامه ونذكر حسن فعائله معنا فعاد غير ممكن أن نسلمه ولا غيره كلمن يجي إلى حينا. فاشتد غضب الكهية من هذا الجواب وبدا في ديوانه يتكلم على حمود بالذميمة ويقول ما أحد يقص رأسه غيري وصار يحرك غضب الوزير على البيك وحمود حتى أرضاه بمرامه وأمر بجمع عساكر وكان طلوعه من بغداد في شهر شوال سنة 1227هـ (1812م) على الحلة وصار مسيره بالشامية والعساكر تنتقل إليه من لاوند

وكرادوترك من كركوك وارويل وعروبية العراق وعكيل وبراطلية وتفنجلية حتى صار جملة العسكر الحربي ينيف على ثلاثين ألف عليقة. للخيل والبغال عدا الجمال ومعه من الأطواب عدد 10 وقنبر عدد 3

وزنبرك عدد. المراد أن ركبة هذا الوزير ملوكية ما اتفق مثلها في أيام سلفاه حين ركوبهم على العربان وطلب من البصرة ثمانية مراكب يتوجه بهم قبطان باشا إلى سوق الشيوخ وحالاً توجهت بذخائرها وبدا الوزير يقطع مراحل في المسير والناس تستعلم الأسباب التي قصدته على التقدم لمحاربة حمود والبيك ولكن أخيراً ظهر السبب وهو أن حسب العادة القديمة يقتضي في شهر شوال يأتي إلى الوزير فرمان التقرير من الدولة العلية وبهذه السنة وخروه عنه وصارت التاتارية تشتغل وتطلبوا عليه مبالغ لسبب أن اسعد بك كتب على الوزارة وله رجال تساعده في المحروسة ودارك الشتاء على العسكر وهو بالبرية ولا زال يقطع مراحل إلى أن دخل شهر محرم سنة 1228 (ك2 سنة 1813) حتى تقدم إلى قرب عشيرة المنتفق وركب الجسر وعبر إلى الجزيرة وفي أوائل شهر محرم وصل تاتار غاسي الوزير عبد الله باشا ومعه قبي جوقداري واشتهر عنهم أنهم جايبين المنصب من الدولة إلى عبد الله باشا وصار فرح في بغداد واتانا الخبر إلى البصرة صحبة ساعي الإنكليز وكان وصوله في 5 صفر سنة 1228 وأمنت وفرحت الناس بذلك (أملا بأنه قريباً تنتهي الأمور ويسلك الطريق الذي تعطل حيث جملة ماجوات قريب

عدد 50 غالبهم شاحنين أموال وقهوة وسقوطات ومبتدأ تحميلهم من شهر شعبان وغالب قهوة الموسم تحملت بهم حتى يمشوا كار حسب المعتاد وظهرت هذه الأمور وتوخروا وأموال الناس عدا تعطيلها عليهم بعضها عدم من الأمطار والنشل لأنه مال مهيت بين أيدي السكمانية وبعد أن كانوا في الشط أدخلوهم إلى العشار وإحدى الماجوات طبعت وأموال الناس تجركت المراد ترى التاجر في ضيقة خلق لا توصف والأموال نزلت أقيامها من جري عدم سلوك الطريق والكساد في بغداد ولا بد من بعض الاختلال والقرش ما يحصل حتى يرسلوا للبصرة ولذلك صار ضيقة على الناس والوعود الباطلة في عطاء الحق اكثر من بغداد وحلب). وفي يوم الثاني من شهر صفر سنة 1228 نهار الأربعاء تقدم الوزير بعساكره الوافرة وتقدم حمود بجنوده ومعه اسعد بك مع عسكر قليل عثمانلي محتوي عنده وصارت الواقعة للحرب ولم يعلم الوزير أن العسكر والاغاوات والكاركلية جميعهم خائنين عليه ويريدوا اسعد بك والمكاتبات متصلة لهم منه بأنه هو الوزير والمنصب جاي باسمه فحالما بدا الجنك وضربت الاطواب أول مرة تبدد عسكر المنتفق وكاد يعدم فلولا اللاوند خرجوا من العسكر

ونكسوا بيارقهم وتبعهم الكرد مع باشاواتهم واغاواتهم ثم الكاركلية والعثمانلي اتباع الباشا بنفسه وأما العروبية جميعهم بدوا ينهبوا نقل الاورضي مع الجباخانة جميعها على الأجمال ساقوها وولوا ناكسين والعسكر جميعه صار في طرف اسعد بك وما بقي عند الباشا سوى العكيل والبرطلية والتفنكجية ونشأت أيديهم عندما شافوا الخيانة فرجع الباشا والكهية إلى الصيوان واتاهم بعض الشيوخ ومنهم راشد أخو حمودو. . . . قبل حمود وأتوا بهم إليه ودخلوهم لعنده مسوقين كالغنم وفي حال دخولهم اخبروه بما أنه كفيف ونفوه بتعذيرهم على فعلهم معه وأمر برفعهم إلى سوق الشيوخ وحالاً أخذوهم ومعهم قبجيلار كهيسي وناصر الشبلي شيخ العكيل وحبسوهم في سوق الشيوخ بأمر حمود شيخ المنتفق واسعد بك جلس في صيوانه وبدت المنتفق وعريان العشيرة ينهبوا اورضي الوزير حتى الخزنة تقاسموا الذهب بالشقابين الذي حسبوه من عدد أحماله قريب ستة لكوك ذهب سكة عدا سكة الفضة من قرش وريال وعدى طواقم الفضة التي توجد عند هكذا وزير المراد جميع ما وجد بالاورضي من كلي وجزئي حصل بيد عرب المنتفق وما اكتفوا بهذا بل بعد توزيعهم ذلك جميعه في بيوتهم بدوا يسلبوا العسكر ويأخذوا سلاحهم وهدومهم والذي ما يسلم بالحال يقتلوه والذي التجأ في صيوان البيك خلص من التشليح ولكن حصانه وسيسنته راحوا من يده وجميع القطرات وتقاسموا العربان وجميع ذلك العسكر منه براطلية وتفنلكجية ولاوند بقيوا عرايا وكذلك بعض الأكراد والارولية والكركوكلية وآغنهم إبراهيم آغا الذي كان متسلم البصرة سابق تشلح وبقي عريان

ودخل إلى عند البيك حالا أمر له بكسوة ولبسه زخرجي باشي وبعض من أغاوات وابن باشوات الكرد اخذوا أوادمهم وانهزموا راجعين وبعضهم بقيوا عند البيك وأما العرب اغتنوا من هذه الهيبة غناء لا يوصف وترى العربي لابس الكرك وزبون القطني وهو حفيان وكل يوم يأتوا بالخيل والبغال يبيعوها بالسوق وفي الجنك ما قتل أناس كثير سوى نجم ابن شيخ تويني أبن عم حمود الذي خان وراح عند الباشا وليس شيخ وبعض من جنوده ومن طرف حمود ابنه الكبير المسما برغش المشهور في صورته ومنظره العجيب وفروسيته ففي وقت الحرب تقدم إليه واحد من أبناء باشاوات الكرد وكلاهما مدرعين وطعنه برمح على الدرع الداوودي وهو قاطع ومزق الدرع وثنا عليه بالخشت وهو طارحه للأرض وتحاوطته جنوده وجابوا إلى عند أبيه ولازالت العرب يتنهب العسكر ولا أحد يقدر يكلمهم وأما اسعد بك حالاً لبس داود أفندي (الذي كان آخذ أخته بنت سليمان باشا وكان محبوب منه وهو صاحب تدبير ومعقول وكان عند عبد الله باشا دفتردار) كهية وكتب امربيور إلى والي البصرة باسم المتسلم حالاً وهو رستم اغا وأرسله بصحبة سلاح داره محمود آغا وأما أحوال البصرة بقيت بنوع ما مرتاحة إلى يوم السبت مساء 5 صفر سنة 28 وتواردت الأخبار

بان اوردي الوزير انكسر واختلت البلدة وثاني يوم نهار الأحد وضعوا قلقات في القهاوي والأسواق وجميع الدكاكين تفرغت من الأموال وصار الخوف بقلوب الناس ويوم الثلثا وصلت المراكب مال البصرة (الذي كان طلبهم الوزير وسافر بهم قبطان باشا إلى قرب سوق الشيوخ ولكنه بعد وصوله أتاه تحريض من اسعد بك وما عاد ظهر منه أذية إلى العربان ولا عاد تقدم إلى السوق بل بقي متوخرا) ورموا المراسي بمكانهم قبل توجههم ويوم الثلثا صباحا وصل أيضاً السلاح دار ومعه البيرولدي وصار له الاي بدخوله إلى السراي والمتسلم استقبل الأمر من الدرج ودخلوا للديوان وتلى على سماع المتسلم بحضور قبطان باشا والأعيان والمشايخ يذكر فيه بأنه حضر له من الدولة منصب وزارة بغداد والعزل إلى عبد الله باشا وبأن يوم الأربعاء في 2 صفر الساعة 1 وقفوا للمحاربة والعسكر حالاً خان واتا إليه وقد استولى الأمر والخطاب إلى رستم اغا استلم بما أنه من اتباع وخدام أبوه الصادقين بقيمه متسلم البصرة تقريراً ويحرضه مع بقية الأعيان على الحفظ والصيانة إلى البلد وشاع اسم أفندينا اسعد باشا وأمنت الناس وقد أمر المتسلم والأعيان والمشايخ جميعاً أن يتوجهوا إلى مواجهته وأن المتسلم يجيب له 90 ألف (غرش) من ثلاثة تجر بأسامهيم بموجب أمر منه وهم الحاج يوسف الزهير 40 ألف وسليمان بن الفداع 30 ألف وخالد بن رزق 20 ألف وحينما المستلم عرض عليهم الأمر اجتمعوا تجار الكبار وفصلوا مع المتسلم التسعين بستين ألف غرش عين وفرضوها على كافة التجار منها على اليهود 20 ألف وعلى الخواجة

منارة سوق الغزل

جبرا أصفر 20 ألف والبقية على التجار الإسلام جميعاً وطلعت المباشرية من طرف السلاح دار والمتسلم في تحصيل القرش الذي لا يوجد بهذه الأيام حتى أن بعض اليهود تدينوا في المائة ستة بالشهر ووفروا على ذواتهم الضرب والبهدلة من المباشرية لأنهم ضربوا بعضاً وهجموا على بيوت البعض من الرعية حتى اتصلوا إلى سحب الخناجر في البيوت مع السب والتشتيم حتى أنهم من يوم الأربعاء إلى يوم الجمعة مساءً ما بقي شيء من الطلب بل جميعه حصل بالسراي والمتسلم أعطى فيه أوراق إلى كل بقدر تسليمه على أنه دين على الكمرك. له تلو منارة سوق الغزل - أمئذنة الرشيد شمخت قدرا ... وطاولت الجبال الشم فخرا أمئذنة النهى عمرت عمرا ... ولم يبرح بناؤك مشمخرا عليك من البشاشة نور بشرٍ ... إذا ما الكون اصبح مكفهرا تغيرت البلاد ومن عليها ... وأتت مقيمة دهراً فدهرا كأنك آية ثبتت بصحفٍ ... فحير كنهها الأفكار طرا

لهارون الرشيد عليك اثر ... فلا محت الزوابع منك أثرا ولا الادهار أبلت منك رسماً ... ولا حكت يد الحدثان سطرا ولا الإخطار حزت منك صدراً ... ولا ضاقت بك الأفلاك صدرا أساسك في بطون الأرض راسٍ ... وجسمك في الفضاء غدا معرى فوضعك لا تبعثره الليالي ... وإن لاقيت برداً ثم حرا فكم قد لاطمتك يد العوادي ... وكم عثرت بك الهوجاء عثرا وخفاق النسيم له حفيف ... لديك إذا النسيم عليك مرا على التقوى بناؤك شيد حتى ... يخلد بعده بانيك ذكرا ومن جعل التقى أساً لما قد ... بناه فذاك من قد حاز شكرا وقوفك ينقل الأخبار عنا ... إلى من لم يحط بالعرب خبرا كأنك تنقلين بما لدينا ... إلى أسلافنا خيراً وشرا كأنك تبتغين لنا نجاحاً ... كأنك تنظرين الحكم شزرا كأنك قد كشفت لنا اختراعاً ... فحرت به وقد أمعنت فكرا فيا ذكرى بني العباس أمسى ... سميرك في المعالي طاق كسرى فماذا قد دهاك وكنت قدماً ... عروساً بالهدى تختال فخرا وكنت إلى التجلي طور قدسٍ ... فصرت إلى حمام الجو وكرا وكنت إلى الأذان منار وحي ... عن الآذان قد زحزحت وقرا وكنت الظلّ للعلما فأمسى ... يباع الغزل تحتك ثم يشرى يصورك الخيال لنا عجوزاً ... تخدد خدها بالدمع قهرا أتى من أهلها خبر مسيء ... فقلبها الأسى بطناً وظهرا

نبوة أديب

وقد وقفت بوسط الدار تبكي ... على دار غدت بالبين قفرا رأت أن الاعارب في خمودٍ ... يسومهمو العدى خسفاً وقسرا ولم يبق الزمان لها نصوحا ... تشد به لردع الضيم أزرا فأسبلت الذوائب ثم صاحت ... أنا الخنساء ابكي اليوم صخرا لأهلي كان صدر الحكم لكن ... ذوو الأعجاز حازوا منه صدرا فيا زمن العدالة والمعالي ... عليك تحية الأعراب تترى عبد الرحمن البناء نُبوةُ أديب السيد علي خان ابن السيد احمد نظام الدين المدني الشيرازي المتوفى في سنة 1120 أديب بكل ما يريده متقدمو أهل الأدب من الكلمة، وتواليفه تشهد له بذاك ومنها أنوار الربيع، والسلافة، وشرح الصمدية، وجميعها مطبوع. وطراز اللغة، والدرجات الرفيعة، في طبقات الشيعة؛ وسلوة الغريب في رحلته إلى الهند وهذه الثلاثة مخطوطة. وكانت له خزانة كتب نفيسة تعرف بعض أثارها إلى اليوم وربما كان (عالم كتب) أيام كانت الكتب نادرة الوجود لا تعرف إلا مخطوطة فكان درسها ومقابلتها ومعرفة (أنسابها) وموضوعاتها وما كتب في شانها وعلق عليها فناً ذا شان أتقنه فريق من العلماء وأطلقوا عليه (علم الكتب) كما أنه بعينه اليوم فرع من (علم الآثار) وقد يقع خطاء للناس في شؤون الكتب وخاصة في نسبها لأن المؤلفين من الطبقات الأولى قلما سموا أنفسهم في تأليفهم فيكون الحكم القاطع في ردها إلى اصلها منوطاً بالحذاق من أهل هذا الشأن وقد عثرت على خطا عجيب للسيد علي خان صاحب السلافة المتقدم أحببت أن آتي عليه تذكيراً لنا بمزية هذا العلم وإن لم أكن من أهله. واضح أن السلافة كتاب قصره مؤلفه على أدباء القرن الحادي عشر وممن أثبتت ترجمته فيها من أدباء هذا القرن (السيد حسين بن كمال الدين الابزر الحلي) وقال عنه في الوجه 546 ما نصه: (هو في الأدب عمدة أربابه، ومنار لاحبه، ولجة عبابه، وقفت على رسالة في

البديع سماها (درر الكلام، ويواقيت النظام) واثبت فيها من نثره في باب الملامعة قوله في من آلف الرسالة باسمه، مكي الحرم، برمكي الكرم، هاشمي الفصاحة، حاتمي السماحة، يوسفي الخلق، محمدي الخلق، خلد الله ملكه، وأجرى في بحار الاقتدار فلكه) اهـ. فههنا خطاء خطير لم اهتد إلى سببه تماماً وهو أن هذا الكتاب الذي ذكره في البديع ونسبه لأبن الابزر وأورد نبذة من إنشائه فيه ليس له ولا هو مؤلفه وإنما صاحبه متقدم من أدباء القرن السابع فأين هو من القرن الحادي عشر؟ أما الحجة التي ندعم بها مدعانا وهو اشتباه صاحب السلافة في نسبة هذا الكتاب إلى غير مؤلفه فهي تتوقف على أن يكون الكتاب الذي نعني هو بعينه ما عناه السيد علي خان لأنه يجوز أن يطلق اسم واحد على مسميات متعددة وهذا كثير في أسماء الكتب والأعلام الشخصية وغيرها غير أن صاحب السلافة نفسه كفانا هذا الأمر فأنه أورد من الكتاب نبذة في باب الملايمة نموذجاً من نثر المؤلف الذي زعمه، وهذه الجملة بنصها وفصها مثبتة في باب الملايمة من نسخة الكتاب التي عثرنا عليها. إذاً فالكتاب المعني واحد لا اثنان إذا ثبت ذلك فليعلم أن زمن وضع هذا الكتاب اقدم مما ظن صاحب السلافة بكثير وإذا فرضنا أن ابن الابزر من معاصريه كما هو الواقع فيكون كتابه هذا قد آلف له قبل ولادته بثلاثة قرون ونصف قرن (سنة 684) وتكون نسختنا المخطوطة منه سنة 959 خطت قبل أن يولد مؤلفها بنحو قرن أيضاً. ولا ادري كيف اختلط الأمر على السيد علي خان وهو من مشاهير المؤلفين في الأدب القديم وخاصة في البديع موضوع هذا الكتاب وكذلك لا يعلم تحقيقاً من الذي دلس الكتاب الذي يلزمنا تعريفه والكلام عليه. الدرر مختصر في البديع ذو 84 قائمة متوسطة منه نسخة عندنا مخطوطة خطاً مقبولا جاء في آخرها ما نصه: انتهى مسطور النسخة المباركة على يد الفقير إلى الله أكبرهم جرما، وأصغرهم جرما، العبد ناصر بن عبد علي بن ناصر الحلاوي عفى عنهما وذلك يوم الأحد 3 ربيع الأول موافق 27 شباط الرومي تقريبا (كذا) من شهور سنة تسع وخمسين وتسعمائة هجرية في بلد الحلة السيفية حماها الله من كل بلية من أرض الكوفة بابل، وعلى هذه النسخة تعاليق كثيرة مخطوطة خط الاصل؛ جلها استدراك

ومؤاخذة ويظهر أن معلقها عالي المحل في نقد الشعر، قوي البضاعة في البديع؛ وهو متأخر عن المؤلف ولم نقف على اسمه ولكن يلوح لنا انه دمشقي الموطن أما المؤلف فهو من المائة السابعة ممن سمع الشيخين العالمين السكاكي صاحب مفتاح العلوم المتوفى سنة 606 والمطرزي صاحب شرح المقامات المتوفى سنة 610 وهو فارسي الأصل عربي الطبع أما أنه فارسي فلكثرة إيراده الشواهد من الفارسية ولإثباته بعض أنواع البديع التي لم يعرفها العرب ولم يصطلح عليها إلا أدباء الفرس على أنه قد اتخذ لها أسماء عربية مثل (الترجيع والمردف) وغيرهما وبأنه فارسي المحتد صرح صاحب التعليق وأما انه عربي الطبع فلسلامة إنشائه ومتانة بنائه ولم نتحقق اسمه أيضاً إلا انه قد جاء في ختام النسخة التي نقلت عنها نسختنا ما هذا حرفه: (واتفق الفراغ من نسخه بعون الله تع يوم السبت تاسع عشرين جمادى الآخر سنة أربع وثمانين كتبه العبد الفقير الراجي رحمة وغفرانه علي بن المهدي المرياني البغدادي واعتذر بهذه القطعة عن قلة الهدية. عند سليمان على قدره ... هدية النملة مقبوله لا يقصر المملوك عن نملة ... عبدك فالرحمة مأموله فأنا يخامرني الريب في أن يكون هذا مؤلف الكتاب لأمرين: 1: بعد ما بين عصره وعصر السكاكي والمطرزي وهما أستاذا المؤلف اللذان شافهاه 2: انه لو كان هو لصرح بذلك وقال (كتبه مؤلفه) وعلى كل حال فأن صاحب الكتاب خدم بتأليفه خزانة (السلطان الملك الناصر داود بن عيسى) وكثيرا ما يورد شواهد مما جاء في مدح الملوك والأمراء تملقاً ومكابرة وربما تممها بشاهد من صناعته يمتدح به هذا الملك كما فعل في باب الملايمة فأن له تلك الجملة المنثورة التي أوردها صاحب السلافة في ترجمة (ابن الابزر) يزعم أنها مثل من كلامه ولقد ذكر المؤلف أنه قد دون في هذا الفن مجلدات إلا أن كتابه تميز منها بأربع مناقب: 1: ضبط ما بددوه 2: حذف ما رددوه 3: تفصيل ما أجملوه 4: إلحاق كثير من المحاسن قد أهمله ثم أتى فيه على 180 نوعا من أنواع البديع والبيان 160 منها تعد في محسنات الكلام و20 نوعا من مساوئه وعيوبه آخرها عيوب القافية والسلام النجف: محمد رضا الشبيبي

أنا والدنيا

أنا والدنيا سحرتني بلحظها السحار ... حينما أسفرت كشمس النهار فخلعت العذار بين يديها ... وتتيمت هاتكاً أستاري ساهر الليل هائماً في هواها ... باسطاً دون لومي أعذاري لم أجد للسلو عنها سبيلاً ... هي بمناي في الهوى ويساري كلما رمت تركها جذبتني ... صبوتي نحوها بغير اختيار فاعذراني لصبوتي في هواها ... إن حكم الصبا على المرء جاري يا زمان الصبا عليك سلام ... فلقد شط عن هواها مزاري أن دنياً أريتها لي حسناء ... رأتها قبيحة أنظاري خدعتني بأنها ليس تجفو ... فجفتني إذ لاح شيب عذاري أنا ما كنت قبل ذلك ادري ... ودها عن ثوب الحقيقة عاري عشرة ثم عشرة ثم أخرى ... ألفتني ولم أنل أوطاري لا تسلني من بعد عنها فأني ... عن هواها بمعزل ونفار أتلومون نفرتي عن هواها ... بعد علمي بحالها واختباري أن دنياي قد وجدت مناها ... وهواها عداوة الأحرار أي حرٍ يا ليت شعري فيها ... قد نجا من صواعق الاكدار فلعمري لو استطاعت لضنت ... لقبور الأحرار بالأحجار لا تلمها فطبعها غير ميال ... إلى غير نكبة الأخبار إبراهيم منيب الباجه جي إمارة الرشيد 1 - مدخل البحث بحثنا في مقالتنا الأولى عن نجد وما يراد به. وذكرنا هناك ما لزم ذكره من حدوده وأقسامه. وقلنا أن هنالك ثلاث إمارات تقتسم تلك الديار منذ زمان وهي:

وسيأتي تفصيل ذلك في موطنه ومنذ أن تسنم بيت الرشيد عرش هذه الإمارة لم يستطع غيره أن يتربع فيه لا سيما أن عشيرة هذا البيت قديمة الوجود في ذلك الجبل ولم يقع طارئ تاريخي يبعدها عنه وإن اتفق أن خضعت هذه القبيلة لغير أهل هذا البيت فأن خضوعها لها كان بالاسم لا بالموقع. 9 - إمارات العرب وإمارة الرشيد تختلف الإمارات العربية في هيئتها وحياتها بعض الاختلاف فمنها ما لا مطمح لها إلى الغزو والفتوحات وتكتفي بالمحافظة على حالتها. وهذا ما تراه في إمارات العراق غالباً، ولعل سببه أنها في مقام ضيق لا محل لها لتوسيعه. أو أنها محاطة بقبائل أو عمائر كبيرة لا يمكنها أن تتغلب عليهم لتمد أجنحة سطوتها عليها وعلى ما وراءها أو لتطلب لنفسها الإمارة الكبرى عليها. أو هنالك مراقبة البعض للبعض تحول دون تحقيق أمنيتها لتتسع وتكبر. هذا فضلاً عن أن في تلك الديار سبباً آخر وهو أن الإمارة لا تمتد إن لم تكن ذات عشيرة كبيرة تسخر غيرها لنفسها بالقوة أو بالدعوة الدينية أو بالمال الذي هو الواسطة العظيمة للترغيب والترهيب. على أن لإمارات العراق أسباباً أخرى تحول دون التوسع والتبسط وهي مراقبة من هي أعلى منها تدأب في أن تجزئ قواها لتبددها وتكون هي المالكة الكبرى وصاحبة السيطرة العظمى. وقد تحمي الدولة القبيلة الضعيفة فتقويها على مناوئتها فتبطش بها اشد البطش فتنهك قواها وتعركها عرك الأديم حتى أنها تشارف التلف والاضمحلال. ومن الإمارات ما تجعل همها الفلاحة والزارعة ورعاية المواشي فتقصر عنايتها على هذه الأمور فلا يطمح بصرها إلى غيرها فلا يشرئب عنقها إلى السطوة الخيالية ولهذا تبقى ساكنة وإذا أجبرت على الحرب دخلت حومتها مضطرة إليها. ومنها ما جاورت المياه والأنهر وابتنت بعض القصور وأخلدت إلى الراحة وأسباب الترف والنعيم فيصعب عليها بعد ذلك النهوض إلى ما فيه شظف العيش وسفك الدماء فتقنع بما رزقت ولا تنظر إلى ما في أيدي الغير. فينتج من هذا كله أن الإمارة البدوية التي تطمح إلى مد جناح سطوتها أو توسيع ملكها تحتاج إلى أن تتجرد من جميع ما أشرنا إليه من الموانع وتجد في أن تكسب حياتها بأفعالها. ولهذا يكون أول أمرها شن الغارات ثم الغزوات ثم تعبئة الجند (أي التجهيزات)

وتدريبهم على أصول الحرب المتعارفة في عصرنا. فإذا تم لها ذلك أصبحت دولة مهيبة محترمة الجانب مسموعة الكلمة فتمد يدها إلى ما يجاورها فتكون لها كالأثمار الجنية وإذا أرادت البقاء في حالتها الرهيبة سعت إلى ثلاثة أمور وهي: 1: إيجاد المال وجمعه لتكثير جندها 2: تكثير جندها للدفاع والقراع 3: العلم لتنال به تحسين الأمرين المذكورين. عليه نرى أن إمارة ابن الرشيد متهيئة لأن تكون كبيرة لما توفره لها من الأسباب المذكورة. وها أنها قد خرجت من سن الطفولية (وهو عهد شن الغارات) وأصبحت في سن الرشد (وهو عهد الغزوات) الذي تطلب فيه ما ليس في قبضتها الآن. وإذا وفقت للحصول على رجال أهل حزم ونظر في السياسة تتوفق ولا ريب لبلوغ القسم الثالث من تبسطها الذي بعده الاستقرار والتسمي بالدولة الكبير. - وإذ قد بينا منزلة هذه الإمارة بالنسبة إلى سائر ما جاورها من الإمارات نخطو إلى ما يعرفنا إياها تم المعرفة. 10 - موقع إمارة الرشيد وحدودها موقع إمارة الرشيد في قلب جزيرة العرب ويحدها من الشمال بادية الشام ومن الجنوب بلاد القصيم العليا ومن الشرق الكويت والعراق ومن الغرب بادية الحجاز أو المدينة فهذه هي حدودها المتعارفة عند وصاف البلاد وهي حدودها الطبيعية في حين ضعفها. وأما حدودها المتعارفة عند الأعراب فأنها تبتدئ شمالاً من النجف عند (الحجرة) أي من (عين الحزل) فما فوق (الشقيق) أو (صامت) من جهة اليسار ثم تسير في (الربع الخالي) حتى تجيء جبل (قاف) فتنزل كأنك تريد (حائل) إلى (قراقر) ثم تمر ببلاد (كليب وغنم) و (النباج) الماء المعروف، فقارات (الجو) ثم تتصل بنفد وتنزل إلى (بني عطية)

حالة التجارة في بغداد في سنة 1913

ومن هنا تأخذ في حدها الغربي مبتدئاً من (تبوك) وتسير حتى تجد جبال (حزوي) أو جبل (تهامة)، فالأخضر جبل معروف، فالحجر فالهدية وجبل (أولاد علي) وهم قسم من العرب ثم تأتي بني حرب قبيلة معروفة قرب المدينة قريباً من مسكة والغميس بعد ضرية وحصنها المعروف فتنزل إلى جهة الجنوب فما فوق ضرية مبتدئاً من جزوى إلى جبل صبيح (كزبير) جاعلاً النباج والرس عن عينيك وسميراء الجبل المعروف عن شمالك. وهنا تقف على الحد الجنوبي حيث (قصيباء) وهي بلدة ذات نخيل كثير وعيون جارية ونفوس عديدة من حاضرة وبادية. والبلدة قديمة. ثم تصعد إلى أن تنتهي فتقطع الدهناء. من (الخل) المعروف فتمر (بقبة أو قبا) وهو ماء معروف وتسلك في وادي الرمة إلى أن تصل الحفر المعروف فتدخل بلاد الضفير فتجعلها عن يمينك هي و (السماوة) وأنت تسير إلى الشمال حتى تنتهي إلى النجف، وتعود إلى من حيث خرجت. فهذه الحدود وما ينحصر أو يقع تحت دائرتها عائد إلى هذه الإمارة ولهذا تعنى بتأديب قبائلها وغزوها وتأخذ منها الزكاة والرسوم وتضرب عليها الضرائب والمصطلح عليها منذ القدم إلى عصرنا هذا ولكن إذا امتدت أجنحة الإمارة وقع ظلها إلى ما وراء ذلك وقد تقدمت الإشارة إليه قبل هذه الأسطر فارجع إليه أن أحببت. (لها تلو) سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض حالة التجارة في بغداد في سنة 1913 1913 1 - مدخل البحث عرفت تجارة بغداد في سنة 1913 بكساد لا مثيل له في سابق العهد وما ذلك إلا من تراجع صدى حرب البلقان في هذه الديار فكان منها ما كان ولاسيما الأطعمة

ومن بينها الخبز فقد تضاعفت أثمانه المثل مثلين عما يباع قبل نحو ثلاث سنوات. الجلب ظهر من الجلب في سنة 1913 أن التجارة ارتقت قليلا لكن البيع والشراء وأنواع المعاملات كانت في غاية السوء فلقد شاهدنا عسراً ماليا غربياً سبب انكسار (إفلاس) عدة تجار ولا سيما بين اليهود. 2 - سعر التحويل كان سعر التحويل على هذا الوجه: 109 ليرات عثمانية تحويلاً على لندن بعد الاطلاع إلى 111 عن 100 ليرة إنكليزية. التحويل على بمبي من نول سنة 1912 وكذلك نول النهر فأنه كان أدنى من السنة الماضية بكثير. وكان النول يتردد هكذا: بين البصرة ولندن من 25 شيلنا إلى 30 عن كل طن بين البصرة ومرسيلية بعد الاطلاع عن 72 ليرة إلى 74 لكل ألف ربية. 3 - سعر النول (الجعل) نول البحر كان أدنى من 30 شيلنا إلى 35 عن كل طن بين بغداد والبصرة من 3 إلى 17 شيلنا عن كل طن أو 800 حقة 4 - القطنيات لما ارتفعت أثمان النقل من بغداد إلى ديار العجم هبطت أسعار القطنيات بالنسبة إلى ما كانت عليه في السابق. وهذا ما سبب خسائر كثيرة واضطر التجار إلى تقليل مبعوثاتهم إلى تلك الأقطار. 5 - السكر اصبح السكر بلجكة أهم سكر يجلب إلى ديارنا العراقية ويتلوه في النجاح سكر النمسة وكان سكر القوالب دون مقدار ما جلب منه في السنة المنصرمة وكان بيعه أيضاً اقل مما بيع في سائر الأعوام. 6 - السكر البلوري يأتينا من بمبي

7 - الثقاب (الشخاط) الثقاب تأتينا من اسوج وقد أخذت تجارتها تزداد ويباع الصندوق الكبير عندنا من ثلاث ليرات إنكليزية و3 شلينات وأربع بنسات إلى 3 ليرات و7 شيلنات. 8 - الشاي جميع ما يردنا من الشاي أو الشاهي هو من الهند وتختلف أثمانه على الوجه الآتي: من 2 ليرتين إنكليزيتين و3 شلينات قيمة الحقة التي هي عبارة عن ليرتين إنكليزيتين. الإصدار 1 - الحبوب كان حاصل الحبوب في السنة الماضية سيئاً لقلة أمطارها إذ جاءت في آخر الموسم. 2 - أفيون كان ثمن الأفيون فاحشاً واصدر منه نحو 150 صندوقاً إلى لندن و280 صندوقا إلى هنكن و 40 إلى سنغابور. - وأثمانه في بغداد تتراوح بين 110 ليرات عثمانية إلى 150 ليرة لكل صندوق وزنه 140 ليرة 3 - صوف أعرابي كان موسم الصوف في هذه السنة المنقضية دون موسم السنة التي قبلها بالمقدار والجودة. وقد اختلف ثمنه بين 15 إلى 20 شليناً عن المر الواحد الذي وزنه 34 ليرة إنكليزية و375 جزءاً من الليرة وفي أول الموسم كان الثمن عاليا لكثرة ما طلب منه في مرسيلية ولندن. ثم هبط لقلته وسوء صنفه. 4 - صوف مواسي وكرادي كان قدر هذين الصوفين وصفتهما على جانبهما وكان ثمن المن يتراوح بين 14 شلينا و6 بنسات وبين 16 شلينا للمن الواحد الذي وزنه 34 ليرة و385 جزءاً من الليرة. 5 - الكثيراء كان موسم الصموغ دون صموغ السنة التي سبقتها ولم يصدر منها إلا شيئاً قليلا. وكان ثمنها يتردد بين ليرة إنكليزية و5 شلينات وبين 3 ليرات و10 شلينات عن المن الواحد الذي وزنه ليرة إنكليزية و375 بموجب الصنف وحسنه. وقد رغب الناس كثيراً في الصنف الفاخر لكن لم يلتفتوا إلى الصنف السافل. 6 - العفص كان حاصل هذه البياعة قليلا جدا وكانت أسعاره تتراوح بين 10 ليرات إنكليزية وبين عشر ليرات و16 شلينا بموجب صنفه

اللسان

7 - الفرش طلب الناس كثيراً فرش العجم ونفقت تجارته نفاقاً عظيماً والأثمان كانت حسنة - واغلبه جديداً كان أو عتيقاً - اصدر إلى الأستانة وبيروت والسويس وأميركة وكانت أثمانه أعلى من أثمان السنة التي قبلها 15 في المائة. 8 - الجلود والادم كان هذا الحاصل قليلا هذه السنة. وقد جاء منه قليل من العجم فأرسل إلى ديار الإفرنج. وإثمان جلد المعز غير المدبوغ كانت هنا من شلين واحد و6 بنسات إلى شلينين عن الحقة الواحدة حقة الأستانة. وأما إثمان الأديم الحسن الدباغ فكان من 3 شلينات بني واحد إلى 3 شلينات و3 بنسات وإثمان أديم الخروف المدبوغ دباغاً حسنا شلين واحد وبني عن الجلد الواحد. هذه نظرة عامة في حالة التجارة في سنة 1913 وسوف أوافي القراء بالبيان السنوي في عدد قادم والله الموفق. البر كسبرخان اللسان يا أيها الشهم الكريم نجاره ... والماجد الراقي إلى أوج العلى لك في البيان بديع معنى زهره ... يجنى وأنجمه الزواهر تجتلى الفت شمل الفضل وهو مبدد ... حتى غدا عقداً عليك مفصلا

ولقد وصفت وأنت ابلغ واصفٍ ... أحد الحسامين المشيرف مجملا ينضو به يوم الخصام عميده ... سيفاً يصيب إذا أستسل المقتلا مر إذا أحفظته حلو إذا ... لاطفته شهداً يريك وحنظلا تجنى لاهليه عذوبة لفظه ... ضرباً وقد يجنى لهم ضرب الطلى تخشى الجوارح من غرار كلامه ... كلماً تعذر جرحه أن يدملا ويبين كنه المرء فيه وأنه ... نعم الدليل على الفتى إن أشكلا وعليه من صدق اللسان طلاوة ... تكسوه حسناً كاملا وتجملا والصدق رونق حده وصقاله ... والسيف بهجة حسنه أن يصقلا لسن إذا استنطقته ألفيته ... حسن البيان مفوها مترسلا ويمده سيل الفصاحة والحجى ... فيفيض في روض الفضيلة جدولا ما أن رأيت على امرئٍ من حليةٍ ... أزهى وأبهى من بيان قد حلا فإذا سعدت به فعلق مضنةٍ ... رخصت به دور العقود وقد غلا وإذا الفصاحة أقبلت لك فارتقبٍ ... فوزاً فقد لاقيت جداً مقبلا ما ضر من أضحى به متحلياً ... إن عاد من حلى الثراء معطلا يشقى ويسعد بالضلال وبالهدى ... فتراه يبدع هادياً ومضللا يصف العقول وينشر العلم الذي ... تطوى الصدور مخافة أن يجهلا نصف الفتى لكنه بيانه ... كل الفتى وبه يعود مفضلا وإذا وراء القلب كان محله ... متروياً فهو المهذب مقولا وإذا أمام القلب جاء مشمرا ... أودى العثار به وخر مجلا وبهاؤه في صمته وسكوته ... ما لم يكن عي الكلام مغفلا مفتاح أسرار القلوب يضمها ... طوراً ويفتح تارة ما اقفلا هو بضعة لكنه بمضائه ... يفرى الحسام المشرفي الفيصلا ينتاش من أيدي الحوادث ربه ... ويكون حصناً في الخطوب ومعقلا وإذا استزلته الشقاوة عاثراً ... حم البلاء وكان خطبا معضلا إن يستقم يسلم وإن لم يستقم ... يندم وكان به البلاء موكلا كم حومة أورى واثقب نارها ... فذكت على الأبطال ناراً تصطلى ولكم أسير عاد فيه مطلقا ... وطليق سرب عاد فيه مكبلا

الرطب والارطاب

فقد العكوك باللسان لسانه ... وحوى أبو دلف الثناء إلا فضلا وابن المقفع قطعت أوصاله ... بشبا لسان سل منه منصلا ما أوقعت بالبشر إلا كلمة ... غبنٍ بها الجحاف جازى الاخطلا كربلاء: أبو المحاسن محمد حسن الرطب والارطاب 1 - الارطاب وإذا بدأ التمر بالارطاب وهم يقولون: نكت التمر أو نكد (من باب التفعيل) يأخذ الصاعود بالقط ما نكت منه ليبيعه في السوق. أما كيفية صعوده النخلة لجني تمرها فأنه يرقاها بالتبليا كما قلنا ويأخذ معه علاقة يشدها بحبل ويربطها بالمقبض ويصعد بالحبل إلى راس النخلة وهناك يلقط (أي ينتخب التمرة بعد التمرة) ما كان منكتاً. فإذا امتلأت العلاقة أنزلها بواسطة الحبل وتلقاها أحد الواقفين عند اسفل النخلة وأفرغها في طبق كبير ثم أعادها إلى اللاقط ويكرر ذلك حتى ينتهي العمل. فإذا اجتمع عنده مقدار كاف من الرطب نقله إلى السوق في محل خاص يسمونه العلوة أو العلوى ويشترون القبونة (أي الطبق) الذي فيه التمر فيأخذه إلى دكانه ويبيعه وقد يشتريه أحد الباعة المتجولين في الطرق فيبيعه شيئاً فشيئاً في الأزقة والشوارع منادياً على الزهدي: (عال يا فضيخ عال) وإذا كان حاملاً خستاويا وبربناً يقول: (بربن وخستاوي) وهكذا ينادي على كل صنف من التمر باسمه مع صفة

تعلي شانه. وإذا اشتد الحر ونضجت التمور كلها دفعة واحدة لم يسع الفلاح أو اللاقوط انتقاء الرطب أو لقطه كما قلنا فيعمد حينئذ إلى صرم العذوق كلها ليكبس ما عليها أو يبيعه للتجار وسنذكر ذلك في فصل خصوصي. وإذا كثر الرطب ورخص ثمنه وهذا يكون في أبان إقباله يعمد الناس إلى استخراج عصيره المعروف باسم الدبس أو السيلان وسنذكر كيفية استخراجه في فصل خصوصي. أما ثمن الرطب فيختلف باختلاف أصنافه وأوان بيعه فيباع كيلو تمر الزهدي عند اول ظهوره من 5 غروش صحيحة إلى 3. 4 وعند رخصه وكثرته كان يباع الكيلو قبل نحو 7 أو 8 سنوات ب 15 بارة إلى 20 بارة وأما في هذه السنة فكان يباع الكيلو بقرش صحيح أو 30 بارة. أما ثمن كيلو الخستاوي فيباع عند أول ظهوره من 8 غروش صحيحة إلى ما دونها. وعند رخصه وكثره كان يباع الكيلو قبل نحو 7 و8 سنوات ب30 بارة أما الآن فيباع بقرش صحيح أو بقرش وربع وربما بقرش ونصف وهكذا قل عن كل صنف من الأصناف المعروفة لا سيما في هذه السنوات الثلاث الأخيرة فأن أسعار الأطعمة ارتفعت ارتفاعا باهظا. وأنواع بيعه تختلف باختلاف البلاد بدون ضابط. وإذ قد بلغنا البحث إلى الرطب يليق بنا أن نذكر ضروبه في العراق ليقف القارئ عليها وعلى أسمائها. 2 - ضروب الرطب أو التمر الموجود اليوم في العراق 1 إبراهيمي 2 اجرسي أو اشرسي 3 اخلاص أو خلاص 4 أزرق 5 أزرقاني 6 أشقر 7 إصبع العروس أو أصابع العروس 8 أصابع زينب 9 أصفر خوش 10 أم التبن 11 أم الرحيم 12 أم الصواني 13 أم الكبار 14 اسطا عمران وهو السائر 15 بادامي 16 بدرايي 17 بربن 18 برحي 19 بصراوي 20 برني 21 بريم 22 برين 23 بقلة 24 بنفشة 25 بهراب 26 بيز الواوي 27 تبرزل أو طبرزذ 28 جبجاب لفظ عامي لكبكاب

صادق وفتحي

29 جباني أو كباني 30 جعفري 31 جلبي 32 جمال الدين 33 جوزي 34 حساوي 35 حسن أفندي 36 حلحل دقنه 37 حلواني 38 حمراوي 39 حمرة نجدة 40 حلاوي وحلاوي أبو خشيم 41 حويزي أو حويزاوي 42 خدري 43 خستاوي 44 خصاوي البغل 45 خصب 46 خضراوي 47 خنيزي 48 خوشه كوته 49 دبيني 50 دقل أبو الدهن أو دقل أبو الودج 51 دقل بارة 52 دق العماد 53 دلة الخلف 54 دقلة 55 دقل عود 56 دقل هش 57 دبري وهو طيب الاسم 58 ربيثة 59 زهدي 60 سائر وهو اسطا عمران 61 سبع ذراع 62 سكر نبات 63 سكري 64 سلطاني 65 سماني 66 سويدان 67 شتوي 68 شكر 69 شلبي 70 شميعي 71 صعادة أو سعادة 72 طباشي 73 طيب الاسم وهو الديري 74 ظفير السلى 75 عجوة 76 عبدلي 77 عريان 78 علي موسى 79 عمامة القاضي 80 عنجاصية 81 عويدي 82 عوبنة أيوب 83 فرسي 84 فنك تاكلني 85 قنطار 86 كرسي وهو الزهدي 87 للوى (خلالة أصفر) 88 للوى البحر (خلالة أحمر) 89 مائع 90 مخ العصفور 91 مدني أو حلوة الجبال 92 مصيدفي 93 مكتوم 94 مكاوي 95 ميرحاج 96 نباتي 97 نرسي 98 هدل وأما وصف كل ضرب من ضروب هذا التمر فنعقد له فصلاً آخر بعد ذلك، ونضبط كل صادق وفتحي كرة الأرض أرسلت نسرين ... لاستلام الجوزاء بالشفتين فتجلى بديع نور محيا ... ها فخرا من دهشةٍ صعقين إبراهيم منيب الباجه جي مكتبات النجف كان في مدينة النجف من العراق ولا يزال إلى الآن خزائن كتب حوت

نفائسها ونوادرها وغرائب المصنفات وأمهاتها الممتعة التي يندر وجود مثلها في خزائن كتب العالم. وذلك لأن النجف دار هجرة لطلاب العلم من الشيعة منذ عدة قرون. وزد على ذلك ما لمجاوري مرقد الإمام علي عم في النجف من الأجر والثواب ما ليس لغيره من قطان الأمكنة والبقاع لما يروونه في أخبارهم المنقولة عن الأئمة الأثنى عشر عم. ولهذا الغرض عينه اخذ بعض الملوك والوزراء والأمراء من الإيرانيين والهنود والبحرانيين وغيرهم يهاجرون إلى النجف قصد الثواب وبعد أن يبقوا فيه مدة من الزمن يرجعون إلى بلادهم وقد يهجر بعضهم وطنه بتاتاً أو يترك بعض أولاده أو أحد أسرته مكانه أو يرسله نيابة عنه فيأتي أولئك المهاجرون من شرق البلاد وغربها زرافات ووحدانا بالكتب التي في بلادهم. أو الكتب التي ورثوها عن آبائهم قصد الانتفاع بها في الدرس والمطالعة. وإذا مات أحدهم أوقف كتبه لطلاب العلم ليعم نفعها. والتي لا يوقفها صاحبها لهذه الغاية تباع بعد موته في صحن النجف بأبخس الأثمان (إذ كان باعة الكتب قبل نحو عشر سنين في حجر الصحن) فتتفرق تلك الكتب عند العلماء وغيرهم، لكنها لا تخرج عن بلدة النجف أبداً. بيد أن أصحابها لا يقدرون منها سوى كتب الكلام والفقه والأصول والحديث والرجال (اعني رواة الحديث منهم) ولا يرون مزية لغيرها من كتب التاريخ واللغة والأدب والشعر والبلدان والهيئة والهندسة والطب وتراجم الرجال. ولهذا السبب أهملها القوم ولم يلتفتوا إليها بل قل لا يصلحون حالها إذا أصابها سوء من تمزيق وحرق وما أشبه ولا يحفظونها من التراب والرطوبة والأرضة وما شاكل ذلك ولهذا تلف معظم الكتب التي صنفت في تلك العلوم (اعني القسم الثاني منها) ولم يتنبه لها عشاق الكتب والمتاجرون بها من النجفيين وغيرهم إلا منذ أربع سنوات على الأكثر فاخذوا حينئذ يغالون بكل مخطوط نالته أيديهم وظفر به أحدهم إذ تراهم قد قبضوا عليه بيدٍ من حديد وضنوا به على كل أحد حتى على أبناء معارفهم ولا ضن الشحيح بديناره وما ذلك إلا لما تصوره لهم المخيلة أن لهذا الكتاب شأنا عظيماً عند الإفرنج وسيباع بالمئات من الليرات بل الألوف بل الملايين ورسخ هذا الفكر في أذهانهم ولا رسوخ الطود الأشم في الأرض ولشدة تيقنهم ذلك تسمع هناك المنادي يصرخ إذا نادى على كتاب مخطوط مهما كان موضوعه وعهد تاريخ وأراد أن يجلب رغبة المشتري إليه فيقول: (بابا عنتيكا لندن

وباريسا) معناه يا أبتي (يعني به المشتري) هذا الكتاب من الاعلاق النفيسة التي لا يمكن تقدير ثمنه ويجدر بأن يكون في لندن وباريس. فيتهافت عليه الجاهلون أثمان الكتب ومقاديرها ولا تهافت الجياع على القصاع وقد شاهدت ذلك منهم مرات عديدة. وكم رجل منهم اشترى الكتب بالقيم الباهظة وكان يعلن نفسه انه الغالب وبعد أيام خاب ظنه وتحقق خسارته الجمة ولكن يا للأسف لم يتعظ به الآخرون لا بل لم يتعظ هو نفسه! ولم تدر هذه الفكرة في خلد أحد منهم إلا منذ ثلاث سنوات إذ سافر من بغداد بعض المتاجرين بالكتب إلى ديار الإفرنج وبعض عشاقها وابتاعوا شيئاً منها بقيم فوق قيمتها بقليل فتابعهم متابعة عمياء ذوو الأطماع من النجفيين فكان عاقبة أمرهم خسراً. وبهذه المناسبة نذكر مكتبات النجف قديمها وحديثها وما فيها من الكتب وما اتلف منها وما بقي متفرقاً بأيدي الناس أو محفوظاً في الخزائن. ذلك ليكون مصداقاً لما قدمناه من إهمال الكتب وتمزيقها وتشتيت شمل أوراقها. ولنبدأ أولاً بخزانة كتب أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عم إذ هي اقدم مكتبات النجف ويجب أن تقدم على ما سواها لأنها خزانة كتب الإمام عم. 2 - خزانة كتب الإمام علي حدثنا جماعة من الفضلاء انه كان في خزانة كتب الإمام علي عم نحو 40 ألف كتاب وبالغ بعضهم فقال زهاء 400 ألف كتاب وقد جمعت هذه الخزانة نفائس الكتب وأمهاتها التي عز وجود مثلها في الدنيا كيف لا وهي مما يجب أن يهدى لحضرة الإمام عم ولكن قد تلف جل هذه الكتب بل قل كلها إذ لم يبق منها إلا عدد يسير لطلاب العلم والمطالعين من الناس على اختلاف طبقاتهم بدون شاذ. ولما كان ذلك بهذه الصورة صار الداخل إليها إذا خرج اخبأ تحت عباءته الكتب التي يريد سرقتها ويخرج بها بدون أن يفتشه أحد ولكثرة السراق ظهر النقص فيها ظهوراً لا يمكن إخفاؤه على ذي عينين إذ لم يبق منها إلا ما يناهز المائة وحينئذ أغلقت أبواب

الخزانة ومنع الطلاب والمطالعون. وكنا نشتاق إلى رؤية البقية الباقية من تلك الخزانة التي ضاع اكثر كتبها وفي زيارتنا النجف الأخيرة وكانت في 12 ربيع الأول سنة 1332هـ - 8 شباط سنة 1914م كنا نجالس في آخر النهار في إحدى حجر الصحن الشريف رجل العراق حزما وثراء وحسبا ونسبا الطائر الشهرة والصيت السيد محمد جواد أفندي الرفيعي قيم (كليدار) الروضة الحيدرية الحالي على مشرفها السلام وفي يوم من الأيام طلبنا إليه أن يطلعنا على خزانة كتب الأمير عم فأجاب طلبنا وأمر نائبه السيد داود أفندي بفتحها ففتحها وهي حجرة من حجر الصحن مما يلي شرقي القبلة وبقربه. وكان المساعد لنا في تقديم الكتب والمصاحف النائب الموما إليه ولم نكتف منها بزيارة واحدة بل بقينا نتردد إليها نحو أربعة أيام نصرف فيها من الوقت اكثر من ساعة واليك وصف ما فيها من الكتب النادرة والمصاحف النفيسة ولنبدأ أولا بالمصاحف لشرفها على سائر الكتب فنقول: 3 - وصف مصاحف خزانة كتب الإمام علي عم. في خزانة كتب الإمام عم اكثر من 400 مصحف من احسن ما كتبه الكاتبون وأجود ما جلده المجلدون وذهبه المذهبون وزخرفه المزخرفون منها مصحف كتب في أواخر القرن العاشر مختلف الأسطر فهو يبتدئ من رأس الصفحة بالقلم النسخي وبعد ثلاثة اسطر بالقلم العريض يليه سطر أزرق وهو اعرض من السابق وهكذا إلى أن يختم القرآن وقد أوقفه رجل من إيران اسمه (ابا آقاي) يلقب بفروغ الدولة سنة 1251. طول صفحته 44 س في عرض 30 س وطول ما كتب فيه في عرض 22 س ومنها مصحف أصغر منه حجماً واقدم تاريخاً مكتوب على النسق المذكور. ومنها مصحف كالأول حجما وأجود منه خطا أوقفه الشاه عباس الموسوي الحسيني سنة 1228 في أول شهر ذي الحجة وتاريخ كتابته سنة 999هـ ومنها قطعة من أول سورة مريم إلى آخر الصافات مكتوبة بالقلم العريض يتخلل السطور ذهب وتحت كل كلمة تفسير فارسي طول الورقة منها 38 س في عرض 25 س وطول الكتابة منها 31 س في عرض 16 س وفي كل صفحة 7 اسطر وجلدها مطلي بالذهب جاء في آخرها: (كتبه ابن عبد

الله ياقوت المستعصي حامداً الله تعالى مصلياً. . . وقد أنجزت كتابة الربع الثالث من كلام الله العزيز مع ترجمته عشية يوم الأحد السابع عشر من ذي الحجة حجة ثلث وثنين وستمائة الهجرية) وقد أوقفه رجل من إيران اسمه (كلب علي) في شهر ربيع المولود (كذا) من شهور سنة 1128 بتولية قيم (الكليدار) الملا عبد الله ومنها مصحف خطه أشبه بخط ياقوت وهو في الغاية من النفاسة والزخرف طول ورقته 47 س في عرض 30 س وطول الكتابة 30 س في عرض 17 س وضخمه 8 س ومكتوب على كل ورقة منه بالذهب كلمة (وقف) وفي أوله 3 أوراق مزخرفة بالميناء الدقيق الصناعة وآخره وجلده مطليان بالذهب وعليه آثار القدم وقد أوقفه رجل اسمه (صفي قل بيكا) في محرم سنة 1137هـ ومنها مصحف كأخيه السالف ضخامة وانفس خطاً وتزويقاً طوله 37 س في عرض 30 س وطول الكتابة 25 س في عرض 14 س وشكل كتابته مثل المصحف الأول غير أنها بالحبر الأسود وفي كل صفحة 12 سطراً وعلى اغلب حواشيه الميناء الملون المشجر الدقيق الصناعة وعرض الحاشية 7 س وقد أوقفه الشاه سلطان حسين الصفوي الموسوي الحسيني بهادر خان في جمادى الأول سنة 1112 هـ وفي أوله 4 أوراق مزخرفة بالميناء وفي آخره 5 أوراق مكتوب فيها بالحبر الأبيض دعاء القرآن ثم بعده 32 بيتاً من الشعر الفارسي في التفاؤل بكلام الله تعالى وجلده مغشي بالذهب وكاغده عسلي اللون. ومنها مصحف بخط الميرزا احمد النيربزي الخطاط الشهير وخطه أشبه بخط ياقوت وحجمه مثله مرة ونصفاً وهو في الغاية من الطلاء والزخرف والوشي بالميناء الملون. ومنها مصحف بالخط الكوفي بقطع الربع جاء في آخره: (كتبه أبو عبد الله محمد بن الحسيني المجاهدي يوم الخميس أول جمادى الآخر سنة إحدى وثلثماية) ومنها مصحف بالخط الكوفي أيضاً وهو بالقطع الكامل اقدم من أخيه خطا وفي أوله اختلاف الروايات المنقولة عن المحدثين والقراء. ومنها مصحف بقطع الكف مكتوب على خشب رقيق وقد سقط من آخره بضع أوراق ويؤخذ من طراز كتابته أنه كتب بعد الألف من الهجرة. وفي الساعة الرابعة من ليلة الثلاثاء 26 ربيع الثاني فتح لنا حضرة السيد محمد

حسن نجل السيد جواد الكليدار (القيم) باب شباك الضريح المقدس ودخلنا لزيارة المصحف المنسوب إلى الإمام علي عم والمصحف المنسوب إلى ابنه الحسن عم فتشرفنا بزيارتهما واليك وصفهما: 1 - مصحف الإمام علي عم - وهو مكتوب على الجلود المصقولة، لونها عسلي فاتح ووضعه كالسفينة (أي يفتح مما يلي عرضه لا مما يلي طوله) وهو بالخط الكوفي الأول وقد سقط من أوله وآخره أوراق والباقي منه يبتدئ بسورة المعارج وينتهي بسورة انشقت وعدد أوراقه 127 طول كل منها 29 س في عرض 19 س وطول الكتابة 24 س في عرض 16 س وفي كل صفحة 11 سطراً وفي بعض الصفحات 6 اسطر وهو مكتوب بالقلم العريض والعناوين بالذهب والفواصل بالحبر الأحمر والأخضر (ولعلها محدثة) وجلد مطلي بالذهب مكتوب عليه بعض أحاديث النبي الحكيمة وليس هناك علامة تدل على انه بخط الإمام علي عم ولضيق الوقت واحتياجنا إلى شحذ الفكر في معرفة الخط الكوفي ولتزاحم الناس على تقبيل المصحف المذكور لم يسعنا أن ننظر ترتيب سوره التي هي على غير ترتيب سور المصحف الموجود اليوم بأيدي الناس وهو المنسوب إلى عثمان. وقد أشار إلى ذلك ابن النديم في فهرسته (وهو ساقط من النسخة المطبوعة) واليك ما ذكر اليعقوبي في الجزء الثاني من تاريخه ص 152 - 154 طبع لبسيك قال: (وروي بعضهم أن علي بن أبي طالب كان جمعه (يعني القرآن) لما قبض رسول الله صم واتى به يحمله على جمل فقال هذا القرآن قد جمعته وكان قد جزأه سبعة أجزاء فالجزء الأول البقرة وسورة يوسف والعنكبوت والروم ولقمان وحمّ السجدة والذاريات وهل أتى على إنسان وآلم تنزل السجدة والنازعات وإذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت وسبح اسم ربك الأعلى ولم يكن فذلك جزء البقرة. . . الجزء الثاني آل عمران وهود والحج والحجر والأحزاب والدخان والرحمان والحاقة وسأل سائل وعبس والشمس وضحاها وأنا أنزلناه وإذ زلزلت وويل لكل همزة وألم تر ولأيلاف قريش فذلك جزء آل عمران. . . الجزء الثالث النساء والنحل والمؤمنون ويس وحمعسق والواقعة وتبارك الملك ويا أيها المدثر وأرأيت وثبت وقل هو الله أحد والعصر والقارعة والسماء ذات البروج والتين والزيتون وطس النمل فذلك جزء النساء. . . الجزء الرابع المائدة ويونس ومريم وطسم والشعراء والزخرف

والحجرات وق والقرآن المجيد واقتربت الساعة والممتحنة والسماء والطارق ولا اقسم بهذا البلد وألم نشرح لك والعاديات وانا أعطيناك الكوثر وقل يا أيها الكافرون فذلك جزء المائدة. . . الجزء الخامس الأنعام وسبحان واقتربت والفرقان وموسى وفرعون وحم المؤمن والمجادلة والحشر والجمعة والمنافقون والقلم وانا أرسلنا نوحاً وقل أوحي إلى والمرسلات والضحى وألهاكم فذلك جزء الأنعام. . . الجزء السادس الأعراف وإبراهيم والكهف والنور وص والزمر والشريعة والذين كفروا والحديد والمزمل ولا اقسم بيوم القيامة وعم يتساءلون والغاشية والفجر والليل إذا يغشى وإذا جاء نصر الله فذلك جزء الأعراف. . . والجزء السابع الأنفال وبراءة وطه والملائكة والصافات والأحقاف والفتح والطور والنجم والصف والتغابن والطلاق والمطففين والمعوذتين فذلك جزء الأنفال. 2 - مصحف الحسن - وهو أيضاً بالخط الكوفي ومكتوب على الجلود المصقولة وخطه أجود من خط مصحف أبيه وانظم تسطيراً وكذلك عناوين السور مكتوبة بالذهب ووضعه كوضع مصحف أبيه (أي يفتح مما يلي عرضه) وقد سقط من أوله وآخره أوراق والباقي وينتهي بسورة الكوثر وعدد أوراقه 124 طول كل ورقة منها 22 س في عرض 16 س وطول الكتابة 17 س في عرض 11 س وفي كل صفحة 14 سطراً والكتابة في العرض لا في الطول كما يكتب اليوم وكذلك قل عن كتابة مصحف الإمام علي عم ويتخلل الآيات فواصل بالأحمر والأخضر وليس هناك علامة تدل على انه بخط الحسن بن علي عم سوى ما يتناقله الخلف عن السلف. ولكل مصحف منهما غلاف منسوج من الابريسم وخيوط الفضة وهما في علبة (صندوق) صغير منزل فيها العاج من صناعة الفرس الدقيقة البديعة ومحلها عند باب الشباك مما يلي يسار الداخل إلى الضريح بين الصندوق (أي مصطبة قبر الإمام) والشباك وقد علمت من ترتيب سور مصحف الإمام كما مر وترتيب سور المصحفين من الأول والأخر وعدد أوراقهما وسطورهما أن هناك ما يحمل الظنون إلى صحة نسبة هذين المصحفين إلى الإمامين عليهما السلام. ولنا عودة إلى ذكرهما متى ما تحققنا صحة النسبة أو عدمها وذلك بعدما نلاحظ

باب المكاتبة والمذاكرة

مراعاة ترتيب السور في المصحفين وأشكال الخطوط المنسوبة إلى الإمام علي عم. وفوق الضريح مصحف بخط الشاه اسمعيل الصفوي وهو بغلاف من الحرير وخيوط الفضة ولما أخذنا بالاطلاع عليه بلغت الساعة السادسة من الليل فتركنا وصف مصحف الشاه اسمعيل وخرجنا وذلك لكثرة الناس وشدة تزاحمهم علينا وهم فريقان فريق تركم على تقبيل المصحفين وفريق تهافت على اخذ التراب من أرض الضريح قصد التبرك به فلما تم ذلك اغلق شباك الضريح وخرج الجميع. كاظم الدجيلي باب المكاتبة والمذاكرة 1 - قصبة الصداع قرأت في العدد التاسع من مجلتكم الزاهرة في ص453 كلمة حررها كاتبها في بحث خرافات عوام البغداديين ومن جملتها (قصبة الصداع) وقال انه لم يطلع على ما يحرر فيها فإظهاراً لما هو الواقع أردت تحرير الأمر كما هو نقلاً عمن يستعمله ويعتقد انه يشفي الشقيقة وهو الوجع الذي يستولي على شق واحد من الرأس فأقول: تؤخذ قصبة يكون طولها على طول المصاب بالشقيقة من فرقه إلى قدمه وتشق نصفين ويحرر في باطن الشق على بعد نحو نصف شبر من كل من رأسيها اسم ملك من الملائكة المقربين فيحرر على نصف منها بطرف (جبرائيل) وبالطرف الثاني (عزرائيل) وعلى النصف الأخر بطرف (ميكائيل) وبالطرف الثاني (اسرافيل) ويوضع رأس المصاب بين الشقين المذكورين مستقبلاً القبلة ويقرأ الشيخ سورة الفاتحة ثلاث مرات وكذلك سورة الإخلاص ثلاثاً وسورة الفلق ثلاثا وسورة الناس ثلاثاً ويسأل المصاب عن عدد السنين التي يطلبها لكي لا يعاوده المرض فيها وعلى المريض الجواب بعدد وتر أي فرد مثل ثلاث أو إحدى وعشرين أو خمس وخمسين أو ما أشبه ذلك وبعد اخذ الشيخ للجواب يقرأ من سورة الطارق إلى قوله تعالى: (القادر) ثلاثا ويكرر لفظ (القادر) ثلاثا ومن سورة الرحمن إلى قوله تعالى (يلتقيان) ثم تطبق القصبة وتعاد كما كانت وتربط بخيط من الشعر يلف عليها ويحكم أطباقها

كل الأحكام فيقابل داخل القصبة اسم جبرائيل لا اسم ميكائيل واسم اسرافيل لا اسم عزرائيل وتدفن القصبة في البرية أو توضع في محل لا تتحرك فيه هذا هو سر القصبة ولا ينفع العمل إلا إذا أجيز العامل وقد أجازه شيخ وذلك بأن يقول له الشيخ أجزتك بهذا العمل وحينئذ يكون شيخاً وله أن يجيز غيره وهلم جراً وسنأتي في ما بعد على غيرها من الأعمال التي يعتبرها البعض خرافات مع انه قد تحقق نفعها الجم الغفير من الناس!! ع. ن 2 - مستقبل أسعار الأرضيين في بغداد سيدي الفاضل لقد قرأت ما كتبه الأديب ع. ن في لغة العرب 467: 3 عن ارتفاع أسعار الارضين في بغداد وقد ذكر في مطاوي بحثه البساتين التي بيعت بمبالغ جسيمة وختم قوله بما يلي: (على أن الأعمار لم يقع والترقي لم يحدث والمدنية لم تنتشر والأمن لم يحط والحال لم يتغير فما القول أن توافد الغربيون زرافات ووحداناً على السكة؟ فهذا أمر نوجه إليه أنظار القراء الكرام). فيظهر من كلامه هذا أن سعر الأراضي والأملاك سيزداد زيادة فاحشة ولما كنت اعتقد خلاف ذلك ولدي براهين مكينة تؤيد مقالي أقول: أن جميع الديار التي تيممها الغربيون واخذوا ينشئون فيها السكك الحديدية والقداد (الترامواي) ونحوهما قد ارتفعت أسعار أراضيها ارتفاعاً لم يعهد مثله من قبل؛ أما بعد أن تمت تلك المشاريع العظيمة هبطت هبوطاً كلياً ولزيادة البيان أقول: إذا فرضنا أن قداد (ترامواي) بغداد الذي سيخرق المدينة ماراً من باب المعظم إلى باب الشرقي فالقرارة قد تم وأصبحت المواصلات سهلة فما ظنكم هل تبقى أسعار الأراضي مرتفعة كما هي الآن؟ فأجيب كلا، لأن بواسطة (الترامواي) تقرب المسافة ويمسي التنقل من جهة إلى أخرى هيناً لا يكلف الإنسان مشقة تذكر فحينئذٍ يستطيع كل من سكان الزوراء أن يقطن ضاحية المدينة بأميال عديدة حيث الهواء النقي والماء الصافي والمناظر الطبيعية الزاهية تنعش القوى. فإذا انصرفت إبكار الأهالي عن ابتياع الارضين في بغداد وقلت رغبتهم فيها تقف حينئذٍ أسعارها إن لم نقل تهبط. وشاهدنا ما حدث من قبل ما أوردناه في ديار الهند ومصر وأمير كابل وفي أوربا نفسها وقد عرفنا هذه المسألة الخطرة على بعض الأوربيين الخيرين فلم يخالف

رأيهم رأينا بل أيدوه بشواهد عديدة في مدن مختلفة لا محل لذكرها هنا. هذا والذي لا بد من ذكره في هذه العجالة هو أن ارتفاع أسعار الارضين لم يشمل كل بغداد بل قد انفرد خاصة في الجهة الجنوبية الشرقية منها أما في باب المعظم وباب الشيخ ومحلة الميدان وبني سعيد والفضل وقنبر علي وأبو سيفين وغيرها من المحلات البعيدة فلم يرتفع سعرها إلا شيئاً طفيفاً يكاد لا يعتد به ولا يحفل. هذا وإذا دققنا النظر نرى أن أسعار الأراضي لم تتغير بل باقية كما كانت قبل إعلان الدستور بيد أن النقود كثرت واصبح ثمنها بخسا كما نشاهد ذلك في جميع معاملاتنا حتى في قوتنا وألبستنا وأدواتنا المنزلية وغيرها هذا ما عن للخاطر تدوينه ظهاراً للحقيقة. رزوق عيسى 3 - رد اعتراض قرأت في العدد 10 في الصحيفة 543 جواب كاتب عن أرض جبرائيل أصفر وأني اشكره من صميم القلب على تصحيحه الثمن والمساحة وليته ترك الأمر إلى هذا الحد ولكنه أضاف إليها إنكار الدعوى وذلك إنكار للبديهيات إذ الدعوى قائمة في المحكمة الشرعية ومن شاء فليراجعها وهي أن البائعة ادعت الوقف والله اعلم بالنتيجة. وصواب الأمر: إن أم المدعية أوقفت هذه الأرض وحكم بها حاكم الشرع ثم جاءت ابنتها وأنكرت الوقف وتسليمه فحكم القاضي أبو بكر حلمي أفندي بالملكية حكماً مخالفاً للشريعة. والعجب من تصديق المشيخة للأعلام وبعد تصديقه باعتها لأصفر والآن (لترقي السعر) ادعت الوقف منكرة نكولها السابق الذي هو تحت ختمها وطالبة سماع شهود التواتر إلى غير ذلك وسوف نرى النتيجة. فلو لم ينكر الكاتب هذا الأمر البديهي لعددت انتقاده انتقاداً أدبيا صرفا وربما تتبعت الحقائق التي أشار إليها لكن من ذلك ظهر غرضه من الجواب فاكتفيت بهذا الأسطر راجيا درجها على صفحات لغة العرب ع. ن 4 - الذرعة قرأت ما كتبه الأديب الذي لا اعرف شخصه في بحث الذرعة ولما لم يكن بد من التمحيص إظهاراً للحقائق جئتكم بعد أذن كاتبها بهذه الأسطر فعفواً ومعذرة. ذكر الكاتب في الصحيفة 420 أن الخراص المسمى بالعمدة ينظر الزرع ويقدر حسنه وقوله الفصل. نعم! ولكن فاته أنه ينظر الأرض لا الزرع من حيث أن الذرعة لا تكون والزرع موجود بل بعد حصاده. والسبب أن الزرع إن كان

في محله فقبل أن يستحصد لا يمكن معرفته؛ وربما لحقته عاهة أو آفة وأبان الحصاد ضيق لا يسع لزارع العمل. فجرت العادة بأجراء الذرعة بعد حصاده والمخمن أو الخراص ينظر اثر الزرع ويستدل به على المؤثر وهو الإفراط في الذكاء والمعرفة والمقدرة. فما بال الكاتب غمط حقه وذهل عن هذا الأمر العظيم! ورد على ذلك أنه يرى الأرض التي ذكرناها ويستدل من ريح ترابها أن الشلب الذي كان مزروعا فيها هو حويزاوي أو نعيمة أو عنبر فيقتضي الدقة لهذه النكتة الغريبة ومن الأسعار المذكورة في اسفل البحث يظهر حسن حاله أو ورداته. ثم انه قسم الزروع إلى أعلى، وأوسط، وأدنى، وعديم. وذكر صورة الحساب والتجبير وكأنه ليس لديه علم حقيقي بالمعاملات الجارية أصلحه الله. ولذا أقول أن الأراضي يقسمها الخراص (العمدة) على عشرة أنواع: الأول، الأعلى، وهو الذي يترك منه سدسه. الثاني، الأوسط ويترك منه خمسه، الثالث الأدنى، ويترك منه ربعه، الرابع، أدنى الأدنى ويترك منه نصفه، الخامس، سدس عائد، ويحسب كل ست مشارات بمشارة واحدة. السادس شبع عائد، ويحسب كل سبع مشارات بواحدة السابع، ثمن عائد ويحسب كل ثماني مشارات بواحدة. الثامن، تسع عائد، يحسب كل 9 مشارات بواحدة. التاسع، عشر عائد يحسب كل عشر مشارات بواحدة العاشر، العديم، الذي لا يحسب وليس فيه محصول قط. ثم أنه ذهل في التقسيم عن أمور أيضاً وإن كان قارب الواقع لكن الإيضاح لازم في هذا الباب لأنه قال في صدر مقالته أنه يريد إيضاح الأمر ليفهمه القاصي والداني. فأقول أن محصول المشارة هو 800 حقة آستانة من الشلب والقسمة تكون أولاً في الأراضي الأميرية فالشامية فالهندية وتأخذ الحكومة حق الأرض. والحصة الأميرية 320 حقة. وحصة التجهيزات العسكرية التي هي بالمائة ستة من الرسوم 19 حقة وخمس. وعن الضم الجديد الذي هو بالمائة واحد وربع أربع حقق. وعن المعارف الذي هو أيضاً بالمائة واحد وربع أربع حقق. فصار المجموع ثلاثمائة وسبعاً وأربعين حقة وخمساً ويأخذ السركال 160 أي خمس اصل الحاصلات والباقي من ذلك 292 حقة وأربعة أخماس هي للفلاح. وأما في أراضى الجعارة فالقسمة لمحصول المشارة الذي هو 800 حقة

تكون على هذا المنوال الآتي: تأخذ الحكومة أولاً خمس الحاصل أي 160 حقة وهو الحصة الأميرية وبعده حصة الطابو بالمائة ثلاثين أي 240 حقة وتعطى خمسها للسركال فيبقى لها 192 حقة ثم التجهيزات العسكرية بالمائة ستة عن الحصة الأميرية فقط أي تسع حقق وستة أعشار. وعن المعارف حقتين. وعن الضم الجديد حقتين فمجموع ما تأخذه الحكومة 365 حقة وستة أعشار ويأخذ السركال الخمس أي 160 حقة فالباقي 274 حقة وأربعة أعشار هي للفلاح. على أن ما نقول أن للفلاح كذا، هو بالاسم والحق أن السركال وهو الشيخ يأخذ ما يشاء ويترك ما تسمح به نفسه للفلاح وهذه حقيقة لا مراء فيها. وأما ما ذكره من جهة المأمورين ومعاملاتهم والأسعار وحالاتها وما كان يؤخذ على الحساب والبيع سلفا (أي على الأخضر) فهو الواقع بتمامه إنما مسألة (على الحساب) ارتفعت ولله الحمد بعد إعلان الدستور وأما الباقي فأوافقه عليه تماما. وأما أسعار هذه السنة فكانت حقة الشلب من العنبر 50 بارة والنعيمة 34 بارة والحويزاوي 27 بارة ومن شاء الحساب فليتعب قلمه. هذا ما اقتضى تحريره الآن بهذا الخصوص خدمة للحقيقة يحيى 5 - نظر في وقائع الشهر وتصحيح بعض أغلاط حضرة الفاضل بينما كنت أطالع الجزء الثامن من مجلتكم الزاهرة في وقائع الشهر إذ وقع نظري على الفقرة المعنونة (جاويد باشا والي بغداد ومن بصحبته) أما قولكم أن الحكومة أعطت لجاويد باشا هدايا وألطافا ليهديها إلى شيوخها فهو كلام لا معنى له إذ ليس له ظل من الحقيقة (ولو كان لبان) وذكرتم أن معه (فؤاد أفندي الدفتري مبعوث بغداد سابقا وقد عين مفتشا للأوقاف في ديار العراق بمشاهرة 70 ليرة) فتعجبت من هذه الفقرة إذ هي غلط في غلط في غلط واجل (يعلم الله) مجلتكم عن أن تأخذ هذه الحوادث التي تلوث التاريخ وتشوهه فضلا عن أنها لا تخدمه فأقول: إن الواصل مع حضرة الوالي هو جناب فؤاد أفندي مدير الأملاك الأميرية سابقاً في بغداد وليس هو بالدفتري لأن الدفتري فؤاد أفندي هو اليوم رئيس محكمة بداءة ولاية الشام وهو إي الدفتري كان مبعوثا ولكن عن كربلا لا عن بغداد وأما من ذكرتم وصوله فهو كان مبعوثا عن بغداد. ثانيا أن المفتش الموما إليه ليس بمشاهرة 70 ليرة. نعم أن المشاهرة هي 8500 غرش صاغ لكنها له ولمعاونه مصطفى شفيق أفندي

والذي يخصه منها هو 5000 فقط والباقي 3500 لمعاونه ومتى كانت المشاهرات بحساب الليرات؟ فيلزم تصحيح الأمر خدمة للتاريخ وإيضاحا للحال وانصح لكم بأن لا تأخذوا الحوادث عن جرائدنا المحلية على عواهنها بل بعد التروي والتدقيق لأني خاطبتكم شفاهاً بلزوم (تقصير الذنب) ولو وصل إلى أن يقال فيه ليس له ذنب ولذا جئتكم بهذه الأحرف ولكم الخيار بنشرها وعدمه وجاء في آخر الصفحة 431 لفظ الأعاظم وتصحيحه الأعاجم وفي الصفحة 432 بحث الرمح أبو الشلفة وأبو الشراشيب وقد فاتكم ذكر أن العرب متى أسرت حامل رمح من هذين النوعين قتلته فوراً لأنهم يقولون أنه متعمد للقتل لا للجرح فيجب قتله وحمله يكاد يكون ممنوعاً عندهم كمنع رصاص (دم دم) عند الدول المتمدنة. وذكرتم في الصفحة 422 لفظ التغار وأوضحتموه نعم الإيضاح ولكن كما يقال من شدة الظهور الخفاء ولذا ذكرتم انه 1000 - 1540 كيلو غرام والحال أن المذكور في مقالة الكاتب المراد به 1600 حقة آستانة وكل حقة 400 درهم تقابل 512 غراماً والتغار المتعارف في بغداد هو 1000 حقة ولا يوزن به سوى الحطب لا غير وأما باقي الحبوب والذخائر والمأكولات والجص وما شابه ذلك فهي باعتباره 1560 حقة آستانة وذلك عبارة عن ألفى كيلو غرام بالضبط. وأما في بعض ملحقات الولاية مثل كربلا والهندية والحلة والشامية فهم يتوسعون فيه إلى 1600 حقة آستانة أي 2051 كيلو غراما وهو توسع ليس إلا. وبعض القرى عندهم التغار 1200 حقة آستانة مثل خراسان والخالص وما جاورها وعدم اتساق المعاملة هو دأبنا في اغلب الأعمال كالأوزان وأسعار النقود والمقاييس (الأذرع) إلى غير ذلك فلو كان شيء يجري على نسق واحد لطالبنا بأن تكون الموازين على نسقٍ واحد. ولكن يقال في لطائف العرب أن قد اعترض على الجمل في اعوجاج عنقه فأجاب: أي عضو وجد في جسدي غير معوج حتى اعترضتم على عنقي فلو كان سوياً لوجب الاعتراض. وفي الصفحة 417 في بحث ما يبعث في البلاد الرقي والعمران خفي عليكم أمر كنت رأيته في ذلك المنام وهو ما لا يزال صداه في أذني وهو قوله (سادسا) وهو أهم الخمسة التي ذكرتها وذلك نشر لوائي الأمن والعدل بين الرعية وقمع الظالم ونصرة المظلوم فيقتضي التصحيح. وذكرتم في الصفحة 447 بحثا حرره لكم (عبد اللطيف ثنيان) وهو أن

فوائد لغوية

في سنة 1305 هجرية 1888م حدثت ريح أغرقت عدداً وافراً من الناس في بحيرة النجف وقد ذكرتم في صفحة 317 أن بحيرة النجف جفت في سنة 1305 فأيهما الصحيح نرجوكم تمحيص ذلك خدمة للتاريخ يحيى (لغة العرب) الصحيح ما ذهب إليه حضرة الفاضل عبد اللطيف أفندي ثنيان. فوائد لغوية 1 - (عجن) الموصلية و (كنه) و (هم) البغداديتان بمعنى (أيضاً) كثيراً ما يستعمل المواصلة لفظة عجن (وزان سبب بمعنى (أيضاً) المنصوبة على المفعولية المطلقة) وعندي أن الأولى تصحيف الثانية بإبدال حرفين وهما: الهمزة بالعين والضاد بالجيم وقد ورد في العربية ألفاظ كثيرة فيها أبدا الآن أو ثلاثة من ذلك: رغنك ولغنك في لعلك، والخدب والكذب، والسلطان والشلشان، والغطرب والعظرب، وهناك غيرها. وأما إبدال الهمزة بالعين فهي لغة معروفة عندهم يسمونها العنعنة وإبدال الضاد جيما لغة أخرى عندهم ومنها قولهم: وجح الطريق ووضح. واوضفه واوجفه، أي حمله على إسراع في المشي، وهضم عليهم وهجهم، وامرأة رضراضة ورجراجة، أي كثيرة اللحم وعليه قالوا: في (أيضا) (عجن) حاذفين منها الياء للتخفيف ولهذا تسمع سكان الموصل يقولون عجن جاء مع غيرهم أي جاء أيضاً مع غيرهم إلى غير هذا. وأما أهل بغداد فيقولون في مثل هذا المعنى (كنه) بكاف فارسية مثلثة في الأول (وزان سبب وهي تركية المبنى والمعنى لكن الأتراك خففوا كافها فجعلوها ياء فيقولون ينه بخلاف البغاددة فأنهم ابقوا اللفظة على اصلها ولفظها. ولعل الحق أن يقال أن كنه تصحيف ينه والأصل تركي. حنا ميخا الرسام (لغة العرب) ويقول البغداديون أيضاً في معناها (هم) بفتح الهاء وسكون الميم. وقد استعملها قدماء العرب وربما قالوا أيضا: (همي) بفتح الهاء وكسر الميم المشددة وسكون الياء الخفيفة، أو (همين) بلفظ مثنى الهم المنصوبة. وهي فارسية الأصل من (هم) المذكورة في أول هذه اللغات. قال الأخفش لتلامذته: (جنبوني أن تقولوا (بس) وأن تقولوا (هم) وان تقولوا ليس لفلان (بخت) وقال الموفق البغدادي: قول العامة (هم) فعلت مكان: (أيضا) و (بس): مكان (حسب) وكذا (بخت) مكان (حظ)، كله مولد ليس من كلام العرب. (راجع شرح الطرة عن الغرة والمزهر 148: 1) قلت: وكل هذه الألفاظ إلى الآن معروفة بهذا المعنى إلى يومنا في ديار العراق فلتدون.

أسئلة وأجوبة

2 - ربط جواب أن الشرطية باللام خطأ. يكثر في تعبير كثيرين من الكتاب قولهم: (وإن سألنا كثيرين من العلماء عن هذه الحالة (لقالوا) لنا أنها من المعضلات التي لا تحل.) أي أنهم يربطون جواب (أن) الشرطية باللام. وهذا من أوهامهم. والأصح وضع (لو) عوضا من (أن) ليستقيم التعبير أو حذف اللام من الجواب. نعم. - أننا لا نجهل أنه ورد في كلام الفصحاء مثل قولهم: (وإلا لكان كذا) لكن ليست هذه البضاعة من تلك السوق. أسئلة وأجوبة 1 - البرطلي أو البراتلي جرى البحث مع الفاضل صاحب مجلة العرب وسألني عن اصل معنى هذه الكلمة فأقول: تلفظ البرطلي بفتح الباء والراء. واسكان الطاء وكسر اللام يليها ياء مشددة واصلها من التركية براتلي بفتح الباء والراء. بعدها ألف يليها تاء ساكنة ثم ياء مكسورة بعدها ياء. ولدى التحقيق عن اصلها ومصدرها ثبت لدى ما محصله: إن العساكر التي كانت قبل العساكر النظامية الموجودة إلى الآن في الحكومة العثمانية هي (اليكي جرية) (الانكشارية) آي العسكر الجديد. ومن البديهي أن هذا الاسم يدل على أنه كان قبلهم عسكر آخر وتحققنا انهم المعروفون وقتئذ (باللوند) وكان لهم محل في بغداد معروف باسمهم إلى الآن يسمى (خان اللوند) وكان هذا العسكر عبارة عن مجموع أفراد من أقوام وأجناس وعناصر مختلفة وكان مقدمهم يختار منهم ذوي الجسارة والهمة والإقدام والنجدة ومن يتوسم فيهم الذب والمدافعة عن حقوق الدولة ويبعث بأسمائهم إلى المرجع الأعلى في الأستانة لتسجل هناك في السجلات المخصوصة بأسماء أبطال العسكر فكانت ترد لكل منهم (براءة) تبقى بيده سنداً يثبت انه من العساكر الداخلة في السجل العمومي في الأستانة وكانت العادة في ذلك الوقت أن من يكون اسمه

مسجلاً في دفاتر الأستانة لا يمكن عقابه ولا سجنه بل ولا عتابه إلا بأمر من المرجع العمومي (كما كانت الحال قبل بضع سنوات في أن المأمور (الموظف) المنصوب بالإرادة السنية لا يمكن أخذه تحت المحاكمة إلا بإرادة سنية مهما فعل) ومعلوم أن الفرق ظاهر بين هذا الزمن الأخير وبين الزمن الأول وبينهما نحو مائة سنة تقريباً لأن الوسائط كانت يومئذ منقطعة تقريباً بين الأستانة وبغداد حتى أن الترك يضربون المثل ببعد بغداد عنهم إذ من أمثالهم (عاشقه بغداد يقيندر) أي بغداد للعاشق قريبة وقولهم (ياكلش احساب بغداددن دونر) أي الحساب المغلوط يعود من بغداد فما كان يضرب المثل ببعده من البلاد ويعلم العسكر الحامل للبراءة أن مجازاته أو تكديره موقوف على ورود الأمر من ذلك المحل السحيق الشاسع كيف لا يفعل ما تسول له نفسه الأمارة بالسوء ويأتي أنواع الموبقات وقد قيل (من أمن العقوبة أساء الأدب) والغالب في العسكر وقتئذ قلة الحياء من الناس لأنهم يرون أن لهم الفضل عليهم بمحافظتهم من العدو حتى انهم كانوا يغصبون النساء والأولاد رغماً عن أهلهم خصوصاً أن رأوا عروسا مزفوفة إلى زوجها أو امرأة خارجة من الحمام أو غير ذلك حتى جرت العادة لدى البغداديين عند جلب العروس من بيت أبيها إلى بيت زوجها أن يذهب معها جم غفير مدججاً بالسلاح الكامل من أقارب الزوج وأصحابه وممن يدعوه أهل العرس دعوة لهذا الغرض من ذوي البأس والنجدة والغيرة فإذا تم عددهم يذهبون بسلاحهم فتخرج العروس بين عدة أتراب لها من بيت أبيها محاطة بهؤلاء الرجال الأشداء وهم يلهجون ببعض الألفاظ الدالة على قوتهم وحزمهم وثباتهم بما يسميه العوام (هوسة) حتى يصلوا بها إلى بيت زوجها وربما أراد أحد العساكر اليكىجرية أو من قبلهم من اللوند اغتصاب تلك العروس فتقع بينهم الوقائع من القتل والقتال وتكون النهاية أما بفوز الأهالي واستخلاص العروس من الظالمين وأما بغلبة العسكر عليهم وأخذهم العروس منهم للفجور بها والسبب انهم كانوا عديمي الدين ولا نقول قليليه وكذلك قل عن الحياء إذ ما كانوا يخافون من الحاكم لأنهم يعلمون أنه لا يستطيع أن ينالهم بسوء إلا بأمر من المرجع الأعلى في الأستانة فإذا كان هذا حالهم فهل لا ينطبق عليهم قول الشاعر: إذا لم تصن عرضاً ولم تخشى خالقا ... وتستح مخلوقا فما شئت فافعل وقوله عليه السلام: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) لأن النفوس مجبولة على الشر

خصوصا لمن صحب أهل الشر والطبع كما قيل مكتسب من كل مصحوب وكثيراً ما نسمع من الأسلاف أن العسكر اغتصبوا بنت فلان أو زوجة فلان أو ابن فلان وبعد عدة أيام يعاد المغصوبون إلى أهلهم بخزيهم فلا يلبث أهل المهانين أن يقتلوا أولئك المطلوبين تخلصاً من العار والاسم القبيح فالشكر كل الشكر لمن جعل الوازع وشدد النكير وغير العوائد السالفة. هذا ما كنا نسمعه من الأسلاف وأما عادة ذهاب الرجال لأخذ العروس فلم تزل حتى يومنا هذا لكنهم غالبا بلا سلاح إنما هي عادة مستحكمة ونظن أن الكثير من الذاهبين لهذا الغرض لا يعلمون هم أنفسهم السبب لذهابهم إلا أنه عادة موروثة عن السلف. هذه عادة العسكر الحامل للبراءة ثم أطلقت لفظة (براتلي) (بالنسبة التركية لأنهم يقولون بغدادلي وشاملي وحلبلي) على كل من يعمل عملا لا يحسب لعواقبه حساباً ثم صحفت وحرفت فقيل براطلي وبرطلي إلى غيرها. وبهذا القدر كفاية. وهنا أتذكر لطيفة وهي: كان في بيت رجل هر يؤذيه اشد الأذية ويسرق شيئاً من مأكله ويقضي حاجته على فراشه فضربه ضرباً مبرحاً وأخذه إلى مكان بعيد وأضله الطريق وما مضى ردح من الزمن إلا ورأى الرجل ذلك الهر في بيته وفي عنقه ورقة. فسأله عنها فقال: هذه براءة من السلطان وقد خولني امتيازاً وهو الإقامة في هذه الدار بدون معارض. فأجابه صاحبه: إذاً وجبت عليّ الهجرة من هذه الدار لأنك لما كنت بدون براءة كنت تفعل تلك الأفاعيل فكيف بك الآن وأنت (براتلي) لذا استودعك الله. أجابه الهر: إن أنت تركت هذه الدار اضطر إلى أن أرافقك لأنه لا يبقى فيها ما آكله. فحيثما تذهب اذهب قال له الرجل: هل في براءتك أن تلحقني إلى حيث امضي؟ وأنت قلت: أنها براءة تخولك امتياز الإقامة في الدار المذكورة. فقال: كلا، بل في البراءة السكنى معك في دارك. قال الرجل: حسناً تقول. فلنناد الكاتب العمومي ليقرأ ما في البراءة. قال الهر: ومن هو؟ قال الرجل: كلب جارنا فلان المعروف بضخامة جسمه وشراسة أخلاقه. قال الهر: إن وصل الأمر إلى المحاكمة فأنا دمث الأخلاق أسافر وحدي دون تحكيم الكاتب العمومي فكان ذلك آخر العهد بالهر. ع. ن 2 - ذنبه طويل سألنا أحد الأدباء ما معنى هتين الكلمتين الواردتين في 544: 3 من لغة

باب التقريظ

العرب والى أي شيء تشيران. فكتب إلينا كاتبها ع. ن يقول ما نصه: أن أحد المشايخ كان مبتلىً بالمبالغة في كل ما يتحدث به وما ينقله وكان له أحد الاخصاء المحبين فنبهه يوماً على ذلك وأفاده بأن مثل تلك المبالغات مما يزرى بقدره فأجابه الشيخ: لما كان لساني قد اعتاد مثل هذا الغلو لم يعد يمكنني عند الكلام تمييز المبالغ فيه من غيره فعليك أن تنبهني كلما اقتضت الحاجة. فقال نعم. والعلامة بيننا أن أتنحنح عندما تبدر منك بادرة وتم الأمر على ذلك. وبينما كان الشيخ يحدث جماعته يوماً إذ قال: خرجت مرة للصيد ومعي فلان. (يشير إلى المنبه المذكور) فرأيت ثعلباً غريباً حتى أن الخيل جفلت عند رؤيته إياه لغرابته وكان له ذنب طويل أخمنه بمائتي ذراع فتنحنح الرجل. فقال: لا أظنه ينقص عن مائة وخمسين ذراعاً. فعاد إلى الإشارة. فنادى صاحبه وقال: يا فلان: ألم يكن مائة ذراع. فعاد إلى الإشارة. فنزل إلى الثمانين فالستين فالأربعين فالعشرين وكان صاحبه يتنحنح كل مرة يذكر الشيخ عدداً. فلما ضاق ذرعه صاح حنقا: أكان ابتر بلا ذنب؟ إذ لم يكن دون العشرين وهو يحسب أن العشرين هي دون الحقيقة فكيف يقنع بأن فيها المبالغة. ع. ن. باب التقريظ 1 - تحليل صرفي تأليف عبد اللطيف هو كتاب تركي المتن فرنسوي القواعد وضعه مؤلفه لإرشاد الطلبة إلى معرفة تحليل أصول اللغة الفرنسوية وقد اعتمد صاحبه على كتب أئمة تلك اللغة فجاء كتاباً متقن الطبع حسن الأسلوب شائق السبك وقع في 116 صفحة من قطع الثمن الصغير وقيمته زهيدة وهي 5 غروش صحيحة فنحث أبناء اللغة التركية على اتخاذ هذا المصنف بمنزلة دستور لدروسهم. 2 - رسالة في فضل العرب للإمام الحافظ الشهير المتوفى سنة 806 هي رسالة في 16 صفحة تنطق بشرف العرب وحبهم وشر بغضهم إلى غير هذه المعاني مما يحتاج إلى معرفته كل غريب عنهم. 3 - رقيعة عن رحلة بحث فيها صاحبها موريس برنو عما رآه في الأستانة ومصر وبلاد الدولة العثمانية (من كانون 2 إلى آب من سنة 1912) طبع في باريس في مطبعة فرمن ديدو وشركائه في 338 صفحة من قطع الثمن الكبير

باب المشارفة والانتقاد

توخى طابع هذه الرحلة ذكر ما رآه في البلاد الشرقية من نفوذ الفرنسويين فيها بما شيدوه من المعاهد وأتوه من الأعمال ونشروه من لغتهم، كل ذلك لتعرف (لجنة الدفاع عن حقوق الفرنسيين في الشرق) ما يمكنها من الذب عن حياض الذين يبذلون كل ما في وسعهم لتهذيب الشبيبة وبث نور التمدن والعرفان في ديار الشرق الأدنى والظاهر أن كاتب هذا السفر الضخم لم يتثبت الأمور بنفسه خلاف ما يظنه القارئ عند وقوفه على مقدمة المؤلف. نقول هذا لما قرأناه عما كتبه عن مدارس بغداد فأنه لم يكد يصيب في كلامه واحد عن مدرسة واحدة فهكذا ترفع الرفائع لمثل هذا الأمر الخطير فعسى أن تدون الحقائق على وجهها بدون أن يدفع الكاتب دافع العوامل النفسانية التي تشوه وجه الصدق وتنكره كل التنكير 4 - الهدية المستحسنة، للذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه لمؤلفها شاكر بن محمود البغدادي. مطبعة الآداب في بغداد هي رسالة في 20 صفحة موضوعها الحث على التمسك بأهداب الدين ونبذ البدع والخرافات وهي جديرة بان يطالعها المسلمون إذ لا تخلو من فوائد وتذكير والذكرى تنفع المؤمنين. 5 - كتاب التبصرة لمتولعي الخمرة لإبراهيم منيب أفندي الباججي طبعت بمطبعة الشابندر رسالة حسنة في تكريه الخمرة ومن علم صاحبها الفاضل ومنزلته من الأدب عرف ما فيها من البراهين السديدة والأقوال المفيدة في تقبيح أم المنكرات، وتشنيع أم الخبائث والموبقات. باب المشارفة والانتقاد 6 - الرياحين (مجلة) بل وضيعة ظهر العدد الأول من هذه المجلة بل الوضيعة في غرة جمادي الأول 1332 أي 27 آذار 1914 وهي أدبية تهذيبية أخلاقية فكاهية تصدر في الشهر مرة موقتا في بغداد محررها ومديرها المسؤول إبراهيم صالح شكر وصاحب المجلة

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

إبراهيم منيب الباجه جي بدل الاشتراك لسنة في بغداد وفي بقية البلاد العثمانية مجيدي واحد وفي البلاد الأجنبية مجيديان. ومن عرف منزلة هذين الأديبين الشهيرين علم ما تحوي هذه الصفحات الست عشرة من الموضوعات الأدبية والأبيات الرقيقة والمباحث الشائقة. كيف لا وكلا الأديبين مسميان باسم إبراهيم وهذا وحده يكفيك لأن تعلم أن كل كلمة تطالعها تكون لصدرك الحران برداً وسلاماً. على أننا لا نخدع صديقينا الفاضلين أن مقالات هذه الوضيعة تحتاج إلى تصحيح عبارتها إذ فيها من اللحن ما لا يقبله ابن العرب أن يكون مسطراً في مثل هذه النشرة التي تطبع في بغداد دار العلم والتحقيق في سابق العهد. ففي الصفحة الأولى حيث لا يوجد إلا العناوين 5 أغلاط وفي الصفحة الأخيرة 17 غلطاً ما عاد ما فيها من الأوهام اللغوية فقد قال مثلاً: (فلم ير الشاب بداً من الذهاب) وهو يريد: فلم ير الشاب بداً من الامتناع عن (الذهاب) وما كتبه مخالف لما أراده. فيجب أن يكون سقطت كلمة في الطبع وهي (عدم) ومثل هذا كثير. على أننا نعلم أن ظهور هذه الوضيعة كان في غياب صاحبها إبراهيم منيب أفندي إذا كان في الحلة ولهذا كثر فيها الغلط ونحن موقنون أن الأعداد التالية تكون اصح وأصوب متمنين لها النجاح ولا سيما الثبات لأن اغلب ما ظهر من صحفنا اصبح في خبر كان 7 - الميزان العادل، بين الحق والباطل رسالة مكتبية في الفرق بين عقائد المسلمين والكتابيين لمؤلفها العلامة السيد رضا خلف حجة الإسلام السيد محمد الهندي ألفها إجابة لبعض العلماء الأعلام طبعت في مطبعة الولاية سنة 1331هـ في 49 صفحة بالقطع الصغير. يظهر لمن يطالع هذه الصفحات بتدبر أن المؤلف لم يطلع على ما كتبه أدباء الكتابيين بخصوص الاعتراضات التي يثير غبارها. فكان يحسن به أن يقف عليها لكي لا يقال عنه: (عرفت شيئاً وغابت عنك أشياء.) ثم أن مثل هذه الكتب التي تعلم طلبة العلم بغضة وطنييهم وتوغر صدورهم عليهم منذ نعومة أظفارهم وتفرق العناصر وتبددها كل مبدد من اضر الأمور للوطن وأبنائه ولهذا لا نستحسن نشر مثل هذه المؤلفات بين ظهرانينا. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مبعوثو الديوانية هم فواد أفندي آل الجيبه جي، خالد بك شقيق محمود شوكت باشا، مصطفى

سامي بك، علي حيدر بك نجل مدحت باشا، وجميعهم من مرشحي جمعية الاتحاد والترقي. 2 - مبعوثو العمارة ثم شكري أفندي راس كتاب مجلس إدارة ولاية بغداد سابقاً، وعبد الكريم بك السعدوني، وعبد المجيد بك الشاوي. 3 - مبعوثو بغداد جميل صدقي أفندي الزهاوي، مراد بك ابن سليمان بك، فواد أفندي الدفتري، شوكت باشا ابن الحاج رفعت بك، توفيق بك مدير مكتب الجندرمة. ساسون أفندي مستشار نظارة التجارة والزارعة. وسافروا نهار الاثنين 10 جمادى الأول. 4 - زلزال في نواحي سنجار وقع زلزال في نواحي سنجار ليلة 23 شباط غربي عند الساعة 8 ودام ثانيتين وقد اتجهت حركته من الشمال الشرقي إلى الجنوب. 5 - عجمي بك السعدون وعشائر البدور نمى إلى الزهور أن عجمي بك السعدون حينما كان مقيماً في الموضع المسمى (لركي) الذي يبعد عن ناحية الزبير 10 ساعات تحالف مع بني مالك على الاتفاق والوئام حتى الموت. أما خصماؤه البدور والزياد والضفير فأن روساءهم طلبوا الصلح بتوسط حمود بك الصويط رئيس عشائر الضفير. فأجاب عجمي انه يلبي طلبه بشرط مواجهة شرشاب رئيس عشائر البدور، وعزارة رئيس عشائر الزياد، وعلي بن ضويحي أحد رؤساء عشائر الضفير وجميعهم وافقوا على ما طلبه عجمي ما خلا ابن ضويحي فأنه طلب عهوداً ومواثيق خشية أن يقتله الأمير لأنه من اشد أعدائه. أما عشائر مطير الذين فارقوا عجمي بعد المعركة الأولى فأنهم عادوا إليه على بكرة أبيهم وطلب إليهم أن يحضروا أهلهم وأموالهم ففعلوا ونزلوا مع الأمير عجمي. 6 - معركة بين عشيرتين في العمارة في 23 آذار تعاركت عشائر الشيخ جوى مع عشائر الشيخ قنديل وكلاهما نازل بجوار قضاء (علي الغربي) ودامت المعركة 4 ساعات وانجلت عن قتل 12 رجلا وجرح خمسة من العشيرتين. وفي الغد اجتمعت القبائل على مداومة القتال فمنعهم قيم مقام القضاء وسبب المعركة زراعة الأراضي إذ كل عشيرة تستأثر بزراعة أرض دون أن تدع غيرها أن تضمنها من الحكومة.

7 - سرقة من جنيبة راسية في مرفا البصرة البصرة مشهورة بلصوصها وسراقها دون غيرها من مدن العراق لسهولة فرار السارقين إلى ديار العرب أو ديار العجم ولا تمضي سنة إلا ويجري فيها من النهب والسلب والسرقة ما يذهل القارئ. فقد سرق من إحدى الجنائب الراسية في مرفاها خمسة صناديق مملوءة منسوجات حرير قيمتها 700 ليرة عثمانية. ولما سئل القيم عنها قال: أنها كانت على حافة الجنيبة مما يلي نهر دجلة فجاءت في الساعة 7 من الليل عصابة لصوص حملت الصناديق وذهبت بها. ولما أردنا أن نمانعهم تهددتنا بالقتل. والجنيبة راجعة إلى الإدارة النهرية العثمانية والسرقة كانت في شهر آذار. وفي ليلة 24 آذار اتفق أحد الجنود حافظ خزينة العسكري مع جندي آخر صديق له وكلاهما من قضاء النجف فكسرا باب الخزينة والصندوق وسرقا كل ما وجدا فيها من النقود وتقدر بثلثمائة ليرة عثمانية وفرا بأسلحتهما إلى محل غير معلوم. 8 - معركة في شطرة المنتفق في اليوم 26 من آذار قدم متصرف لواء الناصرية مصطفى نادر بك ومعه عبد الله بك ابن فالح باشا ومعهما عشائر المنتفق فهجموا في ذلك اليوم وفي الساعة 5 على عشائر الخائن (خيون) وأطلقوا عليهما المدافع والبنادق فقتل منهم خلق كثير وأحرقت قلاعهم وفر الناجون إلى جهات مختلفة وتم هذا الفتك وهذا النصر في 5 ساعات. وفي ذلك اليوم هجم العسكر على القلعة التي كان فيها (خيون) الخائن وحاصروها 5 دقائق ثم فتحوها واحرقوا ما حولها من البيوت وفر خيون فلجأ إلى عشائر خفاجة. ولما عاد المتصرف إلى مركز قضائه أطلق من السجن جميع الأعراب المنتسبين إلى عشائر العبودة. 9 - صحن سامراء جاء في الزهور ما حرفه: (انتهى إلينا أن المرقد الشريف المدفونين فيه آل البيت الطاهرين في قضاء سامرا لم يهتم الخدام بتنويره ليلا كما ينبغي ويراد. ونمى إلينا أيضاً انهم يعملون ما يخل بالآداب ولا يناسب شرف وحرمة آل البيت مثل فتح باب المرقد الشريف في دائم الأوقات من غير باعث وسبب. 10 - إمارة مسقط هدأت نار الفتن في هذه الإمارة بوفاة مسعارها الشيخ عبد الله السالمي.

11 - إحصاء المنكرات في سنتين في بغداد دفعت إدارة الشحنة (البوليس) في بغداد إحصاء الموبقات التي اجترحت في مدة سنتين وهما سنة 1328 و1329 فكانت بهذا العدد: في سنة 1328: 22 حادث قتل، 215 سرقة عادية، 32 سرقة مهمة، 572 حادث ضرب وجرح، 229 منكرة مختلفة. المجموع 1070. في سنة 1329: 26 حادث قتل، 133 سرقة عادية، 19 سرقة مهمة، 437 حادث ضرب وجرح، 132 منكرة مختلفة. المجموع 749. ومن هذا الإحصاء يرى القارئ أن بغداد تسير في صراط الحق والفضيلة! بخلاف ما يتصوره البعض!!! 12 - إعانة البصريين لبيتي الطيارين بلغت إعانة البصريين لبيتي الفقيدين الشهيرين فتحي وصادق 500 ليرة عثمانية دفع خمسها السيد طالب بك النقيب. 13 - لجنة إحصاء في الكاظمية أنشئ في الكاظمية لجنة لتسجيل ما في خزانة الكاظمين من التحف والألطاف. ولم يعلم إلى الآن سبب ذلك. 14 - اللآلئ في البحرين يقدر ريع مدينة البحرين من تجارة اللآلئ 15 مليون ربية (أو 30 مليون فرنك) سنويا ويقال أنها ستخسر هذه السنة ثلثي ريعها لبخس أسعارها في الهند. 15 - منابع الزيت الحجري في العراق ورد ذكر هذه المنابع في جرائد سورية ومصر وديار الإفرنج بصور مختلفة فأحببنا ذكرها بإمائها الصحيحة لتصلح عند الحاجة. أشهر ينابيع زيت الحجر في العراق عشرة أعظمها ينابيع (القيارة) بجوار الموصل على شاطئ دجلة الأيمن. وتمتد من جوار (نمرود) شمالاً إلى ما وراء (قلعة شرقاط أو شهر قرد أو شهر جرد) جنوبا. وتمر سكة حديد بغداد بطرفها الغربي على مؤازاة دجلة. ومنابع (ابجاك) وهي إلى الشمال الشرقي من شرقاط، والجنوب الشرقي من الموصل. ومنابع (كركوك) وهي إلى الجنوب الشرقي من ابجاك. والى الجنوب الشرقي من كركوك والجنوب الغربي من سليمانية منابع (جمجمال) ويليها إلى الجنوب الغربي بقليل ينابيع (طوزخورماتي) ثم يليها منابع (كفري). وبجوار تخوم إيران قرب الحدود

الفاصلة بين ولايتي بغداد والموصل منابع (قصر شيرين) والى جنوب خانقين وقزلرباط (أي خسرا آباذ أو خسر اباد) (مندلي) (وهي البندنجين) ومن المنابع الشهيرة تلك المنابع الموجودة على عدوة الفرات اليسرى غربي بغداد وعلى مسافة قريبة من عيون القير في (هيت). 16 - عيون القير ومما صحفه الصحافيون أسماء عيون القير في العراق وهذه هي: عيون (هيت) وعيون (كفري) وعيون (آلتون كوبري) بجوار ينابيع كركوك وعيون (نمرود) بجوار منابع ابجاك. 17 - ابن الرشيد عصت عشيرة الرؤلة على الحكومة فزحف عليها الأمير ابن الرشيد واخذ منها جميع ما نهبته من الأهالي والمسافرين في أنحاء الشام، وقطع دابر متلصصتهم وكان الأمير ضرب خيامه في (الحزول) ثم عاد إلى مقامه. 18 - سكان بغداد منذ 46 سنة قالت الرياض: نرى في أحد أعداد السنة الأولى من جريدة الزوراء التي أصدرها مدحت باشا في بغداد أن عدد النفوس فيها ذكوراً 63. 273 منها 52. 689 مسلمون و10. 583 من الملل المختلفة غير الأجانب وفي تقويم ناظم باشا منذ سنتين عدد الذكور 67. 363 منهم 20. 736 من الملل المختلفة غير الأجانب وعليه تكون الزيادة في نفوس المسلمين في مدة 46 سنة 14. 974 وزيادة نفوس الملل المختلفة 10. 115 نفساً أي المثل مثلان تقريبا. ونظن أن سبب قلة نفوس المسلمين عن غيرهم هو: 1: الجندية، 2: عدم الاعتناء بالصحة والنظافة، 3: قلة الزواج. 19 - تحديد التخوم العثمانية الإيرانية أتم المكلفون بتحديد التخوم العثمانية الإيرانية النظر في ما ندبوا إليه فقر رأيهم أن تبقى التخوم على حالتها الأولى في أنحاء البصرة والمحمرة وجعل نهر الخيبن الحد الفاصل بين الارضين العثمانية الإيرانية. 20 - طول نهر العشار قيس طول نهر العشار في البصرة فبلغ 6. 000 متر 21 - أراضي للشركة الألمانية ابتاع أحد تجار البصرة قطعة أرض بجوار المحطة الألمانية التي في كوت الإفرنجي بمبلغ 11 ألف ليرة ويقال أن تلك الأرض ابتيعت لحساب شركة سكة حديد بغداد الألمانية. 22 - بين زامل السبهان وابن عمه وقع خلاف بين وكيل إمارة ابن الرشيد وهو زامل السبهان وبين ابن عمه سعود السبهان. فتنحى الأول عن مقامه وحل الثاني محله.

العدد 34

العدد 34 منافع بيع البواخر 1 - باب البحث نشأت هذه المسألة منذ أن شرعت الحكومة الحاضرة ببيع البواخر العثمانية التي تمخر مياه دجلة بين البصرة وبغداد وهي التي قام بتأسيسها المرحوم رشيد باشت والي بغداد السابق الشهير با (لكوز لكلي) نحو سنة 1273هـ (1856م) ثم زاد عليها المرحوم مدحت باشا ثم أخذت بالانحطاط إلى درجة أن بلغ بمدير البواخر المرحوم سري أفندي أن يبيع بعض الأدوات والأنقاض لإيفاء رواتب الموظفين (راجع لغة العرب 3: 561 في الحاشية) ثم بتبدل بعض المأمورين أخذت بالانتعاش حتى تولاها (آمر) قومندان بحرية البصرة الميرلوا (أمير اللواء) أمين باشا حوالي سنة 1309هـ (1891م) فتحسنت حالها وبلغت شاواً مهماً ووفر من وارداتها ما قدمه إلى الأستانة لشراء باخرتين تضافان إلى الموجودات وقتئذ فأخذت الأستانة المبلغ ولم تشتر بواخر حتى ضج العموم ولكن بلا جدوى؛ فاشترت الأملاك الخاصة بالسلطان السابق حضرة عبد الحميد خان هذه البواخر الأربع وهي الموصل والفرات والرصافة والبغدادي مع إدارتي البصرة وبغداد وحوض البصرة وما يتبع ذلك من آلات وأدوات في معمل البصرة بمبلغ هو (كما يخطر لي أقل من سبعة آلاف ليرة) وذلك حسب تخمين المخمنين من الملكية والعسكرية. فلما صارت للأملاك السنية توفرت وارداتها وأصبحت كما كانت في زمن أمين باشا فزادت عليها باخرتين وهما (حميدية وبرهانية) ثم أخريين (وهما البصرة وبغداد) فصارت ثمانياً حتى كانت أيام الانقلاب فعادت مع بقية أملاك المخلوع إلى

المالية فأخذت الحكومة منها باخرتين وثلاثاً اتخذتها لنقل الأشياء العسكرية ولتأديب العشائر في أطراف المنتفق وبقيت خمس سائرة وقد حصل من ذلك ريع صافٍ سنة 1325 وسنة 1326 مالية نحو عشرة آلاف ليرة سنوياً وفي سنة 1227 تولى شؤونها جناب سيروب أفندي إسكندر فبلغ ريعها نحو 20 ألف ليرة وفي سنة 1328 تولاها جناب سويان بك المدير الحالي فبلغ الريع 23 ألف ليرة وأما في سنة 1329 فقد حصل تأخير في سيرها وتعطل بعضها فاقتضى صرف مبالغ لأعمارها ولذا كان الريع الصافي نحو 18 ألف ليرة. وهذه هي البواخر التي عليها مدار البحث وتذمر الصحف. 2 - تظاهرات الأهالي ضد بيعها نزعت الحكومة الحاضرة قبل نحو ثلاث سنوات إلى بيع هذه البواخر: 1 - لأنها رأت ريعها قليلاً بالنسبة إلى رأس المال الذي يمكن الحصول عليه من بيعها: 2 - لأن الحكومة لا يمكنها القيام بالأعمال التجارية لعدم اعتمادها على عمالها أو لعدم وجود عمال أمناء يقومون بالأعمال كما يجب دون إزعاج الرعايا أو الضرر في المال (ولنا كلمة في هذا الباب نؤجلها إلى مقالة أخرى): 3 - لاسترضاء حكومتنا حكومة بريطانيا العظمى توصلاً إلى اتخاذ ذلك ذريعة للحصول على معاونتها (وإن ذلك من الآمال البعيدة) فقررت بيعها فلما بلغ الأمر مسامع الأهالي قامت القيامة وجرت المظاهرات العمومية في بغداد والبصرة والموصل وأرسلت برقيات الاحتجاج إلى المراجع العالية قائلين: إنهم مستعدون لشراء هذه البواخر بالثمن الذي تعطيه للحكومة الأجنبية أو الشركة حتى أن البعض كان يقول متحمساً: أما ندفع الثمن إعانة ونترك البواخر لحكومتنا المحبوبة ظناً منه أن القول يثمر أو يسمن أو يغني من جوع؛ غير عالم أن المبلغ باهظ. والحق معهم لأن التلفظ بالمليون أمر سهل ومن لم ير في عمره الألف ماذا عليه لو قال مليون؟ فتأخرت الحكومة عن البحث في ذلك ووردت البرقيات بترك الخوض في هذا البحث ظناً من الحكومة إن هذه الشرارة يتبعها الدخان فالنار وهذا الاحتجاج يتبعه التهديد، فشهر السلاح. فقال المتجمهرون: لله الحمد سكتوا فسكتنا غير مراجعين لضمائرهم الحرة الحية في إنهم غير مقتدرين على عقد شركة لذلك حسب قواعدهم المقررة المتعدد: التي لا تقبل سهواً أو غلطاً لأنهم لولا اعتقادهم بأن الشركات مضرة بالمال لعقدوها ولكنهم أن اقتنعوا بمنافعها يتنافسون على الرئاسة فيها وإداراتها حباً بالتصدر والشقشقة الفارغة. خذ لذلك بضعة أمثلة

جرت في العراق دليلاً على قولنا هذا: 3 - شركة عربات (عجلات) بين حلب وبغداد عقدت شركة لتسيير عربات (عجلات) بين حلب وبغداد تقطع المسافة بثمانية أيام والشركة مؤلفة من اثنين من أعيان الوطن وهما حضرة محمود أفندي شابندر زاده وعبد الجبار أفندي خياط زاده وصرفا مبالغ على شراء عربات (عجلات) ودواب وبناء مواقع في الطريق وكان معهما مدير البريد الحالي جناب سعيد أفندي وتعهد الأخير بأعمال الشركة وذهب بنفسه إلى حلب مراراً وتكبد المشاق ولم تمض برهة لا تزيد على الشهرين حتى فسخت الشركة وأنحل عقد المجتمع ولا بد من أنهم تكبدوا أضراراً جسيمة ولا اعلم السبب لذلك وعندي أنه اسم الشركة لا غير. ر4 - شركة تسيير السيارات بين كربلاء وبغداد تألفت شركة سنة 1327 هجرية في زمن ولاية حضرة نجم الدين بك علي بغداد وكانت بتشويقه وكان عمادها حضرة محمود أفندي شابندر زاده لتسيير سيارات (أوتوموبيلات) بين بغداد وكربلاء إلى النجف وهي نافعة بدون شك وتهافت الناس عليها ووزعت أسهمها بأقرب مدة ووضع أصحاب الأسهم الدراهم في البنك (المصرف) العثماني حتى تخيل الوالي المشار إليه أن الأمر قد تم (وكنت معارضاً له أشد المعارضة لأني اعلم بأخلاق أبناء وطني) حتى اجتمع أرباب الأسهم اجتماعهم الأخير لانتخاب رئيس للشركة فحاز الأكثرية عبد الرزاق جلبي الحاج سعودي الصفار ومال البعض إلى جناب محمود أفندي الشابندر وحصل النزاع حتى قارب الأمر المهاترة فأنحل عقد الاجتماع وأسترد كل فرد ما سلم للبنك (المصرف) العثماني وطوى اسم الشركة. 5 - شركة تسهيل النقليات تألفت شركة لتسيير بواخر صغيرة بين بغداد وضواحيها ووزعت الأسهم وجمعت الدراهم وكان كل من المؤسسين بأتم النشاط ولم تمض أيام حتى أخذ كل منهم يرمي صاحبه بالرخاوة وبقيت معلقة وقد قام بعض أصحاب الأسهم لإقامة الدعوى على من تسلم منهم الدراهم في إنهم خداعون خدعوه وأخذوا ماله دون عمل وستظهر الأيام الغاية. 6 - شركة بواخر في البصرة لم يكن داء عدم الائتلاف خاصا ببغداد بل بأختها البصرة أيضاً فقد تألفت فيها شركة سنة 1306 هجرية رأس مالها عشرون ألف ليرة لتشتري باخرة بحرية كانت

معروضة للبيع اسمها (اداوة) واجتمع المبلغ واتفق أرباب الأسهم على توديع الرئاسة للمرحوم الحاج أحمد جلبي النعمة فطلب المومأ إليه أمراً غريباً وهو أن تكون الرئاسة في أولاده بعده إلى ما شاء الله ولما لم يوافقه أحد على هذا الشرط ترك الأمر فانفرط عقد الشركة أيضاً. ولو أردنا استقصاء الشركات التي قامت وماتت دون جدوى لضاق بنا المجال على أن الأمر لم يبق عند العراقيين بل شملت هذه المزية السامية إخواننا السوريين أيضاً. 7 - شركة معمل الزجاج في الشام تألفت في دمشق الشام شركة قامت بأعباء إستحصال امتياز معمل للزجاج وصرفت المبالغ للحصول على هذه الأمنية التي حسدتها عليها البلاد العثمانية فبنت له بناء مهماً جسيماً عند الباب الشرقي وباشرت بالعمل فاحتاجت إلى رأس مال لإدارة المعمل فتوقف أصحاب الأسهم عن الدفع وبقى معطلاً وإذا دام الأمر فستضمحل الأدوات وتتلف الأسهم وتدخل في خبر كان ولا حول ولا قوة إلا بالله. 8 - مزية العرب فكأن عدم الاتفاق سجية عربية خاصة بهذا العنصر الشريف والسبب شدة الذكاء لأن كلا منهم يرى في نفسه الكفاءة لإدارة كل عمل يوسد إليه. ويخطر لي هنا اعتراض أحد الأكاسرة على وفود العرب وتقريعه إياهم بأن ليس لهم ملك يجمع كلمتهم ويضم شملهم ويقوي شكيمتهم فأجابه أحدهم ذلك لأن كلا منا يرى نفسه أحق بالملك شرفاً وأصلاً وكرماً. (ومن الغريب أن البعض يرون هذا الجواب من جوامع الكلم وأنه فخر للعرب) 9 - عود إلى بيع البواخر ذكرنا في صدر هذه الأسطر احتجاج الأهالي على بيعها وإنهم أحق بها من غيرهم وإنهم أولو عزم على تأليف شركة لذلك وهم يتناسون ما وقع لهم من الأمور التي ذكرناها فلما سكتت الحكومة ظاهراً عن الأمر جاء الأمر وفق مراد الأهالي فسكتوا عنه وكأن لم يكن ثمة بحث فلا طالب للشركة ولا سائل عنها لأنهم يعلمون حق العلم إنهم لا يجتمعون على خير قط وظنوا إن إهمال الأمر قد تم ولم يعلموا أن تلك الشرارة التي تولى إيقادها الأجانب لمنافعهم لا يمكن أن تخمد ألبته وإنهم ينتهزون لها الفرص الملائمة لإشعال نارها إشعالاً لا تطفئه مياه دجلة والفرات. فلما حان الأمر المناسب قررت الحكومة إفراغ هذه البواخر لشركة يكون نصفها للإنكليز

ونصفها الثاني مناصفة بين العثمانيين والألمان وقد قضى الأمر وسد باب البحث فلما بلغ الأهالي طرف خبر هذا الأمر أرادوا أيضاً القيام على الساعين به غير عالمين أن (ما كل مرة تسلم الجرة) وظنوا أن الحكومة تنسى المثل (من جرب المجرب حلت به الندامة) ولذا لم تعرهم إذناً صاغية حتى ولم تنشر صورة المقاولة ليعلم كل من الأهالي ما ستؤول عليه حالته مع الشركة المذكورة بل تركت الأمر مكتوماً لعلمها الحقيقي إن ليس على ولي القاصر أن يخبره بكافة ما يجريه له من الأمور وما يخدم به أمواله حسبما يقتضيه الحال والزمان، وهي المحقة بلا ريب. 10 - سبب عقد الشركة كل منا يعلم حال حكومتنا الحاضرة واضطرارها إلى المال وليس هنا من يجهل ما يلاقيه رجالها من التذلل والمسكنة والتمليق لاسترضاء البيوتات المالية في أوربا وما يلاقونه من عسف الأجانب ومنعهم عنهم الأموال التي هم في أشد الحاجة إليها لإيفاء بعض الديون وللمباشرة بالإصلاح الذي هم مضطرون إلى إجرائه وبدونه لن تعيش الدولة. هذا فضلاً عن أن استخراج كنوز الأراضي العثمانية التي لا تعد تفتقر إلى المال من كل الجهات سواء لتعدين المعادن أو لترقي الزراعة أو لاستعمال الآلات الحديثة لها. والمضطر لا جناح عليه مهما عمل شرعاً وعرفا دفعا للضرورة ومن منا لا يفدي عند اضطراره ما عز وهان للحصول على مراده ومن منا لا يصرف المبالغ للحصول على مال يسد به عوزه الضروري؟ أو يقوم به أود تجارته أو صناعته وخصوصاً بعد تأكده النفع من ذلك المشروع وإنه في زمن قريب يأمل أن يحصل من الفوائد ما يسد به المبلغ الذي سمح به وزيادة؟ أنصفونا أيها القراء. 11 - البيع وعلى ما تقدم رأت الحكومة الحاضرة أن القرض الكبير لا يتم لها إلا باسترضاء الحكومة البريطانية على أن استرضاءها ليس هو للقرض وحده بل لطلب معاونتها أيضاً في ما لها من المصالح السياسية. كمسائل الجزر، وتحديد التخوم، ومسألة المضايق، والديون العمومية إلى غير ذلك. فقد رأت، ورأيها الصواب، إن المفاداة بأمر البواخر وامتياز النهرين أهون بكثير مما تؤمله. فمن ذا يلومها في ذلك؟ بعد أن يكون قد علم الكل أنها لم تبع ذلك بيعاً بل أحالته على شركةٍ لها فيها الريع لتبقى لها قسماً من السيطرة. 12 - نتائج الشركة اقتصادياً

يقول بعض من يرى الأمور على ظواهرها أن هذه الشركة ستكون الضربة القاضية على تجارة البلاد العراقية وتعليلهم هو: أولاً. لأن الشركة أصبحت في إدارة الإنكليز (لأن لهم أكثر الأسهم) وشركة لنج إنكليزية فسيقع بين الشركتين اتفاق وتكون أجرة النقل حسبما يريدون ولو ضاعفوها أضعافا تتأخر التجارة. قلنا: لو دققوا في الأمر لعلموا إن الرقابة تكون بين الأخوة الأشقاء وبين الوالد وولده ولا مساس لأمر الجنسية في التجارة على أن الحكومة لا بد وأن تكون قررت الأجور فلا يمكن تعديها والشركة بل الشركتان تعلمان أن من الأموال ما لا يمكن إرساله على بواخرها ما لم تكن الأجرة رخيصة كالحبوب مثلاً والأشياء التافهة الثمن فأن زادت الأجرة لا يرسل أحد من تلك الأموال شيئاً فكما أن أصحاب الأموال يفوتهم ربح أموالهم يفوتهم هم أيضاً ربح أجورهم فهم مضطرون إلى تنزيل الأجور عند قلة الحمول كما تفعل الآن شركة لنج والإدارة النهرية فنراهما تتفقان أحيانا عند تراكم الأموال. وتصل أجرة نقل الطن من بغداد إلى البصرة إلى نحو 25 إلى 32 شليناً ولكن عند قلة البضائع ينزلونها إلى سبعة شلينات بل أقل كما هو في موسمنا هذا. على أن بواخر اغا جعفر نقلت الطن بأقل من ثلاثة شلينات ونصف من بغداد إلى البصرة وذلك عشر الأجرة في أيام كثرة الأموال في أيلول وتشرين الأول وهو موسم التمر. فهل يمكن أن يقال أن أيام الزيادة هي اتفاق من الشركتين ضد التجارة؟ 13 - اضطرار الشركة إلى تكثير البواخر على أن البواخر العثمانية التي تشتغل الآن في نهر دجلة هي خمس كما ذكرنا وثلاث لشركة لنج ونراها غير كافية لنقل الأموال الواردة من أوربا والهند إلى بغداد. ولذا نرى الأموال متراكمة اغلب الأوقات في البصرة حتى يضيق عنها نطاق الأماكن المعدة لحفظها ويبقى بعضها مدة ستة أشهر أو أكثر حتى يقل الوارد منها من ديار الأجانب فتأخذ بنقلها وذلك مضر بالتجارة دون شك لأن التاجر الذي يتأخر ماله بالبصرة ستة أشهر ماذا يكون ربحه وخصوصاً إن وصله مال الصيف في الشتاء وبالعكس فيضطر إلى خزنه عنده ستة أشهر أخرى إن كان متمكناً وإلا يبقى عند (المصرف) البنك العثماني في الربى فما كسبه إذاً؟ والحكومة السابقة لم ترد زيادة بواخرها ولم تسمح لشركة

لنج بتشغيل بواخر أخرى غير الثلاث ولا ترخص أحداً بتشغيل بواخر (وأما مراكب أغا جعفر فإن ولاية البصرة سمحت له موقتاً على أن يكون لبلديتها ربع صافي ريعها برخصة الامتياز) وفضلاً عن ضرر التجارة تضررت شركات الضمان التلف اغلب الأموال المعرضة للأمطار لوجودها تحتها فالشركة التي ترى النفع لا بد وان تزيد بواخرها للأموال الداخلة إلى بغداد وأما الصادرات فلا تعد بالنسبة إلى الواردات إذ هي المهمة جداً. فهل يظن أحد أن شركة تجارية ترى النفع ظاهراً وأن الوابور (الباخرة) الذي تشتريه تستخرج ثمنه في مدة سنة واحدة على الأكثر ولا تعمل عدة بواخر؟ وقد تشبث مدير الإدارة الحالي جناب سويان بك بعقد مقاولة مع شركة لنج على أن تسير باخرة رابعة يكون نصف ريعها للإدارة النهرية العثمانية فقبلت ذلك بكل ارتياح لكن الحكومة لم تقبل فترك البحث. 14 - أجور نقل الأموال الداخلة أما أجرة نقل الأموال القادمة من البصرة إلى بغداد فهي 25 شليناً عن كل طن وهي الأجرة الاعتيادية لما يرد رأساً من أوربا والهند إلى بغداد. وأما ما يشحن من البصرة فلا بد من زيادة وربما بلغ 35 إلى 40 شليناً لأنه يتفق اضطرار التجار إلى جلب أموالهم فيدفعون ما تطلبه الشركات رغماً عنهم. على أن ذلك لا يوافق الشركات لأنهم يضطرون إلى تأخير المقاول عليه رأساً وذلك مضر بسمعتهم. وربما فعلوه طمعاً بالربح. فأجرة الأموال غالباً من البصرة إلى لندن 30 شليناً والمسافة لا تقل عن أربعين يوماً وهنا ربما وصلت إلى 40 والمسافة ثلاثة أيام إلى أربعةٍ. فما تزيد الشركة بواخرها أو ما يتهاجم عليها المساهمون الذين يعرفون قدر الشركات وفوائدها وإن زيدت - ولا بد من الزيادة - أفما تنتفع منها الولاية بل العراق كله انتفاعاً اقتصاديا؟ 15 - نقل الركاب على البواخر عدا ما ذكرناه من نقل الأموال بين البصرة وبغداد وما بينهما من المراكز العديدة وهناك أمر أهم من ذلك وهو أمر نقل الركاب الذي يزداد ريعه في بعض الأوقات حتى يفوق أجور الأموال المنقولة. والمسافرون يلاقون الأمرين أيام قلة المياه إذ تتأخر البواخر الموجودة وأخص منها العثمانية ولا سيما الكبيرة منها (بغداد) (والبصرة) فتقطع المسافة التي بين الولايتين في نحو عشرة

أيام وربما كان أكثر لأنها تطلب مياهاً غزيرة. ولهذا أن بنيت بواخر جديدة فلا بد من أنها تكون موافقة للحال على ما هو أي أن تكون صغيرة الحجم وتطلب ماء قليلاً وتكون قوية وتجر جناب فلا تتأخر ويرتاح الركاب من ذلك. ولا شك في أن الطريق إن سهلت يزداد التردد إلى الولايتين وإلى ما بينهما من المواقع وذلك من أقوى أسباب العمران. 16 - منافع الإدارة ذكرنا إن ريع الإدارة في السنين الثلاث الأخيرة كان يتراوح بين 18 و23 ألف ليرة. وكان قبلها نحو عشرة آلاف. على أن هذا الريع لا يكاد يذكر بازاء الدخل المؤمل لو كانت البواخر حسنة وسريعة لأن السريعة يكون مصرفها من جهة الإحراق أقل بلا ريب والريع أكثر؛ إذ تكثر النقليات ويزداد المسافرون. والبواخر العثمانية مع حداثة أعمالها نزلت إلى دركة سيئة نسبة إلى شركة لنج والسبب هو أولاً لأن الذي اشتراها وهو الموفد لذلك من الأستانة لم يكن يعلم درجة نزول المياه في دجلة أيام الصيف ولذا أخذت تتأخر خلافاً لبواخر شركة لنج. ثانياً. لأن عملة البواخر العثمانية لا يخافون جزاء ولا يأملون مكافأة بخلاف غيرهم. أما الجزاء فإن الآمر ليس له كلام نافذ ولا يمكنه إخراج أحد من عمله ما لم يراجع المحاسبة فالدفتر دار فنظارة المالية. وأنت تدري إن الموظف (المأمور) الذي يعلم أن ليس لأمره قدرة على إخراجه من عمله إن قصر في خدمته كيف لا يتكاسل في عمله بخلاف المستخدمين في الشركات فإن إبقاءهم منوط بحسن خدمتهم فإن أحسنوا الخدمة داموا وإلا أخرجوا من وظائفهم بأدنى تقرير يدفعه عنهم الربان أو المدير أو غيرهما. ولذا تراهم محافظين على خدماتهم ومن ذا الذي لا يميز بين نظافة وخدمة بواخر شركة لنج والبواخر العثمانية فبتحويل البواخر إلى الشركة المذكورة لا بد من أن تتحسن أحوالها ويدقق في أعمالها فلا يأمر وكيل الربان الباخرة بالوقوف في أثناء الطريق ليأخذ من العرب خروفاً أو نصف حقة من السمن ولو تأخرت الباخرة ساعة أو ساعتين وأحرقت ما تحرقه من الفحم مجاناً. ولذا يزداد الريع لعدم التبذير. وعليه أقول أني متأكد بأن ربع ما يرجع إلى الحكومة سيقابل عموم وارداتها الحاضرة بلا شك ولا شبهة

بيت النمنومي أو بيت جرجية

نسبة إلى زيادة الحمول والركاب. كما ذكرناه آنفاً. 17 - الوجهة السياسية يقول المعترضون إن المشاغب والقلاقل لم تزل تظهر في أطراف المنتفق والعمارة وتحتاج الحكومة إلى سوق العساكر وإرسال ما يحتاج إليها فكيف تحمل البواخر الأجنبية الأدوات؟ وماذا يكون مصرفها؟ قلنا: أفيظن هؤلاء في أنفسهم أنهم أعقل ممن بيده زمام أمور الدولة؟ أفلا يخطر على باب أولئك الدهاة الصناديد والساسة المحنكين هذه الملاحظة البسيطة؟ على أني أقول: بينما نرى الآن تحت أمرها أربع بواخر ستكون بعد ذلك عشر بل أكثر. وبالطبع يستطيع مالك العشر من نقل ما يريده بأسرع من مالك الأربع. وأما الأجرة أفلا يعلم المعترضون إن العساكر والذخائر إن نقلت مجاناً على البواخر العثمانية يؤخر نقلها الأموال التي يؤخذ عنها أجرة ولولا هي لدخلت الأجرة الصندوق. فالأجرة هي مدفوعة على كل حال إما عيناً وأما بتحويل ضرر أو خسارة تقابلها. فما الفرق حينئذ؟ - قلنا الفرق هو تكثير البواخر وسرعة النقل. فإن كان ذلك عيباً - فلا نحير جواباً! ع. ن بيت النمنومي أو بيت جرجية لا بد أن القراء يتذكرون ما كتبته سابقاً بشأن الحلبيين في بغداد إذ قلت: ولم يبق اليوم في بغداد والبصرة من هذه الأسر المستوطنة التي لا ريب في أصلها الحلبي سوى عشر أسر (راجع لغة العرب 3: 361) فبيت النمنومي المعروف عندنا اليوم ببيت جرجي أو جرجية هو من هذه الأسر العشر الحلبية الأصل بل وأقدمها الآن الجد الأعلى لهذا البيت جاء بغداد قبل أوائل الربع الأخير من القرن الثامن عشر وكان اسمه عبد الله ابن القس فرج الله السرياني. ومن الظاهر أنه كان يتعاطى البيع والشراء في الزوراء ونواحيها ولهذا كثيراً ما كان يتردد إلى قرية كبيرة في لواء الديوانية مشهورة في تاريخ باشوية بغداد قائمة على ضفة الفرات فوق السماوة على مسافة 15 فرسخاً منها اسمها لملوم

وهي كانت يومئذ مركز العرب الخزاعل المعروفين بتحمسهم الديني وبسالتهم في القتال وبزراعة الحبوب والقطاني وبالخصوص الرز منها المشهور حتى اليوم بتمن الدغارة. وقد شهد القنصل الفرنسي جاك روسو بخصوص أراضي الخزاعل وجودة أرزها وكثرته حتى أنه كان يكاد يكفي لكافة سكان باشوية بغداد الواسعة الأطراف (طالع كتابه المسمى المطبوع في باريس سنة 1809 ص (59، 60، 61) إذ يدعو القرية المذكورة نمنوم بخلاف نيبهر السائح الدانمركي الذي جال في العراق سنة 1766 فإنه سماها لملوم وهو اسمها الحقيقي (أنظر كتاب رحلته بالفرنسية المجلد الثاني صحيفة 201) وعليه ليست نمنوم إلا من تصحيف العامة لأسم لملوم كما قد صحفوا كلمة الليمون بصورة نومي الدارجة في كل العراق. فعبد الله الذي نحن بصدده - لتردده الكثير إلى قرية لملوم أو نمنوم لغاية البيع فيها وربما للقيام بزراعة بعض الأراضي التي حولها كعادة قوم من نصارى بغداد في ذلك الوقت - لقب بلملومي (ويروي لملومني) أو نمنومي وقد ورد اسمه بهاتين الصورتين أيضاً غير أن الصورة الثانية أي النمنومي درجت وراجت في بغداد وغلبت عليه وعلى أولاده ولم اهتد إلى حل مشكل هذا اللقب إلا بعد الاستقصاء الطويل لأن قليلاً من نصارى بغداد من يعرف أشياء عن أجداده وأحوالهم السالفة. وتأهل عبد الله نمنومي في 22 نيسان سنة 1776 بسيدي ابنة بوغوص (بولس) سيواسلي الأرمني الكاثوليكي الوارد ذكر أسرته في بغداد لأول مرة سنة 1753 وكان اسم أمها هيلي (هيلاني) وسيدي هذه عمة فرنسيس والد لولو امرأة فتح الله نعمان. وتوفى عبد الله في 12 كانون 1 سنة 1798 وأعقب الأولاد التالية أسماؤهم: يوسف وجرجس الذي اعتمد في 21 شباط سنة 1781 وبولس حنا الذي ولد في 10 تشرين 1 سنة 1791 ولا نعرف شيئاً عنه وهيلاني التي تزوجها التاجر الاسطنبولي المدعو مارتينو (مارتينوس) سيمونيان الأرمني الكاثوليكي واسم أمه اسكوهي ورزق في 2 كانون 1 سنة 1798 ابنة سماها سيسيليا وتوفيت في شرخ شبابها في 20 كانون 2 سنة 1820 وأما هو فكان قد قضى

نحبه في 9 تموز سنة 1816 بعد أن نالته النوائب وخسر كل ماله في التجارة وذاق مرارة شدة العوز والاحتياج مع إنه كان في وسع والدته التي في الأستانة أن تنشله من هذه المعسرة بما لديها من المال ولكنها أبت أن تصغي إلى توسلات وتحسرات ابنها المنكود الحظ. 2 - يوسف نمنومي وأولاده أن يوسف بن عبد الله نمنومي كان من صغار التجار وحسن الخط في العربية وقد اقترن في 17 تشرين 2 سنة 1799 بمروشي (مريم) المعتمدة في 20 أيار سنة 1779) ابنة اندريا جوخجي بن عبد الله الأرمني الكاثوليكي واسم أمها شمعوني (المولودة في 5 تشرين 2 سنة 1751) ابنة بانوس (اسطيفانوس) الأرمني الكاثوليكي أيضاً من جلفا التي توفيت في 2 تشرين 2 سنة 1823 وأما ابنتها مروشي فتوفاها الله في 20 كانون الثاني سنة 1814 وذلك بعد مرض طويل احتملته بصبر وشجاعة وقد تركت ابنتين وهما: كترينة التي ولدت في 18 آب سنة 1805 وهي امرأة بحوش (عبد الأحد) بن توماس قسطنطين الكلداني وتريزيا سيسليا لوسيا جرترودة التي ولدت في 1 آذار سنة 1812 وتوفيت في 8 كانون 2 سنة 1824 فتزوج يوسف ثانية في 8 آذار سنة 1815 بكلارة (المعروفة بجدة قبرة) ابنة ميخائيل راجي الطبيب الحلبي الماروني وهي أرملة رجل كلداني اسمه يوسف (أنظر العرب 3: 88) ومات يوسف نمنومي في 21 أيار سنة 1825 عن ابنين من الزواج الثاني وهما: توما ريشا الذي ولد في 21 كانون 1 سنة 1815 ولا نعرف ما جرى له توما فيجين الذي ولد في 17 شباط سنة 1818 والأرجح إنه نزل إلى الهند ونجهل مصيره هنالك. 3 - جرجس نمنومي ونسله وكان هذا رجلاً صالحاً يتعاطى البيع والشراء بالمأكولات البخسة الثمن وقد تزوج أولاً بانيسة (أغنيس) ابنة عسكر الكلداني (لعله من الموصل) وكان لأنيسة أختان وهما سيدي وصوفيا التي تزوجها الياس بن عبد الرحيم الكلداني وأخ اسمه عيسى المعروف بعيسى بلانجي وهو زوج كترينة بنت عيسى الخياط والد

عبد الجبار أفندي) غير أن أسرة عسكر قد اندثرت من عندنا والأرجح أن أول ذكر اسمها في بغداد كان في 17 أيلول 1767 وهو اليوم الذي توفيت فيه مريم امرأة عسكر المعتمدة في 27 حزيران سنة 1745 وهي ابنة كوركيس الموصلي الكلداني واسم أمها حسينة بنت داود الموصلي ويبين أن عسكراً تزوج مرة ثانية بامرأة نجهل اسمها وهي والدة أنيسة قرينة جرجي نمنومي الذي رزق عدة بنات لم يعش منهن سوى اثنتين وهما: كترينة (كتة) التي ولدت في 23 كانون 1 سنة 1822 وتوفيت في 11 آذار سنة 1899 وكان زوجها الأول رجلاً يونانياً اسمه انطون كربك أو كريكو

وزوجها الثاني كارلوس رينكوس من اسوج الذي كان نجاراً في مركب كمت الإنكليزي ويقال إن والده كان والياً في إحدى مدن أسوج ولم يزل كارلوس في بغداد. مريم (مري) التي اعتمدت في 24 آب سنة 1828 وتوفيت في 25 نيسان سنة 1894 وكان زوجها إيطالياً اسمه جاكومي أي يعقوب وكان طباخاً في مركب كمت المذكور. وأما أنيسة أم هاتين الابنتين فتوفيت في الطاعون المشهور بالكبير سنة 1831 فتأهل جرجي ثانية بكترينة (كنو) المولودة في شهر كانون 2 سنة 1812 وهي ابنة عمانوئيل مسيح الكلداني واسم أمها سيدي ابنة ارزوقي فرج أي خالة اوانيس مغاك المعروف بحنا باش وكان لكترينة أخت اسمها انجلة وهي امرأة بدروس الدلال الأرمني الكاثوليكي. وأعقب جرجي من الزواج الثاني بنتا وثلاثة بنين الذين سمو باسم أبيهم المصحف بصورة جرجي أو جرجية وهذا هو لقبهم الشائع والمعروف اليوم في بغداد والبصرة. وأما أولاده فهم: الياس 1 - تريزية (توزة) التي تزوجها رجل ألماني اسمه جون نلسن الذي كان نوتياً في مركب كمت وبعده صار ثنياناً لربانه ولم يزل من نسله 5 إناث في الوجود وتوفيت توزة في 24 تشرين 2 سنة 1904 2 - يوسف 3 - رزوق الذي أعتمد في 31 كانون 1 سنة 1844 4 - الياس ويوسف ورزق الله أولاد جرجي لما كان هؤلاء من المعاصرين لنا ويعرفهم الجميع رأيت أن أورد ذكرهم بوجيز الكلام ولكن يجدر بي أن أقول بالإجمال إنهم قاموا بتربية أولادهم

احسن قيام وهم اليوم من أفضل البيوت المسيحية في العراق ورعا وتديناً وقد نالوا أيضاً بكدهم وجهدهم شيئا من الثروة والمنزلة ونبغ منهم كاهنان فاضلان هما من نخبة الأكليرس السرياني وسيأتي ترجمة كل منهما. 5 - إلياس جرحي إن الياس اقترن في أوائل سنة 1859 بكترينة صابات (المولودة في شهر آب سنة 1835) ابنة اوغسطين بن الياس جبران الكلداني واسم أمها مرثا بنت رحماني الموصلي الكلداني. وأولاده الذين عاشوا هم: مينا ويوسف (الذي تزوج في شهر أيلول سنة 1896 بتاكوهي ابنة يوسف بن عبد الله جموعة الموصلي السرياني ورزق أولاداً) ونعوم واليزة وجونيت (وهذه تزوجها يوسف بن ميخائل بن يوسف ماريني أعني به شقيق صاحب هذه المجلة وهي ابنة خالته وفرج وهو الآن راهب في دير جبل الكرمل. 6 - ترجمة حياة حضرة الخوري عبد الأحد بن الياس جرجي اعتمد المومأ إليه باسم نعوم (نعمة الله) في 15 تموز سنة 1870 وسافر في 14 أيلول سنة 1883 إلى الموصل ودخل المدرسة الأكلريكية القائم بإدارتها الأباء الدومنيكيون ورقاه إلى درجة الكهنوت سيادة المطران بهنام بنى إذ كان نائباً رسولياً وذلك في كنيسة الطاهرة الكاتدرائية في 14 أيار سنة 1893 ودعى عبد الأحد ولما عاد إلى وطنه بغداد أخذ يدير بجدارة مدرسة الأبرشية وعلم فيها اللغة الفرنسية مدة عشر سنوات حتة سنة 1903 وقد سافر فيها راعي الابرشية سيادة المطران اغناطيوس نوري تلبية لدعوة غبطة البطريرك افرام رحماني فأقامه حينئذٍ سيادة المطران المذكور نائباً عنه في ابرشيته التي ساسها مدة ثماني سنوات وفي 23 تشرين الأول سنة 1910 رقاه غبطة السيد افرام رحماني إلى رتبة الخوري الأسقفي وذلك في أثناء زيارته زيارة راعٍ لأبرشية بغداد وفي شهر أيار سنة 1911 سافر من بغداد وطاف سورية وبعض بلاد أوربا ترويحاً للنفس. وبعد ذلك أتخذه السيد افرام رحماني كاتماً لأسراره وأقامه

خوريا لسريان بيروت ثم عاد إلى بغداد في 14 تموز سنة 1913. ومن أعماله انه شيد مذبحين جميلين داخل كنيسة بغداد وهما المذبح الكبير ومذبح قلب يسوع واعتنى بتأسيس ونشر عبادة هذا القلب الأقدس في مدينة بغداد وترجم وصنف عدة كتب روحية. وإليك أسماء الكتب التي ترجمها من الفرنسية: 1 - المنتخبات الكنبيسية، في الحياة القدسية، وهي خمسة مجلدات طبعت في مطبعة الأباء الدومنيكيين في الموصل سنة 1898 إلى سنة 1903. 2 - كتاب الحرب الروحية 1900. 3 - سيرة امرأة فاضلة فرنسية وهي السيدة ايونس دكوت نشرت تباعاً في النشرة المسماة (إكليل الورود) التي كانت تطبع في الموصل سنة 1909. أسماء الكتب التي صنفها 1 - كتاب التعبد لقلب يسوع الأقدس طبع في الوصل سنة 1902 ثم أعيد طبعه مصححاً سنة 1909. 2 - اثنتان وثلاثون مقالة روحيو نشرت في النشرة المار ذكرها. 3 - كتاب المسلك الحميد، من مريم العذراء إلى يسوع المجيد، طبع في بيروت سنة 1912 في مطبعة الاتحاد. أسماء الكتب المصنفة والمعدة للطبع 1 - كتاب الإرشادات الروحية في عبادة قلب يسوع الأقدس. 2 - كتاب علم الإخلاص. 3 - تاريخ ابرشية بغداد السريانية. 7 - يوسف بن جرجي اقترن يوسف في 11 نيسان سنة 1861 بلولو (المعتمدة في 1 تشرين 1 سنة 1849) ابنة داود بن ججو فطر الكلداني الموصلي واسم أمها سارة ابنة إبراهيم الأعرج السرياني الموصلي وسارة هذه تكون عمة المرحوم الياس ججو. وتوفى يوسف في 2 تموز سنة 1884 وأولاده هم: مدولة المتوفاة قبل بضع سنين (وكانت امرأة جبوري بن فتوحي الحلو) ومريم (امرأة يوسف بن فتوحي الحلو المتوفى) ويعقوب وريجينا (امرأة بجوجو ابنة يوسف نلسن) وجورج المتوفى في البصرة سنة 1908.

الحيدرية

8 - ترجمة حضرة الخوري يوسف بن يوسف جرجي اعتمد المذكور باسم يعقوب في 4 تشرين 1 سنة 1868 وسافر إلى الموصل مع ابن عمه نعوم (الخوري عبد الأحد) للغاية عينها ورسم كاهنا معه باسم يوسف في يوم واحد وبعد رجوعه إلى بغداد سافر ثانية إلى الموصل في شهر حزيران سنة 1897 وذلك تلبية لدعوة غبطة البطريرك بهنان بني ولما عاد إلى الزوراء عينه سيادة المطران اغناطيوس نوري لخدمة جماعة البصرة السريانية فسافر إليها في شهر كانون الثاني سنة 1898 وسعى هناك بتشييد ثلاثة معابد للسريان والواحد في البصرة والثاني في العشار على نفقة الخواجا يوسف مارين والثالث في العمارة اللاحقة بالبصرة واهتم أيضاً بفتح مدرسة للطائفة السريانية وهو الآن ساعٍ وراء ترقيتها وتحسين أمور جماعته بهمة ونشاط. وكان قد رقاه في مدينة البصرة إلى رتبة الخوري الأسقفي السيد اغناطيوس نوري وذلك عند عودته من الهند في شهر أيار سنة 1900 وقد ترجم من الفرنسية إلى العربية كتاب ظهور سلطانة لورد وطبعه في الموصل وسافر إلى أوربا سنة 1913 وجلب معه من هناك جملة أشياء لزينة المعابد التي أقامها في ولاية البصرة. 9 - رزق الله جرجي تزوج هذا الفاضل في سنة 1874 بمدولة ابنة بشوري (بشارة) بن قرنسيس بطرس نيسى الكلداني واسم أمها لوسي ابنة بتراك (بطرس) بن يغيا (ايليا) الأرمني الكاثوليكي ورزق له أولاداً وهم: جميلة وهي امرأة رزق الله بن داود (المدعو بيو بن عمانوئيل بن إسحاق السرياني) وفضل الله المتزوج برزوة ابنة جاني لورنس في 26 نيسان من هذه السنة) وميري (امرأة نعوم بن موسى توما الكلداني) ويوسف ومنيرة (وهذه هي امرأة سليم بن الياس بن موسى الطويل الكلداني) وجوجو (جوزفينة المخطوبة لجرجس بن سلومي ابن الشماس جرجس الحلوة السرياني). فنعم الجد ونعم الذرية! الحيدرية 1 - لمعة عامة في أهل هذا البيت في الزوراء بيت شريف المحتد، عريق النسب، كثير العلماء، شهير بالفضلاء

والأدباء، اسمه (بيت الحيدرية) وأول من نبه منهم الجد الأعلى الشريف (أحمد الإعرابي) وكان من بادية الحجاز فتحضر في المدينة فأصبح من أكابرها المعدودين وممن يشار إليه بالبنان. ويتصل نسبه بموسى الكاظم. وقد هاجر بعض من سلالته إلى العراق، والبعض الآخر إلى بلاد ما وراء النهر فالذين احتلوا العراق جاءوه أيضاً من بلاد وراء النهر، وكان أول نزولهم في البصرة الفيحاء، فأقاموا فيها معززين، وما ابطئوا أن غدوا من ساداتها العظام، ورؤسائها الفخام، يأخذون جزية اليهود والنصارى والصابئة، الذين كانوا يومئذ في البصرة. ثم أبدلت الجزية بدراهم معينة في عهد السيد عبد الغفور الحيدري مفتي الشافعية في بغداد. وكان يتقاضاها من خزينة البصرة وكان لهؤلاء السادة عدة قرى في جوار بغداد مثل شهربان وهبهب وشروين وغيرها. ونحو ثلاثين قرية في نواحي شهرزور وذلك من عهد السلطان سليمان خان (الذي ملك من سنة 1520 - 1566م) إلى أيام السلطان عبد المجيد (1839 - 1861م) وأما اليوم فإن السادة الحيدرية وإن كانوا أغنياء ولهم أراضٍ كثيرة واسعة؛ بيد أنهم لا يضارعون أجدادهم بوفرة حطام الدنيا. وكان إفتاء الحنفية والشافعية في دار السلام منحصراً في السلالة الحيدرية قبل وقوع طاعون بغداد الجارف (الذي اجتاح المدينة سنة 1247هـ) 1831م) ثم انحصر بهم إفتاء الشافعية فقط. وجميع إجازات علماء العراق تنتهي إلى الحيدرية وتنتهي إليهم؛ بل وبعض إجازات بلاد الروم (بر الأناضول أو آسية الصغرى) تنتمي إلى أحمد بن حيدر صاحب المحاكمات الشهير. وأما الذين ظعنوا إلى ديار ما وراء النهر. فإنهم أصبحوا هناك أيضاً من أمرائها العظام. وفضلائها الكرام بل نشأت منهم الدولة الصفوية، في الديار الفارسية. واتصال هذه الدولة بالحيدرية يرتقي إلى الشيخ صدر الدين ابن القطب الشيخ صفي الدين أبي الفتح إسحاق. وكان الصفوية على مذهب أجدادهم مذهب السنة والجماعة، ثم تشيعوا، وأول من عدل منهم عن سنة آبائه وزاغ عنها إسماعيل شاه الصفوي وذلك إن واحداً من أصحاب هذا المذهب نفث في صدره أنه إذا تشيع هو وعسكره يقهر عدوه السني السلطان سليم خان ويورده حياض الخاسرين الخاسئين، ففعل، إلا أن الواقع لم يحقق ما كان في النفس من الأمنية. قال السيد إبراهيم فصيح بن صبغة الله الحيدري، وهو الذي أخذنا عنه معظم

أنبائنا وإفاداتنا: (إن الشيخ صفي الدين رأى في المنام أن قد خرج من يده اليمنى نور امتد إلى عنان السماء ومن يده اليسرى كلب. فلما أفاق قص رؤياه على أحد المعبرين فأول النور بأنه سيكون له ولد يتناسل منه العلماء إلى انقراض الدنيا وأما الكلب فإنه سيولد له ولد يتناسل منه أناس رفضة خوارج عن جادة الكتاب والسنة والجماعة وقد وقع ذلك. لأن الحيدرية من لدن صفي الدين إلى يومنا هذا، ولله الحمد، لم تنقطع العلماء منهم. بل ورثوا العلم عن أب وجد ولا فخر. وأسال الله تعالى أن يمد ذلك إلى قيام الساعة كما أول ذلك. والملوك الصفوية ارتدوا على أعقابهم وترفضوا وتركوا مذاهب آبائهم أهل السنة والجماعة. فنعم الجدود؛ ولكن بئس ما خلفوا!) (انتهى كلامه بحرفه وكنا نود أن لا يعبر المؤلف مثل هذا التعبير لخروجه عن جادة الآداب العصرية). هذا كله من جهة النسب إلى الأب الأعلى. أما من جهة الأم فإن السلطان حسن الايلخاني المعروف بسلطان حسن الطويل أو الشيخ حسن الكبير الذي ملك بغداد وأمد (ديار بكر) وخراسان ونواحيها كان فارغاً من هذه الدوحة العريقة في الشرف وقد توفى الأمير المذكور سنة 757هـ 1456م) 2 - اسعد صدر الدين إذا وعيت ما قرأت ثبت لديك أن هذا البيت بل الأولى هذه الدوحة كثيرة الفروع والأفنان وشيجة العروق منشعبة الأغصان، والإحاطة بمن نبغ من رجالها من الصعب العسر الحصول عليه. إلا إننا نذكر بعض من اشتهر ذكره في العراق وامتد صيته إلى أبعد الأفاق، فمنهم اسعد صدر الدين مفتي الحنفية ببغداد وهو ابن العلامة عبد الله الحيدري البغدادي وكان من الرجال الدهاة. وكبار الرواة. ذا هيبة ووقار، وجاه كبار، نال من القبول والكلمة النافذة بين العباد، ما جعله بين أول مستشاري ولاة بغداد. ودرس العلوم العقلية والنقلية أربعين سنة متوالية وعاش حتى ناهز عمره الثمانين من الأعوام، وأخذ عنه العلم عدة علماء أعلام. منهم: العلامة الكبير، والوزير الخطير، والي بغداد الشهير، داود باشا فإنه لازمه قبل الوزارة سبع عشرة سنة وقر عليه المعقول والمنقول حتى فاق أقرانه ومما يؤسف له أننا لم نستطع أن نتوق للعثور على تاريخ ولادته ولا على سنة وفاته. 3 - تآليفه أما تآليفه فمها: 1 - حاشية على تحفة المحتاج للشيخ العلامة ابن حجر الهيتمي

المكي. حاكم فيها بين المحشين على التحفة. جمع فيها وحقق وأوعى 2 - حاشية على المحقق عبد الحكيم الهندي على الخيالي 3 - حواشيه على حاشية العلامة اللقاني المصري على شرح الغزي للتفتازاني في علم الاشتقاق 4 - حواشيه على حاشية القرباغي في المنطق 5 - حواشيه على حاشية العلامة الطحطاوي على الدر المختار 6 - شرحه على اللغز البهائي المشتمل على علوم شتى وغيرها من التعاليق والحواشي والشروح المفيدة المختلفة. ولكن لم نقف على شعر له منظوم ولا على كتب تاريخية ولا على مصنفات رياضية، ولا على وصف بلدان أو قبائل أو نحو هذه الأبحاث الرائقة من عقلية وأدبية ولغوية. 4 - صبغة الله الحيدري وولداه ولد صبغة الله بن إبراهيم الحيدري في قرية (ماوران) ورحل إلى بغداد في صباه فاستوطنها. وهو شيخ مشايخ علماء بغداد في عصره وقد أخذ عنه العلم معاصريه في الموصل وبغداد وما بينهما. وكانت وفاته في بغداد في طاعون سنة 1187هـ (1773م). وممن نبغ من أولاده الملا عيسى، فإنه كان فاضلاً أديباً تلقى العلوم عن أبيه صبغة الله فبرع فيها ولما جاء بغداد أمين العمري قرأ عليه أيضاً واستفاد منه شيئاً كثيراً. وتوفى قبل أبيه. - ونبغ أيضاً ابنه الآخر حيدر مفتي بغداد وعالمها. أخذ العلم عن أبيه ففاق أقرانه وذويه. أقام بالإفتاء مدة طويلة في حياة والده إلى أن توفى بطاعون بغداد سنة 1187هـ (1773م). وممن أخذ عنه علمي المعقول والمنقول: أمين العمري ومن قبله شيخه السيد موسى الحدادي الموصلي، والعلامة الملا جرجس الاربلي، والملا حمد الجميلي، وخير الله العمري، وغيرهم. 5 - تأليفه له تآليف عديدة منها: 1 - حاشيته على البيضاوي 2 - حواشيه على حواشي المدقق عصام الدين على شرح الكافية للجامي 3 - حواشيه على الحاشية المسماة بالمحاكمات على العقائد الدوانية لجده العلامة أحمد بن حيدر 4 - حواشيه على الكتب الحكمية الصعبة المأخذ إلى غيرها.

وقفة تجاه السن

وقفة تجاه السن أنا أبكي إذا رأيت الرسوما ... باكياتٍ ترثى علاها القديما لهف نفسي على ربوع كرامٍ ... تنظر العين ركنها مهدوما فأنا دائماً كدجلة أجري ... دونها دمع عيني المسجوما ومن الحق أن أنوح عليها ... فرسوم الكرام تبكي الكريما أيها اللائم المعنف نوحي ... أنت أنكرت حقها المعلوما فلهذي الرسوم شأن عظيم ... وبكائي لشأنها تعظيما لا تقل أنها غدت بالياتٍ ... أن فيها للمجد ذكراً مقيما أيها (السن) إن مجدك باقٍ ... وإن العظم منك راح رميما ليس تفني الأيام رسماً لقومٍ ... لم يزل ذكر مجدهم مرسوما كنت قصراً لآل (برمك) يا س ... ن يضاهي منك العلاء النجوما كنت للبائسين مأوىً وملجأً ... كنت للمعدمين ملكاً عظيما كنت للخائفين حصناً حصيناً ... كنت للائذين ركناً قويما كنت للفضل والمكارم ربعاً ... كنت للجود كعبة وحطيما هدك الدهر لا لذنبٍ ولكن ... خلق الدهر للكرام خصيما إبراهيم منيب الباجه جي

الأسطول الطيار

الأسطول الطيار خذ أماناً من حادثات الزمان ... وتيقظ لطارق الحدثان وتأهب إلى الحوادث ما أسطع ... ت ولا تغترر بصفو الزمان وإذا ما دعاك للسلم يوماً ... لا تكن من حروبه في أمان أو ترى قد صفا به لك عيشٍ ... فاخش إن الزمان ذو ألوان ما رأينا مثل الليالي نذيراً ... غير أنا في غفلة وتوان فإذا ما أصبت منها برزء ... فاخش أن لا تصاب منها بثان سر لما شئت لا مناص من الحت ... ف ولو كنت في ذرى كيوان إن من ينظر العواقب يمسي ... في أمان من الأذى وضمان لا تظن الزمان يصفو لحر ... خلق الدهر فتنة الإنسان نحن إذ نطلب المعونة منه ... ثم يرجو منه حصول الأمان نبتغي البرء من سموم لأفاعي ... ونروم الأمان من ثعبان لم ينلنا من سلمه غير أشيا ... ء تراءت لملة الوسنان إن من حاول العلى بالأماني ... قابلته الأيام بالحرمان ورجاء الأمان من حادث الده ... ر كراجي الندى من النيران وإذا سلطت صروف الليالي ... قطعت سيف عنتر ببنان أو تنسى بجانب الغرب ملكاً ... كيف ضحى مزعزع الأركان قوضت ركنه الليالي وقد ... دارت عليه دوائر الدوران كان كهفاً عالي الذرى مشمخراً ... مطمئناً بالأمن والأيمان نسفته حوادث الدهر نسفا ... مثل نسف الرياح للكثبان شمله عاد نثرةً بعد ما قد ... كان يعنو لنظمه الفرقدان أقفرت من تلك العراص ربوع ... وتخلت مواطن ومغان حلها البوس وهي بالأمس كانت ... جنة ذوات روضة أفنان عاد فيها روض السرور هشيما ... باكرته عواصف الأشجان كان ديباجه الأقاليم يزهو ... فيه روض للحسن والإحسان أصبح اليوم معقلاً للأعادي ... ومقاماً للظلم والطغيان

فترى كل ضيغم بين أيديه ... م يقاسي طعم الردى والهوان يشتهي منهم الأمان وقد حيل ... أسى بين العير والنزوان قد أبانوا عداوة أضمروها ... من قديم الأيام والأزمان هتكوا حرمة الهدى وأضاعوا ... فيه عهد المهيمن الديار غصص تصدع الجبال خطوبا ... كاد يهوي لها ذرى ثهلان أوشكت تطبق السماء على الأر ... ض فلولا لطافة الرحمن غير أني أرى بغمد المساعي ... قد تجلى للنصر سيف يمان فببأس الأسطول لا شك أن نر ... قي ونحظى بشاردات الأماني هو حصن عالي العماد زعيم ... في أمان البلاد والأوطان لم يزل حارساً بعينيه يرعى الم ... لك طراً بطرفه اليقظان ساحباً في علوه ذيل فخر ... فوق هام الجوزاء والسرطان يخجل البرق سرعةً وسناءً ... مشرق الومض دائم الخفقان زاحم النجم رفعة وعلواً ... فاق نسر السماء بالطيران سابق الريح فهي أمست لديه ... تشتكي السبق خلفه في الرهان يصبح الشرق عند مسراة غربا ... فتساوى بسيره الخافقان وإذا الدهر قد تأبط شراً ... رده ناكساً إلى الأذقان حامل للهياج آساد غيل ... شاكيات السلاح للعدوان إن دعتها العداة للحرب يوماً ... جاوبتهم بالسن النيران إن بدا منه للمنية رعد ... يمطر الحتف من سماء دخان وغدا يمطر القنابل من سح ... ب المنايا كالعارض الهتان قام في منبر المنية يتلو ... قائلاً كل من عليها فان ويقيني أني أرى اليوم قومي ... ساوموه بالمال والأبدان إن دعاهم داع إلى الرشد لبوا ... بفؤاد المتيم الولهان يا لقومي هذا سبيل المعالي ... لاح كالشمس واضح البرهان فاطلبوه ودافعوا لضد عنكم ... قبل ما أن نحل دار الهوان وأسمعوا القول وانظروا غاية الأ ... مر فقد طال حادث الشنآن وخذوا أهبة القتال وسنوا ... صارم العزم من فرند الجنان

نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق

إنما المرء بالعزائم يرقى ... هل حسام يدمي بغير بنان واتقوا الله واسمعوا وأطيعوا ... ما استطعتم بالسر والإعلان وخذوا حذركم فقد بلغ السي ... ل الروابي وعم كل المغاني أولم تنظروا العدو بكم حا ... ط وأنتم برقدة الوسنان فاعدوا إليهم ما استطعتم ... من سيوف بيض وسمر لدان ضاق منا الخناق واتسع الخر ... ق ودارت دوائر الحدثان واجمعوا أمركم إليه وكونوا ... باتحاد القلوب كالبنيان لا تردوا زند العزائم صلداً ... خالياً من أشعة النيران وانبذوا الحرص والجهالة عنكم ... إنما بالجهل والعصيان كتب الله للأنام فروضاً ... ومن الفرض طاعة السلطان مثل بن ناصر الحلي نبذة من تاريخ بغداد والبصرة والمنتفق تابع لما قبله وفي هذه الأيام اهتموا الأعيان والمشايخ في صف بقج هدايا إلى أسعد باشا

ليصحبوها معهم ويواجهوه حتى أنهم اشروا مبالغ من مال صورتي وكجرتي وأكثره تمام زر ونيم زر نقج لائقه لوزير ابن وزير وكان توجههم نهار الأحد 12 صفر (1228هـ) (1813م) وكان الحاج يوسف الزهير شد هدية مفتخرة من قماش وتفاريق وتمام زر وشوش جوزه ومسابح لولو وأرسلها مع ابنه حاج عيسى قبل توجه ليتسلم والأعيان وما بقي بالبلد سوى ديوان أفنديسي سابقا وضع قايم مقام وهو حمور رستم غا وعنده كم واحد من أوادم الباب وبما أن الشيخ العكيل ناصر الشبلي ممسوك ومحبوس وفي البصرة نسيبه شيخ مبارك شيخ العكيل حالاً. شرد إلى الزبير ولبسوا عوضه مخرج بن دهام الذي أخوه عند شيخ حمود ولهذه الأسباب وفراغ البلد من الحكام لا زالت الناس يتحسبون من الشر والفساد والأسواق ليس مستأمنة وفي يوم 14 صفر سنة 1228

وصل خبر من عند حمود من الواردين بأنه يوم الخميس 10 ص مات برغش ابن حمود من عظم الصوابات التي اصابته (0) وحالاً مضى راشد أخو حمود إلى سوق الشيوخ وقتل عبد الله باشا وكهيته طاهر اغا وقيوجيلا كهيسي وفنوهم وأما ناصر الشبلي أشترى دمه بخمسين ألف غرش عين وجابوه من السوق إلى عند حمود وبقي مقيد وحين وصل الخبر إلى أسعد باشا طلب روس المقتولين فقيل إنه نبشوهم من قبورهم وقطعوا روسهم وأتو بهم لكي يرسلهم إلى بغداد لأنه حين وصل خبر انكسار الأوضي صار ببغداد فترا واغات الينيجرية حاصر بالقلعة وأختبطت البلد وأما عرب المنتفق لازالوا يتجاسروا على اختلاس خيل وحوايج العسكر الضعيف لأن. . . . لباس القاووق حصل في بهدله واحتقار لا يوصف من العرب إلى أن ضاقت بهم واشتكوا إلى اسعد باشا وحالاً رحل من قرب حمود وبعد عنه كنحو ثلاثة ساعات وتنبه بالأوضى أن ينطروا دوابهم بالليل من الحرامية ومضى الشيخ حمود لمواجهة سعادته وسؤال خاطره فأمر له أن يعطي من البصرة 30 ألف عين نقدي ودفتر تفاصيل وشال وشكر وقهوة يبلغ مقدار 20 ألف وأتى بها بير ولدى إلى المتسلم في أعطاها وكان وصول ذلك يوم الثلاثاء 15 ص وكان المتسلم (قد) توجه (و) وصل الأمر بيد القايم مقام وجمع التجار وأعطوه جواب عن النقدي

ما يخصنا بل يبقى إلى وقت حضور المتسلم وأما التفاصيل والشال وغيره نتوازعه وكل يقدم من عنده ما يحصل إلى ن يصير حاضر إلى وقت مجيء المتسلم على أن يسلموه إلى السيد على ابن سيد حسين وكيل حمود. وفي 16 ص نهار الأربعاء ويوم الخميس دخل إلى البصرة جملة عربان من المنتفق وغيرهم واختلت البلد لأن البعض منهم مضوا إلى السوق وبلصوا لدكنجيه بشيء يساوي 5 رومي أعطوا 3 رومي ولذلك خافوا الناس وسكرت الأسواق ويوم الجمعة ما عاد يوجد أحد بالدروب وانتصبت القلقات في القهاوي والأسواق ففي يوم السبت 19 ص وصل جوقدار راجعاً من عند المتسلم قبل وصوله إلى الأرضي ذو وصل له كرك ثاني للمتسلميه من قبل أسعد باشا وحيث هو متوجه لمواجهته سار بطريقه وأرسل أحد جوقداريته بالمجدة للبصرة وصار شنك بالصراي واستقرت البلد نوعا بوصول المجدة (0) ويوم 24 ص وصل الحاج

عيسى زهير إلى البصرة راجعاً من مواجهة اسعد باشا وقد قبل الهدية منه وانعم عليه وأمر بفرس جيدة مرختة أن تعطى له لأجل والده الحاج يوسف مع بير ولدي بخصوص الكمرك أن يعطي 3 في ال 100 حسبما كان يعطى في أيام عبد الله باشا ومعه تواردت الأخبار عن عزل المتسلم وقبطان باشا وغالب الدائرة وفي يوم الأحد 27 ص وصلوا الأعيان والمشايخ ويوم الاثنين 28 ص دخل المتسلم سليمان بك فخري زاده الذي هو موصلي الأصل وكان دخوله بالالاى وقرأ فرمان متسلميته من اسعد باشا وجخل معه رستم اغا متسلم البصرة سابقا لكي يحاسبه وحضر معه كمركجي نعمان اغا وقبطان باشا عمر اغا سهر إبراهيم اغا واستقرت البلد وامنت الناس وحال المتسلم طالع دلال على الحنطة لا أحد يأخذها إلى برات البلد ولمن أهل البحر تنبيه صارم لأنها كانت المن في 7 والرز الجات في 8 والبصري في 5 وإذا ما خرج من ذلك شيء إلى خارج البصرة يتناسب أثمانه من غير تنبيه. ثم في أوايل شهر ربيع الأول رحل اسعد باشا وسار معه شيخ المنتفك حمود ومعه مقدار ألفين خيال برفق الباشا يوصل معه إلى بغداد ويمروا على العربان والعشاير الذين على طريقهم (وأما ما كان من الأمر الوارد من اسعد باشا بثلاثين ألف غرش كما تقدم القول وكان رستم غا توجه من البصرة فقد ترك وما سلموه إلى وكيل حمود ولكن لزم للوزير خاير واشتراها من آل سوق الشيوش بمبلغ 30. 000 رومي

ثلاثين ألف عين وكان هناك بالودي حاج عيسى الزهير فأمر الوزير في بيورلدى إلى الحاج يوسف بمبلغ 20 ألف وإلى ابن رزق بألف 6 وشيخ سالم ألف 4 بأنهم يدفعوا ذلك وبعده يحولهم على الكمرك في البصرة والحاج عيسى تكفل إلى أصحاب الطلب بالمبلغ وفي أوائل شهر ربيع الأول أنطلب ذلك المبلغ وأما هم أي التجار المذكورين فرضوا منه على التجار الباقين من الإسلام وخصصوا إلى اليهود مبلغ ألف 5 وللخواجة جبرا 700 رومي وقبضوها إلى أهل سوق الشيوخ قيمة الذخائر وبعده أيضاً انطلب من الباب دراهم واخذوا من التجار) وسار الوزير في طريقه ومعه الشيخ حمود ووصل إلى بغداد وكان دخوله إلى بغداد نهار الربعه 15 (ربيع الأول) سنة 1228هـ (1813م) بالفرح والسرور من آل البلد جميعاً وقبل دخوله طلع لملاقاته السيد عليوي ينيجر اغاسي ولبسه وأمنه وبعد دخوله أيضاً لبسه ولبس درويش اغا القائمقام على وظيفته لأن داود أفندي ما قبل أن يلبس كهيه وابن الشاوي جاسم بك لبس باب عرب وتمكن بالشغل وأما من جهة حمود فأقام برات البلد بعد دخول الوزير بأيام 5 ودخل بإكرام من قبل الوزير ونزل في حوش سليمان باشا وصار له تعيين من الباب ومعه أولاده عدد 2 فيصل وطلال وإخوانه منصور وعبد الله وبراك ابن أخيه وبعض

الاتباع من أوادمه وبقية عسكره وزعوه على بيوت الاغاوات وأقام في وهو بالصداقة والمودة مع اسعد باشا وقيل إن الباشا يروح يزوره في بعض الأيام وما يخرج من البيت بما إنه كفيف واستقرت البلد ولكن صار بها غلا الحنطه صارت الوزنة في 14 والرز في. . . وهلم جرا بقية وفي أواخر شهر ربيع الثاني سنة 1228 (1813م) حضر إلى البصرة عليوي مقيداً مساق بأمر الباشا وضعوه بالسراي محبوساً وقيل أنه عليه بقتلة ولكنهم مهلوه بالبصرة إذ أن مستر ريج باليوز الإنكليز صد وبينهم صداقة كلية ويوملوا بخلاصه وإذ قد حضر أمر بالعفو عنه ولكنه محبوس وفي 11 جا (أي جمادي الأولى) سنة 1228 (1813م) حضر عبد الرزاق اغا باشا جاوش الإنكليز من بغداد ومعه بيورلدى من الباشا في إطلاق سيد عليوي من الحبس وإنه يجلس في بيت الإنكليز ويتعين له في الشهر ماية عين لمصروفه وحالاً مضى عبد الرزاق اغا وأخرجه من السراي وأتى به إلى الفكترى واعطوه أوضتين وقد قبله مستر كوهين بكل كرامة لائقة وبعده في 18 جا توجه مركب مناريس وأرسلوه صحبته إلى بوشهر وأما ما كان من طرف سليمان بك متسلم البصرة فإنه كما تقدم القول يوم وصوله نبه على الحنطة لا تخرج من البلد وقد استقام التنبيه كم يوم قليلة وراحت إليه الناس وتكلموا معه وقبل الرشوة وصاروا يشحنوا بتاتيل إلى البحر وصارت الحنطة قليلة وثمنها من 7 إلى 8 والتمن كذلك غلا

ما تسنهاب المتسلم لأنه افيونجي وكل ساعة عقله في رأي نظير الجهال العديمين المعرفة وعدا ذلك صدر منه شفاعات كلية والدائرة غالبهم صاروا يشربوا عرق وشراب وسكر وهو دائماً مكيف من الأفيون ويحكم حكومات بغير استقامة وصارت الناس تنفر منه والتجار كذلك غالبهم تخاربوا معه ومنهم الحاج يوسف الزهير وطلع للزبير وبقي هناك ومستر كوهين باليوز الإنكليز كذلك احتصر منه وقيل إنه كتب في حقه وقبله موسيو رايمند باليوز فرنسا كان متزاعل معه واقتضى له التوجه لبغداد لسبب وفاة موسيو اندريا كورنسه وتوجه من البصرة وهو زعلان من المتسلم ولا عاد بوجد في البصرة أحد راضي منه وفي غرة جا وصل لبغداد ناتارية بمجدة الطواخ إلى اسعد باشا وصار شنك وفرح وافي الخبر إلى البصرة في 11 ج (جمادي الأولى) وصار شنك وبعد ذلك في نصف جا نهار السبت طلع الشيخ حمود من بغداد بعز وإكرام

جزيل من الباشا وقد نال من الباشا والدائرة أموال غزيرة لا تحصى ولا تعد عدا حوايل التي صارت له على البصرة من إيرادها المراد أن حمود بهذه المادة حصل على لكوك (ليس آلاف) لا يتصدق بها. ولما كان الباشا في السوق عندهم أوهب إلى أخوة حمود غالب كويات البصرة مثل حمدان ومهيكران والسراجه وغيرهم بأن يكون إيرادهم لهم وأما حمود حين راي كل ذاك الإكرام والإيراد عدا خزنه عبد الله باشا بما أنه عاقل مدبر راي أن ما وهب إلى أخوته أولد له اسم كبير وثنياً ليس له بل لأخوته الذي يرغب أن لا يتقووا ويصير لهم إيراد وافر فأخذ من أخوته الأوامر وردها على اسعد باشا بقوله أنا لا أرغب يصير لك خصاره أنت عليك مصاريف وعساكر وهذا شيء لا يناسب أخذه منك وثانيا حين وهبته ما كنت ولي الأمر والآن أنا أرجعه عليك فقبل كلامه واخذ أوامره التي كان أعطاها ويعلم الله كم من العطايا نال عوضها وأدخلها لخزنته وحرم أخوته منها. وفي 20 جا وصل إلى سوق الشيوخ وهو بنفس وزير وصاحب الأمر والتدبير وثبل طلوعه عزل لمن أراد ونصب لمن أراد وبما أن سليمان بك متسلم البصرة من صدقانه ما أراد عزله وبقي في البصرة إلى أن في تاريخ غرة ج (جمادي الثانية) سنة 1228هـ (1813م) من زيادة ظلمه صار من الحنطة في 9 عين مع أنه وقت موسمها والرز الجات في 10 والبصري في 7 وهلم جراً بقية الأشياء وأما من جهة حمود فإنه من جملة الإكرام الذي حازه من الوزير حصل على بلد حمدان التي هي ما لكانه إلى اسعد بيك من أيام أبيه ولها إيراد بالسنه 20 ألف عين فهذهقدمها إلى حمود صباحية دخوله على بنت

آل جشعم التي تزوجها في بغداد وبقية البلاد التي على شط العرب منها كان ضابطها هو وإخوانه من سابق والباقي منها حصلت بيده المراد جميع النخيل الذي على شط العرب ويصير منه إيراد للباشا حصل بيد حمود وبيد أخوته وإن شآؤا يسلموا ميريه لأنهم مصرفين بالأمر ويحكموا ولا يحكم عليهم والصغير من عرب المنتفك بالبصرة يتكلم بنفس عالي لا يرد ولا أحد يقدر يجاوبه والمتسلم سليمان بك مقيماً بالبصرة بقوة حمود والبلد آلت للخراب من كثرة الظلم وعدم الإلتفاتة إلى معاش الفقرا والجور من طرفه ومن طرف الدائرة على كافة أرباب البضائع لأن كافة لوازمهم بلا قيمة ويلتزم كل منهم أن يبيع بزايد حتى يطالع الفرق وحيث لا يوجد من يمانعه اتصلوا على بيع وقية الباذنجان والقرع والبامية المايه التفاح وهلم جرا بقية الأشياء كافة شي لا يوصف ولا يتصدق حصوله بالبصرة والجور على التجار في طلب القرض لأن المبالغ الذي كانوا يطلبوها قطعوا منها جانب وافر من كمرك اموال بنكاله والمتسلم مديون مسبوق والهدايا منه متصله للباب وإلى حمود ويكلف التجار إلى قرض والحاج يوسف طلع للزبير من شهر ربيع الثاني وبقي في الزبير والشيخ سالم توجه للكويت وبقية التجار تعادين أيضاً معه وبقي في الميدان الخواجا جبرا أصفر كل كم يوم يطلبوا منه قرضه وبالجهد حتى يخلص منهم مع أن له عندهم قلم دراهم ولولا نظر مستر كوهين باليوز الإنكليز عليه كانوا أخذوا منه كثير. ومن بعد وصول الشيخ حمود لمكانه توجهت له الهدية من سليمان بك المتسلم

وتوجهوا الأعيان جميعاً لمواجهته حتى بيبي خدوج بنت شيخ قاسم بنفسها ورجلها شيخ قاسم ومن بعد توجههم بكم يوم جاء للبصرة عثمان البريريسي (كذا) الذي كان قبطان ماجوة لا بس شيخ على العكيل وقد انعزل ابن دهام ووقف عثمان عوضه فكان إلى العرب علوفة 7 أشهر بيرق عدد 25 في 25 زلمة تبلغ علوفة 7 أشهر 21 ألف عين والسبب ضيقة الحاصلة عند الباب كانوا يوعدوهم من جمعة إلى جمعة فقاموا بيوم 20 ج (جمادي الأخرى) وطلبوا حقهم وأرادوا يعلموا فرد فذلكة وكان يومئذ الشيخ عبد المحسن ابن رزق مجاورهم تكلم مع كبراءهم وراح للمتسلم توسطه بينهم على أنه بعد 3 أيام يسلمهم فمضى خمسة ولم يكن منه شي فتجمعوا بأسلحتهم نهار الخميس 25 ج وتوجهوا إلى السراي مانعوهم وتوجه شيخهم لعند المتسلم أوعده فأتى ليقنعهم ما أمكن هجموا على السراي وضربوا المتسلم أول بالصخر وبعضهم هجم عليه ليقتله فتحاوطوه الحاضرين وفر بنفسه إلى الحرم فضربوا بعض الاتباع واخذوا من اوضهم بعض الشي وضربوا كم تفك بالسراي وفتحوا الحبس اطلعوا من فيه من ربعهم الحرامية فحالاً لحق إلى السراي الشيخ عبد المحسن رزق ورجعهم واخذ كلام من المتسلم أن يتدارك لهم بعلا يفهم وحالاً المتسلم كتب إلى الشيخ حمود وقوع الأمر وتجاسر العسكر عليه فأرسل له أحد أولاده يقيم في البصرة حتى لا يصير خلاف من أحد لأن الهيبة والخوف صار إلى حكام العرب وأما. . . ما عاد أحد يخاف منه وبهذه الأيام توجهت عربان من المنتفق على قبيلة بني كعب أي بني عامر وداسوا أراضيهم ونهبوا قيعانهم وحرقوا بيوتهم قصدهم ضبط القيعان وحصل تعدي زائد على بني كعب وراحت الشكوجية إلى حمود وبعض من المشايخ حتى إنهم ارتدوا عنهم

بنوعٍ ما ولهذه الخربطات انربط درب الحويزة ودسبول وششتر وبهبهان وما عاد طريق للقواغل التي دائماً يأتي وتجيب أرزاق ومغل إلى البصرة ونأخذ عوض ذلك مال وسقوطات حتى أن الذهب المسمى (اليلديز) كان 5 ل 6 عين نزل إلى سعر 6 من سبب ارتباط الطريق لأن بهذه الأيام يأتي من حويزة مغل من حنطة وشلب بمبالغ وافرة وجميع قيمة ذلك يأخذوه ذهب يلدز إلى الشاه زاده الذي بالحويزة والحنطة من قلتها تساوي رومي 7 إلى 7. فنرجع إلى ما تقدم من توجه الأعيان فإنهم قاموا مدةً إلى أن صار لهم رخصة من حمود بالمواجهة ومنهم البيبي بنت الشيخ درويش صار بينها وبينه كلام وقامت من عنده مغبرة الخاطر وحضرت للبصرة مع زوجها في 12 رجب سنة 1228 (1813) وبقية الأعيان بقيوا هناك إلى بعد كم يوم حضروا للبصرة وقيل إن حمود مراده يأتي إلى نهر عمر. وأما ما كان في بغداد يوم الاثنين في 29 ج سنة 1228 (1813م) دخل القابجي من المحروسة ومعه الطواخ إلى سعادة أفندينا ولي النعم اسعد باشا وصار بدخوله الأي محتفل وحصل الفرح والسرور والقايم بمقام الكهية أرسل مكتوب للمتسلم مع ساعي بالبشارة في وصول الطواخ لأن سعادته معتمد على عزل سليمان بك وكانوا المتقدمين إلى طلب المتسلمية أربعة أولهم إبراهيم اغا الذي كان حكم مرتين بالبصرة وجار على الناس وثانيهم رستم غا الذي كان قبل سليمان بك وثالثهم بكر آغا ورابعهم مصطفى آغا ابن صاري محمد آغا وسبب عاقة إعطاء المتسلمية لأحدهم حتى تصل الهدية التي موعد بها سليمان بك وأما هو كان مؤخرها لنه محتسب إلى العزل وفي 25 ب (رجب)

نهار الجمعة وصل للبصرة بيرقدار اسعد باشا ومعه صورة فرمان الدولة العلية وجخل في هلاي وتلي الفرمان باسم محمد سعيد باشا والي بغداد وبصرة وشهر زور وبعده بيورلدى من سعادته بتقرير المتسلمية لسليمان بك وبعده قروا فرمان من الدولة بخصوص انتصار محمد علي باشا والي مصر على الوهابي وبعده بيورلدى بهذا الخصوص وإنه يصير دعا للسلطان محمود خان وصار شنك في الصراي. ومن البلدة والمراكب رموا أطواب وسليمان (بك) أمر على الشنك سبعة أيام الصبح والعصر فيوم الخامس من الشنك نهار الثلثا ضج الخبر في البلد بأن سليمان بك معزول ونصب غيره متسلم ومقبل للبصرة وحالما بلغ إليه الخبر أرسل أخرج الهدية من الماجوة (لأن كان حملها ليرسلها مع الخزندار وخفاها ووزع غير أشياء من عنده. وثاني يوم نهار الأربعاء في غرة شعبان توجه كعادته إلى الكمرك وفيما هو جالس وصل باش جوقدار متسلم الجديد الذي هو مصطفى اغا ابن صاري محمد اغا ودخل عليه للكمرك ورفعه إلى الصراي وقيل إنه صاح فيه وأقامه بنفس عالي ووضعه في الخزنة وعليه بيرقين براطلية ينطروه وحبس الخزندار ومحرم بك والجبه خانجي في قناق التفنكجي باشي بالحديد وأظهر بيورلدى إلى سليمان أفندي الدفتر دار بأن يكون قايم مقام إلى حضور مصطفى آغا وفرحت الناس في ارتفاع سليمان بك الذي حرق قلوب الفقراء وحالاً ثاني يوم الحنطة أنوجدت بالسيف (وتهاود) ثمنها إلى حد رومي 5 وبعد كم يوم صار الأخبار تتوارد من الناس بأن مصطفى اغا ظالم وجرى. وحاله ابلغ من سليمان بك وأزداد التواتر عنه ثم ظهر خبر بأنه عزل وأعطوا المتسلمية

إلى رستم اغا وانقطعت الأخبار عن بغداد مدة إلى يوم 18 شعبان وصل ماجوة من بغداد وأخبرت بهمة حضور مصطفى اغا ويوم 21 شعبان نهار الثلاثاء وصل إلى المناوي وثاني يوم الأربعاء صباحاً 22 شعبان دخل للبلد والأعيان والالاي ما لحق عليه لأنه أسرع بالركوب وجاء ودخل الصراي من باب الشرقي الذي عند باب المطبخ على العشار ليس من باب الكبير حسب العادة وطلع للديوان واجتمعت الأعيان وقرى البيورلدى وصار الشنك وثاني يوم حالاً ابتدأ في تحصيل الطلب الذي عند سليمان بك لأن باقي عليه قلم وافر للباب عدا دين التجار على الكمرك ومنهم (لهم) عليه خاصةً وجميع الوهم الذي كان ملتحق بالناس من جهته ما ظهر له أثر ولا تفاضل في شيء يضر البلد كلياً. وأما ما حدث بهذه اليام على أهل البلد عموماً أن العادة بالبصرة في أيام قص العتق (العذق) الذي هو في شهر أيلول وتشرين يصير أمراض حميات وأما بهذه السنة أبتدت الحميات من شهر تموز وتزايدت في شهر آب ومع الحميات حدث نزول نقطة الذي يسموه ضمله كثيرين أنام في حال الحمى ينزل عليهم النزول وسريعاً يموتون حتى أن أناس من المسلمين ومن جملتهم السيد شعبان أحد أعيان البلد مساء كان طيب ما فيه مرض وفي الليل نزل عليه النزول وحالاً مات ومن المسيحيين توفى الخواجه يوسف أصفر وكان مبدأ مرضه في 24 تموز شرقي (1813م) حمى وكان قبلاً بكم يوم يخرج دم. فمن عظم الحمى انقطع عنه الدم يوم الخميس في 31 تموز (1813م) كنا عنده ونتكلم معه رأينا تغيرت أحواله وصار جسمه ملطع مثل لون المعلاق وتشخصت عيونه ولا عاد ينظر ولا يسمع حالاً احضروا الحكيم أعطاه روح يشمه فما كان منه فائدة واستكت سنونه وسلم الروح وكان وقت

العصر تغمده الله برحمته وعندنا بالكنيسة كان واحد ورتبيت اسمه بدروس ورتبيت كاتسياني (كذا) من بلد اقسقه كان مرسل من قبل المجمع المقدس إلى كابول وكابول في قرب كشمير لأن بها جملة مسيحيين بغير راعٍ فأرسل هذا الأب الذي هو من أبناء المدرسة بوظيفة قاصد رسولي لتلك الأقطار وأقام هناك نحو ثمانية سنين من حين طلوعه من البصرة إلى حين رجوعه وعمد بتلك الأطراف من كبار وصغار ونساء ورجال. . . عدد 1800 وينيف ودخل للبصرة متوخم من البحر لأنه استقام ستة أشهر من بنكالة للبصرة بمركب عرب وزاد فيه المرض وهو نزيل عند البادرية وتوفى في يوم 20 تموز غربي (183م) (أي في) 8 تموز شرقي بوفاة صالحة وكان معه ولد نجيب فريد في كل معنى أصحبه معه كل ذلك المدة ومرض في المركب ودفنه عل حافة الشط قبل وصوله للبصرة وهذا الذي زاد مرضه وأحزن قلبه لأنه ابن شقيقته. وكان عندنا خادم اسمه كيورك أرمني من اسبهان وكثير ولد خدوم عاقل فقد توخم من رائحة المرحوم الورتبيت ومرض ثمانية أيام ويوم الثامن نهار السبت في 26 تموز شرقي أصبح بنشاط وفيما هو كذلك نزل عليه نقطة وغاب عن الوعي وحيث لا يوجد حكيم يفتهم ولا هذا شيء يعرفوه أن يلزم في ذلك الوقت فصادة فما التحق بشيء وفي ظرف ساعة خرج الدم من خشمه وخرجت روحه من جسمه وبقي دمه يجري إلى ثاني يوم لوقت دفنه لأنه ولد دموي وذو قوة ونشاط وفي شهر آب ازدادت الحميات حتى ما بقي بيت خالٍ من مريض أو اثنين ومات من الإسلام كثيرين من جرى النزول وكثيرين من جرى قلة الحكماء أو حكمة الحكيم العجمي الذي يداوي بالبرودات وهذا شيء ضد هواء البصرة الذي يوافق

فيه الحرورات لأن هواها رطب واتصل ذلك إلى شهر أيلول. وفي 15 منه حساب شرقي انتقلت إلى سعادة الأبدية ابنة الخواجا جبرايل أصفر اسمها تروز وكان لها من العمر أربعة سنين بمرض حمى متصلة من غير انقطاع. وكان حضر للبصرة بيت من بغداد. الرجل اسمه بطرس خنبش خياط وعنده امرأته وثلاث بنات وابنين صغار وله ابن مستسلم حضر معهم فاولاً مرض الرجل خنبش المذكور ومات ولده الصغير الذي يرضع ومات ولد لأبنته كان يرضع وبعده في 19 أيلول شرقي توفت الإمرأة بقي منهم ابنته الكبيرة وابنة صغيرة وابن صغير بسن سبعة سنين فالتزم البادري أن يفرقهم على الجماعة كل واحدة في بيت لأنهم حاصلين في حال الفقر الكلي واغلق البيت. فالذي رأيناه من الغم والحصر وحالة الناس وخاصة المسيحيين الذين هم قليلين جداً شيء يوعب القلب غماً وحزناً ولا عاد حكاية ولا خبرية مفرحة بل مكدرة ومع هذه الأحوال كساد لا يوصف على كافة السلع والقرش قليل والأموال كثيرة وكل شيء يؤخذ (كذا) من البصرة بعدكم يوم ينزل ثمنه). ونرجع لما كنا بصدده من طرف الحكم فقد حكم مصطفى اغا في البصرة بغير أن يتعدى على أحد ولا قيل عنه ظلم أحداً وفي بغداد الحكم مختل بسبب عدم وجود راس لأن الوزير اسعد باشا حدث السن وأخوته لهم كلام وقاسم بيك أخذ ميدان (0) كبير وداود أفندي الذي هو مدبر وصاحب رأى سديد ما قبل أن يصير كهية بسبب كثرة الروس ووجود قاسم بيك وتخربط الطرقات بسببه لأن له عداوة عظيمة من عرب آل جربة وشيخهم فارس ولسبب عداوتهم قطعوا طرقات الجزيرة واتصلوا إلى طريق الموصل وسلبوا كراوين وناتارية وحصل ضرر عظيم للتجار ثم منهم في الشامية وقطعوا الدرب وكروان حلب التزم أن يجي على الخابور بسببهم فبهذه الأيام الوزير أرسل إلى عبد الله اغا الذي كان سابقاً حكم في البصرة جملة سنين بأيام حكم سليمان باشا وهو الشهير فالرأي السديد والتدبير الرشيد ذو العقل الفريد ودعاه لكي يحضر لبغداد لأنه مقيماً في بندر بوشهر من مدة ثمانية سنين ومتجنب حكومة العثماني على ما جرى به بأيام علي باشا (وسابقاً سليمان باشا الصغير وبعده

عبد الله باشا دعوه للإمارة وما رضي يجي) فأولاً إكراماً إلى اسعد باشا الذي هو ابن أبوه الشهير سليمان باشا وثانياً صداقته مع حكام العجم والشاه تغيرت نوعاً فعزم على الخروج من بوشهر وحضر غفلةً يوم الخميس في 17 ذي الحجة وبات في المناوي عند قبطان باشا وثاني يوم صباحاً قبل الشمس جاء للبصرة ودخل السراي وبقي إلى قبل صلوة الظهر وكانت الماجورة حاضرة حالاً ركب وتوجه إلى سوق الشيوخ (حيث إن أفندينا ولي النعم اسعد باشا خرج في أوايل شهر ذي الحجة من بغداد وتوجه على الخزاعل لأنهم كانوا عاصيبن وغير قابلين الشيخ الذي لبسه عليهم وكتب إلى الشيخ حمود أن يركب من مكانه مع عساكره ويتقدم على الخزاعل والمذكور حسب طباعه وعوايده إذا قال باكر يركب انجق بعد شهر يتحرك فاستقام الوزير قريب الحلة مدة شهرين يقطع مراحل وحمود رحل مرحلتين ووافى الخبر للوزير بأن عبد الله حضر وحصل (كذا) عند حمود وإن حمود استقبل عبد الله اغا بالإكرام وريضه حتى يسافروا إلى مواجهة الوزير جملة على أنه باكر وبعد باكر يرحل مضت مدة مع أوايل شهر صفر الوزير لحظ بأن حمود ما هو راغب المواجهة وفي مدة قريب ثلاثة أشهر رحل مرحلتين أردف إليه التحارير بأنه ما عاد يلزم حضورك ارجع إلى مكانك وأرسل عبد الله اغا يحضر إلينا وحالاً احضر شيوخ الخزاعل ولبس لهم شيخ من أرادوه وعاد راجعاً إلى بغداد فهذا ما كان من الوزير. وأما ما كان من عبد الله اغا فإنه فارق الشيخ وجاء راجعاً إلى سوق الشيوخ أقام كم يوم يستنظر حرمه المقبل من بندر بوشهر وكان الحرم متعوق في الحضور للبصرة وكان توجه الحرم من البصرة في 26 صفر والمشار إليه بهذا التاريخ ركب من سوق الشيوخ وتوجه إلى بغداد لمواجهة الوزير الذي كان قريباً سيدخل إلى بغداد. وترجع إلى ما يخص مصطفى أغا متسلم البصرة فقد أقام بالحكومة من غير ظلم ولا تعدي على أحد وجميع الكلام الذي قيل عنه ما ظهر منه شيء.

وكان عند بيت الشيخ درويش باش أعيان البصرة والموجود الآن الشيخ قاسم (زوج بيبي خدوج بنت شيخ درويش وهي صاحبة الأمر والنهي) وأحد نزيل عندهم اسمه ملا أحمد بن ملا عبود بغدادي محسوب عليهم من أيام أباه فقد حصل منه تعدي على واحد وذاك الإنسان محسوب على التفنكجي باشي واتصلت الحكاية للمتسلم فأرسل في طلبه من بيت الشيخ ما سلموه ارسل ثاني مرة كذلك ما سلموه فقام بنفسه تبديل ومعه التفنكجي باشي وكافة اوادمه وراح إلى بيت الشيخ هاجماً ليأخذ الولد وذاك لما شاف الأمر دخل للحرم. وأوادم بيت الشيخ وقفوا لمقاومة المتسلم وصارت ملاطشة بينهم وطلع الشيخ قاسم وتقاول مع المتسلم وتشاتموا والمتسلم هجم على شيخ قاسم وقامت أهل المشراق جميعهم فالشيخ أمر على المتسلم ورفعه في مكان بالديوانية واشتغلت الفتنة وتكاثرت الناس على أوادم المتسلم وصار الضرب بينهم وانجرح جملة من الناس من الطرفين وواحد كردي كان جاي قريباً من بغداد قد كان تفنكجي باشي عند باشة الكرد تصوب برصاص وبعده مات ومحمد اغا بن كنعان تفنكجي باشي البصرة طرمخوه من الضرب بالعصى وبعض من الجوقدارية تجرحوا. وكان إلى مصطفى اغا أخوين لواحد حسين اغا وهو خزينه داره أمر بسحب أطواب ومضى بهم على بيت الشيخ وأخيراً لحقوا الأعيان وتواسطوا المادة وكفوا الناس وسهلوا الطريق للمتسلم حتى جاء للسراي وكان ذلك يوم الأربعاء في 26 كانون الثاني غربي (1814م) في 4 صفر (1229هـ) وحالاً ركب ساعي من طرف بيت الشيخ وأرسلوه للوزير والمتسلم عمل عرض وختم فيه الأعيان وغيرهم وقصد تبرير نفسه وكان لما وصل للوزير من الطرفين وهو قرب الحلة قبل أن يدخل إلى بغداد تخلق على المتسلم

ولا رضي بما فعل لأن بنت الشيخ مقامها كبير وخاطرها عزيز عنده أولاً لأسمها الشهير بالشيخ درويش والدولة الواسعة والأملاك المتسعة في البصرة ولكونها تصير بنت عمته لأن سليمان باشا كان خالها فإكراما لخاطرها حالاُ أمر بعزل مصطفى اغا وركب جوقدار من طرفه اسمه عبد الله اغا حضر للبصرة يوم الجمعة في 6 ربيع الأول سنة 1229 (1814م) ومعه مكاتيب إلى صالح أفندي خزنة كاتبي الذي هو الناظر على الكمرك في البصرة حالاً وأخبره سرا وسلمه الموامر ومعه مكتوب للمتسلم ما فيه شيء من هذا الخصوص ليطمئن ومضى من هناك إلى عند بنت الشيخ دخل عندها وسلمها مكتوب من الوزير وبشرها بأن الأمر طبق مرامها وحالاً أمرت له بثلاثة جوار بخشيش. وأما ما كان من المتسلم فإنه تخوس من مجي الجوقدار ولا عنده أثر خبر فدعا صالح أفندي مستخبراً عن مكاتيب التي أتت إليه فطيب خاطره وأمنه وأنكر عليه المر وقال له نروح إلى المناوي لنعد قبطان باشا ونشوف غيش عنده (لأنه يخاف أن يخبره فيعصي أو يشرد وتصير فتنة) فمضوا إلى المناوي وكان قبطان باشا اسمه عبدي اغا الذي كان اغات الاحتساب سابقاً وصالح أفندي أغتنم فرصة وأخبر قبطان باشا ودبروا الأمر بأن يرجعوا جملة بالماجوة وإن الباشا معزوم عند صالح أفندي. فلما وصلوا إلى عند السراي طلعوا كالعادة من قناق التفنكجي باشي وعند الباب قالوا للمتسلم عليك أمر من أفندينا أنت مرفوع وأمروا بمسكه فمسكهوه اوادم الباشا وأما هو أجاب فرمان افندمزندر وما خالف أبدا حالاً أدخلوه في اوضة في قناق التفنكجي باشي ووضعوا في رجليه الحديد وصبوا فيه الرصاص وعلى الباب عشرين تفنكجي ينطروا وطلع صالح أفندي جلس بالديوان وأحضر جميع الأعيان وقرا عليهم بيورلدى ولي النعم في عزل مصطفى اغا ووكالة صالح أفندي وجملة أناس بل أقول اغلب التاي تأسفوا على رفع مصطفى اغا لأنه كما تقدم القول ما صار منه أذية إلى أحد ويخافوا لئلا يتعوضوا بواحد ردي ظالم. وأما ما كان من طرف الوزير فإنه دخل إلى بغداد يوم الأحد 23 من شهر صفر

(1229هـ) (1814م) وذاك اليوم ما لبس إبراهيم اغا متسلم على البصرة (وهذا إبراهيم اغا كان حكم في البصرة على فرمان سليمان باشا الصغير وظلم وأبدع مظالم أخيراً عزلوه وحكم ثاني مرة في البصرة في أيام عبد الله باشا وجار على الناس وأخيراً الفقير والتاجر ما عاد فيه احتمال وتقدمت عروضات بحقه ثم تعادى مع بنت الشيخ وتوجهت إلى بغداد في سنة 1227 (1812م) وطلبت عزله والباشا عزله ونصب مكانه رستم اغا وكما تقدم في هذا التاريخ وقت الذي انتصر اسعد باشا وكان عند المنتفك لبس سليمان بك المقدم ذكره وبعده صار مصطفى اغا فيكون في مضية ثلاثة سنين خمسة متسلمين حكموا بالبصرة) والمذكور حالا لبس الكرك أرسل باش جوقداره إلى البصرة يخبر بحكومته وحرر إلى صالح أفندي أن يكون نائبا عنه إلى حين مجيئه فوقع الغم على الفقراء بالبصرة حيث أن في أيام مصطفى اغا صار بنوع ما رخص فالحنطة البحرية الطبية نزلت إلى سعر 4 وغيرها وقس على ذلك سائر الأشياء تهاودت عن أيام سليمان بك. وأما ما كان من طرف عبد الله اغا فإنه وصل إلى بغداد يوم الأربعاء 3 ربيع الأول 1229هـ و 1814م) ونزل في قناقه والناس إلا اقلهم فرحوا بقدومه وحصل عندهم السرور على أنه حالا يلبس كهية ويعطي نظام البلد ويدبر الأمور ورابع يوم نهار السبت مضى لمواجهة الوزير وما لبس وما أحد عرف السبب وبعد كم يوم أواسط شهر ربيع الأول الوزير اسعد باشا رسم على داود أفندي الذي هو سهره زوج أخته بنت سليمان باشا بأن ما يخرج من بيته مع أن هذا الرجل احسن ما يوجد بدائرته من الكاركلية وكان بوظيفة دفتر دار أفندي ومحبوب منه. وكان بهذه الأيام صار طلب من الوزير إلى الشيخ حمود شيخ المنتفق وحرك الركاب من شهر ربيع الأول وفي شهر جمادي الأول حتى وصل بغداد وواجه الوزير بكل كرامة والقول إنه أعطاه المقاطعات عن هذه السنة أيضاً أي عن سنة 1229 (هـ) وبهذه السنة توجه من قبل الدولة العثمانية وزير يسمى بابا باشا رجل مدبر عاقل عالم بالأمور فريد عصره في ملك آل عثمان من

باب المذاكرة والمكاتبة

إسلامبول مخصوص بموجب خط شريف لنظام وترتيب كافة بلاد العثمانلي ومشى بقوة من العساكر وهو مصرف ومفوض في العزل والنصب ولذلك جميع الدراباكية الذين في طريق إسلامبول منهم من قتلهم ومنهم عزلهم ومنهم من ثبتهم وربح تلك الأقطار من الحكام الجائرين على الرعاية حتى انتهى إلى أورقة وأعطى نظامها بقتل جملة من سخطها - كذا) المتضربنين (كذا) وفي أوائل شهر ج (جمادي الأخرى) سنة 1229 جانا خبر للبصرة أنه وصل قريب الموصل والقول عنه أنه قاصد عرب المنتفق الذي وصلت أخبارهم إلى الدولة في عظم دولتهم وبهتهم مال هبد الله باشا ومن هنا ينتج بأن اسعد باشا استدعى حمود لأملا ما والله اعلم. تمت: نشرها يعقوب نعمة الله سركيس باب المذاكرة والمكاتبة 1 - ملاحظات سيدي الأستاذ الفاضل: طالعت الجزء الحادي عشر من مجلتكم الزاهرة فوقعت العين على بعض كلمات أحب إيضاحها خدمة للمجلة وقرائها الأفاضل فأقول: جاء في ص 561 أن السور المحيط ببغداد بقي إلى عهد سري باشا سنة 1305هـ فأمر حينئذٍ أن يهدم السور وأن يدفع أجره بدلا من مشاهرات الموظفين وجميع طالبي الأموال من خزينة الولاية فما مضت سنة إلا وهدم السور عن آخر طاباقة فيه الخ. والحال أن السور منذ أن نشأ، أعني منذ نحو سنة 1290هـ تهدم بعضه وبقي البعض وهو الأقل. وسبب هدمه أن المرحوم مدحت باشا والي بغداد أمر في سنة 1287 بهدم ذلك من الجهة الغربية قاصداً تحسين هواء الولاية مع العزم على إجراء الماء في خندقه وغرس بعض الأشجار على جوانبه فتهافت الفقراء على قلعه والانتفاع بأجره وبقيت الجهة الشرقية متأخرة حتى وصلت إليها الأيدي وليس للمرحوم سري باشا يد فيه قط كما ترون إذ بين هدمه ومجيء المشار إليه نحو من 17 سنة ثم ما معنى أنه أعطى منه مشاهرات

المأمورين وجميع طالبي الأموال مع أن ثمن الآجر لا يقوم باجرة الهدم والنقل. وذكرتم أن على الباب الوسطاني كتابة فليس ثمة شيء منها إنما ذلك على الباب الجنوبي المعروف بالطلسم (لأن على بابه الخارجي رسم ثعابين وأسدين هي سبب طلسمة هذا الباب على رواية العوام) والمتخذ الآن موضعا لخزن البارود والكتابة واضحة وكان الأمر بتشييده أحمد الناصر لدين الله العباسي في سنة عشرة وستمائة. وجاء في ص 588 سعر صندوق الثقاب الكبير كذا. . . وكان اللازم ذكر مقداره وإنه 720 (دوزينة) والدوزينة 12 علبة. وورد أيضاً فيها في بحث الصموغ أن سعر الكثيراء كذا. . . عن المن الواحد الذي وزنه ليرة و375 والظاهر أنه سقط العدد 35 لأن المن هو 12 حقة استانة ونصف عن 35 ليرة إنكليزية و71 جزءاً من مائة منها. وذكرتم فيها أيضاً سعر العفص ولم تذكروا وزنه وهو يباع بالقنطار الذي هو عبارة عن 223 حقة استانة أي 637 ليرة و15 جزءاً من مائة منها. وذكرتم في ص 591 أن الصاعود يأخذ معه علاقة فيلقط التمر ويضعه فيها والحال أن ما يصحبه الصاعود معه هو (الملقط) وهو مدور كالسفرة؛ وسط قطره نحو 70 سانتيمتراً يلف على دائرته عود يخاط بالدائرة لئلا تجتمع أطرافه بعضها إلى بعض لأن الرطب إن وضع في العلاقة يتلف ولذا اتخذوا له هذه الهنة. وذكر الكاتب الأديب ع. ن في الصفحة 608 أن محاكمة المأمور المنصوب بإدارة سنية لا تكون إلا بمثلها في الدور الماضي فأقول: قد ورد في هذا الشهر قانون مخصوص لمحاكمات المأمورين كافة سواء كانوا منصوبين بإدارة سنية أو لا وخلاصته أن المأمور إن عمل عملاً يوجب التبعة (المسؤولية) سواء كان من وظيفته (مأموريته) كاختلاس وسوء استعمال أو في أثناء وظيفته كأن خاصم أحداً كان يراجعه في وظيفته فإن أكبر مأمور في الولاية وهو الوالي يأخذ الأمر بالتحقيق ويحرر رأيه في هل ما تحقق لديه يوجب تبعة (مسؤولية) المأمور أو لا ثم يبدي رأيه لمجلس الإدارة بشرط أن ينعقد بغير حضور الوالي والمجلس يدقق في ما أرتاه الوالي فأما أن يوافقه على وقوع المسؤولية فيحول الأوراق للعدلية لمحاكمته وأما يرد رأي الوالي فتترك الأوراق مهملة. وقد ذكرت ذلك إظهاراً لما فيه من الفائدة.

وذكرتم في الصفحة 613 أسماء المبعوثين والحقتم ذلك بأنهم سافروا نهار الاثنين 10 جمادي الأولى فالذي سافر منهم بذلك التاريخ جميل صدقي أفندي وتوفيق بك فقط وأما مراد بك فهو متأخر إلى اليوم لأشغال له خصوصية وفؤاد أفندي كان في الشام منفصلاً عن رئاسة محكمة الجزاء الثانية الملغاة ومنها توجه إلى الأستانة وشوكت باشا سافر نهار السبت 7 جمادي الآخرة وساسون أفندي هو في الأستانة مستشار نظارة التجارة والزراعة. وفي الصفحة 616 نقلتم عن الرياض بحث تعداد النفوس في الولاية وإن الإحصاء في زمن مدحت باشا كان للمسلمين 52689 ولغيرهم 10583 وأن المجموع 63273 فلو كان في الحساب سهو بواحد فلا بأس وقال في إحصاء زمن ناظم باشا كان 67263 منهم 20736 غير المسلمين فالباقي من الحساب للمسلمين 46627 فيكون عدد المسلمين نقص في 46 سنة 6062 والمحرر عندكم أن عددهم زاد 14974 فما هذا الفرق وكيف انقلب النقص زيادة الكاتب لما علم أن فيهم زيادة استقلها لنسبته زيادة غير المسلمين وأخذ بتعليلها فماذا عساه ن يقول بعد أن يعلم سهوه وأنهم نقصوا لا زادوا والأصح أن التعداد لدى حكومتنا لا معول عليه قط ولا يلتفت إلى زيادته ولا إلى نقصه لأنه تخميني لا حقيقي. يحيى 2 - الشص والفالة سيدي الفاضل صاحب مجلة لغة العرب بعد التحية والإكرام قرأت المقالة التي كتبتموها عن صيد السمك في العراق في 3: 519 فألفيتها مقالة جمعت فوعت وقد عن لي في أثناء مطالعتها ملاحظتان فأحببت عرضها عليكم لكي تتدبروا صحتها: 1 - ذكرتهم أن لفظة (شص) هي من الفارسية (شست) وقلتهم لم يصرح بعجمتها أحد من اللغويين مع وضوحها فاسمحوا لي أن أذكركم أنه قد سبقكم إلى هذا القول بعض اللغويين ومنهم السيد أدي شير رئيس أساقفة سعرد الكلداني إذ قال في كتابه (الألفاظ الفارسية المعربة) ما نصه (الشص حديدة عقفاء يصاد بها السمك تعريب شست اهـ.) 2 - ذكرتم الفالة وقلتم عنها لا يدري أصلها ولا مأخذها. قلت لعل هذه اللفظة

فوائد لغوية

محرفة عن (كال) الفارسية وهي آلة معوجة كالصنارة تهدم بها الحصون وقد وجدتها مثبتة في محيط المحيط في مادة ك ي ل وفي كتاب الألفاظ الفارسية المعربة الآنف الذكر. هذا ما قصدت عرضه في ساحة علمكم الواسع والسلام. رزوق عيسى (لغة العرب) يحتمل أن تكون الفال أو الفالة لغة في الكال. والكلمة فارسية معناها المعقف أو المنحني أو المنعطف كالصنارة. وإبدال الكاف فاء معروف في العربية فقد قالوا: في صدره على حسيفة وحسيكة أي غل وعداوة. والحسافل والحساكل (الصغار) (راجع المزهر 1: 225) ويقال أنها لغة تميم فإنهم يقولون النكة في النفة وهي الإبل التي ذهبت أصواتها من الضعف. وفي كتب اللغة: السلف: السلك وهو الحجل. والأنثى سلفة وسلكة والجمع سلفان وسلكان. فوائد لغوية (غير وسوى) بمعنى (إلا) عاميان مبتذلان نقرأ في بعض الجرائد والمجلات مثل قولهم: ما أخاف (غير) من الحاكم. ولا أتكلم (سوى) مع أصدقائي. وهذا من التصرف القبيح بالألفاظ لأنهم ينزلون غير وسوى منزلة (إلا) وهذا لم يسمع إلا في كلام العوام. لأنهم يعتبرونهما حرفين والمنقول عن العرب أنهما اسمان يأتيان مضافين غالباً ولا يمكن أن يفصلا عن المضافين إليهما المستثنيين بهما بحرف جر. ولهذا لا يقر التركيب في كلامهم بخلاف إذا وضعت الألفاظ في مواطنها. وعليه أما أن نقول: ما أخاف إلا من الحاكم ولا أتكلم إلا مع أصدقائي. وأما لأن نقول: ما أخاف من غير الحاكم ولا أتكلم مع سوى أصدقائي. والأول أشهر. فتدبر أسئلة وأجوبة سبب إفراد الفعل مع وجود فاعله المجموع سألنا غير واحد من المستشرقين: لماذا يبقى الفعل في العربية مفرداً إذا تلاه فاعله المجموع بخلاف سائر اللغات؟ قلنا: إذا قدم الفعل على الفاعل عد في العربية كالكلمة الواحدة صدرها الفعل وعجزها الاسم. ولهذا افردوا الفعل وجمعوا الاسم. لأن الكلمة الواحدة لا تجمع مرتين. أما إذا أخروا الفعل عن الاسم فإن كلاً منهما يصبح في العربية قائما بنفسه

باب المشارفة والانتقاد

بائناً عن صاحبه ولم يبق هناك فعل وفاعل بل مبتدأ وخبر ولما كان من حق الخبر متابعة المبتدأ تابعه في الجمع كما أنه يتابعه في جميع الأحوال أن في التأنيث وإن في التذكير فهذا هو سر إفراد الفعل مع وجود فاعله المجموع. باب المشارفة والانتقاد 1 - المباحث (مجلة علمية أدبية فكاهية لمنشئيها جرجي وصموئيل ينى. السنة السادسة. قيمة الاشتراك عن سنة 15 فرنكاً في طرابلس وفي سائر الأماكن يضاف فرنكان على أجرة البريد) وهي شهرية تصدر في طرابلس الشام في 104 صفحات بحجم المجلات الكبيرة ما من أحد يطالع هذه المجلة إلا ويشهد لصاحبيها الفاضلين العالمين بحسن النظر في اختيار المواضيع التي تلذ للمطالع. أما عبارتها فإنها مفرغة في قالب يروق الفكر والسمع وهو مما يندر في صحفنا ومجلاتنا. ولهذا نطلب لصاحبيها المتفننين النجاح والفلاح والعمر الطويل خدمة لأبناء هذه اللغة الشريفة. 2 - صحيفة الوراثة مجلة شهرية أصدرت لتربية الأنبتة والحيوانات وتحسين تولدها. هذه المجلة تعلي كعب أصحابها من جميع الوجوه فإن اللجنة القائمة بها تعني عناء خاصاً بتحسين نتاج النبات والحيوان وقد بلغ أصحابها في سعيهم هذا شأواً بعيداً وادهشوا الناس بنتائج ما أتوا. وهم ينشرون هذه المجلة لتعميم فوائد ما يحصلون عليه ونفعاً للألفة ومجلتهم هذه تنشر في واشنطون من ديار أميركة وهي بديعة الطبع والتصوير والكاغد وآية في المحاسن. وفي مثلها ليتنافس المتنافسون. 3 - الوضيعة الشهرية للجنة البستنة هذه وضيعة أميركية أيضاً غايتها العناية بأمور البساتين وتحسين ما يزرع فيها وإصلاح ما يقع فيها وفي أنبتتها مما يحتاج إلى ترقية وهي كأختها السابقة في حسن اختيار الأبحاث النافعة لأبناء الزراعة والحراثة كثيرة التصاوير المتقنة والتحقيقات المثبتة ينشرها صديقنا بول بوينوي في بلدة سكرامنتو من أعمال كالبيفرنية. فعسى الذين يسعون في ديارنا بترقية الزراعة أن يشتركوا في مثل هذه المجلات والوضائع

ليطلعوا على تقدم الزراعة في الأقطار النائية لكي لا نكون في أخريات أبناء هذا الزمان. 4 - الجزء الثاني من كتاب المطالعات والمراجعات والنقود والردود لمؤلفه محمد الحسين كاشف الغطاء النجفي. طبع في مطبعة العرفان بصيدا سنة 1331 هذا الكتاب عبارة عن قسمين: قسم مدح وقسم قدح، فالمدح يرجع إلى المؤلف نفسه وإلى من يريد أن يذر الرماد في عينيه. والقدح يعود إلى من ناوأه إذ هو سلاح العاجز. ومن مجلة من سبهم وشتمهم أصحاب المقتطف والهلال وهذه المجلة فنحن لا نجيبه لكي يكون هو الغالب في هذا الميدان وكفى ذلك شرفاً له، فليهنأ عيشاً وليطيب خاطراً!!! 5 - قرار اللجنة المارونية الرئيسية لتنسيق حفلات يوبيل غبطة السيد الجليل مارالياس بطرس الحويك بطريك إنطاكية وسائر المشرق. 6 - كتاب الإتقان في صرف لغة السريان للمطران يوسف دريان مطران طرسوس شرفاً والنائب البطريكي الماروني وظيفة. طبع بالمطبعة العلمية ليوسف صادر في بيروت سنة 1913. وصلنا هذا الكتاب منذ خمسة أشهر واعددنا له نقداً يبين محاسنه وبعض مساوئه إلا أن تكاثر الهدايا وازدحام المجلة بمقالات الأدباء والمؤازرين حالت إلى الآن دون درجه. وكما أن هذا الجزء هو العدد الأخير من السنة لم نرد تأخير مشارفتنا له. فنقول بالجملة إن إعادة طبعه يدل على ما نال هذا السفر من الحظوى عند دارسي اللغة السريانية وهذا احسن وأشرف تقريظ له لكن ورد فيه جملة قواعد توافق ما صرح به علماء اللغة السريانية في كتبهم. فإن (رحيا) مثلا تجمع جمعين (رحوتا ورحيا) ولم يذكر الثانية (راجع ص 95) وفي تلك الصفحة في الحاشية كلام عن (ليلوتا وكريا) وهو مخالف لما جاء في كتاب اللمعة للمطران يوسف داود 1: 365 وقال في ص 109 (صديوتا: العطش) ولم نجدها في سفر من الأسفار بهذا المعنى ولعل سيادته تذكر مشابهتها في العربية وهي الصدى أي العطش فاختلط عليه الحابل بالنابل. والمشهور في معناها الخراب والدمار. ومثل هذه الأوهام كثير وهناك أغلاط طبع في العربية والسريانية فلخلو مطابعنا منها لا نتعرض لها وأما الأغلاط العربية فكقوله: (يجلبه التقاء ثلاث سواكن أي الحرفان الساكن في المفرد والحرف الذي قبل واو الصيغة). والأصوب أن يقال: ثلاثة سواكن أي الحرفين الساكنين. . وفي ص 2 في آخر سطر: النظرية والعلمية. والأصح: والعلمية على أننا نقول إن هذه الشامات لا نشوه محاسن هذا الكتاب بل ربما حسنته على مذهب من برى الشام محسنات في الوجوه لا مشوهات لها.

7 - كتاب وصايا ملوك العرب في الجاهلية تأليف الإمام الشهير الكاتب الأديب اللغوي يحيى بن الوشاء طبع بمطبعة الشابندر في بغداد سنة 1332 الجزء الأول في 40 صفحة كتاب وصايا الملوك من أجل الكتب إذ قد حوى منها ما يزري باجمان، وبقلائد العقيان، وقد ذكر في هذا الجزء الأول وصايا هود وقحطان ويعرب ويشجب وعبد شمس وسبا إلى سيف ذي يزن. وقد نسبها واضعها إلى ملوك العرب الأقدمين. ولا حاجة إلى القول أنها من وضعه لأن الناطقين بالضاد لم يكونوا قد وصلوا بعد إلى التكلم بالعربية الفصحى على الوجه الذي صارت إليه في القرن السابع للميلاد. على أن تلك الوصايا تبقى آية في البلاغة وحسن النصح ولهذا يجدر بكل أديب أن يطالعها ويجمعها كتاباً يرجع غليه عند النائبات. وأما ترجمة المؤلف فسنذكرها في موضع آخر. 8 - كتاب في الوهابية رسالة تبحث عن مذهب الوهابية نشرتها جريدة الرياض ببغداد لصاحبها سليمان الدخيل طبعت بمطبعة الشابندر في بغداد سنة 1332 في 16 صفحة جل مدارها عن محمد بن عبد الوهاب واعتقاد أهل نجد في الأولياء وزيارة القبور وأقوالهم في الخرافات. وهي بمنزلة تتمة لمن يريد الوقوف على معتقد أهل نجد الحاليين فنوصي أهل الأدب باقتنائه. 9 - فهارس الشواهد الشعرية الواردة في كتاب أمالي القالي. المستشرقون لا يستطيعون أن يروا كتاب تاريخ أو أدب أو لغة بدون فهارس ولهذا إن رأوا كتاباً جليلاً خالياً من هذا المفتاح عمدوا إلى وضعه كما فعلوا لكتاب الأغاني. وهاهم الآن قد انشئوا فهارس لكتاب أمالي القالي المطبوع في بولاق في سنة 1324 وهي تحوي أسماء الشعراء المذكورين في التصنيف المذكور وقوافي الأبيات الواردة فيه وهي من وضع ف. كرنكوف وأ. أ. بفان. وكفى بذلك تعريفاً لهذه الفهارس وللحاجة إليها. وهي مطبوعة في ليدن في مطبعة بريل 10 - نهاية الأرب، في معرفة أنساب العرب لأبي العباس الشيخ شهاب الدين أحمد القلقشندي طبعه سليمان الدخيل صاحب جريدة الرياض ببغداد سنة 1332 صديقنا سليمان أفندي الدخيل لا يطبع من الكتب إلا ما يرى أنها تفي بغرض من الأغراض وتحسن على أبناء العربية بما يسهل لهم طريق السعي وراء ضالتهم وهاهو ذا قد طبع الآن هذا الكتاب النفيس على نسخة خزانتنا تعميماً لفوائده. واحسن طريقة لمعرفة محتوياته ذكر فهرس فصوله وهي:

المقدمة في ذكر أمور يحتاج إليها في علم الأنساب ومعرفة القبائل وفيه خمسة فصول. الفصل 1: في علم الأنساب وفائدته ومسيس الحاجة إليه. الفصل 2: في بيان من يقع عليه اسم العرب وذكر أنواعهم وما ينخرط في سلك ذلك الفصل 3: في معرفة طبقات الأنساب وما يلحق بذلك. الفصل 4: في ذكر مساكن العرب القديمة التي منها درجوا إلى سائر الأقطار. الفصل 5: في ذكر أمور يحتاج إليها الناظر في علم الأنساب المقصد في معرفة تفاصيل أنساب قبائل العرب وفيه فصلان. الفصل الأول في ذكر عمود النسب النبوي وما يتفرع عنه من الأنساب. الفصل 2 في ذكر تفاصيل القبائل مرتبة مقفاة على حروف المعجم وما يتهيأ ذكره من مساكنهم الآن. الخاتمة: في ذكر أمور تتعلق بأحوال العرب وفيه 5 فصول: الفصل 1: في معرفة ديانات العرب قبل الإسلام. الفصل 2: في ذكر أمور من المفاخرات الواقعة بين قبائلهم وما ينجر إلى ذلك. الفصل 3: في ذكر الحروب الواقعة بين العرب في الجاهلية ومبادئ الإسلام. الفصل 4: في ذكر نيران العرب في الجاهلية. الفصل 5: في ذكر أسواق العرب المعروفة قبل الإسلام. وكفلا بهذا الفهرس تعريفاً للكتاب واحتياج الناس إليه. وهو مطبوع في مطبعة الرياض 11 - مجلة المنتدى الأدبي هي السنة الثانية من (لسان العرب) وبدل هذا الاسم بذاك إصداراً للشيء باسم مصدره. أما خطة المجلة فقد بقيت على اصلها. وكذلك عبارتها وكنا نود أن تكون منقحة خالية من أغلاط النحو واللغة قليلة أغلاط الطبع لكن الحالة تشهد بخلاف ذلك فنتمنى لرصيفتنا الرقي والنجاح خدمة للوطن واللغة. 12 - ديوان الطباطبائي (وهو ديوان السيد إبراهيم الطباطبائي شاعر العراق الشهير المتوفى سنة 1319هـ. أذن بنشره وتمثيله للطبع ولداه الفاضلان السيد حسن والسيد محمد. طبع على نفقة شركة عراقية وحقوق الطبع محفوظة لها ومسجلة باسمها رسمياً طبع بمطبعة العرفان في صيدا سنة 1332هـ. وقيمته بشلكات.) هذا الديوان مصدر بترجمة السيد الناظم مع تعريف أسرته وهي من قلم

الأديب علي أفندي الشرقي واغلب القصائد في الغزل والنسيب والرثاء والمديح من الأبواب المطروقة والموارد المشروعة وفيها شيء من أبيات الحماسة (ص 151 و241) ومن قصائد المكاتبة والمراسلة وفي بعض أغراض له وليس فيها من المواضيع العصرية سوى قصيدة دالية في قداد الكاظمية ص 71 وأخرى يائية في وصف سد للفرات (ص 275) وفي الأخر بيتان قال عنهما الطابع: نسى المرتب في حرف القاف قوله في السماور. . . . الخ والذي نعلمه أنهما للشيخ محمد نصار اللملومي الشهير بالنعى كما أخبرنا بذلك صديقنا الشاعر الكبير الشيخ محمد السماوي وكان قد رواهما له السيد الطباطبائي نفسه ناسياً إياهما إلى الشيخ محمد نصار المذكور - والكتاب حسن الطبع والكاغد والتبويب إلا أننا نستأذن زميلنا أحمد عارف أفندي الزين شارح غامض الأبيات والواقف على طبعه بالتنبيه على أنه فاته بعض أغلاط في الطبع وفي الشرح. أما أغلاط الطبع فقليلة كقوله في ص 144 عصينا الله في ضم والصواب في صنم. وكقوله في تلك الصفحة رشاً قد عقد الوصل. وقد ضبط القاف بالشد والصواب بدون تشديد إلى غير ذلك. وأما أغلاط الشرح فهي أكثر كقوله في هذا البيت: هيكل نهد القصيري شيظم ... سابح ينفح بالخيل احتضارا فقال في الحاشية: الهيكل: الضخم من كل الحيوان (والأصح الضخم من كل شيء.) وقال القصيري: تصغير القصر (ونحن لم نجد في كتاب أن القصر تصغر على قصيري وإنما القصيري هنا أسفل الأضلاع أو آخر ضلع في الجنب وأصل العنق. فيحتمل أن يكون أحد هذه المعاني لكن لا يحتمل في هذا البيت المعنى الذي أشار إليه إلا بتكلف) عظيم - وقال في شرح هذا البيت: فعسى يعود على المحب بعطفه ... عود على مر الليالي عاسي فقال في الحاشية: قال أبو عبيد: العاسي: شمراخ النخل (قلنا: ولا محل لمعنى الشمراخ هنا وإن كان من معاني العاسي هذا الذي يشير إليه وإنما يوتى في الشرح بالمعنى الذي يوافق القرينة في المتن ثم قال: وعس (وشدد السين) النبات غلط وصلب ولعل عس من أغلاط الطبع التي لم تصحح والصواب

عسا أو عسى النبات بالمعنى الذي أشار إليه. وفي ص 150 في شرح هذا العجز: (ضحضاح ماء لا يواري الدعمصا) قال: الدعموص: دودة لها رأسان تنظر في الماء إذا قل. وهذا التعريف غريب لا يرضي به أبناء عصرنا إذ لا يوافق أنباء العلم الصحيح. وليس في اللغة كلمة الدعمص كما في شرح هذا البيت: يا بنفسي بالرياض الحو ذا ... غيد يستن والروض مريع استن الرجل استاك (نعم هذا صحيح لكن لا يرتد هذا المعنى في هذا المقام) وبه الهوى حيث أراد أي ذهب به كل مذهب. (نعم وهذا أيضاً صحيح لكن ليس هذا محله. وإنما معنى استن هنا: عدا إقبالاً وأدباراً من نشاط وزعل لا غير). - وقال في ص 80 في تفسير العيرانة ما نصه: العيرانة من الإبل التي تشبه بالعير لسرعتها ونشاطها. (قلنا: ولو قال (في) سرعتها ونشاطها لكان أصح وأصوب - وهذا أيضاً ليس بقوي والأحسن أن يقال: سميت لكثرة تطوافها وحركتها اشتقاقاًُ من العير المصدر لا من العير الحمار كما قاله بعض ضعفاء اللغويين) راجع التاج - وفي الديوان أبيات كثيرة تحتاج إلى أن يفسر غامضها ولعل كثرة أشغال رصيفنا حالت دون أمنيته. ثم إننا نرى الناشر قد حذف أسماء من نظمت له القصيدة فلو ذكرها لزادت حسناً ولبقيت المنظومة تاريخاً للرجال أو للحادثة أو للموضوع الذي رمى الشاعر فقد جاء مثلاً في ص 18 هذا العنوان: (وقال أيضاً رحمه الله تعالى متغزلاً) فلو قال (وقال أيضاً رحمه الله في ولد اسمه متعب) لكان أوفق للمقصود. ثم لا نرى سبب تغيير متعب (بعاتب) في قوله في تلك القصيدة: ولقد شكوت عليك عندك (عاتبا) ... لو كان للعشاق عندك معتب وقال في ص 16: (مقرظا أشعار بعض زملائه) ولو سماه باسمه وهو الشيخ جواد أفندي شبيب الشاعر الشهير لكان أوفى بالمرام. ومثل هذا كثير. ومما فات الناشر ذكره في المقدمة حذف اسم صاحب الجوهر (وهو الشيخ محمد حسن المتوفى سنة 1266). ومما لم ينتبه إليه الناشر تعديد الأسر الطباطبائية في العراق أمناً للبس إذ بينها أسرة بحر العلوم التي منها صاحب هذا الديوان. وآل السيد (مير علي) صاحب كتاب الرياض وهذا البيت مقيم في كربلاء. وآل الطباطبائي في البصرة وهؤلاء من السنة ومن أجدادهم السيد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

عبد الجليل الطباطبائي صاحب الديوان المطبوع في الهند. ومن الطباطبائيين: السيد كاظم اليزدي نزيل النجف وهو من أكبر علماء الشيعة الحاليين ويتصل أجداد هذا السيد بأجداد آل بحر العلوم بعد عدة أصلاب. وأما سائر من يسمى بالطباطبائيين فليس بينهم قرابة رحم ولا صلة نسب. فهم طباطبائيون في اللفظ لا غير ومن هفوات الناشر قوله ص 4: (وكان ذو) والصحيح ذا. وقال في ص 6: (ومنهم الشيخ محمد السماوي. . . والشيخ عبد الحسين الخياط. . . وسوى هؤلاء) وقد عطفهم على تلامذته الأولين الذي فصلهم عن الآخرين جملة معترضة لا تقل عن 17 سطراً! أما أغلاط الشاعر فمنها جمعه في ص 11 فقاعة على فقاقع والصحيح فقاقيع وإن أراد إقامة الوزن فليقل فواقع جمع فاقعة هرباً من الضرورة الشعرية الشنيعة التي لا محل لها في عصرنا هذا. وإن جوزها ضعفاء الشعراء الذين يعدون بالمئات. وجاء في ص 10 ضنائي وفي ص 12 بمنائي وكلاهما (من الضرائر الشعرية القبيحة) ومن مثل هذه الجوازات المذمومة قول صاحب الديوان في ص 31 (شاب وأشيب يستهل بوجهه) ولم يرد في كلامهم شاب بتخفيف الباء. وورد في ص 32 (الآن أضيع رجا الطالب) وفيها جوازان: تلبين همزة الآن الممدودة وحذف همزة الرجاء. ومن الجوازات المنبوذة تحريك الساكن في مثل رطب (ص 37) أي ندى. ومن الأغلاط الواردة في الديوان ما جاء في ص 20: (اكفف يا بفيك الأثلب) والصحيح اكفف بفيك الاثلب ولعل الزيادة من المنضد. ومما يخرج عن الوزن ما ورد في ص 35: (إذا انبعثت تستشيط غضابا.) - وقال في ص 35: (غريبا أرى غريب الديار) وهذا الشطر لمهيار من قصيدته الفائية في رثاء الحسين. وهذا كله لا يزري بحسن الديوان فإنه مما يخلد اسم ناظمه ويبقى له الشهرة الطيبة بين شعراء العراق. تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - قتل في إمارة ابن الرشيد نقلت صدى الدستور البصرية والزهور البغدادية خبراً محصله أن ابن الرشيد

أمر بقتل خاله زامل السبهان وهو الذي سعى السعي الصادق في توطيد أسس الإمارة في حين كانت قد أوشكت أن تنتقض؛ وهو الذي كان يدافع حق الدفاع عن الإمارة كل مرة حاول بعض الأعداء مسها بضر، وهو الذي أصلح ذات البين بين الأمير ابن السعود والأمير ابن الرشيد فطأطأت قبائل شمر رؤوسها لأميرها وهو الذي كفل تربية الأمير الجالس على عرش الإمارة منذ أن كان في المهد إلى أن أجلسه على أريكة الملك بعد أن زحزح عنها أولاد وأحفاد عبيد الرشيد الذين ورثوا الملك بعد قتلهم أخوته. - وسبب قتله على ما يقال هو إباؤه موافقة أوامر الأمير لأن زاملاً لا يحب مقاطعة الأمير ابن السعود. وكان يقولك لا حاجة لنا أن نتدخل في مسألة البصرة وسياسة الدولة ولهذا اتفق الأمير سعود الصالح السبهان (وهو ابن عم زامل من فخذ السلامة) على قتله (وهو من فخذ العلي وكلاهما أي القاتل والمقتول من آل سبهان) وقتل أربعة معه وهم: سبهان عم زامل، واثنان آخران من أبناء عم زامل. وأرسل الأمير ابن الرشيد سرية إلى بلدة حائل لقتل إبراهيم السبهان المقيم فيها وأودع إدارة الأمور التي كانت بيد زامل إلى القاتل سعود المذكور. وفي مناسبة هذا القتل السياسي عددت صدى الدستور قتلى الرشيد وأبناء عمهم آل سبهان في السنوات العشر الأخير فقالت: سالم ومهنا الرشيد اللذان قتلا في حرب الطرفية الشهيرة التي وقعت بين الأمير عبد العزيز الرشيد وبين أمير الكويت وماجد وعبيد الرشيد وفهد السبهان الذين قتلوا في حرب القصيم في محاربتهم الأمير عبد العزيز السعود وعبد العزيز الرشيد الذي قتل في محاربته الأمير عبد العزيز السعود. أما الذين قتلوا في الفتن التي ثارت بينهم من أجل الإمارة فهم: متعب ومشعل وطلال ومحمد وكلهم من آل الرشيد قتلهم أبناء عمهم سعود وسلطان وفيصل. وعبد الله وسلمان وحمداً وكلهم من بيت الرشيد. والذين بقوا من بيت الرشيد خمسة وهم: الأمير الحالي وعمره 17 سنة وولداه الصغيران وهؤلاء هم من بيت عبد الله الرشيد. واثنان من عبيد الرشيد الدخلاء عند الأمير عبد العزيز السعود وهما: فيصل وضاري آل الرشيد. 2 - الأمير الشيخ سالم الصباح نزل بعشائره على سفوان ولعل هناك غاية خفية.

3 - الأمير ابن الرشيد نزل على لقيط وخرج لمقابلته سالم الخيون مع جملة من رجاله. والظاهر أنه ينهض من هناك إلى (الطوال) التي يقيم فيها عشائر شمر ومنها يتوجه إلى حائل مقر إقامته. 4 - الجراد بين الزبير وسفوان كثر الدبى بين الزبير وسفوان وقد رعى شيئاً جماً من نبات ذلك الصقع فاقلق خواطر البادية. 5 - الإنكليز في البصرة وضعت إنكلترة في البصرة سفينة كبيرة فيها دقل عالٍ وفي قمنه قنديل ينار ليلاً لإضاءة مدخل البصرة الخطر على البواخر القادمة من أسفل الخليج الفارسي. 6 - حالة مسقط لا زالت نيران الفتن مضطرمة في إمارة مسقط والذين يسعرونها الثوار الذين - وإن مات زعيمهم - لم تمت منهم نياتهم السيئة إذ احتلوا بلد (نخل) وهم في عصيان ظاهر. أما سلطان مسقط وأخوه نادر فإنهما ذهبا إلى (بركة) يستعدان فيها للحرب؛ لكن ظهر من طلائع جيشهما من الضعف عند محاولة الهجوم على (نخل) ما أيد للعدو ما يعتقده في جندهما فتقدم إلى (بركة) فتسور دار الوالي سليمان في خارج البلد فاتخذها لنفسه مقراً ثم أخذ يحارب حصون (بركة) من أعالي تلك الدار فقابلته الحصون بالمثل زمناً أظهر فيه السيد نادر من الشجاعة والبسالة والحماسة ما اعجب الناظرين. ودامت الحرب يومين. - وكان في ميناء بركة بارجة إنكليزية تنتظر إشارة من السلطان لتمطر على الأعداء وابل الويل ونصب عليهم المصائب فلما آن الوقت أطلقت البارجة مدافعها على المتحصنين في الدار المذكورة فنسفتها نسفاً وبددت شمل العدو فولى الأدبار بعد أن قتل منه عدد عظيم. وكانت تساعدها في الفتك باخرة السلطان (نور البحر) وبعد ذلك انقطع خبر الأعداء لتستجم قواهم الخائرة. 7 - محاصرة قريات حاصرت عشيرة بني بطاش بلدة (قريات) وعاثت في أطرافها فساداً وقد تضرر منها سكان البلدة ولا سيما البلوص منهم وقد ابلوا بلاء حسناً في مقاتلة العشيرة.

ولما طال الحصار عليها وعيل صبر سكانها تركوها للعشيرة المحاصرة بعد أن حملوا منها ما خف حمله وغلا سعره. وفي اليوم الثاني دخلها العدو ظافراً. ولما وقف السلطان على هذا الخبر وكان في (بركة) زحف على العدو في باخرته تصحبه البارجة الإنكليزية ولما قرب منها أطلقت البارجة قنابلها على (قريات) فحولها قاعاً صفصفاً وانهزم العدو بعد أن مات منه عدد جم. متجهاً نحو (بركة) ليهجم عليها من جهة لا تصله قنابل البارجة. ولهذا ترى الحرب هناك سجالاً ولم تنطفئ جذوتها إلى الآن. 8 - الأمير ابن السعود وصل هذا الأمير إلى قرب الكويت ونزل على قرية (الصبيحية) بجيشه وهذه القرية تبعد عن الزبير 3 أيام وعن الكويت 6 ساعات. ويقال أن مجيئه إلى تلك القرية لأمور سياسية جليلة. 9 - سرية الأمير ابن الرشيد وصلت سرية الأمير ابن الرشيد إلى (حائل) بعد أن بلغ خبر سبب قدومها إليها أي للفتك بأسرة السبهان الموجودة هناك. وكانت هذه السرية لا تعرف بأن من يراد قتلهم قد وقفوا على الغاية التي قدمت لها. فلما أرادت الدخول في البلدة خرج عليها إبراهيم بن سبهان مع جماعة من رجاله وقابلها بإطلاق البنادق عليها فأدبرت فارة. وأما ابن سبهان فإنه لا يزال مقيما في حائل ولعله يستولي على كل ما يعود إلى الأمير ابن الرشيد. 10 - عشيرة الذرعان هجمت هذه العشيرة وهي فخذ من الضفير على عشيرة من عشائر شمر فنهبتها. 11 - القشعم ووطبان الدويش لحق القشعم أحد زعماء مطير بجيش الأمير سالم الصباح وسيتبعه عن قريب الزعيم الأكبر لتلك العشيرة وهو (وطبان الدويش) 12 - الشبلان نزلت عشيرة الشبلان على كويبدة وهي موضع على مسافة ساعتين من الزبير 13 - مبعوثو المنتفق حاز معظم الآراء معروف أفندي الرصافي وعبد المحسن بك آل السعدون وقريش أفندي. فنهنئهم بهذا الفوز.

إصلاح بعض الأغلاط واستدراكها

إصلاح بعض الأغلاط واستدراكها صفحة 10 سطر 15 أنها ورثت صوابها أنهن ورثن. - ص 27 س 7 ووهو: وهو. - ص 29 س 3 الصحيفة: الصفيحة. - ص 29 س 10 العبلى: الصبلى - فيها س 17 كاوب: كلوب - فيها س 18 - 19 وفتح الفاء المهملة وفتح الحاء المهملة. - ص 31 س 14 واقفة: واقعة. - ص 32 س 27 من الأعراب: من الأصحاب. - ص 33 س 29 العطيش: العطيشي. - ص 34 س 19 مدة فيه فلم: مدة فلم. - ص 31 س 23 (باسم النعى): باسم (النعي). - ص 39 س 11 لما فصلت البصرة عن ولاية بغداد: إن ولاية البصرة انفصلت للمرة الأولى عن ولاية بغداد في سنة 1292هـ (1875م) فعين لها والياً الوزير ناصر باشا كما روته (سالنامة البصرة) الصادرة في سنة 1320هـ ولم يكن ابنه مزيد باشا في سنة 1320. متصرفاً للأحساء؛ بل كان يومئذ في أنحاء الشامية وذلك بعد الواقعة المشهورة ب (واقعة الرئيس). - ص 42: السطر الأخير: حنبص: حنفص ص 47 س 13 يتجول به: يتجول تارةٍ. - ص 52 س 20 من ترجمتهم: من ترجمته. ص 57 ص 60 س 11 صفاى: صغاى ص 61 الحاشية 2 صحيحها: نهر سمرة الذي ذكره ياقوت هو غير النهر الذي ذكرناه نحن (هذا التصحيح من الكاتب الأديب) إذ أن في الأول قبر العزيز عم وهو واقع على نهر دجلة شمالي القرنة. وأما النهر الذي ذكرناه نحن فهو واقع على نهر شط العرب في جنوبي القرنة وداخل في ناحية الهارثة في شمالي مدينة البصرة. ص 61 س 4 الخرنينة: الخزينة - فيه الحاشية 2: الصواب: إن هذا النهر داخل أرض كان صاحبها سابقاً رجلاً من أهل خربوط فنسب النهر إلى الأرض ونسبت الأرض إلى مالكها الخربوطي لأن البصريين إذا أرادوا أن ينسبوا أرضاً أو شيئاً مؤنثاً إلى شخص أضافوا إليه الهاء إشارة إلى شهرة الشخص. مثلاً إذا أرادوا أن ينسبوا أرضاً إلى شخص بغدادي سموها: (البغدادية) أو إلى شخص موصلي قالوا (الموصلية) إلى ما ضاهاهما. وليس مرادهم تأنيث المالك كما توهمتم ونقول مثل هذا القول عن أنهر المقدسية والششترية والشيرازية المذكورة في ص 63 (كانت المقالة) ص 63 حاشية 2: قلناه نهر الخورة ليس تابعاً لنهر المناوي البتة. وهو أوسع من نهر المناوي طولاً وعرضاً. وأما نهر المويلح (تصغير المالح).

العدد 35

العدد 35 - بتاريخ: 01 - 07 - 1926 سنتنا الرابعة 1: مجلتنا في السابق كنا قد أصدرنا مجلتنا في سنة 1911 فبرز منها ثلاثة مجلدات عن ثلاثة أعوام ولما جاءت الحرب العظمى بأهوالها، كنا قد أصدرنا من سنتها الرابعة جزأين فقط. حينئذ نفينا ظلماً إلى قيصرية كباودكية (المعروفة عند الأتراك بقيصري) فانقطعنا عن إخراجها للقوم إلى أن كان الصلح. فأصدرنا (دار السلام) مدة تزيد على ثلاث سنوات، ثم سافرنا إلى أوربة لمشتري آلات طباعة فتم الأمر في منتصف سنة 1921. ثم عاندتنا الأحداث بأنواعها. إلى أن ذللناها في هذه الأيام، وعلماء البلاد العربية اللسان يلحون علينا بإصدارها لما قامت به من خدمة للعراق وتعريف أبنائه ودياره وتسويق تاريخه في سابق العهد وحديثه، حتى كادت النفس تمل من كثرة ما سمعت. 2: إلحاح المستشرقين علينا دع عنك أكابر المستشرقين من جميع الأمم فأنهم يعيدون علينا الالتماس لإصدارها حتى لم يبق في النفس منزع. وها نحن أولاء نزفها إلى محبي العراق والمتشوقين إلى الوقوف على أحواله.

3: خطتنا أما خطتنا فتبقى كما كانت في السابق أي أنها تتحرى ما يتعلق بالعراق وما جاوره من البلاد على اختلاف المباحث التي تمسها وتتجنب كل ما يشتت الآراء ويلقي الفتن بين أبناء العراق أو بين محبي العرب. 4: المقالات وكل مقالة يبعث بها إلينا خارجة عن نهج المجلة لا تدرج ولا تعاد إلى أصحابها وكل ما يوافق خطتنا تصلح أغلاطه أو يحذف ما فيه من غريب الآراء المخالفة لمنهاجنا ثم يدرج. 5: النقد ولا بد من النقد الأدبي أو العلمي أو التاريخي ولا ندعي أننا نصيب في كل ما نكتب أو ننتقد، إذ لابد من الخطأ. أما الكمال فلله وحده على أننا لا نتعرض للرد على أحد أن أصبنا أم لم نصب إذ في ذلك خسارة وقت وكتابة وإنشاء حقد وضغينة على غير طائل ولا نتيجة حسنة. فالسكوت احسن جواب لمن لا يقنع بالحق. 6: العنوان الأولان القديمان من السنة الرابعة وكان بودنا أن نجعل هذا الجزء الجزء الثالث من السنة الرابعة. لكننا نعلم أن ما كان منهما عند الأدباء العراقيين اتلف. وكذلك ما كان منهما عندنا لأن الحكومة العثمانية أبادت مع مجلدات المجلة كل ما كان في خزائننا من كتب خطية ومطبوعة ولم تبق منها شيئا ولم تذر، حتى اضطررنا إلى أن نشتري أو نجلب كتباً جديدة لنعيد الخزانة إلى سابق كنزها. 7: العدد الأول الجديد من السنة الرابعة ولهذا جعلنا هذا الجزء الجزء الأول مع نية أن نعيد درج المقالات التي نشرت في الجزءين السابقين شيئا بعد شيء لغايات منها 1: الحرص على ما نشر منها. - 2: إصلاح ما يحتاج إلى إصلاحه فيهما. 3: إتمام السنة مستقلة وتامة عند الجميع لأن إعادة طبع ما مضى يكلفنا مبلغا عظيما نحب أن نرصده لهذه السنة. 8: الاشتراك في المجلة وثمن الجزء الواحد منها قد جعلنا الاشتراك في المجلة عن اثني عشر جزءاً اثنتي عشرة ربية على حساب

قرطاجنة

الربية سبعة غروش مصرية ونصف غرش. وذلك في بغداد وأما في خارج بغداد فخمس عشرة ربية. والجزء منها بربية ونصف. 9: مبادلات المجلة نبادل مجلتنا أصحاب سائر المجلات، بل الجرائد العربية اليومية التي تظهر في البلاد الضادية اللسان ولا نقبل مبادلة الجرائد الإفرنجية. 10: لهذه المجلة إدارتان: الواحدة للتحرير والثانية للإدارة فكل ما يتعلق بدرج المقالات وإهداء الكتب وتوجيه الجرائد والمجلات يكون باسم (محرر مجلة لغة العرب) وكل ما يتعلق باشتراك أو شراء أجزاء أو مجلدات منها يعنون باسم (مدير مجلة لغة العرب) وكلتا الإدارتين في كنيسة اللاتين في بغداد. ولا ترسل المجلة إلا لمن يطلبها ويبعث ببدل الاشتراك مع طلبه ومن يخالف هذا الأمر لا يلتفت إلى رغائبه. قرطاجنة قرطاجة. قرية جونا أو دونا قرية حدشة. قرث حدشث أستأذنكم وأستأذن أخي وصديقي وتلميذي المحبوب أمين بك كسباني في نقل ساحة هذا البحث من سورية إلى العراق ومن بيروت إلى بغداد ومن الكلية إلى الحرية فأقول: 1: بعض التمهيد تأسست قرطاجنة سنة 869 قبل المسيح في حين لم تكن رومية بعد في حيز

الوجود وفي حين أيضا لم يكن بعد لغة لاتينية معروفة ولا أقول في موريتانية أو نوميدية أو البلاد التونسية فقط بل في إيطاليا نفسها. واسمها مؤلف من لفظين أولهما (قرية) بمعنى مدينة وهو لفظ سامي بحت فهل يعقل أن يكون الثاني من اصل لاتيني أو يوناني؟ كلا لا يعقل وفقا لما اعتقد ولما اعلم من طبع العمران الغالب. 2: بماذا كانوا يسمون المدن كانوا يسمون المدن باسم الأمير الذي أمر ببنيانها أو باسم رئيس الجالية التي قطنتها أو باسم القبيلة نفسها أو باسم إله من آلهتها سواء ظهر ذلك الإله للأمر بالبناء في حلم أو في يقظة تخيل ووهم أو لم يظهر. ومن أسماء الفينيقيين وأسماء آلهتهم أيضاً جونو أو جونه ويونو أو يونه وادونو أو ادونه ودون أو دونه وتون أو تونه. والجيم والدال والتاء والثاء والسين وحروف العلة تتبدل بعضها من بعض كما يقول بذلك علماء الفيلولوجيا وأهل البحث والثقة في مخارج الحروف وتبدلاتها. 3: جونه أخت (بعن عليون) أو ديدو لا اعلم كيف وصلتني رواية (جونه أو دونه محرفة عن جونه أو مستقلة عنها.

هكذا كنت وجدتها في ذاكرتي ولذلك فحالما يتبين لي ما يترجح معه عدم صحة الرواية فليس ثم ما يحملني على التمسك بها وبكل طيبة نفس اطرح عني عبء المحافظة على ما بدر مني من الرأي فيها ولكني لا أزال (معربطا) اشد عربطة أن جون وجونه ودون ودونه) وسائر الأسماء التي ذكرناها أعلاه هي سامية الأصل وكان يسمى بها المدن والآلهة والناس. ولا أزال أيضا اعتقد أن (قرية حدشة) لم تكن اسما للمدينة التي بنتها المستعمرة الصورية سنة 869 قبل المسيح بل هي اسم لقرطاجة (أي المدينة الجديدة) التي بناها هؤلاء في أسبانيا أو لقرطاجة الأفريقية (المدينة الجديدة) التي جدد بناءها يوليوس قيصر كما أظن على موقع المدينة القديمة وعلى غاية القرب منه. والأرجح أن قطعة النقد التي يقول تلميذي العزيز أن أمامه صورة منها وأنه مكتوب على جانبها الواحد بالحرف الفينيقي (قرث حدشة) وعلى الأخر (تحنة) هي من ضرب قرطاجة الأسبانية أو من ضرب (قرث حدشة) الأفريقية التي جدد بناؤها موخرا كما ذكرنا. على أني ارجح أنها من ضرب قرطاجة الأفريقية بدليل ما هو مكتوب على جانبها الأخر اعني لفظة (تحنة) كما سأذكره فيما يأتي: عزيزي أمين. أنت تعلم أن المبادئ الفيلولوجية وعلم مخارج الحروف وانقلاباتها لا تجوز لنا أن نحول (قرث حدشة) إلى قرطاجنة ولا أن نرد (قرطاجنة) إلى (قرث حدشة) ((إلا بصعوبة كلية لا نعدل إليها إلا مضطرين) ولكنها تجوز

في قرطاجنة أن تحول إلى كرشيدون أو كرخيدون) وقرشيدون وكرخيدون هما الاسمان المتعارفان في اللاتينية واليونانية عند أكابر فصحاء وعلماء هاتين الأمتين. ومن الصعب الصعب أن يعدل عما اختاره بلغاء أمة وعلماؤها واشتهر عنهم بضع مئات من السنين وفي عشرات بل في مئات من المؤلفات إلى ما أفسدته العامة باستعمالها. خطر لي بعد أن فكرت طويلا فيما ذكرته من المكتوب على الوجه الآخر من قطعة النقود تعليل لا بأس فيه ولعله يحل مشكل قطعة النقود التي أشرت إليها وهو الآتي: أن الاسم الأصلي هو (قرية جونه أو دونه) وقد ورد في مؤلفات اليونان والرومان بلفظ كرخيدون وكرشيدون وليس شيء من الصعوبة في تحول الصيغة السامية إلى الصورتين اليونانية واللاتينية ولا في ردهما إلى الأصل المحولتين عنه. وقرية هنا بمعنى مدينة والتركيب تركيب إضافي كما نقول مدينة مكة أو مدينة صنعاء. هذه المدينة خربها الرومان سنة 146 قبل المسيح ويقول العلامة بولي في تاريخه العام أن النار استمرت فيها لظى سبعة عشر يوما بلياليها فلم تبق عن شيء في المدينة إلا التهمته. ثم جدد بناؤها حيث مدينة تونس الآن. وارجح أن هذه المدينة الجديدة هي التي كتب على القطعة من نقودها (قرث حدشة) على أحد جانبيها و (تحنة) على الجانب الأخر. والفيلولوجي لا يصعب عليه أن يرى (تحنث).

نظرة في إصلاح الفاسد من لغة الجرائد

نظرة في إصلاح الفاسد من لغة الجرائد بحث لغوي انتقادي الشيخ إبراهيم بن ناصيف اليازجي باحث منقب ولغوي ضليع. خدم اللغة العربية بقدر ما أوتي من العلم خدمة لا تنكر. بل تذكر له فيشكر. على ممر الدهر.

ولولا خلتين - هما الغرور والتسرع - تغلبت عليه تغلب القوي على الضعيف لكان يعد في الرعيل الأول بين علماء اللغة المحققين. كان اليازجي من الغرور بنفسه بحيث لا يرى أحد من الغابرين والحاضرين أعلم منه باللغة. ومن التترع إلى النقد بحيث ينكر الشيء وهو ظاهر ظهور الشمس في رائعة النهار. كما يظهر ذلك لمن ينظر في رسالته (لغة الجرائد) نظر ناقد بصير ورسالته هذه عبارة عن مقالات كان ينشرها في مجلة الضياء ينتقد فيها كلمات وتعابير الكتاب غير جارية على أصول اللغة ومناحي العرب في أساليبهم. وربما ادمج فيها كلمات سبقه إلى انتقادها أمثال الحريري والخفاجي وغيرهما من أئمة اللغة من غير إشارة إلى ذلك. ثم جمعت بشكل رسالة جاءت في 124 صفحة بقطع الربع. وقد اتفق أن اطلع عليها أخيرا الأستاذ محمد سليم الجندي من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق، فرأى فيها من الأوهام ما لا يصح السكوت عنه. فكتب مقالة أخذ على اليازجي فيها نحو أربعين غلطة. منها كلمات غير جارية على السنن الصحيح. وأخرى عدها من الغلط وهي من الفصيح: ونشر مقالته في إحدى

صحف الشام، فكبر ذلك على الأديب قسطاكي الحمصي، أحد عشاق الشيخ اليازجي، فانبرى للرد عليه. ولكن بأسلوب هو إلى المهاترة، أقرب منه إلى آداب البحث والمناظرة، فكان في دفاعه عن شيخه (كالغريق يتشبث بالغرفط طلبا للنجاة) كما وصفه الجندي. فلم يسع الجندي إذ ذاك إلا أن يناقشه فكتب سلسلة مقالات نشرت في إحدى جرائد دمشق. ثم عاد فجمعها في كتاب بلغ نحو (153) صفحة وسماه (إصلاح الفاسد من لغة الجرائد). ليس الجندي هو أول من تعرض لأوهام اليازجي بل سبقه إلى ذلك من الفضلاء فيما سمعت. وأعرف منهم صديقنا الأديب الفحل الأستاذ الشيخ عبد الرحمن سلام البيروتي، فقد رد عليه برسالة سماها (دفع الأوهام) وطبعت سنة 1317 هـ في المطبعة الأدبية ببيروت. وقد التزم فيها الدفاع عمن غلطهم اليازجي من الشعراء الجاهليين، والبلغاء الإسلاميين: كالحرث بن حلزة اليشكري، وعنترة العبسي، وعدي بن زيد العبادي من الفريق الأول. وكالبديع، والحريري،

ولسان الدين الخطيب وأمثالهم من الفريق الثاني. وجملة ما أخذه على اليازجي نحو أربعين كلمة أيضاً لم يتعرض لها الجندي إلا في كلمات منها مثل تأنيث اليشكري كلمة (ضوضاء) في قوله: أجمعوا أمرهم عشاء فلما ... أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء واستعمال لسان الدين الخطيب فعل (أنف) متعديا في قوله: قالوا لخدمته دعاك محمد ... فأنفتها وزهدت في التنويه وتذكير عبد الصمد الصفار كلمة (الشقائق) في قوله: وشقائق شق القلوب كأنه ... خد مليح ضم صدغا اسودا وقولهم (تعرف على فلان) إذ أحدث به معرفة. على أن كلاً من هذين الفاضلين لم يستقص جميع أوهام اليازجي. بل اغفلا أشياء كثيرة أذكر منها على سبيل المثال: إنكاره استعمال (النوادي) مع كونه القياس في جمع (النادي). وهذه دعوى لا تسلم له ولا لمن هو اكثر منه إحاطة بكلام العرب. كيف وقد استعمل هذا الجمع قديما ولم ينكر وروده أحد سواه: قال معاذ بن صرم الخزاعي فارس خزاعة: ولست برعديد إذا راع معضل ... ولا في نوادي القوم بالضيق المسك وقال مجد الدين الفيروزابادي في مقدمة القاموس المحيط:

(محمد غير من حضر النوادي) وأقره عليه الشراح، ولم يأخذه عليه أحد من النقاد الفصاح. ودعواه آن استعمل (التحرير) بمعنى الإنشاء علمي. وقد فاته أن الحر من كل شيء خياره وان التحرير في الكتاب أن يراعي فيه خيار الكلام والمعاني. وأن المتقدمين كانوا يستعملون التحرير في تجويد الخط ثم توسعوا فيه فأطلقوه على الإنشاء. قال الأستاذ المتبحر العبقري، الشيخ عبد القادر المغربي، في نقد (تذكرة الكاتب) التي تابع صاحبها اليازجي في كثير من المسائل: وهذا (يعني التحرير) عينه وقع في كلمة (الكتابة) فإن اصل معناها الخط باليد، والكاتب هو الذي يخط الكلام لا الذي ينشؤه ويهيؤه في نفسه، (كذا وردت الهمزتان مكتوبتين على الواو. ل. ع) ثم توسعوا في الكتابة فأطلقوها على الإنشاء وأطلقوا الكاتب على المنشئ. راجع مجلة المجمع العلمي العربي م 4 ص 261. - وقوله أن العدو اللدود بمعنى الشديد العداوة هو خلاف المعروف في استعمال العرب لأن اللدود عندهم بمعنى الذي يغلب في الخصومة. ولا أدري أيخلو عدو من خصومة حتى يأتينا

اليازجي بهذه الفلسفة المبتكرة؟ - وقوله إن (القهاوي) في جمع القهوة متابعة للعامة. وهو هنا يرشدنا إلى تصحيح الجمع قبل تصحيح مفرده وقد فاته أن القهوة للمكان عامية وأن الصواب أن يقال (المقهى). ونحو هذا مما أغفله ذانك الفاضلان كثير جدا في كلام اليازجي ولعلنا نفرد له مقالة إذا وفق الله. ونقد الأستاذ الجندي نقد عالم بصير. وناقد خبير. لا ترى فيه إلا السلوك على المحجة. وقرع الحجة بالحجة. اللهم إلا في الندرى مما هو ناشئ عن تشدد فيه. لرأي يرتئيه. تجاوز فيما احسب. حد التعصب. وما كان ينبغي له أن (يحجر علينا من اللغة واسعا. ويحرمنا من شهي أثمارها يانعا) مما لو رجع إلى نفسه وكلفها ما يكلفنا من الجمود على (ورد ولم يرد) وعدم التسامح في التوليد والاشتقاق، والتوسع في الاستعمال والاطلاق، لما وسعه إلاَّ أن يتهم اللغة بالعقم أو يخرج على نظامها غير حاسب لأحد حسابا، وهذا ما عيذه منه. ولقد هالني تشدده في منع (مشاهير) في جمع (مشهور)

بدعوى أنه لم يرد في كلام العرب. ولا ادري مما يضر اللغة لو قسناه - وباب القياس في لغتنا أوسع ولا شك من سم الخياط! - على الجموع التي يدعي شذوذها؟ نحن لا نريد أن نقتسر الأستاذ على النزول عن رأيه لأن ذلك لا يعنينا وليس بنافعه أيضاً إذ من المحال، أن يهجر هذا الاستعمال، وينزل عند رأي هذا المفضال، ولكننا نورد نكتة يتبين منها مبلغ تعصبه لما يذهب إليه وأن كان غير سديد. كنت يوما في مجلس شيخنا علامة العراق الأكبر الإمام الالوسي رحمه الله فورده كتاب من صديقنا الأستاذ اللغوي. الأب أنستاس الكرملي، يذكر فيه أنه رد على أحد أدباء دمشق (يعني الأستاذ الجندي) مبينا فساد قول من يذهب إلى أن جمع مفعول لا يكسر على مفاعيل سوى في ألفاظ معدودة: ويطلب إليه أن يذكر (أي الاثنين مصيب في كلامه). فأملى الإمام - على عادته - علي كلاما جاء غاية الغايات في التحقيق. ثم قدر الله سبحانه أن نفقد الإمام ويكتب الأب الكرملي تأبينا يستدل فيه بهذه الفتوى على إمامته في العلوم اللسانية، وأن يسمعها الفاضل الجندي ويطلبها مني فأبعث بها إليه. ولكن ماذا كان من أمره؟

كان من أمره إن أبى إلا الوقوف عند رأي نفسه. والتلذذ بنغمة جرسه! ونحن نورد فتوى شيخنا على طولها لتكون حجة بيد المجيرين، على المانعين، استغفر الله! بل على المانع. إذ ليس هناك غير الأديب الجندي. قال رحمه الله: (. . . نظرت فيما كتبته على لفظ (المشاهير) راداً به على من أنكر هذه اللفظة من أدباء دمشق حيث حكم أنه لا يقال مشاهير. . . فرأيتك قد وفيت له الكيل صاعا بصاع وألجمته بلجام الإسكات والإفحام غير إن خصمك لا يذعن للحق إما لجهل وإما لتجاهل. فان لفظ مشاهير أشهر من نار على علم: واستعمال البلغاء لها قديما وحديثا لا يحيط به نطاق الحصر ولا سيما وجموع لغة العرب لا تدخل تحت قاعدة من القواعد وما ذكروه في هذا الباب إنما هو تقريب لا تحقيق: فقولهم (كل ما جرى على الفعل من اسمي الفاعل والمفعول وأوله ميم فبابه التصحيح) فأعلم أن هذه القاعدة منقوضة بمئات من الكلمات. منها ملعون ومشؤوم وميمون ومسلوخ ومكسور وميسور ومفطر ومنكر ومطفل ومرضع ومجنون ومملوك ومجذوب وموقوت وموعود ومصروع ومخدوم ومضمون ومقدور ومعذول ومخنث ومسند ومسانيد ومرسل ومراسيل ومجموع ومجاميع ومكتوب ومكاتيب إلى غير

ذلك مما لا يقوم به الاحصاء؛ فهل يجوز الحكم على جميع ذلك بالشذوذ وهي تجمع على مفاعيل ويستعمل هذا الجمع فصحاء الأمة العربية صيانة لما ذكره بعض الأعاجم من القاعدة التي ما انزل الله بها من سلطان؟ على أنه لو سلمنا إن هذه اللفظة من الشواذ عن قاعدتهم فلا يجوز الحكم بإنكارها وقد وردت في الحديث النبوي لفظة (المشابيب) فقول خصمكم أنه ورد الحديث برواية أخرى وأن الدليل إذا طرقه الاحتمال: بطل به الاستدلال؛ مما يدل على مبلغ علمه في هذا المقام. فقد ذكر الأئمة أن غلبة الظن في هذا الباب تكفي. فكيف وقد وردت روايات متعددة في غالب ما اشتهروا به من الشعر العربي ولم يقل أحد من أئمة العربية أنه لا يصح التمسك، بمثل ذلك: لأن الدليل إذا طرقه الاحتمال: بطل به الاستدلال. وكل من ذكر هذه القاعدة استثنى ألفاظا كثيرة منها. فانظر إلى البغية للسيوطي وما استثناه وهو كتاب ألفه على الكافية والشافية والألفية والشذور. فأنه تعقب كثيرا من قواعدها وما أهمله أصحابها. وهكذا شراح التسهيل استثنوا كثيرا من الكلمات من هذه القاعدة: أفيقال إن كل ذلك شاذ مع أن

الشاذ ينحصر في كلمة أو كلمتين أو اكثر. ثم أن الشاذ أقسام قسم منه موافق للاستعمال لا يعاب مستعمله فلو سلم أن لفظة المشاهير شاذة فلتكن من هذا القسم. ثم أن منهم من يقول إن لفظة المشاهير هي جمع شهير: وشهير لا يجمع جمع السلامة لما في كتب الصرف: أن فعيلا بمعنى مفعول لا يجمع جمع الصحيح فلا يقال جريمون ولا جريمات ليتميز عن فعيل بمعنى فاعل: وقالوا إن لم يكن متضمنا للآفات والمكاره التي يصاب بها الحي كالقتل وغيره لا يجمع على فعلى كجريح وجرحى وقتيل وقتلى: فالشهير ليس متضمنا للمكاره فحينئذ لا محذور إذا قلنا إنها تجمع على مشاهير. وكذلك فأي منكر يلحق المستعمل لذلك بهذا المعنى. وكذا إذا قلنا إن المشاهير جمع لكلمة مشتهر وهذا الجمع لهذا المفرد مما صرحوا به مع حذف بعض الزوائد: فكيف ينكر استعمال لفظة المشاهير إذا ادعى إنها جمع مشتهر؟ فهل وقف أحد على أنهم جمعوا المشتهر جمع سلامته فقالوا (مشتهرون)؟ ما سمعنا ذلك من أحد قط. فتبين مما ذكرناه أن قد حكم على من أنكر استعمل هذه اللفظة قدح صحيح: وأن المخالف لكم فيه الحاكم بإنكار هذه الكلمة ليس وجه وجيه. انتهى كلام الأستاذ الإمام وهو من التحقيق وبعد الغور بحيث

لا يسع الجندي أن ينكره؛ وإذا بقي مصراً على رأيه وقال (أن العرب لم تستعمل المشاهير فلا يجوز لنا استعمالها مطلقا) فإنا نطالب بإثبات استعمال العرب بكلمة (الواقع) في قوله ص 59 (ما لم يصدقه به الواقع) ونحوها في كلامه مما لو طالبناه بإثباته عن العرب لضاق ذرعه: فلم يبق له بعد هذا إلاَّ أن يهجر مذهبه ويقول باطراد القياس الذي هو أحد الأدلة الجليلة على فضل لغتنا وقبولها للنمو ووسعها كل شيء من أسباب الحضارة. وقد مررت بكتاب الأستاذ الجندي على غلطات وتعابير فرأيت أن أذاكره بها تلبية لدعواه الجفلى في أول الكتاب وآخره لتدارك ما فيه من الخلل والخطأ عسى أن يجد فيما أزجيه بين يديه بغيته. قال في ص 38 (وإِلاَّ لما اعترض) وفي ص 58 (والالجاز). وإدخال اللام في جواب أن الشرطية المقرونة بلا النافية ممنوع عند الجمهور على ما اذكر منذ زمان طلبي للنحو؛ فماذا يقول الأستاذ؟ وقال في ص 23 (فأتى في أضعاف سطوره من القول البذيء بما يندي الجبين ويضحك الحزين) وأنا اعلم يقينا أن القول البذيء يندي جبين صاحب الحياء. ولكن هل يضحك الحزين؟ أنا هنا مستفيد!

وقال في ص 66 (وصفوة القول أننا قلنا) وكسر همزة إن: الذي اعلمه أن التي تقع بعد لفظ القول غير محكية كما في عبارته هذه لا تكسر بل تفتح. وقال في ص 136 (لم نقل أن اليازجي) وفتح الهمزة وحقها الكسر لأنها هنا محكية بخلاف الأولى وفي ص 72 (والجواب إن) والصواب فتح الهمزة. ولعل هذا من أغلاط الطبع؛ لا من وهام الطبع. وقال في ص 76 (سواء كان مع الدراهم أو غيرها) والصواب وضع (أم) موضع (أو) وقد وقع هذا الغلط لخصمه أيضاً فلم ينتبه إليه فيأخذه عليه كما أخذ عليه استعمال (تفقيه) وقال إنه سيضيفها فيما بعد إلى الكلمات التي استعملها وهي مخالفة لقواعد العلم أو غير مذكورة في كتبه. ولعله لم يشأ أن يشير هنا إلى كل غلط يقع فيه خصمه ولو شاء لأنكر عليه أيضاً قوله ص 82 (ومما شرحناه يتضح للناقد المنصف أن تفيقه وحذلقة بعض الكتاب. . .) حيث عطف على المضاف كلمة حذلقة قبل أن يأتي بالمضاف إليه. وهذا شائع في مقالات الكتاب فلينتبه إليه. وكتب في ص 2 (الصلوة) هكذا بالواو. وهي كذلك عند الأقدمين ولكنني رأيته غير جار على مذهبهم حيث كتب (الحرث)

في عدة مواضع هكذا (الحارث) وهم يحذفون منه الألف ما لم يتجرد منه الألف واللام. وفي ص 2 س 14 (للخواجة) الصواب حذف النقطتين من الهاء وفي ص 17 (احمد بن فارس) وص 110 (نعمان ابن المنذر) وص 140 (زياد ابن عدي) والصواب حذف همزة (ابن) من كل ذلك. وقد حذفها حيث يجب إثباتها كما جاء في ص 141 (وانشد بن دريد). وفي ص 12 و127 و133 و134 (وجائني) وفي ص 24 (البذائة) وفي 25 (يسترون ورائها) وفي 58 (الملائة) وفي 81 و152 (مؤنة) وفي 94 (وسئلت) وفي 95 (ما ورائها) وفي 115 (وجائت) وفي 118 (قرائتها - بقرائه) وفي 132 (الجزئين) وفي 138 (جائه) وفي 151 (بذائته) وفي 152 (بادئ بدئ) وفي 153 (لنرجوا) - والصواب: (وجاءني) (البذاءة) (وراءها) (الملاءة) (مؤونة) (وسألت) (وما وراءها) (وجاءت) (قراءتها - بقراءة) (الجزءين) (جاءه) (بذاءته) و (بادئ بدء) (لنرجو). وفي ص 24 (أن يطغي) والصواب حذف التحتانيتين. وفي 28 (جاحظ) الصواب (الجاحظ) وفي 78 وهو من كلام قسطاكي (فيقال لك قوم من جلدتنا أي ملتصقين بعشيرتنا) والصواب

أخوان الأدب

(ملتصقون) وفي ص 136 وهو من كلام قسطاكي أيضاً (فلينظر أولي الألباب) والصواب (أولو الألباب) وفي ص 127 و131 (الاشموني) كذا بفتح الهمزة وإنما هي مضمومة بغداد في 10 حزيران سنة 1926: محمد بهجة الأثري أخوان الأدب شكري الفضلي (1882م 1926م) أصيب عالم الأدب العراقي في أول الشهر الماضي بفقد أديب فاضل وكاتب مجيد، قضي شبابه باحثا دارسا، وكاتبا في الصحف ومؤلفا. نريد به شكري الفضلي الذي انتقل إلى دار البقاء في غرة حزيران 1926 فعزت وفاته على عارفي فضله. ورأينا من واجبنا أن نخلد له ذكرا على صفحات (لغة العرب) وقد كان رحمه الله من مكاتبيها وأنصارها الغيارى. الثقافات الثلاث: وجدت في العراق بعد منتصف القرن الماضي ثلاث ثقافات للنشء: ثقافة شرقية عربية بعيدة عن أساليب التعليم الغربي، ولا اثر للغات الأجنبية فيها إنما هي علوم الدين والعلوم العربية

يتعلمها الناشئون في المساجد أو الكتاتيب أو المدارس الأهلية. وثقافة رسمية عليها صبغة الأساليب الغربية وللغة التركية فيها المقام الأول لأنها لغة الدولة، ترافقها مبادئ اللغة الفارسية التي يفرض الإلمام بها على من يشدو شيئا من الأدب التركي، ويحوي منهاجها شيئا من مبادئ العلوم الحديثة مع علوم الدين ودروسا عربية ضئيلة واضال منها اللغات الأجنبية. تلك هي المدارس الأميرية العثمانية. وثقافة أجنبية قائمة في مدارس البعثات الدينية الغربية بين فرنسية وإنكليزية وأميركية وألمانية، للغات الأجنبية فيها الحظ الأوفر من العناية. وبلغة الضاد اهتمام ليس باليسير مع مسحة خفيفة من لغة الحكومة: أما مبادئ العلوم الحديثة فتدرس فيها بهمة وباللغات الأوربية وفي الكتب المؤلفة المطبوعة في الغرب. كما أن نمط التربية نمط المدارس الحديثة في البلاد الغربية مع مراعاة مقتضيات الزمان والمكان. ولا سيما القائمون بأمر البعثات يجهدون في محاسنة الآهلين على اختلاف طبقاتهم توسلا لجذبهم واستمالتهم. هذه هي الثقافات الثلاث التي كانت سائدة في العراق في العهد الأخير، وعلى غرارها ينطبع الناشئون فيكتسب كل منهم ما يقدم إليه منها في مسجده أو كتابه أو مدرسته. وإذا درسنا شخصية

كثيرين من المستنيرين في هذا البلد نرى اثر إحدى هذه الثقافات فيه وقد يجمع بعضهم بين طريقتين فيكتسب الاثنتين في تكوين عقليته ونفسه. وقد جمع المرحوم شكري الفضلي بين ثقافتين أهلية ورسمية، فتسنى له الوقوف على علوم الدين والعلوم العربية وبرع في اللغة التركية - لغة الحكم في ذلك العهد - فكانت له كوة اطل منها على الحضارة الغربية، في الكتب التركية المترجمة غالبا والمؤلفة نادرا في هذا الباب، كما أن رسه الكردي دفعه إلى العناية بتعلم الكردية إلى حد الإتقان بل قد أعلمني في حياته أنه نظم الشعر بهذه اللغة. موجز ترجمته: ينتمي شكري الفضلي إلى أسرة كردية إلاَّ أنه قبل أن تنتعش القضية الكردية ويظهر لها شخصية في هذه الأيام كان قد استعرب حتى أنني لما سألته أن يسطر لي بوجيز الكلام ترجمة حياته الأولى كتب أنه عربي بغدادي ومنها علمت أنه ولد في بغداد سنة 1298 رومية (1882م) وتعلم في الكتاتيب والمدارس الأميرية. ولا اعلم بالتفصيل تربيته الأولى إلاَّ أنني عرفت منه أنه بعد أن حصل ما حصل في التعليم النظامي في المدارس الأهلية

والحكومية تفرغ فترة من شبابه للتوسع في العلوم والفنون التي تلقى مبادئها في دراسة الحداثة ولا سيما الآداب الغربية والعلوم الحديثة وقد استعان في دراسة الأولى بجماعة من جلة المدرسين من الشيوخ المعروفين في عهده، وأعانه فهمه اللسان العثماني على التثقف بالعلوم الحديثة في الكتب التركية المؤلفة والمترجمة، ولم يزل يكد ويسهر الليالي في الدرس والتعليم حتى احسن اللغات الثلاث التركية والفارسية والكردية، وأمعن النظر في آداب هذه اللغات فضلا عن دراسته لغة القرآن وآدابها. اخذ يزاول الكتابة والنظم بالعربية والتركية فكتب مقالات سياسية واجتماعية يومية ونظم القصائد ناشرا آثاره في جريدتي (التعاون والزهور) البغداديتين. ولما لم يكن للأدب سوق في هذه الديار، يصعب على الكاتب أو الأديب أن ينقطع للأدب والكتابة إذ لا يدر أن عليه إخلاف الرزق ولا يكسبانه معيشته، فيضطر الأديب المتطلب المعيشة إلى أن يتعاطى عملا آخر أو صناعة أو يستخدم في وظائف الحكومة ليستعين براتبه منها على حاجياته المعاشية. وهكذا تقدم المترجم عنه إلى دواوين الحكومة للتوظف فيها. كما أنه امتهن التعليم في المدارس بضع سنين. وقد علم في مدرسة القديس

يوسف العالية في بغداد من سنة 1908 إلى سنة 1911، ولم تكن أشغاله اليومية لتحول بينه وبين القلم والكتاب فثابر على المطالعة والكتابة في الجرائد والمجلات، باللغتين العربية والتركية ونظم القصائد في اللغات الأربع التي يحسنها وقد نشر في (لغة العرب) جملة مقالات نفيسة عن الأكراد وبلادهم وأحوالهم حتى كانت الحرب العالمية فأضطهد مع من اضطهد من المفكرين والأحرار. وقد توظف بعد احتلال الإنكليز بغداد سنة 1917 رئيسا لكتاب محكمة الصلح فنظم أوراق المحاكمات باللغة العربية، ثم انتدب للتحرير في ثلاث جرائد أصدرتها السلطة العسكرية في بغداد (العرب) العربية و (إيران وظفر عراق) الفارسيتان و (تي كه يشتن راستي) الكردية. كما حرر بعد أن أوقفت هذه الجرائد في جديدة (الشرق) التي أصدرها في مدينة المنصور السيد حسين أفنان سنة 1921 مدة قصيرة وكاتب جريدة (العراق) بمقالات سياسية نحو عام. وعين عضوا في لجنة ترجمة القوانين العثمانية التي الفت في نظارة العدلية على عهد ناظرها السر بونهام كارتر في حكومة الاحتلال. وبعد أن تقلص ظل الحكم

دجلة

العسكري وتألفت الحكومة النقيبية الموقتة سنة 1921 أسندت إليه وظيفة رئيس كتاب في ديوان مجلس الوزراء وظل في هذه الوظيفة إلى أن قامت عليه نوادبه. وكان قد انتدب قبل بضعة أشهر ليكون عضوا في لجنة الترجمة الكردية التي تشرف عليها وزارة المعارف لترجمة القوانين والكتابات الرسمية ووضع الكتب الدراسية باللغة الكردية. وأصيب أخيرا بضعف شديد وزعم الطبيب الذي عالجه أنه كان مبتلى بداء السل فثقلت وطأته عليه فجأة وأودى بحياته وا أسفاه عليه! (لها تلو) رفائيل بطي دجلة كأنما دجلة والبدر قد ... أرسل نورا فوقها كاللجين قضيب بلور صفا ماؤه ... أو صارم نزه عن كل رين أو خد عذراء إذا أسفرت ... عن شنب أخجلت النيرين محمد بهجة الأثري

المعاهدة العراقية الإنكليزية التركية

المعاهدة العراقية الإنكليزية التركية المنعقدة في أنقرة في 5 حزيران سنة 1126 - كتاب فخامة رئيس الوزراء إلى معالي رئيس مجلس النواب الموقر في 12 حزيران سنة 1926 صاحب المعالي حضرة رئيس مجلس النواب: بعد التحية: اقدم إلى معاليكم في طيه المعاهدة العراقة الإنكليزية التركية المنعقدة في أنقرة في 5 حزيران سنة 1926 راجيا رفعها إلى مجلس النواب الموقر. لا يخفى أن مجلس عصبة الأمم كان قد اصدر قراره المعلوم ببقاء ولاية الموصل للعراق وجعل خط بروكسل الحد الفاصل بين العراق وتركية وأن الحكومة التركية لم تعترف بهذا القرار وعدته مجحف بحقوقها ولما كان العراق راغبا شديد الرغبة في مصافاة جيرانه وتأمين الصلات الودية ومناسبات حسن الجوار معهم بدأت المفاوضات مع تركية للتفاهم معها على حسم مسألة الحدود حسما نهائيا وحملها على الاعتراف بقرار مجلس عصبة الأمم وأخيرا تم الاتفاق على عقد هذه المعاهدة التي هي عبارة عن تثبيت الحالة الراهنة بتمامها سوى نقطتين اثنتين وهما: الأولى. ترك طريق اشوثا - الامون داخل الأراضي التركية. والثانية. إعطاء تركية عشرة في المائة من حصة الحكومة من شركة النفط التركية

لمدة 2 سنة. أما النقطة الأولى فليست بذات أهمية لأن الأراضي التي ستضم إلى تركية من جراء إعطائها هذا الطريق هي عبارة عن بضعة أميال مربعة فقط وأما النقطة الثانية فلم تر الحكومة بدا من الموافقة عليها بغية تأمين السلم مع تركية وتأسيس العلاقات الودية معها. والحكومة تعتقد أن عقد هذه المعاهدة صفقة رابحة وإبرامها في مصلحة البلاد ومنفعتها لأن العراق قد حصل فيها على فوائد جزيلة منها اعتراف تركية بالعراق كدولة مستقلة وتأمين استقرار الأحوال في المنطقة الشمالية وذلك بتأليف لجنة الحدود الدائمة المنصوص عليها في المادة 11. لقد ابرم المجلس الوطني التركي المعاهدة بصورة مستعجلة في اليوم السابع من هذا الشهر وفي اليوم الثامن منه بحث عنها وزير الخارجية البريطانية في مجلس عصبة الأمم وطلب موافقته على التعديل الطفيف الذي طرأ على خط بروكسل فوافق المجلس على ذلك. أن مصلحة البلاد تتطلب التعجيل في إبرامها لا سيما وأن المجلس الوطني التركي قد فعل ذلك قبلا وعليه ترجو الحكومة أن يتذاكر فيها المجلس العالي بصورة مستعجلة. اقبلوا فائق الاحترام رئيس الوزراء عبد المحسن السعدون نص المعاهدة صاحب الجلالة ملك العراق: وصاحب الجلالة ملك المملكة المتحدة بريطانيا العظمى وارلندة والممتلكات البريطانية في ما وراء البحار وانبراطور الهند من جهة وصاحب الفخامة رئيس الجمهورية التركية من جهة أخرى لما كانوا قد اخذوا بعين الاعتبار ما يختص بتعيين الحدود ما بين تركية والعراق من مواد المعاهدة الممضاة في لوزان في 24 تموز 1923 ولما كانوا قد اعترفوا بالعراق دولة مستقلة وبالصلات الخصوصية الناشئة

من المعاهدات ما بين العراق وبريطانية العظمى المعقودة في 10 تشرين الأول 1922 وفي 13 كانون الثاني 1926 ولما كانوا راغبين في اجتناب كل حادث في منطقة الحدود يخشى منه تعكير صفو الوفاق وحسن التفاهم ما بينهم: قرروا عقد معاهدة لأجل هذا الغرض وعينوا مفوضين عنهم: صاحب الجلالة ملك العراق: الزعيم نوري السعيد سي. أم. جي. دي. اس. او. وكيل وزير الدفاع الوطني في العراق. صاحب الجلالة ملك المملكة المتحدة بريطانية العظمى وارلاندة والممتلكات البريطانية في ما وراء البحار وانبراطور الهند: الريت هونورابل السر رونلد تشارلس لندسي كه. سي. ام. جي. - سي. بي. سي. في. او - سفير صاحب الجلالة ملك بريطانية العظمى فوق العادة ومفوضه لدى الجمهورية التركية. وصاحب الفخامة رئيس الجمهورية التركية: صاحب العطوفة الدكتور توفيق رشدي بك وزير الأمور الخارجية في الجمهورية التركية ونائب أزمير. وهؤلاء بعد أن اطلع كل منهم على أوراق اعتماد الآخرين ووجدها طبق الأصول الصحيحة المرعية اتفقوا على المواد الآتية: الفصل الأول - الحدود ما بين تركية والعراق المادة الأولى - أن خط الحدود ما بين تركية والعراق قد تعين نهائيا حسب التخطيط الذي اقره مجلس جمعية الأمم في جلسته في 29 تشرين الأول 1924 والمبين فيما يلي: وصف خط بروكسل ملحق بهذا ومع ذلك فالخط المشار إليه فيما تقدم قد عدل جنوبي الامون واشوثا بحيث

يجعل ذلك القسم من الطريق المخترق الأرض العراقية بين هذين المكانين داخلا ضمن الحدود التركية. المادة الثانية - أن خط الحدود المبين في المادة المذكورة مع مراعاة الفقرة الأخيرة من المادة الأولى هو الحد ما بين تركية والعراق، وحسبما مرسوم على الخريطة الملحقة بهذه المعاهدة بمقياس 250000م وإذا وقع اختلاف بين النص والخريطة يعول على النص. المادة الثالثة - أن الحدود المبينة في المادة الأولى يعهد برسمها على الأرض إلى لجنة التخطيط. وهذه اللجنة تؤلف من ممثلين اثنين تعينهما الحكومة التركية ومن ممثلين آخرين تعينها الحكومتان البريطانية والعراقية بالاشتراك معا ومن رئيس يعينه رئيس الاتحاد السويسري إذا تفضل بقبول ذلك من الرعايا السويسريين. تجتمع هذه اللجنة في اقرب ما يمكن من الزمان على أن يكون ذلك مهما كانت الأحوال في خلال الأشهر الستة التي تلي وضع هذه المعاهدة موضع التنفيذ. تتخذ قرارات هذه اللجنة بأكثرية الآراء ويتحتم امتثالها على جميع المتعاقدين السامين وتبذل لجنة التخطيط جهدها في كل الأحوال في اتباع التعاريف الواردة في هذه المعاهدة بكل دقة. تقسم نفقات اللجنة بالسوية ما بين تركية والعراق. تتعهد الدول ذوات المصلحة بتقديم المساعدة للجنة التخطيط أما مباشرة أو بواسطة السلطات المحلية في كلما يختص بإقامتهم وما يحتاجون إليه من الأيدي العاملة والمواد (من أعلام وأنصاب) اللازمة للقيام بمهمتها. ويتعهدون علاوة على ذلك بالمحافظة على علامات المساحة والأعلام أو أنصاب الحدود التي تقيمها اللجنة: تنصب الأعلام على أبعاد تمكن رؤية الواحد من الآخر وترقم وتثبت مواقعها وأرقامها في خريطة رسمية. يحرر محضر التخطيط النهائي والخرائط والوثائق الملحقة عن ثلاث نسخ أصلية ترسل اثنتان منها إلى الدول المتاخمة والثالثة إلى حكومة الجمهورية الافرنسية

لأجل تسليم نسخ صحيحة منها إلى الدول الموقعة في معاهدة لوزان: المادة الرابعة - أن جنسية سكان الأراضي المتروكة للعراق بموجب أحكام المادة الأولى تعين بمواد 30 - 36 من معاهدة لوزان ويوافق المتعاقدون السامون على استمرار حق الخيار الوارد في المواد 31 - 32 - 34 من المعاهدة المذكورة مدة اثني عشر شهرا ابتداء من دخول هذه المعاهدة في حيز التنفيذ ومع ذلك تحتفظ تركية بحرية العمل في الاعتراف بخيار من يختار الجنسية التركية من الأهالي المشار إليهم أعلاه؛ المادة الخامسة - يقبل كل من المتعاقدين السامين بخط الحدود المعين في المادة الأولى خط نهائيا للحدود مصونا من كل تعرض ويتعهد باجتناب كل محاولة لتبديله. الفصل الثاني - حسن الجوار المادة السادسة - يتعهد المتعاقدون السامون تعهدا متبادلا بان يقلوا بكلما في استطاعتهم من الوسائل استعدادات شخص مسلح أو أشخاص مسلحين يقصد بها ارتكاب أعمال النهب والشقاوة (قطع الطرق) في المنطقة المجاورة للحدود وبأن يمنعوهم من اجتياز الحدود. المادة السابعة - عندما يبلغ السلطات ذوات الاختصاص المعينة في المادة الحادية عشرة أن هناك استعدادات يقوم بها شخص مسلح أو أشخاص مسلحون بقصد ارتكاب أعمال النهب والشقاوة في المنطقة المجاورة للحدود يجب أن تنذر تلك السلطات بعضها بعضا بدون تأخير. المادة الثامنة - تتبادل السلطات ذوات الاختصاص المذكورة في المادة 11 جميع ما يحدث من أعمال النهب والشقاوة في أراضيها بأسرع ما يمكن وعلى السلطات المبلغة أن تسعى بكل ما لديها من الوسائل في منع مرتكبي تلك الأعمال من اجتياز الحدود. المادة التاسعة - إذا تمكن شخص مسلح أو أشخاص مسلحون وقد ارتكبوا جناية أو جنحة في منطقة الحدود المجاورة من الالتجاء إلى منطقة الحدود الأخرى فعلى سلطات هذه المنطقة الأخيرة توقيف هؤلاء الأشخاص لوضعهم

وفقا للقانون هم وغنائمهم وأسلحتهم تحت تصرف سلطات الفريق الأخر الذين هم من رعاياه. المادة العاشرة - أن منطقة الحدود التي ينفذ فيها هذا الفصل من المعاهدة هي كل الحدود الفاصلة ما بين تركية والعراق؛ كذلك منطقة تمتد من جانبي الحدود إلى مسافة 75 كيلو مترا داخلا. المادة الحادية عشرة - أن السلطات ذوات الاختصاص المكلفة بتطبيق هذا الفصل من المعاهدة هي: لتنظيم التعاون العام ومسؤولية القيام بالتدابير الواجب اتخاذها: من الجانب التركي - آمر الحدود العسكري من الجانب العراقي - متصرفا الموصل وأربيل ولتبادل المعلومات المحلية والتبليغات المستعجلة: من الجانب التركي - السلطات المعينة بموافقة الولاة من الجانب العراقي - قائمقامو زاخو والعمادية والزيبار وراوندوز وللحكومتين التركية والعراقية لأسباب إدارية تعديل قائمة سلطاتهم ذات الاختصاص على أن يعين ذلك أما بواسطة لجنة الحدود الدائمة المنصوص عليها في المادة 13 أو بالطريقة الدبلوماسية. المادة الثانية عشرة - على السلطات التركية والسلطات العراقية أن تمتنع من كل مخابرة ذات صبغة رسمية أو سياسية مع رؤساء العشائر أو شيوخها أو غيرهم من أفرادها من رعايا الدولة الأخرى الموجودين فعلا في أراضيها وعليها أن لا تجيز في منطقة الحدود تشكيلات للدعاية ولا اجتماعات موجهة ضد أي الدولتين. المادة الثالثة عشرة - تسهيلا لتنفيذ أحكام هذا الفصل من هذه المعاهدة بوجه عام؛ حفظا لصلات حسن الجوار على الحدود؛ تؤلف لجنة حدود دائمة من عدد متساو من موظفين يعينون من وقت إلى آخر لهذه الغاية من قبل الحكومتين التركية والعراقية وتجتمع هذه اللجنة على الأقل في كل ستة أشهر مرة واحدة أو اكثر إذا اقتضت الحاجة. ومن واجب هذه اللجنة التي تجتمع مناوبة في

تركية والعراق أن تبذل جهدها في تسوية كل المسائل المتعلقة بتنفيذ أحكام هذا الفصل من المعاهدة تسوية ودية وكل مسائل الحدود الأخرى التي لا يمكن التوصل إلى الاتفاق على حلها بين موظفي مناطق الحدود المختصين بها. تجتمع اللجنة للمرة الأولى في زاخو خلال شهرين بعد دخول هذه المعاهدة في حيز التنفيذ. الفصل الثالث - أحكام عامة المادة الرابعة عشرة - بقصد توسيع نطاق المصالح المشتركة بين البلادين تدفع الحكومة العراقية إلى الحكومة التركية لمدة 25 سنة ابتداء من دخول هذه المعاهدة في حيز التنفيذ. عشرة من المئة من كل عائداتها: (أ) شركة النفط التركية عملا بالمادة العاشرة من امتيازها المؤرخ ب 14 آذار 1925 (ب) الشركات أو الأشخاص الذين قد يستغلون النفط عملا بأحكام المادة السادسة من الامتياز المتقدم ذكره (ج) الشركات الفرعية التي تؤلف عملا بأحكام المادة 33 من الامتياز المتقدم ذكره المادة الخامسة عشرة - توافق حكومة تركية وحكومة العراق على الدخول في المفاوضات بأسرع ما يمكن لعقد معاهدة تسليم المجرمين وفقا للعادات المألوفة بين الدول المتحابة. المادة السادسة عشرة - تتعهد حكومة العراق بعدم إزعاج أو إيذاء الأشخاص المقيمين في أراضيها بسبب ما أبدوه من الآراء وسلكوه من المسالك السياسية في مصلحة تركية حتى التوقيع في هذه المعاهدة وبمنحهم عفوا تاما شاملا وتلغى جميع الأحكام الصادرة من هذا القبيل وتوقف جميع التعقيبات الجارية. المادة السابعة عشرة - تدخل هذه المعاهدة في حيز التنفيذ عند تبادل وثائق الإبرام. يبقى الفصل الثاني من هذه المعاهدة معمولا به لمدة عشر سنوات ابتداء من وضع هذه المعاهدة موضع التنفيذ. لكل من المتعاقدين الحق بعد مرور سنتين على وضع هذه المعاهدة موضع التنفيذ في فسخ هذا الفصل في كل ما يختص به منه ولا يصبح الفسخ نافذا إلا بعد مرور سنة على الإعلام بذلك. المادة الثامنة عشرة - يجب إبرام هذه المعاهدة من قبل كل من المتعاقدين السامين وتبادل وثائق الإبرام في أنقرة بأسرع ما يمكن. ترسل نسخ من هذه المعاهدة إلى كل من الدول الموقعة في معاهدة لوزان وشهادة على ذلك وقع المفوضون المذكورون أعلاه في هذه المعاهدة واثبتوا أختامهم فيها. وكتب في أنقرة في 5 حزيران 1926 من ثلاث نسخ توقيع توقيع توقيع (ت رشدي) (آر. سي. لندسي) (نوري السعيد) (لها تلو)

حروف الكسع في الألفاظ العربية والمعربات

حروف الكسع في الألفاظ العربية والمعربات المراد بحروف الكسع، ما يزاد منها في آخر الكلام للدلالة على معنى جديد يزيد اللفظة الأولى، قال الأزهري: العندليب: رباعي اصله العندل ثم مد بياء، وكسعت بلام مكررة، ثم قلبت ياء. ويقال أيضاً لهذه الحروف حروف الإلحاق ومنه قول النحاة يلحق بآخر الفعل المضارع نون مشددة مفتوحة أو نون ساكنة

يقال لها نون التوكيد. وتسمى أيضاً الحروف المذيلة، لأنها تزاد في أواخر الكلم وهي بالإنكليزية واللغة العربية من اللغات القديمة التي كسعت بعض الألفاظ الثلاثية فصيرتها رباعية. لأحداث معنى لم يكن في الأصل الثلاثي. ومن الكواسع المطردة في لغتنا تاء التأنيث اللاحقة في أواخر الأسماء والصفات المذكورة فيقولون في عم وخال وأخ: عمة وخالة وأخت (وكتبت الهاء تاء مبسوطة لأن الخاء ساكنة والكلمة ثلاثية، وألا ما جاز ذلك). هذا في الأسماء وقالوا في الصفات حسنة وحلوة وعربية في تأنيث حسن وحلو وعربي. وأما في الأفعال فأنهم بسطوا التاء للإشارة إلى الفعلية فقالوا: نجحت وسمعت وانقادت لتأنيث نجح وسمع وانقاد. وجعلوا هذه التاء في الأول للإشارة إلى المضارعية فقالوا: تنجح وتسمع وتنقاد في مؤنث ينجح ويسمع وينقاد. وأصل هذه التاء أو الهاء مقطوع من تاء (أنثى) التي هي في اصل الوضع تاء مثناة لا تاء مثلثة. وتثليثها حديث وقد وقع بعد التثنية بكثير. يشهد وجودها بالمثناة في سائر اللغات السامية. فإنها منقطعة بثنتين في بعض اللغات وتلفظ بثنتين. ومنها منقطة بثنتين أيضاً لكنها تلفظ بثلاث. ومنها تنقط بثلاث وتلفظ بثلاث. لكن وجود

المؤنثات العربية منقطة بثنتين في أواخرها تدلنا على أن اصل تلك التاء كانت منقطة بثنتين. ومن الكواسع المطردة في العربية: ألف التثنية في الرفع وياء التثنية في النصب والجر فيقولون في تثنية رجل وامرأة وحسن وحسنة: رجلان وامرأتان وحسنان وحسنتان. وهذه الألف مقطوعة من لفظة (اثنان) التي يقال فيها في حالتي النصب والجر اثنين وعليه انهم لما استثقلوا قولهم رجل اثنان وامرأة اثنتان قالوا: رجلان وامرأتان. فأفادوا في كلمة ما كانوا يريدون أن يدلوا عليه بكلمتين. ومن الأدوات المذيلة واو الجماعة في جمع المذكر السالم المرفوع وتقلب ياء في النصب والجر. فيقولون الكاتبون والكاتبين والأصل فيهما الواو. وهي مقطوعة من (كوم) فقولهم الكاتبون اصله (كاتب كوم) أي جماعة من الكتاب، فاكتفوا بالواو من الكوم للإشارة إلى ما يريدون. وأما الياء فهي مبدلة من الواو للدلالة على حالة النصب ويحتمل أن يكون اصل القوم أو الجوم (الكوم) فميزوا لفظة عن لفظة تمييز العاقل وهو قوم أو جوم من غير العاقل وهو كوم. وأما تاء جمع السالم من المؤنث كما في مومنات جمع مومنة

فان التاء فيها مقطوعة من كلمة (فئة) فقولهم مومنات معناه فئة من المومنة. وهكذا استغنوا بحرف من الكلمة للدلالة على معنى الكلمة كلها. وأما الألف الزائدة قبل تاء الجمع فإما أن تكون مقلوبة عن همزة فئة. وأما أنها زيدت تمييزا لها من المؤنثة المفردة أي من قولهم مؤمنة. ومن هذا القبيل ياء النسب إلى الأعلام من رجال ومدن. وما وقع في اللغات العربية والسامية وقع مثله في اللغات التي ليست من أخواتها. ونكتفي بهذا القدر من الشواهد لان ما بقي منها هو على هذا المنحى وكذلك القول في لغات الأجانب. ولما كان عصر انحطاط العربية في القرون المتوسطة اتخذ العرب ألفاظا جمة من لغة الفرس وجروا فيها جري الأجانب في لغتهم، فقالوا: أستاذ دار وديوان خانه وطرازدان وتركستان وبيرقدار، لأستاذ الدار والمضيف وغلاف الميزان وديار الترك وحامل البيرق، فلم يذيلوا الألفاظ كما فعل السلف الفصيح اللسان. بل جاروا في أسلوبهم الفرس قصورا منهم وعجزا. أما اليوم وقد اختلطنا بالأجانب الإفرنج وأخذنا في نقل علومهم العصرية إلى لغتنا. نرانا في حاجة إلى العودة إلى مناحي السلف في ضربنا الألفاظ على مضاربهم ووشيبا على طرازهم.

فمن ذلك ألفاظ كثيرة طبيعية وطبية وكيموية تنتهي أواخرها بأدوات هي كواسع لها، فتكون كواسع في لغتنا أيضاً من ذلك قولهم كبريتاة وخلاة وليموناة وهي في لغة على أن الجميع يكتبونها كبريتت وخلات (أو آسيتت وهذه في منتهى القبح) وليمونات (ومنهم من يقول سترات وهي من المضحكات المبكيات). أما أنه يجب علينا اتخاذ هذا المصطلح فواضح مما قدمناه من أعمال السلف قبل الإسلام بمئات من السنين في وضع المذيلات وهناك سبب آخر وهو: ليس لنا مبنى نعبر به عن الفكر الحديث وأن وجدنا منه ما يقاربه فأنه لا يقوم مقامه ولا يفيد مفاده، فمن الواجب التمسك به لعدم استغنائنا عنه. والسبب الثالث هو أن هذا المصطلح دخل في لغة العلم مهما كان أهلها فلقد دخل في اللغات الحامية والآرية (أو اليافثية) فلم يبق علينا إلا إدخالها في لغتنا السامية (وقد دخلت في العبرية الحديثة). وكتابة تلك التاء بصورة هاء في الآخر من الواجب للدلالة على أفرادها، فإن العرب جعلوا الألف والتاء المبسوطة (هكذا ات) للألفاظ المجموعة، ولذلك لا تراها في لفظة مفردة، مصدرا كانت أو اسما أو نعتا. وحروفها تزيد على الأربعة. إلا رأيتها

مكتوبة على الوجه الذي نوجهك إليه فقد قالوا: ملاشاة ومباهاة ومساعاة في المصادر، وموماة وسعلاة وسلحفاة في الأسماء وعقاب عقنباة وعبنقاة وبعنقاة في الصفات. ولا ترى كلمة واحدة في بحر اللغة كلها وفيها المفردة منتهية بألف وتاء؛ بل بألف وهاء، ليس إلا. وإنما فعلوا ذلك ليسهل الجمع عليهم ويتميز عن المفرد فقالوا في جمع تلك الكلم: ملاشيات ومباهيات ومساعيات وموميات (في الجمع السالم وموام في الجمع المكسر وهو المشهور) وسعليات (وفي المكسر سعال وهو المشهور) وسلحفيات (وسلاحف في المكسر وهو المشهور) وعقبان عقنبيات وعبنقيات وبعنقيات. أما الذين قالوا في جمع الألفاظ المذكورة في لسانهم كبريتاتات وخلاتات أو آسيتاتات وليموناتات فقد نطقوا بالهندية أو الكردية أو بالصينية أو بلغة لا نعرف نعتها. هذا فضلاً عن أن العربي الصميم إذا سمع الكبريتات والخلات والسترات تصور أنه يسمع ألفاظا مجموعة، مفرداتها كبريتة وخلة وسترة وهناك البلاء وصريف الأسنان. فالكبريتة القطعة من الكبريت على ما هو معهود في لغتنا من أن الهاء (أو التاء) اللاحقة بعض الأسماء المحتملة التجزئة تفيد الكسرة أو القطعة أو الطائفة منها. أما الخلة فللطائفة من

الخل، وابن المخاض، وابنة المخاض، والثقبة الصغيرة. أو عام والرملة الفردة، والخمر والحامضة منها أو المتغيرة بلا حموضة والمراة الخفيفة ومكانة الإنسان الخالية بعد موته والحاجة والفقر والخصاصة والخصلة إلى غيرها من المعاني: فانظر بعد هذا إلى ما يستهدف له الكاتب إذا أصر على كتابة تلك الألفاظ بتاء مبسوطة. والفضيحة تظهر في سترات لمن لا يقول ليموناة. فأنه يجمع سترة والسترة في كلامنا الفصيح: ما يستر به. وقد غلبت على ما ينصه المصلي قدامه من سوط أو عكازة أو غير ذلك سواء ستر جسمه بتمامه أم لا. وسترة السطح: ما يبنى حوله. والسترة في لغتنا العامية العصرية: ما يستر به الرجل أعلاه إلى عورته. فأي المعنى يريد من يقول السترات أفليس خير له أن يقول ليموناة لأن سترات مشتقة من (سترون) الإفرنجية وسترون معناه الليمون فتكون ستراة ليموناة لا غير؟ ومن هذا القبيل الألفاظ الإفرنجية العلمية المنتهية بياء ونون فيقولون بنين (لا كافئين أو قهوئين كما نطق بها بعض جهلة المعربين) وجبنين (وبعضهم قال كاسئين أو كازئين ولو قالوا كاسين أو كازين لكانا دون الأولين شناعة وقباحة) وحيوين

(وبعضهم يقول فيتامين) فان حرفي هذا الكسع (أي الياء والنون) يدلان على خلاصة تستخلص من المادة التي تكسع بها. فالبنين أو القهوين شبه قلوي ينزع أو يجرد من البن (الذي يسميه البعض قهوة وهو سائغ جائز) وهو مقو للقلب ومنبه له ويتخذ في الطب كثيرا. - والجبنين مادة تقوم اغلب ما في اللبن من الأحين أو جوهر الاح والحيوين جوهر لم يحل تحلية كيمية لكنه يدخل في الأعضاء على يد الأطعمة فيسهل تمثيلها في البدن. ومثل هذه الكلم المنتهية بهذا التذييل كثيرة ولا يمكن الاهتداء إلى معناها ما لم تعد اللفظة إلى الأصل الراجعة إليه ويفرد في آخرها هذا الكسع المركب من حرفين الناطق بالضاد إذا عرف موطن هذا الكسع والغاية منه، ورآه في آخر كلمة عربية انجلى له معناه بخلاف ما إذا سمع كافئين وكاسئين أو فيتامين. وهناك ألفاظ تنتهي بواو وزاي (والبعض ينطق بها بواو وعين والأول احسن لما نبينه) للدلالة على سكر يكون في المادة التي تكسع به مثل غلوكوز وسكروز ولكتوز فيقال في تعريبها دبسوز وصقروز ولبنوز. لأن غلوكوز مركبة من غلوكوس باليونانية ومعناه الحلو أو الدبس فإذا كسعت الكلمة. كسعت أصولها أي غلوك فإذا علمت أن غلوك هو الدبس قلت دبسوز ولا

يجوز أن تكسعها بالسين لان السين من علامات الأعراب عندهم فحينئذ يظن القارئ أن دبسوس هي كلمة يونانية اصلية لم تذيل بشيء يغير جوهر معناها. اما سكروز فيجب أن يقال صقروز لأن العرب عرفت ضربا من السكر منذ العهد القديم وهو سكر التمر المعروف بالصقر. فسكروز وهو صقروز ويراد به سكر الابلوج (قصب السكر) المشابه له في أجزائه. كما أن الدبسوز سكر العنب والنشويات وأما اللبنوز فهو سكر اللبن. وهنا يظهر الخطأ في قولك لكتوس إذا استعملت الكلمة الإفرنجية وكسعتها بالسين لا بالزاي، أي إذا قلت لكتوس لا لكتوز فانك توهم أن الكلمة أصلية لا كسع فيها. ولهذا وجب التمييز بين كسع وكسع فضلا عن أن العود إلى الكلمة العربية وكسعها بالواو والزاي اصبح من اللازم اللازب عليك. ومن هذا القبيل ما يكسع بحرفي (يت) فيقال في من: منيت فلا تقل مانيت لأن الكلمة الإفرنجية سامية الأصل من (من) والمراد بالمنيت سكر يكون في المن وفي بعض الفطر والكرفس إلى غيرها. - ويقال حلويت في ما يسمى بالإفرنجية دلسيت وهي مادة سكرية تكون في ذنيب الثعلب (هو اسم نبات يعرف عند الإفرنج باسم وعند العراقيين باسم ذنيب

الواوي (أي ابن آوى) وذنيب الثعلب. لأن سنبله يشبه ذنب أحد هذين الحيوانين) - ويقال غبيريت وهو من المواد السكرية ويكون في الغبيراء. - والعضليت (اينوزيت) وهو سكر يكون في العضلات أي في لحمها ولحم الرئة والكلية والكبد والطحال والمعثكلة (البنكرياس) والدماغ. - ومثلها الصنوبريت (البينيت والبلوطيت (اي كرسيت وسي الحلويت (أي اليسودولسيت وذلك أن الكلمة (يس) اليونانية مقلوبة السي العربية ومعناها المساوي والمثل والمشابه والمماثل في كلتا اللغتين ويجوز لك أن تقول: سيحلويت أو سحلويت من باب النحت وهو هنا بين وحسن، لأن معناه (مشابه الحلويت) أو (مساوي الحلويت) فركب من المضاف والمضاف إليه وهذا ما يرى مثاله في قول الأقدمين عبشمس في عبد شمس، ومرقسي في المنسوب إلى امرئ القيس والشفعنتي في المنسوب إلى الشافعي مع أبي حنيفة. على أننا لا نوافق بعضهم في قولهم الحامض الكبريتيك والحامض الكبريتوس وذلك لأن الكواسع في الكبريتيك والكبريتوس موصوفية النزعة لا وصفيتها. ولهذا نخير عليها: الحامض الكبريتي في الأول والحويمض (مصغرة) الكبريتي في

أوضاع عصرية

الثاني وهاتان الصيغتان أدل على المطلوب من الإفرنجيتين. ففي قولنا الحويمض إشارة إلى أن الحامض فيه قليل بخلاف الثاني أي الحامض فأنه غير مصغر فتدل صيغته على كثرته. أما المنتهيات ب (ور) مثل كبريتور (سلفور) وفحمور (كربور) وسيانور فيبقى على حاله لخلو لغتنا من نظير يؤدي معناه. أوضاع عصرية في عهد الحضارة العباسية دفع الناطقون بالضاد حضارتهم إلى أعلى مستوى كان يعرف في ذلك العهد؛ ولما عربوا كتب الأجانب وضعوا ألفاظا لم تكن معروفة قبل زمنهم؛ وقد ألجأتهم الضرورة إلى وضعها ليعبروا عن حاجاتهم. نعم أننا لا ننكر انهم قد ادخلوا ألفاظا جمة من السنة الأغراب ريثما يتسنى لهم وضع ما يقابلها في لغتهم أو يقبض الله لهم لغويين يرأبون الصدع. وأن أنكرت علي هذه الحقيقة أتيت إليك بكلام أحد شهود ذيالك العصر مثبتا لنا هذه الحقيقة: قال في طبقات الأطباء (47: 2) (ابن جلجل هو أبو داود سليمان بن حسان يعرف بابن جلجل كان طبيعيا فاضلا خبيرا بالمعالجات جيد التصرف في صناعة الطب وكان في أيام هشام المؤيد بالله وخدمه بالطب وله بصيرة واعتناء بقوى الأدوية المفردة وقد فسر أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس العين زربي وافصح عن مكنونها وأوضح

مستغلق مضمونها وهو يقول في أول كتابه هذا: أن كتاب ديسقوريدس ترجم بمدينة السلام في الدولة العباسية في أيام جعفر المتوكل وكان المترجم له اصطفن بن بسيل الترجمان من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي وتصفح ذلك حنين بن إسحاق المترجم فصحح الترجمة وأجازها فلما علم اصطفن من تلك الأسماء اليونانية في وقته له اسما في اللسان العربي فسره بالعربية وما لم يعلم له في اللسان العربي اسما تركه في الكتاب على اسمه اليوناني (اتكالا منه على أن يبعث الله بعده من يعرف ذلك ويفسره باللسان العربي إذ التسمية لا تكون إلا بالتواطؤ من أهل كل بلد على أعيان الأدوية بما رأوا وأن يسموا ذلك أما باشتقاق وأما بغير ذلك بتواطئهم على التسمية) فاتكل اصطفن على شخوص يأتون بعده ممن يعرف أعيان الأدوية التي لم يعرف هو لها اسما في وقته ويسميها على قدر ما سمع في ذلك الوقت. فيخرج إلى المعرفة). ثم قال ابن أبي اصيبعة في كتابه المذكور طبقات الأطباء (48: 2) قال ابن جلجل: وفي صدر دولته (أي دولة المستنصر الحكم) مات نقولا الراهب الذي بعثه الملك ارمانيوس ملك القسطنطينية في سنة 337هـ فصحح ببحث هؤلاء النفر الباحثين عن أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس تصحيح الوقوف على

أشخاصها بمدينة قرطبة خاصة، بناحية الأندلس ما أزال الشك فيها عن القلوب وأوجه المعرفة بها بالوقوف على اشخاصها، وتصحيح النطق بأسمائها بلا تصحيف إلاَّ القليل منها. الذي لا بال به ولا خطر له؛ وذلك يكون في مثل عشرة أدوية). فهذا كلام يدل على أن العرب توصلوا في الأخر إلى وضع ألفاظ عربية صرفة لما كان معروفا عند الإغريقيين. فلينتبه له. ونحن نقتص اثر هؤلاء الأعلام ونقول: ما من كلمة أعجمية إلا ويمكن أن يوضع لها في العربية ما يؤدي معناها احسن تأدية، بل ربما كانت الكلمة العدنانية أو في بالمقصود من الأعجمية التي لم تبلغ مؤدى المطلوب إلا تواطؤا وصقل الألسنة لها والاجتماع على قبول ذلك اللفظ لما يعقده بناصية أولئك الواضعون له. من الألفاظ التي نحتاج إلى أن نعرف مقابلها عندنا كلمة الإنكليزية أو الفرنسية. والمراد به مجموع عظام الإنسان على تركيبها الطبيعي فان السوريين قالوا في هذا المعنى: (هيكل عظام) والكلمة الإفرنجية يونانية الوضع معناها الضامر، الضعيف، اليابس، أو المنهضم الخاصرتين ثم توسعوا فيها فأطلقوها على مجموع عظام الإنسان بوضعها الطبيعي. والحال إننا إذا حذفنا من اليونانية علامة الإعراب أي يبقى عندنا أي سقل ويقل لفظة عربية معناها معنى اليونانية ومبناها مبنى اليونانية. فلا ندري أنقل اليونان عن العرب لفظتهم أم عرب الناطقون بالضاد كلمتهم عن الإغريقيين والذي أرجحه أنا هو الأول. قال في تاج العروس: السقل ككتف: الرجل أنهضهم السقلين أي الخاصرتين، وهو من الخيل القليل لحم المتنين خاصة. اه. فهذا كلام واضح أن الواديين من عين واحدة. وفيها لغة أخرى الصقل بالصاد. قال في التاج أيضا: الصقل القليل اللحم من الخيل طال صقله أو قصر وقلما طالت صقلة فرس إلاّ قصر جنباه. وذلك عيب ويقال: فرس صقل بين الصقل: إذا كان طويل الصقلين وقال أبو عبيدة: فرس صقل: إذا طالت صقلته وقصر جنباه وأنشد: (ليس بأسفي ولا أقنى ولا صقل)

ورواه غيره ولا سغل. والأنثى صقلة والجمع صقال. اه وعلى هذا لنا لغة ثالثة وهي سغل. قال في التاج أيضا: السغل ككتف الصغير الجثة الدقيق القوائم الضعيف. عن الليث. . . أو السغل المضطرب الأعضاء. أو السيئ الخلق والغذاء من الصبيان كالوغل. يقال صبي سغل بين السغل، أو السغل المتخدد المهزول من الخيل. وسغل الفرس سغلا تخدد لحمه وهزل. قال سلامة ابن جندل يصف فرسا: ليس باسغي ولا اقني ولا سغل ... يسقي دواء ففي السكن مربوب وقد سغل كفرح في الكل قال الصاغاني: وهي المعاني الثلاثة والسغل بالسكون الذي صدر به في هذه المعاني عن بعضهم. ومما يستدرك عليه. الاسغال الأغذية الرديئة كالاسغان ذكره الأزهري في تركيب سغن وهو يقول ابن الأعرابي. أهـ وقال في مادة وغ ل: الوغل من الرجال: الضعيف النذل الساقط المقصر في الأشياء جمعه أوغال. . . والوغل السيئ الغذاء كالوغل ككتف وهذه عن سيبويه. وذكر في مادة سفن: الآسفان أهمله الجوهري. وهو هكذا بالفاء في النسخ والصواب الآسفان بالغين المعجمة. قال ابن العربي (كذا ولعله ابن الأعرابي اللغوي الشهير) هي الأغذية الرديئة ويقال باللام أيضاً كما في التهذيب. أهـ ومما جاء في هذا المعنى والمبنى ما ذكره السيد مرتضى في مادة سقن قال: الاسقان: الخواصر الضامرة. أورده الأزهري في التهذيب خاصة عنه. فهذه المواد كلها مع مشتقاتها راجعة إلى معنى واحد اصلي هو: الضعيف الضامر من الناس وغيرهم ثم توسعوا فيه وأطلقوه على مجموع العظام. فما علينا إلا أن نسلك في الطريق التي سلكوا فيها ونكتفي بالكلمة الواحدة عن عدة كلمات لا تقوم مقامها.

ومن جملة الأدلة التي تقنعنا باتخاذ الصقل ككتف بمعنى اللفظة الإفرنجية أن أبناء الغرب يقولون أن كلمتهم تفيد معنى الشخص المهزول كل الهزل الضامر الخواصر وهي كذلك في العربية فإذا قالوا فمعناه هذا صقل ولهذا لا نحتاج إلى أن ننطق بغير هذا التعبير المؤدي للمعنى كل التأدية. ويريد الإفرنج بكلمتهم المذكورة معنى الفكرة المجملة لما يريدون أن ينشئوه من الموضوع فيقولون أي مجمل فكرة المأساة. وأنت تتمكن من أن تقول في لغتك: صقل المأساة من باب المجاز كان للمأساة صقالا وصقالها مجموع فكرها غير حال بحلي الكلام على أنواعها وقد يطلق عندهم الصقل على مجموع خشب السفينة أو نحوها إذ يعتبرون عيدانها بمنزلة الخواصر للحيوان فإذا قالوا: هذا صقل السفينة فإنهم يفهمون مجموع خشبانها. وكذا يصح هذا التعبير في العربية من باب المجاز. فانظر إلى لغتنا هذه وغناها وكيف إنها تقوم بما تنتدب إليه بحيث إنها تناوئ أرقى لغة على وجه البسيطة بل تتحداها! ومن ألفاظ وعند الإنكليز وهو نسيج خشن مهلهل يتخذ من قنب وقد يكون من غيره يستعمل لنوع من البسط ونسيج آخر يتخذ لأشرعة السفن. وأصحاب المعاجم الإفرنجية العربية قالوا: خيش وجنفاص وعندي أن الكلمة الإفرنجية (إنكليزية كانت أو افرنسية أو إيطالية وهي في هذه من أصل عربي وهو خنيف وهو أردا الكتان، لكن كتبة العرب العصريين جهلوا اللفظة العربية الأصلية فعربوا الإفرنجية بصورة جنفاص. وهكذا يتفق لنا أن نأخذ كلمتنا العربية عن أهل الغرب وهي عربية في نظر الإفرنج أنفسهم ككلمة الكحل فان الكلمة عربية فنقلها الإفرنج إلى صورة أو فقال فيها بعض ضعفاء الكتاب الكؤول والكحول والكول إلى غير هذه الروايات مع إنها عربية محضة ومعناها في الأصل الشيء الدقيق القوام، مهما كان ذلك الشيء سائلا أو جامدا.

جميل صدقي الزهاوي والآنسة مي

جميل صدقي الزهاوي والآنسة مي في نظر مجلة العالم الإسلامي الفرنسية من مشاهير صحف الفرنسيين نشرة اسمها (مجلة العالم الإسلامي) وقد صدر الجزء ال 72 منها عن الثلاثة الأشهر الأخيرة من سنة 1925 فوجدنا في ص 209 منها ما هذا تعريبه: ديوان الزهاوي يعرف قراء مجلة العالم الإسلامي الابتكار الشاذ الفلسفي الذي عرف به الشاعر البغدادي، ذلك الشاعر الذي أقام له المصريون حفلات شائقة ناظرين إليه نظرهم إلى رجل مشهور من مشاهير هذه الساعة (راجع مجلة العالم الإسلامي في جزئها ال 13 ص 305، 465، 566 إلى 570 وغيرها) في هذا الديوان فهرسان: أحدهما لعناوين القصائد والثاني للقوافي ويقسم هذا الديوان إلى 15 قسما. . . . يستطيب المطالع قسم هواجس النفس وقسم المرأة ففيهما ما اشتهر به الزهاوي من الآراء الفلسفية وما يتعلق بالعمران والاجتماع. وإذا انتقلت منهما إلى باب (المشاهدات) وجدت فيه من الأناقة والظرف ما يعز وجود مثلهما في غير كتابه. وإذا وقفت على خاتمة أبوابه بلغت الرباعيات: وصاحبها يحاول إعادتها بين العرب بصورة دوبيت والفرس يعرفونها بالرباعية. وقالت المجلة المذكورة عن (مجمل مما أرى) وهو للزهاوي أيضا. هذه المجموعة هي عصارة نظريات غريبة جديدة بعبارة محكمة الأسر تتعلق بالجذب والدفع وما إليهما. وبعلم النفس والمجتمع والأنثوية أي (البحث عن تحسين حالة المرأة) والسلم. وفي الصفحة التالية ذكرت المجلة تأليفا لمي (لمريم زيادة) اسمه الصحائف

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

فقالت عن هذا الكتاب ما هذا تعريبه: (مي هو اسم الآنسة ماري زيادة وهي - والحق يقال - إحدى الكواتب الممتازة بأحسن المواهب من العربيات الساعيات للحركة الجديدة. وقد رأى أحد النقادين الإيطاليين أن يحتفل حديثا (بعبقريتها) وهذا الأمر لا يميز تمييزا حسنا حالة مي من جهة مبتكراتها لأن مي (وصافة) مبدعة يقظة موقظة كالكاتبة الإنكليزية الروائية (ويدا) فهي إذا (ويدا) العرب، تتلقف بسرعة ما تراه في الناس من التفاوت في العقول وأميال ذوي الإفهام في هذا العهد فتخرجه على احسن طراز من الدقة. - ولهذا لا تطلب منها مقدرة الزهاوي في بناء الأفكار، ولا مذهب الارتياب البالغ اوجه في سلامة موسى. فالأمالي أو الأوصاف الواحد والعشرين المدرجة فيها الصحائف تبحث عن مواضيع عصرية متدفقة سلاسة ودقة وشعورا لطيفا أنيقا. اه تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره في شهر حزيران 1926: قانون غرف التجارة صدرت الإرادة الملكية بقانون غرف التجارة العراقية. وقد نشر نص القانون في جريدة (الوقائع العراقية) الرسمية. نهر الفرات لم يزل نهر الفرات في هبوط وارتفاع وقد جرف الماء الخرم (ناحية الغماس وناحية السوارية وأماكن أخرى. وفاة شكري الفضلي توفي في 1 منه الكاتب الأديب شكري أفندي الفضلي (وقد نشرنا بعض ترجمته في هذا الجزء)

وفاة الشيخ جعفر آل راضي توفي في النجف حجة الإسلام الشيخ جعفر آل الشيخ راضي ليلة الجمعة منتصف ذي القعدة سنة 1344 عن عمر يناهز 73 سنة. أحوال اليزيديين الأمن ضارب إطنابه في سنجار وقد نمت الزراعة فيه نموا كبيرا بخلاف أقصية الشيخان ودهوك وزاخو وناحية القوش فقد اتلف الجراد المزروعات حتى اضطر كثير من اليزيديين إلى الفرار إلى الجبل طلبا للرزق وانتجاعا للمرعى. وقد روى إسماعيل بك اليزيدي أحد رؤسائهم الدينيين: أن اليزيديين في العراق ثلاثون ألفا لهم في جبل سنجار (60) قرية و (45) قرية في الشيخان ودهوك وزاخو، ونصف اليزيديين يسكنون جبل سنجار ومعظمهم من الأميين والأهالي يتكلمون الكردية وليس بينهم من يتقن العربية كتابة وقراءة وتكلما في الوقت الحاضر في العراق. ورئيس اليزيديين في جهات الشيخان ودهوك وزاخو هو سعيد بك ويقال أن وارداته السنوية تربو على (60) ألف ربية. وعدد اليزيديين التابعين لحكومة إروان الأرمنية في جهات اروان وكمري (الكسندروبول) (5) آلاف بيت أي (25) ألف نسمة على وجه التقريب. وقد فتحت لهم الحكومة هناك 11 مكتبا ابتدائيا. الطاعون في بغداد في بغداد بعض إصابات بالطاعون في كل يوم في هذا الشهر منها ما يشفى ومنها من يموت بها. بين الضفير وعنزة روت (الأوقات العراقية) في البصرة أنه نظرا إلى وقوع الشقاق والخلاف بين قبيلتي عنزة والضفير ينتظر وقوع معارك دموية وغارات متبادلة بين الطرفين

وتفيد الأخبار الواردة في هذا الحين أنه شوهد نحو 400 هجان من عنزة شمالي أبي غار يتحينون الفرص للإغارة على الضفير. موظفوا الإدارة في العراق صدرت الإرادة الملكية بتعيين محمد ياسين أفندي قائم مقام لقضاء عانه وعبد الرحمن بك لقضاء خانقين وخليل عزمي أفندي لقضاء دلتاوة المعاهدة العراقية التركية الإنكليزية وقع في منتصف ليلة 6 حزيران 1926 على المعاهدة العراقية التركية البريطانية في أنقرة ووثقها (وأبرمها) المجلس الوطني التركي الكبير في أنقرة في اليوم 7 منه. وصدقها مجلس الأمة العراقي في اليوم 14 منه. (المنشورة في هذا الجزء) أمراض نخل هذه السنة أصاب نخلنا هذه السنة عدة أمراض وأول داء حمل عليها كان في أول عهد تفتق طلعها، فانه ما كاد يضحك عن نضيده إلاَّ وأمطر السماء مدرارا، فذهب عن الفحال لقاحه، فلم يؤثر فعله في طلع الأنثى، فشيص كثير منه. وهذا هو الداء الأول. أما الداء الثاني فهو أنه لما كان إتاؤه صغيرا أي حينما كان سداء (خلالا ناعما) انتفض أكثره لرطوبة الهواء المفرطة يومئذ. وهذا الداء يعرف عند قدمائنا بالقشام. وبينما كان سداء أيضاً تسلطت عليه آفة ثالثة وهي الحميراء (مصغرة) وهو الداء المعروف عند السلف بالمغر (وزان سبب) وهو مرض يحمره ويوبسه فيتناثر على الأرض متساقطا. وكان قد سبق هذه العاهات آفة منعت النخل من الحمل هذه السنة لأسباب مجهولة الآن ولعل بين هذه الأسباب أن حمله كان كثيرا في السنة الماضية. وهذه الآفة عرفت عند السلف باسم الطق (وزان سبب).

إنكليزيان في اسر الشيخ محمود الكردي الشيخ محمود الكردي شق عصا الطاعة على الحكومة في ما وراء السليمانية وقد نقلت جريدة (الأوقات البغدادية) البغداد تايمس في قسمها العربي أنه بينما كان سرب من الطيارات البريطانية الحربية قائما مؤدبا الشيخ محمود الكردي وهو حفيد كاكا احمد طرأ خلل على محرك طيارة من تلك الطيارات فاضطرت إلى النزول إلى الأرض وسرعان ما اقبل عليها رجال الشيخ محمود فاسروا الضابط دني (السائق) والضابط هيرست (الراكب) انفضاض الدورة الأولى لمجلس الأمة انفض مجلس الأمة العراقي لدورته الأولى في 14 حزيران 1926 وكان قد مدد مرتين. غرفة الآثار البابلية احتفل جلالة الملك فيصل المعظم بافتتاح غرفة الآثار البابلية لدار الآثار العراقية المنتقلة إلى بنايتها الجديدة في مطبعة الحكومة في الدنكجية في بغداد في اليوم 14 من حزيران 1926 ومديرة الآثار الشرقية هي المس كرتروديل الكتوم الشرقية لدار الاعتماد البريطاني في بغداد. وقد نقلت إلى هذه الدار بعد أن كانت في أبنية دار الحكومة (السراي) كما نقلت إدارتها من وزارة الأشغال والمواصلات إلى وزارة المعارف. وزير الداخلية الجديد قام فخامة عبد المحسن بك السعدون رئيس وزراء حكومة العراق ووزير خارجيتها بوزارة الداخلية بالوكالة بعد أن ترك هذه الوزارة معالي حكمت بك سليمان (شقيق محمود شوكت باشا وزير الحربية في السلطنة العثمانية الذي اغتيل سنة 1913) على اثر انتخابه رئيسا لمجلس النواب العراقي. وقد أسندت وزارة الداخلية إلى معالي عبد العزيز بك القصاب متصرف لواء الموصل في 20 حزيران 1926

تمثال ملك آشوري في المتحفة التركية في آذنة ما برحت المتحفة التركية في مدينة (آذنة) تتسع وتزداد قيمتها بما يضاف إليها من الآثار المهمة. وآخر ما دخل فيها تمثال مهم للملك الآشوري (اسرحدون) الذي عثر عليه الترك على ضفاف الفرات عند جرابلس. وقد دخل هذه المتحفة كذلك عجلة (عربية) صيد آشورية وتماثيل متعددة من آثار الحثيين. قضاء رانية حولت ناحية رانية التابعة للواء ارل إلى قضاء وعين مديرها عبد الكريم أفندي قائم مقامها بالوكالة وفاة الشيخ محمد حسن أبو المحاسن توفي في (جناجة) من قضاء طويريج في 24 حزيران 1926 العالم الأديب الشيخ محمد حسن أبو المحاسن الذي كان وزيرا لمعارف العراق مدة ودفن جثمانه في الصحن في النجف. أمراض النخيل في العراق أصيب نخيل العراق بمرض اسقط حمله وهو خلال. وريع النخل قدرت ضرائبه عن هذه السنة باثنين وعشرين لكا. لكن هيهات أن يحصل منها على الثلث. لان أهل الخبرة قدروا إن معدل التمر لا يزيد على 35 أو 40 في المائة من الاتاء المألوف في سني الحمل الحسنة. وضرر نخل الديار الواقعة على دجلة والفرات هو اعظم مما هو في نخيل البصرة فمعدل ما في البصرة لا يتجاوز الأربعين أو الخمسة والأربعين من المائة أما في الفراتين فلا يربو على الثلاثين أو اكثر. المجالس الاستشارية في الحجاز قررت الحكومة الحجازية تأليف مجلس استشاري في كل من مكة والمدينة

وجدة وينبع والطائف ينتخب أعضاؤها مباشرة وتنظر في المسائل المحلية المهمة. السيل في الحجاز هطلت أمطار في مكة بشدة فكان منها سيل عظيم كما عمت السيول جهات المدينة ورابغ، وقيل أن الحالة كذلك في نجد. السيارات في الحجاز أحضرت شركة السيارات 25 سيارة كبيرة تسع كل منها 14 راكبا وجاء معها سواقها والمهندسين وشرع السير بها بين جدة ومكة بانتظام. فتنة الجوف في اليمن تنازع رجال قبيلة (ذوو محمد) في الجوف فتقاتلوا فسير سيادة الأمير قوة من 500 جندي بقيادة وزيره السيد عبد الله وسلحها بمدفعين فلما وصلت إلى منزل القبيلة كفت عن الخصام والنزاع واستقبلت الوزير بالترحاب فدعا رؤساء القبيلة وبحث عن أسباب النزاع بينهم وأعاد المياه إلى مجاريها وعاد إلى صنعاء ومعه رؤساء القبيلة لمحاكمتهم. مؤتمر مكة للخلافة ومستقبل البلاد الحجازية احتفل في 8 حزيران 1926 بافتتاح ابن سعود سلطان نجد مؤتمر مكة فنظر في مسألة الخلافة ومستقبل البلاد الحجازية ملكة الحجاز قدمت عاصمة العراق بغداد مساء الجمعة في 11 حزيران صاحبة الجلالة ملكة الحجاز وزوج الملك علي ملك الحجاز سابقا المقيم الآن في بغداد وقد استقبلت استقبالا جديرا بمقامها. بين الإمام يحيى والإمام ابن سعود كان الأخوان قد فتكوا بألفي حاج يماني ولهذا أوغر صدر الإمام يحيى حميد الدين وتوقع الناس أن تنشب الحرب بين الطرفين ولا سيما أن مذهبهم يختلف عن مذهب خصومهم.

العدد 36

العدد 36 - بتاريخ: 01 - 08 - 1926 أأوضاع خالدة؟ الناطقون بالضاد من أرباب العلم والقلم هم اليوم على ثلاثة أقسام: قسم يريد اتخاذ الألفاظ الأعجمية الجديدة وأساليب سبكها وإدخالها في لغتنا. وأصحاب هذا الرأي هم المهاجرون من العرب النازلون في أميركة وأوربة وترى منهم بين المصريين جماعة غير قليلة. وعذرهم أن الحياة هي في التغير والتبدل وان هذه الزيادة غنى وثروة للغة. وقسم لا يريد شيئا من ثروة الأعاجم ولو كان زهيدا. وهم حملة الأقلام في سورية وفلسطين والعراق وبعض مصر. وحجتهم أن الغنى لا يتوقف على ما يعيق حركة جسم اللغة، بل ما يعينها ويمثل دمها وأعضائها فتكون لها قوة جديدة وعونا لها وثروة. وإلا فما كان مخالفا لأوضاع العرب ولغتهم فإنه لا يتحد بها بل يشينها ويمرضها، لا بل ربما أودى بحياتها، فجسم الإنسان إذا تجاوز سمنة القدر اللازم له عد مريضا لا صحيحا. وقسم يقول بان خير الأمور أوساطها. فعلينا أن نأخذ من لغة الأجانب ما لا يمكن أن نحققه في لغتنا ولا نجد فيها ما يؤدي معناه؛ أو أن ما يقابله في

اللغة الضادية هو اليوم مجهول. فيتخذ المعرب من كلام الأغراب ريثما نعرف ما يعوض عنه في لغتنا وأرباب هذا الرأي منتشرون في جميع الديار العربية اللسان. فأصحاب الرأي الأول يقلون إذ يرون أن الغنى على غير وجه مشروع سرقة والثروة غير مرغوب فيها أن أضرت صاحبها. أما رأي القسم الثالث فأنه رأي حسن وهو رأي أغلب المعتدلين في الوصول إلى تحقيق الأماني. أما رأي القسم الثاني فهو في نظرنا من أحسن المذاهب. أن وفق له رجال واقفون على لغة من اللغات الإفرنجية ومطلعون على أسرار اللغة المبينة العدنانية. ومن أصحاب هذا الرأي في بغداد العربي الصميم الأديب أبو قيس عز الدين علم الدين التنوخي وكاتب هذه السطور صديقه المعجب به. أنتدب أبو قيس لنقل كتاب الطبيعيات لمؤلفه الفرنسي فرنان ماير إلى العربية فأفرغه في قالب يكاد يرضي جميع أبناء يعرب: إلا إنه غالي في وضع الألفاظ حتى أضطر إلى مخالفة أصول القواعد المعهودة التي أقرها جميع النحاة من أصحاب سيبويه ومن معارضيه. ولهذا نستأذن صديقنا في إبداء رأينا في هذا الصدد: وأول كل شيء نأخذه عليه انه عرب كلمة بقوله (فيزياء) حملا لها على كيمياء. لكن كيمياء هي كذلك في اليونانية بخلاف فيزياء. فكان يحسن أن يقال فيها فوسيقي وزن موسيقي. لأن الكلمة اليونانية فوس (بعد تجريد علامة الإعراب منها وهي س) ومعناها الطبيعة مكسوعة بأداة النسبة أو الصفة وهي عندهم (قي) إذن كان يجب أن يقال فيها (فوسيقي) كما قال السلف موسيقي وارثماطيقي وافودقطيقي وطوبيقي وسوسفطيقي وريطوريقي وبيوطيقي (راجع مفاتيح العلوم للخوارزمي ص141 وما يليها من طبعة بويل في ليدن). هذا إذا أردنا التعريب على أساليب السلف. بيد إننا ندعي أن كلمة (فوس) اليونانية أو الإغريقية هي كلمة عربية الأصل. أخذها اليونانيون عن العرب حينما كان يجمعهم صعبد واحد مختلطين بعضهم ببعض. (وفوس) بالعربية (توس)

معنى ومبنى. فقلب الإغريقيون التاء فاء كما قلبوها في ألفاظ غيرها. وقد يحتمل أن بعض العرب كان يتلفظ بها بالفاء وهو غير بعيد، لأن اللغويين لم يذكروا لنا اختلاف جميع القبائل ولغاتهم للفظة الواحدة بل ذكروا منها بعضا ليذكروا بها القوم ويملوا ما كان من هذا الغرار على ذلك المنحى. أما ورود التاء والفاء متبادلة على لغة بعض القبائل فظاهر من هذه الألفاظ: المحتد المحفد. سحت وسحق بمعنى قشر. تش سقاءه وفشه. النكات والنكاف وهناك غيرها وهي كثيرة. وعليه لو قال صديقنا (التوسيات) بدلا من (الفيزياء) لما لامه أحد، بل لوافقه عليها كثيرون والعالم للتوسيات: توسي لكنه خالف الصراط السوي في الوضع الأول والثاني فلا أرى من يتبعه في وضعه هذا غير أفراد قلائل. على إننا وأن كنا نرى أن التوسيات من المعرب الحسن أو من الوضع العربي الصميم. إلا أننا لا نستحسنه لأن السلف سبقونا إلى وضع لفظ لهذا العلم وسموه علم الطبيعة وهي الشائعة في كتب علمائنا الأقدمين. قال في كشف الظنون علم الطبيعة علم يبحث فيه عن أحوال الأجسام الطبيعية وموضوعة الجسم. أهـ ويقال فيه علم الطبيعي (أي علم الجسم الطبيعي) وعلم الطبائع والعالم به طبيعي أو طبائعي. قال في صبح الأعشى (248: 13) نقلا عن كتاب التعريف بالمصطلح الشريف: (الدروز. . . ينكرون المعاد من حيث هو، ويقولون نحو قول الطبائعية: إن الطبائع هي المولدة والموت بفناء الحرارة الغريزية كانطفاء السراج بفناء الزيت إلا من اعتبط) أهـ. وقد ذكر دوزي المستشرق في معجم (الملحق بالمعاجم العربية في 23) أن الطبيعي وعلم الطبائع وردتا عند العرب بمعنى (أي التوسيات أو الفيزياء كما يقول صديقنا) والعالم بعلم الطبيعي: طبيعي وطبائعي: وقد اثبت ذلك بشواهد نقلها عن كتب العرب؛ غير الشواهد التي أتينا بها. وقد يعترض علينا الصديق التنوخي قائلا (ص ج): إنا أن ترجمنا فيزيك بالطبيعة لم تتخصص الترجمة: أو قلنا الحكمة الطبيعية عبرنا عن كلمة بكلمتين وصعبت النسبة. وإذا نسبنا إلى الموصوف وقلنا طرشلي الحكمي ظنه القارئ حكيما فيلسوفا: أو إلى الصفة وقلنا الطبيعي ظنه باحثا عن المواليد

الثلاثة كأرسطو وبلينيوس القديم وبوفون. أهـ قلنا: اتضح مما قدمناه قبيل هذا أن الفيزيك هي علم الطبيعة أو علم الطبيعي وعلم الطبائع وأن العالم به هو الطبيعي أو الطبائعي فهو من المترجم إلى العربية كلمة بكلمة منذ القدم. فإذا وصفنا طرشلي قلنا عنه: الطبائعي ولا حاجة إلى ذكر الحكمة فإن الحكمة الطبيعية غير معروفة عند العرب بل عند الأتراك. وقولك الطبائعي يميزه عن (المواليدي) وهو العالم بعلم المواليد وعلم المواليد هو وأما الناتور والست بغير هذا المعنى فهو الدهري (بضم الدال) عند العرب. نتيجة هذا البحث إننا لا نرى حاجة إلى إدخال كلمة جديدة في لغتنا تغلق علينا باب المعرفة أو توصد في وجهنا إدراك كتب السلف في حين أننا في منوحة عنها وغنى: فضلا عن أن المعرب لا يقابله عند الإفرنج شيء فهو من المعرب الموهوم والخطأ. وسمى أديبنا الفاضل كتابه (مبادئ الفيزياء) فنحن لا نوافقه على كلمة مبادئ هنا جريا على ما في معاجم لغة الأجانب فمعنى أو هو مجموع معارف أولية تسير بك إلى مطلوبك من علم أو فن أو صناعة (راجع معجم لاروس) من غير أن تطلعك على كامله الذي تسعى إليه. وسمت العرب هذا الطرف من العلم غير الكامل: (ذروا) قال ابن مكرم في مادة ذرو: (وفي حديث سليمان بن صرد قال لعلي كرم الله وجهه: بأني عن أمير المؤمنين ذرو من قول تشذرلي فيه بالوعيد فسرت إليه جوادا.) ذرو من قول أي طرف منه ولم يتكامل. قال ابن الأثير: الذرو من الحديث ما ارتفع إليك وترامى من حواشيه وأطرافه من قولهم ذرا فلان أي ارتفع وقصد. . . والذرو لغة في الذرء. انتهى ونحن إن قلنا: نفضل (ذرو من الطبيعيات أو من الطبائع) على قوله: (مبادئ الفيزياء) لا نريد أن نخطئ كلام العربي الغيور. بل نفضله عليه من باب إتقان نقل المعنى الموجود في الافرنسية إلى العربية فالذرو والذرء من واد واحد كما أن هو من هذا الوادي عينه.

هذا واعتراضنا على صاحبنا الودود غير متوقف على هاتين الكلمتين. بل على طريقته التي جرى عليها في وضع ألفاظ كثيرة ننكرها عليه وعلى كل من يتخذها لأنها مخالفة لأوضاع العرب البتة وهي هذه محرار (ثرمومتر) محلاب (لكتومتر) محماض (آسيديمتر مدفأة (بوال ثم قال في شرحها: (آلة الدفء وهي من أوضاع الشيخ عبد القادر المغربي.) أما نحن فنقول: لا يمكن أن تكون اللفظة مدفأة وزان مكنسة. بل مدفئة كمطفئة أي بضم الميم فسكون الدال فكسر الفاء يليها همزة مفتوحة وفي الأخر هاء من فعل أدفأ. لأن اسم الآلة لا يصاغ من اللازم كما سنذكره. مرضخة (كاس نوازيت - مرطاب (هغرومتر مروآح (آنيمومتر مرواز (بارومتر مزجة (سير مسعار (كالوريمتر مضرام (بيرومتر مضغاط (مانومتر معبرة (اكلوز مضغطة (ماشين دي كومبرسيون مغوصة (اسكافاندر مقدرة (مترونوم مقواة (دينامومتر مكثاف (دانسيمتر مكحال (الكوومتر ممطار (بلوفيومتر مملاح (بيزسيل - ملطاس (مارتوبيلون - منزحة (بومب دي مهبط (افال الميزاب (المحز العميق فأغلب هذه الألفاظ مشتقة من الفعل اللازم وهو مما لم يرد في لفظ واحد من كلام العرب على كثرة أسماء الآلات. ولهذا لا يجوز أن يقال البتة: محرار ومحماض ومرطاب ومرواح ومضرام ومقواة ومكثاف وممطار ومملاح فكلها تقاوم المزية العربية اشد المقاومة وتأباها. وأن كان لا بد من وضع لفظ عربي لكل هذه الأدوات فيجب أن يشتق لها من المزيد وأن يكون المعنى: آلة يتحقق بها الأمر الفلاني مثلا آلة يتحقق بها درجة الحر. ولمثل هذا المعنى يتخذ له استفعل لأنه يأتي بمعنى وجد الشيء أو تحققه أو أصابه. قال ابن قتيبة في أدب الكاتب: (وتأتي استفعلت بمعنى وجدته كذلك تقول: استحدثه أي

أصبته (بمعنى وجدته) جيدا وأستكرمته واستعظمته وأستسمنته واستخففته واستثقلته: إذا أصبته كذلك. أهـ فإذا علمنا ذلك سهل علينا وضع ألفاظ كثيرة نصوغها صيغة اسم الفاعل فنتخذها أسماء للآلة لأنهم اعتبروا أسماء الأدوات من قبيل الفاعل، فلما قالوا مكنسة تصوروا فيها أنها هي الكانسة وكذلك القول في المبرد والمرقم والمزبر ونحوها. وعليه إذا أردنا أن نسمي آلة بأنها تصيب الحر أي تجده أو تتحقق من وجوده قلنا: مستحِر بكسر الحاء للثرمومتر. ومستحمض للاسيديمتر. ومسترطب للهغرومتر. ومستروح للانيمومتر ومستضرم للبيرومتر ومستقواة للدينامومتر ومستكثف للدنسيمتر ومستكحل للالكوومتر ومستمطر للبلوفيومتر ومستملح لمقياس الملح. وإذا أردت جمعها فلك الخيار بين وجهين فإما أن تقول مستحرات ومستحمضات إلى آخرها جريا على القياس في جمع المؤنث السالم للأسماء غير المعقولة. وأما أن تكسرها على محار (بتشديد الراء) ومحاميض ومراطيب ومراويح ومضاريم إلى آخرها. على غرار ما قال السلف في جمع مكسر مقعس مقاعيس (التاج واللسان في قعس) وفي مستنكر مناكير (عن سيبويه وراجع اللسان والتاج في نكر) وفي جمع منقطع مقاطيع (التاج في صفد) إلى غيرها وهي كثيرة عندهم. ومما يستحب التنبيه عليه هنا هو أن لبعض الألفاظ التي اتخذها صديقنا المحبوب معنى سابقا غير المعنى الذي أشار إليه فالمرضخة عند السلف: حجر يرضخ به النوى كالمرضاخ - والمرواح: نوع من العنب كثير الماء كبير النوى - والمسعار كالمسعر هو ما تسعر به النار أي تضرم به - والمكحال: الملمول يكتحل به كالمكحل والملطاس: معول غليظ تكسر به الحجارة وحجر يدق به النوى - والمنزحة الدلو وشبهها مما تنزح به البئر. إلى غير ما ذكرناه. أفلا يخشى أن تختلط المعاني الحديثة بالمعاني القديمة. إذا ما التجأ العربي إلى التنقير عنها في دواوين اللغة؟ لكن قد ينقدنا الأخ هذا النقد عينه للكلم التي وضعناها - فجوابنا إن لمصطلحاتنا في الكتب معاني معقودة بنواصي المعقولات. لا باعنة مالا يعقل أي

بالآلات. والبون بين الاثنين بين لكل ذي عينين. أما مصطلحات الأخ الحبيب فإنها تختلط بالآلات القديمة كما ترى. وفي بعض الحروف التي وضعها المعرب طائفة لا توافق المؤدي المطلوب وهي تلك الأسماء المشتقة من فعل متعد. فالمحلاب مثلا يصح أن تسمى به الآلة التي يحلب بها لا الآلة التي تكشف لنا ما في اللبن الحليب من صفاته التي يتميز بها. والمسعار الآلة التي يضرم بها النار لا الآلة التي يقاس بها قدار الحرارة التي تخرج من الجسم بأي تأثير كان. وهكذا نقول عن المضغاط والمضغطة إلى أمثالها. ونستحسن المرواز للبارومتر. فإنه اشتقاق صحيح وكذلك المكثفة لإناء التكثيف والمغوصة للآلة التي يتخذها الغائص في بلوغه إلى قعر البحر ليرى ما فيه ونخير المبدغة على المرضخة. لأن هذه لكسر النوى بخلاف المبدغة فإنها مشتقة من بدغ الجوز واللوز أي كسره وهذا ما يريده الإفرنج من قولهم - ونستحسن الملطاس بالمعنى الجديد الذي يريده ومن هذا القبيل أيضاً المنزحة بمعناها الحديث. والمزجة تصح على الموضع الذي يكثر فيه الزجاج لا للمكن بتشديد النون وهو بيت من الزجاج تكن فيه النباتات من الأذى أما المضغاط فلا يؤدي المعنى المطلوب من المانومتر. لأن المانومتر آلة تتخذ ليعرف بها مبلغ توتر البخار والغاز أي آلة تدل على أن البخار أو الغاز بلغ أقصاه من الامتلاء وفي لساننا المبين لفظة بديعة تؤيد هذا المعنى وهو حظرب يقال حظرب الوتر والحبل: أجاد فتله وشد توتيره وضرع محظرب: ضيق الإخلاف فاسم هذه الآلة يكون المحظرية وهي من أبدع الكلم التي تصور لنا أن هذه الآلة تدلنا على أن البخار والغاز ملأ الموضع فحظر به. وأما المعبرة أو حوض المرور فكلاهما لا يؤيد معنى الفرنسية لأن معنى هذه الكلمة عندهم خشب يوضع في مجرى الماء يسد ويفتح على هوى صاحبه ليتمكن من إجرائه وإمساكه. وهذا ما سماه العرب بالصناعة وزان جبارة فلا حاجة إلى إدخال كلمة في لغتنا نحن في غنى عنها. قال في القاموس: الصناعة

مشدودة وكسحاب (كذا والصواب وكسحابة): خشب يتخذ في الماء ليحبس به الماء ويمسكه حينا. أهـ والعراقيون يقولون في معنى مهبط النهر المنحدر وهو احسن لأنه عربي فصيح ويقولون: فلان انحدر في سباحته إذا اندفع مع مجرى الماء وأما الميزاب فمعروف عند العرب أنه يقابل عند الإفرنج أي المرزاب أو المرزيب عند العراقيين. وأما المحز العميق فيوافق في العربية المسلك والمزلق والمزلج والمزل والطريقة وياما أكثرها ولنبق المئزاب لمؤداه الحقيقي. فيتحصل مما تقدم بسطه حتى الان، ومما أوضحناه من الاطراد على القياس أن ما لم يجيء على هذا المنحى لا يرضى به فصيح ولا يتخذه في كلامه. ويجدر بنا هنا أن نتذكر قول ابن جني في كتابه الخصائص (132: 1) ضعف الشيء في القياس. وقلته في الاستعمال. مرذول مطرح. أهـ وقال في 362: 1 ما قيس على كلام العرب فهو من كلام العرب. ألا ترى انك لم تسمع أنت ولا غيرك اسم كل فاعل ولا مفعول وإنما سمعت البعض فقست عليه غيره أهـ. وقال في ص367: ألا ترى أنه ليس كل ما يجوز في القياس يخرج به سماع فإذا حذا إنسان على مثلهم وآم مذهبهم لم يجب عليه أن يورد في ذلك سماعا ولا أن يرويه رواية. أهـ فهذه الأقوال كلها جديرة بأن تكتب بماء الذهب. وهي كلها تعمد ما ذكرناه من الجري على أساليب اللغة المبينة وتضعف عمل من خالفه كما يتضح لأدنى تأمل. هذا ونحن لم نتعرض هنا لكل لفظة وضعها العربي الصميم. بل وضعنا لك منه ومن غيره من أغراض كلامهم ما يستدل به ويستغنى ببعضه من كله بإذنه تعالى وطوله. والآن نتقدم إلى ذكر بعض التعابير الإفرنجية النزعة التي اتخذها الكاتب البارع والتي لا نوافقه عليها ونفضل عليها تعابيرنا العربية الصحى والفصحى. قال حرسه الله في ص195: تنفتح الحنفيات انفتاحا تلقائيا (ثم شرح في الحاشية

هذا التعبير لتأكده من عجمته فقال: أي من تلقاء نفسه. وأظن أن الفصحاء يقولون في مثل هذا الموطن تنفتح الحنفيات عفواً. وقال في تلك الصفحة بسطة البخار ثم شرحها في الحاشية بقوله أي انبساط البخار بعد انضغاطه. وأظن أن السلف يقول في مثل هذا المعنى: انفشاش البخار. وحينئذ لا حاجة إلى الشرح إذ العراقيون يعرفون هذا المعنى ويتلفظون به وهو من فصيح كلام البلغاء. وقال في ص197 فيدير بدورانه محورا فلزيا أفقيا يسمى (شجرة) الآلة. وافضل عليها هذا التعبير: فيدير بدورانه محور فلز معترضا يسمى (سرنا) بفتح السين وسكون الراء يليها نون. أما قولنا محور فلز لا محورا فلزيا، فهو لأن الفصحاء اجتنبوا بقدر ما أمكنهم استعمال الألفاظ المنسوبة كلما تيسر لهم. نعم قول الصديق محورا فلزيا لا غبار عليه. لكنه اثقل من قولك محور فلز. وذوق كل كاتب دليله في مثل تفضيل سبك عبارة على سبك عبارة أخرى. وأما قولهم أفقيا بمعنى قائم في عرض الشيء. فإن المعربين وقروا أسماعنا بها. وهو من المعرب الحرفي عن الأجناب. أما كتبة العرب الفصحاء فقد قالوا ويقولون محور فلز معترضا. وأما الشجرة فليست معروفة في لغتنا بالمعنى الذي يشير إليه والمعروف في كتب أهل الفن هو السرن. قال فينلون في كتاب الحيل الروحانية ص60 اتخذ سرنا فيه دوارة ذات أسنان يدير هذه البكرة. ويكون طرف السرن خارجا من الطشت عليه حلقة. . .) وذكر السرن مراراً عديدة وفسر بشجرة الآلة بالإفرنجية كما قال صديقنا، لكن الشجرة غير معروفة عند الأقدمين بالمعنى المذكور بل عند الأغراب لا غير. وفي تلك الصفحة: النقطتان المبتتان وأظن أنه لو قال النقطتان الساكنتان لفهمهما العربي. وفي ص199 وعمل هذه الآلة لا ترفقه بسطة البخار. وأظن أن المراد من قوله هذه هو: ولا ينفش البخار مع عمل هذه الآلة. وذكر روح لقمان في ص201 بمعنى الأثير وهو غير معروف عند العرب بل عند الترك. بخلاف الأثير فقد عرفوه قال القزويني: انظر إلى حكمة

البارئ كيف جعل كرة الأثير دون فلك القمر كيما ما يحترق بحرارتها الأدخنة الغليظة الصاعدة وتلطف البخارات العفنة ليكون الجو أبدا شفافا. أهـ وقال في تلك الصفحة: إذا التبخر مصحوب بامتصاص الحرارة؛ وأظنه يريد أن يقول: إذا مع التبخر امتصاص الحرارة. وقال في آخر ص302 وما يليها (ونرى حينئذ فقاقيع صغيرة تنفصل من جدران الدورق) وقد اكثر المعربون العصريون من ذكر جدران الإناء والحوض والطريق وغيرها والعرب الفصحاء لم ينطقوا بمثل هذا الكلام بل قالوا أعضاد جمع عضد. قال ابن مكرم في تفسير الجرموز: حوض متخذ في قاع أو روضة مرتفع لأعضاد فيسيل منه الماء ثم يفرغ بعد ذلك. وقال الفيروزابادي في تفسير المجنب: شبح كالمشط بلا أسنان يرفع به التراب على الأعضاء والفلجان ومثله في لسان العرب وتاج العروس. أما الجدر وجمعه الجدران فخاض بالحائط باعتبار الارتفاع ومثله الجدار والجمع جدر. والحال ليس في الآنية والحوض والدورق وقحف الرأس والأعضاء كلها ما يصح تسميته بالجدران بل بالاعضاد كما رأيت من كلام مشاهير اللغويين. ومن تساهله في التعريب قوله في ص208: وتكثيف هذا البخار يعطينا ماء نقيا. قلنا: واحسن منه: يخلف لنا ماء نقيا. أو ينعقد ماء نقيا - ثم قال: ويجنى الماء المقطر في دورق. وهو معرب التعبير وأظن احسن منه قولنا ويتلقى الماء المقطر في. . . . وفي ص260 تشغل المياه على سطح الكرة مساحة. . . وأظن الفصحاء يقولون للمياه على سطح الكرة مساحة. . . وفيها يتغشى ظاهرها بضبابة وأظن انه لو يقول ظاهرها صبابة. لكان اقرب إلى الفصحى. ونحن لا نريد أن نتتبع المؤلف في جميع ما تساهل فيه من التعبير لكننا نقول أنه تسامح فيه كثيرا. ولعله فعل ذلك لشيوع مثل هذه الصيغ في كلام تلامذته. ومع ذلك كله إننا لا نحمل تلك التجوزات على الغلط، بل نقول إن السبك العربي أوزن في النفس من سبك الأعاجم (لأن واضع اللغة على ما قال ابن جني: لما أراد صوغها وترتيب أحوالها هجم بفكره على جميعها. ورأى بعين

تصوره وجوه جملها وتفاصيلها، وعلم أنه لا بد من رفض ما شنع تآلفه منها فنفا عن نفسه ولم يمرره بشيء من لفظه وعلم أيضاً أن ما طال وأمل بكثرة حروفه لا يمكن فيه من التصرف ما أمكن في اعدل الأصول وأخفها.) أهـ وقد وقع في الكتاب أغلاط طبع لم تنقح في الأخر من ذلك في صفحة أوعلى أن يجدوا فيها تطبيق الحادثات الطبيعية التي درسوها، فيعدلون بذلك عن الاعتقاد. . . والصواب فيعدلوا. وقد جاءت الهمزة الواقعة في الأخر والمكسور ما قبلها مكتوبة على الياء المنقوطة مثل طوارئ (في ص أ) والقارئ (في ص ج) ومثلهما كثير في الكتاب والصواب إهمال الياء. وفي ص د: التصرف بلغتنا بدلا من في لغتنا. وفي ص1 فإنا نحتاج لحني القضيب لبذل قوة اليدين واثني القضيب الثاني لاستعمال المطرقة والصواب: إلى بذل - إلى استعمال. وفي ص2. تؤثر عليه عوضا عن تؤثر فيه. وفي ص3 فحينما تكون قوتا القبيلين متماثلتين تحصل بينهما الموازنة، ولعلها: تقع بينهما الموازنة. وفي ص4 ميال لاسترداد شكله الأول. ولعلها إلى استرداد شكله الأول. وفي ص5 كل ما هو قابل للزيادة. لعلها كل ما يقبل الزيادة وفي ص5: فإذا جاءت قوة ثانية أحدثت وحدها الامتداد عينه في النابض، فنقول. . . ولعلها نقول فزاد عليها المنضد فاء. وأحسن منها: قلنا. وفي تلك الصفحة ولكنه إذا أحدثت القوة ق وحدها الامتداد عينه. . . فنقول. . . والمنضد قلب العبارة ولعلها: ولكنه إذا مددت القوة ذلك الامتداد عينه. . . قلنا. وفي ص 6 تسقط إلى الأرض. ولعلها على الأرض. وفي تلك الصفحة والصواب وفي ص7 سقطت نحو الأرض، ولعلها على الأرض وفي تلك الصفحة إلاَّ إذا كان له اتجاه الشاقول، ولعلها إلاَّ إذا اتجه اتجاه الشاقول. وفي تلك الصفحة السطح الأفقي ولعله السطح المعترض. وكل مرة جاءت كلمة عمود جاء الجار بعدها (على) ولعلها بدل من اللام ففي ص7 كل سطح يقع عموديا على الشاقول وفي ص8 هو خط عمودي على، وفيها أن سطح الماء عمودي على اتجاه الخيط، ولا جرم أن الأصل هو عمودي ل. . . لأن العمود مشتق من عمد، وعمد يتعدى بنفسه وحيث لا يمكن الوصل يعدى بالحرف أي

باللام. وفي ص9 يبلغ 40000 كيلومترا، عوضا عن كيلو متر بالجر. وفي ص10 وكذلك إذا علقت اللوحة من أية نقطة أخرى، بدلا من القول بأية نقطة أخرى. وهكذا يعثر القارئ في كل صفحة من صفحات الكتاب بغلط طبع لمصحح عن تقويمه في موطنه وفي جدول التصحيحات فأملنا في طبعته الثانية خلوها منها. على أننا لا ننكر على صديقنا الكاتب المجيد تلك المحاسن التي جلا كتابه بها على قراء العربية. فكما أنه جاء ببعض ألفاظ مخالفة لمحكم كلام العرب. جاء أيضاً بألفاظ عربية صرفة لم يستعملها قبله أحد. أو هجم على عبارات وفق لها كل التوفيق وبز بها على أقرانه ووصفائه. فمن الألفاظ التي استصوبناها سعرة بمعنى وكتيم ومرونز ومسقطة ومضغطة ومغوصة وموقتة (غير مهموزة الواو وقد وردت خطأ بالهمزة في الكتاب) ونقالة إلى غيرها. ومن حسن تعريبه لكلام الأعاجم قوله في ص3 عن الموازنة: لنلاحظ ما يجري في لعبة (جر الحبل) هنالك حبل يتجاذبه قبيلان قوامهما عشرون طالبا كل قبيل عشرة فحينما تكون قوتا القبيلين متماثلتين تحصل بينهما الموازنة ويبقى الحبل في محله ولكنه حينما تزيد قوة أحدهما على الأخر تختل تلك الموازنة فينجر القبيل الضعيف المغلوب إلى القبيل القوي الغالب. أهـ وقال في ص27 عن المسقطة: إذا هب الهواء على رجل بيده مظلة فمالت قليلا بيده حتى عارضت المهب بجوفها شعر حاملها بشيء يقاوم المظلة وقد تفلت من يده جارية مجرى الهواء ولا يقوى على ضبطها إلاَّ إذا ضم خيمتها والطائر إذا أراد السقوط كسر جناحيه وضمهما لتضعف مقاومة الهواء فيسرع سقوطه وأما إذا نشرهما اتسع سطح المقاومة لأن الهواء وأن سكن يقاوم منشور الجناحين بالنظر إلى سقوطه كما يقاوم المظلة وهو في هبوبه ومن أجل ذلك يبطيء سقوطه كالمسقطة (براشوت) التي تقي الطائر شر السقوط فإنها تنشر

المعاهدة العراقية الإنكليزية التركية

بسقوطه كالخيمة فيقاومها الهواء مقاومة تهبط بها إلى الأرض رويدا كما لو امسك المرء يد مظلة كبيرة قوية وهبط بها من مرتفع فإنها تقيه شر سقوطه بفضل مقاومة الهواء لسطحها الوسيع.) أهـ والكتاب كله على هذا الطراز من السبك المحكم والعبارة السلسة السائغة ولهذا نوصي به جميع أبناء المدارس: لأن سائر المؤلفات في هذا الموضوع ساقطة العبارة، شائكة الكلم لا تكاد تقف على سطر منها إلاَّ وتطوي الكتاب الذي بيدك أو ترميه في إحدى زوايا خزانتك. أما هذا فهو درة نفيسة تغالي بها عند الحاجة وبهذا القدر مجزأة. المعاهدة العراقية الإنكليزية التركية المنعقدة في أنقرة في 5 حزيران 1926 - (2) (3) نصوص المواد 30 إلى 36 من معاهدة لوزان المواد 30 و31 و32 و33 و34 و35 و36 من معاهدة لوزان: التابعية المادة 30 - إن تبعية الترك الساكنين في البلاد التي انفصلت عن تركية يكونون بمقتضى أحكام هذه المعاهدة من تبعة الدولة التي انتقلت إليها تلك البلاد وفق الشروط الموضوعة لذلك في القوانين المحلية.

المادة 31 - كل من تجاوز الثامنة عشرة من العمر من الذين فقدوا التابعية التركية واكتسبوا تابعية جديدة بمقتضى المادة الثلاثين فإنه يكون له الخيار في اختيار التابعية التركية لمدة سنتين اعتبارا من وضع هذه المعاهدة في موضع العمل. المادة 32 - أن الأشخاص المتجاوزين الثامنة عشرة في العمر من الذين هم ساكنون في قسم من البلاد المنفصلة عن تركيا وفقا لهذه المعاهدة والذين هم يغايرون في الجنسية أكثرية الأهالي الكائنين في البلاد المذكورة لهم أن يختاروا تابعية دولة من الدول التي تكون أكثرية أهاليها من جنسيتهم بشرط موافقة الدولة المذكورة على ذلك ويكون هذا الخيار لهم مدة سنتين اعتبارا من وضع هذه المعاهدة موضع العمل. المادة 33 - إن الأشخاص الذين استعملوا ما لهم من حق الخيار المنصوص عليه في المادتين الواحدة والثلاثين والثانية والثلاثين يتحتم عليهم بعد ذلك في مدة اثني عشر شهرا أن ينقلوا محل إقامتهم إلى بلاد الدولة التي اختاروا تابعيتها. غير أن هؤلاء يكونون أحرارا في محافظة ما يملكون من أموالهم غير المنقولة الكائنة في بلاد الدولة التي كانوا مقيمين فيها قبل استعمالهم حق الخيار المذكور.

أن لهؤلاء الأشخاص أن ينقلوا معهم جميع مالهم من الأموال المنقولة ولا يؤخذ منهم عند نقلها شيء من الرسوم لا عند إخراجها ولا عند إدخالها. المادة 34 - إن من كان قد تجاوز الثامنة عشرة من عمره من تبعة الترك وهو في الأصل من أهل بلد من البلاد التي انفصلت عن تركية وكان عند وضع هذه المعاهدة موضع الإجراء مقيما في إحدى الممالك الأجنبية يكون مخيرا في اكتساب التابعية المرعية في البلاد التي هو في الأصل من أهلها ولكنه في هذا الخيار يكون مقيدا بالقيد الاحترازي الذي يتكون مما يقع من الائتلافات التي تنعقد بين حكومات البلاد المنفصلة عن تركيا وبين حكومات البلاد التي يقيم فيها ولا يشترط في خياره هذا إلا أن تكون جنسيته موافقة لجنسية الأكثرية من أهالي البلاد التي يختارها وإلاَّ أن توافق على ذلك حكومة تلك البلاد أيضاً أن حق هذا الخيار يجب استعماله في خلال سنتين اعتبارا من تاريخ وضع هذه المعاهدة موضع العمل. المادة 35 - إن الدول المتعاقدة تتعهد بأنها لا تمنع بوجه من الوجوه استعمال حق الخيار الذي يمنح أصحابه إحراز أية تابعية أخرى ممكنة لهم والذي جاء بيانه في هذه المعاهدة أو في

معاهدات الصلح المنعقدة مع ألمانيا وأوستريا والبلغار والمجر أو في المعاهدات المنعقدة بين الدول التعاقدة المذكورة من غير تركية أو بين إحداها وروسية. المادة 36 - أن النساء ذوات الأزواج تابعات لأزواجهن والأولاد الذين هم دون الثامنة عشرة تابعون لآبائهم في جميع الأمور المتعلقة بتطبيق الأحكام الكائنة في هذا الفصل. وصف خط بروكسل من ملتقى دجلة والخابور متبعا وسط مجرى الخابور إلى ملتقاه مع الهيزل ثم يسير مع وسط مجرى الهيزل إلى نقطة واقعة على بعد ثلاثة كيلومترات فوق ملتقى ذلك النهر بالجدول الجانبي الذي يمر من (سيرنز) ومن هناك يسير على خط مستقيم نحو الشرق إلى القمة الشمالية لحوض الجدول الجانبي الذي يمر من (سيرنز) ثم يتبع قمة هذا الحوض الشمالية إلى جبل (بيلاكيش) ومن هناك يسير على خط مستقيم إلى منبع رافد (بيجو) في (رابوزاق) ومن هناك يتبع هذا الرافد إلى ملتقاه في جنوب (رابوزاق) مع نهر آت من نقطة 6834 في شرق جنوب شرقي (رابوزاق). ثم يتبع خطا مستقيما إلى التل الواقع إلى شمال شمال شرقي نقطة 6834 ثم من وسط مجرى نهر صغير آت من الجهة الشرقية لهذا التل إلى ملتقاه بالخابور ومن هناك يسير مع الخابور نازلا

مسافة نحو كيلو متر ونصف إلى ملتقاه بنهر قادم من منطقة (آروش) و (جراموس) وعلى طول هذا النهر (تاركا إلى الشمال النهر القادم من قاشورا) إلى ملتقى الرافدين الكبيرين الآتيين الأول من (جراموس) والثاني من (آروش) ومن هذا الملتقى يسير على طول قعر الوادي المقابل من جهة الشرق لنقطة 6571 على خط تقسيم المياه الواقع بين الرافدين المذكورين. ثم يتبع خط تقسيم المياه الآنف الذكر إلى نقطة 9063 شرقي نقطة 6571 ومن هناك يسير على قمة حوض الرافدين الذي يمر من (جراموس) إلى نقطة ملتقاه بالقمة التي على الجانب الجنوبي من نهر (ليزان) ومن هذه القمة الأخيرة يسير على القمة الواقعة إلى شمال حوض رافد نهر الزاب الآتي من (اورا) ثم إلى نقطة في غربي شمال غربي (دوسكية) وعلى بعد كيلومترين ونصف من ذلك المكان ثم على خط مستقيم من تلك النقطة إلى منبع رافد الزاب في شمال شرقي (دوسكية) وبالقرب منها ومن هناك يتبع مجرى هذا الرافد إلى نهر الزاب. ثم يسير مع الزاب إلى اسفل إلى نقطة على بعد كيلومتر واحد في جنوب (بيشوكة) وعلى خط مستقيم نحو الشرق إلى شمال قمة واقعة جنوب حوض النهر الذي يمر من جنوب (بيهي) وشمال (شال) ومن هناك على طول القمة

الجنوبية لوادي رافد الزاب الذي يمر من (به ريجان) إلى اقرب نقطة من منبع (أفه ماره ك) في غرب جنوب غربي (شيلوك) ثم يتجه إلى هذا المنبع على خط مستقيم ومنه على طول الفرع الغربي ل (أفه ماره ك) ابتداء من هذا المنبع إلى ملتقاه بنهر صغير آت من التل الواقع بين (قازه ريك) و (نرويك) ثم على طول هذا النهر الصغير إلى منبعه. ويتبع خطا مستقيما من هذا المنبع إلى رافد الفرع الشرقي ل (أفه ماره ك) الذي يصب في شمال (نرويك) ثم على طول هذا الرافد إلى مصبه ومن هنا على خط مستقيم إلى خط تقسيم مياه (أفه ماره ك) و (ردبريشين) الذي يصب في ذلك النهر في شمال (شيخ مومار) تماما ثم على خط مستقيم إلى منبع ذلك النهر. (أن الرافد المتقدم ذكره هو ردبريشين الذي يسير نازلا إلى مصب النهر في جنوب ده قليلا) ثم على طول هذا النهر إلى منبعه. وعلى خط مستقيم من منبع ذلك النهر إلى خط تقسيم مياه (ردبريشين) ورافد (شمسدينان صو) الذي يمر من شرق (حركي) تماما ومن هناك على خط مستقيم إلى اقرب جدول جانبي من هذا الرافد وعلى طول الجدول الجانبي ثم على طول الرافد المذكورين إلى (شمسدينان صو) ومن ملتقى هذين الجدولين يسير على خط مستقيم إلى القمة الجنوبية لحوض (شمسدينان صو) ويسير على طول هذه القمة إلى نقطة ملتقاها بخط تقسيم المياه الواقع بين حوضي نهر (حاجي بك) ورافده الذي يمر من شرقي (أوبا) تماما وبعد أن يتبع خط تقسيم المياه المذكور يسير رأسا إلى نهر (حاجي بك) ثم يسير مع نهر (حاجي بك) معاكسا الجريان إلى الحدود الإيرانية.

إخوان الأدب

إخوان الأدب شكري الفضلي (2) شخصيته الأدبية ومبادئه: إن نشأة الفضلي الأدبية وشغفه بالقراءة والكتابة سهلا له الاطلاع على كثير من الكتب والرسائل التي ألفها المفكرون الأحرار من الترك والعرب وضمنوها صرخات أليمة من الظلم والاستبداد. كما أن اشتغاله بالصحافة وصله بالحركة الفكرية في الآستانة والقاهرة وبيروت. فتأثر بهذه البيئة واكتسب نزعة حرة حميدة جعلته من المنظورين إليهم بعيون مرتابة من صنائع السلطان عبد الحميد وأعوان الظلم، حتى اتهم قبل ما يزيد على

العشرين سنة بأنه يذيع المبادئ الحرة وينقد أعمال السلطات الملكية والعسكرية فسجنه الفريق رفيق باشا في كركوك ولدى محاكمته في ديوان خاص مدة شهرين برئت ساحته. وسجن بعد سقوط السلطان عبد الحميد الثاني واعتلاء محمد رشاد الخامس عرش السلطنة العثمانية يوما واحدا في دائرة الشرطة بتهمة تمهيده سبيل الفرار لأحد الأحرار من معارضي حزب الاتحاد والترقي. وأطلق سراحه بجهد عظيم. ثم اتهمه في عهد الدستور جمال بك والي بغداد المشهور بعسفه وطغيانه بجريمة سياسية مع لفيف من الرجال المعروفين في مدينة السلام المخالفين لحزبه الاتحادي وطلب إرسالهم جميعاً إلى فروق لمحاكمتهم في (الديوان العرفي) فتوسط في الأمر المرحوم محمد فاضل باشا الداغستاني ففك عقاله والمتهمين معه. والباعث على أن تحوم حول فقيدنا شكري هذه التهم. سعيه في إنشاء فرع لحزب (الحرية والائتلاف) في بغداد وهو الحزب المعارض لحزب (الاتحاد والترقي) وتشنيعه بمآتي الاتحاديين وقد سيق مرات إلى المحاكم وحوكم لما يظهر في مقالاته المنشورة في الصحف العراقية من نقد السياسة الاتحادية الخرقاء حتى شاع في خلال الحرب العظمى أنه قد شنق مع من شنق من أحرار

العراقيين في باب (المعظم) وذكر ذلك فائز بك الغصين في كتابه (المظالم في سورية والعراق والحجاز) المطبوع سنة 1918 صحيفة (86). أما بعد الحرب العالمية فلم تبد منه أية نقمة على السلطة بل بعكس ذلك له مقالات عديدة يشعر منها أنه كان من محبذي الوضع السياسي الراهن في البلاد. وإذا نظرنا إلى شخصيته الأدبية وأسلوبه نجده بطبيعة نشأته وثقافته أميل إلى المذهب القديم منه إلى الجديد فقد كانت عنايته باللفظ دون العناية بالمعنى. وطالما قرأت له سطورا عديدة فيها فكرة واحدة يمكن إبرازها في جملة واحدة لا غير. إلا انه كان ممن يحبذون النقد وما اجتمعت به مرة إلا وتطرق إلى النقد الأدبي وذكر كستاف فلوبر و (تين) وغيرهما من أعلام النقاد الفرنسيين وقد عرفهم في ما ترجم لهم أو عنهم إلى اللغة التركية. وقد عالج الأديب الفضلي النظم بالعربية والتركية والفارسية والكردية. وأقول عن نظمه العربي فقط أني لم المس فيه شاعرية إنما هي جمل موزونة ومقفاة قد يحسن حبكها في الأحايين. مع

أن له في النثر كتابة فصيحة تحوي مادة. ومادة غزيرة في بعض مقالاته وأبحاثه. ومبدأه الاجتماعي أشبه بمبدأه الأدبي. وسط بين المحافظين والمتجددين فهو يمتدح السفور ويفضله على الحجاب ولكنه لو تزوج لما رضي أن تسفر زوجته. وبتأثير ثقافته في كتب العرب العتيقة تلبس الدعوى بان العرب هم أصل المدنية البشرية وان آدابهم لا تعلوها آداب وانه ليس هناك علم ولا فن إلا لم يغادر فيه الأسلاف لمن أتى بعدهم من متردم. إلى غيرها مما أدرك النقدة الراسخون من العرب أنفسهم في هذا الزمان أنها من الدعاوي الباطلة التي تعد سبة في نظر أهل التحقيق العلمي. وكان شكري الفضلي يتبرم من الغرب وسطوته المادية ويتحرق أن لا يكون للشرق قوة تتمكن من أن تصد هجمات الغرب عليه إلا أنه لم يكن يعتقد بان العواطف والتهور يغنيان الشرقيين أو العرب عن تطلب القوة من أبوابها والسلوك إلى المجد في طرقه كما أن لأحلام (الجامعة الإسلامية) و (العصبة الشرقية) و (الوحدة العربية) حيزا كبيرا في دماغه ولهذا رأينا خيالاتها

مرسومة في كثير من مقالاته اليومية في الجرائد. أما أخلاق المترجم عنه فقد عرفت فيه هدوءا ولطف معشر رضيا وجلدا وضبط نفس، وكم تمنيت لو تجافى عن الأبعاد بين فكره ولسانه أحيانا، فكثيرا ما زرته في أيام اشتداد النضال القلمي بين رجال القديم وأنصار الجديد فلم يكن يبدي أي تأثر من المطاعن الموجهة إلى صديقه. ولما كنت ألح عليه في إبداء الرأي كان يتنهد ويقول: لا يمكنني أن أصرح بالحقيقة التي أراها وإلاَّ انقلبت صداقتي للجماعة إلى خصومة. وكان ربعة يميل إلى الطول، حنطي اللون عظيم الهامة، عرف بإطالة التفكير وقلة الكلام كما عرف بشدة تمسكه بمعتقداته وآرائه مع اعتداد بالنفس. وقد ولع رحمه الله بالدخان - وغير الدخان - مما يتمحل متعاطوهما عذر طرد الهم ولكنهما أضرا بصحته ونهكا قوى جسمه فعجلا في منيته في 1 حزيران 1926 فحرمت أمته خدماته المفيدة. آثاره لقد اشتغل فقيد الأدب العراقي شكري الفضلي بكتابة المقالات كثيرا ونظم القصائد نادرا ولم يتفرغ لتأليف كتاب برأسه إلاَّ

تاريخه الذي صرف له قسما كبيرا من جهده وأدركه الحمام قبل أن ينشر على الناس شيئا منه. لهذا اعد له (تاريخ العراق قديما وحديثا) مع (ذيل في جغرافية العراق التاريخية) أثرا خطيرا واطلب إلى ذريته أن يبحثوا عما خطه من هذا الكتاب لطبعه وأن لم يكمله لأنه قد اعتمد على جملة مؤلفات غالية في اللغات الفارسية والتركية والعربية ونقب في بعض المخطوطات وجعل جل همه أن يكتب تاريخ فترة غامضة من تاريخ هذه البلاد من سقوط بغداد بيد التتر إلى أواخر العهد العثماني وكانت غاية أمنيته أن ينجز هذا الأثر الثمين. وله مؤلف علمي باسم (مكتبة الفضلي) ينكسر على بضعة أقسام في (طبقات الأرض) و (الحكمة الطبيعية) و (الكيمياء) و (الفلك) و (علم النفس) و (الهندسة) وقد استمد اكثر نظرياته فيه من الكتب التركية الحديثة المترجمة عن الآثار الأجنبية مع بعض الشيء عن كتب العرب القديمة. ويمكن أن يتكون من منظومة ديوان شعري نسميه (ديوان الفضلي). وإذا جمعنا مقالاته المتفرقة في السياسة والاجتماع في مجموعة تألف منها مجلدان كبيران وكان يحدثني يوما عن هذه المجموعة

وهو يتردد في تسميتها فاقترحت عليه أن يسميها (نظرات سياسية واجتماعية) فأجابني: (ليكن لها العنوان الذي تراه. وقد أقام له (منتدى التهذيب) في بغداد عصر يوم 25 حزيران 1926 حفلة تأبين خطب فيها بعض الأدباء وألقى فيها كاتب هذه السطور ترجمة الفقيد هذه وختمها بقوله: هذا هو الأديب الفضلي الذي اجتمعنا اليوم لنحيي ذكراه وأني لأقدر خدمة منتدى التهذيب للأدب في أحياء هذه الحفلة فهي مفخرة للمنتدى وإشادة بذكر الفقيد الذي لم يذق في حياته لذة يصدق عليها وصفها بالطيبة وذلك جزاء لجهوده، فلا أقل من أن يعرف له أبناء أمته فضله وعسى أن أجد فيكم من تأخذه الحمية على الأدب والأدباء فيتبرع بطبع كتاب يضم ما قيل فيه مع نخبة صالحة من آثاره. في ذمة التاريخ أيها الصديق الراحل! رفائيل بطي

معنى اسم بغداد

معنى اسم بغداد سألنا أحد الأدباء أن نفيده عن معنى اسم بغداد فنقول: قد بحثنا عن هذا الموضوع في مجلتنا هذه لغة العرب من ذلك في 387: 1 - 392 وفي 549: 2 و574 وفي سنتها الثالثة أيضاً في 40 - 41 وفي هذه السطور الأخيرة رأي الدكتور هرتسفلد الشهير. وقد طلبنا إلى صديقنا الأديب يوسف غنيمة أن يوقفنا على ما وصل تحقيقه في هذا الموضوع فكتب إلينا ما هذا نصه: جاء في المعلمة البريطانية عن قدم بغداد ما انقله إلى العربية وان كان بعضه قد ورد في مقالات لغة العرب في سنواتها الثلاث التي مضت. قالت المعلمة: (بين حدود المدينة نفسها وعلى عدوة دجلة الغربية بقايا متراس لاحظها السر هنري رولنصون لأول مرة سنة 1840 عند هبوط المياه وكانت مشيدة بالأجر وملاطها من القار وفيها كتابة من عهد نبوكدراصر ملك بابل. كانت بغداد مدينة بابلية يرتقي تاريخها إلى ألفي سنة قبل الميلاد على ما يحتمل. وجاء اسمها في القوائم المكتشفة في خزانة آشور بنيبل وورد أيضاً ذكرها في صخرة ميشو التي وجدت على دجلة قرب موضع المدينة الحالية ويرجع تاريخها إلى عهد تفلت فلاشر الأول (1100ق م). لهذا وضح متراس نبوكدراصر المذكور أمرا وهو أن مدينة (بغدادو) القديمة كان موضعها في موقع بغداد الغربية أو بغداد العتيقة. أن مآخذ التلموذ اليهودي تبين أن المدينة كانت باقية في بدء التاريخ الميلادي وبعده أما إذا اعتمدنا على كلام مؤرخي العرب فالظاهر منه أنه لم يبق في ذلك الموضع إلاَّ دير قديم حينما أسس الخليفة المنصور المدينة الغربية. على أن الإنسان قد يشك في صحة هذه الرواية الحرفية إذ أن من الواضح أن اسم الموضع كان

لا يزال ثابتا فورثته المدينة الجديدة. (انتهى كلام المعلمة البريطانية في مادة بغداد). وجاء في كتاب بدج المعنون بالنيل والفرات 1 - 187) ما هذا معناه بالعربية: (أن اسم بغداد البسيط نال مدة أحد عشر قرنا ونصف قرن مجدا وسطوة وبهاء ورونقا في الشرق والغرب وهناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه كان في موضعها أو في ما يلحق بجوارها سوق تجارية غنية خطيرة دامت بضعة ألوف من السنين وأمر بناء البابليين لبكداد - أو ربما كان بناتها من الشمريين، وأمر بناء اليونان لسلوقية، والبرثيين لطيسفون، والساسانيين للمدائن، وكلها في نطاق بضعة أميال قليلة من مدينة بغداد العربية العظيمة، مما يثبت حاجة الآهلين من شمريين أو ساميين أو يونان أو فرس إلى وجود مدينة عظيمة مع سوق أم في موضع بغداد أو بقربه. في نحو سنة 1780م حصل أحد الأطباء الأوربيين المقيم في بغداد على حجر بابلي لحسود عثر عليه أحدهم قرب أطلال طيسفون وكان في القسم الأعلى من هذا الحجر نقش صور آلهة. وفي القسم الأسفل منه كتابة تبحث عن دسكرة كانت بقرب مدينة بكداد - وكانت مدينة بكدادا المشار إليها هنا في موضع بغداد الحالية أو بالقرب منها. وإذ كانت هذه الكتابة قد نقشت في القرن الثاني عشر قبل الميلاد. فالمدينة إذا كانت موجودة قبل ولادة النبي الحنيف بألف وثمانمائة سنة، ووجد اسم بكدادو - في قائمة عثر عليها في نينوى وقد كتبت في القرن السابع قبل الميلاد. ومن المحتمل كل الاحتمال إنها نسخة من قائمة سبقتها بزمن بعيد. وفي صيهود سنة 1848 أي في زمن كانت مياه دجلة قد هبطت هبوطا عظيما وجد رولنصون بعض آجرات كتب عليها اسم نبوكدنصر الثاني مع ألقابه (605 - 558 ق م) في متراس وجد على الضفة الغربية. وقد استنتج البعض من هذا أن نبوكدنصر الثاني بنى أو رمم متراس مدينة عظيمة وجدت في الموضع الذي بنى العرب عليه قسم مدينتهم

القديم في النصف الثاني من القرن الثامن أو أن لم يك ذلك الموضع بعينه فلا جرم انه كان في جواره، أو أن المتراس جدد بعد عهد نبوكدنصر بكثير وقد أتى بالأجر إلى بغداد من خرائب مدينة سلوقية التي عمرت هي أيضاً بآجر جيء به من مدينة نبوكدنصر أي بابل على ما هو مشهور ومتعارف عند الجميع ومدينة سلوقية واقفة على هذه الضفة عينها على بعد بضعة أميال من منحدر النهر. كان أصل اسم بغداد ومعناه موضوع جدل ومناقشة عظيمة وقد اعتقد البعض انه تصحيف عربي للكلمة المسمارية بك دادا - أو بكدادو - ولكن هذا غير محتمل لأن اسم بغداد وأن كان يجانسه بعض المجانسة إلا أنه منحوت من كلمتين فارسيتين من (بغ) ومعناها (اله) وداد ومعناها (وضع أو أعطى) ومحصل معناهما موضع أسسه الإله أو المدينة التي أعطاها الإله وهذا كان الاسم الخاص بالمدينة التي هي على دجلة والتي فازت بالغنى والعظمة مدة قرون عديدة والتي سبقتها إلى ذلك الاختصاص مدينة باب الإله (باب ايلو) أو بابل العظيمة. ويظن تافرنيه أن اسم بغداد يعني (البستان المهدى) انتهى كلام بدج الإنكليزي. مجمل القول من كل ما نقلته: أن محلا أو سوقا أو مدينة وجدت قبل الإسلام بهذا الاسم في موضع يكاد يكون موضع بغداد نفسه، أو في جواره وقد المع إلى ذلك كتبة العرب وقد نقلت كلامهم عنهم في كتابي تجارة العراق ص45 واليكه: (وكانت بغداد قبل أن مصرها المنصور قرية تقوم فيها سوق عظيمة في كل شهر مرة فيأتيها تجار فارس والأهواز وسائر البلاد.) أن معنى بغداد على ما جاء في تأليف بدج يوافق بعض الموافقة ما جاء في لغة العرب عن هرتسفيلد (41: 3) من فارسية أصلها. أما ما جاء في كتاب الظريفي تاريخ بغداد ص3 عن معنى اسم بغداد فغريب في بابه والأغرب في ذلك انه يقطع في الأمر ويخطئ من قال بفارسية الاسم ولا يحق له ذلك وأن كان قد أخذ ما قاله عن بعض المؤلفين لأن العلماء الأعلام كدلج وهرتسفيلد وبدج يقولون بفارسيته فكيف يحق له هذا القطع والأمر موضوع على بساط الجدل والمناقشة.

ولي رأي خاص في معنى اسم بغداد ولقد عن لي في تضاعيف بحثي منذ زمن ولم انشره حتى اليوم فأذكره بكل تحفظ وتوق. الذي عندي أن اسم بغداد أرمى مبنى ومعنى وهو مؤلف من كلمتين من (ب) المقتضبة من كلمة (بيت) عندهم وكثيرا ما تقع في أوائل أسماء المدن مثل بعقوبا وباقوفا وبطنايا وباعشيقا وباعلرا وباجرمي وغيرها. واللفظة الثانية (كدادا) بمعنى غنم وضان (راجع ص91 من معجم دليل الراغبين في لغة الآراميين العمود الثاني الكلمة الثانية المعنى الثاني) فيكون مفاد بكداد مدينة أو دار أو بيت الغنم أو الضأن وإذا كانت هناك سوق فمن المحتمل أنهم كانوا يبيعون فيها الغنم والضأن في أول الأمر. ومن المشهور أن الارميين كانوا فلاحين في هذه الديار ويربون المواشي وبقوا كذلك قرونا عديدة بعد استيلاء العرب المسلمين على العراق. وأني افضل هذا الرأي على التأويل الفارسي ولا سيما قد ورد اسم بغداد في الآثار القديمة البابلية قبل احتلال الفرس لهذه الربوع. فأرجو أن تبدوا رأيكم في هذا التأويل لأنه إذا وافق العلماء عليه يكون أول من قال به عراقي بغدادي. يوسف غنيمة (ل. ع) إننا وإن كنا نقدر علم أهل البحث من الغربيين كل التقدير إلا أننا لا نسلم لهم في أصل كلمة بغداد على ما يرتؤون. وقبل كل شيء على المحقق أن يقضي عنه بعيدا قول من يذهب إلى أن الكلمة فارسية الأصل إذ كيف تكون كذلك والفرس لم يدخلوا العراق إلا في عهد كورش (في المائة الرابعة قبل الميلاد) وبغداد معروفة بهذا الاسم قبل الفرس بمئات من السنين. لا جرم أن البلاد السامية السكان لا تسمى إلا باسم سامي أي باسم من الآشورية أو البابلية أو الارمية أو العربية. والحال أننا نعلم أن الارميين (وهم من أصل سامي كالعرب) قديمو الوجود في ديار العراق. فإذا كان الأمر على هذا الوجه فلابد من أن تكون اللفظة ارمية الوضع. ولهذا نخير رأي صديقنا البحاثة يوسف غنيمة على كل رأي سواه. أما ما ذكره علي ظريف في كتابه تاريخ بغداد فلا حقيقة له فقوله اسمها (بل دودو) ومعناه مدينة الإله في لغة السريانيين الكلدان لا تؤيده مفردات لغة هؤلاء القوم. ولو كان يلم بشيء من هذه اللغة لما قال هذا القول الذي لا حقيقة له سوى التوهم.

اللغة العامية

اللغة العامية لم يضع الأقدمون مؤلفا في اللغة العامية العربية، بل أشاروا إلى وجودها من طرف خفي. في تضاعيف كلامهم عن لغات العرب وقبائلهم، وحسنا فعلوا أنهم لم يدونوا شيئا عظيما في هذا الموضوع ولو كانوا فعلوا لما استطاعوا أن ينشروا لغة قريش ويجعلوها لغة واحدة لجميع القبائل وفي جميع الديار العربية. وما فعله العرب قبيل الإسلام فعله الإفرنج على اختلاف قومياتهم في صدر حضارتهم. هؤلاء الفرنسيون والاسبانيون والإيطاليون والإنكليز والألمان إلى غيرهم. كان لهم لغيات ولهجات: إلا أنه نبغ فيهم رجل كتب كتابا جليلا بلهجته الخاصة به فاتبعه قومه. ثم حظروا اتخاذ لهجة أخرى فتوحدت اللغات وفي الوقت عينه توحدت القومية والأفكار والخواطر ونشطت العلوم والفنون والصنائع وكثرت المصنفات على تنوع مواضيعها. ولما تمكنت تلك اللغة القومية من أعضاء الأمة، أجاز أولو الأمر بعد ذلك رجوع كل قبيل أو كل جيل من أجيال الأمة العظمى إلى لهجتها، وهكذا نرى اليوم في فرنسة من يكتب بلغة بروفنسة وبريطانية الصغرى، وكذا نرى في أسبانية من يعيد درس الباسكية وتقويتها. وهكذا قل عما يجري في إيطالية وألمانية وانكلترة. إذ كل جيل من أجيال تلك الأمم الكبرى يحاول إعادة درس لغة قومه أو لغة قبيلته أو لهجة صقعه. وعليه اصبح اليوم من اللازم درس كل قوم لهجة وطنه، إذ لا خطر اليوم على اللغة الفصحى بعد أن تمكنت في جميع البلاد، واصبح درسها من أول

دفع المراق في كلام أهل العراق

الواجبات، لأن اللغة إذا فقدت، فقدت القومية، وتناثر أوصالها، وتبددت أشلاؤها. وللشاعر العصري معروف الرصافي كتاب في هذا الموضوع كسره على ثلاثة غرور: ضمن الغر الأول: أصول اللغة العراقية وقواعدها وأحكامها: وجعل الثاني مجموع مشاهير أقوالهم من مثل سائر وقول عائر، وبيت عامر. وأبقى مفردات الألفاظ مضمون الغر الثالث، ومن كل ذلك قد اكتفى باللباب، وترك التوسع في كل من هذه المضامين الثلاثة لمن يريد الإمعان فيها والاستزادة منها. ودونك الآن مقدمة هذا التأليف: (ل. ع) دفع المراق في كلام أهل العراق بسم الله الرحمن الرحيم إن لله في خلقه عاملين دائبين يخضع لحكمهما كل حادث في جميع أحواله وأطواره، ونشوءه واندثاره. وهذان العاملان هما الزمان والمكان، فلا شيء إلا وهو ربيب في حجريهما. ورضيع من ثدييهما، يشب بما غذياه، ويشيب بما رمياه، ومن ذلك لغات البشر: فإنها من اكثر الأشياء خضوعا لحكم هذين العاملين في الرقي والانحطاط، وما اختلاف لغات الأمم إلا نتيجة من نتائج هذين المؤثرين. ولقد تعاورت اللغة العربية أزمنة وأمكنة أوصلتها إلى ما هي عليه اليوم من اللهجة المعلومة التي تلوكها أفواه العامة لوكا مختلفا باختلاف الأصقاع، كلهجة أهل العراق، وسورية، والحجاز، ومصر، والمغرب وغير ذلك من البلاد المأهولة بالمتكلمين بالعربية. على أن تأثير الزمان والمكان لم ينحصر من اللغة العربية في تغيير لهجتها فقط، بل قد عم مفرداتها أيضا. فأن من مفرداتها ما قد اندثر ولم يبق له في

كلام العامة من اثر، ومنها ما قد تغير لفظه أو معناه أو كلاهما تغيرا مختلفا باختلاف الأماكن والأزمان؛ كما قد تكونت فيها من المفردات ما لم يكن من قبل موجودا في متنها؛ ولما كانت هذه المفردات متكونة بحكم الزمان والمكان كانت مختلفة أيضاً باختلافهما. ففي كلام العراقي منها ما ليس في كلام السوري، وفي كلام السوري ما ليس في كلام المصري؛ وهكذا. غير أننا نجد لهذين المؤثرين في اللغة العربية أثرا واحدا قد عم جميع المتكلمين بها في جميع الأنحاء وهو سقوط الأعراب منها. فهذا الأثر وحده هو الذي نجده عاما في كلام العراقي والسوري والحجازي والمصري وغيرهم. وأن قال قائل: هل يعد هذا التغيير الحاصل في اللغة العربية انحطاطا، أو يعد اصطفاء وارتقاء؟ قلنا: إن الجواب على هذا السؤال لا يكون إلا بعد طول نظر وأعمال فكر وليس من غرضنا في هذا الكتاب أن نخوض في مثل هذه المسألة العويصة سوى أننا نقول: لا يجوز الحكم بأن كل ما حصل في اللغة من التغير هو انحطاط وتقهقر إلى الوراء. كما لا يجوز الحكم بأن جميع ذلك هو اصطفاء وارتقاء لأننا أن قلنا بالأول كذبنا قانون بقاء الأنسب؛ وأن قلنا بالثاني كذبتنا البداهة ومن ذا الذي يستطيع أن يدعي بان سقوط الأعراب من اللغة العربية مخالف لقانون بقاء الأنسب، وأنه ضروري لا بد منه للمتكلم بالعربية، مع أننا نرى العامة تتفاهم تمام التفاهم بكلامها الخالي من حركات الأعراب فالأولى إذا هو أن نترك الإفراط والتفريط فنقول بأن هذا التغير الحادث في اللغة منه ما يعد انحطاطا ومنه ما يعد ارتقاء. ومما لا مرية فيه أن للغة العامية اليوم مزية لا تنكر. وذلك أنها على علاتها نراها جارية مع الزمان في مفرداتها فهي تنمو كل يوم بالأخذ من غيرها بخلاف العربية الفصحى فان جمودنا فيها واقتصارنا منها على ما نراه في معاجم اللغة قد رماها بالتوقف عن النمو حتى أصبحت متأخرة عن لغات الأمم الحاضرة على رغم ما اختصت به من المزايا التي خلت منها تلك اللغات. ومهما كان فليس هذا البحث من موضوعنا هنا فلنضرب عنه صفحا، وإنما

غرضنا في هذا الكتاب هو أن نضبط لغة العامة بما يلزم من الضوابط الصرفية والنحوية لأسباب: الأول أن يكون ذلك كمقدمة لمن أراد أن يبحث بحثا تاريخيا عن اللغة العربية وما طرأ عليها من الطوارئ التي أثرت فيها وتصنيف ما حدث فيها من التغييرات المختلفة باختلاف الأزمنة والأمكنة، والمقايسة بين حاضرها وغابرها ليعلم هل تلك التغيرات هي انحطاط في اللغة أو هي ارتقاء فيها. الثاني: تسهيل التفاهم بين أهل البلاد المختلفة فيسهل على السوري مثلا فهم كلام العراقي، وعلى العراقي فهم كلام السوري والحجازي، لكني لم أتكلم هنا إلا عن لغة أهل العراق فقط. وعسى أن يكتب بعض السوريين ما يسهل به على العراقي فهم كلام السوري، على أن لغة أهل العراق لا تخالف لغة أهل نجد والحجاز إلا قليلا ومخالفتها للغة السوريين اظهر من مخالفتها للغة الحجازيين وقد اجتمعت مرة في حلب الشهباء برجال من أعيانها في مجلس حاشد فكان أحدهم إذا وجه إليَّ الكلام غير لهجته وكلمني بما يقرب من العربية الفصحى؛ فأفهم كلامه ولكنه عندما يكلم غيري من الحلبيين بلهجتهم الخاصة لم اكن افهم منه تمام الفهم: فكنت استعيد منه بعض الكلام لأفهمه. وذهبت مرة في حلب أيضاً إلى السوق ولما أردت العود إلى محلي تشابهت عليَّ الطرق؛ فسألت بعض المارين: من أين الطريق إلى محل كذا فقال لي (سوي) فلم افهم ما أراد وكرهت أن أقول له: أني لم افهم معنى (سوي). الثالث: تنبيه الأفكار إلى أدبيات العوام: فإن الأدبيات الخاصة بالعوام موجودة عند جميع الأمم، وتختص أدبيات العامة بأنها هي الواسطة الوحيدة لمعرفة ما للسواد الأعظم من الأفكار والعادات؛ فإذا أردت أن تعرف ما هي عواطف السواد الأعظم من كل أمة؛ وما هي عاداتهم التي جروا عليها وأفكارهم التي يفتكرون فيها وأميالهم التي يميلون إليها فأنظر في كلام طغامها وأدبيات عوامها. على أن في أدبيات العامة ما لا يستخف به من الكلام ففي قول قائلهم:

لو سقيت الشوك عنبر ... قط ما يحمل ورد من المعنى مالا يقصر عن أمثال المتنبي وحكمياته؛ حتى أن ألفاظه أيضاً تعد من أول طبقة بالنسبة إلى اللغة العامية. وعندي أن أقول النائحة: ياهلله هالشهر ماقشر لياليه ... محمد بأوله وعمشا بتاليه لا يقصر في باب الرثاء عن قول أبي تمام: كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر الخ ولما كان هذا الكتاب خاصا بلغة العامة من أهل العراق؛ وسمته باسم من كلام العامة فسميته (دفع المراق؛ في كلام أهل العراق). والمراق كلمة عامية تقع في كلامهم بمعنى الافتكار في الشيء لأجل الخوف منه أو لأجل معرفته وحب الاطلاع عليه. وهي بالمعنى المذكور دخيلة في كلامهم؛ ولها أصل في العربية وهي جمع مرق (بتشديد القاف). يقال: مراق البطن (بتشديد القاف)؛ لما رق ولأن منه. ومنها اخذ الأطباء لفظ المراقية (بتشديد القاف) التي هي عندهم تطلق على نوع من الماليخوليا التي معناها الخلط الأسود منسوبة إلى مراق البطن؛ إلا أنهم يخففون ياءها فيقولون: مراقية (بتشديد القاف) ويطلقونها على طرف من الجنون كالهوس. وقد اخذ الأتراك هذه الكلمة فحزفوا معناها ومنهم أخذتها العامة فاستعملوها بالمعنى المذكور آنفا وإنما تعمدت استعمال هذه الكلمة في اسم الكتاب ليكون الاسم مطابقا لمسماه، ونسأله تعالى أن يجعله نافعا. آمين في 12 جمادي الآخرة سنة 1337 الموافق ل 4 شباط 1919 معروف الرصافي

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 1 - تاريخ الكويت الجزء الأول من القسم الأول لمؤلفه عبد العزيز الرشيد طبع في المطبعة العصرية في بغداد سنة 1926 أول من كتب عن الكويت فصولا مشبعة، هو صاحب هذه المجلة وكان قد نشرها في إحدى مجلات بيروت سنة 1904 ثم نشرنا شيئا آخر في هذه المجلة في سنة 1913 ثم جاء أحد المنتسبين إلى العلم وسطا على كل ما أذعناه فأبرزه في المقطم والمقتطف سنة 1916 و1917 وانتحله ومسخه وشوهه بأغلاط فظيعة كشف شيئا منها الشيخ كاظم الدجيلي في المقتطف سنة 1917 في المجلد 50 ص 481 - 488: وكأن الكاتب لم يرعو بهذه العظة. فنشر مقالة في اليقين مجلته ونقحها على ما أشار إليه الشيخ الدجيلي. وعلى هذه الصورة عرفت الكويت وكان قد نشر محمد وجدي في دائرته ما كتبه المنتحل ولم يسنده إلينا كما هو عادة الأدباء المنتحلين. واليوم جاءنا أحد أبناء الكويت وألف مصنفا في 230 صفحة سماه تاريخا وقد أودعه إفادات شتى هي اقرب إلى الأدب منها إلى التاريخ لأن غالب ما فيه الموضوع الأول دون الثاني. ولهذا نستأذن الكاتب في إبداء رأينا في كتابه: 1 - أول شيء كان يليق بالمؤلف أن يذكر موقع الكويت من هذه الكرة الأرضية فلقد تكلم عن هذه الإمارة ولم يقل لنا أين هي واقعة من الطول والعرض، وهذا أمر جوهري لكتاب مثل مصنفه. 2 - كان يحسن به أن يذكر ما يقابل السنين الهجرية من السنين الميلادية

لكي لا يحتاج المطالع إلى البحث عن السنين التي اتخذها العالم كله مبدأ تاريخ للأحداث العالمية. 3 - كان يجدر به أن ينقل كلام الإفرنج في ما قالوا عن الكويت فلقد كتبوا عن تلك الديار في جرائدهم ومجلاتهم وكتبهم اكثر مما كتبه أبناء عدنان أنفسهم. نعم أن صاحبنا لا يعرف لغات الأجانب لكن لو طلب إلى إخوانه من عارفي اللغتين مثل هذه الخدمة لما ضنوا بها عليه. 4 - في كتب التاريخ لا يدرج شيء من الشعر ولا سيما قصائد التهاني والمعايدات والأنس والمتنزهات ونحوها: فهذه كلها خارجة عن الموضوع وإنما يفرد لها فصل في أدب الكويت لا في تاريخه. 5 - ضبط أعلام المدن فإنها كلها مجهولة، ولم تضبط بالشكل ولا بالكلام. وكتاب التاريخ إذا خلا من مثل هذا الأمر قلت فائدته. 6 - أغلاط الطبع كثيرة لا تخلو صفحة منها ففي الصفحة الأولى منها قوله: الماه ية صوابها المادية. من الرسميات صوابها من المنشورات الرسمية. بمكافأة مالية كبرى صوابها كبيرة. وخمسميا صوابها وخمسمائة. وبية صوابها ربية. وذكرت لفظة (اسم) مضبوطة بهمزة القطع وهي بهمزة الوصل وفي تلك الصفحة: ولم وقد شئت. وصوابها: ولا سيما قد شئت. وفيها: فجزاك لله وصوابها فجزاك الله. فهذه تسعة أغلاط في الصفحة الأولى التي يعنى بها كل العناية فما قولك في الصفحات التالية. 7 - الكتاب غير متقن الطبع وكنا نود أن يكون أول تاريخ يتكلم عن تلك الخطة أن يكون حسن الطبع والترتيب. على أن في هذا المصنف أبحاثا طلية منها كلامه عن جزر الكويت وقراها ولا سيما عن خطورة غوص اللؤلؤ فيها. وكذلك كل ما يتعلق بأخلاق الكويتيين وألعابهم وأعيادهم وأطعمتهم فكل ذلك مفيد وعسى أن تكون الطبعة الثانية احسن من هذه.

2 - الطريقة الاستقرائية في دروس قواعد العربية الجزء الثالث لصاحبها: رفائيل بابو اسحق طبع في المطبعة العصرية بغداد سنة 1925 هو احسن مختصر وجدناه للقواعد العربية فيكاد الكتاب يكون كله حسنات: حسن الكاغد، مضبوط الألفاظ بالشكل الكامل لكي لا يزيغ الخريج عن جادة النطق الصحيح بالألفاظ منذ أول عهده بالتعلم، واضح التبويب، يتبع كل فصل تمرين يتدرب عليه المتعلم؛ إلا أن هذه المطبعة لا تتقن ما يعهد إليها فمن اسطر منحدرة إلى اسفل سافلين، إلى اسطر تذهب صعدا إلى أعلى عليين. وهناك حروف مكسورة غير بينة أو حروف غير منقوطة. وفي أثناء مطالعتنا بعض صفحات الكتاب وجدنا المؤلف يقول: (يكون المعرب بالحذف في موضعين: في الأفعال الخمسة وفي الأفعال المعتلة الأخر) ولو قال: علامات الحذف في الأفعال تكون في الأفعال الخمسة وفي الأفعال المعتلة الأخر. لكان أوضح. 3 - المختصر في التاريخ مقرر السنة الثانية الابتدائية طبقا لمنهج إدارة المعارف العامة بفلسطين تأليف حسين روحي المفتش في إدارة معارف فلسطين الجزء الأول: في سير عظماء الرجال الطبعة الثانية في القدس سنة 1922 مختصر مفيد في نحو 95 صفحة، وهو حسن بوجه عام، لكن في الحواشي تكثر الأوهام. فقد قال المؤلف ما نصه: (اور معناها نار أو نور، من مدن كلدية، واختلف المحققون في موقعها وأشهر الآراء: (1) أنها مدينة (أورفا) على أمد 20 ميلا شمالي حاران. (2) (ورقا). (3) (المغاور) أو (أم قير) على ضفة (الفرات) الغربية قرب ملتقاه بدجلة وهي الأصح على الأرجح. أهـ

قلنا: القول إن اور هي ارفا أو ركآء هو من أقوال الأقدمين. أما اليوم فقد اجمع علماء الآثار على اختلاف الألسنة والقوميات أنها المقير (وزان مقدم أي بتشديد الياء المفتوحة)؛ وكتب المؤلف أورفا بواو بين الهمزة والراء. وهو من كتابة الترك لهذه البلدة والصواب ارفا - والعرب لم يقولوا حاران بل حران بتشديد الرآء - وأما ورقاء فلا وجود لها في العراق والصواب الوركاء بالكاف وزان البيضاء. وليس في العراق اسم المغاور، وإنما هي المقير لا أم قير. وقال وهي الأصح والصواب الصحي وزان الكبرى. هذا ما وجدناه في الحاشية الأولى من الصفحة الأولى التي هي في هذا الكتاب الصفحة السابعة. ثم قلبنا هذا المختصر فوجدنا لمثل الوجه الأول مثلا عديدة فعسى أن يعنى كل العناية بالمختصرات التي تقع في أيدي الأحداث لكي لا ترسخ في أذهانهم الأغلاط والأوهام فيتعذر بعد ذلك محوها من أذهانهم! 4 - تاريخ حيفا تأليف جميل البحري صاحب المكتبة الوطنية ومجلة الزهرة في حيفا هو كتاب في تاريخ هذه المدينة الحديثة عدد صفحاته 52 وهو حسن التبويب إذا تصفحه القارئ وقف حالا على محتوياته: إلا انه يحتاج إلى إصلاح عباراته في بعض صفحاته، فقوله في المقدمة: (ولما كان لا يوجد لها تاريخ) هو كلام طويل يصاغ صيغة أخرى أخصر منها. كقولنا: (لما لم يكن لها تاريخ) وأملنا أن المؤلف يصلح هفواته في طبعته الثانية. 5 - مختصر تاريخ بغداد القديم والحديث أو بغداد في (4000) سنة (كذا) لمؤلفه علي ظريف الأعظمي طبع في مطبعة الفرات. بغداد ما وقع نظرنا على هذا الكتاب إلا واستبشرنا به لاعتقادنا إننا في حاجة إلى مثل هذا المصنف؛ ثم قلنا في نفسنا: لا جرم أن صفحات هذا التاريخ

تكون مستندا بيد الإفرنج ليطلعوا على حاضرتنا منذ أوغل عهدها في القدم إلى هذا العهد الفيصلي. لكن ما كان شديد عجبنا لما وقفنا على هذه الحقيقة وهي: أن تاريخ بغداد قبل العصر العباسي وقع في صفحتين: وفي هاتين الصفحتين لا تجد إلا أصل كلمة بغداد في منسلخ الأجيال! وأما بعد هذين الوجهين فإنك تقف على أحداث بغداد منذ تأسيسها على يد الخليفة العباسي إلى يومنا هذا. ووقائع الحاضرة مسرودة فيه سردا بدون رابط يربطها فالكتاب عبارة عن جدول وقائع لا غير؛ وحيثما جاءت تفاصيل طويلة؛ تراها خالية من روح النقد. ولا يسع هذه المجلة ذكر ما هناك من غرائب تلك الأقوال: إلا إننا نجتزئ بذكر شاهد على ما نقول ليكون القارئ على بينة مما يطالع ولا يركن إلى كل ما يذكره المؤلف. فقد قال مثلا في ص14: (وامتدت القصور والمعاهد العلمية على ضفتي دجلة وكثرت القصور (كذا بعد أن قال عنها أنها امتدت) الفخمة والمنتزهات (كذا) والحدائق والمصانع: وانقسمت بغداد يوم ذاك إلى أربع وعشرين محلة (كذا) لكل محلة شارع ومسجد وحمام، وكان فيها أربعة آلاف معمل للزجاج وأربعمائة طاحونة مركبة على الماء، وثلاثون ألف معمل للكوز (كذا) وخمسة جسور اثنان عند باب الشماسية. . . .) ثم قال في ص15: (فقد كان أهلها نحو المليونين نسمة. . . .) (أي في عهد الرشيد) قلنا: لم يكن في سابق العهد مدن كبار فيها مليونان. ولو فرضنا أنها وجدت فلا يمكننا أن نتصور انه كان فيها (24000) محلة وكان لكل محلة شارع ومسجد وحمام إذ يصيب كل محلة 84 نسمة. والعاقل لا يصدق ذلك. نعم: إن الأقدمين كانوا لا يتورعون من ذكر الأرقام فعند بعضهم كما عند بعض المعاصرين الخمسة والخمسون والخمسمائة وخمسة الآلاف وخمسة الملايين شيء واحد إذ المهم عندهم هو الخمسة لا ما وراءها من الأصفار. وكان لكل سبعين نسمة معمل كيزان. وهذا أيضاً من الخرافات والأقوال الخالية من كل نقد. إننا لا ننكر أن بعض المؤرخين ذكروا تلك الأرقام الهائلة

أما الآن فإننا في عصر التمحيص والتمخيض لا نرضى بهذه الرطازات التي يأباها كل ذي عقل سليم. أما أغلاط الطبع فقد لا تخلو الصفحة الواحدة عن اقل من ستة أو سبعة فقد جاء في ص9: (وبعد أن تم بناؤها مد إليها قناتين أحدهما. . . والأخر. . . فكانا يدخلان المدينة وينفدان في القصور والشوارع والأسواق والارباض (المروج والساحات المنظمة) ويجريان صيفا وشتاء. أهـ ففي هذه العبارة وحدها سبعة أغلاط من الأغلاط التي سميناها خطأ الطبع والصواب: وبعد أن. . إحداهما. . والأخرة (أو الأخرى) فكانتا تدخلان وتنفذان في القصور. . . أما الآن الارباض هي على ما فسرها: المروج والساحات المنظمة: فلا نراه مصيبا. نعم للربض معان كثيرة مختلفة لكن إذا نطقوا بها في كلامهم عن المدن فمعناها ما حول المدينة (اللسان في ربض) وقيل هو الفضاء حول المدينة من بيوت ومساكن وحريم المسجد إلى غيرها من المعاني؛ بيد إننا لم نجدها بالمعنى الذي ذكره المؤلف. فإننا نخشى أن يعلمنا لغة أو معاني تمنعنا عن فهم كلام السلف. فعسى أن تكون الطبعة الثانية خيرا من هذه الأولى. على إننا لا ننكر أن في الكتاب محاسن ومن الجملة ما دونه في الأعوام الأخيرة فان أغلب تلك الوقائع غير مدونة في كتاب معروف. ولهذا فإنه احسن في ذكرها وفي تنسيقها: وأن كنا نود أن يكون ذلك النظام على وجه يأخذ الحوادث بعضها برقاب بعض حتى لا يتبدد نظامها فتذهب ضياعا على ما فعل. والله الميسر. تنبيه للمؤلفين الذين اهدونا كتبهم. منذ أن احتجبت مجلتنا إلى هذا العهد: وصلنا اكثر من خمسمائة كتاب أو رسالة أو مقالة؛ والجميع يريدون أن ننقدها بخلاف أهل العراق؛ فانهم يريدون أن نقرظ ما صنفوه. وسوف نأتي على ذكر كل من هذه الهدايا ونعطي لكل ذي حق حقه. فنطلب إليهم التريث؛ إذ لا بد من مطالعتها قبل التكلم عنها وكل آت قريب.

باب الانتقاد

باب الانتقاد 6 - كتاب إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب المعروف بمعجم الأدباء أو طبقات الأدباء لياقوت الرومي وقد اعتنى بنسخه وتصحيحه د. س. مرجليوث الجزء الأول. الطبعة الثانية مطبعة هندية بالموسكي بمصر سنة 1923 ما من أحد يجهل منزلة ياقوت الرومي من اللغة العربية، فلقد خدمها بعدة تآليف جليلة وأعظمها نفعا معجم البلدان ومعجم الأدباء. ولقد عني الإفرنج بطبع الأول منذ سنة 1866 في ستة أجزاء صخمة، ثم طبعه أحد المصريين فشوه محاسنه وأزال رونقه. لأنه اتخذه سلعة تجارة. لا أداة علم ونفع وخدمة للعرب. واليوم أمامنا الجزء الأول من معجم الأدباء لياقوت المذكور وقد أعيد طبعه ثانية بعد نفاد طبعته الأولى وقد عني بتصحيحه صديقنا الكريم د. س. مرجليوث الذي يعرفه جميع العراقيين. وقد استحسنا هذه الطبعة لما بذل لها من العناية. إلا أننا نستأذن الخل الوفي في إبداء رأينا في بعض الألفاظ التي نظنها من خطأ الطبع ونحن نذكر بعضها: ص6 س9 ودلنا عنايتهم ولعلها ودلتنا عنايتهم ص22 س18 قال كنت عند ابن هبيرة الأكبر، قال فجرى. ولعل الصواب حذف قال التي قبل فجرى ص28 س8 ولا ابد نفعا. ولعل الصواب ولا ابدي نفعا.

ص31 س14 تغلي علينا الأسعار أني وما، ولعل الصواب إهمال نقطتي أنى ص35 س10 يجعله كتابا واحدا وهي ما اختلفوا فيه، ولعل الصواب وهو ص48 س7 فكان ذلك سبب غنائي، والمعنى يتطلب غناي بلا همز ص50 س14 ونسجه إبليس، ولعل الصواب ونخسه إبليس ص89 س13 كان يتخبر لابن الفرات، ولعلها يتحيز. ص92 س6 وقيل إن الناس سلموا عليه بالقبا، وفي الحاشية؛ عوضا عن القضاء. قلنا: لا غبار على المتن لأن أهل القضاء كانوا يلبسون القباء ص96 س15 واختص بالدهخداه أبي سعيد وفي ص106 س14 أبي سعد ص110 س1 قتلت المراد واحمدت المراد، ولعل الصواب في الثاني: المزاد بالزاي ص116 س7 مالك في الحرى تقود الجملا، ولعل الصواب ما لك في الخزي ص117 س5 إذا الأهل أهل والبلاد بلاد، ولعل الصواب إذ الأهل ص127 س4 كتاب الرد على لفذة، والمشهور لغدة بالمهملة. راجع القاموس والتاج في مادة ل غ د بالمهملة ص129 س6 وعلى عزيمة إلا اكتب إلا ما اشتيته. لعلها اشتهيه ص133 س9 جلست في منزلي غضبانا مسكرا. لعلها غضبان مفكرا أو غضبا مفكرا. ص148 س14 فلا انساب بينكم يومئذ. والذي احفظه أن الآية هي: فلا انساب بينهم يومئذ. ص150 س17 ثم قال يا أبا بكر، والمطلوب هناك يا أبا زيد ص151 س5 ثم قال: بقي شيء لم أصلحه، وأظن إعادة همزة الاستفهام هنا احسن أي أبقي ص151 س7 س فقد جاء نوبة غيركم، ولعل الاصوب جاءت نوبة ص158 س19 ونحبت قلوبهم ولعل الصواب ونخبت قلوبهم

ص168 س13 في الزلزلة كانت بحماة، ولعل الصواب في الزلزلة التي كانت بحماة ص171 س11 سيرت ذكرا، ولعل الصواب ذكرك ص172 س17 يلعب بالشطرنج والزند، ولعل الصواب والنرد ص173 س19 ثم أعاد على اللفظة بعينه، ولعل الصواب ثم أعاد علي (بضمير المتكلم). ص174 س6 لغيري زكوة من جمال وأن تكن، ولعل الصواب لغيري زكاة. . . فأن ص176 س11 وعما اجبتيه فقالت، ولعل الصواب حذف الياء من اجبتيه ص176 س14 فيا دارها بالحزن، ولعل الصواب بالخيف ص196 س15 وبوجوده وجوده. وبقوة في الحيوان حساسة ما استولى على الانتفاع بالنبات ولعل حذف (ما) احسن هنا وأوفى للمعنى. ص198 س5 مما عاياه ولعلها مما عاناه ص203 س4 وطلبته حجة على الضعفاء، ولعل الصواب وطلبه حجة ص204 س15 وأنه يحسبها ساكتة في بعض السوام، ولعل الصواب ساكنة ص209 س16 غثا وثمينا، ولعل الصواب وسمينا بالسين ص215 س12 وطاب إيراده، والمشهور وطاب ابراده وكذلك في ص216 س9 ص217 س2 ومجلس ليس لعمر به، ولعل الصواب لغمر به بالغين المعجمة ص232 س3 بخير على أن النوى مطمئنة، بليلي وأن العين باد معينها، ولعل الصواب حذف النقطتين من الياء الثانية من بليلي ص236 س2 ولم ادر من ألقى عليه رداءه، ولعل الصواب علي (للمتكلم) ص244 س17 اعز له، ولعل الصواب أغر ص244 س19 وكان السبب في الإخراج عما اخذ منه، ولعل الصواب الإفراج ص251 س9 فمال (عليه) أصحابنا، وفي الحاشية لعله (عنه). ونحن لا نرى رأي حضرته

ص263 س10 أما والله لو آمنت ودك، ولعل الصواب حذف المد وجعل الفعل من الباب الأول ص265 س18 ولما نات، ولعل الأحسن فلما نأت ص276 س2 دساترهم، لعلها دساتيرهم جمع دستور ص276 س14 برطازة وهي مضبوطة بضم الرآء والمشهور بفتحها ص285 س11 ينحلانها نحلا فيخرجانها حرفا حرفا، ولعل الصواب ينخلانها نخلا بالخاء المعجمة من فوق ص289 س2 للشمس ما سترت عنا معاجرها، ولعل المعنى يطلب أن يكون هنا للشم بدلا من الشمس. ص289 س11 إذا ما رعاها نصت الجيد نحوه، ولعل الصواب نضت بالضاد المشددة ص291 س18 فلا يبعدنك الله مينا بفقره، ولعل الصواب ميتا بقفره ص302 س1 وتفرقت بعادتهما. لعلها بعادتها. وفيها س7 فهو ولهم وبهذا يستوجب كل لغة أن يسمى ابنه، ولعل الصواب: فهو وليهم (بالياء المشددة) وبهذا يستوجب في كل لغة ص311 س3 كفى بالهوى بلوى وبالحب محنة؛ وبالهم تعذيبا وبالعزل مغرما ولعل الصواب؛ وبالعذل مغرما (أي بالذال المعجمة ص311 س19 يروي النحاة أبيات ابن دريد في هجو نفطويه النحوي هكذا: لو أوحي النحو إلى نفطويه ... ما كان هذا النحو يعزى إليه وشاعر يدعى بنصف اسمه ... مستأهل للصفع في اخدعيه احرقه الله بنصف اسمه ... وجعل الباقي صراخا عليه أهـ ص312 س11 أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم ... وليس لي أمر آخر منهم وطر. ولعل الصواب: وليس لي في أمر آخر منهم وطر. ص314 س1 مان علي الحقيقة ولعل الصواب مات على الحقيقة ص314 س15 معاذ الله أن نلقي غضابا؛ سوى ذاك المطاع على المطيع. ولا معنى لذاك هنا. ولعل الصواب سوى دل المطاع

ص317 س1 وهذا كلام على طلاوة. لعله عليه طلاوة ص318 س19 له معرفة حسنة بالنحو واللغة والأدب وحظ من الشعر جيد من مثله؛ وفي الحاشية: ولعله ندر مثله. ونحن نرى أن لا غبار على المتن فهو أوضح من الشمس في رائعة النهار ص322 س8 وقد نثر على المنتصر؛ وفي الحاشية: لعله المحضر ونحن لا نرى رأيه لأن المنتصر هنا هو ابن المتوكل الخليفة العباسي. وقد كان ذلك النثار على المنتصر لا على المحضر ص338 س12 أشلاء مني منهوكة وعظاما مبرية، ولعل الصواب وعظاما جمع عظم ص341 س6 وأن اظهروا برد الودود وطله؛ ولعل الأصلح هنا بر الوداد وظله ص342 س2 واظهر بعضهم التعالل (بفك الإدغام)؛ والصواب: التعال (بالإدغام) ص343 س3 هنا كتاب حسن. ولعل الموطن يطلب أن يكون هذا كتاب ص344 س19 اعطتيني ولعل الصواب أعطيتني ص348 س4 سرت له البرقع من وجهها لعل الصواب: سلت باللام ص349 س1 عليها الليالي لعل الصواب: عليه الليالي ص364 س7 وممن حال بلدان العراق. والصواب جال بجيم ص365 س14 فاستدعا والأحسن فاستدعى ص368 س2 فقال ابن حمدون: الطلاق لي لازم أن كان قال هذا؛ ولعل الصواب: الطلاق له لازم ص371 س16 بمن ابلغ الغيات، ولعل الصواب الغايات ص376 س11 حسن التصنف لعلها التصنيف ص387 س2 فقلت لا تعجبني مني ومن زمن؛ انخى عليَّ بتضييق وتقتير. ولعلها أنحى

ص388 س17 ومسمه لم يخنها الصواب؛ وزامرة أيما زامرة. ولعلها ومسمعة أي مغنية ص389 س10 وقائل قال لي من أنت قلت له؛ مقال ذي حكمة وأنت له الحكم ولعل الصواب: أنت له الحكم بدون عطف ليستقيم الوزن ص390 س10 فيلقي من يعاشر منه جهدا. ولعل الصواب حذف النقطتين من ياء يلقى الأخيرة ص395 س12 فقال: أفت لبنات وردان ما يأكلون فقد رحمتهم من الجوع. ولعل الصواب ما تأكل فقد رحمتها ص398 س7 فقدم الطعام فما كان في فضل أشمه. هو صحيح. والحاشية: لعله اشتهاء في غير محلها ص399 س8 لكيما اربح عليك الكثير ولعل الصواب الكسر لأن الكلام على ما يكسر في كل دينار من الدراهم ص401 س13 فلما رأى أبو جعفر ولعل الصواب فلما رآني أبو جعفر ليستقيم المعنى ص408 س11 خصب قبل موته لسنة خضابا ولعل الصواب خضب (بالضاد المعجمة) قبل موته بسنة (بالباء) خضابا ص413 س1 قرآ ولعل الصواب قرأا لأنه للمثنى ص419 س1 فقلنا له: ما بطأ بك. ولعل الصواب ما أبطأ بك ص419 س4 صبيحة الوجه، وضيعة المنظر، حسانة الخلق، ولعل الصواب وضيئة المنظر ص421 س5 هم في الحشا أن اعرفوا أو أشأموا، أو ايمنوا أو انجدوا أو اتهموا. ولعل الصواب أو اعرقوا بالقاف أي اتوا العراق ص423 س2 ثم ذكرت ما كان بينه وبين والدي رحمه الله من المحبة المشتبكة اشتباك الرحم الجارية في عروقها، ولعل الصواب في عروقهما لأن الكلام عن عروق رجلين ص444 عريب المغينة صوابها المغنية

هذا ما بدا لنا في مطالعة هذه الطبعة مطالعة عجلان. ويزينها فهرسان الأول للأعلام الواردة في الجزء الأول والثاني لأسماء الكتب الواردة فيه، وهذا ما يعلي كعب هذا السفر الجليل. ويا ليت يجاريه طابعو الكتب القديمة وناشروها فإن ما يطبع منها في الديار المصرية بعناية حكومتها أو علمائها كصبح الأعشى خال من الفهارس والملاحظات وفتح المغلق من الألفاظ الواردة فيه، ولاسيما جاء في صبح الأعشى ألفاظ غير موجودة في معاجمنا وهي جديرة بالحفظ وقد ورد ذكرها في تضاعيف مجلدات ذاك السفر الجليل، الذي شحنه ناشره أغلاطا تخجل الجهلة فضلا عن الأدباء. ولهذا نقدر كل التقدير ما ينشره المستشرقون لأن ما يعنون به من كتب السلف أوفى بالمراد مما ينشره أبناء اللغة العربية وحملة ألويتها فللأستاذ مرجليوث أعظم الشكر على ما قلدنا من قلائد الفضل والإحسان وعسى أن تصلح الطبعة الثانية مما ظنناه خطأ وهو الموفق. 7 - كتاب يفعول تأليف الحسن بن محمد بن الحسن الصغاني عني بنشره وتصحيحه والتعليق عليه خادم العلم حسن حسني عبد الوهاب - بمطبعة الآداب بتونس للسيد حسن حسني عبد الوهاب، مدرس التاريخ الإسلامي بالخلدونية وبالمدرسة العليا للآداب والفقه العربية بتونس فضل على اللغة العربية لأنه يعنى ببث علم الأقدمين الصحيح بين ظهرانينا، ومن جملة ما اهتم بنشره هذا الكتاب الصغير فأن صاحبه الصاغاني اللغوي الشهير جمع ما ورد في العربية على يفعول من الألفاظ فكانت 42 فشرحها ثم علق عليها صديقنا حسن حسني تعاليق جليلة فزادت الفائدة ولم يكشف بذلك بل أضاف إليها أربع عشرة كلمة أتى بها من وقوفه على اللغة وأسرارها وفرائدها فبلغت 56 ومع ذلك فقد فات الصاغاني وعبد الوهاب مفردات وردت في أسماء بلادهم ورجالهم ولغتهم منها:

1 - ياروق؛ اسم رجل من أمراء التركمان وإليه تنسب المحلة الياروقية في حلب 2 - اليارور، وهو اسم موضع في بلاد العرب ذكره ابن الأثير في كامله 3 - ياغوز، اسم موضع في بلاد إيران جاء ذكره في التاريخ. 4 - الياقوت؛ وهو حجر كريم مشهور ومن العجب أن يغفل عنه الصاغاني وصديقنا. 5 - يامون؛ اسم موضع ذكره الهمداني في صفة جزيرة العرب 6 - اليخضود؛ كل ما قطع من عود رطب أو تكسر من شجر. 7 - اليرقود، الذي يرقد كثير. 8 - اليعموم؛ الطويل من النبت. ويعموم اسم موضع في ديار العرب ذكره الهمداني. 9 - يعمون اسم موضع في اليمن. 10 - اليهكوك الأحمق وفيه بقية. فبلغ المجموع ستا وستين لفظة وردت على هذا الوزن. ومما يؤخذ على الناشر انه ذكر اليبرون وقال هو الكهرباء في اصطلاح الحجازيين. ولعله دخيل من اليونانية (راجع كتاب المصابيح السنية في طب البرية لشهاب الدين القليوبي - خط) قلنا: إن كان خطأ يصعب علينا مطالعته على أن أصل اللفظة يوناني وهو (انبرون) فحذفت الهمزة ولم تنقط الكلمة فقرئت يبرون. واليونانيون أخذوها عن العربية عنبر ثم زادوا في أخرها علامة الإعراب ولم يكن عندهم العين فصارت انبرون. فانظر كيف تعود إلينا ألفاظنا مشوهة. وقال عن اليخمور (ص35): نوع من الذباب يعرض للخيل بلعسه (كذا أي بلسعه) عن كك اللغتين العربية والفرنسية تأليف كزيمرسكي طبع مصر 1875 ج4 ص980) ولا ادري مصدره. قلنا: إن كتاب قزميرسكي هو ترجمة كتاب فريتغ المكتوب في اللاتينية واغلب ما جاء من غريب الألفاظ في فريتغ منقول عن غوليوس وهذا عن

كتاب مرآة اللغة وهو معجم عربي تركي حوى ثلاثين ألف كلمة والذي ذكر فيه أن اليخمور ذباب الخيل ولم يزد على هذا القدر. وقال في تلك الصفحة: يعبور اسم موضع لم يرد في المعاجم الجغرافية وذكره الجاحظ في قول مومان: قد كنت صعدت عن يعبور مغتربا ... حتى لقيت بها حلف الندى حكما (راجع كتاب الحيوان ج7 ص53) أهـ قلنا: الذي في حفظنا أن هذا البيت يروي: (قد كنت صعدت عن بغشور مغترما. . . لا يعبور. وكتاب الجاحظ المطبوع في مصر مشوه أشنع تشويه ولا يعتمد على تلك النسخة فقد لا تخلو صفحة من تصحيف أو تصحيفين وإذا سلمت صفحة من هذا العيب وجدت في التالية لها ما فاتك في الأولى. وقال في ص36: يمرور نبات من نوع القنطوريون. . . عن كزيمرسكي ج4 ص994 ولم يذكر مستنده ولم نقف عليه في غيره. أهـ. وقد وجدناه في فريتغ الذي نقل عنه كتابه. وفريتغ وجدها في فورسكال في كتابه عن الزهر. وفي تلك الصفحة ذكر الينتون ووصفه وذكر أيضاً النيتون ثم قال: ولعل هذا النبات (أي الينتون) هو الوارد في المعاجم اللغوية باسم النيتون ولا يخفى ما في اللفظين من المشابهة القوية أهـ. قلنا: وليس الأمر كذلك فان الينتون هو المسمى ثافسيا كما قال بخلاف النيتون فأنه خبيث الرائحة ويعرف عند النباتيين باسم: وقد ورد في هذا الكتاب من خطأ الطبع شيء كثير من ذلك ما يأتي: ص3 س9 يقرأ عيله صوابه عليه ص4 س5 كتبا كثرة صوابه كثيرة ص6 س14 الحديت صوابه الحديث ص11 س2 العيسوب صوابه اليعسوب ص11 س6 ليكون اوضاحا صوابه وضاحا ص12 س4 أبو وجزة السعيدي صوابه السعدي وفي ص13 س11 قال الدينوري: اليبروح أصل الفو وهو اللفاح البري أهـ قلنا: وفي الكلمات تصحيف والصواب: اليبروح أصل الموريون وهو اللفاح البري. وأما الفو فهو المعروف بالفالريانة ولا صلة له بالسابق. وهناك غير هذه الأغلاط والأوهام إلا أننا اجتزأنا بما ذكرنا.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة مذهب السلف لا مذهب سلفه سألنا أحد البيروتيين ما هو المذهب السلفي الذي كتب عنه المسيو لويس ماسنيون المستشرق الفرنسي في بعض مصنفاته: إن معظم أهل الشام منتمون إليه. أفليس هو مذهب صدر الدين أبي طاهر احمد بن محمد سلفه الاصفهاني المتوفى في الإسكندرية في 5 ربيع الأخر سنة 576 وأصله من اصفهان؟ ج - ليس لهذا الرجل مذهب خاص به ينسب إليه. ومراد العلامة لويس ماسنيون بمذهب السلف أو المذهب السلفي مذهب أصحاب الحديث أو أصحاب الأثر الذي سماه المتأخرون مذهب السلفيين أو الأثريين. وهو مذهب كثير من أهل الشام ونجد وبعض أهل العراق النجديي الأصل. فقد قال عن هذا المذهب أبو حاتم الرازي في كتابه (الزينة) ما هذا حرفه: (أصحاب الحديث: سموا بذلك لأنهم أنكروا الرأي والقياس. وقالوا: علينا أن نتبع ما روي لنا عن رسول الله (ص) وعن الصحابة والتابعين، وما جاء عنهم من الحديث في الفقه والحلال والحرام، ولا يجوز لنا أن نقيس بآرائنا فقيل لهم أصحاب الحديث وأصحاب الأثر. وهم مجتمعون على أن الإيمان قول وعمل؛ والقرآن غير مخلوق. وكفروا من قال بخلق القرآن. أهـ كلام الرازي. وأما كلمتا: السلفيين والأثريين فهما قياسا على النسب إلى مذهب السلف أو أصحاب الأثر فمن هذا يرى أن قول المسيو لويس ماسنيون هو الصواب عينه ومن تجرأ فخطأه ركب متن الضلال. أيقال المجمع العلمي بمعنى الاكادمية وسألنا ج. م. من الحلة: أيقال المجمع العلمي بمعنى الأكادمية؟

قلنا: يجوز من باب التوسع في المعنى ولا يجوز من باب التحقيق؛ لأن النعت يصف الاسم (أو أن شئت فقل يصبغ الاسم صبغة) بخلاف الإضافة فإن المضاف إليه يتخصص بالمضاف. فإن قلت مثلا: كتاب الملك فإنك تريد كتابا خاصا بالملك لا يشركه فيه أحد: أما إذا قلت (كتاب ملكي) فقد وصفته بشيء يتعلق بالملك. مثلا أن يكون من نسخة أو من تعليق له عليه، أو من تصحيفه الجليل أو بوصف من الأوصاف لا تكون إلاَّ في الملوك. فإذا علمت هذا عرفت أن قولهم مجمع علمي لا يؤدي معنى الاكادمية فهذه هي (مجمع علماء) لا غير وأن شئت لفظة واحدة فقل: (المشيخة) وهي جمع شيخ لأنه لا يكون في ذلك المجمع إلاَّ شيوخ العلم وأساتذته ومشاهيره وهذا المراد من قولهم: الاكادمية. ولهذا قالوا مشيخة الإسلام لأنها عبارة عن جماعة امتازوا بعلمهم وفقههم والتضلع من الشرائع الإسلامية. فهي إذا حقيقة جماعة من شيوخ الدين الإسلامي. حرف العطف في الأخر وسألنا أ. هـ. من البصرة: هل ورد في شعر العرب معطوفات متوالية بلا حرف عطف. ثم وضع عطف واحد قبل المعطوف الأخير كما يقول الإفرنج مثلا: ومعنى العبارة: يوسف، يحيى، بولس وبطرس قدموا. أو: قدم يوسف، يحيى، بولس وبطرس: لأننا رأينا كثيرين من المتفرنجين يصيغون عباراتهم على مثال الإفرنج. لم يخترع أبناء الغرب هذا النمط من التعبير فإن أبناء العرب سبقوهم إليه حتى في شعرهم. قال الراجز (راجع كتاب البيان للجاحظ 62: 1) إذا غدت سعد على شبيبها ... على فتاها، وعلى خطيبها من مطلع الشمس إلى مغيبها ... عجبت من كثرتها وطيبها فأنت تراه قال. على شبيبها؛ على فتاها، وعلى خطيبها، جاعلا أداة العطف في الأخر على حد ما يفعله الإفرنج في عهدنا هذا.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الوفد المالي العراقي إلى لندن سافر يوم 28 حزيران 1926 صبيح بك نشأت وزير المالية في حكومة العراق والمستر فرنن مستشار وزارة المالية قاصدين لندن للبحث عن شؤون مالية مع حكومتها التي منها تسوية الاتفاقية المالية المعقودة بين الدولتين وإيجاد نقود عراقية وفتح مصرف زراعي عراقي. 2 - رحلة جلالة ملك العراق سافر صاحب الجلالة ملك العراق فيصل الأول يوم 30 حزيران قاصدا حمامات فيشي للاستشفاء فيها ثم يقصد لندن للاستراحة ورافق جلالته رستم بك حيدر رئيس الديوان الملكي وكتوم جلالة الملك الخاص. وصل في 3 تموز الركاب الملكي إلى عمان عاصمة شرقي الأردن (الشرق العربي) وقد أبحر من (بورت سعيد) يوم 5 تموز فبلغ فيشي في 11 منه. 3 - رافد العراق أي نائب الملك فيه أقيم صاحب الجلالة الملك علي صاحب الحجاز السابق وضيف

العراق اليوم رافدا أي نائبا عن جلالة الملك فيصل الأول صاحب العراق في أثناء تغيبه في أوربة مستشفيا، وقد أدى الرافد يمين الإخلاص في البلاط الملكي بحضور الوزراء ورئيسي الأعيان والنواب لعطلة مجلس الأمة في هذه المدة. 4 - المعاهدة العراقية التركية البريطانية صدق جلالة الملك جورج الخامس ملك بريطانية وانبراطور الهند المعاهدة العراقية التركية البريطانية. 5 - بين عنزة والضفير كتبت الأوقات العراقية (البصرية) انه قبيل عيد الأضحى أغارت قوة كبيرة من عنزة على الضفير القاطنين في الرميلة التي تبعد عن البصرة مسافة 40 ميلا وجرت بين القبيلين معركة دموية قتل في خلالها كثير من الرجال وهلك معهم كثير من الخيل والجمال. وقد اتضح أخيرا أن الحرب كانت سجالا بين الفريقين. وبلغنا أن الكبتن كلوب ضابط الاستخبارات (عون في الفثا) في لواء المنتفق المعروف الآن عند عشائر العراق ونجد كلها أخذ يسعى الآن لدى ولاة الأمور لإعادة النظر في الآمر المذكور ولضرورة منع الغارات والغزوات في الأراضي العراقية وبين عشائرها.

6 - إسالة الماء إلى الزبير عني عبد اللطيف باشا المنديل بجر الماء من شط العرب إلى بلدة الزبير. 7 - العفو العام عن المجرمين السياسيين في العراق صدرت إرادة ملكية بتاريخ 29 حزيران 1926 بالعفو العام عن المجرمين السياسيين وذلك حسب الاتفاق الوارد في المعاهدة الثلاثية الأخيرة. 8 - فخامة السر عبد المحسن بك السعدون أنعم صاحب الجلالة جورج الخامس ملك بريطانية وانبراطور الهند بوسام عال مع لقب (سر) على فخامة عبد المحسن بك السعدون رئيس وزراء حكومة العراق ووزير خارجيتها. 9 - وفاة عبد الوهاب النائب توفي يوم 8 تموز عبد الوهاب النائب من كبار علماء الدين المعروفين في العراق ودفن مساء ذلك اليوم بموكب حافل. 10 - وفاة المس كرترودلثيان بل توفيت في بغداد يوم 12 تموز العالمة المستشرقة والسياسية الشهيرة المس كرترودلثيان بل الكتوم الشرقية لدار الاعتماد البريطاني في بغداد ومديرة دار الآثار العراقية الفخرية. ودفنت بحفلة رائقة مساء ذلك اليوم في المقبرة البريطانية في الباب الشرقي.

11 - وفد الجزيرة تألف في مصر وفد مختلط من سوريين ومصريين وقرر السفر إلى صنعاء اليمن لمقابلة الإمام يحيى حميد الدين سلطان اليمن للاتفاق بينه وبين السلطان ابن السعود صاحب نجد والمستولي على الحجاز الآن. ومن أعضائه نبيه بك العظمة والأستاذ أحمد زكي باشا كتوم مجلس النظار سابقا. 12 - المهاجرون الاثوريون في العراق نشرت جريدة (البغداد تايمس) في قسمها الإنكليزي يوم 13 تموز ملخص التقرير الذي تلقاه في لندن الكتوم العام للجنة الاثوريين المهاجرين في العراق التي يرأسها رئيس أساقفة كنتربري من ممثلها في العراق ومما جاء فيه: تحسنت صحة المهاجرين وسد رمقهم ويستطيع السواد الأعظم منهم الآن اكتساب رزقهم بعرق جبينهم. وقد نال أحد عشر ألف مهاجر من النساطرة في العراق أراضي يأوون إليها فيكونون فيها عمالا ومزارعين في قرى يستملكونها لبضعة أعوام. ويقوم قسم منهم بالخدمات المنزلية. ومجموع ما لجأ منهم إلى الحدود العراقية في العام الماضي ثمانية آلاف نسمة وقد تسجل آلفان منهم للخدمة في جيش المرتزقة (الليفي) آخذين معهم أسرهم في المعسكرات والثكنات المخصصة بجنود المرتزقة

واحترف عدد منهم الصنائع من حياكة ونحوها. ويسكن الآن من الآثوريين الكلدان ثلاثة آلاف في مخيمات المهاجرين الواقعة في زاخو وبرسيفي. وفي مدينة الموصل نفسها ألف منهم. ويقيم في العمادية نحو 6 آلاف وقسم كبير في قضاء (دشت حرير). 13 - لجنة الحدود الدائمة في العراق أنشئت لجنة تسمى لجنة الحدود الدائمة طبقا لنصوص المعاهدة الثلاثية، وقد عينت حكومة العراق العقيد (الكولونل) مصطفى بك كامل مندوبا عنها في اللجنة وعينت الحكومة البريطانية الكولونل (العقيد) نولدر مندوبا عنها فيها. 14 - سفير الحجاز ونجد في باريس عين نقولا بك سرسق الموجود في باريس سفيرا لمملكة الحجاز وسلطنة نجد لدى الحكومة الفرنسية وعين الدكتور أميل عرب كتوما لهذه السفارة. 15 - الطيار بوكهام وصل بغداد الطيار الإنكليزي الشهير المستر بوكهام الذي يقوم برحلة جوية في 4 تموز، وقد أصيب رفيقه الميكانيكي المستر ايليوت برصاصة في أثناء طيرانهما فوق (هور الحمار). ثم نقل إلى المستشفى في البصرة وتوفي فيها، وقد سافر هذا الطيار من

البصرة فوصل اباشهر في 13 تموز وقال في برقية؛ (أني أطير على الخليج الفارسي متوجها إلى بندر عباس التي هي أحر منطقة في العالم وفي هذا السفر أكبر خبرة للمحركات المجهزة بآلة مبردة للهواء). 16 - عدد الحجاج في هذا العام ذكرت جريدة (الأردن) أن عدد الحجاج الذين وصلوا الحجاز عن طريق جدة بلغ 676، 55 حتى مساء 6 تموز 1926 ويقدرون حجاج هذا العام بمائة وثلاثين ألفا. 17 - حادثة دموية بين أسرتين موصليتين جرت يوم 15 تموز في الموصل حادثة نزاع بين أسرتي توحلة وقاسم الحميدي قتل فيها رجلان وجرح آخر مع امرأة. 18 - نائب القنصل الإيراني العام قدم بغداد الميرزا حسن دلباك النائب الأول لقنصل إيران العام (الجنرال) في بغداد وتسلم مهام وظيفته. 19 - خسائر الجراد علم من مصدر رسمي أن خسائر الزراع في كارثة الجراد في مناطق الرمادي والكاظمية واليوسفية بلغت نحو خمسمائة ألف ربية أما انتشاره فكان كثيرا في الموصل وكركوك وكفري وغيرها.

20 - الحر في بغداد بلغت درجة الحرارة بين منتهى حزيران ومبتدأ تموز 102 فارنهيت أو 39 مئوية. 21 - مدرسة البنات المركزية في بغداد ودار المعلمات أقامت في بغداد إدارة المدرسة المركزية ودار المعلمات للحكومة حفلتها السنوية يوم 3 تموز وقد نبغ من دار المعلمات 17 معلمة. 22 - قائد الطيران البريطاني في العراق عين ردف مشير الطيران (الاير فيس مارشال) السر جون هيكنس القائد العام للقوة الجوية في العراق عضوا في مجلس التموين والمباحث في وزارة الطيران البريطانية في لندن، وعين خلفا له في العراق ردف مشير الطيران السرادوارد ايلنكدون. 23 - لإعانة المصابين بالغرق بلغت إعانة العراقيين وغيرهم للمنكوبين بالغرق 039، 26 ربية و15 آنة وذلك إلى 25 تموز والليرة الإنكليزية تساوي يومئذ 13 ربية و42 جزءا من المائة. 24 - التجارة بين العراق وإيران بلغ عدد السيارات التي سافرت من العراق إلى إيران في شهر حزيران 122 وجاء إلى العراق 117 والسيارات القادمة إلى العراق 147 والذاهبة إليها 138.

25 - متمر مكة وأعماله افتتح مؤتمر مكة بخطاب عظمة السلطان ابن السعود الذي فرض على أعضائه اجتناب المناقشة في الشؤون السياسية الدولية وتناقش أعضاؤه في ما يجب اتخاذه للحالة الصحية في الحجاز، وبحثوا في السكة الحديدية الحجازية. وقرروا مطالبة الحكومة الحجازية باسترداد معان والعقبة إلى الحجاز وكانتا قد ألحقتا بشرقي الأردن. وانتخبوا الأمير شكيب ارسلان الكاتب الشهير كتوما عاما للمؤتمر، وقرروا انتخاب 6 أعضاء من الفنيين في الأقطار الإسلامية ليكونوا أعضاء في اللجنة التنفيذية وانفض المؤتمر يوم 5 تموز. 26 - هدية الحكومة البريطانية إلى الجيش العراقي تسلمت وزارة الدفاع العراقية يوم 14 تموز خمسة مدافع من العيار الثقيل المعروف بالهاون (أوبوس) وخمسة مدافع من مدافع الصحراء و20 مدفعا جبليا وهي هدية من الحكومة البريطانية إلى الجيش العراقي. 27 - ماء دجلة في حزيران كانت النهايتان القصويان العظمى والصغرى من ارتفاع الماء في دجلة في غضون الشهر 32. 88 و 31. 37 يقابل ذلك في مثل هذا

الشهر من السنة الماضية 49، 30 و46، 29 مترا. وكان معدل جريان الماء في اليوم 000، 62 قدم مكعبة في الثانية أي بنقصان 600 قدم مكعبة في الثانية عن مثلها في السنة المنصرمة. 28 - ماء الفرات كانت حالة الماء في الفرات هادئة في أثناء الشهر. والنهايتان القصويان العظمى والصغرى بالنظر إلى المقياس المقام في الرمادي 18، 49 و20، 48 مترا في اليومين الأول والأخير من الشهر حيث كانت النهايتان في هذا الشهر من السنة الفائتة تنقصان 64، 0 و10، 1 متر. 29 - ماء ديالى كانت النهايتان القصويان العظمى والصغرى من ارتفاع الماء في النهر في أول الشهر وآخره 90، 65 و68، 65 مترا أي بزيادة أربعين سنتيمترا عن مثلها في مثل هذا الشهر من السنة المنقضية. وكان معدل جريان الماء في النهر في اليوم الأخير من الشهر 3. 72 قدما مكعبة في الثانية يقابلها 1337 قدما مكعبة في مثل هذا الشهر من السنة الفائتة. 30 - ماء اليوسفية كان الماء يجري في اليوسفية بمعدل 500 قدم مكعبة في الثانية

منذ 6 حزيران 1926. أما ماء الصقلاوية فكان جاريا فيها طول الشهر. وكانت المزروعات تأخذ حصتها من ماء الترعة، ثم انقطع الأخذ منه لهجوم الجراد على تلك المزروعات الصيفية وأهلاكها لها في منطقة المجر. 31 - ترع ديالى في النصف الأول من حزيران كان يؤخذ الماء من نهري ديالى والخالص بقدر عظيم. ولما تناقص الماء في الأسبوعين الأخيرين من الشهر، انقص توزيع المياه فاتخذت التدابير الوقتية لأخذ المقدار الكافي من الماء وأقيمت سداد من أغصان الأشجار والعيدان في النهر وكانت الترع كلها تأخذ المقدار الكافي لها من الماء ما عدا الهارونية فان ماءها كان قليلا. أما الترع الواقعة في منطقة العمارة فكانت على احسن حال ولم ينقطع العمل فيها في مطاوي الشهر كله لتوفر الماء في دجلة. 32 - الحالة الصحية في البصرة بلغ عدد الوصفات التي وصفها أطباء البصرة في شهري أيار وحزيران 500، 10 كان ثلثاها للمصابين بالبردآء (الملاريا). وبلغ مقدار الكينة التي استعملت إلى 20 تموز ما وزنه ألف لبرة. دع عنك علب (الايزينوفيلس) التي بلغ مجموعها ألفين (عن الأوقات العراقية)

33 - حالة اليمن اليوم قال مكاتب (الأهرام) - الصحيفة المصرية الشهيرة - في عدن: عدت من رحلة إلى صنعاء وقضيت في عاصمة اليمن نحو أسبوعين وقفت في خلالهما على التطور الجديد في ذلك القطر بعد ما انجلى الترك عنه ولم تعد إدارته مقيدة بشيء من طراز الإدارة التركية بل زالت جميع الروابط التي كانت تربطه بالترك وسياستهم فأخذ يتجه اتجاها جديدا ويتحول رويدا رويدا إلى اكتساب كيان خاص مستقل. ولما كان عظمة الإمام يحيى حميد الدين هو الحاكم المستقل المطلق في اليمن فان الحركة الجديدة البادية في تطور الحالة في اليمن هي من صنعه. وقد ظلت المفاوضات دائرة بين الإمام يحيى والسر كلبرت كلايتون طول مدة وجود هذا في اليمن حول عقد المعاهدة بينه وبين الإنكليز، فأتفقا على نقط لكن الاختلاف الشديد كان على النواحي التسع التي يطالب الإمام بإعادتها إلى اليمن وهي الآن بحماية الإنكليز وهو يطلب أن يعترف الإنكليز بسيادته على عدن. فلم يسلم السر كلبرت كلايتون بهذه المطالب وعاد إلى

لندن يحمل إلى حكومته القواعد التي تم الاتفاق عليها ومطالب الإمام يحيى في المسائل المختلف فيها. والإمام يهتم بتعزيز جيشه وتدريبه على فنون الحرب الحديثة فالمعروف عن اليمني انه جندي وفي صنعاء الآن مدرسة حربية لتعليم الفنون العسكرية المختلفة وتدريب الجنود المجندون في الجيش النظامي تدريبا عصريا، وقد أسس في هذه الآونة في صنعاء معمل لصنع الخراطيش وإصلاح كثير من أنواع الأسلحة وابتاع الإمام بعض الطيارات من إيطالية، وقد أوصى بسفن مسلحة لخفر السواحل. واليوم يرتقي اليمن رقيا علميا مشهودا ففيه الآن مدارس عديدة ويزداد عددها عاما فعاما ومن جملة المدارس كلية داخلية لتعليم العلوم الدينية والآداب العربية ومدرسة ثانوية ويقبل أهالي اليمن إقبالا عظيما على التعليم وازدادت صحف مصر وكتبها رواجا بينهم. واليمن قطر زراعي يعيش أهله من الزراعة ويساعدهم على ذلك استتباب الأمن في البلاد وعدم وجود ضرائب تزيد على العشر الشرعي. أما التجارة فقد تحسنت تحسنا كبيرا في اليمن بعد ضم الحديدة إليه واتصاله بالعالم الخارجي من مينائه الطبيعي.

34 - الطاعون في بغداد وقع 52 حادث طاعون في بغداد في شهر حزيران؛ وكان عدد الإصابات في أيار 136؛ وفي نيسان 59؛ وفي آذار 32؛ وفي شباط 44؛ وفي كانون الثاني 16؛ وفي كانون الأول من سنة 1925 كان عددها 5، فيكون المجموع 344 حادثا. ولقح في حزيران 22. 377 شخصا: وفي أيار 44. 122: وفي نيسان 15. 757؛ وفي آذار 22. 368؛ وفي شباط 29. 580 وفي كانون الثاني 5. 785؛ وفي كانون الأول من السنة الماضية 1. 225 فيكون المجموع 141. 214 ملقحا وهو أعظم عدد بلغه الملقحون بالطاعون منذ 7 سنوات ونصف: إذ بلغ مجموع عددهم في تلك الأعوام المذكورة 442. 545؛ ولهذا يؤمل المعتنون بصحة الأهالي أن هذا الوباء ينقطع بتاتا بعد قليل من الزمن. 35 - نقود قديمة عباسية عثر أحدهم على مجموعة من النقود الفضية في البلدة القديمة المجاورة لناحية تكريت. والظاهر أن تلك النقود من مسكوكات (المعتصم) العباسي فأرسل بها إلى متصرف العاصمة.

العدد 37

العدد 37 - بتاريخ: 01 - 09 - 1926 بعد القطيعة أتى طيف ليلى وهو منسدل الشعر ... يواصلني بعد القطيعة والهجر لقاء له عيني بكت من سرورها ... وخف فؤادي منه يرقص في صدري دنا وهو يعطو رأسه في دنوه ... كليلى ويرنو مثلها باسم الثغر حكاها فلو لم تختبره بلمسها ... يدي قلت ليلى نفسها قد أتت تسري فعانقته من شدة الوجد باكياً ... وقبلته عشرا واكثر من عشر وكنت أبث الطيف عتبي تارة ... واعذره أخرى فيبسم للعذر وقلت على غير انتظار أتيتني ... فهل لك من نهي وهل لك من أمر فقال مجيبا جئت من عدوة الرضى ... أسليك عما حاق بالشعر من شر ولم أر بين الناقدين كثلة ... يخالون أن النقد يكبر بالهجر وأن قوام الشعر لفظ منظم ... وأن كان ذلك اللفظ خلوا من الفكر لقد كذبوا فالشعر ليس بشاعر ... إذا لم يكن معناه وحيا من الحجر

وهل يتساوى شاعران مكانة ... وذا شاعر الماضي وذا شاعر العصر أبى لا يريد الشعر من أحد حبى ... ولا أنه يطرى ولا أنه يطري وما كل شعر تنشر الصحف زيفه ... يهيج دفين الشجو في النفس أو يغري وما الشعر إلاَّ بالشعور الذي به ... ومعنى له في طي ألفاظه بكر فذلك يستهوي الآلي يسمعونه ... بما فيه من حسن وما فيه من سحر وهل كان ما يأتي من الكذب ناقد ... غرورا سوى وزر واعظم من وزر يريدون أن يقضوا على الشعر غيلة ... وأن يدفنوه بعد ذلك في قبر ولما رأيت الشعر قد عبثت به ... يد الجهل من ناس بكيت على الشعر فقلت له لا يرهب الشعر نقدهم ... فلا تعبأن بالقدح منهم وبالهذر وما الأمر لو تدري قريض ونقده ... ولكن قلى الغربان للبلبل الحر رأى الروض غضا قد تفتح زهره ... فصفق من شوق يغرد للزهر فخفت له الغربان من كل جانب ... تريد به الإيقاع من حسد مر يطير ربيط الجأش من فرع دوحة ... إلى فرع أخرى وهي من خلفه تجري ولما مضى جنح من الليل آخر ... قطعنا حديث الشعر والنقد والنثر وبتنا على وجد ضجيعين وحدنا ... فوجه إلى وجه ونحر إلى نحر وددت لو أن الطيف ظل بجانبي ... مقيما وأن الليل كان بلا فجر علي لليلي منة وكرامة ... وأن أرسلت لي طيفها وهي لا تدري وبارح طرفي الطيف في الصبح راجعا ... فلم يبق منه اليوم عندي سوى الذكر كأن الجديدين اللذين تتابعا ... جوادان سباقان في حلبة الدهر كأن الفضاء الرحب بحر وما به ... من النجم مبثوثا فقاقيع في البحر وما أنا غر يحسب الجو روضة ... على طولها تجري المجرة كالنهر وأن النجوم الزهر يلمعن حولها ... ركاما أكاليل ضفرن من الزهر جميل الزهاوي

عقوبات جاهلية العرب

عقوبات جاهلية العرب وحدود المعاصي التي يرتكبها بعضهم ليس بين علماء المسلمين في البلاد العربية اللسان. من كان مطلعا على أحوال جاهلية العرب كالأستاذ الكبير السيد محمود شكري الالوسي. وكنا طلبنا إليه في سنة 1914 أن يضع لنا مقالة في عقوبات جاهلية العرب، فكتب لمجلتنا المقالة التي تراها هنا. وهي من أحسن ما كتب في هذا الموضوع. ولما كانت مجلتنا قد اختفت مدة 12 سنة لم يكن من الممكن إدراجها في مجلة أخرى، ولا سيما لأن المؤلف آبى أن يراها في غير (لغة العرب) ولهذا نزين بها جيدها. ونفتخر بها كل الافتخار. (لغة العرب) قد حصر بعض العلماء ما قيل بوجوب الحد به في سبعة عشر شيئا: قسم متفق عليه. وقسم مختلف فيه. فمن المتفق عليه الردة والحرابة ما لم يتب قبل القدرة، والزنى، والقذف به، وشرب الخمر سواء اسكر أم لا، والسرقة. ومن المختلف فيه جحد العارية، وشرب ما يسكر كثيره من غير الخمر، والقذف يعني بالزنى، والتعريض بالقذف، واللواط ولو بمن يحل نكاحها وإتيان البهيمة، والسحاق، وتمكين المرأة القرد وغيره من الدواب من وطئها، والسحر وترك الصلاة تكاسلا، والفطر في رمضان، وهذا كله خارج عما تشرع فيه المقاتلة كما لو ترك قوم الزكاة، ونصبوا لذلك الحرب. واصل الحد ما يحجز بين الشيئين فيمنع اختلاطهما، وحد الدار ما يميزها وحد الشيء وصفه المحيط به المميز له عن غيره، وسميت عقوبة الزاني ونحوه حدا لكونها تمنعه المعاودة ولكونها مقدرة من الشارع. وتطلق الحدود ويراد بها نفس المعاصي كقوله تعالى: تلك حدود الله فلا تقربوها. وعلى فعل فيه شيء مقدر: ومنه ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه. وكأنها لما فصلت بين الحلال

والحرام سميت حدودا فمنها ما زجر عن فعله، ومنها ما زجر من الزيادة عليه والنقصان منه. والمقصود هنا بيان ما كان من العقوبات عند العرب أيام الجاهلية والمقصود من العرب عرب الحجاز ونجد وإضرابهم لا عرب جميع أنحاء الجزيرة فقد كان عرب اليمن منهم يهود ومنهم نصارى ومنهم غير ذلك وكذلك عرب الشام والعراق كانوا على نحل شتى. وعرب الحجاز ونجد وإضرابهم كانت لديهم أحكام كثيرة لم ينسخها الإسلام. كما ذكر ذلك الدهلوي في كتابه حجة الله البالغة ولأبن هشام الكلبي كتاب في ذلك سماه كتاب ما كانت الجاهلية تفعله ووافق حكم الإسلام. وهو كتاب لم اظفر به. ومن العقوبات التي كانت عندهم قطع يد السارق فقد كان ذلك معلوما عند العرب قبل الإسلام ونزل القرآن بقطع السارق فأستمر الحال فيه. وقد نقل العسقلاني في شرح البخاري أن أبن الكلبي عقد بابا لمن قطع في الجاهلية بسبب السرقة في كتاب المثالب وذكر قصة الذين سرقوا غزال الكعبة فقطعوا في عهد عبد المطلب جد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم. وذكر من قطع في السرقة عوف بن عبد بن عمرو بن مخزوم. ومقيس بن قيس بن عدي بن سعد أبن سهم وغيرهما وأن عوفا السابق لذلك. ومخزوم هذا أبن يقظة (بفتح التحتانية والقاف بعدها ظاء مشالة) بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. ومخزوم أخو كلاب بن مرة الذي نسب إليه بنو عبد مناف. أقول ذكر في شفاء الغرام أن عبد المطلب علق الغزالين في الكعبة فكان أول من علق المعاليق بالكعبة ثم أن الغزالين سرقا وابتيعا من قوم تجار قدموا مكة بخمر وغيرها فاشتروا بثمنها خمرا. وقد ذكر أن أبا لهب مع جماعته نفذت خمرهم في بعض الأيام وأقبلت قافلة من الشام معهم خمر فسرقوا الغزال واشتروا بها خمرا. وطلبها قريش وكان أشدهم طلبا لها عبد الله بن جدعان. فعلموا بهم فقطعوا بعضهم وهرب بعضهم وكان فيمن هرب أبو لهب هرب إلى أخواله من خزاعة فمنعوا عنه قريشا. ومن ثم كان يقال لأبي لهب سارق غزال الكعبة. أهـ

وفي كتاب تاريخ مكة للأزرقي بعد أن ذكر حفر عبد المطلب بئر زمزم وما وجده مدفونا فيها من السيوف والغزالين وغير ذلك قال ضرب عبد المطلب الأسياف على باب الكعبة وضرب فوقه أحد الغزالين من الذهب فكان ذلك أول ذهب حليته الكعبة وجعل الغزال الآخر في بطن الكعبة في الجب الذي كان فيها يجعل فيه ما يهدى إلى الكعبة. وكان هبل صنم قريش في بطن الكعبة على الجب فلم يزل الغزال في الكعبة حتى أخذه النفر الذين كان من أمرهم ما كان. قال وهو مكتوب أخذه وقصته في غير هذا الموضع. أهـ ومنه يعلم أن المسروق غزال واحد لا كما ذكر في شفاء الغرام وتفصيل هذه القصة في التاريخ وكتب السير. ومن عقوباتهم وحدودهم قتل الزاني - والزنى كان عندهم من اعظم المنكرات وافظع المعاصي وأشنعها فلذلك جعلوا عقوبته إزهاق الروح والقتل الذي هو اعظم الحدود ومن شواهد ذلك ما كان من النعمان بن المنذر من قتل المتجردة والمنخل العبدي لما اطلع على ما كان من أمرهما وأراد قتل النابغة الذبياني لما تعرض في قصيدته الدالية المشهورة لوصف حرمه ثم اعتذر منه بعدة قصائد قعفا عنه، وقصة صخر الشاعر الشهير لما توسم في زوجته الميل إلى غيره وكان مريضا وهي مشهورة، وذوات الرايات لم يكن من العرب بل كن إماء وكان مذهبهم في الإماء غير مذهبهم في الحرائر. ولما أخذ الشارع البيعة عليهن شرط عليهن أن لا يزنين فقالت هند بنت أبي سفيان متعجبة وهل تزني الحرة؟ وكان النكاح في الجاهلية على عشرة أنحاء. ولأبن الكلبي كتاب في مناكح أزواج العرب ولو كان الزنى عندهم مباحا لم يكن عقد النكاح عندهم مشروعا والشعر المشتمل على حد الزنى بالقتل كثير لو تتبعناه واستقريناه لم يسعه المقام. ومن عقوباتهم القصاص - وهو من أحكام الجاهلية التي وافقت حكم الإسلام على تفصيل لم يكن في الجاهلية كالقتل العمد وشبه العمد والخطأ وشبه الخطأ ولكل حكم مذكور في كتب الفقه والحديث والتفسير. ومن شواهد

القصاص عندهم قولهم المشهور الذي هو ابلغ كلام عندهم وأوجزه وهو القتل أنفى للقتل، غير أن القصاص عندهم لم يكن كما ورد في الشريعة النفس بالنفس والعين بالعين والسن بالسن والجروح قصاص بل ربما قتلوا بالواحد جمعا ومن شواهد ذلك قصة كليب المشهورة والهامة عندهم طائر يتولد من روح المقتول يكون على قبره ولم يزل يصيح اسقوني اسقوني حتى يؤخذ بثاره. ومن عقوباتهم إعطاء دية القتيل - وهي مائة من الإبل وكانوا يأنفون من أخذها ويعيرون من يرضى بها وفي ذلك شعر كثير منه قول مرة بن عدآء الفقعسي: رأيت موالي الآلي يخذلونني ... على حدثان الدهر إذ يتقلب فهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا ... إذا الخصم انبرى مائل الراس انكب وهلا أعدوني لمثلي تفاقدوا ... وفي الأرض مبثوث شجاع وعقرب فلا تأخذوا عقلا من القوم أنني ... أرى العار يبقى والمعاقل تذهب المعاقل من عقلت المقتول إذا أعطيت ديته وحكى الأصمعي صار دمه معقلة على قومه أي صاروا يدونه وكان أخذ الدية عندهم من اشد العار كما سبق. قال قائلهم: إذا صب ما في الوطب فأعلم بأنه ... دم الشيخ فأشرب من دم الشيخ أودعا يقول أن الذي تشربونه من لبن الإبل التي أخذتموها في دية شيخكم إنما هو دمه تشربونه. وقال آخر لرجل أخذ الدية تمرا: فظل يضون التمر والتمر منقع ... بورد كلون الأرجوان سبائبه كأنك لم تسبق من الدهر ليلة ... إذا أنت أدركت الذي كنت تطلبه يقول من أدرك ما طلبه من الثار فكأنه لم يصب ولم يوتر وهذا بعث على طلب الدم ومثله غير أنه بعث على طلب المال: كان الفتى لم يعر يوما إذا اكتسى ... ولم يك في بؤس إذا ما تمولا وقال آخر في التنفير عن أخذ الدية: فلو أن حيا يقبل المال فدية ... لسقنا لهم سيلا من المال مفعما

ولكن أبى قوم أصيب أخوهم ... رضا العار فاختاروا على اللبن الدما معنى البيت الأول لو كانت معاملتنا مع حي يرى قبول المال فداء لأرضيناه بالمال الكثير. ومعنى البيت الثاني امتنع قوم أصبنا صاحبهم من الرضا بالدنية وآثروا طلب الدم على قبول الدية. وجعل اللبن كناية عن الإبل التي تؤدي عقلا لأنه منها؛ أي أبوا أن يرضوا العار خطة لأنفسهم. وقالت كبشة أخت عمرو بن معد يكرب: أرسل عبد الله إذ حان يومه ... إلى قومه لا تعقلوا لهم دمي ولا تأخذوا منهم أفالا وأبكرا ... واترك في بيت بصعدة مظلم ودع عنك عمرا أن عمرا مسالم ... وهل بطن عمرو غير بشر لمطعم فان انتم لم تثأروا واتديتم ... فمشوا بآذان النعام المصلم ولا تردوا إلاَّ فضول نسائكم ... إذا ارتملت أعقابهن من الدم قولها أرسل عبد الله الخ - إنما تكلمت به على أنه أخبار عما فعله عبد الله وهو أخو عمرو وغرضها تحضيضهم على إدراك الثأر ويقال عقلت فلانا إذا أعطيت ديته وجعل هذا المعقول الدم لأن المراد مفهوم كأنه قال لا تأخذوا بدل دمي عقلا. وقولها ودع عنك عمرا - أي خالف عمرا أن هو مال إلى الصلح ورغب في أخذ الدية. وقولها ولا تأخذوا الخ. الافال جمع أفيل وهو الذي أتت عليه سبعة أشهر أو ثمانية من أولاد الإبل. فإن قيل لم ذكرت الافال والابكر وما يؤدى في الديات لا يكون منهما قلت أرادت تحقير الديات كما يقول الرجل إذا أراد تحقير أمر خلعة فاز بها إنسان: إنما أعطي خرقا وفلوسا. وأن كانت الثياب المعطاة كسوة فاخرة والمال المحقر جائزة سنية. وقولها وهل بطن عمرو غير بشر لمطعم - تزهيد في الدية كما ورد في الخبر: هل بطن أبن آدم إلاَّ شبر في شبر لما أريد تزهيده في الدنيا. وقولها واترك في بيت بصعدة مظلم - صعدة مخلاف من مخاليف اليمن

ويسميها غيرهم المزالف وهم أهل الحجاز؛ ويسميها أهل نجد المذارع شبهوها بمذارع الأديم وهي كرعانه وواحدة المذارع مذرعة وواحدة المزالف مزلفة وإنما جعل قبره مظلما لأنهم كانوا يزعمون أن المقتول إذا ثأروا به أضاء قبره فان أهدر دمه أو قبلت ديته يبقى قبره مظلما. وقولها واتديتم - معناه قبلتم الدية يقال وديته فاتدى كما يقال وهبته فاتهب أي قبل الهبة. وفي الحديث اسممت أن لا أتهب إلاَّ من قرشي أو أنصاري: ومثله قضيت الدين فاقتضاه أي قبله وتوفره. وقولها فمشوا بآذان الخ. أي امشوا وضعف الفعل للتكثير ومن روى فمشوا بضم الميم فمعناه امسحوا ويقال للمنديل المشوش والمعنى أن لم تقتلوا قاتلي وقبلتم ديتي فامشوا أذلاء بآذان مجدعة كآذان النعام. ووصف النعام بالمصلم تصغيرا لها وأن كانت خلقة. يقول كأنكم مما تعيرون ليست لكم آذان تسمعون بها فامشوا بغير آذان أي صمنا عما يتكلم الناس به من عيبكم. واختلف في النعام فقيل أنها كلها صلم وقيل أنها صم لا تسمع شيئا وليس لها آذان. وإنما تعرف ما تحتاج إليه بالشم. وقولها ولا تردوا إلاَّ فضول نسائكم الخ. قال أبو رياش تقول إذا قبلتم الدية فلا تأنفوا بعدها من شيء كما تأنف العرب واغشوا نساءكم وهن حيض فقد كان من عادتهم إذا وردوا المياه أن يتقدم الرجال ثم العضاريط والرعاء ثم النساء إذا صدرت كل فرقة عنه فكن يغسلن أنفسهن وثيابهن ويتطهرن آمنات مما يزعجهن فمن تأخر عن الماء حتى تصدر النساء فهو الغاية في الذل: وجعل النساء مرتملات بدم الحيض تفظيعا للشأن وأرتمل إذا تلطخ بالدم والفضول ههنا بقايا الحيض وسمي الغشيان وردا مجاز؛ وقال أبو محمد الإعرابي معناه لا تردوا المواسم بعد أخذ الدية إلاَّ وأعراضكم دنسة من العار كأنكم نساء حيض، وهذا كما قال جرير لا تذكروا حال الملوك فأنكم بعد الزبير كحائض لم تغسل. وقال جميل العذري من أبيات: يقولون لي أهلا وسهلا ومرحبا ... ولو ظفروا بي ساعة قتلوني

وكيف ولا توفى دماؤهم دمي ... ولا مالهم ذو ندهة فيدوني الندهة كثرة المال. وقال قوم الندهة العشرون من الإبل والمائة من الضأن والألف من الصامت ويقال وداه يديه وديا ودية. وقوله ولا توفى دماؤهم دمي - أي دماؤهم كلهم لا تفي بدمي يقال أوفى به ووفى وأوفاه يوفيه إيفاء إذا قضى دينه على الوفاء. وقال زيادة الحارثي من أبيات: يقول رجال ما أصيب لهم أب ... ولا من أخ اقبل على المال تعقل يقول يشيرون علي بأخذ الدية ولم يصبهم ما أصابني ولعلهم لو أصيبوا بما أصبت به لم تقنعهم الدية؛ ومحوه المثل السائر ويل للشجي من الخلي أي لا يساعده على شجاه ويلومه. وقال الحكم بن زهرة: قوم إذا ما جنى جانيهم آمنوا ... من لؤم احسابهم أن يقبلوا قودا يقول هم قوم إذا جر واحد منهم جريرة آمن جميعهم لدقة أصولهم ولؤم احسابهم أن يؤاخذ كلهم بها. فكيف الواحد منهم كأنهم لا يعدون بوآء بقتيل والقود أن يقتل القاتل بالقتيل فيقال اقدته به. وإذا أتى الرجل صاحبه بمكروهة فانتقم منه بمثلها قيل استقادها منه. وفي كتاب أعلام الموقعين لأبن القيم أن الجناية على النفوس والأخطاء تدخل من الغيظ والحنق والعداوة على المجني عليه وأوليائه مالا تدخله جناية المال ويدخل عليهم من الغضاضة والعار واحتمال الضيم والحمية والتحرق لأخذ الثار مالا يجبره المال أبدا حتى أن أولادهم وأعقابهم ليعيرون بذلك، ولأولياء القتيل من القصد في القصاص وإذاقة الجاني وأوليائه ما أذاقه للمجني عليه وأوليائه ما ليس لمن حرق ثوبه أو عقرت فرسه؛ والمجني عليه موتور هو وأولياؤه فان لم يوتر الجاني وأولياؤه ويجرعون من الألم والغيظ ما يجرعه الأول لم يكن عدلا. قال وقد كانت العرب في جاهليتها تعيب على من يأخذ الدية ويرضى بها من درك ثاره وشفاء غيظه كقول قائلهم يهجو من أخذ الدية من الإبل: وأن الذي أصبحتم تحلبونه ... دم غير أن اللون ليس بأشقرا وقال جرير يعير من أخذ الدية فأشترى بها نخلا: أن ابلغ بني حجر بن وهب ... بأن التمر حلو في الشتاء ومثل قول جرير قول الفرزدق: أكلت دما أن لم ادعك بضرة ... بعيدة مهوى القرط طيبة النشر يريد بالدم الدية. وقال آخر: خليلان مختلف شكلنا ... أريد العلاء ويبغي السمن أريد دماء بني مالك ... وراي المعلى بياض اللبن وهذا وأن كانت الشريعة قد أطلته وجاءت بما هو خير منه واصلح في المعاش والمعاد من تخيير الأولياء بين إدراك الثار ونيل التشفي وبين أخذ الدية فأن القصد به أن العرب لم تكن تعير من أخذ بدل ماله ولم تعده ضعفا ولا عجزا البتة بخلاف من أخذ بدل دم وليه فما سوى الله بين الأمرين في طبع ولا عقل ولا شرع. أهـ

الآنسة جرترود لثيان بل

الآنسة جرترود لثيان بل بلينا وما تبلى النجوم الطوالع ... وتبقى الجبال بعدنا والمصانع (لبيد بن ربيعة) يجدر بي أن اصدر ترجمة فقيدة العلم والسياسة بهذا البيت للبيد بن أبي ربيعة لأن صديقتنا الراحلة كانت مولعة به وقد حلت به جيد كتابها الإنكليزي المعنون (من مراد إلى مراد). اجل لقد ماتت الآنسة بل ويليت. ولكن أعمالها نجوم طوالع في سماء

العلم وآثار همتها جبال راسية تكافح عوادي الدهر ومصانعها في السياسة تحدث بها الأجيال المقبلة وهذا كله خالد لا يبلى يرويه الخلف عن السلف. عرفتها عالمة ورحالة وسياسية. عرفت نفسيتها في مظاهر روح الإنسان المختلفة. أخذت ترجمتها عنها ونشرتها في مجلة المقتطف (نوفمبر 1922) فصداقتنا الوثيقة العرى ووقوفي على ما انطوت عليه تلك النابغة من الهبات. يؤهلاني لكتابة ترجمتها وتحليل نفسيتها. ولدت الآنسة جرترود لثيان بل في 14 تموز سنة 1868 من أسرة عريقة في الحسب، كثيرة النشب، موطنها شمالي بلاد الإنكليز في تخوم اسكتلندة وقد كان جدها الأعلى أول من سعى في تأسيس المعامل الكبرى لتعدين الفحم والحديد. إذ ارتقت الصناعة ارتقاءها العظيم في الثلث الأول من القرن الماضي، ولا يزال والدها السر هيو بل حيا يرزق، وقد زار العراق سنة 1920 وهو شيخ قد اشتعل رأسه شيبا. إن البيئة التي ولدت فيها جرترود بل بيئة سعادة ورفاهية؛ بيئة غنى وشرف باذخ. كانت تغنيها عن مكابدة الأتعاب والمشاق، وتجشم المخاطر والأهوال، ولكن نفسها العظيمة التواقة إلى

السمو والمعالي رفعتها عن مواطن الراحة التي تخلد إليها الغواني والسيدات الموسرات وأنزلتها حلبة الجهاد العلمي والاجتماعي والسياسي ساخرة بالطارف والتليد، مغرمة بالرفعة العقلية، متلذذة بطيب أثمار المساعي الذاتية. توفرت الأسباب للراحلة الكريمة لترفعها إلى مصاف العظماء والعظيمات. ولكن قامت بوجهها عراقيل وعقبات كافية لتثبيط همم الرجال فضلا عن همم الآنسات: أما هي فقد عرفت كيف تستفيد من الأولى، وكيف تذلل الثانية. فخرجت من المعترك حاملة لواء النصر على قمم الدهور وخلدت لها اسما عظيما في التاريخ. جاهدت الجهاد الحسن في كل أدوار حياتها منذ كانت تلميذة في مدرسة (كوينس كوليج) ثم طالبة علم في كلية (ليدي مرغريت) في اوكسفورد حيث بزت رفقاءها ورفيقاتها ونالت الشهادة العليا وبقيت كذلك حتى دعاها داعي الحمام على ما يأتي. مدارك سامية، علو همة، إرادة فولاذية، هي أركان ثلاثة قامت عليها شهرتها. نعم إن مداركها لسامية بكل معنى الكلمة؛ تشهد بذلك مؤلفاتها الكثيرة. وكتاباتها وخطاباتها وأحاديثها الطيبة المملوءة حكمة وفائدة؛ كلها دلائل واضحة على فكرة وقادة

ودماغ جوال، وحافظة حافلة بما حسن وطاب، وذاكرة سريعة، ومحاكمة صحيحة. سريعة الكتابة تسير بقلمها سير الفارس بجواده وقلما تعصيها كلمة، أو تتمرد عليها عبارة، أو تخونها ذاكرتها في أيراد اسم شخص أو محل. كأن دماغها ينبوع فياض يتدفق منه الماء عفوا. إن هذه المزايا والهبات أهلتها لتعلم لغات عديدة وعلوم شتى فإنها كانت تعرف ما عدا لغتها الإنكليزية، الفرنسية والألمانية والعربية والفارسية. وقد امتازت بالتاريخ، وعلم الآثار، والأنساب. أما همتها: (فحدث عن البحر ولا حرج) بنت دلال وترف. غادة دواوين لندن، خريجة اوكسفورد، نحيفة البنية؛ تمتطي الأهوال، تقطع الفيافي والبراري مع نفر قليل على ظهور الخيل والإبل، تجول البحار، وترتقي الجبال، وتركب متن الهواء غير هيابة ولا وجلة؛ تخوض غمارات الحرب، وتقطع أشواطا كبيرة في السياسة. أليس هذه الأعمال من مشاهد الهمة البعيدة؟ همة لا تعرف الكلل ولا يعتورها الملل. تصل الليل بالنهار في الكتابة والعمل والمقابلة، وتنتقل من موضوع إلى آخر وهي على نشاط من عزمها لا تتبرم ولا تمل. وهي على كثرة أعمالها كانت

شديدة الشغف بالمحافظة على الوقت؛ وعلى نظام المواعيد لا تتقدم دقيقة ولا تتأخر. إرادتها - ما اعظم الإرادة التي كانت تتغلغل بين ثنايا ذلك الجسم النحيف والقد الأهيف؛ أن أرادت أمرا اندفعت إليه وأن اعتقدت بصلاحه أنجزته؛ فلا تنكل عن خطة ولا تثبطها عقلة. لاقت الأمرين من بعض المعارضين لفكرتها من رجالات البريطانيين في السياسة التي وجب على بريطانية العظمى اتباعها في العراق؛ إلاَّ أنها قاومتهم مقاومة الأبطال بمعاونة الرجال الذين كانوا على فكرتها فكان النجاح في جانب حزبها فقام في العراق دولة عربية عزيزة الجانب يرأسها ملك عربي من البيت الهاشمي الرفيع المجد. وقصارى القول أن أعمالها اليومية كانت على هذا الغرار من قوة الإرادة ومضاء العزيمة. ولا غرو أن التي تتخذ رائدها الإرادة وشعارها الهمة القعساء. تكون صريحة في أقوالها صراحة يستصعبها بعضهم ويشجبها الآخرون، ولا سيما أولئك الذين لم يتعودوا الجرأة الأدبية ولم يأنسوا مظاهر التربية الاستقلالية التي تكاد تكون ميزة أبناء التيمز وبناته. مع تلك المنزلة العالية. والإرادة الفولاذية، والصراحة الاستقلالية؛ لم تكن متصلبة في آرائها، مكابرة في أفكارها مغالية

في مناحيها، بل كانت ترجع عن رأي يفند ببرهان وتعدل عن فكر يظهر لها خطأه وتميل عن مناح تجد اصلح منها. كل هذا مما يشف عن عظمة في نفسها ونبوغ في دماغها. أما عاطفتها - فقلبها أشبه شيء بالكنارة ذات الأوتار يحفظ نظامها عقلها السليم؛ فتسكت أنغام تلك الأوتار أن عالجت صعاب الأمور أو تعاطت أعمالا مع الساسة وأعاظم الرجال؛ وتسمعك أنغاما شجية وإيقاعا محزنا أن كان موضوعها مؤاساة لبشرية المتألمة، أو الأخذ بساعد بعض البؤساء ومسح دموع المنكوبين والمبتلين. وخلاصة القول تذرعت بإرادة الرجال، ولم تفقد عاطفة الإناث. الرحالة والمؤلفة نشأت المس بل شديدة الشغف بالرحلات والتأليف: نضرب هنا صفحا عن أسفارها العديدة في الأقطار الأوربية ونخص بحثنا برحلاتها في الشرق ذلك الشرق الذي أحبته حبا جما حتى قضت نحبها فيه وضم جثمانها. رحلت إلى الشرق لأول مرة سنة 1899 مع زوج خالها المستر سفرنك لسلس سفير بريطانية العظمى في طهران آنئذ؛ وولعت هناك بدراسة اللغة الفارسية حتى اقتبست جانبا منها وترجمت قسما

من قصائد حافظ الشاعر الفارسي الشهير إلى الإنكليزية. وفي السنة التالية 1900 زارت سورية وطافت في جبل الدروز وأطراف البادية؛ وكان غرضها من هذا السفر تعلم لغة الضاد فظفرت بغيتها؛ إلا أن حبها للعرب ولسانهم دفعها مرة ثانية سنة 1903 إلى زيارة سورية وثابرت هناك على الدرس والمطالعة فاتسع لها المجال للوقوف على أسرار العربية وضبط شواردها؛ ومنذ ذلك الحين أخذت ترحل كل سنتين رحلة إلى بلاد الشرق، وكانت تدوم كل رحلة ستة أشهر. فسافرت سنة 1905 إلى الأناضول وفي سنة 1907 نقبت في أطلال قرب قونية. وأول مرة نزلت العراق كانت سنة 1909، وفي سنة 1911 سافرت مع أخيها إلى الهند واليابان ثم جاءت وحدها إلى العراق وفي سنة 1913 سافرت من الشام إلى حائل ونزلت ضيفا على أبن الرشيد؛ وفي ربيع سنة 1914 أي قبل الحرب العامة جاءت إلى بغداد ومنها ذهبت إلى الأستانة. فواجهت فيها غير واحد من وزراء المملكة العثمانية كجمال باشا وغيره. ولما نشبت الحرب العامة انتظمت في جمعية الصليب الأحمر وقضت سنة في لندن؛ ثم سافرت إلى فرنسة. وفي شتاء 1915 هبطت مصر وانضوت إلى إدارة السياسة. وبقيت هناك حتى

أواخر شباط 1916 فانتقلت إلى البصرة؛ وفي سنة 1917 انتقلت إلى بغداد بصحبة السربرسي كوكس. إن حبها للعلوم ورحلاتها العديدة وتقلبها في المناصب السياسية بعثت فيها رغبة التأليف والكتابة فزاولتها ونجحت فيها نجاحا اكسبها شهرة بعيدة بين علماء الشرق والغرب؛ وقد ساعدتها معرفتها اللغات على الإجادة فيما كتبته؛ وقد خلفت من الكتب ما يأتي: (1) الغامر والعامر (2) من مراد إلى مراد هذا الكتاب وصفت رحلتها من حلب إلى بغداد إلى قونية سنة 1909 وصدرتها بمقدمة إلى اللورد كرومر؛ مع مصور للبلدان؛ فيه خطوط تدل على الطرق التي قطعتها. (3) ألف بيعة وبيعة كتبت هذا الكتاب باشتراك المستر رمزي (4) الأخيضر وهو بحث مطول عن تاريخ قصر ترى أطلاله في العراق (5) تركية آسية كتبته في إبان الحرب في البصرة (6) بيان عن الإدارة الملكية في العراق إن آثارها المذكورة تظهر نفسية الكاتبة فإنها تدقق النظر في رواية الأخبار وتنقلها بأمانة وإخلاص إلاَّ إذا التاث عليها الأمر

في بعض المواضيع شأن كل الرحالين الإفرنج؛ يصدق هذا الكلام على بعض مرويات في كتابها من (مراد إلى مراد) أما من حيث مجموعها فأنها آثار خالدة ولا سيما كتابتها عن قصر الاخيضر وعن آثار سامرآء وأطلالها؛ وكل ما كتبته بعد الحرب العامة. وتمتاز كتابتها بدقة الوصف فان قلمها هناك بمثابة ريشة المصور أو النقاش تمثل لك الأشياء والوقائع تمثيلا رائقا كأنك أمام صورة أو أمام المشاهد أو الحوادث عينها. ولا تتعمد في تأليفاتها الخيال إلاَّ ما ندر. بل أنها تغوص على الحقيقة وبعد أن تظفر بها تخرجها وتعرضها على قرائها كما يعرض الغواص الدرة اليتيمة إذا عثر عليها. السياسة مهما بلغت من الشأو البعيد في الرحلات والتأليف فإنها لم تنل شهرة طبقت الخافقين عند الخاصة والعامة، إلاَّ بعد أن انخرطت في سلك السياسة. ولم تكد تأتي مصر سنة 1915 على ما مر بنا حتى أخذت شهرتها تسبقها إلى البلاد الشرقية؛ ثم زادت شهرة عند نزولها البصرة سنة 1916 واشتغالها بإدارة الحاكم الملكي؛ وعظمت منزلتها في بغداد بعد أن احتلتها جيوش البريطانيين؛ وبقيت تلك المنزلة في قمة المجد حتى يوم موتها. وقد كان لها

الكلمة الراجحة والرأي النافذ في جميع تطورات السياسة في العراق وكانت في دار الاعتماد (الكتوم الشرقية)؛ ثم تولت مديرية المتحفة العراقية فخرا. وتولت أيضاً مديرية خزانة السلام؛ وقامت بتشييد مستشفى للسيدات الموسرات جمعت قسما من نفقاته من العراقيين. أما الخطة التي انتهجتها في سياستها في العراق فهي أنها سعت السعي المتواصل للتوفيق بين السيادة القومية العراقية واستقلال البلاد وبين مصالح بريطانية العظمى في هذا القطر. فهي بريطانية مخلصة لبلادها وصديق حميم للعرب والعراقيين. وكانت عليمة بتطورات القضية العربية منذ يوم نشأتها؛ إذ كانت تراقب سيرها قبل الحرب عن كثب وتجتمع بزعمائها عند مرورها بسورية وتحادثهم بقضيتهم التي كان يدور محورها يومئذ على الحكومة اللامركزية. وقد قالت لي يوما: (إن لم يدر في خلدها آنئذ أن الأتراك ينكرون على العرب طلبهم حتى يتسع الخرق على الراقع وتخرج البلاد من حكمهم). ولقد اعترضتها عراقيل كثيرة في نهجها السياسي من غلاة ساسة البريطانيين الذين اختلفوا في الرأي عنها في أوضاع إدارة العراق وسياسته إلا أنها انتصرت عليهم. ولما تقرر مصير العراق

بتبوؤ جلالة الملك فيصل الأول عرشه وعقدت المعاهدة العراقية البريطانية في عهد الوزارة النقيبية واصدر جلالة الملك فيصل ذلك البلاغ التاريخي في 13 أوكتوبر 1922 فاستبشرت به كل الاستبشار وأعربت عن سرورها في إحدى رسائلها الخالدة: فقالت ما تعريبه: (إن هذا اليوم خير! أليس كذلك؟ فأني اذهب إلى أن بلاغ جلالته هو من أبدع ما ينادي به ملك شعبه وأعظمه تأثيرا فيهما) وكانت شديدة الإعجاب بجلالة الملك فيصل إذ ترى فيه البطل المغوار الذي أعده الدهر وزينه بأصالة الرأي ليتولى عرش العراق وكانت ترى في شبان العراقيين عنصرا عليه قوام هذه المملكة الحديثة وهم رواد مستقبلها الباهر. إن منزلتها العلمية والسياسية ووظيفتها في ديوان الحاكم الملكي العام؛ ثم في ديوان المعتمد السامي ونفوذها الأدبي والسياسي اكسبها شهرة بعيدة وأصدقاء كثيرين من جميع الطبقات. ولذا تسمع الأعراب والبدو يدعونها (كوكسة) ظنا منهم أن كوكس اسم وظيفة وكوكسة مؤنثها و (الحاكمة) أما لقب (الخاتون) فكاد يحل محل اسمها؛ وكان يقصدها العراقيون من كل الطبقات لقضاء حاجات لهم أو الأخذ برأيها في صعاب الأمور وحل المشكلات.

وقد بذلت أقصى الجهد في تأسيس المتحفة العراقية وتنظيمها وكانت حتى آخر يوم من حياتها قد صرفت معظم وقتها في ترتيب العاديات والآثار القديمة في دارها الجديدة. وفي أبان همتها داهمتها المنية غيلة فأصبحت يوم الاثنين 12 تموز 1926 جثة هامدة؛ ونعتها مديرية المطبوعات بإذاعة رسمية جاء فيها: (إن هذه المديرية تذيع هذا النبأ المحزن بمنتهى الأسف نظرا لما للمس المرحومة من الأعمال الباهرة والمساعدات الثمينة في سبيل خدمة العراق؛ ولقد فقد هذا القطر بموتها يدا كبيرة عاملة وصديقة له) وبمثل ذلك نعتها كتومية (سكرتيرية) رئاسة الوزراء وكان موكب دفنها فخما اشترك فيه ممثلو الملوك والأمراء والوزراء ونواب الأمة وأعيانها؛ حتى ردد بعضهم ببيت المتنبي القائل: مشى الأمراء حوليها حفاة ... كأن المرو من زف الرئال ولا عجب أن جاء في كتاب المعتمد السامي إلى رئيس وزراء الحكومة العراقية ما يأتي: (أني متأكد أن المس بل لو تمكنت من رؤية ما كان البارحة من مظاهر الحزن والحنو عليها لشعرت بذاتها أنها كوفئت مكافأة تامة على ما قامت به طيلة السنوات العشر التي قضتها في العراق في الجهاد والتجرد للعمل ونكران

اللكنة العامية

اللكنة العامية إذا تحول لسان المتكلم من حرف إلى حرف آخر، وكان ذلك لعارض خلقي فيه سمي (لثغ) وقيل به (لثغة) كالذي يتحول لسانه من السين إلى الثاء. ومن الراء إلى الغين أو غير ذلك؛ وإذا لم يكن ذلك فيه لعارض خلقي بل كان لكونه أعجميا أو لكونه كثر اختلاطه بالعجم سمي (الكن) وقيل به (لكنة). وتنسب لكنة الالكن إلى القوم الذين هو منهم، أو إلى القوم الذين حصلت الذات. . . وأن نسعى ما أمكن إلى الغاية التي كانت دائما نصب عينيها إلا وهي أيجاد أمة قوية منورة مفلحة في العراق.) وكان جواب رئيس الوزراء على هذا الكتاب اصدق صورة لما يعتقده فيها العراقيون الخلص الذين اطلعوا على سرائر سياستها في العراق وما كانت تبتغيه له من الرقي والنجاح وما بذلته من الجهود لاستتباب وضعه السياسي. وأكبر شاهد على منزلتها ما جاء في كتاب التعزية الذي بعث به جلالة ملك بريطانية وملكتها إلى والدة الفقيدة إذ جاء فيه: (أن الأمة البريطانية ستلبس الحداد وتحزن على فقدها سيدة قامت بفضل قواها العقلية ومواهب إدراكها وقوة أخلاقها العالية وشجاعتها الأدبية بخدمات مهمة نافعة لبلادها نفعا يأمل أن يبقى أثره خالدا في بلادها والبلاد التي اشتغلت فيها بمنتهى الإخلاص والتضحية) أهـ ي. غنيمة

فيه اللكنة بمخالطتهم، فيقال هو يرتضخ لكنة فارسية. أو يرتضخ لكنة رومية أو غير ذلك، والعامة في العراق اليوم يرتضخون لكنة فارسية، لكثرة اختلاطهم بالفرس؛ بسبب القرب والمجاورة. ولكنتهم تقع في حرفي: القاف والكاف، أما القاف فيتحول فيه لسانهم إلى ثلاثة حروف: الكاف الفارسية والكاف والجيم وأما الكاف فيتحول فيه لسانهم إلى الجيم الفارسية فقط. ولنذكر لك من المظان التي تتحول فيها ألسنتهم من القاف إلى الحروف الثلاثة المذكورة (استطراد) قد اصطلحت هنا أن اكتب القاف المتحولة إلى الكاف الفارسية ق هكذا (كك) والمتحولة إلى الكاف هكذا (ك) والمتحولة إلى الجيم هكذا (ج) بأن أضع فوق الحرف المتحولة إليه قافا صغيرة، لتدل على أن أصل الحرف هو القاف؛ وكذلك افعل في الكاف التي يتحول فيها لسانهم إلى الجيم الفارسية فأكتبها هكذا (ج) بأن أضع فوقها شكل همزة لتدل على أن اصلها هو الكاف

اعلم أن تحولهم من القاف إلى الحروف المذكورة غير مطرد ولا مقيس في كلامهم؛ وليس لنا من قاعدة نرجع إليها في تحول القاف إلى أحد الحروف المذكورة بل العمدة في ذلك على السماع منهم، فإننا نسمعهم ينطقون بالقاف كافا فارسية في نحو قام، ويقوم، وقائم، وفي قعد، ويقعد، وقعود، وقاعد، وفي قدر، ويقدر؛ دون المصدر واسم الفاعل، فلا يقولون فيهما كدرة بل قدرة؛ ولا يقولون كادر بل قادر، وفي قلب، ويقلب، وقلب، وقالب (بالكسر) وأما القالب بفتح اللام فلا يقولون فيه كالب بل يقولونه بالقاف الصريحة ويقولون في جمعه قوالب ولم يقولوا كوالب. وفي قشر ويقشر وتقشر ومقشر وفي قصع القملة، يقصعها قصعا، فهو قاصع والقملة مقصوعة؛ وفي قرب يقرب، قربا، وقرابة، فهو قريب؛ وفي قلى (المشددة) اللحم يقليه تقلية فهو مقلي واللحم مقلى، وفي قمر، يقمر، قمرا، فهو قامر، وفي قطع، يقطع، قطعا؛ فهو قاطع؛ وذاك مقطوع؛ وكذلك انقطع، ينقطع؛ فهو منقطع، وفي قمطت الأم الصبي، تقمطه؛ فهو مقمط في القماط. وفي قمط الديك الدجاجة، يقمطها، قمطا؛ فهو قامط وهي مقموطة، وفي قضى، يقضي، فهو قاضي؛ وانقضى، ينقضي، فهو منقضي، وفي قبض، يقبض، قبض؛ فهو قابض وذلك مقبوض. وفي قضب (مقلوب قبض وهو مستعمل في كلامهم) يقضب، قضبا، وقضبة؛ فهو قاضب وذاك مقبوض. وفي قبل، يقبل؛ فهو قابل، ومقبول؛ وكذلك اقبل، يقبل؛ فهو مقبل، وفي قبن (بالتشديد) الشيء بالقبان يقبنه؛ فهو مقبن (بالكسر) وذاك مقبن (بالشد المفتوح). وفي قحم؛ يقحم؛ فهو قاحم. وفي قرض، يقرض، قرضا؛ فهو قارض وذاك مقروض، وقال، يقول، قولا؛ فهو قائل. وقصد، يقصد، قصدا فهو قاصد وذاك مقصود. وفي قرطف الشعر (أي أخذ منه بالمقص) يقرطفه فهو مقرطف

(بالكسر) والشعر مقرطف (بالفتح). إلى غير ذلك من الأفعال، والأسماء التي تتحول فيها ألسنتهم من القاف إلى الكاف الفارسية وهناك أفعال وأسماء لا حولون قافها كافا فارسية نحو قشبه يقشبه قشبا (أي أصابه بالمكروه من القول) وقل الشيء يقل فهو قليل إلا انهم إذا صغروا كلمة قليل حولوا قافها إلى الكاف الفارسية فقالوا كليل وأما مصدر هذا

الفعل اعني القلة فيحولون قافها جيما كما سيأتي، وقنع يقنع قناعة فهو قانع، وقنعه (بالتشديد) يقنعه تقنيعا فهو مقنع وقهره يقهره قهرا فهو قاهر وذاك مقهور. وقرقر بطنه يقرقر قرقرة. فهذه الأفعال مما نسمعهم يبقون فيها القاف على حالها ولا يبدلونها كافا فارسية. ومن الأسماء التي ينطقون فيها بالقاف من غير تبديل؛ القندرة والقنديل والقبقاب والقلم والقديم والقرآن والقرش (وربما حولوا قاف هذا إلى الجيم) والقش والقسيس والقسم (بمعنى اليمين) والقند (بمعنى السكر) والقانون (لآلة الطرب) والقولنج والقطايف والقلم والقزاز. وأما تحويلهم القاف إلى الكاف العربية فذلك في فعلين واسم واحد ولم أجد لها رابعا. أما الفعلان فهما قتل وقفخ بمعنى صفع. فيقولون: في قتل: كتل وفي يقتل؛ يكتل. وفي قاتل: كاتل. وفي مقتول: مكتول. وكذلك في قفخ: كفخ يكفخ فهو كافخ وذاك مكفوخ. وأما الاسم فهو الوقت. فيقولون: الوكت وفي جمعه أوكات وأما تحويلهم القاف إلى الجيم فذلك في مادة فيقولون جسم وفي يقسم؛ يجسم. القسمة؛ الجسمة. وفي قاسم وقسام، جاسم وجسام. وفي المقسوم: مجسوم. ومنه قول شاعرهم في شعرهم المسمى عندهم بالزهيري: (يا جارة الدهر ما أنصف تعالي ... نخلط همومنا ونجسم سوية) وكذلك في قدم (المشددة) يقولون؛ جدم. وفي يقوم؛ يجوم. وفي تقديم: تجديم. وفي مقدم؛ مجدم. وكذلك في قنى المال يقنيه؛ جناه يجنيه. وفي القنبة؛ الجنبة. هذا من الأفعال، وأما من الأسماء فيقولون في المقباس

المجباس وربما قالوا مكباس أيضا. وفي قدح جدح. وفي قدر وقدور جدر وجدور. وفي قدام جدام. وفي قدم جدم وهذه خاصة بأهل البادية. وفي قرية جرية. وفي قريب جريب. وربما قالوا كريب أيضا. وفي القارح جارح. وفي القسب (بمعنى التمر اليابس) الجسب وفي قاسم جاسم. وفي صديق صديج وربما قالوا صديك أيضاً وفي قليل جليل بكسر الجيم ومنه قولهم: (لا جليل) يريدون لا قليل. وفي قلة جلة ومنه قولهم (من جلة التتن وقول شاعرهم: (من جلة الخيل شدو ... على الجلاب سروج) وفي قنب جنب، وفي قناع جناع. وفي مقنعة مجنعة. وفي عاقل عاجل. ومنه قول شاعرتهم: (واش زهفج يا عاجلة ... شيطان لو سحر كوي) وأما حرف الكاف فتتحول فيه ألسنتهم إلى الجيم الفارسية المثلثة كقولهم في كان جان دون المضارع فلا يقولون يجون بل يكون. وفي كب الماء جب وفي يكب يجب وفي كاب جاب وفي مكبوب مجبوب وفي كتفه يكتفه تكتيفا فهو مكتف وذاك مكتف. وفي كثر يكثر تكثيرا (دون الثلاثي المجرد منه) وفي كذب يكذب كذبا فهو كاذب وكذاب وكذلك كذب يكذب تكذيبا فهو مكذب. وفي كرع في الماء يكرع تكريعا (دون الثلاثي المجرد منه) وفي كسب يكسب فهو كاسب وكذلك كسب (المشدد) فهو مكسب وفي كشف (المشدد) يكشف فهو مكشف. وفي انكلب فهو منكلب (يستعملون هذا الفعل بمعنى كلب) ومنه قولهم: (ما عضني جلب إلاَّ انجلب) وفي كل يكل فهو كال. وفي

كال يكيل كيلا فهو كايل. ففي هذا كله يتحول لسانهم من الكاف إلى الجيم الفارسية المثلثة النقط وتحويلهم الكاف إلى الجيم المذكورة اكثر وقوعا في الأسماء ولا حاجة إلى التطويل بذكر جملة من تلك الأسماء هنا بل نذكر لك جملة مما لا تجري فيه لكنتهم ولا يحولون كافه إلى الجيم الفارسية ومن الأسماء: فمن ذلك كتاب وكتب وكذلك الكبة لضرب من الطعام يعملونه. والكبابة للغزل الملفوف والكبر (وزان صرد) لهذا الشجر المعروف. والكرب والكربة لأصول سعف النخل. والكروش جمع كرش. والكحل والمكحلة. والكراث لهذه البقلة المعروفة. والكرد والأكراد والكردي. والكرسي والكراسي. والبكار لأنبوب التارجيلة والكروة والكر والكرة لهذا الجحش الصغير. والكارة للحزمة من الحطب وغيره التي تحمل على الظهر أو على الرأس. والكشمش لضرب من الزبيب. والكافر والكفار. والكلة لهذا الستر الرقيق، والكلام وأن قالوا في الكلمة جلمة بالجيم الفارسية. والكنز والكنوز، والمكنسة، والكون، بمعنى الحرب والفتنة. والكيف بمعنى المسرة وإذا استعملوا اسم استفهام قالوا جيف (بالجيم الفارسية). واعلم أن جميع ما ذكرناه في هذا الباب من الأفعال والأسماء إنما أوردناها على طريق المثال وما أكثرنا من ذكرها وتعدادها إلاَّ لمزيد الإيضاح لأن لكنة العامة في حرفي القاف والكاف لا تقع تحت ضابط يضبطها وإنما العمدة في معرفة مواقعها على السماع. معروف الرصافي

تاريخ الطباعة العراقية

تاريخ الطباعة العراقية مطابع العراق وثمراتها (من سنة 1856 إلى سنة 1926) 1 - تمهيد اختراع الطباعة من العجائب في الحضارة الخالية أن يتسع نطاق العلم، وتنتشر المعارف في القرون الواغلة في القدم يوم لم يكن لدى البشر قرطاس يسطرون عليه خواطرهم، ولا ملكت إيمانهم رقوقا يدونون على صفحاتها معارفهم. إن تخطينا القرون الأولى إلى القرون الوسطى، حينما اشرق للحضارة شمس منيرة، ولا سيما في هذه الربوع المباركة، حيث ارتفع

منار التمدن العربي؛ وجدنا تلك الحضارة العباسية على ضخامتها وبما فيها من معاهد العلم الزاهرة ودور الفنون والصناعات وخزائن الكتب والأسفار، تستعين بأقلام الخطاطين في رقم التآليف والدواوين. ومع أن صناعة الخط قد ارتقت ارتقاء عظيما. فلم يكن في طاقة الخطاطين أن يسدوا حاجة الدارسين من الكتب والرسائل؛ لذلك كانت العلوم والآداب مقصورة على طبقات من رجال الدين والحكام ومن بأيديهم زمام الرئاسة وما يتبع الرئاسة من الثراء. ولكن أبت همة المرء - وهو يتوقل مراقي الحضارة - أن تظل معرفته محصورة في نطاق ضيق ومقصورة على جماعة من أبنائه دون جماعة، ويحتكرها قوم دون آخرين: ففتقت الحاجة قريحة عبقري نادر. توصل بثاقب فكره إلى اختراع آلة الطبع وأعانه رفيق فاستنبط صنع الحروف. وهكذا ولدت الطباعة بالحروف في أواسط العقد الثالث من القرن الخامس عشر. طيب الله ثرى يوحنا غوتنبرغ الألماني (المولود سنة 1400م) الذي اخترع آلة الطبع عام 1436م ورضي الرحمن عن بطرس فوشر مخترع الحروف من الخشب فالرصاص؛ وفي سنة 1450 انشأ غوتنبرغ أول مطبعة في المعمورة، وأول كتاب طبع فيها التوراة باللغة اللاتينية.

هذا تاريخ الطباعة بالحروف، أما المطابع الحجرية فقد ابتدعها في صدر القرن الثامن عشر رجل بفاري اسمه لويس سنفلدر الذي أجازته الحكومة عام 1799م بالاستئثار باختراعه في الطبع والكسب. 2 - الطباعة في الشرق عمت الطباعة في الشرق بالحروف أنحاء أوربة. ولم يفت الشرق نصيب من فيض هذا الاختراع، فما اشتهر الطبع بالحروف المنتقلة حتى اصطنع منها قوالب للغات الشرقية. فسعى قداسة البابا يوليوس الثاني لإنشاء مطبعة في عاصمة الكثلكة طبع فيها أول كتاب كان للصلوات سنة 1514 وفي جنوة بإيطالية طبع الزبور سنة 1516م بالعربية والعبرانية والكلدانية واليونانية، وما عتمت أن انتشرت المطابع للغات الشرقية في أطراف العالم الغربي في البندقية وسويسرة وفرنسة وألمانية. وبعد حين انتقلت الطباعة إلى المشرق. فأسس عالم إسرائيلي سنة 1490م مطبعة في القسطنطينية للغة العبرية أولا، وفيها طبعت التوراة باللغة العربية سنة 1551 معربة بقلم سعيد الفيومي. ومن فروق دخلت الطباعة إلى البلاد العربية وكان للشام فضل السبق في الأخذ بهذه الأداة النافعة فأنشأ الرهبان اللبنانيون في أوائل القرن السابع عشر مطبعة في دير قزحيا بلبنان وأول كتاب عربي

طبعته هو الزبور وذلك في عام 1585 وكانت حروفها سريانية ومنطوقها عربيا وهو ما يعرف عندهم بالكرشوني ثم استعملت الحروف العربية. وفي حلب ظهرت المطبوعات بالحرف العربي بادئ ذي بدء؛ مما اصطنعه أحد أساقفة الروم الملكيين في أوائل القرن الثامن عشر. ودخلت الطباعة القدس في فلسطين على يد الأباء الفرنسيسيين بإنشائهم سنة 1846م (مطبعة الأرض المقدسة). أما مصر فأول مطبعة قامت أركانها فيها سنة 1798م كانت على يد نابوليون بونابرت في حملته الشهيرة على أرض الفراعنة. 3 - الطباعة في العراق ولم يحرم العراق الاستفادة من اختراع الطبع الثمين وأن جاءت استفادته متأخرة. إلا أن ما يلفت الأنظار هو أن الطباعة دخلت العراق على يد الأجانب أيضا؛ نظير معظم البلاد الشرقية مما يؤصل في الأذهان إننا مدينون للغربيين في حياتنا الجديدة. فأول مطبعة فتحت في العراق كان بفضل مبعث الأباء المنتمين إلى القديس عبد الأحد المعروفين (بالدومنكيين) في الموصل سنة 1856م: وفي هذه السنة عينها جلب إلى كربلاء أحد أكابر الفرس مطبعة حجرية لا يذكر الناس من نتاجها إلاَّ سفرا بقي بكرا وحيدا.

وهانحن أولاء نثبت ما عنينا بتدوينه من تاريخ موجز للطباعة العراقية نأتي فيه على ملخص تاريخ المطابع المؤسسة في ديار العراق ونذكر ما وصل إلى علمنا من ثمرات تلك المطابع من الكتب والرسائل على اختلافها؛ ولا ندعي العصمة في ما نكتب؛ إلا أن غايتنا الخالصة هي إظهار صفحة من حضارة العراق الحديثة تشفع لنا في الأوهام التي تبدو منا سهوا: ويسرنا أن يحظى عملنا بالقبول من لدن الأدباء المحققين؛ فينتقدوا لنا مقالاتنا هذه ويرشدونا إلى مواضع الخطأ فيها ويكملوا النواقص التي يفوتنا ذكرها فنشكر لهم فضلهم بعد أن يكونوا قد أدوا لأمانة العلم حقها المحتوم. 4 - مطابع الموصل 1 - (مطبعة الأباء الدومنكيين) إلى الأباء المحترمين المنتمين إلى رهبانية القديس عبد الأحد (سن دومنك) يعزى الفضل الأعظم في إدخال الطباعة إلى العراق فقد حل هؤلاء الأجناد - أجناد العلم والدين - الموصل الحدباء عام 1856م وكانت المطبعة أول مشروع وجهوا إليه أنظارهم؛ فباشروا الطبع على الحجر أولا فطبعوا بضعة كراريس ولم يفلحوا فشمروا عن ساعد الجد وأسسوا سنة 1859 مطبعة كبيرة بجميع لوازمها مرصدين لها المبالغ الطائلة. وفي سنة 1860 طلب السيد هنري امانتون القاصد الرسولي

لما بين النهرين في أثناء وجوده في باريس إلى جمعية مدارس الشرق أن ترصد لمشروع المطبعة الموصلية الأولى مبلغا وافرا فاستجابت طلبه ونفحته ب 6000 فرنك أنفقها في جلب مطبعة وحروف عربية وسريانية وفرنسية من دار الطباعة العامة في عاصمة فرنسة وجلب لها حروفا كلدانية من مطبعة المرسلين الانكليكيين في اورمية من أعمال فارس. ونقلت كل الآلات والأدوات والحروف إلى الموصل. وتولى الأب كيرلس دوفال إدارة المطبعة الجديدة يعاونه الراهب يوسف الديار بكري المنتمي إلى الرهبانية الفرنسيسية. وقد تعلم فن الطباعة في القدس فأتى به إلى الموصل واشرف على تأسيس المطبعة وقام بتعليم أحداث الموصل وشبانها فن تنضيد الحروف. والمطبعة الموصلية هذه جهزها الأباء الدومنكيون بفرع هو مسبك الحروف لم يوجد له نظير في العراق إلى هذا اليوم (1926) وقد اشتغل الراهب الفرنسيسي المذكور بتعليم صناعة سبك الحروف أيضاً وطبعها بدقة وجلاء. (لها تلو) رفائيل بطي

فوائد لغوية

فوائد لغوية الأوضاع العصرية كنا في مجلس حافل، وكان اغلب الحاضرين من المنتسبين إلى الأدب وطائفة من هؤلاء الأدباء يشدون شيئا من اللغات الإفرنجية؛ وجرى الحديث على الألفاظ الكثيرة الموجودة في هذه الألسنة التي لا يطمع أبناء عدنان في وضع ما يقابلها في لغتهم المبينة. وكنت ساكتا حتى سئلت. فقلت: أنه من الممكن رأب هذا الصدع، لأن لغتنا من أوسع اللغات، وفيها باب الاشتقاق الذي لا وجود مثيل له في أي لغة من لغات الأرض. نعم، هم عندهم النحت، لكنه لا يضارع الاشتقاق الذي يوقعك على معنى اللفظ، وأن أنت لم تسمع به، أو لم يبينه لك أحد قبل ظفرك به. فاعترضني واحد - وكان من أبناء العرب - فقال: وهل في لغتك (كأنها ليست لغته أيضا) لفظة تقابل الفرنسية الإنكليزية. قلت: نعم. وهو كتاب دبير أو دبير وحده لا حاجة إلى ذكر الكتاب. قال: أني فتشت عن معنى الإفرنجية في جميع المعاجم ولم أر من صرح بوجودها في أي لغة شرقية. إن أصحاب المعاجم قد يصيبون وقد يخطئون. وقد يقعون على اللفظ العربي، كما قد لا يقعون عليه. وذلك كل على حسب مقدرته من امتلاك ناصيتي اللغتين. ثم قال آخر: أما أنا فلا افهم العربية، فكيف ما يقابلها عند الإفرنج؟ قلت: كلمة بوستوم معناها: كل من يولد بعد وفاة أبيه، ثم يتوسعون فيه فيطلقونه على كل ما ينشر من المطبوعات بعد وفاة صاحبها وبهذا المعنى جاء في اللغة: دبر الحديث عن فلان (وزان نصر ينصر) دبورا: حدثه عنه بعد موته ولما كان الكتاب حديث الرجل لنفسه أو لغيره كان الدبير ما ينشر بعد وفاة الرجل ويجوز لك أن تسميه أيضاً بمصدره أي يجوز لك أن تقول كتاب دبر ودبر وزان صبر. وأما الولد فيسمى (وليد يتيم).

قال اغلبهم: سلمنا لك بهذا الوضع. فما تقول الآن في ما يقابل كلمة الإفرنجية. فقام واحد من الحاضرين وقال: يحسن بمن يذكر كلمة إفرنجية أن يشرحها ليسهل علينا فهمها. أو ليسهل علينا إيجاد ما يرادفها عندنا إذ ربما كان بيننا من يعرفها؛ فلا حاجة إلى أن نوجه الكلام عبثا إلى غيرنا. قال المعترض: كلمة الفرنسية يقابلها في أو وتعني ما لم يطبع من الكتب أو لم يشهر ولم ينشر منها. يقال: أي قصيدة لم تنشر أو لم تعرف بعد (راجعوا معجم لاروس في المادة المذكورة تجدوا هذه الإفادة وبهذا الشاهد). قلت: فإذا كان الأمر كذلك يسر علينا وجود لفظة عربية فصيحة. لأن صحف العرب يومئذ كانت دواوين أشعارهم: وصحفيوها كانوا الشعراء والحال انهم قالوا في هذا المعنى غميس. ومنها قولهم قصيدة غميس أي لم تعرف بعد. فالكتاب الغميس إذن هو ذلك الذي لم يظهر بعد للناس؛ أو لم يعرف بعد. فهل بينكم من ينكر مطابقة هذه العربية لتلك الأعجمية. قال جميعهم: نوفقك كلنا على هذا الوضع فإنه واف بالمقصود ويؤدي المعنى أحسن تأدية. ثم قام واحد منهم وقال: إنك نصراني وتحب الثالوث؛ أفلا تثلث لنا الجواب فنسألك سؤالا ثالثا؟ قلت: قل ما بدا لك. قال: عند الإنكليز والفرنسيين كلمة يسمون بها القوة التي يكتسبها المرء من مداومته على الشيء أو من كثرة مزاولته إياه فيفعل أموره عفوا لا عن فكرة أو درس وهذه الكلمة هي فهل عرف العرب لها مرادفا؟ قلت: وكيف لا؟ وهذه الكلمة هي الضراوة. قال في كتاب البيان للجاحظ (107: 1 من طبعة محب الدين الخطيب): ومن حصل كلامه وميزه؛ وحاسب نفسه وخاف الإثم والذم؛ أشفق من الضراوة وسوء العادة وخاف ثمرة العجب وهجنة القبح وما في حب السمعة من الفتنة وما في الرياء من مجانبة الإخلاص) أهـ فما أشرت إليه من معنى (روتين) الفرنجية هي (الضراوة) بعينها كما سمعتها عن الجاحظ. قال الجميع: كفى اليوم بهذا القدر والله محب المحسنين. فتناثر عقد النادي.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة صادق وصدق عليه سألنا أحد أدباء البلدة أيجوز أن يقال: صادق فلان على المعاهدة؟ وأن كان لا يقال فما هو الأفصح؟ قلنا: لم يرد صادق فلان على المعاهدة في كلام فصيح بمعنى اقرها وأثبتها ووافق عليها؛ بل صادقها فقد جاء في الإتقان للسيوطي (122: 1) إنا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله؛ فتفسرها لنا؛ وتأتينا بمصادقة من كلام العرب. أهـ وبعضهم حاول إبدال صادقها بصدق عليها طلبا للأفصح من الكلام. وهذا أيضا لم يرد. والمنقول عنهم: صدقها بحذف الجار في هذا الفعل الثاني كما في الأول. قال في نهج البلاغة (طبع بيروت 92: 2): (ومن أعطى الاستغفار لم يحرم المغفرة ومن أعطى الشكر لم يحرم الزيادة؛ وتصديق ذلك كتاب الله. قال الله في الدعاء: أدعوني استجب لكم) أهـ. ولم يقل والتصديق على ذلك كتاب الله. وفي معجم البلدان لياقوت الحموي (من طبع الإفرنج 22: 1) وحكي عن بعض اليونان أن الأرض كانت في الابتداء تكفأ لصغرها وعلى طول الزمان تكاثفت وثبتت. وهذا القول يصدقه القرآن؛ لو أنه زاد فيها أنها ثبتت بالجبال. أهـ ومن ثم لم يصح كلام الكاتب المجيد أسعد خليل داغر في كتابه تذكرة الكاتب في ص35 في قوله: (ويقولون: صادقت الوزارة على تعيين فلان) و (صدق الملك على الحكم) واصلح بعضهم هذا الخطأ بخطأ آخر وهو (صدقه) (أي من باب التفعيل) وكلها غلط. أهـ

فنحن نقول له: يا طبيب داو نفسك لأن صدقه (من باب التفعيل) صحيح لا غبار عليه على ما أثبتناه من النصوص وكذلك صادقه والذي لم تنطق به العرب هو صادق عليه وصدق عليه أي عقد الفعل بالجار وإلزامه به. على أنه قد يجوز هذا أيضاً من باب التضمين فمعنى صادقه وافقه عليه؛ ولكون هذا يتصل إلى مفعوله بأداة الجر لجاز عندهم وصل صادقه بالحرف المذكور. وكذلك القول في صدقه فانه يتضمن المعنى المشار إليه. على أن الأفصح يبقى صادقه وصدقه (من باب التفعيل). وأما قول اليازجي وداغر ومن لف لفهما أن الصواب هو: أجاز المعاهدة أو أمضاها أو اقرها أو وافق عليها فكلها من المرادفات؛ لكن هيهات أنها تؤدي مؤداها. ولكل من هذه الأفعال معنى يقابله في اللغات الإفرنجية وهي كلها من المرادفات لكنها ليست بالمطلوبة هنا. رمز وسألنا المذكور: كثيرا ما اقرأ في مجلات مصر وسورية وفلسطين ومؤلفات أهاليها: هو رمز كذا. أفهذا صحيح؟ قلنا: الصحيح شيء والفصيح شيء آخر أما أنه صحيح فله وجه في العربية إذ ليس من غلط في لغتنا على ما ندعي. وأما أنه فصيح فليس بصحيح. فان فعل رمز يعدى إلى مفعوله بالى قالوا: رمز إليه. ولهذا لا يجوز أن يقال هذا رمز الشيء الفلاني بل: رمز إلى الشيء الفلاني. وعليه ترى جميع الفصحاء ينطقون بمثل هذا الكلام أما ضعفاء الكتاب فيخالفونه لما هناك من باب التأويل والتضمين الواسع المدخل. والمعول عليه هو رمز إلى وهو الفصيح. كرس وسألنا أيضاً عن فعل كرس (مضعف العين) وعن معناه. قال قرأت في المقتطف (645: 68): وقد كرس (والفعل بصيغة ما لم يسم فاعله وبكسر الراء المشددة. والكلام عن تمثال لتيتي شيري) لاوزيرس اله ابيدوس. فما معنى كرس وهل جاءت في كلام الفصحاء؟ قلنا: كلمة كرس هنا معناها خصص وارصد (بالمجهول) وهي كلمة نصرانية لا معنى لاستعمالها في العربية لأن لغتنا مستغنية عنها وهي قديمة الدخول في لساننا نقلها عرب الأندلس المسيحيون في المائة الثالثة عشرة للميلاد أو في المائة السابعة للهجرة عن اليونانية على رأي دوزي المستشرق الهولندي. وعندنا أنها من اليونانية بمعناها. وأما الأولى فمعناها زيت التقديس يمسح به ما يراد ارصاده بالله أو بالقدسيات. على أن فصحاء العرب كرهوا اتخاذ هذه الكلمة لما في معناها من الحقارة ففي لسان العرب؛ التكريس ضم الشيء بعضه إلى بعض ويجوز أن يكون من كرس المنة (بكسر الكاف) حيث تقف الدواب. . . وابوال الإبل والغنم وأبعارها يتلبد بعضها على بعض في الدار. أهـ ولهذا نرانا في مندوحة عن استعمالها معتاضين عنها بألفاظ عربية صرفة. مثل: خصص وارصد وسبل (بتضعيف الباء) وقدس (بالتضعيف) إلى أمثالها وهي كثيرة. على إننا قد بحثنا عن وجودها في مؤلفات العرب غير النصارى فلم نجد لها أثرا. فنبذها إذا خير من الاحتفاظ بها على غير طائل.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 8 - الربيعيات رفائيل بطي الربيعيات (؟!) والصواب ربعيات اسم طيب على الاذان، لا تكاد تسمع به أنت إلاَّ وتتصور بين يديك أزهار الربيع بأنواعها وألوانها واختلاف روائحها على انك قد تجد في أكمة تلك الازاهير الربعية خنافس دقيقة أو هوام متنوعة أو زنابير لاسعة. وعلى هذا المثال وجدنا ربعيات رفائيل، ففيها كل ما أشرنا إليه من محاسن ومساوئ. أما محاسن تلك الازاهير، فهي تلك العبارات الأنيقة، المحكمة الوضع،

البديعة الرصف، المختارة الألفاظ، الرشيقة المعاني، وفي اغلبها من الرقة والسلاسة ما لا تجدها في أكبر كتبة هذا العصر. ولا بدع في ذلك فان الكاتب وهب حظا وافرا من الصنعة الساحرة. ومن ينكرها عليه فقد أنكر على الشمس ضياءها في رائعة النهار. على أن في تلك الازاهير خنافس سوداء. تدأب في سلبها روائحها وأطايبها وأول هذه الخنافس أنه يكتب شيئا ويريد شيئا آخر. قال في أول كلمة نقشتها أنامله في صدر كتيبه (الواقع في 100 صفحة من قطع 16): (يا أماه، هذه كلمات تعبر عن خوالج نفس آثارها الحس والشعور. فكان حسها داعي لذاتها، وشعورها علة المها. لهذا اهديها إليك. فحاولنا أن نفهم ما قال. فذهب عناؤنا في الأول عبثا. ثم فكرنا بعد ذلك مليا، فاتضح لنا أنه يريد بالخوالج؛ الخواطر والهواجس أو المختلجات؛ أما الخوالج فجمع خالجة وهذه من خلجه أي جذبه وسلبه ونزعه وحركه. ثم أن العرب تخص وقوع المختلجات بالصدر لا بالنفس - وقوله أثارها الحس لا معنى له: ولعله يريد الإحساس مصدر أحس بالشيء أي ظنه ووجده وأبصره وعلمه. وإما الحس فهو الحركة وأن يمر بك قريبا فتسمعه ولا تراه، والصوت، ووجع يأخذ النفساء بعد الولادة. وبرد يحرق الكلأ، وقد حسه: احرقه فهل أراد شيئا من هذا أو هذا كله؟. - وقوله: كان حسها (أي حس الخوالج) داعي لذتها. كلام مغلق يحتاج إلى أن يطلب القارئ مفتاحه إلى من تولى إغلاقه، ولعل مراده: فكان الإحساس بها داعيا إلى التلذذ بها، وحينئذ تبدو لك في سماء المعنى سحابة ماطرة. وقوله: (وشعورها) لا ينطق بها عربي. بل يقول: والشعور بها. وأما قوله وشعورها علة المها. فهو قد لا يكون كذلك إذ قد يشعر المرء بشيء فيتألم منه. وقد يشعر به فيستلذ به. هذه الخنافس وجدناها في أول برعومة انفتحت لنا. فما قوله بخنافس سائر البراعيم. وأما الصفحة الثانية التي وسمها (بصريح القول) فإننا نرى أنه لم يعنونها كما يجب. فلو جلاها بقوله: (بمغلق القول) لكان أوفق للموضوع. فلقد

أعملنا الفكرة في تفهم تلك الأسطر الستة فلم نوفق له، فعسى أن يهتدي غيرنا إلى ما يريده الكاتب. والخلاصة فهمنا من هاتين الصفحتين أن الناطق بتلك المفردات الفريدة لا يريد أن يجمع من تنسيقها معنى حقائق وصورا بينة، بل يريد فيها دندنة وطنطنة وطقطقة وشقشقة وبقبقة. ولهذا لا نريد أن نتبعه في جميع ما جاء به على هذا الحذو المبارك! تعال الآن ننظر ما فيه من صغار الزنابير اللاسعة. فالظاهر أن الرجل عصبي في غاية العصبية، فهو يمجد بعض المتهوسين ويلقب بعض الرجال الهادمين لأركان الراحة والسلام بألقاب ضخمة لا تصلح لهم إلاَّ من قبيل الهزء والسخرية. فقد قال مثلا في ص10: (سمعت نداء المصلحين والمبشرين من عهد (بوذا) (وكنفوشيوس) إلى يوم (كارل ماركس) و (تولستوي)، فعلمت أن هذه التعاليم، مع كل ما حوته من الحكمة (؟) والسداد (؟) ليست بكافية لتغيير سبيل الحياة الذي سار عليه البشر) لا اعلم ما يريد بالمصلحين والمبشرين؛ كما لا اعلم كيف جعل بوذا وكنفوشيوس وكارل ماركس وتولستوي من طبقة واحدة؟ وهل في تعاليم هؤلاء الأربعة حكمة وسداد؟ فإن كانتا فيها، فلم بقي الآخذون بها على غير سبيل الحياة الذي سار عليه البشر؟ - وفي الفصل الذي عنوانه (النابغة) (ص66 إلى ص71) ما لا ينطوي فحواه على غر الريحاني معبوده بل عليه نفسه. وكله كلام لو قاله غيره لوصمه بالمعتوه والمجنون. لكن الظاهر من كلام رفائيل أنه يجوز له أن يمدح نفسه بل يؤلهها، ولا يجيز لغيره أن يتنفس هواء الجو الذي يستنشقه وذلك لأنه قال (في ص71) (وسوف يعرفني رفاقي (لعلها رفقائي) متى رفعوا الغشاوة عن أعينهم (لعلها عن عيونهم. وذلك لأن على عيون جميع لدات الكاتب غشاوة إلاَّ هو فإنه يبصر. أفيجوز له أن يمدح نفسه على هذا الطراز البديع؟) فيعلمون أنني وإياهم في الجوهر (أي جوهر؟) متفقون وأن اختلفنا في الأعراض (أي أعراض تريد؟ افصح لنا لنؤاخيك ونتخذك أستاذنا وأمامنا.) لسعات رفائيل مسمومة! لا نريد أن نستزيد منها، فلابد من أنها تحدث ورما. فلننتقل إلى الهوام التي في تلك الزهرات الربقية.

ونريد بالهوام الأغلاط الصرفية والنحوية واللغوية. وأول هذه الكلمات، أول لفظة في هذا الكتيب، فقد عنونه بالربيعيات، وليس للكلمة وجود في العربية ولعله يريد (الربعيات) بكسر الراء نسبة إلى الربيع. والفصحاء لم ينطقوا بغير الربعي والجمع ربعيات - وقال في ص5: فإذا رأى فيها بعض القراء. . . والصواب فان رأى: في ص9 س8 من ثور تلك الإعصار الهائلة والصواب ذلك الإعصار الهائل لأن الإعصار (بكسر الهمزة) مفرد. والجمع أعاصير وليس بجمع البتة كما توهمه. ص4 فيثور على الوجوه والمقدمين الانويين. لا اعلم ما يريد بالانويين، فلعله يريد بهم ما سماهم الآخرون بالأنانيين ويريدون بهم المستأثرين. فعسى أن يصح حدسي. ص16 عيناها الزرقاوان يشعان نورا وينفذان بسحرهما. . . لعله يريد تشعان نورا وتنفذان بسحرهما. في تلك الصفحة: ثغرها الوردي. . . وهذه أول مرة نرى الثغر يوصف بالوردي: والمعروف عند العرب أن الثغر هو الأسنان أو مقدمها أو ما دامت في منابتها وتوصف بالبياض الناصع. وفي ص19: (تغسل أمواج الأمل قدميك العاجيتين في نهر الحياة. كلما عبثنا برمال الشاطئ. باحثة عن (خاتم البخت) مستفهمة من أكوامها واحافيرها نبأ مستقبلك) - قلنا: إلى من يعود تأنيث باحثة ومستفهمة وأي معنى هناك ولعله يريد: باحثين (نحن الذين نعبث برمال الشاطئ) عن خاتم البخت مستفهمين. . . في ص22: في تلك المغارة؛ التي لا يسمع فيها: إلاَّ حفيف الأغصان الجرداء. . . لا يا حبيبي رفائيل ليس في المغاور أغصان خضراء ولا جرداء فكيف يسمع فيها حفيفها. في ص23 مولود عجيب يدعى (يسوع) في حضانة والدة. . . لا افهم الحضانة هنا. فماذا تريد بها؟

وفيها: وتراكضت الأمهات لتهنئ الوالدة الجديدة بميلادها الغريب. . . يا له من تعبير يخالف ما في التفكير. الأمهات يهنئن الوالدة بولادتها الولد العجيب لا بميلادها أي وقت ولادتها. والولادة هنا عجيبة لا غريبة. فكيف يجمع بين أشياء مخالفة للحقيقة؟ وفي ص25 - القياصرة العاتين. أيجمع عات على عاتين أم يكسر على عتاة وعتي؟ وفيها - قليلون هم الذين فهموا سر الحياة لهذا الطفل العظيم؛ تعبير ركيك واحسن منه: سر الحياة حياة هذا الطفل العظيم. وفي ص26: عيشة الحكماء والمشرعين. . . والصواب والشارعين أو المشترعين. وفي ص27: ولم يخاطب جيله الحاضر؛ واحسن منه: المعاصر وفيها: الأجيال القابلة بمعنى المقبلة وهي غريبة جدا ولا نريد أن نتتبع الكاتب في جميع هناته؛ وقد اكتفينا بما ذكرنا. ونود أن لا يتعرض للمباحث التي هي خارجة عن نطاق علمه من دينية وفلسفية وما يماثلها. وذلك اضمن لراحته واسلم له من العثار. 9 - محاضرات في تاريخ مدن العراق (في 136 صفحة بقطع 12) ألقاها يوسف رزق الله غنيمة في مدرسة دار المعلمين العليا ببغداد سنة 1922 - 1924، طبع بنفقة المكتبة العصرية في بغداد لصاحبها محمود حلمي عدد الرجال الذين يقبلون أن ننتقد كتبهم لا يكاد يكون له وجود؛ فإنهم قليلون في بلادنا هذه الشرقية. ولا سيما في العراق؛ أما في سورية والديار المصرية فقد فهم الناس أن لا بد للنقد لإصلاح ما في مؤلفاتنا من الأوهام والأغلاط وسوء المذهب في المباحث العلمية: إذ يغلب فيها الجهل العلم. أما صاحب هذا الكتاب فعجيب في جميع ما يكتب ويتكلم ويرتئي. إذ

قلما نرى من يصارعه في هذه الأمور الثلاثة؛ لأنه أن كتب ابتدع وأن تكلم أفحم وأن ارتأى رأيا بز فيه من تقدمه - نقول هذا لأن صاحبه كتب إلينا حين أهدانا تصنيفه: (اطلب إليكم أن تنتقدوه ولا تقرضوه أو تشارفوه فقط لأن في النقد فائدة للقراء ولي ولكل من يروم الوقوف على الحقيقة) فإجابة لطلبه نقول: أن الكتاب على ما هو درة من الدرر، لأننا لم نر إلى الآن من تعرض للمباحث التي طرقها الكاتب المحقق، فإنه جعل موضوع ما كتب الكلام عن مدن العراق المندثرة. وإنما لم تذكر هذه الكلمة لإنما أراد وضع تأليفه على قسمين: قسم يخصه بالمدن المندثرة، وقسم بالمدن الحاضرة، ولكن أشغاله منعته دون تحقيق أمنيته كلها، فخص هذا القسم بالمدن المندثرة؛ والباحث الأجنبي إذا أراد الوقوف على ما كان في ديار العراق من المدن العتيقة وجد في لغته الإنكليزية أو الفرنسية أو الإيطالية أو الألمانية أو الأسبانية مؤلفات كثيرة تفي بالمطلوب؛ أما العرب سكان هذه الديار المباركة فإنهم لا يعثرون على شيء من هذا القبيل فيضطر إلى أن يسأل هذا وذاك للوقوف على ما كانت دياره في سابق العهد. ولذا سد هذا الكتاب ثغرة؛ بل فجوة واسعة في تاريخنا. جميع ما تطالعه في هذه الصفحات منقول عن عدة لغات وعن أصحاب القدم الراسخة في مايصنفون، ولذا يحق للقارئ أن يعتمد كل الاعتماد على ما تخطه يراعة صاحب (الغنائم). على إننا لا ننكر أن هناك بعض الأوهام تحتاج إلى تصحيح في الطبعة الثانية وتقسم هذه الأوهام إلى ثلاثة: أوهام الطبع، وأوهام أعلام؛ وأوهام نحو أو لغة. فمن أوهام الطبع التي تصلح في باب التصويب ما هذا بعضه: ص س ك 4 13 6 إلا آمال صوابها الآمال 5 11 10 ولم يكونا هذان النهران؛ ولم يكن هذان 6 3 5 أخذ طمآ دجلة والفرات والعظيم؛ وعظيم بدون ال وهو الذي كان

يعرف في عهد العباسيين باسم نهر باعيناثا 8 3 4 نبذ النوات؛ نبذ النواة 10 15 10 تقولون بأني نسيت؛ تقولون أني نسيت ولا نريد أن نزيد على هذا القدر، لأنه كثير. وأما أوهام الأعلام فان حضرته جرى على تسمية بعض الأعلام القديمة بمد حروف العلة وهي في الأصل مقصورة، ولا جرم أنه جرى مجرى بعض العصريين الذين يأخذون تلك الأعلام عن أبناء الغرب، ولا يحققون بأنفسهم الأصل الذي أخذ عنه. فقد قال مثلا في ص5: نار ماراتو والصواب نر مراتو واحسن منها: نر مرات. بضم التاء المبسوطة، لأنها كذلك في اللغة الآشورية وليست بحرف فكأنك تقول النهر المسمى مرات، وهو الفرات - وقال في ص9 هيرودوت وأخيل وارستوفان وارسطاطاليس، والصواب أن هذه الأسماء هي يونانية ولما كانت كذلك فيحسن بنا أن نبقي عليها ثوبها اليوناني حتى ينتبه القارئ إلى تلك المزية، ولهذا قال الأقدمون من السلف؛ هيرودوتس وأخيلس وارستوفانس وارسططاليس ونقول أسكندر المكدوني لا المقدوني كما قال في تلك الصفحة - وقال في ص12 رولنصون ورولونصون ونحن نخير عليهما اللفظ الإنكليزي الحقيقي وهو رولنصن - وكتب سبار وشماش (ص18) ونحن نخير الكتابة الأصلية السامية سبر (بتشديد الباء المثلثة الفارسية) أو سفر (لأن الباء المثلثة تنقل إلى فاء) وشمش - وكتب ص19 نبور ونرجال وشربورلا ولاكاش واوروك واشتار. ونحن نفضل عليها الرواية السامية: نبر (أو نفر) ونرجل وشربولا ولجش وارك واشتر. إلى ما ضاهى هذه الأعلام. وأما أوهام النحو واللغة فكقوله في صفحة العنوان: في مدرسة دار المعلمين فبدار غنى عن ذكر المدرسة - وفي ص2 لما دعتني وزارة المعارف الجليلة لألقي والصواب إلى أن القي - وكقوله: عظم سروري إذ كان السامعون طائفة؛ والمعنى يتطلب أن يكون؛ وعظم سروري حينما رأيت السامعين - وذكر في ص3: مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع للسيوطي، ونحن لا نعلم

مؤلفا للسيوطي بهذا الوسم. أما مراصد الاطلاع المشهور فهو لتقي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق (راجع مخطوطات خزانة الكتب الأهلية في باريس ص392) ويروى: عبد المؤمن صفي الدين أبن عبد الحق والرواية الصحيحة هي الواردة في كتاب الرد الوافر في ترجمة صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحق بن عبد الله بن علي بن سعود البغدادي الحنبلي المولود في جمادي الآخرة سنة 658هـ 1260م) إذ يقول المؤلف: وله كتاب مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع وهو مختصر معجم البلدان. توفي صفي الدين في صفر سنة 738 هـ (1338م). - وقد طبع هذا الكتاب في ليدن طبعا متقنا في سنة 1850م ثم طبع مرتين في بلاد إيران، وهو أحسن طبعة تتخذ لطرد الشياطين فإن الأغلاط الواردة فيها تعد بالمئات وكلها من قبيل (الضبغطري) تفزع بها الأرواح النجسة وتقصيهم إلى حيث لا يسمعون تلك الكلم المشوهة. أما مراصد الاطلاع للسيوطي فإنه لم يتمه ولم يطبع. ومن أغلاط المخالفة للأصول العربية قوله في ص5: يجدر بنا - قبل أن نبحث عن مدن العراق القديمة واحدة فواحدة - ننظر نظرا عاما. والصواب أن ننظر - وقال في ص6 هضاب الرمال. وفي آخر الصفحة تلولا من الرمال والصواب أن العرب لا تقول في مثل هذا المعنى إلاَّ حبال الرمال (بالحاء المهملة) في كلا التعبيرين - وفي ص7 وفلوات رملية جدباء، ولو اكتفى بالكلمة الأولى لكان احسن. لأن الفلوات لا تكون إلاَّ كما وصفها - وفي ص13 بينها صفائح الآجر المشوي، والطين المجفف في الشمس. ولو قال: بينها صفائح الآجر واللبن؛ لاستغنى عن بقية الألفاظ لأن الآجر لا يكون إلا مشويا واللبن لا يكون إلا مجففا في الشمس - وقال الاسطوانات. والعراقيون يسمون هذا الشكل من العاديات بالشمامات وهو اسم على مسمى. أحسن من قول الإفرنج: الاسطوانات، لأنها تشبه الشمام كل الشبه. وهناك غير هذه الهنات وهي كلها تحسن منظر الكتاب لأنها كالشامة في وجه الحسناء كما يصفها بعضهم. إذ لا يخلو كتاب من مثلها بل اكثر منها.

10 - كتاب مرشد الطلاب إلى قواعد لغة الأعراب لرزوق عيسى - الجزء الأول في الصرف طبع في المطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1922، في 112 صفحة بقطع الثمن الصغير كتب الصرف والنحو اكثر من أن تحصى. ابتلانا بها الأقدمون ولا يزال المحدثون يزيدوننا بلاء بتصانيفهم الجديدة. هذا ما يقال بوجه عام عن هذا الصنف من العلم؛ ولو اجتهد الناس بدرس العلوم المفيدة من طبيعيات ومواليد وكيمويات ورياضيات إلى نظائرها لأفادونا اكثر واستفادوا هم أيضا على حد ما يفعل أبناء الغرب. على أن كتاب مرشد الطلاب مفيد من عدة وجوه: أولا لأنه سهل العبارة واضحها قد لا يحتاج المتعلم إلى تلقي معناها عن معلم - ثانيا لأنه حسن التبويب؛ تتسق فصوله اتساقا يأخذ بعضها برقاب بعض - ثالثا لأن في تمارينه وشواهده أقوالا حكيمة ونصائح مفيدة. فالطالب يرضع ألبان الأخلاق الطيبة مع مبادئ القواعد العربية - رابعا: لأن في آخر كل درس خلاصة تحوي لباب ما تعلمه التلميذ في سطور عديدة. هذا من جهة الحسنات التي قلما تشاهد في كتاب صغير من مثله. ولما كان كل تصنيف لا يخلو من عيب ولو كان طفيفا. ففي هذا المرشد شيء من هذا القبيل. فقد يجيء ببعض عبارات غير كافية لتأدية المعنى المطلوب. - قال مثلا في ص4؛ الكلمة لفظ يدل على معنى مفرد؛ ولو قال على معنى قائم بنفسه لكان أوفى بالمقصود - وفي ص9 وحيث لا حركة فهناك السكون؛ والصواب وحيث لا حركة فسكون وقد تكررت هذه الغلطة في ص14 وفي بعض النصائح ما لا تحمد عاقبته كقوله في ص13: اهجر النوم ولو قال: اهجر كثرة النوم لكان هو المطلوب - وفي ص25 (إذا اجتمعت بمن هو ارفع منك فكن أديبا) فكأنه يقول: وإذا اجتمعت بمن هو أدنى منك فلا تكن أديبا. وهو قبيح كما ترى؛ ولعله يريد أن يقول فكن خافض الحواس مثلا؛ بدلا من (أديبا) - وقال في ص28 جر العربية (بياء مثناة قبل الهاء).

ولعله يريد العربة أي العجلة. (والعربة تركية أي أربة وأما العجلة فعربية) ثم ماذا يريد بقوله: جر العربة؛ أفهذه من النصائح التي يحسن بالمرء أن يتبعها. - وفي ص29: (رأيت رجلا طلع الصباح في رأسه وخيم الظلام في قلبه) ولعله يريد طلع الضياء في رأسه. - وفي ص31 من شاب عذاره لم تقبل أعذاره. وهو كلام أحدهم وفساده ظاهر؛ لأن الأعذار تقبل ولا سيما إذا كان المعتذر رجلا كبير السن - وفي ص41: اكرم من علمك ولو حرفا واحدا فهذا معناه اكرم ولو حرفا واحدا من علمك، وكان الأحسن أن يقال لا من البس؛ اكرم من علمك ولو علمك حرفا واحدا - وفي ص52: اعتزل ذكر الغواني والغزل ... وقل الفصل وجانب من هزل ولو قال: وقل (الحق) لكان أبين لما في النفس - وقال في ص82 أنا حامد أنا شاكر أنا ذاكر ... أنا جامع أنا ضائع أنا عاري ولو قال: أنا جائع لكانت الكلمة المطلوبة في هذا البيت؛ وأما جامع فلا معنى لها هنا. وقد وقع في الكتاب أغلاط طبع كما وقعت في سائر الكتب وكان يجب أن يعتني كل الاعتناء بكتب الطلبة ليبعد عنها كل غلط مطبعة من ذلك: صس 6 7 البنات تخيطن والصواب يخيطن 15 4 وهو حامل كيس ملح والصواب وعليه كيس ملح 15 7 وتذكرة وصوابه تذكرة 20 13 الق خبزك على الماء فنجده بعد أيام والصواب فتجده. وهذه العبارة لا معنى لها. 22 8 باالعمل - بالعمل 26 8 إلى 12 ذكر أبواب الفعل الثلاثي ولم يحرك عين الفعل في الماضي ولا في المضارع وهو عيب لا يغتفر في هذا المقام. وكان عليه أن يذكرها بالترتيب اللازم وبالتعبير الصريح. كما كان يجب أن يقدم باب ضرب على بقية الأبواب الخمسة بعد باب نصر ثم يذكر باب فتح. فباب فضل إلى آخر ما هناك من النظام المعقول الذي أثبته العلماء. 27 15 أفعال على وزن حس؛ تبع، نعم. ولو ذكر فعلا ثالثا لجاز له أن يقول (أفعال) أما وقد ذكر فعلين فقط فكان الأجدر به أن يقول؛ فعلان. 29 6 لا نسأل المرء عما في ضمائره. والصواب في دخائله 21 1 العصا لمن عصا، والصواب لمن عصى 32 11 انعم به، خطأ ظاهر؛ والصواب؛ نعم كبئس 35 10 فالضمير البارز هو الذي يظهر في اللفظ كأنا والتاء في نحو فهمت وشعرت. وهو كلام واضح الغلط والصواب: كنا والتاء في نحو فهمنا وشعرت. وهناك غير هذه الهفوات. ولله وحده الكمال.

باب التقريظ

باب التقريظ تنبيه نضع في كل باب ما يطلبه المهدي إلينا كتابه، فالذي يحب أن ننتقد كتابه ننتقده بكل أنصاف ولا نراعي فيه إلاَّ ما تطلبه الحقيقة وقولنا هذا لا يدل على أننا نصيب ما نقول، إذ ربما كان خطأنا اكثر من صوابنا في نظر الغير إلا أننا نكتب ما نخاله الصواب. والذي يود أن نشارف كتابه أي ننظر ما فيه من المساوئ والمحاسن فإننا نفعل بما يشيره علينا المهدي، إذا كتب على كتابه (للمشارفة والانتقاد) وأما الذين يرغبون في أن نقرظ لهم مؤلفاتهم فنضعها في باب التقريظ من غير أن نتعرض لنقدها البتة. فهذا الباب هو على الحقيقة باب إعلان ليس إلاَّ. وكل من لا يكتب شيئا على هديته، فهذا معناه أننا مخيرون في وضعه في الباب الذي نراه لائقا بالمصنف. على أننا نقول أن الكتاب الواحد قد يختلف في نظرنا باختلاف الأبواب التي ندخله فيها. فربما قرظنا كتابا وهو في نظرنا ساقط، فالسيد عبد الرزاق الحسني صاحب جريدة الفضيلة، أراد أن نقرظ كتابه. 11 - رحلة في العراق أو خاطرات الحسني الطبعة الثانية وهي بقطع الثمن في 156 صفحة طبع في المطبعة العصرية في بغداد سنة 1925 يرى الواقف على هذا الكتاب كل ما طاب ولذ (من تاريخ العراق بصورة مختصرة) فإن صاحبه تتبع أحوال العشائر المألوفة. مع ضروب معاشهم وأنواع أخلاقهم وفيه فصل عن الآثار العتيقة التي ترى في الصحارى والقفار كما تطالع فيه ما يتعلق بأحوال العراق السياسية والاقتصادية والزراعية والعلمية، فجاء الكتاب كما قال صاحبه: (جامعا مهام المسائل الاقتصادية) فنتمنى له كل التوفيق.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نحن والمجلة الشهرية في مصر كان حضرة محرر (المجلة الشهرية) التي تصدر في مصر طلب إلينا رأينا في مجلته فكتبنا إليه رسالة خاصة نشرها في الجزء السادس من السنة الثانية في ص563 إلى ص566. ثم علق عليها ما رآه مناسبا، وطلب إلينا ثانية أن نجاوبه فنقول: قال حضرته: (اعتمد في قولي أن (تدخل في) مماته على أنها لم ترد في

كلام فصيح. أما كون دخل (المشددة العين) حية على السنة العراقيين فأنت اعلم به. ولا دخل له في موضوعنا. ولا كلام العراقيين بالحجة التي يسكت عليها) أهـ قلنا: إنكار الزميل حياة الكلمة ومماتها لا يغير شيئا منها. وهل يتصوران الفصيح يستعمل جميع الألفاظ الفصيحة الموجودة في اللسان الواحد، فإننا لا نوافقه - وأما أنها لم ترد في كلام فصيح؛ فهذا مما ننكره عليه. فهل يتصور حضرته أنه واقف على كلام جميع فصحاء العرب، أو هل يظن أن كلام جميع الفصحاء دون تدوينا، فإننا لا نرى رأيه - ثم من قال له أنه لم يرد في كلام فصيح، فصاحب لسان العرب يعد من فصحاء اللغويين، وعلى كل حال نعده نحن ويعده هو. افصح من حضرته. وقد قال في مادة د خ ل: فلان دخيل في بني فلان؛ إذا كان من غيرهم فتدخل فيهم - وقال في آخر تلك الصفحة (أي ص257) (الدخل والدخلل والدخلل؛ طائر متدخل أصغر من العصفور. . .) وهو نص كلام أبن سيدة على ما ذكره صاحب التاج. وقال السيد مرتضى: في العياب: (وأظن صاحبه من الفصحاء اللهم إلاَّ أن لا يوافق على هذا الرأي حضرة النجيب) تدخل الشيء؛ دخل قليلا قليلا، ومن ادخل كافتعل قوله تعالى: أو مدخلا اصله متدخل. أهـ وفي القاموس: دخل دخولا ومدخلا؛ وتدخل وأندخل وادخل كأفتعل نقيض خرج أهـ. فان كان كلام هؤلاء اللغويين لا يرضيه فعليه السلام ورحمة الله وبركاته. طالبين إليه أن يضع لنا معجما يذكر فيه حي المفردات من مماتها لنكون على بصيرة مما ننطق به أو نكتبه. ثم أن تدخل مطاوع دخل، ودخل موجودة في جميع الكتب والمعاجم فضلا عن وجودها في لغة العراقيين ولا سيما البغداديين منهم. ولغتهم وأن لم تكن بالحجة في حد نفسها. إلا أنها إذا وافقها كلام الفصحاء أصبحت حجة منيعة؛ وأن كان حضرته يحتقرها، فاحتقاره لها لا يغير من أمرها شيئا. وهو بعلمه هذا يخالف ما كان يفعله الأقدمون من إجلالهم للبغداديين والاعتداد بأقوالهم وآرائهم. فقد قال أبن جني في كتاب الخصائص (205: 1): (سمعت الشجري: أبا عبد الله غير دفعة يفتح الحرف الحلقي في نحو: (يعدو وهو محموم) ولم اسمعها من غيره من عقيل؛ فقد كان يرد علينا منهم من

يونس به ولا يبعد عن الآخذ بلغته. وما أظن الشجري إلا استهواه كثرة ما جاء عنهم من تحريك حرف الحلق بالفتح إذا انفتح ما قبله في الاسم على مذهب البغداديين. . .) ثم ذكر بيت شعر لكثير وآخر لأبي النجم. ثم قال: وهذا ما قد قاسه الكوفيون وأن كنا نحن لا نراه قياسا. وقال في ص452 من ذلك الجزء: وتابع أبو بكر البغداديين في أن الحاء الثانية في حثحث بدل من ثاء. وأن اصله حثثت. وكذلك قال في نحو ثرة وثرثارة. أن الأصل فيها ثرارة فأبدل الراء الثانية ثاء فقال ثرثارة، وكذلك طرد هذا الطرد.) إلى آخر ما ذكره هناك. وكثير ما ترى اللغويين والنحاة من السلف يستشهدون بكلام البغداديين، فمنهم من يقره ومنهم من ينفيه متبعين في أقوالهم كلام من تقدمهم من فصحاء أهل اللسان، ولهذا لا نستحسن كلام النجيب واستخفافه بكلام العراقيين مع ما لهم من رسوخ القدم في اللغة المبينة. نتقدم الآن إلى قوله: (عادة لم تجمع من عوائد في كلام فصيح يحتج به) قلنا: جاء في كتاب العين (وصاحبه من أهل المائة الثامنة للهجرة): العادة الدربة في الشيء، وهو أن يتمادى في الأمر حتى يصير له سجية، والجمع عاد وعادات وعوائد، أهـ وفي المصباح: العادة. معروفة. والجمع عاد وعادات وعوائد؛ سميت بذلك لأن صاحبها يعاودها أي يرجع إليها من بعد أخرى.) وفي تاج العروس: ومن مجموع العادة عوائد؛ ذكره في المصباح وغيره. وهو نظير حوائج في جمع حاجة؛ نقله شيخنا، قلت الذي صرح به الزمخشري وغيره أن العوائد جمع عائدة لا عادة. أهـ وهذا مبني على أن فعلة المثلثة الفاء لا تجمع على فعائل أو فواعل. إلا أننا نرى ذلك من الأوهام التي يجب التغضي منها وعنها ودونك ما كتبناه يوما في هذا المعنى: ورود جمع فعلة على فعائل أو فواعل صرح الصرفيون والنحويون واللغويون أن فعلة المثلثة الأول الساكنة العين صفة كانت أو موصوفا لا تجمع على فعائل ولا على فواعل، بل على فعال أو فعلات أو فعول أو غير ذلك.

على أننا إذا نظرنا إلى هذا الوزن نراه في اغلب الأحيان محولا عن فاعلة أو فعيلة. ولما كانت الأولى تجمع على فواعل والثانية تجمع على فعائل وجدت ألفاظ مجموعة على أحد هذين الوزنين. ونحن نبين ذلك وأن كنا نخالف أصحاب تلك القواعد أو الضوابط الموهومة. من ذلك ما جاء من هذا الوزن وهو من المضعف فانه يكسر على فعائل اطرادا قال الأزهري في التهذيب في مادة ك ن ن: (كل فعلة أو فعلة أو فعلة (أي بالفتح والكسر والضم) من باب التضعيف فأنها تجمع على فعائل؛ لأن الفعلة (المثلثة الأول الساكنة الوسط) إذا كانت نعتا صارت بين الفاعلة والتفعيل المؤنث من هذا النعت إلى ذلك الأصل. وانشد: يقلن كنا مرة شبائبا قصر (شابة) فجعلها (شبة) ثم جمعها على الشبائب. أهـ ومثل شبة وشبائب؛ حقة وحقائق؛ غرة وغرائر؛ ضرة وضرائر؛ حرة وحرائر؛ كنة وكنائن؛ شجرة مرة ومرائر؛ شدة وشدائد؛ همة وهمائم (بمعنى الشيخ الفاني والعجوز الفانية)؛ شقة وشقائق؛ لصة ولصائص. وبخصوص هذه الكلمة قال في المخصص (78: 3) هذا نادر لأن فعلة لا تكسر على فعائل أهـ ولقد رأيت من الأمثال التي أوردناها لك، وكلها منقولة عن لسان العرب وتاج العروس والمصباح والتهذيب والصحاح أن جمع فعلة على فعائل في المضاعف ليس نادرا كما توهموه بل كثيرا لأن العدد جاوز العشرة. وما كان بهذا القدر لا يعد نادرا. فاحفظ في صدرك خطأ أبن سيده فهو لا يخرج عن تقليد الأقدمين من غير أعمال الفكرة والروية في كلامهم. والآن نورد لك جمع فعلة على فعائل أو فواعل من غير المضاعف من ذلك قولهم ليلة طلقة وليال طوالق. قال أبن دريد: ربما سميت الليلة القمراء (طلقة) وقيل: ليلة طلقة وطالقة أي ساكنة مضيئة. وليال طوالق؛ طيبة لا حر فيها ولا برد. قال كثير: يرشح نبتا ناضرا ويزينه ... ندى وليال بعد ذاك طوالق قال أبو حنيفة: إن واحدة الطوالق طلقة. إلا أن السيد مرتضى رد عليه قائلا

قد غلط لأن فعلة لا تكسر على فواعل؛ إلاَّ أن يشذ شيء أهـ. قلنا: لا شاذ في هذا الكلام بل هو من الجاري على قاعدة جمع فعلة على فواعل إذا كانت فعلة محولة عن فاعلة: أما إذا كانت محولة عن فعيلة فتجمع على فعائل كما رأيت. هذا فضلا عن أن أبن حنيفة الدينوري اثبت قدما في اللغة من صاحب تاج العروس واقدم منه عهد. واجمعوا إليه على الأيام وليلة على ليال (واصلها ليائل) وأهلا (بتقدير أهله) على أهال (واصلها أهائل) ورضا (بتقدير أرضه) على أراض (واصلها أرائض). والوة (مثلثة لأول بمعنى اليمين) على الأيام (واصلها آلائي عن اللسان) وكيكة (أي بيضة) على كياك (واصلها كيائك) وحافة على حوائف (التاج). وحاجة على حوائج وعادة على عوائد (عن المصباح والتاج) ورخصة على رخائص وكلاة (مضمومة الأول) على كوالي (واصلها كلائي) ورجبة (مضمومة الأول) على رواجب ودوحة على دوائح. فهذه أربع عشرة لفظة مخافة لقولهم فعلة تجمع على فعائل أو فواعل وورودها على خلاف ما ادعوه دليل واضح فساد ما وضعوه من الأحكام والضوابط. وأن كنا لا ندعي أننا أتينا على جميع ما وجد في لسانهم أو في معاجمهم؛ إنما ذكرنا ما عثرنا عليه في بعض المطالعات وكلها ألفاظ قديمة سبقت عهد الإسلام وليست بمولدة أبدا كما ادعى بعضهم. أما أن بعضهم أولها بأنها جمع فاعلة لا فعلة فهو لا يقدح بصحة ما نقول: إذ أن الأولين أنكروا جمعها على فواعل؛ فهي على كل حال مخالفة لأحكامهم. ونحن قد قلنا أن فعلة قد تجمع على فعائل أو فواعل بموجب التقدير الذي يقدر لها في الأصل؛ على ما تقدمت الإشارة إليه في صدر هذا الكلام. فهل يرجع صاحب المجلة الشهرية عن كلامه الأول، أو كما يقول هل (يسحب) كلامه. فالأمر أمره رجع عنه أم لم يرجع، فأن الحقيقة لا تزيد بفعله، ولا تنقص، بل تبقى على ما هي: أما سؤال الرصيف: فهل يجمع الأستاذ ساحة وراحة وغادة وبارة وناقة وغابة على سوائح وروائح وعوائد نوائر ونوائب وغوائب!!؟

قلنا: لا، لأن الجمع المكسر من السماعي لا من القياسي، وإذا عدم السماع لجأ المتكلم إلى القياس. فكيف يسألنا هذا السؤال وهو عالم بذلك وقد قرره العلماء في كتبهم؟ وقال: (قد أكون أصبت في قولي أن (تمدن) أشهر من تمدين ولكن لا لأنها (وردت في مقدمة أبن خلدون مرارا) كما قال الأستاذ إذا لماذا لم يقل لنا سبب هذه الشهرة. إلا يعلم حفظه الله أن الناس يتلقون الألفاظ عن شيوخهم وإذا نقل واحد من المولدين لفظة. فلانه سمعها عن شيوخه. إذن كيف تشتهر اللفظة وتمدين لم ترد في كتاب رجل من الأقدمين أو المولدين. اللهم إلاَّ في القاموس وتاج العروس بمعنى تنعم لا بمعنى تمدن. أما تمدن فقد ذكرها المقري في نفح الطيب فضلا عن أبن خلدون، إذن وجود تمدن في كلام المولدين خير من عدم وجود تمدين بهذا المعنى في أي كاتب كان. أفليس هذا من الأمور المعقولة؟ وقال عنا: (قلتم أن كون القبرية من أنواع الأفعى مصحفة عن الكوبرا غير صحيح وأن الصحيح الفترية وأنها غلطة قديمة. وهذا ما لا علم لي به) قلنا: فإن كان لا علم لك به، فلماذا نطقت به؟ وأما قوله: (انتقدتم لي قولي: أن جواريهم لها أذناب وهن تلتف بشعورهن وتغني. . . الخ والصواب: لهن أذناب وهن يلتففن بشعورهن ويغنين. . الخ فدفاعه عن غلطه هذا الصريح بقوله: والكلام عن مخلوقات وهميات نصفهن إنسيات (كذا، ولعل هناك غلط طبع والصواب نصفهن انسي أو أنصافهن إنسيات) والنصف جنيات (كذا) وقد رأيت أن الذوق يقضي بان تعطي هذه المخلوقات ضمير العاقلات طورا وغير العاقلات تارة للدلالة على أصلهن.) هو جواب ملجم (بالبناء للمجهول من الجم) لا جواب مفحم (بالبناء للفاعل من أفحم). وأما إصراره على إنكار ورود الحوصلة لغير الحيوان فليس مما يغير شيئا من معاني الألفاظ المدونة في الكتب ولا يمنع الغير من اتخاذها في ما ينطقون به فما هي منزلة حضرته من مقام أولئك الذين اثبتوا المفردات بكل حرص وسعي؟ أفليس الأجدر به أن يتصاغر ويقر بغلطه أو بوهمه أو بسهوه إذا ما رآه

الغير بينا لكل ذي عينين. أن الاعتراف بالخطأ مما ينقصنا نحن الشرقيين ويعز علينا اتباع الغربيين فيه. ولو تأهل العاقل في مناحي الحقيقة لتأكد أن عدم ادعائه للحق لا يبطل الحق. بل يزيده إثباتا ويهوي بمن يخالفه إلى أدنى الدركات. وأما إنكاره ورود المسؤولية والأهمية والأفضلية والفاعلية والمفعولية والأقلية والأكثرية - وبعبارة أخرى: النسبة إلى اسم الفاعل واسم المفعول وافعل التفضيل - ليست من العربية في شيء ولذلك لا تجدها في المعاجم إلاَّ عرضا ولا تجدها في كلام العرب. . . إلى آخر ما قال: فنحن نجله عن النطق بمثل هذا القطع البات والحكم بأنه ليس من كلام العرب، فجوابنا عليه أن يطالع ما كتبناه في مجلة المجمع العلمي العربي في سنتها الرابعة في ص176 إلى ص178 فإن كان حضرته يستطيع أن يجاوب عنها فليفعل، ونحن نرجع عن كلامنا ولا نقول مثله (نسحب كلامنا) ونحن لا بد من نشر تلك المقالة في لغتنا هذه في جزء قادم ليطلع عليها من ليس له تلك المجلة. وفي جوابه إلينا أوهام غير ما ذكرناه، نعود إلى ردها في جزء آخر كما أننا سوف نجيبه على قوله لنا: (أيتيني بشاهد واحد من كلام فصيح على جمع اسم المفعول المستعمل استعمال الاسم مثل هذا الجمع وأنا (اسحب) كلامي) قلنا له راجع ما جاء في هذا البحث في الجزء الأول من مجلتنا هذه في جزءها الأول من هذه السنة ريثما نأتيك ببراهين أخرى تزيدك يقينا وثباتا. أما قوله: (أما ما ورد في كلامهم مثل مضامين وملاقيح فهما جمعا مضمونة وملقوحة قلنا: قد أصبت في ملقوحة أنها تجمع على ملاقيح وكان يجب أن تجمع على رأي الصرفيين جمعا سالما أي ملقوحات لا ملاقيح فتكسيرها على مفاعيل مخالف لقاعدتهم التي وضعوها. أما مضامين فهي جمع مضمون. قال في التاج في مادة ض م ن: وأما المضامين فان أبا عبيد قال: هي ما في أصلاب الفحول جمع مضمون. وانشد غيره: إن المضامين التي في الصلب ... ماء الفحول في الظهور الحدب. أهـ ونكتفي اليوم بهذا القدر وما بقي من جوابنا إليه نرجئه إلى سجزء قادم.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - بين عنزة والضفير اسم الضفير مشتق من معنى التضافر وليس من الظفر بمعنى الغلبة. واسم القبائل المتخذة أسماؤها من معنى التجمهر والتساعد والتضافر كثيرة في عربة (أو جزيرة العرب). ومن هذا القبيل الضفير. أما أصل ديارهم فنجد، قال ثابت أفندي في كتيبه المطبوع في الأستانة وأمين بن حسن حلواني مختصر تاريخ الشيخ عثمان بن سند البصري ما هذا بعضه: (آل الضفير قبيلة جليلة من قبائل نجد غادرت ديارها متوجهة إلى العراق، لكي لا تدفع ضريبة إلى الوهابيين ولا تضافرهم في غزواتهم فرحب بنو المنتفق بهم قائلين لأرباب الحل والعقد من موظفي الحكومة العثمانية أن وجود الضفير في ديار العراق مما يقوي عضد آل عثمان ويدفع عن أملاكها الوهابيين ومن لف لفهم. أما الحقيقة فكانت الاعتداد بعددهم والاعتزاز بقوتهم حتى إذا ناوأوا الترك وجدوا في هؤلاء الأعراب عونا ونجدة. وكان بنو المنتفق يفتخرون بهم ويثنون عليهم عند الحكومة وغايتهم الحقيقية تقوية العرب على الترك، ولهذا رأى هؤلاء من أولئك الأعراب الجدد ما فت في عضدهم مرارا لا تحصى. وكان دخولهم في العراق في سنة 1224 هـ (1809م). ومن أول ما أتوه انهم احتلوا جوار أرفا (الرها) ولما تمكنت أقدامهم فيها اخذوا يشنون الغارات على من جاورهم متفقين مع اليزيدية على هذه الغاية. فلما سمع باشا بغداد سليمان القنيل بمساوئ الضفير واليزيدية حمل على هؤلاء العصاة بجيش عرمرم ولم ينل الغاية من زحفته إليهم فان اليزيدية امتنعوا في إحدى ثنايا سنجار، وأما الضفير فقاوموه اشد المقاومة ولم يستطيع أن يؤذيهم وكان يومئذ مع الضفير فخذ من عنزة كبيرها الدريعي (بالتصغير والنسبة)

لكن الوئام لم يطل بين عنزة والضفير، فكثيرا ما أنفتقت الفتن بين القبيلتين على ما هو مثبت في كتب الأخبار، والآن عاد الخلاف بينهما والحكومة العراقية تحاول إيقاف رحى البلايا حقنا للدماء. ويستخلص مما ذكرته جريدة (الأوقات العراقية) التي تصدر في البصرة أن مجرى الحوادث الأخيرة اثبت أن جماعة من غزاة الضفير توجهوا إلى الجنوب أي إلى (كويبدآء) الواقعة بجوار (سفدان) في منتصف الطريق بين البصرة والكويت. ويرجع الخلاف المستحكم بين القبيلتين إلى عهد بعيد في كثير من الحوادث الغريبة يروى أن عشيرة الضفير لما قامت بغزو قبيلة عنزة منذ اقل من شهر لم تقتصر على حركة غزوها مستعيدة ما سرق منها من إبل وأباعر بل أخذت شخصين من رجال عنزة بمثابة (رهينتين) وكان أحدهما نجل شقيق الشيخ فهد بك الهذال ويقال أن الضفير قتلوا الرهينتين شر قتلة، وهو أمر قلما يقع بين القبائل العريقة في عروبتها. ولذا لم تبق المسألة مسألة غزو أو نهب بل أضحت مشكلة (ثار) وقل مسألة (دم). ثم قالت الجريدة المذكورة ما نذكره بحرفه المغلوط؛ (إن قبيلة الضفير المشتبكة اليوم بنزاع مع عنزة هي من القبائل المهمة التي تقطن الأراضي الممتدة من جنوب شط العرب فالفرات بالقرب من الزبير إلى السماوة ومن هناك تمتد إلى الحفر في الباطن. وكانت رحى الحرب دائرة دائما بينها وبين شمر ومطير (جيرانها من جهة الشرق) وقد اعتاد رجال الضفير أن يهاجموا رجال شمر في كل سنة عند نزوح هؤلاء إلى أراضي المرعى في فصول الربيع. أما رئيس مشايخ الضفير فهو الشيخ حمود الصويط المشهور وكانت العلاقات بينه وبين أبن الرشيد ودية للغاية ولكنه مع ذلك أبى أن ينظم إليه وأبى أن يقدم بمساعدة عجمي السعدون الذي ألقى بنفسه في أحضان الأتراك منذ أيام الحرب الكونية.

والظاهر أن رجال الضفير أعلنوا حربا أبديا على عنزة وقد اشتهر عنهم انهم كانوا يبتدرون عنزة العداء في جميع حروبهم معهم. ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن الشيخ حمود كان ذا قوة وبأس عندما أبى الانضمام عام 1915 إلى عجمي باشا السعدون فكلفه حياده هذا انفصال بضعة فرق من عشيرته لا يعتد بها وتنقسم قبيلة الضفير إلى فرقتين رئيسيتين هما البتون والصامد وأكبرهما الأولى. وجميع رجالها عرب رحل لا يتعاطون التجارة. وعلاوة على ما عندهم من الإبل الكثيرة فانهم يملكون عددا عظيما من الأغنام وفي ديارهم عدد كاف من الآبار. وهم مسلحون بالبنادق الجيدة الحديثة الطراز. ويسابل رجال الضفير الكويت عادة. وعدد مضاربهم أربعة آلاف مضرب. ويقال أن عائلة الصويط (والصواب في كتابتها السويط تصغير سوط ل. ع) تنتمي إلى إشراف الحجاز. أما قبيلة عنزة فتعد من وجهة قواها المادية اعظم قبيلة بين القبائل البدوية العربية. والبلاد التي تقطنها وتسمى باسمها فواسعة جدا وتمتد من حلب إلى دير الزور فالخابور. أما سبب تسمية هذه القبيلة (بعنزة) فحسب ما يقال أنه نسبة إلى عنز أبن أسد الذي ينتمي إلى ربيعة، بطن من بطون نزار. ويدعى أن الجد الأول لهذه القبيلة كان وائل ربيعة الذي ينتمي إلى الفرع الأصغر من أسد. ويقولون أن عنزا هو مؤسس عشيرته. ولا يبرح من البال أن قبيلة عنزة لا تجتمع تحت لوآء زعيم واحد لأنها منقسمة إلى بطون وأفخاذ ومن تقاليدها مراعاة الواحد جانب الآخر. ومع ذلك فيحدث في بعض الأحيان أن يشتبك شيوخ هاتيك الأفخاذ بعراك فيما بينهم على أن ألد أعداء عنزة هم قبيلة شمر الشهيرة. وهذا تاريخ القبائل العربية مملوء بوصف وقائعها الحربية وضغائنها وثاراتها المتأصلة بينهما. ويحق لعنزة أن تتباهى بما تملك من جياد الخيول وأصائلها وكثرة ابلها وقد أبت هذه القبيلة أن تتسرب إليها روح المدنية فبقت على حالتها الطبيعية الغريزية التي كانت عليها منذ ما بزغ فجر التاريخ ولم تتشبث هذه القبيلة لامتلاك الأراضي الواسعة فاكتفت ببضعة بساتين نخيل قليلة وبنت لها منازل صغيرة بالقرب من دمشق الشام وامتلكت مزارع قليلة واقعة على نهر الخابور

وكانت هذه القبيلة قبل ذلك التاريخ شوكة في جنب الإدارة التركية، ولا يوجد إحصاء دقيق لعدد نفوس هذه القبيلة ولكن الثقات يقدرون مضاربها بعشرين ألف مضرب. ومن أهم شيوخ هذه القبيلة فهد بك الهذال رئيس عشيرة العمارات الذي أساء الترك معاملته وسجنوه. وقد انتخب سنة 1924 مندوبا عن قبيلته في المجلس التأسيسي. وهناك قول بان أبن السعود ينتمي إلى قبيلة عنزة. انتهى كلام الأوقات العراقية 2 - المعاهدة العراقية التركية البريطانية تبودلت نسخ المعاهدة العراقية التركية البريطانية في أنقرة في 18 تموز 1926. 3 - في البحرين حصل الميجر هولمز على امتياز لاستخراج النفط في البحرين. وقد حصل على امتياز بحفر آبار متفجرة (ارتوازية) فحفر عشر آبار منها هناك. 4 - جمعية الدفاع عن الحجاز نشرت جمعية الدفاع عن الحجاز نداء إلى المسلمين حملا على الوهابيين وحكمهم الحجاز الآن. 5 - البعثة العلمية العراقية أوفدت وزارة المعارف في العراق هذه السنة عشرين طالبا للتخصص في العلوم والفنون في جامعة بيروت الأميركية وجامعات لندن وكولونبية في أميركة. 6 - الآثار العراقية في ألمانية وردت برقية من برلين تفيد أن الحكومة الألمانية تلقت نبأ رسميا من لشبونة تنبئ بأن حكومة البرتغال مستعدة لتعيد في الحال الآثار الاثورية التي حجزتها وكانت في باخرة ألمانية في أثناء الحرب العظمى. 7 - جلالة ملكة العراق قصدت صاحبة الجلالة ملكة العراق مدينة الموصل للاصطياف فيها.

8 - الولادات والوفيات في بغداد بلغ عدد الولادات في بغداد في شهر حزيران 1926 (238)، منهم (129) ذكرا بينما كانت الولادات (427) في شهر أيار الذي قبله وكان عدد مواليد حزيران من السنة الماضية (439). وبلغ عدد الوفيات (693) منهم 349 ذكرا بينما كانت الوفيات 680 في شهر أيار الذي قبله وكان عدد وفيات حزيران من السنة الماضية 606 9 - مؤامرة لاغتيال أبن السعود وافت الأخبار باكتشاف مؤامرة لاغتيال السلطان عبد العزيز آل سعود صاحب نجد والمستولي على الحجاز الآن وقد دبرت من اقرب المقربين إليه. 10 - أحداث قضاء وتأسيس ناحية صدرت إرادة ملكية بتاريخ 7 آب 1926 بأحداث قضاء في الفلوجة وتأسيس ناحية في القرمة (التي يكتبها الكتاب خطأ: الكرمة) 11 - جلالة ملك العراق وردت الأنباء بمغادرة جلالة الملك فيصل الأول ملك العراق فيشي من أعمال فرنسة قاصدا لندن. 12 - جرح رئيس الوزراء في صرح الإمارة (السراي) بينما كان صاحب الفخامة السر عبد المحسن بك السعدون رئيس الوزراء صاعدا درج ديوان مجلس الوزراء في الساعة 10 زوالية من يوم الثلاثاء (10 آب 1926) فاجأه شخص يدعى عبد الله حلمي فجرحه بموسى حلاقة في صدغه فركله فخامة الرئيس فوقع المعتدي على الأرض إلا أنه نهض قائما وجرح الرئيس ثانية في مقدم عضده اليمنى. أما المعتدي فهو من دير الزور وقد كان موظفا في الممكس (الكمرك) ثم نحي (رفت) منه. 13 - حالة العراق ودخوله عصبة الأمم صدر في 11 آب التقرير الذي قدمته الحكومة البريطانية إلى عصبة الأمم عن إدارة العراق وقد جاء فيه ما يلي: قد مر 18 شهرا على تجربة الحكومة الدستورية التي نص على تأسيسها القانون الأساسي. وقد برهن مجلس الأمة الأول على اقتداره في معالجة المسائل

المعروضة عليه بكل حكمة وإدراك ولن يمر زمن طويل على العراق حتى يصبح في حالة يبرهن بها لعصبة الأمم على أهليته ليكون عضوا فيها. وذكر التقرير أن صادرات العراق ووارداته أخذت تتزايد باطراد والصادرات هي اكثر، على أن قيمة الواردات لا تزال تزيد على قيمة الصادرات فقد بلغت هذه الزيادة 492 لكا من الربيات سنة 1925. 14 - أوصلت الحكومة الماء إلى النجف في 7 آب 1926 فابتهج الناس بذلك أيما ابتهاج. 15 - الاعتداء على المعتمد البريطاني في البحرين ثار جندي بلوجي من جنود شيخ البحرين فجرح جنديين هنديين وأصاب الميجر ديلي المعتمد السياسي في البحرين بجروح طفيفة. 16 - في متصرفية الموصل في نهاية حزيران شرعت الحكومة إنشاء صرح إمارة (سراي) في زاخو، وأوشك بناء دائرة البرق والبريد أن ينتهي في أربل (وتكتب خطأ أربيل) تتخذ المعدات لبناء غرفة للعيادة، وحمام، ومحلات للممرضات في المستشفى الملكي في مدينة الموصل. كملت الإصطبلات الجديدة لخيالة الشرطة في كركوك. وثرت الطريق الجديدة بين زاخو والشيخان مسافة 5 أميال واتخذت مجار على جانبي طريق الموصل وزاخو وبغداد مع تحسينات عامة. شرع بناء جسر جديد على جدول قرة تبه. 17 - في لوآء السليمانية في نهاية حزيران بدئ بتسليم المعدات لإنشاء صرح (سراي) في قره داغ وقارب اتخاذ معقل كلازاروة النهاية. بوشر إنشاء اصطبلات جديدة للشرطة في لوآء السليمانية وحلبجة. تداوم الحكومة على إصلاح طريق جمجمال إلى السليمانية.

18 - في متصرفية بغداد في نهاية حزيران تم ما بدئ به من مخفر الرطبة. ورمم ما كان محتاجا إلى الإصلاح في ما يأتي أساميه من المحلات: في العاصمة: المحكمة الشرعية - المستشفى الملكي - دار الآثار العراقية - دائرة البرق الأم (المركزية) - دوائر الأشغال العمومية والبرق والبريد في الصرح (السراي)، وشرعت الأعمال الآتية للجيش العراقي: غرفة الحرس في ثكنة الباب الشمالي - ترميمات للاصطبلات والدوائر العسكرية ومظلات السيارات في القاعة - أعمال شتى في مضرب الوشاش - مد جسر جديد من فولاذ على جدول الخالص - تتقدم أعمال حفظ الطرق العامة وإصلاحاتها في ألوية بغداد وديالى والدليم. 19 - في متصرفية البصرة في نهاية حزيران كمل مغسل مستشفى مود التذكاري في البصرة، وشرع تركيب أنابيب المياه فيه. أنجزت إصلاحات مختلفة في عدة طرق ومبان في اللوآء تم تسقيف 12 غرفة في الصرح الجديد في الكبائش (الجبايش) والعمل سائر سيرا حسنا. والأعمال تجري بنشاط لتسوية طريق الشطرة. 20 - لوآء الحلة والديوانية في نهاية حزيران كملت أسس الغرف لإنشاء صرح عفك. تمت أسس مستشفى الحلة. تم تخطيط الطريق بين الرميثة والإمام حمزة. شرع إصلاح الجسور المصابة بالأضرار وترميم الجسور الأخرى التي ترى في طريق الديوانية إلى الشامية ومن الشامية إلى أبي صخير. 21 - تلقيح الجدري في بغداد لقح الجدري في جميع المناطق والمراكز الصحية وبلغ مجموع الملقحين

680 وجرى فحص 504 منهم فتبين أن 374 تلقيحا منها نجح و130 لم تنجح. 22 - تقارير المستشفيات دخل مستشفى أمراض العدوى في غضون الشهر 63 مريضا. وتوفي فيه 19 سبعة منهم بالطاعون و8 بالسل. ودخل مستشفى مير الياس 113 مريضا وتوفي فيه 4 فقط وعولج من هؤلاء 211 مجانا. ودخل مستشفى ريمة خضوري لأمراض العين 19 مريضا بينهم 15 مصابا بالحبب (وزان سبب وهو التراخومة) وعولج فيه من المرضى الخارجين 601 بينهم 302 عولجوا مجانا. وعولج في مستوصف مبعث الكرمليين 208 مرضى، بينهم 153 بالأجرة 23 - صحة الميناء فحصت 12 باخرة خارجة من بغداد كان فيها 1335 مسافرا فوجد بينهم إصابة واحدة بالحصبة لا غير. وفحصت 9 بواخر قادمة إلى الزوراء كان فيها 1623 مسافرا فلم يكن بينهم مريض. 24 - التطهيرات طهرت 197 غرفة و1711 قطعة أشياء مختلفة و74 عجلة قداد (ترام) 25 - الجنائز نقلت 52 جنازة إلى النجف. 26 - صيد الجرذان وضع في العاصمة 30100 طعم لإبادة الجرذان فنجح منها 11973 وكان عدد المنازل التي وضع فيها المصايد 3999 ونصبت 8210 مصايد واصطيد 98 جرذا وورد من الخارج 42 وفحص 140 جرذا وأرسل ب 35 للفحص وتبين إصابة تسعة منها بالطاعون. 27 - فحص الإجازات فحصت 691 إجازة منها 241 ووجد منها 430 صحيحة و20 مزورة فغرم أصحابها.

العدد 38

العدد 38 - بتاريخ: 01 - 10 - 1926 القارعة أهب بالشيب واذكر الشبابا ... فهذا لا يطيب وذاك طابا وما كان الشباب هناك إلاَّ ... كنجم قد تألق ثم غابا إذا قلبي تذكره بصدري ... تنزى خافقا فيه ولابا مضى صحبي وأخرني زماني ... كأن له على شخصي حسابا أرى الأيام مذ ولى شبابي ... علي تمر حانقة غضابا وأني للشبيبة في أدكاري ... كأني ناظر منها شهابا كتبت الوكة أدعو المنايا ... وأني اليوم انتظر الجوابا وكنت هبطت مصر قبل حين ... فلم اه دأ وفضلت الإيابا ذكرت مواطني وذكرت أهلي ... وليلى والصبابة والشبابا وقلت لقد نأت بغداد عني ... فليت الدهر يمنحني اقترابا ولو أني رجعت إلى بلادي ... لقبلت المنازل والترابا شربت من النوى لشقاء نفسي ... شرابا ثم لم اسغ الشرابا

ومن يشرب على ظمأ حميما ... فليس بناقع منه اللهابا فراق لا أعاتب فيه ليلى ... فليلى ليس تحتمل العتابا وقلت سأحمل الأعباء وحدي ... ولا أشكو شقائي والعذابا ولكني شكوت هموم نفسي ... ليلى حين أكبرت المصابا وكانت لا تزال هناك ليلى ... فتاة مثلما كانت كعابا وأنت مصدقي لو أن ليلى ... أماطت عن محياها النقابا وأني كلما ليلى أرادت ... بعادا زدت من ليلى اقترابا لقد سألتا فآلمها جوابي ... وأن لكل سائلة جوابا أطالب بالحقوق وكل حر ... قمين أن يطيل بها الطلابا وهل تخشى يد كتبت بصدق ... دفاعا عن كرامتها تبابا ويممت المواطن نائيات ... حثحث من مسارعتي الركابا ولم يك مركبي إلاَّ قطارا ... جرى للأرض ينتهب القبابا رأيت النار وهي لها ازيز ... بمرجله تشق به اليبابا سرى والليل معتكر بهيم ... يجر وراءه غرفا رحابا وأسرع لامسا صدر الفيافي ... يجوب السهل منها والهضابا يمر على البقاع وهن عفر ... وليس يثير في المر الترابا يشق بصدره البيداء شقا ... كما صدعت بك الفلك العبابا على خطين مدا من حديد ... متين لا ترى لهما انقضابا وكم من شقة بعدت طواها ... وكم من بقعة قصواء جابا فأوصلني القطار إلى دمشق ... بيوم واحد للنفس طابا وسرنا نبتغي بغداد منها ... على سيارة مرقت ذهابا فجئناها كذلك بعد يوم ... سوي لم نلاق به الصعابا فكنت كطائر ألفى بعش ... بناه حية فمضى وثابا

بهاجرة لديها كان يجري، ... لعاب الشمس أن لها لعابا فودت أنها قبل انفلات ... له لو أمسكت منه الذنابي واخلق بالحياة وكل شيء ... إليها عائد أن لا يشابا ولما عدت بعد نوى شطون ... إلى بلدي وجدت الشهد صابا رأيت معاهد الآداب فيه ... كما تقلى معطلة خرابا ذهبت إلى الرياض فساءني أن ... أرى عوض الهزار بها الغرابا وأني في منابتها اعتياضا ... عن التغريد استمع النعابا رأيت السعد يخفي منه وجها ... رأيت النحس يبدي منه نابا وألفيت الذناب يذم رأسا ... وذاك الرأس يمتدح الذنابا وأعجب مشهد لاقيت فيه ... خراف بعدي انقلبت ذئابا وكنت مؤملا في غير هذا ... من الأحوال أن القي انقلابا وكم لي في المواطن من عدو ... رمى سهما إليَّ فما أصابا أقول لهم خذوا في السهل سيرا ... وخلوا لي الوعورة والهضابا فما لكم لدى الادلاج حول ... على أن تسلكوا الطرق الصعابا أتوني يطلبون الشعر مني ... فلما لم أنل ذهبوا غضابا وراحوا ينشرون الكذب عني ... ومن سفه يكيلون السبابا ولم يأبه بما قالوه إلاَّ ... غبي أو سفيه قد تغابى رأى الأعداء شيخا أقعدته ... سنوه أن يحاسبهم حسابا رأوه عن الركوب اليوم يعيا ... وقد ركب المسومة العرابا فقالوا أنه شيخ كسيح ... فلا نخشى له ظفرا وتابا فشنوا منهم الغارات تترى ... علي فلم ألن لهم جنابا

يريدون الوقيعة بي عداء ... وأن يقضوا على أدبي اغتصابا ولكن لا يزال الشيخ هذا ... يقاوي بالنهي الصم الصلابا لقد هابتك يا قلمي الأعادي ... وأنت فثق جدير أن تهابا وما نظر العدى إلاَّ بعين ... أبت أن تبصر الحق الصوابا كذاك الحقد يسدل بين ناس ... وبين الحق مؤتلفا حجابا وحرب قد أثاروها عوانا ... على حزب التجدد إذ أهابا فخاضوها وما اتخذوا سلاحا ... لهم إلاَّ الشتيمة والسبابا وإلاَّ القول يعوزه دليل ... وإلاَّ الزور منهم والكذابا رموا بسهامهم أدبي وشعري ... إلى أن افرغوا منها الجعابا أشادوا بالقريض وهم أناس ... له جهلوا وكان الجهل عابا وابدوا في الجديد لهم ظنونا ... ولكن اخطئوا منه الصوابا لقد ظنوا سراب القاع ماء ... وظنوا الماء بعدئذ سرابا ولم احفل بهم حتى تمادوا ... على سفه يسيئون الخطابا فعندئذ رفعت الكف مني ... أذود بها عن الأدب الذبابا واربأ أن اجرد من يراعي ... حساما ثم اجعله عقابا وفي كفي اليراعة ذات حد ... تبذ به القواضب والحرابا ولي شعر كحد السيف ماض ... أغالب فيه من يبغي الغلابا رفعت مقامه بالجد مني ... وكان الجد في الإنسان دابا فقمت به وكنت له زعيما ... أعيد إليه في شيبي الشبابا إلى أن ذاع في الأقطار صيتي ... فكان لحاسدي أدبي مصابا وليس قريضهم في الذوق إلاَّ ... عجوز غيروا منها الثيابا وليس يغيظني أحد كغر ... يرى في نفسه أدبا لبابا تحفز يبتغي نقدا لشعري ... ومنه الحقد قد ملأ الاهابا

إذا ركض اليراع يريد نقدي ... رأيت هنالك العجب العجابا رأيت جهالة ورأيت سخفا ... ورأيا لم يكن يوما صوابا تبجح وهو لم يبلغ نصابا ... فكيف يكون لو بلغ النصابا طفا في عيلمي بعد انتفاخ ... له فحسبته فيه حبابا وبعد هنيهة مرت عليه ... تضاءل في الغطمطم ثم ذابا عراه يوم لاقاني ارتجاف ... فكان كرخمة لاقت عقابا تجرع يا حسود الماء صردا ... فأنت اليوم تلتهب التهابا ولم تسكت أخيرا عن رشاد ... ولكن قد أصابك ما أصابا تقول لذا وذاك أنا بنقدي ... وأن أخطأت في كلمي الصواب أحاول شهرة في الأرض لاسمي ... وأرجو بعد ذلك لي ثوابا ولا تدري بأن الجهل داء ... فلا يؤتي الفتى إلاَّ عذابا وأن أهلك فلا تفرح لهلكي ... سيملأ فاك أنصاري ترابا ورب منافق في الوجه أطري ... فلما غاب اقرفني وعابا وليس صديقك المطري وجاها ... ولكن من يصون لك الغيابا وقد أقصيته عني فوافى ... يعفر خده وبكى وتابا ولكن الذئاب الطلس مهما ... أرتك وداعة تبقى ذئابا قرضت الشعر بالشعر افتتانا ... ولم اطلب به المنن الرغابا ولو شاهدت في مصر اصطدامي ... بمن قد جاء يصدمني غلابا جرى وجريت في بحر خضم ... وكان البحر يضطرب اضطرابا لراعك منه يومئذ عباب ... أتى متدفقا يلقي عبابا وفي بيروت قبلا إذ أقاموا ... لي الحفلات تنصب انصبابا جلا من أهله الإعزاز همي ... فلذ العيش لي فيه وطابا جميل صدقي الزهاوي

حقائق عن تاريخ العراق

حقائق عن تاريخ العراق يوشي بعض الكتبة، برود مقالات نفيسة عن تاريخ أرض شنعار. أو بلاد آثور؛ ويترجم فريق نبذا جليلة عن الغربيين. في مثل هذه الأبحاث إلى اللغة العربية؛ ثم تضيع مزايا تلك المقالات أو ينقص شيء من روعة تلك النبذ لقلة تدقيق النظر في الحوادث. أو لما يأتيه الكتبة والمترجمون من التصحيف في أسماء الأمكنة والبقاع والأشخاص، فيتيه القارئ في مفاوز تلك الخطيئات ولا يعرف المقصود من ذلك البحث. ومما قرأته من هذا القبيل؛ مقال ظهر في مجلة المقتطف الغراء في جزء يوليو 1926؛ بعنوان: (في جنوب بلاد العرب مهد العمران) ص41 - 46 جاء في مطلع تلك المقالة: (اشترك المتحف البريطاني ومتحف جامعة فيلادلفيا في إرسال بعثة أثرية إلى العراق برآسة المستر ولي فحصرت هذه البعثة أعمالها أولا في تل الأبيض، اور الكلدانيين، الواقعة على ضفة الفرات الجنوبية تبعد نحو 100 ميل عن البصرة.) أهـ فإذا بحث الإنسان عن تل الأبيض (؟) في اور، أو جوار

اور، لا يعثر عليه ولا يقف على اثر له؛ وان أفنى العمر في سبيل السؤال عنه من الأعراب النازلين في تلك الديار. وبعد أن يرجع خائبا يتضح له أن في نقل الاسم خطأ لا يعرفه إلاَّ من له اطلاع واسع على تاريخ العراق وعلى أسماء تلوله. فالتل الذي أراده صاحب المقال هو (تل العبيد) (وزان زبير) لا (تل الأبيض) وحدث هذا الخطأ من نقل الحروف اللاتينية؛ إلى العربية. وتل العبيد هذا ليس أور الكلدانيين. كما يفهم من مقال المقتطف، بل هو تل صغير منفرد على خط ترعة قديمة على بعد نحو أربعة أميال من غربي المقير. بميلة إلى الشمال الغربي؛ والمقير هي (اور الكلدانيين). أن البعثة لم تحصر عملها أولا في (تل العبيد) كما جاء في المقتطف؛ بل أنها حفرت أولا في المقير، اور الكلدانيين؛ وذلك في سنة 1922 ولم تحفر في تل العبيد إلاَّ في السنة التالية 1923. وقد نشر المستر ولي في المجلة المسماة في جزءها الصادر في أكتوبر 1923 نتائج نبش البعثة في اور؛ وفي الجزء الصادر في أكتوبر 1924 خلاصة أعمالها في (تل العبيد).

وأول من كشف تل العبيد الدكتور هول سنة 1919 إذ كان ينبش لحساب أمناء المتحفة البريطانية؛ ونشر نتائج أعماله في المجلات الآتية: سنة 1919 ص22 المجلد التاسع الجزء الثالث سنة 1922 وفي في المجلد الثامن الجزء الثالث والرابع سنة 1922. أما قوله: (الواقعة على ضفة الفرات الجنوبية) فلا معنى فيه؛ إذ يجري الفرات من الشمال إلى الجنوب فتكون إحدى ضفتيه شرقية والأخرى غربية وليس هناك ضفة شمالية وضفة جنوبية. وأني أحدس أن كاتب المقال قال في الإنكليزية: أو ما يضارع هذه العبارة ومفادها في القسم الجنوبي من الفرات أو كما يقول العرب: في سقي الفرات الجنوبي. فأن سقي الفرات الشمالي ومثله دجلة في أرض شنعار يطلق عليه (أكد) (وزان شمر) وفيه من المدن القديمة (أجادوا) و (كيش) (وهي الاحيمر). و (بورسيبا) (اي برس نمرود). و (سبر) و (بابل) و (كوثي) (أي تل إبراهيم). ويطلق على سقيهما الجنوبي بلاد شمر (وزان

زفر) وفيه من المدن أدب (أي بسمايا) وأما (بضم الأولى وتشديد الثاني المفتوح) (وهي أطلال جوخي) واريدو (وهي أطلال أبو شهرين) وكيسورة (وهي أطلال أبو حطب) و (اور الكلدانيين) وتعرف إطلالها (بالمقير). وجاء في مقالة المقتطف ما يأتي (نعثرت (أي البعثة) في شتاء سنة 1925 على اقدم آثار العمران في العراق؛ ومنها كتابة معاصرة لملك كان يحسب خرافيا وقطعة من النقش النفيس لم ينتظر العثور عليها هناك. أما الكتابة فتدور على الملك (أني بادا) بن (مس أني بادا) وهي اقدم وثيقة تاريخية مؤرخة الخ. . . قلنا إن المستر ولي عثر على هذه النفائس الأثرية التاريخية في أواخر سنة 1923 وأكبر دليل على ذلك ما جاء في كتابنا محاضرات في مدن العراق، تلك المحاضرات التي ألقيناها على طلبة دار المعلمين العليا، في السنة المدرسية 1923 - 1924 والمطبوعة في بغداد سنة 1924؛ حيث ورد في ص115 ما إليك بعضه؛ وقد حفرت في تل اسمه (العبيد) في شمالي (اور) يشتمل على دكان هيكل الآهة الحياة والخصب وظفر الحفارون بثلاثة رقم ومائدتين وجعلان من ذهب؛ يستدل منها إلى إنها من عمل (أي أني بادا) بن (مس أني بادا) أول ملك من سلالة اور

عاش 4600 ق م. إلاَّ أن البروفسر لنكدن يقول انه عاش 4200 ق م ولم يكن يعرف اسم ابنه حتى الآن ونظرا إلى هذا التاريخ أن (أي أني بادا) كان قبل سلالة مصر الأولى. . . إلى آخر ما هناك من وصف الآثار التي وجدت في تل العبيد) قد اثبت المقتطف كلمة (سمر) بالسين المهملة ونحن لا نوافقه على ذلك والأصح شمر بالشين المعجمة وكذلك شمريون وآثار شمرية. ولا يقال سمريون وآثار سمرية. لأن الأصل هو بالشين المعجمة ولا داعي لنا إلى إبدال الأعلام بل يجب أن تروى بحروفها أن أمكن. ومما قرأناه من الأبحاث النفيسة عن بلاد آثور. مقال ممتع نشره العلامة، صاحب الغبطة السيد اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك السريان الانطاكي في مجلته (الآثار الشرقية). بعنوان (مملكة آثور) إلا أننا وجدنا فيها من التصحيفات مثل ما وجدناه في المقالة التي وردت في المقتطف ونحن نشير إليها طلبا للحقيقة التي هي ضالة النفوس الكبيرة. جاء في ص82 من المجلة: (عولوا أن يشيدوا صرحا من اللبن في بابل (تك 11: 4 و9) في محل يسمى (الحله) كذا وصحيحه الحلة بهاء منقوطة.

أن برج بابل ليس في المحل المسمى اليوم الحلة، فلو قال غبطته: (بالقرب من الحلة) لأصاب بعض المرمى، ولا سيما بعد أن درس علماء الاثار، مسئلة البرج درسا علميا، فهل يريد غبطته ببرج بابل، برج بورسيبا (أي برس نمرود) وهو برج الإله نبو، أم برج أتيمن انكي - وكان في هيكل (بل) المسمى اساكيلا في مدينة بابل. وقد جمع بين هذين الإلهين اشعيا النبي (1: 46) إذ قال، قدجثا (بل) انحنى (نبو) وقد اجمع العلماء الأثريون اليوم على أن برج بابل هو الأخير؛ ويعلم القراء أن البعد بين برس نمرود واخربة بابل نحو ثمانية أميال وكلاهما ليس في الحلة بل بجوارها. وقال في ص84 وتسقي أراضى آثور؛ ما عدا نهري الدجلة والفرات؛ عدة انهار أخصها نهر البليخ والخابور ويسمى القرنيب والادهم. . . قلنا الأفصح أن يثبت اسم (دجلة) بدون ال التعريف على ما جاء في كتب العرب الأقدمين والمحدثين؛ والصحيح في القرنيب أن يقول الكرنيب؛ أما نهر الأدهم فهو وهم واضح إذ ليس هناك نهر بهذا الاسم يسقي أراضى آثور؛ وصحيحه نهر العظيم (بضم العين وفتح الظاء كزبير) وقد حدث هذا

الوهم من نقل الحروف اللاتينية أو إلى العربية. وكان يعرف هذا النهر عند الأقدمين بنهر رادانو وعند السريان الشرقيين، وهم الكلدان الحاليون رادان وكان على ضفته اليسرى مدينة باسمه. وقال المستوفي

انه القسم الأسفل من نهر دقوا الذي ينحدر من جبال كردستان. وفي هذا الموقف أود أن المع إلى ما جاء في مجلة لغة العرب في هذه السنة في جزءها الثالث ص162 - 163 عند نقد كتابي: (محاضرات في مدن العراق) إذ قال كاتب النقد؛ وعظيم بدون ال؛ وهو الذي كان يعرف في عهد العباسيين باسم نهر باعيناثا) فأجيب على هذا القول: إن العظيم وارد بال التعريف كما ينطق به أعراب تلك الديار ويؤيد ذلك صديقي عبد المجيد الشاوي الذي أسرته من رؤساء عشيرة العبيد النازلة في تلك الأصقاع. ثم أن نهر باعيناثا ليس بالعظيم: وأظن أن حضرة المنتقد ذهب إلى هذا الاستنتاج من فقرة وردت في معجم البلدان؛ وفي مراصد الاطلاع في مادة دجلة إذ جاء هناك؛ ثم ينصب إليها (أي إلى دجلة) نهر عظيم يعرف بنهر باعيناثا. فظن أن (عظيم) اسم علم لنهر مع أنه وصف كما يفهم من العبارة التي قبلها القائلة: (فينصب إليها نهر عظيم يعرف بيرني يخرج من دون أرمينية. ثم أن نهر باعيناثا واقع في الشمال وليس في موقع نهر العظيم، الذي يصب في دجلة، قرب مدينة سامراء كما يستفاد من مادة باعيناثا في معجم البلدان، إذ قال: (قرية كبيرة كالمدينة فوق جزيرة ابن عمر لها نهر كبير يصب في دجلة.) أهـ

وقد سماه ابن سرابيون باسنفا كما قال لسترنج لنعد الآن إلى مجلة الآثار الشرقية، فلقد جاء في ص86؛ يسمى خورصباد (دور شروقين) فلا نعرف من أين أتت القاف في شروقين ولا سيما قد قال غبطته في حاشية ص128 أن معنى دور شروقين دار سرجون. فالصحيح أن تكتب دور شروكين أو شروجين لان اسم الملك يكتب سرجون أو شركون. ويكتب الغربيون اسم هذه المدينة - وقد قال ماسبرو أن لفظة شروكين هي القراءة الصحيحة لاسم سرجون. وجاء في ص88 و89 اسم انطون رسام ونسب إليه كشف الأبواب النحاسية المعروفة بأبواب بلوات. وكلنا نعرف أن اسمه هرمزد رسام والرجل معروف بحفرياته الأثرية ومؤلفاته فلا يحتمل وقوع غلط في اسمه. وقال ص91 وقد اتخذ الاثوريون (أشور) الاها وص 132 يستنجد حزقيا على الاثوريين. وقد كتب العرب الآثوريين بالمد والآشوريين بالهمزة. هذا ما أردت أن انبه عليه والسلام. ي. غنيمة

تاريخ الطباعة العراقية

تاريخ الطباعة العراقية مطابع العراق وثمراتها (من سنة 1856 إلى سنة 1926) 2 - تابع مطابع الموصل وأسس الآباء الدومنكيون فرعا في مطبعتهم الموصلية جعلوها معملا لتجليد الكتب وتذهيبها على الطراز الإفرنجي الحديث وقد كان الموصليون قبل وجودها يجلدون كتبهم على الطريقة العتيقة. وأول كتاب طبع فيها (رياضة درب الصليب) سنة 1860. ومن الذين تولوا فيها الخدمة الكبرى بالتأليف والترجمة والطبع والتصحيح مدة طويلة المثلث الرحمة السيد اقليميس يوسف داود السرياني الموصلي مطران دمشق اشتغل فيها نحو عشرين عاما ولو بقي في الموصل يتعهدها بعلمه

واجتهاده لأدت خدمات عظيمة أكبر مما أدته ولضارعت ثمرات المطبعة الكاثوليكية في بيروت التي يديرها الأباء اليسوعيون.

واشتغل فيها مدة طويلة المرحوم المعلم نعوم فتح الله سحار وأعقبه المعلم سليم حسون الأستاذ في مدرسة الأباء الدومنكيين في ذلك العهد (ومدير جريدة العالم العربي ورئيس تحريرها في بغداد اليوم). ولما أعلنت الحرب الكبرى في صيف سنة 1914 كان قد شرع في فتح جادة في الموصل واحتيج إلى هدم بناء المدرسة للأباء الدومنكيين والمطبعة الملاصقة لها في إنشاء هذه الجادة فهدمت بنايتها وصودرت أدواتها وأجهزتها بتهمة أنها تابعة لإدارة أجانب من الفرنسيين ونقلت بعض أدواتها وحروفها إلى مطبعة الحكومة في الموصل حيث استعملت في طبع الجريدة الرسمية (الموصل) وظلت مستعملة إلى هذا اليوم مع تغير الزمان والحكام وزوال الحكم العثماني وحلول الحكم الوطني. وكان والي الموصل العثماني في زمن إعلان الحرب الكبرى سليمان نظيف بك الكاتب التركي الشهير. ومع أن المبعث الدومنكي قد عاد إلى بعض نظامه في الموصل وأعيد تأسيس مدرسة الأباء وتشييد بنايتها بالمبالغ التي أعطتها حكومة الاحتلال الإنكليزية كتعويضات إلى المبعث تعويضا عما أخذ من بناية المدرسة وعمارة المطبعة للجادة فالمطبعة ما زالت مبعثرة وقد استردوا الموجود من أدواتها وآلاتها غير ما نهب وشتت. ولما يعد تنظيمها وفتحها للشغل فخسرت بخرابها البلاد أداة نافعة في النهضة والعمران. مطبوعاتها: أولا - (الكتب المقدسة والدينية والتقوية وسير القديسين ونحوها) 1 - (الكتاب المقدس) في أربعة أجزاء تعريب السيد اقليمس يوسف

داود السرياني مطران دمشق بقطع الربع (سنة 1871 - 1877 صفحاته 2507) 2 - (الكتاب المقدس) طبعة أخرى في مجلدات (1874 - 1877 ص3806) 3 - (العهد الجديد) طبعة متقنة مع تصاوير (ص744) 4 - (مزامير داود) (1892 ص313) 5 - (الأناجيل المقدسة الأربعة) بقطع صغير (1892 ص518) 6 - (قصص الرسل) (1893 ص166) 7 - رسائل مار بولس الرسول) (1899 ص567) 8 - (الدرة النفيسة في بيان حقيقة الكنيسة) للبطريرك اغناطيوس بهنام الثاني السرياني (1867 ص322)

9 - (رسالة المقدمة والنتيجة في حقيقة عقد الخطبة والزيجة) للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1874 ص76) 10 - (مختصر صغير في التعليم المسيحي) طبع طبعات متعددة بقطع صغير ص48) 11 - (مختصر التعليم المسيحي) (طبع 6 مرات ص191) 12 - (خلاصة التعليم المسيحي) - التعليم المنسوب إلى السيد امانتون - عربه المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1863 ص23 و254) 13 - (التراجم السنية للأعياد المارانية) لايليا الثالث البطريرك النسطوري المعروف بابي الحليم الحديثي عني بطبعه وشرحه المطران ميخائيل نعمو الكلداني (بقطع الثمن 1873 ص313) وقد طبع بعد ذلك طبعة جديدة. 14 - (الخطب الباهرة والمواعظ الزاجرة) للأب بولس سنيري اليسوعي تعريب قديم للمطران السيد اقلميس يوسف داود السرياني (1870 ص907 وطبع ثانية 1881 ص913) 15 - (المواعظ السديدة الأدبية في تثقيف المسيحي في طريقته الدينية)

للأب سنيري اليسوعي (جزءان 1893 ص475 و456) 16 - (نبذة من القوانين منقولة من المجامع المقدسة) لفائدة الاكليروس السرياني الموصلي (1872 ص49 وطبع مجددا ص32) 17 - (كلندار السنة الأبرشية الموصل السريانية) تأليف البطريرك اغناطيوس بهنام الثاني السرياني (1877 ص254) 18 - (كلندار حسب طقس الكنيسة السريانية الانطاكية (1887 ص144) 19 - (سيرة القديسين) للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1873 و1890 جزءان ص1650). 20 - (سيرة أشهر شهداء المشرق) (1900 ص452) 21 - (سيرة مار فرنسيس لاسيسي السرافي عربه عن الإيطالية أحد الأباء الكبوشيين (1864 ص400) 22 - (سيرة مار عبد الأحد منشئ رهبانية الواعظين) للأب لافي الدومنكي (1866 ص282) 23 - (الزهرات المقدسة المقطوفة من جنة مار عبد الأحد) (1867 ص452) 24 - (سيرة القديسة تريزة) (1867 ص620) 25 - (سيرة مار افرام) جمعها أحد الأباء السريان الكاثوليك (1883 ص118) 26 - (اسطاخيوس القائد الروماني) (1900 ص234) 27 - (تحفة الزهور الذكية للنفوس العابدة المسيحية (عن طبعة رومية 1861 ص522) 28 - (زوادة النفس التقية في طريق الحياة المسيحية) (طبع رابعة 1887 ص362) 29 - (الحرب الروحية) تعريب الأب بطرس فروماج اليسوعي (1868 ص1408) 30 - (تأملات يومية للقديس الفولس ليكوري) ترجمة جديدة للمطران

السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1860 ص240) 31 - (الواسطة العظيمة للخلاص) للقديس ليكوري (عدا الطبعة الرومانية 1870 ص352) 32 - (المنتخبات الكنبيسية في السيرة القدسية) تعريب الخوري عبد الأحد جرجي (1898 - 1900 في 3 أجزاء ص1160 وطبع المجلدان ال 4 و5 في 1902 - 1903 ص 269 و339) 33 - (مجموع تساعيات لأفضل أعياد السنة) لأحد الآباء الكبوشيين (1869 ص380) 34 - (الكينارة الصهيونية لتسبيح العزة الالاهية) جمعه ونقحه المطران يوسف داود (1864 ص425 ثم 1891 ص372) 35 - (شرح مختصر في الرهبنة الثالثة الدومنكية) (ص16) 36 - (ملخص أخبار الرهبنة الثالثة) (1900 ص260) 37 - (رياضة درب الصليب) (1811 ص48) 38 - (مختصر رياضة درب الصليب) (ص32) 39 - تروض في آلام يسوع المسيح لكل جمعة من الصوم الكبير (1863 - ص19) 40 - (زيارة القربان الأقدس وزيارة مريم العذراء) للقديس ليغوري تعريب جديد للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1869 - 1876 ص320) 41 - (شهر قلب يسوع الأقدس) (طبعة ثانية 1883 ص462) 42 - (فرض مريم العذراء الصغير بحسب الطقس الدومنكي (1864 ص168 ثم 1889 ص207) 43 - (فرض السيدة الصغير بحسب الطقس الروماني (ص165) 44 - (المتعبد لمريم) للأب بولس سنيري اليسوعي عربه الأب بطرس فروماج ونقحه المطران يوسف داود (1870 ص261 ثم 1896) 45 - (الشهر المريمي) (1892 ص251)

46 - (النزهة في الورود) يمثل ظهور السيدة في لورد عربه عن الفرنسية القس يوسف جرجس السرياني (1893 ص260) وهو اليوم مطران حارستا 47 - (مصحف الوردية المقدسة) (1867 ص352) 48 - (شرح مختصر في أخوية الوردية) (طبعة ثانية 1883 ص48) 49 - (عبادة الوردية المؤبدة) (1880 ص84) 50 - (طريقة سهلة للتأمل في أسرار الوردية المقدسة) (طبعة ثانية 1885 ص64) 51 - (دستور الوردية المقدسة) (1900 ص61) 52 - (ثوب سيدتنا ذات الكرمل) (1881 ص 30 ثم كرر طبعه) 53 - (ثلاثة ينابيع نعم للأنفس المسيحية) (1880 ص96) 54 - (إكليل البتول الطاهرة مريم) للمطران السيد أدي شير ابرهينا الكلداني (1904 ص57)

55 - (كتاب المتعبدين لقلب يسوع الأقدس) (1906 ص396) 56 - (كلندار الأعياد والتذكارات والصيامات حسب الطقس الكلداني) (ص16) 57 - (مجموع صلوات اعتيادية) (ص175) 58 - (فرض الموتى حسب الطقس اللاتيني) (ص52) 59 - (تأملات لكل أيام الشهر) للأب موزاريلي اليسوعي (ص250) 60 - (مجموع تسعيات) ترجمة لأحد الأباء الكبوشيين من ماردين (ص377) 61 - (أخوية اسم الله واسم يسوع) (ص22) 62 - (أخوية الوردية المقدسة) (ص48) 63 - (طريقة جيدة للتأمل في أسرار الوردية المقدسة (ص 40) 64 - (أخوية زنار مار توما الاكويني) (ص16) 65 - (خمسة مزامير القديس بوناونتورا إكراما لمريم العذراء) (ص16) 66 - (ملخص أخبار الرهبنة الثالثة التوبئية) (ص260) 67 - (الدليل الأمين للمشتركين بأخوية سيدتنا لقلب يسوع الأقدس

(ص80) 68 - (قوانين أخوية الحبل بلا دنس) (ص 160) 69 - (قرارات ورسائل وأناجيل حسب الطقس الكلداني (3 أجزاء ص116 و108 و120) 70 - (ثلاث وأربعون ترنيمة تقوية مأخوذة من الكينارة الصهيونية) (ص74) 71 - (سيرة بعض الطوباويين والأتقياء الدومنكيين (ص123) 72 - (استشهاد مار ترسيسيوس) (ص119) رفائيل بطي استدراك طلب كاتب المقالة في تمهيده لبحثه أن ينتقد الأدباء المحققون مقالاته ويرشدوه إلى مواضع الخطأ فيها ويكملوا النواقص التي يفوته ذكرها، وها قد بعث رزوق عيسى بعد اطلاعه على القسم الأول من المقالة المنشورة في الجزء الماضي بهذا الاستدراك: سيدي صاحب مجلة لغة العرب المحترم طالعت ما كتبه الأديب رفائيل أفندي بطي في الجزء الثالث من مجلة لغة العرب بعنوان (تاريخ الطباعة العراقية) والذي لفت نظري قول الكاتب: (وفي هذه السنة عينها (1856) جلب إلى كربلاء أحد أكابر الفرس مطبعة حجرية لا يذكر الناس من نتاجها إلاَّ سفرا بقي بكرا وحيدا) وقد فاته ذكر أول مطبعة حجرية تأسست في الكاظمية وطبع فيها (دوحة الوزراء في تاريخ وقائع الزورآء) تأليف الشيخ رسول أفندي الكركوكي وقد تولى طبع هذا الكتاب مرزا محمد باقر التفليسي بخطه عام 1237هـ 1821م فمن هنا يظهر أن أول مطبعة حجرية نصبت في الكاظمية كانت قبل اكثر من مئة سنة. رزوق عيسى

مشاهير العراق

مشاهير العراق في القرن الثالث عشر ونصف القرن الرابع عشر كان القرن الثالث عشر ثم هذا القرن الذي نحن فيه من احفل القرون التي مرت على العراق بعد سقوط الدولة العباسية بنوابغ الأدباء، وأكابر العلماء، وأمثال النبلاء؛ وقد مضى ردح من الزمن ولم أر من عني بتأليف كتاب يتكفل بشرح سيرهم ويوفيهم حقهم على اختلاف صنوفهم ومشاربهم - فحملني الكلف باجتلاء عرائس المأثور من المنظوم والمنثور. وسير العظماء والمشاهير على تأليف كتاب جامع مانع يضم بين دفتيه تراجم من نبغ في هذين القرنين في العراق من مشاهير العلماء، ومجيدي الشعراء، وأخبار الأعيان والأمراء، وعظماء التجار والأغنياء، ومبرزي القراء والمغنين الظرفاء. . . الخ وظللت زمنا أتسقط أخبارهم من مختلف المصادر، واسأل عنهم من لقيت من الشيوخ الثقات حتى توفر لدي منها (رقائق تحسد رقتها أنفاس النسيم، وقلائد تروع حالية العذارى فتلمس جانب العقد النظيم). وقد احب حضرة الأستاذ الكرملي أن انشر في كل جزء من (لغة العرب) نموذجا من ذلك يكون تحفة لقرائها، ومرجعا للباحثين عن تاريخ العراق. وهاأنا ذا محقق بغيته: نموذج من تراجم الظرفاء الملا طعمة بن عبد الوهاب 1 - كان في بغداد من نوادر الإعصار يذكرك إذا سمعت أخباره أبا نواس في نوادره وغرائبه. وهو ربيب الشيخ محمد سعيد الطبقجلي مفتي بغداد وجده صبيا يبكي عند

باب جامع الحيدرية ضالا فسأله عن اسمه فقال: (طعمة) وعن أبيه فقال: (عبد الوهاب) فأخذه إلى داره وعني بتربيته وتهذيبه ووكل به من علمه القرآن الكريم فحفظه حفظا متقنا، وتعلم الخط فجوده، ودرس اللغة العربية وشدا الأدب، وأتقن صناعة التجليد، وحذق ضروب الغناء والضرب على الكمنجة حتى اصبح في فنونه أعجوبة الدهر. وكان مفرط الذكاء مجيدا في تقليد الحركات والحكايات والأصوات منقطع النظير في السباحة؛ يتصرف فيها تصرفا عجيبا ويأتي فيها ضروبا لا يكاد يقدر عليها إنسان فكان تارة يعوم على سطح الماء منتصبا حتى لكأنه جالس على كرسي أو فراش وثير ويضع على فخذه نارجيلة يدخن بها ذاهبا آئبا يمينا وشمالا. وتارة يقطع دجلة منكسا رأسه لا يبين منه سوى عجزه خارجا إلى غير ذلك مما يفتن الألباب من عجائب الألعاب. ومن نوادره قصة مشهورة يذكرها الشيوخ فيما يذكرون في مجالسهم من النوادر والغرائب، وذلك أنه قبل أن يبقل عذاره ويطر شاربه صنع من الصوف لحية وشاربا ووضعهما في موضعهما من وجهه ولبس عمامة هندية كأنها العش، وهيأ له من حمل أمامه الفانوس (المصباح) وقت العشاء في الصيف فأستأذن على مربيه المفتي وكان مجلسه غاصا بأصحابه الفضلاء والأعيان قائلا: أنه من حكماء الهند وأطبائها فأذن له فلما دخل نهض المفتي واستقبله وجذبه إلى الصدر ورحب به وقد خفي عليه أمره فأخذ طعمة يتكلم بلهجة هندي تعلم العربية واظهر أن له اليد الطولى في الطب والحكمة، وكان في المفتي وفي كثير من جلسائه أمراض لا تخفى عليه لكثرة خدمته لهم ووقوفه على خافيهم وباديهم، فصار كل واحد منهم يتقدم إليه فيجس نبضه ويفحصه فحص الطبيب الحاذق فيخبره بما فيه ويصف له ما يناسبه من العقاقير حتى بهرهم وأخذتهم الدهشة من حذقه ومعرفته. فلما أستأذن للوداع شيعه المفتي وجماعته معجبين به راغبين إليه في الاجتماع به كثيرا حتى إذا بلغ السلم انحدر مسرعا كالبرق فضحك الخدام ضحكا عاليا سمعه المفتي وأصحابه في السطح فسألوا عن السبب فأخبروهم بالأمر فاستغرقوا في الضحك واعجبوا بنكتته.

وقد بدل اسمه أخيرا باسم (ناجح) فقال فيه الأديب محمد فهمي العمري على سبيل الممازحة: هنئت يا (ناجح) في هذا اللقب ... اسما سما جميع أسماء العرب يا لك من اسم إذا سمعته ... يهزني من حسن لفظه الطرب لازلت يا (ناجح) تسمو في الورى ... باسمك هذا رتبا فوق رتب تفاؤلا بالخير في نجاحكم ... به دعاك الناس يا أبا العجب لم تر عيني كاتبا بين الورى ... كناجح أن خط يوما أو كتب وأن تغنى اسكت ابن معبد ... وأخجل الحبر أبن هاني أن خطب أجارك الله من اسم قد غدا ... في قبحه كأنه داء الجرب لا بارك الله بطعمة بلى ... بارك عز شأنه في ذا اللقب وجن طعمة في آخر عمره وتوفي سنة 1315هـ في بيت آل جابر أفندي في الحلة، وقد بلغني أن لديهم مجموعة من شعره ولم يصلني منه إلاَّ شيء قليل أوردته هنا؛ قال وقد سرقوا حذاءه وتركوا له عوضا عنه حذاء طويلا يفضل عن قدمه: قطع الله يمينا ... سرقت مني حذائي عوضتني بحذاء ... نصفه يمشي ورائي ويروى (عوضتني فلك جسر. . . الخ). وقال يهجو بيتا من بيوتات بغداد: بسوء الفعل يا أبناء دلّة ... تركتم كل قلب فيه علة فما فيكم فتى يرعى ذماما ... ولا حر يرى حق الاخلة ترديتم ثياب اللؤم طبعا ... وصرتم في البرايا شر ملة فما شهد الزمان لكم بفضل ... ولا ذكرت لكم في الخير خصلة إذا طرق الضيوف لكم فناء ... طلبتم من نساء الحي بوله لتطفوا نار موقدكم سريعا ... مخافة أن يحوم الضيف حوله

متى ترحم قلوبكم فقيرا ... متى تسمح كفكم ببصلة متى جدتم على عاف بشيء ... يساوي قدره في الناس نملة فمن يرجو شرابا من سراب ... كمن يرجو ندى من آل دلّة فقبح حيكم من حي قوم ... متى ما حرك النباح ذيله لكم في السؤ أخبار تجلت ... كعين الشمس لم تحتج أدله جراحات السنان لكم طباع ... لها لسع أباد الجسم كله فصور شخصهم قبرا بأرض ... بها الأموات أضحت مضمحلة ولا تأسف على قوم لئام ... تبين لؤمهم عند الاجله ولا تغتظ من الاردا ودعه ... ودع في. . . . ستين جزله وقال يمدح السيد عارف حكمة ابن العلامة السيد عبد الله الالوسي يوم كان (مدير المال) في السماوة، وقد وجدته بخط شيخنا العالم الجليل السيد علي علاء الدين الالوسي عليه رحمة الله: زان السماوة عارف بوجوده ... فحكت به روضا زها بورده أو ما ترى أرجاءها بأريجه ... طابت وأزهر روضها بوجوده بوفوده أنحاؤها قد أشرقت ... قد أشرقت أنحاؤها بوفوده شهم سما الأقران فضلا ياله ... فضل يحار العقل في تقليده ما خاب من وافاه يطلب نيله ... كم معدم أحياه وابل جوده ورث المكارم كابرا عن كابر ... والفضل عن آبائه وجدوده لما مضى أسلافه خلق الندى ... فسعى وايم الله في تجديده وكذا الوفا لما وهت أركانه ... أضحى شديد العزم في تشييده اكرم به من أريحي دأبه ... بذل الندى لعدوه وودوده لازال في فلك السعادة كوكب ... يبدي السنا لقريبه وبعيده محمد بهجة الأثري

دفع المراق في كلام أهل العراق

دفع المراق في كلام أهل العراق لهجتهم في الأسماء الثلاثية: كل ما كان من الأسماء الثلاثية ساكن الوسط، ولم يكن مضافا إلى ضمير المفرد متكلما كان أو مخاطبا أو غائبا، جعلوا وسطه متحركا في كلامهم، غير أن هذه الحركة تختلف باختلاف حركة الحرف الأول من الأسماء فأن كان الحرف الأول مضموما جعلوا الحرف الثاني مضموما أيضا، كقولهم في قفل قفل، وفي شغل شغل، وفي خبز خبز، وفي حكم حكم وفي جرم جرم، وفي شكر شكر وفي كفر كفر، وفي مهر مهر. هذا هو الغالب في كلامهم. وأما قولهم في حسن بكسرتين وكذلك في جبن جبن وفي دهن دهن فشاذ أو هو على توهمهم أن أصله فعل بكسر فسكون. وأن كان الحرف الأول من الاسم مكسورا، جعلوا ثانيه مكسورا أيضا، كقولهم في حمل حمل، وفي حبر حبر، وفي حلم حلم، وفي فكر فكر، وفي ذكر ذكر، وفي كذب جذب، وفي شبر شبر، وفي تبن تبن. وإن كان الحرف الأول من الاسم مفتوحا، جروا في حركة ثانية على ثلاثة وجوه: الاول أن يجعلوه مفتوحا أيضاً كقولهم في بحر بحر، وفي دهر دهر، وفي مهر مهر الثاني أن يجعلوه مضموما؛ كقولهم: في تمر تمر، وفي خمر خمر، وفي جمر جمر، وفي قلب كلب، وفي قبر كبر، وفي حرف حرف، وفي صبر صبر، الثالث أن يجعلوه مكسورا كقولهم في نجم نجم،

وفي كلب جلب، وفي أرض أرض، وفي كرد جرد، وفي فرد فرد، وفي برد برد، وفي شمع شمع، وفي دمع دمع. ويتحصل من هذا: أن الاسم الثلاثي الساكن الوسط، إن كان مضموم الأول ضموا ثانيه، وإن كان مكسور الأول كسروا ثانيه، وكانت هذه الحركة من قبيل حركة الاتباع؛ وإن كان مفتوح الأول جروا في حركة ثانيه على ثلاثة وجوه؛ الضم والفتح والكسر؛ وإن هذا أعنى تحريكهم الحرف الثاني إذا كان الاسم غير مضاف إلى ضمير المفرد، سواء كان متكلما أو غائبا أو مخاطبا. وأما إذا كان مضافا إلى أحد هذه الضمائر فإنهم يبقون ثانيه ساكنا ولا يحركونه بخلاف ما إذا كان مضافا إلى ضمير الجمع من المتكلم والمخاطب والغائب فانهم حينئذ يحركونه أيضاً على الوجه الذي ذكرناه. وأما إذا كان الاسم الثلاثي متحرك الوسط وكان مفتوح الاول والثاني فانهم يجرون فيه على ثلاثة اوجه: الأول أن يبقوه على حاله بلا تحريف ولا تغيير كالخبر والطرب والكرب والذهب والحطب والعجب والشعر وغير ذلك؛ الثاني: أن يحرفوه بجعل فتحته الأولى ضمة كقولهم في القمر كمر، وفي الكبر كبر (لهذا الشجر المعروف). وفي الطبر طبر، وفي صفر صفر، وفي ثفر ثفر وفي هذا الأخير تحريفان: إبدالهم الثاء المثلثة تاء مثناة وجعلهم فتحته الأولى ضمة، الثالث أن يحرفوه بجعل فتحته الأولى كسرة كقولهم في الجمل جمل، وفي الخشب خشب، وفي الكفن جفن، وفي الشجر شجر، وفي القدح جدح لهجتهم في فعيل وفعيلة كل ما كان على فعيل وفعيلة من الأسماء والصفات جرت ألسنتهم في الأعم

الأغلب بكسر أوله كقولهم طويل وطويلة وجريم وجريمة وشعير وشعيرة وسمين وسمينة وكصيف وكصيفة وربيع وربيعة وجريب وجريبة. وكقولهم عبد المجيد؛ وعبد الرحيم؛ والشيخ سعيد؛ وهذا المال صار نهيبة؛ وبيت أم كصيبة؛ وعندها من الغزل وشيعة؛ وجاب الماي من الشريعة؛ وفلان نسيب فلان (أي صهره)؛ وعساهم بالكطيعة؛ ونام على السرير؛ وفلان ركب البعير؛ وفلان يخاف من الصفير؛ وهذا جبير وهي جبيرة؛ وصغير وصغيرة؛ ونخلت الطحين؛ إلى غير ذلك. وهذا هو الشائع في كلامهم. وهناك من الكلمات التي هي على وزن فعيل مالا تجري ألسنتهم بكسر أوله بل بالفتح كعريض وغريق وحبيب وغير ذلك. والعمدة في هذا الباب على السماع. لهجتهم في فعال كل ما كان من الأسماء والصفات على فعال بالضم؛ أو على فعال بالفتح؛ أو على فعال بالكسر؛ جرت ألسنتهم في الحرف الاول منه بكسرة غير محسوسة بحيث يظن السامع أن أول الكلمة ساكن غير متحرك. وقد سمينا هذه الحركة ب (الحركة الضئيلة) ولولا أن الابتداء بالساكن متعذر في اللهجة العربية لحكمت على أول هذه الكلمات بالسكون؛ إلا أنه في الحقيقة غير ساكن بالمرة كما يظهر للمتأمل عندما يسمع كلامهم؛ فإنه يلوح له عند نطقهم بمثل هذه الكلمات جزء ضئيل من حركة الكسر يصح أن يعد عشر الكسرة وذلك

في مثل؛ غراب وكتاب وعذار وحساب وغبار وتراب وجراب وعليه قولهم وهو من أمثالهم: (غراب يكول الغراب وجهك اسود). وهذا إذا لم تقع هذه الأسماء في أثناء الكلام ولم تدخل عليها الألف واللام؛ أما إذا دخلت عليها الألف واللام فان الحرف الأول منها يكون حينئذ ساكنا سكونا ظاهرا بنقل الكسرة منه إلى ما قبله اعني اللام من أداة التعريف كقولهم وهو من أمثالهم أيضا: (ضرط وزانها وضاع الحساب) بكسر لام التعريف وسكون الحاء من حساب؛ وكذلك إذا وقعت الكلمات المذكورة في أثناء الكلام فإنها حينئذ يظهر سكون أوائلها بنقل الكسرة الضئيلة منها إلى ما قبلها كقولهم للفرسين يجريان في السباق وقد تقدم أحدهما شيئا قليلاً؛ (جن إذن وعذار) بكسر واو العطف وسكون العين من عذار. وكقولهم وهو من أمثالهم أيضا: (جوز معدود بجراب مشدود). وهذه الكسرة الضئيلة تقع في أوائل الجموع التي هي على فعال أو فعول كرجال وجبال ونعاج وحمول وخيول وهموم وغير ذلك. وإذا وقعت هذه الجموع في أثناء الكلام ظهر السكون في أولها بنقل الكسرة منه إلى ما قبله وعليه قول شاعرهم صاحب العتابة: (أبات الليل وهمومي علي) بكسر واو العطف وسكون الهاء من همومي، وكقول الآخر في عتابته أيضا؛ (خدودك شمس وعيوني حربها)؛ أما الخاء من خدود فمكسورة كسرة ضئيلة تشبه السكون لأن كلمة خدود واقعة في ابتداء الكلام لا في أثنائه؛ وأما العين من عيوني فساكنة سكونا ظاهرا؛ لكونها واقعة في أثناء الكلام فنقلت كسرتها الضئيلة إلى الواو التي قبلها. وكذلك إذا دخلت الألف واللام على هذه الجموع ظهر السكون في أولها بنقل الكسرة منه إلى اللام. كقولهم وهو من اغانيهم؛ (خليتني يا شوك كركي بالجبال) بكسر لام التعريف وسكون الجيم من جبال. معروف الرصافي

استفتاء

استفتاء ما رأي صاحب لغة العرب في الألفاظ العربية التالية وفي ما يقابلها في الفرنسية: 1 - السلى (وزان فتى) 2 - الفاقياء (وزان قاصعاء) 3 - السابيآء. 4 - الحولاء (كنفساء وعنبآء) 5 - الصاءة أو الصاة (كالساحة أو السحاة) 6 - السخد (كقفل) 7 - المشيمة (ككريمة) عثرت في أثناء مطالعتي في بعض المجلات والكتب الطبية العربية الحديثة على الفقرات التالية حول النفاس: (ربما كانت الحامل مصابة بارتكاز المشيمة (؟) المعيب. . . فقبل إتمام مدة الحبل (؟). . . وفي آخر دورته الثالثة (؟). . . فتح الفقاء. . . وسال المائع الامنيوسي (؟). . . وبعد وفاتها والكشف على الميت (؟) شوهد في الوريد الفخذي آثار صمامة (؟). . . وما دون ذلك. . .) فان اعترف الرأي العام من باب البديهيات أن اللغة العربية المدونة في المعاجم ليست واحدة بل هي مجموع لغات باد معظمها وربما لم يبق من المتكلمين بها اليوم إلاَّ النزر القليل؛ فرأيي الشخصي هو أن لابد للرأي العام نفسه أن يقرر تقريرا خاليا من كل تردد وتلكؤ فيخصص بكل معنى لفظا واحدا؛ ولا يتخذ الألفاظ المترادفة في المصطلحات العلمية إلاَّ من بعد أن تتوفر لديه الكلم اللازمة لكل معنى ولو كان دقيقا. تلك قاعدة مطلقة لابد من الجري عليها في كل لغة لحسن التفاهم؛ مهما تعاقبت العصور واختلفت الأمم وتفرعت القبائل. أن جهل هذه الفروق في عهدنا هذا؛ أو قل؛ إهمال الوقوف على هذه

الفروق في اغلب كتب اللغة وعدم اهتمام بعض الكتبة بها؛ كان من أهم الدواعي إلى وضع الألفاظ العربية الفنية؛ ولاسيما الطبية منها. وهذا ما حدا بالأطباء إلى أن يستعملوا مثلا السخد (وزان قفل). والمشيمة، والسلى، والحولاء بمعنى واحد. أو يكاد. وعندهم الفاقئاه والسابياه شيء واحد. والصاءة والحولاء بمعنى واحد. ولو أعملنا الفكرة في كل من هذه الكلم ودققنا النظر في الأحوال التي وردت أو في تلك الأحوال التي شوهد فيها الجنين والرحم وملحقاته عند الولادة؛ ونقبنا عن أولئك الذين دونوا هذه الحالات الخلقية (الفسيولوجية) من حيث مقدرتهم وسلطتهم في العلم واللغة حين وقوفهم عليها أو تحريهم إياها واتصالها بهم. ودرس كيفية ذلك الاتصال؛ لرأينا بدون شك انهم كانوا على غير ما نقلت عنهم المعاجم؛ أو قل؛ لما رأينا في تلك الدواوين الغوامض والألغاز والشبهات على ما نشاهدها اليوم. ذلك أمر دفع أطباء هذا العهد إلى التردد في قبول ما نقله الأقدمون، وبذل الجهد لسد الثلمة التي كانوا في غنى عنها لوضع مصطلحاتهم لو كان في تلك المصنفات أحكام الوضع، وإتقان النقل، وإيضاح المبهمات. إذن عملهم اليوم هو نتيجة انحراف المدونين عن صراط التلقي والتصحيح والتقليد والاجتهاد. لا جرم. أن كلا من كتبة العصر لم يضع لفظا إلاَّ واستند إلى أحد كتب اللغة أو إلى أحد الأطباء الأقدمين أو الباحثين في العلوم الطبية؛ توصلا إلى سد تلك الفجوة؛ فجوة الحاجة. - وعليه أني لا أتصدى للغويين في موقفي هذا إلا بالتي هي احسن لأني أراني ممن لم يؤتوا السلطة للإقدام على هذا العمل ولكن ذلك لا يمنعني من القول أنى لا أجد في معاجمهم ما احتاج إليه من الثقة والضمان لأعول عليه في ما يعود إلى الفروع الفنية؛ ولا سيما إلى ما يعود إلى الفروع الطبية منها؛ لأنني لم اعهد فيهم ذوي إلمام باللغة والفن معا للركون إلى آرائهم وأحكامهم. هذا من جهة؛ وأما من الجهة الأخرى فإني كثيرا ما وجدت وشاهدت

تناقضا غريبا في تفسيرهم لبعض المصطلحات والاوضاع؛ وهم كلهم لم يزالوا في نظر القوم من الثقات وذوي الكلمة المسموعة في اللغة. يقول أحد أقطاب اللغة مثلا؛ أن الصاة أو الصاءة هي الماء يكون في المشيمة وقال آخر عن السخد هو ماء يخرج مع الولد أي أن الصاءة والسخد بمعنى واحد لكن الاول يقول عن المشيمة أنها غشاء ولد الإنسان؛ والثاني يعتبر السابياء مشيمة مع شيء من التردد؛ ولذا يزيد على قوله الأول؛ ولعلها جليدة رقيقة على انف الطفل أن لم تكشف عند الولادة مات. أما اللغويون المحدثون فلم يزيدوا كلام الأقدمين جلاء ولذا كان كلام هؤلاء وأولئك على وجه واحد من الإبهام والاعجام. ثم أرى المحدثين لم يتفقوا على وضع الألفاظ اتفاقا مجمعا عليه. أرى بعضهم يسمي ال بال (إبعاد أو الجر عن المركز) وقرأت لآخر إنها (الإدارة) ثم جاءنا الكرملي وقال: هي (الانتباذ) ولعله اصاب؛ لكن أي ن هو الاتفاق. أما رأيي الخاص فهو أني لا أرى مانعا من أن اسميها: (الطحر) (بطاء مفتوحة يليها حاء وفي الأخر راء) لا بل ارجح هذا المصطلح على سواه لما بينه وبين مدلول الكلمة الفرنجية من العلاقات الشديدة معنى ومبنى وسيأتي عنها في مقال غير هذا. إذن ما هذا التبلبل؛ بل ما هذا التذبذب؛ لا بل قل؛ كل هذا جهل للشيء المقصود جهلا لا ينكر؛ أو لا اقل من انه اختلاف وتشاق في وضع الألفاظ لما يعرفونه حق المعرفة أو يدعون معرفته على هذه الصورة فكيف بهم لو أرادوا وضع ألفاظ لما لا يعرفون جد المعرفة حقيقته الأصلية من الأشياء التي ليست في بلادهم ولم يروها؟ أما الأطباء الأقدمون ومنهم الشيخ الرئيس ابن سينا الزعيم الأكبر لأبناء اسكولاب والإمام الرازي والجراح الشهير ابن القف النصراني والزهراوي وبختيشوع ويبريل إلى غيرهم. فمع إعجابي بهم؛ فإنهم تفردوا كما تفرد أطباؤنا اليوم بوضع المصطلحات الطبية؛ أو قل باتخاذها من غير أن يتواطؤوا على وضعها ويوحدوها. ولم يبرهن أحدهم على رجحان أوضاعه على أوضاع

صاحبه؛ فقال أحدهم مثلا: أسقطت المرأة؛ وقال الثاني: أجهضت؛ فجاء الثالث فقال: لا بل طرحت؛ ثم زاد الرابع مرادفا آخر وقال: دحقت. وهم كلهم أبناء عصر واحد أو يكادون من حيث الطب العربي. فأين وجه التعليل يا قوم؟ وإلى أين المفر يا أبناء عدنان وقحطان؟ افنلهو بجمع الألفاظ ونحن نتعلم الطب؟ أم نقضي الأعمار في تعلم مفردات اللغة؟ ثم هل نعترف بمعنى واحد لهذه الألفاظ التي افرغوا سيلها علينا؛ أم نقول أنها حروف وردت في لغة قوم دون قوم؛ أو في لغة قبيلة دون أخرى ولكل قوم وقبيل ألفاظ خاصة بها. أو نتخذها ألفاظا مختلفة لها معان خاصة بها ولكن غابت دقائق معانيها وفروق تراكيبها عن أصحاب المعاجم. ثم لما جهلوا ما فيها من دقائق تلك الفروق أفرغوها في قالب معنى واحد فقالوا ما قالوا؟ - تلك أسئلة قد يعسر الجواب عنها جوابا شافيا. وأن كان بعضهم تمحلوا لها حلا سلوا به أنفسهم. وهناك من الشطط الذي لا يغتفر، وهو ما ورد بعكس الحالة المذكورة أي تعبيرهم بكلمة واحدة عن أشياء مختلفة لا علاقة لها بعضها ببعض، حينما تعد اللغة العربية من أغنى اللغات السامية. مثال ذلك أن الكعب عند معظمهم العظم الناشز فوق القدم؛ وهو عند آخر: العظمان الناشزان من جانبيها. وهناك ثالث يخالف الأولين ويقول: كل مفصل للعظام هو كعب. . . إلى غر ما جاء في دواوينهم. ولا تظن أن للكعب هذه المزية من وروده بجميع المعاني أو بمعان عديدة بل هناك غيره. دونك الكعبرة مثلا فإنها تعني الكوع. وتعني الورك الضخم، وتعني اصل الرأس (انظر كيف انتقلنا من الورك إلى الرأس مع أن الواحد واقع في شمالي الجسم والأخر في جنوبيه) فما اعظم هذه الفروق وما ابعد الواحد عن الآخر في معناه ومبناه وسكناه! ومما زاد اللغة العربية عجمة مخلوطة بغرابة ظاهرة تصرف الأتراك فيها فكانت نهضتهم العلمية والقومية بلية علينا فوق بلايانا فلقد شيدوا على دعائم آدابنا ولغتنا، معاجمهم ومؤلفاتهم ومدوناتهم، واستنبطوا من لساننا مفردات علمية وضعوها على غير وجوهها غير ملتفتين إلى قاعدة معقولة إذ (تركوها)

أي صبغوها بصبغ تركي متبعين أهواءهم ومقاصدهم، ومتأثرين الإفرنج لا العرب في ما فعلوه في هذا المعنى. فجاءت كلمهم مستهجنة لا تمت إلى لغة بنسب فهي أن قلت: إنها عربية أو افرنسية أو إنكليزية أو لاتينية أو يونانية فأنت غير واهم، ففيها شيء من هذه اللغات كلها. فجاز لك أن تسميها بما تشاء. وأنت تعلم أن أبناء الغرب نحتوا ألفاظهم من اللاتينية أو اليونانية فهم يجرون على صراط سوي في نظرهم. والترك يدعون هذا المدعى عينه في نظرهم. إذن هم والإفرنج في رقي في مصطلحاتهم لأنها وإن كانت غريبة عن لسانهم ومشوهة الوضع. إلاَّ انهم ادمجوها بلغتهم كل الإدماج وادخلوها في آدابهم وفنونهم؛ وأصبحت اليوم تركية، كما أصبحت مصطلحات الفرنسيين فرنسية وأوضاع الإيطاليين إيطالية إلى غيرهم. ولهذا ترى كتب هؤلاء الأقوام مشحونة مفردات جديدة لم تكن في لسانهم قبل تبحرهم في العمران. ولكن هل إمعان الترك في حضارتهم وتصرفهم في لغات العرب وضوابطهم وآدابهم يزكي عمل المحدثين من كتاب العرب في أخذهم تلك المصطلحات عنهم وإدخالهم في كلامهم وهي على ما هي عليه من التشويه الشنيع والتضليل الفظيع بحجة شيوعها وتداولها بين الناس؟ - ذلك عذر اقبح من ذنب ولا اقبله لنفوسهم. آتي الآن إلى الموضوع الذي ارصدت له هذا المقال: 1 - السلى من الألفاظ التي اختلف الكتبة في وضعها تعبيرهم بلفظ واحد عن اغشية البيضة المسماة عند الافرنسيين أن هذه الأغشية هي عبارة عن ثلاث طبقات وهي: داخلية ومتوسطة وخارجية وهي متصلة بعضها ببعض بأنسجة ليفية وحشوية فالخارجية منها لاصقة بعضد الرحم الداخلي (أي بجدارها كما يقول بعضهم) حتى ساعة الولادة، فحينئذ تنفصل عنها وتغادرها بعد خروج الوليد منها ومعها مجموع الأغشية وسيأتي ذكرها عند البحث عن الطبقة الداخلية بعيد هذا.

والراجح عندي أن يطلق اسم (السلى) على هذه الأغشية الثلاثة. كل مرة أريد بها غشاء من أغشيتها من غير أن يفرق بين دور ودور من أدوار الحبل الثلاثة أعني الإبط والضبن والحضن. ولاسيما طالما تكون تلك الأغشية في الرحم. يؤيد هذه التسمية ما ورد عنها في بعض كتب اللغة إن السلى إذا انقطع في البطن هلكت الأم وهلك الولد. والمبادئ الطبية الحديثة تؤيد هذه الفكرة (النظرية) إذ قد ثبت أن السلى حينما ينخزع قبل أوانه أو في أوانه ويسيل المائع الامنيوسي منه، تأخذ العضلة الرحمية في التقلص والانقباض فيستحيل على الجنين البقاء في داخل الرحم لأنه يكون بعد ذلك أشبه شيء بجسم غريب في الموضع المذكور؛ فلابد للرحم حينئذ من أن تنبذه عاجلا أو آجلا. وفي مادة (سلى) اللغوية صلة معنوية بفعل (سلا) ومنه قولهم سلا الجذع أي نزع سلاءه وهو شوكه. وأنت تعلم أن وظيفة السلى للجنين ليست سوى المحافظة عليه من الخطر الذي يأتيه من خارج بما أعطي من الوسائط الآتية: (مرونة الأنسجة) أو الحيوية (إفراز المائع الامنيوسي) فكأني به ينزع سلاء العضلة الرحمية (بالانقباض والتقلص) أو يدفع الشدائد والصدمات الخارجية من رضوض وغيرها. تلك التي يحتمل وقوعها على البطن فتلقي الجنين منها. وهناك رابطة معنوية أخرى لا يستهان بها تربط المعنى العلمي بالمعنى اللغوي: أن السلى في اللغة مصدر سلي عنه أي طابت نفسه به. فمن ينكر كم تطيب غريزة الجنين حينما يكون في داخل سلاه مصونا من كل أذى في الداخل وفي الخارج. وكذلك قل عن الأم فلابد من أنها تسلو حينما تشعر بأن جنينها في مأمن حصين من كل أذى مرض أو تعرض وما ذاك المأمن سوى هذا السكن. 2 - الفاقئآء أما الكلمة الثانية فهي الفاقئآء: فقد جاء عنها في أحد المعاجم اللغوية أنها السابياء التي تنفقئ عن رأس الجنين عند الولادة. وقد قيل عنها أيضاً أنها جليدة رقيقة على أنفه أن لم تكشف عنه مات.

قلنا: أننا في حاجة كبيرة إلى مثل هذا اللفظ الثمين؛ لكن ليس بالمعنى المزدوج الذي ورد في المعجم، إذ في ذلك من الإبهام ما يخرجنا عن تتبع الحقائق بوجوهها العلمية. أننا الآن في الطب في مندوحة عن المرادفات بل حاجتنا إلى معنى مستقل بنفسه غير موجود في لفظ آخر؛ والحال انك تعلم أن السلى في الدور الأخير من الحبل ينبسط انبساطا صريحا عند مستوى عنق الرحم متأثرا من عامل الضغط الشديد الآتي من قبل رأس الجنين أو ينبسط عند قسمها القائم على العنق فيظهر قسم السلى بوضعه هذا بشكل جراب مستطيل في العنق ويتخلل أحيانا المهبل إذ هو النذير بحلول موعد الوضع؛ فينفقئ من شدة الضغط الحاصل في الداخل؛ وأحيانا يضطر الطبيب إلى بزله أو قل إلى فقئه حينما لا يتغلب الضغط من الداخل على صلابة السلى. ولهذا أرى من الأرجح أن تطلق لفظة (فاقئاه) على القسم الأسفل من السلى وذلك القسم الذي لا يرى إلا في الأيام أو الساعات الأخيرة من دور الحبل أو أن شئت فقل في قسم السلى المعد للفقء الخلقي (بكسر الخاء أي الفسيولوجي) أو الجراحي. يقابله في اصطلاح أطباء الفرنسيين ما معناه جراب المياه: 3 - السابيآء جئنا الآن إلى ما يسميه الإفرنج امنيوس وهو إحدى طبقات السلى وهي طبقته الثالثة من الداخل التي فيها الجنين. وعندي أنها لو تسمى في لساننا بالسابيآء لوفت بالمطلوب. ذهب بعضهم إلى أن السابيآء هي المشيمة التي تخرج مع الولد، فلا محل لهذه الفكرة (النظرية)؛ لأن هذا التعريف مبهم إبهام المشيمة الذي تقدم تفسيره؛ إذ لا السابيآء ولا المشيمة ولا أي عضو آخر من الأعضاء الوقتية من أعضاء الرحم يبقى فيها بعد الوضع؛ بل يغادرها جميعها حين مغادرة الجنين للرحم أو بعد مغادرته لها حالا. وقال آخرون: (السابيآء جليدة رقيقة تكون على أنف الجنين فإن لم تكشف عند الولادة مات) لعل أصحاب هذا القول قد أصابوا ظاهر الحقيقة حينما كانوا

يرمون إلى كبدها. أما نحن فلا نوافقهم عليه لأننا قلنا عن السلى لأنه مجموع الأغشية الثلاثة، أغشية البيضة؛ فحينما ينخزع السلى لسبب ما طبيعيا كان أم عرضيا؛ يتم ذلك بهيئة شق أو شقوق متعددة ولكن من غير أن تنفصل أجزاؤه بعضها عن بعض. وهذا ما يقع غالبا؛ كما أنه قد ينخرع وتنفصل جذمة (قطعة) من الجذل لا غير، فيخرج الوليد وعلى وجهه تلك الجذمة التي ينبغي رفعها حالا عن وجهه لئلا تكون له مانعا تمنع عنه الهواء الذي يحتاج إليه للتنفس حالما يسر أو قبل أن يسر. ولما كانت الجليدات الرقيقة التي ترى أحيانا على وجه الوليد وهي في موضوعنا هذا جذمة السلى غير معروفة المصدر إذ قد تكون جذمة من المشيمة أو جذمة من الطبقة الوسطى أو جذمة من الطبقة الداخلية أو جذمة من الطبقات الثلاث معا أي الجذمة السلوية فقط؛ نرى أنه من الأرجح أن لا تطلق كلمة (سابياء) إلاَّ على الغشاء الداخلي بأسره لا على جذمة من الجذم. وحينئذ تقابل كلمة الفرنسية. أما إذا ثبت أن الجذمة كانت قطعة من قطع أحد الأغشية الثلاثة فقط فتنعت حينئذ (بالجذمة السابياوية) أو (المشيمية) أو (الوسطى) إلى أن يتاح لنا وضع لفظ خاص بهذا الغشاء الأخير أو بكل غشاء من هذه الأغشية الثلاثة. ومما يحملنا على اتخاذ هذه الكلمة للمعنى الذي نريده هو اصل المادة اللغوية نفسها. فالسابياء مشتقة من مادة (سبى يسبي سباء) وهلا يكون الجنين في أثناء حياته في الرحم إلاَّ كالسبي في السابياء لأنها اقرب الطبقات الثلاث السلوية إليه ولا يقيه في سبيه إلاَّ هي وذلك بواسطة المائع السابياوي أو الامنيوسي الذي تفرزه ذلك السائل الذي سماه بعضهم السخد مع أن السخد هو غير هذا السائل كما سترى. على أن بعض المحدثين قلد جماعة من الأتراك في التسمية فنعتوه بالمائع (الرهلي) أو (الرهل) (بالتحريك) مع أن هذا مردود وان كان في الحرف ما يدل على الاسترخاء وعدم الصلابة لأن الجسم المائع لا يعني الرخو أو عديم الصلابة والفرق بين المائع والرخو ظاهر لكل ذي عينين. ومنهم من قال إن الرهل هنا موافق لهذا السائل لأن الرهل في اللغة السحاب

الرقيق الذي يشبه الندى. قلنا: ولعل هؤلاء كانوا اقرب إلى الصواب من غيرهم إليها لولا أن كلمة (الحولاء) موجودة في لساننا وهي عندنا اصلح من غيرها للدلالة على ما نريد به، لأسباب لغوية وخلقية وتشريحية وموضعية، ودونك موجزها: 4 - الحولاء 1 - قال اللغويون: حال حولا: تم. وبغير هذا المائع لا يتيسر للجنين أن يتم نموه وتطوره في الرحم بدرجة صحيحة) 2 - وقالوا: حال المشي حولا: تغير من الاستواء إلى العوج. وفي هذا المائع (أي الحولاء) يتغير سير الجنين من حالة الاستواء التي كان عليها في الأشهر الخمسة الأولى إلى حالة العوج وهي وضع الجنين في الرحم في الأشهر الأربعة الأخيرة. 3 - وقالوا: حال حولا إلى مكان آخر: انقلب. وبغير هذا المائع لا يتيسر للجنين أن ينقلب في داخل الرحم، ولاسيما في الشهر الأخير، إذ يستقر الرأس عند عنق الرحم بعد أن كان قبيل ذلك العهد بجوار قعر الرحم أو في أحد جانبيه. 4 - وقالوا: تحول: تحرك. قلنا ولا تتاح الحركة للجنين بدون المائع والجنين لا يجس أو يشعر به بدونه. 5 - وقالوا: حال حولا: حجز حجزا ومنه الحول وهو الحاجز. قلنا: وهذا السائل هو الحاجز أو الوسيط المنيع بين الجنين والسلى لتخفيف الصدمة من الخارج، أو لحجزها عنه كل الحجز مهما كان مصدرها. 6 - وقالوا: الحائل: المتغير اللون. قلنا: ولون هذا المائع يتغير بتغير المواد الممزوجة به من بول وغيره. تلك المواد التي يبرزها الجنين وهو في بطن أمه. هذا ما نراه وإذا صح إطلاق هذا اللفظ على المائع الامنيوسي فلابد من التأمل في مصير كلمة:

5 - الصآة أو الصاءة فالصآة أو الصاءة على ما ورد في كتب اللغة هي الماء الذي في المشيمة والمرجح أن المراد بالصاءة مقدار المائع الامنيوسي الموجود في الفاقئآء وحدها وعلى هذا الوجه نكون قد عينا بصورة واضحة ووافية معنى السلى وما فيه من مائع وهو السابياء وعرفنا ما هي الفاقئاء وما تحويه من الصاءة وهو قسم من السابياء لا غير. 6 - السخد وعلى سبيل القياس ترجم الأتراك - وفي مقدمتهم الدكتور يوسف رامي اللبناني أستاذ فن التشريح في الآستانة وواضع اغلب مصطلحات الطب عندهم - كلمة (بالمشيمة) وذهب مذهبه اغلب الأطباء المحدثين من طلاب الجامعة التركية أو من المغرمين بآثار الأستاذ المشار إليه؛ غير أنني لا أوافقهم على هذا اللفظ عند البحث عنها في لغة الضاد. الذي أراه أن المشيمة (وهي عندي اسم وقد تحتمل أن تكون مؤنث مشيم المشتقة مادتها من اصل كلمة شامة فيكون معنى المشيمة التي عليها شامات) أحرى بان تقابل كلمة الإفرنجية، أي الطبقة الثالثة الخارجية التي يتركب منها السلى. والدليل على ذلك إننا لو تأملنا تأمل مشرح في وجه هذه الطبقة الخارجي لرأينا عليها حليمات دقيقة ناتئة، وربما كانت ذات زغب، ولما لم يكن في وسع السلف الأقدمين أن يميزوه آنئذ برؤية العين بين الشامات وبين النتوءات نعتوها بالمشيمة. وهذا ليس بالأمر الغريب، فان بعض العرب المولدين بل العرب الأقدمين أيضاً لم يزالوا يستعملون حتى هذا العهد كلمة (شامة) في مكان (الخال) - ويا ليتهم أطلقوا كلمة (خالية) على المشيمة، أي على هذه الطبقة الثالثة الخارجية، لكانوا اقرب إلى الصواب، لان (الخالة) هي شامة ناتئة على سطح الجلد؛ وأما الشامة فلا تتعدى مستواه السطحي.

7 - المشيمة بقي علينا قول الغويين أن المشيمة هي (غشاء ولد الإنسان يخرج معه عند الولادة) فهو قول لا يخلو من بعض الحقيقة، فانهم اكتفوا بالتعبير عن مجموع الأغشية (بالمشيمة) وهي إحدى طبقات أغشية البيضة لا غير. وذلك لأنها الطبقة السطحية التي تقع تحت البصر دون غيرها عند خروجها مع الطفل وقد يحتمل أن العرب لم يكونوا واقفين في ذلك العهد على أقسام أغشية البيضة كلها، كما عرفنا إياها اليوم علماء التشريح. وعليه يجدر بنا أن نضع للبلاسنتة اسما غير المشيمة ولعل اسم (السخد) هو الموافق لها كل الموافقة، أنني لا اجهل أن بعض رصفائي سموا (سخدا) السائل الذي في أغشية البيضة استنادا إلى ما ورد في بعض المعاجم القائلة: (السخد ماء أصفر غليظ يخرج مع الولد). بيد أننا نقول: لا يخرج الماء كله مع الولد على ما هو مقرر عند أصحاب الفن. إنما يخرج بعض منه قبله وهو (الفاقئاء) وقد مر بك ذكره، وبعض منه يخرج معه والبعض الآخر بعده وهو الصاءة، وقد يبطيء الولد أحيانا ساعات عديدة في داخل الرحم بعد خزع الأغشية وخروج الماء بكليته ونفاده. وقال آخرون: بل السخد هنة كالكبد والطحال مجتمعة تكون في السلى، وربما لعب بها الصبيان. قلنا: هذا القول هو اقرب إلى الصحة من غيره إليها، لان السخد أي البلاسنتة تشبه في خارجها كتلة ثخينة رخوة وتكاد تكون مستديرة وهي معلقة من وسطها بحبل أجوف (وهو الحبل السري) ويجوز بل يصح، بعد أن يسر الوليد وتلقى مع الحبل، أن تكون ألعوبة لصبيان ذلك العهد المبارك! وجاء في كتب متن اللغة قولهم: المسخد (وزان مقدم) وهو المسفر والثقيل والمورم. والحال أن من ينظر إلى هذا العضو بعد أن ينفصل من الرحم ويفقد جانبا عظيما من الدم المتشبع منه، يره أشبه شيء بقطعة رخوة مورمة وثقيلة ومصفرة إذن لا يستغرب إطلاق كلمة (سخد) عليها حتى قبل فقدها

جواب الاستفتاء

ذلك الدم المعد لارواء الطفل وتغذيته حين قيامها بمهمتها المعلومة في بطن الرحم. ويرى بعضهم أن كلمة (السخد) لا تخلو من بعض العلاقة (بالسختة) التي معناها الشديد والصلب، بل لعل السخد تصحيف السخت. والحق يقال أن السخد هو اصلب أنسجة أعضاء الرحم الوقتية التي تتطور في أثناء الحبل وتزول بزواله. فالآن ما رأي صاحب لغة العرب في هذه الألفاظ وله الشكر منا سلفا. المخلص الدكتور حنا الخياط جواب الاستفتاء 1 - السلى: لم نجد في الدواوين اللغوية العربية كلمة تقابل غشاء البيضة أي تقابل ما يسميه الإفرنج أما السلى فليس به على ما تتبعناه. والذي ذكرناه في معجمنا العربي الإفرنجي والفرنجي العربي الخطيين أن السلى هو ما يسميه الفرنسيون أو - وبالإنكليزية وباللاتينية وباليونانية أو وهو اسم لما يبقى في الرحم من مشيمة وسخد وسابياء وغشاء ساقط بعد خروج الولد، ثم يطرح بعده - والمادة مشتقة من اصل ممات في لغة الضاد وحي في اللغة الأخت الارمية، من سلى يسلي أي نبذ ونفى، فيكون معناه: الرذالة والنفاية وهو ما يوافق المعنى المطلوب. أما ما ذهب إليه الدكتور الصديق من الاشتقاق فخياليا اكثر منه حقيقيا أو لغويا. على أنه قد يصح أن يطلق السلى على ما يسمى بغشاء البيضة لأن صاحب لسان العرب يقول في مادة ح ول: الحولاء. . . وقيل: جلدة تأتي بعد الولد في السلى الاول أهـ. فهذا كلام يشير إلى أن هناك غير سلى واحد. فإذا

كان ثان وثالث اتضح أن الكلام عن طبقات السلى، وحينئذ لا يكون هذا إلاَّ غشاء البيضة على ما قاله الطبيب البحاثة. 2 - الفاقياء (ولا تقل الفاقئاء كما في بعض كتب اللغة الحديثة، لأن الفاقئاء هي الأصل والفاقياء هي ما صارت إليه بعد القلب)، ويقال لها الفقء يوافق لما سماه الإفرنج والإنكليز واللاتين قالوا: هي قطعة من غشاء الجنين يدفعها الوليد أمامه وتكون على وجهه حين خروجه، وذلك إذا كانت شديدة القواء. ومن مرادفاتها عند العرب القضاة (وهي كجمع قاض إلا أنها مفردة من مادة قضى) والمسكة والماسكة والفقأة. قال ابن الأعرابي: الفقأة جلدة رقيقة تكون على الأنف، فإن لم تكشفها مات الولد أهـ. وأما ما يوافق جراب الماء عند العرب فهو في رأينا الحولاء كما سترى. 3 - السابياء. هي التي وصلنا إليها نحن أيضاً في تحقيقنا عن هذه اللفظة قبل عدة سنوات، واتبعناه في معجمينا المذكورين. أما ما في كتب اللغة الفرنسية العربية وبالعكس؛ أو ما في الكتب الإنكليزية وبالعكس؛ أو ما في كتب الطب المترجمة إلى العربية فهو غلط ظاهر. - والكلمة مشتقة من اصل حي في الارمية ممات في العربية، معناه الوسخة والقذرة والودكة والدسمة (وكلها بكسر العين). أما ما ذهب إليه الصديق الطبيب النطاسي من الاشتقاق فلا نوافقه عليه البتة، فهو من الخياليات الشعرية، لا من الحقائق المثبتة. 4 - الحولاء: ذهب الخدن البحاثة إلى أن الحولاء هو السائل الامنيوسي ونحن لا نرى رأيه؛ لأن اللغويين ذكروا بصريح العبارة إنها جلدة (أي جراب) فيها ماء بل قال في اللسان: (الحولاء غلاف أخضر (أي غض أو رخو: لا أخضر اللون كما يتوهمه بعضهم) كأنه دلو عظيمة مملوءة ماء وتنفقئ حين تقع إلى الأرض، ثم يخرج السلى فيه القرنتان ثم يخرج بعد ذلك بيوم أو يومين الصاة. . . ونزلوا في مثل حولاء الناقة. وفي

مثل: حولاء السلى. يريدون بذلك الخصب والماء، لأن الحولاء ملأى ماء ريا) أهـ فهذا كلام كثر ما يوافقه (جراب المياه) المعروف عند الإفرنج هذا فضلا عن أن الحولاء تقارب الارمية (حولا) ومعناها الكهف والغار، وما الجراب إلاَّ كهفا وغارا إذا ما وجد في داخل ظرف كبير كالبطن مثلا. أما الاشتقاق الذي ذكره البحاثة فنعتبره خياليا وشعريا لا نصيب له من الحقيقة إلاَّ المشابهة في الحروف. وأما ما يوافق السائل الامنيوسي فهو النخط (كقفل) قال في اللسان: يقال للسخد وهو الماء الذي في المشيمة النخط فإذا أصفر فهو الصفق والصفر (وكلاهما كسبب) والصفار. أهـ 5 - الصاءة أو الصآة: هي حقيقة ما يقابلها عند أطباء الفرنسيين ما معناه: 6 - أكثر ورود السخد في كتب العرب بمعنى الماء الذي يكون على رأس الولد. هذا هو معناه المشهور كلما ذكروه. على أن بعضهم أورد له معنى لم يذكر لأي لفظة وهو قولهم: السخد هنة كالكبد أو الطحال مجتمعة تكون في السلى وربما لعب بها الصبيان (اللسان بحرفه) فهذا الكلام لا يوافق إلاَّ لما يسميه الإفرنج وقد سماها الإفرنج بهذا الاسم ومعناه (الحلوى) لان للبلاسنتة هيئة مستديرة كهيئة الحلوى التي يصنعونها في بلادهم وهي إسفنجية القوام. وليس للعرب لفظة أخرى لها هذا المعنى أو مثله. وأما أن الاكثرين قالوا إنها المشيمة، فالغلط ظاهر لا يحتاج إلى أن يشار إليه؛ إذ لم يذكر لها العرب معنى كالذي ذكروا للسخد. ولهذا يحسن بنا أن نخصص لفظة السخد للبلاسنتة كما احسن انتقاءها الدكتور البحاثة. ونبقي غيرها لغيرها. ومن العجب أن المعربين الأقدمين الفصحاء عربوا كلمة بالمشيمة أو المشيمية ومعناها (شبه المشيمة) تكون في العين وهي الطبقة الموجودة بين الصلبة والشبكة. والحال أن اللفظة الإفرنجية مركبة من اليونانية التي من الواجب علينا أن نسميها (مشيمة) ومعناها الأصلي الغشاء. ومن

ومعناها شبه أو مماثل. إذن كيف قالوا في الكلمة الواحدة مشيمة وذلك للعين، وكيف خالفوها مرة ثانية فسموا البلاسنتة مشيمة وهي غير الأولى؟ فالخطأ واضح صريح. والجري على اصطلاح الأقدمين هو الصحيح ومخالفة المحدثين لهم مذموم على كل حال. أما اشتقاق المشيمة فهو من شام الشيء في الشيء أي ادخله وخبأه فيه ومنه الشيام للكناش. وقد ذكرنا مثل هذا للحولاء وأنها سميت كذلك لأنها تدل على الكهف والغار فهي إذن من هذا القبيل. وعليه يكون معنى الألفاظ المطلوبة هكذا: 1 - السلى - 2 - الفاقياء 3 - السابياء 4 - الحولاء 5 - الصاءة أو الصاة 6 - السخد (كقفل) 7 - المشيمة 8 - النخط (كقفل) 9 - غشاء البيضة

فوائد لغوية

فوائد لغوية عره وحزه! عند الإنكليز كلمتان يتلفظون بهما في أفراحهم وعرض جنودهم، حربيين كانوا أو بحريين، وإذا سألتهم عنهما لا يعرفون من حقيقتهما شيئا. ودونك تاريخهما: العرب كانت إذا اجتمعت في معاركهم والتفت الساق بالساق تسمع فيهم من يقول: عره، حزه! (ويلفظون عره بضم العين وتشديد الراء المفتوحة وضم الهاء الأخيرة إلا أنهم يسكنونها غالبا في الوقف كان يأمر الواحد أخاه بالعر وهو إصابة العدو بالضرر) ثم يقول للحال: حزه (وتضبط ضبط الأولى، ومعناها بقطع الرأس لأن حزه قطعه) ومحصل الكلمتين؛ عر عدوك (أي أصبه بشر، لا بل اقطع رأسه وهو الأهون لنا. هذا ما كان يجري في معاركهم الدامية، بل ما يجري في عهدنا هذا في

بعض أنحاء العراق، وكنا قد حضرنا بعضها. ثم انتقلت هذه الألفاظ من العرب إلى الترك. ولما كان السلطان يحضر عرض جنوده ولاسيما المماليك منهم (أي الينكشرية) كانوا يصرخون في آخر العرض: عره. حزه! كأنهم يتصورون انهم يؤمرون بعد قليل بذبح العدو فيشجع وأحدهم صاحبه على أي قاع الضرر بالعدو أو على قطع رأسه. ولما كان الترك مجاورين للروس تعلم هؤلاء منهم هذا الصراخ في الحرب ثم تلقاه عن الروس مجاوروهم الألمان سنة 1813 وعنهم الفرنسيون فالإنكليز؛ واليوم اكثر الناس استعمالا للكلمتين؛ عره! حزه! أبناء بريطانية الكبرى. ومن الغريب أن الملوك ورجال السياسة يهتفون بأحد هذين اللفظين أو بكليهما عند شرب النخب وهم يريدون بذلك أن (يحيى) الذي يهتفون له، غير عالمين أنهم يدعون عليه بالضرر والقتل. وقت استعمال هذين اللفظين يتلفظ بهما أو بأحدهما بكل ما أوتي الجندي من الشدة في الصوت عند الهجوم على العدو بألواح السلاح أي بالسلاح غير الناري. ويصرخ به أيضاً البحريون في بعض الحفلات عند زيارة رئيس الدولة لهم فيكون ذلك الهتاف بمنزلة شهادة على حبهم له. أو عند زيارة رئيس أسطول غريب صديق لدولتهم. واليوم تستعمل هذه اللفظة أو هاتان اللفظتان في جميع الأفراح والأعراس بل عند اجتماع الأصدقاء للشرب. فتكون من قبيل الدعاء بالشر عند العرب والمراد به الدعاء بالخير ومثله قول العامة؛ يخرب بيتك! وهم يطلبون من الله أن يعمر بيته! أما أن مثل هذا التعبير وارد في كلام الأقدمين فهو أشهر من أن يذكر فقد قال ابن الأعرابي؛ إذا قيل: قتله الله! لا يكون إلاَّ شتما، وإذا قيل: قاتله الله يكون تعجبا، ومثله ما لا عد له لكثرته، كقولهم: تربت يداه! وثكلته أمه! وهوت أمه! كل ذلك يستعمل على طريق التعجب واستعظام القول فيه) أهـ ولهذا قال بعض الشعراء: اسب إذا أجدت القول ظلما ... كذاك يقال للرجل المجيد قلنا: فقولهم: عره! وحزه! هو من هذا الباب. ومن أراد التوسع في هذا الموضوع فعليه بمراجعة مادة ت وب في التاج ففيه مجزأة.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الضراوة سألنا أحد الأدباء من بغداد قال: ذكرت لغة العرب في جزءها الأخير (154: 4) أن الضراوة هي العادة المكتسبة من المداومة على الشيء أو من كثرة مزاولته إياه ونحن لا نوافقها عليه إذ هي ليست بمعنى الفرنسية بل هي بمعنى (العدوة ولزوم الشر) على حد ما جاء في (كتاب كليلة ودمنة المطبوع طبعة جديدة مدرسية مبنية على قدم نسخة مخطوطة مؤرخة وقد أبرزتها بحلتها البديعة مطبعة الأباء اليسوعيين في بيروت في الباب الثالث وهو باب البوم والغربان إذ جاء في ص174 منه: (واشد من ذلك كله في نفسي ضراوتهن ثم علمهن بمكانكن وجرأتهن عليكم مثل الذي ذقتم منهن. . .) فقد جاء في آخر الكتاب أي في معجم الألفاظ في ص303 ما نصه: (ضراه: أغراه وهيجه. - الضراوة العداوة ولزوم الشر.) أهـ وهذا كله يفسد رأي ما ذهب إليه صاحب لغة العرب. فكيف الجمع بين هذين القولين؟ قلنا: شارح اللفظة واهم ووهمه بين لكل ذي عينين، إذ ليس في كتب اللغة ما يؤيد رأيه، بل ولا في كتب الأدب كلها جمعاء. قال في لسان العرب في مادة ضري؛ ضري به ضرا وضراوة؛ نهج به. وقد ضريت بهذا الأمر

ضراوة. . . وقد ضراه (بالتفعيل) بذلك الأمر. . . وأصله من الضراوة وهي الدربة والعادة. . . يقال ضري الشي بالشيء: إذا اعتاده فلا يكاد يصبر عنه. أهـ ولم نجد لها في أي كتاب كان معنى العداوة أو الشر أو لزومه وفي الحديث: أن للإسلام ضراوة أي عادة ولهجا به لا يصبر عنه، على ما جاء في النهاية لابن الأثير ونقله عنه صاحب اللسان والتاج وغيرهما. فالضراوة الواردة في كليلة ودمنة معناها: الدربة والعادة كما فسرناها في أول كلامنا. ومن له نص يخالف هذه النصوص فليأتنا به ونحن أول من يذعن للحق إذا ما ظهر. المتقن وسألنا آخر قال: للإفرنج لفظة يريدون بها جماعة الأساتذة التي تعلم في المدرسة الجامعة دروسا تعود إلى موضوع واحد عام ويسمونها فاكلتة فيقولون: فاكلتة الطب وفاكلتة الحقوق وفاكلتة الآداب وفاكلتة العلوم. أو إن شئت فقل: ما يسمى فرع الجامعة الذي يعنى بتدريس شعبة خاصة من شعبها. فلقد رأينا كل بلد عربي اللسان يدخل هذا الفرع من التدريس يسميها باسم جديد فما رأيكم فيها؟ قلنا: سمت الجامعة الأميركية هذه الشعبة بالفرع فقالت: فرع الطب وفرع الفلسفة واللاهوت إلى غيرها. وسمت الكلية اليسوعية هذه الشعبة بالمكتب فقالت: مكتب الطب ومكتب الحقوق ومكتب التجارة. أما أهل دمشق فسموها بالمعهد. فقالوا: معهد الطب ومعهد الحقوق. والبغداديون سموها بالكلية فقالوا: كلية الحقوق وكلية الزراعة وكلية الطب. وسماها الأمير شكيب ارسلان بالدار فقال دار الآداب إلى غيرها. وفي كل هذا من الخبط والخلط ما يوقع سوء الفهم للألفاظ. فالكلية لفظة حديثة يقابلها بالفرنسية والجامعة يقابلها كجامعة مصر والجامعة الأميركية وجامعة كنبرج وجامعة اكسفرد. والمكتب والكتاب: موضع تعليم الكتاب وبالإفرنجية فلا يصحان لكلمة والمدرسة العالية هي بالإنكليزية وبالفرنسية

والمعهد وضع لما يسميه الفرنسيون وإن كان يأتي بمعان أخرى. فلم يبق لنا إلاَّ أن نضع اسما جديدا لكلمة فاكلتة واحسن ما يؤدي هذا المعنى (متقن) كمصحف (أي بضم الميم وإسكان التاء وفتح القاف وفي الآخر نون) ويجمع على متاقن كمصاحف ومخادع جمع مصحف ومخدع. ومتقن اسم مكان من أتقن الشيء إذا احكمه. والمتعلم لا يدخل تلك المدارس إلاَّ ليحكم درس العلم الذي يتفرغ له. وجماعة معلمي المتقن هم (التقنون) جمع تقن (بكسر الاول أو بفتح فكسر) وكل منهم تقن. قال في اللسان: رجل تقن وتقن: متقن للأشياء حاذق. ورجل تقن (بكسر الأول) هو الحاضر المنطق والجواب. أهـ. ومعلمو المتاقن هم كذلك. الكهربا والكهربية لا الكهرباء والكهربائية جاء في جريدة الفضيلة في صحيفتها 55 في الصفحة 2 ما هذا نصه: ما قول. . . الأب أنستاس ماري الكرملي في كلمة الكهرباء، هل هي مذكرة أم مؤنثة. وهل يجوز أن يقال (الكهربائية) للدلالة على القوة الكهربائية الخفية التي نستعملها في دفع الترام وسائر المحركات. وإذا كانت هذه الكلمة مذكرة فما هو الفرق بينها وبين كلمة الكهرباء المستعملة للدلالة على الحجر الأصفر الثمين وهل كلمة الكهرباء عربية الأصل؟ الكهرباء والصواب كهربا (بدون مد) ولا عبرة بعلامة التأنيث هنا؛ (فهي كزكريآء وعاديآء وارميآء وكلها أسماء رجال). وكذلك خليفة وراوية (لمن يروي الشعر) وعلامة فهي كلم مذكرة أيضا. لأنها وضعت للذكور. وأما الكهربائية والصواب الكهربية فهي غير الكهرباء، فالكهربية: خاصية تكون في بعض الأجسام تجذب إليها في بعض الأحوال الأجسام الخفيفة التي تقرب منها وينقدح من الاحتكاك بها شرارة وإذا قويت أحدثت هزة عصب في الحيوانات. فقولك الكهربية معناها الخاصية الكهربائية فاستغنوا عن الموصوف بالصفة ثم اعتبروها اسما على ما هو معروف في مثل هذه المعاني كالوطنية والقومية والشعوبية بمعنى محبة الوطن وروح القوم ومحبة الشعوب (مع كراهية للعرب) على ما هو مشهور في معاني هذه الألفاظ. والكلمة كهربية مشتقة من الكهربا وهو صمغ متحجر (لا حجر) صلب

متكسر شبيه بالشفاف أو يكاد يكون شفافا يختلف لونه بين الأصفر الفاقع والأحمر الياقوتي. والمشهور في العراق الأصفر الفاقع. وفي هذا الصمغ المتحجر خاصية جذب الأجسام اللطيفة ولهذا سميت تلك الخاصية الكهربية نسبة إليه كما أن الكلمة الإفرنجية (الكتريسيتية) مشتقة من (إلكترون) ومعناها الكهربا، فالاشتقاق واحد في اللغتين. والكهربا يكتب بدون مد ويقال في النسبة إليه كهربية بحذف الألف على ما هو معروف ومقرر في كتب النحاة لان ما آخره بألف مقصورة ينسب إليه بحذف الألف فيقال في النسبة إلى مصطفى (بالقصر) مصطفي بتشديد الياء. أما أن. أن الكهربا مقصور لا ممدود فظاهر من كلام صاحب التاج. قال في مستدرك مادة كهكب: (ومما يستدرك عليه: الكهرب، ويقال الكهربا مقصورا لهذا الأصفر المعروف. ذكره ابن الكتبي والحكيم داود. وله منافع وخواص وهي فارسية واصلها (كاه ربا) أي جاذب التبن. قال شيخنا: وتركه المصنف تقصيرا، مع ذكره لما ليس من كلام العرب) أهـ أما كيف سرى هذا الغلط (أي كهربائية لا كهربية إلى لغتنا). فهو لأن الذين ترجموا كتب الأجانب إلى لغتنا في مستهل القرن التاسع عشر كانوا أغرابا أو أعرابا لم يحكموا درس القواعد العربية. ولهذا يحسن بنا أن نعود إلى الفصيح ونقول كهربية لا كهربائية. فإن الأولى أخف وارشق واصح قياسا. وعليه لا يجوز ان يستعمل الكاتب الكهربية في موضع الكهرب أو الكهربا والذين استعملوها هم من أحداث كتبة العراق الذين لا يميزون بين الحمل والجمل وكيف يكون الكهربا أو الكهرب (وهو الصمغ المتحجر) كهربية وهي خاصية تكون في ذلك الصمغ؛ والخاصية غير الجوهر كما لا يخفى. وفي الكهرب والكهربا أو الكهربان لغات منها: ما ذكرها صاحب التاج في مستدرك مادة كهم، قال: ومما يستدرك عليه، الكهرم كجعفر. والكهرمان هو الكهرب والكهربان لهذا الأصفر المعروف. أهـ ومنها ما ذكرها غيره؛ من ذلك: الكهروا (أي بفتح الكاف وإسكان الهاء وضم الراء وفتح الواو يليها ألف مقصورة) وقد ذكرها صاحب معجم أوصاف بلدان العرب العلامة دي خوي الهولندي الشهير نقلا عن السلف.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 12 - الإصابة مجلة أدبية علمية انتقادية تصدر في كل أسبوع مرة، يرأس تحريرها صاحبها جميل صدقي الزهاوي، بدل الاشتراك خمس ربيات وللخارج ثماني ربيات صدر جزءها الاول في 8 صفحات بحجم هذه المجلة يوم الجمعة في 10 أيلول 1926. وقد قال صديقنا في سبب إصدارها: (إنا قد ألفينا العربية في العراق لا تستغني في حالها الحاضر عمن يقوم أودها بالتنبيه على ما يقع من الخطأ في كثير من القصيد والمقالات مما ينشر في صحفه. ولا ينحصر هذا الخطأ في اللفظ بل يتجاوزه إلى المعنى الذي هو كل المراد من اللفظ). على أننا نتمنى ان تخلو تلك الصفحات من أغلاط الطبع ونتمنى لها العمر الطويل الهنيء ليستفيد منها القريب والبعيد وينتصر الأدب الحديث على الطراز القديم البالي. وهو لا يكون إلاَّ مكبوة! 13 - الخليقة ونظامها بقلم أمين الغريب صاحب مجلة الحارس البيروتية في 119 صفحة قلم الغريب سلس منقاد، لا يطالع القارئ ما يخطه إلاَّ ويرجع عنه حافل الوطاب. وقد وقفنا على ها المصنف فوجدناه من احسن ما لذ وطاب؛ على أننا نأخذ عليه تساهله في مجاراة العوام في بعض الألفاظ كقوله الفرنسوي (ص6) وأشهرها (فيها)؛ وتل بالحري (فيها) واكتشف السيارات الأربع (ص7) والصحيح؛ الفرنسي، وشهرها (بلا ألف)، بل قل، وكشف السيارات الأربعة، لأن مفردها السيار بلا هاء بمعنى الجرم السماوي. - وأوهامه في المصطلحات العلمية اكثر؛ فالرخمة ليست بالشوحة. والشوحة هي الحدأة (ص

81) واللقلق هو اسمه المعروف اليوم في العراق وكان يسمى سابقا أبا حديج وأصله أبو حويج؛ لأنهم يتصورون أنه يذهب للحج. وأبو صوي غير اللقلق (ص82) على خلاف ما ذكره. والشبوط من السمك هو غير الطنز والمورينة ليست بالمشبح الذي هو المورو والجري هو السلور وليس بالحنكليس الذي هو الجريث وعند العراقيين المرمريج أو المارماهيج أي السمك الحية، إلى غير ذلك من المصطلحات. والكهربا مقصور لا ممدود والنسبة إليه الكهربية لا الكهربائية على ما هو شائع على الأقلام. وعسى أن تصلح في الطبعة الثانية. 14 - في سبيل الشرف مأساة أدبية تاريخية ذات خمسة فصول في 76 صفحة بقلم جميل البحري طبعت بمطبعة الزهرة في حيفا لصديقنا الشاب الهمام جميل البحري فضل على تحسين الروايات، روايات التمثيل فلقد نشر منها: سجين القصر، وقاتل أخيه، وأبو مسلم الخراساني، والخائن، وزهيرة، ووفاء العرب، وهذه روايته السابعة (في سبيل الشرف) كأخواتها حسنة المبنى والمعنى. ترمي إلى أسمى الأخلاق. ويمكن ان يمثلها أبناء المدارس على اختلاف مذاهبهم وأجناسهم، فأنها تعلمهم تعود المكارم والابتعاد عن الدنايا؛ ولهذا نوصي بها كل من يريد ان يهذب أخلاق الناشئة. 15 - تاريخ الكويت الجزء الثاني من القسم الأول لمؤلفه عبد العزيز الرشيد (في 263 صفحة) بهذا الجزء الثاني تم تاريخ الكويت. وفي هذا المجلد تراجم كثيرين من حكامه ما لا يرى مدونا في كتاب. وفيه أيضاً تفصيل عدة أحداث ووقائع. وقد ألفينا هذا الجزء أحسن من صنوه الأول. وللمؤلف فضل عظيم على أبناء يعرب لأننا لم نجد من دون شيئا في القرون الأخيرة عن تلك الديار، فهي وإن كانت قريبة منا إلا أننا لا نعرف ما يجري فيها. لأن ليس فيها من يفيدنا عنها أدنى فائدة. ولو كان أهل كل كورة منها يفعل ما فعل الشيخ عبد العزيز الرشيد لأفادونا وأفادوا أنفسهم.

على أننا نؤمل من حضرة مؤلف تاريخ الكويت أن يتابع مباحثه في سائر ما يجاوره من جزيرة العرب ليكون له الفخر العظيم بأنه فتح طريقا للمؤرخين الآتين ومهد للشبان عقبة كانت كؤود إلى هذا العهد. بيد إننا نلح على حضرة الصديق الكاتب أن يختار لنفسه مطبعة حسنة حتى لا يمسخ الكتاب ذاك المسخ الشنيع. إذ لا تخلو صفحة من صفحاته من عدة أغلاط لا تقل عن عشرة في اقل تقدير. وهذا ما يضيع الفائدة من مطالعته ويحرم قراءه عوائد جمة. 16 - المدرسة والكشاف العراقي (مجلتان بغداديتان في جزء واحد) مجلة نافعة لأبناء المدارس وهي بالحقيقة مجلتان مدمجتان معا وهما مقسومتان قسمين: الاول للمدرسة والثاني للكشاف العراقي - مدير شؤونها محمود نديم وقد وصلنا الجزء الثاني من السنة الأولى من المدرسة ومن السنة الثانية من الكشاف العراقي وهي حسنة التنسيق والتبويب؛ إلا أن الظاهر من كتابها ليسوا من أرباب الفن؛ مع أن المعهود في مثل هذه المجلات أن ينشئ مقالاتها الاحفياء؛ فإن مقالة العناكب والعقارب لا تخلو من غريب الرأي. فقد قال صاحبها: (أعلم أن العناكب ليست حشرات. . . وهي تقوم بعمل مهم في عالم الحشرات). فيظهر من هذا الكلام بعض التناقض. فلو قال مثلا: في عالم الدويبات لكان أحسن. أو لقال في عالم الهوام كما يسميها أجدادنا وكما سترى من كلام الدميري لكان اصدق. وقال: والناس على الغالب لا يحبون جدا العناكب وما اكثر الأشخاص الكبار والصغار الذين يسمونها (المخلوقات المخوفة) فالظاهر من هذا الكلام أن صاحبه عربه عن الإفرنج لأن هذا من تعبيرهم. ويقابله عندنا: والناس على الغالب لا يأنسون بالعناكب وما اكثر الذين يسمونها (المخلوقات المخوفة) وقال: (ولكنها لا تلحق (أي العناكب) أدنى ضرر بالإنسان) ولو قال: ولكنها لا تقتل الإنسان لكان اصح؛ أما لا تضر به أبدا فغير صحيح. فأبو صوفة

يلسع كالعقرب. قال الدميري: (أبو صوفة نوع من الرتيلاء يكون غالبا في الأرياف ويضرب لونه إلى الحمرة وله زغب، ومنه اسمه عند أهل مصر؛ وله في رأسه أربع ابر ينهش بها ونهشته تقرب من لسع العقرب وهو لا ينسج بل يحفر بيته في الأرض ويخرج بالليل كسائر الهوام) أهـ. والرتيلاء أيضاً مخطرة النهش وأن لم تقتل. وفي المجلة أغلاط كثيرة لا نعرف إلى من ننسبها: أللمطبعة أم للكاتب. فتحنا الصورة الأولى في ص31 فوجدنا المحامات. وفي ص32 كتخريج الضباط وفي ص33 وبين 27 طالب. وفي 34 ثلاثة دور. وفيها استلمت الحكومة وفيها قسما ثالثا ذو صف. وفيها سيتخرج وسيتخرجون. و: فمنهجه أوطأ وفي ص35 ومكتبة. وفيها في بداية تكونها. وتكرر قوله المرشحين إلى التحصيل في ص36 مرتين. وفي ص37 ليكونوا مدراء. وفي ص38 سبعة أغلاط وفي ص39 ثلاثة أغلاط وفي ص40 ومغطات. وفي ص41 وفي أقدام العنكبوت. . . وفيها على هندامهما. . . وفيها وتستعمل هذه المخالب كذلك. . . وفيها رفيعة الرأس ومدببته. . . وفيها وتستعمل العنكبوت مشعراها. وفيها ثم تتحول إلى شرنقة. . . إلى غير هذه الأوهام والصفحة لا تخلو منها. والأحسن في ما عددناه من التساهل ان يقال: المحاماة. وكإخراج أو تهذيب الضباط. وبين 27 طالبا. وثلاث دور. وتسلمت الحكومة. وقسما ثالثا ذا صف. سيخرج وسيخرجون. فمنهجه أوطأ. وخزانة كتب. وفي بداءة. والمرشحين للتحصيل. ليكونوا مديرين. ومغطاة. وفي أرجل العنكبوت. وعلى هندامها. وتستعمل هذه المخالب أيضا. أي دقيقة الرأس وحادته. أما مدببة فكلمة شامية عامية لا يفهمها العراقيون وليست في المعاجم الفصيحة. وتستعمل مشعريها. وأما قول الكاتب (فبدلا من أن تكون أولا (اسروعا) أو (سرفة) (دودة) ثم تتحول إلى شرنقة. . . فغير راجع إلى جميع الحشرات بل إلى دود الابريسم فقط أو دود القز. ولعله بكلامه هذا يشير إلى ذلك الدود؟ على أن مزية المجلة تبقى مما يتباهى به لأنها كثيرة الصور، والطلبة

يحبون مشاهدة الصور في كتبهم وجرائدهم ومجلاتهم. ولهذا نتمنى لهذه المجلة المزدوجة نجاحا مزدوجا، سرعة الانتشار بين الطلبة والإقبال على الاشتراك بها من كل حدب وصوب. 17 - مرقاة المترجم للصفوف العالية في اللغتين الفرنسية والعربية تأليف الأب يوسف علوان اللعازري، الجزء الاول بقطع 16 كتاب التلميذ وثمنه أربعة غروش ذهب هذا من الكتب التي يحسن إدخالها في المدارس التي تعلم فيها اللغتان العربية والفرنسية لأن المؤلفات في هذا الصنف قلما تكون وافية بالمقصود فأما أن يكون صاحبها يحسن التعليم ويجهل أصول التأليف وأما أن يكون بالعكس. فالذين يحسنون النظر والعمل قليلون والأب يوسف علوان هو من هذه الطبقة. على إننا كنا نود أن يتقن العبارة العربية كما أتقن العبارة الفرنسية فقد جاء في ص12 من يتكل على الله لا يخيب. والأفصح لا يخب بحذف الياء. وفيها كشر على أنيابك كل الناس تستهابك. والمشهور هو كشر عن أنيابك كل الناس تهابك. وفي ص17 ليس ألذ للنفس من الصديق الوخي. والمعروف المؤاخي أما الوخي فلا معنى لها هنا. وفي ص23 وها أنا واصف لكم. وهو وهم يركب متنه كل كاتب: وارجح منه وها أنا ذا واصف لكم. وفي ص27 كتاب نعي في موت والده. والمشهور كتاب نعي والد؛ لأن النعي لا يكون إلاَّ في الموت. وفي ص32 (والله اسأل في الختام شفاءك بوقت قريب ودوامك مديدا) وكلمة دوام عامية بمعنى طول العمر لا يعرفها الفصحاء لأن الإنسان لا يدوم على الأرض. وفيها المرجو التكرم بالجواب صحبة ناقله. وهو من تعبير العوام المرذول وأحسن منه مع ناقله. على أن هذه الهفوات لا تحرم الناس منفعة الكتاب لأن الغاية منه تعلم الفرنسية لا إتقان العربية؛ إذ يظن الكاتب أن المتعلمين قد احكموا قواعدها قبل تعلم لغة الأجانب. فأصاب.

18 - حول سرير الإمبراطور ألفه الدكتور كابانيس. نقله بتصرف الدكتور نقولا فياض عنيت بنشره إدارة الهلال وحقوق الطبع محفوظة لها 1926 بقطع 12 هذا من احسن هدايا الهلال في هذه السنة لأن الكتاب يبحث عن أكبر ذهنية أنتجه آخر سني القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر وهو نابوليون بونابرت. إلا أن هذا التصنيف يدرس الرجل الفذ من جهة حالة مرضه التي أثرت فيه وأنشأت في خلقه بعض المعايب وراثة عن أبويه. وقد وجدنا فيه ولعا بعبارات لهج بها العصريون ولم يكن الأقدمون يستعملونها أو كانوا يتخذونها في الندرة. فقد جاء في الصفحة الأولى منه وهي الثامنة من المطبوع؛ أن هذا البحث خلو من الفائدة العلمية. أن يغفل تاريخه الصحي. تتجاوز فائدته الطبية. الوراثة المرضية. هذا المزاج الذي يسمونه الارتريتيكي. إلى حد أنه وهو على سرير الموت كان شغله الشاغل. وهذا التعبير وأن كان جائزا إلا أنه دون ما يأتي في نظر الفصحاء. فالبلغاء يقولون خلو من فائدة العلم. تاريخ صحته. من فائدة الطب. من وراثة المرض. المزاج الحرض (بفتح وكسر والاسم الحرض وزان سبب). إلى حد أنه كان شغله الشاغل وهو على سرير الموت. ومثل هذا التعبير والركة كثير في هذا الكتاب. 19 - المعارف صحيفة أسبوعية علمية أدبية تصدر في الكاظمية بقرب بغداد صدر العدد الاول من هذه الجريدة في 3 أيلول من هذه السنة لصاحبها سلمان الصفواني ووصلنا منها العدد الثالث فوجدنا فيه مقالة في حديث الأسبوع. وأخرى عنوانها (الزهاوي في الميزان) ونبذا في مواضيع مختلفة. فنتمنى لها طول العمر والرواج بين الناس. عذر من القراء لدينا مقالات عديدة كنا نود أن ندرجها في هذا العدد إلا أن تراكم المواد حال دون تحقيق أمنيتنا وكذلك أهدانا بعض المؤلفين كتبهم. فموعدنا في الجزء القادم.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة اسم بغداد طالعت ما جاء في لغة العرب (80: 4) عن معنى (بغداد) لاسم مدينة السلام فأني لا اشك في أن الكلمة مأخوذة من الفارسية وأنها مركبة من لفظين (بغ) بمعنى اله و (داذ) بالذال المعجمة كما كان يكتب قديما بمعنى معطى (اسم مفعول من أعطى) ومن المشهور أن في اللغات الآرية الشرقية ولاسيما في الصقلبية بغ وبك أو بالكاف الفارسية اسم اله؛ ولم أر أن الغين تبدل من الكاف العربية في شيء من الألفاظ العربية. ف. كرنكو (لغة العرب) أن كانت بغداد من اصل فارسي فلا نرى وجه وجودها قبل احتلال الفرس لهذه الديار إذ ترى في الرقم الآشورية منذ العهد القديم على ما أثبته الكاتب في موطنه. أما أن الغين لا تبدل من الكاف العربية فنحن لا نوافق عليه حضرة صديقنا العزيز ففي لغتنا نجد بمعنى واحد اغبن من تربك واكبن: كربلت الحنطة وغربلتها التكوير والتغوير؛ كفر وغفر (بمعنى غطى)؛ دكن يومنا ودغن ودجن؛ غنطة وكنظة (أي شق عليه)؛ لاعه ولاكه؛ إلى غيرها وهي كثيرة. الألفاظ الداخلة في اللغة العربية أما الألفاظ الداخلة في اللغة العربية؛ فقد وجدت في تهذيب كتاب المناظر لابن الهيثم أنه ترجم بالذهن السعيد الألفاظ الخاصة بالعلم من اليونانية وفي كثير منها أثبت المعنى أصوب مما جاء في اليوناني؛ فأنه قال مثلا الجليدية لما يسميه الإفرنج والعنكبوتية لشبكة العصيات التي في داخل العين والتي فيها القوة الباصرة. وكذلك القول في اكثر من مائة كلمة ولو كان لي في الوقت متسع لأطلت الكلام في هذا الشأن. ف. كرنكو (لغة العرب) نشكر العلامة صديقنا على هذه الافادة؛ وياليت أطال البحث واكثر من الشواهد في هذا الموضوع.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سدة الحفار تم إنشاء سدة الحفار في لواء الناصرية إنشاء حسنا. 2 - المدارس الجديدة في العراق أنشئت في مفتتح سنة الدراسة الجديدة المبتدئة في 15 أيلول 1926 ثلاث مدارس جديدة في لواء اربل: في باتاس وفي مخمور وفي بروست. وأسست مدرسة أولية في تل أعفر. وأنشئت مدرسة بنات أولية في قضاء دهوك في أول سنة الدراسة. 3 - ولي عهد السلطان ابن السعود زار مصر الأمير سعود ولي عهد السلطان عبد العزيز ابن السعود سلطان نجد وملك الحجاز. وقد تبرع تبرعات كبيرة ولهجت الصحف بمدحه. 4 - مفاوضات بين فرنسة وابن السعود وصل مندوب فرنسي إلى الحجاز لمواصلة مفاوضة السلطان ابن السعود الملك في الحجاز. 5 - باخرة بريطانية ترفع فوقها العلم العراقي رفعت البارجة الحربية البريطانية (لورنس) لأول مرة العلم العراقي يوم عيد جلوس جلالة الملك فيصل الاول في 23 آب 1926 وقد اشتركت في الأفراح بإطلاقها 21 طلقة من مدفعها. 6 - سفينة حربية بريطانية تزور العقبة زارت السفينة الحربية البريطانية (كورنفلاور) ميناء العقبة وهي زيارة بدأ بها ويكهام قائد السفينة المذكورة منذ عدة سنوات. 7 - عودة الوفد المالي عاد من لندن إلى بغداد معالي صبيح بك نشأت وزير المالية أوفد إليها مع مستشار وزارة المالية المستر فرنن في وفد مالي لمهمات اقتصادية ومالية مهمة.

8 - جلالة ملكة العراق عادت جلالة ملكة العراق من رحلتها إلى الموصل وحمام علي (العليل) وبعض الجهات هناك وقد أثنت على طقس الموصل وموقعها. 9 - إنهاء خلاف بين عشيرتين وقعت مشادة بين عشيرتي (عشيرة) و (قمر) أدت إلى تعدد الغارات بينهما فجمعت الحكومة بين زعيمي القبيلتين فهد بك الهذال وعقيل بك الياور وألزمتهما بالإقلاع عن الخصومة والغزوات. 10 - هدية ابن السعود إلى مصطفى كمال أهدى السلطان عبد العزيز ابن السعود إلى مصطفى كمال باشا رئيس الجمهورية التركية سيفا مرصعا يرجع تاريخه إلى عهد بعيد. 11 - المدرسة الحربية الملكية في عاصمة العراق مدرسة حربية اسمها (المدرسة الحربية الملكية) يتخرج فيها ضباط للجيش العراقي أساتذتها عراقيون وبريطانيون نابغون في الفنون العسكرية. قبل في هذه المدرسة هذه السنة 50 طالبا عشرة منهم من أبناء شيوخ العشائر العراقية. 12 - طابع تذكار مؤتمر مكة طبعت وكالة المالية في حكومة الحجاز قدرا معينا من طوابع البريد باسم (تذكار مؤتمر العالم الإسلامي) في مكة وقد نفد اكثر هذه الطوابع المطبوع عليها الختم المذكور. 13 - حريق في البصرة شبت النار ليلا من موقد إحدى القهوات في محلة الخندق فالتهمت النيران القهوة ثم اندلعت ألسنتها إلى الحوانيت المجاورة لها فأحرقت ثلاثة منها وفي الآخر تمكن رجال الإطفاء من إخماد أنفاسها. 14 - أسعار التمور عقد أصحاب الغيطان والتجار مجلسا في دار هلس أخوان فقرروا فيه أسعار التمر كما يأتي: كارة الحلاوي الكبيرة بسبعمائة وعشرين ربية (والكارة الكبيرة أربعون منا) أما بقية أنواع التمور فلم يبت في أسعارها. وقد شاع أن أصحاب

البساتين طلبوا أن يكون سعر الخضراوي خمسمائة ربية والسائر أربعمائة ربية عن الكارة الواحدة الكبيرة. 15 - العنزة والضفير هدأت الحالة بين العشيرتين عنزة والضفير بسعي الحكومة، وقد خرجت الضفير من ضواحي الزبير إلى صفوان وكابدة وكويبداء وشاع أن حمود السويط (مصغر السوط وهو ما يضرب به من جلد مضفور أو نحوه. ويخطئ من يكتب هذا الاسم بصورة الصويط وحمود السويط أحد زعماء الضفير) عقد النية على المجيء إلى بغداد لشؤون له مع الحكومة. 16 - مهارشة على تخوم العراق وقعت مهارشة بين الشرطة العراقية وبين ذعار الخسرج المنتمين إلى دولة إيران وكانوا قد طرأوا على أراضينا الجزرية لغزو بعض إعرابها وإيقاع الضرر بها فدرت بهم الشرطة ففاجأتهم ودحرتهم فرجعوا القهقري وقد أصيب شرطيان بجروح طفيفة. 17 - لجنة التخوم العتيدة كان قد قرر في المعاهدة العراقية البريطانية التركية أن تكون في البلاد لجنة تخوم عتيدة تعقد مرة في كل ستة أشهر ويكون أعضاؤها من الدولتين المتجاورتين العراقية والتركية في موطن معين للنظر في ما حدث أو

يحدث من تعديات الناس والرجال بعضهم على بعض في جانبي خط التخوم. وقد عقدت اللجنة نيتها على الاجتماع لأول مرة في زاخو لهذه المدة الأولى ويحتشد الأعضاء في هذا الشهر. والأعضاء هم متصرف الموصل ومفتش الإدارة عن العراق؛ ووكيل قائد التخوم ووالي الهكارية عن تركية. وبعد انفضاض عقد الاجتماع يقرر الأعضاء محل اجتماعهم المقبل بعد الستة الأشهر التي تنقضي. 18 - مركز لاسلكي في الرطبة فتحت حكومتنا في 11 أيلول مركز برق لاسلكي وديوان بريد في الرطبة (الواقعة على بعد 300 ميل من غربي بغداد) تسهيلا لمصالح المسافرين بين سورية والعراق.

العدد 39

العدد 39 الدرع الداودية القصيدة التي نظمها داود باشا حينما تخلى عنه أعوانه ومريدوه ونبذوه نبذ النواة فاستاء من سلوكهم هذا الذي لم يكن يتوقعه منهم بعد أن احسن إليهم ورفعهم إلى أعلى المناصب. أما أن للأحباب أن ينصفوا معنا ... فزاغوا وما زغنا وحالوا وما حلنا نعم هجروا واستبدلوا الوصل بالجفا ... وخانوا عهودا ماضيات وما خنا رعينا حقوقا لا علينا نعم لنا ... عليهم حقوق سالفات ولا منا وفينا ولم نغدر فكان جزاؤنا ... جزا أم عمرو فافهم اللفظ والمعنى وأنا لقوم نحفظ الود غيرة ... ونرعى ذماما أن حضرنا وأن غبنا وأن جيشوا جيشا من الصد والجفا ... بنينا من الصبر الجميل لهم حصنا هم زعموا أن كل برق يخيفنا ... فخابوا بما قالوا وقلنا وما خبنا إذا ضيعوا حقي فهم يعرفونني ... إذا هبت النكباء كنت لهم ركنا وأني أبي أن ألم بريبة ... واستعطف الحب اللئيم أو الأدنى

وما كان عيبي عندهم غير أنني ... إذا بيعت الأرواح لا ادعي الغبنا وأن قام سوق الحرب أني أشدهم ... لأعدائهم بأسا وأكثرهم طعنا وأثبتهم جأشا وأطولهم يدا ... وأوفاهم عهدا وأكبرهم سنا واحكمهم عقدا وامنعهم حمى ... واصدقهم قولا وأوسعهم مغنى أجامل أقواما ولاء لا مهابة ... فيزعم قوم أننا منهم خفنا واسكت إيفاء لود علمته ... وعندي مقال يحطم الظهر والبطنا ولو وقفوا يوم الرهان مواقفي ... لأهديتهم روحي ومالي وما يقنى فيا أسفي ضيعت عصر شبيبتي ... بكل خفيف القدر لا يعرف الوزنا فإن وصلوا حبلي وصلت حبالهم ... وأن قرعوا سني جدعت لهم أذنا إذا هم في إسعادنا لملمة ... ألمت بنا قد أسعفونا فلا عشنا وظنوا بان الآل يشفي من الصدى ... فخاضوا به للورد جهلا وما خضنا وقد بدلوا الغالي الذي تعرفونه ... بصفقة غبن لا نقيس بها غبنا ولو علموا ما يعقب الغبن في غد ... وقيل لهم تبت يداكم وما أغنى صحائف عندي غيرة قد طويتها ... ولو نشرت يوما لقصوا لها ذقنا أجول بطرفي في العراق فلا أرى ... من الناس إلاَّ مظهر البغض والشحنا فخيرهم للأجنبي وقبحهم ... على بعضهم بعض يعدونه حسنا وشبانهم شابوا المودة بالجفا ... وشبنا وما للصفو في كدر شبنا حضرنا متى غابوا بموقف حربهم ... وأن حضروا في موقف للخنا غبنا سمرنا مع السمر العوالي لياليا ... وهم سمروا في ذكر سعدى وفي لبنى جفوا فوصلنا حبلهم بعد قطعه ... فدع منهم يبدو الجفاء ولا منا إلا نخوة منهم فيصغون للذي ... أيادي سبا قد لاعبت ذلك المغنى إلا حازم للرشد شد حزامه ... لداهية ينسى بها الطائر الوكنا إلا مرشد منهم عن الغي قومه ... فيوقفهم منه على السنن الاسنى إلا دافع عن قومه بغي ظالم ... إذا فقدوا في الحرب من ينطح القرنا وكان إذا أبدى التشاجر نابه ... يفرون مثل الجمر عنه وما كنا ومن كل ناموس وبأس تخلصوا ... كما نحن من غل وغش تخلصنا

لقد حملوا ما يثقل الظهر من خنى ... كأنهم من ماله حملوا سفنا متى تعتذر أيامنا من ذنوبها ... وهيهات من عذر لمومسة لخنا فكم طحنت قوما بجؤجوء صدرها ... وما أصلحت يوما دقيقا ولا طحنا وعصبة لؤم قد تناجوا لحربنا ... فيا ويحهم ماذا يلاقونه منا تراموا وحاشا المجد أن يتقدموا ... علينا وهاموا بالأماني وما همنا وطاشوا ببرق خلب لا أبا لهم ... وسلوا علينا المرهفات وما خفنا فقل لي بماذا يفخرون على الورى ... إذا عدت الأباء أو ذكر الأبنا فهبهم على المجد الأثيل تسنموا ... ألا يعلمون المجد بالقول لا يبنى إلا غيرة تدعو الصريخ إذا دعا ... ليوم عبوس شره يوقظ الوسنى طوينا عن الزوراء لا در درها ... بساطا متى ينشر نعد به طعنا وأني وأن كنت أبنها ورضيعها ... فقد أنكرتني لا سقاها الحيا مزنا إلى الله أشكو من زمان تخاذلت ... خيار الورى فيه وساؤوا بنا ظنا وباع بفلس كل خل خليله ... وصار الكريم الحر يسترفد القنا إلا مبلغ عني سراة بني الوغى ... وإقبال عرب كيف صبرهم عنا أهم بأمر الحزم في حومة الوغى ... ومن ناهز السبعين أنى له أنى إذا كفي اليسرى أشارت لناقص ... قطعت لها زندا وألحقتها اليمنى وأنا إذا صاح الصريخ لحادث ... اجبنا ولبينا لمن فيه أنبأنا على الكرخ في الزوراء مني تحية ... وألف سلام ما بها ساجع غنى صحبتهم طفلا على السخط والرضى ... وشبت فلا سيفي أفاد ولا أغنى رواها رزوق عيسى عن الكونت فيليب دي طرازي النفوس الخاملة تعود ذم الدهر قوم خطاهم ... قصار عن الحسنى طوال إلى النكر ولو انصفوا ما ذم منهم امرؤ ... وذموا نفوسا قد قعدن عن الخير محمد بهجة الأثري

المحامل العربية

المحامل العربية 1 - توتير لله درك، أيتها اللغة العربية! كلما شاخت اللغات، وهرمت، وولت، تألق نور شبابك، وغض اهابك، وتجلى وئامك لرقي معارف أبناء العصر! وكلما قدمت تلك الألسنة، وعتقت، وبليت، زدت جدة، ورخوصة، وبضوضة! كنا نظن انك تقصرين في تأدية النطق ببعض الألفاظ التي لم يتصور إنك تجدين لها مقابلا في كنزك اللغوي، لأن تلك الأمور أو تلك المعاني أو تلك الأوضاع لم تكن تخطر على بال المنتمين إليك، وإذا بك تؤدين تلك المصطلحات احسن تأدية، وتوفينها حقها من الضبط والأحكام والإتقان، حتى لنظن أن لمصطلحك خير من مصطلحهم. عند الإفرنج كلمة (انكنابل ويراد بها كتاب برز إلى عالم الوجود في أول عهد الناس بالطباعة. والكلمة الإفرنجية مشتقة من اللاتينية ومعناها المهد، كأن الكتاب وجد في زمن كانت الطباعة في مهدها. وكنا نظن أننا لا نلقي لها ما يقابلها في لغتنا الضادية. والحال أننا وجدنا في المخصص لأبن سيده، قوله في باب الكتاب وآلاته (4: 13)؛ المحمل (أي وزان مجلس): الكتاب الأول. وهو وصف يوافق لما نريده كل الموافقة. فالكتب المطبوعة يوم كانت صناعتها في مهدها، هي الكتب الأولى، بالنسبة إلى ما جاء من بعدها، ولهذا صح أن نقابل بها ما يسميها الإفرنج (انكنابل)، ولا سيما لأن في أصل مادة ح م ل ما يساعد على اتخاذ هذا اللفظ؛ فكأن النسخ الجديدة المطبوعة بعد هذه النسخ القديمة الآمات تعتمد عليها في وقوفها أو في انتظامها اعتماد الجديد الضعيف على القديم القويم الراسخ القدم، إذ من معاني المحمل المعتمد. والمحمل أيضا موضع تحميل الحوائج وهو

كذلك. إذ عليه تقر وتقوم جميع المطبوعات كما يقوم أعلى البناء على الأساس الذي هو موضع قوام البناء. ومن معاني المحمل أيضا: الهودج (وهو في هذا المعنى يأتي على وزن منبر ومجلس) وهو يوافق أيضا للمعنى الذي ننشده هنا. ولا سيما لأنه يكاد يلائم الحرف الإفرنجي في الوضع، فكما أن الإفرنج سموا مسماهم باسم متخذ من المهد، كذلك يجوز لنا أن نسميه بما سموه هم، أي بلفظ يكاد يعني المهد لأن الطفل يحمل فيه. والهودج يتخذ له أو لكل ضعيف مثله لا يقوى على السير البعيد الشاق. وعليه سمي الكتاب الأول بالمحمل (أي بالهودج) لأنه كان يومئذ كأنه يوضع في هودج لحداثة وجوده أو لطفولته أو لضعفه. وكل ذلك من باب المجاز الواسع المدخل. فأنت ترى أن هذه الكلمة كيفما قلبتها، انقلبت بين يديك على احسن وجه لما تريده، كأنها تقول لك في كل وجهة وجهتها: أنا المعنية بقولك: انكنابل. 2 - المحامل الإفرنجية يعتبر (محملا) عند الإفرنج، كل كتاب طبع قبل سنة 1500م والمحامل عندهم على قسمين؛ محامل خشب، أو نقر، ومحامل حروف. فمحامل النقر، أو محامل الخشب، ما طبع منها في ذلك العهد، وكانت حروفها منقورة أو محفورة على ألواح من خشب. ومحامل الحروف هي ما صفت حروف كلمها، متخذة من مواد متحركة كانت من خشب في أول الأمر، ثم من مواد معدن كالرصاص وغيره بعد ذلك. فمن محامل الخشب ما عرفوه باسم: (توراة الفقراء) و (الدوناتس) (وهو كتاب في نحو اللغة اللاتينية) لمؤلفه اليوس دوناتس من نحاة المائة الرابعة للميلاد، وكان تصنيفه معروفا في جميع المدارس كالاجرومية في الديار العربية اللسان. (ومرآة الخلاص) وهو باللاتينية أيضا، وهذه التآليف سابقة لسنة 1440. ومحامل الحروف كثيرة، إلا أننا نجتزئ بذكر أقدمها وهي توراة

مازارين وقد طبعت بين سنة 1450 و1455، وتوراة شيشرن وهي من سنة 1461 على اقل ما يقال عنها، واغلب الباحثين يظنون أنها لغوتنبرغ نفسه - ومرصوصة (أو براءة بابوية) الغفران لنقولا الخامس (سنة 1454) وزبور سنة 1457 وزينة الفروض الإلهية لدوران (سنة 1459). واغلب هذه المحامل النادرة لا توجد اليوم إلاَّ في خزائن الكتب العامة منذ عهد بعيد. المحامل العربية المحامل العربية هي التي طبعت في سنة 1514 في رومة إلى سنة 1551 في فروق وما جاء بعد هذه السنة لا يعد محملا. وأن كان مما يحتفظ به (راجع لغة العرب 149: 4) وقد رأينا عند صديقنا البغدادي الدكتور ناجي بك الأصيل كتابا مطبوعا في اللغتين العربية واللاتينية غير معروف عند الوراقين أو صرعى الكتب القديمة ودونك وصفه: في الصفحة الأخيرة من هذا الكتاب وهي الصفحة الأولى على طريقة الإفرنج مكتوب في رأس الوجه وهي كلمة لاتينية معناها (في هيدلبرغ) أي طبع في هيدلبرغ وهي مدينة في دوقية بادن (ألمانية) وفي اسفل الوجه هذه الكلمات - ومعناها طبعة يعقوب مليوس سنة 1583 وبين هذين السطرين اللذين في رأس الصفحة وأسفلها نقش ختم كبير يمسكه اثنان من الملائكة وفيه صورة قد رسم فيها يد قابضة على إكليل متخذ من أنواع الأزهار مضفورة على ظهر حية وقد كتب حول هذا كله هذه الكلمات باللاتينية: 65. ومعناها: (يعقوب مليوس. تكلل ألسنة بكرمك. المزمور 65) فالظاهر من هذا الكلام أن الطابع نشر الكتاب المذكور في أوائل سنة 1583 ويطلب إلى الله أن يباركه فيها ويجعلها ميمونة عليه. وقد وجد في المزمور الخامس والستين (وهو على الحقيقة الرابع والستون) آية توافق هذا الدعاء وهي الآية الثانية عشرة منه ونصها: بارك إكليل ألسنة بكرمك. وفي ظهر هذه الورقة حروف

الهجاء باللغات العبرية واللاتينية والعربية، ويظهر أن الطابع كان يجهل كل الجهل صور الحروف العربية لأنه ابتدأ برسم حروف الهجاء العربية مبتدئا بالياء وخاتما إياها بالألف. مع أنه وضع بازائها الحروف العبرية واللاتينية بوضعها المألوف كما في العربية. فالبائن أن الطابع قلب عمود الحروف العربية فجاء ما كان في الأول آخرا وما كان في الآخر أولا. أي أن الذنب أصبح رأسا والرأس ذنبا بخلاف حروف اللغتين العبرية واللاتينية فأن الترتيب فيهما على احسن ما يرام. وبعد هذه الحروف ذكر في الصفحة التالية هذه الكلمات العربية مع ترجمتها اللاتينية وهي: أربعة رحال (بمعنى أربعة رجال)، ثلثة عسر رجلا (أي ثلاثة عشر رجلا) ثلثة ماءية رجل (أي ثلثمائة رجل) وفي الصفحات التالية ذكر الأرقام بموجب ترتيبها أي أول ثان (وكتبها ثاني) ثالث. . . ثم بموجب العد أي أحد اثنان ثلاثة. . . وهكذا سار في طريقه من ذكر حروف العطف والجر والظرف إلى ذكر ألفاظ مختلفة. أما إذا فتحت الكتب من أوله على الطريقة العربية فانك ترى في مستهله: (بسم الأب والابن والروح القدس اله واحد) (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية.) ثم ذكر ترجمة هذه الألفاظ إلى اللاتينية. وبعد ذلك قال في تلك الصفحة باللاتينية ما معناه: وفيها أيضا (أي في الرسالة المطبوعة: ستة فصول الديانة المسيحية وهي الفصول الأولى باللغة العربية. وقد أضيف إليها في الآخر خلاصة النحو العربي لمؤلفها رثغرس سبي. وفي تلك الصفحة الأولى آية من كتاب دانيال النبي من الإصحاح السابع بالحرف العبراني ثم آية من القديس بولس إلى أهل فيلبي مأخوذة من الإصحاح الثاني مدرجة بحرفها اليوناني. وفي الصفحة التي تلي هذه الورقة الأولى مقدمة طويلة عريضة يوجهها المؤلف إلى صاحب السمو والشهرة البدء (أي البرنس) لويس (أو لودوفيكس) دوق بفارية يذكر له فيها سبب تأليف هذا الكتيب وهو أن اللغة العربية هي من اللغات القديمة ويجب تعلمها لأنها توصلنا إلى إتقان اللغة العبرية التي هي أول

اللغات وأقدمهن. وأن أصحاب اللغات الشرقية بقوا مجاورين بعضهم لبعض بعد الطوفان، ولهذا تتشابه لغاتهم، بخلاف أصحاب سائر اللغات فانهم تفرقوا في أنحاء المعمورة منذ أول عهد البشر بالمهاجرة والظعن، فاختلفت لغاتهم، وتباينت لهجاتهم إلى يومنا هذا. ثم يقول: يحسن بنا أن نتقن لغات الشرق لنشر الديانة المسيحية بين أولئك الذين يجهلونها، أو لا يعرفون محاسنها، وعلى هذا الوجه نستفيد ونفيد. فموضوع المقدمة إذن ديني لغوي تاريخي. والمقدمة طويلة في 14 صفحة ثم يليها صفحة ونصف وفيها كلام عنونه (إلى القارئ) وبعد ذلك آيات بالعبرية والعربية مكتوبة في وجهين وبعد ذلك يبتدئ كتابه بقوله: (رسالة إلى أهل غلاطية. وهي من العدد الرابعة (كذا) ثم ينتقل إلى ذكر تلك الرسالة على صفحتين: صفحة عربية وصفحة لاتينية. وهو ينقل باللاتينية المكتوبة على الصفحة اليسرى من القابض على الكتاب ما جاء في النص العربي سطرا بسطر. وخط النص العربي قبيح المنظر كتبه أحد الإفرنج بقلم سيئ البري، أو بريشة إفرنجية القط. والكلمات كلها منقورة في الخشب وليست مركبة من حروف متقطعة، وهذا ما يتبين لك إذا ما أنعمت النظر في تركيب الكلم واتصال حروفها بعضها ببعض. وعدد أوراق الكتاب كله 42 أي ما يساوي 84 صفحة وطول الصفحة 19 سنتيمترا في عرض 15 سنتيمترا. وهو مغلف غلاف اربد (رمادي اللون) أحمر الأطراف. اشتراه صاحبه في ألمانية لغرابته وندرته. ومن العجيب أن العلامة كرستيانس فريدريكس دي شنوزر الألماني صاحب كتاب خزانة الكتب العربية الذي ذكر فيه أنواع الكتب العربية المطبوعة في العالم منذ أول عهد الطباعة لم يذكر هذا المصنف في باب كتب النحو ولا في باب النصرانيات ولا في أي باب كان. وهذا مما يحملنا على الظن أن هذا الكتيب لم يطبع منه نسخ كثيرة أو لم يذع في أوربة مما يجعله ذا ثمن عند الأدباء الوراقين، وكذلك لم يذكر هذا الكتاب كل من بحث عن تاريخ المطبوعات العربية في أول عهدها كجرجي زيدان وغيره. ولهذا أشبعنا الكلام في وصفه.

علم العقود

علم العقود 1 - تعريفه وموضوعه وفائدته هو حساب يتم عمله على عقود أصابع اليدين. للإشارة إلى العدد المنوي ذكره بين اثنين في المذاكرة. وموضوعه: عقود الأصابع. وفائدته: ضبط الأعداد من أول مرتبة الآحاد إلى عشرة الآلاف، مع الزيادة والنقصان بدون آلة خارجية، وفهم بعض الأحاديث التي فيها إشارة إلى هذا العلم. وهذا العلم كثير النفع للتجار وغيرهم، ولا سيما عند استعجام كل من المتبايعين، وعند فقد آلات الكتابة والحساب. ويقال لحساب العقود (حساب الجمل) أيضا لأجماله من بين المحاسبات أو لكونه من أجملها وأحسنها لعدم وقوع الالتباس فيها على من يحذقها، ومن أسمائه: حساب اليد. 2 - تاريخ انتشار هذا العلم كان هذا العلم حساب العرب في أيام جاهليتهم، فانهم اجتنبوا ما يحتاج إلى آلة، ورأوا أن ما قلت آلته، وانفرد الإنسان فيه بآلة من جسمه، كان اسهل وانسب لغرضهم. 3 - الكتب المؤلفة في هذا العلم اذكر للقراء الكرام أسماء بعض المؤلفات التي عثرنا عليها أو سمعنا بها وهي: 1 - رسالة للشيخ حسين الكيلاني 2 - رسالة للسيد محمود الرشتي 3 - رسالة لشرف الدين اليزدي 4 - رسالة للميرزا محمد علي الجهاردهي الكيلاني 5 - رسالة للشيخ يوسف بن محمد الكيلاني. وهذا التأليف الأخير أوجز من بقية المؤلفات وانفع.

ونظم في هذا العلم أراجيز كثيرة منها: 1 - أرجوزة لابن حرب 2 - أرجوزة لشمس الدين محمد بن احمد الموصلي 3 - أرجوزة لأبي الحسن علي المعروف بابن المغربي، وقد شرحها عبد القادر بن علي بن شعبان العوفي. وهناك كتب ذكر فيها هذا العلم استطرادا: كشرح الجلي للشيخ احمد أفندي البربير. ومجمع البحرين لفخر الدين الطريحي، ومجمع البيان لأبي علي الطبرسي، ولسان الخواص للمولى محمد القزويني، وأربعين المجلسي، وأربعين الشيخ إبراهيم الخوئي، وكفاية الحساب لنجم الملك الميرزا عبد الغفار، وبلوغ الأرب في أحوال العرب، وشرح القاموس بالتركي، وغياث اللغات وفرهنك، وللأب انستاس ماري الكرملي صاحب هذه المجلة مقالة طويلة أدرجت في مجلة المشرق 119: 3 إلى 123 و169 إلى 171 وشرح أرجوزة شمس الدين محمد بن احمد الموصلي الحنبلي في المجلة المذكورة 171: 3 إلى 174 4 - بيان هذا العلم لا يخفى أن القدماء وضعوا (38) صورة للأصابع الخمس اليمنى والخمس اليسرى من اليد لضبط الأعداد من الواحد إلى العشرة الآلاف. وضابطه إجمالا انهم جعلوا صورة منها للأصابع الخمس اليمنى لضبط العدد من الواحد إلى 99 و19 ص ورة أخرى للأصابع الخمس اليسرى لضبط العدد من 100 إلى 10000 لأنهم جعلوا الخنصر والبنصر والوسطى من اليد اليمنى، لعقود الآحاد، أي للواحد إلى التسعة، وجعلوا عقد السبابة والإبهام منه لعقود العشرات، أي للعشرة إلى التسعين، وجعلوا الخنصر والبنصر والوسطى من اليد الشمال، لعقود المائة أي للمائة إلى 900 وعقد السبابة والإبهام منه لعقود الآلاف. أي للألف إلى 9000 فصور عقود الواحد إلى التسعة وصور عقود المائة إلى 900 سيان وكذا صور عقود العشرات والألوف، فالتفرقة والاعتبار يكونان باليمين واليسار

لأشكال متحدة الصور؛ مثلا: ضم الوسطى مع الخنصر والبنصر وطوق العقدة السفلى، بحيث تمتد الأنملة حتى تصل إلى الرسغ، (وهو هنا مفصل ما بين الساعد والكف) دال على التسعة في اليمين وعلى 900 في اليسار وكذا وضع رأس ظفر السبابة، على مفصل العقدة الثانية من الإبهام في اليمين، دال على التسعين، وفي اليسار على 9000. فلا فرق بين صورة اليمنى واليسرى بالكيفيات والهيئات فالتمييز في هذا الأمر يكون باليسار واليمين لا غير. ومن المعلوم أن الأصابع التي للآحاد تضيق عنها لأنها ثلاث والآحاد تسعة فلا يمكن ذلك إلاَّ بتبديل وتغيير وكذا أصابع العشرات والمئات والألوف، فطريق كيفية عقود الأنامل تفصيلا هو انهم عينوا من أوضاع أصابع اليمنى، لعقد الواحد فقط وضع رأس الخنصر فقط على الكف بحيث يكون رأسه قريبا؛ وللاثنين وضع البنصر أيضا معقودة معه كذلك؛ وللثلاثة وضع الوسطى معهما أيضا كذلك، كما هو المتعارف بين الناس عند عد هذه الأعداد، بحيث يوضع رؤوس الأنامل قريبة من أصولها من دون أن يوصل إلى الكف؛ وللأربعة رفع الخنصر مع وضع الباقية بحال المثناة؛ وللخمسة رفع الخنصر والبنصر مع وضع الوسطى؛ وللستة وضع رأس البنصر فقط على وسط الكف منبسطا مائلا إلى جهة الرسغ؛ وللسبعة وضع الخنصر فقط عليه كذلك مع رفع البنصر؛ وللثمانية ضم البنصر إليه في هذا الوضع؛ وللتسعة ضم الوسطى إليهما كذلك. فالمشروط في هذه الثلاثة الأخيرة. أي من السبعة إلى التسعة بسط الأصابع إلى الكف كما أشير إليه مائلة أناملها إلى جهة الرسغ، وهذا الشرط هو لعدم الالتباس بالثلاثة الأول أي من الواحد إلى الثلاثة؛ فهذا تمام الكلام في تعريف الآحاد. وأما للعشرة فيوضع رأس ظفر السبابة على العقدة الفوقانية من الإبهام لتصير الإصبعان معا كحلقة مدورة. وللعشرين يوضع ظهر ظفر الإبهام تحت طرف العقدة التحتانية من السبابة على وجه ترى أنملة الإبهام مأخوذة بين أصلي السبابة والوسطى: بحيث يتصل شيء من ظفر الإبهام بذلك الجانب؛ ويظهر بعض أنملتها العليا بين أصلي المسبحة (وهي الإصبع التي تلي الإبهام) والوسطى: متصلة بالوسطى؛ أو غير متصلة لأن الوسطى؛ لا دخل لها في عقود العشرات؛ وإنما أوضاعها إلحاد؛ كما عرفت.

وللثلاثين يوضع رأس أنملة السبابة على طرف ظفر الإبهام الذي يليها؛ مع انتصاب الإبهام على وجه يشبه وضعها وضع القوس والوتر؛ وقيل حينئذ يجوز أن يعرض للإبهام انحناء أيضا. وللأربعين يوضع باطن أنملة الإبهام على ظهر العقدة التحتانية من السبابة؛ على وجه لا يبقى بينهما فرجة أصلا. وللخمسين يوضع الإبهام على الكف محاذيا للسبابة مع انتصابها. وللستين يوضع باطن العقدة التحتانية من السبابة على ظهر الإبهام مع انحنائه كما يفعله الرماة عند الرمي. وللسبعين توضع أنملة السبابة أو عقدتها على أصل ظفر الإبهام مع انتصابه بحيث يبقى تمام ظفره مكشوفا. وللثمانين يوضع طرف أنملة السبابة على ظهر العقدة الفوقانية من الإبهام مع انتصابه. وللتسعين يوضع رأس ظفر السبابة على العقدة التحتانية من الإبهام كما كان يوضع على مفصلها الأعلى في عقد العشرة. فهذا آخر الكلام في بيان العشرات الموضوعة في عقود السبابة والإبهام من اليد اليمنى، فيعد بها مع انضمام عقود الخنصر والبنصر والوسطى من الواحد إلى تسعة وتسعين. وأما المائة فقد تقدم أن عقد المائة في اليد اليسرى كعقد الآحاد في اليد اليمنى وذلك في ثلاث أصابع أي أن كل وضع دال من اليمنى على عقد من الآحاد يدل في اليسرى على المائة؛ والحاصل أن كل عقد يدل في اليمنى على العشرات يدل في اليسرى على الألوف. فبهذه الأوضاع الستة والثلاثين تعرف عقود الواحد إلى تسعة آلاف وتسعمائة وتسعة وتسعين وللعشرة الآلاف يوضع طرف أنملة الإبهام على طرف السبابة بحيث يصير ظفراهما متحاذيين متساويين؛ والظاهر عدم اختصاص اليمنى أو اليسرى بذلك في أصل الوضع. هذا ما أردت ذكره عن علم العقود والله الموفق. محمد مهدي العلوي

2 - نموذج من تراجم القراء الحافظ عثمان الموصلي يمر الناظر في كتب التاريخ وسير النوابغ على غرائب وعجائب من الأنباء والحكايات والنوادر؛ يقف العقل دونها مبهوتا. ويتردد في قبولها ورفضها متحيرا، بل يكاد يجزم بوضعها ويعتقد بطلانها اعتقادا لا مجال للامتراء فيه لو لم تتواتر وينقلها الإثبات؛ ثم تؤيدها آثارهم ونتائج قرائحهم؛ ويشاهد أناسا من نوعهم جمع الله العالم كله فيهم. كأنهم خلقوا ليكونوا تذكرة لمن مضى وحجة على من جحد الآيات. ومن شاهد الحافظ عثمان الموصلي آمن قلبه بتلك الأنباء إيمان شعر أمية ابن أبي الصلت بالله رب العالمين. وأذعن لكل ما يرويه المؤرخون من الأنباء الغريبة في سير العالمين. ولد الحافظ عثمان في الموصل سنة 1271هـ في حجر أبيه الحاج عبد الله بن الحاج فتحي بن عليوي المنسوب إلى بيت الطحان. وفقد بصره صغيرا. وتوفي أبوه وهو في نحو السابعة من عمره، فبقي يتيما؛ فرآه السري الفاضل محمود أفندي العمري؛ وتفرس أن يكون أهلا للتربية والتثقيف؛ فأخذه إلى بيته وخصص له من يحفظه القرآن الكريم فحفظه حفظا متقنا وحفظ السيرة النبوية وطرفا من الأحاديث الصحيحة وجانبا كبيرا من الشعر. ثم رتب له من يدربه على اللحن والإيقاع ويعلمه الموسيقى حيث أنه رزق صوتا معبديا ينعش الأرواح، من كبوات الاتراح، وجرسا غريضيا يخرس الأطيار في أعالي الأشجار - فلم يزل يعاني الصنعة حتى جاءت منه آية نسخت آية إبراهيم بن ميمون الموصلي؛ فحلق طائر صيته في سماء العراق، وأصبح حديث المحافل والنوادي في الأصقاع والآفاق. فلما توفي مربيه العمري قصد بغداد: وقبل كانت له بغداد عاشقة ... تقضي بذكراه أوقاتا وأزمانا على السماع به باتت متيمة ... (والأذن تعشق قبل العين أحيانا)

وكان إذ ذاك فيها ابنه الشاعر الأديب احمد عزت باشا العمري فحل ضيفا في بيته فألتف حوله الأكابر وحفت به عيون الأعيان؛ وأصبح في مغاني الزوراء فاكهة الأدباء؛ ونقل الظرفاء؛ وشمامة النبلاء: تتهاداه الأكف من مجلس إلى مجلس ومن ناد إلى ناد والناس يخفون إليه سراعا من كل حدب لسماع قراءته (المولد النبوي) يحيون الليلة بعد الليلة مفضلين التلذذ بأنغامه على لذة المنام. ولا ريب أن البغداديين من ارق الناس طباعا واشدها اهتزازا للأصوات الرقيقة والألحان الشجية كما هو مشهور في التاريخ ومشاهد اليوم؛ فلا بدع إذا ما تعشقوا صوت الشيخ عثمان ولازموا مجلسه ملازمة الظل لصاحبه. وبعد أن قضى زمنا في بغداد عزم على السياحة في العالم الإسلامي فشد الرحال إلى الحجاز لأداء فريضة الحج المقدسة. وذكر لي بعض الفضلاء أنه رأى في رحلة لكاتب تركي أنه كان في مكة يخطب في المحافل ويدعو الحجاج إلى الانقياد للعثمانيين وشد أزر الخلافة؛ فسألته عن اسم الرحلة وصاحبها لا تحقق جلية الأمر فلم يكد يتذكر. فإذا صح هذا فذهابه إلى الحجاز كان سياسيا بإيعاز من الحكومة. ثم قفل إلى الموصل؛ وقرأ القراءات السبع على الشيخ محمد ابن الحاج حسن ثم قصد القسطنطينية وسلك لأمر من الأمور في الطريقة القادرية والمولوية. وحصل على مقام كبير. ثم سافر إلى سورية ومنها إلى مصر للاجتماع بمغنيها الطائر الصيت عبده الحمولي فلازمه واستفاد من طريقته الحديثة التي وفق فيها بين المزاجين المزاج العربي والمزاج التركي؛ وقد رأيته كثير الإعجاب به حتى إذا ذكره زفر وبكى عليه. وقد اخذ في مصر القراءات العشر عن كبار القراء وأساتذة التجويد كما اعجب به المصريون وتتلمذ عليه كثيرون في الموسيقى التركي؛ كما جاء في كتاب الموسيقي الشرقي لمحمد كامل الخلعي وغيره. واصدر فيها مجلة لم تمتد حياتها حيث أوفده السلطان عبد الحميد إلى طرابلس الغرب لعجم عود الإمام السنوسي وسبر أغوار مقاصده السياسية فأحس السنوسي بالغرض من مجيء

الشيخ عثمان فاكرم مثواه واحسن إليه ثم جهزه فعاد أدراجه إلى الأستانة ثم إلى بغداد فاتفق أن دعا على رؤوس الأشهاد في جمع كثيف لسلطان العجم فنفاه تقي الدين باشا والي بغداد إلى سيواس. وبعد منفاه ذهب إلى الأستانة فعين أستاذا للموسيقي في إحدى مدارسها. وتزوج فيها، وبقي فيها زمنا طويلا في نعيم مقيم وإجلال وتعظيم إلى قبيل الحرب الكبرى فبعثه الحنين إلى سكنى العراق فجاء دار السلام ونزل ضيفا في (بيت خيوكه) أمام دارنا القديمة في الرصافة فهرعت إليه الناس وتجاذبته أيدي الكبراء وأمسى عند كل ذي عين، جلدة ما بين الأنف والعين. وعاد الناس إلى سيرتهم الأولى معه من إحياء الليالي بقراءة (المولد النبوي) ونصب في أخرته شيخا للقراء؛ وقرأت عليه قبل نصبه سورة لقمان على السبع، وفجعت مدينة السلام بوفاته في اليوم الخامس عشر من جمادي الآخرة سنة 1341هـ وكان يوما شديد المطر كثير الرعد والبرق فلم يسمع كثير من الناس بموته إلاَّ بعد دفنه رحمه الله. كان عثمان آية الزمان كان هذا الرجل آية الزمان في سعة أدبه وعلمه وفرط ذكائه وفطنته ورقة شعوره وإحساسه. وبراعته في فن الموسيقي وتفننه في قراءة القرآن المجيد. كان إذا قرأ القرآن تخيلت (اببا) يترنم بصوته الرخيم. يقرأ القراءات العشر بتفريع وتنقل يدهش السامعين فكان بعض الناس يتوهمون أنه غلط أو حرف فيردون عليه فيصرخ: (اسكت! ليس بشغلك!). ومما كان يزيد حسن صوته الرخيم الذي يملأ النفوس ويستفز الشعور تجويده للقراءة وأداؤه المعاني حقها كأن يهول حيث يجب التهويل؛ ويتلطف حيث يجب التلطف ونحو ذلك مما لا يعقله إلاَّ العالمون بمعاني التنزيل ومواقع الكلام. أما (المولد النبوي) فبعد أن كان القراء أو قل (المغنون) خاملين في الصنعة لا يعرفون سوى الاسترسال في نغمة واحدة من البداءة إلى النهاية حتى تكاد تزهق من سماعهم الأرواح. وبعد أن بار سوق الغناء في دار السلام ولم

تبق له اقل قيمة واعتبار عند الناس - أصبح بما وصل إليه الشيخ من الابتداع والاختراع الذي لم يعرفه العراقيون من قبل، من ضروريات الحياة في نظر الناس. فما كانوا يسمعون به يقرأ في بيت إلاَّ وانسلوا إليه من كل حدب وضاق المكان بالشيب والشبان فكان (كما قال سيد الشعراء احمد شوقي المصري في مغن): يخرج المالكين من حشمة المل ... ك وينسي الوقور ذكر وقاره رب ليل أغار فيه القماري ... وآثار الحسان من أقماره بصبا يذكر الرياض صباه ... وحجاز ارق من أسحاره وغناء يدار لحنا فلحنا ... كحديث النديم أو كعقاره وأنين لو أنه من مشوق ... عرف السامعون موضع ناره يتمنى أخو الهوى منه آها ... حين يلحى تكون من أعذاره زفرات كأنها بث قيس ... في معاني الهوى وفي أخباره لا يجاريه في تفننه العو ... د ولا يشتكي إذا لم يجاره يسمع الليل منه في الفجر يالي ... ل! ليصغي مستمهلا في فراره ذكاؤه وفطنته وما ذكاؤه وفطنته فحدث عن البحر ولا حرج. وكأني بمن لم يزل يتردد في تصديق ما اذكره من غرائبه ونوادره؛ كان مع شيخوخته إذا سمع صوت إنسان عرف أوصافه من حسن ودمامة وطول وقصر وعرف كم سنه. وإذا لمس يد رجل فارقه مدة من الزمن عرفه في الحال. واغرب من هذا وذاك أنه كان يعرف الرجل من قرع نعليه. وكان يجيد الضرب أيما إجادة على العود والعزف بآلات الطرب بأنواعها واللعب بالدمة (أي بالدامة) والشطرنج وسائر الألعاب العجيبة. ومر يوما في طريق من طرق بغداد فسمع من أحد البيوت صوت عود غير منتظم فعرف حالا أن وترا من أوتاره لم يحكم شده فوقف وطرق الباب وقال: يا ضارب العود احكم الوتر الفلاني وسماه باسمه! فقال الرجل: أنا أردت ذلك بارك الله فيك! ونوادره أوسع من أن يحيط بها نطاق الحصر.

وأما حافظته فقد كان أمره فيها عجبا. حفظ ما شاء الله أن يحفظ من الشعر والقصص والنوادر، واستظهر في بغداد صحيح الإمام البخاري برمته. وذكر لي شيخنا علامة العراق الإمام السيد محمود شكري الالوسي رحمه الله أنه حاول أن يأخذ عنه العربية. قال: فاشترطت عليه حفظ كل ما القيه عليه وادرسه إياه عن ظهر غيب؛ فتبسم وقال: شرط عظيم! قال الأستاذ: فكان لا يمر على الدرس مرة واحدة إلاَّ ويحفظه بلفظه من غير أن ينقص منه أو يزيد عليه. . . ولقد رأيته يرتجل في المجالس الشعر ولا سيما (التواريخ) ارتجالا فيأتي سهلا لا كلفة فيه ولا يكاد يخطئ في التاريخ. أخلاقه كان رحمه الله طيب الحديث لسنا فصيحا لا يمله الجليس حلو العشرة وربما كانت تعتريه الحدة في بعض الأحايين فيتكلم بما يضحك الثكلى، ويذهب بثقل الحبلى، ولكن الغالب على طباعه سلامة الصدر وطيب السريرة وكثرة الوفاء والسخاء وعزة النفس والأباء إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي حرمها اكثر العمي. وكان صادقا في لهجته غيورا على مصالح أمته. ومواقفه الوطنية في الثورة العراقية أشهر من أن تذكر فقد كان الناس بحجة قراءة (المولد النبوي) يحيون الليالي في المظاهرة على الحكومة المحتلة ويتناشدون الأشعار الحماسية ويلقون الخطب الوطنية كأنها الشرر. فيأتون بالشيخ عثمان رئيس القراء فيفرع المنبر ويأخذ في ارتجال الشعر والخطب المحرضة حتى يترك الناس على اشد من الجمر ويدعهم يتلهفون للطعن والضرب في ساحة الوغى! لباسه وخلقه كان يلبس سروالا وجبة وبرأسه طربوشا أصفر طويلا كالذي تلبسه المولوية في فروق والشام ثم استبدل منه قبل وفاته بثلاث سنوات (الكشبدة) وهي عمامة فيها وشي. وكان قوي البنية كبير الجسم ممتلئة ربع القامة اسمر اللون أشقر الشعر جهير الصوت بطيء السير يقوده أحد تلاميذه غالبا وكثير من الناس. وإذا

ترك وحده سرقوا كيسه أو سبحته أو عصاه أو حذاءه، فتثور ثائرته ويخرج به الأمر إلى سب نفسه والعربدة على الله. . .! ثم يثوب إليه رشده فيستغفر ويتوب! تآليفه خدم رحمه الله العلم والأدب خدمة جليلة بنشر بعض آثار كبار العلماء والأدباء فنشر ديوان عبد الباقي العمري الشاعر الشهير، وكتاب الطراز المذهب. وكتاب الأجوبة العراقية عن الأسئلة الإيرانية: وكلاهما من تآليف شيخ مشايخنا الإمام المفسر الخطير أبي الثناء شهاب الدين محمود الالوسي. ونشر كتاب التوجع الأكبر بحادثة الأزهر. وخواتم الحكم في التصوف ولم اطلع عليهما. وله شعر كثير من جملته تخميس بائية عبد الباقي العمري في رثاء الحسين رضي الله عنه، وتخميس لامية البوصيري المفتوحة وتخميس قصيدة الشيخ مصطفى البكري، وتشطير قصيدة لابن المقري الشهير يزعمون إنها تقرأ على عشرة ملايين من الأوجه!! وقد ذكرها الخزرجي في طبقاته وشرحها في مجلد لطيف. وقد جمع كل ذلك بمجموعة في 50 صفحة دعاها (الأبكار الحسان في مدح سيد الأكوان) وطبعت خمس مرات. وانشأ في مصر مجلة باسم (المعارف). قالت فيها مجلة (البيان) للشيخ إبراهيم اليازجي: المعارف - ورد علينا العدد الأول من مجلة معنونة بهذا الاسم لصاحبها ومحررها الفاضل منلا عثمان أفندي الموصلي وهي علمية سياسية تاريخية أدبية أخبارية، وفيما نعهده في حضرة محررها المشار إليه من غزارة الأدب والبراعة في صناعة الإنشاء ما يضمن لها التقدم بين الصحف العربية. محمد بهجة الأثري

الألفاظ الارمية

الألفاظ الارمية في اللغة العراقية العربية اللغة الارمية من اللغات السامية، كالعربية، والعبرية، والفينيقية، والحبشية، وهن بنات أم واحدة مفقودة؛ وتطلق اللغة الارمية على السريانية. والكلدانية، والفلسطينية، والمندائية، وما تفرع منها من اللغات كالتي يتكلمها اليوم الاثوريون، والكلدان المسيحيون في إيران وكردستان وفي قرى الموصل والنازحون منها إلى بغداد والبصرة ويهود زاخو وقصر شيرين وكرند، وعدد من السوريين كالساكنين في معلولة ونجعة وجب عدين. ولقد كانت الارمية في أيام عزها ومجدها، اللغة السائدة في رقعة واسعة من الكرة الأرضية تحدها شرقا بلاد فارس وغربا البحر المتوسط وشمالا بلاد الأرمن واليونان في آسية الوسطى وجنوبا جزيرة العرب. وبقيت هذه اللغة من القرن السادس قبل الميلاد حتى القرن السابع بعده اللغة السامية الوحيدة - إن استثنينا اللغة العربية - ترجمانا للأعراب عن آراء الساميين والتعبير عن أفكارهم في غضون اثني عشر قرنا. وبعد استيلاء الفرس على بابل بقيت اللغة الارمية لغة رسمية وكان ملوكهم يصدرون مراسيمهم بها (راجع سفر عزرا 7: 4) وتعلم اليهود هذه اللغة في منفاهم في أرض بابل وكتبوا بها كتاباتهم الدينية والأدبية. وكانت إحدى اللغات الثلاث في بلاط الاكاسرة. هذا فضلا عن إنها إلى هذا العهد اللغة الدينية للنساطرة، والكلدان، واليعاقبة، والسريان، والموارنة، وبعض نصارى ملبار في الهند، وبها بشر الكلدان بالدين المسيحي في بلاد الصين، وبواسطتها ازدهرت العلوم عند العرب في عهد العباسيين، وبعد الفتح الإسلامي أخذ يتقلص ظل هذه اللغة رويدا رويدا وحلت محلها اللغة العربية. إلاَّ أن الارمية خلفت طائفة من الألفاظ يستعملها العراقيون في كلامهم

العربي السوادي ولا يعرفون أصلها فآثرنا أن نجمع عددا منها للإشارة إلى وجودها فيه. ثم اعلم أن في اللغة العامية العراقية ألفاظا عربية فصيحة وألفاظا فارسية وتركية وارمية وكلما من اللغات الأوربية وقد دخلتها هذه حديثا. ونحن لا نتعرض هنا للألفاظ الارمية الأصل التي دخلت في اللغة العربية الفصحى منذ القدم كشماس وكهنوت وعماد وبرنساء وما شاكلها. ولا للمفردات التي دخلت الارمية والعربية من الفارسية أمثال: رشتة، كلك، كمر، بربارة، تنورة، كستج (كوستك) الخ. ولا للحروف اليونانية التي من هذا القبيل مثل: لكن أو لقن (للوعاء المعروف) وتليس بمعنى كيس، ويريد به تجار العراق ما يغطي أثواب الأقمشة. كما لا نذكر الألفاظ التي ينطق بها اليهود مثل: كنب بمعنى سرق. وشوخار بمعنى سكر، ومشكنته أي رهن، وبكن أي رطن، وشيقر بمعنى كذب؛ فلهذه جميعها أصول ارمية كما يعلم الواقفون على هذه اللغة. إنما نقصر مقالنا على الألفاظ الارمية البحتة التي يستعملها العراقيون بمعانيها الأصلية ولا يعرفون حقيقتها إذ لا يتمكنون من الوقوف عليها في المعاجم العربية لخلوها منها. ومما يؤسف له أن ليس لمطبعة (لغة العرب) الحديثة الوجود حروف ارمية ولهذا اضطررنا إلى أن نكتب أصول تلك الكلمات بحروف عربية منفصلة فحيث وجدتها اعلم أنها تلمع إلى أصل ارمي وأن لم نذكر ذلك. حروف الأبجدية الارمية اثنان وعشرون على ترتيب حروف الجمل العربية إلاَّ أن في لغتنا سبعة حروف لا مقابل لها في اللغة الارمية وهي: ج (لأن جيم (أبجد) عندهم تلفظ كافا فارسية) ث، خ، ذ، ض، ظ، غ. وهذه الحروف يعتاض عنها في الارمية بوضع نقط على ما يقابلها من حروفهم. نسير في بحثنا على ترتيب الحروف الأبجدية نظرا إلى أصلها الارمي ليسهل التنقيب على الذين يريدون الاطلاع على المفردات في المعاجم الارمية:

(ابزار) آلة حياكة: من (اب ز ر ا) آلة حياكة تتخلل فيها خيوط السدى (اشكارة) وهي قطعة من الأرض تزرع وفي الارمية (اش ك ر) أو (اش ك ر ا) بالمعنى نفسه وهي الدبرة في لغتنا. (بزاغة) معمل الشيرج من (ب ز ر ا) وهو الشيرج بذاته بإبدال الراء الثالثة غينا. ومنها البزار: بياع بزر الكتان وزيته بلغة البغادة في عصر العباسيين وإبدال الراء غينا خاص بلغة نصارى الموصل وبغداد وغيرها. (بطانية) من (ب ي ط وا ن) وهي البردة والجبة. (برم الخبز) بمعنى أكله. من (ب ر م) أي قرض، أرض، أكل (بيتونة) وهي بيت صغير في السطح لحفظ الفراش من الشمس والمطر ويقال له عند بعضهم بيب الفراش؛ وهذه اللفظة مؤلفة من كلمتين بيت أو (بيتا) الارمية ومن (ون ا) وهي أداة تزاد في الآخر للدلالة على التصغير في الارمية؛ ومثل ذلك دربونة أي درب صغير أو دريب على الصيغة العربية ويطلقه العراقيون على الطريق الخاص؛ و (قبونة) (وزان حسون بزيادة الهاء) يقال قبونة تمر بمعنى سلة تمر لأن شكلها بشكل قبة أو قب وبزونة: للبسة الصغيرة إلى غير ذلك من الألفاظ. (جهجه النهار) من (ج هـ) أو (ج هـ ج هـ) وفي الكلمتين تلفظ الجيم جيما مصرية ومعناها أضاء الصبح، انفلق الفجر (ولم اسمع بهذا الفعل إلاَّ من المسيحيين) (غوغى الطفل) ابتدأ بالنغم من (ج وج ي) الجيمان فيها مصريتان بالمعنى نفسه. وإبدال الجيم غينا معروف في العربية. (جومة) آلة الحياكة وهي المنسج ونول الحائك من (ج وم ت ا) بمعنى

الحفرة وذلك لأن المناسج في العراق تنصب في محل يتخذ لها فيه حفرة والحائك يدلي رجليه فيها وقت الحياكة. (كيش) الضحضاح من الماء. هذا اللفظ مأخوذ أما من (ج وش ا) والجيم فيها مصرية ومفاده: الغور وعمق البئر أو النهر والمخاضة والرق والماء الرقيق. وأما من فعل (ج ش) والجيم مصرية بمعنى جس ولمس وسبر وقاس الماء وصدم وجنح ونشب المركب في الأرض لقلة الماء. (كاطرة) من (ج ط ر ا) بالجيم المصرية وهي الزوبعة والعاصفة. (كندر وتكندر) بمعنى دحرج وتدحرج ومنه المثل تكندر الدست لقي (وجد) قبغه (غطاءه) من (ج ن د ر) و (ات ج ن د ر) الجيمان مصريتان بالمعنى نفسه. (كنكورة) من (ج ن د ور ا) بالجيم المصرية وهي الدحروجة والكرة. (كردش العظم) ومنه المثل: كردش العظام على شأن العظام من (ج ر د ش) بالجيم المصرية بمعنى عرق العظم وجرده. وفي لغتنا الفصحى: كدش واكتدش منه شيئا أي أصاب منه شيئا. (الكرص) ومنه كلام شتم (مال الكرص) من (ج ر س) بالجيم المصرية والسين في الآخر بمعنى هلك وباد؛ ومما يؤيد هذا المعنى انهم يقولون: مال الموت، مال الكرص؛ على الترادف. وإبدال السين صادا كثير في العربية ومنه يقال رجل عكص وعكس سيئ الخلق؛ ورصعت عين الرجل ورسعت إذا فسدت والصقر والسقر الخ. (دكدك) بمعنى دغدغ من (د ج د ج) والجيمان مصريتان واللفظة من الارمية مبنى ومعنى. وهي تضاهي (دغدغ) العربية. (اطرش دكي) لفظة ذكي هنا مرادفة لكلمة اطرش وهي من الارمية (د وج ا) بالجيم المصرية أو (د ج ا) بالجيم المصرية أي اطرش واخرس. (داكور) تطلق هذه الكلمة على خشبة يسند بها الجدار وقد يراد بها من باب المجاز الشخص الذي يكون مانعا أو حجر عثرة للغير ويقال دكر يدكر أي منع وقاوم؛ فأن الداكور (د اج ور ا) بالجيم المصرية، ودكر من (د ج ر)

بالجيم المصرية فالأول بمعنى الطارق، والناخز، والزاجر والثائي بمعنى انتهر، وزجر، ودفع. (دادا) تنادي نساء الأعراب عند وقوع بلاء أو حدوث مصيبة (وا يا دادا) وهذا كثير ما يسمع من البدو ويقوله أيضا من يحمل ولدا صغيرا ويلاقي ولد آخر صغيرا فيقول للولد الذي يحمله (هذا دادا) ويظن بعضهم أن لفظ دادا مشتقة من الفارسية (داد) أي الانتقام والعدل والخلاص والتنهد ومنه كلام العوام من سكن المدن: أصيح داد وفرياد؛ وكلمة فرياد معناها الغوث. وهناك من يقول إنها من كلمة (دادا) الفارسية ومعناها المرضعة ومنها الداية والكلمة مهموزة معروفة منذ عهد العباسيين وعوامنا يستعملونها غير مهموزة ونقلت بصورة الظاعية عند الفصحاء. أما نحن فنذهب إلى أن كلمة (وا يا دادا!) التي يستغيث بها نساء البادية أصلها ارمي (ددا) بفتح الدالين ومعناها حبيب وصديق وعم وخال ومؤنثها (ددت ا) فكأن العراقية عند ما تستغيث وتقول (وا يا دادا) كأنها تقول: يا حبيباه! يا صديقاه! يا عماه! يا خالاه! (دحرة) يقال دحرة على كلبك (قلبك) ودحرة بعينك: للشتم. والكلمة مشتقة من (د ح ر ا) ومعناها في الارمية حجر الرحى. ومما يؤيد هذا التعليل قولهم (طاق رحية) بهذا المعنى لحجر الرحى. (دكلة) جنس من النخل ينبت عفوا من النوى وهو من اردأ أجناس النخل مشتقة من (د ق ل ا) وهي بالارمية النخلة بعينها؛ وقد عرفها العرب بهذا المعنى منذ زمن تقادم عهده؛ جاء في المخصص (132: 11) قال أبو حنيفة كل ما لا يعرف أسمه من التمر فهو دقل. (دريخ) وهي الحنطة بتبنها بعد الدرس وهي من (د ر ي ك ا) بمعنى الدائس والواطئ أبدلت فيها الكاف خاء. (درخ) درختني الهموم بمعنى سحقتني من (درك) بمعنى داس ووطئ (بالهون) وأن كان الهون هنا يفسر بالهوينا، أي على رسلك إلاَّ أني أرى أنها من الارمية (هـ ون) أي العقل ولا سيما لأنها تأتي على ألسنة العراقيين

مرادفة للعقل فيقولون (بالعقل؛ بالهون) ولا تخلو لغة القوم من مثل هذه المترادفات. (هيلة وهيلة عليك) بمعنى زه للاستهزاء من الارمية (هـ ي ل و: هـ ي ل هـ) بهذا المعنى. (ورور النار) اتقد من (ورورا) بمعنى شرارة النار؛ وقد جاء فعل ورور في العربية كقولهم ورور في الكلام أي أسرع وما كلامه إلاَّ ورورة إذا كان يستعجل فيه؛ وللعامة العراقيين مثل هذا الكلام يقولون: (يورور) وهو (وروري) بياء النسبة وربما اشتق العوام (ورور النار) من فعل ورت النار وريا وورية أي اتقدت. (زنقطة) بمعنى بثرة أو دملة من (ز ن ط ا) وهي الخراجة الخبيثة. (زياح) يستعملها المسيحيون بمعنى طواف (دورة) من (ز ي ح) بمعنى حرك وحمل شيئا وطاف به بأبهة وجلالة. (حويجة أو حويكة) قطعة من الأرض فيها شجر من (ح وي ج ت ا) بالجيم المصرية وهي الغابة والغيضة والكلمة مشتقة من فعل (ح ج) بالجيم المصرية بمعنى الحوط والسور والسياج. (حياصة) وهي الحزام؛ هذه الكلمة وأن دخلت في العربية الفصحى إلاَّ أنها ارمية مبنى ومعنى من (ح ي ص ا) أي النطاق والحزام والوثاق والكلمة مشتقة من فعل (ح ي ص) أي قمط وزنر وستر. وجاء في المخصص 187: 6 في كلامه عن أدوات الخيل: الحياصة سير في الحزام. (حيفة) بكسر الحاء وسكون الياء وفتح الفاء: الرجل الداهية من (ح اب ا) بكسر الحاء وباء مثلثة تحتية: وهو العزوم والشديد القوى. (حنن الخبز أو الجبن) أي فسد ونتن من (ح ون ا) وهي النتانة والسهوكة والعفونة. (حمحيم) مرض في الجلد من أعراضه الحكة وظهور البثور أو القشرة والشعور بالتهاب (ح م ي م ا) بمعنى الحميم والهائج والمنتن والفاسد والمسموم. (حربق) شبك ارميتها (ح ر ب ق) بمعناها أي عقل وشبك وربك. وأظن

أن هذا اللفظ لا يستعمله إلاَّ المسيحيون العراقيون. (حركش وحركيشة) أي تحجج واحتال ارميتها (ح ر ك ش) بمعنى بصبص وخادع. (أصفر خروع) و (خروع وزان عبود) تقوله العامة بمعنى أصفر فاقع أي شديد الصفرة ولفظة خروع من (ح ر وع ا) أي أصفر. (خشل) الخشل - الحلي من ذهب وفضة وحجارة كريمة للزينة والفعل من الارمية (ح ش ل) أي صاغ وسكب. و (ح ش ل ا) المصوغ والمسبوك و (ح ش ل ا) الصائغ. وقد جاء في العربية الفصحى خشلة أي رذله وحلاه فهو مخشل أي محلى وهو تفعيل يكون للسكب تارة وللوضع أخرى والخشلة الاسورة والخلاخيل كما في اللسان لا رؤوسها. وأنت ترى أن اللفظة ارمية. لوجود الاسم والمصدر واسم الفاعل فيها. وقد جاء عن ابن الأعرابي: امرأة متخشلة - متزينة المخصص 54: 4 (تكز) بمعنى رتب من (ط ك س) أي رتب ونظم وصف ولعلها يونانية. (لطش) وهو قلب طلش بمعنى العمل غير المنظم من (ط ل ش) أي لزج ودبق ووسخ ودنس. (طعطع - مطعطع) بمعنى غير ثابت أو غير مستقيم من فعل (ط ع ا) أي ضاع وتاه وباد وهلك وأهمل وأضل. (طبش في الوحل وطبش في أعماله) من (ط ب ش) بباء مثلثة فارسية أي طفس وقذر ودنس وغلط وحمق وجهل. (طره بالحجارة) أي ضربه بها من فعل (ط ر ا) بهذا المعنى. وفي العربية الفصحى فعل (طر) ولكنه لا يفيد هذا المعنى. وأقربها إلى هذا المؤدى طر فلانا لطمه وطر الماشية ساقها ولا يتعدى هذا الفعل بالباء كما في الارمية. (طرطور) بمعنى الرجل المنحط السافر وجاء في العربية الفصحى الطرطور بمعنى الوغد الضعيف. وجاء في الارمية (ط ر ط ر) أي ضرط والطرطور عند العراقيين الضراط ويقولون طرطرت بطنه أي قرقر بطنه. فإنك ترى أن لهذا اللفظ وجهين عربيا وارميا فربما هو من الأوضاع السامية المتشابهة.

(طرن) يقال للرجل الجاهل الغبي. وهو عندنا مشتق من (ط ر ن ا) وهو الظر والصوان للحجر المعروف ومما يؤيد قولنا هذا أن هذه اللفظة تأتي على ألسنة العوام مردوفة بكلمة صخرة فيقولون لا نعلم ما هذا الرجل طرن صخرة؟ (كع) يقول (كعه عني) أي أبعده فأرى أنه من الحرف (ك اا) بمعنى انتهر وزجر بإبدال الألفين عينا وربما يعترض معترض كيف يكون ذلك؟ فأقول أن إبدال الألف أو الهمزة عينا كثير المثال في لغة العرب فيقولون كثأ اللبن وكثع وهي الكثأة والكثعة وهي أن يعلو دسمه وخثورته رأسه؛ وتقول العامة في العراق في مثل هذا قطع اللبن وقطع الحليب ومنه السأف والسعف؛ والآسن (بقية الدسم) والعسن الخ. وفي لغتنا الفصحى جاء كع بمعنى جبن وضعف واكعه جبنه وخوفه وكعكعه حبسه عن وجهه. (كباش) يقول العراقيون وقع الرجل كباش على الأكل أي أكل أكل جشع وهذه الكلمة ارمية من (ك ب ش) بمعنى دح ودش وحزق أو سحق ومما يؤيد هذا الاشتقاق قولهم بمثل هذا المعنى (دح بطنه) و (سحق). (كبش) (دولاب الغزل) من (ك ب ش ا) فلكة المغزل. (كوش كوش) لفظة تستعمل للدلالة على الكلب بلسان الأطفال وأظن أنها من (ك وش و - ك وش و) لفظة يدعى بها الكلب. وفي العربية الفصحى قوش قوش زجر للكلب. (كمش - كمشة) الكاف مفخمة كالجيم المصرية أي قبض قبضة أصلها إنها من (ك م ش) وتفيد المعنى نفسه، قال صاحب دليل الراغبين في لغة الآراميين سوادية. (كرخ الماء وكرخ الشيء) بمعنى ساقه برجله جاء في لسان العرب أنها سوادية. وعليه فأن أصلها ارمي من (ك ر ك). (الكتر - كتره) تريد العامة بالكتر الجانب وكتره (من باب التفعيل) أخره أو تركه جانبا إلى أن تأتي نوبته. أظنها من الارمية (ك ت ر) ومعناها مكث وانتظر وتأخر وترقب ويظن بعضهم أن الكتر بمعنى القطر بطريق إبدال القاف كافا والطاء تاء. ولهذا الرأي وجه أيضا. ولا سيما قد جاء فعل قطر أو قتر بمعنى جعله في قطر.

(تكش يتكش) يريدون بها اشتغل شغلا بجهد. من (ك ت ش) أي صارع وقاتل وكافح وجاهد وحارب على سبيل القلب بتقديم التاء على الكاف وهذا كثير في العربية الفصحى ومنها قولهم جذب وجيذ. تسكع وتكسع. سفيط وفسيط، للشيء الذي لا قدر له الخ. (جاث) بالجيم المثلثة الفارسية من (ك ث ا) ما نبت من ذاته بعد الحصاد وقد ورد في العربية الفصيحة الكاث وجاء في تعريفه: ما ينبت مما يتناثر من الحصيد، والتعريف الارمي اكثر انطباقا على ما يريده العراقيون بلفظة (جاث) بالجيم المثلثة. ومما يحملنا على الذهاب إلى أن هذه اللفظة ارمية الأصل أمران: أولهما أن الزراعة والفلاحة كانتا بأيدي الارميين حتى بعد الفتح الإسلامي بزمن غير يسير ومعلوم أن ألفاظ الزراعة ومصطلحاتها من وضعهم، وثانيهما أن في اللسان الارمي فعل (ق ت) بمعنى نشب وانتشب وتعلق وتسمر ودس في الأرض فكأن أصول الزرع تبقى مخزونة في الأرض بعد الحصاد ثم تنبت. (لبيخة) تطلق أولا على الضماد ومن باب المجاز تطلق على الأمر المعقد واشتقوا منها فعلا فقالوا لبخ أي ضمد ووضع لبيخة. ولم نر في العربية لفعل (لبخ) الفصيح ومشتقاته هذه المعاني. إلاَّ أن فعل (لبك) الشيء والأمر لبكا، بمعنى خلطه كربكه يقارب معنى لبخ العامي، تقول: لبك لباب البر بالشهاد ولبك القوم بين الشاء خلطوا واللبكة المرة والشيء المخلوط وأمر لبك أي ملتبس مختلط. على أن الحرف الارمي (ل ب ك) وأن كان من أصل واحد كالفعل العربي، إلاَّ أنه اقرب إلى ما يقصده العراقيون ب (لبخ ولبيخة) فهو عند الارميين بمعنى تلاءم وتلاحم وتلاصق ومنه أطلقت على الضماد لتلاحم أجزائه. وحرف (ل ب ي ك ا) (والكاف في هذا اللفظ تقرأ خاء) يفيد عندهم الأمر المعقد المبهم و (ات ل ب ك) (والكاف تلفظ فيه خاء) معناه تكاثف وتلبد وتلاحم وقصارى القول أن هذا اللفظ من الأوضاع السامية المتشابهة. (تلبش به لبشة - بلش به بلشة) أي تحرش وتعلق به. من فعل (ل ب ش) أي شمل وغشى واعترى واحاق؛ ويقولون بلسانهم: (لبش نورا لزبلن) علقت النار بكذا. و (لبش شدا لبلن) اعترى الشيطان فلانا. ولا يخفى أن فعل لبش الارمي هو مثل فعل لبس العربي معنى ومبنى. ويقول العراقيون (لبني

فلان جبة وقميص) أي لازمني ولم يترك لي راحة. أما بلش فهو من فعل (ب ل ش) أي تحرش وتشبث ذكرها بهذا المعنى الأخير صاحب دليل الراغبين وقال أنها سوادية وعندهم لفظ (ب ل ش ي ا) يفيد معنى جيل من الناس مشهور بالبطش والفتك ويراد به اللصوص والسراق ويعرفهم العرب باسم البلوص على ما ذكرهم ياقوت. (شله المركب) أي جنح وأظن أنها مشتقة من فعل (ش ل هـ ي) ومؤداه أقفر وأخلى واخوي وافرغ كأن النهر فرغ من الماء. أو أن مأخذها من فعل (ش ل ي) بمعنى سلا وسكن وفتر وسكت وهدأ وبطل وكف كأن المركب بجنوحه قتر عن الحركة وكف عن السير وكثيرون من العوام يقولون: شهل المركب وشهلت السفينة. والكلمة من (ش هـ ل) بمعنى كف وامتنع و (ش هـ ل ا) الوحل والطين وكل مادة سيالة كالرمل فيكون معنى شهل المركب: نشب في الرمل أو في الطين ومنه الساحل في العربية، وربما رقق الآراميون الحرفين السين والحاء فقالوا شهل لأن الساحل من النهر مكان كثير الرمل أو جم الوحل. يوسف غنيمة مؤلف مناقب بغداد نشر محمد بهجة الأثري رسالة اسمها (مناقب بغداد) وطبعها في مطبعة دار السلام ببغداد سنة 1342هـ وقد نقلها عن صورة أخذت من الخزانة التيمورية. ونسب تأليفها إلى جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن علي الشهير بابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ. وقد شك الناشر في المقدمة التي صدرها بها في صحة نسبها إلى المؤلف المذكور. إلاَّ أنه بني شكه على عدم ذكر هذه الرسالة بين مؤلفات ابن الجوزي ولم يزد بيد أن هناك سببا آخر يقف عقبة كأداء في نسبها إلى جمال الدين أبي الفرج وهو ما جاء في ص34 من الرسالة المطبوعة نفسها عند ذكر غرق بغداد في السنوات 614 و646 و654 فيستنتج من هذا أن المؤلف الحقيقي لم يعمر كثير بعد هذا التاريخ وانه من المسمين بابن الجوزي. فنظرا إلى ما تقدم أرى أن مؤلف الرسالة هو الشيخ أبو محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المقتول في فتنة التتار في بغداد سنة 656هـ وهو أيضا مؤلف كتاب الإيضاح لقوانين الاصطلاح ولابد من الوقوف على نص صريح يؤيد هذا الرأي لمن يبحث في هذه المسئلة. يوسف غنيمة

الزهر القتيل

الزهر القتيل وصف الزهر الذابل طي كتاب الحبيبة أجريت للزهر القتيل دموعي ... وأثرت من قلبي وفي ولوعي قبلته وشممته وضممته ... وحنينه مثلي حنين رجوع أرسلته طي الكتاب فمات في ... كنف الجمال الحاكم المتبوع! أودى الفراق به، وقد كفنته ... برسالة الحب المثير نزوعي فوددت لو أني القتيل مكانه ... بيديك. . . لا أرضى رجاء شفيع! لم يبق منه سوى تحيتك التي ... فاحت كما فاحت جنان ربيع! وكأنما هي فيه روح دائم ... رغم الذبول فمات غير جزوع! واعتز في الظرف العزيز كأنه ... ملك بتابوت السنا المطبوع! وكأنما الأحلام قد زفته لي ... من سالف الإعصار لا الأسبوع؛ شكرا معذبتي وألف ضراعة ... لجمالك الجاني الضمين خضوعي! من صفو وجداني ونبع عواطفي ... من كل إحساس ومن مجموعي أنسيتني بالإنس حولك وافرا ... من منظر ضاح ومن مسموع وأنا أئن بغربتي في حسرة ... وكريهة المحروم والمفجوع حتى ذكرت شقاوتي فبعثت لي ... هذا العزاء لقلبي المصدوع! من ذا الذي جعل الضحية سلوة ... إِلاَّك، والإرضاء نثر دموعي؟! أحمد زكي أبو شادي

تاريخ الطباعة العراقية

تاريخ الطباعة العراقية مطابع العراق وثمراتها (من سنة 1856 إلى سنة 1926) 3 - تابع مطابع الموصل 2 - الكتب المدرسية والعلمية والأدبية وغيرها 73 - (جداول كبيرة للقراءة العربية) 74 - (مبادئ التهجئة لتدريس الصبيان) (1862 ص23 طبع عاشر 1891) 75 - (التهجئة ومبادئ القراءة) 76 - (أمثال لقمان الحكيم الأدبية وطرف من لطائف العرب الإنسية) جمعها وضبطها بالشكل المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1871 ص160) 77 - (تعليم القراءة) (طبع سادسا 1892 ص72) 78 - (جني الأثمار من لطائف الأخبار) (1876 ص178 طبعته الرابعة 1890) 79 - (كراريس التصاريف العربية وتعرف أيضا بكراريس الاشتقاق) للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1882 ص94) 80 - (التمرنة في الاصول النحوية) للمؤلف نفسه (1869 ص225 ثم طبع ثانية سنة 1875 في جزءين وفيهما مقدمتان في أصول الكتابة والقراءة مجموع صفحاتهما 410) 81 - (التمرين على كتاب التمرنة) للمؤلف نفسه (1877 ص244) 82 - (تدريب الطلاب في أصول التصريف والأعراب) الكتاب السابق مع بعض تغيير (ص260) 83 - (تعليم الطلاب أصول التصريف والأعراب) لسليم حسون (1895 ص158)

84 - (تنزيه الألباب في حدائق الآداب) لجامعه المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1863 ص174) 85 - (بديع الإنشاء والصفات في المكاتبات والمراسلات) للشيخ مرعي 1866 ص146) 86 - (كليلة ودمنة) عني بطبعه وتنقيحه المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1869 ص286 ثم كرر طبعه 1876 و1883 ص230) 87 - (فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء لابن عربشاه) وقف على طبعه المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1869 ص520) 88 - (الرموز ومفتاح الكنوز) عني بطبعه المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1870 ص132) 89 - (رواية لطيف وخوشابا) عربها نعوم فتح الله سحار (1891 ص83)

90 - (احسن الأساليب لإنشاء الصكوك والمكاتيب) لنعوم فتح الله سحار (1878 ص240)

91 - (مختصر في التواريخ المقدسة) (1863 طبعة رابعة 1883 وطبع خامسة ص76) 92 - (مختصر في التواريخ المقدسة على سبيل السؤال والجواب) ألفه البطريرك اغناطيوس افرام الثاني الرحماني بطريرك السريان الكاثوليك (طبع ثالثة 1883 ص229 ورابعة 1891 ص237) 93 - (الفصول الإنسية في التواريخ القدسية) للمعلم بيليز عربة البطريرك جرجس عبد يشوع خياط الكلداني (1868 ص464 ثم 1876 ص321)

94 - (مختصر تاريخ الكنيسة) للمعلم لومون عربة المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1873 ص756) 95 - (مختصر المختصر في تواريخ الكنيسة) للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1877 ص210) 96 - (مختصر في التواريخ القديمة) تأليف القس لويس رحماني وهو البطريرك اغناطيوس افرام الثاني الرحماني (1876 ص383) 97 - (مختصر في تواريخ القرون المتوسطة) له (1777 ص208) 98 - (مدخل الطلاب وتعلة الرغاب في أصول علم الحساب) للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1865 ثم 1870 ص180 طبعته الرابعة 1900) 99 - (ترويض الطلاب في أصول علم الحساب) له (1865 ص308) 100 - (مختصر صغير في الجغرافية) تعريب السيد المذكور (1861 ص82 ثم 1871 ص180) رفائيل بطي

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة معنى كلمة بغداد سيدي الفاضل صاحب مجلة لغة العرب المحترم تناولت الجزء الثاني من مجلتكم الغراء الصادر في أب فطالعته من أوله إلى آخره، فأشكركم على العناية التي تبذلونها في اختيار المواضيع المفيدة لأبناء العراق عامة. لقد لفت نظري مقال الأديب يوسف أفندي غنيمة في معنى كلمة بغداد إذ ذهب حضرته إلى أن اسم بغداد ارمي المبنى والمعنى ويفيد مدينة الغنم أو الضأن ولما كنت أحد الكتاب الذين نقبوا عن معنى هذه المفردة في كتب الأقدمين والمحدثين ونشروا بعض آرائهم في مجلة لغة العرب في سنتها الأولى والثانية فلا أرى رأي الكاتب الفاضل. نعم. أني كنت قد نشرت في لغة العرب (390: 1) رأيا يكاد يكون كرأي الأديب المشار إليه إذ قلت أن كلمة بغداد مقتضبة من (بيت كداد) ومعناها مدينة الغزل أو الحياكة غير أني اليوم لا أرى ذلك الرأي. وعندي أن بغداد مصحفة عن بل دودو أو بل دادا ومعناها مدينة الإله المحبوب، لأن (بل) تفيد معنى البعل أي الإله عند الأقدمين، ودودو أو دادا جاءت في معجم دليل الراغبين في لغة الارميين بمعنى الحبيب والمحبوب والعم والخال الخ. وكنت قد نشرت رأيي هذا على صفحات مرآة العراق فقط من ذلك المقال لفظة محبوب فجاء المعنى مبتورا ناقصا وقد نقل ذلك علي أفندي الظريفي وأثبته في كتابه مختصر تاريخ بغداد القديم والحديث ولم يشر إلى مصدره. (ل، ع) بين بغداد و (بل دودو) أو (بل دادا) فرق في اللفظ بخلاف

ما إذا قلنا: بيت كدادا فأن الاكتفاء بالباء للدلالة على البيت أي المكان أو المدينة أشهر من أن يذكر. وكدادا بكاف فارسية فتنحت حينئذ الكلمتان بصورة بغداد فتكون الكلمة أوضح من الأول. لأن الكاف الفارسية تنقل إلى الغين في اغلب الأحيان وأما الألف الأخيرة فخاصة باللغة الارمية أما في العربية فتحذف. فانتقال بيت كدادا إلى بغداد واضح فضلا عما فيه من المعنى المثبت للمطلوب. أما بل دودو أو بل دادا فإذا أردنا نحتها قلنا: بلداد، لكن هناك إبدال اللام بالغين وهو أمر لم نعهد له مثيلا كما لا نرى فيه سببا. ولو فرضنا أن الإبدال وقع لعلة نجهلها فيبقى علينا المعنى. فقولنا معنى بغداد (البعل المحبوب) لا يتحصل منها مدينة البعل المحبوب، إذ ليس في التركيب كلمة أو حرف يدل على البيت أو الدار بمعنى المدينة. ولهذا نرى في هذا التحليل تكلفا ظاهرا بخلاف تحليل الكاتب المفكر يوسف غنيمة. معنى كلمة عراق وبهذه المناسبة أقول أن كلمة عراق معناها بين النهرين وإليك البيان: ورد في الآثار المكتشفة حديثا أن ديار العراق كانت تعرف قبل اكثر من ستة آلاف سنة باسم اورو، اورا، أو اوري وجاء في تاريخ شمر وأكد لمؤلفه الأستاذ كنك ص14 أن هذه البلاد كانت تعرف قديما في عهد الشمريين باسم (كي اوري) أو (كي اورا). بقي علينا أن نعرف كيف تصحفت كلمة اورو فصارت عراقا، قال لسترانج: يطلق المؤرخون على النصف الشمالي من بين النهرين اسم الجزيرة وعلى النصف الجنوبي العراق ومعناه الساحل وأصل معنى هذه المفردة مشكوك في صحته ولعله يمثل لنا اسما قديما مفقودا. وقال الأب انستاس ماري الكرملي: وأما الرأي الأصح المتبوع فهو أن العراق تعريب أيراه الفارسية بمعنى الساحل لأنه على ساحل خليج فارس أو

ساحل شط العرب. وأنت تعلم أن كل كلمة فارسية تنتهي بهاء تعرب بجيم أو كاف أو قاف على ما هو مشهور مثل: رندج ودرمك ودلق، والأصل فيها رنده ودرمه ودله. وأما قلب الهمزة التي في أول الكلمة عينا فأشهر من أن يذكر وهي لغة قائمة برأسها تعرف بالعنعنة كالآسن والعسن والائتساف والاعتساف والاقر والعفر. ثم حذفت الياء من عيراق بعد التعريب لتحمل على وزن عربي واتفق أن مصيرها بهذه الصورة يفيد معنى عربيا فتأول العرب تلك التآويل التي يبدو تكلفها لأول وهلة لمن يتأمل أدنى تأمل) أهـ. ومن المحتمل أن الفرس القدماء نقلوا إلى لسانهم معنى كلمة اورو التي تفيد بين النهرين، فقالوا: أيراه وأرادوا بها شاطئ البحر لأن اور معناها ديار أو بلاد و (أو) أو (أر) تفيد النهر في لغة الاكديين والاشكوزيين، راجع كتاب المتون الآشورية لمؤلفه ارنست ا. بدج ص39 المطبوع عام 1880م وأيضا معلمة التوراة ص44 - 77 ومنهم من ذهب إلى أن العراق تصحيف (اور ايكو) فأور معناها ديار وايكو مجرى الماء وعليه ظهر مما تقدم بيانه أن كلمة اورو أو اوري كانت شائعة الاستعمال في ديار العراق قبل شيوع كلمتي شمر وشنعار وقد ذهب الأستاذ موريس جسترو في تاريخه حضارة بابل وآشور الطبعة الثانية ص3 في الحاشية إلى أن كلمة شنعار هي شمر بعينها وتفيد معنى أرض وجاء في معلمة التوراة ص44 أن لفظ (شنعار) مركب من حرفين عبريين (شنا) ومعناه اثنان و (آر) أو (نهر) وأن الحرف آر من أصل اشكوزي أو كوشي بابلي وقد أطلق اليونان على هذه الديار لفظة (ميسوبوتامية) أي بين النهرين ووردت في التوراة

باسم ارام النهرين (تك 10: 24) ومعناها أراضي النهرين العالية وكان المصريون يسمون الطرف الشمالي من العراق نهرينا (بتحريك الحروف الثلاثة الأولى) والآشوريون يسمونه نهري (بتحريك الثلاثة الأولى) ويريدون بذلك الأراضي الواقعة بين الفرات ودجلة. فالمطالع يرى كيف أن معظم المفردات التي أطلقت على هذه البلاد جاءت بمعنى (بين النهرين) فمن المحقق أن كلمة عراق المصحفة عن اورو معناها بين النهرين أيضا ومن أراد التوسع في ذلك فليراجع تاريخ شمر وأكد ص13 - 15 لصاحبه الأستاذ المحقق لونارد و. كنك الطبعة الثانية 1916م رزوق عيسى (ل. ع) لا يجمل بالكاتب أن يقول: (من المحقق) حينما يعرض آراء ويذهب إلى أحد منها. فلو قال: (فمن الظاهر) أو ما هو بمعناه لكان أليق به. أما رأينا اليوم فهو أن العراق تعني البلاد المعرضة للغرق أو الديار المنخفضة وذلك أن وزن فعال المكسور الأول يفيد أحيانا معنى المفعول أو ما هو بمعنى المفعول أي المعرض لأن يكون مفعولا. من ذلك: الكتاب والبساط والفراش واللباس فمعناها: المكتوب، والمبسوط أو المصنوع لأن يبسط، والمفروش أو المعد للفرش، والملبوس أو المهيأ أو العتيد للبس. ومنه العراق. ولا جرم أن عرق بالمهملة وغرق بالمعجمة من واد واحد. ولهذا لا نرى نحن صلة بين الألفاظ التي ذكرها المؤلف نقلا عن الغير، وبين كلمة العراق. وللعلامة الألماني الأثري ارنست هرتسفلد رأي في هذا المعنى بعث به إلينا قبل نحو أربع سنوات. فإذا ظفرنا به عرضناه للقراء. وقد رأينا أن القول: (الديار المعرضة للغرق) هو اقرب للعقل، لأن الأسماء تطلق غالبا على ما يوافق الطبيعة لا ما تخترعه الأوهام.

أسماء الرافدين عند الأقدمين حضارة بابل وأشور نشأت على ضفاف دجلة والفرات. فسهول بابل الغربية الخصبة كانت ولم تزل هبة هذين النهرين العظيمين؛ وكان كل منهما يجري رأسا فيصب في خليج فارس. دجلة كانت دجلة تعرف عند الشمريين باسم (ادجنا أو ادجلا) ثم زاد على اللفظة الأخيرة البابليون الساميون علامة تاء التأنيث فقالوا (إدجلت) وقد اختصروها على توالي الأيام فأصبحت (دجلة) وقد صحف الفرس الماذيون هذه اللفظة فقالوا (تغرا) ومعناها في لسانهم السهم، لشدة جريان هذا النهر؛ غير أن العبرانيين اقتبسوا كلمة ادجلا الشمرية وتصرفوا فيها فقالوا: حداقل (راجع سفر التكوين 14: 2) كما أبدلوا كلمة شمر بشنعار التي تفيد معنى النهرين. وقد أطلق اليونان على دجلة اسم (تجرويس) ولا تزال معروفة عند الأوربيين بهذا الاسم إلى اليوم، وأما العرب فقالوا: دجلة وقد ورد هذا الاسم في سفر دانيال (4: 10) الفرات كان يعرف نهر الفرات عند الشمريين أولا باسم (فرانون) أي الماء أو النهر العظيم وكثيرا ما كانوا يطلقون عليه لفظة (فرا) فقط أي النهر وقد جاء ذكره في التوراة باسم النهر الكبير (تك 18: 15 وتث 7: 1) وجاء أيضا مرارا عديدة باسم النهر بدون زيادة اسم آخر عليه. ثم أن البابليين ألحقوا بلفظة (فرا) تاء التأنيث فقالوا (فرات) وعنهم نقلها العبرانيون إلى لغتهم فقالوا فرات وفسروها بمعنى الغزير وجاءت عند الاكديين بمعنى النهر المتعرج غير أن الفرس الماذيين تصرفوا فيها قليلا فقالوا (فراتو) وأرادوا بها الماء العذب وقد أخذ اليونان هذه اللفظة عن الفرس فقالوا افراتس وأما العرب فقالوا فيه الفرات ومعناه العذب أيضا. رزوق عيسى

تعريب مثل إفرنجي سيدي الفاضل أني أشكركم غاية الشكر على نقدكم كتابي (مرشد الطلاب إلى قواعد لغة الإعراب) فقد أظهرتم ما فيه من الحسنات والسيئات غير إنكم ذهبتم إلى أن عبارة (الق خبزك على الماء فتجده بعد أيام) لا معنى لها. والحقيقة أن هذه العبارة مترجمة عن الإنكليزية وتفيد معنى عمل المعروف مع جميع البشر. ولعوام العراق مثل مشهور يؤدي ذلك المعنى وهو قولهم: (سوي زين وذب بالشط). وقال الشاعر العربي: ازرع جميلا ولو في غير موضعه ... فلا يضيع جميل أينما زرع وقال آخر: من يعمل الخير لم يعدم جوائزه ... لا يذهب العرف بين الله والناس هذا ما قصدت بيانه وحفظكم الله منارا للحقيقة سيدي. رزوق عيسى (ل. ع) الأمثال التي ذكرتها لها معنى لأنها مسبوكة سبكا عربيا. أما المثل المعرب عن الإنكليزية، فلا يؤدي معنى بتلك العبارة فكان يجب أن يقال مثلا: ألق خبزك على الماء، تر فعله بعد أيام. أو نحو ذلك. الفارع والعون بمعنى الضابط شاعت كلمة الضابط بمعنى العون أو الفارع وهي كلمة تركية الوضع عربية الأصل، قلقة الأحكام. لم يعرفها العرب البتة. وإنما أشاعها الترك قبل نحو 150 سنة لا أزيد. وهي من الألفاظ التي يجب قتلها لأن العرب كانت تعرف حرفا آخر اصح من هذا وضعا وأحكاما وهو العون والفارع. قال في لسان العرب: الفارع عون السلطان وجمعه فرعة. أهـ. وهذا هو تعريف الضابط فإنه عون لذي السلطة والسلطان، وأما الضابط فلا وجه له في العربية.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الرافد أو نائب الملك سألنا من بغداد: ي. م: هل عرف العرب لفظة تدل على نائب الملك حين يغيب صاحب البلاد عنها فيلي الملك من يقوم مقامه بمعنى نعم، وهو الرافد. قال في التاج: الرافد هو الذي يلي الملك ويقوم مقامه إذا غاب. أورده ابن بري في حواشيه. وانشد قول دكين: خير امرئ جاء من معده ... من قبله أو رافدا من بعده أهـ ومثل ذلك ورد في لسان العرب لابن مكرم. وهو من تحقيق صديقنا يوسف غنيمة. الشعوبية وسألنا آخر قال: فتشت في معاجم اللغة العربية الإفرنجية (أي في الدواوين التي تنقل الكلم العربية إلى الإنكليزية أو إلى الافرنسية أو الإيطالية أو اللاتينية) لا نقر عن اللفظة الإفرنجية التي تقابل كلمة الشعوبية التي معناها: الذين يحتقرون أمر العرب أو يكرهونهم فلم أجد. أفليس للغربيين كلمة يداون بها على هؤلاء القوم؟ نعم. وهي والكلمة حديثة الوضع. علي بن أبو طالب من زنجان (بلاد إيران) الشيخ م. ع. ز: ذكرت مجلة المرشد في جزءها التاسع من هذه السنة: أن الخزينة الملكية في إيران تتضمن نسخة دعاء بخط علي (عم) ومكتوب في آخرها: (كتبه علي ابن (أبو طالب). . . الخ بالواو على خلاف القاعدة المشهورة فيعتري الباحث

شك في نسبة الكتاب إلى الإمام، ولكن هناك أمرا يزيل هذا الشك بعض الإزالة وهو أن ابن فضل الله العمري في كتاب مسالك الأبصار يذكر نسخة كتاب الرسول الذي كتبه لتميم الداري واخوته في سنة تسع من الهجرة بعد منصرفه من غزوة تبوك في قطعة أدم من خف الأمير وبخطه يقول في آخره ما هذا نصه بحرفه (راجع كتاب المسالك 174: 1) (شهد عتيق بن أبو قحافة، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وكتب علي بن بو طالب وشهد). قال صاحب المسالك: و (أبو قحافة) ألف وباء وواو - ثم (قحافة) و (بو طالب) باء وواو - ثم (طالب). وليس في (بو) ألف. بين ذلك ليعرف. و (كتب) في ذكر علي رضي الله عنه مقدمة، و (شهد) مؤخرة. بين ذلك أيضا ليعرف. أهـ وأورد صاحب صبح الأعشى كلاما في شأن هذا الكتاب في الجزء 13 ص118 إلى 122 من طبعة مصر، فهل ينطبق استعمال كلمة (أبو) بالواو في موضع (أبي) بالياء أم لا. وهل يجوز حذف الهمزة من (أبو) في بعض الأحيان؟ قلنا: كان بعض الأقدمين يعتبرون الكنية متمما للعلم، أو أن شئت فقل: كانوا يعتبرونها جزءا من أصل الكلمة لا ينفك عنه، فهو في نظرهم كلمة واحدة لا غير، فيكون الجزءان جزءا واحدا لا جزءين. وهذا لأن المسمى بلفظ يشبه الكنية هو ليس بكنية على الحقيقة بل علم رجل. ومنه في الحديث: (إلى المهاجر بن أبو أمية) لاشتهاره بالكنية أي باسم صورته صورة الكنية لكنه ليس بها، إذ لم يكن له اسم آخر معروف ولهذا لم يجر. وكذلك القول: علي بن أبو طالب. (راجع تاج العروس في نحو آخر مستدرك مادة أبو) والنهاية لابن الأثير، وعليه يكون قولنا علي بن أبو طالب افصح من قولهم علي بن أبي طالب لأنها الرواية القدمى والفصحى. وهناك رأي آخر وهو أن من العرب أناسا كانوا لا يعربون لفظ (أبو) فمنهم من يبقيه بصورة الرفع أبدا. ومن ذلك رواية إلى المهاجر بن أبو أمية

وعلي بن أبو طالب، ومنهم من كان يبقيه على حالة النصب أبدا ومنه القول المأثور عن أبي حنيفة: (ولو قتله بابا قبيس) بالنصب وذلك على لغة من يعرب الأسماء الخمسة بالألف في الأصول الثلاثة وانشدوا على ذلك: إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها وهي لغة الكوفيين، وأبو حنيفة من أهل الكوفة. ومنهم من كان يعرب الأسماء الخمسة بالحركات لا بالحروف. فقد قالوا: هذا ابك، بضم الباء. قال الشاعر: سوى ابك الأدنى وأن محمدا ... على كل عال بابن عم محمد وعلى هذا تكون تثنيته أبان لا أبوان وجمعه أبوان جمعا سالما. وثم رأي ثالث أن قولك أبو طالب هو على سبيل الحكاية. والأعلام والكنى تحكى على ما تروى أو على ما يتلفظ بها. وعليه قول ابن الانباري في باب الحكاية ص154 من طبعة ليدن: (هل يجوز الحكاية في غير الاسم العلم والكنية؟ - قيل اختلفت العرب في ذلك، فمن العرب من يجيز الحكاية في المعارف كلها دون النكرات. قال الشاعر: سمعت الناس ينتجعون غيثا ... فقلت لصيدح انتجعي بلالا فقال: الناس، بالرفع، كأنه يسمع قائلا يقول: الناس ينتجعون غيثا، فحكى الاسم مرفوعا، كما سمع. ومن العرب من يجيز الحكاية في المعرفة والنكرة. ومن ذلك قول بعضهم، وقد قيل له: (عندي تمرتان). فقال. (دعني من تمرتان). وأما أهل الحجاز فيخصونها بالاسم العلم والكنية. . . انتهى المقصود من إيراده. فأنت ترى من هذا البسط أن قولهم: (علي بن أبو طالب) صحيح لا غبار عليه. وربما كان افصح من غيره. أما حذف الهمزة من أول كلمة (أبو) فهو معروف أيضا عند بعضهم على لغة كانت لهم، ولا تزال على ألسنة بعضهم إلى عهدنا هذا. وهي: انهم كانوا يتجنبون الهمز حيثما كان. في صدر الكلمة أو قلبها أو عجزها. فقد جاء في الحديث: قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا نبي الله! فقال: لا تنبر باسمي؛ أي لا

تهمز. وفي رواية؛ فقال: (أنا معشر قريش لا ننبر). والنبر: همز الحرف ولم تكن قريش تهمز في كلامها. ولما حج المهدي. قدم الكسائي يصلي بالمدينة فهمز. فأنكر أهل المدينة عليه، وقالوا: تنبر في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقرآن. (هذا النص مأخوذ بحرفه عن لسان العرب في مادة نبر) فقريش لا تهمز وقد قالت في الأيكة ليكة وفي الأحمر الحمر أو حمر بحذف الهمزتين همزة أل التعريف وهمزة افعل. وهو عجيب، بل لا عجب لأنها لغة قوم كما رأيت. فهم يحذفون الهمزة أينما وقعت فقد حذفوها في الصدر إذ قالوا ما قالوا على ما نقلناه لك هنا. وقالوا يلمعي في المعي ويلملم في الملم ورمح يزني في ازني ويرقان في أرقان. وعدو يلد في ألد، إلى مالا عد له. وكل ذلك ليهربوا من النطق بالهمزة. هذا في صدر الكلمة. وأما في حشو الكلمة فقد قالوا في القرءة القرة على حذف الهمزة المتحركة وإلقائها على الساكن الذي قبلها وهو نوع من القياس. فأما أعراب أبي عبيد وظنه إياها لغة فخطأ. كذا في لسان العرب والتاج) - وأما حذف الهمزة في الآخر فهو أيضا معروف عندهم على اللغة المذكورة. فقد قالوا: الضوضى في الضوضاء للجلبة. والهردى في الهرداء لنبت وفي طلمساءة طلمساية إلى غيرها. وكلها تدل على أن بني قريش كانوا يفرون من الهمز فرارهم من الأسد أو من الأجذم. إذن لا غبار على كلام من يقول: بو قحافة في أبو قحافة وبو طالب في أبو طالب. فكل ذلك أشهر من أن يذكر. كتة برجه أو (كوتا برجة) أو صمغ جاوة أو صومطرة سألنا مستفيد من مرسيلية (فرنسة) قال: عثرت في إحدى المجلات العربية على لفظة (كوتابرخا) وقد عنى بها الكاتب إناء يماثل (القارورة) لكنه لم يتعرض لشرحها ومأتاها، فهل لكم أن توقفوني على شيء من ذلك؟ ج - كوتابرخا وبالإفرنجية مادة صمغية راتينجية تسيل من شجر يكثر في جزائر بحر الهند واسم الشجرة بلسان العلماء. ايسونندرا

برخا ولم تدخل في صنائع ديار الإفرنج إلاَّ منذ نحو سبعين سنة، والكلمة من الماليزية (كته فرج) ومعنى كته (وتلفظ بكاف فارسية مفتوحة وتاء مثناة مفتوحة وفي الآخر هاء. وهكذا كان يجب أن تكتب لا (كوتا) المنقولة عن الإنكليزية) الصمغ. و (فرج) (وتلفظ بالباء المثلثة الفارسية وتكتب عندهم بالفاء المثلثة وإسكان الراء وجيم مثلثة فارسية) هو اسم الجزيرة التي نسميها صومطرة كما هو اسم الشجرة نفسها التي يخرج منها هذا الصمغ. وبهذا المعنى يكتب أهالي ماليزية هذه الكلمة بهاء في الاخر، ولهذا يحسن بنا نحن العرب أن ننقلها عن أصلها أي أن نقول (كته برجه) لا (كوتا برخا) المنقولة عن الإنكليزية كما ذكرنا. أو غوتا بركا. وطبرخى كما قال أحد المتحذلقين. كما يجوز لنا أن نقول صمغ صومطرة أو صمغ جاوة أو صمغ زابج لأن هذين اللفظين وردا عند العرب تارة بمعنى جزيرة جاوة المشهورة بهذا الاسم في عهدنا هذا أي وطورا بمعنى جزيرة صومطرة أو سومترة المجاورة لها. ويتخذ أبناء الغرب من صمغ جاوة (كته برجة) مادة فرز في الطبيعيات مثلا لفرز حبال البحر للبرقيات، وفرز أسلاك البرق، ويتخذ منه أدوات الجراحة ونعال للأحذية، وسيور لإيصال حركة البخار إلى ما يجاورها، ومبازل (جمع مبزل وهو الحنفية عند عوام سورية، والمزنبلة أو المزملة عند العراقيين) وأنواع مختلفة من الآنية والأقماع ولوالب حبر في المطابع إلى غير هذه. فيحتمل إذا أن ما أشرتم إليه كان إناء كقارورة كما يحتمل أن يكون إناء آخر، لكنه متخذ من صمغ جاوة أو كته برجة، حتى جاز للكاتب أن يقول ما قال. ملا ذهب جماعة من اللغويين إلى أن كلمة (ملا) مصحفة عن مولى؛ وقال آخرون أنها مشتقة من التركية (منلا) وارتأى بعضهم أنها لفظة ارمية من (ملالا) ومعناها المتكلم والخطيب فصحفت وأصبحت بلام واحدة وعوض عن اللام الأخرى بشدة فصارت ملا. فما رأيكم في ذلك؟ بغداد: ر. ع ج - ملا. ويلفظها بعضهم بضم الميم وتشديد اللام المفتوحة. وآخرون

بفتح الميم وتشديد اللام المفتوحة. هي عندنا قصر كلمة (مولى) بمعنى السيد ثم أقحمت النون منعا للتضعيف وهو ما يكرهه بعضهم، عربا كانوا أو أعاجم؛ فصارت منلا. ومثل هذا الإقحام: حنظ في حظ؛ وانجاص في أجاص؛ وإنجاز في أجاز؛ واترنج في أترج، إلى غيرها. أما القائل بان أصلها (ملالا) فصاحبه جاهل لا يعرف سنن النقل والأخذ وذلك لأسباب: 1 - لأن اللفظة لا تؤخذ إلاَّ بمعناها في أول الأمر ثم تنقل إلى معان أخرى والحال ليس للارمية (ملالا) معنى السيد. 2 - لم يأخذ العرب ألقاب تعظيم عن الارميين حتى تكون هذه منها. 3 - لما يأخذ العرب عن الارميين لفظا لا يصحفونه تصحيفا كالتصحيف الذي ذكر هنا بل يحول قليلا، فأن (ملالا) تنقل إلى (ملال) لأن كل ما كان على ذلك الوزن (أي وزان سحابا) بالألف يعرب (وزان سحاب) بدون ألف كما هو معروف. 4 - حتى تعرب أو تنقل الكلمة إلى العربية يجب أن تشيع على ألسنة الناس. والحال (ملالا) ليست شائعة فكيف يأخذها العرب؛ اللهم إلاَّ عن كتب الارميين؛ وهذا بعيد لأن الناطقين بالضاد لا يطلبون تأدية المعاني الجديدة بالبحث عما في كتب الأجانب، بل يتلقونها عن ألسنتهم أن كانوا ينطقون بها. ولهذه الأسباب وغيرها نقول: أن الملا عربية الأصل لا تركية ولا ارمية. الفحص بيروت س. م. ل. رأيت في القاموس للفيروزابادي: الفحص: كل موضع يسكن ومواضع بالغرب منها فحص طليطلة. . . فما معنى هذه الكلمة ومن أين أتت؟ قلنا: قال ياقوت في معجم البلدان: بالمغرب من أرض الأندلس مواضع عدة تسمى الفحص. وسألت بعض أهل الأندلس ما تعنون به؟ فقال: كل موضع يسكن سهلا كان أو جبلا بشرط أن يزرع نسميه فحصا. ثم صار علما لعدة مواضع. فأما في لغة العرب فالفحص شدة الطلب خلال كل شيء اه. وعلى ذلك يكون الفحص بالمعنى الأول تعريب الرومية (أي اللاتينية) وليست عربية ويقابلها عند الافرنسيين أو.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 2 - الأدب العصري الجزء الأول - قسم المنظوم بقلم: رفائيل بطي كان الأديب رفائيا بطي أهدى إلينا في 5 أب 1923 الجزء الأول من كتابه (الأدب العصري) وطلب إلينا أن نكتب إليه رأينا فيه، فوجهنا إليه الوكة في اليوم الثاني (6 آب) وقد رجانا الآن أن ندرجها بحروفها في هذه المجلة فدونك نصها بحرفها: إلى حضرة رفائيل بطي المحترم سيدي الأكرم: أشكرك على هديتك: (الأدب العصري - الجزء الأول من قسم المنظوم) فوجدته عصري الوضع والتنسيق والتبويب. على الطراز الذي يضعه الفرنجة في عهدنا هذا. وبعلمك هذا خلدت اسمك واسامي الشعراء نوابغ العراق؛ إذ بينهم من هم في الطبقة الأولى من قالة القريض في عهدنا هذا. على أني لا اخفي عليك أمرا، وهو: إنك صرخت في صدر عنوان كتابك بأن سفرك هو كتاب تاريخي، أدبي، انتقادي. أما كونه أدبيا، فمما لا أناضلك فيه؛ وأما كونه تاريخيا انتقاديا، فمما اطالبك به اشد المطالبة. فأين التاريخ من كل ترجمة وقد جعلتها نغمة طنبور واحدة تعلي بها كعب الرجل. ولا تحدثنا عن تاريخ أيامه الشعرية؛ من علو وسفل؛ من حطة ورفعة من ذكر حقائق ونظم شقاشق؛ من جمع آراء غثة في جنب مذاهب سديدة. من أخلاق فيه رصينة وطباع فيه ممقوتة. فكأني بك فعلت فعل المصور الذي

نقح صورة الرجل تنقيحا لم يبق للناظر إليها أثرا من المصور، حتى جاء على غير ما هو من ظواهر خلقه. فلهذا قلما ينتفع بوصفك من يريد أن يقف على دخيلة الشاعر، فكأنك فعلت ذلك خوفا من انتقاض الناس عليك. فإذا صح هذا الظن؛ فكان يجب أن يراعى الحق في وضع الألفاظ في غرة الكتاب. هذا من جهة التاريخ، وأما من الوجه الانتقادي؛ فأني لم أر في كتابك أدنى اثر لهذا الأمر الجلل. فإذا كان الانتقاد هو مجرد المدح من غير إظهار ما في المنتقد من روائع المحاسن؛ ودقائق المعاني؛ ومختار المباني؛ وما يعكس من هذا كله؛ فلا يحق للقائل أن يدعي أن في كتابه نقدا. اللهم إلاَّ أن يجعل التاريخ والنقد والأدب والعلم إحراق البخور أمام أصنام الهوى والأغراض والغايات؛ فذلك أمر لا أتعرض لذكره. بقي علينا أن ننظر إلى عبارته؛ فإني أراها حسنة السبك مفرغة في قالب الظرف والرشاقة؛ قد لا يصل إليها كل حامل يراعة؛ وهو مما يبشرنا بمستقبل زاهر لقلمك العسال؛ على أن هناك أغلاطا ما كنت أود أن أراها في مثل كتابك هذا. كقولك في صفحة (كلمة): وقد تطورت (بطور). . . والصواب تطورت تطورا أو طوراً وقلت (عسى) بدون رابط. وهنا الرابط واجب؛ والصواب: فعسى وكتبت: (حينذاك) كلمة واحدة. وهو مما نبه الكتاب على منعه. والصواب (حين ذاك) وهو ليس من قبيل (حينئذ) الذي صرح الكتاب بكتابتها كلمة واحدة. وقلت ص5: قوافي؛ والصواب قواف (بلا ياء في حالة الرفع) وفي ص6: وقد نكب؛ والصواب في العبارة أن توضع الفاء السببية أي فنكب. وفيها: تعديل الجاذبية والصواب تعليل الجاذبية. وفيها: لا يحسن لغة أجنبية؛ ثم قلت أنه يحسن الفارسية والتركية

والكردية. فكان يجب أن يقال لا يحسن لغة إفرنجية أو أوربية؛ لتصدق في قولك الثاني. وفيها: كتبت كرمنشاه؛ كما يكتبها الغفل؛ إنما هي كرمانشاه. وقلت: عندما يسير من محل إلى آخر (ص7) والعرب لا تقوله؛ إنما تقول: حينما يسير. وقلت في تلك الصفحة: برغم معالجة نطس الأطباء له. وفصحاء العرب لا تعرف هذا التعبير القبيح. إنما تقول مع ما بذل له من معالجة نطس الأطباء. وفي تلك الصفحة: يترددون عليه. صوابه إليه. وفي ص8؛ وهذا كتب بها. والصواب عنها. وفي ص9؛ في هذا الحين؛ والصواب في ذلك الحين أو ذاك الحين. وقلت فيها؛ ثم انتخب نائبا عن المنتفق؛ فذهب إلى الأستانة؛ واقفل المجلس بعد أشهر. وهو أمر مضحك لا يليق بأن يقال عن الزهاوي. وأن كان هو كاتب العبارة. وكان الأجدر به أن يقول: فذهب إلى الأستانة، واتفق أنه اقفل المجلس بعد أشهر، حتى لا يبقى في فكر القارئ أن الزهاوي كان طائر شؤم لذلك المجلس، فأقفل بعد نزوله الأستانة. ومثل هذه الأغلاط اللغوية أو المعنوية كثير، وكان يحسن بك أن تريه أحد أصدقائك، ليكون خالصا من هذه الشوائب التي تشوه محاسنه العصرية؛ والله الهادي. 21 - مرقاة المترجم للصفوف العالية في اللغتين الفرنسية والعربية تأليف الأب يوسف علوان اللعازري (في بيروت. شارع سورية)، طبع في المطبعة الكاثوليكية في بيروت 1925، الجزء الأول في 91ص (كتاب المعلم) وقيمته 6 غروش ذهبا وقيمة كتاب التلميذ 4 غروش ذهبا؛ وقيمة الاثنين معا مجلدين 9 غروش ذهب. وجهنا الأنظار إلى هذا الكتيب النفيس لمن يريد أن يتقن الفرنسية من المنتمين إلى الناطقين بالضاد. وهذا الجزء خاص بالمعلم. فأن صاحبه قد أتقن

وضعه، حتى جعله على طرف الثمام. ومن المشهور أن مثل هذه المصنفات تأتي خداجا في إحدى اللغتين، فإما أن تتقن عبارتها الإفرنجية، وإما أن تتقن عربيتها أما هذا الكتاب فإنه مفرغ في قالب الأحكام والتدقيق، احسن من جميع تآليف هذا النوع. ولا نريد أن نقول أنه خال من الغلط، إذ لابد منه ليدل على أن صاحبه من البشر، ولا سيما من الغلط الذي يعير في منشورات العصر كقوله في ص57: للقيام بأمري رغما عن كل ما أتوخى من وسائل الاقتصاد واحسن منها: مع كل ما أتوخى. وفيها: وكن متأكدا. وهي سبكة إفرنجية كأختها السابقة والعرب لا تقول إلاَّ: وتأكد. وفيها: لا اصرفها إلاَّ في ما لا مندوخة منه والصواب إلاَّ في مندوحة لي عنه. إلا أن هذه الهنيات ومثلها هي كالكلفة في وجه الشمس أو كالشامة في جبين القمر. 22 - إلى شبان الجيل العشرين كيف تصير رجلا تأليف: أ. ب. بورسو تعريب: الاباتي افرام حنين الديراني، المدبر الحلبي اللبناني طبع في بيروت سنة 1926 بمطبعة الاجتهاد أول سوق سرسق في 319 صفحة نحن في عصر نحتاج فيه إلى تعريب كتب الأجانب لنطلع على ما فيها من الوسائل التي تأخذ بيدنا وترفعنا إلى رقي حقيقي إلاَّ أن بعض معاصرينا اولعوا بنقل المؤلفات الفاسدة. فأضروا مجتمعنا اشد الضرر. أما المصنفات المفيدة الطيبة فلم يمل إلى استخراجها إلاَّ علية الكتاب وأكابرهم. و (كيف تصير رجلا) هو من الأسفار المفيدة لشبان هذا العصر؛ فأن واضعه من احسن مؤلفي الفرنسيين وهو أ. ب. بورسو - بنى أسس مصنفه على (الإرادة، والمعرفة، والاعتقاد، والعمل، والمحبة، وقهر النفس، والعافية) وقد عقد لكل من هذه العناوين بابا بسط فيه وجه السعي وراء كل حالة من هذه الأحوال ليكون ابن العصر رجلا كل الرجال. وقد طالعنا هذا الكتاب فوجدناه من احسن ما جاء في هذا المعنى؛ ونحن ننصح شبان العصر من البلاد العربية أن يقتنوه؛ فإنه دليل الحيارى، ومرشد

السكارى، سكارى الهوى والفساد. وعبارته العربية طلية سلسة تتدفق عذوبة ورطوبة؛ على أننا وجدنا فيه بعض ألفاظ تمكنت من نفس معربه عند مطالعة منشورات هذا العهد التي تنغش فيها الأوهام نغشانا كقوله: إلى شبان الجيل العشرين. فالجيل بمعنى القرن أو المائة من السنين مولد غير فصيح؛ - وكقوله في ص14 لأن التاجر والصناعي والزراعي لم يعودوا يملكون العيش معتزلين؛ واحسن من ذلك: لأن التاجر والصانع والزارع لا يمكنهم أن يعيشوا معتزلين - وكقوله في تلك الصفحة عينها: وهو ذا الناس يقومون بأعمال خطيرة؛ فهذا خطأ قد ألفه اغلب كتاب سورية وهو وهم شنيع؛ فالناس حرف مجموع؛ وهو ذا حرف للمفرد الغائب المذكر؛ والصواب أن يقال: هاهم أولاء الناس يقومون بأعمال خطيرة. أو ها الناس يقومون بأعمال خطيرة؛ كما صرح بهذا التركيب علماء اللسان من أهل النحو واللغة. لكن كل هذه التعابير لا تمنع القارئ من فهم مطلب المؤلف لأنها من الأغلاط التي اعتادها محررو الصحف السقيمة والمجلات التي يتولى تحريرها شبان لا عهد لهم بالكتابة والتمحيص. فانسلت إلى كبارنا من غير علم منهم فسبحان من لا عيب فيه. 23 - النخلة في ديار المغرب الأقصى بول بوبنوي من أبناء العالم الجديد؛ هبط ديار العراق قبل نحو عشرين سنة واشترى تالا كثيرا من أنواع الألوان المختلفة ونقلها إلى كليفرنية وغرسها هناك ونجح فيها كل النجاح حتى أنه كتب إليَّ مرة يقول: (يكون يوم يأتي فيه العراقيون إلى ديار العالم الجديد ليتعلموا غرس النخل والعناية به إذا أرادوا النجاح والفلاح) وقد ألف الصديق الأميركي عدة كتب مطولة في موضوع النخل ووشى المقالات المتنوعة في البحث عن التمر؛ وقد أتقن اللغة العربية ليتحقق بنفسه ما يقوله العرب عن (عمتهم النخلة)

وقد أهدانا الآن مقالة له أنشأها بالفرنسية وكتبها في (مجلة علم النبات المعمول به والحراثة في المستعمرات) وعنونها بالنخلة في ديار المغرب الأقصى فأجاد فيها كل الإجادة: وقد ذكر تعداد النخيل في العالم فهو كما يأتي: بلاد الهند البريطانية 5000000 نجد 250000 بلوجستان 1500000 ديار مصر 11000000 فارس 10000000 السودان المصري الإنكليزي 1262000 العراق30000000 لوبية9000000 الاحساء 3125000 ديار تونس 9000000 البحرين 500000 ديار الجزائر 7210968 عمان 4000000 ديار مراكش 1000000 حضرموت 200000 أفريقية الغربية الفرنسية 500000 اليمن 100000 أسبانية115000 الحجاز 500000 أميركة الشمالية 250000 جبل شمر 250000 القصيم 100000 المجموع 88000968 ولا جرم أن هذا العدد هو من باب التقريب لا من باب الدقة: ولو فرضنا أن في العالم كله تسعين مليونا فللعراق ثلاثون مليونا أي ثلث النخل في العراق ومما يدلنا على أن العراق هو أحسن الأرضين لهذه الشجرة المباركة. ثم ذكر الباحث الفاضل أسماء التمور في ديار مراكش (أو المغرب الأقصى) وفسرها بالفرنسية، لكنه توهم في نقل معنى (أبو) في قولهم (أبو اسمر وأبو فقوس وأبو غار وأبو حفص وأبو حراث وأبو جلود وأبو علي خنان وأبو ساق) بمعنى الوالد. وليس الأمر كما قال. فأبو في لغة العوام في جميع الديار العربية اللسان تعني صاحب الشيء أو ذا الشيء. وفي بعض الأحيان البائع. فإذا قالوا أبو اسمر وأبو فقوس وأبو غار فكأننا نقول: الأسمر أو ذو السمرة وذو الفقوس أي الشبيه شكله بالفقوس وذو غار أي فيه نقرة. وإذا قال العراقيون أبو لبن وأبو خس فمعناه بائعهما وإذا قالوا أبو زبون وأبو منظرات فمعناهما لابسهما. ولهذا لا يصح أبدا نقل كلمة (أبو) إلى الإفرنجية بما معناه (والد) بل ينظر في وجوه الاستعمال ثم ينقل إليها بما يفيد تلك الفائدة وفي ما عدا ذلك فأن الباحث النباتي قد أجاد في ما خبر ووشى.

بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب

بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب تأليف السيد محمود شكري الالوسي البغدادي عني بشرحه وتصحيحه وضبطه محمد بهجة الأثري الطبعة الثانية في ثلاثة أجزاء طبعت في المطبعة الرحمانية بمصر سنة 1342هـ 1924م يحوي الجزء الأول 422 صفحة والثاني 395 والثالث 472 فالمجموع 1289 صفحة بقطع الثمن الكبير - لكل أمة تاريخ يذكر فيه أصل القوم. ونشوءه، وتقدمه في الحضارة، مع ذكر من اشتهر منهم في كل فرع من فروع العلم، والصناعة، والزراعة، والتجارة. والعرب مع كثرة تآليفها وتصانيفها المتنوعة، لم تفرد سفرا لهذه الغاية فما معنى ذلك؟ - أكان عن قصورهم في هذا المدى؛ أو عن جهل لتاريخ السلف؟ - قلنا: لا هذا ولا ذاك، إنما الناطقون بالضاد سكتوا في هذا المعنى، لعلمهم اليقين أن قومهم من اشرف الأقوام، وأن منزلتهم عالية، شرفهم معروف، وانهم اعرق شعب في المدونات؛ ولما عرفوا منزلتهم هذه، استغنوا عن كل تاريخ بدون هذه الحقائق الشهيرة. وأنت إذا تصفحت الكتب المختلفة على تنوع معانيها ومبانيها ترى ما كان للعرب من القدم الراسخة في العلوم الفطرية وما لهم من شرف النسب وطيب

الأعراق ومكارم الأخلاق، بحيث انك لو بحثت عن نظيرها عند سائر الأقوام لرجعت عن مسعاك أخيب من حنين. لكن هذا الأمر لا يتسنى لكل امرئ، إذ أصبح الوقت اثمن من سابق لما ينتاب المرء من أمور تنازع البقاء. فصار الوقوف على مجد السلف في اقصر مدة من الأمور الواجبة على كل ناطق بالضاد. وكيف يتيسر الأمر للمطالع والبحث مشتت في أسفار عديدة ضخمة؟ ومع كل هذه الحاجة إلى مصنف جامع لهذا الموضوع لم نر من افرد له كتابا، حتى عرض أحد ملوك الإفرنجة جائزة لمن يضع سفرا يوفي هذا المبحث حقه، وذلك في أواخر الشطر الثاني من المائة التاسعة عشرة للميلاد. حينئذ تنبهت الأفكار إلى وضع كتب تجزأ الناس به عن تلك الأكداس من مصنفات السلف. فتقدم فريق من المصنفين وعرضوا ما نسجوا برده على الجماعة الموكلة بفحص تلك الشؤون، فلم يبرع فيها سوى أستاذنا محمود شكري الالوسي، السيد الشريف والكاتب الضليع. والشيخ إبراهيم اليازجي المعروف بوقوفه على أخبار السلف وآثارهم. فكوفئ كلاهما مكافأة حسنة. وكل ما دونه الأستاذ مأخوذ من مئات من الكتب، ومما يؤسف عليه أنه لم يذكر أسماء المآخذ التي نقل عنها. ولو فعل لكان ارفع مقاما في عيون المحققين. لكثرة ما وقف عليه من المصنفات الجليلة. ولكان أوثق حجة وأوفى بالمرام. على أن الحق يقال: أن هذا السفر الممتع وأن كان رحب الأكتاف إلاَّ أنه دون ما نتمناه اليوم من تقدم العلم والتاريخ. ففي الكتاب أمور جمة ينكرها المتثبتون وتردها مكشوفات العصر. بيد أنه لا بد من معرفتها على وجهها الذي ذكره الأستاذ لأنه ينطق بلسان السلف في مختلف عصورهم وكان ذلك منتهى علمهم وتحقيقهم. ولا يكلف الله نفسا إلاَّ وسعها. هذا مجمل ما يقال في هذا التصنيف الفذ. أما طبعته هذه فتفوق الطبعة الأولى بكثير. وسنقول كلمتنا عنها في الجزء القادم.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - قدوم ملكنا المحبوب عاد مولانا المحبوب صاحب الجلالة الملك فيصل الأول المفدى ودخل عاصمته مساء نهار الأحد 17 تشرين الأول بعد أن طالت غيبته ثلاثة أشهر في فرنسة وانكلترة. وكانت إمارات الصحة التامة بادية على محياه. وقد ظهرت العاصمة بأبهى زينتها استقبالا لجلالته وكانت الرايات والأعلام تخفق على الدور والمباني واصطف في الشوارع عدد غفير من الكشافة يقدر بستة آلاف. والمسموع أن جلالته قطع البادية راكبا مع مرافقيه سياراته الخاصة به من سواحل سورية. وفي منتصف طريقه في البادية رحبت به وبركبه الجليل المدرعات البريطانية وعددها ستة فسارت في خفارته إلى العاصمة. 2 - الحكم على المعتدي على رئيس الوزراء حكمت محكمة الجزاء الكبرى نهار السبت 2 تشرين الأول على المجرم عبد الله حلمي بن الملا إبراهيم الديري الأصل (من دير الزور) الذي كان قد جرح جروحا بليغة صاحب الفخامة عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء بالحبس الشديد مدة سنتين ونصف. وذلك منذ بدء القبض عليه أي في اليوم 10 أب من هذه السنة لثبوت شروعه في قتل المحسن إليه. 3 - قتل أمير دبي بينما كان سلطان بن زائد أمير دبي (بضم ففتح فتشديد لا أمير أبي ضبي كما كتبها بعضهم. راجع لغة العرب 275: 3) يتعشى ومعه أصغر أنجاله وبعض رجاله فاجأه أحد اخوته واسمه (صقر) ورماه برصاصة ثم أخذ يوالي إطلاق الرصاص عليه حتى أرداه قتيلا. أما نجله فنهض يريد الفرار إلاَّ أن ذلك النمر عاجله بضربة خنجر فصرعه قتيلا. والذي مكن الأثيم من ركوب هول هذا الأمر الفظيع تغيب أنجال (سلطان) الثلاثة الكبار إذ كان أحدهم قد ذهب

إلى جزيرة (دلماء) القريبة من دبي والتابعة لإدارتها واثنان كانا بالعريم (راجع لغة العرب 275: 3) وبعد أن قتل الأخ أخاه اعتلى صهوة الإمارة في مكانه وهكذا تحقق قول القائل: (الملك عقيم). ولا بدع في ذلك فأن المقتول (سلطان) كان قد قتل هو أيضا شقيقه (حمدان) قبل أربع سنين في مثل الوقت الذي قتل فيه هو. ولم يكن (حمدان) يرتكب أمرا يقتل عليه. إنما طمعا في الإمارة لا غير. 4 - غزوات ابن عجل للكويت أغار يوم الثلاثاء 5 ت 1 نحو الساعة الواحدة زوالية الشيخ عبد الله بن عجل أحد شيوخ عشيرة شمر من عشائر نجد من فخذ عبدة ومعه مائة وخمسون ذلولا على أعراب الكويت المخيمين في قرية الجهرة وقد كانت إبلهم عازبة في (كويبدة) الواقعة في ضواحي الكويت واستاق منها ما يقرب من ألف بعير (ونحن نشك في هذا العدد ونظن أنه مبالغ فيه) من أباعر الكويتين وصاحب الكويت. وقد اخبر حاكم الكويت ذوي الشأن في البصرة وأطلعهم على جلية الأمر وفي الوقت عينه أرسل رجلا من قبله إلى العاصمة مستنجدا بالحكومة العراقية لرد المنهوبات ودفع عادية الغزاة. وابن عجل يقطن أراضي في داخل التخوم السورية أما أصل هذه العبارة فيرجع إلى ما تقدم من الأحداث وهذا ملخصها: كان ابن سعود أمر قائده فيصل الدويش بالهجوم على الجهرة فأنقاد لأمر مولاه وحقق أمنيته في صباح الأحد 26 المحرم من سنة 1339هـ (11 تشرين الأول 1920م) وكان على رأس أربعة آلاف من الأخوان (المعروفين عند العامة بالوهابيين) ولم يكن في الجهرة يومئذ إلاَّ نحو 1500 مقاتل. فنكب الأخوان

نكبة شديدة إذ سقط أكثرهم في حومة الوغى واشتبكوا مع الكويتيين في ملاحم دارت عليهم فيها الدوائر. وكاد يقضي عليهم لولا نفاد ذخيرة أهل الكويت الذين اضطروا إلى الفرار مغادرين محرزهم فدخله الأخوان. فأهتم سالم حاكم الكويت الذي كان في (القصر الأحمر) وأخذ يستنجد بالكويتيين الذين كانوا في الكويت نفسها. فأقبلت سفن شراعية. فلما رآها النجديون ولوا فارين مذعورين، وأرسلوا مطلق بن سعود إلى الشيخ سالم ليعرض عليه الصلح، فأجابه الحاكم إلى طلبه، ثم اقبل على الكويتيين الذين كانوا محتشدين في قصر الأمير منديل بن غنيمان، أحد أقارب الدويش نائبا عنه فأخبر الأمير بأن الدويش يريد المسالمة (وهو يدعوكم إلى الإسلام، وترك المنكرات، وشرب الدخان، وتكفير الترك) فإن أذعنتم لمطاليبه، فيها ونعمت وأسلمكم في قصركم وفي ماله؛ وإلاَّ أباح عقركم للإخوان. قال سالم: أما الإسلام فنحن عليه ولم نجحده يوما، لأن أركانه خمسة ونحن متمسكون بها. وبعد أن عاد رسول الدويش وقعت مناوشات على شاطئ البحر هجموا فيها على الكويتيين من أهل السفن. ثم ثار الإخوان ليلا على القصر الأحمر فردوا على أعقابهم ونكبوا بتشتيت شملهم. واثخن الكويتيون المستبسلون فيهم الجراح، فكرَّ عليهم الدويش مثنى ومثلث، ثم وفد على الكويتيين في اليوم الثاني عثمان بن سليمان، من علماء الإخوان وتذاكر مع الشيخ سالم والشيخ عبد العزيز الرشيد عالم الكويت في شؤون الصلح وأمور مذهبية واتفقوا على أن يتم الصلح على القصر والجهرة؛ ثم عاد إلى فيصل الدويش قائد الإخوان ورجع بعد بضع دقائق. فزعم أن الدويش رضي. وأنه يرحل بعد الظهر من ذلك اليوم وانتهز الإخوان فرصة الهدنة وهجموا على سفينة كانت راسية في شاطئ البحر وكانت مشحونة أطعمة. فبلغ قتلى الإخوان نحو 1500 هذا عدا الجرحى ثم رحلوا إلى الصبيحية وكان قتلى الكويتيين نحو 300. أقام الإخوان المهاجمون في الصبيحة أو الصبيحية أياما وهناك صرح وفد من الإخوان لقنصل انكلترة في الكويت أن ابن السعود هو الذي أمر بالهجوم وزودهم بالسلاح والعتاد والذخيرة.

وشاع بعد ذلك أن ابن سعود بعث قوات جديدة لتنظم إلى الدويش ليقوموا بهجوم آخر على الكويت؛ فأستنجد سالم حاكم الكويت بالحكومة الإنكليزية طالبا معونتها، فلبت طلبه وأرسلت إلى أنحاء الكويت باخرتين مدفعيتين (لورنس) و (اسبيكل) وطيارتين من العراق قادمتين من الشعيبة بجوار البصرة فحلقت إحداهما على الإخوان ورمت عليهم منشورا تحذرهم من سوء العقبى أن هجموا على الكويت؛ وكان المنشور بتوقيع الوكيل السياسي البريطاني في الكويت (الميجر مور) وتنذرهم بالضرب أن أعادوا الكرة على الكويت، ولهذا أشارت عليهم بالتخلي عنها. فأرتحل الإخوان من الصبيحة وانتهت بذلك حادثة الجهرة الأولى. أما الحادثة الثانية التي جرت في شهر تشرين الأول من هذه السنة فأن الحكومة العراقية اتفقت مع المندوب السامي على استرجاع المنهوبات وأناطت هذه المهمة بفرقة طيران الشعيبة فأرسلت هذه نحو عشر طيارات مجهزة بالعتاد والجند وتعقبت السارقين فأدركت طائفة منهم بقرب (سفوان) والطائفة الأخرى بقرب (عين سليمان) فأمطرتهم وابلا من القنابل ورصاصا من الرشاشات. ثم أنزلت بعض الطيارات جنودا للإحاطة بهم وجمع الإبل وسوقها إلى اقرب نقطة واقعة على تخوم العراق مع من بقي من المعتدين. وقد قتل عدد منهم وجرح عدد آخر. 5 - مراسيم التعزية في عاشوراء اصدر المجتهد الكبير، حضرة العلامة محمد حسين القزويني النائيتي في هذه السنة فتوى وجهها إلى أهالي البصرة وما والاها. دونك خلاصتها: 1 - جواز خروج مواكب العزاء في أيام عاشوراء ونحوها إلى الشوارع مع وجوب تنزيه هذا الشعار من الغناء واتخاذ آلات اللهو واجتناب التدافع والتزاحم. 2 - جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور، والضرب بالسلاسل على الأكتاف إلى حد الاحمرار والاسوداد بل إلى خروج دم يسير. 3 - جواز اتخاذ التشبيهات والتمثيلات التي جرت عليها العادة عند الشيعة

الأمامية في حين أقامتها العزاء والبكاء منذ قرون وجواز (ارتداء الرجال لباس النساء) لمدة من الزمن أثناء التمثيل. 4 - جواز اتخاذ الدمام (وهو ضرب من الطبل الكبير) في المواكب المذكورة لإقامة العزاء أن لم يقصد منه اللهو والسرور. 6 - غرفة التجارة دعا وزير المالية لفيفا من تجار العاصمة فعقد مجتمعا نهار الثلاثاء 28 أيلول لتأسيس غرفة تجارة، وكان حضر المجلس أرباب الصحف. فأسفر الانتخاب عن الآتية أسماؤهم: 1 - الحاج محمود الاطرقجي (إيراني مسلم) 45 صوتاً 2 - المستر رايت (إنكليزي) 43 صوتاً 3 - قاسم الخضيري (عراقي مسلم) 40 صوتاً 4 - المستر ياتي (إنكليزي) 37 صوتاً 5 - يعقوب يوسف عاني (عراقي يهودي) 32 صوتاً 6 - يهوذا زلوف (عراقي يهودي) 30 صوتاً 7 - نوري فتاح (عراقي مسلم) 29 صوتاً 8 - عبد المجيد حمودي (عراقي مسلم) 29 صوتاً 9 - خضوري شماش (عراقي يهودي) 28 صوتاً 10 - ميرزا فرج (عراقي مسلم) 28 صوتاً 11 - المستر وتيل داود ساسون (إنكليزي يهودي) 27 صوتاً 12 - صيون عبودي (عراقي يهودي) 26 صوتاً 13 - كرجي عبودي مكمل (عراقي يهودي) 25 صوتاً 14 - الياهو عاني (عراقي يهودي) 24 صوتاً 15 - محمد الحاج خالد (عراقي مسلم) 24 صوتاً وعقدت اجتماعها الأول بعد إنشائها في 4 تشرين الأول في ديوان وزارة المالية حيث جرى انتخاب الأخطاء فكان: الرئيس الأول: المستر رايت مدير البنك الشاهي (13 صوتا)

الرئيس الثاني: قاسم باشا الخضيري (13 صوتا) الكتوم: الخواجا الياهو العاني (12 صوتا) 7 - إنشاء محفى (مجمع علماء) نريد بالمحفى الأكاديمية وهي اسم مكان من حفي عن الشيء: إذا سأل عنه مستقصيا. لأن من بالغ في السؤال عن الشيء والفحص عنه استحكم علمه به ومنه الحفي للعالم يتعلم الشيء باستقصاء والجمع فحواء. ومن المفرد ما جاء في سورة الأعراف: يسألونك كأنك حفي عنها. أي عالم به (راجع الكشاف في سورة الأعراف). وقد أنشأت وزارة المعارف في العراق محفى عقد أول مجتمعاته في 29 أيلول وقد سمي موقتا: (لجنة الاصطلاحات العلمية، أو المجمع اللغوي، أو المجمع العلمي) ريثما ينتقى اسم موافق له. وسوف نذكر عنه شيئا في جزء قادم. 8 - تعبيد الجادة فرغت أمانة العاصمة من تعبيد (وهو غير التبليط) القسم الممتد من مدخل شارع (رأس الكنيسة) إلى رأس (شارع الإطفائية) من الجادة. ويبلغ طوله نحو ثلثمائة يرد. وأول سيارة سارت عليه كانت سيارة جلالة الملك عند أوبته من أوربة. وأخذت الآن أمانة العاصمة بتعبيد شارع الإطفائية والقسم الممتد إلى محلة الحيدرخانة من الجادة. 9 - الشيخ مهودر كان الشيخ مهودر من عشائر خوزستان ورئيس عشيرة العياشة قد فر في أوائل هذا الصيف لأن اتباعه قتلوا فارعين (ضابطين) من الإيرانيين، حينما كانا يتجولان بين العشائر لجباية الأموال الأميرية، ففتكت السلطة الإيرانية بولديه وأحرقت الغلة العائدة إلى أبيهما وصادرت جميع مواشيه. فالتجأ إلى العراق طلبا للحماية البريطانية إلاَّ أن الحكومة العراقية قبضت عليه وزج بالسجن وربما دفعته حكومتنا إلى الدولة الإيرانية لتذيقه مر ثمرة أعماله لكن الشيخ يدعي أنه من رعايا العراق. 10 - شارة فارعي الشرطة (أي ضباطها) اتخذت الشرطة شارة لها فلمديرها شارة من فضة متقومة من سعفتين

متقاطعتين على رقعة بيضاء يعلوهما تاج عربي وفي الوسط نجم الشرطة المسبع مكتوب عليه (الشرطة العراقية). 11 - زلزلة في الموصل حدثت في الموصل زلزلة في ليلة الأحد الواقعة بين 9 و10 تشرين الأول في نحو الساعة الرابعة بعد غروب الشمس ودامت بضع ثوان في وجهة عمودية حتى ظهرت الكوى والأبواب كأنها قد حادت عن وضعتها. ومن غريب الأمر أن أقلام بعض الكتاب سقطت من أصابعهم بينما كانوا يكتبون في تلك الساعة ولما عمدوا لمغادرة غرفهم ليهبطوا إلى أفنية دورهم انقطع الزلزال ولم يحدث أدنى ضرر. وشعر أهل تلكيف (من قرى شمالي الموصل) بزلزلة عنيفة دامت ست أو سبع ثوان بمشهد الجم الغفير من أهل القرية. 12 - الحسبة (أو اللجنة الأخلاقية) رؤساؤنا لا يحسنون لغتنا، فهم يلتجئون إلى عبارات سقيمة لتأدية معاني كان يعرفها السلف فقد سموا الحسبة (لجنة أخلاقية) ولو رجعوا إلى كتبهم لعلموا أن أجدادنا كانوا يسمونها (الحسبة)؛ قال ابن خلدون في مقدمته: (الحسبة وظيفة دينية من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي هو فرض على القائم بأمور المسلمين؛ يعين لذلك من يراه أهلا له، فيتعين فرضه عليه، ويتخذ الأعوان على ذلك ويبحث عن المنكرات ويعزز ويؤدب على قدرها ويحمل الناس على المصالح العامة في المدينة، مثل: المنع من المضايقة في الطرقات ومنع الحمالين وأهل السفن من الإكثار في الحمل، والحكم على أهل المباني المتداعية للسقوط بهدمها، وإزالة ما يتوقع من ضررها على السابلة والضرب على أيدي المعلمين في المكاتب وغيرها في الإبلاغ في ضربهم للصبيان والمتعلمين. ولا يتوقف حكمه على تنازع أو استعداه بل له النظر والحكم في ما يصل إلى علمه من ذلك، ويرفع إليه، وليس له إمضاء الحكم في الدعاوى مطلقا، بل فيما يتعلق بالغش والتدليس في المعايش وغيرها. وفي المكاييل والموازين. . . إلى آخر ما قال.

والغاية من هذه اللمعة أن وزارة الداخلية أمرت بإنشاء الحسبة تأثرا للسلف الصالح. ودونك أعضاءها: 1 - مدير الشرطة العام 2 - متصرف لواء بغداد 3 - أمين العاصمة 4 - مفتش لواء بغداد الإداري 5 - مفتش الشرطة العام (أو من ينوب عنه) 6 - عضو من مجلس إدارة اللواء 7 - عضو من مجلس أمانة العاصمة (وهذان الأخيران ينتخبان انتخابا) وهذه اللجنة تكون برئاسة مدير الشرطة العام. ومن أهم ما تقوم به: وضع لائحة لتنظيم أنواع الملاهي والحانات والمواخير (دور البغايا) وما إليها تحديدا لشرها وقمعها وصيانة للأخلاق العامة ومنعا للإسراف غير المعقول. وتجتمع هذه اللجنة لا أقل من مرتين في الأسبوع في ديوان متصرف العاصمة. والأقدمون وضعوا عدة كتب في الحسبة وكلها نفيسة تفيد المشتغلين بهذه الشؤون. ولا بد من أن رؤساءنا يعنون بنشرها تعميما للفائدة. 13 - تمثال روماني وجد في الحضر الحضر مدينة قديمة على وادي الثرثار بجوار الموصل. وقد عثر فيها بعض الأعراب على تمثال كبير من المرمر المانع مع أربع قطع من الصخر عليها رسوم ونقوش وحيوانات، فقبضت الحكومة على الذين كانوا يحاولون تهريبها وعلى ما كان بأيديهم من هذه الدفائن، وأرسل بجميعها إلى متحفة العراق في بغداد. والظاهر أن التمثال يدل على أنه من قياصرة الروم لأن ساعديه عاريان وعلى رأسه إكليلا من الغار وإصبع يده اليمنى متجه إلى قلبه. وقد شوهت الأمطار والشمس محاسن وجهه. فأن تقاطيعه وتلاميحه غير واضحة وأن كانت بينة وقد زاد الأعراب تشويه تلك المحاسن بما فعلوه بمعاولهم ضربا على وجهه إزالة لصورته البشرية.

14 - قتل الجراد سما ذكر المستر روك فارع (ضابط) مكافحة الجراد في منطقة العراق الشمالية أن إحدى الوسائل التي اتخذها لمحاربة الجراد كانت إلقاء السم ممزوجا بنخالة ودبس بقرب مجتمعات الجراد. فأهلكت شيئا كثيرا منها. ولو كان عنده من السم غير الطنين اللذين كانا بيده لكانت النتيجة اعظم. والسم الذي استعمله لهذه الغاية هو زرنيخاة الصوديوم. وقد أوصى الفارع المذكور بجلب مائتين وخمسة وعشرين طنا من هذا السم لقتل الجراد في ربيع السنة المقبلة. واتخذ الوسائل اللازمة لتوزيع تلك المقادير على المناطق الزراعية في شمالي العراق. 15 - مصادرة دخان مهرب قبضت شرطة باب جسر الموصل حين تجوالها في (القوسيات) قرب (الرشيدية) على كردي حامل بندقية ومعه ثلاثة أفراد (بالات) دخان محاولا تهريبها. وقد دفعت الشرطة تلك الأحمال إلى دائرة الكمرك السعيدة الحظ! 16 - انتشار البرداء في الكوفة انتشرت مياه فيضان الفرات فتدفقت في كل موطن حول الكوفة فكانت تلك المواطن مراتع للبعوض المسبب للبرداء ولقد انتشرت هذه الحمى في الكوفة حتى وقفت الأشغال وكثرت الوفيات وتركت في كل بيت نادبا ونائحة. والحكومة تبذل سعيها لإيقاف هذه الحمى المتلفة. 17 - الأسيران البريطانيان كنا ذكرنا في (52: 4) وقوع الطيارين البريطانيين دني (السائق) والفارع (أي الضابط) هيرست وكان راكبا تلك الطيارة. في أسر الشيخ محمود الكردي وقد افرج عنهما وسلمهما إلى السلطة في (حلبجة) نهار الجمعة 8 ت 1 وقد احسن معاملتهما أثناء أقامتهما عنده. 18 - انقطاع الطاعون كان الطاعون قد اعتاد (كأنه يعرف العادة) أن يظهر في الخريف أن لم يظهر في الربيع فيكمن للأحياء إلى وقت مضروب. أما هذه السنة فقد زال بتاتا لأن إدارة الصحة لقحت ما يربو على 141000 شخص في خلال الصيف الماضي. 19 - ضحايا سرقة البطيخ نزل نفر من اللصوص ليلا على مبقلة (خضرة) لأحد الأهالي الواقعة بجوار هيت فشعر بهم أصحاب المبقلة وأطلقوا عليهم الرصاص فبادلهم إياه اللصوص وأسفرت النتيجة عن قتل أحد هؤلاء الذعار وقتل أحد أصحاب المبقلة. وقد تعقبت الشرطة أولئك العماريط فقبضت عليهم وأودعتهم السجن. وفي تلك الليلة عينها سطا سراق آخرون على مبقلة أخرى بجوار الرمادي فجرى تبادل النار بين السلابين وبين أصحاب الزرع فقتل أحد اللصوص وفر الآخرون. وكم وكم من هذه الأحداث تجري ليليا في هذه البلاد! 20 - الترك يتلفون زعماء الأكراد وكبار الثوار توالي (محكمة الاستقلال الشرقية) مجالسها في (معمورة العزيز) لمتابعة النظر في قضايا المتهمين بالاشتراك مع الشيخ سعيد الكردي بإضرام نار الثورة الكردية. وقد حاكمت قبل تشرين الأول كلا من محمود بن درويش؛ وداود رئيس عشيرة شكوتان الكردية، وشيخ اليزيدية. فحكمت عليهم بالإتلاف (بالإعدام) وتدل البرقيات الواردة إلى العراق أن حكم الإتلاف قد نفذ فيهم في الساحة العامة. ونظرت محكمة الاستقلال في أنقرة في قضية أخرى تتعلق بعصابة اعتدت على الفارع يعقوب أفندي وقد وقع الاعتداء على الحدود السورية التركية فحكمت بإتلاف رئيس العصابة (فريد علي) وبسجن رفيقين آخرين كانا معه ومدة الحبس 15 سنة. وقد تم حكم الإتلاف في المذكور. 21 - محاربة سوء الآداب حكم على المغنية الراقصة (جليلة) بالحبس مدة ثمانية أيام وعلى اسمعيل أمين المغني 10 أيام وعلى جميل بن عبد الغني المغني 15 يوما، لأنهم غنوا في أحد الملاهي أغنية مخالفة للآداب. وغرم مائة ربية كل من داود عزرا حكاك وحسن إبراهيم درسة مدير شركة بيضافون لبيعهما قرص (قوان) الأغنية المذكورة. وصودرت 240 قرصا للأغنية عينها. فالعراقيون يشكرون حكومتهم على سعيها هذا المحمود لتطهير الآداب العامة مما يشوهها.

العدد 40

العدد 40 أوروكاجينا وقف الجلال على بناء محكم ... هرم الزمان ووضعه لم يهرم بات السكون على رباه مخيما ... ورباه من سكناه غير مخيم منحته أحكام الطبيعة هيبة ... في ظل ردم للسوافي معلم ردمت جوانبه الحقوب بمزها ... فغدا ينوء بطمره المتردم فأبانه للسعي الإلهي الذي ... قد علم الإنسان ما لم يعلم صرحا من الأثر القديم تراصفت ... أحجار برزخ سوره المستحكم هو (اورو) (ذوقار) الذي آثاره ... دلت على سلطان ملك كيخم هجم القضاء على الأولى قد شيدوا ... أركانه وعليه لما يهجم فكأن أرواح العصور تجسمت ... من فوق برج علائه المتجسم قرنته بالأيام كف الشمس إذ ... جعلت أشعتها له كالمرزم فكأنما الأيام ضئر أبنائه ... تغذوه وهو على المدى لم يفطم

وكأن ذكرى اوروكاجينا على ... عليائه قد عشعشت كالقشعم يا واقفا طول الحياة بوعظه ... يروي أحاديث الزمان الأقدم ويعارك الأخطار وهو كأنه ... جبل فلا يبلى ولم يتهدم ولدتك أرض الرافدين وبعدها ... عقمت وكنت تظنها لم تعقم نهنهت من كبر فجعدت الثرى ... تجعيد وجه بالأسى متجهم شمخت أنوف مؤسسيك تجلة ... ولرب أنف شامخ لم يخطم قد أودع الباني رموز حياته ... في طي معنى كتبك المتطلسم فلذاك ظن الناس تحنك مغنما ... وكنوز ابريز فلم تتقسم والمرء يبغي أن يحقق ظنه ... ولو أن ذلك في مناط الأنجم كشفتك عمال الحياة لعلمها ... أن الأولى شادوك أهل تقدم وأبان منك الحفر طيات الخفى ... حتى (عرفت الدار بعد توهم) وغدوت من بعد الخفايا بارزا ... في الأرض تحكي ناب شدق الأهتم كم من محل نقشته بحزمها ... فئة فلم تسأم ولم تتندم لهف العراق على مآثر مجده ... أضحت لآثار المتاحف تنتمي فكنوز (آثور وبابل) قد غدت ... من قبل ذلك نهب كف المجرم ارض العراق غنية بكنوزها ... وفقيرة برجالها في المغنم آمت ولم تنبت رجال صناعة ... والنسل قط لا يرتجي من ايم البناء

المحفى العراقي الجديد

المحفى العراقي الجديد والمحافي العراقية في التاريخ 1 - تمهيد اثبت مكس نوردو المجري من أقطاب العصر في علمي الاجتماع والنفس المتوفى قبل ثلاث سنوات في كتابه (روح القومية): (إنه لا يحدد القومية في الحقيقة إلاَّ اللغة، فباللغة وحدها يعتبر الإنسان عضوا في جسم الأمة، وهي وحدها تخوله حق القومية، كما أنها أعظم رابطة بين البلاد والأقوام.) ولما كانت اللغة العربية لسان الشعب العراقي واللغة الرسمية لدولة العراق فقد أصبح العراقيون بأجمعهم مكلفين بحماية ذمار لغة الضاد والعمل على ما فيه حياتها ونماؤها. والحكومة مسؤولة عن هذا قبل غيرها لأن البلاد في طور اجتماعي يجعل الحكومة المرجع الأول في العمران والإصلاح. ولا يكفي لإعزاز لغة شعب أن تكون اللغة الرسمية للحكومة وتكون قبل ذلك لغة الجمهور إذ بالحكومة تكون اللغة لسان الدواوين فيتعلمها الناشئون ويتقنونها وتجري معاملات الأفراد باللغة المذكورة عينها كما هي حال اللغة العربية في العراق اليوم، إنما يجب على من بأيديهم الحل والعقد أن يبذلوا الجهد في ما ينمي اللغة ويرقيها ويجعلها لغة العلوم والفنون بحيث تضاهي أرقى اللغات العصرية لا عرق الأمم في الحضارة. ولا تحظى اللغة بهذه النعمة إلاَّ إذا كان هناك محفى (مجمع علماء) يضم نخبة المتبحرين في اللغة ولهم معرفة بالعلوم والفنون الحديثة فيتعهدون لغة الأمة بالعناية ويتمشون بها مع تدرج الحياة العصرية جنبا إلى جنب. وقد شعرت حكومة العراق بهذا الواجب فقامت لتؤديه في فجر الحياة المستقلة. فألفت المحفى العراقي الجديد في هذه الأيام.

2 - محافي العراق في العصور الخوالي ظهر من البحث أن الحمربيين هم أول من أسس المجامع العلمية والمحافي اللغوية في العراق أن لم نقل في العالم كله. وورث العرب عن أوائلهم الحمربيين إقامة الأسواق ومجتمعات العلم والتجارة والمنافرة والمماجدة، فكانت أشبه شيء بمجامع العلماء ثم انتقلت من الحياة الجاهلية إلى الحياة الإسلامية. فمن أسواق العرب الأدبية القديمة (سوق الحيرة) كان العرب يجتمعون إليها كل سنة للمماجدة. وقد جعل النعمان بن المنذر اللخمي لبني لأم الطائيين ريع الطريق طعمة لهم لمصاهرته إياهم بتزوجه منهم. أما (المربد) في البصرة فهو أول معرض عراقي ومجمع علمي عظيم في الدولة الأموية حتى انهم نعتوه ب (عكاظ المسلمين) أقاموا فيه سوقا للآداب نظير أسواقهم في الجاهلية فتألفت فيه حلقات المناشدة والمفاخرة ومجالس العلم والآداب فكان الشعراء يؤمونه ومعهم رواتهم وكان لفحولهم حلقات خاصة أشهرها حلقة الفرزدق والراعي وكان الأشراف يخرجون إلى المربد لمثل تلك الغاية. وجرت فيه مناظرات البصريين والكوفيين ومماجداتهم. وقد زاره ياقوت الحموي في القرن السادس للهجرة وكتب عليه في سفره: (معجم البلدان) ما ملخصه: (هو من أشهر محال البصرة، وكان يكون سوق الإبل فيه قديما ثم صار محلة عظيمة يسكنها الناس وبه كانت مفاخرات الشعراء ومجالس الخطباء وهو الآن بائن عن البصرة بينهما نحو ثلاثة أميال وكان ما بين ذلك كله غامرا وهو الآن خراب فصار المربد كالبلدة المفردة في وسط البرية. . . (وينسب إليها جماعة من الرواة منهم سماك بن عطية المربدي البصري. . .

وأبو الفضل عباس بن عبد الله بن الربيع بن راشد مولى بني هاشم المربدي حدث عن عباس بن محمد وعبد الله بن محمد بن شاكر حدث عنه ابن المقري وذكر أنه سمع منه بمربد البصرة. والقاضي أبو عمرو القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي البصري. قال السلفي: كان ينزل المربد) وكما كان للبصريين مربدهم، فقد كان للكوفيين سوقهم يخرج إليها إشرافهم في ضواحي الكوفة فتجري فيها المناشدة الشعرية والمحاكمة الأدبية ونحوهما ولئن كان للبصرة فضل اللغة والأدب فللكوفة فخارها بشعرها. وقف المختار ابن أبي عبيد في أثناء حروبه بالعراق على أشعار مدفونة في (القصر الأبيض) بالكوفة مما يدل على عناية الكوفيين بالشعر لكن أكثره مصنوع ومنسوب إلى من لم يقله ثم جاء الخلفاء العباسيون فعنوا بترقية العلوم والآداب عناية تضاءلت بجانبها عناية من سبقهم. فأنشأوا المجالس العلمية للعلماء والأدباء، ومشاهير الخلفاء الذين يقرن اسمهم بالنهضة العلمية في العصر العباسي السفاح والمنصور والمهدي والرشيد والمأمون والمستنصر. أسسوا مجامع للترجمة في علوم النجوم والطب والهندسة وعقد هرون الرشيد ووزراؤه البرامكة مجالس ومجامع وسعوا بها نطاق المعارف وأنشأوا دواوين الترجمة والمباحثات حتى في بيوتهم. ويمكن أن تقسم نهضة الترجمة في العصر العباسي إلى طورين متميزين: الطور الأول من نشوء الدولة العباسية إلى جلوس المأمون بن الرشيد على أريكة الخلافة أي من سنة 132هـ (749م) إلى سنة 198هـ (813م). وقد انتج هذا الطور كتبا مترجمة كثيرة نقلها كتاب ومترجمون نالوا الحضوة عند الخلفاء وكان كل منهم مستقلا بنفسه وأكثرهم من المسيحيين والإسرائيليين. ومن أوائل المترجمين أن لم يكن أولهم عبد الله بن المقفع المتوفى سنة 132

أو 143هـ (760م) وأشهر مخلفاته المترجمة كتاب (كليلة ودمنة) وكان يدعي في البهلوية والسنسكريتية القديمة (أساطير الحكيم بيدبا). يقول المسعودي أن الخليفة المنصور توفرت عليه الترجمة والإنتاج الأدبي فنقل في عهده عدة مقالات لارسطوطاليس وكتاب المجسطي لبطليموس في الفلك وكتاب اقليدس في الهندسة وغيرها نقلت عن اليونانية والرومية والسريانية والفارسية. ويقول بعض المحققين أن الكتب المنقولة عن الفارسية والسريانية هي في اصلها ترجمات عن اليونانية. وعلى عهد المنصور أسس أطباؤه (جرجس بن بختيشوع) وتلامذته وأقاربه المدرسة الطبية في بغداد وفيها ألف عيسى بن صهاربخت (تلميذ جرجيس) كتابه (فن تحضير الأدوية) (الاقراباذين) من أوائل الكتب الطبية العلمية في العربية. ومن مشاهير ذلك العهد (ثابت بن قرة الحكيم الحراني) كان صيرفيا في حران ثم انتقل إلى بغداد فاشتغل بالعلم والطب والفلسفة وعمل مع المنجمين بإشراف الخليفة المنصور، وله أولاد وأحفاد اشتهروا بالفضل ونبغوا في الرياضيات والفلك. الطور الثاني هو أزهر عصور النهضة العلمية العربية، بدئ بتولي المأمون بن هرون الرشيد عرش الخلافة سنة 198هـ (813 م) وانتهى بانطواء بساط بني العباس في أواسط القرن السابع الهجري وأوائل القرن العاشر الميلادي. فالخليفة المأمون العباسي هو المؤسس لمجمع العلماء (الأكاديمي) في بغداد جمع فيه طائفة صالحة من المشتغلين بالعلم والفلسفة والترجمة وكان أكبر همهم أن يصيغوا الكتب التي ينقلونها أو التي نقلت في قالب يستطيع به طلاب العلم من العرب الوقوف على أسرار العلم والحكمة. وهو الذي حث (محمد بن موسى) على أن يؤلف مقالته المشهورة في الجبر وهي أول كتاب ألف في العربية في علم الجبر منها نسخة خطية في خزانة بودلي

بجامعة اكسفورد مكتوب عليها أنها نسخت سنة 1342م وقد ترجمت إلى اللاتينية في عصر الانبعاث العلمي ولكنها فقدت الآن. وقد أسس الخليفة المأمون مدرسة بغداد سنة 217هـ (832 م) على نسق المدارس النسطورية والزرادشتية التي كانت مؤسسة قبلا ووسمها ب (بيت الحكمة) وجعل منهاجها نقل المتون اليونانية في الفلسفة والعلوم الأخرى إلى العربية، وأوكل أمرها إلى (الطبيب يحيى بن ماسويه) المتوفى سنة 243هـ (857 م) وهو أبو زكريا. كان أبوه صيدليا في جنديسابور وثقفه في بغداد جبريل بن بختيشوع وعاصر ثلاثة خلفاء المأمون والواثق والمتوكل، وخلف مؤلفات كثيرة في الطب باللغتين السريانية والعربية ومقالته في (الحميات) كانت العمدة في موضوعها بوقتها ونقلت إلى العربية واللاتينية. وقد كتب الخليفة العالم إلى ملك الروم يسأله الإذن في إنفاذ ما يختار من العلوم القديمة المدخرة في بلده فأجابه إلى ذلك بعد امتناع فأخرج المأمون لذلك جماعة منهم الحجاج بن مطر وابن البطريق وسليمان صاحب (بيت الحكمة) وغيرهم فأخذوا مما وجدوا ما اختاروا، فلما حملوه إليه أمرهم بنقله فنقل. ولكلف المأمون بالعلم والترجمة كثيرا ما كان يعقد شروط الصلح مع بعض ملوك الروم الذين يحاربهم على دفع الغرامة كتبا توضع بين أيدي العرب وتترجم إلى لسانهم. وكان ندي اليدين على التراجمة يعطيهم زنة ما يترجمونه له من الكتب ذهبا، واشتهر بوسمه الكتب المترجمة له بسمة خاصة تتميز بها عن غيرها، ووضع الفهارس لخزائن الكتب على طريقة عصرية. وذكر غريغوريوس ابن العبري الملطي مؤلف (مختصر تاريخ الدول) أن المأمون كان يحرض الناس على قراءة تلك الترجمات ويرغبهم في تعلمها. لذلك كثر لديه المترجمون عن الفارسية والسريانية والسنسكريتية والنبطية والكلدانية واليونانية واللاتينية والمؤلفون في جميع الفنون العربية والدخيلة.

هذه هي الجادة التي سلكها اعلم الخلفاء في خلق نهضة علمية سطع نورها في المشرق والمغرب ولم يبرز لها نظير إلاَّ في حركة الانبعاث (الرنيسانس) في إيطالية بعد سقوط القسطنطينية على يد محمد الفاتح في أواخر القرون الوسطى. ويدون التاريخ أسماء جماعة هم أساتذة بيت الحكمة وأصحاب الجهود العلمية في عصرهم وكلهم تلامذة يحيى وتابعوه نخص بالذكر منهم: (حنين بن إسحاق العبادي) النسطوري درس في بغداد والإسكندرية وفي الأخيرة أتقن اليونانية، اشتغل بالترجمة زمنا من اليونانية إلى السريانية. ومن أشغاله العلمية: الايساغوجي لفرفريوس وارمانوطيقا لارسطوطاليس وجزءا من الاناليطيقا ومقالة ارسطوطاليس في الروح وجزءا من الميثافيزيقا وتلخيصات نيقولاوس الدمشقي وتعليقات الاسكندر الافروديسي والجزء الأعظم من مؤلفات جالينوس وديوسقورس وبولس الاجانيطي وابقراط وجزءا من منطق ارسطوطاليس الاورغانون وترجم أصول اقليدس إلى العربية و (جمهورية أفلاطون) وكتاب (ثيماوس) لأفلاطون وكتاب ارسطوطاليس (في المعارف) وقد توفي سنة 263هـ (876م). وابنه (اسحق بن حنين العبادي) الذي ترجم إلى العربية كثيرا من الكتب منها (السفسطة) لأفلاطون ومقالة ارسطوطاليس (في الروح). ويقول البحاثة إسماعيل بك مظهر في مقالته (تاريخ تطور الفكر العربي) (كان القرن الرابع الهجري العصر الذهبي لتاريخ الترجمة يرجع فضله إلى فئة من المسيحيين كانوا يتكلمون السريانية واحتذوا الترجمات التي درسوها في لغتهم). وقد نقلت عن اليونانية مباشرة كثير من الآثار ومن أشهر مهرة المترجمين: (أبو بشر متي بن يونس) المتوفى سنة 328هـ (939م) وقد ترجم إلى العربية اناليطيقا الثانية والبويطيقا (الشعر) لارسطوطاليس

وغيرها نقلها عن السريانية وله مؤلفات مبتكرة في التعليق على قاطيغورياس أي المقولات لارسطوطاليس والايساغوجي لفرفوريوس. و (أبو زكريا يحيى بن عدي التكريتي) المتوفى سنة 364هـ (974م) ترجم كتبا كثيرة عن ارسطوطاليس وكتاب القوانين لأفلاطون. وكان ملازما للنسخ يكتب خطا قاعدا بينا في اليوم والليلة مئة ورقة واكثر. و (أبو علي عيسى بن زارة) الذي ترجم كتاب (قاطيفورياس) عن ارسطوطاليس والتاريخ الطبيعي وكتاب الحيوانات مع تعليقات يوحنافيلوبونس. وقد نقل (أبو بكر أحمد بن لي بن قيس الكلداني) المعروف ب (ابن وحشية) الذي عاش سنة 291هـ (903م) كتاب (الفلاحة النبطية) عن الكلدانية في خمسة أجزاء منه نسخ خطية في برلين وليدن واكسفورد ودار الآثار البريطانية وباريس ودار الكتب المصرية. وقد ظهر للعلماء المحدثين أن الكتاب المذكور هو من وضعه وليس بترجمة من أصل. (راجع ما ذكره الإيطالي كرلونلينو في كتابه علم الفلك تاريخه عند العرب في القرون الوسطى ص205 إلى 210). ونقل (قسطا بن لوقا) كتاب (الفلاحة اليونانية) عن السريانية. وبهذه الوسيلة لم يبق ضرب من العلوم والصنائع والفنون إلاَّ نقلت كتبه إلى العربية وتعلمها العرب ثم علموها. ولم يفتهم من الفنون سوى الجراحة في الطب والنحاتة والتصوير من الآداب الفتانة. لأنها من الأمور المحرمة في الشرع الإسلامي، وهكذا اجتمع عند العرب خلاصة علوم الأقدمين من يونان وروم وسريان وفرس وهنود وكلدان وأنباط ومصريين وغيرهم ممن درج قبلهم وعنوا بها مدة من الدهر، وعنهم اقتبسها الإفرنج حين تنبهت فطنتهم وثابت هممهم من سباتها فيما يسمونه عصر الانبعاث) ويجب أن لا يفوتنا ذكر جمعية وهي وأن لم تكن لغوية أدبية إلاَّ أنه كان لها أثر في النهضة العلمية الفلسفية وهي جمعية (أخوان الصفا) التي أسست في البصرة في أواسط القرن الرابع الهجري (المائة العاشرة للمسيح) ذكروا من أعضائها

خمسة هم: أبو سليمان محمد بن مشير السبتي ويعرف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن هرون الزنجاني، ومحمد بن أحمد النهرجاري، والعوفي، وزيد بن رفاعة. وكانوا يجتمعون سرا تسترا عن الذين يخالفونهم ويضادونهم فقرروا في جلساتهم المتعددة خلاصة الفلسفة الإسلامية بعد أن وقفوا بين أبحاث الفلاسفة المسلمين والآراء اليونانية والهندية والفارسية، فتوصلوا إلى مذهب خاص أساسه أن الشريعة الإسلامية تدنست بالجهالات واختلطت بالضلالات ولا سبيل إلى غسلها وتطهيرها إلاَّ بالفلسفة لأنها حاوية للحكمة الاعتقادية والمصلحة الاجتهادية وانه متى انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال. ودونوا فلسفتهم في خمسين رسالة سميت (رسائل أخوان الصفا) وقد ضمنوها كل علم طبيعي أو رياضي أو فلسفي أو إلهي أو عقلي وهي تمثل الفلسفة الإسلامية على ما كانت عليه في إبان نضجها. ويظهر من دراستها أن مؤلفيها دونوها بعد البحث العميق والروية الطويلة. وفيها بحث من نوع فلسفة النشوء والارتقاء. وفي ذيلها فصل في كيفية عشرة أخوان الصفا وتعاونهم بصدق المودة والشفقة والغرض منها التعاضد في الدين وشروط قبول الأخوان فيها. وقد أغفل المؤلفون أسماءهم من هذا الكتاب بسبب أن الفلاسفة كانوا متهمين بالكفر في هذا العصر وكان الانتساب إلى الفلسفة مرادفا للانتساب إلى التعطيل حتى شاعت النقمة على المأمون نفسه لأنه كان السبب في نقل الفلسفة إلى اللغة العربية حتى قال ابن تيمية بعد ذلك: (ما أظن الله يغفل عن المأمون ولابد أن يعاقبه بما أدخله على هذه الأمة). وطبعت هذه الرسائل في أوربة والهند ومصر، وأتقنها طبعة ديتريشي في ليبسك سنة 1883. ثم دب دبيب الفساد في جسم الحكومة العباسية في أواسط القرن السابع الهجري وأواخر القرن العاشر الميلادي فأنتقض حبل دولتها واستولى على البلاد المغول وأعقبهم العثمانيون بعد ذلك بنحو ثلاثة قرون فتدهورت اللغة العربية ودرست معالم معاهدها وامحت آثار محافيها.

3 - تعريف الدول عند العلماء الدول حيوانات هلامية القوام رجلية الرأس ذوات محاجم من ردف رتبة الأخطبوط. وجنسها قائم بنفسها وهو أصل لفصيلة الأخطبوط وهذا الجنس يشمل أنواعا عديدة منبثة في جميع البحار وقد يبلغ قدها مبلغا عظيما. والدول الموجود في خليج فارس فهم شديد الأذية حتى أنه ليتعرض للغواص؛ وهو يتلف شيئا كثارا من الاربيان والسرطان وصغار السمك إذ يقبض عليها بجراميزه المسلحة بالمحاجم فإذا قبض على فريسته، أثبتها في مكانها ومزقها شر ممزق بأنفه المعقوف. وقد تدفعه سليقته إلى أن يكتسي بأشلاء فريسته التي يقيمها بين يديه بمحاجمه وبهذه الصورة يتقدم إلى افتراس خلق آخر من سكان البحر التي يستطيبها. ولقد شوهد بعض من هذا الدول محتالا على المحار الكبار بأنواع الحيل ومن جملتها أنه يدخل حجرا بين صدفتي المحار لكي لا تنطبق على نفسها وبهذه الوسيلة يستخرج جمحلها 4 - خبر دول ضخمة ذكر الأدباء في أزمان مختلفة حكايات عن دول ضخمة هائلة العظم لا نسبة لها إلى ما يرى منها في خليج فارس أو في البحر المتوسط. روى فريق من علماء المواليد عن بعض هذه الدول حتى أنهم شبهوها بأعظم ما يرى من البال. من ذلك أن بلينيوس يتكلم عن وحش ألف التردد إلى كسترية على ساحل الأندلس ليتلف ما في الغدران من المخلوقات الحية إذ كان يسترط كل ما يراه في طريقه من السمك وكانت زنة هذا الخلق الغريب 350 كيلو غراما وكان طول كل جرموز من جراميزه عشرة أمتار وكان رأسه بضخم البرميل وكان

يسع عشر جرار فأرسل به إلى الهيباط ل. لوتلس الذي كان في عهده. وذكر أولاوس ماغنس الأعمال التي صدرت من دول كبير جبار وكان طوله لا يقل عن ميل وإذا ظهر على وجه الماء ظن جزيرة لا حيوانا، فعرفه الناس باسم (كراكن) ووجد اسقف نيدروس دولا ضخما كان مضطجعا على الساحل يتشمس فظنه صخرة عظيمة؛ فأقام مذبحا عليه وأتم المراسم الدينية فوقه فبقي ذلك الوحش البحري ساكنا طول مدة الصلوات وما كاد الأسقف يذهب إلى الساحل إلا ونهض ذلك الكراكن وألقى نفسه في البحر ذارقا فيه ولما انتشر ذرقه في الماء وكانت رائحته طيبة ركضت السمك من كل صوب لتغتذي به فهجم عليها هذا الغازي المحتال وابتلع كل من تقدم منه. وقد قال بنتوبيدان أسقف برجن أن هذا الكراكن وجد حقيقة ويظن أن سرية من الجند تتمكن من أن تتدرب على ظهره بكل سهولة. قلنا: كل هذه الحكايات من المبالغات الخرافية؛ على أنه لا ينكر وجود وحوش بحرية عظيمة في المحيط مهما كان وفي البحر المتوسط. لكن ليست بالقدر المذكور المبالغ فيه إذ خرافته ظاهرة. السوارية قل من يعرف شيئا عن هذه البليدة الحديثة: السوارية واقعة على ضفة الفرات اليمنى في أراضي آل فتلة. وقد تقدمت في السنتين الأخيرتين تقدما عجيبا فقد أنشئ فيها سوق كبيرة لا يقل جمالها عن جمال أسواق العاصمة؛ وأسست فيها مطاعم للغرباء؛ إلى غير ذلك من وسائل الراحة. والآن تسعى الحكومة في بناء صرح (سراي) لها لتتخذ من هذه البليدة الحديثة (ناحية). ويقال إن في النية تأسيس شعبة في (أم بردية) في أراضي آل إبراهيم؛ كما أن الهمة مبذولة لتسوية طريق تمر عليه السيارات ويمتد من (أبو صخير) إلى السوارية تسهيلا للصلات. (عن جريدة المعارف)

الألفاظ الارمية

الألفاظ الارمية في اللغة العامية العراقية (المليطي أو المليطة) من اصطلاح أهل السفن في العراق ويطلق على معاون الناخذاه (جاء في لغة العرب 84: 3 نقلا عن مجلة المقتبس 7: 111 - 118) عن هذه الكلمة أنها مشتقة من المتملطة وهي محل الاشتيام أو الاستيام أي رئيس الملاحين أو رئيس ركاب السفن. أما عندنا فهي مشتقة من اللفظ الارمي (م ل ي ط ا) بمعنى الحاذق والماهر والدرب والخبير والعارف. (موش يموش) بمعنى بحث باللمس من (م وش) أي مس وفحص. (الماشة) آلة لالتقاط الجمر والأوساخ وهي مشهورة في العراق. مشتقة من (م ش ا) بمعنى ضم جمع لم. وجاء لفظ (م ش ي ا) بمعنى النفاية والرذالة والكناسة. (مرازة) آلة الفلاح أظنها من (مرزا) وهي الحد والتخم والدبرة والفعل (مرز - م ورزا) ومعناه تلم وجر خطا قويما. وهذا الحرف فارسي الأصل وأن دخل الارمية ومنه كلمة مرزبان الفارسية بمعنى حافظ الحدود أو الحاكم يقابله عند الإفرنج المشتقة من اللاتينية المولدة ومعناها المرز أي (النابور) وهو البقلة قال ابن السكيت ابقلت الأرض وبقلت وقد بقل الرمث وابقل وهو باقل؛ وقيل إذا خرج في أعراض الشجر كأظفار الطير واعين الجراد قبل أن يستبين ورقه فذلك الابقال. اه عن المخصص 212: 10 وهذا ما يقصده العراقيون بالنابور اشتقوه من الارمية (ن ب ور ا) وهو المخلب والظفر والمنقار. وهذا الاشتقاق يوافق كل الموافقة تعريف ابن السكيت للابقال إذ قال كأظفار الطير. (نبص) ظهر وبرز ولاح وهي ارمية مبنى ومعنى من فعل (نبص) ولفعل نبص في العربية غير هذا المعنى والوارد في معنى لفظ النبص هو القليل

من البقل إذا طلع. فانه يدل دلالة استنتاج على معنى الظهور والبروز. ومن قال لك أن النبض للبقل لم يؤخذ من الارمية نفسها في زمن تقادم عهده ولا سيما أن كثيرا من ألفاظ الفلاحة مأخوذة عنهم. (النوار) الرباط الذي يتخذه الحمالون لربط الحمول ويتخذ من الشعر أو الصوف أو الغزل وأظنه مأخوذ من (ن ب ر ا) تلفظ الباء هنا واوا على طريقتهم وضبط اللفظ عندهم (نوارا) بإسكان النون وفتح الواو والراء. بمعنى الليف والخوص والاسل والحبل من خوص أو شعر. (نيح) لفظ يستعمله المسيحيون خاصة وقد يستعمله بعض الكتبة المحدثين في سورية فيقولون نيح الله روح المتوفى والفقيد من (ن ي ح) سكن وهدأ وأراح. وعند الارميين (نيحا) بمعنى المتوفى والمرحوم والسعيد. وإن حرف (نياحة) الذي يستعمله العراقيون للدلالة على الماء الراكد أو الفاتر الانحدار في النهر مشتق من (ن ح - ن وح ا - ن ي ح ا) بمعنى سكن وهدأ واستراح وخف وكف. والنياحة تفيد السكون والهدوء والكف أي أن الماء يسكن ويهدأ ويكف عن الجري في ذلك المكان. (النوف) للريح التي تهب من جهات مختلفة وهي من اصطلاح أهل السفن في العراق (راجع لغة العرب 127: 3) فهذا اللفظ ارمي الأصل من (ن ب - ن وب ا) والباء مثلثة تحتانية فيهما بمعنى التوى التواء وتمايل تمايلا واهتز اهتزازا كأن الريح تلتوي وتتمايل (نطر - ينطر - ناطور) دخل هذا اللفظ منذ عهد بعيد من الارمية إلى اللغة العربية ودون في المعاجم وهو بمعنى حرس يحرس فهو حارس ويستعمله العراقيون بهذا المعنى وهو من فعل (ن ط ر) ولم نذكره هنا خلافا للمنهج الذي انتهجناه في إغفال الألفاظ القديمة الدخول إلى العربية إلاَّ للالماع إلى أصلها.

(شبخ شبخة - وتشنبخ) يريد العراقيون بالأول سار أو وثب فاتحا ساقيه. والشبخة عندهم المسافة بين الرجلين إذا فرج الإنسان بين ساقيه فيقال كم شبخة من هنا إلى هناك وتشنبخ بمعنى تسلق وهو فاتح ساقيه ويديه. وفي الارمية فعل (س ب ك) وهو يتعدى ب (ب) و (عل) أي على و (ل) وله كل المعاني التي يقصدها العراقيون منه مثل شبك وعلق ونشب ولصق وتجرأ ووثب وتطاول وتسلق وصعد وارتقى. ويقولون في المجهول والمطاوع (ات ش س ب ك) وأما إبدال السين شينا والكاف خاء فأشهر من أن يذكر وهو كثير الورود في العربية فضلا عما في المعربات. على أننا لا نجهل أن في العربية فعل (شبح) بالحاء المهملة فيقال شبح الداعي أي مد يده للدعاء وشبح الجلد ونحوه مده بين ارتاد وشبح بضم الباء الرجل كان شبح الذراعين أي عريضهما قال في النهاية في صفة الرسول (كان مشبوح الذراعين) أي طويلهما وعريضهما وفي رواية (شبح الذراعين) وإبدال الحاء خاء معروف في العربية. فيقولون رجل خنظيان وحنظيان أي فحاش وحنظي وخنظي به أي ندد به واسمعه المكروه. ومع ذلك لا نبت في أصل هذا اللفظ أهو من الارمية من فعل (س ب ك) أو من العربية (شبح) بل نترك ذلك إلى رأي القراء فللوجهين تعليل مقبول واللغتان أختان شقيقتان. (سابل) جوالق اغلب ما يصنع من الخوص يوضع على ظهر الدابة للنقل وفي الارمية فعل (س ب ل) بمعنى حمل رفع نقل السنبل خاصة واسم الفاعل منه (س ب ل ا) والباء هنا تلفظ واوا على طريقتهم. ويجدر بنا هنا أن نوجه الأنظار إلى أن في الألفاظ المعربة من الارمية ما فيها الباء تلفظ تارة باء في العربية وإن كانت في أصلها تقرأ واوا وتارة تقلب واوا على الطريقة الارمية واللفظ (س ب ل ا) يفيد أيضا البارية والحصيرة من قصب والزنبيل والقفة ويقول صاحب معجم دليل الراغبين: والسواديون يطلقونها على آلة من خشب تجعل على ظهر الدابة لنقل الحجارة خاصة. (زعطوط) يطلق هذا الحرف على الولد الصغير وعلى الجاهل من الناس

وهو مشتق إما من (ز وط ا) بمعنى الصغير نقيض الكبير والصبي والطفل وإما من (س ط وط ا) ومؤداه الولد الصغير والخفيف العقل. (سطره سطرة) صفع وصفق من (س ط ر) بالمعنى نفسه وعندهم (س ط ر ا) أي صفعه وصفقه. (سيان) للوحل المنتن والحمأة من (س ي ن ا) بالمعنى نفسه. (شكخ) أي شك وغرز والشكاخة ما يشك به من (س ك ك ا - س وك ك ا) الكاف الثانية تلفظ خاء بالمعنى نفسه وربما تكون هذه الكلمة العراقية لغة في شك العربية الفصيحة ولكن عليها مسحة ارمية. (سبس) الباء مثلثة عمل عملا خسيسا ومنه السباسيب (الباءان مثلثتان) خسائس الأعمال. وفي الارمية (س ب س) (الباء مثلثة) و (اس ب س) بمعنى انتن وأبلى وافسد و (س ب ي س ا) أي خائس وبال ومفسود ومتغير. وفي جميعها الباء مثلثة. وربما هي تصحيف سفساف العربية بمعنى الرديء من كل شيء. (سكم وسقم وتسقام) عند أهل الزراعة اعد العدة لفلاحة الأرض وزراعتها ويستعمل هذا الحرف في دواوين حكومة العراق واشتقاقه من (س ق م) بمعنى رتب ونظم وقوم وعدل ومسح وحدد. ويقول العراقيون: بكم تسكم عليك الشيء الفلاني؟ أي ما كانت كلفته عليك فيجيب المسؤول تسكم عليَّ بمبلغ كذا، أي كلفني مبلغ كذا. وكل ذلك من الفعل الارمي المذكور فكأن السائل يقول كم ترتب عليك أن تدفع ثمن الشيء الفلاني؟ فيجيب المسؤول ترتب عليَّ أن ادفع كذا. (نعوص الولد) بمعنى بكى، أظن أن أرميتها (ع وص) بمعنى بكى الطفل وصرخ جرو الكلب. يوسف غنيمة (ل. ع.) أن وزن (نفعل الرباعي المجرد لم يذكره أحد من علماء التصريف وهو موجود في لغتنا فقد جاء عندنا نبذر بمعنى بذر: ونخرب القادح الشجرة مثل خربها أي نقبها وهناك أفعال أخرى كثيرة مثل نعظل ونعثل ونقثل ونهبل ونهتر ونهرج ونهشل ونودل ونقحش ونهمس ونفرج إلى غيرها.

نموذج من تراجم العلماء

نموذج من تراجم العلماء السيد نعمان خير الدين الالوسي 1 - ولادته وحداثته ولد رحمه الله في بغداد (12 المحرم سنة 1252 هـ) في أرض التعصب الأعمى والجمود الذميم، تحت سماء الجور والاعتساف ولكنه نشأ بفطرته حي الضمير نير البصيرة وربي على الآداب الإسلامية الفاضلة فشب مسلما عاقلا فاضلا غيورا على مصالح الأمة والوطن والدين. ولولا أن يتيح الله له من ينمي فيه قوة الاستعداد ويربي في الجملة ملكة الاستقلال (وهو أبوه الإمام أبو الثناء، وتلميذه العالم السلفي السيد أمين الواعظ) لغلبه جمود البيئة، واستحوذ عليه الخمول وفسد فيه ما وهبه الله من فطرة سليمة وضمير حر، وضعف ملكة استقلاله ووهن منه الحزم والعزم ضرورة. على أنه مع اجتنابه ذوي العاهات السارية الفتاكة لم يسلم من العدوى تماما. بل سرى إليه أثرها فظهر في بعض مؤلفاته: (غالية المواعظ، والإصابة في منع النساء من الكتابة) ولكن حسب من نشأ في هذه البلاد في تلك الأيام الحالكة فخرا - أن يكون مثل السيد نعمان في استقلاله واعتداله وجرأته على الدعوة ومجاهدة فريق الجمود والتقليد. 2 - مناصبه تولى في شبابه بفضله ونبله في بلاد متعددة وسار فيه سيرة مرضية فحمدت أفعاله وحبب إلى القلوب. وفيه يقول بعض أدباء (الحلة) يوم تولى قضاءها: لتصف الشريعة للواردين ... فقد جاءها اليوم (نعمانها) وقد كان مطروفة عينها ... فنال الشفا فيه إنسانها ثم ترك المناصب خشية أن تشغله عما هو آخذ بإتمامه من تأليف ونشر وفي سنة 1295هـ قصد مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، فمر بطريقه إليها على مصر القاهرة لطبع (روح المعاني) تفسير أبيه الإمام فوقف على الحركة العلمية

هناك. . . فأتفق له أن اطلع على (فتح البيان) تفسير الإمام المصلح الكبير وناشر ألوية العلم السيد حسن صديق خان ملك بهوبال - وقد طبع في مصر - فراقه وأعجبته آراء صاحبه العلمية والإصلاحية وتمنى أن يتصل به ولو مكاتبة. فلما وصل مكة طفق يسأل عن الرجل ويبحث عن مؤلفاته فأتيح له رجل خبير بأحواله (وهو الفاضل الشيخ أحمد بن عيسى النجدي) فزوده بما زاد في إكباره له وإعجابه به واشتياقه إليه. وعند قفوله كتب إليه كتابا يستجيزه فيه ويذكر له تعلق قلبه به لقيامه بالدعوة إلى مذهب الحق فما كان منه إلاَّ أن أجاب ملتمسه ثم اتصلت بينهما المراسلة إلى أن قطع حبالها الحمام. 3 - تآليفه وفي هذه الأثناء كان السيد خير الدين يؤلف كتابه الجليل: (جلاء العينين في محاكمة الاحمدين) فلما أتمه (في شهر ربيع الآخر سنة 1297 هـ) قدمه إلى خزانته ورغب إليه في نشره فحقق له أمنيته واصدر أمره بطبعه في دار الطباعة بمصر. ولم يقتصر بتلك الصداقة المتينة على هذه الاستفادة وحدها منه فحسب بل استفاد أيضا ما قوي به على نشر مذهب السلف الصالح في العراق، وخدمة الأدب والعلم بطبع مؤلفاته ومؤلفات أبيه ومؤاساة الفقراء والمساكين كما يؤخذ من كتابه المنشور في مقدمة الجلاء. وفي سنة 1300 قصد الأستانة لإعادة ما اغتصبته يد الجور من حقوقه إلى نصابه، فمر على سورية وبلاد الأناضول واجتمع بعلماء هاتيك الديار فملك إعجابهم وأجاز وأجيز حسب العادة المألوفة فلما وصلها وألقى فيها عصا التسيار واجتمع بأولي الأمر عرفوا له فضله واحلوه رحيبا وبالغوا في تكريمه. وانعم عليه السلطان عبد الحميد الثاني بمراتب عالية، واصدر أمره بإعادة مدرسة مرجان إليه. فآب إلى بغداد - بعد أن قضى في الأستانة سنتين - وتصدر للتدريس بعنوان (رئيس المدرسين) ونشر مطوي الفضائل ومكنون العلوم وحصر أوقاته في التدريس والتصنيف فكان يذهب إلى المدرسة صباحا ولا يعود إلى بيته إلاَّ مساء وقد هنأته الشعراء بالعود وأرخت توجيه المدرسة إليه بقصائد عديدة. منها قول السيد شهاب الموصلي من قصيدة:

وافى وعرفانه والعلم عرفه ... إلى رجال ذوي علم وعرفان موظفا قد أتى لكن (بمدرسة) ... قديمة العهد من إنشاء (مرجان) وظيفة قبله كانت لوالده ... بموجب الشرط شرط الواقف علي واليوم قد عاد مقبول الجناب إلى ... بغداد باليمن مشمولا بإحسان وفي صكوك العلى والعلم أرخه ... سجل تدريس مرجان لنعمان 1302 4 - خطابته ووعظه وقد كان رحمه الله جوزي زمانه في الوعظ وقد بلغ في حسن التذكير والإرشاد النهاية فكان في كل سنة يجلس في شهر رمضان للوعظ في أحد المساجد الواسعة فيقصد من أطراف البلد حتى يغص المكان بالمستمعين - فأتفق له في شهر رمضان سنة 1305هـ أن استطرد في أحد مجالسه - والحديث ذو شجون - بحث سماع الموتى فذكر ما قاله علماء الحنفية في كتبهم الفقهية من عدم سماع الموتى كلام الأحياء وأن من حلف لا يكلم زيدا مثلا فكلمه وهو ميت لا يحنث وعليه فتوى العلماء وهو المرجح لدى المحققين - فقام حشوية بغداد وقعدوا لها وأنكروا عليه هذا العزو وأثاروا أفراد جهلة العوام والمرجفين في مدينة السلام، وكادت تقع فتنة تسود وجه التاريخ ولكنه بدهائه وحلمه سكن ثائرتهم فجمع في اليوم الثاني كل ما لديه من كتب فقهاء المذاهب الأربعة وصعد كرسي الوعظ - وقد احتشدت الجموع - فأعاد البحث وصدع بالبيان ثم اخذ يتناول كتابا كتابا فيتلو نصوص العلماء ثم يرمي بها إلى المستمعين ويصرخ: هؤلاء هم علماؤكم فإن كنتم في ريب منهم فدونكموهم وناقشوهم الحساب؛ حتى إذا فرغ نهض واخترق الجموع الثائرة غير وجل ولا هياب فأقبلوا عليه يقبلون يديه ويعتذرون إليه من قيامهم بتحريك المرجفين من فريق المقلدة والجامدين. ثم ألف رسالة لطيفة جمع فيها ما زبره الفقهاء في هذا الباب واسماها: (الآيات البينات في عدم سماع الأموات).

دفع أوهام

وكان منذ صباه شغوفا بالمطالعة وميالا إلى جمع الكتب النادرة فوفق لتأليف خزانة حافلة تعد اليوم من أغنى خزائن كتب بغداد واحفلها بالمخطوطات النادرة ثم وقفها على مدرسته وعين لها محافظا يتعهدها رجاء المنفعة بها ابد الدهر وحبا بالذكر الجميل وهو تحت رجام القبر. وهكذا أمضى عمره؛ أمضاه بالدرس والتدريس. بالوعظ والإرشاد بالتأليف والنشر. بمجاهدة الباطل وفرق الابتداع بجمع الكتب ووقفها في سبيل العلم. نعم أمضاه صابرا ومحتسبا اجره على الله. حتى أتاه اليقين صبيحة يوم الأربعاء السابع من المحرم سنة 1317هـ ودفن في مدرسته في جوار مرقد مرجان تحت القبة مقابل الباب. فرزئ الإصلاح برجله الفذ في العراق وفقد العلم ركن نهضته العظيم. وكان نبأ وفاته شديد الوطأة على أهل الإسلام في الأقطار رحمه الله. محمد بهجة الأثري دفع أوهام 1 - توهم بعض البسطاء السذج أن في صدور مجلتنا (عن) شهر كذا أنها (لشهر كذا) والحال (عن) لا تفيد معنى ما توهموه. فمجلتنا تبرز في أول الشهر المذكور اسمه بجانب (عن). 2 - وتصور بعض المغفلين أن (أخبار الشهر) تحوي أخبار الشهر الذي اسمه في صدر المجلة. وليس الأمر كذلك؛ فهي تحوي ما وقع في أحد شهور السنة مهما كان ذلك الشهر بدون قيد إذ لم نقيد نفسنا به؛ وكل مرة رأينا خطورة الخبر أو الواقع ومكانه من التاريخ قيدنا يوم الشهر بجانبه. 3 - وخطر لبعض البلداء - ولعل اصله من الأعاجم والعرق دساس - أننا بذكرنا المرادفات نتوخى إيراد غرائب اللغة. ولو كان في دماغه ذرة عقل لوجد أن تكرير اللفظة الواحدة بالمعنى الواحد مما تأباه الغريزة العربية وتفضل عليه التنقل من لفظ حسن إلى حرف أنيق تنقل المفردات من فنن إلى فنن إنعاشا للنفس. لكن أين لذلك العلج معرفة المفردات الفصحى وهو عنها في موضع قصي!

فوائد لغوية

فوائد لغوية الكلم الرحالة هل خطر على بالك أن الكلم ترحل؟ أي أنها ترحل من بلد إلى بلد. ومن قوم إلى قوم، فتتزيا بأزياء الأمم التي تندمج فيها، كما أن الرحالة يتكلم بألسنة أهل الديار التي يرحل إليها ليقضي لباناته؟ فإن كان قد عن على بالك هذا الأمر؛ فلقد طاب لك هذا البحث مرارا إذ رأيت العجب من هذه الأسفار التي يدهش لها المفكر، وإن لم يمر بخاطرك فأنا اعرض عليك كلمة تكون مثالا لتلك الأسفار التي تقوم بها أمثلة تلك المفردات. فهذه كلمة (الفتى) ومؤنثها (الفتاة) تراها جاست خلال البلاد، وانتقلت إلى ألسنة كثير من العباد. فإن الفرنسيين والأسبانيين البرتوغاليين يسمون الفتاة والفتى والإيطاليون وكلهم اتخذوها بمعنى الفتاة العربية اللفظ. أي الصبية، ثم بمعناها العربي الثاني أي الأمة ولما كانت الأمة معرضة لخطر الفساد لكثرة ما تخدم من أنواع الناس في جميع الطبقات، صارت بمعنى البغي كما انتقلت كلمة (فتاة) نفسها وأمة مرادفتها إلى هذا المعنى. فالفتيات على ما هو مشهور الامآء. وقد وردت الأمة بمعنى البغي، كما أشار إليه ابن الأعرابي إذ قال: يقال للامة فرتنى. وكذلك فعل الفرنسيون فإنهم سموا البغي وكان أصل معناها الفتاة بالمعنى الحسن، ثم حل بمعناها ما حل بمرادفتيها العربيتين. ولا يتلفظ أديب منهم بهذه الكلمة بل يشار إليها بحرفها الأول أن تكلما وأن كتابة. فهل أخذ العرب لفظتهم الفتى ومؤنثها الفتاة عن الغربيين أم الغربيون أخذوها عن العرب؟ فالذي أراه أنا أن الإفرنج أخذوها عن العرب على ما يظهر لي. قال لتره في معجمه الفرنسي الكبير: تاريخ اللفظة يرتقي (ورودها

في الفرنسية) إلى القرن الثاني عشر (ثم ذكر عدة شواهد من كلام قدماء كتبتهم من قرن إلى قرن، ثم قال: واصلها كأصل ثم ذكر وجودها في سائر اللغات فقال: باللغة البروفنسية والأسبانية وبالإيطالية وباللاتينية ومعناها الفتاة، كما أن هو الفتى أي الشاب إلى آخر ما قال. ولم يذكر أبدا أن اصلها عربي أو سامي. على أني بحثت عما يقابل هذه اللفظة في اليونانية فوجدت وإذا أضيفت قالوا وفي هذه الكلمة اليونانية لغات عديدة بموجب قبائل اليونانيين الأقدمين، على ما يرى نظيره في لساننا، أي أن الكلمة يتلفظ بها باختلاف وجيز يعرف باللغة أو باللغية. ونحن لا نتعرض لمختلفات الغيات اليونانية إذ كلها ترجع إلى هذا الأصل الفصيح. وأنت تعلم أن لغويي الإفرنج يقولون أن اللغة اليونانية فرع من الهندية القديمة الفصحى ويسمونها السنسكريتية، فهذه هي الأم وتلك البنت والحق يقال أن الفتى بالهندية القدمى - ومعناها الفتي من الحيوان وبالزندية: فئرة وبالفارسية القديمة: فثرة، ويلفظ بالراء لفظا مختلسا لا يكاد يشعر به، ومعناها الابن والولد، وإذا تتبعت على هذا الوجه جميع اللغات الأوربية المتولدة من اليونانية أو الهندية الفصحى، لما خرجت عن حيز هذه المادة إلاَّ بحروف العلة وهي مما لا يعتد به عند علماء اللغة. وإذا سألت بعض المتعصبين الغربيين ولو كانوا من أبناء العرب، عن أصل الفتى أمن أصل سامي أم من أصل آري؟ أو بعبارة أخرى: هل العرب أخذوا لفظتهم عن الآريين، أم الآريون (وهم أجداد الهنود والفرس والإفرنج) أخذوا لفظتهم عن العرب؟ - قالوا لك حالا: العرب أخذوا لفظتهم عن الآريين ولا حاجة إلى إلقاء هذا السؤال عينه على أبناء الغرب الآريين، فإنهم يقنعونك أن العرب تلقوا لفظتهم عن اجدادهم، ولا يجوز الذهاب إلى رأي آخر. أما نحن فنخالف الجميع، وإن أقمنا أهل السماء والأرض علينا. أننا نقول أن الآريين أخذوا لفظتهم عن العرب أو الساميين. لأسباب منها: 1 - إن الفتى العربية تتصل بمواد أخرى عربية كثيرة. ولا سيما بمادة ف ت (وما الشد في الأخر أو تكرير الحرف الأخير إلاَّ من باب إظهار الحرف

الأخير وتحقيقه بالتاء لئلا يمتزج بحرف آخر كالثاء أو الطاء أو الدال أو بغيرها - وكذلك القول عن الناقص أي زيادة الألف في الآخر هو من هذا القبيل أيضا أي هو من باب تحقيق الحرف الأخير) فالفتى على الحقيقة وحيد الهجاء أو المقطع فهو (فت) لا غير. والعربية في ألفاظها الواحدة المقطع على هذا الوجه كثيرة؛ اكثر مما يرى في سائر الألفاظ. إذن العربية اقدم سائر اللغات المعروفة. 2 - أن لمادة (فت) معاني تؤيد مشتقات الفتى. فألفت: دق الأشياء وكسرها بالأصابع. وما يفتت لا يكون إلاَّ صغيرا. وهناك فرع آخر هو فتأ الشيء (بالهزة في الآخر) ومعناه كسره أيضا؛ ثم هذه الهمزة تفخم فتصير حاء فتقول فتح. ومنها: فتح القناة فجرها ليجري الماء فيسقي الأرض؛ وما يفجر يصغر. وقد تزاد الراء على آخر (فت) فتصير (فتر) يقال: فتر الشيء، سكن بعد حدة وفلان فتر عن العمل: انكسرت حدته ولأن بعد شدته. والحر انكسر. والماء: سكن حره. وفتر جسمه: لانت مفاصله وضعف. وترى في كل هذه المعاني اللين والانكسار وهو يرجع إلى الصغر والتجزؤ أيضا. ثم انتقل إلى ما يلحق مادة (فت) من حروف تكسعها بها. فيكون عندك فتغ الشيء؛ أي وطئه حتى ينشدخ - وفتق الشيء شقه وخلاف رتقه - وفتك الرجل: ركب ما هم من الأمور ودعت إليه النفس؛ كما أنه صيّر تلك الأمور صغيرة لما به من شديد الهمة وأسرها. فهذه الفروع على تشعبها وتفننها تدلك على أن مادة (فت) عربية الوضع وليس لسائر اللغات ما يضاهيها. فلكون اللفظة وحيدة الهجاء هو احسن دليل على قدمها. فهل يستطيع الغير أن يأتونا بمثل هذا البرهان القاطع؟ أما كيف أخذ اليونان أو الآريون من هنود وغيرهم هذه اللفظة عن العرب؟ أو عن الساميين؟ قلنا: هذا كان في العصور الواغلة في ظلمات القدم؛ حينما كانت تلك الأمم متجاورة مختلط حابلها بنابلها. وعندنا من هذه الألفاظ شيء كثير؛ تثبت قدم اللغة العربية أو اللغات السامية وتفوقها عليها جميعها: تلك اللغة الضادية التي ضاهت بوضعها محاكاة الطبيعة على تشعب ما يسمع فيها من الأصوات المتعددة. نعم أن رأينا لا يوافق كثيرين من أبناء الغرب وجما غفيرا من الشعوبية لكننا نقيم من أدلتنا المتعددة، ومن أكوام الألفاظ المنيعة ما يقوم بوجههم جبلا لا يمكن هدمه أو نسفه؛ بل إزالته عن موضعه ولو قيد شعرة!

أصل علامات التأنيث في العربية في لغتنا ثلاث علامات للتأنيث: الهاء أو التاء كما في أديب لمؤنث أديب وبنت لتأنيث الأبن، والهمزة مثل صفراء لمؤنث أصفر. والألف كقولك الكبرى وأنت تريد مؤنث الأكبر. فمن أين أتتنا هذه الحروف؟ لا جرم أن الحروف الموجودة في لغتنا هي أثر كلم كانت تقوم مقامها ثم استغني عنها استغناء من يكتفي بالأثر عن الأصل وبالصورة عن المثال. والذي بلغ إليه بحثنا أن هذه الحروف مقطوعة من كلمة واحدة هي (أنثى) وهي تكتب بالارمية (أنتى) بتاء مثناة وتلفظ (أتى) بإسقاط النون. فهي في رأينا أصل الحروف المستعملة عندنا في التأنيث. فقولك أديبة أصلها أديب أنثى، فاستغنوا بالتاء أو بالهاء عن بقية اللفظ. والأنثى لفظ يقع على من يعقل ممن ليس من الذكور، وعلى ما لا يعقل. ولهذا صح أن يقدر هذا اللفظ لا غيره. وقولنا (صفراء) فمعناه (أصفر أنثى) قالوا في أول الأمر: (أصفرآء) ثم كرهوا أن تكون همزتان في اللفظة الواحدة فحذفوا الأولى وابقوا الثانية التي في الآخر لتقابل الهاء أو التاء في سائر الألفاظ وكذا القول في (الكبرى) فإن اصلها (الأكبرا) ثم تصرفوا فيها تصرفهم في الصفراء مثلا. ولنرجع إلى لفظة أنثى واصلها: إن كنت واقفا على بعض أصول اللغات السامية تذكر أن ما كان يلفظ به العرب بالثاء اصله في اغلب الأحيان شين بالعبرية مثلا، والأنثى يقابلها في هذه اللغة (أشى) التي هي تخفيف (أنشى) وأنشى هي مؤنث (أنش) الذي معناه الإنسان أو الأنس والنسوة في لساننا جمع انس المحولة عن أنشى، إلاَّ أن نحاتنا لما جهلوا الأصل قالوا أن النسوة وكذا النساء هما جمع مرأة والعاقل يأنف من أن يصدق هذه الخرافة والحق ما ذكرناه أي أن النساء والنسوة جمع كلمة مماتة عندنا وهي (آنسة) ومعناها الأنثى وهي محفوظة في قولهم إنسانة مؤنث إنسان على ما روي عن بعضهم بل محفوظة في كلمة (أنثى) التي اصلها (أنسى أو أنشى) على ما تقدم التصريح به.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة على يفعول قرأت ما دبجته يراعة الصديق العلامة الأب انستاس ماري الكرملي في مجلته لغة العرب (م4 ص101) عن كتاب يفعول الذي عني بنشره صديقنا الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب التونسي فجئت بهذه الكلمات لأفصل بها ما أجمله الثاني عن بعض المواضع التي زادها علي الصغاني مؤلف الكتاب والأول على مؤلفه وناشره لأن هذه المواضع لا تزال معروفة عندنا في فلسطين وكذلك لأضيف إليها بعض القرى والدساكر الموجودة بفلسطين والواردة على وزن يفعول فأقول: المواضع التي زادها عبد الوهاب يبرود: قال الأستاذ عبد الوهاب ناشر الكتاب عنها أنها من قرى البيت المقدس ذكرها ياقوت في معجم البلدان ونقول نحن أن هذه القرية من عمل بيت المقدس ولا تزال آهلة وعدد سكانها اليوم (199) نسمة. عين يبرود: قال عنها قرية أخرى من قرى البيت المقدس ونقول أنها لا تزال آهلة بالسكان وعددهم (576) نسمة. المواضع التي زادها الكرملي يأزور: قال حضرة الأب العالم (اليازور اسم موضع في بلاد العرب ذكره ابن الأثير في كامله. اه) ومع أن ابن الأثير قد ذكر ذلك الموضع في كتابه كامل التواريخ فإن ابن منجب الصيرفي وهو متقدم على ابن الأثير في المدة قد ذكره قبله في كتابه الإشارة إلى من نال الوزارة (ص40) كما أن ياقوت الحموي المعاصر لأبن الأثير قد افرد له مادة كتب فيها

ما عرفه عنه ويغلب على الظن أن ابن الأثير قد نقل ذلك عمن تقدمه. أما يأزور فلا تزال قرية آهلة وهي في ضاحية يافا بينها وبين الرملة وعدد سكانها اليوم (1284) نسمة. يأمون: قال الأب: (يأمون اسم موضع ذكره الهمداني في صفة جزيرة الرب) ونقول نحن أن ما جاء عنها في هذا الكتاب عند ذكر المؤلف مساكن من تشاءم من العرب (ص129) (وأما جذام فهي بين مدين إلى تبوك فإلى اذرح ومنها فخذ مما يلي طبرية من أرض الأردن إلى اللجون واليامون إلى ناحية عكا. اه) ويأمون هذه قرية من القرى الآهلة وهي من عمل جينين وجينين بين نابلس والناصرة وعدد سكانها اليوم (1486) نسمة. المواضع المذكورة في أصل الكتاب ويجدر بنا بعد أن ذكرنا ما تقدم أن نعود إلى أصل الكتاب فنوضح بعض ما فيه مما له علاقة بفلسطين قال المؤلف: اليأجور: الأجر ولم يزد. ونقول نحن أن في ضاحية حيفا قرية اسمها اليأجور كانت ملك بعض أعيانها فتسربت في العهد الأخير إلى أيدي اليهود الصهيونيين وكان عدد سكان هذه القرية زهاء (200) نسمة من الوطنيين فلما اتصلت باليهود أنشأوا فيها مصنعا هائلا للأسمنت أنفقوا عليه أموالا طائلة وهم يستثمرونه اليوم ويتناولون التراب اللازم للأسمنت من تراب الجبل المحاذي للقرية فيحرقونه في الأفران الأوربية ثم يعرضونه للبيع في الأسواق التجارية وقد أثبتت الاختبارات الفنية التي قام بها بعض المتخصصين أن هذه المادة تفضل سواها من الأسمنت الذي يستورد للبلاد من مصانع الغرب وقد اخذ استعمالها يعم في المباني الكثيرة التي تنشأ لحساب الوطن القومي اليهودي في هذه الأرض المقدسة. فهل حرف العرب خاصية هذه التربة قديما فسموها باليأجور نسبة إلى الأجر؟ وأجوده ما يصنع من هذه المادة الترابية التي تتحجر

عاجلا وتستخدم في البناء بدلا من الحجارة أو أن هذه التسمية جاءت عفوا وهو ما نستبعده؟ قلنا إننا نستبعد أن يكون العرب قد جهلوا حقيقة هذه التربة بالاعتماد إلى تسمية موضعها باليأجور وقد ظهر أثناء نقل التراب إلى المصنع بعض مغاور قديمة فيها نواويس فخارية وفي هذه النواويس عظام بشرية يظن بعض العارفين أنها فنيقية مما يدل على رسوخ قدم هذا الموضع في القدم. أما المصنع الذي أنشأه اليهود فيعمل فيه اليوم ما يربي على الأربعمائة عامل ويستخرج منه في اليوم ما يضاهي مائة وخمسين طنا من الأسمنت. يأسوف: (قرية قرب نابلس من فلسطين) هذا ما قاله المؤلف عنها وقد ذكرها ياقوت في معجمه وهي قرية صغيرة من عمل نابلس. عدد سكانها اليوم (172) نسمة. وبعد فان عندنا في فلسطين عدة قرى على وزن يفعول لم ترد في أصل الكتاب ولا في الحواشي التي كتبت عليه ولم تذكر في معاجم تقويم البلدان رأينا أن نذكرها هنا إتماما للفائدة. المواضع الموجودة في فلسطين والتي يجوز إضافتها إلى يفعول يأسور: اسم قرية من عمل المجدل في مقاطعة غزة عدد سكانها اليوم (456) نسمة. يأقوق: اسم قرية من عمل طبرية يقال لها يأقوق ومواسي عدد سكانها اليوم (494) نسمة ومواسي المعطوفة عليها اسم لقبيلة بدوية لها بقية في نواحي طبرية وصفد. يأنوح: اسم قرية من عمل عكاء عدد سكانها اليوم 214 نسمة. يأنون: اسم قرية صغيرة من عمل نابلس عدد سكانها اليوم 71 نسمة. هذا ما أردنا إيراده في هذه العجالة وفوق كل ذي علم عليم. حيفا: عبد الله مخلص

الملا عثمان الموصلي

الملا عثمان الموصلي طالعت ما جاء في الجزء الخامس عن الملا عثمان فتذكرت بعض أمور عنه ويطيب لي أن أرويها لقراء لغة العرب: اذكر روايتي عن المرحوم عثمان أفندي أنه فقد بصره وهو في مهده بصورة مدهشة، وذلك أن جارة لهم كانت تعادي أمه فجاءت يوما فرأته في المهد وليس ثم أحد فقلعت عينيه وذهبت. وأن أمه خبأت العينين حتى شب وسلمته إياهما ظانة أنه يجد من يعيدهما إلى موضعهما. وهذه الحادثة كان لا يزال يذكرها. وإذ ذكر الكاتب ترجمته يجب ذكر جانب من ذكائه المفرط، وهو معرفته لأصحابه من لمس أيديهم مهما طال أمد الفرقة بينهم. فمنها أنه دخل بيروت وكان فيها المرحوم صالح أفندي السويدي فتقدم إليه وصافحه دون أن ينبس بكلمة واحدة فأخذ يده وبقي يتلمسها هنيهة وهو لا يعلم بوجود صاحبه في بيروت وإذا به يقول: (سويدي ما الذي جاء بك إلى هنا؟) وذكر لي المرحوم رؤوف أفندي أبن حسن أفندي الشربتجي الموصلي أنه دخل جامعا في الأستانة فوجد الشيخ عثمان جالسا للوعظ. قال فجلست في ناحية قريبا منه، ففطن بأن الجالس ليس من المستمعين على العادة. قال فتطال إلي وسألني (بك أفندي بكم الساعة) فاجتهدت بتغيير صوتي وقلت بالتركية (العاشرة ونصف) ثم ختم درسه بعد لحظة وأخذ في الدعاء قائلا: (اللهم صل وسلم على رسولك الرؤوف الحسن) وبعد تمامه قال هل تحتاج بعدها إلى التكتم عني؟ ورأيته مرارا وهو يقدر سن من يسمع صوته فلا يخطئ إلا قليلا في الكهول وأما في سواهم أي في من كان في الطفولة إلى المراهقة فقلما يخطئ. ومررت معه ليلة في سوق. وبينما نحن نسير ونتحدث إذ ضربت بعصاي باب حانوت وقلت له: (هذا حانوت صاحبك فلان) فقال كلا بل حانوته الحانوت الآخر الذي بلصقه. وكنا ليلة عند المرحوم السيد محمد صالح الكيلاني، وكان هناك أحد المولوية وهو يقرأ ويمد رأسه تارة ويقلبه يمينا ويسارا تارة أخرى ولم يسكت فضجر

معنى كلمة عراق

الشيخ عثمان وصاح بالغلام هات (دنبكا) (والدنبك عند بالعراقيين هو المسمى بالدربكة عند أهل الشام) فأتاه به ونحن نظن أنه يريد الضرب عليه وإذا به ضربه فخرق الجلد وجعله على رأسه يقلد به قلنسوة المولوية وأخذ يقرأ ويتواجد مقلدا الرجل أعظم تقليد حتى مللنا من الضحك وهو يقول ما هذه الليلة الباردة هذا ما خطر لي الآن إذ له أمور كثيرة. وكان رحمه الله سحابة لا يدخل الدرهم يده إلا مارا بها، ولو جمع مما حصله من الأستانة لبلغ الألوف من الذهب إنما كان له صاحب هناك يسمى بالملا يونس فكان يعطيه ما يأخذه حتى أن أحد الأفاضل كان يقول اللهم يسر لي من يكون لي مثل عثمان ليونس. وفتح مع شريك حانوتا في الأستانة للوراقة؛ فما جاءه أحد يطلب كتابا بغياب شريكه إلا ومد يده وسلمه إياه بصورة يعجز ذوو الأبصار عن مثلها. وله شعر كثير من ذلك تخميس الهمزية والبردة. وكان في نظم التاريخ أمة وحده فلا يعجزه التاريخ بل متى أخذ السبحة بيده فلا يمضي ربع ساعة حتى يستخرج التاريخ نظما. نعم أن شعره ليس بالعالي الجزل بل يجمع الجزل والركيك. عبد اللطيف ثنيان معنى كلمة عراق سيدي صاحب لغة العرب المحترم. وقفت على تعليقكم على معنى كلمة عراق وقد ذهبتم إلى أهنها بمعنى معروق التي معناها المعرض للغرق. وهذا يدعم رأيي القائل أن العراق معناه بين النهرين أي بلاد الماء ولزيادة الإيضاح أقول عثرت مؤخرا في (تاريخ شمروا كد) لمؤلفه الأستاذ كنك ص 14 ج1 و2 على أن أول أسم أطلق على العراق كان لفظة قلم (على وزن سبب) ومعناها (الأرض) ثم أبدلت على توالي الأزمان بكلمة قنجي (وزان عبدي) التي معناها أرض الترع والقصب. ويظهر أن جميع الألفاظ التي أطلقت على ديارنا هذه كانت بمعنى واحد وهو بين النهرين وأن اختلفت باختلاف الأزمان والأقوام والألسنة. رزوق عيسى

ملاحظات وقفت على ما جاء في الجزء الخامس من لغة العرب فبدا لي بعض أمور في أثناء المطالعة وها أنا ذا أبوح بها لعل فيها فائدة: 1 - ذكر صاحب مقالة الحافظ أو الملا عثمان في ص262 أنه كان يعرف لعبي الدمة (الدامة) والشطرنج. والحال أن المرحوم كان يجهلهما بتاتا. واللعب الذي كان يحسنه هو (الدومنو) ولعل تقارب أحرف الدمة والدومنو كان سبب هذا الوهم. 2 - في يوم وفاته انتقل إلى دار الخلود رجلان آخران شهيران وهما محمد سعيد الدوري من افقه أهل زمانه في العراق وآخر اسمه داود. 3 - جاء في مقالة الألفاظ الارمية (ص267) في كلام الكاتب عن البزاغة (من بزرا. . . بإبدال الراء الثالثة غينا، مع أنه ليس هناك راء أولى ولا ثانية ولعل الكاتب أراد أن يقول بإبدال الراء - وهي الحرف الثالث - غينا. وفي ص269 ذكر الدحرة فقال يقال دحره على قلبك ودحرة بعينك والمشهور طحرة ومعناها في لساننا الشيء مهما كان. قال في اللسان يقال: ما في النحي طحرة أي شيء. وما على العريان طحرة أي ثوب. وقال الجوهري: وما على فلان طحرة، إذا كان عاريا. اه وذكر الحويجة (ص270) بمعنى قطعة من الأرض فيها شجر. والمشهور في معناها عندنا نحن العراقيين: الحويجة الجزيرة (أو الجزرة) فيها أشجار. 4 - قرأت في ص290 (إن بني قريش كانوا يفرون من الهمز) والذي احفظه أنه لا يقال بنو قريش أبدا بل قريش لأن قريش اسم قبيلة لا اسم رجل حتى يكون له أولاد. مترقب (لغة العرب) نشكر المترقب على ملاحظاته. أما أنه لا يقال بنو قريش فلا نوافقه. فلقد صرح بذلك القلقشندي في نهاية الأرب في معرفة انساب العرب المطبوع في بغداد في مطبعة الرياض إذ عقد المؤلف فصلا للقبائل التي يصدر اسمها ببني فقال في ص321 بنو قريش: قبيلة من كنانة غلب عليهم اسم أبيهم فقيل لهم قريش على ما ذهب إليه جمهور النسابين. إلى آخر ما قال. وجاء في لسان العرب في مادة قريش: وقيل سميت بقريش بن مخلد بن غالب بن فهر. اه. إذن يقال بنو قريش ولا غبار عليه.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة هل فرثية هي طبرية؟ س - قرأت في كتاب (دروس التاريخ للصف الخامس الابتدائي) الباحث عن القرون الأولى والوسطى لمؤلفه الفلاحي وقد وضع وفقا لمنهج وزارة المعارف وتقرر تدريسه في المدارس الابتدائية طبع سنة 1925 في ص30 ما هذا نصه: (فأنتهز الفرصة رجل من أهالي برثيا (طبرية) وألف جموعا كثيرة من الفرس وتمكن من تأسيس دولة إيرانية جديدة سميت بدولة (البرثيين) وأخذ يحارب السلوقيين وانتصر عليهم في اكثر الوقائع) اه فما اسم المؤسس لهذه الدولة وهل عرفها العرب بهذا الاسم؟ وهل فرثية (التي يسميها المؤلف برثيا) هي طبرية؟ (شطرة المنتفق. ر. ش.) إننا لنعجب من وزارة المعارف لتقريرها مثل هذا الكتاب الطافح بالأغلاط وإثباته بين كتب التدريس. لا نعلم كيف جعل المؤلف فرثية طبرية؟ فطبرية في فلسطين وفرثية في العراق وفارس ولا تصل تخومها إلى فلسطين. ولعل المؤلف أراد بطبرية طبرستان؟ فهذا أيضا خطأ واضح لأن طبرستان بلاد أو قطر أو كورة واسعة داخلة في جزء من أجزاء فرثية القديمة لكنها ليست بها؛ والمؤرخ لا يسمي بلادا باسم لم تكن معروفة به في ذيالك الأوان. فطبرستان كلمة حديثة بالنسبة إلى فرثية. أما مؤسس هذه الدولة فهو ارشك على ما جاء في كتب العرب أو أشك راجع الكامل لأبن الأثير (1: 208 - 210 من طبعة الإفرنج) وسمى السلف هذه الدولة بالاشغانية أو الاشعانية أو الاشكانية أو الارشكية أو الفرثية (بفتح الفاء إلاَّ أن بعضهم قرأ الثاء المثلثة سينا فقال الفرسية بيد أنه أبقى الفاء مفتوحة فضمها بعض الجهلة وقالوا فرسية) والحال أن الفرس بالفتح هم غير الفرس بالضم فالأولون يعرفهم الإفرنج باسم والآخرون هم

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 24 - الإرشاد جريدة علمية أدبية إرشادية يصدرها في بغداد نادي الإرشاد في الأسبوع مرة واحدة مديرها: المعتمد العام الأول لنادي الإرشاد عبد الجليل آل جميل، بدل الاشتراك عن كل سنة كاملة 5 ربيات وعن ستة أشهر 3 ربيات، صدر العدد الأول منها في 5 تشرين الثاني سنة 1926 الموافق 28 ربيع الثاني سنة 1345 جاء في هذه الصحيفة الأسبوعية بعد الافتتاحية مقالة تحوي نظام الإرشاد يليها مقررات النادي فالكسب في نظر الدين الإسلامي فالمباشرة بالوعظ كذا) والإرشاد وبهذا المقال ختمت الجريدة صفحاتها الأربع فبقي هناك رقعة بيضاء بمنزلة متنزه تتمتع الأبصار ببياضها الناصع وترتاح من سواد الحبر الذي يتعب البصر. وكنا نود أن يعتني بعبارتها. ولا سيما لأن كتابها من العلماء الأفاضل. واحسن مقال ورد فيها وعني به هو - على ما يظهر لنا - مقررات النادي ودونك مستهله: (أجمعت الهيئتان - المؤسسة والإدارية - معا في 14 ربيع الثاني سنة 345 المصادف 22 تشرين الأول سنة 926 وبعد شكرهم لحسن إدارة الحكومة البريطانية العظمى إدارة الوقف إلى زمن تشكل الحكومة العربية عقدوا الجلسة وحروف برثية أو برطبة هي الحروف التي تكتب بها طبرية لكن ليس للحروف هنا اعتبار في قلب الكلمة فأنظر إلى الأغلاط العديدة الموجودة في العبارة الواحدة فما قولك في الكتاب كله والأطفال إذا تعودوا حفظ الأغلاط في التاريخ قبل أن يعرفوا صحيحها يتعذر عليهم العود إلى الصحيح منها. فانا لله وانا إليه راجعون! ............

برئاسة صاحب السماحة السيد إبراهيم أفندي الحيدري فتذاكروا في شأن إلغاء وزارة الأوقاف جهة التدريس من بعض المدارس الدينية وجهة الإرشاد من التكية الخالدية. . .) إلى آخر ما ورد. فنحن لم نفهم معنى (أجمعت) في قوله أجمعت الهيئتان، فإذا كان هناك غلط طبع أي أن الأصل كان (اجتمعت الهيئتان)، فلا نر وجها لقول النادي بعد ذلك (معا) وهل يكون اجتماع بغير أن يكون معناه (معا)؟ إذن (معا) زائدة وأما أن لم يكن هناك غلط طبع فكان يحسن أن يوصل معنى (اجمع) بالجار (على) أي أن يقال مثلا: أجمعت الهيئتان. . . على شكرهما. . . وعلى كل حال في الكلام غموض. ثم أن الهيئة لم ترد بمعنى اللجنة في العربية بل بالتركية فقط. وقال الهيئتان المؤسسة والإدارية. ولو قال المؤسسة والمديرة أو التأسيسية والإدارية لكان ............ المعطوف من جنس المعطوف عليه وهو من حسن التعبير عن الفكر في مكان فصيح معهود - وقوله في 14 ربيع الثاني سنة 345 المصادف 22 تشرين الأول. . . قلنا لا معنى للمصادف هنا إذ ليس ثم مصادفة إنما هناك (موافقة) فكان من المستحسن أن يقال الموافق 22 تشرين الأول كما ينطق به المصريون والسوريون وكل فصيح. وقوله: وبعد شكرهم لحسن إدارة الحكومة. . . ولا نعلم كيف يعود ضمير الجمع إلى اسم مثنى. فالكلام كان عن الهيئتين (أي اللجنتين) فكان من اللائق أن يقال: وبعد شكرهما لحسن إدارة. . . ومع ذلك لا يرتبط الكلام ارتباطا بينا بقوله في الأول: أجمعت الهيئتان. . . فكان يحسن أن يقال مثلا كما قلنا في بدء كلامنا: أجمعت اللجنتان. . . على شكرهما لحسن إدارة الحكومة البريطانية تدبير أمور الوقف، لكنه قال: لحسن إدارة الحكومة البريطانية إدارة الوقف. . . وفي هذا التعبير من التعسف ما لا يخفى على القارئ. وربط تلك العبارة بقوله: إلى زمن (تشكل) الحكومة، وهذا أيضا من التعبير العثماني أو التركي أو المغولي أو انعته بما تشاء لكن لا تقل أنه عربي فالتشكل في لساننا مصدر تشكل الشيء أي تصور وتشكل العنب أي اينع بعضه

أو اسود واخذ في النضج، فأين هذا مما يريده؟ - ولو قال: إلى زمن (تألف) الحكومة لفهمنا مراده. ولم ندرك ما عناه بقوله بعد ذلك: إلغاء وزارة الأوقاف (جهة) التدريس من بعض المدارس. فلجهة في العربية الجانب والناحية وكل موضع استقبلته وتوجهت إليه. وهذه المعاني كلها لا تتسق مع الألفاظ السابقة ولا يتحصل منها ما يربط الكلم بعضها ببعض. ولعل المراد هو إلغاء (منصب) التدريس من بعض المدارس. لكن بقي معنى الكلام في قلب الشاعر. ولا نريد أن نتتبع النادي، نادي الإرشاد، في كل ما قال وحبر من الكلام إذ كله على هذا النسق. وكنا نود أن تكون العبارة محكمة (رشيدة) حتى لا يعترض عليها (الضالون) فيمتنعوا من مطالعتها. وعلى كل حال أننا نتمنى للإرشاد أن يكون دليلا وهاديا لأن غايته على ما قال في مقال الاستهلال: (صلاح حال الأمة المسلمة التي أصبح الكثير منها بسبب الجهل وفشو البدع والخرافات وانحطاط الأخلاق بحالة غير محمودة حتى وصل الأمر إلى درجة أن الأب لا يعطف على بنيه ولا يلتفت الأخ لأخيه) غفر الله لنا وهدانا إلى الصراط المستقيم. 25 - مختصر تاريخ الطبري عن السنين الهجرية 65 - 99 الموافقة لسني 684، 685 - 716، 717، لأغناطيوس غويدي، طبع في رومة 1935 اغناطيوس غويدي من كبار المستشرقين، لا يتعرض لأمر يتعلق بالعرب لا بل بالشرقيين، إلاَّ يوفيه قسطه من التحقيق والتدقيق. وهذه الخلاصة جاءت شاهدة على تضلعه من العربية وتاريخ بني عدنان وعلى أن شيخوخته المباركة لا تقعده عن العمل. فلقد صدق فيه قول لغويي العرب أنه (الراتي الرباني) أي (العالم العامل المعلم).

26 - تاريخ الطب عند العرب محاضرة بقلم الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف، طبع بنفقة الدكتور مصطفى الخالدي أستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت لا يطالع القارئ مجلة من كبار مجلاتنا العربية إلاَّ يرى فيها مقالة للأستاذ عيسى المعلوف. فمباحثه دقيقة وتحقيقاته بالغة أقصى التحفي. وقد أهدى إلينا الصديق المحاضرة الثانية (ولم تصلنا الأولى) وهي تتناول البحث عن اتصال الطب بالعرب منذ نشوءه إلى عهدنا هذا. وهي محاضرة نفيسة تدل على اطلاع واسع ووقوف عجيب على تاريخ العرب وتقدمهم في الطب. على أننا كنا نود أن يتولى الأستاذ بنفسه طبع مسودات هذه الرسالة فقد جاء في الصفحة الأولى منها (وهي ص3 من البحث) قوله: فاشتهروا به وتفوقوا ولعل الناشر حذف (على من سواهم) بعد قوله وتفوقوا ولعل الكلمة كانت مثل (وأجادوا فيه) فأبدلت ب (وتفوقوا) فلم تحسن العبارة. وذكر في سبب دخول الطب بلاد الفرس: (أن ملكهم سابور تزوج ابنة أولينوس قيصر فبنى لها مدينة (جنديسابور) وفسح لأطباء اليونان (الذين رافقوها حسب تلك الأيام) محلا لبناء مدرسة ومستشفى فنقل الطب من الإسكندرية إلى تلك البلاد الشرقية بهذه الواسطة واتصل بالعرب. . .) ونحن نجل الأستاذ عن نقل مثل هذه الرواية التي ذكرها بعض الخرافيين هذا فضلا عن أننا لا نعلم أن عند الرومان قيصرا يسمى أولينوس. والذي كان في عهد سابور كان اسمه غرديانس وخلفه فيلبس العربي ثم أذينة بن السميدع ولما كان بعضهم يجهل صحة هذا الاسم العربي نقله بصورة (اودينوس) لا (أولينوس) كما جاء في هذه المحاضرة. وكنا نود أن نعلم السند الذي نقل عنه حضرة صديقنا الفاضل لنتثبت صحة الرواية. وقال في تلك الصفحة: فالطب العربي مقتبس من طب هؤلاء الأقوام، ولا سيما (اليونان) ولو قال ولا سيما من طب اليونان أو من اليونان لكان افصح. ثم قال: ولكنه (أي الطب) اتصل بالعرب فلم يهملوه. . . بل زادوه تبسطا في الأبحاث وتوسعا في العلاج ومهارة في الجراحة والتشريح وخبرة في

العقاقير. . . قلنا كان الأجدر أن يقال: بل زادوه بسطا. . . وسعة. . . فتصدق بقية المصادر المعطوفة على هذين الأولين وكلها تدل على معنى التعدي. أما التوسع والتبسط فيدلان على معنى اللزوم - وقد علمنا من تتبع تاريخ الطب أن العرب لم يمهروا في الجراحة (والصواب علم الجراحة لأن الجراحة اسم الضربة أو الطعنة وجمع الجرح أيضا لكن لم ترد عند الفصحاء بمعنى علم الجراحة) والتشريح لأن الدين يحضر مس الموتى؛ هذا فضلا عن أنه لم يشتهر عندنا بهتين الصناعتين من يعتمد عليه. وفي ص4 ورد ذكر مدينة الشوش ومرة ثانية شوش وكلتهاهما غلط والصواب السوس بالمهملتين. وفيها ذكر اسم مدينة (كرخ بيت لافاط) وعرفها العرب باسم بيلاب (راجع معجم ياقوت) وقال هناك. . . كرخ بيت لافاط وهو اسم جنديسابور التي دعتها العرب (الأهواز) قلنا: بيت لافاط (التي هي بيلاب عند العرب) عرفت باسم جندي سابور لكنها ليست بالأهواز لأن هذه واقعة في جنوبيها وبعيدة عنها. والأهواز كانت تعرف ببيت هوزايا ومعناها مدينة الخوزيين وسماها الفرس هرمزد اردشير، وهرمشير - وفي تلك الصفحة (باتانوس الامدي) والمذكور في الكتب (اطنوس) بالطاء لا يردفها ألف - وذكر كتاب (الفن الطبي وخواص العناصر) والمشهور أن اسم الكتاب (الفن الطبي وخواص الأطعمة) - وذكر المتحف البريطاني والأصح المتحفة أي محل تكثر فيه التحف - وذكر رئيس المكتبة الملكية. ولم تأت المكتبة عند العرب بمعنى خزانة الكتب أو دارها أو بيتها. أما المكتبة فهي محل تكثر فيه لتعرض على المشترين فهي والخزانة وفي ص5 جاء أسم يحيى أو يحنى أو يوحنا بن سرافيون مصحفا بصورة سراجيون الذي لا وجود له. ولو تتبعنا كل الصفحات لوجدنا في كل منها عثرة من العثرات. وما كنا نود أن نرى مثل هذه الهنات في هذه الرسالة الوضاءة الحسنة الورق والطبع. ولهذا نشير على الصديق أن لا يؤذن لأحد أن يطبع مؤلفاته ما لم تعرض عليه مسوداته لكي لا تتشوه فتضيع الفائدة من مطالعتها وتذهب محاسنها إدراج الرياح.

27 - مرقاة المعلم للصفوف العالية في اللغتين الفرنسية والعربية تأليف الأب يوسف علوان اللعازري، المراسلات التجارية والمسائل القضائية، الجزء الثاني كتاب التلميذ في 239 صفحة، الجزء الثاني كتاب المعلم في 168 صفحة، كلاهما طبع في المطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1926 تكلمنا عن الجزء الأول للتلميذ في 240: 4 وعن جزء الخاص بالمعلم في 295: 4 وقد تلقينا الآن الجزء الثاني للتلميذ والمعلم. فوجدناهما أخوين مشابهين لأخويهما السابقين. وكلما طالعنا في هذه الأجزاء الأربعة نقول: وهل يمكن أن نرى كتبا في هذا الموضوع تشابهها أو تقاربها؟ فيكون الجواب: إلى الآن لم نجد، فلعل الزمان يفاجئنا بما يدانيها، لكن لا يمكن أن نرى ما يفوقها. وكفى بهذه الشهادة على حسن أسلوب هذه الأجزاء فكأنها أسنان المشط في المساواة والمؤاخاة والمشابهة والإجادة، فهي حقيقة درجات مرقاة توصلك إلى الإجادة في فن الترجمة. كسر المؤلف كتابه المفيد على أربعة غرور متكافئة وطوى كل ثني منها على فوائد في الترجمة تميز العربية من الفرنسية وتبين لك الأسرار الموجودة في كل من هاتين اللغتين الضرورتين في بلادنا. فالجزء الأول يحتوي على المراسلة المألوفة في جميع الأساليب على ما رأيت. والجزء الثاني يطلعك على خفايا الترسل التجاري ومسائل القضاء وهو الذي اهدي إلينا في هذه الآونة بقسميه الخاص أحدهما بالتلميذ والثاني بالمعلم. أما الجزء الثالث فيدور محوره على مواضيع تتعلق بالفصاحة والبيان ويكون دائما كسائر الأجزاء في قسمين: قسم للتلميذ وقسم للمعلم. ويختم الكتاب بالجزء الرابع الذي يقوم موضوعه على مواد الخطابة بفرعيها الديني والدنيوي وأقسام الجزءين الأخيرين جار طبعها وتبرز وشيكا. والكتاب صغير الخلق في حجم 16 حسن الكاغد والطبع متقن التبويب

والأسلوب فلا ينتقل الطالب من موضوع إلى موضوع إلاَّ يرى في نفسه تقدما يعده للارتفاع إلى أعلى. وإطراؤنا لهذا الكتاب هو من باب الحق والإنصاف. لكننا لا نريد أن نقول أنه خال من كل عيب، إذ هذه الصفة خاصة بأعمال الله عز وجل. أما صنع البشر فلا يخلو من مغمز. ومعايب هذا التصنيف أن المؤلف لا يتحاشى عن اتخاذ ألفاظ العوام وتعابير التجار المغلوطة المستعملة في العربية. وأما عبارته الفرنسية فإنها خالصة كالأبريز. وكنا نود أن يعامل لغتنا معاملته لغة الأجانب. ففي ص65 من جزء التلميذ (بالمزايا التي تؤهلني لالتفاتكم، وخير منها تؤهلني لالتفاتكم إلي. وفيها: فلي أمل إذن إنكم تتنازلون. . وهو تعبير قبيح سرى إلى بعض الكتاب عن طريق الأجانب والصواب: فآمل إذن. . . وفيها أتشرف فأسألكم أن تكرموا علي؛ واحسن منها: أتشرف بأن أسألكم أن تتكرموا (بتاءين) علي. ثم أن تكرم على فلان غير فصيح فهو كتفضل عليه من هذا القبيل. والذي ورد عند الفصحاء بمعناهما: احسن إليه وجاد عليه. فتصبح العبارة إذا قلت: أتشرف بأن أسألكم أن تجودوا علي. هذا فضلا عن أن تفعل اثقل من افعل وفعل. ومثل هذا التسامح والتساهل في التعبير لا تخلو منه صفحة على أننا لا نراه يجري على هذا الوجه في العبارات الافرنسية، وهذا ليس من باب النصفة. وما نقوله عن جزء المتعلم نعيده على جزء المعلم ونزيد على ما تقدم أن المؤلف يفضل العبارة الطويلة لتأدية المعنى على كلمة عربية واحدة. فقد وضع في ص47 من جزء التلميذ بازاء بالغ في التدقيق ولو وضع بجانبها أسف (بتشديد الفاء) لاستغنينا عن الكلمات الثلاث. ووضع بازاء قام بمعاش فلان ولو قال بدل ذلك عاله أو مأنه لكان اخصر وأوفى بالمطلوب. ووضع مقابلا لكلمة دفع ما كان باقيا عليه، ولو قال: دفع الروية (وزان الشقية) لأنقذنا من العبارة الطويلة العريضة. ووضع في معنى إشارة إلى كلمة والتعبير العربي لا يؤدي معنى الكلمة الفرنسية فهي قاصرة عنه بل ولا تفيدنا شيئا والصواب (ميز الكلمة بخط) أو يكتفي بقولك: ميز الكلمة. ووضع

وقع (بالتثقيل) ولكلمة وقع كتابه، وأنا لا أرى فرقا بين التعبيرين العربيين مع أن الكلمتين الفرنسيتين لا تفيدان معنى واحدا. فمعنى امضي وهي وإن كانت مولدة؛ إلا أن (وقع) لا تقوم مقامها. ولما كانت الرسائل لا يبعث بها إلى المعنون إليهم إلا بعد أن يكتب صاحبها اسمه عليها قالوا (أمضاها) أي أنفذها أو أجاز إنفاذها إلى المعنون إليهم واحسن منها ختم لأن الإنفاذ المذكور يكون بوضع الختم عليه بخلاف فإنها بمعنى ذيل الرسالة باسمه ويكتفي بذيل فقط إذا كان هناك دليل. وأما بمعنى الزم نفسه بدفع مبلغ فإن المعاصرين وضعوا لها لفظة واحدة وهي (اكتتب) وهي مع ذلك ليست لهم بل للمولدين إذ وردت في كتاب البيان المغرب لأبن العذاري المراكشي في الجزء 1ص171 س5 و7. هذا ولو أردنا أن نتتبعه في جميع أوضاعه لمللنا وامللنا. وقد رأيناه في اغلب الأحيان يتتبع مصطلحات المعجم الفرنسي العربي للأب بلو اليسوعي المطبوع في جزءين في بيروت ولو لم يفعل لكان احسن له لأن صاحب الكتاب المذكور أعجمي ولم يكن يحسن العربية بل اكتفى بان نقل الألفاظ الواردة في معجمه الآخر العربي الفرنسي إلى معجمه الثاني الفرنسي العربي فغر وعر. عامله الله بالحسنى! 28 - التقرير الصحي السنوي لمديرية الصحة العامة خلال 25 - 1924 و24 - 1923 طبع في دار الطباعة الحديثة في بغداد سنة 1926 في 238 صفحة بقطع الربع. نشرت مديرية الصحة عدة رفائع منذ زوال حكم الاتراك، ولكننا لم نقف على شيء حسن التبويب: واضح الجداول، واف بالمقصود مثل هذا التقرير والرسالة التي فتح بها مدير الصحة العام الحكيم اليقظ حنا خياط رفيعته هذه هي من احسن ما جاء في هذا المعنى فإنها تطلعنا بلمح البصر على وجوب زيادة المبلغ المرصد للصحة لتعميم الوسائل محاربة للأمراض. ولقد أفادت المستوصفات المحدثة في هذه السنة مع تكثير عدد الأطباء الذين لا يزالون دون المطلوب، إذ يبلغون اليوم 464 والمرغوب فيهم لا يقلون عن 2831 ولهذا استنتج المدير

العام إنشاء متقن طب للبلاد حتى يقوم بما يطلب منه. ومما يطيب ذكره هنا أن الحكومة أنشأت عدة مستشفيات منذ تولي حكم الأتراك وهي في كل سنة دائبة في بناء أمثالها لحاجة البلاد إليها حاجة أهلها إلى الطعام والشراب. والكتاب مزين بصور مختلفة تزيد في حسنه. والواقف على كلامه يرى فرقا عظيما بين ما كان يكتب من نوعه في السنين الأولى وبين ما يكتب الآن، فإن عبارته اقرب اليوم إلى اللغة الفصيحة منها بالأمس؛ على أنها لا تزال في حاجة إلى التحرير لكن الذي يعلم أن في هذه المديرية من الموظفين ما عدد ألسنتهم يبلغ الاثنين والثلاثين يتعجب من أن العبارة تحكم هذه الأحكام. على أننا لا نغفر لهذه الإدارة سوء ضبط أعلام مدننا، فلقد تكرر اسم اربيل عشرات وعشرات. والصواب اربل (بلا ياء) وكذلك المنتفك وصوابها المنتفق. وغلط كتابة بعقوبا بصورة بعقوبة أمر هين؛ لكننا لا نغفر له أن يكتب الاسم الواحد بصورتين مشوهتين فقد ذكر كوي سنجق وتل أعفر مرة بصورة كويسنجاق وتللعفر (ص78) ومرة كويسنجق (ص139) وتلعفر (ص77) وكلها غلط والصواب ما أوردناه. وأشنع من هذه التصحيفات قوله مرارا عديدة في نهر معقل أو معقل (وزان مجلس) ماركيل (ص77) وهذا التصحيف المشوه القبيح الشقيح الشنيع منقول عن الإنكليز وهو أثم لا يغتفر، وهل يمكن أن نأخذ أسماء بلادنا عن الأجانب؟ ومن غريب ما رأينا في هذا التقرير أن لم يحدث ولادة ولا وفاة في كربلا سنة 1924 - 1925 في أشهر كانون الثاني وشباط وآذار ونيسان (ص121) فلا جرم أن هناك ما يدل على أن بعض مدننا في تأخر عظيم من جهة ضبط الوفيات والولادات. وقد ختم المؤلف هذا التقرير بقانون الأمراض العفنة وبتعليمات لمراقبة دور البغايا وبتعليمات حول أجور الكشوف السريرية الخصوصية إلى غيرها مما يعز وجودها في هذا التقرير النفيس الذي يخلد اسم مؤلفه النشيط صديقنا الدكتور حنا خياط.

29 - على عهد الأمير سلسلة روايات تاريخية تصور الحياة اللبنانية القديمة لفؤاد افرام البستاني، المطبعة الكاثوليكية في بيروت 1926 في 160 صفحة بقطع 16. بديعة هي توطئة هذا الكتاب اللذيذ القراءة. وما كدنا نتمها إلاَّ خيل إلينا أن صاحبها من الآباء المرسلين المنتمين إلى رفقة يسوع، لكننا لم نرها مذيلة باسم أحدهم. ثم دفعنا هذه القصص إلى أحد أصدقائنا الصميم ليطالعها ويفاتحنا بفكره ولم نزد على هذا القدر من الكلام كما أننا لم نشر بكلمة إلى ما خطر في خلدنا وإذا به يقول في رسالته إلينا: (اقسم أن كاتبه غير كاتب المقدمة) فتعجبت من هذا الاتفاق في الحكم على التوطئة وعلى بقية ما خلفها من الكلام. ومهما يكن من الأمر فإن المقدمة من احسن ما يقال في الأقاصيص المعربة عن الغربيين: فإن اغلبها مفسدة للآداب والعقول واللغة الفصحى؛ لأن الذين يتولون تعريبها هم أناس همهم الربح وعنونة المعربات بأسماء مشاهير كتاب الإفرنج ليسهل عليهم ترويجها. والقصص المذكورة في هذا الكتاب هي كلها من الروايات التي وقعت وهي كلها تبقي في النفس احسن الأثر وتحمل القارئ على تأثر جلائل الأعمال ومكارم الأخلاق. والعبارة رشيقة أنيقة حسنة التركيب، لكنا لا نقول أنها خالية من الغلط. وهي دون عبارة التوطئة أحكاما ورطوبة. فقد جاء في ص6. . . والتلاعبات السياسية الخرقاء التي اشغلت بلادنا في الربع الأخير. . . وهو من التعبير الركيك. ولعل العربي الفصيح يقول في مكانها: التي همت البلاد أو أقلقتها أو نحو ذلك. وفيها مترقبين غفلة يثبون بها ولعله يريد أن يقول يثبون لها. وفيها ويثقلون على العباد بالضرائب؛ وأظن أنه لو قال: ويثقلون العباد بالضرائب لكان هو المراد هنا لأن لقوله ويثقلون على العباد معنى آخر ليس هو المطلوب في هذا السياق. وفي ص7 لا تنفك ترسل إليَّ محتوياتها. والصواب بمحتوياتها على ما صرح به المحققون. وفيها

وتضحية كل شيء في سبيل الوصول إلى المطلب. والأحسن أن يقال والتضحية بكل شيء، لأن لتضحية الشيء معنى غير التضحية به. ونحن نتعجب من أن الكاتب يغفل عن مثل هذه الأمور وفي قوله (مرات عديدة) وهم آخر والصواب مرارا عديدة لأن المرات للقلة والمرار للكثرة. فبقوله عديدة يشعر بأنها كانت كثيرة وإلاَّ فلو كانت قليلة تلك المرات لكان اكتفى بقوله (مرات) بدون ذكر عديدة. ومثل هذه الدقائق المعنوية كثيرة في هذه الأقاصيص إلا َّأنها لا تشوه معناها. فنتمنى لها الرواج لما فيها من حسن العقبى وطيب المغزى. 30 - المجلة العلمية الطبية (البيروتية) هذه من المجلات التي تجري جريا حثيثا في التحسن، فلقد جاءنا الجزء الأول من سنتها الرابعة فوجدناه حافلا بالمباحث الطبية، واغلبها مما يلذ الوقوف عليه حتى من ليس له اطلاع على الطب. زد على ما تقدم أنها شهرية مصورة وسنتها اثنا عشر شهرا. فنتمنى لها الاطراد في الرقي. 31 - المباحث مجلة علمية أدبية فكاهية شهرية تصدر في طرابلس الشام لصاحبها ومنشئها جرجي يني. صاحب هذه المجلة مشهور بأدبه الجم وعلمه الدقيق لا يتناول بحثا إلاَّ يقتله علما. ونحن لا نطالع هذه المجلة إلاَّ يحفل فكرنا بما يلذ ويطيب ويفيد ويبقي فيه ذكرا بعيد المدى. ومن لم يسمع بجرجي يني؟ أفليس اسمه جذابا للوقوف على ما يكتبه ويحبره ويحرره. والحق يقال أننا كثيرا ما كنا نحفظ في مجموعاتنا الأبحاث التي كان يعالجها في المقتطف وغيره إذ ما يكتبه في المواضيع التاريخية لا يكاد يجاريه فيها أحد. فنحن نحث كل أديب على الاقتباس من أنوار هذه الشمس وبدل الاشتراك فيها 125 قرشا مصريا. 32 - الحارس مجلة شهرية لصاحبها ومحررها أمين الغريب تصدر في بيروت، اغلب مباحث هذه المجلة عمرانية وعلمية وتاريخية ونسوية مع شذرات مختلفة وخواطر منتخبة من احسن المجلات العصرية والأجنبية. لا يطالعها القارئ إلاَّ ويحفل دماغه بفوائد جمة وفرائد جليلة. وقد بلغت سنتها الرابعة سائرة بجد ونشاط فعسى أن تبقى جادة في سبيل خدمة الوطن واللغة. 33 - سياج الشرق مجلة علمية أدبية فكاهية أخلاقية اجتماعية انتقادية طبية صناعية زراعية روائية صاحبها ومديرها جورج يوسف سياج وهي تصدر في مصر القاهرة مرتين في الشهر فنتمنى لها الرواج والانتشار.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - استقالة الوزارة السعدونية وقيام الوزارة العسكرية استعفى عبد المحسن السعدون من رئاسة الوزارة في 1 ت2 فقبل الملك استعفاءه ثم اتجهت الأنظار إلى جعفر العسكري الموجود في لندن فأبرق إليه ليستطلع رأيه فرضي بقبول ما عهد إليه وفي 18 ت2 وصل إلى بغداد للقبض على زمام الوزارة وفي 21 منه ألف وزارته على الوجه الآتي؛ وصدرت بها الإرادة الملكية: جعفر العسكري رئيس الوزارة ووزير الخارجية رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية ياسين الهاشمي وزير المالية رؤوف الجادرجي وزير العدلية نوري السعيد وزير الدفاع (على أن تبقى بعهدته وكالة القيادة العامة) محمد أمين زكي وزير الأشغال والمواصلات السيد عبد المهدي وزير المعارف أمين عالي باش أعيان وزير الأوقاف

2 - الأمطار في بغداد وسائر أنحاء العراق انهمرت مياه السماء في مساء 7 ت2 ولم تنقطع إلاَّ في مساء 11 منه ثم عادت إلى السقوط في 16 إلى 21 منه بأوقات متفاوتة وبمقادير مختلفة وهو أمر لم يشاهد مثله وبهذا الوفر في شهر تشرين الثاني من السنين المارة. فقد هطل في هذه الأيام ما جاوز خمس عقد (انجات) ودونك مقابله ما هطل منه في الأيام الماضية بما تدفق منه في هذه الأيام إلى 20 من ت2 سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة 1922 ما يساوي 0. 07 من العقدة (الانج) سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة 1923 ما يساوي 0. 02 سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة 1924 ما يساوي 0. 01 سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة 1925 ما يساوي 0. 45 سقط من المطر في تشرين الثاني من سنة 1926 ما يساوي 5. 00 وأعظم مقدار وقع من المطر كان في سنة 1894 إذ بلغ 4 عقد و84 جزءا من المائة واعظم من هذا القدر كان في شهري شباط وآذار من سنة 1890. إذ بلغت في شباط 5 عقد و90 من المائة. وفي شهر آذار 5 عقد و7 من المائة. ومن غريب أمر هذه الأمطار أن الليالي كانت صاحية والانهرة ماطرة. وبعد أمطار 21 ت2 أوشكت المدينة على الغرق من تهطال الأمطار. فلقد أضحت الشوارع والأزقة جداول وبحيرات. أما الجادة الكبرى فلقد كانت نهرا حقيقيا بطولها وعرضها وعمقها فبعثت أمانة العاصمة بخنزيرة (بآلة رفع) ذات ست عقد لجر المياه وتسريبها إلى النهر واشتغلت طول الليل بل مدة 9 ساعات إلى أن قذفتها في دجلة. ثم تابع موظفو الأمانة دفع المياه إلى دجلة في بقية الشوارع والمحلات. وأما في الأيام التي سبقت وكانت في العقد الأول من الشهر أرسلت بمضخات الحريق لا للإطفاء، إذ لا نار هناك، بل لتنقل المياه والأوحال المتراكمة في الشارع الأعظم. وهذه المرة الأولى من حياتنا رأينا مضخات الإطفاء تتخذ لتنشيف الطرق وتنظيفها. فوزعت المضخات على الوجه الآتي: المضخة الأولى للحريق لإزاحة المياه المتراكمة أمام وزارة الأوقاف وفندق مود.

المضخة الثانية للحريق لإزاحة مياه الميدان وشارع السراي (أي دار الأمارة) المضخة الثالثة مضخة يد لجر المياه المتراكمة في شارع المصبغة المضخة الرابعة مضخة يد لجر المياه المتراكمة في شوارع الفضل 3 - عيث الأمطار لا يخلو تتابع الأمطار من إيقاع الأضرار بمباني العراق. فلقد تهدمت تسعة أجسر بين 7 و10 ت2 من جسور سكة الحديد الواصلة بغداد بالبصرة ولقد أعيد بناء ثمانية منها أما التاسع فكبير يبلغ طوله مئتي قدم وعمقه تسع أقدام والناس جادون دائبون في إصلاحه. ويتم سفر الرجال ونقل البريد بواسطة القطار المعد في الجانب الآخر من جهتي الجسر، ثم هطل الغيث في 19 و20 منه فعاث بالجسور عيثا أعظم. وقد وقعت أضرار أخرى في الخط الذي في شمالي (الشعيبة) بقرب البصرة إلاَّ أن تلك الثلم أصلحت بعد انهمار الأمطار بدون تأخر؛ فلم يحدث من الإعاقة إلاَّ شيء قليل إذ نقل المسافرون على السفن لمواصلة سفرهم بدلا من القطار. ولم يسلم خط قراغان وخانقين من بعض الأضرار إلاَّ أنها لم تهمل فأصلحت بسرعة عجيبة ثم عادت الأضرار بعد أمطار 19 و20 ت2. والشلب (أي الرز) المزروع في قضاء دلتاوة تضرر وتأذت مزروعات الماش والذرة في جهات كثيرة. وانهارت دار في العوينة على ثلاثة هنود كانوا فيها فأخرجوا من تحت الهدم أحياء وأرسلوا إلى المستشفى؛ وهدمت دائرة هندسة أمانة المدينة قسما عظيما من سوق الشورجة. وسقط جانب عظيم من أحد حيطان سوق العطارين ومعه بعض الدكاكين بدون ضرر في النفوس. وسقط في البصرة حائط غرفة في محلة يحيى زكريا فدفن تحته صبيين. وفي خانقين جرفت مياه الأمطار القناطر الصغيرة وتهدم ما يقارب أربعين بيتا ودكانا ومات شخص واحد تحت الردم.

وطغت مياه نهر الوند ولم تحدث ضررا وجرف نهر ديالى السدة التي كانت عليه. وفي النجف سدت مياه الأمطار بعض الأسواق والشوارع والأزقة. 4 - سيمكو الكردي وفراره سيمكو (بكسر السين وسكون الياء والميم وبكاف مضمومة ضما مفخما غير مشبع أي هو أحد زعماء الأكراد الأبطال، وكان على رأس عدة أفخاذ كردية قوية ديارها بين ارمية وخوي وسلماس والرضائية. وكان قد قام على حكومة إيران سنة 1902 وناوأها في مواقع عديدة فلم يكن فيها من الخاسرين؛ إلاَّ أن التشرد والضرب في الآفاق لا يطول فقاومته جنود إيران في عهد تركية حتى اضطر إلى الالتجاء إلى أبناء توران. ولم يكن من فائدة أبناء المغول أن يشجعوه في عمله، لا بل سلبوه مبلغا جزيلا من المال واخذوا ابنه وإحدى زوجاته رهينتين؛ فلما لم يجد موئلا في إيران ولا في كردستان ولا في ديار الترك التجأ إلى دولة العراق الفتية فجاء قرية (بهركة) القريبة من اربل، والاربليون يتذكرون أنه هو الذي قتل سنة 1916 مار شمعون بطريرك النساطرة. ثم عن له خاطر أن ينظم إلى الشيخ محمود الكردي فحققه بالعمل فأستقبله الشيخ استقبالا شائقا وبعد أن قام في (سليمانية) مدة. عنت على باله إيران فرجع إليها رافعا لواء العصيان. فلما رأت حكومة إيران أن هذه الثورات تسلب البلاد راحتها وتضر تجارتها وتلقي الرعب في القلوب وتخرب المدن صممت على أن تضربه الضربة القاضية ففعلت. وقد ظهر لحكومة إيران أن سيمكو نهب أهالي مدن عديدة وخسرهم خسائر تقدر بالملايين من الذهب؛ ولهذا تأثرته في حربه حتى تفرقت عنه العشائر الكردية فضعفت مقاومته فأعتصم بإحدى قرى الجبال ومعه نفر من عياله وبعض أصحابه فطاردته هناك أيضا في وقعة دامت إلى نصف الليل. فأضاع فيها أمواله الناطقة والصامتة وترك أولاده وامتنع في الجبال، فلحقته الجنود ففر منفردا متخذا الليل جملا له حتى جاوز تخوم إيران واختفى في العراق (دخيلا) عليه

فأذنت له الحكومة لتريح جارتنا إيران من شره. والآن خضعت تلك العشائر الثائرة منذ ثلاث سنوات وأنشئ فيها المنظمات العسكرية فهدأت الأمور وانطفأت جمرة الثورة حتى أنها لم تبق لها أثرا. 5 - سالار الدولة في بغداد سالار الدولة هو أصغر أنجال مظفر الدين شاه إيران وعم الشاه الأخير المخلوع احمد شاه. وكان قد ثار على الشاه الجديد رضا خان بهلوي في أنحاء كردستان الفارسية منذ شهر آب. فوفق في بعض الغزوات إلاَّ أن أصحابه الثائرين خارت قواهم في الآخر لقلة ما في أيديهم من المال ووسائل الدفاع. فغادروه وانتقلوا إلى ديار العراق، ثم جاز هو أيضا تخوم فارس إلى حدود العراق فقبض عليه في أنحاء اربل في 2 ت2 وفي منه وصل إلى بغداد. وكان سالار الدولة قد ثار مرتين قبل ثورته هذه إحداها في سنة 1907 ومرة أخرى قام فيها على محمد علي شاه وحاول اختلاس الصولجان فلم يفلح إلاَّ أنه لم يقنط. ولما انقلب الحكم ثار مرة ثالثة وحاول التقدم إلى كرمنشاه وكانت الحكومة قد اشتغلت عنه بثورة خراسان فلما أخمدت تلك النار جاءت لتخمد النار الملتهبة في كردستان فنجحت، فأضطر إلى الفرار إلى اربل وقد نوت حكومة العراق على إخراجه من ديارها مجاملة لجارتها إيران. 6 - افتتاح مجلس الأمة في دورته الثانية في الساعة العاشرة من صباح أول تشرين الأول اخذ الناس يتقاطرون إلى بناية مجلس الأمة وحضر في الشرفة وكيل المعتمد السامي المستر برديان وعقيلته وقائد القوات البريطانية وممثلو الدول الأجنبية وعدد جم من رجال الجالية البريطانية ورؤساء الدواوين من عراقيين وإنكليز وعدد عظيم من الناس على اختلاف طبقاتهم وجلس رجال الصحافة في مجلس خاص في شرفة المستمعين. ولما كانت الساعة العاشرة ونصف دخل الردهة الأعيان والنواب ثم دخل جلالة الملك المعظم يتبعه الوزراء ورجال الحاشية. وكان جلالته بثياب عربية

وفي منطقته خنجر ذهب فتلا خطبة العرش، ثم غادر الردهة بين الهتاف والتصفيق ثم تبعه الأعيان فاجتمعوا في موطنهم الخاص بهم. ثم جرى انتخاب الرئيس وكان عدد النواب الحاضرين 79 ورشحت الحكومة حكمت سليمان إلا أن رشيد عالي الكيلاني نال اكثر الآراء إذ كان الذين له 43 والذين كانوا لحكمة سليمان 33 وبقيت ثلاث أوراق بيضاء. وانتخب الأعيان للرئاسة يوسف السويدي وكان عدد الذين له عشرة والذين للصدر سبعة، وبقيت ورقة واحدة بيضاء لأن الحاضرين كانوا ثمانية عشر. 7 - سفر المعتمد السامي طار فخامة المعتمد السامي صباح 22 ت1 من الهنيدي قاصدا بور سعيد ومنها ركب البحر إلى لندن ومنها إلى جنيف لحضور بعض مجالس عصبة الأمم. 8 - محاولة اغتيال حاكم البحرين بينما كان الشيخ أحمد بن عيسى الخليفة حاكم البحرين خارجا إلى ضواحي المدينة للتنزه في قصره أطلق عليه شخص مجهول الرصاص فلم يصبه بأذى وكانت الرصاصة آتية من ناحية قرية في الصخير صغيرة اسمها (منى) والشيخ أحمد أو حمد (على ما ينطق به بعضهم) تولى الإمارة بعد أن كفت يدا والده الشيخ عيسى عن تولي الحكم في آذار من سنة 1922. 9 - غرفتا تجارة في الموصل والبصرة أنشئت غرفتا تجارة بعد غرفة تجارة بغداد الواحدة في الموصل والثانية في البصرة وذلك في شهر تشرين الأول اقتداء بما فعلته العاصمة. 10 - الثقة بالوزارة العسكرية فازت الوزارة العسكرية بثقة المجلس النيابي بإجماع 78 رأيا وكان مجموع النواب 79. 11 - عبد المحسن السعدون فاز عبد المحسن السعدون في الانتخاب برئاسة مجلس النواب وكانت الأكثرية ساحقة وترأس الجلسة التي عقدت في 28 ت2 توا بعد انتخابه.

العدد 41

العدد 41 - بتاريخ: 01 - 01 - 1927 البطائح الحالية تعريف الناس بصاحب هذه المقالة وما يليها الشيخ علي الشرقي من الرجال الناشئين في النجف. وهو في العقد الرابع من عمره، وليس في دماغه شيء من الأفكار القديمة البالية أو المتهرئة؛ إنما هو خزانة حية حافلة بالعلم الحديث العصري، وهذا ما يتجلى في شعره الذي هو مرآة نفسه الحساسة، وفي ما تدبجه يراعته من المقالات الحسان. وهو ابرع رجل في العراق في معرفة دياره الحالية. ولقد عرفه القراء منذ نشأة هذه المجلة ولو كان يذيل مقالاته باسم منتحل ونقل المستشرقون (من فرنسيين وإيطاليين وألمانيين وإنكليز) عدة مقالات له أدرجت في هذه المجلة فترجموها إلى لغاتهم ونشروها في مجلاتهم، كما استشهدوا بها في كتبهم. وقد عزم الشيخ على أن يتحف هذه المجلة بمقالات عديدة، موضوعها الكلام عن مدن العراق الحالية، وعن دثورها، والأنباء التي يأتينا بها هي نتيجة رحلاته في أنحائه. لأن ليس في ديارنا من تجول فيها تجول الشيخ (عش) فإنه

يعرف عامرها وغامرها، حديثها وقديمها، ولهذا نشكره سلفا على ما يتحفنا به ونحن متأكدون أن كثيرين ينتفعون بهذه المقالات ونخص بالذكر المستشرقين على اختلاف قومياتهم؛ لأنهم يقدرون أعمال الرجال حق قدرها، ويعلمون أن الذين يتتبعون هذه المباحث هم قليلون، وجميعهم ممن جادت عليهم الطبيعة بأحسن مواهبها. قال الكاتب المتفنن حرسه الله: البطائح البطائح جمع بطيحة؛ بفتح الباء وكسر الطاء، يقال تبطح الوادي؛ إذا أستوسع وانبسط، فالبطيحة مسيل واسع ومجتمع مياه سائبة. والبطائح كثيرة ولكن المعروف منها والمنوه بها بطائح ما بين واسط والبصرة والحويزة (وهذه من بلاد خوزستان) وبطائح العراق هي مجتمع سيب الفرات ودجلة، من غير أن يكون من اختلاطهما عمق غائر؛ يوم كانت دجلة تستقيم من (المذلو) وكانت بطائحها في سواد بغداد و (بطن جوخى) ولكن بعد أن تحولت وسالت بين يدي واسط كثر الاختلاط بينهما وتوسع فكان فيضا مادا إلى ما وراء واسط إلى ظهر البصرة القديمة. ولم يذكر مخططو العرب البطائح ذكرا تاما؛ أما اليوم فقد مات ذكر البطائح، وأطلق على البقية منها اسم (الأهوار) وهي جمع هور وزان ثور و (البرق) وزان زحل وواحدتها برقة وهي من لغة سواد العراق ويريدون بها البطيحة. ولم تستقم البطائح على حال واحدة وإنما كانت كما يشاء لها الاتفاق والحوادث فربما كانت كالبحر العجاج مما اندفع إليها من مياه الطاغيين وربما هبط ارتفاع مياهها وغطتها عذبات عيدان الاسل والقصب فشخصت للعيون غابة كثيفة وقد يبلغ بها الجفاف والنشف إلى أن تصير أرضا حمادا أو تنحصر عن بقاع خضراء الأديم كأنها الأرياف تتخللها الغدران. فيمكننا أن نضبط لها حالات ثلاثا لم يظهر أنها تجاوزتها إلى حالة أخرى بل مازالت تتردد بين الثلاث، وهي: (البطائح)، (الجزائر)، (الجوازر). ولنبدأ بذكر البطائح لأنها الحال الأول، فنذكر موقعها ثم السبب المكون لها فاستفحالها فماضيها فحاضرها.

موقع البطائح كلما تحول مجرى دجلة تحول موقع البطائح كل التحول، اجل جرت دجلة بين يدي (المذار) وهو بلد دارس لم يبق منه اليوم غير مشهد عبد الله بن علي وموقعه شرقي دجلة ووراء البلد المعروف بقلعة صالح، فكونت بطائح ثم تحول عمودها إلى (واسط) فأحدثت بطائح ثم امتد نابها بين واسط والمذار وهو عمودها اليوم فجددت بطائح، والأثر المهم في تكوين البطائح دجلة البصرة وهي دجلة العوراء لأن غيرها من أجراف دجلة قلما ينفتق مجراه ويتبطح وذلك لأجل التغير المحسوس في مهابط دجلة، فمن بغداد إلى شقة بعيدة للمنحدر ترى متونا عالية وضفافا مرتفعة وأرضا صلبة وهذه هي دجلة بغداد التي لا شأن لها في أمر البطائح ومسحها كما ذكروا 30 فرسخا ودجلة البصرة هي أم البطائح ولا زالت تعور ويتبطح ماؤها ومسحها كما ذكروا 30 فرسخا مبدأها عند منتهى دجلة بغداد. ومنتهاها عند القرنة مبدأ شط العرب وهي أحادير ومنخفضات وأرض رخوة. وهذه دجلة العوراء طالما ردمت وحصنت بالمسنيات وأقيمت عليها السدود فاعيا أمرها واعورت. وشط العرب الذي ذكرناه معروف عند العراقيين ويتكون أولا من دجلة العوراء ثم من فيض البطائح، وقد كان خورا في أول أمره ويظهر أنه تكون في أوائل القرن الخامس للهجرة أو قبله فقد جاء ذكره في رحلة ناصر الدين العلوي من كبار أدباء الفرس وهو من رحالي القرن الخامس للهجرة. وكانت دجلة تستقيم من عند المذار في عهد الساسانيين وهي اليوم منقطعة من ثم، فكان موقع البطائح في (بطن جوخى) التي كانت نهرا وكورة في سواد بغداد، فلما تحول الماء بطلت تلك البطائح وانقطع السيب عنها فصارت صحاري ومفاوز يصيب المارة فيها سموم وقيظ شديد في أيام الصيف. وتحولت دجلة العوراء إلى ناحية واسط ومرت بين يديها وصبت في انهار سبعة وعمود مجراها كواحد من تلك الأنهار واتصلت وقتئذ بأرض ميسان

وكانت تلك الشعبة تسمى نهر ميسان وهي كورة واسعة يقع بلدها الشهير ببلد ميسان بين واسط والبصرة ولم يبق اليوم من تلك البلدة إلاَّ (مشهد العزير) وهو مغمور على حالته القديمة تخدمه اليهود وتحج إليه، فميسان إذا اليوم تسمى (بلد العزير) وموقعه بين القرنة وقلعة صالح، ولما استقامت دجلة من هناك انبثق من أسفل كسكر بثق عظيم واغفل فتغلب الماء على ما كان منخفضا من الأرضين وبقي ما كان مرتفعا منها فصار جآجئ واكنة للماتجئين إليها وتكونت هناك بطائح امتدت من أطلال واسط إلى ظهر البصرة وهذه هي البطائح الشهيرة في التاريخ وكانت مساحتها كما جاء في الأعلاق النفيسة لأبن رسته (ص94) 30 فرسخا في 30، في رقعة واسعة تقع بين ميسان وواسط والبصرة والحويزة. أما تحديدها فحد منها ميسان وهي بلد العزير اليوم وحد منها دجلة بغداد ما بين جبل وفم الصلح وهي اليوم حوالي كوت الإمارة؛ وحد منها مصب الفرات بين منازل بني أسد ومنازل بني منصور؛ وحد منها صحراء جزيرة العرب الشمالية وتسمى اليوم الشامية، ثم وقفت دجلة عن مجراها بين يدي واسط وتفرقت إلى أنهار عظام. أما عمودها فقد شق له واديا بين واسط والمذار؛ وهو مجراه اليوم بين منازل ربيعة الأمارة؛ ومنازل طيئ بني لام. فجففت بعض بطائح واسط وأصبحت بيداء وجزيرة موحشة تسمى (جزيرة الرفاعي) كما أن بطائح الحلة جفت فأصبحت جزيرة تعرف ب (أم سترين). أجل جفت بطائح واسط ولكن لم تجف كل البطائح بل انحسر الماء عن كثير منها فظهرت كورة واسط وسقي الغراف على شكل شبه جزيرة بين وادي الفرات الأسفل ودجلة العوراء وأصبح موقع البطائح اليوم ممتدا من بلد العزير إلى أعلى سوق الشيوخ والخميسية عرضا ومن هناك إلى القرنة وشط العرب طولا. وهذا التحديد يشمل رقعة واسعة من ذنائب الغراف وهي الأمكنة الواقعة بين (البدعة) ونهر (السديناوية)

ممتدة إلى (الحمار) مثل بطيحة الصديفة والغموقة وأم الفطور والحصونة وكثير غيرها. ولدجلة العوراء بطائح خاصة لم تختلط بسيب الفرات؛ وهي ما بين حوض العمارة وحوض الحويزة أما البطائح الناشفة شرقي الغراف وغربيه فقد أصبحت حرثا وعمارة وربما استفحل أمر البطائح وغادر تلك الأرضين السيب الذي صيرها في القديم بطائح. فسعة تلك البقاع وضيقها تابع لتغلب الرافدين وعدمه واثبت البلاذري في كتابه فتوح البلدان أن البطائح حدثت بعد مهاجرة النبي (ص) في عهد الملك ابرويز الفارسي الساساني وأنها اتسعت عندما دخل العرب أرض العراق واشتغل الأعاجم بالحروب؛ والذي يظهر للباحث أن البطائح حدثت قبل ذلك بكثير وأن الذي حدث في عهد ابرويز مظهر من مظاهرها التي توجد في كل فترة من الزمن أو هو حدوث ناحية من البطائح. تكون البطائح واستفحالها لا نشك أن الذي أعان على تكون البطائح عدة أمور أهمها قلة العمران الزراعي في العراق وإغفال أمر الرافدين من التفقد والتعهد بموجب أصول الفن وذلك باختطاط الأنهار اللازمة لتفريق المياه وتقليل سورتها وإيجاد خزان للطاغي منها وإقامة السدود وردم كل خرق يخشى خطره فإن لم يكن كل هذا وقد مر عليك أن بعض مهابط دجلة والفرات واطئة وأرضها رخوة فلابد من أن تفلت المياه وتتبطح. والذي يدعم قولنا هذا أن من تصفح شأن البطائح وجدها تتسع ويتفاقم خطرها زمن الارتباك وانصراف الناس إلى الحروب وتعمر وتجف زمن الركود والدعة. ولقد حاول مقاومتها وإصلاحها جماعة من رجال الأعمال الشهيرة.

فقد جاء في تاريخ الكلدان أن بعض ملوكهم تعاطى إصلاح البطائح وذكر صاحب النهج القويم في ترجمة نبوخذ نصر أنه هو الذي احتفر النهر المعروف بنهر الملك وهو الذي حفر حوضا واسعا وترعة للماء الزائد من الفرات أي (خزانا) وأقام سدودا كثيرة وجاء في أحوال الساسانيين وذكر ماضيهم أن الملك قباذ وابنه انوشروان والملك ابرويز كل منهم نهض في إقامة القناطر والسدود وردع الماء بالمسنيات حتى أن الملك ابرويز صلب في يوم واحد أربعين جسارا لتسامحهم في شأن السدود. وفي العهد العربي الإسلامي تعاطى كثير من الرجال هذا الإصلاح حتى أعرست البطائح في أيامهم وصارت كورة وقرى كثيرة وانفق أحد الأمويين وقد اقطعت له البطائح ليستغلها بعد العمارة ثلاثة ملايين درهم على سد واحد. وفي الناشفة اليوم آثار بثوق وخروق وسدود كثيرة منها (التناهي) الواقعة في شرقي الشطرة على بعد خمس ساعات في منازل خفاجة الغراف وهو ردم على هيئة تل مستطيل أقيم على البطائح ليكون سدا في وجه الماء الطاغي من الفرات ولا نعرف الذي أقامه والعرب اليوم تسميه (تناهي) ويظهر أنه اسمه القديم فقد ذكر الفيروزابادي في قاموسه أن (التناهي) سد في وجه الماء وهناك محل آخر تسميه العرب (الخروق) في شمالي واسط وأمامه سد في وجه الماء المنساب من دجلة وفي ظهر الناصرية وكربلا والمنتفق تل في الشمال الغربي ممتد في عرض البادية مسافة خمسة كيلو مترات وهو عال مرتفع وموقعه في منازل (الازيرق) سد في وجه الفرات. والى اليوم إذا طغى الفرات يأتي سيبه فيقف عنده وجاء في الاعلاق النفيسة لأبن رستة أن خالد بن عبد الله عامل الأمويين حاول أن يسكر دجلة وانفق الأموال فلم ينجح سعيه وسطت دجلة على البنيان والمعمور، ونقل البستاني في دائرة معارفه ج6 ص643 أنه كان على دجلة العوراء سكران. وقد يستفحل أمر هذه البطائح بأن تفيض دجلة والفرات معا فيضيق عنهما

عقيقاهما فينبثق الفرات من عدة أمكنة أشهرها وأخطرها من موطن حول (المسيب) وهو مدينة وفرضة على الفرات، وعلى هذا الموضع سدة مهمة تعرف ب (أم الصخور) ثانيا من مكان في أعلى المسيب وعليه سدة كبيرة تعرف ب (السرية) لأنها أنشئت في عهد سري باشا ثالثا من مكان يقع بين بلدتي السماوة والناصرية. وتنخرق دجلة من محلات عديدة منها في ظهر بغداد قريبا من (عقرقوف) ومن النهر المعروف ب (الجرية) قريبا من المدائن؛ ومن النهر المعروف ب (الحسينية) غربي (كوت الإمارة) وتوجد في الغراف أمكنة كثيرة تسمى (خرور) من كل هذه ينساب الماء زمن الطغيان فيستفحل أمر البطائح. وقد استفحلت في عهد كسرى قباد بن فيروز فأنبثق بثق عظيم وقد كان هذا الملك واهنا قليل التفقد لشؤون الملك فأغفلها حتى رجع الملك إلى ابنه انوشروان فعمل القناطر والسدود وانكشف الماء عن بعض الأرضين وفي عهد الملك ابرويز زاد الفرات ودجلة معا فأفلت الماء وحاول الملك أن يسكره ففشل ومال الماء على العمارة وغشي المساكن والقرى ثم رجع أمر المملكة إلى بعض النسوة من الفرس فخارت العزائم وبقيت الأمور هملا فأتفق دخول العرب أرض العراق فانشغلت الأعاجم بالنزاع على الملك وكبرت آفة البطائح. وفي عهد الحجاج علت الزيادة واتسعت الخروق وقدر إصلاحها فكان ثلاثة ملايين درهم فأستكثرها الوليد على بيت مال المسلمين إذ وجده إصلاحا غاليا ولكنه بقي يحاوله فأقطع مسلمة بن عبد الملك تلك الأرضين وقام بالأمر على نفقته. وفي عهد الدولة المباركة كثر الطغيان واشتد في زمن وزارة آل بويه أو إمارتهم وأهمل أمر البطائح فأتسع الخرق وهكذا ما زالت الفتوق تعاود حتى اليوم فإذا طفح الفراتان واشتد الطغيان حار الماء حتى يركب المعمور ويسف (أي يجري جريا سريعا) والعرب اليوم تسمي ذلك (موحان) إلا أنه أصبح أخف وطأة من قبل لأن المياه اشتد جريها إلى الأمام حيث يتكون شط العرب ولأن الفلاح العراقي عاد ملما بفنون الحراثة والزراعة فهو ينتفع به اكثر من أن يتضرر منه. وقد أثرت في البطائح السدة الجديدة التي أنشئت على الهندية والجداول التي حولها؛ كما أثر فيها شط (الحفار) الذي كراه البريطانيون زمن حركاتهم الحربية

وذلك ليكون مهيما لبواخرهم النهرية. وفي هذه السنة 1345 (1926م) بذلت الحكومة العربية على شط الحفار دراهم كثيرة وسدته إنعاشا لحالة الفلاح الذي تضرر منه كثيرا ومن الاتفاق المحمود حدوث موحان في سنة 1333هـ (1915م) عام وجودي في الغراف والبطائح. موحان اسم مشهور عند أعراب الغراف وما حوله ويحتمل أنه أخذ من قولهم (ميح الماء) والعرب هناك تطلق هذا الاسم على الماء السائب الذي يهجم عليهم وعلى قراهم ومزارعهم ويسمون عامه (سنة موحان) وآخر زياداته على تلك البقاع كان سنة 1333 عام الهزاهز العامة فقد طغى ماء دجلة وامتلأ عقيقها حتى ضاق وفاض فجرف السدود وهجم على المسنيات والعمارة فغرقت دار السلام بغداد وأنفتقت دجلة من الجانب الغربي وركبت كل منخفض وتدافعت تلولا من الأمواج في وسط البادية ومد الماء على عرض 20 كيلومترا فأخذ الجزيرة الفارغة التي بين فرات الحلة والغراف وهي امكنة بطائح في القديم ولها ماض زاهر زمن الحضارة العباسية وفيها آثار كثيرة وربما اتفق لسيب دجلة أن يختلط في هذه الأماكن بسيب الفرات فيميلان معا إلى سقي الغراف. ويظهر أنه في القديم كان موحان يجعل أرض الغراف كله بطيحة واحدة ولا يترك إلاَّ التلال ولأجل ذلك تجد ابن الأثير وغيره من المؤرخين لا يذكرون الغراف باسم نهر أو سقي بل يذكرون بطيحة الغراف أما الآن وقد ارتفعت تلك البقاع بواسطة الحرث أو الزرع الذي يعلي وجه الأرض بتطاول الأيام صار الكثير من مدالث الغراف ومزارعه في منعة وسلامة على أن الأضرار التي تحصل منه اليوم ليست بالقليل الهين ويندفع موحان هذا إلى أن ينصب في الفرات الأسفل قريبا من بلاد الناصرية ولا يندفع جريه توا إليها بل تعترضه في كل مهابطه حياض واسعة وبطائح جافة يصب في كل منها عدة أيام حتى تمتلئ

ويهبط الماء إلى غيرها وفي هذا الدور الموحش بين فرات الحلة والغراف عدة بطائح ناشفة يعرفها الأعراب بأسمائها فإذا تذاكروا في مهابط موحان عدوها واحدة واحدة باسم هورة كذا وهورة كذا فمن مهابطه: (مسماة) (وقد تبدل الميم الأولى بالياء فيقال بسماة) وهي تل جالس في سهل واسع كبير فيه جذور مزارع قديمة وآثار انهار. ومنها (أم الدور) بطيحة جافة فيها آثار الألواح (أي الدبار) وخطط سواق ورواضع. ومنها (أبو الذروق) هور كبير جاف. ومنها (طرخومة) وهي سهل متسع. ومنها (الظاهر) في الشمال الغربي من الشطرة على بعد 13 ساعة وهب بادية مقفرة كبيرة في الطول والعرض وفيها تلان متلاصقان تسميهما الأعراب (القصور العباسية) وعلى مقربة منها تل عال مستطيل ومن ورائه رواق عليه قبة بيضاء تسميه الأعراب (الظاهر) وبين تلاله والرواق آثار نهر يابس تسميه الأعراب ب (شط العنق) وقد سألت عنه بعض العارفين من الشيوخ فقال أنه أحد (النيليات) وهي جداول كانت تتشعب من شط النيل الشهير الذي طهره وكراه الحجاج، وهناك كثير من كسر الطاباق ورضوض الآجر والقاشاني المعرق وأطلال بالية وسحيق خزف فيظهر جليا أن التلال اخربة بلاد كانت هناك. ومنها (جوخى) وهي الآن بطيحة جافة وفيها تلال وآكام بلاد (أما) الشمرية الشهيرة في التاريخ القديم. ومنها (أبو جويري) وهو إقطاعية في منازل بني ركاب يزرع فيها ألوف من التناء والاكرة ومنها يبدأ موحان باكتساح مزارع الغراف ومساكنه فيجرف ما أمامه حتى ينتهي إلى البطائح المصاقبة للفرات الأسفل الآخذة منه مثل (هور الدكة) و (هور أبي قداحة) فيصب مجموع تلك الأسياب في فرات الناصرية. هذه هي مهابط موحان أو بعضها ولقد شاهدته ينحط على منازل الأعراب وأكواخ الفلاحين بجري واندفاع هائل وكان على ارتفاع مترين تقريبا

ولموج عجاج وما كان باستطاعتهم إنقاذ الأثاث والأمتعة بل فروا في وجه الطاغي وأووا إلى التلعات وجعلوا يتصيدون أو يلتقطون مهمات بيوتهم الطافية على وجه الماء. وهناك أمكنة مرتفعة ضيقة يمكن أن تقام السدود عليها في وجه هذا الهاجم ولا يراد بها صده جد الصد لأن ذلك ليس لهم بالمستطاع. ولكن تحويل مجراه إلى الأودية الفارغة من الزرع أو تعويق جريه حتى ينضج الزرع ويتم نموه، إلاَّ أن أولئك الأعراب لا يحسنون إتقان السدود والسكور فتجيء ناقصة ويخفق كدهم فيها وقد وقفت على ردم اشتغل فيه مئات من الفلاحين الكدد وقد بذلوا فيه طاقتهم فجاء في 13 كيلومترا وارتفاع 3 أمتار وعرض مترين وكان قويا محكما جاء الماء حتى وقف عنده لا يقدر على إزاحته؛ ولكن عصفت ذات ليلة زعزع شديدة صادف مهبها مع مجرى الماء فأجتمع على الردم قوة الماء وقوة الهواء ولم تمكن المقاومة فأنفتق 150 فتقا في وقت واحد وهجم الماء فألتهم القرى والمنازل واغرق الزرع البالغ، وللغرافيين زمن استفحال البطائح حال مزعزعة واضطراب مستمر تسمع أصوات حرسهم طول الليل وهم تحت سخط البرد القارس عكفا ساهرين على أفواه الجداول وضفاف المياه وترى بلادهم وقراهم مطوقة بالمياه المتفلتة وهم يقيمون السدود على أفواه الشوارع والأزقة. هذه كلمتي في تكون البطائح واستفحالها. ولقد أعان على تكوين البطائح النزاعات الحربية واضطراب حبل الأمن هناك في كل فسحة من الزمن وإذا وقفت حق الوقوف على السبب المكون للبطائح خلال الأيام والسنين تعرف أن حالتها غير واحدة وأن ماضيها غير بين ولا يخلو من إبهام وظلمة. النجف: علي الشرقي طبع كتاب الجمهرة لأبن دريد أخذت بطبع كتاب الجمهرة لأبن دريد في حيدراباد الدكن وقد وصلني نموذج منه في 52 صفحة من القطع الكبير، ولما كانت الحروف المشكلة قليلة القدر في تلك المطبعة فإبراز ذلك المعجم بحلته الموشاة يطول كثيرا. من بكنهام (انكلترة) ف. كرنكو

المحفى العراقي الجديد

المحفى العراقي الجديد 1 - كيف تألف المحفى في السنة الماضية لما أعدت وزارة المعارف ميزانية سنتها المالية الجديدة (1926 - 1927) فكرت في مشروع المجمع اللغوي فوضعت له اعتمادا في الميزانية وذلك بعناية وزير المعارف وهمة مدير المعارف العام ساطع بك الحصري فصدقه مجلس الوزراء واقره (مجلس الأمة) في اجتماعه الأول الاعتيادي. وفي 28 أيلول 1926 وجه وزير المعارف كتابا إلى الأستاذ معروف الرصافي والأب انستاس ماري الكرملي هذا حرفه: (لقد قررنا تأليف مجمع لغوي وفقا للتعليمات المربوطة وانتخبناكما عضوين لهذا المجمع لما نعهده فيكما من التضلع في اللغة ونرجو أن تجتمعا لانتخاب بقية الأعضاء نظرا للمادة الخامسة من التعليمات المذكورة ونتمنى لكما وللجميع النجاح. وزير المعارف عبد الحسين وتلخص التعليمات (بأن اللجنة تتألف في وزارة المعارف من ثمانية أعضاء برئاسة مفتش التدريسات العربية (وهو اليوم الأستاذ معروف الرصافي) وأن وزارة المعارف تنتخب عضوين فقط وتترك لهما حق انتخاب الثالث وحينما يتم هذا الانتخاب يجتمع هؤلاء الثلاثة وينتخبون الرابع ثم يجتمع الأربعة فينتخبون الخامس وهلم جرا إلى أن يكمل العدد المطلوب. ويجب أن يكون الأعضاء مضطلعين باللغة العربية علاوة على حذقهم إحدى اللغات الأوربية ويستثنى من ذلك ربع الأعضاء إذ يشترط في هؤلاء التمكن من اللغة العربية فقط. واجتمع في اليوم (29 أيلول 1926) الأستاذ معروف الرصافي والأب انستاس ماري الكرملي في وزارة المعارف وانتخبا الأستاذ طه الراوي عضوا ثالثا واجتمع الثلاثة فانتخبوا الأستاذ عز الدين علم الدين عضوا رابعا وبعد يومين

اجتمع الأربعة وانتخبوا الدكتور أمين المعلوف عضوا خامسا واجتمع الخمسة فانتخبوا أمين بك كسباني عضوا سادسا لكنه اعتذر عن القبول فانتخبوا الأستاذ توفيق السويدي عضوا سادسا والستة انتخبوا الأستاذ عبد اللطيف الفلاحي عضوا سابعا ولما كان في أوربة توقف انتخاب الثامن لكنهم رشحوا رستم بك حيدر للعضوية فلما حضر الأستاذ عبد اللطيف الفلاحي تم انتخاب رستم بك حيدر وبه تم عدد الأعضاء الثمانية. 2 - أعضاؤه وشخصياتهم العلمية وها نحن أولاء نأتي على تعريف كل من أعضاء اللجنة - إلى من لا يعرفهم - بوجيز الكلام: معروف الرصافي هو الشاعر الأشهر، مفتش التدريسات العربية في وزارة المعارف العراقية. تخرج في المدرسة الرشدية العسكرية في بغداد وتتلمذ للأستاذ محمود شكري الآلوسي نحو اثنتي عشرة سنة درس عليه في أثنائها العلوم العربية وسائر العلوم الإسلامية ثم عمل في المدارس الرسمية من ابتدائية وإعدادية حتى أعلن الدستور العثماني. وكان في خلال هذه المدة ينشر القصائد الغر في كبريات الصحف المصرية فتتناقلها الجرائد العربية في كل مكان فطار صيته في العالم العربي. وردد صدى شعره السياسي أحرار الشرق. وقد استدعاه صاحب جريدة (إقدام) إلى الأستانة بعد الدستور لينشئ جريدة عربية كبيرة فزار فروق وسلانيك. ثم علم العربية في المدرسة الملكية العالية في العاصمة العثمانية. وحرر في جريدة (سبيل الرشاد) ودرس الآداب العربية في مدرسة الواعظين التابعة لوزارة الأوقاف. وانتخب نائبا عن المنتفق في المجلس النيابي العثماني. وبعد الحرب الكبرى عين أستاذا للآداب العربية في دار المعلمين في القدس. ثم عاد إلى مسقط رأسه بغداد فأقيم نائبا لرئيس لجنة الترجمة والتعريب في وزارة المعارف. وبعد أن قام برحلة في سورية والأستانة رجع إلى بغداد فأصدر أول جريدة (الأمل)

اليومية بضعة أشهر ثم أوقفها فأسندت إليه وزارة المعارف منصب مفتش التدريسات العربية وقد انتخبه المجمع العلمي العربي في دمشق عضوا مراسلا له. وولي الآن رئاسة لجنة الاصطلاحات العلمية التي نحن بصددها فوق وظيفته. للرصافي طائفة من الآثار النفيسة منها: (1) ديوانه وقد نشر منه جزء والجزء الثاني معد للطبع. وله من المؤلفات العلمية اللغوية: (2) (دفع الهجنة وارتضاخ اللكنة) طبع في الأستانة 1321 (1912) وقد ضمنه الألفاظ العربية المستعملة في اللسان التركي وبالعكس (3) (كتاب الآلة والأداة) في أسماء الآلات والأدوات العارضة في حاجيات الإنسان (مخطوط) (4) (دفع المراق في لغة العامة من أهل العراق) وينشر بالتسلسل في مجلة لغة العرب. ومن مؤلفاته الأدبية. (5) رواية (الرؤيا) ترجمها عن نامق كمال (6) (نفح الطيب في الخطابة والخطيب) طبع في الأستانة سنة 1915 (7) (محاضرات الأدب العربي) طبع في بغداد سنة 1922 (8) (ديوان الأناشيد المدرسية) طبع في القدس سنة 1920 (9) (تمائم التربية والتعليم) شعر طبع في بيروت 1924 (10) (آراء أبي العلاء) (مخطوط) وهو يجيد اللغة التركية. الأب انستاس ماري الكرملي صاحب (مجلة لغة العرب) حصل التعليم الابتدائي في مدرسة القديس يوسف الكرمليين ومدرسة الاتفاق الكاثوليكي في بغداد وعين مدرسا للغة العربية وآدابها في مدرسة القديس يوسف وكان ابن 16 سنة. ثم قصد المدرسة الاكليركية للأباء اليسوعيين في بيروت فدرس فيها العربية وتلقى فيها اللاتينية واليونانية ومنها رحل إلى شفرمون قرب لياج في بلجكة حيث بدأ حياته الرهبانية. وانتقل بعدها إلى لاغتو قرب نيس (فرنسة) فدرس في دير للآباء الكرمليين هناك الفلسفة وفي مونبليه في ليرو (فرنسة)

درس اللاهوت والفقه المسيحي. وفي سنة 1893 قسس وفي سنة 1894 زار الأندلس ثم قدم بغداد في السنة المذكورة فأدار مدرسة القديس يوسف للآباء الكرمليين وعلم فيها العربية والفرنسية. وهو ينشر كثيرا من المقالات والأبحاث بأسماء مستعارة وقد نقلت كثير من مقالاته إلى لغات أوربية عديدة. كما أن تفرغه لدرس فلسفة اللغة العربية اضطره إلى تعلم الارمية والعبرية والحبشية والفارسية والتركية والصابئية. وأنشأ سنة 1911 مجلة (لغة العرب) فأصبحت صلة بين علماء الشرق والغرب ومعظم مقالاتها تترجم إلى اللغات الأجنبية. وقد انتخبه مجمع المشرقيات الألماني عضوا سنة 1911 وعين سنة 1919 عضوا في مجلس معارف العراق. كما أنه حرر جريدة (العرب) سنة 1917 في أول إنشائها. وتولى كتابة مجلة (دار السلام) ما يزيد على الثلاث سنوات واختاره المجمع العلمي العربي في دمشق عضوا مراسلا سنة 1920. أما تآليفه فتبلغ أكثر من 30 مؤلفا طبع منها في بغداد (1) (الفوز بالمراد في تاريخ بغداد) (2) (التعبد ليسوع طفل براغ) (3) (ترجمة مار الياس الحي) (4) (خواطر الأخت ماري ليسوع المصلوب). وطبع في بيروت: (5) (العروج في دروج الكمال والخروج من درك الضلال) بالعربية والفرنسية (6) مرشد الرهبان الثالثيين في مجلدين. وطبع في البصرة سنة 1919 (7) (خلاصة تاريخ العراق). ومن مؤلفاته الخطية وكلها في اللغة والتاريخ: (8) (تاريخ الكرد) (9) (مختصر في التاريخ) (10) (خواطر علمية) (11) (جمهرة اللغات) (12) (كتاب الجموع) (13) (السحائب) (14) (العجائب) (15) (الرغائب) (16) (الغرائب) (17) (أديان العرب) (18) (حشو اللوزينج) (19) (مختارات المفيد) (20) (متفرقات تاريخية) (21) (الأنباء التاريخية) (22) (اللمع التاريخية والعلمية) (في جزئين ضخمين) (23) (24) (الغرر النواضر) (25) (النغم الشجي في الرد على الشيخ إبراهيم اليازجي) (26) (27) (العرب قبل الإسلام) (28) (المجموعة

الذهبية) (29) (أرض النهرين) (ترجمة عن الإنكليزية) (30) (شعراء بغداد وكتابها) (تنقيح كتاب ترجم عن التركية) (31) (أربعون سنة في مقامة) (معرب عن الفرنسية). وله طائفة من المؤلفات فقدت في نكبته عند نفيه إلى الأناضول في العهد التركي سنة 1914 وعند نهب خزانة كتبه سنة 1917 منها (32) (تصحيح أغلاط لسان العرب) (33) (تصحيح تاج العروس) (34) (تصحيح محيط المحيط) (35) (تصحيح اقرب الموارد) (36) (الألفاظ اليونانية في اللغة العربية) (وقد نشر منه فصولا في مجلة المشرق - بيروت) (37) (الألفاظ الرومية (اللاتينية) في اللغة العربية) (38) (الألفاظ الفارسية في اللغة العربية) (39) (الألفاظ الدخيلة (من غربية وهندية وقبطية وحبشية وتركية) في اللغة العربية) (40) (الألفاظ الارمية (السريانية والكلدانية) في اللغة العربية) (41) الألفاظ العربية في اللغة الفرنسية. إلى غيرها. وقد نفته الحكومة العثمانية في خلال الحرب الكبرى إلى قيصرية (قيصري) من بلاد كبدوكية في الأناضول وبقي هناك 22 شهرا ثم عاد إلى بغداد سنة 1916 وقد جمع خزانة كتب نادرة المثال حوت ما يزيد على اثني عشر ألف مجلد. ورحل إلى أوربة مرارا وحضر سنة 1924 مؤتمر المرسلين المنظمين للمعرض الفاتيكاني في رومية العظمى وزار الشام ومصر وفلسطين زيارات عديدة، وأهدت إليه الحكومة الفرنسية سنة 1920 وساما علميا والحكومة الإنكليزية وهو يشتغل اليوم في تأليف ثلاثة معاجم كبيرة (الأول) معجم عربي واسع يحوي تدوين ما ذكرته المعاجم القديمة وكتب العلماء ولم يدونوه من الألفاظ في مظانها و (الثاني) معجم فرنسي عربي يحوي الألفاظ الأعجمية وما يقابلها باللغة العربية الفصحى (والثالث) معجم عربي فرنسي مطول يحوي ألفاظ اللغة والعلوم والصنائع. كما جمع مجموعة ثمينة من أمثال العوام في بغداد والبصرة والموصل وحكايات باللغة العامية عند نصارى بغداد مسلميهم ويهودهم مع بحث في لهجاتهم وإرجاعها إلى أصولها. وحكايات من ألسن عوام العراق رجالا ونساء من قديمة وحديثة. وعني بتصحيح جزءين من (كتاب

الإكليل) وكان قد شرع قبل الحرب الكبرى بطبع (كتاب العين) للخليل بن أحمد الفراهيدي مع حواش لغوية فأتم منه طبع نحو 150 صفحة وحالت الحرب دون البقية ونقح كتبا عديدة لجماعة من المستشرقين في أوربة وأميركة. وقد أعاد مجلته لغة العرب الآن بعد احتجابها اثنتي عشرة سنة. وأسس مطبعة الأيتام للآباء الكرمليين التي تطبع فيها المجلة أعاد مشترى الكتب للخزانة الشرقية فبلغ الآن عددها اثني عشر ألف مجلد. والأمل أن يتفرغ الآن لطبع مؤلفاته وما جمعه من آثار السلف الصالح بعد أن تستكمل المطبعة حوائجها. طه الراوي مدير المطبوعات في العراق - بعد أن درس في المدارس الابتدائية والرشدية للحكومة في بغداد أم المدارس العلمية التابعة للأوقاف فدرس فيها اللغة العربية وآدابها والعلوم الشرعية والكونية على كثير من شيوخ العصر. ثم هوى العلوم العصرية فدرس الرياضيات والجغرافية ومبادئ الطبيعة في مدارس مختلفة وحضر المحاضرات التي ألقيت في دار المعلمين سنة 1918 فأحرز الدرجة الأولى بين أقرانه وعين مديرا لمدرسة الكرخ فمدرسا للآداب العربية في دار المعلمين ومدرسة الهندسة والموظفين ثم انتقل إلى المدرسة الثانوية أستاذا للآداب العربية وعلم الأخلاق حتى عهدت إليه إدارة المطبوعات. وتلقى الحقوق في متقن (كلية) الحقوق في بغداد فنال شهادتها الممتازة سنة 1925. وقد وضع بضعة مؤلفات لا تزال خطية منها (1) (كتاب في اللغة العربية) (2) (كتاب القواعد والفرائد في اللغة والقواعد) (3) (رسائل دينية وأدبية) مختلفة. وغاية ما يشغله الآن دراسة الموضوعات الحقوقية والتعمق فيها.

عز الدين علم الدين أستاذ علوم الطبيعة في دار المعلمين ودار المعلمين العليا في بغداد - درس الدروس الثانوية وتعلم اللغة الفرنسية في كلية اخوة المدارس المسيحية في يافا. وتفرغ لدرس اللغة العربية وعلومها أربع سنوات في الأزهر بمصر. ثم قصد بلاد فرنسة حيث تعلم الفنون الزراعية ومر بفروق لدى عودته إلى وطنه فعينته وزارة الزراعة العثمانية معلما 7في مكتب الزراعة في بيروت فقام بهذه الوظيفة سنة. وبعد الحرب الكبرى علم العلوم الطبيعية في دار المعلمين في دمشق. ثم انتخب عضوا في ديوان المعارف للحكومة العربية فيها وملاحظا لديوان الترجمة والتأليف ثم عضوا في المجمع العلمي العربي في الشام وانشأ مدة سنة مجلة (التربية والتعليم) التي أصدرتها وزارة المعارف في الحكومة العربية كما أدار مجلة (الرابطة الأدبية) التي أصدرتها جمعية الرابطة وكان من أعضائها العاملين. واستقدمته وزارة المعارف قبل ثلاث سنوات وعهدت إليه تدريس علوم الطبيعة في دار المعلمين ودار المعلمين العليا. وقد ترجم كتابا في (الفيزياء) طبع في بغداد هذه السنة. وله مقالات وقصائد كثيرة في المجلات والجرائد المعروفة في مصر والشام. وهو يحسن اللغة الفرنسية. الدكتور أمين المعلوف مدير الأمور الطبية في الجيش العراقي - درس العلوم العالية فنال درجة بكالوريوس علوم (أي مبرز في العلوم) من كلية بيروت الأميركية وتلقى فيها الطب وأحرز رتبة طبيب. فتعاطى الطب في سورية مدة ثم استخدم في الأمور الطبية في الجيش المصري في ديار النيل والسودان. واشتغل في أوقات الفراغ بمكاتبة مجلة المقتطف فأدرج فيها مقالات وأبحاثا علمية دقيقة. ورأس سنة 1912 - 1913 بعثة الهلال الأحمر المصرية إلى الحرب البلقانية. فلما اشتعلت نيران الحرب الكبرى ألتحق بالثورة العربية فدخل سورية عند فتح العرب لها وهناك أسندت إليه نظارة مدرسة الطب وأستاذية علم النبات وعلوم الطبيعة فيها. كما أسندت إليه وظيفة مدير إدارة في وزارة الخارجية

للحكومة العربية وكان وزيرها صديقه الدكتور عبد الرحمن شهبندر وانتخب في تلك الأثناء عضوا في (لجنة الترجمة والتأليف). وقد قصد أوربة في شؤون سياسية على عهد الحكومة العربية في الشام فلما احتلت القوات الفرنسية جلق وسقطت الحكومة العربية غادر البلاد مع من غادرها. وأخيرا استقدم إلى العراق وأسندت إليه إدارة الأمور الطبية في الجيش العراقي. وانتخبه المجمع العلمي العربي في دمشق عضوا مراسلا من بغداد. ولقد اشتغل الدكتور معلوف بأبحاث كثيرة أهمها تأليفه المبتكر (معجم الحيوان) الذي نشر فصولا كثيرة منه في مجلة المقتطف وهو يؤلف اليوم معجما مطولا نفيسا باللغتين الإنكليزية والعربية. توفيق السويدي مدير الإدارة العدلية في وزارة العدلية في العراق وأستاذ الاقتصاد السياسي والحقوق الرومانية في متقن الحقوق. تخرج في المدرسة السلطانية العثمانية في بغداد سنة 1908 ثم أم فروق حيث درس علوم الحقوق في متقنها هناك فأحرز شهادتها سنة 1913 وتابع دروسه الحقوقية في فرنسة فنال الدرجة العلمية من متقن الحقوق في باريس سنة 1914 وقد حضر المؤتمر العربي الأول الذي عقده المرحوم عبد الحميد الزهراوي ورفقاؤه سنة 1913 - مندوبا عن العراق. وعين مدة كتوما (سكرتيرا) للجنة تصحيح القاموس التركي الفرنسي في الأستانة وأسندت إليه سنة 1915 وظيفة معاون حاكم الصلح في البصرة وحين أعلنت الحرب العظمى انخرط في سلك الجيش بدرجة ضابط نحو ثلاث سنوات وبعد سقوط الشام بيد العرب عين حاكم صلح في حكومة الشام سنة 1918، وتعاطى المحاماة ردحا من الزمن وتولى أستاذية (حقوق الدول) و (حقوق رومة) في مدرسة الحقوق بدمشق. وبعد تأسيس الحكومة الوطنية في العراق آب إلى وطنه فعين مديرا لمدرسة الحقوق في بغداد ومعاونا لمشاور الحكومة العراقية وأوفد سنة 1923 مشاورا حقوقيا في الوفد العراقي في مؤتمر لوزان الأول.

وبعد أن تخلى عن إدارة مدرسة الحقوق عين أستاذا للاقتصاد السياسي وحقوق رومة فيها وقد أضحت كلية. وانتدبته حكومة العراق ممثلا لها في مؤتمر بحرة المعقود سنة 1925. ويشغل الآن منصب مدير الإدارة العدلية في وزارة العدلية ومشاورا للحكومة. وقد نشر من المؤلفات: (1) (حقوق رومة) الجزء الأول لتدريس طلاب متقن الحقوق وعرَّب كتاب (2) (مبادئ الاقتصاد السياسي) للعلم الاقتصادي الفرنسي الشهير شارل جيد وهو أول معرب لهذا الكتاب، وله كتاب (3) (حقوق الدول) غير مطبوع. ويحسن من اللغات الأجنبية الفرنسية والتركية والإنكليزية مع إلمام بالفارسية. عبد اللطيف الفلاحي نائب الحلة في المجلس النيابي العراقي. تخرج في المدارس الرشدية والإعدادية العسكرية في بغداد وقصد الأستانة حيث درس في المدرسة الحربية العثمانية وأحرز شهادتها العليا بدرجة ضابط ثم قفل راجعا إلى بغداد واستخدم في (هيئة أركان الحرب) وأستاذا للغة الفرنسية والتاريخ العام في المدرسة الإعدادية العسكرية والتاريخ في المدرسة السلطانية والأدبيات في مدرسة الحقوق وأسندت إليه بعد ذلك مديرية مدرسة الشرطة في بغداد ثم عين معاونا لمفتش الشرطة العام. وقد نفي في أوائل الحرب الكبرى إلى مسيواس بتهمة الاشتغال بالمسائل العربية وأسندت إليه بعد النفي وظيفة (آمر آلاي) في صمصون. فلما أعلنت الهدنة سنة 1918 استعفى وقصد سورية فأصدر في الشام (مجلة العلوم) التي لم تطل حياتها وموضوعها العلم والأدب وما كاد الحكم العسكري يزول عن العراق وينشر لواء الحكم الوطني حتى هاجه الشوق إلى مدرجه فطار إليه. فأشتغل فيه بالصحافة فأصدر في بغداد جريدة (الفلاح) وبحثها السياسة والعلم والأدب وكانت تنشر مرتين في الأسبوع ثم انصرف إلى الاشتغال بالطباعة فأنشأ له (مطبعة الفلاح) لكنه ما لبث أن أوقف الجريدة فعين مديرا عاما للشرطة مدة وعهدت إليه وزارة

المعارف بعد ذلك تدريس التاريخ العام في المدرسة الثانوية ودار المعلمين ودار المعلمين العليا وانتخب أخيرا نائبا عن الحلة في المجلس النيابي العراقي الذي افتتح أعماله سنة 1925. وعينته جامعة آل البيت ببغداد أستاذا للتاريخ فيها. أصدر الفلاحي في العهد العثماني مجلة في بغداد باسم (مكتب) باللغات الثلاث العربية والفرنسية والتركية وألف كتابا باسم (التحليل الصرفي) في ستة أجزاء نشر الجزء الأول فقط فكان فيه من آثار الحرية ما سبب له حنق السلطة العثمانية عليه وأبعاده إلى الأناضول. وقد نشر أخيرا كتبا في التاريخ المدرسي للمدارس الابتدائية والثانوية في ثلاثة أجزاء (1) التاريخ القديم (2) تاريخ العرب (3) تاريخ القرون الوسطى والأخيرة. وهو يعرف الفرنسية والتركية والإنكليزية واليونانية. رستم حيدر كتوم (سكرتير) جلالة الملك فيصل الأول الخاص ورئيس الديوان الملكي. حصل التعليم الابتدائي والثانوي في مدارس دمشق وتوجه إلى العاصمة العثمانية (فروق) فدخل جامعتها الشهيرة في كلية الحقوق والإدارة المسماة (ملكية شاهانه) فخرج منها بدرجة تفوق سنة 1909 ثم رحل إلى أوربة لإنجاز تعليمه العالي فدرس في جامعة السوربون في باريس في متقن (كلية) العلوم السياسية ثلاث سنوات وفي نهايتها نال شهادتها بنجاح باهر، وقد أسس فيها مع بعض طلاب العلم العرب (جمعية الثقافة العربية). ثم انتدب لتأسيس المكتب السلطاني في الشام وإدارته فقام بعمل خالد في وضع الحجر الأساسي لتلك المدرسة الراقية إلى أن دعي إلى تأسيس كلية صلاح الدين الأيوبي في القدس حيث أسندت إليه نظارة دروسها وأستاذية التاريخ والاقتصاد فيها فواظب على عمله هناك حتى سنة 1918 ثم التحق بالثورة العربية فأختاره قائد الجيش العربي صاحب الجلالة الملك فيصل وكان يومئذ أميرا ليكون في صحبته فدخل دمشق مع فاتحها ثم سافر إلى باريس وحضر مؤتمر فرساي مندوبا عن جلالة الملك حسين ملك حكومة الحجاز المستقلة وبقي في العاصمة

الفرنسية ثلاث سنوات يشتغل بالمسائل السياسية العربية مرافقا صاحب الجلالة الملك فيصل في رحلاته إلى أوربة. وبعد أن سقطت الشام بيد القوات الفرنسية سافر صاحب الجلالة الملك فيصل إلى أوربة فرافق جلالته في أسفاره إلى العواصم الأوربية ثم قدم معه إلى العراق كتوما خاصا لجلالته فلما بويع جلالة الملك فيصل بملك العراق عين رئيسا للديوان الملكي العالي. ولرستم حيدر طائفة من المؤلفات طبع منها فقط كتابه (محمد علي في سورية) بالفرنسية وهو الأطروحة التي قدمها إلى جامعة السوربون وبها نال الإجازة العلمية العالية. أما كتبه في (التاريخ القديم) و (تاريخ الإسلام والقرون الوسطى) و (فجر التاريخ الحديث) مما كان يلقي محاضرات في الكلية الصلاحية في القدس فلا تزال مخطوطة. وهو يجيد الفرنسية والتركية والإنكليزية. 3 - منهج المحفى في العمل وضع المحفى الجديد بمشاورة وزارة المعارف منهجا لعمله دعاه (تعليمات لجنة الاصطلاحات العلمية في وزارة المعارف) يلخص في ما يأتي: 1 - تنظر اللجنة في الاصطلاحات العلمية والأدبية وكل ما يجد ويحدث من الكلمات في اللغة وخاصة في الاصطلاحات التي تستعمل في المدارس والكتب المدرسية وبالجملة تسعى إلى كل ما يؤدي إلى إصلاح اللغة وتوسيعها وإنهاضها إلى مستوى لغات العلم والأدب في العصر الحاضر وتنظر في الكتب المدرسية وغيرها مما يعرض عليها وتبدي رأيها فيها من وجهة اللغة والاصطلاحات العلمية. 2 - تجتمع اللجنة مرة في الأسبوع. 3 - تستشير اللجنة في المسائل المهمة أو المصطلحات الجديدة التي تضعها المجامع العلمية في مصر وسورية ليحيطوا بها علما ويبدوا فيها رأيا وبعد تلقي آرائهم تعيد نظرها فيها ثم تقرر قرارها النهائي. 4 - إذا خلا كرسي في اللجنة، فاللجنة هي التي تنتخب له العضو الجديد.

4 - خطته العلمية في وضع الكلمات واختط هذا المحفى خطة علمية جعلها أساسا لعمله في وضع الكلمات أو المصطلحات العلمية هذا نصها: تعتبر اللجنة المواد الآتية قواعد ودساتير تتبعها فيما تضعه وتقرره من المصطلحات العلمية والكلمات اللغوية: 1 - إن الاشتقاق قياسي في اللغة قياسا مطلقا في أسماء المعاني التي هي عرضة لطروء التغير على معانيها. ومقيدا بمسيس الحاجة في الجوامد. 2 - إن وضع الكلمات الحديثة في اللغة يجري أما على طريقة الاشتقاق وأما على طريقة التعريب ولا مانع من الجمع بينهما كما في مسرة وتلفون ويرجع إلى النحت عند الحاجة. 3 - لا يذهب إلى الاشتقاق في وضع كلمة حديثة إلاَّ إذا لم يعثر في اللغة على ما تؤدي معناها بخلاف التعريب فإنه يجوز تعريب كلمة أعجمية مع وجود اسم لها في العربية كما هو الشأن في اكثر المعربات الموجودة في اللغة. 4 - يشترط في الكلمات التي تختار من كتب اللغة ليعبر بها عما حدث وتجدد أن تكون مأنوسة غير نافرة وإلاَّ وجب تركها والذهاب إلى طريقة الاشتقاق أو التعريب. 5 - يرجح الشائع المشهور من المولد والدخيل على الوحشي المهجور من الكلمات الكائنة في معاجم اللغة. 6 - لا يشترط في المعرب رده إلى وزن من أوزان الكلمات العربية ولكن يستحسن ذلك أن أمكن كما يستحسن تغييره بما يجعله قريبا من اللهجة العربية كما في شهنشاه المغيرة من شاهانشاه. 7 - اللغة إنما تتقرر باستعمال العامة اكثر من وضع الخاصة لكن هذا فيما عدا المصطلحات العلمية أما في المصطلحات العلمية فالأمر بالعكس. 5 - آراء بعض رجاله في الاشتقاق والتعريب أرى تتمة للبحث أن أورد هنا آراء لبعض رجال المحفى العراقي في

الاشتقاق والتعريب ليعرف منها المطالعون المنحى الذي ينحوه في عمله العلمي الشاق: يقول الأستاذ معروف الرصافي في مقدمة كتابه المخطوط (الآلة والأداة) الذي أشرنا إليه في صدر هذا المقال: (الاشتقاق في أسماء الأحداث ضروري لابد منه ولا يجوز أن يكون عدم السماع حجة في منع قياسه واطراده من وجوه: (أحدها) أن عدم السماع لا يستلزم عدم الوقوع إذ يجوز أن يكون قد وقع وأن العرب قد نطقت به ولكنه فات الرواة فلم تروه ولم تنقله لأن نقلة اللغة اكثر ما يعتمدون في نقلها على الشعر ومن الجائز في الكلمة المحكوم فيها بعدم السماع أنها لم تقع في الشعر بل وقعت في النثر الذي لم تضبطه الرواة ولم تنقل منه ولا عشر معشار فعلى القائل بالمنع أن يثبت لنا عدم الوقوع وإلاَّ فدليله مدفوع وكلامه غير مسموع. (ثانيها) إننا أن سلمنا في كلمة من المشتقات أنها غير مسموعة وغير واقعة أيضاً اكتفينا في جواز استعمالها بسماع نظائرها المطردة المعينة فإن العرب أن لم تقل (حاب) من حب فقد قالت ساب من سب وعاد من عد وراد من رد إلى غير ذلك من الكلمات التي جرت في كلامهم على وجه الاطراد فمنعنا استعمال (حاب) بحجة عدم السماع تحكم في اللسان وتهكم بسماع نظائرها المطردة ورمي اللغة بالجمود. (ثالثها) أن الاشتقاق أصل في أسماء الأحداث لكونه أمرا ضروريا بسبب ما يقع في معانيها من التبدل والتغير كما ذكرنا آنفا. . وإذا كان الاشتقاق هو الأصل وقد تعارض عندنا في بعض المشتقات دليلان أحدهما يقتضي المنع وهو عدم السماع والآخر يقتضي الجواز وهو القياس المطرد في نظائره وجب أن نرجع به إلى الأصل وأن نرجح دليل الجواز على دليل المنع لأن الأول مثبت للأصل والثاني ناف له. . . . . فيجب علينا أن ننظر في هذه المسميات المستحدثة ولابد أن يكون لكل واحدة منها فعل تفعله لأنها لم تحدث عبثا فإن استطعنا أن نشتق لها من

فعلها اسما فذاك وإلاَّ نظرنا فيها فإن كانت مما شاع على ألسن العامة استعملناها كما استعملتها العامة أو أجرينا فيها بعض التغيير أن رأينا فيها بعض النفور والحيود عن اللهجة العربية كما فعلت ذلك في كلمة (اوتوموبيل) فأني غيرتها إلى تومبيل كصوقرير وقد استعملتها في قصيدة فقلت: بتومبيل جرى في الأرض منسرحا ... كما جرى الماء من سفح الاهاضيب ويجب أن لا نتحاشى عن استعمال ما تداولته ألسنة العوام من هذه الكلمات الحديثة الخ. . .) وقال الأب انستاس ماري الكرملي في اعتراضه على خطة المحفى الذي ذهب معظم أعضائه إلى قبول النحت في هذا العصر: (لا أرى حاجة إلى النحت لأن علماء العصر العباسي مع كل احتياجهم إلى ألفاظ جديدة لم ينحتوا كلمة واحدة علمية. هذا فضلا عن أن العرب لم تنحت إلاَّ الألفاظ التي يكثر ترددها على ألسنتهم فكان ذلك سببا للنحت أما التي لا يكثر ترددها على ألسنتهم كثيرا فلم يحلموا بنحتها. ومثلها عندنا الآن: ايش وليش وموشي (ما هو شيء) وشنو (أي أي شيء هو) إلى غيرها) وقال عز الدين علم الدين في كتابه المعرب (مبادئ الفيزياء) الجزء الأول ص (ج): (لم أراع في الاصطلاح إلاَّ الأفضل مما اشتد إليه مسيس الحاجة ولو كانت الكلمة أعجمية الأصل إذا ما تعربت بنزولها على أحكام العربية فخفت على اللسان وعذبت بصقله إياها في البيان يدل على ذلك مثلا اسم الكتاب (مبادئ الفيزياء) وقد عقد المحفى اجتماعه الأول في عمارة وزارة المعارف يوم الخميس الواقع في 7 تشرين الأول 1926 الساعة الرابعة ونصف بعد الظهر ثم تابع جلساته مرة في الأسبوع على ما عهد إليه فتعهد به. رفائيل بطي

الوصل في لغة عوام العراق

الوصل في لغة عوام العراق الوصل في كلامهم هو عبارة عن وصل آخر حرف من الكلمة بأول حرف من الكلمة التي تليها. وهو كثير الوقوع في كلام العامة، وهم إذا وصلوا حرفا بحرف جعلوا الثاني منهما ساكنا. ولابد أن يكون الأول متحركا وإلاَّ لم يصح الوصل. فإن لم يكن متحركا حركوه بالكسر ثم وصلوه. ولنوضح لك ذلك بأمثلة من كلامهم: قالوا في أغانيهم (سلم عليَّ من بعيد، وحواجبه هلال العيد) ففي هذا الكلام وصلوا ياء (عليَّ) بميم (من) والحرف الأول (الياء المثناة) مفتوح والثاني (الميم) ساكن. ثم وصلوا نون (من) بباء (بعيد) وقد حركوا النون بالكسر وسكنوا الباء من (بعيد) وأيضا وصلوا الواو العاطفة بالحاء من (حواجب) والواو مكسورة لأن واو العطف يغلب عليها الكسر في كلامهم كما سيأتي. والحاء من (حواجب) ساكنة، ثم وصلوا الباء من (حواجب) بالهاء من (هلال) والباء مفتوحة والهاء ساكنة. وأما هاء الضمير في (حواجبه) فغير ملفوظ وأن كان مكتوبا لأنهم يسقطون من اللفظ كل ضمير مفرد غائب كما سيأتي بيانه في محله. وقالوا في أغانيهم: (كلهم عكلهم سود ومن أين اعرفه ... حتى السمج بالماي يبجي على ولفه) ففي هذا الكلام وصلوا واو العطف بميم (من) والواو مكسورة والميم ساكنة ثم وصلوا نون (من) بياء (أين) والنون مفتوحة والياء ساكنة، وأيضا الكاف من (يبجي - يبكي) موصولة بالعين من (على) والكاف مكسورة والعين ساكنة. وأما الياء في آخر يبكي فسقطت من اللفظ لالتقاء الساكنين.

وقد يتوسط بين الحرفين الموصولين حرف ثالث، فيسقط من اللفظ لأن اللسان ينتقل من الحرف الذي قتله إلى الحرف الذي بعده. وسقوط هذا الحرف الثالث المتوسط أما لأجل الوصل كما في قوله المذكور آنفا (ومن أين اعرفه) فإن ألف أين لما توسطت بين النون والياء الموصولتين سقطت من اللفظ لأجل الوصل. وأما لأجل التقاء الساكنين كما في قوله المتقدم (يبجي على ولفه) فإن الياء من (يبكي) لما توسطت بين الكاف والعين الموصولتين سقطت من اللفظ لأنها ساكنة والعين بعدها ساكنة أيضا بسبب الوصل. وأما لكونه ساقطا في كلامهم وأن لم يكن هناك وصل كما في قول الشاعر المتقدم (وحواجبه هلال العيد) فإن الباء من (حواجبه) موصولة بالهاء من (هلال) ولسان المتكلم ينتقل عند النطق من الباء إلى الهاء. فضمير الغائب الذي بينهما ساقط من اللفظ عندهم سواء وصلت الباء بالهاء أو لم توصل. وأعلم أن هذا الوصل قد يكون لازما متحتما وقد يكون غير لازم. أما كونه غير لازم فكما في قوله (سلم عليَّ من بعيد) فلو قال (سلم عليَّ مِنْ بعيد) (أي بكسر ميم من وإسكان نونها) بلا وصل لجاز أيضا. وأما كونه لازما ففي واو العطف كالواو الموصولة في الأمثلة المتقدمة فإن وصلها متحتم عندهم. ومما يتحتم فيه الوصل (ما) و (لا) النافيتان إذا دخلتا على الفعل المضارع من الثلاثي المجرد الأجوف كيقول ويخاف ويبيع أو المضاعف كيمد ويشد أو من الثلاثي المزيد الذي هو من باب التفعيل كيخوف ويهيج ويغني. أو من الرباعي المجرد كيعكنش ويخرمش ويطبطب وغير ذلك. فهذه الأفعال كلها إذا دخلت عليها (ما) أو (لا) النافيتان أو (لا) الناهية وجب وصل الميم من (ما) أو اللام من (لا) بحرف المضارعة من الأفعال المذكورة إذا لم يكن حرف المضارعة همزة تقول (ما يكول) فتصل ميم (ما) بياء (يقول) وتسقط ألف (ما) من اللفظ لأجل التقاء الساكنين وتقول (ما يصلي ولا يصوم) (بإسكان ياء يصلي ويصوم) أي تصل ميم (ما) بياء (يصلي) ولام (لا) بياء (يصوم). وتقول (فلان ما يهب ولا يدب) (بإسكان الياءين) وتقول في الرباعي (اترك البزون لا تخرمشك)

فتصل لام (لا) بتاء (تخرمش). ومن أمثالهم (لا ينام ولا يخلي الناس تنام) (بإسكان حرف المضارعة) أما إذا كان حرف المضارعة في هذه الأفعال هو الهمزة فالوصل غير لازم بل غير جائز. وقد جعلنا علامة الوصل هكذا (-) وهي خط صغير يوضع بين الحرفين الموصولين. تفخيم اللام إن تفخيم اللام في اللغة الفصحى خاص بلفظة الجلالة وأما في لغة العامة فإنهم يفخمون اللام في كثير من الأسماء والأفعال ولم أجد لتفخيم اللام في كلامهم من ضابط عام تمتاز به مواقع التفخيم عن مواقع الترقيق، سوى أني نظرت في كلامهم فرأيتهم اكثر ما يفخمون اللام في الأسماء التي اجتمعت فيها الخاء واللام فمن ذلك الخل (لما حمض من عصير العنب وغيره) والخلخال والخلان (جمع خليل) والخال (لأخي الأم) والخالة والخلة (للقفر الذي ليس فيه أحد) والمنخل والنخالة والخلال (للبسر وهو التمر قبل ارطابه) والخلالة والمخلل (لضرب من الكامخ) والخلك (بفتحتين للبالي من الثياب) والخلكان (جمع الخلق) والنخل والنخلة وخلف (من أعلامهم) والخلك (بكسر اللام أي الخلق أو المخلوق) والسخل والسخلة. وقلما يفخمون اللام من الأسماء التي لم تجتمع فيها الخاء واللام ومن ذلك الغلك والظلمة والظلام والكلب (القلب) والمكلوب (المقلوب) والكول (مصدر قال والكمل (القمل) والكملة (القملة) والبكال (البقال) وكبل (قبل) والبغل (الحيوان المعهود) والبغلة؛ وغير ذلك من الأسماء. أما الأفعال التي يفخمون فيها اللام فكثيرة أيضا ومنا قولهم نخل الطحين بالمنخل وينخل الطحين، وربنا خلكنا من التراب، وفلان مات وما خلف شي (بكسر الشين)، وغلك الباب، والحاكم ظلم الناس ويظلمهم، والنايم يتكلب على فراشه، وهو كال وهي كالت وهم كالوا (وهذه الثلاثة خاصة بأهل البادية وأما أهل الحضر فلا يفخمون فيها اللام)، ونكلنا الطعام، والنكال ينكل الحطب على رأسه. إلى غير ذلك من الأفعال وإنما أكثرنا من الأمثلة لمزيد الإيضاح وإلاَّ فالعمدة في تفخيم اللام على السماع. معروف الرصافي

الألفاظ الارمية

الألفاظ الارمية في اللغة العامية العراقية (معربل) وبعضهم يقلبها فيقول مرعبل يقال للوسخ والذي لا يراعي النظام في لباسه أظن أنها مشتقة من (ع ر ب ل) الباء مثلثة بمعنى مرغ ولوث أو جعل الدابة تتمرغ. (فيع الثوب) من (ب ي ع) الباء مثلثة أي غسل وخض وفرك وهذا ما يريده العراقيون من استعمالهم هذا اللفظ. أما قلب الباء المثلثة فاء فهذا أشهر من أن يذكر في التعريب حتى أن الارميين أنفسهم يلفظون هذا الحرف فاء في بعض المواطن لأن لغتهم خالية منها على ما ذكرنا في صدر المقال. (الفطوط من الشجر والثمر) وزان شبوط من فعل (ب ط) الباء مثلثة ومعناها نخر وضمر وبلى. و (ب ط وط ا) الباء مثلثة هي الشجرة المنخورة البالية والشخت والنخر البالي من الأشياء. وهذا ما يقصده العراقيون من لفظهم مبنى ومعنى. (بهك اللون) أي خف متغير من (ب ك هـ) الباء مثلثة بمعنى فسد وخبث وقل ورق وفسد اللون وقد جرى العامة في هذا الحرف على طريقة القلب بتقديم الهاء على الكاف كقول الفصحاء: جذب وجبذ، اللجز واللزج، طامس وطاسم الخ (فلفط) تقول أراد أن (يفلفط) بمعنى يتململ أو يتحرك حتى ينجو. فإنه من فعل (ب ل ب ط) والباءان مثلثتان فيه. ومفاده تعذب وتململ وعج من شدة الوجع. (فلش) بتشديد اللام، يقولون فلّش الحائط وفلش النيشان (أي خطبة البنت) وقد تفلش الصبي إذا ألغيت خطبة خطيبته. وتفلشت المسئلة وتفلش الحزب إذا فسد، أظن أن اشتقاق هذا اللفظ من فعل (ب ل ش) الباء مثلثة. بمعنى ثقب وثغر وخرق وثلم.

(فع) الدملة والبثرة. أي ثقبها وفتحها من فعل (ب ع) الباء مثلثة ومفاده فض وشق وثقب وفل. (بربع) أي تلذذ ووجد نفسه في بحبوحة الهناء. ولدت من (ب ر ب ع) (الباءان في الأصل مثلثتان) بمعنى نعم ورفه ولذذ وعندهم (ب ور ب ع ا) (الباءان مثلثتان) وهي الملذة والتنعم والترفه. على أن في لغتنا الفصيحة فعل (ربع) يضاهي معنى بربع. فيقال ربع فلان اخصب. وربعت الإبل سرحت في المرعى وأكلت كيف شاءت وشربت إلاَّ أن اتخاذ العراقيين الألفاظ على الطريقة الارمية وأن كان له وجه للتأويل في اللغة الفصحى أمر فيه نظر. (بشكل بشكلني) وتبشكل عليه الأمر (الباءان مثلثتان) يريدون في الأول حيرني وفي الثاني التاث عليه الأمر. وفي الارمية (ب ش ك ل) (الباء مثلثة) بمعنى فتل ولوى وعوج و (ات ب ش ك ل) (الباء مثلثة) في المطاوع والمجهول بمعنى التوى وتعوج. (صيان) بمعنى وسخ فيقولون (وسخ صيان) وقد تخفف الصاد وتلفظ سينا في صيان فتضحي (سيان) والأخير هو الشائع المشهور. وذلك لقربها من لفظ (سيان) الذي مر بمعنى الوحل المنتن والحمأة. وقد يتبادر إلى الذهن لأول وهلة أن هذا من باب تشبيه الوسخ بالوحل المنتن والحقيقة أن أصل اللفظ هو بالصاد وهو من المترادفات العربية والارمية التي ألمعنا إليها ويستعملها العراقيون. والصيان في الارمية (ص ي ن ا) بمعنى الوسخ والقذر والدرن. (صمد) بمعنى جمع وحشد. ويقول العراقيون أيضا خسرت (الصمودة) أي ما جمعته وكان عليه التعويل، وهذا الفعل من الارمية (ص م د) ومثله (الصمودة) وهي عندهم (ص م ود ي ا) أما فعل صمد العربي الفصيح ومشتقاته ومنه (الصمد) فلا تفيد المعنى الذي يريده العراقيون من هذا اللفظ.

(قواية) بمعنى القوة في المشاجرة. وأن كان ظاهر هذا اللفظ يدل على أنه تحريف كلمة (قوة) الفصيحة إلاَّ أن لفظ العوام لها بهذه الصورة يحملنا على أن نعتقد أنها من بقايا الارمية وهي عندهم (ق وي ا) ولا تخلو لغتنا العامية من أمثال هذا التلفظ الذي يظهر عليه المسحة الارمية. ومنها كلمة (المرش) وهي المرس في العربية الفصحى وقد وردت في معلقة امرئ القيس في قوله: فيالك من ليل كأن نجومه ... بأمراس كتان إلى صم جندل فيقول العراقيون (جر المرش) و (انقطع المرش) وفي الارمية (م ر ش ا) وهو الحبل الغليظ والرشاء. (قوع) بتشديد الواو، مأخوذة من (ق وح) صاح وضج وعج وثغت الضأن. وفي العربية قبع الرجل صاح والفيل صوت والخنزير نخر فيحتمل أن تكون منه. (قوبت الشجرة أو كوبت) (بالكاف الفارسية) المنخور البالي. أذهب إلى أن هذا اللفظ مشتق من فعل (ق ي ب) (الباء مثلثة) بمعنى اعتل وعل أو من (القوب بضم ففتح) وهي قشور البيض كأن الشجر يبست كقشر البيض. وجاء في العربية الفصحى (تقوب الشيء) انقطع عن اصله ومنه اشتقاق القوباء. ومن أمثالهم (تخلصت قائبة من قوب) أي بيضة من فرخ. واصله انحلاق الشعر عن الجلد. (كلط) (بالكاف الفارسية) بمعنى رطن وألقى الكلام عن عواهنه ويسمي العراقيون هذا الكلام (تكليط). واذهب إلى أنه من فعل (ق ل ط) ومفاده بخل ورمى وكذلك فعل (ات ق ل ط) ومؤداه نافق ودنس. أما قلب القاف كافا فارسية عندنا فهذا أشهر من أن يذكر. (قبت الدجاجة على البيض) وفي المجاز قبت الأم على ولدها أو قب الرجل على الأمر. في الأول بمعنى رخمت وقت الحضانة وفي الثاني سهرت وفي الثالث اهتم له. من فعل (اق ي ب) الباء مثلثة ومعناه سهر وتيقظ واهتم ورخم وحضن فترى أن الفعل الارمي يؤدي المعاني المختلفة التي يقصدها العراقيون من هذا اللفظ.

(الكالوك) المنحرف الشكل من الحجارة ينطق به البناؤون في العراق وهو عندنا مشتق من (ق ل وق ا) وهو الأحول والاشوص. (الكاك (بالكاف الفارسية المفخمة) أو القلق) صغار الحجارة والحصاة من (ق ل ق ا) وهي الحصاة والصفاة بعينها. (قردح الشيء وتقردح ومقردح) بمعنى عتق ويطلق في الغالب على الأواني النحاسية والخزف والبلور وماضاهاها مما يختبر جنسها بقرعها بالأيدي أو نقرها بالأصابع ويستدل من الصوت الناشئ من ذلك على حالتها من القدم فإذا كان الصوت رائقا رنانا عرف أنها جديدة وإذا كان ذا جلبة وقرقعة عرف أنها قديمة أو مكسورة وعندنا أن هذا اللفظ مشتق من (ق ر د ح) بمعنى قفخ ولطم وصفع واجلب أو عمل عملا ذا جلبة وطقطقة خاصة. (قروطة) من (ق ر وط ا) وهو الغضروف والعظم اللين وهي في اللغة العراقية والارمية واحدة مبنى ومعنى. (قرفيصة) ورم أو التهاب جلدي وربما أطلق على الداحوس من (ق ر ص ي ت ا) وهو الداحوس. (كشف اللون ولون كاشف) أي تغير وفسد فهو متغير وفي العربية كشف عنه بمعنى رفع عنه ويجوز أن يكون كشف اللون من هذا القبيل أو أنه من الارمية (ق ش ب) (الباء مثلثة) بمعنى تغير وفسد وابيض اللون من باب التخصص ويجوز الاشتقاقان. (قرقشة وسمع قرقشة) يقول العراقيون قرقشت فلانا فحصلت منه الشيء المقصود بمعنى أفزعته وأرهبته ويقولون سمعت قرقشة أي صوتا يشبه حفيف الأشجار أو صوت أمتعة البيت إذا تحركت. وهذا اللفظ من فعل (ق ر ق ش) الارمي ويأتي بمعان مختلفة منها صوت وحرك وهز وحطم وارهب واقلق وافزع ودغدغ، وجاء في العربية الفصحى قرش الشيء صوته والقرشة صوت نحو صوت الجوز والشيء إذا حركتهما. وربما كانت هذه اللفظة من الأوضاع السامية المتشابهة إلاَّ أنها لم تأت في العربية الفصحى بمعنى ارهب واقلق. (راط يروط) بمعنى التوى من (ر وط) أي تمايل وتثنى وتلوى والروطة

بمعنى القضيب من حديد وخشب من (ر وط ا) بمعنى الغصن الغض الطويل والمشحط. أما الروط أو الراط بمعنى النهر فهو تعريب رود الفارسي ومعناه النهر، والرود مأخوذ من الارمي (ر د ي ا) من فعل (ر د ا) أي جرى وسال (ركم) (بالكاف الفارسية) السقف أي غطى عيدانه بألواح من خشب أظنه من فعل (ر ق ب) الباء هنا مثلثة. فصحف وأضحى بلسان العوام ركم. ولا يزال بعض العراقيين يقولون (رقف) أو (ركف) ومدلول الفعل الارمي سقف البيت بالخشب. وعندهم اللفظ (ق ي ب ا) الباء مثلثة بمعنى سقف البيت و (ر ق ب) الباء مثلثة بمعنى سقيفة وخشبة عريضة يسقف بها. (مراشنة) يقول زراع العراق الماء بيننا مراشنة أي مساهمة أو مناوبة. ومما يستوقف الأنظار في هذا اللفظ مشابهته للحرف الإنكليزي مبنى ومعنى. واللفظة قديمة في العراق. والذي نراه أنه من (ر ش م ا) وهو السهم من المال فتكون المراشنة بمعنى المساهمة. وجاء ذكر الرشن في المخصص 161: 9 في باب اقتسام الماء واستقائه. قال أبو حنيفة الفرصة للنوبة والتفارص السقي بالنوائب وأهل السواد يقولون الرشن أهل مرو البست. أهـ وقال في هذا المعنى ابن منظور في مادة قلد: وهم يتقالدون الماء ويتفارطون ويترقطون ويتهاجرون ويتفارصون وكذلك يترافصون أي يتناوبون. يوسف غنيمة إلى نابح من الأعاجم الغتم شاتمني عبد بني مسمع ... فصنت عنه النفس والعرضا ولم اجبه لاحتقاري له ... فمن يعض الكلب أن عضا

فوائد لغوية

فوائد لغوية عثرات الأقلام كل ناطق بالضاد يعرف ما (لمجلة المجمع العلمي العربية) من المقام الرفيع وما لها من الأيادي البيضاء على ترقية هذه اللغة الشريفة. وتقريظنا لها لا يزيدها شرفا كما أن سكوتنا عن ذكرها لا يحط من قدرها قيد شعرة. وهي تعقد فصلا تدرج فيه ما يوجب على أبناء عدنان من إصلاحه من الغلط الذي ينسل إليهم من بعض ضعفة الكتاب أو من المؤلفين الأعاجم. ولو لم يكن لها إلاَّ هذه المزية لكفاها شرفا وخدمة وتخليدا لاسمها. إلاَّ أننا نرى في بعض الأحيان أنها تجزم في أمور كنا نود أن تصدر الحكم فيها بصورة غير قاطعة، بل ببعض التحفظ؛ ونحن نورد مثالا لذلك: طاف يطوف قالت المجلة في ص308 من هذا المجلد السادس: (ومنها (أي من عثرات الأقلام) قولهم. (وقد طاف جسده على وجه الماء) يريدون ظهر على سطح الماء بعد أن كان راسبا في قعره. وصوابه (طفا). وسمي (الرمث) طوفا لأنه ينتقل على سطح الماء من مكان إلى آخر، لا لأنه يطفو على سطحه) أهـ قلنا هذا رأي لكن الرأي القائل بأنه طفا يطفو رأي وجيه لا يحتقر والدليل انهم قالوا في معناه: العامة. وهذه مشتقة من عام يعوم أي ماج يموج أو سبح يسبح على وجه الماء. كما أن طاف يطوف مقلوب طفا يطفو. وورود هذا القلب في اللغة قديم. قال في التاج: سميت (الطائف) لأنها طافت (ولم يقل طفت) على الماء في الطوفان. أهـ وكيف يمكن اشتقاق الطائف من طفا؛ أليس من الواضح أنه يذهب إلى أنها من طاف يطوف بالمعنى الذي أشار إليه المجمع. ولهذا كنا نود أن يقول المحفى في مكان: (وصوابه): (والأحسن) حتى تطمئن النفس بعض الاطمئنان.

وفي معرض الكلام عن مادة طوف يقول الكاتب اسعد خليل داغر في كتابه (تذكرة الكاتب) ص77 في الرقم المعلم ب161: ويقولون (إلى أن يطوف على قبائل العرب مستجديا الصدقات) فيعدون الفعل طاف بعلى. وفي اللغة طاف حول الشيء وبالشيء. وطوف واستطاف: دار حوله وطاف في البلاد. وطوف: جال وسار. أما تعديتهم بعلى فلم تسمع عن العرب. أهـ قلنا: لله دره من محقق. وطاف على قبائل العرب شيء وطاف حول القبائل وبقبائل العرب شيء آخر. وطاف على قبائل العرب سمع وهو أشهر من أن يذكر وأما طاف حولها وطاف بها. فلم ينقل عن أحد. نعم أن كلا منهما يرى في كتب اللغة لكن لا بمعنى ما يريده الكاتب الأول من قوله: طاف على قبائل العرب. أما أنه لم يسمع فيكذبه ما جاء في سورة القلم: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) وآية أخرى وردت في سورة الواقعة وهي: (يطوف عليهم ولدان مخلدون) وثالثة وردت في سورة الطور: (ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون) وهناك آية رابعة وردت في سورة الإنسان وهي: (ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا) وأظن أني في مندوحة عن ذكر أقوال أخرى بعد هذه الآيات. فأين بقي تحقيق الصديق المحبوب؟ وكتابك كله يا أيها العزيز على مثل هذا الوجه من التحقيق والتدقيق والتصويب والتخطئة؛ إلى ما تشاء من الألفاظ المترادفة والمتضادة. فويق ناقة وقالت المجلة أيضا أما (فويق) في قولهم (مكثنا مع الأخوان فويق ناقة) فنحن لا نعتبر قولهم فويق ناقة من الأمثال، بل من الأقوال السائرة مسير الأمثال ولهذا لا نرى مانعا من اعتبار (فويق ناقة) بتصغير فواق من الغلط. اركن وقال المجمع (309: 6) لم يرد (اركن) رباعيا. وقد ذكر صاحب محيط المحيط (اركن) في معجمه وتبعه على (كذا) ذلك صاحب اقرب الموارد

والمنجد. وقد راجعنا التاج واللسان والصحاح والأساس وغيرها من أمهات كتب اللغة فلم نجدهم ذكروا (اركن) أهـ قلنا: عدم ورود هذه اللفظة في دواوين اللغة لا ينفي وجودها. إذ لغتنا أوسع من أن تضمها دفتا معجم فهي بحر لجي لا قرار له. وقد وردت في سورة هود في قراءة: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا. قال صاحب الكشاف (615: 1) وقرأ ابن أبي عبلة؛ ولا تركنوا على البناء للمفعول من أركنه إذا آماله. والنهي متناول للانحطاط في هواهم. . . وتأويل قوله: ولا تركنوا فإن الركون هو الميل اليسير) أهـ. وهذا نص صريح على وجوده: فلا يمكن إنكاره؛ ولكن أشفق من أن يكون المجمع اعتمد على كتاب (تذكرة الكاتب) للصديق الودود اسعد خليل داغر القائل (في ص126 وفي الرقم 337): ويقولون: (فأركن الجيش كله إلى الفرار. والصواب ركن) فكان من الوهم ما كان. وقد كنت قد نبهت الأدباء سابقا على أن تذكرة الكاتب قد أخطأت في تصويباتها اكثر مما اصمت. (يقال: أصمى الصائد الصيد: إذا رماه فقتله مكانه وهو يراه وصديقنا لم يصد ببندقية تصحيحه شيئا يذكر غلاَّ أننا نمدح غيرته على العربية). الزردقة ونضم إلى هذا البحث ما حققناه قبل 25 سنة من أمر الزرطقة. فهذه اللفظة وردت مصحفة بوجوه مختلفة لجهل الكتاب صحتها: فقد وردت بصورة زردقة وزرطقة كما جاء في مجلة المجمع (322: 6) ووردت بصورة زرطفة (أي بفاء منقطة بواحدة) في نسخة كشف الظنون المطبوعة في ديار الإفرنج. وهي قراءة مخطوءة بلا أدنى شك. وهكذا أوردها صاحب محيط المحيط بحر الأغلاط والأوهام نقلا عن فريتاغ مفسد لغتنا وأن لم يصرح البستاني بنقله عنه. وفريتاغ يقول وجدها بهذه الصورة في ديوان جرير وهذا الديوان ليس بيدي وقت كتابة هذه السطور لأتثبت الأمر. وعندي أن هذه الروايات كلها غلط والصواب رزطقة أي بتقديم الراء على الزاي لكن هذه اللغة الحقيقية الصحيحة مجهولة واللغة المغلوطة هي المعروفة والشائعة وليس ذلك بغريب فإن السلف كثيرا ما جمع بين اللغتين كلما جاورت الزاي الراء

من ذلك ناقه ضمرز وضمزر، وضمارز وضمازر (راجع المزهر 230: 1 من طبعة بولاق)؛ مزراب ومرزاب (اللغويون). ويقال سمعت رزة القوم وزرة القوم إذا سمعت أصواتهم: بتقديم الراء على الزاي (المزهر 261: 1) إلى غير هذه المثل. وقد قال في المذكرة: رأى النبطي وقسطوس وابن العوام وكثير من الروم ضم الحيوان إلى كتب الفلاحة وسموا المجموع (زردقة) حتى اشتغل ادهم والغطريف وسومارس وارجانس بإفراده. أهـ فهذا كلام نفيس يدلنا على أصل الكلمة وأنها رومية (أي لاتينية لأن هذه اللغة كانت لسان أهل رومة ومنها لغة رومية) وهي عندي أي أشغال حقلية ثم خصت الكلمة بكل ما يتعلق بأشغال الحراثة علما ونظرا كانتقاء النباتات وتوطينها وخلقة النباتات والحيوانات والعناية بها وصنعها وتربية سمك البحر والنهر والبحث عن أنواع الأسمدة. والخلاصة الزردقة أو الزرطقة هي الرزطقة أي هي ما تسمى اليوم اغرونومية وباللاتينية وعليه يسمى المشتغل بها زرطقي أي كما قالوا بيطري أن يزاول البيطرة. ولقد بلغت اليوم الزرطقة مبلغا بعيدا في التوسع في غايتها. من ذلك أن أهل هذه الصناعة أقاموا ما يسمونه (مواقف الزرطقة) وهي معاهد يعنى فيها بأنواع البحث عن جميع المسائل التي تتعلق بالزراعة والحراثة والفلاحة كتخير البزور وتربية المواشي ومعرفة الحيوانات والحشرات المضرة والنافعة وتربية دود القز والنحل ومحاربة ما يعاديها والبحث عن تركيب الأرضين واختبار

الآلات على اختلاف أعمالها ومنافعها وفحص ما ينمي اتاء الأشجار والبحث عن الخمائر وصنع الجبن وتكثير بيض الدجاج وسائر الطير إلى غير هذه الشؤون. والذي يعتني بترقية هذه (المواقف) أهل الحكومة أو الاقضية والبلديات وإذا أدخلت هذه الاقضية (مواقف الزردقة) تساعدها الدولة بموجب احتياجها إلى المال أو بالنظر إلى الغايات التي تقوم بالسعي إلى بلوغها أو إلى الغايات التي تتوخاها. هذا مجمل ما يقال في هذا المعنى ومن أراد التوسع فعليه بكتب الإفرنج المصنفة في هذا الموضوع الجليل بالاسم الذي ذكرناه. أصل الميم في الأسماء المشتقة كثيرا ما نقول (هذا الشيء معروف، وذاك الرجل معترف بذنبه، والذنب معترف به (بالمجهول)، وفي بلادنا مدارس كثيرة. والمصحف الذي بيدك حسن) إلى غير هذه الألفاظ المشتقة التي تقاس في أبواب اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمكان والزمان والآلة. فمن أين جاءتنا هذه الميم؟ الميم على ما تتبعته مقطوع من كلمة (من) الذي في الأسماء الموصولة الدالة على العاقل - واصل النون راء وأبدلت منها لإنشاء صورة معنى جديد لفكر جديد. فأصل (من): (مرء) أي رجل واللاتين يقولون مر أي ويريدون به المرء كما في العربية والإنكليز يقولون (من) كما في العربية ويعنون به الرجل أو المرء. فاللغات إذا في هذا اللفظ تكاد تتشابه كلها معنى ومبنى. ثم أن العرب ميزوا لفظ العاقل عن غير العاقل. فصيروا النون الأخيرة ألفا وخصوا لفظ (ما) بما لا يعقل من الكائنات. فيقولون مثلا: رأيت ما أحزن نفسي. ويريدون بذلك الشيء الذي أحزنها. ويقولون: رأيت من أحزن نفسي ويريدون به رجلا يعقل احزن نفسه. فإذا علمت هذا، فالميم التي ترى في الأسماء المشتقة هي في الأصل مقطوعة من (من) للعاقل ومن (ما) لغير العاقل. فإذا قلت هذا الرجل معروف

أي (من) يعرف (بالمجهول) وأن قلت هذا الأمر معروف فمعناه (ما) يعرف (بالمجهول). وكذا القول في سائر المشتقات. وعليه إذا سئلت ما أصل كلمة (مكنسة) قلت: (ما) تكنس، أي الشيء الذي يكنس، أن نسبت الفعل إلى الآلة كما هو معهود، وأن أردت نسبة الفعل إلى الرجل الذي يستخدم الآلة قلت معناها (ما) يكنس بها الرجل. وهكذا قس سائر المشتقات المبتدئة بالميم المذكورة. أتجمع ميل على أميال أم على ميول؟ يكثر المصريون من جمع الميل (بفتح الميم بمعنى الهوى أو ما يقاربه معنى) على ميول، جريا على أن فعلا المفتوح لا يجمع إلاَّ على فعول، وما ورد منه على أفعال نادر لا يعتد به - على أن المستقري لألفاظ اللغة في المعاجم يجد مجيء فعل مجموعا على أفعال اكثر من مجيئه على فعول. والميول بمعنى الأميال لم ترد في كلام فصيح أو مولد فصيح بخلاف الأميال. فقد قال نعمة الله بن علي بن عزام (راجع معجم الأدباء لياقوت الحموي 249: 7): نميل مع (الأميال) وهي غرور ... ونصغي لدعواها وذلك زور فهل للكتاب المصريين نص قديم أو مولد فصيح ورد فيه الميل مجموعا على ميول؟ فليذكروه لنا لنكون لهم من اخلص الشاكرين. وزن فعلول المفتوح الأول قال الجوهري عند كلامه عن اليعسوب: (الياء فيه زائدة لأنه ليس في الكلام فعلول (المفتوح الأول) غير صعفوق) أهـ ونقل هذا الكلام جميع اللغويين الذين جاؤوا بعده. وهو عندنا حديث خرافة. فقد ورد في كلامهم غير صعفوق مثل: الكرموص (عن التاج) والصندوق (على لغة) والسحنون (في رواية) والقرقوف (اللسان) والطرخون (عنه وعن القاموس) والبرشوم (يروى بضم أوله وفتحه. عن اللغويين) وهنالك غير هذه الألفاظ فليصحح كلام صاحب الصحاح ومن اتبعه.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة الجرعاء أو الجرعة قرأنا في الزهراء الزاهرة (222: 4) ما نصه: (خلط الكثيرون في تعيين مأخذ هذا الاسم الذي أطلقه اليونان على القسم الشرقي من بلاد نجد وسواحل الخليج الفارسي (كذا) فرأينا أن ندلي بكلمة عن بحث صغير أعددناه للطبعة الثانية من كتابنا (الفهرست) أو (معجم الخريطة التاريخية للممالك الإسلامية). ورأينا أن نعرض له في مجلة الزهراء الغراء حتى نقف على رأي الباحثين من أهل العلم والفضل قبل إثباته في المعجم. اجمع ثقات العرب على أن: جرعاء مالك - بالدهناء شرق (كذا) حزوى. وأن حزوى - من جبال الدهناء تمتد من اليمامة إلى ديار تميم. والخط - سيف البحرين وعمان. وقراه: القطيف، والفقير، وقطر، واليهفوف (كذا) (وتنسب إليه الرماح الخطية) وجاء في دائرة المعارف الفرنسوية (كذا ولم ينسبها إلى مؤلفها) عن سترابون وغيره: عاصمة بلاد وهي أيضا فرضة بلاد التي هي سواحل بلاد العرب على الخليج الفارسي وأن هذه الفرضة سميت حوالي القرن الخامس الميلادي بالخط. وعليه تكون: مأخوذة من (جرعاء) أي جرعاء مالك. فما رأي الباحثين من أفاضلنا في ذلك. محمد أمين واصف

قلنا: 1 - لم نعثر إلى الآن على من قال من اليونانيين أن جرعاء هي القسم الشرقي من بلاد نجد وسواحل خليج فارس وكان يجدر بالكاتب أن يذكر أسماء الذين ذهبوا إلى هذا الرأي. 2 - ليس في البحرين قرية تسمى اليهفوف قديما ولا حديثا إنما هي هفهوف (بهاءين وبدون تعريف) (راجع لغة العرب لتصحيح هذا الاسم 39: 3) والترك يذكرونها باسم هفوف وكلاهما غلط. 3 - جرعاء مالك في اليمن أي في الدهناء في شمالي حضرموت وغربي عمان وشرقي حزوى (راجع صفة جزيرة العرب للهمداني ص180 س26) فكيف تكون جرعاء التي ذكرها اليونانيون جرعاء مالك؟ - فالوهم إذا واضح. 4 - الجرعاء التي ذكرها اليونانيون هي - على ما نرى أو على ما يتبين لنا - انها الجرعاء من باب التغليب - وهي غير جرعاء العجوز وغير جرعاء مالك (راجع مجلتنا 274: 2) 5 - الجرعاء هي التي قال عنها الهمداني في صفة جزيرة العرب (ص137) (ثم رجع إلى البحرين فالاحساء منازل ودور لبني تميم، ثم لسعد من بني تميم وكانت سوقها على كثيب يسمى (الجرعاء) تتبايع عليه العرب) أهـ. وذكرها في ص164 في بيتي شعر قالهما عند دفن ابنه في بلبول: سقى الله بلبولا وجرعاءه التي ... أقام بها ابني مصيفا ومربعا كأن لم أذد يوما برجمة من حمى ... عدوا ولم ادفع به الضيم مدفعا 6 - جاء في معلمة لاروس الكبرى: الجرعاء أو الجرعة: مدينة قديمة في عربة القفرة على خليج فارس وتعرف اليوم بالاحساء. 7 - ذكرها بلينيوس وقال: الجرعاء جرعاوان: الواحدة في ديار العرب والثانية في بلاد مصر. 8 - ذكرها اللغوي الفرنسي في معجمه اليوناني فقال: الجرعاء مدينة من بلاد كلدة وبلدتان أخريان إحداهما في ديار مصر والأخرى في جزيرة العرب.

9 - إذا وعيت كل ما ذكرناه هنا، ولا سيما ما ذكرناه في السنة الثانية في الصفحة 274 يتبين لك جليا أن الجرعاء هي غير جرعاء مالك وغير جرعاء العجوز بل الجرعاء من باب التغليب وهي كما قلنا مجاورة للاحساء أو للقطيف وكانت تسمى في العهد القديم (وفير) على أحد الآراء إلاَّ أنها من المؤكد كانت بجوار الاحساء الحالية وليس أبدا جرعاء مالك التي هي في الدهناء والدهناء بعيدة كل البعد عن الاحساء. وإتماما للفائدة نعرب للقراء ما كتبه أحد الإفرنج عن الجرعاء. قال نؤيل دي فرجر ما معناه: (كانت تمتد غربة القفرة من اليمن إلى الفرات. ويفصلها عن الحجاز (عربة الحجرة) جبال قائمة على وادي لغور في الشرق. هذا وتخومها مضطربة قلقة؛ ربما كان منها ظهور عربة الوسطى (أي انجادها) التي لا نعرف منها إلاَّ شيئا زهيدا حتى يومنا هذا. (وإن وضعنا في هذا التقسيم ساحل خليج فارس، على ما فعل دنفيل نرى ثم الجرعاء القديمة التي كانت قلبا نابضا عاما لمظهر دهاء تجارة القبائل الرحل، التي كانت تجتاب تلك الديار الموحشة. قال اغاثرخيد كان

الجرعاويون قوما من أغنى الأقوام المعروفة يومئذ على الأرض ومع ذلك كنت تراهم يسكنون بلادا قفرة، غير أن مسقط بلادهم كان ينبوع ثروتهم. (ويقول سترابون الذي تلقى هذه الأنباء عما أورده أصحاب الاسكندر بعد أن يدخل المسافر البحر الحبشي ويصعد الساحل مسافة 2400 استاديون يصل إلى الجرعاء، وهي مستعمرة للكلدان طرأوا عليها من ربوع بابل. وحول المدينة ممالح عديدة؛ ودورها مبنية من قطع ملح ضخمة، يرشها أصحابها لكي لا تشققها الشمس بحرارتها. وشغل هؤلاء الناس نقل غلات ديار العرب وافاويهها إلى سائر الأقطار قاطعين تلك القفار الموحشة. (ويذكر ارستوبول أن أهالي الجرعاء كثيرا ما كانوا يختلفون إلى ربوع بابل. بل ربما كانوا يبلغون تفساح (هي دير الزور الحالية أو أنحاؤها) ومن هناك كانت سلعهم تنفذ إلى آسية الغربية. (ويرى هرن أن خليج الجرعاء والمدينة المسماة بهذا الاسم كانا حيث يرى اليوم خليج القطيف، والمدينة المعروفة بالقطيف الواقعة على الساحل الغربي من خليج فارس هي بين الدرجة 26 والدرجة 27 عرضا في الشمال وجزيرتي تيلوس وارادوس هما على رأيه جزيرتا البحرين الكبريان المشهورتان بلآلئهما. والدر في بحرهما هو اليوم كثير. وتلك الفرائد هي مصدر ثروة أولئك الناس في الزمن القديم. ويقول العلامة الألماني المذكور: إن جزيرة دودان الوارد ذكرها عند العبريين هي إحدى جزيرتي البحرين، أو ربما كانت جزيرة كاظمة، الواقعة فويقها شمالا. وبهذه الصورة تؤول ثروة تلك الديار. وهي ثروة قد ارتاب بعض مؤرخي الكتب المنزلة وغير المنزلة في صحتها ممن تكلم عن تلك الأرجاء. لا جرم أن خليج فارس كان في

تلك الأزمنة الواغلة في القدم السبيل المفتوح للعرب في تجارتهم كلما ساروا إلى الهند عن طريق البحر. (قلنا: فإن كان الأقدمون حاولوا أسفارا طويلة على البحار مع ما كانت عليه الملاحة من الطفولة فيجب علينا أن نتكهن انهم لم يبتعدوا كثيرا ن الشواطئ؛ إذ كانوا يجدون فيها كنا أو كنفا يتقون فيها شر العواصف وعليه كان سكان شرقي جزيرة العرب في احسن موطن ليبحروا منه إلى الهند؛ ويأتوا منها بحاصلاتها النفيسة ليبدلوها بسلع الفينيقيين. فقد ورد في سفر حزقيال: (كان ولد دودان يتاجرون ويتجهون إلى بلاد كبيرة ويبادلون أصحابها بالقرن والعاج والساسم (حزقيال 15: 27)، وعند عودتهم من تلك الأسفار النائية الخطرة كانت تجتمع قوافل دودان على سواحل جزيرة العرب القريبة من الجرعاء وتذهب إلى أرجاء بابل أو إلى ديار فينيقية البحرية مجتاحة فلوات واسعة الأطراف فلقد قال أشعيا في سفره (13: 21): بيتوا في غاب العرب؛ يا قوافل الدودانيين. (اجل، لم يكن من الممكن للحضر أن يأووا إلى قفار بعيدة الآفاق، بل إلى رياضها التي كانت تنشئها الطبيعة في تلك الأرض الموحشة الخالية فقولك (عربة القفرة) كلمة يصدقك اسمها مسماها. والزوايا المريعة تعد على الأصابع ولا تراها إلاَّ في الندرة فتجلي ناظريك بخضرتها لتريحك عن ذلك المرأى المضجر بهيئته المتكررة وليس في تلك الفلوات ماء بل ضروب من الانبتة الشائكة) انتهى كلام الكاتب الفرنسي: وليس لنا شيء لنزيده عليه. حالة التمر في كليفرنية يبلغ إتاء نخلنا في هذه السنة 800. 000 أو 900. 000 باون (والباون هو نصف كيلو) واغلب تمره من جنس (دقلة النور) من ديار المغرب الأوسط، وقد غرس منه شيء كثير في ربوعنا وهو غير حسن لأنه أن لم يعن بنخله شاص أو كاد يشيص. أما نخل العراق فقد وافقه هواء بلادنا واستعذاها وراع فيها؛ لكن نقله إلى هنا كلفنا أثمانا باهضة. من باسادينا (كليفرنية): بول بوبنوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة س - ما هي الألفاظ العربية المقابلة لهذه الكلم الفرنسية؛ (1) (2) (3) (4) (5) (6) (7) (8) (9) (10) (11) (12) (13) البصرة: ميخائيل نعوم فتح الله ج - 1 - حطيطة. 2 - مصرف (أو بنك). 3 - ربى. 4 - مكشوف. 5 - قيد له. 6 - قيد عليه. 7 - الباقي عليه. 8 - الباقي له. 9 - حوالة على الاطلاع. 10 - صك (جك) سفتجة أو (كنبيالة). 11 - تأمين. 12 - أمَّن (بتشديد الميم). 13 - تحويل. لفظتا أخصى وأخصائي نسأل حضرة الأب أن يفيدنا رأيه في لفظة أخصائي التي شاع استعمالها في هذه الآونة كثيرا ولفظة أخصى التي اشتقت تلك منها. أفلا يمكن أن تكون في الأصل فعل (أخص) ثم تحرف وانتقل من مادة خص إلى مادة خصي؟ مصر: نقولا الحداد صاحب مجلة السيدات والرجال 561: 7 ج - لا جرم أن (الأخصائي منسوب إلى (الأخصاء) مصدر (أخصى) وهذه محولة عن (أخص) والسلف كثيرا ما كانت تتخذ في كلامها مثل هذا التحويل فقد قالوا: تقضى في تقضض. وقصى في قصص، وأغمي يومنا (أي دام غيمه) كما تقول أغمت السماء أي صارت ذات غيم، وأغمي الخبر وخفي مثل غم إلى غيرها وهي تعد بالعشرات وقد كتبنا ذلك في إحدى جرائد بيروت في سنة 1922 إلاَّ أن أحد الأفاضل كتب ما نصه نقضا لما جاء في القاموس وتاج العروس وغيرهما القائلة: أخصى الرجل تعلم علما واحدا (نقله الصاغاني وهو مجاز) صحيحه؛ أخصى الرجل: معل معلا واحدا؛ لا تعلم

علما واحدا؛ فتفسير خصيت الحمار خصاء فأخصى؛ معلته معلا فمعل. فقول الفيروزابادي ومن نقل عنه؛ تعلم علما واحدا خطأ فاحش شنيع. والمراد بقوله واحدا أي خصاء لا نظير له (كذا) يعني بولغ في خصائه. وكثيرا ما فسر القاموس الغامض بما هو اغمض منه. وأما قوله (نقله الصاغاني) فإن هذا اللغوي لم يقله لأنه وصل في كتابه إلى مادة (بكم) وما زاد عليها من إضافات الذين أتوا بعده. فأنتبه. أهـ كلام الشيخ الجليل بحرفه. قلنا جوابا على هذا التأويل؛ هذا الكلام ظاهر التعسف لأسباب منها: 1 - أن بين تعلم علما واحدا وبين معل معلا واحدا فرقا ظاهرا معنى ومبنى. 2 - أن تأويل (واحدا) معناه (لا نظير له) تأويل لا نظير له في كلام الأدباء فضلا عن اللغويين والمحققين؛ ولا أظن أن أحدا يقبله. 3 - أوردنا عدة ألفاظ جاء فيها تخفيف المثقل وأخصى محول عن أخص وأخص وارد في اللسان والتاج. قال السيد مرتضى: ومما يستدرك عليه يقال أخصه فهو مخص به أي خاص (التاج). 4 - لو فرضنا أن الكلمة غير منقولة عن الصغاني بل عن أناس زادوا على كتابه العباب لأنه لم يتمه؛ فكيف يدفع كلام الذين أتوا من بعده وهم لغويون أيضا ولهم القدم الراسخة في لسان آبائهم وأجدادهم وقد أتقنوه وهم صغار. على أننا لا نرى رأي الشيخ في أن الصاغاني لم يذكر اللفظة بالمعنى الذي نقله عنه صاحب القاموس والتاج والاوقيانوس. فقول هؤلاء أن فعل أخصى ورد بمعنى تعلم علما واحدا نقلا عن الصاغاني؛ يفيد أن الصاغاني ذكره في كتابه الذي أتمه وهو (تكملة الصحاح) فأين رأي حضرة المعترض أن الصاغاني ذكر ذلك التأويل في (العباب) الذي لم يتمه فكل ذلك من التمحلات التي لا ينكر فسادها في نظر كل محقق. ومع كل ذلك أننا نرى ترك هذه الكلمة احسن من التمسك بها لأسباب؛ 1 - لأن الاختصاصي منسوبة إلى المصدر وليس فيه معنى الفاعلية كما لو قيل مثلا مخص وهذه قبيحة في اللسان فالواحد غير الآخر كما أن الزارع غير الزراعي والفالح غير الفلاحي والنجار غير النجاري.

2 - إذا كان عندنا لفظتان إحداهما حسنة الصيغة والثانية قبيحتها استغني بالحسناء عن الشوهاء والحال لو قلنا: (متخصص) في مكان (أخصائي) لكانت اجمل وقعا في الآذان. ولنا هناك ألفاظ أخرى للمتخصص كالمتفرغ والحفي. قال في التاج: الحفي كغني: العالم الذي يتعلم (أي يدرس) العلم باستقصاء نقله الجوهري. وبه فسرت الآية (أي كأنك حفي عنها) أي كأنك مستقص لعلمها. أهـ وعلى كل حال نفضل (المتخصص) على كل لفظة سواها لأن العوام والخواص يفهمونها وهي فصيحة. وإذا أريد اتخاذ لفظة من الاختصاص فليقل (صاحب اختصاص) والجمع (أهل الاختصاص أو أرباب الاختصاص) فنكون قد عبرنا عن فكرنا الواحد بكلمتين وهو مما يجب الاستغناء عنه أن أمكن. وهنا الإمكان متيسر لنا بقولنا (متخصص) وأما الاختصاصي فلا تؤدي المعنى المطلوب تأدية حسنة، كما أن المخصي والإحصائي قبيحتان على السمع. فضلا عن أن الأخصائي نسبة إلى الاخصاء المصدر وهي لا تفيد فائدة اسم الفاعل كما قلنا. وبعد هذا التصريح ليتبع الكاتب ما يطيب لذوقه، إذ أذواق الفصاحة تتفاوت في الناس تفاوت الناس في صورهم وخلقهم. هل شمر بمعنى تمر؟ طالعت خطبة الدكتور شهبندر المنشورة على صفحات جريدة العالم العربي الغراء في عددها 844 الصادر في 16 كانون الأول من هذه السنة فوجدت صاحبها الفاضل يقول ما حرفه؛ (زرت في الأمس (كذا) المتحف العراقي (كذا) فأردت أن اسأل القيم عن بعض الأمور الأثرية. . . قلت للقيم ما تقول عن السمريين؟ (كذا) قال انهم غرباء عن الديار. وأنهم ليسوا من أصل سامي إنما يشبهون الهنود (كذا) فسألته ما اسم النخيل قديما؟ قال (شمر) (كذا ولم يقل بأي لسان من ألسنة الأقدمين) فقلت (تمر)؟ قال نعم؛) والذي أعهده أن كلمة شمر لا تفيد معنى التمر بل معناها بين النهرين أو أرض عبادة القمر، فما رأيكم في ذلك؟ رزوق عيسى ج - ما أرتاه بعضهم أن معنى شمر (بين النهرين) أو (أرض عبادة القمر) هو من باب الاجتهاد وليس من باب التحقيق. أما القول بأن معنى شمر هو التمر فهو من باب المزاح والمداعبة لا غير!

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 34 - تقرير حول العراق (بنصين عربي وإنكليزي) يحوي مباحث عن ثروة البلاد واقتصادياتها وحالة السكان الروحية والاجتماعية، مستندا إلى التقرير الرسمي المدفوع إلى وزارة مالية العراق، طبع النص العربي في المطبعة العصرية سنة 1926 في 147 ص بقطع الثمن، وطبع النص الإنكليزي في مطبعة الحكومة سنة 1926 في 56 ص بقطع الثمن أيضا، وكل من النصين مزين بخريطة زرع الرز في الشامية، لمؤلفها أحمد فهمي أفندي المدير العام للمحاسبات العمومية لم نطالع كتابا واستفدنا منه والتذذنا به مثل هذا الكتاب. فإن المؤلف تكلم (عن الشامية في الوقت) تلك الديار التي هي مخزن الرز (التمن) في العراق وذكر كل ما عرف عنها من أحوال أرضها وأهاليها. ثم انتقل إلى حياة أهلها الاجتماعية والروحية وبعد أن وفى هذا الموضوع من الدقة جاء على ذكر ما يسميه (حق التصرف) فأحسن فيما بحث كل الإحسان، وأردف هذا المقال بما دعاه (الأسس المقترحة لتنسيق الحقوق التصرفية) وختم تأليفه هذا بالشيوخ والرؤساء. والحق يقال إننا لم نطالع تصنيفا اظهر صاحبه براعة في تصوير الحقائق وذكر الدقائق كما أظهرها أحمد فهمي بك: فلقد بين مقدرته في الإنشاء والتأليف ما جعله في مقدمة الكتاب المبدعين وتصنيفه يبقى مثالا يحتذي عليه كل من يأتي بعده في هذا الموضوع. وليس في هذه الصفحات العربية اللذيذة إلاَّ عيب واحد كثرة الأغلاط أغلاط الإنشاء وأغلاط الطبع. مع أن في آخرها اكثر من ثلاث صفحات لتصويب ما ورد في ما تقدمها من الأوهام. فيظن القارئ أن ليس فيها غيرها.

بقلم قسطاكي الياس عطار الحلبي، الجزء الأول طبع

أما التقرير نفسه بالإنكليزية فمن احسن ما طبع. فمن أغلاط الطبع ولم يصلح في الآخر: وفصل لانقلابات ص131 وفيها بالنبي الاعظم، وفيها المنشئة؛ والصواب الاختلافات والأعظم والمنشأة (لأنها تدل هنا على المفعولية). وأما أغلاط التركيب في تلك الصفحة نفسها كتعريفه للسيد بقوله: الذوات الذين يتصل نسبهم. . . وكان الأحسن أن يقال: السادة ومفردها السيد وهم الذين يتصل نسبهم. . وكقوله ورقة. . . تعطى من قبل الحكومة. واحسن منها ورقة. . . تعطيها الحكومة. وكقوله (شط: الأنهار الكبيرة جدا) واحسن منها الشط: النهر الكبير جدا. ومثله؛ شيخ هو من يترأس؛ وافصح منه الشيخ: من يترأس. وكقوله صدقات: العوائد الدينية. واضبط منه الصدقات العوائد. وكقوله: صريفة؛ البيوت. واوجه الصرائف ومفردها الصريفة البيوت. وفيها صوباش: كلمة أخذت من التركية تطلق على المأمور المنصوب من قبل الشيوخ. . والأحسن؛ الصوباش كلمة تركية الأصل تطلق على المأمور الذي يقيمه الشيوخ. فأملنا أن ينقح الكتاب في طبعة ثانية ليكون أطيب غذاء للعقل موضوعا في انظف إناء حتى تقبل عليه النفس احسن إقبال. 35 - تكوين الصحف في العالم يحتوي على إنشاء الصحف في أربعة أطراف العالم إجمالا، وتاريخ إنشاء الصحف العربية في القطر المصري خصوصا بقلم قسطاكي الياس عطار الحلبي، الجزء الأول طبع في القاهرة سنة 1936 في 86 ص بقطع الثمن. كتاب لابد منه لكل عربي يجهل لغة من اللغات الغربية ويحب الوقوف على منزلة الصحافة وتاريخها في العالم كله. جعل المؤلف لهذا التصنيف تمهيدا حسنا بسط فيه تاريخ الصحافة بوجه عام امتد فيه الكلام في 50 صفحة ثم عقد 17 فصلا تكلم فيها عن تعريف الصحافة

من أقوال عظماء العالمين القديم والحديث. وذكر في الفصل الثاني تكوين الصحف في أوربة وأميركة، ومنه انتقل إلى ذكر صحف الصين. وهكذا جرى في سائر الفصول إلى أن طواها كلها على مختلف الديار؛ إلاَّ أننا لم نفهم سبب تقديم بلاد على بلاد والتبسط في صحف ربوع دون ربوع. نعم إننا نفهم سبب إسهابه في الكلام عن صحافة تركية أما في سواها فلم ينصف في عمله. إذ أوجز في بعض الأحيان، وأطال في مواطن أخرى على غير وجه سوي. وفي كلامه عن صحف تركية (ص96 - 154) فوائد جليلة قلما ترى في الكتب التي تتداولها الأيدي، على أن فيها آراء لا نوافقه عليها وليس هنا محل ذكرها. وكنا نود أن تقطع بعض الأفكار بان يجعل مطلع كل فكر في مقطوعة جديدة يبتدئ سطرها الأول متنحيا عن سائر سطور الصفحة ليستريح الفكر وترتاح العين: فلقد ابتدأ في ص101 بتعداد الجرائد العربية الأولى وأطال الكلام على نفس واحد حتى وقع في ستة اوجه؛ فهذا مما يبعث السأم في صدور القراء. وهذا الجزء الأول خال من فهرس والكتاب إذا حرم هذه المزية زهدت النفس فيه واستهجنته ولا تصبو إليه إلاَّ في بعض الاويقات حين تثور فيها خواطر الاستطلاع مهما كلفها من العناء. وعبارة هذا التصنيف وسط بين العامي والفصيح. وأغلاط الطبع متوفرة فيه إن شاء الله تعالى إلاَّ أن الأفكار الواردة فيه مطبوعة بطابع الصدق في اغلب الأحيان ما خلا في بعض مواطن تنم عن غاية هناك وهو الهادي.

36 - مغاور الجن مأساة غرامية أدبية تاريخية ذات خمسة فصول بقلم مارون بك عبود، مطابع قوزما - بيروت ودمشق - 1926 في 99ص بقطع 12. أهدى المؤلف هذه الرواية (إلى سعادة الزعيم والمحسن الكبير عبد الكاظم بك الشمخاني نائب الأمة العراقية في البرلمان) وقد افتتح الكتاب بقصيدة سماها عذراء الشام وهي مرفوعة إلى النائب الموما إليه. وقد طالعنا بضع صفحات من هذه الرواية فلم نستحسن عبارتها ولا خطتها ولا ما ورد فيها من الأبيات إذ رأينا التكلف ظاهرا في كل سطر من سطورها ويبدو لنا أنها معربة على ما يستروح من أعلامها وتحبيذها للمنكرات. فلقد قال بريفارا عن نفسه وهو أول كلام يصدر من فمه ولأول مرة يسمعه الناس عند انكشاف الستار ما هذا حرفه: (لقد قتلت الدوق كارلوس ولابد من أن ألحق به ابنه كميل واتبع بهما الدوق أمير البلاد فأزوج ابنه جان ماريا بابنتي لأب وأزف فرجيني حبيبة كميل إلى ولدي فرنسوا فتصبح السلطة بيدي. . .) فنحن لا نشوق الناس في مطالعة أو سماع مثل هذه الأقوال والآراء ونفضل عليها الروايات العربية السدى واللحمة الرامية إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الفضائل ولا تذكر المساوئ إلاَّ لتصورها بصور تكرهها للنفس وتقبحها في نظر السامعين ومسامع الحاضرين. 37 - كتاب تعليم العود مؤسس على المبادئ العلمية والاصطلاحات الفنية والقواعد العملية، تأليف الأستاذ اسكندر شلفون، صاحب مجلة روضة البلابل في مصر ورئيس المعهد الموسيقي المصري، طبع في مصر القاهرة بقطع الربع في 20ص. شهرة الأستاذ اسكندر شلفون اعظم من أن تذكر. وهو مع شهرته بالضرب على العود معروف بأدبه الجم وفصاحته الساحرة. وقد ألف هذا الكتاب وبدأه

بكلمة وجهها إلى أبناء زلزل ومعبد بل إلى كل محب للأنغام ليقول لهم ما يعانيه من النصب في مزاولة فن لا يدر على صاحبه إخلاف الرزق ومع كل هذا تراه يدأب ليل نهار لينشر مجلته البديعة (روضة البلابل) الحافلة بالأنغام والأشعار المكتوبة كتابتين: كتابة عربية وكتابة فنية راكبة الخطوط المعروفة لدى أصحاب الفن. وما من فن يرقي الذوق ويلطفه معا مثل الموسيقى، ولا سيما الضرب على العود. وفي بغداد اليوم نهضة جليلة لإتقان العزف على هذه الآلة الناطقة. وفي هذا الكتاب صورة العود مع جميع الألفاظ الخاصة بكل قسم من أقسامه مع شرحها شرحا كافيا لحفظها فنحث أرباب الصناعة الزلزلية على اقتنائه. 38 - بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب 2 - مزايا هذه الطبعة تفوق الطبعة الأولى بكثير: أولا - لأن السيد محمد بهجة الأثري الكاتب المتفنن هو خريج الشيخ العلامة ومن اعز أبنائه في العلم وكثيرا ما كان يفتخر به وبسعة معرفته ويقدمه على سائر التلاميذ الذين قرأوا عليه. فلقد ورث مكارم أخلاق معلمه وآدابه المتينة ونفسه العالي وآراءه المصلحة المتسعة؛ بل وحمله التشبه بأستاذه إلى أنه أتقن الخط على الطراز الآلوسي، حتى أن من يرى وشي التلميذ يخاله من صنع يدي الأستاذ نفسه ويصح فيه قول القائل: (حضار والوزن محلفان). ثانيا - لأن الطبع الأول كان قد شوه من محاسنه شيئا جما؛ أما هذا الطبع فقد أعاد كل أمر إلى نصابه السابق الوضع. ثالثا - خدم التلميذ نص الأستاذ خدمة لا تنكر فإنه أوضح معمياته وجلى مبانيه وصحح ما أفسده النساخ والكتّاب فجاء هذا المصنف مما تزدان به الخزائن ويفاخر به أولو العلم. رابعا - تولى طبعه رجل عرف قدر هذا السفر فأبرزه بحلة سنية أي بحرف بديع السبك مضبوط الشكل في المزالق على كاغد حسن؛ وكل مجلد مختوم بفهرس

مطول يحوي ما ورد فيه من الأعلام على اختلاف أنواعها يتقدمه فهرس أول هو فهرس المحتويات؛ مما جعل مجتني هذه الشجرة على حبل الذراع. ويحق لمن سهر الليالي وكد في إخراجه بتلك الصورة الحسناء أن نبين فضله بما ادخله من الإصلاح والإتقان ومبلغ التجويد في ما أتاه؛ انظر حرسك الله إلى ما قاله في حواشي الجلد الأول في الصفحة 25 فإنه بأدلة ناصعة أن القصة المنسوبة إلى الخنساء في نقدها شعر نابغة ذبيان هي غير صحيحة النسب إليها؛ إنما القصة جرت بين النابغة المذكور وحسان بن ثابت. انتقل من هذه الحاشية إلى حاشية أخرى ذكرت في ص105 فإنه اظهر أن ما نسب إلى حسان بن ثابت هو للحصين بن الحمام بن ربيعة المري من شعراء الجاهلية وفرسانها المذكورين. فمعرفة عزو كل شعر إلى صاحبه يدل على ثبات قدم خريج الآلوسي في معرفة محاسن الشعر ومنزلته من قائله وسامعه وعهده وهذا أمر لا يتيسر لكل أحد أن يكون من جهابذته. ولو كان في الكتاب هذا القليل من التحقيق لقلنا؛ إن المصحح كان واقفا على ما جرى لحسان بن ثابت ولما يتعلق بسيرته وترجمته فقط؛ لكن الحق يشهد بأنه مطلع على عيون الشعر وقائليه. ولو أردنا أن نذكر ما في كل حاشية من سعة الدراية لما اكتفينا بمائتي صفحة لنعدد فيها مبتكراته على أنه ما لا يدرك كله لا يترك جله؛ فقد جاء مثلا في حاشية ص122 بيت لم يهتد الشيخ المؤلف إلى قائله. أما تلميذه المحقق فقد نقر في الدواوين ومجاميع الشعر حتى عرف قائله أي المعقر البارقي وعرف اليوم الذي قيلت فيه القصيدة التي منها ذلك البيت المستشهد به. ومثل هذا التحقيق ترى في الحاشية الأولى من ص145 على أن العلماء لا يرضون برأي الكاتب ولا بمذهب المؤلف وكلاهما يقول أن أول من وضع الخط العربي هو مرامر بن مرة أو مروة وهو رأي الأقدمين من الكتبة. وفساد هذا الرأي ظاهر من قوله أن كلمات أبجد هي أسماء ثمانية أولاد مرامر على ما زعموا وعلى من يريد أن يتثبت صدق الرواية أن يراجع المعلمة الإسلامية لجماعة المستشرقين في مادة (عربة) في فصل: 5. الخط العربي ص387 من الترجمة الفرنسية.

وبعد هذا اوجه نظرك إلى ما كتب التلميذ الوفي في الحاشية الأولى من ص 341 فإنه رد خرافة زرقاء اليمامة احسن رد، مما يدلك على أن عقل المحشي ليس من عقول أولئك الشيوخ العميان بصرا وبصيرة، بل ممن يزن الحقائق بمعيار النقد. وفي هذا الجزء الأول من هذا السفر الثمين غير هذه الملاحظات والإشارات وكل منا يراها في مواطنها إذا ما تصفحه عن تدبر وتفكر؛ فلنقف عند هذا الحد منه. لننتقل الآن إلى الجزء الثاني وحسناته، فإنك تراها لا تقل عن مثلها في صنوه الأول. وما تكاد تصل إلى الصفحة 5 منه إلاَّ وتتذكر ما يروى عن الأقدمين وهو قولهم: (أفلاطون صديقي واعظم منه صداقة الحقيقة) وحضرة السيد محمد بهجة يكاد ينطق بمثل هذا القول عند كل سطر تخطه أنامله. على أن من الناس من يتخذ هذه الحكمة دليلا له في أموره؛ لكن إذا أراد أن يضرب صديقه ضربة اتخذ لها قفازا لينا ناعما ليبلغ إلى أمنيته من غير أذى مادي، ومنهم من يتخذ كفا من حديد فليلطم صاحبه ويحطمه فلا ينال منه الإصلاح المبتغى إلاَّ كرها، أن بقي حيا وإلاَّ أورده حياض الموت. وهذا ما يفعله صديقنا الفاضل فإنه أورد في حواشي ص5 من الأدلة ما يسكت كل معارض لكلامه أو رأيه. بخصوص البغايا في بلاد العرب كان شيخنا الآلوسي يذهب إلى وجودهن فيها وقد اعتمد في كلامه هذا على رواية ابن الكلبي وغيره. أما التلميذ فلا يقبل بهذا الرأي بل يفضل عليه رواية الكشمهيني أي أن البغاء لم يكن في الحرائر بل في الإماء. وهو رأي وجيه؛ إذ انك لا تقول حرة عن المرأة إلاَّ تتصور أنها طاهرة الذيل؛ أما الأمة فقد تكون نقية العرض وقد لا تكون وهذا هو موضوع الجدل والخلاف بين التلميذ ومعلمه. ومما نسترعي له الأنظار أن السيد الناقد لا يرى رأي من يقيد نفسه بقيود سيبويه وسائر الأعاجم الذين أوثقوا اللسان المبين في وثق تأباها نفوسهم الحرة افتح مثلا ص49 من هذا الجزء وقف على الحاشية 2 فإنك تراه نارا آكلة لمن يحاول أن يكثر من الأغلال والسلاسل في هذه اللغة وأصحابها ولهذا تراه كثيرا

ما يستشهد بصاحب المصباح العربي الصميم ليرد مزاعم من لم يكن في عرقه ذاك الدم المحض العدناني، والتحقيق فيه جار عما هو من قبيل طالق وطالقة. كثيرا ما نسب المؤلف أمورا لم يقل بها اغلب الرواة والكتبة، أما المحرر فقد ذهب إلى ما خالف فيه أستاذه، راجع مثلا ما جاء في الحاشية 2 من ص5 والحاشية 1 من ص52 والحاشية 4 من ص117 والحاشية 1 من ص179 والحاشية 2 من ص235 والحاشية 1 من ص314 وكل مرة تفرص المحشي فرصة ليحمل على أصحاب بعض أهل البدع والخرافات فإننا نراه لا يغادرها إلاَّ ينزل عليهم كالصاعقة المهلكة، ولو خفف من عبارته لكان اجمل به واحلم. فانظر رعاك الله ما قال في حاشية ص320 فإنه يحمل على بعض الحشوية حملا يكاد يحرقهم لو لم يكن كلامه حروفا مخطوطة على ورق وإلاَّ لو انقلبت كلمه نارا متقدة لما أبقت إنسا ولا جنا. وفي الحاشية 1 من ص322 يرى المحقق أن من العرب من كان يحرق الناس إذا ما رأوا فيهم ما يجلب العار على أهل البيت. وزعم بعض الجهلة أن المسلمين لم يأتوا مثل هذه الأفعال المطهرة للآداب، زعم لا سند له يكذبه التاريخ وأولوا التحقيق. لا يمكننا أن نذكر كل ما في هذا الجزء من المنافع والشروح والإفادات إذ نشاهدها في كل صفحة من صفحاته، والمقام لا يجيز لنا الإسهاب في هذا المعنى فلنتركه الآن لنقول كلمتنا عن الجزء الثالث وما فيه من التحقيقات في جزء آت. 39 - الأخلاق جريدة أدبية علمية تصدر في الأسبوع مرة موقتا برز العدد الأول من هذه الصحيفة نهار الجمعة 18 جمادى الآخرة 345هـ أو 4 كانون الأول سنة 1926 صاحب امتيازها عبد الرحمن البناء ومديرها المسؤول المحامي محمد الهاشمي. ومن أهم مراميها السعي وراء إصلاح الأخلاق وهو من اشرف المساعي فنتمنى لها النجاح والعمر المديد، ونحن نخشى أن لا تعيش طويلا لأن غايتها من أسمى الغايات والبلاد لم تتهيأ بعد لمثلها.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - السيد أحمد الفخري توفي في الموصل مساء 29 ت2 السيد احمد الفخري عن 75 عاما؛ أثر نازلة نزلت عليه. وكان عضوا في مجلس الأعيان ووسد في حياته مناصب عدة في عهد آل عثمان ثم في أيام الاحتلال فعهد الحكومة الحالية العراقية. 2 - الحكم على قاتل الطيار اليوت جرت في محكمة الجزاء في الناصرية محاكمة (نجم الفهد السعدون) المتهم بقتل المستر (اليوت) مطير طيارة (السر ألن كوبهام) بإطلاق النار على الطيارة حين تحليقها في جو طريقها إلى البصرة. فوجدت المحكمة أن المتهم مذنب بارتكاب القتل من غير سابق عمل من جنسه؛ فقضت عليه بالسجن الشاق مدة خمس سنوات. 3 - ناجي باشا السويدي انعم ذو السمو الملكي الأمير عبد الله صاحب شرقي الأردن على السري ناجي بك السويدي بلقب (باشا) في أواخر أيلول ثم سمح صاحب الجلالة مولانا الملك المعظم فوافق على أن يستعمل صاحب المعالي ناجي باشا السويدي وزير العدلية رتبة (الباشوية الملكية) المذكورة؛ فنمحضه التهاني والتبريكات. ومما يجدر بتدوينه هو أن لقب (الباشا) تركي فجاد به أمير عربي على سري عربي عباسي المحتد ساكن ديارا عربية. 4 - تنوير الكرخ بالكهربية تجّد أمانة العاصمة لإنارة الكرخ بالكهربية وقد نصبت العمد لحمل الأسلاك المتينة على طول شارع (الجعيفر) وباشرت أقامتها في كل من شارعي العلاوي وعلاوي الحلة وفي الطريق التي تصل علاوي الحلة بتمثال مود المعروفة ب (دربونة الدوب) فإذا تم ذلك يصبح طريق رأس الجسر القديم إلى محطة السكة الحديدية الغربية منارا بهذا الضوء البديع.

5 - تنوير شارع البريد قررت أمانة العاصمة مد أسلاك الكهربائية لتنوير الشارع الذي يصل شارع السراي بالشارع الجديد مارا بدائرة البريد الأم والمدرسة الثانوية. 6 - درج متينة من المجمود (الكنكريت) بنت أمانة العاصمة درجا في أسفل شريعة مدرسة الصنائع ذهبت بها إلى أعلاها واتخذتها من المجمود وكذلك فعلت على جانبي دجلة عند الجسر القديم. 7 - سيارة جديدة للإطفاء وصلت سيارة جديدة للإطفاء في أوائل ت2 وقد تسلمتها دائرة الإطفاء وهي كبيرة متينة جلبت من معامل (دنيس) وقوة محركها يعادل 35 حصانا وقد كلفت أمانة العاصمة ثمانية عشر ألف ربية ونصبت في 9 من الشهر المذكور وجربت فكانت من احسن ما جاء من جنسها. 8 - عودة المعتمد السامي عاد إلى العاصمة المعتمد السامي من أوربة في أول كانون الأول. 9 - دخل وخرج أمانة العاصمة في مدة 6 سنوات ذكرت جريدة العراق أن الدخل والخرج كانا على الوجه الآتي: والحساب بالربيات والأنات: السنة الدخلالخرج 1921 - 19224196918831869754 1922 - 19234204751500 2007616 1923 - 192441704025014 1666589 1924 - 19250118897106 1111270 1925 - 19261118438805 1002046 1926 - 19270118816300 1152753 إلاَّ أن حساب هذه السنة هو من باب التخمين. 10 - شارع العزيزية في الموصل باشرت البلدية في أواخر ت2 تملك الدور المنوي هدمها لفتح (شارع العزيزية) بعد دفع أثمانها.

11 - مستشفى حيوانات في الموصل أخذت البلدية تهيئ المعدات لإنشاء مستشفى للحيوانات في خان البلدية المسمى (خان السينما) في باب الطوب. 12 - تعمير مرقد الشيخ أحمد الرفاعي الشيخ أحمد الرفاعي مدفون في أرض (أم عبيدة) المجاورة لمركز لواء العمارة. وكان على هذا المرقد قبة يحيط بها جامع كبير وغرف لسكنى الزوار والخدم، وكان قد بنى الجامع والمرقد في المرة الأخيرة من ريع (الأملاك السنية) وكان ينفق على أثاثه من الريع المذكور قبل الحرب العظمى. ولما أصبحت تلك الأراضي ميدانا للحرب وتقهقرت جيوش العثمانيين اغتنمت العشائر المجاورة الفرصة فنهبت المرقد وما فيه حتى الأبواب والنوافذ وبقي الجامع مهجورا ينعب فيه بوم الخراب ويتكوم فيه التراب الذي تسفيه الرياح. فقام السيد إبراهيم الراوي شيخ الطريقة الرفاعية في العراق وجمع من أرباب الدين والحمية مبلغا كافيا من النقود وشيد المرقد والجامع فأعاد إليهما رونقهما السابق. 13 - عطلة مدرسة العوينة سرح طلبة مدرسة العوينة في بغداد في أوائل شهر ت2 للمياه الآسنة التي أحاطت بها إذ صيرت تلك المدرسة جزيرة صغيرة في بحر نتن. 14 - مغارز الجراد لاحظ أولو الشأن أن الجراد غرز في ناحيتي الشورة والشرقاط من قضاء الموصل، فقاموا له وقعدوا. ومن القرى التي كثر فيها هذا الضيف الثقيل (منيرة) و (صف التوث) والشائع عن أهل الشرقاط انهم أصحاب همة قعساء للزراعة ولا سيما أهالي قرى (البعاجة) و (الشرقات) و (القلعة). ومن الأرضين التي يظن فيها سرء الجراد: (تلول عسكر) وقرى (المسحق) و (هرارة) و (نصف تل) و (أرجل الحمر) و (تلول ناصر). وفوق هذا البلاء العظيم اشتداد البرداء في قرية (صف التوث) فإن أطفالها المولودين في هذه السنة ماتوا عن آخرهم. كما أن الرمد سرى سريانا غريبا في سكان قرية (السلطان عبد الله) فعسى أن تفرج هذه البلايا عن هؤلاء المساكين في وقت قريب.

15 - من الوبر إلى المدر أخذت طائفة كبيرة من عشائر شمر والصائح بزرع الأراضي المجاورة لنهر (العظيم) قرب سامراء وأراضي (العيث) وقد طلبوا إلى الحكومة أن تجيز لهم زراعة تلك الأرضين فأذنت لهم وساعدتهم. قلنا: وانتقال أهل الوبر إلى المدر هو الامتدار وهو أول درجة من التحضر قال في اللسان: (والعرب تسمي القرية المبنية بالطين واللبن: المدرة وكذلك المدينة الضخمة يقال لها المدرة) أهـ. ولا جرم أن الكلام هنا عن القرى والمدن التي تبنى بالمدر وهي مدن الآخذين بالتحضر، وهذه العيشة بين الوبر والمدر أو أن شئت فقل: بين المدر والحضر هي ما يسميه الإفرنج (نصف التحضر - فيكون انتقالهم بعد ذلك إلى الحضارة التامة أهون واسهل فعسى أن تسعى حكومتنا إلى إمالة سائر أهل البادية إلى الامتدار ثم إلى التحضر. 16 - معاقبة الغزاة بقرب الرطبة إن الغزاة الذين نهبوا (الجهرة) وسلبوا من أهلها اكثر من ألف بعير لم تهنأ سرقتهم وذلك لأن الطيارات التي أخذت تنفض البادية وتساعدها على عملها الطيارات المحلقة من فوقها في 20 تشرين الأول رأى أصحابها بعضا من الغزاة فأصلتهم نارا حامية في جنوبي آبار الرطبة وألحقت بهم عدة خسائر وقبضت على مائة من الاباعر المنهوبة ولابد من أن تتبع من بقي منهم. 17 - الباخرة مجيدية بينما كانت الباخرة مجيدية تصعد دجلة خارجة من البصرة طالبة بغداد اصطدمت ببقايا إحدى البواخر الثلاث التي غرقت في زمن الحرب الكبرى بالقرب من الشيخ سعد على بعد 28 ميلا من جنوبي كوت الإمارة فخرقتها فدخل الماء إلى انبارها فلم يتمكن ربانها من تسييرها فأضطر فصل الجنيبتين (الدوبتين) عنها ومال بها إلى الشاطئ. وكان في بعض شحن الباخرة المذكورة سكر فتضرر جانب عظيم منه. وكانت تلك السفرة الثمانين بعد الثلثمائة من عهد إنشائها.

18 - الأخوان وابن سعود تملك ابن سعود على الحجاز وترك نجد وسكانها في حالة الإهمال فأحرج صدور المقدمين بين الأخوان (أي الوهابيين) فإن زعيمهم الكبير فيصل الدويش وزميله سلطان ابن حمبد ينظران شزرا إلى ابن سعود لأنه أخذ ينظم له جيشا على الأصول المعروفة في هذا العصر، والزعيمان يتصوران أن ابن سعود يحاول ضرب الأخوان ضربة قاضية، ولهذا اجتمع الزعيمان برجال آخرين من أصحاب النفوذ من الأخوان وعقدوا مؤتمرا في الارطاوية وكانت الرئاسة فيه لفيصل الدويش. وبقيت مواضع ذلك المجتمع سرا مكتوما على أن بعضهم تنسم الأخبار فعرف أن بعض الحديث كان عن هذه الأمور: 1 - يسأل الأخوان السلطان ابن سعود عن أهل العراق والكويت ليعرفوا أهم أعداء أم أصدقاء، فإن كانوا أعداء فيطلبون منه أن يحاربوهم، وأن لم يكونوا أعداء فيطلبون الاختلاط بهم ومسابلتهم. 2 - إن الأخوان لاحظوا أن ابن سعود حاد عن الشريعة بعد أخذ الحجاز ولهذا قرروا أن لا يقبلوا منه صلة أو هبة ما لم يعرفوا منه أيجري على الشريعة أم يبقى سائرا سادرا في وجهه. هذا بعض ما شاع عن أسرار ذلك المجتمع. وعلى كل حال أن فيصل الدويش يحاول أن ينشئ حزازات في صدور الأخوان ليحملهم على ابن سعود ويفهمهم أنه حاد عن منهج الأخوان متبعا مطامعه وأغراضه الشخصية إذ ترك الأخوان بلا مال ولا عمل، ومنعهم عن الغزو والنهب، مشيرا عليهم بالصوم والصلاة لا غير وهذا كله لا يلهي الأخوان ولا يسوقهم إلى الإمعان في البلاد المجاورة لهم. 19 - الدكتور الشهبندر قدم العاصمة زعيم الثورة السورية الدكتور عبد الرحمان الشهبندر في العقد الأول من شهر كانون الأول ومعه مظهر البكري وشاكر العاصي. وقدم إلينا أيضاً وفد سوري لجمع الإعانة لمنكوبي القطر الشامي. وفي الوفد حسن الحكيم ومحمد الشريقي وعبد اللطيف العسلي. وقد أقيمت لهم عدة حفلات اظهر فيها العراقيون ما لهم من الشواعر في مشاطرتهم إخوانهم مصائبهم وأحزانهم.

20 - قنصل دولة إيران عين صديقنا المحبوب الميرزا حسن خان بديع قنصلا عاما (جنرالا) لدولة إيران في العاصمة، فوصلها في العقد الأول من شهر كانون الأول. 21 - ناحية بازيان ألحقت ناحية بازيان التابعة للواء كركوك بلواء السليمانية ثانية منذ أول كانون الأول من هذه السنة. 22 - لأهلاك الجراد أرصدت الحكومة 9264 ربية و13 آنة لأتلاف الجراد في لواء كركوك وقد وافقت على شراء كل كيلو من بيض الجراد في ذلك اللواء بثلاث آنات وأوصت المأمورين الخصوصيين بأن يبثوا هذه الفكرة بين ظهراني الجمهور لأتلاف ذلك الضيف الثقيل بكل الوسائل. 23 - دفء شتاءنا ونتيجته كان متوسط الحر في أيام كانون الأول يتردد بين 8 درجات و7 مئوية في السنين السابقة وأما في هذه السنة فكان يتردد بين 14 و16 درجة. وهذا الدفء مع كثرة الأمطار انتج الصحراء كلا بل السطوح المفروشة بالطاباق وهو أمر لم يشهد مثله شيوخ الحاضرة، ومن غريب الأمر أن الخضراوات التي كانت تموت عند مقتبل برد الشتاء وهو المسمى (أبو جويريد) (أي البرد الذي يجرد الأشجار من أوراقها) لم يكن ذا أثر على الانبتة ولهذا فإننا نرى الخيار والباذنجان والبامياء واللوبياء والفاصولياء لم تنقطع إلى يومنا هذا إلاَّ أن هذا الدفء انقلب بردا قارسا في الأسبوع الأخير من الشهر. واغرب من هذا كله أن هذا الهواء المعتدل انتج بعض الغنم وفقس سرء الجراد في أنحاء خليج فارس كالكويت والزبير وما جاورهما. 24 - الولادات والوفيات في بغداد بلغ مجموع الولادات في بغداد في شهر أيلول من هذه السنة 294 منها 151 ذكرا و143 أنثى. وبلغ عدد الوفيات في الأطفال في الشهر المذكور 392 كان الذكور فيها 208 والإناث 184.

العدد 42

العدد 42 - بتاريخ: 01 - 02 - 1927 الشاعر لا أريد الناي أني ... حامل في الصدر نايا عازفاً أنا فآناً ... بالأماني والشكايا البلايا أنطقته ... سامح الله البلايا سيئ الحال ولكن ... حسنت منه النوايا معجز تهيجه ك ... ل المغنين سِوَايا أدركت ظاهره الن ... اس وأدركت الخقايا حافظاً كل الذي ... مرَّ عليه كالمرَايا حجرَ الهمَّ على ... أنفاسه إلاَّ بقايا أفلتت في نبراتٍ ... شائعاتٍ في البرايا ترقص الفتيان أن ... غنيت فيه والفتايا

هو وردي في صباحي ... وصلاتي في مسايا رغم نفسي هاجسات النف ... س تبدو في غنايا رنة المعول في الح ... فرة صوت للمنايا كومة للرمل أم ... جمجمة طارت شظايا حمل الناس سكونا ... وجلالا في الحنايا شاعراً أدركه الم ... وت غريبا في الزوايا سير الأفق بعين ... أدركت منه الخبايا فانبرى يوحي إلى النا ... سِ من الأسرارِ آيا ثم اغفاها وفي النف ... س ميول ونوايا قال لما لقنوه ... أنا لا املك رأيا لست ادري ما أمامي ... لست ادري ما ورايا لا أرى من شيعوني ... منكم إلاَّ مطايا رجعت إذ لم يجد ... سائقها للسير غايا حزن الشيخ ولكن ... ضحكت منه الصبايا النجف: محمد مهدي الجواهري

أصل كلمة العراق ومعناها

أصل كلمة العراق ومعناها 1 - تمهيد تلقيت من البريد رسائلك، كما تلقيت بفرح لا يوصف ولذة لا مثيل لها أجزاء لغة العرب. وأهنئك ببعثك أياها. قابل الفرق بين ديار العراق وديار فارس: في طهران علماء وأدباء وفضلاء أوفر عددا مما من أمثالهم في وادي الفراتين، ومع ذلك لا تجد في هذه الربوع ما يماثل مجلتك. وقد سألتني أن أعيد إليك ما كنت قد كتبته إليك سابقا بخصوص أصل كلمة العراق ومعناها. ويسوءني أن أقول لك إن الكتب اللازمة للاستشهاد بها ليست معي في ديار الغربة بل أبقيتها في موطني برلين. على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله. وعلى كل حال ما اذكره لك الآن هو من حفظي ولهذا اسرد لك ما أظنه أنه المهم من أمر البحث. 2 - أركان البحث الحرف (ق) (القاف) الذي يذيل بعض الكلم العربية المنتقلة إليها من الفارسية قد ينوب عنه (ج) (الجيم) في بعض الأحيان. وفي البهلوية لا تختم الألفاظ بحرف علة بل بالكاف (ك) وكان يتلفظ بها في عهد الفتوحات العربية كما يتلفظ بالكاف التركية المعروفة بصاغر كاف في عهدنا. وفي مثل هذه الحالة كان ينطق بها جيما وفي بعض الأحيان كان يتلفظ بها كالحرف الإفرنجي وفي مثل هذه الحالة كانت تحول إلى قاف عربية. في الفارسية القديمة كما في اللغة البهلوية كلمتان: (ابريك) (بالياء المثلثة الفارسية أي أعلى) و (اذريك) (أي أدنى) وكان أبناء العصر الساساني يلفظون الكلمة الأخيرة هكذا (ايريك) (بكاف فارسية في الآخر تشبه الجيم المصرية) ثم دخلت الكلمة في مصطلحات أسماء البلدان فكان يقال مثلا عن ديار نيشابور (ابرشهر) أي البلاد العليا. ووجد في بعض النصوص الصغدية التي عرفت في هذه الأزمان كلمة تقابلها. ولعل الكلمة اسم مكسوع بحرفين وهما (اك) (والكاف فيها فارسية) اللذان يقابلهما في الفارسية الحديثة الألف في الآخر

فيقولون في كرم: كرما (والكاف في كليهما فارسية) وفي سرد: سردا - وتلك الكلمة المقابلة ابريك هي ايراك ومعناها البلاد السفلى؛ وهي تعني (الجنوب) في النص الذي وجد. والآن بقيت مسألة وهي: ما هي البلاد التي أطلق عليها اسم (الجنوب) وهي تسمى على مألوف مصطلحهم بكلمة (نيمروز) في الدولة الساسانية؟ الظاهر إن خوزستان وميشان كانتا دائما من طائفة البلاد المعروفة (بالجنوب) إحدى الفاذوسفانات أو السبهفتات الراجعة إلى الدولة. والفاذوسفان نقل إلى العربية بصورة اسبهبذ أو كما قال صاحب القاموس والعباب وتبعهما صاحب التاج اصبهبذ بالصاد وصرحوا جميعا مع الأزهري أن أصل الصاد سين في الفارسية. وعليه فإذا كان لفظ (ايراك) عنى الجنوب أو البلاد السفلى وكانت أنحاء واسط إلى خليج فارس عائدة إلى هذه الطائفة من ديار الدولة الساسانية، لم يبق شك في أن (العراق) هو معرب (ايراك) وفي مفاتيح العلوم وتاريخ حمزة الاصبهاني؛ إيران؛ العراق ولا جرم أنها غلط والصواب ايراك (بالكاف الفارسية) لكنهم لم يعرفوا معنى ايراك وألفوا لفظة (إيران) انسوا إلى ما ألفوه فصحفوا ايراك بإيران ومثل هذا التصحيف أو هذا الإبدال ما لا يعد ولا يحد، كما أن إبدال الهمزة من العين أمر شائع لا يجهله أحد. وأظن أن ليس في هذا التأويل أدنى تكلف أو تعسف. وليس بيدي الآن الكتب اللازمة لأبسط لك هذه الحقيقة بسطا شافيا بجميع التفاصيل والشواهد. وجدت (ايراكستان) بمعنى (العراق) في (الويدانداد) البهلوي في أخبار جمشيد وهي أخبار تذكرنا بأخبار نوح ودونك معناها: (اخبر جمشيد أن الطوفان وشيك الوقوع، فأحتاط لحفظ جميع الحيوانات ما عدا تلك التي تلجأ إلى أعالي الجبال في ديار. . . التي لا طمغ في ظهورها. . . وفي السهول الواسعة الأكناف.) هذا هو على وجه التقريب نص (الابستا) والشرح البهلوي المعلق على السفر المذكور يؤول (أعالي الجبال) بجبال هندوكوش ويؤول (ديار. . .) بأصفهان (ولعل ذلك لأن اصفهان عبارة عن واد تحيط به الجبال) ومما يفيد القارئ تأويل السهول الواسعة الاكناف بكلمة. . . . (هنا كلمة كتبها الأستاذ باللغة

البهلوية وليس لنا حروف لتصويرها ل. ع. ثم قال:) وهي كلمة لم يتمكن أحد من قراءتها. وأبين قراءة وأسهلها هي (ايرنستان) وهو اسم كورة واقعة بين فيروزاباد وبين خليج فارس. وهي من الديار التي فيها جبال اكثر من سائر الكور وهي عزيزة المنال. والحال من ايسر الأمور بل من أوجب الأمور أن تقرأ تلك الكلمة في ذلك الموضع (ايراكستان) (بالكاف الفارسية) وليس ايراكستان إلاَّ العراق. اجل إن شرح الويدانداد ليس قديما جدا، إلاَّ أنه سند بيدنا وحجة، ومن حفظ حجة على من لن يحفظ. وقد كشفت هذا السند بنفسي استدلالا على أن ايراك الفهلوية (والكاف في ايراك فارسية) هي العراق. هذا الذي بقي في حفظي من أمر هذه المسألة. وحينما أتوفق لوضع يدي على كتبي أوافيك بما يكون دعامة لهذه الحقيقة. طهران: أرنست هرتسفلد (لغة العرب) إننا نشكر حضرة الأستاذ الدكتور العلامة شكرا جزيلا ولا يمكننا إلاَّ أن نوافق على مقاله، ومن غريب أمره أن نتيجة بحثه تشبه نتيجة بحثنا أي أن العراق معناه البلاد المنخفضة أو المعرضة للغرق. وعلمه فوق كل ذي علم. الدرر الكامنة كتاب الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة هو لشهاب الدين أبي الفضل أحمد ابن علي المشهور بابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852هـ (1448 م) وهو كتاب جليل. ولقد عنيت به اشد العناية وبيدي نسخة دار التحف البريطانية وهي في مجلدين. وعندي بين كتبي الخاصة بي نسخة أخرى من المجلد الأول وهي بخط السخاوي وصححها ابن حجر نفسه إلا أن الخط قبيح شنيع. وقد أفرغت كنانة وسعي في تحقيق الأعلام التركية والمغولية وهو اصعب شيء في هذا السفر الجليل. وأظن أني بلغت الغاية في التثبت. ولا بد من إلحاق هذا التأليف بفهرس هجائي يفسر تلك الأسماء الدخيلة التي كانت كثيرة الاستعمال في عهد المماليك. من بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو

بحث في الهاء

بحث في الهاء يتصل ببحث في سوريا أبالألف هي أم هي بالهاء سوق الغرب - لبنان 30 ت1 926 العلامة الفاضل الأب انستاس ماري الكرملي المحترم. أنا أيها السيد من المعجبين كل الإعجاب بعلمك وفضلك وبشجاعتك الأدبية أيضا. إن علمك في اللغة والمنقول فيها اعرفه أنا ويعرفه غيري وقد اشتهر فلا يخفى على أحد حتى ولا على العين الرمداء. أما علمك بفيلولوجية اللغة خصوصا فربما أنا اعلم به من كثيرين غيري لا لعبقرية في دونهم بل لأني خصصت قسما كبيرا من حياتي بدرس هذه الأبحاث ووافقني الحظ على متابعتها بأن كنت في الجامعة الأميركانية الآن والكلية السورية الإنجيلية سابقا. وقد كفتني هذه المؤسسة الخيرية أميرة الكليات والجامعات في الشرقين الأدنى والأقصى أمر معاشي بما مكنني من متابعة أبحاثي من غير ما تشتت في أفكاري فيما لو لم أكفى ما كفتني. ولئلا أكون مبالغا في قولي أي أنها أميرة الكليات يوم كانت كلية وأميرة الجامعات يوم صارت جامعة دعني أقول إنها الأميرة الأولى - كانت ولا تزال - بين أميرات الكليات والجامعات الشرقية لا تنازع في أوليتهن هذه اشكر لك أيها السيد على كتابك البليغ الرائع جوابا على كتابي إليك اشكر لك تفضلك بإهداء مجلة (لغة العرب) وقد ذكرت لك في كتابي المشار إليه أني قصدت سوق الغرب مستشفيا بهوائها العليل الصحي ولا سيما في بيت مصيفي في تلك القرية الجميلة حيث لا أزال إلى الآن. قرأت اليوم في الجزء الأول من السنة الرابعة تلطفك بنشر مقالتي التي

كنت أرسلتها (كذا) إلى مجلة الحرية كما أشرتم. ورأيت التعليق الذي علقتموه في الهامش تنويها وتصحيحا لرأيكم أو تعريضا برأيي في كتابة سوريا بألف في الآخر، وهذا نصه: (الأستاذ ضومط يكتب سورية بألف في الآخر وصاحب القاموس وغيره يكتبونها بهاء في الآخر (لغة العرب) أهـ) أيها الأب الفاضل ايذن لي أن أناقشك الآن - لا لا. أنا لا أناقشك ولكن احاققك - في هذه المسألة لتعرض (لغة العرب) لها واشترط عليك في هذه المحاقة أن لا تخلط في وجهة نظرك فتنظر مرة بعين العالم الفيلولوجي ومرة بعين الناقل عن الأقدمين من ذوي الاسم (كصاحب القاموس وغيره) أيها السيد. أنا اكتب سوريا بالهاء أو بالألف وفقا لما يبدو لي أو تتسارع إليه يدي لأن للألف وهذه الهاء لفظا واحدا أو ما يكاد يكون كاللفظ الواحد وأظنه لا يخفى على علمك أن كتاب الأنباط والسريان يكتبون سوريا وكل لفظ من بابها بالألف لأن الهاء في أبجديتهم ليس لها إلاَّ اللفظ المجهور حيثما وقعت طرفا أو وسطا لا فرق. وأما كتاب العبران ومن أخذ أخذهم فأرجح انهم يكتبونها بالهاء أو بالألف واكثر ما يكون بالهاء لأن الهاء لها في أبجديتهم (إذا جاءت متطرفة) لفظين لفظ المد ولفظ مهموس. والهاء المهموس به أو بها (وهي التي تقع طرفا) هي الألف السريانية أو الألف العربية التي هي لا مقصورة ولا ممدودة بل هي بين بين ويسميها بعضهم هاء السكت أو هاء الاستراحة. وهنا اذكر اسم الهمداني رجل يماني عالم فاضل عاش في المئة الثالثة والرابعة للهجرة وهو صاحب (صفة جزيرة العرب) ولا اذكره تخليطا بل لأنه كان يعلم أن لفظ الهاء المتطرفة ولفظ الألف واحد في مثل الألفاظ الآتية اوروفا (أي أوربا). برطانيا. غالاطيا. جرمانيا. باسطرانيا. إيطاليا. غاليا. ابوليا. سقيليا. طورينيا، قالطيقي. سبانيا. الخ. قال وقد تسمى اكثر هذه

الأسماء بالهاء فيقال غلاطية ويهمس فيه. ويقال غالطية وإيطالية وابولية وهي مدينة عظيمة بمنزلة عمورية. أنا ارجح أن هذا العلامة اعني الهمداني أشهر وأعلم علماء زمانه كان يهودي الأصل بدليل اسمه واسم أبيه وجده وانه كان يدعى بابن الحائك وأكثر أهل الصناعة في صنعاء أن لم يكن كلهم كانوا يهودا أو ممن تهودوا في أيام صاحب الأخدود أو أيام من سبقه ولذلك كان يكتب هذه الأسماء مرة بالألف وفقا للهجاء العربي ومرة بالهاء وفقا للهجاء العبراني وإليك الأسماء الأخرى التي ترى في كتابه تارة بالألف وتارة بالهاء. سوريا. آسيا. فروجيا. كلدانية. آشوريا. قبادونيا. ما قادونيا. لوديا. حالديا وهي الكلدانيا: انظر كتاب وصف جزيرة العرب للعلامة مولر طبع مطبعة بريل ما بين وجه 38 و42 منه كما أظن (هي في ص33. ل ع) هذا العلامة كما ألمعنا أعلاه صرح بما يفهم منه أن لفظ الهاء والألف واحد في هذه الأسماء وأمثالها. فلنتقدم للبحث في الهاء المتطرفة. بحث في الهاء المتطرفة في العبرانية والعربية أستأذن الأب الفاضل في هذا البحث لا لأزيد الأب علما على علمه بل تقدمة لكثيرين من أدبائنا الذين شغلتهم المطالعات الأدبية عن المطالعات الفيلولوجية وتطبيق قواعدها أو مباديها على لغتنا العربية. وبناء على ما بقي في ذاكرتي إلى الآن من معرفة بالعبرانية وما يستخلص منها في شأن هذه الهاء أقول: إنها لا تلفظ عندهم إلاَّ مهموسة أي ألفا مقصورة أو ألفا بين المقصورة والممدودة فيكتبون موسى ومنسى وميخا وأبيا وصدقيا وعزيا ويهوذا وأمثال هذه الأسماء كلها بالهاء. فإذا أرادوا المد كما في اشعياء وارمياء مثلا زادوا واوا بعد هذه الهاء. وهذا طبق ما هو معروف عندنا في العربية أي أن حرف العلة المتطرف

إذا وقع بعد ألف قلب همزة. وهو الممدود القياسي الذي لا شذوذ فيه كما يقول بذلك جمهور الصرفيين بل جميعهم. وهذا القدر يكفينا الآن لغايتنا فلنتقدم إلى هائنا العربية المتطرفة فنقول: إن هاءنا الواقعة طرفا تكون من أصل الكلمة كأبه وبده وشده وجبه الخ أو زائدة ضميرا غائبا أو هاء تأنيث أو وحدة أو تكون ما اسميها (متحيرة). أما التي هي من أصل الكلمة فتلفظ بلفظ أبجديتها أي كما تلفظ مبتدأ بها أو متوسطة ولفظها واحد في اللغات الثلاثة. وأما التي هي زائدة ضميرا فتلفظ بلفظها الأبجدي تارة وتقلب همزة ثم تلين وتحذف بعد نقل حركتها إلى ما قبلها تارة أخرى. والقلب هذا يشترط فيه أن لا يؤدي إلى لبس ثم هو موقوف بعد ذلك على حسن اللفظة وسهولته على اللسان وإلاَّ كان من قبيل العبث الذي لا ترتضيه الفطرة ولا يدفع إليه دافع الطبع. كقولهم: ضربتو وضربتا (بإسكان الباءين). وما بوشي وماباشي، اختصارا من ضربتهو وضربتها. ومابهوشي ومابهاشي. ولكنهم قالوا فلان ما فيه عيب لم يجر على لسانهم في لفظ (فيه) قلب وقالوا للمؤنثة ما فيها عيب وما بها عيب أو مافيا. وما باعيب: حسبما يبدر إليه لسانهم وذلك لعدم وضوح الخفة بالقلب والحذف وضوحا بينا كما هي واضحة في قولهم (مابوشي) فكاد تبعا ووفقا لذلك أن يستوي عندهم اللفظ الأبجدي والقلب (ثم الحذف) فتأمل ويغنينا ما ذكرناه عن كثير من التفصيل الذي لا يحتمله المقام وقد لا يصبر عليه كثيرون من القراء ويكفينا أن نذكر لهم أن المتكلمين منا الآن في العراق والشام ومصر ونجد والحجاز يجري على ألسنتهم ببداهة الفطرة أو بدافع الطبع الذي لا يغالب - ولا ينبغي أن يغالب - (على نحو مما أشرنا إليه) مثل ما جرى منذ مئات السنين على ألسنة العبران ودوّن في أسفارهم المقدسة أيام عزرا الكاتب ثم ما زال يجري عليهم أدباؤهم وعلماؤهم إلى اليوم (كما ارجح) بل كثير من مثل ذلك (أي تليين هاء الضمير وحذفها) كان يجري أيضاً على ألسنة العرب والأعراب الذين أخذت عنهم اللغة في صدر الإسلام ونقل إلينا غير واحد شيئا منه كما هو معروف عند أهل البحث والتحقيق فليراجع في مظانه التي لا تخفى على علامتنا

الأب انستاس ماري الكرملي، وليسأله عنها من احب الوقوف بنفسه على هذه المظان هاء التأنيث والوحدة لننتقل الآن إلى هاء التأنيث والوحدة. وأنا اعتقد أنها أي (هاء التأنيث والوحدة) محولة في الأصل عن ضمير الغائب المفرد مذكرا ومؤنثا. وبحث الأصل هذا سنسلم به الآن لما فيه من الفكرة فضلا عن اللذة ولا سيما لمن يتجهون بأفكارهم وجهة هذه المباحث الشائقة عندهم ومتمناي أن يكونوا كثيرين. اصل هاء التأنيث والوحدة اسم هذه الهاء يدل عليها وعلى لفظها في الأصل أيضا. وهي ولاشك في ذلك ليست مجرد حرف هجاء بل هي كلمة مستقلة في الأصل إذا لحقت الصفة أو اسم الجنس دلت معهما على معناها الخاص في المركب أي التأنيث أو الوحدة والبحث الفيلولوجي يستدل منه دلالة واضحة قطعية على أنها ضمير الغائبة إذا كانت لتأنيث الصفة وهاء ضمير الغائب أو الغائبة إذا كانت للوحدة. بيان ذلك: الحق (مومن) صفة ضمير الغائبة (هي) فيصير المركب (مومن هي) أو (مومنهي) ومع الأيام وبدافع الطبع للاختصار وحسن اللفظ مع السهولة المتوخاة في اللغة يتحول المركب على الألسنة إلى (مومنا) أو (مومني) أو إلى ما تولده الإمالة من التوسط بين إخلاص الفتح وإخلاص الكسر. قس على (مومن هي) (حمام هو أو حمام هي) فإنه لا يخفى على متأمل ما يصير إليه مثل هذا التركيب مع الأيام من وضوح الدلالة على معناه ولا يعسر عليه أيضا بعد احداد النظر أن يرى أن (ياء رومي وزنجي وعربي وأمثالها) هي وهاء الوحدة هذه شيء واحد أيضاً كيف تلفظ هذه الهاء على التفصيل كل أبناء العربية قديما وحديثا العامة والخاصة يلفظونها في الوقف كما

يلفظ العبران هاءهم المتطرفة أي ألفا مقصورة ويميلون فيها - بل أولى أن نقول في الفتحة قبلها - أو يخلصون الفتح وإخلاصه متوقف على الحرف المتقدم عليها فإن كان من الحروف الحلقية أو كان راء أو صادا أو ضادا أو طاء أو ظاء أو قافا اخلص الفتح معه. نحو فرحة وفخة وإمعة وفهة وفضة وقصة وبطة وقريظة وإلاَّ أمالوا. والإمالة يتجه فيها بعضهم نحو الضم إشماما وبعضهم نحو الكسر يحققونه كاهل قضاء الحصن فإنهم يقولون زيتوني (في زيتونة) ورحمي (في رحمة) بياء كياء جيل وميل. على أن اللهجة الأكثر شيوعا أن تلفظ كما تلفظ في بيروت ولبنان الياء في قاضي وراضي ومرتضي. فيقولون فاطمي وفريدي وحمامي في فاطمه وفريده وحمامه (بكسر ما قبل الهاء) وقد وضعنا تحت الحرف المتصل بالياء ألفا صغيرة كما وضعنا قبل الهاء كسرة للدلالة على هذه الإمالة (وهي غير موجودتين في مطبعتنا ل. ع). الإمالة العاملية أو الزحلاوية لأهل جبل عامل إمالة خاصة يشركهم فيها (الزحلاويون) في كل ياء ساكنة قبلها كسرة طرفا كانت أم وسطا فإنهم يقلبون الكسرة فتحة مشبعة ويميلون فيها إشماما نحو الكسرة فيلفظون سليم وحكيم كأنها متهجاة هكذا - سلايم. حكايم (بكسر الياءين) - كما هو معروف ومشهور. إن هذه الإمالة يرجع عهدها فيما ارجح إلى صدر الإسلام وما قبل ذلك وارجح أن عليها إحدى القراءة الكتابية وقد رأيت في طبعة القرآن الاستانبولية ما يشير إشارة واضحة إلى هذه الإمالة لأن هذه الطبعة تضع ألفا قصيرة تحت الحرف السابق الياء بدلا من الكسرة لم تغفل ياء ساكنة قبلها كسرة من هذه الألف في كل ياء من الكتاب من الفاتحة - بسم الله الرحمن الرحيم - إلى آخر سورة منه. فالرحيم والعالمين والدين ونستعين والمتقين الخ كلها بألف صغيرة بدلا من الكسرة قبل الياء. استطراد وخلاصة مما تقدم الذي يؤخذ من كل ما قدمناه إن العامليين وأهل قضاء الحصن ومن يلحن

لحنهم في المركب من الصفة واسم الجنس مع ضمير الغيبة لينوا الهاء أي حذفوها وابقوا حرف العلة المتصل بها. أما غيرهم فحذفوا حرف العلة وابقوا الهاء ثم لينوها مفتوحا ما قبلها أو ممالا فيه. وعليه قال العامليون والحصنيون في (مومن هي) مومني وقال غيرهم مومنا بإخلاص الفتح وأمال بعضهم نحو الكسر. وعلى هذا النحو تمشى الأمر مع اسم الجنس أي أن العامليين والحصنيين قالوا مثلا في (دجاج هو أو دجاج هي) دجاجي بالتليين لأن الصورتين بعده أي بعد التليين تنتهيان إلى لفظ واحد وهذا مما اتفق عليه جمهور الصرفيين فإنهم اجمعوا على استحسان قلب الواو المتطرفة بعد ضمة ياء ولم يخالف واحد منهم هذا الإجماع كما اعلم. أما الحصنيون فتركوا اللفظ على حاله أي بالياء وإخلاص الكسر قبلها وأما العامليون فعادوا فأمالوا إمالتهم الخاصة في كل ياء ساكنة قبلها كسرة كما أشرنا. وللعامليين إمالة أيضا في الواو الساكنة المضموم ما قبلها فإنهم يميلون بالضمة قبلها نحو الفتح كما يميلون بالكسرة قبل فيقولون يا منصور مثلا ويا حبوب (بفتح الحرف الذي قبل الواو). فلا يبعد أذن أن يلفظ بعضهم بعض ما فيه تاء الوحدة بالواو مفتوحا ما قبلها. ولا يقدح شيء من هذا كله في فصاحة العامليين المعترف لهم بهاء إجمالا وانهم من صميم أهل العربية أيضاً. كيف تلفظ هذه الهاء (هاء التأنيث والوحدة) في الدرج إذا جاءت متحركة لفظت تاء بالاتفاق لا فرق في ذلك بين العامة والخاصة أما العامة أي عامة المتكلمين لا خشارتهم فيجيزون الوقف على كل ذي هاء تأنيث أو وحدة حيثما وقع إلاَّ إذا جاء مضافا فيقلبون هاءه حينئذ تاء بدافع الطبع الذي دعاهم لقلبها ألفا أو ياء. وأما الخاصة (أو خاصة الخاصة كالأب الفاضل وتلامذته الكثيرين) فيقلبونها حيثما أوجبوا هم ظهور علامة الأعراب. أما أين يوجبون هذا؟ فالله أعلم. أما أنا فأرجح انهم كانوا في الجاهلية وفي صدر الإسلام مدة طويلة يقفون

حيثما أرادوا كعامتنا اليوم لا كخشارتنا إلاَّ في الشعر فإن اغلب الشعراء إن لم اقل كلهم كانوا يحركون في الشعر آخر درج الألفاظ المعربة كلها المفردة والمركبة ومن بين الألفاظ المركبة ذوات الهاء هذه. إن متبعي لغة الشعر في صدر الإسلام (وكانوا الأقلية) وخلفهم في هذه الأيام يوجبون قلبها تاء في الدرج حيثما لا يقفون. وأما حيث يقفون فهم وعامة المتكلمين سواء. وإليك بعض أمثلة مما تدور هي أو مثلها على الألسنة: السني سنة خير. النار فاكهة الشتاء. هدية المقرف ليموني حامضا. فلان شوفتو مليحا. فلان مالو شوفي. بدنا منك شوفة خاطر. لا نعرف قيمة الصحا حتى نمرض. عيشة الذل ما هي عيشي الخ الخ. وقد كتبنا المقلوبة تاء بصورتها منقوطة وكتبنا غيرها كما تلفظ أي بالياء أو بالألف. وأهم ما نذكره في ختام هذا البحث وأن تكرر هو أن هذه الهاء هي هاء ضمير الغيبة تركب مع الصفة واسم الجنس للدلالة على التأنيث والوحدة وهي تسهيلا للفظ ومنعا من اللبس تقلب تاء إذا أضيفت أو تحركت في الدرج وليست هي كما قد يظن تاء هجاء اجتلبت للتأنيث اعتباطا ثم هي تقلب هاء في الوقف. وما أظن متأمل يقول بغير ما قلنا وفوق كل ذي علم عليم. الهاء المتحيرة وهي بيت القصيد الذي من اجله تعنينا لهذا البحث الآن وقد كنا صبرنا أنفسنا عنه مدة نستجليه فلما انجلى لنا بما قد يرضي أولي الفكرة اشتدت علينا (الانفيزيميا) فتركتنا لا نستطيع الكتابة إلاّ فورات خاطر تثور فينا بعض الأحايين ثم لا تلبث أن تهجع. وقد خفت إن تخمد الفورة التي أنا فيها الآن

فلا أستطيع بعدها الرجوع إلى معاودة البحث وكتابة ما يخطر في بالي الآن وكان يخطر منذ أيام. أقول هذا اعتذارا إلى قراء (لغة العرب) عن الجرعة الكبيرة التي أجرعهم إياها في هذه المقالة. وكان أولى أن تؤخذ كما يؤخذ (شراب فولر) جرعات على مرات متعددة. والكريم من عذر. أنا اعني بالهاء المتحيرة الهاء المختوم بها أسماء الأعلام الشخصية والمكانية الأعجمية خصوصا كسوريا واسيا وأفريقيا وليديا وأثيوبيا وإسكندريا وغيرها من الأعلام التي وردت في مؤلفات علمائنا وأدبائنا الأعلام إلى نحو من جلاء أهل الأندلس عنها إلى شمالي أفريقيا وكالأعلام الحالية اعني فرنسا وإيطاليا وجرمانيا وأميركا وفكتوريا وجوليا وروجينا الخ الخ. وهناك بعض أسماء أخر يخطر في بالي منها الآن (معدة) تبعا لخطور الأثر المشهور الواردة هي فيه: (المعدة بيت الداء والحمية رأس كل دواء) فإن تاءها متحيرة أي يصعب الاهتداء إلى اصلها. أنا وأنت أيها السيد متفقان في أن هذه الألفاظ القديم التي نقلت إلى العربية ودونت فيها منذ قامت الدولة الأموية إلى ما بعد انقراضها في الأندلس تلك البلاد التي زهت فيها العلوم والآداب وكثرت فيها المؤلفات كثرة لم تسبقها فيها بغداد ذات العظمة التاريخية؛ أعادها الله ببنيها إلى مثل ما كانت عليه في إبان عزها أنه السميع المجيب. هذه الألفاظ مختلف في كتابتها تكتب بالألف أو بالهاء وأنت تعلم أيضاً أن اكثر من اشتغلوا صدر الإسلام في العلوم والآداب على اختلاف أنواعها فدونوا الدواوين وترجموا التراجم والكتب أو ألفوها هم كان أكثرهم إن لم اقل كلهم في حواضر الشام والعراق من السريان والأنباط أو من تلامذتهم وفي حواضر الأندلس والمغرب من اليهود أو من تلامذتهم. والسريان والأنباط يكتبون كل هذه الأعلام بالألف واليهود بالهاء لأن الهاء المتطرفة عندهم كما ذكرنا سابقا لها لفظ الألف المقصورة أو الممدودة عندنا فإذا أرادوا تعيين المد أردفوا الهاء بالواو حرف العلة عندنا وعندهم. ولا احتاج أن أذكرك أيها الأب الفاضل أن قريش تاجرة العرب وشامة

العرب وسيدة العرب والأعراب أيضا بين مكة والشام تعلموا الكتابة من الأنباط والسريان؛ نعم كانوا أيضا يعاملون اليهود كثيرا في الحجاز وفي محطاتهم التجارية كلها آن إلى الشام أو إلى اليمن أو إلى العراق والجزيرة الفراتية ولكنهم كانوا اكثر مخالطة للسريان والأنباط وعنهم كما قلنا اخذوا الكتابة بل شكل حروفنا الأبجدية كما هو معلوم مأخوذ في الأصل عن أبجديتهم ونسخ القرآن الباقية من أوائل المئة الثانية للهجرة شاهدة بذلك بل لا يزال محفوظا في كثير من حروفنا الحاضرة بعد كل ما دخل عليها من التحسين ما لا يختلف عن شكل الحرف السرياني إلاَّ اختلافا طفيفا. كل ذلك إذا اعتبر فيه يدل على انهم كانوا يكتبون هذه الأسماء كما يكتبها السريان والأنباط أي بالألف وهو الأكثر أو كما يكتبها كتبة اليهود أي بالهاء وهو الأقل. ولا يعقل أن يفضل السريان والأنباط الصورة التي يكتب بها اليهود أعلام بلدانهم ومدنهم على الصورة التي يكتبون بها هم تلك الأعلام. فسوريا إذن واسيا وانطاكيا وسلوكيا وبمفيليا وفريجيا (أو فروجيا) غلاطيا وكيليكيا وإيطاليا ومكدونيا وليديا وكل ما هو من بابها أي من الأعلام السريانية أو النبطية أولى أن تكتب بالألف كما يكتبها أهلها. وأزيد فأقول إن جميع البلدان التي استولى عليها اليونان أولا ثم الرومان من بعدهم وكثر ورود أسمائها في الآداب اليونانية وفي مؤلفاتهم العلمية وبالأخص الأعلام التي وردت في جغرافيا بطليموس ونقلت إلينا عن مؤلفات السريان أو بواسطة علماء السريان كانت تكتب بالألف لأن السريان والأنباط كانوا يعتمدون في أبحاثهم على اليونان ويتابعونهم في كل شيء ولا متابعتنا نحن الآن الغربيين ولا سيما الإنكليز والفرنساويين؛ وليس عند اليونان تاء ولا هاء كهاء العبران وهب كان عندهم هذه الهاء فكتّاب السريان ينقلونها كما تلفظ أو قريب مما تلفظ أي ألفا لا هاء أسوة بأعلامهم. ثم لما جلا الأندلسيون عن أسبانيا وتشتت علماؤهم في شمالي أفريقيا ومصر والشام وألّفوا وتلمذوا اختلطت الصورتان وعاشتا معا ولكني ارجح أن الصورة السريانية كانت اكثر شيوعا لكثرة الآخذين بها فإن الشام ومصر وشمالي

أفريقيا تتلمذت في الأكثر لعلماء السريان والأنباط في صدر الإسلام إلى قيام الدولة العباسية أولا ثم بقيت مصر وقسم من شمالي أفريقيا يأتمان ببغداد إلى قيام الدولة الفاطمية وأما الشام والجزيرة إلى ما وراء مرعش وديار بكر والعراق وكل شرقي العراق كل هذه البلدان بقيت تأتم بغداد إلى انقراض الخلافة منها بلى ما زال الشرق من بغداد إلى آخر بلاد تركستان يأتم ببغداد حتى إلى الآن. على أني أرى وجها لكتابة هذه الألف المتحيرة بالهاء وهو مما يعزز وجهة الأب انستاس فإن علماء الكتابة من آل إسرائيل حسب ظني لم يدخلوا هاءهم على مثل سوريا وإنطاكية مثلا اعتباطا بل رأوا ما يسوغه لهم. ويجرئهم عليه وإليك بيانه بكل أيجاز وأن كنت لا أكفل تحقيقه. انهم رأوا هاء التأنيث والوحدة تكتب هاء وتلفظ ألفا في الوقف فقاسوا عليها القياس المعكوس وهو أن ما ينتهي بلفظ الألف على اللسان يجوز إذن أن يكتب بالهاء. وهون عليهم وعلى تلامذتهم ذلك أن هاءهم المتطرفة في الأعلام تلفظ ألفا مطلقا. فإن سلم لي برأيي هذا فبه وإلاَّ فلا أتشدد بالمحاماة عنه. فصل الخطاب في الأعلام الأعجمية ذات الهاء المتحيرة سميت الهاء فيها متحيرة لعدم معرفة اصلها على التحقيق فربما كانت هاؤها للوحدة أو للتأنيث عند السريان والأنباط فإنهم مثلنا قد يخففون لفظ هاء الضمير وإذ ذاك فيجوز أن نجري عليها أحكام هاء التأنيث والوحدة عندنا. على إن السريان أنفسهم يكتبونها بالألف دائما ويلفظونها ألفا وهم أدرى بأعلامهم وبلفظها فيجوز لنا من ثم أن نتابعهم في لفظها وأن نعاملها في الأعراب معاملة حندقوقى وحبارى ونتسامح مع الأب انستاس في أن يعاملها معاملة المختومات بهاء التأنيث في الإضافة والدرج أما أن تشَّدد الأب في رأيه وزعم وجوب كتابتها ومعاملتها كالأسماء التي هي عندنا بهاء التأنيث والوحدة فليس لي أنا إلاَّ أن احتج على رأيه ثم على علمه

وكذلك نتسامح مع الأب الفاضل في الأعلام المنقولة عن بطليموس وعن هيرودوتس وأمثالهما الأول في جغرافيته والثاني في تاريخه إذا كانت تلك الأعلام من الأعلام الأعجمية البحتة لأننا نقول إنا لسنا على يقين فيها وقد حصل الإجماع من جمهور علمائنا المتقدمين أو ما يقرب من الإجماع أنه يجوز لنا أن نتصرف بعض التصرف في هذه الأعلام بما يجعل لفظها سهلا علينا ويقربها من ألفاظنا العربية. إلاَّ أن كل هذا من قبيل الجواز الذي لا يجوز أن ينقلب إلى وجوب وعليه فالأب الفاضل لا يجوز له أن يوجب علينا كتابة إيطاليا مثلا بالهاء ولا أفريقيا ولا ليبيا ولا نوميديا ولا ولا الخ. ونحن نتسامح معه أن يترك الأفضل إلى المفضول احتراما له والمكانة العلمية والأدبية عندنا. أما الأعلام الحديثة كأميركا وفلوريدا وداكوتا وبناما وبتاغونيا وروديسيا من أعلام الأمكنة وجوليا وفكتوريا وروجينا من أعلام النساء فأهل تلك الأعلام المكانية وأصحاب الأسماء أنفسهم يكتبون أعلام بلادهم وأعلامهم هذه بالألف وليس في الفهم أدنى شبه بهائنا في مومنه أو في حمامه ويمامه. نعلم ذلك عن يقين. فإن كان الأب انستاس يفتات على القوم في لغتهم وكتابة أعلامهم فليس لنا أن نقول إلاَّ أنه مفتات. وهذا اعظم احتجاجنا عليه لأنا لا نستطيع أن نذهب به إلى غير هذا السجن. لو كان لنا ربح فيما يفتات به الأب على القوم في أسماء بلادهم وأسمائهم لأتبعناه في افتياته وشكرناه عليه. لكن أي ربح لنا يا ترى في كتابة فيكتوريا مثلا بالهاء ومعاملتها معاملة ذوات الهاء في إظهار علامة الإعراب؟ أنا فقط نزيد مقطعا على مقاطعها فنزيد من ثم صعوبة اللفظ بدون أدنى حاجة إلى تحمل هذه الصعوبة. انظر الفرق بين أن نقول - كانت المرحومة فيكتوريا العظيمة احسن قدوة لنساء شعبها - وبين أن نقول - كانت المرحومة فكتورية العظيمة احسن قدوة لنساء شعبها - فأنظر كيف افسد زيادة هذا المقطع سهولة اللفظ في اللفظة وحسن الرصف في العبارة كلها

ولئلا أكون متشددا أقول أني أجوز للأب العلامة أن يجوز كتابة مثل هذه الأعلام بالهاء في الشعر إذا احتيج إلى زيادة مقطع إقامة للوزن فإن في هذه الزيادة ربحا والربح يتكلف له طالبه من الخروج عن المعروف أو المشهور ما لا يتكلفه من الخسارة مطلقا وأخيرا أقول: أرجوك أيها الأب في أميركا وما هو من باب أميركا بل وفي فرنسا وبريطانيا وسوريا وأمثالها أيضا أن تترك كتابتها بالهاء إلاَّ في الشعر وللسبب الذي ذكرناه أيضا أو في موقف خطابة حيث يكون لزيادة مقطع أثره المستحب في إثارة انفعال أو في زيادة شدته فإنه أليّق بعلمك وفضلك من الخروج عن هذا المتعارف المألوف والسهل أيضا وفي الوقت نفسه يبرئك مما يتهمك به بعضهم من إرادة حب الظهور الذي أنت فوقه وأشهر من أن تشهر به. واختم هذا البحث الآن - وفي النفس بقايا منه وملاحظات تتعلق بكل بحث نظيره - بتقديم مزيد الاحترام لعلمك البالغ وفضلك المشهور زادك الله علما وفضلا أنه السميع المجيب. جبر ضومط حماسة ابن الشجري أوشك طبع حماسة ابن الشجري أن يتم في الهند وكل منا يعرف منزلة ابن الشجري من العلم والتحقيق وسعة الحفظ وجمام الأدب. وكان اعتمادي في إبرازها إلى الوجود على نسختين مشهورتين معروفتين في ديار الإفرنج: إحداهما قديمة وهي المحفوظة في دار التحف البريطانية في لندن والثانية حديثة، إلاَّ أنها اكمل من العتيقة المذكورة وهي محفوظة في خزانة كتب باريس المعروفة بالخزانة الأهلية لكني أشفق من أن تكون الطبعة خالية من كل ضبط في الشكل مع أني كنت قد ضبطت اغلب ألفاظها كلما احتاج الأمر إلى التحقيق. من بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو

نظرة وابتسامة

نظرة وابتسامة أنشودة إلى حسناء أديبة نبئيني نبئيني ... قصة (الدنيا) العجيبة إنما تغني حنيني ... نظرة الروح الأديبة! لا تبوحي بكلام ... أن في عينيك شعرا! وملاما لملام ... من محب رد عذرا انظري يا نور عيني ... انظري يا نور نفسي! كم معان غبن عني ... قبل أن أسديت انسي! وابسمي (كالشمس) لما ... كونت هذي الحياة! فانتشى قلب وهما ... وتلقتها الشفاه! أنت (دنيا) في شعاع! ... أنت (أخرى) في ابتسام! كيف أبقى في التياع ... ومحياك السلام؟! ليس لي شأن بران ... يرصد (المريخ) ليلا أنت لي (الزهرة) لكن ... رصدها بالصبح أولى! فابسمي واحكي نشيدا ... من أغاريد الوجود! وامنحي عيدا سعيدا ... من محياك الودود! لقنيني يا نعيمي ... نعمة (الدنيا) بنظرة! وانشري لطف الرحيم ... واعطني (الأخرى) كزهرة! أحمد زكي أبو شادي

السوارية

السوارية السوارية بليدة قائمة على عدوة الفرات اليمنى وتبعد عن (أبي صخير) بنحو ثلاث ساعات نهرا ونحو خمس عشرة دقيقة بالسيارة. وقد أسسها الشيخ مبدر آل فرعون سنة 1334هـ (سنة 1916م) بينما كان أبناء قبائل آل فتلة يضطهدون في الجعارة (الحيرة) تضطهدهم الخزاعل حينما يذهبون إليها لابتياع ما يحتاجون إليه من أسواقها. وقد سميت بهذا الاسم إضافة إلى (ابن سوار) الذي كان فلاحا مشهورا وهو من آل فرعون. ولهذه البليدة مستقبل اقتصادي خطير لأنها محاطة بعشرات الألوف من أبناء العشائر ولأن أسواقها هي الأسواق الوحيدة التي يبتاع منها هؤلاء الناس حاجياتهم وهذا ما الجأ الحكومة إلى أن تعمر فيها دارا ضخمة لها، فأسست بناية كبيرة وصرفت عليها نحو (33000) ربية فجاءت بناية مهمة تضاهي بنايات بغداد من حيث الضخامة والهندسة في البناء. يحد هذه الناحية من الشمال نهر (جحات) ومن الشرق حدود ناحية (الغماس) ومن الجنوب (القائم) (وهي آثار قديمة وأطلال بالية) ومن الغرب أرض تعرف ب (الجفة) ولم تكن هذه الناحية معروفة عند الأتراك ولذا لم يكن لهم فيها موظف، أما الإنكليز فقد نظروا إلى أهميتها المالية فعينوا لها مأمورا ماليا سنة 1917م واعتبروها شعبة ملحقة بقضاء أبي صخير. وتسير الآن الحركة العمرانية فيها سيرا حسنا فقد شيد فيها بعض الرؤساء أربع أسواق ضمت نحو 1760 حانوتا متوسطا وتقدر واردات الحكومة منها فقط نحو 675000 ربية. أما الدور فيها فهي عبارة عن عرائش لا اكثر وتقدر بنحو 213 عريشة (صريفة) يسكنها أصحاب الحوانيت ومن لهم صلة رسمية بالناحية. ويقدر سكان الناحية كلها بنحو 32000 نسمة وقد شرع أرباب في الكسب

الجعارة بالانتقال إلى (السوارية) نظرا إلى كساد أسواق التجارة في الأولى ورواجها في الثانية، وأسواق الجعارة إنما كانت رائجة بسبب عدم وجود سوق قريبة من القبائل ليبتاع منها أبناؤها ما يحتاجون إليه من مأكل ومشرب وملبس وعقاقير وغيرها. وفي قصة السوارية سبع مقاه غاصة بالآهلين دائما سواء أكانوا من نفس القصبة أم من أبناء القبائل القريبة منها ونحن لا نستبعد أن تكون هذه القصبة أكبر مدينة في الفرات الأوسط في القريب العاجل لأنها لم تكن محتوية على اكثر من خمسين حانوتا في سنة 1924. السيد عبد الرزاق الحسني الاناطول أو الأناضول لا الأنطول أو الأنضول اناطولي كلمة تركية الاستعمال يونانية الأصل معناها الشرق لأنها بلاد واقعة في شرقي ديار اليونان: وقد اولع كتاب مصر بمسخها بصورة (انضول أو انطول) والحال أن الأتراك لا يكتبونها إلاَّ بألف بعد النون. وأما كتبة العرب فكانوا يسمونها (بلاد الروم) وهي المعروفة عند أجانب اليوم بما معناه (آسية الصغرى) أما العربي الوحيد الذي ذكرها بما يقرب من اسمها اليوناني فهو ابن خرداذبه فقد سماها (الناطولس) بأداة التعريف وقد سبقه السلف إلى مثل هذا التصرف في الألفاظ في جبل اكام اللكام، وقالوا في اخاقيق اللخاقيق وفي اكاف اللكاف إلى غيرها. القنطرة في مجلة الكلية (156: 3) (القنطرة في لغتهم (لغة أهل لواء حماة) امتلاك مئة قرش لأن الدلالة على مالكها (وهو المقنطر) كانت بجعل الإصبعين ملتصقين الرأسين (كذا) بشكل نصف دائرة. . .) اه ونحن لا نقنع بهذا التأويل والذي عندنا إن القنطرة من القناطر وهو تعريب الرومية أي ذو مائة حتى انهم سموا الرجل قنطارا إذا بلغ مائة سنة. ومن غريب أمر هذه اللفظة إن الفرنسيين نقلوا عن العرب هذه اللفظة بصورة وقد قلبوا فيها راء قنطار لاما فصارت عندهم (قنتال) كما ترى بمعنى مائة وقية أي خمسين كيلو غراما. فهذا من قبيل (الكلم الرحالة).

الضمائر في لغة عوام العراق

الضمائر في لغة عوام العراق الضمير أما متصل أو منفصل ولنذكر أولا المنفصل فنقول: الضمير المنفصل أما مرفوع أو منصوب. ولما كان الإعراب معدوما في كلام العامة لم نذكر هنا هذه الضمائر من حيث أنها تكون مرفوعة أو منصوبة بل من حيث أنها مستعملة في كلامهم استعمال غيرها من الأسماء: الضمائر المرفوعة المنفصلة الضمائر المرفوعة المنفصلة عشرة اثنان منها للمتكلم وأربعة للغائب وأربعة للمخاطب. ضمائر المتكلم للمتكلم ضميران يشترك فيهما المؤنث والمذكر وهما المفرد المتكلم والجمع المتكلم. 1 - ضمير المفرد المتكلم: أنا؛ وفيه ثلاث لغات الأولى أنا والثانية أنا والألف في هذين تكتب ولا تلفظ والثالثة آني. 2 - ضمير جمع المتكلم: نحن؛ بكسر النون الأولى وفتح الثانية. وفيه لغتان أخريان الأولى أحن بكسر الهمزة وفتح النون. والثانية حن بكسر الحاء وتشديد النون المفتوحة. وعليه ففي ضمير جمع المتكلم أيضا ثلاث لغات وهي نحن وأحن وحن. أما الأولى فنادرة الاستعمال. وأما الثانية فهي الشائعة في كلامهم وأما الثالثة فخاصة بأهل البادية. ضمائر الغائب للغائب أربعة ضمائر اثنان منها للمذكر المفرد والجمع. واثنان للمؤنث المفرد والجمع. وليس للمثنى ضمير في كلامهم لأنهم يعتبرون ما زاد على الواحد جمعا فيستعملون ضمير الجمع في مقام ضمير الاثنين أيضا. 1 - ضمير المفرد الغائب: هو؛ بضم الهاء وتشديد الواو المفتوحة. وأهل

البادية ربما قالوا هو أيضا بضم الهاء وسكون الواو إلاَّ أن ذلك نادرا. 2 - ضمير جمع الغائب: هم؛ بضم الهاء وتشديد الميم المفتوحة. 3 - ضمير المفردة الغائبة: هي؛ بكسر الهاء وتشديد الياء المفتوحة. وأهل البادية ربما سكَّنوا الياء فقالوا هي وذلك نادر. 4 - ضمير جمع المؤنث الغائب: هن بكسر الهاء وتشديد النون المفتوحة وأهل البادية ربما قالوا هن بكسر الهاء وسكون النون. غير أن الشائع في كلامهم هن. ضمائر المخاطب للمخاطب أيضا أربعة ضمائر اثنان منها للمذكر المفرد والجمع واثنان للمؤنث المفرد والجمع. وليس للمثنى ضمير لأن الاثنين عندهم جمع كما ذكرنا آنفا. 1 - ضمير المفرد المخاطب: أنت؛ بكسر فسكون وآخره مفتوح. 2 - ضمير جمع المخاطب: انتو؛ بكسر فسكون مع ضم التاء وسكون الواو. وبعض أهل البادية يقول انتم وهو نادر. 3 - المؤنث المخاطب: أنت؛ بكسر فسكون وآخره مكسور. 4 - جمع المؤنث المخاطب: انتن؛ بكسر فسكون مع فتح التاء وسكون النون. الضمائر المنصوبة المنفصلة العامة لا تستعمل في كلامهم شيئا من الضمائر المنصوبة المنفصلة إلاَّ في موضعين لم أجد لهما ثالثا. أحدهما في موضع المفعول معه فيأتون بالضمير بعد واو المعية كقولهم امش وياي؛ وتعال ويانا؛ وأنا أجي وياكم. والمعنى المقصود عندهم من ذلك هو: امش معي؛ وتعال معنا؛ وأنا أجي معكم. وعلى ذلك جاء قولهم وهو من أمثالهم: (أحمد وياجن يا بنات). فإن قلت إن الضمائر المنصوبة المنفصلة تكون في أولها ألف هكذا: إياي إياك وهلم جرا. فلماذا ذكرتها في الأمثلة المتقدمة بلا ألف؟ قلت قد ذكرنا لك فيما تقدم عند الكلام على الوصل انهم إذا وصلوا حرفا

بحرف وكان بينهما حرف ثالث متوسط اسقطوا الحرف المتوسط من اللفظ؛ فالألف إنما سقطت من اللفظ ههنا لتوسطها بين حرفين موصولين وهما الواو والياء من إياك. فإن قلت إن الحرف المتوسط بين حرفين موصولين إنما يسقط من اللفظ فقط وأنت ههنا أسقطته من الخط أيضا. قلت أني أسقطته من الخط أيضاً لأن هذه الضمائر لا تقع في كلامهم إلاَّ مقرونة بالواو كما رأيت في الأمثلة المتقدمة فصارت الواو كأنها جزء من الضمير فلزم إسقاط الألف من الخط أيضا للدلالة على شدة ارتباط الضمائر المذكورة بالواو بحيث لا تكاد تسمعهم ينطقون بضمير منها إلاَّ مقترنا بالواو. وأما الموضع الثاني الذي تستعمل العامة فيه هذه الضمائر فهو التحذير ومنه قولهم (بالك وياك تفعل كذا) والواو هنا عاطفة للضمير على بالك وتقدير الكلام احفظ بالك وحذر نفسك. وربما استعملوا الضمير المنفصل في التحذير بلا واو وهو استعمال نادر جدا في كلامهم كقولهم للحارس مثلا: (إياك تنام) وكقول أحدهم لأخر يحذره من شيء (إياك تفعل كذا) وربما كرروا الضمير للتأكيد فقالوا (إياك إياك تفعل كذا) وربما كرروه معطوفا بثم فقالوا إياك ثم إياك إلاَّ أن ذلك كله نادر في كلامهم. وإنما الشائع في كلامهم عند التحذير هو قولهم بالك وياك. قد تبين لك إن هذه الضمائر لا تستعمل إلاَّ في هذين الموضعين المذكورين وأنها لا تقع في كلامهم إلاَّ مقترنة بالواو حتى صارت الواو كأنها جزء منها عندهم وأن اقترانها بواو المعية هو الأكثر الشائع في كلامهم إذ اقترانها بالواو العاطفة لم يسمع منهم إلاَّ في كلام واحد وهو قولهم (بالك وياك) وأنها لكثرة اقترانها بواو المعية صارت هي والواو تستعمل عندهم بمعنى مع كما في قولهم وهو من أمثالهم: (أحمد وياجن يا بنات) وكقولهم وهو من أغانيهم: روحي العزيزة تفداك ... وأن رحت خذني وياك ولنصرف لك هذه الضمائر مقترنة بالواو هكذا:

الضمائر المنصوبة المنفصلة ضمير المتكلم: وياي ويانا؛ الألف في نا تكتب ولا تلفظ. الغائب المذكر: وياه وياهم؛ الهاء التي في وياه تكتب ولا تلفظ. الغائب المؤنث: وياها وياهن؛ الألف التي في آخر وياها تكتب ولا تلفظ. المخاطب المذكر: وياك وياكم. المخاطب المؤنث: وياج وياجن (بجيم مثلثة فارسية). الضمائر المتصلة الضمائر المتصلة أما مرفوعة أو منصوبة أو مجرورة. غير إننا لا نذكرها هنا من حيث أنها مرفوعة أو منصوبة إذ لا إعراب في كلام العامة وإنما نذكرها من حيث أنها ضرب من الأسماء التي تقع في كلامهم: الضمائر المرفوعة المتصلة الضمائر المرفوعة المتصلة عشرة اثنان منها للمتكلم وأربعة للغائب وأربعة للمخاطب. ضمائر المتكلم للمتكلم ضميران متصلان يشترك فيهما المذكر والمؤنث أحدهما للمفرد والثاني للجمع. 1 - ضمير المفرد المتكلم: تاء ساكنة تتصل بآخر الفعل الماضي نحو بعت اشتريت، ضربت، جيت، ولا تحرك هذه التاء إلاَّ إذا وليها حرف ساكن مثل (ال) المعرفة أو اتصل بها ضمير المفعول المفرد غائبا كان أو مخاطبا. أما إذا وليها ساكن فتحرك بالكسر نحو أكلت الخبز أو شربت الماي. وأما إذا اتصل بها ضمير المفعول المفرد فإنها حينئذ تحرك بالفتح نحو ضربته وضربتك. فضمير المتكلم المتصل المرفوع له ثلاث حالات للسكون والكسر والفتح. 2 - ضمير جمع المتكلم: نا؛ تتصل بآخر الفعل الماضي غير أن الألف من (نا) تكتب ولا تلفظ نحو ضربنا؛ بعنا؛ اشترينا. إلاَّ إذا اتصل بها ضمير المفعول مطلقا فإن الألف من (نا) حينئذ لا تسقط من اللفظ بل تلفظ كما تكتب نحو: شفناه؛ شفناهم؛ شفناها؛ شفناهن؛ شفناك؛ شفناكم؛ شفناج؛ شفناجن.

ضمائر الغائب للغائب أربعة ضمائر اثنان منها للمذكر المفرد والجمع واثنان للمؤنث المفرد والجمع وليس للمثنى ضمير لما ذكرنا سابقا. 1 - ضمير المفرد الغائب: أن ضمير المفرد الغائب من الضمائر المرفوعة المتصلة لا يكون إلاَّ مستترا. وتقديره: هو. نحو ضربت ففاعل ضرب ضمير مقدر عائد إلى اسم قد مر ذكره. 2 - ضمير جمع الغائب: واو ساكنة تتصل بآخر الفعل أو مما هو في حكم آخره مثال الأول ضربوا. ومثال الثاني رموا، جوا، فإن الميم من رموا والجيم من جوا في حكم آخر الفعل. 3 - ضمير المفردة الغائبة: أن هذا الضمير أيضا كضمير المفرد الغائب لا يكون إلاَّ مستترا وتقديره هي. ولا بد أن تلحق الفعل معه تاء التأنيث الساكنة نحو ضربت ففاعل ضربت ضمير مقدر عائد إلى اسم مؤنث قد مر ذكره. 4 - ضمير جمع المؤنث الغائب: نون ساكنة تتصل بآخر الفعل الماضي أو بما هو في حكم آخره مثال الأول أكلن شربن نامن. مثال الثاني رمن جن؛ فإن الميم من رمى في حكم الآخر لأن الألف لا تلفظ لما ذكرنا فيما سبق من أنهم يسقطون من اللفظ كل ألف كانت في آخر الكلمة. وأما الألف في جا فحذفت في قولهم جن لاجتماع الساكنين لأن النون التي هي ضمير الفاعل ساكنة والألف من جا ساكنة أيضا فسقطت الألف لاجتماع الساكنين فاتصل الضمير بالجيم الذي صارت في حكم آخر الفعل. ضمائر المخاطب للمخاطب أربعة ضمائر اثنان منها للمذكر المفرد والجمع واثنان للمؤنث المفرد والجمع، وليس للاثنين ضمير. 1 - ضمير المفرد المخاطب: كضمير المفرد المتكلم أي هو عبارة عن تاء ساكنة تتصل بآخر الفعل الماضي نحو ضربت وإنما يعرف كونه ضمير المخاطب لا ضمير المتكلم بقرينة الخطاب كقول القائل مثلا: شلت بيدك وضربت برجلك فالتاء الساكنة في شلت وضربت هي ضمير الفاعل المخاطب لا المتكلم بدليل الضمير في (بيدك) و (برجلك) أو بقرينة أخرى غير الخطاب كقول القائل مثلا: خدعتني فالتاء الساكنة في قوله خدعتني هي ضمير الفاعل المخاطب لا المتكلم لأن ضمير المتكلم قد جاء بعدها مفعولا. وخلاصة القول إن ضمير المفرد المخاطب إنما يماز من ضمير المفرد المتكلم بقرينة من قرائن الحال. 2 - ضمير جمع المخاطب: تو؛ أي تاء مضمومة بعدها واو ساكنة نحو ضربتو بعتو اشتريتو. وقد سمعت بعض أهل البادية يقولون بعتم اشتريتم فيجعل بدل الواو ميما إلاَّ أن الشائع في كلامهم هو الأول. 3 - ضمير المفردة المخاطبة: تاء مكسورة تتصل بآخر الفعل الماضي نحو ضربت بعت اشتريت. 4 - ضمير جمع المخاطب: تن؛ أي تاء مفتوحة تليها نون ساكنة نحو ضربتن بعتن اشتريتن جيتن. معروف الرصافي

الألفاظ الارمية

الألفاظ الارمية في اللغة العامية العراقية (شبح ولبح) فعلان مترادفان يريد بهما العراقيون - ولا سيما النصارى منهم - تكرار الكلام عن أمر واحد وربما كان بصوت مرتفع فشبح من (ش ب ح) بمعنى سبح ورتل ورنم؛ ولبح من (ل ب ك) ومفاده رنم ورتل. (شوبش بيده) أي عمل حركة تدل على الألفاظ التي يقولها وأظن أنها من الارمية من فعل (ش ب ش - ش وب ش ا) بمعنى تشبث وتعلق وقاد وارشد (شركيل) تشنج في أعصاب الرجل واليد يمنع الحركة ويعرقل موقف السابح في النهر ويربكه فإذا طال الأمد على هذا التشنج ولم يغثه أحد غرق صاحبه فهو من (ش ر ج ل) الجيم مصرية بمعنى شغل وألهى وربك وعاق ودهور ودحرج وورط وحدر ونزل.

(وشر المهيلة) أي صنعها أو بدأ بصنعها. ووضع الاعضاد حتى يظهر شكل السفينة ومن عباراتهم (وشرها حلو) أي هيكلها جميل. كما أنهم يقولون بمعنى وشر (دق) السفينة وقد ارتأى صديقنا الشيخ كاظم الدحيلي أن فعل (وشر) ربما كان مأخوذ من وشر الخشبة بالمنشار إذا نشرها (لغة العرب 96: 2). ورأينا في أصل هذا اللفظ أنه مأخوذ من الارمي أما من فعل (ش ور - ش ور ا) بمعنى سور أو عمل أو اتخذ سورا. أو من فعل (ش ور - ش وو ر ا) بمعنى (دق)؛ وفي كلاهما القلب موجود بتقديم الواو على الشين في لغة العراقيين. (جعق) وبالقلب عجق على لسان بعضهم وهو من فعل (ش ح ق) الارمي بقلب الشين جيما وإبدال الحاء عينا على ما نرى وقلب الجيم شينا وارد على لسان العراقيين فإنهم يقولون في (فشغ) الفصيحة (فجخ) والجيم مثلثة فارسية. ويقول المتكلمون بالارمية العامية من سكان قرى الموصل في (ش ق) الارمي (جيقا) ومن إبدال الحاء من العين في العربية الفصحى ضبحت الخيل وضبعت وبحثر الشيء وبعثره، والواقف على تطورات الألفاظ في ألسنة العوام لا يستغرب هذا التصحيف أو هذا الإبدال. ومما يثبت قولنا إن فعل (ش ح ق) يؤدي كل المعاني الحقيقية والمجازية التي يقصدها العراقيون من فعل جعق وعجق. أنه يفيد الرض والسحق والشق والضيق والزعج. كمدلولات كلمة الفرنسية. فيقولون لا تجعق أو تعجق القماش بمعنى لا تسحقه. ويقولون أراك معجوقا اليوم

أي مزعوجا. وسنبقى على رأينا حتى نرى ما يفنده، وعلى كل فإن فعل (ش ح ق) هو وفعل (سحق) العربي من واد واحد. (شطح الماء) أي ألقاه على سطح الأرض نشرا من (ش ط ح) بمعنى نشر وفرش ويفيد هذا الفعل معنى سطح وبسط العربي. (شطحة من الأرض) من (ش ط ح) بمعنى فسحة وساحة ورحبة وحوش. (شلح) من (ش ل ح) خلع ونزع ثيابه وتعرى مبنى ومعنى من الارمية إلاَّ أنها دخلت العربية منذ قديم العهد ويروى في المتعدي شلح وفي حديث للإمام علي (خرجوا لصوصا مشلحين). (شلع) أي قلع وهي مبنى ومعنى من (ش ل ع) ولكنها سوادية في الارمية نفسها أثبتت حديثا في معجمهم. (الشلب) بكسر الأول يطلق على الأرز بقشره فيقال زراعة الشلب ويريدون بها زراعة الأرز. وعلى رأينا أن الكلمة ارمية الأصل من فعل (ش ل ب) وحركة اللام الرباص والباء مثلثة ومعناها نبت وطلع وخرج وسنبل واخرج سنبلا. وعندهم اسم لمصدر (ش ل ب ا) بحركة اللام والباء بالزقاف والباء مثلثة فتغلب الاسم وهو النبت على الأرز وخص بالشلب في العراق. (شلب) من (ش ل ب) الباء مثلثة بتحريك اللام بالفتاح بمعنى نزع وقلع وجر وسل وخلع. (الشليف) من (ش ل ي ب ا) الباء مثلثة بمعنى الجوالق وتطلق اليوم في العراق على ما تحمله الدابة من التبن في الجوالق فيقولون شليف تبن ومنه المثل المعروف - ضربة غيري بشليف تبن (شمط) من (ش م ط) مبنى ومعنى ومؤداها سل ونزع وقلع واستأصل ونزع الخف وحل واخرج وانتضى. وفعل شمط لا يؤدي أحد هذه المعاني إلاَّ في حالة واحدة. يقال شمطت النخلة انتثر بسرها وشمط الشجر انتثر ورقه ونذهب إلى أن العربية احتفظت بهذا المعنى من الارمية لما له من العلاقة بالفلاحة

وهذا دليل آخر على أن كثيرا من ألفاظ الفلاحة مأخوذة عن الارميين. (شمر الحجارة وشمر الشيء) بمعنى طرح ونبذ ورمى من (ش م ر) ولهذا الفعل الارمي معنى شمر العربي الفصيح إلاَّ أن شمر لم يأت بمعنى طرح ونبذ ورمى كما يستعمله العراقيون. (فلان مشعشع) أظنه من (ش ع ا) لعب وهزل ومزح وازدرى وتكلم كلاما باطلا. واسم الفاعل عندهم (ش ع ي ا) وهو النباذ والمزاح و (ش ع ت ا) هو اللعب والمزاح والهزل والهذيان (شقل نفسه، وشقله واتشقل) من (ش ق ل) بمعنى رفع وحمل أو من (اش ق ل) رحل وانتقل ورفع وحمل ونقل ويقولون في العراق أيضا أخذ شقله أي عرفه وأخذ يسخر به وهي مشتقة أيضا من فعل (ش ق ل) الذي معناه أيضا وزن الشيء ورازه ليعرف ثقله. (الشاروفة) حبل طويل تجر به السفينة وحبل الدلو. ربما كان مأخوذا من اللفظ الارمي (ش ر وب ا) الباء مثلثة تحتانية بمعنى الخشن والغليظ من باب إطلاق الصفة على الاسم. كأنه الخيط الغليظ

(شقلة كبيرة) ويقال حصلت شقلة كبيرة وهي مشتقة من (ش ق ل ا) بمعنى الحصة والنصيب والهدية والعطية. (الشقفة) ويلفظها المسلمون (الشكفة) بكاف فارسية ويجمعونها على (شكف) هي قطع الشيء الصغير. ككسرة خبز أو كسرة حجر فهي من فعل (ش ق ب - ش ق وب ا) وفي اللفظين الباء مثلثة ومعناها هشم ورض، والشقفة هي الرضاض بالضم في الفصحى ومعناه دقاق الشيء وفتاته. ونقل الباء المثلثة الأعجمية إلى الفاء في لغة الضاد أشهر من أن يلمع إليه. وعلى كل إننا لا نرى أن الشقفة من فعل فشق العربي بالقلب ومن هذا اللفظ عينه فعل (شقف) أو شكف (على لفظ مسلمي العراق) بمعنى لقف في الفصيح أي تناول الشيء بسرعة أو تناوله مرميا إليه، لأن من مدلولات فعل (ش ق ب) الارمي شفق وصفق ولطم وضرب وقرع وصدم كأن الشخص يصدم ما يرمى به إليه. ومما يسترعي الانتباه أن العراقيين يستعملون لفظي (شقف ولقف) مترادفين وهذا مما يؤيد قولنا في الألفاظ التي مرت من الجمع بين لفظين أحدهما عربي والآخر ارمي على الترادف في لسان العراقيين. (شرش) وسمعتهم يقولون الهرش. وهو الأكثر شيوعا من (ش ر ش ا) وهو العرق نفسه كما تطلق اللفظة على أصل كل شيء. (شتل النبات) من (ش ت ل) غرس ونصب وأسس وشيد، ويقصد منه العراقيون المعنى الأول فقط والشتلة هي الغرسة من الشجر. (توز) يقولون جاء الماء توز وخاطبني توز بمعنى الشدة والحدة من فعل (تز) بمعنى ثار وهاج وغلا وفار ونزق وطاش واحتد وغضب. (تتن) للنبات المعروف الذي يدخن هو في الارمية الدخان (ت ن ن ا) و (ت ن ن ت ا) ودخن (تن) ومبالغته (ت ن ن) وجعله يدخن (ات ن) ودخاني (ت ن ن ي ا) وغير ذلك من المشتقات أفلا تكون تتن أو توتون التركية مشتقة من الدخان الارمية؟

(طبش) (بتشديد الباء) في السبح وطبش في الوحل وطبش في الأمر بمعنى حرك يديه ورجليه وهو لا يجيد السباحة أو أنه سقط في الوحل وفي الأمر وهو لا يعرف طريق النجاة فعندي أنها من أصل ارمي (ت ب ش) الباء مثلثة بمعنى غرز وركل ورفس ونطح باليد وفرغ وبطل عن العمل وقتل وسقط في الحرب. ويستعمل العراقيون هذا اللفظ بإبدال التاء طاء كما رأيت وهذا الإبدال وارد في العربية الفصيحة ذاتها فيقولون: الأقطار والإقتار أي النواحي؛ ورجل طبن وتبن؛ وما اسطيع وما استيع. (ترس) أي ملأ من (ت ر ز) بالمعنى نفسه. (خيار ترعوزي أو تعروزي) من (ت رع وز ت ا) وهو القثاء بلسانهم يوسف غنيمة كتابة كلمة رئاسة ورياسة ترى اليوم مطبوعات مصر تكثر من كتابة كلمة رئاسة بصورة (رآسة) وهي كتابة مخطوءة وردت في لسان العرب في مادة رأس والحال أن تلك الكتابة من الواقف على طبعه لا من المؤلف وإلاَّ فإن المؤلف كتبها بالياء في مادتي (زعم) و (سوس) وفي الاوقيانوس لعاصم؛ الريسة (بياء يليها ألف) ككتابة وكذلك في اختري الكبير وسائر كتب اللغة؛ ولهذا اخطأ اسعد خليل داغر بقوله في مذكرته (ص 81) المصدر على فعالة (ل. ع. أي بالفتح ولم يقله أحد) تقول رأس القوم يرأسهم رآسة أهـ. والحال إن المفتوح هو المضارع لا المصدر كما توهمه الأديب المفضال.

تاريخ الطباعة في العراق

تاريخ الطباعة في العراق مطابع الموصل تابع مطبعة الدمنكيين - 4 - 101 - (الخلاصة الوفية في علم الجغرافية) للقس يوسف يونان الموصلي الكلداني (1891 ص158) 102 - (كتاب الذهب لتهذيب أحداث العرب) لسليم حسون جزءان (1911 - 1913 ص80 - 80) 103 - (لمحة اختبارية وفنية في الحمى التيفوئيدية) للدكتور حنا خياط مدير المستشفى البلدي والمستشفى الفرنسي للآباء الدومنكيين في الموصل يومئذ (مدير الصحة العامة في حكومة العراق اليوم) (1911 ص42) 104 - (الأجوبة الشافية في فن الصرف والنحو) الجزء الأول في الصرف لسليم حسون (1906 ص264) 105 - (مختصر مفيد في أصول الصرف والنحو) لسليم حسون (جزءان طبع الأول طبعة ثانية ص116 - 128) 106 - (خلاصة الجغرافية) ألفه الأب روسيل الدومنكي وسليم حسون (ونشراه غفلا من اسمهما) ص180 107 - (ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارقة والمغاربة والسريان) للقس بطرس نصري الكلداني طبع المجلد الأول سنة 1905 (ص599) وخربت

المطبعة في الوقت الذي أشرنا إليه ولما يكمل المجلد الثاني بل انتهى إلى (ص432) وقد بوشر بطبعه سنة 1913. لهذا لم يعرف المجلدان ولم يشيعا بين الناس. كتب بلغات مختلفة 108 - (المناهل الفرنسية لوراد العربية) رتبها وعربها المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1865 ص251) 109 - (غراماطيق نحو اللغة الفرنسية) باللغة العربية له (1865 ص262) 110 - (الطريقة الجديدة لتعليم الفرنسية في ستة أجزاء للأب لويليه الدومنكي (وقد اغفل اسمه لدى النشر) 1891 ثم 1895 وكرر طبع بعض أجزائه (ص143)

111 - (التحفة السنية لطلاب اللغة العثمانية) تأليف نعوم فتح الله سحار (1894 ص255 وطبع ثانية 1895 في جزءين ص 306 و294) 112 - (مكالمات تركية عربية) له (1896 ص200) 113 - (مبادئ القراءة السريانية) للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1874 و1879 ص107 ثم 1891 ص115) 114 - (اللمعة الشهية في نحو اللغة السريانية) على كلا مذهبي الغربيين والشرقيين. للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني. افتتحه بمقدمة في صفات اللغة السريانية وأنواع اللسان السرياني وفروع الكتابة لدى السريان والقلم القديم والأقلام التي اشتقت منه والعلامات العددية واستنباط الحركات وسائر العلامات الخطية السريانية والألفاظ المستعارة للسان السرياني والألفاظ المعارة منه مع مختصر تاريخ اللغة السريانية والكتب التي ألفت لضبطها وأحكامها. وقد استغرقت المقدمة 208 صفحات طبع أولا (1879 ص464) ثم طبع ثانية في مجلدين ضخمين؛ وقد نقحه وزاد عليه وذيله بخاتمة في صناعة الشعر طبع في (1896 و1898 ص479 - 414) ولهذا الكتاب ترجمة باللاتينية بقلم البطريرك رحماني ص730 115 - (دليل الراغبين في لغة الآراميين) للمطران يعقوب اوجين منا الكلداني أحد خريجي المدرسة البطريركية الكلدانية والأستاذ في مدرسة مار يومنا الحبيب الاكليركية للآباء الدومنكيين في الموصل في ذلك العهد في اللغتين الارمية والعربية بالحرف الكلداني مع مقدمة في تسمية الارميين بالسريان وبلاد السريان ولغتهم الصحيحة. والطريقة التي اتبعها في معجمه والمآخذ التي اعتمد عليها في تأليفه. وذكر بعض أصول ارمية لم تذكر في بقية المعجمات وتصحيح بعض أغلاطها (طبع 1900 ص873) رفائيل بطي

البطائح الحالية

البطائح الحالية ماضي البطائح الحالية كانت قبل الإسلام ارضين تزرع متصلة بأرض العرب ومن جيرانها بنو العنبر وباهلة ويشكر ومتصلة بميسان وكانت ذات مدائن وقرى معمورة في زمن الفرس أولا وفي العهد العربي أخيرا؛ فكانت (طهيثا) مدينة كبيرة في أول البطائح؛ وكانت (باذاورد) مدينة في آخرها وقد يتراءى للعابرين آثار بقايا عمارة في بطن البطائح وتحت الماء وذلك زمن ركود الماء وصفائه فيعلم أنها كانت عامرة في الزمن الغابر. وقد كانت السفن الكبار التي تنفذ من دجلة البصرة تجنح قريبا من مدينة (طهيثا ويحمل ما فيها بالزوارق كما هو جار في هذا العهد في البطائح اليوم واسمه عند النوتية (جواية) فكانت الزوارق تسير في مآزق من القصب حتى تنتهي إلى موضع ليس فيه قصب ويسمونه في القديم (الهول) وكانوا يتخذون بين هذه المآزق مواضع من القصب وهي أشباه الدكاكين عليها خصاص وأكواخ يكتلون فيها من البق والهوام وهذه تسمى اليوم كبائش (وتلفظ جبايش بالجيم المثلثة الفارسية). وكانت البطائح في أول عهد الإسلام والعرب آجاما وإحراجا فدخلها آباؤنا يقتلعون القصب ويزرعون في مكانه الأرز الطيب وأول من قلع القصب وغلب الماء بالمسنيات واستغل تلك الأرض هو عبد الله بن دراج مولى معاوية وقف العربي ابن الغدير والرمال على البطائح وهي خور واسع ومنخفض رحب يستنقع فيها الماء المسيب فيسبب غمقا ووبالة ومغايض وآجاما يكثر فيها القصب

المشتبك بعضه ببعض وهناك الإحراج الملتفة يتخللها خروق عميقة مظلمة كلها صهاريج من قصب أو أروقة اختبأ فيها الليل الدامس تسمعك نغيط البط ونقيق الضفادع وجحف التيار وتشغلك فيه صفقة البق وحكة الجرجس، أرض نز ودور تهتز وهواء كدر غليظ وماء سخن زعاق، آجام تكمن فيها الأسود، وغياض تمرح فيها الخنازير ومناقع تنساب فيها الأفعى لا مبرك فيها ولا مسلك ماء وبئ ومناخ خسيس يهولك منه دوي الهوام وصرير الجدجد تتوسطها تلول هادئة ساكنة لا تعبأ بطوارئ الزمن ولا تخضع لعواصف الرياح وما هي إلاَّ صناديق عبر. هذا هو تاريخ هذه البطائح التي تسلمها العربي فأنهضها صآصيء منيعة وجلب لها الاكرة والمزارعين فلقد أصبحت دساكر وضياعا بل آطاما بعد أن كانت آجاما؛ غدت عقود القصب مروج الذهب. ولما استقرت الدولة الإسلامية في العراق أصبح صقعه قراحا مخلصا للزرع وكثرت فيه السواعد والخلجان وتفرعت فيه السواقي والرواضع فكان للبطائح الحظ الأوفر لهذا الأمر الجلل؛ فتقدمت في الزهو والعمارة ودخل إليها العمال بالسفن وأوغلوا في المواضع المنيعة فانتزعوا منها الأدغال والقصب وأنبتوا بمكانها الأرز ولا يزال معمرو هذه البلاد يذكرون ما شاهدوا من بقايا منابت الأرز وخطط دباره المعروفة وأثرها اليوم ظاهر في الحفائر والمنخفضات وكانت في إبان الدولة الأموية قد بلغت الشأو الأعلى وجرت الشوط الأبعد؛ وبقيت البطائح كورة عامرة فتسعد أهلها إلى عهد الديالمة من الأيوبية فأهمل أمرها قليلاً فانفدت عمائرها ووهى شأنها وتغلب عليها قوم اتخذوا المياه معاقل حصينة لهم فتجرد من في تلك الأرض على السلطان وعلى هذا بقيت في عهد آل بويه وكذلك في عهد السلجوقيين. ولما انتعش بنو العباس عادت إلى حالها الحسن وكبرت فيها الجباية كما كانت في القديم وذكر حفيد الصابئ في كتاب الوزراء عمران البطيحة بخراب بغداد قال في حوادث سنة 392 لا جرم أن البلد (يعني به بغداد) خرب وانتقل اكثر أهله عنه فمنهم من مضى إلى البطيحة ومنهم من اعتصم بباب الازج ومنهم من بعد إلى عكبرآء والانبار وفي هذه السنة مضى أبو نصر بن سابور الوزير إلى

البطيحة وذكر غير الصابئ أن البغاددة تكاثروا في البطائح واكثروا فيها المباني والقصور ثم في أوائل القرن الثامن أخذت البطائح بالانتقاض واشتعلت بمشبوبات الفتن وابتدأت بتاريخ السقوط والانحطاط فتنازع أمرها الثوار وعصاة القبائل ولعبت دورا مهما في زمن انفصال البصرة عن حكومة بغداد والتهمتها ثورة المشعشعين وشملتها أمارة آل راشد في البصرة ولم تزل مشوشة مرتبكة إلى القرن الثاني عشر فتقدمت إلى التجدد لما حصل فيها من النشوف والجفاف فقام عمرانها الحاضر على أيدي أمرائها من آل سعدون فقد وسعوا فيها الجزائر بواسطة السدود والسكور وخطوا فيها مدينة سوق الشيوخ والناصرية والشطرة وبمساعدتهم اختط النجدي ابن خميس بلدة الخميسية. حاضر البطائح تقدم إن دجلة بعد أن انقطعت عن واسط استقامت جارية بينها وبين المذار مارة بكوت الإمارة فأنحسر الماء عن كثير من بقاعها وظهرت الارضون الجافة وعمرت ومصرت فأصبحت حواضر ومزارع فالقسم المهم من البطائح اليوم سهل منخفض يبتدئ من طلول واسط وينتهي إلى ضفاف الفرات الأسفل تحت ناصرية المنتفق ولكن لا تزال أرض الغالب منها ندية أو نزة إلاَّ أن آجامها الشهيرة أصبحت أثرا بعد عين فليس هي إلاَّ كورة عامرة وتمصيرها هذا حديث العهد لا يتعدى قرنا واحدا. وقد بقيت هذه البطائح حتى اليوم حريصة على عنوانها الأول فكثيرا ما تسمع من أهل تلك الأنحاء لفظة هور، وهويرة، وبطيحة وهي مراتع ومزارع هذا شأن ما انكشف من البطائح أما البقية الباقية فهي على قديمها مغايض وآجام ولكن المأمول أن تتحسن الحال فتصبح حرثا ومباني لأن الزراعة إذا تقدمت في العراق واستخدم الفلاح العراقي الفن والآلات العصرية في حرث الأرضين وسقيها لا تبقى اهوار فيه كما لا تبقى فيه جزيرة فيكون هذا الماء المتبطح ريعا لتلك الجزائر التي منها: جزيرة الرفاعي؛ وجزيرة البغيلة، وجزيرة الكار، وجزيرة الأبيض. وقبل سنوات خط المصلح الكبير ولكوكس الإنكليزي مشروعا زراعيا لو عمل به لما كان في العراق هور ولا جزيرة فلقد أشار بإقامة أربعة سدود كبيرة

على الفرات، لم يتم منها إلاَّ واحد وبقيت ثلاثة؛ وقد نفع هذا السد وأحيا مواتا كثيرا. وكان من خطته إنشاء سد كبير على دجلة وخزان للفرات وخزان لدجلة وكري الأنهار والترع القديمة الموجودة هناك على أن الفرات لكثرة ما حمل تدافع جريه إلى الأمام واخذ يخد له مجرى أو مسيلا جديدا ثم اشتد خوره بتطاول الزمن حتى حفر له واديا في وسط البطائح واخذ الماء يغور فيه والأرض تنكشف لأن الماء يهبط في ذلك الخور والمارة اليوم تشاهد في وقت الجفاف سيفا أو جرفا أخذ يبدو في بطائح الفرات وهذا غير (نهر الشافي) القديم فقد ظهرت اليوم ضفتاه أيضا كأنه يريد أن ينعزل من البطائح بعد أن اندمج فيها زمنا طويلا وهاهو ذا تظاهر بطلب الاستقلال وبما أن البطائح كلها أو جلها أصبحت غرسا ومزرعة يستنبت فيها الأرز والنخل السحوق فلا بد أن يكون هذا سببا لارتفاع المنخفضات كما حصل ذلك في اكثر بقاع الأرض واهم المواضع التي بقيت حتى الآن بطائح (برق الحمار) حيث تجتمع هناك مياه دجلة والفرات من عدة منافذ وشعب فتصبح اهوارا متصلة بعضها ببعض حتى تبلغ مبدأ شط العرب أما منافذ الفرات وشعبه فإنها تبتدئ من سوق الشيوخ إلى أن يدفع الفرات في الحمار ولا يحفظ عمودا بينا وإليك أسماء تلك الأنهار التي (تتشاطر الفرات من ثلاث جهات سوق الشيوخ) أما الرابعة من جهاته فمتصلة بالبادية بعدة انهار: 1 - قرمة النواشي 2 - أم الطبول 3 - العتيبة 4 - الطليعة 5 - الاصيبح 6 - الكرماشية 7 - أم نخلة وهي مجرى الفرات القديم ولكنه اندرس لتشعب الأنهار الكثيرة منه ولأم نخلة جداول كثيرة أحصي منها سبعة وهي المهمة: 1 - الرحمانية 2 - الرميحية 3 - الزيادية 4 - الناطور 5 - الماريقاوية قرية بني سعيد 6 - نهر المؤمنين 7 - أم شكات (بتشديد الكاف) المثلاوية. هذه كل شعب الفرات إلى الحمار أما دجلة فتصب فيه من جهات أهمها: العمود وهو نهر ميسان أو نهر العمارة ومنها نهر الغراف وهذا يصب فيه من بز البدعة؛ واليوم في الحمار ظهور كثيرة مغروسة ومأهولة وأكثرها سدود ومحمولة و - جبايش - فكأن تلك البطيحة بحر ملؤه الجزائر. علي الشرقي

فوائد لغوية

فوائد لغوية أصل ياء النسبة في لغتنا البديعة ياء النسبة إلى الأعلام. فإنك إذا أردت أن تقول مثلا: هذا الرجل هو من بغداد أو من العراق. استغنيت عن قولك (من بغداد أو من العراق) بقولك: بغدادي أو عراقي. فمن أين جاءتنا هذه الياء؟ إنك تعلم إن ليس من حرف في اللغة العربية إلاَّ وهو مقطوع من كلمة كانت تفيد المعنى المطلوب من ذلك الحرف ولا يشذ من ذلك حرف واحد. فياء النسبة إذا من هذا القبيل. والذي نراه أن الياء مقطوعة من كلمة (قي) بقاف مكسورة وياء مشددة ومعناها في العربية الأرض القفر الخالية؛ والمراد بذلك الأرض التي ينتسب إليها الرجل؛ وأنت تعلم إن الديار كانت في العهد القديم خاوية خالية ومسكن الناس الخيم وبيوت الشعر. فإذا غادروا موضعا لم يبقوا فيها سوى الأطلال والدمن. وعليه: إن قلت فلان بغدادي أو عراقي فمعناه: بغداد أو العراق قيه أي أرضه أو مسكنه أو موطنه. أما إن سألت: ولماذا قدرت كلمة (قي) ولم تقدر كلمة أخرى؟ قلنا 1 - لأن ياء التشديد في (قي) لا تجدها في غيرها من الكلم الخفيفة 2 - لأن الكلمة واحدة الهجاء عند الوقف أو ثنائية الهجاء في الدرج والعلماء لا يقدرون من الألفاظ المحذوف بعضها إلاَّ إذا كانت كذلك. 3 - لأن هذه الكلم من اقدم الكلم الواردة في جميع اللغات فهي في الشمرية (قي) أو (جي) كما في العربية. وهي باليونانية (جي أو قي أيضا ولهذا سمى الشمريون ديار العراق في قديم العهد (قان جي) أي (قي القان) بمعنى أرض القان أو القنا وهو نوع من الشجر كالقصب تتخذ منه القسي ينبت في الارضين الرطبة الحارة الإقليم. ومثل القي في العربية القوى (وزان

أنوفلس لا أبوفلس

النوى) وقد اختلفت الألفاظ المشتقة منها بالقلب والإبدال إذ منها الجو والجمو والجعوة والجيئة والجوة والقواية والقاع، كما منها جع الرجل: إذا أكل الطين. 4 - إن في (قي) حرفين الأول منهما كثير التقلب ينقل بسهولة إلى حروف شتى فيقلب همزة عند كثيرين من المحدثين المعاصرين كأهل حلب وبعض سكان بيروت ومصر. فيقولون: آل وآم وأريب، وهم يريدون: قال وقام وقريب. وقال الأقدمون: الافز ومخرنبئ وزهاء مائة، وهم يريدون: القفز ومخرنبق وزهاق مائة. وقد تقلب تلك القاف جيما مثل سجعت الحمامة وسقعت؛ الجلاط والقلاط؛ جذف وقذف، جد وقد، رتج ورتق، إلى غيرها وهي مئات. ولهذا نرى العجعجة في قضاعة فإنهم يجعلون الياء المشدودة جيما، فيقولون تميمج في تميمي. وربما حولوا الياء جيما إذا جاورتها عين فيقولون هذا راعج خرج معج وهم يريدون: هذا راعي (بياء مشددة مفتوحة) خرج معي (راجع في هذا الباب المزهر 109: 1 من طبعة بولاق الأولى. وتاج العروس في مادة عجعج) وقال في المزهر (110: 1): (ومن اللغات المذمومة إبدال الياء جيما في الإضافة، نحو غلامج (أي غلامي) وفي النسب نحو بصرج وكوفج (أي بصري وكوفي) أهـ. فالظاهر إن هذه اللغة أما من باب قلب ياء (قي) الأصلية جيما أو من باب قلب القاف جيما، محافظة على اصلها. وقد تقلب القاف هاء وغينا وصادا وعينا وتاء وطاء وفاء ودالا وحاء وخاء وشينا وسينا وراء وزايا وواوا. ولنا على ذلك شواهد من كتب اللغة وقد اجتزأنا بما ذكرنا لكي لا نطيل الكلام في غير مقامه. هذا رأينا في أصل ياء النسبة وإن كان لغيرنا رأي يخالفه ويثبته بأدلة من أقوال العلماء وآراء اللغويين فليأتنا به ونحن له من الشاكرين سلفا. أنوفلس لا أبوفلس انوفلس بعوضة تنقل البرداء. والكلمة يونانية معناها (المؤذية) وهي كذلك حقيقة. إلاَّ أني سمعت أحد الأدباء يقول: هي ابوفلس لا انوفلس،

والكلمة عربية لا يونانية. وهي مركبة من (ابو) أي ذو. و (فلس) أي قطعة من الدرهم خسيسة الثمن، وسبب تسميتها بذلك، لأنك ترى على ظهري جناحيها نكتة كأنها الفلس. ولا يشترط بأن يكون ذلك الفلس مدورا أو طويلا لأن أشكال الفلوس كانت تختلف باختلاف البلاد والأزمان. قلت له: هذا يشبه قول السلف إن هذه الألفاظ وهي: أبو قلمون وأبو خراش وأبو حلسا (وهو الشنجار وقد ذكره الزبيدي في تاجه في مادة شنجر) عربية والحال أنها كلها دخيلة في لغتنا، واصل أبو حلسا: انوخلس فصحفها بعضهم كما صحفنا الآن انوفلس. الزرطقة في المقتطف (377: 59) مقالة حسنة في تقدم العلوم والفنون الزراعية لصاحبها الأمير مصطفى الشهابي ذكر فيها أن الزرطقة (تأتي بمعنى وصف الخيل وتربية الخيل وهي معربة عن الفارسية قديما) ونحن نتحدى الكاتب في إثبات هذا المعنى في مصنفات العرب كما نتحداه في ذكر اللفظة الفارسية المعربة عنها. أما الصحيح فهي رومية (لاتينية) الأصل راجع ما كتبناه في مجلتنا هذه 411: 4. الفسيولوجية أو علم الخلقة اختلف الكتاب في وضع لفظ مقابل للإفرنجية فسيولوجية فمنهم من قال (علم وظائف الأعضاء) وهي أطول من يوم الصوم، وتركها من المستحسنات؛ ومنهم من زادها طولا فقال: علم وظائف المخلوقات الحية وآخرون علم تركيب الحيوان وجماعة علم القوى النباتية والحيوانية وفريق علم الموجودات الحيوية وفي الآخر جاء من قال الفسلجة. وكل ذلك يدل على إن الكتّاب ذهبوا كل مذهب في تعريب الألفاظ، وعندنا إن الكلمة لو تعرب معنويا تغنينا عن كل هذه الأوضاع الغريبة ففسيولوجية مركبة من كلمتين من فوسي أي طبيعة أو خلقة ولوغوس أي علم أو كلام ومحصلها علم الخلقة وأنت خبير بأن خلقة الأعضاء موضوعة على القيام بوظائفها فقولك علم الخلقة أوفى بالغرض من سائر تلك المصطلحات وعلماء الخلقة أو (الخلقيون) بكسر الأول هم الفسيولوجيون كما قال الأقدمون في علم النحو نحويين أو نحاة.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة خواطر لحضرة (كذا) الأستاذ الفاضل الأب انستاس ماري الكرملي المحترم طالعت الجزء السابع من مجلتكم لغة العرب الزاهرة، وعن لي أن اذكر كلمة فيها. راجيا طبعها بحروفها: 1 - في صفحة 402 سطر 8 عبارة (ممن أسرف في اللغة) فلم يصل معنى هذه العبارة لذهني (كذا) الكليل مع أن الكتاب هو رد على من طعن في مذهب السلف. (ل. ع) السرف والإسراف في اللغة؛ مجاوزة القصد والمعنى واضح بعد هذا. 2 - ص402 س18: (كلط بالكاف الفارسية بمعنى رطن وألقى الكلام على عواهنه ويسمي العراقيون هذا الكلام تكليط) فلا يوجد في العراقيين من يقول ذلك. بل يقولون جلط بلام مشددة والكلمة عربية (جلط الرجل إذا كذب) من لسان العرب وهم يقولون كلط بكاف فارسية ولام مشدة (كذا) أي تقدم لعلها محرفة من كلأ (كذا) وكلأ السفينة من الشاطئ أدناها منه (قاموس) فاستعملوها للتقدم. (كذا) (ل. ع) كلط بالمعنى الذي ذكره الكاتب الأول نصرانية عراقية مشهورة أشهر من قفا نبك. 3 - في ص409 (كالوك المنحرف الشكل من الحجارة ينطق به البناؤن في العراق) والحال أن الكالوك عند البنائين الحجر المنحوت من جهتيه نحتا متقنا ليكون في الزاوية ولم اعلم له مصدرا (كذا أي لا اعلم اصله)، لأن اغلب أدوات البنائين من الفرس ولكني لم اعثر عليها في لغتهم. (ل. ع) أراد الكاتب بمنحرف الشكل منحرف الزاوية وهو واضح فلا إشكال بعد هذا

4 - في ص415 بحثكم في أن ميم معروف ومعترف ومصحف ومكنسة اصلها من (من) الإنكليزية ومرء العربية بمعنى رجل فيحق لكم أن تتمثلوا بقول الشاعر: وأني وأن كنت الأخير زمانه ... لآت بما لم تستطعه الأوائل (ل. ع) لم نقل من (من) الإنكليزية وإنما ذكرنا لها مشبها في الإنكليزية فليراجع ثم أن العلم اجتهاد لا وحي أو الهام. 5 - في ص417 س10 ذكرتم الفقير من قرى الاحساء وهي العجير كما ينطقون بها أو العقير تصغير عقر (كذا) كما ذكرها ياقوت في معجم البلدان. (ل. ع) أصبتم والخطأ من الطبع ولكنها تصغير العقر لا عقر. 6 - ص417 آخر سطر (فلعل ينفسح بعد ذلك) ولم أر لعل داخلة على مضارع بتة فأرجو إيضاح ذلك. (ل. ع) كتبنا في الأصل (لعله) فسقطت الهاء وفي مجلتنا أغلاط طبع أخرى غير هذه وجل من لا عيب فيه. 7 - ص421 س21 ذكرتم (والباون هو نصف كيلو) وحيث أن مجلتكم ربما تقع في يد من يستشهد بها لما لكم من المقام والشهرة في الاطلاع فيظن الأمر حقا والحال أن الباون هو الليبرة ووزنها 140 درهما بينا نصف الكيلو 156 فالفرق نحو العشر آمل أن تبادروا لتصحيحه (كذا) (ل. ع) اللبرة هي الباون لكن ثقل اللبرة يختلف باختلاف الأماكن والأزمنة هذا ما نص عليه لاروس في معجمه، فإن كنتم اعلم من الإفرنج بمصطلحاتهم فندع لكم الأمر ولا نماريكم فيه. أما المشهور عندهم فهو أن اللبرة نصف الكيلو ولا يهمنا ما يجري في بغداد. 8 - ص427 س20 قلتم (وعبارة هذا التصنيف وسط بين العامي والفصيح وأغلاط الطبع متوفرة فيه إن شاء الله تعالى) ولم اقف على إدخال هذه الجملة على الماضي بل هي للمستقبل وفي الآية الكريمة: ولا تقولن لشيء أني فاعل ذلك غدا إلاَّ إن يشاء الله (الكهف) فإن وجدتم أن العرب أدخلتها على ماض آمل أن ترشدوني إليه. (ل. ع) من خصائص اللغة العربية أن الماضي فيها يأتي بمعنى المستقبل وبالعكس نحو قوله ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فهذا ماض (أي شاء) يدل على مستقبل ونحو

المصري

قوله (وما تشاءون إلاَّ إن يشاء الله) وهذا يدل على ماض إن شئت وعلى مضارع إن شئت أيضا إذ معناه ما شئتم شاءه الله وما تشاءون إلاَّ إن يشاء الله. 9 - ص438 س7 قلتم (أبو جويريد) والحال أن عموم العراقيين بدوهم وحضرهم يسمون العشر الأول من كانون الأول الرومي جويريد لأن فيه يجرد الورق عن الشجر فأعتبر أنه الفاعل. فهي جرد (كذا) صغرت إلى جريد (كذا) ثم صغرت إلى جويريد (كذا) ولم يكنها أحد بتة، فإن وقع ذلك آمل الإرشاد إليه. (ل. ع) إن سمى العامة البرد الذي يجرد الأوراق (أبا جويريد) فمحقون وأن سموه (جويريداً) فمحقون أيضا إذ لا حرج في مصطلحاتهم. أما أن كنتم سمعتم جويريدا فلقد سمعنا أبا جويريد. وأما أن جويريدا هو اجرد صغرت (إلى) جريد ثم صغرت (إلى) جويريد فهذا في لغة يجهلها الذين في السموات والذين على الأرض ولعلها في لغة يجهلها الشياطين أنفسهم ولا يعرفها إلاَّ الصديق المحبوب حرسه الله أو يحرسه الله إن شاء الله أو إن يشاء الله على ما يحب وتهوى نفسه. فيصح حينئذ هنا قول الشاعر: وأني وأن كنت الأخير زمانه ... لات بما لم تستطعه الأوائل هذا وإن يكن ما ذكرتموه هو من استعمال نصارى بغداد خاصة فيلزم التنبيه ولا تلقوا تبعة البعض على الكل. (ل. ع) هو من باب إطلاق الجزء على الكل. وأما ما قلتموه لي من أن تبعة ما يحرر يسئل (كذا) عنها كاتبها فإني أرى أنكم بقبولكم لها قد رضيتم عنها لذا اوجه أسئلتي لكم (كذا) وأرجوكم العفو والسماح (كذا) سيدي. عبد اللطيف ثنيان (ل. ع) أما أن كل إنسان مسؤول عن أعماله لا عن أعمال غيره فهو مما لا يحتاج إلى برهان (وأرجو العفو (والصفح) سيدي). المصري عند الإفرنج كلمة لم يتفق كتّاب العصر على نقلها إلى العربية وهي ويراد بها بيت من زجاج مختلف السعة تحفظ فيه بعض الأشجار والنباتات التي يخشى عليها من البرد الشديد أو الثلج، والكلمة الإفرنجية مشتقة من فعل هو عربي في الأصل وهو صرى أي حفظ ووقى؛ فمعنى اللفظة الإفرنجية إذا المكان الذي تحفظ فيه الأشجار. ومن عجيب قول لتره اللغوي الفرنسي أن صواب كتابة فعل هو براء واحدة لا براءين كما يكتبها وطنيوه.

المشابهة بين ألفاظ اللغات سيدي منشئ مجلة لغة العرب المحترم: بينما كنت أنقب في بعض القواميس الإفرنجية عثرت على كلمة جليدس اللاتينية التي تطابق لفظة جليد العربية معنى ومبنى، وقد بان لي بعد الفحص والتدقيق أن هذه المفردة قد وردت في كلتا اللغتين المذكورتين ولم يقتبسها فريق من آخر كما وقع غيرهما من المفردات في كثير من اللغات. ولا بد من أن حضرتكم وقفتم على كثير من أمثال هذه الكلمة في أبحاثكم اللغوية فهل تجودون بنشرها على صفحات مجلتكم ليحيط بها علما من يهمه الوقوف على دقائق الحقائق. وأبقاكم الله سيدي منارا ساطعا لحل المشاكل والمعضلات. رزوق عيسى (لغة العرب) إننا نجيب طلبكم إذا انفسح لنا المجال: إلاَّ إن كثرة المقالات المكدسة عندنا والتي تقع في أجزاء سنة بأسرها، لا تدعنا أن ننشر منها شيئا في هذا العام. حضرة الأستاذ الفاضل مدير مجلة لغة العرب المحترم: ظهر لي أثناء دراستي اللغة الفرنسية على أستاذ يحسن اللغة الكردية أن هناك تشابها يكاد يكون كليا بين اللغتين (الفرنسية والكردية) وهذا ما حملني على أن أرى أن هناك علاقة بين الأمتين، ولا سيما بعد أن علمت أن بين الأكراد من يسمون (الجلوا) وهذه الكلمة تكاد تشبه الكلمة الافرنسية غلوا أو جلوا، فهل لكم أن توضحوا لنا هذا في مقال يكون شافيا بالمرام ولكم الشكر سلفا سيدي. عبد الحميد حمدي (لغة العرب) لا ينكر إن بين اللغتين تشابها حقيقيا لأن أصل الأكراد آريون أي من أصل الفرنسيين فلا عجب بعد هذا إذا وجدت مشابهة بين ألفاظهم وألفاظ الغاليين. أما إن (الجلوا) تشبه (الجلوا) الثانية التي بمعنى الغاليين فمن باب المصادفة لا غير.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة سألنا صاحب مجلة الحارس على من اعتمدنا في نقدنا كتابه حينما قلنا إن الجري هو السلور وليس بالحنكليس الذي هو الجريث. وإن الرخمة ليست بالشوحة. وأشهره دون شهره صحة. والكهربا مقصور لا ممدود والنسبة إليه كهربية لا كهربائية. وإن قولك فرنساوي خطأ والصواب فرنسي وإن كان يجوز لك أن تقول حيفاوي وعكاوي ونمساوي وجرجاوي. 1 - الجري هو السلور والجريث هو الانقليس قلنا: قال ابن البيطار في مادة جري من مفرداته: (قال) اسحق بن سليمان أهل مصر يسمون الجري: السلور وهو حوت كثير اللزوجة والسهوكة جدا. وقال في مادة السلور: هو الجري. قلنا: وابن البيطار في هذا الموضوع حجة ويقال في السلور الصلور بالصاد. أما الحنكليس هو الجريث أو المارماهيج فظاهر من استعمال العراقيين له. وفي لسان العرب في مادة جريث: الجريث بالتشديد: ضرب من السمك معروف ويقال له الجري. روي إن ابن عباس سئل عن الجري فقال: لا بأس إنما هو شيء حرمه اليهود. وروي عن عمار لا تأكلوا الصلور والانكليس. قال أحمد بن الحريش: قال النصر: الصلور الجريث والانقليس المارماهي. وروي عن علي (عم) أنه أباح أكل الجريث. وفي رواية أنه كان ينهي عنه وهو نوع من السمك يشبه الحيات. ويقال له بالفارسية المارماهي. أهـ فهذا الكلام الأخير هو الذي يجري عليه العراقيون إذ يسمون السلور جريا والجريث مرمريجا (أو مارماهيجا كما هو المألوف في تعريب الأسماء الفارسية) المنتهية بهاء أو ياء أو واو أي أن العرب تزيد بعد الياء والواو جيما وتبدل الهاء الأخيرة من الجيم) ونظن أن هؤلاء الذين ذكرناهم أعلى حجة من صاحب محيط المحيط.

2 - الرخمة ليست بالشوحة بل الشوحة هي الحدأة قال الدميري في كتاب حياة الحيوان في ترجمة الشوحة: قال ابن الصلاح في الفتاوى أنها الحدأة وقد تقدم ذكرها في باب الحاء المهملة - والحدأة يسميها العراقيون الحديا إلى عهدنا هذا. وقد ذكر الاسمين صاحب اللسان وقد رأينا وسمعنا أهل سورية يسمونها الشوحة. إذن هذه حقيقة لا شك فيها ثم أن الحدأة طائر يصيد الجرذان كما صرح به جميع اللغويين وعلماء الطير. أما الرخمة فقد قال عنها الدميري: طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة وكنيتها أم جعفر وأم رسالة وأم عجيبة وأم قيس وأم كبير ويقال الانوق. والجمع رخم والهاء فيها للجنس. . . ويقال لها ذات الاسمين لذلك. . . وقال عن الحذاة (الشوحة) الحداة بكسر الحاء المهملة: احسن الطير وكنيته أبو الخطاف وأبو الصلت. . . وهي لا تصيد وإنما تخطف. ومن طبعها إنها تقف في الطيران وليس ذلك لغيرها من الكواسر. . . أهـ. فهذه نصوص واضحة على أن الرخمة غير الحداة أو الشوحة، ولو كان الاسمان لطائر واحد لاتفقت الأسماء والكنى والأوصاف. 3 - أشهره بمعنى شهره غير ثبت قال في المصباح: شهرت زيدا بكذا وشهرته بالتشديد مبالغة. وأما أشهرته بالألف بمعنى شهرته فغير منقول. أهـ. فأين بقي صاحب محيط المحيط ومن اتبعه؟ ونظن إن صاحب الحارس يضع الفيومي فوق البستاني. هذا فضلا عن أن صاحب محيط المحيط يقول: (وأشهره بمعنى شهره وهو غير ثبت) 4 - الكهربا لا الكهرباء والكهربية لا الكهربائية قد كتبنا ما يكفينا في هذا المعنى فليراجع (234: 4 - 235) 5 - لماذا يقال مثلا حيفاوي ولا يقال أبدا فرنساوي يقال مثلا حيفاوي ولا يقال فرنساوي لأن ألف حيفا واقعة رابع حرف وأما ألف فرنساوي فواقعة خامس حرف. وفي مثل النسبة إلى حيفا يقال حيفي وهو الأحسن وحيفاوي وهو دون السابق حسنا وحيفوي وهو دون حيفاوي فصاحة. قال سيبويه في كتابه (77: 2 من طبعة مصر القاهرة) هذا باب

الإضافة إلى كل اسم كان آخره ألفا زائدة لا تنون وكان على (أربعة حروف) وذلك نحو حبلى ودفلى. فأحسن القول فيه إن تقول حبلي ودفلي لأنها زائدة لم تجيء لتلحق بنات الثلاثة ببنات الأربعة فكرهوا أن يجعلوها بمنزلة ما هو من نفس الحرف وما أشبه ما هو من نفس الحرف. وقالوا في سلى (وزان دفلى) سلي (بكسر الأول وتشديد الثاني المكسور وبتشديد ياء النسبة) ومنهم من يقول دفلاوي فيفرق بينها وبين التي من نفس الحرف بأن يلحق هذه الألف فيجعله كأخر ما لا يكون آخره إلاَّ زائدا غير منون نحو حمراوي وضهياوي فهذا الضرب لا يكون إلاَّ هكذا فبنوا هذا البناء ليفرقوا بين هذه الألف وبين التي من نفس الحرف وما هو بمنزلة ما هو من نفس الحرف فقالوا في دهنا: دهناوي وقالوا في دنيا: دنياوي. وإن شئت قلت دنيي على قولهم سلي. ومنهم من يقول حبلوي فيجعلها بمنزلة ما هو من نفس الحرف. وذلك أنهم رأوها زيادة يبنى عليها الحرف ورأوا الحرف في العدة والحركة والسكون كما هي فشبهوها بها كما أنهم يشبهون الشيء بالشيء الذي يخالفه في سائر المواضع) أهـ كلام سيبويه وفي لسان العرب في مادة حبل: قال أبو زيد: ينسب إلى الحبلى: حبلوي وحبلي وحبلاوي أهـ. وكذا في سائر كتب اللغة المشهورة. أما أنه لا يقول فرنساوي أبدا بل فرنسي والأول خطأ صريح قبيح والثاني صحيح مليح فواضح من كلام سيبويه أيضا فقد قال في كتابه (78: 2) ما هذا نصه بحرفه: (هذا باب الإضافة إلى كل اسم كان آخره ألفا وكان على خمسة أحرف. تقول في حبارى حباري، وفي جمادى جمادي. وفي قرقرى قرقري. وكذلك كل اسم كان آخره ألفا وكان على خمسة أحرف. وسألت يونس عن مرامى؟ فقال: مرامي (كل ذلك بتشديد الياء) جعلها بمنزلة الزيادة. وقال: لو قلت مراموي لقلت حباروي كما أجازوا في حبلى حبلوي؛ ولو قلت ذا لقلت في مقلولى مقلولوي؛ وهذا لا يقوله أحد (هل سمع زميلنا هذا الكلام؟) إنما يقال مقلولي. كما تقول في يهيرى يهيري. فإذا سوى بين هذا رابعا وبين ما الألف فيه زائدة نحو حبلى. لم يجز؛ إلاَّ إن تجعل ما كان من نفس الحرف إذا كان

خامسا بمنزلة حبارى؛ فإن فرقت بين الزائد وبين الذي من نفس الحرف دخل عليك أن تقول في قبعثرى قبعثروي لأن آخره منون، فجرى مجرى ما هو من نفس الكلمة فإن لم تقل ذا، وأخذت بالعدد فقد زعمت انهما يستويان وإنما ألزموا ما كان على خمسة أحرف فصاعدا الحذف لأنه حين كان رابعا في الاسم بزنة ما ألفه منه كان الحذف فيه جيدا، وجاز الحذف فيما كانت ألفه من نفسه. فلما كثر العدد كان العدد لازما، إذ كان من كلامهم أن يحذفوه في المنزلة الأولى، وإذا ازداد الاسم ثقلا كان الحذف الزم، كما أن الحذف لربيعة الزم حين اجتمع تغييران. (وأما الممدود مصروفا كان أو غير مصروف، كثر عدده أو قل، فإنه لا يحذف (ليتميز الممدود من المقصور) وذلك قولك في خنفساء خنفساوي وفي حرملاء حرملاوي، وفي معيوراء معيوراوي. . . أهـ كلام سيبويه. إذا في كهرباء (إن مددتها) كهرباوي لا كهربائي كما هو الشائع غلطا. وقد نقلنا هذا الكلام بطوله وعرضه لأن كثيرين يجهلون قواعد النسبة أو الإضافة في مثل الألفاظ التي ذكرناها. وهل بقي لحضرة الزميل شك في ما خطأناه فيه. إذا لغة العوام شيء (وهو قولهم فرنساوي وأورباوي وكهربائي) مثلا ولغة الفصحاء شيء آخر (وهو قولهم فرنسي وأوربي وكهربي) أما مؤلف محيط المحيط (الذي يقول عنه صاحب الحارس: نرده إلى حجة اللغة المتفق عليها اليوم (كذا وامسك نفسك عن الضحك) إلى قاموس محيط المحيط الذي يجب على حضرته وعلى سائر المشتغلين في اللغة (كذا) أن يطأطئوا له الرأس احتراما (وهذه المرة الأولى نسمع أن محيط المحيط حجة في اللغة) فإنه قال: فرنسا بلاد في أوربا والنسبة إليها فرنسوي. فالخطأ إذا ظاهر منه ومن أستاذه ولا سيما لأن العرب عربت قديما كلمة فرنسة بصورة إفرنجة أو فرنجة وقالت في النسبة إليها: إفرنجي أو فرنجي ولم يقولوا افرنجاوي أو فرنجاوي. ثم أطلقوا هذا اللفظ على كل أوربي وأن لم يكن من فرنجة من باب التوسع. ونظن إننا أشبعنا هذا الموضوع كلاما لكي لا نعود إليه مرة ثانية. ولكي يعلم الكتبة أن الكثيرين منهم يعثرون في هذه العقبة وأن المصيبين هم قليلون إذ ما اكثر العوام وما اقل الخواص. وما اكثر الغلط وما اقل الصحيح!

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 40. أسباب النهضة العربية في القرن التاسع عشر تأليف أنيس زكريا النصولي، طبع في بيروت سنة 1926 في 142ص بقطع 12. صديقنا أنيس زكريا النصولي من شبان العصر المنورين. لا يكتب في موضوع إلاَّ من بعد أن ينعم النظر في جميع أجزائه على ما يقول به أبناء الشرق وأبناء الغرب معا؛ ولقد عرف بهذه المزية منذ تلقيه العلم في جامعة بيروت الأميركية وهذا الكتاب فاز (بجائزة هوردبلس الأولى) حين أعلنت الجامعة المذكورة أنها تكافئ بها من يفوق غيره في الموضوع الذي صرحنا باسمه. وكان ذلك في سنة 1924. والحق يقال إن (أسباب النهضة) حسنة التبويب إذ سرد صاحبها بعضها على أسلوب يسترعي الأنظار والأفكار. على إننا نستأذن صاحبها في إبداء بعض ما عن لنا في أثناء مطالعتها. إننا نرى عنوان الرسالة أوسع من الموضوع الذي عالجه وإن شئت تشبيها فقل أن الثوب على هذا الجسم فضفاض. ولو عنونها (بأوائل النهضة العربية في سوريو ومصر) لوافق الاسم المسمى أما أنه وسمها بأسباب النهضة العربية وهو قد اغفل ذكر ما يتعلق بها في العراق وجزيرة العرب وغيرهما من الديار الضادية اللسان فليس في ذلك تدقيق ولا تحقيق. ثم إننا لا نرى (نهضة) حقيقية في البلاد التي تكلم عنها. إنما فيها (أوائل نهضة) فلو كان فيها نهضة حقيقية؛ لكان فيها ما كان فأين علومنا المختلفة، وصنائعنا المتعددة. ومعاملنا المتنوعة ومصانعنا التي تهيئ لنا الوسائل ليكون أبناء ديارنا غير محتاجين

إلى الأجانب إلاَّ في القليل. فهذه كلها وغيرها تشير إلى إن ليس لنا نهضة حقيقية بل (أوائل نهضة) لا غير. وللصديق بعض آراء يشم منها تحقير أبناء العرب آباءنا. فقد قال مثلا في ص20 (برعت البلاد الشرقية في العلوم الكلامية الجدلية التي ليس من ورائها كبير فائدة وكادت أن لا تتحرك إلى الحياة العملية. . .) قلنا - لكل علم فائدة وغاية. ولعلوم الكلام والجدل منافع غير منافع علوم الطبيعة. ولو قال في مكان هذه العبارة: وقد اكتفى أبناء بلادنا الشرقية بعلوم الكلام والجدل ولم يعنوا بمرافق الحياة وعلوم الطبيعة لكان له عذر. وإلاَّ لماذا لا يعيب على أبناء الغرب مثل تلك العلوم التي ترى في بلادهم وكتبهم في علم الكلام والجدل تفوق بعددها ما ينشر في ربوعنا. وذكر مثل هذا المعنى في ص58 وزاده به فليراجع وقال في ص40 (ويقول محبذو فكرة التعليم باللغات الأجنبية أن العلم العصري يسير مسرعا نحو الرقي لما يستجد دوما من الاختراعات والمبادئ الطبيعية والاجتماعية التي يصعب على التلميذ تتبعها باللغة العربية لقصور التعبير فيها. عدا ما يقتضي من المصارف الباهضة وعدم رواج سوق الأدب والعلم في ديارنا. هذه أدلة وجيهة، ولكنها لا تنفي أنها ضربت اللغة العربية العلمية في قلبها. إذ فقدت التأليف العلمي المطلوب من خريجيها المطلعين على نواميس النشوء والارتقاء العصرية. . .) إلى آخر ما قال. ونحن لا نوافق الكاتب على تصويب رأي من يدعي قصور التعبير في العربية فهذا عذر يبديه الأجانب في بلادنا ليحببوا لنا لغتهم ويزينوها في عيوننا ويحقروا في نظرنا لغتنا وآدابها وقوميتها. ولو انصف المنتقدون لرأوا إن ليس من قوم في العالم يكتفي بلغته ويستغني عن غيرها مثل أبناء لغة الضاد. فإن عصر العباسيين شاهد عدل في ما نقول والمصنفات الموضوعة في كل فن وبحث ومطلب وموضوع يفند ما يزعمون. نعم إن تعلم اللغات الدخيلة واجب في عصرنا هذا للاطلاع على ما يجري في العالم، لكن تعلم اللغات الأجنبية شيء والقول بقصور العربية شيء آخر. إذا قول الكاتب (هذه أدلة وجيهة) تأييدا لزعم الفرنجة أو المتفرنجة غير وجيه البتة.

ولا يمكننا إن نتتبع المؤلف في جميع آرائه وأقواله فإن مجلتنا تضيق عن ذكرها ونقدها والرد عليها. ولعلنا نعود إلى الموضوع في فرصة أخرى أن سنحت لنا أو لغيرنا. لكننا كنا نود أم تنقح عبارته من الأغلاط التي وقعت فيها إذ لا تخلو صفحة منها. ومما سيتوقف النظر أغلاط الأعلام الإفرنجية المكتوبة بالحرف الإفرنجي فالإصابة فيها يكاد يعد شذوذا. فمن الأولى كقوله في المقدمة ص3 ففاز هذا البحث. والصواب ففاز هذا البحث بها (أي بالجائزة) وكقوله فيها لذلك أجرأ أن أخرجه والصواب اجرؤ وكقوله فيها على أشهر الثقاة والصواب الثقات لأنه جمع سالم مؤنث لثقة وليس بجمع مكسر. وكقوله فيها وأني لأقدم خالص شكري لمجلة الكلية. والأحسن أن يقال إلى مجلة الكلية وكقوله فيها اللتين تكرمتا بنشر. . . وتكرم غير فصيح بالمعنى الشائع عند العوام والصواب اللتين جادتا بنشر. . . وفيها وجميع الأخوان الذين ساعدوني والأحسن والى جميع الأخوان. . . ومن أغلاط الأعلام الإفرنجية ما يرى في الصفحات الآتية مثلا في ص127 إلى ص132 فإنك لا تكاد تهتدي إلى الاسم الإفرنجي، وإذا كان العلم مكتوبا على هذا الوجه من السقم والوهم فخير للكاتب أن لا يدونه لأن الخطل يزيد رسوخا في الذهن إذا كان هناك ما يزيده تمكنا فيه. وأملنا أن المؤلف يزيد كتابه تحقيقا في طبعته الثانية. 41. الدولة الأموية في الشام تأليف أنيس زكريا النصولي، طبع بمطبعة دار السلام في بغداد سنة 1927 في 360 ص بقطع الثمن الصغير. المستشرقون الذين سبروا تاريخ العرب ووقفوا على عجره وبجره شادوا بذكر الأمويين ورفعوهم إلى أوج الفضل والرقي. وصرحوا بأن الخلفاء الراشدين أفادوا الإسلام من جهة شؤون إرشاد الأمة إلى الدين الحنيف، أما الأمويون فإنهم عرفوا جميع افانين الحضارة الراقية، واختبروا أصول القراع

والدفاع، حتى انتشرت في أقطار الأرض سمعة العرب لدربتهم في المغازي والحروب على أحسن وجه عرفت في عهدهم. ولهذا ناوأهم كثيرون حتى من أبناء عدنان أنفسهم، من أولئك الذين كانوا يريدون أن يصرعوهم بعد أن يجندلوهم من علو عرشهم، ولما لم يتمكنوا من البلوغ إلى أمنيتهم في ذلك العهد أوسعوهم شتما وسبا وكالوا لهم الكذب جزافا. على إن التاريخ قد حفظ لهم في بطونه حقائق لا تتشوه وأن مسخها أعداؤهم ولم نر من الناطقين بالضاد من قام يثأر لهم مثل صديقنا الوفي (أنيس زكريا النصولي) فإنه انشأ هذا الكتاب بروح جردة من كل تعصب أو انحياز إلى قوم أو إلى مذهب فجاء كتابه من احسن ما كتب في التاريخ فضلا عن بني أمية. ولا جرم أن الحقيقة التي شبهها العلماء في كل عصر ومصر بالشمس الساطعة النور لا توافق الخفافيش، أولئك الذين يريدون أن يعيشوا في الظلمات وأن يعيش معهم في تلك الحنادس كل من ضارعهم هذا السفر الجليل يثير قوما على صاحبه لكن ماذا يضره سب الجهلة إذا اقر لعلمه الجم وأدبه الوافر أصحاب الدراية ومحبو التاريخ الصادق. لابد للمرء من قادح ومادح، لابد له من عدو وصديق فخير لذلك المرء أن يكون عدوه القادح به من صغائر الكتبة ودهمائهم من أن يكون له عدوا من هم من أصحاب القدم الراسخة في تعرف الأخبار وترسم الأنباء وتوسم الحقائق. على إن إقرارنا بفضل الكاتب المحقق لا يزين لنا استحسان كل ما ورد فيه ففي تصنيفه بعض الشوائب كنا نود أن تكون خالية منها من ذلك: 1 - خلوه من فهارس للأعلام. فالكتاب الذي عدد صفحاته يناهز الأربعمائة يليق به أن يزين بفهارس ليتمكن المطالع من الرجوع إليه عند الحاجة. 2 - اختار لكتابة الأعلام الإفرنجية حروفا لا يقرأها إلاَّ إبليس ولا تكاد كلمة من تلك الأعلام تسلم من خطأ. وقد اختار أيضا خط الرقعة للإشارة إلى مضامين الفصول، وفي تلك الحروف نقص يظهر في بعض الكلم إذا ما انعم القارئ نظره في استجلائها. 3 - عني الكاتب اشد العناية بالفصل الأول، وما اقبل على الفصل الثاني إلاَّ

نشأ في صدره بعض السأم؛ لأنه في الفصل الأول ذكر الشواهد في الحاشية بعد أن اتخذ معنى عبارة من استشهد بهم واستخلص زبدتها. وأما في سائر الفصول ولا سيما في الأخيرة منها، فإنه يروي نصوصهم رواية طويلة عريضة ليدعم بها رأيه. ولقد كان في غنى عنها لو لخصها تلخيصا وأحال النظر في اصلها على المورد الذي نهل منه، ذاكرا ذلك في الحاشية على ما فعل في أول كتابه. 4 - ذكر بعض أشياء لا نظنها توافق موافقة صحيحة لأحوال ذلك العهد من ذلك ما ذكره في ص292 في قسم (مآكلهم المحبوبة) إذ قال: (ومن مآكلهم المحبوبة (أي مآكل الأمويين ومن كان في زمنهم) التي تراها في الأسواق خصوصا في الشام فهي (كذا. والأحسن حذفها) أولا الفول المنبوت بالزيت والمسلوق وهو يباع مع الزيتون، ثانيا الترمس المملح ويكثرون من أكله، ثالثا الزلابية وتصنع من العجين وهي غير مشبكة، رابعا الناطف ويصنع من الخرنوب ويسمونه القبيط.) أهـ. فنحن نظن إن هذه المآكل هي للفقراء وللمتوسطي الحال وليس لكبار المملكة أو للأغنياء أو للخلفاء. بل عندنا إن هذه المآكل لم تكن في عهد الأمويين أنفسهم بيد إنها كانت في الشام في عهد العباسيين أو دوين عهدهم. ولا بد للأستاذ أدلة تدعم رأيه ذاك وكنا نود أن نقف عليها. 5 - المؤلف متساهل في عبارته ولا يتقنها. أما إذا نقل عبارة مصنفي المؤرخين من العرب فالعبارة صحيحة طبعا. ومن عبارة المؤلف قوله ص هـ ونحن بعيدون جد البعد عن التعصب - وبعيد لا تجمع جمع سالم بل تكسر أو تبقى على حالتها. وقال في ص2 (منذ اثني عشر قرنا ونيف) والمشهور عند الفصحاء تقديم نيف على العدد أي انهم يقولون: منذ نيف واثني عشر قرنا. وفيها (وأظلته سماء سورية وهو يانع) والغلط واضح من أغلاط الطبع وهي في الكتاب كثيرة لم تصحح في آخره والصواب يافع. وفيها (في نزاعه المشهور مع علي بن أبي طالب) وهذا غلط قبيح يركب متنه كتبة سورية ومصر والصواب في نزاعه المشهور (لعلي)، لأنك أن قلت حاربته فمعناه قاتلته. أما إذا قلت حاربت معه فمعناه اتفقت معه لتحارب آخر هو عدو لمن أنت في جانبه

وبين المعنيين فرق ظاهر. وفيها (فعرف الخليفتين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وطلحة والزبير) ولو قال: وغيرهما مثل طلحة والزبير لانتفى كل وهم من عبارته. وفيها (ثم نراه بعد ذلك قائدا بسيطا من الجيش) وهو تعبير إفرنجي لا يستمرئه العربي الفصيح بل يخير عليه قوله: قائدا من القواد أو قائدا من طائفة القواد. وهكذا يتعثر المطالع في كل صفحة من صفحات هذا السفر الطيب وربما قد يعثر على ما يورثه ضحكا ففي ص3 يقول: (حين شرط مصر والمغرب طعمة له) ولم يذكر بأي مشرط أو مشراط يشرطهما حتى إذا قتلهما أصبحتا طعمة له. هذا الذي يفهمه لأول وهلة قارئ العبارة. إلاَّ إن المعنى الحقيقي ليس هذا بل هو: شرط (على أن تكون) مصر والمغرب طعمة له. وبين التعبيرين فرق إذ يقول الفصحاء شرط عليه بالبيع لا شرطه. ومع كل هذه الهنات الهينات نتمنى أن ينتشر هذا الكتاب بين الناطقين بالضاد ليتعلموا ويتقنوا أسلوب المباحث لا أن يتلقوا أقوال السلف على علاتها إذ بينها الغث والسمين، الزين والشين، الصادق والمموه، لغايات كانت في صدورهم أزالها الله عنا وعن أولادنا! 42. تناقص النفوس في العراق أسبابه وطرق تلافيه محاضرة الدكتور حنا خياط، مدير الصحة العامة في العراق، طبعت في مطبعة العراق في بغداد سنة 1923 في 48 ص بقطع الثمن. صديقنا الدكتور حنا خياط من الرجال ذوي الهمم العالية والأشغال السامية والنظر الدقيق. ألقى هذه المحاضرة في الجمعية الطبية البغدادية ليحمل زملاءه الأطباء على تلافي الخطر الذي يتهدد ديار العراق من اضمحلال أهاليه. فلقد قال إن سكانه كانوا يوما زهاء عشرة ملايين بل عشرين مليونا (ص9) أما اليوم فإنهم لا يزيدون على ثلاثة ملايين. وينسب هذا التناقص الهائل إلى أربع علل: منها إقليمية وأخرى اجتماعية سياسية وبعضها طبية واغلبها إدارية سياسية

وهو بعد هذا الإيضاح يذكر ما يجب اتخاذه لتلافي هذه البلايا. فأنت ترى من هذا البسط الوجيز أن هذه المحاضرة بل قل هذه الرسالة النفيسة مفيدة للجميع، ولا سيما تفيد الأهالي وأصحاب الحل والعقد، بل تهم الأجانب أنفسهم لما فيها من العظات والإفادات. ولا تخلو صفحة من غلط أو أغلاط طبع؛ ومن جملتها ما ورد في ص10 فقد ذكر اسم (ابن خردويه) وهذا الرجل المسكين لا وجود له في عالم الخلائق إنما هو ابن خرداذبه. كما لا يخفى على حضرته. 43. مملكة جهنم والخمر للفيلسوف تولستوي، نقله إلى العربية من الروسية صاحب مجلة الإخا، الطبعة الثانية - مصر سنة 1926 في 88 صفحة بقطع الثمن. تولستوي من فلاسفة الروس في هذا العصر ولد في سنة 1828 وتوفي سنة 1910 والرجل غريب الأفكار والأطوار حتى ابسله السنودس المقدس الروسي في 24 شباط سنة 1901 واعتبره مبتدعا وناكرا الله. على إن المرء مهما أمعن في الشر والفساد قد تصحو له ساعات فينطق بالحق. وكتاب (مملكة جهنم والخمر) كثير الحسنات وإن كان لا يخلو من بعض أفكار تخالف بعض الحقائق على أن لصاحب مجلة الإخاء سهولة عظيمة للنقل من الروسية إلى العربية. ولا يخفى على القارئ ما بين اللغتين من المزايا المختلفة فنحن نهنئ الزميل بهذه المزية بل المنحة. بيد إننا كنا نود أن لا يستعمل مثل: كرس حياته (ص4) وطغمات الشياطين (7) وقفلت قفلا (8) إلى أشباهها لأنها دون قولك مثلا: وقف حياته وطبقات الشياطين وأقفلت أقفالا. 44. مها قصة غرامية شرقية مطبوعة في المطبعة السلفية بمصر في 126ص بقطع 12، نظم أحمد زكي أبو شادي. هذه قصة شابة أعرابية من قبيلة الحويطات في العقبة احبها كبتن إنكليزي

اسمه جريفز فأحبته وخالف الإنكليزي قوانين بلاده كما خالفت الصبية طاعة أبيها فانهزما، فكانت النتيجة أن مات العلج في حب مها، ثم انتحرت مها بجانب حبيبها. افرغ الشاعر العصري احمد زكي أبو شادي فصور الحقائق حتى أنطقها وجاءت تلك الأبيات البديعة تشف عن مقدرة فصاحة شاعرنا وبلاغته وحسن أسلوبه في إيراد الأحداث على أبدع طرز يخلب القلوب ويجلب الأنظار. وقد ختم هذه الأحدوثة المنظومة بأبيات تقبح عمل كل من العاشقين منها هذان البيتان: هذا مقر رفات خاذل جيشه ... هذا (جريفز) مات موت فرار وكذاك مرقد من قضت بهروبها ... هذي (مها) هربت من الاخدار. . .) وقد وقع في ضبط الألفاظ أغلاط طبع كثيرة لا تخلو منها صفحة. فلقد ضبطت (وخذ) الواردة في ص21 بإسكان الذال والصواب بكسرها لأن بعدها (الشكاة) وكذلك تاء (رددت) في ص22 مع أن بعدها (الطبيعة) وفي ص23 (عادلة القوام) ونحن لم نجد عادلة بمعنى معتدلة. ولو قال في مكانها (رائقة) القوام لكانت أهون خطبا. وكل هذه الهنيات ظاهرة لا تشوه شيئا من محاسن تلك الدرة الحسناء. 45. الكتاب الذهبي ليوبيل المقتطف الخمسيني 1876 - 1926 طبع بمطبعة المقتطف والمقطم بمصر 1926 في 240ص مزين بالرسوم كتاب نفيس بأي اعتبار اعتبرته أن من جهة المحتويات وأن من جهة إتقان الورق والطبع والتصوير فيحق له دون غيره أن يسمى بالكتاب الذهبي وهو مقسوم إلى أربعة أقسام: فكرة الاحتفال وما يدخل هذا الباب من الاستعداد لهذا العيد؛ وحفلة الأوبرا الملكية وما قيل في هذه الحفلة؛ وقسم المقالات وما بعث به إلى صاحبي المقتطف من المقالات العائدة إلى هذا الموضوع؛ وقسم القصائد التي أنشئت في هذا المقام. فنحن نهنئ صاحبيه ببلوغهما السنة الخمسين من إنشائهما تلك المجلة التي نشرت العلم الغربي في المعالم العربية ونتمنى الاطراد في النجاح ولصاحبيها العمر الطويل الهنيء.

46. وثائق تاريخية للكرسي الملكي الانطاكي البطريرك مكسيموس الثالث مظلوم (سنة 1779 - 1833 - 1855)، بقلم ابن أخيه الشماس توما مظلوم، عني بتعليق حواشيها الأب الياس انداروس البولسي، بمطبعة القديس بولس في حريصا (لبنان) سنة 1926 في 110ص. تاريخ الشرق في القرن التاسع عشر على حداثة انسلاخه كثير الغوامض لأن أيدي الغايات والمخاوف لعبت به كل ملعب. والصحيح الراوية منه قليل وهذا الكتاب من المحللات لتلك العرى. فنحن نحث الناس على اقتنائه ولا سيما أولئك الذين يعنون بتاريخ الشرق. وقد وقع في عبارة التوطئة التي هي من قلم الناشر بعض كلم كنا نود أن نعرف موقعها من الاستعمال الصحيح. فهل وردت مثلا عند الفصحاء كلمة: (الشروحات وميوله والفرمانات الشهانبة (ص8) ونهديها لقراء المسرة وجهودنا وفأبواب هدايا المسرة مفتوحة لهم على مصراعيها (ص9) بمعنى: الشروح والأميال والشاهانية ونهديها إلى. . . وجهدنا والأبواب مفتوحة على مصارعها. فنحن هنا في مقام سائلين لا في مقام ناقدين. ونحب الجواب على ذلك والأجر للواقف على طبعه. 48. رواية رفائيل خزامي في آداب المعاشرة بقلم السعيد الذكر المطران جرمانوس معقد، طبع بمطبعة القديس بولس في حريصا (لبنان) سنة 1926 في 108ص كتاب كله منافع، ينفع الأديب في معاشرته للناس وينفع كل قارئ لإتقان عبارته الصحيحة السلسة المنسجمة وهو خليق بأن يقتنيه كل إنسان. 49. روزنامة سيدة التلة الكنائسية لسنة 1927 روزنامة أصدرها الاباتي افرام حنين الديراني المدير الحلبي اللبناني وهي جزيلة الفائدة لأن في ظهر كل ورقة من أيامها فائدة علمية أو دينية أو لغوية أو فنية أو صناعية.

باب التقريظ

باب التقريظ 47. المختارات العصرية جمع واختيار عبد الحميد حمدي، الجزء الأول طبع على نفقة محمود حلمي، في مطبعة الفرات سنة 1923 في 251ص بقطع 12 لانتقاء مقاطيع الشعر والنثر ذوق خاص لا يظهر حسنه في صاحبه إلاَّ عند جمعها. ولقد اظهر عبد الحميد حمدي من البراعة في هذا الصدد ما قرب كتابه إلى جميع طبقات القراء ولا سيما حبب مطالعته إلى أبناء العصر ممن يودون أن يقفوا على بنات أفكار الغربيين والشرقيين. وكنا نتمنى أن نرى هذه المجموعة خالية من غلط الطبع، إلاَّ إننا نرى - والأسف ملء قلوبنا - يتدفق في كل صفحة من صفحاتها فعسى أن تنتفي منها في طبعة ثانية. 50. الكرخ جريدة أدبية علمية تصدر في الأسبوع مرة موقتا، صاحب امتيازها ملا عبود الكرخي. مديرها المسؤول توفيق الفكيكي، اشتراكها 5 ربيات في العاصمة و7 في سائر أنحاء العراق، ويضاف إليها أجرة البريد في الخارج. الملا عبود الكرخي أمير شعراء العوام فكه خفيف الروح لا ينطق بشيء ولا ينظمه كلما إلاَّ تطرب له النفوس. صدرت الصحيفة الأولى في 6 رجب 1345 أو 10 كانون الثاني سنة 1927 فنتمنى لها النجاح والرواج.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - البلاط الجديد أصيب البلاط الملكي بعد هجوم مياه دجلة عليه بأضرار عديدة حتى أصبحت السكنى فيه خطرة. وقد قدمت رئاسة الوزارة لائحة إلى مجلس النواب تتضمن صرف مبالغ لتعمير مدرسة الصنائع وإصلاحها لتتخذ بلاطا في زمن قريب ريثما يبنى بلاط جديد جدير بصاحب الجلالة. أما المدرسة فتنقل إلى محل واسع في محلة السنك. 2 - أعمال شركة النفط التركية قررت هذه الشركة حفر عشر آبار مختلفة في المواطن الأتي ذكرها: بئران في الموطن المعروف باسم (الخشم الأحمر) وهو في شرقي نهر العظيم (لا الأدهم كما ينطق به بعضهم ويكتبه بهذه الصورة المنكرة) وبئر ثالثة في المحل المعروف باسم (الانجانة وهو في شمالي الخشم الأحمر في جبل حمرين. وبئر رابعة في (بالخانة - في شمال شرقي محطة سلمان بك بين كفري وطوز خورماتي (في جبل حمرين) ومعنى بالخانة بالكردية محل العامل (من باله بالباء المثلثة التحتية أي عامل وخانه أي محل) وبئر خامسة في طاووق (تصحيف تركي لكلمة دقوقاء العربية) وبئر سادسة في وادي دقوقاء في محل اسمه خورمور - (في جوار كركوك) ومعناها بالكردية الوادي الذي لون أرضه أحمر مائل إلى السواد. وبئر سابعة في (طارجيل) في شرقي كركوك ومعنى طارجيل بالكردية الأرض المظلمة من طاري أي مظلم وجيل أي ارض. وبئر ثامنة في (حصار) شمالي كركوك. وحصار تعرف أيضا ببابا كركور ومعنى بابا الريح الدائم الهبوب وكركور حكاية الصوت الخارج من ذلك الموضع.

وبئر تاسعة في (خانوقة) في جنوبي الشرقاط. وبئر عاشرة في (القيارة) بقرب الموصل (والقيارة مكان يكثر فيه القير أو القار). وقد اتخذت الشركة المذكورة مركزا لها (قره تبة) ومهدت الطريق بين محطة قره تبة والخشم الأحمر. وفعلت مثل ذلك بين قره تبة والانجانة ومدت جسرا على نهر (نارين صو) فأصبحت تلك الطريق صالحة لسير السيارات عليها. وبنت عددا جما من الدور والأكواخ للموظفين والعملة في مركز قره تبة والخشم الأحمر والانجانة وبالخانة. وجمعوا في هذه المراكز آلات كثيرة وأدوات للسبر والحفر والنقب وهم يدأبون بجد ونشاط في جميع المواطن المذكورة. 3 - وفاة سليمان نظيف بك سليمان نظيف بك من مشاهير كتّاب الترك توفي من التهاب في رئته. وكان واليا على الموصل والبصرة وبغداد في زمن الحرب ومن احسن الأتراك أخلاقا وآدابا. 4 - انتشار الأمراض في عبادان رفع طبيب بلدية عبادان رفيعة إلى مديرية الصحيات في طهران وأشار فيها إلى انتشار البرداء بصورة هائلة في عبادان لما هناك من كثرة النفوس وضيق المكان وإهمال أمر النظافة ووجود المستنقعات. أما الحلاق (المرض الزهري أو الإفرنجي) فالمصابون به خمسة وثمانون من المائة لخلو وسائل مكافحته. 5 - سالار الدولة وسيمكو تؤكد صحف طهران أن الحكومة العراقية وافقت على تسليم سالار الدولة عم الشاه المخلوع وسيمكو الزعيم الكردي. 6 - تجوال ملكنا في أنحاء الفرات الأوسط سافر جلالة ملكنا المحبوب في 20 ك2 ليتجول في أنحاء الفرات الأوسط ومعه وزير الداخلية ومستشار وزارة الأشغال لتعهد شؤون الزراعة والري وعاد من جولته في 27 من الشهر المذكور.

7 - ثورة الغواصين في البحرين هجم الغواصون على أسواق المنامة (عاصمة البحرين) فنهبوا ما وصلت إليه أيديهم من البضائع والنقود؛ ثم فروا إلى السفن فركبوها ونزلوا في المحرف وهي بليدة يفصلها عن المنامة خليج تبلغ مسافته ثلاثة أرباع الساعة بالسفينة الشراعية فساروا توا إلى مخزن أحد اللأالين ونهبوا ما فيه من نقود وغيرها ومزقوا دفاتره وأوراقه ثم ادركهم الجند فشتت شملهم. وهذه الحادثة هي الأولى من نوعها في ديار العرب. ويقال إن سبب وقوعها يعود إلى النقص الذي طرا على إثمان اللآلئ في هذا العام. فحدا بأصحاب رؤوس الأموال من اللأالين إلى الامتناع عن قرض الغواصين على الموسم جريا على العادة المألوفة فأضطر الجوع هؤلاء إلى الثورة والجوع يكاد يكون كفرا على ما في الحديث. ويخشى الآن أن يسري هذا الروح إلى الديار العربية الغاصة بالغواصين كبلاد دبي، والشارقة (الشارجة)، وأبو ظبي في عمان، وقطر والقطيف ودارين وجبيل الكويت في ساحة خليج فارس. ويقدر ما يستخرج من الدر في بلاد السواحل العربية بأربعة ملايين ليرة إنكليزية في السنة وذلك على الطريقة القديمة البسيطة. 8 - وسام جليل لملكنا المحبوب أهدى صاحب الجلالة الملك جورج الخامس إلى صاحب الجلالة الملك فيصل الأول لقب (فارس الصليب العظيم الفخري من رتبة القديسين ميكائيل وجرجيس المتناهية في السمو) فنرفع تهانئنا الصميم الصادقة إلى عرش جلالة مليكنا المحبوب ونتمنى أن تكون مبادلة الصداقة والتكريم بين الحليفين اثبت ضمان لخير البلادين. 9 - قنصل ألماني في بغداد كانت لدولة ألمانية قنصل في بغداد بقي فيها إلى وقت خروج العثمانيين منها وفي أول كانون الثاني من هذه السنة 1927 قدم إلى الحاضرة القنصل ليتن مع قرينته، فنتمنى لهما طيب الإقامة وحسن الصلة بديارنا.

10. وزير الطيران الإنكليزي في حاضرتنا في 2 من ك2 استقبل في الهنيدي وزراء العراق وجماعات من الأعيان والنواب والموظفين ووفد من البلاط والمعتمد السامي وقائد القوات الجوية وبعض كبار الموظفين الملكيين والعسكريين البريطانيين وزير الطيران البريطاني الذي وصل إلى ميدان الطيران في الساعة الثالثة بعد الظهر فنزلت من الطيارة عقيلة هور ثم تلاها زوجها السر سمويل هور فرحب بهما الجميع. طال الطيران من الرطبة إلى الهنيدي سبعة أرباع الساعة في حين أن سائر الطيارات تقطع هذه المسافة مدة ثلاث ساعات. 11 - من محاسن المس بل أوصت المس (جرترود لثجان بل) بعشرة ألف ليرة إنكليزية لمدرسة إنكليزية تعلم الآثار العراقية. 12 - سد وخزان في الحبانية ادخل مبلغ عشرة لكوك ربية في ميزانية السنة الجديدة لفتح ترعة تصل الفرات بسد (أي بخزان) الحبانية وإصلاح هذا السد على وجه تخزن فيه المياه وقت الفيضان وتعود إلى الشط وقت الصيهود (أي نضوب الماء). 13 - معمل غزل في الكاظمية افتتح معمل غزل في الكاظمية في 9 ك2 في البستان الواقع في قرب جسر الاعظمية. والمعمل لفتاح باشا وقد شرف الحفلة جلالة مولانا الملك فيصل الأول والوزراء وكثير من الأعيان والنواب وأمراء الجيش. وكانت الحفلة بديعة في جنسها. 14 - التلفون في مدن العراق تبذل الحكومة جهدها لمد خطوط التلفون بين العاصمة وخانقين وكركوك بأسرع وقت ممكن. 15 - المتقن الطبي العراقي أنهى ديوان الهندسة رسم بناء المتقن الطبي العراقي ورفعه إلى المراجع ذوي الحل والعقد وسوف يشاد قريبا من المستشفى الملكي غير بعيد عن دجلة.

العدد 43

العدد 43 - بتاريخ: 01 - 03 - 1927 فلب أو فلبس العربي القيصر الروماني 1 - توطئة للعرب فضل عظيم في مختلف العلوم والفنون، والصنائع والآداب، ولهم رجال مشاهير، وشعراء خناذيذ، وملوك عباهلة، وقواد إجلاء، سواء كان ذلك قبل الإسلام أم بعده. على إن هناك رجالات كانوا قبل الدين الحنيف اشتهروا بفكرهم ودرايتهم ودربتهم وحنكتهم إلاَّ أن الناطقين بالضاد لم يذكروهم لأنهم لم يدونوا تواريخهم أو لعلهم دونوها ولم تصل إلينا: بيد إننا وقفنا عليها من معاصريهم الأجانب، إذ ذكروهم في مؤلفاتهم، ولا يسعنا إلاَّ نقلها عنهم وعن أسفارهم. ومن العرب الذين اشتهروا بسطوتهم وسلطتهم وشوكتهم فبلغوا أوج الحكم فلب العربي القيصر الروماني.

2 - اسمه ومعناه فلب وزان سجل (أي بكسر الفاء واللام وفي الآخر باء مثلثة مشددة) أو فلبس (بكسر الأول والثاني وتشديد الباء المثلثة المضمومة وفي الآخر سين مهملة) كلمة يونانية منحوتة من فيلس أي محب وهبس أي الخيل فيكون معناها محب الخيل وكان العرب يومئذ يسمون أولادهم بأسماء مقتبسة من لغات الناس الذين يعيشون بين ظهرانيهم. فالذين كانوا ينزلون في بلاد يونانية اللسان كانوا يسمون أولادهم بأسماء يونانية كفيلبس واسكندر والياس وجرجيس ومرقس ولوقا والذين كانوا في بلاد ارمية اللسان كانوا يسمون أبناءهم بأسماء ارمية مثل ابرهة (أي إبراهيم) وسهدون (أي الشهيد الصغير) وعبدون (أي العبد الصغير) وزيد (أي حار الطبع) وفي البلاد الفارسية كانت أسماء أنجالهم فارسية الوضع مثل قابوس (واصلها كاوس ومنه اسم ملك لهم قديم اسمه كيكاوس أي الملك الكيس أو المنتصر) ودختنوس (اسم امرأة ومعناه بنت المبارك أو الميمون) وبوران (اسم امرأة أي حسنة الذكرى) وأزد (وهي مقطوعة من ازدشير المصحفة عن اردشير أي الملك الأكبر) وبهنم أو بهنام (واصلها بهمن أي الطويل الباع) إلى غيرها. 3 - مولده ونسبه ونشوءه ولد مرقس يليوس فيلبس العربي، والانبراطور الروماني النصراني، في بصرى في بلاد أدوم (وكانت يومئذ من ديار جزيرة العرب) في نحو سنة 204م وكان والده رئيس قطاع طرق ولما كان على جانب عظيم من الذكاء وحسن الإدارة توصل بجده وسعيه إلى أن عين رئيس محكمة في عهد قيصر غرديانس الصبي ولما زحف إلى الفرس أثار الجند على مولاه غرديانس فقتلوه ونادى بنفسه قيصرا على الرومان ولبس الأرجوان في سنة 244م فعقد عرى الصلح مع الفرس، وترك لهم العراق. وذهب إلى رومة ليعترف به الرومان أنه قيصرهم. فحقق أمنيته وأقام حفلات جليلة، إشادة بذكرى السنة الألف من بناء رومة (سنة 247م). وفلب هو الذي أعاد بناء عمان في حوران وأقام لها ذلك الذكر الحسن.

4 - الأحداث في عهده وأعماله حاول برابرة الطونة وداقية واشكوزية الخروج على الرومان فسل عليهم فلب عضبا مهندا واراهم من الاعذبة ضروبا وألوانا فكبح جماحهم وردهم على أعقابهم. وكذلك أذاق العلقم الغوطيين والقزوينيين وغيرهم من العلوج العوج (سنة 245م) وبقي يصارعهم ويقارعهم في وقعات شديدة عديدة، فقلم أظفارهم وأعاد إليهم فكرتهم بعد سكرتهم، وليس في إمكاننا أن نأتي على ذكرها في هذه اللمعة الوجيزة. وما مضت أيام إلاَّ تفجرت عيون فتن أخرى في طول البلاد وعرضها، إذ قام العربي الروماني التبعة يوتبيانس ولبس الأرجوان (أي نادى بنفسه قيصرا) في سورية. وجر معه قسما من الشرق، ثم نهضت جنود مسية وأعلنت لها قيصرا مارينس فأرسل عليه فلب دقيوس وهذا أيضا صرح به جنده أنه قيصر لهم، ثم احتدمت النار بين القيصرين الجديدين ليغلب أحدهما الآخر ويكون هو القيصر الأعظم فيتخذ لنفسه الأرجوان وإذا بوطنينا فلب ذهب ليقارعهما ويوردهما حياض الموت لكن غدر به جنده في فيرونة واغتالوه. وفي مطاوي ملكه خالف بعض أصول الدين الذي ينتمي إليه وهو النصرانية فشرط عليه بابيلاس أسقف إنطاكية شروطا فأتمها أحسن إتمام وطأطأ رأسه للسلطة العليا. 5 - ولي عهده لما نودي بفلب انبراطورا أو قيصرا على الرومان شرك معه على العرش ابنه مرقس يوليوس فيلبس المولود سنة 247م وهذا الملك قتل أيضا في سنة 249م في فتنة فيرونة. أو - على ما يراه بعضهم - خنقه في رومة البريطوريون عند بلوغ نعي والده. 6 - النتيجة إذا هذب ابن يعرب بلغ درجة لا يصل إليها انبغ أبناء الغرب. ومثال (فلب العربي) قيصر الرومان انصع برهان على ما نقول، فليجر على محاسن أعماله أبناء عصرنا هذا.

كتاب وفيات الأعيان

كتاب وفيات الأعيان حضرة الأستاذ الفاضل الأب انستاس ماري الكرملي المحترم: أرجوكم نشر هذه الأسطر على صفحات مجلتكم الزاهرة أن رأيتم لذلك مناسبة وعلمتم أن فيه خدمة للأدب العربي ولكم الفضل سيدي: بينا كنت أطالع في تاريخ وفيات الأعيان للقاضي شمس الدين ابن خلكان لاستخراج فهرس لما فيه من الشعر الرائق خدمة لذلك المصنف الجليل إذ عثرت على بضع غلطات ظننتها لأول وهلة أنها سهو مطبعي في النسخة التي تحت يدي وهي المطبوعة في مطبعة بولاق مصر سنة 1275هـ التي وقف على تصحيح الجزء الأول منها خلا نحو ست ملازم (ناظر دار الطباعة المصرية رب الفصاحة والبلاغة والألمعية حضرة علي أفندي جودة وأما الجزء الثاني فكان تصحيحه بمعرفة الفاضل نصر الهوريني) كما ذكر في آخر الكتاب. فراجعت الجزء الأول المطبوع في باريس سنة 1838م والنسخة المطبوعة في المطبعة الميمنية في مصر سنة 1310هـ والنسخة المطبوعة في بولاق مصر سنة 1299هـ ونسخة أخرى قسم الكتاب طابعة إلى ثلاث مجلدات ولم اقف على اسم المطبعة لفقدان آخر ورقة منه فكانت الأغلاط في جميع النسخ كما هي في نسختي فأحببت بيان ذلك خدمة لذلك التاريخ الجليل. الأولى في ترجمة أبي الحسن السري بن أحمد بن السري الكندي الرفاء الموصلي الشاعر المشهور. قال وله أيضا: وفتية زهر الآداب بينهم ... أبهى وانضر من زهر الرياحين راحوا إلى الراح مشى الراح وانصرفوا ... والراح يمشي بهم مشي البراذين وقد علقت في الذهن هذه الأبيات كما يأتي: وفتية زهر الآداب بينهم ... أبهى وانضر من زهر الرياحين مشوا إلى الراح مشي الرخ وانصرفوا ... والراح تمشي بهم مشي الفرازين

وفيه تشبيه بديع في حركات الرخ والفرزان في رقعة الشطرنج لأن الرخ لا يتحرك إلاَّ معتدلا فلا يميل يمنة ولا يسرة بل هو أن تقدم تقدم معتدلا وأن تيامن أو تياسر أو تقهقر لا يمشي إلاَّ معتدلا وأما الفيل فلا يمشي في كل حركاته إلاَّ منحرفا من زاوية إلى زاوية فهو يقطع من ركن إلى ركن. وأما الفرزان فهو يمشي مشيتي الرخ والفيل فتارة معتدلا وأخرى منحرفا وهو الطف تشبيه لمشي السكران؛ فكأنه يقول إنهم راحوا بعقولهم يمشون مشي الرخ: وبعد شربهم الراح عادوا والراح تمشي بهم (لأنهم بلا شعور) مشي الفرازين. الثانية في ترجمة أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله بن طاهر بن الحسين قال: وكان عبيد الله قد مرض فعاده الوزير فلما انصرف عنه كتب إليه (ما أعرف أحدا جزى العلة خيرا غيري، فإني جزيتها الخير وشكرت نعمتها علي إذ كانت إلى رؤيتك مؤدية فأنا كالأعرابي الذي جزى يوم البين خيرا فقال: جزى الله يوم البين خيرا فأنه ... أرانا على علاته أم ثابت أرانا ربيبات الحجال ولم نكن ... نراهن إلاَّ بانبعاث البواعث وقد كتب مصحح طبعة بولاق الأولى والطبعة ذات المجلدات الثلاثة ما عبارته (قوله البواعث فيه مع ثابت في البيت قبله من عيوب القافية الإجازة) وكتب مصحح طبعة بولاق الثانية ما عبارته (قوله البواعث فيه مع ثابت في البيت قبله من عيوب القافية الأكفاء) والحل لا أرى معنى للبواعث وليس في الشعر نفسه من عيب في قافيته إنما جرى قلم الناسخ الأول بتحريف طفيف فتبع بعضهم بعضا والأصل الصحيح فيما أراه (في انبعاث البواعث) جمع باغتة ولا يمكن أن تخرج العربية سافرة إلاَّ في أمر جلل يقع بغتة. الثالثة في ترجمة أبي الحسن علي بن العباس بن جريج المعروف بابن الرومي قال: وكان سبب موته رحمه الله تعالى أن الوزير أبا الحسين القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب وزير الإمام المعتضد كان يخاف من هجوه وفلتات لسانه بالفحش فدس عليه ابن فراش فأطعمه خشكانجة مسمومة وهو في مجلسه فلما

أكلها أحس بالسم فقام فقال له الوزير إلى أين تذهب فقال إلى الموضع الذي بعثتني إليه فقال له سلم لي على والدي فقال له ما طريقي على النار وخرج من مجلسه واتى منزله وأقام أياما ومات وكان الطبيب يتردد إليه ويعالجه بالأدوية النافعة للسم فزعم أنه غلط في بعض العقاقير وقال إبراهيم بن محمد ابن عرفة الازدي المعروف بنفطويه رأيت ابن الرومي يجود بنفسه فقلت له ما حالك فأنشد: غلط الطبيب عليَّ غلطة مورد ... عجزت موارده عن الإصدار والناس يلحون الطبيب وإنما ... غلط الطبيب إصابة المقدر والذي علق في الذهن أن الشطر الأخير هو: غلط الطبيب إصابة الأقدار فالإصابة للقدر لا للمقدر إذ لا معنى لذلك وأن تمحل له بعضهم أن مراده المقدار الوارد بمعنى القدر كما يذكره اللغويون فإني أرى أن الأقدار أوقع للقافية ولا أظن ذلك إلاَّ من سهو الناسخ الأول. الرابعة في ترجمة أبي خالد يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة قال: وقد ذكره الحافظ المعروف بابن عساكر في تاريخ دمشق فقال بعد ذكر أحواله وولاياته أن يزيد بن حاتم قال لجلسائه انسقوا لي ثلاثة أبيات فقال صفوان بن هفوان من بني الحرث بن الخزرج أفيك؟ فقال فيمن شئتم؛ فكأنها كانت في فمه. فقال: لم ادر ما الجود إلاَّ ما سمعت به ... حتى لقيت يزيدا عصمة الناس لقيت أجود من يمشي على قدم ... مفضلا برداء الجود والباس لو نيل بالمجد جود كنت صاحبه ... وكنت أولى به قال صفوان ثم كففت فقال أتمم فقلت من آل عباس. وقلت لا يصلح، فقال لا يسمعن هذا منك أحد. والذي أراه إن الشاعر قد قال (لو نيل بالجود مجد) فحرفه النساخ لأنه إنما وصفه بالجود الذي كان لا يعرف منه إلاَّ ما سمع به حتى رأى جود يزيد عصمة

الناس، فلا معنى لقوله لو نيل بالمجد جودا، وخاصة لأن بني العباس كانوا الملوك فلهم طريف المجد، ولم يشتهر عنهم الجود ولذا قال: لو نيل المجد بالجود لكنت بجودك أولى بالمجد من بني العباس. الخامسة في ترجمة أبي المكشوح يزيد بن سلمة بن سمرة المعروف بابن الطثرية روى له أبياتا يقول في آخرها: وكنت كذي داء تبغى لدائه ... طبيبا فلما لم يجده تطيبا وهنا قوله تطيبا ظاهر فيه السهو وهو تطببا ببائين موحدتين وفي جميع النسخ ما خلا طبعة بولاق الأخيرة وطبعة باريس التي لم اقف على المجلد الثاني منها (تطيبا) وهو تحريف بين. السادسة في ترجمة أبي يعقوب يوسف بن عمر بن محمد الثقفي قال: وقال المدائني أيضا كان على شرطة يوسف بن عمر بن العباس بن سعيد المزي وكان كاتبه فخدم سليمان بن ذكران وزياد بن عبد الرحمن مولى ثقيف وعلى حرسه وحجابته جندب وفيه يقول الشاعر: أتانا أمير شديد النكال ... لحاجبه حاجب حاجب والذي أراه أنه أراد وصفه بأنه لا يمكن الوصول إليه لكثرة الحجاب وأنه لعظمته ونكاله جعل حاجبه له حاجبا فلا يمكن الوصول إليه أيضا فقال: أتانا أمير شديد النكال ... لحاجب حاجبه حاجب فلا يمكن الدخول على حاجب حاجبه إلاَّ باستئذان الحاجب واسترضائه حتى يدخل عليه ثم يتلطف به حتى يدخل على حاجبه ثم كذلك حتى يمكنه الوصول إلى حضرته وقد تكلف أحد الأدباء تأويلا للبيت فقال إنما أراد الشاعر بقوله (لحاجبه حاجب حاجب) أن الحاجب كان مقطب الحاجبين بحيث لا يستطيع المستأذن أن يخاطبه فكأن الحاجبين المقطبين حاجب آخر. هذا ما عن لي ذكره وفوق كل ذي علم عليم، ولا يخلو الإنسان من سهو إذ العصمة لله وحده. عبد اللطيف ثنيان

صفحة من تاريخ البصرة والمنتفق

صفحة من تاريخ البصرة والمنتفق من رحلة للمستر توماس هوويل البريطاني خلال سنة 1787 - 1788م للتاريخ نفع لا يجهله الكثيرون ولذة لمن لهم ميل إلى الوقوف على أخبار من سلف. وأهم غايات التاريخ الانتفاع من التجارب التي سجلتها الأيام المطوية على صحائفها الخالدة. ويقضي الواجب علة المؤرخ أن ينتقي صدق الروايات مما دونه كتبة الوقائع مميزا منها الغيث من السمين. ولا مشاحة في أن هؤلاء المدونين يختلفون في أذواقهم ومشاربهم وآرائهم فمنهم من يسيطر على قلمه فيملي عليه ما تهواه نفسه غير مكترث للحق ومنهم من يكتب ما يوحيه إليه ضميره وهو على غير هدى ومنهم من لا يسطر شيئا إلاَّ قد تروى مليا في الأمر وتبصر فيه وسبر غوره فيتوخى الواقع غير هياب ولا وجل. إن مصادر تاريخ العراق للقرن الثامن عشر قليلة فرأيت أن أضيف إليها تعريب صفحة جاءت تنبئنا عن حالة البصرة في إحدى سني الربع الأخير من ذلك القرن الغابر حينما استولى عليها ثويني العبد الله المعروف ب (أبي قريحة) (بالتصغير والتأنيث) تاركا للمؤرخ المنصف أن يتحرى اصدق المآخذ مؤيدا رأي هذا ومزيفا فكر ذاك وهو ما يطلبه التاريخ الحق. وقبل أن أقدم على التعريب لا بد لي من إبداء كلمات وجيزة للتعريف بزعيم المنتفق الشيخ ثويني العبد الله المحمد المانع. ومحمد هذا هو أبو سعدون الذي تعرف به اليوم الحمولة السعدونية الشهيرة التي كان آباؤها يسمون ب (آل شبيب) قبل عصر

سعدون ونبوغه. وما شبيب إلاَّ أحد الجدود الاعلين ذوي الشرف الباذخ والسؤدد العزيز. فثويني إذن هو من آل شبيب وهو ابن أخي سعدون. وقد ابتدأت زعامته للمرة الأولى سنة 1193هـ (1779م) على اثر قتل الخزاعل (خزاعة) ثامر ابن عمه سعدون وليست تسمية آل شبيب بغريبة عنا بل هي معروفة في عهدنا هذا أيضاً وهي تطلق على أقرباء آل سعدون الذين يمتون إليهم بشبيب. وبعد هذا التمهيد أعود إلى صاحب الرحلة وهو من موظفي شركة الهند الشرقية وكان في البصرة في شباط سنة 1788م (1203هـ) أي بعد الواقعة ببضعة أشهر فقط. وقد قال ما تعريبه: (لم تبق تجارة البصرة زاهية كما كانت عليه قبلا لكنها لا تزال المخزن التجاري الأهم في هذه الأصقاع فيثري التاجر فيها وأما حاكمها فهو تركي وسكانها عرب وقد توطنتها أسر تركية وأرمنية. (وكان الشيخ ثويني - الشيخ العربي القدير - قد استولى على هذه الحاضرة في سنة 1787م (1202هـ) بتدابيره الصائبة ففاجأ حاميتها واحتل المدينة بدون مقاومة. والأمر الذي يجب توجيه النظر إليه إنه لم يصب إذ ذاك أحد من سكانها بإهانة ولم يتجاوز أحد على مال لأحدهم. ولم يطلب الشيخ من سكانها غرامة حربية. وبعد إن استولت جيوش الشيخ بنصف ساعة عادت شؤون الناس تجري بانتظام لا يشوبه ما يخل به فكأنه لم يقع هناك حادث يفوق العادة.

(إن الشعوب الممعنة في المدينة والعلم لتغبط هذه الحالة الداعية إلى الشرف وهي ترينا أنه مع ما عليه الأعراب من ميلهم إلى السلب والنهب فإن لهم أنظمة ودساتير تبعث بهم إلى حب السلام رائدها الطاعة القصوى لرئيسهم وهو روح النظام العسكري. (أما الشيخ فهو كهل شجاع باسل ذو إقدام على العمل قل من يفوقه وهو عزيز لدى وطنييه لحسن تبصره في الأمور وتوقد ذهنه وجنوحه إلى جانب الحق ولاعتداله الذي يتمشى عليه في شؤون إمارته ولقد جعلته هذه الصفات محترما عند الناس كافة. (دام حكم الشيخ في البصرة ثلاثة أشهر ثم علم أن باشا بغداد - وهو متبوع الشيخ في تأدية الضريبة - كان قد قدم لمحاربته بجيش قوامه ستة آلاف جندي فجمع الشيخ قواه واتجه بها إلى شواطئ الفرات ليقابل عدوه فالتقى الجيشان هناك على بعد من البصرة واشتبك القتال واستمر بين الفريقين ولم تنجل النتيجة الحاسمة بادئ بدء بل باتت أخيرا بجانب الأتراك وانفل العرب ففر الشيخ البائس يتبعه بعض ذويه وقد نجوا من ملحمة النهار. ثم خطب الشيخ ود الباشا مستميلا إياه وطلب إليه المعذرة عما صدر منه ولكن الباشا رفض طلبه وأقام مقامه (شيخا) غيره (أجل. أزال حكم ثويني من البصرة ولكنه بقي يرأس عشيرة كبيرة تبذل نفسها لخدمته خدمة نصوحا لحبها إياه وشغفها به ولا يبعد أن يصبح عدو الباشا الأزرق إن لم يعده الباشا إلى منصبه) أهـ مر الرحالة بالعراق قافلا من الهند ووجهته لندن فوصل إليها وألقى عصا الترحال فيها ثم نشر رحلته وفي مطاويها كلمته الأخيرة عن الشيخ ثويني ثم جاءت الوقائع مصداقا لما أرتاه إذ اضطر والي بغداد سليمان باشا وهو في أحرج المواقف إلى إعادة الشيخ ثويني إلى منصبه للمرة الثالثة ليستعين به على محاربة الوهابي فتربع الشيخ على مسند الحكم ورحل إلى أنحاء نجد للإيقاع بالعدو لكن عبدا اسمه طعيس

معرفة يوم الشهر القمري من يوم الشهر الشمسي

(بالتصغير)، وهو من عبيد جبور بني خالد، اغتاله هناك في موضع اسمه الشباك (وهو ماء في ديرة بني خالد) في اليوم الرابع من المحرم سنة 1212هـ (1797 م) وقتل القاتل في ساعته وهو ينتمي إلى الوهابيين. وقد جرت قضيته مذ ذاك مثالا يضرب به عند المنتفق فيقولون: (باع بيعة طعيس) يريدون بها أنه صمم على الأمر ولا يرجع عنه ولو يعقبه الموت الزؤام. ويقال إن قبر ثويني معروف في تلك الأنحاء. وهنا اختتم حاشيتي التي جاءت كذيل لما أردت تعريبه من ذكر عهد تباعد وبقي تاريخه في تضاعيف الكتب والأسفار. يعقوب نعوم سركيس معرفة يوم الشهر القمري من يوم الشهر الشمسي إذا أردت أن تعرف يوم الشهر القمري الذي أنت فيه من يوم الشهر الشمسي الذي أنت فيه، احسب عدد الشهور منذ آذار إلى الشهر الشمسي الذي أنت فيه ثم زد على ذلك عدد أيام الشهر الشمسي الذي أنت فيه، واطرح من هذا المجموع 14 يخرج عندك يوم القمر في الشهر الشمسي الذي أنت فيه على ما يذهب إليه الفلكيون وإلاَّ اطرح 16 يكن عندك اليوم القمري على ما يرى هلاله رؤية العين. مثال ذلك تريد أن تعرف يوم الشهر القمري وأنت في 17 كانون الأول فعدد الأشهر من آذار إلى كانون الأول هو 10 تضيف إليه 17 وهو اليوم الذي أنت فيه من كانون الأول فيكون المجموع 27 ثم اطرح من هذا الرقم 14 فيخرج 13 وهو يوم الشهر القمري عند الفلكيين وإلاَّ فأطرح 16 فيخرج 11 وهو يوم الشهر بالنظر إلى أول يوم من رؤية هلاله.

نموذج آخر من تراجم الشعراء

نموذج آخر من تراجم الشعراء الشيخ حسين العشاري نسبه ونسبته هو نجم الدين الشيخ حسين بن الشيخ علي بن الشيخ حسن بن محمد بن فارس العشاري البغدادي، الفقيه الأصولي. الكاتب الشاعر الأديب المتفنن. ولد ببغداد سنة 1150هـ 1737م وأصله من بلدة قائمة على نهر الخابور الذي ينصب إلى الفرات تسمى (العشارة) (بضم الأول) لسكنى العشاريين الذين منهم المترجم فيها. ولعل العشاريين هؤلاء منسوبون إلى أبي طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي (بضم ففتح) المعروف بابن العشاري من أهل بغداد. قال السمعاني في كتاب الأنساب؛ وهذا لقب جده لأنه كان طويلا فقيل له العشاري لذلك. والحربي بضم الحاء وفتح الراء نسبة إلى حرب. قال ابن حبيب (كل حرب ساكن الراء إلاَّ الذي في ملحج فأنه حرب بن مطية بن سهل بن حكيم بن سعد العشيرة بن مالك بن ادد. وفي قضاعة حرب بن قاسط بن بهر. أهـ) وعلى كل فهو أما قضاعي وأما مذحجي. وله من قصيدة يذكر العشارة ويمتدح الشيخ أبا طالب والشيخ عثمان العشاريين: سقى الله تلك الدار هامية القطر ... مدى الدهر ما ناح المطوق والقمري وعم ديارا قد عفا الآن رسمها ... على إنها في الناس طيبة الذكر وأحيا به روض (العشارة) كلما ... تحدر دمع من جفون على صدر وروح أقواما هناك قبابهم ... لقد ضربت حقا على المجد والفخر حموا بشفار البيض والسمر حوزة ... بمثلهم تسمو على البيض والسمر غيوث إذا أعطوا ليوث إذا سطوا ... بحار أياديهم تفوق على البحر من النفر السامين في آل حمير ... يخوضون نار الحرب بالضمر الشقر فروع تيقنها بأن أصولها ... من الباسقات الطلع والسيادة الغر

فمنهم إمام الفضل والعلم والتقى ... أبو طالب الحربي ذو المد والجزر ومولى الورى عثمان ذو النور والهدى ... وسلطان أهل الكشف في ذلك العصر مبتدأ حياته وخبرها أخذ العشاري العلم والأدب ببغداد عن السيد صبغة الله الحيدري والشيخ عبد الله السويدي وابنه الشيخ عبد الرحمن. وتفقه بمذهب الشافعي. واولع بالنحو واللغة والشعر ونسخ بخطه الجميل شيئا لا يحصى من دواوين الشعر العربي الفحل وكتب الفقه. وقد تملكت في شعبان سنة 1342هـ 1923م مجموعة لطيفة بقلمه تشتمل على ثلاثة دواوين: ديوان حسان بن ثابت من كتاب محمد ابن حبيب مما قرئ على أبي علي الصفار فرغ منه في شوال سنة 1274هـ وعليه تعليقات له. وديوان الأمير جمال الدين أبي منصور علي بن عبد الله بن المقرب فرغ منه في العشر الثالث من صفر سنة 1175هـ. وسقط الزند لأبي العلاء المعري وفرغ منه سلخ ربيع الأول سنة 1075هـ. ورأيت في الخزانة النعمانية في مدرسة مرجان كتبا عدة بقلمه منها تحفة ابن حجر بجلد ضخم دقيق الحروف جليها يكاد يكون معجزا بحسن خطه وصحته وهو هدية الوزير داود باشا إلى الإمام السيد محمود الالوسي سبط المترجم. ورأيت أيضا الدر المختار ولكنه دون التحفة. ويظهر إنه كان يستدر بقلمه شطر رزقه كما هي حال اغلب أهل العلم في العصر الخالي وقد وردت في ديوانه (ص203) أرجوزة (أرسل بها إلى سليمان بك الشاوي وقد أشار عليه بنسخ شرح المواقف وذهب إلى الحج) تؤيد ذلك. وفي الجملة إنه اشتغل اشتغال جد وإتقان وإخلاص واستفاد من نسخ الكتب المختلفة الفنون علما جما وأدبا غزيرا حتى صار من أعيان الفقهاء ونوابغ الأدباء، فراسله أهل الفضل وشهدوا له بعلو المكانة ونباهة الشأن وقد قال المرادي في سلك الدرر بحقه (هو الشيخ الإمام العالم الأديب الأريب الفطن النظام صاحب الكمالات الشائعة والنوادر الذائعة. . . له تضلع كلي في (كذا) سائر العلوم معقولها ومنقولها. . . كان مشهورا بحسن الإملاء والإنشاء والنظم البليغ). وقال شيخنا في المسك الاذفر (كان من اعلم أهل عصره في مصره بفقه الشافعية وكان يسمى الشافعي الصغير).

وقد كان من المقربين المحبوبين عند الوزير سليمان باشا الكبير وولاه سنة 1194هـ (1780م) تدريس البصرة ولكنه لم تطل مدته فيها فتوفي رحمه الله ولم يعين أحد زمان وفاته. آثاره له تآليف وقفت على بعضها في الخزانة النعمانية. فمنها حاشيته على شرح الحضرمية بقلمه، وكتاب الأوراد، ورسالة في مباحث الإمامة. وتعليقات على جمع الجوامع للمحلي، وتعليقات على كثير من كتب النحو، وديوان في أغراض متنوعة قد مج بعضها ذوقي وأنكرت عليه إغراقه وغلوه في مدح الصحابة وآل البيت الذي تجاوز به حدود العقل والشرع ونسي ما يلزمه به الدين الإسلامي من التوحيد الخالص، ونحن إذا عذرنا كثيرا من الشعراء الذين وصفهم الله بقوله: (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم ترَّ أنهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون) فلا يسوغ لنا أن نعذر شاعرنا الفقيه الذي كان عليه أن يكون أولى الناس دخولا فيمن استثناهم الله بعد ذلك بقوله: (إلاَّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات) الآية. وفي الديوان غث وسمين، ورخيص وثمين، وقد اقر بذلك صاحبه فقال (إن مراتب أشعاره بحسب مراتب شاعره وترقيه أولا فأولا فما كان منه ضعيف الحركات قليل الثبات فهو مما نظمته أول الحالات وما كان متوسطا في المقال فقد نسجته في أوسط الأحوال وما بلغ من الحسن الغاية فهو من مرتبة النهاية) ونسخته في (النعمانية) بقلم شيخنا السيد علي علاء الدين الالوسي مما وجده بخط ناظمه وبلغني أن منه نسختين عند بعض أهل العلم وفيهما قصائد لا توجد في الأولى، وقد آن أن نسمعك شيئا من شعره ونثره. شعره قال من قصيدة في شيخه الحيدري - وقد رأيتها في ديوان الازري المطبوع في الهند منسوبة إليه خطأ وناشره ينحله أبياتا أخرى أيضا وليست له: العلم جسم أنت عنصر مجده ... والفضل سيف أنت جوهر حده لم تعرف العلياء كيف تهزه ... حتى كتبت علاك في افرنده نظر الزمان إليك نظرة شيق ... وسعى إليك بشكره وبحمده

فغدوت رونق حسنه وجماله ... وحياة هيكله وحمرة خده فكأنما الفضلاء من أبنائه ... ورد وأنت عصارة من ورده إلى أن يقول: من كان مفتخرا بنسبة حمير ... ففخاره بالمصطفى وبمجده تلك المفاخر لا مفاخر تبع ... هيهات من قاس الشريف بعبده وقال يصف الربيع بالمدائن: قف بالمنازل يمناها ويسراها ... وسرح الطرف أدناها وأقصاها منازل نزلت غر السحاب بها ... ووابل الغيث وافاها فأحياها وقد كساها الحيا من نسجه حللا ... والورد بالحسن وشاها وحلاها تنوع الحسن في أرجائها فلذا ... قلوبنا وقلوب الناس تهواها لم اترك الدار لولا حب ساكنها ... ولم أفارق حبيب القلب لولاها فانظر لقيصومها قد مد ساعده ... وآنسها ماد حتى طاب رياها والرند يعبق في الأقطار حين رنت ... كتائب الشيح فاستغنى برؤياها والنرجس الغض يرنو نحو نرجسها ... شزر فيضرب أولاها بأخراها والأرض تهتز من حيش الربيع فلا ... تعجب فربك بعد الموت أحياها ونهر دجلة يجري في مجرته ... شعاره كان بسم الله مجراها والجو يضحك إعجابا بقدرة من ... بناصع الحسن انشاها وسواها وله: أرى الآمال قد تتجت وطابت ... نتائجها وآمالي عقيمه أرتبها باقيسة صحاح ... فتصبح وهي اقيسة سقيمه وله في وصف الربيع من قصيدة في المدح: نزل الربيع فمرحبا بغصونه ... وبعطر نرجسه وغض جفونه وبورده الزاهي على أغصانه ... وبنوره الفتان في تلوينه وبروضه الغض الأنيق ومائه ال ... عذب الرحيق وجريه وسكونه وبجيشه المهتز أن سرت الصبا ... وبلطفه المخبوء في مكنونه

فصل إذا صدحت بلابل روضه ... غمز الحمام بلحظه وعيونه وإذا به القمري صاح مغردا ... فضح اليراع بصوته ورنينه وإذا تمايلت الغصون بدلها ... مال الكئيب بحزنه وشجونه نشرت نوافجه وفاح عبيره ... وشجا القلوب بطيره وحنينه وتكللت أوراده وتضلعت ... وراده من مائه وعيونه وترنحت قضبانه وتلفتت ... غزلانه في غثه وسمينه جاء الربيع وجاءنا في فصله ... عيد رأينا السعد في مضمونه جاء (لأسعد) بالهنا وكلاهما ... لم يأتيا إلاَّ للشم يمينه وقال في سليمان بك الشاوي وأخيه سلطان بك وقد خرجا يصطادان: هي ظبية في صورة الإنسان ... فاسأل يجبك الجيد والعينان نزلت على سقط العذيب فراعها ... صوت اليراع ونغمة العيدان واستنشقت ريح البشام وشاقها ... شيح الربا ونوافج الكثبان فتلفتت كالظبي فارق ألفه ... ورنت كما هي عادة الغزلان وتذكرت عيشا لها في جيرة ... ضربت قبابهم بذات ألبان شوس إذا اشتد اللقاء فضياغم ... يجرون جري السيل في الميدان نزلوا بقارعة الطريق وشيدوا ... تلك الجفان الغر للضيفان قوم يمانيون إلاَّ انهم ... قد صاهروا الأشراف من عدنان من فتية شكت رؤوس رماحهم ... تيجان كسرى صاحب الإيوان وبمهجتي أخوين من ساداتهم ... عزما على البيداء يصطحبان أسدان قد ولعا بصيد فريسة ... وتعودا لتطاعن الفرسان في مهمه حسد السماء محله ... إذ في ذراه اشرق القمران والبر يضحك إذ جرى في عرضه ... بحران بالياقوت والمرجان بحر سليمان الإمام محله ... وقرينه السلطان بحر ثان غصنان قد سقيا بماء واحد ... فتشابها وتشاكل الغصنان من دوحة عربية يمنية ... والفرع منها باسق الأغصان كل إذا أبصرته شبهته ... بأخيه والشيئان يشتبهان

إن رمت إدراك النوال أخا الهدى ... فانزل على سلمان أو سلطان فردا ولا تجمع (هديت) فأنني ... أخشى عليك أذن من الطوفان هب أنت تحسن عوم بحر واحد ... أتعوم والبحران يلتقيان؟ ويشيم طرفك ضوء بدر واحد ... أيشيم والبدران مجتمعان؟ وتطيق حمل أبي قبيس وحده ... أيطاق مضموما إلى ثهلان؟ ما أنت مثلي إذ لقيتهما فلي ... صبر الكرام ونجدة الفتيان يا باذلي بدر النقود وحاملي ... عبء الوفود بسائر الأزمان (لله دركما ودر أبيكما) ... مغني العفاة ومشبع الجوعان فخذا بحق أبيكما من مدحتي ... نظما كنظم قلائد العقيان طوقت جيدكما به لا زينة ... بكما فيبلغ غاية الإحسان غض جرى في طبعه لما بدا ... ماء الصبا وطراوة الشبان ما شأنه لكن الحضارة إذ أتى ... من شاعر يعزى إلى قحطان من معشر نزلوا (العشارة) برهة ... والآن قد نزلوا على بغدان ما شأنهم ضد الغنا بل زانهم ... درس العلوم ونغمة القرآن وكفى بنسبته لعالي مجدكم ... شرفا على الأمثال والأقران يدعى (الحسين) وأنه بمديحكم ... يدعى بنابغة الورى حسان وله من قصيدة: خل الجفون تسيل سيل الوادي ... فلقد أحست بالنوى يا حاد وقف الرواحل ساعة فلعلما ... اشفي بتربتها غليل فؤادي واحبس هوادجها علي فأن في ... تلك المرابع منيتي ومرادي ساروا إلى دار البلى وبقيت في ... قفص الهوان وقسوة الصياد ما ضرهم لو قدموني دونهم ... فرطا فألقاهم على ميعاد حملوا بأعناق الرجال وخيموا ... بعد الديار بجانبي بغداد نزلوا بأفنية البيوت وليتهم ... نزلوا بضيق نواظري وسوادي محمد بهجة الأثري

الطربال ومعانيه وأصله

الطربال ومعانيه وأصله من الألفاظ التي يلتذ الباحث بالوقوف على أسرارها؛ الطربال. أما وجه اهتدائي إلى معناها فقد كان على الصورة الآتية: كنت ابحث عن النصوص الفارسية والعربية التي تتكلم عن (جورارد شيرخرة) التي تعرف اليوم بفيروزاباد. وهذه النصوص تذكر الطربال فقد قال الطبري والاصطخري ومن نقل عنهما أن في وسط اردشيرخرة بناء مثل الدكة تسميه العرب (الطربال) وتسميه الفرس بإيوان وكياخرة وهو من بناء اردشير وكان عاليا جدا بحيث يشرف الإنسان منه على المدينة جميعها ورساتيقها وبني في أعلاه بيت نار، واستنبط بحذائه في جبل، ماء حتى اصعد به إلى رأس الطربال وأما الآن فقد خرب واستعمل الناس أكثره. . . أهـ المقصود من إيراده. فمن أين هذه اللفظة وما معناها؟ وأول كل شيء حققت أن اغلب شروح لغويي العرب ترجع إلى مصدرين وقد ذكرها ياقوت نقلا عن ابن دريد وابن شميل، وقد ذكر ابن الأثير حديثا يعود معظم معناه إلى أنه الحد الذي ينتهي فيه الميدان. ودونك هذا الحديث: (إذا مر أحدكم بطربال مائل فليسرع المشي) نعم إن ابن الأثير قال: هو البناء المرتفع كالصومعة، والمنظرة من مناظر العجم. وقيل هو علم يبنى فوق الجبل أو قطعة من جبل، لكن ابن المكرم قال في لسانه نقلا عن ابن شميل: هو بناء يبنى علما للخيل يستبق إليه، ومنه ما هو مثل المنارة. وبالمنجشانية واحد منها بموضع قريب من البصرة. قال دكين: حتى إذا كن دوين الطربال ... رجعن منه بصهيل صلصال مطهر الصورة مثل التمثال أهـ فواضح هنا إن الطربال هو العلم الذي يبني حدا في الميدان. وهو بهذا المعنى معرب في صيغته المجموعة أي طرابيل. وهو من اللاتينية قلبت فيه الميم باء والنون لاما كما يقع لهم كثيرا فقالوا الطرابيل وتوهموا له مفردا

الدكتور ارنست هرتسفلد

هو الطربال لأن فعاليل جمع لفعلال أو فعلول أو فعليل. وإن لم تكن هذه الكلمة اللاتينية عينها. فالكلمة المعربة عنها العربية هي كلمة يونانية منزوعة عن اللاتينية المذكورة. أما الطربال الذي بمعنى بناء مثل الدكة له أربعة أبواب على حد ما ترى آثاره في فيروزاباد فهو معرب من اليونانية ومعناه (ذو الأربعة الأبواب) (بتقدير كلمة بناء) فإنه قالوا فيه (طرابيل) وجروا على استخراج المفرد منه على حد ما فعلوه في ألفاظ كثيرة على ما تقدمت الإشارة إليه قبيل هذا. الدكتور ارنست هرتسفلد (لغة العرب) نشكر الدكتور الأستاذ على طرفته هذه. ومن غريب الأمر إننا وقعنا على مثل هذه النتيجة في سنة 1897 إذ كتبنا مقالا في المعربات ومن جملة ما قلنا فيه ما هذا حرفه: (وقد تكون الكلمة العربية الواحدة معربة عن كلمتين دخيلتين أو اكثر؛ وقد تكون الكلمة معربة عن لغة لمعنى من المعاني. وعن كلمة أخرى وعن لغة أخرى في معناها الآخر. ونحن نذكر لك شاهدين على ذلك؛ إن الترتور بمعنى الجلواز معربة من اللاتينية وبمعنى الفاختة منقولة عن اللاتينية الأخرى فالكلمة العربية واحدة أما المعرب عنها فكلمتان لاتينيتان أي روميتان. والساج بمعنى الطيلسان الأخضر أو الأسود هو من الرومية وبمعنى شجر ينبت في بلاد الهند هو من الهندية القدمى مبنى ومعنى ومادة ساج يسوج بمعنى سار يسير رويدا عربية. فهذه لفظة واحدة من لغات ثلاث بعيدة الواحدة عن الأخرى بعد الثريا عن الثرى. ودونك الآن مثالا ثالثا وهو الطربال، فهو بمعنى البناء الفخم القائم على أربعة أركان وفيه أربعة أبواب منقول عن اليونانية والطربيل بمعنى النورج يدق به الكدس من الرومية أو اليونانية وبمعنى الحسكة بمعنييها الحقيقي والمجازي من إحدى اللغتين اليونانية أو اللاتينية فهذا حرف عربي البناء إلاَّ أنه منقول عن ثلاث كلمات مختلفة الصيغة والمعنى إلاَّ أنها أفرغت في قالب عربي واحد. انتهى ما كتبناه قبل نحو ثلاثين سنة. والآن نرى حضرة الأستاذ العلامة يزيد على الألفاظ المتقدم ذكرها معنى آخر ومن لفظ آخر وهو بمعنى العلم يبنى حدا للميدان وهذا من أبدع ما رأيناه في المعربات وتساوق معانيها جريا على وضع أبناء الغرب.

الضمائر في لغة عوام العراق

الضمائر في لغة عوام العراق الضمائر المنصوبة المتصلة الضمائر المنصوبة المتصلة عشرة أيضا اثنان منها للمتكلم، وأربعة للمخاطب وأربعة للغائب. ضمائر المتكلم المنصوبة للمتكلم ضميران يشترك فيهما المذكر والمؤنث أحدهما للمفرد والثاني للجمع 1 - ضمير المفرد المتكلم: ياء ساكنة مسبوقة بنون مكسورة تسمى نون الوقاية وهي تتصل بالماضي نحو ضربني والمضارع نحو يضربني والأمر نحو اضربني وإذا كان في آخر الفعل الماضي ألف واتصلت به ياء المتكلم ظهرت الألف أي لم تسقط من اللفظ فيقال رماني وجاني. 2 - ضمير جمع المتكلم: إن ضمير جمع المتكلم المنصوب كضمير جمع المتكلم المرفوع. أي هو عبارة عن (نا) وآخر الفعل الماضي في كليهما ساكن نحو ضربنا فكلمة (نا) في (ضربنا) يجوز أن تكون ضمير الفاعل لجمع المتكلم وأن تكون ضمير المفعول ويعرف كونها فاعلا أو مفعولا بقرينة الحال وهذا الالتباس

لا يكون إلاَّ في الفعل الماضي المتعدي من السالم والمثال والمهموز فقط. فلا يكون في الفعل المضارع نحو يضربنا فكون (نا) ههنا مفعولا لا فاعلا، ظاهر. ولا في الأمر نحو اضربنا لأن فاعل الأمر لا يكون إلاَّ ضمير المخاطب. ولا في الفعل الماضي اللازم نحو كعدنا فإن (نا) في (كعدنا) فاعل ولا يجوز أن تكون مفعولا لأن الفعل لازم. ولا في الفعل الماضي الأجوف نحو شافنا فإن (نا) في شافنا ضمير المفعول ولا يجوز أن يكون ضمير الفاعل لأن عين الفعل الأجوف تحذف عند اتصال ضمير الفاعل به نحو شفنا. ولا في الفعل الماضي الناقص نحو (رمانا) فأن (نا) في رمانا ضمير المفعول ولا يجوز أن تكون ضمير الفاعل لأنها لو كانت ضمير الفاعل لوجب معها رد الألف من رمى إلى الياء فيقال رمينا. ولا في الفعل الماضي المضاعف لأن العامة تزيد في آخر الفعل المضاعف ياء إذا اتصل به أحد ضمائر الرفع فيقولون في رد رديت رديتو ردينا وأما إذا اتصل به ضمير المفعول فلا يزيدون في آخره ياء بل يحذفون الحرف الأخير منه فيقولون ردني ردنا ردها ردهم ردكم ردهن ردجن إلاَّ في ضمير المفرد الغائب والمفرد المخاطب والمخاطبة فلا يحذفون حرفه الأخير بل يقولون رده ردك ردج. وعليه فلا يحصل الالتباس في كون (نا) ضمير الفاعل أو ضمير المفعول إلاَّ في الفعل الماضي السالم نحو ضربنا والمهموز نحو أمرنا والمثال نحو وعدنا ففي هذه الأفعال الثلاثة يعرف كونه فاعلا أو مفعولا بالقرائن. ضمائر الغائب المنصوبة للغائب أربعة ضمائر اثنان منهما للمذكر المفرد والجمع واثنان للمؤنث المفرد والجمع. 1 - ضمير المفرد الغائب: إن ضمير المفرد الغائب في كلام العامة عبارة عن هاء خرساء لأنه يكتب ولا يلفظ. وإذا اتصل بالفعل جعل آخره مفتوحا سواء كان ماضيا نحو ضربه أو مضارعا نحو يضربه أو أمرا نحو اضربه إلاَّ في الناقص فإنه إذا اتصل بالناقص وكان الفعل ماضيا ظهرت ألفه الساقطة من اللفظ نحو رماه وإن كان مضارعا أو أمرا قلبت ألفه ياء نحو يرميه وارميه

ولكون هذا الضمير لا يلفظ سميناه بالهاء الخرساء. 2 - ضمير جمع الغائب: (هم) بضم الهاء وسكون الميم نحو ضربهم. 3 - ضمير المفردة الغائبة: (ها) والألف منها ساقطة من اللفظ كما ذكرنا سابقا فيبقى الضمير عبارة عن هاء مفتوحة نحو ضربها. 4 - ضمير جمع المؤنث الغائب: (هن) بكسر الهاء وسكون النون نحو ضربهن. ضمائر المخاطب المنصوبة للمخاطب أربعة ضمائر أيضا اثنان منها للمذكر المفرد والجمع واثنان للمؤنث المفرد والجمع. 1 - ضمير المفرد المخاطب: كاف ساكنة إذا اتصلت بالفعل جعلت آخره مفتوحا سواء كان ماضيا نحو ضربك أو مضارعا نحو يضربك وإذا اتصل بالناقص ظهرت معه ألف نحو رماك. 2 - ضمير جمع المخاطب: (كم) بضم الكاف وسكون الميم نحو ضربكم يضربكم. 3 - ضمير المفردة المخاطبة: جيم فارسية ساكنة إذا اتصلت بالفعل جعلت آخره مكسورا سواء كان ماضيا نحو ضربج أو مضارعا نحو يضربج واصلها الكاف إلاَّ أن العامة تجعلها جيما فارسية حسب لكنتهم كما ذكرنا ذلك عند الكلام على اللكنة العامية فيما تقدم. ومنهم من لا يجعلها جيما فارسية بل يلفظها كافا أما ساكنة فيكسر معها آخر الفعل أيضا ويقول ضربك ويضربك وأما مكسورة فيسكن معها آخر الفعل ويقول ضربك ويضربك. إلاَّ أن الشائع في العراق ولا سيما عند أهل البادية هو جعلها جيما فارسية ساكنة. 4 - ضمير جمع المؤنث المخاطب: (جن) بفتح الجيم الفارسية وسكون النون نحو ضربجن ويضربجن وهي في الأصل مضمومة الكاف ومشددة النون المفتوحة إلاَّ انهم حرفوها فكأنهم خففوا النون ونقلوا الفتح منها إلى الكاف التي واوها جيما فارسية حسب لكنتهم.

الضمائر المجرورة المتصلة إن الضمائر المجرورة المتصلة هي الضمائر المنصوبة المتصلة بعينها فإنك إذا أدخلت على الضمائر المنصوبة أحد حروف الجر أو أضفت إليها اسما من الأسماء صارت مجرورة. وعليه فلا حاجة إلى إعادة ذكرها ههنا أيضا. وإنما نذكر ما لبعضها من الأحكام فنقول إن ياء المتكلم إذا كانت منصوبة متصلة بالفعل وجب أن تكون مسبوقة بنون الوقاية كما ذكرنا آنفا وأما إذا كانت مجرورة فإنها لا تقترن بنون الوقاية، إلاَّ إذا دخلت عليها من وعن الجارتان نحو مني وعني. أما ضمير المفرد الغائب فهو في حالة الجر أيضا هاء خرساء فهو ساقط من اللفظ هنا أيضا. ومن أحكامه أنه إذا اتصل باسم من الأسماء جعل آخره مفتوحا تقول فلان (ثوبه نظيف) وتقول فلان (شد حزامه وركب حصانه) وكذلك ضمير المفرد المخاطب فإنه إذا اتصل باسم جعل آخره مفتوحا. وأما ضمير المفردة المخاطبة فإنه إذا اتصل باسم جعل آخره مكسورا تقول للمرأة مثلا (البسي ثوبج). خلاصة ما تقدم الضمائر إما منفصلة أو متصلة. والمنفصلة قسمان مرفوعة ومنصوبة وكل قسم منهما عشرة فمجموعها عشرون ضميرا إلاَّ أن المنصوبة المنفصلة لا تستعمل في كلام العامة إلاَّ استعمالا خرجت به عن كونها ضمائر كما علمت عند الكلام على الضمائر المنصوبة المنفصلة. وعليه فلم يبق في كلام العامة من الضمائر المنفصلة إلاَّ المرفوعة وهي عشرة. وأما الضمائر المتصلة فهي ثلاثة أقسام مرفوعة ومنصوبة ومجرورة وكل قسم منها عشرة فمجموعها ثلاثون ضميرا إلاَّ أنه يجب أن نسقط المجرورة من الحساب لأنها هي المنصوبة بعينها تكون منصوبة في محل ومجرورة في محل آخر. فيبقى من المتصلة عشرون ضميرا. وعليه فمجموع الضمائر الموجودة في كلام العامة ثلاثون ضميرا عشرة منفصلة وعشرون متصلة. معروف الرصافي

الجزائر

الجزائر - ظواهر ظهرت في جهة الفرات بعد أن قل التبطح وانحسر الماء السائب. فأحتل تلك الظواهر جماع من الصيادين والمزارعين؛ فكان الزراع يبنون أكواخهم وخصاصهم على سيف تلك الأرض الناشفة، وكان الصيادون يبنون بيوتا من القصب على وجه الماء كأنها جآجئ واكنة، ثم مازالت الظواهر تتسع والناس يحملونها من جهة الفرات حتى صارت كأنها سدة واحدة تمتد من حيال سوق الشيوخ إلى البصرة. وكان ذلك زمن أعراسها وزهرة عمرانها. ولم تحافظ على هذا الحال، بل كانت بين هبوط وارتفاع؛ فقد خربت وغرقت بكثير من القلاقل والفتن. وزهت مطمئنة في فصل الدعة والركود؛ وأول زهوها كان في القرن التاسع للهجرة وأخر دور من أدوار عمرانها في القرن الثالث عشر إذ في أواخره وجد الرجل الكبير ناصر باشا آل سعدون صاحب (الناصرية) الذي حمل الفرات من جهة الجزائر وسعى في تجفيف المياه فكانت له في عمران الجزائر مسعاة كبيرة وهكذا كثرت القرى المجاورة في تلك النواحي وماج فيها السكان وخددت فيها الأنهار فتحسنت فيها الزراعة وربيت فيها دودة القز ونهضت باسقات النخل وشتل (وغرس) كل أنواع الأرز. أما قراها فكثيرة ولم تزل تسمى بأسماء الأنهار التي تمر بها أو القبائل التي تقطنها وقد كانت عاصمة هذه الجزائر (واسط) ثم (البصرة) ثم (الحويزة) ثم (المدينة) وهي مدينة بني منصور. وأشهر قراها القديمة: (الصباغية)، (ونهر صالح) - فقد أخرجت هاتان القريتان كثيرا من أهل العلم والأدب وفي النجف اليوم أسر (عائلات) علم كبيرة ترجع إليهما وإليك بقية القرى وهي: قرية بني حميد - ونهر عنتر - وهو أكبر مواضعها وقيل أنه يشتمل على 300 نهر - وديار بني أسد - وديار بني محمد - والفتحة - والقلاع - ونهر السبع - والباطنة - والمنصورية - والإسكندرية - والبلتان - وكوت معمر - والكبان (القبان) - والبثق -

أو كما يقولون البثج - وعبادة - وبني مشرق - وبني حطيط - وآل حسيني - والغريق - وآل الشيخ راضي - وشط بني أسد - وبنو منصور - والشرش - وآل سعدون - والسويب (بالتصغير) - والهارثة - وقرمة علي - والنشوة - ونهر عمر - وكتيبان - ومزيرعة - والروطة - والباغجة - والعبيد - والمومنين - وآل احول - وكانت الجزائر تتصل بالبصرة فكان العشار وهو قرية على نهر الابلة القديم قرية من قرى الجزائر وكانت تتصل من جهة الغرب بالحويزة وشط سحاب وهو آخر قراها. أما قبائلها فالتي نعرف منها هي: بنو أسد - وبنو منصور - وآل سعد - وبنو مشّرف (بتشديد الراء المفتوحة) - وبنو حطيط (بالتصغير) - وآل معّرِق (بتشديد الراء المكسورة) - وعبادة (كسحابة) - وبنو مالك - والصيامرة - والمواجد - وآل خليوي (بالتصغير) - وآل غريق. هذه هي القبائل المستقلة بالاسم هناك وربما اختلطت ورجع بعضهم إلى بعض في النسب وأهم هذه القبائل: ربيعة وهم ربيعة البطائح، وأهم أفخاذ ربيعة هناك بنو أسد وكانوا يطلقون على النابه منهم لفظة أمير واقدم أمير هناك سمعنا بذكره هو الأمير هجير بن محمد الزعيم لأهل الجزائر في القرن العاشر. أما في عهدنا فبيت الإمارة هو في عاصمة الجزائر وهي المدينة، مدينة بني منصور وقد كان الأمير زمن الاحتلال حمود بن جابر ثم حسك من بعده واليوم ليس لهذا الأمير زعامة ولا نفوذ ولقب الإمارة عليه مثل لقب النقابة في العراق ألقاب شرف موروثة. وكانت الزعامة الحقيقية قد انتقلت إلى بيت الشيخ شيخ الجزائر وهو بيت الشيخ خيون (وزان مكوك) زعيم بني أسد خاصة وشيخ الجزائر عامة فقد كان للشيخ خيون وولده الشيخ حسن ونجله الشيخ سالم مواقف كبيرة ومظاهرات عظيمة في أواخر القرن الثالث عشر وأوائل الرابع عشر وقد مكنتهم مواقفهم وبرهنت الحوادث على أنهم أمراء الجزيرة الحقيقيون وبيدهم أزمة الأمور هناك.

والماثل اليوم هو الشيخ سالم وهو في طليعة رجال العراق الذين اشتغلوا بالنهضة السياسية لديارنا. وفي سنة 1343 اختلفت الحكومة العراقية والشيخ سالم ولم يوافقها على بعض نقاط سياسية فتبدل موقف الشيخ سالم وانجر الأمر إلى قبض الحكومة على الشيخ سالم ومحاكمته وهو اليوم في الموصل يقضي مدة سجنه هناك. وبهذا الحادث انحلت مشيخة الجزائر فلا إمارة هناك اليوم ولا مشيخة بل أسست الحكومة قضاء الحمار وبعثت إليه قائم مقام وموظفي إدارة وفككت المشيخة وأقامت في مكانها عدة مختارين يراجعون الحكومة في مواد معينة. وجاء في بعض الآثار التاريخية أن الجزائر بلغت 360 جزيرة مبثوثة في طول البطائح وعرضها بعضها يسمى جزائر شط العرب وبعضها يسمى جزائر خوزستان وقد يلغى التخصيص ويطلق عليها اسم الجزائر فقط وقد كانت الجزائر تابعة لحكومة خوزستان ولكن لما دخلت البصرة في مملكة العثمانيين كان من جراء ذلك أن أخذ بعض زعماء القبائل يميلون إلى العثمانيين ويتوددون إليهم بالطاعة وكان الغرض من ذلك ضعضعة النفوذ والسلطة في بلادهم فكانوا يتقربون إلى الفرس تارة وإلى الأتراك أخرى وقد ذكر أن اياس باشا واحد ولاة بغداد في القرن العاشر حضر البصرة ورتب فيها عاملا وضم إليها واسطا والجزائر ولكن كثيرا ما تثور ثائرة الجزائر فيتمرد الزعماء على رجال الحكومة ويعتمدون على أنفسهم. حوادث الجزائر وخرابها خطر شأن الجزائر وانبعث إلى عالم الذكر والشهرة في القرن التاسع للهجرة زمن الضعف وعدم استقرار الملك في العراق وأنحائه فكثرت الإمارات وحمس النزاع عليها ولما كانت الحرب سجالا بين الأتراك ملوك بغداد الفاتحين وبين الصفويين ملوك خوزستان كانت البصرة والجزائر ميدانا لتلك الحروب وكان الفوز لمن رسخت قدمه هناك. هذا وقد كانت ولاة الترك تمني الأعراب الذين هم في الجزائر للانتقاض والتمرد بزعامتهم لأن البون شاسع وبعد الشقة بينهم وبين مراجعهم العالية كان يحدثهم بالانفصال والاستقلال وأنهم يصبحون

أمة برأسها، كل ذلك جعل الجزائر عرضة للجنود والفتن ومواقد لنار الثورات والحوادث وفي الأكثر كانت تخرج منها شرارة الثورة وقد أعان على ذلك أن مياهها وإحراجها وغاباتها من امتن القلاع وامنع المتاريس للثوار ولوقوعها بين واسط والبصرة والحويزة، ديار الحوادث، كانت ترافقها في الخير والضير وكانت هي الميدان. في القرن التاسع ابتدأت ثورة محمد بن فلاح المتمهدي المشعشع جد موالي الحويزة ومؤسس امارتهم، وسنذكر هذه الإمارة مفصلا في فصل أمراء البطائح وكان مظهر ثورته في الجزائر فهب لمواقعته أمير البلاد. وكانت الإمارة حين ذاك لعبادة فواقعه محمد واستظهر عليه وكانت مواقعة دموية هائلة. وفي القرن العاشر حمل المولى مبارك بن عبد المطلب بن حيدر بن محسن بن محمد المتمهدي وتغلب على الجزائر فناجز أهلها واجتاح بلادهم بعد معارك شديدة. وفي سنة 1055 ثارت الجزائر واتصل اللهب فعم الهياج ونهد إليها المولى علي خان وأطفأها وبذلك امتدحه شهاب الدين بن معتوق الحويزي من قصيدة: لولا إيابك للجزيرة ما صفت ... منها مشارع مائها المتكدر أسكنت أهليها النعيم وطالما ... شهدوا الجحيم بها وهول المحشر وكسوتها حلل الأمان وأنها ... لولاك أضحت عورة لم تستر وثارت الجزائر في عهد المولى السيد منصور بن عبد المطلب فبادر إليها وقمع الفتنة فيها وبذلك نوه ابن معتوق من قصيدة: وعدا يطوي القفار إلى أن ... نثرت خيله ثراء الثغور وأتت في الضحى الجزيرة ترمي ... بأسود تروعها بالزئير وكانت الثورات متتابعة في الجزائر على عهد الموالي، فكانت تراض تارة بالقوة وأخرى بالسياسة وكانت تتنازع الجزائر في القرن الحادي عشر حكومات أربع: وهي حكومة القبان (بتشديد الباء الموحدة) وحكومة الدورق (وزان فوفل) وحكومة الحويزة وحكومة البصرة. وكانت هذه المناطق الأربع ميدان نزاع بين الروم (أي العثمانيين على لغة الأعراب) في بغداد والصفويين في شيراز، وكانت حكومة شيراز تؤثر على

حكومة الحويزة وحكومة الدورق، وكانت حكومة بغداد تؤثر على حكومة البصرة وحكومة القبان وفي عهد ولاية آل افراسياب التحقت حكومة القبان بالبصرة فتبعتها وآخر حاكم مستقل كان فيها رجل يقال له بكتاش اغا وقد انتقضت الجزائر غير مرة على ولاة البصرة من الأتراك أو - المتسلمين - كما هو في عرف حكومة الأتراك وكان الذي يضطر القوم إلى التمرد ثقل وطأة الأتراك وعنفهم واللوثة التي هي خلق من أخلاقهم وقد حارب الجزائريون الجنود العثمانية في القرن العاشر وفي أواسط القرن الحادي عشر مرارا عديدة وآخر حرب يذكرها الناس هناك هي الحرب الشعواء في أوائل هذا القرن على عهد السلطان عبد الحميد وقد كثر الهول والابتلاء في هذه الحرب وأحرقت فيها (المدينة) عاصمة الجزائر وكان الناهض بالجزائريين الشيخ حسن بن الشيخ خيون الاسدي شيخ الجزائر وأميرها المتبوع وأخمدت تلك الثورة على يد القائد محمد فاضل باشا الداغستاني المعروف عند العراقيين ب - الجيجاني - قاطن بغداد وبيته معدود من أعاظم بيوتها ولكن الإصلاح الذي نهض به كان يشبه تغطية المرجل الفائر ولم يكن حسما حقيقيا. علي الشرقي

الألفاظ الارمية

الألفاظ الارمية في اللغة العامية العراقية - قد فاتنا بعض الكلام عند إثبات الألفاظ على الحروف الأبجدية فرأينا أن نأتي عليها إتماما للفائدة واليكها: (قاية) يقول العراقيون (رجل قاية، وقامة قاية) بمعنى عظيم وعظيمة ويرى بعضهم أن ذا اللفظ من التركية (قيا) أي الصخرة وترد على ألسنتهم من باب التشبيه. وعندنا إن ذلك وهم ظاهر. فإن (القاية) ارمية الأصل من (ج اي ا) والجيم هنا مصرية ومعناها العظيم والجبار والمجيد والجليل. (جواية) جاء في مجلة لغة العرب (474: 4) أن الجواية في عرف النوتية اسم زورق يدخل البطائح. وعلقت إدارة المجلة تعليقا على الجواية جاء فيه أنها مشتقة من فعل تكوى (بواو مشددة) والذي عندنا أن هذا اللفظ ارمي الأصل من (ج وي ا) والجيم مصرية وتلفظ (كاوايا) بمعنى الداخلي نسبة إلى (ج وا) الجيم مصرية أيضا وتلفظ (كاوا) أي الداخل. أو (جوا) كما يقول العراقيون. ويراد (بالجواية) السفن الداخلية التي تنقل البضائع والسلع والأمتعة من الخارج وتتوغل في داخل البطائح كما جاء في وصفها في الموضع المذكور من المجلة. ولا يخفى على القراء أن الارميين كانوا يشتغلون بالملاحة في العراق في الأزمنة الخالية. فهذا رأي خاص بنا نزفه إلى القراء بكل تحفظ، وقد سمعنا في البصرة يقولون للسفينة التي تنقل البضائع من المراكب البحرية الكبيرة إلى المياه الداخلية (جاية) الجيم مثلثة فارسية. كأنها مفرد (جواية) مثل قرية وقرايا عند المولدين وفي لغة العوام. (داروغة) تطلق على الرئيس والمتقدم من الناس ومن الحيوانات ما كان منها في رأس القافلة وهو الكراز في العربية الفصحى، ويستعمل هذا الحرف عند الفرس وأهل الهند ويذهب علماء الفرس إلى أن داروغة بضم الراء ضما صريحا

أو بالضم الممال به إلى الفتح كلمة جغتائية الأصل وكذا قال صاحب برهان قاطع والذي أراه أن اللفظ (داروغة) ارمي الأصل مبنى ومعنى وهو اسم فاعل على وزن فاعولا على القاعدة المتبعة عند الارميين كما سيجيء بعد هذا. وذلك من فعل (درج) والجيم تلفظ هنا غينا فتصبح (درغ) بمعنى تقدم وتدرج فيكون معنى (داروغا) أو (داروغة) المتقدم. (هوفة) بمعنى النسمة من الهواء والحركة الخفيفة والأمر الذي يمر سريعا ولا يثبت وإن كان هناك وجه لتعليل هذا اللفظ في العربية ونسبته إلى الهوف بالفتح وهي الريح الحارة أو الباردة الهبوب أو إلى الهوف بالضم ومعناه الرجل الخاوي الذي لا خير عنده أو من الهيف بمعناها المعروف في العراق أي الحارة أو من هفت الريح أي هبت فسمع صوت هبوبها فتكون من باب قلب المضاعف أجوف إلاَّ أن صيغة الكلمة ولفظها ومدلولاتها في هذه الديار تحملنا على القول بأنها من بقايا الارمية من (هـ وب ا) وتلفظ (هوبة) الباء فيها مثلثة. ومدلولاتها في تلك اللغة: الوهج والبخار والدخان والنسمة والنفخة والرائحة الخفيفة والهنيهة والزهيد من الشيء واليسير منه. (حلانة الطيور) يجوز أن تكون الحلانة تصحيف الحلة (بفتح الحاء وتشديد اللام) في العربية الفصحى وهي الزنبيل الكبير من القصب كما تطلق أيضا الحلانة في العراق على زنبيل من خوص يوضع فيه التمر. وحلانة الطيور هي بشكل سلة من قصب تتخذ مسكنا للطيور كما يجوز أن تكون هذه الأخيرة من الارمية (ح ول ن ا) وتلفظ (حولانة) بضم الحاء ومعناها الكهف والغار والشق والحجر، وعندي إن التعليل الأول هو الراجح. (سلهبة نار) تطلق مجازا على الولد الكثير الحركة أي كأنه لهبة نار وأكثر ما يستعمل هذا اللفظ نصارى العراق. والسلهبة من (ش ول هـ ب ا) بمعنى الهبة والضرم والحرارة. (لهظ) أظن إن هذا اللفظ خاص بنصارى العراق، ويستعمله نساج الأزر من المسلمين فيقولون في الأقمشة المطرزة بالخيوط الذهبية أو المقصبة إذا كان لونها وهاجا (تلهظ) أو (تلهث) وهي من الارمية (ل هـ ط) بمعنى اشتعل واتقد وتلظى. يوسف غنيمة

تاريخ الطباعة في العراق

تاريخ الطباعة في العراق مطابع الموصل تابع مطبعة الدمنكيين - 5 - 116 - (التهجئة بالكلدانية) (طبع ثالثة ص 48) 117 - (تصريف الأسماء والأفعال الكلدانية) (ص 86) 118 - (نحو اللغة الكلدانية) للمطران السيد طيماثاوس مقدسي الكلداني (1889 ص 229) 119 - (نحو اللغة الارمية) له (1898 ص 350) 120 - (معجم مطول للغة الكلدانية القديمة والحديثة) (بالكلدانية) تأليف المطران توما اودو (1898 - 1900 في جزءين ضخمين ص 492 و638) 121 - (القطافة منتخبات أدبية في اللغة الكلدانية) للمطران السيد أدي شير ابرهينا الكلداني (1899 ص220)

122 - (كليلة ودمنة) بالكلدانية المحدثة للمطران توما اودو (1898 ص273) 123 - (مجموعة أمثال كلدانية) لداود قره جمعت بعناية الأب يعقوب ريتوري رئيس دير مار يعقوب في الموصل (1900 ص140) 124 - (العهد الجديد) بالسريانية في جزءين قطع صغير (1898 ص 1528) 125 - (التعليم المسيحي) بالسريانية (1877 ص 52) 126 - (المزامير) (1885 ص 351) 127 - (المزامير) مع مقدمات وشروح للمطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1885 ص364) 128 - (فهرست المزامير) التي تتلى في الصلاة الفرضية في أبرشية الموصل السريانية على مدار السنة (1877 ص 42) 129 - (الحسايات) (الغفرانات وهي صلوات الحلة عن الخطايا) لمدار السنة إلاَّ زمن الصوم الكبير الأربعيني جمعها المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1879 ص 648) 130 - (الفنقيط) (أي الصلوات القانونية عند السريان) جمعه ونقحه المطران السيد اقليمس يوسف داود السرياني (1886 في سبعة مجلدات ص 350 و593 و450 و887 و468 و660 و526) 131 - (خدمة القداس بحسب ترتيب الكنيسة السريانية) له (1868 ص238 ثم 1881 ص284) 132 - (رسالة في السريانية في كيفية التصرف في الدعاوي الزيجية) له (1883 ص36) رفائيل بطي

فوائد لغوية

فوائد لغوية أصل علامة التثنية ما أصل علامة التثنية في العربية؟ ذلك سؤال يلقيه كل من يبتدئ بتعلم اللغة العربية، أو من يتحرى الوقوف على أسباب أسرارها الخفية. لا نقف على هذا الأصل إلاَّ من بعد أن نكون قد عرفنا أن المثنى في بقية اللغات يكون بوضع لفظة (اثنين) قبل الاسم أو بعده حسب مزايا تلك الألسنة أما العرب فيستغنون عن اتخاذ كلمة (الاثنين) بوضع ألف التثنية في آخر اللفظ في حالة الرفع أو بوضع ياء في حالتي النصب والجر. ويزداد (نون) بعد الألف أو بعد الياء إن لم يكن هناك إضافة. فيقال جاء رجلان ورأيت رجلين وابتعدت عن رجلين، وأقبلت امرأتان وساعدت امرأتين ونصحت لامرأتين. فمن أين أتت هذه الألف في لغتنا؟ عندي إنها مقطوعة من (تنا) وهو اسم قديم للاثنين يشهد على ذلك انهم قالوا: ثنى الشيء أي عطفه كأنه جعله اثنين، ووجود الثاء المثلثة في ثني حديث بالنسبة إلى التاء المثناة وإن كانت في حد نفسها قديمة. ودليلنا على ذلك سائر اللغات السامية فالمثلثة فيها غير معروفة كتابة وإن كانت عندهم لفظا. أما العربية فلها حرفان ممتازان وكل منهما يعرف بعدد نقطه. ولنا دليل آخر أن الاثنين في العبرية (شنيم) أو (شني) فالميم للجمع وليست من أصل الكلمة و (شنى) بالشين وما كان بالشين في العبرية كثيرا ما يقابله بالثاء المثلثة في العربية. فظهر من هذا أن لفظة الاثنين أصلها (تنا) لأن الياء الموجودة في العبرية تلفظ ألفا ممالة. والارميون يقولون في الاثنين (ترين) بإبدال النون راء لأنها من حيز واحد. كما ظهر أن المثنى عندنا منحوت من لفظتين هما الاسم الأول الأصلي والنون المقطوع من كلمة (تنا) وهو أمر معقول يؤيد مصطلح جميع لغات العالم.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة أسماء محلات بغداد سيدي صاحب مجلة لغة العرب المحترم: الغاية من نشر نبذتي التالية على صفحات مجلتكم الغراء هي الوقوف على حقيقة قد أمست في نظري بين الشك واليقين: محلة الشط تغيرت أسماء محلات مدينة بغداد وبعض مواقعها تغيرا كبيرا. حتى أن المؤرخ لا يكاد يجد اليوم محلة واحدة باقية على اسمها القديم منذ تأسيسها. وقد عزمت على أن انشر كل ما اعثر عليه في كتب التاريخ من أسماء تلك المحلات القديمة العهد وما يطلق عليها اليوم من الأسماء الحديثة. وقد بلغني من السيد محي الدين فيض الله الكيلاني نقلا عن أفراد أسرته أن محلة السنك كانت تعرف قبل نحو قرن باسم محلة الشط واشتهر جماعة من أدباء بغداد في هذه المحلة المحادة (للمربعة) (والحاج فتحي) (والعوينة) (وباب الشيخ) وقد جاء في ديوان عبد السلام الشطي ص30 قصيدة فيها إشارة صريحة إلى أسرته البغدادية التي هجرت ربوع الزوراء واستوطنت دمشق في القرن الثاني عشر للهجرة وإلى المطالع بعض أبياتها: نحن بنو الشط الاماجد ... أصل المناصب والمراتب كم خفِقت أعلامنا ... بين المشارق والمغارب وبنورنا انكشف الدجى ... وبذكرنا سارت مواكب بغداد محتدنا فيا ... لله كم جمعت أطايب والجد معروف هو ... الكرخي مشهور المناقب

كنا ثلاثة اخوة ... فيها تحف بنا المواهب عمر ومحمود وخضر ... من صفت لهم المشارب جاؤوا دمشق وخيموا ... فيها وأمر الله غالب والقرن ثاني عشر ... ودمشق زاهرة الكواكب فرجائي ممن له وقوف على خلاف حقيقة ما جاء في هذه النبذة أن يفيدني عنه على صفحات مجلة لغة العرب وأخص منهم بالذكر أولئك الذين في حوزتهم صك مثبت عليه اسم محلة الشط فأنهم يخدمون بذلك تاريخ مدينة بغداد أجل خدمة. هذا والمؤرخ الوحيد الذي يمكنه أن يصور معالم مدينة بغداد العتيقة بطرقها وساحاتها ودورها وحدائقها ومساجدها شبرا فشبرا هو على ما اعهد العلامة المستشرق الألماني الأستاذ هرتسفلد وقد أفادني يوسف أفندي غنيمة أن المذكور لما زاره في داره قال له بعد التحية أن دارك هذه وهي الواقعة في محلة (الدهانة) اليوم المرقمة 7 - 180 هي من حريم دار الخلافة (راجع مادة الحريم في معجم البلدان) وأخذ يؤيد قوله هذا بإيراد الشواهد. فيا ليت حضرته يضع مصور المدينة بغداد قديما وحديثا يمثل فيه المعاهد والمساجد والدور والقصور في العهد العباسي والمغولي والعثماني والحالي فيخدم بذلك تاريخ عاصمة العراق خدمة تذكر له على مدى الأيام فتشكر. رزوق عيسى أصل كلمة كالوك قرأت في ص409 مقالة ذكر فيها صاحبها إن الكالوك ارمية الأصل ووجدت الحاج عبد اللطيف ثنيان في ص481 يذهب إلى أن اصلها قد يكون من الفارسية. والذي أراه أنا إن الكلمة تركية من قاليق (والترك يلفظونها كاليك) ومعناها (الناقص) لأن هذه الأجرة تنحت على شكل مثلث إلاَّ أن عرضها دون طولها بنصف فهي ناقصة بهذا المعنى. وكما قال عوامنا في قاشيق (أي ملعقة) قاشوقة. وخاشوكة، وقاشورة. وقد يحذفون من هذه الألفاظ الهاء الواقعة في الآخر قالوا في (قاليق) كالوك. أحد العارفين في البناء

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة معنى الميم في أول المشتقات والمصادر ومعنى حروف المضارعة وسبب صيغة المجهول. سألنا أحد الأدباء بلسان مجلة المعرض البغدادية (106: 2) هذه الأسئلة وهي: 1 - لماذا كانت هذه الميم (الميم الزائدة في أول المشتقات) تارة مفتوحة في نحو معروف ومضروب إلى غير ذلك، وتارة مضمومة نحو منافس ومقاتل وغيرها (كذا بمعنى وغيرهما) وتارة مكسورة مثل مصحف ومكنسة وغيرها (كذا)؟ 2 - كيف نقول في (كذا) الميم التي ترد في أول المصادر الميمية نحو مقاتلة ومضاربة ومقتل ومأكل وغيرها؟ 3 - إن قلنا بقوله إن ميم معروف من (من) أو (ما) فلماذا تغير وزن عرف إلى (عروف) إذا قطعت ميمه وقس على ذلك؟ 4 - لماذا خص (ما) بما لا يعقل وقد وردت لما يعقل ووردت في نفس القرآن (كذا أي في القرآن نفسه)؟ 5 - لعله يفيدنا بعلمه أن حروف المضارعة من أي كلمة اقتطعت وكيف عادت ياء وألفا وتاء إلى آخره (كذا أي إلى آخرها بمعنى إلى آخر الحروف). 6 - لماذا جعلوا الفعل الماضي المعلوم مفتوح الأول، فإذا أخذ للمجهول ضم أوله. فمن أين أتت هذه الضمة التي تبدل فيها الماضي من معلوم إلى مجهول مع أن الضمة وردت في المضارع المعلوم نحو يقاتل ويصلي، مع أنها في الغالب مفتوحة وتضم في المجهول فنأمل من غزير علمه وغوصه على درر اللغات في بحورها أن يدفع عنا ما وقف تجاهه فكرنا فلم نفهم مما حرره شيئا (كذا بنصه وفصه ولسنا نحن الذين ننسب إليه هذه الأقوال). قلنا: 1 - سبب تحريك هذه الميم بحركات مختلفة بين الضم والفتح والكسر

هو لتمييز ألفاظ عن ألفاظ وصيغ عن صيغ ولولا ذلك لأختلط الحابل بالنابل وكل ذلك من التواطؤ في الوضع. هذا فضلا عن أن اختلاف الحركات وحروف العلة لا شأن لها في بعض الأحيان كما قرره أصحاب الفن عند العرب وأهل الغرب. 2 - لما بحثنا عن ميم الأسماء المشتقة لم نقل كلمة عن ميم المصدر، كما يتضح لكل ذي عين. فضلا عن كل ذي عينين؛ أما وقد يريد السائل أن يعرف اصلها فهي عندنا مقطوعة من كلمة أخرى تبتدئ بميم وتدل على أصل الشيء وقد اجتمع هذان الشرطان في المزر (بكسر الأول)، فإذا قلت مقاتلة فاصله (على رأينا. وقد نخطئ وباب الاجتهاد غير موصد) مزر قاتل أي أصل قاتل أو مصدر قاتل. لأن معنى المصدر الأصل ومخرج الشيء. وقد يحتمل أن تكون الميم مقطوعة من لفظة أخرى بهذا المعنى أو مبدلة من نون كلمة تبتدئ بنون ومعناها كمعنى المزر (أي الأصل)؛ لكن لا بد من القول إنها مقطوعة من كلمة تفيد المعنى الذي نذهب إليه. 3 - تغير الوزن لا يمنع صحة المعنى واصله وهذا أوضح من الشمس في رائعة النهار. 4 - لسنا نحن الذين خصصنا معنى (من) بما يعقل و (ما) بما لا يعقل بل النحاة واللغويون كما يتضح ذلك من مراجعة أي كتاب صغير في هذا الموضوع أما ورود (ما) للعاقل فلم ننكره، لكننا حكمنا بحكم النحاة واللغويين من باب الأغلبية، إذ ورد (من) للعاقل في القرآن اكثر من ورود (ما) بهذا المعنى كما لا يخفى. 5 - لكل حرف من حروف المضارعة كلمة اقتطعت منه على رأي جميع المستشرقين وفصحاء العربية المحدثين. فالألف منزوعة من (أنا) والنون من (نحن) والياء من (هو) والتاء من (أنت) فقولك اضرب ونضرب ويضرب وتضرب أصلها أنا ضرب، نحن ضرب، هو ضرب، أنت ضرب. ولصديقنا العلامة جبر ضومط بحث لذيذ في هذا المعنى في كتابه: الخواطر في اللغة في ص98 وما يليها في جميع هذه المباحث. والظاهر إن حضرة السائل صديقنا

الحاج لم يقف على هذا الكتاب ولا على كتاب فلسفة اللغة لجرجي زيدان وسر الليال لفارس الشدياق وكتب سر الاشتقاق للمستشرقين. 6 - الجواب يرى في الخواطر في اللغة في ص95 في البحث الذي عنوانه: بحث خامس في المجهول. فأن المؤلف ذكر سبب اختلاف الحركات وهو بحث شائق. أما قوله في الآخر: (فلم نفهم مما حرره شيئا) فليعف عن سكوتنا عنه إذ هذا لا يتعلق بنا، على إننا نراه قد فهم كل ما كتبنا بما أنه اعترض علينا هذه الاعتراضات الدقيقة النظر ولهذا نحمل كلامه على التواضع والتباؤس. قاصد وقصدا. معتنف واعتنافا س - ما أحسن لفظة تقوم مقام الإفرنجية ثم طهران: السيد محمد حسن ك. ل ج - لقد قلنا مرارا أن المعاجم الإفرنجية العربية لا تدلنا على لغتنا دلالة صحيحة صريحة، بل تحتاج إلى وضع مثلها وضعا يقوم بحاجاتنا وأحسن لفظة للأولى قاصد تقول: هذا طريق قاصد وللثاني قصدا تقول: ذهبت إليه قصدا. ويقال في معنى اللفظة الثالثة معتنف وفي صورة الحال: اعتنافا. قال في اللسان: يقال طريق معتنف أي غير قاصد. وقد اعتنف اعتنافا: إذا جار ولم يقصد. أهـ بحرفه. وكلها تؤدي الألفاظ الفرنسية أحسن تأدية. الشاذروان أو الجذر س - أي لفظة عربية تؤدي معنى في لغتنا؟ (دمشق: م. خ) ج - هي شاذروان الفارسية الأصل وقد وردت في الكتب القديمة حتى في عهد الجاهلية وقد قصرها العرب بصورة جذر (بفتح الأول) وشاذروان معروفة إلى عهدنا هذا في بغداد بالمعنى المذكور. أما الجذر فواردة في الحديث قال في النهاية: وحديث عائشة (رض): سألته عن الجذر، قال: هو الشاذروان الفارغ من البناء حول الكعبة.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 51. تاريخ الكتاب المقدس للمدرسة وللعائلة عن العلامتين شوستر وماي، للسيد العلامة المطران يوستوس كنيخت معاون أبرشية فريبورغ، مزين ببعض التصاوير، ترجمة الأبوان دونكيل وعلوان اللعازريان، طبع طبعة ثانية منقحة بمطبعة الاجتهاد في بيروت سنة 1923، في 288 ص بقطع الثمن الصغير. كتاب كثير الإفادة للمدارس وللبيوت المسيحية وهو مقسوم النص إلى ثلاثة أقسام: قسم خاص بالصفوف الابتدائية وهو من أهم ما يجب على التلميذ أن يتعلمه وهو غض الإهاب. وقسم يفيد الصفوف الثانوية بعد أن يكون أصحابها قد وقفوا على ما في القسم الأول، والنص الثالث يفيد الصفوف العالية وقد ضبط النص الخاص بالصغار ضبطا كاملا بالحركات والشكلات والعبارة حسنة على إننا نأخذ على المترجم أنه يوافق بعض الكتاب الضعفاء على اتخاذ شيء من التراكيب المخالفة للصواب. من ذلك قوله في المقدمة: (فها نحن نزفه وقد وضع نجمة) بدلا من قوله: (فها نحن أولاء نزفه وقد وضع نجم) لأن النجمة بمعنى جرم السماء النير لم يرد مفردا بالتاء في العربية بل هو نجم ويجمع على نجوم هذا فضلا عن أن هناك غلطا آخر وهو قوله: قد وضع نجمة، وهذه الكلمة مؤنثة فكان يحسن به أن يقول (وضعت نجمة) لو فرضنا أن نجمة صحيحة. وهناك وهم آخر جرى عليه مترجمو التوراة في سورية ومصر وهو انهم ينقلون أعلامها عن العوام لا عن اصلها العبري أو الشرقي. فيقولون مثلا صموئيل (ص85) وحقها: سموئيل والعرب قالت سموءل وكرر اسم اليصابات (في ص142 و145 و146) والصواب اليشباع كما في توراة الموصل، أو الإشباع

كما في تاريخ الطبري. أما اليصابات فليست بكلمة شرقية بل غربية وغريبة مصحفة اقبح التصحيف. وهناك غير هذه الأعلام المشوهة وذكر نص الصلاة الربية على الطريقة المألوفة عند العوام. وعندنا أن قولهم: ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض هو غير فصيح ولا يجوز أن يقال مثل ذلك التعبير، والذي نراه لائقا بالله أن تتلى الصلاة الربية على هذا الوجه؛ أبانا الذي في السموات تقدس اسمك، أتى ملكوتك، كانت مشيئتك على الأرض كما في السماء، اعطنا خبزنا كفاف اليوم، واغفر لنا خطايانا، كما تغفر لمن اخطأ إلينا، ولا تدخلنا في التجارب، لكن نجنا من الشرير. آمين أما أنه لا تقول العرب ليأت ملكوتك ونحوه، فلأنها لا ترى من اللائق بجلالته وعزته أن يؤمر بل أن يتمنى الشيء منه تمنيا، فقد قالوا في الدعاء: حفظه الله وحرسه ودفع عنه كل شر، وهم يريدون التعبير عن فكر الغير بقولهم: ليحفظه الله ويحرسه ويدفع عنه كل شر! 52. القلوب الكبيرة الرجال الذين خدموا أوطانهم وأنهضوها، سلسلة أبحاث شرقية تفيد الشرقيين، بقلم اسبر الغريب، صاحب مجلة الشمس ورئيس تحريرها في الأرجنتين وسورية، طبع في بيروت سنة 1926 في 111 ص بقطع الربع أي بقطع مجلتنا. في هذا المصنف ترجمة سبعة وأربعين رجلا من المشاهير، لم نر بينهم من الناطقين بالضاد واحدا بل جميعهم من أبناء الغرب إلاَّ واحدا فأنه فارسي. وهذا ما يجرح عواطفنا ويؤلمنا أشد الألم؛ إذ كنا نود أن نرى بعضا من قومنا في مصف هؤلاء الأفراد الأفذاذ. ومما نلاحظه على حضرة الأديب أنه لم يردف الأعلام بالحروف الإفرنجية وقد جارى قوما دون قوم في لفظها ولهذا كانت كتابتها بالحروف الغربية من اللازم. وفي بعض تلك التراجم اطلع المؤلف على بعض الكتب التي صنفها فريق

من الناس ليطعنوا بفريق آخر، فلم يتتبع التحقيقات الثقات الكتبة من الغربيين وهذا يظهر في ترجمة لغليليو غليلي فأنه جارى بعض ذوي الحزازات ولم يقف على تحقيقات صاحب المقتطف في هذا الصدد في مجلداته الأخيرة أو تحقيقات رجال التدقيق عند الغربيين. ولولا هذه الأغراض في أبناء شرقنا العزيز لكان الكتاب مفيدا. أما عبارته فلا بأس بها لكنها لا تخلو من متردم. كقوله في ص2 لتكون حياتهم امثولات عملية لنا؛ وامثولات عامية ولو قال في موضعها؛ لتكون حياتهم عظات لكان امتن. وقال فيها: وأنياب خصومها تنهش فيها نهشا، ولو قال تنهشها نهشا لكان أقوم. وفي ص3: بتمسكنا بالقديم البالي. وتكمشنا بمبادئ جدودنا. وفي لغتنا الفصحى لم ترد تكمش بمعنى اعتصم به وتشبث إنما هي من أوضاع العوام التي يعدل عنها. وفيها: واقرأ بإمعان تواريخ أبطال الأمم في السياسة والعلم والفنون والاختراع والحروب قلنا: قوله اقرأ بإمعان تركيب غير فصيح وأحسن منه: وترو (بتشديد الواو المفتوحة) في تواريخ أبطال الأمم ويحسن به أن يفرد الألفاظ الواردة بعد الأمم، أو أن يجمعها كلها ليكون التعبير امتن، على نسق يهز القارئ ويسمعه وقع الألفاظ وقعا متسلسلا فيقول مثلا في السياسة والعلم والفن والاختراع والحرب. على إن المؤلف أراد من تصنيفه حمل القارئ على التأسي بأعاظم الرجال فمن هذه الجهة فاز ببغيته. 53. منتخبات في أخبار اليمن من كتاب شمس العلوم. ودواء كلام العرب من الكلوم، لنشوان بن سعيد الحميري، وقد اعتنى بنسخها وتصحيحها عظيم الدين أحمد، طبعت في مطبعة بريل في ليدن سنة 1916. كتاب جليل لتاريخ اليمن ولا سيما لمعرفة أعلام مدن تلك الديار ولا يمكن أن تستغني عنه خزانة عربي يود الوقوف على تلك الأصقاع وهو محكم الوضع والطبع مع مقابلته على النسخ المعروفة من هذا الكتاب.

54. كتاب خطط الشام تأليف محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي، طبع في المطبعة الحديثة بدمشق 1343هـ 1925م، الجزء الأول في 314 ص بقطع الربع. 1 - تمهيد وضع العلامة الكبير، صديقنا محمد كرد علي سفرا يكون له أبد الدهر أثر فخر وذخر. كما سيكون مستمدا لكل من يأتي بعده. ويكتب شيئا مفيدا عن سورية. ولمثل (خطط الشام) لا يتصدى إلاَّ طائفة من العلماء تفرغت للتاريخ والتفريع (جغرافية) والعلم والأدب، وما يتشعب أو يتولد من هذه الأمهات. إذ مثل هذا التصنيف في عصرنا يتطلب وقوفا تاما على ما كتب في مواضيعه المتشتتة. ويختار منها ما يوافق الصدق والتدقيق. وهذه الأمور لا تتيسر إلاَّ لنفر يعد على الأصابع. ولما كان بعض الرجال قد رزقوا حظا وافرا من المواهب حتى أن واحدهم ليقوم بما يرزح تحت عبئه جماعة، رأينا حضرة الصديق في مقام عدة رجال فتولى بنفسه وضع هذا المصنف الفذ من نوعه وشحنه فوائد بل فرائد، فجاء حافلا وافيا بما انتدب له، فأدى الخدمة أحسن تأدية. (خطط الشام) بحر زاخر واسع المنبسط يحوي كل ما يتمنى القارئ أن يحصل عليه من المعارف التي تتعلق بتلك الديار العربية المحبوبة أن في الماضي وأن في الحاضر وأن في المستقبل. وهل من العجب بعد هذا أن نرى أناسا يحسدون المؤلف على كنزه هذا الثمين فيحاولون أن ينزعوا من صاحبه كل ما له فيه من الفضل المحسوس. والتضلع الملموس؛ وما ذلك إلاَّ لقصورهم عن الإتيان بمثله أو بما يقاربه نسجا ووشيا فلم يبق لهم إلاَّ الحسد وهذا هو بضاعة كل قاصر ضعيف عاجز. إننا نهنئ صديقنا الأستاذ بما نمنمت أنامله اللبقة ونتمنى له كل فوز ونجاح! على أن لكل كاتب آراء قد تكون خاصة به دون غيره. وقد تتفق وآراء

الغير وقد لا تتفق وإياها. ولقد بدا لنا بعض خواطر نعرضها على نظره هنا قد لا تصح لما فيها من الخلل أو السقم، وقد ينفجر منها وميض حق لأنه قيل: (ربما صحت الأجسام بالعلل). وبذلك يزول الخلاف، ويصلح بها نظرنا، بعد أن يكون قد دلنا على ما فيها من الزلل، فنهتدي إلى ما به سواء السبيل. ونقسم هذه البدوات قسمين: قسما عاما، وقسما خاصا. فالقسم العام يقع على مجمل التصنيف. والخاص يتعلق بما في بعض المواطن من مظان التحقق والتثبت. 2 - نقد عام (أ) من الأمور التي كنا نود أن نراها في طبع هذه (الخطط) أن يكون فرق في بعض عناوين الفصول والمباحث والمواضيع من جهة صورة الخط فالعين لا تميز بين حروف النص وحروف تلك العناوين. (ب) ليس فيها فهارس أعلام رجال أو مدن أو مواطن مرتبة على حروف الهجاء مع أن كل جزء قائم بنفسه وفي حاجة إلى أن يوضع له عدة فهارس لينتفع بها الباحث ويعدل عن تصفح المواضيع الواحد بعد الآخر ليظفر بما ينشده (ج) نسيانه كتابة بعض الأعلام الإفرنجية بحروف رومانية وهذه خلة لا يحسن أن تكون في كتاب جليل مثل هذا. (د) لا يذكر في اسفل الصفحة السند الذي اعتمد عليه في ذكر بعض الأمور وفي مثل مضامين الخطط لا بد من الإشارة إليها للمراجعة؛ إن كانت تلك المظان عربية أو غربية؛ وقد ظهر لنا في بعض المواطن أن وقع في الترجمة بعض آراء شككنا في صحة نسبتها إلى قائلها الغربي ولما أردنا مراجعتها كابدنا عرق القربة للظفر بها، وأغلب الأحايين لم نتمكن من وضع يدنا عليها. ولهذا كان يحسن بالمؤلف أن يوفر هذه الكلفة على المحقق أو على من يريد التثبت من صحة النقل أو الترجمة. (هـ) قد وقع في الكتاب عدة أغلاط طبع ولم يذكر لها تصويب في آخر الكتاب فلعل المؤلف يفعل ذلك في الجزء الذي يضع فيه الفهارس المختلفة فيضع تلك الصحيحات في باب يفرده لها.

(و) بعض قطع الفصول طويلة جدا، تتعب مطالعتها القارئ وفي تلك القطعة أفكار مختلفة كان يحسن أن تقطع في موطنها ويبدأ بالفكر المغاير لما تقدمه بسطر ينحرف عن بقية السطور إراحة للبصر والفكر. (ز) كان يحسن بالمؤلف الجليل أن يضبط بعض الأعلام أو بعضا لألفاظ في مواطن مختلفة نفيا لكل لبس، وإن يشير ذلك باللفظ إن لم يتيسر له الضبط بالشكلات إذ قد يصعب وجود حروف عليها علامات الاعجام (أي الحركات). (ح) عند ذكر بعض الأدباء لم يتخذ في سرد أسمائهم ترتيبا منظما على طريقة من الطرائق، لا ترتيب حروف المعجم ولا ترتيب سني ولادتهم أو وفاتهم أو عمرهم، ولا على أي أسلوب كان، ولهذا ترى أسماء رجال بجانب رجال آخرين ما كنت تود أن تراهم في ذلك الموضع. (ط) هذا الكتاب النفيس خال من مصورات البلاد وهو أمر عظيم النقص في عهدنا هذا ولمثل هذا المصنف. (ي) ذكر المؤلف أسماء الكتب التي اعتمد عليها في وضع تصنيفه. ومن الأسف إنه لم يتبع نظاما في وضع تلك الأسماء؛ فإنه لم يراع فيها قدم التأليف ولا حروف الهجاء لأسماء الكتب ولأعلام المصنفين؛ لا سني الموالد ولا سني الوفيات. فإذا أراد الباحث أن يحقق نصا ذكره المؤلف في كتابه وأراد أن يعرف اسم الكاتب الذي يجد فيه ذاك النص لا يستطيع أن يهتدي إلى العثور على عنوان التصنيف إلاَّ بعد شق النفس وقد وقع لنا هذا الأمر مرارا حتى أضعنا وقتا جليلا لنظفر بضالتنا. أما لو كان جرى على أسلوب منظم كما يفعل الإفرنج في سرد الأعلام والعناوين لكفانا مؤونة البحث والتنقيب ونشد الضالة بين صفوف تلك الأسماء التي نشبهها بخيم الأعراب مضروبة على غير وجه سوي. هذا مجمل ما عن لنا في هذا المعنى ونحن متأكدون أن هناك غير هذه المآخذ التي ذكرناها. 3 - نقد خاص كان يليق بنا أن نجمع ما نظنه مخالفا لرأينا طوائف طوائف بعناوين تحصرها أي أن نجمع مثلا أغلاط الطبع ثم ننتقل إلى طائفة الأغلاط التي نظنها مخالفة

لأصول النحاة أو الصرفيين. ونجمع في عنوان ثالث ما نظنه مخالفا لتفسير اللغويين ونعقد فصلا رابعا لما نظنه مخالفا لأغلاط التعريب والترجمة، وهكذا نجري في وجهنا متخذين لكل طائفة مما نخاله خللا عنوانا خاصا ليسهل على الباحث الوقوف على ما يريد أن يتتبعه من الزلل، إذ ما يهم هذا الرجل لا يفيد ذلك القارئ. بيد أن ذلك يتطلب تبويبا خاصا، ووقتا وافرا، وتتبعا مضجرا؛ فعدلنا عن هذا النهج إلى أسلوب آخر أهون علينا. وهو قراءة الكتاب صفحة صفحة والإشارة إلى ما نظنه فيها خطأ، إذ قد يتفق أن فهمنا لا يبلغ شأو الكاتب الضليع فنكون نحن المخطئين والصديق العلامة هو المصيب، ولهذا نعرض رأينا غير جازمين بصحته بل طالبين الهداية إلى سبيل الصواب. وإذ قد مهدنا هذا نقول: 1 - ورد في ص5 كلمة مجريط بمعنى مدريد كما كان ينطق بها السلف في القرون الوسطى ونحن لا نستحسن هذا الرأي الذي هو أيضا رأي الصديق أحمد زكي باشا. نعم إننا نصوبه إذا وضع بجانب العلم العربي ما يقابله اليوم لفظا عند العلماء أو أن يتلى باسمه بالحرف الإفرنجي. والأعلام يجب أن تلفظ كما ينطق بها أصحابها ومجريط لفظ قبيح مرغوب عنه لكلمة مدريد عاصمة أسبانية. فلو وضع بجانبها الكلمة المتعارفة اليوم لعذرناه. أما أنه وضعها بدون ردف فلا نستحسنه وما نقوله عن أعلام المدن نثبته لأعلام الرجال وإلاَّ أفيقبل حضرة الصديق أن نقول: جنبرة وجربدة وإفرنجة وفرنجة في مكان جنيف وجيرون وفرنسة مع أن الكتاب كلهم أجمعين لا يعرفون إلاَّ هذه الأخيرة حتى الذين يقولون باتخاذ الأسماء القديمة. وكذلك القول في أسماء الرجال والنساء فأن السلف قالوا: عرماز وقلودية وغرطلة وقارلة في من نسميهم اليوم غدمار وكلوفيس وكلوتلدة وشرلمان، أو شرل الكبير أو كرلس العظيم فأين أعلام السلف من أعلامنا التي يعرفها أولادنا اليوم؟ نعم إن بعض الأعلام اشتهرت بصورها العربية لكثرة تداولها على الألسن فمثل هذه الأسماء ندع للناس حرية الجري عليها كالأندلس وبلنسية وطليطلة وبلد الوليد إلى نحوها. أما اتباع الأعلام التي قل استعمالها أو ندر اتخاذها فنحن لا نوافق الكتاب الأقدمين على متابعتهم لما هناك من العنت وسوء الفهم والتفهيم

ولأن لكل مقال مقاما ولكل دولة وعصر رجالا وأبطالا. 2 - ذكر المؤلف في ص7 إن علماء الغرب وسياحهم صنفوا بين سنتي 1805 - 1903 خمسة وتسعين كتابا فقط في آثار البتراء (وادي موسى). . . وقد كرر مثل هذا القول (أي البتراء) أنها هي المعروفة بوادي موسى مرارا عديدة وهو رأي صاحب المقتطف وكثيرين غيره. ونحن نخالفهم كل المخالفة لأن البتراء ليست بوادي موسى اليوم التي كانت معروفة في سابق العهد باسم سلع (بفتح فسكون) فهذه المدينة هي التي تسمى بالإفرنجية وهذه ليست بالبتراء العربية كما يتضح ذلك من مراجعة ياقوت في معجمه فقد قال: (البتراء كأنه تأنيث الابتر؛ موضع ذكره في غزوة النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني الحيان. قال ابن هشام: سلك النبي - صلى الله عليه وسلم - على غراب ثم على مخيض، ثم على البتراء، وذكر ابن اسحق في مساجد النبي (ص) في طريقه إلى تبوك فقال: ومسجد بطرف البتراء من ذنب الكواكب. أهـ فهذا نص واضح على أن البتراء هي دون تبوك الواقعة في شماليها. وأما سلع فهي ليست من بلاد ذبيان من ديار قضاعة. بل في شمال غربي معان أو في جنوبي الشراة فأين هذه من تلك؟ إلاَّ أن الذي خدع كتبة العصر في هذا الصدد هو مشابهة الأسمين؛ وكم من ظواهر عرضت بمعارض الجواهر! وهناك سلع أخرى غير سلع الأنباط هي سلع أرض يثرب. قال الهمداني في كتابة صفة جزيرة العرب 124: أرض يثرب المدينة وقبا والفضاء وأحد والعقيق وبطحان وسلع والحرة. . . إلى آخر ما ذكر - نعم إن بعضهم ذكروا سلع بالاسم الغربي، لكنه لم يسموه بالبتراء لكي لا يختلط بالبتراء العربية بل قالوا: بطرا بدون أداة التعريف وبطاء بعد الباء. قال ابن البيطار في مادة علك (ديسقوريلس في 1 وصمغ شجرة الحبة الخضراء يؤتى به من بلاد الغرب ومن البلاد التي يقال لها بطرا وقد يكون بفلسطين وسورية). . . إلى آخر ما ذكر ولا نريد أن نطيل الكلام في مسألة هي اظهر من الشمس في رائعة النهار. 3 - وفي تلك الصفحة 7 قال علامتنا (لأن كل أمة أعرف على الغالب بحالتها) ونظن أن المرتب نسي الكلمات التي بعدها وهي: (أعرف على الغالب

بحالتها من غيرها بها) ولعلها تصلح في باب التصويبات. 4 - وفي ص8 يقول حفظه الله: والتاريخ ربيب الحرية لا يتصرف على هوى من يكتبه ويقرأوه) هكذا وردت بألف مهموزة بعدها واو. وغلط الطبع صريح هنا والمقام يطلب أن نقرأها: (ويقرأه). 5 - وفي تلك الصفحة عينها: ولا على أذواق المعاصرين وميولهم. وجمع ميل على ميول فاش بين كتبة مصر ولم نجد له أثرا عند الفصحاء ولا عند المولدين راجع ما كتبناه في مجلتنا 416: 4 6 - وفي ذلك الوجه نفسه: فوجد فيه أشياء توهمها في ثلب أعراض الناس فأعدمه. وأعدمه وإن كان لها توجيه إلاَّ أنها لا تليق بأن ترد على قلم صديقنا وهو إمام المجمع مجمع العلماء ولو قال: قتله أو أتلفه لكان أقوم. لأن المعاصرين يريدون بإعدامه: قتله رميا بالرصاص بأمر الحاكم أو بمن يدعي أنه يتولى الحكم والقضاء فالرمي بالرصاص هو المعني في هذا اللفظ. 7 - ورد في ص38 تعريب عناوين المصنفات الإفرنجية رأينا فيه تساهلا عظيما كقوله في الرقم 595 كتاب مؤرخي الحروب. مع إن العنوان الإفرنجي يقول أي مقتطف أو جنى وهم يريدون بذلك مجموعة مقتطفة من عدة مؤرخين مثلا. وفي رقم 599 (القاموس السياسي والاجتماعي) والذي في الأصل الإفرنجي معناه معجم صغير في السياسة والاجتماع. وفي رقم 603 جبل اتوس والمشهور جبل اثوس بثاء مثلثة. وفي رقم 617 موآب والمشهور عن العرب أنهم يكتبونها مآب وزان مقال أو مؤاب كفؤاد. 8 - ومما استغربناه قوله في ص47، ونظنه مأخوذا عن ياقوت: (ويقال إن فلسطين سميت بفلسطين بن سام أو بفلسطين بن كلثوم أو بفليستين بن كسلوخيم من بني يافث بن نوح ثم عربت فليشين) (كذا) فهو لا يرجح هنا رأيا على رأي كما لم يجرح علة هذه التسميات الواهية؛ مع ظهور فسادها؛ ولم يذكر لنا رأي علماء الغرب في عهدنا هذا؛ بعد إن أطلع على تلك المجلدات العديدة التي بلغ مجموعها 4695 فلقد اكتفى صديقنا بإيراد مقال صاحب معجم البلدان كما نطق به في كتابه في مادة فلسطين ولم يطرفنا بشيء جديد مع أن ذلك الرأي قد

أكل عليه الدهر وشرب ونسج عنكبوت العتق عليه بيته فلم يبق فيه عظيم فائدة والذي وجدناه اقرب إلى الحق ما جهر به فريدريك دليج الألماني أن فلسطين كان في الأصل اسم قوم نزل الجنوب الغربي من فلسطين الحالية فسمي الموضع باسم نازليه. وقد ورد في الرقم الآشورية بصورة (مات فلسط وفلسط وفلسط) (مات بفتح فألف وتاء مبسوطة ساكنة. وفلسط الأولى بفتحتين فسكون فضم؛ والثانية بكسرتين فسكون فضم؛ والثالثة بكسرتين فسكون ففتح). 9 - وجاء في ص48: (وقيل سمي الشام شاما لأنه عن شمال الكعبة والشام لغة في الشمال. . .) ونحن لا نجرؤ أن نقول: الشام لغة في الشمال؛ بل نقول مثلا الشام مرادف للشمال ثم قصروا اللفظة فقالوا (شم) ثم مدوها ليجعلوها على ثلاثة حروف فصارت شلما. وهذا الرأي مع غيره ضعيف والأرجح أنه سمي بسام بن نوح. ثم قال حضرته بعنوان: معنى الشام وجمعه؛ واختصرت العرب من شامين الشام؛ وغلب على الصقع كله (ياقوت) والذي أطلع على ما كتب المؤلف لا يرى أنه قال قبل هذا النص قولا يفيدنا عن (شامين) شيئا؛ بخلاف ياقوت فإنه قال قبل إيراد هذه الجملة:. . . وانخزل تسعة أسباط ونصف إلى مدينة يقال لها شامين وبها سميت الشام. . . فاختصرت العرب من شامين. . . إلى آخر الكلام. وبهذه الصورة تفهم عبارة صديقنا؛ وإلاَّ تكون مبتورة لا تفيد فتيلا. 10 - وفي ص49 جاءت بهسنا مكتوبة بصورة الياء في الآخر والشائع أنها بالألف القائمة للإشارة إلى أصلها الارمي. وما كان كذلك يرسم في أغلب الأحايين بالألف القائمة. وقال فيها (بل حد الشام ينتهي بسفوح جبال طوروس المعروفة بالدروب عند العرب. . .) قلنا: إن المؤلف هنا عمم مع أن الدرب قد ورد اسما لعدة مواطن أو لعدة مضايق في الجبال. نعم قال ياقوت: وإذا أطلقت لفظ الدرب أردت به ما بين طرسوس وبلاد الروم لأنه مضيق كالدرب. . . فهذا لا يدل على سفوح جبال طوروس كما استنتج صديقنا العزيز بل المضايق التي ترى هناك. ثم إننا لا نرى سبب اتخاذ كلمة (طوروس) بدلا من كلمة جبل التي عرفها العرب. فإذا كان حريصا على اتخاذ (مجريط) في موطن مدريد؛ فما احراه

أن يقول جبل (من باب حذف أداة التعريف) في هذا المعنى وقد ذكره أبو الفداء في تقويمه في ص70 من طبعة باريس. وهناك ملاحظة أخرى أن (طورس) لفظة سامية الأصل من (طور) ومعناها جبل فلا نرى سبب إبقائها على إفرنجيتها ولو قال (طورس) والأحسن (طور) لخفت وطأة العجمة، تلك العجمة التي نحن في مندوحة عنها. 11 - وعجبنا من قوله في ص50 (شاطئ البحر الأبيض المتوسط) فقوله (البحر الأبيض) في موطن بحر الروم وهو الاسم المشهور عند سلفنا غريب جدا. فتسميته بالبحر الأبيض تسمية تركية مغولية تورانية طمطمانية لا حق لها من الصحة أبدا. وقد استهونا قول الكتاب المعاصرين (البحر المتوسط) من باب الترجمة من الإفرنجية. وسبب التسمية معقول لأنه يتوسط آسية وأفريقية وأوربة أو بعبارة أخرى يتوسط الأرض المعروفة في القديم، لكن تسميته بالبحر الأبيض هي في غير محلها. ثم إن المطبعة قد ضبطت كلمة شاطئ بياء منقوطة يليها همزة واقعة وراء الياء فيأتي وزن اللفظة حينئذ فاعيل لا فاعل. والطابع قد جرى على هذا الأسلوب القبيح في جميع الألفاظ المنتهية بهمزة مكسور ما قبلها فقد كتبها دائما بياء ثم أعقبها بهمزة ولا أظن أن صديقنا التفت إلى هذا الرسم المخل بقواعد الصرف والنحو معا. وتكرير هذا الغلط جاء مئات لا عشرات! 12 - في ص51 قال كاتبنا: (وهذا الحد مصنع كل التصنيع) والذي نعرفه أن صنع بهذا المعنى عامي قبيح لم نجد له أثرا في مدونات الفصحاء، ولو قال وهذا الحد موضوع كل الوضع أو مختلق أو مفتعل أو موهوم أو نحو ذلك لاستغنى عن لغة العامة. وذكر في تلك الصفحة مساحة الشام عند الأقدمين، ولم يذكر لنا في أي عصر من عصور التاريخ. فلقد اختلفت مساحته باختلاف القرون والأزمان وأجيال الناس، فكان يحسن بالصديق أن يبين مساحته مع تحديد عصره ولهذا اختلفت الأقوال في تقدير طوله وعرضه. وضبطت اجأ وزان سحاب أي أنها وردت مكتوبة هكذا (اجاء) والصواب (اجأ) (أي وزان سبب) وهو أشهر

من أن يذكر. وقال: وراء البتراء المعروفة عند الرومان بروفنسيا ارابيا أو ارابيا بترا) - قلنا: البتراء اسم قرية لا اسم إقليم، والإقليم المسمى عند الرومان (ارابيا بترا) هي (عربة الحجرة) لوجود الجبال في تلك الأنحاء وهي من أقسام جزيرة العرب عندهم يومئذ، والقسمان الآخران هما: عربة السعيدة أو الميمونة، وعربة القفرة. هذا الذي تعلمناه ونحن صغار، ولا نعلم موقعه من الصحة. 13 - وفي ص52 (قارة أفريقية) ونحن لا نرى حاجة إلى استعمال كلمة قارة التركية التي اصلها (قره) فقولنا أفريقية أو آسية أو أوربة أو أميركة كاف للدلالة على ما نريده. وسلفنا لم يستعمل أبدا كلمة قارة فهي من وضع المترجمين من الأجانب ولا سيما من التركية؛ وإن أصررنا إلاَّ اتخاذ ما يرادفها فعندنا البر بهذا المعنى. وقد استعمل المؤلف القارة مرارا. 14 - وفي ص53: (ودمشق أهم مدن الشام وعاصمته في الإسلام وعلى عهد السريان) لم نفهم المراد بالسريان، فأي القوم هؤلاء وفي أي عصر. ثم قال: (وتجي بالعظم بعد دمشق مدينة حلب ثم بيروت ثم القدس) ونحن نرى قول من يقول: فبيروت فالقدس أبين للمراد هنا. 15 - وفي ص54 (ومن المروج: مرج ابن عامر وصارونه والبلقاء) ولم نجد في كتب السلف من ذكر (صارونه) كما لم نجد لهذه اللفظة أثرا في مصنفات المتأخرين. والذي نعرفه هو (شارون) كما ورد في التوراة في مواطن عديدة. وقد يتلفظ به بعضهم بالسين المهملة فيقول سارون. وأما (صارونه) بالصاد في الأول وبالهاء في الآخر فلم نرها في كتبنا. وفي الصفحة المذكورة عقد المؤلف فصلا ذكر فيه خيرات الشام بوجه عام ولم يفصل كل خير في باب له فيعقد للأشجار فصلا والأزهار فصلا والبقول فصلا ثالثا وللأطيار فصلا رابعا إلى آخر ما هناك من حيوانات ومعادن فاجتزأ عن كل ذلك بعشرة اسطر لا تفي لمثل هذا الكتاب الجليل. وفي تلك الصفحة ذكر النيلة وهي لغة عامية في النيل. وذكر فيها أيضا الإسفلت ونحن نعرفه

باسم القير أو القار - والبترول ونحن نسميه النفط أو الزيت الحجري - والانتيمون ونحن نسميه الاثمد. 16 - وقال في ص55 (ثم آوى (الشام) إليه الشيع الغريبة من النحل والمذاهب التي لا مثيل لها في غيره كالدرزية والإسماعيلية والموارنة والسامرة قلنا: الموارنة قوم لا نحلة أو مذهب. 17 - وفي ص57 ذكر بين أوائل سكان الشام: العمو. والذي نراه هو (الامو) بهمزة لا بعين ومعناها الأمة أو الشعب. والأمة مشتقة من هذا اللفظ أو بالعكس. وذكر بين أولئك الأقوام الأقدمين: العموريين. والمشهور عنهم أن اسمهم كان الاموريين بالهمزة أيضا لا بالعين. وفي تلك الصفحة في السطر 5 (اختلطت على ما يظهرا بذرية لود) ولم نفهم سبب تثنية الفعل في العبارة المذكورة. كما لم نفهم سبب تركه كتابة لود بهذه الصورة التي يجهلها السلف. والمشهور لاوذ كداود وبذال معجمة في الآخر كما ذكرها الفيروزابادي وتاج العروس وابن خلدون وغيرهم، على أن بعضهم ضبط لاوذ كهاون وهو دون الأول صحة وضبطا. 18 - وفي ص58 (وربما عني بهم الحثيين والعموريين) ونظنه أراد: وربما عنى بهم (بإهمال الياء) الحثييين والاموريين. وفي تلك الصفحة (في الحوض الأعلى من نهري الفرات وقزل أيرمق) وهو يريد في (السقي الأعلى) من نهري. . . والسلف لم ينطق بغير ما قلناه في معنى قول الإفرنج قال الحريري في مقامته الفراتية: أويت في بعض الفترات، إلى سقي الفرات. قال المطرزي شارحه: سقي الفرات هو ما يسقيه الفرات من القرى تسمية بالمصدر أو على حذف المضاف، وبخط الحريري؛ سقي بكسر السين. أهـ. وفي تلك الصفحة قوله: فينيقية. وكتبها آخرون فونيقي وجماعة فونيقية وآخرون غير ما تقدم. وعندنا إن كتابتها فنيقية هي الصحيحة. كيفما اعتبرت اللفظة سامية الأصل أو يونانية. لأن الحرف العليل الذي يلي الفاء في اليونانية هو بمنزلة حركة أي أنها قصيرة النفس لا ممدودة، وكثيرا ما يعرب الكتبة الأعلام الأعجمية من غير أن ينتبهوا إلى مد الحرف العليل وقصره وهذه مسألة مهمة لمن يعنى

بهذا الأمر. فالعليل من الحروف القصير النفس يقابله في العربية الحركة لا الحرف نفسه. 19 - وفي ص59 (ذكر الدم الآري والقافقاسي) وهذه الكلمة شنيعة الاستعمال جاءتنا عن طريق الترك والصواب (قافي أو كوه قافي) لأن الكلمة الإفرنجية منحوتة من كوه الفارسية أي جبل وقاف أي قاف وهو الجبل المشهور عند العرب. وقد أصلحنا هذه التسمية المخطوءة في مجلتنا سابقا (238: 2) فهل يجوز لنا أن نصحف الألفاظ التي ذكرها السلف لنتلقاها عن الإفرنج. ولا سيما عن الترك وهم قد صحفوها هذا التصحيف الممقوت ثم أن قوله الدم لا يفيد كلمة الإفرنجية فهذه تعني الرس بالعربية والكلمة الفرنسية عربية النجار على ما ترى وعلى ما تتحققه من معاجم لغتنا المبينة. وفي تلك الصفحة ذكر القوم المعروف بالإغريق بصورة: (اكريكش) وهي غير مألوفة. قال ابن القفطي في ترجمة انبيدقليس: ولغة اليونانيين تسمى الإغريقية وكذا قال في مادة أفلاطون وقال عن ابلن: حكيم طبائعي. . . وهو أول من استنبط حروف اللغة الإغريقية. وقال مؤلفنا في تلك الصفحة: واستعربت (شعوب الشام القديمة) فلم تعد تعرف غير العربية ولا نرى وجها لقوله فلم تعد ولو قال في موضعها: حتى أنها لا تعرف غير العربية لكان أقوم. وقال أيضا: (والدليل أن نرام سين بن سرجون ملك الكلدان) والصحيح أن اسم الملك هو (نرحم سين) أي (الإله القمر يرحم) بمعنى يرحمني سين الإله. لكن لما كان الإفرنج يحذفون الحروف الحلقية قالوا نرام سين. ثم إن هذا الملك لم يكن منالكلدان بل من الآشوريين وبين القومين فرق لا ينكر. 20 - وفي ص60 (إن فيلبس الروماني الذي صار إمبراطورا في رومية سنة 244 ب م) قلنا لم نبايع فيلبس العربي الروماني بالعاهلية في رومة. بل خارجا عنها. وذلك أنه صحب غرديانس الانبراطور (أو الانبراذور، لكن لا الإمبراطور لأن هذه الكتابة مخالفة لأصول لغتنا العزيزة) في زحفه إلى الفرس فشغب الجند على قيصرهم وقتلوه في الطريق وأقاموا عليهم بدلا منه فيلبس العربي في سنة 244. (راجع هذا الجزء ص504)

21 - وفي ص61 سمى العراق (ما بين النهرين) وسلفنا لم يعرف هذه التسمية. وفيها (فإن تغلب فلازر الثاني أحد ملوك آشور غزا الشام مرارا من سنة 743 إلى سنة 732 ق م) قلنا نرى في هذه العبارة أشياء لا توافق ما قرره العلماء الإثبات: أولا أن تغلت فلازر بهذا اللفظ غير معروف، إنما قالوا تغلث فلاسر أو تجلث فلاشر وكلاهما غير فصيح والصواب تكلت فلاسر أي متوكلي على ابن اسر) (وهو الإله فن إب) ثم أن الذي غزا الشام لم يكن تكلت فلاسر الثاني كما جاء في كثير من الكتب لأن هذا طوى بساط أيامه في سنة 112 ق م وكان قد غزا أرمينية وكماجينة ثم قطع الفرات وكسر الحثيين. أما الذي غزا الشام فهو الثالث من المسمين بهذا الاسم وكان قد ملك من سنة 745 إلى سنة 747 فقول صديقنا إنه غزا الشام سنة 743 لا يوافق التاريخ لأنه لم يكن (راجع معجم فيكورو. في مادة تكلت فلاسر تر التفصيل على ما ذكرناه وأزيد) وقد عرف هذا الملك باسم (فول) عند العبريين. وفي تلك الصفحة: (فأذن لهم على شروط شرطها لهم) والمشهور شرطها عليهم. وفي تلك الصفحة (والحارث) على أن الذي أثبته المحققون أن كلمة (حارث) إذا دخلت عليها ال التعريف كتبوها بدون ألف بعد الحاء وإلاَّ كتبوها (حارث) وأغلب الكتاب لم يتبعوها ولا سيما في عصرنا. أما الفصحاء فقد جروا على ما حضره السلف. 22 - وفي ص62 (العماير) بياء قبل الراء والمشهور المتبع بوضع همزة على كرسي الياء. وفيها (ولم يعرف الزمن الذي كان فيه التنوخيون، وبعضهم يقول إنهم كانوا في أواخر القرن الثالث للمسيح) والذي أثبته كوسين دي برسفال في كتابه (199: 2) أن ذلك وقع في سنة 272 للميلاد. قلنا: وهذا رأي قديم وأما المحدثون من المستشرقين فيذهبون إلى أن التنوخبين قدموا إلى ديار الشام في بدء تاريخ النصرانية وقد جاؤوا إليها من جنوبي عربة (راجع دوسو ص9) وهو غير بعيد لأن جزيرة العرب متصلة بفلسطين والشام ولبنان، وتسرب العرب إلى تلك الأصقاع كان منذ العهد البعيد في القدم ومهما أوغلنا في التاريخ نرى عربا في تلك الربوع المريعة (بفتح الميم) الخصبة. 23 - وفي ص63 (القائد بومبي) ونحن نفضل عليها الرواية اللاتينية

أي القائد بومبيوس وأحسن منها بونبيوس، لنراعي من الجهة الواحدة حقوق الأعلام وأن يتلفظ على ما يتلفظ بها أصحابها ويتسموا بها ومن الجهة الأخرى لنحافظ على أصول لغتنا المبينة، لأنها لا ترضى بأن يسبق الباء ميم بل نون كما هو مقرر في كتبنا النحوية واللغوية. وقال في تلك الصفحة (قال دوسو لم تكن هجرة العرب إلى سورية مما ينسب لإدارة الرومان كما يظن بعضهم. بل أن الأحوال قد سهلت طرقها في ذلك العصر وضمنت لهم رسوخ قدمها في ظل السلام. فقد كانت مدينة حمص في يد حكومة عربية قبل وصول القائد بومبي إلى سورية وأن الاقيال الذين تولوا أمر تلك البلاد لتطلق عليهم ألقاب عربية صرفة كما يفهم من آثار الصفا. ولما جاء الاسكندر إلى الشام كان العرب يحتلون لبنان. أهـ لما وقفنا على هذا النص. ارتبنا في صحة نقله على ما هو، وقلنا إن هناك حذف كلمتين أو ثلاث، زعزعت المعنى من أركانه. فأخذنا نبحث عن النص الأصلي الإفرنجي ولم نظفر به إلاَّ بعد لأي. وهذا تعريبه بحرفه على ما انجلى لنا: (لا تنسب مهاجرة العرب إلى سورية إلى التنظيم الروماني (وحده) كما قد (يمكن) أن يظن؛ إنما الأحوال وافقتها في ذيالك الحين. واثبت لها قدم سلم. فإن مدينة حمص كانت بيد أسرة مالكة عربية قبل مجيء بنبيوس إليها؛ ولهؤلاء الشيوخ (أو الاقيال) (أسماء) عربية محضة كشمس جرم (أي الشمس الحارة) ويملك، وعزيز، وسهيم (بالتصغير) نراها في النصوص الصفوية. وفي الرها شيوخ (أو اقيال) آخرون وأسماؤهم أسماء عربية كأسماء الأولين نفسها. وهذا ما يؤول دخول عبادة العزى الزهرة (وفي الأصل الإفرنجي العزيز فصفورس وهذه كلمة يونانية معناها زاهر أي نير أو منير) وبعد نحو ثلاث صفحات قال دوسو: وحين هبط الاسكندر سورية يذكر أن العرب (محتلون) لبنان. وفي إيراد هذا النص فرق عما قاله الصديق العلامة الذي ينفي بتاتا أية صلة بين هجرة العرب إلى سورية وبين إدارة الرومان لها. والحال أن دوسو لا ينكرها إلاَّ أنه لا ينسب (جميع) أسباب تلك الهجرة إليها. بل بعضها إذ يقول (وحدها)؛ ثم إن المؤلف لم يقل (كما يظن بعضهم) بل يقول: كما (قد يمكن) أن يظن

وبين التعبيرين فرق عظيم في نظر من يريد التدقيق والتحقيق. ولم يقل المؤلف (قد سهلت طرقها) أي طرق المهاجرة بل (وافقتها). وهناك فرق آخر أن حضرة الصديق قال: (لتطلق عليهم ألقاب عربية) مع أن الأسماء التي مرت بك ليست ألقابا بل أسماء، إذ قد يكون الاسم روميا مثلا واللقب عربيا. كما قد يسمى الفرس والترك والهنود بأسماء معروفة في لغاتهم وإذا أرادوا أن يلقبوهم لقبوهم بألقاب عربية. وأنت ترى أن هناك فرقا في هذه التسمية أو هذا التلقيب إذ يتركب عليها نتائج قومية لا تخفى على الناقد البصير. ثم قول الصديق في آخر معربه (وقد أهمل تعريب ما يقارب ثلاث صفحات ولم يشر إلى تلك الطفرة بوضع ثلاث نقط بين الكلام السابق والكلام اللاحق كما هو مألوف النقلة المدققين) يختلف عن قول الكاتب الإفرنجي فأن هذا يعتبر وجود العرب قبل مجيء الاسكندر إلى لبنان بقوله: كانوا (محتلين) لبنان. أما كلام الصديق فيشعر بأن العرب (كانوا يحتلون) البلاد عند هبوطه إليها. وأنت ترى البون البين بين التعبيرين، فنحن نرى المؤلف الإفرنجي يعتقد بوجود العرب في لبنان قبل الاسكندر والصديق يريد أن يراهم قادمين إلى لبنان في حين قدوم الاسكندر إليه. ولهذا كنا نود أن يذكر صاحب الخطط محل وجود النص الأصلي الذي ينقله إلى كتابه عربيا كان ذلك النص أو أعجميا ليهتدي الباحث إليه حين يخامره شك في صحة النقل. وجاء في تلك الصفحة ذكر السميذع، بذال معجمة وقد تكرر مثل هذا الرسم مرارا ولعله اعتمد في ذلك على محيط المحيط (الكثير الخطأ الذي لا تخلو منه صفحة واحدة) أما المحققون فقد قالوا إن السميدع تكتب بالدال المهملة (راجع لسان العرب والقاموس والتاج ولا سيما تاريخ الطبري وشمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم لنشوان بن سعيد الحميري ص52) وورد في تلك الصفحة قوله: (في بلاد الصنوبر) وضبط الصنوبر بكسر الصاد وفتح النون المشددة. ونحن لم نجد هذا الضبط في الأصل الذي نقل عنه. كما لم نجد له اثر في كتب لغويينا والمعروف بفتح الصاد والنون وإسكان الواو.

24 - وقال في ص64 (وليكونوا عدة ضد الفرس. . . ومن أشهر ملوكهم زياد بن المهبولة) قلنا: أسفا وألف أسف على زياد أن ينسب إلى ابن المهبولة إنما هو ابن الهبولة أو ابن هبولة أو الهبول، كما ذكره الفيروزابادي والسيد مرتضى وابن الأثير وغيرهم) ثم ما معنى هذا التركيب الإفرنجي قولهم: وليكونوا عدة ضد الفرس، فهذا تعبير لم يعرفه سلفنا ولا يقبلونه وقد اكثر منه أصحاب الجرائد والمجلات والكتب العصرية. والصواب: وليكونوا عدة على الفرس. وفي تلك الصفحة (وابن عزيز اللخمي) وفي ذلك العصر لم يشتهر أحد باسم العزيز لأنه كان خاصا بالله. والصواب: العزير براء مهملة في الآخر والكلمة وزان صغير. وفيها: ومروا الحيانيات؛ والصواب ومرو والحيانيات بالعطف لا بالإضافة وفي تلك الصفحة نقلا عن الهمداني (وأما كلب فمساكنها السماوة) فقال صديقنا شارحا السماوة (والسماوة: الأرض المستوية لا حجر بها وهي البادية بين الكوفة والشام) ونحن لا نوافقه على هذا الرأي فالسماوة التي هي مسكن كلب ليست (ببادية السماوة) إذ هذه بين الكوفة والشام المعروفة اليوم بالشامية أو ببادية الشام. أما السماوة التي لا يسبقها كلمة (البادية) فهي موطن آخر فيه ماء؛ وما كان كذلك يسميه أجدادنا (ماءة) فالسماوة ماءة لا بادية وبين الاثنين فرق ظاهر لا يخفى على أحد. قال السكري: السماوة ماءة الكلب قاله في تفسير قول جرير: صبحت عمان الخيل زهوا كأنها ... قطا هاج من فوق السماوة ناهل وفي تلك الصفحة (ومن بني الحرث بن كعب بيت يسكنون بالفلجة) وقد ذكر هذا الكلام بعد قوله: (ومن كلب بأرض الغوطة عامر بن الحصين بن عليم وابن رباب المعقلي) ولم يفصل بين الكلامين بفاصل، والذي في كتاب الهمداني الذي نقل عنه أربعة عشر سطرا. فلو وضع الصديق بين (المعقلي) وبين (ومن بني الحرث) ثلاث نقط لفهمنا أن هناك كلما أو سطورا محذوفة ليطمئن بال القارئ في ما يطالعه. وفي تلك الصفحة فسر الفلجات بقوله (والفلجات في شعر حسان بالشام كالمشارف والمزالف بالعراق. والمشارف جمع مشرف قرى قرب حوران منها بصرى من الشام) فلم يتفق قوله: كالمشارف والمزالف

بالعراق وقوله: والمشارف قرى قرب حوران. فلا جرم أن هناك كلمة وقعت من (إصبع) المنضد أو المرتب أو وقع ارتباك في ترتيب الكلام إذ الصواب أن يقال: والفلجات في شعر حسان كالمشارف بالشام والمزالف بالعراق ليصح الكلام الآتي بعده. له تلو 55. صور المفاوضات الخطية المتبادلة بين وفد جمعية خدام الحرمين الشريفين الهندية وبين عظمة سلطان نجد في غضون يناير - فبراير سنة 1926 رسالة في 37 ص تسبقها سبع أخرى أرقامها حروف هجاء وفي ص (و) تقول الرسالة عن لسان الوفد ما هذا حرفه: (حرية المعتقدات) هي مفقودة في الحجاز وليس للسلطان حرمة والناس يضربون (بالمجهول) على قول (يا رسول الله) وحافظ وهبة سلم بذلك والنجديون إذا طافوا يدفعون الناس ويحقرون المذاهب. (المدارس ودور الكتب) أقفلها النجديون أو بعضها، والسلطان أعطى قليلا منها إعانات زهيدة بشرط تعلم مبادئ الوهابية والتي لا تقبل لا تفتح. (التدخين) يعاقبون عليه عقابا شديدا ولكل نجدي الحق بإنزال العقاب حسب مشيئته والسلطان يتقاضى رسوم الدخان ويغري الناس على جلبه حتى إذا شربوه عاقبهم. (الحجازيون) أعلن ابن السعود أن الحجازيين انتخبوه ملكا عليهم. فهذا بهتان وافتراء على الحقيقة فالحجازيون مشمئزون منه ومن جنوده وهم مضطهدون ولا رأي لهم نافذ. (رغائب السكان) أهل الحجاز يذكرون الأتراك كثيرا ولكنهم يائسون من مجيئهم ويريدون جعل الحكومة جمهورية ولم يعترفوا هم أنفسهم بابن السعود ملكا. ويعتقد السنوسي الكبير إن ابن السعود هزأ بالعالم الإسلامي وخالف عهوده بشأن المؤتمر ومصير الحجاز. (معاهدات ابن السعود) جميع المسؤولين أجابوا: إن معاهداته مع الإنجليز صحيحة وعلائقه كعلاقة العبد مع مولاه ويزعم أنصار ابن السعود أن معاهدة 1916 منسوخة فإذا سئلوا ما الذي نسخها حاروا في الجواب. أما الحقيقة فواضحة وضوح النهار.

باب التقريظ

باب التقريظ 56. الحيرة مجلة شهرية علمية أدبية اجتماعية تاريخية مدرسية سنتها عشرة أشهر لصاحبها ومديرها المسؤول ومحرر القسم الأدبي عبد المولى الطريحي، تظهر في النجف الاشرف. وتطبع في المطبعة العلوية في 40 ص بقطع الثمن الصغير. هذه مجلة صغيرة الحجم إلاَّ أنها تبشرنا بمستقبل زاهر ونجاح باهر لأن كتابها وشعراءها وناشري برودها من النجف دار العلم والعرفان، وبين محتويات الجزء الأول نهضة الأدب النجفي للشيخ محمد مهدي الجواهري. الحيرة بحث تاريخي للأستاذ الشيخ علي الشرقي الغزير المادة المتدفق بحر كتابته. النجف والحيرة قصيدة للجواهري، ثم مقالة في عالم المدارس إلى غيرها من المواضيع فنتمنى لها الرواج والانتشار. 57. الفيحاء جريدة أدبية جامعة تصدر مرتين في الأسبوع في الحلة، لصاحب امتيازها ومديرها المسؤول ومحررها السيد عبد الرزاق الحسني، الاشتراك فيها في الحلة 10 ربيات وفي سائر الأنحاء 12 ربية. كان الكاتب المجيد السيد الحسني يصدر جريدة في بغداد باسم الفضيلة أما اليوم فقد انتقل إلى الحلة الفيحاء ليصدر صحيفة بلقب تلك المدينة العربية القديمة. صدر الجزء الأول منها في نهار الخميس 23 رجب 1345 الموافق 27 ك2 سنة 1927 ثم صدرت بعد ذلك أعدادها صدورا مطردا بأوقاتها المرهونة ومما استحسناه فيها أنه وعد بان يوافي قراءه بسلسلة تراجم رجال عاشوا في الحلة وهي خدمة للأدب لا تنكر إذ يحيي بنشرها أولئك الأفاضل على اختلاف طبقاتهم ومنازعهم وعلومهم وقد رأينا أنها تكاد تنسى لعدم اهتمام أدباء العصر بتدوينها على صفحات التواريخ وهذه المزية تزيد قراء الفيحاء وتشوقهم في حفظها بل في تجليدها. ولما كنت تعلم في السيد عبد الرزاق كيف تؤكل الكتف، فنحن متأكدون أنه ينجح في مسعاه حقق الله الآمال وبارك في متمناه! وعسى أن يكثر قراؤها والمشتركون فيها!

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - وفدان من كربلاء والمنتفق اقبل في أوائل شباط وفد من كربلاء رجاله زهاء عشرين للاعتراض على تحويل صالح حمام مدير شرطة كربلاء إلى ديالى فلم يفلح في سعيه وعده الجميع غريبا في بابه. وأقبل وفد آخر في مثل ذلك الوقت قادما من المنتفق ورجاله اكثر من عشرين تانئا (والتانئ السركال باللغة العامية التي هي تصحيف السركار الفارسية ومعناها رئيس الشغل أو شيخ العملة وكان يسمى أيضا بالدهقان في عهد الفرس) وغايته أن يحمل الحكومة على أن تمنع الملاكين عن مراجعة المحكمة في دعاوى التصرف وأن تبيح للتناء (للسركالية) القضاء على حقوق التصرف كما كانت تجري في عهد الترك. والظاهر من عمل الوفد سحق الفلاح والملاك (صاحب الأرض أو الملك) معا ليستبد التناء بأعظم قسم من الغلات. وإلى الآن لم يفلحوا في سعيهم. وتدوينا للأمر نذكر أسماء أولئك الأعضاء ليعرف منهم أسماء العشائر الموجودة في أرض المنتفق وأسماء شيوخها الحاليين: 1 - فشاخ الشكبان رئيس عشيرة قراغول 2 - قاطع آل بطي رئيس عشيرة الازيرق (وتلفظ الازيرج بالتصغير) 3 - منشد آل حبيب رئيس عشائر آل غزي 4 - عجيل (عقيل) آل تويلي رئيس عشائر الحسينات 5 - مهدي الصالح رئيس عشائر آل إبراهيم (البراهيم) 6 - نائف المشاي رئيس عشائر بني سعيد 7 - محمد الحسين رئيس عشائر بني سعيد

8 - عبد الله آل اسمعيل رئيس عشائر البوسعد 9 - منصور العويش رئيس عشائر آل جبارة من بني زيد 10 - عيسى الحواس من رؤساء خفاجة الغراف 11 - شطب آل منهل رئيس عشيرة الطلاحبة من خفاجة الغراف 12 - عباس الطعمة من رؤساء خفاجة الغراف 13 - بدر آل موسى من رؤساء بني زيد 14 - سلطان آل محيسن من رؤساء بني زيد 15 - سخي آل خزعل من رؤساء بني زيد 16 - سليمان آل شريف رئيس آل جدية (كدية) من بني زيد 17 - إبراهيم آل يوسف رئيس آل يوسف من بني ركاب 18 - محمد آل شلال رئيس الخنافرة من قبيلة بني ركاب 19 - مهنى آل برغش رئيس آل أبي نجيم (البونجيم) من قبيلة العبودة 20 - سيد من آل ياسر وغير هؤلاء المعدودين 2 - إهداء حيوانات عراقية إلى الرستمية أهدى السيد طه قائم مقام راوندوز - لما زار أقرحة (حقول) التجربة في الرستمية رأسين من الغنم من الضرب المسمى قرقاش وستة رؤوس

من المرعزى زوجين من كل لون من أحمر وأسود وأبيض ذكرا وأنثى وهذا الضرب من المعزى كثير الوجود في كردستان، ولا سيما في أنحاء راوندوز وزاخو، والعمادية، وعقرة ويتخذ الكرد من شعره أفخر المنسوجات وأبدعها ويا حبذا الأمر لو اتخذت دولتنا العراقية الفتية حير حيوانات أو وحوش وبالفرنسية كما كان واحدا مثله في عهد المأمون قبل زواجه. ويقال لحير الوحوش حظيرة الوحوش وحائر الوحوش أيضا. وكان العرب اسبق الأمم إلى اتخاذ هذه الحيران. 3 - إلحاق أراض بلواء بغداد صدرت الإرادة الملكية بإلحاق الأراضي التي تسقى من ترعة اللطيفية بلواء بغداد على أن تحدث بعض تعديلات في حدودها حتى تصبح كما يلي: يبدأ خط الحدود من نهر الفرات في الجهة اليسرى من نقطة شمالي كرود عشائر الجنابيين متجها إلى جنوبي كرود (الكرود: آبار السقي المعروفة بالسواقي جمع ساقية عند السلف) القرطان العائدة إلى قسام (جسام) الدرويش، ومن ثم يسير الخط في وجهه شرقا فيفصل زراعة العشيرتين ويقطع طريق الفلوجة والمسيب ويرتفع إلى قمة الأرض العالية المعروفة باسم (ظهر المجصة) الواقعة في الجنوب الشرقي بين صدر اللطيفية والإسكندرية. ويعقب هذا الخط قمة هذا الرأس في جهة الجنوب الشرقي إلى أن يصل إلى نقطة غربي (تل قبرزغروت) ومن تلك النقطة يمر شرقا بالتل وبشعبتي طريق بغداد. وهكذا شرقا حتى يقطع حدود لواء الكوت كوت الإمارة. 4 - دخل سكك الحديد العراقية بلغ دخل سكك الحديد العراقية في الأسبوع المنتهي في اليوم 18 من ك1

سنة 1926 ما قدره 198146 ربية وكان يقابله في السنة الماضية في مثل تلك المدة 206597 وبلغ مجموع دخلها منذ أول نيسان من سنة 1926 ما قدره 6497778 ربية تقابله 6824213 ربية في مثل هذه المدة من العام الماضي. فيكون النقص 326535 ربية ومعظمه ناشئ من نقص في عدد الركاب. 5 - مناطق الزراعة في العراق قسمت الحكومة في السنة الماضية مناطق الزراعة إلى أربع. وفي هذه السنة اتخذت الألوية الآتي ذكرها مراكز لتلك المديريات وهي حسب أهميتها: بغداد والموصل وديالى والناصرية. وأدخلت مديرية الزراعة العامة في ميزانيتها لهذه السنة تخصيصات لمأموري الزراعة وبموجبها سيعين لكل لواء موظف خاص بالزراعة؛ وهذا الرجل يكون مفتشا عاما متجولا في ضياع اللواء ومشرفا على أعمال الزراعة ومرشدا للمزارعين. 6 - كربلاء في خطر كتب أحد الأدباء في جريدة العالم العربي في عددها 855 (إن مدينة كربلاء في خطر التلف والاضمحلال لأن البرداء المنتشرة فيها لا تبقي ولا تذر. إذ فيها مستنقع واقع في جنوبي البلدة يفصلها عن محطة القطار وهو مباءة الجراثيم الفاتكة (بأرواح سكان هذه المدينة وجميع من يؤمها من الزائرين وعددهم لا يقل عن المليون نسمة) (كذا) وأظنك أيها القارئ الكريم لا تصدق قولي هذا وتستكثر هذا العدد - فأجيبك: إن كربلاء مخصوصة سنويا بسبع زيارات مستحبة فيؤمها في كل من الزيارات السبع خلق كثير يتراوح عددهم بين الخمسين ألفا والثلثمائة ألف نسمة. . . فإذا دخلت الآن كربلاء. . . لا ترى فيها إلاَّ طفلا شاحب اللون وشابا خائرا. وشيخا مهزولا. وامرأة نحيفة. فتذهل حينئذ من هذا المنظر المريع وتكاد تقول: هل أنهم يا ترى خارجون من رمسهم؟ أم هذا فعل الملاريا (البرداء)؟ وأن شئت أن تدخل بيوتها وتفتش عن حالتها الصحية والعمرانية فلا تجد دارا غير متداعية ولا سردابا غير مملوء ماء؛ ماعدا بعض البيوت الواطئة فأن في صحنها

ما عمقه نصف متر من الماء، والأماكن المقدسة التي ملئت سراديبها ماء؛ وكل هذا متأت من المستنقع) (أناشدك الله ما هو مستقبل بلدة توفي فيها بظرف شهر واحد (231) نسمة بينما لم يولد فيها بظرف ذلك الشهر إلاَّ (68) مولودا؛ ولم يعش من هؤلاء الثمانية والستين إلاَّ ثمانية أو عشرة. فإلى م يؤول حالها فيما لو استمرت على هذا التناقص لمدة عشرين أو ثلاثين عاما) أهـ كلام الكاتب وقد ذكرناه على علاته بدون نقده من أي جهة كانت. 7 - كشف عاديات عراقية من آثار الأقدمين عثرت اللجنة المختلطة المتقدمة من مندوبي المتحفة البريطانية ومندوبي جامعة بنسلفانية الأميركية على آثار قديمة تفيد كثيرا لتفهم حياة داخل البيت العراقي في سابق العهد؛ وقد كشفوا ذلك في اور مسقط رأس إبراهيم الخليل منذ 4000 سنة. وتلك الآثار هي مبان في حال حسنة وكلها مساكن مبنية الجدران من الخارج بالأجر أو الطاباق؛ أما الجدران من الداخل فمبنية باللبن وجميع تلك الدور مبنية على طرز دور بغداد الحديثة. ويستدل من البيوت أن أصحابها كانوا يسكنون الطبقة العليا منها وكانوا يدفنون موتاهم في الطبقة السفلى. وقد عثروا على طوابيق (أو آجر) مكتوب عليها أناشيد دينية؛ وعلى البعض الآخر فوائد جليلة وسندرج مقالة في هذا الموضوع. 8 - مشروع سقي كانت الحكومة العثمانية فكرت في سقي الأراضي المجاورة للواء كركوك بمياه الزاب الأصغر؛ ووضعت لهذه الغاية مشروعين الواحد يقضي بفتح ترعة بين الزاب الأصغر ونهر كركوك وشمالي آلتون كوبري؛ والآخر بفتح ترع عديدة في جنوبي آلتون كوبري تروي بها رقعة كبيرة من الاراضي؛ وقد قدمت خرائط للمشروع الثاني إلى بعض المقامات الرسمية وعزمت الحكومة العراقية على إنعام النظر فيها لتبت فيها جوابها. 9 - تضييق نطاق العلوم في جامعة آل البيت جامعة آل البيت هي الجامعة التي أنشئت في بغداد لبث علوم الدنيا والدين بموجب روح العصر الحالي. ويعلم فيها عدة علوم عصرية ومن جملتها علم النفس

وعلم الاجتماع إلى غيرهما. وفي أوائل شهر كانون الثاني من هذه السنة ابطل تدريس هذين العلمين الجليلين مع تسعة علوم أخرى فيكون المبطل منها أحد عشر علما مع حجب نشر المجلة الخاصة بها المعروفة ب (الجامعة) فنحن نأسف على هذا التأخر من جهة ومن الجهة الأخرى نصوب التوفير. وإن كنا نود أن لا يكون موجها إلى قص جناح طائر العلوم والفنون. وقد رجعت أخيرا عن هذا التعديل فأعادت تدريس علمي النفس والاجتماع ودعت الطلاب الذين تركوا الجامعة إلى الرجوع إليها. 10 - مظاهرة طلبة دار المعلمين والثانوية ذكرنا إن الأستاذ أنيس زكريا النصولي ألف كتابا في بني أمية (491: 4) فهاجت بسببه بعض الأفكار حتى كره مؤلفه على أن يستعفي من التدريس فاستعفى فأقام صباح الأحد 30 ك2 طلبة دار المعلمين والمدرسة الثانوية مظاهرة احتجاجا على فصل الأستاذ عن وظيفته فساروا في الطرق والشوارع يغنون الأناشيد الوطنية حتى جاؤوا بين يدي بناء وزارة المعارف طالبين إبقاء معلمهم في وظيفته؛ ولما لم تثمر نصائح وزير المعارف ومديرها الثمرة المطلوبة جاء الاطفائيون بمضختهم لتشتيت شملهم؛ فحدثت ملاكمة بين الطلبة ورجال الشرطة ونزع بعضهم المرشة من يد صاحبها فجرح ثلاثة من التلاميذ وشرطيان ورئيس الإطفائية ثم تفرق المتظاهرون بعد ذلك. وفي صباح 7 ك2 سافر الأستاذ النصولي ومعه المعلمون السوريون الثلاثة الذين كانوا قد احتجوا على فصل رفيقهم وأبوا أن ينفردوا دونه وهم: عبد الله مشنوق ودرويش المقدادي وجلال زريق وقد وجهوا رسالة وداع إلى أبناء الرافدين تتدفق أدبا وشكرا ورقة إحساس. ولم تقف وزارة المعارف عند هذا بل عادت أخيرا فأنزلت وظيفة الأستاذ يوسف عز الدين الناصري مدير المدرسة الثانوية إلى درجة معلم في دار المعلمين وفصلت الأستاذ يوسف زينل عن وظيفة التدريس في المدرسة الثانوية ويقال إن السبب في ذلك هو تقصير الأول في استدراك الحركة وقمعها والثاني في اهاجة التلاميذ على المظاهرة باسم الحرية الفكرية.

العدد 44

العدد 44 - بتاريخ: 01 - 04 - 1927 مكشوفات أور منازل في عصر إبراهيم الخليل للمستر وولي عادت في 28 تشرين الأول 1926 لجنتا المتحفة الإنكليزية ومتحفة كلية بنسلفانية المشتركتان في الحفر لتأخذا بأشغالهما في اور الكلدان؛ أن الموظفين هم بعينهم كما كانوا في السنة الماضية ماعدا الأب باروز اليسوعي، فأنه قد قام مقام الدكتور لكرين والمستر وتبرن رازي على قدوم. وقد تجددت لائحة الشغل الابتدائي بحسب الشغل الذي باشرناه في الفصل الماضي، وابتدأنا مع مائة وخمسين عاملا كي ننقل تلا كبيرا كان قد استخرج منه بعض صفائح ثمينة وآثار بيتية مفيدة وفي الحال الحاضر بعد شهر قضيناه في الجد والسعي ظهرت فسحة كبيرة على عمق عشرين قدما وقد حان الوقت أن نختصر الكلام عن النتائج التي حصلنا عليها. إن غايتنا مزدوجة: الغاية الأولى أن نقع على لوائح اكثر مما عندنا بخصوص الآداب التي كانت معروفة في عهد إبراهيم الخليل. الثانية أن نكتسب

معلومات أوفر عن المعيشة البيتية في الزمان الغابر، ولقد نجحنا نجاحا تاما في الغايتين، فلقد عثرنا على ثلاثة كنوز مختلفة من الصفائح عدا اللقى المتفرقة التي ظفرنا بها، إننا وأن كنا لا نريد أن نتكلم قبل الوقت عن محتوياتها إلاَّ أننا نقول الآن إننا حين استخرجناها من مدافنها كانت ممحوة ولا تقرأ ومن الضروري أن تحرق في أتون وبعد ذلك تنظف وتصلح قبل أن نتمكن من الاطلاع عليها وذلك الاطلاع لا يكون إلاَّ بعد مدة. ولقد وجدنا بعض النماذج وعددها يختلف بين الثلاثين إلى الأربعين وكانت قد أحرقت اتفاقا في حريق اتلف البناء الذي كانت قد وضعت فيه فصلبت النار تلك الصفائح صلابة كافية تمكننا من أن ننظفها أو ننظف بعض وجوهها حالا ويمكننا أن نستنتج أن اللقية مهمة. عوضا عن كتب المصالح والمقبوضات والمقاولات التي توجد عادة في موطن الحفر. وجدنا هذه الصفائح تحوي مواد أدبية أو علمية وبعضها تحوي مواد هندسية وعلى جداول للجذر المربع والجذر المكعب وعدد جميع الأرقام يبلغ ستين وبعض تلك الصفائح تحتوي على أناشيد وبعضها تدون الأوقاف التي وقفها الملوك الأولون وهي مسألة مهمة نظرا إلى التاريخ والى شرح مواقع البلدة. ويظهر على إحدى الصفائح اسم أحد ملوك اور المجهولين لعله يدل على أحد حكام الدولة الثانية التي لا نعلم عنها شيئا سوى أنها وجدت. ويرى بين هذه الصفائح نحو مئتين جمعناها لتحرق في النار وإن كان لا عيب فيها وذلك لتتصلب وفعلنا ذلك بعد أن غلفناها بغلاف من رمل ولا جرم أن فيها مواد أدبية مفيدة جدا. أفيد اللقى هي المنازل التي وجدت فيها تلك الصفائح ويرجع عصرها إلى أيام إبراهيم الخليل الذي كان يسكن في اور وقد بنيت تلك المنازل في بادئ الأمر في سنة 2100 قبل المسيح وقد سكنوها وسكنوا عدة منازل صغيرة غيرها مع بعض العمارات مدة تجاوز مئتي سنة. أول ما تشاهد العين في تلك المنازل هي درجة رغد العيش التي تجاوز درجة التنعم درجة تدل عليها تلك الآثار. وهذه المنازل مبنية طبقتين من الطاباق. وبعض الحيطان قائمة إلى اليوم وسمكها خمس عشرة قدما إلى عشرين قدما وتشابه أحسن منازل بغداد الجديدة وفي البيت فناء

متوسط يحيط به قاعة كبيرة من الخشب تؤدي إلى الغرف العليا وكان من العادة أن بناء البيت يعيشون في الطبقة العليا وفي طبقة البيت السفلى غرفة الاستقبال وخزائن البيت والمطبخ ومنازل الخدم. وجدنا الغرف العالية وأحد السلالم محفوظة إلى الآن وعلوها عشر أقدام وكان يرتقي إليها في بادئ الأمر بسلم من خشب يتصل بسلم من حجر. ولأجل ذلك كنت ترى الغرف في الطبقة الأولى على علو اثنتي عشرة أو خمس عشرة قدما. ولو إننا لا نرى الآن اثر زخرفة فيها إلاَّ أننا نشاهد جدرانا بسيطة مزخرفة بعض الزخرفة عليها جص أو ما يشبهه ولهذا لا نخطئ أن قدرنا أن أثاث البيت كان يناسب عظمة البناء. هذه أول مرة كشفت منازل خصوصية كانت تسكن في ذلك الزمان وهذا الكشف غير أفكارنا بتاتا عن حالة معيشة الناس في ذلك العصر. أمامنا عدة منازل متفرقة هي عبارة عن اكاريس تقسمها شوارع منفصلة ضيقة والمنازل الواسعة التي كانت للأغنياء ترى في صف المنازل التي تحتوي على أربع أو خمس غرف وكان أصحابها جيرانهم الفقراء. ويسهل علينا أن نتصور سكان الفناء والغرف المهدومة لكي نتمكن من أن نعلم ما أحاط بالناس الذين كانوا يسكنونها في الزمان الغابر حينما كانوا يكبون على مطالعة لوائح الجذور المكعبة وقد حيرتنا غرفة واحدة طويلة ضيقة رقمناها بعدد 7 في الشارع الهادئ. وكان من المألوف في ذلك العهد أن تدفن الموتى تحت المنازل التي كانت تسكنها في حياتها وكثيرا ما لقينا تحت أرض الغرفة توابيت من طين أو سراديب من آجر للموتى تحتوي على جثة وآنية فيها تقادم وطعام للسفر إلى الآخرة، وربما أيضا نجد فيها ختم صاحب المنزل وقد امتازت هذه الغرفة بوجود مشكاة أو روزنة في الحائط إلاَّ بعد وأمام تلك الروزنة أكوام من حجر تشبه مذبحا. ووجدنا حواليه تحت التبليط نحو ثلاثين اجانة كبيرة فيها عظام أطفال. وليس في معبودات الشمريين إله ك (مالك أو ملك) يطلب ذبائح أطفال ولأجل ذلك يعز علينا أن نظن أن في مدة قصيرة ومن بيت واحد يموت ثلاثون طفلاً موتا طبيعيا. أفيمكن إننا عثرنا على مقام مقدس في ذلك البيت وقد خصصت ذخيرة بيتية بأحد الآلهة شفيق بالأطفال. فكان الأصدقاء والأقارب تأتي بأطفالهم لدفنهم فيه؟ فإن كان الأمر كذلك فيمكننا أن نستنتج إنه كان للشمريين في عصر إبراهيم الخليل شعور إنساني وجداني اكثر مما تدلنا عليها النصوص.

نزوات اللسان

نزوات اللسان كم من سؤال عميق ... له الدموع جواب أما الفؤاد ففيه ... من الهموم كتاب على اللسان تبدي ... لما استفاض الوطاب طفا كما تنزى ... على الشراب حباب شعاب قلبي أطاقت ... ما لا تطيق الشعاب ما (للثقاب) وما لي ... ملء الضلوع (ثقاب) ولى الشباب وماذا ... رأى فيبقى الشباب ضيف عزيز قراه ... الهم والاكتئاب إصلاحكم ليس يجدي ... كل الأمور خراب قلبي وقومي وبيتي ... في كلهن اضطراب ما انسد منهن باب ... إلاَّ تفتح باب

هذا عتابي ولكن ... ماذا يفيد العتاب الجوع ينذر قومي ... أن يأكل الظفر ناب أما القوافي فجمر ... طوراً وشهد مذاب ترضى وتغضب لكن ... ارقهن الغضاب يحسن الشعر طبع ... يمده الاكتساب لا يعذب الشعر حتى ... تراض منه الصعاب جنى على شعوري ... أن الشعور عذاب حقيقة الأمر عندي ... الشك والارتياب (البرلمان) صحيح ... ينقصه الانتخاب وفيه قام دوي ... تجهله الأحزاب أَوَحدَهنَّ فيلغى ... عن النساء الحجاب كل المسائل غطى ... وجوههن نقاب النجف: محمد مهدي الجواهري

جليبة أو بئر ربقة

جليبة أو بئر ربقة 1 - إلى جليبة إذا سافرت من البصرة راكبا القطار، ومصعدا إلى بغداد، فإنك تقف في مرحلة تسمى (جليبة) وذلك قبل وصولك إلى اور (أو المقير كما يسميها العرب) بمرحلتين فما معنى جليبة؟ 2 - معنى جليبة جليبة وهي لفظ قليبة على الطريقة البدوية العراقية. لغة في القليب. والقليب بئر كبيرة وأكثر ما تكون عادية مطوية (أي قديمة مبنية من داخلها). 3 - سبب تسمية الموضع بجليبة أو قليبة سبب تسمية الموضع بجليبة أن هناك بئرا مطوية عادية، قد طوى من أعلاها إلى أسفلها نحو من 6 إلى 7 أمتار، وما بقي منها محفور في صخرة قائمة في بطن الأرض. وهي على بعد مائتي متر من المحطة. 4 - وصفها عمقها من فوهتها إلى قعرها 13 باعا أو 75 قدما أو 23 مترا. وقبل احتلال الإنكليز لهذه الديار العراقية، كان الناس يستقون منها بدلو معقودة بها طاباقة (آجرة) لتغوص الدلو بسهولة إذا ما انحدرت في الماء. والدلو معلقة برشاء والرشاء مشدود أبدا ببكرة قائمة على عودين مغروزين على فوهة تلك البئر. أما اليوم فقد أبدلت الدلو من صندوق صفيح (تنك) مربع عميق لأنه أخف من الدلو وأصبر على الصدمات. وقد رفع ما حول البئر لكي لا يهوى فيها أوساخ الدواب التي تنتابها بمئات بل بألوف على اختلاف ضروبها. ولهذا ترى ماء تلك البئر نظيفا عذبا وبدرجة واحدة من الحرارة. وقطر دائرة هذا الارتفاع نحو 9 أقدام (أو نحو ثلاثة أمتار) أو اكثر بقليل. ولا يستقي من القليب (البئر) إلاَّ امرأة. وهي تجلس على فوهته، فتجر

الرشاء هبوطا وصعودا، ولا يتعرض لهذا الاستقاء رجل لأن هذه المهنة في العراق لا تليق إلا بالنساء. وإذا نشلت المرأة صندوق الماء، صب رجل هناك ما فيه في حفرة اتخذت ثم على حلقة جرن وقد خدت في صدر القليب، فتتقدم حينئذ البهائم على اختلاف ضروبها لتشرب وترد. وليس في المحطة المذكورة بناء ولا بيت ولا مأوى مهما كان شكله. 5 - هل جليبة هي بئر ربقة يزعم بعض الأهالي المنتشرين في ذلك الصقع أن جليبة هي بئر ربقة المذكورة في التوراة. فقد جاء في الإصحاح الرابع والعشرين من سفر الخلق (ذهب عبد إبراهيم إلى ارم النهرين إلى مدينة ناحور) (فأناخ الجمال خارج المدينة على بئر الماء عند العشاء وقت خروج المستقيات. وقال: أيها الرب اله مولاي إبراهيم يسر لي اليوم وارحم مولاي إبراهيم؛ ها أنا ذا واقف على عين الماء، وبنات أهل المدينة خارجات ليستقين ماء. فليكن أن الفتاة التي أقول لها أميلي جرتك حتى اشرب، فتقول: اشرب وأنا اسقي جمالك أيضا. تكون هي التي عينتها لعبدك اسحق وبها اعلم انك رحمت مولاي) اه ومما يسوق الآهلين إلى التمسك بهذا الرأي جماعة من الإنكليز الذين يقدمون إلى العراق ويزورون (اورا) فيرون أن هذه البئر هي موافقة لنصوص أي التوراة، ولا يحسن بالباحث أن يبحث عنها في غير هذا الموضع. أفمن الصواب إن يتمسك بهذا الرأي؟ 6 - ليست جليبة بئر ربقة نحن لا نرى أن بئر ربقة هي جليبة بل بئر ربقة هي بئر في ظاهر حران من مدن الجزيرة. ولذلك أسباب: منها: 1 - إن التوراة تذكر أن اليعازر أو عبد إبراهيم ذهب إلى ارم النهرين والمراد بارم النهرين شمالي الجزيرة وليس جنوبي العراق. 2 - أمر إبراهيم عبده بأن يذهب إلى أرضه وإلى عشيرته. والحال إن عشيرة إبراهيم كلها غادرت (اور الكلدانيين) وذهبت فأقامت في حران. 3 - إن اليعازر عبد إبراهيم لم يصل إلى اور بل إلى مدينة ناحور. ومدينة ناحور هي حرّان لا اور.

4 - إن البئر كانت في ظاهر المدينة والحال أن جليبة بعيدة عن اور نحو 16 ساعة أو اكثر وليس في ظاهر اور بئر أبدا. 5 - كانت بئر ربقة بئر عين لا بئر صهريج. وبئر جليبة ليست عينا 6 - كانت تلك العين قريبة القعر إلى من ينزل فيها. والحال إن جليبة عميقة كما تقدم وصف عمقها لك. 7 - بينما كان اليعازر بقرب البئر ذهبت ربقة إلى بيتها لتخبر أمها بما وقع فأسرع أخوها لأبان إلى الرجل إلى العين ودعاه إلى المبيت. وهذا الأمر لا يتحقق إذا كانت المدينة (اورا) والبئر (جليبة) إذ لا يمكن الذهاب إلى البئر إلاَّ بعد يومين سيرا على القدم. فكيف تم الأمر في سويعات؟ هذه الأسباب وغيرها تحملنا على دفع هذا الرأي وعده من الأوهام التي ليس لها من الحقيقة نصيب. 7 - بئر ربقة هي في جوار حرّان أما بئر ربقة الحقيقية فلا ترى إلاَّ بجوار حران إذ عليها وحدها يصدق كل ما قيل عنها في التوراة وهي مشهورة هناك بهذا الاسم إلى عهدنا هذا؛ كما أنك ترى في هذه الأيام إقبال النساء عليها صباحا. وبعض الأحيان مساء للاستقاء منها ما يحتجن إليه من الماء؛ ثم تتلوهن البهائم بأنواعها حتى لا تكاد تنقطع صباح مساء للورد. ولا يخدعنك كلام أصحاب الغايات والأغراض. أيجمع بائس على بؤساء نرى كثيرين من الكتّاب يجمعون البائس على بؤساء وبعضهم على بائسين. ولم نر هذين الجمعين لفصيح والمشهور عندهم أن البائس يجمع على بؤس وزان قفل. كما قالوا أمور دمس لجمع دامس وبزل جمع بازل وعوط في جمع عائط وعطف في جمع عاطف إلى غيرها وهي كثيرة. ومن ذلك قول تأبط شرا: قد ضقت من حبها ما لا يضيقني ... حتى عددت من البؤس المساكين قال ابن سيده يجوز أن يكون عنى به جمع البائس ويجوز أن يكون من ذوي البؤس فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه (اللسان في بأس) إلاَّ أن المشهور هو الأول.

الجزائر

الجزائر آل افراسياب وخراب الجزائر في سنة 1078 (1667م) اضطر العثمانيون أن يفتحوا البصرة مرة ثانية وكان دخولهم الأول إليها على يد اياس باشا والي بغداد؛ ولكن البصريين انتقضوا على عامل الأتراك وأخرجوه؛ وذلك بنفوذ حسين باشا آل افراسياب، فكرَّ عليهم الأتراك وفتحوا البصرة. وانهزم حسين باشا بعد حروب شديدة وكانت القيادة التركية في هذه الحرب أول بيد مرتضى باشا والي بغداد فتغلب مرتضى باشا وانهزم حسين باشا إلى الأطراف ولكن أهل البصرة انتقضوا على مرتضى باشا فاتكفأ هاربا من البصرة. وعاد حسين باشا إليها ثم كانت القيادة التركية بيد إبراهيم باشا والي بغداد أيضا فأشتد الهول وأبلت الجزائر بلاء حسنا في هذه الواقعة وانحسم الأمر صلحا بين إبراهيم باشا وحسين باشا ثم قصده الأتراك بوزيره وصهره يحيى اغا وفي هذه الثالثة انتهت ولاية آل افراسياب، وانهزم حسين باشا إلى الهند، وتسلم البصرة يحيى اغا وخربت الجزائر خرابا عاما وفر أهلها في نتيجة هذه الحرب إلى بلاد الحويزة وتفرقوا في نواحي خوزستان. وهذه المواقعة الأخيرة دامت أربعة أشهر، وكانت حملة العثمانيين شديدة وجيشهم لهاما. قال السيد نعمة الله الجزائري من أهالي الصباغية: (دنا إلينا جيش السلطان محمد الرابع - فكانوا يرمون القلعة (قلعة الحصار) كل يوم ألف مدفع وكانت الأرض ترجف من تحت أقدامنا) وهذه القلعة التي ذكرها السيد نعمة الله هي (العلية) نسبة إلى علي باشا آل افراسياب وقد كانت قبلا قلعة صغيرة عند ملتقى الرافدين تسمى (القرنة) وحولها رهط الجزائريين وهذا هو مبدأ القرنة البلد المعروف اليوم ولكن علي باشا جدد بناءها فعرفت بالعلية وزاد حسين باشا في تشييدها وصيرها ثلاث قلاع كل واحدة منها محيطة بالأخرى وبينهما فرجة صالحة للمقاتلة ويحيط بثلاث جوانبها الشط وبالجانب الرابع خندق وعليه سدود ولما طوي بساط آل افراسياب استرجعت اسمها الأول (القرنة).

ترجمة آل افرسياب كان أبوهم افراسياب يعرف بالديري، نسبة إلى موضع في شمالي البصرة يعرف بالدير. وفي ذلك الموضع كانت منارة يزعم بسطاء العقول أنها من بنايات الجن وذكر عبد علي بن رحمة الله الحويزي في كتابه (قطر الغمام) أن افراسياب من بقايا آل سلجوق وأن أهل الدير أخوال افراسياب ومنشأ إمارة هذه الأسرة (العائلة) أن افراسياب كان كاتبا من كتّاب الجند في البصرة فأنتقض أهل البصرة على علي باشا الحاكم الرومي (أي التركي) فعجز هذا عن إعطاء أرزاق الجند المحافظين عليه فباع البصرة من افراسياب بثمانية أكياس رومية

في كل كيس 3000 محمدية وهي عملة تركية كانت رائجة في العراق وترك البصرة لافراسياب وخرج مشترطا عليه أن لا يقطع الخطبة من اسم السلطان وتوجه ذلك الرومي إلى الأستانة. فحكم في البصرة افراسياب وأحبته الناس وتوسع في بسط نفوذه في الجزائر ومنع الجوائز التي كانت تتقاضاها موالي الحويزة من البصرة ومنع الجراية التي كانت لهم على الجانب الشرقي من شط العرب. وكان ابتداء حكومته سنة 1005هـ (1596م) واستمرت سبع سنين. ثم حكم من بعده ابنه علي باشا واستمرت حكومته 45 عاما وقد كثرت في أيامه العوارف والرفاهية وكان مظفرا فتحت في أيامه كل الجزائر بعد أن عجز عنها جند السلطان وقصده جيش الشاه عباس الصفوي فثبت في وجهه وتشدد في مقاومته حتى فشل الجيش الفارسي ونكص راجعا وذلك سنة 1036. ثم حكم من بعده حسين باشا آل افراسياب ودامت مدة حكمه 21 سنة، ثم ختمت بزوال إمارة آل افراسياب وكان حسين باشا فاضلا راجت في عهده سوق

الأدب وكذلك في عهد أبيه وكان يميل إلى التشيع وبذلك اصطنع البلاد ودانت له الجزائر وكان آل افراسياب يحسبون أنهم ملوك مستقلون وكانت لهم في إقطاعيتهم امتيازات كبيرة حتى أن روح الاستقلال الحقيقي كان ظاهرا ولكن لم يكن مقضيا به رسميا فأراد حسين باشا المجاهرة به وسعى له سعيه ووجد استحسانا وإعانة من الجزائريين فحارب الأتراك ثلاثا غلب مرتين وغلب في الثالثة التي انتهت بخراب الجزائر فهرب إلى الدورق ثم إلى شيراز ثم إلى الهند وانكفأ هناك حتى مات. وقد جاء ذكر لعلي باشا آل افراسياب في ديوان ابن معتوق الذي امتدحه في قصيدته التي مطلعها: طلبت عظيم المجد بالهمة الكبرى ... فأدركت في ضرب الطلى الدولة الكبرى إلى أن قال: ما البصرة الفيحاء إلاَّ قلادة ... ونحرك من دون النحور بها أحرى تمادى زمانا عهدها فتمنعت ... وجادت بوصل بعد ما منعت دهرا علي الشرقي تداعى للسقوط قرأنا في تذكرة الكاتب لأسعد خليل داغر في ص129 ما هذا نصه: (ويقولون: (ويسقط منها ما كان متداعيا للسقوط) ولا يخفى أن كلمة (للسقوط) يجب إسقاطها إذ هي حشو لا حاجة إليه. ومعناها مستفاد من كلمة تداعى، يقال تداعى البنيان أي تصدع من جوانبه وآذن بالانهدام، وهكذا انقض أو أنقاض) اه. أفصحيح أنه لا يقال؟ قد قلنا مرارا أن اسعد خليل داغر قد اخطأ في كتابه اكثر مما أصاب. وهذا دليل جديد على وهمه، لأن تداعي للسقوط هو من باب التوكيد لا غير. نعم إن قد تداعى بعين ذلك بنفسه لكن التوكيد غير ممنوع، وقد استعمل هذا التعبير ابن خلدون في مقدمته في كلامه عن الحسبة راجع عبارته في هذه المجلة 307: 4.

نموذج آخر من تراجم الشعراء

نموذج آخر من تراجم الشعراء الشيخ حسين العشاري تتمة وله من قصيدة في الإمام علي حينما زار قبره سنة 1185 وذكر المنازل التي قطعها من بغداد إلى النجف: إليك توجهنا فلاحت لنا البشرى ... وتمت لنا الدنيا بجاهك والأخرى! حبسنا على حر الهجير نفوسنا ... لأنا علمنا أن سنوردها بحرا! ولم نصحب المسك الفتيت لعلمنا ... بكون ثراكم فوق ارداننا عطرا! ولم نحمل الدينار علما بأننا ... سنلقط من حصباء أرضكم تبرا! وما قصدنا إلاَّ الحضور بحضرة ... على عرش بلقيس سما فضلها قدرا ورؤية قبر قد تضمن سيد ... هو البحر سمته العباد لنا حبرا محل حوى علما وجودا وسؤددا ... إلى منتهى الدنيا تدوم له الذكرى كريم نجار من لؤي بن غالب ... وصفوة عدنان ومن مضر الحمرا ولما قصدناه تركنا عيالنا ... وأولادنا الأطفال والبلدة الزورا إلى أن نزلنا (الخان) أول منزل ... ونمنا وصلينا بساحته الظهرا ومن قبل عصر قد شددنا رحالنا ... وجئنا (لبئر النصف) والركب قد سرا ومن بعد ذا جئنا إلى (الخان) بعده ... وبتنا به والنوم عن مقلتي فرا ولما بدا الصبح المنير وأقبلت ... كتائبه تسعى برأيته الشقرا نهضنا وروينا جميع دوابنا ... بلطف وصلينا بجانبه الفجرا وسرنا إلى (خان المحاويل) والهوى ... لحب أبي السبطين يقدمنا شهرا أقمنا به حتى أتى العصر فانثنت ... إلى (الحلة الفيحاء) رواحلنا تترى نزلنا على قوم كرام بها نشوا ... على الجود والاضياف في دورهم تقرى ومن بعد ذا سرنا صباحا وعندنا ... من الشوق ما يستوعب السهل والوعرا! ولما أتينا قبر (ذي الكفل) وانجلت ... لنا عن طريق القصد باقعة غبرا

نظرت تجاه السائرين أشعة ... تبين وتستخفي لنا تارة أخرى فزحزحت عن عيني الكرى ونظرت عن ... نواظر عن صنعا تلوح لها بصرى وقلت: أتلك الشمس أرخت ثيابها ... وألقت عليها من أشعتها سترا؟ أم انتشرت نار الكليم لناظري ... على طور سينا والفؤاد بها أدرى؟ أم البرق في تلك العراص تلألأت ... لوامعه حتى أبان لنا فجرا؟ فراجعت خضر القلب عن درك ما أرى ... يبين لعيني كي أحيط به خبرا فقال: إذا أخبرتك اليوم سره ... وأنت كليم القلب لم تستطع صبرا فقلت: ولو أخبرتني لوجدتني ... صبورا ولا اعصي لما قلته أمرا فقال: هو القصر المنيف الذي علت ... على القبة الخضراء قبته الصفرا! هو المرقد السامي الشريف الذي حوى ... محيا أبي السبطين والغرة الغرا فالق العصا في بابه وأنخ به ... قلوصك وانزل عند همته الكبرى! فهاجت بنا نار الغرام وقد جرت ... مدامع تصلي نارها مهجتي حرا وما ثم إلاَّ نفس وجوانح ... تطير وأنعام طوت دونه البرا إلى أن أتت (خان العقيل) خيولنا ... وبتنا بقرب البئر نستوجب البرا ولما رأينا الفجر سرنا بسرعة ... إلى بلدة ضمت بها الحيدر الطهرا وقال من قصيدة يذكر بها مصاب بغداد بالوباء ويحن إلى سالف أيامها الغر: أبيت ولي وجد حرارته تعلو ... ودمع له في عارضي عارض وبل واطوي على جمر وأغضي على قذى ... واشغل أعضائي وقلبي له شغل إذا الليل وافى ضقت ذرعا إلى الحمى ... وفاضت شؤون ليس يعقلها عقل حداني إلى الزورآء شوق مبرح ... وماذا الذي حدثت عن حالها سهل إذا ما نبت دار السلام بأهلها ... فلا جبل يؤوي الكرام ولا سهل وإن كسفت شمس البلاد وبدرها ... فليس لنا في نجمها منزل يعلو وإن قلص الظل الذي في جنابها ... فأين من الرمضاء في غيرها ظل؟ وإن نضب الماء النمير بأرضها ... فأي شراب في مواها لنا يحلو؟ مصاب عراها لا أصيب بأهلها ... فأنهم للمكرمات بها أهل ديار بها نيطت على تمائمي ... قديما ولي فيها نما الفرع والأصل

بها سكني في ربعها الخصب ناقتي ... بها جملي يرغو بها قيمتي تغلو إلا ليت شعري هل أراني بربعها ... مقيما؟ وبالأحباب يجتمع الشمل وهل التقي بالأهل من بعد فرقة؟ ... فلي عندها في كل ناحية أهل وهل روضها يخضر بعد ذبوله ... ويهمي على أوراقه الوبل والطل؟ وهل ظبيات الكرخ يخرجن شرعا ... ودون حماهن الأسنة والنصل؟ وهل اسمع الداعي وقد حلق الدجى ... يؤذن والتالي بأوراده يتلو؟ وهل أنا في يوم العروبة قاصد ... لحضرة محي الدين دام له الفضل؟ وهل تنثني تلك المعالم والربا ... وفوق ذراها العز والكرم الجزل وهل علماء الجانبين تضمهم ... مجالس علم لا يخامرها الجهل وهل وزراء العدل تمضي أمورهم ... على منهج ما عن محجته عدل وهل خرجوا للعيد بين كتائب ... منار العلى في ظلها أبدا يعلو سلام على دار السلام وأهلها ... فهم في فؤادي دائما أينما حلوا فو الله لا أسلو هواها وماءها ... إذا كان قلبي عندها فمتى أسلو؟ أحبتنا بالكرخ هل من رسالة؟ ... (فقد تعبت بيني وبينكم الرسل) لعل أحاديث العواذل تنثني ... (برجم ظنون بيننا ماله اصل) إلا همة تزجي رواحل عزمتي ... (لديكم إذا شئتم بها اتصل الحبل)؟ حلولي بناديكم وموتي بأرضكم ... (أرى أبدا عندي مرارته تحلو) أرى البعد في الضراء عنكم كبيرة ... (فما اختاره مضنى به وله عقل) وكم فتية فروا من الموت ضلة ... (وما ضعنوا في السير عنه ولا كلوا) أمن قدر الرحمن يجدي فرارهم ... (فأوله سقم وآخره قتل) فقل لمقيم صابر فزت بالعلى ... (وللمدعي هيهات ما الكحل الكحل) يهون علينا ما لقيتم من الأذى ... ولكن عقد الله ليس له حل فيا رب باسم الذات والحكمة التي ... بها تظهر الأشياء والعدم الأصل بنور جمال اشرق الكون عنده ... وعز جلال دونه أحجم العقل إلى أن يقول: تول لنا دار السلام وأهلها ... بلطفك وارحمهم فقد ثقل الحمل

وعاملهم بالعفو وارحم شيوخهم ... وأطفالهم فالشيخ قد آب والطفل وباء طاعون وما ثم ملجأ ... سواك وأنت الراحم الحكم العدل ويا غارة الله أسرعي لخلاصهم ... من القهر فالرحمن من شأنه الفضل ويا غارة الله اجعلي كل واحد ... بحصنك قد غار العدو وهم عزل ويا غارة الله انصريهم وبددي ... جموع العدى عنهم فقمت العدى سهل إلا فاستجب واسمع ندائي فأنني ... دعوتك والأجفان في سحها هطل وقابل سؤالي بالإجابة سيدي ... فما خابت الشكوى لديك ولا السؤل نثره قال يصف زمانه وخلانه في بغداد: (. . . مع أني في زمان تبا له وتب، ما أحقه بأن يدعى أبا لهب، قد أصلى أهله بنار ذات لهب قدم كل ركيك ضعيف. ورأس كل دني سخيف، وأذل كل سري شريف، فأهمل خروفه وسلك بها مسلك التحريف. وشدد مخففه وجنح به إلى التضعيف. ألقاه بين مصائب، كأنها كتائب. وأنزله في حفر، كأودية سقر، وإلى الله المشتكى من زمان إذا أمر بنائبة حرض، وإذا نظر إلى كريم اعرض، وإن جرح دفف، وإن قتل أسرف. ينظر إلي شزرا، وينفق علي نزرا. ويرهقني من أمري عسرا. في فتية مردة. كأنهم خنازير أو قردة. قلوبهم طاغية. وأيديهم باغية. وألسنتهم لاغية. وطباعهم ردية. وأصولهم باهلية. وأنفسهم دنية. وسجاياهم تارونية. وما (ما در) إلاَّ طليعة لأخلاقهم. ولا (أشعب) إلاَّ أنموذج لمذاقهم. في جماعة كبيرها صغير. ورئيسها حقير. ودنيها أمير، وشريفها أسير. ولولا عيال تثب عليهم الغيرة وثوب الشرر. وتنهمل الحمية دونهم انهمال المطر. وأطفال كأفراخ القطا تقصر عنهم الخطاء لزودت الشيخ والقيصوم. وتمتعت البصل والفوم. وفررت عنها فرار الغيور. عن مواطن الزور. ولتمثلت بقول القائل: ولا يقيم على ضيم يراد به ... إلاَّ الأذلان غير الحي والوتد ولعملت بقول الآخر: يوما بحزوى ويوما بالعقيق وبال ... عذيب يوما ويوما بالخليصاء

ترجمة البيتوشي

واتخذت عنها بدلا. وتعوضت عن منازلهم منزلا. وقلت لنفسي فاسلكي سبل ربك يخرج لك ذللا. ولله قول الطغرائي: فيم الإقامة في الزوراء لا سكني ... فيها ولا ناقتي ترغو ولا جملي وأني لي بالشخوص عن مزورة الإحداق. سيئة الأخلاق. مرة المذاق. العراق وما أدراك ما العراق. أهلها أهل نفاق وشقاق ما المجد بالكرخ مقيما ولا ... طوق العلى في جيد بغداد وهي حرية بما ذكره الغزالي رحمه الله تعالى في باب المحنة من الأحياء. اتفاق جماعة من العلماء على ذمها وكراهة سكناها. واستحباب طلب الفرار منها) محمد بهجة الأثري ترجمة البيتوشي شيخنا العلامة عبد الله بن محمد الكردي الالاني الخانخلي حصل العلم عن أجل علماء بابان (أي السليمانية) منهم الإمام ابن الحاج. ورحل إلى بغداد ثم منها إلى البحرين فنظم أيام محاصرة صادق خان تراجم الزواجر، قال ابن سند فقرأت عليه المنطق والألفية وشرح السعد وشرح الشافية وشرح سقط الزند وشرح الفاكهي في النحو وشرح حسامكاتي في المنطق ورواية حفص عن عاصم في القراءة وقد نظم متن الكافي في العروض والقوافي ثم شرحه شرحا ممزوجا بالأصل وهذا الكتاب أيضا موجود. ثم إنه خرج من الاحساء وتوطن البصرة وله بعض التصانيف كمنظومته في النحو المشهورة، وأثنى عليه شيخنا محمد اسعد ثناء جميلا. قال وتوفي شيخنا سنة 1210 ثم أن محمد اسعد رحل إلى بغداد فقرأ عليه داود باشا المطول للسعد في علم البلاغة وهو كتاب مهم وقد رفع قدر الشيخ محمد اسعد بسبب ذلك وافاض عليه سيبا كثيرا. انتهى ملخصا من كتاب الآثار المسجدية في المآثر الخالدية لأبن سند وهو من الكتب الخطية في إحدى الخزائن. كاتب

الألفاظ الارمية

الألفاظ الارمية في اللغة العامية العراقية (تلحوق) وزان تدهور. يقول العراقيون تلحوق الوجه من الشمس بمعنى لوحته الشمس وتلحوق الطعام أي شاط واحترق فهذا الحرف مشتق من فعل (ل هـ ق) ومنه (ات ل هـ ق) ومعناه احترق واشتعل. (لطش) بمعنى ضرب ولطم ودق الحجر بالحجر وهو و (لطس) الفصيح واحد مبنى ومعنى والذي يسترعي الانتباه أن العراقيين يلفظون هذا الحرف على مذهب الارميين أي بالشين (ل ط ش) وقد يشاهد من أمثاله في غير هذا اللفظ فحيث تكون الكلم في اللغتين الساميتين متقاربة في اللفظ والمعنى فكثيرا ما يحتفظ بالارمي هذا ولا نجهل أن السين والشين تتبادلان في العربية. (ليخ) صيغة أمر من فعل (لاخ) (يليخ) بمعنى أسرع وهرب فالذي عندنا أنهم أخذوها من (ل ي ج) الجيم تلفظ غينا (ليغ) أي سريعا وحالا وعاجلا وهو اسم حال لكنهم توهموا له فعلا وصرفوه. (مجع الخيط) بتشديد الجيم المثلثة الفارسية أي فر وهرب ومعناه الحرفي أن لين الخيط الذي كان يوثق به فسهل عليه طريق النجاة. وعندنا أن فعل (مجع) من (م ش ع) أي ملس وسيع وصقل ولين ومما يؤيد هذا الرأي أنهم يقولون أيضا (شمع الخيط) وكلا المعنيين يفيد الملبس والتسييع. (سلاب) يقول العراقيون هذا الرجل قد صار (سلاب) وهذه المرأة ضعفت كأنها (سلابات) بمعنى هزل الرجل وهزلت المرأة واضحيا ضاويين وكذلك يقال فلان مسلوب الشكل أي رشيق غير سمين. وقد انسلب وذلك من الارمية (س ي ل وب ا) الباء تقرأ في الأصل واوا بمعنى الضعيف والمهزول والسخيف. (المعلان) بمعنى السيد يقال معلاني ومعلانك ومعلانه واكثر ما يستعمل هذا اللفظ العرب البدو أو الزراع والرعاة وهي مقتضبة من لفظتين ارميتين من

(م ع ل ي ا) (معلايا) بمعنى السامي والعالي والرفيع ومن حرف (من) فأصلها معلايا من، أي السامي من، ومعلايا مني ومعلايا منك ومعلايا منه فنحتت وصارت معلان ومعلاني ومعلانك الخ (محفورة) يستعمل هذا اللفظ في الموصل بمعنى السجادة وهو قديم في العراق وقد ورد ذكره في كتب المؤلفين في عهد الدولة العباسية وبينهم ياقوت الحموي فقد قال في معجم البلدان في مادة (قطيفة) تصغير القطيفة وهو كساء له خمل يفترشه الناس وهو الذي يسمى اليوم زولية ومحفورة. اه. فأقول أن لفظة الزولية تستعمل حتى اليوم في أنحاء العراق كبغداد والبصرة وغيرهما وقد عربها الأقدمون بصورة زلية بلام وياء مشددتين والجمع زلالي. أما المحفورة فأظنها تعريب (م ع ب ور ت ا) الباء مثلثة. وهي الشملة والمحفورة ولا أتمكن من البت في هذا التأويل لأني لم أر كلمة (معبورتاه) الارمية وبهذا المعنى مدونة في معجم بر بهلول ولا في معجم سميث السرياني اللاتيني ولا في اللباب للقرداحي بل جاءت في دليل الراغبين في لغة الآراميين للقس (اليوم المطران) يعقوب اوجين منا. وقد جاء في تاج العروس أنها منسوبة إلى بلدة في بحر الروم مشهورة بصنع الزلالي ولم نعثر في ما لدينا من كتب الجغرافية على مدينة باسم محفورة أو معفورة. (عر) يقال عر وبكى إذا صوت في البكاء وتمادى فيه وعندنا أن فعل (عر) من الارمية (ع ر) بمعنى أرغى وأزبد وغفث ومما يقابل هذا الفعل في العربية الفصحى فعل (نعر). (شربق) بمعنى شبك وربق وحبك. وهذا الفعل في الارمية (ش ر ب ق). (روحان) يقال يا روحان! بمعنى يا للفرح! ويا للراحة! قلنا يجوز اشتقاق هذا الحرف من أصل عربي من الراحة أو من الترويح كما يقال من الرحمة (الرحمان) ومن الحن (الحنان) إلاَّ أن نسبته إلى الارمية اقرب إذ أن فيها كلمة (ر وح ن ا) وهي الراحة والفرج.

(سوسب) أو سوسب وراح بمعنى نجا وذهب أو خرج خلسة من فعل (ش وز ب) الباء تقرأ واوا في هذا اللفظ على الطريقة الارمية بمعنى خلص ونجى وفعل (اشتوزب) نجا (وبيت شوزبا) مهرب ومفر. هذا ما جمعناه من الألفاظ الارمية في لغة العراقيين العربية بعد جهد طويل، إلاَّ أننا لا ندعي الإصابة في كل ما قلناه بل ربما هناك بعض الآراء التي لا يوافقنا عليها العلماء البحاثون فنحن أول من يرجع عنها عند ثبوت الحجة وإقامة البرهان لأن غايتنا علمية بحتة وقبلتنا الحقيقة ليس إلاَّ. كما لا نجهل أنه فاتتنا طائفة من الألفاظ لم ندونها فنشكر كل من ينبهنا عليها إتماما للفائدة. ولا مندوحة لنا عن ذكر صيغة يستعملها العراقيون في كلامهم وعليها مسحة ارمية بحتة وهي قولهم (قلتله للرجل) و (هل وديته للكتاب) و (قرأته للمكتوب) عوضا عن هل قلت للرجل؟ وهل أرسلت الكتاب؟ وهل قرأت المكتوب؟) أي أنهم يثبتون ضمير المفعول مع ذكر المفعول وهذا منحى الارميين في لغتهم الفصيحة. وكيف نفسر بدء العراقيين الكلام بالسكون أو قل بحركة مختلسة تكاد تحاكي السكون وفي العربية لا يبتدأ بالساكن بل بأحد المتحركات وعندي أننا العرب نتبع المنطق في ذلك إذ بدء الكلام حركة والوقوف سكون. أما الارميون فأنهم يبدءون كلامهم أما بالسكون وأما بالحركة حسب الكلم وبين الألفاظ التي تبتدئ عندهم بالسكون اسما وأفعال وحروف لا حاجة إلى ذكرها هنا فهل من علاقة يا ترى بين اللفظ الارمي وبين لفظ العراقيين من حيث الابتداء بالسكون فعلى رأيي أن ذلك موضوع بحث يسترعي الاهتمام به. ومما يلفت الأنظار ويستوقف الأبصار في لغتنا العربية العراقية ورود ألفاظ على وزن (فاعول) بمعنى الفاعل. ومنها (صاعود) للذي يصعد النخل و (قاصوص) للذي يقطع الخشب والطابوق (للآجر) و (الحاصود) للذي يحصد و (الآكول والشاروب والراكوب) للآكل والشارب والراكب كثيرا. ومن أمثالنا أن فلانا لا ينفق شيئا ولا هو مسؤول عن شيء بل هو (آكول شاروب راكوب) و (الباطول) الكثير البطالة ومنه القول المأثور (قطعة

الباطول) ومن المقرر في لغة الارميين أن اسم الفاعل في الأفعال الثلاثية - ماخلا بعض شواذ - يصاغ على وزن (فعولا) بإمالة الفاء إمالة تضاهي الألف لأن حركتها زقاف. أفلا يحملنا ذلك على الاعتقاد أن هذه الصيغة في لغتنا هي من تراث الارميين؟ ومما يجمل بنا ذكره هنا ورود بعض ألفاظ في معاجمنا على هذا الوزن منها (ناطور) و (ناقوس) و (ناسور) غير أن هذه الألفاظ ليست بعربية بل معربة. ومثلها (ناعور) و (قاطول) اسم نهر في العراق. أما لفظ (ناجود) بمعنى الخمر ووعائها. فليس باسم فاعل بل هو اسم جامد. وقد جاء في العربية الفصحى لفظ (فاروق) الذي يفرق بين الأمور أي يفصلها على وزن فاعول للمبالغة. وهو لقب الإمام عمر بن الخطاب، ومنه قولهم الترياق الفاروق. ومن أراد التبسط في الألفاظ التي وردت في العربية على وزن فاعول فليراجع المزهر 81: 2 - 83 ويجدر بي أن المع إلى آثار الارمية في أسماء البلدان والبقاع والأنهر في العراق فأننا نجد عشرات من تلك الأسماء ارمية الأصل والمعنى منها مندثرة ومنها لا تزال حية. ومن أمثال لك: باقوفا تلكيف بطنايا باجرمي باعذري برطلي تلسقف بادرايا (وهي بدرة). الكرخ ماحوزة بعقوبا باجسرا عقرقوف عبرثا نهر ملكا نهر كلال الحيرة القاطوب الشطرة ديالى كركوك باعشيقا براثا باحمشا مرغا أو مركا وقبل الختام ننبه إلى أننا أغفلنا أصول بعض الألفاظ التي تأتي على ألسنة العامة وهي لا تتفق والآداب. يوسف غنيمة

الكبائش أو الجبايش

الكبائش أو الجبايش نظرا إلى نتائج تدقيقات علماء الأثريات ثبت أن بلاد العراق (ما بين النهرين) تكاد تكون في تاريخها وأثريتها أغنى بقعة وجدت على وجه البسيطة، فضلا عن أنها منبع الحقائق ومهد الحضارة، والذي يقلب صفحات التاريخ اليوم يتضح له جليا أن كل أمة لا بد من أن تنسب إلى هذه المملكة ولو من بعيد ولو أردنا أن نتعمق في هذا البحث مع ما علينا من جهل ما في بطونها من دفائن أمم وإمارات وبلاد أخفى عليها الدهر لأسباب تختلف حوادثها؛ لدخلنا في مواضيع كثيرة وحوادث مهمة ولاضطررنا إلى تحبير عدة صفحات من هذه المجلة.

وهذه الكبائش التي لا يعرفها تسعة أعشار العراقيين كانت بلدة مهمة في أيام العباسيين غنية بمواردها الاقتصادية وآهلة بعشرات الألوف من السكان لأنها كانت من البلاد التي تدر على الخزينة بكثير من المال خصوصا من اتاء الثمار وأخصها العنب والزبيب. وقد كانت تعرف ب (البطائح) يومئذ ثم حمل عليها الدهر الخؤون حملة شعواء وأطلق فيها يد التدمير والتخريب حتى أصبحت أثرا بعد عين حينما اتجهت إليها مياه دجلة والفرات فغمرتها وتركتها أراضي تتلاعب بها المياه من جميع جهاتها. ونظرا إلى قرب المصاب منها ووصول الرمال التي تحملها المياه إلى مستقرها أصبح من المنتظر عمرانها بصورة عامة ولا سيما لأن الهمة مبذولة في الوقت الحاضر لأجل إصلاحها. ورب مستغرب يستغرب هذا الاسم (الكبائش) فنقول إن كلمة الكبائش أو الجبايش كما تلفظها العامة عربية الأصل محرفة عن كبيسة بأسباب ما طرأ على اللغة من التغييرات الناشئة من احتكاك العرب بالأعاجم وغيرها والكبيسة مشتقة من (الكبس) وهو في الأصل الضغط والكبس عندنا العراقيين الزرع الذي يبذر في أرض دخلها ماء فيضان النهر أو ماء فيه غريل كثير فيرسب على وجهها راسب يصلح لزرع بعض النباتات التي تكتفي بهذا الماء من غير أن تحتاج إلى مياه الأمطار ومياه الانهار، كالسمسم والذرة (الاذرة) والهرطمان وغيرها ويسمون هذا الزرع بالكباسي وتلفظ كافها كالجيم المثلثة الفارسية وكان العرب سلفنا يسمون هذا الزرع باللحق وزان سبب قال اللغويون اللحق واحد الإلحاق وهي مواضع من الوادي ينضب عنها الماء فيلقى فيها البذر. اه. وأشهر هذه الكبائش (برق الحمار) وقضاء الكبائش من الاقضية التي أنشئت حديثا بالمعنى الصحيح، ونقول بالمعنى الصحيح لأنه لم تتسلط الحكومة السابقة على إنشاء هذا القضاء بالمعنى الحقيقي. وأسباب ذلك ترجع إلى قصر نظر رجال تلك الحكومة وعدم اهتمام أربابها القابضين على زمام الأمور آنئذ بما يجب اتخاذه من وسائل العمران والتهذيب ونشر ألوية السلام. فقد كان هذا القضاء محفوفا مرهبا بأمرائه وعشائره الذين خولتهم ظروف المحيط وأحواله الطبيعية أن يتمكنوا من العصيان ولم

يكن في مقدرة الحكومة أن تسير قافلة من هناك ما لم تصحبها بالسيار اللائق (المرافق) حتى أنها كانت تستميل الرؤساء إلى جانبها حينما تريد أن تسير قوة ما. فلهذه الأسباب بقي هذا المحيط مجهولا وبقي أمراؤه لقاحا إلى أن ارتكزت أقدام حكومة جلالة ملكنا المعظم سنة 924 - 925م. فتنفست المدينة الصعداء وعمرت الحكومة دارا ضخمة لها كلفتها نحو 238000 ربية والآن تسير الحركة العمرانية فيها سيرا محسوسا وقد شيدت الحكومة أيضا مدرسة أولية هناك لا بأس بها؛ إلا أنها على رقي متواصل. يحد قضاء الكبائش من الشمال حدود لواء العمارة ومن الشرق ناحية المدينة التابعة لقضاء القرنة من أعمال البصرة ومن الغرب والجنوب قضاء سوق الشيوخ التابع للواء المنتفق. وتقدر وارداته السنوية بأكثر من 200000 ربية. أما نفوسه فتبلغ نحو 230000 نسمة وأهم خرجه القصب والبردي والسمك والشلب (الرز بقشره) والذرة. والكبائش مجموعة عرائش فوق جزر كثيرة يفصل المياه أبنيتها. وإنك لا تستطيع أن تجد اكثر من عريشة واحدة فوق جزيرة واحدة في ذلك المستنقع الجسيم. ولا بد لكل عريشة من مشحوف (بلم صغير أو زورق) يركب فيه أصحابه لابتياع اللحم أو الخضراوات وسائر الحاجيات من الحوانيت القائمة فوق تلك الجزر بصورة متفرقة إذ لا يمكن تشييد المنازل الحجرية فوق أرض الكبائش. إن سراي الحكومة (صرحها) المبني من الآجر على آخر طرز صحي فالفضل فيه يعود إلى مالك هذه الأراضي قبل هذا الشيخ سالم الخيون لأنه سبق فأقام له بيتا من حجر في هذه البقعة بعد أن صرف الألوف من الربيات على كبسها وفرشها بالتراب. هذه نبذة مختصرة نقدمها إلى حضرات القراء الكرام عن قضاء الكبائش الذي لا يعرفه معظم العراقيين كما أسلفنا ذلك عسى أن تكون فيا فائدة. السيد عبد الرزاق الحسني

تاريخ الطباعة في العراق

تاريخ الطباعة في العراق مطابع الموصل تابع مطبعة الدمنكيين - 6 - 133 - (الكتاب المقدس حسب الترجمة المعروفة بالبسيطة) (بالكلدانية) ثلاثة أجزاء ضخمة 1887 - 1891 ص712 و681 و426 134 - (المزامير) بالكلدانية 1890 ص207 135 - (تعليم مسيحي صغير) (بالكلدانية) طبعة ثانية 1885 ص36 136 - (صلوات) (بالكلدانية) طبعة ثانية 1888 ص16 137 - (صلوات مطول) (بالكلدانية) جمع المطران السيد أدي شير ابرهينا الكلداني 1891 ص310 138 - (الوردية المقدسة) (بالكلدانية العامية) 1884 ص91 139 - (مرشد الكاهن) للأب بولس سينيري اليسوعي نقله إلى الكلدانية القس داميان الكلداني ونقحه المطران السيد توما اودو الكلداني 1882 ص371 140 - (ميزان الزمان) للأب جان اوسابيوس نيارنبرج اليسوعي

المتوفى سنة 1658 نقله إلى الكلدانية المطران السيد توما اودو الكلداني 1884 ص432 141 - (مرشد المترشحين للدرجات الكهنوتية) للكاهن الإيطالي لويس تونيي من كتبة القرن التاسع عشر نقله إلى الكلدانية المطران المذكور 1895 ص288 142 - (رياضة درب الصليب) (بالتركية) 1892 ص28 143 - (إنجيل مار متي) (بالتركية) ترجمة البطريرك جرجس عبد يشوع خياط الكلداني 1894 ص105 144 - (خلاصة التعليم المسيحي) (بالتركية) له 1893 ص235 145 - (الشهر المريمي) (بالكلدانية) ترجمه من العربية الخوري فرنسيس داود الكلداني - خريج مدرسة ماريوحنا الحبيب الاكليركية بالموصل - 1907 146 - (المروج النزهية في آداب اللغة الارامية. منتخبات للبلاغة الكلدانية) للمطران السيد يعقوب اوجين منا الكلداني الجزء الأول 1901 ص (شنج) الجزء الثاني 1901 ص (تن) 147 - (مجموع جمل اعتيادية ومكالمات جزئية لتعلم الفرنسية (بالفرنسية والعربية) طبع ثانية 1895 ص31 148 - (مجموع مكالمات صغيرة جديدة) (فرنسية عربية) 1897 ص31 149 - (أمثلة التصاريف الفرنسية) (بالفرنسية والعربية) 1910 ص53 150 - (نخب أدبية للقراءة الفرنسية) اسمه: الجزء الأول ألفه الأب شفاليه المرسل الدمنكي ونشره غفلا 1903 ص234 151 - (الأصول الجليلة في نحو اللغة الارامية) على كلا مذهبي الشرقيين والغربيين تأليف المطران السيد يعقوب اوجين منا الكلداني باللغة العربية 1896 ص352 152 - (العهد الجديد) (بالكلدانية) حسب الترجمة البسيطة جزءان، الأول ص568 والثاني ص700

153 - (قراءات الإنجيل والرسائل) (بالكلدانية) حسب الطقس الكلداني ثلاثة أجزاء ص200 و115 و250 154 - (مختصر شرح التعليم المسيحي) (بالكلدانية العامية) ص170 155 - (تعليم المجمع التريدنتيني المسيحي) نقله إلى الكلدانية المطران السيد توما اودو الكلداني 1889 ص686 156 - (كلندار الأعياد والتذكارات والاصوام) حسب طقس الكنيسة الكلدانية ص16 157 - (تسليم السريان الشرقيين لسلطة البابا حسب تقليد الكنيسة السريانية الكلدانية (بالكلدانية) تأليف المطران السيد بطرس عزيز الكلداني الموصلي ص99 158 - (أخوية الوردية المقدسة) (بالكلدانية) ص46 159 - (أغاني روحية) (بالكلدانية العامية) ص390 160 - (ما قبل وما بعد صلوات الغروب) (بالكلدانية) ص248 161 - (طفولية يسوع المسيح) (بالكلدانية العامية) ص76 162 - (رسالة راعوية) لغبطة البطريرك عبد يشوع جرجس الخامس خياط الكلداني (بالكلدانية) ص57 163 - (كتاب نرسي) (بالكلدانية) نقحه ونشره بالطبع الأب سابقا

الدكتور الفونس منكناحالا الموصلي الأستاذ في مدرسة ماريوحنا الحبيب الاكليركية في الموصل سابقا وخازن خزانة كتب جون ريلندس في مانشستر (انكلترة) الآن طبع 1905 في جزءين ص370 و411. 164 - (نحو اللغة الكلدانية العامية) (بالافرنسية) المسمى: حسب لهجة سهل الموصل والأصقاع المجاورة له تأليف الأب يعقوب ريتوري الدمنكي المرسل في كردستان ص276 165 - (مفتاح اللغة الارمية) (بالفرنسية) اسمه: تأليف الدكتور الفونس منكنا 1905 ص233 166 - (مختصر التاريخ المقدس) (بالكلدانية العامية) طبع رابعة ص53 167 - (كتاب أولي للقراءة السريانية للصبيان) ص115

168 - (تعليم مسيحي) (بالسريانية) ص52 169 - (جوجقلرة مجموع فوائد) في القراءة التركية للمدارس تأليف نعوم فتح الله سحار وقد نشر غفلا من اسم المؤلف 1890 ص96 170 - (مقتطفات الصلوات) (بالفرنسية): ص145 171 - (مواعظ دينية) للبطريرك ايليا الثالث الكلداني جزء ثان. 172 - (مبادئ الفلك) (بالكلدانية العامية) 173 - (نصوص تاريخية سريانية قديمة) لمشيحا زخا وبرحدبشبا وبرفينكايي نشرها مع ترجمة فرنسية وتعاليق الدكتور الفونس منكنا سنة 1907 174 - (مختصر صغير للتعليم المسيحي) (بالعربية والفرنسية) ص79 رفائيل بطي

الفعل في لغة عوام العراق

الفعل في لغة عوام العراق الفعل أما ماض أو مضارع أو أمر. وهو أيضا أما مجرد أو مزيد. والمجرد أما ثلاثي أو رباعي. ولنتكلم عن كل من هذه الأقسام. الثلاثي المجرد ينقسم الثلاثي المجرد إلى ثلاثة أقسام: سالم، وصحيح، ومعتل. السالم السالم هو ما خلت حروفه الأصلية من أحرف العلة والهمز والتضعيف نحو ضرب. وهذا الفعل اعني السالم من الثلاثي المجرد يكون في كلام العامة مكسور

الأول مفتوح الثاني نحو ضرب، كتل، شرب، سمع، كتب، وهذا هو الأكثر الأعم في كلامهم وقد يكون مضموم الأول مفتوح الثاني وهو قليل وذلك نحو كفر وصبر. وأما آخر الفعل السالم فإنه ساكن إلاَّ إذا اسند إلى ضمير المفرد المتكلم أو المفرد المخاطب فيكون مكسورا نحو أنا ضربت. وأنت ضربت. ويكون مفتوح الآخر مع سكون وسطه إذا اسند إلى ضمير جمع الغائب نحو ضربوا أو ضمير المفردة الغائبة نحو ضربت أو ضمير جمع الغائبة نحو ضربن ومفتوح الآخر مع تحرك وسطه وذلك إذا اتصل به من الضمائر المنصوبة ضمير المفرد الغائب نحو ضربه أو ضمير المفرد المخاطب نحو ضربك ويكون مكسور الآخر إذا اتصل به من الضمائر المنصوبة ضمير المفردة المخاطبة نحو ضربج. (تنبيه) قلنا إن الفعل الماضي السالم إذا اسند إلى ضمير المفرد المتكلم أو إلى ضمير المفرد المخاطب يكون آخره مكسورا وذلك لأن الضميرين المذكورين ساكنان إذ هما عبارة عن تاء ساكنة؛ وآخر الفعل ساكن أيضا فيجتمع ساكنان فيكسر آخر الفعل تخلصا من اجتماع الساكنين وأما إذا تحرك الضميران المذكوران كما لو اتصل بهما ضمير المفعول المخاطب أو الغائب فلا يكسر حينئذ آخر الفعل لعدم اجتماع الساكنين نحو قولهم: أنا ضربتك وأنت ضربته. تصريف الفعل السالم قد علمت إن الماضي السالم تختلف أحوال آخره باختلاف ما يتصل به من الضمائر المرفوعة والمنصوبة فتارة يكون ساكنا وتارة يكون مكسورا وتارة يكون مفتوحا كما ترى فيما يأتي: تصريفه مع الضمائر المرفوعة ضرب (ساكن الآخر) ضربوا (مفتوح) ضربت (مفتوح) ضربن (مفتوح) ضربت (مكسور) ضربتو (ساكن) ضربت (ساكن) ضربتن (ساكن) ضربت (مكسور) ضربنا (ساكن). تصريفه مع الضمائر المنصوبة ضربه (مفتوح) ضربهم (ساكن) ضربها (ساكن) ضربهن (ساكن) ضربك

(مفتوح) ضربكم (ساكن) ضربج (مكسور) ضربجن (ساكن) ضربني (ساكن) ضربنا (ساكن). الصحيح الفعل الصحيح هو ما خلت حروفه الأصلية من أحرف العلة فقط. ويكون أما مضاعفا أو مهموزا. المضاعف الثلاثي المضاعف هو ما جانست عينه لامه نحو مد وشد وعض. وهو في كلام العامة مفتوح الأول أبدا. أما آخره فتارة يكون ساكنا أما مع بقاء التضعيف وذلك إذا اسند إلى ضمير المفرد الغائب من الضمائر المرفوعة نحو شد أو مع زوال التضعيف بحذف حرفه الأخير وذلك إذا اتصل به من الضمائر المنصوبة ضمير المفرد المتكلم نحو شدتي، أو جمع المتكلم نحو شدنا أو ضمير جمع الغائب نحو شدهم أو ضمير المفردة الغائبة نحو شدها أو جمع الغائبة نحو شدهن. أو ضمير جمع المخاطب نحو شدكم، أو ضمير جمع المؤنث المخاطب نحو شدجن. وتارة يكون مفتوحا وذلك إذا اسند إلى ضمير جمع الغائب نحو شدوا أو ضمير المفردة الغائبة نحو شدت. أو ضمير جمع المؤنث الغائب نحو شدن، أو اتصل به من الضمائر المنصوبة ضمير المفرد الغائب نحو شده أو ضمير المفرد المخاطب نحو شدك. وتارة يكون مفتوحا فتحة مبسوطة مع زيادة ياء في آخره وذلك إذا اسند إلى ضمير المفرد المتكلم نحو شديت. أو جمع المتكلم نحو شدينا، أو إلى ضمير المخاطب نحو شديت؛ أو ضمير جمع المخاطب نحو شديتو، أو ضمير المفردة المخاطبة نحو شديت. أو ضمير جمع المخاطبة نحو شديتن. وتارة يكون مكسورا وذلك إذا اتصل به من الضمائر المنصوبة ضمير المفردة المخاطبة نحو شدج. فقد تبين لك أن المضاعف لا يفك إدغامه في حال من الأحوال وأن لأخره خمس: (1) السكون مع بقاء التضعيف (2) السكون مع زوال التضعيف (3) الفتح (4) الفتحة المبسوطة مع زيادة ياء في آخره (5) الكسر. كما ترى فيما يأتي: تصريفه مع الضمائر المرفوعة شد (ساكن) شدوا (مفتوح) شدت (مفتوح) شدن (مفتوح) شديت (فتحة مبسوطة) شديتو (فتحة مبسوطة) شديت (فتحة مبسوطة) شديتن (فتحة مبسوطة) شديت (فتحة مبسوطة) شدينا (فتحة مبسوطة) تصريفه مع الضمائر المنصوبة شده (مفتوح) شدهم (ساكن بلا تضعيف) شدها (ساكن بلا تضعيف) شدهن (ساكن بلا تضعيف) شدك (مفتوح) شدكم (ساكن بلا تضعيف) شدج (مكسور) شدجن (ساكن بلا تضعيف) شدني (ساكن بلا تضعيف) شدنا (ساكن بلا تضعيف) معروف الرصافي

فوائد لغوية

فوائد لغوية الدمحال والبتري كنا قد استفتينا العلامة المحقق اللغوي أستاذنا الشيخ محمود شكري الالوسي رحمه الله وطلبنا إليه أن يبين لنا معنى كل من هذين اللفظين: الدمحال والبتري فكتب إلينا في 16 كانون الأول من سنة 1916 ما هذا حرفه: (وردني سؤالكم ودققت النظر فيه والحق بيدك أن اعترضت على ما ترى في كتب اللغة من الألفاظ التي تعد من قبيل المهملات. والظاهر إن السبب في ذلك عدم تلقيها عن أهلها وقراءتها على أساتذتها كسائر العلوم. وقد رأيت تفسير اللفظة في هامش ص267 من الجزء الثالث عشر من اللسان عند ذكر بتري في تفسير الدمحال ما نصه: وقد وجدناه في بعض نسخ التهذيب مضبوط بفتح الباء وكسر الراء وتشديد الياء مفسرا بالرجل الشرير) اه ومن الجائز إن يكون ضبط القاموس وضبط غيره صحيحا. فإن البتر والتبر

متقاربا المعنى فالتبر الهلاك والمتبور الهالك. والتبر الإفساد ومنه: وليتبروا ما علوا تتبيرا. والابتر بتقديم الباء؛ الذي لا خير فيه وكل أمر انقطع من الخير فهو ابتر والابتر من الحيات الذي يقال له: (قصير الذنب لا يراه واحد إلاَّ فر منه ولا تبصره حامل إلاَّ أسقطت. وإنما سمي بذلك لقصر ذنبه كأنه بتر منه. والابتر الناقص البركة إلى آخر ما ذكروه. فعلى هذا يجوز أن يكون البتري أو التبري مرادا به الرجل السوء الذي لا خير فيه أو الهالك. والياء المشددة للمبالغة لا للنسب فإنهم الحقوا آخر الاسم ياء كياء النسب لأمور منها: إنهم ألحقوها للفرق بين الواحد وجنسه فقالوا: زنج وزنجي، ترك وتركي، روم ورومي. على قول بمنزلة تمر وتمرة نخل ونخلة. وللمبالغة فقالوا في أحمر وأشقر وأحمري وأشقري كما قالوا راوية ونسابة أي بتاء زائدة للمبالغة. وزائدة زيادة لازمة نحو كرسي وبرني وهو ضرب من أجود التمر. ونحو بردي وهو نبت. وهذا كإدخال التاء في ما لا معنى فيه للتأنيث كغرفة وظلمة. وزائدة زيادة أرضة كقوله: اطربا وأنت قنسري ... والدهر يا إنسان دواري؟ أي دوار؟ فعلى هذا قولنا تبري أو بتري معناه كثير الشر أو الفساد أو نحو ذلك وأما ما ذكروه من كسر المثناة وتشديد الموحدة فهو مأخوذ من ضبط الأقلام والذي أكثره من تحريف النساخ والحقيقة ما ذكرنا. على أن لي قولا لم يذكره اللغويون في الكتب التي بين أيدينا وهو: إن البتري الرجل الذي يقول بمقالة المغيرة بن سعد الابتر أمام فرقة من فرق الزيدية وهم فرقة من الشيعة لهم مقالة تخالف مقالة سائر الزيدية. ففي الصحاح: البترية فرقة من الزيدية نسبوا إلى المغيرة بن سعد ولقبه الابتر. وفي تعريفات السيد البترية وافقوا السليمانية إلاَّ أنهم توقفوا في عثمان (رض) ولهم ذكر في غير ذلك من كتب المقالات والنحل. هذا ما أمكنني ذكره ولازلتم موفقين. الفقير إليه تعالى محمود شكري الالوسي

الكمرك والديوان والمكس

الكمرك والديوان والمكس الكمرك كلمة تركية مأخوذة من اليونانية المولدة الداخلة إليها من اللاتينية أي التجارة وقيمة الشيء وثمنه وحق البيع والشراء ويأتي بمعنى محل قبض أجرة بيع الشيء. وقد كتب الأتراك في سابق العهد وحتى الآن الكلمة المذكورة بصورتين أخريين وهما (كومرك وكومروك) والثلاث مقبولات عندهم والشائعة اليوم عندهم كومروك. والقريبة الصيغة إلى العربية هي الكمرك لأنها على وزن قنفذ والحركات فيها مقصورة لا ممدودة على حد ما هي في اللاتينية والكاف الأولى يلفظها الترك كالقاف المعقودة أي كالجيم المصرية. ولهذا كتبها المصريون جمرك. وهو جائز لأن القاف المعقودة قد تنقل إلى العربية جيما كما هو كثير الورود في المعربات. وكان العرب يسمون الكمرك (الديوان) ولعل أصل الوضع كان ديوان الحقوق أو ديوان الضرائب أو ديوان الخراج إلى غيرها. ومن السلف تلقفها الإفرنج فقالوا (دوان فاكتفوا بالمضاف عن المضاف إليه. وهكذا جاءت في الكتب العربية التي الفت في القرون الوسطى كابن بطوطة وابن جبير والمقري ولا سيما ابن خلدون في كلامه عن الدواوين. وممن ذكرها أيضا بدر الدين العيني في كتابه عقد الجمان إذ يقول في حوادث سنة 614هـ (1265م) (وصلت رسل الانبرور والفونش وملوك الإفرنج واليمن (كذا) بالهدايا إلى صاحب الإسماعيلية فأمر السلطان بأن تؤخذ الحقوق الديوانية من هذه المراكب إفسادا لنواميس الإسماعيلية وتعجيزا لمن اكتفى شرهم بالهدية) اه فالنص واضح في المعنى الذي ذكرناه.

وسمى الديوان (ديوان الحقوق والضرائب) بعضهم قبل ذلك في القرن العاشر للميلاد، باسم المنظرة. قال المؤلف عجائب الهند (ص119): وحدثني عن من دخل سرنديب (جزيرة سيلان) وخالط أهلها أن من رسوم سلطانها في معاملته أشياء منها أن له منظرة على الشط يضرب فيها على الأمتعة. اه. وفي رواية أن له منظرا. والأولى هي الصحيحة. قلنا: وقد استعمل الكاتب هنا (وهو بزرك بن شهريار الناخذاه الرامهرمزي) كلمة الرسوم بالمعنى المعهود اليوم أي ما يشبه الضرائب أو الضرائب نفسها. وقد وردت أيضا بهذا المعنى في كتاب الشريف الادريسي إذ يقول: ولواليها وجابيها شيء معلوم ورسم ملزوم على المراكب. وكذا في تاريخ الخطيب إذ يقول: وأما رسوم الأعراس والملاهي فكانت قبالاتها غريبة. وقد جاءت في غير هذه المصنفات. والترك اخذوا هذه اللفظة أيضا (أي الرسوم) عن المولدين من السلف بالمعنى المعروف اليوم. فما أحرى بنا أن نقول اليوم كما قال من سبقنا: الديوان أو المنظرة أو دار الرسوم وأن نهرب من استعمال كمرك التي لم تعرف قبل القرن التاسع عشر للميلاد. وأما المكس فالأصل فيه على ما قال ابن الأعرابي: درهم كان يأخذه المصدق بعد فراغه. وفي الحديث: لا يدخل صاحب مكس الجنة (اللسان في مكس) والمكس أيضا: دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في الأسواق في الجاهلية. والماكس العشار ويقال للعشار: صاحب مكس. والمكس: ما يأخذه العشار. ويقال: مكس فهو ماكس. (اللسان) فالمعنى الظاهر هو إن المكس من الضرائب الممقوتة أو هو الدرهم الزائد عن الحق. وعندنا إن الكلمة رومية (أي لاتينية) لأن ضرب الضرائب من أعمال الرومان - وإن كان قديما في حد نفسه - فالرومان هم الذين أشاعوا اتخاذه وعلموه في بلادهم. ونظن أن المكس من لسانهم (مكسما) بتقدير درهم، أي الدرهم الزائد على الحق، أو الدرهم المأخوذ ظلماً وفوق المقدر. وهو المعنى القديم للفظ العربي وقد أيد ذلك صاحب المصباح إذ قال: (وقد غلب المكس في ما يأخذه أعوان السلطان ظلما عند البيع والشراء.) اه فترى من هذا كله أن الكمرك تركية الأصل يونانية النقل رومية الوضع والديوان فارسية النجار، والمكس لاتينية المعدن، أما المنظرة ودار الرسوم فمن محتد عربي صميم، فعلينا بهما: ولا سيما المنظرة لأنها شاعت بمعنى ما نظرت إليه فأعجبك أو ساءك وما ذلك إلاَّ لأن دار الرسوم كانت تبنى في اغلب الأحيان على شطوط البحار أو الأنهار ليشرف منها على السفن والمراكب حتى يتمكن الجباة من أخذ المكوس عند دخولها المكلأ. وبهذا القدر كفاية.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة جواب على نقد المحاضرة في الطب العربي (ليس من عادتنا إدراج الردود لأن الكلام يطول على غير جدوى كما نبهنا عليه في مستهل هذه السنة، إلاَّ أننا أردنا أن نعرض للقراء مثالا يحتذي عليه في هذا الموضوع لحمته إلا يجاز وسداه الأدب الجم، ونحن لا نريد أن نبدي شيئا جديدا دفاعا عن رأينا إذ في المقابلة بين النقد وجوابه مجزأءة) (ل ع) اشكر لحضر الصديق العلامة صاحب (لغة العرب) الغراء ملاحظاته في نقد (المحاضرة في تاريخ الطب عند العرب) في الجزء السادس من هذا المجلد والصفحة ال 361 وعليها أجيب: لا يخفى أن أكبر ضربة على الأدب بعد (إدراك حرفته) أن توضع أوراقه بين أيدي النساخ أو الرصاف يتلاعبون بها كيف شاءت أهواؤهم فيشوشون الكلام بالمسخ والسلخ والنسخ والتحريف والتصحيف والتحذلق حتى يوغروا صدر الأديب الذي يصرف الليالي والأيام في التنقيب عن كلمة يحققها، وإذا لمتهم حولوا اللوم عليك بأن قبح خطك أو عجلتك هي التي عبثت بالكلام أما هم فبراء من كل ما تتهمهم به فنعوذ بالله منهما إذا لم ينصفا. ولا سيما إذا كانت

العجلة بالطبع لقلة الحروف فإنها ضغث على ابالة. ولقد قيل إن الصيدلي يصلح أغلاط الطبيب أحيانا في صنعة (الروشتة) ولكن هذين يزيدان في الطنبور نغمة فيفسدان الكلام وإن كان فيه هفوات قليلة فيكثرانها سامحهما الله وخطب النساخ أهون من خطب الراصفين. كانت هاتان المحاضرتان (الأولى) في الطب القديم عند الأمم و (الثانية) في الطب عند العرب. وقد نشرتا في (المجلة الطبية الدمشقية) فالأولى طبعت بضع عشرات من نسخها على حدة بحساب المجلة وكانت الإصلاحات التي نعتني بمراجعتها نحن ورئيس تحرير المجلة تذهب ضياعا ولا سيما أن المجلة كانت تنقل من مطبعة إلى أخرى وإدارتها تتحول من واحد إلى آخر فكانت كثرة الأيدي عليها وبالا على تلك المحاضرة فخرجت سيئة الطبع والترتيب والورق كثيرة الأغلاط بلا فهرس ولا إصلاح خطأ. أما المحاضرة الثانية فاعتنى بالأنفاق عليها صديقي النطاسي الدكتور مصطفى أفندي الخالدي الأستاذ في الجامعة الأميركية في بيروت وكانت تنشر في المجلة الطبية الدمشقية ثم على حدة بكراس لم نتمكن من ضبط إصلاح تجاربه (بروفاته) لمرضنا وتغيبنا عن دمشق مدة. وتنقل المجلة في بعض المطابع وكذلك طبع المحاضرة علة حدة ظاهر فيه تغيير الحروف والورق. فالطابع على نفقته لم يقف على شيء من النسخ ولكنه اضطر أن يبحر إلى أوربة واميركة تخرجا في بعض الأعمال الطبية وذلك منذ اكثر من سنة فعجل بتغليف الكراس ليتم قبل سفره فلم نتمكن من وضع فهرس عام للمحاضرتين ومراجعتهما بضبط وإصلاح الخطأ فاعجله السفر وبقيت الكراريس في بيته في بيروت إلى أن عاد منذ أشهر قليلة فنشر الكراس على علاته. وليس هذا تمهيدا لاعتذار عن الأغلاط التي وقعت في المحاضرتين ولكن هي حكاية حال كان حظهما فيها سيئا وليس الكمال والعصمة إلاَّ لله فإني معرض للغلط قصير الباع. فاقدم لكم المحاضرة الأولى على علاتها دون أن أتمكن من مراجعتها بضبط للزومي الفراش منذ شهرين وأجيب على الملاحظات بقولي: 1 - إن كلمة (وتفوقوا) على جواز حذف صلتها لاشتهارها ودلالة ما

قبلها عليها راجعت اصلها عندي فإذا هي (وتفقهوه) أو (وتفوقوا فيه) وقد رأيت أفعالا كثيرة حذفت صلتها في مجلتكم الزاهرة. 2 - إن قصة إدخال الطب بلاد فارس منقولة عن تاريخ مختصر الدول لابن العبري طبع الآباء اليسوعيين في بيروت الصفحة ال 129 وهذا نصها: (اورلينوس قيصر) ملك ست سنين وهادن سابور ملك فارس وزوجه ابنته فبنى لها سابور بفارس مدينة شبه بوزنطيا وسماها جنديسابور وكان قد أرسل اورلينوس في خدمة ابنته جماعة من الأطباء اليونانيين وهم بثوا الطب البقراطي بالمشرق). فكلمة (اولينوس) اصلها (اورلينوس) فسقطت الراء عند الطبع. وقال ياقوت الرومي في معجم البلدان ما نصه: (جنديسابور مدينة بخوزستان بناها سابور بن اردشير فنسبت إليه واسكنها سبي الروم وطائفة من جنده) وبمراجعة مسودة المحاضرات رأيت في أول الكلام: (وقيل كان سبب) وهو دليل استضعافي الرواية. ولكن سقطت كلمة (قيل). 3 - أفلا يجوز إسقاط (من) بعد (ولا سيما) وقد أسقطت عبارات خطأ. 4 - إن المصادر المعطوفة يسوغ فيها أن تكون من غير طائفة واحدة ومع ذلك فكان الأولى أن تكون كما صححتموها. 5 - ومثل ذلك (الجراحة) فالمراد (علم الجراحة) والمضاف سقط خطأ أو ذهولا. 6 - مدينة الشوش، قال ياقوت في معجمه: (السوس. . . بلدة بخوزستان. . . قال حمزة: السوس تعريب الشوش بلفظ الشين ومعناه الحسن والنزه والطيب واللطيف أي بأي هذه الصفات وسمتها به جاز) ومثلها (شميساط) فإنها وردت بالمعجمة والمهملة أي (سميساط) 7 - ليس لدي الآن تاريخ الطبري لأراجع عبارته إذا كانت هي كما نقلت في الصفحة الرابعة من المحاضرة باعجام الشوش، وبما جاء من أن جنديسابور هي الأهواز. ولكن أتذكر أن أصل العبارة في المسودة (وهو اسم جنديسابور

وقربها للبلدة التي دعاها العرب سوق الأهواز الخ) وكلمة الأهواز كما قال ياقوت اصلها الاخواز جمع خوز فحولوها إلى الأهواز وقال أعرابي (لا ترجعن إلى الاخواز ثانية) أفليس هذا أولى من أن نقول إنها محرفة عن (هوزايا) وهوزايا محرفة عن الخوزيين سكان تلك البلاد؟ 8 - إن كلمة (اتانوس) معربة عن دوفال فلم انتبه إلى استعمال العرب إياها كما في ابن أبي اصيبعة 109: 1 طبع مصر بصيغة (اطنوس الامدي) 9 - سمي الكتاب بالاسمين (العناصر) و (الأطعمة) 10 - لا بأس من أن تكون كلمة المتحف بضم الميم وإسكان التاء وفتح الحاء اسم مكان من أتحف الرباعي وهذا اقرب من المتحفة لتداول الناس لتلك كثيرا حتى صارت دارجة على اسلات الألسنة. 11 - اشتهرت المكتبة كثيرا على الألسن فصارت علما (لمجاميع الكتب) فلذلك تجوزت باستعمالها وليست التفرقة بالاسمين إلاَّ حديثة. 12 - إن يحيى بن سرافيون هو المقصود بلا ريب فحوله الراصفون إلى سراجيون تفننا بالخطأ. 13 - لا أنكر أن كثيرا من الأغلاط تشوه هذه المحاضرة ولكنها لا تخفى على اللبيب فلهذا أصلحت أهمها وأشرت إلى الآخر إشارة عامة ومما انتبهت إليه الآن عند كتابة هذا الرد ما في الصفحة الخامسة والسطر ال 8 (كتابا في الحي) والصواب (الحمى) وفي الصفحة ال 31 والسطر ال 11 و (لقبته) والصواب (ولقيته) بالياء المثناة التحتية وفي ص33 س6 (يستربح) والصواب (يستريح) وس11 (تم) أي (ثم) وص39 س9 (بماذ) أي (بماذا) وص40 قبل الأخير بسطر (إحداها) أي (أحدهما) وص46 س3 (والواحب) أي (والواجب) و48 س7 (في صدور) أي (في صدر) وس11 (خرساني) أي (خراساني) وقبل الأخير بسطر (اد) أي (إذ) وص50 قبل الأخير بسطر (أعاق عن كلتا يديه الظبي) أي (أعاق الظبي عن كلتا يديه) وص54 س7 (وفيه) أي (وفيها) وص56 س20 (اسقورينس) أي (دسقورينس) والله اعلم بالصواب. زحلة - 22 ك2 سنة 1927 عيسى إسكندر المعلوف

معنى كلمة بغداد رأيت بحثا في وجه تسمية بغداد في الجزء الخامس ص81 تكلم فيه الباحث بكلام مفيد. وهناك وجه آخر لتسمية بغداد بهذا الاسم وهو أن كلمة (بغداد) مركبة من (باغ) بمعنى الحديقة أو البستان و (داد) بمعنى العدل أو الحكم بالعدل. وحيث كانت بغداد وحواليها مقر الملك الفارسي العادل أو مقر الخليفة الحاكم بالعدل أطلق عليها بغداد مخففا أما بإدخال هذه الكلمة من اللغة الفارسية إلى العربية وأما تسمية لها باسمها القديم في زمن الفارسيين. زنجان الشيخ أبو عبد الله الزنجاني (لغة العرب) إذا قبلنا هذا الرأي. يصعب علينا أن نؤولها هذا التأويل قبل مجيء الفرس إليها؛ إذ وجد في الرقم المسمارية قبل أن يحتل الفرس بقعة الزوراء والبلاد التي حواليها. العراق في العام المنصرم كيف يدون بعضهم تاريخ العراق جاء في القسم الثاني من مقالة (نظر عام في أحوال العام) للأب لويس شيخو اليسوعي المنشورة في الجزء الثاني من السنة الخامسة والعشرين من مجلة المشرق الصادرة في بيروت (شباط 1927) في الصحيفة ال 143 الفقرة التالية: ((العراق) عقدت معاهدة بين انكلترة وحكومة العراق في تقرير حقوق الدولتين وتدبيرهما، وقد صار التوقيع عليها (كذا بمعنى ووقعت) في 18 كانون الأول. وفي شهر نيسان صار فيضان عظيم (كذا بمعنى دفقت المياه) في ضواحي بغداد بخراب سد هناك فغمرت المياه قسما كبيرا من أملاك المدينة وخربت عدة مساكن وذهبت بحياة بعض السكان وكاد الشر يستفحل لولا همة أرباب الأمر بتلافيه بعد أيام. وفي أوائل تشرين الثاني حصلت (كذا بمعنى وقعت) أزمة وزارية بعد انتخاب رشيد علي بك كرئيس (كذا أي رئيس) مجلس النواب بدلا من مرشح الحكومة فاستعفت الوزارة مع رئيسها حكمت بك

سليمان. ولم يرتق الخرق إلاَّ بعد تأليف الجنرال جعفر باشا وزارة جديدة في 21 من الشهر) وفي هذه الفقرة الصغيرة ثلاث غلطات مهمة (ما عدا ركة التعبير) فتوقيع معاهدة التحالف الجديدة بين العراق وبريطانية تم في 13 كانون الثاني 1926 ثم أبرمها مجلس الأمة العراقي في 19 كانون الثاني 1926 وليس في كانون الأول كما قال الكاتب الفاضل. واسم رئيس مجلس النواب رشيد عالي بك الكيلاني وليس رشيد علي بك كما ذكر. ولم يكن حكمت بك سليمان رئيس الوزارة السابقة المستقيلة إنما كان عبد المحسن بك السعدون. وحكمت سليمان هو رئيس مجلس النواب خلف رشيد عالي بك وهو الذي كان مرشح الحكومة لرئاسة مجلس النواب في الدورة الحالية ولم ينجح. ولم يتقلد رئاسة الوزارة منذ تأسيس الحكومة العراقية إلى الآن إنما أسندت إليه وزارة المعارف ثم حول إلى وزارة الداخلية في الوزارة السعدونية. فنتوقع من حضرة الأب شيخو العلامة المحترم أن يكون اكثر تدقيقا في ما يدونه للتاريخ. رفائيل بطي أيقال ضحاه بمعنى ضحى به؟ ألا تقرأ كل يوم في كتب الأدب العصرية وفي الصحف السيارة والمجلات الموقوتة ضحاه أو ضحاه على مذبح الحوادث أو على هيكل الأهواء؟ أفصحيح هذا التعبير وقد كثر على اسلات أقلام السوريين والمصريين؟ - كلا نعم بعض الأحيان قد يحذف حرف الجر ويوصل الفعل إلى مفعوله (بنزع الخافض) بموجب تعبيرهم العلمي؛ إلاَّ أن هذا لا يجوز إلاَّ عند أمن اللبس؛ أما إذا وقع ما يوهم القارئ أو يدفعه إلى تصور معنى آخر فلا يجوز البتة فقول بعضهم: ضحاه هو غير معنى ضحى به. فضحاه؛ غداه وقلت الضحى (اللسان) وضحى بالشاة؛ ذبحها ضحى النحر. هذا هو الأصل وقد تستعمل التضحية في جميع أوقات أيام النحر. . . والضحية ما ضحيت به وهي الاضحاة والأضحية أيضا (كل ذلك عن لسان العرب لابن المكرم) فليحرر الأدباء كلامهم فقولهم إذن: ضحاه على مذبح الأهواء يفيد غداه في الضحى مقيما إياه على مذبح الأهواء مع أن مرادهم ضحى به على مذبح الأهواء أي ذبحه ذبح الشاة على ذلك المذبح وبين المعنيين فرق ظاهر.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة صبن لمقامري الإفرنج طريقة يغش بها ملاعبيهم وهي: إنه يسوي في كفه الكعبين حتى إذا ضرب بهما انقلب على الوجه الذي يريدهما. ويعرفون ذلك بقولهم: وقد فتشت في جميع المعاجم الفرنسية العربية فلم اظفر بضالتي أفكان العرب يجهلون هذا الخداع في اللعب أم أنهم عرفوا الأمر ولم يضعوا له اصطلاحا؟ طنطا (ديار مصر) م. ع. الجواب - إن اعتمدتم على المعاجم الإفرنجية العربية فإنكم لا تظفرون بمطلوبكم إلاَّ في الندرة. أما أن العرب عرفوا هذا الضغو (أي الغش في اللعب للغدر بصاحبه والبغداديون يقولون الزغل أو المزاغلة) فيعرف عند السلف بقولهم (صبن) قال في التاج صبن المقامر الكعبين (والكعب هو الزار أو الزهر عند العراقيين) إذا سواهما في كفه فضرب بهما. يقال: أجل ولا تصبن. وقال ابن الأعرابي: الصبناء: كفه أي المقامر إذا أمالهما ليغدر بصاحبه. يقول له شيخ المقامرين: لا تصبن، لا تصبن، فإنه طرف من الضغو) اه بحرفه أما الذي وجدناه في المفردات الدرية في اللغتين الفرنسية والعربية للأب بلو اليسوعي فهو ما يأتي رسم وضع علامة على الكعاب مخاتلة في اللعب) اه. فهذا

شرح لا اصطلاح. ويا ليت كان هذا الشرح صحيحا فقوله رسم أو وضع علامة على الكعاب، قد لا يوضع عليها، بل يفعل ذلك في ورق اللعب. ولو فرضنا إن هذه العلامات وضعت فإنها لا تفيد شيئا عند اجالة الكعبين بخلاف تعليم ورق اللعب فأن هذه الإشارات قد تفيد المقامر ليهتدي إلى الأوراق التي يريدها. أما الكعاب فيتخذ لها وسيلة أخرى وهي أن يحشى طرف منها رصاصا حتى تسقط عليه لثقله. هذا هو المشهور عند المقامرين أهل الغش والخداع. وقال الأب المذكور: (على الكعاب) وليس الأمر كذلك بل يكون في الكعبين لأن اللاعبين لا يتخذون عدة كعاب لهذه الغاية بل كعبين لا غير كما هو مشهور. وقال أيضا (مخاتلة) وهذا تساهل منه ولو قال (ضغوا أو صغوا) أي بالضاد المعجمة أو بالصاد المهملة لأغناه هذا التعبير عن قوله: في اللعب لأن الضغو لا يكون إلاَّ في اللعب. إذن لو تابعناه على اتخاذ عبارته لكان يحسن به أن يقول: (رسم أو وضع علامة على (الكعبين) (ضغوا). هذا إذا فرضنا إن وضع العلامة يفيد شيئا وقد بينا فساده. وأما النجاري فقد قال في معجمه الفرنسي العربي لهذا المعنى: (ساوى الزهر، وضب الزهر) قلنا: أما قوله ساوى الزهر فهو على خلاف المطلوب. إنما يكون الصبن في تثقيل جانب من الكعب (الزهر) دون بقية الجوانب ليحمل إليه بقوة ثقله. وأما قوله (وضب الزهرة) فهي عامية مصرية بمعنى الأول أو بمعنى احكم وأتقن ورتب ونظم وكل هذا لا يوافق المطلوب. وجاء في معجم الشيخ يوسف يعقوب حبيش (الفرائد الأدبية في اللغتين الفرنساوية والعربية) وهو أحسن المعاجم الفرنسية العربية عندنا ما هذا نصه: (رصرص أو زيبق الزهر أي انه وضع رصاصا أو زيبقا في زهر الطاولة في اللعب) فأنت ترى أن هذا وحده أصاب في شرحه للإفرنجية أما البقية وغير من ذكرناهم فقد اخطئوا جميعا. وكذا قل عن المعاجم الإنكليزية العربية. إلاَّ أن مؤلفي تلك الأسفار لم يجدوا الكلمة (صبن) المقابلة للكلمة الغربية. أما من أين جاءتنا (صبن) فالذي نراه أنها منحوتة من (صب صرفانا) أي افرغ في الكعب رصاصا ليثقل. حذفوا من الصرفان الصاد لوجودها في صب

ثم الراء والفاء لأنهما مقاربتان للباء وقد يستغني عنهما بوجود الأولى وابقوا النون لأنها الحرف المهم من الكلمة. أو مأخوذة من معنى الصبن وهو الكف والمنع. لأن الكعب إذا ثقل بالرصاص يكف أو يمتنع عن التقلب كثيرا. ولعل الرأي الأول هو الأصح. وقد يكون (الصبن) بأن يدهن جانب من جوانب كل من الكعبين بضرب من الصابون لزج القوام يوصل الجانب الواحد بالجانب الآخر فلا يتفارقان فيبقيان عند الاجالة على الوجه الذي وضعه المقامر فلا يفترقان وحينئذ يكون الاشتقاق من الصابون. على أن الرأيين الأولين اوجه ولا سيما المذهب الأول. وعلى كل فإن الكلمة العربية المقابلة لقول الإفرنج هو (صبن) وحدها بدون أن تقول الكعبين أو ما أشبه هذا التعبير. ومعاجمنا الإفرنجية العربية أو العربية الإفرنجية هي على هذا السياق من النقص، أو عدم التدقيق، أو سوء التعبير، أو الإتيان بألفاظ لا يعرفها إلاَّ من أوتي الوحي والهدى! جاويش في عهد الترك كان الناس يعرفون (الجاويش) ولما جاءت الحكومة العربية أبدلت الكلمة ب (عريف) فهل كلمة (جاويش) تركية محضة؟ أولم ترد في عهد العباسيين أي في القرن الرابع أو الخامس حتى يبقى لها حق الحياة بدون أن تقتل؟ وما ذنبها حتى تمحى من سفر الحياة أو سفر البقاء؟ البصرة: أ - س الجواب - لا نعلم سبب قتلها. أما أنها قديمة من عهد العباسيين فهذا أمر لا ينكر. فقد جاء في معجم الأدباء لياقوت (199: 7) في ترجمة (أبي سعيد الالوسي ما هذا نصه: واتصل بخدمة ملكشاه مسعود بن محمد السلجوقي فعلا ذكره وتقدم وأثرى ودخل بغداد في أيام المسترشد فصار جاويشا ولما صارت الخلافة إلى المقتفي تكلم فيه وفي أصحابه بما لا يليق فقبض عليه وسجن وتوفي سنة 557هـ (1161م)

فهذا نص واضح على معرفة العرب في عهد العباسيين لكلمة (جاويش) وقد جاءت في بعض الكتب بالشين بدلا من الجيم التي هي على الحقيقة جيم فارسية مثلثة النقط. وأما بالشين فقد وردت في رحلة ابن بطوطة قال (وترتيب قعود هذا الملك (ملك اليمن) أنه يجلس فوق دكانة مفروشة مزينة بثياب الحرير وعن يمينه ويساره أهل السلاح. ويليه منهم أصحاب السيوف والدرق ويليهم أصحاب القسي. وبين يديهم في الميمنة والميسرة الحاجب وأرباب الدولة وكاتب السر وأمير جندار على رأسه. والشاوشية وهم من الجنادرة وقوف على بعد) اه (174: 2). وابن بطوطة توفي سنة 779 (1277م) فهذا نص آخر على قدم اللفظة في ديار الشرق حتى في أصقاع اليمن على ما رأيت. وأما معنى الكلمة فقد اختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والكلمة من أصل تركي لاشك فيه، على أنه قد يؤول له تأويل في العربية لكنه لا يخلو من التعسف. ومما تقدم شرحه ترى إنها لم تقتل إلاَّ لأصلها التركي، كأنها اللفظة الوحيدة الدخيلة في لغتنا. ولم يعلموا أن هناك مئات منها ومن لغات متنوعة وهي حية ترزق. ما معنى الصويرة س - على دجلة بليدة هي قضاء تعرف باسم الصويرة فما معناه؟ بغداد: س. ك الجواب - هذه الكلمة من غريب ما لعبت به طوارئ اللغة. فالكلمة اصلها (صيرة) ثم صغرت على مألوف عادة أهل البادية في العراق. وصيرة مصحفة عن (زيرة) المقصورة عن (جزيرة) بحذف الجيم من الأول. وسميت جزيرة لأن المياه تحيط بها من كل جانب. فلو لم نتتبع سنة بسنة هذه التحولات في اللفظة لما كنا نهتدي إليها. فقد كانت يوما تسمى (الجزيرة) ثم صارت (زيرة) ف (صيرة) ثم (صويرة). أما رأي البحاثة يوسف غنيمة فالصيرة عنده مشتقة من الصير بمعنى الماء

يحصر أو الناحية من الشيء أو الصيرة مأخوذة من الصيرة بمعنى حظيرة الغنم والبقر أما نحن فلا نوافقه عليها. السيدارة س - كيف تكتب السيدارة ملبوس رأس العراقي وهل هي عربية؟ كوت الإمارة: س. م. م الجواب - يكتب البعض السيدارة بلا ياء قبل الدال وهو خطأ ظاهر. والصواب ما ذكرناه. قال في اللسان في مادة (س د ر) السيدارة القلنسوة بلا أصداغ والكلمة عندنا مأخوذة من الرومية أي ما يدفع به العرق وكان في أول استعمال الرومانيين لها إنها كانت شستجة أي منديل ينشف به العرق أو يمخط فيها. ثم اتخذت للف رأس المنازع بها لأن عرقه يتصبب قبل الموت ثم أبقوها عليه. وربما أطالوها فكانت تنحدر على صدره بل على جسمه كله فتكون له كفنا. وانتقالها من صورة إلى صورة ومن حالة إلى حالة لم يتم في سنة أو سنتين بل في عشرات أو مئات من السنين. وفي آخر الأزمان لم يستعملها الرومان إلاَّ بمنزلة الكفن. وقد عربت الرومية بصورة ثانية وهي الشوذر لكن السلف خص هذه الكلمة بالملحفة ومبرد يشق فتلبسه المرأة من غير جيب ولا أكمام. ومعنى هذا الكلام إن الشوذر لباس في وسطه فتحة أو تقويرة تدخل المرأة رأسها فيها عند لبسها إياه وليس لها أكمام فكانت كالملبوس الذي كان يسميه الرومان كازله والتي انتقلت إلى هيئة الملبوس الذي يلبسه كهنة اللاتين في التقديس. والكازلة التي كانت في عهد الرومان تشبه الملبوس الذي يتخذه اليوم كهنة الروم عند تقديسهم. ولذلك تكون - الفرنسية تقابل الشوذر إذ هيئة كلتاهما في الأصل واحدة. ومن رأي الأب نرسيس صائغيان أنها مأخوذة من الارمية ومشتقة من فعل سدر سودرا أي صف ورتب ونظم. أما نحن فلا نوافقه عليها لأن الارميين يقولون في كتبهم أنها من الفارسية على حد ما قاله السلف.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 58 - جامع التصانيف الحديثة التي طبعت في البلاد الشرقية والغربية والأميركية من سنة 1920 إلى سنة 1926 وفي آخره فهرست أبجدي لأسماء المؤلفين، عني بجمعه وترتيبه يوسف آليان سركيس الدمشقي طبع سنة 1927م. المطبوعات في العالم كله تسير سيرا هائلا وللإفرنج مجلات وكتب خاصة لإطلاع أهل البحث على ما يطبع في مختلف المباحث. أما نحن الناطقين بالضاد فليس لنا من هذا الأمر إلاَّ الشيء النزر في بعض المجلات ولقد عني صديقنا يوسف آليان سركيس بوضع كتاب يفي بهذا الغرض و (جامعه) هذا يقع في 163 صفحة بقطع الثمن وقد أودعه جميع ما طبع في العالم من المصنفات العربية ما عدا الروايات فأنه تكلم عن المهم منها وأما سائر ما يصنف ويترجم وينقل إلى لغتنا فقد جنح عنه لعدم خطورته. ومن جملة ما تعرض المذكرة مطبوعات العراق لكننا لا نراه قد ذكر عشر ما طبع في هذه المدة. فعسى أن يزين كتابه هذا بجميع ما صدر في ديارنا في طبعته الثانية. فالجامع على كل حال مما يحرص على اقتنائه كل أديب يرغب في إغناء خزانته بنفائس المصنفات. 59 - رواية فابيولا أو بيعة الدياميس للكردنال نيقولاوس وسمن استخرجه إلى العربية من الفرنسية القس توما أيوب السرياني، طبعت طبعة ثانية منقحة بالطبعة السريانية في بغداد سنة 1925 في 871 ص كلمة واحدة تعرّف هذا الكتاب: (رواية فابيولة هي أمتع رواية وضعت لتصوير حالة النصارى في القرون الأولى للمسيح فهي تتدفق شعورا رقيقا حساسا جليل الفائدة لكل من يطالعها ومغازيها من اشرف المغازي وفي كل صفحة لذة جديدة لما فيها من تسلسل الفوائد المعقودة بها)

حسبنا مدحا لها أنها نقلت إلى جميع لغات الأمم المتمدنة وراجت اعظم رواج وطالعها ويطالعها جميع طبقات الناس على اختلاف أعمارهم وأجناسهم وارساسهم وقد قيض لنقلها إلى العربية كاتب كفو وهو القس توما أيوب الحلبي فلقد صاغها في مبنى عربي متين لا غبار عليه سوى أنه اختار عويص الألفاظ لإفراغ تلك المعاني في القوالب العربية فلم تجيء العبارة متدفقة أو سلسة مع أن المشهور أن إنشاء الروايات يجب أن يكون خاليا من كل غريب في اللفظ والمبنى وأن يكون قريب المنال: ولهذا لا نوافق الكاتب على بعض التعابير كقوله في ص12 وتحت الرواق نشاهد شيئا كثيرا من الاساود والاشذاب الفاخرة. وهو يريد أن يقول: ونشاهد في الرواق شيئا كثيرا من الأدوات والأثاث الفاخرة. ومثل هذا التعقيد في كل صفحة. وتعديدها يطول. والكتاب لا يخلو من أغلاط الطبع أو لعلها من أغلاط النسخة الأولى أو من وهم المترجم نفسه كقوله في ص9 من السنة الاثنتين والثلاثمائة. والمشهور من السنة الثانية والثلاثمائة. وفيها: يبتغون التسلي والنزهة، والأحسن والتنزه لأنه معطوف على التفعل. وفيها ميدان مرس، والأشهر ميدان المريخ لأن مرس عندهم من آلهة الحرب وهو المريخ بالعربية أو أن يقال ميدان التدريب لأن الجيوش كانت تدرب فيه على المقارعة والطعان، وفي ص12 في فناء المنزل الأولى. وقد تكرر تأنيث الفناء مرارا عديدة في الصفحات التالية. وفناء مذكر لا مؤنث كما هو مشهور. وفي ص13 الميشولوجية والصواب الميثولوجية بثاء مثلثة. وفي ص14 بزجاج سميك، والزجاج لا يكون في مثل هذا المقام سميكا (أي مرتفعا) بل ثخينا والسميك بهذا المعنى شامية عامية لا يعرفها الفصحاء وفي ص15 ليس مرجعة لفائدتها. . . وكانت إبرتها. . . على المضدة. . . إنما هي حليها عدلت عن استعمالها. . . والصواب إلى فائدتها. . . على المنضدة. . . عدلت عن استعمالها. وأحسن منها: إنما هي حليها عدلت عن لبسها، لأن الحلي تلبس. وهكذا يتعثر القارئ في كل صفحة تقريبا بشيء من خطأ الطبع أو خطل الوضع أو بتعبير يحتاج إلى تدفق وتسلسل. على إن هذا كله لا يمنع المطالع من تذوق ما في تلك الرواية من حسن الأسلوب وبراعة التخييل وبداعة التمثيل. فنحث القراء على الوقوف عليها.

بلوغ الإرب في معرفة أحوال العرب - 3 - تكلمنا قبلا عن الجزءين الأول (299: 4و245) والثاني (في 363: 4) من هذا الكتاب النفيس فلنقل الآن كلمتنا الأخيرة عن الجزء الثالث منه: ذكر في الحاشية 1 من الصفحة 19 ما ورد فيه رواية أستاذه ورواية التاج وفي ص24 في الحاشية 1 عرف بحسن ذوقه صحة نسب الشعر فبين المولد منه وميزه عما هو أعلى منه سبكا ومعنى ومبنى. وفي ح1 من ص33 صحح رواية مخطوءا فيها جاءت في تهذيب الألفاظ المطبوع في بيروت. وفي ص34 ح2 ترى تحقيقا آخر سدد فيها رواية فاسدة وردت في علم من أعلام المدن الواردة في صحيح البخاري. ومما يشكر عليه المحرر أنه أوضح مسألة الشهور العربية وطرز الوقوف على الأيام التي تبتدئ بها. ففيها فوائد لا تقف عليها إلاَّ بشق النفس في سائر المصنفات. وإن أردت أن تتحقق ما للسيد محمد بهجة من الوقوف على أسرار المحو ودقائقه فعليك أن تراجع ح2 من ص87 فإنك تجد فيها ما تطيب به نفسا وتقر به عينا. وتطلبه لتسلسل المعنى في كل ما ينشد للأقدمين مما يتتبعه بيتا بيتا ولذا تراه لا يرضى برواية أستاذه في ما رواه في ص96 في ح3 وراجع في ما يقارب هذا المطلب ما قاله في ص100 ح7 وفي ص104 ح3 تره يحفي في تحقيق الأعلام وهو أمر يتطلب دقة نظر وتوغل في حفظ الأعلام. ومثله قل في ص105 ح2 وص107 ح1 وقد لاحظنا في هذا الصدد أنه لا يذكر بلفظة تبجيل أو تعظيم أدباء النصارى وبخلاف ذلك إذا كانوا من المسلمين. ونحن نجله عن أنه يتقصد غاية من عمله هذا والذي نظنه فيه أنه من قبيل النسيان، فعسى أن يساوي بين حملة الأقلام وناشري ألوية الأدب من غير تعصب أو تحزب، فدولة العلم دولة تجمع على صعيدها أصحاب جميع الأديان وتعاملهم معاملة واحدة لأن التفقه

رائدهم والحقيقة مرماهم، ليس إلاَّ. وقد كال للأب لويس معلوف صاحب المنجد كما كال للأب لويس شيخو (راجع ص119 ح4) ومما ورد في تحقيقه للأعلام ما قاله في ص113 ح2 وفي ص119 ح4 وقد قال عن دجلة: اسم للنهر الذي يمر ببغداد، ولا تنصرف ولا يدخلها الألف واللام. وغلط صاحب المنجد، المعجم المدرسي فأدخلهما عليها كما غلط في مسائل كثيرة فيه فليحذر عنه اه كلام الناشر. أما نحن فلا نجسر على أن نخطئ صاحب المنجد هنا بل نقول إن الرواية الفصحى دجلة بدون أداة التعريف لكن يجوز الدجلة بأل. وقد ورد ذلك في نسخ قديمة من مروج الذهب للمسعودي وجاءت بآلة التعريف في هذا الكتاب المطبوع في مصر على هامش تاريخ ابن الأثير في 144: 1 كما وردت بدون ال في الصفحة عينها. مما يدل على جواز استعمالها. وكذا نرى في المروج المطبوعة في باريس في 223: 1 وقد تكررت مرارا نقلا عن نسخة قديمة محفوظة في خزانة الأمة في باريس وكل مرة جاءت محلاة بأل التعريف. وفي محيط المحيط واقرب الموارد: دجلة. . . علم لا تنصرف وقد تدخلها أل فيقال الدجلة اه. وقولهما (قد تدخلهما) دلالة على الجواز الضعيف. إذا ليس من الغلط في شيء. وعندنا نسخة خطية من مروج الذهب كتبت سنة 1049 أي قبل نحو ثلثمائة سنة وكل مرة وردت دجلة عرفها بأل ولم تأت مرة واحدة خالية من الأداة المذكورة. نعم ليست كتابة النساخ حجة لكن كتابتهم واتفاقها مع صورة الكلمة مطبوعة في كتب المحدثين من إفرنجية وشرقية ولا سيما إننا نعلم أن الإفرنج يحافظون على تصوير الكلم على الوجه الذي يرونه في النسخ، وكذلك قل عن اتفاقها وأصحاب محيط المحيط واقرب الموارد وأحكام باب الأعراب عن لغة الأعراب في مادة دجل ص447 وهذا نص عبارته (الدجلة بالكسر والفتح (كذا): أحد الأنهر الأربعة الخارجة من الفردوس) كل ذلك لا يبين أن الأب لويس معلوف صاحب المنجد هو أول وأهم ولا هو أول قائل بهذا القول وهؤلاء كلهم نقلوا كلام الاختري القائل في سنة 952هـ (الدجلة بالكسر نهر بغداد) نعم نقول ونكرر القول فنعيد الكلام أن الأفصح بكسر دال (دجلة) ونزع

آلة التعريف لكن الخلاف ليس خطأ بل هو من قبيل الضعيف من الرواية وبهذا القدر كفاية. وفي حاشية تلك الصفحة: الحضر. . . بناها الساطرون بن اسطيرون الجرمقي) اه وعبارة ياقوت في معجمه: ويقال إن الحضر بناها الساطرون بن اسطيرون الجرمقي. وبين الروايتين فرق. فإن ياقوت لا يجزم بصحة اسم الباني بل يضعف الرواية أو يجرحها بقوله (ويقال. . .) ولقد صدق، فإن الساطرون (وحقيقة اسمه سناطروق أو سنطروق) هو من ملوك الدولة الاشكانية أو الارشكية؛ وكان قد ملك بين سنة 77 و70 ق م. والحال إن الحضر كان موجودا قبله بعدة قرون حتى يقال إنه بني في عهد تكلت فلاسر في نحو منتصف المائة الثامنة قبل المسيح (راجع تاريخ سني الملك تكلت نينيب الثاني في ص34 للأب شيل الدمنكي). ومن ثم يجب على من يكتب في عهدنا هذا أن لا يعول على أقوال الأقدمين من السلف بل أن يعرضه على رأي أصحاب المكشوفات العصرية المستندة إلى حقائق لا تنكر ثم يتكلم وإلاَّ عدت بضاعته من سقط المتاع وأزجيت وخيروا عليها مصنفات الأقدمين أنفسهم. أفلكون غلط حضرة لصديق في تحقيقه هذا لنقله كلام ياقوت نقلا ونقلا غير صادق ومن غير أن يدقق النظر فيه يعتبر علمه وسائر تحقيقاته بلا جدوى؟ كلا! فقد يغلط هو، واغلط أنا، ويغلط غيرنا؛ لكن هذا كله لا يجرح في ما تثبته وتحققه من المسائل الأخرى. وهكذا القول عن أصحاب المعاجم النصرانية الثلاثة فهم كلهم عالة على الاختري، فإذا كان هناك ملام فالملام على الواهم الأول لا على ناقل الوهم والناقل يعتبر المنقول عنه إماما في اللغة. وتحقيق الشيخ غير واف بل غير كاف في ما ذكره عن بني الأصفر. فالرأي الذي أشار إليه، رأي قديم قد نخر نخر قوامه حتى أنه لا يمكنه الوقوف بل لا يرضى به أبناء مدارسنا في هذا العهد. فإذا كان لقول بعض الأقدمين شيء من الصحة فيجب أن يحرر بهذه الصورة: ضفو (لا الأصفر وقرئ منذ الأزمان

المتطاولة في القدم: صفر كزحل لكن لم يجيء أبدا بصورة الأصفر إلاَّ عند بعض ضعفة النقلة) بن رعويل (لا ابن روم المنقول عن رمويل تصحيف رعويل) بن عيسو (لا يعصو أو العيس أو غيرها من الروايات الفاسدة) هذه حقيقة الرواية وإلاَّ فنقله عن الأقدمين (ح6 ص119) (بنو الأصفر: الروم وقيل ملوك الروم أولاد الأصفر بن روم بن يعصو بن اسحق. وقيل: الأصفر لقب روم لا ابنه. وقال ابن الأثير: إنما سموا بذلك لأن أباهم الأول كان أصفر اللون وهو روم بن يعصو ويقال عيصون أو لغير ذلك) اه. هو من النقل الذي لم يبق له معنى ولا سيما يظهر من خلال هذه الأقاويل ريب في صحة النسب أما اليوم فأن الحقيقة بانت على ما ذكرناه وليس هناك أدنى توقف. وهذه النواقص في التحقيق لا ينقص من اعتبارنا له شيئا لأن الكمال لله جل جلاله. ومن تحقيقات صديقنا الودود ما ذكره في ص148 ح3 و4 في نسبة قائل هذا البيت: اعلمه الرماية كل يوم ... فلما اشتد ساعده رماني وهو معن بن اوس وأن صحيح رواية اشتد (بالشين) استد (بالسين المهملة) وكذلك صحح نسب هذا البيت: فأصبحت لا اسطيع ردا لما مضى ... كما لا يرد الدر في الضرع حالبه إذ حقق أنه لعمير أخي معن بن اوس وليس لكعب بن جعيل كما ذهب إليه أستاذنا الالوسي. ومما يستحق عليه كل ثناء ومديح ما علقه من الشروح على الأقوال الواردة بخصوص الانواء، ففي تلك السجعات من الكلام الغامض ما هو في حاجة إلى فتح مغلقه ولقد قام بهذه المهمة احسن قيام. وهو يمتد من ص246 إلى ص261 على أننا كنا نود أن يشير في بعض الشروح إلى ما في بعض الأقوال من الأوهام البينة أو الخرافات التي لا تعقل كقول المؤلف مثلا في ص284 عن لسان طريفة الكاهنة (رأيت جرذا يكثر بيديه في السد الحفر ويقلب برجليه من اجل الصخر) فلا جرم أن الكاهنة توخت السجعة لا الحقيقة إذ كيف الجرذ يقلب

برجليه من أجل الصخر. وفي تلك الصفحة ورد قول المؤلف ثلاث مناجد. . . (وهي دواب تشبه اليرابيع) والذي احفظه أن مناجذ تكتب بالمعجمة مفردها خلد بالمهملة أو جلذ بالمعجمة وكلاهما مذكر فكان الأحسن أن يقال ثلاثة مناجذ وإن كان يؤول بالتأنيث، وتشبيه المناجذ باليرابيع بعيد والأحسن بالجرذان أو بالفئران. على إن هذه الخرافة تزداد شناعة في قول المؤلف في ص285 (فأنطلق عمرو فإذا الجرذ يقلب برجليه صخرة ما يقلها (أي يحملها ولعل الصواب ما يقلبها) خمسون رجلا) فهذه خرافة ما وراءها خرافة، فكان يحسن تضعيفها أو جرحها أو إسقاطها بتاتا. إذ لا تتفق وتحقيقات هذا العصر؛ أو لا أقل من أن يسندها إلى أول راو رواها لأني أجل عمرا عن تصديق هذه المزاعم التي تضحك ومما يشهد على وضع هذه الحكاية من أولها إلى آخرها سقم الأبيات الواردة فيها. وذكر الشارح في ح1 ص337 ابن حذيم وقال عنه (سماه جرجي زيدان (هكذا ورد بدون أدنى صفة مدح مع أنه يكيل منها مكاييل ضخمة لمن دون جرجي زيدان فضلا وخدمة للعربية) في تاريخ أدب اللغة العربية (م1 ص177) ابن حزيم بالزاي وهو خطأ فاضح. . ) ونحن لا نراه كما يراه الكاتب صاحب التعاليق بل نحمله على لغة أهل الشام ومصر الذين يلفظون الذال زايا. وليس في لغتهم فصاحة وهي لغة معروفة عند العرب قبل الإسلام. وللمحشي جلد عظيم لتتبع صحيح الروايات فلقد اظهر في ح1 ص341 شيئا من هذا القبيل ما لا ينكره ناكر ولا نكير، وكذلك قل عما حققه في ص386 و408 و409 وارهف سيفه في ح ص 419 وضرب به ضعفة المفسرين فقد قال عنهم: (بضعفة المفسرين الذين أصيب الإسلام منهم بداهية دهياء وفاقرة عظمى ورزية كبرى حكايات خرافية وأقاصيص منحولة وأساطير مفتعلة في تصوير ارم ذات العماد يسود من ذكرها وجه القرطاس وتتلكأ اليراعة في الجري بها واللسان في تلاوتها. . .) قلنا: لكننا وجدناها في كتب أعاظم المفسرين الأقدمين. فكيف العمل؟

والشارح لم يراع أحدا وربما انتصر لرأي ضعيف ليحمل على من يريد أن يؤذيه بقرصات لسانه ففي ص425 ضبط اسم القطامي الشاعر المشهور بفتح القاف ثم قال في الحاشية: (بفتح القاف وضمها كما نص عليه ابن الشجري في اماليه. والمجد في قاموسه. وعبد الرحيم العباسي في معاهده. وقول إبراهيم اليازجي في مجلة الضياء: إن الصواب الضم وهم من أوهامه الناشئة من غروره وهوسه وقلة تتبعه ودرسه!) اه فكان يحسن بالأديب المتبحر أن يذكر لنا نص ابن الشجري والمجد وعبد الرحيم وإبراهيم اليازجي لنحكم الحكم الصادق، أما المجد فيقول: القطامي ويضم: الصقر. . . وشاعر كلبي. . . وآخر تغلبي. . . فالظاهر من هذا الكلام أن الفتح احسن من الضم إذ قدم الأول على الثاني لكن الزبيدي يقول في تاجه الفتح لقيس وسائر العرب يضمون: فهذا كلام يشعر أن قريش تضم وكذلك سائر العرب، وليس من يضم الأول إلاَّ قيس. والحال قيس دون قريش فصاحة وإن كانت من القبائل التي اخذ عنها اللسان العربي (راجع المزهر طبعة بولاق 104: 1) وقال ابن مكرم في مادة قطم: القطامي (وضبطها ضبط قلم بالضم) الصقر وبفتح. . . قيس يفتحون وسائر العرب يضمون اه. وعندنا كتب تاريخ وأدب وشعر ولغة مطبوعة بعناية المستشرقين في أوربة ومؤلفو تلك الأسفار من العرب الأقدمين، ولم نجد من ضبط اسم القطامي بالفتح لكنهم جميعهم ضبطوه بالضم ولم ينبهوا على الفتح أبدا. وكل مرة ورد اسم هذا الشاعر في المعلمة الإسلامية ضبط بالضم ولم يضبط بالفتح مرة واحدة. وصاحب المزهر (طبعة بولاق 214: 2) قال: القطامي (ولم يضبط حروفه) اسمه عمرو بن شتيم. فهذا هو الغلط الصريح لا غلط اليازجي والصواب أن اسمه عمير (كزبير) بن شييم (مصغر وبشين وياءين وميم) وكنا نود أن نقف على عبارة اليازجي نفسها لنرى أخطأ الشيخ إبراهيم من قال بالفتح وعلى أي شيء اعتمد ليذهب إلى ماذهب؟ وعلى كل حال يظهر من كلام اللغويين أن الضم لغة العرب جميعهم إلاَّ قيسا والخطب هين لأن الجوهري اللغوي المدقق الكبير يقول في صحاحه: القطامي بالضم لقب شاعر من تغلب

واسمه عمير بن شييم والقطامي الصقر بضم وبفتح. اه. فهذا نص واضح يوافق اليازجي ويضاد أديبنا الغيور. فما يقول في الجوهري، فهل يجوز أن يشتم كما شتم اليازجي لأنه سبقه إلى هذا القول إذ اليازجي مقلد لا مجتهد أفلا يستنتج من قول الصحاح أن اسم الشاعر بالضم فقط وأما إذا كان بمعنى الصقر فبالضم وبالفتح على السواء؟ على إننا لا نحمل تلك الألفاظ الثقيلة إلاَّ على غيرته على الأدب واللغة وحب القومية، بيد أن للأمور أبوابا، فدخولها منها آثر في الناس وأنجع لبلوغ المرام. وللأديب تحقيقات كثيرة لا يمكننا أن نأتي على ذكرها كلها إذ هذا يطول غير أننا نقول إن تعليقاته على كتاب أستاذنا الكبير زادت عشاقه وقربته من الإفهام وجعلته على طرف الثمام. ومما اوجه إليه الأنظار الملحق الذي جاء به في ص463 فأنه وقع من هذا السفر الجليل موقع الطراز من الثوب فأنه أودعه من التحقيقات ما لا يظفر به إلاَّ بعد الإمعان في تتبع الحقائق والبحث عنها في أمهات الكتب. وفي الختام نشكر الصديق الوفي على ما أداه لتاريخ العرب ونستزيده في هذا الموضوع لينجلي منه مبهمه ويتبع أقومه. فيكون للناطقين بالضاد نصيبهم من شمس الأدب على ما هم أهل له وهو الميسر! هدايا الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف 60 - قصر آل العظم في دمشق وهو وصف دقيق لأبنيته وآثاره ونقوشه وزخارفه وأشعاره بحواش تجلي بعض غوامض كلمه وقد استعمل الأستاذ النسابة بمعنى النسب (في حاشية ص4) فهل هي فصيحة؟ وفسر القمرية بالنافذة أو الطاقة (ص12) وهي كذلك في سورية والذي نراه هنا أي في وصف القصر أن المراد بالقمرية شرفة بارزة من البناء لكنها مسدودة الأطراف بمشربيات أو بكوى يتطلع منها إلى ما حواليها. أي من النوع المعروف بالجوسق وهذا اللفظ شائع بهذا المعنى عند الأتراك منذ نحو مائة سنة أو أكثر. والطوان (ص15) كلمة تركية بمعنى وجه السقف من جهة

الحجرة. وفي ص16 الفسقية الحوض لاتينية، ونحن نظنها إيطالية إذ ليست في اللاتينية لفظة بهذا المبنى والمعنى ولعل الذي استدرج الأستاذ إلى هذا الوهم صاحب محيط المحيط. وهذا المعجم ركام أغلاط. وفي ص17 الفرنكة في عرف الدمشقيين: الغرفة العلوية للشتاء جمعها فرنكات. قلنا: والكلمة من أصل تركي من فرنكخانة وهي بناء كالخان يكون في الطبقة السفلى منه دكاكين ومخازن وفي الطبقة العليا حجر للسكنى ويرى مثل هذه الخانات أو الفرنكخانات في حلب وعكا والأستانة (في بك أو غلي المعروفة باسم بيرا عند الإفرنج) وقال في ص18 الدرابزين كلمة فارسية. والصواب أن الفرس لا يعرفونها وهي من أصل يوناني. وفي ص18 عراتيلي قال عنها في الحاشية لا نعلم معناها ولعلها عربيلي نسبة إلى بلدة عربيل قرب دمشق. ونحن نظن إنها الياسمين الجلناري اللون وهو اسمه عند الأتراك تصحيف اليونانية ارتريلي ومعناها الحمراء ويراد بها ما اسمها بالفرنسية وفي ص19 يا منزل البشرى ومغنى التهاني ... ماراك طرف البشر طلق العنان فقال في الحاشية: كذا في الأصل ولعلها (جاراك) ونحوها. قلنا لعلها مقلوب (مرآك). وفي ص21 يدخل به إلى براني حمام. قال عن البراني إنها جمع برنية وهي إناء خزف. ونحن نظن أن البراني هنا هو عكس ما سماه بالصدريني أي هو الموضع الذي يكون في مدخل الحمام أي حجرته الأولى وهو اصطلاح عامي شائع. هذا ما بدا لنا في هذا الصدد ولعلنا نحن الواهمون. 61 - مخطوطات الخزانة المعلوفية في الجامعة الأميركية في هذه الصفحات وصف مختصر لخمسمائة كتاب من نفائس كتب الخط العربية، وبينها بعض الكتب الفارسية والتركية والسريانية. 62 - الأخبار المروية في تاريخ الأسر الشرقية وهو رسم التأليف الذي وضعه صديقنا المؤرخ المحقق ولا يعوزه لإخراجه إلى حيز الوجود إلاَّ مضافرته على طبعه قيض الله له من يساعده في هذا الأمر. 63 - تاريخ الطب وهو القسم الأول من المحاضرتين اللتين كان قد ألقاهما صديقنا المعلوف

وقد تكلمنا عن القسم الأول في (361: 4) والآن نقول كلمتنا عن الثانية: ذكر حضرته في ص21 الترقين وقال عنه في الحاشية: (وفي بعض المطبوعات (الترفين) بالفاء وهو خطأ لأن الترقين محرف الترقيم أو لغة فيه وهو علامة لأهل ديوان الخراج تجعل على الرقاع. . .) إلى آخر ما قال ونحن لا نوافقه على هذا التأويل لأنه وصف الترفين في النص بقوله: بزل أغشية الدماغ. . . إلى آخره فهو صحيح بالفاء لا بالقاف بهذا المعنى والكلمة من اليونانية تروفانن أي مثقب وهي آلة يثقب بها الرأس حتى يوصل إلى أغشية الدماغ. واشتقوا منها فعلا فقالوا رفن (بتشديد الفاء) والمصدر ترفين أي وسماه العرب النقت والنقث والحج. وفي ص28 قال في الحاشية: (ومنها (من القاثاتير) عند العامة القسطر أي الأنبوب ويقولون القسطل أيضا) ويظن الصديق أنها يونانية، قلنا: نعم قاثاتير يونانية لكن القسطل وهي الرواية المشهورة (ويقول بعضهم فيها القسطر) هو من اللاتينية أي قصر الماء. والكلمة قديمة وذكرها ياقوت في معجمه إذ يقول: القسطل في لغة أهل الشام: الموضع الذي تفترق منه المياه اه. قلنا: وهكذا هو في اللاتينية ثم توسعوا في معناها فنقلوها إلى الأنبوب. وقال في حاشية ص41 ولعل منها (من اسم الطب عند اليونانيين اياتريكي) كلمة (ترياق) دواء السم. قلنا إن الترياق مشهورة أنها من كلمة يونانية غير التي ذكرها وهي ومعناها (ضد السبع) أي الترياق. وفي كل ذلك نبدي آراء من باب الإشارة لا من قبيل التصحيح ونحن نشكر الصديق على هداياه هذه ونتمنى له أن يطبع كتابه الكبير في الأسر الشرقية. 64 - النشرة الأولى من منشورات لجنة الاصطلاحات العلمية في بغداد أصدرت هذه اللجنة نشرتها الأولى باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية وما استحسنته من الألفاظ التي يؤمل إدخالها في لغتنا العصرية. ولنا كلمة نقولها بهذا الصدد في جزء قادم.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - متقن الزراعة اهتمت مديرية الزراعة بأمر متقنها وقد أصلحت منهج التدريس ونظمته وعين خليل فيدو المتخرج في متقن زراعة كليفرنية ومحمد الشابندر معلمين فيه، وقررت جلب كتب التدريس في اللغة العربية من ديار مصر وغيرها من البلاد العربية اللسان؛ كما إنها طلبت من حكومة النيل أن توفد إلى العراق بعض معلمي الزراعة. 2 - وسام عراقي جديد اقر مجلس النواب اللائحة القانونية التي تطلب أحداث وسام عراقي باسم (وسام الرافدين) بخمس درجات. 3 - سرب من الذئاب يفتك بأربعة مسافرين حدث بين جبل سنجار (بقرب الموصل) ودير الزور فاجعة هائلة فلقد افترس الذئاب ركاب سيارة ولم يبق منهم أحد. وكانت السيارة ذاهبة من العراق إلى سورية. فلما وصلت قرب جبل سنجار في ليلة 20 شباط طرأ عليها عطل حال دون إتمام الطريق فأنحدر عليها سرب من الذئاب ولم يكن الركاب مسلحين فأفنتهم عن آخرهم وهم: الياس سامي، وآرام اوهانيس قره كوزيان عجمي، وامرأته لوسية. وآخر لم يعرف اسمه إلى الآن. 4 - ابتياع سرء الجراد (بيضه) اشترت حكومة الموصل قدرا عظيما من سرء الجراد وقد جمع من قضاء الموصل، ودهوك، وزاخو، وشيخان، وتل أعفر. ومن ناحيتي الشورة وزمار. 5 - مؤتمر مكافحة الجراد يعقد في شهر آذار مؤتمر مكافحة الجراد في دير الزور، ويذهب ضابط مكافحة الجراد في العراق ليحضر المؤتمر المذكور الذي تعقده سلطتا سورية والعراق.

6 - تنظيم جديد بإرادة ملكية صدرت الإرادة الملكية بفك ربط ناحية سلمان باك (هي ناحية سلمان الفارسي المعروفة في التاريخ باسم طيسفون وبالإفرنجية من لواء الكوت وإلحاقها بلواء بغداد مباشرة. وبفك ربط إحدى وعشرين قرية مأهولة بطائفة (ميريوسفي) من ناحية شقلاوة وإلحاقها بقضاء كوي سنجق. 7 - جعفر باشا العسكري في مجلس النواب انتخب في 1 آذار جعفر باشا العسكري نائبا في مجلس النواب في مكان ناجي باشا السويدي المستعفي. 8 - توحيد الساعات باشرت مديرية البرق والبريد استعمال الساعات الكهربية في الدواوين الرسمية وفي المحلات الخاصة التي اشتركت في ذلك؛ فوضعت ساعة كبيرة ذات وجهين على باب دائرة البريد المركزية في الحاضرة لتنظيم أوقات الجمهور. 9 - لجنة حماية الأطفال اثبت البحث الصادق أن نصف أطفال العراق يموتون لعدم العناية بصحتهم فأنشئت لجنة تعرف ب (لجنة حماية الأطفال) وعقدت ثلاث جلسات في ديوان مديرية الصحة واتخذت وسائل شتى أهمها: 1 - النظر في مناهج دروس الصحة في المدارس الأهلية والرسمية ووضعها في قالب يلائم ما يحتاج إليه العراق. ولا سيما تعليم تربية الطفل وإرضاعه ومداراته في مدارس البنات، وإيداع أمر تدريس حفظ الصحة في المدارس الثانوية إلى الأطباء. 2 - زيادة مراكز الأمومة ومداراة الأطفال في العاصمة وملحقاتها. 3 - الإسراع في تأسيس مشروع توزيع اللبن الحليب المعقم على الأهالي ولا سيما على الفقراء منهم بلا عوض. 4 - وضع لائحة قانونية تقضي بفحص الرجال قبل زواجهم. إلى غير هذه الأمور الأساسية المهمة.

10 - تنظيم خطوط البريد تمكنت دائرة البرق والبريد العامة من تنظيم جميع طرق البريد ونقل المبعوثات على السيارات بدلا من الدواب التي كانت تستعمل إلى الآن لهذه الغاية في بعض أنحاء العراق. 11 - جسر الديوانية أكملت وزارة الأشغال مد جسر حديد على مستنقعات لواء الديوانية وطوله مائة وأربعون قدما. 12 - المكاتبات الرسمية أذاعت وزارة الداخلية منشورا وجهته إلى جميع الدواوين العائدة إليها في العاصمة وخارجها حظرت فيه اتخاذ عبارات التعظيم والتبجيل وكل ما يتعلق بالمجاملة والمصانعة والألقاب وأن يقتصر في المراسلات الرسمية على الغرض المقصود وترك ما درج عليه من تلك السبائك الزائفة، وعسى أن تجري على هذا الوجه سائر الوزارات. 13 - إصلاح في ترعتين أنجزت دائرة الري الإصلاحات الضرورية في ترعتي (بني حسن) و (الجورجية) وفي الفروع المتشعبة منهما. 14 - أبنية جديدة أنجزت وزارة الأشغال بناء دائرة البريد في اربل ومستشفاها وصرح عفك والكبائش (الجبايش) وصرح المشخاب. 15 - معاقل في قره داغ أنشئت أربعة معاقل في منطقة قره داغ على احدث طرز صونا للأمن وسهرا على راحة العباد. 16 - ثكنة في الوشاش كملت بناية ثكنة الوشاش (في جنوب غربي بغداد في ظاهر الحاضرة) طلبا لراحة الجيش. 17 - كري الغراف تمكنت دائرة الري من كري نهر الغراف من (الشطرة) إلى حد (نهر إبراهيم) ومن هذا إلى البزائز.

18 - سدة الحفار كملت أشغال سدة الحفار فتمكن الاهلون من زرع التمن (الأرز) في لواء الناصرية الخصيب وكذلك في لواء الديوانية والآن توزع المياه على أصحاب الزروع بحيث يتمكنون من ارواء مزارعهم على أحسن وجه. 19 - طرق جديدة تمهد طرق للرميثة والسماوة والمشخاب. 20 - مخفر في الرمادي شرع في تأسيس مخفر لدائرة الجوازات في الرمادي على احدث طرز. 21 - بين الكوت والعمارة شرع بفتح طريق بين لواء الكوت والعمارة. 22 - وزارة الري والزراعة قررت الحكومة إنشاء وزارة تسمى (وزارة الري والزراعة) وينطوي غرها على دواوين الري والزراعة والمساحة والأملاك الأميرية. وتبقى البيطرة مرتبطة بوزارة الداخلية. 23 - الثلج في الرطبة وفي شمال العراق أثلجت السماء في الرطبة فحال دون سير السيارات في وجهها إلى بغداد في قدومها من سورية وذلك في شهر شباط. وسقط برد (حالوب) في بعض النواحي المجاورة للموصل وفي أصقاع أخرى كان المطر غزيرا ولا سيما في إرجاء الموصل بعد إن كان الغيث انقطع عنها مدة أربعة أسابيع وارتفعت أسعار الغلات والسمن فلما انفتحت قرب السماء هبطت وانتعشت آمال أرباب الزرع والمواشي. 24 - ارتفاع ماء دجلة كانت نتيجة سقوط الأمطار بكثرة ارتفاع مياه دجلة في 14 شباط وقرس البرد في اليوم التالي حتى بلغ الدرجة 2 فوق الصفر في المكان المسقف المفتوح من الجهة الواحدة. 25 - عدد السيارات من بغداد إلى الخارج بلغ عدد السيارات الخارجة من بغداد إلى ما يجاورها في السنة الماضية كما يأتي: (واغلبها من طرز هدسن ثم من طرز كدلك)

440 إلى إيران و107 إلى حلب و1094 إلى بيروت و43 إلى الشام و45 إلى القدس المجموع 1729 وبلغ عدد الركاب إلى تلك الأنحاء 6594 رجلا وامرأة و417 طفلا و1667 سائق سيارة و414 معاون سائق والمجموع 9092 26 - شركة النفط الإنكليزية الفارسية تؤسس مدارس في جنوبي إيران خصصت هذه الشركة مشاهرة قدرها ثلثمائة ليرة إنكليزية لتأسيس مدارس في جنوبي ديار إيران. واعتمدت وزارة معارفها أن تفتح ثماني مدارس في المحمرة وعبادان ومسجد سليمان وسوف يدرس فيها من العلوم والفنون ما يؤهل طلابها لأن يوظفوا في تلك الشركة فيأكلوا خبزهم أكلا شريفا. 27 - عمال الشركة المذكورة يبلغ عدد العمال الإيرانيين في الشركة المذكورة 8103 في مسجد سليمان و9927 في معمل التصفية في عبادان و334 في المحمرة و140 في مواطن مختلفة. 28 - عودة وفد الوقف كانت الحكومة العراقية أوفدت إلى الأستانة الحاج حمدي الاعظمي وحميد الباجه جي لينسخا ويصورا ما تحتاج إليه من الأوراق والسندات المتعلقة بالوقف لكنهما عادا في أوائل ك2 بدون فائدة، بعد أن قضيا هناك ستة أشهر. 29 - لمن غلات العراق الآن؟ كانت غلات العراق تقسم في عهد الترك على المتوسط الآتي بالنسبة إلى المائة للفلاح 50 - للحكومة 20 - للملاك 30 - المجموع 100 فصارت بعد الاحتلال على الوجه الآتي: لرئيس الفلاحين (السركار أو التانيء) 22 ونصفا - للملاك 7 ونصفا - للفلاح 50 - للحكومة 20 - المجموع 100 30 - مزاحم امين الباجه جي صدرت الإرادة الملكية بتعيين مزاحم أمين الباجه جي ممثلا سياسيا للعراق في لندن. 31 - وصول لجنة تخطيط الحدود وصل العاصمة في 12 آذار المسيو (بايشلين) السويسري رئيس لجنة تخطيط

الحدود بين العراق وتركية. والكرنل (نولدر) ممثل حكومة ملك بريطانيا العظمى. وقد سافرا إلى الموصل ويكون العقيد علي رضا العسكري مندوبا عن الحكومة العراقية. أما أعضاء الوفد التركي فأعضاؤه: جمال ودري ومعهم خمسة ضباط لمسح الأراضي. وتتجول اللجنة في زاخو والعمادية والزيبار وراوندوز ويقال إن الأشغال لا تتم إلاَّ بعد ثلاثة أو أربعة أشهر من أول يوم الابتداء بها. 32 - دخل سكك الحديد بلغ دخل سكك حديد العراق في الأسبوع المنتهي في 19 شباط سنة 1927 ما يساوي من نقودنا 187199 ربية يقابلها 163711 في مثل هذا الأسبوع من السنة الماضية. 33 - مساعي ديوان صحة العاصمة تمكن ديوان صحة العاصمة من إنجاز التعليمات الآتية: 1 - المحافظة على مياه الأنهر من التلوث. 2 - نظافة الأكياس. 3 - منع إقلاق راحة المرضى. 4 - صيانة بعض المأكولات من الأصباغ. 5 - تعليمات تتعلق بتنظيف الفنادق والقهوات. 6 - تعليمات تخص تنظيف الحمامات 7 - تعليمات بشأن الاصطبلات 8 - تعليمات تعود إلى المقابر. 34 - أفيد المزروعات للعراق تمكنت مديرية الزراعة العامة من الوصول إلى معرفة أفيد الأصناف المستحب زرعها في أراضي الرافدين. وقد قرَّ رأيها على أن تكون القطن والحنطة والشعير والكتان. 35 - شركة نقليات مخزومي توفقت إحدى الشركات التجارية وعنوانها (شركة نقليات ح. مخزومي) لأن تنقل الركاب مع بضائعهم أو بضائع التجار من سورية إلى العراق والى إيران وهي خطوة عظيمة لتسهيل السفر والنقل ولها في كل أسبوع عدة ركاب وكثير من البضائع. وقد أقامت لها خلا في بيروت في ساحة الشهداء خلف الصرح القديم (السراية العتيقة) وفي بغداد في الجادة. وهي أكبر شركة اليوم لهذه الغاية وأصحابها معروفون بحسن الأدب والتساهل.

العدد 45

العدد 45 - بتاريخ: 01 - 05 - 1927 سنتنا الخامسة بلغنا - والحمد لله - السنة الخامسة من عمر مجلتنا. مع ما بذل أصحاب الأغراض الخسيسة من الوسائل لخنقها وقتلها. وما تكلفنا من النفقات الطائلة التي يوازي طبع جزء منها في هذا العهد ما كان ينفق على أجزاء السنة كلها قبل الحرب. ولقد رأى القراء الكرام أننا نتوخى العلم البحت والتحقيق القصي في تحبير المقالات إذ جميع أصحابها من أرباب الاختصاص والتدقيق. ومما ظهر للعيان أن (لغة العرب) هي أول مجلة عربية تفرغت لنقد الكتب نقداً صادقاً لا محاباة فيه وهي تطيل النفس في ما تفليه ليقوم في ديارنا الشرقية المحبوبة من يتأثر أرباب البحث والتنقير من أهل الغرب ويعدل عن تلك الخطة البالية الهامدة. خطة إلقاء الكلام على عواهنه بدون تبصر وروية. كنا نتوقع من أبناء الوطن إقبالاً على الاشتراك ومساعدة تذكر؛ إلاّ إننا لم نصادف كل ما كنا نتوقع منهم. على أننا نخلص عبارات الشكر لجميع الذين آزرونا في وضع تلك المقالات من الناطقين بالضاد ومن محبيهم. طالبين من المولى الأعظم أن يمن عليهم بالعمر الهنيء ويمدهم بالعون الكريم ليتوخوا الحقيقة في كل ما يوشون وينمنمون. إذ غاية جميعنا خدمة اللغة والوطن بصدق وكفى بذلك شرفاً وفخراَ!

تصاوير عربية وإسلامية

تصاوير عربية وإسلامية 1 - توطئة كل من وقف على التاريخ في عهد الجاهلية وبعدها. يعلم أن العرب سلفنا كان يعنى بالتصاوير والتماثيل والنقوش على اختلاف أنواعها، كما يتحقق ذلك من قرأ تاريخ الكعبة وما كان فيها من الأصنام والأوثان والصور والدمى. وبعد ذلك جاء الإسلام فلم يمنع بتاتاً التصاوير بل حظر ذلك في المجسمات منها لئلا يغوى الناس بها؛ ثم جاء المتعصبون بعد العصور الأولى فمنعوا كل تمثيل مخلوق حي لسوء فهمهم بعض الأحاديث. وإلاَّ فان عهد العباسيين يشهد على أن المصورات كانت تزين قصورهم ولا سيما ما كان قد بني منها في سامراء (راجع مقالة في هذا الموضوع أدرجت في هذه المجلة 515: 2 - 520). والمسلمون في إيران والهند وديار الصين بقوا محافظين على رسم التصاوير إلى عهدنا هذا. إذ لم يروا في الأحاديث (الصحيحة) ما ينفي اتخاذها. وقد عني أبناء الغرب بجمع كل ما يتعلق بالتصوير والتمثيل والنحت والرسم والنقش

حتى أننا إذا أردنا أن نرى طائفة من هذه الأعمال مجموعة في مكان لاضطررنا إلى أن نذهب إلى ديارهم لنشاهد فيها ما يزين متاحفهم ودور الآثار عندهم. ولقد سعى أحد الروس قبل الحرب إلى جمع نفائس عديدة من بدائع الفن العربي وزين بها قصره؛ إلاَّ أن الحرب المشؤومة جاءت ففرقت وبددت وحطمت وأتلفت شيئا كثيراً مما يدخل في هذا الباب، حتى أنه ليموت الأثري أسفا على ما يسمع أو يقرأ أن لم يكن قد شاهد بنفسه شيئا من تلك الفظائع الهائلة. فلقد كان عندنا مثلا خزانة عامرة بالمصنفات من مخطوطة ومطبوعة من مصورة وغير مصورة. ولما سقطت بغداد عبث الجهلة بتلك الفرائد والنفائس فمزقوا شر ممزق كل كتاب مصور مهما كانت تلك الصور. كان عندنا من جملة المخطوطات كتب نبات وحيوان وطب وكيمياء فيها رسوم بديعة منها ملونة ومنها غير ملونة فأتلفت كلها عن آخرها. كان عندنا كتب فلك وهندسة وتاريخ وبلدان وحساب يزينها مختلف الرسوم فلم يبق منها السفلة ورقة بل أحرقوا كتاب حياة الحيوان الكبرى المطبوع في إيران وكان مصوراً، وأحرقوا معه كتاب الهندسة لاقليدس وكتاب عجائب المخلوقات وزيج الصابئ لأنه كان فيهما بعض الرسوم الهندسية أو بعض الأشكال العلمية. هذا ما رأيناه بأعيننا وشاهدناه بنفسنا مع غيرنا وهو أمر لا يخفى على كل بغدادي. وقد وقع ذلك في ال 7 من آذار سنة 1917. وليس مرادنا هنا أن ننكأ جرحا كاد يندمل مع الزمان. إلاَّ إننا أردنا أن نبين أن الناس على اختلاف طبقاتهم قد يكون فيهم جهلة؛ والغالب بينهم أناس يقدرون أعمال السلف. ولهذا أردنا أن نذكر هنا ما كان قد جمعه أحد الأفاضل من الروس من تراث المسلمين ووقفنا عليه في مجلة مجمع العلماء الروس في لننغراد وأهدانا إياها صديقنا أغناطيوس كراجكوفسكي والمقالة للسيدة ف. كراجكوفسكايا. وقد لخصا لنا صديقنا المحبوب الكرنل أو آ، فرتسكيو مترجما إياها من الروسية وهذه زبدتها: 2 - عروض فنية إسلامية ترى في دار التحف الفنية في كبيف طالعت في مذكرات لجنة المستشرقين المطبوعة في لننغراد، والتي نشرها

محفى العلوم لاتحاد الجمهوريات الصوفييتية الاشتراكية. مقالة أدرجت في الجزء الذي برز شهر آب من سنة 1924 وهي تصف لنا عروضا فنية إسلامية مختلفة الأنواع. وموشية برود تلك المقالة السيدة ف. ا. كراجكوفسكايا وهذا ملخص ما وجدته فيها: ألفيت صاحبة المقال مستشرقة بارعة، أنفذتها دار التحف الوطنية المعروفة بمتحفة المنسك في لننغراد لتبحث عن الفنيات في كييف، فوجدت فيها نفائس إسلامية كان صاحبها في سابق العهد رجل أسمه م. خاننكو وكان مستشرقا وجماّعة آثار. ثم نزعتها من أيديه الحكومة الروسية الحديثة مع الدار التي كان يسكنها، وجعلتها من ممتلكات دار التحف والفنيات في كييف. تلاحظ الكاتبة أن تلك العروض غير منسقة تنسيقا علميا أو فنيا بل خلط بعضها ببعض وفيها أشياء مختلفة الجنس وقد كومت تكويما في غرف صغيرة هي خزائن لها وواقعة على طول حيطان الدرج. ويظهر من حالتها الحاضرة إنها تأذت كثيراً في الدعوى التي أقيمت على صاحبها لتنزع من أيديه فتكون ملكاً للقوم الروسي. أن السيدة كراجكوفسكايا تصف ثلاث طوائف من عروض الفن وهي: 1 - عروض من القلز أو النحاس. 2 - عروض من الفغفوري أو القاشاني. 3 - صور منمنمة (أي دقيقة الرسم والتصوير). 3 - وصف عروض القلز أو النحاس تصف الكاتبة قراقير (جمع قرقار وجراراً وظسوتاً وقماقم وشماعد إلى غيرها وكلها من القلز (البرنز) أو النحاس. ومن الأسف أن تاريخ هذه الأدوات مجهول ولا يمكن أن يعرف على التحقيق سنة صنعها بل يمكن أن يتصورها تصوراً يحمله على أن يعرفها من باب التقريب. بمقابلتها على ما يرى من نوعها في دار تحف المنسك في لننغراد. وأغلب هذه الأدوات فارسية الأصل ومن طرفها جرة من قلز أو شَبَه يظن إنها من المائة الثامنة للميلاد وقد نقش عليها رسوم هندسية بارزة كل البروز.

4 - وصف عروض من القاشاني هذه الأدوات هي قراقير وجرار وطاسات وآجر إلى غيرها وكلها نماذج مختلفة الطرز والعصر. وبينها طوائف تتميز بعضها عن بعض كل التميز نذكر منها ما يأتي: أ - (خزفيات من سمرقند) في هذه الطافة لا يرى إلا كسر من آنية وآجر وطلاؤها أصفر أو أخضر مع رسوم تقرأ لأنها حروف بديعة الخط والأشكال الهندسية. ب - (خزفيات أندلسية مراكشية) في هذه الطائفة ترى أوعية مختلفة وصحون وقصاع وصراحيات إلى غيرها وقد صنعت في بلنسية (الأندلس) في المائة الخامسة عشرة. ج - (خزفيات طاغستان) تحتوي على صحون وجرار وآجر وما شاكلها وطلاء أغلبها أصفر مع رسوم هندسية وسطور مختلفة التعاريج ودوائر محكمة الصنع وقسي متقنة النقش وذوات زوايا عديدة بديعة الوضع. د - (خزفيات عصر الشاه عباس) جرار طويلة العنق وضيقتها، وطاسات وكسر آنية ذات طلاء لماع وتزيينات تمثل نقوشاً عربية وسعفاً ولونها في الغالب أزرق. هـ - (بلاط ملون وملمع) في هذه الطائفة عدد عديد من البلاط المربع الملون الملمع وهي تعود إلى شعبتين مهمتين من معامل الخزف وهما. معامل ري من المائة الثالثة عشرة للمسيح: وتحتوي على بلاط مربع طلاؤه أسمر مع رسوم بيضاء تمثل حيوانات مختلفة مثل ثعالب وبنات آوى وغزلان وطيور. وبين هذه البلاط ما عليه تاريخ صنعها فقد وجد على بعضها ما هذا نصه بحرفه: (في صفر سنة أربع وعشرين وستمائة). معامل سلطان آباد من المائة الرابعة عشرة: بلاط مثمن الزوايا وطلاؤه أزرق فيروزجي ورسومها بيضاء في الغالب وتمثل طيوراً من جنس السيمرغ (العنقا) المذكورة في حكايات الجن عند الإيرانيين.

و (خزفيات حاتم) هذه الطبقة من الخزفيات الفارسية تعرف بهذا الاسم منذ عهد مديد لأنه قد كتب على كل قطعة منها (حاتم) وفي هذه الطائفة نموذج هو طاسة وعلى ظهرها دائرة وكله بالطلاء الأصفر على قعر أزرق نيلي. وفي بطن الطاسة صورة ديك بين كومتين من الزهر مع أسم العامل وهو (حاتم) وقد كتب كتابة جلية، إلاَّ أنه لا يعرف تاريخ صنعها ولا محل صنعها. ز - (خزف بميناء) أسم هذا الخزف مأخوذ من الألوان المتألقة التي يزهو بها والتي تعجب عين الناظر إليها. وكثير من هذه الأدوات موصوفة وصفاً حسناً دقيقاً. وأغلبها قد كسر ثم لئم، ومن هذه القصاع (الكاسات) ما هي حسنة التصوير والنقش كثيرة الألوان بين أسود حالك، وأبيض فاقع، ووردي جنبذي، وهي قصاع مطلية بطلاء أزرق فيروزجي وعليها تصاوير بديعة كثيرة الألوان تختلف بين أسود وأبيض وأسمر وبنفسجي وأحمر وأربد وأصفر ووردي إلى غيرها، وقد صور عليها رجال قعود قد تربعوا وهم تحت أشجار ضياء وأزهار غراء. ح - (خزف سلطان آباد (من المائة الثالثة عشر) لهذه الطائفة من الخزف أمثلة مختلفة فيها قصاع مستطيلة الشكل أو مخروطية مع قعور حلقية الشكل وطلاؤها أزرق لازوردي والنقش لا وردي فاتح وأحمر آجري على أشكال هندسية وخطوط ودوائر ومشتبكات وبعض الأحيان أزاهير خيالية. وبين تلك القصاع قصعة تاريخها بحروف عربية هكذا: (سنة 612). ط - (خزف من عهد المماليك) هذا الخزف آت من حفريات في أخربة الفسطاط (مصر القاهرة). لم نجد في هذه المجموعة إلاَّ كسر قصاع وجرار، وهي كافية لتطلعنا على مزاياها الخاصة بها، دهانها أحمر ونقوشها بالأصفر والأزرق والأخضر وفيها خطوط عريضة ومشتبكات ونقوش عربية أشكال هندسية.

5 - المجموعة الثالثة: الصور المنمنمة ليس في متحفة كييف إلاَّ إحدى عشرة صور منمنمة إسلامية. والسيدة كراجوفسكايا تصفها أدق الوصف ودونك بعض هذه التفاصيل: ي - ورقة منزوعة من ترجمة عربية: (في المادة الطبية) المنسوبة النص الأصلي إلى ديسقوريدس، وقد رسمت في سنة 619هـ وناقشها عبد الله أبن فاضل. وهذه الصفحة تبين لنا كيفية التقطير في محل أحد الأطباء. وقد مثل الطبيب ومساعده بأحسن صورة وكذا قل عن أداة التقطير فأنها بديعة الصورة وتحتها هذه الأسطر بالحرف العربي. (شراب البونيون) (خذ منه أثنين فدقهما فأجعلهما في ثلاثة أرطال عصير ثم أرفعه وهو موافق لوجع المعدة ولمن به إرجاف من ركض خيل أو دفع سفينة. هي.) وقد لاحظت الكاتبة أن كلمة (هي) في أخر العبارة مقطوعة من انتهى وطرز المنمنمة هو من الطرز البغدادي في المائة الثالثة عشرة للميلاد. ك - ورقة منزوعة من نسخة من الشاهنامة. والمنمنمة تبين قدوم رستم بزي بائع ملح في قصر سند. وفي الصورة ستة أشخاص وأربعة جمال وقلعة ومنظر ضاحية وهناك أزاهير وحشائش وكلها متقنة الصنع حسنة الألوان زاهيتها وطرزها طرز بخاري في المائة الخامسة عشرة للمسيح. ل - ورقة منزوعة من نسخة من الشاهنامة وفيها منمنمة تصور حرب رستم للديو (للجني) الأبيض. يرى البطل الفارسي لابساً درعاً وعلى رأسه خوذة مريشة وهو يدخل خنجره في بطن الديو. وفي أسفل الصفحة أسم المصور وهو (بهزاد) (من بخاري في المائة 15م) والعبارة عربية هذه حروفها: (عمل بهزاد بلا شبه). م - صورة منمنمة لأحد مصوري الفرس في المائة السادسة عشرة وموضوعها رجل وامرأة جالسان على وثاب في حوسق قائم في بستان ووراء

هذين الشخصين أشجار سرو وبجانبها أشجار لوز مزهرة. ن - صورة منمنمة بديعة الرسم ودقيقته تبين للناظر معراج النبي العربي راكباً البراق وحوله ثمانية من الملائكة (وفي الأصل الروسي لم تذكر كلمة ملائكة لأن هذا الاسم في هذا العهد ممنوع وقد وضع بدلها (جن بأجنحة) وقد أطرت الصورة بإطار من أزهار وكلها بماء الذهب والأزرق الغامق. والطرز طرز المصورين الفرس في المائة السادسة عشرة للميلاد ويظن أنها من صنع المصور ميرك. س - صورة محكمة الرسم كثيرة التفاصيل ويرى فيها معسكر في موطن جبلي والإطار محكم ملون بخمسة ألوان مع نقوش عربية ذات أزاهير وورق. وهناك خمسة عشر شخصاً مع عدة حيوانات. وتفاصيل الثياب والخيم والطنافس إلى غيرها دقيقة الرسم. ونقاشها قد أحتذي مثال مصورين فارسيين شهيرين من أبناء المائة السادسة عشرة للميلاد وهما محمد ومير سعيد علي. ولعل النقش كان في أواخر المائة السادسة عشرة. ع - صورة منمنمة تمثل شاباً قوياً ذا ثياب ثمينة وهو واقف وبيده اليمنى أداوة للشرب ووراءه منظر ضاحية فيها صفصاف وعمشق وزهر وفي أسفل الصورة هذه الكلمات: (رقم كمينة رضاء عباسي سنة 1037) ولهذا النقاش صور عديدة في متاحف مختلفة. ف - صورة منمنمة تمثل أسداً مضطجعاً بجانب شاب جالس على الأرض وفي أسفل الصورة هذه الكتابة نذكرها بحرفها: (هو رقم كمينة أفضل الحسيني بإتمام رصد سلخ جمادي الآخر سنة 1054) ولهذا المصور من أهل المائة السادسة عشرة للميلاد تصاوير عديدة في متاحف مختلفة. ص - صورة منمنمة تبين شاباً من الشرفاء وقد لاقى أثنين من الدراويش الشيوخ في ضاحية موشاة بالأزاهير. ووراء ذلك جبل صخري القوام وأشجار متنوعة. ويظن أن راسمها فارسي أسمه محمد علي من القرن السابع عشر للميلاد. ق - منمنمة تصور لنا أحد كبار المغول في القرن السابع عشر وهو قائم في ضاحية منبسطة فيها أشجار وأزهار. ويرى من الوجه صفحته الواحدة وهو حسن الملامح واللحية سوداء طويلة. ويداه مستندتان إلى عصا طويلة سوداء والثياب ثمينة مزركشة بديعة الرسم. وقد كتب وراءها: معز الدين محمد سنة 983 ومعز الدين هذا كان من المنمنمين القاشانيين في القرن السادس عشر. هذا أهم ما في تلك المقالة للكاتبة المجيدة وعسى أن تستحث الهمم في بعض الكتاب لينشئوا كتاباً يفي بهذا الغرض. الكرنل أ، آ. فرتسكيو

صور وأنغام

صور وأنغام أمتعت من الفجر (الربيع) الهامي ... قلبي المشوقَ لفتنة الإلهام ورنوت للام (الطبيعة) بلسماً ... فإذا الحنو بثغرها البسام رفعت نقاب الليل عنها وازدهت ... ببدائع النقاش والرسام وبدت تغرد للخواطر والنهى ... بمنوع الفتان من أنغام الطير كان مؤذناً بصلاتها ... ثم أستزاد هدى فكان إمامي! فتلوت من قلبي القرير عبادتي ... وشربت باللحظ الأسير مدامي! وختمت مقبول الصلاة بنظرة ... تهدي إلى طرف المروج سلامي! ثم أستقل الصح في ملوكته ... بعواطف القلب الشجي الدامي يأسو جراحات الفؤاد مجدداً ... نعما تزيل دفينة الآلام فإذا الأشعة كالرجاء ليائس ... تختال في صور الجمال أمامي! وإذا الندى فوق الأزاهر عابث ... بالنور لا يخشى أقل ملام! ويذيب مهجته بغير تردد ... ما بين ثغر لثنات وجسام

والنحل ترقص حوله في ملعب ... وتقص نجوى الحب والأحلام أوحت لشعر (البحتري) جماله ... وشدا بما غنت (أبو تمام) واستاف (ماترلنك) من أنغامها ... صفو الغناء العذب للإلهام والجدول الجاري بلحن دائم ... يرعى الحقول رعاية الأيتام ويبوح حينا بالغرام لزهره ... وهنيهة يأبى فصيح كلام ومموج الزهر النضير مقبل ... في الماء صورة حسنه المترامي ورقيقة النسمات تعبق بالهوى ... وتبث ما حمُلت إلى الأكمام عطفت علّي كأنما شعرت بما ... يبدي وما يخفي أصيل غرامي وكأن شعري عاد (بأبن خفاجة) ... أو (بأبن حمديس) فقام مقامي! أو أن (رمني) قد أباح لخاطري ... في الوصف سحر الناقش الغلام فحنت علّي وأكرمت بري بها ... ونضت عن الآيات كل لثتم فإذا المشاهد فتنة لا تنتهي ... وبكل مسموع دليل هيامي وتكاد أذني تدرك الهمس الذي ... تفضي به الأعشاب بين رغام وعواطفا شتى وأن خفيت، فما ... تخفى أمام نوافذ الأحلام في كل مشهود أراها حية ... حتى بمخضل من الآكام وأنا الصغير وإنما حسي الذي ... ناجى وقفات الكابر المتعامي فجميع ذرات (الطبيعة) ملجأ ... لهواي أو لحجاي أو لسلامي فأبثها ظمأى وأنهل برها ... وأعد في إكرامها إكرامي! أحمد زكي البوشادي

الأمثال العامية البغدادية

الأمثال العامية البغدادية تمهيد الأمثال، على اختلاف قائليها وأقوامهم، تدل على حكمة بعيدة الغاية. كما أنها لسان حال القوم الذي أتخذها عدة له لمكافحة الأوهام. أو ما هو من قبيلها. ولقد اشتهرت أمم الشرق بأمثالها منذ أقدم العهد. وهذه أمثال سليمان الحكيم أشهر من أن تذكر في هذا المعنى: مع أن الرجل يذكر أن غيره سبقوه إلى النطق بها، أذن: الشرق مشهور بإنتاج هذا المعنى البديع الذي تجري عليه الأمم في بلادها أو ديار غيرها ممن أستحسنها. وإذا كان الشرق مشهوراً بإبراز حلل المعاني وعرضها على الإفهام بصورة عبارة واحدة تعتبر مثلا. فالعراق ولا سيما بغداد، معروفة بهذه الميزة الفكرية. وقد يبنى المثل على حكاية أو واقعة أو دفعت به غريزة الحكيم إلى حسم مسألة طرأت في مجلس، فيأتي ذلك القول بمنزلة فصل الخطاب. ثم يذهب حجة بين الناس، فيتمسكون بأهدابه. ولقد صنف كثيرون في أمثال بغداد، ونحن غير واقفين على كل ما كتب في هذا المعنى، إلاَّ أننا نتذكر أن صديقنا العلامة لويز ماسنيون نشر رسالة للقاضي أبي الحسن علي بن الفضل المؤيدي الطالقاني جمعها هذا في سنة 421هـ (أي في سنة 1030م) ووسمها برسالة الأمثال البغدادية وطبعها الجدن الوفي محل مطبعة رعمسيس بالفجالة في مصر ولم يذكر فيها سنة النشر. وقد أحصى أعدادها فإذا هي 613 مثلاً. وقد ألف أستاذنا المرحوم الشيخ محمود شكري الألوسي رسالة في هذا الموضوع نفسه. وقد جمعنا نحن أيضاً من أمثال عوام النصارى واليهود والمسلمين في الموصل وبغداد والبصرة ما يبلغ عددها نحو الخمسة الألفا. ونشر صديقنا المتفنن يوسف رزق الله غنيمة في مجلة المشرق (297: 9 - 302) مقالا بعنوان: (الأمثال العامية في البلاد العراقية) أورد فيها 120 مثلاً وعلق عليها حواشي توضح معانيها وتفسر مفردات لغتها وتسرد بعض قواعد من اللغة العامية العراقية.

على أن الذي فاق الكل بجمعها وترتيبها على حروف الهجاء. وعلق عليها حواشي وما يتصل بها من الحكايات، هو صديقنا صاحب البدائع والروائع الحاج عبد اللطيف ثنيان، فقد جمع منها ما يزيد على خمسة آلاف مثل وذكرها بالألفاظ التي ينطق بها العوام مع ضبطها بالقلم بموجب أصواتها من مد حروف العلة وقصرها وضبط مالا يصور منها بحركاتنا المعهودة بل بحركات خاصة بالناطقين بها، وبعد أن صورها بما ينطق بها أرداها بصحة اللفظ الذي يقابلها عند الفصحاء وبعد ذلك علق عليها سبب ذكرها أن كان ثم سبب أو شرحها شرحاً يثبتها في الفكر حتى يستعملها الواقف عليها عند الحاجة إليها. وقد جلبنا لهذه الغاية حركات وشكلات لضبط حروفنا: فاتخذنا الضمة المقلوبة هكذا (،) لتصوير الحرف الإفرنجي فتكتب (القول) على ما يتلفظ به العوام هكذا (القّوْل) - وأتخذنا الفتحة المقلوبة أي (َ) لتصوير الحرف الإفرنجي فتكتب (البيت) وتلفظ - على ما ينطق بها العوام، وأما الحركة المختلسة فجعلناها نصف سكون أو هلالاً صغيراً متجهاً قرناه إلى يمين القارئ أي هكذا (ْ) للإشارة إليه فنكتب (كافر) التي تلفظ فاؤها بحركة مبهمة غير صريحة هكذا (كافر) وتلفظ فالحركة المختلسة غير الصريحة تقابل إذا حرف في كلمة الفرنسية التي هي أداة التعريف للمذكر في اللغة المذكورة أو الحروف المزدوج الفرنسي القصير الصوت لا الطويلة. وبعد أن وطأنا البحث بهذه الكلمات التي لابد منها، تذكر الأمثال العامية على ما جمعها حضرة الصديق وقد أختار هنا من كل حرف مثلاً واحداً هو المثل الذي أول حروفه حرف من حروف الهجاء العربي، ودونك هذا النموذج: (لغة العرب) - تعريبه: أبعد أُختي عني ... وخذ حملها مني مثل يضرب عن لسان النخلة كأنها تقول للزارع عند غرسه إياها. والمراد

منه أن النخل إن تباعد بعضه عن بعض حسن نموه وقوي في أرضه وغلظ جذعه وأزداد حمله وهو أمر مشاهد معروف، وأحسن ما يزرع من الفسيل ما يجعل بين الواحد والأخر ما لا يقل عن ثمانية أمتار. وإلاَّ فهناك من يريد تكثير العدد في تلك الفسحة فلا يحصل على نتيجة حسنة. فلو غرست في جريب من الأرض مائة نخلة وغرس آخر فيه مائتين لكان ثمر المائة أكثر من ثمر المائتين والنخلة بغلظ نخلتين بل أكثر وهلم جرا. بغلة القاضي - مثل يضرب للرجل الحقير يرفع قدره خوفا من سيده أو متبوعه أو غيرهما ولولا ذلك لأحتقر وأنزل إلى منزلته التي يستحقها. يقال أن قاضياً ماتت له بغلة فأمر بسحبها إلى محل بعيد دفعاً لجيفتها فكان خلفها من الناس الذين يخشون سطوته وجوره عدد عظيم. فسأل رجل أحدهم ما هذه فقال (بغلة القاضي). تعاركت الخيل من كرد السايس - تعريبه: تعاركت الخيل لشقاء السائس مثل يضرب لكل عمل يكاد يتم حسب رغبة طالبه. ثم يحدث شجار أو منافسة بين من عنده تمام العمل في الأخر فيفسده أو يتأخر عن عمله لأن الخيل إذا وقع بينها عراك لا يتأذى غير سائسها. ثور معمم مثل مبني على حكاية يتداولونها وهي أن أميراً كلف أحد ندمائه بأن يأتيه بثور معمم. فأخذ ثوراً من الدواب وعصب رأسه بعمامة وبينما هو قاصداً الأمير إذ لقيه أحد أصحابه، فعجب من عصابة رأس الثور فسأله عن السبب فذكر له رغبة الأمير في ذلك. فقال ويحك إن ذهبت إليه بهذا علم جهلك وأقصاك قال فما وجه العمل؟ قال: تعال معي، فلقيا جاهلاً معمماً وليس فيه من العلم

إلاَّ عمامته، فقال له سيدي إن الأمير يريد أن يحظى بلقياك فتعال إليه مع النديم. فذهب معه فلما رآه الأمير أخذ يختبره فإذا به أقل علما من ثور يحسن تدبير أمر معاشه. فشكر نديمه لكن النديم أبى أن يستأثر بالشكر فذكر له عمله وإرشاد صاحبه فطلب ذلك الصاحب وأتخذه نديماً له. الجود من الماجود مهو من الجلود - تعريبه: الجود يكون من الموجود لا من الجلود مثل يجيب به من يعاب بعدم التأنق في طعامه أو لباسه، أو بعدم تبرعه بمال جزيل في سبيل أحد المشروعات الخيرية، فيعترف قائله أنه مقل وليس بغني. والجود يكون من وفرة المال. وليس من جلد الرجل ويعني بالجلد رأس المال القليل أو نفقة العيال. جَلْب البِستان لا يأكُل ولا يخلي غيرَه يأكُلْ - تعريبه: كلب البستان لا هو يأكل من ثمره ولا يدع غيره يأكل منه مثل يضرب لمن يمنع غيره من الانتفاع من الشيء وهو لا ينتفع منه. لأنه لا يحسن التدبير كالكلب الذي يتخذ لحراسة الحدائق فأنه يمنع الناس من السطو عليها فلا يستطيعون الانتفاع من ثمارها، وهو لا يأكل منها لأنه من أكلة اللحوم فلا هو أذن يستفيد منها ولا غيره فهذا يشبه قولهم: (لا ينام ولا يخلي غيره ينام). لحساب بالحمام - تعريبه: الحساب يكون في الحمام الحمام عند لاعبي الجوز هو حفيرة تحفر لي لحف جدار بقدر الكف ويقف اللاعب بعيداً عنها نحو المترين ثم يرمي بالجوز فأن كان الذي في الحفرة زوجاً أخذ مثله. وأن كان فرداً خسره وهو بالعربية (المزداة) يقال زدا الصبي

الجوز زدوا لعب ورمى به في المزداة للحفيرة التي يرمي بها الجوز (تاج العروس) وهي الأدحية أيضاً، والدحي رمي اللاعب بالحجر والجوز وغيره، والحفرة أدحية (لسان العرب). فالرمي عند سؤال الواقف على الحفرة كم عدد جوزك يجيبه (لحساب بالحمام) إذ على ذلك الحساب هو المعول لا على ما يرميه. خاتم وصايحيله آمين تعريبه: ختم القرآن وصاحوا في الدعاء له آمين كانت العادة إلى ما قبل عشرين سنة عند بعضهم. وقبل نحو ثلاثين سنة عند العموم أن الغلام يرسل إلى الكتاب فيعلمه المعلم قراءة القرآن وكان من قبيل الحرام أن يتناول قلماً للكتابة لأنها لا تجوز إلاَّ بعد أن يختم القرآن فإذا ختمه أقيم له شبه زفاف فيلبس خاتم القرآن أحسن الثياب أو يركب فرساً إن كان غنياً ويدار به في الأسواق والأزقة وخلفه أولاد مدرسته أجمع والمعلم يرأسهم وأمامه أحد التلامذة يقرأ بصوت جهوري دعاء خاصاً وعند كل فقرة ينادي الأولاد: آمين. فصارت مثلاً لمن يقال عنه أنه لا يعرف كذا فيجاب دفاعاً عنه: (خاتم وصايحيله آمين). دكة بدكة ولو زدنا زاد السكة - تعريبه: دقة بدقة ولو زدنا لزاد السقاء مثل يقال أنه مبني على حكاية وهي أن رجلاً صائغاً من ذوي المروءات والشرف والعفة كان له زوجة تماثله في أخلاقه ولهما سقاء يأتيهما بالماء إلى بيتهما منذ أمد بعيد وهو حسن الأخلاق حيي أيضاً. فوقع يوماً أن جاءت الصائغ امرأة تريد أن يصوغ لها أساور فأخذ يدها ليأخذ قياسها فمالت إليها نفسه فعصرها متلذذاً. وعاد إلى بيته مساء فقالت له زوجته لقد مر بي اليوم أمر غريب وذلك أن سقاءنا فلاناً دخل اليوم وبعد أن أفرغ القربة جاء إلي وأمسك بعضدي وعصره ثم خرج. فذكر لها ما جرى له. فقالت: (دكة بدكة وإن زدنا زاد السكة). عبد اللطيف ثنيان

خواطر في اسم الآلة

خواطر في اسم الآلة 1 - بسط وعذر كتب حضرة الأستاذ الكبير صديقنا المغربي مقالة ممتعة في (مجلة المجمع العلمي العربي) وسمها باسم الآلة (7: 49 - 61) وأبدى فيها آراء كلها حقائق وكنا منذ أمد بعيد جمعنا مثلها لنبين أن قول النجاة في أن أسم الآلة يبنى من (الفصل الثلاثي المجرد المتعدي) تنقصه تدقيقات عديدة تخالف ما استنتجوه فكانت نتيجته كنتيجتنا أي أنه ذكر من أسماء الآلة المتخذة من (الجامد) أو (المزيد فيه) أو (اللازم) مالا يمكن أن ينكر. وتسمية بعضهم لهذه الآلات (بأشباه أسماء الآلات) هو من باب التسلية والتمويه معاً. كما أسمى البعض اللديغ سليماً. والأعمى بصيراً. والدميم حسناً ونحن الشرقيين كثيراً ما نحب مثل هذه التسليات أو التعميات أو التشيات أو كل ما تريد أن تسميها أو تنعتها. إلاَّ أن المحاسن لا تنقلب مساوئ كما أن الحقائق لا تصبح أكاذيب أو بالعكس مهما نعتناها أو وصفناها. على أن إقرارنا بفضل الأستاذ المغربي وصحة استقرائه لما أورد، لا يحدو بنا إلى قبول (المدناة) بمعنى التلسكوب و (المدفأة) بمعنى الصوبا (اللفظة التركية) وذلك لأسباب: أولاً: لأن (المرقب) التي سبق الشيخ إبراهيم اليازجي إلى وضعها هي أوفى بالمقصود من المدناة لأنها مشتقة من رقب النجم بمعنى رصده. والغاية من وضع التلسكوب هو رصد الكواكب. قال لغويو الفرنسيين: (التلسكوب كلمة منحوتة من حرفين يونانيين وهما: (تلي) أي بعيد و (سكوبين) أي فحص أو رصد أو رقب، ومحصل معناها: ما يرصد به البعيد؛ وهي آلة فلكية تتخذ لرصد النجوم) آه ونحن نرى في (رقب أو رصد) ما يؤدي المعنى المطلوب، فاشتقاق لفظة من هذه المادة تكفينا مؤونة البحث عن غيرها، والشيخ اليازجي لم يتخذ اسم آلة

من رصد إلاَّ لكي لا يختلط أسم المرصد (للآلة وهو بكسر الميم) باسم المرصد (للمكان وهو بفتح الميم) وهناك أمر آخر وهو: إذا سبقنا أحد الأدباء إلى وضع لفظة وأدت ما في الخاطر من الأمنية أو من الوضع، فلا يحسن بنا أن نضع كلمة ثانية وثالثة ورابعة إلى ما لا نهاية له، فذلك ما يؤدي إلى الفوضى؛ دع عنك أن في قولك (المدناة) مخالفة جمهور النحاة أو الصرفيين وأن لم تخالف ما نقله لنا اللغويون من أسماء الآلة؛ ولهذا أن جمعنا رأي النحاة إلى رأي اللغويين كانت الفائدة أجزل والنتيجة أحسن وأوثق. وعليه: لو قبلنا من باب الفرض كلمة مدناة فلا نقبلها إلاَّ بصورة (مدنية) (وزان محسنة) لأننا بصيغتنا هذه نرضي فريق اللغويين وفريق النحاة، وليس في ذلك أدنى تقييد أو تسجيل على اللغة بالقصاعة والقماءة والكدو أو الحجر أو مهما أردت أن تسميها؛ وسوف ترى أن تسمية الآلة بأسماء متخذة على صيغ أسم الفاعل أو من قبيل أسم الفاعل هو أوسع باب يمكننا أن نلجه لنبلغ غايتنا. وما نقوله عن عدم استعمال (المدناة) نقوله في عدم اتخاذ (المدفأة) في معنى (المدفئة) واستعمالنا الصيغة الأخيرة أفضل من استعمالنا الصيغة الأولى لأن في

اتخاذنا الأولى نخالف رأي الصرفيين أو النحويين وفي اتخاذنا الثانية نجمع بين أراء القبيلين كما تقدم الكلام فويق هذا. 2 - كثرة أوزان أسماء الآلات ذكر الصرفيون من صيغ الآلة: مفعل ومفعال ومفعلة (بكسر الميم) وزاد بعضهم عليها فعالى كفراش وذكروا أن هناك ما يخالف هذه الأوزان ضبطاً أو صيغة ثم قالوا عنها أنها (أسماء آلات غير مشتقة) وفي كل ذلك من التكلف ما لا ينكر. أما الحقيقة فهي أن أسماء الآلة تعد من قبيل الفاعل أو ما هو بمعنى الفاعل كصيغ المبالغة وصيغ الصفة المشبهة. وأفعل بوزن المفاضلة وإن لم يكن هناك مفاضلة، أما ورودها على صيغ الفاعل والمبالغة فلأن ما ينسب إلى الآلة هو على الحقيقة من أثر العامل فيها، فالمكنسة لا تكنس من ذاتها ما لم يعالج بها صاحبها الكنس. وهكذا القول عن سائر الآلات إلاَّ أن للآلة عملاً خاصاً بها لا تراه في عمل الرجل نفسه، فالمنشار ينشر بيد العامل به، فإذا ألقى الرجل عنه الآلة لا يستطيع أن ينشر بيديه، إذن يحق أن ينسب إلى الآلة عملاً خاصاً بها. فإذا كان كذلك كانت هي أيضاً عاملة بهذا المعنى ولما كان عمل الآلة يتكرر وينسب إليها هذا العمل من باب التوسل والتذرع جاز أن ننسب إليها العمل نفسه وننسبه إليها. إذن جاز لنا أن نتخذ لها صيغاً منزوعة من صيغ المبالغة واسم الفاعل والصفة المشبهة ووزن أفعل الذي ليس للتفضيل بل لتحقيق وجود الأمر. أما أنه يتخذ لها صيغ من المبالغة واسم الفاعل فمفهوم للوجه الذي ذكرناه وأما أنه يتخذ من صيغ الصفة المشبهة فما لا يفهم على أن العاقل إذا تدبر أن معاني صيغ الصفة المشبهة سريعة الزوال لتغيير يطرأ عليها اتضح له وجه التجوز فالحسن مثلاً قد يزول حسنه لمرض يقع فيه أو لتشويه تشوه به أعضاؤه فيزول عنه الحسن لوقت ولهذا لاق أن تكون تلك الصيغ منزوعة من أوزان الصفة المشبهة إذ قد يطرأ على الآلات من العيوب الوقتية ما يطرأ على سائر الصفات. ومن ثم نرى كثيراً من الآلات جاءت على أوزان هي من صيغ اسم الفاعل أو المبالغة أو الصفة المشبهة. ونحن نذكر لك هنا أمثلة مأخوذة من الصيغ المذكورة من فصيحة ومولدة

فالمولدة تفيدل أن المولدين جروا على أساليب من تقدمهم من فصحاء العرب ولهذا يجوز لنا أن نتأثرهم: والفصيحة تفيدك أن الوضع قديم. 3 - أسماء آلات على أوزان المبالغة والصفة المشبهة واسم الفاعل والفعل 1 - القدوم (وزان صبور) لآلة النجر والنحت، ومثلها الكتوم (للقوس التي ليس فيها شق). 2 - الأصم (وزان الأكبر) من أسماء الرمح، وكذلك الأظمى كما أن من أسمائه المطرد (وهذا كمنبر) وأنت تعلم إن الرمح من الآلات. 3 - الصوان (وزان لزاز. وفعال هنا بكسر الأول من صيغ المبالغة، يقال إنه للزاز خصومة وملز أي لازم لها موكل بها يقدر عليها) ومثله كتاب وركاب وحزام وإمام ولجام إلى غيرها. 4 - الفأس (وزان بر وشر وعذب وعدل وهي إن شئت جعلتها من صيغ المبالغة وإن شئت اعتبرتها من صيغ الصفة المشبهة) وفي لغتنا آلات عديدة جاءت بفتح الأول وإسكان الثاني مثل زند وسيف ودلو وسوط وسرج ورحل وقوس وعجس إلى غيرها. 5 - الرحى (وزان حسن بفتحتين من صيغ الصفة المشبهة) ومثل الرحى الرسن والقدح. 6 - السكين (وزان قديس وشرير) ومثله السجين. 7 - العسال (بمعنى الرمح مثل جبار وحداد) ومثله: العراث والعراص. 8 - الخاتم (وزان عامل) ومثله: الطابع والفاغر والضابس والرائل. 9 - البرادة (وزان علامة) ومثلها: القذافة والحرارة والطحانة والصفارة والرماثة والنشافة والقداحة والنفاطة والسجادة والفزاعة والدرارة والزمارة والزرافة وما ورد على هذا الوزن شئ كثار يكاد لا يحصى لكثرته. 10 - الوقيعة (كما قالوا رجل نصيحة وفعيلة هنا للمبالغة) قال في التاج الوقية: المطرقة، وهو شاذ لأنها آلة والآلة إنما تأتي على مفعل، اهـ. وقد رأيت إن من أسماء الآلة ما ليس على مفعل ومفعل ومفعلة؛ بل ربما ما وافق هذه الأوزان الثلاثة أقل بكثير مما جاء على الأوزان الدالة على الفاعلية، ومثل الوقيعة الوشيجة الوشيعة.

11 - القاذفة (المنجنيق وهي مثل رجل راوية وطاغية) ومثلها: الجامعة وهي الغل. 12 - الأشفى (وهي بكسر الهمزة وفتح الفاء بمعنى المثقب والسراد يخرز به وهو للأساقي كالمخصف للنعال، وهو على مثال كيصي، يقال: رجل كيصي أي منفرد بطعامه). 13 - المحلتان (بضم الميم وكسر الحاء وفتح اللام المشدودة. مثنى المحلة) قال في اللسان: المحلتان: القدر والرحى، فإذا قلت المحلات: فهي القدر والرحى والدلو والقربة والجفنة والسكين والفأس والزند، لأن من كانت هذه معه حل حيث شاء، وإلاَّ فلا بد له من أن يجاور الناس يستعير منهم بعض هذه الأشياء اهـ. ومن ذلك الملعبة: قال في التاج (وفي نسخة الملعبة بالكسر) ثوب بلا كم (وفي نسخة لا كم له) يلعب فيه الصبي، ومثله في لسان العرب اهـ. أما أنه كيف يعتبر الثوب آلة فهو لأنه يتخذ أداة لدفع طوارئ الجو عن جسم صاحبه ومثال المحلة أو الملعبة: المقبلة للفأس وهي أيضاً الموسى (المخصص 11: 26). 14 - الحابول (مثل الفاروق) وكذلك الشاقول والطاحون والناقوس. 15 - أثاث (وزان جبان) ومثله: متاع. 16 - جهاز (مثل دلاص) ويشبه رهاط. ولا نريد أن نستقصي جميع أوزان الآلات فهي كثير ولكل مها مثال يرى في الصيغ التي تدل على الفاعلية كما تقدم الكلام. واللغويون والنحويون لم يشيروا إلى هذا الأمر مع أن الوارد منها لا يحصى، والذي يكاد يكون قياسياً هو ما جاء من هذه الأسماء على وزن فعال أو فعالة (بتشديد العين) وما جاء منها على مفعلة (بضم الأول وكسر الثالث) فحينئذ ينقل اللفظ من الوصفية إلى الموصوفية وهذا النقل يكاد يرى في كل مادة واسعة من مواد اللغة فهو إذا ما قيس جميع أبواب الآلة أو أوزانها، ولهذا نخير قول من يقول مدنية ومدفئة وما ضاهاهما على من يقول مدناة ومدفأة لأن هذا الوزن المتخذ من الأسماء اللازمة مسموعة غير مقيسة بخلاف نقل الوصفية إلى الموصوفية فهو أشهر من أن يذكر ولا حاجة إلى القول أنه آمن طريق من سواه، وليس ثم من مانع يمنعنا دون إتباعه بل

يوافقنا عليه النحاة واللغويون فضلاً عن أننا نوسع الطريق لمن يريد أن يتخذ مهيعاً للوصول إلى بغيته. 4 - ورود أسماء آلات بصيغة المجهول من المعلوم أن أسماء الآلة لا تتخذ إلاَّ مما يعالج كما نص عليه جمهور اللغويين والنحاة، وغني عن البيان أن المعالج لا يكون إلاَّ معلوماً، إذ من المحال أن يعالج ما هو مجهول، هذا ما يتضح لكل عاقل عند أدنى تأمل، ومع هذا كله ترى في لغتنا أسماء آلة مصوغة لما لم يسم فاعله. والظاهر أن هذا الأمر غير ممكن، إلاَّ أننا إذ أمعنا النظر فيها نجد أنها لم تسبك في قالب المجهول إلاَّ لصفة اتصفت بها الآلة لعارض عرض لها أو لحادث وقع فيها. وليس لمعالجة أمرها المجهول. إذ هذا أمر غير معقول، ومثل هذه الأسماء كثيرة أيضاً في لغاتنا وعلماء اللغة والنحو والاشتقاق لم ينبهوا عليها، كما لم يشر إليها قصداً حضرة صديقنا المحقق الأستاذ المغربي. بل ولا اعتناقاً. ودونك بعض الشواهد: 1 - المثقف: المقوم من الرماح 2 - المذكر: ما شفرته ذكر وسائره أني (الإسكافي) 3 - المربوع من الرماح بين القصير والطويل 4 - المرمولة: من أسماء الدرع 5 - المرهف: السيف المحدد المرقق الحد (اللغويون) 6 - المسفوحة من الدروع التي كأنها صبت صبا 7 - المشرجع: مطرق لا حروف فيه (الإسكافي) 8 - المضاعفة: من الدروع التي نسجت حلقتين حلقتين 9 - المعلب (كمكرم): الذي قد انكسر فشد بالعلباء 10 - المهلهلة: من أسماء الدروع (اللغويون) 11 - المهند: السيف المطبوع من حديد الهند 12 - الموشحة من الدروع: التي لها حلق صفر 13 - المؤمر: المحدد من الرماح وقيل المسلط 14 - وأغرب الأسماء التي من هذا القبيل هي الموسى وهي آلة الحلاقة،

فقد ذهب بعضهم إلى أنها مشتقة من أوسى، فلو كان هذا الإدعاء صادقاً لقالوا الموسي (بكسر السين وبياء منقطة في الأخر أي بصيغة الفاعل) لأن معنى أوسى رأسه حلقه، لكن الموسى هي بصيغة اسم المفعول فيكون معناه المحلوق، والحال لا تكون الآلة محلوقة بل حالقة، إذ الرأس هو المحلوق. ولهذا صدق من قال أن وزن موسى فعلى لا مفعل أي أن موسى مشتقة من مادة الموس وهو الحلق فكأنك تقول الحلقى، كأنها مؤنث الأحلق وهي - وإن لم توجد - إلاَّ أنها تعني الآلة التي تحلق أو ذات الحلق، كما أن الصغرى مؤنث الأصغر أي ذات الصغر حين لا يكون فيها معنى التفضيل، فإذا ذهبت إلى هذا الرأي استقام بين يديك المبنى والمعنى. فالأموي واليزيدي وأبو عمرو بن العلاء وابن السراج وغيرهم يذكرون اللفظة أي يشتقونها من الموسى: أما ابن السكيت والكسائي والفراء والأزهري والليث ومن تبعهم فأصح نقداً وأصوب نظراً لأنهم يذهبون إلى أن الموسى مؤنثة أي من الموس. وقد ذكروا لهذا الرأي شواهد جمة من كلام قدماء العرب. أما الذين قالوا بأنها مذكرة فلم يوردوا عليها شواهد جليلة قديمة وصحيحة كما جاء معارضوهم بما يدعم رأيهم. فنحن نتبع من يقول برأي أن الموسى من الموس فهي مؤنثة كما أن فعلى مؤنث أفعل، وأفعل جاء بمعنى الفاعل كقولهم: الله أعلم، أي عالم: والله أكبر، أي كبير: وهذا الرجل الأقل، أي قليل بمعنى الفقير وفيه بقية: إلى غيرها مما جاء فيها أفعل بمعنى فاعل. فمعنى موسى إذن الآلة الحالقة لا المحلوقة إذ هذا يأباه كل عاقل، ولا مزكي له في الاشتقاق ولا في المعنى. وهناك ألفاظ كثيرة عديدة، وإنما اجتزأنا بما ذكرنا تنبيها للأفكار لا غير ولعل خطأنا في ما ذهبنا إليه أكثر من صوابنا. وهو الهادي. (الكرمل) الكرمل اسم جبل قريب من حيفا (في فلسطين) والتوراة العربية المطبوعة في مطبعة الأباء اليسوعيين تضبط اللفظة وزان حرمل أي بفتح الأول والثالث والحل إن العرب لم تضبطه أبداً هذا الضبط والصواب بكسرهما كزبرج والذين في جوار الجبل المذكور من العرب (لا الأعاجم) لا يلفظونه إلاَّ بكسرها فأحفظه.

مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها

مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها كانت حمولة آل شبيب القرشيين الهاشميين العلويين تتناوب أعضاؤها منذ أمد بعيد على إدارة شؤون ديرة المتفق المترامية الأطراف ثم نبغ في أحفاد شبيب سعدون المحمد المانع وأخوه عبد الله في منتصف القرن الثامن عشر وقد تخللت تلك الحقبة مشيخة منيخر (بالتصغير) من آل صقر وبندر من آل عزيز - ولعل غيرهما - في فترات قصيرة لا يعبأ بها وجميعهم من آل شبيب. ومن بعد سعدون وعبد الله كانت الحكومة العثمانية تسند المشيخة تارة إلى ثامر آل سعدون وطوراً إلى ثويني العبد الله ومن بعد ثامر إلى ثويني وحمود حسبما تدعوه إليها مصلحتها وجاء أن الحكومة أسندت المشيخة مرة إلى نجم أخي ثويني ولم يستقم فيها ولم تفتأ أخيراً الحكومة من إسناد المشيخة إلى أحفاد ثامر دون غيرهم.

وكان الشيخ السعدوني - ولا سيما بعد انقراض ولاة العراق المماليك (الكوله من أو الكوله مند) - يتعهد للحكومة بتأدية بدل سنوي من النقود ويقال أنه في بعض الأوقات كان يضاف إليها الحصن الجياد عما يجبيه الشيخ من غلة الأرض عن خراجها الشرعي ومن الضرائب والرسوم والنكال وغير ذلك. وأما البدل فأنه كان يتقرر بذمة الشيخ في نتيجة مزايدة تدعو إليها الحكومة فتسند

المشيخة إلى من تراه ملائماً لمصلحتها تبعاً للأحوال بغض النظر عن زيادة البدل وكان يسمى المتعهد بالمال (شيخا) بل (شيخ المشايخ) فهو شيخ لأنه من بيت الشيخ السالف و (شيخ المشايخ) لأنه في الزمن عينه شيخ إخوانه وشيخ مشايخ لثلاث المنتفق وهي: 1 - مشيخة ثلث بني مالك وما يلحق به. من ذلك مشيخة بني أسد (بفتح السين وتشديد الدال وهم بنو أسد) المربوطة أحياناً وفي بعض الشؤون مشيخة المنتفق مباشرة. 2 - مشيخة ثلث الأجود ويلحق به أيضاً مشيخة بني حكيم (تصغير حكم بفتح الحاء والكاف) في بعض الأحيان كرابطة مشيخة بني أسد بمشيخة بني مالك أو أقل من تلك الرابطة في شؤونها وأزمانها. 3 - مشيخة ثلث بني سعيد

ولما كان قد زال حكم الولاة المماليك كما أسلفنا وذلك على يد لاز علي رضا باشا الذي دامت ولايته إلى سنة 1258هـ (1842م) أوفدت الحكومة خلفاً له ذلك العام محمد نجيب باشا فقدم إلى العراق (وهو ملتزم الخطة البغدادية مع البصرة وراوندوز مقطوعاً ببدل هو خمسون ألف كيس) ويظهر من هذا الإقطاع أنه لم ينبثق من تباشير الإصلاح الموعود به في الخط الهمايوني المقروء في كلخانه (بكاف فارسية مضمومة وإسكان اللام) في سنة 1255هـ (1839م) إلاَّ أنه جاء بعد ذلك (أن مسلك الرؤساء المرموقين (آل سعدون) وحركاتهم جلب نظر دقة وأهمية الباب العالي وبناء على هذا نصب نفس الاهتمام لاستخلاص المحال المزبورة من أيديهم تدريجاً) وفي شهر رمضان سنة 1265 هـ (1848م) (صدر الفرمان السلطاني بجلب نجيب باشا إلى الأستانة وأسندت ولاية ايالة بغداد إلى المشير صاحب الدولة عبدي باشا لما له من الإطلاع الواسع على أحوال هذه الأيالة وبتولية وال خاص بأيالة البصرة إذ أنها من الولايات التي يجب الاعتناء بها اعتناء تاماً لتمشية أمورها تمشية حسنة على أن تبقى نظارة والي بغداد عليها مع دوام ربط شؤونها الحسابية بأيالة بغداد، وعين للبصرة صاحب المطوفة راغب باشا) (ولسبب تحويل هذا الباشا إلى أيالة جزائر بحر الروم عين مكانه معشوق باشا من أصحاب رتبة مير ميران في شهر شوال سنة 1265هـ (1848م) (وأعزم إلى البصرة. والباشا المشار إليه وأن هو أجرى المتصرفية في البصرة كم سنة لكن كانت المحال التي أجرى فيها النفوذ والحكومة عبارة عن نفس البصرة والمناوي وكردلان (بكاف فارسية مفتوحة وسكون الراء وفتح الدال) وكان شغله كناية عن القوليات) ومن الإصلاح الذي كان قد وعد به في خط كلخانة أنه صدرت الإرادة

السنية الماضية بتأليف مجلس كبير في كثير من الأيالات. وفي رمضان سنة 1267هـ (1850م) صدرت الإرادة أيضاً بتأليف مثل هذا المجلس في بغداد ونصبت له رئيساً سالك أفندي دفتر طرابزون وفي ذي القعدة سنة 1268هـ عين الكوزلكلي (ذي المنظرات) محمد رشيد باشا والياً على أيالة بغداد ومشيراً لفيلق الحجاز والعراق فاقتفى بالرأي القائل بالاستيلاء على مشيخة آل سعدون فوجه نظره شطر ديار المنتفق لتدير حكومته مباشرة. تلك الديار التي كثيراً ما نهكت قوى الولاة أسلافه حينما كانت هذه الأنحاء في حالة تؤدي بهم إلى النزول على إرادة زعيم لا يرضيهم سلوكه. حدق هذا الوالي نظره إلى ديار المنتفق فبلن له أنه من العسر المتعذر وضع يده عليها بأجمعها فوراً بخطوة واحدة دون تمهيد أداري وتوطئة فعلية وأن طال أمدها فسعى في إفراز ما يتسنى إفرازه أملاً أن تستمر الحكومة عله هذه الخطة في كل مزايدة حتى يتم لها الفوز. ولم يخفق الوالي في مسعاه لأنه أقنع الشيخ منصور (باشا) الراشد الثامر بإفراز السماوة بما يتبعها وبعشائرها لإلحاقها بلواء الحلة ففعل وأسند المشيخة إلى الشيخ منصور (باشا) على هذا الوجه ثم وقعت حوادث أسفرت عن استيلاء الجنود العثمانية على سوق الشيوخ فأضطر هذا الشيخ إلى الرضوح لإرادة الوالي ورضي بأن يفرز من ديرته. واضع أخر ونرى حسين باشا (من الأمراء العسكريين العثمانيين) قائم مقام سوق الشيوخ في 14 شعبان سنة 1272هـ (1855م) وللمنتفق شيخا أخاله الشيخ منصور (باشا) بنفسه، وفي تلك السنة أيضاً عينت الحكومة السيد داود أفندي السعي مدرساً

ومفتيا في المنتفق مما يدل على أنها نوت تثبيت قدميها لتبقى نافذة الكلمة في تلك الديار. ولما جاء بغداد الوالي عمر باشا السردار في 5 رجب سنة 1274هـ (1857م) طمع من جهة بشجاعته وقوة حكومته ومن جهة أخرى خاف على صحة الجنود المرابطة في سوق الشيوخ لرداءة هوائها ومائها ووخامتها فجرد تلك القصبة من الجنود فأعاد بذلك إلى آل سعدون ما كانوا يتمنون الرجوع إليه، ومع هذا فأنه بسعي الدفتر دار مخلص أفندي لم يعد إلى المنتفق المواضع المفروزة. ويبين لي أن هذا الوالي تحرى له مخرجاً ليبقي مسحة مما كان قد فعله سلفه فوجده في تسمية الشيخ منصور (باشا) قائم مقام المنتفق مع منح الحكومة إياه رتبة (مدير الأصطبل العامر مع لقب بك) وقد سجلت سالنامة (تقويم سنوي) الحكومة الصادرة في الأستانة لسنة 1276هـ (1859م) أن الشيخ منصور بك (باشا) هو قائم مقام للواء المنتفق وأنه من أصحاب هذه الرتبة وهذا اللقب وأن مركز اللواء هو سوق الشيوخ. ويظهر لي أن المنتفق قد استاءوا من هذا التطور فأن قائلهم الحادي يقول: يا أبو علي الموردة ... أميرنا صاير مدير وإذا مثلنا بين أعيننا المنتفق فعرفنا أنهم جميعهم عشائر وعمائر هان علينا أن نسلم أنهم كانوا يجهلون وجود إدارة تصلح لشؤونهم غير إدارة المشيخة التي

ألفوها منذ نعومة الأظفار أرثا عن الآباء والأجداد وأنهم كانوا مستسلمين رضاء وطوعاً للبقاء على ما وضعه أسلافهم فلا يخامر بالهم تغيير ما أعتادوه وأن نقم بعضهم أو أغلبهم أحياناً على الشيخ في تصرفه في شؤونهم وحالتهم تنبئ باحتفاظهم بكثير من العوائد والأخلاق القديمة التي لم تفعل فيها الأيام شيئاً يذكر. وفي سنة 1277هـ (1860م) في عهد الوالي توفيق باشا جرت المزايدة بين الراغبين في المشيخة الشيخ منصور بك (باشا) وبين الشيخ بندر الناصر الثامر فأسندت المشيخة إلى الأخير منهما في 20 شوال لمدة ثلاث سنوات ببدل سنوي قدره 4900 كيس مع إفراز جديد من تلك الديار. وذلك المفرز هو أبو الخصيب وباب سليمان في أنحاء البصرة وشطرة العمارة، وغادر الشيخ بندر بغداد في 28 من ذاك الشهر راكباً سفينة شراعية وطريقه على الكوت (كوت العماؤة ولا تقل كوت الأمارة) فالغراف ويظهر أن الشيخ بندر كان يسر بتسميته قائم مقام بدليل أن والدي كان كلما كاتبه عنون كتابه بما يلي: (صاحب العزة قائم مقام المنتفق بندر بك) ولما جاء محمد نامق باشا والياً للمرة الثانية ودخل بغداد في 3 شوال سنة 1278هـ (1861م) ارتأى أنه قد حان الوقت لإلغاء المشيخة فوافقه على ذلك الشيخ منصور بك (باشا) فأسند إليه الوالي وظيفة قائم مقام المنتفق على أن تدار شؤون اللواء أسوة ببقية الألوية وعين محاسباً للواء سليمان فائق بك فقد إليه. وكان تعيين قائم مقام يوم الخميس سلخ جمادي الأولى سنة 1280 (1863م) وهو يومئذ في بغداد ومعه أخوه (الشيخ) ناصر (باشا) والشيخ بندر الذي ترفي في اليوم التالي بالحمى فدفن في مقبرة الشيخ عمر السهروردي. وبعد أن شخص قائم المقام منصور بك (باشا) إلى المنتفق عارض (الشيخ) ناصر (باشا) في الأمر في تلك الديار مما أدى بسليمان فائق بك إلى أن يغادرها فاراً

منها وكان قد أقام في سوق الشيوخ نحو شهرين فصمم نامق باشا على أن يستولي على تلك الأنحاء عنوة غير أن برقية وافته من الأستانة تأمره بأن يجهز الفيلق وينتظر الأمر لمهمة. حالت دون تحقيق ما كان قد عزم عليه. فأضطر إلى التساهل فأسند المشيخة إلى الشيخ فهد (باشا) العلي الثامر سنة 1280هـ (1863م) ودامت مشيخته إلى شعبان سنة 1283هـ (1866) فأسندت إلى الشيخ ناصر (باشا) بموجب شرطنامة باللغة العربية مؤرخة في أول أيلول سنة 1282 أيلولية (13 أيلول 1866م) مختومة بالختم الشخصي الخاص بدفتر دار أيالة بغداد

(عبد النافع عفت) وفي وسطها الجملة التركية (موجبنجه دستور العمل طوتلمق) وهي مكتوبة بخط ديواني مؤرخة في 3 شعبان سنة 1283 (1866م) مع اشارة وتوقيع خاصين بالمشير نامق باشا والي بغداد. ومفاد الجملة: (لتتخذ (الشرطنامة) دستور للعمل) أي ليعمل بها. ومضمون الشرطنامة أنه لما كانت مدة (التزام مقاطعات ديرة المنتفق) قد انتهت وجب وضعها في المزايدة بعد إفراز بعض المقاطعات المجاورة للبصرة فقرر المجلس الكبير بحضور حضرة المشيرية بإفراز المقاطعات المسماة: الفياضية (الفياضي) والعامية ويوسفان وكوت الفرنجي وكباس (الكباسي) الكبير وكباس (الكباسي) الصغير وجزيرة العين وريان وجبارات وكيبان (بكاف عربية) وباغات الصفارية مع توابعها ولواحقها بحدودها المعلومة) ووافق هذا

المجلس على حط وتنزيل بدلاتها السنوية البالغة 615، 225 غرشاً من بدل السنة 1281 وهو 3166066 فوضعت مقاطعات ديرة المنتفق في المزايدة مع استثناء تلك المقاطعات التي شرط إفرازها وضم 1740825 غرشاً على الباقي من المطروح منه (شيخ مشايخ المنتفق صاحب (كذا) النجابة الشيخ ناصر (باشا) آل سعدون) وبعد انقطاع الرغبات أضيف على المجموع 47208 غروش وكسر عن رسم خرجباب والدلالية فبلغ البدل السنوي 4338875 غرشاً وبنتيجة الحساب بلغ بدل السنوات الثلاث التي تبتدئ من أول أيلول سنة 1282 أيلولية (1866م) وتنتهي في غاية آب سنة 1285 (1869م) 13016625 غرشاً وقد حول المبلغ في الشرطنامة أيضاً إلى أكياس فبلغ عددها 26033 كيساً و125 غرشاً وأحيلت (مقاطعات ديرة المنتفق) بالأكياس المذكورة إلى الشيخ ناصر (باشا) بكفالة راشد آل سعدون وظاهر آل سعدون على أن يدفع المبلغ إلى الخزينة في بغداد بتقاسيط معلومة وفوض الشيخ في التصرف في (جميع عائدات وواردات ورسومات عشائر المنتفق على المعتاد الجاري سابقاً. وشرط عليه أنه (إذا أحدث رسماً جديداً نضلة عن الرسوم المتعاملة الجارية) تسأله الحكومة إعادة ما أخذه على هذه الصورة لأصحابه، وإذا تداخل بدل التزام سنة في سنة أخرى فالحكومة مخيرة في فسخ الالتزام أو في مقاضاة الفائض وفقاً للنظام، وأعطى الشيخ هذه الشرطنامة لقاء سند حوى تعهده بمال والشروط وبذيله كفالة الكفيلين وبعد وقوع هذا الالتزام بمدة وجيزة منحت الحكومة الشيخ ناصر (باشا) رتبة أمير الأمراء. وفي تلك الأثناء منحت أيضاً الشيخ فهد (باشا) مثل هذه الرتبة. يعقوب نعوم سركيس

كتب في خزائن إيران

كتب في خزائن إيران في ديار إيران خزائن كتب عديدة منها ما هي للخواص ومنها ما هي للمدن وليس لهذه المصنفات الجليلة فهارس مطبوعة كما هو الأمر في ديار الإفرنج. وهو مما ينقص في بلادنا الشرقية؛ اللهم إلاَّ ربوع مصر فأن أهلها يضارعون الغربيين في جميع أعمالهم وقد وضعوا لخزائنهم العامة فهارس جليلة مطولة تطلع الغريب على ما في تلك الدور من الدفائن العلمية - وكذلك قل عن الترك وأن لم يصلوا في هذا الموضوع إلى درجة المصريين أو الغربيين. أما الشرق الأدنى كسورية وفلسطين والعراق وديار إيران فأن الفهارس العامة لا وجود لها. وقد طلبنا إلى صديقنا العلامة والشيخ المصلح أبي عبد الله الزنجاني أحد أعلام مدينة زنجان، أن يذكر للقراء بعض ما يعرف من أسماء كتب تلك الخزائن. فكتب إلينا المقال الآتي، ونشكره عليه ونستزيده منه ولا سيما

نتلمس منه أن يذكر لنا ما يعرف من أسماء كتب التاريخ والشعر الجاهلي وكتب اللغة والبلدان والعلوم والرياضية، خدمة لأبناء العصر ونحن لا نشك في أجابته لطلبنا. (لغة العرب) أ - في دار الكتب الناصرية 1 - تاريخ مدينة قم. ترجم من العربية إلى الفارسية وهو موجود في خزانة كتبنا، ورأيت منه نسخة في قم. 2 - الآثار الباقية لأبي ريحان البيروني مجلد فيه ملحقات لم تطبع في أوربة. 3 - تذكرة هفت أقليم، لمحمد أمين الرازي في أحوال شعراء الفرس، نسخته عزيزة نادرة جداً. 4 - تذكرة نصرة في شعراء الفرس. 5 - تذكرة أنجمن للكروسي. 6 - تاريخ أكبر شاهي 4 مجلدات. 7 - تاج المآثر للبسطامي، في أحوال أيبك من خسروانية الهند. 8 - تهذيب اللغة 5 مجلدات. 9 - شرح قاضي زاده، بخط الشيخ بهاء الدين العاملي الشهير. 10 - تحرير المجسطي منه 5 نسخ خطية جليلة. 11 - ثمانية شروح لنهج البلاغة، منها أربعة غير مطبوعة. 12 - تفسير شاهي. 13 - جملة من تفسير الكلزري. 14 - تفسير الملا محمد باقر. 15 - تفسير الملا محمد رضا. وفيها كثير من الكتب الرياضية الجليلة القديمة، والكتب الخطية، والرسائل المتفرقة. ب - دار الكتب في المدرسة المرورية في طهران 1 - نسخة جيدة من مقاييس اللغة لأحمد بن فارس 2 - مجلد من قلائد العقيان للفتح بن خاقلن

3 - سعد السعود لأبن طاوس، ومنه نسخة خطية في خزانة كتبي الشخصية ونشرت في وصف هذا الكتاب مقالة في الزهراء في سنتها الثالثة في جزئها الثاني من ص 125 إلى 136 وفي ضمنها ذكر عدة كتب من نفائس الآثار فات ذكر بعضها صاحب الفهرست (ابن الندين) وفيها فوائد فراجعوها ثم. 4 - رجال الشيخ ياسين. 5 - جملة من أحوال الدنابلة. وفيها كثير من كتب الفقه وأصول الفقه ورسائل متفرقة. ج - دار الكتب الملكية الشخصية 1 - مجموعة رشيدي لرشيد الدين الطبيب وهو أثر نفيس جليل بديع 2 - تاريخ رياض الجنة للزبزري في بلدة خوي 3 - ديوان أبي نواس بخط ياقوت 4 - تاريخ هراة 5 - تذكرة شعراء الفرس 6 - تذكرة الشيخ صفي لأبن البزار وهو أثر نفيس 7 - تاريخ الحافظ أيرو الشافعي 8 - مجلد من المحيط للصاحب بن عباد 9 - دستور الوزراء 10 - مرآة الأحوال 11 - نسخة من تاريخ هفت إقليم 12 - تذكرة الشعراء المعاصرين لفتحعليشاه (لفتح علي شاه) القاجاري 13 - تاريخ طلوع القاجارية 14 - تاريخ العضدي 15 - تذكرة دل كشا 16 - مجلد من معجم الأدباء لياقوت بخط قديم 17 - شرح حالات الأمام زاده عبد الله وأبيه د - دار الكتب في مجلس النواب (البرلمان) 1 - أنوار الملكوت للعلامة الحلي بتاريخ 793 ومنه نسخة في خزانة كتبنا 2 - مصقل الصفا للسيد أحمد زين العابدين الأنصاري 3 - أنموذج إبراهيمي لميرزا إبراهيم الهمذاني 4 - تحفة الأئمة لملا فتح الله الشهر ستاني. هـ - دار كتب مدرسة الصدر الأعظم 1 - الطراز للسيد علي خان وفيه زيادات على النسخ الموجودة في النجف والكاظمية. زنجان (إيران): أبو عبد الله الزنجاني

فوائد لغوية

فَوائِد لُغَوِيَّةُ الشعري غير السكروتة كتب إلينا أحد الأفاضل في حيدر آباد (الهند) يقول: قرأت في مجلة المرشد البغدادية (1: 312) سؤالاً أجاب عليه أمام أئمة العلماء في الشرق السيد هبة الدين الشهر ستاني ما هذا نصهما: (س55. هل السكروتة ما يسمونها (بالستكروزة) من الدودة أم من نبات، وهل يحرم لبسها كالحرير للرجال أم لا؟ بيروت: عبد الحفيظ إبراهيم اللاذقي ج. أن القطعة المرسلة طي الكتاب باسم (الستكروزة) هي من جنس ما نسميه في العراق باسم (الشعري) بفتح الشين المعجمة بعدها عين مهملة ساكنة ثم راء مهملة مكسورة تليها الياء الساكنة. وقد ثبت عندنا بشهادة الثقات من أهل الخبرة أن هذا النسيج معلوم الحال وليس مشكوكاً، ومادته نباتية غير حيوانية أي ليست من مقولة الحرير ولا من دودة القز؛ وإنما هي ألياف شجر يسمى (الجلجل) ويسمى (الكنف) في جيلان بإيران، حيث يزرع بها ويصنع من جيده

الملابس ومن رديه الحبال، وتكثر زراعته في الهند ويسمونه (السي) فبناء على ما ذكر لاباس على أحد في لبسه على الإطلاق. ويمتحن الشعري بإحراق شيء منه فأنه يختلف عن محروق الحرير في رائحته ورماده. آه) فالان أحب أن أعرف: 1 - ما هذه اللفظة السكروزة التي سماها بعد ذلك ستكروزة 2 - وهل هما فصيحتان 3 - وفي أي معجم نراهما 4 - وهل هما عربيتان؟ 5 - وما هو الشعري 6 - وكيف تضبط اللفظة 7 - وهل الشعري والستكروزة هما شيء واحد؟ 8 - وما معنى قوله (من مقولة الحرير) 9 - وهل الشعري هو الجلجل المسمى ب (الكنف) في جيلان والمسمى (السي) في الهند؟ فالرجاء الجواب عن كل هذه الأسئلة. وأشكر لكم سلفاً. قلنا: السكروتة تصحيف قبيح لكلمة الستكروتة (بكسر السين وفتح التاء وسكون الكاف وضم الراء يليها واو ساكنة ثم تاه مثناة من فوق وفي الآخر هاء) وهي كلمة أعجمية حديثة مصحفة تصحيفاً شنيعاً أيضاً وأول من مسخها بهذه الصورة القبيحة عوام المصريين وهي محولة عن الفرنجية وهي من الإيطالية ومعناهما الحرير غير المهيأ أو القز. والنسيج المذكور يتخذ من الحرير الفج (أي غير مشغول) وقد يكون من الحرير المشغول وهو لين المس ناعمة براق اللون وقد يقلد فيتخذ من غير الحرير، إلاَّ أن ظاهرة يبقى ناعم المس لماعاً صقيلاً. فهذا هو المسمى عند المصريين وعند الإفرنج بالستكروتة، ولما كانت هذه اللفظة من الأعجميات الحديثة الدخول في لغتنا فأنك لا تجدها في معجم من المعاجم المعروفة، بل لا تجدها في المعاجم الفرنجية الحديثة فمعناها إذا القز أو الحرير الفج. أما الشعري فضبطها كما ذكر العلامة الشهرستاني إلاَّ أن الياء في الأخر مشددة والمراد بالشعري عندنا العراقيين نسيج يتخذ من دود القز غير المؤذي أو دود القز الوحشي ويسمى بالفرنسية وكان سلفنا يسميه (المصقول) لأنه صقيل وكانوا يلبسونه في عهد العباسيين في أيام الصيف كما نلبسه نحن في مثل ذاك الفصل، وعليه قول الشيخ الرئيس ابن سينا في أرجوزته الطبية:

الحر في الحرير والأقطان ... والبرد في المصقول والكتان فأنت ترى من هذا أن الستكروتة غير الشعري أن أردت التحقيق والتدقيق وهو كذلك أن أردت التساهل والتسامح في الكلمة الإفرنجية على ما ذكرناه لك. وأما قول العلامة الشهرستاني (من مقولة الحرير) فمعناه من جنس الحرير لكننا نجد هذه اللفظة العربية بهذا المعنى في ما وصلت إليه أيدينا من الكتب على اختلاف ضروبها. وأتضح لك بعد هذا أن الشعري ليس بالجلجل لأننا نفهم بهذه الكلمة في العراق ما يسميه علماء النبات باسم ولا صلة له بالشعري ولا بالحرير ولا بالستكروتة. أما (الكنف) فهي مأخوذة عن الفرنجية المأخوذة من العربية (خنيف) (ل. ع 4: 47) للكتان الرديء الذي يسميه عوام العراقيين جنفاص وما جنفاص إلاَّ الكلمة العربية المتفرنجة فعادت إلينا بعد أن صفحت ويسميه الأقدمون سلفنا (الخيش). (ل. ع 47: 4) بقي علينا لفظة (السي) الهندية فأننا بحثنا عنها في المعاجم الهندية التي في أيدينا فلم نجد لها ذكراً، ولا نعلم مكانها من الصحة والضبط والمعنى. إلاَّ أننا نعلم أن الهنود يتخذون ثياباً لهم من مادة نبات اسمه عندهم جوتة (وزان فوطة) واسمه العلمي أما من جهة تحريم لبسه وتحليله فراجع إلى علماء الدين الحنيف. هذا الذي تحققناه ولعل الخطأ في كلامنا والصواب في مقال العلامة الشهرستاني الجليل الذي نقدر علمه كل قدر. الصلص وتركيبه طلب إلينا الأديب ر. ب. أن نعيد في هذهٍ المجلة ما نشر في المشرق (798: 24) وهو مما يتعلق بهذا البحث لنجيبه على ما عن له فيه وها نحن أولاً نلبي طلبه وهذا نص ما جاء في المجلة المذكورة. (الصلص وتركيبه) لم نجد ذكراً للصلص في ما لدينا من المعاجم العربية

وقد ورد ذكر الكلمة في طبقات الأطباء لأبن أبي اصيبعة (127: 2) ويظهر من وصفه لتركيبها (كذا) إنها ما يدعوه العامة بالصلصة من الإيطالية فدونك ما كتبه ابن أبي اصيبعة في ترجمة الطبيب النصراني رشيد الدين أبي حليقة قال يذكر بعض حكايات مع الملك الكامل ابن الملك العادل الأيوبي صاحب مصر: (ومن حكاياته أنه طلب منه يوماً أن يركب له (صلصاً) يأكل به اليخني في الأسفار، واقترح عليه أن يكون مقوياً للمعدة منبهاً للشهوة وهو مع ذلك ملين للطبع؛ فركب له (صلصاً) هذه صفته: يؤخذ من المقدونس جزء ومن الريحان الترنجاني وقلوب الأترج الغضة المخلاة بالماء والملح أياما: ثم بالماء الحلو أخيراً من كل واحد نصف جزء يدق في جرن الفقاعي كل منهم بمفرده حتى يصير مثل المرهم. ثم يخلط الجميع في الجرن المذكور ويعصر عليه الليمون الأخضر المتقى ويذر عليه من الملح الأندراني مقدار ما يطببه ثم يرفع في مسللات صغار كل واحدة منها مقدار ما يقدم على المائدة لأنها إذا نفعت تكرجت وتختم تلك الأواني بالزيت الطيب وترفع. فلما استعمله السلطان حصلت له منه المقاصد المطلوبة وأثنى عليه ثناء كثيراً وكان مسافراً إلى بلاد الروم فقال للحكيم المذكور هذا الصلص يدوم مدة طويلة؟ فقال له: لا. فقال: ما يقيم أشهراً فقال: نعم فقال: تعمل لي منه رائباً في كل شهر ما يكفيني في مدة ذلك الشهر وتسيره لي في رأس كل هلال. فلم يزل الحكيم المذكور يجدد ذلك الصلص في

كل شهر ويسيره له إلى دربندات الروم وهو يلازم استعماله في الطريق وأثنى عليه ثناء كثيراً. آه قال الأديب: كيف تضبط الصلص وقد جاءت في المشرق مضبوطة ثلاث مرات بفتح اللام 2 - أصحيح أنها لم ترد في كتب اللغة 3 - ألم ترد في كتب المولدين وكيف ضبطت فيها 4 - ما معنى المسللات 5 - هل في هذه النبذة ألفاظ مولدة غير ما أشير إليه في سؤالي؟ 1 - الصلص كلمة أسبانية على ما قال دوزي. ودوزي في هذا البحث حجة أعظم من غيره، على أن الإيطالية لا تبين كثيراً عن الأسبانية. وعلى كل حال فهي بإسكان اللام، أن اعتبرنا أصلها إيطاليا أو أسبانيا؛ إذ هي ساكنة في كلتا اللغتين. 2 - وقد وردت في معجم دوزي وهو الملحق بالمعاجم العربية في مادة ساس قال ما معناه: ساسة كلمة أسبانية الأصل بمعنى وقد ذكرها الأب بطرس القلعي في معجمه بهذا المعنى. اهـ. قلنا وقد ضبطها سكون اللام. 3 - وقد وردت في كتب الولدين من أدبائنا: قال في مسالك الأبصار (1: 38) وقد جمعها على أصلاص: وصبت من أطايب الأصلاص ... حقائبنا مسدودة العفاص قال الناشر في الحاشية عن الأصلاص: جمع صلصة (معربة عن اللاتينية والطليانية وعند الفرنسيين قلنا: لو كان المفرد صلصة لما جمعت على أصلاص بل على صلصات. لا جرم أن المفرد هو صلص كما جاء في عيون الأنباء ولذلك جمعوها على أصلاص مثل فرخ وأفراخ. ونظن أن (حقائباً) هنا في غير محلها لأن الحقائب جمع حقيبة والحقيبة خريطة يعلقها المسافر في الرحل للزاد ونحوه. والمراد هنا قوارير واسعة

الرأس يوضع فيها الصلص ليؤخذ منها بسهولة كما هي العادة المألوفة في قوارير الأصلاص ومثل هذه الآنية تسمى في العربية (الحواجل) ولهذا نظن أن الأصل كان (حواجلاً مسدودة العفاص). قال في اللسان: الحوجلة ما كان من القوارير شبه قوارير الذريرة وما كان واسع الرأس من صغارها شبه السكرجات ونحوها. وليس في اللاتينية فلا ندري كيف قال حضرة الصديق أنها من اللاتينية. 4 - المسللات الواردة في عيون الأنباء من خطأ الطبع على ما عندنا والصواب المسلكات جمع مسلكة بتشديد اللام المفتوحة يليها كاف مفتوحة وهي المصاية أي القارورة الصغيرة الدقيقة وهي مشتقة من قولهم رجل مسلك أي نحيف وكذلك الفرس (اللسان) وبالفرنسية 5 - في هذه النبذة عدة ألفاظ مفيدة جديرة بالتدوين منها قوله: (اليخني) فهي كلمة قديمة وقد قال عنها في محيط: اليخنة طعام للمولدين من الخضر واللحم وهي من لحنة بالتركية ومعناها ملفوف. آه قلنا. في هذه العبارة عدة أغلاط: الأول أن يخني تكتب بياء مشددة في الأخر وليس بالهاء. ثانياً ليست الكلمة تركية بل فارسية وهي (يخني) معنى ومبنى ومستعملة بهذا اللفظ والمعنى في العراق إلى عهدنا هذا. وقد وهم دوزي في نقله الكلمة بالوجهين أي بالهاء والياء. وما ذكر الكلمة بالهاء إلاَّ لأنه أخذها من محيط المحيط المشحون أغلاطاً. وأما في سائر الكتب التي نقل عنها فذكرت كلها يخني أي بياء في الآخر واليخني بالفرنسية 6 - معنى قوله: (ملين للطبع): مسهل للبطن قليلاً وبالفرنسية 7 - (الريحان الترنجاني) هو المسمى بالعربية الفارسية الأصل بادرنجبوية ونحن أهل بغداد نسميه (بلنكو) وبالفرنسية مليس 8 - معنى (تكرجت) قطنت في لغتنا العامية البغدادية والتكرج يكون في الخبز كما يكون في غيره وبالفرنسية 9 - معنى (ترفع) تحفظ إلى حين الاحتياج إليها. والكلمة معروفة بهذا المعنى في لغتنا العراقية وبالفرنسية 10 - (الرائب) المذكور هنا لا يراد به اللبن الرائب بل السائل من الأشياء أي غير الجامد والخائر منها وبالفرنسية

11 - (سيرة إلى فلان) معناه أرسل به إليه مع أحد. هذا ما بدا لنا ولعلنا في كل ذلك مخطئون. وليت أحداً يظهر لنا مواطن الضعف والوهم! كند وكنداكر قال في محيط المحيط: الكند (وزان قفل) الشرس، الشديد. فارسي اهـ قلنا: ليس في الفارسية حرف بهذا المعنى. واللفظة لم يذكرها إلاَّ فريتغ في معجمه، وقال عنها وردت بمعنى أي شجاع قوي. ولم يقل شرس. والكلمة أندلسية الأصل (أي إسبانية) وهي ومعناها القومس أو الأمير أو كما نقول اليوم (الكونت) وبالفرنسية فكم من غلط في هذه اللفظة الواحدة! سوء معنى وسوء نقل وسوء أصل! وقال صاحب محيط المحيط بعد ذلك بصفحة: الكنداكر (وضبطها بضم الكاف وإسكان النون بعدها دال مهملة يليها ألف يخلفها كاف وفي الآخر راء): الشجاع، الجسور، فارسية. آه قلنا: وهذه أيضاً غير فارسية بل هي مركبة من الأسبانية كند أو الفرنسية ومن عكاء المعروفة عند الإفرنج باسم ومعنى الكلمتين قومس عكاء وبالفرنسية وهو لقب هنري الشاب أو وهو ملك القدس بعد ذلك وعرفه مؤرخو العرب بأسماء مختلفة منها: كنداكرا (بألف في الآخر لا كنداكر كما قال البستاني ولم ينسب قوله: فهو منقول عن فريتغ الذي قال عنها ما قال عن (كند) وفسره صاحب محيط المحيط تفسيرين مختلفين فخطأ بذلك نفسه بنفسه. ومن أسمائه عند العرب الكندهري (راجع تاريخ أبي الفداء) ومها: الكندكري (أي أنهم صحفوا الهاء كافا كما في روايات نسخ أبي الفداء)

إلى غير ذلك من الأسماء وذلك أن هذا الأمير أبلى بلاء حسناً في واقعة عكاء فلما انتهت لقب بأمير عكاء وبالفرنجية كنداكرا أو كنداكري وكان مثالاً للشجاعة والبسالة فنكر بعضهم اسمه حتى أطلقوها على كل من يشبه الكند هنري بصدق بلائه. وقد ذكر دوزي أنه لم يعرف رجلاً باسم (اكرا) ولم يفهم منها المراد فإذا عرفت تعليلنا صححت رواية محيط المحيط وفريتغ ودوزي ومن نقل عنهم. أما صاحب أقرب الموارد فأنه زاد الطين بلة إذ نقل عبارة محيط المحيط في الموضعين وقال في كل منهما: نقله فريتغ عن بعض كتب العرب. آه فأنظر حرسك الله ما يفعل بنا بعض أصحاب كتب اللغة: وكيف يجب علينا أن نتقي شر سوء النقل. وهو الهادي. موسيقي مذكر لا مؤنث وبآخره ياء لا ألف يظن أغلب الكتاب أن الموسيقي لفظة مؤنثة ولهذا قال الكاتب أسعد خليل داغر في كتابه (تذكرة الكاتب) ما هذا نصه: (ويقولون: (نادي الموسيقى الشرقي) ومعلوم أن كلمة (الشرقي) في هذا التركيب ليست وصفاً للنادي بل للموسيقي وهي مؤنث. فالصواب إذا أن يقال: (نادي الموسيقى الشرقية) والرجاء إن حضرات رئيس هذا النادي الكريم وأعضائه يقبلون هذه الملاحظة المقدمة بملء الإخلاص ويبادرون إلى إصلاح هذا الخطأ) آه قلنا: والخطأ من حضرة المخطئ نفسه، لأن آخر الكلمة ياء مشددة وليس الفاء مقصورة كما جاءت في محيط المحيط وكما ينطق بها العوام فهي مثل الأرثماطيقي قال في مفاتيح العلوم ص236 الموسيقي (معناه) (ولم يقل معناها) تأليف الألحان وفي تاريخ الحكماء لأبن القفطي ص84: والموسيقي (الذي هو) معرفة النغم وكذا في كشف الظنون. أما إن آخره ياء فواضح من قول صاحب الأغاني في أبيات له مكسورة الآخر. ناي دقيق ناعم قرنت به ... نغم مؤلفة من الموسيقي (راجع الجزء الأول من الأغاني طبع دار الكتب المصرية ص27 من المصدر) فأملنا في رئيس النادي أن يبقي القول الصحيح على صحته فيكون العنوان كما كان سابقاً أي (نادي الموسيقى الشرقي) وهي الرواية الفصحى.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المُكاتبة والمذاكرة نقد قصة مها سيدي صاحب مجلة لغة العرب الغراء: تحية واحتراماً. أما بعد فأشكر لكم تشريفي بالنظر في قصة (مها) ونقدها بواسع علمكم في مجلتكم اللغوية الفريدة التي تعد بحق من مفاخر النهضة اللغوية العصرية، كما أشكر لكم شجاعتكم الأدبية الشريفة الجديرة بأن يؤتم بها، ولا غرو ففضيلتكم أمام اللغة الأسبق في هذا العصر. والقليل الذي تعرفونه عني يغنيكم عن تأكيدي بأني من يرتاح إلى نقدكم أوفى ارتياح لأنه النقد المؤسس على النزاهة والغيرة اللغوية والرغبة في بلوغ الكمال المستطاع. وثقتي هذه برجاحة رأيكم وشرف قصدكم هي التي تدفعني وستدفعني للتعليق على كتاباتكم الحاضرة والمستقبلة لإغراض ثلاثة: أولها زيادة الاستفادة وتبادل الآراء وثانيها تبرير (؟) حسن ظنكم بشخصي الضعيف في المواقف التي يتبادر إلى ذهنكم فيها أني قصرت عن عجلة أو إهمال أو غير ذلك من موجبات التقصير، وثالثها تنشيط حركة النقد التي يتهارب منها معظم الأدباء حتى أصبح النقد الأدبي في العلم العربي أقرب إلى الهزل من الجد (؟) لجنوحه أما إلى المجاملة المرذولة وأما إلى التحامل البغيض مما لا يجدي الأدب أقل جدوى. إن عنايتكم بنقد هذه القصة لمما يشجع مثلي الذي ينزع إلى خدمة القصص الشعري بغض النظر عن موضوع القصة ذاتها، وأملي أن تسمح الصحة والعمر بأداء بعض هذا الواجب الذي طال على شعراء العربية إغفاله. وما أشك في أن غيري من محبي الشعر القصصي الساعين لنهضته وإعزازه سيشاركونني في هذا التقديم لغيرتكم الأدبية السمحة. أشرتم إلى أغلاط طبع كثيرة في ضبط الألفاظ وذكرتم مثلين لذلك،

والواقع أن هذه ليست من أغلاط الطبع (لا سيما والقصة مطبوعة بعناية وافية) وإنما هي طريقة الشكل المصرية التي ترمي إلى مراعاة الأعراب أكثر من مراعاة النطق خصوصاً وهمزات الوصل مفروض عدم النطق بها، وأشرتم إلى خطئي في قولي (عادلة القوام) على اعتبار أن المعنى المقصود (معتدلة القوام)، ولكن هذا غير مقصود مني إلاَّ تلميحاً بينما المقصود معنى شعري أدق، كثير الورود في الشعر الغنائي المصري: وهو أن قوامها بار بنظرات عاشقيها ولولا شيوع هذا التعبير في مصر لشرحته. وقد سبق إلى ذلك الشاعر ابن نباتة السعدي بقوله: أمير جمال والملاح جنوده ... يجوز علينا قده وهو عادل وتفضل يا سيدي الأستاذ بقبول احترامي الوافر لكم وإعجابي بفضلكم وشكراني لعطفكم. الإسكندرية 22 فبرير 1927 المخلص: أحمد زكي أبو شادي (لغة العرب) كل من وقف على قصائد نابغة الشعر العصري القصصي المدرجة في هذه المجلة وفي سائر ما نشر للأستاذ في كتب قائمة بنفسها أو في أشهر المجلات المصرية والسورية والعراقية وغيرها يشهد أن البرود التي توشيها أنامل صديقنا العبقري لا تعارض بشيء مما ينظمه الغير، دع عنك ما هناك من التدفق والسلاسة في التعبير عن الأفكار وتنسيق الصور بأبهى الألوان وأزهاها. إننا نستزيد شاعر العصر من هذه الحلل المتباينة الأصباغ ونشكره باسم جميع الأدباء والشعراء المنتشرين في الأصقاع العربية اللسان على اتخاذ هذا الطرز الجديد في تصوير المعاني إلاَّ أننا نطلب إليه أن لا يجنح إلى الضرائر الشعرية إلاَّ في الندرة وأن كان ما يلجأ إليه هو القليل النزر. ولقد أفادنا الصديق عن أمر كنا نجهله وهو استعمال كلمة (العادل) بالمعنى الذي أشار إليه. وما علينا إلاَّ أن نحرص على تقييدها في كتبنا إذ كنا نجهل وجودها. ونحن نشاركه في استعمال الألفاظ المولدة إذا شاعت بمعنى لم يكن يعرفه الأقدمون؛ ولا سيما لأن الاستعمال هو أحسن دليل ليملي على الشاعر ما يريد أن يبوح به.

أسئلة وأجوبة

أسئلةٌ وأجوبةٌ 1 - كيف تصغر حيوان؟ 2 - أيقال في تصغير ليفة (لويفة) (كحذيفة) أم (لييفة) بياءين يسبقهما لام مكسورة. وأيهما أصح؟ أو أيها أفضل؟ وهل كلاهما جائز؟ 3 - ما ترجمة هذه الألفاظ الفرنسية: أ - ب - ج - د - في مثل قولك هـ - و - ز - ح - ط - ي - ك - ل - م - ن - س - دمشق: م. خ والمنيا (مصر) س. أ 1 - يصغر على حييوين بضم الحاء (ويجوز كسرها على لغة) وفتح الياء الأولى وإسكان الثانية بعدها واو مكسورة يليها ياء ساكنة ثم نون ولا يجوز وجه ثالث إلاَّ على لغة قبيحة ذكرها الكوفيون (راجع شئ في تاج العروس) 2 - يقلل في تصغير ليفة: لييفة. على ما ذكرناه في تصغير حيوان ولا يجوز لويفة لأن اللام الثانية أصلية غير مقلوبة عن واو إلاَّ على لغة قبيحة ذكرها الكوفيون. ولييفة بضم الأول أفصح وأصح من لييفة بكسره وهذه أفصح من لويفة التي هي أقبح اللغات وأبعدها عن الفصاحة. 3 - أ - مبضوع وهو مشتق من بضع الشيء أي شقه. قلنا: ولا سيما إذا شقه بالمبضع وهو من أدوات الجراحين فيكون معنى المبضوع الذي أجرى الطبيب أو الجارح مبضعه على أعضائه وهو المعنى المطلوب. ب - تقويم الأعضاء وهو التثقيف أيضاً وعند القرينة تحذف كلمة أعضاء

ج - مقوم أو مثقف (الأعضاء) د - جاء لها في العربية عدو ألفاظ مترادفة منها (الأرض) قال في التاج (وسبقه كثيرون من اللغويين إلى هذا التعبير): الخال برد معروف أرضه حمراء فيها خطوط سود. وقال المسعودي في مروج الذهب (2: 201 من طبعة باريس): والصورة منسوجة بالذهب وأرض الثوب لازورد اهـ. والعراقيون يستعملون هذه اللفظة بهذا المعنى إلى يومنا هذا. وبعضهم يقول (أرضية) وهو غير قبيح وله وجه. ويقال لأرض الثوب (بساطه) أيضاً. وقد نقلنا عن أحد كتب الأقدمين هذه العبارة ونسينا أن نذكر في آخرها مأخذها وهي هذه: بساط الثوب: لونه الأكبر الرئيسي الذي تقوم عليه سائر الألوان وهو الذي يسميه بعضهم (أرضه) والعوام (أرضيته) ويقال أيضاً (ظهر الثوب) تقول أزهار بيضاء منثورة على بساط أخضر أو ظهر أزرق) فالظهر من مرادفاته أيضاً. ومن أسمائه (القرار) واللغة تؤيده وكذلك (الأصل) وكل هذه الألفاظ سائغة طيبة وهناك غيرها. هـ - تفاوت اللون: وأن كان هناك قرينة فلا حاجة إلى ذكر اللون. ويقال للإناث معجل (كمحسن) ومعجل (كمحدث) ومعجال (كمسفار) قال في اللسان بعد إيراد هذه الألفاظ من الإبل: التي تنتج قبل أن نستكمل الحول فيعيش ولدها، والولد معجل (كمصحف). قلنا: وقد يتوسع بها فتطلق على جميع الحيوانات. أما إذا كان لغير الإنتاج فيقال أبكر ومنه أبكر على الشيء إليه: أتاه بكرة ويقال باكره وبكر عليه وإليه (بالمجرد) وبكر (بوزن التفعيل) وأبتكر: ويقال بمعناه أيضاً عجل (بشد الجيم). وإذا كانت للنبات فيقال هرف (بتشديد الراء) قال في الأساس: هرفت النخلة عجلت أتاءها تهريفاً. ومنه قول أهل بغداد: (الهرف جرف) أي من جاء بالبواكير. جرف أموال الناس. اهـ قلت: وأهل بغداد يقولون إلى هذا العهد هرفت النخلة. والباكورة (هرفي) وهو أيضاً فصيح منسوب إلى الهرف: ز - أبكار وتعجيل وتهريف وهرف بموجب ما يراد منها من المعاني.

ح - رضاعة (بشديد الضاد) وأسماء الآلة الواردة على فعالة أكثر من سائر الأوزان. والعامة تعرفها بهذا اللفظ أيضاً. ط - رسالة. وأسماء الكتب المصدرة بهذه اللفظة أكثر من أن تحصى وكلها تدل دلالة اللفظة الفرنسية. ي - ملحمة (على الفاعلية من الحم) أي مادة من شأنها أن تلحم ما تسدى من أجزاء الليف. وهي بالتأنيث بتقدير مادة. ك - مدمية وهي مادة تحول غيرها من المواد إلى دم. ل - مضرعة. والكلمة الإفرنجية مركبة من (أبي) أي على و (ثيلي) أي الضرع ومحصلها على الضرع. ويراد بها نسيج ناشئ من خلايا متجمعة فتكون طبقة أو عدة طبقات تقوم صفائح تغشي ما برز من ظاهر الأجسام أو من باطنها فكأن هذه المادة تنشئ ضروعاً. ثم أن الكلمتين (ثيلي) اليونانية و (ضرع) العربية واحدة في الأصل، وذلك أن اليونانيين ليس في حروفهم الضاد فيحولونها حرف آخر. وليس في لغتهم عين فيتلاعبون بها. وكلمة (رضع) العربية مبدلة من ضرع كأن معنى رضع مص الضرع فهي أذن ضرع في الأصل لا ر ضع. م - فارشة. وهي مادة مضرعة متقومة من طبقة خلايا منبطحة وترى في الأوعية والمصليات. وهذه الألفاظ العربية توقعك على المعاني وقوع العقاب على فريسته، فلا يختاط عليك معنى بمعنى. والإفرنج أنفسهم قد لا يهتدون إلى معرفة معنى كل لفظة من تلك الكلم أن لم يحسنوا اليونانية بخلاف هذه الحروف الضادية. فأنها تظفرك بالضالة نبها وبدون أن تنشدها. وهذا فضل لغتنا على سواها كما هو فضل التعريب الصادق على إدخال الأعجميات في لغتنا مع ما فيها من الضخامة والرطانة والغلظة والمنهجية. ن - مرهن من رهن (وزان مجمع) ويراد به أسم مكان يقرض فيه دراهم بربى على رهن تودعه فيه. س - فتين (كصغير) وقوفوي (وزن حباوي) وشبيثي (وزان بيري).

باب المشارفة والانتقاد

بابُ المُشَارفَة والانتقَادِ 1 - الجامعة مجلة علمية تاريخية فلسفية أدبية اجتماعية تصدر في بغداد مرة في الشهر أو مرتين وبدل الاشتراك فيها عن 12 جزءاً 15 ربية عدا أجرة البريد برز أول جزء من هذه المجلة في 15 آذار من سنة 1926 وفي 31 من شهر آذار أيضاً لكن من هذه السنة الحالية صدر الجزء الرابع ولا أرى سبب نعتها بالمجلة مع أنها مجموع محاضرات الأساتذة في الجامعة لا غير وكان يحسن بالواقفين على إخراجها للقوم أن يسموها بمحاضرات الجامعة أو أن شئت فقل الجامعة، ثم أنعتها بعد ذلك بقولك: مجموعة محاضرات علمية. . . إلى آخر ما تريد وكنا نؤمل أن تحسن عباراتها بعد ذلك الاحتجاب الطويل، إذ كنا نتوقع من الأساتذة أن يصقلوا عبارتهم قبل تلاوتها على آذان الطلبة، ولا سيما بعد أن خرج منها أولئك الأساتذة الذين كانوا يصوغون عباراتهم على الطرز البالي المتهرئ. أما اليوم والأساتذة جميعهم من النشء الجديد فكنا ننتظر صحة العبارة، ولا سيما لأن (الجامعة) هي لسان حال عليه علمائنا وكتابنا ومفكرينا أو لا أقل من أن يكون هذا مدعانا. فقد قرأنا في ص 304 (فكلتا النظرتين تبينت أصابتهما في الأجزاء وظهر خطؤهما في النتائج) ولعل العبارة هي (فتبينت صحة كلتا النظريتين (أو الفكرتين) في الأجزاء وظهر خطأهما في النتائج) وفيها (لأن الكون لم يكن عبارة عن الأجرام وحدها بل أجرام ونظام عظيم) وأظن لو قيل في موضعها (لأن الكون لم يكن أجر أما فقط بل كان أجراماً ونظاماً عظيماً) لكان أجلى بياناً وفيها (التناسخ الحياتي) والسلف لا يعرف هذه النسبة بهذه الصيغة بل كأن يقول - وخلفه الفصح يتأثره أيضاً - (التناسخ الحيوي). وأغلب الأعلام

جاءت بصورة شنيعة وأنا أذكر لك شاهداً لكي لا أدفعك إلى السأم مما تطالع فقد جاء اسم الإله المصري (هثور) بصورة (هاطحور) (ص325 و321 و330) مع أن الكلمة مصرية وعربية معاً منحوتة من الهاء التي هي أداة التعريف في القديم، ومن (ثور) بالمعنى المشهور فيكون معناها (الثور) لأن هذا المعبود كان يصور بصورة إنسان إلاَّ أن رأسه بقرة (راجع معنى هذا اللفظ في ص330 من الجامعة نفسها) فأين هاطحور من هثور وكيف يمكن للباحث أن يحفظ معاني ألفاظ تلك الآلهة، مع أن أسماءها في الاشتقاق لا تختلف كثيراً عما يقابلها في مواد لغتنا العربية ثم أن بعض أراء تلك المحاضرات هي غير صحيحة. فعسى أن تأتينا (الجامعة) بحلة أحسن من الحلة التي تزف بها الآن للقراء وليس ذلك بعسير على أساتذتها أصحاب الهمم البعيدة الشأو. 2 - الشيخ جمعة وأقاصيص أخرى تأليف محمود تيمور الطبعة الثانية منقحة ومزينة بالرسوم طبعت في المطبعة السلفية بمصر سنة 1927 في 170ص بقطع 12 أمران يصلحان ما أود من أخلاق العامة. إذا أتقن صنعهما: الأول مشاهدة تمثيل الروايات المصلحة، والثاني مطالعة احاسن الأقاصيص، وأطيب الأقاصيص التي وقفنا عليها هي في النظم (مها) التي نضد لآلئها أحمد زكي أبو شادي وفي النثر (الشيخ جمعة) التي وثق حبائكها محمود تيمور، فلقد أبدع في تصوير أخلاق العوام من المصريين بأدق تفصيل حتى أنه حبب الحسنات لمن يطالعها، كما أنه قبح السيئات في نظره وهو المنتظر من مثل هذه المؤلفات. ومما زادها شأناً أنه وضع لكل أُقصوصة صورة أحيا لك فيها القصة حتى أنك أو لم تقرأ الأقصوصة لعرفت مآلها من النظر إلى الصورة، أو أن قرأتها قبل أن تنظر إلى الرسم لشعرت في نفسك بأنك لو أردت أن ترى صاحب الأحدوثة لما رأيته إلاَّ كما مثل لك في الرسم. فلله دره من كاتب فاتن يلعب بالقلوب والأفكار لعب المهرة من السحرة بأفئدة المفتونين. على أننا كنا نود أن تطهر مثل هذه الأقاصيص من حيث اللغة والنحو حتى

تتمكن الفضيلة في النفس وتعرف صحة التعبير في الوقت عينه، فقد قال الكاتب: (فلا أدري إذا كان نصيبي (ص4). والناس حريصون على أوقاتهم (ص6) وهو مساق بحكم بيئته (فيها). . ) إلى غيرها وهي كثيرة. ونظن أنه لو قال في مكانها: فلا أدري أكان نصيبي. . . والناس حرصاء أو حراص (ولا يقال حراص كرمان كما أثبته صاحب محيط المحيط فهذا الكتاب فلك مشحون أغلاطاً). . . وهو مسوق. . . لكان أوجه على أن الذي يشفع لأبن صديقنا هو أنه يكتب للعامة أكثر مما يكتب للخاصة. 3 - المنتخب من شعر أبي شادي ني بنشره عبد الحميد فؤاد وعبد القادر عاشور، طبع في المطبعة السلفية في 120ص بقطع 16 والثمن 50 مليماً. نهنئ عبد الحميد فؤاد خريج المعلمين العليا، وعبد القادر عاشور خريج الأزهر ودار العلوم، بطبع هذا المنتخب، فأنه حوى أنواع المعاني الشعرية التي أحسن نظمها الشاعر العصري الشهير، الدكتور أحمد زكي أبو شادي، ولا نخشى من أن نقول: إذا حسن أن يطلق نعت الشاعر العصري على رجل من باب التغليب فهو لا يصدق إلاَّ على أبي شادي، فأنه لم يوقف قلمه إلاَّ على ما يوشي به معاني لم يسبقه إليها الناطقون بالضاد في الزمن القديم، ولا في العهد الجديد. ولهذا نوصي أصحاب معاهد العلم والأدب بأن يقتنوه لأبنائهم. إذ أنه خير ذخر لأذهانهم وأغنى كنز لحافظتهم. وقد شب هذا النضيد ما أحاط بأوائله من تمهيد في (الشعر والشاعر والمقدمة) وبأواخره من (كلمة ختامية) فجاءت الفتنة الشعرية تتهادى بين يدي غاويتين ساحرتين سحراً حلالاً، فأكرم بها فتنة! 4 - الزراعة الحديثة مجلة تصدر في حماة (سورية) وصل إلينا الجزء الأول من هذه المجلة فوجدناها حاوية مواضيع مختلفة تتعلق كلها بالزراعة وفي مقالاتها ما هو معرب ومنها ما هو من المتخصصين من أبناء يعرب. وفي تلك المقالات بحث في جنة التوراة جرى فيها صاحبها على

مصطلح الترك فقد سعى اللياط (البه تون) (ص3) وسمعت بعض أهل فلسطين يسمونه الباطون وهو بالفرنسية وسمى مدينة سامراء (السامرة) ولا نعلم كيف وهم الكاتب هذا الوهم، وبين سامراء والسامرة مثل ما بين السماء والسلماء، وفي تلك الصفحة أيضاً ذكر القرنة بصورة قرنة (بلا أداة التعريف) والخطب أهون. وفي ص5: (أن يروا بأم أعينهم) بمعنى بعيون رؤوسهم لكن الاصطلاح قبيح فهو لا فصيح ولا عامي. وفيها (وتعوي في قصورها أبناء آوى) والمعروف (بنات آوى) نعم مفردها: ابن آوى، وأما جمعه فأنه لا يقال إلاَّ بنات آوى. وعسى أن يمحص الكتاب لغتهم ويخلصوها من مبتذل اللفظ فلا يكون الكلم وسيلة لفشو فساد اللغة! 5 - الآثار مجلة عامة نصف شهرية امتيازاً وشهرية وقتياً، لمنشئها ومديرها عيسى إسكندر المعلوف. تلقينا الجزء الأول من هذه المجلة النافعة التي تصدر في رحلة (لبنان) وحسبنا وصفاً لها أن نقول أن منشئها هو السيد عيسى إسكندر المعلوف الذي لا يجهله أحد من قراء العربية، فلقد اشتهر بما نشر من المقالات في جميع أبواب الأدب وأفانينه، وهو إذا عني ببحث أوفاه قسطه من التدقيق والتحقيق وهذه (آثاره) من أصدق الأدلة على ما نقول وهي في 48 صفحة كلها فوائد. ومما قرأناه فيها (ص36) (إن الأستاذ أحمد زكي باشا دفع دراهم إلى الأستاذ جورج الكفوري وقال له: اشتهر بهذه النقود إكليلاً من الشبه (البرنز) وضعه على تمثال العلامة المرحوم الشيخ إبراهيم اليازجي وإنقش عليه هذه العبارة: (إلى أكبر خادم للغة العربية من أصغر خادم لمقومه) (أحمد زكي) فجذب الكفوري الإكليل وعليه العبارة المذكورة بخط جميل ووضعت عليه) فما قول بعض الحساد عن هذه المأثرة؟

6 - الحياة في لبنان يتضمن مباحث تاريخية واجتماعية وفلسفية وأدبية وأخلاقية، لمؤلفه توفيق حسن الشرتوني، طبع في المطبعة الأدبية في بيروت سنة 1927 في 232 ص بقطع الثمن. سفر مفيد لمن يريد أن يقف بسرعة على أحوال لبنان ومدنه الكبيرة والمعيشة في قراه مع مقالات اجتماعية وسوانح ورحلة إلى فلسطين. والكتاب (بضاعة تاجر) حقيقة ومجازاً، لأن مصنفه من الأدباء فطرة إلاَّ أنه اتخذ التجارة حرفة له، فبقي أديباً وتاجراً معاً وهكذا جاء تأليفه فهو صورة مخزن من مخازنه إذ فيه البضاعة الثمينة والبضاعة المزجاة. فأما الثمينة منها فأفكاره وأما المزجاة فعبارته. فقد قال مثلاً: (جذالة (ص3) والمتخلفون (ص6) ومصيفاته (ص7) وها أنا الآن. . . واهتمامك في. . . فقد قمت بواجبك نحو بنيك كأب. . . أقوم. . . كولد. . . أكون من الأبناء الأوفياء لا من العقوقين. . . (ص8). ولعل الصواب هو: (جزالة. . . والمقيمون. . . ومصايفه. . . وها أنا ذا الآن. . . واهتمامك ب. . . فقد قمت بواجبك نحو أبنائك قيام أب. . . أقوم. . . قيام ولد. . . أكون من الأبناء الأوفياء لا من العققة) أما العقوق فلفظة مؤنثة المعنى والمبنى ويراد بها الحامل من الخيل أو الحائل منها، فأين هذا من الناس، هذا فضلاً عن أن العقوق لا يجمع جمع سلامة بل يكسر. فكنا نود أن نرى الكتاب خالياً من هذه المشوهات. 7 - أنشودة الحب للكاتب الروسي الشهير تورجينيف، وتليها رواية ربيب بطرس الأكبر العربي للكاتب الروسي الكبير بوشكين، تعريب سليم قبعين صاحب مجلة الإخاء. لله در الكاتب سليم قبعين! تراه ينقل الروسية إلى العربية بألفاظ تشف عن براعة في البراعة ومهارة في تنسيق اللآلئ. فليس عندنا اليوم بين كتبة لساننا من ينقل إلى لغتنا هذا النقل إذا عرف الروسية لما بين اللسانين من بعد الهاوية فعسى أن يتحفنا دائماً ببدائع مآثر الروس!

8 - كتاب السنة للعالم الإسلامي وهو يحوي ما يتعلق بالإسلام ودياره من إحصاء وتاريخ واجتماع واقتصاد، تأليف لويس ماسنيون، الطبعة الثانية (سنة 1925) طبع في باريس على نفقة أرلست لرو. إذا كتب العلامة لويس ماسنيون الفرنسي عن موضوع إسلامي قل: هذا فصل الخطاب. والسفر الذي أمامنا وقع في 400 صفحة من قطع الثمن الكبير وهو يبحث عن كل بلد إسلامي موجود على وجه البسيطة حيثما كان، فيذكر موقعه من كرة الأرض ومساحته وما فيه من المسلمين ومدنه المشهورة ومتى دخله الإسلام واللغة التي يتكلم بها أهله وصورة الحكومة الجارية فيه والإدارة المعروفة فيه فيذكر المذاهب المشهورة والتعليم والمدارس وأجراء العدل والجيش ثم ينتقل إلى الأشغال التي يتعاطاها سكان ذلك الموطن وما فيه من الحركة الاقتصادية من تجارة خارجية وداخلية وموازين ونقود، ثم ينتقل إلى ذكر الحركة الفكرية من نشر كتب وصحف ومجلات وأسمائها. وفي الآخر يذكر عناوين المؤلفات التي أعتمد عليها في إنشاء مقالة عن الموضوع الذي فصل دقائقه. وفي الصفحات المذكورة يمر أمام عينيك جميع هذه المباحث عن عربة (جزيرة بلاد العرب) والمغرب والنيل ولوبية وأفريقية الغربية وأفريقية الوسطى والجنوبية وأفريقية الشرقية وأوربة الشرقية والبلاد الروسية والصينية والماليسية والهندية والإيرانية والتركية وما تفرق منها في سائر البلاد المعمورة. فأنت ترى من هذه الفذلكة أن الرجل لم يدع صغيرة أو كبيرة إلاَّ ذكرها وذكرها بعبارة موجزة، حتى لو أراد القارئ أن يمدها بشيء من فكره لوضع سفره هذا في عشرة أجزاء شبيهة بالجزء الذي بين أيدينا. وهل إلى حاجة بعد هذا أن نقول: أن هذا التأليف لا يستغني عنه كل باحث عن الإسلام مهما كان الموضوع الذي يعالجه. إلاَّ إننا نأخذ عليه شيئين الأول أنه لم يصطلح على وضع حروف إفرنجية مقابلة للحروف العربية التي لا وجود لها عند أبناء الغرب فيكتب مثلاً مهرم وهسين وكازم وسفر ورمدان وفاتمه. وهو يريد المحرم والحسين والكاظم وصفر ورمضان وفاطمة ويكتب ما هو بالسين العربية مرة بحرف إفرنجي ومرة بحرف إفرنجي آخر فيكتب الحسن هكذا أما الحسين فيكتبه هكذا ومن أعياد الجعفرية أهمل كثيراً منها والظاهر أنه لم يطالع كتاب (الإيقاد) المطبوع في النجف سنة 1330 للسيد محمد علي الشاه عبد العظيمي ففي ص261 ذكر مواليد النبي والزهراء والأئمة ووفياتهم على اختلاف رواياتها.

باب التقريظ

باب التقريظ 9 - طهارة أهل الكتاب للشيخ أبي عبد الله الزنجاني طبعت بمطبعة دار السلام في بغداد سنة 1345 في 26 ص بقطع الثمن الصغير كثيرون هم الذين ينعتون بالمصلح الكبير، والعلامة الخطير، والمحقق الجليل، وإذا وقفت على ما فعلوا تقول في نفسك: وهل يقبل هؤلاء المنعوتون بمثل هذه الأوصاف وهي لهم من الألفاظ التي ألصقت بهم من باب التهكم والسخرية ليس إلاَّ، أما صاحب هذه الرسالة فأنه ممن يليق به أن ينعت بالأستاذ المصلح لأن رسالته تحوي نص المحاضرة الجليلة التي ألقاها سنة 1343هـ على جماعة من طلبة العلم ليبين لهم كيف أن بعض الفقهاء أفسدوا بين أبناء الوطن الواحد مدعين أن أهل الكتاب هم نجسون في حين أن كبار العلماء الأقدمين الراسخي القدم في العلم ذكروا أنهم أطهار بخلاف ما أكده بعض ضعفاء الفقهاء أصحاب الأغراض الشيطانية. وقد أثبت (المصلح الكبير) هذه الحقيقة بأدلة انتقاها من عدة أدلة أخذها من الآيات القرآنية والتفاسير الجليلة ومن نصوص الأحاديث والخبر والأثر. بل من شرح اللغويين على اختلاف نحلهم. نعم أن هذه الرسالة أثارت أفكار كثيرين من المتعصبين فحملوا على واضعها

حملات دنيئة بأقاويل شنيعة، لكن ذلك كله يظهر ما للمصلح الشيخ المجتهد من الفضل البين على من ناوأه وسوف يظهر لنا الزن أن النصر معقود على جبينه في حين نرى على جباه الغير آثار المقت والكره التي وسمت بها بنار كاوية. 10 - الرحمة مجلة دينية تاريخية أدبية لصاحبها ومحررها القس الياس غالي، وهي تطبع في المطبعة المارونية في حلب في 44 ص من قطع الثمن الصغير. هذه المجلة على صغرها تحوي مقالات مفيدة دينية وتبعث في النفس محبة الإحسان إلى كل على أي دين كان من الأديان ولهذا ففائدتها عامة وبدل الاشتراك فيها دولار أو عشرون غرشاً مصرياً في خارج سورية ولبنان. 11 - أبيات للخليفة يزيد الأول أي يزيد بن معاوية بن أبي سفيان أوردها جرجيو ليفي دلافيدا الأستاذ في جامعة رومة. عثر الأستاذ دلافيدا الإيطالي على أبيات وردت في كتاب خطي في الخزانة الأنبروسية فنشرها في إحدى المجلات الإفرنجية وهي للخليفة الأموي الكبير يزيد بن معاوية، لكنه ضبطها ضبطاً كان يمكن أن يكون أقرب إلى الصحة فقد ضبط تضرم بضم التاء وشد الراء والأحسن هنا بفتح الأول فأنها مخففة عن (تتضرم). وضبط بظلمة بفتح الظاء والصواب هناك بضمها وقال (وان قرعت) (بصيغة المجهول من التفعيل) والصواب (جرعت) (بالوزن نفسه) ليتسق المعنى. وقال (لو أنها يتكلم) والصواب (تتكلم). وقال (أهنى) والصواب (أهنا) بالقصر لأنها مخففة (أهنأ) المهموز. ومع هذه الهنيات نشكر الصديق على علمه، فأن تلك الأبيات كانت مجهولة عند الغير. 12 - رواية نبية لبنان وملك فينيقيا الجديد تأليف نقولا الحداد، طبعت في مصر سنة 1925 في 153 ص بقطع الثمن. إذا كان للإفرنج كتاب روائيون يفيدون وطنييهم قلنا روائينا (نقولا

الحداد) فأنه ما نشر قصة خيالية أو تاريخية إلاَّ حمل القارئ على تلاوتها من أولها إلى آخرها، ورجع فكره حافلاً بالفوائد التي جناها من تلك الشجرة الطيبة وآخر رواية وقفنا عليها للكاتب الضليع هذه المسماة بنبية لبنان فأنها تكشف لك عما يفعله الحب إذا ثار ثائره في النفس وهي رواية فتى مسيحي وفتاة درزية تحابا إلاَّ أن أهواء الغير حالت دون ما في نفسيهما من الأمنية وهي إنشاء دولة (فنيقية الجديدة). وفي مطاوي هذه الرواية وصف عادات وأخلاق وتصوير رذائل وفضائل تكاد تجعلك تعيش مع أولئك المذكورين وتراهم وتسمعهم وتجالسهم والفضل في ذلك للكاتب الذي يحيي لك الأموات ويحاكم الرفات. ذلك هو مفعول القلم السيال العسال. 13 - الشرطي مجلة فنية تهذيبية شهرية، تصدرها في بغداد مديرية الشرطة العامة في العراق لفائدة الشرطة. صدر الجزء الأول من هذه المجلة الحسناء في أول شباط من هذه السنة فوجدناه حافلاً بأنفع المقالات ودونك عناوينها: أيها الشرطي، علم التحقيق الجنائي، جامعة الشرطي في لندن، البوليس والكهرباء، البوليس المدني، وظيفة الشرطي، ترويض أفكار الشرطي، وقائع محلية، في دوائر الشرطة. والجزء مصدر برسم ملكنا المحبوب وفيه عدة صور أخرى ولا جرم أن نشر مجلة تعنى بالاختصاصيات لهو أحسن دليل على رقي البلاد فنتمنى لهذه المجلة الانتشار بين الناس جميعهم لما حوت من جليل العوائد. 14 - الضاد صحيفة أسبوعية غير سياسية تصدر في بغداد لصاحب امتيازها محمد صالح سليم صدر العدد الأول من (الضاد) بتاريخ 29 تموز سنة 1924 وبعد عددها ال 16 احتجبت عن الأنظار حتى هذه السنة 1927 فظهر عددها ال 17، وعسى أن لا نتوارى بعد هذا.

15 - أعلام العراق كتاب تاريخي أدبي انتقادي يتضمن سيرة الإمام الألوسي الكبير وتأبين العلماء والأدباء وتراجم نوابغ الألوسيين في 345 ص بقطع الثمن، طبع في المطبعة السلفة في مصر سنة 1345، تصنيف محمد بهجه الأثري. الأثري من أوفى تلاميذ محمود شكري الألوسي فلقد رفع له هرماً أدبياً يطاول أهرام مصر؛ وفي مطاوي بحثه عن أستاذنا المرحوم تعرض لذكر سائر أبناء هذا البيت المشهور بعلمه. على أنه جرى في كل ما وشاه على الطريقة القدمى أي أن التلميذ الوفي لم ير في معلمه إلاَّ الحسنات وربما بالغ فيها وهو أمر طيب من جهة إكرام الموتى: إلاَّ أن التاريخ العصري يود أن تبين بشرية المرء في كل ما أتاه في حياته من الأعمال أدبية كانت أو علمية أو خلقية ليتمثل المترجم له تمثيلاً سوياً لمن يأتي بعدنا فيصدقون ما كتبه المعاصرون وإلاَّ عدوه مدحاً كيل كيلا جزافاً لا قيمة له فيضيع المصنف وتذهب الغاية من وضعه. 16 - شرح قانون تقسيم الأموال الغير المنقولة تأليف الأستاذ العلامة علي حيدر صاحب شرح مجلة الأحكام الشرعية نقله إلى العربية مذيلاً بملاحظات المعرب الشخصية، محمد مكي الأورفه لي حاكم صلح بغداد، طبع بمطبعة دار السلام في بغداد سنة 1927 في 114 ص بقطع 12. ألف البغداديون بعد خروج العراق من أيدي الترك كتباً كثيرة وإذا عدت جاوز عدد المطبوع منها في عشر سنوات ما طبع منها في الأربعة القرون التي مضت والقطر في أيدي التورانيين. على أننا نقول أن عربية تلك المصنفات هي أقرب إلى الهندية أو التركية أو الصينية منها إلى العربية، لأنك إذا قرأت منها صفحة لعنت للحال المؤلف والطابع والمطبوع، إلاَّ هذا الكتاب فأنه منقول بعبارة عربية صحيحة فصيحة. ولو زدت على ذلك أن المعرب لم ينقل إلاَّ أحسن كتاب يفيد أبناء الوطن ولم يعلق عليه إلاَّ أحسن الشرح لعرفت ميزته على غيره. ولا غرو بعد هذا من أننا سمعنا أن الناس تهافتوا على مطالعته تهافتهم على ما يغنيهم عن كل تأليف سواه.

17 - ذكرى استقلال العراق أو الجزء الثاني من ديوان الشاعر الاستقلالي عبد الرحمن البناء، طبع في مطبعة الفرات سنة 1927 في 192 ص بقطع الثمن الكبير. خالف صديقنا البناء مألوف العادات القومية في تسمية كتابه، فأنه لم يعنونه بديوان البناء أو بمثله من العناوين المبتذلة التي إذا سمع باسمها الأديب ألقاها من يده وأن حوت أبدع القصائد، وما ذلك إلاَّ لأن أبناءنا اليوم غير أجدادنا بالأمس، فهم يريدون التجدد في كل شئ حتى في الأسامي والكنى والألقاب. ولذا نرى بناءنا قد عدل عن القديم الهامد إلى الجديد البديع فصد القصائد العمرانية والمواضيع العصرية ولم ينظم إلاَّ كل ما يطيب ويلذ، بيد أن أغلاط الطبع تشوه الكتاب ففي ص1 جاء: (المذود. . . ضيوني. . . ألفا) والناظم يريد: (الممدود. . . ضيعوني. . . الغناء) وقال فاستقبلوه باليمين. . . كلس الطلى. . . ولم نفهم معناهما فكيف يستقبل المرء باليمين. . . ولعل الثانية هي الطلا. والله أعلم. 18 - الإرشادات الروحية في معرفة عبادة قلب يسوع الأقدس العصرية، تأليف المنسنيور عبد الأحد جرجي لقلب يسوع الأقدس، الجزء الأول طبع طبعة ثانية بالمطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1922 في 468 ص بقطع الثمن الصغير. المنسنيور عبد الأحد جرجي معروف بنقاه وصدق تدينه. ولما كان كل إناء ينضح بما فيه، نرى هذا السفر النفيس من أدل الدلائل على ما يهوى قلبه. ونود أن يجاريه غيره في سمو الأفكار وتوخي مكارم الأخلاق. فهو يرشد كل سالك إليه تعالى إلى أن يتوخى أقرب الطرق إليه وما بين أعمال البر. فالكتاب من خير ما صنف في هذا المعنى ولا غرو من أننا نره طبع طبعة ثانية في مدة وجيزة لإقبال النفوس الطاهرة على ورود مناهله.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - ميزانية العراق عن سنة 1927 كانت تخمينات الميزانية في السنوات الأربع الماضية وما صدق منها على الوجه الأتي: السنةكانت فأنقلب الزيادة 1923448514 26 1924509527 26 1925533576 40 192670، 41350، 419 ل 9 أشهر50، 61 أما تخمينات هذه السنة من جهة النفقات فهي كما ترى: 28، 570. 785 ويظن أن الدخل يكون 57. 088. 000 فيفضل 9472 وهو مبلغ تافه ولهذا قام النائب يوسف غنيمة مقرر اللجنة فقال: هذه الفضلة مبلغ زهيد لا يعتد به فيخشى من العجز العظيم ولا سيما لأن بعض الدخل (الإيرادات أو المدخولات) غير مؤكد من ذلك ال 18 لكا التي تدفعها الحكومة البريطانية وال 420 ألف ربية التي هي بعنوان (الفائدة) دع عنك النفقات التي تتطلبها وزارة الري والزراعة الجديدة وهي أمامنا وكذلك نفقات المنشآت التي يفرضها قانون ضريبة الدخل. والمبالغ المضافة لإيفاء الديون وتوسيع التمثيل الخارجي إلى غيرها مما يتطلب نفقات جديدة لم تبين في الميزانية الحاضرة تلك الميزانية التي ليس فيها من (الفضلة) بازائها سوى 9472 ربية. 2 - نتيجة محاربة الجراد بذلت حكومتنا كل ما في طاقتها لإتلاف الجراد قبل بلوغ أشده وهجومه على مزروعاتنا. فكانت النتيجة حسنة في ألوية الموصل وأربيل وسليمانية وكركوك وبغداد وديالى والكوت والدليم لكن في الوقت عينه أصيبت الماشية بأضرار لسوء استعمال الأطعمة المسمومة فقد مات منها بعض الخيل والسالمة لأن تلك المواد المقشوبة (المخلوطة بالسم) وضعت أكواماً بدلاً من أن تبذر على الأرض بذراً. بل سم بعض الزراع لأنهم سرقوا شيئاً من علب الدبس المسموم

لفقرهم وعوزهم فأكلوا منه خلسة ولما ظهرت فيهم أعراض السم نقلوا إلى المستشفيات فعولجوا فتعافوا. 3 - افتتاح مصفى الوند مصفى الوند هو مصفى نفظ قائم على ضفة نهر الوند الجنوبية في الأراضي (المحولة) على بعد أربعة أميال من خانقين وكانت شركة النفط الإنكليزية الفارسية قد باشرت إنشاءه منذ سنة 1926 وكانت في سنة 1904 قد بدأت بالبحث والتنقيب من غير أن تبدي عملاً خطيراً. وقد تم بناء هذا المصفى وتجهيزه بجميع الآلات والأدوات اللازمة وأنشأت في محطة خانقين معامل ومستودعات عظيمة لنقل النتاج السائل المصفى. وتاريخ أول حفر في تلك الأنحاء كان في شهر شباط من سنة 1904 وفي تموز حفر إلى عمق 1720 قدماً واستأنف العمل في شباط 1921 حتى حفر إلى عمق 2477 قدماً في البئر المرقومة بعدد 6 وتمكن الرجال من إجراء النفط من هذه البئر إلى مركز التصفية. وفي مساء الأحد 1 أيار سار قطار من بغداد إلى المصفى وفيه أكثر من مائة راكب من المدعويين بينهم الوزير والعين والنائب والمستشار والقنصل ورئيس الدائرة والصحفي والتاجر والسري والوجيه. وفي نهار الاثنين كان الافتتاح بحضور ملكنا المحبوب. 4 - جلاء الجنود الإنكليزية من العراق غادرت الجنود الإنكليزية العراق في الثلث الأول من آذار بعد احتلال دام عشر سنوات ولم يبق سوى سرية من الجنود الهندية وقوى الطيران. 5 - سجل على العراق أن لا ينهض نسف المحفى كانت الحكومة العراقية أرصدت في السنة الماضية عشرة آلاف ربية لإنعاش العلم في هذه الأديار، فأنشئ محفى يقوم أعضاؤه بوضع مصطلحات جديدة لما أحدث من الأمور والأدوات وحاجات العصر، فدأب أولئك النفر أحسن دأب، إلاَّ أنه نهض في الوقت عينه بعض الحساد وأخذوا يعملون في تحليل عراه فأدعى بعضهم أن الأعضاء غير أكفاء وذهب آخرون إلى نفض حجارته لأنهم لم ينتخبوا اركناً له، ومضى نفر منه راكباً رأسه ليهدم ما بناه غيره لأنه لم يكن هو الباني. وما زال هؤلاء جميعا من وزير المعارف يقتلون في الذروة والغارب حتى أصدر وزيرها السيد

عبد المهدي رسالة إلى كل عضو من الأعضاء ملتمساً منه أن يعمل للوطن والعلم بغير أجرة، مع أن تلك الأجرة لم تكن إلاَّ خمس عشرة ربية على كل جلسة وهي نفقة تصرف على شراء بعض الحاجيات لمن يكون عضواً في مثل هذه المجالس. فأنت ترى أن غاية تلك الرسالة كانت حمل أولئك العاملين على الاستعفاء بأصول لا يأباها الأدب. فخنق ذلك المحفى وهو بعد في القمط. فتذكرنا أن هذه البلاد لا تنهض طالما ينقسم أبناؤها إلى قسمين: طائفة تبني وطائفة تهدم، وهكذا ذهبت ضياعأً العشرة آلاف ربية لأن ليس هناك من يفكر ولا من يناقش الحساب! 6 - إخفاق مشروع نهر الحيرة كان يصل الحيرة بالنجف وبكسكر نهر عرف بنهر الحيرة. وكان السدير ما بين نهر الحيرة إلى النجف كما صرح بكل ذلك ابن الفقيه الهمذاني في كتابه (البلدان) ص187 وكان عبد المحسن شلاش في عهد الوزارة العسكرية قد توفق فجمع ثلاثة الكاك ربية لإحياء ذلك النهر الذي سماه عبد المحسن شلاش (ترعة السدير للخورنق أو ترعة سعد ابن أبي وقاص (؟ كذا. ولم نجد لهذه الأسماء ذكراً في التاريخ مع أن هذا النهر كان قبل فاتح المدائن بقرون) إلاَّ أن الوزارة الحالية أحبطت تحقيق ذلك المشروع لأسباب لم يبح بها وزير المالية حالاً يس الهاشمي. فبقي أهل النجف يتضورون عطشاً لأن ماء نهر بني حسن (وطوله الحالي 36 كيلومتر) لا يكفيهم. 7 - الفيصلية بدل السوارية أبدلت الحكومة أسم (السوارية) (راجع ل. ع 4: 49 و 338 و458 و459) التابعة لأبي صخير باسم (الفيصلية) 8 - فتح نهر العمية فتح صدر (العمية) وهو من جداول نهيرات المحاويل. 9 - الدول المعترفة بالعراق دولة هي هذه مرتبة على حروف المعجم: ألمانية وإيطالية وتركية والسويد (أو أسوج) وفرنسة ونروج واليونان. 10 - اجتماع لجنة الحدود العتيدة للمرة الثانية بدأ عقد الاجتماع في الجزيرة (جزيرة ابن عمر) في الساعة 10 قبل الظهر نهار الأربعاء 20 نيسان من هذه السنة 1927 وطالت المذاكرات ثلاثة

أيام ورجع المندوبون العراقيون إلى الموصل في 26 نيسان وكانوا قد غادروا الحدباء في 18 منه ووصلوا الجزيرة في اليوم الثاني وقد رحب بهم الجيران الأتراك أحسن ترحيب ذهاباً وإياباً بصورة رسمية ملكية وعسكرية. 11 - إطالة مدة دأب مجلس النواب بعد أن تمت مدة عمل مجلس النواب القانوني، أفتتح نهار الثلاثاء 3 أيار افتتاحاً جديداً ليعقد اجتماعات غير مألوفة تدوم أسبوعين تبسط فيها مناقشة الميزانية وما يقوم عليها. 12 - الربى في العراق وضرورة إنشاء مصرف زراعي ذكر حمدي الباجه جي في مجلس النواب: (أن الزراع العراقي يستقرض بالربى على حساب 30 أو 40 أو 50 أو مائة في المائة وإذا قلت أيضاً ألفاً في المائة فصدقوني، صدقوني!) آمين. 13 - مصير المدرسة الزراعية في بغداد كانت الحكومة العراقية خصصت للمدرسة 84. 490 ربية ولم يكن في المدرسة سوى 13 طالباً بينهم واحد فقط من الثانوية والبقية من مدرسة أدنى منها. وكان قد أعلن أن الدروس تكون بالعربية فانقلبت إنكليزية والكثيرون يجهلونها. ولم تعش المدرسة إلاَّ ثلاثة أشهر ليس إلاَّ من بعد فتحها. ثم أعلمت إدارتها التلاميذ البغداديين أن يغادروها وأما الستة الآخرون فينتظرون عودة افتتاحها. وكان يصرف على كل تلميذ 7. 600 ربية ما عدا ما هناك من نفقات الأبنية والأدوات والأثاث بحيث أن نفقة كل تلميذ كانت تبلغ عشرة آلاف ربية. 14 - قدم الحضارة في العراق عاد الأستاذ وولي إلى لندن بعد أن تولى الحفر في اور للسنة الخامسة فقال في حديث له: نعلم اليوم أن حضارة العراق كانت في درجة رفيعة حينما كان سكان مصر القدماء في حالة الهمجية. 15 - سقوط برد في بغداد كان أقل حرارة نهار الجمعة 1 نيسان 19 درجة بالمقياس المئوي. فأرتفع فجأة نهار السبت إلى 22 فدل هذا الصعود الفجائي في الصباح انحدار برد. ولقد أثبت الواقع ما نبأ به تغير الجو فسقط في مساء 2 نيسان عند نحو الساعة العاشرة برد ضخم بحجم بيضة الحمام. ونبهت جلبة تساقطه من كان نائماً وأزعج من كان ساهراً في المسارح والمراقص وبعد

ذلك سقطت الحرارة إلى مألوفها. وفي أيار عادت الحرارة إلى الارتفاع فجأة إلى 22 درجة وكانت النتيجة أن السماء فاجأتنا ببردها في نحو الساعة العاشرة ونصف مساء لكنه كان بحجم الحمص. 16 - وفاة الكنتس سيدي أصفر في الساعة السادسة بعد الظهر من يوم الثلاثاء 5 نيسان انتقلت إلى جوار ربها الكنتس سيد أصفر من ضعف قلبها واشتداد التهاب الشعبتين والربو عليها وكانت قد تعمدت في 15 أيار من سنة 1846 فيكون عمرها نحو 81 سنة قضتها في المبرات ومكارم الأخلاق. وكانت من أكبر المنشطين لنشر هذه المجلة منذ أول بروزها إلى عهدنا هذا وهي أول ابنة عراقية تهذبت على الأصول العصرية أي أنها تعلمت القراءة والكتابة واللغة الفرنسية في المدرسة ثم ذهبت إلى بيروت مدة تنيف على سنة لتكمل دروسها وتتقن أشغال الإبرة والصنائع المتعلقة بالإناث وسوف نأتي على ترجمتها في أحد أجزاء المجلة رحمها الله رحمة واسعة! 17 - طرادة (سفينة صغيرة) تغرق في حمام علي بينما كانت تسير طرادة في النهر اصطدمت بصخرة كانت هناك قرب حمام علي فدخل الماء من خرق كبير حدث فيها فغرقت في النهر والثلاثة الذين كانوا قد ركبوها وهم رجل وامرأة وابنتهما. وقد تمكن الناس من نشل المرأة أما الرجل وابنته فغرقا. 18 - أمطار مضرة وقعت أمطار قصيرة المدة شديدة الدفعة في شهري نيسان وأيار فأضرت بالنخل إذ كان وقت افترار ثغر طلعه ولا جرم أنه يسقط شيئاً من حمله في هذه السنة أو يسبب له بعض الأمراض وعساها أن لا تكون وخيمة العاقبة. 19 - إلغاء مخصصات الدخن والقهوة قرر مجلس وزرائنا إلغاء مخصصات الدخن (السكائر) والقهوة في جميع دواوين الحكومة ابتداء من أول السنة المالية الحالية بغية الاقتصاد.

العدد 46

العدد 46 - بتاريخ: 01 - 06 - 1927 بسمى أو أدب لا بسمايا أو مسماة أو بسماة 1 - تمهيد معرفة أعلام المدن القديمة ودرس الألفاظ المعروفة بها في هذا المهد من الأمور الجليلة، وكثيراً ما يخطأ في تحقيقها علماء الآثار. وقد ذكر صديقنا العلامة الشيخ علي الشرقي أسم تل في هذه المجلة (383: 4) قال عنه ما نعيد حروف نصه: مسماة (وقد تبدل الميم الأولى بالباء فيقال بسماة. وهذه العبارة كانت محصورة بين عضاديتن لتدل على أنها للمجلة لا للكاتب اللوذعي إذا لم نود أن نمس كلامه بأذى) وهي تل جالس في سهل واسع كبير فيه جذور مزارع قديمة وآثار أنهار. اهـ وقد ذكره حضرة العلامة المحقق في أرض البطائح مما يدل على أنها كانت في سابق العهد كما هي الآن من رقعتها وراجعة إليها في جميع أحكامها. 2 - ما كان اسمها في صدر الإسلام (مسماة) وأحسن منها (بسماة) واضح من الاثنتين (بسما) بالألف

المقصورة القائمة أو (بسمى) بالألف الجالسة أو الياء المهملة وكلها بفتح الأول وإسكان الثاني هي المعروفة عند العوام ب (بسماية) أو (بسمايا) ويجدر بنا أن نترك كل هذه الروايات المختلفة الناشئة من جهل اللفظة الأولى الحقيقية ونتمسك بالصحيحة (بسما) أو (بسمى) لأنها هكذا كان يعرفها الأقدمون من سلفنا. نعم لم يذكرها ياقوت في معجمه ولا صاحب مراصد الإطلاع ولا معجم ما أستعجم، ولا تقويم البلدان ولا غيرهم من وصاف البلدان والقرى؛ إلاَّ أنها وردت في تاريخ الطبري وكفى به حجة. قال أبو جعفر في أحداث سنة 12هـ (633م) (لما صالح أهل الحيرة خالداً خرج صلوبا بن نسطونا صاحب قصر الناطف حتى دخل على خالد عسكره فصالحه على (بانقيا) و (بسما) وضمن له ما عليهما وعلى أرضيهما من شاطئ الفرات جميعاً وأعتقل لنفسه وأهله وقومه على عشرة آلاف دينار سوى الخرزة؛ خرزة كسرى؛ وكانت على كل رأس أربعة دراهم وكتب لهم كتاباً فتموا وتم، ولم يتعلق عليه في حال غلبة فارس بغدر. (وشاركهم المجالد في الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم (هذا كتاب من خالد بن الوليد لصلوبا بن نسطونا وقومه: (أني عاهدتكم على الجزية والمنعة على كل ذي يد بانقيا وبسما جميعاً على عشرة آلاف دينار؛ سوى الخرزة. القوي على قدر قوته، والمقل على قدر إقلاله في كل سنة، وأنك قد نقبت على قومك، وأن قومك قد رضوا بك؛ وقد قبلت ومن معي من المسلمين ورضيت ورضي قومك. فلك الذمة والمنعمة، فأن منعناكم فلنا الجزية؛ وإلاَّ فلا، حتى نمنعكم. (شهد هشام بن الوليد، والقعقاع بن عمرو، وجرير بن عبد الله الحميري وحنظلة بن الربيع، وكتب سنة اثنتي عشرة في صفر) اهـ قلنا: صفر من سنة 12 يوافق نيسان 633 وقال المذكور في حوادث سنة 14هـ: (أن أقواماً من أهل السواد ادعوا

عهوداً. ولم يقم على عهد أهل الأيام لنا، ولم يف به أحد علمناه إلاَّ أهل (بانقيا) و (بسما) وأهل (أُليسْ) الآخرة) اه وذكر أيضاً في حوادث سنة 268 ما هذا نصه: وفيها (أي في هذه السنة) كانت لأبي العباس (أي المعتضد بالله بن المتوكل) وقعة بقوم من الأعراب الذين كانوا يميرون الفاسق (أي قائد الزنج) اجتاحهم فيها. . . فوجه (مالك بن أُخت القلوص) إلى البطيحة رجلين من أهل قرية (بسمى) يعرف أحدهما بالريان والآخر الخليل كانا مقيمين بعسكر الخبيث، فنهض الخليل والريان وجمعا جماعة من أهل الطّف. وأتيا قرية (بسمى) فأقاما بها يحملان السمك من البطيحة أولاً أولا إلى عسكر الخبيث في الزوارق الصغار التي تسلك بها الأنهار الضيقة والأرخنجان التي لا تسلكها الشذا والسميريات، فكانت

مواد سمك البطيحة متصلة إلى عسكر الخبيث بمقام هذين الرجلين بحيث ذكرنا واتصلت أيضاً مير الأعراب وما كانوا يأتون به من البادية فأتسع أهل عسكره إلى آخر الرواية وهي طويلة واجتزأنا بما ذكرنا للإشارة إلى وجود (بسمى) في ذلك العهد أي في سنة 268هـ الموافقة 881 م. 3 - تصحيفات هذه الكلمة منيت هذه الكلمة بتصحيفات مختلفة، كأنه قدر لها أن تلوى حروفها مترقصة على الألسن، فلقد ذكرنا تصحيفاتها عند العوام بين بسماة، وبسمايا، ومسماة ومسمايا. وأما المؤرخون الأقدمون الذين تناقلوا الاسم فقد أوردوه بصورة غريبة، حتى أن الباحث ليتيه في تلك المجاهل. وأول من ضل سواء سبيلها ياقوت، هذا العلامة الكبير. الواقف على مدن العراق أحسن وقوف، فضلاً عن لمعانه في تطلب الحقائق في مظانها والبحث عنها في معادنها، فأنه لم يذكر في معجمه الشهير كلمة عن (بسمى) مع أنه ذكر جارتها بانقيا. وما ذلك إلاَّ لأنه لم يهتد إلى قراءة الكلمة على وجهها الصحيح، فلقد ذكر في مادة بانقيا ما هذا بعضه: (أن خالد بن الوليد سار من الحيرة حتى نزل بصلوبا صاحب بانقيا وسميا على ألف درهم وزن ستة). . . ثم قال بعيد ذلك: (إنك آمن بأمان الله على حقن دمك في إعطاء الجزية عن نفسك وجيرتك وأهل قريتك بانقيا وسميا على ألف درهم جزية). . . وقد ضبطت (سميا) كما تضبط (سمى) الماضي المضعف الميم الناقص الآخر في المثنى المذكر، كأنه توهم المؤلف أن خالداً اتفق وصلوبا على أن يسميا مبلغ الدراهم. وليس الأمر كذلك لأن تركيب العبارة لا يساعد على هذا، ولا جرم أن النساخ جاءوا فشوهوا العبارة تشويهاً جديداً بأن قالوا في العبارة الثانية

(وأهل قريتك بانقيا وسميا) ولعل الأصل كان: (وأهل قريتيك بانقيا وبسما) أي بتثنية قرية. وأن كان يجوز القول الأول أي أهل قريتك بانقيا وقريتك بسما. إلاَّ أن النسخة المطبوعة في ديار الإفرنج جاءت على الصورة التي ذكرناها ولم تصلح النسخة المطبوعة في مصر شيئاً بل زادت طين الأولى بلة بأن جاءت بتصحيفات جديدة قبيحة مشوهة في مواطن جديدة غير مذكورة في نسخة الإفرنج. أما تاريخ الطبري المطبوع في أوربة فقد ذكر ناشره في حاشية ص 2049 من القسم الأول اختلاف روايات الاسم على هذه الصورة: بسما (بفتح وضم) وبسما (بفتح وسكون) وبسما (بفتح تشديد السين الخالية من الحركة) وبسما (مثلها بفتح المشدد) وبسما (بفتح الباء وتشديد الميم المفتوحة) وبرسوما (والحرف السابق للراء سن حرف غير منقوط ويحتمل أن يقرأ باء أو نوناً أو ياء أو تاء مثناه أو ثاء مثلثة) وباروسما (وهذه مدينة أخرى لا رابط يربطها ببسما) وسميا (بضم السين وفتح الميم وتشديد الياء المثناة المفتوحة) وسميا (بفتح وتشديد مفتوح) وسميا (بضم وفتح المشدد). اه قلنا: ولو كان يمكن أن يقرأ رسم تلك الحروف قراءة أخرى لما مضى بها علينا النساخ المساخ. وذكر لها من التصحيفات الأخرى في ص 2014 من القسم الثلث مما يأتي: بسمى وبسمى (بدون تنقيط) وسمى (بدون تنقيط أيضاً) فجملة هذه التصحيفات ثلاثة عشر، فإذا أضفنا إليها تصحيفات العوام في هذا العهد وعددها ثلاثة صارت ستة عشر ولا نظن أننا بلغنا الحد ولعل هناك غيرها لم نظفر بها، بل يعثر عليها غيرنا. ومن الغريب في هذا الباب أن العلامة الكبير م. ج. دي خويه. من أعظم علماء البلدان بما يتعلق بالشرق، ولا نظن أن في بلادنا من جاراه أو يجاريه في هذا البحث. ومع ذلك تراه قد وهم وهو أيضاً في هذه القرية أو المدينة أو ما شئت أن تسميها، وذلك أنه فرز في فهرس الأعلام بسما عن بسمى فذكر للأولى أي (بسما) مواقع وجودها من تاريخ الطبري. وذكر الثانية بقوله: (بسمى بالبطيحة) وبين محل وجودها وورودها في التاريخ المذكور، مع أن الحقيقة هي أن الاسمين هما لمسمى واحد لا غير ولو أمعن في نظره لوجد أن ما ظنه قريتين إحداهما قريبة من بانقيا نفسها. ولم يهف علامتنا هذه الهفوة إلاَّ لأنه لم يعرف حدود البطائح أما الآن وقد اطلع القراء على ما ذكره صديقنا الدراك. فلا يغلط الواحد فيها. 4 - أدب أو بسمى في التاريخ القديم ليس في كتب السلف ما يدلنا على حالة بسما أو بسمى في التاريخ القديم إلاَّ أن الأميركيين الذين نقبوا في تلك الأطلال وقعوا على أنباء تاريخية ممتعة جداً وهنا نترك الكلام لصديقنا البحاثة يوسف رزق الله غنيمة ليذكر لنا ما عثروا عليه في هذا الموضوع.

مخطوطة في تراجم علماء الموصل

مخطوطة في تراجم علماء الموصل في القرن الثاني عشر للهجرة تمهيد من المجاميع التي وقفت عليها في دمشق مجموعة تاريخية ظهر لي من ملاحظات كثيرة أنها من خزانة المرحوم الشيخ أبي الفضل محمد خليل المرادي مؤلف تاريخ (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر) المطبوع في أربعة أجزاء طبع الأول والثاني وأقل من نصف الثالث في الأستانة وطبع باقي الثالث والرابع في بولاق بمصر وذلك سنة 1291 و 1301هـ. وقد اعتمد المرادي على هذه المخطوطة في تراجم الموصليين كما اعتمد في تراجم الحلبيين على ابن ميرو ومسودة هذا عند الصديق المؤرخ الشيخ كامل الغزي في حلب والمبيضة بهذه المجموعة الحاوية كثيراً من الفوائد غير هاتين الرسالتين. أما المرادي فتوفي سنة 1206هـ. فلهذا عارضت هذه المخطوطة الموصلية بما كتبه المرادي في (سلك درر) ووضعت هذه المقالة تعريفاً للمخطوط وإظهاراً لمصادر تاريخ المرادي:

وصف المجموعة هي رسالة في أربعين صفحة بقطع الربع وبخط نسخي ديواني عليه مسحة من الطلاوة وقد تغير الخط في بعض الصفحات بزيادة بعض التراجم كما سيجيء ولقد بحثت عن مؤلف هذه الرسالة الموصلية فلم أقف على حقيقة اسمه وقد جاء في صدرها هذه العبارة أنقلها بالحرف: (هذه أوراق في ترجمة بعض العلماء والشعراء والأدباء الناشئين في بلدة موصل الخضراء (كذا) في تاريخ المائة الثانية عشر (كذا) من هجرة سيد البشر والذين هم (كذا) قبل المائة بسنين الخ) وعند معارضة الرسالة بتراجم السلك قرأت في الجزء الرابع منه والصفحة ال 233 في ترجمة يحيى الموصلي نقل كلام الروض فيه وهو مناسب لما في الرسالة باختصار ولكن سجعاته مطابقة بعضها بعضاً وبعد قوله (انتهى) أي كلام الوض قال ما نصه: (وله شعر لطيف منه قوله مقرظاً على الروض لعثمان أفندي الدفتري: عقود وشحت صدر الطروس ... أم السكر المخامر للنفوس الخ) وفي المخطوطة ما نصه: (فمن بعض شعره العربي قال محسناً (كذا) لكتاب أدب ألفه بعض الأدباء من الأحباب وهو هذا: عقود وشحت صدر الطروس ... أم السكر المخامر في النفوس الخ) فإذا كان قوله (وهو هذا) إشارة إلى الكتاب فيكون اسمه (الروض لعثمان أفندي الدفتري) وإذا كان قوله إشارة إلى النظم فهو شئ آخر. وفي الرسالة أعاد هذا الكلام أكثر من مرة منه في ترجمة (محمد أمير بك ياسين زاده) بقوله ما نصه: وهذا نظمه تقريضاً (كذا) وتحسبنا لكتاب عثمان أفندي الآتي ذكره وهو هذا: لله روض نضير جل عن شبه ... قد حاز منتخب الآداب والكتب الخ) فقوله (الآتي ذكره) يشير إلى كتاب (الروض النضر في أسماء رجال العصر) لعثمان أفندي بن علي العمري الذي ترجمه بعد محمد أمين ياسين ومقابل كلامه الذي في الصفحة اليمنى والترجمة في اليسرى مع اسم الكتاب. ولم أجد إشارة أخرى تدل على صاحب هذه الرسالة ولكن المرادي كلما نقل عنها يقول (وترجمه بعض فضلاء الموصل) و (قال بعض علماء الموصل) وأحياناً

يقول (وترجمه صاحب الروض) وطوراً يقول: (وترجمه السيد أمين الموصلي). وإذا جردنا التراجم وعارضناها بما نشره منها المرادي باختصار نراها كما يأتي مرتبة بحسب ما هي في المخطوط مبتدئاً بآل سيد فخري من السادات: 1 - السيد فخري أو فخر الدين ترجمه المرادي (4: 3) فقال: ترجمه بعض أفاضل الموصل الخ) ونقل نحو نصف ترجمة المخطوطة بسجعها فوقع فيها أغلاط منها (نجوم المعاني) والصواب (المعالي). 2 - نجله السيد يحيى المفتي ترجمه المرادي (4: 233) فصدر الترجمة بما قاله السيد محمد أمين الموصلي في حقه ثم انتقل إلى ترجمة الرسالة فقال: (وترجمه صاحب الروض) وأورد بعض السجعات التي في المخطوطة (وذكر من شعره تقريظ الروض لعثمان أفندي الدفتري كما سبقت الإشارة في التمهيد. 3 - نجله الثاني السيد عبد الله كاتب إنشاء ديوان بغداد وهذا لم يترجمه المرادي وكانت وفاته سنة 1188هـ في بغداد وترجمته في المخطوط مع نخبة من نظمه في ثلاث صفحات. 4 - نجله الثالث السيد حامد أبو المحامد وهذا لم يترجمه المرادي أيضاً بل ترجمته المخطوطة في نصف صفحة ولد سنة 1122 وتوفي سنة 1291. 5 - نجله الرابع السيد عبيد الله وهذا لم يترجمه المرادي توفي سنة 1189 وترجمته في نصف صفحة أيضاً. 6 - السيد محمد أسعد أفندي نجل السيد عبد الله أفندي المار ذكره لم يترجمه المرادي ولد بالموصل سنة 1248 ونشأ ببغداد وتوفي سنة 1294. 7 - السيد خليل البصيري من أبناء عمهم ترجمه المرادي (2: 102) وتوفي سنة 1175 كما في المخطوطة وسنة 1176 كما في المرادي، وقال المرادي أن ولادته سنة 1112 فيكون عمره (46 سنة) والمخطوطة عينت عمره سبعين سنة والمرادي سماه (البصير) وترجمته له على غير نمط المخطوطة ونقل الأشعار التي فيها إلاَّ بيتين في الأخير. وزاد في المخطوطة أن له ديوانين بالتركية والفارسية مثل ديوانه بالعربية.

8 - ابن أخيه السيد حسن أفندي المفتي اليوم في الموصل (أي بزمن المؤلف) لم يترجمه المرادي. وترجمته بالمخطوطة في نحو صفحة. 9 - ومنهم السيد علي أفندي العمري ترجمه المرادي (3: 231) وخالف المخطوطة بترجمته بلا سجع وأشعاره غير ما في الخط على أن المخطوطة أهملت ولادته ووفاته. 10 - أخوه السيد محمد لم يترجمه المرادي. قال في المخطوطة أن له أشعاراً بالتركية والفارسية والعربية توفي سنة 1187 وذكر بعض منظومه العربي وترجمته في نحو صفحة. 11 - السيد عبد الله نجل السيد خليل البصيري لم يترجمه المرادي وترجمته بالمخطوطة في نصف صفحة وقال أنه بلغ خمسة (كذا) وأربعين سنة عندما ترجمه وله أشعار بالتركية والفارسية ولم ينشر له شعراً عربياً. 12 - السيد سليمان بك ابن السيد حامد أفندي الشهير بفخر بزاده (كذا) وهو على ورقة زيدت على الرسالة بخط آخر. ولد بالموصل سنة 1166 وله منظومات عجيبة بالتركية لا تحصى وأورد له مقطوعة عربية وهذا لم يترجمه المرادي. وترجمته بالمخطوطة في صفحة ونصف. 13 - السيد عبد الغني ابن السيد حامد من آل فخري ترجمته المخطوطة في ثلثي الصفحة وذكرت مولده سنة 1149 وأما المرادي فلم يترجمه. 14 - أخوه السيد محمد ابن السيد حامد ترجمته المخطوطة بنصف صفحة أو أكثر وذكرت أنه شاعر بالتركية والفارسية وأن له شيئاً من الشعر العربي منه بعض أبيات في تخميس الهمزية ذكرتها ولم تشر إلى ولادته والمرادي لم يترجمه. 15 - السيد أحمد ابن السيد حامد من آل فخري قال في صدر ترجمته بالمخطوطة ما نصه: (هذا هو المحرر لهذه الترجمة. لم يستأهل لينسب نفسه إلى الفضل والتكرمة. لجواز مدح الإنسان غيره فلذا ذكرنا خصال هؤلاء ذوي المآثر والكمال. ولكن لا يجوز أن يمدح نفسه لأن تزكية النفس لا تجوز قال عز وعلا: ولا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى. وينشأ من تزكية النفس الإعجاب

بالرأي والتقليد وأتباع هوى النفس وقد أمرنا بمخالفتهما. قيل لحكيم: ما الصدق القبيح قال: ثناء المرء على نفسه، هذا إذا كان فيه ما يثنى عليه فكيف إذا لم يكن، وكان خالياً مثلي من الخصال الحميدة ولكن التحدث بنعمة الله مأمور به إذا لم يقصد التزكية لنفسه وقد أنعم الله تعالى على عبده الفقير بنصيب من القراءة والتحرير وشئ من الأشعار التركية والفارسية ومن العربي قليل لا كثير الخ) انتهى وذكر بعض شعره. وذكرت المخطوطة مولده سنة 1148 والترجمة في نحو صفحتين أما المرادي فلم يذكره. 16 - محمد أمين بك ياسين أفندي زاده وله نسبة قرابة لآل السيد فخري فهم أخواله الكرام ترجمته بالمخطوطة في أكثر من صفحة وذكرت أنه طبيب وشاعر بالعربية، وهو الذي قرظ (الروض النضر) كما سبق لعثمان أفندي العمري وقالت أن عمره قريب من ستين، وله نثر وشعر كثيران، أما المرادي فلم يترجمه. 17 - عثمان أفندي ابن علي أفندي العمري نسباً ترجمه المرادي (3: 164) ترجمة أطول وأوسع مما في المخطوطة، وكتب سيرته الصديق الأستاذ كاظم الدجيلي في مجلة لغة العرب هذه (3: 22) وهو مؤلف (الروض النضر في أسماء رجال العصر). 18 - أمين أفندي ابن خير الله العمري هذا لم يترجمه المرادي. بل ترجمته المخطوطة فقالت فيه: (له آثار غريبة في فن لسان العرب قد ألف نسخاً مدونة في أنواع الشعر وأصناف الأدبيات ما لو نظر الناظر فيه لأذعن لمؤلفه وراويه) الخ. وذكرت له تاريخاً لوفاة السيد يحيى فخري المفتي سنة 1187 وترجمته في نحو صفحة. 19 - جرجيس أفندي الأربيلي (كذا بمعنى الأربلي) ترجمه المرادي (2: 9) بعبارة غير أسجاع المخطوطة وذكرت المخطوطة قطعة شعرية لم يذكرها المرادي وهي معارضة عثمان أفندي له. 20 - ملا موسى المدرس ابن جعفر الحداد مات سنة 1186 بالطاعون

عن نحو سبعين سنة ترجمته في نحو صفحة ونصف وله أشعار ولكن المرادي لم يترجمه. 21 - الملا سليم الكردي هاجر إلى الموصل منذ أربعين سنة كما قال مؤلف الرسالة وترجمه في نحو ثلثي الصفحة وهو من الصالحين لم يذكره المرادي. 22 - مصطفى أفندي الغلامي مفتي الشافعية في الموصل سابقاً وله أشعار منها في مدح السيد عبد الباقي العمري عم السابقة ترجمته عثمان العمري لم يذكره المؤلف ولكنه قريب العهد به ولعله توفي نحو سنة 1130 أو فوق ذلك وأما المرادي فلم يذكره وترجمته بالمخطوطة في أكثر من صفحتين. 23 - ابنه المفتي الشيخ علي الغلامي المتوفي سنة 1191 عن سبعين سنة ترجمه المرادي (258: 3) باختصار دون تسجيع ولم يتحقق وفاته ولكن المخطوطة عينت ذلك كما سبق آنفا. وله بالمخطوطة قصيدة لأمية من بلاد الروم يتشوق بها إلى وطنه مطلعها: برق تألق في الظلام المسدل ... فأثار في الأحشاء ذكر الموصل وترجمته المخطوطة في صفحة ونصف. 24 - أخوه شيخ الأدباء ملا محمد الغلامي الشاعر ترجمته المخطوطة في نحو ثلاث صفحات. وترجمه المرادي (4: 124) بخمسة أسطر نقلاً عن محمد أمين الموصلي وقال: (له قريض لم أقف عليه وإنما سمعت به من بعض أولاده) على أن المخطوطة ذكرت له بعض أشعاره واختلفت سنة وفاته بين الترجمتين فالمرادي جعلها سنة 1176 والمخطوطة سنة 1186 بالوباء. 25 - الحاج حسين أفندي الغلامي لم يترجمه المرادي وترجمته المخطوطة في نحو صفحة وذكرت له أشعاراً وكان حيا عند ترجمته. 26 - يونس أفندي الغلامي كاتب الإنشاء والديوان سابقاً لوزير أمين باشا لم يترجمه المرادي وترجمته المخطوطة في نحو صفحة ونصف وذكرت من نظمه تقريظ (الروض النضر) الذي ذكر غير مرة في هذه العجالة. 27 - ملا علي الوهبي الشهير بالجعفري لم يترجمه المرادي وترجمته المخطوطة في صفحتين ونصف وله أشعار نشرت بعضها.

28 - عثمان آغا ابن عمر آغا الحاجي بكتاش زاده وترجمته المخطوطة في صفحتين ونصف ولم تذكر وفاته، أما المرادي (3: 162) فترجمه وقال أنه نقل عن ترجمة بعض فضلاء الموصل له وذلك هو ما في المخطوطة من الأسجاع وذكر وفاته في أواخر القرن الثاني عشر وله قصيدتان في كل شطر منها تاريخ هجري لسنة 1187 يدلان على براعته بالنظم. 29 - خليل أفندي ابن إبراهيم آغا بكتاش زاده وهذه الترجمة بخط آخر على ورقة ملصوقة بالكراس وهي بالخط الذي ترجمت فيه سيرة سليمان بك فخري أو قريبة منه في صفحتين ونصف وذكرت له بعض أبيات من بديعيته ألتزم فيها تسمية النوع بالتورية وأشعاراً أخرى. وأما المرادي فلم يترجمه وبها انتهت الرسالة. الختام أن هذه الرسالة مسجعة إلاَّ قليلاً على طريقة (نفحة الريحانة) ونحوها وفيها فوائد كثيرة لم يذكرها المرادي في ما ذكره منها وكذلك في ما فاته أو أهمله، وفيها أحياناً بعض عبارات تركية الصيغة على مثال ما كان يكتب المرادي في (سلك درره) غالباً. فلعل في ما ذكرته منها الآن أدلة على معرفة واضعها بمعارضته ببعض كتب التراجم للموصليين ولا سيما (الروض النضر) وأما (روض الدفتري) فلعله من المخطوطات التي هي دفينة الخزائن، وذلك موكول إلى أدباء العراق بل أدباء الموصل. فعساهم يتوفقون إلى معرفة المخطوطة ومؤلفها فتنجلي الحقيقة الغامضة عنها. هذا ما رأيت الآن نشره عن هذه الرسالة ضناً بها أن تفقد فنخسر ما فيها من التراجم التي نحن في أمس حاجة إليها في هذا العصر الذي أهمل في أوائله وما قبلها تدوين التراجم وذكر مآثر العلماء والله الميسر. زحلة (لبنان) في 30 ك2 سنة 1927 عيسى أسكندر المعلوف مؤلف تاريخ الأسر الشرقية العام

الأمثال العامية البغدادية

الأمثال العامية البغدادية 2 - ذيل الجلب خلوه بالكصبة أربعين يوم ما تعدل - تعريبه: وضع ذنب الكلب في قصبة أربعين يوماً فلم يعتدل مثل يضرب للرجل المعاند الذي لا ينفع فيه كلام ولا تأديب ومهما علموه لا يتعلم بل يكون دائباً في جهله فاعلاً لما يريده غير ملتفت إلى أحد لا أدباً مع الغير ولا حياء من الناس. ركصني فندح يا مستوره تعريبه: أرقصني عملك يا مستورة مثل معروف مبني على حكاية تتناقلها الألسن، وهي: أن رجلاً أراد السفر إلى الحجاز فأودع القاضي ما يملكه، وبعد عودته طالبه به فأنكره عليه وطرده فخرج بأسوأ حال. فلقيته إحدى النساء العاقلات وهي تعرفه فسألته عما أصابه حتى ظهر اليأس على صفحات وجهه فقص عليها ما لقيه من سوء معاملة القاضي له، فأشارت عليه أن يحضر إلى القاضي في الغد حين دخولها عليه ويطالبه بماله، فلما كان الغد دخلت على القاضي وهي تحمل من المال أضعاف ما للرجل وقالت له: أيها القاضيان زوجتي عازم على السفر للحج ويريد مني أن أرافقه وهذا ما نملكه، ولم أجد من أودعه إياه غيرك لما عرفت فيك من الأمانة. فرأى القاضي أن المال ما عنده فأغتبط به وإذا بالرجل دخل عليه

يطالبه بوديعته فقام للحال وسلمه ماله بختمه وعند خروجه دخلت مسرعة جارية المرأة وهي تقول: سيدتي تخبرك بأن سيدي بدا له أمر غير فكره فعدل عن السفر فجمعت المال وخرجت وهي تهلهل (تزغرد) فأخذت الجارية ترقص ومعها الرجل يرقص فرحاً بماله فخرج القاضي وأخذ يرقص معهم فسألته المرأة قائلة يا حضرة القاضي أن الرجل يرقص فرحاً بماله وأنا أرقص فرحاً بعدول زوجي عن السفر والجارية ترقص كذلك لبقائنا في محلنا فما الذي أرقصك أنت؟ فقال: (رقصني فندح يا مستورة) زَعَلِ بِلَّوَل ولا عَتَبٍ بِتّالِي - تعريبه: الامتعاض في أول الأمر خير من العتب في آخره يضرب لمن إذا كلف بعمل دقق نظره فيه وحاج وتحمل الاعتراضات قائلاً ولو أني أكاد أغضبك بأقوالي فذلك خير من أعمل قبل التحقيق وتأخذ بعتابي: لماذا فعلت كذا ولم تفعل كذا؟ بعد أن يكون الأمر قد نفذ ولا يمنك إعادته فالكدر في الأول خير من العتب في الآخر. سب عِنَبِ الأسود - مثل يضرب لمن يغضب من قول لا صلة له به. وينقل في ذلك حكاية وهي أن رجلاً كان مع جماعة فجرى ذكر الحجاج بن يوسف الثقفي وفي زمانه فقال الرجل: اللهم سود وجهه وأقطع عنقه واسقنا من دمه. فبلغ الأمر الحجاج فجاء به وقال ماذا قلت عني لم أقل عنك شيئاً قال بلى، فقد بلغني أنك كنت في محل كذا وقلت كذا وكذا: قال نعم أيها الأمير قلت كذا ونحن تحت كرم عنب أسود وقد اشتهيت النبيذ وهو دم العنب ولا يكون إلاَّ إذا تم سواده ونضج وقطف، فتركه لحسن تخلصه.

شِجْرِةٍ ما تِجَلْجلْ على أهَلَها كَصها أولى - تعريبه: الشجرة التي لا تظلل أهلها قطعها أولى مثل للرجل الذي لا يقوم بأود عياله وكفايتهم. فوجوده وعدمه سيان، بل ربما كان عدمه خير من وجوده، لأنهم يعولونه فضلاً عن أنه لا يعولهم ويقومون بما يلزمه فلو هلك لاستراحوا منه وكانت حالهم أحسن مما هم فيه. صَوْفْتَه حَمْرَة تعريبه: أن صوفته لحمراء مثل يضرب لمن أشتهر بأمر ما من الأمور، كأن لو أشتهر بأنه سارق، فإذا سرق شيء من أحد يقال: أن السارق هو فلان لأنه مشهور بالسرقة فكما أن الكبش الأحمر الصوف لا يتغير لونه أبداً كذلك يبقى ذو الطمع على طبعه فلا يتغير ولا يزال معروفاً به. ضارْبَه أبو اسمعيل - تعريبه: حَل به الفقر أبو إسماعيل كنية الفقر عند العوام ويكنى به عن المفلس. والسلف منا يكني عن الإفلاس ب (أبي عمرة) قال شاعرهم: (أن أبا عمرة شر جاد) (لسان العرب) طبيعة بالبدَنْ ما يغيَرها غير الجفَن - تعريبه: طبيعة بالبدن لا يغيرها غير الكفن مثل يضرب لغلبة الطبع على التطبع والطبع لا يمكن تغييره ما دام الإنسان حياً

إذ لا يمكن أن يغلبه التطبع فمهما حاول إخفاء ما يكنه ضميره ظهر من حركات أعضائه أو من فلتات لسانه ما ينم على داخله ولذا لا يترك ما هو عليه إلى أن يموت. ومنهم من يقوله (طبيعة بالرأس ما يبدلها ألف مداس) والمداس هو الحذاء، أي ولو ضرب ذو الطبع السيئ ألف نعل على رأسه فلا يمكن أن يترك طبعه أو ما جبل عليه. ظَلَم بِسِوِيه عدلٍ بالرعبه - تعريبه: ليكن الظلم على السواء في الرعية كما يعمهم العدل مثل يضرب عند السماح بأمور إلى ناس دون أناس وعقاب أناس دون أناس فيتظلم المعاقب وينطق بهذا الكلام لأن من عمل عملاً مثل عَمُله ولم يلاق جزاء مثل ما لقيه هو حق له التذمر، أما إذا تساوى الأمر بين الكل فلا يشكو أحد لأن ليس من يشكو في زمن العدل. عَيْنَك على مالَك دَوه تعريبه: نظرك على مالك دواء له مثل يضرب لمن يوكل أحداً بأمره أو عمله متكلاً عليه فيفسد العمل، أما الذي يعمل بنفسه فيصلح، فيقال ذلك. ومن ذلك قولهم: تعريبه: (قلت له يا مال إلى أين رائح (إذ رأيته سائباً) فقال صاحبي ليس معي اذهب إلى حيث أشاء. الغَرْكانْ يِجَلّبْ بِذْيالَه - تعريبه: الغريق يتعلق بأذيال ثيابه يضرب لمن وقع في داهية فأخذ يستنجد وليس من منجد ويسأل ولا يعطى

ويستميح وليس من كريم ويستنصر وليس من يدفع عنه الأذى، ظناً منه أن ذلك يجديه نفعاً كما أن الغريق يتشبث بما تقع عليه يده ظناً منه أنه ينجيه ولو كان ذيل أزاره أو ردائه ومنهم من يقول (الغركان يتشبث بالحشيش) أي أنه يتعلق ولو بحشيش طاف على وجه الماء. فوك الحمل عْلاَوَه - تعريبه: فوق الحمل يحملني علاوة يقال عن لسان الدابة أي فوق الحمل الذي جعل عليها وهو فوق طاقتها وضعت علاوة. والعلاوة في اصطلاحهم سلة صغيرة تجعل فيها فاكهة ويؤتى بها إلى صاحب البستان أو لتهدى صديق، والكلمة العربية إذ العلاوة ما وضع بين العدلين ومن كل شيء ما زاد عليه (القاموس) ويضرب لكل من يكلف بأمر ثم يزاد عليه بطلب أمر آخر. قنِع الآغا أو قنع حاج أحمد آغا مثل مبني على حكاية يتناقلها البغداديون وهي أن امرأة عجوزاً جاءت إلى الحاج أحمد آغا (وكان طابور أغاسي على الجندرمة في بغداد) شاكية ابنها المعاق وأنه ضربها ضرباً مبرحاً، فأغتاظ الآغا غيظاً شديداً. وأمر أثنين من جلاوزته أن يذهبا معها ويأتيا بابنها، ويجراه جراً عنيفاً ولا يتأخر عن ضربه فخرجت معهما وقد أثر فيها الأمر الصادر على ولدها فأخذها الحنان بعد هذا: ثم رأت في طريقها غلاماً عدواً لأبنها فأشارت إلى الجلاوزة أن هذا أبني فتعلقا به وأهاناه وهو يعجب من الأمر ويستغيث وليس من مغيث حتى وصلا إلى الآغا. فسأله قائلاً أيها السفيه لماذا ضربت أمك، قال: مولاي أن أمي قد ماتت منذ عشر سنوات، وهذه ليست بأمي؛ فأحتدم الآغا غيظاً وأمر فانهالوا عليه بالضرب قائلاً هل تنكر أمك فوق ضربها؟ فلما رأى الغلام أن إنكاره يزيد في ضربه ولا يجاوبه نفعاً ولا مناص له من الاعتراف قال ماذا تأمر يا سيدي قال أن تحملها على ظهرك حتى توصلها إلى بيتها. فحملها ومعه أحد الجلاوزة فمر في طريقه بأخ له فسأله

أخوه: ويحك ما هذه التي تحملها؟ قال: أمي. قال ويلك ألم تمت أمك قبل عشر سنوات؟ فأجابه: أن كنت رجلاً فأذهب و (قنع الآغا) فأني كلما قلت أنها ليست بأمي لم يقنع فذهبت كلمته مثلاً. كل لشَّه معَلَّكَه من كراعها تعريبه: كل ذبيحة معلقة بكراعها مثل ينظر إلى الآية الكريمة (ولا تزر وازرة وزر أخرى) إذ كل إنسان مأخوذ بعمله أن خيراً فخير وأن شراً فشر، واللشة مأخوذة من لاش الفارسية وهي الحيوان الميت أو المذبوح على خلاف ما يوافق الشرع (ترجمان اللغات) ولعل ما يوافق الفارسية الكلمة العربية الجلف وهو بدن الشاة المسلوخة بلا رأس ولا بطن ولا قوام وقيل الجلف البدن الذي لا رأس عليه من أي نوع كان. (لسان العرب) لابِسِ البِيْت ومِطَلّع أِيْديْه مِنِ الرِوازِيْن - تعريبه: ثوبه البيت وهو يخرج كميه من الرواشن مثل يضرب للمفلس لا يملك شيئاً ومثله قول الشاعر (لبسوا البيوت وزوروا الأبوابا) والروازين جمع رازونة وهي تعريب روشن أو روزن الفارسية وهي كالمشكاة لأن المشكاة كل كوة غير نافذة، والسدة ما يبقى من الطلق المسدود (تاج العروس). مِن صُوْفْها جَتِّفها مثل يضرب لمن يطلب من آخر مالاً لإكمال عمل أو غيره ولمن يشكو تضعضع ملك يستغله، أي من أجرته عمره. وهو مأخوذ من ربط الشاة بحبل من صوفها. نَصْبَه على كَصْبَه والكَصْبَه مُلْكِ الجِيْران - تعريبه:

يأمر بعنف على قصبة مع أنها ليست له بل للجيران النصبة عندهم الأمر بشدة وعنف فهو يقول لماذا تأمر بعنف على قصبة مع أنك لا تملكها بل هي ملك الجار فلو كانت لك فماذا كنت تفعل؟ وِيْن ما تِرْزَك اِلْزَك تعريبه: حيثما تجد رزقك أثبت مثل يضرب لمن أتصل بشخص واستفاد منه فائدة مالية فواظب على البقاء معه فإذا سئل عن سبب ملازمته له أجاب هذا الجواب. هَلْبابْ لِهَلْخَرابْ - تعريبه: هذا الباب لهذه الخربة مثل يقوله من يتخذ مؤونة رديئة لبيت قديم فيعترض عليه. أي لا يليق بهذا البيت الخرب سوى هذا الباب القديم المهشم إذ لا يليق به باب قوي جميل ويستعمل لكل شيء زري يتخذه رجل غير شريف أو لزواج عبد بجارية أو نحو ذلك. يمدَحْنِي ما دامْ صُبْعِي بِحَلْكَه تعريبه: يمدحني طالما تكون إصبعي في فيه يضرب لمن يمدح رجلاً ثم يترك ذلك فيسأل الممدوح عن السبب فيجيب أني كنت محسناً إليه فمدحني، فلما أنقطع عنه ما كان ينتفع منه ترك المدح. وهو ذم للمادح إذ لا يمدح إلاَّ طالما يكون مغموراً بالنعمة فهو لا يمدح ممدوحه لكرمه وحسن أخلاقه بل لأنه ينتفع منه، فالمدح لانتفاعه بالموجود لا لوفائه وقوله الحق. عبد اللطيف ثنيان

مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها

مشيخة آل سعدون في المنتفق وسبب انحلالها - 2 - لا ينكر أن ذلك التطور - وقد عقبه الارتكاس - لم يحدث شيئاً مهماً في هذه الأنحاء ولابد للمصنف أن يذهب إلى أن قلب هذه الإرادة ظاهري سهل لكنه عسر؛ فلم يكن الأمر من الهنات الهينات يوم كان جيش الحكومة جيشاً لا يعتد به منه ما يسمى بال (هايته) والموظفة تلك الفئة المعروفة بمساوئ

الأخلاق وتشويش النظام ومن هم على هذه الشاكلة من الجنود، ولا وسائط للسفر وللنقل إذ ذاك لدى الحكومة إلاَّ ظهور الخيل والإبل والبغل والحمير والسفن الشراعية ولا وسائل لها لإيصال الأخبار من هذه الأنحاء النائية وإليها إلاَّ السعاة وهم يمرون في سيرهم بأرضين قطانها لا يقلون بداوة عن أهل الديار ويتفانون في حفظ ابتعادهم عن سيطرة الحكومة. فضلاً عن تلك الأحوال - وجميعها بجانب آل سعدون - هناك عامل آخر هو أن آل سعدون

في ديارهم فموقفهم موقف مدافع يكافح عن نفسه كلما أختلف في الأمر وناوأتهم الحكومة. ولهذا كان آل سعدون أقوياء أشداء يصعب على الحكومة تذليلهم ورضخهم. ومع إقرارنا بذلك كله علينا ألا نسهو أن ديار المنتفق لم تكن إلاَّ مشيخة تعتمد على نفسها لا على غيرها فلا تستمد قوة من ناحية أخرى وأن نابهي آل سعدون كانوا يتزاحمون على مشيخها إذ كل منهم يرى في نفسه الكفاية لمسندها. ولقد زاد موقفهم حرجاً بعد أن بدأت الحكومة بإيفاد ولاتها من الأستانة إلى العراق وعدلت عن أقطاعه للولاة مقطوع مسمى، وبعد أن تعددت الدخانيات وهي تمخر الفرات ودجلة وأن كانت الدخانيات في عهد طفولتها بالعدد والحجم وهي تحرق الأحطاب النابتة على ضفاف الرافدين لبعد منال الفحم الحجري. وجاء آل سعدون شيء آخر لم يكن في الحسبان هو مد سلك البرق فكان يطير الأخبار فأصبح هذا العصر بدخول هذه الاختراعات في العراق عصر تجدد فعل في نفوس المنتفق وآل سعدون ما تفعله اليوم الاختراعات الحديثة في النفوس ولا سيما في نفوس الأعراب. ولما أزفت ساعة فتح ترعة السويس (1869م - 1286هـ) التي كان ينظر المفكرون إلى ما ستحدثه في الشرق وفي اجتماعياته واقتصادياته جاء اتفاقاً نصب مدحت باشا المعروف بمقدرته وحنكته والياً على العراق فدخل بغداد في 18 المحرم سنة 1286هـ (نيسان 1869م) وهو يجزم على تطبيق نظام الولاية وهي أصول حديثة وضعت سنة 1281هـ (1864م) وقد عهد إليه تطبيقها فأنصرف يسعى في انتقاء الأسباب التي توصله إلى الغاية التي يتوخاها في رفع مستوى القطر العراقي وانبرى يشوق الأهليين بهمة ونشاط للسير مع مدنية العصر. ولقد استرعى نظره اختراع البواخر والسلك البرقي فذكرهما في بحثه

عن لزوم أتباع الرقي البصري في خطاب أورده في بغداد عقب قراءة فرمان توليته على العراق. ولعله أراد بذلك أن يشير من طرف خفي بما عند الحكومة من الوسائل الجديدة لاستمالة من كان يظن فيه المخالفة لآرائه. ومما قام به هذا الوالي في باب إدارة العشائر أنه أستقدم إلى بغداد الشيخ ناصر باشا المتربع على مسند المشيخة يومئذ وكان قد بقي من مدة مشيخته مدة قليلة فقدم الشيخ ناصر باشا في 21 ربيع الأول سنة 1286 (1869م) فأبان له الوالي خطة التجدد التي يجب السير عليها فرغبة في قبول تحويل المشيخة إلى متصرفية بالفعل لا بالاسم مع بناء حاضرة في أرجاء المنتفق تسمى (الناصرية) وعدد له حسنات الاستقرار في موضع والعدول عن الحل والترحال والسعي وراء ترقية الزراعة. فتفرس الشيخ ناصر باشا في الأمر ففقهه وعلم أم وراء الأكمة ما وراءها من أن الحكومة قد صممت على ما ترتبه وأن وسائل المقاومة التي لديه لا تجديه نفعاً فلا ممكن من ردع الحكومة عن مبتغاها فأنصاع للأمر وعين متصرفاً وعين معاوناً له قائم مقام الهندية السابق صاحب الرفعة عبد الرحمن بك ونائباً عبد القادر أفندي الآلوسي ومحاسباً الحاج سعيد أفندي من موظفي محاسبة الولاية. وفي 2 جمادي الأولى من تلك السنة ركب ناصر باشا الدخانية عائداً إلى المنتفق وفي 17 من الشهر شخص من بغداد إلى المنتفق المحاسب الحاج محمد سعيد أفندي ومعه رفقاؤه الكتبة ثم أسفرت الحالة عن أجراء الترتيبات والتنظيمات الإدارية أسوة ببقية الألوية طبقاً لنظام الولاية. وجاء في ذلك التطور بناء الناصرية وتفويض الأراضي الأميرية بسندات الطابو تبعه القانون. مر بك في ما تقدم تطور المشيخة حتى صارت متصرفية ليست أذن المتصرفية بنت الساعة - كما يظنها كثيرون وينسبها بعضهم إلى استسلام ناصر باشا -

إنما هي بنت أعوام كثيرة بعيدة ولقد رأينا أن الكوزلكلي هيأ الأرض لهذه البذرة وجاء نامق باشا فزرعها وبعد بقائها في الأرض الوقت اللازم نبتت في موسم لاءمها إذ قد أودعت العناية بالعراق إلى يد مدحت باشا العاملة وهو ذاك الرجل الذي لا حاجة إلى الإفاضة في تعريف كفايته ومقدرته، فكانت الأحوال تقضي وقوع هذا الانقلاب لا محالة شاء آل سعدون أو أبواه، ومن حسن حظهم - وعلى رأسهم ناصر باشا - أنهم أدركوا المسألة فقبلوا هذا القلب والتغيير ولم يعارضه معارض منهم. ولولا هذا التفاهم والرضا لأضاعوا بصفقة واحدة المشيخة والتفوض في الأراضي والتصرف فيها على الوجه القانوني ولعادوا يجرون ذيول الخيبة واليأس. أما قول القائل أن تفوض آل سعدون في الأرض وتصرفهم فيها في لواء المنتفق تبعاً لقانون الأراضي ونظام الطابو قد حدد حربتهم في التمسك المشيخة فصدهم عن استعمال ما يفرضه عليهم واجبها من الدفاع عنها فأدى بهم هذا التفوض في الأرض والارتباط بها إلى فقدان المشيخة. فهو قول لا أعده وجيهاً لأنهم قبل عهد مدحت باشا بل قبل عهد الكوزلكلي كانوا مرتبطين بالأرض أريد بهذه الأرض أملاكهم الواسعة المغروسة نخلاً باسقاً تلك الأملاك التي يعرفها من له أقل المام بأملاك البصرة التي تحيط بها على مسافات بعيدة. وعلي أن أعترف أن مشيخة المنتفق لم تكن مقصورة على لواء المنتفق الحالي بل كانت تمتد إلى آخر حدود الفاو من جهته الجنوبية ومع هذا فأن تملك آل سعدون على الأرض وارتباطهم بها لم يؤد بهم إلى التخلي عن المشيخة. ولا بد للمعترض أن يتخذ هذا الإقرار حجة يدعم بها رأيه القائل بأن ارتباطهم بالأرض في لواء المنتفق هوى بهم إلى النزوح إلى المشيخة. ولكني أخالفه في ما ترتئيه إذ أني أجد أن سبب تقلص ظل المشيخة هو غير هذا. وأني لأجده في انتباه الحكومة - ولو انتباهاً خفيفاً - بانتهازها الفرص بعد اطمئنانها من طمع جارتها فارس بالبصرة وحدود العراق وإيقاعها بالوهابيين وما أكثر المرار التي كانت تستعين الحكومة بآل سعدون وتتذرع بهم لدفع هذه الغوائل والشدائد وكانت تعرف نفسها مضطرة إلى السكوت عن آل سعدون وترغب في استمالتهم.

ولما صفا للحكومة الجو وغدت تنام ناعمة البال مطمئنة عن هاتين الطامتين ثم إزالة حكم المماليك وأرادت أن تبدي شيئاً من الإصلاح الموعود به أخيراً في خط كلخانه تخطت إلى المشيخة في أنحاء البصرة في الجنوب والسماوة في الشمال الغربي فلم يسع آل سعدون أن يصدوها عن أرادتها فتسامحوا معها عن هذه الأصقاع حفظاً للباقي وحذراً من مصادرتها تلك الأملاك العزيزة وبعد أن فازت الحكومة فوزاً بعد فوز - رأينا منه نبذاً في مطاوي المقال - وتم لها الأمر هناك أطعمها بالباقي هذا الفوز المتعقب خطة البتر والإفراز وهو لا شك كان يجر بالمشيخة إلى الاضمحلال فلا يمسي آل سعدون إلاَّ لا علاقة لهم بلواء المنتفق بصورة باتة. لقد عرفنا أن في العهد الأخير كانت قد قلت عند الحكومة تلك الموانع التي كانت تلجئها إلى البقاء على الحالة السابقة فتمكنت من تضييق تلك الدائرة الوسيعة. ثم ولدت الليالي العوامل الجديدة التي ذكرتها وهي: تعدد البواخر وانتظام الجنود إلى درجة وفتح ترعة السويس ومد سلك البرق فغدا آل سعدون يخافون إمكان تسلط الحكومة عنوة على ديرة المنتفق كلها لتلحق القضاء على المشيخة بما كانت قد أزالته منها سابقاً في لواء البصرة والسماوة وربما أدى تدبير الحكومة بها إلى مصادرة أملاك آل سعدون الواقعة في لواء البصرة. وهو أمر يحذره جميعهم كما كان قد خلفه الشيخ منصور بك (باشا) وغيره مراراً. وصفوة القول عندي أن انتباه الحكومة وما ملكته من الوسائل ذلك الانتباه الذي أزال آل سعدون عن أنحاء البصرة والسماوة هو نفسه غدا يسري على ما بقي من المشيخة فيفعل فعله بالتدريج، ولو لم يكن لآل سعدون أملاك في أنحاء البصرة لخرجوا من هناك صفر الأيدي ولأنتابهم الأمر على هذا الوجه في لواء المنتفق لو لم يرضوا بالتفوض في الأرض والتصرف فيها بالطابو ولامسوا في هذا اللواء ومعهم آل شبيب لا يملكون قيد شبر وباتوا فيه غرباء لا ناقة لهم فيه ولا جمل. فقبول آل سعدون بالتفويض في الأرض والتصرف

فيها على الوجه القانوني جعلهم ذوي علاقة أكيدة في هذا اللواء مع خلو يدهم من الحكم وأن تدبيرهم لتدبير رشيد تركوا فيه جانباً الآمال في البرق الخلب وتمسكوا بالحقيقة على سبيل مالا يدرك كله لا يترك جله. وليس هذا التطور خاصاً بآل سعدون وحدهم بل أن جميع المشايخ لكبار للعمائر المتمدرة كالخزاعل وزبيد (بالتصغير) وكانوا ذوي بأس وصولة سجلها لهم التاريخ في صفحات عديدة لم يبقوا على ما كانوا عليه ولا سيما بعد تنظيمات مدحت باشا فقد ضئلت تلك المشايخ الكبار وضمرت ولقد فقدت الحكم في عشائرها وقعدت عنه شأن التمدر والحضارة. كما دالت الأيام على مشيخة (ابن قشعم) الملقب ب (شيخ العراقيين) الذي حطم الحدثان عزه البدوي الأثيل. وفي هذا السبيل لنا مثال شبيه بذلك في الشمال هو أسرة بابان. حكام الأكراد ذوي الشأن العظيم، وقد ملأت وقائعهم قسماً مهماً من تاريخ العراق. ويستنتج من ذلك كله أن لا مسوغ للقول أن مشيخة آل سعدون هوت وانحلت عراها بقبولهم بتفوضهم القانوني في الأرض لواء المنتفق وتصرفهم فيها على هذا الوجه. هذا ما أرتئيه، ولكل رأيه والله أعلم. بغداد في 24 شباط 1927 يعقوب نعوم سركيس

كنوز أور الكلدان

كنوز أور الكلدان من صنع الصاغة قبل 5500 سنة ختمت لجنتا المتحفة الإنكليزية ومتحفة كلية بنسلفانية المشتركتان شغلهما في 19 شباط سنة 1927م وأجبرتنا خيبة الأمل لقلة رأس مالنا على أن نختم أشغالنا قبل الأوان: ولكن مع كل ذلك قد حصلنا على لقى مفيدة وثمينة جداً. وكنا قد ابتدأنا بالشغل في شهر شباط إلى أن ختمناه في حفر القبور التي كنت قد تكلمت عنها في تقريري الآخر (راجع لغة العرب 4: 567) وكلما أوغلنا في حفر التل تبين لنا أولاً أننا على أثر قسم من المقبرة التي فيها لقى ثمينة ثانياً تبين لنا أننا على أثر ثلاثة عصور مختلفة ممثلة في أرض محفوظة أحسن مما كنا قد عثرنا عليه قبلاً. وعلى الوجه الأعلى، قبور - لو لم تكن عديدة - لأرخناها إلى نحو سنة 2600 قبل المسيح. والدليل على هذا التاريخ أننا وجدنا في قبرين من هذه القبور ختوماً بشكل أسطوانات محفورة وعليها أسامي آل بِنَت (سرجون) الأكدي وكانت تعد كاهنة كبيرة للقمر الإله في أور، وكانت هذه المرأة قد أهدت إلى هيكل تِنْجل نقشاً على الهَيْصَميّ كنا قد استخرجناه السنة الماضية. وتحت هذه القبور وجدنا غيرها تشابهها. بل أقدم منها، وكانت الأموات في ذلك العصر توضع في تابوت محوك من الخوص أو توضع الجثث في حفر مغشاة صفحاتها بالبواري، فيكون الدفن أبسط مما ذكرنا. والأشياء التي عثرنا عليها في القبور السفلى تختلف عن الأشياء التي عثرنا عليها في القبور العليا. وفي هذه الطبقة عثرنا على مستند تاريخي مهم هو في الدرجة الأولى وهذا المستند هو أسطوانة صغيرة من اللازورد كانت خاتم (نِنْ كُرْنِنْ) امرأة (مُسَتَبدَّا)

مؤسس أول دولة في أور وكنا قد عثرنا قبل ثلاث سنين على رقم التأسيس والختم الذهبي الذي كان ل (آني بَدَّا) الملك الثاني من هذه السلسلة الملكية حينما كنا نحفر في تل العبيد، وهذه اللقية مكنتنا من أن نرد إلى التاريخ سلسلة ملكية كانت تعد غالباً خيالية واليوم في يدنا دليل حقيقي على أن أبا (آني بدا) وجد وجوداً لا شكك فيه. وفي هذه الطبقة نفسها تأكدنا اللقى التي عثرنا عليها وهذه الأسطوانة تخص نهاية سلسلة هؤلاء الملوك. وتاريخ القبور يقع بين سنة 3200 وسنة 3100ق م. طبقة ثمينة وتحت هذه القبور طبقة فارغة ووراءها عدة قبور مختلفة أقدم من القبور السالفة. وأثمن منها: إذ وجدنا فيها رقماً من الطين عليها كتابة أقرب من الصور وختوماً محفورة عليها أسامي بعض ملوك غير معروفين في أي تاريخ كان وفي الفرق بين الطبقة الواحدة والطبقة الأخرى وتغيير الكتابة دليل على أن مدة طويلة من الزمن جرت بينهما. والقبور السفلى أقدم من القبور العليا ولذلك يمكننا أن نؤرخ القبور السفلى ب3500 ق م. وكفانا دليلاً على غناها أننا حفرنا مدة ثلاث أسابيع ولم يمض يوم منها إلاَّ وجدنا فيه عروضاً ذهبية. واليوم كلما نتكلم عن قبور ثمينة يخطر ببالنا اللقى العجيبة التي وجدت في قبر (توت أنخ آمن) وليس ممكناً أن يستخرج من العراق قبور تحتوي أثاثاً كالأثاث الذي وجد في الغرف التي كشفت في طيوة وكلت من الجر وقد سلمت من عوادي الزمن، أو في القبور التي نعثر عليها في العراق فكانت جميع التقادم التي توضع مع الميت في قبره تلف بين باريتين مفروشتين ثم يكوم التراب عليها، والنتيجة التي لا مفر منها هي أن هذا العمل يتلف البواري. وقد فتت الفعل الكيماوي المتولد من الملح والرطوبة في مدة ألوف من السنين العروض الموضوعة الفضة والنحاس بل الحجر نفسه لم ينج دائماً من البلى. اللهم إلاَّ الذهب فأنه قاوم الفعل الكيماوي فسلم من الاضمحلال، وإذا قابلنا هذه القبور بقبور

مصر نكون غير منصفين إلا أنه يجوز لنا أن نقول أننا وجدنا بين هذه البقايا بعض العروض لا تسبق كنوز (توت أنخ آمن) بألفي سنة بل تناظرها مهارة وحرفة وفناً. وأهم ما عثرنا عليه قطعة مرصعة عليها ثماني قطع من الصدف: أربع منها مزخرفة برسوم مخططة والأربع الأخرى محفورة بكل دقة وعليها صور حيوانات والخطوط المحفورة محشوة ألواناً والحيوانات ملونة بالأسود وأرضها حمراء ويحيط بالصدف خط دقيق من حجر الكلس الأحمر وخط من حجر اللازورد ووجدنا أيضاً قطعة أخرى مشغولة أكثر إلاَّ أنها دون الأولى فناً. ويمكننا أن نعدها مائدة ملكية للقمار وعليها عشرون صدفة ورسوم كلها خطوط والخطوط محشوة معجونا أحمر ولازورد ويحيط بالخطوط لازورد وعاج وصدف وقد استخرجنا هذه القطعة من أقدم القبور. لقبة الموسم عثرنا عن أثمن قبر في أواخر موسم شغلنا ولما أردنا أن نحفره اضطررنا إلى أن نبقي عشرة عملة بعد ما كنا قد صرفنا زملاءهم وعلى عمق ثماني عشرة قدماً عثرنا على كنز من مواد نحاسية وعلى أسلحة موضوعة بين خطين أبيضين رقيقين يدلاننا على أثر البواري، ووجدنا هناك طوائف (طقوما) كاملة من أقلام الحفر (أزاميل) وحزماً ثقيلة من نصول الرماح ومعها قلما حفر (ازميلان) ونصل رمح من الذهب الخالص. فتتبعنا أثر البواري فوق فسحة أكبر مما كنا قد حفرنا إلى الآن فعثرنا في أثناء الحفر على مقدار كبير من الأسلحة النحاسية وأكثر فأكثر من الرماح ووجدنا من السهام ما يملأ كنائن ووجدنا أيضاً رؤوس رماح وصولجاناً ورؤوس فؤوس وقطعاً من القسي وغيرها من العروض التي لم نتمكن من تحقيقها. ثم وجدنا مبعثراً في الأرض خرزاً وقلائد من الحجر الكريم المصقول كالياقوت واللازورد وذهباً، وبعض هذه القلائد مصنوعة صنعاً فاخراً، ووجدنا أيضاً رباطاً من ذهب لربط القوس وقدوماً من ذهب مصمت يدها من خشب مطلية بجص أحمر ومربوطة بذهب رقيق. ووجدنا في آخر الأمر على حدة وشاحاً من فضة ومعلقة به علبة من ذهب للحلي والعلبة مزخرفة ومخرمة. ووجدنا فيها منتاشاً (ملقط شعر صغير) على حاله وملعقة وخنجراً صغيراً. وكل هذه العروض من ذهب معلقة بخاتم من الفضة، ووجدنا أيضاً خنجراً آخر وهو لقية الموسم، مقبضه قطعة من لازورد مشبع اللون، وهو مرصع بالذهب، ونصله من ذهب مصقول، وغمده من ذهب مصمت، وخلف الغمد ساذج أو قل فيه خطان من الخرز البسيط، ووجهه قطعة من نقش مشبك. وهذا الخنجر باق على حالته الأصلية ولما أخرجناه من مدفنه - وكنا نخرجه رويداً رويدا - كان ذلك أحسن مكافأة لنا في هذا الفصل من السنة ولما بذلنا من الجد والسعي، ولو استخرج هذا الخنجر في أي عصر كان، لتعجبنا من مهارة صناعته وصياغته فكيف لا نتعجب حين نعلم أنه صنع قبل 550 سنة؟ فهو بلا شك من أقدم نموذج من الصياغة. سي لنرد وولي

الفعل المهموز

الفعل المهموز في لغة عوام العراق المهموز ما كان أحد حروفه الأصلية همزة. وهو أما مهموز الفاء نحو أخذ، أو مهموز العين نحو سأل، أو مهموز اللام نحو قرأ. (مهموز الفاء) لم أجد في كلام العامة من مهموز الفاء سوى ثلاثة أفعال وهي: أخذ وأكل وأمر. فأما أخذ وأكل فأكثر ما يستعملونها بفتح الأول والثاني، وقلما يستعملونهما بكسر الأول وفتح الثاني. وأما أمر فالأكثر فيه أن يكون بضم الأول وفتح الثاني وقد يكسر أوله أيضاً. وأما آخر الفعل المهموز الفاء فكآخر السالم في جميع أحواله التي ذكرناها.

تصريف مهموز الفاء مع ضمائر الرفع ساكن مفتوح مفتوح مفتوح مكسور ساكن ساكن ساكن مكسور ساكن اَخَذْ اَخْذَوْا أَخْذَتْ أَخْذَنْ أَخَذِتْ أَخَذْتَو أَخَذْتِ أَخَذْتَنْ أَخَذِتْ أَخَذْنا تصريف مهموز الفاء مع ضمائر النصب مفتوح ساكن ساكن ساكن مفتوح ساكن مكسور ساكن ساكن ساكن أَخَذَه أَخَذْهَمْ أَخَذْها أَخَذْهِنْ أَخَذَكْ أَخَذْكُم أَخَذج أَخَذْجنْ أَخَذْني أَخَذْنا (تنبيه) إذا كان لام الفعل ذالاً أو دالاً أو ظاء واتصلت به تاء متحركة من ضمائر الرفع قلب تاء وأدغم في تاء الضمير المتحركة فيقال في: أخذتو أَخَتّو. وفي أٌخذت أَخْتِّ. وفي أخذتن اَخَتَّنْ. وكذلك يقال في: بعد وشرط وما شبههما. (مهموز العين) لم أجد من مهموز العين في كلامهم سوى سأل والشائع في استعماله أن يكون مكسور الأول مفتوح الثاني وقل من يفتح أوله أيضاً. وأما آخره كالسالم في جميع أحواله. تصريف مهموز العين مع ضمائر الرفع ساكن مفتوح مفتوح مفتوح مكسور ساكن ساكن ساكن مكسور ساكن سِألَ سِألَوا سِأَلَتْ سِأَلَنْ سِأَلِتْ سِأَلتْو سِأَلْتِ سِأَلْتَنْ سِأَلِتْ سألْنَ

(مهموز اللام) ليس في كلام العامة من مهموز اللام سوى قرأ وجاء فأما قرأ فيجعلون همزته ألفا ويسقطونها من اللفظ لما ذكرنا سابقاً من أنهم يسقطون من اللفظ كل ألف واقفة في آخر الكلمة، وهم لا يستعملون هذا الفعل أعني (قرأ) إلاَّ مكسور الأول مفتوح الثاني. ولما آخره كان تصريفه مع ضمائر الرفع كتصريف الفعل الناقص أي أن ألفه تسقط من اللفظ فقط مع ضمير المفرد الغائب وتسقط من اللفظ والخط معاً مع ضمير جمع الغائب وضمير المفرد الغائبة وجمع الغائبة. وتقلب ياء مع غير ذلك من ضمائر الرفع هكذا: قِرَا قِرَوا قِرَتْ قِرَن قِرَيْتْ قِرَيْتُو قِرَيْت قِرَيْتُنْ قِرَيْتُ قِرَيْنا وإما عند اتصال ضمائر النصب به فتظهر ألفه ولا تسقط من اللفظ كما هو الشأن في الأفعال الناقصة. وأما جاء فأنهم يحذفون الهمزة في آخره فيصبر (جا) وهذه الألف أي في (جا) يثبتونها في اللفظ مع ضمير المفرد الغائب وقد ذكره سبب ثبوتها في اللفظ فيما تقدم فأنظره ويحذفونها مع ضمير جمع الغائب والمفردة الغائبة وجمع الغائبة ويقلبونها ياء مع غير ذلك من ضمائر الرفع. فيكون تصريف جا مع ضمائر الرفع هكذا: جا جَوْا جَتْ جَنْ جَيْتْ جَيْتُو جَيْت جَيْتَن جيْتْ جَيْنا وربما كسروا الجيم مع الضمائر التي تقلب الألف معها ياء فقالوا: جِيْتْ جِيْتُو جِيْتِ جِيتَنْ جِيْتُ جِيْنا أما تصريف جا مع ضمائر النصب فهكذا: جاه جاهم جاها جاهنْ جاكْ جاكم جاج جاجُنْ جاني جانا معروف الرصافي

فوائد لغوية

فَوائِدْ لُغَوَيَةٌ هل كلمة (موسيقي) عريقة في اليونانية؟ - أن سألت علماء اللغة، من عرب وغربيين، عن أصل كلمة موسيقي، أتفق جميعهم على جواب واحد: (أنها يونانية أو إغريقية محضة. لا شبهة في ذلك). على أن لي خاطراً عن لي قبل نحو 25 سنة ولابد من بسط مقدمة له هنا: في أوائل شهر نيسان من سنة 1902 ذهبت لأتعهد بعض القرى المنبثة في شمالي بغداد، فزرت بهرز (وزان قنفذ) والهويدر (كأنها مصغر هادر) وبعقوبة وحديث (مصغرة) وهبهب (وزان زبرج). وبينما كنت في السمر في ليلة في بعقوبا عند صديق لي، سمعنا تغريد هزار حسن الصوت، فأردت أن أعرف أسمه عن أهل بعقوبا، فسألت الصديق عنه. فقال: هذا المزقة (ولفظها كخبزة) - لم أسمع حسناً. ما قلت؟ - مزقة (ولفظ الكلمة لفظاً بينا في مقطعين وتأتي في قطعهما) - مزقة؟ (بضم الميم وسكون الزاي وفتح القاف ثم هاء) - نعم مزقة. - وما معنى هذه الكلمة؟ - أتسألني هذا السؤال، وأنت أخبر مني في هذا الموضوع؟ - لو كنت أخبر منك لما سألتك؟ - المزقة مأخوذ من المزق أو التمزيق لأنه يمزق في أغلب ساعات الليل. - وهل التمزيق هو بالمعنى الشائع عند عوام بغداد أي الهزة والسخرية، أي أنه يهزأ من الناس ويسخر بهم؟

- لا لكن بمعنى الغناء والتغريد. - أني لا أعلم لفظة بالعربية تفيد هذا المعنى. فهل أهل بعقوبا يعرفون هذه الألفاظ بهذه المعاني التي تذكرها؟ - أني نجدي الأصل. وأتيت هنا للتجارة. ولا أعلم ما يسمي البعقوبيون هذا الطائر كما لا أدري أيسمون المزقة بهذا اللفظ أو بلفظ آخر. ثم لاحظت أن صاحبي ضاق ذرعاً من أسئلتي والحافي في الاستفسار، فطوينا بساط هذا الحديث، وانتقلنا إلى موضوع آخر بعد أن علقت في مذكرتي ما سمعته. وفي اليوم الثاني سألت بعض الأهالي عما يعرفونه من أمر هذا الطويئر؟ فقالوا: أسمه عندنا (بلبل هزار، أو هزار) لكننا لا نعرف المزقة بهذا المعنى كما لا نعرف ل (مزق) سوى معنى واحد وهو قطع وشقق وخرق أو بما يقارب هذا المؤدي. ولما عدت إلى بغداد أخذت أبحث عن كلمة (مزقة) في لسان العرب فوجدته يقول: (طائر وليس بثبت) ونقرت عنها في تاج العروس فألفيت فيه هذه العبارة (المزقة بالضم طائر صغير وليس بثبت) اهـ. أما سائر المعاجم اللغوية فلم تزد شيئاً على هذا القدر. وأما فعل (مزق) المجرد فلم أجد له في ديوان معنى يدل على الغناء بل وجدت للمزيد فيه هذا المعنى. قال في لسان العرب في مادة: م ز ق: (قال ابن بري: وحكى المفضل الضبي عن أحمد اللغوي: أن الممزق العبدي سمي بذلك لقوله: فمن مبلغ النعمان أن ابن أخته ... على العين يعتاد الصفا ويمزق ومعنى يمزق: يغني، قال وهذا يقوي قول الجوهري في كسر الزاي في الممزق إلاَّ أن المعروف في هذا البيت (يمزق) بالراء والتمزيق بالراء: الغناء، فلا حجة فيه على هذا لأن الزاي فيه تصحيف) انتهى بحرفه. فمن هذا الكلام نستنتج أن النجدي محق في ما قال: أي أن مزق عند العرب بمعنى غرد وغنى. ولا جرم أن الفعل مشتق من أسم الطائر المذكور أي أنهم عنوا بمزق: غنى؛ لأنه من عادة المزقة الغناء والتغريد. وهل من يشك في أن

مزق المزيد هو أصل ثلاثي مجرد لم يذكره اللغويون لأنه ممات؟ كما لا نرتاب في أن غنى ممات بخلاف غنى المزيد فهو مشهور المعنى. وأشتق السلف معنى مزق من المزقة كما اشتقوا (العندلة) من العندليل أو العندليب، قال في اللسان: (العندليل: طائر يصوت ألواناً، والبلبل يعندل أي يصوت وعندل الهدهد: إذا صوت، عندلة) اهـ. وعليه أننا نرى أن مرق بالراء تصحيف مزق بالزاي وليس العكس كما ذهب إليه علماؤنا الأقدمون لأن ليس لمادة مرق بالراء معنى يثبت له الغناء بخلاف مزق بالزاي فأن اشتقاقه من المزقة الطائر المغرد أي الهزار أو العندليب هو أمر لا ينكر. فقال أجدادنا (مزق) بالزاي كما يقول الإفرنج اليوم هذا فضلاً عن أن المزقة تقارب في مادتها مادة الزقزقة. ومن غريب ما يجب إثباته أن عوام العراق (لاحظ قولي: عوام العراق، إذن لا خواصهم) يسمون الموسيقي: مزيقة (وزان حقيقة) والحرف الذي يلي الميم هو زاي لا سين؛ فهم أقرب الناس إلى السلف البعيد واضع اللفظ من الخواص البعيدين عنهم والقريبين من الإفرنج وهم يجمعونها على مزائق كحقيقة وحقائق فهي عندهم أسم مصدر مثل نصيحة ونصائح. وأن سألت اليونانيين أو الإغريق: من أين أتيتم بكلمة (موسيقي)؟ أجابك لغويوهم للحال هي من وباللاتينية وهي معبودات العلوم الفتانة وهن تسع وكن يرأسن تلك العلوم والفنون ولا سيما الفصاحة والشعر. وأن ألحفت في السؤال وقلت لهم: ومن أين جاءتكم كلمة (موز) المذكورة وقفوا بين يديك مكتفي الأيدي واجمين أو قبلوا أنها مشتقة من مادة أو ومعناها فكر وعلم، قلنا: وهذه المادة أيضاً بهذا المعنى ندعيها لنا وهي من (مأن) (المهموز العين) أي علم وفكر (لسان العرب) ولهذا نقول أنكم يا أبناء الغرب أخذتم كلمتكم من أجدادنا حينما كان سلفكم يساكن سلفنا متجاورين متحابين لأن وضع الألفاظ الثنائية المقطع هو من خواص اللغات السامية ولا سيما من مزايا اللغة العربية وأغلب الألفاظ

اليونانية الوحيدة الهجاء أو الثنائية من أصل عربي ولنا أدلة على هذا الرأي وشواهد تسنده. أما المولدون من أجدادنا فأنهم فعلوا ما يفعل اليوم بعض معاصرينا من العوام. أي أنهم يتلقون من الإفرنج ألفاظاً متفرنجة وهي في الأصل عربية، مثل كلمة مخزن فأن الإفرنج نطقوا بها مغزن أو مكازن أي واليوم يستعدونها بصورة (مغازة) جاهلين أن هذا الحرف عربي النجار والمحتد وليس للإفرنجية فيه حظ، وهناك مفردات كثيرة كلها من هذا القبيل. فعندي أنه خير لنا أن نقول: مزق عوض دق على آلة موسيقي أو ضرب بآلة موسيقي أو عزف على آلة غناء أو غنى أو غيرها. وخير لنا أن نقول (مزيقة) من أن نقول (موسيقي) فتلك من لساننا وهذه من محرف كلامنا. ويحق لنا أن نسمي المعبودات المعروفات بالموزات ممرقات أو ممزقات أي بالراء أو بالزاي بدون فرق أو أن نبقيها على حالتها أي الموزات، من بلب تغيير اللفظ لأحداث تغيير في المعنى. وهنا لابد من أن نبحث عن نوع الغناء الذي خصه السلف باسم التمزيق أو التمريق وهو المرق أيضاً وأصح منه المزق (وأن لم يذكره اللغويون): قال في لسان العرب: التمريق: الغناء. وقيل هو رفع الصوت به. قال: ذهبت معد بالعلا ونهشل ... من بين تالي شهره وممرق والمرق بالسكون (أي بسكون الثاني): غناء الإماء والسفلة. وهو أسم والممرق (كمفخم) أيضاً من الغناء: الذي تغنيه السفلة والإما. ويقال للمغني نفسه: الممرق (كمحدث) وقد مرق يمرق تمريقاً: إذا غنى. وحكى ابن الأعرابي: مرق بالغناء. وأنشد:

أفي كل عام أنت مهدي قصيدة ... يمرق مذعور بها فالنهابل فأن كنت فاتتك العلا يا ابن ديسق ... فدعها ولكن لا تفتك الأسافل قال ابن بري: قال ابن خالويه: ليس أحد فسر التمريق إلاَّ أبو عمرو الزاهد قال: هو غناء السفلة والساسة. والنصب: غناء الركبان: وفي الحديث ذكر الممرق هو المغني) اهـ كلام ابن مكرم. وقد أوردنا كل هذا الكلام ليعلم منه أن المراد بالتمريق أو المزق غناء الإماء والسفلة وأغلب هؤلاء الناس كانوا من غير العرب، لأنه كان يؤتى بالإماء من الديار المجاورة لديارهم. كما أن السفلة قوم يطرأون من بلد إلى بلد متنقلين في كل مصر وصقع، ولهذا كانوا يتغنون بأغاني الأجانب الذين كانوا يسمون هذا الغناء (المزق) (بالزاي) أي لا المرق أو التمريق، كما سرى الوهم إلى الكثيرين، إذن كان المزق ما يسميه اليوم المحدثون من الإفرنج وقد يكون في أغلب الأحيان (مخرجاً) أي تغني به جماعة، وكل واحد يذهب في غنائه مذهب صوت خاص به ومن مجموع هذه الأصوات يتقوم غناء لذيذ، أي أن هذا (المزق أو المرق المجنس أو المخرج) هو المعروف عند الفرنسيين باسم قال الزمخشري في أساسه: (مرقت السفلة والإماء تمريقاً إذا غنت، وفلان ممرق كأنه المخرج من جملة ألحان المغنين. قال: من نوحها طوراً ومن تمريقها ... بقبقة الصالف من تطليقها. . . ولعل معترضاً يقول: أن ورود المرق أو المزق على ألسنة الإماء أو السفلة دليل واضح على أنه غير خاص بالعرب، ولا سيما من بعد أن اطلعنا على أن النصب أو الحداء أو غيرهما خاص بهم، أما المزق فآت من غير بلادهم. وناقلوها هم هؤلاء الإماء والسفلة وفي ذلك من وضوح نسبه إلى الأعاجم ما لا يحتاج إلى دليل آخر بشهادة السلف أنفسهم. قلنا: إننا لا ننكر دخول المزق في ديار الناطقين بالضاد من بلاد اليونان أو الناطقين بالرومية، إنما نقول أن لفظة (المزق) من أصل عربي ولعل في القدم فأحتفظ به الأجانب. ولما عاد هذا الغناء المخرج إلى واضعي الحرف نفسه حرفوه أو صحفوه جهلاً فالعود إليه أي إلى لفظ (المزق) حسن، وأما المذهب الجديد في إخراج هذا الضرب من الغناء فعائد إلى الأجانب، ولا سيما عائد إلى اليونان لأنهم اشتهروا به من عهد عهيد، ومن المعروفين به: أبلن وأرفي ولينس وأنفيون وأريون وبان وفي كل ذلك من غرائب الأسرار ما يحير الأفكار، فسبحان من ينير وهو هو على ممر الإعصار!

باب المكاتبة والمذاكرة

بابُ المكَاتَبَة والمذاكرة نظرة في كتابين سيدي الفاضل صاحب مجلة لغة العرب المحترم ذكرتم في (ص: 136) من كتابكم الجليل (خلاصة تاريخ العراق): (على أن الشيعة لم يحرموا التصوير والتمثيل لأنهم لم يروا في القرآن آية تدل على تحريمهما إلاَّ أنهم حرموا صنع التماثيل لقربها من هيئة الأصنام والأوثان) اه قلنا: لا يخفى أن أدلة الشيعة وحججهم في استنباط فروع الدين والأحكام أربعة: القرآن والسنة (الأحاديث النبوية والأخبار الواردة عن آل البيت) والعقل وإجماع العلماء. ولذلك لا نرى وجهاً لكلامكم: (لأنهم لم يروا في القرآن آية تدل على تحريمهما) أما صنع التماثيل فقد ورد تحريمه في أخبار آل البيت عليهم السلام فالصحيح أن يقال (على أن الشيعة لم يحرموا التصوير والتمثيل لأنهم لم يجدوا عندهم دليلاً على تحريمهما إلاَّ إنهم حرموا صنع التماثيل ولعله لقربها من هيئة الأصنام والأوثان) (لغة العرب: نحن نشكر الشيخ العلوي على تنبيهه هذا)

وذكرتم في ص: 195 من الكتاب المذكور (الشاه اسمعيل بن حيدر بن جنيد) والصواب (الشاه اسمعيل بن حيدر بن صفي بن جنيد) (لغة العرب: لك الشكر ثانية) وقلتم في (ص: 195) أيضاً (لكن لما مات الشاه اسمعيل وملك بعده أخوه محمد خدابنده. . .) ولا يخفى أن الذي ملك بعد الشاه اسمعيل هو ولده الشاه طهماسب ثم ولده الشاه اسمعيل الثاني، وانتقل الأمر من بعده إلى أخيه محمد خدابنده. وربما يقال أن المؤلف قصد بالشاه اسمعيل: الثاني دون الأول. قلنا: إن الذي دخل العراق وفتح كثيراً من البلاد هو الشاه اسمعيل الأول أما الشاه اسمعيل الثاني فقد كان ضعيف الرأي ليست له معرفة بشؤون المملكة ولا بالسياسة ولم يدخل العراق ولم يتيسر له فتح البلاد. (لغة العرب: هنا نشكر الشيخ ثالثة) وذكرتم في كتابكم الآخر الفوز بالمراد (ص: 19) ما نصه: (وقد ذكر بعض المؤرخين من الفرس كلمة خربنده مصحفة بصورة خدابنده والأصح الرواية الأولى وإن تابعهم في غلطهم هذا البستاني في دائرة المعارف في مادة بغداد في (5: 515) وإنما صحفوها بصورة خدابنده تعصباً لا طلباً للحقيقة لأن معنى خربنده عبد الحمار أو خادم الحمار وأما خدابنده فمعناه عبد الله أو خادم الله راجع تاج العروس في مستدرك مادة خرد تره يقول: (وخربنده ملك العراق فارسية أي عبد الحمار) اهـ وأزيد على ذلك كلمة خربنده معروفة إلى يومنا هذا في بغداد ومنها بستان خربنده). اهـ نص ما في كتاب الفوز بالمراد فأقول: إن مؤرخي الفرس قد أجمعوا على أن الكلمة (خدابنده) ووافقهم مؤرخو العرب في ذلك ولم يخالفهم سوى القليلين المعدودين على الأصابع. أما التعصب الذي ذكرتموه فيندر وجوده بين المؤرخين (والنادر كالمعدوم) هذا الحسن بن يوسف بن المطهر العلامة الحلي المعاصر للملك خدابنده المغولي

ألف رسالة في جواب سؤاله عن حكمة وقوع النسخ في الأحكام، وذكر فيها (وفي بعض رسائله) اسمه بصورة خدابنده. أما شهرة هذه الكلمة في بغداد بصورة خربنده فلا ينافي كلامنا (فرب شهرة لا أصل لها). وهناك ألفاظ كثيرة قد اشتهرت بصورة قمتم بتصحيحها أداء للواجب وخدمة للغة. هذا ما أردت التنبيه عليه ومن الله التوفيق. سبزوار (إيران) في 3 أيار 1927 محمد مهدي العلوي (لغة العرب) ليس هنا محل إظهار ما بعض التأليف من الغايات الدالة على مكنونات الصدور، إلاَّ أن الذي يحب الوقوف عليها ليرجع إلى مصنفات الإفرنج الذين بينوا ما هناك من آيات التحزب والتعصب. جواب عن استفسار أشكر حضرة الكيماوي عبد الوهاب القنواتي على حُسن ظنه بي ولا سيما أشكره على تنبيهه إياي أن المرقشيثا غير المسماة بالفرنسية بل هي اليرموث (راجع مجلة المعهد الطبي العربي 4: 25) قلنا: لما كتبنا ما نبهنا عليه في وقته من الخواطر كان اعتمادنا على ما هو شائع في اصطلاح الفرنسيين لأن صاحب المقالة كان قد قابل الألفاظ العربية بالألفاظ الفرنسية فقلنا: إذا كان الأمر على هذا الوجه فالمرقشيثا لا يقابلها في لغة أبناء الغاليين إلاَّ لا غير؛ وأما أن هذه اللفظة المنقولة عن العرب تبين غير ذلك في سائر اللغات فهذا محتمل ونحن لا نناقش أحداً فيه إذ لا مشاحة في الاصطلاح. وعليه فهذا جوابنا: 1 - ليست مرقشيثا (بالثاء المثلثة) عربية البتة وإن كان أبناء الغرب أخذوها عنا، وليس لها أدنى صلة بالألفاظ العربية، إنما مرقشيثا كلمة أرميه

(كيفاقاشيثا) أي الحجر القاسي أو الصلب أو الصلد أو ما شابه هذه المعاني، ثم أقحمت الراء بين الميم والقاف لتسهيل النطق بها (والراء من أحرف الذلاقة) فصارت ما ترى، وقد ذكرها ابن البيطار في مفرداته قبل أن يخلق اغريقلا ونقلها الحكيم لكلير إلى الفرنسية باسم أو فالمرقشيثا ضرب من البوريطس أو الكبريتور. 2 - أما أن المحدثين نقلوها اليوم إلى معنى (البزموث) فهذا لا يعنينا، فأن المرقشيثا يبقى معناها عندنا العرب كما كانت وستبقى بمعناها إلى ما شاء الله ولا يهمنا تحريف أبناء الغرب لها وإخراجها عن مألوف معناها الذي وضع لها. 3 - أما قول حضرة الكيماوي أن كاشفه سماه في سنة 1539 فنظن أن هناك خطأ طبع لأن كشفه كان في سنة 1529. 4 - إن الإفرنج صرحوا بأنهم لا يعرفون أصل كلمة بزموث وعندنا أنها عربية منقولة عن (أثمد) المجرورة بالباء أي (باثمد) فقرءوها أي قرءوا الثاء المثلثة سينا كما قالوا في خبث وقلبوا الدال كما قالوا في العود واصلوا باء الجر لأنهم وجودها متحدة بها فاعتبروها كلمة واحدة فكان منها ذلك الوهم. هذا رأينا وإن كنا نحترم رأي الغير ولكي ننفي عن حضرة المستفسر كل شك وريبة ويتأكد جد التأكد أن المرقشيثا هي البيريت نفسها أي نحيله على أن يلقي نظرة في مفردات ابن البيطار فقد قال في 127: 1 من مفرداته طبعة مصر: بوريطش هو حجر المرقشيثا وقد ذكرته في حرف الميم اهـ. أي في مرقشيثا، فلقد قطعت جهيزة قول كل خطيب وليس لنا حاجة إلى أن نقول أن بوريطش هي قراءة كلمة على الطريقة اليونانية مع جعل السين شيئاً كما قال بعضهم أوغشطش وهو يريد أوغسطس، إلى غيرها. وقد جاءت أيضاً بمعنى كبريتور لأن المرقشيثا لا تخلو من كبريت فأحفظ كل ذلك تصب إن شاء الله.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة 1 - ها هو ذا وتصريفها ذكرت لغة العرب في 4: 297 أنه لا يقال ها هو ذا الناس بل هاهم أولاء الناس. والحال أننا وجدنا في التوراة العربية المطبوعة في مطبعة الأباء اليسوعيين في بيروت - وكان قد اعتنى الشيخ إبراهيم اليازجي اللغوي الشهير بتهذيب عبارتها - ما يخالف تصويبكم، فأين الحق؟ وهل لكم أن تنصوا على القاعدة المتبعة في مثل هذا الموطن؟ أما أن النسخة اليسوعية تخالف ما صرحتم به فظاهر من هذه الآيات: هو ذا بنو الملك مقبلون (2 سفر الملوك 13: 35) وفيه (أي في 3 سفر الملوك 1: 25) وهو ذا هم يأكلون وفي 4: 2: 16: وقالوا له هو ذا مع عبيدك خمسون رجلاً ذوو بأس يمضون ويفتشون على سيدك. . . وهناك غير هذه الآيات وكلها تخالف مدعاكم فما قولكم؟ بيروت ج - قبل أن نجاوبكم نذكر لكم القاعدة المتبعة عند فصحاء العرب، فقد قال أهل العربية: أن (ها) الموضوعة للتنبيه لا تدخل على ضمير الرفع المنفصل

الواقع مبتدأ إلاَّ إذا أخبر عنه باسم إشارة نحو: (ها أنتم أولاء، ها أنتم هؤلاء فأما إذا كان الخبر غير إشارة فلا. اهـ. إذا نقول ها هو ذا، هاهما ذان هاهم أولاء؛ هاهي ذه أو ذي، هاهما تان، هاهم أولاء؛ ها أنت ذا، ها أنتما ذان، ها أنتم أولاء؛ ها أنت ذي أو ذه، ها أنتما تان. ها أنتن أولاء: ها أنا ذا (للمذكر) ها أنا ذي (للمؤنث) ها نحن أولاء (لجمع المذكر المؤنث). فإذا علمت هذه القاعدة تحققت أنه لا يقال: هو ذا بنو الملك مقبلون، بل هاهم أولاء بنو الملك. وكذلك لا يقال: هو ذا هم يأكلون، بل هاهم أولاء يأكلون، ولا يقال هو ذا مع عبيدك خمسون رجلاً، بل هاهم أولاء مع عبيدك خمسون رجلاً. وقد تكرر هذا الخطأ مراراً عديدة في جميع أسفار التوراة المذكورة ونحن نذكر بعضها في سفر الملوك 2: 24 - 22 هو ذا البقر. والصواب ها هو ذا البقر أو ها هي ذي البقر. . . وفي سفر يشوع 7: 21 وها هي مدفونة والصواب وهاهي ذي أو ذه مدفونة، وفي سفر الملوك 2: 16 - 8 وها أنت واقع في شرك، والصواب وها أنت ذا. وفي 4: 10 - 4 فخافوا جداً جداً وقالوا: هو ذا ملكان لم يثبتا أمامه، وهذا غلط أعظم مما تقدم ذكره. . والصواب هاهما ذان ملكان لم يثبتا أمامه. . . ونحن لا نريد أن نتتبع جميع الآيات التي جاء فيها هذا الغلط أو هذا الوهم فالظاهر أن الواقفين على نقل هذه الترجمة من التوراة لم يكونوا من الواقفين وقوفاً صحيحاً على هذه القاعدة لأن الوهم لم يقع فيها مرة أو مرتين أو عشر مرات أو عشرين مرة بل مئات فلتصلح جرياً على هذه القاعدة. 2 - خابرة من - أيجوز أن تستعمل (خابرة) بمعنى فاتحة في الأمر. وذاكره فيه وفاوضه وأشترك وإياه في ذكر الخبر؟ البصرة: ي. ن. لم يذكر أصحاب دواوين اللغة هذا الفعل بالمعنى الذي تشيرون إليه.

ولهذا أنكر وجوده بعض متفصحي هذا العهد، إلاَّ أن هؤلاء جهلوا أن مفردات اللسان لم تدون جميعها في تلك المعاجم. أفمن الممكن أن تحصر هذه اللغة العدنانية - وهي ذيالك البحر اللجي - في أناء صغير يسمونه المعجم. أو الديوان، أو الكتاب، أو السفر أو نحو ذلك؟ أن هذا لمستحيل. على أن لفظة (المخابرة) بالمعنى الذي تشيرون إليه وردت في قصيدة نظم لآلئها قدم (وزان زفر) بن قادم من أبناء المائة الخامسة للمسيح أي قبل الإسلام بنحو قرنين. والقصيدة في مائة وتسعة عشر بيتاً، وقد عني بطبعها السنيور غريفيني، من مستشرقي الإيطاليين. وهذا نص البيت الذي ورد فيه ذكر هذا الحرف: سلي يا أبنة الأقيال عني فارساً ... ولا تسألني إلاَّ خبيراً مخابراً على أننا لا نعتقد أن تلك القصيدة صحيحة النسب إلى قائلها. ولا هي من سبك ذيالك العصر لأسباب جمة لا محل لذكرها هنا، وكنا قد عددناها لناشر بردتها رحمه الله، فسلم لنا بصحتها، على أنها مع ذلك قديمة العهد بلا ريب، هذا من جهة ورود اللفظ في سابق الزمن. بيد أن هنالك أمراً آخر يسوغ لنا استعمال ذلك الحرف بالصيغة أو بأوزن المذكور، وهو الاشتقاق لأن السلف إذا جاز له أن يشتق (خابر) من أسم مدينة (خيبر) تلك البلدة الشهيرة في عربة لأن اليهود سكانها أشترط عليهم البقاء بشرط القبول بالمزارعة فرضوا (راجع كتاب الخراج لأبي يوسف في ص29 من طبعة بولاق وفي صفحات أخرى عديدة تتلوها) فكيف لا يجوز لنا أن نشتق مثل هذا الوزن من لفظة (الخبر) وعندنا من أوزانه الباب الأول والرابع والخامس والعاشر (أي خبر وأخبر وتخبر وأستخبر)؟ زد على ذلك أن المرادفات التي ذكروها لذلك الفعل ليست منها في شيء البتة، إذ ما يذكره المتفصحون المحدثون لا يفيد فائدة (خابر) فألفاظهم في واد، وكلمتنا في واد، ذلك ما ينطق به كل من له أدنى وقوف على اللغة ولا حاجة إلى التنبيه عليه.

باب المشارفة والانتقاد

بابُ المُشَارفَةَ وَالانتَقاد 19 - جامع التصانيف الحديثة (راجع لغة العرب 4: 614) نظرت في كتاب (جامع التصانيف الحديثة) لمؤلفه الفاضل يوسف اليان سركيس الدمشقي فحمدت للأديب غيرته وحرصه على تسجيل آثار اللغة العربية في أيامنا، وقد بدت لي الملاحظات التالية في أثناء تصفحي هذا الكتاب. 1 - زعم المؤلف أن كتابه (جامع للتصانيف الحديثة التي طبعت في البلاد الشرقية والغربية والأمريكية من سنة 1920 إلى سنة 1926) مع أنه حوى طائفة من هذه التصانيف ولم يجمعها كلها وأكبر شاهد على ذلك خلوه من ذكر مئات من الكتب أو الرسائل المطبوعة في العراق وسورية وأوربة وأميركة وحتى مصر نفسها التي يقيم فيها المؤلف. وفي ذكر (الأمريكية) بعد أن قال الغربية إيهام إذ تسد كلمة الغربية مسد الأمريكية لأنه لم يقل الأوربية ليذكر الأمريكية بعدها فهذه كلها بلاد يطلق عليها الكتبة العصريون (الغرب) أو البلاد الغربية. 2 - جرى في ذكر أسماء المؤلفين في فهرسته الأبجدي مبتدئاً بذكر أسم المؤلف فأسم أبيه ولقبه أو أسم أسرته. وهذا خلاف الأصول في مثل هذه الفهارس الأبجدية فقد جرت العادة أن يذكر أسم الأسرة أو الشهرة وبجانبه أسم الشخص، كما فعل المصنف نفسه في بعض الأعلام، فقال ص138. ابن الجوزي: أبو الفرج عبد الرحمن ولكنه في الصفحة نفسها قال: إبراهيم عبد القادر المازني - وكان يجب أن يقول: المازني (إبراهيم عبد القادر)

ذكر أسم مؤلف كتاب (أبو الطيب المتنبي) حلمي بك فقط (ص4) مع أن أسمه محمد كمال حلمي بك - قال عن (أبطال الوطنية) (ص4) (أشترك في تأليفه نخبة من كتاب العصر) مع أنه تأليف محيي الدين رضا بمصر، ولكنه جمع فيه نخبة من مقالات كتاب العصر في الذين ترجمهم وصورهم. - نسب جمع (الأدباء الخمس) (كذا) إلى إسماعيل عبد المجيد مع أنه لمحمد عبد المجيد. - قال عن (أشهر الخطب ومشاهير الخطباء) نشره أميل زيدان وسلامه موسى. والحقيقة أنه تأليف سلامه موسى وقد نشرته مجلة الهلال لصاحبها أميل زيدان. - قال عن كتابي (أمين الريحاني في العراق) ترجمة آثاره. أقوال المشاهير فيه. بينما هو يحوي ترجمته ووصف رحلته في البلدان العربية وحفلات تكريمه في العراق وما قيل فيها. كما أغفل ذكر جامعه (كاتب هذه السطور). - ذكر عن (المختصر في تاريخ آداب اللغة العربية) لجرجي زيدان أن قد اختصره أنيس الخوري المقدسي (ص8) مع أن المقدسي نظر فيه أما اختصاره فقد كان بقلم مؤلف الكتاب المطول المرحوم زيدان نفسه. ولا تزال مجلة الهلال تعلن في كل جزء من أجزائها عن الكتاب وتنسبه إلى مؤلفه الحقيقي. ولكنه عاد فذكره على الوجه الصحيح (ص27) برقم آخر. - أشار إلى صدور الجزء الأول فقط من (تاريخ الكويت) (ص11) وقد صدر منه جزءان. - أغفل اسم واضع (تقرير صحة بغداد) للدكتور سامي ذاكراً اسم أسرته فقط. - قدم وأخر في اسم مؤلف (جغرافية العراق) فسماه عيسى رزوق وهو رزوق عيسى. - نسب (قضية فلسطين) إلى خلف شوقي الداودي (ص24) وهي مترجمة

بقلمه عن صحيفة إنكليزية شهيرة. - لم ينوه عند ما ذكره (مذكرات مسز إسكويث) بتعريب السيدة منيرة صبري أن أسعد خليل داغر ترجم هذه المذكرات بعنوان (مذكرات مدام إسكويث) ونشرتها مكتبة العرب بمصر قبل نشر تعريب السيدة المشار إليها. - أخطأ في اسم أسرة مؤلف (نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق) فقال يوسف رزق الله غنيم. وهو (غنيمة) كما وهم في اسم المطبعة التي طبع فيها فذكر مطبعة العراق وهي مطبعة الفرات، وقد سها عن ذكر كتاب (محاضرات في تاريخ مدن العراق) ليوسف رزق الله غنيمه (ص136). - جعل (أسباب النهضة العربية في القرن التاسع عشر) للنصولي كتابين الأول برقم 256 وقد أسماه (النهضة العربية الخ) والثاني برقم 295 مسمياً إياه على الوجه الصحيح. - ذكر (أصول التدريس) تأليف ساطع الحصري (ص38) وجعل جزءوه الثاني كتاب الحصري الآخر (مبادئ القراءة الخلدونية) مع أنهما كتابان مختلفان الأول في فن التربية والتعليم صدر منه إلى الآن جزءان والثاني في تعليم التهجئة ومبادئ القراءة العربية. وقد طبع أولاً في البصرة ثم طبع مرات في المطبعة السلفية بمصر، والأغرب أنه جعل الكتاب الذي ألفه الحصري لإرشاد المدرسين إلى كيفية (تعليم الآلف باء) وتدريس كتابه مبادئ القراءة جزءاً ثالثاً لأصول التدريس! مع أنه كتاب مستقل للغرض الذي بيناه، وقد أخطأ في اسم ساطع في الفهرس (ص35 و 138) فقال (ابن خلدون ساطع الحصري) مع أنه أبو خلدون كناية باسم نجله خلدون. - جعل (التهذيب أساس الحضارة) (ص41 و 62) كتابين من مطبوعات منتدى التهذيب في بغداد في حين أن هذه العبارة اتخذها المنتدى شعاراً أثبته في عنوان كل من الرسالتين اللتين نشرهما وهما: (1) الحفلة السنوية الكبرى لسنة المنتدى الاولى، وصفها وما قيل فيها من الخطب والقصائد، مطبعة العراق ببغداد ص87. (2) الحفلة التكريمية التي أقامها المنتدى للزهاوي في 10 حزيران 1923

وصفها وما قيل فيها، مطبعة العراق بغداد ص87. وليس للمنتدى كتاب بهذا الاسم ولم ينشر بعد تينك الرسالتين شيئاً. ذكر أن (جواهر الأدب من خزائن العرب) لسليم صادر (بيروت) أربعة أجزاء وهو خمسة. - نسب جمع رسالة (حفلة تكريم الزهاوي) (ص43) إلى محمود حلمي صاحب المكتبة العصرية في بغداد بينما الرجل كتبي وهو ناشرها أما جامعها فكاتب هذه السطور ولم أر أنها مما يجب أن أتبجح به ولا سيما لي فيها خطة طويلة ومقالات أخرى مما نشر في جرائد بغداد بتواقيع مستعارة أو بلا توقيع. - قال عن رباعيات الزهاوي (45) من مختارات ما نظم في حين أنها رباعيات منظومة نظماً خاصاً بهذا الأسلوب والطريقة وليست هي مختارات لنظم الرجل، وقد سها فذكر في السطر الثاني أن قد طبع الثاني من هذه الرباعيات في بيروت سنة 1924، مع أن رباعيات الزهاوي هي جزء واحد طبعت في بيروت كما ذكر. - قال عن مؤلف كتاب (الطريقة الاستقرائية في القواعد العربية) (ص48) (لصاحبها رفائيل المعروف بابو (كذا) إسحق) والصحيح أن أسم المؤلف رفائيل بابو اسحق ولفظ بابو ليست كنية بل هي حرف كلداني معناه الرئيس. - ذكر أسم كتاب (العقد الثمين في تربية البنين) (ص48) ولم يزد على ذلك شيئاً. وهذا الكتاب تأليف خليل بيدس صاحب مجلة النفائس المصرية في القدس سابقاً. وهو من الآثار المطبوعة قبل الحرب العظمى ولا يدخل في الكتاب الذي نحن بصدده. - إن (ميخائيل نعيمة) (ص48) مستشار جمعية الرابطة (القلمية) وليس العلمية كما ورد في الكتاب. - (في عالم الأدب) و (في عالم الرؤيا) (ص50) ليسا من مؤلفات جبران خليل جبران وإن كانا يحويان مقالات له، إنما هي مجموعات نشرها أحد المصريين. - كان يحسن بالمؤلف أن يشير عندما ذكر كتاب (أولادي) لبولي دوبر

(ص51) أن قد ترجم هذا الكتاب إلى العربية ترجمة فصيحة الشهيد المرحوم عبد الغني العريسي الذي شنقه جمال السفاح في من شنق من أحرار العرب في خلال الحرب الكبرى وطبع في بيروت باسم (كتاب البنين). - قصر (المثالث والمثاني) (ص53) على مجموعة من خطوط أدباء الوطن، مع أنها مجموعة شعرية نظم صاحبها حليم دموس وفيها مجموعة للخطوط. - جعل (الشيخ مهدي البصير) بغدادياً ومن شعراء القرن الرابع عشر (ص74) يريد التاريخ الميلادي ظانا على ما نعتقد انه من القدماء في حين أن البصير حلي من الحلة ومن أبناء القرن الرابع عشر الهجري ولا يزال حيا يرزق. - وهم في اسم مختارات الشيخ عبد القادر المغربي فسماها (البيان) (ص85) وهي (البينات). - سمى مجلة أمين الغريب (الحارث) (ص105) وهي (الحارس). - اخطأ في اسم كتاب الأستاذ إسماعيل مظهر في النشوء والارتقاء فسماه (ملتقى السبيل) (ص106) وهو (ملقى السبيل). - لما ذكر (الاقتصاد السياسي) تأليف شارل جيد الاقتصادي الفرنسي الشهير (ص107) فاته أن يذكر إن ما عربه نجيب مكرينه هو جزء من كتاب (مبادئ الاقتصاد السياسي) للمؤلف المذكور الذي عربه كله تعريباً وافياً الأستاذ توفيق السويدي أستاذ هذا العلم في كلية الحقوق في بغداد وطبعه في مطبعة دار السلام ببغداد سنة 1924م. - نسب رسالة (الامتيازات الأجنبية) لعبد الله مشنوق (ص108) وليس للمذكور رسالة بهذا الموضوع، إنما هذه الرسالة بقلم سعيد عمون. هذا بعض ما عثرت عليه في أثناء تصفحي الكتاب تصفح عجلان. واكرر في الختام ثنائي على جهود المؤلف وغيرته على تخليد الآثار العربية. رفائيل بطي 20 - حرية الفكر وأبطالها في التاريخ تأليف سلامة موسى عنيت بنشره إدارة الهلال بمصر في 200 ص بقطع 12 يقول قافة الإفرنج (جمع قائف) من المحدثين: في قحف الإنسان أو في

رأسه عدة بروزات أو نتوءات تدل على ما فيه من الميل والاستعداد والتخصص. والظاهر أن في رأس صاحب هذا التصنيف نتوءاً أو بروزاً يريد الدين عفوا لكل حسن أو نجاح أو تقدم. لأنك لا تقرأ كتاباً أو مقالاً أو سطوراً إلاَّ تعرف أن صاحبها سلامة موسى، لما قد امتاز به من تصوره الغريب عن الدين. وأن قلت بعبارة ثانية أن ليس في رأس (موسانا) بروز دين فلا نكون من المخطئين ومن رأى صورته في جزء مايو من هلال هذه السنة لم ينكر علينا هذا الأمر بل يقر به قبل أن يقرأ اسمه تحتها. ونحن نعلم علم اليقين إن سلامة لا يكتب ما يكتب عن علم وتحقيق بل عن مرض مزمن فيه. ولهذا نعذره على كل ما يدونه لأنه غير مسؤول عما يمليه عليه (نتوء دماغه اللاديني) بل نستغرب من صاحب الهلال نشره مثل هذه التصانيف الخرافية التي تزري به وتحط من قدره. 21 - ما تراه العيون لمحمد تيمور. الطبعة الثانية في 152 ص بقطع 12 كل عضو من أعضاء آل تيمور نابغة عصر في ما يعالجه من المواضيع. والمرحوم محمد كان أول من حبب روح التمثيل في البلاد العربية اللسان ولا سيما في مصر وهو أول من وضع الأقاصيص العصرية في لغتنا. فأفاد جمهور القراء من خاصة وعامة وفاز فوزاً عظيماً في ما توخاه من إصلاح العلات وتقويم أنواع الاعوجاج. وهذا الكتاب لا ينماز كثيرا عن شقيقه (الشيخ جمعة) (راجع لغة العرب 5: 50) فهما شقيقان في النسبين الدموي والأدبي. وهذا من أغرب الغرائب، على أننا نرى عبارة الشيخ جمعة أقوم وأسد وعسانا أن نكون مخطئين! 22 - طريقة سهلة للتكلم بالعربية العامية العراقية طبع في مطبعة أمين هندية في القاهرة في 192 ص بقطع 16 في سنة 1918 لكل قطر من الأقطار التي تنطق بلغة الضاد لهجة خاصة بها ترتقي إلى عصور

دخول العرب الفاتحين في الديار التي هجر أهاليها لغتهم الأصلية لينطقوا بالعربية لغة المتغلبين. ولقد طالعنا مؤلفات عديدة تدعي أنها تلقن العربية بسهولة وبسرعة ولما أنعمنا النظر فيها لم نجد كتاباً أوفى بالمقصود مثل كتاب يوسف نعيم بحوشي فأنه درس كثيرين من الإنكليز لغتنا فتلقوها بسهولة، ولما زاول هذه المهنة عدة سنوات وضع هذا الكتيب فإذا هو درة في جنسه. فنحض الأجانب على اقتنائه لما فيه من القواعد العامة والألفاظ الخاصة بلغة العراق ولهجته. 23 - السائح الممتاز هذا الجزء من جريدة السائح الممتاز يدل على تبحر في العمران وإمعان في الحضارة العربية، إذ فيه قصائد ومقالات شائقة كلها درر ومطبوعة على كاغد فاخر لا تدانيه في شئ مجلة من مجلاتنا. ومع كل إطرائنا لهذا الجزء الممتاز لا ننكر على أصحابه أنهم يتساهلون في اتخاذ ألفاظ أو تعابير مخالفة لمحكم لسان العرب الذي ينتسبون إليه ويكتبون فيه. فقد قرأنا اتفاقاً (صفحة من تاريخ الأندلس العربي) (ص93) وما يليها فوجدنا فيه: الثقاة. . . لم يدانيه. . . لا أدري لماذا أو بالحري. . . (ص93) فأبى الرجل الصالح من الجلوس (ص94) وكان الصميل أميا لا يقرأ. . . كان ملكاً بالفعل إن لم يكن بالاسم (ص95) إلى آخر ما هناك وهي كثيرة. ونظن أنه لو قال صاحب البراعة: الثقات. . . لم يدانه. . . . لا أدري السبب أو قل. . . فأبى الرجل الصالح الجلوس. . . وكان الصميل أميا لا يقرأ. . . كان ملكاً بالفعل إن لم يكن (أو ألم يكن) بالاسم. . . لكان أقرب إلى الفصيح! 24 - نبذة في حياة واستشهاد ثلثة طوباويين من جمعية كهنة الرسالة المعروفين بالعازريين بقلم الأب يوسف علوان اللعازري كثيرون هم الكهنة الذين يؤلفون كتباً ويحبرون المقالات من دينية ودنيوية، إلاَّ أغلبهم قد ألفوا عبارات وتراكيب سقيمة تلقوها عن المرسلين الإفرنج الذين لم يتقنوا العربية فأنتقل هذا الداء العياء إلى من يتصفح كتبهم.

وهذه المؤلفات الدينية المطبوعة في بيروت في دور مختلفة تدعم رأينا هذا. على أننا رأينا الأب يوسف علوان اللعازري يحاول تحطيم هذه القيود والتخلص من تلك السلاسل الصدئة. وهذه النبذة تثبت ما يقوله فأن هذا المرسل غيور على كل ما يقول ويفعل. بيد أننا لا نريد أن نقول لا يخطأ في ما يكتب. بل أن قلمه أصح من سائر خدم الدين الذين يعالجون التحبير والتحرير، ومن أوهامه قوله: الكهربائية. . . وسعوف النخل الخضراء (ص1) أولاً افتخاراً به وإعجاباً ليس فقط لأنه أخونا. . . باتحادها مع الكنيسة. . . عن أعين أخوته. . . في أن يكرساه للرب (ص2) لم يكونوا يعرفوا (ص3) إلى غيرها. ونظن أن الصواب هو الكهربية. . . والسعوف (والأحسن والشطب، لأنك أن قلت السعوف استغنيت عن قولك النخل الخضراء، إذ السعف لا يكون إلاَّ للنخل. كما أنك لا تقول حذاء الرجل ولا قلنسوة الرأس). ولا تتجاوز (ليس فقط) في عبارة بل يقال مثلاً لا لأنه أخونا فقط بل. . . باتحادها بالكنيسة. . . عن عيون أخوته في أن يحرراه للرب. . . لم يكونوا يعرفون. . . ولعل هذه الأغلاط من صاحب المجلة التي أدرجت فيها أولاً هذه النبذة، لأننا نراها ترد كثيراً على أسلة قلمه. وربما نحن غير مصيبين فنلتمس حينئذ العذر والصفح! 25 - كتاب إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب للمعروف بمعجم الأدباء أو طبقات الأدباء لياقوت الرومي وقد اعتنى بنسخه وتصحيحه: د. س. مرجليوث الجزء السابع الطبعة الأولى مطبعة هندية بالموسكي بمصر سنة 1925 فضل العلامة مرجليوث مما لا ينكره أحد، فقد ألف عدة تأليف موضوعها الشرق ولغاته وتاريخه وتحقيقات عن مشاهيره. والعرب يشهدون له بما أحيا من الكتب القديمة التي كادت تفنى فبعثها من قبورها بنشرها بأحسن حلة وأبدع وشي، ومن جملة ما نفخ فيه نسمة الرجعة معجم الأدباء لياقوت. وكنا قد

أسلفنا الكلام عن الطبعة الثانية من الجزء الأول (4: 95 - 101) والآن أمامنا الجزء السابع الذي أهدانا إياه صديقنا الوفي العلامة مرجليوث الذي يقر بعلمه العراقيون إذ لم ينسوا خطبه البديعة التي ألقاها في بغداد بعد الاحتلال. ولما كنا نعلم أن صديقنا يحب أن ينبه على ما يرد في مطبوعاته من السهو الذي لا يخلو منه كتاب مطبوع، جئنا بهذه الملحوظات لعل فيها ما يصلح الطبعة الثانية. وقبل كل شيء أننا لا نتعرض لما في كتابة بعض الألفاظ من الأوهام الصغيرة ككتابة (ابن) بالألف حينما يقول الأدباء بحذف الألف إذا وقعت بين علمين بين أسم الابن وأبيه. وقد نصوا أن اللقب والكنية غير داخلين في هذا الباب كما لا نتعرض لخطأ رسم الهمزة ولا لتخطئة ما أهمل تنقيطه من الحروف إلاَّ ما يسبب التباساً. وبعد هذا التمهيد نقول: ص س 4 9 علي أبو الفتح، لعلها علي أبو الفتح 5 1 فقال مائة واثنتي عشرة سنة، لعلها وأثنتا بالرفع 9 2 بني فقعص صوابه بني فقعس 10 17 سلفت لنا أن لا نخون عهودنا، لعلها حلفت. . . تخون 11 12 وحكي الرماني، لعلها وحكى بالإهمال 15 بسعدي، لعلها بسعدي أسم امرأة 16 5 فدار على الخلق يوم الجمعة، ونظن أن الصحيح هو الحلق بإهمال الحاء 6 فبين نحن كذلك، ولعلها فبينا نحن كذلك 18 10 صحت فذاك إذا أتبعت فهو الهدى، والمشهور هو الهدى 20 10 توفى سنة 420، والصواب توفي بالياء المنقوطة 13 البنجديهي، صوابها البندجيهي 282 17 غصن بان من حيث أستوى، ولعل صوابه غصن بان كان من حيث. . . 23 9 قرهت عيني، صوابها قرحت 10 كبد حرا، صوابها حرى كما هو مشهور

13 نمى حبك، وأحسن منها نما حبك 16 فاسقينها، صوابها فاسقنيها 24 5 وجفون، ولعلها وجفوني بياء المتكلم 28 9 كما ذكر أبو عمرو، والمطلوب في المعنى هناك أبو عمر بلا واو 30 7 الكلوذاني، لعلها الكلواذاني 9 تكافئوا عليه، لعلها تكافأوا عليه 31 5 أن لله يحاسبني، لعلها أن الله. . . 37 8 شفائق واقاح، والصواب شقائق. . . 10 تجديد راتب، صوابه راتبه 39 20 كان من العملاء الفضلاء، لعلها العلماء. . . 40 20 وجود الخط فبلغ في الغاية ولعلها فيه الغاية 44 10 ولم يعد ذاك بنفع علي ... صديقه لا كان من كان والصواب:. . . بنفع على. . . من كانا (لما هناك من الروي) 46 11 يخرج رأسه من جربانة. . . انتهار الفرض، والصواب جريانه. . . الفرص 19 في سيرة الأسنيذان الفتح والظفر، والصواب الأسنيان 48 5 أن يذل، صوابه أن يذلا 49 7 شربت عقارا أنكرتني بريقه، صوابه أذكرتني 10 وشقه شجوه فأنا، صوابه وشفه 20 كل شفيعي إليك، صوابه كن شفيعي 51 12 كتاب الفرخ، لعلها الفرح بالمهملة 18 في الحمقا، لعلها في الحمقى أو 52 14 اقرأة يوماً سورة والنازعات، صوابه اقرأه 57 12 مستحبياً من امرأتي، صوابه مستحياً 60 1 في مقبرة باب البزو، وليس في بغداد مقبرة وباب بهذا الاسم

والمعروف باب أبرز بتقديم الراء المهملة على الزاي 61 10 فصيحاً يليغاً، صوابه بليغاً 64 17 كم عدد المكديين، والصواب المكدين بياء واحد 75 14 وكانت أطلب مسألة، والصواب وكنت أطلب 78 3 لأبي طيب المتنبي، والصواب لأبي الطيب (بال) المتنبي بدون همز في الآخر وقد تكرر الغلط مراراً 4 وأنحط نجحه عن مطلع، والصواب وأنحط نجمه 79 3 ولو نطق الزمان إذا هجانا، والمشهور: بنا هجانا 81 8 إلى حديث امرؤ القيس، والصواب امرئ القيس 83 12 أجيران جبرون، والصواب جيرون بالمثناة التحتية 9 ومن بردا حر قلبي والصواب بردى 89 12 إساري كسفن اليم نيطت بها الفلسا، والصواب القلسا بالقاف 95 10 ست بليت بها والمستعاذ بها، والصواب به (لأنه راجع إلى الله) 97 20 خلت الدسوت من الرخاخ ففرزنت فيها البيادق، والمشهور البيوت 105 8 أبو عمرو بن حيوة، والمشهور حيوت بالتاء المبسوطة 112 4 الورد بلطم خده، والصواب يلطم (بالمضارع) 113 5 بجرير وفرزدق، والصواب والفرزدق بال التعريف 114 5 هي النغر، صوابه هو الثغر 10 علا النهر لما كاثر الغضب القنا، والصواب القضب 13 فمن بارد الابرنز كان له الفخر، لعلها الابريز 115 17 وبات لا يحتمي عني مراشقه، والصواب مراشفه بالفاء 118 3 بموتن، صوابه بموتمن 122 8 جحنوا إلى قول، صوابه جنحوا 18 عن قلا، صوابه عن قلى 127 12 القائدي الخيل، والصواب حذف الياء آخر القائدي

128 4 جنة عبقري، والصواب عبقر بدون ياء 132 19 منتزه، والأحسن متنزه 134 18 والناس يهنونه، والأحسن يهنئونه 136 8 لشهر أم ملك، والمشهور لششر أم مهراجاه الهند 140 16 الا نستحيي أن ينشد، والصواب إلا يستحيي أن ينشد 142 2 إذا كان كلمة، لعلها إذا كانت 7 ولم إذ ضم أوله، لعلها ولم إذا ضم 145 10 وتذهبوا بمذهبه، والأصوب وتمذهبوا فقلت هو الدر الذي قد حشا به ... أبو مضر عيني تساقط من عيني والصواب: قد حشا به أبو مضر أذني 147 18 كانت مسائلة الركبان تخبرني؛ لعلها مسابلة وهي جماعة المسابلين ويراد بهم في لغة أهل نجد والعراق الذين يذهبون إلى المدن للأمتيار 148 16 مثلى كشافي، لعلها كشاف بكسر الآخر 150 8 مع الطير العناق: والصواب العتاق بالتاء المثناة 153 5 روبة ما أشقاه؛ ولعلها من أشقاه 6 من أدمع منهلة ما ترقى؛ صوابها ما ترقا لأنها في الأصل مهموزة 155 6 من ضنا؛ لعله من ضنى 12 ألا سمعت القول من فصيح: لعلها نصيح 156 6 بحق ماري مريم وبولس؛ لعلها ماري مرقس 8 ونينوى إذا قام يدعو ربه؛ لعلها ونينوى إذ قام 11 من بركات الخوص والزيتون، ويروى: من بركات النخل وهناك رواية ثالثة من بركات السعف وهو أقربها إلى الحقيقة وما يفعله النصارى في العراق في عيد السعانين الذي يجري الكلام عليه. وعيد شعياء وبالهياكل ... والدخن لاقي بكف الحامل

والبيت مكسور والمشهور هو: والدخن اللائى لوضع الحامل 156 18 بحق ثنتي عشرة من الأمم: والمشهور بحق الأثني عشر من الأمم والأمم هنا بضمتين جمع أمام وهو لم يرد في اللغة لكن يجوز للشاعر أن يعود إلى اتخاذ القياس إذا كانت هناك ضرورة شعرية والمراد بالأئمة هنا الأثنا عشر رسولا 20 بحق ما في محكم الإنجيل ... من محكم التحليل والتحريم والصواب من محكم التحريم والتحليل لكي يزدوج الشطران 157 2 بحق مار عيد الشفيق الناصح ... بحق لوقا ذي الفعال الصالح والصواب: بحق مر عبداً التقي الناصح ... بحق لوقا. بالحكيم الراجح كما ورد في ديوان صفي الدين الحلي المطبوع في بيروت في مطبعة الأدب لصاحبها أمين الخوري سنة 1892 ص291 وما يليها. ومر عبداً أشهر من أن يذكر. وما قاله لصديق في الحشية: (في التزيين مرعيد لعله يريد مرقس) لا يمكن أن يكون لأن البيت يختل وزناً ثم أن لوقا معروف بطبه ولهذا قال بالحكيم الراجح. 157 3 بحق تمليخا الحكيم الراجح، قال الناشر في الحاشية: (في التزيين تليخاً يريد الراهب الذي أبطل ألعاب المقتتلين بالسيوف) قلنا: وهذا لا يمكن أن يكون لأن الشاعر هنا يستغيث بأولياء النصارى وشهدائهم، وقديسيهم. أما هنا فالمراد بتمايخاً: القديس ملخس من أصحاب الكهف والمسلمون عرفوه بهذا الاسم المصحف كما صحفوا أسماء جميع أصحاب الكهف فقد قالوا في ملخس: تمليخاً وأمليخاً ومليخاً ويمليخاً (راجع حياة الحيوان للدميري 2: 251 - 253. وراجع الكهف في القاموس المطبوع في الهند تر كل هذه الروايات وغيرها). وملخوس كان من الشهداء ولهذا قال الشاعر: والشهداء بالفلا الصحاصح. 157 4 والمذبح المشهور في النواحي، ولعله المشهود بالدال 10 شيخان كانا من شيوخ العلم، ولعل الصواب شيخين لأن اللفظ بدل من علمين مجرورين 14 ومار نقولا حين صلى وأبتهل، ولعل الصواب ومر نقولا. وفي ديوان الحلي: بحق لوقا حين صلى وأبتهل. 15 وبالسليح المرتضى وما فعل، وفي ديوان الحلي: وبالمسيح، وهو أصوب لأن السليح (وزان قديس) ومعناه الرسول وإذا شددت اللام أنكسر البيت. اللهم إلاَّ أن يكون من باب تخفيف المشدد للضرورة الشعرية فحينئذ يستقيم البيت.

باب التقريظ

بابُ التَقْريظِ 26 - الجغرافية العسكرية الجزء الأول مباحث جيولوجية وائتؤغرافية، المصطلحات السوقية، العوارض الجغرافية والأوصاف الأرضية، وضع لتدريس الصف المتقدم في المدرسة العسكرية، تأليف الزعيم طه الهاشمي، مدرس الجغرافية العسكرية وتاريخ الحرب في المدرسة العسكرية، مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1927 في 256 ص بقطع 1. الزعيم طه الهاشمي من الرجال الذين يفتخر بهم الوطن، ولا هم له سوى العلم والتبحر فيه. وهذه تأليفه تشهد على ماله من القدم الراسخة في شعب العرفان والفنون، فجاء كتابه الجديد (الجغرافية العسكرية) دليلاً جديداً على أرصاد وقته للمنفعة العامة وقد ورد أربعة موارد عربية وثمانية فرنسية وستة إنكليزية لوضع هذا التصنيف، فجاء خلاصة تتباهى بها الطلبة وحق لهم أن يتباهوا بها إذ يغنيهم عن كتب عديدة وضعها أهل الغرب في هذا المبحث.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخُ وَقَائع الشَهرِ في العِرَاقِ وَما جَاوَرَهُ 1 - تسليم الشيخ محمود سلم الشيخ محمود الكردي بجميع مطاليب الحكومة ورضي بشروطها وستطلق له الحرية التامة في أن يقيم في المنطقة التي يختارها، ما خلا المنطقة الكردية كما أنه ستعاد إليه أملاكه ويديرها وكيل يختاره والآن يقيم ولده في العاصمة ليدخل المدرسة العسكرية. 2 - نجاح روضة الأطفال في الحاضرة أقامت (روضة الأطفال) حفلة حضرها مديرو المدارس وبعض المديرات والمعلمات وعرض على المحتفلين الأشغال اليدوية التي أتمتها مدارس البنات وقام تلاميذ روضة الأطفال بألعاب بديعة. دلت على عناية الآنسة (أمة) مديرة هذه الروضة ومعلمة الطبيعيات في دار المعلمات بتربية الأطفال على قواعد التربية العلمية الحديثة وتثقيفها عقول هؤلاء النابتة بما ينمي مداركهم وينشط في نفوسهم حب المعرفة والعلم العصري. 3 - وفاة السيد عبد الرحمن النقيب توفي بعد عشاء الأحد 12 حزيران السيد عبد الرحمان النقيب شيخ الأسرة الكيلانية وكان قد ولد على ما يقال في سنة 1261هـ (1845م) وقد شيعت جنازته بكل أبهة ووقار وكان حاضراً في الموكب المندوب عن جلالة الملك والمعتمد السامي والوزارء وأعيان المجلس ونوابه والمستشارون البريطانيون وجم غفير من جميع الطبقات والأعمار على اختلاف جنسيتهم وكانت دفنته في الساعة التاسعة من نهار 13 حزيران في جامع القادرية. 4 - مؤتمر الرياض اجتمعت وفود نجد وملحقاته في الرياض لإعلان ملكية نجد في أواخر رجب ثم انفض جمعهم لقرب رمضان وبعد عيد الفطر أرسل الملك إلى رؤساء عشائر نجد وأمراء الهجر فبلغ عدد الذين حضروا ثلاثة آلاف كان في مقدمتهم فيصل الدويش أمير الأرطوية وسلطان ابن بجاد أمير غطغط وجميع مشايخ

عتيبة ومطير ورؤسائهم، وجميع رؤساء قحطان، ورؤساء شمر، وحرب، والعجمان وآل مر، وعنزة المقيمين في نجد، وجميع رؤساء الدواسر، وسبيع، والسهول، وبني هاجر، وبني خالد، والعوارم وغيرهم من بدائد نجد من رؤساء وقرناء للرؤساء. 5 - الغارة على العراق واسترداد 250 بعيراً هجمت (الحويطات) إحدى قبائل شرقي الأردن على السباع والفدعان من العشائر السورية التي كانت ترعى في العراق ثم نزلت القبيلة الهاجمة بوادي الفحيمي من سقي الفرات، أما هجومها على السباع فلم يفدها شيئاً بخلاف هجومها على الفدعان فأنها سلبتها غنماً وأباعر. وحالما وصلت أخبار هذه الغارة إلى الحكومة العراقية أصدرت أوامر إلى القوتين الطيارة والسيارة لتهذيب أصحاب الغارة فسارت مدرعات وسيارات بريطانية في اليوم التالي من الحادثة واتجهت إلى الرطبة فكشفت السالبين في نقطة تبعد 15 ميلاً عن الجهة الشرقية من بئر (ملوسة) وفي صباح يوم الجمعة 10 حزيران تمكنت السيارات المدرعة من إيقاف المغيرين وصدهم عن التقدم. وقد سلم المغيرون أنفسهم من غير مقاومة فقبض على مائتين وخمسة رجال منهم وكان معهم 250 بعيراً من البعران المنهوبة وقد أعتقل الآن زعيما هذه القوة وهما: ابن مطلق أبو تايه، وحائل ابن عبتان بن جازي. أما أتباعهما فنزعت أسلحتهم وأطلق سراحهم وأعيدت البعران إلى أصحابها الفدعان. 6 - عاديات في تل نمرود عثرت دائرة الشرطة على عاديات في قراقوش في دار (عبو بن شيرو) وكان قد أستخرجها من (تل نمرود) وهي سبع قطع من الحلان متفاوتة الكبر، وعليها كتابة مسمارية، وعلى قطعتين منها أحد الكهنة يقدم إلى القرابين للقمر والنجوم آلهة الآثوريين. 7 - الجيش العراقي يحتل بنجوين أحتل الجيش العراقي في أوائل أيار منطقتي (بنجوين) و (شاهبازار) من لواء السليمانية، وحكومتنا تنشئ فيها الآن مراكز للشرطة، ولا سيما في بعض مضايق الجبل توطيداً للآمن وتسهيلاً لسبل التجارة.

8 - احترقت بسبب دجاجة أخبرت شرطة الموصل أن (زرو ابنة الشماس بني) من ساكنات قرية (كرمليس) دخلت في متبن (أي مستودع تبن) لتبحث عن دجاجتها التائهة. فأضرمت ثقاباً في الظلمة فطارت للحال شرارة نار فأمتد اللهيب في التبن وأحرق ما هناك مع المرأة الحبلى حتى غدت فحمة هي وجنينها. 9 - سقوط برد في شمالي تل أعفر تلبدت الغيوم في 25 أيار في قضاء (تل أعفر) وانهمرت المياه ثم عقبها سقوط برد كبير بحجم بيضة الحمامة دام خمس دقائق وذلك في أنحاء (أوكني) إلى (هارونة) و (أبو مارية) لكن الأضرار لم تكن جسيمة، وسقوط الرد في تلك الأنحاء وفي ذيالك الحين غريب نادر. 10 - استعفاء السيد عبد المهدي من وزارة المعارف سأل أحد كتبة الصحف صاحب الفخامة جعفر باشا العسكري (هل في الحقيقة أن استقالة معالي السيد عبد المهدي من وزارة المعارف لم يكن سببها سوى مسألة تقديم لائحة قانون الدفاع إلى المجلس النيابي في جلسته الأخيرة؟) فصرح له فخامة رئيس الوزراء بما يأتي: (لو كانت دعواه هذه صحيحة وحقة لكان يستقيل منذ إعلان المنهاج الوزاري أو على الأقل عند قراءة خطاب العرش أو الإرادة الملكية في افتتاح الاجتماع غير الاعتيادي!) ثم أسندت وكالة هذه الوزارة إلى فخامة رئيس الوزارء الذي هو وزير الخارجية أيضاً وصدرت الإرادة الملكية بذلك. 11 - فض مجلس الأمة بقي مجلس الأمة العراقية مجتمعاً أربعين يوماً فوق ميعاده وفي 8 حزيران أصدر جلالة ملكنا المحبوب إرادته الملكية في فضه فنفذ أمره العالي بلا إمهال. 12 - تعداد المواشي في لواء المنتفق بلغ ما عد من المواشي إلى نهاية نيسان من سنة 1927 في لواء المنتفق 339. 809 من الغنم و 30. 189 من المعزى و 5. 153 من الجاموس و 6. 617 من الإبل. 13 - تحضير في لواء المنتفق عرضت متصرفية لواء المنتفق عرصات أميرية في الناصرية لبيعها على الفقراء من الآهلين ليبنوا عليها منازل

لمأواهم كما أنها عرضت مثل هذه العرض في الشطرة. 14 - تعليق نوط الشجاعة أنشأت دولتنا نوطاً تزين به صدر كل من يبلي بلاء حسناً في الأحداث. وقد عقدت حفلة جليلة في صباح 30 نيسان في ميدان السباق القديم على طريق (المعظم) فشرفها جلالة ملكنا فيصل ومعه أخوه الملك علي والمعتمد السامي والوزراء وبعض الشيوخ والنواب وجلة القوم وعلية الأجناب وقناصل الدول المتحابة وكان عدد (المنوطين) (أي الذين علقت الأنواط على صدورهم) اثنين وعشرين بين جندي وعريف وملازم ورئيس، وكبتن إنكليزي قتل في المعركة فتسلم المعتمد السامي نوطه ليوصله إلى ذوي قرباه، وبعد (التنويط) عرض الجيش على جلالته فسر الجميع بذلك المنظر. 15 - الخوة ومطلق الفرحان الخوة (تخفيف الأخوة) ما يدفعه المسافر إذا مر بأرض غير أرض قبيلته أو ما يدفعه الشيخ الصغير وأصحابه إلى الشيخ الكبير الذي يدافع عنه وعن حقوقه؛ وهذه الضريبة يدفعها الرجل إذا وجد في أرض لا تحميها الحكومة بل يحميها الشيخ فيكون هو بمنزلة الآمر الناهي. وقد أبلغ مدير ناحية (الموالي) شيخي عشيرة (الأسنان) النازلة في قرية (أبو مارية) وهما: (همز بن حديد) و (جاسم الأعوري) أن لا يدفعا خوة إلى أحد من الشيوخ، لأن قبائلهما نازلة في أرض متحضرة تحميها الحكومة وليس أحد من رؤساء الأعراب. وقد بلغ الخبر أن (مطلق الفرحان) جاء بخيله ورجله وطلب إلى الشيخين تأدية الخوة فأمتنع (همز) ورضي (جاسم) بصورة خاصة لا من باب الإكراه وأدى خمس ليرات وأشار إلى باقي عشائره إلى أن يماثلوه. وبهذا خالف أوامر الحكومة التي كانت قد أخطرته بعدم الدفع، فعسى أن الحكومة تصلح هذه الأمور الجائرة. 16 - بين الحجاز وإنكلترة وصل (جدة) السر جلبرت كلبتن مندوب بريطانية في أوائل نيسان ومعه كتومه وترجمانه جورج أفندي أنطونيوس ونزلا ضيفين على الحكومة وبعد ذلك بدأت المراجعات بخصوص عقد مفاوضة

جديدة بين ابن سعود وبين بريطانية. فتمت على أحسن وجه برضى الطرفين. 17 - بين الحجاز واليمن صلات الإمامين الودية متبادلة ولم تكن في وقت مثلما هي الآن. وقد صرح ابن سعود في مجلس ورد فيه ذكر اليمن بما هذا حرفه: (وليس بيننا وبين الإمام يحيى غير الطيب فهو يقول أنه يفدي بنفسه نجد أو أهل نجد، وأنا أقول أنني أفدي بنفسي اليمن وأهل اليمن). 18 - التجنيد الإجباري تكون أسس قانون التجنيد الإجباري على الوجه الآتي: البدل النقدي ستمائة ربية. ومدة الخدمة العادية سنتان ومدة الخدمة المقصورة سنة واحدة. ومن كان صاحب زوجة وعيال وليس في البيت معين يعفى من العسكرية لكونه معيناً. ويؤجل قبول طلبة المدارس الأهلية والرسمية والدينية والصناعية والطلبة الدارسين في خارج العراق سواء كانوا على نفقتهم أم على نفقة الحكومة والمعلمين الذين اتخذوا التدريس مهنة لهم. وقد أعفت من الخدمة المفتين والأئمة والخطباء وأصحاب (الجهات) والعلماء والمجتهدين والبطاركة والمطارنة والقسوس والحاخامين ورؤساء الحاخامين وجميع رؤساء الدين المعترف بهم. وهناك تسهيلات خاصة للذين لهم أكثر من ولد واحد في الجيش، والذين يتوفى أولادهم في أثناء الخدمة أو بسببها. والتجنيد لا يشمل من كان عمره فوق العشرين. إن التجنيد في السنة الأولى مقصور على قرعتين فقط الواحدة لمن كانت سنه في السنة التاسعة عشرة وفي السنة الثانية في سن العشرين. 19 - وزيران نجديان والدكتور شهبندر يطيرون إلى مصر وصل بغداد الشيخ حافظ وهبه مستشار الملك ابن سعود آتيا من الأحساء على طريق البحرين فالبصرة ومعه الدكتور عبد الله الدملوجي وزير خارجية مملكة نجد قادماً من الكويت وكانا راكبين طيارة وصلا عليها إلى بغداد 7 أيار وبعد أن استراحا ركباها مع الدكتور شهبندر (عبد الرحمان) وذهبوا جميعاً إلى مصر.

20 - الاحتفال بشوقي في العراق عقد منتدى التهذيب جلسة في معهد (السينما الوطني) حفلة أدب عظيمة في اليوم 29 من شهر نيسان إكراماً لشاعر العرب الكبير شوقي فغص المجلس عن استيعاب أهله من رجال ونساء من جميع طبقات الأمة، وكان منهاج الحفلة على هذه الصورة: 1 - كلمة الافتتاح وترجمة شوقي لرفائيل بابو إسحق 2 - الشعراء لمراد ميكائيل 3 - أثر شوقي في أدب الجيل لرفائيل بطي 4 - شعر شوقي في جهاد الحياة لإبراهيم حلمي العمر 5 - تأثيرات الشاعر في النهضة القومية للشيخ أحمد 6 - شوقي ولا كشوقي (قصيدة) لمحمد الهاشمي 7 - في حفلة شوقي (قصيدة) لمعروف الرصافي وتخلل الخطب والقصائد أناشيد وطنية تغنى بها طلبة دار المعلمين. 21 - مدرسة واحدة للذكور والإناث في أرفا قرر المجلس العام لولاية أرفا التركية توحيد مدارس الذكور والإناث وأن يتلقى الجنسان العلوم في مدرسة واحدة من الآن وصاعداً. 22 - حملة لأخوان على بعض قبائل العراق في نحو أوائل النصف الثاني من نيسان حمل الأخوان وقدروا بخمسين فارساً وأربعمائة هجان على بعض القبائل العراقية في موضع يسمى (الشبكة) وبعد أن أمعنوا في النهب والسلب عادوا إلى ربوعهم فرحين. 23 - الإيرانيون والحج أصدرت وزارة الداخلية أمراً إلى حكام ديارها المختلفة بمنع رعايا إيران من السفر إلى الحجاز للحج في هذا العام وقد أفاد قنصل إيران في بغداد جميع المنتمين إليه أن لا يحجوا في هذه السنة. 24 - دخل سكك الحديد في العراق بلغ دخل إدارة سكك الحديد في ديارنا في الأسبوع المنتهي في 4 حزيران 163. 614 ربية يقابل 167. 565 ربية في مثل هذا الأسبوع من العام الماضي.

العدد 47

العدد 47 - بتاريخ: 20 - 06 - 1927 الحركات العربية المجهولة تمهيد كل من درس اللغة العربية في كتب أصولها، (أي في مؤلفات الصرفيين والنحاة)، يظن أن ليس في لساننا من الحركات سوى ثلاث: الضمة والفتحة والكسرة، كما هو شائع في المدارس، ولم يكن أبداً لسلفنا حركات أخرى. ويظن بعضهم أن الحركات المتوسطة بين هذه الثلاث نشأت بعد الإسلام من مخالطة أجدادنا للأجانب، بعد أن طال الاحتكاك بهم فكانت النتيجة أن اتخذوا حركاتهم على اختلاف أنواعها. قلنا: وليس الأمر كما توهموه، فإن الحركات المتوسطة التي نسميها (الضعيفة أو الضئيلة) هي في لساننا قبل الإسلام بكثير بل منذ نشوء اللغة نفسها ودونك أدلتنا: 1 - من محاكاة الطبيعة وأول هذه الأدلة: أن اللغة هي محاكاة أصوات الطبيعة والحال أن محاكاة هذه الأصوات متوفرة في بلادنا. فهبوب الرياح لا ينقطع، وأصوات المياه جلية وقصف الرعد شديد، وأبناؤنا يألفون الحيوان والطائر في كل ساعة بل كل

وثيقة، فلماذا لا يكون عندنا ما يشبه نطقها، على حد ما يرى في سائر الديار من همجية وحضرية. إذن القول بوجود ما يحاكي أصوات الطبيعة في لساننا هو أمر قريب من العقل، بل القول بخلافه يكاد يكون محالا. 2 - من مقابلة اللغات الأخوات اللغة العربية سامية النجار، فهي أخت للعبرية والأرمية والصابئية وغيرها ولهذه الألسنة حركات مختلفة غير الحركات الثلاث فيظهر أنه من المعقول أن يكون مثل تلك الحركات في كلام بني يعرب، قحطانيين كانوا أو عدنانيين، جنوبيين أو شماليين، شرقيين أو غربيين، أقدمين أو محدثين. 3 - من اللغات في الكلمة الواحدة في لغتنا الضادية ألفاظ تكتب بصورتين أو أكثر. مما يدل على أن هناك ألفاظا كان ينطق بها بوجه وسط أو بوجهين وسطين أو مختلفين، فيجتمع في الحرف الواحد لغتان أو ثلاث، بل ربما أكثر، ولهذا حاول بعضهم تصويرها بهيئات مختلفة، وقد ورد هذا الأمر في النكرات كما في الإعلام. فقد قالوا مثلا: قار وقير، قرثاء وقريثاء، كاء وكيء، كائة وكيئة، ومثل هذه المفردات كثيرة في لغتنا. أما في الإعلام فكقولهم: همانية وهيمنية (وهي من قرى بغداد في سابق العهد) وفارة (بتشديد الراء المفتوحة) وفيرة (بتشديد الراء المضمومة) وهم يريدون تصوير الكلمة الإسبانية أي حديد، وهو أسم رجل جد يوسف ابن محمد الأنصاري الأندلسي. وقال بعضهم: سلوقية وآخرون سليقية. إلى غيرها. وكل ذلك ناشئ من اختلاف التلفظ بالحركات، وهو كثير بكثرة الأعلام المبهمة الحركة، تلك الحركة التي هي بين بين، إن كانت قريبة إلى الفتح أو إلى الكسر أو إلى الضم. 4 - من تلقي أصول التجويد تتضح هذه الحركات من تلقي أصول التجويد عن معلم خبير بالقراءة، فإن أساتذة هذا الفن يجيدون التلفظ بأنواع تلك الحركات وبدقائقها. فينجلي لك الأمر كل الجلاء وللجال يذهب عنك الوهم الذي وقع لك أي أن الحركات ثلاث لا غير.

5 - نصوص بعض الأقدمين من الصرفيين والنحاة قال في الأشباه والنظائر النحوية للسيوطي نقلا عن شيوخه وعن مؤلفات السلف. (قال ابن جني في باب كمية الحركات: أما ما في أيدي الناس في ظاهر الأمر، فثلاث، وهي: الضمة والكسرة والفتحة. ومحصولها على الحقيقة ست وذلك أن بين كل حركتين حركة. (فالتي بين الفتحة والكسرة هي الفتحة قبل الألف الممالة نحو فتحة عين (عالم) و (كاتب)، كما أن الألف التي بعدها بين الألف والياء (قلنا نحن أي المقابلة الفرنسي). (والتي بين الفتحة والضمة التي هي قبل ألف التفخيم نحو فتحة لام (الصلاة، والزكاة، والحياة) وكذلك قام وعاد (أي يقابل الحرف الفرنسي (والتي بين الكسرة والضمة، فككسرة قاف (قيل) وسين (سير) (هذه يقابلها عند الفرنسيين حرف فهذه الكسرة المسماة ضما، ومثلها الضمة المسماة كسرة. كنحو قاف (النقر) وضمة (مدعور ابن يور) فهذه ضمة أشربت كسرة (قلنا هي المقابلة حرف الخالي من كل حركة كالذي يتلفظ به في مثل وو الواقع في آخر هذه الكلمات الثلاث أو نحوها) كما أنها في (قيل وسير) كسرة أشربت ضماً، فهما لذلك كالصوت الواحد، لكن ليس في كلامهم ضمة مشربة فتحة ولا كسرة مشربة فتحة (قلنا: أي أن في لساننا مثل الحرف الفرنسي ممدودا ومقصورا ومثل الخالي من الحركة ويكون في لغتنا الأول وفي الوسط وفي الآخر بخلاف الفرنسية فليس فيها مثل هذا الحرف أو الحركة إلا في الآخر). (ويدل على أن هذه الحركات معتدات امتداد سيبويه بألف الإمالة وألف التفخيم حرفين غير الألف المفتوح ما قبلها.

(وقال صاحب البسيط: (جملة الحركات المتنوعة أربع عشرة حركة: ثلاث للإعراب، وثلاث للبناء، وثلاث متوسطة بين حركتين، إحداهما: بين الضمة والفتحة، وهي الحركة التي قبل الألف المفخمة في قراءة ورش، نحو الصلاة والزكاة والحياة. والثانية بين الكسرة والضمة، وهي حركة الإتمام في نحو قيل وغيض على قراءة الكسائي، والثالثة بين الفتحة والكسرة وهي الحركة التي قبل الألف الممالة، والعاشرة: حركة إعراب تشبه حركة البناء وهي فتحة مالا ينصرف في حال الجر على مذهب من جعلها حركة إعراب. (والحادية عشرة حركة بناء تشبه حركة الإعراب. وهي ضمة المنادى وفتحة المبني على مذهب من جعلها حركة بناء. (والثانية عشرة: حركة الإتباع. (والثالثة عشرة: حركة التقاء الساكنين. (والرابعة عشرة: حركة ما قبل ياء المتكلم على مذهب من جعله معربا فإنه جيء بها لتصح الياء وليست حركة إعراب، ولا حركة بناء، قال: وإنما لقيت الحركات بهذا اللقب لأنها تطلق الحروف نحو أصلها من حروف اللين فأشبهت بذلك انطلاق المتحرك بعد سكونه. وقال المهلبي في نظم الفرائد: عددنا جملة الحركات ستا ... وستا بعدها ثم اثنين فإعراب ثلاث أو بناء ... ثلاث أو ثلاث بين بين وشبهتان والإتباع حاجة ... وأخرى لالتقاء الساكنين وواحدة مذبذبة تردت ... لدى أخواتها في حيزين (وقال بعضهم الحركات سبع حركة إعراب وحركة بناء وحركة حكاية وحركة اتباع وحركة نقل وحركة تخلص من سكونين وحركة المضاف إلى ياء المتكلم). انتهى كلام السيوطي من كتابه الأشباه والنظائر. 6 - من أقدم الشواهد في اللغة ومن أدلة الإمالة منذ الزمن الواغل في القدم، اسم الفاعل الذي على وزن فعل في الأجوف وهو - ولا شك في ذلك - إمالة فاعل. فقد قالوا: سيد

(بالتشديد) وأصله سيود، وأصل هذا على ما عندي ساود. لكن بإمالة الألف إلى الياء أي سايود بمعنى سائد. وكذلك القول في كل فيعل بتقديم الياء على العين والألفاظ كثيرة من هذا القبيل وكلها مشتقة من الفعل جونا كالكيس والعين والجيد والقيم والعيل والميت إلى غيرها وتعد بالمئات. وأنت تعلم أن وزن فيعل (المكسور العين) لا وجود له في الصحيح من كلامنا. وهذا ما يدلك على أن فيعل هو إمالة فاعل الأجوف لا غيره والإمالة تكثر في كل وزن فاعل كما لا يخفى عليك وكما تلقيته عن أساتذتك. 7 - شهادة اللغويين الواضحة يؤخذ من عدة نصوص للصرفيين والنحاة واللغويين أن الإمالة على ضربين: إمالة محضة وإمالة بين بين، وسموا الإمالة المحضة (ثقيلة أو إضجاعا) والإمالة بين بين عرفوها باسم (الإمالة الخفيفة) أيضا - قال السيد مرتضى صاحب تاج العروس في مادة أف ف: أفي بغير إمالة (أي بالحرف الإفرنجي وافى بالإمالة المحضة (أي وقد قرأ به، وافى الإمالة بين بين (أي وقد قرأ به أيضا، والألف في الثلاثة للتأنيث) أه كلامه. فهذا نص صريح للفظ قديم يدل أحسن دلالة على ما كان عند العرب منذ العهد العهيد على نوعي الإمالة وهو كلام نفيس يقدره العلماء حق قدره على صدق فكرتنا ورأينا. وفي التاج أيضاً: قال ابن الأثير: قد أمالت العرب (لا) إمالة خفيفة والعوام يشبعون إمالتها فتصبر الفهايا، وهو خطأ. وهذه كلمة ترد في المحاورات كثيرا وقد جاءت في غير موضع من الحديث، ومن ذلك في حديث بيع الثمر: (أما لا فلا تبايعوا، حتى يبدو صلاح الثمر). وفي حديث جابر: (رأى جملا نادا، فقال: لمن هذا الجمل؟ وفيه: فقال: أتبيعونه؟ قالوا: لا: بل هو لك فقال: أما لا: فأحسنوا لوليه حتى يأتي أجله؟) قال الأزهري: أراد أن لا تبيعونه فأحسنوا إليه: و (ما) صلة. والمعنى: ألا: فوكدت بما. و (أن) حرف جزاء هنا. قال أبو حاتم: العامة ربما قالوا في موضع (أفعل ذلك) (أما لا، أفعل ذلك، باري) وهو فارسي (أي كلمة باري. وهي تستعمل في بغداد إلى عهدنا هذا) مردود. والعامة تقول أيضا: (أمالي) فيضمون الألف وهو خطأ أيضا

قل والصواب (أمالا) غير ممال لأن الأدوات لا تمال. (قلت: وتبدل العامة أيضاً الهمزة بالهاء مع ضمها. وقال الليث: قولهم: (أما لا، فافعل كذا) إنما هي على معنى: (أن لا تفعل ذلك، فأفعل ذا) ولكنهم لما جمعوا هؤلاء الأحرف فصرن في مجرى اللفظ مثقلة فصار (لا) في آخرها كأنه عجز كلمة فيها ضمير ما ذكرت لك في كلام طلبت فيه شيئا؛ فرد عليك أمرك؛ فقلت: أما لا فأفعل ذا. (وفي المصباح: الأصل في هذه الكلمة أن الرجل يلزمه أشياء ويطلب بها فيمتنع منها، فيقنع منه ببعضها ويقال له (أما لا فأفعل هذا) أي أن لا تفعل الجميع فأفعل هذا، ثم حذف الفعل لكثرة الاستعمال. وزيدت (ما) على أن توكيدا لمعناها. قال بعضهم: ولهذا تمال (لا) هنا لنيابتها عن الفعل كما أميلت (بلى) و (يا) في النداء. ومثله: (من أطاعك فأكرمه ومن لا فلا تعبأ به. وقيل الصواب عدم الإمالة لأن الحروف لا تمال) انتهى الكلام على ما في الناتج في مادة ما. 8 - شهادة علماء البلدان قال ياقوت في معجم البلدان: حوارين (بضم أوله. ويكسر. وتخفيف الواو وكسر الراء وياء ساكنة ونون) بلدة بالبحرين افتتحها زياد. . . وقال الخوصي: حوارين. بلفظ التثنية وكسر أوله: والجيار: قريتان بالبحرين. . . واختلفوا في قول الحرث بن حلزة: وهو الرب والشهيد على يو ... م الحوارين والبلاء بلاء فروى ابن الإعرابي: الحوارين بلفظ التثنية وكسر الحاء؛ وروى غيره (الحيارين) بالياء يقال: هما بلدان، وقال آخرون (الحيارين) بكسر الحاء والراء وهو يوم من أيام العرب مشهور. أه. وقال في خوارزم: أوله بين الضمة والفتحة والألف مسترقة مختلسة ليست بألف صحيحة. هكذا يتلفظون به. هكذا ينشد قول اللحام فيه: ما أهل خوارزم سلالة آدم ... ما هم وحق الله غير بهائم. انتهى. وقال السيد مرتضى في تفليس: تفليس بالفتح وقد تكسر فيكون على وزن فعليل؛ وتجعل التاء أصلية لأن الكلمة جرجية وإن وافقت أوزان العربية ومن

فتح التاء جعل الكلمة عربية: ويكون عنده على وزن تفعيل. نقله الصاغامي وقد ذكره المصنف (أي الفيروز أبادي) رحمه الله أولا ونسب الكسر إلى العامة. 9 - شهادة المجودين من أجلى الأدلة على أن للعرب حركات كحركات لغة العبريين والغربيين من الإفرنج نصوص المجودين الصريحة. فقد عرفوا كلا منها تعريفا لا يبقي الريب في صدر أحد. من ذلك: 1 - (الإشمام) قالوا هو الإشارة إلى الحركة من غير تصويت. وذلك بأن تضم الشفتان بعد الإسكان في المرفوع والمضموم للإشارة إلى الحركة من غير صوت. والفرق بينه وبين الروم أن هذا يختص بالضم وذلك لا يختص بحركة. وذاك يدركه الأعمى والبصير لأن فيه حظا للسمع وهذا لا يدركه إلا البصير إذ لاحظ للسمع فيه وإنما يتبين بحركة الشفة وهي لا تعد حركة لضعفها والحرف الذي يقع فيه الإشمام ساكن أو كالساكن. والإشمام مشتق من شم الحرف إذا أذاقه الضمة أو الكسرة بحيث لا يسمع. 2 - (الروم) هو النطق ببعض الحركة في الوقف أو عن حركة مختلسة مخفاة وهو أكثر من الإشمام لأنه يدرك بالسمع ويختص بغير المفتوح لأن الفتحة لا تقبل التبعيض في جميع الحركات. 3 - (الاختلاس) مصدر اختلس القارئ الحركة لم يبلغها ويقابله الإشباع. 4 - (الإشباع) مصدر أشبع الحركة إذا بلغها حتى تصير بلفظ حرف المد. 5 - (الإمالة أو البطح) هي أن تنجو بالألف نحو الياء وبالفتحة نحو الكسرة ولها أسباب ذكرها الصوفيون والنحاة (راجع باب الإمالة في الكتاب وفي مؤلفات أهل العربية). 6 - (الإضجاع) والإضجاع في باب الحركات كالإمالة والخفض والتسمية من باب المجاز. يقال أضجع الحرف أي أماله إلى الكسر. 7 - (التسهيل) هو أن تقرأ الهمزة بين نفسها وبين حركتها أي بين الهمزة والواو إن كانت مضمومة وبين الألف إن كانت مفتوحة وبينها وبين الياء إن كانت مكسورة ويقال لها أيضا (بين بين). 8 - (التفخيم أو التفشي) هو، على رأي الحكمي، أن تقرأ القرآن

قراءة الرجال؛ ولا يخضع الصوت فيه ككلام النساء؛ قال ولا يدخل في هذا كراهة الإمالة التي هي اختيار بعض القراء. 9 - (الترقيق) هو خلاف التفخيم. 10 - (الشوب) استعمل بعض النحويين الشوب في الحركات. فقال أما الفتحة المشوبة بالكسرة فالفتحة التي قبل الإمالة؛ نحو فتحة عين عابد وعارف قال: وذلك أن الإمالة إنما هي أن تنجو بالفتحة نحو الكسرة فتميل الألف نحو الياء لضرب من تجانس الصوت، فكما أن الحركة ليست بفتحة محضة كذلك الألف التي بعدها ليست ألفا محضة وهذا هو القياس لأن الألف تابعة للفتحة فكما أن الفتحة مشوبة فكذلك الألف اللاحقة لها. 10 - شهادة الشعراء قال الفرزدق: فما حل من جهل حيا حلمائنا ... ولا قائل المعروف فينا يعنف أراد (حل) على ما لم يسم فاعله؛ فطرح كسرة اللام على الحاء - قال الأخفش سمعنا من ينشده كذا، قال وبعضهم لا يكسر الحاء ولكن يشمها الكسر كما يروم في (قيل) (وتلفظ على الوجه الفرنسي) الضم وكذلك لغتهم في المضعف مثل رد وشد (هذا الكلام من أول خزفه إلى آخره عن لسان العرب لابن مكرم) وقال الراجز: ليت! وهل تنفع شيئا ليت؟ ... ليت شبابا (بوغ) فاشتريت! (راجع الأشموني على حاشية الصبان 43: 2) قال وتعزى هذه اللغة لبني فقمس وبني دير) أه. وفي ابن عقيل (ص115 من طبعة بيروت) وهما من نصحاء بني أسد. والإشمام هو الإتيان بحركة بين الضم والكسر ولا يظهر ذلك إلا في اللفظ ولا يظهر في الخط). قلنا: ولا يظهر في الخط لأن العرب أجدادنا لم يضعوا له علامة: وإلا فالعبريون والغربيون قد اصطلحوا على وضع علامة تدل عليه. وعندنا غير هذه الشواهد وهي كثيرة تكاد تقع في عشر صفحات من هذه المجلة فاكتفينا بما ذكرنا لكي لا نحرج الصدور على ما لا زيادة فائدة فيه.

قشعم في التاريخ

قشعم في التاريخ يقول الأعراب (جشعم) بجيم كجعفر، وفي مختصر مطالع السعود (ص27) عن القاموس أن قشعم لقب ربيعة بن نزار. وفي هذا المختصر (أن المشهور بين العرب أنهم (آل قشعم) من بني ماء السماء يعني من قحطان) أه. ويقال ابن قشعم لكل فرد من هذه الحمولة ولا سيما للشيخ منهم إذا أرادت الإعراب تعظيمه أو حكت عن أيام مجد بيتهم. فابن قشعم علم لكل منهم كما يقال ابن سعود وابن رشيد وابن هذال وابن سويط في مثل هذه الحال. وآل سويط هم شيوخ الضفير منذ ثلاثة قرون على أقل تقدير وكان شيخهم في سنة 1080هـ (1669م) وسنة 1069هـ (1684م) سلامة بن مرشد بن صويت (كذا) جاء ذلك في كتاب سمط النجوم الموالي في أنباء الأوائل والتوالي لعبد الملك بن حسين العصامي المتوفى سنة 1111هـ (1699م) وهذا الكتاب لا يزال مخطوطا رأيت نسخة من مجلد يبتدئ بالمقصد الرابع وهي للكتبي نعمان الأعظمي في بغداد وكان قد جاد علي بها للمطالعة. وذكر تاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان (302: 3) نسخة من هذا المخطوط في الخزانة الخديوية ومنه نسخ منها تامة ومنها ناقصة في خزانة المتحفة البريطانية والخزانة الأهلية في باريس وخزانة اليسوعيين في بيروت وخزانة المكتبي بريل في لندن. نعود إلى صددنا. وإذا قالت المنتفق العراك (بكلف فارسية) فهي تريد سقي الفرات الواقع بين منحدر الحلة من جهة للشمال ومنحدر السماوة من جهة الجنوب وفي ذلك لواء الديوانية كله ألم يكن موضوع البحث خاصا بالعراق برمته فتكون المنتفق قد تمسكت بمفرد كلمة العراقيين اللذين قال عنهما معجم البلدان (. . . والعراقان الكوفة والبصرة. . .) فما أحفظ الأعراب للإعلام ولا تستثنيهم عن شوارد اللغة! وكان يراد وقتا بالعراقيين قطرنا العزيز وعراق فارس. ويظهر أن هذا الاسم بالتثنية بمعنى عراقنا وحده كان معروفا في فارس حتى العقد الرابع من

القرن السابع عشر إذا صح ما قاله أورثاليوس في رحلته التي جاء فيها في ص360 (. . . والمتعارف أن (عراق أثور) يسمى (العراقيين). وجاء في (أوليا جلبي سياحة نامة سي) المطبوع في الأستانة سنة 1215هـ المجلد 40704 ما قوله في الخطبة التي قرأت بين يدي السلطان مراد الرابع بعد فتحه بغداد سنة 1048 مولانا خادم الحرمين الشريفين ومولانا ملوك (كذا بمعنى ملك أو أن الأصل هو ملك ملوك فنسي المرتب الكلمة الأولى) العرب والعراقيين. سألت الأعراب في المنتفق عما يقصدونه بالعراقيين الواردة في لقب ابن قشعم فجاء تعريفهم مطابقا لسقي الفرات الذي ذكرته وهو الذي يعرفونه بالعراك وعللوا التثنية باحتمال قسمة ذلك السقي إلى شمالي وجنوبي أو إلى شرقي وغربي ولكني لا أظن بصحة قولهم هذا وللأعراب أيضا حدس آخر هو أن العراقيين هما ذاك السقي وما فوقه إلى حد يجهلونه فلم يوقفونا على سبب التسمية وفاتتهم المعرفة بأن البصرة كانت أحد هذا العراقيين في عهد بعيد جدا. ويمكن لبعضهم أن يعللوا سبب تلقيب ابن قشعم بشيخ العراقيين توسعا يوم كانت فارس مستولية على العراق. وعلى وجه آخر أنه أريد بهذا اللقب أنه شيخ برية الكوفة والبصرة لواقعة لعلها حدثت في أنحاء البصرة كان له فيها الظفر والغلبة؛ قلت لعلها لأني لا أقبل ما قاله في غاية المرام من أمر مانع وابنه محمد وسعدون ابن الأخير منهما الذين عرفهم بأنهم أمراء آل قشعم إذ أن الصحيح أنهم شيوخ المنتفق بلا شك ولا شبهة، أو أن غزية (بفتح الغين وكسر الزاي وتشديد الياء المفتوحة وفي الآخر هاء) وهم آل رفيع (بضم الراء وفتح الفاء) وآل حميد (بضم الحاء وفتح الميم) وساعدة (بكسر العين) وآل بعيج (بالتصفير) وغيرهم أطلقوا عليه ذلك اللقب الضخم لما كان لابن قشعم من السلطة والنفوذ ولا سيما على ضفتي الفرات وبالأخص على الغربية منهما حسبما روته كتب التاريخ العربية والتركية والفارسية. ولقد بقي على الفرات لهذا البيت رسم من تلك الأيام الغابرة حفظته النسبة

للأرض الزراعية المسماة (المهناوية) الواقعة في لواء الحلة وهي مربوطة بقضاء مركزه. وعنانة (كنسابة) الواقعة هنالك كانت لهم أيضا. نسب لي عقلب ابن قشعم شيخهم الحالي نفسه وهو في أول الشيخوخة من العمر فقال: أنا عقاب بن صقر بن ثويني بن عبد العزيز بن حبيب بن صقر بن حمود بن كنعان بن ناصر بن مهنا بن سعد بن غزي (بكسر الغين كسرا غير واضح وزاي مشدودة مكسورة) الذي نزح من نجد إلى ديار العراق، ويبين من عدد آبائه الذين ذكرهم إن قدوم حمولته إلى العراق كانت حوالي منتصف القرن السادس عشر. وأول ذكر عرفته عنهم لا يتعدى العقد الثاني من القرن الحادي عشر للهجرة (1602 - 1611م) كما روى لنا ذلك كشن خلفا بالتركية (مؤلفه نظمي زادة مرتضى أفندي من رجال القرن الثاني عشر للهجرة) وغيره من الكتب. وإذ جرني الكلام إلى تدوين نسب عقاب فاسترسلت في الموضوع فلا بأس من إيراد كلام عن بعض أجداد عقاب. إن لناصر المهنأ ذكر بينا في كتب التاريخ الثلاثة ولا سيما في كتاب عالم آراي عباسي لاسكندر بك تركمان من رجال القرن الحادي عشر وهو مطبوع في طهران سنة 1314 (1896م). وذكره من الأوربيين تكسيرا فنعته (بملك عربي) في رحلته المترجمة إلى الإنكليزية في ص53. . 1992 فقال (إن هذه البلدة (مشهد الحسين أي كربلاء) ومشهد علي النجف الأشرف هما تابعتان لمير (الأمير) ناصر وهو ملك عربي رافد للأتراك يعيش في أعالي تلك الأراضي) أه. وقال في ص72 بتاريخ 13 كانون الأول سنة 1604 (1013هـ) (وبعد أن سرنا فرسخا ونصف فرسخ حططنا لندفع الرسوم التي يجب دفعها إلى المير ناصر وهو ملك عربي من عشيرة ابن أمانة وهو حاكم مشهد علي ومشهد الحسين) وما أمانة إلا تشويه (مهنأ) إذ يصعب على سائح أن يضبط الإعلام وهي غريبة عنه. وذكر ناصرا أيضا ديلا فالة في رحلته الشهيرة (1616 -

1625) في عدة مواضع جاء فيها في سنة 1616م (فبتنا في بئر النص (أي بئر النصف بين بغداد والحلة). . . وبعد مرورنا بيومين نهبت قافلة هناك أو بمقربة من ذلك المكان. نهبتها جماعة قوية من الأعراب. أما أنا فلحسن حظي - فضلا عن أني لم أر أحدا من هؤلاء - لقيت أحد كبار قواد بغداد كان قدم إلى هنا قبلي بأمر من الباشا ومعه نيف ومائتا فارس ليستميل شيخا ويصحبه إلى بغداد وهذا الشيخ هو قائد من قواد الأعراب - وإن شئت نقل أميرا من أمرائهم وأني لأظنه أميرا لأنه من عداد الذين يهمون الأتراك في النفع. والغرض من طلب مجيئه إلى بغداد هو حشد القوى فيها للشروع بعدئذ بمحاربة ملك فارس وقد أكثر قائد بغداد من فرسانه زيادة في تعظيم هذا الشيخ. وكان يسمى هذا الشيخ أو الأمير ناصر بن مهنا لأنه ابن مهنا أو له من ذريته. . .) أه. وذكر المؤرخ اسكندر بك وديلا فاله أن لناصر ابنا اسمه أبو طالب وقال ديلا فاله أنه كان قد قام مقام أبيه المتقدم في السن. وقال روسو قنصل فرنسة في بغداد في رحلته 1808م من بغداد إلى حلب 1808 1809. في ص136 ما تعريبه. (فمررنا بجبة على الفرات. . . فرأينا على الضفة المقابلة جبل أردي وعلى منتهاه شيء كالقبة قيل لي أنه قبر ناصر المهنا بن جشعم ويعتقد الأعراب أنه من أصحاب الكرامات) أه. ولا تزال ذكرى ناصر على ألسنة الأعراب تاج بمدحه والثناء على أخلاقه ورفعة مقامه. وذكر كنعان كتاب غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد دار السلام (مخطوط) لياسين بن خير الله العمري وكانت ولادة المؤلف سنة 1158 (1714م) قال فيه (وفي سنة 1075هـ (1664م) عين السلطان لفتح مدينة الحسا (الإحساء) الأمير يمبي أغا وكنعان أمير قشعم فساروا (كذا أي فسارا) إلى اللحساء فقاتلوهم (كذا)

بني (كذا) خالد ثم هرب أميرهم براق) أه (وأظنها براك بفتح الباء وتشديد الراء وكاف عربية في الآخر وهذا الاسم من أسماء الأعراب ولا أعرف لهم براق بقاف). وجاء في هذا المخطوط ما قوله عن صقر الأول. والحرب سجال (وفي سنة خمسين (بعد المائة والألف) سار (الوالي أحمد باشا) من بغداد بالعساكر وحارب عرب قشعم فهرب أميرهم صقر وغنم عسكر بغداد وحما (كذا أي حمى) أحمد باشا بيت صقر من النبب ثم صالحه وعفى (كذا) عنه ومدح أحمد باشا أحد الفضلاء السيد عبد الله فخر (فخري) زادة بقصيدة طنانة منها قوله: عقاب الوغى لما بدا طار صقرهم ... لدى حيث ألقت رحلها أم قشعم وردت هذه القصيدة وأبياتها ثلاثة وعشرون في حديقة الزوراء لشيخ عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله السويدي (مخطوط) أقول هذا عن مختصرها المخطوط أيضاً للأديب سليمان آل دخيل قائم مقام الجبايش في لواء المنتفق في وقتنا الحاضر وهذه النسخة موجودة في خزانة الأباء الكرمليين في بغداد، وقد نقل هذا المختصر ثلاث أبيات من القصيدة جاء منها البيتان الأولان في مجلة المشرق 16 (1913) 172 بوصفها ديوان الناظم (فخري زادة). والصحيح أن هذه الواقعة كانت سنة 1152 هـ (1739م) على ما ضبطها الشيخ عبد الله السويدي في آخر بيت من قصيدة له امتدح بها الوالي أحمد باشا على ما جاء في مختصر حديقة الزوراء، قال الناظم أبو مؤلف الحديقة: إن يضق رحب الصحارى أرخوا ... هل لصقر في صحارى الهول وكر 1152هـ وما يؤيد صحة ورود هذه السنة رواية دوحة الوزراء وأظن أن مؤلفها قد نقل عن السويدي على ما يبين من عبارات ساقها المؤلف في مقدمة كتابه. اتفق مختصر حديقة الزوراء ودوحة الزوراء على تعيين السنة لكنهما اختلفا على صقر اختلافا طفيفا إذ قال المختصر (صقر المسمى سمدا) وقالت الدوحة عن صقر (عم الشيخ) وأما غاية المرام فإنه اكتفى بقوله (صقر) ولم يزد ويمكن تعليل قول المختصر (صقر المسمى سمدا) بأحد الوجهين فإما لكون صقرا

أصل علامة الاستفهام عند الإفرنج

من أحفاد سعد بن غزي أو لأنهم أرادوا بذلك الكناية عن الصقر الذي يقال له (طير السعد). ولم يهمل التاريخ عبد العزيز وشبيب ابني حبيب فإن علي باشا كتخذا والي بغداد غزا آل قشعم سنة 1214 هـ (1799م) وكان كل من عبد العزيز وشبيب شيخا على فريق منهم فلم ينل مرامه فاضطر إلى الاستمالة والبأس الخلع ثم عاد إلى بغداد. هذا قليل من كثير مع ما توسعت في المقال، ونرى الآن آل قشعم عشيرة خاملة الذكر فيها العرب الأقحاح من جهة الوالدين وفيها أنسأل عبيدها المنفشحين ترعى أبلها في لواء المنتفق على الغالب ولم تبق عليها مسحة مما مضى ولقد مسختها العوادي مسخا. يعقوب نعوم سركيس أصل علامة الاستفهام عند الإفرنج وعلامة الحذف عند الإسبانيين الإفرنج يستعملون في آخر عبارتهم الدالة على الاستفهام هذه العلامة؟ فما أصلها؟ الذي عندنا أنها حرف (س) العربي منكوس الوضع، وهو مقطوع من كلمة (استفهام) كأنهم يشيرون إلى أن العبارة هي عبارة سؤال لا عبارة أخبار وكان كتاب العرب يتفننون في وضع علامات على الحروف أو تحتها أو بعدها للإشارة إلى ما يريدونه من الملاحظات التي تبدو لهم في أثناء المطالعة. والأسبانيون يستعملون المدة أي أن هذه العلامة فيضعونها فوق بعض الحروف للإشارة إلى حذف هناك فيكتبون مثلا للإشارة إلى أنها مقطوعة من وهذه الإشارة هي في الأصل ميم عربية أي م وتعني (محذوف) إذا وضعت على غير الألف أما إذا وضعت على الألف فمعناها (ممدود) فهذه من مفعول مصطلحات كتابنا على كتابهم ونحن لا ندري ذلك كما هم لا يريدون أن يعرفوا هتين الحقيقتين!

بعض مدن البطائح القديمة وقراها

بعض مدن البطائح القديمة وقراها (أحطنا بهلالين ما كان اسمهما معروفا إلى اليوم كما أن الحواشي للمجلة) الجازرة طهيثا باذورد سرطغان خزان جستخان (قطر) نهر الزط (نهر الشافي) آجام البريد (تعرف

اليوم بالبريدية) (الحصان) نهرابا بلاس (الجرارة) جرجين (نهر الجنب) (حبيبة) (الحدادية) دورفدة دوقرة الخيزرانة (الذنابة) (زواطا)

سمرقند (النازور) الغاضري (الشوكة) (الشلوة) (العلة) (الصليق) (الشاهينية) (العمرانية) (صريفين) (الصباغية) (نهر صالح) المحمدية الكوانين الحالة. هذه هي محلات البطائح القديمة وكثير غيرها قد اندرست حتى اضمحلت أسماؤها أما قراها ومدنها الحديثة فكثيرة أشهرها المدينة، وسوق الشيوخ، والناصرية، والقرنة، وباغجة الحمار، والعمارة، وقلعة صالح. علي الشرقي

تسلط الفرس على الهند القديمة

تسلط الفرس على الهند القديمة قراءة رقيم لدارا أرسل الأستاذ هرتسفلد المستشرق الشهير إلى دائرة الآثار القديمة الهندية في (سلمة) بمذكرة عن رقيمين كان قد حفرهما دارا الأول ملك الفرس، وقد استخرجا حديثا من همذان: أحدهما من ذهب والآخر من فضة. وقد نقش عليهما بثلاث لغات - بالفارسية القديمة والعيلمية والبابلية - ما هذا معناه: (دارا الملك العظيم، ملك الملوك، ملك البلاد، ابن وشتاسيا الأخاميشي (كذا) (أو الكياني كما نقول العرب)، قال دارا الملك: هذه هي السلطنة التي يملكها من (سكا) التي هي وراء (الصغد) إلى (سفردا) التي وهبني إياها هرمزد، أعظم الآلهة. حفظني هرمزد وحفظ بيتي!) 500 سنة قبل المسيح والأستاذ هرتسفلد يجلب نظرنا في مذكرته إلى ذكر الهند الوارد في الرقيمين، ويقول أن هذين الرقيمين كتبا قبل حملة دارا على البلقان في سنة 515 ق م، بل أن رقيم بهستون الشهير الذي حفر في سنة 519 ق م يذكر أمتين هنديتين فقط وهما: (جندرة) و (تهتغش) حينما كان دارا في مصر في سنة 518 - 517ق م. ومن ثم يستنتج أن دارا أضاف الهند إلى فتوحاته في سنة 516 ق م. وقد اهتدى الأستاذ هرتسفلد إلى حقيقة الرسم الثالث المنقوش على قبر دارا والرسمين الآخرين اللذين يمثل أحدهما (جندرة) والثاني (تهتغش) ولكن الأستاذ يفهمنا بأنه لو لم يقف على هذا الرقيم الثالث المكتشف حديثا لما عرف حقيقة موطن هذا الجيل من الناس. رقيما همذان لما عرف الحرف (هـ) الفارسي يقابل الحرف (س) الهندي، فالظاهر أن الهند المذكورة في الرقيم ليست إلا (السند) بينما نرى (تهتغش) مكتوبة في الفارسية القديمة (ستغش) وفي البابلية (ستغو) وفي العليمية (ستغس). ولا جرم أن هذه الكلمة نقلت إلى صورة إيرانية وأصلها في الهند (ستغف) ومعناها: (مالك مائة رأس من المواشي) وكما أن الهنود سكنوا في السند، والجندرة احتلوا وادي نهر كابل وسوات وما حول تكسلة، فيستنتج من ذلك أن التهتغش كانوا يسكنون البنجاب، حينما تغلب عليهم دارا، وكورش العظيم، وأضافاها إلى مملكة الفرس في منتصف القرن السادس بعد المسيح. فالأستاذ هرتسفلد يبين خطورة الرقيم الذي استخرج من همذان لأنه يدلنا على أن موقع (سكا) كان وراء نهر (صغد). ولهذا ينبر البحث عن وطن العشائر العظيمة المنسوبة التي كانت تسكن البلاد الممتدة من الطونة (نهر الدانوب) إلى أسيا الوسطى، وهي أسست مملكة تمتد من (سجستان) في بلاد الفرس الشرقية إلى (ملوى) في الهند الوسطى التي تكاد تتصل بميناء بمبي وتسمى (سكستنة) في رقم مطرا العاصمة الكبرى. الدكتور ارنست هرتسفلد (معربة عن بغداد تايمس)

الفعل المعتل في لغة عوام العراق

الفعل المعتل في لغة عوام العراق الفعل المعتل ما كان في أصوله حرف علة. وهو إما معتل الفاء نحو وعد ووهب ووجع، ويسمى المثال. أو معتل العين نحو شاف وباع ونام، ويسمى الأجوف. أو معتل اللام نحو رمى وغزا ورضي، ويسمى الناقص. أو معتل الفاء واللام نحو وفى ووعى، ويسمى اللفيف المفرق. أو معتل العين واللام نحو شوى وطوى وكوى، ويسمى اللفيف المفروق.

(المثال) أكثر ما يكون الفعل الماضي من المثال في كلام العامة مكسور الأول، مفتوح الثاني وأما أخره فكالسالم في جميع أحواله. تصريف المثال مع الضمائر المرفوعة ساكن مفتوح مفتوح مفتوح مكسور ساكن ساكن ساكن مكسور ساكن وِعَدْ وِعْدَوْا وِعْدَتْ وِعْدَنْ وِعَدِتْ وِعَدْتُو وِعَدْت وِعَدْتَنْ وِعَدِتْ وِعَدْنا تصريف المثال مع الضمائر المنصوبة مفتوح ساكن ساكن ساكن مفتوح ساكن مكسور ساكن ساكن ساكن وِعَدَه وِعَدْهم وِعَدْها وِعَدْهِنْ وِعَدَكْ وِعَدْكَم وِعَدحْ وِعَدْحَنْ وعدني وعدنا (الأجوف) الفعل الماضي الأجوف يكون مفتوح الأول إذا أسند إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير غائب، مفردا كان أو جمعا مؤنثا أو مذكر. ومكسور الأول إذا أسند إلى ضمير مخاطب أو متكلم. وأما آخره فكالسالم في جميع أحواله إلا أنه تحذف عينه عند إسناده إلى ضمير مخاطب أو متكلم من الضمائر أي أن عينه تكون محذوفة إذا كان أوله مكسورا. تصريف الأجوف مع الضمائر المرفوعة ساكن مفتوح مفتوح مفتوح مكسور ساكن ساكن ساكن مكسور ساكن شافْ شاَفْوا شافَتْ شافَنْ شِفِتْ شِفْتُو شِفْتِ شِفْتَنْ شِفِتْ شِفْنا

تصريف الأجوف مع الضمائر المنصوبة مفتوح ساكن ساكن ساكن مفتوح ساكن مكسور ساكن ساكن ساكن شافَه شافْهُمْ شافْها شافْهِنْ شافَكْ شافْكُم شافِحُ شاْفُحُن شاْفني شاْفنا (الناقص) الفعل الماضي الناقص في كلام العامة مكسور الأول مفتوح الثاني أبدا. والألف التي في آخره ساقطة من اللفظ كما علمت مما تقدم فيبقى الفعل عبارة عن حرفين أولهما مكسور وثانيهما مفتوح. فرمى يلفظ هكذا (رَمَ) وجرى يلفظ (جَرَ) ثم أن الأفعال الناقصة كلها تعتبر يائية في كلام العامة وليس عندهم ناقص واوي أصلا ولذا نراهم يقولون في مضارع غزا يغزي وفي مضارع رجا يرجي أو يجعلون مضارعه مفتوح العين فيقلبون واوه ألفا كما يقولون في مضارع علا يعلا. وستعلم تفصيل ذلك مما سيأتي من الكلام على مضارع الأفعال الناقصة. ولذا أيضا أي لكون كل فعل ناقص نائبا عندهم تراهم يقلبون ألف كل فعل ناقص ياء عند إسناده إلى ضمير مخاطب أو متكلم كما سترى في تصريف الناقص مع ضمائر الرفع. وأما آخر الفعل الناقص أي الألف التي في آخره فإنها تثبيت في الخط فقط دون اللفظ إذا أسند إلى اسم ظاهر أو إلى ضمير المفرد الغائب. وتحذف من الخط أيضا إذا أسند إلى ضمير جمع الغائب أو المفردة الغائبة أو جمع الغائبة وتقلب باء إذا أسند إلى ما سوى ذلك من ضمائر الرفع. وأما مع ضمائر النصب فإن ألفه تثبيت لفظا أو خطا. تصريف الناقص مع ضمائر الرفع رِمَى رِمَوْا رِمَتْ رِمَنْ رِمَيْتْ رمَيْتُو رِمَيْتِ رِمَيْتَنْ رِمَيْت رِمَيْنا

تصريف الناقص مع ضمائر النصب رِمَا رِماهم رِماها رِمِاهنْ رِماك رِماكُم رِمْاح رِماحُنْ رِماني رِمانا (اللفيف) إن كلا من اللفيف المفروق واللفيف المقرون ناقص أيضا لأنهما حرف علة وإنما يزيدان على الناقص بحرف علة آخر يكون فاء الفعل كما في اللفيف المفروق أو عين الفعل كما في اللفيف المقرون. وعليه فهما كالناقص في جميع ما ذكرنا له من الأحكام المتعلقة بأوله أو بآخره. تصريف اللفيف المفروق مع ضمائر الرفع وِفَى وِفَوا وِفَتْ وِفَنْ وِفَيْتْ وِفَيْتُو وِفَيْتِ وِفَيْتَنْ وِفَيْتْ وِفَيْنا تصريف اللفيف المفروق مع ضمائر النصب وِعاه وِعاهم وِعاهْا وِعاهِنْ وِعاكْ وِعاكُم وِعاجْ وِعاُحنْ وِعاني وِعانا تصريف اللفيف المقرون مع ضمائر الرفع شِوى شِوَوْا شِوَتْ شِوَنْ شِوَيْتْ شِوَيْتُو شِوَيْتِ شِوَيْتَنْ َشْوْيُت شِوْينا تصريف اللفيف المقرون مع ضمائر النصب شِواه شِواهم شِواها شِواهِن شِواك شِواكم شِواحْ شِواجُنْ شِواني شِوانا معروف الرصافي

الشيخ محمد رضا الخزاعي

الشيخ محمد رضا الخزاعي - 1 - نسبه هو ابن الشيخ إدريس بن محمد بن جفال بن خنجر بن محمد بن حمود الخزاعي نسبه إلى (خزاعة) القبيلة المعروفة الشهيرة المتفرعة منها بطون كثيرة وطرائف تقطن الفرات في أرض الشامية. 2 - نشأته الخزاعي عالم فاضل وأديب شاعر وكاتب ناثر. كثير الورع شديد التقوى له شعر يروق ويروع، ونثر يضيء ويضوع، حلو المفاكهة لطيف الحاضرة حسن البديهة سيال القريحة، ولد في (النجف) دار العلم والعرفان سنة 1298 هـ ونشأ بها مشغوفا من صغره بحب العلوم العربية وآدابها. وقد ازدلف إلى فريق من أدباء آل طريح وتتلمذ على يدهم. وأخذ يستقي من بحر آدابهم العربية الصافية ويحضر نواديهم التي كانت تنعقد بين آونة وأخرى. لأجل المذكرات الأدبية، وبقي ملازما لتلك النوادي حتى نال بسببها من الأدب الحظ الأوفر، وصارت له مكانة سامية في عالمه. وقد نظم في أكثر أبواب الشعر ومواضيعه، وساجل شعراء عصره وطارح أكثر أقرانه في هذا الفن. كالشيخ صالح حجي. والشيخ محمد زاهد والشيخ محمد حسين الحلي، والشيخ حسن الطريحي وغيرهم. وكان السابق عليهم في هذه الحلبة. ولم يجمع شعره في مجموعة خاصة شأن أكثر أدباء النجف. بل تركه مبعثرا في المجاميع الخطية، والدفاتر والأوراق. توفي في النجف سنة 1331 هـ بعد داء عضل لازمه برهة من الزمن. ودفن فيها عن عمر يناهز الثلاثين. وقدرناه أكثر شعراء عصره ومحبيه بقصائد جمة لا محل لذكرها هنا. 3 - من شعره ومن شعره الذي عثرنا عليه قوله من قصيدة يهنئ بها أحد أقرانه باقترانه: ألا قد حلا نشر التهاني فغن لي ... بلحن طوى ذكرى القريض ابتكاره

ونوه بذكر الخرد الغيد وأسقني ... مداما كريق الغانيات عقاره يطوف به ظبي من الأنس أهيف ... يجول بمستن الوشاح أزاره عزيز إذا يرنو فصارم لحظة ... يفل حدود الماضيات غراره فقد غردت ورق المسرة بالهنا ... وأصبح روض الأنس غضا نواره وهبت لنا من ذلك الروض نفحة ... تضوع منها شيحة وعرارة وقوله من قصيدة يرثي بها الإمام الحسين (عليه السلام): يا منزل الأحباب والمعهدا ... حياك وكاف الحيا مرعدا وأنهل منك الروض عن ناظر ... إن ظل يبكي يضحك المعهدا وأفتر ثغر الروض واسترجعت ... فيك ليالي الملتقى عودا إني وسلمى قربت للنوى ... عيسا وللتوديع مدت يدا ما بالها لا روعت روعت ... قلبي لدى المسرى برجع الحدا بانت فما ألفيت في عهدها ... إلا فتيت المسك والمرودا هلا رعت عهد الصبا وأرعوت ... كيلا تجوب البيد والفدفدا صدت وظني أنها أنكرت ... مني بياض الشيب لما بدا لم تدر أن الشيب في مفرقي ... قد بان مذ بانت بنو أحمدا بانوا ولي قلب أقام الجوى ... فيه وجنبي جانب المرقدا كم أعقبوا لي يوم ترحالهم ... وجدا بألوان الحشا موقدا إن لم أمت حزنا فلي مدمع ... يحيي الثري أولم أكن مكمدا وقوله منها يصف شجاعة الهاشميين وبسالتهم حين نزلوا الحرب وأشتبك القتال بين الطرفين: قامت لدفع الضيم في موقف ... كادت الأبطال أن تقعدا شبوا لظى الهيجاء في قضبهم ... لما تداعوا أصيدا أصيدا يمشون في ظل القنا للوغى ... نبها متى طير الفنا غردا من كل غطريف له نجدة ... يدعو بمن يلقاه لا منجدا يختال نشوانا كأن القنا ... هيف تعاطيه الدما صرخدا رهط حجازيون قد أعرقوا ... إذ غار كل منهم أنجدا

سلوا الظبا بيضا وقد راودوا ... فيها المنايا السود لا الخردا حتى قضوا نهب القنا والظبا ... ما بين كهل أو فتى أمرد أفدي جسوما بالظبا وزعت ... تحكي نجوما في الثرى ركدا أفديهم صرعى وأشلاءهم ... للبيض والسمر غدت مسجدا فالسمر فيها تنحني ركعا ... والبيض تهوي فوقها سجدا وأنصاع فرد الدين من بعدهم ... يسطو على جمع العدى مفردا يستقبل الأقران في مرهف ... ماض بغير إلهام لن يغمدا أضحت رجال الحرب من بعده ... تروي حديثا في الطلى مسندا لا يرهب الأبطال في موكب ... كلا ولم يعبأ بصرف الردى ما بارح الهيجاء حتى قضى ... فيها نقي الثوب غمر الردى وقوله أيضا: فؤادي تارة مغزى بحزوى ... وطورا مغرم في وادي طور أخا العلياء لا تحزن عليه ... بقيت الدهر مجلاب السرور وخذ من مقولي درا نضيدا ... حكى عقد الغواني في النحور فلم أفخر به بل قلت حقا ... (فداني كل مختال فخور) وقد حثه يوما إخوانه أن يكتب إلى صديقه السيد مرتضى سادن (الروضة المطهرة العباسية) في كربلاء عن لسان حال (النرقيلة) حيث وعد السيد الكليتدار السادن صاحب الترجمة (برأس نرقيلة) فأخلف فكتب إليه الخزاعي محمد رضا كتابا يعاتبه على ذلك، وقال آخر الكتاب ما نصه: بينما أنا أوشح الكتاب، ببديع الخطاب، و (النرقيلة) في يدي وعليها رأس يزدي، إذ خالستني المقال، وأنشأت تقول ارتجال: أبلغ سلامي مرتضى الجد ... من حل في دائرة المجد وأكتب إليه أبتغي رأسها ... كيف ترخي منجز الوعد

أصل الحرف الإفرنجي في الرياضيات

وجرى يوما بمحضره ذكر ابن المذلق المشهور والمبالغة في إفلاسه فقال ارتجالا: يقولون أن ابن المذلق مفلس ... فقلت لهم إفلاسه عشر إفلاسي على قدم يسعى إذا ما يزوره ... وإن زارني يسعى على العين والرأس هذا ما وقفنا عليه من آثاره التي أثبتناها هنا ولعل له غيرها لم نتوفق للعثور عليها. النجف: عبد المولى الطريحي أصل الحرف الإفرنجي في الرياضيات إذا أراد الإفرنج الإشارة إلى (المجهول) و (الكمية المجهولة) في الرياضيات، ولا سيما في علم الجبر والمقابلة، وضعوا حرفا اسمه (أكس) وهذه صورته - فما أصله؟ قلنا: إن المؤلفين الإيطاليين الأقدمين - عند تقل الكتب الرياضية إلى لغتهم - كانوا يسمون الكمية المجهولة من كميات المعادلة (شيئا) وبلغتهم، كوزا أو باللاتينية وكان كل منهما يكتب بجميع حروفه أو بحرفه الأول الذي يرمز إلى بقيته. وكان الأسبانيون يستعملون اللفظة العربية نفسها وهي (شيء) ويكتبونها بلغتهم هكذا وتلفظ (شيء) ثم استغنوا هم أيضا بالحرف الأول والثاني: ثم جاء غيرهم بعدهم فاتخذوا ذلك الحرف وحده. وهكذا رجع الفضل في هذا الأمر أيضا إلى العرب. فلله درهم حتى في الصغائر!

كتاب خط في الحماسة

كتاب خط في الحماسة كثير من الكتب موسومة (بالحماسة) والمراد بهذا العنوان كل سفر جمع نخبة أشعار في مختلف الأبواب. يبتدئ أولها بالحماسة. ومن ذلك اسم الكتاب من باب التعميم والإطلاق. ومن أشهر هذه الكتب حماسة أبي تمام، حتى إذا قيل كتاب (الحماسة) لم يفهم أغلب الناس إلا هذا السفر الجليل ولهذا تداوله الناس وتكاتبوه ونسخة الخطية المتعددة تشهد بأنه مما كان يرغب فيه ويحرص كل أديب على ادخار نسخة منه في خزانته. إن هناك عدة حماسات لا يستهان بها. نعم، إنها لم تجمع من رائق الأبيات ما جمعه أبو تمام، إلا أنه يبقى لها مزية خاصة بها، وكان في جملة ما أحرزناه ثلاث حماسات قديمة الخط: واحدة لابن الشجري وواحدة للشيخ أبي الحسن البصري وهي المعروفة بالحماسة البصرية والثالثة الحماسة العسكرية فذهبت مع ما ذهب فريسة الجهل والحسد والنار، غفر الله لمن كان سببا لهذا البلوى التي لا تعوض ولا يمكننا أن ننساها. أما اليوم فقد كتب إلينا من طهران (إيران) أحد مشاهير الأدباء وهو السيد أحمد النجفي يصف لنا حماسة لم يعرف هو صاحبها كما لم نهتد نحن إليه فعسى أن يطلع على هذا الوصف أحد قراء هذه المجلة ويفيده عن اسم صاحبها ودونك هذا الوصف. (لغة العرب) عثرت في بعض المكتبات هنا على كتاب نفيس في الأشباه والطائر الشعرية لم يذكر أسمه، ولا اسم مؤلفه، وأكثر أشعاره للعرب القدماء، وقد عرفت في أثناء مطالعتي له أن المؤلف كان معاصرا للصولي، وابن دريد، وابن الأنباري وأمثالهم فإنه كثيرا ما يقول: حدثنا ابن الأنباري. حدثنا ابن دريد، حدثنا الصولي، وقد رجحت أن يكون كتاب حماسة الخالدين فكتبت

صفحات منه إلى حضرة أحمد تيمور باشا وطلبت منه أن يقابلها على نسخة حماسة الخالديين الموجودة لديه، فأجابني أنه قابلها بتلك الحماسة من أولها إلى آخرها فلم يجد بينهما شبها ما، وأنه يرى أن هذا الكتاب نفيس جدا. فرأيت أن أنقل لكم بعض صفحات الكتاب أيضا واستطلع رأيكم في ذلك لأني عازم على طبعه: أول الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم وتذعر البزل منه حين تبصره ... حتى يقطع في أعناقها الجرر ومثله لبعض الرجاز: تقطع الجرة في أعناقها ... من حذر المدية وائتلافها فهي تسلي الخوف من طراقها ... تسلي الحرة من عشاقها ابن الدمينة: ألا لو كن يقبلن حبذا ... من الدهر أيام الشباب الصوالح وحسن عيون كن يقتلننا بها ... ونحن على جد وهن موازح وله أيضا: هل تذكرين إذ الركاب مناخه ... برحالها لرواح أهل الموسم إذ نحن نسترق الحديث وفوقنا ... مثل الظلام من الغبار الأقتم ونظل نظهر بالحواجب بيننا ... ما في النفوس ونحن لم نتكلم أما معنى هذا البيت الأخير فما نظن أحدا من قال الشعر قديما إلا ذكر منه شيئا. ولقد رأينا كتابا لبعض مصنفي الكتب قد جمع فيه بعض ما قيل فهو معنى واحد ومن أحسن ما نعرف فيه ما أنشدنا بعض الكتاب لنفسه: ومنتظر رجع السلام بطرفة ... إذا ما انثنى يحكي لك الغصن اللدنا إذا جعل اللحظ الخفي لسانه ... جعلت له عيني لتفهم أذنا فلسنا على حمل الرسائل بيننا ... نريد سوانا مفهما حيثما كنا كفتنا بلاغات العيون حديثنا ... فقمن بحاجات النفوس لنا عنا

إعرابي: ألا زعمت عرسي أميمة أنني ... جواد وأني أن نجلت مصيب فللحق من مال امرئ الصدق نوبة ... وللدهر من مال الشحيح نصيب ابن ميادة: وما اختلجت عيناي إلا رأيتها ... على رغم وإليها وغيظ الكواشح فيا ليت عيني طال منها اختلاجها ... فكم يوم لهولي بذلك صالح هذا المعنى في اختلاج العين وخدر الرجل قليل في شعارهم ونحن نذكر منه ههنا شيئا إلى أن نستغرق جميعه في موضع واحد فمن ذلك قول الأقيشر: أيا صاحبي أبشر برؤيتنا الحمى ... وأهل الحمى من مبغض وودود قد اختلجت عيني فدل اختلاجها ... على حسن وصل بعد قبح صدود ومثله في الاختلاج والخدر قول المجنون: إذا خدرت رجلي أقول ذكرتني ... أو اختلجت عيني أقول التلاقيا وقد تطير بعضهم باختلاج العين فقال: إذا اختلجت عيني بكيت صبابة ... عليك وخوفا أن تراك سوى عيني ومن المعنى الأول قول الشاعر: وما خدرت رجلاي إلا ذكرتكم ... فيذهب عن رجلي ما تجدان وما اختلجت عيناي إلا تبادرت ... دموعهما بالسح والهملان سرورا بما جربته من لقائكم ... إذا اختلجت عيناي كل أوان ومثله: وغاب عن عيني حتى إذا ... لم أرج من غيبته أو به اختلجت عيني فأبصرته ... كأن عيني تعلم الغيبا ومثله لابن المعتز: مرحبا باختلاج أجفان عين ... بشرت نفسها برؤية بشر لك عندي أمن الدمع إن صح ... م الذي قلت لي ولو بعد دهر ومثله: أعتنيك الدهر وأرضاكا ... تبرعا فأشكر له ذاكا إن الذي ترقبه بالمنى ... أعجله الشوق فلاقاكا

ما اختلجت عيناك إلا له ... فبشرت قلبك عيناكا ومثله: ظللت تبشرني عيني إذا اختلجت ... بأن أراك وما زالت على حذر فقلت للعين أن يأت الحبيب كما ... زعمت أني إذا من أسعد البشر فما جزاؤك عندي لست أعرفه ... بلى جزاؤك أن إفرادك بالنظر وأحجب المقلة الأخرى وأمنعها ... وجه الحبيب كما لم تأت بالخبر إعرابي: كان شميط الصبح في أخرياته ... سادة تجلى عن طيالسة خضر تخال بقاياه التي أسر الدجى ... تمد وشيعا فوق أردية الفجر الشعر. . في طلوع الفجر كثير جدا في أشعار المتقدمين والمحدثين وهو أيضا حسن لكثرة افتنانهم في تشبيهاته ونحن نذكر منه في هذا المورد صدرا صالحا فمن أجود ذلك قول ابن الزبير الأسدي حتى تجرد للظلماء يطلبها ... ورد كأن على حافاته وهجا كالسيف لوحه الأسوار معترضا ... ترى به من دم مستحدث ضرجا قد استوفى في هذين البيتين المعنى وجوده وذاك أنه شبه الفجر بالسيف ثم ذكر حمرة الشمس فشبهها بدم في السيف وجعله. طريا وكلامه بعد ذلك من أفصح الكلام وأحسنه. ولعلي بن جبلة: وليل دفعنا جانبا من جنوبه ... عن الصبح حتى لاح وهو صريع غدا يفرج الظلماء عنه كما فرى ... شميلته عن منكبيه خليع مثله المسلم: أخذن السرى أخذ العنيف الخ. مثله البحتري: وقاسين ليلا دون قاسان الخ. ومثله لعلي بن الجهم: حتى تولى الليل ثاني عطفه الخ ومثله لابن المعذل: فسريت الشرى الخ. ومثله لابن المعتز؛ مثله للجلق: مثله لأشجع: مثله لذي الرمة، مثله لابن المعتز: مثله لحميد بن ثور؛ مثله للشمردل اليربوعي، ومنه أخذ ابن المعتز قوله: والصبح؛

مثله لعلي بن جبلة؛ مثله لابن طباطبا، وله أيضا مثله؛ مثله لأبي نؤاس مثله البحتري؛ مثله لأعرابي؛ مثله لأشجع؛ مثله لأبن المعتز؛ مثله لابن طباطبا، ومثل هذا قول ابن المعتز: والفجر يتلو المشتري فكأنه ... عريان يمشي في الدجى بسراج إن تكلم متعنت في معنى هذا البيت فقال هذا العريان الذي ذكره يجوزان، يكون أسود فيفسد التشبيه، قلنا له إنما يحمل الشعر على ما يحتمل فمتى عدل به عن ذلك فسد عامته وسقط أكثره ولله در البحتري في قوله يصف الشعر: والشعر لمح تكفي إشارته ... وليس بالهذر طولت خطبه وإنما شبه ابن المعتز الصبح حين يبين ضوءه بالإنسان الأبيض ثم ذكر أن المشتري كالسراج في يده لأنه وقت طلوع الفجر أشد ائتلافا وأبين نورا من الصبح قبل تكامل ضوءه وهذا تشبيه صحيح حسن، ولابن المعتز في المعنى الأول: أما الظلام فحيرة رق قميصه ... وأرى بياض الصبح كالسيف الصدي قد أثبتنا قطعة صالحة من نظائر هذا المعنى وتركنا منها أشياء لعلتنا نذكرها في موضع آخر إن شاء الله. النجاشي الحارثي: أبلغ شهابا وخير القول أصدقه ... إن الكتائب لا يهزمن بالكتب تهدي الوعيد بأعلى الرمل من أضم ... فإن أردت مضاع القوم فأقترب وإن تغب في جمادي عن وقائعنا ... فسوف نلقاك في شعبان أو رجب أما قوله: إن الكتائب لا يهزمن بالكتب، فهو معنى ما كنا نتوهم أن أحدا من الشعراء قديما أو محدثا أتى به غير أبي تمام في قوله: السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب حتى رأينا قول هذا الشاعر فعلمنا أن أبا تمام مائل عليه وإليه أشار وفي هذا البيت على أنه قديم المعنى قويم وهو قوله أن الكتائب لا يهزمن بالكتب إلا أن بيت أبي تمام أتم شرحا وأحسن تلخيصا من القديم وعليه حذا أبو تمام وهو له تبع ومثل المعنى الأول قول أبي تمام: يبادروني كأني في أكفهم الخ ومثله لأخر؛ مثله الملوك بن عمر: مثله ليزيد بن أنس؛ مثله لعبد الله بن الزبير الأسدي.:

والأصل في هذا المعنى قول عنترة: ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لم ألقهما دمي حدثنا الصولي عن أبي العيناء قال: قال أبو عمرو بن العلاء انصرفت يوما وقت الهاجرة من مجلسي في المسجد الجامع بالبصرة وكان يوما حارا نبينا أنا في بعض الشوارع إذ سمعت خلفي صرير نعل فألتفت فإذا عيار متشح بإزار أحمر فقبض علي واخرج من حجره سكينا فوضعها اتجاه قلبي ثم قال كيف تروي يا أبا عمرو بيتي عنترة: ولقد خشيت بأن أموت والبيت الآخر الذي يليه فأنشدته: ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لقيتهما دمى فقال إياك أن ترويهما هذه الرواية فما كان عنترة يستحذي هذا الاستخفاء فوالله لولا خلتان أحدهما أني لم أتقدم إليك بشيء والأخرى أن أفجع أهدى الأرض بك لمكنتها يعني السكين من قلبك. فقلت كيف أرويهما - جعلت فداك - قال أروهما: ولقد خشيت بأن أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على ابني ضمضم الشاتمي عرضي بما هو فيهما ... والناذرين إذا لم ألقيهما دمي قال أبو العيناء فما رواهما أبو عمرو إلى أن مات إلا هذه الرواية. منظور بن الربيع العامري: ألم تعلموا أني إذا رمت فتكة الخ؛ وقريب منه. قول الشاعر الخ ومثله الخ. وهكذا يذكر معنى البيت وما ورد له من الأشباه والنظائر. وإليكم أنموذجا آخر عن صفحات أخرى من الكتاب نذكرها على سبيل الإجمال. زيد الخيل الطائي: رأتني كأشلاء اللجام ولن ترى ... أخا الحرب إلا أشعث اللون أغبرا أخا الحرب إن غضت به الحرب عضها ... وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا مثله له أيضا: وليس أخو الحرب العوان الخ، لهدية بن خشرم مثله: وليس أخو الحرب بمن إذا ما الخ. مثله: وليس أخو الحرب العظيمة بالذي الخ

مثله لابن الأصلت؛ قد حصت البيضة رأسي فما الخ. ولما قال الخطيئة إذا هم بالأعداء لم يثن همه الخ. أخذه كثير فأجاد وأحسن بقوله الخ ابن عسلة الضبي أبى لي الله أن أموت وفي ... صدري هم كأنه جبل يمنعني لذة الشراب وإن ... كان رحيقا مزاجه عسل الخ مثله لعمر بن مرة الشيباني اليوم حل لي الشراب وما كان الشراب يحل قبل الخ، مثله لضمرة بن ضمرة الخ. مثله لسعد بن أبي عمرو القيني حلت الخمرة إذ لاقيت سيدهم الخ، مثله للدعبس الكندي يمدح أمرؤ القيس بن حجر الخ، وأول من اخترع هذا المعنى أمرؤ القيس بن حجر الكندي لما قتلت بنو أسد أباه فإنه إلى أن لا يشرب خمرا الخ، فأما قول أبي نواس في مجلس منحل السرور به الخ. وكذا أيضا قول البحتري الخ. كعب بن مالك الأنصاري: ونحن أناس لا نرى القتل الخ، مثله للسموءل ونحن أناس الخ. مثله للراجز الخ، مثله لسعد بن مالك الشيباني الخ. مثله ملة الخزاعية الخ مثله لحكيم ابن قبيصة الخ، مثله للحرث بن أوس الطائي ومثله للأعرج القيني الخ). ويقول في موضع آخر قال الحريش ابن هلال التميمي: أعاذل ما وليت حتى تبددت ... رجالي وحتى لم أجد متقدما الخ قد اعتذر جماعة من الفرسان من فرارهم لما عبروا به وكل احتج بحجة ونحن نذكر ههنا شيئا مما قالوا في ذلك، قال هبيرة بن أبي وهب وكان مع المشركين في يوم بدر فلما فر عير بذلك فقال لعمرك ما وليت ظهري محمدا الخ. مثله لنبيه بن يقظان لا تعذلوني في الفرار فإنما الخ. مثله الخ ذكر هذا الشاعر أنه قاتل حتى خرقوا تربية بالطعن إلا أنه فر لما كثروا وقد ذكر قوم من الشعراء أن فرارهم كان بشهوتهم من غير قتال فمنهم القابل وكتيبة ليبينها بكتيبة الخ ومن أحسن مالا بي العمر في هذا المعنى قوله الخ وأبو الغمر بجود في هذا المعنى وأكثر شعره فيه ونحن نثبت له أشياء من جيد توله في مواضع من الكتاب، وقد ذكر جماعة منهم فرارهم على أرجلهم وعير آخرون بفرارهم على الخيل فمن فر على رجله واعتذر أبو فراش الهذلي بقوله فلو لإدراك الشيء باتت حليلة الخ، ومثله أيضا له الخ، مثله لأخر الخ، مثله للأعلم الهذلي الخ، مثله لعمر بن معدي الخ، مثله لتميمة بنت وهبان العبسية الخ، مثله للأخطل

كتاب المقامات لابن الألوسي

مثله لنعيم ابن سفيان التميمي ولما رأيت الخيل جاءت كأنها الخ. وهكذا يجري على هذا النمط حتى ينتهي إلى آخر الكتاب وقلما يذكر للشعراء المولدين شيئا إلا ما رأيتموه في أول الكتاب فقد أكثر منه بالقياس إلى سائر الكتاب ويقول في آخر الكتاب (هذا آخر الأبواب وخاتم الكتاب وانقطاع الخطاب) فيظهر أن الكتاب مرتب على أبواب وإن لم يذكرها مفصلة في أثنائه ولكنك ترى في أطراف بعض صفحاته هذه الأعداد وقد ذهب سكين الصحاف ببعضها (خامسة) (سابعة) (عاشرة) وهكذا فالرجاء من سيادتكم أن تبحثوا عن حقيقة هذا الكتاب في المظان التي تعرفونها حتى نقوم بإحياء هذا الأثر النفيس وتمثيله للطبع ولكم مني وافر الثناء وجزيل الشكر. طهران: السيد أحمد النجفي (ل. ع) لا يمكننا الاهتداء إلى هذه الحماسة فهل من أديب يهدينا إلى صاحبها؟ كتاب المقامات لابن الألوسي بينما كنت أنقب (سنة 1339هـ) بين كتب أحد الكتيبين في الكاظمية وقع نظري على سفر صغير مطبوع في كربلاء سنة 1273هـ ومكتوب في صدره: (هذا مقامات ابن الألوسي عليه الرحمة) وكلما رددت طرفي فيه لم أعثر على أسم مؤلفه بيد أنه يظهر من الكتاب أن مؤلفه كان معاصرا لداود باشا (والي بغداد) وعبد الغني الجميل البغدادي والسيد محمود (نقيب شرف بغداد) وأنه قرأ مدة على الشيخ علي علاء الدين الموصلي فيظهر مما ذكر أن مؤلف هذا الكتاب الأدبي النافع هو السيد شهاب الدين محمود الألوسي. محمد مهدي العلوي

فوائد لغوية

فوائد لغوية أفصح كلام العرب يتولى تحرير الصحف والمجلات كتاب متفاوتو الدرجات في البلاغة والفصاحة، ومن الغريب أن فصحاء المنشئين قد يخطئون في ما يخطئون جريا على ما يرون أو يسمعون من أولئك الكتبة الضعفة. فلهذا أردنا أن نعقد فصلا نشير فيه إلى تلك الأوهام لئلا تسري إلى سائر الخاصة أو إلى الكتب. إذ بين أولئك السفرة رجال يعدون من الطبقة الأولى بين الناطقين بالضاد. وقد وسمنا هذا الفصل (بأفصح كلام العرب) لأننا لا نريد أن نخطئ أحدا إذ كل خطأ في العربية قد يوجه فيخرج من وصفه بنعت يحط من صحته. فعندنا أن قام خالد وخالدا وخالد (أي بالضم والنصب والجر) ليس من الخطأ، إذ كل واحدة من هذه الحالات قد توجه فيقال: رفع خالد في الأول على الفاعلية ونصب في الثاني على تقدير قام رجل يسمى خالدا. وجر في الثالثة على تقدير قام رجل يعرف بخالد. ولقد ترى مثل هذه التوجيهات شيئا كثارا في كتب القوم من تفسير. وحديث. وأدب ودواوين شعر. ونحو. وفقه. وأصول. ولهذا لا ننكر على أحد توجيه كلامه الضيف وإنما نريد أن نبين هنا الأفصح مما نطق به أبناء عدنان وما جاء مخالفا له لا يعد من طبقته. 1 - محادثات مع. . . رأينا أحد كبار الكتاب ينعت ما عربه من الفرنسية بقوله: (محادثات مع أناتول فرانس) فهذا التعبير وإن كان جائزا عند العوام ومن أخذ الطعم إلا أنه لا ينطق به فصيح: بل يقول: (محادثات أناتول فرانس) لأن المفاعلة لا تكون إلا مع ثان، فإنك لا تقول حادثت معه، بل حادثته، بيد أن قوله محادثات مع فلان هي بمعنى جرت معه، أو وقعت معه، على أن الأفصح هو ما أوردناه.

قال في تاج العروس في مادة ج هـ د في كلامه عن المجاهدة: قال شيخنا: والإتيان بمع فيه. كما نصوا عليه. اه. وهكذا القول في كل ما جاء على المفاعلة فإنه لا يرادف بمع بخلاف التفاعل فإنك تقول تحادث معه وتشارك معه وتحارب معه. 2 - لم تأت (كذلك) بمعنى (أيضا) (ولا كذاك) نشأت طبقة من الكتاب في هذه السنين الأخيرة وقد آلت على نفسها أن لا تستعمل في كلامها حرف (أيضا) اعتقادا منها أن الكلمة دخيلة في العربية أو أنها غير فصيحة. والحال أن الكلمة عربية صرفة وقد وردت في مصفاة أكابر اللغويين من أقدمين ومحدثين. ولا يجوز أبدا أن يستعمل في موطنها (كذلك) إذ معنى هذه اللفظة غير معنى تلك. فقولك (كذلك) كقولك (مثل ذلك) أو (مثل هذا) إلا إن هذا) للقريب و (ذلك) للبعيد. ومنهم من لا يحب تكرير (كذلك) فيقول (كذاك) وهذه أقبح. فاستمع ما يقول صاحب لسان العرب: (في حديث عمر: كذلك لا تذعروا علينا ابلنا، أي حسبكم، وتقديره: دع فعلك وأمرك كذاك، والكاف الأولى والآخرة زائدتان للتشبيه والخطاب. والاسم (إذا). واستعملوا الكلمة كلها استعمال الاسم الواحد في غير هذا المعنى، يقال: رجل كذلك أي خسيس. وأشتر لي غلاما ولا تشره كذلك. أي دنيئا. وقيل حقيقة كذاك أي مثل ذاك. ومعناه الزم ما أنت عليه ولا تتجاوزه. والكاف الأولى منصوبة الموضع بالفعل المضمر. وفي حديث بكر (رضه) يوم بدر: يا نبي الله كذاك، أي حسبك الدعاء، فإن الله منجز لك ما وعدك) اه كلام ابن مكرم. وأما ورود (أيضا) في لسان العرب والقاموس والتاج والصحاح والصباح والمغرب وغيرها من كتب اللغة، فأكثر من أن يحصى. على إنا نسأل هؤلاء المتحذلقين أن يقولوا لنا كيف يسكبون هذه العبارة الواردة في لسان العرب عند محوهم للفظة (أيضا) وبدلهم أنا (بكذلك). ودونك العبارة منقولة عن مادة بيد، قال: (لان (أن) التي للإنكار مؤكدة موجبة. ونعم (أيضا كذلك) أو والتي بمعنى نعم (أيضا كذلك) اه. فكيف يفعلون وقد جعل المؤلف

الكلمتين الواحدة منها بجانب الأخرى مبينا أن معنى أيضا غير معنى كذلك، فنحن نتحداهم في إبدال (أيضا) (بكذلك) في هذه العبارة. أما لفظة (أيضا) هي من اللاتينية من المضحكات. نعم إن الكلمة الأجنبية تفيد هذا المعنى، لكن كيف أنتنا وفي أي عصر وكيف عربت؟ هذا كله من قبيل الأسرار الغامضة وهل من المحتمل أن تكون من تلك اللغة الغربية؟ - فهذا زعم باطل لأن الذي نقل عن الرومان ألفاظ فقهية أو اجتماعية أو سياسية. وليست (أيضا) من هذا الوادي. والذي نص عليه اللسان هو ما يأتي: (آض يئيض أيضا: سار (كذا في الأصل المطبوع ونظنه (صار) ليتفق وما بعده ولأن صاحب القاموس والتاج والصحاح ذكروا صار من معاني آض ولم يذكروا سار. فليحتفظ به لتصحيح ما ورد في اللسان) وعاد وآض إلى أهله: رجع إليهم. قال ابن دريد: وفعلت كذا وكذا أيضا. من هذا أي رجعت إليه وعدت. وتقول أفعل ذلك أيضا، وهو مصدر آض يئيض أيضا أي رجع. فإذا قيل لك فعلت ذاك أيضا قلت: أكثرت من ايض، ودعني من ايض) اه - ومثل هذا أو يكاد في الصحاح والمصباح. وفي اللغات الساميات ألفاظ مشتقة كلها من مثل معنى هذا الفعل فمنها من ثاب يثوب. ومنها من عاد يعود إلى غيرهما. فيقول الأرميون: (ثوبا) أو (عود) بمعنى العربية (أيضا). فكيف ينكرون عربية لفظتنا. وما هي أدلتهم؟ سامحهم الله! 3 - خطأهم في المنسوب ويكاد جميع الكتاب يخطئون في المنسوب المزيد على ثلاثة أحرف المنتهي بألف أو هاء. فيقولون مثلا فرنساوي وحباروي وجمادوي ومراموي في النسبة إلى فرنسة (أو فرنسا) وخباري وجمادى ومرامى وقد منع العرب ذلك وفصحاؤهم يقولون فرنسي وحباري وجمادي ومرامي فإن الألف أو الهاء تسقط إذا نسبت إلى مثل هذا الأسماء سواء كانت الألف أصلية أو زائدة للتأنيث أو غير التأنيث (راجع كتاب سيبويه طبع مصر 78: 2 وما على حاشيته لأبي سعيد في الصفحة المذكورة ولغة العرب 482: 4 وما يليها).

4 - ليس فقط بل و. . . ومما كثر فساده. وجل وروده في كلام المعاصرين من أرباب القلم قولهم (ليس فقط لم أرهم منافقين بل وأغلبهم. من مشاهير اللصوص. فقولهم ليس فقط من سقيم النقل عن لغة الأعاجم: وزادوا هذه الركة سقما إن زادوا وراء (بل) حرف العطف فقالوا (بل و. . .) وكل هذا التركيب تنفر منه نفس العربي الحر. والمشهور في مثل هذا الموطن قولهم: (لم أرهم منافقين فقط بل كذلك لصوصا وأغلبهم من مشاهير اللصوص) ومثل هذا الكلام ما جاء في كلام الجاحظ في البيان (9: 2 من مطبعة الخطيب) (ولم أرهم يذمون المتكلف للبلاغة فقط، بل كذلك يذمون المتظرف والمتكلف للغناء. . .) وللعرب صيغة أخرى لمثل هذه الفكرة. وهي قولهم: رأيت أغلبهم من مشاهير اللصوص، فضلا عن أني رأيت أغلبهم من المنافقين: وهذا التركيب دور على ألسنتهم وهو أرشق قواما من الأول وإن لم يكن فيه قوة تلك العبارة. قال في نشوار المحاضرة (62: 1): (وكان يتبعض عليها بالماء. فضلا عما سواه). وفي كتاب العمدة لابن رشيق (ص21): (وتناول (الأخطل) من أعراض المسلمين أشرفهم. ما لا ينجو مع مثله علوي. فضلا عن نصراني). فقد رأيت من هذا أن الجمع بين ليس وفقط متجاورتين لم يرد في كلام أحد فصحائهم، وكذلك الجمع بين (بل والواو) متجاورتين. تصحيح نبهنا حضرة صديقنا عبد اللطيف ثنيان أن ما ذكرناه في ص119 سطر 14 (خلت البيوت) هو دون (خلت الرقاع) شهرة وإن كان ما وجهنا إليه النظر صحيح لا غبار عليه. وما ذهبنا إليه ص120 س11 بقولنا (بمسابلة الركبان) هو (بمساءلة الركبان) فنمحضه الشكر ونقر بضعفنا وخطأنا (ل. ع.)

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة كلمة أبي طالب في جميع الحالات أطلعت على السؤال المدرج في (287: 4 - 288) من مجلة لغة العرب الزاهرة فأقول: قال السيد الجليل والعالم النبيل أحمد بن علي بن الحسين الداودي الحسني المتوفى سنة 828هـ في (ص5 و 6) من كتابه عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب المطبوع بلكنهو (الهند): أما المقدمة ففي اسم أبي طالب ونسبة، أما أسمه فقيل أنه عمران وهي رواية ضعيفة رواها أبو بكر محمد بن عبد الله العبسي الطرسوسي النسابة وقيل أسمه كنيته ويروي ذلك عن أبي علي محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر الأعرج ابن عبد الله بن جعفر قتيل الحرة ابن أبي القاسم محمد بن علي بن أبي طالب النسابة وله مبسوط في علم النسب وزعم انه رأى خط حضرة أمير المؤمنين علي عليه السلام في آخره وكتب علي بن أبي طالب. وقد كان بالمشهد الشريف الغروي مصحف في ثلاث مجلدات بخط حضرة أمير المؤمنين عليه السلام احترق حين احترق المشهد سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة يقال أنه كان في آخره وكتب علي ابن أبي طالب ولكن حدثني السيد النقيب السعيد تاج أبو عبيد الله محمد بن القاسم بن معية الحسني النسابة وجدي لأمي المولى الشيخ العلامة فخر الدين أبو جعفر محمد بن الحسيني بن حديد الأسدي ره أن الذي كان في آخر ذلك المصحف علي بن أبي طالب ولكن الياء مشتبهة بالواو في الخط الكوفي الذي كان يكتبه علي عليه السلام، وقد رأيت أنا مصحفا في مشهد عبيد الله بن علي بخط حضرة أمير المؤمنين عليه السلام في مجلد واحد وفي آخره بعد تمام كتابة القرآن بسم الله الرحمن الرخيم كتبه علي بن أبي طالب. ولكن الواو وتشبيه بالياء

في ذلك الخط كما حكياه لي عن المصحف الذي بالمشهد الغروي وأتصل بي بعد ذلك أن مشهد عبيد الله احترق واحترق المصحف الذي فيه. هذا ما أردت إيراده لازدياد الاطلاع وفوق كل ذي علم عليم. سبزوار (إيران) محمد مهدي العلوي (لغة العرب) وصلتنا هذه الرسالة قبل سبعة أشهر ولم يتسع المكان لإدراجها إلا الآن المشيمة أم السخد - كان حضرة النطاسي الحكيم حنا خياط استفتانا في عدة ألفاظ طيبة (راجع لغة العرب 215: 4 وما يليها) فكتبنا ما عن لنا بعد أن تتبعنا تحقيقه نقلا عن أهل اللغة والفن (لغة العرب 226: 4 وما يليها) فجاءتنا رسائل من مصر وفلسطين وسورية والهند بل من ديار الإفرنج نفسها تصوب ما ذهبنا إليه ولا فضل لنا في ذلك إذ بسطنا رأي السلف منا لا غير. وقد قام اليوم أحد الفضلاء وهو الطبيب عبد الرحمن الكيالي وكتب في مجلة المعهد الطبي العربي مقالة في أربع صفحات (301: 4 - 305) يبين فسلون ما ارتأينا، فطلبت حينئذ المجلة أن تقول كلامنا الأخير. كما طلبت إلى سائر بنية الأدباء والعلماء واللغويين رأيهم حسما للنزاع وإثباتا للحق وتوضيحا للمعنى بحيث ينفي الشك نفيا بتاتا. فكتبنا هذه السطور بأخصر عبارة ممكنة فتكون هي الأخيرة في ما نخطه في هذا الشأن، وإن كان يشق علينا أن نعود إلى بحث قد أصبح واضح من الشمس في رائعة النهار. على أننا لا نكره كاتبنا على اتباع رأينا، فكل منا حر في ما يذهب إليه، إلا أننا نكتب لمن يود الوقوف على الحق ولا يريد المماحكة أو المجادلة ليقال عنه أنه عالم بحاثة. ودونك الآن نص ما شاركنا به حضرة صاحب مجلة المعهد الطبي العربي: 1 - ذكر حضرة الطبيب عبد الرحمن الكيالي أن المشيمة هي المسماة الفرنسية بلا سنته. واستشهد لذلك بنصوص من كلام الأقدمين كقولهم أن اللواء الفلاني يخرج المشيمة وطبيخ النبات الفلاني يدفعها إلى الخارج إلى غير ذلك. وفي جميعها لم نجد سوى أن المشيمة هي الغرس على شرحها صاحب تاج العروس:

أي كل ما يخرج مع الولد من الأقذار وهي: السخد وحبل السرة والسلى ولم ينص أحد على أنها البلاسنتة وحدها أي السغد فأين وجد حضرته أن المشيمة في ما ذكره من النصوص هي البلاسنتة وحدها دون غير. 2 - للسخد عدة معان نقلناها عن السلف. وكذلك للمشيمة عدة معان لكننا نرى بين معاني السخد شيئا لم يذكره اللغويون لسائر الألفاظ التي تعود إلى الموضوع: وهذا الشيء هو المسمى عند الإفرنج بالبلاسنتة، فهل وجد مثل هذا المعنى للمشيمة؟ ولهذا يحسن بالمدقق أن يخصص معنى دون آخر إذا لم تتيسر له ألفاظ تفيد مفاد ما يريد فيفرز الفظة مع معناها الجديد عن غيرها فيتسع له المجال في موضوع ويهتدي سريعا إلى الضالة المنشودة في موضوع آخر، فهل وجد حضرة المعترض مثل هذا الأمر في المشيمة؟ 3 - لم يصرح أحد بأن المشيمة هي كعكة كما قال. بل أظهر السيد مرتضى في تاجه أنها الغرس وفسر الغرس بما نصه: (الغرس بالكسر ما يخرج مع الولد كأنه مخاط. وقيل ما يخرج على الوجه. وقال الأزهري: الغرس جلدة رقيقة تخرج مع الولد إذا خرج من بطن أمه. وقال ابن الإعرابي: الغرس المشيمة، أو الغرس جليدة رقيقة تخرج على وجه الفصيل ساعة يولد، فإن تركت عليه قتلته. . . اه ولم نجد أنه قال: الغرس أو المشيمة كعكة. . .!!! 4 - الدليل القاطع بل القاتل هو ما ذكرناه في تعريب الخوريون (وليس الكوريون كما قال حضرته) أما إن حضرته يشتق الخوريون فلا نوافقه عليه بل الكلمة يونانية ومعناها الجلد أو الجليدة لا الكعك أو الكعكة أو الكعيكة ويقابل اليونانية اللاتينية بالمعنى المذكور. 5 - قول حضرته: (إن المشيمة لم يرد لفظها مقابلا للطبقة الثانية من العين بل وردت مشيمية بالنسبة) يخالفه دوزي الذي يستشهد بكلام أحد الأقدمين فليراجع هنا في ما ننقله عنه في الرقم 7. 6 - إن خالف الكاتب رأي صاحب الجوهر فهذا لا ينقض شيئا من حقيقة المشيمة فهذه غير البلاسنتة كما أن هذه غير تلك. 7 - أزيد على ما تقدم أن لا معنى لهذه المحاولة الفارغة. فإن المحققين قد مرغوا من هذا الأمر ولا فائدة في العودة إلى إعادة النظر فيه. قبل دوزي في ملحقه بالمعاجم العربية ما هذا حرفه في باب مشيم: - 17 8 - إن الذي لا يبقى شكا في أن السخد هو البلاستنة أن (السخد) محولة عن (الشهد) على لغة من يجعل الهاء خاء (راجع المزهر طبع بولاق 225: 1) وأما قلب الشين سينا مهملا فأشهر من أن يذكر وأنت تعلم أن الشهد هو القرص الذي يتخذه النحل في خليته أي حلوى طبيعية بينما أن البلاسنتة حلوى مصنوعة. وبعد هذا التحقيق إذا أراد أحد أن يصر على رأيه فهو مخير: لكن الحق أحق أن يتبع؛ والسلام على من رأى طريق الهدى فاهتدى.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة التبشر لا التبس س - سدني (أسترالية) أ. س. ن. - وجدت في محيط المحيط هذه الكلمة التبس وشرحها هكذا: طائر يعرف بالصفارية. اه. ثم نقبت عنها في كتب اللغة المطولة فلم أعثر عليها. فمن أين أتى بها المؤلف؟ ج - قلنا مرارا إن صاحب المحيط خاطب ليل فهو ينقل عن هذا وذاك بدون أدنى نقد. هذه الكلمة ضبطها البستاني وزان سكر (أي بضم الأول وشد الثاني المفتوح) وقد نقلها عن فريتغ من معجمه العربي اللاتيني إلا أن هذا المستشرق ذكرها بشين معجمة في الآخر. وهذه أيضا غلط لأن الرجل كثيرا

ما كان يستل الألفاظ من الكتب الخطية، ولما لم يكن يحسن القراءة فكان يشوه الألفاظ تشويها قبيحا فلقد قرأ هذا البيت الآتي على حد ما قرأه غوليوس: علمت بأن أموت وإن موتي ... بأوهد أو بأهون أو جبار. . . فقرأ (بأهون) التي هي على وزن أكبر: بأهون أي على وزن ناقوس، ثم كتب في معجمه في مادة ب اه ون ما هذا معناه بالعربية: بأهون (وضبطها كناقوس) يوم الاثنين. نقلا عن غوليوس عن الفرغاني. أفرأيت كيف مزج الباء الجارة بكلمة أهون فصيرها كلمة واحدة وقرأها (بأهون) وأدخلها في اللغة العربية؟ وعلى هذا المثال كان نصيب اسم الطائر المعروف بالتبشير فهو يضم التاء والباء (وقد تفتح) وبسكر الشين المعجمة المشددة وبراء في الآخر: فغوليوس قرأها شينا وقد اعتبر الراء الأخيرة بطنا للشين نقرأها التبش، وزان سكر فأخطأ أيضا في الضبط ثم جاء فريتغ فأثبته في غلطه ثم جاء بستانينا فحذف نقط الشين فصارت الكلمة (تبس) مبقيا الوزن على حاله، لأنه وزن طيب لذيذ، إذ هو وزن السكر. فأنظر كيف أن محيط المحيط هو بحر ظلمات لا يهتدي فيه إلا وبيده حقة المغناطيس لكي لا يتيه عن سواء السبيل! وأمثال هذه اللفظة المصحفة شيء كثير في هذا المعجم وكنا قد ألفنا كتابا ضخما في إظهار تلك الأوهام إلا أنه أتلف في الحرب العامة مع ما أتلف من كتبنا. الألقاب الكنيسية س - سبزوار (إيران) ع. ي. على من تطلق الألقاب الآتية: الأب الخوري، القس، البطريرك. وأمثال ذلك؟ ج - للنصارى رؤساء شتى أعلاهم مقاما: 1 - (البابا) وهو عندنا نائب يسوع المسيح على الأرض وخليفة بطرس الرسول وحبر الكنيسة الأعظم وأبو جميع المسيحيين وأسقف رومة وسماه العرب الباب أيضا: ثم يأتي بعده على التوالي: 2 - (الكردنال والقطب) وهو أحد الشيوخ السبعين الذين يتقوم منهم (الجماعة المقدسة) وعلى أيديهم يتم انتخاب البابا إذا توفي وهم أعوانه ومستشاروه بعد

الانتخاب وأخطأ من قال كردينال بالياء وجمعها على كرادلة بل صحيح جمعها كرادنة. 3 - (البطريك أو البطرك أو البطريك) وبعضهم يقول البطريق وهذا غير صحيح، هو من له أول كرسي بين الأساقفة المنبثين في القطر، هذا في القديم، أما اليوم فيطلق في الشرق على رئيس الطائفة الأكبر وتحت يده الأساقفة والمطارين ويجمع البطريرك على بطاركة. أما البطريق فهو الشريف من الرومان. 4 - (الأسقف) هو الراعي الأكبر لرعية عدة مدن تنقاد لأمره وتعرف هذه البلاد باسم (الأبريشة) وهي تقابل الولاية عند أهل السياسة. فالأسقف في الدين كالوالي في الدنيا ويجمع الأسقف على أساقف وأساقفة. 5 - (المطران أو رئيس الأساقفة) هو من ينقاد لأمره عدة أساقفة ويجمع المطران على مطارين ومطارنة، وكان نصارى العرب الأقدمون يسمونه أيضا (الجعفلين) (بفتح الجيم وإسكان العين وفتح الفاء وكسر اللام وإسكان الياء وفي الأخر نون). 6 - (الحبر) الخادم الأعلى للدين ومنه الحبر الأعظم أو الحبر الروماني أو حبر الأحبار أو حبر رومية وهو البابا. 7 - (السيد) هو كل ذي رتبة عالية في الكنيسة. فالأسقف سيد لأنه رفيع المقام. 8 - (العاقب) الذي يخلف السيد. 9 - (الخوري) خادم أو راعي رعية صغيرة وهو كالمتصرف في السياسة الدنيوية. 10 - (القس أو الكاهن) خادم النصرانية ولا يكون إلا من بعد أن يعنيه الأسقف لهذه الغاية. 11 - (الأب) هو الكاهن الراهب، وقد تجوز بعضهم في التسمية فأطلقه على كل من قلد وظيفة دينية كالكهنوت أو ما كان أدنى منها وهو إطلاق من حيث الوضع مرغوب منه وفي غير محله وبعضهم سمي الأب (أنبا) وهو أقبح. 12 - (الأبيل) هو كل من انتسب إلى خدمة الدين كالكاهن ومن كان أدنى منه.

13 - (الراهب) من انضوى إلى طريقة وتقيد بقوانينها، وله في العربية أسماء كثيرة. 14 - (الناسك) من انفرد عن الناس ليخدم ربه، وله في العربية أسماء عديدة أيضا. 15 - (الشماس) من يساعد الكاهن في وظيفته الدينية ويكون: 16 - (شماسا انجيليا) ويعرف بالدياقون و17 - (شماسا رسائليا) ويعرف بالشدياق ومنه اسم أسرة أحمد فارس الشدياق وهناك مراتب أدنى من مرتبة الشماس وهي مرتبة: 18 - (الناصف أو الشمعداني) 19 - (المعزم) 20 - (القارئ) 21 - (البواب). وأما الذي يخدم الكنيسة فيعرف 22 - ب (الساعور أو القندلفت أو الوافة) وهناك ألقاب أخرى ك: (البرديوط) 24 - (الزائر) 25 - (القاصد) 26 - (الوافد) 27 - (الجائليق) 28 - (البريم) إلى غيرها. ودونك ما يقابلها في الفرنسية: - 15. - 16. - 17. - - 18. - 19. - - 20. - 21. - 22. - 23. - 24. - 25. - 26. - 27. - 28. - 1. - 2. - 3. - 4. - 5. - 6. - 7. - 8. - 9. - 10. - 11. - 12. - 13. - 14. وأدور هذه الألفاظ الأخيرة على الألسن هي (الجائليق) فلقد ذكره السلف في كتبهم والمراد به الرئيس الأكبر من رؤساء طوائف الشرق فللأرمن جائليق وللساطرة جاثليق إلى غيرهما. والكلمة يونانية الأصل معناها (الرئيس الجامع) أو (العام).

باب المشارقة والانتقاد

باب المشارقة والانتقاد 27 - أسامي مؤلفات ابن المعتز - في 14 ص بقطع الثمن لأغناطيوس كراتشوفسكي أغناطيوس كراتشوفسكي من مستشرقي الروس؛ وله اطلاع واسع على لغتنا العربية وتاريخ السلف وكل ما يتعلق بمن نطقوا بالضاد؛ وله تأليف ومقالات مختلفة في الموضوع تشهد على ما له من طول الباع في ما ننسبه إليه؛ ومع اطلاعه على لساننا له وقوف عجيب على لغات أهل ديار الغرب. وقد وضع الآن باللغة الفرنسية مقالة بديعة تحوي أسماء المؤلفات التي تعزى إلى ابن المعتز (عبد الله) الخليفة العباسي عن يوم واحد. الذين ذكروا تصانيف ذلك الخليفة اليومي هم كثيرون، إلا أن الذين عددوا طائفة منها يعدون على الأصابع ومع ذلك لم يوصلوا إلى المجموع الذي حققه صديقنا كراتشكوفسكي: فلقد وقف على دواوين عديدة من خطية ومطبوعة حتى جاء بذياك القدر ذاكرا اسم المصنف مع اسم الكتاب الذي وجده فيه معزوا إلى الخليفة المظلوم. ونحن نذكر هنا ما يعزى إلى ابن المعتز على الترتيب الذي نسقه صديقنا حتى إذا ظفر أحدنا بما يزيد هذه الأسماء تصنيفا واحدا ذكرناه بعد ذلك خدمة للأب: ودونك الآن عناوين تلك التأليف: 1 - كتاب الآداب 2 - كتاب أرجوزة في ذم الصبوح 3 - كتاب أشعار الملوك 4 - كتاب البديع 5 - كتاب الجامع في الغناء 6 - كتاب الجوارح والصيد 7 - كتاب حلي الأخبار 8 - كتاب الزهر والرياض 9 - كتاب السرقات 10 - طبقات الشعراء 11 - مكاتبات الأخوان بالشعر 12 - كتاب إلى شرية 13 - كتاب إلى عريب.

28 - كتاب الريح لابن خالويه نشره أغناطيوس كراتشكوفسكي قد جاء اسم (الكتاب) عند أقدمينا بمعنى (رسالة صغيرة) ومن الجملة هذا الكتاب فأنه عبارة عن أربع صفحات بحجم هذه المجلة. وقد عني صديقنا بنشره أحسن عناية. على أننا وجدنا فيها بعض ألفاظ نشك في صحة ورودها في الأصل من ذلك في ص28 من الأصل: (كمثل ريح فيها صر أي البرد) ونحن نظن أن الأصل هو: (أي برد) بدون تعريف لأن المفسر يكون من جنس المفسر منه وفيها: (منقلبة من واو) ولعل الأصل عن واو. وفيها: (من لبس الشفوف) وضبط الشين والفاء بالضم والصواب بفتح الشين وضم الفاء لأنه مفرد هنا وليس جمعا. وما هذه إلا هفوات لا تعد ولعل الخطأ في كلامنا. 29 - كتاب الحماسة لابن الشجري عني بنسخه وتصحيحه وتحريره وتنقيحه فريتس كرنكو الألماني، طبع في مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية في حيدر أباد الدكن في سنة 1345 في 326 صفحة يقطع الثمن. فريتس كرنكو من المستشرقين الألمان وقد عرفه الناطقون بالضاد بما نشره من مصنفات أدبائنا الأقدمين؛ وله ذوق طيب في اختيار ما يريد إحياءه من مدفوناتهم والآن أمامنا كتاب الحماسة لابن الشجري وهو من الآثار الجليلة: لأن مقام ابن الشجري رفيع جدا في اللغة والأدب والنحو وفي كل ما يتعلق بتراث الأجداد. ولا ينكر أحد ما لهذه المجموعة الشعرية من المزايا إلا أننا كنا نود أن يعقد الناشر في آخرها مفتاحا للألفاظ المغلقة التي ورد شرحها في مطاوي الصفحات ولا سيما تلك المفردات التي شرحها المؤلف نفسه. وكنا نود أيضا أن يكون للفصول حروف تمتاز عن حروف المتن لكيلا

تتعب العين في طلب تلك العناوين أو إن شئت فقل: لكي تستريح العين من النظر إلى حرف واحد لا يختلف البتة بعضه عن بعض في جميع الصفحات. وفي الحواشي بعض الشروح أو الفوائد منها للمستشرق الألماني وقد رمز إليها بحرف (ك) ومنها لمصحح المطبعة وهو السيد زين العابدين الموسوي وقد رمز إليه بحرف (ح) وفي ص4 قد علق حضرة المصحح على هذا البيت: أقادت بنو مروان قيسا دماؤنا ... وفي الله إن لم ينصفوا حكم عادل يقوله: كذا في الأصول. ولعله: ولله بلام التأكيد. آه قلنا: هذه الحاشية في غير محلها، وما أشار إليه المصحح لا يفيد المعنى الذي توخاه الشاعر. وفي ص5 وحولي من نبي أسد والصواب من بني أسد بتقديم الباء على النون. وفي ص6 تفادوا فقالوا يالعامر أصبحو. والصواب اصبحوا بألف بعد الواو. ومثل هذه الإغلاظ الزهيدة كثيرة وهي وإن كانت لا تشوه المعنى إلا أنها تمنع القارئ من أن يذهب سراعا في مطالعته. وفي ص6: صدمناهم حتى إذا الخيل عردت ... فرارا منحناهم بصم القنا بخسا قال المصحح في الحاشية: كذا في الأصول، ولعله نخسا بالنون اه. قلنا: والصواب بجسا بتقديم الباء الموحدة التحتية على الجيم ومعناه الشق والشتم. وفي ص7 ذكر بيت لعامر بن الطفيل العامري وهو هذا: وقد علم المزنوق أني أكره ... على جمعهم كر المنيح المشهر فقال المصحح يشرح المزنوق: صفة الفرس وهو المربوط بالزناق وهو رباط في جلد تحت الحنك الأسفل اه قلنا: نعم المزنوق بوجه الإجمال هذا معناه أما هنا فيراد به اسم فرس الشاعر، ولو فتح المصحح لسان العرب لوقع على هذا البيت نفسه ولرأى أن المزنوق هنا علم لفرسه. ومما يؤلمنا في مطالعة هذا الديوان أننا نرى المصحح يخطئ كلما أراد أن يجلي معنى لفظة والمصحح ينتسب إلى أبناء عدنان: بينما نرى الأديب كرنكو يصيب في ما يعلق وهو غريب عن لغتنا. فعسى أن لا نكون في أخريات الأقوام في عقر دارنا؛ بل في لغتنا نفسها!

30 - مختصر نهضة الحسين تأليف خادم العلم والدين هبة الدين الحسني، طبع في مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1345 هـ في 116 صفحة بقطع الثمن. . السيد هبة الدين الشهرستاني أو هيبة الدين الحسني من علماء الدين المشهورين وهو إذا كتب في موضوع ألبسه حلته العصرية وشهاه للعامة والخاصة. وله عدة تآليف ومن جملة ما ظهر منها الآن (مختصر نهضة الحسين) الذي وصفه هو بنفسه قائلا بعد العنوان المذكور: (سلسلة حوادث تاريخية حول فاجعة الإمام سيدنا الحسين بن علي عليهما السلام مأخوذة من أوثق المصادر، وبطرز أخلاقي جديد يحلل ويعلل الوقائع على أسلوب فلسفي فريد في بابه) وقد أقام لهذا البناء الفكري 45 بابا أدخل في كل باب لباب ما قيل في من الحوادث، فهو أحسن كتاب عربي قرأناه في هذا الموضوع. على أننا كنا نود أن يكون فيه شيئان: الأول ما قاله المستشرقون أو المستعربون عن الحسين إذ كتبوا عنه شيئا كثيرا بعد أن درسوا مسألة الشيعة والسنة رجال القبيلين وما وشاه كل حزب لفريقه، وفي هذا التصنيف لا نرى أثرا لذلك وهو نقص ظاهر في مثل هذا العهد ولو كان السيد طلب إلى أحد تلاميذه أن يعرب له عن الإنكليزية ما جاء في هذا الصدد لأفادنا كثيرا. 2 - كان يحسن بالمؤلف أن يذكر في ذيل الصفحة - ولو بعض الأحيان - اسم الكتاب الذي ينقل عنه ليطمئن بال القارئ في ما يطالعه. والكتاب لا تخلو صفحة منه من التساهل في التعبير من ذلك ما جاء في ص3 غفلة أكثر الأجانب من تاريخ الحركة صوابه عن تاريخ، وفيها جمع النظريات النفسية مع النظرات صوابه إلى النظرات وفي ص5: فوقتا الخليل ونمرود وحينا محمد وأبو سفيان. ولو قال نمرود والخليل لكان أصح لأن نمرود أقدم زمنا من إبراهيم وفي حاشية تلك الصفحة: مهما ثارة النفوس والجيوش ضده. والأفصح عليه. وفيها: وأصبح أعور. . . وأصبح أعمى، ولو قال عور. . . وعمي. لكان أفصح وكثيرا ما جاءت الضاد في مكان الظاء كما في ص114: عشائرها الضاعنة عنها. . . وصحبه من حضيرة الحائر. والمشهور الظاعنة وحظيرة الحائر. وجاء في ص66: أن

كربلاء منحوتة من كلمة (كور بابل) العربية بمعنى مجموعة قرى بابلية. والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين أن كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و (ال) أي حرم الله، أو مقدس الإله. وأما ما ذهب إليه حضرته فلا نخال أنه يسلم به من علماء اللغات القديمة. وهذا كله لا ينقص شيئا من الكتاب فإن مواضيعه أخبارية يحتاج إلى الوقوف عليها كل محب لأنباء هذه الديار وأبنائها. 31 - العصور القديمة وهو تمهيد لدرس التاريخ القديم وأعمال الإنسان الأول، تأليف الدكتور جايمس هنري بواستد، أستاذ تاريخ المشرق ورئيس دائرة اللغات والعلوم الشرقية في جامعة شيكاغو وعضو أكاديمية العلوم في برلين، نقله إلى العربية داود تربان أحد أساتذة جامعة بيروت الأميركية، طبع في المطبعة الأميركانية (؟) في بيروت سنة 1927 في 484 صفحة بقطع الثمن الكبير. نحن العرب في حاجة إلى مصنفات صحيحة التأليف والتنسيق سهلة العبارة واضحة التبويب. والأسفار التي هذه صفاتها قليلة، بينما تراها متوفرة في سائر اللغات لا سيما في الإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية. و (العصور القديمة) هو أحد هذه التآليف النافعة للمدارس. بل لكل من يطالعها ونحن لم نجد مثله كتابا في لغتنا فهو جدير بأن يوضع في جميع الصفوف. على أننا نستأذن المعرب في إبداء بعض الخواطر ونرجوه أن لا يحملها إلا محمل الإخلاص في إبراز مكنونات الصدور. 1 - الكتاب يحتاج إلى فهرس للأعلام. نعم أن هذا التأليف وضع للمدارس وما كان لهذه الغاية. لا يعني بوضع تلك الفوائد في آخره - قلنا: هذا كان في العهد السابق، أما الآن فكتب التاريخ والبلدان التي تؤضع المدارس تزين بتلك الغرر لما يتركب عليها من الفوائد وسهولة المراجعة عند الحاجة. 2 - تحتاج بعض الأعلام إلى تصحيح، ونحن نرى أن تروى الأعلام الشرقية كما ينطق بها الشرقيون، والأعلام الإفرنجية تروى على ما يتلفظ بها أصحابها.

فنقول: خليج فارس، لا خليج العجم (ص76 مرارا عديدة) وأهل ثغور فارس لا يقولون إلا ما أشرنا إليه، وكتب العرب لا تذكر إلا ما نوهنا له. أما كتب بيروت المطبوعة فتقول: خليج العجم وهي تسمية يستاء منها الإيرانيون إذ يكنون بالعجم ولهذه اللفظة معنيان: معنى تحقير مشهور عند عوام هذه البلاد ومعنى وجيه لا بأس به. إلا أن المتبادر إلى الذهن هو التحقير فضلا عن فساد التسمية. وكل مرة جاء ذكر أقسام الأرض قال: قارة آسيا وقارة أوربا وقارة أفريقيا إلى غيرها، ونحن لا نرضى بذكر القارة فإنها كلمة محدثة تركية. أما العرب فكانت تذكر تلك الأقسام بقولها: آسية وأفريقية ليس إلا. ويقول بحر قزبين وكتب المطبعة الأمريكية وما يدرس في جامعتها لا تذكر قزوين إلا قزبين وهي تسمية لا يعرفها العرب ولا الفرس والمشهور بحر قزوين ومشاهير من القزوينيين كثار. وذكر شمر (كزفر) مرة سومر (راجع الخريطة الملصقة بازاء ص81) ومرة سومير (حاشية ص81) ولعله ذكر لغات أخرى لم نعثر عليها، والصواب ما ذكرنا ولا نريد أن نتتبع كل هذه الأعلام الشرقية فإنها كثيرة وكلها على غير الوجه المألوف عندنا أو عند سلفنا الصالح. وقال تراجان (ص428) مع أن الرجل روماني وحق اسمه أن يلفظ كما يلفظه الرومانيون أي ترايانس. لأن مجرد هذه الصيغة تطلعنا على أصله. نعم إن الفرنسيين خالفوا هذه القاعدة وفرنسوا أو إنكلزوا الإعلام لكن ذلك لا يهمنا. ومثل هذا أيضا كثير في كتابه. ولا نود أن نتأثره في كل ما أورده من هذا القبيل. وجدنا بعض تعابير لا توافق اللغة الفصحى التي يتوخاها والمعرب معروف بل مشهور بها فقد قال مؤرخ أميركاني في (ص أ) في أميركي. ويحدوهم (فيها) في يحدو بهم. أسس الهيئة الاجتماعية (ص ب) في أسس المجتمع الإنساني أو البشري. وإمبراطورة (ص ب) في انبراطورية أو انبراطرة، والفرنساوي (ص ب) والعربية لا تجيزه بل تقول الفرنسي. وفيها: وللمحرر أمل كبير، في: ويأمل المحرر كل الأمل. وفيها: وإذا كان قد تسرب في أثناء ذلك شيء، والأوجه

أن يقال هنا: وإن كان. . . وكثيرا ما يستعمل المترجم تكرم (مرتين في ص ج) بمعنى أجاد أو أحسن. وفي هذه الصفحة: إن روح المؤلف الطيبة الغيورة والمشهور الطيبة الغيور. وقد يحيد المعرب عن سواء السبيل في تعيين معاني الألفاظ فقد قال مثلا في ص81 وعليهم نقب (تنورات) من الصوف الخشن اه. وقد ضبط كلمة نقب بضم الأول والثاني. مع أن المعنى الذي يريده هو جمع نقبة كغرفة وأما النقب بضمتين فهو جمع النقاب وهو غير ما ذكر. وذكر في ص86 بجانب الشكل 49 ما هذا نصه: ترميم بيت من بيوت البابليين الأولين اه. مع أن المراد هنا إعادة بناء أو إعادة شكل بناء لا ترميم البناء. وذكر في ص14 حظار المنزل بمعنى الدابزين. مع أن الحظار هو الحائط وما يعمل للإبل من شجر ليقيها البرد والريح. وفي ص434 ذكر البرازيق بمعنى المماشي عن جانبي الشارع مع أن البرازيق معروفة بمعنى الطرق المصطفة حول الطريق الأعظم، فأين هذا من ذاك؟ وقد استعمل دائما كلمة (تاريخ) بمعنى الإنكليزية أو وهذا وهم شائع في جميع الكتب وفي جميع المعاجم الإفرنجية العربية أو العربية الإفرنجية مع أن العرب استعملوا الأخبار بهذا المعنى وقالوا الأخباري بمعنى وأما التاريخ فلم يجيء عند فصحاء العرب إلا بمعنى واستعمل جملا كنا نود أن يعدل عنها إلى غيرها أفصح منها، فقد قال مثلا في ص15 عن الحصان البري ولم يدر في خلدهم أن يربوه ويروضوه ليصير داجنا صالحا للخدمة. وعندنا لو قال: ويروضوه ليدجن ويصلح للخدمة لكان أمتن عبارة. وفي ص85 كانت بيوت السوميريين مبنية من الطوب المجفف بالشمس على آكام اصطناعية حول سور الهيكل. وعندنا لو قال: كانت بيوت الشمريين تبنى باللبن على آكام يتخذونها حول سور الهيكل. . . لكان أوجه وفي ص265: وعراكها مع بوسيديون. والمعروف أن وزن فاعل لا يقترن بمع. فيقال: وعراكها بوسيديون أو عراكها لبوسيديون. والكتاب يبقى مع كل هذه الهنات وما يشبهها سفرا بديعا جديرا بالاقتناء والمطالعة وبأن يتخذ سميرا للطلبة بل مرشدا لهم لأن ما ألف في هذا الموضوع لا يقاربه صحة في العبارة ولا سيما لا يقاربه في التبويب وجمع حقائق الأخبار.

32 - الزمان جريدة يومية أدبية سياسية اجتماعية انتقادية تصدر في مساء الاثنين والجمعة من كل أسبوع مؤقتا، لصاحبها ورئيس تحريرها إبراهيم صالح شكر ومديرها المسؤول المحامي شاكر الغصبية، صدر العدد الأول منها نهار الاثنين في 11 محرم سنة 1346 الموافق 11 تموز 1927. لا حاجة لنا إلى أن نعرف صديقنا (إبراهيم صالح شكر) فخلو اسمه من النعوت هو أحسن علم له؛ ولو قلنا أنه الكاتب البارع والنقاد الموجع. والوصاف البديع التصوير لما قلنا عنه شيئا، إذ شهرته بذلك لا تزيد القارئ علما أو خبرة، ولو وقف الغريب عن هذه الديار على مستهل كلامه في جريدته لعرف مزاياه وعجائبه وغرائبه فقد قال في أول السطور ما هذا حرفه بعنوان (مني والي) تصدر هذه الجريدة. وليست وجهتها خدمة (الوطن) أو (الأمة) أو (القضية) أو (الاستقلال) أو (العلم) أو (الفن)؛ وإنما وجهتها (خدمتي أنا) فهذه الكلمات وحدها تدلك على ما امتاز به من الخلال كاتبنا البارع فعسى أن تطول حياة جريدته مدى حياته لينتفع بها القاصي والداني. 23 - مختصر تاريخ الحرب تطور فن الحرب - بحث مجمل في الحروب المشهورة، (وضع لتدريس الصف المتقدم في المدرسة العسكرية)، تأليف الزعيم طه الهاشمي، مدرس الجغرافية العسكرية وتاريخ الحروب في المدرسة العسكرية، طبع في مطبعة دار السلام في بغداد في 314 صفحة سنة 1927. لم نجد إلى الآن بين الناشئة العراقية من ألف تأليف بهذا العدد وهو في غض الإهاب. فلصديقنا الزعيم 12 كتابا طبع منها تسعة وبقي منها ثلاثة وهي تسير سير أخوتها للظهور الواحد تلو الآخر. وأغلب ما صنفه هو في موضوع الحرب أو ما يتصل به. وهذا الكتاب يحوي 17 شكلا و12 خريطة و16 مخططا وهو يبحث في تطور فن الحرب منذ أبعد زمن في القدم إلى يومنا هذا فهو لا يستغني عنه الأدباء

مهما كان تخصصهم، فكيف بمن وقفوا حياتهم على الدرس والمطالعة ولا سيما على تلقي فن الحرب ومكافحة العدو، على أننا نقول أكثر من هذا: إن أبناء العرب في مختلف البلدان هم في حاجة إلى مطالعته إذ يوقفهم على خفايا غامضة لا ينتبه إليها إلا من كان بعيد مدى البصر ودقيقة، وهي الصفة التي امتاز بها صديقنا المحبوب، وأننا لنعجب من شيء وهو أن التصاوير المختلفة كلفت صاحبها مبالغ زهيدة. فلا نفهم كيف يوافقه أن يجعل كتابه بقيمة بخسة هي أربع ربيات. فهل بعد هذا من لا يشتريه؟ 34 - المجلة العسكرية مجلة فنية عسكرية تصدرها القيادة العامة (العراقية)، أربع مرات في السنة في 164 صفحة بقطع الثمن. أهدانا حضرة الزعيم الكبير طه بك الهاشمي الجزء الثالث من السنة الرابعة من هذه المجلة الصادر في 1 تموز، فوجدناه قد تقدم تقدما محسوسا عن صنوه الأول الذي صدر في 1 كانون الثاني من سنة 1924 إذ قد وجدنا فيه 15 مقالة في أنواع فنون الحرب وكلها لأبناء وطننا أو عربوها عن الإنكليزية وهذا الجزء مزدان بخرائط ورسوم تجلي النظريات المذكورة أحسن جلاء فتمنى لها الرقي الدائم والانتشار الذي يحق لها. 35 - القربان مجلة شهرية علمية أدبية أخلاقية تصدر في حلب، صاحبها ومحررها القس أغناطيوس سعد. وصل إلينا الجزء الأول والثالث من السنة الثانية من هذه المجلة وفي كل جزء 40 صفحة بقطع مجلتنا هذه. والمقالات حسنة شائقة، على أننا كنا نود أن يتولى صاحبها تصحيح بعض عبارات الكتبة فقد جاء في ص10 (فأصبحت في العصر السادس للمسيح) وهو يريد القرن السادس أو المائة السادسة للمسيح والعصر لم يرد بالمعنى الذي يشير إليه، وكتبت كلمة بحرف بدل في الأول وهو خطأ، وفي تلك الصفحة (والتزود ببركة زعيمهم) والأحسن حذف الباء كما في لسان العرب إذ يقول: زودت فلانا الزاد تزويدا فتزوده تزودا -

وفيها: (وحملوا عنهم إلى بلادهم تماثيل العذراء من خشب الأرز كان النساك ينقشونها) والمراد هنا أنهم كانوا ينحتونها أو يحفرونها. وكنا نود أن تكون العبارة كسبيكة الذهب، إذ المشهور عن أدباء حلب حسن التأدية وحسن التعبير في مواضع الأدب. كتاب إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب تتمة ص س بحق يوم الذبح ذي الإشراق ... وليلة الميلاد والتلاقي والصواب بحق يوم الذبح وهو اسم لعيد ظهور المسيح للمجوس المعروف بالفرنسية باسم والدنح معروف عندنا إلى عهدنا هذا ولا يعرف اسما آخر لهذا العيد الجليل. والذبح وردت مصحفه بهذا الوجه في جميع كتب المسلمين الذين ذكروا أعياد النصارى إن كانوا محدثين وإن كانوا أقدمين وليس لنا عيد يعرف باسم الذبح. وقوله وليلة الميلاد والتلاقي صوابه والسلاق بتشديد الياء وهو عيد الصعود ويعرف عند أجدادنا باسم السلاج والسملاج أيضا والسملاج كسجلاط. 3 وقربوا يوم الخميس الناسي والصواب التاسي وهو تخفيف التأسي مصدر تأسي ويراد به خميس الآلام وتقدير الكلام: وقربوا يوم الخميس خميس التأسي فحذفوا. ولهذا الخميس أسماء عديدة منها خميس الفصح كما يسميه العراقيون إلى عهدنا هذا. وخميس الحاش وهو اسمه عند نصارى الموصل والكلمة معناها خميس الآلام بالأرمية وخميس العدس عند المصريين النصارى وخميس الأسرار وخميس العهد وعند الإفرنج - وقد عرفه بعضهم بخميس الناسي اسم فاعل من نسي وذلك لما كان هذا اليوم يعرف بخميس العهد سموه بما يخالفه في المعنى كما قالوا: في الأعمى البصير وفي اللديغ سليما وسمو الأعوز: الكريم العين إلى غيرها لكن النصارى يقبحونه.

ص س 159 14 أربع مجلات، صوابها أربعة مجلدات 160 4 فكان تستفاد بركته، لعلها كانت تستفاد 162 6 المعافاة والأحسن كتابتها المعافى ليطرد هذا الباب وقد تكرر هذا الوهم 163 17 يوم الاثنين، صوابها الاثنين 166 11 سور القطا خف إلى اليمام. والصواب سور القطامي. لأن القطا لا يخف إلى اليمام بل القطامي ليصطاده ويأكله. وعلمه ونزاهته وبذله. والصواب ونزاهته 175 1 الرعاية في تجويد القرآن. وفي الحاشية (لعله القراءة) قلنا لا يكون كذلك والصواب ما في المتن لأن القرآن يجود على ما هو مشهور قاتل الصيد في الحرم خطأ. والصواب خطأ 12 محمد. صوابه محمد بالإهمال 10 لا رضاء نفسي ناكبة. والصواب لا رضاء نفس بغير الإضافة إلى ياء المتكلم. هذا ما يكون. والمعنى يقتضي هذا ما لا يكون الأسد الضارئ. والصواب الضاري 185 9 أصله من رأس العين. والفصحاء لا يجوزون رأس العين بالتعريف إلا في الشعر للضرورة أما في النثر فلا يجوزونه، على ما صرحوا به 11 وإنك دون كل الناس شخصه. وضبطت الكلمة الأخيرة بضم الصاد وإسكان الهاء على ما يقتضيه الإعراب، إلا أن الروي يوجب فتح الصاد وهو جائز في النثر لازدواج السجعة لا يجوز في الشعر 6 وعيش الفتى طعمان مر وعلقم. وفي الحاشية: لعله شهد. قلنا: وكلاهما غير صحيح والصواب مز بزاي في الآخر والمز والخمر اللذيذة الطعم. ومالك غير تقوى الله زاده ... إذا جعلت إلى اللهوات ترقى ولعلها إلى الصلوات ترقى ليتسق المعنى

194 3 وذلك أهنى. والصواب أهنا بالقصر لأنه مخفف المهموز 12 التكملة فيهما يلحن فيها العامة، لعلها فيما يلحن فيه العامة 207 2 يهنونه صوابه يهنئونه 4 توفى يوم الثلاثاء، صوابه توفي بالياء المنقوطة وبصيغة ما لم يسم فاعله 210 12 والمرجوع إليها، والصواب إليه. 18 شعبة بن الحجاج: صوابها الحجاج 3 واستحالت ولا كفاح كفاها؛ والصواب ولا كفاها كفاح 1 هشام بن عسان، لعله هشام بن عمار إذ لم نجد ذكرا لابن عسان في كتب التابعين أو صغارهم ضافت عليه الأبواب؛ صحيحها ضاقت 6 أضاعوك وأي فتى أضاعوا، والمشهور: أضاعوني. . . قبح الله ما لا أدب له: لعلها من لا أدب له 12 هاك أدخلن ذاك ذاك وأعطني سلمي؛ وفي الأغاني: أدخلن ذا إذا محاسني التي أدل بها - والمشهور اللائى 8 غلائل برس. والصواب نرس بالنون لأن في العراق بلدتين يقرب اسم الواحدة من الأخرى الواحدة بالباء والثانية بالنون فأنتي اشتهرت بصنع الثياب الفاخرة والغلائل النفيسة هي نرس بالنون لأبرس بالباء 12 متضلعا بالعربية؛ لعلها متضلعا من العربية أو مضطلعا بالعربية 251 19 مات الزهيري؛ صوابه الزهري 255 19 أن رجلا اتصل عطلته، لعلها اتصلت عطلته 17 مؤودة: لعلها موؤودة (لثحمل على وزن مفعولة) 10 الأولى، لعلها الألى بلا واو 14 أبو الرحمن الطائي، لعلها أبو عبد الرحمن الطائي 4 جاؤا. لعلها جاءوا (لتحمل على وزن قالوا) 7 عن كل خمسة أوراق ولعلها خمس أوراق لأن أحدها ورقة الورقة

مؤنثة، وكذلك في ص278 س2 كل عشرة أوراق والأحسن عشر أوراق 1 المعافا بن عمران لعلها المعافى 4 نفسي بما أوتيت قد قنعت. . . والبيت مكسور، ولعلها نفسي بما قد أوتيت. . . 4 قال عند الكون في الجدث، والمشهور قال عند الموت 14 حذرا منه بأن لا يفطعا، والصوب لا يقطفا ليتفق مع مرهفا 4 كتاب المقصور والممدود. ولعلها والممدود 2 ممتعا بودودة. ولعل الصواب بوداده ليتفق مع (بفواده) 16 فقال ذلك أسوء، ولعلها أسوأ بهمزة على الألف حتى تتميز من الفعل ما ساء بسوء وقال لا نساكنني وضبط النون الأولى بالضم والصواب لا تساكني بنون مشدودة مكسورة وبكسر الكاف التي قبلها 8 ممازق. لعلها مماذق رهينن. لعلها رهينا وفي هذا الجزء كما في سائر أجزاء هذا الكتاب أبيات في منتهى القذارة والنتانة والفحش وسوء الأخلاق ولو عرضت على إبليس لندى جبينه منها فكيف إذا طالعها أبناء هذا العصر. فكنا نود أن تنفي منه بلا رحمة ولا شفقة إذ ليس في فقدها خسارة. نعم بعض العلماء يريدون أن يطلوا على أخلاق العصور الخالية وما كان يقال فيها وينشد. فلهؤلاء الناس يفرد للكتاب صفحات ليطلعوا عليها. أما سواد الناس فليس لهم حاجة إلى هذه المخزيات المفسدات. وما عدا ما أشرنا إليه من بعض الأمور التي نراها مساوئ. فالكتاب درة من أفخر الدرر ويحق لأبناء العصر أن يفتخروا بها وأن ينسجوا على منوالها. فإن الناشر حفظه الله جعل للكتاب فهرسين: فهرسا لأسماء الرجال وفهرسا لأسماء الكتب، ثم علم كل ترجمة من تراجم العلماء والأدباء برقم يدل على ترتيب وروده في الكتاب، وقد زاده حسنا بما زينه من الحواشي النفسية وجعل أمام

كل خمسة سطر رقما وفي الصفحة الواحدة عشرون سطرا. على أن هذا السفر لا يتم ويكون فذا إلا بتزيينه بفهرسين آخرين فهرس لإعلام المدن وفهرس آخر للألفاظ الواردة في هذا التصنيف وليس لها وجود في دواوين اللغة لأنها من المولد الذي نحتاج إليه في هذا العصر. ويا ليت يتعلم السوريون والمصريون من أسلوب الإفرنج في طبع كتب أسلافهم على هذا النمط البديع أي أنهم يعلقون بعض الحواشي على كتب الأقدمين التي يتولون إبرازها إلى عالم النشور ويضعون لها عدة فهارس: فهرس لأعلام الرجال والنساء، وفهرس لإعلام المدن، وفهرس لأسماء المؤلفات الوارد ذكرها في مطاويها، وفهرس خاص بالألفاظ العربية المفسرة أو غير المفسرة فتفسر التي ترى في تلك الأسفار. فإذا فعلنا ذلك خدمنا السلف والوطن وأنفسنا وروجنا بيع الكتاب لأن تلك الوسائل هي خير الأمور لنشر الكتاب والتطبيل بفوائده ومزاياه والتزمير بحسناته وتفوقه على أشباهه. 36 - سلوقية وطيسفون للدكتور مكسيمليان ستريك، طبع في لبسيك في 64 صفحة بقطع الثمن الصغير. عرفنا هذا الأستاذ في ربيع هذه السنة إذ جاء إلى العراق وتجول في أنحائه للمرة الأولى، وفي أثناء إقامته بين ظهر أنينا رأيناه كأنه من أهل هذه الديار نفسها، إذ كان يتنقل من مكان إلى مكان بسهولة عظيمة عارف كل موطن حق المعرفة وما ذلك إلا لأنه كان قد أتقن البحث عن جميع هذه الربوع قبل أن يهبط إليها وقد وجدنا هذا التأليف من أحسن ما صنف في المدائن (سلوقية وطيسفون) إذ جمع فيه من بين أنباء اليونانيين والرومان والعرب والفرس فجاء معينا يرده كل من يعطش إليه. ولأجرم أن الأستاذ لعلامة يزيده في بعض المواطن جلاء ووضوحا في الطبعة الثانية إذ تعهد بنفسه تلك الأصقاع. فهو إذن أحسن ذخر يذخره أبناؤنا لمعرفة البلاد التي هم فيها إذ نحن في حاجة ماسة إلى ما يكتب عن وطننا لنكون أدرى الناس بما في بيتنا. فعسى أن يلاقي نداؤنا صدى.

تاريخ وقائع الشهر في العراق ولما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق ولما جاوره 1 - الفرار من العراق بسبب قانون منع الغزو أقر المجلس النيابي في جلسته المنعقدة في 25 نيسان من سنة 1927 قانونا يعتبر غزو العشائر العراقية لعشائر الدولة المسالمة للعراق جرما يستحق العقوبة الشديدة. فكانت النتيجة أن القبائل القلقة حولت أنظارها إلى أراضي نجد فأوفدت عشيرتا (الضفير) و (الدهامشة) رجالا إلى سلطان نجد لإطلاعه على أنهما تنحازان إليه. وقد أقيل أن (عجمي السويط) شيخ الضفير قابل سلطان نجد في الرياض قبل أن يغادرها إلى الحجاز فعاد إلى عشيرته مثقلا بالهدايا ثم نقل إعرابه إلى (أم رضمة) حذاء حدود العراق وكان معه جماعة من علماء الأخوان فأوقفوهم على مذهبهم. وكما عومل عجمي السويط عومل هزاع بن مجلاد شيخ قبيلة الدهامشة، وجرت قبيلته على آثار الضفير. والأمر المهم في هذا الصدد أن العشيرتين المذكورتين تضاعفان إعرابهما بما ينضم إليهم من أعراب عشيرة (العمارات) الراجعة إلى فهد بك الهذال الذين انضموا إلى أولاد عمومهم الدهامشة. ويشاع أن (شمر) الجزيرة تحاول حذو العشيرتين المذكورتين. 2 - آخر يوم عاشوراء في الكاظمية وما وقع فيه العادة الجارية في العراق منذ قديم الزمن، أن أبناء الشيعة يمثلون مدة الأيام العشرة الأولى من شهر المحرم (السبايا) وهي تمثيل ما وقع لصريع الطف قبل أن يقتل عطشا. ويجري ذلك ليلا من الساعة التاسعة إلى الحادية عشرة. ولكل محلة سبايا يضرب فيها الجعفرية أنفسهم على ما ذكر في لغة

العرب 231: 2 وما يليها. مضت الأيام التسعة الأولى من عاشوراء بدون اضطراب وفي اليوم العاشر وهو اليوم الأخير المعروف عندهم (بالطبق) اجتمع خلق عظيم في الكاظمية لختم المأساة. وهناك وقع سوء فهم بين جماعة وجماعة أدت إلى النزاع والقتال فأسفر تحقيق الحكومة عما يأتي وهذا نصه بحرفه: 1 - حصلت الحادثة المؤسفة على أثر شجار قام بين صبي وامرأة من المتفرجين منبعث من زعمها أنه حال بينها وبين رؤية الموكب فأدى ذلك إلى تدخل بعض الأولاد واعتدائهم على الصبي ما سبب الضوضاء في الطابق الأوسط (كذا أي في الطبقة الوسطى) بين النساء وإسراع بعض الجنود وموظفي الأمن لتسكينها. 2 - إن الجنود كانوا من الذين جرت العادة أن يحضروا الاحتفال عزلا من السلاح تحت إمرة ضباطهم للاشتراك بالمأتم. 3 - إن الغوغاء توسعت على أثر الصراخ الحاصل في الطابق الأعلى حيث أدى إلى مضاربات مؤسفة بين الرعاع والشرطة والجنود غير المسلحة. 4 - لقد أحصيت حتى الآن (11 المحرم) حوادث وفاة منها: واحدة من الجند وثلاث من الأهالي وأربعون حادثة جرح وكسر ورض من الجند وواحدة من الشرطة وسبع من الأهالي أعيدت السكينة بواسطة الشرطة حوالي الساعة الثامنة ونصف زوالية من صباح يوم الحادثة والتحقيق مستمر. (مدير المطبوعات) على أن الشائع بين الأهالي أن عدد الجرحى والقتلى أكثر من هذا. 3 - افتتاح معرض الأشغال اليدوية في بغداد همة مدير المعارف العام لا تعرف الملال كما تجهل الكلال فهو يسعى ليل نهار لتعميم المعارف وتنشيط الفنون وبث الصنائع على اختلاف أنواعها وبجميع الوسائل التي توصله إلى هذه الغاية، فلقد عرفت أن المراد به سعادة ساطع بك الحصري وإن لم أسمه لك إذ هو الذي سعى في فتح معرض للأشغال اليدوية لترقية أنواع الصنائع والفنون العراقية فكان الافتتاح في 11 تموز إذ أم جلالة ملكنا المحبوب المدرسة المأمونية التي

يقام فيها المعرض، وقد حف به الوزراء والأعيان وفتحه فتحا رسميا ثم طاف ردهاته فسر بما رأى من التقدم المحسوس في جميع الأعمال التي قام بها أبناؤه وبناته العراقيون وفيه من الأشغال ما أتى به من جميع مدارس العراق، فنهنئ الأستاذ الحصري بسعيه المحمود ونطلب إليه أن يعيد مثل هذا المعرض في كل مدة إن لم يكن في كل سنة. 4 - المتقن الطبي العراقي شرعت مديرية الصحة العامة بجلب الآلات والعدد اللازمة للمتقن الطبي العراقي الذي يؤمل فتحه في أوائل ت1 من هذه السنة، والمديرية مشغولة بوضع نظام المتقن ومنهاج التدريس اللذين سننشرهما في نحو أواخر شهر تموز من هذه السنة. 5 - جسر الفلوجة الحديدي رأت الحكومة فائدة الجسر المبني من الحديد الذي في الخر فعقدت النية على مد جسر من هذا المعدن على الفلوجة وقد وصل العاصمة في نهاية حزيران متخصص من المهندسين من شركة السرجون جاكصن للشروع بتهيئة أعمال التمهيد تحقيقا لهذه الأمنية. وسيشرع بتملك الأرض اللازمة الواقعة على ضفتي النهر. 6 - بناية المدرسة العسكرية انتقلت المدرسة العسكرية من محلها في باب المعظم إلى بناية أخرى في الكرادة أما البناية الأخرى فتبقى للفرسان والمدفعيين التابعين للجيش. كان هذا الانتقال في أواخر حزيران. 7 - تحليف اليمين لتلاميذ المدرسة العسكرية في نحو الساعة 9 من نهار الثلاثاء 28 حزيران جرت حفلة جليلة هي الأولى من نوعها في بغداد، وذلك أن تلاميذ الصف المتقدم من المدرسة العسكرية الملكية حلفوا اليمين في نهاية سنة دراستهم الحالية، فكانت هذه الحفلة من المشاهد المؤثرة في القبيلين أي في الطلبة والحاضرين معا فقد حلف كل من التلاميذ الخارجين ضباطا جددا بأنه يخدم مليكه ووطنه مضحيا بنفسه لهذه الغاية. وكان يتقدم إلى منصة اليمين أربعة أربعة من الضباط الجدد فيضع كل اثنين يديهما الواحدة إلى جنب الأخرى على المصحف الموضوع على المنصة ويقسمان اليمين وهذه عبارتها:

(أقسم بالله وبكتابه هذا وبشرفي بأني أخدم قائدي العام جلالة ملكي المعظم ووطني بكل صدق وإخلاص في البر والبحر والهواء وأشهد الله على ذلك). وهذا النص هو النص الرسمي لوزارة الدفاع وسيحلفه جميع الضباط الحاليين في الجيش يوم الحفلة التي تقام لذكرى تتويج جلالة ملكنا المحبوب ويتم تحليف الأعوان في ذلك اليوم في جميع طوائف الجيش المبثوثين في القطر. وقد صدرت الإرادة الملوكية بمنح كل منهم رتبة ملازم ابتداء من غرة تموز سنة 1937. 8 - منشور للعشائر الذين على التخوم السورية العراقية أصدر متصرف لواء دير الزور منشورا مذيلا باسم السيد جميل الدهان والليوتتان كولونل وومير المندوب المعاون للمعتمد السامي في لواء دير الزور، والمنشور مكتوب بالعربية والفرنسية والإنكليزية، وهذا نصه العربي: (إلى الأهالي والعشائر الساكنين والمخيمين بجوار حدود سورية والعراق) (تعلمكم الحكومتان السورية والعراقية بأنهما اتخذتا بعد التفاهم المتبادل والاتفاق المشترك القرار الآتي: (ممنوع الغزو والسوسكة (كذا وردت هذه الكلمة في جريدة العراق 4 تموز 1827) والسرقة. وممنوع أيضا إرسال جماعة من الرجال المسلحة إلى ما وراء الحدود، وعند مخالفة هذا القرار تتخذ كل من الحكومتين التدابير لأجل معاقبة المذنبين الموجودين في أراضيها). 9 - حريق يبادر كرمليس كرمليس قرية من أقدم قرى الموصل أسمها القديم في التاريخ جو جمالا أو جو جميلا وهي واقعة في شمال غربي أريل ويعنون أهلها بالزراعة. وقد وقعت النار في 29 حزيران في بيادرهم فأفنتها على آخرها ويقدر ثمنها على ما يقال ب 500000 ربية فأصبح أهلها - وبيوتهم أكثر من 150 - أفقر الناس في متصرفية الحدباء. 10 - إسعاف منكوبي كرمليس رأف أصحاب الحل والعقد بمنكوبي كرمليس فأنشئت لجنة باسم (إسعاف منكوبي كرمليس) وأعضاؤها:

جعفر باشا العسكري رئيس الوزراء رئيسا لها. رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية نائب رئيس. أمين عالي باش أعيان وزير الأوقاف. المستر سوان وكيل مستشار المالية. يس الخضيري عبد الحسين جلبي يوسف غنيمة معتمدا لها عزرا مناحيم دانيال وتؤلف لجان فرعية في بقية الألوية فعسى أن يسعف المنكوبون أحسن إسعاف. 11 - تسليم دروز لبنان خضع دروز لبنان ولم يبق منهم سوى سلطان باشا الأطرش فإنه أبى الخضوع وغادر لبنان نازحا إلى (قريات الملح) الواقعة في ديار نجد قريبا من شرقي الأردن. 12 - معاهدة بين بريطانية ونجد في العشرين من شهر أيار أمضى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل السعود حاكم مكة العام والسر جلبرت كلايتن معاهدة صداقة بين حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانية وصاحب الجلالة ملك الحجاز ونجد وتوابعهما. وكان ذلك بعد سفر ملك الحجاز بيوم واحد إلى مكة للإشراف بنفسه على شؤون المائة ألف حاج اجتمعوا في عاصمة الإسلام لتأدية فريضة الحج في هذا العام. 13 - الشيخ محمود كاكا أحمد وصل بغداد في 5 تموز الزعيم الكردي محمود كاكا أحمد الذي سلم نفسه للحكومة وانتهت أعماله وعصاباته وعم الآمن والسلم والأصقاع الكردية ولم يبق في هذا ما يسمى المسألة الكردية في العراق. وكان ابنه (بابا علي شيخ) قد سبقه إليها ليتلقى دروسا خاصة على نفقة الحكومة وقد ابتدأ بدروسه منذ 17 حزيران. 14 - معلمون ومعلمات جدد أخرجت دار المعلمين في بغداد في هذه السنة سنة الدراسة مائة معلم أحرز 37 منهم شهادة معلمية المدارس الابتدائية و32 شهادة معلمية المدارس الأولية و31 شهادة معلمية مدارس القرى. ونجح من دار المعلمات في بغداد أربع، فنهنئ الجميع بما فازوا. 15 - خريجو الحقوق بلغ عدد المتخرجين من متقن الحقوق ستة وأربعين فسقيا لنجاحهم.

العدد 48

العدد 48 علم القوميات العراقية عند علماء العرب اليوم فرع من العريقيات (الاركيولوجية) اسمه علم القوميات يبحث عن آداب الأقوام وما ثوراتهم وأوابدهم وخرافاتهم ومعتقداتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأخلاقهم وأغانيهم إلى ما جارى هذا المجرى. وأول مرة جاء ذكر (علم القوميات) كان سنة 1836 في المجمع الإنكليزي المسمى (اثينيوم) إلا أن حقيقة هذا العلم اقدم من اسمه بكثير ثم في أواخر المائة الثامنة عشرة للمسيح نشر ما كفر سن الإنكليزي كتاباً سماه (مقاطيع من الشعر القديم) ثم جاء علماء سائر الأمم الإفرنجية ونشروا ما يدخل تحت هذا الباب وزادوا عليه ووسعوه. وبعد سنة 188. نشأت في ديار الإفرنج جمعيات وشركات عديدة غايتها البحث عن أغاني العوام وتقاليدها ومأثوراتها وأمثالها وأوهامها وألعابها وخزعبلاتها ومضحكاتها ومبكياتها. وبكلمة واحدة، عن كل ما يتعلق بالعامة بأي وجه كان.

واليوم نرى في ديارهم مجلات وجرائد تنشر مثل هذه المباحث، فضلاً عن الأسفار التي توضع لمثل هذه الغاية، فيقبل على مطالعتها الناس أي إقبال أما الغرض من الوقوف على هذه الأنباء فهو معرفة البيئة الفكرية بل الجو الفكري الذي يستنشقه القوم الفلاني ليكون الباحث على بينة مما كان عليه ذاك القوم من حالة العلم والحضارة وتتبع لغاته التي توصله بالأقوام أو القبائل أو الأجيال التي نطقت بها. فيقف على أصلهم ووطنهم الأول. ويعرف كيف أن القوي أبتلع ويهضمه فيتمثله. وبأي شيء أو بأي أثر فيه كما يقف على حقيقة ضعف القوم الذي أنحط إلى غير ذلك من الحقائق التي لا تأتينا أبداً عن لسان الفصحاء من الكتاب بل عن عوامهم، لأن الفصحاء قد ألفوا إنشاء بل صناعة كتابة هي غير ما ينطقون به أو يسمعونه، بل يدونون ما يوافق أهواءهم وأهواء من يميلون إليه وينسون ما يفيدون به الأجيال الآتية التي تود الإطلاع على دخائل الأمور التي ساقتهم إلى ما آتوه مهما كان ذاك العمل. أما الديار العربية اللسان فليس لها من هذا القبيل شيء يذكر وما دون منه أغلبه للأجانب. وكنا نحن قد جمعنا الأمثال العامية. وحكايات للعوام من السنة اليهود والنصارى والمسلمين فذهب أكثرها فريسة غائلة الحرب وبقي عندنا منها شيء نزر. وكأن غيرنا قد شرع بنشر أمور مختلفة في هذه المجلة لملء هذا الفراغ ثم أنقطع البحث باحتجاب المجلة وعبث الحرب المشؤومة بكل أثر من آثار الأدب والتاريخ والعلم والصناعة. وها نحن أولاء نعود الآن إلى ما شرعنا به سابقاً، وقد أودعنا الأمر إلى أحد شبابنا النوابغ في هذا العراق الغض هو الصديق الودود أحمد حامد من آل الصراف، ولا نضن أن أحداً ينكر عليه هذا التخصص القومي، ومن يطالع هذه المقالة وما يتلوها يشهد له بطول الباع وسعة الإطلاع. (لغة العرب)

1 - أول سماعي للخرافات نم! (فقد جاء الطنطل، جاء الغول، جاءت السعلوة) بهذه الكلمات وأمثالها كانت تخيفني (جدتي) بغية أن أضطجع في فراشي وأن أقلع عن الهرج الذي كنت أحدثه ليلاً، وبهذه الكلمات كانت تخيف جدتي أخي الصغير. وكان بهذه الكلمات وقع شديد في فؤادي بل كانت تقع على رأسي وقوع الصاعقة أو الداهية، فكان يعتريني الذعر والفزع، وكنت أحس بقشعريرة في جسدي وأشعر بأن يدا تريد أن تخطف قلبي من بين أضلعي. وكم ليلة بت فيها ساهراً خائفاً لم أذق فيها طعم الكرى من هول تلك الكلمات وما كانت تتلفظ به جدتي أي (الطنطل أو الغول أو السعلوة) حتى كنت تراني خامداً جامداً كمن إصابته زمانه أو شلل فكنت لا ابدي حراكا وكانت تتمثل أمام عيني أشباح تقذف الرعب في قلبي. ولئن زارني الكرى في الليل فكنت أخاف غمرات أحلام مزعجة ورؤى هائلة وكنت مع شدة خوفي من هذه الألفاظ ألج لجاجة الطفل، ألح إلحاحا كثيراً على جدتي أن تقص علي نبأ (الطنطل) وحديث (الغول) و (السعلوة) وكانت جدتي من العجائز اللائى لم يرزقن علماً ولم ينلن تهذيباً وكانت أمية تجهل القراءة والكتابة وقد عاشت في وسط جاهل وبيئة خرافية وكانت تعتقد بالجن والطلاسم والأحاجي والسحر على نمط عجائز هذا اليوم. 2 - الطنطل وقد وصفت لي الطنطل وأنا يومئذ لم ابلغ السابعة أو الثامنة من العمر وقالت: (الطنطل يشبه الرجل إلا أنه عظيم الجثة كبير الرأس وهو اضخم من الجاموس أو الفيل وهو يأوي إلى الخرائب ويقف ليلاً تحت الطيقان وهو جبار يخطف العقول ويصرع الناس صرعة لا نهضة بعدها. وإذا أراد الإنسان أن يتخلص منه اخذ معه مخيطاً (أي مسلة أو إبرة ضخمة) وغرزها في مذاكيره فأنه ينقلب للحال حماراً أو حيواناً آخر يركبه الإنسان).

3 - الغول وصورت لي (الغول) بصورة رجل يشد على رأسه عقالاً وكوفية ويأخذ معه سلاحاً على الغالب وهو يسكن المغاور والكهوف ويتنقل في البيد بسرعة البرق مفتشاً عن إنسان، حتى إذا صادف واحداً من بني آدم حدثه بأعذب الكلام والطف العبارات وجره إلى مغارته أو كهفه حيث يلاقي حتفه فيكون شواء لذيذاً وطعاماً سائغاً، وقالت عن وجهه: أنه يشبه وجه الكلب ولهذا يسدل عليه برقعاً فيه وصواصان (والوصواص خرق في البرقع بمقدار عين تنظر فيه) أما أرجله فكأرجل الإنسان استقامة إلا أن ظلفين يقومان مقام القدمين. والغول يخاف (المسحاة) فإذا عرفه الرجل وصاح بأعلى صوته (أين المسحاة؟) فّر الغول هرباً ولم يلتفت إلى ورائه. 4 - السعلوة (السعلاة) وصورت لي (السعلوة) بصورة امرأة طويلة سوداء ذات شعر كثيف طرطبة أي ذات ثديين عظيمين كل واحد منهما أكبر من الزق بل كالدن الكبير والسعلوة تسكن تحت الماء وهي تحوم حول الأجراف لتخطف رجلاً تتخذه لها بعلاً أما إذا عثرت على امرأة فأنها تمزقها وتأكلها، وقد ذكرت لي أخباراً لتقنعني بوجودها، فقد قالت لي أن إحدى النساء حدثتها عن خروج (السعلوة) في (بروانة) وقد اشتركت في اللطم والنواح على رجل كريم من أهل (بروانة) و (بروانة) بليدة واقعة على الفرات في أنحاء هيت وعانة واّلوس. قالت وقد وقفت (السعلوة) تنوح وتنشد: تبكي الحديثة وعانة ... على القرم ابن بروانة على الذي عيش (السعلوة) ... ومن بعده ما كانا

وقالت أيضاً: أن سعلوة جلست ذات يوم على جرف نهر دجلة وجلست على الجرف الآخر سعلوة أخرى فخاطبت الواحدة الأخرى طالبة منها (سفوفا) لابنها: فقالت لها: (خيي خواتي) - أي يا أختاه. فأجابتها الأخرى: (عزي وحياتي) فقالت لها: (عندج علايج للصلايج أمسى يعالج من أفاده) - أي أعندك علاج للصلايج (وهو ابنها) فقد أمسى يقاسي (يعالج) آلاماً أصابت فؤاده. فقالت لها الأخرى: حالفة بأبنائها الخمسة: لا اثر للعلاج لدي. وهذه عبارتها: (وحق زيدح. زمديدح. مكة. والحبش. والطير. ما عندي غبارة) أي لا أملك شيئاً ولو بقدر ذرة الغبار. 5 - خرافات أخرى اجل: بهذه العجائب كانت تحدثني جدتي. وقد فتحت عيني متتبعاً لبعض العوائد من ذلك أن أهلي كانوا لا يخيطون لي ثوباً يوم الثلاثاء. ولا يرحلون بي إلى بلد آخر يوم الجمعة. وكانوا لا يعطون الجار (ملحاً) إذا اجنح العصر أو قارب المساء. وإذا صرخ بي أستاذي أو ضربني أبي قالوا (اخترع) أي فزع فجاءوا (بالحرمل) واحرقوه بالنار وأداروه على رأسي ثلاثا. وكانت التمائم والحروز والطلاسم لا تفارق صدري. وكنت اشتركت مع الرجال والنساء عند قيامهم بتمثيل دور (حمير الشيجي) الذي سأحدثك عنه قريباً. وبالجملة فقد كنت في الصغر صبياً خرافياً اعتقد بكل ما كانوا حدثوني به بيد أني نشأت وفي نزعة شديدة إلى معرفة هذه الأمور الخفية والأسرار الغامضة. 6 - انقشاع سحب الخرافات عن فكري فلما بلغت العاشرة جيء بي إلى بغداد فولجت أبواب المدارس ونلت من العلم

والتهذيب ما كان كافياً لإزالة ادرأن الخرافات وأوساخ الأساطير من رأسي. وبقيت عدة أعوام أتلقى علومي في المدارس حتى عام 1918 فعينت مديراً لمدرسة كربلاء هذه العوائد فعن لي إذ ذاك أن ادرس هذه العوائد والأوابد وأن أتتثبت حقيقتها، فكنت أغشى الأعراس والمآتم وأسائل هذا وذاك بلوغاً إلى أمنيتي. ثم تجولت في اغلب مدن الفرات ودونت تلك العوائد العجيبة حتى حلول سنة 1927 فكتبت ما يقرب من نيف وألف أسطورة وبوبتها باحثاً عن علة كل منها فاستطعت أن ألم بكثير من أسبابها وكان بودي أن ارجع كل خرافة إلى اصلها الأصيل وموطنها الأول إلا أني أحجمت عنها أخيراً الآن معرفة منشأ الأساطير العراقية يحتاج إلى درس أوابد الأمم الآسيوية كافة وهذا يحتاج إلى عمر أطول من عمر نوح إذ أن دراسة مثل هذه الأوابد تتوقف على دراسة التاريخ بصورة عامة مع معرفة العوائد والعقليات السابقة واعتقد أن دراسة هذه الأساطير من اصعب الأبحاث وأعوصها - هذا إذا أردنا إرجاعها إلى اصلها - لأن العراق قد أمته أقوام عديدة وسكنته قبائل وشعوب كثيرة كالاكديين والشمريين والكلدان والآشوريين والفرس واليهود والإغريق والرومان والفرس والعرب والترك. فقد جاءت هذه الأقوام ومعها عوائدها وأساطيرها وخرافاتها فاختلطت بعضها ببعض والأمم تلقح بعضها بعضا أفكارها وعوائدها، والشعوب تقلد من كان اعظم منها ما يطيب لها. لذلك تراني لا اعتقد بعراقية الأساطير التي دونتها في رسالتي هذه أظن كل الظن أنها بقايا عوائد قديمة لأمم قديمه كأننا يعتقدون بصحتها وصوابها فهي إذن مزيج الخرافات التي جاءت بها الشعوب الفاتحة. وأكبر برهان على ما أقول هو ما شاهدته وما أشاهده اليوم بعيني من عادة جديدة جاءتنا حديثاً من بلاد الإنكليز إلى العراق وهذه العادة هي أن الإنكليز لا يضرمون ثقاباً (كبريتاً) لثلاث دخينات (سجائر) معتق

من عوائد المنحطين. أضرب لك مثلاً وهو كراهية الإنكليز للعدد 13 وتشاؤمهم الشديد منه فإذا أموا مأدبة أو جلسوا على مائدة الطعام عدوا الأشخاص فإذا كانوا 13 قام أحدهم على الفور وغادر المحل. أما سبب نشأة الأساطير فقد يكون بدافع غريزة الخوف والوهم كما يدّعيه بعض المؤرخين أو سببه الجهل وعدم معرفة أسرار الطبيعة أو جهل حقائقها كما يدعيه الآخرون. أما نشأة الأساطير إلى الخوف المتمكن من الإنسان والجهل وعدم الإلمام بشؤون الطبيعة معاً واعتقد كل الاعتقاد أن الأمم كلما تقدمت تقدماً أدبيا وعلمياً ونال أفرادها تهذيبا صحيحاً انقرضت أساطيرها ورحلت عن بلادها شيئاً فشيئاً لأن سبب الخوف هو جهل الطبيعة فإذا عرف الإنسان أسرارها زال ما كان قائماً على فؤاده من الذعر والوساوس مثال ذلك: أنني كنت اعتقد وأنا طفل بأن سبب خسوف القمر هو أن (الحوت) يبلعه وكأن إذا حدث خسوف فزع الناس كلهم وأنا منهم سواء كان في بغداد أو في مدن العراق الأخرى ولاسيما النساء والأطفال والعوام الذين لم ينالوا قسطاً وافراً من التهذيب فسهروا ليلتهم وضربوا الطبول وقرعوا الأواني من النحاس وربما واصلوا هذه الحالة حتى طلوع الشمس. ولما درست أسباب كسوف الشمس وخسوف القمر اتضحت لي الحقيقة وزال عني ذلك الوهم وتلك الوساوس. وأصبحت إذا خسف القمر اقهقة ضاحكاً من عقول الآخرين فيفهم من هذا أن جهل الطبيعة هو السبب الأول لنشأة الأساطير. وصفوة القول أني مقدم بين يديك أيها القارئ ما دونته في ظرف خمس سنوات من الخرافات والعوائد والأساطير بعد الجهد الجهيد والتعب العظيم وأني مستعد في كل وقت أن أحاج من ينكر علي صحة وجودها اليوم في العراق مستدلاً بالوقائع واتياً بالبراهين على ذلك ما قصدت بذلك سوى خدمة التاريخ العراقي وحسبي فخراً. أحمد جامد آل الضراف

بدر القرن العشرين

بدر القرن العشرين أيها البدر رعتك الأعين ... وقرى عرشك منها الوسن وعلى تاجك حامت أنفس ... مذ بها طار إليك الشجن أنفس لم يبق منها نفس ... رب ميت جسمه لا يدفن وقلوب لك أضحت مسكنا ... فمتى يا بدر فيها تسكن لك في الأفق جمال مفرد ... دون روح مل منها البدن إنما الأفق كبحر زخر ... ونجوم الليل فيه سفن أنت ملك سائر في جنده ... لك في البحر جلال بين حامل عرشك فيه مركب ... ماخر في لجة مستبطن أيها المشرق في عليائه ... ليرى ما لا تراه الأعين اغضض الطرف عن الكيد الذي ... هو في الإنسان داء مزمن أنت أدرى بالجنايات التي ... تحت أقدام الدياجي تدفن كن لدى الحق عليها شاهداً ... وطني سامه مستوطن أيها الطالع بالسعد على ... مدن تبكي عليها مدن احسن الغرب إلى الشرق فقل ... أي إقليم لحر احسن أنت سر غامض لا صخرة ... أنت نور ساطع لا معدن ملك في عالم النجم له ... قدرة منها يخاف الزمن لم تزل تسعى إلى نيل المنى ... باجتهاد عزمه لا يوهن أنت حر النفس في عالمه ... أن يرى حراً مضيماً يحزن لك في حرية الفكر هدى ... خمدت بالعدل منها الفتن راق منك العيش في حرية ... صافحت باريس فيها لندن أنت لم يخدعك يا بدر الدجى ... زخرف قد هام فيه الأرعن لذة كانت بسم مزجت ... أي زهر قد جناه المدفن

راوندوز

رب قصر لصديق يزدهي ... وعدو في ذراه مكمن هذه النبذة ما أخشنها ... بلذيذ العيش لا تستهجن هي لا تغنيك من جوع كما ... هي لا تغني إذا لا تسمن ناقل المكروه لا تحفل به ... والذي خان فلا يستأمن وطني يدّعي إذ طالما ... عافه لما دعاه الوطن خذ بضبعي أيها البدر إلى ... سطحك الأعلى فجسمي موهن وابن لي صرحاً من النور عسى ... أن فؤادي فوقه يستوطن وارض بي خلاً وفياً صادقاً ... حيث لي أنت الأمين الأيمن فإذا ما غبت ترعى حرمتي ... من أناس شرهم لا يؤمن كل يوم لهم مستمسك ... عسل طوراً وطوراً لبن وعليهم هان توزيع الحمى ... حيث أن الموت منه أهون كيف أرجوهم إلى الجلى وهم ... منهم داء الونى مستمكن يا حماة العرب أني شاعر ... في بلاد ضاع فيها المحسن كلما احتل فؤادي كارث ... قلت صبراً أيها الممتحن أنت في عصر جديد عهده ... علّه ساء وقد يستحسن فعلى النفس اعتمادي لا على ... راتب فيه يضام الوطن البناء راوندوز هي من مدن كردستان العراقية وكان قد أخربها الجيش الروسي في الحرب العظمى حتى جعل أعلاها سافلها: ثم ازدادت خراباً بتخليه الترك لها. فأصلحت بعد ذلك شيئاً فشيئاً، واخذ الأهالي بتعميرها مضطرين بواقعة الحال أما الصعوبة الوحيدة هناك فهي وعورة الطريق التي يصلها باربيل، فإذا تم طريق شقلاوة في السنة المقبلة - وقد بوشر العمل - يسهل الاتصال بعد ذلك بها وباربل، - وأنحاء راوندوز من احسن المصايف لأبناء العراق فهي تغنيهم عن بذل النفقات إلى الخارج. وتلفظ راوندوز بفتح الراء بعدها ألف يليها وأو مفتوحة ثم نون ساكنة فدال مضمومة يعقبها وأو ساكنة وفي الآخر زاي.

حضوضى

حضوضى 1 - تعريف حضوضي عن السلف يقول الزمخشري في كتاب الجبال والأمكنة والمياه: حضوضى موضع وقيل جبل في البحر ويقول ياقوت في معجمه الجغرافي: حضوضى جبل فيالغرب كانت العرب في الجاهلية تنفي إليه خلعاءها. وقال الحازمي: حضوض بغير ألف جزيرة في البحر، ويقول أيضاً الحضوض نهر كان بين الحيرة والقادسية وفي القاموس للفيروز ابادي: حضوضى وحضوض جبل في البحر كانت العرب تنفي إليه خلعاءها. والحضيض القرار في الأرض. والحضوضى: البعد والنار. والحضوضاة: الضوضاة وفي الأغاني لأبي الفرج الاصبهاني قصة نفي أبي محجن الثقفي إلى جزيرة في البحر. يقال لها: حضوضى بحراسة ابن جهراء وهربه منه على ساحل البحر ثم التحاقه بجيش سعد ابن أبي وقاص في حرب القادسية. وسجنه بأمر الخليفة عمر بن الخطاب (رض) الذي كان نفاه لإدمانه شرب الخمر على رواية، ولمحاولته التطلع إلى امرأة من الأنصار يقال لها شموس كان هويها على رواية أخرى. وقد احتال أبو محجن وهو في حبسه حتى خرج إلى الجيش المحارب يوم ارماث وهو أول يوم من أيام القادسية. وبعد أن أبلى بلاءً حسناً عاد إلى سجنه ووضع القيد في رجله. وقد نقل لنا الأصبهاني هذه الأبيات التي قالها حين تمكن من الهرب من ابن جهراء وهي: الحمد لله نجاني وخلصني ... من ابن جهراء والبوصي قد حبسا

من يجشم البحر والبوصي مركبه ... إلى حضوضى فبئس المركب التمسا ابلغ لديك أبا حفص مغلغلةً ... عبد الإله إذا ما غار أو جلسا أني اكر على الأول إذا فزعوا ... يوماً واحبس تحت الراية الفرسا أغشى الهياج وتغشاني مضاعفةً ... من الحديد إذا ما بعضهم خنسا 2 - تحقيق حضوضى في نظرنا وفي تخوم البادية بالقرب من الطريق الذاهب من الحجاز إلى العراق بين الأزرق والقريات موضع يعرف إلى اليوم بحضوضي وهو يقع على بعد خمس عشرة ساعة بالسيارة من عمان عاصمة حكومة الشرق العربي ويوصل إليه عن طريق الأزرق في شرقي عمان ثم من الأزرق يسير القاصد إليه بتعريج إلى الشمال فيلقى في وسط سهل أفيح بحيرة صغيره مستديرة أو كالمستديرة يعلو وجهها طبقه بيضاء كالشيد المروب، يظن الذين تمكنوا من الدنو منها أن هذه الطبقة هي مما تكون من ذلك الماء الآسن الذي لا يعرف من أين ينبع فهي من هذا القبيل بطيحة من البطائح اكثر منها بحيرة من البحيرات. وفي وسط هذه البحيرة بناء قائم إلى الآن أشبه شي بالمباني والقلاع الرومانيه التي تكثر في تخوم البادية مثل قصر زيزاء. وقصر الزرقاء. وهذا البناء مغمور من جميع جوانبه بماء البحيرة التي لا يجرؤ على الدنو منها أحد لاعتقاد البدو بأنها تبتلعهم أو تلحق بهم الأذى ويقدر أحد الذين وصلوا إلى هذه البحيرة أن مساحتها لا تزيد على أربعة آلاف متر مربع، ويقول أن حول شاطئها عظاماً ورفاتاً هي عظام أو رفات بعض الحيوانات مثل الظباء والوعول وما ماثلهما مما يدلنا على أن هذه الحيوانات قد هلكت بسبب شربها من ذلك الماء الآسن في تلك الصحراء القاحلة التي لا كلأ فيها ولا ماء، أو أن ما ينتشر حولها من

الروائح الكريهة والجراثيم القاتلة هي التي أودت بهذه الحيوانات فأوردتها موارد الهلكه. ويؤكدون أنه لا يخيم بالقرب منها أو بجوارها البعيد قبيلة ما لاستيلاء الرعب على الناس من مضارها وهي عندهم مضرب المثل. يدلك على ذلك ما قاله شاعر هم النمر بن عدوان شيخ قبيلة العدوان المعروفة يصف بها حالة نفسه عند وفاة قرينته قبل ثلاثة أرباع القرن: طير إلينا بمخلبه كين شغر بي ... وبين الثريا والكواكب رقابي وبمثل سلك العنكبوت أنحدر بي ... وبقاعة حضوضى يا وديدي هوى بي وأنت ترى أن هذا الشعر البدوي غاية في الرقة والانسجام، لا تنقص قيمته الشعرية عما أتى به أمير الشعراء شوقي بك في قصيدته أنس الوجود إذ يقول: فتراها ما بين صخر وبحر ... ملكةً في السجون فوق حضوضى 3 - توافق الخواطر في ضرر الحضوضين بقي علينا أن ننظر هل هذه هي حضوضى التي عناها العرب وكانت منفى خلعائهم؟ أن نفرة الناس من حضوضى اليوم كنفرتهم منها بالأمس وتخوفهم منها اكثر من تخوف أبي محجن الثقفي فهذه الحقيقة تمهد لنا سبيل الظن بأنها هي المعنية وقد مر بنا أن أبا محجن هرب منها إلى القادسية في العراق وهي على ما علمت في الجادة السابلة إليه من الحجاز وقد تكون إذ ذاك ذات بوصي يمخر في مائها ويصل إلى البناء القائم في وسطها. ولاستغربن أبدا تسمية العرب لمثل هذه البحيرة الصغيرة بالبحر وللبناء القائم في وسطها بالجزيرة فمثل هذا الماء في وسط جزيرة العرب يستحق أن يدعى بحراً وكل ما قام في وسطه من اليابسة حري بأن يسمى جزيرة، فأننا نراهم يسمون الأنهار بحاراً ويستوحشون من رؤية البحار وركوبها بله يحاذرون الدنو من الأنهار الكبيرة كما كان يفعل الخليفة عمر بن الخطاب وقصته مع عامليه عمرو بن العاص في مصر وسعد بن أبي وقاص في المدائن لما كتب أليهما (أن لا تجعلوا بيني وبين المسلمين ماء) قصة مشهورة.

وسنبقى على الاعتقاد بأن حضوضى هذه هي التي عناها العرب إلى أن يقوم من الأدلة والبراهين ما يثبت وجود غيرها والله اعلم. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص رأينا في حضوضى كنا في سابق العهد درسنا هذه المسألة وعالجناها وبحثنا عن موادها فكانت النتيجة ما يأتي بعض تحقيقه. قول الزمخشري: موضع وقيل جبل في البحر كلام جلي واضح لا يحتاج إلى شرح وتأويل. وأما قول ياقوت: (جبل في الغرب كانت العرب في الجاهلية تنفي إليه خلعائها) ففيه بعض الأشكال، لكن إذا عرفت أن المراد بالغرب هنا الشام ولا سيما ما كان منها في الجنوب الغربي زال عنك كل أشكال. أما أن الغرب هو الشام فقد نص عليه في النهاية. قال في مادة غرب: لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق. قيل: أراد بهم أهل الشام لأنهم غرب الحجاز اهـ. قلنا: ليست الشام في غرب الحجاز بل في شمال غربيها لكنهم يتجوزون في مثل هذا التعبير ومثله كثير عندهم. ولعل الصواب لأن الشام في غرب مساكن العرب لا في غرب الحجاز وعلى كل حال: كان العرب يسمون الشام غرباً وأن اختلفت أسباب هذه التسمية إذن معنى كلام ياقوت جبل في الغرب: جبل في الشام والشام تطلق عند العرب على سورية وفلسطين معاً، فتكون حضوضى في أرض الشام. وقوله: كانت العرب تنفي إليه خلعاءها. فهذا يعني أنه غير بعيد عن بلادهم بل داخل في أرضهم، وكيف يجوز لهم أن ينفوا رجلاً إلى بلاد ليست في حكمهم؟ على أن الذي في معيار اللغة: تنفي إليه خلفائها (بالفاء) وهو خطأ ظاهر إذا لم يكن خلفاء في الجاهلية كما أننا لم نسمع بخليفة نفي إليه بعد الإسلام فالتصحيف ظاهر لا شبه فيه. وأما قول ياقوت نقلاً عن الحازمي: حضوض بغير ألف جزيرة في البحر فليس فيه ما يضاد قولهم جبل في البحر، إذ ما من جزيرة في البحر إلا هي

جبل أو سلسلة جبال إذا كانت الجزيرة كبيرة أو سلسلة جزر. وأما قول الفيروز آبادي: حضوضى وحضوض: جبل في البحر. . . والحضوضى البعد والنار. ففيه ما يهدينا إلى معرفة حقيقة حضوضى. لا جرم أن حضوضى لغة في حضوض وزيادة الألف في الآخر معروفة أشهر من أن تذكر. وقوله: البعد والنار. يذكرنا بما يقابله عند اليونانيون بالحضس أو الحضو ولا سيما لأنه ورد في إحدى نسخ القاموس الموجودة عندنا إذ تنص على ما يأتي (البعد في باطن الأرض والنار) وهو عند اليونانيون ويريدون به بلوطن الإله الروماني وهو اله ما تحت الأرض وباطنها أو بعبارة أخرى اله وادي الجحيم أو اله مقر الموتى. وكان يكرم في عدة مدن مثل تريزينس وتريفيلية وأوبنتس وفي عدة بلدان من فلسطين وتخوم البادية التي بين العراق والحجاز. وبالأخص في المواطن الغمقة التي تتصاعد منها الروائح الخبيثة. فكان ينفى إليها كبار الأئمة والخونة وأعداء المدن أو أعداء الوطن وكأن يحتفل بعيده في 12 من قلنداس تموز أي في ما يوافق العشرين من حزيران الغربي الحالي. وقد توسع اليونانيون في معنى كلمة حضوض حتى أطلقوها على كل موطن يكون مهلكة لمن يذهب إليه. وهذا كله يقوي رأي حضرة صديقنا الطالب عبد الله مخلص ولا سيما إذا عرفنا أن مادة (ح ض ض) تقارب مادة (ح ض و) أو (ح ض أ) من جهة، ومادة (خ ض ض) من جهة أخرى، فإذا اعتمدنا على ما ورد في معنى هذه المواد عرفنا أن الموطن المسمى بحضوض أو حضوضى هو مكان يوصل إليه (خوضاً في مائه) الضحضاح، وهواؤه حار كأنه (يحضو حضوا) تتصاعد منه الأبخرة المتعفنة فينشأ عنها ما يسمى (بالنار التائهة) عند بعض المحدثين وهو (الأرقان) عند الأقدمين من أجدادنا فلقد صدق إذن الكاتب لأن الحضوض هو اسم الإله الذي قد وكل بالنار وبكل مكان يكون مهلكة الرجل. وحضوضى التي بين الأزرق والقريات هي المطلوبة. فلله در محققنا: ومما يزيدنا تمسكاً برأي صاحبنا العزيز، واعتقاداً بصحة ما ذهب إليه،

أن عندنا نسخه قديمة من قاموس المجد الفيروز آبادي خطت في سنة 941 هـ وقد فتحنا فيها مادة ح ض ض لنرى ما جاء فيها من الاختلاف عن سائر النسخ المطبوعة أو المخطوطة فرأيناه يقول (حضوضي: جبل في البحر أو جزيرة في السند. وعلم للنار) اهـ. قلنا: السند هنا وزان سبب وهو في لسان أهل بادية الشام المعاصرين كل ما حاذى ضفة الفرات اليمنى ممعناً في جزيرة العرب ومتصلاً بسوريا وفلسطين. فإذا كان هذا هو المعنى المراد هنا من (السند) الواردة في النسخة من القاموس، كان تأويل (مخلصنا) من احسن ما جاء موافقاً لهذا التعبير، ونحن لم نجد أحدا من ذهب إلى هذا الرأي الناطق بالحق، من الأقدمين ولا من المعاصرين، ولابد من أن بتأثره كل من يحاول أن يكتب في هذا الموضوع ويتوخى صدق الرواية ودقة التحقيق. ومن غريب الاتفاق أن ملوك العراق في عهد لجاهلية - وكانوا يومئذ فرسا - إذا أرادوا نفي واحد من العراق نفوه إلى مدينة في البطائح غمقة سيئة الهواء كثيرة الرطوبة شديدة الحميات كأنها نسخة ثانية من حضوضى وكأن اسمها (الهفة) والطبري يذكرها باسم طرنايا. أما النبط فكانوا يسمونها (هفاطرنايا) ودونك ما قيل عنها: الهفة أو طرنايا قال ياقوت في معجمه: (الهفة (وزان شدة) مدينة قديمة كانت في طرف السواد، بناها سابور ذو الأكتاف، واسكنها أياداً لما قتل من قتل منهم في مدينة شالها لما عصوا عليه. ونقل من بقي منهم إلى هذه المدينة وجعلها محبساً لهم ونهى الرعية عن مخالطتهم، وأمر أن لا تدخل العرب داخل الحصن. فمن دخل بغير إذنه قتل، وكان كل من سخطت عليه ملوك فارس نفته إلى (الهفة) ووسمها بالنفي واللعن. وكان النبط يسمونها (هفا طرنايا) وأثار سورها بينة لم تندرس) اهـ كلام ياقوت قلنا: ويؤخذ من كلام الطبري في تأريخه أنها كانت في أرض جرجرايا في رقعة البطائح وأغلب بلدان البطائح - حتى عهدنا هذا - من أسوأ البلاد مقاماً

وهواء. ومعنى (هفا) بالنبطية - والنبطية هي اللغة الصابئية التي هي فرع من اللغة الارمية وأصحابها يفرون من حروف الحلق إذ ليس في لسانهم حاء ولا عين بل هاء وهمزة - المحتجبة (عن الأنظار لكثرة ما فيها من الشجر والدغل) ومعنى طرنايا الرطبة فيكون محصل مجموعها: المدينة المحتجبة بالدغل الرطبة الهواء. قلنا وما كان كذلك من البلاد والمدن لا يكون إلا مهلكة لسكانها. ومن غريب الأمر أن بعض البغداديين في عصرنا هذا إذا أرادوا أن يدعوا على أحد من باب المدح أو القدح قالوا. (يا مال الهفا) أي من أنت جدير لأن تكون من أهل الهفة. أما موقع الهفة اليوم فلا نعرفه فلعل أحد أدباء البطائح يفيدنا عنه بشيء. وإذ قد وقع الحديث عن منفيين للعرب في عهد الجاهلية فلا بأس من ذكر منفاهم في أيام احتلال الإنكليز للعراق فأنهم كانوا ينفون الوطني الحر المدافع عن دياره إلى هنكام. (هنكام) والمعاصرون يقولون أيضاً هنجام هي حقيقة باب جهنم على ما وصوفها من نفي إليها. وقد قال ياقوت عنها: هنكام بالفتح اسم لجزيرة في بحر فارس قريبة من كيش ولم يزد على هذا القدر. مع أنها حارة صيف شتاء شديدة الحرارة رطبتها. كثيرة الدويبات والهوام ولا سيما السامة منها، قليلة الخيرات وافرة النقمات واللعنات إلى آخر ما تريد أن تصفها بمثل هذا المعنى: فالمنفي إليها العائد منها مولود ثانية في العالم، والعائش فيها يهون عليه بعد هذا أن يعيش في نار جهنم، وكفى لها وصفاً. (أيقال زحف الجيش على العدو) لا تطالع سطوراً تذكر الزحف إلا تسمع صاحبها يقول: وزحف الجيش (على) العدو. ولا تكاد ترى كاتباً فصيحاً سورياً أو مصرياً أو عراقياً يخرج عن دائرة هذا الخطأ، مع أن الصواب هو زحف (إلى) العدو ونص اللغويين صريح: قال في اللسان: الزحف: الجماعة يزحفون (إلى) العدو بمرة أما زحف الولد فيكون (على) اليدين أو الرجلين قال الأزهري: أصل الزحف للصبي هو أن يزحف (على) أسته اهـ. وبهذا القدر كفاية.

أهم خزائن كتب إيران

أهم خزائن كتب إيران من قديمة وحديثة نهض في أواخر المائة التاسعة عشرة كتبة شرقيون وغربيون ووصفوا بعض خزائن الكتب الشرقية. وذكروا بعض ما تحوي من الدفائن أن في ديار االغرب وأن في ديار العرب. وقد وضع أبناء الإفرنج فهارس مبوبة لما حوت بلادهم من نفائس المخطوطات ولا سيما ما كان منها في روما وباريس ولندن ولننغراد والاسكوريال وليدن وفينة وغيرها من الحواضر، أما أبناء العرب الأغنياء بمثل تلك الاعلاق فأنهم لم يفهرسوا منها إلا بعض الشيء فبقيت مؤلفات السلف في غيابات النسيان. أما خزائن فارس أو إيران فلم يتعرض لها أحج من الغربيين أو الشرقيين اللهم إلا ما كتبه حضرة صديقنا الشيخ أبي عبد الله الزنجاني ونشرناه في هذه المجلة (5: 33 وما يليها) والآن قد بعث إلينا حضرة الشيخ عبد العزيز صاحب الجواهر النجفي بمقالة تذكر ما لم يرد في مقالة الشيخ أبي عبد الله الزنجاني فجاءت المقالتان تتكاملان واليك مقالة الجواهري: (لغة العرب) تمهيد كانت في إيران مكتبات مهمة حوت نفائس الكتب الثمينة وقد تبعثرت في زوايا الخمول بواسطة التغييرات الكونية والانقلابات السياسية ولم يعرفنا التاريخ اليوم سوى أسمائها، منها خزانة الوزير الصاحب بن عباد في أصبهان، قال من كلام له في وصف كتاب الأغاني: (وقد اشتملت خزانتي على مائة ألف وسبعة عشر ألف مجلد ما فيها سميري غيري) آه ومنها الخزانة التي أوقفها أبو نصر سابور بن اردشير بن بهاء الدولة واحترقت (ذكرها ياقوت في صفحة 343 من الجزء 2 من معجم البلدان)

ومنها الخزانة التي كانت في همذان في عصر ابن سينا الفيلسوف وقد حوت اعلاق الكتب في غرر العلوم غير أنها احترقت ونسب إحراقها إلى ابن سينا نفسه كي لا يقف على علومها غيره. ومنها الخزانة الفريدة في هراة وقد تعرض لوصفها ياقوت وذكر أنه اقتبس منها غالب فوائد كتابه معجم البلدان. (في عصر الصفوية) أنشئت عدة خزائن في مراكز علوم الشيعة الإمامية في إيران: كقم، وخراسان، ونيسابور، وقزوين، وأصبهان، وشيراز. وكانت قد اشتملت على نوادر الكتب في أنواع العلوم ومن مهماتها: خزانة السيد محمد باقر المجلسي كما هو ظاهر من مصادر كتابة بحار الأنوار المذكورة في مقدمته وكان السلطان شاه حسين الصفوي عضده في تحصيل نوادرها بالمال والجاه. قال السيد محمد ابن نور الدين الجزائري في كتاب إجازاته: (لما تأهب المجلسي لتأليف بحار الأنوار وكأن يفحص عن الكتب القديمة ويسعى في تحصيلها، بلغه أن كتاب مدينة العلم للصدوق المعروف بابن بأبويه القمي يوجد في بعض بلاد اليمن فأنهى ذلك إلى سلطان العصر (أراد به الشاه حسين الصفوي) فوجه السلطان أميرا من أركان الدولة سفيرا إلى ملك اليمن بهدايا وتحف كثيرة طالباً منه كتاب (مدينة العلم) المذكور) آه وقد تلفت كتب هذه الخزانة وبقيت متفرقات منها في خزانة السيد محمد باقر الخونساري مؤلف كتاب (روضات الجنات) المتوفى في أوائل القرن الرابع عشر ومنها: خزانة الرضا ثامن الأئمة الأثني عشر من آل محمد (ع) عند الشيعة في خراسان وهي موقوفة على عامة القراء منذ عهد الملوك الصفوية حوت آثاراً باقية أكثرها للإمامة وأول من أمر بجمعها الشاه عباس الكبير بمساعدة الشيخ بهاء الدين العاملي المعروف وأضاف إليها نادر شاه افشار عدداً وافراً وقد تشتت قسم منها على يد الازبك والافاغنة عند استيلائهم على خراسان

والباقي اليوم مجموع في قماطر في غرفة شرقي القبة الرضوية تفتح في كل أسبوع يومين ولها موظفون وخدم تجري عليهم الأرزاق من مصادر وقفية معينة لها وكانت غير مفهرسة أكلت الأرضة والعث جملة من محاسنها وأخر فهرس وضع لها سنة 1312 وكان إحصاء مجلداتها فيه كما ياتي: 113من تفاسير الشيعة 3. من الرجال والأنساب 131من تفاسير أهل السنة 47 من الأخلاق 168 من أخبار الشيعة49 من المعاني والبيان 60 من أخبار الشيعة بضميمة المقاتل 88 من المنطق والمرائي 3. من أخبار أهل السنة97 من الطب 345 من فقه الشيعة1. 6 من التاريخ 67 من فقه العامة2. 3 من الأدب 118 من أصول الفقه37 من القراءة 291 من الحكمة الإلهية وأصول232 من النحو والصرف الدين 68 من اللغة 80 من الرياضيات213 من الأدعية عدا الخطوط والمرقعات القديمة (المصورات). وفيها محل خاص بالنسخ المخطوطة النادرة من القرآن المجيد والأدعية المأثورة بالقلم الكوفي والقرآني وبينها عدد يسير تنسب خطوطها إلى أقلام بعض الأئمة الاثني عشر من آل محمد بتصديق في أواخرها من أكابر العلماء على ذلك وقد رأينا بين هاتيك الصحف المكرمة مصحفاً مخروم الأول والآخر بالقلم الكوفي القديم ذكر في آخره أن كاتبه الإمام على بن أبي طالب وصدق ذلك العلامة بهاء الدين العاملي بخطه وتوقيعه في ظهر صفحاته وخط المصحف وورقه يشعران

بذلك أيضاً ومصحفاً آخر بديع الورق والتصاوير عجيب الصنعة جليل الخط مرسومة في خلال سطوره وحواشيه تفاسير ثلاثة. وجميع ورقه من الرق من القطع الكبير أوقفه على هذه الخزانة أمير محمد نصير خان والي ممالك حيدر آباد في 20 رمضان سنة 1258 وكان الفراغ من تحريره وتذهيبه سنة 1245 بقلم محمد علي البروجردي. (من محاسن نسخها المخطوطة النادرة) التي رأيناها فيها: كتاب لباب الأنساب في بيان تحقيق الألقاب والإعقاب من أحفاد أولاد الأئمة من ذرية رسول الله (ص) وبيان قبائلهم وأسماء نقباء البلاد من الربع المسكون من مؤلفات السيد النسابة أبي جعفر محمد بن هارون الموسوي النيشابوري وضعه باسم أبي الحسن علي ابن محمد بن يحيى العلوي وكان ابتداء تأليفه سنة 558 رأيت منه المجلد الأول وهو ينطوي على ديباجة في شرف آل محمد ومقدمة في ذكر المؤلفين في علم الأنساب وتحديده وشرفه وعدة فصول أولها في بيان الأنساب والألقاب بترتيب حروف التهجي. فأول من ذكر الاشج. قال: الاشج لقب هودة محمد بن احمد بن الحسن بن إبراهيم له عقب. وثانيها في ذكر السادة الذين خرجوا وتبعهم الناس وادعوا الأمامية قال وهم أئمة الزيدية. وثالثها في تفضيل بني هاشم على سائر قريش. ثم ذكر طبقات أولاد الأئمة وأعقابهم وجدولاً بديعاً في مقاتل الطالبين وقاتليهم وتاريخ أعمارهم ومواضع قبورهم، وعقبه بذكر نسب السيد أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى الذي وضع الكتاب باسمه. وذكر في الفصل الحادي عشر أولاد الإمام علي بن أبي طالب وباقي أولاد الأئمة وأنساب أمراء مكة والمدينة ونقباء البلاد وأسماء النسابين من آل رسول الله (ص). وفصل منه في مدائن مائة نفر من الافاطسة من أولاد علي بن علي الافطس. وفصل في أنساب السادة المذكورين في تاريخ نيسابور.

وفصل في آداب النقابة وشرائطها وعلومها. وفي آخر باب في ذكر من حلق من النقباء رؤوسهم من نواحي غزنة وخوارزم ونيشابور وأبان أن الغرض من ذلك معرفة هؤلاء حتى لا ينسب إليهم أحد. والنسخة بقطع الربع فيها زهاء ستة عشر ألف بيت بخط قديم، وذكر في ختامها أنه فرغ من تأليف المجلد الأول من هذا الكتاب في رمضان سنة 558 وذكر في مطاوي هذا المجلد أن له مؤلفات آخر منها كتاب وشاح دمية القصر للباخرزي وكتاب أزاهر الرياض الربعية. (نوادر كتبها في التفسير) كتاب (تأويل القرآن) في مجلد ضخم لبهاء الدين العاملي المعروف تاريخ تحريره سنة 1014 و (كتاب تفسير) المولى محمود المعروف بسر برهنة صدر الدين بن أسد الله الطباطبائي وهو تفسير جليل رأيت منه مجلداً من أول الفاتحة إلى قوله وزادهم الله مرضاً (الآية). وكتاب (جلاء الأذهان) للشيخ أبي المحاسن الحسن بن الحسين الجرجاني رأيت منه المجلد الأول من أول القرآن إلى آخر سورة موسى وفيها المجلد الثاني أيضا. وكتاب (حقائق التأويل) المعروف بتفسير السيد الرضي الشاعر الكبير أخي السيد المرتضى. و (تفسير السيد علي بن الحسن الزواري) المعروف بترجمة الخواص. و (تفسير سورة هل أتى) للمولى قطبشاه. وكتاب (معاني الأخبار) بخط محمد بن الحسن الحر العاملي مؤلف كتاب الوسائل وأمل الأمل وغيرهما. وكتاب (حقائق الحقائق) وكتاب (بهجة الحدائق) وهما شرحان لعلي بن كلستانة على كتاب نهج البلاغة. (نوادر كتبها في المحكمة وأصول الدين) كتاب (أنوار الملكوت في شرح كتاب الياقوت) للعلامة الحسن بن مظاهر الحلي من مظاهر العلم في القرن السابع للهجرة. وكتاب (شرح الباب الحادي عشر لمحمد بن احمد المعروف بخواجكي. (في معرفة الروح) وكتاب (العروة الوثقى) لعلاء الدولة السمناني. و (رسالة عين الحكمة) للسيد مير قوام الدين (ورسالة في النفس والهيولي) لميرغاث الدين وكتاب (نور العين في شرح حكمة العين) لمحمد بن احمد الحميري. وكتاب (شرح نهج المسترشدين) للعلامة خضر بن محمد بن علي الرازي صاحب كتاب التوضيح

الأنور في رد شبهات الأعور. (نوادر كتبها في الرياضيات) كتاب (شرح تذكرة البيرجندي) وكتاب (الزيج الايلخاني) وكتاب (كشف الحقائق) الذي هو شرح على الزيج الايلخاني و (الرسالة المجسطية) لغياث الدين جمشيد وكتاب (جوامع الحساب) للخواجة نصير الدين الطوسي وكتاب (شرح تذكرة النظام) النيشابوري وكتاب (زيج الغ بيك) وكتاب (خلاصة الحساب) للخواجة قطب الدين وكتاب (تكملة المجسطي) لمؤلفه مير غياث الدين منصور وكتاب (شرح أعمال الهندسة) وعلى ظهره خط البهائي ومحل خاتمه وكتاب (أبنية إسكندرية وجام جم) لحسين الكاشفي الصوفي المعروف في القرن العاشر. ونوادرها في كتب الفقه والحديث والأصوليين على مذهب الشيعة اكثر من غيرها. خزانة الشيخ صفي الدين جد الملوك الصفوية في اردبيل وكان الشاه عباس الكبير الصفوي قد عني بجمعها وتنظيمها وبقيت مورد استفادة القراء إلى سنة 1828 مسيحية وفيها احتلت جنود الدولة الروسية اردبيل وكان معهم المستشرق سنكوسكي فاطلع على المكتبة المذكورة ووقف على نفائسها فنقلها إلى خزنة بطرسبرج (هي لننغراد اليوم) وهي اليوم موجودة في الخزانة العمومية. وقد صرح بما ذكرناه أيضاً كتاب تاريخ الروابط العلمية بين روسية والشرق وأوربة المؤلف باللغة الروسية المطبوع في لننغراد. وتوجد اليوم في مخازن مقبرة الشيخ صفي الدين في اردبيل متفرقات من هذه الكتب توازي أربعين أو خمسين مجلد في علوم مختلفة ومن نوادرها ترجمة تفسير محمد بن جرير الطبري إلى الفارسية في ستة مجلدات تاريخ تحرير بعضها أوائل القرن السابع للهجرة ونقل لنا بعض زملائنا أنه رأى هذه المجلدات من ترجمة تفسير الطبري عند السيد الخلخالي في طهران وكان قد حصل عليها من تلك الخزانة ولم تسنح لنا الفرصة للوقوف عليها. خزانة السادات الجزائرية وقد كان في خوزستان وتفرقة بعد وفاة مشاهيرهم في أواخر القرن الثاني عشر للهجرة.

العمادية

انحطاط العلم بعد الدولة الصفوية وبعد انقراض الدولة الصفوية وظهور الدولة الافشارية فالزندية لم تنشأ خزانة مهمة في إيران لانحطاط درجة العلم والعلماء في ذينك العصرين ولا سيما في عصر نادر شاه فأن سياسته اقتضت سلب السطوة والأبهة التي كانت لعلماء الشيعة في عصر الصفوية في عامة البلاد الفارسية وانتزاع جميع مصادر البر والوجوه الحسبية من أيديهم ومنع تلقيب زعمائهم بصدر الصدور أو شيخ الإسلام وغير ذلك، واستمر ذلك التقهقر إلى ظهور الدولة القاجارية فحصلت نهضة علمية جديدة في بعض بلاد إيران ولا سيما في عصر السلطان فتح علي شاه قاجار فأنه كان ديناً يقدس المذهب الجعفري ويقرب علماءه. ومن أعاظم الخزائن التي أنشئت في إيران أوائل عصر الدولة القاجارية ودامت إلى عصرنا هذا. ما سنتكلم عنها في جزء آت. عبد العزيز الجواهري العمادية العمادية بكسر العين. والأهالي يقولون عمادية بدون آل وبفتح العين، والفلاحون يقولون عميدية بإمالة الألف إلى الياء؛ على أن المشهور عند الأدباء هو العمادية كما قلنا وكما ذكرها ياقوت في معجمه. من مدن العراق الكردية على بعد 18 ساعة من شمالي الموصل وهي قائمة على هضبة ويشرف عليها قلعة جالسة على صخرة لا ترام ويشرب أهاليها من صهاريج محفورة في الصخر. ومن غريب هذه البلدة أنها مرتفعة إلا أن هواءها سيئ حتى أنه يضرب المثل بجوها الوخم الحار في الصيف وأهاليها كثيراً ما يغادرونها ليوغلوا صعداً في أعالي الجبال على بعد ساعتين أو ساعتين ونصف منها. ووادي العمادية يتصل بوادي راوندوز لموقع أرضه في منقسم المياه بين سقي الخابور وسقي الزاب الأكبر، ولقد بقيت العمادية بلدة سوقاً يتردد إليها أكراد الجبال ليبيعوا غلاتهم إلى أبناء العراق أو الجزيرة أو ليبادلوهم بضائعهم.

ابن الجوزي

ابن الجوزي مؤلف كتاب مناقب بغداد ذكر المؤلف في كتاب الحوادث الجامعة، والتجارب النافعة، في المائة السابعة. لابن الفوطي - ارتاب بعض الارتياب الكاتب البارع محمد بهجة الأثري في صحة إسناده كتاب مناقب بغداد إلى أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد البكري الحنبلي الملقب جمال الدين الشهير بابن الجوزي المتوفى في سنة 597هـ (1200م) وذلك في المقدمة التي صدر بها الكاتب الذي طبعه في بغداد في سنة 1342هـ (1923م) وجاء بعده الفاضل البحاثة يوسف غنيمة في هذه المجلة (274: 4) فكشف اللثام عن هذا الغزو المرتاب فيه فأبان لنا بدليل واضح استخرجه من الكتاب نفسه بأن مؤلفه كان حياً يرزق في سنة (1256م) ثم نسب غنيمة تأليف الكتاب إلى (الشيخ أبي محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي المقتول في فتنة التتار في بغداد سنة 656هـ (1256م) وهو أيضاً مؤلف كتاب (الإيضاح لقوانين الاصطلاح). فكأنه أراد أن يقول أن المؤلف هو ابن لأبن الجوزي المتوفى في سنة 597هـ. عرفنا من مقدمة الأثرى أن ما أدى به إلى ذهابه إلى هذا الرأي هو اتفاق اسم المصنف وكنيته ولقبه الواردة في صدر المخطوط مع اسم وكنية ولقب المتوفى في 597 هجرية وأن ما حمل غنيمة على رأيه هو وقوفه على أن (الشيخ أبا محمد يوسف بن أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي) كان في قيد الحياة في سنة 654 هجرية لكن غنيمة لم يصب كبد الحقيقة. وقد نشأ ذلك من عدم اطلاعه على الكتب التي تحتاج إليها هذه المواضيع لندرتها وقد أتاح لي الحظ الوقوف على المؤلف على ما يظهر لي. لو كان مرجعي لتعريف مؤلفنا إلى كتاب مطبوع أو مخطوط مبذول

لا لمعت إليه إذ الإشارة إليه تكفينا مؤونة الإطالة إلا أن هذا الكتاب لا يزال مخطوط لا تعرف له نسخه ثانية على ما علمته من فهارس المخطوطات التي بيدي ومن غير ذلك. ولهذا لابد من التوسع في الموضوع لأنه لا يخلو من فائدة أخرى أخالها جزيلة فيكون هذا التبسط نموذجاً جديداً من الكتاب إضافة إلى ما نقل عنه كما سيجيء وهو يتكلم عن أربعة رجال من بيت ابن الجوزي وهم: محيي الدين أبو محمد وأبنائه جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن وشرف الدين عبد الله وتاج الدين عبد الكريم. أن الكتاب الذي يرشدنا إلى معرفة المؤلف هو نسخة من مخطوط في التاريخ والتراجم وهو اليوم في الخزانة التيمورية في مصر استنسخها العلم الجواد احمد تيمور باشا فأهداها الأب صاحب هذه المجلة. ويبتدئ الكتاب الذي نحن بصدده بقسم من سنة 626هـ (1228م) وينتهي في سنة 700هـ (1300م) فهو عزيز جداً لندره ما وصلنا من ذلك العصر الذي أنصرف القلم عن التحبير والكتابة في أكثره ولضياع ما كانت الأقلام قد أبرزته. وفي كتابنا هذا في عدة مواضع ذكر لجمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي المقتول في سنة 656هـ ويتفق اسمه ولقبه وكنيته كل الاتفاق واسم ابن الجوزي المتوفى سنة 597هـ وكنيته ولقبه، فيجدر بي - ألم يتحتم علي - أن ارتأى أن جمال الدين أبا الفرج عبد الرحمن الذي ذكره كتاب التاريخ هو مؤلف المناقب ولو أنه اغفل ذكر مؤلفاته. ومن ثمة ما جاء في صدد الأصل من كتاب المناقب عن اسم المؤلف ولقبه وكنيته صحيح لا غلط فيه، والذي عرفه غنيمة هو والد المؤلف. ويبين من كشف الظنون (مادة كتاب الإيضاح) القائل أن مؤلفه هو ابن أبي الفرج عبد الرحمن أنه يريد به أبا الفرج المتوفى سنة 597هـ. هذا ألم يكن غيره كما أوهم الاتفاق الأثرى على ما رأينا. وعلى هذا الاعتبار يضحي الحفيد مسمى باسم جده مع اتخاذ لقبه وكنيته. ذكرت الكتاب الغفل وهو يتكلم عن أربعة رجال من بيت ابن الجوزي

ويحسن بي أن أنقل وصفه عمن وصفه مع الإشارة إلى الذين نقلوا عنه للتعريف به: كنت قرأت في المشرق (5 (1902): 164 - 167) مقالة للقانوني جرجس صفا عنوانها (كتبي المخطوطة) تطرق فيها إلى ذكر المستنصرية ووصف ساعتها العجيبة بخصوص بحث عن مؤلف لابن الساعاتي إلا أنه سكت عن مآخذه فأبقى في النفس شوقاً يشعر به المولعون بمثل هذه الآثار العزيزة. ثم مرت بضع سنوات فنقل الأستاذ الأب شيخو (المشرق 10 (1907): 80) عن (كتاب قديم) مخطوط غفل عن اسم مؤلفه تكامل بناء الإيوان الذي أنشئ مقابل المدرسة المستنصرية في سنة 633هـ (1235م) وقال أنه يظنه (كتاب مرآة الزمان لسبط ابن الجوزي المتوفى في سنة 656هـ (1257م) وكان ابن ابنة أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي (المتوفى في سنة 597هـ) وأنه يدعى ابن كيزوغلي) (قز أوغلي - سبط) وفات الأب أن صفى كان قد سبقه إلى هذا النقل. ساد السكوت أعواما عن هذا الكتاب ثم شفع صفا مقالته بمقالة أخرى سماها (تعريف بعض مخطوطات مكتبتي) فوصف فيها كتاباً في التاريخ (المشرق 16 (1913): 442 وهذا نص ما كتبه عنه أورده بعينه لإيقاف من يصعب عليه الرجوع إلى المشرق على ثمن هذا الكتاب الفريد. (تاريخ خط) جميل قديم، قطع كامل نحو مائة ورقة مخروم مناوله ومؤلفة مجهول وقد قابلت هذا الكتاب على عدة كتب تاريخية فلم أجد أنه

واحد منها، وظاهر منه أنه بخط مؤلفه بدليل الضرب على بعض اسطر منه وكتابة بدلها بالخط نفسه وإلصاق بعض أوراق على ما كان وترك بعض الصفحات أو فسحة بياضاً مما يؤكد أن الكتاب مسودة المؤلف نفسه. (كانت هذه النسخة للملك الظاهر بيبرس بن أبيك فأنه كتب عليها ما يأتي: (طالع فيه العبد الفقير بيبرس بن أيبك الصالحي) وقبل هذه الكتابة وبعدها الفاض تعسر قراءتها بسبب قدمها وإصابة الورقة شيء من العفن. (أما لغة الكتاب فحسنة متينة وأسلوب التعبير فيه رشيق. وهو يبتدئ من قبل سنة 628 هـ وينتهي في سنة 698هـ (1231 - 1299) ومما جاء فيه: خلافة المستعصم بالله. . .) اهـ وقد أوردها فاستوعبت نحو صحيفة بحروف دقيقة وأورد جزع العوام من امرأة من الجن تكنى أم عنقود وإنكار العقلاء والأكابر ذلك. ثم قال واصفاً لنا ما جاء في آخر كتابه: (وفي آخر الكتاب نبذه قال المؤلف أنه نقلها من كتاب مناقب بغداد والذي ألفه الشيخ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي. وهي 14 ورقه يذكر فيها بناء بغداد و. . .) اهـ قلت لا حاجة إلى تكرار محتوياتها وقد طبع الكتاب. ولما عاد الشرق إلى الصدور بعد احتجابه بست سنوات نشر الأب شيخو إحدى عشرة صحيفة (18 (1920): 596) بعنوان (شذرات تاريخية من صحائف منسية) قال أنه نقلها من تاريخ قديم كان قد وصفه صفا بين مخطوطاته

وروي أن الكتاب في يد المفضال احمد تيمور باشا. وفي افتتاح سنة 1922 اخبرني الأب أنستاس أن سعادة الباشا أهداه - كما ذكرت - نسخه من مخطوط في التاريخ تحفظه خزانته العامرة وأوقفني عليها فتصفحتها قليلا فقلت: ضالة أنشدها. ثم قابلت بينها وبين ما نشره المشرق فإذا الكتاب هو. وبعد ذلك استأذنت الأب بنسخه فإذن لي ففعلت شاكراً. وجاء في خاتمة النسخة المهداة ما يلي لناسخها: (هذا آخر الكتاب، ثم في الصحيفة التالية كتاب مناقب بغداد والذي آلفه جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي. وهو يدخل في ثلاثين صفحه وفيه: (هنا تعداد محتوياته اضرب عنها صفحاً وقد عرفناها من المطبوع). كتابته كلها غير منقطة وقراءتها صعبة جداً) آه ويفهم مما كتب عن كتاب المناقب - المؤيد بصورته الفوتوغرافية التي سيأتي ذكرها - أن هذه الصحائف ليست بخط كاتب الكتاب الغفل خلافاً لكلام صفا الذي تراءى له أن خط الكتاب والصحائف لواحد إذ قال: (قال المؤلف أنه نقلها (نقل النبذة) من كتاب مناقب بغداد. . .) وإذ ليس بيدنا صورة فوتوغرافية من الكتاب الغفل فلا يمكننا أن نقارن بينه وبين النبذة لتبرز الحقيقة بجلاء ووضوح ويمكن للمعترض أن يرد استشهادنا بقول الناسخ الذي استكتبه تيمور باشا أنه لم ينقل النبذة تكاسلا فرماها برداءة الخط لكن الأثري يشكو أيضاً من رداءته وغموضه في مقدمة المطبوع وهو قول أشاركه فيه إذ قد رأيت الصورة، فالأرجح أن الغفل بخط والنبذة بخط آخر. ويجدر بي أن اذكر أن الصورة الفوتوغرافية التي نوهت بها هي إحدى الصورتين اللتين أرسل بهما الباشا إلى الأب انستاس وعلى إحداهما نشر الأثري الكتاب وهو عمل يستحق عليه الشكر والثناء. انتهينا من بحث المناقب الذي استرقنا إليه الكلام ونزيد على الكتاب الغفل أن الأب شيخو استفاد منه مرة أخرى بنقله عنه مقاطع من قصائد لابن زطينا

(المشرق 24 (1926): 736) ومرة غيرها بإجابته لأحدهم عن زمن ظهور الأوراق المالية (25 (1927): 400) وهي التي كانت تسمى (الجاو) بالجيم المثلثة بالفارسية. وجاء في مجلة الزهراء (3: (1345 - 1926) 254 وما يليها) أن سعادة احمد تيمور باشا ادخل في كتابه (التصوير عند العرب) - الذي لم يطبع بعد - وصف الساعة التي وضعها أمير المؤمنين (المستنصر بالله) وذلك عن جزء قديم من كتاب مجهول الاسم والمؤلف من مخطوطات خزانته التيمورية بالقاهرة (كتب التاريخ) وقفنا على أن في الكتاب الغفل نقصاً في أوله ولم يسعني أن اهتدي إلى مقداره لكن ما جاء في مطاوي كلامه يبين لي أن المفقود منه لا يقل عن عدة سنين بدليل ما ذكره في سنة 640 هـ (1242م) في خبر وفاة أبي المظفر تاتكين (كذا ولعلها تاتكين) بن عبد الله الرومي الناصري وكان مملوكاً لعائشة ابنة المستنجد بالله المعروفة بالفيروزجية وهذا ما كتبه عنه: (. . . وله (لأبي المظفر تاتكين) نظم حسن منه ما قاله حين قتل بنوا معروف بتل المقير في بطائح واسط وكان حاضراً الواقعة وقد تقدم ذكرها: يا وقعة شفت النفوس وغادرت ... تل المقير ما به من غابر وسقت بني المجهول كاسا مرة ... تركت مواردهم بغير مصادر جحدوا أيادا (كذا) للخليفة جمة ... فأراهم عقبى الجحود الكافر

وتوهموا أن المقير معقل ... متمنع من كل ليث خادر فرماهم القدر المتاح بأسهم ... تركت ربوعهم كرسم دائر وإذا راجعنا ابن الأثير (147: 12) وجدنا هذه الواقعة في سنة 616هـ (1219م) فالنقص عشر سنوات على اقل تقدير، أكل الدهر على تفاصيل أخبارها هنيئاً وشرب مريئاً وجعل الكتاب كذيل لابن الأثير وبنوع خاص لحوادث العراق التي لا يخرج عنها مخطوطنا إلا نادراً وهو يأتي في آخر كل سنة بوفياتها مع ترجمة وجيزة. ومما رأيناه أن صفا ذكر المستنصرية في مقالته الأولى وقد بأن لي من المقابلة بين وصفه إياها وبين المخطوط الذي بيدنا نسخته أن ما جاء به الواصف هو نقل من هذا الكتاب لكنه طوى فقرات وجملاً في تضاعيف الكلام كانت زائدة في غرضه المقصود وتصرف في الكتابة لربط الكلام تصرفاً قليلاً لا يذكر. ويظهر لي من مجلة اليقين البغدادية (1 (1344هـ): 488) أن المرحوم الشيخ الأستاذ شكري الآلوسي قد نقل عن المستنصرية ما جاء به صفاً. وما يذهب بي إلى هذا القول اتفاق كلاميهما بالحرف الواحد وسكوت الآلوسي عن مأخذه لأن صفا لم يصرح به فتابعه وتابع أيضاً حاشيته التي قالت أن شارح نهج البلاغة هو العدل أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد وسها أن يخطئ صفا بقوله أن الشارح هو عز الدين عبد الحميد بن هبة الله بن أبي الحديد جل من لا يسهو: لما كانت سنو الكتاب الذي هو موضوع بحثنا تمتد إلى سنة 700هـ فليس هو إذن بكتاب مرآة الزمان للسبط ابن الجوزي على ما أظنه الأب شيخو وحسبي وفاة السبط في سنة 656هـ. وما قاله صفا عن سنة ابتدائه وانتهائه هو من باب التقريب فقط وحقيقته كما أشرت إليه. مر ربع قرن على الاقتباس الأول من هذا الكتاب وكبار الكتبة يقتطفون منه النبذ النادرة خلال هذه السنين وهم يجهلون اسمه ومؤلفه. وكنت من عداد

جاهليه وبيدي نسخه منه منذ أربعة أعوام وأنا أفتش عن صاحبه بغير جدوى وكنت أتوقع معرفته في الكتب التالية: 1 - مؤلفات ابن الفوطي (المتوفى سنة 723هـ - 1323م) التي ذكرها فوات الوفيات (348: 1) وتاريخ آداب اللغة العربية لجرجي زيدان (199: 3) 2 - مؤلفات الذهبي (المتوفى في سنة 748هـ - 1347م) 3 - الوافي في الوفيات لصلاح الدين الصفدي (المتوفى سنة 764هـ - 1362م) 4 - ذيل الوافي المسمى الصافي والمستوفي بعد الوافي لأبي المحاسن بن تغري بردي (المتوفى سنة 874هـ - 1469م) 5 - لدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر العسقلاني (المتوفى سنة 852هـ - 1448م) وفي ما هو على هذه الشاكلة من الكتب العزيزة وفيها المفقود حتى أن الموجود منها لا يزال - باستثناء بعض مجلدات الذهبي - مخطوطاً نادراً غير مطبوع. كانت هذه الكتب في نظري كأشباح لا حقيقة لها فكن أملي ضئيلا في ما أنا سائر إليه ولم ادري أن الأيام ستتيح لي العثور على معرفة هذه الضالة على بعد بعيد من تلك المخطوطات المبعثرة في خزائن مدن عديدة. قبل بضعة أعوام - وقبل أن يهدي الباشا الأب أنستاس نسخته - اجتمعت في (مكتبة السلام) (في بغداد) بالأستاذ الشيخ محمد رضا الشبيبي بعد عودته من الشام، وكان يطرأ مجلداً حوى شيئاً جماً من الأشعار والتاريخ والتراجم

وفيه شيء ليس بيسير عن العراق قال أنه طالعه في الخزانة الظاهرية في دمشق فهزني الشوق إليه، وفي هذه السنة دار البحث أيضاً بيني وبين الشيخ حول كتاب الظاهرية وجزيل فوائده وأفادني أنه مجلد من كتاب مجمع الآداب أو من تلخيصه وكلاهما لابن الفوطي وأن الأستاذ عيسى اسكندر المعلوف نمق فيه مقالة أدرجتها مجلة العرفان في أعداد السنة الماضية فطاب لي هذا التقرب من النظر إلى الأثر بدلا من العين فشكرت شيخنا على صنيعه بهذا التعريف النافع اللذيذ. ارتحت لهذا الخبر وجل غايتي في هذه اللقية الازدياد من معرفة تفاصيل كتاب ابن الفوطي أملاً أنه يرشدني أيضاً - أن وفقت لرؤيته أو رأيه نسخة تكتب عليه - إلى الغاية التي أسعى إليها. ولم يدر في خلدي أن البحث نفسه عن تأليف ابن الفوطي سيهديني إلى ما أنا ناشده عن أمر الكتاب الغفل المجهول إذ ليس في فوات الوفيات وتاريخ آداب اللغة العربية ذكر كتاب لابن الفوطي يمكن حمل عنوانه على كتابنا هذا. وكأن قد فاتني ما ورد في كشف الظنون وليس في يدي طبعة فلوجل التي تهدي الساري. اقتنيت العرفان فطالعتها فقرات فيها (11 (1345هـ 1926م): 625) في قول المعلوف: (الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة) للشيخ كمال الدين عبد الرزاق المعروف بابن الفوطي وهو عنوان وقرن ينطبقان كل الانطباق على المخطوط الذي بقي غفلاً حتى الآن والذي اصطلح عليه غنيمة مضطراً إلى تسميته ب (تاريخ العراق في عهد المغول بمؤلف مجهول) في كتابه (نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق) (ص 139 في الحاشية) إذ استفاد منه في ما يختص بموضوع مؤلفه. وما مخالفه المخطوط في ما رأيناه عن العنوان إلا نقصه الطارئ في أوله، وقد لا تخلو كتب المتأخرين ولا سيما المخطوطة التي ذكرتها - من اقتباسها شئ منه وأتمنى يتحفنا الواقف بما يجده بهذا الشأن لدفع الريب فيما ارتأيته. وكنت أتمنى أن اقف على النص 263 من المجلد التاسع من العرفان الذي قال عنه المعلوف أنه وصف فيه كتاب مجمع الآداب لعلي كنت استخرج شيئاً مما جاء فيه من كتابات مالكيه وغير ذلك التي كثيراً ما نراها على الكتب. يعقوب نعوم سركيس

ثأر الموت

ثأر الموت رثاء العلامة الدكتور صروف (يا خصيمَ (الحياة) بَدَّدْتَ نُوَرَا ... أَمَتعَ (الفكْرَ) لَذةً وحُبُوراً يا عَدُوَّ (النُّبوغ) يا إلفَ حِقِدْ ... أيُّ وَقْدٍ أثَرْتَهُ أيُّ وَقْدِ؟! في زمان يَشُذُّ فينا العظيم ... كيف يوفي الرثاَء دمَعُ نَظيمُ؟ ليسِ شِعْرِي سوى عواطِف نَفْسي ... وهو قدخانَ جازعاً وَصْفَ حِسِّي وله العُذْرُ أيها (الموتُ) حَقَّا ... عُذْرُ مَنْ صَارَ بالتأمُّل يَشْقَى أيُّ عُذْر لديكَ أنتَ لِتَجْنِي ... عابثاً بالذَّكاء؟!. . . فِيمَ التَّجَنّيِ؟!) قال لي (الموتُ) هامساً في خشوع: ... (بعضَ هذا فما الحِجى للُّدُموعِ! لست والخالقِ (الطبيعةَ) إلا ... مُخْلِصاً للحِجى، وللحمدِ أَهْلاً! إنَّ ثَأْرِي من الحياةِ انتقالي ... بالأعَزِّ النفيسِ شَطْرَ الجَلاَلِ فهي مهما أفَادها لنْ تؤّدي ... حَقَّه الفَخْمَ مِنْ جَلاَل ومَجْدِ كُلُّ ذنب الوفاءُ (للعبقرَّيةْ) ... وانتقالُ (الذَّكاء) و (الألمعَّيةْ) أَنْشُرُ (الفكرَ) في (العَواِلم) شَتَّى ... بعدَ عُمْرٍ فيبعثُ (الفِكْرُ) مَوْتَى فَدَع اللَّومَ! إنَّ لَوْمكَ جَهْلُ ... إنَّ لُغْزَ (الوُجُود) صَعْبُ وسَهْلُ وجديرُ بكَ الصَّموُتُ طويلاَ ... منْ مَلاَم أراهُ جَهْلاً وَبيلاً

أو وُثُوقُ بَغْيَرتي للصَّلاحِ ... وانتهاجِ الحياة سُبْلَ النَّجَاحِ فتأمَّل مدقّقاً وتأمَّلْ! ... كم وراَء الحياةِ في الخُلْدِ مَأْمَلْ هكذا قال. . . وهو قولُ عجيبُ! ... ليتَ شِعِرْي بما يجُيبُ الطبيبُ؟! وأنا الحائرُ الذي ضاع رُشْدِي ... بين فِكْرِ وبين جُهْدٍ وجُهْدِ! فَقْدِيَ الَيْوَم مثلَ (صرّوف) يؤدِي ... باصطباري على صُرُوفِ الوُجُودِ فأنا الثائرُ الذي لا يُبَالي ... بعد هذا بما تشاءُ اللَّيالي! أَوَ لَسْنَا ضَحِيَّة للخِصَامِ ... بين (عَيْش) وبين جاني (الحِمَاِم)؟! يا فقيدَ العُلُومِ والحِذْقِ خَطْبِي ... في مَعَاِليكَ خَطْبُ فِكْرِي ولُبِي هَدَّني هكذا نَعُّيكَ هداَّ ... فمضتْ مُهجْتِي تُمَجِدُ لَحْدَا وَمَضى هكذا وفائي بِشِعْرِي ... نَاشِرَ العَرْفِ مِثْلَ باقةِ زَهْرِ وَضِعَتُ فوق نَعْشِكَ البَسَّامِ ... لِنُواَحِ الوَرَىَ ودَمْعِ الأنِام وغدتْ رَمْزَ غضبْتي ثم حُزْني ... لضياعِ (الإنسانِ) في كُلَّ قَرْنِ وخفاءِ (الحقيقةِ) الأزَلَّيةْ ... وجهالات هذه (البشرَّيةْ) ليتني ما خُلِقْتُ في الناسِ حتَىَّ ... لا أرى غايةَ العظائمِ مَوْتَا! و (الجَنانَ) الذي تَأْلَّقَ وَحْيَا ... بَعْدَ عُمْرٍ مُقَيَّدٍ ليس يَحْيَا!

سر عمادية

و (البنانَ) الذي يُنّضد دُرَّاً ... زينة (الفكْر) ليس يُشْغلُ فكْرَا! و (الحكيمَ) الذي يُناضلُ جيلاً ... ناصَر (العقل) قد تَرَدَّى قَتيلا! قَتَلْته (الأيامُ) رغَم انتباه ... رغمَ طب ورغَم مالٍ وجاهِ وتُركْنا نرى (الحياةَ) السَّخَافَةَ ... ونرى (الموتَ) بَعْدَها كالُخرَاَفةْ! اصفح اليومَ عن ضياع (التفاؤُلْ)! ... كيف تُرْضَى المُنى ويبقى التَّساؤَلْ؟! حين أرثيكَ لستُ أرثيكَ فَرْدَاً ... بل (ذكاَء الإنسان) مَعْنىٍ وَعَّداً ونُوَاحي عليكَ برّ بِنَفسي ... فيكَ مرُآةُ كُلّ ما شَاقَ حِسِي وأُعَزّي أهليكَ بَيْنَا الُمَعزَّى ... قَبْلَهُم شاعرُ أَبَى أن يُعَزَّى! الإسكندرية 10 يوليو 1927 أحمد زكي أبو شادي سر عمادية بين عمادية وسر عمادية مسافة ساعة على ظهر الدواب. ووادي العمادية من اجمل الأودية. وفي سر عمادية الثلج إلى أوائل تموز وربما تمطر السماء في أيار وحزيران وهو أمر قلما يرى في بغداد لا سيما مطر حزيران والهواء طيب عليل والمناظر الطبيعية لا تعد ومن أبدع ما خلق الله. والأثمار والفواكه مبتذلة ولكثرتها لا يتمكن الأهالي من نقلها فيبقى الكثير منها في محله فالصيف فيها لا يعرف فهو ربيع دائم من أطيب ما يتمناه المرء إلا أن الناس لا يذهبون إليها إلا من بعد أن تتوفر فيها وسائل الراحة والطمأنينة وتبنى فيها البيوت أو الدور أو الفنادق القوية البنيان الجالبة الراحة لساكنيها. وسر عمادية اليوم تحسب من مدن العراق أو اقل من ديار مملكة العراق ولسان أهلها الكردي وفيهم من يتكلم العربية أو التركية. والكلمة مركبة من سر (بكسر السين وإسكان الراء) وعمادية بكسر العين وفتح الميم يليها ألف بعدها دال مكسورة ثم ياء مشددة وفي الآخر هاء. ومنهم من يلفظ عمادية بفتح العين ومنهم من يقول عميدية أي.

فوائد لغوية

فوائد لغوية لا خلاف بين العلماء واللغويين في اشتراك الفقير والمسكين في اتصافهما بالعدم، عدم القيام بكسب مؤو نته ومؤونة العيال لكنهم اختلفوا في أيهما هو الذي لا مال له أو في أيهما أسوأ حالا فاختالوا على ثلاثة أقوال: 1 - أن المسكين أسوأ حالا من الفقير لأن الفقير هو الذي له بلغة من العيش والمسكين الذي لاشيء له، وهو قول الفراء وثعلب وابن السكيت وابن دريد ويونس وابن قتيبة وأبي عبيدة وأبي زيد وغيرهم، وبه قال أبو حنيفة، ووافقهم من علماء الشيعة ابن الجنيد وسلار الديلمي والشييخ الطوسي في كتابه النهاية واستدلوا بالآية الشريفة (أو مسكيناً ذا متربة) وهو المطروح على التراب لشدة الاحتياج. ولأن الشاعر قد اثبت مالا للفقير في قوله: أما الفقير الذي كانت حلوبته ... وفق العيال فلم يترك له سبد وأجابوا عن آية السفينة بأنها كانت مشتركة بين جماعة ولكل واحد منهم الشيء اليسير، وأيضاً يجوز أن يكون سماهم مساكين على وجه الرحمة

كما جاء في الحديث: (مساكين أهل النار) وقال الشاعر: مساكين أهل الحب حتى قبورهم ... عليها تراب الذل بين المقابر وقيل أنهم كانوا يعملون عليها إجارة فأضيفت إليهم. ومن الذين وافقوا على هذا القول: الشيخ بهاء الدين العاملي صاحب الكشكول واستدل بما رواه الشيخ الطوسي في كتاب التهذيب عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام (يريد به الإمام جعفر الصادق): قول الله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين؛ قال: الفقير الذي لا يسأل الناس والمسكين اجهد منه والبائس أجهدهم. 2 - أن الفقير هو الذي لاشيء له، والمسكين الذي بلغة من العيش لا يكفيه. واليه ذهب الشافعي وابن الأنباري والاصمعي والثعالبي ووافقهم من علماء الشيعة ابن إدريس الحلي والشيخ الطوسي في المبسوط والخلاف. واحتجوا بقوله تعالى (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر) ولأن الله تعالى بدأ بالفقير في آية الزكاة (إنما الصدقات للفقراء) الآية. وهو يدل على الاهتمام بشأنه في الحاجة ولاستعاذة النبي من الفقر مع قوله (اللهم أحيني مسكينا وامتني مسكينا واحشرني مع المساكين) ولأن الفقير مشتق من فقار فكأن الحاجة قد كسرت فقار ظهره. قالوا: واثبات الشاعر المال للفقير لا يوجب كونه احسن حلا من المسكين فقد اثبت الله عز وجل للمساكين مالا في أية السفينة. 3 - أنهما صنف واحد وإنما ذكرت الصفتان في آية: (إنما الصدقات الخ) تأكيداً للأمر، وهو قول أبي علي الجبائي، وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد فقالا في من قال ثلث مالي للفقراء والمساكين وفلان، أن لفلان نصف الثلث ونصفه الآخر للفقراء والمساكين، ووافقهم على هذا القول ابن الإعرابي فأنه

قال (كما نقل عنه في الصححاح): الفقير الذي لاشيء له والمسكين مثله. هذا والراجح في نظري القاصر هو القول الأول، ومن ينعم النظر في هذه الأقوال يظهر له صحة قولنا ومن الله التوفيق. سبزوار إيران: محمد مهدي العلوي (لغة العرب) الذي عندنا أن الفقير من أنتابه العدم فهاجت أهواؤه عليه حتى يكاد لا يعي شيئاً وهو مشتق من مادة (ف ق ر) المماتة في العربية الحية في اللغات السامية ومعناها كلن وجن وهاج. - أما المسكين فهو من استطاع أن يملك أهواء نفسه في حالة عدمه ولهذا كانت حركة نفسه الإمارة بالسوء ساكنة. هذا هو الفرق على ما وضع كل منهما في وقته؛ لكن لما جاء التساهل والتسامح ونسي أصل الوضع وسببه تجوز الناس في استعمال الواحد في موطن آخر. وعلى كل حال فالمسكين افضل معنى من الفقير في الماديات والأدبيات والدينيات. تصحيح السوسكة نبهنا صديقنا الدكتور داود الجلبي على أن السوسكة الواردة في لغة العرب (191: 5) نقلا عن العراق هي من غلط الطبع والصواب الوسكة (بكاف فارسية) المصحفة عن (الوسقة) ويريد بها العرب (مصادرة صاحب الدين مصادرة إكراه ما يقوم مقام طلبه، ولا عبرة في أن يكون الصادر من قرابة الغريم (المدين) أم لم يكن فيأخذ منه مثلا بعيره أو فرسه أو ما يسوقه من المال). فنشكر الصديق على تنبيهه

باب المذاكرة والكتابة

باب المذاكرة والكتابة نهضة الأدب العصري سيدي صاحب مجلة (لغة العرب) الغراء: تحيةً وإجلالاً. أما بعد فأهنئ نفسي ومحبي الأدب جميعا حين أهنئكم باجتياز (لغة العرب) مرحلة أخرى من حياتها المباركة وفي الحق يجدر بالمملكة العراقية أن تباهي بمجلتكم غيرها من الممالك والأقطار العربية فأنها فريدة في تحقيقها اللغوي كما أن (المقتطف) فريد في تحقيقه العلمي العام بين المجلات العربية، وسيبقى اسما (الكرملي) و (صروف) مقرونين دائما بكل تبجيل وإعزاز حيثما بقيت للأدب والعلم والتضحية واستقلال الرأي مكانه في نفوس النابهين، وإذا لم يخطئني الظن فاعظم أنصار مجلتكم الغراء وزارة المعارف العراقية مشتركة في توزيعها على المدارس والمعاهد. فضلا عن نصرة الجمعيات والأندية الأدبية ورجال العلم والأدب على اختلاف مذاهبهم وجنسياتهم ونزعاتهم طالما جمعهم اللسان العربي المبين: فالعلم ليس له حدود ممالك ... لا يرتجي داراً ولا ديارا كالدين حرمته، ولكن حظه ... أغنى وأوفر نعمة ويسارا خضعت له الأمم الكبار وسودت ... أمم به كانت تعد صغارا لا ألون أو خلف العقيدة همه ... كلا، ولا أن يرقب إلا ذكارا! لكنه أمل البرية كلها ... جعل الإخاء شريعة وذمارا فإذا العليم إلى العليم مقرب ... ويرى المقيم به المغرب جارا ورأيي أن من أقوى العوامل الدافعة إلى نهضة الأدب العصري أن يقترن حب الابتداع بالدراسة النقدية لأدب الماضي والحاضر معا، وهذا ما تقوم به (لغة العرب) خير قيام فكانت مدرسة عالية للأدباء المفكرين وموضع الاحترام لدى

كل أديب يحترم نفسه ويفهم معنى النقد الأدبي وحاجتنا أليه. ولا غرور بعد ذلك إذا سمعت الأستاذ محمد لطفي جمعة الأديب المصري الشهير يقربان مجلتكم عنوان النهضة الأدبية السليمة في العراق، ومفخرة جديرة بحرص العراقيين عليها، كما سمعت مثل هذا التقدير من أخطاء (رابطة الأدب الحديد) بالإسكندرية وفي الواقع يعوزنا نحن المصريين انتشار مجلة أدبية مستقلة النزعة نزيهة الفكر مثل (لغة العرب) بيننا، وما احسب الأقطار العربية الأخرى كسورية ولبنان وفلسطين والهند والحجاز ونجد واليمن وطرابلس وتونس والجزائر ومراكش وغيرها بأقل حاجة منا إليها، وأنها الأمانة في عنق كل غيور على اللغة والأدب في هذه الممالك والأقطار أن يسعى لينشرها بين اقرأنه، وبذلك نضمن لها الحياة القوية المنجبة ونتعاون على تهذيب اللغة والثقافة العربية ونخدم نهضة الأدب العصري خدمة صادقة. وبودي أن لا ينسيني الاغتباط بنهضة مجلتكم الزاهرة أن اشكر لكم تشجيعكم السخي لحركة التجديد الأدبي واستعمال الألفاظ المولدة الشائعة والتعابير العصرية المهذبة التي تزيد ثروة اللغة نمواً كما تعبر عن ذوق العصر، ومن هذا القبيل كلمة (تبرير) التي أشرتم إليها، فأنها في اصلها اللغوي بمعنى النسبة إلى البر، ولكنها في استعمالها العصري الشائع بمصر على أقلام مشاهير الأدباء تؤدي ترجمة كلمة وترادف بعض المرادفة كلمة (تزكية) أو كلمة (تأييد) ومن هذا القبيل أيضاً قولنا: (هذا اقرب إلى الهزل من الجد) فأنه أقوى من التعبير المألوف (هذا اقرب إلى الهزل منه إلى الجد) لأن التعبير الأول إنما يشير إلى الهزل بعينه، فقديماً قال لنا المثل الفلسفي (خلق الهزل والجد توأمين) أي أن الجد قد يظهر في مظهر الهزل أو قد يجاوره، وإذا كان هذا كذلك، كان مغزى ذلك التعبير الأول الإشارة إلى الهزل بعينه إشارة المبالغة القوية ولكنه في الواقع ليست هناك مبالغة في إعلاننا أن النقد الأدبي في العالم العربي ما يزال بوجه الأجمال هزلاً في هزل وعبثاً وسخرية، ولو لم يكن لمجلة (لغة العرب) من مهمة سوى خلق الشجاعة الأدبية وخدمة النقد الأدبي بإخلاص

نظرة في مقالة وردت في مجلة المسرة

وجرأة لكفاها ذلك فخراً، ولكفأنا سبباً لإعزازها وتمجيدها ونصرتها بغيرة صادقة. وأختم بتكرار تحياتي واحترامي وتهنئتي القلبية، داعياً لكم بطول العمر والعافية والتوفيق في جهادكم المبرور. الإسكندرية 8 يوليو 1927 المخلص: أحمد زكي أبو شادي نظرة في مقالة وردت في مجلة المسرة وردت في مجلة المسرة الغراء مقالة عنوانها: (اثر مسيحي في أحد معابد الشيعيين في مجد من بلاد العجم) ثم وصف الأثر وكيف بلغ إليه الواصف ونقلت المجلة تلك الصورة، فإذا هي (صورة الدينونة في معبد الإمام ريزا في مجد من أعمال العجم). قلنا: ليس في بلاد إيران أو ديار فارس مدينة تعرف باسم (مجد) بل (مشهد) وتسمية الكاتب بلاد إيران أو فارس ببلاد العجم ينكرها الإيرانيون ولا يرضون بها لأنها تسمية تحط من قدرهم، فضلاً عن أنهم يجهلونها كما لا يعرفها سلفنا المحقق. فهي من اختراع بعض المعادين للفرس. وقول الكاتب: (الإمام ريزا) قول لا صحة له، والصواب الإمام الرضا - وجاء في المقالة كلمة (مرزخان) والصواب ميرزاخان) وليست الصورة من ريشة مصور نصراني كما توهم كل من الواصف والناقل، بل هو تصوير أحد الجعفريين نقلاً عن صورة رسمها أحد المسيحيين وأدلتنا على ذلك أن أحد مصوري الشيعة رسم مثل هذه الصورة في كنيستنا في بغداد سنة 1900 بعد أن كبرها. ثانياً. في صورة يوم الدين (ومجلة المسرة تسميها صورة الدينونة والدينونة كلمة غير فصيحة) مثال البراق (وهي فرس برأس إنسان) عليها ملك من الملائكة، والنصارى لا تعرف شيئاً من هذا القبيل ثالثاً: شكل الجمم التي تر على بعض الرؤوس هي جمم رجال فرس لا جمم نصارى هذا ما بدا لنا وعلمه فوق كل ذي علم.

حول مخطوطة دمشق

حول مخطوطة دمشق في تراجم علماء الموصل في القرن الثاني عشر الهجري وصف الفاضل عيسى أسكندر المعلوف في هذه المجلة في جزئها الثاني مخطوطة وجدها في دمشق في تراجم علماء الموصل في القرن الثاني عشر الهجري وغرضه الاهتداء إلى واضع هذه الرسالة لأن النسخة لم تذكره. ولما كنت قد بحثت عن جميع مخطوطات جوامع الموصل ومدارسها واطلعت على ما عند الأسر في الموصل من المخطوطات والفت كتاباً بذلك سميته (مخطوطات الموصل) يطبع الآن في بغداد كان لي اطلاع على مؤلفي الموصل وتأليفهم فأحببت أن لا يكون ما كتبه الباحث الفاضل نفخة في رماد فأقول: أن الذين كتبوا في التاريخ والتراجم من علماء الموصل في القرن الثاني عشر وأوائل القرن الثالث عشر هم أربعة: عثمان الدفتري، وأمين الخطيب ابن خير الله الخطيب العمري، وأخوه يس، ومحمد بن مصطفى الغلامي، ولم يطلعني تتبعي على غير هؤلاء في هذه الحقبة ولا أتوقع وجود غيرهم. أما الأول فله (الروض النضر في تراجم رجال العصر) وأما الثاني فله تأليف عدة في مواضيع شتى يهمنا منها هنا (مراتع الإحداق) في التراجم، و (منهل الأولياء. ومورد الأصفياء، في سادات الموصل الحدباء) يبحث عن المراقد التي تزار في الموصل وعن تراجم المدفونين فيها وفيه فصل في مشاهير الموصل قديماً وحديثاً، وذكر له كتاب في التراجم اسمه (الكشف والبيان عن مشاهير هذا الزمان). والغلامي له (شمامة العنبر، والزهر المعنبر). أما ياس بن خير الله العمري فقد ذكر تأليفه في مقدمة كتاب له سماه (منهج الثقات في تراجم القضاة) منه نسخة خطية في مدرسة الخياط في الموصل وفيها يقول (وبعد فيقول أفقر العباد. . . ياسين العمري بن خير الله الخطيب العمري ابن محمود الخطيب العمري بن موسى الخطيب العمري الحنفي الموصلي. . . كنت

قد جمعت كتابا في تاريخ السنين ابتدأت به من سنة الهجرة إلى زمني هذا، وسميته (الدر المكنون في مآثر الماضية من القرون) ثم جمعت كتاباً آخر في ذكر ملوك الإسلام وقبائلهم ومدة ملكهم وسميته (عنوان الأعيان في ذكر ملوك الزمان) ثم جمعت كتاباً آخر وذكرت فيه ملوك الأمصار ورتبته على حروف الهجاء. وذكرت فيه القضاة وشيوخ الإسلام والأمراء وسميته (الروض الزاهر، في تواريخ الملوك الأوائل والأواخر) ثم جمعت كتابا آخر أو ذكرت فيه العلماء المعاصرين والشعراء المتفننين وسميته (الدر المنتثر. في تراجم فضلاء القرن الثاني عشر) ثم جمعت كتاب آخر مختصا بتواريخ النساء الصالحات والطالحات وسميته (الروضة الفيحاء في تواريخ النساء) وجمعت كتابا في الأدب وسميته (روضة المشتاق ونزهة العشاق) ومثله (روض الأدب) وآخر (عيون الآداب) وآخر في الأدعية وسميته (السيوف الساطعة) وآخر في الطب سميته (الخريدة العمرية) و (منظومة في التعبير)، فأحببت أن اجمع كتابا آخر في ذكر قضاة الإسلام فجمعته من كتب عديدة من تاريخ اليافعي، وابن الوردي، وابن خلكان، وابن الأثير، والدر المكنون، وتاريخ اليميني، والهميان. وغيرهم من كتب التواريخ. . . ذكرت فيه من له ذكر واقتصرت على من له شعر ورتبته على مقدمة في العلم والقضاء وترجمتهم على حروف الهجاء وجعلت الخاتمة في النوادر وسميته منهج الثقاة. . . ولما تم جمعه أهديته إلى حضرة. . . السيد الأمجد السيد عبيد الله أفندي بن السيد خليل البصيري الموصلي. .) وجاء في آخره: (أنتهي ما أردنا جمعه. . . سنة ألف ومائتين وإحدى عشر ة من الهجرة. . .) ولياسين العمري كتب أخرى غير ما ذكره هو اطلعت عليها وهي: (الآثار الجلية، في الحوادث الأرضية) وهو تاريخ الإسلام مرتب على السنين و (السيف المهند من سمي أحمد) و (قرة العينين الحسن والحسين) ذكر في الأول من سمي أحمد من المشاهير وفي الثاني من سمي الحسن والحسين وعليا وجميع تأليفه ليست ذات أهمية إلا في ما يختص بزمانه وما قبله بقليل وأما الباقي فقد جمعه من الكتب المعروفة جمعا مشوها مكسرا.

ولأذكر كتاب (نزهة الدنيا في مدح الوزير يحيى) لعبد الباقي الفوري العمري الشاعر صاحب الديوان، ترجمة فيه الشعراء الذين لهم قصائد وأبيات في مدح والي الموصل إذ ذاك يحيى باشا الجليلي، على أن عبد الباقي أحدث عهدا من أولئك، وإنما ذكرته لئلا يظن أني سهوت عنه. والآن لنرجع إلى المخطوطة الدمشقية موضوع البحث ونرى أيا هي من هذه الكتب الوارد ذكرها أنفا: أني أظن ظنا غالبا أنها (الدر المنتثر في تراجم فضلاء القرن الثاني عشر) وذلك للأسباب آلاتية: 1 - هي ليست الروض النضر، وقد عارضها عيسى اسكندر المعلوف فلم تكن مطابقة له. إلى أني لم اعثر على نسخة من الروض النضر لحد الآن. (ل. ع. منها نسخة في جامع مرجان في بغداد). 2 - ليست (مراتع الإحداق) ولا (الكشف والبيان) لامين بن خير الله الخطيب لأن (أمينا) من فحول العلماء وهو أديب شاعر نحوي فقيه ذو إنشاء جيد جدا كتبه تشهد له بذلك فلا يمكن أن يكون مؤلف هذه المخطوطة التي ذكر المعلوف عنها أن فيها أغلاطا فظيعة وعبارات على نمط الترك، وأني آسف لكوني لم اطلع على نسخة من مراتع الإحداق لحد الآن. 3 - ليست (مناهل الأولياء) ولدي نسخة منه لا تشبه المخطوطة الدمشقية في شيء. 4 - أنها ليست (شمامة العنبر) ومن الشمامة نسخ عدة في الموصل اطلعت عليها وهي ذات حجم كبير، ولم يقتصر فيها الغلامي على مشاهير الموصل بل تعداهم إلى مشاهير حلب وبغداد وحشاها بالقصائد حتى ليتوهمها الناظر إليها ديوانا لأول وهلة. 5 - أنها ليست (نزهة الدنيا) فأن الشاعر عبد الباقي العمري جمع في النزهة

تراجم الذين مدحوا يحيى باشا الجليلي، إذن الذين عاصره وعاصرا الباشا المذكور لا غير وكان ذلك في القرن الثالث عشر. 6 - أنها اقرب من أن تكون (الدر المنتثر) لأن النسخة الباقية من بعض تأليف يس بن خير الله الخطيب وقد اطلعت عليها فهي كثيرة الغلط من حيث اللغة والإنشاء والنحو مثل مخطوطة دمشق المبحوث عنها ولأن اسمها يؤدي تماما معنى ما كتب في صدر المخطوطة ونقله عيسى المعلوف. وخير معيار للتثبت من نسبة الرسالة المبحوث عنها الياسين العمري هو النظر في ترجمة أخيه أمين فأن ذكر أنه أخوه فهي له وألا فلا. والآن لابد لي من التعليق على بعض عبارات وردت في مقالة المعلوف: قوله في ص72 عن وفاة السيد حامد أنها في سنة 1291 غلط أظنه مطبعياً ويلزم أن يكون صحيحه 1191 إذا نظرنا إلى كون ولادته سنة 1122 فلا يمكن أن يكون قد عاش 169 عاما. قوله في ص75 أنه أختلف في تاريخ الملا محمد الغلامي فجعله المرادي سنة 1176 وجعلته المخطوطة سنة 1186 بالوباء. أقول يقتضي أن يكون هذا الوباء الطاعون الذي مات فيه السيد موسى الحداد وكأن في سنة 1186 فقول المخطوطة ارجح من قول المرادي. قوله في اسفل ص75 ملا علي الشهير بالجعفري أقول صحيحة (الجفعتري) وهذا مشهور ومعروف في الكتب الخطية الموصلية. وقوله في ص76 (لاسيما (الروض النضر) وأما (روض الدفتري) فلعله من المخطوطات التي هي دفينة الخزائن)، يوهم أن الروض النضر وروض الدفتري كتابان مستقلان، والحال أن الروض النضر هو تأليف عثمان الدفتري. كان يمكنني ذكر سني وفاة بعض الإعلام الواردة في مقالتي هذه ولكني أكتب وأنا في بغداد وكتبي في الموصل فمعذرة من القراء. بغداد 15 تموز 1927 الدكتور داود الحلبي الموصلي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة صحة ما يتوهمون بغداد - ب. م. - أيقال: عاشورا للأيام العشرة الأولى من المحرم، وهل جاء في كلام فصيح (آخر) بمعنى (النهاية) و (بدون) بمعنى (بغير) (والملوكي) بمعنى (الملكي) و (غرة) شهر تموز بمعنى (أول تموز) ج - عاشورا لم ترد عند الفصحاء لا بمعنى اليوم العاشر أو اليوم التاسع من المحرم، واستعملناها نحن للأيام العشرة من الشهر المذكور جريا على عادة العوام، وسوف نجري على هذه التسمية لأن ليس لنا لفظة تقوم مقامها وفي مثل هذه الحالة يصبح استعمال اللفظ العامي من الواجبات ولا سيما لأن له وجها فصيحا صحيحا وهو تسمية الكل باسم الجزء. آخر الشيء بمعنى منتهاه وخلاف أوله: أشهر من قفا نبك، ويعرفه العوام فضلا عن اللغويين، إذ ذكروه جميعا في معاجمهم. (بدون بمعنى (بغير) أشهر من كفر إبليس، قال أبن سيدة الأخفش (وهو من كبار النحاة) أدخل الباء على (دون) فقال في كتابه في القوافي (من ليس بدونه) اهـ. وكفى بالأخفش حجة، فهو على كل حال (عربي قح) لا (ارمني متبجح). النسبة إلى ملك (بكسر اللام) ملكي (بفتحها) لكن هذا يلتبس بما ينسب إلى الملك (الروح طاهر غير متحد بجسد) وكنا نقول سابقا الملكي في النسبة إلى كل من الاسمين ثم رأينا ابن جني يخير الملوكي على الملكي في النسبة إلى الملك (المكسورة اللام) فأخذنا نتبعه ونجاريه وأبقينا (الملكي) للمنسوب إلى الملك (بفتح اللام). أما أن ابن جني فضل الملوكي على الملكي فظاهر من اسم كتابه (التصريف الملوكي) وهو أشهر من أن يذكر، هذا فضلا عن أن النسبة

إلى الجمع المكسر اكثر من أن يحصى، أن في الجاهلية وأن في صدر الإسلام، فكيف بنا ونحن في مثل هذه الأيام؟ معنى (الغرة) أول كل شيء على ما أثبته جميع اللغويين، فيقال إذن لأول الشهر القمري كما يقال لأول الشهر الشمسي وأن أنكر ذلك بعض جهلة اللغة الذين لا يعرفون منها إلا قشورها قال الجوهري: غرة كل شيء أوله. وسألنا من بغداد - ع. و.: 1 - أيقال: (لم يكن أبدا لسلفنا كذا) أم (لم يكن قط)؟ 2 - وما الأحسن قولهم (مخالطة أجدادنا للأجانب) أم (مخالطة أجدادنا للأجانب)؟ 3 - أو يقال: (ليس الأمر كما توهموه) أم (وليس الأمر على ما توهموه)؟ 4 - أو يقال (أن اللغة هي محاكاة) أم (أن اللغة محاكاة)؟ 5 - أو يقال (أصوات المياه جلية) أم (أصوات المياه مسموعة كل السمع)؟ 6 - أو لا يقال (قصيف الرعد الشديد) أم يكتفي بقولهم (قصيف الرعد) إذ في القصيف معنى الشدة؟ 7 - (وهو السؤال الأخير) يقال (أبناؤنا يألفون الحيوان والطائر في كل ساعة بل كل دقيقة) أم (ويألف أبناؤنا البهيمة والطائر في كل ساعة لا بل في كل دقيقة)؟ ج - من أسئلتكم هذه نستدل على أنكم أجانب عن لغتنا كما هو الأمر وإلا فقولكم: 1 - لم يكن قط، خطأ ظاهر لأن قط، تأتي بعد الماضي لا بعد المضارع أي المستقبل. 2 - قولكم مخالطة أجدادنا الأجانب يستدل أن أجدادنا كانوا أجانب وليس الأمر كما قال لكم أحد جهلة لغتنا إنما الصواب ما كتبناه. 3 - وقولهم ليس للأمر على ما توهموه هو غير قولنا كما توهموه، وبين المعنيين كما بين الثرى والثريا. 4 - وقولنا اللغة هي محاكاة، كقولهم اللغة محاكاة، والخبر في الأول هو (هي) 5 - قولك يا سمير الوزير: (وأصوات المياه مسموعة كل السمع) قد لا تكون جلية، فالأصوات الجلية غير الأصوات المسموعة كل السمع.

6 - إذا كان قصيف الرعد شديدا فلا يكتفي بقولهم قصيف الرعد بل قصيف الرعد الشديد. 7 - أما سؤالكم الأخير فقد لا يشبه سؤال رجل يعقل فالحيوان يشمل البهيمة وحرف الجر قد يستغني عنه إذا دلت عليه القرينة؛ ولا سيما إذا كان هناك حرف إضراب البرداء من البعوض لجنة (خليج فارس) - ن. م. المازندراني - هل عرف العرب في سابق العهد أن البرداء (حمى الملاريا) هي من البعوض وهل لكم شاهد على ذلك؟ ج - عرف بعضهم هذا السبب. فقد جاء في معجم البلدان لياقوت الحموي في مادة حضوة:. . . (عفوة) فسماها النبي (ص) حضوة. وفي الحديث: شكا قوم من أهل حضوة إلى عمر ابن الخطاب (ر ض) وباء أرضهم فقال: لو تركتموها! - فقالوا: معاشنا ومعاش ابلنا ووطننا. فقال عمر للحرث بن كلدة: ما عندك في هذا؟ - فقال الحرث: البلاد الو بيئة ذات الأدغال والبعوض، وهو عش الوباء، ولكن ليخرج أهلها إلى ما بقاربها من الأرض العدية إلى تربيع النجم، وليأكل البصل والكراث، ويباكروا السمن العربي فليشربوه وليمسكوا عن الطيب ولا يمشوا حفاة ولا يناموا بالنهار فأني أرجو أن يسلموا، فأمرهم عمر بذلك. آه الهينو ثيئسم لنجة (خليج فارس). لاهور (الهند) - ما احسن كلمة تقابل الفرنسية: ج - الكلمة الفرنسية منحوتة من (ايس) وفي الجر (اينس) ومعناها الواحد أو الفرد وثئوس أي اله، ويراد بها ديانة للأقدمين كان يعتبر فيها كل معبود من المعبودات العديدة مستقلا بنفسه ويعبد بغض النظر عن بقية الآلهة فهو إذن نوع من التوحيد. ولهذا يحسن بنا أن نسميه ب (التفريد) ليكون بازاء (التوحيد) كما أن (المفرد) يقابل (الموحد) فالمفرد القائل بالمعبود والموحد القائل بوحدة الإله.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 37 - رواية الحب المكتوم إنكليزية الأصل بقلم بولس لستر فورد الأميركي، تعريب أمين الغريب صاحب مجلة الحارس، طبعة ثانية مصححة ومطبقة على الأصل في 88ص بقطع الثمن، طبعت في مطابع قوزما في بيروت سنة 1927. هذه رسائل حب أنفذ بها دونال إلى حبيبته ماري وهي كلها رقيقة الديباجة دقيقة الأسلوب مفرغة في قالب عصري عفيف التعبير والمغزى. والكاتب المعرب يتحرى اصح العبارة في ما يكتب لكنه يعتمد في انتقاء الألفاظ على محيط المحيط أو على من نقل عنه فيخطئ الغرض ففي ص3 (غير كفء للإخلاص) وفي ص4 (تراءى لي الملاك) وفي ص5 (الولد الشفوق) وفي ص6 (أدون سطورا) وفي ص7 (أكان ذلك عزيزة طبيعية فيك) وفي ص8 (لولا القسم المتعلق بوالدتي منها) إلى غيرها. أتظن أنه لو قال: غير كفو للإخلاص. تراءى لي الملك. الوالد الشفيق. اخط سطورا. كان ذلك عزيزة (بدون زيادة طبيعية لا تكون إلا كذلك) لولا ما يتعلق بوالدتي منها. . . لكان ابلغ عبارة واصح تركيبا. 38 - غادة الكاميليا تأليف اسكندر ديماس الصغير. وترجمة نيقولا بسترس، تقدمه مجلة مينرفا (بيروت) لمشتركيها عن سنتها الرابعة، طبعت في مطابع قوزما في بيروت في 128ص بقطع الثمن. . وضع في صدر هذه الرواية نقد لعبد القادر المازني بين فيه (خلاصة الرواية - بحث في موضوعها)، فكانت نتيجة ما قال ما ننقله منه بحرفه (حسن أن نكون رحماء وأن نغتفر الزلات، ولكن لمن؟ - لمن تستحق ذلك. لا لمن تريد

أن تعيش عيالا على المجتمع، وحميلة على الخلق، وأن تجر أذيال الغنى وتقضي أيامها في ظل البذخ والترف بغير حق، وعلى حساب الشريفات المحصنات - وإذا كان هؤلاء لا يطقن أن يغالبن المؤثرات وأن يفزن على المغريات فهن ضعيفات قد يدرك الفرد العطف عليهن ولكن الحياة لا ترحم ولا ترثي لأحد وليس في الطبيعة محل للضعيف) ونظن أن هذا النقد القاتل كان كافيا لكي لا يقدم المترجم على تعريب الرواية لكن حاول أن ينظر فيه نظرة ليرد هذا الحط من الرواية، فكأن أخيب من القابض على الماء، وبجوابه الضعيف غير المقنع اظهر أن الحق مع المازني وأن مثل هذه الروايات حظها التقبيح، وذم مؤلفها ومعربها. وقد وجدنا ركة عظيمة في اختيار الألفاظ. فقد قال في ص6 (وأن يحبها حب والد حنون) (اعتمادا على محيط المحيط) وفيها (أمست اليوم مدينة بخمسين ألف فرنك) وفي ص7 (اذهبي اعدي العشاء فقد دعوت أولمب. . . لتناول الطعام) وفي ص8 (عن آذان تسمع لك) وفيها (ماذا أوقع لك؟ - أنت حر) إلى غيرها قلنا: الحنون صفة للإناث من حيوان وإنسان، وأما للذكور فيقال: شفبق ورؤوف. ويقال: فإذا اليوم هي مدينة خمسين، واحسن منها: وعليها اليوم دين قدره خمسون ألف فرنك. ويقال: اذهبي اعدي العشاء فقد دعوت أولمب يؤاكلني أو يتعشى معي أو غيرهما أما تناول الطعام فتعبير في منتهى القبح والركة. ويقال: عن آذان تسمعك. ويقال: ما تحب، أو ما تشاء، أو ما طاب لك، فقوله: أنت حر، فالحرية هنا في غير موقعها وأن كانت تعني في الإفرنجية ما تريد التعبير عنه في العربية بما أشرنا إليه. ونختم الكلام أن ليس في هذه الرواية من مشوق من جهة المغزى ولا من جهة حسن الإنشاء، بل نستغفر الله لقد غلطنا: إذ من الحسن أن تفرغ هذه الرواية وأمثالها في نظير هذا القالب العربي السقيم لكي تشمئز النفس من باطنه ومن خارجه.

39 - كتاب الأغاني تأليف أبي الفرج الأصفهاني، الجزء الأول في 535ص من قطع الثمن الكبير، الطبعة الأولى - مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة 1345هـ 1927م. كنا في صغرنا إذا رأينا كتابا يسيء الطبع يقول لنا الأصدقاء (هذا طبع مصر) لأنهم كانوا قد تأكدوا أن ديار النيل لا تتولى نشر تصنيف من تصانيف السلف إلا لتبرزه بأشنع حلة من كثرة الأغلاط وسوء الضبط وشناعة الكتابة بخلاف مطبوعات بيروت مثلا، فأنها كانت حسنة يأنس إليها القارئ. أما اليوم فقد أنقلب الأمر: أننا نرى التأليف التي تصدر من دار الكتب المصرية رافلة ببرود تزري بالدمقس والسندس وتتحدى كل مطبعة في مجاراتها. والآن أمامنا كتاب الأغاني فقد تجلى بأحسن حلية من حلى المطبوعات وقد زاد في جماله ما على هامشه من مقالة النسخ ومعارضتها بغيرها وشرح الكلم الغامضة والإشارة إلى سيئ الروايات وأحسنها، وهي خدمة عظيمة لو كنتم تعلمون. نعم أننا نهنئ البلاد الضادية اللسان بحصولها على مثل هذه الدرة النفيسة. على أن أعمال البشر مهما كانت حسنة تبقى بشرية أي تحتاج إلى تحسن اعظم فاعظم، ونحن نأخذ على الواقفين على طبع هذا التصنيف البديع ما بدا لنا من غير أن نضمر لهم أدنى نية سيئة: 1 - كان يجدر بناشري الكتاب أن يهدوا منه نسخة إلى أصحاب الجرائد والمجلات لينقدوه أو لا اقل من أم يبشروا العالم العربي بظهور مثل هذه النسخة البديعة الصنع الجميلة الحروف المضبوطة بالحركات كلما مست الحاجة إليها، الكثيرة الفهارس التي هي زينة المطبوعات العصرية ومرغبة الأدباء في اقتنائها لسهولة البحث فيها عن الموضوع الذي يراد الوقوف عليه. 2 - في هذه الطبعة ثلاثة عشر فهرسا ومع ذلك ينقصه فهرسان مهمان

الأول: في الألفاظ التي شرحها المؤلف نفسه في متن كتابه كقوله في ص9 وفيه دور كثير أي صنعة كثيرة. والثاني: للكلم والعبارات الخاصة بالمؤلف أو التي جاء ذكرها في صلب سفره وليس لها وجود في دواوين اللغة مثل المشوشة الوارد ذكرها في ص10 ومثل قوله في ص28 الاطام وشرحها شرحا يختلف عما في دواوين اللغة وكذلك قوله: (ذي أو أش) فلقد ذكر لكل هذه الألفاظ ولغيرها معاني لم يصرح بها اللغويون في معاجمهم، فهذا يفيد أهل البحث كثيرا لأنه يوقفهم على معان كانت معروفة عند قوم من العرب ومجهولة عند قوم آخرين 3 - ذكر متولو طبع هذه النسخة أنهم لم يدخلوا في الفهارس ما جاء في (التصدير) الذي وقع في 56 ص وهي ليست بقليلة. ولعل هناك سرا أو حكمة نجهله أو نجهلها دفعهم إلى اجتناب هذا المحذور 4 - كنا نعلم أن في الجامعة الأمريكية نسخا من أجزاء الأغاني، فأن كانت هناك إلى الآن فكان يحسن بأصحاب هذه الطبعة أن يقتنوا تصاويرها ليعارضوها على أخواتها التي كانت بأيديهم. 5 - الإفرنج إذا تولوا طبع كتاب نفيس قديم عربي وضعوا أرقاما بجانب كل خمسة اسطر وإذا وضعوا الفهارس ذكروا موطن وجود الكلمة من الصفحة وذكروا السطر أيضا. وعليه أوضحوا ذلك بالأرقام. وكل ذلك لكي يسرع الباحث في السقوط على ضالته بدون أن يخسر شيئا من وقته الثمين، ولهذا يرغب الأدباء في اقتناء ما يتولى طبعه أبناء الغرب، ولو كانت تلك المطبوعات غالية. 6 - من غريب أمر هذه الفهارس أن العلم الواحد إذا ذكر مرارا في الجزء لم يشر إليه إلا مرة واحدة فيها وهذا عيب أو نقص أو خلل لا يمكن السكوت عنه فأن الماجشون مثلا ورد مرارا عديدة في هذا الجزء أي في ص 66و 97 و100 وفي غيرها. والحال لم يذكر في فهرس رجال السند إلا مرة واحدة (راجع ص432). 7 - استشهد لشرح بعض الكلمات باللغويين المحدثين وهذا لا يجوز لمن

يتمكن من أن يستشهد بكلام الأقدمين. والسبب هو أن المحدثين كثيرا ما حادوا عن نهج الأقدمين وساءوا فهم عباراتهم. ولهذا يحسن بنا أن نورد كلام الأقدمين أن استطعنا وأن شئنا بعد هذا إيضاحه بكلام المحدثين فلا باس من الاستشهاد بما أولوه. والاعتماد على اقرب الموارد أو محيط المحيط من اضعف الأمور فقد جاء في هذا الجزء في ص83 ما هذا حرفه عن السنبوسج: (السنبوسج - ورد بالقاف والكاف بدل الجيم -: ما يحشى بقدر (بقطع) اللحم والجوز ونحوه من الرقاق المعجون بالسمن أو الشيرج) اهـ (اقرب الموارد) اهـ قلنا في هذا الكلام أوهام، منها: أن النص المنقول عن اقرب الموارد لم يورد بلفظه فالذي جاء هناك هذا حرفه: (السنبوسق، المشهور بالكاف ما يحشى بقدر اللحم والجوز ونحوه من رقاق العجين المعجون بالسمن والشيرج. فارسيتها سنبوسة. الواحدة (سنبوسقة) آه وهذه العبارة منقولة عن محيط المحيط إذ يقول: السنبوسق - والمشهور السنبوسك بالكاف: فطائر مثلثة تعمل من رقاق العجين المعجون بالسمن أو الشيرج تحشى بقطع اللحم والجوز ونحوه. فارسيتها سنبوسة - الواحدة سنبوسقة. آه فأنت ترى من هذين النصين أن صاحب اقرب الموارد حاول أن يفرغ العبارة في قالب امتن من قالب البستاني فقال: ما يحشى بقدر اللحم. وهنا ظهر العيب لأن القدر في العربية لا تجيء إلا بمعنى القطع الكبار من اللحم. لا بمعنى القطع الصغار وهذا وأن لم يصرح به اللغويون هذا التصريح البين إلا أنهم لم يستعملوه إلا بالمعنى الذي نشير إليه. ومن راجع الأمهات اللغوية ونظر إلى مواقع اللفظة من استعمال الفصحاء لها يتحقق هذا الأمر ونحن لا نريد أن نأتي بالبينات على مذهبنا هذا خشية التبسط في الكلام على غير جدوى. بيد أن داود البصير افصح عن كيفية اتخاذ السنبوسك احسن إفصاح وكان الحق أن تسند إليه الرواية لأنه ابن بجدتها قال في تذكرته (165: 1). (سنبوسك باليونانية (كذا): بزماورد وهو عجين يحكم عجنه بالأذهان كالشيرج

والسمن ثم يرق ويحشى بلحم قد نعم قطعه (قلنا: إذن لا يحشى قدرا) وفوهة وبزر ممزوجا بالبصل والشيرج ويطوى عليه ويقلى في الدهن أو يخبز، وأجوده ما حمض بنحو الليمون وكان لحمه صغيرا (قلنا: وهذا نص ثان واضح على منع القدر) أو عمل من الدجاج) اهـ. فهذا احسن تفصيل لعمل السنبوسج ولا يمكن أن نستغني عنه ليتخذ نص المحدثين الذي لا يفيد فائدة تذكر. نعم أن هناك خطأ في قوله باليونانية وقوله بزماورد إلا أن هذا الخطب يسير بجانب تلك الفوائد الجليلة. وذكر لمعنى اللوزينج في تلك الصفحة شرحا منقولا عن اقرب الموارد أيضاً ولو نقل نص اللسان في مادة لوز لكان أوثق وأن كان النصان يكادان يتشابهان؛ إلا أن الركون إلى كبار اللغويين احسن. وجاء في تلك الصفحة لشرح النقانق الواردة في المتن ما هذا حرفه (جاء في شفاه الغليل: لقانق (باللام بدل النون الأولى): اسم لأحد الأمعاء وبه سمي معي الغنم المحشو المقلي اهـ - قلنا النقانق لغة في اللقانق وهذه كلمة رومية (أي لاتينية) أي وهو ما يسميه الأقدمون بالخلع أو البطخة أو ما يشابههما وبالإفرنجية أما أن في لغتنا أمعاء تسمى لقانق فلا وجود لهذا الاسم. والصواب اللفائف بفاءين وبهمزة قبل الفاء الأخيرة؛ ولهذا لا يوافق الحقيقة نص شفاء الغليل. وفي تلك الصفحة شرحت لفظة (مطرف بالخردل) بقوله (لعل المراد أنه محسن بالخردل يوضع عليه) والذي عندنا معناه؛ فيه شيء أو طرف من الخردل. وشرح الخردل بأنه (حب شجر معروف. . . وهو المعروف الآن باسم مع أنه ليس من الشجرة في شيء بل هو من النباتات الشبيهة بالبقول. ثم أن قول صاحب الحاشية هو المعروف الآن باسم (الموتارد) وهو غريب فلو قال هو المعروف الآن عند الفرنسيين باسم (موتارد) لهان الخطب، لكن إطلاق قوله على الوجه المذكور غير مستحب 8 - في بعض المواطن استنجد الشارح بكلام الأغراب ليبين معنى ألفاظ

الأعراب وهذا ما كنا نتوقعه منه ولا سيما لشرح ألفاظ مثل هذا السفر الجليل الذي يجب أن لا يتضمن إلا عبارات السلف أو ما يقارنها أو ما يقابلها متانة. فقد جاء في ص 10: أطعمكما مشوشة وقليلة. وضبط مشوشة بفتح الميم وضم الشين وإسكان الواو وفتح الشين الثانية وفي الأخر هاء وشرحها في الحاشية بقوله (زيت يضرب مع بياض البيض فيصنع منه طعام دسم اهـ عن قاموس ستينجاس المطبوع في لندن) اهـ قلنا: أن الذي ذكره ستينجاس هو مشوش لا مشوشة. ثم ذكر المشوش بضم الشين والميم متوهما أنها فارسية الأصل. وأما مشوشة بفتح الأول فقد ذكرها كوسغارتن في النسخة التي طبعها من الأغاني. وعلى كل حال أن صواب الرواية هو مشوش أو مشمشة (أي من باب التفعيل بصيغة اسم المفعول كمعظم) قال في شمس اللغات: مشوش كمعظم ومشوشة بالتأنيث طعام يتخذ من الزيت يلبك بالاح وهو أيضاً ضرب من الحلواء اهـ - والكلمة عندنا عربية من شوش الشيء (من باب التفعيل) خلطه أو عند أهل شمالي العراق كأهالي جزيرة ابن عمر والموصل وسعرد وما يجاورها: المشوشة كمعظمة يتخذ من دقيق العدس أو من جريشه وقال دوزي (المشوش والمشوشة (بضم الميم وفتح الواو المشددة) طعام كالشاشية وعرف هذا الطعام ناقلا كلام أحد أدباء العرب الأقدمين واسمه شكوري: هي الفرطون من الأطعمة المستلذة وهو لحم مطبوخ يعقد ببيض مضربة بتابل في زيت محمي ويأتي حسن المنظر طيب الطعم) اهـ ولم يفسر دوزي في معجمه الفرطون والكلمة لاتينية الأصل أي ومعناه كل طعام يتخذ مطبوخا على النار ولا سيما المحمس منه. وجاء في أول التصدير أن هو المسهك ففسر هذه اللفظة بقوله: ممر الريح. قلنا والذي نراه في كتب اللغة لا يوافق هذا المعنى. نعم قال صاحب اللسان: المسهك ممر الريح لكننا نراه يقول بعد ذلك سهكت الريح أي مرت مر شديدا والمسهكة ممرها. وليس هذا المطلوب من الكلمة الإفرنجية (كوران دير) فقد يكون المراد بهذه اللفظة مجرى الريح وأن كان خفيفا

ويكون فيه أعلى واسفل. فأعلى المجرى سماه العرب: علاوة الريح وأسفله سفالة الريح، وإلا فالمسك بالفرنسية وفي ص8 من التصدير في الحاشية ما هذا نصه: (يراد بالابخاش الثقوب ولم نجد مادة (بخش) في كتب اللغة فلعلها مولدة). انتهى. لو قال المحشي: لم نجد مادة بخش في أمهات كتب اللغة أو في كتب اللغة للأقدمين لعذرناه أما تعميم الإطلاق فنؤاخذه عليه لأن مادة بخش وردة في محيط المحيط وفي دوزي. ودوزي ذكر عدة كتب جاءت فيها هذه اللفظة. وقال عنها صاحب محيط المحيط أنها عامية وليس كذلك إنما هي ارمية الأصل (أي سريانية) والبخش في هذه اللغة (بحش) بالحاء المهملة. والحاء المهملة كثيرا ما تنقل إلى العربية بالخاء المنقوطة ثم أن كلام بخش و (بحث) من أصل واحد ويفيد الحفر والنبش والنكث لطلب شيء أو حقيقة. وفي ص 13 من التصدير: واتخذت آلات الرقص في الملبس والقضبان والأشعار التي يترنم بها عليه. قلنا والخطأ ظاهر إذ لا يترنم على القطبان بل على القصبات جمع قصبة وهي المزمار كما نص عليه اللغويون. وفي ص20 من التصدير فسر كاملة حالق الواردة في هذا البيت: أبعين مفتقر إليك رأيتني ... بعد الغنى بي من حالق بقوله: الحالق: الجبل المرتفع. نعم هذا صحيح في اللغة بوجه العموم ولكن المعنى المطلوب في البيت المذكور هو: المكان المرتفع من غير أن يخصص بالجبل. ومثله يقال جاء من حالق أي من مكان مشرف (اللسان في حلق) ويدخل في وصف المكان بالمشرف الجبل وغيره 9 - كثيرا ما يرى المحشي آراء لا توافق الحقيقة كل الموافقة فقد قال مثلا في حاشية ص 27 من التصدير: الناي من آلات اللهو. أعجمي معرب. وعربيته زمخر ومزمار اهـ. قلنا لكل من هذه الملاهي معنى غير معنى صاحبيه فالني يقابل بالفرنسية والزمخر: المزمار الكبير الأسود (التاج) والمزمار ولهذا لا نسلم بما قاله صاحب الحاشية. 10 - من عادة الواقفين على هذه الطبعة ضبط الكلمة بأوجهها المختلفة إذا

كان لها عدة وجوه. وهو عمل في غاية الحسن، إلا أنه عدل عن هذه الحالة إلى غيرها مستحسنة ففي ص 27 من التصدير ضبط بلورة كتنور بزيادة هاء في الأخر وهي لغة لم يصرح بها إلا صاحب القاموس. أما صاحب اللسان فذكرها كسنورة وهي اللغة المتعارفة. وذكر لغة أخري وهي كسبطرة. 11 - كثيرا ما نرى في هذه الطبعة ألفاظا مكتوبة على غير الوجه المألوف (فهرون) مثلا لم ترد مكتوبة في هذه الطبعة إلا وزان ناقوس. بينما نرى السلف يكرهون هذه الصورة ويميلون إلى وزن فعول فيها. وسبب ذلك أن قدماءنا ينظرون إلى وزن فاعول نظرهم إلى وزن أعجمي وهارون عبرية إذن أعجمية فيلوون وجههم عنه ويولونه شطر وزن فعول العربي. أما إذا نسبوا إليه فلا يكتبونها إلا على وزن فاعول فيكتبون هارون الرشيد، لا هارون الرشيد وهارون أخو موسى لا هارون أخو موسى. ويقولون الهاروني ولا يقولون البتة الهروني، (راجع في هذه المادة القاموس والتاج ولسان العرب والمطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية لنصر الهوريني ص181) وكذلك نرى (الحرث) مكتوبة الحارث في جميع المواطن والسلف ميزوا بين (الحرث) علما فيكتبونه بلا ألف وبين الحارث اسم فاعل لحرث يعني فالح الأرض وزارعها. ومخالفة الكتابة المعهودة المألوفة كثيرة المثل في هذه الطبعة وفي موارد وألفاظ شتى لا نريد أن نستقصيها. على أن الذي نكرهه اشد الكراهية عدم تنقيط الياء في آخر الكلمة اعتمادا في ذلك على فهم القارئ: لكن نسي ناشرو هذه الطبعة أن المطالع مهما كان متوغلا في اللغة وواقفا على أسرارها وغوامضها قد تفوته معرفة تنقيط الياء أو إهمالها. أما إذا نقطت الياء انتفى كل إبهام. - جاء في حاشية ص 144 يقال: علا يعلو كسما يسمو وعلى يعلى كرضى يرضى اهـ فلو قال: وعلى يعلى كرضي يرضى. أما كان احسن ليعلم القارئ أن كلا من علي ورضي هو كعلم يعلم لكن ما القول. والمرء ينقاد إلى عادات قديمة سقيمة يرى عدم نفعها بل ضررها وهو يتمسك بأذيالها لأنه نشأ عليها. وكم أضرت هذه القاعدة باللغويين أنفسهم لعدم تنقيطهم الياء الأخيرة حين الحاجة إليه. والشواهد في دواوين

اللغة اكثر من أن تحصى. ولنجتزئ بذكر واحد لا غير. قال في لسان العرب في مادة لارن (ابن سيدة الهرنوي: نبت قال لا أعرف هذه الكلمة لم أرها في النبات وأنكرها جماعة من أهل اللغة. قال ولست ادري الهرنوي مقصور، أم الهرنوي على لفظ النسب) اهـ فأنت ترى من هذا اعتراف ابن سيدة بجهلة لفظ هذا الحرف، وما ذلك إلا لإهمال تنقيط الياء فلو كانوا قد اعتادوا تنقيطها لعرفوا أنها بياء النسبة لكن أهملوا التنقيط في كلتا الحالتين فلم يهتدوا إلى سواء السبيل. وكم من الألفاظ التي تعود إلى هذا السبيل. وكم من الذين يخطئون في القراءة ويلحنون في الكلم لهذه العلة نفسها. لقد حان الوقت أن نتمسك بكل ما يأتينا من السلف حسنا وننبذ كل سيئ أتانا أو يأتينا منهم. - أن صاحب اللسان بعد أن وردة كلام ابن سيدة لم ينطق بنص يؤيد القص أو التشديد في الهرنوي، فانظر بعد هذا إلى قول من يدعى أننا في غنى عن تنقيط الياء اعتمادا على علم القارئ. فليفتنا هذا القائل عن هذه الياء منقوطة هي أم مهملة، وليذكر لنا شاهدا أو سببا لترجيح رأي على رأي. أما نحن فأننا نرى رأي التاج أي أن الهرنري (المقصورة) كالهرنوة المختومة بالتاء. وكثيرا ما تتعاقب الألف والهاء في الآخر مثل العرضنة والعرضنى، الرخامي والرخامة، والرعامي والرعمة، القصيري والقصيرة. وهي في لساننا كثيرة. فإذا ثبت هذا وعلمنا أن الهرنوة لغة في القرنوة وهذا الإبدال كثير أيضاً في لغتنا عند سلفنا مثل وهف النصراني ووقف. الهرطمان والقرطمان، راس هنادل وقنادل. أنهار انهيار وانقار انقيارا. هرهر الرجل وقرقر. والشواهد كثيرة فنستنتج من هذا كله أن من قال الهرنوي بالياء المشدودة هو خطأ والصواب الهرنوي بالقصر لأنها لغة في الهرنوة وهي القرنوة. فأنظر بعد هذا إلى ما فعل إهمال تنقيط الياء أو تنقيطها. 12 - وجدنا في هذا السفر الجليل بعض تعابير لا تصلح لأن تكون في جانب تعابير الأغاني. تلك التعابير السلسة المتدفقة رطوبة وعذوبة، قال أحدهم في التصدير في ص51 (ووضعن الزيادات التي استحسنا وضعها عن إحدى

نسخ الأغاني أو عن كتاب آخر بين قوسين مربعين هكذا []) اهـ. وقد تكرر مثل هذا الكلام مرارا في الحواشي كقوله في حاشية ص163: الجملة الموضوعة بين هذين القوسين المربعين. . .) قلنا ما كنا نتصور أن أحد من أهل هذا القصر يقول مثل هذا القول: (قوس مربع) لأن الخط أن كان قوسا فليس بمربع. وأن كان مربع فكيف يكون قوسا. وهذا يشبه من يقول دائرة مربعة أو مربع مستدير. كل ذلك من المحاليات والعلامة التي يشير إليها تسمى (العضادتان) لأنها على شكل عضادتين. وقد يأتي أصحاب الحاشية بآراء هي اقرب إلى آراء الأطفال منها إلى آراء الرجال. فقد قالوا مثلا في حاشية ص 55 في أصل البريد: أنه عربي. . . وذهب آخرون إلى أنه فارسي معرب. . . وأن اصله (بريده دم) ومعناه مقصوص الذنب. . . إلى آخر ما نقوله عن ابن الأثير. قلنا: يا سادتي أن مثل هذه الآراء المضحكة لم يبقى لها محل اليوم والبريد على رأي المشاهير في عهدنا معرب الرومية ويراد به (فرس الحمل أو حصان النقل). إذ ينقل عليه أثقال البريد. والكلمة مركبة عندهم من حرفين معناهما (جار عجلة الحمل) - لأن الرومان كانوا ينقلون بريدهم - إذا كثرت منقولاته - على عجل تجرها الخيل فأين هذا من ذلك. 40 - النهضة العراقية جريدة يومية سياسية لسان حال حزب النهضة العراقية، تصدر موقتا في أيام الأربعاء والجمعة والاثنين (كذا بتأخير الاثنين) في بغداد، بدل اشتراكها في بغداد 20 ربية وفي الخارج 28 ربية. ظهر العدد الأول من هذه الصفحة نهار الأربعاء 10 آب من هذه السنة الموافق ل11 صفر من سنة 1326 - وأول مقالة وردت فيها عنوانها (العهد الجديد) ولم نجد فيها ما يعرفنا بخطتها ومنهجها ومحور أبحاثها. ومقالاتها الأولى كتبت بقلم غط في مداد من نار لأمن حبر وهي حسنة العبارات محكمة الرصف، ولسانها لسان حزب النهضة العراقية أي حزب الشيعة الإمامية. والظاهر من نسق إصلاحها أنها تريده بأقوى الوسائل. فعسى أن يكون رائدها الحلم وقائدها الحكمة لتبلغ إلى مرماها بلوغا أمينا

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - لجنة إصلاح المراسلات الرسمية أنشئ عندنا في أواسط تموز لجنة سميت (لجنة إصلاح المراسلات الرسمية) غايتها النظر في الألقاب ووضع نظام لها حينما يوجه فيها الخطاب إلى الموظف نفسه لا إلى وظيفته فقر الرأي على أن يكون اللقب الذي يوجه: إلى حضرة الملكية: صاحب الجلالة الملك. وإلى ولي العهد: صاحب السمو الملكي وإلى رئيس الوزراء: صاحب الفخامة وإلى كل من الوزراء: صاحب المعالي وإلى رئيس مجلس الأمة: صاحب الدولة (؟ كذا) وإلى كل من المتصرفين والمديرين العامين ورؤساء المحاكم المدنية وأعضاء محكمة مجلس الاستئناف وإلى أمين الجامعة وإلى كل من رؤساء الكليات: صاحب السعادة (؟ كذا) وإلى كل من سائر الموظفين من قوام المقامات وما دونهم: حضرة 2 - سفر ملكنا المحبوب زايل العاصمة ملكنا المحبوب صباح السبت 6 آب في الساعة التاسعة والنصف راكباً الطيارة (القاهرة) ومعه كتومه الخاص رستم بك حيدر ومرافقه تحسين بك قدري. وقد شيعه الكبار والصغار. 3 - الرافد في غباب مليكنا في الساعة الحادية عشر ونصف من صباح السبت 6 آب حلف جلالة الملك علي اليمين في البلاط الملكي ليكون رافد (نائب الملك) في غياب أخيه وكأن ذلك بحضور أصحاب المعالي الوزراء ورئيس مجلس الأعيان ونائب رئيس مجلس النواب. 4 - الأمير ولي العهد في نحو الساعة الثانية بعد الظهر 4 آب وصل العاصمة الأمير (غاز) ولي العهد قادما من لندن إلى فرنسة إلى الإسكندرية على الباخرة ومن مصر القاهرة إلى بغداد على الطيارة ومعه الشيخ كاظم الدجيلي

5 - الوزراء الجدد صدرت الإرادة (الملوكية) بتعيين السيد علوان الياسري وزير للأشغال والمواصلات، وعبد الحسين جلبي وزير للري والزراعة، وأمين زكي وزير للمعارف، بعد أن كان إلى الآن وزير للأشغال والمواصلات. 6 - الأمير زيد ذهب الأمير زيد لزيارة جلالة والده في قبرص في نحو أواخر تموز. 7 - الأمير طلال الأمير طلال نجل الأمير عبد الله غادرة إنكلترا إلى مصر إلى عمان ليزور والده في هذه العاصمة. 8 - ابن السعود يضرب نقودا جديدة ضرب السلطان ابن السعود نقودا من ذهب وفضة ومعدن باسمه، وعلى ظهر كل واحدة قيمته وعلى جانبه الآخر: (ملك الحجاز وسلطان نجد عبد العزيز السعود 1344) 9 - المفاوضات بين الحجاز واليمن ابتدأت المفاوضات بين الإمام يحيى حميد الدين وبين مندوبي الحجاز فحضر الإمام الاجتماع التمهيدي الأول بنفسه ثم اعتذر عن حضور سائر الاجتماعات بسبب كثرة مشاغله. 10 - الاحتفال بفتح مجلس الشورى للحجاز احتفل في 14 تموز في مكة بفتح مجلس الشورى الجديد في ردهة الديوان (الملوكي) فتلا حضرة الشيخ حافظ وهبة الخطبة بحضور جلالة الملك وقد أعرب عن ارتياحه إلى شروع المجلس في عمله وقال أنه رفع التبعة عن نفسه ووضعها في أعناق أعضاء المجلس وأن الحكومة جادة في أعمال الإصلاح والمشاريع النافعة، وأنها الفت لجنة التفتيش والإصلاح وعهدت إليها تفقد دواوين الحكومة والنظر في الاقتراحات لإصلاحها وأن اللجنة أنجزت جانبا من عملها ولا يزال أمامها عمل شاق. قال: وستعرض عليكم ميزانيات دواوين الحكومة ومشاريع لحفر أبار ارتوازية لشدة الحاجة إلى الماء وتمهيد الطريق بين مكة وجدة وتوسيع شوارع مكة وإصلاح إدارة البريد والبرق ولا سيما بعد أن أنضمت المملكة إلى اتحاد البريد الدولي. 11 - المتقن الطبي العراقي أعلنت إدارة الصحة أن من يرغب في دخول هذا المتقن الوشيك الانفتاح عليه أن يقدم طلبه إلى مديرية الصحة العامة قبل نهاية آب الحالي وبيده شهادة

من مدرسة ثانوية أو مما يعادلها وأن يكون عارفا للغتين العربية والإنكليزية وكل من يتعهد بخدمة الحكومة مدة أربع سنين يدفع خمسين ربية فقط سنويا عن تلقيه الطب وخمسمائة ربية سنويا لمن لا يتعهد بالخدمة. 12 - الإسرائيليون في تركية يبدي الإسرائيليون في تركية ولا سيما الشبان منهم ميلا عظيما إلى إدخال روح التجديد في تقاليدهم الدينية وقد طلبوا إلى كبير الحاخامين في الأستانة أن يسمح لهم بإدخال (الأرغن) في الكنيس لأداء الصلوات والعبادات على ما يفعل النصارى في بيعهم ويرون وجوب تعليم بناتهم تلحين الأدعية والزبور على ذيالك المثال اشتراكا في التمجيد والتبريك مع الشبان. وقد اظهر الربانيون أباء لهذه الأفكار، فأدى هذا الخلاف إلى إقفال الكنيس في حيدر باشا. ولا يزال النزاع شديدا بين القبيلين بين أهل الجديد وأهل القديم. 13 - المعتمد السامي في العراق في صباح 7 تموز ركب الطيارة السر هنري دبس من دون أن يعلم بسفره أحدا قبل اليوم المعين، فكأن إذن طيرانه فجأة مما أثار في الصدور التأويل الغريبة وبعد أن وصل القاهرة ركب في الإسكندرية الباخرة. . . وقد ذكر رويتر أنه (ذهب إلى لندن لمقابلة وزير المستعمرات البريطانية ومحادثته في شؤون العراق الداخلية. فأن وجدت آراء المستر أمري موافقة لآراء السر هنري دبس فلا بد من استقالة الوزارة العراقية الحالية وإلا فلا. وأما سبب الخلاف بين الوزارة والمعتمد فيعود إلى أمرين الأول قانون التجنيد الإجباري. والثاني مقدار ظهور المعتمد السامي في التدخل في شؤون الإدارة الداخلية في العراق. ومن رأي الوزارة أن تنفذ قانون التجنيد الإجباري أن قبلته الندوة (البرلمان) وأن من الواجب عليها أن تظهر أمام القوم العراقي بمظهر استقلال يليق بمقام الحكومات المستقلة. ولكن المعتمد السامي لا يرى هذا الرأي في هذين الأمرين.) اهـ كلام رويتر في 9 تموز 14 - وفاة الدكتور صروف عندنا إن أكبر عالم شرقي أخرجته البلاد اللسان هو الدكتور يعقوب صروف منشئ المقتطف فأنه جمع في صدره علوم الغرب وفنونه فضلا عن معارف الشرق فكأن أضوء نجم

سطع في ديارنا بعد قرون عديدة. وقد كان مقتطفة فلكل نقل به خزائن أفكار الغربيين إلى ربوع أبناء يعرب ولهذا تبقى مجلته شرعة يرددها كل كاتب عربي في أي فن أو علم أو صناعة أراد أن ينشئ. وكانت أخلاقه من أطيب ما يكون فبوفاته خسر الشرق أقوى عماد كان له. ولد في الحدث (لبنان) في 18 تموز 1852 وتوفي في القاهرة في 9 تموز من سنتنا هذه فيكون عمره 75 سنة وتكاد تكون كاملة. 15 - محاولة اغتيال في جزيرة العرب كتب في العراق أن دبرت في الرياض مؤامرة وذلك أن الأمير خالد ابن الأمير محمد السعود، شقيق ملك نجد والحجاز عقد خفية عصابة من اتباعه وعبيده لاغتيال أمير الرياض (سعود بن عبد العزيز السعود نجل ملك نجد والحجاز الكبير وولي عهده الشرعي)، ولإعلان عصيانه على صاحب الديار. ولما كان يدري أن الأمر لا يتيسر له - وأن تم له اغتيال الأمير سعود - ما لم يقتل في الوقت نفسه أمير الاحساء، عبد الله ابن جلوى، عمد إلى طائفة من عصابته إلى الاحساء لقتل أميرها المذكور. فضرب لها موعداً - وهو اليوم الذي قرر فيه قتل الأمير سعود ولي العهد. ولما عقد النية وجاءت الساعة المحتومة أنقلب عليه الدهر وذهبت مساعيه أدراج الرياح أن في الإحساء وأن في الرياض لأنه لما كان يتسلق ليلا جدار دار الأمير هو وأعوانه على سلالم اتخذها لهذه الغاية شعر بهم الحرس فاصلوهم نارا حامية أكرهتهم على الفرار ولا فرار جرادة العيار بعد أن قتل من المهاجمين ثلاثة هذا في الرياض. وأما في الإحساء فقد تمكن أميرها عبد الله بن جلوى من معرفة أبناء العصابة وما نووا فاعتقلهم وقد قبض في الرياض على رئيس العصابة وهو الأمير (خالد السعود) فاعتقل، وعلى (نائف أبو الكلاب) أحد رو ساء العجمان المعتقلين في الرياض حينما كان يحاول الهرب. وقد تبين أنه أحد المتآمرين، فأمر الأمير بقتله فقتل رميا بالرصاص. أما الأمير خالد رئيس العصابة فهو شاب عمره 24 سنة وهو نجل الأمير محمد بن عبد الرحمن شقيق جلالة ملك نجد وزوجته كريمة جلالة الملك

وحينما وقع الأمر كان والده الأمير محمد يتصيد. والمظنون أنه هو المدبر الحقيقي لهذه المؤامرة وأن لم يثبت ذلك ثبات واضحا والظاهر أن للمتآمرين أنصار كثيرون ليسوا في الرياض، بل في خارجها. ويقال أن في مقدمة المشجعين لهذه المساوئ الزعيم ابن حميد (بالتصغير). وربما كان للدويش أصبح فيها. وفي الشتاء الماضي كان الأمير محمد سعود، شقيق جلالة عبد العزيز سعود متهما بممالأة حركة الإخوان، وبأن له اتصالا بالزعيم ابن حميد، فربما كان سموه الأكبر والحقيقي لحركة نجله الأمير خالد. إلا أن الأيام ستكشف الحقائق. فلننتظرها 16 - استعفاء القائد ديلي استعفى القائد ديلي مستشار وزارة الدفاع ومفتش الجيش العراقي العام من منصبه لأن أفكاره في التجنيد الإجباري للعراقيين لم يتفق ورأي المعتمد السامي الذي قاوم ويقاوم هذه الفكرة. 17 - بعثة طلبة تبعث وزارة المعارف هذه السنة إلى المدارس الكبرى في الخارج خمسة وعشرين طالبا لتلقي العلوم العالية وفنون التخصص وصنائعه. 18 - عدد أطباء العراق كله نشرت مديرية صحة العاصمة قائمة تحوي أسماء الأطباء في العراق كله لتوزع على الصيادلة، فكأن نتيجة إحصائهم كما يأتي: اسم البلد موظف غير موظف المجموع بغداد 18 3553 البصرة 5 1419 الموصل 9 817 العمارة 2 24 اربيل 2 02 ديالى 2 13 الدليم 3 03 الديوانية 2 02 الحلة 2 35 كركوك 2 02 المنتفق 1 01 السليمانية 101 الأطباء البريطانيون 19 019 الهنود 15 015 الجيش العراقي 200 20 المرتزقة 3 03 أطباء للأسنان 10010 البياطرة 10 010 المجموع189

العدد 49

العدد 49 أسرة ترزي باشي 1 - تمهيد كنا قد نعينا القراء الكنتس سيدي أصفر (64: 5) ووعدناهم أن نوافيهم بترجمتها وترجمة أسرتها وإلى هذا الحين لم يتسع لنا المجال لإدراج المقال. فجئنا اليوم بهذه السطور إنجازا لما وعدنا به. تعريف بيت ترزي باشي في نحو أوائل الربع الأخير من القرن الثامن عشر للميلاد، أقبل من ديار بكر (أمد القديمة) خياط أرمني غير كاثوليكي صناع اليد أسمه: (إلياس آغا ترزي باشي وما كاد يلقي عصاه حتى أقبل عليه أغلب كبار القوم ليخيطوا عنده كل ما يلبسونه من الثياب. واتفق إن كان في بغداد يومئذ البطريرك يوحنا هرمز أسقف الموصل

النسطوري سابقا، والبطريرك الكلداني بعد ذلك، وكان قد سامه عمه البطريرك ايليا النسطوري مطرانا سنة 1776 ليكون خليفته بعد موته بحق الإرث، على مألوف عادة النساطرة إلى هذا العهد. ولما كان مات عمه ايليا المذكور سنة 1780 انتصب على السدة البطريركية وجحد النسطورية وصبأ إلى الكاثوليكية؟ ولكن بقي ردحا من الزمن معدودا مطرانا فقط للموصل حتى أثبت بطريركيته البابا بيوس الثامن سنة 1810 وكان الحبر الأعظم لاون الثاني عشر أزال في سنة 1828 تمييز بطريرك ديار بكر (آمد) عن بطريرك الموصل، وحصر البطريركية في واحد يلقب ببطريرك بابل ويجلس في الموصل. إذن كان البطريرك حنا هرمز في بغداد سنة 1838، فأقنع الياس آغا ترزي باشي بأن ينكر مذهبه ويأخذ بمذهب الكاثوليك ففعل. ولما لم يكن يومئذ للأرمن الكاثوليك كاهن خاص بطائفتهم، انضم إلى الكلدان. وتزوج الياس آغا ورزق ابنين وابنتين. اسم الابن الواحد (عبوش) (وهو تصغير عبد الله من باب التحبيب) واشتهر بالخياطة كأبيه فلقب هو أيضاً بترزي باشي عند الوالي وأصحاب الأمر وفي مقامه هذا أدى خدما لا تحصى لنصارى بغداد، ولاسيما نجاهم من مظالم عديدة كانت تحل بهم كل يوم ألوانا - واسم الابن الثاني (خضر) والعامة ترقق الضاد وتقول خدر. - واسم الابنة الواحدة (مروشي) (أي مريم من باب التحبيب) واسم الآخرة (سارة) ولما شب خضر رسمه البطريرك حنا هرمز شماسا فاشتهر بعد ذلك بالشماس خضر. وتزوج ابنة اسمها مريم فولدت له ولدين وهما الياس وحنا.

فتزوج الياس مرومة بنت انطون نعيم فرزق منها أربع بنات وابنا. أما الابن يوسف فذهب إلى إيران للتجارة وأقام في جلفا قرب اصفهان وهناك توفي من غير أن يخلف عقبا. وأما البنات فهن لوسي وكترينة وأشموني وسيدي ريجينة. فلوسي تزوجت رفائيل بن عبد المسيح المارديني. وكترينة تأهلت بتوماس بحوش الذي توفي بعد حين فتزوجها واسيلاكي الصيدلي الرومي. وأشموني تزوجت حنا بن بهنام النقار الذي اشتهر بعد ذلك باسم حنا النقار وهو موصلي الأصل. أما سيدي ريجينة التي من أجلها قدمنا كل هذه المقدمة فدونك ما نعرف عنها منذ صغرنا. 3 - الكنتس سيدي أصفر سيدي ريجينة بنت الياس ابن الشماس خضر بن الياس آغا ترزي باشي الديار بكري (أو الآمدي)، عمدت في 15 أيار سنة 1846، عمدها القس اندراوس هندي الكلداني وكانت عرابتها هلوش؛ ولما ترعرعت، أظهرت من الذكاء والتقى والعبادة ما ميزها عن جميع أترابها، وقد تلقت آدابها الأولى عن الراهبات الوطنيات اللواتي كن يومئذ في بغداد، وكن يعرفن باسم (عابدات الله)؛ ولما ظهر لها ما في الدنيا من المخاطر، أرادت أن تنتسب إلى الدرجة الثالثة من رهبانية الكرمل، فطلبت إلى رئيس المبعث (وكان يومئذ الأب مارية يوسف ليسوع) أن يعنى بأمرها. فبعثها مع رفيقاتها إلى دير راهبات المحبة في بيروت سنة 1868 لتتعلم ما يجب تلقيه قبل أن تنخرط في السلك الذي تتوق إليه. وفي سنة 1869 ذهب الأب مارية يوسف إلى رومة، وفي عودته من رومة مر ببيروت في كنيسة راهبات المحبة نذر الابنة سيدي ريجينة مع سائر

رفيقاتها تا كوهي وسميت بريجيتة وهي ابنة حنا (أبو الرماح) ابن الشماس خضر بن الياس آغا ترزي باشا وماري راندكويست. وبعد ذلك بقليل عادت إلى بغداد بعد أن تعلمت أشغال الإبرة وأصول اللغة العربية والفرنسية. ولما جاءت إلى بغداد رأت رفيقاتها أنها إذ كاهن وأتقاهن فعينها رئيسة لهن بعد أن فتح لهن دير هو دير المنسوبات إلى الدرجة الثالثة المذكورة. وكن جميعا عشرا مع الأمل أنهن يزددن مع الزمن، ليساعدن بعد ذلك المرسلين الكرمليين في مهنتهم أي أن الرهبان يعنون بتهذيب البنين والثالثيات والكرمليات بتهذيب البنات. بقي هذا الدير للراهبات يسير سيرا حسنا، إلا أن القاصد ماري لويس ليون الدمنكي - وكان سابقا رئيس مبعث الدمنكيين في الموصل الذي رسم في 17 نيسان 1874 قاصدا لما بين النهرين - زار الدير زيارة قانونية فتعجب من تقوى أولئك الثالثيات ومن فقرهن ومن تفانيهن في سبيل حب القريب ونفعه من غير أن يكون لهن وسائل مالية يواصلن بها أعمالهن، ورأى من الواجب أن يطلق الحرية لهن وإن كن قد رضين بحالتهن تلك. وهكذا فرقهن وأباح لهن أن يرجعن إلى بيوتهن أو يذهبن إلى ديارات تغزر فيها وسائل المعيشة، كما أكد لهن أن لا مانع من زواجهن لأنهن لم ينذرن إلا نذر المنسوبات الثالثيات وهذا النذر لا يمنع أصحابه (ذكورا كانوا أو إناثا) من التزوج والعناية بالأولاد. فمن هذه الشواب جماعة ذهبت إلى سائر الديرة وبعضهن أقمن في البيت وأخريات تزوجن. ولما كان وجود راهبات ضروريا لتهذيب نصرانيات العراق جلب القاصد

المذكور راهبات تقدمه العذراء الدمنكيات الفرنسيات لهذه الغاية، فجئن في سنة 1880 من تور (فرنسة). أما سيدي فذهبت إلى بيت أهلها محافظة على تقواها وأشغالها داعية الكل بأمثالها إلى حب الفضيلة وتوخي مكارم الأخلاق. فخطبها جبرائيل بن حنوش أصفر وهو شاب مهذب يتعاطى يومئذ التجارة في البصرة وكان معروفا هو أيضاً بكبريات الأعمال وجلائل المبرات. فرضيت به زوجا بعد أن كانت قد رفضت أيدي شبان عديدين لم يكونوا أكفاء لها، بل كانت قد رفضت يد الفاضل جبرائيل نفسه مرارا، إلا أنها لما تحققت أنه يلح في طلبها، رأت في هذا الإلحاح أمرا آتيا من السماء لتنشئ لها بيتا مبنيا على أسس الفضيلة وأعمال البر، إذن تزوجت سيدي في البصرة في 10 نيسان سنة 1883. ما كادت سيدي تقترن بالشاب أصفر إلا نظمت البيت على أحسن وجه وعنيت بجميع الموظفين الذين يشتغلون في محل زوجها، كما قامت بالفرائض التي كتبت عليها لتسير طرق التقى والعبادة وحسن السلوك على جميع الخدام الذين كانوا يستخدمون في داخل البيت وكانوا عشرات. وما كانت تفرق بين نصراني وغير نصراني، إذ الجميع كانوا في نظرها أخوة لها لا خدما أو مستأجرين، ولهذا كنت ترى جميع المستخدمين عندها يعزونها ويكرمونها إكرام الأولاد لأمهم، وكان المسلمون في دارها أكثر من النصارى واليهود لما رأوا فيها من عنايتها بهم ذلك الأمر الذي لم يروه في سائر المحلات التي خدموا فيها. رزقت عدة بنين وابنة واحدة، أما البنون فلم يعش منهم إلا (البر) والابنة الوحيدة التي رزقها الله هي (جوزفين) فربت الولدين بعناية لا توصف إذ جلبت لهما معلمين في بيتها لتقوم هي ببقية ما قد انتدبت له من أمر التهذيب والتأديب. ومع كل غناها وحسن حالها، ما كنت تراها تلبس الثياب الغنية ولا الحلى وكرائم الحجارة، بل كانت تكتفي بثياب نظيفة لائقة بمقامها، وكانت تكره السهرات والمراقص والولائم والحفلات الكبير، إذ كانت قد تحققت ما تحت ظواهر هذه المواسم من السموم التي لا تبقى ولا تذر وكان لها ولزوجها صلات بأكابر من وطنين وأجانب ولا يخلو البيت

من ضيوف ليل نهار، فكانت تقوم بواجبهم بينما كان زوجها معتنيا بأمور التجارة. وفي سنة 1906 منح الحبر الأعظم جبرائيل أصفر لقب (كنت) أو كما يقول سلفنا (كند أو قند وهذا الترفيع لم يغير شيئا في حال الكندة أو الكنتس؛ إذ من كان مقامه من الفضل في مناط العيوق، لا يزيده علوا إذا ما أقر به الغير. وذهب أهل البيت كله إلى لندن لأشغال التجارة فلم يكن ذلك مما سبب لأصحابه حياة جديدة غير الحياة التي ألفوها في البصرة، والذي انتفعوا منه هو أن الأبوين أدخلا ولديهما في مدرسة عالية في لندن ليتلقيا فيها اللغة الإنكليزية وآدابها ريثما يتم للأسرة انتظام أمورها التجارية فجاءت الإقامة في عاصمة الإنكليز ذات فائدتين: فائدة علمية أدبية وفائدة تجارية. رجع الجميع من ديار الغرب والمنتسبون إلى هذا البيت الكريم على أتم مثال للفضل والفضيلة وكان كل واحد من أعضائه في رأس عمل بر أو شركة أو جمعية. وكانت المساعدات التي تبذلها الكندة على الفقراء والمعوزين فوق كل تصوير. وكانت اليد اليسرى تجهل ما تأتيه اليد اليمنى؛ دع عنك أشغال البيت التي كانت تقوم بها خير قيام، فلقد كانت السيدة الكندة مثالا حيا للنشاط والمهمة والسعي إذ لا تدخل بيتها إلا تراها مشتغلة بأمور مختلفة، ولو كان عندها من الخدم والحشم فوق ما يرى في سائر البيوت والدور. وكلما كان الموظفون يرونها على هذا الوجه من الكد والجهد، كانوا ينشطون في العمل ويتعلمون منها تدبير الشؤون في الداخل. والخلاصة أنه صح فيها كلام سفر الأمثال القائل: لباسها العز والبهاء وهي تفرح في اليوم الأخير. تفتح فاها بالحكمة. وفي لسانها سنة الرحمة. تلاحظ طرق بيتها ولا تأكل خبز الكسل. يقوم بنوها فيغبطونها ورجلها فيمدحها. إن بنات كثيرات أقمن لأنفسهن فضلا، أما أنت ففقتهن جميعا. الظرف غرور والجمال باطل، والمرأة المتقية للرب هي التي تمدح. أعطوها من ثمر يديها ولتمدحها في الأبواب أعمالها.

السحر الحلال

السحر الحلال خلقت وفيا لا أميل إلى الغد ... ومن شيمي أن لا أقر على القهر وتكره نفسي أن أقول مخادعا ... لأكسب بعض الخير من جانب الشر ولا أرتضي عيشا وذلا يشوبه ... وأرضا يسود العبد فيها على الحر وأسدي لمن أسدي الجميل نظيره ... وأجزي الذي أولاني الشكر بالشكر وأرحل عن أرض إذا الضيم ما بدا ... بساحتها والجور قد جد في أثري وأصدى ولا أبدي إلى الماء حاجة ... ودجلة حولي ماؤها أبدا يجري ولست أود المرء ما لم يودني ... ولا خائن عهد الصديق مدى العمر ولم أصطحب إلا كريما سميدعا ... أشد إذا ما عن خطب به أزري فإن أنا يوما قد عثرت أقالني ... وقاسمني الأحزان في حالة الضر أجوب البوادي الجرد في طلب العلا ... فأنجد في نجد وأغور في غور وأقتحم الأهوال غير محاذر ... وإني لا أرضى من المجد بالنزر أخو همة في كل أمر أريده ... وللعزم مني يترك الماء كالجمر وما استصعبت نفسي الصعاب وأنها ... تساوي لديها للسهل والصعب في السير بذا قد كسبت الحمد من كل موضع ... وخلدت ذكرا باقيا أبد الدهر تريد الليالي أن تفل عزائمي ... وتبغي لي الأيام كسرا على كسري بلوت الليالي ليلة بعد ليلة ... فلم أر فيها ما يسر سوى القهر صبرت على ما حاق بي من مصائب ... كما يصبر الظمآن في زمن الحر متى أترك الشكوى وأطرح الأسى ... وترقا دموعي بعدما أخذت تجري يحاربني دهري كأني خصمه ... وحملني مما ينوء به ظهري كلانا له بأس ولكن بأسه ... شديد وقلب الدهر قد من الصخر مصائب لا تنفك تترى ولم تزل ... تهاجمني أيان ما سرت أو أسري

ولكن نفسي الحر ليس يخيفها ... مصائب دهر شأنه الفتك بالحر مرادي من الدنيا صديق يودني ... ويحفظ مني الغيب في السر والجهر ولكن ما حاولت صعبا مناله ... ولا صاحب إلا ويجنح للغدر وإني لفي قوم قليل خيارهم ... يقولون ما لا يفعلون من الأمر يعدون إحساني إليهم إساءة ... وحلمي جبنا والسكوت من الذعر أقابلهم بالرفق واللطف تارة ... وأحمل أخرى بالوعيد وبالزجر يكيد لي الحساد ما الله دافع ... وترمقني الأعداء بالنظر الشزر يغيظهم أني فتى ذو محامد ... وذو منطق إن قلت على الفور يغيظهم أني إلى الفضل منتم ... وقد زدت بالآداب فخرا على فخر أيحتقر الأعداء شئنا وأنني ... لذو أدب يسمو على الأنجم الزهر يروم أناس نقد شعري جهالة ... وذلك مما لا يقل به قدري يقولون خل الشعر لست تجيده ... وما أنت من أبناءه السادة الغر فهذا الذي أذكى بقلبي جذوة ... وهذا الذي مما يضيق به صدري أيوصف بالجهل الفتى وهو عالم ... وينعت بالبخل الفتى حالة الفقر ويدعى بذي يسر وليس بموسر ... ويتهم بالإقلال في موقف العسر أليس القوافي سلمتني قيادها ... وقالت تحكم كيفما شئت في أمري وما أنا إلا شاعر راق لفظه ... وما الشعر إلا ما نطقت من الشعر فأبدع إن أنشدت شعري ساحرا ... وكم أنا قد أبدعت في الشعر والنثر فما النجم مثل البدر عند تمامه ... ولا البدر كالشمس المنيرة في الظهر ألا فليمت حسادي اليوم أنني ... بشعري ورب الشعر قد جئت بالسحر وطاولت بالمجد الرواسي وهكذا ... بعزمي بلغت القصد من مسلك وعر فكم شاعر أعياه شعري ومنطقي ... وجئت بما لم يستطع مثله غيري ويا رب شعر قاله خير شاعر ... فضل سبيل الشعر من حيث لا يدري هو الشعر والقوافي سفينة ... وأني ربان السفائن في البحر

بنجوين

أغوص على الدر الذي في قراره ... وما أحد قد غاص قبلي على الدر وأنظم منه للحسان قلائدا ... يشع سناها في الترائب والنحر بغداد: كمال نصرت (لغة العرب) في هذه القصيدة الحماسية غلو وإغراق واضحان، وكنا نود أن لا يكونا فيها على هذا الوجه المفرط، إذ عصرنا هذا عصر وصف وتحقيق، لا عصر تفاخر وتعاظم؛ ونحن لا نرى مثل هذه الأبيات في قصائد الإفرنج الحماسية لأنها تدل على الأثرة ولا تفيد المجتمع الآدمي شيئا. بنجوين بنجوين من قرى العراق الكردية وهي حسنة الموقع والهواء والأرض. وقد كانت مقر الشيخ محمود. أما الآن فهي مركز مديرية الناحية وفيها يقيم المدير وفوج من جيش العراق. فإذا تم تمهيد الطريق الوعر الذي يصلها بالسليمانية. ولم يبق منه إلا نحو عشرة أميال، تصبح بنجوين من أحسن مصايف العراق وأطيبها مقاما لمن يعنى بصحته. دع عنك غزارة عيونها وتدفق مياهها وانحدارها على مهاو مختلفة مما يجعل النظر إليها من أبدع المناظر، وهناك الغابات الغضة والأشجار الجبلية التي لا يرى منها في سهول الرافدين؛ أما إثمار الأشجار الطيبة المآكل فحدث عنها ولا حرج، فإنها دانية القطوف. ومما يأنس إليه الغرباء أو الصائفون الثلج ومناظره فإنه يبقى طول أيام الصيف فيجتمع الضدان الأسود (الأخضر) والأبيض في بقعة واحدة وذلك من المشاهد التي لا ترى إلا في ديار الجبال. وقد فتحت فيها مدرسة ابتدائية وتبرع فخامة جعفر باشا العسكري بالمال اللازم للمعلم وشراء الكتب للأطفال، فاقتحمت المدرسة فدخلها حالا ثلاثون ولدا.

أوابد الولادة

أوابد الولادة بعد أن تلد الحبلى تحمي القابلة (الجدة) قدرا بدرجة تحتمل حرارتها ثم تكفأ القدر فتجلس النفساء عليها. وبعد مرور ثلاثة أيام على الولادة تأتي القابلة (الجدة) وتأخذ المولود وتضع على وجهه كسفة قطن (قطعة من القماش القطني) مهلهل النسج فتذهب به أولا إلى الجوامع ثم إلى محل السجناء ثم إلى المدبغة (المحل الذي تدبغ فيه الجلود) ثم إلى الثكنة العسكرية ثم إلى الصباغ فتنقده شيئا من الدراهم وقليلا من السكر فيضع الصباغ من جميع ما لديه من الألوان على تلك الكسفة (القطعة القطنية) ثم يؤتى به إلى البيت والنساء يقمن بهذه الأمور لكي لا (ينجبس) (أي لا يكبس أي لا يصاب بما يعاكس نموه أو يؤذيه أو يسبب مرضه). وإذا حل اليوم العاشر من ولادة المولود وضع الطفل في كفن من ميزان كبير ووضع في الكفة الأخرى طين أحمر (من النوع الذي تستعمله العراقيات لغسل الرأس) وبعد أن يعادل به يرمى الطين في البئر. وهن يعتقدن أن ذلك يورث سمنا للطفل وهو مما يرغب فيه له. وفي اليوم العشرين يعادل الطفل بالأرز (التمن) ثم يتصدق به على الفقراء وفي اليوم السابع أو العاشر تقصد النفساء الحمام فتكسر في كل عتبة من عتبات أبواب الحمام الثلاث ثلاث بيضات وتوقد الشموع ثم يلطخ وجهها بشيء أحمر يسمى (دم الأخوين) حتى يصبح وجهها أحمر قانئا والنساء يعتقدن أن دم الأخوين يطرد عن النفساء شر الجنية المسماة (أم الآل) (ومعناها أم الأحمر) ومن دأب هذه الجنية أنها تنهب قلب النفساء الذي هو أحمر. وفي اليوم الأربعين تقصد النفساء الحمام أيضاً فتسكب أربعين طاسا من الماء الحار: عشرون منها على رأسها والعشرتان الباقيتان على كتفيها اليمنى واليسرى ويحظر على النفساء أن تدخل على نفساء أخرى في الحمام لئلا

(تنجبس) أي تكبس. وإذا قررت النفساء أن تذهب إلى الحمام في اليوم السابع أو العاشر تحتم على أهلها أن يأخذوا سفودا (سيخا) من الحديد يضعون فيه سبع بصلات أو عشرا وفي كل يوم ترمي النفساء بصلة في الطريق. والقابلة (الجدة) تغسل المولود بالماء الدافئ وتأخذ سحيق الملح وتدلكه به ثم تأخذ الماء الذي غسل به المولود في طشت ويوضع فيه حذاء خلق ويترك في السطح وذلك لكي لا يحصل للمولود ضرر من صراخ (ألبوم) ثم تأخذ القابلة (الجدة) سيفا وتخط به دائرة حول النفساء فتقول لها مساعدتها في تلك الأثناء (ماذا تخطين)؟ فتجيبها الجدة: (خطة سليمان بن داود) فتسألها: لمن؟ فتجيب الجدة: (لمريم). وكل نفساء تسمى (مريم) ويقصد بها مريم القديسة الطاهرة أم مولانا المسيح عليهما الصلاة والسلام. ثم تترك المدية التي تقطع بها الجدة (حبل السرة) أربعين يوما تحت وسادة المولود. أما السرة التي تقع فترمى في (الجامع) أو في (المدرسة) أو في (دار الحكومة). وتلك السرة هي القطعة البارزة من السرة التي تربط بعد قطعها. فتسقط بعد ثلاثة أيام رمزا إلى نشوء الولد متدينا أو عالما أو من رجال الحكومة. ويحرم على النفساء أن ترمي من رأسها عصابة حمراء حتى يبلغ المولود الأربعين يوما وذلك خوفا من (أم الآل) وهي الجنية التي تخطف قلوب النفساء التي أشرنا إليها قبيل هذا. وفي اليوم السابع من ولادة الطفل يسهر الأقارب كافة ولا ينامون حتى مطلع الفجر. المرأة التي لا يعيش لها مولود تأخذ المرأة التي لا يعيش لها مولود سبعة مسامير من سبعة جسور في البلاد فتصوغ منها حجلا تضعه في رجلها اليمنى مدة عمر الولد الذي مات لها قبل هذا أو أزيد، أياما كانت أو شهرا، وتلبس في يدها اليسرى خرزا من الخزف الأزرق.

ومنهن من تأخذ سرطان نهر ويسمى في العراق (أبو جنيب) فتقتله وبعد أن يخف يوضع في وسادة المولود مع سبع أبر وسبعة خيوط من الدمقس مختلفة الألوان. ومنهن من (تشهره) والتشهير يكون بفتح ثقب صغير في أذنيه صغير في أذنيه أو أنفه. ومنهن من تستجدي له ثيابا وأسمالا - وأن كانت غنية - فتلبسه إياها. ومن عاداتهن أن منهن من تستجدي دراهم من أربعين شخصا على أن تكون أسماؤهم لا تخرج عن (محمد أو محمود أو أحمد) ثم تصوغ له بها حلية تسمى (محمدية) وهي من الفضة الخالصة مربعة الشكل ينقش أو يحفر عليها أربعين مرة اسم (محمد). ومنهن من تلقي المولود على القمامة (المزبلة) على قارعة الطريق فيجيء أحد الناس ويحمله إلى الأم قائلا لها، (أين وجدت هذا الطفل) فتجيبه الأم: هذا (ابني) فينكرون عليها ذلك فتشتريه بثمن بخس أو وافر ذلك بالنظر إلى ما يملكه الوالدان وبهذا الثمن يشتري طعام ويوزع على المساكين. ومنهن من تأتي بابنها إلى الأماكن المقدسة والمزارات الشريفة كمزار علي (كرم الله وجهه) وابنه الحسين وسيدنا موسى الكاظم فتسلمه إلى السدنة والخدمة فيتخاطفونه ويتزايدون عليه كالسلعة في السوق ثم تشتريه أمه أو أبوه بدراهم تعطى للسادة عطاء حسنا. سعال الطفل - حمير الشيجي إذا أصاب الطفل سعال يجتمع النساء والرجال في حارتهم فيأخذون جريدا من النخل فيلبسون واحدة منها ثياب رجل ويضعون له وجها يتخذونه من الثياب (القماش) على نحو اللعبة (اللعابة) التي تصنع للأطفال ويلبسون جريدة أخرى ثوب امرأة على مثال جريدة الرجل ويمشون بهما في الطرقات ويضربون على (الدنبك)

(هو الدربكة بلسان الشاميين والدريج عند الفصحاء) فتحمل كل متزوجة ابنها الذي أصابه سعال ويقفون في منتصف الطريق حتى تجتمع الناس ثم يمشون ويترنمون بهذه الأنشودة: يا حمير الشيجي حش وتعال ... إحنا قتلنا الشيجي راح السعال وهذا لفظه بالحرف الإفرنجي: - - أي يا أيها المسبب الموت الشديد بالسعال أسرع وتعال، نحن قتلنا مسبب الموت الشديد حتى زال وانقطع السعال. ويحمل أحد الرجال خنجرا فيصول بين آونة وأخرى على الجريدتين ثم ترمى الجريدتان على الأرض فيمزقهما الرجل بخنجره وعند إياب هذا الجمع إلى موطنه يترنم النساء بهذه الأنشودة: رحنا بيهم جينا بلياهم ... بنهر العلقمي إحنا قتلناهم ولفظه بالحرف الإفرنجي: - ومعناه: ذهبنا بمسببات السعال وعدنا الآن بدونها، فلقد رميناها في نهر العلقمي فقتلناها فيه. (ونهر العلقمي من أنهر كربلا القديمة). وهذه العادة جارية في (كربلا) وقد شاهدتها مرارا بنفسي. المتزوجة التي لا تحبل تستصحب المتزوجة التي لا تحبل فتاة غير متزوجة أو متزوجة قد انقطع منها قرأها وتذهب بها إلى القبور، وتأخذ سبع تمرات فتقف الفتاة وراءها وتقف المتزوجة على سبعة قبور فتأكل على كل قبر تمرة: ثم ترمي النواة وراءها فتلتقطها الفتاة مع قليل من التراب، ثم تذهب المرأة إلى المدبغة (المحل الذي تدبغ فيه الجلود) وتنظر في البئر ثم تأخذ منه قليلا من الماء فتذهب إلى الحمام وتقف تلك الفتاة وتسكب على رأسها ذلك الماء بعد أن تضع فيه النواة

والتراب وتصبه ثلاث مرات وفي كل مرة تسأل المتزوجة: (ما أسمك) فيجيبها (اسمي حبسة)، فتقول لها: (انفلت الجبسة) أي الكبسة ثم تسألها: (ما أسمك) فتجيبها اسمي (ناقة)، فتقول لها: (انفلت العاقة) ثم تسألها: (ما اسمك) فتقول لها: (عروس) فتجيبها انفلت (جبسة العروس). فإن لم تحبل المرأة بعد هذه الأمور ينظر فيما إذا كان قد زارها أحد فإذا كانت امرأة وكانت نفساء تأخذ المتزوجة قليلا من (بولها) وتصبه على رأسها في الحمام. وهناك طريقة أخرى وهي أن تذهب المرأة التي لم تحبل إلى بيت النفساء التي دخلت عليها فتبول في عتبة الدار وتكسر على العتبة بصلا وتطلب من النفساء قليلا من الملح وقليلا من العجين. وإذا لم تحبل المرأة بعد هذه السخافات تنتظر هرة في بيتها حتى تحبل الهرة وتلد فإذا ولدت الهرة - ومن عادتها أن تأكل مشيمتها (المعروفة بالجارة عند العراقيين) تسرع إلى أن تأخذ منها تلك الجارة وتضعها في الماء وتسكب منه على رأس المتزوجة. ماذا تفعل الفتاة التي لم تتزوج حتى تحصل على بعل لها تقصد الفتاة التي تبغي بعلا أحد المساجد ومعها امرأة أو فتاة فتقصد الفتاة طالبة البعل المنارة وتبقى الآخرة تحت المنارة فترمي الفتاة عباءتها أعلى المنارة إلى صاحبتها ثم ينظر إلى سقوطها فإذا انفتحت العباءة عند هبوطها قيل لها أنها ستتزوج وإلا ترجع نادمة يائسة إلى أهلها. وفي بغداد تقصد الفتاة مرقد الشيخ عبد القادر الجيلي (الكيلاني) وتأخذ معها قفلا ومفتاحا فتربط ثوبها بالقفل ثم تضع بجانبها شيئا قليلا من السكر وتحبس في فناء المرقد فيجيء أحد الرجال ويفتح القفل بالمفتاح ثم يأخذهما مع ما لديها من السكر فيكون ذلك علامة لزوال الموانع التي تحول دون الحصول على بعل فتسر بقرب الفرج. أحمد حامد الصراف

تاريخ الطباعة العراقية

تاريخ الطباعة العراقية المطبعة الكلدانية تابع مطابع الموصل راجع لغة العرب أسس المطبعة الكلدانية (الشماس رفائيل مازجي الأمدي بنفقته الخاصة على عهد البطريرك يوسف أودو الكلداني الشهير سنة 1863 وجلب أدواتها ولوازمها من باريس مع حروف عربية وكلدانية وفرنسية ومسابك.

وكان الشماس رفائيل قد قصد بنفسه إلى فرنسة فابتاع كل ما يلزم، وجهزها بحبر وورق بمقادير كبيرة تكفي لطبع كتب كثيرة ولا تزال من ذلك الحبر والورق بقية باقية إلى هذا اليوم فضلا عما سرق وبيع منها واستأجر لها بيتا خاصا نصبها فيه. أما أعمالها فكان أكثرهم ممن تعلموا هذه الصناعة في مطبعة الآباء الدمنكيين فخدموا هذه المطبعة ببراعتهم في تنضيد الحروف وطبعت كتبا قليلة ثم فجعت بموت مؤسسها نفسه في سنة 1865 فأصيبت المطبعة بموته بضربة

وأغلقت وهجرت سنين ولا سيما على عهد القلاقل التي منيت بها الطائفة الكلدانية في الموصل وهو العهد الذي انشطرت فيه الطائفة إلى شطرين سميا: (بلة وبردى) ومنهم من سماها (ندي ويابس). وبعد نزاعات ومعالجات طويلة أذعن البطريرك يوسف قبل موته لمراسيم السدة الرسولية وأظهر أدلة صادقة على تمسكه بعروة التعلق برئيس الأحبار. ومن أعماله في فطركته عقده مجمعا لطائفته رسمت فيه بعض القوانين. وبهمته بني الأب اليشماع، أحد خلفاء الأب جبرائيل رمبو المذكور، في لحف الجبل المبني عليه دير الربان هرمزد، ديرا آخر سماه (دير السيدة) سنة 1858 وهو الآن عامر بالرهبان. ومن مآثره الكبيرة مساعدته الشماس رفائيل بطرس مازجي الأمدي الكلداني في إنشاء مدرسة أكليريكية في الموصل. واهتمامه بنجاحها وإرساله بعض التلامذة إلى مدرسة البروبغندة ومدرسة الآباء اليسوعيين في غزير ليتخرجوا في العلوم الدينية. من جملتهم غبطة مار عمانوئيل يوسف بطريرك الكلدان الحالي. وتوفي البطريرك يوسف في 14 آذار سنة 1878 بعد أن رأس الكرسي البطريركي ستا وعشرين سنة ونصف سنة ودفن في دير السيدة في القوش. الكاتب

ثم استأنف العمل فيها سنة 1878 على عهد البطريرك ايليا عبو اليونان الكلداني وكان حاذقا فن الطباعة وفي تلك الأثناء اهتم المطران عبد يشوع خياط بطبع جملة كتب مدرسية فيها من عربية وكلدانية وفرنسية وبوفاة البطريرك عبد يشوع تعطلتا لمطبعة ثانية سنة 1898 وبيعت بعض أدواتها لمطبعة الحكومة في الموصل. وعاد فبعثها إلى حياة العمل غبطة البطريرك عمانوئيل يوسف الكلداني

الحالي سنة 1904 فواصلت خدمتها بطبع الكتب المدرسية والطقسية وقد نقلت إلى المدرسة الكلدانية ثم جاءت الحرب العالمية العظمى سنة 1914م فأوقفتها للمرة الثالثة. غير أن غبطة البطريرك اهتم بإحيائها بعد الحرب فأبتاع آلة طباعة صغيرة أضافها إلى آلاتها العتيقة السابقة فأخذت تشتغل بطبع بعض الكتب الكلدانية المدرسية والطقسية. ولم تطبع هذه المطبعة كتبا كثيرة ويمكننا أنحصي أهم ما طبعت: (1) (كتاب سنة 1865 ص300 - 7 الزبور الإلهي) بالكلدانية على ترتيب الفرض بحرفين أسود وأحمر. (2) (كتاب دقذام ودوثار) أي (قبل وبعد) كتاب يحوي الصلوات القانونية اليومية الأسبوعية التي تقال مساء وصباحا ما عدا الصيام الكبير. فالتي تقال مساء مقسومة إلى قسمين (الأول) و (الآخر) فإذا كانت الصلوة في يوم الأحد بالمحراب (بالخورس) الأول فذلك الأسبوع كله يسمى (الأول) فيتلى فيه القسم الأول وإذا كان ابتداء الصلوة في المحراب الثاني ويسمى أيضاً بالمحراب الأسفل فذلك الأسبوع يسمى (الآخر) فيقال فيه القسم الآخر. وتختم صلاة المسيح والمساء بتلاوة (قال من قالات الشهداء) وهي أغاني تسبيحية لتكريم الشهداء تأليف القديس ماروثا أسقف ميافارقين. (سنة 1865 ص344 - 7). (3) (كتاب روضة الصبي الأديب في أصول القراءة والتهذيب) باللغتين العربية والفرنسية محلى بفقرات من تواريخ العرب. تأليف المطران جرجس عبد يشوع الكلداني الموصلي (سنة 1869 ص266 - 7) (4) بعض رسالات رعائية. (5) كتاب التهجئة باللغة العربية. (6) كتاب مبادئ القراءة باللغة العربية. (7) كتاب التهجئة باللغة الكلدانية. (8) كتاب مبادئ القراءة الكلدانية. (9) (دليل الطلاب) مختصر في تعليم القواعد الكلدانية تأليف القس

أصل علامة الفصل عند الغربيين

بولس بدارو الكلداني أستاذ اللغة الكلدانية في المدرسة الكلدانية في المدرسة الأكليريكية الكلدانية بالموصل طبع سنة 1923 ص80. (10) طقس الخدمة الكنيسة للأيام العادية من كتاب (دقدام ودوثار) باللغة الكلدانية في مجلد ضخم طبع سنة 1925 ص366. رفائيل بطي أصل علامة الفصل عند الغربيين الغربيون إذا أرادوا فصل جملة أو عبارة عن أختها، اتخذوا لها علامة بصورة الضمة يعلوها نقطة، ويسمون هذا الشكل (نقطة وفاصلة) فهل فكرت في أصله؟ - في كتب التجويد القديمة، تسمى هذه العلامة (فاصلة) وكانوا يستغنون عن ذكر اللفظة كلها بأول حرف منها أي (ف) ثم أهملوا تنقيطها كما هي العادة في صدر الإسلام وبعده، بقي من الكلمة رأس الفاء بدون نقطة أي (ُ)، وبقي اسمها (فاصلة) وقد بقي السلف محافظا على هذه العلامة وعلى اسمها إلى يومنا هذا فانتقل إلينا في الحساب المعروف بالعشري، وفي تقسيم الأرقام الكثيرة يفصل بعضها عن بعض ثلاثة ثلاثة، وعليه فاسم (الفركول) بلغتنا هو الفاصلة، وإذا علته النقطة قلنا: فاصلة ونقطة. وكان الأقدمون من اليونانيين وغيرهم، إذا أرادوا فصل عبارة دخيلة عن عبارة أصلية أقحمت بين سابقها ولاحقها وضعوا لها خطا قائما في أولها وآخرها ليشيروا به إلى إقحامها. ويسمونه وبالفرنسية ومعناها (سفود) لأن شكلها يشبه السفود في زعمهم. ونحن نقول أن الكلمة الدخيلة (أبل) من أصل عربي هو (حبل) لأنها على شكله. أما (الفاصلة) فإن الإفرنج لم يبحثوا في كتبهم عن أصلها وعمن تلقوها: ونحن لا نرتاب فيه وإن كان اسمها عندهم مشتقا من لفظة صغروها معناها (العصية) كما أن هيئتها تشبه الصولجان بعض الشبه لا العصا أو العصية.

صروف

صروف تأمين عميد (المقتطف) نظمت هذه القصيدة الجامعة تلبية لدعوى لجنة التأبين العامة في القاهرة لتنشد في حفلة الذكرى الكبرى: كونت البابا وسست عقولا ... فتلق أنت وفاءها المعقولا ودرست فلسفة (الحياة) وزدتها ... شرحا، فحي بيانها المأهولا في العيش مثل الموت عمرك هكذا ... عمر يزيد على التألق طولا إن أنس لا انس الوداع وحرقة ... في النفس أورثت الجنان ذهولا فسخطت من غدر (الطبيعة) ناسيا ... سنن (الطبيعة) والحياة الأولى صفحا، فقدرك في مقام تجلتي ... أبدا، ولن يلقى لدي أفولا وأنا الذي ناجاك طول حياته ... وقد انتقلت ولم أزل مشغولا بالأمس حيرني الفراق وهدني ... واليوم تلهمني الصواب حلولا فأراك في هذا الوجود أشعة ... وعقيدة ومآثرا وميولا صور تبين لباحث متبصر ... وتعاف من خذل الحياة جهولا (صروف) والدنيا حديث ضيافة ... قد كنت للبذل العظيم رسولا منح من الآداب والعلم الذي ... ترك الوجود مهذبا مصقولا دعني أحدث عن خلالك أولا ... فالمرء كان يخلقه مكفولا لا خير في أدب لمن لم يتخذ ... من طبعه طبعا ومنه أصولا وحييت أنت بنهج خلقك مؤمنا ... وعرفت للقول السديد فعولا فسكنت في برج الجلال مؤهلا ... ورقيت إيمانا، وجزت فحولا خلق ينم عن الأزاهر للنهى ... عزما، ولكن لا يصيب ذبولا يفتر بالإخلاص في إحسانه ... فندوم نعشق حسنه المبذولا جم التواضع في كرامة عالم ... تخذ التواضع ستره المقبولا

مبتسم لجليسه في هزة ... تسقى الحديث مرنقا معسولا شم الخلال وديعة وكريمة ... مثل الجبال إذا انحدرن سهولا! مثل الطبيعة في تبسط لطفها ... نشرت على بسط المروج غسولا وحبت مجملة الثمار شهية ... عرضا ولم تترك لنا مأمولا كان المحدث لا يمل إطالة ... وعصمت من طبع يعد ملولا كالنبع جياشا بمتعة عاشق ... لحديثه، أو كالبواسق طولا تحنو على النظار عند تأمل ... وتجيب ما بقي السؤال سؤولا لم ينسك المال الذي أحرزته ... بالفضل حقا للورى مجهولا فوضعت مالك جنب علمك نفحة ... للناس في صحف وقين نحولا وجعلتها مثل الزكاة سخية ... تحيي مواتا أو تعيد طلولا ما كنت في هذي الحياة ممثلا ... بل كنت من وضع الفخار فصولا خمسون عاما بل أجل بذلتها ... بذل الكواكب نورها المسؤولا ما بين معركة وبين سكينة ... تركت بشتاتك العدو خجولا وكسبت بالإخلاص كل مكرم ... شيم الرجال عقيدة وميولا درر من الأخلاق كانت ثروة ... كبرى ولم تسب الورى لتحولا! (صروف) ما فينا المعزي: كلنا ... فقد العزاء ودمعه المطلولا عشت (المسيح) لنا، وكنا كلنا ... رسلا، ودمت على الهدى مجبولا وشكرتنا قبل الوداع، ولم يكن ... شكر الوداع بظننا (اليوبيلا) هذي صحائفك اليتيمة لم تجد ... شرفا تخص بها وكنت بخيلا عصمتك أحكام العلوم من الهدى ... وحبتك من حسب الجنان أثيلا نقبت في الأجيال عن أسرارها ... ونشرتها جيلا لديك فجيلا لا (آدم) المأثور صدك عن هدى ... بحثا، ولا أغني اليقين فتيلا من كل (مقتطف) تنوع بحثه ... وتوحدت أبحاثه تنزيلا من كل سفر حجة بفنونه ... ما فيه فن قد يراك دخيلا ما كان منطقك الحكيم مسخرا ... للوهم مهما سامنا تقتيلا

هيهات يذعن للمظاهر وحدها ... ولكم أقام على الدليل دليلا! علم وفلسفة وفن سائغ ... حولتها لنعيمنا تحويلا بعبارة خلابة غلابة ... تروي المدارك كوثرا وشمولا وتبحر يعيا الجريء بجهده ... ما فات للبحث الجريء سبيلا في دورة الأفلاك أو بطن الثرى ... أو عالم الأحلام كان نزيلا لا شيء يحسبه الحقير وإنما ... وجد الوجود بما حواه جليلا فيرتل الآيات ملء بلاغة ... تستأهل الإصغاء والترتيلا داع إلى أقصى التأمل مثلما ... جعل التفاؤل للحياة دليلا وإذا الحياة كبت فذاك لأنها ... فقدت قبيل عثورها التأميلا عشرات آلاف الصحائف قد شدت ... بحجاك واستبقت حجاك زميلا آراء جبار وحكمة كاهن ... وكتاب إعجاز يشع مديلا نظرت له (الأحقاب) من أسفارها ... في حيرة مما وصفن رحيلا فكأنما قد كنت مصاحبا ... أسفارها فرسمتها تحليلا! ومفاخر (الآثار) وهي شهيدة ... فخرت بعلمك موئلا ومقيلا ومظاهر (العمران) وهي كثيرة ... في (الشرق) لم تعدم لديك خليلا و (الفكر) وهو لنا قوام حضارة ... بجلته حتى استعز نبيلا لم تلقه عرضا، ولم تأنس به ... طمعا، ولم تبذل له تطفيلا بل كنت ملجأه الحصين ومبعثا ... للنور في بلد أسيء طويلا تغذوه بالذهن البصير مصارحا ... للحق لا تتصيد التهليلا متتبعا نهج الصواب، مجافيا ... نهج الغلو، وإن أصبت قليلا حتى تركت مني (الحقيقة) وحدها ... تهدي لرأسك شكرها إكليلا ما ضر مثلك أن يخص بحبها ... لو فات من حب الأنام قبيلا لكن ظفرت بحبها وبحبنا ... وعدمت في القدر الأعز مثيلا من عهد (إسماعيل) في إجلاله ... مسعاك زدت بشبل (إسماعيلا) وطويت عمرك دون من أو منى ... إلا الوفاء لما غرست ظليلا!

يا ابن (الصحافة) ثم شيخ قضاتها ... والمحسن التبيين والتدليلا ومعلما بشبابه ومشيبه ... تسمو بسيرته الأيادي الطولى (لبنان) (كالحدث) الذي ولدت به ... هذي الشمائل لا يباهي (النيلا) كلا ولا (بردى) ولا (الدنيا) التي ... أمتعتها مما منحت جزيلا إن أنت إلا عالمي: مهده ... كل (الوجود) فلم يعش مغلولا بل كان أهلا للبرية كلها ... لا يعرف الإيثار والتفضيلا إلا الرعاية للفقير المجتبي ... جدواه، لا يبقى بها مخذولا كم أمة هذبتها ووهبتها ... محض الشهاد وزدتها تأهيلا فإذا انتسبت فما انتسبت حقيقة ... إلا لفضل لم يكن مجهولا أما الممالك والعباد فإنهم ... عرفوك - جمعا - فاتحا ورسولا كل يراك زعيمه وصديقه ... ومواطنا وسلاحه المسلولا وأرى خيالك ما يزال عزيزهم ... يأبى عن النهج القويم مميلا متمثلا في همهم وشؤونهم ... فيحل معضلة ويصلح قيلا وبريق عينيه يشف كعزمه ... عن حد ذهن لن يموت قليلا وجبينه الوقاد مطلع نورهم ... وجلالة حفظوا لها التكليلا أعددت ثورات وقدت كتائبا ... للرأي ثم نصرتها موصولا ما خانك الإقدام يوما والالى ... عشقوك إن خان الزمان ذليلا فبلغت مجدك بالمواهب وحدها ... تقتاد شبانا بها وكهولا أين الذين يتابعونك حاملا ... علم الشباب فيزدهي محمولا؟! ما كنت تغفل جهدنا وحقوقه ... بل كنت ترعى حرمة وأصولا وتشجع البطل الصغير ليعتلي ... وتصغر الرجل الحسود مهولا لك في دمي حق الوفاء فخلني ... أحيي كما يرضى الوفاء جميلا كرمت لي أدبا كأنك موجدي ... أو عشت للأدب الجديد كفيلا في جم إخلاص وجم صراحة ... لا تقبل التغرير والتمثيلا ولكم تحكم جاهل أو عابث ... ومن المصائب أن نطيع كليلا و (الجهل) في دست الزعامة نكبة ... لن تنمحي عذرا ولا تأويلا تخذ (الصحافة) للمهازل مهنة ... فأثار داء في النفوس وبيلا

فمحرما طورا زهور مؤلف ... ومحاربا همم الشباب عجولا ومرتلا آنا مديح نقائص ... لولا المدائح لم تكن لتجولا قد كنت عونا (للنبوغ) وطالما ... أردى (النبوغ) الحاسدوه قتيلا أبكيت في شعري، وفي نثري، وفي ... فكري، كما أبكي الرياض حيولا وأكفكف العبرات، لكن شأنها ... باق، فدمعي لن يزال همولا ومن المدامع ظاهر ومحجب ... ما كل وجه نائح مبلولا! تجري الدموع الخافيات بخاطري ... وبكل إحساسي هوى مبذولا وتفيض من قلمي فأنظم هكذا ... هذا النظيم عواطفا متبولا وأؤبن (الفضل) الذي لإبائه ... لا فاضلا نلقى ولا مفضولا! والآن هل تكفي شؤون يراعتي؟ ... حبس العواطف قد يكون قتولا! هيهات تكفي!. . فالنظيم وحرقتي ... يتبادلان مناحة وعويلا أرثي فأرثي فبك أنفس ما ارتقي ... ذهني وأحلامي له تبجيلا من بهجة (الإنسان) في استعلائه ... خلقا وفكرا مسعفا وجميلا ومن انتهاء (العبقرية) و (الحجى) ... لنهاية تستوجب التنزيلا! ومن (التسامح) في الحياة وقلما ... عرف (التسامح) في الحياة خليلا أسفي على هذا الفراق وإن يعد ... هذا (النبوغ) مجددا تشكيلا وأقلب الطرف الحزين فما أرى ... إلا الورى والموت والترميلا يا جنة (الفيوم) كيف، جزيتنا ... نارا وجزنا فادحا وثقيلا؟! قد راح يلتمس الشفاء فخنته ... كم كان روضك مليلا أسفي! أجل أسفي يدوم فلا تطل ... عتبا علي فلم تكن لتطيلا ما فاتني قبل (التفاؤل) هكذا ... أو كنت أشعر بالحياة ذليلا ولقد بدأت إلى (العلى) مستغفرا ... ثم انتهيت إلى الشجون عليلا

عبثا أحاول أن أهدي لوعتي ... هيهات أشفي للدموع غليلا سخطي على (الدنيا) وأقبح هزلها ... سخط يثير تأججا وصليلا وأنا الذي يا طالما غازلتها ... طربا، وكنت لها كذاك وصولا مرت شرابا بعد حلو مذاقها ... وجنت على أشهى الثمار أصيلا لم أشك قبلك من يقيني هكذا ... وكأنما صار (اليقين) مهيلا وكأنما هذا (الوجود) بأنسه ... أمسى بداجية المصاب محيلا! لم لا أنوح في رثائك حسرة ... أرثي لها نفسي وأرثي الجيلا؟! ما كنت أجزع (للممات) وإن قسا ... حتى رحلت فسامني تذليلا أرثي العصامي العظيم المبتني ... مثل (الثبات) لمن يهون ملولا أرثي (الخلود). . . وما (الخلود) بدائم ... في صورة، بل يتبع التعديلا ما بين إيمان به وبضده ... كم نتعب التفسير والتعليلا رثي وأبكي والأنام جميعهم ... كالنبت يهضمه الزمان أكولا الفيلسوف كجاهل، وكلاهما ... يفني، وما أعرف الممات ذهولا وقليل ثأري أن مثلك فقده ... جعل (القضاء) المستعز خجولا! وعظيم صبري أن وحيك ملهمي ... صبرا، وعلمك لم يزل منقولا (سقراط) قبلك (والمسيح) كلاهما ... ضحكا من (الموت) الخؤون مهولا وضحكت أنت من الأساة معزيا ... همما تناجيك المدى وعقولا! الإسكندرية: 28 يوليو سنة 1927م أحمد زكي أبو شادي (لغة العرب) من وقف على هذه القصيدة العامرة الأبيات، البديعة المعاني الأخذة بالألباب، يتصور أن لآلئها رصفت في عدة أشهر. والذي أعلمنا به أحد الثقات أن صاحبها ابتدعها في ساعات مرت بين 27 و28 تموز (يوليو) في جلستين أو فكرتين لا غير. ومما يجب أن تنتبه له هو أنك لا ترى في جميع أبياتها خيالا كاذبا، أو تصويرا وهميا، بل تلقى الحقيقة مبثوثة في ثنايا كلمها بثا عجيبا، وإن قيل لنا أن في وادي النيل شعراء ينظمون الشعر نظما رقيقا؛ قلنا لهم: ليس في ذلك النظيم إحساس كما في هذه الأبيات. ولا تحبس أوتار القلب كما يجسها أبو شادي، فلقد ثقل طبه للأجسام إلى عالم طب الأرواح فنبغ في الطبين النفسي والبدني. ولهذا لا نعجب من لطفي بك جمعة الأستاذ الكبير

اتقاء البيضة

وهو كتوم (سكرتير) لجنة التأبين حين يكتب إلى ناسج البردة ما هذا نصه: (أهنك بتلك القصيدة العصماء التي وصلتني في رثاء الدكتور صروف: وأنها لمن آيات الشعر العربي الحديث، وفريدة فريدة، بل هي بيت القصيد إن كان الشعر كله قصيدة، فنعم الخيال والحقيقة، ونعمت البدعة والموسيقى في الإيقاع، ونعمت الدقة والإبداع وسيكون لها في الاحتفال أعظم مكانة إن شاء الله) اه. على أننا نقول: لو كنا من أهل المراهنة لراهنا على أنها لن تلقى في الجنة القادمة إلا الأعراض عنها، لأننا نعلم حق العلم أن فؤاد أفندي صوف هو صاحب شوقي وشوقي لا يريد أن يقوم بجانبه مناوئ، ولا سيما إذا كان ذلك المناوئ ممن أقر بفضله وشعره القاصي والداني والرائح والغادي مثل الحكيم أحمد زكي أبي شادي. اتقاء البيضة نشرت إدارة الصحة في البصرة بيانا فيه ذكر الوسائل التي تتخذ لمكافحة الهيضة ودونك نصها (بحرفها): 1 - منشأ دار الهيضة (الكولرة) من مكروب يخرج مع براز المصاب بها. 2 - إن الماء واللبن (الحليب) والأطباق تبعث على انتشار المرض. 3 - فيلزم غلي الماء واللبن قبل استعمالهما. 4 - الاحتراس الشديد من الذباب، فإنه من أهم الوسائط لنقل الجراثيم. 5 - الاعتناء بنظافة البيت وإزالة جميع الفضلات منه. 6 - الاجتناب عن أكل السمك الفاسد والأثمار غير الناضجة، فإن هذين النوعين من الطعام يسببان الإطلاق (الإسهال) الذي ربما أدى في الأخير إلى الإصابة بالهيضة. 8 - عند الإصابة بالإطلاق (بالدايريا) أثناء انتشار الهيضة يلتزم مراجعة الطبيب واستشارته فورا. 9 - يلزم غسل الأيدي قبل تناول الطعام. 10 - على كل شخص أن يخبره (المختار) عندما يسمع بوفاة أحد ما. 11 - يلزم التطعيم ضد الهيضة.

غادة بابل

غادة بابل رواية تاريخية أخلاقية تصف الحياة في بابل خرجت شميرام من قصرها في بابل تلك المدينة المطلة على الفرات. وكان هذا الصرح الشامخ في الجانب المعروف ب (خديميرا) أي باب الله. فوقفت على ضفة النهر وشرعت تنظر إلى الجانب الآخر نظرة متعجب دهش، لما ظهر لها من الأبنية المنسقة، والقصور الباذخة. والآثار الشاخصة في جانب (دنتبرا) أي محل شجرة الحياة. فأطربتها روية أشجار الصفصاف المتدلية الأغصان الوارفة الظل ومنظر النخل الباسق الذي ينطح كبد السماء ثم حان لها التفاتة إلى الجواري والوصائف اللواتي كن معها فقالت لهن: انصرفن جميعكن إلى البيت ولا يبق معي هنا إلا (نتو) نجيتي. إذ لي نذر أريد أن أقوم به في هيكل الآلهة (أنو وبل وأيا). وربما يطول مكثي فيه فتنتظركن والدتي وتستبطئكن. ما كان منهن إلا أن رجعن على أعقابهن. تلبية لأمر سيدتهن، بعد أن قبلن يديها، وقمن بأداء فرائض الاحترام والعبودية. انفردت شميرام بنتو نجيتها وساد السكوت بينهما. وكانت شميرام مطرقة ذاهلة كأن في خاطرها فكرا يجول وتريد أن تكتشفه لنتو. وتستطلعها على أسرار ضميرها. ولكن عاملا سريا كان يعقد لسانها. شاهدت نتو حالة سيدتها وعرفت شيئا من اضطرابها وحيرتها غير أنها لم تجسر على أن تبادرها بالكلام أو تلقي عليها سؤالا. وما كان منهما حتى بلغتا برجا شاهقا عليه آثار الأبهة، والعظمة بادية عليه، وعلائم المجد والوقار ظاهرة فيه وهو ذو سبع طبقات كل طبقة منها مصبوغة بلون فضلا عن النقوش البديعة المتقنة التي ترى عليها مما يأخذ بمجامع القلوب ويفتن الأنظار. كانت الطبقة الأولى مصبوغة بالأبيض والثانية بالأسود والثالثة بالقرمزي

والرابعة بالأزرق والخامسة بالأحمر والسادسة محلاة بالفضة والسابعة بالذهب. وفي قمة الطبقة السابعة تمثال من ذهب علوه عشرون قدما للإله (بل) وفي جانب هذه الزقورة مائدة من النضار. وكانت شمس بابل وأنوارها شمس بابل وأنوارها المتألقة الصافية تضرب على تمثال الذهب فيتلألأ كأنه شعلة يملأ ضياؤه العيون وكأن الهيكل عالم الفناء يناجي عالم البقاء. وكان هذا البرج هيكلا أقيم لعبادة الآلهة السبعة. مرت شميرام بهذا المعهد الديني ولم تحفل به. وغفلت عن القيام بفروض الخضوع والاحترام لارتباك أفكارها، والهواجس الكثيرة التي كانت تنتابها فانتهزت نتو هذه الفرصة لتقطع السكوت الذي كان سائدا بينهما وقالت لها: سيدتي اسمحي لي أن أقول لك إننا بازاء الزقورة وحضرتك المبجلة قد غفلت عن القيام بشعائر الدين وواجبات الاحترام وهذا مما ينزل عليك غضب الآلهة ويجلب إليك انتقامها منك. فانتهرتها شميرام قائلة: دعيني يا نتو فإن الهموم قد ساورتني وغشت على بصري وبصيرتي. فأين هي الزقورة يا أمة السوء؟ فإنني لم أشاهدها ولا علم لي بمرورنا بها. نتو - سيدتي أنى تساورك الأحزان وعلام يد الأشجان قد ضربت على أوتار قلبك بريشة اليأس حتى أن صدى الهموم يمازج نبرات صوتك فتبدو على محياك الوسيم ظواهر الغم والأسى. ويفعل الجوى في نفسك فعلا ينسيك أقدس الواجبات حتى أنه لم يفسح لك مجالا لتتقدسي بمشاهدة مهبط نعم الآلهة عند اجتيازنا بالزقورة. شميرام - أواه! وا حسرتاه! لو أصاب ما في نفسي جبل كردو لدكه دكا وبسطه بسطا. ولو كانت نار حزني في عهد أبينا (ستنبشتم) لنشفت مياه الطوفان وأقفر العالم. اه! أيها الإله (بل) إنك حنقت على الإنسان في عهد ذلك البار وعزمت على أن تمحوه وتلاشي نسله بمياه الطوفان ولكن توسلات البار (ستنبشتم) هدأت غضبك ونالت نصيبا من عفوك ورضوانك. فقلبي الصغير معذب اليوم باعذبة مبرحة

وغارق في سيل مرمرم ما لم تنجه رحمتك وتفرج عني بعض الفرج. أفلا تعطف على شرخ شبابي وريعان عمري؟ نتو - ماذا داهمك اليوم حتى ألقاك في هذا اليم من الحزن والكآبة لا بل قلب فرحك حزنا ورجاءك يأسا؟ عهدي بك الغنج والدلال والفرح والمرح؟ فما سر هذا الانقلاب فيك؟ شميرام - وأي رجاء لي؟ إن المنية لا حلى لي من حياة كلها مرائر. والقبر عندي أفسح فضاء وأسعد مثوى من قصور الملوك. نتو - سيدتي العزيزة! لقد اتخذت تبرمك حتى الآن بين الجد والهزل إذ لم أجد داعيا يثير كوامن شجاك فالآلهة قد غمرتك بنعم كثيرة ودرت عليك إخلاف إحسانها وعوارفها. انبتتك في بيت تحسده عليك البيوت إذ له مجد مؤثل، وشرف موروث وشهرة بعيدة وثروة طائلة. وقد تك من أديم الحسن والجمال والبهجة والنضارة وزينتك بكل بديع رائع. وأنت في بيت والدتك ربة الأمر والنهي. ولا تكادين تنبسين ببنت شفة حتى تتحقق رغباتك فما تبرمك إلا بطرا، وما حزنك إلا وليد أوهام وأشباح. كانت شميرام تسمع هذا الكلام ساخرة. هازة رأسها هزة الاستخفاف بكل هذه النعم: ولما انتهت نتو من خطابها، أجابتها بصوت يقاطعه اليأس والأسف: وهل تجهلين يا نتو أن النعمة قد تكون حينا نقمة. ويكون الشرف الرفيع عائلا على هوى القلب. وما الغنى والحب والنسب والجمال والشبيبة إلا عوامل تقيد الإنسان إن لم تخدم رغائب النفس. فللنفس سلطان شديد الشكيمة إن لم يطع يمت الجسم نحيلا. نتو - سيدتي: خففي عنك جزعك ففي عباراتك أحاجي وألغاز يعسر على الكهنة فك غوامضها، فأنى لي كشف أسرارها فبوحي لي بما يكنه صدرك لعلي أرشدك إلى ما يسري عنك الهم، هذا وأنا رهينة إشارتك وأطوع إليك من أناملك وأفدي حياتي لسرورك وكل ما عز علي يهون لي في سبيل رضائك.

في هذه التضاعيف بلغت شميرام ونتو الهيكل فانقطع الكلام بينهما. الهيكل بناء فخم واسع الأرجاء ثابت الأركان محكم البنيان متقن الهندسة تفنن أرباب الصناعات في إفراغه في قالب الإتقان فأتى طرفة بديعة في آثاره البابلية إذ ترى جدرانه التصاوير الناتئة وهي تمثل الحيوانات والأشجار المتضاربة الأنواع المصبوغة بالألوان الزاهية الزاهرة مما يسر النظر ويطرب الخاطر. وفي الهيكل أصنام الآلهة المختلفة وقد نحتت نحتا في الحجر والصخر وقد أجاد صانعوها كل الإجادة حتى أنهم حاكوا الطبيعة في مقوماتها وتشخيص أعضائها وتمثيل أدق أجزائها. وكان تمثال الإله (أنو) على شكل إنسان ذي لحية طويلة له ذنب كذنب النسر ورأسه رأس سمكة تسقط على كتفه وظهره وتمثال الإله (بل) بهيئة ملك جالس على عرش عظيم وللإله (ايا) أربعة أجنحة مبسوطة. وهناك غير هذه التماثيل. كان هيكل غاصا بالزوار والمتعبدين. وفي طرف منه مذبح تقدم عليه الضحايا والقرابين. هناك توقد النيران في مواقدها ويحرق البخور في مجامره فتندلع ألسنة نارية من الأولى تلقي هيبة وجلالا في المعهد الديني ويعطر دخان البخور بأريجه فضاء الهيكل وتتصاعد منه سحابة كأنها تريد أن تجمع بين الأرض والسماء فيؤثر هذا المشهد الفتان تأثيرا سريا في النفوس. ويزيد الكهنة المنظر بهاء بنبراتهم الدينية. فتراهم يقومون بسدانة الهيكل ويطوفون بتمثال الإله وينشدون الأناشيد بصوت رخيم وبين آونة وأخرى يتمتعون بألفاظ لا تفهم، عليها مسحة السحر وعلى محياهم علائم الرياء بادية إذ اتخذوا المين والخداع من أجل الوسائل للاستبداد بالشعب والتبسط في السلطة واحتكروا العلم والعرفان وتذرعوا بهما ليضيقوا الخناق على الشعب الجاهل ويستنزفوا ثروته. تقدمت شميرام في الهيكل وقد ضاقت بالأحزان ذرعا. وأخذت تناجي الآلهة بلقب متلهف ولوعة محترقة واغرورقت عيناها بالدموع وهي لا تعي أفي الدنيا هي أم في عالم الأرواح وهجست في نفسها أن عاملا سريا يدفعها إلى مراقي الألوهية فقالت: أيها الإله (أنو) أبا الآلهة ورب العالم الأسفل ورب

الظلمات والكنوز الخفية المستترة يا من القدرة طوع أرادتك، والسلطان مسخر في خدمتك والكون لك مقدس والعالم لك معبد. ويا أيها الإله (بل) يا رب العالم يا من بيده مفاتيح الأقاليم ومقاليد الأصقاع والبلاد والممالك، يا من تخضع له الأرواح صاغرة، يا من يلتجئ إلى ربو بيتك العبيد والضعفاء، ويا أيها الإله (ايا) يا رب العقول ومرشد الإفهام يا رب العالم المنظور وسيد الكائنات، وينبوع العلوم ومعدن الشرف، وأصل الحياة، نستمد من أنوارك الإلهية الرشد والعون والأيد، أيتها الآلهة الثلاثة انظروا عطفا على جبلتكم وصنعة أيديكم التي ترزح تحت البلايا والمصائب ارحموها رحمة واسعة. بينما كانت شميرام تقوم بالصلاة كان (بيروس) الكاهن الكلداني يرمقها بنظره ويحاول أن يكشف ما في نفسها ويقف على ما في ضميرها. وزاد رغبة في ذلك حين رأى عليها ملامح الحسن والجمال فصبت إليها نفسه وخفق قلبه شوقا وغراما. فأخذ يفكر طويلا في العامل الذي حمل تلك الفتاة على التنهدات والزفرات وأنت تعلم أن الكاهن الكلداني فطن لبق في استمالة الشعب وله مقدرة فريدة على إغواء القوم وقراءة مخبئات صدورهم. وكان موقف شميرام أم يدل على شيء مما في نفسها إذ كانت في الهيكل أشبه شيء بالحمامة الساجعة على فنن الشجرة تغرد مستعطفة أليفها. فحف إليها مترنما طريا وقد أسكرته الخمرة التي شربها منذ الصباح وعبقت فيه أنفاس الحميا فمر بين الجمهور يميد ويتمايل وهو يسارق النظر إلى الغادات فتثير في قلبه ثائرات الشعور. فتقدم من شميرام وقال لها: أيتها الفتاة عدي الإله (بل) وعدا صادقا بأن تخصصي نفسك له ليلة تقضينها في هيكله في التهجد والعبادة فيزورك ويقدسك وهو يرأف بلا مرية بشيبتك وينيلك رغبات قلبك فهو شفيق رحيم ولا سيما يعطف على عبداته اللواتي يخلصن له النية. وعديني بالقرابين والضحايا وأنا ألقنك صلاة الآلهة (إشتر) إلاهة اللذات والتناسل فتشفق عليك وعلى شعورك وغرامك فتظفري بموضوع حبك. وكانت ظواهر البشر تلوح على وجه شميرام وكل لفظة من لسان ذلك الدجال كانت تبعث وميض الرجاء في نفسها وتحيي ميت آمالها فارتاحت إلى

أقاويله وعقدت بها حبل أمانيها ولا سيما نجيتها نتو فإنها مهدت لها الطرق ووافقت على نصائح بيروس قائلة: أن الكهنة يناجون الآلهة فتوحي إليهم كل ما هو صالح للبشر، فثقي بقوله ووطدي رجاءك وأعملي بما يوصيك به. فأخذهما أنئذ بيروس ووقف بهما بين يدي تمثال الآلهة أشتر وهي معبودة عريضة الوجه واضعة يديها على صدرها ثم لقنهما صلاة تلتاها بعبادة. ولما انتهت الصلاة غادرتا الهيكل. وتبع بيروس خطواتها. وفي مجاز الهيكل همس في أذن نتو كلاما لم تشعر به شميرام لانشغال بالها. قالت نتو لشميرام: عسى أن الآلهة تقبل أدعيتنا وتستجيب صلواتنا لا سيما بيروس سيقدم إليها الضحايا والقرابين. وهل فكرت جيدا أيتها السيدة كيف أنه أحلك مقاما رفيعا. فتقدم إلينا لمن بين أقرانه الكهنة ووازرنا في بغيتنا. الحق يقال أن أريحيته عن كرم عنصره. شميرام - تلك فريضة عليه وعلى فرقته الكلدان. نتو - بينك وبين بيروس بون شاسع وبين القلبين فج عميق. شميرام - ماذا تعنين بكلامك وإلى م تومئين؟ نتو - إن الآلهة عطفت عليك وتيمت قلبا في حبك. شميرام - ومن ذا؟ نتو - بيروس الكاهن. شميرام - أنا بواد والآلهة بواد. فلم تألب الكون وآلهته، والطبيعة وأربابها على اغتصاب قلبي، لا وايلو! لا اتخذ قرينا إلا شمشو، شمس الزمان وبدر الشبان. ألا تعلمين يا نتو أن بيروس متزوج بامرأتين فكيف ترضين به زوجا لي فأكون ثالثتهما. نتو - أنى تحبين شمشو؟ وماذا يهمك زواج بيروس أنه يتخذك أعلاهما مقاما وتكونين عنده ربة الحل والعقد. شميرام - أني لا أصبو إلى غير شمشو نجل عمتي فهو بغيتي الوحيدة. نتو - أولا تعلمين أن شمشو مفتون بحب غيرك؟ شميرام - ألعلك تريدين أن تقولي أنه يحب حترا بنت أجيبي الصراف؟

نتو - نعم. أما بيروس فمشغوف بهواك. ويفدي كل عزيز غال في سبيل حبك. شميرام - أن شمشو وإن كان يهوى غيري إلا أني أهواه، ومن أحق من بنت الخال بابن عمتها وسأبذل جهدي في أسر قلبه بحب غير حب ابن العمة لابنة خاله. وسيساعدني الزمان على ذلك. ومن ذا الذي يقدر أن يمحو حبه من فؤادي فلا أطمع في حب غيره. ولا مرية في أن مجرى الحب سيتصل بفؤادي ويتخذ له من القلب إلى القلب سبيلا. نتو - لا أرى داعيا لتعلقك وهيامك بشمشو وهو مشغول عنك بعشيقته. فخير لك أن تحبي من يهواك وتدفعي عنك عناء أنت في غنى عنه. شميرام - اضربي صفحا عن ذكر بيروس فهذا أمر يعد تحقيقه من رابع المستحيلات ولا أمالئك عليه ولا يطاوعني قلبي أن أحبه. وهبي أني تعلقت به فدون ذلك عقبات جمة. ووالدي يقف عشرة في سبيل هذا الزواج ولا يعطيني لكاهن لما بين طبقة الإشراف والكهنة من التنافر والخصام في بابل. نتو - مالك إلا أن تلقي زمام الموافقة في حب بيروس وهو يدبر الأمر مع والدك. لما رأت شميرام هذا الإلحاح قطبت حاجبيها وقالت يكفيك يا عبدة السوء أن تحاولي السيادة على قلبي ولا أرضى أن تفاتحيني مرة أخرى بهذه المزعجات المكدرات. فانزعجت نتو من هذا اللوم وانقبض صدرها من توبيخ سيدتها ولكنها كظمت الغيظ. وأنى لها أن تظهره وهي من الجواري وفي عنقها قطعة من الحديد مكتوب عليها أنها ملك شلمان كرادو (أي أبي شميرام) ولكنها أضمرت لها سوءا وفكرت في تدبير حيلة تصطادها بها. وكانت شميرام تسرح نظرها في طرق بابل الواسعة المستقيمة وتشاهد البيوت الفخمة وقصور الملوك وتقر عينا برؤية الجنان والبساتين المحاذية البيوت وتسر بمشاهدة المروج الملاصقة قصور الأمراء والأشراف والمثرين المرصدة لزراعة البقول وشاهدت في الطريق الخيل والحمير والحمالين ينقلون أشياء

كثيرة. فالتفتت إلى نتو وقالت: ماذا يحمل هؤلاء الحمالون؟ فأجابتها: يحملون القار والزفت. شميرام - من أين يأتون به ولأي شيء يصلح؟ نتو - يأتون به من مدينة هيت التي تبعد ثمانية أيام عن حاضرتنا. فإنه ينبجس من الأرض ويتدفق في نهر هيت فيجمع ويتخذ للبناء والتبليط. شميرام - انظري يا نتو كيف أن النساء في الدكاكين والمخازن سافرات الوجه يقضين أوقاتهن ذهابا وإيابا في الأزقة ويحملن أولادهن على ظهورن. نتو - نعم يا سيدتي. تلك النساء العامة أما الشريفات مثلك فإنهن سجينات البيوت لا يخرجن إلى الهيكل إلا نادرا أو لزيارة أصدقائهن محتاطات بالجواري والعبيد كأن الرجال يريدون اختطافهن وهن يتبخترن في الطريق تيها ودلالا. شميرام - أني لا أحب هذه الفخفخة وأفضل عليها البساطة ولهذا لا أود أن يحف بي العبيد والجواري وأحب شيء إلي من ذلك كله أن أقضي أوقاتي بمسامرتك. نتو - سيدتي أني أتشرف بمرافقتك وبعطفك علي وأتلقى كل كلمة تفوهين بها بالترحاب وإن كانت زجرا وتأنيبا. لأني أنا التي عنيت بك وقد حملتك طفلة على ذراعي. ثم حاولت نتو أن نذكرها بانتفاضها من حديثها عن بيروس غير أن سيدتها خفت مهرولة ودخلت البيت. لبيت شميرام أو بيت شلمان كرادو كما يعرفه البابليون شهرة بعيدة لعظمته وبنائه. لأن صاحبه من الأشراف المثرين في المدينة. في مدخل هذه الدار مجاز طويل مظلم معقود بالآجر يفضي إلى ساحة واسعة الفناء مطلقة الهواء تشرق عليها الشمس فتبهجها. وحوالي هذه العرصة تقوم الأبنية. وأمام الغرف رواق مسقف ووجه البناء على هيئة طاق تسنده أعمدة. والبناء طبقة واحدة والغرف ضيقة مستطيلة الشكل. وسقوف بعضها معقودة بالآجر وغيرها مسقفة تسقيفا مسطحا بجذوع النخل. وبعض هذه الغرف مخصص بالسكنى وبعضها بالمؤن. ولها سطح واحد يصعدون إليه بدرج مبني بالآجر والبيوت تطل بعضها على بعض.

وفي البيت سرداب لا ينفذ إليه إلا نور ضئيل يقضي فيه سكانه هاجرة الحر. ويقسم البيت إلى ثلاثة أقسام. قسم للرجال وقسم للحريم والقسم الثالث للمطبخ والعبيد والجواري. والمطبخ مشيد باللبن. ووراء البيت جنينة وحقل للزرع. وكان الأثاث كراسي مختلفة الأشكال وحصرانا منسوجة من الخوص وخابي وأوعية وحبابا مشوية بالنار ومطلية بالألوان. وفي غرفة شلمان كرادو وامرأته سريران من خشب قوائمهما على شكل أرجل أسد وفوق كل سرير فراش وثير ولحافان. وكذا قل عن سرير شميرام. وفي غرفة شميرام أم سجادة بديعة قد نسجتها بيديها في وقت الفراغ. وهناك أوعية صغيرة للكحل والحمرة وأصباغ الوجه والشعر وغيرها من أدوات الزينة. وفي المطبخ رحى وتنور وقدور كبيرة. وفي الدار صواني ومائدة وملاعق وشوكات للأكل. كان العبيد والجواري يقومون بأشغال البيت من طحن وعجن وخبز وطبخ وغسل ثياب وغيرها. كانت تجتمع أسرة (عائلة) شلمان كرادو يوميا للأكل معا إلا أن النساء يعتزلن الرجال في المآدب. شبت شميرام في ذلك البيت أليفة الدلال وحليفة الشرف تقضي معظم أوقاتها في البطالة ومحادثة جاراتها من السطح وما كانت تترك السطح إلا إذا اشتدت حرارة الشمس وتعود إليه عند الشمس إلى المغيب وكانت تزور أحيانا صديقاتها في بيوتهن أو تذهب إلى التنزه أو إلى الهيكل للصلاة وقلما تعاني مشقة أشغال البيت مثل بنات الأوساط أو الفقراء. وعندما يضيمها الضجر ويلحقها السأم تعمد إلى الخياطة والتطريز وكانت حياتها على هذا الطرز من الفقر والكسل شأن كل بنات بابل المترفهات الناعمات. لما صارت شميرام في فناء الدار رفعت نقابها وعمدت إلى كوز (تنكة) كانت معلقة بجسر الممشى وارتشفت الخمرة التي كانت فيها حتى ثمالتها واتجهت توا إلى غرفتها ومدت الحصير على الأرض واستندت إلى الوسائد الناعمة ثم أطلقت نفسها للهواجس. يوسف غنيمة

فوائد لغوية

فوائد لغوية النسبة إلى تربية: تربي أو تربوي نرى في المجلات والجرائد من ينسب إلى كلمة تربية: تربيوي، وبعضهم يقول: تربيؤيي وآخرين: تربئيوي. وكلها شناعة في شناعة؛ ولو عرفوا قواعد لغتهم لقالوا: تربى (بفتح التاء وسكون الراء وكسر الباء وفي الآخر ياء النسبة)، ويجوز في لغة: تربوي (بفتح التاء وسكون وفتح الباء وكسر الواو وفي الآخر ياء النسبة). وهذا ما يتضح من الألفية، إذ يقول ناظمها: (والحذف في اليا رابعا أحق من ... قلب وحتم قلب ثالث يعن) قال أبنه: فيقال في النسب إلى. . . . . مرمى: مرمي وقد يقال: مرموي: تفرقة بين الأصل والزائد. وقال أيضا: وإن كانت (الياء) رابعة حذفت، كقاض وقاض، وقد تقلب واو ويفتح ما قبلها فيقال قاضوي. اهـ إلا إن سيبويه صرح في كتابه (في 2: 71 من طبعة بولاق) إن حذف الياء أفصح وإن كان يجوز قبلها واوا وزيادة ياء النسبة في الآخر. قال: (وتقول إذا أضفت إلى رجل أسمه يرمي: (وزان الفعل رمى يرمي) يرمي (بتشديد الياء). . . ثم قال الخليل من قال في يثرب: يثربي (بكسر الراء في الأول وبفتحها في النسب) وفي تغلب (بكسر اللام): تغلبي (بفتحها) ففتح مغيرا فانه إن غير مثل يرمي (بالتخفيف) على ذا الحد، قال يرموي كأنه أضاف إلى يرمي. اهـ. وبهذه الإشارة كفاية. الحوط قال في القاموس (حاط الحمار عانته حفظها). أقول إن (حاط) هنا بمعنى صان وحفظ والحمار يطلق على الأهلي والوحشي

المفترجات

والعانة كما تطلق على المحل المعلوم تطلق على القطيع من الحمر الوحشية كما يستفاد ذلك من القاموس عند تفسير الكلمات الثلاث فيكون معنى هذا التركيب (أن الحمار حفظ قطيعه) وذلك أن لكل قطيع فحلا يتغلب عليه ويقوم بحمايته من الطوارئ الخارجية. إلا أن مترجم القاموس التركي ترجم هذه العبارة بما يضحك الثكلى إذ قال (ومركب وسائر حيوان صار قمش آلتني أيجر وجكمك معناسنه مستعملدر يقال حاط الحمار عانته إذا جمها) اه. وقال مترجم الجوهري (ويحوط خر ذكريني أيجرى جكسه دخي ديرلر تقول الحمار يحوط عانته أي يجمعها) وهي هفوة عجيبة! ولكن ألا يحق لنا أن نبحث عن منشأ هذه الهفوة أهو قصور من المترجمين أم أن لهم مآخذ من الكتب العربية؟ أما شارح القاموس فلم يمط اللثام في هذا المقام بل اكتفى بأن زاد على عبارة المتن قوله - جمعها - فتأمل! محمود الملاح (لغة العرب) غوليوس وفريتغ اللذان أوضحا ما في القاموس من مبهم الكلام اعتمدا في شرحهما على الاوقيانوس لعاصم أفندي ووان قلي ناقل الجوهري إلى التركية فوهما وهم هذين الناقلين. وجاء غيرهما من الإفرنج فوقعوا في تلك المهاوي. فلينتبه القارئ. المفترجات جاء في مجلة المجمع العلمي العربي (354: 7) شرحا لكلام أحد الأدباء صاحب (رحلة إلى حلب والشام) ما هذا حرفه: (ثم بعد اجتماعي بهؤلاء السادات، فرغت نفسي للتفرج على المفترجات، التي طار ذكرها في الأقطار، ومدحتها الأدباء في النظام والنثار). فقال حضرة صديقنا العلامة المغربي تعليقا على هذه العبارة: (ثم أخذ يسرد ما قاله الشعراء في وصف دمشق، والظاهر من كلمة المفترجات أنه

يريد بها الأماكن التي تصلح للفرجة عليها، ونسميها اليوم منتزهات أو متنزهات. أما (المفترجات) فلا نعرفها، بل لم نسمعها، وهي مشتقة من مادة (الفرجة وتفرج ولا نعلم إن كان هو الذي اخترع تلك الكلمة أو كان يستعملها أهل زمانه فتابعهم عليها؛ لكنه مع الأسف لم يذكر تلك (المفترجات) التي زارها ولا اعتنى بوصفها لنا). انتهى المطلوب من إيراده. قلنا: (المفترجات) كلمة وردت في كتب المولدين قبل صاحب (رحلة إلى حلب والشام) بمئات من السنين؛ وذكروها بمعنيين: أحدهما حسن وهو الأول في موضعه بمعنى المتنزهات التي يفرج برويتها عن الغم والهم. - والثاني قبيح بمعنى الماخور أو دار الفجور: لأن بعض أهل المفاسد لا يفرجون همهم إلا في مثل تلك البيوت، ونحن نذكر على ذلك شواهد: قال الغياثي في تاريخه المسمى (التاريخ الغياثي) وكان المؤلف عائشا في سنة 883 هـ (1478م) في ص277 من مخطوط خزانتنا: كان (الخليفة الناصر) كثير الولع بجمع الذهب وخباءه، لكن جميع ما دفنه استخرجه ولده المستنصر وله قصة طويلة وأخرجه على العمارات والمفترجات وأبواب البر، انتهى. فهذا نص صريح على أن المفترجات وردت بمعنى المتنزه أو المنتزه. وقال ابن اياس (المتوفى في القرن التاسع للهجرة أو الخامس عشر للميلاد) في تاريخه: (وكانوا يتجاهرون في ذلك اليوم (يوم النيروز في القاهرة) بشرب الخمر وكثرة الفسوق في أماكن المفترجات حتى يخرجوا في (ذلك) اليوم عن الحد. . . فلما تسلطن الظاهر برقوق أمر بإبطال ما كان يعمل في ذلك اليوم. . . وانكفوا عما كانوا يفعلونه. . . في أماكن المفترجات ونحو ذلك. وهذه الواقعة ذكرها المقريزي من حوادث سنة 787). اهـ فهذا نص آخر واضح لكنه بالمعنى القبيح. أما اشتقاق اللفظة فلا ينافي وضع الأقدمين وذلك لأن فرج ورد في لغتنا بمعنى فتح فقد قالوا فرج بين الشيئين أي فتح بينهما وكما قالوا افتتح الباب بمعنى فتحة قالوا: افترج الهم بمعنى فرجه أي كشفه وأذهبه. فالمفترجات إذن كاشفات الهم والغم ومذهباته عن صاحبه؛ إذن هي المتنزهات لما فيها من

أبرطيلات ليس من أصنام العرب

المناظر البديعة. وهنا يحسن بنا أن نقول: إن دوزي وهم أشد الوهم بذهابه إلى أن المفترجات هن المومسات. وقد ذكر ذلك في معجمه (الملحق بالمعاجم العربية). وفي كتابه (ثياب العرب) فأصلحه أصلحنا الله وإياك. أبرطيلات ليس من أصنام العرب جاء في مجلة الجامعة (البغدادية) (570: 1) بين أصنام سلفنا ابرطيلات. والحال أن هذا الصنم لا وجود له. وإنما ذكره جرجي زيدان في هلاله نقلا عن بعض ضعفاء الكتاب الذين صحفوا (رضاء واللات) وهما من أصنام الجاهلية بتلك الصورة الشنيعة. وكنا قد نبهنا جرجي زيدان على ذلك الوهم فشكر لنا تصحيحنا لروايته. وممن روى هذه الرواية الفاسدة السمعاني من علماء الموارنة صاحب الخزانة الشرقية في المجلد الثالث في القسم الثاني ص482 فقد ذكره بحروف إفرنجية هكذا أو ولعل قراءتها العربية القديمة كانت: الرضا أو رضى (بدون أل بل بالهمزة وهي أداة التعريف العربية القديمة التي يقابلها هاء التعريف عند العبريين) واللات، فقرأتا كلمة واحدة (أرضا اللات) ثم صحفها المعربون العصريون ابروطيلات. وصحفها مدرس الجامعة بصورة ابرطيلات. الهيرغليف جاء في مجلة الجامعة المذكورة (550: 1) في فصل (العناصر المتولدة من العرب) ما هذا نصه: (استوطن العرب الأقطار السالفة فيما تقدم من الأحقاب وتفرعت منهم أمم كثيرة منها: السريان والكلدان والهيروغليفيون (؟ كذا) والرعاة. . . قلنا: جعل الأستاذ الشيخ عبد العزيز الثعالبي الهيروغليفيين أمة من سلفنا

العرب، وجعل الأستاذ عبد اللطيف الفلاحي الهيروغليف لغة (؟ كذا). وهذا كلامه في كتاب (دروس التاريخ للصف الخامس. الجزء الأول ص12). إذ يقول: (عثر أحد علماء الفرنسيس (كذا أي الفرنسيين) وهو شمبوليون على حجر عليه كتابة بثلاث لغات: الأولى وهي العليا بالهيروغليف، والثانية وهي الوسطى العامية، والثالثة وهي السفلى اليونانية. . .). قلنا: الهيروغليف ليست أمة أو قوما، ولا لغة، إنما هي كتابة بحروف مصورة تمثل أنواع الحيوان من طائر وداب وزاحف وسابح. ولا يحسن بنا أن نغلط مثل هذه الأغلاط التي تضحك منا الغرباء حتى أطفالهم. والذين يغلطون فينا هذه الأغلاط مدرسون وأساتذة وعلماء!!!. وسبب سوء فهم الألفاظ الإفرنجية إننا نتخذها ولا نفهم معناها فلو كنا اتخذنا بدلا منها: الخط المصور أو (البرباوي) كما سماه السلف لما وهم بعضهم هذا الوهم الشنيع. وفق له تصفح كل ما يكتبه أدباء العصر على اختلاف طبقاتهم ترهم يقولون: وفقه الله إلى سواء السبيل مثلا، ولا يخرجون عن هذا التعبير. أو تر فريقا منهم يقول: وفقه الله سواء السبيل بحذف أداة الوصل. والأفصح أن يقال وفقه الله لسواء السبيل. نعم إن قولهم (إلى) سبيل الحق مثلا يؤول بأن (إلى) تأتي بمعنى اللام. وإن قولهم (سبيل الحق) بحذف الأداة هو من باب حذف الأداة ووصل الفعل بمفعوله. كل هذا سائغ فصيح لكنه ليس بالأفصح. قال في القاموس في مادة (م ن ي): (مني لكذا (بالمجهول) وفق.) ظهر من هذا الكلام أن وفق ومني يتعديان بحرف واحد هو (اللام) لا بغيره. فاحفظه تصب أن شاء الله تعالى.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة الموسيقى والمزيقة سيدي الأستاذ العلامة صاحب (لغة العرب) لمناسبة الفوائد اللغوية التي ظهرت حديثا في مجلتكم الغراء عن أصل كلمة (موسيقي) أتشرف بلفت نظر فضيلتكم إلى ذيل الصحيفة السادسة والستين من قصة (إحسان) حيث ذكرت هذه الملاحظات: (اقتبس العرب اسم (الموسيقي) - بكسر القاف - أو (فن الألحان) من الاسم اليوناني (موزيكي - بكسر الكاف). ولكن أدباء القرن الماضي اختاروا فتح القاف تعريبا للكلمة من اللفظ اللاتيني (موزيكا) وبينهم من عربها (موسيقى) بفتح القاف. ولا نرى مانعا من استعمال الكلمات الثلاث وإن كان لفظ (الموسيقى) - بفتح القاف - أخف على السمع وقد اصبح مألوفا مستحبا في عصرنا، وهو يمنع الالتباس أحيانا بكلمة (الموسيقي بتشديد الياء. . .) الخ. وقد قرأت بإعجاب ولذة وفائدة بحثكم القيم. فأهنئكم بهذا الجلد العظيم في البحث وبالتعمق في التنقيب والتأمل الطويل، وإن كان من بعض اللغو أن أشير إلى ذلك، فلولا هذه الصفات العلمية الجليلة لما كان (الكرملي) ما نعرف من إكبار ومنزلة وثقة عظمى ببحثه ورأيه وحكمه. ومن الفائدة الكبرى لكل محب للأدب أن يطلع على هذه المباحث النفسية من قبيل العلم، فالعلم غذاء الذهن، ولم يستغن الأديب كيفما كانت نزعته عن مثل هذا الإطلاع المفيد. وأما عن كلمة (المزيقة) فبودي أن أذكر لفضيلتكم أن نظيرتها العامية الشائعة في مصر منذ أجيال هي (المزيكة)، وغير خاف عنكم الذوق المصري الكثير الميل إلى تخفيف النطق، بحيث أنه كثيرا ما يبدل القاف بكاف،

وكثيرا ما يشدد حرفا أو يهمل التشديد تبعا للنغم الموسيقي في النطق. ولعل هذا هو سر الاختلاف بين الكلمتين العاميتين. العراقية والمصرية. وربما كانت الكلمة العامية المصرية تعريبا أوليا لإحدى الكلمات الإفرنجية العصرية، بينما الكلمة العامية العراقية محرفة من أصل عربي. ولفضيلتكم في الختام أخلص تحياتي وأجل احترامي. الإسكندرية: 28 يوليو سنة 1927م أحمد زكي أبو شادي (لغة العرب) نشكر للكاتب اللغوي والشاعر العصري حسن ظنه بمجلتنا ونقدر ملاحظاته أعظم تقدير ونقول أن المويسيقي بالتصغير وردت في التاج في عدة مواطن، منها مادة (هـ وز) ومادة (زرب) وقد كتبت في هذه المادة الأخيرة بألف قائمة وأما الموسيقى بفتح القاف وألف مقصورة فهي أخف من الموسيقي المشددة الياء، إلا أنها لم ترد في كلام فصيح إنما وردت في كتب العصريين، ولا بأس من استعمالها، إذ تكون معربة من اللاتينية لا من اليونانية. والمعنى واحد. إن كتاب شرح العوامل الذي ألفه الشيخ عبد القاهر الجرجاني من الكتب النفيسة. وبينما أنا أطالعه عثرت فيه على بعض الهنات التي لا بأس بالتنبيه عليها وهي: قال رحمه الله: وهلم بمعنى تعال نحو هلم زيدا أي تعاله. ولا يخفى أن تعال اسم فعل لازم فإذا تعدى يفسر باحضرة قال الله تعالى: وهلم شهداءكم أي أحضروه، فالصحيح أن يقال: هلم زيدا أي أحضره. وقال: أما العامل في المبتدأ والخبر فهو معنى الابتداء أعني تجرده عن العوامل اللفظية نحو زيد ضارب والفاعل مرفوع لمشابهة الفعل بأنه مسند إليه كما أن الفاعل كذلك. وهذه العبارة غامضة فكان أولى أن يقول: أما العامل في المبتدأ والخبر فهو معنى الابتداء أعني تجرده عن العوامل اللفظية نحو زيد ضارب أو مشابهة للفاعل في كونه مسندا إليه. محمد مهدي العلوي

رخامة طور سينا قرأت في العدد (34) من البلاغ الأسبوعي الأغر النبذة المقتطفة مما كتبه أحمد شفيق باشا حول (دير طور سينا) ومما جاء فيها قوله: (وعلى باب الدير لوحة من الرخام نقش عليها اسم باني الدير وتاريخ بنائه بالعربية وهذا نص النقش: (أنشأ دير طور سينا وكنيسة جبل المناجاة الفقير لله الراجي عفو مولاه الملك المهذب الرومي المذهب يوستنيانوس تذكارا له ولزوجته تاوضورة على مرور الزمان حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين. وتم بناؤه بعد ثلاثين سنة من ملكه جرى ذلك 6021 لآدم الموافق لتاريخ السيد المسيح سنة 527. اه). فهذه العبارات توضح تاريخ البناء والباني ولكن لا يفهم منها تاريخ نقش العبارات والموعز بنقشها؟ لأن ملامح هذه الأساليب تدل على أنها من صوغ القرون المتأخرة عن عصر النبوة المحمدية لأن ولادة النبي كانت سنة 575 مسيحية والدليل على أنها متأخرة هذه الجملة الإسلامية (حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين) مع أن القارئ ربما توهم لأول وهلة أنها نقشت في تاريخ البناء والموضوع جدير بالتأمل. ثم قال (وبعد انتهاء الصلاة طفنا بالكنيسة ودخلنا هيكلها وفي جنبيه صور الأنبياء والرسل قبل سيدنا موسى وبعده وهم ايليا وصالح وهود وشعيب وداود وسليمان ويعقوب ومار يوسف ويوشع. . .). مع إنا لا نكاد نشك في أن أهل الكتاب من يهود ونصارى لا يعتدون بغير أنبياء التوراة وشعيب وصالح وهود ليسوا منهم لأن شعيبا من (مدين) وصالحا من (ثمود) وهودا من (عاد) كما في القرآن (وإلى مدين أخاهم شعيبا) (وإلى ثمود أخاهم صالحا) (وإلى عاد أخاهم هودا) فمن أين ساغ لأصحاب الهيكل وهم مسيحيون أن يرسموا صور هؤلاء الأنبياء؟! محمود الملاح أمونة في كتاب (مختارات سلامة موسى): (أن الفلاحين في النيل يهزجون في

غدواتهم وروحاتهم بقولهم (أمونه، أمونه) واستدل بذلك على أن القوم يندبون الإله المصري (آمون) ذهابا منه إلى أنهم ورثوا ذلك عن أجدادهم من قبل الإسلام! مع أن كلمة (أمونه) غير محصورة في مصر بل مستعملة في العراق، والعراق لم يخضع لأمون فكيف تخطى هذا الاسم إليه؟ والحقيقة أن الناس عندنا يحرفون كثيرا من الكلمات عن مواضعها ويفرغونها في صيغ أخرى مألوفة لديهم فيقولون في (فاطمة): فطومة وفي (آمنة): أمونة ولهم أغاني على ذلك. لكن سلامة موسى أعجبته هذه النغمة الصادرة من أفواه الملاحين المصريين فرقص على إيقاعها!!! محمود الملاح بد وبوذا في الصفحة 975 من مجلة الهلال للسنة الحالية عند الكلام على أخذ العرب كلمة (بد) من (بوذا) قال الكاتب: (ولفظة أمة التي تعني الجارية صينية أيضاً لأن معظم الجواري كن يجلبن إلى بغداد من الصين). وظاهرة العبارة يدل على اعتقاد الكاتب أن الكلمة مولدة طارئة على اللغة العربية في العصر العباسي والحق أنها أصيلة في كلام العرب ففي القرآن (والصالحين من عبادكم وإمائكم) وهي أنثى العبد من غير لفظه ولا يخفى أن كلمة (أمية) تصغير (أمة) أصلها (أميوه) ثم وقع الإعلال والإدغام على القاعدة المعروفة. محمود الملاح الثياب الإفرنجية في العراق لبس الرجال للثياب الإفرنجية لم يدخل بغداد إلا في أواسط القرن التاسع عشر للميلاد. فليحفظ التاريخ. ديرنرسيس صائغيان

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الكندي فيلسوف العرب من بغداد. ر. ب. هل الكندي المشهور بفيلسوف العرب مسلم أم نصراني؟ فالذي قرأناه في مجاني الأدب أنه نصراني (307: 4) والذي نسمعه من المسلمين أنه مسلم حنيف، فأين الحق؟ ج - قبل تحقيق الأمر يحسن بنا أن نذكر نص مجاني الأدب وهو: (الكندي (246هـ (860م). هو يعقوب بن إسحاق الكندي (النصراني) وكان شريف الأصل بصريا وكان أبوه إسحاق أميرا على الكوفة للمهدي والرشيد. (ويعقوب هذا أوحد عصره في فنون الآداب، وشهرته تغني عن الإطناب). وكان (له اليد الطولى بعلوم اليونان والهند والعجم متفننا) عالما بالطب والمنطق وتأليف اللحون والهندسة والهيئة والفلسفة. وله في أكثر هذه العلوم تأليف مشهورة. ولم يكن في (العرب) من اشتهر عند الناس بمعاناة علم الفلسفة حتى سموه فيلسوف غير يعقوب. وكان معاصرا لقسطا بن لوقا الفيلسوف البعلبكي النصراني واستوطن بغداد وأخذ عن أبي معشر البلخي. (ومن انسباء يعقوب هذا عبد المسيح بن اسحاق الكندي وله رسالة مشتهرة فند فيها اعتراضات ابن إسماعيل الهاشمي على النصرانية. ذكرها أبو ريحان في تاريخه) لأبي الفرج). انتهى بحرفه. قلنا: يظهر هذا الكلام أن الأب لويس شيخو اليسوعي العلامة نقل كلامه هذا عن أبي الفرج. والحال أننا قابلنا هذا النص بنص أبي الفرج المطبوع في مطبعة الآباء اليسوعيين فوجدنا بينهما فرقا. فما وضعنا نحن بين عضادتين هو من زيادة الأب شيخو ودسه في نص ابن العبري. وهذا يظهر

أيضاً عباراته فإنها غير محكمة الوضع فقوله: له اليد الطولى بعلوم اليونان والهند والعجم لا ينطق به ابن العبري، ولا العربي الفصيح بل يقول: له اليد الطولى (في) علوم (اليونانيين) و (الهنود) و (الفرس). . وأما دسه: (لم يكن في العرب) فالذي في الأصل: (لم يكن في الإسلام). ثم لا نفهم كيف يكون أبو يعقوب أميرا على الكوفة لو كان نصرانيا. وأهل الكوفة منذ صدر الإسلام كانوا متمسكين بدينهم الحنيف فكيف يقبلون عليهم أميرا نصرانيا؟ هذا من جهة نقد الترجمة التي أتحفنا بها حضرة الأب المحترم. وأما تصريح ابن العبري بإسلامية الكندي فصريح من قوله: لم يكن في الإسلام من اشتهر. . . فحذفها حضرة الأب وأبدلها بقوله: (لم يكن في العرب) وبين الكلامين فرق لا يخفى على المطالع. ويظهر من نص بعض الكتبة أن جماعة من بني كندة أسلمت منذ فجر الإسلام. فقد ذكر ابن القفطي (في ص367 من طبعة الإفرنج) ما هذا حرفه: كان أبو إسحق بن الصباح أميرا على الكوفة للمهدي والرشيد وكان جده الأشعث ابن قيس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان قبل ذلك ملكا على جميع كندة. . اهـ. وكان الكندي فيلسوفا معتزليا على ما صرحت به معلمة الإسلام في مادة الكندي (1078: 2 من الترجمة) وكذلك صرح به الأستاذ العبقري محمد لطفي جمعة في كتابه (تاريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب) في ص10 ولم نجد أحدا صرح بنصرانيته سوى حضرة الأب لويس شيخو اليسوعي الجزيل الحرمة. محل وجود هنرنانة بغداد: ي. ن. س. هل تعرفون محل وجود نسخة من كتاب هنرنانة (أي كتاب الشرف) الذي ذكره صاحب كشف الظنون الذي قال عنه: (هنرنانة (وفي النسخة المطبوعة هزنامة وهو خطأ) علي باشا: تركي لنيازي ألفه في غزواته من بغداد وكان واليا بها إلى سجاد مشعشع في سنة 992

وهو كتاب مختصر في مجلد سماه ظفرنامة) ج لا نعرف عن محل وجوده كما لا نعرف عنه شيئا. فإن كان بين القراء من يعرف بمحل وجوده فليذكره لنا. وله الفضل والمنة. كركميش أو جرابلس الحالية بغداد: ي. خ. ما هي كركميش وهل هي جرابلس الحالية؟ ج - جرابلس مدينة صغيرة واقعة على الضفة اليمنى للفرات. ولم تشتهر اليوم إلا لأنها وقعت على خط سكة الحديد الذي يربط سورية بتركية ثم بالعراق إذا تم الخط المذكور. وقد جاء ذكر كركميش في كتب التاريخ القديمة غير العربية. وبقي العلماء يبحثون عن اسمها الحالي وموقعها فلم يتوفقوا للعثور على الحقيقة إلا في أواخر القرن التاسع عشر وكان العلماء قبل ذلك يترددون بين أن تكون قرقيسياء ومنبج ما بوج (عند الأرميين) أو هيرابلس عند الأقدمين إلا أن كشوف) سكين وهندرسن (في سنة 1874) أزالت كل شك وأصبح اليوم من المؤكد أنها جرابلس الحديثة الواقعة على منعرج الفرات بعد خروجك من مضايق جبل (أي الطورس). وما جرابلس إلا تصحيف هرابلس التي معناها (المدينة المقدسة) وكركميش واقعة بين البيرة شمالا (بيرة جك) وبين منبج جنوبا. ولما كانت جرابلس (كركميش) قريبة من هيرابلس (منبج) وكان اسم كركميش قد نسي سميت منبج هرابلس أو جرابلس كما يحدث ذلك كثيرا إذ تسمى البلاد الحديثة بأسماء قديمة كانت مجاورة لها. وأخرجه جرابلس أوضحت أنها قائمة على أنقاض كركميش (وكتبت هذه على الرقم بصورة كر كميش أي بكلمتين ولعل الأصل كرخ كموش وهو من آلهة الموابين. أصله حتى فيكون معنى اللفظة المدينة المسورة المرصدة للإله كموش أو مدينة كموش) وأصل الكاف فيها كاف فيها كاف فارسية أي أنها

تلفظ وموقعها من أحسن المواقع في زمن الحرب ومشهورة بتجارتها المهمة وبأنها مدينة مقدسة وملجأ لمن يريد الهرب من بين يدي أرباب العدل والحكم ولهذا كانت تعتبر مقدسة. وكان لها هيكل شهير يجذب إليه الناس من كل حدب وصوب. وقد جاء ذكرها في تواريخ تحوتمس الثالث (في المائة 16 ق م). وخرجت من أيدي المصريين في عهد ملوك الدولة العشرين. وفل (تكلت إبل أسر) الصوخيين قريبا من أسوارها (في نحو سنة 1100؟) إلا أن أحد خلفائه وهو (أشور نب أمر) (في سنة 1060) قهر في ذلك الموضع عينه إذ سحقه الحتيون المتحالفون فاستقل ذلك الصقع. ثم بعد ذلك بزمن طويل اعترف ملوك كركميش بسيادة أشور ابل أسر الثاني (في المائة 9 ق م) وبسيادة سلمن أسر الثالث و (تكلت ابل أسر الثاني) في نحو سنة 740 ق م) وفي عهد سرجون حاولت المدينة أن تتخلص من أيدي الآشوريين إلا أنها أخذلت وخلع ملكها (فسيرس) (717 ق م) وكان تسلط السرجونيين على تلك الحاضرة من أشأم الطوالع عليها؛ لأنها فقدت شيئا كثيرا من خطورتها التجارية والسياسية. ثم عاد المصريون إليها في عهد نخو الثاني فرعونهم إلا أن نبو (كدر أسر) أمعن في ضربهم (سنة 606) فوقعت الحاضرة في أيدي أبناء بابل وبعد هذه الواقعة الشهيرة التي خسر فيها المصريون نفوذهم في آسية لم يظهر اسم كركميش في التاريخ بل تبعت حظ سائر مدن آسية الصغرى وفي الآخر حكم عليها الفرس. وقد ذكر ج. ماسبرو بين أسمائها: جرامس (في خريطته) وجرجميش وكرخميس ومابوج (أو مابوق) وبنبوك وهيرابلس ومنبج (وهذه كلها في كتابه التاريخ القديم في أمم الشرق) واختلاف هذه الأسماء ناشئ من جهل أبناء القرون الوسطى موقع تلك الحاضرة؛ أما اليوم فلا تعرف إلا باسم جرابلس. وعلى بعد 18 كيلو مترا جنوبا منها: تل اسمه (التل الأحمر) وقد وجد فيه هذه السنة العلامة الأثري الفرنسي ثورو دانجين - تمثالا من الحجر الأسود المانع هو صورة سلمان أسر (الذي يسميه سلفنا سلمان الأعشر وبعضهم سماه سلمان الأعسر) أحد ملوك أشور وقد جلس عند قدميه رجل على رأسه خوذة وقد نقش على التمثال رسوم آلهة ممتطين حيوانات غريبة الشكل وعلى كل جانب من جوانب التمثال رسوم أكابر رجال المملكة. ووجد حفارون آخرون قبل نحو عشرين سنة عاديات كثيرة في كركميش نفسها مما يدل على حضارتها العريقة في القدم.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 41 - كتاب مندايي أو الصابئة الأقدمين تأليف عبد الحميد أفندي بن بكر أفندي عبادة، الطبعة الأولى. حقوق الطبع والترجمة تعود للمؤلف (كذا)، طبع في مطبعة الفرات بغداد في سنة 1927 في 66 ص بقطع 16 في العراق فرقة دينية قديمة اسمها (مندايا) والعامة تسميها (الصبة) (وزان قبة) والفصحاء يسمونها الصابئة وكان يسميها السلف (صابئة البطائح) وقد جمع حضرة الأديب عبد الحميد أفندي عبادة كل ما سمعه من أحد شيوخ هذه الفرقة وهو الشيخ دخيل ودونه بدون نقد وبدون أن يطالع ما كتبه من تقدمه في هذا البحث، وهذه الصفحات تحوي كل ما قاله الشيخ دخيل، وأنت تعلم إن من مصالح الفرق الخفية الدينية أن تخفي ما تؤمن به من الأسرار وتجهر بما يحسنها في نظر الذين يحيطون بأصحابها، فهذا الكتاب من هذا القبيل مما يحرص عليه لأنه لسان حال الزاعمين لا لسان حال ما هم عليه من صحة ما يعتقدون.

42 - فوائد الاختبار أو ديوان التويجي من نظم ملا خميس آل التويج، طبع بمطبعة الفرات في بغداد سنة 1346 في 71 صفحة بقطع الثمن الصغير كنا لا نرى في دواوين الأقدمين سوى المدح والهجاء والرثاء والتهنئة وما خرج عن هذه القيود لا أثر فيها. وقد طالعنا هذا الديوان فوجدنا فيه بيوتا عامرة بالحكمة والآراء السديدة ووجدنا للقصائد عناوين جديدة غير العناوين المبتذلة فأكبرنا همة الناظم ودعونا له بالنجاح والفلاح. على أننا وجدنا في كل صفحة أغلاط طبع تشوه بعض ما فيه من المحاسن ففي ص2: فخذ ألا يا سعد. . . ولو قال الناظم: ألا فخذ يا سعد. لأن ل (ألا) صدر الكلام لكان أجود. - وفيها أودعي. والأحسن ما دعا. - وفيها: أن به يلاقونك. وفي هذه الكلمة الأخيرة جواز شعر لا يستحب - وفيها غير هذه الأوهام. فعسى أن تنفي من هذه النسخة في الطبعة الثانية! 43 - نهضة اليابان وتأثير روح الأمة في النهضة تأليف العقيد (وهو اليوم الزعيم) طه (بك) الهاشمي، طبع بمطبعة دار السلام في بغداد سنة 1925 في 196ص بقطع الثمن. عجيب أمر طه بك الهاشمي في حمل وطنييه على حب وطنهم العراق وترغيبهم في مسايرة رقي العصر ومما شاة الإفرنج في مكشوفاتهم وتحقيقاتهم وإمعانهم في الحضارة. فلقد وضع كتابا في نهضة اليابان ليعرض مثالا حيا للعراقيين ولهذا صدر تصنيفه بجزء جعله الجزء الأول أدار قطب بحثه على (المقدمة)، وآراء الاجتماعي أدمون ديمولان، ونظريات الروحي الشهير جوستاف لوبون، والسجايا العربية ونبذة من تاريخ العرب، وتكون السجايا العربية، ومقدرة العرب على الحضارة، وبطرس الكبير والإصلاحات التي قام بها، والانقلاب الروسي الأخير (البلشفيزم) والإصلاحات التركية والخاتمة). . - ثم وضع الجزء الثاني وخصه بنهضة اليابان. وبلغت صفحات الجزء الأول 84 وبلغت صفحات الجزء الثاني 98 وما بقي خصه بالفهرس وبخلافه. هكذا جعل نصيب التمثيل

والتشجيع بقدر نصيب المثال وأتباعه. ولا حاجة بعد هذا إلى أن نقول أن الكاتب حرسه الله ألف ما صنفه على وجه شوق القارئ إلى مطالعته بلذة وفائدة معا، وهو سر لا يتمكن من إيداعه المصنفات إلا من بلغ من دهاء العلم والفن أقصى الدرج. وقد سمعنا برواج هذا التأليف ما يضمن لصاحبه طيب الأحدوثة والصعود الدائم في سلم الفلاح. 44 - كتاب الإرشادات الروحية في العمل بعبادة قلب يسوع الأقدس العصرية (الجزء الثاني) تأليف المنسنيور الخوري عبد الأحد جرجي لقلب يسوع الأقدس طبع بالمطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1927 في 550 صفحة بقطع الثمن الصغير ذكرنا الجزء الأول من هذا الكتاب النفيس في 59: 5. وقد أهدانا اليوم حضرة ابن خالتنا الجزء الثاني منه فإذا هو مما يقتنيه كل مسيحي؛ لأن المطبوعات الدينية التي تنشر في سورية وفلسطين ومصر مغلوطة العبارة في أغلب الأحيان، وربما يجد فيها القارئ ما يخالف المعتقد القيم، وإن لم يكن ذلك في نية المؤلف؛ لكن الأمر لا ينكر لسوء التعبير أو لجهل الكتبة أصول اللغة. أما هذا الكتاب فإنه حسن العبارة، متينها، قوي البرهان، يحمل القارئ على التقوى الصادقة وتوخي القربات من أقرب طريق، وأنجع الوسائل، فنوصي به جميع أهل التقى والبر. هدايا الأستاذ اغناطيوس كراتشوفسكي بالروسية 45 - أسامي الكتب الخطية العربية التي وردت من جبهة الحرب القافية (القوقاسية) سنة 1917 ودخلت المتحفة الروسية الاسوية العائدة إلى محفى العلوم في 36 صفحة بقطع الثمن، رتبها الأستاذ على حروف المعجم، وكتبها بحروف عربية ليتمكن ابن العرب من الوقوف عليها بسرعة. . . ويغلب فيها كتب الدين الإسلامي والأدب والنحو والفقه. 46 - أسماء الكتب الخطية التي كان اقتناها البارون فكتور دي روزن الرولي مولدا، والبطرسبرجي مسكنا في 28 صفحة بقطع الثمن، أغلب هذه الأسفار مكتوبة بالحرف الروسي، وفيها كتب نفسية من

أدبية وتاريخية ولغوية. وقد بوبها الكاتب بموجب محتوياتها. 47 - ترجمة أ. ك. بتروف المستعرب وأشغاله. وهي في 8 صفحات بقطع الثمن تذكر ما لهذا العلامة الروسي من الفضل في تعلم لغتنا وما نقله منها إلى لغته. 48 - وصف نسخة من المجلد الخامس من تاريخ مسكويه في 8 صفحات بقطع الثمن ذكر فضل هذه النسخة ومزاياها وبين في هذا الوصف بعض أوجه الاختلافات بين ما طبع وبين ما في يديه. 49 - وصف كتاب مخطوط من ديوان ذي الرمة محفوظ في بتروغراد (واليوم لننغراد) في 8 صفحات بقطع الثمن، بين في هذه المقالة فائدة هذه النسخة وما فيها من الروايات التي تختلف عن النص المطبوع من هذا الديوان. 50 - خطبة الآنسة ب. ب. روزن أمام محفي العلوم في سنة 1884 في 14 صفحة بقطع الثمن، بين ما فيها من الفضل والعلم وطول الباع في العلوم واللغات الشرقية. 51 - كتاب العين للخليل بن أحمد في 6 صفحات بقطع الثمن وهي مقالة تحوي وصف هذا الكتاب الجليل، الذي كنا طبعنا منه 144 صفحة قبل الحرب، وتركناه على حاله إلى أن يقيض الله من يطبعه على نفقته. وفي المقالة ذكر ترجمة الخليل نقلا عن معجم الأدباء لياقوت. 52 - مستند تاريخي في مؤلفات ابن الراوندي في 4 صفحات بقطع الثمن يصف ما عثر عليه الكاتب من الأنباء التي لم يظفر بها غيره وهي توقفنا على ما للراوندي من المؤلفات التي أتلفت لزعم بعضهم أنه كان من الملاحدة (أو من الملحدين كما يقول الفصحاء). 53 - وصف كتاب حكايات عن مكر النساء. وهو في 4 صفحات بقطع الثمن صاحب الوصف يذكر حكاية تدل على ما للنساء من المكر وقد رواها بعبارتها العربية العامية المصرية وشرح ما فيها من الألفاظ العامية التي لا ترى في المعاجم الفصيحة.

54 - الكلستان وترجماته إلى العربية في 4 صفحات بقطع الثمن يذكر الكاتب في هذه المقالة ما عثر عليه من الترجمات العربية لكلستان ويصفها أحسن وصف مما يدل على وقوف الكاتب أحسن وقوف على ما وضع في هذا المعنى. 55 - خبران (أي حكايتان) عربيتان من الناصرة في 14 صفحة بقطع الثمن الصغير أورد الكاتب نص حكايتين باللغة العامية التي رويتا فيها ونقلهما إلى اللغة الروسية وعلق عليهما شروحا مفيدة وهذه اللغة العامية هي لغة أهل الناصرة في فلسطين. وفيها خصائص ومزايا لا ترى في غيرها. 56 - أنباء عن رزق الله حسون، معرب أناشيد كريلوف الروسية في 11 صفحة بقطع الثمن الصغير، ذا أحسن ما كتب عن الكاتب الشهير رزق الله حسون فقد حوت هذه المقالة ترجمة وافية عن حياته ومؤلفاته ومنقولاته. 57 - أنباء عن الأب انستاس ماري الكرملي في صفحة 1 بقطع الثمن الكبير كتب الصديق العلامة هذه الأنباء في سنة 1915 ليذكر للعلماء الروس أن الفاضل بندلي صليبا الجوزي اشترى عددا من المقطم وهو الذي صدر في 14 - 8 آب وقد ذكر فيه أن الأب انستاس رئي في حلب حيا مسجونا في سجن المنفيين مع بعض البغداديين الذين نفوا بأمر الحكومة العثمانية إلى ديار الأناضول. 58 - لذكرى ج. كزمين في 6 صفحات بقطع الثمن الكبير مقالة ذكر فيها صديقنا كراتشكوفسكي مالكزمين من الفضل على الأدباء، وما له من الأيادي على علماء عصره. وكل ما ذكرناه من المقالات مكتوب بعبارة سلسة روسية على ما ذكره لنا أحد علماء الروس. كما أنها تشهد له بعلو الكعب في التحقيق والتدقيق فنشكره أصدق الشكر على هداياه هذه ولا سيما نشكره على عنايته بآداب لغتنا العربية وتاريخ أجدادنا. بارك الله في حياته!

59 - مباحث في التعبية: كتاب السلاح وهو يتضمن جزأين الجزء الأول: الخيالة، الدراجات، الهندسة، المشاة، الرشاشات، الدخان في 116 صفحة بقطع 16 الجزء الثاني: المدفعية، الغازات السامة في 109 ص بقطع 16 الكتاب الثاني: التعبية الأساسية مزين بست لوحات في 223 صفحة بقطع 16 الكتاب الثالث: الخدمة السفرية في 245 صفحة بقطع الثمن وكلها من تأليف العقيد طه الهاشمي وجميع هذه الكتب مطبوعة في مطبعة دار السلام في بغداد الثلاثة الأولى في سنة 1925 والأخير في سنة 1926 هذه أربعة كتب أخرى من تأليف حضرة صديقنا طه بك الهاشمي الذي رقي إلى رتبة (زعيم) لما ظهر من تبحره في أفانين الحرب وتوغله في التأليف والتصنيف وخدمته للوطن خدمة لا تشوبها شائبة، ثم عين في أواخر تموز من هذه السنة مديرا للمعارف لشهادة الجميع بأن أحسن خلف يكون لذاك السلف العالم العامل (الساطع) الضياء هو الزعيم طه بك. وهذه الكتب الأربعة تظهر أحسن إظهار أن صديقنا من أثبت العراقيين قدما في مختلف العلوم وأقدرهم على دفع أبنائنا إلى انتجاع المعارف العصرية. وفي أخر كل هذه الكتب ذكر المصادر التي أخذ منها. وفيها المؤلفات الإنكليزية والفرنسية والألمانية والعربية، مما يدل على وقوفه على أوثق المعلومات وأحدثها في جميع الألسنة التي يعنى أصحابها بالفنون الحربية. وكفى بذلك شاهدا على علمه واعتماد الناس على مصنفاته ونبوغه العجيب بين أبناء وطننا العزيز. 60 - مرقاة المترجم للصفوف العالية في اللغتين الفرنسية والعربية تأليف الأب يوسف علوان اللعازري المواضيع الدبية والخطابية: الجزءان الثالث والرابع (كتاب التلميذ) طبع في المطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1927 في 176 ص بقطع 16 ذكرنا هذا الكتيب النفيس في مجلتنا في عدة مواطن منها (24: 4، 295، 363، 364) والآن (أهدانا) المؤلف الجزأين الثالث والرابع اللذين يكونان في يد التلميذ فوجدناهما حافلين بكل نافع ومفيد للتلميذ وقد عني بجمع تلك الفوائد

بل تلك الفوائد من مؤلفات مختلفة من أحسن ما جاء في موضوعه. حتى أننا رأيناه اقتطف شيئا غير نزر من أقوال الكتبة والخطباء العصريين الفصحاء في كلتا اللغتين فجاء هذا التصنيف غرة في جبين أشباهه. وقد وجدنا فيه بعض إغلاظ طفيفة كقوله في ص30 هو أعلم من هجرس والصواب أغلم بالغين المعجمة، ونحن لا نرى حاجة إلى ذكر هذا المثل في كتاب يوضع في أيدي الطلبة وكقوله في ص12 وهو واري الزند في الاقتراح. والصواب في الاقتداح - وكقوله في ص14 كيف استثمر امثولاتك. والمراد هنا عظاتك - وفي ص20: (جاءوا سلفة سلفة متسامين الخيل) فلم نفهم معناها. وهذا كله لا ينقص شيئا من نفاسة الكتاب ولا يحط من قدره. 61 - الحب والزواج - فلسفة وسنة - تأليف نقولا حداد المطبعة العصرية لصاحبها الياس انطون الياس في 240 ص بقطع الثمن بحث الكاتب في هذا الكتاب بحثا عقليا في هذا الموضوع، حلل فيه الحب تحليلا فلسفيا. وقد بذل جهده في تفسير هذا الشعور الداخلي وشرحه تشريحا يقلبه العقل، وقد أمعن في بعض الفصول إمعانا أدى به الكلام عن حب الحيوانات نفسها وجمالها. وقد أوضح جميع أفكاره بصور مختلفة زادتها جلاء وتبيانا. ذكر في ص226 عن (الحشمة في الحركات والكلام) ما يحسن بأن يطالعه كل متزوج ليعرف مقدار نفسه ومنزلته من البيت. على أنه تكلم في ص191 و192 عن (عقبات التبتل) أشياء تصدق في بعض الناس. لكنها لا تصدق في الجميع، ولهذا لا نوافقه على ما قال ونجده يتعدى على رجال ونساء يكذبونه في كل ساعة وزمن ويردونه في زعمه أخيب من القابض على الماء، رضي أم أبى، ولهذا نراه يقاوم الحق على وجه يكرهه كل كريم النفس، وإن لم تكن نيته ظلم الناس وسلبهم مكارم أخلاقهم، فحسن النية هنا لا يشفع له.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - وفاة سعد زغلول في 23 أب انهد ركن ديار النيل العظيم. وملك جميع القلوب المصرية بل العربية بوفاة سعد زغلول باشا السياسي المحنك والداهية الذي لم تر تلك البلاد نظيرا له من عمر لم يتجاوز السابعة والسبعين وسوف نترجمه في جزء قادم مع قصيدة من أبدع القصائد لمقدم شعراء مصر أحمد زكي أبي شادي. 2 - قانون رابطة الأدب الجديد في الإسكندرية المادة 1 - تألفت في مدينة الإسكندرية جمعية باسم (رابطة الأدب الجديد) لنصرة الأدب العصري الناهض وخدمة الثقافة الحديثة بكل الوسائل التهذيبية المشروعة. المادة 2 - تتكون الجمعية من أعضاء ومنتسبين. وأعضاء الجمعية لا يزيدون عن العشرين ولا يقلون عن العشرة وهم الأعضاء المؤسسون وكل من يرشحه اثنان من الأعضاء من بين المنتسبين ليحل محل عضو مستقيل أو متوفى أو في حكم المستقيل - لتغيبه عن مركز الجمعية (مدينة الإسكندرية) بصفة دائمة أو شبه دائمة - ويوافق مجلس الإدارة على قبوله عضوا. والمنتسبون للجمعية من يقبلهم مجلس الإدارة بهذه الصفة بشرط أن يرشح كلا منهم من أعضاء (الرابطة). ومفروض على مجلس الإدارة المحافظة على التكوين القانوني لأعضاء الجمعية. المادة 3 - يدير أعمال الجمعية مجلس إدارتها المكون من أعضائها كما هو مبين في المادة الثانية. ويعقد مرة في الشهر على الأقل بناء على دعوة من سكرتير (الرابطة) قبل الاجتماع بأسبوع. ويكون الاجتماع صحيحا إذا حضرة أكثر من نصف الأعضاء. وفي عدم وجود العدد القانوني يصح الاجتماع التالي من تلقاء ذاته بع أسبوع دون اعتبار لعدد الحاضرين. المادة 4 - للجمعية سكرتير وأمين صندوق ولا يتصرفان في مالية الجمعية بأي صورة من الصور إلا بقرار من

مجلس الإدارة الذي ينظم ذلك والسكرتير مسؤول عن ختم الجمعية ودفاترها الإدارية وأمين الصندوق مسؤول عن دفاتر الإيصال والحساب. المادة 5 - تتكون مالية الجمعية من الاشتراك (البدل الشهري خمسون مليما للأعضاء وللمنتسبين على السواء) ومن التبرعات ومن وجوه الاستثمار. ولا يجوز الإقدام على أي عمل من شأنه استدانة الجمعية. المادة 6 - يعتبر مستقيلا من العضوية أو الانتساب من يتأخر عن دفع بدل الاشتراك 3 شهور متوالية (بدون الحاجة إلى تنبيهه) ومن يغادر مركز الجمعية من الأعضاء ومن يثبت عليه ارتكاب جريمة مزرية بشرفه. المادة 7 - طبيعة الجمعية الاستمرار في العمل بحيث أنه إذا استقال معظم الأعضاء أو أغلبيتهم العظمى وجب على الباقين انتخاب من يحلون محلهم وأن يديروا الجمعية في حدود هذا القانون. صدر في 30 أبريل سنة 1927 3 - توجيه نقابة الإشراف صدرت الإرادة السنية (الملوكية) بتوجيه نقابة إشراف بغداد ومشيخة الطريقة القادرية، والتولية والنظارة على الأوقاف القادرية إلى صاحب السماحة محمود أفندي الجيلي (الكيلاني)، على أن تكون محاسبة الأوقاف المذكورة تابعة لمشارفة وزارة الأوقاف، ومستثناة من الخرج. 4 - مقتل آل الرشيد أمر الأمير سعود بن عبد العزيز السعود. النائب عن أبيه في نجد بإتلاف الأمير محمد بن طلال، وأرث إمارة آل الرشيد، وعشرين آخرين من ذويه وأقاربه، بسبب ما نسب إليهم وهو تدبير مؤامرة لاغتيال الأمير سعود. 5 - مقتل شنيع في العقد الثاني من آب وجد مقتولا الشيخ سلمان، شيخ عشيرة الشعار، النازلة في أراضي (أبو غريب التابعة لقضاء الكاظمية، مع أولاده الثلاثة. وقد قتلوا بعد أن أطلق عليهم رصاصات وهم في عقر دارهم، وكانت تلك الرصاصات موجهة إلى رؤوسهم إلا واحدا منهم فإنه ضرب بقلبه. ولم تهتد الشرطة إلى القاتل حتى اليوم؛ بيد أن هناك ظنونا تحوم حول أحد أقارب القتلى ومن المشتغلين عندهم. 6 - وفاة فهد بك الهذال توفي فهد بك الهذال، شيخ

مشايخ عنزة عن عمر يناهز الثمانين وهو من أكثر شيوخ العراق نفوذا وثروة. 7 - حريق في خان العدلية شبت النار في نحو الساعة الخامسة بعد ظهر 14 آب في خان العدلية وكان فيه من الأموال والبضائع خشب وصوف وجلود وتيزاب وغيرها. فاندلعت ألسنة النار بسرعة عظيمة فخفت مطافئ أمانة العاصمة إلى قطع تلك الألسن وعاونتها مطافئ القوات البريطانية. وبقي الجميع يقاومون تلك النيران مدة ثلاث ساعات. والنار لم تلتهم جميع ما كان في الخان ويقدر ثمنه بستة الكاك ربية وهو لعشرين تاجرا بل فقد ما يقارب نصفه فيكون المحروق ثلاثة الكاك. وقد ظهر بعد التحقيق أن أحد التجار أضرم النار في بضائعه المؤمن عليها بمبلغ باهظ حصولا على بدل التأمين. 8 - مار شمعون مار شمعون لقب كل بطريرك نسطوري، وقد قدم من إنكلترا إلى بغداد في العقد الثاني من آب. وقدمت عمته (سرمة) خاتون من الموصل ونزلا في فندق مود وبعد أن استراحا بضعة أيام ذهبا إلى الحدباء. 9 - جدول الشيشبار سيقوم هذا الجدول مقام جدول المحمودية ويروي عشرين ألف عقار (والعقار هو ما صحفه الإفرنج بصورة أكر وهو يساوي مزرع مشارة ونصف من الدبار العراقية) فيكون سقيه ضعف ما كانت تسقيه المحمودية. ويحتاج إلى حفر ثلاثمائة وخمسين ألف متر مكعب. وهذه الأراضي بيد عشيرة الغرير التي كانت تروي مزارعها من نهر المحمودية. 10 - دخل حكومتنا وخرجها في أيار بلغ مجموع دخل الحكومة في شهر أيار من هذه السنة 4606340 ربية، وبلغ مجموع نفقاتها 4455872 ربية. والمبلغان المهمان من الدخل كانا من رسوم ريع الأراضي ودخل الأملاك الأميرية ومبلغها 1120112 ربية ومن المكوس ومبلغها 2179522 ربية. 11 - تبرعات لإسعاف منكوبي كرمليس بلغ مجموع المبالغ المقبوضة إلى 22 آب 6378 ربية و 5 آنات لتوزع في الحال على منكوبي كرمليس وقد أعلنت اللجنة أنها تمدد أعمالها حتى نهاية أيلول من هذه السنة.

12 - حريق في البزارة شبت النار في البزارة الواقعة في محلة القشل في نحو الساعة الحادية عشرة من ليلة الأحد 21 آب وأحرقت عدة بيوت ثم تمكن الشرطة من إخماد أنفاسها وبعد ذلك جاء رجال الإطفاء فلاشوها عن أخرها ولم تضر الأنفس بشيء. 13 - تمكن الإنكليز من ثغور خليج فارس جاء (دبي) قنصل (أبو شهر) البريطاني واجتمع بكبارها، وقدم إليها وكيل قنصل بريطانية في (الشارقة) الشيخ عيسى بن عبد اللطيف وقدم بعدهما قنصل إنكلترا في (البحرين) وقنصل (مسقط) فاجتمع المذكورون وطلبوا إلى أمراء ساحل (عمان) قطعة أرض في كل ثغر من ثغور الساحل، لاتخاذ محطات فيها للطيارات. فلبى الجميع طلب القناصل البريطانيين. ثم ذهب كل من الاجرياء الثلاثة ومعهم الشيخ عيسى من (المنور) إلى (رأس الخيمة)، ومنها إلى (أم القوي، وهم يمرون بالثغور الواحد بعد الآخر للغاية التي ذكرناها فانجلت عن أعظم فوز لأبناء بريطانية. أي أن الإنكليز حصلوا على قطعة أرض في كل ثغر من ثغور عمان لتكون محطة للطيارات. ثم عاد كل من الأجرياء إلى مقره كما عاد الشيخ عيسى بن عبد اللطيف إلى منصبه في (الشارقة). 14 - عزم وزارة الدفاع في العراق تقبل المدرسة العسكرية طائفة من الطلبة من أبناء المدن وعشرة من رؤساء العشائر في سنة 1927. وبشرط على أبناء المدن أن يكون بيدهم شهادة ثانوية من الصف الرابع أو ما يساويها وتكون مدة تدريسهم سنتين. وأما أبناء الشيوخ فيجب عليهم أن يكونوا قد أكملوا على الأقل من ست سنوات في إحدى المدارس الابتدائية وبيدهم شهادات تؤهلهم للدخول في المدارس الثانوية. وتكون مدة تدريسهم في المدرسة خمس سنوات أو أقل منها إلى ثلاث سنوات، يتم فيها الطالب التحصيل الثانوي. 15 - اختلال الأمن في جهة من إيران اختل الأمن في الديار المتاخمة لحدود لواء العمارة وقد شاع أن عشيرة الزيود وفرقا أخرى من كنانة أغارت على عدة عشائر مجاورة لها ونهبت المواشي وقتلت أنفسا. 16 - مدارس في لواء العمارة قرر مجلس المعارف في لواء العمارة

فتح ثلاث مدارس ابتدائية وتخصيص اثنتين منها بأبناء العشائر. 17 - الزرع الصيفي في المنتفق غلة الصيفي في لواء المنتفق قليلة بالنسبة إلى العام الماضي بعلة قلة المياه في هذا الصيف. 18 - مدارس ابتدائية جديدة عزمت وزارة الأوقاف على فتح مدارس جديدة ابتدائية في السنة المقبلة ذات ست صفوف وذلك في ألوية بغداد والبصرة والموصل وكركوك. 19 - مدرسة الأعظمية والرحمانية وافقت وزارة المعارف على اعتبار الأعظمية والرحمانية بدرجة المدارس الثانوية الرسمية على شرط أن تطبقا منهاج المعارف وتراقبهما وزارة المعارف نفسها وتشارفهما. 20 - أطفال العاصمة يموت في كل سنة 2811 طفلا في داخل العاصمة ممن لا يتجاوز عمره خمس سنوات و1561 طفلا ممن لا يتجاوز السنة الواحدة. فيموت 30 منهم بالمائة هزالا وسوء غذاء، و23 بالمائة إسهالا و16 بالمائة لولادتهم قبل الأوان، و14 بالمائة بأمراض عفنة و12 بالمائة بذات الرئة أو بالتهاب الشعب. ويزداد الهزال وسوء الغذاء والإسهال في الصيف كما يحدث مثلها في الشتاء. وجهل الأمهات من أعظم المسببات. 21 - تعمير جوامع تبذل وزارة الأوقاف أقصى العناية لترميم الجوامع أو تعميرها. فقد رممت مواطن عدة في جامع مرجان، والقبلانية، وجديد حسن باشا، وجامع العدلية الكبير وبدئ بتعمير جامع الخضر الياس، وجامع حنون وسيشرع قريبا بتعمير جامع الإمام الأعظم، والفضل وهذه كلها في بغداد. وجامع المقام، وأبي منارتين والقطانة في البصرة. وجامع الإمام باهر، والمتعافي والحلال في الموصل. وجوامع أخرى في كركوك والسليمانية وسائر ألوية العراق. 22 - جامع الخاصكي لجامع الخاصكي قيمة عظيمة، ولهذا بذلت وزارة الأوقاف همتها القصوى على تعميره مع المحافظة على طرز بناءه القديم وسينقل قريبا محرابه التاريخي من دار النجف ليوضع في موطنه الأصلي.

23 - المستنصرية تمكنت وزارة الأوقاف من استحصال حكم (محكمة الشرعية في بغداد بوقفية المستنصرية).، وقد عقدت النية على تعمير الأجزاء المهمة منها وجعلها مدرسة كما أنها تفتح فيها خزانة عامة. وأما الأجزاء الباقية في ناحية السوق فتعمر مخازن ودكاكين لإدارة المدرسة والخزانة العامة. 24 - دفن مستنقعات تعنى مديرية صحة العاصمة بدفن المستنقعات منذ ثلاث سنوات بهمة لا تعرف الكلل، وقد توفقت لدفن ثلاثين ألف متر مكعب في الجهة الشرقية من العاصمة ويشرع بعد هذا بدفن سائر الأراضي المنخفضة في الأنحاء الأخرى. 25 - لمكافحة الجراد عين عدة رجال مفتشين لمكافحة الجراد في الكويرة والطارمية وقرة تو (قريتو) ومندلي (البندنيجين) وقزل رباط (قزراباط) وخان بني سعد. 26 - سد ديالى كانت مياه ديالى توزع توزيعا غير عادل في أيام القيظ، فضلا على أنه لم يكن منتظما، لأنه ليس ثم سد ثابت على الأصول المتبعة في هذا العصر. ولهذا شرع بإعداد سد ثابت لحفظ المياه في فصل الصيف وتوزيعها على براز الروز (بلد روز) وشهرابان وخريسان والخالص والهارونية. وتكون أبواب هذا السد من حديد متقنة الصنع لتوزيع المياه توزيعا منظما وعادلا. 27 - تحكيم الرصيف شرعت أمانة العاصمة بتحكيم رصيف الشارع العام بالجيار (الأسمنت) وسيكون عرضه في الشارع العام في الرحبة التي يجتمع فيها الميدان بباب المعظم أربع عشر قدما، ومن الميدان بباب الشرقي عشر أقدام. 28 - تبليط الشوارع الفرعية عبد شارع دائرة البريد وشارع النادي العسكري والشارع الموصل ساحة الميدان إلى البلاط الملكي. 29 - أملاك الأمانة بدأت هندسة بإعداد تقرير مطول عن أملاك الأمانة المحتاجة إلى تعميرات مهمة. 30 - أحوال الزراعة في العراق أتلف الجراد البواكر (الحاصلات الهرفية) وجميع الخضراوات في شمالي لواء ديالى وأنحائه. إلا أن زراعة (التمن) والحبوب الأخرى في اللواء المذكور سائر تسير احسنا ويومل

منها حاصلات مباركة. أما لواء الحلة، فقد توسعت فيه زراعة القطن ويقدر المزروع منه بنحو 900 مشارة (دبره) ويؤخذ من زراعة الرز والصيفي في لواء العمارة على إن الاتاء يكون وافر في هذا الفصل. ويتوقع أن تكون غلة التمر في البصرة هذه السنة وافرة جدا وبحالة طيبة. وموسم الزراعة على طول الفرات في ما وراء الناصرية أفضل من المألوف في كل سنة. 31 - رسوم السمك بلغت رسوم السمك في بغداد والأعظمية والكاظمية عن سنة 1927 - 1928 نحو 22000 ربية. وكانت قد بلغت في السنة الماضية 41500 فيكون النقص 19500 ربية. 32 - بين بريطانيا وأبن السعود يؤخذ من سياق المعاهدة التي عقدها الملك عبد العزيز سعود مع بريطانية في الأيام الأخيرة أن له حق التمثيل السياسي في العواصم الأوربية، وأن بريطانية تنازلت عن منطقتي العقبة ومعان اللتين تعدان من أهم المواقع في الأعمال الحربية إذا ما استمرت نار الحرب بين مصر والحجاز وشرقي الأردن وتنص المعاهدة أيضاً على عدم وجود الامتيازات الأجنبية في الحجاز بأي شكل كانت وعلى الاعتراف بأن سكة الحديد الحجازية ملك الحكومة. 33 - بين اليمانين وقبائل تهامة أخضعت قوات الأمام يحي المحشودة بجوار حرض وميدي قبائل بني مروان وعيسى وأسلم، وهي من قبائل تهامة المشهورة إخضاعا تاما بعد أن كبدتها خسائر فادحة. 34 - الهيضة في خليج فارس أصيب 32 شخصا بالهيضة في عبادان وتوفي منهم 19 ومنها انتقلت إلى البصرة فأصيب فيها سبعة توفي منهم خمسة ولم يقع أكثر من هذا في ما عدا هاتين البلدتين. وفي الأوقات العراقية (البصرة) بخصوص الهيضة: في 26 تموز حدثت إصابات أخرى قليلة في البصرة. . . أما في عبادان فأن عدد الإصابات أخذ يزداد انتشاره بمعدل 6 في 100. وكان سير الهيضة على هذا الوجه: إصابة وفاة في 26 تموز في البصرة 1 1 في عبادان (خليج فارس) في 25 تموز 28 26

في المحمرة 5 0 26 تموز في عبادان 23 21 27 21 21 البصرة 6 5 28 عبادان 16 12 البصرة 2 2 في المحمرة (خليج فارس) 23 17 29 عبادان 16 14 البصرة 4 3 اآب عبادان 6 5 البصرة 5 3 2 عبادان 0 البصرة 4 4 3 عبادان 9 8 البصرة 0 4 عبادان 8 7 البصرة 9 8 قرمة علي (بلواء البصرة) 2 2 5 البصرة 4 5 كذا قرمة علي 1 1 وفي تاريخ 4 آب كتبت (الأوقات العراقية) ما هذا حرفه: (لا مشاحة في أن النشاط والهمة التي بذلتها وتبذلها (كذا) مصلحة الصحة في البصرة في مكافحة هذا الوباء الفتاك. وإقبال الأهالي على التطعيم بصورة لم يسبق لها مثيل، حتى بلغ عدد الذين تطعموا لغاية أمس ما يربو على الثلاثين ألف نسمة قد خفف من وطأته كثيرا. ومما يستوجب العناية والاهتمام هو أن معظم الإصابات والوفيات التي حدثت كانت بين طبقة الفقراء والمساكين؛ كما أخبرنا به أحد أصدقائنا الأطباء، ولم يصب أحد ما من أرباب الثراء والطبقة الوسطى. وهذا ما يحملنا على الإلحاف في مطالبة دائرة البلدية للإسراع في حل مسألة الماء وإباحته لهؤلاء الفقراء وإنقاذهم من ماء نهر العشار الملوثة (كذا) بأنواع الجراثيم القاتلة. وإلا فما فائدة من هذه التدابير الصحية التي تتخذها مصلحة الصحة، والسواد الأعظم من سكان المدينة يعاني الأمرين من هذا الماء وإذا كان ليس في وسع البلدية في الوقت الحاضر أن تعيد فتح الحنفيات في الساحة العمومية فعلى الأقل أن تسمح لهم باستقاء من البيوت المجهزة بالحنفيات مدة وجود الكوليرة (الهيضة) في المدينة. اه). وبعد هذا التاريخ سارت هذه الوافدة سيرا بطيئا حتى كادت تكون أثرا بعد عين في أواخر آب.

العدد 50

العدد 50 - بتاريخ: 01 - 09 - 1927 سعد زغلول بعث مصر الحديثة من رقدتها التي خمدت فيها حياتها مع أمم الشرق الأدنى رجلان: محمد علي وسعد زغلول. وضع الأول الحجر الأساسي في استقلال مصر، وبنى الثاني صرح الجهاد القومي، فكانت مصر الوثابة وان لم تتحرر بعد. مات الخديوي منذ عشرات السنين وذكره حي خالد. وفي هذه الأيام فاضت روح الزعيم المحبوب، فكان لنعيه رنة عظيمة في أرجاء الشرق والغرب، وأجمعت الكلمة على أنه رجل مصر الأوحد. خمدت أنفاسه ولم ينطفئ سراج مبادئه الوطنية، فحق علينا ومصر شقيقتنا بلغة الضاد وبكثير من العادات والأخلاق والتقاليد أن نسجل له هذه الصفحة إعجاباً بعبقريته وتقديراً لتلك المساعي المتمثلة في شخصية سعد العظيمة. ولد سعد زغلول في ناحية (أبيانا) من أعمال مركز فوه عام (1860) م ودخل في السابعة من عمره كتاب القرية وظل فيه خمسة أعوام ثم شخص إلى

دسوق حيث جود القرآن. وقصد بعدها إلى القاهرة ودخل جامعة الأزهر وليث يتلقى فيها العلوم خمس سنوات. وفي القاهرة تعرف إلى السيد جمال الدين الأفغاني والى تلاميذه أمثال محمد عبده والهلباوي والباجوري وعبد الكريم السلمان. ودرس بعد ذلك القانون فصار محامياً وأحرز في المحاماة شهرة وبعد صيت حتى أضحى مضرب المثل في نبوغه القانوني في سوح المرافعة وعلى كرسي الاستشارة في محكمة الاستئناف. وتعلم اللغة الفرنسية وهو يكاد يناهز الأربعين من سنه ولم يلبث أن حذقها وأدى بها امتحان علم الحقوق وهو قاضٍ في الاستئناف ونال بذلك شهادة اللسانسية، وتعلم اللغة الألمانية في أثناء اعتكافه في بيته في الحرب الكبرى وتعلم الإنكليزية في منافيه في عدن وسيشل وجبل طارق. بدأ زغلول حياة عمله بتعينه محرراً في الوقائع المصرية، وكان على رأس تحريرها الشيخ عبده فأقام في هذا العمل سنة وبضعة أشهر يكتب باسمه مقالات في الاستبداد والشورى والأخلاق. ويقول (عباس حافظ) الكاتب المصري: (كانت مقالات المترجم عنه في (الوقائع المصرية)، والبرهان من مهيئات الثورة ومضرماتها). وكان وهو محرر في الوقائع يصحح أغلاط المقالات الواردة على الجريدة ويقوم اعوجاج أسلوبها أو يقوي ركة تعابيرها. وبذلك خدم اللغة العربية خدمة جليلة، وكانت طريقته أن ينشر الرسالة بنصها ويردفها بما هو أصح منها لغة وأفصح سياقاً، وهكذا صحت لغة الدواوين من علتها وحدثت نهضة مباركة في دوائر الحكومة بحيث هرع سواد الموظفين إلى المدارس الليلية ليطلبوا اللغة العربية الفصحى. ثم انتقل سنة 1882 إلى وظيفة معاون في الداخلية فإلى ناظر لقلم قضايا الجيزة. واضطلع بأهم الأعباء عندما اضطرم لهيب الثورة العرابية حتى انتهى به الأمر إلى أن زج بأعماق السجون وهو يافع لم يبلغ التاسع عشر ربيعاً بتهمة الاندماج في جمعية إرهابية سميت (جمعية الانتقام) وظل سجيناً 98 يوماً. ثم

مال إلى الاشتغال بالمحاماة فكان أول من قيد أسمه في محكمة مصر محامياً عام 1884. وقد رفع شأن المحاماة في مدة عمله فيها حتى اختارته محكمة الاستئناف نائب قاض وبذلك كان أول محام في مصر رُفّع قاضياً وقد ابتهج لهذا التعيين زملاءه المحامون فاحتفلوا بتكريمه وتهنئته في 18 تموز سنة 1892 في فندق حديقة الأزبكية فخطب في الحفلة خيار المحامين والمشرعين. وقد قالت فيه صحيفة (الاجبت) تصفه قاضياً: هو من فريق القضاة العصريين الذين يعتقدون أن القانون لا يعاقب رغبة في الانتقام ويرون أن من الواجب الأخذ بالرفق في تنفيذ القانون. وأبدى في القضاء مهارة واستقامة رقتاه إلى وظيفة مستشار في محكمة الاستئناف سنة 1892 وانتقل من محكمة الاستئناف إلى وزارة المعارف سنة 1907 في الوزارة الفهمية، (مصطفى فهمي باشا) فخدم معارف مصر وكافح العجمة وعزز اللغة العربية وحتم تعميمها في المدارس الثانوية والعالية، وأنشأ ديواناً للترجمة والنشر، وأصلح مناهج التعليم. ووسد سعد باشا عام 1910 وزارة الحقانية في الوزارة السعيدية (سعيد باشا) وبقس في هذا المنصب إلى عام 1913. وبعد أن قضى مدة قصيرة في عزلته بعيداً عن السياسة انتخب عضواً في الجمعية التشريعية وبقي في الجمعية يدافع عن حقوق المصريين حتى حلت الجمعية في شهر تشرين الثاني سنة 1914 فعاد إلى عزلته ودروسه الخاصة. وعلى أثر إعلان الهدنة ترك العزلة وطفق يجمع المذكرات ويلم حوله الأنصار والأصحاب نظير لطفي بك السيد والوزير إسماعيل صدقي باشا وعلي شعراوي باشا وحمد باشا الباسل ومحمد باشا محمود وطائفة من عيون الأمة. وقرر جميعهم حضور مؤتمر السلام في فرساي لتمثيل الأمة المصرية وعرض مطالبها وقد قصد سعد وعبد العزيز فهمي وشعراوي إلى دار الحماية البريطانية يطلبون استقلال البلاد. وفي 8 آذار سنة 1919 اعتقلت السلطات البريطانية الزعماء الكبار سعد ورفاقه الثلاثة إسماعيل صدقي وحمد الباسل ومحمد محمود ونفتهم إلى مالطة فثار

الشعب المصري ثورته الوطنية المعلومة فلم تر السلطة بداً من الإفراج عن هؤلاء الأقطاب في 7 نيسان سنة 1919 وأجيز لهم فوق ذلك السفر إلى المؤتمر فركبوا البحر قاصدين باريس في 12 نيسان سنة 1919. وفي هذه الأثناء أرسلت الحكومة البريطانية لجنة اللورد ملنر إلى مصر للتفاهم مع المصريين فقاطعتها الأمة، فعادت إلى لندن ودعا الإنكليز سعد ورفاقه الذين كانوا في أوربة مؤلف الوفد المصري المطالب بحقوق مثر إلى العاصمة البريطانية وعرض هناك اللورد ملنر مشرعه على سعد فرفضه وعاد إلى بلاده سنة 1920 فاستقبل استقبالاً عظيماً لم تشهد أرض النيل مثله. وقبل أن يعلن الإنكليز تصريح 28 شباط 1922 اعتقلوا سعد وأبعدوه إلى جزيرة سيشل ونقل منها إلى جبل طارق. وظل الشعب المصري يلح في مطالبه الوطنية حتى وضع الدستور ودعي زغلول باشا بعد عودته من منفاه - جبل طارق - إلى رئاسة الوزارة فكانت الوزارة السعيدية الوزارة الدستورية الأولى، فأدار سعد سكان سياسة البلاد المصرية إلى أن وقعت حادثة مقتل السردار السر لي ستاك فسقطت وزارته وتألفت الوزارة الزيورية وتعرضت البلاد المصرية إلى خطر الاستبداد وإلغاء الدستور لولا أن تداركها عقلاء الساسة وفي مقدمتهم سعد زغلول باتفاق الأحزاب السياسية سنة 1925 فوقفت في وجه الطاغية المستبد وأضطر الإنكليز إلى الرضوخ لصوت الأمة المتحدة فأعيدت انتخابات البرلمان المصري ففازت سياسة سعد فوزاً مبيناً ثانياً. ومن مآثره أهن شكا اختلال الأوقاف إلى اللورد كتشنر. ولقد سعد الفقيد بزوج قامت في خلال نفيه بإعماله فكانت في ذلك الوقت عاملا سياسياً يعتد به. ومن المشروعات التي اشتغل سعد بها لتعزيز الثقافة في مصر تأسيس الجامعة المصرية التي تطورت الآن بشكل ضخم بحيث أصبحت تعد من مفاخر الشرق العلمية.

كان سعد خطيباً يفتن الجماعات ببلاغته فتندفع معه إلى حيث يقودها (وهو شجي الصوت تمتزج فيه العذوبة بالمضاء وتشترك الجوارح والأرواح بالعكوف عليه والاصغاء). وهنا أترك وصف بلاغة زغلول بمثابة كاتب وخطيب لمن عرفه حق المعرفة عن كثب وعاشره، رئيس تحرير جريدته التي تنطلق بمبادئه السياسية الأستاذ عبد القادر حمزة صاحب جريدة (البلاغ) قال: ومن الفضول على ما أظن أن أحاول تصوير سعد باشا كاتباً وخطيباً فان خطبه وبياناته تملأ أسماع مصر والشرق ولناطقين بالضاد جميعاً والغربيون الذين لا يقرأون هذه الخطب والبيانات إلا المنقولة إلى لغاتهم بعد أن تكون قد فقدت أسلوبها وبلاغتها يشهدون لصاحبها بأنه يملك زمام قارئيه وسامعيه ولكني أحب أن أقول هنا شيئاً يقوله سعد باشا نفسه وهو إنه لا يقول إذا قال ولا يكتب إذا كتب إلا بدافع من عقيدته ووجدانه فهذا هو على ما أظن سبب كبير من أسباب نجاحه في كل خطبه وكتاباته. (وأكثر ميله حين يكتب إلى الإملاء أما حين يخطب فإنه لا يحب إلا الارتجال). وقد يلجأ إلى الإلقاء حينما تقيده المواقف السياسية بقيود الألفاظ ولكن ذلك يكون حينئذ عبأ على نفسه حتى أنه ليهجر الورق بعد قليل ويطلق لسانه من غله الثقيل. (وطريقته هي أنه يعني بالمعنى قبل كل شيء فيهتم أن يكون قوياً وجليلاً فإذا استوى له أخرجه في لفظ قوي جليل حريصاً دائما على أن يكون السياق منطقياً غير زائد عن المعنى ولا ناقص، كذلك هو في كتابته أو خطابته أو حديثه فإذا أنت قرأته أو سمعته خلت أنه ينهض بك إلى مستوى رفيع. (وإذا كان ذهنه متجهاً دائماً إلى قوة المعنى ورقة التعبير، فكثيراً ما يجد له حتى في خطبه الارتجالية وخاصة حينما يكون منفعلاً كلمات تنطبع في ذهنك فتتمثل في ذلك صوراً حية، تشعر بأنك تراها بعينك وتلمسها بيدك. مثال ذلك قوله في مشروع ملنر حينما أختلف الناس (هل هو حماية أو استقلال)

(إنه حماية بالثلث) ثم قوله في إحدى المفاوضات (جورج الخامس يفاوض جورج الخامس). تجسمت في سعد فكرة في عصره بكل قوة الإيمان الوطني لذلك آمن الشعب به وقدس آماله في شخصه، لذلك لم يمت سعد لأنه فكرة هذه الآمال المتجددة وفي نفس الشعب، وسعد حري بهذه المكانة التي بوأه الشعب إياها فقد كان عظيماً منذ نشأ عظيماً حتى مات). (كان زعيما بفطرته، يساير الشعب ثم يملك زمامه ويستولي على قياده ويسير به إلى حيث يشاء فلا ينبو الشعب في كفه، أيسع غير قوة جبارة أن تطوي كل قوة أخرى وأن تثور بها الأعاصير من كل ناحية فتثبت وتصلب وتجمع في نفسها على الرغم من كل شيء قوة الحكمة وقوة الشعب وقوة (البرلمان) حتى لقد كان يسعه أن يقول انه مصر. و (أن التأريخ سيعتبر (سعد زغلول) بلا ريب أعظم شخصية أنجبتها مصر الحديثة (فلقد كان للمترجم عنه نفوذ مغناطيسي على المصريين وكانت مواهبه تبدو في نداءاته للرأي العام أكثر مما تبدو في المفاوضات (الدبلوماسية) الدقيقة ويمكن أن نصف حياته السياسية بأنها تقدم من المحافظة إلى التطرف وقد وصفه (اللورد كرزن) ذات مرة بأنه (زعيم غير مسؤول للهياج). وحسبك أن تقرأ قول جريدة التايمس فيه عام 1906 فتعرف من خسرت مصر اليوم (زغلول من شيعة محمد عبده الذين امتازوا بالارتقاء والتهذيب وهم الذين سماهم اللورد كرومر (فريق الجيروند) في النهضة الوطنية المصرية، وهو مصري عريق في وطنيته أجمع الناس على إكرامه والإعجاب به لما اشتهر عن من الاستقامة والاستقلال). وأحسن شهادة في الرجل قول (اللورد كرومر) العميد البريطاني في مصر

في خطبته التي ودع بها البلاد المصرية: (وإني لأذكر أيها السادة اسم رجل قد علمتني معاشرتي القصيرة له أن أحترمه احترماً عظيماً، وإذا أصاب ظني ولم يخطئ يكون أمام ناظر المعارف الجديد سعد زغلول باشا مستقبل عظيم في سبيل خدمة هذه البلاد ومنفعتها لأنه حائز لجميع الصفات اللازمة لخدمة بلاده، فهو رجل صادق كفو مستقيم مقتدر، بل هو رجل شجاع فيما هو مقتنع به). كان سعد زغلول رجلا اجتمعت فيه صفات جليلة قومت تلك الشخصية الكبيرة، منها: الجلادة والقوة الأدبية مع جد ونشاط في الشباب والشيخوخة إذ كان في شيخوخته أنشط من كثير من الشبان مع ملكات ومواهب نادرة ممتازة كالذكاء وسرعة الخاطر وحدة الذهن وحضور الجواب وفصاحة متدفقة ومنطق خلاب مع شيء من الصلابة والقوة والعنف (أفاده في ظروف حياته كما جنى عليه في بعض ظروفها). وكان محدثاً عذب الحديث، فكان حاضر النكته رقيق المعاشرة. ومن براعته في الجدل انه كان لبقاً شديد المراس تعرض عليه الحجة محاولاً نقض رأيه فما يلبث أن يعدل بحجتك حتى يتخذها سنداً لرأيه وقد نوه بخلال سعد السرية (قاسم أمين) لما أهدى إليه كتابه (المرأة الجديدة) فقال في كلمة الإهداء: (أن السعادة كل السعادة في حوار من كان له عاطفة سعد وتفكيره وقلبه). ومن أقواله المأثورة: كل أمر يقف في طريق حريتنا لا يصح أن نقبله مطلقاً مهما كان مصدره عالياً ومهما كان الأمر به. كل تقييد للمصريين لابد أن يكون له مبرر من قواعد الحرية نفسها وإلا كان ظلماً. قد عاهدت الله منذ أن نشأت على أن أًرح بما في ضميري وهذه هي لذتي في حياتي.

الصحافة حرة في حدود القانون ما تشاء وتنتقد ما تريد، فليسمن الرأي أن نسألها لِم تنتقدنا بل الواجب أن نسأل أنفسنا لم نفعل ما تنتقدنا عليه. نحن نحب الحرية ولكننا نحب أكثر منها أن تستعمل في موضعها. جميل جداً أن يقال لا تحجروا على الناس ولا تقيدوا حريتهم وإنها لنغمة لذيذة يحسن وقعها في الأسماع والقلوب. ولكنا لا نريد الحجر على الناس ولا تقييد حريتهم بل نريد حماية الحق وصيانته من أن يتمتع به غير صاحبه من حيث يحرم منه صاحبه. ومن خلقه الكريم شدة وفائه لأنصاره وحبه الخالص لأصدقائه (ولم يفهم سعد إلا من خاصمه سياسياً وخاصمه للمصلحة العامة دون سواها. كان سعد رجلاً وكفى إنه كان كذلك). حقاً (إن زغلول باشا هو المصري بين جميع المصريين الذين كان نادر الفطنة والشرف السياسي، وكان يقصد ما يقول، وينفذ ما يعد، تلك صفات سببت نفيه ثلاث مرات ولم يستطع الإنكليز إغراءه بان يقبل لمصر ظل الحرية مع اختصاصه هو بنفوذ حقيقي وظهور عظيم لشخصيته). ومن صفاته الباهرة بل ومن أسرار عظمته تسامحه الديني، فقد ولد مسلماً وكل ما بدا منه طول عمره دل على شدة العقيدة، وطالما أفتخر بانتسابه إلى الأزهر؛ ولكنه كان مع ذلك آية في التسامح الديني يعالج داء عضالاً في المجتمع الشرقي وقد عمل جهده في مدة زعامته في مكافحة هذا الداء بالقول والعمل فلم يميز بين المسلم والنصراني واليهودي في خدمة البلاد والحقوق والواجبات، ولا سيما عندما كان رئيساً للوزارة المصرية، فقد زاره جماعة من السوريين المتمصرين على أثر انتقاء أخطاء مجلس الشيوخ المصري وشكروه على تعيين ثلاثة من النصارى منهم أخطاء في المجلس المذكور، فأجابهم: (إني لا أعرفهم بهذا الوصف بل أعرفهم مواطنين مصريين وعليهم أن ينهضوا بعبء العمل كما ينهض إخوانهم.)

لم يؤلف سعد تأليفاً خاصاً لانصرافه إلى الأشغال السياسية وما تقتضيه من الكتابة والخطابة، وقد ذكر انه لخص في صبح شبابه كتاب (ابن مسكويه) وطبع منه أغلبه. ولكنه كتب مقالات كثيرة في جرائد (مصر) و (البرهان) و (المحروسة) وغيرها وكلها ترمي إلى التحرر والانعتاق من أغلال الأجنبي، جمع من خطبه كتب عديدة ولا يزال بعضها منثوراً في الصحف والمجلات. وأول ما اعتراه في أواخر حياته كان بمصيفه في (مسجد وصيف) يوم الاثنين ال 15 من آب سنة 1927 إذ أصابته (الحمرة) فارتفعت حرارة جسمه، فعاده الأطباء وأسعفوه ثم قرروا نقله إلى القاهرة فرجع إليها على الباخرة النيلية (محاسن) واطمأن في داره. وظهر التحسن في صحته، ولكنه أصبح يوم الاثنين تعباً وعادت حرارته إلى فارتفعت وفي صبح الثلاثاء تهامس أطباؤه بأن حياته في خطر، وشعر هو بدنو أجله، وكان آخر ما قاله لزوجته النبيلة (إني انتهيت). وظل طول ذلك اليوم محتبس اللسان حتى فاضت روحه الساعة العاشرة مساء (الثلاثاء 23 آب 1927) فأصدر مجلس الوزراء المصري بلاغاً رسمياً بالفاجعة، كما نشرت إدارة الأمن العام نظام تشييع الجنازة وقد شيع جثمانه إلى مرقده الأخير بموكب فخم لم يشهد المصريون تشييعاً مثله لعظيم من عظمائهم في القرن الأخير، وطفحت الصحف المصرية، وكذلك الصحف العربية والإفرنجية، بالبحث عنه ووصف عظم الرز فيه واتشحت بالحداد عليه ثلاثة أيام وبكته الأقلام ورثاه الشعراء. وقرر مجلس الوزراء تخليداً لهذا الرجل العامل: 1 - أن يقام تمثال في القاهرة وآخر في الإسكندرية ينصبان في أهم الميادين العامة في المدينتين. 2 - أن تشتري الحكومة بيته المسمى بيت الأمة وتضمه إلى الأملاك العمومية المخصصة بالمنافع العامة، على أن يبقى حق السكنى فيه لحرم الفقيد مدى الحياة. 3 - أن ينشأ في مستشفى أو ملجأ في القاهرة يطلق عليه اسم (سعد زغلول).

4 - أن تشتري الحكومة البيت الذي ولد فيه ببلدة (أبيانة) بمركز (فوه) بمديرية الغربية وتضمه إلى الأملاك العامة المخصصة بنفع الجمهور. ومما يروى عن مترجمنا في مواقف غيرته وعنفه أن ساقه الحديث يوماً وهو وزير للحقانية أمام الخديوي عباس حلمي الثاني فاندفع برغم حجته بالبراهين ثم دق بيده على المنضدة دافعاً حجة أمير مصر قائلاً (أنا الوزير المسؤول فلا بد من إقرار مشروعي) شأنه في ذلك أمام منضدة المحكمة حينما كان يدفع حجة زميله المحامي. ووفد عليه في أحد الأيام جمهور من الفلاحين فغصت بهم ساحة بيته، فخرج إليهم وجلس على الأرض معهم وهو يقول (أنا فلاح مثلكم) لذلك قالت فيه جريدة (أفننك استندر) (كان له دهاء الفلاحين يشبه الرئيس كروكر فقد كان كلاهما وطنيين مخلصين متفانين في إخلاصهما لكن زغلول أقل فظاظة من كروكر.) وشبهته لمصر جريدة (شفيلد ديلي تلغراف) (بدفاليرا) لارلندة وقالت أن غريزته السياسية أعظم من غريزة (دفاليرا). رفائيل بطي بعيجة لا بيجي دجلة في انحدارها من الموصل إلى بغداد تمر بموطن ضيق يظهر للرائي كأن دجلة تبعج المكان، فترى السماء بين الحالقين أو الجبلين فسمى الأهلون ذلك الموطن (بعيجة) (بالتصغير) ولما كان الإنكليز لا يستطيعون أن يلفظوا العين لفظاً صحيحاً فقالوا (بيجة) ثم أن أهالي تلك الأنحاء يميلون بلفظ الهاء إلى الياء فقالوا بيجي واليوم لا تسمع من أفواه الأهالي أنفسهم إلا (بيجي) أي بفتح الباء وإسكان الياء وكسر الجيم وبياء ساكنة في الآخر ومنهم من يشدها. فإذا مر قرن على مسخ هذه اللفظة، فمن ذا الذي يعرف أصلها؟ - ذلك من أثر القوي في الضعيف.

مأتم أمة

مأتم أمة رثاء سعد زغلول سامح شجي مدامعي ونواحي ... طاحت بموتك دولة الإصلاح! يا ذاهباً وفي كل نفسٍ بضعة ... من روحه خلدت في الأرواح! من كان يبلغ ما بلغت إذا نأى ... يبكي كما يبكي الغروب الضاحي والشمس تضحك للدموع ونورها ... يهتز بين تعاتب وتلاح نحن الذين نخاف عند مغيبها ... من عالم الأوهام والأشباح وهي التي تبقى متوجة السنا ... والأرض دائرة دوار فلاح قسماً بقدرك ما رحلت مودعاً ... لكن ذهبت إلى جديد صباح! ستعيش في شتى المظاهر واهباً ... للنور والإلهام والإفصاح فإذا بكيت فما بكيتك جوهراً ... لكن بدمع للتخاذل ماح وإذا توهمت الفضائل يتمها ... عذراً، فجسمك هيكل الصلاح ماذا؟. . . أتنعى أنت يا علماً له ... علم على الحق المسيطر ضاح؟! أتظن ميتاً والعقول شهيدة ... بوجودك المتألق الوضاح ما مات من أحيا كرامة أمة ... وأعز دولتها بغير سلاح الواحد الجبار عند رسوخه ... للحق يطرد جيشه ويلاحي والدائم النظرات في تعليمه ... وكأنه سور من (الإصحاح)! سير يدبجها (الخلود) مناحه ... وتخط بين جنازة الرواح!

آمال أمتك الحزينة مثلت ... بصنوف أهليها وبالفلاح فكل طائفة عرفت مواسياً ... ودموعها وافتك غير شحاح في موكب وجم (الزمان) حياله ... فمضى بحقبته كعصف رياح! لم يدر فيه الخلق كيف تصرفت ... ويلاته فمضوا إلى الشراح يمشون في نسق المنظم سيره ... وهو العثور برزئه الفداح وتنكس الأعلام حولك من أسى ... وهي في حيتك في الأفراح والناس تلجأ إلى الصموت ولم تكن ... وترضى بغير تهافت وصياح وسماع صوتك يا خطيباً عمره ... خطب سمون بأشرف الأوضاح! سكتوا، ومن بين الجوانح ناطق ... سكرى، وفي كل وفائك صاح! صرعى المصاب، وما تملك حسهم ... عسف وأسرى في انطلاق سراح والجند مثل الشعب ليس لصبرهم ... حكم على شجن لهم مجتاح تجري الفجيعة في خطوط وجوههم ... جري الدموع على خدود ملاح وينوء أبطال دعوك فلم تجب ... بعظيمة الآلام والأتراح يمشون كالأسد المكبل صاغراً ... في ذل أوجاع وعز وكفاح! لله هذا اليوم!. . . كيف يهزني ... هزاً، ويسقيني أمر الراح بتعاسة المحروم من أحلامه ... وشقاوة المسموم بالأقداح في موقف المنصور خلف رئيسه ... والطائر المأسور دون جناح والشعر يجري في دموع يراعتي ... جري السواد على ربى وبطاح ليس عليك اليوم (مصر) حدادها ... من بطن تربتها إلى الادواح وأبت شراب (النيل) وهو بحمرة ... فيها دلالة حزنه السحاح

وأرى الأزهار في ذبول سماتها ... مثل الوفاء لدى ذهاب سماح وأرى الجداول في دوام خريرها ... ترثي البخيل بدرها المسماح وأرى الطيور على طويل أنينها ... حيرى لغيبة ربها الصداح وأرى جميع الطيبات (بطيبة) ... في مأتم صدفت عن النصاح أو لست أنت مجمعاً أشتاتها ... مسترجعاً عهداً كعهد (فتاح)؟! وأباً لحرياتها وحياتها ... فنداك محفوظ على الألواح؟! صبغت به حمر الورود وضرجت ... بدم بذلت مدامع لاقاح وتشبعت بجميل حبك غضة ... فتجاوبت بأريجها الفياح وطن خصصت به حنانك كله ... فسرى مشاعاً فيه دون جماح فعليه مسحة ما أفضت من الهوى ... ولنا يعود الشوق عود مباح! تمضي وقد مضت المعارك نصرة ... للشعب بين تحايل ونطاح مستسلما للموت لا عن رهبة ... لكن بحس المنقذ الفتاح كالقائد الغلاب يضمن يومه ... لغد فيرقد بعد جهد طماح والسيد الربان يبلغ شطه ... فينام نوم الظافر الملاح يغفي فيحسده دعي لم ينم ... والنوم رمز تغلب الطماح تتحدث الأنباء عنه، وليس ما ... ظنته بعد جلاله بمتاح! صفحا لمرثاة الوفاء صريعة ... شعر الوفاء كفجرك المنصاح خطأ أسميه (الغروب) فانه ... مبدأ لآمال بزغن صحاح وكذلك شعري في الرثاء مروعاً ... مسفوك أحلام وبعض أضاح

إن كنت تجزيه البقاء فهل ترى ... يبقى الندى في غيبة النفاح؟! عش رغم الدهر أي مقدس ... والبث (كجودانيس) والمصباح! متلمسين على الظلام شعاعه ... نحو الحقيقة خبئت بصفاح! نحو المآثر والمفاخر كلها ... نحو العوارف من رضى المناح قد كنت تكرم مستعز عواطفي ... وتسر من أدبي الشريف الساح ولو استطعت اليوم نشر كريمه ... براً لجاء طهورة الأرواح لكن مثلك في صفات خلوده ... بات الغني غني عن الامداح (فرعون) أنت بعزمه ومهابة ... وبجرأة وتسامح (كصلاح) حتى بموتك فالعيون غضيضة ... لحجاك مقتولاً بغير جراح مثل (المسيح) قضى شهيد محبة ... ليعيش فوق تناول السفاح وكذاك أنت قضى الزمان قضاءه ... في الجسم، فأستعلي الجنان الصاحي! وينازع التاريخ فيك (عظامه) ... العارفون تناسخ الأرواح! من كل مفخرة قبست جواهرا ... فزهت بتاج ذكائك اللماح وحفظت (للنيل) الفخور مكانة ... تبقى برغم تتابع النزاح عشت السخي بكل تضحية له ... وتموت في الأحياء أي إباحي! الإسكندرية في 24 أغسطس سنة 1927 أحمد زكي أبو شادي أسماء مطابع بغداد مرتبة على حروف المعجم 1 - الاستقلال. 2 - الأوقات البغدادية. 3 - أيتام اللاتين. 4 - الحديثة. 5 - الحكومة. 6 - دار السلام. 7 - دنكور. 8 - السريان. 9 - الصناعة. 10 - العراق. 11 - العسكرية. 12 - الفرات. 13 - الفلاح. 14 - كباي. 15 - النجاح. 16 - الوطنية.

اصل بيت لحم

اصل بيت لحم لا غرابة في أن تكثر على العائد أي الوطن أسئلة المحادثين في شأن الأصقاع القادم هو منها، ولا سيما إذا كانت البلاد الشهيرة وكانت منزلتها في نظرهم منزلة عالية مثل بلاد فلسطين وفي رأسها عاصمتها القدس الشريف وما جاورها من المدن ذات الشأن. فمن جملة ما وقع الحديث في صدده في أحد المجالس هو أصل اسم (بيت لحم) التي طبق صيتها الخافقين منذ ولد فيها السيد المسيح. وعليه أحببت أن آتي قراء هذه المجلة الزاهرة بكلمة عن هذا الموضوع إذ بذلك يتسنى لي عرض مثال حسي لما قد طالما وددت كما يود ذوو الشأن والاختصاص أن يقف على حقيقته أبناء اللغة العربية ولا سيما أهل هذه الديار وهو أن أنجع الوسائل للتوصل إلى استطلاع خصائص العربية وكل واحدة من أخواتها السامية هو مقارنة أصول هذه الألسن وخواص بعضها ببعض مما قد نشأ عنه علم قائم بذاته سماه الفرنج واضعوه: أي علم مقابلة الألسن السامية أو بالاختصار: (الألسنية السامية). (بيت لحم) اسم لمدينة صغيرة جميلة في فلسطين واقعة في غربي القدس تبعد عنها نحو 10 كيلومترات. وأول مرة جاء ذكر هذا الاسم قديماً كان في أعتق سفر من أسفار التوراة وهو سفر التكوين وذلك عند سرد قصة عودة يعقوب أبي الأسباط من ربوع بين النهرين وولادة راحيل امرأته وموتها ودفنه لها في موضع قريب من (بيت لحم) أقيم فيه مزار لليهود حتى اليوم. بيت لحم اسم عبري مركب من كلمتين وهما بيت ولحم. ومعناهما الظاهري بيت الخبز. ولهذين اللفظيين وجود في غير العبرية من اللغات السامية أي في

الارمية والعربية. أما بيت فمدلوله واحد في الألسن الثلاثة. وأما لحم فالعبريون يلفظون حاءه خاء أي (لخم). وأما العرب والارميون فقد أبقوا لفظها حاء. والعبرية والارمية متفقتان في ما ضمنتاه في لفظه من المعنى أي (الخبز) أما العربية فتخالفهما في تلك الدلالة ذا أن كلمة لحم لا يراد بها الخبز بل هذه المادة المرنة الداخلة في تكوين أجسام الحيوانات الصالح أكثرها لأكل البشر. إلا إننا إذا تقصينا في معنى هذين الحرفين في عريق الأزمان اطلعنا على موادهما الأصلي وعرفنا تطوره وكيف نشأ اختلافه في هذه اللغات. أما البيت فهو اسم مشتق من فعل (بات يبيت) المشترك في جميع الألسن السامية ودلالته: قضى الليل في موطن من المواطن. وإذا كان الساميون في عصر بداوتهم يبيتون تحت الخيم سميت الخيمة (بيتاً) وأطلقوا اسم البيت بعد تحضرهم على المنزل سواء أكان من مدر أو حجر. على إن الناس كانوا ولا يزالون يسكنون معاً لفطرتهم الاجتماعية ولذلك شمل اسم البيت كل طائفة من المنازل أو كل قرية أو ناحية نزل فيها حي من الأحياء أو قبيلة من القبائل ولنا على ذلك في اللسان الارمي وفي البلاد الفلسطينية واللبنانية والعراقية وهي من المواطن المألوفة للساميين أمثلة كثيرة منها: في فلسطين: بيت فاجي، بيت جالا، بيت جبرين. وفي لبنان: بكفيا، برمانا، بيت الدين. وفي العراق: باجرمي، بحشيقا، بحزاني. (والباء في هذه الأسماء مقطوعة من بيت) واسم بغداد عينه. فانه - كما حققه الأستاذ غنيمة وطنينا المدقق - مركب من لفظين وهما: (بيت كدادا) ومعناهما في الارمية: بيت الضان أو حظيرة الغنم. أما (لحم) وإن دلت على الخبز في العبرية والارمية وعلى اللحم في العربية إلا إنه يسهل علينا التوفيق بين المعنيين ورفع الشبهات إذا عرفنا أن كلمة (لحم) في العبرية لا تدل على الخبز إلا من باب التقييد وأما معناها المطلق أي القديم فهو الطعام أو القوت. وهو هذا المدلول عينه في اللغة السامية أم هذه الأخوات، أما بعد تفرق الشعوب السامية فقد تطور مدلوله - وإذ كان الخبز واللحم المادتين الشائع استعمالهم للعيشة بين البشر وكان اللحم أوفر عند العرب

في غالب الأحيان لميلهم إلى عيشة البداوة ورعاية الغنم والمواشي ورغبتهم عن مزاولة الزراعة، عرفوا اللحم أكثر من الخبز وقيدت عندهم كلمة اللحم السامية في المعنى المشهور. وإذ كان العبريون والارميون يزاولون بوجه عام الزراعة واستغلال الأرض كثرت عندهم الحبوب وفي مقدمتها الحنطة والشعير فقيد لفظ اللحم بمدلول الخبز. وحيث تزيد الزروع والمواشي يتضاعف مقدار اللحم والخبز فينجم عنه وفرة القوت. والأرض التي يتوفر فيها القوت هي الأرض المخصبة وهي التي يتردد إليها القوم ويفضلونها على غيرها فتطير شهرتها وتزيد خطورتها. فمعنى (بيت لحم) ليس إذا بيت الخبز وحسب، بل معناه (أرض القوت) أو (الأرض المخصبة) وهذا كان واقع الحال قديما وحديثاً فإن أرض بيت لحم تفوق ما يجاورها من الأراضي خصباً وغلة وموقعاً ومجالاً. ومما يزيد في مبلغ هذا البرهان قوة هو إن بيت لحم مرادفاً يذكر في الكتاب المقدس عند ذكر اسمها وهو كلمة (أفراثة) وموادها في العبرية الخصبة وهذا نص الكتاب بحرفه: (وماتت راحيل ودفنت في طريق أفراثة وهي بيت لحم. ونصب يعقوب نصباً على قبرها وهو نصب قبر راحيل إلى اليوم) (سفر الخلق 35: 19و20). الأب أ. س. مرمرجي الدمنكي أحد أساتذة المعهد الكتابي والأثري الفرنسي في القدس الشريف لغة العرب: - الذي عندنا أن كلمة (لحم) بمعنى خبز انتقلت بصورة (لقم) العربية ولما كان الخبز يكثر في طعام جميع الناس سموا كل ما يدخل الفم (لقما) من باب التوسع، قال اللسان: لقمت الطعام ألقمته. . . واللقمة ما تهيئه للفم. اهـ. وأنت تعلم أن الطعام أكثر ما ورد معناه لما نسميه الحبوب، ولا سيما الحنطة. وهذا المعنى معروف إلى يومنا هذا في العراق. قال في لسان العرب: وأهل الحجاز (وعن بعضهم أخذ لسان العرب) إذا أطلقوا اللفظ بالطعام عنو به البر خاصة. وفي حديث أبي سعيد: كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صاعا من طعام أو صاعاً من شعير. قيل أراد به البر وقيل التمر وهو أشبه لأن البر كان عندهم قليلاً لا يتسع لإخراج زكاة الفطر. وقال الخليل. العالي في كلام العرب أن الطعام هو البر خاصة. أه. وعلى كل حال فاللحم واللقم من باب واحد وإن أختلف الحرفان فاختلافهما من لغتهم فقد قالوا الفقي والحفي قرش وحرش، تبقر في العلم وتبحر. القفاوة والحفاوة. القابول والحابول. إلى غيرها.

القلم

القلم الشعر الخالد هو الشعر المتين المعاني القائم على صرح منبع الكلم التي تذب عنه عوادي الزمن والمحن. وهذا ما تراه في نظم الشاعر العصري احمد محرم. لغة العرب عتاد الكاتبين لكل خطب ... يطيش لهوله البطل الثبيت أعيذك أن تبيت لكل عاد ... كذي السلب الموزع إذ يبيت أتجزع للأذى جزعي وتشقى ... بدعوى الصائحين كما شقيت رويدك إنني بك مستعين ... فكن لي في النضال إذا رميت إذ لم يبق حولك ذو وفاء ... أقمت على الوفاء وإن فنيت رأيت الخانين وكيف تنسى ... فما خنت الذمام ولا نسيت أعادي فيك كل فتى دعي ... وأمنع من ذمارك ما وليت وإني حين ترتكض المنايا ... إذا فزع الحماة لمستميت إذا أنا لم أمت شهوات نفسي ... أريد لك الحياة فلا حييت أردت الملك مضطرب النواحي ... فما ضاق البيان ولا عييت وأحببت الخلود فكان تاجا ... كسيت به الجلال كمل كسيت فليس كجاهك الأزلي جاه ... ولي كصيتك الأبدي صيت ملكت فلم أجد في الدهر حكما ... كحكمك حين تحيي أو تميت لعلك منصفي إذا هان قوم ... فما اخترت الهوان ولا رضيت أما يرضيك إني عشت حراً ... وإني ما أمرت ولا نهيت بلادي إذ أحب وإذ أعادي ... وربي إن رجوت وأن خشيت أأعبث بالأمانة وهي ذخري ... وأجتنب السبيل وما عميت لئن غز الجزاء على أناس ... فحسبي من توالك ما جزيت لعمر القائلين أما نراه ... يصيب غنى الحياة قد غنيت جعلت لك الشباب حمى فلما ... لقيت الشيب زانك ما لقيت دمنهور (مصر): أحمد محرم

الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة التاسعة

الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة التاسعة للشيخ كمال الدين عبد الرزاق المعروف بالفوطي يعد التمهيد الذي مهدته في الجزء الرابع من هذه السنة (لغة العرب 5: 216 وما يليها). حان لي أن أعرف ابن الجوزي مؤلف كتاب مناقب بغداد بنقلي ما ورد في كتاب الحوادث الجامعة على أنباء ابن الجوزي ولعل تراجمهم المطولة وردت في كتاب بقات الحنابلة لأبن رجب المتوفى سنة 795 الوارد في مصادر خطط الشام لمحمد كرد علي في ص11. وسيؤيد نقلي أن المصنف هو غير ابن الجوزي الذي ظنه الأثري وانه غير الذي عرفه غنيمة وأما ما جاء عن أصحاب هذا البيت في مرآة الجنان لليافعي المتوفى في سنة 798هـ (1395 - 1396م) المطبوع في حيدر آباد الدكن في سنة 1339هـ (4: 147) فإنه لا يروي الغليل قال الكاتب: وفيها (وفي سنة 656هـ) توفي سفير الخلافة محي الدين يوسف ابن الشيخ أبي الفرج عبد الرحمن المعروف بابن الجوزي كان أستاذ دار المعتصم) (أي المستعصم) كثير المحافظة قوي المشاركة في العلوم وافر الحشمة، ضربت عنقه هو وأولاده) اهـ. سنة 626 (1228م) وفيها عزل (محي الدين يوسف ابن الجوزي) عن النظر بخزانة الغلات بباب المراتب ورتب عوضه كمال الدين عبد الرحيم بن ياسين ثم عزل أيضاً عن ديوان الجوالي ورتب عوضه محي الدين بن فضلان. سنة 628 (1320م) في المحرم وصل إلى بغداد مظفر الدين أبو سعيد كوكبري بن زين العابدين علي كوجك صاحب أربل ولم يكن قدم بغداد قبل ذلك وكان معه (محي الدين يوسف بن الجوزي) وسعد الدين حسن ابن الحاجب علي وكانا قد توجها إليه في السنة الخالية فخرج إلى لقائه فخر الدين أحمد بن مؤيد الدين القمي نائب الوزارة والأمراء كافة والقضاة والمدرسون وجميع أرباب

المناصب فلقوه نحو فرسخ ولقيه فخر الدين ابن القمي بظاهر السور واعتنقا راكبين ثم نزلا. فقال فخر الدين: لما انتهى إلى مقار (كذا ولعلها مقام. ل. ع) العز والجلال ومعدن الرحمة والكرم والأفضال - لا زالت الأبواب الشريفة ملجأ القاصدين والأعتاب المنيفة منهلاً للواردين! وصولك يا مظفر الدين! أعلى الله المراسم الشريفة واسماها وأنفذ أوامرها مشارق الأرض ومغاربها وأمضاها! قصدك وتلقيك وأحماد مساعيك إكراماً لك واحتراماً لجانبك. فليقابل ما شملك من الأنغام بتقبيل الرغام، والدعاء الصالح الوافر الأقسام، المفترض على كافة الاقسام، المفترض على كافة الأنام والله ولي أمير المؤمنين. فقبل الأرض حينئذ مراراً ثم دخلوا جميعاً إلى البلد، فلما وصل إلى باب النوبي ساق (كذا ولعلها سبق) فخر الدين وسبقها مظفر الدين وقبل العتبة وعضده الأجل نور الدين أبو الفضل بن الناقد أحد حجاب المناطق بالديوان ثم ركب وقصد دار الوزارة فلقي مؤيد الدين القمي وجلس هناك وركب نائب الوزارة وولده وجميع أرباب الدولة والأمراء وتوجهوا نحو دار الخلافة. فأما مؤيد الدين وولده وخواصه فدخلوا من (الباب القائمي) باب المشرعة وأما الولاة والأمراء فدخلوا من (باب عليان) و (باب المحرم) وانتهى الجميع إلى تحت (التاج) على شاطئ دجلة. ووقفوا على (الدار الشاطية) (كذا) ذات الشبابيك ثم استدعي مظفر الدين من دار الوزارة بالأمير عز الدين البقرا الظاهري وبأحد خدم الخليفة فحضر فرفعت الستارة فقبل الجميع الأرض وكان قد نصب تحت الشباك الأوسط كرسي ذو درج فرقي عليه نائب الوزارة وأستاذ الدار وابن الناقد ومظفر الدين. وسلم مظفر الدين مشيراً بيده إلى الشباك تالياً

قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) فرد الخليفة عليه السلام فقبل الأرض مراراً ثم شكر الخليفة سعيه فأكثر من تقبيل الأرض والدعاء فأسبلت الستارة وعدل بمظفر الدين إلى حجرة فخلع عليه فيها وقلد سيفين وقدم له فرس بمركب ذهباً ومشدة ورفع وراءه سنجقان مذهبان وخرج من الباب القائمي المعروف باب التمر بالمشرعة وبه كان قد دخل. وبقي في خدمته إلى حيث أنزل بدار شمس الدين بن سنقر. ذكر فتح المستنصرية سنة 631 (1233م) في جمادي الآخرة تكامل بناء المدرسة المستنصرية التي أمر بإنشائها الخليفة المستنصر بالله - وكان الشروع فيها سنة خمس وعشرين وستمائة وأنفق عليها أموال كثيرة - فركب نصير الدين بن الناقد نائب الوزارة في يوم الاثنين خامس عشر جمادي الآخرة وقصد دار الخلافة واجتاز بها إلى دجلة ونزل في شبارة من باب البشرى مصعداً إلى الدار المستجدة المجاورة لهذه المدرسة وصعد إليها وقبَّل عتبتها ودخلها وطاف بها ودعا لمالكها وكان معه أستاذ الدار مؤيد الدين أبو طالب محمد بن العلقمي وهو الذي تولى عمارتها ثم عاد متوجهاً إلى داره في الطريق التي جاء بها وخلع على أستاذ الدار وعلى أخيه أبي جعفر وعلى حاجبيه عبد الله بن جمهور وعلى المعمار والفراشين المرتبين في الدار المذكورة المستجدة وعلى مقدمي الصناع. ونقل في هذا اليوم إلى المدرسة من الربعات الشريفة والكتب النفيسة المحتوية على العلوم الدينية والأدبية ما حمله مائة وستون حمالاً وجعلت في خزانة الكتب. وتقدم إلى الشيخ عبد العزيز شيخ رباط الحريم بالحضور بالمدرسة واثبات الكتب واعتبارها والي ولده العدل ضياء الدين أحمد الخازن بخزانة كتب الخليفة التي في داره أيضاً فحضر وأعتبرها ورتبها أحسن ترتيب مفصلاً

لفنونها ليسهل تناولها ولا يتعب مناولها. وفي بعض هذه الأيام حضر الخليفة هناك وحضر الشيخ عبد العزيز بين يديه وسلم عليه وعقب دعاءه بأن تلا قوله تعالى: (تبارك الذي إن شاء جعل لك خيراً من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصوراً). فبدأ خشوع الخليفة وتقاطرت دموعه. وفي يوم الخميس خامس رجب حضر نصير الدين نائب الوزارة وسائر الولاة والحجاب والقضاة والمدرسون والفقهاء ومشايخ الربط والصوفية والوعاظ والقراء والشعراء وجماعة من أعيان التجار الغرباء إلى المدرسة وقد تخير لكل مذهب من المدارس وغيرها اثنان وستون نفساً. ورتب لها مدرسان ونائبا تدريس. أما المدرسان فمحي الدين أبو عبد الله محمد بن يحيى بن فضلان الشافعي ورشيد الدين أبو حفص عمر بن محمد الفرغاني الحنفي. وخلع على كل واحد منهما جبة سوداء وطرحة كحلية وأعطي بغلة بمركب وعدة كاملة. وأما النائبان (فجمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن يوسف الجوزي الحنبلي) نيابة عن (والده) لأنه كان مسافراً في بعض مهام الديوان. والآخر أبو الحسن علي المغربي المالكي وخلع على كل واحد منهما قميص مصمت وعمامة قصب ثم خلع على جميع المعيدين - وهم لكل مذهب أربعة - خلعاً بالحكاية. ثم خلع على جميع الفقهاء المثبتين بها قمصان دمياطي وبقاقير قصب. ثم خلع على المتوالين للعمارة والصناع والحاشية وعلى المعينين للخدمة بخزانة الكتب. وهم الشمس علي بن الكتبي والخازن والعماد علي بن الدباس المشرف والجمال إبراهيم بن حذيفة المناول. ثم مد سماط في صحن المدرسة أجمع فكان عليه من الأشربة والحلواء وأنواع الأطعمة ما يجاوز حد الكثرة فتناوله الحاضرون تعبية وتكويراً ثم أفيضت الخلع على الحاضرين من المدرسين ومشايخ الربط والمعيدين بالمدارس

والشعراء والتجار الغرباء ثم أنشد الشعراء المدائح فيها وفي مُنشئها. فممن أورد العدل أبو المعالي القاسم بن أبي الحديد المدائني الفقيه الشافعي: ما مثل الفلك العظيم لمبصر ... في الأرض قبل ايالة المستنصر تلخيص شروط المدرسة. . . (استغني عن النقل بإحالتي القارئ على المشرق (5 (1902): 166) وعلى اليقين (3 (1344هـ): 489 - 490) وما حذفه النقل هو: (البرز والفرش والتعهد) بعد كلمة الصابون). وفي شهر رمضان وصل (محي الدين يوسف بن الجوزي) من مصر وخلع عليه بدار الوزارة خلعة التدريس على الحنابلة بالمدرسة المستنصرية وحضر المدرسة بالخلعة ومعه جميع الولاة والحجاب فجلس على السدة وخطب وذكر دروساً. . . سنة 633 (1235م) وفي ثامن عشر شعبان تقد إلى (أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي) بالجلوس في الرباط المجاور لمعروف الكرخي المقابل لتربة واقفته وحضر ناصر الدين ولما أنفض المجلس مد سماط عظيم ثم خلع عليه في حادي عشرية في دار الوزارة وقدم له فرس عربي بمركب ذهباً

ومشدة وأعطي علم بمشاد وجعنايين وخلع على جميع أصحابه وأتباعه ومماليكه وأعطي عدة أرؤس من الخيل وثياب كثيرة وخمسة وعشرون ألف دينار وخمسون جملاً وكراعاً كثيراً وآلات ومفارش وغير ذلك. وتوجه إلى مستقره وقد أصلحت الحال بينه وبين عميه الكامل والأشرف. وفيهما تكامل بناء الإيوان الذي أنشئ مقابل المدرسة المستنصرية (للاختصار أحيل القارئ على المشرق (10) (5 (1902): 166 - 167) واليقين (10) (3 (1344): 490 - 491) والزهراء المجلة المصرية (3 (1345هـ 1926م): 254). سنة 634 (1236م) وفي هذه السنة قصد ملك الروم مدينة آمد وحصرها وضيق على أهلها وجرى بين العسكريين قتال. وقتل من الفريقين خلق كثير وقلت الأقوات وتعذرت على أهل البلد فأرسل صاحبها إلى الخليفة يعرفه ذلك ويسأله مراسلة ملك الروم في الكف عنه، فأمر الخليفة بإنقاذ (أبي محمد يوسف ابن الجوزي) فتوجه نحوه قال: لما وصلت إليه وجدت عساكره قد أحاطت بمدينة آمد وأهل البلد في ضرٍ عظيم فعرضت عليه مكتوب الديوان، فذكر أن أولئك الذين ابتدءوا وقتلوا أصحابه. قال؛ فأخرجت خط الخليفة بقلمه وتلوت قوله تعالى: (كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب) وقبلته وسلمته إليه فقام ووضعه على عينيه ورأسه وقرأه وأمر بالحال بالكف عن القتال والرحيل عن البلد.

سنة 635 (1237م) وفي ربيع الآخر تقد إلى المدرسين والفقهاء ومشايخ الربط والصوفية وأرباب الدولة من الصدور والأمراء بحضور جامع القصر لأجل الصلة على أبنه بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل زوجة الأمير علاء الدين الطبرسي الدويدار الكبير وصلي عليها في القبلة وشيع الكل جنازتها إلى المشهد الكاظمي ودفنت إلى جانب ولدها في الإيوان المقابل للداخل إلى مصف الحضرة المقدسة في ضريح مفرد، قيل أنها كانت نفساء عن نيف وعشرين سنة. ومدة مقامها في بغداد عشر سنين وعمل العزاء في دار الأمير علاء الدين وحضر النقيب الطاهر الحسين بن الأقساسي وموكب الديوان وأقامه من العزاء. ونفذ المحتسب (أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي) إلى بدر الدين لؤلؤ ليقيمه من العزاء. سنة 636 (1238م) في هذه السنة ملك الملك الصالح أيوب. . . مدينة دمشق. . . ثم إن الملك الصالح أيوب صاحب سنجار راسل الملك الجواد وطلب منه دمشق على أن يعوضه عنها سنجار فأجابه إلى ذلك وسلمها إليه وانتقل منها إلى سنجار فلما استقر الملك الصالح في دمشق وملكها حدَّث نفسه بأخذ مصر من أخيه العادل محمد. . . فبلغ أخاه العادل فأرسل إلى الخليفة يعرفه ذلك ويسأله التقدم إلى أخيه بالكف عما عزم عليه من قصده. فأمر الخليفة بإنفاذ (أبي محمد يوسف بن الجوزي) في المضي، فتوجه إليه وقرر معه القناعة بدمشق وتوفير مصر على أخيه فأشترط أشياء من جملتها حصته في تركة أبيه فأجابه أخوه إلى ذلك واصطلحا وعاد الملك الصالح إلى دمشق. سنة 637 (1339م) وفيها حضر الأمير سلمان بن نظام الملك متولي المدرسة النظامية مجلس (أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي) بباب بدر فطاب (كذا ولعله فتاب) وتواجد وخرق ثيابه وكشف رأسه وقام وأشهد الواعظ والجماعة أنه أعتق جميع ما يملكه من رقيق ووقف أملاكه، وخرج عن جميع ما يملكه فكتب إليه النقيب الطاهر أبو عبد الله الحسين بن الأقساسي أبياتاً طويلة يقول فيها: يا ابن نظام الملك يا خير من ... تاب ومن لاق به الزهد

وفيها تقدم بقطع الوعظ من باب بدر وكان الواعظ المحتسب (عبد الرحمن ابن الجوزي). سنة 638 (1240) وفيها قدم (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) من شيراز. وحكى أنه شاهد في قرية من قرى فارس تدعى ساوور صبياً عمره اثنتا عشرة سنة طوله خمسة أذرع وأخطاءه تناسب خلقه. قال وحضر أبواه عندي وهما كالرجال في العادة. سنة 640 (1242م) (في هاتين الصحيفتين خلافة المعتصم وقد جاءت في المشرق على ما نوهت به عن صفا) يعقوب نعوم سركيس (أربل) أربل (وبعض الأهالي يقولون أرويل والبعض الآخر أربيل) مدينة واغلة في القدم معنى لفظها (مدينة الأربعة الآلهة) وهي اليوم أم البلاد الكردية وبؤرة تجارتها. وهي تقسم إلى ثلاثة أقسام: الوترك (لا الكورتك كما جاء في بعض المقالات من جرائد العراق) والقلعة والخانقاه. وأهاليها كلهم أكراد نسباً وحسباً. بينهم من ينتمي إلى عشيرة (بالك) الراوندوزية الأصل. وبينهم من ينتمي إلى عشيرة (الجاف) المبثوثين في لواء السليمانية، وبينهم من عشائر (سورجي) و (كردي) و (ماموندي) و (ديتريلي). ولسان الجميع الكردية والتركمانية. وأكثرهم نبذ التركية. ويزعم أن في (القلعة) بيتين أو ثلاثة من التتار الأقدمين. وللشرفاء والأغوات الثروة الطائلة ولهم جنان عظيمة في صدر (القلعة) ويمتازون بشهامتهم وإباء نفسهم وسمو أخلاقهم وحسن التفاتهم إلى الضيف وإكرامهم إياه. وكانت أربل في جميع الأزمان ميداناً لحروب عديدة بين مختلف الأمم، بين الإيرانيين واليونانيين، بين ماذية ولوذية، بين العباسيين والأتراك، بين العباسيين والأمويين، بين الأمير محمد باشا (كور باشا) الراوندوزي وعلي باشا ورشيد باشا الكبير الصدر الأعظم التركي، دع عنك حروب الأقدمين بين الآشوريين والآريين، بين الكلدانيين أو البابليين والمصريين إلى غيرهم.

المضارع في لغة العوام

المضارع في لغة العوام قد أنهينا الكلام عن الماضي من الثلاثي المجرد ولنتكلم هنا عن المضارع فنقول: الفعل المضارع هو ما دل على حدث مقترن بزمان الحال أو الاستقبال. ويصاغ المضارع من الماضي وذلك بان يزاد في أول الماضي أحد حروف (أتين) المسماة بحروف المضارعة لأن الماضي بها يصير مضارعاً فإذا زدت في أول (ضرب) مثلاً ياء أو تاء أو نونا أو ألفاً صار يضرب وتضرب ونضرب وأضرب وهو المضارع. والياء من أحرف المضارعة إنما تكون في أول المضارع المسند إلى الغائب والتاء تكون في أول المضارع المسند إلى المخاطب أو الغائبة. والألف تكون في أول المضارع المسند إلى المتكلم، والنون في أول المضارع المسند إلى جمع المتكلم. حركة حروف المضارعة الألف مفتوحة في أول كل مضارع ثلاثياً كان أو رباعياً. مجرداً أو مزيداً، أما بقية أحرف المضارعة وهي الياء والتاء والنون في مكسورة مطلقاً أي في كل مضارع ثلاثي كان أو رباعياً مجرداً أو مزيداً، إلا أن كسرتها تكون ضئيلة في بعض المواضع وذلك إذا وليها حرف متحرك كما في الأجوف نحو يشوف والمضاعف نحو يمد والرباعي المجرد نحو يكرس فإن حرف المضارعة في هذه الأفعال مكسور كسرة ضئيلة. قلنا في الألف من أحرف المضارعة إنها مفتوحة مطلقاً وفي غيرها من الحروف الأخرى إنها مكسورة مطلقاً، وهذا هو الأصل الشائع في كلامهم وما خالف ذلك عدد من النادر القليل كما يضم بعضهم حرف المضارعة من المضارع الثلاثي المضموم العين فيقول يكفر ونكنس. تنبيه - المراد بالمضارع المضموم العين هو المضموم العين في كلام العامة فيجوز ضم حرف المضارعة من يصبر لأنه مضموم العين في كلامهم ولا يجوز ضمه من يكتب

لأنه مكسور العين في كلامهم. وربما استعملوا بعض الأفعال مضموم العين ومكسورها كما في يضرب فإن أهل البادية يكسرون عينه وأهل الأمصار يضمونها فيجوز على لغة ضم العين أن يقال يضرب بضم حرف المضارعة. عين المضارع إن عين المضارع الثلاثي في كلام العامة لا تخلو من أن تكون مضمومة كينصر أو مفتوحة كيركب أو مكسورة كيحسب، وهذه الحركة أعني حركة عين المضارع إنما تعرف بالسماع. وقد علمت مما سبق أن الفعل الماضي لا يكون في كلام العامة إلا مفتوح العين لا غير فالأبواب الستة التي تتحصل للثلاثي المجرد من كل اختلاف الحركات في عيني الماضي والمضارع معدومة في كلام العامة وإنما يوجد منها في كلامهم ثلاثة أبواب باختلاف الحركة في عين المضارع فقط. الباب الأول ما كان مفتوح العين في الماضي ومضمومها في المضارع نِصَرْ يِنْصُرْ. الباب الثاني ما كان مفتوح العين فيهما نحو رِكَبْ يِرْكَبْ. الباب الثالث ما كان مفتوح العين ومكسورها في المضارع نحو حِسَبْ يحْسِبْ. آخر المضارع لما كان الإعراب معدوما في كلام العامة كان المضارع أيضاً كالماضي غير معرب، والأصل في آخره هو السكون. ويلحق آخر المضارع من الضمائر المرفوعة ضمير المفرد الغائب نحو يضرب وضمير المفردة الغائبة نحو تضرب، وضمير المفرد المخاطب نحو تضرب، وضمير المتكلم نحو اضرب، وضمير جمع المتكلم نحو نضرب، وهذه الضمائر الخمسة لا تكون إلا مستترة وتقديرها (هو) في الغائب و (هي) في الغائبة

و (أِنتَ) في المخاطب و (أنا) في المتكلم و (أحْنَ) في جمع المتكلم. وأما الضمائر البارزة التي تلحق آخره فهي (1) ضمير جمع الغائب. (2) ضمير جمع المخاطب وهذان الضميران عبارة عن واو بعدها نون ساكنة نحو (يِضِرْبوُن) لجمع الغائب و (تِضْرُبون) لجمع المخاطب وآخر الفعل مع هذين الضميرين يكون مضموماً. (3) ضمير جمع الغائبة. (4) ضمير جمع المخاطبة وهما عبارة عن نون ساكنة نحو (يِضِرْبَنْ) لجمع الغائبة و (تِضِرْبَن) لجمع المخاطبة. وآخر الفعل مع هذين الضميرين يكون مفتوحاً. (5) ضمير المفردة المخاطبة وهو عبارة عن ياء بعدها نون ساكنة نحو (تِضرْبِين) وآخر المضارع مع هذا الضمير يكون مكسوراً أما عين المضارع فتكون ساكنة مع جميع الضمائر البارزة. الأفعال الثلاثة إن ما ذكره النحويون من الأفعال الخمسة في اللغة الفصحى لا يوجد منها في كلام العامة إلا ثلاثة أفعال وهي يفعلون وتفعلون وتفعلين. وذلك لأنه ليس للاثنين ضمير في كلامهم بل هم يعتبرون ما زاد على الواحد جمعاً فيستعملون ضمير الجمع في مقام ضمير الاثنين أيضاً كما تقدم بيانه في بحث الضمائر ولذا سقط في كلامهم من الأفعال الخمسة فعلان وهما يفعلان وتفعلان وبقي ثلاثة أفعال وهي يفعلون وتفعلون وتفعلين. وهذه النون التي في آخر الأفعال الثلاثة ليست من علامات الإعراب لأن الإعراب معدوم في كلامهم وليست هي جزءاً من الضمير لأنها لو كانت جزءاً منه لما جاز حذفها مع أنهم يحذفونها أحيانا. وحذفها يقع في كلامهم على وجهين واجب وجائز. أما وجوب حذفها فإذا أتصل بالفعل من الضمائر المنصوبة ضمير المتكلم مفرداً كان أو جمعاً نحو يضربوني ويضربونا وتضربيني وتضربينا. وأما جواز حذفها فإذا أتصل به من

الضمائر المنصوبة ما سوى ضمير المتكلم نحو يضربوه ويضربونه ويضربوك ويضربونك الخ. . . وتثبت هذه النون فيما عدا هذين الموضعين حتى النهي فإنهم يثبتون النون فيه فيقولون (لا تْضِرْبوُنْ ولاَ تْضِرْبِيْنْ). والفعل المضارع مع فاعله قد يقع في كلامهم موقع المصدر فاعلاً أو مفعولاً بدون حرف مصدري لأن الحروف المصدرية معدومة في كلامهم فمن وقوعه فاعلاً قولهم (مَا يْجوز لَكْ تِعْمَلْ هَا الْعمل) أي ما يجوز لك أن تعمل هذا العمل. ومن وقوعه مفعولاً قولهم (أَرِيد أروح إلى فلان) أي أريد أن أروح إلى فلان. ولنذكر لك تصريف الفعل المضارع من الثلاثي المجرد من الأقسام السبعة التي مر ذكرها في تصريف الفعل الماضي. معروف الرصافي فنجر عينيه من لغة عوام الشام ومصر قولهم: فلان فنجر عينيه أي حملق. وفي محيط المحيط حملق بهما. وهو خطأ لأنه لا يقال: حملق بعينيه بل حملق فقط. وفنجر، مشتقة من بنجرة الفارسية (وهي بباء مثلثة فارسية تقلب فاء عند التعريب) ومعناها النافذة، كأنه فتحهما كالنافذة بعد أن كانتا مطبقتين أو كالطبقتين. وذكر البستاني في المادة المذكورة: الفناجرة: الخيالة الحاذقون في ركوب الخيل. ولم يذكرها بهذا المعنى سوى فريتغ نقلاً عن كتاب المستفيد في مدينة زبيد في عدة مواطن منه. ونقلها عن البستاني الشرتوني في معجمه ولم يعزها.

غادة بابل

غادة بابل 2 - انفردت شميرام في مخدعها وهي أشبه شيء بنجم الصباح المتلألئ في الأفق: ربعة القوام، عبلة الساعدين، رخصة الجسد، لدنة المعاطف، جميلة الأنف كبنات جنسها الساميات، حوراء البشرة، دعجاء، وطفاء، شعرها أسود حالك جثل، قد ضفرته ضفيرتين، وعقصته حول رأسها على شكل العقال، وقد لوحتها شمس بابل، وتدفقت الخمرة على شربتها في دمها حتى سرت في عروق خديها الاسيلين، وصبغتهما صبغاً لطيفاً يخجل الورد منه، وأثر فيهما تزاحم شعرها وهاجرة النهار، فعلتهما لآلئ من العرق حتى ليظن الناظر إليها أنها حورية من حور الجنان. ثم أخذت تناجي نفسها بما يشبه هذه الأقوال: مالك يا قلبي خافق في صدري؟ ومالك يا مخيلتي تتعبيني بالأشباح والأخيلة؟، كنت قبل اليوم لا أعرف للهم منبتاً، ولا للحزن موطناً! فما أنت أيها الحب حتى سطوت فقسوت وحكمت فبغيت؟ كنت أحب شمشو حباً هادئاً حب بنت الخال لأبن عمتها، أو حب الشقيقة لشقيقها. فأستمر ذلك الحب حتى استولى الغرام على قلب خال فاستحكم. وتكيف حب العشيرة فأصبح لواعج هوى، وأضحت كل جارحة مؤلمة، آه! أنا بنت أشرف أشراف بابل، أنا بنت الدلال والترف، من ذا الذي ينقذني من هذا المأزق؟ إذ لا قدرة لي على احتمال ذا الضيم، ولا طاقة لي على ركوب هذا المركب الخشن! فقد أربد الكون في عيني، وانسدل عليهما سجف من الظلام فلا تبصران الشمس ولا تتمتعان بالنظر إلى القمر والكواكب وهل في سماء الشبيبة شمس غير شمس شمشو. وهل في أفق بابل قمر غير حبيبي، وأنا للكواكب أن تبقى في ريع السماع ولا تتواري خجلاً من سنائه!. . أنت أنت يا شمشو علة شقائي. . . ما أسعد الشقاء في سبيل حبك. وما أسعدني لو عدمت الحياة فداء لك. ولكن بئست

السعادة التي يقضى نعيمها في البعد عنك. ما الحيلة في الاستيلاء على قلبك؟ وكيف يهون عليك أن تتركني العوبة بيد الأحزان. وهب إن شمشو يوافقني في الحب والزواج.: لكن هناك حبيبتة حتراء فإنها تقف عقبة كؤودا في وجهنا. كيف أتخلص من مراقبتها وأدفع عني شرها؟. ولما أتت على ذكر حتراء رقيبتها في الحب شعرت بانقباض شديد لم تتمالك من أن تتنهد وتنفس الصعداء ثم استخرطت في البكاء فتساقطت دموعها تساقط الطل على الورد وتناثرت تناثر اللآلئ على الأرجوان فكفكفت دموعها بإصبعها وسمحت خديها بقطعة من نسيج كانت بيدها تريد خياطتها. فدخلت في هذه المطاوي والدتها ريماة ولمحت آثار البكاء عليها فاستغربت منها هذه الحال وقالت لها: بنيتي ما الذي يبكيك؟ شيمرام - رأيت حلماً في الليل الماضي فأزعجني وكدرني كل الكدر فتشاءمت منه. ريماة - وما هو حلمك؟ فإن كان داعياً للقلق عمدنا إلى الكهنة والسحرة والمنجمين واتخذنا التعاويذ والطلاسم والرقى واتقينا شر الأرواح الشريرة وإلا فلا تكترثي له. شيمرام - رأيت كلباً أسود داخل الهيكل وقلب تمثال الإله (مردوخ) وحطمه ورأيت في غرفتي هذه طفلاً بلا حنك أدخلته علي نتو. ريماة - أن دخول الكلب الأسود في الهيكل يدل على أن أسس ذلك الهيكل غير مكينة تتداعى؛ أما سقوط التمثال وتحطمه فيشير إلى تدهور المملكة وزوال مجده؛ ويشير الطفل الذي لا حنك له إلى أن حياة الملك طويلة إلا أن البيت الذي ولد فيه ينقض حجراً حجراً. غير أني أسألك يا شيمرام: هل كان الطفل ناقص الحنكين أو أحدهما. فإذا كان حنكه الأسفل فقط ناقصاً فيدل على أن غلات هذه السنة لا تقل. شميران - لا يا أماه أنه ناقص الحنكين. ولكن كيف تعللين وجود نتو في هذه الأمور وتوسطها في إدخال الطفل في غرفتي؟

ريماة - إن الصور التي تراءت لك في الحلم والأشباح التي ظهر تلك في النوم لو رأيتها في اليقظة، لدلت على ما فسرته لك، ولا بد من أن التفسير يختلف على ما أعتقد ما بين الحلم واليقظة، وبين الحالين فرق بين لا وسع لي على فك مغلقة. فالكهنة المنجمون الكلدان متضلعون من هذه الأسرار وتفاسيرها. فما علينا إلا الذهاب إلى بيروس الكاهن فيوقفنا على حقيقة الأمر. ثقل وقع بيروس على مسامع شيمرام. وشعرت بضغط جديد على قلبها ولكنها تجلدت وأجابت والدتها قائلة: إني لا أركن إلى أقاويل بيروس، لا بل أنفر منه نفور الظباء من بين يدي الصياد. ريماة - يا بنيتي، لا تستخفي بالكهنة، ولا تشكي في علمهم، وقدرتهم على معرفة الأسرار وتفسير الأحلام أشهر من أن تذكر لأن بينهم وبين الأرواح صلات مجدولة القوى وثيقة العرى. إنهم ينفعون ويضرون؛ يقيمون ويقعدون؛ يصلحون ويفسدون. شيمرام - لا أقول شيئاً عن الكهنة وقدرتهم، ولكن لا أثق في بيروس وقد زاد الطين بلة في هذا الصباح، حتى حين كنت في الهيكل، فإنه تذرع بكل الوسائل ليسود على قلبي، لا بل طاردني مطاردة العشاق لكني وقفت في وجهه كالطود الشامخ، وإذ لم يظفر مني بأمنيته تزلف من نتو وجعلها صلة له في حاجته فأرجعتها بخفي حنين. ريماة - لولا المخافة من حدوث شر مستطير لأبلغت الخبر إلى والدك، إذ يعز علينا نحن أشراف بابل أن نرى رجلاً يخاطب بناتنا ونسائنا بهذا المعنى، وما جزاؤه إلا القتل. غير إني أضرب صفحاً عن ذكر هذا الخبر لوالدك حقناً للدماء. شيمرام - دعي يا والدتي اسم بيروس الدجال نسياً منسياً، فإن ابنتك عفيفة الجانب تتنزه عن المعايب ولا تشغل بالها إلا بما يرضيك. ريماة - بنيتي! إن النصيب الذي أذخرته لك يفوق كل نصيب فأنت خطيبة شمشو ابن عمتك.

شيمرام - أنا أطوع إليك من بنانك ولكن شمشو. . . واغرورقت عيناها بالدموع ثم غصت. ريماة - سكني من روعك واهدئي وألقي حملك علي وأنا أدبر الأمر. إن شمشو لا يحيد عن أمري وأمر أبيك لما هو عليه من الارتباك في أحواله وفي أسباب عيشه. . . ولم تزد على هذا الكلام بل أرادت أن تلهي شيمرام عن اضطرابها وروعها واشتغالها بموضوع يعذب فكرها. فقالت لها بنيتي يجب علينا اليوم أن نعد كل شيء لأن نهار الغد هو يوم راحة للنفس (أي سبتو) فيجب أن نطبخ الطبيخ ونغير الثياب. إذ يحضر علينا القيام بمثل هذه الأمور في يوم الراحة الذي يأتينا خمساً في كل شهر، في اليوم السابع والرابع عشر والتاسع عشر والحادي والعشرين والثامن والعشرين، كما أنه يحضر تقديم القرابين ويمنع على الملك مخاطبة الشعب وركوب المركبات أو القيام بأي عمل مدنياً كان أو عسكرياً، حتى الاستشفاء بالأدوية. شميرام - مالنا وذكر يوم الراحة، فكل أيامنا (سبتو) فلسنا نحن الذين نطبخ في البيت ولسنا ملوكاً لنكلم الشعب أو نركب العجلات (العربات). أما ثيابي فقد غيرتها هذا الصباح. وإني قلقة البال غير مرتاحة لأن أغيرها مرة ثانية وأتزين بألبستي الجميلة. فأعد الشهور وأحصي الأيام، لأن الحياة كلها تعب، وها إننا في الشهر الثاني عشر من السنة ولم أذق لماظة من السعادة في نيسانو شهر الإلهين أنو وبل، ولا في آيارو المخصص ب (أيا) ولم يكن (سوانو) والآلهة (سن) أسعد لي منهما. ولما جاء شهر دوزو، قلت أن الآلهة آذار سيقشع هذه الغمامة عن قلبي ولكن خابت آمالي وأخذت أعلل النفس بزوال الهموم في شهر آبو وعقدت حبل رجائي بملكة القوس وهكذا توالت الشهور الولو وتسرينو وأرخ سمنا وكسليمو ولم تشفع بي آلهتها إشتر وشمش ومردوخ ونرجل وعقبها طيبتو وشباتو وهذا أدارو ولم تكن آلهتها بابسكال وريمونو الآلهة السبعة العظيمة أرفق بي من سواهم فلا

أدري أي الأيام يوم سعد لي، ولا أدري كيف يقول المنجمون إن في السنة أيام سعد وأيام نحس، فهل سنتي كلها، يا ترى، سداها بؤس ولحمتها شقاء؟ وهل كان يوم ولادتي يوم نحس وتعس؟. . . فقاطعتها والدتها ساخرة من أقوالها وندبها حالها وقالت لها ضاحكة: إن سعادتك في شهر (أراخو مخرو) وهو الشهر الكبيس الذي يضاف كل ست سنوات إلى الإثني عشر شهراً. وسيأتي بعد السنة التالية. وأعلمي، يا شميرام، أن الفأل يختلف باختلاف العوامل التي تفعل في الحظوظ. فمن الأحلام ما هو من دواعي الهناء ومن ما هو من بواعث الشقاء، وللحيوانات والطيور والأشكال الهندسية مؤثرات في حظوظ البشر، ولا يعلم ذلك إلا الآلهة والكهنة والمنجمون الراسخون في العلم. وأزيدك علماً إنني قد استشرت السحرة والمنجمين عن طالعك وعزموا الأرواح على هذه النية فطمأنوني وقالوا إن مستقبلك سعيد وإن شمشو يكون نصيبك مهما فتلته فاتلات الحب والغرام عن غيرك. فثقي بي. وسآخذك بعد ظهر هذا اليوم إلى التنزه لترويح النفس فكوني على أهبة. أخذت ريماة ابنتها شميرام ومعهما ثلة من العبيد والجواري إلى التنزه إلا نتو فإنها تمارضت وبقيت في البيت. سارت ريماة وشميرام وأتباعهما في طرق بابل حتى وصلوا أسوار المدينة الداخلية ومروا من باب المدينة تحت طاق معقود وما عتموا أن اجتازوا أسوارها الخارجية وجلسوا هناك على شاطئ الفرات وكان نسيم الصبا يلعب بالنفوس فيطربها ومما كان يزيد المشهد بهجة وسحراً أغاني السفافين وأصواتهم الرخيمة فمنهم من كان ينحدر في النهر بالمقاذيف ومنهم من كان يصعده بنشر الشرع أو بالجر بالحبال. وكان العركيون يصطادون البز والشبوط والبني وهم فرحون بمسرات الحياة الشظفة كان فيهم من يصيد بالشرك ومنهم بالصنارة. . . تشاهد هناك القفف وهي سفن مدورة مصنوعة من أغصان الشجر والخوص مطلية بالقار. و (الاكلاك) وهي سفن مؤلفة من قرب أو (أجواد) منفوخة يربط بعضها ببعض بحبال من ألياف النخل وفوقها خشب وهي تحمل البضاعات والغلات والفواكه اليابسة والرخام والصخر من

نتاج بلاد الشام وفي كل كلك رجلان أو ثلاثة أو أربعة هم أصحاب ذلك المركب. وإذا نظر المرء إلى البر رأى قوافل التجار آتية من بلاد الفنيقيين حاملة العاج وأواني الخزف والأصباغ والتحف والنفائس والأثواب (والأقمشة) الغالية الأثمان. لم تنبسط نفس شميرام برؤية هذه المشاهد، ولمة ترمقها بنظرها إلا كرها أو استخفافا. ومهما حاولت والدتها ريماة أن تلهيها أو تطربها ازدادت انقباظاً وتأوهاً وتفكرا في شمشو. فعجزت والدتها عن إفراج الهم عنها فهمت راجعة بها إلى البيت. وإذا بجلبة عظيمة وأصوات وقع حوافر خيل وبغال وقعقعة دواليب عجلات وبمناد ينادي: أفسحوا الطريق لملك الملوك، لسيد الأقوام، لسلطان الاقاليم، قفوا تعظيماً وإجلالاً لملك الرقاب، للقابض على مقدرات الشعوب، لصديق الآلهة وحبيب الأرباب. فكان الناس يخففون السير ويلجئون إلى إحدى زوايا الجادة أو الطرق المتشبعة منها والذي لا يقوون على أحد الآمرين كانوا يصطفون صفوفاً منظمة على جانبي الطريق أو يخرون سجداً إلى الأذقان. وكان الفلاحون يتركون حقولهم ويركضون لمشاهدة الموكب الملوكي. مر الموكب بوقار وأبهة بين تهليل وتصدية الجمهور احتفاء بالملك الراجع من القنص والصيد رجوع منتصر ظافر بعد أن غاب عن عاصمته خمسة عشر يوماً لهذه الغاية وكان أعد العدد وهيأ الأسباب لهذه الحملة أو الرحلة إلى الفرات الأوسط. جاءت طليعة الجيش الجرار وعقبها الملك جالساً في مركبه وفوق رأسه مظلة من نسيج مطرز بالأحمر والأزرق والسائق في الجانب الأيمن يقود الجياد ويمنعها العثار وهناك خصيان في طرفي المركبة بأيدهما مذبات لطرد الذباب وكانت مركبات الأمراء تتلو مركبة الملك فمركبات الوزراء فرهط من الخيالة حاملين القنا، فالمشاة، فالكلابون (فمربو الكلاب)، فالخدم، فالبغال وهي حاملة الأثقال والمعدات والخيام والصيد. وكان بين غنائم الصيد ثلاثة أسود وعدد من الغزلان وبعض الدببة وفرأ واحد ونعامة. وشيء كثير من الطيور كالحباري ومالك

الحزين (البلشون) وغيرها. وبين الأسود الثلاثة أسد كبير الجثة، حي يزأر زئيراً يردد صداه فضاء بابل الواسع، وقد صاده الملك برمية قوس هدت شيئاً من قوته ثم صارعه صراعاً عظيماً، عرضت حياة الملك للخطر: فأتى إلى نجدته نفر من حاملي الرماح إلا أنه أنتهرهم شجاعة وأخذ من يد أحدهم الرمح وغرز نصل في قفا الأسد حتى شكه شكاً في الأرض وصرع الليث ثم أذن للجنود بالتقدم فأخذوا الأسد ووثقوه وقادوه إلى المعسكر وهم فرحون ببسالة ملكهم العظيم. وعلى أثر هذا الفوز المبين والنصر الباهر قدم الملك تقدمة شكر إلى الآلهة، فوقف أمامه كاهنان وبيد كل منهما كنارة وهما متهيئان ليوقعا عليهما ترنيمة الشكر؛ ثم أتي بالأسد ووقف الملك مع حاشيته وبيده القوس فقدم إليه وزيره كأساً مترعة خمر مقدسة فذاقها ثم أفرغها على الصيد وللحال صدحت الموسيقى بترنيمة الشكر. وكان هذا الفوز أحدوثة جميع الناس في المدن والقرى والدساكر والاندية، مرت تلك الجموع فزحمت الطريق فضاقت بريماة فعطفت على طريق ثانية تخلصاً من هذا الازدحام. وبينما كانت سائرة أستوقف أنظارها وأنظار جماعتها السوق القائمة في أحد ميادين المدينة كانت تعرض فيها البنات للزواج؛ والسمسار يصيح بصوت جهوري واصفاً جمال هذه، وحسن تلك، ومعدداً حسنات الأخرى وأخلاقها وآدابها وتفننا في بيان مقومات الكياسة ما شاءت الفصاحة والبلاغة، فتارة يطرئ الجمال ومؤثراته في الحياة وسيادته على القلوب وما يولده فيها من الفرح والسرور وطوراً يفضل عليه الأخلاق الحميدة وجمال الآداب وما تورثه من السعادة في البيت بعد الزواج حسب البنت المعروضة في تلك السوق. ومن وقت لآخر كان ينادي معرفاً ثمن السياق (المهر) الذي يجب أ، يدفعه الشاب الراغب في تلك الابنة الجميلة أو البائنة التي تدفع عن الأخرى الدميمة الصورة للشاب الراغب في زواجها. وهناك رجل آخر يقبض مهر الجميلات ويدفع منه بائنة عن الدميمات وقد اكتظت ساحة الميدان بالشبان الراغبين بالزواج وبالمتفرجين من جميع الطبقات وكان الشبان يطوفون على البنات وينظرون

إليهن نظرات طويلة، لا بل يتقدمون منهن ويفحصونهن فحصاً دقيقاً من قمة الرأس حتى أخمص القدم كأنهم يشترون السائمة أو الخيل. وكانت الابنة التي تميل إلى أحد الشبان تشير إليه بغمزاتها الفتانة سراً، وتومئ إليه خلسة معربة عما يكنه فؤادها من الحب والهوى. فالجميلات منهن كن يتبخترن ويتباهين ويغازلن الرجال تائهات دلالاً وساحبات أذيال العجب آتيات سحراً حلالاً، وكانت الدميمات يخفين بلباقة خاصة بالإناث ما يذهب بتلك الدمامة فيزين وجوههن بوسائل صناعة التحسين أي بالدهن والصبغ والطلاء والكحل والخضاب، ويبتسمن ابتسامات زائفة، وحركات وسكنات كاذبة، لا تخفى على عيون الشبان الناقدين، والرجال الباصرين، حتى إنهم كانوا يسمعونهن بعض قوارص الكلام فتثور الثائرة داخلهن وتنقبض نفوسهن ألماً وجزعا من هذا الاستخفاف والاستهزاء لاعنات الطبيعة الجائرة التي حرمتهن مظاهر الجمال. فتثاقلت شميرام في السير وهي تنظر إلى تلك السوق نظرة آسف متألم وخاطبت أمها قائلة: يؤلمني وأيم الحق حال هذه البنات اللواتي يبعن ويشترين في السوق العامة كأنهن أسيرات أو إماء (عبدات). ولا ذنب لهن سوى أنهن ولدن في طبقة العامة المعدمة، فلو كن من الطبقات العليا لما عرضن عرض السلع. فأجابتها والدتها: ما هذه الحال فيك يا بنيتي فإنك تتبرمين من كل شيء وتنقدين المعتقدات والعادات وتنظرين إلى الدنيا وما فيها نظرة شؤم، فهل في هذا المشهد ما يؤلم أو يؤسف؟ والذي أراه أنا هو نظر كله فرح وحبور وحب وزواج وفيه تتحقق رغبات البنات والشبان وأكبر ملذات الحياة فيجب أن نضحك ونمرح في هذه السوق. فلم تحر شميرام جواباً ولكنها لم توافق والدتها في قولها. لندع شميرام وأمها في طريقهما ونرجع إلى بيتهما ونرى ما جرى فيه من التدابير والمؤامرات في غيابهما. غر شيطان الطمع نتو، الخادمة الوفية والنجية المخلصة حتى اليوم فحدثتها نفسها بسوء، مدفوعة بمواعيد بيروس الخلابة. وصممت على أن تتذرع بكل

الوسائل لتحمل سيدتها الفتاة على الاقتران بالكاهن الكلداني. فوقفت على باب الدار منتظرة مروره من هناك لتفاوضه في الطرق الموصلة إلى غايتهما. جاءها بيروس فأفضت إليه بالحديث الذي جرى بينهما وبين شميرام وأطلعته على سر الحب المستحكم في قلب سيدتها، وشغفها بابن عمتها وإعراضها عن الاقتران بكاهن له زوج غيرها وأوقفته على انشغال شمشو بحب حتراء بنت أجيبي الصراف ولكن ضيق يده عقبة كؤود تحول دون خطبته لها. وهو أبي النفس عزيز الأخلاق لا يجنح إلى مفاتحة أبيها بالأمر لئلا يسمع كلمة الرفض فتمس كرامته. واقترحت على بيروس أن يمد شركاً يصطاد به ذلك الفتى ويبعده عن الديار إلى بلاد نازحة بأمل الربح والتجارة ويتآمر على اغتياله في الأقطار الغريبة أو يضع عقبات في سبيل رجوعه إلى الوطن وينشر أخباراً كاذبة تنعيه فإذا تقادم العهد على سفره ويئست شميرام من عودته تداعى بنيان الحب في قلبها فيسهل آنئذ إقامة صرح آخر في هذا القلب يكون بيروس الآمر الناهي فيه والسائد عليه. كان لهذه الألفاظ وقع عظيم في نفس الكاهن الكلداني الأمارة بالسوء فودع نتو وذهب مهرولاً إلى الهيكل وهو مفكر في حل هذه المعضلة ومد شرك الهلاك لشمشو. انقضى ذلك الليل وثلاث أرواح تتصادم في الفضاء الأوسع في نزاع وجدال وهي روح شميرام العاشقة، وروح شمشو التائهة المضطربة، وروح بيروس الظالمة العاتية. يوسف غنيمة القثار والقيثارة أنكر بعضهم ورود هذين اللفظيين في كلام الأقدمين من السلف، قلنا: نعم. لكنهما جاءا في كلام مولدينا فقد ذكر القثار الشقندي (راجع مجلة المقتبس 1: 298 و 437) وذكر القيثارة المسعودي في مروج الذهب (8: 91 من طبعة باريس)، قال عنها: (لها اثنا عشر وتراً) اهـ.

فوائد لغوية

فوائد لغوية صميم لا تؤنث ولا تثنى ولا تجمع قرأنا لكتبة معروفين بحسن الإنشاء وسبك العبارة وتقويم الكلم ما هذا نصه: (نهدي إليك تهانئنا الصميمة، - وهذان الرجلان صميمان في العروبة - وهؤلاء الرجال صميمون في العروبة). وهم يريدون في هذا التعبير: نهدي إليك تهانئنا الصميم أو الخالصة. وهذان رجلان صميم في العروبة أو خالصاً العروبة - وهؤلاء الرجال صميم في العروبة أو خلص العروبة، إلى ما ضاهى هذا التركيب، أما صميم فلا تثنى ولا تؤنث ولا تجمع، قال في اللسان: رجل صميم: محض. وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث. على إن بعضهم يهرب من القول الفصيح والتركيب الصحيح فيقول: تهانئنا الصميمة ورجلان صميمان ورجال صميمون، وهو تركيب ضعيف له نظائر في العربية المولدة، لكن صميم الفصحاء لم يستعملوه. سلم نفسه لا سلم حال كنا كتبنا في (192: 5) أن الشيخ محمود كاكا أحمد سم نفسه للحكومة، فكتب أحد السذج في جريدة بغدادية انه لا يقال: سم نفسه بل (سلم حاله) ثم جاء كثيرون بعده فكتبوا (فلان سلم حاله، وفلان قتل حاله، وفلان تكلم عن حاله) هرباً من استعمال (نفسه) ولم يدروا أن حاله لم ترد في العربية بهذا المعنى، فهي من لغة عوام سورية وفلسطين وبعض (الأرمن الذين في نواحي ماردين وديار بكر. أما حجتهم في نفي القول (سلم نفسه) فهي لأن المرء إذا سلم نفسه مات وهل يمكنه أن يسلمه نفسه، والنفس ليست بمادة؟ - أما حجتنا فهي أن النفس هنا تقع على الإنسان بأجمعه، نفسه وجسده، فمعنى سلم نفسه، وقتل

نفسه، ودافع عن نفسه، هو ما ذكرناه وحجتنا الثانية أن هذا هو الوارد عن العرب، ولم يسمع عنهم سواه ومنه في سورة البقرة: إنكم ظلمتم أنفسكم. . . فاقتلوا أنفسكم، ذلكم خير لكم، - وفي سورة النساء: ولا تقتلوا أنفسكم، إن الله كان بكم رحيماً، والآيات كثيرة - وفي كتب اللغة: انتحر الرجل: قتل نفسه - وعند المعترض إن هذا كله لا يقال، فمرحى! مرحى! الاسكندر أحسن من قيد البريد في دواوين البريد (أي في مكاتب البوسطات) مدرج (أي دفتر كبير، أو سجل، أو قيد) يكتب فيه عدد الخرائط (الأكياس) والكتب الواردة والنافذة وأسامي أربابها، يسميها العصريون: قيد البريد، أو سجل البوسطة أو دفتر القيد، أو ما أشبه هذه الأسماء المختلفة، أما في عصر العباسيين فكان سلفنا يسميه الاسكدار وبالإفرنجية قال في مفاتيح العلوم (ص 64 من طبعة الإفرنج): (الاسكدار: لفظة فارسية وتفسيره: از كو داري، أي من أين تمسك، وهو مدرج يكتب فيه عدد الخرائط الواردة والنافذة وأسامي أربابها.) عجنت الرجل وخبزته تقول عجائز بغداد إذا اختبرن الرجل: (عجنا الرجل وخبزناه) من العجن والخبز. وفي العبارة مجاز غريب يظهر أثر الزمان على وجوه تلك العجائز بالغضون والأخاديد التي ترى عليها؛ ولا عجب من ذلك، إنما العجب من أولئك بعض مفسدي اللغة الذين يدعون أنهم يتوخون الصحيح الفصيح في كلامهم وهو يستعملون مثل هذه العبارات في كتاباتهم ويتباهون بها ولو علموا أن الرجل إذا عجن وخبز أصبح أثر بعدين لمّا نطقوا بتلك العبارة. أما الفصحاء فلا يقولون إلا مثل هذا: (عجمت عود فلان) ومنه قول الشاعر: أبي عودك المعجوم إلا صلابة ... وكفاك إلا نائلا حين تسأل

فأين هذا المجاز الصحيح من هذا المجاز المكسر، المهشم، المحطم، السافل؟ ولك غير هذا التعبير كقولك: غمزت قناته، واختبرت كنهه، واحتسبت ما عنده، وسبرت ما عنده، إلى غيرها وهي كثيرة في لغتنا، فلا حاجة لنا إلى إدخال مصطلحات العجائز والأرمن المتعربين الذين يرون في ماردين وديار بكر ونواحيهما فتأمل. القنطرة أو آلتون كبري - أصل ألتون كبري (أي جسر الذهب): (ألتونص كبري) أي جسر نهر الذهب وهو أسم الشعبة العليا من الزاب الأصغر ثم قالوا اختصارا (آلتون كبري) ونحن العراقيون نسميها (القنطرة) من باب التعريب، لأن هناك جسرين من حجر قائمين على طيقان وهما يصلان المدينة بالبر فنشأ من ذلك أسمها باللغتين التركية والضادية، أما بالكردية فاسمها (برد) بباء مثلثة فارسية. ويروى أن باني القنطرتين السلطان مراد الرابع العثماني ولما رجع الأتراك القهقري في الحرب العظمى الأخيرة أطلقوا عليهما القنابل فهدموا منهما شيئاً غير قليل إلا أن حكومتنا العراقية رممت ما تهدم. والقنطرة ميناء الأكراد، لأن القسم الأعلى من (آلتون صو) ينفسح عند دنوه من (كوي سنجق) في محل يسمى (طقطق) فيكون مكلأ للأطواف (للأكلاك) التي تنقل من لواءي اربل إلى القنطرة التتن (الدخان) والصوف والعفص والكثيراء والجلود وغيرها من مواد الاستصناع. ومن مكلأ القنطرة تنحدر البضائع إلى بغداد. وأهلها يتكلمون الرتكمانية والكردية والعربية وهذا يدلك على أن أهلها خليط من هذه الأقوام الثلاثة ولعل التركمان كانوا في سابق العهد أكثر سكانها من غيرهم، أما الآن فإن الاكراد الأكثرية ويأتي بعدهم الأتراك فالعرب.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نقد كتاب أعلام العراق حضرة الأب أنستاس ماري الكرملي صاحب مجلة (لغة العرب) المحترم. نشر صاحبنا الأثري كتابه (أعلام العراق) فاقتنيت منه نسخة فتصفحتها تصفحاً مجملاً عثر في أثنائه ناظري بهنوات جلى ولأني لم أحب أن أزعج صديقي وزميلي، تغافلت عن الكتابة راجياً أن يكفيني المؤونة غيري من أرباب الأقلام. ومع مضي هذه المدة الطويلة لم أظفر بشيء مما كنت أريد أن يكتب اللهم إلا بضعة أسطر وجدتها منشورة في مجلتكم الغراء وإلا بضعة عشر سطراً نشرت في مجلة (المجمع العلمي) الموقر وكلا الانتقادين مجمل غير مفصل إذ قد تركا الإفصاح عن كثير من الخبايا التي فيها الجناية على التاريخ والافتئات على الحقيقة والاستخفاف بالقراء! أما حضرتكم فعسى أن يكون لكم بعض العذر لالتزامكم خطة المسالمة وأما المجمع العلمي فلعله معذور أيضاً لأن الكتاب قدم إليه كهدية ومن شأن الهدية أن تقبل على علاتها! على أن السطور التي نشرت في مجلة المجمع ضمنت مزاعم هي أحق بانتقاد وإن كان المجمع معذوراً من هذه الجهة أيضاً لبعد الدار الذي هو أكبر باعث على الاطمئنان إلى السماع وأكبر عائق على الإلمام بالحقائق. ونحن نحاشي المجمع المبجل أن يكون سوقاً تعرض فيه السلع البالية وأن يكون، مسمعا بفتح ساحته لكل إذاعة، لا سيما أن الكلمات التي يكتبها المجمع في شأن شخص بمنزلة شهادة يتقبلها كثير من الغافلين عن العلم بأصول الجرح والتعديل فجدير بالمجمع أن يزن كلماته بدقة واعتناء كما توزن حبات الجواهر واليواقيت.

إن للانتقاد فوائد جمة منها ما يعود إلى المنتقد (بالفتح) ولا سيما المبتدئ فيتخذ من الانتقادات التي تنهال عليه حروزاً وتعاويذ تنفعه عند الدخول في بيداء تأليف آخر، ومنها ما يعود إلى القراء ولا سيما تلاميذ المدارس! إذ يغسل أدمغتهم مما علق بها من أوضار الخرافات والشعوذة. فأرجو من حضرة الأب أن يفسح في مجلته لنشر ما كتبته من هذه العجالة ليستحق شكر الحقيقة لا شكري. محمود الملاح كنت أود أن يكون انتقادي على طريقة التصفح للكتابة صفحة صفحة ولكن خفت أن يضيق صدر الوقت عن استيعاب ما ينجم عن هذه الطريقة لذلك عدلت إلى وضعه على هيئة مواد متسلسلة الأرقام ذكر في كل مادة نموذجاً لمدلول عنوانها. وتحريت أن انصف المؤلف لينجلي الانتقاد بصفاء ونقاوة كيلا تضيع الحقيقة بين ثنيات الشخصيات والخروج عن الموضوع ولكيلا ينفتح باب التنابز والتراشق على مصراعيه ومن الله العون: 1 - احتكار العنوان إذا صح تشبيه عنوان الكتاب بنقطة مركزية تتوجه إليها جميع الخطوط فإنه ينبغي أن نوجه إلى عنوان كتاب (أعلام العراق) سهاماً نارية من الانتقاد بقدر تلك الخطوط! فإن كل مخلوق مستوي القامة سمع شيئاً عن العراق، يعلم أنه قطر واسع يشتمل على عدة مدن وأن هذه المدن تشتمل على عدة طوائف وأن كل طائفة تشتمل على أسر ممتازة وكل أسرة فيها رجال بارزون أما في العلم وأما في السياسة وأما في الثروة وأما في السلوك الحسن وهؤلاء الرجال كلهم جدير أن يستظل بلواء هذا العنوان فما بالهم أقصوا (وأقعدوا في الشمس) إلا الأسرة الآلوسية؟ وهكذا استأثر الأثري بثروة العنوان الجزيلة ووزعها على أحبابه ولكن سوف تظهر جناياته عليهم! 2 - تحكيم العواطف في التاريخ جدير بمن يعالج موضوعاً تاريخياً أن ينزع عواطفه ويلقيها جانباً فإذا فرغ من شأنه أمكنه استعادتها وارتداءها من جديد أي أن المؤرخ لا يؤرخ لنفسه بل

يؤرخ للناس فيجب أن يقف موقف الحياد ما دام القلم في يده لتخرج صحيفته نقية لا يشوبها شيء من ألوان العواطف ولا سيما العواطف التي تنغمر فيها الحقائق كالغلو والإغراق فيحتاج متتبع الحقيقة في ذلك الكتاب أن يكشط طبقة ثخينة من حراشف المبالغات حتى يتوصل إلى اللباب ولا يكاد. قد يكون الأثري معذوراً في حشر الألقاب الضخمة إلى ساحة أستاذه لأن ثروة الميت إذا نمت زادت ثروة الوارث! ولكن - كما يقول المثل العراقي - (ما ها الثخن)!. . نشارك الأثري في تعظيم أستاذه ولا نبخسه حقه ولكن لساننا يتلجلج بالبيت الذي خاطب به أستاذه في مرثيته ص208 وهو: وأنت أنت الذي دانت لهيبته ... قبائل العرب إذواء واقيالا على منوال قول الشاعر: وأنت أنت الذي حطت له قدم ... في موضع يده الرحمن قد وضعا ومعنى الإذواء والاقيال ملوك اليمن القدماء الذين انقرضوا قبل الإسلام ولم يبق في اليمن منهم باقية فهذا البيت لو لم ننظر إليه بعين العصر الحديث بل نظرنا إليه بعين العصور العريقة في الخرافات لما سلم من الانتقاد وذلك من خمسة وجوه: (1) - كيف سلم لي شيخه صولجان هذه الهيبة الخارقة؟ (2) - هبه كان مالكاً لهذا الصولجان المذهب ولكن كيف تأتي أن يهابه أناس لم يعاصروه بل خلقوا قبله بخمسة عشر قرناً؟! (3) - أي نكته في تخصيصه قبائل العرب دون غيرهم وما علاقة ذلك في البلاغة؟ (4) - أي نكته في تخصيصه الإذواء والاقيال الذين هم ملوك جزء من العرب دون غيرهم وما علاقة ذلك بالبلاغة؟ (5) - كيف استساغ احتكار هذه الهيبة الخارقة في شيخه؟ كما يشعر بذلك تكرار (أنت) كما يقول بعضنا لبعض: أنت أنت الذي فعلت ذلك أي لا غيرك وأنا أنا الذي فعلت ذلك أي لا غيري. ولو صح الاعتذار لاعتذرت عن الشاعر بأن حضرته ممن تتصرف فيهم

القافية أكثر مما يتصرفون هم فيها والدليل على ذلك استعماله ألفاظا مهجورة يمجها الذوق السليم كقوله (احطالاً) و (جئلالاً) و (أهبالاً) و (أهضالاً). ولينظر القارئ ماذا ترك الشاعر لمحمد بن عبد الله وعمر بن الخطاب بعد مخاطبته شيخه بقوله هذا البيت؟: وأنت أنت الذي بأسه ارتعدت ... فرائض الكفر تشكو الدهر أوجالاً وقبله: وأنت أنت الذي قد كان (منتظراً) ... فكم هديت إلى الإسلام ضلالاً هكذا واضعاً كلمة (منتظر) بين قوسين!!! فهل في وسع المؤلف أن يذكر لنا كافراً واحداً اهتدى إلى الإسلام على يد شيخه؟ 3 - سوء الاختيار لا يخفى أن المؤلف قصد من تأليفه الكتاب إلى التنويه بشأن هذه الأسرة المشهورة بالفضل وإن كان وراء هذا الغرض غرض آخر! - وهذه الأسرة لشهرتها لا تكاد تحتاج إلى مثل هذا الكتاب! ولكن لا أريد أن أناقشه من جهة ذوقه! أو ليس من أراد التنويه بشأن رجل عمد إلى أحسن ما يؤثر عنه؟. ولكن صاحبنا الأثري لمّا أراد الإشارة بعلو كعب المرحوم السيد عبد الله الآلوسي في صناعة الإنشاء أختار له القطعة الآتية وهي قطعة نمقها في وصف مطر غزير وقع في بغداد وفيضان هائل في دجلة، ويغلب على الظن أن هذه القطعة حبرها السيد المذكور في مفتتح اشتغاله في الكتابة وذلك لما فيها من سذاجة في الذوق والاضطراب في التركيب كقوله في ص48 - 49: (وشرع جنّي الليل يخوف صبي النهار) ومنها (وشرعت جواميس القفف تسبح شرعاً في اللجج وتنطح بقرون مغاريفها الأمواج) ومنها (وذهبت إلى دجلة ليشرب فم سمعي الخبر) وليس كل ما أمكن تنزيله على قواعد المجاز والاستعارة كان مقبولاً إذ لا يخفى أن هناك مناسبات واعتبارات ذوقية لا يجحدها من كان له بصر في هذه الصناعة. وكقوله: (وبعد سويعة انتصرت لهم الغزالة ففتحت عينها بين أجفان السحاب) وهذه العبارة جميلة جداً لو لم يعطف عليها قوله: (وصرعتهم

بقرونها فمزقتهم كل ممزق) فكيف يأتلف انتصارها لهم وصرعها إياهم؟!! وفي وسع القارئ أن ينظر بقية العبارات هذا ما يقال من جهة الذوق والتركيب. أما ما يقال من جهة تطبيق المآل على الواقع فإنه إنما ذهب إلى دجلة ليشاهد بعينه لا ليسمع بإذنه كما يفهم من قوله (فرأيتها قد اغرورقت عينها من الفرح) فكيف قال (ليشرب فم سمعي الخبر) بل كان عليه أن يقول: (ليشرب فم عيني) يتبع محمود الملاح نظرة في الجزء الثالث من المجلد الخامس من لغة العرب في حاشية صفحة 153: النرقيلة كلمة فارسية بمعنى الغرشة (الكاتب) والمشهور نارجيلة (ل. ع). قلنا: النارجيلة كلمة مولدة وردت في لسان الأعراب المتأخرين وذكرها السيد محمد سعيد الحبوبي في مطلع أبيات له في وصفها وهو: ونارجيلة تهدي بكف رشا ... حلو الدلال رشيق القد مياس ولم نر في كتب العرب المتأخرين وكتاباتهم كلمة نرقيلة (المصحفة)، ولعل الكاتب أخذها من أفواه العامة المعبرين عنها بالنركيلة. وهذه الكلمة ليست فارسية (كما زعمه الكاتب) ولا يعرفها أحد من الفرس والفرس تقول (في التعبير عن النارجيلة) (قليان) ولعلو تصحيف غليان لأن له صوت يشبه غليان القدر. وقال في السطر الثاني: الكليتدار كلمة فارسية معربة. قلنا: إن الكلمة تكتب هكذا: كليددار لأن المفتاح عند الفرس كليد (بالدال) لا كليت. وفي ص174 س: 23: مكاتبات الأخوان بالشعر. قلت إن صاحب روضات الجنات كتب اسم هذا الكاتب (نقلاً عن وفيات الأعيان لأبن خلكان): مخاطبات الأخوان بالشعر. وفي ص177 س2 هبة الدين الحسني. والصواب الحسيني لأن نسبه ينتهي إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام. وتكرر هذا الاشتباه في السطر الرابع من الصفحة المذكورة. محمد مهدي العلوي (ل. ع) جوابنا على هذا النقد يكون في الجزء القادم لضيق المقام.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة النصيرية في العراق اسكندرونة - س، ي - هل للنصيرية وجود في العراق؟ ج - كنا نتصور أن لا وجود للنصيرية خارجاً عن سورية، وقد علمنا أن جماعة منهم في العراق في مدينة عانة، أو عانات، ولو لم نسمع ذلك من رجل ثقة لما صدقناه. قال لنا إن في (محلة السراي) من عانة وهي المحلة المعروفة باسم (محلة حقون) (وزان قدوس) قوماً يعرفون بالنصيرية، يبلغ عدد رجالهم 600 ولهم اتصال شديد بنصيرية سورية. ويروي أهل عانة عن أولئك النصيرية أن لهم عيداً واحداً في السنة يجتمع في ليلته الرجال والنساء معاً. بعد أن يكونوا قد اشتروا سيرجاً يضيئون به قناديلهم في تلك الحفلة الليلية ثم يطفئونها على حين غرة. ويذهب بعضهم إلى الجامع للصلاة متاقاة في كل جمعة، أما في محلتهم فلا ترى مسجداً، والمسموع عنهم أنهم لا يصومون ولا يحجون ولا يعمرون. ومن الأعمال الشائعة في عانة أنهم يأتون بجدي وينتفون شعره ولا تعرف الغاية من هذه القربة وهم لا يسمحون لأحد أن يقف على أسرارهم أو شعائرهم أو يطالع كتبهم الدينية، وإن علموا أن فلاناً أطلع على شيء من هذا القبيل اغتالوه. ويروى أن أحد أجداد الشيخ إبراهيم الراوي مر ذات نهار من أيام شهر رمضان بمحلة النصيرية فرآهم مفطرين، فدعوه إلى مجالستهم. ثم قدموا إليه قهوة وأجبروه على شربها، فشرب. ثم أحس بأنهم يحاولون قتله، فركب فرسه وهرب؛ فتأثروه إلا أنهم لم يدركوه لأنه عبر الفرات ولم يكن بينهم من

يتأثره فعادوا أدراجهم، وإلى اليوم يروي الناس هذه الحكاية ويقولون أن اسم الرجل كان الشيخ أحمد الرواي. والمسموع في عانات أن مسلميها لا يتزوجون منهم بنتاً. وفي أعلى محلتهم جبل مشرف عليها، وقد رأى أحد الأصدقاء الثقات أنه شاهد بناء بكبر حجرة في وسط سفح الجبل، فسأل عنه، فقيل له: أن هذا البناء قد أقيم إكراماً لمرور الأمير (علي بن أبي طالب) بذلك الموضع، فأقامه له بنوه ذكرى له، وترى كثيرين يوقدون فيه الشموع ليلاً ونهاراً ويتبركون بجدرانه. ومن سنتهم أنهم ينهضون باكراً ليكرموا الشمس الشارقة عند بزوغها. وفي عانة محلتان لليهود إحداهما في (الشريعة) والثانية في (السدة) (وزان مدة) وهذه المحلة مجاورة لآخر محلة النصيرية. ويزعم يهود عانات أنهم أقدم يهود العراق وأنهم احتلوا المدينة منذ أقدم عهد ويشهدون على أن النصيرية حديثو العهد فيها. قلنا: إذا كانت هذه الرواية صادقة فنظن أن نصيرية عانات هم من صلب أولئك الذين ذهبوا من أنحاء العراق الفارسية فارين إلى سورية فوقف جمع منهم في عانات لوجود الملاجئ في الجبال المجاورة لها. أما عادات اليهود والنصيرية في المجتمع فلا تختلف عن عوائد المسلمين، وليس للنصارى فيها وجود مع أنها كانت مشهورة بهم وبالخمر التي كانوا يصنعونها. وقد ذكر لي غير واحد إن في هيت أيضاً جماعة من النصيرية، لكنهم لم يقطعوا بالأمر قطعاً باتاً، بل حكموا على وجودهم من بعض ظواهر الأمور التي لا تتفق وظواهر الغير، والله أعلم. العضل والجلهم بغداد - ب. ي. خ: ما يقابل في العربية من الألفاظ هذين اللفظيين اللاتينيين وج - موس رتس هو الجرذ الأسود أو الجرذ الأليف وأسمه في العربية

(العضل) (كسبب) وبالفرنسية و - والثاني هو الجلهم (كقنفد) وبالفرنسية العبرة باريس - ج. م: ما أحسن لفظة عربية تقابل الإفرنجية أوبره ج - المقرر عند الإفرنج أن الأوبرة كلمة مجموعة للفظة وهو العمل. فالأوبرة تعني الأعمال وفي الاصطلاح يراد بها رواية تمثيلية ملحنة غنائية ليس فيها نثر البتة وقد يكون فيها رقص؛ لأن الرقص من الفنون الفتانة كما أن الشعر والنغم من الفنون المذكورة. والذي عندنا أن كلمة أوبرة من أصل عربي لاتيني وكلامنا هذا يقيم الإفرنج علينا قومة واحدة، بل العرب المتفرنجون أنفسهم، لكن دعونا نبين سبب قولنا هذا: 1 - الفرنسيون إذا أرادوا جمع لفظة ألحقوا بآخرها حرف الجمع أو أداته وهي عندهم، فلو كانت الكلمة لاتينية أي رومية لما وضعوا لها علامة الجمع، لأن ما كان مجموعاً عندهم لا يجمع ثانية، فليس عندهم جمع الجمع كما عندنا. 2 - كنت أرى في بغداد مجاناً رقاصاً ينغم أبياتاً منظومة نظماً عامياً ويدق على صفيحة (تنكة) ويضحك الناس ويعيش بهذه الوسيلة وأسمه (عباس كينة). وأمره مشهور وكان يمر بجميع الطرق والمحلات. وكثيراً ما كان يقف تحت غرفتي فيلهي الناس على ما أشرت إليه. وكان يتفنن ليضحك من حوله. فذات يوم وجد في الأرض خرقة خضراء فشدها على رأسه وكان يهزج ويغني. فأجتمع حوله الأولاد بل كبار وصغار من رجال ونساء وهم يصفقون له ويصدون ويقولون: (عباس يابو الخضر، أنت أبو العبر) فسألت واحداً دعوته لزيارتي وقلت له ما يقولون؟ قال: عباس. . . وما معناها؟ عباس أسم هذا المجان، يابو أي يا أبا. الخضر (ولفظها كسبب) أي أخضر فيكون معنى العبارة: عباس، يا لابس الأخضر برأسه. - ومعنى أنت

أبو العبر (ولفظها كسبب أيضاً) أي أنت صاحب العبرات جمع عبرة، (كقصة) وهي الحكاية التي تضحكك أو تبكيك وفيها شعر ورقص ونغم. قلت: ومن قال لك أن هذا هو معنى عبرة وجمعها عبر أو عبرات؟ قال: هذا الذي أسمعه من الناس، ولا شك أنها من اصطلاح العوام. قلت في نفسي: إن أبناء وطني بغداد لا يقولون شيئاً إلا فيه أصل في تأريخ البلاد، أفترى أجد الكلمة عبر أو عبرة في كتبنا. ثم بحثت عن الكلمة في معجم دوزي، فلم أر أثراً لها، ثم فتحت محيط المحيط فوجدته يقول: (أي كقصبة) الهازل الخليع، قلت: لقد ظفرت بالضالة فهذا المعنى هو المطلوب؛ لكن هل نراها في القاموس وتاج العروس؟ فنقرت عنها في تاج العروس، فوجدته يقول: (أبو عبرة أو أبو العبر) بالتحريك فيهما؛ وعلى الثاني أقتصر الصاغاني والحافظ، وقال الأخير: كذا ضبطه الأمير، وفي حفظي إنه بكسر العين، وأسمه أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي (هازل خليع). قال الصاغاني: كان يكتسب المجون أو الخلاعة، وقال الحافظ: وهو صاحب النوادر، أحد الشعراء المجان) اهـ. - فاتضح لي خطأ صاحب محيط المحيط، فكان يجب عليه أن يقول: أبو عبرة هازل خليع، لا الهازل الخليع. وبين التعبيرين فرق عظيم كما لا يخفى على البصير. - واتضح أيضاً أن العبرة تأتي بما يقابله عند الإفرنج لفظ أوبرة. أما وجه دخول (عبرة) في لغة الجانب بهذا المعنى، فكان على طريق الإيطاليين، فان سلفنا العرب كانوا احتلوا جنوبي ديار إيطالية وتكلموا لغتهم فيها، فدخل في لغة الإيطاليين ألفاظ جمة من لساننا كما دخل منه شيء كثير في الأسبانية والفرنسية. - وأما تعليل الإفرنج لتسمية تلك الرواية التمثيلية بهذا اللفظ فهو تعليل لا يخلو من تعسف وتكلف. ولو ذهبوا إلى ما نذهب لما بقي في توجيههم أشكال ولا غموض. - إنهم يقولون سميت الاوبرة بهذه التسمية أي (أعمال) لأن هذه الرواية تتطلب أعمال فكرة وبذل جد لجمع الشعر إلى النظم، إلى تنسيق المعنى وربط بعضه ببعض لتستقيم لك تلك

الرواية التمثيلية، ففي نسج بردتها (أعمال) كثيرة، ولهذا سميت (أعمالاً) أي اوبرة. - فقل لي بحياتك أي توجيه أقرب إلى العقل؟ أمّا يقولون أم ما نقول؟ - ذلك ما نحكمك فيه. أعلام علامات الأعراب لنجة (خليج فارس) - أ. م: ذكرتم في لغة العرب (163: 5) (فعندنا أن قام خالد، وخالداً، وخالدٍ (أي بالضم وبالنصب وبالجر) ليس من الخطأ). وقد اعترض عليكم أحد الأدباء في جريدة بغدادية فقال: (نصحح للأب غلطته في قوله المحصور بين هلالين (بالضم وبالنصب وبالجر). والصحيح أن يقول بالرفع. . . الخ لأن الضم ليس حالة من حالات الإعراب بل الرفع هو تلك الحالة، فهل لحضرة الملفان العلامة؟ أن يعرف هذا؟ أو إن باب التأويل أوسع من غلطته هذه!) اهـ. فلماذا لم تجيبوه؟ ج - جوابنا هو أن كبار اللغويين والنحاة استعملوا اللفظة الواحدة بدل الأخرى، قال في اللسان في مادة حفر: الحَفر والحُفر، جزم وفتح: لغتان. قلنا: ومعنى قوله: جزم أي إسكان الفاء. ومعنى فتح: فتح الباء. مع إنك تعلم أن المعاصرين يستعملون الجزم للإعراب والسكون للبناء وأبن مكرم لم يخف اعتراض جهلة القوم عليه. وقال الخليل بن أحمد: الضم: ما وقع في إعجاز الكلم غير منون نحو (ضمة اللام من) يفعل. اهـ. مع إننا نعلم أن المعاصرين يقولون: يفعل (مرفوع) وعلامة رفعه الضمة ظاهرة في آخره. (راجع مفاتيح العلوم للخوارزمي ص44 من طبعة أوربة). فمن هذا كله ترى أن من سمى نفسه (مغربل) لا يحسن التصرف في الغربال، بل يجهل أصول الغربلة وعليه صدق فيه قول المثل: (من غربل الناس نخلوه). نجر دير القمر - م. ق - عند الفرنسيين لفظة معناها أن تضم من كفك

برجمة الإصبع الوسطى ثم تضرب بها رأس أحد أو أنف أحد وهي في لسانهم وقد بحثت عنها في كتب اللغة الفرنسية العربية فلم أجد لها مقابلاً في العربية ووجدت الأب بلو اليسوعي يقول في معجمه الفرنسي العربي: ضرب في طرف السبابة (نقفة)، ولم يذكرها يوسف يعقوب حبيش في كتابه الفوائد الأدبية في اللغتين الفرنساوية (كذا) والعربية، أفليس في لغتنا لفظة تؤدي هذا المعنى؟ ج - قلنا مراراً أن الدواوين اللغوية الإفرنجية التي تترجم الألفاظ إلى لغتنا غير وافية بالمراد وهي ناقصة وربما كانت مضرة بالموضوع إذ لا تنقل عن لساننا الألفاظ الصحيحة، ومن ذلك هذا الحرف فإن الإفرنجي يعني نجرة والفعل نجر (بالنون والجيم والراء) وقد رواه بعض اللغويين بصورة نحز (بالنون والحاء والزاي) وكلاهما وارد في كلامهم الفصيح القديم. نحر ومنه - هل عندنا لفظة تقابل أي عرف الجهات الأربع في الموطن الذي هو فيه؟ ج - نعم، والسلف قال: نحر (بالنون والحاء والراء) كأنه مشتق من النحر وهو الصدر فيكون معناه: وجه صدره نحو القبلة. وهي الجهة التي يعرفها أو يجب أن يعرفها كل عربي فإذا عرف جهة الجنوب عرف سائر الجهات. اليمنيات الثلاث سيزوار (إيران) - م. م. ع - ماذا تفهمون من هذا البيت الذي هو للسيد جعفر الحلي، في مدح السيد اسمعيل الصدر، العالم الفقيه: ويمين (اسمعيل) ثلثها الورى ... فكأنها هي حجر اسمعيل إذا لم نفهم من (ثلثها) معنى مقبولاً ولو قال: يمين اسمعيل قدسها الورى. . . لكان صريحاً في البيان؟ ج - المراد بثلثها: تثليث اليد اليمنى، وهي يمين إسماعيل بن إبراهيم الخليل، ويمنى اسمعيل بنم جعفر الصادق، ويمنى الممدوح السيد اسمعيل الصدر. ولو قال (قدسها) لكان المعنى غير المعنى الأول، وبينهما فرق ظاهر.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 62 - تأريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب تأليف محمد لطفي جمعة يطلب من ملتزم طبعه ونشره نجيب متري صاحب مطبعة المعارف ومكتبتها بمصر سنة 1927 نشكر الله على أن بين ظهرانينا كتبة يعرضون عن الأساليب القديمة في التأليف والتصنيف ليتبعوا الخطة العصرية التي تمكننا من الوقوف على أسرار العلوم والإمعان فيها. ولقد نهضت ديار النيل نهضة أدهشت العالم العربي فأمل فيها كل خير، هذا (تأريخ فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب) يطلعنا على (الكندي، والفارابي، وابن سيناء، والغزالي، وابن باجة، وابن طفيل، وابن رشد، وابن خلدون، وأخوان الصفاء، وابن الهيثم، ومحي الدين بن العربي وابن مسكويه (كذا والصواب مسكويه).) وعلى ما وضعوا من الآراء والمذاهب والمصنفات فشرحها وأظهر ما فيها من المحاسن والمساوئ حضرة الأستاذ محمد لطفي جمعة. وفي كل ما بينه لم يجر على الأسلوب القديم، بل على طريقة أهل العصر من أبناء الغرب، وكيف لا يجري هذا الجري وقد تلقى علومه العالية على أساتذة مهرة في ديار الإفرنج؟ على إننا نستأذن الأستاذ لإبداء بعض آراء لنا وإن كانت لا تعد ذات شأن في هذا الموضوع. 1 - إن الباحث لم يذكر لنا المناهل الذي أختلف إليها في إيراد آراء هؤلاء الفلاسفة. ويظهر من عباراته أنه أعتمد في ما نقل عن الفرنسيين فقط ولم يلتفت إلى النصوص العربية، بل لم يلتفت إلى عناوين الكتب التي وضعها أصحابها. ومن العادة أن يوضع في الحاشية الأسانيد التي أعتمد عليها فلم يفعل. 2 - لم يضع فهارس للإعلام في الآخر، وهل يمكن في عصرنا هذا أن

يضع كاتب كتاباً بهذه الدرجة من الخطورة ولا ينظم في الآخر فهارس؟ 3 - لم يتول المؤلف نفسه تصحيح مسودات مصنفة ففيه أغلاط طبع لا تنكر وهي لم تُصَوب في الآخر. مثال ذلك في ص (ج): وهكذا برز إلى عالم البعث والنشوء أثني عشر فيلسوفاً. ولا جرم أن الكاتب لم يكتب في الأصل إلا اثنا عشر بالرفع. - وكقوله فيها: وقد تدثر كل بالقباء أو المرقعة أو المسوح أو الدراعة أو الجبة. . . والأصل على ما نظن هو أو المسح. - وفي تلك الصفحة: وسوف تقع أسماءكم والمشهور أسمائكم، - على أن مثل هذه الهفوات لا شأن لها في مثل هذا الموضوع، إلا أن الأعلام لا بد أن تراعى، فقد جاء في ص1 قوله: (ومعظم أجداد الكندي ملوك بالمشعر واليمامة والبحرين). ونحن لا نعرف دياراً في عربة باسم المشعر بل المشقَّر (بباء مشددة مفتوحة) - وفي ص253 عند ذكر أسماء أخوان الصفاء جاء اسم (أبو سليمان محمد بن مشعر البستي) قلنا: والذي نعرفه هو محمد بن شير (راجع لغة العرب 320: 4) - وفيها ذكر اسم (أبو أحمد المهرجاني) والمشهور: محمد بن أحمد النهرجاري (لغة العرب 320: 4) - وسرد أسماء مصنفات هؤلاء الفلاسفة على غير الوجه الذي ذكره كتابنا من السلف والظاهر أنها منقولة عن الفرنسية ولهذا سهل تصحيفها عليه. 4 - نحن لا نعتبر ابن العربي من الفلاسفة بالمعنى المشهور إنما أبن العربي من المتصوفة ولعل حضرته أراد أن يوصل أسماء حكمائنا إلى اثني عشر فاضطر إلى إدخال الصوفي الشهير بينهم. 5 - لم ينتفع حضرته بما كتب الإفرنج عن فلاسفتنا في هذه السنين الأخيرة ويظهر من مطالعة هذا التصنيف الحسن أن المؤلف وقف على ما كتب عنهم باحثو الإفرنج قبل نحو عشرين سنة أو أكثر، وأما ما ألف بعد هذه المدة فلم يقف عليه، ولا سيما لم يطلع على ما لاحظه الألمانيون عن فلاسفتنا فإن الألمانيين بحثوا عنهم أكثر من سائر أبناء الغرب، ولهم كتب ممتعة ولا يمكن أن يستغني عنها أحد إذا أراد التوغل في هذا الموضوع كما فعل حضرة أستاذنا.

على إننا نقول: لا يمكن لأحد من أبناء عصرنا أن لا يفتقر إلى هذا الكتاب الجليل، فأن البحوث الواردة فيه على الطرز الفلسفي الجديد، وكتابنا في حاجة ماسة إلى معرفة ما قيل عن مشاهير فلاسفتنا ليأتموا بهم ويجروا ورائهم حثيثاً. وبخصوص الأستاذ وتأليفه نقول: إننا كنا قد ذكرنا أن (أول من وضع الأقاصيص العصرية في لغتنا) هو المرحوم محمد تيمور، والذي اتضح لنا بعد كتابة تلك الكلم أن حضرة الأستاذ محمد لطفي جمعة كان قد سبق الجميع إلى هذا الموضوع، وله مؤلفات فيه وشى برودها منذ نيف وعشرين سنة من ذلك كتاباه (في بيوت الناس) و (ليالي الروح الحائرة) ولهذا وجب علينا التنبيه صيانة لحقوق الناس وإنزالاً للصدق في مقره. 63 - مملكة الظلام أو حياة الأرضة (في 149 ص بقطع 16) تأليف مترلنك، تعريب الدكتور نقولا فياض عنيت بنشره إدارة الهلال بمصر سنة 1927 هذا الكتاب من أحسن ما يهدي إلى القراء لأن الوقوف على محتوياته يفيدهم كل الإفادة، ويلتذون بمطالعته، ويطالعون كلاماً حسن السبك والتعبير، هذا مجمل ما يقال في هذا التصنيف وليس معنى هذا الكلام أن الكتاب خال من كل عيب، إذ الكمال لله وحده. أما الأوهام التي وجدناها فهي من قبيل إتقان العبارة فقد قال المعرب مثلاً في ص12: الأرض أو النمل الأعمى ليكون المفسر من جنس المفسر. - وفي ص16: الغشائية الأجنحة وبالإفرنجية وضع اللفظة بالمفرد، والأصح بالجمع وكذلك قل عن اللفظتين الأخريين المستقيمة الأجنحة والقارضة. أما الخراطة فهي لا تصلح بدلا من القارضة - وفي صفحة أخرى: ولا سبيل له إلى الدفاع عن نفسه ضد هجمات الطيور، وهو تعبير إفرنجي لا يسيغه ابن عدنان والأحسن: إلى دفع هجمات الطير عن نفسه وفي ص21:

(ويقال أنه يوجد على الأرض ألف وخمسمائة نوع من الأرض.) وهو من التركيب الإفرنجي. وعندي لو قال (يقال: أن على الأرض ألف. . . لكان أمتن وأخصر وأوفى بالمطلوب. - وربما غفرنا له كل هذه الهنات، أما الهنة التي لا نغفرها له فهو قوله في حاشية 85: البوائض جمع بيوض بالفتح أي كثيرة البيض اهـ. فأين وجد حضرته أن فعولا يجمع على فواعل، فالغلط ظاهر لكل ذي عينين، فبوائض جمع فاعل أو فاعلة للمؤنث لا جمع بيوض وأما بيوض فتجمع على بيض بضم الأول والثاني أو بيض بكسر الأول، وربما قال بعضهم بوض بضم الأول. وهناك غير هذه الأغلاط مما يطول ذكره، إلا إننا اكتفينا بما ذكرناه، وهذا لا ينقص شيئاً من حسن الكتاب، لأن المحاسن لا تظهر إلا إذا كان هناك ما يسميه المصورون (بالظلال) (جمع ظل) وهو هنا هذا (الضلال) في قلم الدكتور العسال! 64 - مجلة الحديث تبحث في الآداب والتأريخ والعلوم الاجتماعية المحرر والمدير المسؤول: سامي الكيالي وصلنا من هذه المجلة الشهرية الحلبية التي تطبع بمطبعة الشهباء الأجزاء التالية السابع والثامن والتاسع عن أشهر تموز وآب وأيلول فوجدناها كثيرة الفصول العمرانية والاجتماعية والفلسفية لمشاهير المصنفين من سوريين ومصريين، لكنا وجدنا مطالعتها صعبة لسقم الطبع من جهة ولكثرة أغلاط ذلك الطبع الذي يشوه محاسن المقالات من جهة أخرى من ذلك ما ورد في ص520: (بل نريد أن نتوسع قليلاً) والأحسن أن يقال: أن نتوسع فيه قليلاً. - وفيها: (أن نبدأ بالتقليد. . . الملائكة المعصومين. . . الأولاد الصغار الذينهم. . . وهكذا فنحن لا نرى للطفل إرادة. . . هذا ما لا نريد أن نعرص إليه لأن الطفل الصغير المحروم من قوة التمييز والإدراك. . . ولا جرم أن الكاتب كان قد كتب في مسودته: أن (نبدأ. . . الملائكة (البررة). . . الذين هم. . . وهكذا (نحن) لا نرى. . . أن نتعرض له. . . المحروم قوة التمييز. . .)

على أن المطبوعات كلها على هذه الشاكلة، لا يخلو منها كتاب أو رسالة أو جريدة أو مجلة، وهو أمر نراه بأعيننا في مجلتنا هذه مع سهرنا على ضبط ألفاظها. 65 - المعزية الإلهية زيارات صغيرة للعذراء الفائقة القداسة تأليف أحد المرسلين الرسوليين نقلها إلى اللسان العربي القس الطونيوس شبلي اللبناني بمطبعة القديس بولس في حريصا (لبنان) سنة 1927 في 348 ص بقطع 16 الصغير. كتيب حسن المعنى، بديع الطبع، نفيس الكاغد، مفرغ في قالب عربي متقن، يليق بأن يكون في أيدي جميع الأتقياء، ومن جميع طبقات الناس. - على إننا كنا نود: 1 - أن يذكر المعرب اسم المؤلف في صدر كتيبه، أو في مقدمته. 2 - أن يتحاشى استعمال الغريب من اللفظ كقوله في ص3: لأنها تكشح. . . ضباب الهموم، فما ضره لو قال لأنها تبدد. . . وقال فيها: وتمزق عن أفئدتهم إدلهمام القلوب، والإدلهمام لا يمزق ولو قال في مكانها: مظلمات الخطوب لكان أجلى. - وقال في مواطن عديدة السلام (عليك) يا مريم، كما ينطق به أهل سورية وفلسطين، ونحن نعد هذا إهانة للعذراء. فقولنا السلام عليك! نتمنى لها السلام وأن يكون فيها دائماً من باب الدعاء. وأما مريم فإنها كانت دائماً في حالة سلام، فلا نتمنى لها شيئاً ولا ندعو لها بخير ما بل نجد فيها أمراً ونذكره لها وهو أن السلام لها أي خاص بها وملكها وهو لا يقال إلا لمريم. إذا نحن نحتج كل الاحتجاج على من يقول لمريم (السلام عليك). وفي ص16 تعاستي وفي ص150 نجمة البحر والصواب: تعسي، ونجم البحر، إذ ما نطق به المعرب هو من الأمور التي لا يسلم منها أكبر الأدباء. 66 - محاورات لاهور (بين أبن السلطان دارا شكوه والزاهد الهندكي بابا لعل داس) نشرها كليمان هوار ولويس ماسنيون طبعت في باريس في المطبعة الأهلية سنة 1926 في 50 بقطع الثمن الصغير عجيب أمر المستشرقين في كل ما يطبعونه!

هذا كتاب صغير هو محاورات؛ لكن قبل أن يذكر الناشران نصه عرفا للناس سبب وضعه ومحل المحاورة وكلا من المتحاورين وحينئذ انتقلا إلى درج النص بحرفه الفارسي ثم إلى ترجمته إلى الفرنسية، ولم يكتفيا بذلك، بل زادا عليه معنى كل لفظة غريبة وردت في الكتاب مع ذكر أصلها، وترتيبها على حروف الهجاء الفرنسية، فجاء كلمة محاسن في محاسن. على إننا نأخذ على الناقلين عدم تدقيق نظرهما في تحقيق معاني بعض الألفاظ فقد ذكرا في ص288 من طبعة صفحات المجلة (نادر النكات) بقولهما وهذا لا يوافق الصواب، والصحيح أن تنقل إلى الفرنسية هكذا: وذكر في ص328 السمندر بمعنى طائر يأكل النار والذي أدى بنا التحقيق وأدرجناه في مجلة بيروتية أن السمندر هو والكلمة معربة مصحفة وهو ليس بالفقنس كما قال أحد المؤلفين وهو كليمان هوار في الحاشية ويقال فيها أيضاً السمندل. ومثل هذه الأوهام قليلة في هذه الفريدة البديعة، ولا سيما لأنها صادرة من أدباء أجانب، بينما نرى من المنتمين إلى اللسان والوطن أناساً يرتكبون أغلاطاً شنيعة لا تكون هذه بجنبها إلا كالفارة بجنب القارة. 67 - رواية وداعاً أيها الشرق الترك يتركون الخلافة للعرب، والشرق لأهله، ويبتغون الاندماج بالغرب، بقلم نقولا حداد، مصر سنة 1926 في 92ص بقطع الثمن. كل مرة أخذ الكاتب الجهبذ قلمه ليدون ما يمليه عليه فكره المنتاج، صبه في قالب جذب إليه الأنظار، وأمال إليه الخواطر، فرواية (وداعاً أيها الشرق) من أحسن ما كتب في تأريخ انفصال الترك عن العرب وعن الشرق، ومن شك فليطالعها. على أن المؤلف يتساهل في التعبير وكنا نود أن يخلص عبارته من شوائب اللحن والركة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - أعمال لجنة تخطيط الحدود العراقية التركية أنهت لجنة تخطيط الحدود أشغال التخطيط وركزت أنصاب الحدود بين تركية والعراق، ويجتاز النصف الشرقي من الحدود المخططة نهر (أورامار)، بالقرب من (خيارته). ثم تمتد الحدود على طول مجاري الأنهر التالية: (صاط) و (ده) و (شيفاهركي). ومن هناك تمتد هذه الحدود على طول حافة القسم الغربي من سفح جبل (كافاندا) وعلى طول الحدود التي ترى بين عشيرة (شيروان) وقد أصبحت بأجمعها للعراق وعشيرة (كردي) وقد أصبحت كلها تقريباً لتركية. ومن هناك تواصل الحدود سيرها صاعدة مجرى نهر اسمه (حاجي بك) أو (نهر كردي) إلى أن تقف الحدود في ينبوعه المتفجر من جبل (دلمبر) الواقع على الحدود الإيرانية وارتفاعه نحو 11410 أقدام. يقع جبل دلمبر على مسافة 16 ميلاً من الشرق الغربي من (شنو) وعلى مسافة 30 ميلاً من الجنوب الغربي من مدينة (أرمية). ومن قمة جبل (دلمبر) تمكن مشاهدة سلسلة جبال أراراط (أغري) الواقعة قريباً من (بيازيد) ويمكن أيضاً مشاهدة منظر (بحيرة أرمية الرائق). 2 - بلاغ رسمي في تعديل المعاهدة الإنكليزية العراقية انتهت المكاتبات التي كانت دائرة بين

الحليفتين منذ زمن غير يسير على أساس المذاكرة لتعديل المعاهدة الإنكليزية العراقية والاتفاقيات الملحقة بها وقد سافر رئيس الوزراء إلى أوربة مزوداً من الحكومة العراقية السلطة التامة للقيام بهذه المهمة. وتعرب الحكومة العراقية عن ثقتها بأن المفاوضات ستسفر عن نتائج مرضية للشعب العراقي بالنظر إلى ما أبدته الحليفة من التساهل للبر بالوعود المقطوعة والعطف العميم الذي ما زالت تبديه في سبيل تحقيق أماني الشعب المشروعة. وتنتهز الحكومة هذه الفرصة فتشير إلى العبارات الصريحة الواردة في منهاج الوزارة المتعلقة بمسألة التعديلات وتعتبرها القاعدة التي ستجري عليها هذه المفاوضات والله ولي التوفيق. بغداد: مدير المطبوعات 3 - قيود الأملاك أخذت مديرية تقييد الأملاك في العراق (مديرية الطابو) تصاوير القيود الموجودة في الأستانة الخاصة بأراضي العراق وأملاكه والمفقودة سجلاتها الأصلية في عهد الحرب العظمى. 4 - الموظفون في متقن الحقوق قررت الحكومة أن لا يقبل بعد الآن وصاعداً أحد من موظفيها في متقن الحقوق ابتداء من السنة الدراسية الجديدة. 5 - ناحيتان جديدتان في الزيبار قرر مجلس الوزراء إحداث ناحيتين جديدتين في قضاء الزيبار التابع للواء الموصل باسم شيروان وبير اكبير. 6 - لجنة التوزيع لمنكوبي الحريق في الموصل أوفدت لجنة التوزيع إلى منكوبي الحريق في الموصل إلى قرية كرمليس أربعة من أعضائها وهم حضرات ناظم أفندي العمري ومحمود أفندي النائب ورؤوف أفندي شماس اللوس نائب الموصل، ومعتمد اللجنة برئاسة فبطة بطريك الكلدان، لتوزيع التبرعات التي وصلت من بغداد لإسعاف أهالي كرمليس، وتوزيع قسم من تبرعات الموصل؛ ولدى القيام بالتحقيقات الدقيقة وزعت اللجنة ما يقارب تسعة آلاف ربية على المنكوبين فجاءت الإعانات بنسبة أنة واحدة إلى كل ربية واحدة من الخسائر والأضرار التي حلت بأولئك الفلاحين. وقامت اللجنة بأعمال التوزيع يومي الخميس والجمعة 8 و9 أيلول.

وبلغت الإكتتابات لمساعدة منكوبي كرمليس إلى 5 تشرين الأول من هذه السنة 1927 ما قدره 14. 161 ربية و6 أنات. 7 - النزاع بين آل السعدون وآل المياح هبطت برقيات عديدة من المقامات العالية من لوائي المنتفق والكوت يفصح فيها مرسلوها عن اعتداءات آل المياح على آل السعدون ويطلبون أن تتدخل الحكومة في الأمر لحسم هذه المنازعات التي يخشى أن يتفاقم أمرها بما يبعث بالحقوق ويمنع كل فرد من أن يكون مطمئناً على أملاكه وأراضيه. 8 - معاهدة في شرقي الأردن نشرت الجرائد نص مشروع المعاهدة التي يراد عقدها بين بريطانية وشرقي الأردن، خلاصتها أن بريطانية تعترف باستقلال شرقي الأردن وبإمارة الأمير عبد الله ويكون الأمير صاحب السلطات التشريعية والتنفيذية والعسكرية العليا وتقدم بريطانية إلى شرقي الأردن المستشارين الفنيين. 9 - تقدم الحجاز أقام المستر سنت جون فلبي في الحجاز سنة، ثم ذهب إلى لندن فقابله مراسل رويتر واستطلعه رأيه في أحوال الحجاز ونجد، فأكد له المستر فلبي أن النجاح هناك قائم على قدم وساق لأن ابن السعود رجل داهية وسياسي محنك يعرف كيف يدير البلاد. وقال: إن حج هذه السنة (1927) كان حجاً مشهوداً لم يسبق له مثيل في التأريخ؛ فقد أم الحجاز مائة وثلاثون ألف حاج لأداء الفريضة وذهب كثيرون منهم بالسيارات إلى مكة والمدينة، وعدد هذه السيارات يزداد شيئاً فشيئاً ويوماً بعد يوم. وابن السعود عاهل عربي مقدام لا يمل من الدؤوب ولا يتعبه التنقل من موطن إلى موطن ومن بلد إلى بلد، فقد يخرج من مكة بعد الغداء إلى بلدة أخرى ويعود إلى مقره عند العشاء. وقال: إن الكهربية ومصانع الثلج ظهرت في مكة فشاع استعمالها وسيكون تعميم اللاسلكي خطوة أخرى في سبيل تحول ديار الحجاز واندفاعها في طرق المدينة الحديثة. وولاة الأمور يعنون جد العناية بمسألة مد سكة حديد بين مكة والمدينة. 10 - التقرير السنوي لوزارة المعارف أصدرت وزارة المعارف تقريرها

السنوي عن سنة 1926 - 1927 الدراسية. ويتحصل منه أن عدد المدارس الابتدائية بلغ هذه السنة 249 للبنين فيها 24. 170 تلميذاً و 35 للبنات فيها 4. 443 تلميذة. وأما المدارس الثانوية فكان عددها 8 فيها 729 طالباً ودار المعلمين فيها 294 دارساً، أفلح بينهم 138 معلماً فأخذوا شهاداتهم. ودار المعلمات في بغداد فيها 22 طالبة. وللمعلمات دار في الموصل فيها 64 طالبة، وللمعلمين دار عالية، ومدرسة صناعة وكلتاهما في بغداد وفيهما متعلمون من جميع ألوية العراق. وكان عدد متلقي الحقوق في متقنها 92 خرج منهم 46 وبأيديهم الشهادات. ويبلغ مجموع الذين نبغوا من هذا المتقن بعد العهد العثماني أو بعد الحرب العظمى 214 خريجاً. وكان عدد المبعوثين لتحصيل العلوم في خارج بغداد في هذه السنة 25 طالباً. وذكر هذا التقرير أن عدد المدارس الأهلية هو 61 مدرسة فيها 14. 704 تلاميذ، ويبلغ عدد مدارس الأميين والتدريس العشائي 38 مدرسة فيها 1646 طالباً وطالبة، وعدد طلائع الكشافة في العراق كله 927 وعدد الكشافة أنفسهم 9887. وقد بحث التقرير المذكور عن الخزانة العامة وذكر عدد الكتب فيها فإذا به قد زاد هذه السنة حتى بلغ 7626 مصنفاً في مختلف اللغات، وعنيت وزارة المعارف بهذه الخزانة أشد العناية في هذه السنة فخصصت لها في ميزانيتها 4000 ربية، تصرف على شراء الكتب اللازمة لها. وهي عازمة على توسيع نطاقها. 11 - أخطاء لجنة الحدود العراقية وصل القطار من كركوك إلى بغداد في الساعة السابعة ونصف مساء 30 أيلول وفيه أخطاء لجنة تخطيط الحدود العراقية التركية. وبينهم أخطاء الوفد التركي وكلهم بالثياب الإفرنجية وعلى رؤوسهم الشفقات أو القبعات (البرانيط). ونزل رئيس الوفد التركي ونائبه في فندق كارلتن ومعهما مرافق رئيس الوزراء. وأما الباقون فنزلوا في فندق مود المجاور للأول. وبعد وصول الوفد بقليل أقبل متصرف اللواء وأمين العاصمة إلى مقر المذكورين للتسليم عليهم إذ هم ضيوف الحكومة الكرام وكان على جانبي الجادة جماعات من الأهالي لمشاهدة هذا المنظر.

12 - عبد المجيد بك أو مجيد بك الشاوي توفي في 16 أيلول في بيروت مجيد بك الشاوي، وكان في الأشهر الأخيرة قد عين عينا في مجلس الأعيان العراقي، وذهب إلى بيروت للاستشفاء من سرطان المعدة، وكان راوية للشعر القديم، خفيف الروح، كثير النكات، محبوباً عند الجميع، وقد جاوز الخامسة والستين من عمره على ما يقال. 13 - من لسعة زنبور لسع زنبور سويان بك من علبائه وكان سابقاً مديراً لإدارة حصر التبغ ثم رئيساً لإدارة المراكب العثمانية في بغداد وكان في هذه الأيام الأخيرة أحد كتومي وزارة المالية العراقية، ولم يعش زمناً طويلاً بعد اللسع وكان كل ذلك في 2 تشرين أول ودفن في 3 من الشهر المذكور.

العدد 51

العدد 51 - بتاريخ: 20 - 09 - 1927 نيرب ومكشوفاتها تمهيد في شهر نيسان من العام المنصرم (1926) في أثناء المؤتمر الأثري الأممي، المنعقدة جلسات دوره الفلسطيني في معهدنا الكتابي والأثري الفرنسي في القدس الشريف، كان المحفي الفرنسي للرقم والفنون الفتانة قد أعرب عن رغبته بلسان العلامة المسيو دوسو ممثلة في المؤتمر، في أن يرسل أرباب شؤون المعهد بعثة إلى نيرب لتقوم فيها بأعمال حفرية فنية، فنزولا على متمني هذا المحفى الجليل وبرعايته العالية، شرع في هذا التنقيب في المحل المذكور من 24 أيلول إلى 5 تشرين الثاني من سنة 926 على يد بعثة أوفدت من هذا المعهد الدومنكي كان رئيسها ومعاونه أبوين من الرهبانية وهما حضرة الأب كاريير أحد الأساتذة الماهرين في مثل هذه المشاريع وحضرة الأب باروا المتفرغ للأثريات. وكان معهما بعض المؤازرين. وقد نشرت الصحف حين ذاك أخبار هذا التنقيب وشفعتها بكلمة موجزة

على ما وجد فيه من اللقى - ثم صدرت في ذا الشان مقالة في مجلتنا الكتابية بقلم الأب باروا، كما أن حضرة الأب كايير ألقى في ذا الموضوع محاضرة ثمينة كانت حلقة من سلسلة محاضرات هذا العام التي ألقيت في معهدنا. على أن هذا الحفر الحديث لم يكن الوحيد الذي أسفر عن آثار عتيقة بل كان قد اكتشف شيء سابقا غير هذا بطريق المصادفة اقتنته متحفة اللوفر، في باريس وبحث عنه بحثا مدققا الأثري الشهير كليرمون كانو. وإذا كانت أشباه هذه المواضيع خطيرة ممتعة فضلا عما فيها من اللذة العقلية، أحببنا بعد استطلاع مصادر البحث أن نطلع ببعض التفاصيل على هذه المكشوفات أبناء لغتنا وعساهم أن يرغبوا في مثل هذه العلوم والفنون المختصة ببلادهم اكثر من غيرها بها. نيرب الحالية إذا خرج المسافر من حلب، وقبلته الجهة الجنوبية الشرقية، لا يعتم - بعد سيره مسافة لا تزيد على 7 كيلومترات - أن يصادف، غير بعيد عن الطريق المؤدية إلى مسكنة والفرات، قرية غريبة المنظر لشكل بيوتها الظاهرة للعيان كأنها كوائر جسيمة مقلوبة على فمها؛ ودور هذه الضيعة قد التفت أو تكاد تلتف بتل قديم يتراوح علوه بين 10و11 مترا. وقمته المسطحة تشرف على كل السهل المجاور لها أما طرفه الجنوبي فمتهدم وجهتاه الشمالية والشمالية الشرقية فقد أنزلهما السكان إلى مستوى السهل بأخذهم منهما التراب لصنع الطين اللازم لبناء دورهم. ورود أسماء في الآثار القديمة اسم نيرب عريق في القدم. جاء ذكره في لائحة الكرنك في جملة المدن السورية التي افتتحها تحوتمس الثالث فرعون مصر وذلك بصورة (نيروب ونيريب ونيرب) وورد أيضاً في إحدى رسائل تل العمارنة، إذ يقرأ فيها بجانب اسم ملك حتى اسم ملك (نيريبا) نجده كذلك في رقيم كبير (لأشور نصير أبال) بصورة (نيربي أو نيريبي أو نيريبو) وأما المؤرخ اسطيفانس البوزنطي فقد دعاها (نيريبوس) نقلا عن نقولا الدمشقي. ولهذا الاسم ذكر

في (الدر المنتخب في تاريخ حلب) لابن شحنة، بعبارة (باب النيرب) وهو أحد أبواب حلب سمي بذلك لان الناس تخرج منه للذهاب إلى هذه القرية ثم في كتاب كمال الدين المدرج في المجموعة العربية للحروب الصليبية بهذه التسمية (ارض النيرب وجبرين) أخيرا تراه في كتاب المشترك لياقوت الحموي، ودونك نص ما يهمنا منه: (النيرب قرية بغوطة دمشق في وسط بساتينها. . . والنيرب قرية من قرى حلب بينهما فرسخ. والنيرب قرية من قرى حلب أيضاً قرب سرمين). اصل اسمها واشتقاقه نيرب كلمة آشورية معناها على الرأي الأعم والأصح (المدخل والمجاز) وهي مركبة من النون بمنزلة متوجة ومن (يرب) وسبب التسمية هذه هو إما لأنها كانت ولا تزال الطريق المؤدية إلى سورية للمقبل من بين النهرين والعراق عابرا نهر الفرات. وأما لأنها بمثابة مدخل للمدينة التي هي في جوارها، وهذا ما يستدل عليه من أل التعريف الداخلة عليها في النصوص العربية الواردة آنفا وتعدد القرى المسماة بها كما ذكرها ياقوت. إلا أن هذا التأويل الثاني قد لا يصح على نيرب في الأعصر القديمة. لمادة نيرب وجود في جميع اللغات السامية وبعض فروعها مع شيء من التفاوت في المدلول الائل كله إلى أصل واحد معناه الدخول - وهذه المادة مع كونها ثلاثية يسوغ ردها إلى مادة ثنائية وهي (ع ب) الدالة على شيء من هذا المعنى. لك دليل على ذلك كلمة (عب) العربية ومؤداها: شرب الماء وكرعه أي ادخله دون نفس. وفي (عب) السريانية ومعناها الدخل. وكذلك (عب) السريانية بمعنى الغابة. سميت بذلك لتداخل أشجارها وفي (عابا) العبرية ويراد بها الكشف أي المتداخل بعضه ببعض. وكذا الشان في اللفظة الحبشية (عبي) ومفهومها العبل أي الضخم أو المتداخل العضلات. ومنها أيضاً كلمة (غاب) العربية المراد بها: بعد محتجبا أي داخلا. وإنما أقحمت الراء في هذه المادة الثنائية لمبالغة في معنى الدخول عملا بالمبدأ اللغوي القائل: (الزيادة في المبنى زيادة في المعنى) وفي اللغة العربية تجد

أثر المادة الثلاثية في لفظة (غرب) التي اشتقت منها الغرب والغروب وهو نزول الشمس إلى الأفق أي دخولها فيه مما يظهر غاية الظهور في البحر إذ ترى الشمس داخلة فيه حين غروبها. ومن هذه الكلمة جاء اسم أوربة أي بلاد الغرب أو الغروب. وفي الارمية القديمة والسريانية كلمة (عرب) وهي بمعنى (غرب) العربية. ومن عرب اشتق (معربا) أي مغرب أو غروب اعني دخول الشمس وراء الأفق. ومن ذلك حرف (عروبتا) التي عربت بلفظة (عروبة) وهي اسم ليوم الجمعة إذ تدل على الغروب ومن ثم على المساء وعلى ليلة السبت - وفي السبإية (معربم) أي مغرب - والميم (للتمييم) بدل نون التنوين العربي الشمالي. وفي رقيم زنجيرلي (معرب) مغرب. وفي الحبشية (عريب) أي نزول. وهو مستعمل خاصة للدلالة على سقوط الأجرام الجوية كالنيازك. وفي العبرية (عرب) الغروب أو المساء. قلنا أن الكلمة على لفظها الحالي آشورية أو قل أكدية ونعني بالاكدية الفرع الشمالي الشرقي من اللغات السامية وهو قسم ينطوي على لهجتين وهما الآشورية والبابلية وقد دعيت أكدية نسبة إلى (أكد) الشهيرة عاصمة المنطقة البابلية الشمالية المقابلة للربوع البابلية الجنوبية أي الشمرية. فاللفظة إذا أكدية وذلك ليس لأنها وجدت في نصوصها المسمارية فحسب، بل لان فيها قد جرت التطورات الخاصة بهذا اللسان. فهي آتية من فعل أربو ومعناه في هذه اللغة كما سبق التباين (دخل أو جاز) والأمثلة على ذلك كثيرة منها ما هذا نقله بالحرف الإفرنجي وتعريبه: - في البيت الذي دخل ليس نار (أو النار مبعدة) حين تدخل بيت أحد الناس (أو إنسان ما) - ومن ذلك أيضا: أي دخول الشمس وهو غروبها. وقد رأيت من الأمثلة المتقدمة أن اللفظ مبتدئ بحرف حلقي، سواء أكان عينا أم عينا في كل اللغات السامية ما خلا الاكدية. ولا يأخذك

العجب إذا عرفت أن الاكدية - وعلى شاكلتها طائفة من اللغات السامية، كالجعزية (الحبشية القديمة) والامحرية (الحبشية الحالية) والمندائية (لغة الصبة) والسورث (الكلدانية العامية) - قد سقطت منها الحلقيات بكثرة أو قلة واستحالت همزة. فالفعل إذا هو (عرب أو غرب) وفي الاكدية بحذف الحرف والاستعاضة عنه بالهمزة - إلا أن سقوط الحلقيات في الاكدية لا يخلو من التأثير في الحركات الخاصة بها أو المجاورة لها. وعليه فكل كلمة حذفت منها الحاء أو العين أو الغين وقامت مقامها الهمزة فحركة الحلقي وحركة ما يتبعه. إذا كانت فتحة أو كسرة. تتحول إلى حركة إمالة. مثال أول - (حدشو) ومعناه جديد ويقابله في العربية: حدث. وفي السريانية (حادث) وفي العبرية (خادش) وفي الحبشية (هدس) حذفت منه الحاء وقامت مقامها الهمزة فصار (أدشو) ثم طبقت عليه قاعدة الحركات فانقلبت الفتحتان امالتين فأصبح (ادشو) مثال ثان - (عربو) وهي الكلمة الدائر البحث عليها وقد رأيت ما يقابلها في بقية الألسن السامية. أسقطت منها العين فعوض عنها بالهمزة فأضحت (أربو) ثم تحولت الفتحتان إلى امالتين فأصبحت (اريبو) وهذا التأثير سقوط الحلقيات لا يشمل الحركات الخاصة بها فقط بل يتصل بحركات المقاطع القريبة منها نفسها مثاله: (سمع) عوض (زرع) بدل (أعمال) عوض وأما النون المتوجة لكلمة نيرب فاصلها ميم كما هو الشان في جميع اللغات السامية التي يقال فيها مثلا: مغرب - ومعربا ومعرب الخ. وإنما قلبت الميم نونا طبقا لقاعدة أخرى مطردة أو كالمطردة في الاكدية - ولا تخلو العربية من اثر لها - وهي مشهورة بين أهل النحو الاكدي بقاعدة (بارت) وهو المستشرق الألماني الذي كان سبق الجميع في تحقيقها وتدوينها - والقاعدة ها هي ذي: أن الميم الداخلة على الأسماء المستعملة غالبا للدلالة على المكان

أو الزمان أو الآلة تقلب نونا كلما توجت ألفاظا أحد أصولها حرف من الحروف الشفهية كالميم والياء (والباء المثلثة الفارسية). مثال ذلك: (مركبة) و (ملك) و (عامة الأشياء) عوض وووأنت ترى من هذه المقابلة الألسنية السامية ما كان أصل نيرب وكيفية وصولها إلى لفظها الحالي وقد علمت أن معنييها المطلق والمحصور وهما الدخول وغياب الشمس قد ثبتا في الاكدية وحدها ولم يبق إلا المدلول المحصور في بقية اللغات السامية الأخوات. أول مكشوفاتها قلنا في سياق كلامنا عن نيرب الحالية أن أهل القرية قد انزلوا إلى الحضيض قسما من التل القديم وانهم لا يزالون يرفعون التراب من ثم لبناء دورهم. هذا واعلم أن هناك قد حدث أمر غالب الوقوع في باب الأثريات. إلا وهو اكتشاف لقي قديمة بطريق المصادفة على يد قوم ليسوا من أرباب الفن ففي سنة 1891 كان الفلاحون يحفرون في التل على عادتهم لأخذ التراب، فإذا بهم قد وجدوا نصبين عليهما نقوش وكتابة بالخط الارمي. كما انهم قبل ذاك الأوان بسنتين كانوا قد وقعوا في المحل عينه على ناووس حاو صقلين (هيكلين) بشريين وعلى اسطوانة مطوقة بالذهب. فالناووس لم يزل في موضعه وأما الاسطوانة فبعد أن جردها من الذهب الذي ظفر بها باعها في الأستانة. وقد وقفوا هناك أيضاً قرب هذه الحجارة على تمثال متعدد الأشخاص مصنوع من نحاس والظاهر انه يمثل آله الفينيقيين وآلهتهم. أما النصبان فقد وجدا منتصبين مطمورين في التراب في نحو الجهة الشمالية من الناووس وهما منحوتان نحتا متقنا بخلاف الناووس فانه خشن النحت وغطاؤه من حجر ابيض خال من كل نقش أو كتابة. وأما تمثال النحاس فخشونة صنعته دليل واضح على قدمه. وإذ كان النصبان من أهم اللقى القديمة، فلا باس من أن نشبع الكلام عن وصفهما مخلصين ما جاء عنهما في كتاب كليرمون كانوا.

النصب - أ هذا النصب مصنوع من حجر اسود وصلب منحوت وهو من جنس الحجر البركاني. على وجهه منقوشة نقشا ناتئا صورة رجل منتصب متجه الوجه نحو اليمين ومتشح بثوب طويل ينحدر إلى عقبه ورجلاه محتذيتان وركبتاه راكبة الواحدة على الأخرى وفي ثوبه طيات كطيات الرداء الذي فوقه على الزي الآشوري البابلي وعمرته ذات شكل خاص لشبهها بعرقية دائرة نصف دائرة وهي تغطي رأسه كله مسترسلة إلى اسفل الرقبة ساترة الأذنين ومنوط بها من الوراء شرائط قصيرة ودقيقة وذراع الشخص اليمنى مرتفعة ويده اليمنى مبسوطة للضراعة والعبادة ويده اليسرى متصلة بمرفق اليمنى ووجهه ضخم خلو من الشعر أو محلوقه وظواهره ظواهر الشباب وعليه ملامح الجنس السامي المعروف. وفي المحل المجاور لهذه الصورة يرى رقيم ذو 14 سطرا شكل حروفه فنيقي قديم والكتابة مقسومة إلى قسمين القسم الأول في أعلى الصورة وهو مؤلف من 8 اسطر مكتوبة على طرفي الرأس والقسم الثاني في أدناه وقوامه 6 اسطر عابرة على الجزء التحتاني من القميص. النصب - ب هذا النصب مصنوع من الحجر الأول نفسه وهو مثله منقوش من فوق ومكتنف بكفاف من تحت. في قسميه الأعلى رقيم ذو 10 اسطر حروفه كحروف رقيم (النصب أ) وأما كتابته فلا إطار حولها وهي منتشرة على كل الوجه دون فاصل وفي جزأه الأدنى صورة رجل أمرد أو محلوق اللحية ثيابه وعمرته كثياب وعمرة الشخص الأول وهو جالس على كرسي أو عرش لا متكأ له ووجه الرجل متجه نحو اليمين ورجلاه المكشوفتان موضوعتان على موطئ ذراعه اليسرى مبسوطة ويده مفتوحة وأما ذراعه اليمنى فمرتفعة وفي يده أناء شبه الكاس أو الطاسة قد أدناه من فيه. بين يدي الرجل مذبح على شكل مائدة تماثل دعائمه دعائم العرش وعلى المائدة (الطاولة) العليا مصورة ضروب من التقادم ومن وراء المذبح مقابل الرجل الجالس يرى شخص آخر قائم ووجهه نحو اليسار وقامته أصغر من قامة الأول ولباسه قميص مربوط

بمنطقة ومنحدر إلى الركبة. أما رأسه فان لم يكن مكشوفا فهو مغطى بعرقية بسيطة وإذناه مطلقتان وشعره مجزوز وركبتاه ورجلاه مكشوفات. يتبادر إلى الذهن لدى رؤية هذا المشهد انه مشهد حفلة مأتم مصري إلا أن الثياب وهيئة الأشخاص وطرز الأشياء الأخرى تظهر عليها الخصائص الآشورية، فضلا عن أن الرقيم الذي يدلنا على أن هذه الحفلات هي من حفلات الموتى. والبائن أن الشخصين المصورين في هذين النصبين كانا من فئة الأحبار والفرق بين الاثنين أن هيئة الأول هيئة شاب وسمت الثاني يدل على الشيخوخة ويؤيده نص الرقيم عينه. هذا وان كانت المشابهة للآشوريات ظاهرة غاية الظهور إلا أن كليرمون كانوا يرى أن العهد الذي يمكن أن يرقى إليه بالنصبين هو العهد الاشوري، أي القرن السادس (ق. م) الذي فيه دالت دولة السلالة السرجونية. ولنا في منطوق الرقيم ما يؤيد التحقيق الأثري، فان أسماء الآلهة المدرجة فيه هي من مصاف آلهة الزون الآشوري. ويضيف العلامة المذكورة إلى قوله انه إذا أردنا الزيادة في التخصيص لاق بنا إبداء الرأي بان النصبين من العهد البابلي الثاني أو الحديث. وهو الفترة الواقعة بين سقوط السرجونيين وظهور كورش أي من سنة 625 إلى سنة 538 ق. م وبنوع أخص في زمن آخر ملوك بابل وهو نبونيد الذي عاش بين 555 و 535 ق. م. الأب أ. س مرمرجي الدمنكي أحد أساتذة المعهد الكتابي والأثري الفرنسي في القدس الشريف دخل حكومة العراق ونفقاتها بلغ دخل حكومة العراق في تموز الماضي 4. 400. 668 ربية، وبلغت نفقاتها في ذلك الشهر 3. 956. 415 ربية، وبلغ مجموع الدخل منذ ابتداء السنة المالية إلى آخر تموز 16. 890. 469 ربية، وبلغ مجموع النفقات في هذه المدة 15. 966. 456 ربية.

(صورة) من ينظر إلى هذه الصورة. يتحقق أن صاحبها، هو صاحب الشعر المبتكر، البديع المعاني، الطريف الأسلوب، ناقل أفكار الغرب، إلى ديار العرب: الدكتور احمد زكي أبو شادي وهو في الخامسة والثلاثين من عمره. من رسم الأستاذ الفنان عنايت الله إبراهيم النقاش المصري الشهير في مصر القاهرة.

الحب الضرير

الحب الضرير إذا هب نسيم الربيع، طاب الهواء، وانبتت الأرض فابتسم ثغرها عن أزاهير شتى، وفاح عطرها وانبث في جنباتها. تلك هي صورة شعر أبي شادي؛ فانك لا تسمع كلماته إلا تحس بنسيم شعره يدب في فكرك، فيجول في خفاياه أو زواياه ويحيي كل دفين فيها. فلله دره من شاعر مفلق، وساحر فاتن! (ل. ع) سلام عليك زمان (الشباب) ... على أمل (الحب) والملتقى! نكبت بعمر الجوى والفراق ... فلما التقينا حرمت اللقا! كأن لم تكن فترة للوصول ... نسيت بها الخطر المحدقا! عناء جديد، وقلب وحيد ... يقطعه الدهر ما فرقا وصفو تولى كموت (الربيع) ... وقد شوق الروح ما شوقا فيا جزعي للفؤاد العميد ... يعود إلى نفيه مرهقا ويفضي بآلامه للنظيم ... فيجري به دمه مهرقا! ويحسده في الشقاء الخلي ... ويحسبه الشاعر المفلقا! نشأت على (الحب) منذ الصبا ... ودمت وإن شيب المفرقا وأوذيت من اجله في الحياة ... وما زلت أرعى له الموثقا أدين له بمعاني (الجمال) ... وكم ألهم الأمل الريقا وكنت أراه الشفاء الأكيد ... لروحي فأصبح لي مغرقا وكنت أراه الهدى والندى ... فضل وعشت به مخفقا! فؤادي الحزين العصي المنى ... تشجع! وعش في الأسى مشرقا!

لئن خانك (الحظ) طول الشباب ... كما خانك (الحب) مستغرقا فلا تنس أنك ملك الجمال ... وقد ملأ (العالم) المطلقا فنح أن تشأ من هموم (الغرام) ... فكم كان في ظلمه محرقا وذب أن تشأ (للوفاء) المضاع ... فلن يستعاد ولن يشفقا ولم ما استطعت فلن تنتهي ... بلومك (للحظ) في مرتقى إذا كنت ألف (الغرام) الضرير ... فماذا تفيد المنى والرقى؟! تشجع فؤادي! تشجع! فكم ... تذوقت عمرا صنوف الشقا وقد سامك (الدهر) شتى العذاب ... فكنت به الساخر المشفقا! فلا تلق حزمك يوم الأسى ... وقد خذل (الحب) فيك (التقى) تناس المنى والوصال القصير ... وعهدا يظل لك المقلقا وخل الهوى وبنات الهوى ... ولذ (بالطبيعة) مستوثقا حياتك (للكون) وهو الأمين ... فناج السنا الشائق الشيقا خفوقك نبض بشعر (الجمال) ... وكم رف مبتسما رائقا فعش (للجمال) الشريف العزيز ... فما الكون في حسنه ضيقا تسمع خرير المياه الشجي ... يغني أغاني الهوى والبقا وحصباءها وهي تصغي إليه ... ببشر وتوشك أن تنطقا! وراقب تودد (زهر) نضير ... إليك و (طيرا) له زقزقا وراقصة (النحل) بين الاشع ... ة، و (الروض) من أنسها صفقا وحالية من جموع (النخيل) ... تعاف الهموم فلن تطرقا! ولا تنس موجا لبحر دؤوب ... يحاكي المفكر والأحمقا! فيمضي بعسكره في هجوم ... ويرجع في خيبة محنقا! ويلبث طورا يناغي الرمال ... فيغنم منها الذي نسقا! ويصفو فيحظى بشكر (الحسان) ... و (بالحسن) يكسبه رونقا!

وكم من جمال عزيز طروب ... يراه البصير الذي حققا وملك (السماء) بآياته ... حياة حوت سرنا الأعمقا إذا شئت مزقت هذا الستار ... فشمت بعقلك ما مزقا وإن عشت طوع الهوى والشجون ... فأنت الضرير الذي ما ارتقى جمال (الحياة) حياة (الجمال) ... وفي الكون ما يشبع المنطقا فودع هموم (الغرام) الضرير ... وناج (السنا) الباسم المونقا حياتك أولى بحسن (الخلود) ... أضاء (الوجود) ولن يخلقا وخفقك أجدى لبث (الصلاح) ... فلا كنت أن لم تمت موبقا! ولا تبتئس لخداع (الحياة) ... ونل أنت ناموسها الأصدقا وكن للضحية قبل الغني ... مة كالنجم ضحى متى أشرقا! وحسبك غنما بان (الممات) ... يساوي المتوج والمملقا! وأنك بعض لهذا (الوجود) ... وفي مجده مجدك المنتقى! وداعا إذا يا دموع (الشباب) ... ويا من فتنت بها مغرقا جدير بقلبي العظيم الهوى ... بحب العظائم أن يخفقا تجشمت منك ضروب العذاب ... وآن لعزمي أن يشرقا وقد عشت عبدا حزين الفؤاد ... وها آن للعبد أن يعتقا! الإسكندرية: أحمد زكي أبو شادي القفتان من غريب أغلاط تاج العروس انه صحف كلمة قفتان المشهورة بصورة قفنان بنون بعد الفاء. وليس ذلك من خطأ الطبع لأنه ذكرها في مادة ق ف ن. قال: القفنان؛ ما يخلفه الملك على خلاص وزرائه من التشاريف. رومية، وفي هذا الكلام وهم آخر وهو قوله رومية وهي فارسية الأصل من خفتان.

الخرز ومعتقداته

الخرز ومعتقداته الخرز اصلها - الخرز العراقية - أسطورتها - فحصها - الدعاء لها - أسماء الخرز العراقية كان العربي الوثني ينحت من الصخور والأحجار تماثيل على شكل إنسان حينا، وحينا على هيئة حيوان، فيتخذها آلهة له، ويسجد لها، ويقدم إليها القرابين والنذور خشية بأسها، وبغية ترضيها. ظل على هذا الدأب دهرا طويلا فاختمرت هذه الفكرة في الرجل، وتغلغلت هذه العقيدة الوثنية في المرأة العربية حتى خيل إليها أن في هذه الأحجار والصخور والحصى والخرز قوة تقيها الشرور والآلام والأوجاع وان فيها نفعا يدر عليها وعلى آلها إخلاف البركات والخيرات. وان منها ما تؤثر في قلب الرجل حتى تجعل المرأة حبيبة في عين بعلها. فهناك بين ثغور المغاور والكهوف وسفوح الجبال وثنايا الأودية أنواع من الخرز قد اثر فيها وهج الشمس فاكتست ألوانا وأصباغا تضاهي ألوان الزهر وأصباغ الورد، وقد القي في روع المرأة الجاهلية أن فيها ما يضمن لها حياتها وحب زوجها فالتقطتها من الأرض وثقبتها وعلقتها في عنقها أو جملتها على أضلاعها وتحت طيات ثيابها معمولة على سرها الكمين ومعتمدة على قوتها الفائقة. ولما ظهر الإسلام نال العربي والعربية تهذيبا وتفقها وتنورا فارتفعت تلك الأوهام التي ربضت في دماغ العربي أحقابا طوالا وزالت أدران الخرافات من الرؤوس واعتقدت العربية بان الضرر والنفع والألم والمسرة والثروة والفقر وكل شيء بيد الله القدير المهيمن على الكون وما التماثيل والهياكل والصخور والخرز إلا تراب جامد لا نفع فيه ولا ضرر فضربت ما كان عليها من الخرز

عرض الحائط وظهر الأرض إلا أن ضعيفات التقوى والأيمان منهن ظللن عاكفات على حملها دائبات على اقتنائها والاعتقاد بالشيء أن لم يكن أيمانا بالفعل فأيمانا باطمئنان العاطفة. ومن الصعب سلب الأيمان من الصدور. الخرز التي تستعملها النسوة في العراق والنساء العراقيات - حتى المهذبات منهن - قويات الاعتقاد شديدات التمسك بالخرز يبذلن الذهب الوهاج في اقتنائها ويتهالكن على الحصول عليها. وفي العراق سماسرة من المشعوذين الدجالين من النساء والرجال يتاجرون في الخرز ولا سيما القابلات واللواتي يقرأن منقبة المولد النبوي ويتلون فاجعة الحسين وينحن في المآتم والمناحات فهؤلاء قد اثرين وحصل لديهن المال الوفير ولهن مهارة وحذق خاص في التسلط على عقول النساء وإقناعهن بفوائد الخرز واعرف في بغداد امرأة غنية سليلة بيت أرستقراطي قد ابتاعت خرزة بعشرة جنيهات وكانت فرحة جذلة بها. والمتزوجة تحملها لتبقي حب زوجها لها وأما البكر فلتكون جميلة في أعين الناس وليسرع أمر زواجها والعزباء لتقتنص لها بعلا جديدا وليس الاعتقاد بالخرز مقصورا على النساء وحسب ففي العراق رجال كثيرون يحذون حذو النساء. وقد حدثني أستاذي الشاعر الفيلسوف جميل صدقي أفندي الزهاوي حفظه الله عن رجل جاء إليه ذات يوم - وكان من كبار رجال الجيش في العهد العثماني - وكلمه بلهجة المتوسل قائلا: (علمت يا مولاي أن لكم سلطانا على الجان أفلا تسألون الجان الذين هم طوع إشارتكم والمؤتمرون بأمركم عن هذه الخرزة؟ وأنكم بفعلكم هذا تطوقونني بإحسانكم) قال الأستاذ: فاعتراني الدهش فأخذت أقنعه بان هذا سخف وجهل وحذار أن يسمع (القومندان) بطلبك هذا فتنال إهانة وسخطا من أمرائك ولما لم استطع أن أقنعه تركني غضبان مدمدما وكانت شهرة هذا الأحمق في بغداد (بونجوقلي اشك) أي (الحمار المعتقد بالخرز).

أسطورة أصل الخرزة وأسطورة الخرزة هي أن النساء يعتقدن أن الذئب يأكل التراب ثلاثة أشهر ويشرب الماء ثلاثة أشهر ويبلع الهواء ثلاثة أشهر والأشهر الثلاثة الأخيرة لتمام كمال السنة يأكل فيها بنات الجان والذئب يعدو في الفيافي باحثا عن بنات الجان فإذا صادفنه انقلبن في الحال خرزة فلا يبقى في وسعه أن ياكلهن ولا يبقى في وسعهن أن ينقلبن بنات كما كن. والمرأة إذا حملت الخرزة في الوقت الكروه قذفت الحب في قلب زوجها مستعينة بآلها، ذلك فضلا عن سلطانها. فحص الخرز والخرزة تابعة للفحص وكيفية فحصها هي أن تعطى إلى بكر تضعها تحت وسادتها في ليلتي الجمعة والاثنين فتقص في الصباح ما رأته في ليلتها من الرؤى والأحلام فإذا شاهدت بنتا علم إنها تصلح للبنات وإذا شاهدت امرأة علم إنها تصلح للمتزوجات إلى غير ذلك. الدعاء للخرز لتبقى محافظة على قوتها يتحتم على كل من تملك الخرز أن تستعد في الليلة السابعة والعشرين من شهر رجب في كل سنة فتغتسل وتتطيب ثم تأخذ ورق السذاب وورق الحناء وتضع الكل في إناء تسكب عليه ماء الورد ثم تتلو عليه (ياسين المغربي) وياسين المغربي دعاء فيه سورة ياسين وبعد الفراغ من هذا الدعاء تصلي ركعتين لوجه الله ثم تترك الخرز تحت بطون الكواكب (أي تحت السماء) حتى مطلع الفجر والتي لا تقوم بهذه المهمة تخسر خرزاتها إذ إنها تفقد قوتها. أسماء الخرز العراقية مثلها: أم الدولة خابت وأم الخرز ما خابت أو أم الدولة بارت وأم الخرز ما بارت السلطانية: هي خرزة طويلة مستطيلة تكون ذات لون أحمر أو أصفر والتي تحملها تكون ذات سيطرة على زوجها كما يفهم من اسمها. السلوة: تكون سوداء وتستعملها المرأة لتنزع من قلب زوجها محبة ضرتها أما استعمالها فيكون بان تحكها المرأة بالماء وتلطخ به رأس زوجها.

الدامغة: على شكلين بيضاء وحمراء تقتني المرأة البيضاء منهما إذا كانت بشرة زوجها بيضاء والحمراء الغامقة إذا كانت بشرته سمراء وتستعمل لأجل (دفع الرجل) أي أن الزوجة تصبح مطلقة الأمر تفعل في البيت ما تشاء لا أمر يأمر عليها ولا ناهي ينهيها. الحمارية: يعتقد الناس إنها تطلع (كالدمل) في رقبة حمير (اصفهان). الطحانات: (بشد الحاء) خرزتان لونهما اسود وهما بشكل رحى صغيرة وفي كل واحدة ثقب تشد بها المرأة خيطا فتحملها على نفسها. الدملج: (وازن زبرج) تكون حمراء رقطاء وشكلها يشبه حجر العقيق والمتزوجات يحملنها ورقيتها (يخطب ما يملج) أي (يخطب ولا يتزوج). الصيني: خضراء غامقة ورقيتها؛ (كل وكت يحاجيني) أي (كل وقت يكلمني). السليماني: سوداء وفيها خط أصفر أو رمادي والتي تحملها تسلم من العاهات والآلام. الشكل: (بكاف فارسية) كبيرة لونها ابيض وذات دوائر متعددة والتي تحملها تكون أمينة من زوجها. البهكة: (بكاف فارسية)، حمراء وفيها نقط بيضاء تحميها من أصابها (برص). والبرص تسميه العامة (بهك) أي بهق. المخفاية: حمراء وبيضاء كبيرة صقيلة تستعمل إذا ظهرت (عقدة) في إبط الرجل أو المرأة أو في بطنهما أو في عنقهما فتحك بها العقدة أو تدلك فتزيلها. الكور: (بكاف فارسية) مضمومة طويلة بطول البنان بيضاء ممزوجة بحمرة رقيتها: (الكور للي تشيلها متبور) أي من تحمل الكور لا تبور. اسمع وطيع: تلتقط من سواحل الإبحار بيضاء حلزونية والتي تحملها تعتقد أن زوجها يسمعها ويطيعها. أحمد حامد آل الصراف لغة العرب: - كنا نود أن نعرف أصول بعض تلك الألفاظ لنهتدي إلى الأمة التي أدخلتها في العراق، لكننا لم نتوفق. أما أصل البعض الآخر فعربي صريح لاشك فيه.

مقتطفات من كتاب الحوادث الجامعة لابن الفوطي

مقتطفات من كتاب الحوادث الجامعة لابن الفوطي تتمة ذكر نقل المستنصر بالله من مدفنه بدار الخلافة إلى الترب بالرصافة في ليلة جمعة حادي عشر شعبان أرادوا نقله فهبت ريح منعت من ذلك. فقال جمال الدين أبو الحسن المخرمي ارتجالا: تحركت الرياح الهوج لما ... أريد بكعبة الجود ارتحالا؟ وقالت من يعلمني سخاء ... أهب به ويغمركم نوالا فقلت لها: خليفة المرجى ... إمام العصر فانقلبت شمالا فنقل في ليلة السبت ثاني عشريه إلى موضع كان قد أعده لنفسه مدفنا وبنى عليه قبة. وكانت صورة نقله أن تقدم إلى كافة الزعماء ما عدا أصحاب المشاد والى المماليك وكافة مشايخ الربط والصوفية والفقهاء والمدرسين ما عدا مدرسي المستنصرية والنظامية بالتوجه على طريقة مشرعة الرصافة وتقدم إلى من عداهم أن يقصدوا دار الخلافة بغير الطريق وان يرفع القضاة والمدرسون الطرحات والعدول الطيالسة وأرباب العز عزرهم وأصحاب المشاد مشادهم ويركب الزعماء بالأقبية البيض والسرابيش وأرباب الدولة كل واحد منهم بقميص ابيض وبقيار ابيض مسكن وغاشية قند (؟) فركبوا وقصدوا دار الوزارة ما عدا مجاهد الدين الدويدار الصغير وعلاء الدين الدويدار الكبير وأستاذ الدار مؤيد الدين محمد بن العلقمي. فلما تكمل من عدا هؤلاء في دار الوزارة تقدم إليهم يقصد دار الخلافة والدخول بباب عليان إلى صحر (صحن؟) السلام فمضوا هناك قبل غروب الشمس. وأما الوزير ابن الناقد فانه خرج في محفة ودخل من باب البانمي

(؟) (لعلها القائمي) ثم قصد هؤلاء كلهم دجلة فخرج الصندوق الذي فيه الخليفة فلما عاينوه قبلوا الأرض وأعلنوا بالبكاء. ثم حط في شبارة طويلة يجذف فيها خمسة عشر ملاحا في صدرها قبة مجللة بسجاف أطلس اسود ونزل فيها الشرابي وأستاذ الدار وابن درة المعمار فوقفوا بين الصندوق ولم ينزل الوزير لعجزه عن القيام. ونزل جميع أرباب الدولة والأمراء في سفن قياما بين أيديهم شموع كبيرة. فلما وصلوا مشرعة الرصافة رفع الصندوق على الرؤوس وامتد الناس كلهم بين يديه إلى التربة فدفن رحمه الله في الموضع الذي أعده ثم فرقت الربعة الشريفة وقرأت. . . (هذه النقاط في الأصل المهدى) وأهديت له وانصرف الناس قبيل نصف الليل ثم ترددوا إلى الترب يوم الأحد ويوم الاثنين (و) في كل يوم تقرأ الختمة ويتكلم (جمال الدين أبو الفرج بن الجوزي) ويدعو العدل شمس الدين علي بن النسابة ونقيب النقباء ونائبه. في شعبان تقدم إلى (جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي) أن يجلس بالوعظ بباب بدر ورتب العدل شمس الدين علي بن النيار شيخا لرباط الحريم. سنة 641 (1243 م) فيها تقدم الخليفة إلى (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) المحتسب. . . وفيها نفذ (محيي الدين يوسف بن الجوزي) رسولا إلى ملك الروم كيخسرو بن كيقباذ فاجتمع به في إنطاكية فلما عاد حكى أشياء غريبة منها أن النساء يتعممن كالرجال والرجال يلبسون السراقوجات. . . سنة 642 (1244 م) في هذه السنة سير الملك الصالح أيوب. . . عسكرا إلى مدينة دمشق فنزلوا عليها. . . وكان الملك الصالح إسماعيل. . . صاحب دمشق فيها فضج. . . فراسل ابن عمه الملك الصالح أيوب. . . فأسفرت القاعدة على أن يتفرد الملك الصالح إسماعيل بملك باعلبك (بعلبك) ويمضي بأهله إليها فأجاب إلى ذلك وخرج ليلا وأرسل الملك الصالح أيوب إلى الخليفة عبد الرحمن ابن عصرون يخبره بذلك فأرسل الخليفة إليه التقليد والخلع مع (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) الواعظ مدرس الحنابلة بالمدرسة المستنصرية فتوجه ابن

عصرون صحبته. سنة 644 (1246 م) وفيها وقع الشروع في عمارة مسناة دار على شاطئ دجلة في بستان الصراة المنتقل إلى الخليفة من البهلوان ابن الأمير فلك الدين محمد بن سنقر وتولى العمل في ذلك أستاذ الدار (محيي الدين يوسف بن الجوزي) فسأل في بعض الأيام المشاهر عن اسمه فقال: (خالد) فقال: نظرت إلى الخلد الشريف بفكرتي ... فبشرني أن الخليفة خالد إذ الاسم معناه الخلود حقيقة ... وأكده اسم المشاهر خالد سنة 645 (1247 م) فيها احضر مدرسو المستنصرية إلى دار الوزير وتقدم إليهم أن لا يذكروا شيئا من تصانيفهم ولا يلزموا الفقهاء بحفظ شيء منها بل يذكروا كلام المشايخ تأدبا معهم وتبركا بهم وأجاب (جمال الدين عبد الرحمن بن الجوزي) مدرس الحنابلة بالسمع والطاعة. . . سنة 653 (1255 م) ذكر ولاية (ابن الجوزي) أستاذ الدار. في تاسع ربيع الأول مضى صلاح الدين عمر بن جلدك إلى (محيي الدين يوسف بن الجوزي) وهو في منزله بباب الازج فاستدعاه فركب - وقد رفع الطرحة - إلى الدار المقبلة لباب الفردوس المرسومة بسكنى الأستاذ دارية وأجلسه في المنصب من غير أن يخلع عليه وشافهه بالولاية ودخل الناس إليه مهنئين له وركب من الغد في جمع عظيم إلى دار الوزير فجلس عند مؤيد الدين نائب الوزارة ساعة ثم عاد إلى داره. وفيها رتب (جمال الدين عبد الرحمن الجوزي) مدرسا لطائفة الحنابلة بالمدرسة المستنصرية وخلع عليه وأعطي بغلة وتقدم إلى صاحب الديوان فخر الدين بن المخرمي وجميع أرباب المناصب بالحضور إلى المدرسة فحضروا ورتب (أخوه شرف الدين عبد الله) محتسبا عليه. وخلع عليه من غير أن يشهد عند القاضي. ولم يعلم أن محتسبا تولى غير شاهد سواه. وقد نظم عز الدين أبو الحسن علي ابن إسامة العلوي قصيدة يهنئ بها أستاذ الدار مما تجدد لولديه. يقول فيها: مولاي (محيي الدين) يا مولى به ... كل البرية في الحقيقة يقتدي

أنت المهنا بالذي قد خول ... (ولداك) أم نفس العلى والسؤدد وهل البشارة للمراتب والذي ... ولياه أم لك يا كريم المحتد قد قلت حين رأيت كلا منكما ... كالبدر في جنح الظلام الأسود هذان ما خطبا المراتب إنما ... خطبتهما المناقب لم تجحد (؟) وهما من القوم الالى خدماتهم ... شرفا تصير لسيد عن سيد ولانت مولانا المليك من الورى ... وهما أحق بمسند ومسند انتم لدين محمد شيدتم ... علما به وكذاك مذهب احمد فالله يجزي الخير كلا منكم ... عن احمد وعن النبي محمد وكذاك يرعاكم بعين عناية ... ويمدكم منه بعمر سرمد سنة 653 (1255 م) وفيها فتحت المدرسة البشيرية بالجانب الغربي من بغداد وتجاه قطفتا التي أمرت ببنائها حظية الخليفة المستعصم أم ولده أبي نصر المعروفة بباب بشير وجعلتها وقفا على المذاهب الأربعة على قاعدة المدرسة المستنصرية ووقفت عليها وقوفا كثيرة قبل فراغها. وكان فتحها يوم الخميس ثالث عشري جمادى الآخرة وحضر الخليفة وأولاده فجلسوا في وسطها وحضر الوزير وأرباب المناصب ومشايخ الربط والمدرسون وكان المدرس بها سراج الدين النهرقلي أقضي القضاة (وشرف الدين عبد الله بن أستاذ الدار محيي الدين بن الجوزي) ونور الدين محمد بن العربي الخوارزمي الحنفي وعلم الدين احمد بن الشرمساحي المالكي. وعملت وظيفة عظيمة وخلع على المدرسين المذكورين وعلى الناظر بها ونواب العمارة والفراشين وخدم القبة وأنشدت الأشعار وكان يوما مشهودا. وكانت وفاة البشرية في السنة الماضية على ما ذكرنا. سنة 656 (1258 م). . . ثم عين على بعض الأمراء فدخل (هولاكو) بغداد ومعه جماعة ونائب أستاذ الدار (ابن الجوزي) وجاءوا إلى أعمام الخليفة وأنسابه الذين كانوا في دار الصخر (؟) ودار الشجرة فكانوا يطلبون واحدا بعد آخر فيخرج بأولاده وجواريه فيحمل إلى مقبرة الخلال التي تجاه المنظرة فيقتل

فقتلوا جميعهم عن أخرهم. ثم قتل مجاهد الدين ايبك الدويدار الصغير وأمير الحاج فلك الدين محمد بن علاء الدين الطبرسي الدويدار الكبير وشهاب الدين سليمان شاه بن برجم وفلك الدين محمد بن قيران الظاهري وقطب الدين سنجر البكلكي - الذي كان شحنة بغداد وحج بالناس عدة سنين - وعز الدين ابقرا شحنة بغداد أيضاً (ومحيي الدين ابن الجوزي أستاذ الدار وولده جمال الدين عبد الرحمن وأخوه شرف الدين عبد الله وأخوه تاج الدين عبد الكريم) وشيخ الشيوخ صدر الدين علي بن النيار وشرف الدين عبد الله ابن أخيه وبهاء الدين داود ابن المختار والنقيب الطاهر شمس الدين علي بن المختار وشرف الدين محمد بن طاووس وتقي الدين عبد الرحمن ابن الطبال وكيل الخليفة. وأمر بحمل راس الدويدار وابن الدويدار الكبير وسليمان شاه إلى الموصل فحملت وعلقت بظاهر سور البلد ووضع السيف في أهل بغداد يوم الاثنين خامس صفر وما زالوا في قتل ونهب واسر وتعذيب الناس بأنواع العذاب واستخراج الأموال منهم باليم العقاب مدة أربعين يوما فقتلوا الرجال والنساء والصبيان والأطفال. فلم يبق من أهل البلد ومن التجأ إليهم من أهل السواد إلا القليل ما عدا النصارى فانهم عين لهم شحاني حرسوا بيوتهم والتجأ إليهم خلق كثير من المسلمين فسلموا عندهم. وكان ببغداد جماعة من التجار الذين يسافرون إلى خراسان وغيرها قد تعلقوا من قبل على أمراء المغول وكتب لهم فرامين فلما فتحت بغداد خرجوا إلى الأمراء وعادوا (و) معهم من يحرس بيوتهم. والتجأ أيضاً إليهم جماعة من جيرانهم وغيرهم فسلموا وكذلك دار الوزير مؤيد الدين ابن العلقمي - فانه سلم بها خلق كثير - ودار صاحب الديوان ابن الدامغاني

ودار صاحب الباب ابن الدوامي. وما عدا هذه الأماكن فانه لم يسلم فيه أحد إلا من كان في الآبار والقنوات. واحرق معظم البلد وجامع الخليفة وما يجاوره. واستولى الخراب على البلد وكانت القتلى في الدروب والأسواق كالتلول ووقعت الأمطار عليهم ووطأتهم الخيول فاستحالت صورتهم وصاروا عبرة لمن يرى. ثم نودي بالأمان فخرج من تخلف وقد تغيرت ألوانهم وذهلت عقولهم لما شاهدوا من الأهوال التي لا يعبر عنها بلسان وهم كالموتى إذا خرجوا من القبور يوم النشور من الخوف والجوع والبرد. وأما أهل الحلة والكوفة فانهم انتزحوا إلى البطائح بأولادهم وما قدروا عليه من أموالهم وحضر أكابرهم من العلويين والفقهاء مع مجد الدين ابن طاووس العلوي إلى حضرة السلطان وسألوا حقن دمائهم فأجاب سؤالهم وعين لهم شحنة فعادوا إلى بلادهم وأرسلوا إلى من في البطائح من الناس يعرفونهم ذلك فحضروا بأهلهم وأموالهم وجمعوا مالا عظيما وحملوه إلى السلطان فتصدق عليهم بنفوسهم. اه نتيجة بحثي ويبين لنا مما ذكر أن مؤلف كتاب مناقب بغداد هو - على الأرجح - أبو الفرج، عبد الرحمن، جمال الدين بن محيي الدين، يوسف، أبي محمد بن أبي الفرج عبد الرحمن، جمال الدين، ابن الجوزي وقد قتل المؤلف في بغداد على ما رأينا. إن الشواهد التي أتيت بها بقصد تعريف ابن الجوزي مصنف المناقب وما أتيت بغير ذلك جاءت نموذجا من الكتاب الذي ارتأى عنه الأثري في نقده (نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق) لغنيمة ما قوله بحرفه: (ومما يؤخذ عليه (على غنيمة) أيضاً انه نقل في مواضيع عديدة حكايات مزخرفة بادية عليها أمارات الوضع عن كتاب مخطوط لمؤلف مجهول واسمه (تاريخ العراق في عهد المغول) ولا نعرف كيف جاز له الاعتماد عليه وهو لا يعرف مؤلفه). اهـ (مجلة الحرية البغدادية 2 (1925): 288) وبعد أن شك الأثري في أن المناقب لغير ابن الجوزي المتوفي في سنة 597هـ وجاء في تضاعيف الكتاب ما لا يقبله العقل من أمر عدد الحمامات فليسمح لي

الوفاء الحي

أن أقول: أني لا أظن أن هناك مانعا من الاعتماد على هذا المخطوط الفذ وقد نقل عنه من رآه من الكتاب وفيهم احمد تيمور باشا. وقد أكون مخطئا في ظني فلأهل التدقيق والتمحيص البت في منزلة الكتاب بعد وقوفهم على المنشور منه هنا وفي المجلات التي ذكرتها ولا سيما بعد أن بان انه لابن الفوطي على الأرجح وقد قال صاحب فوات الوفيات عنه (الشيخ الإمام المحث المؤرخ. . .) وفي الكلمة التي يقولها المتتبعون يخدمون التاريخ والحقيقة وهما الغاية المتوخاة. بغداد: 25 أيار سنة 1927 يعقوب نعوم سركيس الوفاء الحي من نظم الدكتور أبي شادي مرئية تلحينية لساكن الجنان سعد باشا نظمت لتنشدها المطربة ملك: مجد (سعد) ما تناهت ... في ممسات دولته عاش في خلد وعاشت ... في وفاء أمته (سعد) روح سوف يبقى ... في العصور الأبدية ينشر الحب ويرقى ... بالنفوس البشرية كلنا نشدو به ... كلنا نبكي عليه العلى من دأبه ... والندى من راحتيه كلنا تكوين (سعد) ... في ثبات وأمل أي مجد غير مجد ... يلهم الناس العمل؟! عاش نبراسا عظيما ... ومثالا للأبوة كان بالروح كريما ... كان في خلق النبوة! في سبيل (النيل) ضحى ... في سبيل الحق عانى واهبا (للنيل) سمحا ... عمره المحسود شانا اندبيه يا معالي ... قدسيه يا (فنون) كل محمود وغال ... حين ينساه يهون وهو حي ليس ينسى!

تحقيق مواقع بعض المواضع القديمة

تحقيق مواقع بعض المواضع القديمة في كتب تقديم البلدان، مواضع وأماكن كثيرة، نظن أنها قد درست وأمحت آثارها، لبعدها عن العمران، وصعوبة الوصول إليها، ومن هذه المواضع، اذرح، والجرباء، والحميمة، وهي من البلاد التي حدثت بها حوادث ذات شأن في التاريخ الإسلامي. وقد أتيح لي أن أعلم بعض أمرها اليوم، وهي واقفة في إمارة الشرق العربي التي أنشئت في شرقي عبر الاردن، فرأيت أن أشرك القراء في ذلك فأقول: اذرح يقول ياقوت في معجمه: (اذرح اسم بلد في أطراف الشام من أعمال الشراة، ثم من نواحي البلقاء وعمان (وزان جبار) مجاورة لأرض الحجاز). قال ابن الوضاح: هي من فلسطين وهو غلط منه. وإنما هي قبلي فلسطين من ناحية الشراة. وفي كتاب مسلم بن الحجاج: بين اذرح وجرباء ثلاثة أيام. وحدثني الأمير شرف الدين يعقوب بن الحسن الهذباني،

قبيل من الأكراد، ينزلون في نواحي الموصل قال: رأيت اذرح والجرباء غير مرة وبينهما ميل واحد واقل لان الواقف في هذه ينظر هذه. قال ياقوت وبأذرح إلى الجرباء كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وقيل بدومة الجندل والصحيح (اذرح والجرباء واستشهد على ذلك بأبيات شعر لذي الرمة والأسود بن الهيثم في مدح بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الاشعري وكعب بن جعيل في مدح عمرو بن العاص وختم كلامه بقوله: وفتحت اذرح والجرباء في حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سنة تسع وصولح أهل اذرح على مائة دينار جزية. هذا ملخص ما قاله ياقوت عن اذرح وفي كتب السيرة النبوية نسخة الكتاب الذي أعطاه الرسول إلى أهلها وأهل جرباء وكانوا يهودا وهذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي لأهل اذرح وجرباء انهم آمنون بأمان الله وأمان محمد وان عليهم مائة دينار في كل رجب وافية طيبة والله كفيل بالنصح والإحسان للمسلمين). قلنا وقد ذكر اذرح الاخطل في قصيدته التي مدح بها عبد الله بن معاوية إذ يقول: وأبوك صاحب يوم اذرح إذ أبى ... الحكمان غير تهايب وضرار

لما تبحثت الضغائن بينهم ... أفضى وسار بجحفل جرار وأهل إذ غنظ العدو بفيلق ... تحت الاشاء عريضة الآثار حتى رأوه بجنب مسكن معلما ... والخيل جاذبة على الإقتار واذرح اليوم من الطلول الدوارس ولكن أبنيتها لا تزال قائمة الجدران مترامية الأطراف على بعد خمس ساعات من الشوبك إلى الجنوب وأربع ساعات ونصف ساعة من معان إلى الشمال وثلاث ساعات من وادي موسى إلى الشرق ونصف ساعة من الجرباء إلى الغرب يملكها حمد بن جازي شيخ مشايخ قبيلة الحويطات، ومياهها متدفقة بغزارة وتزرع فيها الزروع المختلفة وفيها خفير وقد اتخذها (السيد مصطفى وهبي التل) حاكم الشوبك ووادي موسى التابعة لإمارة الشرق العربي مربعا لموظفي الحكومة ربيع سنة 1345هـ 1926م. حيفا: عبد الله مخلص قضاء الكوير صدرت الإرادة الملوكية بتحويل ناحية الكوير قضاء. واعلم أن مركز هذا القضاء مهم لأنه واقع على ملتقى خطوط المتصلات الرئيسية بين الموصل واربل وكركوك. وقصبة الكوير نفسها قائمة على نهر الزاب الأكبر؛ يحيط بها قبائل عربية وكردية، يعنى اغلبهم بالزراعة ورعاية السوائم.

غادة بابل

غادة بابل 3 - هب بيروس من رقاده وهو يكد الفكرة في إيجاد الحيل واختراع سبل الخدع للإيقاع بشمشو تخلصا منه وفقا للخطط التي وضعتها له نتو أمة السوء والخيانة الظاهرة. فمر بالهيكل ودخل القسم المخصص بتسجيل العقود فرأى التجار والزراع والصيارفة والملاكين والرعاة والسماسرة متألبين جماعات جماعات أمام الكهنة الكتبة لتسجيل عقود البيع والشراء والرهن والكفالة والقرض والإيجار والمرابحة وغيرها. وكان الكتبة يدونون هذه العقود على رقم من طين يخطونها عليها بقلم من حديد بالخط المسماري يوقع عليها المتعاقدون أو يختمونها بختوم ويشهد عليهم شهود وبين المتعاقدين رجال ونساء. فهناك من كان يسلف الدراهم على الحصاد المقبل على الحنطة والشعير والذرة والسمسم والقطن والتمر والصوف بربا يتراوح بين عشرين بالمائة وثلاثة وثلاثين وثلث بالمائة. أما ربا قروض الدراهم فيتراوح بين خمسة ونصف بالمائة وخمسة وعشرين بالمائة. وبين الناس من كان يعقد الشركات للقيام بالتجارة مع بلاد أشور ونائري وماذي وعيلام وفنيقية ومصر. ومن كان يؤجر داره ومخزنه ومحراثه وثوره وحقله ومرجه. ومن كان يبيع أموالا منقولة وغير منقولة أو يبيع العبيد والأسرى بل حتى الأولاد. وكان الوسطاء والسماسرة يتفننون في إقناع المتعاقدين ويبذلون جهودهم لتسوية كل الاختلافات التي قد تحول دون إتمام بعض العقود. فتقوم أحيانا ضجة عظيمة بين البائع والشاري أو الراهن والمرتهن أو المؤجر والمستأجر ويتدخل في أمرهم الحاضرون لحسم النزاع وكثير ما يخرج الاختلاف عن نطاق المفاوضة إلى العياط والتنابذ في الكلام والسب والشتم. ويحاول كل

واحد أن يقص على السامعين أحاديث طويلة عريضة ليقنعهم انه محق وان خصمه مجحف بحقوقه يريد ظلمه. وكان بين المتعاقدين أجيبي الصراف الشهير بثروته وعقوده العظيمة فتقدم إلى الكاهن المسجل ومعه رجل آخر واخذ يملي على الكاهن شروط عقد عظيم يتضمن مواد عديدة: 1 - قرض عشرين جورا من الحنطة بفائدة تسعين (كا) على كل (جور). 2 - قرض أحد عشر (جورا) من التمر بفائدة اعتيادية على كل (جور). 3 - مبياع عشرة (جانات) من أرض الزراعة بقيمة خمسة وعشرين شاقلا فضة. 4 - قرض (منا) من الفضة بفائدة شاقل واحد عن كل خمسة شاقلات. فهنا حدث اختلاف بين الصراف والتاجر المعاقد على بعض شروط هذا العقد ومهما حاول بعض الحاضرين إزالة ذات البين منهما بقيت الحالة متوترة وفتق الخصومة لم يرتق بل زاد اتساعا. فتقدم بيروس وتظاهر بأنه رسول اله الصلح والسلام ومرهم لتضميد جروح النزاع والخصام. اخذ أجيبي على جانب وخاطبه بصوت خافت وهو يحرك يديه ويقطب حاجبيه ويغمز بعينيه فهز أجيبي رأسه وحناه قانعا بما أوحاه إليه الكاهن بيروس. ثم تقدم بيروس من التاجر الآخر وهامس في أذنيه ببعض الألفاظ. والجمع ينظر إلى النتيجة وإذا بالطرفين قد رضيا بفسخ العقد وإلغائه عن طيب خاطر. فدهش الناظرون من الكاهن للباقته وقوة تأثيره في الخصمين وتحدث بذلك أهل المدينة. دار الكلام بين بيروس وبين أجيبي عن قرض دراهم لشمشو وعقد شركة

معه للتجارة والمقايضة بين بابل وأشور وبلاد نائري. فسخر بيروس بلاغته وبيانه وعلمه وثقافته وأفانين خدعه وأساليب مينه لإقناع أجيبي صاحبه وحمله على هذا فكان تارة يطري مقدرة شمشو الشاب وأمانته ونزاهته وطورا يفيض كلاما في وصف الربح المنتظر من هذه التجارة ويسرد أمثالا عديدة ويعدد أسماء تجار بدءوا بأسفارهم إلى البلاد الغريبة برؤوس أموال قليلة فوافقتهم ريح الحظوظ وكسبوا مكاسب طائلة وهم اليوم من أصحاب الثروات العظيمة والأملاك الواسعة والعقارات المترامية الأطراف. ثم يرجع مرة فيكلمه عن الضمان الذي يأخذه عن شمشو عن المال الذي يقرضه وعن الربا الذي يتقاضاه منه عن الدين ألم تنجح التجارة. وقصارى الكلام زين له العمل وأظهره رابحا من جميع الوجوه. ولما توسم فيه أمارات التردد زاد كلامه قائلا: (أن حدثتك نفسك بخوف يا أجيبي وخشيت عواقب عملك فما لك إلا أن تدخل الهيكل الآن وتستشير الإله. فدخل كلاهما واخذ بيروس قنينة فيها زيت مقدس وبعد أن قام بفرائض الدين صب بعض قطرات من ذلك الزيت في حوض ماء واخذ ينظر في الأشكال التي أحدثتها تلك القطرات وصور انتشارها على وجه الماء فتحقق حسن العاقبة فأفضى به إلى أجيبي وهداه عن حسن المآل. فما كان من صرافنا إلا النزول على إرادة الكاهن الكلداني. فسر بيروس كل السرور لقطعه الخطوط الأولى من سبيل تدبيره الشيطاني وذهب لساعته إلى شمشو واظهر له من عواطف الحب والإخلاص ما حمله على الاعتقاد أن الرجل يبذل مساعيه ويسخر ما لديه من الحول والقوة لتشييد صرح مستقبله على أسس مكينة. وبعد أن ساد السكوت بينهما هنيهة قال بيروس: لماذا لا تتعاطى التجارة؟ شمشو - أنت تعلم إنني خسرت خسارة عظيمة بفقداني غلات أراضي في سنة الغرق إذ فاض الفرات وسالت المياه في المزارع والحقول وجرف السيل كل ما كان في طريقه من نبات وحيوان وإنسان وخرب الجداول والترع وطماها بالغريل. ولم تقف نكبتي عند هذا الحد بل أن الفرات خرج

من عقيقه وغير مجراه فأصبح اليوم بعيدا عن الأراضي التي ورثتها من أبي وبعد أن كانت مشهورة بخصبها وسهولة ريها غنية بغلاتها صارت قاعا بلقعا وخرابا يبابا ينعق فيها البوم والغراب. فلا مال لي لأحياء تلك الأراضي وجر المياه إليها. ولا عندي منه ما يكفيني لاستعين به على التجارة. بيروس - لقد فاوضت بهذا الأمر أجيبي الصراف وحسنت له عواقبه. فتردد عن قرضك المال اللازم لتجارتك. بيد أني أقنعه بان تعقد شركة بينكما بشروط تقررانها. فتذهب ببضائع وتجارة إلى بلاد أشور ونائري. شمشو - إلى بلاد نائري؟ هذه شقة بعيدة وأسفار محفوفة بالمخاطر والأهوال فلست من المجازفين بالحياة. إنما أوافق على المتاجرة بين بابل وأشور فقط فهل يرضى أجيبي بذلك؟ بيروس - لست سمسارا وما توسطي بهذا الأمر إلا لخيرك. فما الذي يوقفك عن السفر إلى بلاد نائري. هذه طريق تجارية يسير فيها تجار بلاد أشور فتدر عليهم بالخيرات والأرباح. فإذا قمت برحلتين بين بابل ونائري اربح مالا وافرا يغنيك عن الشركة مع أجيبي. (وقف قليلا عن الكلام وهو مطرق، ثم استأنف حديثه قائلا): وماذا تفكر فيك حتراء بنت ذلك الصراف إذ ترى شابا في مقتبل العمر قوي البنية يخشى السفر إلى بلاد نائري إلا تقول فيك انه جبان رعديد؟ شمشو - ومن أين تعلم ذلك حتراء؟ وما لفظ اسم حتراء إلا اضطربت شفتاه مرتعشتين كأنهما وتران تحت ريشة المطرب. بيروس - كانت تسمع حديثي مع أبيها. وإذا رجعت إليه بهذا الجواب صغرت في عينيها فتحدث بالموضوع بنات المدينة وهو أمر لا أرضاه لك ويثقل علي شيوعه بين القوم. شمشو - فشكر شمشو عناية الكاهن به الأبوية ورضي باقتراحه ووعده بملاقاة الصراف في القريب العاجل لتدوين العقد. وتوادعا على هذه الغاية وكل

منهما فرح بهذه الصفقة التي يظنها رابحة له: بيروس يعلل النفس بالأماني الطيبة للتخلص من حبيب حبيبته وشمشو يعتقد أن هذا التدبير يقربه من حتراء وبيتها ويمهد له العقبات للزواج منها. كان اليوم التالي موعد الملاقاة بين أجيبي وشمشو فتم الاتفاق بينهما وتوجها إلى الهيكل لتسجيل العقد أمام (المشيكم وهذا نصه: شمشو بن نجبو قبض عشرين منا فضة بفائدة شاقل واحد عن سبعة شواقل من أجيبي الصراف للتجارة مع بلاد أشور ونائري والربح مناصفة بين المتاقدين. سن اربام بن جزنشاك؛ ننار ميدو بن اروماكل؛ ازاك أنينا بن لول ننشبور. شهود. أمام المشكيم شراني بن سابو. في اليوم الخامس والعشرين من شهراداررو وهي السنة الأولى للملك شمش موجين. وختم هذا كل من المتعاقدين والشهود بختوم، أحدها من العقيق على شكل اسطوانة مثقوبة من الطرف الواحد إلى الطرف الآخر وقد نظمت في خيط. والثاني من اللازورد والآخر من اليشب والآخر من حجر دم الأخوين أما ازاك لول ننشبور فلم يكن عنده خاتم فأتى ووضع علامة راس ظفر إصبعه في صفحة العقد عوضا عن الختم. وكان على خاتم العقيق اسم أجيبي وعليه صورتا الاهين متقابلين الواحدة بازاء الأخرى وقد مد كل منهما يدا لتقبض على أنبوب يمص به شرابا من قدح وضع على مائدة مرتفعة. وكانت هاتان الصورتان صورة اله القمر (سن) ورفيقته ننجل. وكانت صورة الإله شمش مع اتباعه الإلهة منقوشة على خاتم شمشو مع اسمه واسم أبيه. وكانت صورة البطل جلجمش يصارع أسدا محفورة على خاتم أحد الشهود وصورة خلائق مجنحة أمام شجرة الحياة على خاتم الشاهد الثاني.

شاع خبر هذا العقد وتحدث به الناس في الأندية والبيوت واتت الجارات وأخبرت ريماة وابنتها شميرام بقرب سفر شمشو الدمكار فبقيت شميرام بين مصدقة ومكذبة هذا النبأ الذي ثقل وقعه على إذنيها وقلبها وحسبت له ألف حساب وكانت تنتظر بصبر جميل قدوم ابن عمتها لتقف على جلية الأمر ولما استبطأته دعت نجيتها نتو وقالت لها اذهبي إلى بيت عمتي وأتيني بالخبر اليقين عن سفر شمشو إلى بلاد أشور ونائري، وإذا رأيت ابن عمتي ادعيه ألي. فذهبت نتو وعرجت في طريقها على بيت بيروس فلاقاها الكاهن وهو مستبشر بنجاح الدسيسة وأكد لها حقيقة الأمر وأوصاها بكتمان السر ووعدها بالهيل والهيلمان وأعطاها نباتا تجله وقال لها: دسي هذا النبات المقدس السحري خلسة في الزاد الذي تعده سيدتك لابن عمتها. ففي هذا النبات قوة سحرية تقصي قلب شمشو عن حب شميرام إلى الأبد لا بل تولد فيه بغضا يفوق التصور فينظر إليها نظرة عداء وحقد. ولكن تتلاشى هذه القوة إذا ما اطلع أحد غيرك على الأمر وتحنق الإلهة والأرواح عليك آنئذ لإفشاء هذا السر العظيم فتبطش بك وتنتقم منك. ويكون انتقامها لهذه الخطيئة عظيما لا تنفعك فيه الأدعية والتعاويذ والصلوات والتقاسيم والبكاء والنحيب والضحايا والقرابين لان الإلهة بأجمعها تغتاظ منك: يغتاظ منك الثالوث الأعظم (انو) و (بل) و (ايا). والثالوث الثاني (شمش) و (سن) و (ادد)، وكذلك مردخ واشتر ونرجل ونبو وتشميت ونسكو وكل الإلهة المعروفة وغير المعروفة وتتفق الأرواح المؤذية على صب جامات الغضب الآلام والشرور عليك وتحل عليك

الأمراض والأوصاب وتعذبك الشياطين أشكو وتيعو واخازو ولباسو ونمتار والو وشيدو وجالو والأرواح السبعة، ويفزعك ليلو وليلتو بظهورهما لك في الليل. فلما سمعت نتو هذا الوعيد ارتعدت فرائصها وجمد الدم في عروقها فقالت للكاهن مالي وهذا المركب الخشن. ولم اقدم على أمر فيه من المخاطر والأهوال ما يسحقني سحقا فخذ نباتك ودعني وشأني، وخلصني من تبعة هذا العمل. وكان قصد بيروس من هذا التهويل أن يحمل نتو على كتمان السر ليس إلا، ولما انس منها هذا الخوف والذعر خفف من لهجته واخذ يصف لها الخيرات التي تنالها إذا ما نجحت في مهمتها، ووعدها بالتحرير من ربقة الرق وبتزويجها وبالأموال الطائلة واستمطار بركات الإلهة والالاهات وبالصحة والعمر الطويل فرضخت لطلبه وهرولت مسرعة إلى بيت شمشو وسألته عن سفره متجاهلة كل ما عرفته من بيروس وأوقفته على رغبة بنت خاله وقالت له: أن شميرام بانتظارك ورجعت إلى سيدتها تحقق لها صحة ما سمعته من جاراتها عن أمر سفر شمشو. أخذت شميرام تملخ في الهواجس وتفكر في مصير هذا الاتفاق الجديد بين ابن عمتها ووالد حتراء رقيبتها في الحب وحارت في التكهن بما خبأته لها الليالي من العجائب والغرائب سواء ربح شمشو أو خسر في تجارته، لأنه أن رجع إلى بابل رابحا طمع بمصاهرته أجيبي لا محالة وتذللت العقبات القائمة في سبيل

زواجه بحتراء. وان رجع يتعثر بأذيال الخيبة وبقيت أموال الصراف في ذمته فيكون الأمر على شقين آنئذ فأما يغضب منه أجيبي ويستحكم التنابذ بينهما وأما يرضخ لتزويجه من ابنته ليستعين به على الأشغال والتجارة مع البلاد النائية!! وعلى كل ففي هذا العقد الجديد نظر لأنه فتح بابا لتوثيق عرى الوصل بين القلبين. ووضع أساسا لبناء هيكل الحب يضحي عليه بقلبي!! ولكن أما لي سبيل إلى أن أشوش على شمشو هذا العقد وامنعه من التعامل مع أجيبي فاحمل والدي على أن يدفع إليه مبلغا من المال يستعين به على قضاء وطر تجارته في بابل ويشتغل بين ظهرانينا ويكون في غنى عن تجشم مخاطر السفر وهجراني إلى الأبد وان لم أتوصل إلى ذلك كله آمالي طريقة أخرى اضرب بها هذا العقد بيد سرية أو قل بآيات سحرية. اليد السرية! الآيات السحرية! أوهام وشعوذة!. . أوابد وخرافات.! وجر مغانم للكهنة والسحرة والمنجمين!! إلا إني أجربها فان نجحت كون رمية من غير رام وان أخفقت فإني لست معتقدة بها والغريق يتشبث بحبال القمر. . . دخل في هذه المطاوي شلمان كرادو على ابنته شميرام فنظرت إليه فرأته باسما فاستبشرت خيرا وقالت له: أما سمعت يا والدي بسفر ابن عمتي وتجارته الجديدة واتفاقه مع أجيبي الصراف. فأجابها نعم! وهذا الشاب يعرض بنفسه للأخطار ولا يشاورني. شميرام - لعل له عذرا. لأنه شاب وقد سدت في وجهه أبواب الرزق. ولكن علينا أن نعاونه إكراما لعمتي التي ماتت وتركت ابنها في عهدتك يا أبتي. الوالد - لو طلب مني مالا لما توقفت من إعطائه له من غير منة ولكنه متكبر يحسب في الطلب مني ذلا. ومع امتعاضي منه تريني حاضرا لإسعافه بان الغي العقد مع أجيبي. شميرام شميرام - هل توافق أن أقول له ذلك أن جاء لزيارتنا اليوم؟ الوالد - نعم. وبعد هنيهة جاء شمشو فرحبت به شميرام وإمها وجلستا تحدثانه عن سفره وأعربتا عن أسفهما لنوى الفراق. ثم قالت شميرام أن والدي لا يرتاح

إلى هذا السفر فلو عدلت عنه أمدك بالمال اللازم للتجارة بين شمالي بابل وجنوبيها أو لتعمير أراضي آبائك وفتح الترع والجداول فيها واتخاذ الزراعة مهنة لك. هل أنت فاعل يا شمشو؟ فلم يحر جوابا بل اطرق واجما كأن على رأسه الطير. فكررت السؤال عليه. فأجابها: ما كتب كتب والرجل لا يرجع القهقرى بعد أن صمم على أمر من الأمور وإلا كان صبيا لا يعتد به وبأقواله. فغصت شميرام بريقها. وعلت وجهها صفرة الامتعاض. وسكتت طويلا ثم التفتت إلى والدتها وقالت لها أن والدي اعلم الناس بطبع ابن أخته. . وتركت شمشو وذهبت متشاغلة في أطراف البيت. وهي تقول مالي إلا طريقة واحدة لإرجاع ابن عمتي عن رأيه ما لي إلا السحر. ليظهر السحر علمهم. ولتظهر الآلهة قدرتها. وقد علمت أن الساحرة (زخنتم) قديرة على أسر قلوب الشباب بطلاسم ولها مواد فتانة وأدعية نافذة التأثير وقطع من الصوف أو الثياب تدس بين ثياب الشاب فتغويه وتسلط عليه جنة الشغف والحب. سأزور هذه العابدة في محبسها الملاصق للهيكل وأتذرع بعلمها ووساتطها لاسود على قلب شمشو العنيد. . . لله در من قال: (مصائب قوم عند قوم فوائد.) فما اصدق هذا الكلام على العقد الذي تم بين شمشو وأجيبي وبينما كانت شميرام تنظر إليه نظرة متشائم وتوجس منه شرا كانت حتراء تعلن به أطيب الآمال وتلوح لها منه تباشير خير وبوادر فرج. إذ تعتقد انه توطئة نجاح لزواج. ورسخ في ذهنها هذا الاعتقاد بعد أن استشارت المنجمين ومفسري الأحلام. فأكدوا لها تحقيق غايتها. ولا سيما إنها واقفة على شغف شمشو بها واتت كل الأحوال ملائمة لرغائب قلبها. بيد أن أحد السحرة الذين استشارتهم حتراء أفزعها بنبوءاته وتكهناته عن الأهوال والبلايا التي يصادفها حبيبها في سفره هذا وأوصاها بان تزوده بالطلاسم والرقى والتعاويذ. فأخذت طلسما وهو تمثال من الشبه (البرنز) جسمه جسم كلب، ورجلاه

إلى سعد

رجلا عقاب، وذراعاه مسلحتان بمخالب أسد، وذنبه ذنب عقرب، ورأسه جمجمة صقل (هيكل عظام) وله قرنا عنزة وعلى ظهره أربعة أجنحة كبيرة مبسوطة تلك هي صورة شيطان ريح الجنوب الغربي. التي تقي الإنسان من الأرواح الخبيثة إذا ما علقت على باب البيت أو نوافذه. وأخذت له بعض الأحجار المختلفة الألوان المعروفة بقوتها السحرية في بابل والتي تحفظ من النوائب والبلايا. إذا ما نظمت في خيط ولبست في العنق. وأرسلت هذه التعاويذ إلى حبيبها خلسة وأوصته بالاحتفاظ بها وباتخاذها طلسما. فاحتفى بها لأنه رأى فيها ذخر قوة السحر والوقاية وذخر قوة الحب وذكرى الحبيبة. يوسف غنيمة إلى سعد من نظم شوقي بك مرئية تلحينية لينشدها المطرب محمد عبد الوهاب، (وهى إلى العامية اقرب منها إلى اللغة الفصحى): أنا انتهيْت انتو ابتدو ... يالله الهِمَمْ يالله العمل أتعلموا واتوحدوا ... تبلغوا روحي الأمل يا (سعد) فين نور جبينك ... وفين فصاحة لسانك الحزن مالي عرينك ... والشرق قومه عشانك آه من الموت آه ... سل الأسد من عرينه العدل كان في حماه ... والحق كان في يمينه قل لِلْعَدُو في وصفنا ... إحْنَا الشَّبُولْ بعد الأسد الائتلاف في صفنا ... ما فيش خلاف ما فيش حسد لغة العرب: - ناسف على أن قريحة شوقي بك قذفت بمثل هذه الأبيات المسبوكة سبكا عاميا فإنها تصم اسمه وصمة لا يزيلها مر الدهور. وهو بخلاف ما ينظمه احمد زكي بك أبو شادي فانه يفر من العامية هربه من البرص والجرب.

فوائد لغوية

فوائد لغوية 1 - الضاد والظاء الضاد والظاء حرفا هجاء للعرب خاصة. ويعدهما علماء التجويد من حروف الاستعلاء والإخفاء. والضاد حرف مستطيل مخرجه من طرف اللسان إلى ما يلي الأضراس ومخرجه من الجانب الأيسر اكثر من الأيمن وهي منفردة بهذا المخرج لا يشاركها فيه حرف ما. والظاء من الحروف اللثوية التي مخرجها طرف اللسان مع أطراف الثنايا العليا ويشاركها بهذا المخرج الثاء والذال. وقد نقل عن أبي عمرو بن العلاء والشيخ بهاء الدين العاملي صاحب الكشكول القول باتحاد مخرجهما. وكان ابن الإعرابي يقول: جائز في كلام العرب أن يعاقب بين الضاد والظاء فلا يخطأ من جعل هذه في موضع هذه. 2 - الكتب المؤلفة في الضاد والظاء 1 - كتاب الغيبة في الضاد والظاء لناصر الدين سعيد بن مبارك المعروف بابن الدهان النحوي. 2 - كتاب الضاد والظاء لأبي الحسن علي بن يوسف القفطي. 3 - كتاب الاعتضاد في الظاء والضاد لمحمد بن عبد الله المشتهر بابن مالك

الأفصح من كلام العرب

صاحب الألفية المنظومة في النحو. 4 - كتاب الفرق بين الضاد والظاء لمحمد بن علي الحلي المعروف بابن حميدة النحوي. 5 - كتاب الضاد والظاء لمحمد بن جعفر القزاز القيرواني التميمي. 6 - رسالة الارتضاء في الضاد والظاء لمحمد بن يوسف الجياني الأندلسي المكتني بابي حيان النحوي. 7 - رسالة زينة الفضلاء في الفرق بين الضاد والظاء لعبد الرحمن بن محمد المعروف بابن الانباري. 8 - رسالة المواد في كيفية النطق بالضاد لعيسى بن عبد العزيز اللخمي الإسكندري. 9 - رسالة لأبي الفتح احمد بن مطرف بن اسحق المصري. 10 - رسالة للشيخ علي المنصوري. 11 - رسالة للشيخ علي المقدسي. وقد جمع فريق من الكتبة المواد الظائية وذكروها استطرادا في مؤلفاتهم كالقلقشندي في صبح الأعشى وغيره. وللشيخ طه الراوي البغدادي مقالة نافعة رتبها على ترتيب حروف المعجم وذكر فيها ما يهم ذكره من المواد ذوات الظاء أدرجت في مجلة دار المعلمين البغدادية (1: 128 إلى 134). وللحريري منظومة موجزة أوردها في المقامة السادسة والأربعين المعروفة بالحمصية فيها كثير من الكلم الظائية نستغني عن ذكرها لشهرتها. فلتراجع في محلها. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي الأفصح من كلام العرب السراة من الألفاظ الرحالة نسمي الألفاظ المتنقلة من لغة إلى لغة، ومن بلد إلى بلد، (الألفاظ

الرحالة). وهذه الألفاظ كثيرة تكاد لا تحصى؛ ومما نريد أن نذكره اليوم (السراة) من مادة س رو. قال ياقوت في معجم البلدان: السراة. . . عند (سيبويه): اسم مفرد موضوع للجمع كنفر ورهط وليس بجمع مكسر (لسري). وسراة الفرس وغيره: أعلى متنه والجمع سروات. وكذا يجمع هذا الجبل بما يتصل به. . . وقال الأصمعي: الطود جبل مشرف على عرفة ينقاد إلى صنعاء يقال له السراة، وإنما سمي بذلك لعلوه. . . وهو الجبل الذي فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية. وفي كتاب الحازمي: السراة: الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن ولها سعة وهي باليمن أخص. اهـ. فيؤخذ من هذه النصوص: أن السراة هي ما نسميها اليوم بسلسلة الجبال؛ بما أن السراة عند السلف هي جبال تمتد من الطائف إلى أرمينية. ولما دخل العرب بلاد الأندلس سموا كل سلسلة جبال بالسراة. فنقلها الاسبانيون إلى لسانهم بصورة ومعناها: سلسلة جبال؛ إلا انهم يقولون: أن سيارة معناها المنشار او أسنانه. ولما كانت سلسلة الجبال تشبه المنشار الكبير صح التعبير عنها بسيارة أي بالمنشار. ثم جاء خلف سلفنا الأولين فنقلوا السراة عن الأسبانيين وهذا داب الخلف في كثير من الأمور فانه يخلف (أي يرد إلى الوراء) ما جاء به أجدادهم. فقالوا (شارة) في سيارة المحولة عن السراة. ثم قالوا في سراة وادي الرامة ما لفظه بالأسبانية: والخلف قال: (شارة وادي الرامة) (راجع دائرة المعارف في مادة أسبانية: جبالها) وقالوا في سراة الثلج: (جبل الشارات) (دائرة المعارف في المحل المذكور). ومما زاد الطين بلة والطنبور نغمة، أن خلف الخلف صحف كلمة (شارة) التي لم يفهم معناها بصورة (بشارة) فقال: (جبل البشارة والفتح) وهو يريد (سراة الفتح) أو كما يقول بعضهم: شارة الفتح وبالأسبانية قال شمس الدين الدمشقي في كتابه نخبة الدهر، في عجائب البر والبحر، (في ص 23 من طبعة بطرسبرج) ثم يتلوه (يتلو جبل الدرن) في الامتداد: جبل البشارة (كذا) والفتح، الفارق بين غرب جزيرة

الأندلس وبين مشرقها من أول الجزيرة إلى آخرها، ومنه شعبة تتصل بالبحر الشمالي إلى بحر ورنك والصقالبة والكلابية.) اه فانظر بعد هذا كيف تتبدل الألفاظ وتنتقل من صورة إلى صورة على حد ما يرى مثل هذا التحول في كل موجود على الأرض. ونقلت السراة عندنا بلغة الشراة بالشين المعجمة وهي صقع مشهور بجباله يسميه الإفرنج وهناك غير هذه التصحيفات والروايات واللغات ولعلنا نعود إليها يوما. غلط في الجمع عام في المعاجم الحديثة يجري مؤلفو معاجم اللغة العربية الحديثة على آثار محيط المحيط فيتدهورون في مهاوية ويدهورون الغير فيها. ومن أشنعها قول البستاني يقال: رجل صنيع اليدين أي حاذق في الصنعة. وقوم صنعي (وضبطها كحبلى) الأيدي وصنعي الأيدي (كمعزى) وصنعي الأيدي (بضمتين ففتح) وصنعي الأيدي (بفتح الحروف الثلاثة الأولى) وأصناع الايدي، أي حذاق في الصنعة. اهـ. - والصواب هو كما جاء في القاموس: رجل صنع اليد (بالتحريك) وصناع اليد (كثمان)، من قوم صنعي الأيدي بضمة وبضمتين وبفتحتين وبكسرة، وأصناع الأيدي، وحكى: رجال ونسوة صنع بضمتين. اهـ. وأول من كبا هذه الكبوة فريتغ فعثر وراءه البستاني لأنه يتأثره في جميع حسناته وسيئاته، ثم جاء الشرتوني فاقر هذا الغلط. وبعد ذلك جاء صاحب معجم الطالب، والمنجد، والمعتمد، إلى غيرهم. وجميعهم يجرون جري الأول. فصدق فيهم قول السلف: نزو الفرار استجهل الفرارا) وقد قلنا مرارا: أن صاحب محيط المحيط جعل كتابه فلكا شحنه أغلاطا فجاء بعده كل من ألف في اللغة ولم يكن مهيأ للتصنيف فنقل الغلط عمن تقدمه من غير أن يتحقق بنفسه تلك الهفوات فكانت الطامة الكبرى على اللغة وعلى من يتلقاها من تصانيفهم المشؤومة. ولهذا قلنا مرارا إننا في حاجة إلى مراجعة الأمهات ووضع ديوان لغة يعتمد فيه عليها وان ينبه على مزالق اللغويين العصريين التي لا تزال تتسع وتفسد تراث أجدادنا عوضا عن أن تدفعنا إلى أن نحرص عليه ونذود عن حياضه لنكون احسن خلف لأطيب سلف.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة لمحة في (نظرة العلوي) - جواب على ما جاء في 5: 367 من مجلتنا - قال العلوي: (ليس النارجيلة فارسية). مع إنها أشهر من كفر إبليس بأنها فارسية. وقد ذكرها صاحب برهان قاطع وفرهنك. وفيها لغة أخرى وهي ناركيل وباذنج وجوز هندي ورانج. وقد ذكر فرنسيس جونصن في معجمه الكبير الفارسي العربي الإنكليزي المطبوع في سنة 1852 في لندن ما هذا معناه: (النارجيلة أنبوبة فارسية تتخذ لشرب الدخان مارا بالماء.) فالظاهر أن حضرة العلوي ليس واقفا على جميع ما في المعاجم الفارسية، أو لعل المعجم الذي بيده صغير، أو لعل الديوان الذي بيده لا يفسر الألفاظ التي كانت معروفة قبل نحو مائة سنة. وأما (القليان) التي ذكرها فهي تركية الأصل ويقال فيها (غليان) بفتح الأول وقليون (كليمون وهكذا يتلفظ بها العراقيون) بفتح الأول وإسكان الثاني، كما ذكرها فرهنك. أما قليون بكسر الأول فهو في اصلها التركي وقد وردت هذه الحروف في برهان قاطع وبهار عجم وفرهنك. والشاميون يسمونه غليون ويريدون به ما يسميه العراقيون بالسبيل وبالإفرنجية وأما الترك والهنود والإيرانيون فيريدون بالقليون النارجيلة أو ما كان منها صغيرا لطيف الحجم والشكل وبالإنكليزية - والكليد بفتح الكاف وكسرها هو بالفارسية المفتاح، وهو من أصل يوناني من وعربه سلفنا بصورة اقليد والعامة إذا ضمت كلمة كليد إلى دار قالت كليتدار والفصحاء يقولون كليددار أو كليدار. وقول المعترض: (إن صاحب روضات الجنات كتب اسم هذا الكتاب

نقلا عن (وفيات الأعيان لابن خلكان): مخاطبات الإخوان بالشعر) فيه نظر. أن صاحب روضات الجنات ذكر اسم المخاطبات في ص 447، لكن لا نظن أن نقله صحيح، لأننا راجعنا وفيات الأعيان لابن خلكان (1: 258) فوجدناه يقول: (كتاب مكاتبات الإخوان) لا مخاطبات. وعندنا من هذا السفر الجليل نسختان خطيتان قديمتان وكلتاهما تذكر (مكاتبات). فلا جرم أن الميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري واهم في كتابه روضات الجنات. ولا سيما لأنك تجد الخطأ باديا في جميع التراجم: خطأ كتابة الاعلام، وكتابة الألفاظ، ورسم الألفاظ إلى غير ذلك. أو ليس هو القائل في ترجمة ابن المعتز انه (دفن في جراب بازاء داره) والصواب في خراب (بالخاء المنقوطة لا بالجيم)، فأين الواحد من الآخر. والخونساري كتب ابن الواقعة بين اسم الأب وابنه بألف والصواب بغير ألف وكتب في ترجمة ابن المعتز أهل البيت هكذا: (اهلبيت) إلى غير هذه الأوهام. فليس بحجة يعتمد عليه ولا سيما لأننا نراه يسب ابن المعتز في مطلع كلامه عنه. والمسبة لا تجدي فتيلا في مثل هذه المواطن ولا سيما لأنه جاء بعده بمئات من السنين فشتمه له لا يهديه أن كان ضالا، ولا يدنيه من الصواب أن كان مخطئا في ما ادعى به من الحق. نقد كتاب أعلام العراق تتمة 4 - ضعف المحاكمة جاء في الصفحة 122 قول المؤلف في معرض مناظرة جرت بينه وبين ملحد: (سألت ذات يوم أحدهم: ما دليلك على نفي الصانع؟). ولا يخفى على كل من له المام بآداب المناظرة أن طلب الدليل إنما يوجه إلى المثبت لا إلى النافي. والظاهر أن الأثري خلا بملحد غبي فناظره إذ لو كان للملحد بصيص من الفهم لرد عليه سؤاله وقال له ما دليلك أنت على وجوده؟! 5 - التمويه قال في ص 46: (وكان السيد عبد الله الالوسي شافعي المذهب، فلما تقلد القضاء قلد مذهب أبي حنيفة) ثم قال: (وله بذلك أسوة بمن تقدمه من

أكابر العلماء) وعلى ذلك علق في الحاشية أسماء طائفة من العلماء تحولوا عن مذاهبهم لباعث اجتهادي لا لباعث منصبي، فكيف تم القياس؟ أفمن الإنصاف أن يقرن المجمع العلمي الدمشقي مثل هذا المؤلف بالإمام (ابن القيم)؟!! راجع مجلة المجمع العلمي العربي (7: 282). 6 - قلة الانتباه قال في ص 141 (. . . ومن وافق الإمام ابن تيمية والمصلح الشيخ محمد ابن عبد الوهاب، كالمفسر الالوسي. . .) فادعى هنا سلفية المفسر: ولا أريد أن احكم هنا بسلب ولا ايجاب، لكني انقل عبارة صاحب التعليم والإرشاد في وصف التفسير، ثم أفوض الحكم إلى من يعرفون معنى المذهب السلفي معرفة صحيحة وتلخيص عبارة التعليم والإرشاد المنقولة في الأعلام ص 29: (اخذ الالوسي تفسيره من الرازي وأضاف إليه شيئا من أقوال سلف المفسرين دون تمييز بين ما قوى سنده وما وهى - وليس هذا من شأن السلفيين الحقيقيين - وأضاف إليه جملة كبيرة من تفاسير المتصوفة التي صرفوا بها القرآن عن ظاهره - وهذه أشنع من الأولى - فجمع بين الطرق الثلاثة - انظر ما غرضه من ذلك؟. . .) وأضيف أنا إلى عبارة التعليم والإرشاد: أن المفسر شد الرحال إلى الآستانة لتقديم تفسيره إلى أعداء السلفيين وخصومهم الألداء فتأمل!!! 7 - التمحل قال في ص 99: (استمر السيد شكري على الطريقة العوجاء مدة من الزمن حتى برقت له بارقة اليقين. . .) ثم قال: (ولكنه ووا أسفاه لم يستطع يومئذ أن يجاهر بآرائه بل اضطر إلى المجاملة وتستر تحت ستار التقية) فوصف شيخه بالتقية مع أن التقية والمذهب السلفي لا يجتمعان! ثم قال (ومن آيات ذلك شرحه منظومة ركيكة للصيادي في مدح الرفاعي وقدمه إلى عبد الحميد. . .) اهـ. ملخصا. أقول: أن المرحوم شكريا لا يخلو أما أن شرح القصيدة قبل انتباهه لمذهب السلف أو بعده فان كان قبل انتباهه فهو معذور وعفا الله عما سلف إذن على م اعتذر بالتقية؟ وان كان بعد انتباهه فهناك الويل والثبور! إذ كيف ساغ له مصادمة

مذهب السلف وهو متلبس به؟ فانظر ما رأى أهل المذهب في ذلك؟! وما اكتفى الأثري بهذه الجناية التي جناها على أستاذه حتى قال في حاشية الكتاب: (نهج الأستاذ في كتابه شرح القصيدة الرفاعية نهجا أدبيا - مع انه وصفها آنفا بالركاكة! - وليس فيه من أمارات التقنية إلا كونه شرحا على منظومة الصيادي وإلا كونه مقدما إلى عبد الحميد) فما معنى الاستثناء ههنا؟ وهل بقي شيء حتى يستثنى؟ وما وراء عبادان قرية! ثم قال في الحاشية أيضا: (وفي الكتاب تأييد قصة مد اليد وهي من زيادات الصيادي وليست من الأستاذ كما ذكر لي هو. . .) اهـ المقصود ملخصا. وههنا أفوض الحكم إلى الناقد البصير! افبعد مثل هذا الخبط يسوغ للمجمع أن يقول في الأثري: (وهو مع كونه ابن لبون استطاع أن يبذ البزل المصاولين)؟! 8 - عدم التحاشي عما يمس العواطف جاء في ص 99: (تلك القصة الخرافية التي يعدها الرفاعيون (الحمقى) من خوارق الكرامات) وما ادري كيف طوعت للأثري نفسه أن يصف الرفاعيين بالحمقى مع أن هذه الطريقة لم تسلم منها الأسرة الالوسية ونسي انه في معرض شرح أستاذه للقصيدة الرفاعية! فأي جناية جنى الأثري على أساتذته! وأي شعوذة روج على بعض المغفلين؟! وقد كان في وسعه أن يطوي كلمة (الحمقى) تأدبا لأنه سلاطة اللسان لا تؤدي إلى خير. . .!؟ ومن ذلك قوله عند ذكر القصائد التي ألقيت في حفلة التأبين ص109: (وتشاعر آخر شيعي لا يستحق أن اذكر اسمه لأنه جاء بشعره متسولا) فانظر هل ثم ضرورة إلى ذكر حادثة المتسول الشيعي؟ وهل لها قيمة تاريخية؟ ولكن بعد كل هذا نجد المجمع العلمي يقول (ولم نجد في كل ما كتبه المؤلف أثرا لغلواء الشباب. . .) مع أن أمثال هذه المناكير لا تصدر عن فكرة شابة! 9 - لهجة القرون البائدة جدير بالمؤلف العصري أن لا يدرج في تأليفه ما يبعث الحزازات من

مكامنها ويوقد نار الضغينة بين الطوائف الساعية إلى التآلف والتآخي وجدير بتلك المبادئ السقيمة أن تهدم بأطراف اليراع إذا لم يمكن هدمها بالفؤوس والمعاول. فقد جاء في ص128: (ثم زحف إلى النصرانية والمجوسية فدك عروشهما) وكان في وسعه أن يقول: زحف إلى الروم وفارس. . . وفي ص 142 عند تعداد مؤلفات الشيخ: (السادس - صب العذاب على من سب الأصحاب رد على الشيعة) وحالتنا الراهنة في غنى عن كشف النقاب عن هذه الذكريات المؤلمة. 10 - التعصب الذميم ومما يأخذ بيد ما سبق قوله في ص135: (عرضت على الأستاذ يوما رسالة عنوانها (لغة الجرائد) من وضع رجل نصراني يدعى إبراهيم اليازجي) فانظر ما فحوى قوله (من وضع رجل نصراني يدعى إبراهيم اليازجي)؟ وهو ممن خدم اللغة العربية فله بذلك فضل خدمته، ولا يحط من منزلته كونه مسيحيا لان العربية غير مقصورة على المسلمين بل هي مشاع بين العرب أجمعين. وجاء في ص147: (. . . بين فيه سرقات اليازجي وركاكة أسلوبه الذي يفوقه كثير من النصارى على أسلوب الحريري). 11 - أهانته لأهل وطنه قال في ص185: (إن الشيخ لم يجد في بغداد طلابا مستعدين وصار في أواخر أيامه لا يدرس أحدا ولا يجتبي تلميذا ما لم يسبر غوره! إلى أن قال: (ونحن نشكر لحضرة الأستاذ حسن ظنه بنا - هكذا بضمير الجمع -) اهـ المقصود. والظاهر أن الأثري كان يراسل السيد رشيد رضا بهذا النقص إذ جاء في رسالته المدرجة في ص185: (ولعل عذر الشيخ انه لم يجد في بغداد طلابا مستعدين ولذلك لم ير له غير تلميذ واحد يرجى أن يكون خلفا صالحا له. . .) وهي مطابقة لعبارة الأثري المنقولة آنفا لفظا ومعنى وذلك لعمري من الخزي الفاضح!!!

12 - السذاجة التاريخية اعني بها كون المؤرخ خاطب ليل غير مختمر الروية يطمئن إلى كل ما يصادفه في الأوراق المبعثرة! وما يدور على السنة الدهماء دون غربلة ولا تمحيص غير حاسب للقراء حسابا كقوله في ص22 ملخصا: (حفظ صاحب التفسير الآجرومية وألفية ابن مالك وقرأ غاية الاختصار في فقه الشافعية وحفظ في علم الفرائض المنظومة الرحبية كل ذلك عند والده وقبل أن يبلغ السابعة من عمره ثم لم يزل يقرأ عنده حتى استوفى الغرض من علم العربية وحصل طرفا جليلا من فقهي الحنفية والشافعية وأحاط خبرا ببعض المسائل المنطقية والكتب الحديثية ولما بلغ العاشرة من عمره أذن له بالأخذ عن غيره) فهل سمع القارئ نبأ اعجب من هذا؟ 13 - عدم التنزه عن البذاءة جدير بكتاب عصري تحمل تلاميذ بعض المدارس الرسمية على اقتنائه! وتتبع المظان الأدبية فيه! أن يكون منزها عن البذاءة وما يدنس أدمغتهم الغضة وان النفس لتتقزز من نقل العبارة المدرجة في (أعلام العراق) ص37 س10 وهي منقولة من مقامات الالوسي فراجعها أن شئت. 14 - الجور في الحكم قال في ص43: (ونسب إليه - أي صاحب التفسير - بعضهم - يعني إبراهيم حلمي العمر - هذه الأبيات الأربعة: ارض إذا مرت بها ريح الصبا الخ مع إنها من قصيدة لابن عنين في مدح الملك العادل) ثم قال: (ومن الغريب أن أبا الثناء تمثل بهذه الأبيات وأضاف إليها أبياتا أخرى من عنده في مدح السلطان عبد المجيد ولم ينبه عليها) ثم قال (فجاء هذا الكتاب - يعني إبراهيم حلمي - فظنها له فنحله إياها إلى آخر ما قال في حق الكاتب الموما إليه). أنا لا احب التدخل في هذه القضية بمنزلة راد أو حكم لان صاحب المقالة غير عاجز عن الرد على الأثري وان اختار السكوت! بل احب أن أتدخل بمنزلة مستفت - ولا حرج على المستفتي - فأقول موجها خطابي إلى الأدباء المنصفين: - صورة الاستفتاء -

(زيد حبر مقالة في ترجمة أحد العلماء النابغين وتعرض في مقالته لذكر ما ينسب إلى المترجم (بالفتح) من الشعر فنقل من بعض مؤلفاته نبذة من قصيدة عزاها المؤلف إلى نفسه إلا إنها كانت تتضمن بضعة أبيات لغيره ولم يشعر زيد أن للأبيات صاحبا آخر لان صاحب القصيدة لم ينبه عليها فحول أي الرجلين تحوم الشبهة؟! ثم أن التضمين أمحدود بشطر أو بيت أم ليس له حد؟ فيجوز للشاعر أن يضمن قصيدته نصف قصيدة لشاعر آخر دون التنبيه عليها! أفتونا مأجورين!) فما أغنى أصحابنا الالوسيين المحترمين عن تأليف مثل هذا الكتاب في عصر الكهربية وأشعة رونتجن! 15 - التناقض قال في ترجمة المرحوم السيد عبد الله الالوسي ص44 (اخذ عن أبيه وما زال عاكفا على المطالعة حتى أصبح علما من (أعلام العراق) يركن إليه في حل المشكلات. . .) ثم عقب ذلك بقوله (وبعد وفاة والده احب أن يعزز مادته ويضطلع في الفنون التي لم يدرسها فركن إلى أحد المشاهير فلم يجد عنده ما يشفي فاعرض عنه) وعقب هذه العبارة بقوله (ثم جلس للتدريس فقصده رواد العلم وعشاق الأدب واستفادوا من علمه الجم وأدبه الغض) اهـ. ملخصا. فادعى في الفقرة الأولى انه أصبح علما من (أعلام العراق) وفي الثانية انه احتاج إلى تكميل علومه على بعض المشاهير فاعرض عنه وفي الثالثة انه جلس للتدريس واستفاد من علمه الجم كثيرون فهل رأيتم مثل هذا اللون من التناقض؟ وأدهى من ذلك انه قال فيما بعد: (إن الموما إليه أصابته الفاقة فشد الرحل قاصدا الآستانة ولكن قطع عليه الطريق وسلب فرجع إلى بغداد) ثم قال (وبقي في حيرة من أمره إذ كان يمقت التزلف إلى الحكام والتربع في مناصب الحكومة) إذن كيف شد الرحل إلى الآستانة؟ وعلى م شده؟ وقال في أول صفحة 46 (إن الموما إليه عرض عليه القضاء مرارا فاعرض عنه ورعا وزهدا) وفي آخر الصفحة قال (كان الموما إليه في عنفوان شبابه شافعي المذهب فلما تقلد القضاء قلد مذهب أبي حنيفة) وقد مر بك آنفا ما مر فتدبر!

16 - الولوع بالتبجح كثيرا ما يرتاح الأثري إلى تلقيب شيخه ب (الأستاذ الإمام) أسوة بالسيد (رشيد رضا)!! استغلالا لهذا اللقب الضخم ولعل ذلك الغاية القصوى من تأليف الكتاب! - والى التعبير عن نفسه بضمير الجمع لغير ما داع كقوله (خزانتنا الأثرية) يعني خزانته الخاصة! وكقوله (سمينا الشيخ بهجة البيطار) تلذذا باسمه! ولو كان في تشابه الأسماء منفعة لنفعتني مشابهة اسمي لاسم شيخه وجد شيخه! - ولكن على رسلك أيها القارئ فان الأمور لابد أن ترجع إلى حقائقها! وقد سئم القلم الجري قبل أن يقضي لبانته إذ كان ما طوى اكثر مما نشر! محمود الملاح النصيرية في العراق ذكر لنا أحد الثقات أن في (تل أعفر) الواقعة بين سنجار والموصل نصيرية، فهم إذن معروفون في العراق، إذ وجدنا لهم ذكرا في عانة أيضاً (راجع مجلتنا 5: 368 و369) ومن الغريب أن الذين بحثوا عن أصحاب الأديان والنحل في ديارنا هذه لم يذكروا النصيرية فيها ولا أشاروا إلى وجودهم ولو من طرف خفي. وبهذا الصدد نذكر ما قال لنا الثقة المذكورة عن مصير سليمان الأذني احسن كتاب وضع في النصيرية فكان منهلا اختلف إليه المحققون هو المسمى (الباكورة السليمانية في كشف أسرار الديانة النصيرية) تأليف سليمان أفندي الاذني طبع في بيروت في المطبعة الوطنية إلا انه لم يذكر فيه اسم المطبعة ولا تاريخ الطبع فيها خوفا من أن تتلفها النصيرية بغضة وانتقاما. وقد قال لنا الثقة أن الرجل المذكور ولد نصيريا في مدينة إنطاكية ثم اسلم فتهود، وفي الآخر تنصر فألف كتابه المذكور. على انه صبأ في الآخر إلى مذهبه الذي ولد فيه، فظن إخوانه انه يفعل هذا الفعل دهاء منه ليتوصل إلى ما لم يتوصل إليه في سنيه الأولى، فنصبوا له أحبولة أسقطوه فيها ثم اغتالوه ولم يذكر لي تاريخ الاغتيال.

أسئلة واجوبة

أسئلة واجوبة السلطان واللاعب بالإبر الموصل - م. م. س - قرأت في جريدة الزمان البغدادية في عددها ال 19 البارز في 4 ت1 من هذه السنة 1927، هذه الحكاية: (جيء يوما برجل إلى أحد السلاطين ليقوم أمامه بعمل مدهش وكان بيده مقدار كبير من الإبر، فألقى إبرة إلى الأرض بمهارة وهو واقف على قدميه (كذا)، فأنخرزت (كذا بحرفه) الإبرة في الأرض قائمة، ثم ألقى إبرة ثانية فدخل رأسها في خرم الإبرة الأول وهي قائمة (كذا). وهكذا (بحرفه) حتى نصب عمودا طويلا من الإبر (بحرفه). فتعجب السلطان من دقته ومهارته (بحرفه)، وأراد أن يكافئه (كذا) فأمر بان يجلد عشرين جلدة على قفاه (كذا). فاستغرب الحاضرون (كذا) وسألوه عن سبب هذه المكافأة (كذا) الغريبة. فقال: لأنه صرف ذكاءه فيما لا يفيد ولا ينفع. انتهى.) فهل يمكنكم أن تذكروا لنا اسم هذا السلطان وفي أي عصر كان وفي أي بلد وجد. ثم ما كان اسم ذيالك الرجل الماهر ومن لي بلد كان، والى أي قوم ينتسب؟ ولكم الشطر سلفا. ج - نعجب من سؤالكم هذا، وكان الأجدر بكم أن تسألوه من صاحب (الزمان) أو ممن سمى نفسه (كشاف) أو (مغربل) أو (طحان). والذي نعلمه أن هذه الحكاية ملفقة من أولها إلى آخرها وكذبها يرشح من كل كلمة من كلمها. لأسباب منها: 1 - عدم ذكر أسماء السلطان والرجل الماهر والبلاد التي وقعت فيها الحكاية والقومية التي ينتسب إليها كل من الملك والصانع الماهر. 2 - محالية وقوع الأمر. وهل يمكنكم أن تتصوروا وقوع إبرة في خرم إبرة أخرى وتقف قائمة عليها ولا تقع وقوعا أفقيا؟ وهل يمكن أن يتصور

حاكي الحكاية ما كتبه، وما نطق به. وهل يستطيع هو أو غيره أن يعمل هذا العمل وان تعمده تعمدا وادخل بيديه الإبرة الواحدة في خرم الإبرة الأخرى؟ 3 - تركيب العبارة سقيم وسقمها ظاهر مما أوردتموه. ووضعتم بعد بعض الكلم كلمة (كذا) أو (بحرفه) فهذا الإنشاء الركيك يدل على أن صاحبه ليس بعربي. وقد سألنا عنه فقيل لنا انه (ارمني من ماردين) شدا العربية وبعض الإنكليزية ولهذا لم يتقن معرفة بعض الألفاظ فكان يجب عليه أن يقول في موضع انخرزت: انغرزت، وأن يكتفي بقوله (وهو واقف) لان وقوف الرجل لا يكون إلا على رجليه. ولا نفهم كيف تدخل إبرة في خرم إبرة وتكون مع ذلك قائمة. ولا نتصور هذا الأمر ولا يمكن تصوره. وان يزيد على قوله: (وهكذا): وهكذا جرى في عمله. وقوله: (نصب عمودا طويلا) لا معنى له. والصواب خطا من الإبر معرجا قائم الوزايا إذ العمود لا يكون إلا شيئا قائما قياما مستقيما ولبس هناك ما يشبه العمود. - وقوله: من دقته ومهارته. صوابه من دقة عمله ومهارته. - وقوله: يكافئه هي في غير موطنها والصواب (يعاقبه) لان ما فعل به الملك هو عقاب لا مكافأة؛ إذ عاقبه على إضاعة وقته سدى. - وقوله: (فأمر بان يجلد عشرين جلدة على قفاه.) هو من الأمور المضحكة. وذلك أن عوام (ماردين من الأرمن) يريدون بالقفا خلف الإنسان أو مؤخره. أما فصحاء لغتنا وعوام بغداد فيريدون بالقفا مؤخر العنق. فهل تتصور أنت يا أيها السائل أن يجلد المرء بالمقرعة على قفاه أي على مؤخرة عنقه. فان كنت تتصور ذلك فنحن لا نتمكن منه. - وقوله: (فاستغرب الحاضرون) ناقص، وكان عليه أن يقول: فاستغرب الحاضرون هذه المعاملة أو هذا العقاب. 4 - لو فرضنا (محالا) أن هذه الواقعة حدثت، فهل يمكن للعاقل (ولا أتعرض هنا للمجنون أو للمعتوه) أن يتصور وجود ملك وصلت به الحماقة إلى هذه الدرجة حتى انه عاقب رجلا اتفق جميع الحاضرين على الإعجاب بعمله. وكيف يمكن أن يقال أن فلانا أضاع عمره سدى في حين انه حقق (أمرا محالا) أفلا تدل مهارته على انه عرف سنن الموازنة والثقل وقوتي الدفع والجذب، وسائر فروع الطبيعيات والرياضيات؟ حتى فعل مالا يمكن أن يقع البتة - أفلا

يرى من سرد هذه الحكاية أن الذي أوردها مصاب بسهولة التصديق. وتصديق أمر لا يمكن أن يقع أبدا ولهذا ما سمعنا بأحد قرأ تلك الحكاية الباردة إلا اخذ يقول في نفسه: ما عسى أن تكون حال عقل قاصها؟ وإذا وجد في التاريخ مثل ذلك الملك أفلا يكون جنونه جنونا مطبقا. أو لكونه كان ملكا واتى أمرا منكرا عد عاقلا. فالمجنون كل المجنون هو ذلك الملك لا سواه. أوضاع جديدة العمارة - السيد م. ن. ك - قرأت في جريدة الزمان البغدادية في عددها التاسع عشر أنكم وضعتم ألفاظا بمعان جديدة ذكرها من سمى نفسه: (كشاف). فهل هي حقيقة لكم؟ ودونكم إياها على ما جاءت في الجريدة المذكورة: تقن يعني أستاذ متبقر - مجمع علمي محفى - جمعية متقن - مدرسة كتوم - سكرتير أو كاتب سر فيزياء - علم الطبيعة فسقى - خريج هلك - جيولوجيا الخ مزقة - موسيقى فسلجة - فيزيولوجيا ج - نحن نستغرب سؤالكم منا وكان الأجدر أن توجهوه إلى كاتب المقالة وتسألوه أين ذكرنا تلك الألفاظ بالمعاني التي يشير إليها. وحينئذ تستغنون عنا. ومع ذلك نقول: وضعنا (تقن) بمعنى مدرس أحد العلوم التي تدرس في المتقن، وأردنا بالمتقن فرعا من فروع الجامعة يدرس فيها بحيث يتقن المتعلم الفرع الذي يتفرغ له. كمتقن الطب والحقوق والهندسة إلى غيرها. ووضعناها لان ليس لنا لفظة تدل على هذا الاصطلاح الجديد. طالعوا في هذا المعنى ما كتبناه في مجلتنا (4: 233 وما يليها)

ومتبقر ليست لنا. والمحفى هو المجمع العلمي وقد كتبنا في مجلتنا ما لا حاجة إلى إعادته (لغة العرب 4: 306). - والكتوم من وضع اللغويين في معاجمهم القديمة والحديثة فحولنا إليها الأنظار في سؤال وجواب أدرجناهما في جريدة العالم العربي. - والفيزياء من وضع العربي الصميم السيد عز الدين علم الدين ونحن خالفناه في استعمالها (لغة العرب 4: 506 وما يليها). - وفسقى من وضع رجل اسمه عبد المسيح وزيريان (من أرمن ماردين) وقد تصور إنها لنا لأننا قلنا في كلام لنا ورد في لغة العرب (5: 192) وهو من سيئ الوضع ومن عدم تفهم الرجل كلامنا وهو معذور لأنه غريب اللغة. - أما الهلك فهو علم الهلك وهو واضح من استعمال اللفظة بالمعنى الذي هو أشهر من غيره أي علم طبقات الأرض وهو أوفى من قولهم (علم الجيولوجية أو علم طبقات الأرض). - ولم نقل مزقة بمعنى موسيقى بل مزيقة. فلتراجع (لغة العرب 5: 97). وفسلجة ليست من وضعنا بل من وضع صديقنا السيد عز الدين علم الدين. ونحن لم نوافقه عليها. ووضعنا بازاء الفسيولوجية علم الخلقة (لغة العرب 4: 480). فترون من هذا كله أن المفتئت مدفوع بعامل نجهل نعته، إذ كل النعوت - مهما كانت - تعظمه. ولهذا ندعه ينعت نفسه بما يشاء وننتظره أن يلقب نفسه بما يهوى لنتابعه فيه. مصطلحات (قانون تسجيل النفوس) بغداد - السيد م. خ - قرأت في (قانون تسجيل النفوس) العراقي في ص26 أن الاوطراقجي كلمة تركية معناها الهدومي أفهذا صحيح؟ وماذا يقال لهما باللغات الثلاثة التركية والعربية والفرنسية؟ ج - لا يعرف الأتراك كلمة (اوطراقجي) في لغتهم إذ لم نجدها في أكبر معاجمهم، والذي نعرفه أن الاوطراقجي من وضع أهل بغداد ويراد به بائع الكراسي والمقاعد وحقائب السفر وأنواع أثاث البيت كالكؤوس والفؤوس

والقدور وبكلمة واحدة: هو بائع خرثي البيت أي أثاث البيت غير الثمين، والكلمة من التركية (اوطراق) أو (اوتوراق) أي المقام والمقعد وأناء البول والبراز، فحول معناها البغداديون إلى كل أداة تتخذ لراحة أهل البيت كما ذكرنا. ثم كسعوها ب (جي) فصارت تركية الصورة بغدادية الوضع والمعنى. وأما الهدومي فمعناها (بائع الثياب الرثة) وهو مما يؤخذ بالقياس حينما نحتاج إلى مثل هذا الوضع؛ لكن العوام والخواص واللغويين يجهلونها. هذا فضلا عن إنها لا تقابل كلمة (الاوتراقجي) الذي لا يبيع الثياب الرثة فقط، بل يبيع معها الأدوات التي يعتمل بها وأنواع الخرثي غير الثمين الذي يستعمل في البيوت. والذي عندنا أن (الاوتراقجي أو الاطراقجي أو الاوطراقجي) يقابلها في لساننا الفصيح السقاط (كشداد). قال في لسان العرب: (قال الليث: جمع سقط البيت إسقاط نحو الإبرة والفاس والقدر ونحوها. . . وبائعة السقاط) وذكر صاحب تاج العروس بهذا المعنى السقطي (كحلبي) قال: ومنه (سري بن المغلس السقطي يكنى أبا الحسن) والاوطراقجي يسمى بالتركية جرجيجي (والجيمان الأوليان فارسيتان منقوطتان بثلاث من تحت) وبالفارسية - ذكر كل ذلك شمس الدين سامي في كتابه (رسملى قاموس فرانسوي. فرانسزجه دن تركجه يه لغت كتابي) في الطبعة الثالثة ص336. وترى من هذا كله أن واضع (قانون تسجيل النفوس العراقي) مخطئ في ما فصل ونقل. المذمر مصر - ن. ق - للإفرنج لفظة تدل على صورة الإنسان إلى كاهله أو إلى عنقه وما حولها إلى الذفرى. ويسمون ذلك فهل تعرفون كلمة تقابلها كل المقابلة؟ ج - هي المذمر (كمعظم) قال الأصمعي: المذمر هو الكاهل والعنق وما حوله إلى الذفري. اهـ. وبعض العصريين سماه (صورة نصفية) وهي في كلمتين لا يمكن أن ينسب إليهما. وارتأى آخر أن يقال سماوة وهي غير موافقة للإفرنجية.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 68 - دروس في صناعة الإنشاء الجزء الأول: تصنيف أبي قيس عز الدين آل علم الدين التنوخي مطبعة الفرات. بغداد سنة 1927 في 168 ص بقطع الثمن قررت وزارة المعارف تدريسه في دار المعلمين والمدارس الثانوية لا يعرف نفع هذا التأليف إلا من وقف عليه. وهو وان وضع لأبناء المدارس، إلا أن الكتبة على أنواعهم يحتاجون إليه، لأنه يطلعهم على صورة التعبير عن أفكارهم بأسلوب يفيد القراء ويمكنهم من أن يكتبوا عن طريقة الأقدمين ليتخذوا طريقة العصريين الطافحة بالفوائد الجمة. قد يختلف الطلبة إلى المدارس مدة سنين ليدرسوا علوم اللسان، وان أريد منهم إنشاء اسطر أو عبارة من فكرهم ظهر عجزهم وافتضح جهلهم أما متدبر هذا التأليف فلا يأتي عليه إلا يعرف كيف تدون الأفكار وتعرض على أبناء اللغة. وقد رأينا فيه بعض هفوات مخالفة للغة كما إننا لمحنا فيه ألفاظا حققنا نحن جوهرها وكاشفنا المؤلف بها، فلم ينسبها إلينا ولعل ذلك وقع من باب الذهول من ذلك حقيقة الكسع حاشية صفحة 33 والشبث ح ص34 والصفرد ح ص45 والتعليقات ح ص50 والبسط ح ص55 إلى غيرها. وذكر اللونيات بمعنى وهذه الكلمة لا توافق اللفظ الفرنجي والسلف عرفها باسم تفاوت اللون، على انهم كانوا يستغنون عن المضاف اليه، حين يكون هناك دليل فيقولون: (التفاوت) - ونقل إلى قوله رتيب ومؤنثها رتيبة. وفسرها في الحاشية بقوله: الأمور الرتيبية ما جاءت على وتيرة واحدة مع أن اللفظة الافرنسية تعني: (ذا نغم واحد) أو (لحن واحد) أو أن شئت فقل: ما لا تطريب فيه ولا لحن ثم توسعوا فيه فأطلقوه على كل ما لا تغير فيه من كل شيء ويكون على نسق واحد ويقابله عندنا السمع ومصدره السماحة

والسموحة إلا أن المصدر الأخير أوفق لنا لان الأول اشتهر بمعنى الجود والكرم. أما أن السمح هو هذا الذي نريده فواضح من كلام عمر بن عبد العزيز للمؤذن: (أذن أذانا سمحا) أي من غير تطريب ولا لحن (عن المغرب) وعود سمح لا عقدة فيه. وفي الكتاب مصطلحات حديثة لا نوافقه عليها وصيغ عربية غير فصيحة، كما أن فيه أغلاط طبع جمة لم تصلح في الآخر، أن في الفرنسية وان في العربية. ومثل هذه التصانيف التي توضع في أيدي الطلبة تفلية احسن تفلية لكي لا يبقى فيها مثل هذه الهفوات. ولعلنا نعود إلى البحث أو نعهد به إلى نقادة خبير. 69 - مرقاة المترجم للصفوف العالية في اللغتين الفرنسية والعربية، تأليف الأب يوسف علوان اللعازري، المواضيع الأدبية والخطابية، الجزء الثالث والرابع في 192 ص بقطع 16، كتاب المعلم طبع في المطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1927. نشاط الأب الأستاذ يوسف علوان اللعازري من اعجب ما شاهدناه. ففي مدة وجيزة أتم كتابه الفذ الذي تكلمنا عنه مرارا في مجلتنا (4: 24 و295 و363 و364 و5: 311) والآن أتحفنا حضرته الجزأين الثالث والرابع المخصصين بالمعلم فوجدناهما كالتاج الذي يزين مفرق الأجزاء كلها. وإننا لنعجب من سبك عباراته أن عربية وان فرنسية فإنها جامعة بين السلس من الألفاظ وبين أرطبها جدة وطلاوة. فلا جرم أن أجزاء هذا الكتاب كله هي من احسن المصنفات التي الفت في هذا الموضوع، ولابد من أن يقبل على اتخاذه جميع المدارس التي تعنى بتلقين اللغتين العربية والفرنسية، فإنها لا تجد اليوم بين أيديها ما يدلها على أقوم طريق وأخصره لتلقي تينك اللغتين. ومن فوائده انه جمع اقرب الطرق إلى أقصرها إلى أسهلها إلى أوثقها. وكفى بذلك شهادة على حسنه وتفوقه على سائر ما صنف في هذا البحث. على إننا لا ننكر انه وقع فيه بعض أغلاط لم تصحح في الآخر فقد جاء في

ص12 قوله: الذكر الحنون. ولم يجئ الحنون في لغتنا إلا وصفا مؤنثا للناس والبهائم. والأحسن أن يقال هنا: الذكر المحبوب - وفيها: أن القديس لويس وهنريكس. . . ونحن نفضل أن تروى الأعلام على ما يرويها أهل البلاد وان يقال هنري. أما لو كان المسمى رومانيا فكنا نستحسن أن يقال: هنريكس - وفي ص15: لأبدي لك خالص تعلقي. . ونسي الطابع كلمة (بك) بعد تعلقي. - وفيها:. . وأنت متمتع بنضارة الصحة ودوام الرغد. قلنا: ودوام الرغد من الألفاظ المبتذلة التي لا تصح أبدا. والأحسن أن يقال: وطول الرغد. - وترى في هذه الأمثلة أن هذه الهفوات هي مما تفتفر، بل لا تعد شيئا بالنسبة إلى ما تضمن هذا الكتاب الصغير من الفوائد الجليلة، ولا سيما ما تضمنه من روائع الامثال، وبدائع الأقوال، وأحاسن المواضيع، أن نثرا وان شعرا. 70 - سعد لأحمد زكي أبي شادي طبع في المطبعة السلفية في مصر القاهرة في 31 ص بقطع 12 قصيدتان إحداهما عنوانها (مأتم أمة) وقد أدرجناها في مجلتنا (5: 331) فاعجب بها كل من وقف عليها. والثانية (التراث الخالد) وقد نظمت لذكرى الأربعين من وفاة زعيم الأمة المصرية وهي لا تقل عن أختها حنا ومبنى. وكلتاهما من القصائد الخالدة التي تذكر كلما ذكر شعر العصر وبدائعه. 71 - تاريخ مدينة زحلة تأليف عيسى إسكندر المعلوف في 298 ص بقطع الثمن الصغير، طبع بمطبعة (زحلة الفتاة) في زحلة (لبنان) سنة 1911. صديقنا السيد عيسى أشهر من أن يذكر. واختصاصه بالتاريخيات لا يحتاج إلى تعريف. فتأليفه ومقالاته العديدة تشهد بما له من القدح المعلى في هذا الموضوع. بل نقول: أن طلب إلينا أبناء الغرب رجلا عربي اللغة متضلعا من التاريخ ذكرنا له من جماعة مشاهيرنا صاحب تاريخ مدينة زحلة. والواقف على ما بين دفتي هذا التصنيف الحسن يشهد له بالسبق في هذا الميدان كما نعترف له به.

72 - العصور مجلة انتقادية في الأدب والعلم والسياسة، محررها وصاحب امتيازها: إسماعيل مظهر، إدارة المجلة بشارع الخليج المصري (ميدان غمرة) رقم 670 بمصر. بينما نرى الإفرنج يسعون في البحث عن الروح وخلود النفس ويغيرون أفكارهم بخصوص ماهيتها نشاهد اليوم عندنا ما يخالف هذا السعي. يقوم إسماعيل مظهر في مصر لينزع الثمالة الباقية في صدور الشرقيين ثمالة الاعتقاد بالأديان، والدفاع عنها وعن محاسنها ومكارمها فيقول لنا في صدر مجلته بمنزلة آية سعيه: (حرر فكرك من كل التقاليد والأساطير الموروثة (ولا جرم انه يريد بذلك تقاليد الدين وما يسميه أساطير) حتى لا تجد صعوبة ما، في رفض رأي من الآراء. أو مذهب من المذاهب، اطمأنت إليه نفسك، وسكن إليه عقلك، إذا انكشف لك من الحقائق ما يناقضه) وقد عمل صاحب (العصور) بما صدر به مجلته ونشر مقالات هو وأعوانه لهدم كل معتقد ومذهب ودين. لكن مهلا يا صاح! أن الهدم ميسور، أما البناء فشاق. افتعلم بما أشبهك؟ - أشبهك برجل غني قد ابتنى له قصرا آوى إليه هو والمنتمون إليه وهم فيه آمنون على نفوسهم مطمئنون إلى ما ورثوه من أجدادهم من هذا الصرح المنيع وما فيه من المرافق: وبينما هم كذلك جاءهم واحد وقال لهم: إنكم في بناء متداع وان كانت عيونكم تشاهد الخلاف. ثم قال لهم: والأحسن أن اهدمه لتسكنوا في صرح ممرد. قالوا: أين لنا ما تعدنا به؟ إننا لا نهجر قصرنا ما لم نره بعيوننا. فلم يقنع بما سمع واخذ ينسف ذلك القصر حتى لم يبق فيه حجرا على حجر، وأصبح سكانه المساكين يقاسون طوارئ الجو وتقلبات الهواء من برد إلى حر ومن مطر مدرار إلى صحو شمسه تلفح الأجسام حتى مات أكثرهم، فعلم الفيلسوف حينئذ انه اخطأ في ما توهمه. فيا أيها الأديب الفاضل: جئنا بدين أو مذهب تطمئن إليه نفوسنا ثم تعال واهدم ما نحن عليه من معتقد آبائنا وتقاليدهم وما تسميه أنت أساطيرهم. أن الآراء التي تبسطها في جزأك الأول البارز في أول سبتمبر يقوض كل بناء

وينسف كل معتقد وهل يمكننا أن نبقى بلا رأي ولا مذهب ريثما (ينكشف لنا من الحقائق ما يناقضه) ومن يقول لنا: أن ما تأتي به هو الحقيقة، وقد تلونت هذه الحقيقة في نظر العلماء والحكماء والفلاسفة على ممر الدهور؟ وكاتبه الأستاذ محمد خليل اظهر في مقالته (الأمير جم وقصته) من ضعف البصر في التاريخ ما يخجل طلبة المدارس. أفكان يصعب عليه أن يطالع في (معلمة الإسلام) التي يعنى بنشر مقالاتها علماء كبار راسخو القدم في تاريخ الشرق وإخباره، ليقف على الحقيقة وعلى وجه تصوير الحقائق وسردها؟ إلى متى إذن نرسف بقيودنا الوهمية ولا نضارع علماء الغرب في تحقيق الوقائع وإيرادها على ما وقعت من غير أن نحشوها سما وتعصبا، رياء وخبثا، طعنا ولوما؟ هذا من جهة جوهر المقالات بوجه عام، وأما تعريب بعض الألفاظ الأجنبية وسبك العبارة العربية فيحتاجان إلى إصلاح كبير. فانك لا تطالع صفحة من تلك المقالات إلا تتعثر بما فيها من الغلط الكثير وخطأ الطبع المتكرر ووطء لسان العرب بالمنسم والخف. على إننا نقول: أن لرأي الكاتب ورفاقه مستحسنين ومهوسين؛ ولا جرم انهم يصادفون من يزمر لهم ويطبل، لان التحرر من الأديان، ومكارم الأخلاق، وطيب الأدب، وحسن المعاملة، هي كلها من قبيل المواءمة (الموضة) في هذا العصر ولهذا لا نستغرب نجاح هذه المجلة عند قوم دون قوم. 73 - دواني القطوف في تاريخ بني المعلوف تأليف عيسى المعلوف، طبع في بعبدا (لبنان) سنة 1908 في 749 ص بقطع الثمن. عنوان هذا الكتاب يوهم القارئ، لأنه يظن انه يطالع سفرا لا يفيد إلا أسرة المعلوف الكبرى المنتشرة في بلاد الله الواسعة، ولهذا لا يقتنيه؛ إلا أن الأمر على خلاف ما يتوهمه. أن هذا التأليف هو (كتاب تاريخي اجتماعي عمومي يحتوي على وصف الوقائع والعادات والأخلاق والشؤون العمرانية وأصول الأسر الشرقية وفروعها ومشاهيرها ومواطنها ومباحث علمية وجغرافية وإحصائية مذيل بخمسة فهارس) الأول - للمواد والفصول. والثاني - لأهم

المباحث في المتن والحواشي. والثالث - لأهم حوادث المعلوفين ووقائعهم. والرابع - للأسر التي ذكرت في هوامش واستدراكات الدواني على حروف المعجم. الخامس - للأعلام المكانية. فأنت ترى من هذا الوصف نفاسة هذا السفر الجليل، وكان المؤلف - حرسه الله - أهدانا منه نسخة في يوم إبرازه للناس، ولما علم إنها سرقت مع ما سرق من خزانتنا يوم سقوط بغداد (في 7 آذار سنة 1917) أتحفنا هذه النسخة الثانية مع تاريخ زحلة ونحن نشكر له هذه اليد البيضاء ونتمنى أن يوفق الله له أحد الاجواد يأخذ على نفسه طبع كتاب (الأسر الشرقية) فان أبناء العصر في حاجة ماسة إليه لما حوى من الفوائد التاريخية التي لا ترى في مصنف سواه. والكتاب (دواني القطوف) يدل دلالة صريحة أن المؤلف ابن بجدتها، ويجدر بكل شرقي أن يقتنيه لما فيه من المباحث المتنوعة المتعلقة بالألفة والعمران والاجتماع لا يتخيل الإنسان انه يراها فيه. 74 - نصيحة ملكة (لا ذكر لمحل طبعها) ثلاث رسائل، يقال إنها لماري ملكة رومانية في مدح البهائية. والظاهر من كاتبتها إنها لم تطلع إلا على ظواهر هذا المذهب، لان صاحبه كان يدعي انه جاء لتوحيد الأديان. والذي يحاول تحقيق هذه الدعوى الحدد كالجامع بين النور والظلمة. 75 - البرهان جريدة أسبوعية اجتماعية فكاهية مصورة، صاحب امتيازها محمد ناجي صالح؛ ومديرها المسؤول مكي جميل المحامي ومدير إدارتها محمد سعيد. صدرت (البرهان) لتسد مسد (مرآة العراق) التي كانت قد برزت في السنة الماضية فخرج من إعدادها 30 ثم احتجبت وفي 23 تموز من هذه السنة صدر العدد الأول من البرهان وفيها مقالات أدبية شائقة تدل على وقوف كتابها وقوفا

مكينا على الحركة الفكرية العراقية، بل على الحركة الفكرية العربية وقد طالعنا فيها عدة مقالات نقد. فوجدنا صاحبها ممن يحسن التصرف في القلم (ويضع الهناء موضع النقب) وكفى بهذه المعرفة مقاما عليا لهذه الصحيفة الوضاءة. 76 - الحياة المصورة جريدة جامعة مصورة تظهر في دمشق (سورية)، صاحب امتيازها ورئيسها كاظم الشمعة. مديرها المسؤول محمد شريف الاسطه. وافانا العدد 2 من هذه الجريدة فيها 7 تصاوير وعدة نبذ متفرقة وورقها ورق جيد صقيل يسبب أغلاطا جمة لان صلابته تكسر ما في الحرف الرصاصي من الرخاوة فقد جاء فيها: المرأة بين الشد والجزر، فللمرأة وحدها لها الحق، ولبعضهن رجاحة في العقل ولا نستأثر. . . في الآراء، وزائدا عن حياضك ونظن أن الصواب هو: بين المد والجزر، فللمرأة وحدها الحق، ولبعضهن رجاحة، ولا نستأثر. . . بالآراء، وذائدا عن حياضك. وعسى أن يحكم طبعها بعد هذا العدد لكي لا يعثر القارئ في كل صفحة من صفحاتها. 77 - سليمان البستاني لاغناطيوس كراتشقوفسكي رسالة لطيفة روسية العبارة وضعها صديقنا كراتشقوفسكي للإشادة بذكر أحد كتاب العرب في ديارنا وهو العلامة سليمان البستاني فلقد احسن ترجمته التي وقعت في 14 صفحة بقطع الثمن الكبير ونال استحسان الجميع بصنعه هذا. 78 - وصف محراب تكية مزخرفة الزجاج والثريات للمؤلف المذكور يتتبع صديقنا الروسي كل بحث يعلي شان الناطقين بالضاد في عيون أبناء الغرب. وهذه الرسالة في 15 صفحة بقطع الثمن الصغير مع صورة زجاجية بديعة مخطوطة ومزخرفة وقد بحث عن صاحبها فأجاد في التحقيق والتدقيق ورفع لواء جديدا للصناعة العربية. عامله الله بالحسنى!.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مجلس الأمة في دورته الثالثة في غرة تشرين الثاني فتح مجلس الأمة دورته الثالثة، فاجتمع الأعيان والنواب في قاعة النيابة وكان عددهم 94 عضوا. وحضر الاجتماع قائد القوات الجوية البريطانية متولي أعمال المعتمد السامي وكالة ومعه كبار الموظفين البريطانيين وقنصل أميركة وألمانية وتركية وكبار دواوين الحكومة وأرباب الصحافة إلى غيرهم. وفي الساعة العاشرة ونصف دخل جلالة الملك علي رافد مليك العراق بزي الأشراف (بعمامة بيضاء حجازية وجبة سوداء وخنجر في المنطقة) وحوله الوزراء والحاشية الملكية وسائر كبار الموظفين وبعد السلام قرء خطاب العرش. وفيه نظرة عامة في الأمور المهمة التي طرأت بعد الاجتماع الأخير من تعديل المعاهدة والاتفاقيات وتحديد تخوم العراق الشمالية من جهة الجمهورية التركية وصلات ديارنا بالممالك الخارجية والديون العامة والأمور الداخلية إلى غيرها من الإفادات الجمة. واجتمع الأعيان وكانوا ستة عشر فانتخبوا لهم زعيما رئيسهم السابق يوسف السويدي إذ نال اثني عشر نخبة (أي صوتا). واجتمع النواب في مجلسهم فنال عبد المحسن السعدون إحدى وخمسين نخبة وكان أيضاً رئيسهم في الدورة الأخيرة. وحالما تم الانتخاب انتصب رشيد عالي الكيلاني وكيل رئيس الوزراء وتلا الإرادة الملوكية الصادرة بتأجيل مجلس الأمة مدة 45 يوما ابتداء من 2 تشرين الثاني من هذه السنة 1927 وكذلك قرأ الهاشمي وزير المالية في مجلس الأعيان تلك الإرادة الملوكية لمثل هذه الغاية ثم انتثر العقد المجتمع 2 - قنصل تركية وصل إلى العاصمة في 22 تشرين أول من هذه السنة (1927) حضرة طلعت قايا بك قنصل الجمهورية التركية العام.

3 - سجون جديدة في العراق فتح في أول تشرين الأول من هذه السنة 927 سجن في الرمادي، وفتح آخر في 15 منه في الديوانية، وفي أول تشرين الثاني فتح ثالث في كربلاء. 4 - مكائن حياكة في السجن خصصت مديرية سجون العراق العامة 76. 500 ربية بجلب مكائن حياكة للسجون. 5 - تسجيل النفوس شرعت دائرة تسجيل النفوس بالتقييد منذ غرة تشرين الأول. وقد أنشئ لهذه الغاية نحو سبعين لجنة انبثت في أنحاء شتى وأعضاؤها دئبون في عملهم لإنجاز عد النفوس عدا عاما بالسرعة والضبط اللازمين وعلى الأسلوب العصري الحديث. 6 - ناظم القنطرة البيضاء تعنى دائرة الري بإقامة ناظم في القنطرة البيضاء على نهر الحسينية (كربلا) ويزعم المهندسون أن هذا الناظم - إذا تم على الطريقة الفنية المقررة - تؤثر في المستنقعات فيعمل في إزالتها. وبعد ذلك تتوزع المياه على الحقول والزروع بصورة منتظمة غاية الانتظام. 7 - إحصاء الماشية في الحلة بلغ ما أحصي من المواشي في لواء الحلة من غرة شباط إلى غاية حزيران 315. 170 رأسا من الضان و 44. 710 رأسا من المعزى، و 4140 بعيرا و 2721 جاموسا 8 - دخل سكك الحديد العراقية بلغ ريع سكك حديد العراق في الأسبوع المنتهي في 16 تموز من هذه السنة 1927 نحو 141. 442 ربية يقابلها 138. 971 ربية في مثل هذا الأسبوع من السنة الماضية. وبلغ دخل سكك الحديد العراقية في الأسبوع المنتهي في 10 أيلول سنة 1927 نحو 175. 869 ربية يقابلها في مثل هذا الأسبوع من السنة الفائتة 186. 996 ربية. 9 - عشيرة إسماعيل غريري غادرت عشيرة إسماعيل غريري ديارها انتجاعا للكلا في فصل الصيف فنزلت أراضي إيران. ولما حاولت العودة إلى لواء السليمانية وطنها الأصلي، طلبت منها الحكومة الإيرانية أداء الضرائب. ولما أبت العشيرة أن تدفع ما أجبرت عليه، وقعت مناوشة بينها وبين جنود إيران انجلت عن جرح بعض الجنود وبعض رجال العشيرة.

10 - المجازون من المدرسة الثانوية احتفلت المدرسة الثانوية في بغداد في 31 آب بإعطاء الشهادات للذين أتموا تحصيلهم فيها. وقد ألقى مدير المدرسة خطبة ذكر فيها تاريخ تحسن التعليم فيها فقال ما هذا بعضه: كان عدد الطلبة في السنة الأولى (1919 - 1920) ثمانية طلاب، فبلغ في السنة الثانية خمسين، وزاد في السنة الثالثة حتى بلغ أربعة وستين، وبلغوا في السنة الرابعة مائة واثنين وأربعين. أما في سنة (1925 - 1926) وهي السنة الخامسة فقد بلغ المجموع ثلاثمائة وسبعة وتسعين طالبا. وبلغ السنة السادسة وهي السنة الأخيرة (1926 - 1927) أربعمائة واثنين وثمانين. أما المجازون فقد بلغ عددهم في السنة الأولى ثمانية، وفي السنة الثانية ثلاثة عشر، وفي الثالثة ثلاثين. وفي الرابعة ثلاثة وثلاثين، منهم ستة عشر طالبا من القسم الأدبي وسبعة عشر من القسم العلمي. 11 - عودة الأمير غازي إلى لندن بارحنا سمو الأمير غازي صباح 12 أيلول عائدا إلى لندن ليتم دروسه وقد صحبه الشيخ كاظم الدجيلي. 12 - العراق يكافح أمراض الحيوانات في باريس عاصمة فرنسية ديوان يعنى بمكافحة أمراض الحيوانات. ومن الدول التي اشتركت في هذه الدائرة العراق وقد سنت حكومتنا لائحة قانونية بذلك صدقها مجلس الوزراء. 13 - الشقاق في الإسرائيليين البغداديين في حاضرتنا نهضة إسرائيلية جليلة لا تنكر، وللطائفة مجلسان يسمى الواحد بالمجلس الروحاني والآخر بالجسماني (كذا، أي الدنيوي) وكلا المجلسين يدير بالاتفاق هذه النهضة. وللموسويين مدارس للذكور والإناث، يتردد إليها ألوف من الطلاب منها: مدرسة الاتحاد الإسرائيلي والتعاون والوطنية والمدراش إلى غيرها من الكتاتيب. وكلها بيد هذه الجمعية وهي تجري في عملها على نظام قديم منحته ولها حقوق نالتها بعد السعي العظيم وهي وتخولها وضع ضرائب على أبناء الطائفة لتنفقها في سبيل إنجاح مشاريعها الخيرية. وفي الأيام الواقعة بين أيام آب وأيلول نشأ خلاف بين ما يسمونه الحاخام باشي (أي كبير الربانيين) وبين المجلسين الديني والدنيوي أي الجسماني والروحاني. يدعي الصير (وهو اسم الحاخام باشي

عند فصحاء سلفنا) بان انتخاب أخطاء: هذين المجلسين لم يتم على أصول النظام الداخلي ولهذا يعدهم غير شرعيين، ويدعم دعواه هذه بأدلة وبراهين ينقضها الأخطاء المقاومون له الذين نجحوا في خلعه وإبداله بآخر. 14 - ديوان وزارة العدلية تم بناء ديوان وزارة العدلية على طرز بديع وشرع في إنشاء بناية فرعية له في الجهة المناوحة لدجلة. 15 - ناحيتان جديدتان صدرت الإرادة الملكية بإنشاء ناحيتين جديدتين في قضاء الزيبار، التابع للواء الموصل، باسم (الشيروان) و (بيره كبيرة). 16 - انقطاع الهيضة لم تحدث إصابة في البصرة منذ 9 أيلول ومن أدل دلائل عناية إدارة الصحة بالنفوس أن الهيضة وصلت بغداد ثم أزيلت وأوشك ظلها يتقلص من ربوعنا بفضل التدابير الصحية التي اتخذتها للوقاية منها. 17 - بين القاهرة والبصرة وبغداد تتبدل أوقات الأسفار الجوية بين القاهرة والبصرة منذ 15 تشرين الأول من هذه السنة 1927 فتنهض الطيارات من مصر الجديدة (هليوبوليس) صباح كل خميس، فتصل بغداد مساء، بعد أن كانت تطير منها عصر الأربعاء وتصل بغداد عصر الخميس. وتغادر الطيارات بغداد صباح الأحد عوضا عن السبت، فتصل مصر الجديدة مساء الأحد، أي أن السفر بين بغداد والقاهرة يكون في نهار واحد لا غير. 18 - إيران تحشد قواها في لورستان من أنباء إيران في شهر أيلول أن حكومتها تقيم على حشد الجند في لرستان أو (لورستان). والشائع أن في نيتها مهاجمة عشائر اللر الذين يسلبون وينهبون في جوار خرم آباد وبروجرد منذ عدة أشهر. وغاية إيران أن تقضي قضاء حاسما على العصاة الذين عاثوا في الديار الإيرانية فسادا. وقد سار جلالة شاه إيران إلى أذربيجان ليطلع بنفسه على الأحوال العسكرية هناك وكذلك في كردستان الإيرانية وقد عبأت فيها جنودا كثيرة لقمع الثورة التي كانت قد نشبت فيها. 19 - المحاكم الشرعية في الحجاز اصدر جلالة ابن سعود مرسوما بشان المحاكم الشرعية يقضي بعدم التقييد بمجلة الأحكام (الحنفية) في إبراز الأحكام، وبان تكون هذه الأحكام موافقة لجميع المذاهب من غير أن تقيد بمذهب جلالته وهو المذهب الحنبلي.

العدد 52

العدد 52 - بتاريخ: 10 - 10 - 1927 حريم دار الخلافة وباب التمر في التاريخ وعدت في (341: 5 ح) بعقد كلام (عن باب التمر بالمشروعة) في الجانب الشرقي من بغداد والآن ابر في وعدي. لا يبعد أن يذهب القارئ الكريم إلى ضياع هذا الاسم التاريخي لعفو تلك الآثار واندراسها لكني أظن انه بقي ذكر لذلك الاسم. ولتعريف هذا الموضوع لابد من البحث عن دار الخلافة وحريمها قبل الدخول في الموضوع. قال معجم البلدان: (الحريم. . . وبذلك سمي دار الخلافة ببغداد ويكون بمقدار ثلث بغداد وهو في وسطها ودور العامة محيطة به. وله سور يتحيز به ابتداؤه من دجلة وانتهاؤه إلى دجلة كهيئة نصف دائرة وله عدة أبواب: 1 - أولها من جهة الغرب (باب الغربة) وهو قرب دجلة جدا.

2 - ثم (باب سوق التمر) وهو شاهق البناء واغلق في أول أيام الناصر لدين الله بن المستضيئ واستمر غلقه إلى الآن. 3 - ثم باب البدرية. 4 - ثم باب النوبي وعنده باب العتبة التي تقبلها الرسل والملوك إذا قدموا بغداد. 5 - ثم باب العامة وهو باب عمومية. 6 - ثم يمتد قرابة ميل ليس فيه باب إلا باب بستان قرب المنظرة التي تنحر تحتها الضحايا. 7 - ثم باب المراتب. بينه وبين دجلة نحو غلوتي سهم في شرقي الحريم. وجميع ما يشتمل عليه السور من دور العامة ومحالها و (جامع القصر) - وهو الذي تقام فيه الجمعة ببغداد - يسمى الحريم. وبين هذا الحريم المشتمل على منازل الرعية وخاص دار الخلافة التي لا يشركه فيه أحد. سور آخر يشتمل على دور الخلافة وبساتين ومنازل نحو مدينة كبيرة) اهـ. وفي المشترك قوله: (حريم دار الخلافة ببغداد وهو مقدار ثلث مدينة السلام بغداد وعليه سور (ابتداؤه) من دجلة (وانتهاؤه) إلى دجلة كهيئة الهلال أو نصف دائرة وله أبواب: 1 - أولها باب الغربة على دجلة.

2 - ثم باب سوق التمر باب شاهق البناء واغلق في أول أيام الناصر (أبي احمد العباس) واستمر غلقه إلى الآن. 3 - ثم باب البدرية. 4 - ثم باب النوبي وفيه العتبة التي تقبلها الرسل والملوك (وغيرهم) إذا قدموا بغداد (وهي قطعة من عمود رخام ابيض مطروحة أمام هذا الباب طولا). 5 - ثم باب العامة ويقال له باب عمورية (بين هذين البابين محال يسكنها عامة الناس بينهم وبين دار الخلافة سور آخر فيه عدة أبواب منها: باب الدوامات، وباب عليان، وباب الحرم وغير ذلك) 6 - ثم يمتد (السور من باب العامة) نحو ميل لا باب فيه إلا باب بستان (في آخر المأمونية) تحت المنظرة التي تنحر تحتها الضحايا في الأعياد. 7 - ثم باب المراتب بينه وبين دجلة (من جهة باب الازج) نحو رميتي سهم (وهو من ناحية الشرق) وجميع ما يشتمل عليه السور يسمى (حريم دار الخلافة. فيه محال وأسواق (وخانقاهات) ودور كثيرة للرعية كأكبر مدينة. وبين منازل الرعية وبين دجلة سور آخر دونه دور الخلافة لا يشركه

فيه شي من منازل غيره) اه. وفي مراصد الاطلاع. (الحريم. . . فمنه حريم دار الخلافة ببغداد وهو في وسطها عليه سور دائر يتحيز به يبتدئ من دجلة وينتهي إليها ثلاثة أضالع ورابعها دجلة وله أبواب وفي بعضه مساكن للناس يقطع بينه وبين دار الخلافة حائط ممتد يفصل ما بينهما) اه. وجاء في رحلة ابن جبير وكان في بغداد في سنة 580هـ (1184 م) ما قوله في ص 220 من طبعة ليدن: (ثم شاهدنا. . . مجلس. . . الإمام الأوحد جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي بازاء داره على الشط بالجانب الشرقي وفي آخره على اتصال من قصور الخليفة وبمقربة من باب البصلية آخر أبواب الجانب الشرقي. . .) وفي ص 226 (. . . ودور الخليفة مع آخرها (آخر الشرقية) وهي تقع في نحو الربع أو أزيد لان جميع العباسيين في تلك الديار معتقلين (كذا). . . وللخليفة من تلك الديار جزء كبير قد اتخذ فيها المناظر المشرفة والقصور الرائقة والبساتين الأنيقة. . .) وفي ص 228 (والشرقية حفيلة بالأسواق. . . وبها من الجوامع ثلاثة كل يجمع فيها: جامع الخليفة متصل بداره وهو جامع كبير. . . وجامع السلطان. . . وهو خارج البلد. . . وجامع الرصافة بينه وبين جامع السلطان المذكور مسافة نحو الميل.) وفي ص 229: (وللشرقية (وللجانب الشرقي) أربعة أبواب. فأولها وهو في أعلى الشط باب السلطان ثم باب الظفرية ثم يليه باب الحلبة ثم باب البصيلة. هذه الأبواب التي في السور المحيط بها من أتعلى الشط إلى أسفله. هو ينعطف عليها كنصف دائرة مستطيلة) اه. وجاء في معجم البلدان في مادة بأقداري: (. . . أبا زرعة ابن المقدسي وكان خياطا يسكن القرية بدار الخلافة) وفيه في مادة القرية إنها محلة في حريم

دار الخلافة وهي كبيرة فيها مال وسوق. وفي المشترك في هذه المادة أيضاً أن القرية في حريم دار الخلافة وان مؤلفة سكنها. وفي مراصد الاطلاع القرية تصغير قرية محلتان ببغداد أحدهما في حريم دار الخلافة وهي كبيرة فيها محال وأسواق. وفي تاريخ أبي الفداء (3: 170) في حوادث سنة 640هـ (1242 م) ما قوله في وفاة المستنصر: (وهو الذي بنى المدرسة المسماة بالمستنصرية على شط دجلة من الجانب الشرقي مما يلي دار الخلافة) اه. باب الغربة هي شريعة المصبغة الحالية وإذا عرفنا من آبي الفداء أن المستنصرية مما يلي دار الخلافة، ومن ياقوت والمراصد أن القرية في حريم دار الخلافة، وان أول أبواب الحريم من جهة الغرب باب الغربة وانه قرب دجلة جدا يمكنني القول عن القرية أنها سوق راس القرية ومحلة راس القرية الحاليتين. وتعليل إدخال رأس على القرية انه كان يطلق على رأسها ثم أتطلق عليها أو على جزء كبير منها من باب تسمية الكل باسم الجزء ونستنتج من ذلك كله - والمستنصرية قائمة إلى يومنا - أن باب الغربة هو في المشرعة التي نسميها اليوم بشريعة المصبغة وان عندها يبدأ حريم دار الخلافة.

ولما كان حريم دار الخلافة على شكل نصف دائرة بمقدار ثلث بغداد وان فيه جامع القصر وهو اليوم جامع سوق الغزل وحواليه فلا بد من وصول رأس نصف الدائرة المستطيل الأسفل عند دجلة في نحو شريعة المربعة الحالية أو فيها. ويزيدنا ثقة بهذا الرأي وهو انتهاء حريم دار الخلافة في نحو شريعة المربعة أو نحوها ما عرفناه من ابن جبير بقوله أن دار ابن الجوزي (المتوفي في سنة 597هـ) على اتصال من قصور الخليفة وبمقربة من باب البصيلة آخر

الأبواب. وسبب تعييني شريعة المربعة - والمسافة بينها وبين شريعة المصبغة نحو كيلومتر - لما مر بنا من اتساع حريم دار الخلافة ودور الخليفة وغير ذلك. ولما جاء عن مرقد ابن الجوزي الذي قالت عنه سالنامة ولاية بغداد لسنة 1318هـ (1900م) ص371 انه رواية في بستان اكربوزي وعلى

رواية أخرى في مقبرة الإمام احمد بن حنبل. ولعل ارجح الروايتين الأولى لأنه لا يبعد أن البستان كان دار ابن الجوزي فدفن فيها. ورأيت مجلدا من كتاب صفوة الصفوة لابن الجوزي كتب في سنة 603هـ (1206 - 1207م) أي بعد وفاته بست سنوات وفي آخره بقلم متأخر لكنه قديم أيضاً أن قبر المؤلف (. . . الواقعة على شاطئ دجلة) وقد أكلت الأرضة مكان كلمتين في الكتاب المخطوط وقد استعضت عنهما بالنقط ولعل إحدى الكلمتين كانت (داره). شريعة خان التمر حكيت عن الماضي البعيد توطئة لما بعده وإلى الحال الحاضرة. في جانبنا الشرقي مشرعة تسمى اليوم (شريعة خان التمر) ويطلق عليها بعضهم شريعة مناحيم دانييل أو بيت دانييل لان لهم على جانبها الجنوبي دارا عامرة بنوها قبل نحو نصف قرن على طراز إفرنجي وهي ذات مسناة على دجلة. وعلى هذه الشريعة على جانبها الشمالي عرصة تباع فيها أعواد القواق (الحور) لسقف الدور ولغير ذلك يتصل بها خان متداع معروف بخان الدفتردار. والعرصة والخان تحدهما دجلة وللعرصة باب عليها وليس للخان باب عليها. وكان نصف الخان وقفا وفي نحو سنة 1920 اشترت الأوقاف النصف الثاني فهو اليوم كله وقف تستغله وزارة الأوقاف (بنت الأوقاف منذ عهد قريب دكاكين في جبهته المستجدة الواقعة بين السوق الذي كان فيه بابه وبين دجلة فالدكاكين تمتد من الشرق إلى الغرب) وكان الخان المذكور متصلا بخان آخر يذخر فيه التمر في عهدنا وبابه في شريعة المصبغة يبعد عن دجلة نحو ثلاثين مترا. ولم يهمل ذكره جيمس فيلكس جونس في تقرير رفعه إلى

حكومته عن ولاية بغداد بتاريخ 9 نيسان سنة 1855 (ص318 من مجموعة تقاريره) وتلاصق خان التمر المذكور أيضاً قهوة ذات مسناة لها طبقتان وتعرف القهوة اليوم بقهوة المصبغة أو قهوة الشط فهي محدودة بدجلة من جهة الغرب ومن جهة الشمال بشريعة المصبغة التي قلنا انه كان عندها باب الغربة في العصر العباس. هذا ما كان من أمر الخان والقهوة حتى الربع الاول من سنة 1916 ثم فتحت الجادة العامة التي تشق المدينة من الجنوب إلى الشمال بتوسيع طرق وأسواق وبخرق دور ووسع السوق الضيق في عرضه ذو المنعطفات وهو الأتي من الركن الشمالي الغربي لجامع مرجان إلى السوق الذي فيه خان الدفتردار وذلك لإيصال الجادة العامة بدجلة على خط مستقيم في عرض وسيع. فمر هذا الفرع المتشعب من الجادة وهو يحاد من جهة الجنوب خان الاورتمة وبابه الجنوبي دون أن يمسهما بأذى ويحاد من جهة الجنوب خان بكر المعروف

أيضاً بخان الخضيري بعد أن اخذ منه ما استوجبه أمر التوسيع - حتى وصل هذا الفرع إلى خاني الباشا الواقعين في شماله فاخذ منهما ما أريد. وابقي في جنوبه خان البرزللي على حاله ثم وصل (هذا الفرع) باب خان الدفتردار فقطعه وخرق الخان وما هو متصل به من جهته الشمالية فبرزت دجلة أمامه فاستجدت مشرعة واجتمع في طول نحو سبعين مترا ثلاث مشرعات: شريعة المصبغة في الشمال وشريعة خان التمر في الجنوب وبينهما الشريعة التي استجدت. ومما جاء عما نبحث فيه ما قاله اوليا جلبي في رحلته (4: 420) في تعداده الخانات: (خورمالي خان) (خورما: تمر) بقرب محكمة القاضي. ومن البديهي انه يريد بها ما نعرفه اليوم بالمحكمة الشرعية. وقد ذكرها الشيخ عبد الله السويدي في موضعها الحالي في كتابه النفحة المسكية في الرحلة المكية (1157هـ - 1158 - 1744م - 1745) قال: كنت بالمدرسة الاصفهانية المسماة اليوم المدرسة الاحسائية وهي على شاطئ دجلة الشرقي على يسار محكمة القاضي.) اهـ

في سجن الثورة

ولما كان تعريف أوليا جلبي لموضع الخان يوافق كل الموافقة لتلك الأنحاء التي ذكرناها ولا تبعد شريعة خان التمر الحالية ما يزيد على ستين مترا عن شمال باب المحكمة فوجود خان التمر في عهد أوليا جلبي وبقاؤه باسمه إلى عهدنا في موضعه أمر صريح ولا يبعد أن بقي اسم (باب التمر) التاريخي في الشريعة الحالية حتى عهد أوليا جلبي كما حفظ هذا الاسم منذ عهد الرحالة حتى يومنا هذا. وإذا يقال أن تسمية هذه الشريعة بشريعة خان التمر هي من باب المصادفة والاتفاق قلنا لو صح قولهم فانه نعم المصادفة في هذا الاسم الحلو ولا سيما انه من أهم محصولاتنا الأرضية وأشهاها. بغداد 12 تشرين الاول سنة 1927 يعقوب نعوم سركيس في سجن الثورة أبيات قالها السيد محمد رضا الصافي النجفي في سجن الحلة عقب الثورة، وخمسها أخوه السيد أحمد الصافي النجفي: إننا في سوى العلى ما رغبنا ... نملا الكون رهبة أن غضبنا ما جزعنا للسجن يوم غلبنا ... إن من رام مثل ما قد طلبنا لا يبالي أن سبق للسجن سوقا نحن قوم عن العلى ما قعدنا ... حيثما دار كوكب العز درنا وإذا جار حادث الدهر جرنا ... رخصت عندنا النفوس فثرنا بطلب العز لا لانا لنبقى قد خلقنا دون الورى أحرارا ... وامتلكنا التيجان والأمصار وجعلنا لنا المعالي شعارا ... ولقد سامنا العدو اختبارا فرآنا نستسبق الموت سبقا إن ذلي موتي وعزي حياتي ... ما انثنت للعدو يوما قناتي أنا فرع من دوحة المكرمات ... أنا من أسرة كرام أباة لا يرون الحياة في الذل أبقى أنا لما أسرت لم ابد ضعفا ... لا ولم ارج من عدوي عطفا ولقد قلت والردى بي حفا ... شرع أن يكون موتي حتفا أو أراني يكون موتي شنقا

أخبار ملوك قدماء العرب

أخبار ملوك قدماء العرب من بني هود كنت في شهر أيلول من سنة 1927 في باريس ترويحا للنفس وارتيادا للأدب. فتسنى لي أن أذهب إلى خزانتها الكبرى. المعروفة (بخزانة الأمة) فرأيت فيها كتابا مخطوطا قديما مرسوما ب (أخبار ملوك قدماء العرب من بني هود) المنسوب إلى الأصمعي. وقد رسم حروفه اللغوي الذائع الشهرة أبو يوسف يعقوب بن السكيت وأتم نسخه في 6 صفر سنة 243هـ أي قبل وفاته بسنة وكان قد أمر بقتله الخليفة المتوكل. قلم الكتاب كوفي وقد زيدت الحركات بعد أن خط وهو مع ذلك سهل القراءة. والنسخة محفوظة احسن حفظ وهي مكتوبة على الرق ويبدو لمن ينعم النظر في سطورها، أن بعض المواطن قد حكت لتقويم الكتابة وإخراجها على احسن وجه. وقطع النسخة كبير كما أن الحروف كبيرة. وبين جملة الأخبار المسرودة في هذا السفر الجليل، قصة بلقيس وهي في 52 صفحة. والوجه الاول الأخير من الكتاب أبيضان. وقد جاء في آخره: (يتلوه كتاب الخيل) إلا أن هذا الكتاب لا يرى في النسخة المذكورة ولعله نزع منها. وصاحب هذه النسخة كان المسيو هنري بونيون قنصل فرنسة في بغداد وهو الذي أهداه إلى الخزانة المذكورة. 6 تشرين الاول سنة 1927 بكنهام (إنكلترا): ف. كرنكو (لغة العرب): - نتوقع أن يتولى الصديق نفسه طبع الكتاب المذكور فانه عظيم الفائدة لمقام مؤلفه وناسخه ولا سيما لما حواه من الفوائد التاريخية. زلزلة في البصرة شعر البصريون في نحو الساعة السادسة من مساء الثاني عشر من تشرين الثاني من هذه السنة 1927 بزلزلة خفيفة لم تدم إلا هنيهة من الزمن ولم تحدث أضرارا

السفن والمراكب في بغداد

السفن والمراكب في بغداد في عهد العباسيين منذ قامت بغداد في جوار الفرات، وتوسدت ضفتي دجلة بعد أن نازعت دمشق أعنة السلطة واستقلت دونها بعرش الخلافة وسرير الملك، تعددت فيها السفن والمراكب وتنوعت في شطوطها الزوارق والقوارب، لاحتياج السكان إليها في الجانبين الشرقي والغربي للعبور من جهة إلى أخرى؛ فضلا عن الخروج للتفرج والتنزه، وارتياد أماكن القصف واللهو. فاتخذها كل ذي سعة وتنافس القوم في اقتنائها على اختلاف في أشكالها وضروبها. وتباين في أوضاعها ورسومها، قال البشاري: (والناس ببغداد يذهبون ويجيئون ويعبرون في السفن وترى لهم جلبة وضوضاء وثلثا طيب بغداد في ذلك الشط) (احسن التقاسيم ص124). ولذلك اقبل المرتزقون على الملاحة وتزاحموا عليها حتى اصبحوا أمة لوحدهم بقضهم وقضيضهم. ولما اعرس المأمون ببوران قال الشابشتي (كان يجري في جملة الجرايات في كل يوم على نيف وثلاثين ألف ملاح) (برلين كتاب الديارات ع8321 ص68) وكفى بهذا القول دليلا على ما بلغت إليه الملاحة في ذلك العصر. ولما استفحل الملك وتدفقت سيول الثروة على بغداد فأصبحت (أم الدنيا وسيدة البلاد) (مراصد الاطلاع 1: 163) عمد أهل الترف والبذخ إلى هذه السفن فتفننوا في بنائها وإتقانها وأبدعوا ما شاءت أبهة السلطان وبطر الغني في تطويرها وتزيينها فأخرجوها على صور شتى وحاكوا بها خلقة الحيوان والطير كالليث والفيل والعقاب والغراب والجراد والدلفين. وقد حفظ لنا أبو نواس بعض هذه الأسماء فقال يمدح الأمين: ألا ترى ما أعطي الأمين ... أعطي ما لم تره العيون

ولم تكن تظنه الظنون ... الليث والعقاب والدلفين ولكن لشؤم الطالع الذي تولى تاريخ الصناعات في الشرق العربي لم ينته إلينا في ما بأيدينا من كتب الأدب والتاريخ شيء من صنعة هذه المراكب وتفصيل عمارتها مع ما كان لها وقتئذ من الخطورة وجلالة الخطب وتعدد دور الصناعة لها في الإبلة ومصر وعكا وصور. فلابد لنا من الاكتفاء ببعض الإشارات التي نلمحها في الشعر لذلك العهد وان كانت لا تدل على كبير أمر. وقد وجدت لجانب منها ذكرا لا يخلو من بعض الفائدة في شعر أبي نؤاس مرآة البيئة العباسية وهو قوله يمدح الأمين وصف به حراقتي الليث والعقاب: سخر الله للامين مطايا ... لم تسخر لصاحب المحراب فإذا ما ركابه سار برا ... سار في الماء راكبا ليث غاب أتسد باسط ذراعيه يعدو ... أهرت الشدق كالح الأنياب لا يعانيه باللجام ولا السوط (م) ... ولا غمز رجله في الركاب عجب الناس إذ رأوك على صو ... رة ليث يمر مر السحاب سبحوا إذ رأوك سرت عليه ... كيف لو أبصروك فوق العقاب ذات زور ومنسر وجناحي ... ن تشق العباب بعد العباب تسبق الطير في السماء إذا ما (م) ... استعجلوها لجيئة وذهاب وقال يمدحه أيضاً: قد ركب الدلفين بدر الدجى ... مقتحما في الماء قد لججا لم تر عيني مثله مركبا ... احسن أن سار وان عرجا إذا استحثته مجاذيفه ... أعنق فوق الماء أو هملجا قال الاصبهاني راوي الديوان قال أبو هفان (اتخذ محمد (الأمين) الدلفين والغرابية والجرادية والكوثرية) (ص671 - 771) ومما يزيد في نكاية هذا الداء، داء سكوت الكتبة والمؤرخين عن كل ما يتعلق بالمهن والصناعات والحرف والتجارات، أنه لم يتصد أحد من المشتغلين باللغة لأفراد رسالة أو مقالة يستوعب فيها كل أسماء المراكب والسفن وأدواتها

المتخذة في الإسلام مع شدة الافتقار إلى مثلها اليوم لتفهم بعض المتون والأخبار. ولو شاء بعض رواد الآثار العربية تتبع ألفاظها المحدثة حتى في مظانها من المعاجم وكتب الدخيل والمعرب والمولد لفاته منها جانب غير يسير يراه مذكورا في بعض كتب التواريخ والبلدان والأدب على غير صحة ولا ضبط. وقد سرد منها البشاري وحده نيفا وثلاثين اسما غلب التحريف والخفاء على أكثرها ولكنه لم ينص على موضع استعمال كل منها (احسن التقاسيم ص31 - 32) فلا بأس إذن أن انقل هنا ما يحضرني منها مما مر بي أثناء مطالعتي مقتصرا فيه على ما كان في بغداد وحدها في ما عدا ما تقدم ذكره منها وهي: الحراقة، والطيار، والشذاة، والشذاءة، والشذاوة، والزبزب، والسميرية والسمارية، والزلال، والشبارة، والحديدي. ومما يدل تسميها على عراقيتها (الواسطية) نسبة إلى واسط ذكرها البشاري ولاشك إنها كانت ترد أحيانا بغداد. ويلحق بها المراكب الخيطية كانت تعمل بالابلة ويركب فيها إلى الصين (كتاب البلدان لليعقوبي ص360). وهنالك أسماء آخر لم أتثبتها أو لم تتصل بنا. وكل هذا الذي نقلته منها صحيح اللفظ مضبوطه ولدي شواهد عليه لا أرى حاجة إلى إيرادها لعدم الخلاف فيها ما خلا (الحديدي) نبه عليه صاحب السعادة احمد باشا تيمور في مقالته الممتعة في تفسير الألفاظ العباسية. قال وهو نوع من السفن ولم اقف على وصفه ولا اعلم أن كان صحيح اللفظ أو محرفا (مجلة المجمع العربي 246: 1923) فاستدركه عليه حضرة الأب انستاس قال وأظن الصحيح هو الجدي (المجلة المذكورة ص382) ولذلك استميح حضرة الأب عفوا في نقل بعض الشواهد على صحة لفظ الحديدي كما حكاه التنوخي في نشوار المحاضرة (ص206) قال محمد بن عبد الملك الهمداني في الجزء الاول من تكملة تاريخ الطبري (نسخة خزانة باريس ع 1469) لما صار ابن رائق بالمدائن أمره الراضي بالانحدار إلى واسط وأضافها إلى أعماله من البصرة وغيرها فكان ابن ياقوت برامهرمز. عازما على التوجه إلى اصبهان

(فكوتب بالاصعاد فالتقى ابن ياقوت في طيارة وابن رائق في حديدية فسلم كل واحد منهما على صاحبه إيماء من غير قيام) (ص56) وقال بعد ذلك: (ودخل البريدي بغداد. . . لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة 329. . . وكان معه من الزبازب، والطيارات، والحديديات، والشذاءات ما لا يحصى) (ص79) وقال أيضاً في حوادث سنة 364: (وراسل عضد الدولة الطائع لله بابي محمد بن معروف حتى استعاده ودخل إلى بغداد في حديدي جلس على سطحه وخرج عضد الدولة في طياره فتلقاه قريبا من قطيعه أم جعفر وصعد الحديدي وقبل البساط ويد الطائع لله) (143) وممن ذكر الحديدي أيضاً غير مرة ابن الفوطي في تاريخه المحفوظ في الخزانة التيمورية ومن العبث الإطالة بنقله. فيكون قد توارد ثلاثة من العلماء والمؤرخين على استعمال هذا اللفظ: التنوخي، والهمداني، وابن الفوطي. ومثل هذا الإجماع كاف في مقام الاستشهاد. ولعل الحديدي سمي كذلك لدخول الحديد في بنائه. وقد يسبق إلى الظن أن اتخاذ السفن في بغداد كان مباحا وطلقا لمن شاء كيف شاء ولم تكن قط حسبة عليه كسائر الصناعات والحرف. ولكن يؤخذ من شهادة الشابشتي أن بناء المراكب كان مقيدا محصورا ليس في جملته فقط بل في تحديد طوله وعرضه. وهو قوله: (اشتهى بعض ولد الرشيد التفرج والتنزه في الماء فأراد أن يبني زلالا يجلس فيه فمنعه اسحق (ابن إبراهيم الطاهري خليفة السلطان ببغداد) وقال هذا شيء لا نحب أن نعمل مثله إلا بأمر أمير المؤمنين وإذنه فكتب إلى المعتصم يستأذنه في ذلك فخرج الأمر إلى اسحق بإطلاقه له. فكتب اسحق: (ورد علي كتاب من أمير المؤمنين بإطلاق بناء زلال لم يحد لي طوله ولا عرضه فوقفت أمره إلى أن استطلع الرأي في ذلك (فكتب إليه يحمده على احتياطه ويحد له ذرع الزلال) (الديارات ص 14 - 15)

وهذا من أدل الدلائل على ما كانت عليه رسوم الولاية ونظام المعيشة والصناعات في الصدر الاول من العصر العباسي من الاحتياط والضبط وقلة الفوضى في أوقات الدعة والسكون وهو ما يبعث على التحسر والأسف أن لا يكون تعرض أحد من السلف لتدوين خصائص هذه الحضارة الباهرة التي تفردت بها على ضفافي دجلة والنيل الدولتان العباسية في بغداد والفاطمية في مصر. افالون (فرنسة): حبيب الزيات (لغة العرب): - من يطلع على هذه المقالة يقدر علم الكاتب. وهو من الراسخي القدم في التحقيق والتدقيق. ونحن نشكره على هذه المقالة البديعة ونستزيده في هذا الموضوع وأشباهه. أما المركب المسمى (الحديدي) فلقد أصاب حضرته المحن. وكنا نحن قد وجدنا (الجدي) في كتاب خطي كان عندنا يقول صاحبه ما هذا حرفة. قال أبو القاسم يحتاج أن تعرف ألوان المراكب من السفن، والسميريات، والمراكب العماليات، والزبازب، والطيارات، والشذوات، والبرمات، والحراقات، والزلالات، والمالست (كذا)، والكمندوريات، والبالوع، والطبطاب، والخيطيات، والجدي، والجاسوس، والورحيات، والقوارب، والشلملي، والزو. اه وكنا قد ظننا أن (الجدي) هي من الروايات الصحيحة، لمشابهة هذا الاسم لاسم الحيوان المعروف، لكننا نرى الآن أن الحديدي هو الصحيح ولم يبقى شك في هذه التسمية بعد أن ذكر لنا الكاتب المحقق الشهادات العديدة التي أورد نصها. (استدراك بخصوص آل قشعم) قلت في هذه المجلة (139: 5) أن أول ذكر عرفته عن آل قشعم في العراق لا يتعدى العقد الثاني من القرن الحادي عشر وفاتني أن كلشن خلفا الذي نقلت عنه الخبر كان قد ذكرهم قبل ذلك. وهذا تعريب ما فيه: ولما دخلت سنة 953 (1546م) سار الوالي الوزير (اياس باشا والي بغداد قاصدا البصرة) فزار بطريقه الروضة الرضية لفاتح خيبر (علي بن أبي طالب) لاستحصال الاستعداد للفتح والظفر ثم حرك الوالي ركابه إلى البصرة بعد أن اتلف شيخ آل قشعم الذي كان قد سلك طريق الطغيان مؤذيا الناس في تلك الأنحاء. . .) اهـ يعقوب نعوم سركيس

الأيام في المعتقدات

الأيام في المعتقدات طبع الإنسان على (الحاجة) وهي وسيلة البقاء وعلة الحياة والحاجة رهينة وقت وزمن؛ لذلك اضطر الإنسان منذ القديم أن يحدد زمنه، فسمى الوقت الذي يجري من طلوع الشمس حتى غروبها يوما، وسمى ذلك اليوم باسم خاص ثم توسعت أعماله وكثرت شؤونه وتوفرت حاجاته فاتخذ السنة رأسا ومبدأ لأعماله وأشغاله، وبها قاس الأعمار وكتب التواريخ، ودون الوثائق. ثم قسم السنة إلى اثني عشر شهرا وسمى كل شهر باسم خاص وقسم الأشهر إلى أسابيع ثم إلى أيام وهذه إلى ساعات فدقائق. . . وقد جاء في التوراة وفي سفر الخلق - أن الله جل وعلا خلق العالم في ستة أيام واستراح يوم السبت (الشباث) من عناء العمل. وقد أيد القرآن الكريم التوراة في ذلك فقد جاء فيه انه خلق الأرض والسموات في ستة أيام إلا انه لم يذكر انه استراح يوم السبت. وأسماء الأيام كانت معروفة لدى الشمريين والاكديين ثم لدى الارميين ثم اقتبس اليهود أسماء الأيام والأشهر من هؤلاء وورد ذكرها في شريعتهم. والتشاؤم من الأيام والشهور قديم جدا ويظهر أن التشاؤم من بعض الأيام والشهور كان شائعا بين عرب الجاهلية. نفهم ذلك من حديثين نقلا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - الاول (لا تعادوا الأيام فتعاديكم) والثاني (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولاصفر) ومن المحتمل أن قد جاءهم هذا التشاؤم والاعتقاد بكثير من الخرافات والأساطير من الأمم التي جاورتهم كالرومان والفرس والأقباط والأحباش وعلى الأخص من اليهود الذين انتشروا في الجزيرة واختلطوا بالعرب وهم اكثر الأمم أساطير واعتقادا بالخرافات و (التلمود) وهو من اكبر كتبهم الدينية حجما مشحون عجائب وغرائب.

أما أسماء الأيام والشهور الشائعة والمتداولة بين المسلمين قاطبة فإنها حدثت أخيرا وذلك بعد صدر الإسلام وأسماء الأيام والأشهر في الجاهلية هي كما يلي: الأحد. الاثنين. الثلاثاء. الأربعاء. الخميس. الجمعة. السبت اوهد. أهون. جبار. دبار. مونس. عروبه. شيار وقد جمعها الشاعر ببيتين: علمت بان أموت وان موتي ... باوهد أو باهون أو جبار أو التالي دبار أو يوافي ... بمؤنس أو عروبة أو شيار الأشهر: المحرم. صفر. ربيع الاول. ربيع الثاني. جمادى الأولى. جمادي الآخرة. مؤتمر. ناجر. جوان. وبصان. ربى. ايدة رجب. شعبان. رمضان. شوال. ذو القعدة. ذو الحجة الأصم. عادل. ناتق. واغل. ورنة. برك والعوام من العراقيين رجالا كانوا أو نساء يتشاءمون من بعض الأيام فيحجمون عن إتيان عمل في بعضها جلبا للخير فتراهم يرغبون في السفر يوم الاثنين ويأخذون الدم (الحجامة) يوم الثلاثاء ويقضون حوائجهم يوم الخميس إلى غير ذلك وحجتهم فيما يزعمون أبيات ينسبونها لأمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وهي شائعة على أفواه العامة: لنعم اليوم يوم السبت حقا ... لصيد أن أدت بلا امتراء وفي الأحد البناء لان فيه ... تبدى الله في خلق السماء وفي الاثنين أن سافرت فيه ... ستظفر بالنجاح وبالثراء ومن يرد الحجامة فالثلاثا ... ففي ساعاته سفك الدماء وان شرب امرؤ يوم دواء ... فنعم اليوم يوم الأربعاء وفي يوم الخميس قضاء حاج ... ففيه الله يأذن بالدعاء وفي الجمعات تزويج وعرس ... ولذات الرجال مع النساء وهذا العلم لم يعلمه إلا ... نبي أو وصي الأنبياء

واعرف كثيرين من الناس لا يتعممون وهم قعود ولا يلبسون سراويلهم وهم قيام ولا يأكلون السمك يوم السبت ويعزون ذلك إلى قول ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وهو: (ما تسبتسمكت قط ولا تعمقددت قط ولا تسرولقمت قط فمن أين جاءني هذا البلاء. ومن نظر نظرة لبيب إلى هذه الأبيات الركيكة المتفسخة وهذه الألفاظ المنحوتة من حجر صم الجبال علم أن عليا وهو إمام الفصاحة لأجل من أن يكلف نفسه نظم أبيات مشلولة المعنى والتركيب مثل التي ذكرناها. وأما الألفاظ فلا اشك إنها من دس الإعجام فإنهم رأوا باب النحت في كتب الأدب فنحتوا وما كفاهم ذلك حتى نسبوها إلى أبلغ وأفصح الناطقين بالعربية بلا مدافع. السبت لا يؤكل السمك فيه خشية الفقر والعوز: والنساء يتشاءمن من الذهاب إلى الحمام فيه إلا (الثيب) فإنها تكون (نفاق) أي انه لا بد وان تتزوج والتي هي ذات (بعل) تكون (طلاق) أي انه لا بد من يطلقها زوجها و (البكر) تكون (عواق) أي أنها لا تحصل على بعل. والصيد فيه محمود. الأحد النساء لا يغزلن ليلة الاحد، والمثل السائر على أفواه النساء في منع الغزل ليلة الأحد هو (يا غازلات الأحد ما نهاجن أحد) أي أيتها الغازلات في ليلة الأحد أما نهاكن أحد؟ لا تخاط الأثواب يوم الأحد ومن تجرأ على ذلك أصابه مرض عضال. يستحسن السفر في مساء الأحد والبناء والتعمير. الاثنين يستحسن تقليم الأظافير فيه وقص الشعر وحلق الأذقان وشراء الأثواب

وخياطتها والذهاب إلى الحمام واخذ (الخيرة) أي - الاستخارة - وتكون على شكلين أما بالسبحة أو بفتح المصحف الشريف. ويستحسن فيه الذهاب إلى الطبيب وخطبة العروس والحجامة - أي اخذ الدم والسفر أيضاً. الثلاثاء لا يجوز خياطة الأثواب والسراويل وغيرها فيه ومن اقدم على ذلك إصابته إحدى الدواهي الثلاث (حريق أو غريق أو موت) ويستحسن فيه اخذ الدم من الجسد وهو المعروف (بالحجامة) الأربعاء لا يعاد المريض يوم الأربعاء في صباحه ولا في مساء اليوم الذي قبله أي مساء الثلاثاء ويعتقدون انهم إذا عادوه يوم الأربعاء ثم مات طالبهم بدمه. يستحسن أكل السمك يوم الأربعاء ومن واظب على أكله أربعين مرة في كل يوم أربعاء هطلت عليه سحاب النعم وتفتحت في وجهه أبواب الرزق والبركة. ولا يذهب النساء إلى الحمام يوم الأربعاء كما لا يذهبن يوم السبت ويعتقدن أن التي تذهب إلى الحمام يوم الأربعاء لابد وان تصاب بنزلة في الرأس. ويستحسن فيه شرب الدواء. الخميس لا يستحسن السفر يوم الخميس مساء ولا في صباح الجمعة والحكمة في ذلك هي لئلا تفوت صلاة الجمعة وهي صلاة مقدسة كغيرها وذلك اتباعا للآية الشريفة (وإذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله. . . . الآية. . .) وإذا حل ضيف في بيت أحدهم وأراد السفر ليلة الجمعة يمنعه الذين أضافوه لأنهم يعتقدون أن (الرزق) يأتي من الله في ليلة من ليالي الجمع وربما كانت تلك الليلة هي التي يسافر فيها الضيف فيكون قد اخذ الرزق معه ويستحسن فيه قضاء الحوائج وشراء الأشياء. الجمعة السفر مكروه يوم الجمعة لئلا تفوت صلاة الجمعة ويستحب فيه الذهاب إلى الحمام وقص الشعر وتقليم الأظافير وزيارة الأصدقاء والأحبة وقضاء الدين والتزويج وعقد خطبة النكاح وإقامة أفراح العرس.

الأشهر الأشهر المحترمة والمقدسة عند العوام من المسلمين هي الأشهر الثلاثة رجب وشعبان ورمضان والثالث معظم ومبجل اكثر من كل الشهور لان فيه انزل القرآن الكريم (شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن. . . الآية) ولان الله فرض فيه الصوم كله على المسلمين. ومن المسلمين المتقشفين من يصوم هذه الأشهر الثلاثة ويلي شهر رمضان حرمة، شهر ذي الحجة (شهر عيد الأضحى) وقد فرض الله فيه على المسلمين المستطيعين الحج إلى بيته واشام الشهور وانحسها شهر (صفر) ولتشاؤم العرب منه أضافوه إلى الخير فقالوا صفر الخير ليرتفع التطير منه ويعتقد العوام ولاسيما النساء منهم أن كسرت سن النبي فيه وعلله البعض بأنه أول شهر الحل وفيه يرتفع الحرم وقد جرت العادة أن يتصدق العوام على الفقراء في أول يوم من صفر. المحرم وهو شهر حزن ومأتم عند المسلمين كافة وفي اليوم العاشر منه حدثت فاجعة الحسين وآله وذويه وفي اليوم السابع عشر منه جرح الإمام علي أمير المؤمنين ويصوم بعض المسلمين في الأيام العشرة الأولى منه. صفر هو انحس الشهور في الجاهلية والإسلام والعوام يعتقدون أن الأمراض والعاهات والآلام تنزل فيه وان لابد أن يحدث فيه حادث جلل أو مصاب كبير لذلك تراهم يتسارعون في التصدق على الفقراء في أول يوم منه. اليوم الثالث عشر من صفر تعتبر العامة هذا اليوم من الأيام النحسة فيخرج النساء والأطفال وكثير من الرجال إلى الارباض والحدائق والجنان المحيطة بالمدينة ويقضون ذلك اليوم كله في سرور وطرب وهذه العادة جارية في (كربلا) واغلب مدن الفرات. (جنبرسوري) آخر أربعاء في صفر جنبر سوري كلمتان فارسيتان اصلهما (جهار شنبة سوء) أي يوم أربعاء السوء وهو آخر أربعاء من شهر صفر وهو يوم شؤم ونحس عند جميع عامة العراق فإذا اصبح الناس في ذلك اليوم خرجوا جميعا إلى البساتين والحدائق رجالا

ونساء وأطفالا وقضوا يومهم بالأنس والحبور ومثله السائر على أفواه النساء (جنبر سوري اخذي ازارج ودوري) أي (جنبر سوري خذي إزارك ودوري) ليلة أول يوم من ربيع الاول يودع العوام في هذه الليلة شهر (صفر) المشؤوم وفي مساء تلك الليلة تتطيب النساء ويتزين ويأخذ كل بيت جرة ماء صغيرة (تنكة) فيضعون فيها ملحا وفلسا نحاسيا وقليلا من الماء فيخرج واد من البيت إلى أعلى السطح ويرمي الجرة على قارعة الطريق أو الزقاق وعندما تقع على الأرض وتتحطم يقف النساء والأطفال في البيت ويصفقون قائلين (طلع صفر خش ربيع يا محمد يا شفيع) أي (خرج صفر ودخل ربيع يا محمد يا شفيع) وفي الصباح تهنئ النساء بعضهن بعضا لخروجهن هن وبعولتهن وآلهن من صفر آمنين سالمين. والعرب المجاورون للمدائن يشعلون سعف النخيل ويدورون ويدخلون في الأكواخ في البيوت الحقيرة من الطين ويزعمون انهم بذلك يطردون شهر صفر! أحمد حامد الصراف (لغة العرب): - أن لهذا البحث أصولا قديمة عند البابليين تلذ للقراء مقابلتها ببعض هذه الأوابد التي هي لا قوام بائدين من العراق. البليج بليج السفينة (والبليج وزان سكين) على ما في محيط المحيط للبستاني: (عود طويل تدفع به. معرب بيله بالفارسية) اهـ. قلنا: لم نجد في ديوان من دواوين اللغة العربية هذا المعنى. أما الكلمة الفارسية التي ذكرها فتعني مقذاف السفينة ولا يمكن أن تنقل بصورة بليج بل بصورة (بيلج) والسلف لم ينطق بها. أما البليج فقد ذكرها صاحب (عجائب الهند) بمعنى الغرفة في السفينة ومؤلف كتاب عجائب الهند من أبناء المائة العاشرة للميلاد. والكلمة من اللغة الماليزية من (بيلق) (وزان زبرج) بمعنى غرفة أو مسكن أو خيمة. فانظر كيف أن صاحب محيط المحيط يؤول الألفاظ وكيف تنتقل إلى سائر الدواوين اللغوية اعتمادا عليه وعلى هذا الوجه تفسد لغتنا الحسناء. وما ذلك إلا لأنه ينقل عن فريتغ بلا روية.

تحقيق بعض أعلام مدن قديمة

تحقيق بعض أعلام مدن قديمة - تتمة - الجرباء يقول ياقوت الجرباء موضع من أعمال عمان بالبلقاء من ارض الشام قرب جبال الشراة من ناحية الحجاز وهي قرية من اذرح وبينهما كان أمر الحكمين بين عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري وروي جربى بالقصر ثم قال: جربى من بلاد الشام كان أهلها يهودا كتب لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما قدم يحنة بن روبة صاحب ايلة بقوم منهم من أهل اذرح يطلبون الأمان كتابا على أن يؤدوا الجزية وقد روي بالمد وقد تقدم. والجرباء اليوم ماءه على يسار اذرح وبجانبها تل ربما كان أنقاض بنايات قديمة ويرى الواقف على هذا التل اذرح أمامه وبجانب التل آثار بناء ربما كانت قلعة أو مخفر. الحميمة (بالتصغير) يقول ياقوت الحميمة بلد من ارض السراة من أعمال عمان في أطراف الشام كان منزل بني العباس ويقولون في مادة الشراة ومن بعض نواحيه القرية المعروفة بالحميمة التي كان يسكنها ولد علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب في أيام بني مروان. ويقول الاصبهاني في ترجمة عيسى بن موسى

الهاشمي انه ولد ونشأ بالحميمة وكان من فحول أهله وشجعانهم وذوي النجدة والرأي والبأس والسؤدد منهم ثم قال: (استدعى عيسى بن موسى مولاه عبد الرحمن بن مالك ليلا من داره وهو بالحيرة وقال له سمعت الليلة في داري شيئا ما دخل سمعي قط إلا ليلة بالحميمة والليلة فانظر ما هو فدخلت استقري الصوت فوجدته في المطبخ فإذا الطباخون قد اجتمعوا وعندهم رجل من أهل الحيرة يغنيهم بالعود فكسرت العود وأخرجت الرجل وعدت إليه فأخبرته فحلف لي انه ما سمعه قط إلا تلك الليلة بالحميمة وليلته هذه). والحميمة اليوم أنقاض قرية كبيرة تشابه في مبانيها وأشكالها اذرح كل المشابهة وفيها مياه خربت مجاريها وقنيها فاستحالت إلى مستنقعات وبطائح ويوصل إليها من طريق معان إلى العقبة بعد أن تجتاز بئر أبي الأسل بساعة يأتي رأس النقب وهو منتهى الشراة (7) ومن هناك تأخذ بالانحدار إلى مضيق سلسلة جبال العقبة وفي هذه النزلة عن يسارك على بعد قليل تبدو لك الحميمة ملاصقة لحدود حسمى وتمتد حسمى من تبوك إلى أول التيه ومن العقبة إلى رأس النقب. ولا يسكن الحميمة اليوم ساكن ويملكها صياح أبو نوير من الحويطات هذا ما علمته من أمر هذه المواضع الثلاثة التاريخية وفوق كل ذي علم عليم. حيفا: عبد الله مخلص

السليفانية

السليفانية - زارني في اليوم 17 من شهر آذار من سنة 1918 رجل غريب الصورة واللباس وجرى لي معه حديث يفيد من يحب الوقوف على أحوال الناس وأخلاقهم وأجيالهم. وأنا اكتب هنا ما دار بيني وبينه من الكلام: الغريب: جئت لا تعرف بك لأني سمعت باسمك فاشتقت إلى مجالستك. هل يمكنني أن اعرف اسمك ومقدمك وقومك؟ غ - اسمي جتو بن حمو، كردي من السليفانية وقد قدمت إلى هذه الديار للبيع والشراء. وأجبرني الشرطي على مواجهة المس بل وهي التي أرسلتني إليك من بعد أن كلمتني نحو ساعة وسألتني أسئلة مختلفة لتقف على كنهي وسبب وجودي هنا؛ ثم قالت لي اذهب إلى الأب انستاس مع هذا الرجل وهكذا اهتديت إليك وإلى مقرك. أن كنت كرديا فكيف تتكلم العربية؟ غ - معاطاتي لأشغال البيع والشراء أدت بي إلى الذهاب إلى الموصل وأنحائها وتعلمت بعض العربية وبعض التلكيفية. أين موقع بلادكم؟ غ - نحن في سهل محاط بالجبال وهذا السهل يمتد من السميل (وزان قبيط) إلى بيشابور، أو أن شئت فقل: من (ثم الكلي) - (وهو مبدأ الطريق من زاخو أو الجزيرة (جزيرة عمر) إلى الموصل). و (ثم الكلي) واد واسع اتخذ طريقا لأصحاب القوافل. - كم عدد قراكم ونفوسكم؟ غ - تبلغ قرانا اكثر من مائة. وعدد أهل القرية الواحدة يختلف بين 20 إلى 40 إلى 60 نسمة فيكون مجمل نفوسنا يتراوح بين خمسة آلاف وستة آلاف نسمة.

- ما لغتكم؟ غ - الكردية. وكثير منا يعرف العربية وربما وجد بيننا من يعرف قليلا من السريانية العامية. - ما ديانتكم؟ غ - الإسلام وجميعنا سنيون على مذهب أبي حنيفة. - ما صناعتكم؟ غ - الزراعة ورعاية المواشي. ونزرع الحنطة والشعير والرز والسمسم والدخن والماش والعدس إلى غيرها. - هل انتم من اصل كردي صميم؟ غ - أني سمعت أقوالا متضاربة في أصلنا. فقد سمعت جدي يقول انه سمع من والده ووالده نقل عما سمع عن شيوخ كثيرين: أن أصلنا نصارى ولسنا من أهالي هذه البلاد، بل جئنا إليها من أنحاء ديار الشام ولهذا ترى في دم بعضنا الدم العربي وفي آخرين الدم الإفرنجي وفي كثيرين الدم الكردي وفي جماعة الدم الكلداني. فنحن خليط من عناصر شتى كنا في الأصل نصارى ثم اهتدينا إلى الإسلام قبل نحو ثلاثمائة أو أربعمائة سنة حين تسلط الأتراك على هذه الديار. هل بينكم نصارى؟ غ - من يقل (سليفاني) ينف عن نفسه أي دين كان والحمد لله إلا انك ترى في جوارنا نصارى عديدين لكنهم لا يسكنون قرانا. فأهل بيشابور نصارى كلدان وكذلك ترى نصارى كثيرين في زاخو والجزيرة وهم يترددون إلينا ثم يرجعون إلى مواطنهم. أرى ملبوسكم لا يشبه ملبوس سائر الناس. فما أسماء ملابسكم هذه؟ غ - ملبوسنا يسمى الشل والشبك. أما الشل فهو هذا الذي نلبسه على قسم جسدنا الأعلى. وهو يشبه الستري ينحدر من الكتفين إلى الحقوين. وأما الشبك (وتلفظ بشين مثلثة مفتوحة وباء مثلثة تحتية أو باء فارسية مشدودة مضمومة وفي الآخر كاف) فهو نوع من السروال الواسع عريض الأسفل من جهة الرجلين وكل من الشل والشبك متخذ من

الصوف الخالص ومن عمل ايدينا؛ لاننا لا نشتري شيئا غريبا يدخل في لباسنا ولابد من الصوف لان بلادنا باردة - ونلبس في راسنا الطاقية وهي كما تراها (راجع وصفها في مجلتنا 2: 282 وما يليها) ونلف عليها اليشماغ (راجع مجلتنا 2: 508 وما يليها). أما كبارنا فيشدون العقل برؤوسهم (واحدها عقال) وبأرجلهم يلبسون الأحذية. ومنهم من يحتذي الجاروخ (راجع لغة العرب 3: 237) ويسميه بعضهم كالك أما الحذاء فاسمه عندنا بيلاف ونساؤنا يلبسن ثياب سائر الكرديات. - هل عندكم من يتعاطى قطع الطرق أو ما كان من هذا القبيل؟ غ - الأشرار موجودون في كل بلد وأمة. فقد قتل واحد منا عدة رجال في ليلة عرس قبل نحو خمس سنوات. - هل عندكم من يحسن القراءة والكتابة؟ غ - ربما وجد واحد أو اثنان في القرية الواحدة. والآن تهتم الحكومة بفتح المدارس لتعميم العلم في القرى الكبيرة. هذا معظم ما استفدته من جتو بن حمو. وفي هذه الأيام تعرفت بنصراني كان يتعاطى البيع والشراء مع هذا الجيل فسألته مثل هذه الأسئلة لأرى موقعها من الصحة فلم أر فرقا بين ما سمعت من السليفاني وبين ما سمعت من النصراني ثم ذكر لي هذا الأخير أن السليفانية قد يقطعون الطرق إذا ضاقت بهم الحال. فقد قتلوا قصابين نصرانيين صبيا وأباه سنة 1919 ليأخذوا ما عليهما من الدراهم وكانت شيئا كثيرا إذ ذهبا إلى ديار السليفانية ليشتريا بقرا وغنما. وهم كثيرا ما يتعرضون للذين يترددون بين زاخو والسميل في مكان يعرف باسم (مروني) فقد سلبوا قافلة نصرانية من تلكيف. وكان اسم السارق الكبير أو اسم العقيد (عبوش بن عبدي غزالة) وكان اسم رئيس القافلة (كرومي جبو) فشكاهم وحصل ماله كله. وهجم عسكر الحكومة العراقية على بيت عبوش فهرب هذا بعيدا عن دياره مدة خمس سنوات وبيعت جميع عروضه في أسواق زاخو.

وفي سنة 1925 قتلوا مسيحيا بين (قرقورة) وبين (بات القوس) - لان النصراني أبى أن يبيع ثيابا (أقمشة) بالدين. ويسمون هذا النوع من الثياب بروك رأينا في أصلهم قول جتو أن اصل جيله خليط من نصارى عرب ومن دخلاء الإفرنج قول يؤيده معنى كلمة سليفانية. فهي عندنا منسوبة إلى سليفانا وهي تصحيف صليفانا ومعناها في اللغة الارمية الصليبي لان الباء تلفظ في لسان الكرد قاء مثلثة كالحرف الإفرنجي ولهذا نعتقد بصحة قول الرجل أي أن اصل جيله من النصارى أو انهم طائفة من (الصليب) وهم بقايا من عرب سورية كانوا نصارى في الأصل ثم نكبوا نكبات شتى فأقاموا في البادية وانضم إليهم إفناء بعض القبائل الأخرى أو بعض نفايات الإفرنج فصاروا إلى ما هم عليه اليوم، فاسمهم يدل علمانهم كانوا نصارى في القديم. الابلة الابلة: (بلدة على شاطئ دجلة البصرة العظمى، في زاوية الخليج الذي يدخل إلى مدينة البصرة. وهي اقدم من البصرة، لان البصرة مصرت في أيام عمر بن الخطاب (رض) وكانت الابلة حينئذ مدينة فيها مسالح من قبل كسرى وقائد) (ياقوت) والاسم قديم كان معروفا في المائة الرابعة قبل المسيح، وقد ذكره نيارخس الرحالة بصورة ابلجس وقد ذكر عن هذه المدينة أنها مستودع بياعات خليج فارس: وقد وهم ارتليوس في ظنه أنها (تردن أو تردم أو تدمر) أي البصرة في هذا العهد.

غادة بابل

غادة بابل 4 - شقت الشمس أهاب الظلام وأرسلت أشعتها على قصور بابل وهياكلها زجنات الفرات ومزارع دجلة فهب البابليون من النوم للعبادة والأعمال من تجارة وزراعة وصناعة وتثقيف العقول في المدارس إلا شميرام فإنها تأخرت في فراشها ذلك اليوم لأنها قضت ليلها حتى الهزيع الأخير منه بين الهواجس والآلام والأشباح: فكانت تارة (تستلقي على فراشها الوثير وتسند رأسها إلى ذراعها المزينة بأساور الذهب مفكرة بشمشو، وطورا تضيق نفسها فتترك غرفة النوم وتناجي النجوم وتسامر الكواكب وترقب حركاتها في أفلاكها وترصد الأبراج والأجرام السماوية وتتذكر ما قرأته عن مفاعيلها في الألواح (وحي بل) المدونة منذ عهد شركسنشاري ملك أجد. ولم يزر الكرى أجفانها إلا بعد عناء شديد نهك قواها وأذاقها مضض السهاد والأرق وكان نومها أشبه شيء بإنخطاف الروح أو بغيبوبة عن الشعور. أتت أمها وأيقظتها فانتبهت مذعورة وكأن لسان حالها ينشد: كليني لهم يا اميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب ثم ذهبت إلى الهيكل لاستشارة العرافة الشهيرة (زخنتم) الواقفة على علم الغيب والقادرة على اسر القلوب بسلاسل الحب وبكتابة الرقي. فتوجهت توا إلى دار العابدات الحبيسات الملاصقة للهيكل فرأتهن عاكفات على أعمالهن. وهن خمس فرق. لكل فرقة منهن منزلة وعمل. ولهن أنظمة خاصة بهن وتباح لهن التجارة ولا مانع لهن من عقد العقود. وهذه هي فرقهن (انتو) الأخت المقدسة، (اشيباتو) الكاهنة، (زيكرو) السرية المقدسة، (قدشتو) المرأة المنذورة، (زرمشيتو) عذراء الهيكل.

بعد أن سلمت عليهن أخذتها إحداهن إلى (الانتو) زخنتم وهي امرأة عجوز أرعشها الكبر وتقوست قناتها واشتعل رأسها شيبا درداء متغضنة الجلد قحلته. فأخذت شميرام تقص عليها حديث لشمشو وإعراضه عنها وتعلقه بغيرها من بنات بابل وطلبت منها أن تسخر علمها فتسأل الآلهة أن تأسر قلبه بحبها وتقصيه عن عشيقته الأخرى. فأطرقت زخنتم طويلا وأخذت تتمتم ألفاظا سحرية كأنها تناجي الأرواح أو الإله ثم سألتها عن اسمها واسم عشيقها ويومي ولادتهما ورجعت إلى رقيم أخذته من رقم كانت بجانبها ورأت فيه بعض الخطوط وحساب ولادة القمر وقرانات النجوم والبروج وسمت الشمس ثم التفتت إلى شميرام وقالت لها: حبيبك رجل عنيد، شديد المراس، ولكنه صريع العشق قد ساد حب غيرك على قلبه وليس من الهين نزع هذا الحب المستحكم في كل جوارحه. وسيلاقي من جرائك الأمرين وتلتف حواليه البلايا من يد سحرية قوية إلا انه لا يتوصل إلى الزواج من حبيبته، بل تموت كمدا والما ويبقى هو بلا زواج عهدا طويلا ثم يأخذك مسيرا بالأقدار غير مخير وتعيشين معه آمنة مطمئنة سعيدة حتى الموت. صمتت زخنتم وأخذتها رعشة وغارت عيناها وهي تنفث وتزفر وقد زبد شدقها وانتفخت أوداجها ثم همدت تلك الوقدة منها وقبعت في جلدها وظلت شاخصة بنظرها كأنها تقرأ كتابة سحرية تخطها يد سحرية على لوح الأقدار ثم استأنفت تكهنها قائلة دون رغباتك بنيتي أسرار وعقبات وأهوال. ألم تشفع بك الآلهة وترأف بك تهدم آمالك ويضوي شبابك وتقصف أيامك. فاسترضي الآلهة بالنذر والقرابين. ثم اعزم لك واكتب رقية تعالي غدا تجديها مجهزة لأني اليوم قلقة البال حزينة للفاجعة التي نزلت بإحدى الحبيسات اللواتي ساقتها الأرواح الخبيثة إلى حانة فشربت مسكرا متخذا من عصير التمر مسكرا وآخر من الشعير ودفعت الثمن فضة عوضا عن أن تدفعه شعيرا فأنقصت البائعة سعر المسكر فحكم العدل على الحبيسة أن تحرق حية قصاصا لها على اجترائها على الدخول إلى الحانة وحكمت على البائعة، لقبولها الفضة عوض الشعير ولإنقاصها ثمن المسكر، بإلقائها

في الماء. على ما جاء في شرائع ملكنا حموربي العظيم. وقد ألقيت الأخت المقدسة في الأتون واحترقت. وقد اثر فينا هذا القصاص كل التأثير وألقى الرعب في قلوبنا. فهمت شميرام بالانصراف إلا أن العرافة زخنتم أوقفتها وقالت لها لا تنسي النذر فاذهبي الآن به إلى مخزن القرابين في الهيكل. وها انك ترين على الباب إحدى السراري المقدسة (زيكرو) فتأخذك إلى ذلك المخزن. فأخذتها السرية المقدسة وسارتا جنبا إلى جنب في تلك الدار فوصلتا إلى باب غرفة فتثاقلت عنده السرية وقالت لشميرام ألا تتوقعين إلى مشاهد الخدر الإلهي حيث ينحدر الإله ليلا فيقدس العذراء التي يختارها من بنات بابل. وكانت شميرام تتلظى شوقا إلى زيارة ذلك الخدر الإلهي الذي تتحدث به الألسنة في بابل. فدخلتاه ودهشت شميرام لما رأت فيه من الأثاث الفخم والرياش الزاهر الزاهي. هناك أريكة من الفضة المرصعة بالعاج تمثل صيد الخنازير في مستنقعات الفرات الأدنى وأرجلها تمثل اسود جاثمة ومسرجة من الفلز وفيها قطع متدليات من اللازورد والعقيق. وجام من الذهب الإبريز قد نقش عليه صورة عقاب ناتئة تنقض على طائر تفترسه. وقارورة من الصلبي القاتم متقن الصنع مصورة فيه أشكال هندسية. وسرير من خشب الأرز المجلوب من لبنان وعليه فراش وثير كبير من حرير ملون ألوانا زاهرة وعليه وسادات ونمارق من صنع (صور) مزخرفة مرقشة. وإلى جانب السرير خوان من ذهب). وكانت السرية المقدسة تحدث شميرام عن العرائس الإلهية أو السراري المقدسة بالتلميح والتلويح لما كان يخامرها من الشك والارتياب من أمر زيارة الآلهة ولما كانت قد اطلعت عليه من تدليس الكهان وحيلهم وقالت لها أريد أن آخذك إلى الهيكل ذهاب من النفق السري فالدهليز الخفي الذي يفضي إلى المقدس. ورفعت طنفسة من تحت السرير فنزلتا سلما ذات ثلاث مراق في ظلام حالك وبعد أن سارتا قليلا لم تشاهد شميرام نفسها إلا في المقدس فعرجتا على دار المؤن والقرابين.

وما أدراك ما دار القرابين؟ هي دار يتجمع فيها من الصقع كله البر والشعير والذرة والسمسم والمواشي والأنعام والدجاج وأنواع الطير من حمام ويمام وغيرهما بل هناك العسل والزبد والخمر والدبس والتمر والفواكه والأحجار الكريمة والمعادن الثمينة والأنسجة الغالية ومن هذا الدخل ما يأتي من عقارات الهيكل ومنه من الزكاة ومنه من النذور. فيرتع الكهان ورجال الدين في بحبوحة هذا النعيم باسم الآلهة وعلى حساب الأرواح. ويستغلون بهذه الحال تعب الفلاح وربح التاجر وجهود الملاك ودموع البائس وتنهدات الأرملة فلم ترتح شميرام إلى مظاهر الوثنية وفريات الكهان وشعوذتهم وحدثتها نفسها الثائرة بان تقلع عن الشغف بشمشو وتدع المقادير تجري في أعنتها كأن شعلة نور اتقدت في ذهنها وروح إيمان جديد هبط على قلبها فتملصت من السرية المقدسة بدهاء موطنة النفس على أن لا تعود إلى جنون الهوى واسر الجوى وقيود العرافين ومهازئ السحرة. لندع شميرام في وحدتها هادئة البال بعد أن ألقت عنها هموم العشق ومؤثرات السحر ونعد إلى شمشو فانه بعد أن اقترض المال من أجيبي نزل أسواق بابل واخذ يبتاع البضاعات والتجارات ويوصي النساجين بأنسجة تروج في بلاد أشور ونائري. ومن التجارات التمر والقصب من بابل والعطور والتوابل والجواهر التي كان يحملها التجار الفنيقيون من بلاد العرب والهند والأنسجة الأرجوانية التي تأتي من صور وأنسجة بابل من القطن والكتان والصوف وكانت أرضها حمراء عليها نقوش زرقاء أو أرضها زرقاء عليها نقوش حمراء منها مسيحة (مقلمة) ومنها محققة ومنها مربعة. ومنها منثور عليها شبه حب الحمص أو أقراص متجمعة حول قلب الدائرة. وبعض التحف النادرة التي ابتاعها من بعض التجار القادمين من مصر. وحزم جماله واعد العدة للسفر. وشد الرحال وكرى دواب السفر من صاحب القافلة فمكان دأبه الترحال بالبغال والجمال والحمير بين بابل وأشور وأرسل إليه الأهل والأصدقاء بزاد السفر هدية. وفي مقدمة المهدين خالد سلمان كرادو. وتمكنت الأمة نتو من دس الحشيش الذي أعطاها إياه الكاهن بيروس في الحلوى المتخذة من الدقيق والتمر ولم يطلع على هذه الفعلة الشنعاء أحد

من أهل البيت لا ريماة ولا ابنتها شميرام. قبيل اليوم المضروب للسفر جاء بيروس لزيارة شمشو مودعا إياه وقال له في مطاوي الكلام: لي ابن دعي قد تبنيته. ولم يكن له أب ولا أم ولم يعرف له والدا ولا والدة و (لم يكن له ذكر إلا في البئر. وقد دخل العالم في الطرق) وقد اختطفته من أفواه الكلاب وأنقذته من مناقير الغربان وعلمته في اخمصيه بخاتم الشاهد وعهدت به إلى مرضعة وتعهدت لها مدة ثلاثة أعوام بالدقيق والزيت والثياب وبعد انتهاء عهد الرضاع تبنيته وربيته ليكون لي ابنا فسجلته كذلك. وقد بلغ اليوم سن المراهقة وارغب في أن تأخذه معك في السفر ليتدرب على أعمال التجارة ويحسن خدمتك ولا أظنك إلا فاعلا. فلبى شمشو طلبه وأعرب عن سروره لتمكنه من القيام بمثل هذه الخدمة ووعده بأنه يدرب ابنه على أعمال التجارة احسن تدريب. وكأن بيروس لم يثق من نجاح مساعيه في إهلاك شمشو بالحشيش السام الذي حمل نتو على دسه في الزاد فزاد في الطين بلة بأن أوصى ابنه إذا مات شمشو في الطريق بان يستولي على أمواله. وإذا سلم من المخاطر وترك تخوم بلاد أثور حيا أن يغتاله ليلا في الطريق بدعوى أن شذاذا هجموا عليه وقتلوه شر قتلة. في مساء ذلك اليوم علم شمشو أن سفر القافلة تأخر إلى بضعة أيام للقيام بشعائر الدين والاحتفال بعيد رأس السنة (اكيتو) الذي يبتدئ في اليوم الاول من شهر نيسانو ويمتد عشرة أيام. وهو من الأعياد الكبرى عند القوم لا بل يفوق جميعها عظمة وبهاء مثل عيد الحصاد المحتفل به في الشهر السابع من السنة وغيرهما. وكان البابليون في تلك السنة قد أعدو العدد ليكون الاحتفال بهذا العيد شائقا تتجلى فيه مظاهر الفرح والسرور بأتم مظاهرها وأسنى غررها لأنهم تنفسوا الصعداء بملكهم الجديد شمشو موجين بن اسرحدون ملك أثور والذي أمه

نكعة البابلية. لما انسوا فيه من حب الاستقلال والجنوح إلى تحرير بابل من قيود عبودية أثور وميله إلى بسط أجنحة العمران على مدن بابل وسهولها وفرحوا بانتهاء إعادة بناء بابل بعد أن خربها جده سنحاريب ملك أثور لأنه كان قد استأصل المدينة والهياكل وخربها واحرقها بالنار ودمر الجدران والأسوار ومعابد الآلهة والزقورات المبنية بالأجر وباللبن وملأ قضاة ارحتا من أنقاضها) وكان من دواعي ابتهاجهم في تلك السنة إعادة تمثال الإله مردوخ من بلاد أشور قبل بضعة اشهر وكان قد احتفظ به الآشوريون منذ أن سلبه من بابل سنحاريب وانقطعت الملوكية منها وتعطلت الشعائر القائمة على أن يتقدم الملك من هذا الإله ويأخذ يده ويستمد العون منه في مثل هذا اليوم وقصارى القول كانت قد تضافرت كل الأسباب ليكون عيد (اكيتو) في هذه السنة مستجمع شروط الآبهة المسرات. خرج الملك شمشو موجن في صباح العيد لابسا لباس مجده ومزينا بالحلي والجواهر. وكان قوام حلته: ثوب طويل متدل إلى أخمص القدمين من كتان رفيع نسج في معامل بورسيبا مطرز تطريزا متقنا وفيه حواش وأهداب قد حبس عند الخصر بمنطقة تتدلى خيوطها حتى القدمين وفي آخر تلك الخيوط عثاكيل (شرابات) كبيرة وفوق هذا الثوب دثار من الصوف يكاد يكون بطول الاول مفتوح المقدم وموشى ومصبوغ أصباغا براقة وفيه صور بشر وحيوانات وأزهار ورسوم أخرى ولا سيما على الصدر فانك كنت تشاهد رسوم جماعات من البشر أو الحيوانات. وفي الثوب حواش وعثاكيل (بساكيل) متدليات. وكان على رأسه تاج مخروط الشكل مزين بالأزهار ومرصع بالحجارة الكريمة على بساط من حرير والتاج مطوي ثلاث طيات أو متخذ من ثلاث قطع تتلى منه ذؤابتان على ظهره تكادان تصلان إلى قدميه. وكان جيده وذراعاه عارية حتى المرفق. وفي جيده اكثر من قلادة واحدة ذات أشكال لطيفة وفي ذراعيه سواعد. وفي معصميه اسورة جميعها متقنة

الصنع تدل على ذوق عال وجمال رائع وكان خشل السواعد والاسورة على صور رؤوس اسود ومنها أعلى صور رؤوس حيوانات أخرى وفي أواسط بعض الاسورة نجوم وفي أواسط غيرها صور ورد منزلة فيها حجارة كريمة. وفي أذنيه قرطان ثمينان. وكان متقلدا سيفا وخنجرين ومتكئا على قوس وفي إحدى يديه سهمان وفي رجليه خفان نعلاهما من جلد يغشيهما من فوق غشاء يغطي العقب وطرفي القدم ويبقى عسيبها وأصابعها مكشوفة وفي هذا الغطاء سفائف تتصل بها ابازيم. والسفائف ملفوفة لفين على العسيب تشتبك في أعلى القدم وتلتف حول الإبهام ثم بينه وبين السبابة. وألوان الجلد تختلف في الخف. فالجلد الذي يغطي العقب احمر أما معظم الخف فاسود بحواشي حمراء والسفائف سوداء. وكانت لحيته طويلة معفوة عفوا فنيا (أي مسرحة تسريحا فنيا) وقد نظمت اللآلئ في شعرها فأكسبت الوجه جلالا وهيبة. ويخيل إلى من يراها وهي على ذلك التنسيق العجيب إنها غير طبيعية بل من عمل مهرة الصناع في بابل. فتقدم بموكبه الحافل إلى الهيكل. وعلى مركبته وفوق رأسه المظلة وحاشيته من الخصيان والأمراء والوزراء ووراء موكبه الجماهير الغفيرة من رعيته للاشتراك معه بشعائر الدين. فدخلوا هيكل (اسجيلا) المرصد للإله مردوخ وانضم إليهم الكهنة والكاهنات من كل الطبقات. وبين طبقات الكهنة (شنجو مخو) (أو راس الكهنة) و (الزمرو) أي (المزمرون) و (البشيشو) (المدهون بالزيت المقدس. و (الشئيلو) (مفسرو الأحلام) والمعزمون. و (الكالو (والللارو والنارو)) وهم (الموسيقيون) و (البارو) (العرافون) وغيرهم ومن طبقات الكاهنات التي تضاهي بعض وظائفهن وظائف الرجال المار ذكرهم وبينهن المنشدات لمراثي الندامة. في هذا المهرجان العظيم تقدم الملك من تمثال الإله مردوخ بعد أن لبس قلادة مقدسة رمزية قدمها إليه رئيس الكهنة وهي من قطع تمثل الشمس والقمر والكواكب، وعمرة مقرنة وقهوبة (أي خطافا ذا ثلاث شوكات) وبسط ذراعيه

إلى الإله مردوخ بكل جلال واحترام ثم وضع يده في يد الإله واستمد منه الأيد الإلهي وتلا صلاة خشوعية أودعها نفسه وشعبه في حماية مردوخ. وابتهل إليه أن يبارك غلات الزرع وينصره على الأعداء ويمنح البابليين الظفر ويدفع عنهم البلايا والأمراض والقحط فاخذ المرتلون ينشدون ترنيمة مردوخ وبينهم النساء فعلت الأصوات الرخيمة عنان السماء وعزفت الآلات الموسيقية وحمل تمثال الإله ورفيقته (سربنيت) وشرع الجمع يطوف بهما في جادة الطواف (ايبور شابو) ثم التقى الجمع بفرقة من الكهنة والمتعبدين حاملين تمثال الإله (نبو) الذي آتى به من بور سيبا لزيارة أبيه الإله مردوخ في (اسجيلا) بمناسبة راس السنة. فبلغت الحماسة اشدها عند ملاقاة الأسرة الإلهية وفاض بحر العاطفة الدينية عند القوم حتى بلغ سيلها الزبى. وبعد أن انتهى الجمع من الطواف عادوا إلى هيكل (اسجيلا) ونحروا الضحايا والقرابين هدية لزواج الإله مردوخ وقرينته سربنيت ذلك الزواج الإلهي الذي يعتقد البابليون انه يتم في مثل هذا اليوم. وكانت الضحايا كثيرة حتى فاضت دماؤها وجرت انهارا. وما عتم أن أعلن الملك شمشو موجين اسم السنة الجديدة بموجب عادة البلاد. فكانت تسمى تارة باسم نصر أحرزه الملك وطورا باسم ترعة فتحها ومرة باسم رئيس كهنة أقامه إلى غيرها. وما كاد يفوه الملك باسم السنة الجديدة حتى سار رجال البريد إلى أطراف المملكة وضربوا في مناكب الأرض ينقلون اسم السنة إليها. وفي هذه الأيام أيام الأعياد العشرة كنت ترى الهياكل غاصة بالمتعبدين النادمين على خطاياهم وآثامهم يطلبون الغفران من الآلهة بتوسط الكهنة وبأدعية مؤثرة في القلوب حتى فاض بحر النحاس بماء الإراقة. وما بحر النحاس إلا جرن أو حوض كبير من النحاس يحفظ فيه ماء الإراقة لكي يستعطفوا أولئك الآلهة ويستجلبوا رضاهم عليهم. حتى إذا ما عقدوا اجتماعهم في هذا العيد في (ندوة الأقدار المقدسة) برئاسة مردوخ ونبو كتوم الندوة يكون حكم الآلهة

الذي لا مرد لقضائه لسعادة النادمين ورفاه عيشهم وتمتعهم بالصحة والهناء ولاستمطار الخيرات والبركات عليهم. وكان مسك الختام لهذا العيد حفلة أقيمت في اليوم العاشر اشترك فيها جميع البابليين فافتتحوه بالشعائر الدينية والطواف المقدس وقضوه بالأفراح والمسرات والزيارات. وكانت أيام العيد العشرة فرصة سانحة لالتقاء الشبان بالشابات في الهياكل أو مفترق الطرق أو الزيارات شأن كل الاجتماعات العامة في العالم. فمر شمشو في اليوم العاشر أمام هيكل الآلهة اشتر ورأى حشدا من الناس قد اجتمعوا ينظرون إلى النساء اللواتي كن جالسات في دار ذلك الهيكل مكللات بتيجان من فتيل الغزل وهناك طرقات مقسمة بحبال ممدودة على الأرض فيتمشى فيها الرجال الغرباء لينتخبوا لنفوسهم ما احبوا من النساء وإذا دخلت المرأة هذا المحل لا تعود إلى بيتها قبل أن يعطيها أحد الغرباء دراهم ويأخذها خارج الهيكل ليقضي منها مأربا وحينما يضع الدراهم على ركبتيها يقول لها (بجاه الآلهة مليتا (أي اشتر)). وكانت تلك العادة سنة عند البابليين إذ تفرض على كل امرأة ولدت في بلادهم أن تذهب مرة في حياتها إلى هيكل اشتر لتسلم نفسها إلى رجل غريب. والنساء المتكبرات اللواتي يأنفن من الاختلاط بغيرهن كن يحملن إلى الهيكل على مركبات مغطاة وهناك يجلسن وحولهن خدمهن. والمرأة التي تلقى لها الدراهم لا تجيز لها الشريعة أن تتمنع من الذهاب مع الرجل الذي ألقى لها الدراهم مهما كانت منزلة ذلك الرجل. وكانت الجميلات الرشيقات القد يجدن سريعا من يلقي لهن الدراهم ويأخذهن معه فيلتفتن إلى الدميمات ويعيرنهن. وقد يحدث للمرأة الدميمة أن تبقى في الهيكل ثلاث أو أربع سنوات بلا جدوى صابرة على هذه البلوى. وبعد أن يقضي من المرأة مأرب بموجب تلك السنة تعود إلى بيتها ولا يتمكن الرجل الغريب التقرب منها ثانية ولو فدى كل ماله في سبيل الحصول عليها. تقدم شمشو فرأى شميرام وحتراء واقفتين فاستغرب اجتماع الضدين فاقترب منهما وسمع شميرام تنتقد تلك العادة الشائنة وتستهجن تلك السنة

المعيبة لها: ديدنك يا بنت الخال الخروج على الدين والاستياء من جميع التقاليد والسنن فلم لا تكونين مثل حتراء حليمة وديعة مسالمة؟ شميرام - تثور نفسي من كل معوج لا يتفق والعقل السليم والآداب الصحيحة. فالحلم في غير موطنه ضعف، والوداعة في غير محلها خطل والمسالمة في غير وقتها جبن. ثم تبسمت وقالت له: ما ألومك، يا شمشو، لأن الهوى يعمي ويصم. ثم تفرقا. يوسف غنيمة كوريش كوريش هو اسم بابل الحالي، وبابل هو الاسم القديم. وإنما سميت كوريش باسم كورش الملك الفارسي مصغرا للدلالة على التكبير أو التحبيب. وهو الذي ثل عرش إشتياج ملك ماذية في سنة 550 ق. م. وهدم مملكة الكلدانيين في سنة 539 ق. م، فدخل بابل في شهر تشرين الاول من تلك السنة، ومن ذيالك الحين عرفت بابل بكويرش (مصغرة إلى يومنا هذا). كيل موضع واقع في شمالي جمجمال (بجيمين فارسيتين)، وهو غزير النفط واسع النطاق، ونفطه من احسن الأصناف ونقي كل النقاء حتى انك لا تجد ما يشبهه في الصفاء. ويؤكد أصحاب الخبرة انه افضل من النفط الروسي في الاحتراق مع أن أهالي ذلك الصقع يصفونه على طريقتهم القدمى، فكيف لو صفي على الأسلوب الروسي الحديث؟ نمرود شهرة نفط هذا الموطن دون شهرة نفط سائر الأنحاء ولونه اسود أو يكاد. وينز في ارض طول ميدانها 800 متر، ثم يتحدر في دجلة.

فوائد لغوية

فوائد لغوية لا تقل البحر الأبيض بل بحر الروم أو بحر الشام كثر ذكر البحر الأبيض في جرائدنا العراقية ومنها ما زادت على (الأبيض) قولها: المتوسط، فصار البحر الأبيض المتوسط. وكل ذلك غير معروف عند سلفنا. والذي عرفوه هو (بحر الروم) أو (البحر الرومي) أو بحر الشام على أن المترجمين في أوائل القرن الماضي، نقلوا عن الإفرنجية معناها فقالوا البحر المتوسط لأنه يتوسط العالم القديم أي آسية وأفريقية وأوربة. فرضينا بذلك لان الأقدمين من آبائنا نقلوا معاني بعض الكلم الأجنبية إلى لغتنا نقلا معنويا. أما (البحر الأبيض) فليس له ذكر في كتب مؤلفينا الأقدمين. طالع ياقوت وأبا الفداء والمسعودي واليعقوبي وابن خلدون وغيرهم، فانك لا تجد للبحر الأبيض ذكرا. نعم للإفرنج (بحر ابيض) يتخلج من الاقيانوس الجامد الشمالي في شمالي روسية. وقد عرفه المعاصرون باللفظيين اللذين ذكرناهما. لكن لم يريدوا به البحر الرومي، كما يظنه بعض المغفلين. أما من أين أتانا هذا الوهم، فهو من ناقلي مصنفات الترك إلى لغتنا. فان جيراننا المذكورين يسمون بحر الروم (بحر سفيد) أو (آق دكيز) وكلاهما يعني (البحر الأبيض) الاول مركب من (بحر) العربية و (سفيد) الفارسية بمعنى الأبيض والثانية من (آق) أي ابيض و (دكيز) أي بحر وكلاهما في التركية. وقد بحثنا عن سبب هذه التسمية في قاموس الأعلام لشمس الدين سامي فراشري فلم نجد لها شرحا كما لا يعرفها سائر الأقوام المنبتة على سواحله. افنجد بين القراء من يذكر لنا ذلك معتمدا في كلامه على مصنفات الأولين وان كانوا أجانب؟ أما رأينا الخاص فهو أن الأتراك سموا بحر الروم بالبحر الأبيض من باب

تسمية الكل باسم الجزء. فانهم سموا في الاول بحر الجزائر اليونانية بالبحر الأبيض وهو المعروف ببحر (ايجي) وسبب هذه التسمية أن هناك جزرا عديدة كلسية المادة جرداء تبدو بيضاء للعين بعد ظهور الشمس؛ ثم توسعوا بعد ذلك في التسمية فأطلقوها على البحر كله. أما ما ذكره الأب بلو اليسوعي في معجمه الفرنسي العربي من أسمائه عند العرب هو البحر الأبيض فخطأ صريح ومثله وهم يوسف حبيش والنجاري وغيرهم من أصحاب المعاجم الإفرنجية العربية أو العربية الإفرنجية. أغلاط المعاجم في جمع مسناة المسناة شائعة عندنا ومعروفة عند الكبار والصغار بمعنى كما أن جمعها مشهور عند الجميع وهو مسنيات؛ لكن إذا بحثت عم هذا الجمع في محيط المحيط ذكره لك بصورة مسنوات (كذا) ثم زاد على هذا الوهم قوله: (وهو شاذ والقياس مسنيات) فرسخ في أذهان الكتاب انه مسنوات. وقد وصل هذا الوهم إلى البستاني من فريتغ. ثم سرى من محيط المحيط إلى جميع المعاجم اللغوية الحديثة. وفي مقدمتهم اقرب الموارد فانه ذكر في مادة س ن وما هذا حرفه: المسناة العرم، وهو ما يبنى في وجه السيل والجمع مسنوات. وهو شاذ والقياس: مسنيات. وفي الأساس: (عقدوا مسناة ومسنيات لحبس الماء) اه. فهل رأيت بعد هذا الجهل جهلا ادهى؟ فقد نقل عن صاحب الأساس أن جمع مسناة مسنيات ومع ذلك يقول: جمعه مسنوات وهو شاذ. والحال انك لو بحثت عن هذا الجمع في جميع الكتب العربية فانك لا ترى له أثرا. فأصحاب القاموس والتاج ولسان العرب لم يذكروه لأنه مقيس؛ اما الذي ذكره فهو الزمخشري في كتابيه الأساس ومقدمة الأدب. وجاء بعد الشرتوني الأب بلو اليسوعي في معجمه العربي الفرنسي والأب حواء اليسوعي في معجمه العربي الإنكليزي والأب لويس معلوف اليسوعي في منجده وجرجي شاهين عطية في معتمده، وياله من معتمد! - ولو تتبعنا جميع من وقع في هذه الهاوية البعيدة القعر برأينا غيرهم. وبهذا القدر مجزأة لمن يريد أن يحقق جهل لغويينا المتأخرين وخلوهم من معرفة أوائل قواعد الصرف والنحو!

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة الشعر في مصر لقد جاء نقدكم لفوضى الأدب في مصر بمناسبة تعليقكم على رثاء أبي شادي للفقيد الجليل الدكتور يعقوب صروف (راجع ص283 ج5 س5) - من اسطع الأدلة على حاجة الأدباء في العالم العربي إلى مجلتكم القيمة، لان هذه الشجاعة الأدبية العظيمة المحمودة التي تضيء بها سبيل المهتدين من اندر النوادر في هذا العالم العربي المنكوب (بالمحسوبية) والمحاباة والمجاملة إلى درجة مزرية بالأخلاق والشرف. وبين الأدباء في مصر من يدهشهم تعالي أدباء العراق عنهم، ناسين أن هذا لا يرجع إلى كبرياء وغطرسة في الطبع، ولا إلى غرور ممقوت، وإنما يرجع إلى سبب خلقي معقول: فان الكثير من الصحف والمجلات المصرية تستهويه المجاملات، ويدين في باب الأدب عامة والشعر خاصة إلى نفوذ شوقي بك. وهو من نعلم جميعا في غناه غير المكتسب، وهو من أصبحنا ندرك أن حظه الأدبي في هذه الدنيا الطنطنة باسمه على حساب غيره، لا ليقال انه شاعر العالم العربي فقط بل شاعر العالم اجمع، وإلى هذه الغاية تتجه جميع حركاته وسكناته وروحاته وغدواته، وهكذا جعل أساطين الأدب ولا سيما المستشرقين يضحكون منه ومنا!!. . يترفع إذن أدباء العراق بحق عن المشاركة في هذه السخافات ويؤلمهم أن يروا رجال الشعر في مصر من طائفة المحافظين عقبة كأداء في طريق المجددين المخلصين وان يروا نفرا ممن ينتسبون إلى التجديد يحسدون ويحاربون من هم على شاكلتهم ومن هم أولى بتعضيدهم ومؤازرتهم! وكل هذه الأحوال الشاذة الغريبة التي لا مثيل لها بهذه الدرجة في قطر عربي آخر مما يؤدي إلى

هذا التنافر، وإلى السخرية أحيانا من حالة الشعر والشعراء في مصر، ويشارك العراقيين في هذه السخرية من أحوال الديار المصرية أدباء المهجر على الأخص. لنترك الحكيم زكي أبا شادي جانبا ولننظر إلى حالة غيره من الأدباء المجددين النابهين في مصر، لأنه إذا كان لأبي شادي من ثقته بعقيدته الأدبية ومن إيمانه بفكره ومبادئه ورسالته الإصلاحية ما يزجيه إلى الإنتاج المفيد والإنجاب المتواصل رغم ما يلاقيه من مقاومة، فهناك كثيرون من الأدباء الناشئين الصالحين يقتل مواهبهم اليأس وجمود الجمهور وتخرب الصحف التي تقفل أنهارها في وجوههم، وهكذا يخسر الأدب العصري خسارة كبيرة من ضياع إنتاجهم، ولا تغنينا فتيلا الطنطنة بذكر شوقي وحافظ والكاشف وإضرابهم من الشعراء المحافظين. . . فالدفاع عن مواهب هؤلاء الناشئين الالباء فرض واجب على (لغة العرب) وعلى غيرها من المجلات الإصلاحية النزيهة. ومن عجائب القدر - على ذكر كتابتكم عن أبي شادي - أن وفاة زعيم النيل الكبير سعد زغلول باشا أنطقت في مصر جميع الشعراء المطبوعين والصانعين والمقلدين والناظمين العاثرين، فكان المجددون من الشعراء المصريين اسبق إلى أداء هذا الواجب القومي الأدبي من غيرهم، وكانوا أوفر عاطفة واصدق إحساسا واغرز مادة كما دلت على ذلك قصائدهم التي نشرتها الصحف المصرية فلما جاءت حفلات الأربعين لم تنشر هذه الصحف لكبار الشعراء المحافظين شيئا باهرا على الإطلاق. . . وقد نظم أبو شادي وحده طائفة من الأناشيد التلحينية والقصيد في رثاء سعد وبينها مرثيته الحائية المتناقلة التي نظمها يوم الوفاة متأججة بالعاطفة القوية وكذلك قصيدة ذكرى الأربعين، فلم يجيء شوقي بك بمعنى يبرز به معاني أبي شادي في منظوماته بل لم يتعفف كما لم يتعفف أمثاله عن الاقتباس الكثير من معانيها ومراميها، ورغم هذا لم تخجل صحيفة (الأهرام) - أحد السنة شوقي بك المعروفة - من تصديرها بمقدمة كلها شعوذة وتهريج. . . ولا شك في أن شوقي بك - في أقصى ضميره - يعلم عجزه هذا، لأنه أولا لم يرث سعدا باخلاص، وثانيا قد حاول انه يستر ضعفه هذا بستار من اللغة كأنما نود أن نقرأ في شعره منظومة (مقامات الحريري) لا صورة فنية خالدة

للعاطفة الوطنية الحية والحسرة البالغة والألم الصادق، وبدأ - عافاه الله - قصيدته بهذا البيت العجيب: شيعوا الشمس ومالوا بضحاها ... وانحنى الشرق عليها فبكاها! وليس هذا من براعة الاستهلال في شيء بل العكس، وما يظن فيه مراعاة للنظير إنما هو مراعاة للسخف، لان هذا البيت في مستهل القصيدة لا يناسب مجاهدا مثل سعد زغلول ولا يدرك سامعه انه رثاء لسعد بل قد يحسبه رثاء لإحدى النساء العظيمات أو لإحدى الملكات المحسنات، وكان الأولى به أن يترك هذا الوصف المؤنث إلى موقف آخر في القصيدة يكون انسب من هذا، ولكن ذهنه الكليل أدركه الكبر كما أفسده جنون الشهرة، فعثر في أول النظم. . . وخير ما في مقدمة قصيدته بعد ذلك المطلع المخجل منظور فيه إلى قول أبي شادي: صبغت به حمر الورود وضرجت ... بدم بذلت مدامع لاقاح! وتشبعت بجميل حبك غضة ... فتجاذبت بأريجها الفياح! والقصيدة في جملتها خالية من كل جديد ولم تبلغ حتى منزلة قصيدة حافظ بك إبراهيم بين المحافظين دع عنك قصيدة عباس محمود العقاد أو قصيدة محمود عماد بين المجددين، وبعد هذا ينتقد شوقي شعر العقاد بأنه جاف كثير الثرثرة لا حياة فيه ولا حلاوة له، ويعطف على شعر الجارم الذي جاءت مرثيته في ذكرى الأربعين خالية من كل طريف مقصورة على ألفاظ مرصوفة وعلى جملة من المعاني القديمة، وإذ شاء التجديد النسبي اقتبسه من نظم غيره مثل قوله: وعقيدة لو هزت الاجبال من ... ذعر لما اهتزت مع الاجبال! فانه مأخوذ من قول أبي شادي منذ سنين: تخر الراسيات ولا سبيل ... إلى هدم الكريم من اعتقاد! وبعد كل هذا يعجب أولئك السادة المحافظون لتجنب معظم أدباء العرب - وفي مقدمتهم أدباء العراق - الاشتراك في المهازل الشوقية والمجاملات الفارغة

التي لم يربح منها الأدب الصحيح أية غنيمة، بل كانت عاملا من عوامل التأخر الفكري وإساءة إلى نهضة الشعر في مصر وإلى كرامته. . . وقد تعمد بعضهم أن يرد على مثل هذا النقد بتصغير فضل شعراء العراق زورا وبهتانا، ويكفي في مقام الرد البليغ أن نقول: أن لأولئك الشعراء العراقيين (ذاتية) عظيمة ومبادئ محمودة وإيثار شريفا وغيره أدبية صادقة يخدمون بها الأدب للأدب لا للشهرة ولا للمجد الشخصي الزائف، وحسبهم ذلك منزلة واعتبار. وليس في هذه الكلمة الصريحة الخالصة ما يؤلم اللبيب البصير فصديق المرء من صدقه لا من صدقه كما قال حكيم العرب، وسلام على من اتبع الهدى فعرف قدر نفسه. مصر: جهينة بين القديم والحديث ما يزال حديث بعض الأدباء المحافظين - المرضى بالرغبة الدائمة في هدم كل جديد - المقارنة السخيفة بين نظيم شوقي ومن على شاكلته وبين شعر الطبقة الناشئة المجددة من شعراء العربية كايليا أبي ماضي وبشارة الخوري واحمد زكي أبي شادي ومحمود عماد وعباس محمود العقاد وجبران خليل جبران وامثالهم، محاولين دائما الحط من منزلة الأخيرين دون ما خجل رغم آثارهم الحية الغنية عن التنويه بها. ومن اعجب غرائبهم ادعاؤهم - حبا في الإيقاع والإساءة - أن هؤلاء الذين ينتسبون إلى التجديد مفلسون، ينقل بعضهم عن كتابة البعض الآخر بغير اعتراف ولا استحياء، وان من شواهد ذلك قصيدة العقاد في سعد باشا التي عارض بها قصيدة أبي شادي في (ذكرى الأربعين) بحرا ووزنا فقد شاركه في معان بل في ألفاظ كثيرة، ولم يتعفف العقاد عن الاقتباس من مقدمة أبي شادي النثرية لرسالته الموسومة (سعد)، وان من يتصرف هذا التصرف أولى به أن لا ينقد غيره، وان كلتا القصيدتين (قصيدة أبي شادي وقصيدة العقاد) لا قيمة لها من الوجهة الأدبية بصفة عامة، ولا من الوجهة الشعرية بصفة خاصة، إلى آخر هذا الهراء. . . ويكفي ردا على مثل هذا اللفظ - الذي هو من قبيل التخلص والدفاع

العاثر عن طريق الإحالة - أن نقول: دعونا أيها الإخوان الأفاضل، بل أيها الإخوان الأفاضل، بل أيها السادة الجهابذة، من المقارنات ما بين المجددين أنفسهم، فلن يشق على القراء أن يطلعوا ويحكموا، وتذكروا أن هذا ليس موضوع الخلاف ما بيننا. وإنما الخلاف محصور في إنكم تريدون أن يبنى الأدب على التهليل والدجل والتحزب والتضليل والمناداة بألقاب توزعونها على الشعراء والأدباء المحافظين المغرورين محتكرين لهم تقريبا وسائل النشر، ونحن نريد أن يبنى الأدب على الإنتاج المفيد والإخلاص والغيرة المثمرة والنظرات الصائبة دون مراعاة جنس أو سن أو دين أو اسم، وان تحترم حرية النشر حتى يستفيد الأدب من وراء هذه الحرية. فهل تصرون بعد هذا على أنكم أهل الإصابة وإننا نحن الواهمون المخطئون؟! مصر الجديدة: جهيزة التفاوت في اللون والامت كتب إلينا أحد أدباء البصرة يقول: استحسنت وضع كلمة التفاوت (في اللون) للإفرنجية لكن للأوربيين معنى آخر معقود بناصية تلك اللفظة نفسها وهو: الاختلاف في الشيء الواحد. فيقولون مثلا: ولهم مثل هذا المعنى أي الاختلاف الدقيق في سير الأصوات والنغمات. فما اللفظ الموافق حينئذ؟ قلنا: كما أن الإفرنج استعملوا كلمتهم للدلالة على ما أشرتم إليه، كذلك يكون استعمالنا للفظة التي ذكرناها، فنتخذ التفاوت لجميع تلك المعاني. على انه كان للسلف لفظة أخرى تؤدي احسن التأدية لما تشيرون إليه وهي (الامت) (بفتح فسكون). قال في القاموس: الامت الاختلاف في الشيء. والجمع أمات (بالكسر) وأموت (بضمتين) وكذا قال صاحب لسان العرب وأصحاب سائر الدواوين اللغوية من أقدمين ومحدثين. وأما اللوين (مصغر اللون) فليس له أدنى صلة بالكلمة الإفرنجية التي يجري الكلام عليها. واللغويون الغربيون الذين نقلوا الألفاظ العربية إلى لغاتهم ذكروا الامت في لغتهم بلفظ يؤدي الحرف العربي وان لم يذكروه بالكلمة المعهودة التي أشرنا إليها، غير انهم أصابوا المرمى. وكذا ذكرها شمس الدين سامي إلا أنها وردت مصحفة بالنون أي ذكرت بصورة (أنات) والصواب (أمات).

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الملوكية. مهم. متصلات. رئيسية. الكوير نفسها س - نخشيوان (ارمينية الروسية) ث. ج - قرأت في مجلتكم (5: 410) هذه الكلمات وهي: الإرادة الملوكية، هذا القضاء مهم، خطوط المتصلات الرئيسية، قصبة الكوير نفسها، وهي في نظري أغلاط لا تغتفر، وكان يجب أن يقال: الإرادة الملكية، هذا القضاء ذو شأن، خطوط المواصلات الأصلية، قصبة الكوير عينها، لان نفسها في هذا الباب تستعمل للعاقل فقط، أما لغير العاقل فتستعمل (عين). فما عذركم؟ ج - راجع بخصوص الملوكي نسبة إلى الملك لغتنا (5: 238) ومهم يؤنث فيقال مهمة ذكرها صاحب تاج العروس في أول مستدركه على مادة هـ م م - والمتصل اسم مكان يؤخذ قياسا من اتصل وإذا قلت (مواصلة) لم يكن فيه المعنى المطلوب هنا - والرئيسي نسبة إلى الرئيس وقد وردت في كلام الأقدمين والمحدثين. ومن يبدلها بكلمة (الأصلي) كمن يبدل رأسه برجله - وقولنا (قصبة الكوير نفسها) كقولك قصبة الكوير عينها، لا فرق في ذلك: قال ابن مالك في الفيته: بالنفس أو بالعين الاسم أكدا ... مع ضمير طابق المؤكدا قال ابنه يشرح هذا البيت: (اعلم أن التوكيد نوعان: لفظي ومعنوي. فأما اللفظي فسيأتي ذكره وأما المعنوي فهو التابع الرافع احتمال تقدير إضافة إلى المتبوع أو إرادة الخصوص بما ظاهره العموم. ويجيء في الغرض الاول بلفظ النفس أو العين مضامين إلى ضمير المؤكد مطابقا له في الأفراد والتذكير وفروعهما. تقول: جاء زيد نفسه فترفع بذكر النفس احتمال كون الجائي رسول زيد أو خبره أو نحو ذلك، ويصير

به الكلام نصا على ما هو الظاهر منه. وكذا إذا قلت: لقيت زيدا عينه. اهـ المقصود من إيراده. فيتضح من هذا أن سبب جهلك أسرار اللغة العربية هو أخذك لغتنا عن رجل روسي ولسانه المألوف هو الأرمني فمثل هذا الرجل لا يستطيع أن يفيدك فائدة نحوي من أبناء لغتنا. فلا تسرع في تغليط الناس، بل اتئد في الحكم. تحية واحتراما. انعم النظر وأمعن النظر. أمر مستحيل وأمر محال. أما بعد أن. . . أما بعد فان. . . بغداد: جريدة البرهان العدد 8 1 - يستعمل الكتاب في الدوائر الرسمية: (تحية واحتراما) في أول الرسالة فما وجه هذا النصب؟ 2 - أيهما اصح: (انعم النظر أو أمعن النظر)؟ 3 - أيقال (أمر مستحيل أم أمر محال)؟ 4 - أيقال (أما بعد أن. . . أم أما بعد فان. . .)؟ ج - 1 - تنصب تحية واحتراما على تقدير محذوف أي أحييك تحية واحترمك احترما. 2 - انعم النظر أدور على أقلام الكتاب من أمعن النظر. قال في التاج في مادة ن ع م: ومنه (أي من انعم بمعنى زاد) قولهم: انعم النظر في الشيء: إذا أطال الفكرة فيه. قال شيخنا: وقيل هو مقلوب أمعن. اه 3 - المستحيل كالمحال لا فرق في معناهما. يجب أن يقال: أما بعد فان. . . لان (أما) هنا حرف تفصيل وإذا كانت كذلك يتلقى مفصلها بالفاء كما هو مذكور في كتب أهل هذه الصناعة. الظلم والمظلم باريس - ي. م. م - كيف نسمي بالعربية وكيف يقال ج - معنى (فريسك) الفرنسية صورة منقوشة على حائط حديث الطلاء وتلك النقوش محلولة في ماء الكلس وهذا ما سمى (بالظلم) في لغتنا (وزان حرب) والحائط المزوق بهذه الصفة يسمى (مظلما). وقد وجد كثير من هذه (الظلوم) في قصور سامراء ووصفها الشعراء. واللغويون لم يشيروا إلى هذا المعنى إلا من طرف خفي. قال في اللسان بيت مظلم، كمعظم،: مزوق، كأن النصارى وضعت فيه أشياء في غير مواضعها (كذا) اهـ. ولم يذكروا الظلم إلا أن هذا يؤخذ بالقياس، إذا عدم السماع.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد دروس في صناعة الإنشاء كنا قد ذكرنا في مجلتنا (5: 439) أننا ربما نعود إلى البحث عن صناعة الإنشاء ونعهد به إلى نقادة خبير، ولما وجدنا أن هذا الكتاب يوضع في أيدي الطلبة وان فيه بعض الأوهام لابد من إصلاحها في طبعة ثانية، طلبنا إلى صديقنا النقادة السيد محمود الملاح أن يلقي نظرة عليه، ولا سيما أن القراء رأوا في حضرته إصابة المرمى في نقده مع نزاهته؛ فلبى الموما إليه طلبنا، وجاد علينا بنظراته الصائبة، وها نحن أولاء ندرج هنا مقدمة ما كتبه إلينا، وفي جزء قادم نوافي القراء بتتمة الموضوع. قال حرسه الله: مقدمة حياة المجتمع قائمة على أركان شتى رأسها الأدب وبقاء هذه الحياة منوط بسلامة تلك الأركان من الأدواء ولا سلامة لها إذا لم تعاهد بالإصلاح والمعالجة. الانتقاد افضل علاج فهو من عزائم الأمور واوجب ما يكون في الأمة الضعيفة فمتى وجدنا شعل النقد مشبوبة في آكام أمة فلنوقن بأنها متعلقة من الحياة بسبب ومتى وجدنا مواقده خامدة فيها فلننفض أيدينا من نجاحها نفض الأنامل من تراب الميت. كل شيء في مجتمعنا مريض فهو محتاج إلى علاج وما علاجه سوى الانتقاد حتى أن الانتقاد نفسه محتاج إلى نفسه! فان طريقته عندنا لم تزل سقيمة واهنة إذ لا يكاد تجد نقدا خاليا من الشوائب كأنها أمر فطري لا نستطيع أن نتملص منه وان بذلنا الجهد في مقاومته. اجمل انتقاد نصادفه بين أظهرنا ما كان سالم الأديم من ندوب الشتم الصريح والسبب في أن انتقاداتنا غير سالمة خصال مشطورة بين الناقد والمنقود:

كأن يكون الأثر المنقود مشتملا على تبجح وأنانية وخدع للجمهور وغش للحقيقة وركوب للصعب والذلول في سبيل الفخفخة فيضطر الناقد أن يدجج قلمه بشيء من خصائص الفؤوس والمعاول ليسخره في تحطيم بعض الهياكل الفارغة التي بنيت في الهواء ولم تشتمل إلا على هواء. أو أن يكون الناقد شرس الطبع لا يريد وجه الحقيقة بل هدفه الأقصى تبكيت خصمه وإفحامه والتشهير به على أي وجه كان وهو فيما بين ذلك يحاول اقتناص صيت مزور وان لطم جبين الحق ووطئ بأظلاف الباطل وهي لعمري خطة شنعاء يمقتها ذوو النفوس الشريفة التي لا يهنأ لها عيش والباطل نصب أعينها. قلت آنفا أن الانتقاد افضل علاج ولا يفوتنا أن نقول انه تشخيص في وقت واحد وإذ كان منطويا على هاتين الخصلتين الكريمتين فخليق به أن يكون صريحا ونزيها فإذا كانت الصراحة ناقصة كان التشخيص ناقصا وإذا كانت النزاهة مفقودة كان الدواء مشوبا بمواد تعوق عقاقيره عن النجوع. إن من الظلم السكوت على ما لا يصح السكوت عليه! وان النجاح منا لفي مناط العيوق إذا اتخذنا المداهنة دينا والمحاباة ديدنا والتبصبص شعارا وحب الذات كعبة تطوف بها حجيج آمالنا واخلق بأمة هذا منهاج رجالها وأدبائها ومربيها أن يكون نصيبها الفشل في المواقف التي لا يثبت فيها إلا الجد والحقيقة. ومن أمراضنا الجبن والخور وضعف النفس فترى بعضنا إذا اخرج للناس كتابا مثلا أهداه إلى من يخشى صولته مضمنا عبارة الإهداء ضربا من التملق وطأطأة الرأس ليكف عن نفسه عاديته. وإذا بلغه أن نقادة يحاول الكتابة حول أثره سقط في يده وعاذ بكل معاذ! تفاديا من الحملات المتوقعة وفي ظني أن اكثر من يقلق النقد طيور أفئدتهم قصار الباع وعبيد الشهرة الذين يبنون صروح شهرتهم على جروف هائرة. أما أهل الجد والحقيقة فانهم يتقبلون النقد بصدور رحبة لأنه أما أن يكون سديدا فيقبلون على خططهم فيصلحونها وأما أن يكون طائشا فهم اقدر على رده إلى نحر صاحبه.

إن من الأوهام السائدة اعتبار معاهد التخرج ميزانا والاصطلاحات الرسمية مقياسا والتغافل عن أن بين المنابت تفاوتا في الطيب والزكاء (والبلد الطيب يخرج نباته بأذن ربه) الآية. . . ومن نقص التربية مناصبة أرباب النقد النزيه العداء وإيقاد نيران الدعايات الزائفة عليهم والتشبث بكل سفساف! وأولى بمثل هؤلاء قرع الحجة بالحجة ومقابلة السلاح بمثله لم يكن ثمة حجة مكافئة ولا سلاح مماثل كان التسليم أشبه بالمروءة ولا غضاضة في التسليم للحق والخضوع بين يدي الحجج الدامغة. أي ذنب للناقد؟ والمنقود هو الجاني! بمجازفته وتغريره وركوبه للشطط. أما أن للحق سورة لذاعة فالذنب معطوف على طبيعة الحق - أن صحت نسبة الذنب إليه - ولا تثريب على الناقد إلا من حيث أعمال قلمه في إنعاش الحق العاثر. إلا ليقولوا ما شاءوا! وليدعوا أني احمل بين جوانحي حزازات وإنما أنا اثأر وانتقم! فالحزازات لم تزل محمولة والثأر لم يزل مشروعا ولكن العدل والعدوان هما المعيار وهما (مركز الثقل) في الأحكام فمن ثأر وهو عادل فحر انتصر لنفسه ومن جار عن غير حقد وحزازة كان ظالما وجاهلا في وقت واحد. إن الانتقاد إذا توفرت شروطه كان خدمة جلى تستحق مناصرة العقلاء لها وقدروها حق قدرها وما كان على هذه السنة فليس من الأنصاف معاكسته ووضع العقبات في طريقه. وعلى هذه الشريطة صممت على نقد كتاب صناعة الإنشاء (للأستاذ أبي قيس عز الدين آل علم الدين التنوخي أحد أعضاء المجمع العلمي العربي في دمشق وعضو المجمع اللغوي في العراق) والموكول إليه تهذيب الإنشاء في ثانوية العاصمة. محمود الملاح 79 - العناية بالنخيل في مصر والسودان منذ أن اخذ الأميركيون يعنون بالنخيل، نشروا كتبا شتى عن النخل وغرسه حتى أنها لو جمعت لأربت على ما آلفه سلفنا في هذا الموضوع عشرات

بل مئات. وما ذلك إلا لان الغربيين لا يتصدون لأمر إلا يوفونه حقه من التحقيق. بين يدينا رسالة في 72 صفحة بقطع الثمن الصغير ألفها سيلس سي. ماسن البستاني وقد استوفى البحث عن نخيل مصر والسودان وطرز غرسها والعناية بها مع عدة تصاوير تمثل الرجال الذين تفرغوا لهذا الفن من فنون الزراعة مع أشكال أنواع التمر إلى غير ذلك من الفوائد. 80 - الهندسة المستوية تأليف جورج وينتوورث ودافيد اوجين سميث نقله إلى العربية (علي) مدرس الرياضيات في ثانوية بغداد الجزء الاول طبع في 196ص بقطع الثمن الصغير في مطبعة دار السلام في بغداد هذا من اجل الكتب الهندسية التي يعتمد عليها في المدارس الثانوية الأمريكية. نقل هذا الجزء إلى لغتنا حضرة (علي بك) أحد أساتذة الرياضيات في ثانوية العاصمة بناء على تقرير وزارة المعارف الجلية الاستفادة منه في مدارسها. وقد عني بملاحظة عبارته (الأستاذ محمود الملاح) وكفى السفر تنويها أن يتولى تصحيحه هذا الأستاذ ليترقرق فيه ماء الفصاحة ويطمئن إليه الطلبة من كل جهة. وقد أجلنا فيه نظرة مجملة فألفينا بينه وبين سائر المطبوعات التي لم تعرض على مصحح بارع تقن بونا بعيدا. فنحن نشكر للمعرب وللمصحح يدهما البيضاء في ضمن شكرنا لوزارة المعارف الجليلة وعنايتها وتنشيطها أملين أن يقوم الموما أليهما بتعريب الجزء الثاني لتعم الفائدة المتوخاة وهو ولي التوفيق. 81 - الحكمة مجلة دينية تاريخية أخبارية، يصدرها دير مار مرقس للسريان الأرثوذكس باورشليم مرة في الشهر، صاحب امتياز ومديرها المسؤول فورلس المطران ميخائيل انطون ومحررها فؤاد جقي. وصل إلينا الجزء الاول من السنة الثانية من هذه المجلة التي كان قد صدر منها الجزء الاول قبل الحرب وهي تصدر في 48 صفحة إلا أن هذا الجزء عد ممتازا

فصدر في 64ص فعسى أن صاحبها لا يحرمنا فوائد تاريخ طائفته وما يتعلق بها ليكون لها فائدة التخصص بباب من الأبواب لا يرى في سائر المجلات. 82 - إيران مجلة يصدرها محفى العلوم في دولة اتحاد الجمهور السوفييتية الاشتراكية في لننغراد، في 260ص بقطع الثمن الصغير. من يطالع الصحف السياسية ويقف على ما يجري في الجمهوريات الروسية يتصور أن لا عناية هناك للعلوم والفنون والمعارف العصرية. على أن ذلك وهم فظيع لان هذه الجمهوريات محافظة على خططها العلمية التي خطتها لنفسها قبل الحرب. والدليل على ذلك ما ينشر من الصحف والكتب في تلك الديار. وهذه المجلة شاهد جديد على سير العلوم وتقدمها فيها؛ إذ نجد فيها 14 مقالة هي حقيقة 14 رسالة في مباحث شتى تتعلق كلها ببلاد إيران. فهل في جارتنا مجلة تضاهيها علما وتحقيقا وتدقيقا؟ - ذلك ما نود أن يكون لها. 83 - التعليم المسيحي الكبير 84 - مختصر التعليم المسيحي 85 - التعليم المسيحي الصغير للمدارس الشرقية، بقلم الأب يوسف علوان اللعازري، طبعت طبعة ثانية منقحة في المطبعة الكاثوليكية في بيروت في سنة 1927 الأب يوسف علوان اللعازري شعلة نار متقدة لا يعرف السكون ولا الراحة. فهذا تأليف أخرى من قلمه وضعها في معرفة أصول الدين المسيحي. قسم الاول منها إلى قسمين: ووضع في القسم الواحد النص العربي وفي القسم الآخر النص الفرنسي والأول في 123 صفحة في كل لغة أي انه كله في 246 صفحة بقطع 16 وقع في 525 سؤالا وجوابا. ومن عرف جميع هذه المزايا عرف انه من الكتب الواجب اتخاذها في مدارس المسيحيين لما فيه من الفائدة المزدوجة. واختصر هذا الكتاب بنصيه في 51 بالمقطع المذكور واختصر هذا الأخير في 104ص بقطع 24 وليس فيه إلا النص العربي وعبارة جميع هذه الكتب

سهلة سمحة لا عقد فيها ولا أمت ولهذا نوصي بها جميع المدارس المسيحية فهي من الكتب التي لا غنى لها عنها. 86 - مجلة المباحث الإسلامية يصدرها المستشرق الشهير لويس ماسنيون جميع البغداديين يعرفون العلامة المستشرق لويس ماسنيون فانه كان في بغداد في سنة 1907 - 1908 وكتب عن بعثته إلى العراق سفرا جليلا سماه (بعثة في العراق) وهو في مجلدين ضخمين وأفاد العلماء بما دونه عن بلادنا قبل عشرين سنة. واليوم اخذ يصدر مجلة فرنسية موضوعها الإسلام وما يتعلق به من علوم ومعارف وفنون وصنائع. وهي اجل مجلة نعرفها حتى اليوم في هذا البحث. ومن أراد الاشتراك فيها فليراجع الطابع وهو: وكل ما يتعلق بالكتابة والمقالات يعنون باسم صاحبها: 12. ومن أهم أبواب هذه المجلة أنها تذكر جميع الكتب التي تطبع في العالم كله وموضوعها الإسلام أو العرب؛ وربما ذكرت أهم المقالات الواردة في المجلات الشهيرة فلقد نوهت (ص42) بمقالة المطبوعات في العراق لرفائيل بطي الواردة في مجلتنا (أيلول 1926) وأشارت في (ص11) إلى مقالة الألفاظ الارمية في اللغة العراقية العامية التي سبك دررها يوسف غنيمة (لغة العرب 1926 - 1927) ومدحت مقالة الرصافي التي وسمها بدفع المراق، في كلام أهل العراق (4: 85 وما يلها) ومن الكتب التي نقدتها لغة العرب وذكرتها هذه المجلة البديعة، ما قالته (في ص11) عن كتاب العين الذي كنا بدأنا بنشره وذكرناه في أحد جزئي المجلة اللذين ظهرا قبيل الحرب و (في ص19) إرشاد الغريب لياقوت الحموي و (في ص26) طهارة أهل الكتاب للشيخ أبي عبد الله الزنجاني. وفي

ص32 و34) تاريخ نجد للالوسي و (في ص39) تاريخ الكويت للشيخ عبد العزيز الرشيد. وكل ذلك يدل على أن المستشرقين يطالعون بروية ما يدرج في مجلتنا من المقالات والانتقادات ولا يفوتهم حرف مما يكتب فيها. ومن هذا البسط الوجيز الذي عرضناه لأنظار القراء يتحقق المطالع أن مجلة المباحث الإسلامية هي من أرقى ما ورد في هذا المعنى. وهي تنشر أربع مرات في السنة. أي كراسة في كل مرة. والكراسة في 150 صفحة بقطع الربع (أي 22. 5 في 18. 5) وبدل الاشتراك في فرنسة 80 فرنكا و100 فرنك في الخارج. فنحن نتمنى أن تعرف في ديارنا لما تحوي من جم الفوائد. 87 - وصف جند العرب لاغناطيوس كراتشكوفسكي هي مقالة في 5 صفحات روسية العبارة يذكر فيها واصفها شهادات الإفرنج في وصف بسالة العرب وجراءتهم وذلك تفنيدا لمن قال أن العرب متهورون في حروبهم فاظهر بمقالته هذه ما يزيف آراء الأعداء، وأبان أن عرب اليوم هم أبناء عرب أمس لم يفسد دمهم البتة. وفي اسفل كل صفحة المستندات التي اعتمد عليها المؤلف لتحقيق ما ذهب إليه. 88 - تاريخ مساجد بغداد وآثارها تأليف محمود شكري الالوسي وتهذيب تلميذه (؟!) محمد بهجة الأثري، طبع بنفقة صاحب المعالي أمين عالي بك العباسي وزير الأوقاف، في 160ص بقطع الثمن الصغير في مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1346. تصفحنا هذا الكتاب فوجدناه مفيدا في الجملة، إذا كان القارئ على بصيرة من أمره حين المطالعة؛ إلا أنا استأنا لمعاملة الأثري أستاذه معاملة لا يليق صدورها من تلميذ بر، إذ كتب اسمه على ظهر الكتاب موازيا لاسم أستاذه تحت كلمة (تهذيب)، وقد فسر لنا هذه الكلمة في مقدمته، إذ قال: (فلم أر من اللائق أن انشره دون أن أجيل فيه لم الإصلاح والتهذيب)! ثم عقب

هذه العبارة - متبجحا - بقوله: (الذي كان ينبسط له حينما كنت أنتسخ مؤلفاته وأتصرف فيها حسبما أرى)!!! (ص3). كما إننا أسفنا لاعتماده إطالة اللسان متخذا في ذلك تعليقاته وحواشيه وسيلة إلى غايته غير ناظر إلى موقف العراق الحاضر. راجع متلا ما قال في حاشية ص41 عند كلامه عن السيد سلطان علي: (وبعض الكذابين يدعون انه أبو احمد الرفاعي. وقد تعددت الأقوال والغاية واحدة غير انه لم يفز بها إلا المدعون بأنه أبو الرفاعي! فاتخذوا المسجد رباطا ومروابه ضرع الرزق وما زالوا يعيشون متنعمين على حساب هذا الأب المزعوم!) اهـ. وهو خلاف شريعة الإسلام: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة). ومن هذا القبيل قوله في بحث التكية القادرية ص144: (وهي مأوى متصوفة الأكراد القادرية. يقيمون فيها ظهر كل جمعة (حلقة ذكر) (كذا). . . حتى إذا جن جنونهم وأصابهم (الحال) عربدوا وأزبدوا وهجموا على الحيطان ينطحونها برؤوسهم فتكاد تنفلق ولا تنفلق جماجمهم. . .) اه وقد طلبنا إلى صديقنا النقادة الفذ في العراق السيد محمود الملاح أن يبدي نظره في هذا الكتاب. فكتب إلينا هذه السطور الدالة على صحة ما ذهبنا إليه، وعلى أن رأيه يوافق رأينا وهو فكر اغلب من تصفحه. والآن ندع الكلام لحضرة الأستاذ الملاح ريثما يتيسر لنا العود إلى ذكر ما فيه من الأوهام التاريخية والآراء الغريبة الزائفة. (لغة العرب) إن ضيق الوقت وعدم ملاءمة الظروف لعقبة كأداء في سبيل تصفح هذا الكتاب واروائه من ماء النقد الغالي، لذلك اكتفيت بنقد صحيفة واحدة منه لتكون نموذجا لما ينطوي عليه هذا السفر. قال في الصفحة 85: (أنشأها (أي المستنصرية) أبو جعفر المستنصر بالله الخليفة العباسي رحمه الله تعالى دل على ذلك ما كتب على جدرانها مما هو باق إلى اليوم! منها ما كتب فوق طاق الباب الجنوبي (كذا) وهذا نصه):

ونقل هذا النص لا يتعلق بشأننا لكني الفت نظر القارئ إلى قوله (الباب الجنوبي)! أما علمي بالمسألة فإني قبل سنتين وجدت على جهة الباب الذي يلي السوق كتابة من هذا النوع لا احفظ نصها ثم رأيت طائفة من الهدامين يهدمون جبهة الباب المرسومة عليها تلك العبارات بتؤدة وعناية لإنزالها إلى الأرض سالمة فتألمت لذلك وما دريت من كان الموعز بالهدم؟ وكيفما كان، فان الكتابة لا وجود لها قبل نشر الكتاب بمدة أفما كان من المناسب ذكر ذلك؟ وما معنى قوله باق إلى اليوم؟ فتدبر!. ثم قال: (ومنها ما كتب على الجدار المطل على دجلة من الخارج وهو مما بقي أيضاً إلى اليوم وهذا نصه:

بسم الله الرحمن الرحيم. ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. هذا ما أمر بعمله أمير المؤمنين وخليفة رب العالمين الذي طبق البلاد إحسانه وعدله وغمر العباد بره وفضله أبو جعفر المنصور المستنصر بالله قرن الله تعالى أوامره الشريفة بالنجح واليسر وجنوده بالتأييد والنصر وجعل لأيامه المخلدة جدا لا يكبو جواده ولآرائه الممجدة سعدا لا يخبو زناده في عز تخضع له الأقدار! فيطيعه عواصيها! وملك تخشع له الملوك فيملك نواصيها وذلك في سنة ثلاثين وستمائة وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين وعترته وسلم تسليما) مع أن من يجشم نفسه المصير إلى إطلال المستنصرية التي تبعد عن جامع الحيدر خانة) (مدرسة المؤلف) بضع خطوات يرى على الجدار المذكور سطرا مرسوما بالقلم الكبير يكاد العابر على الجسر أو الواقف على شاطئ الكرخ يدرك حروفه إذا لم يكن في بصره خلل. ونصه الحاضر: ما شاء الله كان بسم الله الرحمن الرحيم ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون. وقد كان إنشاء هذا البناء في زمن خلافة عبد الله أبي جعفر المستنصر بالله العباسي في سنة ثلاثين وستمائة وقد تجدد تعميره في زمن خلافة ظل الله الأعظم الممدود ظل رأفته على مفارق الأمم مجدد قوانين أجداده العظام سلاطين آل عثمان مجدد جهات العدل والإحسان السلطان بن السلطان حضرة السلطان عبد العزيز خان ابن السلطان الغازي محمود خان لازالت البلاد بعدالته مغمورة ولا برحت العباد بفيض إحسانه مغمورة. آمين. وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمين وعلى

آله وصحبه أجمعين وذلك في سنة اثنتين وثمانين ومائتين وألف. كتبه المذنب بكر صدقي عفى عنه) اهـ. فانظر الفرق بين النصين!! ثم قال المؤلف: (وقد احدث إمام هذه الكتابة بعض الأبنية فبقيت خلفها والله المستعان) فأقول أنا أيضاً (والله المستعان على ما تصفون)! أن السطر المذكور بارز للعيان حيث يقبل حمالو المكوس ويدبرون ولعاب الشمس يسيل عليه طول النهار وليس إمام الجدار بناء بل فسحة تستطيع الخيل أن تخب فيها وقد رأيت بعيني في القهوة الضئيلة الملاصقة لدائرة المكوس كتابة قديمة تدل على إنها من أجزاء المدرسة ويقال أن في حوانيت باعة (الكاهي) آثار أخرى. أفما كان جديرا بالمؤرخ العصري أن يدرج هذه النقاط ذات البال في تاريخه مع سهولة الوصول إلى محلها وتحقيقها؟!! وإذا فتشنا عن الباعث على هذا التضارب وجدنا أن الله تعالى انعم على المؤلف (رح) بكثرة الكتب - كما انعم على المهذب (بالكسر) بكثرة الأسفار!!! وكانت الكتب إذ ذاك عزيزة المنال فكان المرحوم ينقل ويستنسخ دون تطبيق على الواقع وعلى ما يطرأ على الواقع كأن يجد في بعض الكتب العريقة في القدم أن الأمر الفلاني صفته كذا فينقله بعينه دون تنبيه إلى ما طرأ - ويأتي تلميذه (!) الأثري فيزيد في الطين بلة. ويضيف إلى القفة سلة، فإذا سمعت بكتاب له نشر في العصر الحاضر فلا تنتظرن منه إلا كتابا نشر في القرون الوسطى، ولكن أي كتاب! فنحن نوجه سؤالنا إلى الأثري: إذا فرضنا أن مستشرقا سقط إليه هذا التأليف وكان عنده علم كامل بشأن المستنصرية وما طرأ على السطر المطل على دجلة أو قدرنا أن مستشرقا زار بلادنا ودار على هذه الإطلال مستنيرا بكتاب (مساجد بغداد) ورأى هذا التباين الفاحش فبماذا يحكم على الإمام يا ترى؟!! محمود الملاح كسوة الكعبة أمر جلالة الملك ابن السعود بجلب نساجين من الهند لحياكة كسوة للكعبة وتعليم الحجازيين هذه الصناعة للاستغناء عن الغير.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مصير إعانة الثورة السورية نشر السيد عبد الغني الكرمي من كبار كتبة سورية مقالة في جريدة فلسطينية هي صورة الحديث الذي دار بينه وبين الزعيم الثائر سعيد بك العاص بخصوص مصير الأموال والإعانات التي جمعت فقال ما ملخصه: يقدر المجموع بمائة ألف جنيه مصري جاءت إلى لجنة الإعانة بالصورة الآتية: 10. 000 جمعتها لجنة القاهرة 40. 000 من الولايات المتحدة 4. 000 - العراق 17. 000 - البرازيل 15. 000 - ابن السعود 2. 000 - نظام حيدر آباد 12. 000 - تبرعات وصلت إلى لجنة القدس مع الأموال التي جمعت لإعانة الريف 100. 000 ولم يذكر هنا ما تبرع به جلالة ملكنا المحبوب فيصل الاول. أما المال الذي انفق على المجاهدين فلم يزد على 32 ألف جنيه مصري على رواية عادل العظيمة، إلا أن الحقيقة هي دون ذلك المبلغ. والباقي من تلك المبالغ الباهضة تلاعبت به رجال اللجنة ولهذا تراهم يهربون من الحساب. والمسؤولون عن هذا التلاعب أعضاء لجنة القدس، وفرعها في عمان، ووكالتها في جبل الدروز فكأنهم كانوا أعضاء شركة تضامن. قال الكاتب: (على الأمة الآن أن تحاسب اللجنة المركزية (في القدس) عما فعلته بتلك الأموال، وان تعلم أنها هي التي كانت الوحيدة في خنق الثورة وحركتها. ومن المؤسف جدا أن يترك أناس باعوا أرواحهم رخيصة في سبيل الوطن والاستقلال والحرية يموتون جوعا، وهنالك رجال قليلون نعرف ماضيهم ونعرف انهم لم يكونوا أصحاب ثروة قد اصبحوا اليوم في عداد الأغنياء الموسرين وفي جملتهم عادل بك العظمة. . .)

2 - حفلة تأبين سعد زغلول احتفل البغداديون في 7 ت2 من هذه السنة 1927 بتأبين فقيد الشرق عامة وفقيد مصر خاصة. سعد زغلول فتليت الخطب وأنشدت القصائد تنويها بفضل من تزداد شهرته كلما تقادم رفاته. 3 - الهيضة في الكوفة ابتلي الكوفيون في سنة 1926 بالبرداء على اثر فيضان مياه الفرات وانتشارها في الأراضي المحيطة بها. وفي هذه السنة هجمت عليهم الهيضة ودونك إحصاء الإصابات والوفيات في الأيام الستة الأولى من وفودها. إصاباتوفيات تاريخ 186 بين 27 و 28 أيلول 64 29 منه 33 30 منه 74 1 ت1 03 2 منه 52 3 منه فاهتمت البلدية بهذا الأمر ولم تطمئن إلا من بعد أن ناهضت تلك الوافدة حتى لاشتها أو كادت. 4 - مدرسة الزراعة فتحت مدرسة الزراعة في بغداد في شهر ت1 سنة 1927 وفيها من الطلبة 34 ووضع لها منهاج يوافق البلاد والمتعلمين. 5 - هجوم الأخوان على مخفر البصية البصية ارض واقعة في أنحاء ناصرية المنتفق، وهي من العراق على حدود نجد وفيها مورد ماء. وان كنت تعرف الرخيمية، - وهي من آخر ارض العراق - فهي لا تبعد عنها. وقد بنت حكومتنا فيها مخفرا (نقطة) تأمينا للسابلة. وقد حدث فيها واقعة جرت في الخامس من شهر تشرين الثاني من هذه السنة 1927 وهي: أن جماعة من أعراب (المطير) من (الأخوان) هجمت على المخفر في مساء ذلك اليوم وذبحت خمسة من رجال الشرطة وجرحت السادس جروحا بليغة إلا انه تمكن من الهرب. وذبحت اثنتي عشر عاملا عراقيا ولم يسلم إلا واحد من الثلاثة عشر الذين كانوا هناك للشغل؛ غير أن هذا أيضاً جرح جروحا عظيمة وهرب. وكان مع أحد العملة امرأته فذبحت هي أيضاً وابقوا الطفلة التي كانت معها. وحينما بلغ الخبر إلى أصحاب الحل والعقد أرسلت متصرفية الناصرية جماعة من الشرطة إلى مكان الواقعة فوجدت جثث القتلى وقد مثل بها الأخوان افظع تمثيل؛ ثم طارت الطيارات الإنكليزية من (الشعيبة) لتؤدب أولئك القساة فأحسنت تأديبهم وكلفتهم خسائر.

6 - مظاهرة في الكاظمية بلغ الكاظميين خبر من سامراء أن السيد (هادي شبر) ضرب نهار الجمعة في 11 ت2 سنة 1927 وقد ضربه الرعاع بحجة انه كان يصرخ كثيرا في أثناء الزيارة والصلاة، فحكمت عليه محكمة سامراء بغرامة قدرها 20 ربية فاستاء الكاظميون من هذا الأمر واحتجوا عليه واقفل كثيرون دكاكينهم نهار الاثنين 14 ت2 ولم يحدث ما يعكر ماء السلام. 7 - الهيضة في الألوية الجنوبية قضي عل الهيضة في الألوية الجنوبية وأزيلت الاحتياطات الصحية التي كانت قد اتخذت هناك لمكافحتها. ولم يبق منها إلا الشيء النزر في ألوية بغداد والدليم والحلة. والأمل انه يقضي عليها في هذه الألوية أيضاً وفي القريب العاجل. 8 - زوال الهيضة من البصرة أذاعت لجنة التجارة البريطانية منشورا قالت فيه: أن الهيضة زالت من ميناء البصرة ولم يبق لها اثر. 9 - بناء فخم للمتقن الطبي العراقي أدخلت مديرية الصحة العامة مائتي ألف ربية في ميزانيتها للسنة المقبلة وذلك لتأسيس دار فخمة تليق بمتقن الطب العراقي. 10 - وفاة جدة ملكنا في صباح 22 ت2 سنة (1927) انتقلت إلى دار البقاء جدة جلالة ملكنا (أم والدته)، بعد أن شبعت اياما، فنقلت جنازتها في زورق بخاري من قصر جلالة الملك علي إلى البلاط الملكي ومنه إلى مقبرة جامعة آل البيت وذلك في نحو الساعة الثالثة ونصف بعد ظهر اليوم المذكور. رحمها الله رحمة واسعة. 11 - مزاحم أمين بك الباجه جي صدرت الإرادة الملوكية بتفويض مزاحم أمين بك الباجه جي، الممثل السياسي للحكومة العراقية في لندن، بتوقيع الاتفاق مع الشركة العثمانية المساهمة للقداد (للتراموي) والتنوير والقوة الكهربية لمدينة بغداد وذلك باسم الحكومة العراقية. 12 - مدرسة المفوضين فتحت مدرسة المفوضين أبوابها في العاشر من تشرين الاول في بناء مدرسة الشرطة العامة، وفي النية توسيع نطاق هذه المدرسة منهاجا وموطنا. 13 - دار علوم في كركوك فتحت (الكلية العلمية) أبوابها للطلبة وفيها سبعة صفوف. ومخصصاتها لهذه السنة 10. 000 ربية.

14 - فتح مضيق زربتة أخذت دائرة الأشغال الهندسية بفتح مضيق قرية زربتة لتوصلها بالموصل والعمادية. 15 - تعبيد مضيق زاخو استأذنت دائرة الأشغال الهندسية بصرف مبلغ لابتياع أربعين طنا من الزفت من معدن القيارة لتعبيد مضيق زاخو ليتيسر النقل في تلك الأرجاء. 16 - قنطرة كمش تبة انتهى بناء قنطرة (كمش تبة) وهي بقرب ناحية القوير وسقفت بالحديد وفرشت أرضه باللياط (الأسمنت أو الجمنتو). 17 - قنطرة وادي القصب قاربت النهاية أشغال هذه القنطرة وسوف تسقف بالحديد وتفرش باللياط على مثال ما عمل بقنطرة كمش تبة. 18 - إحصاء مغارز الجراد أحصيت مغارز الجراد في العراق فإذا هي تبلغ (168. 010) دونمات إلى شهر آب 1927، منها: 75546 دونما في لواء بغداد 33123 الدليم 17449 دونما في لوائي ديالى والكوت 41942 لواء الموصل دع عنك ما في سائر الألوية من المغارز التي لم يبحث عنها بحثا دقيقا. وقد اطلعت مديرية الزراعة على المغارز المذكورة وكشفتها وهي جارية في عملها على أصول الفن الحديث واستعدت لمكافحتها والقضاء عليها وهي في مواطنها. 19 - إغلاق كتاتيب جوامع الفت المعارف لجنة للبحث عن الكتاتيب التي يرأسها (الملالي) في الموصل فكان أعضاؤها مفتش المعارف ومهندس البلدية وطبيبها وكانت نتيجة التفتيشات أن رفعت للجنة إلى مقام المتصرفية تقريرا أثبتت فيه أن تلك الكتاتيب مضرة بصحة صغار التلاميذ من ذلك: كتاب جامع سوق الحنطة القديم فان الملا ياسين كان يدرس في غرفة صغيرة يطبخ فيها ويأكل وينام وقد وجد أثاث كل ذلك في تلك الغرفة. وأغلقت اللجنة مع هذا الكتاب كتابا آخر في جامع احمد باشا القريب من سوق الحنطة الجديد والملا فيه عبد الرحمن. وأغلقت

المدرسة التي هي في داخل جامع الخاتون الواقع في شارع نينوى. وكان يدرس فيها الملا محمد. وأغلقت مدرسة جامع الجويجاتي الواقعة في باب العراق وكان يدرس فيها السيد توفيق. وأغلقت مدرسة واقعة في جامع مجول الواقعة في محلة الإمام عون الدين، وكان يدرس فيها الملا محمد. وأغلقت مدرسة للإناث كانت تدرس فيها الملاة (الملاية) غزالة والملاة امونة وحسنا عملت في كل ذلك. 20 - الحاخام عزرا أفندي دنكور صدرت الإرادة الملوكية بإلغاء الإرادة المرقمة بالعدد 475 والمؤرخة في 6 ت1 سنة 1923 وهي لا تبقي عزرا أفندي دنكور أي سلطة كانت للقيام بأعباء رئاسة الحاخامين بالوكالة. 21 - حماية الحجاج اصدر جلالة الملك ابن السعود مرسوما بحماية الحجاج دفعا لاستبداد الخدم والمشعوذين. 23 - أطباء ومهندسين مصريون في الحجاز استقدم جلالته من مصر أطباء ومهندسين، ليهتم الفريق الأول بصحة أسرته وسائر الآهلين، وليعنى الفريق الآخر بحفر الآبار الارتوازية وتمهيد الطرق وتعبيدها. اعتذار ووعد نعتذر إلى الكتبة العديدين الذين اهدوا ألينا مقالات مختلفة الموضوع. وجميعها تنطوي على غر هذه المجلة. وعندنا منها ما وصل إلينا منذ صدور المجلة أي قبل الحرب، وبينها ما جاءتنا منذ عودتها إلى الظهور. وقد أطرفنا بها أدباء وعلماء من أنحاء شتى: من العراق وسورية وفلسطين ومصر وإيران والهند وجاوة وفرنسة وإيطالية وإنكلترا وألمانية وأميركة وغيرها. دع عنك ما أنشأناه نحن. فلدينا إذن الآن ما يكفي لأربع سنوات أن لم يصلنا شيء جديد بعد ذلك. ولما رأينا هذه الحالة مما يزيد تراكم المقالات، عزمنا على إضافة 16 صفحة على الجزء الواحد وذلك منذ سنتها السادسة، فيكون في كل جزء 80 صفحة. وسيصدر دائما الجزءان الأخيران وهما الحادي عشر والثاني عشر للفهارس ولهذا يتأخر بروزهما في كل سنة. ونفرغ كل وسعنا لنصدر الجزء الاول في شهر كانون الثاني من سنة 1928 من غير أن نعين يوم ظهوره؛ ثم بعد ذلك يطرد صدور كل جزء في الشهر الخاص به. والله ولي التوفيق.

العدد 53

العدد 53 - بتاريخ: 01 - 11 - 1927 الشعر العامي وأنواعه تمهيد أثبتنا في إحدى المجلات المصرية، قبل نحو عشرين سنة، أن اللغة العالمية العامية توأمة اللغة الفصيحة. نشأتا معاً ولم تتخلف إحداهما عن الأخرى نكونا ولا نشوءاً فهما شقيقتان غير متفارقتين. بيد أن الفصحاء، لما دونوا كلام الأقدمين من نثر وشعر، لم يبالوا بما لم يكن معدودا من اللغة العالمية. خوفاً من أن يتسع الفتق عليهم: فأهملوا كل ما كان خارجاً عن موضوعهم. فدونوا أذن من شعر الأقدمين ونثرهم ما وافق لغتهم، وأهملوا ما خالفها وخالف ذوقهم. على أن العوام ظلوا ينظمون في لسانهم غير ملتفتين إلى ما حرمه الفصحاء أو احلوه. وقد اختلفت أساليب النظم باختلاف البلاد والأقطار: وكذلك أسماء تلك المنظومات. والغالب في تلك القصائد إغفال أغلب أواخر الكلم والحركات، واستعمال ألفاظ تنكرها الخاصة. ولا تشمئز منها العامة. واقدم هذا النوع من النظم ما عرف بعد ذلك باسم (المواليا) (بياء في الأخر مشددة يليها ألف قائمة) ف (الزجل) (كسبب) ف (الكان كان) ف (القوما) (يضم القاف وإسكان

الأبوذية في اللغة العامية

الواو وميم مفتوحة وفي الأخر ألف)، ف (الزهيري) (بالتصغير والنسبة) ف (البوذية) إلى غيرها وهي كثيرة لا تحصى. وقد جمعنا من مختلف هذه المنظومات العامية شيئا كثيرا منذ سنة 1894 مع أسمائها وضروب تراكيبها، ولعلنا نأتي على ذكرها إذا اتسع لنا المكان. وربما أتينا على ذكر كل نوع من هذه الأنواع وإيراد شواهد عليها: أما اليوم فنريد حصر الموضوع في دائرة (أبو ذية) والكلمة مركبة من (أبو) بمعنى (ذو) وهي لا تعرف هنا لأنها من كلام العامة؛ ومن (ذية) وهي (بكسر الذال المعجمة وتشديد الياء المفتوحة وفي الأخر تاء منقوطة)، وهي تخفيف (أذية) لان ناظم تلك الأبيات ينطق بها بعد أن يصاب بأذية خارجة كانت أم باطنة، عقلية أم جسدية، أدبية أم حسية، أو أنه يحاول التأثير في نفوس الغير بما يوذيها. وقد يصحف بعض العوام كلمة (أبو ذية) بكلمة (عبودية) فيشكل على السامع نسبة تلك المنظومات إلى هذا الاسم الغريب. والصواب ما أوردناه. والأبوية ذية يتركب من ثلاثة اشطر ينتهي كل شطر بكلمة تتكرر ثلاث مرات بلفظ واحد، إلا أن معناها يختلف في كل مرة. والشطر الرابع ينتهي بكلمة تختم بهاء ولهذا ظن بعضهم أن اصل التسمية مصحف عن (أبو هية) وهية تصغير الهاء عند العوام، كأنهم يريدون أن يقولوا: الأبيات التي ينتهي آخر شطر منها بهاء صغيرة، أي بهاء غير منقوطة؛ على أن الأصل الأول هو المشهور. وقد طلبنا إلى أحد أدبائنا النجفيين أن يكتب مقالا في هذا الموضوع فانشأ لنا المقالة الآتية البديعة: (لغة العرب) الأبوذية في اللغة العامية إن للعامة في جميع الأقطار العربية في كلامها أدبا وشعرا، موزونا مقفى كما للخاصة عند جميع الأمم: ولما كانت العربية الدارجة في العراق أمس واليوم، تختلف اختلافا كليا عن اللغة العربية الفصحى، وتفترق عنها افتراقا بينا، وتمتاز عنها امتيازا ظاهراً، من وجوه كثيرة، وجهات شتى أصبحت مسافة الفرق بين الشعر العامي والشعر الفصيح بعيدة جداً. فالعامي يغاير الفصيح

بالألحان الخاصة، والاشتقاق، والتواقيع، والحذف، الإضافة، والزيادة، والنقص، على غير العادة الجارية باللغة العربية الفصحى، وخلاف القواعد المقررة لها، والنطق بها من غير المخارج الطبيعية والإبدال، والقلب، وغير ذلك من أنواع المغايرات، والخصوصيات الشائعة في أدب العامة المنتشرة، والمتفشية فيه، وهذا البعد بين اللغتين العامية والفصحى، لم يكن إلا من جهة اللفظ فقط. أما المعاني العشرية فهي واحدة في كلتا اللغتين الفصحى والعامية من دون فرق ولا اختلاف. ومن مزايا أدب العامة وخواصه أن شعرهم هو الواسطة الوحيدة التوخاة لمعرفة ما للسواد الأعظم من الأفكار والعادات. فإذا أردت أن تعرف عواطف السواد الأعظم من كل أمة، ومقدار تأثرها في نفوسهم، وعاداتهم التي ألفوها منذ اجيال، والمنازع التي ينزعون إليها، فانظر في أدب عوامها فأنها هي التي تمثل لك حالتهم الاجتماعية تمثيلا صحيحا لا غبار عليه. فمن هذه الوجهة يكون (الأدب العامي) هو (الشعر الصحيح) إذ هو كالمرآة تنعكس فيها حالة السواد الأعظم، ظاهرة للعيان، بما يتضمن من ضروب أمثالهم، وعاداتهم، وأخلاقهم. و (الشعر العامي) كشقيقة الفصيح يهز العواطف، ويدمع الجفون، ويفعل في القلوب، ويشرح الخواطر، ويطرب النفوس. مع ما فيه من الركاكة، وبلبلة اللغات في نظر الفصيح. وقد انتشر هذا (الشعر العامي في أرجاء العراق، وعلى الأخص في الفرات منذ القرن عشر للهجرة على ما يقص الشيوخ وتحدث الشيخات. ولم نقف على مستند تاريخي لهذا القول. كما أننا لم نقف على أول من نظم في (الشعر العامي) مع كثرة بحثنا وسؤالنا من الناظمين فيه كثيرا ومن الأعراب أهل البوادي وغيرهم. وللشعر العامي أساليب جمة، وطرق عديدة، وأوزان شتى. وأسام كثيرة. يسمى بعض (ميمر) وآخر (موال) وثالث (عتابة)

ورابع (ركباني) وخامس (الابو ذية) وهذا القسم اكثر استعمالاً من غيره عند الاعراب، إذ قلما يخلو منه مهرجان من المهرجانات التي يقيمونها لا فراحهم وأحزانهم وانسهم وطربهم وأيام بؤسهم وسرورهم فينطقون بتلك اللهجة التي يصفقون لها، ويطربون على نغمات موقعها وما تبعثه في النفوس من البهجة والانشراح. ويأتي كل بيت من (الابو ذية) أو دور من أدوارها على أربعة اشطر ثلاثة في قافية واحدة والرابع قافيته برأسه وان كان الكل على وزن واحد. ولما كنت قد جمعت أبياتا كثيرة من هذا القسم (الابو ذية) في مجموعة خاصة. وضبطنا بعض ما تيسر لنا ضبطه منها رغبت في نشر نموذج منها على صفحات (لغة الغرب الغراء) التي هي جديرة بهذه الأبحاث. واليك نموذجاً من تلك الأبيات: أهلن يا نسيم الريح يا الماس ... على اللي شبهوا خده الورد بالماس إلورد يذبل يصاحب حين يلماس ... وذا مهما تقبله احتمر ميه كأن الشاعر العامي أخذ المعنى واللفظ من الشاعر الفصيح القائل: وظبي شبهوا خديه وردا ... لقد أثموا بما قد شبهوه لان الورد يذبل عند لمس ... وذا يحمر مهما قبلوه فالمراد (بالماس) الأول في الشطر الأول (الذي يمس) والثاني (الألماس) الذي هو أحد الجواهر. والثالث (اللمس) وهو أحد الحواس الخمس. والرابع (احتمر ميه) أي صار مائه أحمر بالتقبيل. روحي بيش اسليها كتلها ... عليك وسألن أدموعي كتلها شبه العيس بالبيدا كتلها ... الظما ودومن تحمل ماي هيه كأن الشاعر العامي أخذ اللفظ والمعنى من قول الشاعر المبين: وأمر ما لاقيت من ألم الهوى ... قرب الحبيب وما إليه وصول كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول فالمراد من (كتلها) الأولى (قتلها العشق). ومن الثانية (الكتلة أي القطعة من الدموع السائدة مرة واحدة). والثالثة (قتل الظما للعيس مع قرب الماء). وقال:

بعض دموعي رقى (يذبل) وعالي ... يون النايم بقبره وعالي بدت بالوصل وأنا ازفر وعالي ... الوصل شيفيد من تدنى المنيه كأنه ينظر إلى قول الشاعر العدناني: ولما رأتني في السياق تعطفت ... علي وعندي من تعطفها شغل آتت وحياض الموت بيني وبينها ... وجادت بوصل حيث لا ينفع الوصل فالمراد من (عالي) الأولى اسم فاعل من العلو كأن الشاعر يقول أن دمعي لكثرته قد فاض حتى وصل إلى (يذبل) اسم جبل، ومن الثانية (الاستماع) يقول: أئن أنت شديدة ولشدتها اسمع بها حتى النائم في القبر. ومن الثالثة (أعالج) على لغة من يجعل الجيم ياء وذلك لأنها وصلت في وقت لا ينفع فيه الوصل. وانشد آخر: يا حلو الطول والمبسم والجعود ... خطا منك تصل غيري ولي عود أخذ كأس المدام أول ولي عود ... لذيذ العيش نتشارك سويه كأنه نقول قول الشاعر العربي: فأسقيني كأسا وخذ كأسا إليك ... فلذيذ العيش أن يشتركا سؤال وجواب السؤال: شنهو الينذكر بالكتب ما انشاف ... وشنهو اليقطع الجفين ما انشاف وشنهو الدمعها للشيب ما انشاف ... وشنهو بغير دم روحه عذيه الجواب: الباري الينذكر بالكتب ما انشاف ... الموت اليقطع الجفين ما انشاف وشنهو الدمعها للشيب ما انشاف ... (ألبان) بغير دم روحه عذيه والعامة تعتبر (ألبان) الذي هو شجر معروف اسم حيوان و (عذية) أي مستقيم حي. وشنهو منحوت من (أي شئ هو) أي ما هو. ومعنى انشاف: رئي. والجفين مثنى الجف بجيم مثلثة أي الكف. سؤال وجواب السؤال: شنهو اللي يون دايم بلا روح ... وشنهو الفاتح اطيابه بلا روح وشنهو المرهب الدنيا بلا روح ... وشنهو بغير دم روحه عذيه الجواب:

الهوى يا للي يون دايم بلا روح ... المسبح الفاحت اطيابه بلا روح (الصراط) المرهب الدنيا بلا روح ... (البان) بغير دم روحه عذيه المسبح بجيم مثلثة المسك. والدنيا: الخلق. وقال: ها شخص اليودك دوم درب ... ها سهمك بلب احشاي ورب ها حامي لعند احماك والرب ... ها تجفي وتشمت اعداي بيه فالمراد من (ورب) الأولى الحاجة ومن الثانية (قطع) أحشائي وجعلها أربا أربا ومن الثالثة (القسم بالله. والراءات كلها مشدودة.) وقال: حجت والدر ينشف من شفتها ... يخوتي شاب راسي من شفتها لا هي نار لا هي ذهبة بالكور ... لا هي درة البجور لا هي شيشة البلور لا هي صقر فوق وكور لا هي لبسوها من شفتها ... غرير وتاهت اوصافج عليه فالمراد في الشطر الأول من (حجت) حكت أي تكلمت ومن (شفتها) لماها. ومن الثانية (الرؤية) أي حين رآها وشاهدها. والمراد (بذهبة بالكور) أي بقطعة ذهب بالكور جمع كورة وهي التي يحرق فيها (الكلس) وغيره من مواد البناء والنار لاجتماعها في الكورة وتقاربها تتراءى للناظر كأنها ذهبة حمراء. والمراد ب (شفتها الثالثة): لبست اشفافها أو ألبستها الشفافة. وقال شاعرهم: تجلى والدجى يا ضي من اسناه ... تبسم واخجل الكوكب من اسناه رماني بسهم فتاك من اسناه ... نفذ بحشاي واثر سقم بيه فالمراد في الشطر من (ياضي) الوضوح أي واضح من السناء والثاني (الشعاع) والثالث من اسناه أي من أسنانه. وانشد أحدهم: أبات الليل أرد سني بهاماي ... شبيه القاطع البيدا بهاماي عبالي الناس كلها بهاماي ... آثاري كل ضلع تحته شجيه فالمراد في الشطر من (بهاماي) أي إبهامي أعضه بسني أو بنو اجذي لشدة الألم. ومن الثاني (بهاماي) أي بلا ماء كالقاطع البيداء من دون ماء كيف يكون حاله. ومن الثالث (بهاماي) أي بهمي كأنه كان يظن أن الناس كلها مهتمة بهمه. وفي الرابع قد انكشف له أن كل إنسان مهموم وهمه كهمه. وقال آخر:

تعال الجبدتي وانظر أشفتها ... على الريمه التي بعيني شفتها وحق جدك عقيق أحمر شفتها ... آلة تريك خدها وسطع ضيه فالمراد في الشطر الأول من (أشفتها) (ما الذي فتت) كبدي. وفي الثاني (الظبية التي رآها بعينه) وفي الثالث شبه شفتها بالعقيق الأحمر. واقسم على ذلك. وفي الرابع أن خدها كآلة (التريك) أي الالكتريك الساطع ضياؤها ونورها. ومن شعرهم: انحلت ما بعد اشيل الجدم واخطه ... جثير الذنوب مني شلت واخطه حبيبي ما رماني بسهم واخطه ... أظن من (حرملة) عنده سجيه المراد (باخطه) الأولى الخطا جمع خطوة أي أن جسمي قد نحل حتى أني لا أستطيع نقل القدم وأخطو خطوة. وبالثانية الخطايا أي لأني كثير الذنوب والأثام وبالثالثة عدم الإصابة أي أن حبيبي رماني بسهم واخطاني. وبالرابع أن سجيته بالرمي كحرملة الذي رمى الإمام الحسين عليه السلام في واقعة الطف. ومن هذا القبيل قول الأخر: القنا الخطي لنا والسيف ينضام ... نديمه اللي قصدنا عيب ينضام يسيد كالبدر شعاع ينضام ... بدر نزهة السما قبل الثرية وعلى كل حال فترى الشعر العامي يغاير الشعر الفصيح بجميع شؤونه وأطواره وخصوصياته ومزاياه وقد أوردنا هذه الكلمة حول (الشعر العامي) على سبيل العجالة لنبين للقراء أن معانيه ليست بأدنى من معاني الشعر الفصيح. النجف: عبد المولى الطريحي السميدع (بالدال المهملة لا بالمعجمة) في محيط المحيط: السميذع (بالذال المعجمة): السيد الكريم. . . ج سماذع. ولا يقال السميدع بالدال المهملة. ولا تضم السين. اهـ وقد خالف هذه المرة نص فريتغ الذي يذكر السميذع بالمعجمة بل بالمهملة. ولما كان لغويو العصر عالة على محيط المحيط نقل هذه العبارة عينها صاحب اقرب الموارد وعنه اليسوعيون الثلاثة: بلو وحواء ومعلوف، ثم جاء صاحب المعتمد (؟!) فوافق جميعهم على هذه الكتابة مع أن صاحب لسان العرب يقول في باب سمدع (المهملة) (ولا تقل السميدع بضم السين) ولم يذكر أحد من اللغويين الثقات السميذع بالذال المعجمة، بل صرح صاحب التاج أن كتابتها بالذال المعجمة خطأ. فاحفظ هذا يحفظك الله.

خزائن إيران

خزائن إيران التي أنشئت في أوائل عصر الدولة القاجارية الخزانة الشاهانية في طهران كان (فتح علي شاه) أول من أمر بجمع الخزائن وأضاف إليها حفيده ناصر الدين شاه قسما كبيرا من نفائس المخطوطات المصورة وغير المصورة وهي اليوم من مختصات البلاط الشاهاني ولها خدم وموظفون برواتب معينة من ميزانية المملكة ولا يسوغ لأحد الدخول إليها إلا بإجازة من الشاه ووزير البلاط وكنا ممن نال الإجازة المذكورة ووقفنا على تاريخها وبعض نفائسها الحاضرة وخلاصة ذلك أن هذه الخزانة تحوي 12239 مجلدة منها 7432 مطبوعة و 4807 مخطوطة وبعض مخطوطاتها منمقة بأقلام مشاهير مصوري الهند والصين وإيران ومجلدة بإبداع المنسوجات. وفي أواخر عصر مظفر الدين شاه قاجار اختلس قسم من نفائسها وبيع في أوربة بمواضعة من خازنها مع رجل ارمني يعرف ب (ارشاك خان كريانس) إزاء ثمن بخس. ومنذ عشرين سنة تقريباً إلى هذا اليوم تتطلب الحكومة الفارسية بوساطة سفراء الدول الأجنبية في طهران الكتب المذكورة وما عثرت الأعلى النزر اليسير منها ومنذ ذاك الحين منعت منعا باتا خروج الكتب المخطوطة بأنواعها من حدود مملكتها

ومن تلك النفائس المفقودة كتاب مرقع (أي مصور) كلستان لمؤلفه سعد الدين الشيرازي الشاعر الفارسي السهير وكان موشحا بل موشحونا بتصوير القلم البديعة وكتاب (جامع التواريخ) أو (تاريخ رشيدي) لمؤلفه رشيد الدين وزير غازان خان المغولي وهو في 98 صفحة بقطع كبير وخط بديع فيه رسوم غريبة بديعة قدر بعضهم ثمنه بما يوازي عشرة آلاف ليرة وقد عثرت عليه الحكومة في دار أمين الخزانة. و (تاريخ أكبر شاه الهندي) وهو من نفائس الكتب في 332 صفحة فيها 12 مجلسا مصورا وصورة عجيبة وقد نسخ قسما منه الخطاط المعروف بمير علي، إلى غير ذلك. ومن نوادرها التي وقفنا عليها (مرقع كلشن) وهو مصور بأقلام مصوري الهند والصين. اغتنمه نادر شاه آفشار من خزانة السلطان محمد شاه الهندي في 176 صفحة مصورة تمثل طيور الهند وحيواناتها وهي من رسم مير علي وسلطان علي وفي الصفحة السابعة منه كتابة بخط وتوقيع جهانكير بن أكبر شاه العازي بتاريخ سنة 1017 وهذا نصه: (أن الأستاذ بهزاد صنع هذا الرقع بأمري) وبهزاد هذا هو المصور الاصبهاني البارع الشهير الذي صور في بلاط ملك الهند صور صينية بديعة ذاعت شهرتها في أنحاء العالم وقدر بعضهم ثمن هذا المرقع بخمسين ألف ليرة ذهب والله اعلم. ونقل لنا أن مرقع كلستان المختلس كان أعلى قدرا من هذا المرقع ومنها: (مجموعة رشيد الدين) فضل الله بن أبي الخير بن عالي الطبيب وهي في مجلد ضخم بخط جيد حرر في سنة 708 عصر المؤلف وقد اشتملت على أربعة كتب يحوي كل منها عدة رسائل متنوعة فيها جملة فوائد. ففي الكتاب الأول التوضيحات وفيه 19 رسالة في تفسير بعض الآيات والأحاديث ومعارضة الغزالي وفضيلة العلم والعقل وعدد الحكماء. . . وفي الكتاب الثاني مفتاح التفاسير وفيه اصل وذيل يشتملان على ديباجة في التوحيد وشرح أعمال النصف و 9 رسائل في بيان إعجاز القران وأقسام المفسرين والخير والشر والأعمال الحسنة وطول العمر وقصره والجبر والقدر وإبطال التناسخ. . . وفي الكتاب الثالث السلطانية وفيه أيضاً اصل وذيل مع جملة فوائد في السلطان وفضائله وغير ذلك. . . وفي الكتاب

الرابع لطائف الحق وفيه 14 رسالة في التفسير والكلام والعرفان وما ناسب ذلك. . . ومنها: كتاب (صفوة الصفا أو المواهب السنية في المناقب الصفوية) للمتوكل بن إسماعيل البزاز وقد وضعه على 12 بابا ذات فصول عديدة جميعها في شرح حالات الشيخ صفي الدين الاردبيلي جد الملوك الصفوية وكراماته والنسخة في زهاء 800 صفحة بقطع متوسط وخط حسن بتاريخ سنة 958 ونسخة هذا الكتاب نادرة وصفها المستشرق الإنجليزي ادورد براون في مقدمة كتابه تاريخ أدبيات إيران وهو في أربع مجلدات وقد طبع بعضها في لندن. كتاب (تذكرة دلكشا) لعلي أكبر الشيرازي المتخلص ببسمل وضعها في أحوال شعراء الفرس وبدأها بترجمة سعد الدين الشيرازي وختمها بترجمة نفسه ومنها نسخة جليلة من التاريخ الفارسي المعروف ب (تاريخ حافظ ابرو) و (تذكرة هفت إقليم) لامين احمد الرازي في تراجم الشعراء والأدباء والأمراء وقد ورد ذكرها مفصلا في كتاب الظنون للجلبي. . . وتاريخ (مرآة الأدوار) و (تاريخ هراة) و (تاريخ كلستان ارم) وفيها: نبذة من (تفسير التبيان) للشيخ الطوسي أستاذ السيد المرتضى علم الهدى و (تفسير محمد شاهي) و 16 رسالة لبابا افضل العارف المشهور (رسالة في علم الشطرنج) و (رسالة في علم الحرب) و (شرح ديوان أبي فراس) لابن خالوية و (شرح ديوان الخواجة حافظ الشيرازي) وعدة شروح (لنهج البلاغة). وغالب النسخ الخطية غير الصورة التي في هذه الخزانة نادرة من حيث محاسنها لا من حيث وجودها وأكثرها باللغة الفارسية وهي غير مفهرسة ولا منظمة وقد تراكم عليها ولا ينتفع بها عالم أو أديب لتخصصها بالشاه والتحاقها بمخزوناته. . . وفي عصر ناصر الدين شاه قاجار كانت في طيران خرانة نفيسة للبرنس (اعتضاد السلطنة علي قلي ميرزا) وزير العلوم وخزانة جيدة للبرنس معتمد الدولة

فردها ميرزا وقد تفرقت كتبهما بعد وفاة جامعيهما. ومن الخزائن المهمة التي أنشئت في طهران في عصر ناصر الدين شاه من آل قاجار وبقيت إلى اليوم: خزانة المدرسة الناصرية باني هذه المدرسة هو ميزار حسين خان سفهسالار في عصر ناصر الدين شاه وهي من اعظم الدارس الحالية في إيران وكان اتباع لها كتبا ثمينة أوقفها على طلبتها بنوع خاص ومن جملة ما اتباع لها قسم من خزانة اعتضاد السلطنة علي خان المراغي وزير المعارف في عهده والقسم الرياضي منها أوفر من غيره. ومن محاسن كتبها التي وقفنا عليها: مجلد من الترجمة الفارسية لتاريخ قم العربي وكان مؤلفه بالعربية حسن ابن محمد بن حسن بن ثابت الشيباني بأمر من الصاحب بن عباد وزير فخر الدولة البويهي سنة 335 ومترجمة إلى الفارسية حسن بن علي بن حسن بن عبد الملك القمي بأمر الخواجة عماد الدولة محمود بن الخواجة شمس الدولة محمد علي بن صفي في شهور سنة 805. وقد نص على هذا التاريخ في أول ترجمته المرموقة وذكر المستوفي في نزهة القلوب أن الترجمة كانت سنة 865. . . والمجلد الذكور حوى خمسة أبواب من عشرين بابا، بها تم الكتاب وقد بدأه المؤلف أو لا بنبذة من مناقب الوزير ابن عباد والأساليب الباعثة على تأليفه ثم ذكر الأبواب على سبيل الفهرس وهي: الباب الأول في وجه تسميتها بقم وتاريخ فتحها وجغرافيتها وذكر دار الضرب ودور الأمراء والولادة وعدد الأرجاء والضياع والرساتيق فيها وبعض الطلسمات وبيوت النار وغير ذلك. 2 - في خراجها ونجومها ورسومها إلى سنة 380 وفيه خمسة فصول. 3 - في نزول الطالبيين في قم وفضائلهم وأحوال أولاد الأئمة. 4 - في نزول العرب الاشعريين فيها وسبب قتل الحجاج يوسف محمد بن السائب الاشعري. 5 - في أخبار رجال الاشعرية وإسلامهم ومهاجرتهم ووقائعهم في الجاهلية. 6 - في انساب العرب.

7 - في نتف من أخبار العرب المتوطنين بمدينة قم وذكر رؤسائهم وزعمائهم. 8 - في حوادثهم ووقائعهم. 9 - في أحكام قم وكتاب الديوان بها من العرب والعجم. 10 - في ظهور الإسلام بقم وذكر الفرس النازلين بها قديما وحديثا. 11 - في سنن جبايتها وخراجها وأخبار ولاتها من سنة 189 إلى سنة 378 وهم مائتا رجل ورجل. 12 - في أسماء قضاتها. 13 - في سنن الخلفاء والوزراء والحوادث التاريخية وجملة من بلاد الإسلام الحادثة بعد (آبه) وأخبارها من البعث إلى الهجرة إلى آخر سنة 378. 14 - في الضياع ومستغلات السلطان بقم وآبه أو أوه القديمة والحديثة وغير ذلك. 15 - في عدد الضياع الموقوفة بقم ومبلغ خراجها وأسماء أربعين رجلا من متوليها الخ. 16 - في شرح حال 260 من أسماء الشيعة و 14 من علماء أهل السنة فيها. 17 - في أسماء الأدباء والكتاب والفلاسفة والمنجمين والوراقين مع نتف من أخبارهم ورسائلهم ومصنفاتهم. 18 - في شرح حل أربعين رجلا من الشعراء المادحين القميين ممن يحفظ شعرهم و 30 من شعراء العرب والعجم الظاهرين بقم مع ذكر نبذة من أشعارهم. 19 - في اليهود والمجوس الذين بقم وعلة نزولهم فيها والرسوم التي كانت عليهم. 20 - في خواص قم وعجائبها وجملة من سنن العرب وآدابهم وأحكامهم ومناقبهم وأسماء تواريخ أيام العرب والعجم وبعض أخبار تلائم من آدم إلى الهجرة وغير ذلك. ومنها: نسختان من كتاب (تذكرة هفت إقليم) لامين احمد الرازي المؤلف سنة 1010 ذكرة في كشف الظنون وقال رتبة على الأقاليم السبعة وذكر إقليم كل بلدة وما في كل بلدة من أعيانها قديما وحديثا ولم يقتصر على أوصاف البلاد أو طائفة دون أخرى بل أيضاً الملوك والسلاطين والعلماء والمشايخ والشعراء مع أشعارهم وأثارهم. اهـ. حوت إحدى النسختين المذكورتين ذكر ثلثة

أقاليم على الترتيب المزبور وفي أخرها ذكر ملوك مصر بتاريخ 15 شعبان سنة 1021 وثانيتهما مخرومة الأول والأخر في 648 صفحة بقطع كبير أولها في أحوال مشاهير قم وأخرها في أحوال دكن. . . وكتاب (شرح القاضي زاده) بخط الشيخ بهاء الدين العاملي وكتاب (تجريد بن ميثم) وكتاب (صور عبد الرحمن) و (شرح تذكرة النيشابوري) و (شرح تذكرة البيرجندي) وكتاب (لطائف الكرام) في النجوم و (والزيج الجديد) لالغ بيك و (زيج عبد الرحمن) وكتاب (في النيرنجات والطلسمات) وغير ذلك مما لا يسع المقام شرحه. وهذه الخزانة كسائر الخزائن الموجودة اليوم في طهران لا ينتفع بها إلا النزر اليسير من الأدباء. وعدة مجلداتها توازي 5000 أكثرها نادرة من حيث الخطو والورق. خزانة المدرسة المروية لمؤسس المدرسة وبانيها ميرزا محمد حسين خان الروي وقد وقفها على تلاميذ المدرسة وفيها كثير من كتب الشيعة في العلوم الشرعية وقلما ترى بينها كتبا في أنواع العلوم الرياضية والأدبية. واحسن آثارها في ذلك كتاب مقاييس اللغة للشيخ أبي حسين احمد بن فارس اللغوي الشهير وهو في زهاء 650 صفحة بقطع كبير أوله: الحمد لله وبه نستعين وصلى الله على محمد واله أجمعين حمدا. أقول وبالله التوفيق: أن للغة العرب مقاييس صحيحة واصولاً تتفرع منها فروع وقد ألف الناس في جوامع اللغة ما ألفوا ولم يعربوا في شيء من ذلك عن مقاييس من تلك المقاييس، ولا أصلا من تلك الأصول، والذي أومأنا إليه باب من العلم جليل، وله خطر عظيم، وقد صدرنا كل فصل بأصلة الذي تتفرع منه مسائله، حتى تكون الجملة الموجزة شاملة للتفصيل. ويكون المجيب ما ذكرناه على كتب عالية تحوي اكثر اللغة. وأشرفها كتاب أبي عبد الرحمن الخليل بن احمد المسمى كتاب العين اخبرنا به علي بن إبراهيم القطان فيما قرأت عليه الخ. وقد اعتمد على ما نقل في الديباجة على خمسة كتب: كتاب العين المتقدم ذكره وكتاب أبي عبيده في غريب الحديث ومصنف الغريب وكتاب المنطق

لابن السكيت وكتاب الجمهرة لأبي بكر بن در يد قال فأول ذلك كتاب الهمزة. باب الهمزة. في الذي يقال له المضاعف. اعلم أن للهمزة والمضاعف في الأب اصلين أحدهما المرعي والأخر القصد والتهيؤ فأما الأول فقول الله عز وجل: وفاكهة وأبا. قال أبو زيد الأنصاري لم اسمع للأب ذكرا ألا في القرآن قال الثاني فقال الخليل وابن در يد الأب مصدر أب فلان إلى سيفه إذا رد يده ليستله الخ. وطريقته في ترتيبه ذكر اللغات بترتيب حروف الهجاء ثم يردفها بالأول فالأول منها والنسخة في 650 صفحة تقريبا بالقطع الكبير بخط جيد جلي غير أنها مغلوطة مخرومة في بعض مواضيع منها في عدة صفحات ونحن نتذكر هنا أن من كتاب المقاييس نسخة قديمة أكلت الأرضة قسما كبيرا منها عند الشيخ علي آل كاشف الغطاء في النجف. ومن الخزائن المنشأة في إيران في عصر الدولة القاجارية: خزانة الشيخ عبد الحسين في مشهد الرضا في خرسان وهي خزانة نفيسة فيها عدد وافر من نوادر المخطوطات والمطبوعات وجامعها الذكور هو شيخ جليل ذو علم وصلاح أجاز لنا الوقوف على شواردها مع شوق منه إلى ذلك ومن محاسن نسخها كتاب (الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والخلفاء والملوك) بخط مؤلفة احمد بن الحسن الحر العاملي من علماء أواخر القرن الثاني عشر للهجرة وعنوانه يعرب عن موضوعه فلا حاجة إلى بسطة. قال في ديباجة بعد الحمدلة: وجعلته مبينا على مقدمة وثمانية أركان وخاتمة الخ. ومنه نسخة ناقصة عند الشيخ علي آل كاشف الغطاء في النجف ونسخة كاملة عند السيد حسن الصدر في الكاظمية. . . وكتاب (تفسير نور الأنوار ومصباح الأسرار) لمؤلفه السيد محمد بن محمد تقي المدعو برضي الدين الحسني كما صرح بذلك في ديباجة وهو من جوامع التفسير التي لا يستغني عنها. رأيت منه مجلدين ضخمين الأول في تفسير سورة البقرة. والثاني في تفسير سورة الكهف إلى

آخر سورة فاطر. والمؤلف من عيون علماء أوائل القرن الثاني عشر للهجرة له عدة مؤلفات ذكرناها في ترجمة. وفيها جملة من كتب الشيعة في الفقه والأصوليين والحديث بخطوط مؤلفيها وقد بلغنا أن جامعها توفي قبل زمن قصير نور الله رمسه. خزانة إمام الجمعة في كرمانشاهان أو كرمانشاه كان محل إقامتنا أيام كنا في كرمانشاه دار إمام الجمعة وله فيها خزانة تشتمل على اكثر من ألف مجلد في فنون العلوم وفيها جملة مخطوطات نادرة الوجود من كتب الشيعة أكثرها في الفقه والحديث والأخبار والأصوليين لا يسع المقام ذكرها. ومما رأينا فيها الجزء التاسع عشر من كتاب (الوافي بالوفيات) تأليف صلاح الدين احمد بن أبي الصفا خليل بن أبيك الصفدي أوله ترجمة علي بن الحسين بن هند وأبي الفرج الكاتب الشاعر وآخره ترجمة علي بن محمد بن عبد العزيز تاج الدين المعروف بابن الدرهم وخط النسخة وورقها ظاهر، عليهما آثار القدم وعلى ظهرها مرقوم: ملكة أفقر الخلق إلى رحمة ربه أبو الوفا بن عمر العرضي في عاشر رمضان سنة 1066 مع الجزء الأخير. ومن الخزائن المشهورة في عصرنا هذا في طهران: خزانة حسين آقا الملقب بملك التجار، فيها عدة كتب نادرة غير أن جامعها ضنين بإجازة الوقوف عليها خزانة آقا ضياء الدين النوري هو ابن الشيخ فضل الله النوري العالم المشنوق بطهران في أوائل الانقلاب الفارسي السياسي وقد سمح لنا بالاطلاع على نفائسها والاستفادة منها. ومن تلك الخزائن: خزانة مجلس النواب وهي حديثة التأسيس أتلفت طائفة من نوادرها عند تسلط جنود الشاه

المخلوع على المجلس أيام الثورة الدستورية وفيها اليوم زهاء ألف مجلد بين مطبوع ومخطوط وقد عني النواب بتشييدها من جديد. ومن محاسنها التي وقف عليها كتاب (أنوار الملكوت) للعلامة الحسن بن مطهر الحلي في (شرح كتاب الياقوت) في علم الكلام وتاريخ النسخة 793 وكتاب (مصقل الصفا في أحوال الخلفا) للسيد احمد زين العابدين الأنصاري بتاريخ سنة 1032 خزانة نصر الله الأخوي من أعضاء مجلس التمييز في عدلية إيران وصاحبها من المولعين بجمع الكتب وتنظيمها. خزانة المعارف خزانة أنشأتها وزارة المعارف لتنوير الأفكار وتشحيذها وهي تحوي زهاء ألف مجلد أكثرها في العلوم الحديثة ولا تزال ساعية في تكميلها. المكتبات المعدة لبيع الكتب كان في طهران إلى سنة 1338 نحو 25 مكتبة معدة لبيع الكتب القديمة والحديثة والفارسية والافرنسية والإنجليزية و 6 مكتبات في شيراز و 11 في اصبهان و 20 في خرسان و 2 في قزوين و 5 في همذان و 8 في تبريز وأكثرها مخصصة ببيع الكتب القديمة. ملك أبال عبد العزيز الجواهري (نزيل طهران) (كفري) كفري (وزان كرسي) اسم للصلاحية في الخالص من ديار العراق، وسميت (كفريا) لوجود الكفر فيها وهو نوع من القير قال ابن شميل: القير ثلاثة اضرب: الكفر والقير والزفت، فالكفر يذاب ثم يطلى به السفن، وهو الإسفلت عند الإفرنج والزفت يطلى به الزقاق. اهـ. وما عدا الكفر يتبع فيها نفط في غاية الجودة ويمتد ميدانه إلى مسافة شاسعة. وقد رسب الكفر فيها رسوبا يبلغ ثخنه ست أقدام وهو من افخر نوعية جميعا.

تاريخ مطبعة الحكومة في الموصل

تاريخ مطبعة الحكومة في الموصل أسست مطبعة الحكومة في الموصل - وكانت تسمى مطبعة الولاية في العهد العثماني - سنة 1875 م (1292هـ) في زمن والي الموصل تحسين باشا الذي جلب أدواتها وآلاتها من الأستانة، وقد ساعد الأباء الدمنكيون على ترويج أشغالها فأنيطت أدارتها بموظفي دائرة الولاية المركزية كالمكتوبجي وكتاب المجالس الإدارية ومن الذين تولوا أدارتها رؤوف أفندي الشربتي وعلي بك كاتب مجلس الإدارة ورؤوف أفندي ابن محمد أفندي والمكتوبجي طاهر بك واحمد أفندي رئيس كتاب المحاسبة الخصوصية ونظمي بك وحسن فائق بك رئيس بلدية الموصل السابق. وعلي بك وخير الدين أفندي العمري نائب الموصل في المجلس النيابي الآن وارسلان بك. وقد اشتغلت الطبعة الرسمية من يوم تأسيسها بطبع الأوراق الرسمية والأشغال التجارية ودفاتر دواوين الحكومة والتقاويم السنوية باللغة التركية المسماة (موصل سالنامة سي) وفيها طبعت جريدة (موصل) الرسمية وهي جريدة أسبوعية أخلاقية أخبارية ظهرت سنة 1879م (1297هـ) وقد كانت في أول صدورها تنشر باللغتين العربية والتركية ثم اقتصرت على اللغة التركية وأعيد القسم العربي إليها في أخر عهد العثماني بالموصل. فلما دخل البريطانيون الموصل في اليوم الثاني عقيب إعلان الهدنة سنة 1918م (1337هـ) استأنف الكولونل لجمن الحاكم العسكري للموصل إصدار الجريدة الرسمية اللغة العربية فقط فكانت تصدر مرتين في الأسبوع وعهد بإنشائها في أول الأمر إلى القس سليمان الصائغ الكلداني الموصلي مؤلف (تاريخ الموصل) ثم تسلم إنشاءها الأستاذ أنيس الصيداوي الصحفي البيروتي ورئيس الثانوية في يافا (فلسطين) ألان. وأعقبه في القيام بشؤون هذه الجريدة التحريرية يونان عبو اليونان من كتاب الموصل الذي تركها أخيرا وانخرط في سلك طلاب متقن الطب المؤسس حديثا في بغداد. وأخذت تصدر بعد ذلك أربع مرات في الأسبوع.

وفي مطبعة الولاية هذه طبعت حينا جريدة (نينوى) لسان حال الاتحاديين العثمانيين باللغتين العربية والتركية. وجريدة (نجاح) لسان حال حزب الائتلاف باللغتين العربية والتركية أيضاً وجريدة (جكه باز) الهزلية باللغة التركية فقط. ولما صودرت أموال الأجانب في الحرب الكونية العظمى وكانت مطبعة الأباء الدمنكيين في جملة ما صودر نقل إلى مطبعة الحكومة كثير من أدوات وآلات وحروف بعض ما حفظ في المطبعة. فلما احتل الإنكليز الموصل أدوا إلى دير الدمنكيين ومبعثهم بعض ما حفظ في الطبعة الرسمية من منهوبات مطبعتهم ولم تمتد إليه يد السرقة أو التلف. وفي السنة الماضية جدد في هذه المطبعة قسم مهم من حروفها وآلاتها كما أعيد إلى المبعث المنكي بعض ما فضل فيها من آثار مطبعتهم بلا استعارة. من مطبوعاتها: 1 - أبهى القلائد في تلخيص انفس الفوائد) تأليف السيد احمد فائز ابن السيد محمود أفندي البرزنجي سنة 1315هـ (1897م) ص 226 وهو في

العقائد الإسلامية والكلام وقد طبع برخصة نظارة المعارف في الأستانة المرقمة 117 وبتاريخ ذي القعدة سنة 1314هـ (1896م) في عهد ولاية زهدي بك الوالي العثماني على الموصل.

2 - سالنامات لسنوات متعددة باللغة التركية 3 - منهج التعليم الابتدائي سنة 1919 ص 64 4 - نظام بلدية الموصل (موقت) ص 24 سنة 1920 5 - إيضاحات في تدريس اللغة العربية في المدارس سنة 1921 ص 10 6 - منهج لتعليم اللغة العربية للطلاب الذين لسانهم غير العربي ص 13 سنة 1921 وقد طبع في هذه المطبعة بعض الكتب المدرسية باللغة التركية. مطبعة نينوى أو سرسم أو آثور أو عيسى محفوظ في الموصل تغير اسم هذه المطبعة مرارا فكانت في أول تأسيسها مطبعة نينوى ومطبعة سرسم أحيانا فمطبعة آثور فمطبعة عيسى محفوظ وهو اسمها الحالي وكان مؤسسها عيسى محفوظ الموصلي بشركة فتح الله سرسم وذلك في سنة 1910م (1327هـ) وجلب آلاتها وأدواتها من باريس وحروفا عربية ولاتينية. وفيها صدرت جريدة (نينوى) باللغتين العربية والتركية وجريدة (جكه باز) الهزلية. وفي أبان الحرب العظمى صادرتها الحكومة العثمانية مدة عشرة أشهر وأخذت تطبع فيها جريدة حقه طوغرو (دعوة الحق) لبث دعوتها باللغات الأربع التركية والعربية والفارسية والكردية. فلما كان الاحتلال البريطاني أعيدت المطبعة إلى صاحبها وهي اليوم تصدر جريدة (صدى الجمهور) العربية مرتين في الأسبوع. واشتغلت مدة بطبع الأوراق التجارية وأغلفة أوراق (السيكارة) وصاحبها متفنن في حفر الألواح المنقوشة وطبعها فيها. وفي هذه المطبعة طبعن مجلة (النادي العلمي) التي كان يصدرها النادي المذكور

في الموصل عقيب الاحتلال البريطاني. من مطبوعاتها: 1 - (عنوان البيان وبستان الأذهان) كتاب لأحد المؤلفين القدماء في الحكم والآداب في جزأين صغيرين سنة 1914. 2 - التحفة السنية في الهدية السنوية لعلي الجميل الموصلي سنة 1895 3 - بدائع الأفكار ياخوذ الحكمة والأدب للترك والعرب تأليف فاضل الصيدلي الموصلي وهي شذرات عربية أدبية مشروحة باللغة التركية ص 32 سنة 1330هـ (1911م). 4 - خطبة نادي المشرق - كتاب سياسي عمراني خاطب به مؤلفة الأستاذ السيد محمد حبيب العبيدي، مفتي الموصل الان، أمم الشرق ودعاها إلى النهوض وقد أوحت إليه بهذه المعاني الحرب العثمانية البلقانية كتب على الرسالة (ينفق ريعها في سبيل تعزيز مبدأها) ص 88 سنة 1331هـ (1912م). 5 - (الأناشيد الموصلية) ألفه محمد سعيد الجليلي الكاتب في سكرتارية المجلس النيابي في بغداد الآن في 24 ص سنة 1332هـ (1914م) ولهذا الكاتب حكاية لا بد من إثباتها هنا للتاريخ: كان مؤلف هذا الكتاب سنة 1332هـ (1914م) مدرسا في مدرسة (دار العرفان) الرسمية وقد اسند إليه تدريس الأناشيد وهو التعليم المدخل حديثا في منهج الكتاتيب الابتدائية والذي قصد به تدريس أناشيد (الحماسة التركية) لخدمة القومية التركية في نفوس النشء العربي؛ فلم ير المدرس وهو من الشبان العرب المتحمسين لقوميتهم العربية أن يكون وسيلة إلى نفث الروح التركي في نفوس النشء الغض وإماتة الحس القومي العربي وقد كان يومئذ منحصرا في أفراد قلال يعدون على الأصابع وذلك لشدة ضغط الاتحاديين فعزم على تدريس الأناشيد باللغة العربية فلم يجد بين الأيدي كتابا يحس تداوله لهذا الغرض فطلب إلى بعض الأدباء الموصليين أن يضعوا أناشيد ليعلمها للأحداث فلبى طلبه جماعة منه: قاسم الشعار قاضي محكمة

بعقوبة الشرعية حالا وداود الملاح الذي قصفته المنون في سني الحرب الكبرى والأستاذ محمود الملاح الذي كان متبرعا بإلقاء دروس التاريخ والجغرافية في المدرسة المذكورة وهو الآن مدرس اللغة العربية في دار المعلمين في بغداد ونظموا بضع أناشيد تتضمن التغني بمجد العرب التاريخي وإذكاء نار الحماسة في أفئدة النشء العربي فجمعها المدرس الذكور وطبعها في رسالة مع مقدمة له وشرح بعض الألفاظ والأعلام التي وردت فيها. 6 - تنوير الأذهان في بعض حقائق تاريخ الكلدان - نبذة مختصرة رتبها حنا نرسي الموصلي الكلداني ص 67 سنة 1926م 7 - برنامج الجمعية الخيرية السريانية الكاثوليكية ص 35 سنة 1927م 8 - التقرير السنوي الأول لجمعية الإحسان للسريان الارثودكس في الموصل لسنة 1926 - 1927م رفائيل بطي البلخش ليس نباتا في محيط المحيط: البلخش ضرب من النبات اهـ. ولم نجدها في معجم لغوي، إنما نقل البستان الكلمة عن فريتغ وهذا ذكر أن البلخش ضرب من الياقوت لكن كلمة ياقوت اللاتينية تعني أيضاً من النبات. وجر معه في وهدة الأوهام كل من نقل عنه. ولم يقم أحد من اللغويين العصريين من ينبه على هذا الغلط، ولا كيف استدرج إليه صاحب محيط المحيط. فالبلخش على ما ذكره التيفاشي (حجر صلب شفاف كالياقوت في جميع أحواله ومنافعه) وفي المستظرف انه يقارب الياقوت في جميع أوصافه ودونه في الثمن وهو ألوان: (أحمر وأخضر وأصفر) اهـ. وهناك غلط فإن ضبط بلخش كجعفر وهو عند الفصحاء بتحريك الأول والثاني وإسكان الثالث. فاحفظه.

أشهر مدن البطائح الحالية

أشهر مدن البطائح الحالية المدينة ليست بمدينة وإنما قرية كبيرة على بز الفرات الأسفل، بين القرنة وسوق الشيوخ تكتنفها البطائح وفي ظهرها بادية العراق جدت قبل القرن الحادي عشر. وهي حاضرة الجزائر سابقا وفيها مقر الأمارة على ربيعة البطائح والجزائر ولا يزال الأمارة متوطنا إياها وضواحيها ولكن شأنها اليوم شان أمرائها إذ انتقلت الزعامة إلى بيت الأسدي، بيت خيون وأصبحت القرنة حاضرة البطائح. وقبائل المدينة من ربيعة وهم بنو منصور ويجاورهم سعد. القرنة مر عليك طرف من ذكرها في ترجمة آل فراسياب. وإنها قلعة اسمها القرنة ثم صار اسمها العلية ثم استرجعت اسمها القرنة نعم نشأت قرية وصارت مدينة على بز الفرات وفي قريب منها يقترن بز دجلة ببز الفرات ويلتقي الأخوان بعد أن كانا تفارقا من جبال أرمينية فسميت القرنة ولم يكن لها، - وهي قرية أو مدينة -، مؤسس معروف فقد كانت قلعة تصد الهاجمين على البصرة من جهة بغداد وحولها رهط من الجزائريين المتهيئين للدفاع ثم نشأت قرية على مفرق الطريقين ولا اعرف زمن تأسيسها وقد ربلت حتى صارت مدينة صغيرة من مدن العراق وقبيلتها بنو سعد من ربيعة البطائح وقد ذكرها بعض الرحالين قرية حقيرة في أواخر القرن الحادي عشر. العمارة بلد نزة ومدينة من مدن العراق الزاهية ناهضة على وادي دجلة في الجانب الأيسر، في آخر دجلة البصرة، حاضرة عامرة وهي من

المدن الجديدة في العراق وموقعها من طفوف سابقا يوم كانت دجلة تستقيم من الدار الذي هو قريب من موقعها وكذلك كانت ناحية من نواحي البطائح سابقا عند ما امتدت دجلة بين واسط والمدار، وهذه المدينة الحديثة نشأت في القرن الثالث عشر معسكرا للحامية التي ترد من بغداد لحفظ الأمن في تلك الجهات، وجباية الأموال الأميرية وقد اختارت الجنود النظامية التكوف في هذا الموقع لنشوفة أرضه، وعذوبة هواءه، فأطلق الناس على ذلك المكان اسم (الاوردي) وهي لفظة تركية مهنا المعسكر وما زالت إلى اليوم تعرف عند المنتفق باسم (الاوردي) ثم اطمئنان إليها الناس وأرباب الكسب والتجارة من البغاددة والبصريين فانشئوا هناك عمارة ضخمة وأطلق عليها اسم العمارة. قلعة صالح - صالح هذا زعيم من زعماء أل أبي محمد، القاطنين في تلك الأنحاء من بطائح دجلة ومن حواليها تمتد إلى ناحية الحويزة والأهواز وقد إنشاء هذه القلعة لتكون حامية لمزرعة وقبيلة كما هو شأن الكثير من الزعماء العراقيين وقد جاورها كثير من الأغراب فأصبحت بلدة عامرة وهي قائمة على أنقاض بلد المذار الشهيرة وموقعها اليوم بين العمارة والعزير (بالتصغير) وهو بلدة ميسان الشهيرة ودجلتها دجلة البصرة أم البطائح. وقلعة صالح في متوسط البطائح وقد كانت هذه الأنحاء إلى آخر القرن الثاني للهجرة تابعة لملكة المنتفق وتخضع لأمارة آل سعدون ولكن في القرن الثالث عشر تنازل أحد مشايخ آل سعدون لحكومة بغداد عن تلك الأنحاء وأتذكر الآن انه الشيخ عقيل. سوق الشيوخ - من مدن البطائح الحديثة على ضفة الفرات اليمنى. وفي جنوب الناصرية تحده الصحراء المعروفة بالشامية من الغرب والجنوب، ويحده الفرات شرقا وشمالا، وحوله الاهوار والبطائح التي أفسدت هواءه وجعلته في وخامة ووبالة، كثرت فيه حميات البطائح الفاتكة.

وموقعه تحت الناصرية بمسافة 4 ساعات وفوق البصرة ب 28 ساعة. والشيوخ هم الزعماء من آل سعدون أمراء المنتفق والذي أقامه منهم الشيخ ثويني بن عبد الله بن محمد بن مانع، وهو من كبار ذلك البيت واليه انتهت الزعامة وتاريخ حياته صفحة مهمة في تاريخ آل سعدون وكان زمن تأسيسه حسبما يعيه الواعون من الطاعنين في العمر سنة 1175 في زهرة أيام الشيخ ثويني. وكان يعرف بسوق النواشئ في أول نشؤه. والنواشئ هم فخذ من بني أسد ولما نزل عليه آل سعدون وكانت أكثر شيوخ المنتفق تمتاز منه عرف بسوق الشيوخ واغل ذكر النواشئ ولم ينزله شيوخ المنتفق من آل سعدون حتى الشيخ ثويني لان آل سعدون كغيرهم من أمراء الجزيرة معودون سكنى انف البرية وجمال البادية ولا يتقيدون بجدران الحضر وثانيا للشيخ حاشية وركاب ومواكب اكثر من ألف بيت تقريباً فهذا الحي الكبير كيف تسعى المدينة مع خيله وركابه ولكن جرت عادة شيوخ السعدون في سوق الشيوخ وفي الناصرية وفي الشطرة بل في البصرة نفسها إذا أرادوا نزول البلد ينزلون في باديتها وقريبا منها. وعند مارث أمر شيوخ المنتفق وانقلبت بهم الأيام قيدت الحكومة العثمانية سوق الشيوخ في أملاكها الإدارية في العراق وجعلته قضاء وذلك سنة 1288. وليس في هذا القضاء إلا ناحية واحدة وسفل أمر سوق الشيوخ أخيرا بعد أن كان نقيا طيبا يتمتع الساكن فيه بخفوق الريح. فقد كان الشيخ ثويني بذل الوسع والطاقة في تجفيف تربته ومنع وصول سيب الفرات إليه فكان في اجمل موقع بين النهر والبادية؛ أما اليوم وقد ماتت خطورته وانحط رقيه فقد أصبح كما قيل بمنزلة المثانة من الجسد لا يصل إليه الماء إلا بعد أن يفسد ويتغير وهواؤه ثقيل ملوث بوخامة أرضه وليس كل بيوته بناء وعمارة بل فيه كثير من بيوت القصب والخصائص. وعدد سكانه زهاء 5000 ينقسمون إلى (نجادة) وهم النجديون أصلا و (حضر) وهم العراقيون الذين تجمعوا من هنا وهناك وكان يحيط بالبلدة سور وقد تداعى اليوم واكثر أقسام ذلك السور كان مبنياً بالطين (بالطوف) كما يسمه العراقيون وجهة واحدة مبنية باللبن وهو الطابق غير المشوي وكان

للسور أربعة أبواب. وفي البلدة ثلاثة مساجد وحوام وأربعة كتاتيب وفيه بيت من بيوتات العلم الشهيرة في العراق وهو بيت (آل حيدر) وكان النابه في هذا البيت على عهدنا الشيخ باقر أبن الشيخ علي وأبوه هذا كان في عداد مجتهدي الأمامية وله مصنفات عديدة في فنون شتى وكان الشيخ باقر مجتهدا في فنون العلم والأدب وقد تعاطى صناعة الشعر وجاد فيها وقد كان الدور الأخير من حياته دور نهضة وجهاد سياسي وذلك على اثر الحوادث الأخيرة في بلاد المنتفق ودخول الإنكليز العراق وتوفي صارخا ناهضا بين إطناب المتطوعين الذين كان يريد بهم غزو البصرة وذلك سنة 1333 وآل حيدر هم بقية بني وثال زعماء آل أجود حلفاء المنتفق سابقا والثلث الكبير من قبائل المنتفق أخيرا المعروفة بالأثلاث ولبني وثال أثار كبيرة ولكنها مندوسة وسوق الشيوخ مطوق بقبائل المنتفق وربيعه البطائح. الناصرية هي من أهم مدن الفرات المعروفة اليوم، وهي جالسة على ضفة الفرات اليسرى، وهي من العمارة الجديدة في العاق لان موقعها هذا وهو (ذنائب) الفرات الأسفل كان في القديم بطائح. وهي مركز أمارة المنتفق في الأيام الأخيرة وذلك بعد انتقالها من سوق الشيوخ كما أن العثمانيون اتخذوها مركزا لحركاتهم الإدارية يوم تسلموا تلك البلاد من جراء اصبح أشهر أسمائها (المركز). والى اليوم لم تجف بطائحها جفافا صادقا ولا يؤمن خطرها فلا تزال في مياهها وبالة محسوسة وفي ضفتها وخامة ووحول ولا تزال تهددها بالخطر وبالغرق بطيحة في ظهر البلد تسمى (هور أبي قداحة) تلك البطيحة الهائلة وقد أغرقت البلد في أوائل هذا القرن على عهد فالح باشا وأغرقتها ثانية عام الهزاز العراقية سنة 1333 هجرية. ويظهر أن سطح هذه البطيحة يرتفع فوق قاع البلدة أربعة أمتار. ومؤسس الناصرية هو ناصر باشا السعدون وقد احضر لتخطيطها المهندس

اعتراف

البلجكي (المسيو جول تلي وذلك في عهد ولاية مدحت باشا في العراق والحجر الأول الذي وضع فيها كان لدار الحكومة وذلك سنة 1286 هجرية فجاءت من احسن مدن العراق تخطيطا وصارت قاعدة بلاد المنتفق وقد حكم فيها من آل سعدون ناصر باشا ثم ولده فالح باشا ثم فهد باشا والد صاحب الفخامة رئيس مجلس نواب العراقي اليوم عبد المحسن بك وأخيرا في أول إنشاء الحكومة العراقية كان متصرف الناصرية الزعيم إبراهيم بك ابن مزعل باشا السعدون. هذه جملة من مدن البطائح الجديدة وبقي شئ منها في الغراف نأتي على ذكره في البحث عن الغراف وبما أن المدن الثلاثة البصرة والحويزة وواسط هي أمهات البطائح وقواعد شؤونها وحوادثها أرجأنا الكلام عنها إلى جزء آت. النجف: علي الشرقي اعتراف (عن ديوان (الشفق الباكي) للدكتور أبي شادي): مازلت معترفا بجهلي دائبا ... في دفع أخطائي ورفع يقيني فإذا ضحكت من الذين تهافتوا ... زمرا على نقدي وبخس ثميني فالحق يعلم ليس ذاك ترفعا ... مني عن التصحيح والتبيين لكنه انف المبجل جهده ... عن سخر أطفال ولهو ظنين أدبي وان هو لم ينل أمنيتي ... ما زال لي تاجا يزين جبيني من صدق إحساس وكل جوارحي ... وتطلعي السامي نظمت حنيني وإذا فكيف أسومه نقد الهوى ... للخاملين الحاسدين رنيني؟! وبرغمهم أن يستعز لغاية ... في الخلد لم تمنح لغير أمين! الشهرة الكبرى لمثلى لم تكن ... قصدا، ولكن منبر التلقين! من عاش عاش لغيره، وارى الذي ... يحيا لشهرته بموت مهين!

كتب على وشك الظهور

كتب على وشك الظهور قربت أيام ظهور (الجمهرة) وقد تم طبع القسم الأعظم منعا في حيدر أباء الدكن بعد أن عنيت اشد العناية بتصحيح ما أفسده النساخ بقلمهم المشؤوم. أرسلت ب 120 صفحة مصورة من (كتاب التيجان) إلى الهند لكي يطبع. والقارئ يعلم أن السفر المذكور هو لعبد الملك بن هشام صاحب السيرة النبوية رواه عن وهب بن منبه. وهو مجموع قصص مأثورة شاعت في صدر الإسلام ونقلها المفسرون عنهم إلى من يجيء بعدهم. والإنشاء متقن وممتع والظاهر أن الروايات الذكورة راجعة إلى الأمة العربية التي طوت بساط أيامها في جنوبي ديار العرب. والأشعار الواردة فيها هي من صنع أبناء المائة الثانية للهجرة. وكنت قد عنيت بنسخ (جمهرة الأنساب) لابن الكليني الموجودة نسخة منه في دار تحف لندن؛ ألا أن المتشرف الإيطالي جورجيو ليفي دلا فيدا كتب ألي من رومة انه يعني بنشرة وهو في مجلدين. فوقفت عن الإمعان في العمل بعد أن نسخت منه بيدي 120 ورقة وأظن أن إبرازه موشى بحلة الطبع لا يتم في مدة قصيرة لان المطبعتين الإيطاليتين اللتين تتمكنان من إخراج الكتب مضبوطة بالشكل الكامل قد توقفتا عن العمل. ولعل هناك عقبات غير ما ذكرناها وهو أن الدوق الذي كان قد اخذ على نفسه نشر الكتاب المذكور سافر إلى ديار كنده في أميركة فلا يعلم بعد هذا كيف يحقق ما في النية من العزم. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو (نفطا) وعوام الناس تتبع لفظ كراد فتقول: نفتا وهي قريبة من الفرات إلى الجهة الجنوبية من هيت. وفي جوارها مناضح نفط كثيرة غزيرة المادة. ونوع نفطها متوسط لكنها لا تماثل نفط الأصقاع التي هي من الدرجة الأولى فنفطها أذن دون ما في القيارة وطوز خرماتى.

تصريف المضارع السالم

تصريف المضارع السالم في لغة عوام العراق يِضْرِبْ يِضْرَبِون تِضْرِبْ يِضِرْبَنْ تِضْرِبْ تِضِرْبُون تِضِرْبْين تِضِرْبَنْ اَضْرِبْ نِضْرِب. تصريف المضاعف يِمِدِ (بسكون الدال) يِمَّدْون نِمْد يِمَّدْن تِمْد تِمَّدوْن تِمِدّيْنُ تِمدَّنْ أَمِدْ نِمِدّ. تصريف مهموز الفاء قلنا فيما سبق انه ليس في كلام العامة من مهموز الفاء سوى ثلاثة أفعال وهي أخذ وأكل وأمر. فالهمزة في مضارع هذه الأفعال تقلب ألفا فيقال يأخذ ويأكل ويأمر وهذا القلب واجب عندهم إلا في مضارع (أمر) فانه جائز فيجوز أن يقال يأمر وان يقال يومر بضم حرف المضارعة لما ذكرنا من انهم يضمون حرف المضارعة من المضارع الذي عينه مضمومة فيكون تصريف مهموز الفاء هكذا: يأخُذْ يأْخُذون تأخُذْ يأخْذَنْ تأُخْذ تأخْذُوْن تأخْذِيْنْ تأْخَذْن آخُذْ نأُخْذ. تصريف مهموز العين يِسْاْل يِسِأْلُون تسْأْل يِسْئَلْن تِسأْلْ تِسِأْلًون تِسِئْلِين تِسِئْلَنْ أسْأَلْ نِسْأَلْ. تصريف مهموز اللام قد ذكرنا في تصريف الماضي انه لا يوجد في كلام العامة من مهموز اللام سوى قرا وجاء وقلنا انهم يجعلون همزة قرا ألفا ويحذفون همزة جاء. وأما مضارع هذين الفعلين فانهم يقولون في مضارع قِرَا يِقْرَا ويصرفون

هذا الفعل تصريف المضارع الناقص المفتوح العين نحو يْرَضى أي انهم يسقطون الألف من اللفظ فقط في الفرد الغائب نحو يْقَرا والمفردة الغائبة نحو تْقَرا والمرد المخاطب نحو تقْرا والفرد المتكلم وجمع المتكلم نحو أقْرَا ونِقرْا ويحذفونها فيما عدا ذلك من الضمائر هكذا: يِقْرَا يِقْرَوْن تِقْرَا يِقَرْنَ تِقْرَا تِقْرَون تِقْرَيْن تِقْرَنْ أَقْرا نِقْرَا. وأما جا فانهم يجعلون الهمزة المحذوفة من أحره نسيا منسيا فيكون كأنه فعل ناقص مركب من حرفين ويصرفون مضارعة تصريف الناقص المكسور العين نحو يرمي فيقلبون آلفه ياء في المفرد الغائب نحو يجي والمفردة الغائبة نحو تجي والمفرد المخاطب نحو تجي والمفرد التكلم وجمع المتكلم نحو أجي ونجي ويحذفونها فيما عدا ذلك من الضمائر. هكذا: يجي يِجَوْن تجي يِجَنْ تجي تِجُون تِجيْن تجَنْ اجي نِجي. تصريف المثال اقتضت قواعد العربية الفصحى حذف الواو في مضارع المثال الواوي فيقال في مضارع وعد يعد وفي مضارع وهب يهب أما العامة فلا يحذفون الواو بل يقولون في مضارع وعد يوعد وفي المضارع وهب يوهب فيثبتون الواو في تصريفه مع جميع الضمائر هكذا: يَوعْد يُوْعَدن توعْد يْوْعَدْن تُوعدْ تَوْعُدون تُوعْدَيْن تْوَعْدن أَوعدْ نُوعَد. تصريف الأجوف المضارع الأجوف، سواء كان واويا أو يائيا لا يحذف منه شيء عند تصريفه بل يبقى على حاله فيصرف كالسالم مع جميع الضمائر هكذا: يشوف يشوفون تشوف يشوفن تشوف تشوفون تشوفين تشوفن أشوف نشوف.

وكذلك يقال في تصريف يبيع ويخاف ونحوهما. تصريف الناقص تقلب ألف الماضي ياء في المضارع سواء كان المضارع مكسور العين نحو يرمي أو مضموم العين نحو يغزى فان (يغزى) اصله يغزو أي هو واوي مضموم العين إلا أن العامة تعله مكسور العين فتقلب ألف ماضية ياء في مضارعه لما ذكرنا سابقا من انه ليس في كلامهم ناقص واوي. والياء في المضارع الناقص تثبت في المفرد الغائب نحو يرمي والمفرد الغائبة نحو ترمي والمفرد المخاطب نحو ترمي والمفرد المتكلم وجمع المتكلم نحو ارمي ونرمي وتحذف فيما سوى ذلك. هكذا: يِرْمِي يِرْمُوْن تِرْمِي يِرْمَنْ نْرِمِي تُرَموْن تِرْمِينْ تِرْمِنْ اَرْمي نِرْمي. وأما المضارع المفتوح العين فان ألفه تثبت في الخط فقط فيما تثبت فيه الياء من مكسور العين وتحذف فيما سوى ذلك. هكذا: يِرْضَى يرْضُوْن تِرْضَى يرْضَنْ تِرْضَى تِرْضُون تِرْضِين تِرْضِنْ أرْضَي نْرَضى. تصريف اللفيف المفروق أن اللفيف المفروق له حكم المثال من جهة فائه لكون فائه واوا فتثبت واوه في المضارع ولا تحذف فيقال في مضارع وفى يوفي. ومنه قول شاعرهم: (أهل ألوفا ما وفو، جيف النغل يوفي) وله حكم الناقص من جهة لامه لكون لامه ألفا فتقلب ياء في المضارع ويصرف كالمضارع الناقص هكذا: يْوفي يْوفوُنْ تُوفي يْوَفنْ تْوفي تْوُفون تْوفين تْوفَن أوفي نْوفي. (لغة العرب) الضمة المقلوبة الواردة في هذه المقالة تقابل الحركة المبهمة القصيرة هي التي بالفرنسية حرف الخالية من الحركة. معروف الرصافي

غادة بابل

غادة بابل 5 - بعد انقضاء أيام العيد، غادر شمشو بابل في قافلة فيها رجال ونساء ومعهم أثقال وبضائع محملة على حمير وبغال وجمال. وبينها خيام تضرب وقت حط الرحال فيلجأ إليها المسافرون إذ لا منازل أو خانات مشيدة هناك. واخذ المسافرون معهم زادا وأدوات طبخ. وكان السفر مؤنسا مطربا لاعتدال الهواء وانتعاش الطبيعة بقدوم الربيع الزاهر ووشيه الأرض بحلل سندسية وأزهار ورياحين تعطر الفضاء بشذاها. مرت القافلة بجنان نضرة كانت في ضواحي المدينة تتخللها فسحات لزراعة البقول. وكانت تسقى تلك الزروعات من ترعة تتشعب من الفرات، إلا أن الماء لا يبلغ إلى المرتفعات من أراضي تلك الجنات عفوا بل ترفعه آلة وهي سلة مخروطة الشكل تتخذ من خوص النخل وتطلى بالقار ومربوطة بحبل يتصل طرفاه بعتلة مرتكزة على قائمة منتصفة على ضفة الترعة فتهبط السلة في الماء ثم يرفعها الرجل الساقي ويفرغها بيده في ساقية تصرف الماء إلى المزارع. سأل شمشو أحد فلاحي تلك الديار: لمن هذه الجنينة؟ فأجابه الفلاح: أن الأرض ملك نبو صر ابني وقد أخذها منه بالمغارسة (نبوبل شماة) لمدة أربع سنوات وفي السنة الخامسة تقسم مناصفة بين الملاك والمغارس وهذه هي السنة الأخيرة من ذلك العقد. شمشو - ولماذا ترك قسم مهم منها بورا ألا يعلم نبو بل شماة أن القسم البور يقع في حصته عند القسمة.

الفلاح - يعلم ذاك (نبوبل شماة) كل العلم ولكنه ماذا يعمل فان الفلاح الذي كان عنده قبل سنتين، فتح في إبان الفيض سدة الري فغرق بإهماله هذا مزارع الجيران فاضطر إلى أن يدفع إليهم قمحا بمقدار يناسب غلات الزارع في هذه المنطقة فكلفه ذلك ما لا مما أعلقه عن القيام بغرس هذه الأرض. بلغت القافلة عند الهاجرة محلا وارف الظل، فاقترح شمشو على المكام (رئيس القافلة) أن يوقفها هناك هنيهة للآكل والاستراحة، فخلدوا إلى ظل شجر توت كان يغطى آلة سقي تختلف عن تلك التي شاهدوها في الجنان القريبة. تقوم تلك الآلة على مرتفع من الأرض لا يبلغه الماء حتى في أبان الفيضان وقد حفرة هناك بئر أو حفرة يدخلها الماء من النهر أو ينبع فيها نبعا وعلى حافة هذه البئر زرانيق أو إسناد من جذوع النخل بعدد البكرات التي تتخذ للسقي وتجمع هذه الزرانيق من أعلاها بنعامات وهي عوارض من الجذوع أيضاً تشد بحبال من ألياف النخل. وبين زرنوق وزرنوق تركب محالة أي بكرة على قبين وألقب الثقب يجري فيه المحور ويعبر على كل بكرة حبل يشد طرفه بالعرقوتين (وهما خشبتان تعرضان على الدلو كالصليب) وتتخذ الدلو من جلد مدبوغ والطرف الأخر من الرشاء يشد بثور أو ببرذون ويربط مؤخر الدلو - وهو ضيق كفوهة القربة - بسير ويمر هذا السير على نحو مغزل أو قل بكرة مرتفعة بضعة سنتيمترات عن الأرض. وينتهي إلى الثور فيرتبط به ويختلف عدد الثيران أو البراذين بعدد البكرات والدلاء. ولكل حيوان من هذه الحيوانات فلاح يداريه فينزل الفلاح مع الحيوان في حفرة منحدرة من الأرض حيال البئر فإذا بلغ منتهاها يفرغ الماء الذي في الدلو في حوض ويتسرب من هناك إلى المزارع. ثم يصعد الرجل بالحيوان إلى راس تلك الحفرة فينحدر آنئذ الدلو في البئر وتمتلئ ماء وهكذا دواليك.

وبعد أن اغتسلوا مما لحقهم من غبار الطريق وأكلوا هنيئا وشربوا مريئا استأنفوا السير فلاقوا في طريقهم قطعنا من الغنم والمعزى والبقر تسرح في المروج والحقول وشاهدوا مساكن الرعاة وهي خيام من شعر المعزى فكانوا يضربونها حيث يستريحون لانتجاع المراعي ويطوونها ويحملونها حين الظعن. ورأوا مساكن الفلاحين وهي من مدر. فنزل القفل على مقربة من تلك الجماعة وهي الرحلة الأولى من السفر. وكان الرعاة يراقبون عن كثب قطعانهم ويزمرون لها. كانت عيشة تلك الجماعة البدوية من الفلاحين والرعاة مشهدا من مشاهد الحياة الطبيعية الساذجة التي يصبو إليها سكان المدن من حين لأخر. فافتتن بها شمشو وتذكر أيام كانت أراضيه عامرة فشرع يجول في الحي ليسري عنه ما ألم به من الذكرى الموجعة وما اوجع ذكرى أيام الرخاء في الضيق! فكان يلهي نفسه تارة بمشهد الحلابين والحلابات الذين يحلبون البقر والغنم وهم جاثمون وراء تلك الحيوانات على الطريقة المألوفة عندهم يومئذ وطورا يقف عند الفلاحين الذين يخبزون أقراص الحنطة والشعير والذرة في تنور ويعدون طعام المساء في قدر كبيرة. وبينما هو يجول قامت مشاجرة بين راع من الرعاة واحد الزراع لان الراعي ادخل قطيعه في المزرعة فاتلف شيئا غير يسير من القمح. فتسابا وتشاتما وتلا كما وتدخل في الأمر أصحاب المتخاصمين فكان فريق ينتصر لصاحبه وكادت فجوة الشر تتسع أولم يتوسط في إطفاء نار الفتنة بعض العقلاء والطاعنين في السن واتفقوا على أن يعقدوا لجنة تحكيم يرأسها شمشو الذي كان معروفا عندهم. فاجتمعت تلك اللجنة حالا وحكم شمشو بان يعطي الراعي للزارع عشرين (جوار) من القمح لكل (جان) من الأرض ترعى غنمه فيها. لها تلو يوسف غنيمة

فوائد لغوية

فوائد لغوية حوائج جمع حاجة قال الحريري في درة الغواص: ويقولون في جمع حاجة حوائج فيوهمون فيه كما وهو بعض المحدثين في قوله: إذا ما دخلت الدار يوما ورفعت ... ستورك لي فانظر بما أنا خارج فسيان بيت العنكبوت وجوسق ... رفيع إذا لم تقض فيه الحوائج اهـ وقال أبن الجوزي في تقويم السان: حاجات وحاج جمع حاجة وحوائج غلطاه. أقول: أن حاجة تجمع على حوائج ولكن على غير قياس. قال الجوهري في الصباح: الحاجة معروفة والجمع حاج وحاجات وحوج وحوائج على غير قياس كأنهم جمعوا حائجة وكان الأصمعي ينكره ويقول هو مولد وإنما أنكره لخروجه عن القياس وإلا فهو كثير في الكلام العرب وينشد: نهار المرء امثل حين يقضي ... حوائجه من الليل الطويل. اه وورد ذلك على لسان أئمة آل البيت عليهم السلام كما في الأحاديث المأثورة عنهم. منها: في حديث الأمام جعفر الصادق (ع): ثم أيت قبر النبي بعد ما تفرغ من حوائجك (رواه الكلينى في كتاب الكافي. وفي حديث الأمام جعفر الصادق أيضا: يقول الله تعالى أما يعلم عبدي أني أنا الله الذي أقضي الحوائج (رواه في الكافي أيضا). وفي الزيارة المعروفة بالجامعة المروية عن الأمام علي الهادي عليه السلام: ومقدمكم أمام طلبتي وحوائجي (رواها في من لا يحضره الفقية)) وغير ذلك من الأحاديث التي لا تعد ولا تحصى. محمد مهدي العلوي

(لغة العرب) قال النحاة: جمعت حاجة على حوائج على غير قياس وعندنا انهم لم يستقروا جميع الألفاظ الواردة بصيغة فعلة مجموعة على فغائل، فإن ما جاء من هذا القبيل كثير. راجع ما كتبناه في هذه المجلة (4: 170 إلى 171). تشرب من. . . وريا قال أحد العلماء العلام المعاصرين في أحد مؤلفاته المطبوعة حديثا: وكانت أنفسهم الشريفة متشربة من كأس التضحية وريانة من معين التفادي. ولا يخفى أن المؤنث من ريان ريا (لا ريانة). قال الجوهري في الصحاح: الريان ضد العطشان والمرأة ريا. ولم تبدل من الياء واو لأنها صفة وإنما يبدلون الياء في فعلى إذا كانت اسما والياء موضع اللام كقولك شروى هذا الثوب وإنما هي من شريت وتقوى وإنما هي من التقية وان كانت صفة تركوها على اصلها اهـ. ثم ما معنى قوله: متشربة من كأس التضحية حينما يقابلها بقوله وريانة من معين التفادي. فلا جرم انه كان يريد أن يقول ومتشبعة من التضحية وريا من معين التفادي، ليكون التقابل معقولا. محمد مهدي العلوي تابعت أو بايعت ورد في زيارة عاشوراء المروية عن الإمام محمد الباقر عليه السلام: اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين عليه السلام وشايعت وبايعت وتابعت على قتله. وكلمة تابعت سمعناها من المشايخ والأساتذة بالباء الموحدة. غير أنني أظن أن هذه الكلمة مصحفة والأصل: تابعت بالياء المثناة؛ لأن التتابع: التهافت في الشر والتتابع: التهافت في الخير. ونقل ذلك عن جماعة من كبار اللغويين وقال أبو عبيدة (كما نقل عنه): لم نسمع التتابع في الشر وإنما سمعناه في الخير، وقال الحريري في درة الغواص: التتابع يكون في الصلاح والتتابع يختص بالمنكر

والشر كما جاء في الخبر: ما يحملكم على أن تتابعوا في الكذب كما تتابع الفراش في النار وكما روي انه لما شرب الخمر على عهد عمر جمع الصحابة وقال إني أرى الناس قد تتابعوا في شرب الخمر واستهانوا بحدها الخ. وفي الدعاء: (نعوذ بك أن تتابع بنا أهواؤنا دون الهدى الذي جاء من عندك). وأول من نبه إلى تخطئة القراءة بالبا هو السيد الجليل والحبر النبيل السيد محمد باقر الداماد فأنه قال في مبحث من المصحف من كتابه الرواشح السماوية بعد كلام له في هذا الشأن: وجماهير القاصرين من أصحاب العصر يصحفونها ويقولون: تابعت (بالتاء المثناة من فوق والباء الموحدة). لكن العلامة الحاج الميرزا أبا الفضل الطهراني خالف السيد الداماد وقال في ختام كلامه في هذا الباب ما تعربيه: نعم لو احتاط الإنسان وجمع بينهما على احتمال أن لفظ الرواية بالياء وعلى الأقل للخروج من خلاف هذا المحقق الذي يدعوه جماعة بأستاذ البشر وطائفة بالمعلم الثالث كان الأقرب للصواب والأوفق لطلب الثواب والله اعلم. هذا وقد أحببت أن افهم رأيكم في هذه الكلمة. محمد مهدي العلوي (لغة العرب) أن كلام اللغويين صريح التتابع (بالمثناة التحتية) في الشر والتتابع (بالموحدة التحتية) في الخير. وهو عندنا مأخوذ من التيع وهو القيء وهو لا يمون ألا عن داء أو فساد في المعدة، فيكون التنايع التهافت في الشر واللجاج من باب المجاز وه ظاهر الصحة والاستعمال. معنى تبرز جاء في محيط المحيط: تبزر: تنسب إلى الابزاريين وهم جماعة من المحدثين. اهـ. قلنا: وهذا غير معروف. والمشهور على ما أورده الأزهري أن: (البزرى) (بالتحريك) لقلب لبني بكر بن كلاب. وتبزر الرجل: إذا انتمى إليهم. وقال القتال الكلابي: إذا ما تجعفرتم علينا فأننا بنو البزري من عزة نتبزر اهـ نقلا عن اللسان: وفيه دليل على أننا نستطيع أن نشتق من الأعلام أفعالا مثلا تبلشف إلى غيرها.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة استدراك في المؤلفات التي وضعت في الضاد والظاء ذكر الأستاذ محمد مهدي العلوي في مجلتكم (5: 421) أسماء بعض الكتب والرسائل المؤلفة في الضاد والظاء مما تفيد معرفته ولعل اكثر هذه الكتب قد أتت عليه صروف الحدثان. وقد كنت نشرت أرجوزة في الضاد والظاء عن الأصل المخطوط المحفوظ في خزانة الكتب الخالدية في بيت المقدس في مجلة المجمع العلمي العربي (4: 161) دون أن اعرف اسم ناظمها الذي هداني إليه صديقي العلامة الجليل الأستاذ احمد تيمور باشا وقال عنه انه الشيخ محمد الخزرجي بالاستناد إلى نسخ خطية ثلاث في خزانة كتبه العامرة التي قل ما يماثلها في خزائن الكتب الخاصة بفضل ما ينفقه عليها من المال وما يصرفه في سبيلها من العناية ويستنسخه لها من خزائن الشرق والغرب من نوادر ونفائس الآثار: فأشرت إلى ذلك في مجلة المجمع المذكورة (4: 416). وعرضت عند نشر الأرجوزة بمنظومة الحريري التي أوردها بمقامته السادسة والأربعين الحلبية التي يقول عنها الأستاذ العلوي الحمصية وقد يكون على حق فيما يقول لان الحريري افتتحها بنزوع الشوق إلى حلب ثم انتقل إلى حمص للاصطياف ببقعتها ولكن نسختي المطبوعة على الحجر تقول (الحلبية) وكان الأستاذ الكبير تيمور باشا بعث ألي بقائمة في أسماء الكتب والرسائل التي في خزانته من هذا النوع فأحببت أن أضيفها إلى ما ذكره الأستاذ العلوي وان جاء بينها البعض مما ذكره فان الفائدة من ذلك هو معرفة أماكن وجود تلك الرسائل اللغوية واليك القائمة التيمورية كما كتبها صاحبها الكريم اعز الله

به دولة الأدب: المخطوط 1 - (كتاب ما يقرأ بالضاد) ليحيى بن سلامة الحصكفي المتوفى سنة 553هـ (1158م) وهو شرح له على منظومته التي أولها: خد من الضاد ما تداوله النا ... س وما لا يكون عنه اعتياض 2 - (كتاب ما يكتب بالضاد والظاء) لأبي القاسم سعد بن علي بن محمد الزنجاني. 3 - (أرجوزة في الضاد والظاء) منسوبة للأمام ابن مالك النحوي المتوفى سنة 672هـ (1273م) أولها: أقول حامدا إلها حمدا. 4 - (كتاب الفرق بين الضاد والظاء) ليحيى بن عمر بن محمد بن فهد الهاشمي المكي (نسختان). 5 - (أرجوزة في الفرق بين الضاد والظاء) لأبي نصر محمد بن احمد بن الحسين الفروخي الكاتب أولها: أفضل ما فاه به اللسان (ثلاث نسخ). 6 - (الاعتضاد فيما يقال بالظاء والضاد) منظومة ظائية للأمام ابن مالك النحوي المتقدم ذكره أولها: بسبق شين أو الجيم استنابه ظا ... أو كاف أو لام كالمظ متملظا مع شرح عليها للناظم (نسختان إحداهما بها خروم) 7 - (الارتضاء في الفرق بين الضاد والظاء) للأمام أثير الدين أبي حيان النحوي المتوفى سنة 745هـ (1344م) لخصه من الاعتضاد المتقدم ذكره لابن مالك. المطبوع 1 - (فصل القضاء في الفرق بين الضاد والظاء) للسيد احمد عزت مميز قلم التحريات بولاية بغداد رتب ألفاظه العربية على حروف المعجم ثم ذكر معها ما يقابلها في التركية والفارسية طبع في بغداد سنة 1328هـ (1910م). 2 - (نبذة فيما يكتب بالظاء) أوردها القلقشندي المتوفى 821هـ (1418م) في صبح الأعشى في صناعة الانشا (ج3 ص 223 - 226). 3 - (قصيدة ظائية أي فيما يكتب بالظاء) في ص 130 من معالم الكتابة

ومغانم الإصابة لعبد الرحيم بن علي بن شيث القرشي المطبوع في بيروت سنة 1331هـ (1913م) وهي عينية من نظم المؤلف أولها: آيا طالب الظاءات مستشفيا بها ... وقعت على الشا في فخذها تبرعا انتهت القائمة التيمورية القيمة. وقد ذكر المرحوم جرجي زيدان في تاريخ آداب اللغة العربية أن في مكتبة باريس الأهلية نسخة من قصيدة نحوية للتفريق بين الضاد والظاء في اللفظ لابن جابر الأندلسي الهواري المتوفي سنة 780 هـ (1378) إلا أنني لما بعثت أسال السيد بلوشي مدير القسم الشرقي في المكتبة الذكورة عن هذه القصيدة أجابني بقوله: إن القصيدة النحوية في الكتبة لمحمد بن علي جابر الهواري هي في التفريق بين القصور والممدود ورقمها 4452 وعدد صفحاتها 135 وتبتدئ بهذا البيت: حمد الإله اجل ما يتكلم ... بدأ به فله الثناء الأدوم وتنتهي بهذا البيت: هذي ضوابط أن تقل فإنها ... كثرت فوائدها لمن يتفهم ولم تذكر في فهرست مخطوطاتنا العربية القصيدة التي تبحث في التفريق بين الضاد والظاء إلا أنني اذكر عثوري مرة على قصيدة من هذا النوع في بعض كتبنا فلم آبه لها ولم يعلق في ذهني رقم الكتاب الذي يحتوي عليها.) وقد افرد الأمام جلال الدين السيوطي المتوفي سنة 911هـ (1505 م) في كتابه المزهر فصلا في الفرق بين الضاد والظاء نقل إليه أقواله ابن مالك في كتابه الاعتضاد في الفرق بين الظاء والضاد. وللشيخ نصيف اليازجي التوفي سنة 1288 هـ (1871 م في كتابه مجمع البحرين قصيدة من هذا النوع أولها: يدعى نقيض البطن باسم الظهر ... وصخرة في جبل بالضهر وقد نقلها صديقنا الأستاذ الشيخ سعيد الكرمي إلى مقالته اللغة والدخيل

فيها التي نشرها في مجلة المجمع العلمي العربي عندما كان نائب رئيسه في دمشق دون أن يشير إلى إنها لليازجي ولكنه انقص منها بعض أبيات وزاد عليها أخرى (1: 130). هذا ما أردنا إيراده وتعلقيه على مقال الأستاذ العلوي ولعل فيما أوردناه بلغة لمن يعنون بأمر هذه اللغة الشريفة. . . . أما بحث الهذباني فقد طالعته في العدد السابع الذي وصلني حديثا وراجعت المظان التي ذكرتموها فوجدت فيها بعض التباس فقد قلتم (الجزء الثاني من كتاب الأمم الذي عني بنشرة الأستاذ مرغليوث سنة 1925) والمذكور على عنوان الكتاب الجزء السادس وناشره هـ. ف. آمدروز سنة 1915. وراجعت اصل الكتاب الذي جاءني من لندن مطبوعا نقلا عن المخطوط ومصورا بالزنكغراف فإذا هو أيضاً الجزء السادس وهو يؤيد ما ذكرتموه. ويقول عن الأكراد (الهدابانية) ص 237. والاختلاف في رواية الهذبانيين كثير فأنا نجد طاش كبري زاده في مفتاح السعادة ومصباح السيادة ج 1ص 164 يذكر يعقوب الهذباني وابن تغري بردي في كتابه (النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة) ج 6ص 117 يقول (الهيدباني) عند ذكره الأمير شرف الدين موسى الهيدباني في حوادث سنة 807هـ 1404م وفي ص8 الأمير جمال الدين يوسف الهيدباني في حوادث سنة 801هـ 1398م وفي ص90 الأمير عمر بن الهيدباني في سنة 803هـ 1400م وفي ص161 الأمير سيف الدين آقبغا الجمالي الظاهري المعروف بالاطروش والهيدباني في سنة 806هـ 1403م في حين أن هذه النسبة جاءت في رقيم ملصق بحائط الرواق الغربي من أروقة المسجد الأقصى (الهذباني) وذكر فيها اسم الأمير شرف الدين موسى وتاريخ هذا الرقيم سنة 713هـ 1313م وأنا استبعد أن يكون الأمير شرف الدين موسى المذكور في حوادث سنة 807هـ 1404م هو هذا الأمير المذكور في الرقيم المؤرخ في سنة 713هـ 1313م. يتضح مما تقدم انه لا خلاف في اسم القبيلة الكردية الهذبانية ولكن الخلاف في أن تكون بفتح الذال أو بإسكانها كما شكلها القطب الشيرازي المتوفى

سنة 710هـ 1310م وهو من خيرة العلماء الذين يصح التعويل على أقوالهم وآرائهم كما لا يخفى على سدي الأستاذ. اذكر أن اكثر أسماء القبائل ساكنة الحرف الثاني مثل همدان، ونبهان، وسمعان وغيرها أفلا يجوز أن تكون هذبان من هذا النوع؟ أو يعذر القطب الشيرازي إذا شكلها على هذا الوجه؟ هذا ما احب أن اعرفه وأرجو أن يهتم بمعرفته! وهل هذا القبيل انقرض اليوم ولم يبقى أثره في جهات الموصل؟. حيفا: عبد الله مخلص (لغة العرب) - قلنا: وقد جاء في كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان (2: 382 من نسخة المطبعة الميمنية سنة 1310): (قطب الدين خسرو ابن بليل وهو ابن أخي الهيجاء الهذباني الذي كان صاحب أربل) ولا جرم أن الخطأ واضح والصواب الهذباني بباء موحدة الألف لا بالمثناة التحتية. فيؤخذ من معارضة هذه النسخ وهذه الروايات المختلفة أن الرواية القديمة هي الهداباني (بدال مهملة وألف بعد الدال) ولما كان بعض الفضلاء الأقدمين يختلفون في رسم تلك الإمالة إذ بينهم من يخطها بالياء كما قالوا (شيث) وهي في الحقيقة (شاث) (بإمالة الألف)، ومنهم من يرسمها بالألف ويميل بها في اللفظ إلى لياء كما قالوا سام ويلفظونها بالامالة، اخذ البعض يكتب تارة تلك الإمالة بألف وطورا بالياء. ومنهم من جمع بين الرسمين مثل (افرام)، فيكتبونها (افريم) أيضاً. ومثل هذا للأمر في (الهدابان) فكتبها جماعة (الهيدبان وطائفة (الهدابان). أما حذف الياء فنشا من تخفيفها. فقد كانوا يلفظونها أولا بإسكان الياء والدال ثم استثقلوا مجاورة الساكنين فحذفوا العليل منها. فقالوا (الهدبان) بإسكان الدال. والذين يحركون دالها يشيرون بها إلى الألف المحذوفة لا غير. أذن يجوز في الكلمة المذكورة إسكان الدال وهي الرواية الفضلى ويجوز تحريكها. وهي دونها فصاحة. وإعجام الدال وإهمالها ناشئ من أن اللفظة دخيلة في العربية إذ هي من اصل كردي أو فارسي وما كان من هذا الأصل تكتب داله بالوجهين المذكورين

إذا عقبها حرف عليل ظاهر أو محذوف. وقبيلة هذبان ليست معروفة اليوم في ديار الكرد على ما سمعناه من أحد الإثبات. وان كانت توجد فإنها لا تعرف بهذا الاسم. ونسخة الكتاب (أي كتاب مسكويه التي اعتمدنا عليها) هي غير النسختين اللتين أشار أليهما الصديق وهما عندنا أيضاً، بل هي النسخة التي نشرت في مصر القاهرة. في مطبعة شركة التمدن الصناعية بمصر في سني 1914 و 1915 و 1916. ملاحظات جاء في لغة العرب 5: 426س 9 رسالة المواد والصواب المراد. وفي ص 456س 11 وهو يحاد من جهة الجنوب خان الاورتمة. قلت: والمعروف: (من جهة الشمال). وورد في حاشية ص 458 عن خان بكار (قلت والمشهور خان بكر) ما معناه انه كان للحاج عبد الرزاق الخضيري والمشهور انه نصفه الواحد للخضيري ونصفه الأخر وقف لبيت دانيل. وجاء فيها أيضاً أن أهل بيت البرزلي يكتبون اسمهم (برزة لي) والذي شاهدته إلى الآن انهم يكتبون البرزلي بلا هاء (أي بفتح الباء والراء والزاي وتشديد اللام المكسورة وفي الأخر ياء مشددة). ولآل البرزلي خانان؛ صغير وكبير. فالصغير من بناء عبد اللطيف البرزلي والكبير من بناء ابنه محمد صالح. فاشترى الصغير شاول معلم حسقيل قبل نحو عشرين سنة، واشترى الكبير المصرف للإيراني على ما ذكر في لغة العرب. ووقع غلط في ص 459س 18 بطلب والصواب نطلب وفي ص 468س 4 ولا تعمقددت والصواب ولا تعمقعددت. وفيها س 17 لابد من يطلقها والصواب لابد من أن يطلقها. وفي ص 469س 11 ومن واظب على أكله أربعين مرة. في كل يوم أربعاء. والصواب على أكله أربعين أربعاء وفي كل أربعاء مرة. ويظهر من وصف ياقوت للأبله ص 477 إنها هي المسماة اليوم بالعشار (وزان شداد). بغداد 19ك1: عبد اللطيف ثنيان

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة ألفاظ طبية س - دمشق م. ح - ما هي الألفاظ العربية القابلة للكلم الفرنسية الطبية الآتية هي: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - وكيف يجمع نحو خناق وزكام ورعاف وفيء؟ 18 - هل تستصوبون تعريب دفتيريا أم تجدون كلمة أخرى مناسبة للدلالة عليها، وان كنتم تحبذون تعريبها أتقولون في النسبة إليها دفتيري أم دفتيريائي وأيهما الأفضل؟ ج - 1 - هي عندنا (الخذل) فقد ورد في التاج: رجل خذول الرجل، تخذله رجله من ضعف أو (عاهة) أو سكر. قلنا: ولا يمكنهم أن يعبروا عن هذه العاهة احسن من هذا التعبير ليدلوا به على المطلوب. ووزن فعل المحرك يدل على العلة والعاهة والمرض كالشلل والعمى والعرج. 2 - كان الدكتور صروف يستعمل دائما كلمة (كساح) للفظ (راشيتسم) فجرى بيني وبينه جدال وأنا اقبح له سوء استعمال (الكساح) للراشيتسم. وفي الأخر قنع برأيي وهو أن يقال (الخلرع) (كسبب) على انه صرح بأنه لا يبدل الكلمة التي ألفها منذ حداثته وسمعها من أساتذته بكلمة لم تشع وان كانت صحيحة وتؤدي المعنى المطلوب. - قلنا: أفهذا دليل أو برهان مقبول؟ 3 - (الارجاج) من أرجت الفرس فهي: إذا أقربت (قرب ولادها) وارتج صلاها. فهي تصلح للمرأة من جهة مطابقة لفظة السلف وتصلح لغير

المرأة أو الأنثى من الحيوان من باب التوسع ولأن في مادة رج ج معنى يوافق غير الإناث. 4 - هو (التقفع) وعوام بغداد يقولون بهذا المعنى التقرفع. وابن المقفع أشهر من أن يذكر. 5 - يوافقه (التكزز) لان الكزاز معروف وإذا اشتققنا منه فعلا وزان تفعل على التقطع والتجزؤ ومنه التمزع والتمزق والتوزع والتقسم إلى مئات نظيرها. وصيغة التفعل تدل على المعنى المطلوب وان لم يشرحه أحد للقارئ أو للسامع. 6 - هي (العرة) (وزان بقة) وهي مذكورة في جميع كتب اللغة. 7 - (حكاية الصوت) وقد شهرها وعمم استعمالها اللغويون والنحاة والصرفيون. 8 - (الاستحرار) وهي مصدر استحر القتل إذا اشتد، كأنهم يعبرون عن انتقال الحرارة من الجيش الواحد إلى الجيش الآخر وهو تعبير عجيب لتأدية معنى الإفرنجية. والصفة من الاستحرار. المستحر. 9 - (الهرع) فانهم عرفوا المهروع (الهستيريك) احسن تعريف قالوا هو المصروع من الجهد. 10 - (الخور) (بفتح الواو) وما أحسنها وأقومها لتصوير معنى الإفرنجية في فكر السامع، من غير أن تشرح له. وهي شائعة بهذا المعنى بين الناس كلهم. 11 - (الحوجلة) عرفها كيمويو العرب وهي وعاء من زجاج طويل العنق واسع البطن. 12 - (الخناق) (كغراب). 13 - (الذبحة) (كغرفة وعنبة وهمزة وكسرة). 14 - (الذباح) (كغراب وكتاب) أن السلف لم يبين بين الذبحة والذباح إلا أن صيغ الوزنين تكشف لنا سر المعنى فالذي قرره علماء لغتنا أن معنى الفعلة دون معنى الفعال. فالكسار مثلا ما تكسر من الشيء أما الكسرة فهي:

القطعة من الشيء المكسور. وعليه يكون مرض الذباح اشد وطأة على صاحبه من وطأة الذبحة على المصاب بها. وهذا ما أتثبته العلم في الأزمان الأخيرة أما في سابق العهد فلم يميز بينهما أطباء الشرق والغرب. وهذا التمييز بين لفظ ولفظ بالنظر إلى دقق سر اللفظيين من أبدع الأمور للوقوف على حقائق الأمراض حتى لا يتطرق إليك الوهم بأي صورة كان. ولا مانع من متابعة بعض المتهوسين للغات الإفرنج في تعريب اللفظة؛ لكن لتعريب بصورة (دفترية) لان الكلمة اليونانية تدل على لفظتنا المستعملة في لغتنا وهي (دفتر) أي مجموع أو أوراق ثم زيدت على آخره أداة النسب والتأنيث عندهم. وعندنا يجوز التشديد على النسب والتخفيف متابعة للأصل الذي ننقل عنه وطلبا للخفة. ولا تقولن (دفتيريا) بزيادة ياء بين التاء والراء لان الحرف اليوناني الموجود في اللفظة هو حرف مقصور لا ممدود (أي انه حركة لا حرف علة. ويقابله عندنا الفتح أو الكسر). والأقدمون منا قالوا بطرس وبولس وقيصر والكسندر ولم يقولوا باتروس وباولوس وكيسار واليكساندرا لما في هذه الحروف من الطول والعرض. من الارتفاع والامتداد. من الغرابة والشناعة من التسفل والتعلي. أما أخر (دفترية) فنخير أن يكتب بالهاء لا بالألف، لأسباب: منها أن اللغويين أجازوا كتابة ما ينتهي بالألف بالهاء ولم يجيزوا العكس. - ثانيا كتابتها بالهاء تسهل علينا تثنيتها وجمعها والنسبة إليها فنقول دفتريتان ودفتريات ودفتري، أما إذا كتبتها بألف في الأخر فتقول: دفتيرياوان ودفتيرياوات ودفتيريائي أو دفتيياوي أو غير ذلك وهذا ثقيل وقبيح. 15 - (العاذور) أو العذرة. 16 - (اكناف). 17 - الخناق والزكام والرعاف وما شابهها مصادر ومنها ما هي أشباه مصادر. وما كانت كذلك لا تجمع لان المصدر يدل على المفرد والجمع معا. على أن بعضهم أجازوا جمع المصدر إذا نقل إلى الاسمية فقد جمعوا جواباً وسؤالا

وفكرا وعلما فقالوا: أجوبة وأسئلة وأفكار وعلوم. وقد سمع عنهم انهم جمعوا مخاطا على امخطة ولم يسمع عنهم غير هذا التكسير (التاج في المستدرك) وقالوا في جمع فواق افوقة وافقة وافيقة وافواقات، إذ يكثر في جمع فعال افعله. وقال الزبيدي في تاجه في مادة ح ل ل. . . . وهناك طائفة (من النحاة) يجوزون القياس (مطلقا) وان سمع غيره. اهـ. قلنا: وهذا رأي جميع الكوفيين على اختلاف طبقاتهم، كما ذكره صاحب التاج نفسه في مادة أذى وكما ذكره السيوطي في الاقتراح. - وعليه يجوز لنا أن نقول الاخنقة والازكمة والارعفة إلى غيرها جمعا لخناق وزكام ورعاف جريا على القاعدة ولو لم يسمع بجموعها. ونزيد هنا ما جاء في الصحاح في مادة ب ر ر: والبر (بالضم) جمع برة من القمح. ومنع سيبويه أن يجمع على إبرار، وجوزة المبرد قياسا. اهـ. قلنا: وتبع الجوهري في جمعة واتخاذ القياس جميع اللغوي وفي مقدمتهم صاحب القاموس. فليحفظ للرد على من ينكر اتخاذ القياس إذا كان هناك حاجة إليه. 18 - قد اجبنا عن هذا السؤال في كلامنا عن الذباح. النواغض س - بغداد - م. م - ما هي الكلمة التي وضعتموها للإفرنجية ج - هي التواغض (وهنا نتهجاها لمن في عينيه عمى، وفي أذنيه وقر وفي لسانه عقدة وعجمة ولكنه تدفعه إلى لفظ الذال زايا، والظاء زايا مفخمة. والغين المعجمة عينا مهملة، والضاد الحرف الخاص بنا ظاء معجمة كما نتهجاها أيضاً لمن في عقله جمود وتحجر) فنقول: النواغض (بنون وواو مفتوحتين وبعد الواو ألف ثم غين معجمة وفي الأخر ضاد معجمة) كلمة مجموعة مشتقة من نغض. قال في اللسان: نغض الشيء. . . تحرك واضطرب. . . ونغض السحاب: إذا كشف ثم مخض تراه يتحرك بعض في

بعض ولا يسير. اهـ. قلنا: وهذا وصف حركة ما يسميها الإفرنج بالأميب وليس في مداول لفظ الأغراب ما في لفظ الأعراب من المعنى الدقيق لان كلمتهم مشتقة من اسم يوناني هو ومعناه التغير فأين هذا من معنى العربية التي تصف حركة (النواغض) وصفا يغنيك عن كل شرح؟ ازندا (؟) س - القدس. ر. ي - أتعرفون أسقفية باسم ايزندا كانت في بلاد العجم في سابق الزمن أسقفية للارثودكس وينسب إليها في هذا العهد السيد شبتال أحد مطارنة فرنسية؟ 2 - أو ترون إنها زندانة العجمية التي تكرر ذكرها في الكتب الفارسية وصحفت كما ذكرناه؟ ج - كنا قد نبهنا أن من يسمي بلاد إيران أو فارس ببلاد العجم يخطئ إذ ذلك من الأقوال الفاسدة، فلا يحسن بكم أن تستعملوه في ما تكتبون أو تنطقون به. 2 - قولكم (زندانة) من المدن التي تكرر ذكرها في الكتب الفارسية هو قول لا سند له، إذ ليس في إيران أو فارس مدينة باسم زندانة بل زنجان ولم نجد كتابا فارسيا ذكر زندانة. فمن قال لكم ذلك؟ وكيف تخدعون بكل ما ينقل لكم؟ 3 - الأسقفية التي تشيرون إليها هي يزد عند الإيرانيين. وكان يسميها النصارى (يزدين) والارميون (يزدينا) ومنها الإفرنجية لا أو أو وكانت أسقفية للنساطرة فقد جاء في (تقويم الكنيسة الكلدانية النسطورية) الذي وقف على طبعة وعلق حواشيه الخوري بطرس عزيز نائب بطريك الكلدان في حلب) وطبع في (بيروت في المطبعة الكاثوليكية للأباء اليسوعيين سنة 1909) في ص 21 ما هذا نصه: (ثم مدينة يزدين كان يوجد فيها أسقف واحد اسمه مار يوسف. جنسه من اصبهان وكان تحت يده قسوس وشمامسة قد الكفاية. وكان لها ثلاث كنائس. وعدد المؤمنين ثلاثة آلاف ومائتا، وهم نساطرة) اهـ.

س - اجميازين (الروسية) ث. و. ر - قرأت في الجزء 7 ص 445 من هذه السنة من مجلتكم هذه الكلمات: في غرة تشرين الثاني في مكان (في أول ت 2) لان غرة لا تستعمل إلا للأشهر القمرية. - وقلتم: وكان عددهم 94 عضوا ولعلكم تريدون أن تقولوا: وكان عددهم 94 بحذف عضوا. لان ليس في لغة من اللغات عدد يسمى 94 عضوا. - وهناك هذا الغلط وهو (متولي أعمال المعتمد السامي) في مكان وكيل المعتمد السامي. - وفيها: (وكبار دواوين الحكومة) لان الدواوين لم تحضر مجلس النواب يوم افتتاحه بل ظلت في أماكنها - وذكر تم: دخل جلالة الملك علي رافد مليك العراق والصواب نائب جلالة ملك العراف. - وهناك هذه العبارة: بعد السلام قرأ خطاب العرش والصواب تليت خطبة العرش. - وقلتم تعديل الاتفاقيات والصواب الايفاقات. - وفيها: فانتخبوا لهم زعيما رئيسهم السابق والصواب رئيسا وهو رئيسهم السابق. - وقلتم: (الدورة الأخيرة) وهنا ناقضتم نفسكم بنفسكم إذ إنكم خطأتم استعمال (الدورة) بدلا من (الاجتماع) والظاهر أن أحدهم نبهكم على خطاكم فأصلحتموه هذه المرة. - وكثيراً ما تستعملون: الإدارة الملوكية والصواب الملكية لان قد أصدرها ملك واحد وليس في العراق اكثر من ملك واحد. - فما جوابكم؟ ج - قلنا: أسئلتكم تشبه الأسئلة التي وردتنا من نخشيوان. وما كنا نود أن نجيب عليها لبرودتها من جهة وقلة اطلاعكم على ما في مؤلفات السلف من جهة أخرى. وعلى كل حال نجيب هذه المرة أيضاً لنبين لكم انه لا يحسن بكم أن تتسرعوا في الحكم ولا تشبهوا النخشيواني. أما قولنا فكان عددهم 94 عضوا فمعناه ظاهر لكل من له ذرو من العربية وهل بلغت بكم السذاجة إلى أن تتصورا أن في لغة من اللغات عددا اسمه 94 عضوا؟ أما متولي الأعمال فغير الوكيل فقد يكون الواحد غير الأخر. فلماذا لا تعودون إلى تلقي العربية عن ناطق بالضاد حتى لا يبلغ بكم العلم (؟!) إلى

هذه الدرجة! وكبار دواوين الحكومة معناها كبار رجالها. ثم أن الدواوين ظرف وقد يراد به من فيه كما في قولهم: (واسأل القرية) فليس معناها اسأل حجارة القرية وحيطانها بل أهلها. ورافد الملك على ما في كتب اللغة هو الذي يلي الملك ويقوم مقامه إذا غاب (لسان العرب وتاج العروس وابن بري في حواشيه) وهو المطلوب هنا. ولو كان عنكم معجم واحد عربي لكفيتمونا مؤونة النقل ولما اعترضتم هذه الاعتراضات الباردة الفجة (الاجميازينية النخشيوانية)!!! وتلي الخطاب مثل قرأ لا فرق. وإذا كان الكلام بصورة حوار فهو خطاب لا خطبة. والاتفاقيات كل ما انسب إلى الاتفاق من الأمور وهي غير الاتفاقات التي هي مجموع الاتفاق وهذا كقولك الأخوانيات والأخوان فالواحدة غير الأخرى. أما الزعيم فهو الرئيس ولا نرى وجها لتغليطكم. فلماذا تصرون على اقتناء الكتب الأرمنية الروسية ولا تشترون كتابا واحدا عربيا تأليف عربي. وإلا تبقون على ذلك الجمود الذي عهدناه فيكم يوم كنتم تزوروننا في ديواننا. وكنا قد وضعنا (نال اثنتي صوتا (أي نخبة) فصار في ترتيب الكلم تقديم وتأخير ولو جاريناكم في مدعاكم لما كان ثم غلط لان النحاة نصوا: أن الكلمة إذا كانت تؤول بلفظ من غير جنسها جاز تذكيرها وتأنيثها. فقد ورد في أمثلتهم: جاءتني كتابك) لأنها هنا بمعنى رسالتك. فالنخبة هي الكلمة الفصيحة للصوت أما هذه اللفظة فهي من سوء الوضع للإفرنجية أو والصواب النخبة. ونحن لم نقل يوما أن (الدورة) هي الاجتماع والواحدة غير الأخرى. فأين قرأتم هذا؟ ولماذا تجمعون إلى جهل أصول العربية البهتان والافتئات؟ أما الملوكي ويراد به الملكي فهو لتمييز منسوب من منسوب ومنعا للالتباس. فقد سمى ابن جني كتابا له: التعريف الملوكي. ولابن الكلبي كتاب سماه الملوكي، فأنت ترى من هذا انهما لم يقبولا الملكي وما ذلك إلا

لنفي الالتباس من المنسوب إلى الملك الذي هو من الأرواح المعروفة. ثم أننا قد اجبنا مرارا على هذا السؤال وكان قد سأله أحد الأجانب ايضا، فلماذا تنسون بسرعة ما تطالعونه وهل نحن مكلفون بإصلاح ذاكرتكم؟ وعسى أن لا تعودوا إلى مثل هذه الأسئلة فأنكم وان كنتم تصدرونها من مدن مختلفة وبأسماء شتى فلقد عرف القراء أن السائل هو هولان جهل الأحكام العربية تأتي على وجه واحد وتكاد تكون في موضوع واحد. الخيزران ومن هي؟ جاء في مجلة العرفان (14: 44) (الخيزران زوج السفاح (كذا) وأم الهادي والرشيد) اهـ. قلنا: الذي تعلمناه في صغرنا أن الهادي والرشيد هما ابنا المهدي وان أمهما هي الخيزران التي هي زوج المهدي لا زوج السفاح. قال الطبري (في 3: 466 من طبعة الإفرنج): وفيها (أي في سنة 159هـ) أعتق المهدي أم ولدة الخيزران وتزوجها. اهـ ربع أملاكها وفي الصفحة المذكورة من المجلة المشار إليها: كانت ثروة الخيزران تعادل نصف ريع المملكة كلها (كذا). . . حتى بلغ ربع أملاكها 16. 000. 000 درهم) قلنا: لم نجد مؤرخا ثقة ذكر ذلك. فعلى من اعتمد صاحب العرفان؟ تصحيح قلت في مقالتي (الأيام في المعتقدات) (لغة العرب 5: 470) أن أمير المؤمنين على بن أبي طالب (ع) جرح في الليلة السابعة عشرة من المحرم الحرام والحقيقة انه جرح في الليلة السابعة عشرة أو التاسعة عشرة (على رواية ثانية) من رمضان المبارك. فليصحح. أحمد حامد الصراف الجشن في محيط المحيط في محيط المحيط في مادة ح ر ق: الحرق مصدر حرق والجشن يلقح به النخل. والصواب الجش. بجيم وشين معجمة مشدودة.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 89 - الرواد وهو الجزء الثاني من كتاب أعلام المقتطف بقطع الثمن الكبير في 318ص طبع بمطبعة المقتطف والمقطم بمصر سنة 1927 من أمتع مصنفات العصر، مستل كله من شيخة المجلات العربية وهو (يشتمل على اكثر ما نشر في مجلدات المقتطف السابقة عن تقدم علم الجغرافية وتخطيط البلدان وكشف المجاهل وارتياد القطبين وتمهيد سبل المواصلات في البر والبحر والهواء وسير أشهر الرواد. وفيه فصل حافل خاص بجغرافيي الإسلام). هذا السفر الجليل مع كثرة صفحاته وما جاء فيه من أعلام المدن والرجال يشينه أمران: الأول أن الأعلام الغربية لم تصور بحرف الأجانب. وهذا الأمر يعد نقصا في عهدنا هذا لأن حروف لغتنا لا تؤدي ما يرام أداؤه من حروف لغاتهم. - والثاني أن الفهرس الملحق بآخر الكتاب هو فهرس ضئيل غير كاف للباحث فيه عما ورد من الأعلام التي ذكرت في مطاوي تلك المباحث الشائقة، فعسى أن تردم هذه الفجوة في طبعته الثانية. 90 - مجلة دار المعلمين مجلة مدرسية جامعة تصدرها إدارة دار المعلمين في بغداد خمس مرات موقتا في السنة مديرها المسئول (كذا) عبد الحميد الدبوني، مدير دار المعلمين بدل اشتراكها عن سنة واحدة في العراق ربيتان للتلميذ وثلاث ربيات لغيره وثلاث ربيات عدا أجرة البريد في خارج العراق - ثمن النسخة عشر أنات صدر الجزء الأول منها في 1 كانون الأول سنة 1927 في 70ص بقطع الثمن ليست هذه المرة الأولى نرى في حاضرتنا مجلة باسم (دار المعلمين) فلقد

كان ظهر فيها مجلة بهذا الاسم نفسه في أول تشرين الثاني سنة 1921. وهذا نص ما كان قد كتب على صدرها: (مجلة دار المعلمين تبحث في العلم والأدب والتاريخ والتربية وطرق التدريس الحديثة خاصة. - تصدرها نظارة المعارف في بغداد مرة في الشهر (في 16 صفحة) يقوم بتحريرها معلمو دار المعلمين وطلابها. - مديرها المسؤول محمد السيد خليل - رئيس التحرير معروف الرصافي - نائب المدير المسؤول يوسف عز الدين الناصري - نائب رئيس التحرير طه الراوي - العدد 1 السنة الأولى - 1 تشرين الأول سنة 1921 الموافق 28 محرم سنة 1340 - بدل الاشتراك عن سنة كاملة 4 ربيات داخل القطر ومن نصف السنة ربيتان ونصف وفي خارج القطر 5 ربيات (عن سنة) وثلاث ربيات (عن نصف سنة). - عنوان المراسلات (مجلة دار المعلمين في بغداد) - لا تعاد الرسائل أصحابها أدرجت أو لم تدرج - طبعت بمطبعة العراق بغداد. وكان كاغدها من أسوء الورق. وفي الجزء الثاني الذي ظهر في 1ت2 سنة 1921 حذفت أسماء المدير ونائبه واسم رئيس التحرير ونائبه - وفي الجزء 3 منها ارتفعت بدلات الاشتراك فصارت عن سنة 6 ربيات داخل القطر و7 ربيات خارج القطر - وفي الجزء 6 ارتفعت بدلات الاشتراك درجة أخرى فصارت 8 ربيات خارج عن سنة داخل القطر و 12 ربية ونصف خارج القطر. وبعد هذه المهزأة (ولا تقل المهزلة كما ينطق بها كثيرون) انقطعنا عن تتبع ذلك الارتفاع الذاهب صعدا في جو الغلاء. تم احتجبت عن الأنظار. وفي سنة 1924 ظهرت في تلك المدرسة مجلة اتسمت بعنوان (مجلة المعلمين) وأمامنا الجزء الأول منها. ودونك ما كتب على صدره (مجلة علمية أدبية شهرية لصاحبها هاشم السعدي - العدد الأول السنة الأولى - 15 شباط سنة 924 - 10 رجب سنة 342 - محتويات العدد. . . طبعت في مطبعة دار السلام بغداد) - وقد وجدنا في الصفحة الثانية من الغلاف ما هذا نصه (مجلة المعلمين خاصة بالمعلمين والمتعلمين: تبحث في أصول التربية والتدريس نظريا وعلميا وفي جميع ما يجب ويحدث من نظريات الفنون - ولها صفحة للتلاميذ وصفحة للكشافة. تقبل مع الشكر جميع المقالات التي يتحفها بها المعلمون

والمتعلمون ومحبو المعارف (على أن تكون موافقة لمسلك المجلة العلمي) - الاشتراك السنوي ويدفع سلفا 9 ربيات في بغداد - 10 ربيات خارج بغداد - 8 ربيات لطلاب الدارس في بغداد وخارجها - المراسلات باسم صاحب المجلة: بغداد مدرسة المعلمين - ثم احتجبت بعد نحو سنتين على ما يخطر ببالنا. والآن ظهرت هذه المجلة وفي صدرها ما ذكرناه فويق هذا من دون أن تشير بكلمة إلى أختيها السابقتين ثم رأينا في مفتتح الصفحة الأولى ما هذا نصه: مجلة المعلمين مجلة تربيوية (كذا بحرفها) عملية أدبية أخلاقية - بغداد 1 كانون أول (كذا) 1927 و 6 جمادي (كذا) الثاني (كذا) 1346) اهـ. فعسى أن يعتني بإصلاح مباينها ومعانيها في أجزائها التالية. 91 - جبل قاف تأليف سماحة العلامة حجة الإسلام السيد هبة الدين، نشرته إدارة مجلة (المرشد) هدية للمشتركين، طبع في مطبعة النجاح - بغداد. سنة 1927 في 42 ص. السيد هبة الدين الحسيني لا يطرق إلا المواضيع التي لا يعالجها غيره. فهو صاحب المبتكرات في كل ما يكتب ويدون. وهذا الكتاب من جملة الأدلة التي تثبت ما نقوله. فانه وضعه ليبين للقراء أن جبل (قاف) الشهير - الوارد ذكره في مصنفات الأقدمين والمحدثين - (على فرض صحته (أي انه جبل قوقاس) لا يكفل شرح المأثورات الإسلامية. . . ولا ينطق على هذا شيء من تلك الصفات. . . إلا بعض تلك المأثورات. . .) ص 11. ولهذا لا يقبل سماحته هذا الرأي، بل يعرض على أرباب الرأي رأيا آخر وهو أن الجبل المذكور ليس إلا (صورة كرة الأرض مع ظلها الحادث من استتار الشمس خلفها) (كذا) (ص11). ولا نظن أن أحدا يوافقه على هذا التأويل إلا إذا سلم حضرته بان لجبل (قاف) معنيين حقيقي تاريخي وهو الجبل الذي صحف اسمه الغربيون بصورة قفقاس أو قوقاس. ومعنى مجازي ديني وهو الرأي الذي يراه حضرته. وإلا فالتسليم بما يذهب إليه يخالف إجماع علماء

العقل والنقل من العرب وأهل الغرب. ولو اطلع على ما كتبه المستشرقون في معلمة الإسلام لنقض بعض رأيه كله عن أخره. ونلاحظ هنا أن في الكتاب أغلاط طبع غير قليلة ففي ص 11: بحيرة خزر - في جنوب روسيا - ويؤيد هذا الزعم بان كلمة - قوقاس منحولة من لفظ قوه قاف - واضح منها: بحر الخزر - في جنوبي روسية - ويؤيد هذا الزعم أن كلمة - قوقاس منحوتة. وعسى أن تكون الطبعة الثانية اصح من هذه! تاريخ طوس أو المشهد الرضوي بقلم الفقير إلى الله خادم العلم محمد مهدي العلوي، نشرته إدارية (المرشد) هدية للمشتركين، مطبعة النجاح في بغداد سنة 1927 في 28 ص. هذه الرسالة حسنة العبارة والتأليف إلا أننا نأخذ على المؤلف عدم موافقة العنوان للموضوع له. فالمشهور عند العلماء أن (طوسا أو طوس) مدينة قديمة لم يبق منها إلا بعض الأنقاض والمشهور على الألسنة أن طوس الجديدة تسمى (الشهد) أو (مشهد رضا) فكان يحسن بالمنصف أن يتخذ الاسم المشهور ويترك الاسم المهجور. ومما كنا نحب أن نراه في هذه الرسالة وصف تصاوير داخل الحرم فأنها مما يفتخر بها ويود أصحاب الفنون الفاتنة أن يقفوا على بدائعها (راجع لغة العرب 5: 233). وقد أهمل وصف خزانة الكتب التي ترى فيها فأنها من اجل الخزائن (راجع بعض وصفها للشيخ العلامة عبد العزيز الجواهري 5: 210). ولا جرم أن هذه النواقص تصلح في الطبعة الثانية. 93 - الضعفاء كتاب يحتوي على 7 قصص اجتماعية مؤثرة في 156 ص بقطع 16، بقلم يوسف هرمز. طبع في المطبعة الوطنية (عشار) البصرة. أسفا على طبع هذا الكتيب وأمثاله إذ تذهب سدى نفقات طبعه وليس فيه أدنى منفعة لا من جهة المبنى ولا المعنى ولا تأدية الفكر. والرجل لا يكاد يعرف

مبادئ اللغة العربية فقد جاء مثلا في ص4 مما طبعه مثل هذا التركيب: كان في بغداد رجل سليمان تاجر صغير. . . وكلما ارتفع الإنسان بعظمة هكذا يكون سقوطه عظيما. . . وصلت حالة سلمان إلى أوج كمالهما. وهو يريد أن يقول: تاجرا صغيرا أو تويجرا. . . وكلما ارتفع. . . كان سقوطه عظيما. . . إلى أوج كمالهما (بالمفرد) فهذا في صفحة واحدة فكيف في ما بقي من الكتيب؟ فأمثال هذه الكتب تدفع إلى مصحح ضليع قبل أن تطبع لتفيد القارئ ويستفيد المؤلف من ريعها: وإلا لا يلتفت إليها وتعد من سقط المتاع بل من مفسدات المملكة العربية في المرء إذ تعوده الخطأ والخطل. 94 - تاريخ الدول الفارسية في العراق بقلم علي ظريف الأعظمي، طبع في مطبعة الفرات. بغداد. سنة 1927 في 124 ص. لو كان عندنا طائفة من الشبان همتهم كهمة مؤلف هذا الكتاب لرأينا في البلاد رقيا عجيبا؛ لكن - ويا للأسف! - لا نرى منهم إلا عددا نزرا! علي ظريف أفندي ألف كتاب تاريخ ملوك الحيرة - وتاريخ الدولة اليونانية في العراق - وتاريخ البصرة - وتاريخ بغداد. أذن فتاريخ الدول الفارسية في العراق هو الخامس في رتبة اخوته. وهو يفيد كل من ليس تحت يده مصنفات الإفرنج في هذا البحث؛ فهو ولا شك من انفع المؤلفات لطلبة المدارس ليقفوا على حقيقة تاريخ عراقنا المحبوب أيام كان في حكم أبناء إيران. بيد أننا نرى حضرة الكاتب يروي بعض الأعلام نقلا عن التركية بدلا من أن تروى نقلا عن اصلها، فاوروق وشوشن (العاصمة) ونانا (المعبودة) وأسور بنيبال (ص5) صوابها أرك (كعنق) والسوس (أما الشوشن فهي العمل) وننا (بكسر الأول وفتح الثاني) وأشور بنبيل. وهناك أغلاط طبع لا تنكر لو جمعت لعدت بالعشرات بل بالمئات من ذلك قوله في ص3: مادي وديوس بوليس (؟) والصواب ماذي أو ماذية (بذال معجمة) وفرسيبولس. لان ديوس بوليس لا وجود لها اسما ولا حقيقة. وجاء في

الحاشية أن السوس هي تسثر (كذا) والحق أن السوس غير تستر (وكلتا التاءين مثناة) (معجم ياقوت الحموي في السوس). هذا فضلا عن أن المؤلف لم ينتفع من كتب الإفرنج العصرية - على أننا لا ننكر أن له يدا بيضاء على آداب البلاد وتاريخها إذ وضع سفرا لم يكن له مثيل في لغتنا. فنشكر على هديته هذه وعلى تصنيفه باسم عراقنا كله وعلمائه وأهاليه. 95 - كتاب دولة الشجرة الملعونة (كذا) أو دور ظلم بني أمية على (؟ كذا) العلوية، لمصنفه حجة الإسلام. مروج شريعة جدد سيد الأنام، العلامة العامل السيد محمد مهدي، خلف المرحوم السيد صالح القزويني الكاظمي الموسوي متع الله المسلمين، بطول حياته أمين، مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1346 هـ. أهدى أحد الأصدقاء الطيبين هذا الكتاب وهو في 160 صفحة بقطع الثمن الصغير. ومن عنوانه انه يعرف ما في باطنه من سب وقذف وطعن. كما يرى من النص الذي ذكرناه عن انه يصعب على القارئ مطالعة صفحاته لما فيها من أغلاط الطبع المتدفقة تدفق السيل الجحاف. (مع انك إذا وقفت على نعوت مؤلفه كما تراها تحت العنوان يخيل إليك انك أمام بحر علم عجاج متلاطم بالأمواج وإذا حققت الأمر بنفسك: جعجعة بلا طحن. إذ الأجدر بالمرء أن لا يكبر نفسه بنفسه. دروس في صناعة الإنشاء كنا نشرنا في الجزء السابق مقدمة فيها نقد الجهبذ محمود الملاح لهذا الكتاب ووعدنا بإدراج تتمته في الأجزاء التالية. وبينما كنا ننتظر شروق شمسه علينا بأشعتها الذهبية الصافية. إذ وافانا حضرته باعتذار ما كنا ننتظره منه إذ لنا شفاها أن شؤونه المدرسية (!) وقفت عقبة في طريقه. فأسفنا كل الأسف! فحولنا نظرنا إلى ناقد بصير آخر ليس دون الأول علما ووقوفا على دقائق العربية

ولا دونه إصابة وتحقيقا ونزاهة، وها ننشره للقراء، حرصا على وعدنا أن تعروه شائبة خلف. وان لم نزل مترددين في قبول عذر الأستاذ الملاح (!). وقد آثر صاحب النقد أن يطوي التصريح باسمه. واليك ما أتحفنا به ذلك الفاضل: (لغة العرب) تالله لو كان الكتاب موضوعا في غير هذه الصناعة كالفيزياء! لما كلفت نفسي عناء انتقاده لان مذهبي التسامح في لغة تدوين الفنون بالنظر إلى وضع اللغة الراهن في مدارسنا. لكن الكتاب موضوع لغاية تهذيب الملكة الإنشائية في التلاميذ وتدريب أقلامهم على الكتابة باللغة الفصحى وتنزيهها عما يصم محاسنها ويلوث ساحتها فتفاقم البلاء وتضاعفت المصيبة. إن المؤلف مع تهجسة في مسالك التعبير واعتياده الدبيب الخفي إلى مقاصده بحيث يظن انه كان يعد كلماته عدا لم يسلم قلمه من استهواء الركاكة له ولا تعابيره من معرة التعقيد حتى كتابه ناشزا على الفصاحة التي هي من أخص مزايا لغتنا ولعل المؤلف لا توغر صدره كلمة أريد أن ارضي بها سلطان الحقيقة وهي: أني لعلي شبهة من إتقان اللغة العربية مع إتقان لما سماه الفيزياء (!) وعسى أن يكون إتقان علمين متباينين مما يؤيده علم النفس! إذ (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه. . .) الآية وتعريب كتاب في علم لا يدل على ضلاعة المعرب فيه. وقبل أن تدور رحى الانتقاد دورتها احب أن اعجل للقارئ لهوة من الكتاب المنقود لتكون لما سأقوم به من النقد إذ لا أود أن استقل بميزان من عندي كيلا اتهم بالبخس أو التطفيف أي أريد أن أكيله بمكياله حتى إذا عاتب وندد قلت له قبانك. وهذه ارطالك. ولم ادخل في قضيتك ألا إصبعين أو ثلاثا للقبض على عذبة الميزان.

فلينظر القارئ إلى ما قاله في ص 52: (وعلى الطالب أن يتجنب مطالعة الكتب الركيكة مباينها والسخيفة معانيها فان سوء صنعتها وفساد سبكها مما يضعف ملكة الإنشاء ويفسد ذوق مطالعها والمعنى الحقير - كما يقول الجاحظ - يعشش في القلب ثم يبيض ثم يفرخ ثم يستفحل الفساد لان اللفظ الهجين الرديء اعلق باللسان وآلف للسمع واشد التحاما بالقلب). فارجوا من المطالع أن يشد يده على هذا الإرشاد الثمين يصحبني في هذه السياحة الجميلة لأطلعه على ما في مطاوي هذا الكتاب من ناقضاته وهادماته إلى أساسه. وسأتخذ في نقدي هذا الخطة التي اتخذها الأستاذ الملاح في نقده (أعلام العراق) أي على هيئة مواد متسلسلة كيلا ينتشر البحث بيني وبين المؤلف ولتكون سبل النقد سالمة من الوعث. وهذا أوان الشروع في المطلوب: 1 - جهل لغة البلاد لقد تحول أبو قيس من جنسيته السورية إلى الجنسية العراقية ولا نلومه على اتخاذه آهلين ولكن نلومه على تسرعه في الحكم وظنه انه بمجرد تجنسه بالعراقية يتم له للعراقي الصحيح من الخوض في لغة أهل العراق فكان من ذلك أن عزا إليهم إدخال (أل) على المضاف والمضاف إليه في نحو (اشتريت السبعة الأقلام) ص 140 وهو افتراء محض بل هم يدخلونها على المضاف فقط كالسوريين وما اكتفى بذلك حتى طرق بابا خطيرا من أبواب اللغة حيث قال ص144: (في العامية كثير من الكلمات الفصيحة فيجب استعمالها نحو حزر وزار وخمن) وما كنا لننازعه في رأيه لولا عطفه على ذلك قوله (وطمس أي غاص) مع أن الطمس هو ذهاب الأثر أو إذهابه يقال (طمست عينه) و (طمس عينه) وكل ذلك لا يفيد معنى الغوص وأي حاجة إلى هذا الاستهتار في أمر العربية؟ ومادتا الغوص والغطس فاشتيان.

2 - الخبط في النقل ومن الأمور البديهية أن المؤلف في علم إذا لم يكن ضليعا فيه خبط في النقل لا محالة فمن ذلك قوله في ص 149: (إن لم لنفي الماضي مطلقا ولما لنفية ممتدا إلى ما بعد زمن التكلم ولن لنفي الاستقبال) نعم ولكن ما باله أضاف إلى هذه العبارة قوله (ويختص بالموقع) فلينظر الأدباء والنحاة وأهل البصر بالعربية هل عثروا على نص في أن (لن) تختص بالمتوقع!؟ أم أن ذلك من خصائص لما!!! فهذا نموذج من خبطة في قواعد اللغة وأما خبطه في علم البلاغة فكقوله في ص 125: (إن الجاز إذا أطلق لا ينصرف إلى اللغوي) مع أن المعروف أن المجاز إذا أطلق ينصرف إلى اللغوي فتدبر واحكم. . .؟! 3 - الطامة الكبرى؟! من المصائب العظمى تحرش المؤلف بأمور خطيرة حشوها (الديناميت) الناسف كقوله في ص 133 (ومن الأصوات المكروهة المثنيات المتتابعة ومثلها جموع المذكر السالمة) وفاته أن القرآن المجيد مزدان بما كرهه سمعه! كقوله تعال في سورة التوبة (التائبون العابدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين). فيا سماء اسقطي كسفا! أن تلك البدائع التي تفككت عنها أزرار الحقيقة الأزلية. وكان الروح الأمين يصدح بها عند طية معارج ذات الحبك، والتي كان افصح من نطق بالضاد يترنم بها في حضن جبرائيل. ويتلوها على صناديد قريش فتخفض أجنحتها مهابة وإجلالا، يمجها صماخ عز الدين ويعافها ذوقه! على ما يظهر من كلامه! ومما أكد المصيبة تصدي متعمم لتأييد الكتاب بشهادته الزائفة مرتكبا اليمين الغموس تعصبا للمؤلف حيث قال: (والله لو وجدت فيه ما لا يصح السكوت عنه لما حالت الصداقة (!) دون نقده). فتدبر!؟ تأتي البقية (أ. د)

تاريخ وقائع الشهر في العراق والمجاورة

تاريخ وقائع الشهر في العراق والمجاورة 1 - عودة مليكنا المحبوب في الساعة الرابعة ظهر الخميس 15ك 1 سنة 1927 أطلقت المدافع إعلانا لعودة مليكنا المحبوب إلى عاصمته بعد أن غاب عنها أربعة أشهر قضاها في أوربة للدفاع عن حقوق الوطن ورقية. وقد جاءت الوفود من جميع ديار العراق وأقيمت في الجادة العظمى أقواس النصر البديعة التي لم يشاهد في سابق العهد. 2 - عودة المعتمد السامي عاد المعتمد السامي مع قريبته في 15ك 1 سنة 1927 في الساعة ال 5 بعد الظهر وقد اقبلا من حلب الشهباء راكبين طيارة. 3 - لويس ماسنيون زارنا في اليوم الثاني 14ك 1 العلامة المستشرق لويس ماسنيون قادما من باريس على طريق سورية ليشاهد ما استحدث من الإصلاحات بعد سنة 1908 وهي سنة خروجه من دار السلام في المرة الأخيرة. 4 - الدكتور ارنست هرتسفلد وزارنا في اليوم 13 من شهر ك1 سنة 1927 صديقنا الحميم الدكتور ارنست هرتسفلد قادما من ألمانية وذاهبا إلى طهران (إيران) وقد ركب طيارة من القاهرة إلى بغداد مع مسافرين آخرين إلى إيران في اليوم الثاني من زيارته إيانا. 5 - وفاة الحاج عبد السلام انتقل إلى دار البقاء الشيخ الجليل الحاج عبد السلام مساء الأحد 11ك1 سنة 1927 وهو في العقد الثاني من عمره وكان إمام الجامع شيخ سراج الدين وخطيبه ودفن في الغرفة الخاصة به من الجامع المذكور وقد خلف ابنين أديبين وهما الشيخ مصطفى أمام جامع العدلية الكبير والوجيه الملا إسماعيل احسن الله عزاءهما. 6 - وفاة الأب لويس شيخو اليسوعي انتقل هذا الأب العلامة إلى دار النعيم في 8ك1 سنة 1927 في بيروت وقد أبقى له من الآثار في لغتنا العربية ما

يخلد له الذكرى رحمه الله رحمة واسعة وكان عمره 69 سنة. 7 - دماء نفسك في الديوانية علي آل حسين الحمزة جان شهير في لواء الديوانية ومتهم بنفسك دماء عديدة. وكانت حكومة اللواء جادة في القبض عليه وتخليص العباد منه. فخرج مأمور مركز شرطة مسلحة وذلك في صباح 23 تشرين الثاني من سنة 1927 طالبا الجاني فذهب المتعقبون له إلى عشيرته وهي (البو نائل) وتأثروا السفاح بجرأة وحزم حتى وجده في كوخه مع والدته. فطلب إليه مأمور المركز أن يسلم نفسه للحكومة فكان جوابه إطلاق عيار نار أصاب شرطيا فأطلق حينئذ مأمور المركز عيارا من مسدسه فأخطاه وللحال صوب الجاني بندقيته إليه فخر مأمور المركز صريعا يتخبط في دمه. فلما رأت والدة الجاني ذلك المصرع هلهلت (زغردت) متبعة في ذلك عادة عند الإعراب وهي أن النساء يهلهن ليثرن التحمس في صدور الرجال. فأطلق السفاح عيارا ثالثا أصاب به شرطيا آخر. فلما رأت الشرطة هذه الحال هجمت عليه وأردته قتيلا وقتلت أيضاً والدته: ثم عنيت بدفن الموتى. 8 - ابن الدويش وابن السعود ابن الدويش هو القائد الوهابي الشهير وهو فيصل بن سلطان الدويش. زعيم قبيلة (مطير) القبيلة المعروفة التي يتفرع منها بطون (دويش) و (ميمون) و (بني عبد الله) وأبناؤها منبثون في شرق المدينة شمالا إلى نجد إلى الارطوية (لغة العرب 2: 277 و54 وجنوبا إلى الصفينة. وابن الدويش هو الذي كان صاحب الدعوة إلى عقد مؤتمر الإخوان الذي عقد في الارطوية في العام الماضي (لغة العرب 4: 437) وهو الذي يقلق اليوم ابن السعود ويكاد يعرض للبوار حكمه في ربوع نجد.

أما سبب هذا الشقاق القائم بين ابن الدويش وبين ابن السعود فهو أن عشيرة المريخات (وهي فخذ من أفخاذ مطير) نفرت من زعيمها الدويش لخلاف طفيف وقع بينهما وبين زعيمها والمريخات كانت خاضعة له ومقيمة في الارطوية مقر إمارته. فلما سمع بالخلاف ابن السعود فرح به وحاول أن يوسعه ليستفيد منه فحقق أمنيته وكبر الخرق على الراتق وهو ابن الدويش حتى انه لم يتمكن من إيقافه في حالته. وفي الأخر طلب كبير (المريخات) إلى ابن السعود أن يسمح له ببناء بليده تصلح لسكني الفخذ فتهاجر إليها. فأذن له وأعانه بمبلغ كاف لتحقيق أمنيته ودله على ماء واقع في غربي الارطوية إلى الجنوب اسمه (جراب) وهو لا يبعد عنها سوى سير يوم واحد على ظهور الجمال. فشرع المريخي في بناء الموضع واقبل عليه أبناء فخذه، فأشفق الدويش من نتيجة هذا الأمر لأنه عليه القرية ويناله من ذلك الأمران وتنقسم مطير قسمين قسم مع ابن الدويش وقسم مع ابن السعود فيضرب هذا بالقسم المخالف القسم ويقضي على أحلام ابن الدويش وآماله. فهب من ساعته لإقناع (المريخات) بأن يرجعوا عن فكرتهم فلم يتوفق. فرجع إلى السيف وفيه تحقق المثل - وهو آخر الدواء الكي - فهدم ما شيد في (جراب) من الأبنية وساواها بالأرض ففر أهل البليدة إلى (الرياض) ليرفعوا أمرهم إلى تلك الأمام. والآن انتهى الأمر إلى هنا. ولا بد من أن تنفجر الضغائن بين رجلي نجد العظيمين وتظهر النتائج. 9 - اعتداء الأخوان على العراق والكويت كان يظن أن الاعتداء الذي قام به الأخوان على العشائر العراقية (لغة العرب 5: 509) من أعمال فيصل الدويش؛ إلا أن جريدة (الأوقات البصرية) قد بلغها أن الهجوم كان بقيادة فيصل المذكور ومعه ولده عبد العزيز. وقد بلغ عدد القتلى من عشائر العراق - على ما يقال - نحو سبعين رجلا عدا ما سلبه الأخوان من أموال ومواش وجمال. وشاع أن فيصل الدويش أعاد إلى نفر من عشيرة الضفير الذين كانوا نازلين مع عشيرتي (الزياد) و (البدور)

ما نهبه منهم الإخوان في أثناء غاراتهم، بحجة أن المذكورين كانوا ولا يزالون يدفعون الزكاة إلى الإمام ابن السعود. فإذا صح هذا الخبر كان دليلا قاطعا على بطلان الإشاعات القائلة عن تمرد الأخوان وخروجهم عن طاعة حكومة نجد؛ إذ ليس من المعقول أن يعصي الدويش أوامر حكومته وينبذ طاعتها ثم يعمد إلى الاعتداء على حدود العراق والكويت ويبقى في مكانه محصورا بين ثلاث نيران. والشائع الآن أن الدويش مخيم مع جموع الأخوان على (الحفر) منتظرا الفرص لإعادة الكرة. وجاء في أخبار الكويت أن عشيرة العجمان - وهي من العشائر القوية في ديار جزيرة العرب - تتحفز للوثوب على الكويت فتأخذ هذه عدتها لمقاومتها. وأفادت مديرية المطبوعات في 3ك2 سنة 1928 أن الأخوان اتباع الدويش قاموا بهجوم على الرعاة العراقيين وبعض أعراب شمر نجد الضاربة قرب الجوخة (كذا. وليس في ديارنا موضع بهذا الاسم والمعروف في تاريخ بلادنا هو جوخا أو جوخى وكانت مدينة عظيمة في السابق وهي اليوم أرض بلقع) والظاهر أن الهجوم كان عنيفا تضررت منه الأعراب كل التضرر. 10 - القلاقل على تخوم الترك بينما كان ضابط تركي من فرقة مارديان آتيا من ديار بكر في أوائل أيلول من سنة 1927 وعليه 25 ألف ليرة ذهب خرج عليه في الطريق الشيخ أمين بن ربحان رئيس عشيرة الغرزان ووقف السيارة فقتله وأخذ المبلغ. فأرسلت الحكومة التركية طابورا من فرقة ديار بكر فأفنى جنده عن أخرهم (على ما يروى) فصدرت الأوامر بلزوم سوق فرقة من الجيش ال 17 الذي مركزه في ديار بكر للتمثيل بالشيخ المذكور وبعشيرته. ومثل هذه الأوامر صدرت إلى فرقة ماردين المنتسبة إلى الجيش عينه. وقد سارت هاتان الفرقتان على طريق مديات ولم يعرف إلى اليوم خبر النتيجة. 11 - دخل حكومتنا في لواء بغداد بلغ دخل الحكومة في لواء بغداد في شهري أيلول وتشرين الأول من سنة (1927) 390. 138 ربية منها 31. 646 ربية من بقايا السنين الماضية وما بقي من السنة الحالية.

العدد 54

العدد 54 - بتاريخ: 01 - 12 - 1927 إلى القراء رواية التمثيل النثرية الشعرية غير معروفة عندنا في العراق، ولما كان ملكنا المحبوب المفدى مطبوعاً على ترقية هذه الديار العريقة في المدينة وساعياً لرفعها إلى المستوى سائر ربوع الحضارة أقترح على الشاعر العصري الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي، أن يؤلف رواية وطنية المغزى، تدفع الأدب العربي إلى الالتحاق بسائر الأقوام الحية، فنهض الصديق للحال وألف هذه الرواية البديعة التي تبقي له الأثر الطيب، إذ تكون الأولى في ما يؤلف بعد ذلك. ويكون للزهاوي القدم الفاتحة لهذه الدولة الجديدة من الأدب العصري. وكيف لا يكون له السبق في هذا المضمار وهو الذي كان المجلي في عدة مباحث لم يكن لغيره نصيب سوى الاقتداء به دون الالتحاق به؟ وقعت حوادث هذه الرواية قبل الدستور العثماني بسنتين أو ثلاث. يقف القارئ في مطاويها على (روحية) الشعب يومئذ. ويتحقق ما كان للولاة من الاستبداد والظلم، ويشاهد الماس على اختلاف طبقاتهم كيف كانوا يتزلفون إلى السلطان الجبار (عبد الحميد) فيقصون عليه أو على ممثليه الأحلام الغربية، ويتوسلون إلى بلوغ أمانيهم بالتجسس والوشايات. ولذلك كنت ترى الفظائع والفجائع في كل موطن من الديار الخاضعة لصولجان (الجبار العنيد). ومن الجملة هذه الفاجعة التي تنقشها ريشة مصور الفكر الماهر، وطنينا الزهاوي، فدونها بلوحتها الزاهية الألوان البديعة التمثيل: (لغة العرب)

رواية ليلى وسمير

رواية ليلى وسمير وضعها لتمثل جميل صدقي الزهاوي وجعلها تقدمة إلى جلالة الملك المعظم فيصل الأول لا زال الأدب ريان ناشئاً برعايته الملكية (بغداد: 10 تموز سنة 1927)

أسماء الممثلين ليلى - حبيبة سمير سمير - محب ليلى زينب - أم ليلى حبوبة - حاضنة ليلى عائشة - أم سمير مجيد بك - والي بغداد راسم بك - رئيس الشرطة سالم بك - أبو سمير عبد الله - شيخ رفاعي عاشق ليلى رجب - عدو سمير في الباطن وصديقه في الظاهر عبد السلام - صديق سمير صلوحة - أم الشيخ عمشا - أخت الشيخ أبو خزامة - مدفع قديم يطوف به السذج والجاهلون في بغداد ويقدمون له النذور ويطلبون منه قضاء الحوائج ويدخلون رؤوس أطفالهم المولودين جديداً في فوهة ليعيش.

ليلى وسمير الفصل الأول - المشهد الأول - زينب في جنب مهد أبنتها (ليلى) تغني لها أغنية النوم عندما ليلى كانت طفلة نعست بعد الرضاع ... وللنعاس دواعي تغضين فوق ذراعي ... والآن في المهد نامي لأنت بنت الأماني ... منزوعة من جناني جم عليك حناني ... نامي بجنبي نامي قد كنت ليلة عرسي ... حلماً لذيذاً لنفسي واليوم يا ابنة أنسي ... أنت الحقيقة نامي لسوف تنمين جسما ... حتى تكوني أتما وبعد ذلك أما ... ترعى بنيها فنامي عليك يا ابنة حبي ... روحي يرف وقلبي نامي هنيئاً بجنبي ... نامي من الوقت نامي حسبي من الدهر بنتي ... أما لجيل سيأتي أنت السعادة أنت ... نامي بمهدك نامي لك الهناء موفر ... في الليل والليل أقمر أني عليك لأسهر ... إلى الصباح فنامي أما حياتي فتخزى ... ما لم أجد فيك عزا أهز مهدك هزا ... حتى تنامي فنامي الليل فأبغي المناما ... يهدي إليك السلاما فلا تزيدي ابتساما ... نامي فديتك نامي هيا إلى النوم هيا ... فالوقت أمسى عشياً نامي مناما ... نامي إلى الغد نامي

المشهد الثاني بعد ثماني عشرة سنة مضين على طفولية ليلى - سمير يحدث نفسه أحببتها يوم مرت وهي سافرة ... إلي تختلس الأنظار في خجل سمراء في مقلتيها السحر مستتر ... والسحر أن كان حقاً فهو في المقل نعم أحببتها حباً جماً، وأحسب أنها تشعر نحوي بما أنا أشعر به نحوها من هوى. أليس الحب هو المغناطيس الذي يجذب القلب إلى القلب، كما أن المقت يدفعه عنه؟ وأي دليل على حبها أكبر من أنها كانت تختلس إلي الأنظار خفرة كلما مرت بي، أو مررت بها، وهي راجعة من تنزهها على شاطئ دجلة إلى دارها؟ سواء كنت وحدي أو في صحبة رفيقي في القلم (رجب)؟ أن الصدق الظن فأنا السعيد! اخبرني رجب أنها ابنة القائد العربي صادق بك، الذي قتل قبل عشر سنوات في حادثة بالناصرية، وأنها تحسن الموسيقى وتغني بالشعر، فإذا غنت أخذ ما تشدو به يحدث هزة في سامعيه كأنه تيار من الكهرباء، وأنها ليست بالغنية ولا الفقيرة. كما أنا كذلك، وأن لها ولأمها راتباً قدره ثمانية جنيهات في الشهر وهما تعيشان مقتصدتين، فلا تقتير ولا إسراف، وقد تشربت المبادئ الحرة، ونزعت إلى السفور، في أدب ونزاهة وقد كانت الأولى في الصف المنتهي لمدرسة الإناث الثانوية عندما أحرزت الشهادة. وأي ضير على إذا راسلتها وبثثت لها غرامي وطلبت إليها مقابلة في الليلة القادمة على شاطئ دجلة تحت أضواء القمر في كتاب أحرره باسمها؟ ألم تعتد الجلوس على شاطئ دجلة في أصيل كل يوم؟ فإذا أجابت عليه، عرفت ما يحس به قلبها نحوي. أنا مثلها وحيد أمي وقد مات أبي سالم بك قبل خمس سنين بعد أكملت دروسي في المدرسة الملكية بالأستانة ورجعت إلى الأوطان. المشهد الثالث ليلى في غرفتها تحدث نفسها لا تكذبني عيني فأن الإمضاء لسمير ذلك الشاب الجميل الذي يقف لي على الطريق كل يوم وأشاهده محدقاً إلي: وهو ذلك الشاعر الكبير الذي بعد صيته وذاع نبوغه وأسمع أن له في صحف مصر مقالات ملؤها الحماسة، والدفاع الحار

عن الأوطان، ومكافحة الاستبداد والذب عن السفور، يكتبها باسم مستعار، فهو نصير المرأة في العراق يحذو حذو قاسم أمين في مصر. أني لما قرأت إمضاءه أحسست بقلبي يخفق. ما أرق عباراته وأجملها! يطلب إلي أن أنبئه بالصراحة التي هي من إيحاء الثقافة العصرية بما أحس به نحوه. ويؤكد أن حبه لي طاهر قد ملك فؤاده، فهو لا يتفكر إلاَّ بي، ويبسط أمنيته في أن تسهل الظروف أمر زواجه بي في القريب، إذا كنت أهواه كما هو يهواني، فنعيش معاً في ظل الحب الوارف سعيدين لا يفرق بيننا إلاَّ الموت، وأن أوافيه الليلة إلى شاطئ دجلة لنمهد معاً أسباب القران. أن أمنيتي يا سمير هي نفس أمنيتك، وغرامي بك أكثر من غرامك بي، فأنا أعاهد في غيابك نفسي أن لا أرضى لي غيرك بعلا، مهما حالت الحوادث، وسأوافيك الليلة إلى الشاطئ كما دعوت مستصحبة حاضنتي الأمنية (حبوبة) وأن كانت زيارتي هذه تثلم من سمعتي إذا بلغ خبرها سمع أولئك الأشرار الذين يرون سعادتهم في شقاء الآخرين. المشهد الرابع سمير وليلى على شاطئ دجلة في ليلة قمراء سمير - كانت نفسي تطمئنني أنك يا ليلى تجيئيني، فقد وعدتني في كتابك المجيء؛ ولعلك لست واجدة علي لدعوتي إياك إلى هذا الشاطئ المنعزل، وأني لأرى انعزاله هذا أفضل ما فيه، فنحن هنا في ذمة الهوى مخفيان عن أعين الرقباء، لا ترانا إلاَّ عين هذا القمر الذي تفيض أنواره البيضاء جميلة وهو لا ينم علينا. ليلى - كذبك الظن يا سمير، فأن لنا ثالثاً عدا القمر، ثالثاً من اللحم والدم، من البشر مثلنا. أنظر إلى ذلك الظل الصغير على بعد سبعين قدما فهو حاضنتي (حبوبة) وهي مثل هذا القمر الصامت لا تنم ولا تخون. وأعلم أنها تعرف كل ما هو بيننا من حب بريء وغرام صادق، فلا يريبنك منها شيء. سمير - أن من لا يريبك لا يريبني أنا أيضاً وأن غايتي يا ليلى من اجتماعنا هذا أن أقول لك أني لا أستطيع صبراً على حياتنا الانفرادية، وأني

وأن لم أخاطبك وجهاً لوجه إلاَّ هذه المرة، كنت يا ليلى أراسلك بالأنظار، فاقرأ الجواب في أعينك فأريد أن نبت في أمر قراننا فهل تحسين أن أمك زينب ترد أمي عائشة خائبة إذا هي جاءتها خاطبة إياك لي. ليلى - كلا يا سمير، ثم كلا، فأن أمي لا تبت في أمر يتعلق بي ما لم تطلع على رأيي فيه، فلا تخش من قبلها معارضة وقد أصبحت أمك الفاضلة صديقة لها فهي تزورنا الآونة بعد الأخرى، وأمي تجلك الإجلال كله، لأنها سمعت مراراً مني تفضيلك على بقية الشباب. وأني يا سمير لك، سواء عجلنا الزواج أو أخرناه وستسمع من أمك كيف أن أمي راضية بزواجنا فهي قد سألت عنك الكثيرين فما سمعت إلاَّ ثناء عليك عاطراً، وإطراء لعبقريتك واعترافاً بصدق طويتك وأدبك الجم وهاك يا سمير يدي عربوناً لزواجنا الذي أرجو أن يكون سعيداً! (يقبض سمير على يد ليلى ويشمها ثلاثاً ويقبلها ثلاثاً ثم يتعانقان ويقبل كل منهما الآخر في فمه ويفترقان). المشهد الخامس رجب يدخل على الشيخ عبد الله في مجلسه ويقبل يديه ويجلس في مقعد يشير إليه الشيخ في جنبه. الشيخ - كيف أنت يا رجب؟ لم أرك منذ أشهر فهل أنت بخير؟ رجب - أنا ذلك الخادم الأمين لسيدي الجليل ولا أزال بخير ما بقيت بركات سيدي تشملني وأني بعد كل صلاة أبتهل إلى الله أن يطيل عمرك للإرشاد كوكباً وقادا يهتدي بضيائه الناس في طريق حياتهم المظلمة. الشيخ - ما أنقى ضميرك يا ولدي وأقربك إلى الرشد والصلاح! وأني لواجد فيك خير خليفة لي إذا انتهت أيامي ودعاني الله تعالى إلى ملوكته. أخبرني يا ولدي ماذا وراءك وأي نبأ في البلد؟ رجب - لا نبأ يا سيدي إلاَّ ما يسوء الدين والمروءة والصداقة لخليفة الله في أرضه، فأن (سميراً) ذلك الشاب الغر الطائش، السفيه في القول،

الجريء على نقد أمير المؤمنين في مقالات ينشرها في صحف مصر بإمضاء مستعار قد أغوى بذلاقة لسانه وخدعه فتاة من أحسن فتيات العرب في الحاضرة هي ليلى ابنة القائد المرحوم صادق بك وغر أمها زينب حتى رضيت أن يكون لأبنتها بعلا في القريب العاجل فهي على وشك أن تقيم حفلة العقد له عليها وهذه نكبة على بغداد؛ فأن هذا المارق من الدين الخائن لسلطانه سيعقب من هذه اليتيمة الحسناء نسلاً شريراً مثله يملأ العراق فتنة وفساداً! وما أجدر ليلى أن تكون تحت رعاية سيدي زوجاً له صالحة تلد أولاداً صلحاء يخدمون الطريقة الجليلة الرفاعية ويملئون الأرض إرشاداً وقسطاً، وأني لا أجهل أنك يا سيدي في حاجة إلى زوج جديدة مكان تلك التي طلقتها قبل سنة وهذه التي طلقتها قبل شهر، فحبذا لو أرسلت أمك الصالحة وأختك الزاهدة إلى أم ليلى زينب تخطبان منها ابنتها لك قبل أن يظفر بها هذا الشاب الطائش (سمير) فأني لا أظن أن أم ليلى الجميلة تجسر على رد الخطبة وهي تعلم ما لك من الحظوة عند والي بغداد مجيد بك والجاه عند السلطان؛ وأن امتنعت - لا سمح الله - فلا يصعب عليك يا سيدي أن تفضي إلى الوالي بما عليه سمير من الخروج عن طاعة السلطان، فتنفيه الحكومة إلى قصي من بلاد الأناضول. وحينئذ لا تبقى للعجوز مندوحة من الخضوع لأرادتك وتقديم ابنتها عروساً لك وهي صاغرة. الشيخ - حسن ما تقوله يا ولدي وأني علم الله كما ذكرت في أشد الحاجة إلى زوجة صالحة فأني قد عزمت على تطليق زوجتي الثالثة لأنها تتراخى في أداة صلوة المغرب بحجة أنها تطعم أطفالها منعاً لهم من البكاء؛ كما طلقت الأولى لكونها كانت تتكاسل بالصيام في رمضان من غير عذر شرعي فقد رأيتها بعيني رأسي تشرب الماء البارد معتذرة بأنها لا تستطيع الصبر على الظمأ في تموز؛ وكما طلقت الثانية لأنها لم تأخذ طفلها المولود جديداً إلى المدفع (أبو خزامة) لتدخل رأسه في فوهته حفظاً له من كوارث الأزمان.

وسأرسل يا رجب أمي وأختي إلى زينب أم ليلى يخطبانها لي منها ويحذرانها من إدخال ذلك الشاب المارق بيتها وليس عليك يا ولدي غير أن تخالط سميراً فتقف على دخائله وتأتيني بالخبر اليقين، والله لا يضيع أجر المحسنين! رجب - سمعاً وطاعة أيها السيد السند، وستعلم أني لك من المخلصين، وأرى أن يمنع سيدي قبل كل شيء بواسطة الوالي سميراً من دخول بيت زينب حتى لا تجسر على عقد الخطبة له في العاجل. الشيخ - لا يعنيك هذا فهو واجبي وستسمع ما يكون فتقر عينك أيها الشاب الرشيد. (ثم يقبل رجب يد الشيخ عبد الله ويخرج من حضرته). الفصل الثاني - المشهد الأول - صلوحة وعمشا في دار زينب (تدخل أم الشيخ صلوحة وأخته عمشة دار زينب، فترحب هذه بهما، وتأخذ ليلى ملاءتهما وتأتي لهما بالقهوة، ثم تأخذ الفناجين الفارغة وتخرج ذاهبة إلى غرفتها الخاصة وتشير عمشا إلى أمها مفهمة إياها إعجابها بحسن ليلى الرائع) صلوحة - أتيناك أيتها السيدة زينب خاطبتين ابنتك الجميلة ليلى لأبني الوحيد الشيخ عبد الله، ولا بد من أنك قد سمعت بمكانته عند الوالي فهو لا يقدم أحداً عليه ولا يرد له سؤالاً، شيخ ولا كالشيوخ فقد تواترت كراماته، ولم يراجعه ذو حاجة إلاَّ قضاها بولايته. وكم مرة شوهد حاجاً بيت الله الحرام، وهو لم يبرح بغداد! وكفاه فخراً أنه رئيس مجلس الأربعين الإبدال، أولئك الذين يديرون أمر العباد مجتمعين فوق جبل قاف، في كل ليلة جمعة، وسيكون لابنتك عنده الحظوة التي لم تحلم بها زوجة أحد، ثم المقام الأرفع في عليين من جنات الله يوم القيامة، وهو مالا يناله إلاَّ قليل من المؤمنين والمؤمنات! ولا تفتكري في أزواجه، فقد طلق الكبرى قبل سنة، لإفطارها في

شهر رمضان، والثانية، لإهمالها الطواف بطفلها المولود حول المدفع (أبو خزامة)، وأشعال شمعة له، وسيطلق الثالثة لأنها تتراخى في أداء صلوة المغرب، بحجة إطعام أطفالها، وستكون ابنتك يا زينب الزوجة الوحيدة لشيخ جليل، إذا رضي عن أحد رفعه إلى أعلى الدرجات، أو سخط عليه ألقاه في اسفل الدركات. وهو أن كان قد تزوج ثلاث مرات، لم يزل كهلاً، لا يتجاوز سنة الشريف الخمس والأربعين سنة، وهو بكر أولادي، وقد حملته متوضئة ووضعته كذلك متوضئة، فلا غرو إذا كان طاهر الجسد والروح، قطبا تخر له الأقطاب لولايته العامة! زينب - ليس لي أيتها السيدة كلام في مشيخة ابنك عبد الله، ولا في جاهه، وقطبيته، وكراماته! ولكني أقول لك آسفة إن ابنتي ليلى مخطوبة لفتى موظف في أقلام الحكومة، اسمه سمير وقد تم الوفاق على العقد له عليها بعد أسبوع إن شاء الله! عمشا - (وهي تنتفض من الحرد) - لقد أفهمتك أمي إن أخي الشيخ من أهل الكشف، لا يعزب عن علمه في هذا البلد وفي غيره شئ فهو يقرأ الحوادث قبل وقوعها، بعين ولايته، وقد علم ما اتفقتم عليه من أمر العقد، وعلم كذلك أن هذا الأمر لا يتم ولن يتم في يوم من الأيام فقد يحدث، يا زينب، ما لا يخطر لك بالبال، ألم تسمعي أن سميراً هذا الذي تريدين تزويج ابنتك منه، متهم بالتفوه على جلالة السلطان المعظم فلا يبعد أن ينفى إلى بلد قاص، قبل أن يشهد عرسه فيجر الوبال عليك وعلى ابنتك! خير لك، يا زينب، أن لا تورطي نفسك وابنتك في ورطة لا مخرج منها! تمهلي في الأمر وافتكري ملياً، قبل أن يأتي ما لا يحمد عقباه! فأن السلطان، أصبح لا يرد ما يعرضه عليه أخي الشيخ، لوثوقه بصدقه من يوم عرض عليه في برقية أنه قابل سيدنا الخضر عليه السلام، وأخذ الوعد منه بإطالة عمره وتوفيقه في جميع سني سلطنته؛ وقد صدرت إرادة مولانا السلطان بتخصيص

عشرة جنيهات من الخزينة الخاصة لأخي جزاء أخذه ذلك الوعد من سيدنا الخضر. زينب - لا مشاحة في مقابلة أخيك الجليل لسيدنا الخضر وحظوته عند السلطان المعظم، وأني مفتكرة في الأمر قبل أن أبت فيه، وأرجو أن لا يكون إلاَّ ما فيه الخير والصلاح، (تقوم صلوحة وعمشا وتقدم لهما زينب ملاءتهما وتخرجان). المشهد الثاني تدخل ليلى على أمها زينب ووراءها سمير زينب - لم أسمع في كل عمري بمثل ما كانت تهذي به هاتان المرأتان! أعرفتما لماذا جاءت هاتان السعلاتان؟ إنهما تخطبان ليلى مني للشيخ عبد الله متهددتين لي إذا امتنعت. تباً للدهر الذي جعلني مهددة من أمثال هاتين الوقحتين! تقول أمه قد شوهد الشيخ يحج بيت الله، وهو لم يبرح بغداد، وأن ابنها الشيخ، رئيس مجلس الأربعين الإبدال، ينظر في شؤون العباد، كل ليلة جمعة، في اجتماع يعقدونه فوق جبل قاف، بمثل هذه الخرافات جاءتا تخطبانك، يا ليلى، مني فما أشد حمقهما وأغرب من كل هذرهما، إنهما تعترفان بأن الشيخ كثير الطلاق لأزواجه، فهو بعد أن يشبع شهوته من امرأته، يطلقها بحجة تراخيها في الصلوة، أو إفطارها في رمضان أو عدم طوافها بطفلها المولود حول المدفع، وإشعال شمعة له، فتباً لهما وللشيخ وللمدفع! لا تضطربي يا ليلى ولا تحسبي لهذرهما ووعيدهما حساباً فأني قد عقدت العزم على تزويجك من سمير، ولا أؤخر هذا التزويج، لتهديد مثل هاتين المرأتين النذلتين! ولن تقعي في أحضان هذا الغول الدجال - الشيخ عبد الله - ما بقي في عرق ينبض! سمير - قد سمعنا أنا وليلى كل ما فاهت به هاتان المرأتان فقد جئت زائراً ليلى فأخذتني إلى الغرفة المجاورة، وسمعنا من شق الباب ما كان يدور بينك وبينهما من الحوار، وقد تصديت للخروج إليهما لطردهما

من الدار لولا أن ليلى منعتني، ولا ضير يا أماه من تهديدهما! فأن الشيخ لن يتمكن من إيصال الأذى بنا إلى درجة أن يسخر من الشرع وحرية الزواج مهما بلغت فيه الشرة أو كان الوالي يحتفي به لمعرفته أنه من جواسيس (المابين) كما أنبأني به صديقي الحميم (رجب) وأني - إذا تدخل الوالي في أمر زواجي بليلى - لأبرق إلى ذات السلطان باسطاً له ما يجري في هذه الولاية من الحيف أيدي أحد ولاته الذين يوفدهم مصرحاً بأن مثل أعمال هؤلاء الولاة هو الذي يرسل الألسنة في التبرم من الحكومة ويجعل القلوب مرفضة من حول عرشه! يقول لي رجب: أن الشيخ عبد الله هذا جد شرير فهو لا يقف دون إشباع شهوته من ارتكاب كل شنعة ولا بد من أن يحدث شئ. ولكن نفسي تحدثني بفشل الشيخ وأنه سيرجع عن تشبثاته خاسئاً مدحوراً فأن الوالي عقل من أن يتدخل فيما لا يعنيه ولو فرضنا تدخله فأتى ما يخالف الشريعة والقانون فما أحسب أن الشعب يسكت ولعل البركان ينفجر من شدة الضغط! ليلى - إني أعاهدك يا سمير على أني أبقى عانساً إلى أن أموت، إذا منع الوالي زواجنا بما لديه من سلطان. سمير - لا أخال يا ليلى أن الأمر سينتهي إلى هذه النتيجة العوراء مهما كانت الحكومة مستبدة ومع ذلك يجب أن نبقى على حذر. (ثم يقبل يد زينب ويخرج) الفصل الثالث - المشهد الأول - رجب في حضرة الشيخ (يدخل رجب على الشيخ في غرفته ويقبل يده ويجلس في مقعده) الشيخ - ما وراءك يا رجب! رجب - قابلت سميراً فأفضى إلي كعادته بكل ما حدث وفهمت منه: أنهم مصممون على السفر جميعاً إلى خارج الولاية ليتموا العقد والزفاف

بعيدين عما يعرقل ما يبتغونه في هذا البلد. الشيخ - (وهو يضحك) إنهم يا رجب في قبضة ولايتي هذه أينما حلوا فدعهم يصممون فيما شاءوا فأني بحوله تعالى وقوته سأحول بدون تحقق أمانيهم الباطلة وستسمع كيف أن سميراً سينال جزاء طيشه وكيف ليلى ستكون لي دون غيري بالرغم عن تمردها وتمرد أمها والشمطاء. رجب - أنا يا سيدي الجليل واثق بكل ما تقوله وسأخدمك بكل ما أوتيت من حول وحيلة ولا أطلب جزاء لخدمتي غير كلمة عند الوالي ليرفعني في القلم المكتوبي إلى الوظيفة التي يشغلها سمير إذا عزل أو نفي فأن راتبي اليوم لا يقوم بحاجاتي وأنت سندي الذي أعول عليه بعد الله تعالى عليه في أمور دنياي وديني. الشيخ - ستبلغ يا وليد بحوله تعالى وقوته كل ما أمنيتك فأنك من الذين يخلصون لي وأنا لا أنسى جزاء المخلصين فأذهب مطمئن البال وأرجع بما تقف عليه من أخبار ذلك الشاب سمير الخائن لسلطانه. المشهد الثاني الشيخ عبد الله يدخل ديوان الوالي بلحيته العريضة الطويلة وعمامته المكورة فيستقبله الوالي إلى الباب ويجلسه على مقعد في جنبه الوالي - أتشرف بزيارتك إياي أيها الشيخ المحترم وهل من حاجة فأقضيها لك؟ الشيخ - (بصوت عال) لقد بلغ الأمر يا دولة الوالي ووكيل جلالة السلطان في هذه الولاية ببعض الشبان الطائشين أن يتعدوا حدودهم ويتطاولوا على عرش أمير المؤمنين الذي نعيش في ظله الوارف فيجسروا على الطعن فيه والثلب؛ يريدون أن يثلوه وما ذلك إلاَّ لما عهدوه فيك يا حضرة الوالي من حلم وأناة. ورئيس هؤلاء هو أحد من استخدمته الحكومة في القلم المكتوبي فمكنته بذلك من الإطلاع على أسرار الدولة في هذه الولاية ذات الشأن. الوالي - من هو هذا الشاب الذي استخدمته الحكومة وهو يجرؤ كما تقول على

الطعن في عرش جلالة السلطان؟ الشيخ - هو سمير ابن المرحوم سالم بك، فأنه ألف جمعية من الشبان لبث الفساد وأخذوا ينشرون المقالات تلو المقالات في صحف مصر مملوءة انتقاداً مراً للسلطنة السنية. إنهم يا دولة الوالي يبتغون أن يكون التعليم والمحاكمات في قطرهم باللغة العربية جاعلين مطالبهم هذه مقدمة لتأسيس حكومة عربية لا صلة لها بالسلطنة العثمانية وأني لولا صداقتي لحضرتك ومراعاتي لجانبك لرفعت بنفسي تقريراً بما يأتيه هؤلاء إلى المابين الهمايوني لتصدر بتنكيلهم إرادة قاطعة فيكونوا عبرة للآخرين. الوالي - هون عليك أيها الشيخ المحترم فأني سآمر رئيس الشرطة راسم بك أن يبذل مجهوده في تحقيق جريمة سمير فإذا ثبتت عليه نفيته إلى قاص من البلدان. الشيخ - هل تعتقد أيها الوالي أني أقول ما ليس لي به علم؟ كلا فما أطلعتك إلاَّ على ما هو الواقع. الوالي - معاذ الله أن أرتاب في صدقك ولكن الأوامر التي تأتيني تحظر إيقاع الجزاء على أحد إلاَّ بعد التحقيق فلا مناص منه. الشيخ - إن هذا الشاب لم يكتف بما ينشره في مصر على الحكومة بل أخذ يتوسع في الفساد، وبث السموم حتى أدخلها في حريم العائلات وإشراك الفتيات في إثارة الخواطر. فقد أغوى فتاة في أكرم البيوتات تسمى (ليلى) وهي ابنة القائد صادق بك حتى سمعت أنه على وشك التزوج منها وإذا تم هذا القران المنحوس - لا سمح الله - كانت هذه الزوجة داعية مخوفة إلى نشر فكرة سمير الجهنمية في العائلات جمعاء ولا يعلم إلاَّ الله درجة وخامة العاقبة. الوالي - سنتحقق هذه الجهة أيضاً وأيقن بأن مثل هذا القران لن يتم وسيلقى سمير جزاء جرأته من عزل ونفي. الشيخ - بارك الله فيك وأخذ الله بيدك وأبقاك سيفاً قاطعاً لدأب المفسدين في أرضه. (ثم يصافح الوالي ويخرج مشيعاً من قبله إلى الباب)

المشهد الثالث الوالي ورئيس الشرطة راسم بك الوالي - قد حدث يا راسم بك أمر جلل فأن أحد الكتاب في القلم المكتوبي وهو سمير بن سالم بك، ينشر في صحف مصر بإمضاء مستعار مقالات على الحكومة السنية وعلى شخص السلطان المعظم؛ وقد ألف جمعية لبث الفساد، فيجب أن تحقق الأمر تحقيقاً دقيقاً. وأعلم أن سميراً هذا على وشك الزواج من فتاة اسمها ليلى هي ابنة المرحوم صادق بك، فقد أغواها متذرعاً بها إلى نشر أفكاره السامة بين العائلات. فضع قبل كل شئ خفراً من البوليس على دار أرملة صادق بك منعاً لدخول سمير فيها وحذر المرأة من تزويج فتاتها بهذا الفتى الطائش وأنذرها عن لساني أنها إذا زوجتها منه كان هذا الزواج شؤماً على ابنتها ووبالاً عليها. رئيس الشرطة - سمعاً وطاعة سيدي. (ثم يؤدي السلام الرسمي ويخرج) المشهد الرابع رئيس الشرطة في دار زينب يخاطبها رئيس الشرطة - أنا يا سيدتي موفد إليك من قبل دولة الوالي، وثقيل على أن أبلغك أوامره الصارمة، وإن كانت لخيرك وخير ابنتك. زينب - إني يا سيدي لا أفهم مغزى ما تقول فصرح لي بهذه الأوامر. رئيس الشرطة - هي يا سيدتي أن تمتنعي بتاتاً من تزويج ابنتك بهذا الشاب الذي يسمى سميراً وأن تمنعيه من دخول دارك وقد وضعت الحكومة خفراً على الباب حتى إذا رأوه يتردد إلى بيتك أخذوه أخذ عزيز مقتدر فألقوه مكبلاً بالقيود في غيابة السجن. هذا يا سيدتي ما جئت به مبلغاً إياك من قبل آمري وهو دولة والي بغداد مجيد بك. زينب - ما علاقة الوالي يا سيدي بآمر زواج ابنتي ممن تشاء وهل في هذا الزواج ما يمس سياسة الحكومة حتى يتدخل الوالي في أمره. رئيس الشرطة - الآمر يا سيدتي أكبر مما تظنين؛ فأنا أنصح لك أن تمتثلي

ما يأمر به دولة الوالي فذلك خير لك ولأبنتك وإلاَّ أصابكما ما لا تحمدانه. (ثم يودعها ويخرج) المشهد الخامس ليلى وأمها زينب ليلى - (تبكي وتخاطب أمها زينب) - أنا يا أماه لا أبكي لمنع الحكومة زواجي من سمير ولكني خائفة من إيصال الأذى إليه وأن الشيخ يا أماه هو الذي كاد لسمير هذه المكيدة فأرسلي إلى سمير حاضنتي (حبوبة) تخبره بالأمر وتحذره من المجيء إلينا ريثما تزول العسرة مخافة أن يقبض عليه فيزج في السجن. الأم - هذا هو الرأي ولا تيئسي يا ليلى فأن الحياة لا تخلو من مثل هذه الحوادث المزعجة وعسى أن لا يصيب سميراً ما نخشاه. المشهد السادس حبوبة وسمير حبوبة - أرسلتني إليك أم ليلى ترجو أن تنقطع برهة من الزمن عن زيارة بيتها خشية أن ينالك - لا سمح الله - من الحكومة سوء فأن الوالي أرسل رئيس الشرطة يمنعها متهدداً من تزويج ليلى بك وقد وضعوا على باب الدار خفراً من البوليس للقبض عليك إذا شاهدوك تتردد إلى الدار وترى سيدتي أن كل هذا من كيد الشيخ عبد الله ذلك الطامح في زواج ليلى فأصبر يا سمير على مضض الفراق حتى تنفرج الأزمة. (ثم يبكي سمير وتبكي حبوبة وتخرج) الفصل الرابع - المشهد الأول سمير في حديقة البلدية إلاَّ أنا وحدي روض وبستان ... ورد وريحان بلابل تشجو ... منهن ألحان

تمشي زرافات ... حور وولدان الكل مرتاح ... الكل جذلان الناس في رغد إلاَّ أنا وحدي تزداد آلامي ... عاماً على عام أهكذا أشقى ... في كل أيامي فأين آمالي ... وأين أحلامي إذا دنا حتفي ... تزول آلامي فليس لي شئ سوى الردى يجدي للقوم أحقاد ... علي تزداد كم كاد لي كيداً ... للؤم أضداد كأن قومي عن ... نهج الهدى حادوا إني وأن جارت ... علي بغداد أهدي لها حبي هذا الذي عندي بنايتي انهارت ... تجارتي بارت سعادتي ولت ... تعاستي زارت جسارتي قلت ... جلادتي خارت عصفورتي فرت ... حمامتي طارت لقد أتى نحسي وقد مضى سعدي ما كنت في الماضي ... أشقى بإعراض أبلى بإخفاق ... أمنى بانفاض بل كنت في عهد ... للعيش فضفاض أفديه من عهد ... عنه أنا راضي يا حبذا الذكرى لذلك العهد

المشهد الثاني رجب وسمير رجب - فهمت يا سمير من ذلك الشيخ المنحوس الدجال عبد الله، أنه هو الذي وشى بك وأن الحكومة تتحراك في كل مكان لتقبض عليك وتنفيك من العراق. وأني أشير عليك بدافع الصداقة أن تهجر البلاد إلى مدة من الزمن، لتنجو بنفسك من ظلم الظالمين، فربما تغيرت الأمور بعد حين، فعدت إلى بلدك مطمئناً واقترنت بخطيبتك ليلى. سمير - أخشى يا صديقي الحميم أن الوالي يضطر أم ليلى إلى تزويجها من الشيخ وحينئذ لا يبقى لي غير الانتحار. رجب - هذا لن يكون فأن أم ليلى صلبة وهي تحب ابنتها فلا ترضى أن تزوجها من هذا الغول وهي تعرف غرامها بك ولا أحسب أن الوالي ينزل إلى هذه الدرجة من الوحشية والضلال فيجبر أماً على تزويج فتاتها ممن لا تهواه وأنت تستطيع في خارج العراق أن تكافح الوالي والشيخ بما تنشره في جرائد مصر. أما إذا سجنت أو نفيت فأنت المقيد المكموم الفم لا تقدر على الدفاع عن نفسك أو رفع ظلامتك إلى الأعتاب السلطانية ثم إلى متى تبقى أنت متشرداً تنام ليلة هنا وأخرى في غير هذا المكان بعيداً عن أمك التعسة وخطيبتك ليلى لا تعرف متى تهتدي إليك الشرطة فتقبض عليك وتلقيك في مظلم من السجون؟ سمير - إن ما تشير به علي أيها الصديق لهو الصواب وسأفعل طبقه فأن الحزم فيما تقوله. (ثم يتصافحان ويفترقان) المشهد الثالث سمير على شاطئ دجلة ظفرت بالمنى ... في ليلة هنا في ليلة بدت ... بيضاء بالسنى كانت سعادة ... فلم تدم لنا! إذ كان ساكباً ... لنوره القمر وكان تحته ... يحلو لنا السمر!

ليلى تنيلني ... أو أجتني أنا أجني لذاذة ... ما أطيب الجنى فيضحك الرضى ... وتبسم المنى! يا لهفتي على ... عيشي الذي غبر! وحسرتي على ... أوقاته الغرر! إذ كنت عائشاً ... في دولة الغنى أروح رافلاً ... في مطرف الهنا لا أشتكي الأذى ... لا أعرف الونى قد بدل الزما ... ن الأنس بالفجر والوصل بالنوى ... والصفو بالكدر قد كنت واثقاً ... بالعهد بيننا من ذا أضاعه ... أأنت أم أنا أم الذي رعى ... هو الذي جنى هذا الذي جرى ... ما كان ينتظر لا عتب لي على ... الأيام والقدر آه من الأسى ... أوه من الضنى البين راعني ... كالغول إذ رنا من ذا يرده ... من بعد ما دنا للدهر لا تلم ... فالدهر ما غدر حظي هو الذي ... من العمى عثر المشهد الرابع عائشا تدخل على زينب وليلى عائشة - بربك يا زينب اسمحي لليلى أن تزور بصحبتي ولدي سميراً في فراشه فهو مريض ينتفض من الحمى وينام في بيت صاحبه (عبد السلام) وأني يا زينب خائفة أن يموت أسى وأحسب أن سبب مرضه هو اليأس الذي استحوذ عليه أخيراً؛ وقد أتينا سراً بطبيب يداويه ويخيل إلي أن خير دواء

لشفائه هو لقاء ليلى التي لا يفتأ يذكر اسمها وهو في سورة الحمى. ليلى - اسمحي لي يا أماه، أن أعوده، صحبة عمتي السيدة عائشا فأن قلبي يكاد ينفطر لخبر مرضه. زينب - اذهبي يا إبنتي، وليكلأك الله بعينه. (ثم تخرج عائشا وليلى بعباءتين كما هو العادة في بغداد) المشهد الخامس تدخل ليلى الغرفة التي ينام فيها سمير فيجلس سمير في فراشه، ويمد يده إلى ليلى منشداً. ليلى سليني رأسي مصدوع! ... عظمي مخلوع! قلبي مكسور! ... روحي ملذوع! ليلى سليني! ليلى سليني! أيامي جارت! ... آمالي انهارت! أفراحي غاضت! ... أحزاني فارت! ليلى سليني! ليلى سليني! قد ألقى يأسي ... ناراً في نفسي! أعدائي دسوا ... سما في كأسي! ليلى سليني! ليلى سليني! أشقائي دهري ... في شرخ العمر! لي هم جم ... يغلي في صدري! ليلى سليني! ليلى سليني! قلبي ما قلبي ... يهفو في جنبي! إني من أحزا ... ني قاض نحبي! ليلى سليني! ليلى سليني!

ماذا أدلاجي ... في ليلي الداجي! إني يا ليلى ... لم أبلغ حاجي! ليلى سليني! ليلى سليني! هدوا أركاني ... يا للحرمان! ليلى ما أشقا ... ني ما أشقاني! ليلى سليني! ليلى سليني! ويلا يا ويلا ... ما أقوى السيلا! إني مفجوع! ... سليني ليلى! ليلى سليني! ليلى سليني! (تبكي ليلى ثم تمسح عينيها وتخاطب سميراً) ليلى - إن حاجتي إلى أن تسليني ليست دون حاجتك إلي لا سليك فلا تفرط يا سمير في اليأس فأنه قاتل! وهل عندك ريب في إني لا أتزوج من غيرك! وأن قطعوا لحمي وخلعوا عظامي وإذا كان جسمي بعيداً عنك فأن روحي تحوم حولك كما تحوم الفراشة حول الزهرة اليانعة! وأصبر فأن الأيام تنقلب وإلى اللقاء يا سمير. (ثم يتعانقان وتخرج ليلى) المشهد السادس حبوبة تدخل على زينب وليلى حبوبة - لقد تماثل سمير بعد عيادة ليلى له في دار صاحبه عبد السلام وقد لاقاني اليوم في طريقي إلى الدار متنكراً وأعلمني إن قد صحت عزيمته على مغادرة العراق ليبرق في خارجه إلى السلطان شاكياً إليه ما حاق به من الحيف وهو مؤمل أن ينال من وراء ذلك حريته فيعود ويتزوج برغم أعدائه ثم أنه يرجو لقاء سيدتي ليلى مرة أخرى في دار صاحبه عبد السلام قبل سفره فأنها بمعزل عن أنظار الشرطة.

ليلى - يعز علي يا أماه أن يسافر سمير ولا أذهب لوداعه فرخصيني أن أذهب إليه الليلة مع حاضنتي حبوبة. زينب - أذهبي يا ابنتي ولا تبطئي العودة فأني أخشى عليك من أن يلحظ أحد الشرطة دخولك بيت عبد السلام أو خروجك منه فيقبض على سمير. الفصل الخامس - المشهد الأول ليلى وسمير سمير - (يخاطب ليلى) عانقيني فبعد هذا الفراق ... ما أرى يا ليلى لنا من تلاق! عانقيني فليس من بعد صدع ... الدهر بالبين شملنا من عناق! عانقيني فلست أحسب أنا ... نتلاقى من بعد هذا الفراق عانقيني فقد دنا البين منا ... عانقيني فالبين مر المذاق عانقيني فلست أعلم ماذا ... في طريقي إذا رحلت ألاقي (يتعانقان ويبكيان بكاء يمثل ما بقلبيهما من لوعة وأسى) ليلى - سر يا سمير الطائر الميمون وأعلم بأني سأنتظرك في الأرض فأن بخلت الأرض علي بك انتظرتك في السماء ولا أخال السماء تضن بك علي سر أيها الحبيب وعد إلي بعد قليل وإلى اللقاء اللقاء. (ثم تخرج من عنده ليلى وهي باكية) المشهد الثاني يدخل عبد السلام على سمير عبد السلام - الليل يا سمير مظلم والفرس معدة لك فسر على بركة الله وإذا احتاجت إلي أمك أو أم خطيبتك فأني مستعد لكل خدمة ولكن قل لي يا سمير كيف كانت مقابلتك لليلى؟ سمير: لا تسل عني حين مدت يداً تر ... جف ليلى والدمع ملء المآقي إذ تعانقنا ساعة وبقلبي ... حذر البين مثل نار حراق فيد للوداع في جيد ليلى ... ويد فوق قلبي الخفاق

بقيت أيدينا ونحن حيال ... البين مشبوكة على الأعناق ولقد أجهشنا كما تجهش الأط ... فال ما أن شبوا عن الأطواق وكأن النجوم لما بكينا ... كن يبكيننا من الإشفاق وتعاطينا قبلة هي منها ... كل زادي في رحلتي وانطلاقي وافترقنا فيا لها ساعة تأ ... ثيرها في نفسي إلى الموت باقي (ثم يودع سمير عبد السلام ويخرج) المشهد الثالث الوالي ورئيس الشرطة الوالي - قد وردتني برقية رمزية من رئيس الكتاب في المابين الهمايوني يبلغني فيها إرادة مولاي السلطان أن أكف عن تعقب سمير ولا أمانع من تزويجه بخطيبته والظاهر أنه أبرق من خارج العراق يشكوني إلى السدة السنية وليس لي الآن إلاَّ الخضوع، ولكني سوف أنتقم من سمير وسأجد وسيلة للبطش به فضعه تحت مراقبة شديدة فإذا بدا منه ما يريبني قبضت عليه وكتبت إلى المابين الملكي أنه لم يرجع إلى طريق الصواب مع ما عفي عنه. رئيس الشرطة - الأمر لسيدي وسأنبه أفراد الشرطة أن لا يتعرضوا له إذا رجع. (ثم يؤدي السلام ويخرج) المشهد الرابع لقاء سمير وليلى يتعانقان ويبكيان من الفرح ثم يتعانقان ويبكيان ليلى - أحمد الله على رده إياك إلي سالماً. سمير - حبك يا ليلى هو الذي منحني القوة فغلبت أعدائي وفزت بك بعد أن كدت أقضي من اليأس. (تدخل عائشا أم سمير، وزينب أم ليلى، وتهنئان سمير وليلى) عائشا - لقد اجتمع والحمد لله شملنا وأرى أن نتم السرور بتسريع العقد لسمير على ليلى في غد ففي التأخير آفات. زينب - وأنا أيضاً أرى رأيك.

سمير - إن والدتي قد تكلمت تعبر عن فؤادي فيا حبذا ما اقترحته ويا حبذا غد! زينب - غداً نعم غداً ولنستعد للأمر ونوزع أوراق الدعوة. المشهد الخامس رجب وسمير رجب - أهنئك يا صديقي على ما نلته من الفوز بخطيبتك بالرغم عن الوالي وذلك الشيخ المنحوس فقد صدرت الإرادة السلطانية بالعفو عنك واقترنت بليلى الجميلة فأنت السعيد. سمير - ما كان ما تهنئني به إلاَّ نتيجة البرقية التي رفعتها في حلب إلى السلطان عبد الحميد أشكو فيها الوالي والشيخ الذي كان طامعاً في خطيبتي وأنا اليوم كما تقول يا رجب سعيد كل السعادة في جنب زوجتي ليلى وقد تم العقد بسهولة فلا الوالي عارض ولا الشيخ أزعج. (ثم يتفارقان) المشهد السادس رجب والشيخ يدخل رجب على الشيخ ويجلس إليه بعد تقبيل يده الشيخ - ما أثمرت يا رجب كل مساعينا إلى الحصول على ليلى فأن شيطان سمير كان قوياً يمده حتى أحرز تلك الدرة الثمينة التي كنت أريدها لنفسي وأعلم بأني منتقم من سمير في يوم وسيكون انتقامي شديداً. رجب - لا أشك في مقدرتك يا سيدي وأني لا أستطيع أن أخدم انتقامك العادل منه فقد مهرت في تقليد خط سمير مهارة فائقة إلى درجة أن يشتبه هو نفسه فيه! ولا أسهل من أن أحرر نشرة بخطه أحض فيها الشباب على الثورة باسم الحرية فإذا ثبت لدى التحقيق أن الخط خطه - وأنا واثق - كان ذلك برهاناً على جريمته ولما كان الوالي مثل سيدي ظمآن إلى الانتقام منه لا يتأخر عن عرض جريمته هذه الأخيرة على السدة السنية واستحصال إرادة قاطعة في نفيه وسيكون ما أتهم به قبلاً من مؤيدات تجريمه هذا. الشيخ - بورك فيك وما فكرتك هذه أيها الولد الصالح إلاَّ إلهام من الله تعالى ولما كانت الغاية تبرر الواسطة فلا تثريب عليك فيما تفعله وسأكافئك على خدمتك هذه مكأفاة لا تحلم بها!

رجب - غداً ستسمع أن الناس يقرءون على باب جامع السراي نشرة فيها إثارة للشعب على الحكومة ونيل من كرامة السلطان الأعظم مكتوبة بخط سمير. الشيخ - اذهب يا ولدي وأعمل كما افتكرت وأنت الموفق. (يقبل رجب يد الشيخ ويخرج) المشهد السابع الوالي ورئيس الشرطة رئيس الشرطة - قد أسفر يا مولاي التحقيق عن كون خط النشرة الشريرة هو خط سمير فما أكفر هذا الشاب بالنعمة! لقد عفا جلالة السلطان عنه قبل شهرين فما زاده العفو إلاَّ غروراً واسترسالاً في العداء لسلطنته السنية! الوالي - اقبض عليه يا بك وأسجنه في هذه الليلة وسأبرق إلى المابين الملكي وأستحصل بعد غد الإرادة بنفيه إلى سيواس. رئيس الشرطة - سيتم الليلة ما تأمر به يا سيدي. (ثم يؤدي السلام ويخرج) المشهد الثامن ليلى بعد نفي سمير لقد أخذوا ليلاً سميري من جنبي ... ولم يسألوا قلبي ولم يرحموا المحبي وأقصوه عني قطع الله قلبهم ... كما قطعوا من غير أن يشفقوا قلبي يحف لدى أقصائه بحرابهم ... كما حفت العين البصيرة بالهدب كأن النوى لا بارك الله في النوى ... شواظ من النيران يكوى به جنبي وأن الهوى في البعد إن كان صادقاً ... كمثل الهوى يا أم يلذع في القرب سلام على سيواس أن هي أنزلت ... حبيبي سميراً يوم وافى على الرحب فيا نجم سيواس على أفقي التمع ... ويا ريح سيواس على كبدي هبي وأكرم بسيواس إذا هي أرجعت ... إلي سميراً وهو يهتز كالعضب وأن سميراً - رده الله - حاجتي ... وأن سميراً - لا فجعت به - أربي بدا في ربيع من حياتي كأنه ... وقدر اقني زهر بطل على العشب

سباني لما بان لي بجماله ... وأي جميل مثله لم يكن يسبي فلهفي عليه، ثم لهفي قد ثوى ... بسيواس منزوعاً من الأهل والصحب! ولو كان في حوزي جناح يقلني ... لطرت إلى سيواس في غفلة السرب فكنت لسيواس بيومي هابطاً ... وليس بلوغ الطير سيواس بالصعب وللناس يا أماه في كل بقعة ... خطوب، ولكن تلك أهون من خطبي! ترين جليا ما أقاسيه من أسى ... أذوب به يا أم في دمعي السكب! لعل البكى إن ظل يسعفني البكى ... يبرد من نار تأجج في قلبي! أرى كل جرح سوف يرأب فتقه ... وليس لجرح في أنهر من رأب! وهل تجمع الأيام بيني وبينه ... فحسبي الذي قاسيته في النوى حسبي! ولولا رجائي عودة بسلامة ... لكنت من الأحزان قاضية نحبي! وإن حالت الأيام دون لقائنا ... يطول عليها ثم لا ينقضي عتبي! لقد كانت الأقدار قبل قسائها ... يسالمنني واليوم يلححن في حربي! ذهبي إلى الوالي أبث ظلامتي ... فكان فؤاد الشيخ كالحجر الصلب وما الذنب ذنب المستبد بحكمه ... ولكنه ذنب الرجال من الشعب فلو لم ينم عن حقه الشعب مغضيا ... لما كان ذو السلطان يسرف في الغصب عبادك يا رباه في الأرض قد قسوا ... وانك ذو لطف ففرج به كربي المشهد التاسع الطبيب في غرفة ليلى زينب - أترى الخطر كبيرا يا دكتور، فان إغماءها قد طال وخير لي أن تصرح بما يهديك إليه الفن فإن العلم بمصير ابنتي يعين لي مصيري. الدكتور - أجل يا سيدتي، أخشى أن يكون الخطر كبيرا، فان الولادة كانت عسيرة وقد نزف منها دم كثير زادها ضعفا على ضعفها من جراء حزنها الطويل على نفي زوجها سمير، وهي الآن مغمى عليها، والحمى شديدة وستفيق من غيبوبتها بعد نصف ساعة ولا تنسي أن تسقيها من الدواء الذي رتبته ملعقة في كل نصف ساعة. زينب - ويلي ثم ويلي! قل بربك يا دكتور ماذا اصنع إذا لم تفق من غيبتها.

الدكتور - لابد من أن تفيق وسأعودها بعد ساعة فربما بان لنا أمل فالله قادر. (يخرج الطبيب وتفيق ليلى بعد ربع ساعة) الفصل السادس - المشهد الأول ليلى ساعة موتها وهي مسندة في فراشها ظهرها إلى أمها لقد كنت أرجو: لقد كنت أرجو أنني يا سمير في ... جوارك أحيا ثم أنك مطلق وقد كنت أرجو أن نكون من الردى ... بعيدين يرعانا الغرام الموفق نعيش معاً في ذمة الحب بيننا ... سعيدين لا نأسى ولا نتفرق وقد كنت أرجو أن تكون بجانبي ... إذا أخذت نفسي من الجسم تزهق وقد كنت أرجو أن أرى ابني بأعيني ... يشب ومنه الخد ريان مشرق وقد كنت أرجو أن أغني باسمه ... فيبتسم لي طورا وآخر يرمق وقد كنت أرجو أن أشاهد خوطه ... على رقبة مني يطول ويسمق وقد كنت أرجو أن أراه فتى له ... من العلم ما يسمو به ويحلق ولولا بقايا من رجاء يطوف بي ... لما كان عندي بالحياة تعلق ولكنما قد حان حتفي لشقوتي ... فإني أراه من قريب يحملق فيا أن هاتي ابني فأني أريد أن ... أقبله من قبل حتفي يسبق علي به أماه كيما أضمه ... إلى الصدر والقلب الذي فيه يخفق إذا عاد يا أماه بعد منيتي ... سمير فعزيه على الرزء يرهق وقولي له كانت برغم عذابها ... بذكرك ليلى ساعة الموت تنطق غداة غد يا لهف نفسي على غد ... سأودع قبرا شق والقبر ضيق (ثم تأتي أمها بابنها فتقبله ليلى وتفيض نفسها ويسقط رأسها) المشهد الثاني زينب - على قبر ابنتها نبتت مثل زهرة الأقحوان ... في ربيع الهوى بروض الأماني نبتت فيه وهي ذات ابتسام ... فسقيت ابتسامها بحناني كلما طال خوطها بشرت قلبي ... بقرب أتساقه العينان

كم ضممت ابنتي إلى الصدر مني ... أبتغي أن أردها لجناني وشممت السوالف الغر منها ... أتسلى بها من الأشجان ثم أبعدتها لأنظر فيها ... ثم أدنيتها إلى أحضاني ثم أجلستها إلى الجنب مني ... ثم قلبت شعرها ببناني ثم كلمتها فردت كلامي ... بابتسام تلوح فيه المعاني ثم قبلتها بملء شفاهي ... ثم غذيتها بمحض لباني ابنتي زهرتي فيا ربي أحفظ ... زهرتي من كوارث الأزمان يا ابنتي أنت سلوتي ورجائي ... وسراجي في ليلة الأحزان حلمي أنت في منامي وذكري ... حين أدنو من يقظتي في لساني ابنتي قد ترعرت فهي تلعب ... كطلى في جنبي وتأتي وتذهب تتنزى من النشاط أمامي ... فهي تحكي حمامة تتقلب وهي مثل الغزال تشدو ورائي ... ببغام له فؤادي يطرب خفة تطرب النفوس وصوت ... يستبي حسنه القلوب وينهب وعيون ترنو العيون إليها ... شاخصات ووجنة تتلهب وراء في الخد منها جميل ... فهو ماء مصفق ليس ينضب تلع الجيد فوق قد رشيق ... زانه الشعر مرسلا يتذبذب وإذا ما مشت معي في طريق ... سألتني عن كل شيء ومطلب ابنتي هذه خلاصة نفسي ... فهي مني مثل الحياة وأطيب رب صنها حتى تكون فتاة ... ثم أما ترعى ابنها ليهذب ابنتي قد شبت مع الأيام ... فهي اليوم مثل بدر التمام أنجزت من دروسها ما به أمتا ... زت على الكل من بنات الكرام وفشا صيت حسنها يتمشى ... مع ذكر العفاف بين الأنام خصها الله في الورى بمزايا ... أكبرتها فراسة الأقوام عفة سرت الوقار وطهر ... ذكر الناس أمره باحترام

خلق البارئ المصور للخل ... ق ابنتي من وداعة وسلام ابنتي زهرتي التي أنا ألهو ... عن كروبي بها وعن آلامي ثم زفت إلى كريم عروسا ... ما بها من غميزة أو ذام وبدا حملها فقلنا جميعا ... أثمر الغصن فهو ذو أكمام وحمدنا على المسرات دهرا ... كان قبلا لنا الد الخصام ثم أنا قد انتظرنا فجاءت ... بعد تعداد أشهر بغلام وضعته وبعد أن وضعته ... أغمضت عينها كما في المنام رقدة قد طالت وطال انتظاري ... لانتهاء يأتي لها وختام يا ابنتي الشمس أذنت بالشروق ... فأيقظي من هذا الرقاد العميق يا ابنتي يا ابنتي صديقتك ... الشمس استفاقت من نومها فاستفيقي والعصافير يا ابنتي تتغنى ... للضحى فوق كل غصن رشيق والأزاهير للعصافير ترنو ... باسمات عن لؤلؤ وعقيق ومياه العيون تمشي الهوينا ... فوق ظل تحت الغصون رقيق وعلى الماء يا ابنتي ورقات ... هي ما بين عائم وغريق ليس في الروض غير قلب خفوق ... لأمانيه ووجه طليق يا ابنة القبر أمك القبر تأتي ... ما ينافي محبة الأمهات أمك القبر لا تصون كما أر ... جو ملاحات تلكم الوجنات يا ابنة القبر أنت من بعد حين ... يا ابنة القبر في بعض الرفات لهف نفسي عليك من وحشة الق ... بر ومما في القبر من ظلمات غرفة تحت حفرة الأرض لا يد ... خلها النور من جميع الجهات غرفة حالت الصفائح فيها ... بين وجه الإنسان والنسمات أن نفسي عليك يا أنس نفسي ... ذهبت أي وربها حسرات أيها القبر هل علمت بأني ... قبل موتي دفنت فيك حياتي عبراتي عليك تهمي ولكن ... أنت لا تستفيد من عبراتي

المشهد الثالث زينب - (تحدث نفسها) مضى على نفي سمير سنتان، وقد أعلن الدستور وسمعت أنه عائد إلى بغداد فماذا يكون حاله إذا رأى أن الدار خالية من حبيبته ليلى؟ المشهد الرابع (يدخل بغتة سمير فيرى زينب تداعب طفلاً جميلاً ويقلق لعدم رؤيته ليلى) زينب ماتت عروسك يا سمير ... فاليوم يحضنها الحفير ماتت فمات من الأسى ... في نفسي الأمل الكبير ما كان في فمها سوى أس ... مك وهي نازعة يدور أني أنا الثكلى وأنت ... الأرمل الكلف الحسير قد غادرتني لليالي ... السود ليس بهن نور ولقد بكيت شبابها ... مفجوعة وبكى العشير ولقد تقصف حين أز ... هر ذلك الخوط النضير ماتت وأبقت بعدها ... طفلا ملامحه تنير ولقد يلاقي جبره ... يوما به القلب الكسير ومشى وراء النعش عن ... د مسيره الجم الغفير ومضى يشيعه رجال ... الحي والدمع الغزير وركضت أتبع نعشها ... والنعش مرتفع يسير فسقطت بعد خطي على ... وجهي وزايلني الشعور ما زارني من بعد ... ليلى قط في بيتي السرور كلا ولا طابت لي ... الأرواح والماء النمير يقبل سمير ابنه باكياً ثم يخرج) المشهد الخامس سمير على قبر ليلى هل ما أراه قبر ليل ... ى ماثلا يبدو أمامي كذبوا فإنك في ظلا ... م القبر يوما لم تنامي بل أنت مثل البرق ها ... جعة بأحشاء الغمام

بل أنت في النجم المض ... يء وأنت في البدر التمام في الصبح في زهر الر ... بيع إذا تفتح للغرام ولعلهم صدقوا فإن ... الناس أجمع للحمام أني أتيتك زائرا ... فعليك يا ليلى سلامي هل تسمعين إذا بثث ... تك ما أكابده كلامي لهفي عليك حبيبتي ... متروكة تحت الرغام قد كنت تقلين الظلا ... م فما رقادك في الظلام ليلى لعلك قد برم ... ت على البسيطة بالزحام فتخذت تحت الأرض مث ... وى فيه نمت مع النيام أن الأسى ليدب بي ... ن اللحم مني والعظام ما كنت أحسب أن تحو ... زك غيلة أيدي الحمام في القلب أحزان تكا ... د تشق قلبي كالسهام آه فقد صار الذي ... كنا نشيد إلى انهدام لم يبق لي إلاَّ خيا ... لك من أبث له غرامي ما زال طيفك ماثلا ... لي وهو ينظر في ابتسام سيظل طرفي هاميا ... يسقي ثراك على الدوام ويظل قلبي خافقا ... مما يقاسي وهو دامي (تمت الرواية) بغداد في 10 تموز سنة 1927 يغنى في الختام بالنشيد الآتي: يا بلادي أسفر الصبح جميلا ... وتجلى وتنفس ولقد جن طويلا ... قبله الليل وعسعس يا بلادي يا بلادي ... حبذا أنت بلادا لك أخلصت ودادي ... فأقبلي مني الودادا

أنت أن ثارت شجوني ... لي بسلوان كفيله أنت أن أغفت عيوني ... مهد أحلامي الجميلة لك نخل وظلال ... فيك أرواح الجنان لك البحر اتصال ... فيك يجري الرافدان منك لحمي وعظامي ... ودم يسقي عروقي بك قد نلت مرامي ... فيك قد صنت حقوقي بك عزي فيك أنسي ... منك حولي في جدالي وسأفديك بنفسي ... وبأهلي وبمالي فيك أجداث جدودي ... تتراءى نخرات منك أحرزت وجودي ... بك قد نلت حياتي كنت لولاك شريدا ... ليس لي في الأرض مأوى لم أزل فيك سعيدا ... أشرب العذب وأروى أنا نجل بك بر ... أنت لي أم حنون أنا حر أنا حر ... لك أرعى وأصون أسعدي أنت فأني ... لك أرض بشقائي بك أشدو وأغني ... في صباحي ومسائي حبذا ليلك تبدي ... زهرها فيه السماء حبذا يومك تهدي ... ضوءها فيه ذكاء لك يا أرض بلادي ... بعد ربي الملكوت لك أدعو وأنادي ... لك أحيا وأموت لك يا منبت غرسي ... نزعاتي رغباتي لك يا مسقط رأسي ... بدواتي عدواتي ملك للشعب فيصل ... ساس بالرأي الحصيف فعلى التاج المعول ... وعلى العرش المنيف يا أبا الشعب سلام ... يا أبا الشعب عليكا إنما الشعب حسام ... ذو مضاء في يديكا

كتب تطبع

كتب تطبع أني أشكر الله على أني تركت في العام المنصرم أمور التجارة لا تفرغ كل التفرغ للعلم والأدب. وحالما ودعتها أخذت بإتمام ما كنت قد شرعت فيه من ديواني الطفيل والطرماح. ولقد طبع المتن والشرح قبل الحرب فلا يمكنني اليوم أن أصحح فيهما ما عن لي بعد ذلك وما حققته بعد الإطلاع على عدة كتب وقعت بيدي. ولقد انتهيت من مراجعة نص كتاب (التيجان) وهو أقدم (كتاب) عربي وصل إلينا في هذا العهد. والذي أراه أن هذه الصحف من وضع وهب بن منبه المتوفي سنة 110هـ (728م) وقد حرره عبد الملك بن هشام (راجع لغة العرب 5: 540). ويسوءني أن أقول أن المخطوطات الثلاثة التي وجدتها واعتمدت عليها هي في حالة يرثى لها من التصحيف والتحريف الواقعين من أقلام النساخ المساخ ولا سيما ما وقع في أبيات الشعر الواردة في ذلك السفر النفيس، وهي أبيات طويلة عريضة موضوعة في الغالب ثم جاء ابن هشام فزاد عليها من عنده أبياتاً أخرى فآضت تلك الكلم مبهمة فوقها ظلمات، وتحتها ظلمات، وتحف بها ظلمات، فهي ظلمات، في ظلمات، في ظلمات. على أن هذا الكتاب يبقى دائماً رفيع المقام عند كل أديب مهما كانت منزلته وبأي فرع من فروع العلم أشتغل وذلك لأنه كان المنبع الأول الذي استقى منه المفسرون لتأويل بعض آي القرآن. ولهذا ترى الهمداني قد نقل في إكليله جميع (القبوريات) الواردة فيه عن أفيال اليمن دون تفلية أو نقد. - وقد نقلت إلى الإنكليزية مختصر تلك القصص وسوف تنشر في المجلة المعنونة (بمجلة الإسلاميات) الإنكليزية التي تصدر في حيدر أباد. وبعد أن أتم ما ذكرته هنا، أعني بإتمام (الدرر الكامنة) الذي كنت قد تركته موقتاً لختم إصلاح كتاب التيجان. والجزء الأول من كتاب الدرر يحوي نحو 2. 500 ترجمة وقد عارضتها بثلاث نسخ منها اثنتان حسنتان. وقد انتهيت من مسح القلم من الجزء الأول للذكور وأنا على وشك أن أرسل به إلى ديار الهند حيث يطبع. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو

أسماء البصرة

أسماء البصرة للبصرة أسماء كثيرة في التاريخ. والذين يعرفونها قلل منها: (تردن) أو (تردم) (بتاء مفتوحة وراء مهملة مفتوحة يليها دال غير منقوطة وفي الآخر نون) وقد وردت في بعض اللغات بميم في الآخر وهي باللاتينية، وباليونانية. وقالوا عنها أنها مدينة من مدن بابل (أي العراق) ذكرها ديونسيوس الراشد الكرخي من اليونانيين (وهو مؤرخ فرغمي المحتد، كرخي الإقامة، والمراد بالكرخ هنا مدينة قديمة تقوم على أنقاضها اليوم المحمرة وذكرها أيضاً أليان السوفسطي وهو من أبناء القرن الثالث بعد المسيح وذكر هذه المدينة في كتابه الموسوم (بطبيعة الحيوانات) في موطنين أي في (5: 14 و 17: 1). وذكرها من كتاب اللاتين بلينيوس. والسلف منا عرفها باسم (تدمر) وهو قلب (تردم) كما أن أحد الغربيين قلب تردون بصورة دردوتس إذ من أسماء البلاد ما هي عرضة للقلب والإبدال والتصحيف. ومثل هذا في لغتنا أكثر من أن يحصى وكذلك في أعلام الرجال. ولم نجد في كتب البلدان العربية من ذكر (تردم) أو مقلوبها (تدمر) بمعنى (البصرة). إلاَّ أننا وجدنا صاحب تاج العروس يقول في مادة بصر: (البصرة بلد معروف، وكانت تسمى في القديم (تدمر) و (المؤتفكة) لأنها ائتفكت بأهلها أي انقلبت في أول الدهر، قاله ابن قرقول في المطالع ويقال لها (البصيرة) بالتصغير. وقال السمعاني: يقال للبصرة: (قبة لإسلام)

و (خزانة العرب) اه. قلت: ومن أسمائها (الرعناء) لاختلاف هوائها في النهار الواحد وهي مؤنث الأرعن أي وعقل الأرعن يختلف باختلاف الحالات والساعات. ومن أسمائها (الخريبة) بالتصغير - (والكلاء) (وزان جبار) وكان اسمها عند الفرس الأقدمين (وهشتاباذ أردشير) كما ذكر ذلك ياقوت في مادة خريبة. (طوز خرماتى) - صقع طوز خرماتى، أغنى أصقاع العراق بنفطه الفاخر وهو ينز من الأرض في فسحة يزيد طولها على ميل ممتدة على الضفة اليمنى من النهر. وقد رسبت فيه طبقات من الكفر (الإسفلت) في عدة مواطن وتختلف ثخانة هذه الطبقات من 12 إلى 15 قدماً. والأحوال في هذا الصقع ملائمة لثقب الأرض أو حفرها ولكن المقادير المستخرجة من النفط كانت مقصورة على طاقة الأهالي؛ وذلك لما هناك من حالة الهواء ووسائل النقل التي هي في غاية السذاجة. أتعلم بأي شئ كانوا ينقلون تلك المادة السائلة النفيسة؟ - كانوا يضعونها في الزقاق ثم ينقلونها على ظهر الدواب ولم يجدوا لهم وسيلة أخرى آمن منها ولا أقل نفقة. فكأن أهالي تلك الربوع لا يعيشون في صدر القرن العشرين.! (نفط هيت والرمادي) في هيت والرمادي عدة منابع للقير وقد نشأ منه في أحد الأماكن بحيرة يبلغ محيطها نحو ميلين وهذا القير مشهور في التاريخ منذ عهد الشمريين والبابليين.

فوائد لغوية

فَوائِد لُغَويَةُ البستان للبستاني - البستان وما أدراك ما البستان؟ البستان: معجم (لغوي) تأليف الشيخ عبد الله البستاني اللبناني، طبع بالمطبعة الأميركية في بيروت وظهر جزأه الأول في أواخر سنة 1927. وعدد صفحاته 1381 بقطع الربع وكل صفحة في عمودين. وكلمة كل مادة جديدة مكتوبة بحرف مشبع حبراً يتقدمها نجم وما تفرغ من تلك المادة مكتوب بذلك الحرف وموضوع في رأس السطر. والشرح متأخر عن الكلمة بشيء ليظهر الفرق بينها وبينه والورق والطبع والحبر من أجود ما يكون. هذه مزاياه الخاصة به دون غيره. وهل هو أحسن مما ألف في هذا الموضوع؟ - ذلك سؤال لا نريد أن نجيب عنه إلاَّ بكل إخلاص فنقول: تصفحنا هذا السفر الضخم بسرعة البرق لأن أحد الأدباء أعارنا إياه ومع تصفحنا إياه بهذه السرعة وجدنا صاحبه لم يأتنا إلاَّ بنسخة ثالثة من محيط المحيط للمعلم بطرس البستاني (لأن النسخة الثانية هي أقرب الموارد للشيخ سعيد الشرتوني) لكنها نسخة متوسطة الحجم وأحسن طبعاً من النسخة الأم. وقلنا: نسخة ثالثة من محيط المحيط لأن أغلاط هذا المعجم موجودة، أو أغلبها موجود في نسخة (البستان) وقد نزع منها بعض الأوهام، لكنه سقط في أوهام أخرى. إذن لا يجد أرباب البحث شيئاً طريفاً في المعجم الجديد، مع كل ما سمعنا عنه تزميراً وتطبيلاً، فقد جاءت الحقيقة نازعة كل أمل من الصدور، ونحن نذكر هنا ما بدا لنا أنه يخالف العلوم وما أثبتته. ولو ذكرنا كل ما عثرنا عليه من الأوهام في بضع ساعات لوجب علينا أن نضع كتاباً ضخماً ككتابه لإثبات ما رأيناه منها، لكننا نجتزئ بما ينطوي على غر هذه المجلة. فنقول:

1 - مخالفته لأصول الصرف ذكر في مادة زرف: الزرافة وجمعها على زرافي (كبراري) أو زرافى (كسكارى) (بإهمال الياء) وزرافات وزرائف. قلنا: وقد تبع في ذلك كله صاحب محيط المحيط الذي تأثر في هذا الجمع الغريب فريتغ في معجمه، وفعالة لا تجمع على فعالي بتشديد الياء أو بإهمالها. إلاَّ أنها وردت في كتاب عن تاريخ الحبشة ألفه أحد العوام فعثر عليه فريتغ فقرأها بالصورتين اللتين ذكرناهما أما الزرافات والزرائف فمن المقيسات وصاحب محيط المحيط كان يؤمن إيماناً أعمى بما كان يكتبه فريتغ فهفا هفواته وجاء شيخنا عبد الله فلم يصلح ما أفسده نسيبه. وذكر في س ن و: المسناة ج مسنوات وهو شاذ والقياس مسنيات. قلنا: ما قال أحد هذا القول سوى البستاني نسيبه وهو غلط ظاهر والصواب مسنيات كما هو مشهور وفي الأسفار مذكور. وقال في مادة صنع: قوم صنعي الأيدي (كسكرى) وصنعي الأيدي (كمعزى) وصنعي الأيدي (بضمتين) وصنعي الأيدي (بفتحتين) وأصناع الأيدي (كأحمال) أي حذاق في الصنيعة ثم فسر الصنيعة بالإحسان. ولم يذكر مفرد الجموع الخمسة المذكورة. - قلنا كل ذلك منقول بحرفه وغلطه وسقمه عن محيط المحيط ثم زاد من عنده غلطاً جديداً لم يكن في الأصل الذي نقل عنه وهو قوله: في الصنيعة والصواب في الصنعة أي الصناعة لا الإحسان ولا معنى للحذق في الإحسان. وأما تصحيح العبارة فيجب أن يكون هكذا: (رجل صنع اليدين بالكسر وبالتحريك وصنيع اليدين وصنعهما: حاذق في الصنعة من قوم صنعي الأيدي، بضمة، وبضمتين، وبفتحتين، وبكسرة، وأصناع الأيدي) (عن الفيروزابادي وابن مكرم والسيد مرتضى في التاج). ونحن لا نريد أن نتسع في هذا المجال لأن لا تخلو صفحة من مثل هذه الأوهام التي يؤسف على وجودها في مثل هذا السفر. 2 - زيادته أغلاطاً على أغلاط نسيبه لم يكتف حضرته بأغلاط محيط المحيط فجاءنا بأغلاط جديدة لا تخلو صفحة من كتابه. فقد ذكر البستاني الكبير البرنجاسف (بالسين) فقال هو

برنجاشف بالشين المعجمة. وبفتح الأول والثاني وما ذلك إلاَّ لأنه رآها في تاج العروس حيث وردت بالشين المعجمة حقيقة. لكن وردت هناك من باب الخطأ في الطبع. والدليل إن صاحب التاج يقول بعد مادة برنف: برنجاسف بالكسر ويقال باللام بدل الراء: ضرب من القيصوم. . . وقد ذكره المصنف في ح ب ق. اهـ. وفي مادة حبق يقول؛ حبق الراعي: البرنجاسف. وضبطها بالقلم بفتح الأول والثاني وإسكان الثالث وبكسر السين المهملة. وكذا وردت في جميع النسخ المخطوطة والمطبوعة من القاموس. ولذا تراه غلط ثلاث غلطات في كلمة واحدة الأولى إيراد الكلمة بالشين المعجمة وهي بالسين المهملة. الثانية: ذكرها بفتح الأول والصواب بكسره - الثالثة: ضبطه السين بالفتح والصواب بكسرها، نعم أن بعض نسخ القاموس ذكرت البرنجاسف بفتح الأول لكن نص صاحب التاج يفسد تلك الرواية لأنه ضبطها بالكلام لا بالقلم وضبط الكلام أوثق من ضبط القلم، ومما يجب أن يلاحظ هنا أن بطرس البستاني ذكرها بالسين فلم يتبعه هذه المرة بل اتبع الشرتوني الذي ذكر اللفظة في ذيل معجمه بالشين وقال إنه نقلها عن التاج فتبعه في هذا النقل شيخنا عبد الله، فكأنه يريد أن يجمع في معجمه معايب جميع كتب اللغة - وهذا الباب واسع وقد عددنا له نحو مائتي (غلط من هذا الضرب). 3 - إتباعه أغلاط نسيبه إتباعاً أعمى قال البستاني: البزرك (وضبطها كقنفذ) أي العظيم. . . والبزرك (وضبطها كجعفر) ضرب من الألحان. . . اهـ. وكل ذلك من أغلاط البستاني القديم. والصواب ما جاء في القاموس. قال بزرك: بضم الباء والزاي. أعجمية. . . اهـ. قلنا: وكذا يجب ضبط الكلمة الثالثة ولو جاءت بمعنى آخر لأن المغنين ضبطوها أيضاً في كتبهم. وقال في بزر: تبزر: أنتسب إلى الأبزاريين وهم جماعة من المحدثين وهي عبارة نسيبه. والصواب: أنتسب إلى بني بزري وهم بنو بكر بن كلاب. كذا قال جميع أصحاب الدواوين. - وهذا الباب واسع لأننا عددنا له مثل هذا الغلط نحو خمسمائة وفي جميعها يقلد نسيبه فكيف لو تتبعناه مادة مادة وكلمة كلمة.

4 - حذفه معاني الألفاظ هذا لا نتعرض له لأنه أكثر من أن يحصر ولعله فعل ذلك توخيا للاختصار لكننا نراه يدون أشياء غير معروفة ولا حاجة لطلبة المدارس إلى أن يعرفوها. كذكره في مادة ز ب ب: زب القاضي فقال في شرحه: (من عيوب المبيع فسره الفقهاء بما يقع ثمره سريعاً) - ونحن كنا نود أن يسكت عنها إذ يجهلها أغلب فقهاء هذا العصر. 5 - جهله المعرب من الألفاظ ذكر الأسطوانة في مادة أس ط. . . ولم يذكر أنها معربة مع أنها أشهر من أن تذكر - وقال في مادة أس ف ن ط: الأسفنط: ضرب من الأشربة فارسي معرب والصواب أنه يوناني معرب. ومثل هذا الجهل مئات! 6 - روايته معاني لا حقيقة لها قال في مادة أوش ن: الأوشن الذي يزين الرجل ويقعد معه على مائدته يأكل طعامه. . . ذكر هذا الحرف هنا سهواً وموضعه في باب الواو. اه. قلنا: هذا كلام ذكره جميع اللغويين لكنه في غير محله. فالأوشن يجب أن يذكر هنا لا في وشن كما فعل بعضهم. ثم ما معنى قوله أنه ذكر سهواً هنا أفما كان يجب حذفه من هذا المحل وإثباته في الموطن الذي يشير إليه، أو لا أقل من أن يقول مثلاً: أثبت بعضهم هذه اللفظة هنا والصواب إثباتها في وشن. وعلى كل حال إن الكلمة مصحفة تصحيفاً قبيحاً عن الأبش (كأجش بشد الأخير) وهي تعريب اليونانية هذا هو الأصل. وقد ذكر اللغويون الأبش في موطنها وذكروها بصورة آبش أيضاً أي كفاعل. ومن الغريب أنهم قرءوا الباء واواً كما هو الأمر في اللغة اليونانية وكما ترد مثله في لغتنا وزادوا على ذلك أنهم قرءوا بطن الشين نوناً فصارت أوشن. وأمثال قراءة بطن السين والشين والصاد والضاد نوناً كثيرة في العربية كالغس (بتشديد السين المهملة) فأنهم قرءوها الغسن بنون في الآخر وأثبتوها في دواوينهم بالوجهين المذكورين - ومن غريب ما وقع لكلمة الأبش إن بعضهم عربها بصورة الأحبش جرياً على أصلها اليوناني ولم يتذكروا أن غيرهم عربها بصور أخرى واختلفوا في معانيها.

والصواب إن معنى الأبش والآبش والأوشن والأحبش: ما يزين به فناء الرجل ودار طعامه وشرابه، وهو ضرب من الزليج (أي الأجر العريض المربع الملون بألوان مختلفة وهو المعروف اليوم في بغداد بالكاشي وعند السوريين بالقاشاني) تزين بها صدور المنازل ولا سيما دار طعام الرجل. فلم يفهم بعضهم هذا المعنى فذهبوا فيه مذاهب لا يقبلها العقل ولا تأتلف والحقيقة. ثم جاء حضرة الشيخ عبد الله ونقل كل ذلك بقلب مطمئن ونفس سمحة، كأنه يكتب لقوم من القرون الأولى للميلاد أو للهجرة ونسي نفسه أننا في عصر التدقيق والتحقيق. فكتب في مادة آب ش. الآبش: الذي يزين فناء الرجل وباب داره بطعامه وشرابه. والصواب: ما يزين به فناء الرجل وباب داره وطعامه وشرابه أي باب داره وغرفة طعامه وشرابه كما نقول اليوم. وأعاد مثل هذا التعبير في مادة ب ش ش. وقال في مادة ح ب ش: الاحبش بفتح الهمزة والباء الذي يأكل طعام الرجل ويجلس على مائدته ويزينه. وقد ذكرنا لك ما قال عن الاوشن. على أن اللغويين قالوا أن حروف الكلم المعربة كلها أصول، فكان يجب على جميع اللغويين أن يذكروا كل هذه الألفاظ في المواضع المناسبة لها من غير أن يعتبروا والابش (المشددة الآخر) في أب ش ش، والأوشن في أوش ن، كما فعله حضرة الشيخ الجليل، وما كان يحسن به أن يقول ما قال، على أن اللغويين جميعهم خالفوا هذه القاعدة بل لم يفهم أغلبهم معناها على ما هي، ومن ثم نشأ الخبط والخلط فأحفظه. 7 - زيادة أغلاط من عنده على أغلاط محيط المحيط وأقرب الموارد حضرة الشيخ عبد الله بحث عن جميع ما ورد من الهفوات في محيط المحيط وأقرب الموارد، أو قل: كأنه بحث عنها فيهما ودونها في سفره البديع، ثم زاد عليها أوهاماً جديدة، فأجتمع عندنا ثلاثة أجبل من الخطأ: جبل بني في محيط المحيط وجبل بني في أقرب الموارد إلينا، وجبل وضع في أزهى بستان لنا. ذكر هذه الأغلاط - ونسميها أغلاط طبع، وأن لم يكن في آخر الديوان تصويب لما وقع فيه - يطول سردها لكثرتها ووقوعها في كل صفحة من الصفحات،

إنما نذكر بعض الأمثلة منها لكي لا نرمي بالبهتان والافتئات: قال حرسه الله في الربيز هو (الكبير في فنه، والصواب الكثير في فنه، كما نص عليها جميع اللغويين. - وقال الرباح: دويبة كالسنور وهي قطعة الزباد لأنه يحتلب منها، والصواب قطة الزباد وأصح منها سمور الزباد. وعد بين الرياح الصائبة (كذا) وقال عنها هي: (بين الجنوب والدبور). اهـ ولم يذكر هذا المعنى للصائبة في صبأ ولا في صبو ولا في صبي ولا في صبب ولا في أي مادة كانت؛ لكنه وجدها بهذه الصورة في محيط المحيط وأقرب الموارد فتابعهما في هذا الغلط والصواب الصابية من مادة ص ب و - وقال عن الجلفاط: ساد دروز السفن الجدد (وضبطها ضبط قلم بضم ففتح) والصواب الجدد (بضمتين) - وقال الجوالق، وضبطها مثلثة الأول أي بضمه وكسره وفتحه: وضبط الجيم بالفتح غلط صريح للمفرد، إنما هو جمع ما كان بضم الأول وكسره ونسي أن ليس في كلام السلف مفرد على فعالل بتحريك الأولين. - وقال عن الجليق:. . . له في رؤوسه. وضبط الهمزة الجالسة على رأس الواو بضمة والصواب برؤوسه أي بواوين على الأولى منهما الهمز والثانية ساكنة، لأن رؤوس على وزن فعول وفي فعول أربعة حروف لا ثلاثة. - ونحن لا نريد أن نتتبع المؤلف في جميع سطور كتابه ففيها الغلط الجم والضبط السيئ. 8 - جهله للأقوام ذكر في مادة س ب ج: السابجة. فقال عنهم: قوم من السند. . . والتاء فيه للنسب. قال يزيد بن مفرغ الحميري: وطماطيم من سوابج خزر، ... يلبسوني مع الصباح القيودا. قلنا: وفي هذا الكلام الوجيز عدة أغلاط: الأول، أنه ذكر السابجة بباء واحدة وهذه اللفظة لم ترد في ديوان من دواوين اللغة والذي ذكروه هو السبابجة بباءين الأولى بعد السين والثانية قبل الجيم. هذه رواية جميع اللغويين. والذي حققناه من تصانيف السلف من المؤرخين هو السيابجة بياء مثناة بعد السين وبباء موحدة قبل الجيم وليس هنا محل ذكر التحقيق لطول شرحه أو بسطه. - أما الغلط الثاني فهو قوله: والتاء فيه للنسب. والصواب أن يقول: والتاء فيه للعجمة والنسب لأنه يكون الاسم منسوباً ولا تكون فيه الهاء في الآخر علامة جمع. أما إذا اجتمعت العجمة والنسب لحقت الهاء آخر الجمع على ما صرح به جماعة

اللغويين. والغلط الثالث أنه قال: يزيد بن مفرغ والصواب المفرغ بال. - وقال - وهذا هو الغلط الرابع -: قال يزيد بن مفرغ وهو يذكر شاهداً. والمنتظر أن يكون ذاك الشاهد ما يثبت قوله أن السابجة (والأصح السيابجة) هي بالهاء والحال أنه جاءنا بشاهد ينقضه وليس له أدنى اتصال بما ذكره من الكلام، إذ لم يصرح بوجود السوابج عندهم، فإذن ما معنى هذا الشاهد، ولتقوية أي جمع أورده في كتابه؟ والغلط الخامس أنه ذكر السوابج وهي كلمة لم ينطق بها أحد من اللغويين الثقات، لا صاحب لسان العرب ولا صاحب التاج ولا ولا ولا؛ إنما ذكرها صاحب محيط المحيط وحده وهو البحر المحيط بجميع الأغلاط. أما صاحب أقرب الموارد (كلا. بل أبعد الموارد) فقد ذكرها بصورة سبابج والصواب سيابيج بياء مثناة تحتية قبل الجيم. فأنظر بعد هذا، أيليق بنا أن نتصفح مثل هذا المعجم؟ فكيف إذا قيل لنا هذا الديوان هو (من أجل ما قام به الشيخ عبد الله حديثاً من الخدم النافعة (؟ كذا) لأبناء بلاده، معجمه الموسوم بالبستان! (مجلة الكلية 14: 151) أهكذا يخدع أناس أناساً؟ أن هذا لأثم لا يغتفر. فيا كتبة أرفقوا بالناطقين بالضاد ولا تخدعوهم هذا الخداع الذي فيه الغبن ظاهر لكل ذي عين، فكيف لذي عينين؟ 9 - جهله لعلم النبات عرف البلبوس بما هذا حرفه: البلبوس بالفتح بصل الرند، يشبه ورقه ورق السذاب. اهـ وهي عبارة أقرب الموارد بحرفها نقلاً عن التاج ونسي كلاهما أن في التاج أغلاط طبع غير قليلة. ومن جملتها هذه. لأن الرند - على ما ذكره في البستان (زاد الله أزاهيره): شجر بالبادية طيب الرائحة يستاك به وليس بالكبير وله حب يسمى الغار واحدته رندة، وربما سموا العود الذي يتبخر به رندا. اهـ فأين هذا البلبوس وهو البصل. وليس للبصل رائحة طيبة، وليس له عروق تصلح لأن تكون سواكاً؟ وليس له حب. والصواب: بصل الزير بزاي وياء وراء، وهو المعروف أيضاً ببصل الفار؛ لكن حضرته لم يعرف الزير في موضع البلبوس ولا في موضعه الحقيقي أي في مادة ز ي ر، بل عرف الزير بزايين بهذا المعنى. وهذا خطأ صريح، إذ يقول في مادة ز ي ز:

الزيز: بصل الفار و - دويبة تطير وتقف طويلاً على الشجرة. اهـ. والصواب أن بصل الفار هو الزير براء مهملة في الآخر والدويبة التي يشير إليها هي بزايين والزيز لهذه الدويبة من كلام عوام الشام لا من ألفاظ الفصحاء. وفي كل ذلك قد جارى صاحب محيط المحيط. أما صاحب أقرب الموارد فقد ذكر الزيز بمعنى بصل الفار فقط والمعنى الثاني لم يذكره وقد ذكر بصل الفار في مادة س ق ل فقال: السيقل (كزبرج) والسيقل (بتشديد اللام) بصل الفار وهو المعروف بالعنصل وقال أيضاً: الاسقال والاسقيل بالكسر في كليهما: العنصل. قلنا أما الاسقال والاسقيل فهما العنصل حقيقة أي بصل الفار أو بصل الزير؛ وأما السيقل (كزبرج) والسيقل (كزبرج وبتشديد الآخر) فلا وجود لهما بالعربية، وقد ذكرهما فريتغ عن نسخة سقيمة مغلوطة من كتاب ديسقوريدس فنقلها عنه محيط المحيط وعن هذا أقرب الموارد ثم جاء شيخنا فأثبت هذين الحرفين في كتابه من دون أن يراجع الأمهات الكبرى. أفهذا هو التحقيق؟ 10 - جهله للجغرافية وأسماء البلدان قال في ب ل خ ش: البلخش كجعفر: جوهر يجلب من بلخشان وهي بلد بأرض الترك. اهـ. وهي عبارة ذيل أقرب الموارد الذي ختمها بذكر الكتاب الذي نقل عنه إذ وضع بين هلالين قوله: (شفاء الغليل) وقد راجعنا هذا الكتاب فرأيناه يقول ما حرفه: بلخش (ولم يضبطها بخلاف قول الناقل والمنقول عنه إنها وزان جعفر) جوهر يجلب من بلخشان، والعجم تقول بذخشان بذال معجمة وهي من بلاد الترك. اه. قلنا هذا هو الكلام الصحيح، أي أن بلخشان غير معروفة عند فصحاء العرب بل عند عوامهم. وأما الفصحاء فلا يقولون إلاَّ كما ينطق به أهل إيران والترك أي بذخشان. وهذتتا ما صرح به ياقوت في معجمه فأنه لم يذكر بلخشان بل بذخشان، وأما بلخشان فمن تصحيف العوام فكان عليه أن يعرف ذلك. وأما ضبط بلخش وبذخشان وبلخشان فبفتح الأول والثاني وإسكان الثالث كما ذكرها ياقوت في معجمه (1: 528 من طبعة الإفرنج) فلتراجع وراجع معجم دوزي ولغة العرب 5: 534.

باب المكاتبة والمذاكرة

بابُ المُكَاتَبَة والمذاكرَة أدب العراق سيدي العلامة صاحب (لغة العرب): لمثلي العاجز تقدير وإجلال لأدباء العراق يشاركني فيه كثيرون من أدباء مصر، ولذلك أشتاق إلى الإطلاع على نفثات أقلامهم في مجلتكم الزهراء ومنذ قرضي الشعر في حداثتي أو منذ نيف وعشرين سنة وأنا أذكر أسمي الرصافي والزهاوي اللذين كثيراً ما أنتفع الأدب والأدباء بقصائدهما الشهيرة التي نشرت في مصر وغيرها من الأقطار العربية والآن أرى بجانبهما طائفة من خيار الشعراء والكتاب العراقيين الذين يفخر بهم وتزدان الصحف والمجلات بروائع بيانهم، ولعلهم لا يضنون بنشر طرائف من أدبهم في (لغة العرب) التي يقرؤها خاصة الأدباء في مصر ويحرصون عليها حرصاً عظيماً. وقد أسفت لسوء تفسير بعض الأدباء للمناظرة التي بين الأستاذين الزهاوي والعقاد عن (العقل والعاطفة)، إذ هي مناظرة أدبية مفيدة لا تمس احترام أحدهما للآخر، ومن هذا القبيل دعوى بعض المحافظين عن رثائي ورثاء الأستاذ العقاد لسعد باشا، فليس البحر والقافية ملكاً لأحد، كما قد تتوارد الخواطر، هذا وللأستاذ العقاد احترام خاص عندي، وليست مواهب شوقي بك منكورة عند مثلي كيفما كانت طباعه وتصرفه أخيراً، ولا فخر لمن يبني شهرته على حساب غيره. وهذا هو المبدأ الذي تتشبث به (رابطة الأدب الجديد) التي لي شرف الانتماء إليها، فنحن ننظر إلى الأعمال أولاً لا إلى الأشخاص، ونرى أن جعل الشهرة غاية عيب بينما لا يعاب اتخاذها وسيلة إلى غرض أسمي. وأخيراً أتمنى أن تسعدنا (لغة العرب) في أجزائها التالية بنفحات جديدة من أدب العراق الوسيم، وأن لا نحرم صور أدبائه الأفاضل، وأن تدوم هكذا واسطة لوحدة أدبية متينة في العالم العربي أساسها الإخاء والتعاون الصادق والتقدير المتبادل.

رسالة السواك

وتفضلوا بقبول احترامي وأطيب تمنياتي. الإسكندرية في 28 ديسمبر سنة 1928 أحمد زكي أبو شادي رسالة السواك للمرحوم الشيخ شكري الآلوسي بينما كنت أقلب كتبي وأوراقي للتفتيش عن كتاب (الضرائر)! عثرت على الجزء الأول من مجلة (الحرية) - المحتجة - لسنتها الأولى، فألقي في روعي أن أتصفح أوراقها، فأنتهي بي التصفح إلى الصفحة 67، فوقع ناظري على مقالة عنوانها (السواك) بقلم الثلث وتحته هذه العبارة (بحث للأمام المرحوم السيد محمود شكري الآلوسي) ومن تحت (عني بنشره محمد بهجت الأثرى). فأخذت على نفسي أن أقرأ صفحة من المقالة دون أن أجاوزها إلى غيرها لأني كنت مستعجلاً وفي غير هذا الصدد، فإذا في أخريات الصفحة قول صاحب المقالة: (وفي الحديث الصحيح المسواك مطهرة للفم بالكسر أي يطهر الفم كقولهم الولد مجبنة مجهلة مبخلة) فلم أدر أي الكلمتين أراد ضبطها بالكسر؟ أكلمة (مسواك) أم كلمة (مطهرة) لأنه أن أراد تقييد المطهرة فكيف صح أن يناظرها بمجبنة ومجهلة ومبخلة المفتوحة الميمات وأن أراد تقييد ميم مسواك كان تقييداً عبثاً إذ لا حاجة إلى تقييده بالكسر كما لا حاجة إلى تقييد ميم (مفتاح) به لأنها صيغة قياسية. وقد بعثني هذا الارتياب على التفتيش عن الحديث في مظانه فوجدته فيما ظفرت به من الكتب بضبط (المطهرة) بالفتح و (السواك) بالكسر من غير ميم فتأمل! ومما يستلفت نظر المدقق قوله فيما بعد: (والسواك كالمسواك والجمع سوك) وأنت ترى أن ظاهر العبارة يقتضي الإضمار مكان الإظهار بأن يقول: (وهو كالمسواك) فما باله عدل عن مقتضى الظاهر؟ أليس في هذا ما يدل على أنه كان يلفق بين عبارات المؤلفين دون أحكام اللحمة بينها؟! ثم قال (والجمع سوك وأخرجه الشاعر على الأصل فقال عبد الرحمن بن حسان: أغر الثنايا أحم اللثا ... ت تمنحه سوك الأسحل

ولم يوضح معنى (أخرجه الشاعر على الأصل) إذ ليس كل أحد يفهم ذلك! هذا مع قطع النظر عن اضطراب التعبير في قوله (وأخرجه الشاعر على الأصل فقال عبد الرحمن) فتدبر! وكيفما كان فأن في البحث خبطاً وخطلاً ناشئين عن قلة التدبر وضعف الاختصاص فعسى أن يتئد الأثري ويدع شيخه المرحوم يستريح في مرقده. محمود الملاح أغلاط مجلة لغة العرب سيدي الفاضل: إني من المغرمين بمطالعة مجلتك المفيدة، بل أقول إني من صرعاها. وقد طالعت التعليقات اللغوية التي وردت في الجزء السابع من هذه السنة (5: 424) وأنا لا أوافقك في جميع ما ذكرته بخصوص (صناع) وذلك لأني لم أجد في كتب الأدب القديمة ورود اللفظة المذكورة للمذكر بل للمؤنث فقط. وأما في المذكر فيقال (صنع) (بالتحريك) وصانع (كفاعل) ودونك الشواهد التي أثبت بها رأيي. وهي بعض أبيات من أبيات كثيرة عثرت عليها في مطالعاتي وقد بعثت بها إلى الأستاذ فيشر الذي يعني بوضع معجم كبير للألفاظ العربية القديمة الفصحى التي لم تذكر في دواوين اللغة المألوفة الشائعة بين الناس. ورود الصناع في كلام الأقدمين والصناع هي المرأة الحاذقة. قال القطامي: ولكن الأديم إذا تفرى ... بلى وتعينا غلب (الصناعا) وقال الشماخ: كدلو (الصناع) ... ردها مستعيرها وأنشد أبو شهاب المازني: (صناع بإشفاها حصان بشكرها ... جواد بقوت البطن والعرق زاخر ولعلقمة بن عبدة هذا البيت وهو: بعين كمرآة (الصنا) تديرها ... لمحجرها من النصيف المنقب وقال ربيعة بن مقروم: فاض محملجا كالكر لمت ... تفاوته شامية (صناع) وقال الحطيئة: صنعوا لجارهم وليست ... يد الخرقاء مثل يد (الصناع) أما في المذكر فقد جاء في قول أبي دهبل الجمحي ما حرفه:

لقيتني عن الحجون فنحت ... في طلاب الهوى لساناً (صناعا) وقال أبو نؤاس في صفة كلب: فري (الصناع) سابراً وقبطا وفي تعليقاتي الخاصة بي شواهد عديدة لكلمة (صنع) (كسبب) وبيت الطرماح في (صنع) اليد (بكسر الأول) الذي أستشهد به ابن السكيت وذكره الزمخشري في أساسه هو أشهر من أن يذكر. ولقد وجدت صاحب القاموس كثير الزلق في ما يأتي به من الألفاظ ومعانيها وهو كثير الوهم في التدقيق، أما لسان العرب فأحسن منه ووجدت الجمهرة لأبن دريد تفوق صحة سائر كتب اللغة. فما هو رأيك؟ ف. كرنكو جوابنا ورود صناع وحدها للمذكر لم ينقل عن أحد. والذي ذكرناه نحن للمذكر هو (صناع اليد) بالإضافة ولا يفرد للمذكر؛ فإذا أفرد كان للمؤنث لا محالة وهذا ما صرح به اللغويون. (راجع التاج واللسان تر فيهما ما يكفيك) فلا نرى نفسنا مخطئين إذا تبعنا إثبات اللغويين. وأما سائر ما ذهب إليه حضرة الناقد المحترم فهو مما يؤيد رأينا. جئنا الآن إلى البيتين اللذين لأبي دهبل وأبي نؤاس فنقول: إن (اللسان) في بيت دهبل لم يعتبر مذكراً بل مؤنثاً لأنه مما يؤنث ويذكر وأن كان الغالب عليه التذكير، ولهذا قال: (لساناً صناعا). وأما الصناع في بيت أبي نؤاس فمؤنث لا شبهة فيه وعائد في معناه إلى المرأة فكأن أبا نؤاس يقول: أن الكلب الذي يتكلم عنه يفري صيده كما تفري (المرأة) الصناع الثوب السابري والقبطي. إذن، إذا استعملت (صناع) وحدها دلت على المؤنث لا محالة. أما إذا أردت أن تستعملها للمذكر فيجب أن تضيفها إلى اليد فتقول: صناع اليد. أما أن صاحب القاموس كثير الزلق فمما لا شبهة فيه فقد تصدى له جماعة من اللغويين وخطأه وبينوا معايبه لكن ذلك لا ينفي وجود محاسن في سفره الجليل فأنه يبقى حجة وأن أخطأ في بعض الأحيان. ومن ذا الذي لم يخطئ فلا صحاب اللسان والأساس والمصباح والصحاح أغلاط أيضاً ومع ذلك نعتبرهم حججاً في كثير من الألفاظ ولا سيما إذا أتفق جميع اللغويين على تعيين ضبط الكلمة وتدقيق النظر في معانيها.

أسئلة وأجوبة

أسَئلةٌ وَأجْوبةٌ إلى السائلين تأتينا أسئلة كثيرة من بغداد ومن الخارج، بيد أننا لا نجيب إلاَّ عن الأسئلة الواردة من المشتركين. أما لغيرهم فلا جواب عندنا. ولما كانت الأسئلة التي عندنا هي المئات، فالمرجو من السائلين أن يتريثوا ولا يعجلوا علينا بتكرار ما يطلبون لأن المجلة لا تدرج إلاَّ ما يتيسر لها وتبقي التتمة إلى الأجزاء المقبلة. الموسيقى أو الموسيقي س - أبو شهر (إيران) م. ن - كان حضرة الدكتور أبي شادي الشاعر العصري المشهور ذكر في لغة العرب (5: 298) أن الموسيقى (بالألف) أخف من الموسيقي (بالياء المشددة) وبين أن أدباء القرن الماضي اختاروا فتح القاف تعريباً للكلمة من اللاتينية لا من اليونانية فهل وجدتم لذلك أثراً في كتبنا؟ ج - جاء في القاموس في مادة ر ب ب: (وممدود بن عبد الله الواسطي الربابي يضرب به المثل في معرفة الموسيقي (والياء مضبوطة بالشد والكسر) بالرباب. اهـ فعلق على هذا الكلام نصر الهوريني (وهو من أدباء مصر ولغوييهم. توفي سنة 1291هـ - 1874م) ما هذا حرفه: (قوله الموسيقي) هكذا في النسخ بسكر القاف، وهو اشتباه سببه رسم الكلمة بالياء وصوابه فتح القاف كما هو في اللغة الرومية والعامل بتلك الآلة يقال له موسيقار وبزيادة راء في الآخر كأن هذه الزيادة عندهم كالنسب في جمال وحمار. اه قلنا في كلام الهوريني عدة أغلاط منها: 1 - إن نسخ القاموس المطبوعة في الهند وإيران ومصر من قديمة وحديثة تروي الموسيقي بكسر القاف وتشديد الياء المثناة المكسورة، بحيث لا يمكن أن يقال الخلاف.

2 - عندنا ثلاث نسخ خطية قديمة من القاموس وكلها تروي الموسيقي بالضبط المذكور بلا أدنى شبهة. 3 - إن الكلمة الدخيلة قد تروي في اللغة الأجنبية بوجه وتعرب بوجه آخر فوجودها بصورة في لغة الإعراب لا يوجب على العرب أن يتخذوها بتلك الصورة الدخيلة والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى. 4 - قد ذكرنا للقراء أن صحيح ضبط الكلمة هو بكسر القاف لا بفتحها (5: 43) وقد استشهدنا ببيت من الشهر للأقدمين فلم يبق ريب في هذا الضبط والواهم هو المخطئ نفسه. أما الموسيقى في الرومية فأن أراد بالرومية اللاتينية فكلامه صحيح فهي عندهم بالألف في الآخر، وأما إذا أراد بالرومية اللغة اليونانية فالرجل مخطئ لأنها في لسانهم بالأمانة والإمالة الكبرى بحيث ترى أكثرهم يلفظها بالياء إلى عهدنا هذا. 6 - الحقيقة أننا لم نفهم ما أراده بالرومية فأنه يقول أن العامل بتلك الآلة (وهو لم يذكر الآلة إذ الموسيقي هو فن لا آلة وهذا وهم شنيع وليس الكلام هنا عن الرباب الآلة المذكورة بل عن الموسيقي الذي هو فن، لكن تأثر العوام في مصطلحهم وهم يسمون آلة اللهو موسيقى فقال ما قال.) يسمى موسيقار، فموسيقار لفظة ليست لاتينية ولا يونانية ولا إفرنجية فكيف قال إن العامل بالموسيقى (أو الأصح عارف الموسيقي) يقال له الموسيقار؟ فهذا وهم على وهم. 7 - الصحيح إن الموسيقار ليست رومية بل أرميه وهي مركبة من موسيقى اللاتينية ومن (كار) الفارسية أي مهنة. ومحصل معناها، من مهنته الموسيقي. قلنا، ولما نحتها الآرميون ركبوها من موسيق (المحذوفة الآخر) ومن كار ليتيسر النحت وليس من موسيقى بالآلف في الآخر. 8 - تأويل الزيادة المذيلة لموسيقار لا يوافق رأي الآرميين. فأنظر كم غلطاً في كلام نصر الهوريني وهو لغوي القرن الماضي. هذا من جهة عبارة نصر الهوريني وأما عبارة الفيروز أبادي فهي لا تخلوا أيضاً من غرابة، فقد قال (في معرفة الموسيقي بالرباب)، فلو قال مثلاً: (في معرفة

باب التقريظ

موسيقي الرباب) لفهمنا: أما الموسيقي بالرباب، فمن التعبير الذي يأنف منه ذوق العربي الصميم. - وهذه العبارة الغريبة موجودة في جميع النسخ الخطية والمطبوعة فليست مدسوسة فيها كما قد يتوهم القارئ بل هي من الأصل الصميم. - ولا تعجب من ذلك ففي القاموس من التراكيب والألفاظ ما يدل على أن المجد قد غلط في كلامه كما غلط غيره، وأغلط أنا، وتغلط أنت؛ لأن العصمة لله وحده. بابُ التَقريظ مجلة التربية والتعليم مؤسسها أبو خلدون ساطع الحصري إذا لفظنا اسم الأستاذ ساطع بك، فهم الناس حالاً أنهم أمام رجل متخصص في (التربية والتعليم) وكنا نتمنى منذ زمن مديد رؤية مجلة تسدد أقدام الطلبة والمعلمين في طرق العلم والعرفان، وإذا حضرة الأستاذ الكبير يحقق ما في صدرنا من الأمنية. فقد أصدر مجلة برز منها الجزء الأول في 1 ك2 من سنة 1928، وسمها مجلة (التربية والتعليم) وحشاها فوائد وعوائد وهي في 88 ص بقطع مجلتنا. وفي هذا الجزء الأول ثلاثة ألواح حسنة الرسم، علاوة على ما ذكرناه من الوجوه. ومن مقالاتها: تيارات التربية والتعليم - دستور أخلاقي للأطفال (معربة) - التربية والتعليم في الأرياف الإنكليزية - تحليل وانتقاد كتاب روح التربية - منشور حقوق الطفل - تأبين بستالوتزي - حديقة الأطفال في الهواء الطلق - مدرسة المعلولين - المصارف في أستونية - التعليم الزراعي في بلغارية. . . ويلي المقالات ملحقان: ملحق عملي وفيه: المدرسة - خطط دروس. . . وملحق أدبي وفيه دروس في تاريخ آداب اللغة العربية. وفي كل ما ذكرناه من المنافع الجمة ما لا يتحققها إلاَّ من يطالعها. فنتمنى لها النجاح والانتشار في جميع الديار.

باب المشارفة والانتقاد

بابُ المُشَارفَةَ والانتقاد دروس في صناعة الإنشاء تتمة 4 - تعمية الحقيقة إن الكتاب مشتمل على آراء مختلفة منها الصحيح ومنها السقيم ومنها الناهض ومنها الساقط وبعضها للمؤلف نفسه وبعضها للكاتب الفرنسي وبعضها مستنسخ من الكتب العربية بعد مسخه! ولم يعز كل شئ إلى مصدره مع إنا نعلق على معرفة المصادر أهمية كبرى إذا نحن حاولنا تقدير قيمة الكتاب وقيمة تعب المؤلف والمنة التي حملها عاتق الأدب العربي أو - بعبارة أوضح - عاتق العراق!!! كما يتوقف على ذلك وضع سعر لكل نوع من تلك الآراء الملفقة التي يقودها عدم الاختصاص ويزعها ضعف الملكة في العربية وآدابها. لكن شاء عز الدين أن يطمس الحقيقة لأمر في نفسه ولم يعز لنا إلاَّ النادر. وإليك نموذجاً مما ترجم عن نيقول مثلاً ص27 (رجل لم يرع حرمة لرجل آخر: (إنه. قال بعضهم لمتكبر سفيه) ولربما ذلك لنسيان طرأ عليه وقد يدل على الخجل أو التأمل كما قد يدل على العي أو البلاهة أحياناً) هذا نص عبارته بعجرها وبجرها. فانظروا بالله عليكم أيعز على عامتنا - بله خاصتنا - أن يأتوا بصورة من مثله؟ ومنه ما جاء في ص17 قال (بوالو) صاحب صناعة الشعر ما تعريبه نثراً (يتأثر البيت من الشعر بسفالات القلب دائماً) كأن هذا التركيب الركيك لا مثيل له أو أحسن منه وفي أمثالنا (الكلام صفة المتكلم) مع ظهور وجازة هذا ومتانته وحشو ذاك وفجاجته وأحسن من عبارة (بوالو) أن يقال

(إن الشعر ليشرف بشرف القلب ويخس بخسته) فأن كلمات هذه الجملة مساوية لكلمات الجملة الأولى مع مضاعفة المعنى وبهاء التركيب وهذا مما يشجعنا على أن لا نقلد الغربيين تقليداً أعمى. 5 - قيمته الإدراكية إدراك الكاتب ينبوع لآثاره الصادرة عن قلمه فلا غرو أن تكون معرفة قيمة ذلك الإدراك سبيلاً إلى معرفة قيمة تلك الآثار لذلك أود أن أزن أدارك المؤلف لتكون هذه المادة نبراساً يستضاء به في ممارسة بقية المواد في ص39: (ويكون مثله مثل ذلك الرجل الذي. . . بدا له طريقان فسلك أشدهما ظلمة وترك أوضحهما نوراً. . .) وههنا أشكال وهو أنه: هل يجوز أن يقال (زيد أسخى من عمرو وعمرو أبخل من زيد) لأن الجملة الأولى تقتضي إسناد شديد إلى زيد وإشراك عمرو فيه فإذا قيل على أثرها (عمرو أبخل من زيد) كان إسناداً لبخل شديد إلى عمرو الذي وصفناه بالسخاء آنفاً وإشراكاً لزيد في البخل بعد وصفه بالسخاء الشديد ولا يخفى ما في ذلك من تناقض. وأن استطاع التملص من هذا لم يستطع التملص مما يأتي فقد قال في ص43 (ولنقابل بين مطالعتنا وتجاربنا. - ولماذا لا نلتذ أحياناً بمطالعة كتب بعيدة الشهرة؟ إنها لم تمتعنا إلاَّ لأنا لم نهتد للفائدة العامة منها) فيكون مآل العبارة: إنها أمتعتنا لعدم اهتدائنا للفائدة! ومعيار ذلك أن النفي إذا نقض بإلا، كان إثباتاً فإذا قلت (لم أكرمك إلاَّ لأنك لم تكذب) كان المعنى: إني أكرمتك لعدم كذبك فإذا وضعنا (لم تصدق) مكان (لم تكذب) كان المعنى: إني أكرمتك لعدم صدقك ولا يخفى ما فيه! 6 - التلفيق دون تبصر من ذلك قوله في ص13 (ومن السليقية أن لا يميل الكاتب الحضري إلى التقعر واستعمال الغريب) فيقال: ما الغرض من التقييد بالحضري؟ وليس عندنا بدوي فيحترز منه الظاهر أنه نقل هذه العبارة من كتاب ألف أبان

دخول العرب في طور الحضارة فكان مجددو ذلك العصر ينهون الكتاب عن استعمال ما علق بأذهانهم من الغريب لقرب عهدهم بالبداوة فنقلها المؤلف على علاتها ذاهلاً عن كونه يؤلف في العصر الحاضر. فما أجدره أن يبدل بكلمة (الحضري) كلمة (العصري)! ومن ذلك قوله في ص20 (ولا ريب في أن أحرار التلاميذ الالباء لا يرضون أن يكون لهم منطق العبيد والإماء) وأدراج هذه العبارة على النسق المشهود الذي لا يلائم ذوق العصر الجديد لا بد أن يكون ناشئاً عن السبب الذي قدمناه. ومما له علاقة بالمادة قوله في ص59 (ومنها إلغاء خبر لوثقة بفهم المخاطب كما جاء في القرآن (ولو أن قرأنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض، أو كلم به الموتى، بل لله الأمر جميعا) فالخبر هنا مضمر) ومراده جواب الشرط وهو اصطلاح قديم غريب بالنسبة إلى التلاميذ غرابة الاصطلاحات الفيزيائية!!! 7 - التقليد الأعمى وهو مما لا يناسب مقام أستاذ في مدرسة راقية في عاصمة ذات شأن وليس غرضي منع التقليد فيما لا مجال للرأي فيه بل في الأمور التي للروية فيها مجال مثال ذلك أنه نبه في ص116 على نبذة من عثرات الأقلام ناقلاً إياها - بالطبع - عن بعض الباحثين المحدثين ومنها (لا يقال رضخ لأمر معلمه بل يقال خضع أو ائتمر بأمر معلمه) وصواب العبارة خضع للأمر معلمه أو ائتمر به لكنه نقلها كما وجدها على ما يظهر من سياق تعبيره. ومنها: (لا يقال مما يؤسف له أن. . . بل يقال مما يؤسف عليه. . .) ولم يشعر بأن المقلد (بالفتح) نفسه كان مخطئاً لأن الأسف إنما يتعدى بعلى إلى الأمر المحبوب الذي جرى عليه أمر مكروه أما الأمر المكروه فينبغي أن يقرن باللام. فتأمل. 8 - سوء هضمه للعربية إذا قيل أن الأستاذ عز الدين قد هضم العربية فليس معنى ذلك أنه أغتذى بها بل. . . وأن خامرك الشك فالصق ركابك بركابي في هذه الحملة المباركة

التي يراد بها إعلاء كلمة الأدب وإنقاذه من براثن التصنع! وقف معي على هضبة الصفحة 144 - 145 حيث تشرف على قوله (للاستفهام لفظتان الهمزة وهل. أما الهمزة فيستفهم بها عن التصور و. . . حكمها أن يليها المستفهم عنه مطلقاً. . . ولك أن تذكر معها معادلاً. . . وأما هل فلا يطلب بها إلاَّ التصديق وحده ولذلك لا يذكر معها معادل. . . فيمتنع أن تقول هل جميل نجح أم خليل. . . لأن المراد تعيين أحد الأمرين. . . والجمع بينهما بأم يؤدي إلى التناقض) اهـ. المقصود ملخصاً وأن شئت مزيد إيضاح فراجع الأصل. ثم قف معي على ص14 و54 و83 تجد المؤلف نفسه يقول في الأولى: (هل التأني في الكتابة أنفع أم الاستعجال؟) ويقول في الثانية: (هل هي حق أم تشبه الحق؟) ويقول في الثالثة: (أهو بين أهله أم مكفول في أسرة أخرى؟) مع أن السؤال عن الظرف. فهل يحتاج الباحث بعد هذا إلى شاهد أخر على ما تقاسيه العربية في مهدها؟ فكيف لو علم أن الأستاذ! ينتصب لامتحان بعض المرشحين للتدريس الثانوي؟!!! 9 - قيمته الأدبية قال في ص13 قال أحد شعرائنا المطبوعين على الشعر: ولست بنحوي يلوك لسانه ... ولكن سليقي أقول فأعرب فأقول هذا البيت يشرح نفسه بنفسه لوضوحه، ويترجم عن صاحبه إنه إنما أراد الانطباع على الإعراب لا على الشعر كما يدل عليه قوله (بنحوي) وقوله (فأعرب) ولم يقل (عروضياً) ولا فأوزن). 10 - قيمته اللغوية جاء في ص5 قوله (مما يمليه في رسالته) والإملاء الإلقاء على أخر للكتابة وهو يقتضي وجود شخصين متغايرين ملق وملقى عليه. أما المؤلف فأستعمل الإملاء استعمال ساذجي كتاب الدواوين إذ يقول أحدهم أمليت الدفتر وذلك بحكم وراثة الاصطلاحات التركية. وفي ص12 قوله (استقرى) بالنقص بمعنى أستقرأ المهموز ذهاباً منه إلى أن الهمزة في الاستقراء منقلبة عن حرف علة كالاستخذاء مثلاً.

وفي ص142 (بسبب الضعف المنهك) بالزيادة والصواب التجريد لأن الإنهاك بمعنى المبالغة في العقوبة. وفي ص155 (متأملين أن تهديهم) بمعنى مؤملين وهو من استعمال عوام الكتاب! ومن المضحكات؛ ولكنه ضحك كالبكا. . . و. . . قوله في ص115 (وعلى الطالب أن يضيف إلى الجدول التالي ما يؤشر عليه معلمه) ك (يقشر). وشرح ذلك أن (أشر) لا مادة لها في العربية إلاَّ إذا كانت من (الأشر) أي البطر أما (أشار) فلو جاز أن يقال منها (أشر) لجاز أن يقال (أرد) من (راد) و (أقم) من (أقام) و (أعد) من (أعاد) و (أفد) من (أفاد) الخ. بتشديد الحروف الثانية من الجميع. وإذا وزنا (أشر) وجب أن تكون (أفل) بالتشديد لأن الهمزة زائدة والشين فاء الكلمة والعين محذوفة ولا يخفى ما فيه! فاللهم تدارك لغة كتابك كما تتدارك أفلاذ أكباد الأمة. وتالله أن الأغلاط الشائنة لفاشية في الكتاب فاقتصرنا منها على ما تيسر. 11 - قيمته النحوية جاء في ص3 قوله (جمة تكاد لا تحصى) ولم يرد في القرآن وهو الأمام في مثل هذا الشأن إلاَّ تقديم حرف النفي على كثرة الورود كقوله تعالى (إذا أخرج يده لم يكد يراها) وقوله (ولا يكاد يبين) وقوله (لا يكادون يفقهون قولاً) وقوله (لا يكادون يفقهون حديثاً). وفي ص39 (قال الفضل بن سهل للمأمون وهو بدمشق مشرف على غوطتها والصواب (مشرفاً). وفي ص49 (والطلاب الذي يريدون) بأفراد أسم الموصول! وفي ص140 (وأن كان العدد مضافاً أدخلت أداة التعريف على التمييز المضاف) فلعل حضرته يظن حتى اليوم أن المضاف هو الكلمة الثانية على الطريقة التركية أو الإنكليزية! وقال في ص150 (والعطف لا يجتمع مع الاستثناء) ومفاد كلامه أنه لا يصح أن يقال (خرج التلاميذ إلاَّ علياً وجميلاً) فتأمل. فإذا تغلغلت هذه الأغلاط المخزية في أذهان تلاميذ الصف المنتهي فأين - ليت شعري - يغسلون عنها الأدران بعد تخرجهم؟ حاشية: وههنا أسأل أهل الأنصاف: أيجوز لمن لا يفرق بين المقصور والمنقوص أن

يتعرض لشؤون العربية وآدابها، بل يتصدى لامتحان معلمي الثانوية، وهو الذي يقول في مقالة منشورة في الجزء الأول من مجلة الحرية المحتجبة ص77: (من تلك الشوائب إهمال تنقيط المقصور للتفريق بين أمثال الاسم علي والحرف على (ومراده بالمقصور المنقوص ولم يكتف بهذه المأساة حتى مثل بالاسم (علي) الذي ليس منقوصاً ولا مقصوراً. أن هذا لما تنشق له مرائر الأحرار! وفي ص102 (ويعربوا فقط عن إحساسهم) بتقديم فقط مع اقترانها بالفاء المقتضية للترتيب وهذا من محاك دعوى التضلع من علم النحو. . . وفي ص70 وأن غمض عليك ما هو سبب الغموض. دون ربط الجواب وأمثال ذلك كثير. 12 - قيمته الصرفية إذا أردت أن تعرف طول باع عز الدين في الصرف فعليك أن تراجع ص120 و 103 لتجد حضرته يصوغ من (سر) أسم فاعل على (مسر) حيث جاء في الأولى قوله (فقد تكون كما رأيناها مسرة) وجاء في الثانية قوله (وهي مسرة جداً) فلتسكب عينك العبرات يا أيها القارئ الشهم. 13 - التحريف التحريف قبيح وأقبحه ما كان في القرآن كنقله قوله تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً) بإسقاط الظرف. وكنقله قوله تعالى (ص146) (وأن قيل لكم أرجعوا فأرجعوا) بإسقاط الفاء الرابطة لجواب الشرط وأنكى من ذلك وضع ما يسمونه بالإفرنجية (الوركول) أي الفاصلة مكانها فيالله للمسلمين. مع إنا لو عرضنا الآية. على رجل غير مسلم وكان عنده المام بسيط بالعربية لشعر بالفراغ الحاصل من حذف الفاء. 14 - درجته في البلاغة يتبين ذلك من خبطه في الأمثلة كقوله في ص123 في بحث المجاز المرسل: (وهذه العلاقات كثيرة منها السببية من قولك لك عندي يد بيضاء أي نعمة لأن سبب

النعمة هي اليد) وليته اكتفى بذلك بل عطف عليه قوله (ومثله: (على العربي في العراق ومصر أن يلبس القطن الذي يزرعه). ولعل أساتذة الفلسفة لا تقر له هذا التمثيل لأن القطن مادة الملبوس فهل يجوز أن يكون السبب داخلاً في قوام المسبب؟ وليس من غرضي التعرض لصحة التعبير. 15 - قيمته الإملائية جاء في ص39 (باليل) بلام واحدة وفي ص3 (المنشئ) والصواب المنشئ وفي ص4 أن (ينشئي) والصواب أن ينشئ. وفي حاشية ص5 (آثارها للزراعة) والصواب أثارها بالهمزة لا بالمد في ص70 (بني المجد بيتاً فاستقرت عماده علينا فأعيى الناس أن يتحولا) والصواب فأعيا بالألف لاجتماع ياءين وفي ص58 (الكلاء) بتأخير الهمزة عن الألف والصواب أجلاسها عليه وعكس ذلك ما في ص133 (جأني) بإجلاس الهمزة على الألف مع أنه قال في ص111 (ومما نشدد أيضاً به تجنب أغلاط الرسم التي ترتكب أحياناً) فتأمل يا أيها الرجل. . . 16 - قيمته التاريخية ما أدري ماذا قصد عز الدين من دس بعض نكات دقيقة في كتبه التي يؤلفها لأجل العراق! كقوله في حاشية ص19 (ولم يحفظ القرآن من الخلفاء سوى عثمان بن عفان والمأمون) فحصر حفظ القرآن في خليفتين وما أدري كيف أستقرأ أحوال الخلفاء واحداً واحداً حتى قطع بهذا الحكم وأقدم على هذا الحصر فأما أن يكون مقلداً تقليداً أعمى وأما أن يكون له في ذلك مآرب أخرى! 17 - درجته في البيان يمكنك أن نفهم درجة المؤلف في البيان من نحو قوله في ص69 في قسم التمارين (وكان الذي عصر الخمر طويل النجاد) ولا مناسبة بين عصر الخمر وطول النجاد ومثل هذه الدقائق مما لا ينبغي أن يذهل عنها أو يجهلها معلمو الإنشاء. ومما يؤكد دعوانا ما أورده للقارئ مستطرداً - من مقالة للمؤلف منشورة في الجزء الأول من مجلة الحرية المحتجبة وهو قوله (بأسلوب عذب مذاقه

مطرد سياقه تدفأ بمثله القلوب الشيمة) فقوله (تدفأ بمثله القلوب الشيمة) كناية عن الارتياح والاطمئنان وهو مما ينافي الذوق العربي لأن العرب يكنون عن الارتياح والاطمئنان بقولهم (ثلج صدره) 18 - تفخيم الكتاب بمسائل ابتدائية لا يكاد الطفل يجتاز الصف الرابع الابتدائي إلاَّ وهو واقف على أن (أن) تضمر في خمسة مواضع وجوباً وموضع واحد جوازاً وذلك بعد لام الجحود وحتى واو وفاء السببية وواو المعية ولام التعليل على التفصيل المعروف في محله أما الأستاذ المؤلف فأنه ظن هذه البسائط من الأمور القصية المنال فتكلف التنبيه عليها لغير طائل راجع ص141. 19 - خاتمة قد هديت بحمد الله تعالى إلى فلي الكتاب والتقاط ما أنبث فيه من الجراثيم الفاتكة بلغتنا العزيزة وآدابها، بملقط دقيق، بأنامل رفيقة، واقتصرت من ذلك على ما تسنى للقلم الكسير حصره ورده إلى إحدى المواد السابقة. أما ما لم يمكن حصره من الحشو وسوء السبك ومخالفة الفصيح الأمور المفسدة للذوق المخلة باللهجة فأعرضت عنه لأن هذا الجزء خاتمة المجلة والوقت أضيق وأغلى ثمناً من أن أؤلف كتاباً ثانياً في تفنيد هذا التصنيف وتزييفه وأني لأرجو أن يكون ما هيئ لي كافياً لأن يتخذ معياراً - في تقويم الكتاب ووضعه في منزلته اللائقة به! وكيفما كان فأن كتاباً يرمى به إلى تثقيف أذهان التلاميذ وإسباغ حلة قشيبة على رشيق البيان لا يستغنى عن تفويضه إلى رجل ذي بصر في العربية ليقوم بتنقيحه وتشذيبه وإلاً كان وبالا على الأقلام وأرباب الأقلام من النشء العزيز. بصر الله أولياء الأمور طريق واجب البلاد وسدد خطاهم في توسيد شؤون العربية إلى أربابها قبل أن تقوم ساعتها. أ. د

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخُ وَقائِعِ الشَهرِ في العِرَاقِ وَما جَاوَرَهُ 1 - الوزارة السعدونية انحلت عرى الوزارة العسكرية في الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني من سنة 1928 وأنشئت الوزارة السعدونية خلفاً لها فأصدر جلالة ملكنا المحبوب في 14 من الشهر المذكور مرسوماً لذلك يؤيد الوزارة الجديدة ودونك أعضاءها: عبد المحسن السعدون: وزير الخارجية ووزير الدفاع وكالة عبد العزيز القصاب: وزير الداخلية يوسف غنيمة: وزير المالية حكمت سليمان: وزير العدلية سلمان البراك: وزير الري والزراعة عبد المحسن شلاش: وزير المواصلات والأشغال توفيق السويدي: وزير المعارف الشيخ أحمد الداود: وزير الأوقاف. 2 - ممثل العراق في تركية عين صبيح نشأت بك ممثلاً لدولتنا في تركية فذهب إلى أنقرة في 19 ك2 من سنة 1928 ومعه كتومه الأول وفؤاد خياط وكتومه الثاني محمد حمدي. 3 - حل مجلس النواب في 19 من ك2 سنة 1928 أجتمع مجلس النواب وفي صده داود الحيدري نائب الرئيس فتليت الإرادة الملوكية بحل المجلس لعدم وجود الموازنة في الأحزاب في وقت يجب أن تطلع الحكومة على رأي الشعب للمصالح الحيوية التي تبدو له في أفق المستقبل - كالمعاهدة العراقية، الإنكليزية - والاتفاقيتين المالية والعسكرية، ومشكلة الدفاع عن الوطن، فحل المجلس بلا أدنى حركة بدت من أي كان. 4 - دفائن أور وجد في منتقثات أور الكلدان دفائن وآثار عديدة عهدها منذ 3500 سنة قبل المسيح ومن جملتها عدة للخيل، وعجلة (عربة) من الذهب الأبريز، وطائفة (طاقم) من أدوات الزينة والتبرج مرصعة حلاها باللآلئ والحجارة الكريمة، وآنية كثيرة من الفضة والذهب. ومما يسوء العراقيين أن أخبار

دفائنهم يتلقونها عن جرائد لندن وأوربة ولا يتلقون أدنى خبر من أصحاب الحفر في بلادهم، وهي إهانة تصغر بين يديها سائر الإهانات! وكان يجدر بمتولي البحث مواصلة أصحاب الصحف في العراق ولو كان ذلك بوجه الإجمال، مبقين التفاصيل المطولة لصحفهم الإفرنجية. 5 - أعمال دائرة الري في الرمادي دونك بيان المشروعات التي قامت بها دائرة الري في أنحاء الصقلاوية في شهر كانون الأول من سنة 1927: 1 - إقامة قناطر فوق البزل. 2 - بناء خزان في صدر نهر أبي غريب وجعل مثاعب فيه. 3 - مسح أراضي المكائن. 4 - إكمال كري (حفر) شاخة (قناة أو فرع نهر) ألبو عيسى. 5 - تطهير جدول علي الخنفر. 6 - إكمال تطهير روف بنات الحسن. 7 - تهيئة أراض لزراعة الشتوي في الأراضي المسنحة قرب مزرعة الشلب. 8 - تطهير بعض جداول أم الواوية. 6 - دخل سكك الحديد العراقية بلغ دخل هذه السكك في الأسبوع المنتهي في اليوم 10 من كانون الأول من سنة 1927، 199. 620 ربية يقابله في مثل هذا اليوم من السنة الماضية 194. 202 ربية. 7 - الاضطراب في عربستان (أي خوزستان) تفيد الأنباء الواردة من جنوبي إيران أن الحالة مضطربة في ولاية خوزستان القديمة المعروفة اليوم بعربستان وقد أخذت الفتنة تتجسم حتى يخاف اليوم من نتائجها المشؤومة. والظاهر أن هذا كله ناشئ من امتناع الفلاحين - وجلهم من العرب - عن دفع ضرائب تسير سيراً متصاعداً في الثقل والعظم يجبيها رجال أقسى قلباً من صم الجلاميد. فحاولت الحكومة الإيرانية في أول الأمر خنق الفتنة وهي طفلة في مهدها بالعنف فقبضت على رؤساء العشائر وساقت أناساً إلى الأهواز وآخرين إلى خرماباذ (لا خورماباد كما جاء في الجرائد المختلفة من محلية وغير محلية) فاعتقلتهم فيها. فلما رأى العربي ما حل به من الضيم وما أحاق به من الظلم وهو أبي النفس، ثار سكان القصبة - وهي قرية واقعة بازاء الفاو - على رجال الحكومة وطردت الموظفين الإيرانيين واستولت على الدوائر، فأسرعت السلطة العسكرية في خوزستان إلى

إرسال حملة عسكرية من 150 رجلاً إلى (القصبة) لإجبار الفلاحين على دفع الضريبة فأبى المظلومون فنشبت بين القبيلين معركة حامية دامية أسفرت - على ما يقال - عن وقوع ستين قتيلاً من رجال العشائر وهو عدد غير قليل. عند هذه النتيجة ثارت حفائظ العرب فأندلع لسان الثورة كالنار في الهشيم وامتدت إلى جميع أنحاء الولاية. فعزمت الآن الدولة الإيرانية على حصر هذه النار في محلها وخنقها بإرسال عدد من الجند أوفر من السابق يأتون من الأهواز وسوف نرى ما تكلفها هذه الزحفة من النفقات وزيادة الحفائظ في القلوب. 8 - هجوم الأخوان على ضواحي الكويت في 4 من ك1 سنة 1927 هجمت قوة من الغزاة الأخوان وعددهم خمسمائة مقاتل على قرية بجوار (الجهرة) الواقعة في داخل حدود إمارة الكويت ويحتمل أن تكون هذه القوة قسماً من الحملة الكبيرة التي على رأسها الشيخ فيصل الدويش وقد وقعت معركة بين الغزاة والقرويين فنهب الأولون الآخرين أباعر وغنماً، ثم تقهقر الغزاة بسرعة نحو الجنوب. 9 - عود سيمكو إلى النهب عاد سيمكو إلى السلب والنهب وهو اليوم على رأس عصابة أعضاؤها ثلاثون وديدنها النهب والسلب وقطع الطريق وإنزال الرعب في قلوب سكان منطقة (سيدكان) فأضطر أهالي خمس قرى من تلك الأرجاء إلى الفرار من قراهم فأستاقوا مواشيهم أمامهم وحملوا أثقالهم ولجئوا إلى مواطن أمينة. ويقال. أن الحكومة عرضت عليه أن يسكن هو وأشياعه في (هور) هناك إلاَّ أنه أبى ويخشى أن ينضم سيمكو إلى الشيخ أحمد برزان المغرم بالثورات فتزداد قوته ويتفاقم الشر بيد أن الحكومة ساهرة على مصالح رعاياها وهي تعرف كيف تؤدب أولئك البغاة ليخلدوا إلى الأمن والسكينة ويعلموا أن الأيام القديمة قد زالت وأصبح الخروج على الحكومة حديث خرافة!. 10 - إخلاء (أم الجمال) تقول برقية واردة من عمان في 5 ك1 إن الفرنسيين أخلوا موطن أم الجمال الواقع عند ملتقى الحدود العراقية والسورية بحدود شرقي الأردن: وذلك أثر المفاوضات التي دارت بين سلطات شرقي الأردن وبين السلطات في القدس.

11 - بين الترك والكرد أرسلت الجمهورية التركية في شهر ك1 من السنة المنصرمة ثلاث طيارات مع قوة كبيرة كانت في ديار بكر للتنكيل بالأكراد التابعين للشيخ سعيد الكردي المشهور بفتكاته والساكنين في قضاءي (حيني) (والترك تفسد الكلمة فتقول هيني) و (ليجة) من ملحقات ديار بكر. فمثلت تلك القوة بأهالي القضاءين وقتلت من وجوههم وأماثلهم نحو اثني عشر ثم جالت في تلك القرى وقتلت زهاء 300 من السكان، وقبضت على كثير منهم وأفرغت نحو 80 قرية من سكانها وأحرقتها بعد أن سلبتها مواشيها وأرسلتها إلى ديار بكر فبيعت فيها. وفي تلك الأثناء هرب أخو الشيخ سعيد ومعه نحو 200 رجل وقراب 40 امرأة من عشائره. فلجئوا إلى أراضي سورية، وكانت الطيارات في أثرهم تتعقبهم وتقذف قنابلها عليهم. فقابلها الكرد الفارون بالرصاص فأنزلوا واحدة منها بقرب جبل (قره جواغ)؛ ولم تزل بقية الطيارات تتقفاهم حتى رأس العين فلاذوا حينئذ بحكومة سورية وأنقطع تأثر الترك لهم، إذ قبلت (دخالتهم) وأسكنتهم الحسكة 12 - نفوس قضاء الموصل بلغ عدد نفوس سكان مدينة الموصل بموجب الإحصاء الذي بدئ به في غرة ت1 إلى غاية 14 ك1 في سنة 1927 (78. 397) ما عدا الأجانب والجند المرتزقة إذ لم يعمل تعدادهم ثم ذهب أعضاء لجنة الإحصاء إلى نواحي القضاء أي الشورة والشرقاط وقرقوش وحميدات وتلكيف للغاية نفسها. 13 - نفوس علي الغربي وقلعة صالح بلغ عدد نفوس قضاء علي الغربي

5002 منها 2484 من الذكور و 2524 من الإناث وبلغ عدد نفوس قلعة صالح 3032 منها 1448 من الذكور 1584 من الإناث. 14 - إنشاء مخافر في بابا كركر لما انفجرت عين النفط في بابا كركر في ليلة 14 ت1 من سنة 1927 انفجاراً شديداً هائلاً أقامت فيها حكومتنا خمسة مخافر على طول مجرى النفط الممتد إلى مسافة 17 ميلاً، وذلك لمنع الآهلين من الدنو من المنطقة المذكورة. وفي ليلة 20 من الشهر المذكور أخليت قريتا (حسين آغا) و (قزليان) المجاورتان لها خشية وقوع ضرر يلحق بأصحابهما. وقد تقاطر العمال من كل جهة للقيام بالأعمال المهمة في سد البئر التي انفجرت فيها العين. 15 - الأمن في لواء بغداد بلغ عدد الجرائم الكبرى التي وقعت في جميع أنحاء لواء بغداد خلال شهر أيلول 192 وعدد الجرائم الصغرى 1396 وفي شهر تشرين الأول 139 و1224 وكل ذلك في سنة 1927. 17 - كرى نهر المشرح كرت الحكومة نهر المشرح (في لواء العمارة) وسيكون له الأثر الحميد في الزراعة. 18 - ابن الرشيد في منفاه ومصيره وأيامه الأخيرة كتب أحد الأدباء في العدد 1068 من العراق مقالاً هذا بعض ما فيه: كان الأمير محمد بن طلال من آل الرشيد سقط أسيراً في يد ابن السعود سنة (1340هـ) (1921م) بعد احتلال (حائل) وتسفيره وأقاربه إلى (الرياض). ولما وصل إلى حاضرة نجد وضع في سجن هو قصر من قصور ابن السعود ووضع لحراسته ما يزيد على عشرين عبداً من عبيد صاحب نجد الذين يتكل عليهم في أهم شؤونه وأمرهم بأن لا يفارقوه قيد شعرة. وكانوا أمروا بأن يصحبوه حيثما يذهب حتى إلى بيت الخلاء لكي لا يتيسر له الهرب بأي وجه كان. وكان قد حظر عليه أن يجتمع بأهله إلاَّ مرة في الأربع والعشرين ساعة ويكون محاطاً بالحرس إحاطة السوار بالمعصم. وكان له غرفة خاصة به للنوم لا تسع أكثر من عشرة رجال. وكان ينام حوله فيها خمسة عشر عبدا من أولئك الصناديد العثاة وكان رأس أحدهم تحت رجل التالي أو فوقها، حتى إذا قام ليلاً لا يجد محلاً يضع فيه قدمه سوى

عضو رجل مدجج بالسلاح. وإذا خرج الأمير محمد بن طلال إلى المسجد أو إلى السوق تفرق أولئك العبيد ذات اليمين وذات الشمال يراقبون الماشيين حتى إذا رأوا رجلاً يديم النظر إليه، أوجعوه ضرباً. وحظر عليه مسك السلاح حتى السكين ولا يؤذن له بركوب الخيل إلاَّ إذا عن لأبن السعود أن يركب أسراه من مشايخ العرب ويعدون بالمئات فيخرج بهم إلى الضاحية فيأمر الخيالة بالمسابقة والمطاردة أمامه ويلتفت إلى أحد الأسرى ويقول: كان فلان يوم كذا، يظن أنه يتمكن من مطاردتنا وها هو ذا اليوم ينقاد لأمر عبيدنا؟ وكان يرى محمد بن رشيد على فرس من أخس الخيل يحيط به عشرون خيالاً وعليهم أسلحتهم. كان الأمير محمد يفكر بالهرب ولم يجد وسيلة للفرار إلاَّ هذه الحيلة: أغتنم الأمير فرصة دخول خادمة عليه وبيدها الطعام حين دخوله على أهله فلبس ثيابها وخرج بها متحجباً كالمرأة. فما كاد يصل إلى خارج القصر حتى أدركه العبدان وأخذوه إلى ابن السعود بتلك الثياب. فلما سأله عن سبب خروجه بذلك الزي قال الأمير: لم أر عمتي فأحببت أن أذهب إليها بهذه الحالة لكي لا يشعر بي أحد أما أنت ففسر هذه الأمر كما تحب وتريد. ومنذ ذاك الحين أضمر له ابن السعود الانتقام، فكان يتطلب فرصة للفتك به، فأنتهز فرصة ما شاع من أمر المؤامرة على اغتياله لعزو هذا الغدر إليه. فأمر ابن السعود بقتله تخلصاً منه فقتل مع أن المتآمر على اغتيال صاحب الحجاز هو محمد أخو عبد العزيز، والذي أراد أن يقوم بتحقيق الفكرة هو ابنه خالد. وهكذا كان آخر أيام ابن الرشيد. وحينما علم ابن السعود بحقيقة الأمر أتلف قتلاً عشرين من عبيد محمد أخيه وحبس خالداً. وأما محمد نفسه فبرئت ساحته لأنه حلف بأنه لم يعلم بهذه المؤامرة ويقال: إن عدد المتهمين بها عدد جم من أعاظم رجال نجد وفي نيتهم أن يحققوها بالفعل مهما كلفهم الأمر من ركوب الصعاب. 19 - الودي في عشائر شمر سورية يروى أن الشيخ دهام الهادي والشيخ مشعل الفارس انتهيا من جباية الودي (ضريبة الآباعر) من عشائر شمر المحتلة ديار سورية فاستوفى الشيخ دهام ودي عشيرة (الخرصة) وجبى الشيخ مشعل الفارس ودي (الثابت) و (والفداعة) من عشيرة (سنجارة) مع ودي عشيرة (العمود).

العدد 55

العدد 55 سنتنا السادسة نعاني من الخسائر في إصدار هذه المجلة ما لا يمكن أن ينكر. ومع ذلك نثابر على متابعة وإبراز هذه الخزانة لعلمنا أن أوائل الأمور هي من أصعب ما يكافحه المرء إذا أراد النجاح في ما يتوخاه: وسوف نداوم على ما عقدنا عليه النية، مهما قام في وجهنا من العقبات وقاومتنا الشدائد. وكنا قد وعدنا القراء بأننا نريد صفحات كل جزء 16 صفحة، لتظهر في الثمانين وها نحن أولاء نبر في وعدنا. ومما قصدنا إدخاله في هذه السنة، أننا ننشر تراجم كتبة هذه المجلة من الأحياء ليكون القارئ، على بينة مما يطالع، ويعرف قدر صاحب المقال. ولا ننشر في الجزء الواحد إلا ترجمة واحدة لا غير، ونتحاشى عن ذكر المبالغات، إذ بحث المرء نفسه يكشف مزايا صاحبه ومنزله من العلم والعرفان. ونحن نشكر القراء، والمشتركين، وأصحاب المقالات، على ما يؤازروننا به، كما نشكر لأعضاء لجنة النشر لمساعدتهم لنا في كل ما يوافقون على نشره ولا ننسى ملاحظاتهم على ما نكتبه نحن أو يكتبه غيرنا في هذه الصفحات.

منارة جامع سوق الغزل

منارة جامع سوق الغزل - لم يكتب أحد عن منارة سوق الغزل قبل نحو ثلاثة قرون سوى الإفرنج أما البغداديون أو غيرهم من العراقيين أو سواهم فلم يرصدوا لها نبذة ولا مقالا بل لم يذكروها ذكرا. ولما أحتل البريطانيون بغداد، ذهب مهندسوهم إلى رؤية المئذنة وفحصوا ما حواليها، فخافوا سقوطها وأتلافها البيوت التي في جوارها إذا هوت فتدفن حينئذ أصحابها تحت الردم، فعزموا على هدمها حقناً لدماء الخلق فأوعزت السلطة المحتلة إلى أحد الأدباء المشاهير أن يكتب مقالا ينشر في جريدة العرب (في سنة 1918) ليهيئ الأفكار لقبول هذا الخاطر الذي اقلق أرباب السلطة المحتلة. فذهب صاحب الجريدة المذكورة يومئذ إلى السر برسي كوكس وافهمه أن لا خطر على هويها لأنها أصبحت كالصخرة الواحدة وقد مضت عليها السنون وهي في تلك الحالة التي يظن أنها خطرة وليست بها. فلم يقنع الحاكم المذكور بما قيل له لأنه آلى على نفسه أن ينسفها بالبارود كما نسفت مدخنة (العباخانة) تلك المدخنة التاريخية التي بنت في نحو 1869 وكانت آية في البناء والمتانة والجمال. فلما رأى مدير الصحيفة المذكورة أن صاحب الزمام لا يرجع عن عزمه، أسرع فاخبر بالأمر المرحوم السيد محمود شكري الالوسي ليذهب ويقنع برسي كوكس بأن يعدل عن تحقيق ما دار في خلده؛ فذهب الالوسي مع مدير جريدة العرب - وهو صاحب هذا المقال - وحملا الحاكم على أن يترك هذه المسألة الآن. إلى وقت آخر، ألم يرد أن يعدل عن رأيه، فقنع. وبعد سنتين كلف مهندس البلدية وهو المسيو شاقانيس الفرنسي بأن يقوي كرسي المئذنة بما عنده من الوسائل ففعل، وهي اليوم قائمة على ساقها كما كانت سابقا وتضحك من كل من حاول أن ينظر إليها نظرة إلى شيخة متغضنة. أما مسألة بانيها أو معيد بناءها فبقيت غامضة اشد الغموض الغموض، وكل من كتب عنها من الإفرنج منذ نيبهر إلى يومنا هذا، وكذلك قل عن كتبتنا في

هذا العصر، فأنهم جميعهم لم يتفقوا في أقوالهم عن بانيها أو معيد بنائها؛ أما الآن وقد أخذ صديقنا المحقق البحاثة يعقوب نعوم سركيس ينشد عن صاحبها في كتب التاريخ، فلم يبق ريب في معرفة صاحب هذه المئذنة التي هي زينة الحاضرة ومفخرتها على تعاقب الأيام وهانحن أولاء نزف هذه العروس، عروس الفكر، إلى محبي التاريخ والتطلع إلى الحقائق الراهنة. (لغة العرب) (صورة) منارة جامع سوق الغزل وفي جانبها على يدك اليسرى قبة كنيسة الآتين.

جامع سوق الغزل غير جامع الرصافة

في نحو وسط جانبنا الشرقي من بغداد، في محلة سوق الغزل اليوم منارة منفردة لجامع قديم باسم المحلة، كانت في رحبة من الأرض مستطيلة قليلا تكسيرها نحو خمسمائة متر. وفي ثلاث من جهاتها أبواب لدور حقيرة. ثم منذ نحو ثلاث سنوات أحيطت الرحبة بجدار ارتفاعه نحو مترين ونصف. وفي هذه العرصة تباع الغنم صباح كل يوم. والمنارة في نحو وسط هذه الرحبة وهي شاهقة البناء تشرف على المدينة وأنحائها من علو لا يماثله علة عندنا. وهي كذلك الشيخ الفرد النادر الذي شوهت وجهه تجعدات العتي لكنه لا يزال منتصب القامة متجلدا صابرا على حلو الأيام ومرها. وصبر المنارة على عوامل الطبيعة دليل باهر على تقدم فن الريازة في ذلك الزمن وعلى انتقاء الرزاة مواد البناء من احسن أنواعها وإتقانهم صنع الأجر وغير ذلك. وبمقربة من المنارة في غربيها الجنوبي على بضع عشرات من الأمتار مسجد جامع بغير منارة معروف على الألسنة بجامع سوق الغزل. وإذا استقصينا الخبر من الماضي عن الجامع التاريخي القديم الذي بنيت له المنارة أجابتنا صحائف الأخبار أنه كان يسمى جامع الخلفاء قبل نيف وثلاثين قرون على أقل تقدير كما سيجيء. وبإيغالنا في تاريخه في ما قبل ذلك نجد أنه كان يسمى في القرن السابع للهجرة وما قبله (جامع الخليفة) أو (جامع القصر). جامع سوق الغزل غير جامع الرصافة نشرت جريدة (العرب) البغدادية - في عددها الصادر في 14 أيلول سنة 1917 والمرقم 38 - مقالة بغير توقيع عن جامع سوق الغزل أنه مع الرصافة وأن المنارة التاريخية منارته وشتان بين قولها وبين الحقيقة؛ ثم نقلت مجلة مرآة العراق تلك المقالة (1327هـ - 1919): ص من 8 إلى 9 من عددها الثاني. ومن الغريب أن كاتب المقالة بعد أن استشهد بابن الأثير عن بناء جامع

الرصافة في 159هـ (575م) شهادة لا علاقة لها بجامع الخليفة أو القصر أورد عن الرصافة وجامعها كلام معجم البلدان وهو ما يؤيد أن محلة الرصافة على مقربة من مرقد الإمام الأعظم أبي حنيفة. وهو المرقد الذي لا يجهله أحد في بغداد وموقعه في شمالها يبعد عنها نحو ثلاثة كيلو مترات في ما نسميه (الأعظمية) أو (المعظم) على اصطلاح آخر. وذهب أيضاً مختصر تاريخ بغداد القديم والحديث (ص 12 ح) إلى جامع سوق الغزل هو جامع الرصافة وأنه في محلة راس القرية. والصحيح أنه اليوم في محلة سوق الغزل. أن ما قاله الكاتبان لا يفوت الكثيرين لكني رأيت الأجدر أن أنبه على ذلك ولا سيما أن البحث عن جامع الرصافة وجامع الخليفة أو القصر متداخل بعضه ببعض أحياناً. ولهذا أورد شيئا مما كتب عن ذلك متبعا اتساق الكلام غير نلاحظ لتواريخ تأليف الكتب إذ غرضي البحث عن جامع الخليفة ومنارته وبنائها بعد بياني أن كلا من هذين الجامعين هو غير الآخر. قال في معجم البلدان: (رصافة بغداد، بالجانب الشرقي. لما بنى المنصور مدينته بالجانب الغربي واستنم بناءها، أمر ابنه المهدي أن يعسكر في الجانب الشرقي وأن يبني له فيه دورا وجعلها معسكر له فالتحق بها الناس وعمروها فصارت مقدار مدينة المنصور. وعمل المهدي بها جامعا أكبر من جامع المنصور واحسن وخربت تلك النواحي كلها ولم يبق ألا الجامع وبلصقه مقابر الخلفاء لبني العباس وعليهم وقوف وفراشون برسم الخدمة ولولا ذلك لخربت وبلصقها محلة أبي حنيفة الإمام وبها قبره. . .) اهـ. فلا أدري كيف تسنى لصاحب مقالة جريدة (العرب) والمرآة أن يوفق بين ما قرأه أن المهدي بنى جامعا بالرصافة وبلصقه مقابر الخلفاء. . . وبلصقها محلة أبي حنيفة وبها قبره، وبين ما يراه بعينه أن جامع سوق الغزل يبعد عن مرقد أبي حنيفة ما يزيد عن ساعة للراجل.

وجاء في مراصد الإطلاع ما في معنى ما ذكره ياقوت ثم قال: (وقد كانت وانقطعت العمارة عنها (عن الرصافة) فبنى المستنصر سورا حسنا بالآجر) وفي كتب مناقب بغداد ص 33 ما قوله: (قال هلال بن المحسن: عبرت إلى الجانب الشرقي من مدينة السلام بعد الأحداث الطارئة فرأيت ما بين سوق السلاح والرصافة وسوق العطش ومربعة الخرسي والزاهر وما في دواخل ذلك ورواصفه وقد خرب خرابا فاحشا حتى لم يترك النقض جدار قائما ولا مسجدا باقيا. وأما بين باب البصرة. . . من الجانب الغربي فقد أندرس. . . وصار الجامعان بالمدينة (مدينة المنصور) والرصافة في الصحراء أو بعد أن كانا في وسط العمارة.) أهـ وكان ابن جبير نزيل بغداد في سنة 580هـ (1184م) وهذا ما جاء في رحلته ص 226 من الطبعة الإفرنجية: (. . . وبأعلى الشرقية (الجانب الشرقي) خارج البلد محلة كبيرة بازاء محلة الرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط. وفي تلك مشهد حفيل البنيان له قبة بيضاء سامية في الهواء فيه قبر الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه وبه تعرف الملحة.) وورد ما يلي في المخطوط الذي عرفناه (بالحوادث الجامعة) قال: (وفيها (وفي سنة 653هـ - 1255 م) وقع بين أهل محلة الرصافة ومحلة أبي حنيفة والخضريين فتنة أفضت إلى محاربة شديدة استظهر به أهل محلة أبي حنيفة والخضرين على أهل الرصافة وطردوهم إلى باب المحلة وركهم السيف فدفعهم الليل فازدحموا للدخول فمات منهم جماعة نحو ثلاثين نفرا وحصروهم ومنعوا أن يدخل إليهم شئ حتى الماء من دجلة فاضر بهم ذلك فنفذ شحنة بغداد

من زجر أهل محلة أبي حنيفة وكفهم عن الشر ثم أنهم اقتلوا بعد أيام وخرج بين الفريقين خلق كبير وقتل جماعة واستظهر أهل محلة أي حنيفة) والخضرين على (أهل الرصافة) وباتوا تلك الليلة واستعدوا للقتال وعزموا على إحراق محلة أبي حنيفة وعبر من أهل باب البصرة لمساعدة أهل الرصافة خلق كبير. . .) ولا بأس من إيراد ما جاء في هذا المخطوط بهذا الشأن أيضاً غير مجتزئ بالنقاط الخاصة بالبحث لما فيه من الفائدة. وهذا قوله: (وفي هذه السنة (653) اتفقت أمور عجيبة وحوادث غريبة قد ذكرناها، منها: الغرق العام الذي اخرب أكثر بغداد لا سيما دار الخليفة والدور الشطانية من الجانبين وانتقال الناس من دورهم وتضاعف أجرة المساكن الشعبية في أطراف البلد. وغلبت الأسعار وتعذرت الأقوات وغرقت نواحي دجيل ونهر عيسى ونهر ملك (نهر الملك) والأعمال الفراتية: عانة والحديثة وهيت والأنبار والحلة والكوفة وقوسان. وذهبت الزروع وتلفت الأشجار وتهدمت الجوامع والمساجد كجامع المنصور وهو أول جامع وضع ببغداد ورباط الزوزني المجاور له والقبة الخضراء و (جامع المهدي بالرصافة) ومشهد عبيد الله والرباط المنسوب إليه وجامع السلطان و (جامع القصر) ورباط دار الذهب بعقد المصطنع. وبعض مسجد قمرية بالجانب الغربي. وحائط رواق المدرسة النظامية وعدة مساجد. وقيل أن رجلا ثقة تصدى لإثبات ما تهدم من الدور في الجانبين كان مبلغها اثني عشر الفئات دار وثلاثمائة ونيفا وسبعين دارا.) أهـ واخبرنا ابن بطوطة في رحلته وهو في بغداد في رجب سنة 727 هـ (1326 م) بقوله: (. . . وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه) أهـ. وهذا كاف لبيان موضع الرصافة وجامعها ومن ثم لرد قول جريدة العرب ومجلة المرآة وكتاب مختصر تاريخ بغداد القديم والحديث. وسيجيء في سياق الكلام ما يؤيد هذه الحقيقة.

ومما روته لنا مقدمة الخطيب ما ذكرته عن جامعي الرصافة والخليفة. قالت في ص 61 بعد كلامها عن جامع المدينة، مدينة المنصور بالجانب الغربي: (وأما المسجد الجامع بالرصافة فأن المهدي بناه في أول خلافته. اخبرنا بذلك محمد. . . قال سنة 159 (775) فيها بنى المهدي المسجد الذي بالرصافة فلم تكن صلاة الجمعة تقام بمدينة السلام إلا في (مسجدي المدينة والرصافة) إلى وقت خلافة المعتضد فلما استخلف أمر بعمارة القصر المعروف بالحسنى على دجلة سنة 280 (893م) وأنفق عليه ما لا عظيما رسمها وأمر ببناء مطامير في قصر رسمها هو للصناع فبنيت. . . وجعلها حابس للأعداء وكان الناس يصلون الجمعة في الدار. وليس هناك رسم المسجد إنما يؤذن للناس الدخول وقت الصلاة ويخرجون عند انقضائها. فلما استخلف المكتفي في سنة 289 (901م) نزل القصر وأمر بهدم المطامير التي كان المعتضد بناها وأمر أن يجعل موضعها (مسجد جامع في داره) يصلي فيه الناس فعمل ذلك. وصار الناس يبكرون إلى (المسجد الجامع في الدار) يوم الجمعة فلا يمنعون من دخوله ويقيمون فيه إلى آخر النهار وحصل ذلك رسما ثانيا إلى الآن. واستقرت صلاة الجمعة ببغداد في المساجد الثلاثة التي ذكرناها إلى وقت خلافة المتقي). اهـ ويلوح لي أن ابن الجوزي في كتابه مناقب نقل عن مقدمة الخطيب لما يبين لي من تشابه الجمل والكلام. قال ابن الجوزي في ص 21: (جامع الرصافة) بناه المهدي في أول خلافته إلى أن ولي المعتضد وعمر القصر الحسني في سنة 280 فكان يأذن للناس في الدخول يوم الجمعة للصلاة وليس قد رسم مسجدا. فلما استخلف المكتفي في سنة 289 أمر بهدم مطامير كان قد عملها

المعتضد وأمر أن يعمل مكانها (مسجد جامع) فعمل هذا الذي هو الآن. وأقيمت الصلاة في الجوامع الثلاثة. . .) حتى قال: (وما زالت الجمع تقام في جامع المدينة و (جامع الرصافة) و (جامع القصر) ومسجد براثا. . .) ثم قال أيضا: (وكان في زمن عضد الدولة يقف الإنسان عند الباب الحديد (كذا) من شارع الرصافة والصفوف ممتدة من (المسجد الجامع بالرصافة) إلى هذا الموضوع (الموضع) ومسافة ما بينهما كمسافة ما بين المسجد الجامع بالمدينة ودجلة. . . ثم أمر السلطان ملكشاه بن محمد بن الب ارسلان بعمارة جامع بالمخرم وهو الجامع المسمى بجامع السلطان. . .) اهـ وقال ابن جبير في ص 228: والشرقية (الجانب الشرقي حفيلة الأسواق عظيمة الترتيب. . . وبها من الجوامع ثلاثة كل يجمع فيها: (جامع الخليفة) متصل بداره وهو جامع كبير فيه سقايات عظيمة ومرافق كثيرة كاملة، مرافق للوضوء والطهور. و (جامع السلطان) وهو خارج البلد، ويتصل به قصور تنسب للسلطان أيضاً المعروف بشاه شاه وكان مدبر أجداد الخليفة. . . و (جامع الرصافة) وهو على الجانب الشرقي المذكور وبين جامع السلطان المذكور مسافة ميل. وبالرصافة تربة الخليفة العباسيين رحمهم الله. . .) أهـ واخبرنا ابن بطوطة الذي يبين لنا أنه نقل تنفا عن ابن جبير كما فعل ابن الجوزي بنقله عن الخطيب. قال (ابن بطوطة) في ص 142: (وبهذه الجهة الشرقية من المساجد التي تقام فيها الجمعة ثلاثة أحدها: (جامع الخليفة) وهو المتصل بقصور الخلفاء ودورهم وهو جامع كبير فيه سقايات ومطاهر كثيرة للوضوء الغسل. . . والجامع الثاني (جامع السلطان) وهو خارج البلد وتتصل به قصور تنسب للسلطان. والجامع الثالث (جامع الرصافة) وبينه وبين جامع السلطان نحو الميل) أهـ

مر بنا أن الجامع الذي نحن بصدده يسميه بعضهم (جامع القصر) وبعضهم (جامع الخليفة). والآن يحن بي أن ألخص ما قالوه ليتضح أنه واحد. قالت مقدمة الخطيب أن المكتفي أمر بهدم المطامير التي كان المعتضد بناها بالقصر الحسني وأنه القصر المرسوم بدار الخلافة وأنه أمر بجعل موضعها (مسجدا جامعا) ويضاف إلى ذلك ما ذكره كتاب المناقب بروايته لنا بناء هذا الجامع أنه (جامع القصر). ويلحق بما جاء ذكره ابن جبير وابن بطوطة لجامع الخليفة) وسكوتهما عن (جامع القصر) وقد عدا جوامع الجانب الشرقي جميعها ولو كان جامع الخليفة غير جامع القصر لذكراه باسمه. فجامع الخليفة وجامع القصر واحد. وقد اقر ذلك نفر من مشاهير المستشرقين منهم لسترنج في كتابه: بغداد في عصر الخلافة العباسية وماسنيون في كتابه بعثة ما بين النهرين وهرتسفلد في كتابه عن بغداد. ومن الذين ذكروا جامع القصر ابن الأثير في الكامل دفعات عديدة ويظهر لي لم يذكر الخليفة ولا ارجح أنه مرت قرون ولم يحدث مرة واحدة أمر يوجب ذكر جامع الخليفة وأني لأرجح أنه وافق على اصطلاح الناس عليه بجامع القصر. ومما جاء في ابن الأثير عن (منارة جامع القصر) قوله (54: 11) في حوادث سنة 479 هـ (1086م): (وفيها في ربيع الآخر فرغت المنارة بجامع القصر وأذن فيها) أهـ فنظر لما أتى به ابن الأثير لا أرى مجالا لمخاطبة (البناء) للمنارة الشاخصة للأبصار بمئذنة الرشيد في قصيدته التي نشرت في هذه المجلة (3 (1914): 574) إلا إذا أراد الشاعر المجاز وإذا صح له ذلك. أما قول حاشية تلك الصحيفة أن المئذنة كانت في عهد الخلفاء العباسين لكن بانيها لا يعرف على التحقيق وأن منهم من يرى أنها من عصر الرشيد وأنه هو بانيها في وسط المسجد الجامع فأني اقسم جوابي عليه إلى قسمين: الأول أريد به أنها كانت في زمن الخلافة العباسية وهذا لا غبار عليه فأن ابن الأثير روى لنا بناءها في العصر العباسي. الثاني أنه من بناء الرشيد لا يصح إذ أن الجامع الذي ينسب بناء المنارة إليه هو جامع القصر - وعلى اصطلاح ثان جامع الخليفة - وقد أحدثه المكتفي كما رأينا

ذكر جامع الخليفة

وهو ابن المعتضد بن الموفق طلحة بن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد. فلا يمكن أن تكون المنارة من بناء الرشيد ولم يكن رسم لجامع في هذه البقعة قبل المكتفي ولم نر لها ذكرا حتى نوه ابن الأثير بسنة بنائها. فكان الواجب يقضي بالا يهمل القول الصريح لابن الأثير وهو المعول عليه يومئذ. أما الآن وقد عثرنا على كتاب الحوادث الجامعة فأني سأروي ما أطلعنا عليه من أثر بناء المنارة القائمة حتى هذا اليوم وهو ما كان بعد زمن ابن الأثير بنحو خمسين سنة. ومن الذين ذكروا جامع القصر وأنه في حريم دار الخلافة ياقوت في مادة الحريم كما مر بنا في هذه المجلة (450: 5) (فجامع القصر) أو الخليفة هو ما سمي بعده (بجامع الخلفاء) الواقع اليوم في محلة سوق الغزل ثم عرف الجامع الذي شيده سليمان باشا على ما سيأتي (بجامع سوق الغزل). ذكر جامع الخليفة أو القصر في الحوادث الجامعة يستند جل ما ورد في المقال عن الموضوع الذي تناولته عن كتب معروفة والآن استل كل ما جاء في الحوادث الجامعة عن الجامع ومنارته تعميما للفائدة. وأن كان بعض ذلك خارج موضوع البناء. ابتدأت نسخة الكتاب الناقصة في أولها بذكر جامع القصر في سنة 627 هـ (1229م) فقالت: (وفيها عاد الأمير مجير الدين جعفر بن أبي فراس الحلي إلى بغداد وكان مقيما بمصر عند ولده. . . وعاد إلى بغداد في غرة رجب وأقام بداره فأدركته المنية في آخر ذي الحجة فصلي عليه في جامع القصر. . .) وسبق لي في هذه المجلة (339: 5 وما بعدها) تفصيل مظفر الدين أبي سعيد كوكبرى إلى بغداد في سنة 628 نقلا عن الحوادث وقد أهمل المراتب شيئا من ذلك أضيفه هنا لعلاقته بهذا البحث وبابن الجوزي معا. وهو بعد قولك (سنقر) (ص 341 س 6): بدرب فراشا وأنزل جماعة من الأمراء الواصلين معه في دور في عدة محال وباقي عسكره في المخيم ظاهر البلد. وأقيمت له ولأصحابه الإقامات الوافرة. ثم سأل زيارة المشاهد والربط ببغداد فعمل له في كل مكان وليمة. وصلى

في (جامع القصر) جمعتين داخل الرواق إلى جانب المنبر. ثم حضر في منتصف صفر مؤيد الدين القمي نائب الوزارة وولده والجماعة الذين حضروا يوم دخوله وجرت الحال على ما تقدم شرحه. وخاطبه الخليفة بما طابت به نفسه فقبل الأرض وابتهل بالدعاء وتلا قوله تعالى: (يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين.) ثم أسبلت الستارة وخلع عليه في تلك الحجرة أعطي كوسات وأعلام وخمسون الفئات دينار برسم نفقة الطريق وبرسم حاشيته وأصحابه عشرة آلاف دينار وخرج من هناك إلى دار الوزارة وحضر جميع أصحابه فخلع عليهم بحضوره. وأقام بعد ذلك أياما ثم خرج إلى مخيمه ظاهر سور السلطان وتوجه إلى بلده. وكانت مدة مقامه ببغداد عشرين يوما. ومضى معه (محيي الدين ابن الجوزي) وسعد الدين حسن ابن الحاجب علي وعادا في ربيع الأول واخبرا أن مظفر الدين حلف أمراءه واعيان أهل بلده على طاعة الخليفة وتسليم البلد عند وفاته) اهـ. وجاء أيضاً في حوادث سنة 635 (1237م) ذكر جامع القصر (راجع لغة العرب 345: 5). وفي المخطوط أيضاً قوله: (وفي آخر شعبان (635هـ) انتهى (كذا) عمارة (باب جامع القصر) مما يلي الرحبة وفتح. وفتحت المزملة التي عملت

وفي أخبار السنة المذكورة أيضاً ما موجزه: وفيها أمر خطيب (جامع القصر) أبو طالب بن المهتدي بأن يحرص في خطبته على الجهاد في المغول وقد وصلوا دقوق (دقوقا) وانبثوا في أعمال بغداد. وورد فيه في حوادث سنة 637 (1239) قولة: وفيها توفي عز الدين أبو زكريا يحيى بن المبارك بن علي بن الحسين بن بندار المخرمي. . . وصلي عليه في جامع القصر. . .). وفي حوادث سنة 640 (1242) قوله بعد مبايعة المستعصم: (. . . يوم الجمعة سابع عشر جمادي الآخرة تقدم إلى كافة أرباب المناصب والولايات والأمراء الكبار بالركوب إلى (جامع القصر) فحضروا دار الوزير أولا ثم توجهوا إلى الجامع وصلوا داخل الحطيم وأعفى والوزير من الحضور لعجزه. وخطب نقيب النقباء بهاء الدين الحسين بن المهتدي ونثر عند ذكر اسم الخليفة ألف دينار ألف درهم عليها اسمه. تولي نثار ذلك بشير التستري؟) وصعد معه علم الدين أبو جعفر بن العلقمي أخو أستاذ الدار ونفذ إلى جامع المنصور وجامع المهدي بالرصافة وجامع السلطان وجامع فخر الدولة بن المطلب وجامع بهليقا فذهب ودراهم. نثر ذلك عند ذكر اسم الخليفة. وكان مبلغ ما يعد إلى كل موضع خمسمائة دينار وخمسمائة درهم. وذكر الخطباء الأمر بالحج ورغبوا فيه وعرفوا الناس أنه قد وقع الشروع في أسبابه. سنة 648 (1250) (وفيها حضر كالأمير سيف الدين علي بن قيران عند الوزير وأستاذ الدار وأنهى أليهما أنه شاهد العدل شمس الدين علي بن النسابة خطيب جامع القصر في بستان يعرف بالديلجي (؟). . .) سنة 653 (1255) (وفيها توفي نقيب النقباء بهاء الدين أبو طالب الحسين بن أحمد بن المهتدي بالله. كان خطيبا (بجامع الخيلفة) ناظرا في وقوف ترب

الرصافة ثم ولي نقابة العباسيين واقر الخطابة فمرض يوما واحد ومات. ولم يعرض له في مدة خطابته ما يقطعه عنها، وكان مولده سنة سبع وسبعين وخمسمائة.) وفي هذه السنة وقع الفرق الذي جاء نقل وصفه في الصحائف المتقدمة في هذه المقالة وفيه ذكر (جامع القصر). وفيها توفي شرف الدين إقبال الشرابي. . . في ثامن عشرية (أي من شهر شوال) وصلي عليه في (جامع القصر) ودفن في تربة أم الخليفة المستعصم بباب القبة على يمين الداخل) سنة 655 (1257) وفي شوال ندب العدل نجم الدين عبد الله بن البادراي إلى القضاء وهو مريض فاستعفى فلم يعف واستدعي إلى دار الوزير فحضر بين غلمانه وهو ضعيف عن الحركة والكلام فخلع عليه وشرفه بالقضاء فركب إلى (جامع الخليفة) وجلس في القبلة (القبة؟) وقرء تقليده على المنبر ثم خرج وجلس في منصب القضاء وحكم وسمع البينة وكتب الأنباء ولم يجلس بعد ذلك وأنقطع في بيته تسعة عشر يوما وتوفي. . .) سنة 656 (1258) وفيها دخل هولاكو بغداد واستولى عليها. ومما قاله المخطوط:

(. . . واحرق معظم البلد (وجامع الخليفة) وما يجاوره. . .) ثم قال: (ووصل الأمير مراعا (قرابوقا) بعد ذلك إلى بغداد وعين عماد الدين عمر بن محمد القزويني نائبا عنه فكان يحضر الديون مع الجماعة. وكان ذا دين ومروءة عين على شهاب الدين بن عبد الله صدرا في الوقوف وتقديم إليه (بعمارة جامع الخليفة) وكان قد احرق كما ذكرنا. ثم فتح المدارس والربط واثبت الفقهاء والصوفية وادر عليهم الأخبار والمشاهرات وسلمت مفاتيح دار الخليفة إلى مجد الدين محمد بن الأثير وجعل أمر الفراشين والبوابين إليه.) سنة 650 (1271) وفيها أمر علاء الدين (الجويني) صاحب الديوان بتجديد عمارة (منارة جامع الخليفة) وكان صدر الوقوف يومئذ شهاب الدين ابن عبد الله فشرع في ذلك وأنجزت في آخر شعبان ثم سقطت في شهر رمضان بعد فراغ الناس من صلاة التراويح ولم يتأذ أحد ممن كان هناك.) سنة 678 (1279) (وفيها تمت عمارة (منارة جامع الخليفة) وكانت قد سقطت في شهر رمضان سنة سبعين. وتمت عمارة مسجد الشيخ معروف (الكرخي) قدس الله روحه بالجانب الغربي من بغداد على شاطئ دجلة. أمر بعمارته شمس الدين محمد بن الجويني صاحب ديوان الممالك. وكان قد خرب لما غرقت بغداد سنة ثلاث وخمسين وستمائة.) سنة 681 (1282) (. . . ثم توجه علاء الدين (الجويني) نحو العراق فلما وصل إلى اشنى بلغه أن ارغون سار من خراسان لما بلغه وفاة أبيه السلطان

اباقا خان يريد العراق فأقام في اشنى وأنفد الكرزدهي (؟) والجلال بخشي (بخشي؟) ونجم الدين الأصغر ومجد الدين بن الأثير وجماعة من أصحابه ومعهم رأس مجد الملك وكتب معهم مكتوبا صورته: (يطول أمر نقله ويخرجنا عن الموضوع). وكان وصولهم بغداد في رجب. وقرء هذا الخط في جامع الخليفة. . .) (وفيها توفي الشيخ جلال الدين عبد الجبار بن عكبر الواعظ مدرس الحنابلة بالمدرسة المستنصرية ودفن في المسجد المجاور لداره. وكان عالما فاضلا ورعا زاهدا جلس للوعظ بباب بدر في زمن الخليفة. وبقي على ذلك إلى واقعة بغداد ثم جلس في جامع (الخليفة) واستمر إلى أن مات وكان له قبول عند العالم.) سنة 684 (1285) (وفيها توفي موفق الدين أبو الفتح بن أبي فراس الهنايسي (الهرائسي؟) أخو قاضي القضاة. وكان رجلا صالحا خطب (بجامع الخليفة) إلى أن اضر فاستناب ولده مكانه.)

سنة 690 (1291) هناك ذكر لباب (جامع الخليفة). وفي هذه السنة أحبست (كذا) الغيوث حتى انقضاء بعض شباط فاجتمع الناس عند قاضي القضاة عز الدين ابن الزنجاني ثم خرجوا إلى مقبرة معروف (الكرخي) رحمه الله يوم الخميس سابع عشرين صفر واجتمعوا في باب المدرسة البشيرية ونصب هناك كرسي خطب عليه العدل شمس الدين ابن الهنايسي خطيب (جامع الخليفة) ثم تضرعوا (كذا) الناس وسألوا الله عز وجل أن يعمهم برحمته واكثروا من البكاء والاستغفار وعادوا. ثم خرجوا يوم الجمعة إلى ظاهر سور بغداد يتقدمهم شيخ المشايخ نظام الدين محمود راجلا مستكينا وكذلك قاضي القضاة واجتمعوا وراء جامع السلطان وخطب الخطيب المذكور ثم تلاه الشيخ شهاب الدين عبد المحمود بن السهروردي فأرخت السماء عزاليها وتواترت الغيوم فدخلوا بغداد وقد توحلت الطرق ودام نزول الغيث ثلاثة أيام ثم سكن. وزادت دجلة بعد ذلك وأنتفع العالم بما عمهم من لطف الله ورحمته.) وفي الحاشية ما قوله: فصام اليهود ببغداد ثلاثة أيام متواليات واكثروا من الدعاء والصلاة وخرجوا في اليوم الثالث وهم صيام فاستسقوا فلم يسقوا) سنة 697 (1297) (وفيها قتل (بجامع الخليفة) ببغداد في يوم جمعة رجل انتهى ما أرادت نقله من الحوادث الجامعة. الجامع في كتاب جامع التواريخ وبعده وجاء في التاريخ الفارسي المسمى جامع التورايخ لرشيد في ص 302 - 303 ما تعريبه: (واحرق (المغول حينما استولى هولاكو على بغداد) القسم الأعظم من المواضيع الشريفة كجامع الخليفة ومشهد موسى الجواد عليه الرحمة وترب الخلفاء. . .)

وفي ص 308 - 309 ما تعريبه أيضا: (وعمر عماد الدين عمر القزويني الذي كان نصبه الأمير قرتاي نائبا عنه في جامع الخليفة ومشهد موسى الجواد. . .) ولم اطلع في ما لدي من الكتب على ذكر (جامع الخليفة) خلال بعض مئات من السنين حتى ذكره تكسيرا في أواخر سنة 1604م (1013هـ) فقال ما تعريبه عن ترجمته الإنكليزية ص 64: وتشاهد العين هنا (في بغداد) خرائب للعمارات البديعة من العهد الفارسي كجامع الخلفاء. . . وقال اولياجلبي في رحلته (419: 4) ما تعريبه وقد قدم إلى بغداد في 12 ربيع الأول سنة 1066 (1655): (جوامع قلعة بغداد. تبلغ محاريب بغداد ستمائة وخمسة وستين محرابا. ومن جملة جوامع سلاطين السلف جامع الخلفاء المعبد القديم ذو المنارة والقبة الواقع في رأس جورجه وقد ورد في رحلة الأب لياندرو الكرملي المرسل

في بغداد في الربع الثاني من القرن الثامن عشر ذكر أمام جامع الخلفاء. وجاء بعده الرحالة نيبهر وقد أم الشرق في منتصف ذلك القرن أيضاً فحكى عن المستنصرية وعن بناء المستنصر لهذا الجامع فقال ما تعريبه ونصه: وبنى المستنصر بعد ثلاث سنوات جامعا بديعا في محلة (سوق الغزل). لم يبق منه إلا المنارة والجدار الداخلي ومدخلان وهناك اليوم قهوة. وفوق هذا المدخل كتابة تفصح عن اسم الباني. والكتابة هي: (أمر بعمله سيدنا ومولانا الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين أعلى الله تعالى معالم الإسلام بهمته العالية وأزهى دعائم الإيمان بناء بآياته وذلك في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.) والظاهر أنه يريد بذلك بناء الباب الذي ذكره كتاب الحوادث الجامعة والترميم الذي ذكره لسترنج وهذا الكلام ينزع الشك الذي وقع في صدر لويس ماسنيون إذ ذهب إلى أن ما قرء للرحالة نيبهر وكان مكتوبا على الباب ليس أكيدا (راجع عن شك ماسنيون 41: 2) ثم أهملت الأقلام ذكر الجامع التاريخي حتى أتانا مؤلف دوحة الوزراء فذكر في حوادث سنة 1217هـ (1802م) في خبر وفاة سليمان باشا والي بغداد قيامه بتشييد الأبنية منها أنه (لما رأى أن الجامع الشهير بجامع الخلفاء الواقع

في بناء (شورجة) قد تهدم وهجر ولم يبق له إلا أثر قليل ورسم جزئي هدمه من أساسه فأنشأ جامعا أنيقا). وقال المرحوم الشيخ العلامة شكري الالوسي في كتاب مساجد بغداد أن (بالقرب من جامع الخلفاء المعروف بجامع سوق الغزل سقاية أنشأها الشيخ صبغة الله وقد حرر على جدارها هذه الأبيات وفيها التاريخ.) فأوردها الالوسي برمتها أما أنا فاكتفي ببيت التاريخ خوف الإطالة: أن جئت ظمآن قلب يا مؤرخها ... اشرب هنيئا مريئا بارد الراح سنة (1260هـ) (1844م) وقالت جريدة (العرب) و (مرآة العراق): قال بعض المؤرخين أنه أدرك من باب هذا المسجد ميلين شامخين في الهواء كانا على جانبي باب الجامع وأن سليمان باشا الكبير والي بغداد في سنة 1193هـ (1779م) هدمها وبنى بأنقاضها مسجدا صغيرا بقرب المنارة وهو المشتهر اليوم بجامع الخلفاء وكان الباب الذي على جنبيه الميلان، عند السوق التي يباع فيها اليوم الغنم وغير ذلك ولم يبق من الجامع القديم سوى مئذنته الشهيرة اليوم بمنارة سوق الغزل. . . اهـ) وهناك قصيدة لمنشد لم يسمه الكاتب خاطب بها الجامع والمارة باسم جامع الرصافة وهو غلط ظاهر كما رأينا.

وقالت جريدة (العرب) والمرآة أيضا: لما احتل الجيش البريطاني دار السلام بغداد. . . أرسلوا لها (كذا) (أي إلى المنارة) عارفين من المهندسين ومشاهير المعمارين فكشفوا عليها. . . ثم باشروا في إصلاح خللها. . . وقد وجدوا كرسيها على الأساس الأول واخذوا يصلحون البدن كله. . . غير أن شرفتها فما فوق قد وهنت. . . حتى أشرفت على السقوط. . . فعسر إصلاحها على هذه الحالة فاقتضى فل ما وهن منه وأعادته كما كان بحجارته وأنقاضه. . .) اهـ هذا ما أوقفتنا عليه الجريدة والمجلة المذكورتان أما ما نراه اليوم فهو أنهم رمموا قاعدتها نحو مترين فوق سطح الأرض ولا تزال المنارة باقية على حالها بغير إصلاح ويا ليت وزارة الأوقاف تهتم بترميمها من غير أن تهدم منها شيئا. وشاهد الأستاذ المستشرق ماسنيون هذه المنارة وصورها في كتابه (بعثة العراق) وبحث عنها فقال أنه يظن أن تاريخ بنائها يتقدم على السنة 633هـ (1235م) التي جاءت في الكتاب التي نيبهر وذهب إلى أن بناءها يرتقي إلى قبل ذلك التاريخ نظر إلى طراز البناء والى أثر الكتابة الكوفية التي تمنطقها كما نراها وكما صورت هنا وفي بعض كتب الإفرنج التي ذكرناها. أسماء الجامع وعمر المنارة يستنتج من مقالتي أن الجامع الذي بحث عنه عدة أسماء وهي: جامع القصر ثم أطلق عليه اسمان معا وهما الأول المذكور والثاني جامع الخليفة. ثم عرف بجامع الخلفاء وبعد أن بني سليمان باشا قريبا من المنارة جامعا اشتهر أيضاً الجامع بجامع سوق الغزل. وإذا عدنا إلى كتاب الحوادث الجامعة وجدنا - والعهدة عليه - أن عمر المنارة اليوم 669 سنة قمرية أي 649سنة شمسية. وما بقي من عمرها عند علام الغيوب. بغداد 24 ت 1 سنة 1927: يعقوب نعوم سركيس

منطق المنطق

منطق المنطق هذا بحث طريف لعلي لم اسبق إليه، وموضوعه المعاني التي اشتركت فيها الأمم على اختلاف بيئاتها. وتباين لهجاتها. فوضعت من دون تواطؤ بل يوحي الغريزة إزاء كل منها لفظا يدل عليه. وهذا البحث لخطورته جدير بمن يطرقه، أن يكون ثابت القد في لغات مختلفة؛ غير أني طرقته وليس في حقيبتي سوى لغتين: العربية والتركية متوكئا في سيري على اللغة العامية التي تكاد تكون لغة قائمة بنفسها، مع شئ يسير لا يستحق الذكر من بعض اللغات المجاورة للغتنا دارا أو استعمالا. ومع قلة بضاعتي في علم الألسن، بل فاقتي فيه، أقدمت على الكتابة في هذا الموضوع لأنه شاقني، وعسى أن يشوق غيري من لهم ولوع بمثله. وسوف احرص على اتخاذ الحيطة والاكتفاء بالحد الأدنى دون إرخاء العنان نظرا لفقري الآنف الذكر. وأملي أن ينسج على منوالي - ليكمل مشروعي - من كانوا في اللغات أعلى كعبا، وأطول باعا. ليقوموا بإشباع الموضوع واتراع كأسه أذاهم استطرفوا ما خضت فيه. وسيكون بحثي مشتملا على مباحث مختلفة منها عامة ومنها ما يتعلق بمفردات اللغة ومنها ما يتعلق بمواد الصرف والنحو ومنها ما يتعلق بعلم البلاغة. وربما استطردت فأتيت بسوانح لطيفة لم تسخ النفس بإفلاتها بعد اقتناص شواردها. هذا وليعلم القارئ أني لا أستطيع من الآن تحديد الفصول التي سوف اكتب تحت ظلال عناوينها إذ لا أدري ماذا سيعن لي في هذه البيداء المترامية الأطراف، والشعاب الملتوية التي قدر لي سلوكها. كما ينبغي أن يعلم أني لا اقطع بالإصابة في جميع ما ستجود به البراعة لأني قدمت بين يدي عذرا. وكيف اقطع بالإصابة؟ وأنا حديث الدخول إلى مجاهل لم تجل فيها يراعة كاتب. لذلك أقول بكل صراحة أن جميع ما سأنشره من الفصول أن هي إلا مسودات

تحتمل الرجوع فيها وتسخر البنان في تنقيحها وتهذيبها وأن نشرت وأذاعت في البلاد. 1 - لابد لكل أمة من الأمم من ألفاظ موضوعة إزاء المعاني الأولى كل أمة مجتمعة لها لسان تتفاهم به، لا بد أن تضع، بحكم الغريزة إزاء كل ما يقع تحت حسها من الأشياء وما يعرض لها من الحركات والأوضاع الضرورية وما اشعر به شعورا قويا، ألفاظا تدل عليها. وما لم يقع تحت حسها أو لم تشعر به فإنما تضع له عند وقوعه أو شعورها به أي عند تقربه من المحسوسات وذلك اللفظ أما من ثروتها وأما مستعار من غيرها منزل على حكم لغتها. فالأرض والسماء والهواء والحيوان والنبات لا مندوحة من وضع أسماء تدل عليها عند جميع الأمم وأن كانت في أحط المنازل من الإدراك البشري لأنها المواد الأولى لحياتها فلا يعقل أن تفترش الأرض. وتسير عليها، وتشرب الماء، وتركب الحيوان. وتأكل النبات، وتقي العواصف، وهي عارية عن الأسماء التي تدل عليها عند تحريها والالتماس لها والإشارة إليها. ومن هذا القبيل الحركات والأوضاع التي لا مناص من طروءها كالقيام والقعود والاضطجاع والمسير والأخذ والعطاء وكذلك ما يقوي شعورها به كالجوع والعطش. وإذا تقدمت الأمة وطرأ عليها أمر زائد على ما ذكرنا كالكوز لحفظ الماء والصفحة لوضع الطعام والمنشار لقطع الشجر، اضطرت إلى إحداث أسماء لهذه الحاجيات المستجدة. ومن هذا القبيل الحركات المتفرعة عن الحركات الابتدائية كالهرب هو فرع من الذهاب والعدو من المشي والغناء الذي هو فرع من الصوت، وكذلك ما يفيض به الخيال عند اتساع نطاقه كالحياء والوفاء والبخل والسخاء والرياء والنفاق من المعاني التي لا يعقل وضع ألفاظ إزاءها في الابتداء. وعلى هذا النسق تنمو شجرة اللغة وتنجب اغصانها وتزكو ثمراتها. كل لغة على حسب مرتبة أهلها من الثقافة وممارستها لمعترك الحياة. دعني الآن اضرب لك مثلا: امتنا قبل مائة سنة فأنها لم تضع كلمة (قطار) ولا (طيارة) ولا (سيارة) بالمعاني المعروفة اليوم حتى طرقت مسمياتها بلادنا

من هو الأولى بوضع الأسماء؟

ووقعت تحت أبصارنا فاضطررنا إلى تمهيد لهؤلاء الضيوف الكرام في لغتنا فنقلنا المذكورة على وجه التوسع من مواضعها الأصلية - دون قطع الصلة بها - وألزمناها معاني طارئة ما كانت ببال واضعي اللغة القدماء. فأن كانت اللغة غنية ذات ثروة طائلة أخرجت من وفرها ما تستعين به على قرى ضيوفها وإلا فزعت إلى الاستعارة والاستدانة. ولا يكاد يكون للتطفل على لغة أخرى مبرر صحيح إلا في شأن اللغات الطفلة التي لم تبلغ اشدها. أما اللغة الواسعة، العظيمة الثراء، كلغتنا المحبوبة، فاخلق بها أن يكون التطفل على غيرها سمة شائنة في جبينها، فضلا عما في طروء الغرباء والدخلاء على مسكن، من القضاء على أهله أشخاصا كانوا أم ألفاظا. من هو الأولى بوضع الأسماء؟ أهل البيئة التي يظهر فيها المسمى، أولى بوضع اسم إزاءه ف (النخلة) على تقدير نشأتها في بلاد العرب، لا مناص من وضع العرب اسما لها أو من هم في حكم العرب من أخواتهم الساميين، فإذا قدر للنخلة أن تسيح في بلاد أخرى غير عربية، جاز أن تحتفظ باسمها في ديار الغربة، كما يحتفظ الكريم بزيه وشعاره، وجاز أن ترتدي ثوبا آخر وتطمس صبغة أخرى. ومن النوع الأول اسم (الجمل) فأنه ظل محتفظا باسمه بعد بلوغه بلاد الإنكليز مثلا، لكن بتحريف بسيط لم يطمس حقيقته. على أنا لا نستطيع أن نجزم بأن الإنكليز اخذوا لفظة الجمل عن العرب بل من المحتمل أنهم اخذوا من بقية اللغات بحكم تدينهم بدين الساميين ودراستهم كتبهم المقدسة، وما لم يقدر له أن يجوب بلادا غير بلاده لم يكد يحظى باسم جديد في البلاد التي يطأها؛ لكن لا يبعد أن يطأها اسمه فقط بنقل السائحين أو الكتب أو الصحف أو تجلب ثمرته فتحظى الثمرة بتسمية جديدة كالثمرة المسمى عندنا بالتمر الهندي المجلوب من الهند. وربما وقع ذلك في لغة واحدة إذا اختلفت الأقطار وكان ثمة داع كما جرى للبطيخ الأخضر فأنه يسمى في العراق (رقي) نسبة إلى (رقة) ويظهر أنه جلب من جهتها كما سمي أهل الموصل القثاء بال (ترعوزي) نسبة إلى

استحالة الإحاطة بمناحي لغة واحدة

(ترع عوز) فيما يظهر. استحالة الإحاطة بمناحي لغة واحدة مهما كانت ضيقة النطاق إذا لم يكن المنقب عن اللغات من أهلها الناشئين في أحضانها، المغتذين بها مع لبن الرضاع، كان من المستحيل سلامته من الخطأ، بل أستطيع التصريح بها مع لبن الرضاع، كان من المستحيل سلامته من الخطأ، بل أستطيع التصريح بذلك في لغة مدينة واحدة لأن المدينة قد تشتمل على إحياء متباينة اللهجة فتكون له الخبرة التامة في لغة الحي الذي ينشأ فيه دون الآخر. وإذا قدرنا إحاطة الوطني بلهجات جميع الأحياء فربما فاتته معرفة اصطلاحات الصناع في صناعاتهم، والعمال في أعمالهم، من دباغين، وحاكة وبنائين، ونقاشين، وأطباء، وصيادلة، وأرباب سفن ومن لف لفهم. وإذا فرضنا أن غريبا أقام بين ظهراني أهل بلد سنين طوالا فتمرس بهم في أسواقهم واختلف إلى مجتمعاتهم فأنه يغادر البلد، وقد فاته شئ كثير مما لا يصل إلى الأسواق والمجامع من اصطلاحات النساء في بيوتهن، والصبيان في ألعابهم. وأن شئت قصصت عليك قصة ذلك الأجنبي الذي كان مقيما في الموصل وكان ملما بلغتها، فأنه كان يلتبس عليه أمر (الراء) التي يقلبها أهل الموصل أحيانا (غينا) فكان إذا أراد النطق بكلمة (شغل) قال: (شرل) ذهابا منه إلى أن الأصل (ر) حتى أن الموصلي إذا كان ساذجا وخاطب بعض البغداديين مثلا قال له (برداد) أي (بغداد). ومن هذا الضرب أني رأيت بعض السوريين يكتب (اثباب) أي (أسباب) ظنا منه أن الأصل (ث) وكان ساذجا فنبهته عليها. وربما عثرنا في بعض الكتب أو الصحف على كلمة (غث وثمين) أي (غث وسمين) وقد جرت بيني وبين بعض فضلاء السوريين مناقشة طويلة إذ ظن أن الثاء هي الأصل وربما عثرنا على تعبير (نذر يسير) أي (نزر يسير). ودخل بعض الغرباء إلى بغداد فوجد أهلها يقلبون القاف كافا فارسية فظن ذلك أمرا مطردا فوقف على دكان فاكهي وقال له: (بكم البورتكال؟) فضحكوا منه وسيأتيك في فصل الغرائب ما يحملك على الإذعان لهذا. محمود الملاح

الخط الخصوصي

الخط الخصوصي لا يمكن للإنسان - مهما حاول تقدير مقام من أوجد الخط - إلا يرى نفسه عاجزا عن ذلك لأنه بدونه لا يمكن التفاهم بين المتباعدين، ولولاه لما عرف الأواخر شيئا من علوم الأوائل. وذلك شامل طبعا جميع أنواع الخطوط من جميع لغات العالم. وقد رأيت بعض الأميين الذين اضطرتهم أعمالهم إلى الكتابة التي يجهلونها يتخذون الوسائل للتفاهم وأن لم يكونوا يحسنون الكتابة فقد فتقت لهم أذهانهم أن يجعلوا لهم حركات وإشارات تقوم لهم مقام الخط فأحببت ذكر هذا الأمر على صفحات لغة العرب التي لم تترك نادرة تخص العلم إلا نصبت لاقتناصها ما عز وهان. فأقول: كنت أعرف قبل نحو أربعين سنة أو أكثر رجلا يسمى درويش علي التحميصي لأنه كان يلتزم من الحكومة رسوم تحميص البن وما كان يؤذن يومئذ لأحد تحميصه خارج ذلك المحل وهو رسم دام إلى إعلان الدستور العثماني. وكان يشتري البن من التجار ويحمصه ثم يوزعه على المشترين من أصحاب المقاهي دافعا إلى كل منهم مقدر ما يصرفه. فيضطر إلى قيد ما اشتراه وممن اشتراه ليحاسبه على طلبه ووفائه لأن المعاملة كلها تقريبا كانت نسيئة وكان مضطرا إلى قيد اسم كل صاحب مقهى ومحلته ومقدار ما يأخذه منه وثمنه وما يأخذه منه من الدراهم وأرباب المقاهي في بغداد لا يقلون عن مائتي شخص وكانت حالته ضيقة لا تمكنه من استخدام كاتب فاخترع بنفسه لنفسه خطا يقيد به شارده ووارده ويحاسب عملاءه من تجار مشترين لكن أرقامه كانت الأرقام الهندية المألوفة. وبقي على حالته هذه حتى مات فمات معه دفتره وذهب ماله عند الناس.

ولست أدري ما كان عليه للتجار. والثاني رجل من أهالي الاعظمية وهو حي يرزق اسمه (عماد) كان يأخذ من البابوججية ما يصنعه كل منهم وهم عشرات الصناع فيأتي بها إلى بغداد فيفرقها بأن يجعل كل أستاذ على حدة ثم يقدم جميعها للخفافين ويقيد ذلك طبعا في دفتره ليحاسب أصحابها ثم يقوم بشراء ما يلزم لصناعتها من جلد للنعل وللوجه ومن أشراس وخيوط وشمع عسل وغير ذلك وهو مضطر إلى قيد هذه الأشياء لبائعيها وعلى حساب من أخذت لهم وهو أمي ففتق له ذهنه اختراع خط خاص به وكان يدير أعماله حسب اللازم مدة من السنين حتى ترك هذا العمل حسبما أظن ورقمه خاص به دون غيره كخطه. واغرب منهما رجل كان خفافا وهو المرحوم الحاج عبد الكريم الدركزلي كان إذا باع لأحد حذاء قيده باسمه في دفتره على ثمنه ليطالبه به ولكنه كان يكتب خطا لا يعرفه ولا يتمكن هو بنفسه أن يقرأه مع أنه هو الذي كتبه بل كان يعرفه أخوه الأكبر المرحوم الحاج محمد جابر وكان يأتي غالبا إلى حانوت أخيه عبد الكريم فتراه يطلب منه الدفتر ويسأله: هذا اسم من وما الذي عليه؟ ثم توفي الأخ الأكبر فبقي البائع الكاتب لكن دفتره مات مع أخيه ولم ينتفع هو به بعده ولله في خلقه شؤون. عبد اللطيف ثنيان الاشفى في محيط في مادة اش ف؛ الاشفى (وضبطها بكسر الأول وفتح ما قبل الأخر) الاسكاف. وهو غلط ظاهر والصواب مثقب للاسكاف ومعناه الأصلي السلاءة كما في الآرامية.

أوابد الشهود

أوابد الشهود 1 ربيع الأول تهتم كل امرأة، ولا سيما الفراتية بكنس بيتها وغسله جلبا للخير. 9ربيع الأول يبتهج الفراتيون وبعض سكان مدن العراق ابتهاجا عظيما في هذا اليوم ويعدونه من الأعياد فيتزينون فيه. ويتطيبون ويلبسون افخر ملبوسهم ويسميه عوام الشيعة (عيد الزهراء) والسبب تسميته هو أنهم يعتقدون أن في مثل هذا اليوم مات الخبيث عمر بن سعد بن أبي وقاص الذي دبر الهجوم ظلما على الحسين الشهيد (ع)، وهو قاتل ابنها فعزي هذا العيد إليها وسمي باسمها ويفعل الصبيان في هذا اليوم أمورا عجيبة غريبة. ترى الواحد منهم يأخذ (كبيرة). والكبيرة في عرفهم كتله قطع صغيرة من الثياب الخلق، تجمع وتخاط فتكون على شكل كرة. ويقف الفتية في قارعة الطريق ينتظرون المارين. فإذا كان المار (معمما) أنهال عليه الصبيان يضربونه (بالكبيرة) صارخين مترنمين: (يا شيخنة لا تزعل عيد الزهرة كبيرة) أي يا شيخنا لا تغضب من ضربنا إياك فأن عيد الزهراء عظيم. ومنهم من يضع الأصباغ المختلفة الألوان في اللبن ويمزجها مزجا نعما فإذا تم عملهم هذا لطخوا به اوجه المارين. ويفعلون أمور أخرى خارجة عن الحد المعقول. والعقلاء منهم لا يرضون بهذه المنكرات ويتألمون لوقوعها، ويمحضون النصح للفتيان ليتركوا هذه الخزعبلات لكن الرعاع قلما يعملون بهذه النصائح والإيرانيون يعتنون بهذا اليوم اعتناء عظيما. ويعتبرونه من الأعياد الكبيرة ويقيمون فيه المهرجانات والأفراح والمسرات والسافلون من العوام يخرجون عن حدود الشرع والعقل، وهم أكثر الناس فرحا وابتهاجا به وهذه العادة من مبتدعات الإيرانيين وقد جاءوا بها إلى العراق.

سبت البنات كل سبت في شهر رجب يسمى (سبت البنات) تلبس فيه كل فتاة احسن ثيابها وتذهب إلى زيارة المزارات المقدسة حيث يجتمع جم غفير من الكواعب فيجلسن في الفناء الملتصق بالمرقد الشريف ليتحدثن عن أمورهن وهذه العادة جارية في أكثر المدن الموجودة فيها مزارات مقدسة خصوصا في المدن الكبرى. صوم اليتيمة هو صوم خاص بالفتيات اللائى (يطلبن) المراد (المراد ما يطلب من الأماني أن يتحقق) ويكون في آخر ثلاثاء من رجب. فتطبخ التي تريد (مرادا) (جريشة) ويكون في آخر ثلاثاء من رجب. فتطبخ التي تريد (مرادا) (جريشة) في مكان خفي (والجريشة الحنطة المجروشة) ولهذا العادة قصة غريبة وهي: يقال أن فتاة كانت قد شبت في العز والدلال في أحضان أمها وأبيها فاختطف الموت ذات يوم روح أمها العزيزة فاضطر والدها إلى أن يتزوج امرأة أخرى. فكانت الزوجة الجديدة تجور على تلك البنت جورا عظيما، فكانت تؤلمها بالكلام البذيء وتؤذيها بقلة ما تعطيها من الطعام، إلى أن هزلت وأصابها نحول ومرض وكانت تقضي أيامها بالبكاء والدعاء طالبة من الله أن ينقذها من مخالب زوجة أبيها. وفي يوم كان آخر ثلاثاء من رجب صامت لوجه الله ونذرت أن أنقذها الله من البلية التي هي فيها فأنها تصوم في ذلك اليوم من كل سنة. فطبخت مساء (الجريشة) المار ذكرها في مكان لا تصل إليه عين زوجة أبيها ثم فطرت فصلت وأكثرت من الدعاء. ثم مرت أيام كثيرة وإذا زوجة السلطان تفتش عن كاعب حسناء تتخذها زوجة لابنها الوحيد؛ فوقع نظرها ذات يوم على تلك الصبية وراقها حسنها وجمالها وأدبها وكمالها فخطبتها من أبيها فزفت الفتاة عزيزة إلى بيت السلطان وعاشت في سعادة وهناء. اهـ هذه قصة اليتيمة وأسباب صيامها وأظن كل الظن أن هذه القصة من مبتدعات مخيلات العجائز الخرافية. 27 رجب هو من الأيام المعتبرة لدى الطائفة الجعفرية وفي هذا اليوم تكتب الأدعية

والطلاسم والتمائم والحروز وتنقش الخواتم بدعاء خاص بهذا اليوم. شابريون أواخر أربعاء من رجب شابريون كلمة فارسية، منحوتة من كلمتين وهما (شاه) أي ملك وبريان أي ملائكة أو حور والعامة تعتقد أن (البري) هو جنس من الآدميين من نوع الجن الطيار هم اجمل خلق الله. ويسكنون جبال واق واق وجزائر الكافور وقد ورد ذكر هذه الخرافة في قصة (حسن البصري). أما قصة شابريون الواردة في هذا الشهر فهي أنه يزعم أن حطابا فقيرا خرج ذات يوم على عادته إلى الفلاة لاقتلاع بعض الشوك وبعد أن اقتلع مقدارا منه شعر بالتعب فتوسد الأرض تحت شجرة وما عتم أن رأى ثلاثة طيور بيضاء وقفت على غصن تلك الشجرة، وهم: (شاهبريون، وماهبريون، واسمابريون) فقال أحدهما للآخرين لو أن هذا الحطاب المسكين يصوم لوجه الله أربعاء من رجب ويفطر مساء ويأكل قليلا من خبز الشعير والسمسم والسكر ويوقد شمعة، ويضع أناء من الماء أمامه ويصلي لرزقه الله رزقا واسعا فقام الحطاب بعد أن سمع هذا الحديث وطارت الطيور تحلق في الفضاء وقصد بيته وصام في ذلك اليوم هو وامرأته وفطرا مساء كما ذكرناه قبلا فرزقه الله ولدا بعد أن كانت امرأته عاقرا مدة طويلة ثم اتفق أن أخذت المرأة إلى بيت (الملك) مرضعا لابنه واخذ الرجل بستانيا لحديقة الملك فانغمسا في اللذات طول تلك السنة ولما حل الأربعاء الأخير من رجب نسي الرجل والمرأة صوم (شابريون) فذهبت ابنة الملك يوم مع مرضعتها (زوجة الحطاب) إلى الحديقة للنزهة ثم أحبت ابنة الملك أن تسبح في الحوض فنزعت أثوابها وقلادتها وكلها جواهر ثمينة وإذا طائر هوى والتقط القلادة وهرب بها - ويظن أن الطير هو شابريون جاء ليذكر امرأة الحطاب بالنذر الذي عليها وهو الصوم - فلما خرجت ابنة الملك من الحوض وأرادت قلادتها لم تجدها؛ فاتهمت البستاني - وهو الحطاب - وامرأته بسرقة القلادة. ثم أخبرت البنت والدها الملك بما وقع لها فأمر بزج الحطاب وامرأته بغيابة السجن فظلا حولا كاملا في السجن حتى حل شهر رجب فتذكر الحطاب وامرأته صوم شابريون

فصام كلاهما في اليوم المعين وقعد الحطاب في الكوة التي تطل على الشارع وبينما هو كذلك شاهد رجلا يركض ركضا سريعا فناداه وسأله عن سبب عدوه فقال: لي مريض يحتضر فأنا ذاهب لاشتري له (زهاب) فقال له الحطاب: اذهب واشتر لي إبريقا ورغيفا من خبز الشعير وسمسم وشمعة يشف الله مريضك فذهب الرجل واشترى ما أوصاه به الحطاب وأوصله إليه بحبل رماه إليه الحطاب من الكوة ففطر الحطاب وامرأته ولما رجع صاحب المريض إلى بيته وجد مريضه في صحة وعافية ولما أتم الحطاب ما عليه هو وامرأته جاء ذلك الطير حاملا في منقاره ورماها في بيت الملك فاعتقد الملك وأهل بيته ببراءة الحطاب فأطلق سراحهما وبقيا في بحبوحة العز ولم ينسيا صوم شابريون حتى ماتا. والنساء في العراق يصمن آخر أربعاء من رجب إلى الظهر معتقدات أن في صيامه مجلبة للرزق والبركة فيشترين خبز الشعير والسمسم والسكر ويوقدون الشموع فإذا حل الظهر اجتمع أهل البيت حول (الصينية) الحاوية هذه الأشياء فتقص عليهم الصائمة ما تعتقده عن حديث الشابريون وهو حديث الحطاب وزوجته ثم يأكل الحاضرون. والتي تريد أن تنذر صوم آخر أربعاء من رجب تأكل ما موجود وبعضهن يأكلن منه (لنيل المراد). 7 شعبان يصوم في هذا اليوم النساء المسلمات على اختلاف مذاهبهن ويسمى (صوم زكريا). في صباح ذلك اليوم يؤتى بصينية ويضع فيها قطعة من السمك النيئ وقليل من اللبن والخضراوات والسمسم والسكر وأكواز صغار وتوقد شموع من الكافور الصناعي ويوقد منها أفراد أهل البيت وفي المساء تقرأ الصائمة سورا من القرآن الكريم ثم تفطر وبعد ذلك يتناول أبناء البيت مما على تلك الصينية. وبعض النساء ذوات بنين يصمن في هذا اليوم معتقدات أن صومهن يطيل

محمد مهدي العلوي

عمر بنينهن وبناتهن. 15 شعبان هو يوم ابتهاج وسرور عند الطائفة الجعفرية وفي مثل هذا اليوم ولد الخلف الحجة القائم بأمر الله الملقب بصاحب الزمان عليه السلام سنة 255هـ ونظرا للأخبار المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتقد كثيرون من أهل السنة والجماعة بما يعتقد الجعفريون ويقولون بغيبة الإمام في هذا اليوم يؤم الجعفريون العتبات المقدسة. وقد جرت العادة أن يؤموا قبر المشهد الحسين عليه السلام وإذا ذكر صاحب الزمان يقوم الناس على أقدامهم ويقولون (عجل بالظهور يا صاحب الزمان). أحمد حامد الصراف محمد مهدي العلوي هو محمد بن إبراهيم بن معصوم، ينتهي نسبه إلى علي العريضي (بالتصغير والنسبة) ابن الإمام جعفر الصادق (ع) ولد في يوم الثلاثاء 18 شعبان سنة 1326هـ في سبزوار من أعمال فأخذه والده في سنة 1327هـ أي بعد سنة من ولادته إلى العراق فنشأ المترجم في الكاظمية ودرس اللغة العربية والمنطق والعلوم العصرية على جماعة من كبار الأساتذة والعلماء ثم هاجر إلى كربلاء وبقي فيها مدة يطلب علمي الفقه والأصول، ومن مشاهير أساتذته في هذين العلمين: الشيخ الميروا محمد حسين اللنكراني والشيخ علي الشاهرودي وهما من العلماء والفقهاء. وفي 12 ذي الحجة سنة 1343هـ ارتحل المترجم من كربلاء إلى الكاظمية عازما عل مغادرة وطنه العراق إلى إيران وذلك بإشارة من والده، فادر الكاظمية في 19 محرم سنة 1344هـ مهاجرا إلى إيران فنزل بسبزوار حيث والده وأقرباؤه وما زال متتلمذا على الفقهاء والعلماء حتى قبل أخيراً كمنتسب إلى العلم وخادم للدين الحنيف. يحسن من اللغات العربية فالفارسية فالإنكليزية وللمترجم مؤلفات لم تبرز منها عالم المطبوعات سوى تاريخ طوس أو المشهد الرضوي (راجع لغة العرب 567: 5) وعدة مقالات نشرت في مجلتنا هذه.

مخطوط قديم في غريب الحديث

مخطوط قديم في غريب الحديث اقتنيت مؤخرا مخطوطا عربيا نفسيا قديما جدا كتب في أول ورقة منه: (كتاب مختصر غريب الحديث) صنفه الشيخ أبي علي الحسين بن أحمد الاسترابادي رحمه الله. لأبى محمد عبد الله بن علي محمد المروزي. وكتب في آخر ورقة منه: تم الكتاب بحمد الله ومنه والصلوة على رسوله محمد وآله أجمعين. واتفق للفراغ (كذا) لأبي محمد عبد الله بن علي محمد المروزي، اصلح الله باله وحقق آماله في صفر سنة أربع وستين وأربعمائة. شرعت في البحث عن ترجمة المؤلف والناسخ لأنه تحقق لدي بعد الاستقراء أن مؤلفه المتوفى قبل سنة 464 هجرية هو أبو علي الحسين بن أحمد الاسترابادي وناسخة ومرتبة الذي حشي الكتاب وعلق عليه تعاليق وفوائد جمة هو أبو محمد عبد الله بن محمد المروزي ولم يتيسر لي الوقوف على ترجمة أحدهما ولذا أرجو من الخبراء ولا سيما من أهل العراق وفارس أن يبحثوا عنهما في كتب تراجم أدباء إيران ويفيدوني عما تصل إليه معرفتهم بأحد منهما فاكون لهم من الشاكرين. ويمتاز هذا الكتاب عن غيره من كتب غريب الحديث بأشياء منها أولا: أنه كتب في القرن الخامس للهجرة وقلما تجد مخطوطات عربية من هذا التاريخ. واكثر الكتب المخطوطة القديمة الموجودة في الخزائن المشهورة منسوخ في القرن السادس والسابع للهجرة فصاعدا وأن يكن مؤلفوها قد وجدوا قبل القرن الخامس. ثانيا لأنه اختصار كتاب غريب لحديث الذي ألفه أبو عبيد القاسم ابن سلام المتوفى سنة 223هـ وقد أفنى فيه عمره إذ قال: (أني جمعت كتابي هذا في أربعين سنة وربما كنت استفيد الفائدة من الأفواه فأضعها في موضعها فكان خلاصة عمري) وقد حفظ لنا الدهر هذا الكتاب الجليل إذ اقتنته دار الكتب

المصرية بالفوتوغراف عن نسخة كتبت سنة 596 محفوظة في خزانة كتب كوبريلي بالأستانة. قال ابن الأثير في مقدمة كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر: (أن أبا عبيد بن سلام احتاج إلى تتبع أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - على كثرتها وآثار الصحابة التابعين على تفرقها وتعدوها حتى اجتمع منها إلى بيانه بطرق أسانيدها وحفظ رواتها وهذا فن عزيز شريف لا يوفق له إلا السعداء. وظن رحمه الله على كثرة تعبه وطول أنه قد أتى على معظم غريب الحديث واكثر الآثار وما علم أن الشوط بطين والمنهل معين. وبقي ذلك على كتابه في أيدي الناس يرجعون إليه ويعتمدون في غريب الحديث عليه إلى عصر أبي محمد غريب الحديث والآثار حذا فيه حذوا أبي عبيد ولم يودعه شيئا من الأحاديث المودعة في كتاب أبي عبيد إلا ما دعت إليه الحاجة من زيادة شرح وبيان أو استدراك أو اعتراض فجاء كتابه مثل كتاب أبي عبيد أو أكبر منه) انتهى كلام ابن الأثير. وصنف الناس غير من ذكر في هذا الفن تصانيف كثيرة منهم شمر بن حمدويه وأبو العباس أحمد بن يحيي اللغوي المعروف بثعلب وأبو العباس محمد بن يزيد الازدي البصري المعروف بالمبرد وأبو بكر بن القاسم الأنباري وغير هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث. ولما كان زمن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي القاشاني المتوفى سنة 401 صاحب الإمام أبي منصور الأزهري اللغوي صنف كتابة المشهور السائر في الجمع بين غريبي القران والحديث ورتبه على حروف المعجم على نمط لم يسبقه إليه أحد في غريب القران والحديث فاستخرج الكلمات اللغوية الغريبة من كنها وأثبتها في حروفها معانيها إذ كان المقصد من هذا التصنيف معرفة الكلمة الغريبة لغة وأعرابا ومعنى لا معرفة متون الأحاديث والآثار وطرق

أسانيدها وأسماء رواتها فأن ذلك علم مستقل بنفسه مشهور بين أهله. وما زال الناس يتبعون أثر أبي عبيد الهروي إلى عهد أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري فصنف سنة 516هـ (الفائق) في غريب الحديث ورتبه على حروف المعجم وهو كتاب جليل جم الفوائد طبع في حيدر آباد الدكن سنة 1334 هجرية وكذا قريبا من عهده صنف أبو الفرج عبد الرحمن بن جوزي كتابا في غريب الحديث نهج فيه طريق الهروي مجردا عن غريب القران. ثم اتبعه الشيخ الإمام أبو السعادات المعروف بابن الأثير الجزري المتوفى سنة 606 بكتاب سماه: النهاية في غريب الحديث والأثر أخذه من الغربيين الهروي وأبى موسى الاصبهاني وهو أيضاً مرتب على حروف الهجاء وأوسع من الفائق للزمخشري. قلت: أن كتاب مختصر غريب الحديث للاسترابادي يمتاز عن غيره بكونه أولا نسخة قيمة العهد ولعلها الوحيدة في خزائن الكتب وثانيا بكونه مختصرا لكتاب أبي عبيد سلام وهو نادر الوجود وذكرنا ما يعرف من نسخة المخطوطة ومن ميزته أيضاً كون كلمات الأحاديث مؤيدة بما ورد من أشعار العرب الموثوق بهم في لغتهم كالأعشى والاخطل وامرئ القيس وذي الرمة وغيرهم كثيرين. ومعلوم أن علم غريب الحديث يعني الغريب من الكلام وهو الغامض البعيد من الفهم أن الغريب من الناس هو البعيد ع الوطن المنقطع عن الأهل. والغريب من الكلام يعني وجهين أحدهما هو أن يراد به أنه بعيد المعنى غامضه لا يتناوله الفهم إلا عن ومعاناة فكر والوجه الآخر هو أن يراد به كلام من بعدت به الدار من شواذ قبائل العرب (راجع كشف الظنون).

اليمن وتقدمها

وقال ابن الأثير في مقدمة النهاية: وقد عرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان افصح العرب لسانا واوضحهم بيأنا وأعذبهم نطقا وأمدهم لفظا وأبينهم لهجة واقومهم حجة واعرفهم بمواقع الخطأ حتى لقد قال له علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وسمعه يخاطب وفد بني نهديا رسول الله نحن بنو أب واحد ونراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره فقال أدبني ربي واحسن تأديبي وربيت في بني سعد فكان - صلى الله عليه وسلم - يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم وتباين بطونهم وأفخاذهم وفصائلهم كلا منهم بما يفهمون. . . اهـ وكان أصحابه يعرفون أكثر ما يقوله وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم. ولا يتناول علم غريب الحديث أحاديث النبي فقط بل أحاديث الصحابة والتابعين أيضا. والمخطوط الذي يبتدئ أولا بحديث النبي ثم يتبعه أحاديث أبي بكر ثم أحاديث الخطاب ثم أحاديث عثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب وحديث الزبير بن العوام وطلحة بن عبد الله وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم كثيرين. مصر القاهرة يوسف اليان سركيس اليمن وتقدمها جلبت حكومة الإمام يحيي في الأيام الأخيرة بعض ضباط الألمان إلى صنعاء واستخدمت بعضهم في مصانع الأسلحة والمؤن الحربية؛ وبعضهم في قسم الطيران ونالوا استحسان الإمام وأركان الدولة لما اظهروا من النشاط والمهارة في تحسين الأشغال الموكلة إلى عنايتهم، ورفعت الحكومة رواتبهم اعترافا باجتهادهم وتقديرا لعلومهم وتشجيعا لهم على المثابرة في العمل. وقد ساء بعض المستخدمين الإيطاليين اعتناء الحكومة بالألمان، فثارت في صدورهم عوامل الحسد والغيرة فأندفع اثنان منهم إلى تخريب آلات إحدى الطيارات المنوط أمرها بطيار ألماني وأنكشف سر المسألة فصدر أمر من سيادة الإمام بقطع علاقات الإيطاليين وإخراجهم من البلاد فلم يبق منهم فيها أحد. وكثير من طلبة المدرسة الحربية قد أتقنوا فن الطيارات سواء في سوقها أو في رصد الطريق التي تسير فيها.

غادة بابل

غادة بابل - 6 - نام أهل الحي وأصحاب القافلة نوما هنيئا. أما شمشو فلم يغمض جفنا على جفن بل أخذ يسامر الكواكب والبدر المنير في سماء صافية الأديم وكان يرى في البدر وجه حبيبته حتراء وفي النجوم عينيها اللامعتين ويتخيل في تمايل السنابل عند مر النسيم البليل قدها المياس تيها ودلالا. وإذا سمع خرير الماء في الجداول والترع يصغي إليه كأنه أنشودة حب سرية. وبين فينة وفينة يذكر بنت خاله شميرام بخير ويعطف عليها ويأسف لبواعث الأسى التي تختلج في صدرها بسبب حبها له وهو تحت سلطان غرام غيرها فلا قدرة له على كبح جماح الهوى وتحكمه فيه ولا سبيل له لإرضائها. وبينما كانت يد الهواجس تداعب مخيلته وأنامل الشوق تلاعب شعوره إذا بعض الرعاة الذين يتناوبون يصيحون بالويل والثبور ويستغيثون لدفع شر أسد أنسل بين القطعان يريد افتراس الغنم فهجموا عليه بفؤوسهم تعاونهم الكلاب الجريئة الكبيرة الجثث فانقضت على الأسد انقضاضها على فرائس الصيد. وبعد عراك هائل تمكن القوم من طر الأسد وقد خذل أي خذل لأنه لم يأخذ فريسته. وفي الصباح استأنفت القافلة السير وكان أصحابها يمرون على المزارع فمنها ما كان يزرعها الملاكون مباشرة وقد أقاموا عليها الوكلاء واستأجروا لها الفلاحين من الأحرار أو العبيد بعقود مسجلة، وبين الفلاحين من تقضي عليه شروط عقده أن يخدم خدمة العبيد ويكون ملكا لمالك الأرض حتى ينتهي الأجل المضروب ومن الأراضي ما كان مؤجرا أو (ملتزما) ويدفع الفلاحون إلى مالكيها حصة مقطوعة أو نسبية من نتاج الأرض. كان بلاتو دعي بيروس يسير إلى جانب شمشو في الطريق ويتحادثان في مواضيع مختلفة فتناولا البحث في ملكية الأراضي في بابل وقوانينها فقال شمشو: الأرض ملك الإله في الأصل يولونها لمن شاءوا من الملوك والسلاطين

وهؤلاء وهبوا منها ولا يزالون يهبون قطعا لمن شاءوا من المخلصين لهم أو المقربين منهم حتى إذا معظم الأراضي بيد الشرفاء ورجال الدولة والجيش ومختلف طبقات الناس من العامة. لأن من نال هبة الملك من تلك الأراضي له أن يتصرف فيها حسبما شاء وأراد أيجار وبيع واستغلال وتقسيم بين ورثته أو بين أصدقائه بعد أن يدفع ضريبة الدولة ورسوم الهيكل المقررة مهما كانت ثقيلة الوطأة وليس لأي كان أن يتدخل في شؤون هذا المالك أو يضيق حريته. وملكية الأراضي مثبتة في رقم من طين مدونة فيها تقسيم كل أرض وحدودها واسم صاحبها وما فيها من المنخفضات والمرتفعات والترع والجداول ومساحتها وإذا وجد بعض المبهمات تخطط صورة أو خريطة مختصرة تلحق بالرقيم زيادة للإيضاح. وعلى هذا المسح العام للأراضي (الكادسترو) تجبى الضرائب والرسوم وتفرض على قاعدة ثابتة. لا يحتمل وقوع إجحاف كبير بالمزارعين. ويرجع من حين إلى آخر إلى مسح الأراضي التي يشك في صحة مساحتها. بلاتو - أني لم أتعاط الزراعة ولا وقوف لي على هذه المعاملات ولكن إلا تظن أن الضرائب والرسوم التي تجنى على مساحة الأراضي لا تكون عادلة لأن بعض الأراضي مخصبة كل الخصب وبعضها دون ذلك وبعضها قليلة الإنتاج. شمشو - الحق معك. إلا أن الشرائع المرعية قد نظرت في هذا الأمر وجعلت تقدير حاصل كل وحدة قياسية يختلف عن حاصل وحدة قياسية أخرى نظرا إلى جودة الأرض وموقعها. وهكذا كانت تقطع القافلة مرحلة بعد مرحلة بأطيب الأحاديث وافكه النوادر والخوض في مواضيع شتى. وبلغت في اليوم الخامس اوبي الشهيرة

بتجارتها الواقعة عند مصب نهر فسقس وعلى ضفة دجلة الغربية. فرغب رجال القافلة في أن يقضوا يوما في تلك المدينة للتفرج وقضاء بعض الحاجات فوافقهم رئيس القافلة. تركت القافلة اوبي وسارت في طريقها إلى بلاد آشور وبعد أن قطعت ثماني ساعات أنزلت الأحمال والأثقال للاستراحة والمبيت بموجب العادة. وهنا حدث أمر ذو بال وهو أن (بلاتو) دعي بيروس أصبح جثة هامدة وفي جسمه آثار السم بادية والى جانبه كلبه ميت أيضاً وفيه مثل تلك الإمارات وبعد البحث عن السبب تحقق شمشو أنهما أكلا من الزاد الذي بعثت به إليه شميرام ولكي يقف على ما في هذا الزاد من القوة السامة ألقى منه شيئا لكلب آخر فمات لساعته. فلم يبق لديه في الأمر فطرح ذلك الزاد في دجلة ولم يحتفظ إلا بشيء زهيد منه شهادة ما فيه، حتى إذا ما رجع إلى بابل يبحث عن الجاني. وكان هذا الأمر الخطير من بواعث القلق والاضطراب لشمشو واخذ يفكر في اليد الأثيمة التي تجرأت على دس الدسيسة وهذه الفعلة الشنعاء التي كادت تودي بحياته لو لم يضح على هيكلها (بلاتو) الذي دفعه جشعه إلى حياض الموت وجذبته شراهته إلى ذلك المورد الرنق. فبقي شمشو ألعوبة بيد عوامل كثيرة. فكان تارة يتهم شميرام ويذهب إلى أنها التجأت إلى هذه الدسيسة انتقاما منه لأعراضه عن زواجها وحبه حترآء

وطور يطرد هذه الأوهام والوساوس والأباطيل ويبرئ ساحتها من هذا المنكر الفظيع لما يعهده فيها من الأخلاق الحميدة والحب الخالص له. . . في الأمر سرا. . . فمن أتى إذا هذا المنكر؟ فلم يهتك البحث ستار هذا السر الغامض ولا أزاح التنقيب الإبهام الذي يحف بهذا الحادث المهيب. وكان يرجع حينا إلى ذكر (بلاتو) الذي بعثه معه بيروس المخلص على ما يعتقده وكيف مات بلا ذنب ولا حرج وهلك ضحية تلك المؤامرة السرية فيتخيل كأنه أمام الكاهن يؤنبه على موت البار. . . وهو لا يحير جوابا ولا يتمكن من تحمل الأعذار. وكان في الطريق كله مشتت الأفكار قلق البال. ولا تفارق أشباح ذلك الحادث مخيلته، فكان يكرر أقوالا متقطعة. . شميرام. . السم في الزاد. . . بلاتو البار. . . موت ظلم وعدوان. . بيروس المحسن. . . غموض في إبهام. . . في أسرار تكتنفها الظلمات ولم يجد تسلية إلا في ذكرى حتراء. . حتراء الحبيبة. بعد أربعة عشر يوما من مغادرة بابل وصلت القافلة إلى نينوى. رأينا شميرام قد عدلت عن الاستسلام لسلطان الهوى ورأت في الغرام ذلا تأنف النفس الأبية من الرضوخ لقضائه فحكمت العقل على القلب واستولت على الشعور بسمو المدارك. فوجدت راحة وهناء وسلاما في نفسها وأخذت تطالع الرقم وتلتقط منها شوارد الحكمة وآيات الرشد. وكان لها ولع خاص برقيم مدونة فيه حكم السلوك فكثيرا ما كانت تردد في فكرها ما تعلمته منها فتقول: لا تغيب. تكلم بما ينزهك. لا تقذع. تكلم باللطف. من يغتب ويقذع يزره شمس على رأسه - لا تتبجح، احفظ شفتيك - أن غضبت لا ترفع صوتك - التكلم في ساعة الغضب يورث الندم - وبالسكوت دار حزنك - تعلم الحكمة من الرقم (الألواح) - مخافة الإله تولي نعمة -

الصلاة تجلب غفران الخطيئة - أطعم الناس وأشربهم خمرا. ابحث عن الحق واجتنب الباطل - لا تتكلم شرا عن صديقك ورفيقك - أن وعدت أنجز ما وعدت - لا تتكلم كثيرا بل احسن التكلم - من يخف الآلهة لا يصرخ عبثا وكانت تنشد في بعض الأوقات أناشيد دينية مؤثرة تدور حول ندامة الإنسان على خطيئة وطلب المغفرة عما يترتب عليه من القصاص والعقاب من جرائها. وإنشاء تلك الأناشيد بليغ وفيه معان شعرية عالية تنفذ إلى القلوب قبل ولوجها الآذان وتحرك العواطف بلا استئذان. وكثيرا ما كانت تنزل الحديقة في الليل وتترنم بتلك الأناشيد. وكانت نجيتها نتو تراقب حركاتها وسكناتها عن كثب وتبلغ بيروس الكاهن كل ما تقوله وتفعله سيدتها. وقالت له يوما أني آنس في شميرام أعراضا عن حب شمشو فلا تذكره ذكر الحبيبة لحبيبها بل ذكر بنت الخال لابن عمتها وكأني بأدعيتك قد استجابتها الآلهة. وهي تنزل كل ليلة إلى الحديقة بعد العشاء وتتمشى فيها حتى تبلغ آخرها فكان هذا الخبر مدعاة لتدبير حيلة أخرى حاول بها بيروس السيطرة على أفكار (غادة بابل). خيم الظلام على ربوع بابل فتردي بيروس ثياب الآلهة اشتر بعد أن أنتزعها من تمثالها وتوجه توا إلى حديقة شميرام وتسلق نخلة وبقى كامنا هناك وبعد هنيئة سمع سوت شميرام الرخيم وهي تنشد أنشودة اشتر الآهة الحب والتناسل. واخذ يتقرب صوتها شيئا فشيئا حتى بدا له خياله عند الازاهير تقتطف منها ما طابت رائحته وعبق شذاه وطورا تستأنف السير متبخترة ولما صارت على مقربة منه خاطبها بصوت سحري ذي جلال قائلا لها: يا عذراء بابل؟ يا بنت الآلهة! قفي في محلك متهيبة لأن الروح الذي يخاطبك

الشيخ علي سالم الصباح

روح الآلهة اشتر أنبئك أن دموع ندامتك صعدت ألي كعطر بخورذكي وأرضتني فوجدت عندي نعمة وقضت الآلهة في ندوتها أن تحيي سعيدة وسجل (نبو) في لوح الأقدار سعدك. فنجيت من آلام الغرام وها أن ذلك القاسي الذي لم يمالئك في حبك له يموت عاجلا، فما لك إلا أن تقرني حياتك بحياة كاهن فيعقد لك تاج السعد.) فجمد الدم في عروق شميرام وهلع قلبها رعبا ثم خارت قواها فسقطت مغشيا عليها بعد أن صرخت صوتا سمعه من كان في دارها. ففر بيروس هاربا. وجاء أهلها وخدمهم وعبيدهم فحملوها إلى غرفة نومها وعالجوا إنعاش قواها الخائرة ولما ثاب إليها رشدها قصت عليهم ما رأته وسمعته وما أوحاه إليها روح اشتر من موت شمشو. إلا أن ذلك المشهد وذلك المسمع وذلك النبأ موت شمشو كل هذا لم يؤثر في اعتقادها بل كانت تحملها على خزعبلات وعلى دسيسة أثيمة يكشف المستقبل مخبأها ويظن بواطن أسرارها حتى أن أمها أخذت عليها من غضب الآلهة التي لا تكترث لهم وبقواتهم وقدرتهم. يوسف غنيمة الشيخ علي سالم الصباح في اليوم الأول من شهر ك 2 من هذه السنة 1928 توفي الشيخ علي سالم الصباح أثر ما أصابه من الجروح العظيمة في وقعة الأخوان، فشمل الحزن الكويتيين جميعهم واتشحت المدينة بالحداد وتعطلت الأعمال وأقفلت الأسواق وأقيمت للمتوفى مناحات في الطرق وفي الدور. وكان المرحوم ثاني أنجال الشيخ سالم الصباح وابن عم حاكمها الآن وكان في مقتبل العمر ومن الشبان المتنورين واشتهر بالشهامة والإقدام والبسالة والجرأة وكان في الحادثة التي جرح فيها يقود حملة اركبها 17 سيارة فقابل الهاجمين بقلب قد من الجلمود المانع وقاتلهم قتال الأبطال المستميتين حتى سقط قبل أن تلحق به القوة التي انضمت إليه بعد جرحه الذي قضى عليه بعد أن عاش خمسة أيام يقاسي فيها اشد الآلام.

فوائد لغوية

فوائد لغوية الحجون خلال القرون 1 - تمهيد أواصل البحث منذ سنين طويلة في اللغتين اليونانية والعربية عن الصلة التي تجمع بينهما. فأنتج لي بحثي خلاف ما أنتجه لعلماء الغرب، أي أن بين اللغتين صلات وثيقة لا تنكر. وفي اغلب الأحيان لا يفسر الألفاظ اليونانية إلا الوقوف على أسرار اللغة العربية. هذا إذا كانت الألفاظ اليونانية قديمة وكانت تلك الألفاظ نفسها عريقة في لغتنا أيضا. نقول ذلك عن الحروف الثنائية الهجاء في اللغتين أو عن التي ترد بعناء إلى مقطعين إذا أنعم الباحث نظره في الصلة الجامعة بين اللسانين. وقد يعكس الأمر إذا كانت الكلم العربية مولدة أو علمية أو كثيرة الاهجية (المقاطع) ففي اغلب الأحيان تكون دخيلة أو منحوتة أو مزيدا فيها حرف أو حرفان أو ثلاثة تفيد فائدة جديدة لا ترى لو بقيت تلك الكلمة على حروفها الأولى. ومما هو غريب في هذا الباب أن السلف قد حفظ ألفاظا لم يبق لها معنى اليوم وكان لها معنى أو معان في السابق، ولا يعرف إلا من مقابلة اللغات ففي الألفاظ السامية الوضع، ينظر إلى معانيها في اللغات الأخوات، وفي الألفاظ الفارسية الأصل ينظر إليها في اللغات الآرية ولا سيما في الفارسية، وفي ما عدا ذلك تقابل بالألفاظ اليونانية. وقد كشف لي هذه المقابلة أسرار عجيبة، وأنا اذكر هنا مثالا من أمثلة محفوظة عندي بالمئات لا بالعشرات. من ذلك الحجون: 2 - الحجون عند السلف (الحجون جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها. وقال السكري: مكان من

البيت على ميل ونصف. وقال السهيلي: على فرسخ وثلث، عليه سقيفة آل زياد ابن عبد الله الحارثي وكان عاملا على مكة في أيام السفاح وبعض أيام المنصور وقال الأصمعي: الحجون هو الجبل الشريف الذي بحذاء مسجد البيعة على شعب الجزارين. (بحرفه عن معجم ياقوت). وإذا سألنا اللغويين عن سبب هذه التسمية قالوا لنا: الحجون مشتقة من الحجن وهو الاعوجاج، ومنه غزوة حجون التي يظهر فيها الغازي الغزو إلى موضع ثم يخالف إلى غيره وقيل هي البعيدة، قال ابن الأثير: الحجون. الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة، وقيل هو موضع بمكة فيه اعوجاج، قال: والمشهور الأول، فقوله والمشهور الأول يعني أن هذا التأويل هو في غير محله إذ هناك من الأسباب ما نجهل تأويله. فالقول إذن أن الحجون مأخوذ من معنى الاعوجاج لا صحة له. وعندنا أن الرأي الصحيح هو أن الحجون مأخوذ من الحجنة والحجنة على ما نقله لنا اللغويون هو اسم مصدر لاحتجن واحتجان الشيء جمعه وضمه إليك (راجع اللسان والقاموس والتاج والأساس وابن فارس في المقاييس والليث في العين) فيكون للحجون معنيان: معنى يتعلق به وبطبيعته أي أنه سمي حجون لاجتماع مواده بعضها إلى بعض. ومعنى يتعلق بمن يصير إليه أي أن عند هذا الجبل يجتمع الناس ومثل مادة ح ج ن م فهي تدل على الاجتماع والانضمام. ولما كان رأينا أن أصل مادة كل فعل ثلاثي الحروف ثنائي الحروف كان أصل ح ج ن: ح ج (باصطلاح اللغويين أو الصرفيين ح ج ج) ومنه الحج أي الاجتماع لغاية دينية. وليس كما يقال بعض المستشرقين أن الحج مشتق من اليونانية ومعناه القديس والمنزه عن الدنايا والصالح البار، إنما هو من الحج كما قلنا أي من معنى الاجتماع. أما أن معنى الحجون هو الجبل الذي يجتمع عليه الناس، أو ينضم عنده الناس إلى بعض فتره محفوظا صريحا في الكتب اليونانية؛ إلا أن هذا المعنى لم يجئ عندهم إلا بعد أن تنقلت اللفظة من حالة إلى حالة فتبعتها المعاني وتدرجت معها كلما أوغلت الأمة في الحضارة، وما من لغة تدلنا على هذا الإمعان

في المعاني مثل هذه اللغة الهلنية (اليونانية) التي حفظت لنا هذا التدرج أو التخطي فيه ونحن نذكر للقارئ كل ذلك حسب وروده في القدم إلى أن أنتقل المعنى إلى القرار الأخير فوقف عنه، ونقابل كل معنى جديد بما يؤول في لغتنا الضادية فتكون هذه المعارضة مثالا لمئات من الكلمات أتت على هذا الوجه. ويمكننا أن نخرجها على هذا الأسلوب اللغوي. 3 - أول معان الحجون أول ما جاء عندهم لفظ الحجون كان بمعنى المجتمع والمحتشد وهذا يناسبه عندنا اللفظ العربي نفسه كما أوضحناه في صدر هذا المقال؛ ثم نقله الهلنيون إلى معنى مجتمع الآلهة أو المجتمع تماثيل الآلهة، فيكون معناه في الوقت عينه موطن يجتمع فيه الشعب للدعاء والصلاة ويكون ذلك أمام هيكل الإله؛ ثم توسعوا في معناه، وأرادوا به المجتمع أيا كان، أي محل اجتماع الناس لأي غاية كانت، فصدق عندهم على عليين أي محل في الالنبس تجتمع فيه الآلهة وصدق أيضاً على المكلا (وزان المعظم) وهو المحل الذي تقف فيه السفن. أما لغتنا فأننا لم نجد السلف ذكروا للحجون هذا المعنى لأسباب: منها لأنهم أزالوا عن اللغة كل لفظ أو معنى يدل على تحبيب الوثنية، لكننا نرى أن هذا المعنى كان معروفا عندهم وأن يصرحوا به تصريحا بينا وذلك من سماعنا إياهم يقولون أن عند الحجون كانت مدافن المكيين في سابق العهد. وأنت خبير أن المدافن كانت منذ اقدم الناس بالحضارة في المواطن المقدسة، بل نشاهد هذا الأمر إلى عهدنا هذا؛ ولم يبطل في بعض المدن إلا في العهد الحديث خوفا على صحة الناس، إذ قد يمكن أن تظهر بعض الأمراض الوافدة من كشف المقابر وانتشار الجراثيم المضرة الموجودة في بقايا الأموات بين الأحياء من الخلق. إذن أننا نرى في الحجون معبدا لآلهة وثني العرب ومحل اجتماعاتهم ثم بعد ذلك أصبح مدفنا لموتاهم، وهذا أمر معقول لا ينافي معتقد أي دين كان. 4 - المعنى الثاني للحجون ما ذكرناه من معنى اللفظة (لفظة الحجون) عند اليونان هو معناه الأول مع عدة فروع تفرعت منه؛ ثم وقع معنى ثان آخر مع فروع أخرى، وهو أن لحجون يفيد عندهم معنى المجتمع للألعاب العامة. وهذا المعنى غير خفي عن

الأذهان، لأن الناس إذا اجتمعوا للأمور الدينية في موطن، لا يمكنهم أن يبقوا طويلا في الدعاء والصلاة والابتهال بل يستريحون من وقت إلى وقت وفي استراحتهم يندفعون إلى الملاهي والألعاب وشؤون الأنس، وهذا ما يقع في جميع البلاد وفي جميع الأديان. إلا نعلم أن كثيرا من الملاهي اصلها من المجتمعات الدينية؟ أو ليس أصحاب الفساد ينتهزون فرص النتديات والمحتشدات ليلهوا أنفسهم بما يحضره الدين؟ وما يقع اليوم وسوف يقع إلى آخر الدنيا، كان يقع في سابق العهد. وهذه سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا. ومن المعنى المذكور نشأ فرع وهو: محل لهذه الألعاب أو الميدان: والميدان عندهم محل واسع مفروش بالرمل وحوله مقاعد للناظرين فينزل في ساحته المصارعون والمتروضون واللاعبون أنواع الألعاب. ولم يسم ميدانا إلا لما فيه من الرمل فكان أرض تلك المساحة تمتد بمن عليها في أثناء اللعب. - وهانحن أولاء بين يدي معنى جديد هو الميدان وألعاب الميدان، وهذه الألعاب كانت كثيرة العدد منها: الملاكمة والمصارعة وفيها الهجوم والدفاع، والكر والفر، الفتك والصد. ولقد بقي في لغتنا هذا المعنى وهو قولنا: حجن فلان فلانا عن كذا: إذا صده وصرفه. وحجن الشيء: جذبه بالمحجن إلى نفسه. والمحجن هو العصا المنعطفة الرأس كالصولجان وكل معطوف معوج. ولعب المحجن معروف عندنا الآن ويعرف بلعب الدرك (مثل السكر) وكان معروفا عند الهلنيين ويلعبون في ذلك الميدان الذي أشرنا أليه. إذن من معاني الحجون عندهم وعندنا الميدان وألعاب الميدان بأنواعها، إلا أن هذا المعنى مات عندنا واضمحل وبقي منه آثار في معنى الحجن والمحجن ولعب المحجن. 5 - المعنى الثالث للحجون لم يقف المعنى عند الميدان وألعابه، بل أنتقل إلى معنى ثالث هو المصارعة أو المحاربة أو الغزو أن بالأسلحة وأن بالكلام أو بإقامة الدعاوى. ولقد نرى أثر هذا المعنى أيضاً في لغتنا إذ من معاني الحجون فيها: كل غزوة تظهر غيرها ثم تخالف إلى غير ذلك الموضع ويقصد أليها. فهذه حقيقة من

بدائع هذه اللغة التي يفوق جمالها جمال سائر اللغات. إذ قد احتفظت بأدق المعاني واجلها. - ومن تعابير اليونانيين في هذا الصدد قولهم: الحجون للبقاء وهو كما نقول اليوم: تنازع البقاء. لكن في قولهم وقولنا (الحجون للبقاء) من دقة المعنى وتصوير الاحتيال على الغير للفوز بالأمنية مالا يرى في قولك: (تنازع البقاء) ومن فروع هذا المعنى الثالث ورود الحجون عندهم بمعنى الغاية المقصودة من المصارعة أو الغزوة والخطر الناشئ، من تلك المصارعة والغزوة: إذن جاء الحجون عندهم بمعنى التهلكة مهما كانت وأن لم يكن هناك مصارعة أو غزوة. ومن فروع ذلك المعنى أيضاً الساعة الخطرة التي يفصل فيها نتاج الأمر وختامه وهناك فرع سابع وأخير للمعنى الثالث هو ورود اللفظة بمعنى الخوف والقلق لأن المرء إذا جهل نتاج أمر بقي في اضطراب لما يتوقعه. هذه المعاني هي المشهورة وطرز تفرعها الأفنان والأغصان من جذع الشجرة. 6 - معنى آخر للحجون ومن معاني الحجون التي لم نذكرها معنى: الإله الذي يحامي عن الألعاب العامة. أنك تعلم أن الوثنيين أقاموا لهم آلهة ومعبودين يوافقونهم على جميع أهوائهم ويصانعونهم فيها. ومن جملتنا هذا الإله الغريب الذي لا عمل له سوى الدفاع عن الألعاب العامة وحث الشعب على إقامتها والانتفاع بمحاسنها. ولا جرم أن هذا الإله لم يتخذ إلا بعد اختراع تلك الألعاب؛ على أن المعترفين بوجوده قبل الألعاب نفسها، بيد أن الناس لم يعرفوه إلا بعد عهد الألعاب. وعلى كل حال فأن مقامه بين تفرع المعاني غير معين فجعلناه هنا مع التنبيه إلى قلق مكانه من المعاني المذكورة. 7 - من أين جاءت الحجون عندهم وعندنا الحجون عند اليونانيين مشتقة من فعل الذي له عدة معان ومن جملتها ساق ودفع إلى مجتمع ثم تفرعت سائر المعاني من باب التوسع؛ على ما بيناه في صدر المقال. وكذلك القول عن مادة ح ج ن العربية، فأنها ناشئة من مادة ح ج ا

اعتراض

(أي ح ج و). قال لغويونا. حجت الريح السفينة: ساقتها. ومن السلف وقبائلهم من كان يجعل الجيم دالا وبالعكس فقالوا في حجا: حدا ومنه قولهم: حدا فلان الإبل: وحدا بها زجرها وساقها. وحدت الريح السحاب ساقته كحجته وهكذا لو أردنا أن نتتبع هذه المادة وفروعها لكشف لنا أسرارا هي غامضة في نظر البعض. إلا أنها جلية واضحة في نظر اللغوي متقفي الخبايا في الزوايا. ولو كتبنا عن هذه المادة خمسين صفحة لما كفتنا لقتل الموضوع بحثا إلا أننا أردنا أن نشير إلى ما في ثناياها من الأسرار والغموض لقياس عليها مئات من الألفاظ يسار بها هذا السير من التحقيق والتدقيق، فتتلاقى فيه اللغتان اليونانية والعربية وتتصافحان لتعرفا بأن الواحدة هي أخت الأخرى وليس كما يظن أبناء الغرب أنهما عدوان لا يتلاقيان في شئ من الألفاظ أبد الدهر! اعتراض ورب معترض يقول: أن الحرف الأول في اليونانية هو حرف رقيق (أي همزة أما العربية فهو حرف ضخم مفخم فالكلمتان غير متشابهتين؟ قلنا: من شأن لغات الغربيين أن يخففوا الحروف الحلقية تيسيرا للتلفظ بها. فهم يقولون مثلا هوا ونوء واساك وياكوب. أما نحن العرب مع جميع الساميين فنبقي الحروف الحلقية على حالها ونقول: حواء، ونوح، وإسحاق ويعقوب وأمثال هذا التعبير لا يعد بالعشرات أو بالمئات بل بالألوف، فهو أشهر من أن يذكر. الختام وفي الختام نصرح للقراء أننا جميعا مثل هذه الكلم شيئا كثارا لا يحصى ونزيد على ذلك: أن بعض الألفاظ اليونانية أو الرومية لا تنجلي معانيها إلا بمراجعة العربية التي فيها، وفيها وحدها جميع المغلقات. ولا بد من أننا نبين شيئا من هذه الغوامض كلما اتسع لنا المجال أو وافقتنا الأحوال، ونحن لا نرتاب أبدا في صحة قولنا، وأن خالفنا به أبناء الغرب من المستشرقين بل خالفنا به أبناء هذه اللغة الأغرار الذين يدعون العلم ومعرفة أصول اللغة وهم بعداء عنها بعد الثريا عن الثرى. فلينصفوا أنفسهم وأمتهم ولغتهم ووطنهم.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة باكسايا 1 - مقدمة كتب إلينا من علي الغربي أحد العلماء يقول: (من متممات هذا القضاء: أرض تسمى (بكساية) في لغة العامة، وتسمى في الرسميات (باغشاهي)، وأنا اجزم أنها (باكسايا). أخت (بادرايا) التي اليوم (بدرة)، وهي متصلة بها. فأرجو من مولاي أن يتفضل ويكتب فصلا عن تاريخ باكسايا وعن معنى هذا اللفظ، وعن لغته أي نسبته ويتحفنا به وسلفا اقدم الفئات شكر وامتنان لسيدي المبجل). اهـ 2 - لفظ الكلمة ومعناها الذي يؤلمنا حين ينظر إلى أعلام بلادنا التي يستعملها رجالنا أصحاب الدواوين، وهو أنها تروى بأقبح صورة وأشنع تصحيف، فيقولون مثلا: ماركيل وهي كلمة من تصحيف الإنكليز لكلمة معقل (كمجلس) ويقولون: أربيل وهي اربل (كزبرج) عند السلف؛ وهذه باكسايا يقولون فيها (باغشاهي) كأنهم يرون فيها لفظا منحوتا من (باغ) و (شاهي) أي جنة الملك بالفارسية، مع أن لا وجود لهذه الكلمة الممسوخة في كتب أقدمينا. أما (بكساية) فتصحيف ظاهر ل (باكسايا) بضم الكاف، وهي في نظرنا منحوتة من (با) الآرامية أي بيت أو دار بمعنى مدينة. و (كسايا) أي كساء أو ثوب ومحصل معناها (مدينة الحاكة، حاكة الأكسية والثياب) يؤيد ذلك ما جاء في معجم ياقوت قال: باكسايا، بضم الكاف وبين الألفين ياء: بلدة قرب البندنيجين (تسمى اليوم

مندلي) وبادرايا (وتعرف اليوم باسم بدرة). بين بغداد وواسط من الجانب الشرقي في أقصى النهروان. قالوا: لما عمر قباذ بلاده نقل الناس، وكان من نقله إلى بادرايا وباكسايا الحاكة والحجامين) أهـ. على أن الأستاذ البفاري م. شتريك يقول في معلمة الإسلام في مادة باكسايا أن الكلمة منحوتة من بيت أي دار و (كسايا) أي (الكشيين) المذكورين في الرقم المسمارية وهو يتفق كل الاتفاق وموقع باكسايا المجاورة لزجرس موطن الكشيين الأقدمين، أهـ. وكلا التأويلين محتمل إلا أننا نخبر الأول لأنه يوافق ما ذكره ياقوت. 3 - ذكرها في التاريخ كثر ذكر باكسايا في التاريخ ومن جملة ما جاء. ما ذكره الطبري في تاريخه الكبير وهذا حرفه: (وواتر (كسرى) الكتب إلى يخطيانوس في أنصاف المنذر (ملك العرب). فلم يحفل بها فاستعد كسرى فغزا بلاد يخطيانوس في بضعة وتسعين الفئات مقاتل فاخذ مدينة دارا، ومدينة الرهاء. ومدينة منبج، ومدينة قنسرين، ومدينة حلب. ومدينة إنطاكية. وكانت أفضل مدينة بالشام، ومدينة فامية ومدينة حمص؛ ومدنا كثيرة متاخمة لهذه المدائن عنوة: واحتوى على ما كان فيها من الأموال والعروض، وسبى أهل مدينة إنطاكية ونقلهم إلى أرض السواد: وأمر فبنيت لهم إلى جنب مدينة طيسفون على بناء إنطاكية على ما قد ذكرت قبل، وأسكنهم إياها وهي التي تسمى (الرومية) وكور لها مورة وجعل لها خمسة طساسيج: نهروان الأعلى، وطسوج نهروان الأوسط وطسوج نهروان الأسفل، وطسوج بادرايا، وطسوج باكسايا. وأجرى على السبي الذين نقلهم من إنطاكية إلى زاوية إلى الرومية الأزرق، وولى القيام بأمورهم رجلا من نصارى أهل الأهواز كان ولاه الرئاسة على أصحاب صناعاته يقال له (براز)، رقة منه لذلك السبي، إرادة أن يستأنسوا ببراز، لحال ملته ويسكنوا إليه. اهـ.

وقال في أحداث سنة 251هـ (865م) (وفي يوم السبت لثمان بقين من رجب من هذه السنة، كانت وقعة بين محمد بن رجاء وإسماعيل بن فراشة وبين جعلان التركي بناحية بادرايا وباكسايا، فهزم ابن رجاء وابن فراشة جعلان وقتلا من أصحابه واسر جماعة. اهـ. وقال مسكويه في كتابه تجارب الأمم (77: 2) في أحداث سنة 333هـ (944م) (واضطر الديلم إلى أن يستأمنوا إلى توزون (بن حمدان)، لأنهم رحالة، فاستأمن أكثرهم إلى توزون، واخذ الأمير على طريق بادرايا وباكسايا إلى الأهواز، وقد كانت الميرة أيضاً ضاقت على الأمير أبي الحسين حتى اضطر في الليلة التي أنصرف فيها من غد إلى أن ذبح خمسين جملا من جماله وفرق لحمها على أصحابه واخذ له بقر فذبحها ونهب في وقت هزيمته نهبا عظيما) انتهى المقصود من إيراده. ولا نريد أن نتتبع كل ما جاء في كتب التاريخ عن هذه المدينة إذ هذا يطول فاجتزأنا بما ذكرنا، إلا أنه يجدر بنا أن نقول. أن نصارى تلك المدينة كانوا من اشد الناس تمسكا بدينهم وكان المجوس قد اضطهدوا وطنييهم اشد اضطهاد وقتلوا منهم عددا لا يحصى ومن الجملة أنهم قتلوا رجلا من باكسايا ترك المجوسية وتنصر فضيقوا عليه في سنة 545 (أي قبل الإسلام بنحو سبع وسبعين سنة) وكان اسمه (عاودا) (أي عابد) فحكم عليه بالموت فقتل. واظهر من الثبات في العزم وقبول الموت بصدر رحب ما حمل جلاديه على جدع أنفه وصلم أذنيه من غير أن يؤذوه أكثر من ذلك قبل موته. وقد ذكر ياقوت في معجمه واحدا من أئمة الحديث اصله من باكسايا فقال: واليها (أي والي باكسايا) ينسب أبو محمد عباس بن الله بن أبي عيسى الباكسائي ويعرف بالترقفي أحد أئمة الحديث، توفي سنة 268هـ (881م) والظاهر أن عمران باكسايا اضمحل في القرن الثالث للهجرة، إذ لم نجد له ما يجذب إليه الأنظار بعد ذلك الحين. ولعلنا واهمون. (تنبيه) عندنا رسائل عديدة في باب المكاتبة هذا، لكننا نعتذر إلى المراسلين بأن يمهلونا ريثما يتسع لنا المجال لنتمكن من إدراج مقالاتهم.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الملامية والملامتية س - بغداد - أحمد حامد الصراف: أيقال ملامية أم ملامتية؟ ج - الملامية غير الملامتية نسبة إلى الملام. (وهم الذين لم يظهروا مما في بواطنهم على ظواهرهم، وهم يجتهدون في تحقيق كمال الإخلاص، ويضعون الأمور مواضعها حسبما تقرر في عرصه الغيب، فلا يخالف إرادتهم وعلمهم إرادة الحق تعالى وعلمه ولا ينفون الأسباب إلا في محل يقتضي نفيها ولا يثبتونها إلا في محل يقتضي ثبوتها: فأن من رفع السبب من موضع اثبت واضعه فقد سفه وجهل قدره ومن اعتمد عليه في موضع نفاه فقد أشرك والحد. وهؤلاء هم الذين جاء في حقهم أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري (عن التعريفات للسيد الشريف الجرجاني) قال محيي الدين عربي: الملامة هم الذين لم يظهر على ظواهرهم مما في بواطنهم أثر ألبته، وهم أعلى الطائفة وتلامذتهم وينقلبون في أطوار الرجولية أهـ. وأما الملامتية فقد قال عنهم المقريزي في خططه ما هذا حرفه: القلندرية طائفة تنتمي إلى الصوفي وقد تسمي أنفسها ملامتيه. وحقيقة القلندرية أنهم قوم طرحوا التقيد بآداب المجالسات والمخاطبات وقلت أعمالهم من الصوم والصلاة إلا الفرائض، ولم يبالوا بتناول شئ من اللذات المباحة، واختصروا على رعاية الرخصة، ولم يطلبوا على حقائق العزيمة والتزموا أن لا يدخروا شيئا وتركوا الجمع والاستكثار من الدنيا، ولم يتقشفوا ولا زهدوا ولا تعبدوا وزعموا أنهم قد قنعوا بطيبة قلوبهم مع الله تعالى واقتصروا على ذلك وليس عندهم تطلع إلى طلب مزيد سوى ما هم عليه من طيبة القلوب. والفرق بين الملامتي والقلندري أن الملامتي يعمل في كتم العبادات، والقلندري يعمل في تخريب العبادات. والملامتي يتمسك بكل أبواب البر والخير والفضل فيه، إلا أنه يخفي

روضة خوان

أحواله وأعماله ويوقف نفسه موقف العوام في هيئته وملبوسه سترا للحال حتى لا يفطن له وهو مع ذلك متطلع إلى طلب المزيد من العبادات. والقلندري لا يتقيد بهيئة ولا بما يعرف من حاله وما يعرف ولا ينعطف إلا على طيبة القلوب وهي رأس ماله. أهـ. قلنا: والملامتية نسبة عامية غير صحيحة إلى الملامة. لكنهم لم يقولوا ملامتيه إلا لكي يميزوهم عن الملامية وهم طائفة أخرى كما رأيت. روضة خوان س - سبزوار. م. م. ع. أن قارئ مأتم الحسين بن علي عليهما السلام على المنبر يدعى عند العامة (روضة خوان) وهذا اسم فارسي منحوت من كلمتين. فماذا تستحسنون أن نسميه بالعربية؟ ج - معنى روضة خوان: قارئ الروضة. والمراد بالروضة في اصطلاح الأمامية ولي من الأولياء ولا سيما ترجمة الحسين من باب التغليب. وترجمة الرجل بعد وفاته لا تكون في الغالب إلا تعديد حسناته والثناء على حميد خصاله واقتفاء آثاره. والناطقون بالضاد يسمون هذا الفعل تأبينا. فالقارئ هو المؤبن لا غير. بيد أن المؤبن لفظة مطلقة المغنى لا تعنى لا تقع على الروضة خوان. ولهذا لا نرى مستحسنا أن تبدل كلمة شاعت بين بكلمة جديدة يصعب أن تحل محل الأولى. هذا فضلا عن أن واضعي هذه العادة هم الأمامية الفرس وإلا لو كان واضعوها العرب أنفسهم لنطوا بكلمة من لسانهم تدل على المطلوب. كالمؤبن مثلا أو الروضي نسبة إلى الروضة. وعندنا أن هذه اللفظة هي التي تقوم مقام روضة خوان معنى وأداء فليحتفظ بها. الشفع بغداد. ب م. تدعون في مجالساتكم للناس، وفي كتاباتكم المختلفة، أن ما من لفظة إفرنجية - حديثة أو قديمة - إلا يمكن أن يوضع لها مقابل في العربية، أن لم يكن لها مرادف فيها منذ قديم العهد. وقد سألت كثيرين عن مقابل للكلمة الفرنسية الطبية وهو اضطر في النظر يرى صاحبه الشيء شيئين، وقد اجمعوا على أن ليس لها في العربية مقابل، فهل يمكنكم أن تطلعونا

المونسون

على اللفظ الذي نعبر فيه عن المعنى المذكور؟ ج - جاء في تاج العروس في مادة (ش ف ع) عين شافعة: تنظر نظرين (أي تنظر الشيء شيئين) وأنشد ابن الإعرابي: ما كان أبصرني بغراب الصبا ... فاليوم قد شفعت لي الأشباح (شفعت) بالضم، أي أرى الشخص شخصين لضعف بصري وانتشاره وأنشد ثعلب: لنفسي حديث دون صحبي وأصبحت ... تزيد لعيني الشخوص الشوافع ولم يفسره. وهو عندي مثل الذي تقدم. انتهى كلام التاج. إذن يسمى ضعف البصر الذي يريك الشيء شيئين الشفع وزن سبب لأنه من الأداء والفعل منه شفع بالمجهول كما ذكره جميع اللغويين فلا يحق لك بعد هذا أن تنعى لغتنا أو قصورا أو عجزا أو مهما شئت أن تنعته. المونسون الموصل. م. م. م. رأينا في جرائد قطرنا المحبوب كلمة المونسون أو المنسن قبل نحو خمسة أشهر، فما معناها؟ ج - المنسن كلمة إنكليزية وهي بالفرنسية وكلتاهما من لغتنا العزيزة أي (الموسم) ويراد بها أرياح الموسم وهي أرياح في بحر الهند تهب مدة مواسم معلومة. ونحن العراقيين نسميها (البرصاة) والبعض يقولون البرصات (وزان قصبات) وهو مطر حميم يقع في ذلك الأوان فيسمى موسم تلك الأرياح برساة أيضا. وهي من الهندية (برشكال) قال البيروني: (وارض الهند تمطر مطر الحميم في الصيف ويسمونه برشكال وكلما كانت البقعة اشد إمعانا في الشمال وغير محجوبة بجبل فهذا المطر فيها اغزر ومدته أطول واكثر) (ص 96 و103 من طبعة الإفرنج) - أما الفصحاء فكانوا يسمونه البسارة. قال في التاج البسارة بالكسر مطر يدوم على أهل السند والهند - وفي بعض النسخ الاقتصار على أحدهما - في الصيف لا يقلع ساعة. قال الصغاني: وبالشين تصحيف. قلت: وهم يسمونه البرساة كما هو مشور على ألسنتهم. فتلك أيام البسار. وفي المحكم: البسار مطر يوم في الصيف يدوم على البياسرة ولا يقلع اهـ.

الزنبرك أو الزنبورك

والمعربون العصريون في سورية وديار مصر سموها الرياح الموسمية أو الدورية أما أهل خليج فارس والعمانيون واليمانيون والعراقيون فلا يسمون الأرياح المذكورة إلا البرساة كما ذكرها صاحب تاج العروس؛ وأن لكل الهوام يلفظها البرصاة أو البرصات. ولا ترى ذكر هذه الأسماء في المعاجم الإفرنجية العربية أو بالعكس. ثم يأتي بعض كتابنا ويأخذ عن الإنكليز ما وضعه السلف في لغتنا فلقد صح المثل (بضاعتنا ردت إلينا) لكن بصورة شنيعة. فأنظر بعد هذا ما يفعله جهلة المعربين على تمزيق أديم لغتنا وقد عهد إليهم حفظها من الفساد. الزنبرك أو الزنبورك س - يافا - ي. ك: من أين أتتنا كلمة زنبرك أو زنبورك؟ ج - الزنبرك هي قصر الزنبورك. وزنبورك تصغير زنبور على الطريقة الفارسية وذلك أن أصحاب هذه اللغة يزيدون كافا في آخر الكلمة فيصغرون بها المكبر. والزنبورك ضرب من المدفع يتخذ بصورة زنبور تحشى قذيفته من الوراء وعند دفعها يحرك نابض يقذفها للحال؛ ثم سموا هذا النابض زنبوركا أو زنبركا من باب الملازمة، ملازمة الشيء للشيء. وقد جاءت الزنبورك في أول استعمالها بمعنى نوع من البرقيل أو الجلاهق يقذف بها البندق. ثم نقل معناها إلى ما يقذف كبار البندق أو القنابل (القنابر) فاضطر إلى إبدال شكلها فجعلت بشكل الزنبور على ما ألمعنا إليه. على أن كاترمير في كتابه (تاريخ المغول ص 285 و286) يقول: أن هذه الآلة عرفت بالزنبورك (أي الزنبور الصغير) لأنها تحدث رنينا عند إطلاقها شبيها بدوي إذا طار، ولما اخترعت آلات الحرب النارية أطلق هذا الاسم على المدفع السهل النقل الذي يحمل على ظهر البعير. وقد قال العلامة م. رينو في كتابه الموسوم: (في فن الحرب عند العرب في القرون الوسطى) في ص 21 ما هذا معربه: (سمي كتبة العرب الذين بحثوا عن حروب الصليبين البرقيل زنبوركا حينما كان يتخذه النصارى في حروبهم، وأول مرة جاء ذكر الزنبورك في كتبهم كان حين حاصر صلاح الدين الأيوبي مدينة صور في سنة 1187م وبقي اتخاذ

الصلبيين للزنبوك في حصار عكاء سنة 1189م كان النصارى بنوا على حافات الخنادق سورا من الآجر وضعوا وراءه صفا من الجند كان يرمي بالزنبورك. وكان الزنبورك يومئذ - على ما نقله مؤرخ بطاركة الإسكندرية - سهما مراشا بثخن الإبهام طوله ذراع له أربعة اوجه، وكان رأسه من حديد محدد وحيثما كان يقع هذا السهم كان ينفذ وربما نفذ من رجل إلى رجل إذا كان الواحد وراء الآخر بعد أن يكون قد جاوز الدرع ولباس الجندي ثم يخرج لينغرز في الأرض وربما يثبت في حجر الأسوار. . . ويقال أن الزنبورك استعمل منذ سنة 1066 للمسيح مع استعمال القوس في وقت واحد وذلك في موقعة هستنكس ويجوز أن تستنتج من هذا أن الزنبورك هو من اختراع الروم. أما المسلمون فالظاهر أنهم لم يتخذوه إلا بعد هذا الحين بكثير. فقد ذكر جمال الدين وهو من كتبة العرب وأول من ذكر الزنبورك عند المسلمين أن في سنة 643هـ (1245م) اتخذ الحنفاء الزنبورك حينما حاصر سلطان مصر عسقلان. ودونك عبارته: (وآثروا الرمي إليها بالجروخ والزنبورك) وما عتم أن شاع في الشرق استعمال الزنبورك، ثم اتخذه العثمانيون وكان عندهم جيش اشتهر جنده باسم (زنبور كجيلر). ولما اخترعت الآلات النارية أطلق اسم الزنبورك على ضرب من المدفع. وبهذا المعنى عرف في ديار الفرس) انتهى كلام المسيو رينو. واليوم أنتقل لفظ الزنبورك إلى معنى ثالث وهو قطعة من المعدن ملوية ليا يدفعها إلى أن تعود إلى حالتها الأولى إذا بطل الضغط عليها وهو ما سماه إبراهيم اليازجي بالنابض واقره كتاب العصر ويقابله في الفرنسية وكان السلف قد اصطلح عليه في هذا المعنى لا بالمجراة (بضم الميم واسكان الجيم وفتح الراء يليها ألف ثم هاء). أما العراقيون فيسمون هذا النابض (نابض الساعة وغيره) بالزنبلك (وتلفظ بكسر الزاي واسكان النون وفتح الباء وفي الآخر كاف) وأهل المغرب (أهل شمالي أفريقية) يقولون: زنبراق، بقاف في الآخر.

البياسرة

ولهذا نقول: من الحسن أن تبقى الزنبورك بمعنى البرقيل أو الجلاهق وبالفرنسية والزنبرك أو الزنبلك للنابض أمنا للبس. فأنظر كيف أن الكلمة الواحدة تسير من قوم إلى قوم، ومن بلد إلى بلد وكيف تتزيا بازاء مختلفة وهي أزياء التصحيف، وكيف تعيش بمعنى ثم تموت بمعنى آخر. وقد ذكر محمد النجاري في معجمه الفرنسي العربي أن الزنبورك يقابلها في الفرنسية إذ يضع بازائها هذه الكلمات: (الزنبورك، نوع منجنيق وهي لفظة عربية) ومعنى قوله وهي لفظة عربية أي أن اللفظة الافرنسية (اسبرنكال) عربية مع أن هذه نختلف عن تلك اختلاف الثرى عن الثريا. ومن الغريب أنه وضع بازاء الكلمة الفرنسية كلمتي (قوس وزنبورك) وبازاء كلمة زنبلك ودائرة، فأين بقي التحقيق وكيف يخذ بكلامه وأين التدقيق في وضع الألفاظ في موطنها؟ البياسرة س - بوشهر (خليج فارس) السيد م. م. ن - أرى في بعض كتب التاريخ اسم البياسرة، فما معناها ومن أي لغة هي؟ ج - البياسرة على ما في معاجم اللغة: جيل بالسند (ويروى بالهند) تستأجرهم النواخذة لمحاربة العدو والواحد بيسري وفي مروج الذهب البياسرة لفظ يراد به الذين ولدوا من المسلمين بأرض الهند واحدهم بيسر. اهـ فيكون محصل معنى اللفظة المسلمين المولودين في الهند أو السند وعندنا أن اللفظة فارسية الأصل من (بي سر) أي (بلا مثيل أو نظير) أي ليس بين الناس من رأسه يشبه رؤوس أولئك المولودين في الهند لما في خلقهم من صفاء الدم واسر العضل وتفوق الأخلاق على من سواهم من أهل الهند. وفي (البستان) البياسرة جيل بالهند. وفي نسخة بالسند (كذا) تستأجرهم النواخذة أي أهل السند (كذا) لمحاربة العدو. الواحد منهم بيسري. أهـ. وفي هذا النص غلطان: الأول قوله: وفي نسخة وكان الأحجى به أن يقول: وفي نسخة من القاموس أو ويروى أو نحو ذلك. والثاني: قوله النواخذة أي أهل السند (؟) والصواب أهل السفن كما هو معروف في لغة العراق إلى يومنا هذا.

باب القريظ

باب القريظ 1 - الأقلام مجلة شهرية تبحث في العلم والأدب والفلسفة والاجتماع في 40 صفحة، صاحب امتيازها ومديرها المسؤول علي ظريف الاعظمي، لم يقف نشاط علي ظريف أفندي الاعظمي عند تصنيف كتب التاريخ فقد بعثته إلى إنشاء مجلة تكون مندفقا لعلمه. تناولنا الجزء الأول من (الأقلام) فوجدنا فيه 23 عنوان مقالة أفرغها في 40 صفحة. وكنا نود أن تكون المقالات أقل عددا واغزر مادة ليجد فيها القارئ غذاء لنفسه ونقعا لغلته فعسى أن تكون الأجزاء القادمة احفل من هذا الجزء. 2 - مختصر تاريخ البصرة بقلم علي ظريف الاعظمي طبع في مطبعة الفرات في بغداد في سنة 1927 في 164 ص بقطع الثمن الصغير نشاط الكاتب المتفنن علي ظريف أفندي الاعظمي مثال حي لمن يريد أن ينفع نفسه ووطنييه، فأن حضرته يقضي معظم أوقاته في المطالعة والتأليف فيستفيد ويفيد، بينما نرى سائر الشباب يصرفون أوقاتهم. في الملاهي والمفاسد. فاكرم به رجلا يستحق كل مدح وثناء. على أننا لا نريد أن نعصم المؤلف من كل عيب، فالكريم من تعد معايبه والذي نراه في المؤلف أنه يتسرع في الحكم فيقول مثلا في ص 13 أن ميشان وبرات ميشان (وطبعت ميشاه وهو خطأ) وكرخا دميشان (وطبعت خطأ كرخاديشان) وخارك اوحارك هي التي سماها العرب دست ميسان وميشان. قلنا: أما ميسان وميشان فهما لغتان لكلمة واحدة. وأما برات ميشان والصواب فرات ميشان فكانت مدينة قريبة من البصرة وليست بها وكذلك قل عن كرخا دميشان والسلف قالت فيها: كرخ ميسان وهي مدينة غيرها ذكرناه بل

هي التي سماها اليونانيون (سباسينون كرخ). وكرخ بالخاء المعجمة ولا يقال فيها حارك وبالمهملة. ومما يؤسف له أن اغلب أعلام الرجال والمدن مصحفة ففي حاشية ص 3 التي ذكرناها ذكر عمر بن الخطاب بصورة الحطاب (بالمهملة) وقرمة علي بصورة كرمة علي والثني (في الحاشية) بصورة الثني. هذا عدا ما أشرنا إليه من الأغلاط المذكورة أنفا. وفي كل هذه الأعلام من الدقة في اللفظ ما يخفى على الكثيرين. ونحن نقول لحضرته أن يراجع المصادر الإفرنجية التي تبحث عن بلادنا فأن لهم تآليف جليلة في هذا الموضوع ولا يمكن أن يستغني عنها فعسى أن لا ينظر إليها إلا بعين الإجلال والتقدير لأنهم يصرفون الحياة والمال والوقت لتحرير الوقائع والمواطن وتطلب الحقائق. على أننا نقر له بالفضل العظيم لأنه مع جهله لغات الإفرنج، وضع لنا خير مختصر عن ولاية البصرة. ولا جرم أن جميع العراقيين يقتنونه، ولا سيما من كان من أهل البصرة نفسها. 3 - اردشير وحياة النفوس قصة غرامية تلحينية ألفها أحمد أبو شادي عنيت بنشرها رابطة الأدب الجديد في الإسكندرية وهي في 150 صفحة بقطع 16 كل مرة نقف على أثر من آثار شاعر العصر، ونابغة الشباب العربي، الدكتور أبي شادي نقول في أنفسنا: أن هذا العبقري أتى بأبدع ما يمكن أن يجول في خاطر بشر، ولا جرم أنه إذا أراد أن يأتي بأثر آخر فأنه لا يأتي بمثل ما هو في أيدينا الآن: لكن سرعان ما يتغير فكرنا إذا ما وقفنا على نتاج فكري آخر له إذ نقول: حقيقة أن هذا الولد يشبه أخاه وكلاهما يشبه أباه. (ومن يشبه أباه فما ظلم) فهذه (عبرة) أردشير دلت على قدرة عظيمة في مفكرة الشاعر المفلق المبدع ولا سيما حين زينها بأبدع التصاوير الرمزية حتى أصبحت طرفين في غلالة واحدة: طرفة الفكر وطرفة القلم. وفي هذه الغرة تصدير للمؤلف، ومقدمة للأستاذ محمد سعيد

إبراهيم وتلحين (الأوبرا) للمؤلف وموضوع القصة ملخصا عن الفئات ليلة وليلة وأشخاص القصة عن الكتاب المذكور ونسق التمثيل للمؤلف وتمثيل القصة له أيضا. وكل ذلك بأسلوب بديع. فأنت ترى من هذه الفذلكة أنك تربح كل الربح إذا ما اقتنيت هذه التحفة البديعة. 4 - ذكرى سعد زغلول في العراق مجموعة تحتوي على مقالات الصحف والمجلات والكتاب وقصائد الشعراء وخطب الخطباء في رثاء الشرق في 185 ص بقطع الثمن الصغير، بقلم خلف شوقي أمين الداودي. هذه المجموعة هي احسن دليل على صلة الود الجامعة بين القطرين المحبوبين: العراق وديار مصر. فأننا نرى فيها ما شعر به أبناء الرافدين عند سماعهم نعي كبير رجال الثكلى. ولقد أبدع الداودي في تنسيق ما أورده من المنثور والمنظوم بحق فقيد الشرق. حتى أنه قطع به لسان كل معترض ومما استحسناه فيها إهمال الألقاب المبجلة لأنه يعتقد (أن مقال الكاتب أو قصيدة الشاعر، احسن دليل على مقدرة الكاتب أو رقة الشاعر وبلاغة الخطيب. وما الفائدة من الألفاظ إذا لم يدعمها بيان وبلاغة ورقة وحسن إلقاء؟) 5 - التقرير الرابع بأعمال المجمع العلمي العربي عن سنة 1925 - 1926 - 1927 في 28 ص و42 صورة اسم يدل على مسمى ولا يحتاج إلى شرح ومما سرنا في هذه النشرة أن في (عزم المجمع أن ينشئ معجما صغيرا يدخل فيه الأوضاع العلمية الحديثة وأن يضع رسالة اللغات الحية مزينة بالرسوم يصف فيها المهم من آثار المجمع وعاديات دمشق) فعسى أن تتحقق هذه الأمنية التي يتوق إليها كل عربي يحب رقي وطنه. وكنا نود أن لا تعنون النشرة (بالتقرير الرابع بأعمال المجمع) لأن التقرير لم يأت في كلام فصيح بمعنى الفرنسية وهو المعنى المطلوب هنا، بل في كلام فصيح ولهذا يحسن بنا أن نقول: الرفيعة الرابعة، إذ رفع رفيعة هو وليس كتب تقريرا.

6 - تاريخ الشيخ ظاهر العمر الزيداني حاكم عكا وبلاد صفد تأليف مخائيل نقولا الصباغ العكاوي، عنى بنشره وتعليق حواشيه الخوري قسطنطين الباشا المخلصي. الجزء الأول طبع بمطبعة القديس بوليس في حريصا (لبنان) في 96 ص بقطع الثمن الكبير كتاب مفيد لكل من يريد يتتبع صدق الرواية في التاريخ، ونحن نأمل أن يطبع ناشره في آخر الجزء الذي يتمه فهارس للأعلام وفهارس للألفاظ الغربية التي وردت فيه وهي نافعة للغوي المؤرخ. وقد وقع بعض أغلاط كما يقع في سائر المطبوعات من ذلك ص4، لكن إذ قد تقلص - وقاصرا على القسم - وفي ص 5 المكتبة الشرقية - ثقاة المؤرخين - وأرسله له إلى باريس - وفي ص 6 ضبط سنة توليتهم - ومن ثم يبان لنا - وفي ص7: يبتدي (مكررة) - وفي ص 11 خمس مائة، والصواب فيها: لكن لما أو حين تقلص - ومقصودا على - والخزانة الشرقية - ثقات المؤرخين (لأنها جمع سالم لثقة) وأرسل له به إلى باريس - وضبط سني توليهم - ومن ثم يبين لنا - يبتدئ - خمسمائة (لأن خمس مائة قد تعني خمس المائة وهو عشرون.) وذكر في حاشية 4 من ص 20 (كيو مرته باللغة النبطية أحمر العين) قلنا ليس في النبطية لفظة بهذا المعنى. وكيومرته لفظة فارسية قديمة وكذلك في الهندية القديمة ومعناها الرجل الكبير الذي لا يهاب الموت وهي مركبة من (كيو) أو كي (أي كبير) ومن (مرته أو مرت لغة في (مرد) (أي رجل). فليحفظ. 7 - بيير روش تأليف بوليس فتري. طبع في باريس سنة 1923 في 14 ص بقطع الربع بييرروش هو الاسم الفني لفردينان ماسنيون والد لويس ماسنيون المستشرق الفرنسي الشهير وقد ألف بولس فتري صديق المتوفي رسالة أودعها بعض الصور التي صنعها أو نحتها بيير روش فإذا هي تشهد له بطول الباع في النحت والحفر إذ كلها بدائع وروائع ولا عجب بعد هذا إذا جاء الابن على آسال من أبيه.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 8 - فن النسج لمؤلفه الحكيم شوكت موفق الشطي أستاذ فن النسج والتشريح المرضي في المعهد العربي بدمشق. هذب لغته ووقف على طبعه الدكتور مرشد خاطر طبع في المطبعة البطريركية الارثوذكسية بدمشق سنة 1927 في 527 ص هذا سفر جليل في موضوع لم يكن معروفا في الطب القديم، ولهذا عانى صاحباه الواضع والمهذب كل العناء لإخرجه إلى الناطقين بالضاد بحلة عربية من أبهى الحلل. ولا جرم أن الشرف كل الشرف يعود إليهما لسبقهما سائر الأطباء إلى تأليف هذا الكتاب الذي يقدره حق قدره كل من عالج موضوعا حديثا لم يكن للسلف منا عهد بمصطلحاته وعباراته ومميزاته. أننا وأن لم نكن ممن يمارس الطبابة، إلا أننا نستطيع أن نميز الأوضاع بعضها عن بعض وما يصلح منها للكلم الإفرنجية أو ما لا يصلح لها، وأول شئ نأخذه على صاحبي هذا التصنيف البديع أنهما سمياه: (فن النسج) ولعل ذلك لأن العمل في هذا الأمر يفوق العلم بكثير إذ لا يحتاج فيه إلى بعد النظر كما لسائر العلوم. فأن صح رأينا قلنا: والعمل مهما بسيطا وسمحا يحتاج إلى علم، نظريا كان أو علمياً. ولهذا كان الأحسن لهما أن يسمياه (علم) النسج. ثم انك إن تتبعث أنواع الفنون المعروفة اليوم عند الأقدمين والمحدثين وذكر أجدادنا لها في كتبهم تراهم يسمونها (العلوم). ولا تجد بينها ما يسمونها فنونا البتة. والأمر الثاني الذي كنا نود أن نراه في هذا التصنيف هو فهرس هجائي في آخر الكتاب يجمع الألفاظ العلمية مرتبة ترتيب هجاء إفرنجي أو عربي مع ذكر

صفحة ورودها في الصفحات ليجدها الطالب أو يتخذها الكاتب إذا ما احتاج إليها. وتوفيرا لذكرها مردوفة في مطاوي الكتاب مع لفظتها الإفرنجية. والأمر الثالث: إهمال تصحصح أغلاط الطبع في آخر الكتاب فأنها ليست بقليلة. والأمر الرابع: سوء تصوير الأعلام الإفرنجية بحروف عربية فأنهما اعتبرا كل حرف عليل في الإفرنجية حرفا عليلا في العربية. وليس الأمر كذلك فأن من حروف العلة الإفرنجية ما هو مقصور غير ممدود فيقابله في العربية الحركة لا الحرف. وأنا اذكر لك أمثلة. قالا في ص 5 برونن وفي ص 10 باله وروسي وفي ص 11 لورو وايفن برترن إلى غيرها. وعندنا لو قالا برونان وبيلى ورسي (بتشديد السين) ولرد وايفان برتران لكانت تلك الأسماء اقرب إلى لفظها الحقيقي الفرنسي ما ذاكراه. والأمر الخامس هو أننا رأينا فيه بعض عبارات كانت تكون افصح لو أفرغت في قالب آخر. فقد قالا مخابرة جميعها ناقصة على الرغم من نبوغ أساتذته. - وفيها لأنه رم ز النهضة العلمية -. وفيها: فعاد المعهد لا يقل اتقانا عن المعاهد الطبية الكبرى. . . وفي ص 5: تلك السنوات الثلاثة. - وعندنا لو قالا: فظلت مخابرة ناقصة مع نبوغ أساتذته. . . لأنه رمز إلى النهضة. . . فإذا المعهد لا يقل اتقانا. . . تلك السنوات الثلاثة ومن مثل هذه الهنات لا تخلو صفحة. والأمر السادس أننا لا نوافقهما على وضع كثير من الألفاظ الجديدة. فقد سميا مثلا اللعلة (وهي زهرة يشبه لونها اللعل (الذي هو حجر كريم) وتسميها العامة الليلاق أو الليلق أو الليلك فيقولون مثلا ليلاقي وهم يريدون اللون اللعلي): (البجلة) (ص 23) ولا جرم أنهما أخذاها عن الفوائد الدرية في اللغتين الفرنسية والعربية المطبوعة في بيروت وهو للأب بلو اليسوعي. فهذا الكتاب لا قيمة علمية له، فهو سفينة أغلاط تمخر في بحر العربية فقد نقل إلى بلاد كثيرة سوء الوضع والنقل والترجمة والتعريب. فقد قال المذكور في مقابل

بجلة أو شجيرة ذات أزهار بيضاء أو حمراء (ليلك) ثم اعتبر البجلة التي معناها الشجيرة اسم علم فقال بعد ذلك (لون أزهار البجلة) ولو قال أزهار البجلة المذكورة لكان كلامه اسلم عاقبة. إذن الغلط واضح. ولهذا كانت متابعة صاحبي كتاب (فن النسج لهذا المعجم من أفظع الغلط. والأحسن أن يقال: (لعلة) الفارسية الوضع العربية الاستعمال لصلة تجمع بين الزهرة والحجر الكريم وهو اللون الخاص به ولهذا سموا به الزهرة. على أن الإفرنج ذهبوا إلى أن أصل الكلمة من العربية ليلك أو ليلج وهي من الفارسية نيلنج أو نيلج والآبين أنها من (لعلة) على ما يبدو لنا وهو اقبل للعقل وللصواب. ولا نريد أن نتبع الكاتبين في جميع أوضاعهما، إذ هذا يطول لكثرة ما هناك منها، على أننا لا ننكر عليهما أصابتهما في ألفاظ كثيرة، كالجسم المركزي (ص 21)، والليفين، واللحمة الليفية (ص 22)، وعلى كل حال أننا نرى الكتاب من المصنفات التي تستحق أن تقتني، ولا سيما يجدر بأرباب الطب. طلبة كانوا أو أساتذة. أن يكون في أيديهم لأن صاحبيه جمعا فيه كل ما جاء مفرقا في تأليف علماء هذا البحث. وهناك فائدة أخرى لا تنكر وهي أن كل كلمة معربة جديدة أو قديمة يجانبها الحرف الإفرنجي ولو تكررت مرارا. ومهما يكن من الأمر فأننا نتمنى للكاتبين رواج تأليفها وإعادة طبعه احسن وجه متخذين الألفاظ الموافقة للإفرنجية كل الموافقة، وتاركين ما لا يفي بالمعنى. 8 - مباحث في التعبية الكتاب الثالث: الخدمة السفرية. الجزء 2: المسير والحماية تأليف الزعيم طه الهاشمي مدرس الجغرافية العسكرية وتاريخ الحرب في المدرسة العسكرية، طبع على نفقة المجلة العسكرية في مطبعة السلام في بغداد 1927 في 220 ص بقطع 16. لم يبق اليوم من يجهل فضل الزعيم طه بك الهاشمي فهذه تآليفه

العديدة تشهد ما له من الفضل على ديار العراق وأهاليه من معلمين ومتعلمين وهو لا يزال في ريعان الشباب يجد في التأليف ونفع أبناء الوطن بما يفيضه عليهم من علمه الزاخر إذ لا تمضي سنة إلا يصدر بضعة تآليف تبين للناس خدمته للعراق وللناطقين بالضاد. وهذا الكتاب الثالث من مباحثه في التربية (راجع مجلة لغة العرب 311: 5) يبحث عن الخمة السفرية وقد خص هذا الجزء بالمسير والحماية. وقسمه إلى بابين ذكر في الباب الأول منهما ما يتعلق بالمسير وأودع الباب الثاني كل ما يتعلق بالحماية، فجاء هذا التصنيف البديع من احسن ما الفئات في لساننا. ومما يزينه ويجعله كتابا مفروضا على كل جندي الصور المختلفة التي تشاهد في تضاعيفه لجلاء ما فيه من المصطلح. فمن صوره خريطة بغداد وأمثلة المرور فيها إلى نقطة الشروع. وخريطة الموصل وما يجاورها وثالثة لقسم آخر من الموصل وتصوير يمثل الفوج في الستار وهر يباع بربية واحدة ليقبل عليه الناس وأن لم يكونوا من المطلعين على أساليب الحرب فنتمنى له الرواج والانتشار. 10 - المجلة العسكرية (البغدادية) برز الجزء الأول من السنة الخامسة وإذا المجلة في تحسن دائم وهي تصدر أربع مرات في السنة، وكلها فوائد ومن أجل ما فيها ما يوشيه حضرة الزعيم طه بك الهاشمي فأنه لا يدع جزءا من أجزائها يبدو للعيون إلا يرى فيه ما يفيد القراء عن الحركة العسكرية في العراق، ولهذا أصبحت هذه المجلة ضرورية لكل من يعنى بمعرفة ما يجري من هذا القبيل في ديار العراق. (راجع أيضاً عن هذه المجلة لغة العرب 182: 5). مقالات للمستشرق الروسي اغناطيوس كراتشكوفيسكي لم يبق اليوم من يجهل تضلع العلامة الروسي اغناطيوس كراتشكوفسكي من علومنا العربية فقد ذكرنا له عدة تآليف تبحث عن العرب وتاريخهم وعلومهم وحضارتهم وقد أهدى إلينا اليوم مقالتين إحداهما في: 11 - وصف كتاب خط غير معروف للشيخ محمد الطنطاوي اسمه تحفة الأذكياء بأخبار بلاد الروسياء. وهو تأليف جليل في لغتنا الضادية، ليس شبيه، لأن المصنف أمعن في

هذا الموضوع ويقع في نحو 200 ص وقد أنجزه في أوائل ك 2 سنة 1850 من الميلاد وقد رتبه في عشرة فصول. وفي المقالة الثانية: 12 - وصف الكتب الخطية الشرقية التي كان جمعها المستشرق غرغاس والموجودة اليوم في خزانة جامعة لننغراد، وبين تلك النفائس كتاب الكتابية وقد جاء في آخره: (تم الكتاب. . . كتبه أحمد بن الحسين بن حمد. . . لنفسه بمدينة السلام بغداد سنة تسع وسبعين وأربعمائة) إلى غير ذلك من الكتب فنشكره على تعريفنا بمصنفات السلف ونستزيده منها. 13 - الزباء أو زينوبيا ملكة تدمر نرى اليوم الشاعر العصري أحد زكي (أبو شادي) على رأس جماعة لا هم لها سوى حمل أبناء العصر على موافقة الغربيين في توخي اقرب الوسائل إلى الرقي والاندفاع وراء تقدم الحضارة التي تسير سيرا حثيثا في جميع الشؤون. وقد لاحظ أن من أسباب رقيهم الأدبي هو وضع عبرات (أوبرات) ومشاهدة تمثيلها فأنها تفعل في النفس مالا ينتجه أعظم محببات مكارم الأخلاق. ويمتاز قلم (أبو شادي) بثلاثة أشياء: - 1 - أنه يعالج في عبراته الأمور الشرقية. - 2 - ينزه قلمه عن اللغة العامية ومساوئها. - 3 - يصوغ عباراته بحيث يفهمها الجميع ولا ينبو عنها سماع الفصيح. - هذا فضلا عن أنه يحل عقدة الرواية حلا توافق عليه آداب العصر ومكشوفات العلم في هذا العهد الجديد. ورواية الوباء من أمتع الروايات وقد قدم عليها المؤلف تصديرا بسط فيه مختصر ترجمة البطلة، أعقبها بسير الزباء للأستاذ محمد سعيد إبراهيم ويليها موضوع القصة فتمثيلها فأشخاصها فنسق التمثيل فأربعة فصول كلها غرر. يرى القارئ من هذا التباين الوجيز أن العبرة من أنفس ما جاء في بابها وجدير بأن تمثل في احسن مسرح في العالم. حتى أنها نقلت إلى لغة من لغات أهل الغرب، تجذب الأنظار إلى ناظمها وتعترف له بالفضل على الشرقيين وتحيي

فيه دليل العرب إلى اقرب مورد يردونه ليبردوا منه غلتهم، فعسى أن تتحقق الآمال! 14 - الخبرة الصوفية وإفراغ قوالب النثر الفصيح وألوانه بقلم لويس ماسنيون هذه رسالة في 32 صفحة بقطع 16 لكنها تحوي من المواد ما حمل واضعها على أن يطالع مئات بل ألوفا من الصفحات في اللغات الإفرنجية والشرقية. وقد دلنا المصنف على أن مؤلفي كتب التقى قد تختلف عبارتهم حسب الذين تولوا نقل كلامهم أو صححوا تلك الكتب بأنفسهم أو على يد غيرهم قبل أن تخرج بالصورة الأخيرة وذكر لك عدة شواهد وأمثلة، وهي حقيقة جديرة بالتأمل. 15 - قانون تسجيل النفوس ونظام تعليمات تسجيل النفوس العام وجدول الأمثلة طبع في مطبعة الحكومة ببغداد سنة 1927 في 24 ص بقطع 16 وثمن النسخة أربع أنات. هذه هي المرة الأولى يرى العراق، (قانون تسجيل النفوس) فهي خطوة عظيمة في ميدان الحضارة العصرية ونتوقع أن يكون التقييد على أقوم وجه لكي لا تضيع أتعاب الحكومة سدى. ومما استغربناه في هذا القانون عبارته الركيكة ولا سيما ما ذكره في ص 26 إلى ص 34 من أسماء الصنائع بالتركية والعربية فقد ذكر في باب أسماء الصنائع بالتركية بهذا الوجه: حداد، حائل، حصيرجي - حداد سكاكين - حلاق - حمامجي - وذكر بازائها من أسماء تلك الصنائع بالعربية ما يأتي: حداد - حائل - حصري - سكاكيني - حلاق - حمامي. - ونحن وأن كنا لا نعرف التركية إلا أننا نعل أن الحداد هو دميرجي بالتركية، والحائك: طوقومهجي وحداد السكاكين (وهو بالعربية مذرب أو مسنن أو شحاذ لا سكاكيني لأن

السكاكيني هو بائع السكاكين) وبالتركية بيلهييجي. والحلاق هو بربر بالتركية أو بيروكار بالباء المثلثة الفارسية في الأول). هذا مثال لما هناك من الألفاظ من الألفاظ الغربية المنسوبة إلى الترك والترك براء منها ومنسوبة إلى سلفنا والسلف يتقززون منها. - أفلا يرى إذن في ديوان النفوس من يحسن لغة من هاتين اللغتين، فيدفع إليه إصلاح ما تفرغ له ليجئ الكتيب مثال الإتقان ما نتولاه بأنفسنا لأنفسنا؟ 15 - نقد صفحة من (البستان) زارنا أحد الأدباء وقال لنا: وقفت على ما كتبتموه في لغة العرب (612: 5 وما يليها) نقدا للبستان. وأظن أن ما أشرتم إليه هو كل ما في الجزء الأول أو المجلد الأول من الأغلاط ولا يمكن أن يرى غيرها. فأن كنتم صادقين في مدعاكم. أي أن كان في المعجم المذكور أوهام أخرى غير ما ذكرتم، فأنا اعرض عليكم صفحة والتمس منكم أن تنقدوها لننظر صحة ما تزعمون أو علته. قلنا له: عين لنا الصفحة التي تريدها ونحن نبدي رأينا فيها، قال: دونكم ص 1280 فأنقدوها. فنزولا على طلب الأديب تنقد الصفحة المذكورة فنقول: قال الشيخ حفظه الله: ومتعنا بطول عمره، في مادة ش وك: (شاك السلاح) وفيه قولان أحدهما أن اصله شوك (وضبط الواو بالفتح وزان سبب) قلبت الواو ألفا لوقوعها متحركة بعد فتحة. . .) - قلنا: والصواب شوك (بكسر الواو) إذ لا وجود لشوك المفتوحة الواو بمعنى شائك. وقال في جمع الشوك: (أشواك). - قلنا: لم يرد الأشواك في كلام فصيح والصواب أن الشوك لفظ شبيه بالجمع ولم ينقل عنهم جمعه. وذكر شرحا للشوكة ما حرفه: (والشوكة عند المولدين أداة كالمذراة ذات أصابع دقيقة محددة يؤكل بها.) - وهي عبارة محيط المحيط إلا أنه غير (آلة) (بأداة) وقوله ذات أصابع كلام غريب والأحسن ذات أسنان. وشرح الكتان بقوله: طينة تدار رطبة ويغمر أعلاها (ثم)

تنبسط ثم. . . - والصواب ويغمز أعلاها (حتى) تنبسط ليقسم المبنى والمعنى. وفي تلك الصحيفة عينها: (ارضي شوكي نبات يقال له الخرشوف.) - وفي هذا التعبير عدة معايب: - 1 - لم يحل اللفظة بال التعريف على مألوف عادته في الأسماء. - 2 - لم يضبط حرفا من أحرفها. - 3 - هذه الكلمة (ارضي شوكي) من الألفاظ التي اختلقها الياس بقطر وليس لها وجود في العربية البتة. لأن تركيبها ليس عربيا. ولو كان كذلك لقيل: الشوك الأرضي، أو الاريض الشوكي مثلا. ومعنى الاريض العريض. وذلك أن لهذا النبت ثمرة ملمومة الأوراق وأوراقها عريضة وفي طرف كل ورقة شوكة صغيرة. فيكون الاريض الشوكي، النبت العريض (الورق) الشوكي (في طرفه) فيجئ التركيب عربيا. أما الأرضي الشوكي فتركيب غير سائغ في لغتنا ولا معنى له فيها. ونقلها عن بقطر رسل وعنه فريتغ فأخذها عنه البستاني الكبير فبستانينا الأخير. أما أجدادنا العرب فأنهم لم يعرفوها ولم ترد في ديوان من دواوينهم. ومما ينظم في هذا السلك قوله في تلك الصفحة نفسها: (الحبل الشوكي هو النخاع المستطيل الممتد من الدماغ في قناة الفقرات) - وهو تعبير غريب لعدة أسباب: - 1 - لأن الحبل الشوكي لم يذكره أحد من السلف في كتبهم إذ اللفظة حديثة الوضع ذكرها الأطباء المحدثون وأهل التشريح نقلا عن الإفرنج. - 2 - لم يضبط الحرفين كما هو المطلوب منه - 3 - سوء التعبير وعجزه عن تأدية المعنى. فلو قال: هو النخاع الذي ينقاد من الدماغ إلى اسفل فقرات الظهر لكان أوفى بالمراد - 4 - أن السلف قالوا في هذا المعنى خيط الرقبة أو حبل الفقار لا غير. سماه في محيط المحيط حبل الظهر ايضا، لكني لم أره في كتاب ثقة ولا

جرم أنه بدل حبل الفقار بقوله حبل الظهر. وعرف اللغويون حبل الفقار بأنه عرق ينقاد في الظهر من أوله إلى آخره (التاج) والعرق في كلامهم هذا لا يعني ما يريد به الأطباء من باب التحقيق. بل ما يريد به اللغويون من باب التشبيه، فانهم يسمون بعض ما يمتد طولا حبلا وخيطا وعرقا. ففد قالوا مثلا العرق المدني، وهو دواء معروف في المدينة ويسمى في بعض ثغور خليج فارس شعرة الحية وهي الحية والصواب الشعرة الحية. كما سموا الجبل وحبل الرمل عرقا أيضا. كل لما في هذه المسميات من معنى الامتداد. ومما ورد في تلك الصفحة عينا ونعده غلطا قوله: (الأشواك من الثياب الخشن لجدته. يقال: أشواك وحلة شوكاء) قلنا في هذا التعبير سقم تركيب ظاهر فكان يحسن به أن يقول: الأشواك من الثياب الخشنة لجدتها لتطابق الصفة الموصوف، لكن في التعبير غلط آخر وهو أنه لا يقال الأشواك جمعا لأشواك بل المفرد المؤنث شوكاء. وهناك غلط ثالث وهو كان يجب عليه أن يقول: الأشواك من الثياب الخشن فزاد الطابع الألف من عنده فصار الأشواك. على أن الأشواك نفسه غلط رابع وذلك لان الأشواك لم يرد مذكرا لموصوف مذكر بل سمع عنهم شوكاء صفة لحلة. فقالوا حلة شوكاء ولم يخطر ببالهم أن يقولوا: ثوب أشوك. لكنه نقلها عن محيط المحيط ولم يلتفت إلى ما فيه من الأغلاط الفظيعة الشنيعة. وليت الأشواك يكون آخر غلط جاء في تلك الصفحة فقد ورد فيها غلط آخر وهو قوله: (وشال ميزان فلان غلت في المفاخرة). فلم نفهم هذا الكلام ولا المرد من قوله (غلت) إذ لا معنى لها هنا يوافق سياق الكلام وبعد أن فكرنا طويلا قلنا: لا شك أنه أراد: غلب (بصبغة المجهول) في المفاخرة. لكن المنضد قلب الباء الموحدة التحتية تاء مثناة فوقية فأنقلب المعنى ظهر البطن بل انقلب كلاما لا ظهر له ولا بطن، ولم يلتفت المصحح إلى ما حل بالكلمة من التحويل والتبديل. وليس في آخر الكتاب تصحيح لأغلاط الطبع التي وردت فيه لتبرئه من كل تهمه والأغلاط التي فيه تشوه كل صفحة من صفحاته التي

فهل حفظت الأغلاط التي سردناها لك وقد جاءت في صفحة واحدة؟ - فهي: 1 - شوك (كسبب) والصواب كحذر. 2 - أشواك (كأحمال) والصواب شوك (كقول). 3 - أصابع والصواب أسنان. 4 - ثم تنبسط والصواب حتى تنبسط. 5 - ارضي شوكي والصواب حذف هذه اللفظة بتاتا من اللغة، والاكتفاء بالخرشوف لا غير. 6 - ثوب أشوك لا يقال بل حلة شوكاء. 7 - غلت في المفاخرة والصواب غلب في المفاخرة. وهكذا قل عن كل صفحة من هذا المعجم فإن الأغلاط تكثر فيها وتختلف بعضها عن بعض عددا ونوعا باختلاف المواد. فتأمل. وإذ قد اجبنا طلب المقترح تنتقل إلى ذكر ما ورد فيه من الأوهام ذاكريها طوائف طوائف وفصولا فصولا كما بدأنا في جز سابق فنقول: جهلة علم الحيوان جاء في مادة ر ب ح: الرباح بالفتحة كسحاب. . . دويبة كالسنور وهي قطعة (كذا) الزباد لأنه يحتلب منها و - بلد يجلب منه الكافور - الرباحي: صنف من الكافور منسوب إلى رباح وهو البلد الذي يجلب منه الكافور. اهـ فلننعم النظر في الكلام. وأول كل شئ نأخذه عليه أنه قال الرباح بالفتح كسحاب. فقوله بالفتح زائد أيراد وزنه كاف - ثانيا قوله دويبة كالسنور. في غير محله إذ الدويبة المذكورة لا تسمى رباحا بل زبادا أو زبادة فصحفه بعضهم وجرى وراءهم على هذا التصحيف كثيرون من الأدباء والكتبة واللغويين، وكان الأليق به أن يقول أن البراح تصحيف مخطوء فيه لكلمة زباد وقد حقق ذلك صاحب تاج العروس ولا نريد أن نورد كلامه وتحقيقه لطوله - ثالثا قوله (وهي قطعة) من غلط الطبع وقد ذكرنا ذلك في محله والصواب قطة الزباد وهي عبارة محيط إلا أنه قدم فيها وأخر ليوهم أنه غير ناقل عنه؛ لكن الفضيحة تظهر في قوله (قطة الزباد) والسلف لم

يقل أبدا قطة الزباد بل سنور الزباد (راجع حياة الحيوان للدميري) ولم، ينطقوا في هذا المقام بالقط والقطة أبدا لان قولهم (القط) خاص بالحيوان الأليف الأهلي أما السنور فقد يقع على الوحشي أيضاً كما يؤخذ من نصوص الأئمة، وأنت تعلم أن الزباد أكثر ما يكون وحشيا وقليلا ما يكون أهلها. وهناك سبب آخر وهو أن اللفظة القليلة الأحرف تدل على معنى يقع على مداول صغيرة بخلاف اللفظة الكثيرة الأحرف فأنها على مداول أكبر ولما كان الزباد أكبر بقليل من القط من دعوة سنور الزباد قط الزباد. أما معنى الرباحي على الحقيقة فهو ضرب من الكافور فاخر. ولا جرم أن الكلمة مصحفة لأننا لا نجد اليوم في كتب تقويم البلدان بلدا معروفا بهذا الاسم، ولهذا نظن أنه مصحف تصحيفا قديما وهو زباج (بزاي وباء موحدة تحتية وألف وجيم)، والكلمة على وزن سحاب، وهي لغة في زانج وتمال الألف فيهما فيقال زنيج وسيبج وينسب أليهما فيقال زينجي وسيبجي ومن ذلك الألف فيهما فيقال زيبج وسيبج وينسب إليهما فيقال زيبجي وسيبجي ومن ذلك السبابجة بباءين موحدتين أو السبائجة بهمزة قبل الجيم والصواب السيابجة وهم الذين سماهم صاحب البستان بالسابجة التي لم يذكرها أحد وإن كانت تجوز هذه التسمية الأخيرة المصلحة من غلطها على سبيل حذف ياء النسبة وقد وردت أمثلة في كلام علمائنا الأقدمين. أما ما هي زانج. فالذي حققه علماء العصر من مستشرقين وغيرهم أنها جزيرة (جاوة) الحالية وكانت تطلق أيضاً هذه التسمية على ما جاورها أي على ما نسميها اليوم سومطرة وقد جاءت زابج وزباج وسابج وسباج بصور كثيرة مصحفة لا تعد وكلها في المخطوطات والمطبوعات وما ذلك إلا لغرابة اللفظة عن مألوف الألفاظ ولتناول القوام إياها من أدباء وجهلة فخطبوا وخلطوا والمشهور ما ذكرناه. وعليه كان يجب على المؤلف أن يقول مثل هذا الكلام أو يقاربه: (الرباح كسحاب. . . تصحيف قبيح مرغوب عنه للزباد وهو دويبة كالسنور وتسمى أيضاً سنور الزباد و - بلد يجلب منه الكافور وهو تصحيف زباج الذي هو لغة في زانج وهي جزيرة تعرف اليوم بجاوة وربما جاءت بمعنى سومطرة أيضا. وسمي رباحيا أيضاً نسبة إلى رباح خطأ وقد تحذف ياء النسبة كما قالوا في

جهرمي جهرم. ومن غرائب وقوفه على علم الحيوان ما قاله عن التمساح فقد ذكر في مادة ت م س ح (؟) ما هذا حرفه: (التمساح (ولم يضبطه إلا بالقلم) حيوان مائي كالسلحفاة ضخم طوله خسة أذرع. . . اهـ.) قلنا: وأول شئ نعترض عليه هو ذكره التمساح في باب ت م س ح: وجميع اللغويين (ما خلا صاحب محيط ومن نقل عليه) ذكروه في م س ح لان التاء زائدة وهي في ما أظن - أداة التعريف للمذكر عند القدماء المصريين والكلمة مصرية. والشيء الثاني الذي نأخذه عليه أنه تابع صاحب القاموس في قوله؛ حيوان مائي كالسلحفاة، وهو تعريف يصح أن يذكر في أبينا آدم أو نوح أو أحد الأدباء الاقدمين، أما اليوم فهذا التعريف يبعث على الضحك والأغراب فيه. ولو تابع صاحب المصباح لكان احسن - ثالثا أن في التمساح لغة ثانية ذكرها صاحب المصباح وهي التمسح بحذف الألف. وهذه عبارته في مادة م س ح والتمساح من دواب البحر يشبه الورل في الخلق لكن يكون طوله نحو خمس اذرع واقل من ذلك. . . والتمساح كأنه مقصور منه والجمع تماسيح وتماسح اهـ - رابعا: قال خمسة اذرع كما نطق به المجد الفيروز ابادي والمشهور أن الذراع مؤنثة وإن كانت تذكر فاتباع الأفصح المشهور خير من اتباع القبيح المهجور. قال ابن بري. الذراع عند سيبويه مؤنثة لا غير ولم يعرف الأصمعي التذكير في الذراع (راجع لسان العرب وتاج العروس) ومع ذلك أننا لا نخطئه لكونه ذكر تذكيره هنا إنما نقول كان الأحسن أن يذكر، لان حضرة المؤلف الجليل يرمي دائما إلى الفصيح بل إلى الأفصح على ما يرى من كتاباته وتأليفه. - خامسا كنا نود أن يعرف الحيوانات والنباتات والجمادات تعريفا علميا عصريا فإن أبناءنا قد ملوا هذه التعريفات القديمة لأنها غير محققة وتنافي تقدم العلوم الطبيعية على ضروبها. له تلو (ملاحظة) جميع الهدايا التي وصلت إلى إدارة هذه المجلة ولم نتكلم عنها إلى الآن، يأتي البحث عنها في جزء قادم إذ نرصد لباب المشارفة صفحات أكثر لكي لا يتأخر البحث عنها أكثر من هذه المدة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - آثار عراقية ذكر المستر ليونرد وولي، رئيس التقنيات في أور، أنه كشف ضريحا لملك مضى عليه أكثر من خمسة آلاف سنة وفيه تابوت يحوي اعز مقتنيات المسجى فيه. ومن أهم هذه اللقي واعجب الآثار التي وجدت في ديار شمر قناع كبير من الذهب الإبريز المطروق المحفور، وهو بحجم الرأس وينضم عليه وجها وقفا. وفي أسفله ثقوب ليربط بها ما وجد مما يتعلق بالقناع، وربما كان يلبس بمنزلة خوذة في أيام الحرب، أو لعله لباس خاص بالحفلات الرسمية، أما طريقة صنعه التي تستحق الإعجاب، فتشهد على طول باع ذلك الصائغ الذي تفنن أي تفنن في بذل كل مهارة ليأتي به تحفة أو طرفه ولهذا تعتبر صنعته اثمن من الذهب الذي صنع منه؛ ولا سيما ما يرى عليه من الخطوط المتموجة المحفورة فيه فأنها محكمة الرسم في منتهى الدقة والإتقان. وقد وجدت أدوات أخرى في هذا القبر الذي يرتقي عهده إلى 3500 سنة قبل المسيح، من ذلك خنجر نصله من ذهب وقبضته من النضار والفضة - وغمده من اللجين - وخاتم من ذهب - ولازورد - وأسلحة وفأس متخذة من خليط الفضة والذهب - ورأس حدأة أي فأس ذات حدين - وحراب من القنا ذات أسنة من ذهب - وأقراط ذهب - وجام من العسجد بديع الصنع له آذان من اللازورد - إلى غير هذه من الكنوز والدفائن الثمينة. قال: المستر وولي: ولم يدر أحد منا أننا نقع على قبر أحد الملوك في مدينة آزر ولا سيما عثورنا على قبر لم يمس بشيء البتة. ولا يختلف هذا القبر عن غيره من القبور إلا بكونه أكبر منها قليلا وبكون محتوياته ثمينة غاية الثمن تدل على جاه صاحبه وثروته وكانت الجثة في تابوت من خشب

مسنودا إلى أحد أعضاد الحفرة، ووجدت طرف أخرى صغيرة دقيقة الصنع بديعة، العمل وأفخرها تمثال قرد وعلو هذا التمثال خمسة أثمان العقدة (البوصة). والذي يزيد أثمان هذه الطرف إتقان صنعها في ذلك العهد الواغل في القدم ومما يؤسف عليه أن نفائس الفضة والنحاس لم تصبر على مقاومة الانحلال في تلك المدة المديدة، ففقدت شيئا كثيرا من رونقها. على أن جام الذهب المزخرف الذي كان خارج التابوت يضارع في صناعته ونقشه القناع الذهبي، وفي داخل التابوت كان أيضاً جام ذهب أملس للشرب لم ينقش عليه سوى اسم صاحبه ولقبه موصوفا ببطل الطيب الذكر. ومن أقوى الأدلة على جاه المدفون وغناه أن سلاحه كان الذهب أو من مزيج الذهب والفضة. ومن جملة البدائع عالي الصدر من الفضة يشبه في شكله وحجمه أباريق الحجر التي يتخذها الكهنة في أثناء تقديم الذبائح لمعبوداتهم. وكان في القبر عدد من آنية الفضة والنحاس. وكثير من الحراب. وقد غرزت في الأرض حول النعش وأسنتها منكسة تنكيس الأسلحة في جنازات العصر، ما عدا حربة واحدة تتصل عقدها شيئا بشيء بينها حلقات من الذهب تشبه الخيزران وكانت أسنتها إلى فوق وهي التي هدتنا إلى قبر الملك، أو قبر الأمير أن لم يكن ملكا. وخلاصة القول أن الآثار الكثيرة التي وجدت في القبر كافية لتوسع نطاق أكبر المتاحف، وتمد المؤرخين بآثار تساعد على إضافة شئ جم إلى التاريخ القديم أو قل: إلى تحريره وتقويمه. واكتشف المنقبون الإنكليز في كيش (الاحيمر) عجلة صغيرة، ومسامير دواليبها ضخمة الرأس مقببة كالمسامير التي ترى اليوم على أبواب دور بغداد القديمة؛ وبعض تلك المسامير تشبه مسامير نعال الخيل. ويقال أن عهد هذه العجلة يرجع إلى قبل الميلاد بثلاثة آلاف سنة أو اكثر. وعثروا أيضاً على جماجم وصقل (هيكل عظام) كانت موضونة في طرف العجلة ووجدوا آثارا بينة تدل على مواطن قصور ملوك كيش في سابق الزمن. وقد دفعت هذه الدفائن أولئك

المنقبين إلى الإمعان في الحفر والبحث إذ يتوقعون الوقوع على نفائس أخرى مطمورة في تلك الأرضيين العادية. 2 - الحكم على الشيخ ضاري كان الكرنل لجمن قتل في 12 آب سنة 1920 وقتل معه حسن خادمه وهندي سائق سيارته وكان القتل في موطن قريب من مخفر الشرطة أو حواليه بين الفلوجة وبغداد وشاع أن الذين قتلوه هم (الشيخ ضاري) وابنه سليمان وابنا أخيه وهما صلبي وصعب من أعراب زوبع ولهذا هربوا جميعا من وجه الحكومة. وفي خريف سنة 1927 أراد الشيخ ضاري أن يرحل من كفر توثا في أرض الترك حيث كان، بعد أن يمر إلى حلب بحسكة فطلب إلى سائق (ميكائيل كريم) من تبعة الجمهورية التركية في الحسكة أن ينقله فرضي ميكائيل، وعوضا عن أن يأخذه إلى حلب أوصله إلى يد الحكومة في الموصل طمعا بالمال الموعود لمن يأتي به. وهكذا وقع الشيخ ضاري في يد الحكومة ولم يستطيع الإفلات منها، وكان ذلك في 3 تشرين الثاني من سنة 1927 وقد أتى به إلى بغداد في شهر ك 1 من سنة 1927 وفي شهر كانون الثاني سنة 1927 مثل بين يدي المحكمة العليا. وبعد المرافعات الطويلة العريضة حكم عليه بالقتل ثم أبدل القتل بالأشغال الشاقة مدى حياته. واليك نص حكم المحكمة الكبرى بحرفة: (حكمت المحكمة الكبرى للواء بغداد على المجرم الشيخ ضاري بن ظاهر المحمود بالإعدام شنقا وفق الفقرة السادسة من المادة (214) بدلالة المادة (54 و 55) من قانون العقوبات البغدادية، وقررت بالأكثرية تبديل عقوبة الإعدام المفوضة على المحكوم المذكور بالأشغال الشاقة المؤبدة اعتبارا من تاريخ توقيفه المصادف 3 تشرين الثاني سنة 1927 وفق المادة (11) من القانون المذكور وذلك للأسباب آلاتية: 1 - أن المحكوم هو طاعن بالسن. 2 - تغيبه عن محله ثماني سنوات وبقاءه مضطربا خلال هذه المدة واعتلال صحته - خلالها ولابتلائه بمرض شديد قد لحقه. وقررت بالاتفاق الحكم على المجرم الشيخ ضاري المذكور بالأشغال الشاقة المؤبدة وفق المادة 212 بدلالة المادة 54

- 55 من القانون المذكور على أن تنفذ العقوبتان بالتداخل. وافهم ذلك علنا بتاريخ 30 كانون الثاني سنة 1928 رئيس المحكمة الكبرى للواء بغداد وقد أثر هذا الحكم على الشيخ المريض منذ حين فتوفي في ليلة أول شباط ودفن في عصر أول شباط وكانت الدفنة من احفل ما جاء من نوعها إذ مشى فيها ألوف من العراقيين وهم يهوسون رجالا ونساء حتى واروه في القبر بجوار الشيخ معروف في الكرخ في مقبرة الشيخ داود الطائي. 3 - نزع أسلحة جردت الحكومة التركية من السلاح أهالي قرية (كيهاني) العائدة إلى الملك خوشابا الاثوري، وفعلت كذلك بجميع الاثوريين الذين في داخل حدود تركية ولم تبق سوى بندقية (واحدة لا اكثر) بيد الملك خوشابا المذكور. 4 - ضمان غابتين في بغداد نشرت متصرفية لواء بغداد في 20 ت 1 من سنة 1927 أن (وقع السوم على التزم الحصة الملاكية من أحطاب غابة الصمدية الأميرية مبلغ 5000 ربية وحصة الملاكية من أحطاب غابة السمرة مبلغ 3500 ربية) اهـ بحرفة 5 - النفط في كركوك حفرت شركة النفط التركية بئر لاستخراج النفط بقرب كركوك، فوجدته غزيرا على غور 1. 521 قدما. وبعد بضع دقائق من العثور عليه، فاضت البئر بالسائل الثمين بلا سبق إنذار، فأخذ يتدفق على الأرض ولا رادع يردعه وكان ينبط من البئر بمعدل 9. 2000 برميل في اليوم على حساب 48 جالونا في البرميل. وابتدأ بالانفجار في الساعة الثالثة من صباح الخميس 13 ت1 ولم يتمكنوا من تبدده وضياعه وسد فوهة البئر إلا في 17 منه في الساعة 4 بعد الظهر وكانت حركة النقب والخرق لولبية ثم جعلوها عمودية. وبلغ الخرق اللولبي 15000 قدما لم يثقبوا ثقبا عموديا سوى 21 قدما بعد أن شعروا - وهم على ذلك البعد - بصخرة مانعة نبط من ورائها ذلك السائل بقدر 1400 لبرة في العقدة المربعة. واعلم أن 47 سها ونصفا من مائة سهم هذه الشركة هي لشركة النفط الإنكليزية الفارسية، وما بقي لشركة (الريال دوتش شيل) ولشركات فرنسية وللمستر كولبنكيان. أما تصفية النفط في تلك الآبار فقد

بدأت في 5 نيسان من هذه السنة. وانفجار هذا النفط فجأة سبب قتل ثلاثة أميركيين وعراقيين ونشر في الجو رائحة كريهة ضرت بصحة الجميع ولم يستطع المهندسون أن يردعوا جماح هذا الانفجار إلا بعد خمسة أيام وذهاب كثير منه في الأودية المجاورة وكان يرتفع النفط في انفجاره ارتفاعا هائلا. 6 - قنصل بلجكي في الحاضرة عين المسيو شوفين الفرنسي قنصلا لدولة بلجكة ووافق صاحب الجلالة على أوراق اعتماده. 7 - دخل سكك الحديد العراقية بلغ دخل سكك حديد العراق في الأسبوع المنتهي في 31 ك 1 سنة 1927 نحو 183. 739 ربية يقابلها 187482 في مثل هذا الأسبوع من السنة التي سبقها. 8 - الطاعون في بغداد وقعت وفاة مطعون في الأسبوع الأول من شهر ك 2 وذلك في محلة قاضي الحاجات ثم وقعت إصابتان أخريان في محلة قنبر علي فتوفي أحدهما وشفي الآخر. 9 - تلفون من بغداد إلى خانقين مد خط تلفون بين بغداد وخانقين وبدأت المراجعة به منذ أواخر ك 2 من هذه السنة 1928. 10 - بيباد صدرت إرادة ملوكية بنقل مركز قضاة العمادية إلى قرية بيباد. 11 - منع تطيير الحمام صدر أمر الحل والعقد في حلب إلى دوائر الشرطة بمنع الحمام داخل المدينة وضرب الجزاء على المخالفين. فمتى يصدر عندنا مثل هذا المنع والمطيرون يقلقون راحة الأهالي بإلقاء الحجارة على البيوت وإزعاج الناس بأصواتهم والجلبة التي يحدثونها عند إطارة تلك الحيوانات. 12 - نقل اطائم (طمات) الحمامات قرر مجلس الصحة في حلب بنقل اطائم الحمامات (التي نسميها نحن الطمات وأهل سورية يسمونها القمامين جمع) المكشوفة إلى مواطن مغطاة منعا لتطاير الأقذار ونقل جراثيم الأمراض إلى الأهالي. فهل تقوم إدارة الصحة عندنا لتصدير مثل هذا المنع في بلادنا، فإن

الاطائم أو الطمات هي محل للأقذار الأدبية والمادية، ومن يغش هذه المواضع العامة يتحقق صدق كلامنا. 12 - هجوم الأخوان على كويت في 27 ك 2 هجمت قوة من الأخوان وكان عددهم ثلاثمائة هجان ومائة خيال ويقودهم ابن عشوان من شيوخ مطير فغزت إمارة الكويت وأغارت غارة شعواء على (أم ربيان) وهي أرض واقعة في شمال غربي الجهرة) وذبحت ذبح الغنم جماعة من رجال القبائل ثم ولت الأدبار، آخذة معها طائفة غير قليلة من الاباعير والبقر. وحالما وقفت حكومة الكويت على الخبر أرسلت عليهم ثلاثين طيارة وثلة من الهجانة والفرسان لمطاردتهم. وما عتم هؤلاء المتعقبون أن أدركوهم في جهة الرقعي على بعد 90 ميلا من الكويت فوقعت معركة شديدة بين القبيلين فخسر كل منهما خسائر كبيرة لم يتضح إلى الآن عددها؛ إلا أن ثلاثة من شيوخ آل شيوخ صباح (الأسرة المالكة) جرحوا، وهم عبد الله الجابر وعلي الخليفة وعلي السالم فمات علي السالم من جرحه وغادر الغزاة الأخوان ما نهبوه وهربوا مولين لا يلوون على شئ وقد انتصر الكويتيون هذه المرة على الأخوان. 13 - أسعار سوق الموصل بموجب تقرير غرفة التجارة للأسبوع المنتهي في 30 ت 2 سنة 927 (بحرفه الرسمي:) الوزنة سعر حقة استانة درهم آنة ربية10160حنطة - 81شعير - 110حمص - 83عدس - 101باقلى - 01سمن - 017عفص عنباري - 07عفص ابيض - 86صوف عواس - 813صوف كرادي - 813والمنتهي في 7 ك 1 سنة 1928 (بحرفه الرسمي): الوزن سعر

حقة استانةدرهم آنة ربية10160حنطة - 81شعير - 110حمص - 3عدس - 121باقلى - 01سمن - 18عفص عنباري - 86ابيض - 5صوف عواس - 813كرادي - 813 /// 15 - خلاصة الجدول الأسبوعي للأمراض السارية في القطر العراقي (بحرفه الرسمي:) نبين أدناه خلاصة هذا الجدول المنتهي في 31 ك 1 سنة 1927 مأخوذا من جدول مديرية الصحة العامة: جدول مديرية الصحة العامة: المرض الإصابات الوفيات الهيضة 01 الخناق 103 الحصبة 502 النكاف 90 الحمى التيفوية 60 الكزاز 21 شبه الجدري 50 البثرة الخبيثة 10 الحمرآء 70 السل الرئوي 183

العدد 56

العدد 56 - بتاريخ: 01 - 02 - 1928 الدرويش إلى القارئ: دونك مقالا طريا طريفا لم تطالع نظيره في الصحف أو المجلات، وبالأخص لان المستشرقين الذين عالجوا هذا الموضوع لم يقفوا على كل ما فيه من دفائن الأسرار، فجاء كاتبنا أحمد حامد أفندي الصراف ووفى البحث حقه، فنوجه الأنظار إليه. (ل. ع) توطئة ولدت في مدينة كربلاء؛ وكربلاء مدينة يحترمها المسلمون كافة، ويشدون الرحال إليها لزيارة الشهداء الكرام من بني هاشم الذين قتلوا في معمعة كربلاء في القرن الأول من الهجرة. وفي هذه المدينة الحزينة الباكية أناس من كل فج عميق إذ ترى فيها الفارسي والهندي، والأفغاني والتركماني، والاحسائي والبحراني، وغيرهم من المسلمين الذين يؤمونها حبا بمجاورة المزارات المقدسة، وهي كسائر المدن التي فيها مزارات الأئمة العظام كالنجف والكاظمين وسامراء، لا ينقطع منها النواح والبكاء، ولا تكفكف فيها الدموع كما لا تخلو من التعازي والمآتم

ومع ما في بساتينها الزاهية المحيطة بها من دواعي الأنس والسرور، وفي شوارعها الطويلة العريضة المستقيمة بواعث الانشراح والرفاهية، ترى فيها الألم سائدا، والحزن مبثوثا في أفئدة سكانها، والبؤس متمثلا في ليلها وضحاها. في مسقط رأسي هذا شاهدت (الدرويش) لأول مرة إذ في كربلاء عدد عظيم منهم وقد لا تخلو أبدا من درويش يرن صوته رنين الجرس عند انبلاج الفجر أو عند جنوح العصر أو عند حلول الغيب، في الصحن الشريف أو في الأسواق أو في الأزقة - يرن صوته مادحا أو راثيا أو باكيا أو متباكيا ومن ثم داعيا للناس بالخير ومستجديا. اعتقاد الناس في (الدرويش) اعتقاد حسن ومنهم من يعتقد فيه الخير والصلاح والزهد والعفاف، حتى الكرامات. والنسوة يتفاءلن برؤيته ويتهافتن على الإحسان إليه ويفرحن بدعائه وكلماته وينفحنه مبلغا من المال ليكتب (تمائم وحروزا وأدعية) لبنيهن وبناتهن. والعاقرات منهن يفزعن إليه ليدبر لهن وسيلة للحبل، وغير المتزوجات يهرولن إليه ليخط لهن دعاء يسرع زواجهن ومنهن من تحمل ابنها الوجع أو ابنتها المريضة ليمر الدرويش يده على رأسه أو رأسها. والخرافيات الجاهلات منهن يعتقدون أن الجن طوع إرادته، ورهين إشارته إلى غير ذلك من الاعتقادات العجيبة المضحكة. وقد عن لي عام 1918 أن أعجم عود هؤلاء الدراويش واطلع على معتقداتهم وآرائهم وإن أتفهم (نفسياتهم) واعلم سبب تفضيلهم حياة التسول والاستجداء على العمل والجد فاتصلت بكثيرين وخالطتهم طويلا فعزفت أسرارهم ورموزهم وألقابهم وشاهدت فيهم الفاضل المهذب والعفيف الورع، وشاهدت فيهم الجاهل المغفل والخبيث السفيه. كما فيهم المعتقد بتقمص الأرواح، والمؤمن بالحلول والقائل بالتناسخ، بل فيهم الملحد المتظاهر بالدين كذبا، كما فيهم المعتقد بألوهية علي بن أبي طالب (ع)، ومنهم من يعتقد بنبوته وخيانة (جبريل) لرسالته لأنه بلغ الرسول بالنبوة والرسالة بدلا من علي بن أبي طالب. وقد دونت حياة عشرة دراويش وهي ملأى بالحوادث والوقائع والاعتقادات الغريبة العجيبة. والذي اكتبه الآن هو نتيجة تحقيقي وثمرة بحثي الطويل وهو غير مستند

إلى كتب وأسفار، بل استقيته من الدراويش مباشرة وأخذته من أفواههم فالدرويش هذا - ولا ريب عندي - هو من صعاليك فلول المتصوفة. واقصد بفلول المتصوفة أصحاب تلك الطرائق التي أخذت التعاليم والآداب من السنة والشيعة والإسماعيلية والباطنية والحلولية كالبكتاشية والمولوية والقزلباشية والعلوية والعلي اللاهية. والسبب الذي دعاني إلى أن أعتقد بهذا الشيء هو إنني وجدت عند درسي الدراويش وتدويني تراجم أحوالهم أن بعضهم يعتقد بالحلول وتقمص الأجسام والتناسخ كما أسلفته. الدرويش الدرويش كلمة فارسية معناها (المتسول) وهو ذلك الشخص الذي نراه أحيانا في الأسواق والشوارع منشدا شعرا بالفارسية غالبا أو العربية أحيانا في مدح آل البيت ولهذا ولأمثاله أي للدرويش المتسولين - تكية خاصة بهم يلجئون إليها في كل مساء ليتناولوا فيها طعامهم ويتحادثوا في شؤونهم برئاسة (البير) أي (الشيخ أو الرئيس) وهذا البير هو الذي يدير شؤون التكية ويعلم المريدين أو المنتسبين إلى الطريقة كيفية الاستجداء والتسول. ولبعضهم نفوذ عظيم وكلمة مسموعة فيخضع لأمره الدراويش جميعهم ولا يترددون في تسليمه جميع ما حصلوا عليه في يومهم وهو الذي يقسم بينهم الدراهم بالسوية ويهيئ لهم الطعام. وهؤلاء الدراويش لا يربط بعضهم ببعض رابطة فكرية أو فلسفية ولا يجتمعون على مبدأ واحد بل رابطتهم الوحيدة هي التسول والاستجداء وليس هناك شئ من الرسوم أو العوائد التي يجب أن يراعيها من يريد أن يتدروش (أي يكون درويشا) ويكفي لمن يريد أن ينظم في هذا السلك أن يكون ذا صوت شجي رخيم ويحفظ كثيرا من الشعر الفارسي في مدح آل البيت وشجاعة عند الاستجداء مع قلة حياء. وهم متفرقون في الأقطار والمدن التي فيها مزارات مقدسة وهم اصبر خلق الله على احتمال المصائب والرزايا فلا يبالون بلفحات الحر ولا بلسعات الشمس المحرقة ولا بصولات برد الشتاء كما لا يستقرون في بلد ولا يسكنون في مدينة، كأنهم مأمورون على ذرع فضاء الله.

وليس لهم أي صنعة أو حرفة سوى الاستجداء والتعيش من الحسنات والصدقات التي يجود بها الناس عليهم وبينهم من يرون مهازيل نحفاء قد انتابت جسومهم الأوجاع والأمراض وعلى وجوههم سيماء الكآبة بل يقطر منها البؤس ويتمثل فيها الشقاء. شعث غبر قد تعود أكثرهم الرذيلة فلا تجد عندهم وفاء ولا ذمة ولا فضيلة ولا أيمانا صحيحا. انك ترى أكثرهم لا يترددون في ارتكاب النكرات والموبقات والكبائر. يشربون الخمرة ويرتكبون الكذب ويستعملون الحشيشة ويشربون الأفيون وقد تجد بعضهم احسن حالا واقل شقاء فتراهم نظيفي الثياب حسني الأخلاق كثيري الفضائل ودعاء مسالمين. ولبعضهم وسائل شيطانية في إغواء الشباب لهتك أعراضهم وتمزيق آدابهم فلقد يتحيلون مدعين بمعرفة (الكيمياء) - وهي في عرف العوام - أيجاد الذهب فيقربون من الفتية المرد بهذه الأحلام والخيالات ويصورون لهم القناطير المقنطرة من الإبريز الذي يحظون به تعلم الكيمياء حتى إذا وفق أحدهم لاصطياد فتى فر به إلى أرض نائية بعيدة عن وطنه وافسد أخلاقه فتكون الصلة بينه وبين الفتى الأمرد عين الصلة التي كانت بين والبة بن الحباب وبين تلميذه أبي نواس يوم كان غضا يافعا. لباسهم للدرويش لباس خاص وبزة غريبة هي أعجوبة من العجائب ومنظر فظيع يستوقف الناظر إليه فيدهشه، فيخيل إلى الرائي إذا نظر إلى الدرويش أنه يرى مخلوقا اقرب إلى الوحش منه إلى الإنسان. يتقوم لباس الدرويش (1) من قلنسوة طويلة من اللبد الأبيض ضاربة إلى صفرة موحشه بآيات قرآنية ومطرزة بأبيات فارسية تتوسطها طرة كتب فيها (بندة علي) أي (مملوك علي بن أبي طالب) وتحت هذه القلنسوة شعر طويل مسترسل كالجدائل على كتفيه فوجه أشعت اغبر قد التصقت في أسفله لحية نتنة هي أشبه شئ بالمخلاة (2) من ثوب خلق فوقه جلد طويل من جلود النمور أو الخراف (3) من جراب فيه أنواع

من الحاجيات الصغيرة كالإبرة والخيط والمقص (4) من صرة فيها أنواع الحشيش والأفيون (5) من قدوم ذات حدين منقوشة عليها أبيات فارسية وكلمات مأثورة لأكابر المرشدين منهم (صورة) صورة درويش بلباسه (6) من هراوة ذات تعاريج وعقد (7) من كشكول اسود يرفعه بيده اليسرى (8) من سلسلة من النحاس (9) من قرن طويل من قرون الجاموس أو الثيران ينفخ فيه كالبوق مع رفاقه وأخدانه أثناء الاجتماعات ولا سيما

حينما يجتمعون للعزاء والمأتم (10) من حبل طويل قد علقت فيه التمائم والأدعية وأنواع الخرز والحجارة والودع والدهاش وبالجملة تكون هيئته هيئة غريبة شنيعة قل هي هيئة العفاريت والأبالسة ليس إلا. ألقابهم. درجاتهم. رموزهم وللدراويش ألقاب وكنى ما عدا أسماءهم الأصلية ولكل درويش اسم عادي كقاسم ومحمد وتقي وغير ذلك. واسم آخر هو اسم الدروشة مثل (بندة علي) أي مملوك علي مع لقب خاص جميل لطيف الواقع على السمع مثل (كل) أي ورد و (بهار) أي ربيع و (آزاد) أي حر و (نور خدا) أي نور الله و (خدا داد) أي عطاء الله و (بي بروا) أي غير مبال و (خردمند) أي العاقل و (كل دسته) أي حزمة ورد أو باقة زهر. أما مراتبهم ودرجاتهم فسبع وهي: 1 - المنتسب ويكون عادة غلاما يافعا يصحب أحد الدراويش ليلقنه الأسرار ويعلمه الرموز ويدربه على تلاوة الشعر بالهرج والغناء ويشجعه على الاستجداء 2 - المريد ويكون مساعدا للدرويش ويتلو معه الشعر ويدعو بالخير لمن يجود بشيء على الدرويش. 3 - الدرويش وهو الذي مهر في الشحاذة وتفنن في الاستجداء وحفظ من الشعر كثيرا وتمكن بذلاقة لسانه من أن يؤثر في سامعيه فيحصل منهم على بغيته. 4 - المرشد وهو شيخ التكية وكبير الدراويش في يده العقد والحل وهو الذي يقسم الدراهم على الدراويش ويهيئ لهم الطعام. 5 - القلندر وهو كالدرويش إلا أنه أعظم مقاما من المرشد ومحرر من قيود التكاليف والرسوم بعيد عن الأماني والآمال في الحياة منزه عن ظواهر العبادة الاسمية طالب جمال الحق وجلاله، واصل إلى الفيوضات السنية من لدن الأحد المطلق ولا يركن إلى الكون وأهله المغرورين. والخلاصة هو ذاك الذي يطلب الكمال ويخرب العادات في التجريد والتفريد ويتوخى في العبادات القصد وصدق الأعمال.

6 - الرند (بكسر الراء) وهو من كان في أسمى درجة من الدراويش لا يبعد عن القلندر إلا بعدم المبالاة والاهتمام بالعرف والعادات وكثيرا ما تكون سيرته وأعماله هدفا للنقد وأما قلبه فطاهر صاف كالمرآة المصقولة وظاهره مشكوك فيه جالب للوم. 7 - البير (بباء مثلثة فارسية) هو (كالقطب) عند الصوفية والبير ليس من الدراويش ولا من الذين يتنزلون إلى الاستجداء إذ قد يكون من ذوي المال والجاه إلا أن الدراويش يتبركون به ويعتقدون فيه الكرمات ويرون فيه كشاف الأسرار فينشدون الرحال إليه ويقصدونه لمجرد تقبيل يده والنظر إليه، والبير نادر جدا وقد لا يظهر واحد خلال قرن والدراويش يسمونه (ستارة حكمت) أي (نجم الحكمة) أن هذه المراتب والدرجات أسلفنا ذكرها لا تنال بالاقتراع والانتخاب بل يحصل عليها من يرزق قلبا ذكيا، وعقلا ثاقبا وحافظة واعية وبراعة في الشحاذة وصوتا رخيما فيرتقي حينئذ إلى المرشد أو القلندر في أيام معدودات. أسرارهم وإشاراتهم الحشيشة: ويسمونها (الأسرار) والدراويش جميعهم يعرفون بها ولعون باستعمالها ولعاً عظيما اللهم إلا النزر القليل منهم والحشيشة هي التي أفسدت أخلاقهم وأنحلتهم وولدت في نفسهم الجبن وفي الوجه الاصفرار وفي الفم النتانة وفي الحواس الضعف لان فيها خاصية التحذير والسكر. والإكثار منها يخرج شاربها إلى حد الرعونة بل إلى الجنون ومن ثم يأتي الموت باكرا ولهذا ذهب ألوف من الناس ضحايا للحشيشة. والحشيشة اسم أطلق على ورق القنب الهندي كما اخبرني بذلك مؤيد الأطباء وهي ارهف سلاح بيد الدرويش لهتك آداب الفتيان وإغوائهم بالشر وقد دون المقربزي تاريخ أول ظهور الحشيشة واستعمالها وذكر أنها تسمى بحشيشة الفقراء وسبب ذلك أنه كان شيخ للفقراء اسمه (حيدر) كثير الرياضة

والمجاهدة قليل تناول الغذاء وكان قد نشأ بخراسان واتخذ زاوية في أحد جبالها ومعه جم غفير الفقراء، فمكث هناك أكثر من عشر سنين لا يخرج ولا يدخل عليه إلا رجل خاصا بخدمته فخرج وحده في يوم شديد الحر ثم عاد وقد علا وجهه نشاط وحبور بخلاف ما عليه قبلا فأذن لرفقائه بالدخول عليه وجعل يكلمهم فسألوه عن الحال الذي صار إليه فقال بينما أنا في خلوتي إذ خطر لي الخروج إلى خارج المدينة منفردا فلما خرجت وجدت كل النبات ساكنا لا يتحرك لسكون الريح ولفت نظري نبات له ورق فرأيته يميس بلطف ويتحرك تحرك السكران الثمل فجعلت اقطف منه أوراقا وآكلها فحدث لي من الارتياح ما ترون فيها بنا إلى البرية لأطلعكم عليه فتعرفوه. فخرجوا وراءه فلما رأوا قالوا له: هذا هو القنب فتهافتوا على أوراقه فأكلوا منها فسروا وطربوا فأمرهم الشيخ كتم هذا السر إلا عن الفقراء قائلا لهم: أن الله خصكم بهذا السر ليذهب عنكم همومكم الكثيفة ثم حثهم على زرع هذا النبات حوله ضريحه بعد وفاته وبقي يأكل منه بقية حياته ثم توفي سنة 618هـ وبني على ضريحه قبة فاتته النذور الوافرة من أهل خراسان وعظموا قدره واحترموا أصحابه وكان قد أوصى أصحابه أن يوقفوا ظرفاء أهل خراسان وكبراءهم على هذا العقار، فأطلعوهم على سره واستعملوه وشاع أمر الحشيشة في بلاد خراسان وفارس ولم يكن أهل العراق يعرفونه حتى جاءهم صاحب هرمز ومحمد بن صاحب البحرين وهما من ملوك سيف البحر المجاور لبلاد فارس في أيام الملك المستنصر بالله وذلك سنة 628هـ فحملها أصحابها معهم فاظهروا للناس أكلها فاشتهرت بالعراق ووصل خبرها إلى الشام ومصر وبلاد الروم فاستعملوها وفي نسبتها إلى الشيخ حيدر يقول الأديب محمد بن علي بن الأعمى الدمشقي: دع الخمر واشرب من مدامة حيدر ... معنبرة خضراء مثل الزبرجد. . . ولا نص في تحريهما عند مالك ... ولا حد عند الشافعي واحمد ولا اثبت النعمان تنجيس عينها ... فخذها بحد المشرقي المهند

وقال بعضهم لم يأكل الشيخ حيدر الحشيشة طول عمره وإنما أهل خراسان نسبوها إليه لاشتهار أصحابه بها، وإن إظهارها كان قبل وجوده بزمان طويل وذلك أنه كان بالهند شيخ يسمى (بير رطن) وهو أول من ظهر لأهل الهند كلها ولم يكونوا يعرفونها قبل ذلك ثم شاع أمرها في بلاد الهند حتى ذاع خبرها ببلاد اليمن: ثم اتصل خبرها بأهل فارس ومنها إلى العراق والروم والشام ومصر قال: وكان بير رطن في زمان ألاكاسرة وأدرك الإسلام فاسلم فاخذ الناس من ذلك الوقت يستعملونها وقد نسب إظهارها إلى الهند علي بن الشاعر بقوله من قصيدة: فقم فانف جيش الهم واكفف يدالعنا ... بهندية أمضى من البيض والسمر. . . بهندية في أصل إظهار أكلها ... إلى الناس لا هندية اللون كالسمر تزيل لهيب الهم عنا بأكلها ... وتهدي لنا الأفراح بالسر والجهر قال: وأنا أقول أنه قديم معروف منذ أوجد الله تعالى الدنيا وقد كان على عهد اليونانيين والدليل على ذلك ما نقله الأطباء في كتبهم عن بقراط وجالينوس من مزاج هذا العقار وخواصه ومنافعه ومضاره. وأنا أرى الحشيشة استعملت قبل الشخصية حيدر؛ استعملها (الحسن بن الصباح) وجعلها ستارا وسرا لطائفته الجهنمية المسماة (بالباطنية) وبها سموا (حشاشين) والدراويش يستعملون الحشيشة في مجتمعاتهم سرا خوف الناس وقد سألت أحد الدراويش عن سبب استعماله الحشيشة مع أن فيها مادة مسكرة والمسكر حرام شرعا فقال: أنه يستعملها لأنها تزيل الهموم الرابضة في الصدر وإنها ليست حراما لان الله نص على تحريم الخمر في كتابه أما الحشيشة فحلال لأنه لم يأت نص يوجب تحريمها. اجتماعاتهم لا يجتمع الدراويش لذكر أو تلاوة دعاء أو ورد أو غير ذلك إلا في العشرة الأولى من المحرم فيعقدون مجالس خلال تلك الأيام للعزاء بعد أن يكونوا قد نصبوا خيمة كبيرة واسعة في صحن المزارات المقدسة وهم يعلقون على الجدران المظللة بالخيمة فدائم وهراوات وطاسات وكشاكيل ويوقدون الشموع في كل ليلة من الليالي العشر الأولى من المحرم ويقرءون المآتم. وفي اليوم العاشر

يخرجون جماعة واحدة وقد نشروا شعورهم على أكتافهم وحملوا كشاكيلهم وأبواقهم وهم ينشدون نشيدا واحدا لا يتغير وهو (نادوا عليا عليا يا علي) وبين آونة وأخرى يخرج أحدهم قرنا ينفخ فيه فيتبعه الباقون فينفخون في القرون فتفزع النساء ويهرب الصبية. أصول الاستجداء وللدراويش أسلوب خاص بالاستجداء يتفننون فيه تفننا عجيبا ولهم طرق كثيرة منها: أن الدراويش يقف في الأسواق المحتشدة بالناس شعرا في مدح النبي وآله يمد يده إلى الناس ولا يطلب شيئا فيتصدق عليه المارون بدرهم أو فلس يرمونه في كشكوله فيدعو لهم بصوت خافت. ولأجل أن يلفت أنظار الجمهور إليه يصرخ بأعلى صوته (دوست علي مولا جان) أو (أمير المؤمنين أسد الله جانم). ومنهم من ينشر شعره الطويل على كتفيه ويمشي في الأسواق منشدا شعر ويقدم خلال إنشاده له ريحانا إلى أصحاب الحوانيت فيرمون له في (كشكوله) بما يجودون به عليه. والذين لا يريدون أن يتصدقوا عليه يقولون له: (سبزشود) أي فليكن أخضر أو (بنجشيد) أي اعذرنا والكلمة (سبزشود) رمز خاص إلى الدرويش وهي هديته وهذه مأخوذة من بيت يحفظه كل درويش وهو: بلك سبزي آست تحفة درويش ... جه كند بي نوا هين دارد ومعناه: الورق الأخضر نحفة الدرويش ماذا يفعل المسكين. هذا كل ما عنده وإذا قال أحدهما للدرويش (خدا بدهد) (أي يعطيك الله) يتألم كثيرا لأنه يعتقد أن ليس لأحد شئ يملكه في الحياة والأموال مشاعة بين الناس وانه لا يطلب غير حقه. ومنهم من لا يستظهر على قلبه شعرا فيقتصر على ترديد ألفاظ مثل: (يا أحد، ويا صمد، ويا قدير). ومثل (بلغ العلى بكماله، كشف الدجى بجماله، حسنت جميع خصاله، صلوا عليه وآله).

أو (أكر خسته جاني بكو يا علي واكرنا تواني بكو يا علي مترس وملرز بكو يا علي) أي (إذا كنت مريضا قل يا علي، وإن كنت ضعيفا قل يا علي، لا تخف ولا ترجف وقل يا علي). وبينهم من يحمل بيده افعوانا مقلوع الناب أو لا ناب له أو يلف على معصمه حية طويلة رقطاء يكحل بذنبها عيون الناس بدرهم أو أكثر يوهمهم أن التكحيل بذنب الحيات يحفظ المكحول به من العمى. ومن طريقهم أن يقف اثنان في الصحن فيخطران جيئة وذهابا متبادلين إنشاد الأشعار والمكان فإذا انتهيا من إنشادهما واجتمع الناس حولهما وحل وقت الاستجداء قال أحدهم للأخر: أي مرشد: أجابه الأخر: بلى قربان أي أنا فداؤك وهو اصطلاح خاص بالفرس. ثم يسأله: هركه جراغ أول را ميدهد جه شود؟ أي ماذا يكون من يعطي (الجراغ) الأول؟ والجراغ معناه (النور) ويريدون بالنور الدراهم وهو اصطلاح خاص بالدراويش. فيجيبه: خداي عز وجل عمر اورا دراز كند واورا از مصائب وستم فلك دور كند) أي يطيل الله عز وجل عمره ويجعله بعيدا عن المصائب ومظالم الفلك. وخلال هذه المحاورة يتصدق الناس عليهم. تحيتهم التحية الشائعة على أفواه المسلمين هي كلمة (السلام عليكم) أما الدراويش فلا يستعملونها إلا نادرا ويستعملون في مكانها قولهم: (مدد يا علي) هذا ما وقفنا عليه بنفسنا من غير أن نقيس شيئا من أي كتاب كان. أحمد حامد الصراف (تذكير) إذا وقفت على هذا المقال، راجع ما جاء في معلمة الإسلام بعنوان (درويش) تر فرقا عظيما بين الوصفين؛ ثم حاكم نفسك وقل: من ترى أجاد في ما أورد وفصل؟ أن الصراف صرف القارئ عن كل مقال سواه.

خزائن زنجان (في إيران)

خزائن زنجان (في إيران) في زنجان عدة خزائن للكتب بينها بعض نوادر منها خزانة كتب العالم الجليل الشيخ ميرزة فضل الله من علماء زنجان وهو عريق النسب والشرف وهذه من نوادرها: 1 - الأنساب والتاريخ 1 - النفخة العنبرية في انساب خير البرية لمحمد الكاظم بن أبي الفتوح بن سليمان الموسوي من أهل القرن التاسع. 2 - كتاب في التاريخ للشيخ أحمد بن الحسن بن الحر العاملي وهو غير تاريخه المسمى بالدر المسلوك. نسخة الأصل. 3 - تاريخ هراة تاريخ كبير بالفارسية لم نقف على اسم مؤلفه لسقوط ورقة من أوله: يظهر من مطاوي كلمات المؤلف أنه موجودا في أوائل المائة التاسعة. 4 - نفحات الانس، لعبد الرحمن بن أحمد الجامي نسخة قديمة تاريخ كتابتها 939. 5 - كنوز الجواهر في الأخلاق والمحاضرات يشتمل على ثلاثة أقسام في مجلدين تأليف محمود بن محمد بن أبي الحسن السمناني. ألفه باسم صاحب الديوان محمد الساوجي وأتمه في سنة 702 بحدود المحروسة واسط. تاريخ كتابة النسخة سنة 901. 6 - تاريخ قم للحسن بن علي بن الحسن بن عبد الملك القمي. الجزء الأول. 2 - الأدب 1 - شرح قصيدة لامية في مدح أمير المؤمنين علي (ع) لأبي المعالي محمد المشتهر بعلي بن أبي طالب بن عبد بن جمال الدين علي الزاهد الجيلاني. 2 - تذكرة أبي علي الفارسي. الجزء الثاني منه نسخة قديمة. سقط من آخره تاريخ الكتابة بقرينة المقابلة ويغلب على الظن أن النسخة من خطوط القرن الخامس تقريبا.

3 - فض الختام في التورية والاستخدام لصلاح الدين الصفدي ورد في آخره: (تم الكتاب المبارك في العشرين من جمادي الآخرة من شهور سنة ثلاث وخمسين مما اجتهد في تعليقه لنفسه العبد الفقير نجم أبن اسحق الإسرائيلي من نسخة الأصل التي بخط المصنف الخ.) وعلى ظهر النسخة جملة من خطوط قديمة أقدمها: (أنهاه مطالعة محمد بن عبد الرحيم المهاجي سنة 799) 4 - كتاب المصايد والمطاردة لأبي الفتح محمود بن الحسن الرملي والمعروف بكشاجم في الصيد وما يتعلق به وأوصاف الجوارح والضواري وأسباب الصيد وآلاته وما قيل في ذلك وهو يشتمل على ثلاثين باب نسخته قديمة ليس بها تاريخ للكتابة. 5 - شرح ديوان المتنبي لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي. 6 - زينة السالك في شرح ألفية ابن مالك للمولى محسن بن محمد طاهر النحوي القزويني الجزء الأول من نسخة الأصل. 7 - خلاصة نسيم ربيع مختصر لترجمة ربيع الأبرار للزمخشري ألفه باسم السلطان محمد قطبشاه ولم اعثر على اسم مؤلفه. 8 - المفصل للزمخشري نسخة قديمة كتبت في مدينة حلب سنة 603. 9 - مجموعة من منشئات العلامة المحقق الاغا حسين الخونساري وابنه العلامة جمال الدين الخونساري بالفارسية والعربية وفي ضمنها نسخ مراسلات متبادلة بين بعض الملوك الصفويين وبين شرفاء مكة وكتب إلى ولاة خوزستان وغيرهم. 3 - الفلسفة والمنطق 1 - كتاب التلويحات للشيخ السهروردي المقتول. القسم الأول والثالث منه. 2 - المشاع والمطارحات للسهروردي أيضاً الجزء الأول يشتمل على المنطق وقسم الطبيعيات تاريخ النسخة في أواسط القرن السابع تقريبا. 3 - مجموعة من رسائل الفيلسوف وابن سينا يحتوي على: (1) رسالة له في خطأ من قال أن شيئا واحدا جوهر وعرض معا (2). رسالة له إيضاح براهين ثلاث مسائل (3). رسالة له في المعاد (4). رسالة في الخطب والجمعات.

4 - مجموعة للفيلسوف الفارابي تحتوي على: (1) كتاب إحصاء العلوم ومراتبها له وهذا الكتاب هو الذي زعم العالم الجليل المستشرق السنيور كرلو نلينو في كتابه علم الفلك وتاريخه عند العرب في القرون الوسطى أنه فقد. وقال أن هذا الكتاب فقد اصله العربي. ونقل مطالبة عن ترجمته اللاتينية. ل (جرردو دكريمونا) وهذه النسخة منقولة عن أصل قديم كتب 677 (2) مقالة في قوانين صناعة الشعر له. (3) مقالة في الجهة التي يصح عليها القول في أحكام النجوم به. (4) مختصر انولوطيقي الثانية له. (5) دانش نامة علائي للمولى محمد أمين المحدث الاسترابادي. (6) المباحثات للشيخ الرئيس ابن سينا الفيلسوف مع تلميذه بهمن يار وأبي منصور بن زيلة وغيرهما، (7) التعليقات في الحكمة لابن سينا والنسخة منقولة عن نسخة قديمة. (8) زبدة الحقائق لعين القضاة الهمذاني. 4 - الطب والبيزرة 1 - شرح جالينوس على تقدمة المعرفة لبقراط ومنه كتاب البلدان والاهوية لبقراط تاريخه في حدود الألف الهجرية. 2 - كفاية مجاهدية في قسمي الطب النظري والعملي لمنصور بن محمد بن أحمد بن يوسف بن السباسي. 3 - رسالة في علم البيزرة. . . (لم يذكر اسم مؤلفها أولها: (وبعد فهذا كتاب في علم البزدرة ومعرفة أحوال الجوارح وصفاتها وأوزانها وألوانها وأمراضها وعلاجها وجيدها ورديئها وتفرئتها وما يتعلق بها مبوبا على أحد وأربعين بابا جامعا لكل ما يحتاج إليه في هذا الفن مما وضعته حكماء اليونان للإسكندرية ملك الزمان) الخ والنسخة من خطوط أواسط القرن الحادي عشر. 5 - الرياضيات 1 - ترجمة رسالة عز الدين الزنجاني في معرفة الوفق التام ليحيى بن أحمد الكاشاني. نسخة قديمة. 2 - إصلاح كتاب مانالاوس في الأشكال الكرية ليحيى بن محمد أبي

يشكر المغربي وفي آخر الكتاب مقالة أخرى ورد في أولها ما نصه: (هذه مقالة ألحقها بآخر الكتاب مولانا وأستاذنا وسيدنا ملك علماء الرياضة يحيى بن محمد بن أبي يشكر المغربي) وذكر فيها ما يتفرع عن الشكل القطاع من النسب المؤلفة على سبيل الإيجاز والاختصار. والنسخة قديمة لا تاريخ لكتابتها وهي موضحة بأشكال والجداول بالحمرة. 3 - ترجمة تحرير اقليدس بالفارسية لعلامة محمود بن مسعود بن مصلح الشيرازي شارح كتاب حكمة الإشراق. 4 - تهذيب رسالة فصل وإيضاحها بالجداول والأشكال لمحمد بن محمد الكاشغري. 5 - مجموعة تاريخ كتابتها قبل الألف الهجري على ما يظهر من الخطوط التي على ظهرها وهي تتضمن هذه الرسائل: (1) قول للحسن بن الحسين بن الهيثم في الضوء. (2) قول لأبي علي الحسن بن الحسين بن الهيثم في أضواء الكوكب. (3) رسالة لابن هيثم في تربيع الدائرة. (4) رسالة مختصرة في مساحة الأشكال المسطحة بالفارسية تاريخها 959. (7) شرح البيرجندي على رسالة معرفة الإسطرلاب للمحقق الطوسي. (8) شرح تذكرة المحقق الطوسي للسيد الشريف الجرجاني. (9) مقالة مختصرة كتبت في أولها هذه العبارة: (المقالة المفروزة من زيج السجزي للإمام العلامة المحقق المدقق الفاضل الحكيم الخازني عفا الله عنه آمين) (10) رسالة في انعكاس الشعاعات وإنعطافاتها للفيلسوف نصير الدين الطوسي. 6 - منها خزانة كتبي الشخصية 1 - (الفلسفة) كتاب الآراء الطبيعية التي يقول بها الحكماء لفلوطرخس منقولة عن أصل قديم كتب في سنة (677) هـ. رسالة ارسطوطاليس في العالم والمخلوقات المعروفة بالرسالة الذهبية منقولة عن أصل قديم تاريخه 677. رسالة في الكل وحركته لإسكندر الافريدوسي منقولة عن أصل قديم تاريخه 687.

رسالة في العقل لنصر الدين الفيلسوف المسماة بنفس الأمر تاريخه 677. 2 - الرياضيات البارع في النجوم للشيخ علي بن أبي الرجاء الشيباني الكاتب ذكره صاحب كشف الظنون. رسالة تربيع الدائرة لابن الهيثم المصري. رسالة في الأثرين القوس والهالة وتحرير مقالة ابن الهيثم في ذلك لكمال الدين حسن الفارسي جعله ذيلا لكتابه تنقيح المناظر وأظن أن كتاب تنقيح المناظر موجود في النجف الاشرف في ضمن خزانة النجف أبادي التي وقفها لعامة القراء. قطعة في معرفة الإسطرلاب لأبي ريحان الرياضي البيروني عدد صفحاته 30 تقريبا بقطع الربع. كتاب المطالع لاسقيلاوس مما أصلحه يعقوب بن اسحق الكندي من نقل قسطا بن لوقا. حرره نصير الدين الفلكي الفيلسوف يشتمل على ثلاث مقدمات وشكلين. رسالة في الشكل القطاع وبراهينه ذكر مصنفها أنه كان عمل في ما مضى من الزمان كتابا جامعا في ذلك باللسان الفارسي فسأله بعض بأن ينقله إلى اللسان العربي وهي تشتمل على خمس مقالات. 3 - التاريخ والتراجم ترجمة تاريخ بني المشعشع والسادات المشعشين أمراء وولاة الحويزة وتراجمهم وحالاتهم تأليف السيد عبد الله بن ينتهي نسبة إلى الإمام الكاظم (ع) وهو من بني المشعشع. ترجمة السيد نعمت الله التستري واكمل الترجمة ابنه السيد محمد نور بعد ما ذهب بصره والده أهدى اصله العربي المولى عبد العلي خان من أبناء المشعشع إلى أحد أمراء القاجاريين والنسخة مخطوطة في قطع الربع أهداه إلى العالم الأديب محمد صادق خان أديب من ضباط الجيش الإيراني واشكره عليه ولا أنسى فضله أبد الدهر. تذكره شعراء سنندج مركز إيالة كردستان الإيرانية وحالاتهم وجملة من شعارهم. إيران زنجان أبو عبد الله الزنجاني

نيرب ومكشوفاتها

نيرب ومكشوفاتها تعريب الرقمين المنقوشين على النصبين اللذين وجدا في نيرب أننا مع اتباعنا العلامة كليرمون كانو في ماينوط باكتشاف النصبين ووصفهما نوثر من حيث الترجمة أن نقتفي آثار أستاذنا الأكبر حضرة لاكرنج الأجل فانه قد جاء بها اصح واشد اتقانا. تعريب رقيم النصب أ (هذه صورة ومضجع المتوفى (سين زير بان) كاهن سهر نيرب، كائنا من تكون أنت الذي تختلس هذه الصورة والمضجع من محله فلينزعن (سهر وشمش ونكل ونسك) اسمك ومقامك من الحياة وليقطعن حبل عمرك وليبيدن نسلك. وإن أنت حافظت على هذه الصورة والمضجع فليحفظ غيرك ما هو لك) تعريب رقيم النصب ب (هذه صورة اشر كاهن سهر نيرب. من أجل بري أمامه قد منحني اسما شريفا وأطال عمري. ويم مماتي لم ينقطع الكلام من فمي. وماذا يا ترى قد رأيت بعيني؟ أبناء (ذريتي من الجيل) الرابع. وكانوا يبكون علي وهم في غاية التأثر ولم يضعوا معي آنية من فضة ولا من نحاس بل وضعوني بثيابي لكي لا ينهب مضجعي لمنفعة الغير. فكائنا من تكون أنت الذي تهينني وتنهبني فليجعل (سهر ونكل ونسك) موته تعسا ولتبد ذريته) تعليقات على الرقمين في الرقيم الأول اسم الكاهن أشوري لا ريب فيه وهو مركب من ثلاثة أهجية (مقاطع) وهي (سين زير بان) ومعناه: (الإله) سين خلق ذرية أو أقام زرعا أما كلمة (الكمر) وهي في السريانية (كمرا) وفي العبرية (اكمر) فمؤداها الحبر أو الكاهن. والظاهر إنها هنا لقب شرف خلافا لما في لغة اليهود فأنها تدل على الذل والهوان. (أكبر) اسم أشوري ايضا، اصله من كلمة (جبر) ومعناها قوي وصار جبارا. وله مقابل وهو (جبارو) في

تعريف الآلهة الواردة أسماؤها في نصبي نيرب

رقيم زنجرلي المنطقة الارمية دون ريب. ومثله أيضاً بطريق اسم ابجر (ابكر) وجبرين (كبرين) موقع قرب نيرب. أما سياق الكلام في آخر الرقيم الثاني فيتطلب استعمال ضمير المخاطب عوض ضمير الغائب أي (فليجعل سهر. . . موتك تعسا ولتبد ذريتك) لان العبارة السابقة هي للمخاطب. لكن لما كان الأصل الارمي بهذه الصورة اقتضى اتباعه في التعريب مع التنبيه عليه. تعريف الآلهة الواردة أسماؤها في نصبي نيرب 1 - الإله (سهر) الأصح أن يلفظ (سهر) بالسين لا بالشين لأنه هكذا جاء في الكتابة المسمارية. وهو آله نيرب حسب منطوق الرقمين، زلة حق التقدم على بقية الآلهة المذكورة و (سهر) معناه في الارمية (القمر) فهو إذن ارمي لا غبار عليه. ويقابل اسم (سين) نفسه (أي الإله القمر) الآشوري، فلا يحتمل أن سهر (الإله) منقول من آشورية إلى نيرب إذا أنه آله في وطنه. ومن سهر الارمية كلمة الشهر في العربية الدالة على كل قسم من أقسام السنة الأثني عشر وذلك لأنه لما كان القمر يتغير ويتحول جاء اسهل واسطة اتخذها القدماء لقياس الزمان. وسين أو سهر أي القمر كان في الأصل آلها خاصا بمدينة حران لأنها كانت مركزا لعبادته. تدل على ذلك عدة شواهد. إذ هذه المدينة شيد منذ القديم هيكل عظيم للإله سين، وبعد أن أخربه الماذيون جدد بناءه الملك نبونيد. ولم تكن عبادة سين قد اضمحلت في حران على زمن الرومانيين بل بقيت عند طائفة من الارميين ذكرهم القران باسم الصابئة. 2 - الإله (شمش) الظاهر هنا أن هذا الإله آشوري بابلي بل قل أنه من جملة آلهة زون تلك البلاد وإن كان اسمه مذكورا في الغالب بين طائفة الزون السامي. ويستدل على كونه آشوريا بابليا من المشابهة الظاهرة في طائفة الآلهة الرباعية في نيرب والطائفة الرباعية في الآثار الآشورية والبابلية. 3 - الآلهة (نكل) يقابل هذه الآلهة في الرقم الآشورية والبابلية (نركل وننكل) فقد جاء

في رقيم نبونيد السابق الذكر عن لسان نفسه إذ يخبر كيف أن الهيكل القديم هيكل الإله سين كان قد هدمه الماذيون وكيف عمره ثانية حسب أمر الإله مردوخ والإله سين وفي مطاوي حديثه يذكر أسماء الآلهة بترتيب يقابل ترتيب رقيم نيرب ب أي سين (سهر) وننكل ونكسو وفي غير موطن تلقب ننكل باسم أم الآلهة وزوجة سين. ويظهر أن لفظ ننكل الآشوري أو قل الشمري قد نقل إلى الارمية بلفظ نكل (بشد الكاف) على طريق الإدغام الجاري في اللغات السامية كما أن قلب الكاف كافا فارسية أو جيما معروف فيها. 4 - الإله (نسك) الإله نسك هو بلا شك الإله نسكو الآشوري الوارد ذكره في الرقم. ولفظه بالسين لا بالشين كما يستدل عليه من كتابة هذا في الخط المسماري وقد أشرنا إلى ذلك في كلامنا عن الإله سهر، وهو خاص بآله قائم بذاته لا يسوغ خلطه بالإله نبو. وأبين برهان على انفراده عن غيره مجيء اسمه في جملة أسماء للآلهة مذكور فيها أيضاً اسم نبو. فهو إذن شئ ونبو شئ آخر. النتيجة هي أن هناك مضارعة بين آلهة حران وآلهة نيرب تظهر من هذه المقابلة: آلهة حران: سين شمش ننكل نسكو آلهة نيرب: سهر شمش نكل (بتشديد الكاف) نسك أما سدنة هيكل نيرب فالظاهر انهم أن لم يكونوا آشوريين أصلا فلا أقل من انهم كانوا آشوريين بالأسماء والثياب واللغة مما يدلك على نفوذ تلك البلاد في هذه الديار. وأما دخول عبادة الإله سين الحراني إلى نيرب فاثبت ما يمكن القول به هو رأي كليرمون كانو أنه جرى في عهد الحبرين (سين زير بأن وأكبر) المذكورين في الرقمين النيربيين أي في العهد الآشوري أو البابلي الحديث الذي سبق عهد الفرس وان كان في الإمكان من باب الاحتمال أن يرقى به إلى عهد اقدم من ذلك. مكشوفاتها الحديثة قلنا في استهلاك المقال أن بعثة من معهدنا الكتابي الأثري أجرت في

نيرب تنقيبا كانت نتائجه غاية في الفائدة. فأول أمر فكر فيه أرباب البعثة هو اختيار المحل الملائم للشروع في العمل وقد رأوا أن احسن موقع لذلك هو موضع الناووس الآتي ذكره في سياق كلام كليرمون كانو وهو يصف النصبين اللذين وجدا بالقرب منه. وما أخذ النقابون في الحفر التمهيدي إلا تحققوا أن التل متقوم من طبقتين متميزتين. ومن مميزات الطبقة السفلى وجود حيطان من لبن لم يكن في إمكانهم تعيين ثخنها لتقطعها وحالتها المتهدمة. فلم يكن منهم إلا أن حفروا خنادق متعددة في نقاط مختلفة. وقد لاحظوا في هذه الطبقة كثرة أصناف الخرافيات الدالة خواصها على ارتقائها إلى العصر الحديدي. ومما وقفوا عليه أيضاً ضرب من الجرار الواسعة البطن الدقيقة الأسفل الضيقة الفم وفي جملة تلك الجرار جرة علوها متر و20 سنتيمترا ووعاء آخر حاو رفات ولد صغير عمره نحو 3 سنين. أما العمل الخاص فقد جرى في الطبقة العليا من الربوة وبعد أن فتح النقابون عدة خنادق على عادتهم لم يعتموا أن استدلوا على وجود مدفن قديم واسع متخذ لهذه الغاية مدة قرون طويلة. وقد لاحظوا فيه ثلاث طرائق للدفن: 1 - طريقة النواويس وهي قليلة الاستعمال إذ لم يجدوا منها إلا واحدا بمعزل عن اجانة كبيرة من الحجر البركاني. وهذا الناووس هو من الكلس الخشن الصنع ذو شكل غير منتظم. طوله متر و35 سنتيمترا وعرضه 61 سنتيمترا عند الرأس و41 سنتيمترا عند الرجلين منه شئ؟ فيه صقل (هيكل إنسان طاعن في السن مستلق على ظهره وركبتاه وعلى رأس الجثة أناء مشوه وفيه أيضاً حلقتان كبيرتان من النحاس وعرى من معدن. 2 - طريقة الجرار المدفنية البائن أن استخدامها كان مقصورا على دفن الصبيان ولم يظفروا إلا باثنتين منها الأولى على علو 7 أمتار من الهضبة وكان فيها صقل (هيكل) ولد ساعده الأيمن مطوق بحلة من نحاس. والثانية يظهر أنها من العهد البابلي الحديث

طولها متر و22 سنتيمترا وقطرها الأوسع 26 سنتيمترا وكان فيها صقل صبي ابن نحو 10 سنوات. 3 - طريقة القبور في هذه القبور تشاهد الجثة غالبا محاطة بقطع كبيرة من الحجارة أو بالصلصال المطروق. وعلى جانبها جرة قائمة في التراب أو ملقاة فيه، ولبعض القبور هيئة غريبة؛ فقد وقفوا على قبر تغطيه ست جرار متتابعة تقابل رأس الواحدة اسفل الأخرى. والجرار متخذة من الصلصال الخشن غير المشوي وهي طويلة الشكل ضيقة الأطراف تارة جانبها طول إحداها 85 سنتيمترا وتحت الجرار ترى الجثة موضوعة تارة على جانبها الأيسر وتارة على الأيمن أو على الظهر. وعدد الجرار ستة أو سبعة. رأيت أن موقع الحفر مدفن عريق في القدم وإن طرائق الدفن فيه ثلاث: طرائق النواويس والجرار والقبور وقد أجملنا لك وصفها. أما الآن فاعلم أن هذه المدافن على تباين أنواعها لم تكن فارغة بل كانت تحوي أشياء ومحتوياتها لم تكن مقصورة على بقايا الموتى بل فيها شئ كثير من الأوعية والأدوات والحلي والأسلحة والنقوش والكتابات وهلم جرا فضلا عن الجثث البشرية فيجدر بنا أن نوقفك على ضروبها وعدد كل صنف منها إتماما للفائدة ثم نذكر لك المهم منها بوصف أجمالي متبعين النظام الآتي: أ - 10 تماثيل صغيرة من الفخار. ب - 20 قطعة من الخزفيات والمصابيح. ج - 30 أداة من الأدوات المعدنية. د - 40 خاتما. هـ - 50 أداة من الحجر البركاني. و25 لويح بالخط المسماري. أ - التماثيل من الفخار وجد بعض هذه التماثيل في الطبقة السفلى والبعض الآخر في الطبقة العليا من قبل الاتفاق. وهي مختلفة الأشكال، بينها طائفة قد امتازت بميزة المدينة

الحثية التي يظهر أنها قد بلغت مقاما ساميا وكان لها أثر بالغ في تاريخ تل نيرب. قياس هذه التماثيل نحو 5 سنتيمترات بوجه عام اغلبها مصنوع من التراب الأحمر أو الأبيض الضارب إلى الحمرة. واغلبها يمثل رجالا بشعرهم ولحاهم وعمرتهم هي العراقية. وبعضها يمثل حيوانات كالحصان والكلب والكبش والأسد. تماثيل الطبقة العليا جميع هذه الصور وجدت في طبقة علوها بين 6 و8 أمتار وصنعها أكثر اتقانا من صنع السابقة. أما أنواعها فهي أقل اختلافا وتحصر في ثلاثة ضروب. الضرب الأول صور تمثل امرأة مرتدية. ورؤوس جميع هذه التماثيل مقطوعة. وبالأجمال ترى المرأة لابسة قميصا وفي عنقها قلادة مزدوجة من اللؤلؤ وذراعها الواحدة نازلة والأخرى ملوية ويدها على صدرها: الضرب الثاني صور تمثل عارية تعصر ثدييها. ومن هذا النوع شئ وافر والبائن انه من صنع البلاد الجامع بين الطراز السوري الآشوري البابلي وعلى كليهما صبغة من الفن المصري: وما يتضارب في هذه الصور غاية التضارب هو شكل العمرة. فهي من العمرة المتدرجة أو المصرية أو من ذوات شكل الإكليل وشعر الرأس فيها مدفوع إلى الوراء ومعصوب من الأمام وفي الرقبة قلادة لؤلؤ ذات ثلاثة اكراس والوجه محاط بتخاريم ملولبة. وقد فقد إجراء البعض منها لتكسرها. ويظن أن عهدها هو من القرن السادس أو السابع ق م. الضرب الثالث صور فرسان وحمالات سلاح. وهي أيضاً تظهر من صنع البلاد عليها مسحة أجنبية تصل بها إلى العهد الفارسي. وقد وجد من أمثالها في جهات متعددة من سورية ولا سيما في ديار حمص وأما صورة الفرسان فتمثل راكبا ملتحيا عمرته عراقية مطوية من الجانب الواحد وفرسه من الجنس العادي كأن رأسها خارج من صدرها ولا يكاد يرى انفصال ركبتيها خلافا لذيلها فأنه في غاية الظهور. أما حمالة السلاح فالبائن أن مركوبها جمل عليه ضرب من القتب وكأن المرأة مختمرة (مستورة بخمار) وبين ذراعيها ولدان.

ب - الخزفيات عثروا على القسم الأعظم من الكسر الخزفية في الطبقات العليا من التل والذي يتبادر إلى الفكر أن هذه الخزفيات قد نقلت إليه من الخارج إذ عليها مسحة الطرز القبرسي الراقي إلى القرن الثامن ق م. إلا أن في جملتها ما يعزى إلى القرون التالية أي السادس والخامس والرابع واغلب هذه القطع صحون وآنية مصنوعة من التراب الأحمر وفيها بعض نقوش غائرة أو بارزة وهناك أيضاً كسر مصابيح وقفوا على كثير منها كانت في جوار الناووس أو إحدى الآبار وفيها ما هو من الطرز الإغريقي. ج - أدوات معدن أو عظم محل اكتشاف هذا الضرب من الأدوات طبقات التل المتوسطة أو العليا. أما السفلى منه فلم ير فيها سوى بقايا يعسر الجزم في حقيقة ماهيتها. فمن ذلك سهام وأسنة رماح وشفار وابر وغيرها من الأدوات والأسلحة وجميعها من نحاس ومعها بقية باقية من مرآة. هناك أيضاً نصب سكاكين من عظم وغيرها من الآلات العظمية شئ وافر وجد في الطبقة الوسطى والعليا كما انهم كشفوا آلات حديد بينها حسام. وبين هذه الأدوات تدرج الحلى التي كشفت على اختلاف أشكالها في الناووس وفي القبور أو غيرها من الامكنة، من ذلك مشابك عديدة منها مدورة ومنها على شكل يد مبسوطة أو مطوية الأصابع وهي شبيهة بالتي وجدها في بابل سابقا هناك أيضاً أسورة مفتوحة وقد رأوا أحدها في ساعد الجثة المدفونة تحت الجرار. ثم حلقات ذات أشكال متنوعة مفتوحة أو مقفلة ووقعوا على قرط من نحاس ومشخلبة (وهو شئ يشبه اللؤلؤ من زجاج أو هي حجارة ملونة). د - الخواتم يحسن بنا أن ننظم في مقدمة هذا النوع من اللقى بعض الجعلان المصرية منها واحد فيه تأريخ ملكي باسم (من خبيررع) وهو لقب تحوتمس. ووجدوا ماخلا هذه الجعلان عددا وافرا من الخواتم المصنوعة من حجارة مختلفة تمثل حيوانات عادية كالأيل أو حيونات غريبة الجنس

ومن هذه الخواتم ما فيه نقوش في الجهتين. هـ - أدوات من الحجر البركاني منها صحون متنوعة الصنعة لبعضها قوائم تقوم عليها وللبعض الآخر كزخارف منقوشة أو مصقولة. منها أيضاً أطباق (صواني) أو بقايا من أطباق وجدت في مواقع متعددة ولا سيما في الطبقات السفلى ومنها أصنام صغيرة خشنة الصنع. واللويحات ذات الخط المسماري مادتها الصلصال غير المشوي وبين الخمسة والعشرين لويحا يرى ما قد كسر منه جزء فيها صغير أو كبير. واغلبها لويحات حسابية ومقاولات بالخط المسماري يكثر فيها اسم مدينة نيرب وكذلك اسم الإله نسكو الوارد في النصين اللذين جرى الكلام عليهما فيما تقدم وهذا الرقم اسم الإله نسكو يدخل في تركيب طائفة من الأعلام وتجد على حافلة من هذه الرقم كتابة ارمية كأنها قد رسمت بالمسمار وتاريخها يمتد من السنة الأولى من حكم نبوكد نصر الثاني (604 ق م) إلى الملك قنبوسيا (كنبيز) (529 - 521 ق م) وأكثره مؤرخ في عهد نبونيد (555 - 538) وهذه اللويحات المسمارية سوف يفرد لها حضرة الأب دورم رئيس معهدنا ومدير مجلتنا الكتابية الضليع في الآشوريات بحثا خاصا ينشره في (مجلة الأبحاث الآشورية) الفرنسية. الخاتمة هذا مجمل مكشوفات نيرب قديمها وحديثها فيظهر مما سبق أن في تل نيرب طبقتين متميزتين وقد عرفت الطبقة العليا منهما معرفة تفوق معرفة السفلى. والنتائج التي يمكن استخلاصها من أعمال التنقيب هي أننا إذا القينا على المدفن نظرة عامة جاز لنا أن نرقى به إلى العهد البابلي الحديث وقد جاءت هذه النتائج نظرة لرأي كليرمون كانو في شأن النصبين المدفنيين الموجودين اليوم في اللوفر إلا أن هذا المدفن لم يهمل في زمن الفرس. فهناك أدلة تدل على أن المدفن فيه إلى القرن الرابع وما بعده والحضارة أو قل مزيج الحضارات التي ظهرت فيه عقبت تمدنا سابقا بشف من ورائه نفوذ المدينة الحثية على أن ذلك يعسر

تأثير اللغات السامية في اللغات الإفرنجية الحديثة

إثباته بنوع جلي وإن كان غير خال من الاحتمال فلا سبيل إذن إلى الحكم فيه حكما قاطعا إلا إذا كشف التل كله حتى الحضيض بطريقة فنية. فعسى أن الأحوال تساعد تحقيقه فيعود تحقيقه ذلك على العلم الأثري والتاريخ بأجزل الفوائد. الأب أ. س. مرمرجي الدومنكي أحد أساتذة المعهد الكتابي والأثري الفرنسي في القدس تأثير اللغات السامية في اللغات الإفرنجية الحديثة كلنا نعلم أن اللغة الإيطالية والأسبانية والفرنسية فرع من اللغة اللاتينية وإن اللغة الألمانية والإنكليزية فرع من اللغة السكسونية ومزايا هذه اللغات تختلف كثيرا عن مزايا اللغات السامية التي من أشهر مميزاتها: أن يتقدم الفعل على الفاعل أو يسبق الفاعل الفعل، يليهما المفعول به. وبعده الجار والمجرور أو متعلقات المفعول به. أما اللغات الإفرنجية فنظام العبارة كان على نسق اللغة اللاتينية أو على طراز اللغة اليونانية، لكن لما نقلت التوراة إلى لغات أوربة وحاول النقلة المحافظة على سبك العبارة الأصلية العبرية أثر ذلك في لغاتهم المتنوعة، فأصبح صورة الكلام عندهم على الأسلوب العبري، أو العربي أو قل: على الأسلوب السامي، وهكذا أثرت لغاتنا الشرقية في لغاتهم؛ وهو أمر قلما يلتفت إليه علماء الألسنة، مع أن هذا الفضل ظاهر لكل ذي عينين. أما إذا كان هناك غير هذا السبب في تغيير سنن تلك اللغات الإفرنجية الحديثة، فليذكرها لنا من يخالف رأينا بأدلة بينة لنشكره عليها. وسبك العبارة لم يكن وحده نتيجة تلك النقول (جمع نقل) بل هناك مزايا أخرى دخلت ألسنتهم لم تكن معهودة عندهم إذ كانت مخالفة لقواعد لغاتهم، لكنهم اتخذوها محافظة على سلامة النص الكريم، ثم تأصلت في كلامهم، إلى آخر ما هناك.

خاتم الأمان

خاتم الأمان معاجمنا لا تحوي إلا شيئا من ألفاظ لغتنا التي كانت شائعة قبيل الإسلام وفي صدره. وأما المفردات التي نشأت في عهد العباسيين فلا تكاد تجد لها أثر وإنما تراها مبثوثة في كتب الأدب والتاريخ والبلدان. ولهذا كان من الواجب تبعها وتدوينها لتكون لغتنا حية. ومن جملة الكلم المولدة التي لا وجود لها في معاجمنا (خاتم الأمان، ومنديل الأمان) وقد بحث عنها صديقنا المدقق يعقوب أفندي نعوم سركيس منقبا عنهما في الأسفار ثم جاءنا بتحقيقه لهما في المقالة الآتية: (لغة العرب) للعوائد حياة ولا ريب في أن مصير حياة العوائد يوما إلى الإهمال أن عاجلا أو آجلا. إذ حدثنا أحد اليوم عن خاتم الأمان يستغرب الكثيرون قوله. وإذا روى لنا صاحبنا أن المنديل قام بمثل هذه الوظيفة قد ينسب المطلع هذه العادة إلى قرون كأن شيوخ جيلنا الحاضر لم يشهدوا ذلك في أوائل عمرهم. فرأيت أن اثبت ما وقع عليه نظري في هذا الموضوع لما فيه من اللذة وتدوين التاريخ. أن المخطوط الذي عرفته بالحوادث الجامعة لابن الفوطي منهل غزير المادة وقد أتحفنا بخبر جاء ذكر خاتم الأمان قال المؤرخ في حوادث 640هـ (1242م) ذكر واقعة الأتراك (في بغداد) (في شعبان حضر جماعة المماليك الظاهرية والمستنصرية عند شرف الدين إقبال الشرابي للسلام على عادتهم وطلبوا الزيادة في معايشهم وبالغوا في القول وألحوا في الطلب فحرد عليهم: وقال: ما نزيدكم بمجرد قولكم! بل نزيد منكم من نزيد إذا أظهر خدمة يستحق بها ذلك: فنفروا وخرجوا على فورهم إلى ظاهر السور وتحالفوا على الاتفاق والتعاضد فوقع التعيين على قبض جماعة من أشرارهم فقبض منهم اثنان وامتنع الباقون وركبوا جميعا وقصدوا باب البدرية ومنعوا الناس من العبور فخرج إليهم مقدم البدرية وقبح لهم هذا الفعل فلم يلتفت إليه أحد فنفذ إليهم سنجر الياغر فسألهم عن ذلك فقالوا: نريد أن يخرج أصحابنا ونزايد معايشنا، فأنهى سنجر ذلك إلى الشرابي فأعاد عليهم الجواب: أن

منديل الأمان

المحبوسين ما نخرجهم وهم ممالكنا نعمل بهم ما نريد. ومعايشكم ما نزيدها. فمن رضي عنه بذلك يعقد، ومن لم يرض وأراد الخروج من البلد فنحن لا نمنعه وطال الخطاب في ذلك إلى آخر النهار. ثم مضوا وخرجوا إلى ظاهر البلد فأقاموا هناك مظهرين للرحيل فبقوا على ذلك أياما فاجتمع بهم الشيخ السبتي الزاهد وعرفهم ما في ذلك من الإثم ومخالفة الشرع، فاعتذروا وسألوا الشفاعة لهم وإن حضر لهم (خاتم الأمان) ليدخلوا البلد فحضر عند الشرابي وعرفه ذلك وسأله إجابة سؤالهم فاخرج لهم (خاتم الأمان) مع الأمير شمس الدين قيران الظاهري والشيخ السبتي. فدخلوا والشيخ راكب حماره بين أيديهم وحضروا عند الشرابي معتذرين فقبل عذرهم. وكان مدة مقامهم بظهر السور سبعة أيام!) أهـ. وجاء ذكر خاتم الأمان بعد ذلك التاريخ بنحو مائة سنة في كتاب عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب إذ ادخل فيه مؤلفه نبذا تاريخية. وملخص خبر هذا الكتاب بشأن خاتم الأمان (ص 12 وما بعدها من طبعة بومبي 1318) أن الشريف أحمد بن رميثة كان السلطان أبو سعيد (في سنة 736هـ - 1335م) فاخرج الشريف من الحلة حاكمها الأمير ابن الأمير طالب الدلقندي الحسني الافطسي وتغلب على البلد وأعماله ونواحيه. ولما تمكن ببغداد الشيخ حسن ابن الأمير اقبوقا أراد هذا أخذ الحلة من الشريف بدون أن يقدم إليها لكنه عجز عن أخذها بهذه الصورة فقصدها بنفسه وأحاط بها. ثم رأى أن يرسل إلى الشريف شيخ الإسلام بدر الدين المعروف بابن شيخ المشايخ الشيباني فأمنه وحلف له وأعطاه (خاتم الأمان) انتهى ما أردت تلخيصه. منديل الأمان رأينا في ما تقدم أن الخاتم كان شارة للأمان فبقي علينا أن نرى المنديل حاملا السلام قائما بما تكفله الخاتم. جاء في معجم المستشرق دوزي الذي وضعه في أسماء الألبسة

عند العرب (ص 415) شواهد أراد بها صاحبه أن يستقصي بما يراد بالمنديل وصورة استعماله كلباس وقطعة نسيج يحتاج إليها الإنسان وغير ذلك ومما جاء به هذا المستشرق أنه اقتطف نبذتين من كتاب ألف ليلة وليلة فيهما ذكر منديل الأمان. وهذا كلام المعجم. (فقال: أخي أراد الأمان فأعطاه (منديل الأمان) (271: 1 طبعة مكنكتن) (فقال الشاب: العفو يا أمير المؤمنين! اعطني (منديل الأمان) ليسكن روعي ويطمئن قلبي. فقال له الخليفة: لك الأمان من الخوف و (لك) الإحسان (185: 2)) أهـ. وقد يتبادر إلى الخاطر أن إعطاء منديل الأمان في ألف ليلة وليلة من تلفيق المؤلف الواسع الخيال، لكنا نستفيد مما اقتطفه دوزي أيضاً من مخطوط للنويري في تاريخ ديار مصر أن إعطاء منديل الأمان كان من الأمور التي تقع بالفعل فقد قال النويري: (فجاء الملك الصالح إسماعيل بعساكره إلى القدس وصحبته الفرنج فأرسل إلى الشيخ بعض خواصه (بمنديله) وقال له: ادفع إليه (مندلي) وتلطف به واستر له وعده بعوده إلى مناصبه) أهـ. هذا ما كان قبل مئات من السنين وقد كان مثله في النصف الثاني من القرن الماضي. وهنا ادرج صورة الوثيقة التي عندي وهي تتعلق بهذا الباب ولها شأن في تاريخ المنتفق فضلا عن تعريفها إيانا ببقاء هذه العادة إلى هذا العهد القريب. وهذا نص الوثيقة التاريخية بوضعه المغلوط: ذو النجابة ناصر السعدون وصلنا معروضك، وصار معلومنا كافة ما ذكرت من الإفادات خصوصا من بيان السبب الداعي لالتماسك الرأي والأمان الثاني من طرفنا في قرآن ممهور وإن الاشتباه والوسوسة الحاصلة لك ناشئ من الأوراق والكواغد الواصلة إليك المرسولة مع كاتبك ملا خضر لطرفنا. فيكون معلوم جنابك أن

الأوراق المذكورة مشتملة على بيان عزل (أخيك) منصور (باشا) وما فيها ذكر جنابك. وعلى الخصوص تاريخها مقدم على تاريخ شقة الرأي والأمان التي أرسلناها إليك مؤخرا. فيقضي أن لا يمر في خاطرك شئ من الوسواس ويلزم أن تعتمد على رأينا وأماننا الوثيق بلا اشتباه. وأجزم بأن جوابنا لا يتبدل ولا يتغير. عفا الله عما سلف. وبهذه الدفعة قد سيرنا لك مع ملا خضر (كيفية الرأي والأمان) لأجل اطمئنان قلبك. فإذا صار ذلك مفهوم ينبغي أن تتوكل على الله تعالى وتجي إلى طرفنا. وأنت مأمون وما تشاهد من جانبنا سوى حسن الالتفات. تجي ظالما وتعود إلى محلك سالما. ولا حاجة فوق ذلك إلى طول الكلام هكذا يكون معلوم جنابك والسلام. في 29 شعبان 1280 وفي 27 كانون ثاني 1279 (1864م). (الخاتم:) محمد نامق). ومن المعلوم أن العراقيين يطلقون كلمة الكفية على المنديل. وهذه الكفية التي ورد ذكرها هنا عندي مع الوثيقة وما تقدمها من رسائل نامق باشا التي كان قد بعث بها إلى ناصر (باشا) وفيها يستدعيه إلى بغداد ولم يكن قد صار شيخا بعد. وتلك الكفية هي نسيج دقيق من الكتان ولونها ابيض تشوبه سمرة لعتقها وزواياها مطرزة بالقصب فهي من النوع الذي كان يسمى جوزه (بتح الجيم المثلثة وسكون الواو وفتح الراء) وكان يرد من الأستانة. وكلمة جوره تركية معناها المنديل المطرز الأطراف. وكان هذا اللفظ مستعملا بين ظهرانينا وقد هجر اليوم إذ لا يؤتى منذ أمد بمثل هذه الكفافي من الأستانة لتدفق المنسوجات الأوربية علينا. ولا يبعد أن تكون كفيتنا هذه الأخيرة من الكفافي الحاملة السلام والأمان في عراقنا المحبوب وإن كان عندنا العهد الأخير لتلك العادة دفينة بطون التاريخ. بغداد: يعقوب نعوم سركيس

عبد الوهاب الجوادي الموصلي

عبد الوهاب الجوادي الموصلي هو الشيخ عبد الوهاب الجوادي، ولد في مدينة الموصل سنة 1247هـ (1831م) وتعلم في المدارس الابتدائية فالمدارس الأهلية حيث ثقف في علوم اللغة العربية وآدابها ثقفه أولا الشيخ صالح الخطيب الموصلي فالشيخ عبد الله العمري الشهير ب (باش عالم) (أي العالم الأول أو رأس العلماء) وعلى الأخير قرأ المادة الكبرى وهي علم المنطق وعلما أصول الفقه والكلام وبقية أقسام الفلسفة والشرعيات فاتهما واستجاز بها منه وهو في الخامسة والثلاثين من عمره. وكان قد أخذ يتعاطى التدريس على الطريقة البلدية منذ أن بلغ العشرين ربيعا. وفي الأربعين من عمره قلد منصب القضاء الشرعي في الرقة من أعمال حلب وبعد أن قضى المدة المعينة للقضاة في ذلك العهد رجع إلى مسقط رأسه الموصل فولى وجهه شطر التدريس فاقبل عليه الطلاب وعين مدرسا في مدرسة جامع نبي الله يونس عليه السلام كما عه إليه الوعظ في الجامع المذكور فانقضى عليه ثماني سنوات في المنصبين ثم اسند إليه التدريس في مدرسة (نعنمان باشا الجليلي) وظل يدرس فيها عشر سنوات حتى نصب مدرسا في مدرسة (يحيى باشا الجليلي) وبقي عمره مثابرا على التدريس والبحث والمطالعة أناء الليل وأطراف النهار حتى أنه لم يعرف لذات الدنيا وشؤونها شيئا وهكذا قضى حياته الحافلة بالعمل الهادئ المتواضع من غير فخفخة أو أبهة إلى أن أنتقل إلى جوار ربه في غرة المحرم الحرام 1324هـ (1906م) وقد أجاز جماعة من كبار العلماء منهم العلامة الكبير السيد الفخري وأخوة المرحوم السيد الفخري وأبنه الوحيد السيد أحمد الجوادي (أستاذ العلوم الدينية والعربية في مدارس الحكومة في الموصل حالا) وغيرهم من لعصريين ممن يقطن الموصل أو قد هجرها إلى الديار النجدية وغيرها بينهم جماعة من الكرد. ولم يولع العلامة الجوادي بالتأليف بل انصرف بالتدريس فلم يترك تأليفا إنما

آثاره تلاميذه الفضلا. أما الجليليان الوارد ذكرهما هنا فالأول (نعمان باشا ابن سليمان باشا) خلف الحاج عبد الباقي باشا ابن آغا الجيلي في ولاية الموصل 1222هـ (1807م) فعمر الجامع الشهير المعروف بجامع النعمانية مع المدرسة المذكورة آنفا ولم يحكم إلا سنة واحدة وفي عهد ولايته جاهر اليزيدية بالعصيان وأمعنوا في العبث بالأمن في الأطراف سلبا ونهبا حتى انهم قطعوا الطرق على المسافرين ثم تجمعوا في النواحي البعيدة وشهروا الحرب على الحكومة المحلية فسار إليهم نعمان باشا بعساكره فقاتلهم وأخضعهم. ثم استقال من الولاية ولم يمض عليه أكثر من سنة لمرض أصابه. والثاني (يحيى باشا ابن نعمان المذكور) ولي ولاية الموصل بعد عبد الرحمن بك ابن عبد الله بك سنة 1238هـ (1822م) فخول رتبة كبير الوزراء وأسس مدرسة شهيرة نعرف باسمه. وفي أيامه حدث غلاء ومجاعة عظيمة في الموصل فانشأ فرنا (مخبزا) خفف به وطأة الجوع وعرف بكرمه وحبه لعمل الخير وقد صنف عبد الباقي أفندي ديوانا في مدحه سماه (نزهة الدنيا في مدح الوزير يحيى) وتوفي في القسطنطينية سنة 1284هـ (1867م) رفائيل بطي الحرز (محركة) في محيط المحيط: الحرز الخطر والجوز المحكوك تلعب به الصبيان. . . أهـ. أخذ هذه العبارة صاحب البستان فقال: الحرز محركة الخطر و - الجوز المحكوك الذي يلعب به الصبيان. . . ولم يصب في كلامه لأنه توهم أن الخطر غير الجوز المحكوك فضل المعنى والأب بلو اليسوعي لم يفهم هذا الشرح فقال في فرائدة (الفرائد الدرية في اللغتين العربية والفرنسية): حرز أي الكعب أو الزهر (زار الطاولة عند العراقيين) والخطأ أوضح في رائعة النهار وقد عاد الغلط في معجمه الآخر الفرنسي العربي 290: 1 وفي ديوان الأدب: الحرز الخطر وهو الجوز المحكوك الذي يلعب به الصبيان يفعل به ذلك ليكون أسرع تدهورا في بعض الألعاب لهم لا كلها أهـ.

نبذتان من تاريخ الموصل

نبذتان من تاريخ الموصل عن مخطوط قديم للشيخ أبي زكريا الازدي ذكر حضرة الأب الفاضل القس سليمان الصائغ في كتابه (تأريخ الموصل) الذي نشره بالطبع سنة 1923 أنه لم يقف على أثر كتابين قديمين - اغتالتهما يد الضياع - يحتويان على المدينة المذكورة، وهما؛ أولا - تاريخ الموصل لقاضيها أبي زكرياء الازدي الذي عاش في القرن الثالث للهجرة. ثانيا - كتاب الباهر في أخبار ملوك الموصل الاتابكيين للمؤرخ الشهير عز الدين ابن الأثير المتوفى سنة 630 (وهو صاحب تاريخ الكامل). وقد بذل السياسي سليمان قصارى جهده في البحث والتنقيب، فجاء كتابه مستوفيا شافيا ومن احسن ما كتب في التواريخ القديمة والحديثة، وهو أهل للشكر والمديح وجدير بأن يطالعه كل من كان مؤلفا للتواريخ الصحيحة. ولما كانت قد عثرت على جزء من التاريخ القديم المنسوب للشيخ أبي زكريا الازدي، وهو الجزء الثاني الموصوف في فهرس مكتبتنا بالقاهرة عن سنة 1928 ص 44 أحببت أن أتحف أهل العلم بنبذتين من هذا التاريخ الجليل المفقود، فيرى ما فيه من الخطورة والدقة في وصف الحوادث التي جرت بمدينة الموصل، وقد وضعها المؤلف وهي قريبة من عصره ويا حبذا لو وجدت بقية أجزاء هذا الكتاب الذي يعد من أهم التواريخ في موضوعه. أما كتاب الباهر في أخبار ملوك الموصل الاتابكيين لعز الدين بن الأثير أفلا يكون من ضمن تاريخ الكامل للمؤلف المذكور؟ فأني وجدت بين الكتب المطبوعة في باريس كتابا موسوما بمكتبة الحروب الصليبية مترجم إلى اللغة الفرنسية فيه (تاريخ الدول الاتابكية بالموصل) أظنه مستخلصا من تاريخ الكامل. فإن ابن خلكان لم يذكر لعز الدين بن الأثير كتابا الباهر بل ذكر له ثلاثة

كتب أولها تاريخ الكامل المشهور ثم اختصار كتاب الأنساب للسمعاني ثم كتاب أخبار الصحابة في ستة مجلدات وهو كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة المطبوع بالقاهرة. واليك الآن وصف المخطوط القديم لأبي زكريا الازدي الذي وقع بيدنا وأخذنا عنه فوتغرافية بغاية الإتقان. كتب عنوانه هكذا: المجلد الثاني من تاريخ الموصل تأليف الشيخ أبي زكريا بن يزيد بن محمد بن اياس بن القاسم الازدي وكتب في آخره: تم الجزء الثاني من كتاب تاريخ الموصل (وبالهامش من سنة أربع وعشرين ومائتين) رواية أبي زكريا يزيد بن محمد بن اياس الازدي وفرغ من تعليقه الفقير إلى رحمة الله تعالى إبراهيم بن جماعة بن علي وذلك يوم الجمعة ضاحي نهار السادس عشر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وستمائة حامد الله ومصليا على رسوله النبي. . . نبذة أولى في ذكر الدار المنقوشة مما جاء فيه في ولاية الحر بن يوسف على عهد خلافة هشام بن عبد الملك وحكايته موجودة في تاريخ الموصل للقس سليمان صائغ في الصفحة 64. قال في حوادث سنة 106:. . . والوالي على الموصل لهشام الحر بن يوسف اخبرني محمد بن معافا (كذا) عن أبيه. . . عن جده قال كانت أم حكيم بنت يوسف ابن يحيى بن الحكم بن أبي العباس تحت هشام بن عبد الملك فولا (كذا) أخاها الحر بن يوسف الموصل فقالت أم حكيم يولي أخي الموصل وما قدرها؟ فقال لها هشام: يا بنت يحيى أما يرضى أخوك أن يصلي خلفه الهراثمة يعني ولدهر ثمة بن عرفجة البارتي؟ وقد كان هشام مقيما بالموصل. أما في أيام محمد بن مروان عمه أو في أيام سعيد بن عبد الملك وابتنى في الموصل قصرا في موضع قطائع بني وائل الآن فرأت في نقش السجل الذي اقطع المنصور أبو جعفر وائل بن السماح فيه القطيعة التي تعرف ببني وائل فوجدت فيه والحد الثاني ينتهي إلى قصر هشام بن عبد الملك.

في حفر المكشوف

حدثني عبد الله بن علي بن مصعب بن عبد الله كانت آمنة بنت يحيى بن الحكم تحت هشام بن عبد الملك وتزوج أيضاً أم حكيم وقد ذكر أبو الحسن علي ابن محمد الدائني أن عبد الملك بن مروان ولي يوسف بن الحكم طول أقامته. فإن كان ما ذكر أبو الحسن فقد طالت ولاية يوسف الموصل. وهو بناء المنقوشة التي هي من سوق القثايين (كذا) إلى الشارع المعروف بالشعارين إلى سوق الأربعاء إلى سوق الحشيش وإنما سميت المنقوشة فيما ذكروا. لأنها منقوشة بالساج والقشاقش (كذا والصواب والفسافس) وذلك والمنقوشة للحر بن يوسف شهد عنه أهل الموصل ومن يعرف ذلك منهم وإن كان أبو الحسن عالما بالسيرة وأخبار العرب، وقد روي أن عبد الملك بن مروان ولي محمد أخاه الموصل ومحمد بنا (كذا) سور الموصل سنة ثمانين لا خلاف بين من يعلم السيرة من أهل الموصل وقد يجوز أن يكون عبد الملك ولي يوسف الموصل بعض أيامه والله اعلم بذلك. فأما ولاية الحر بن يوسف الموصل لهشام وطول مقامه بها وإن المنقوشة داره وما كان بالموصل من أولاده ومواليه وضياعه. فمشهور ومتعارف وسأذكر ما انتهى إلى ذلك وما يجوز في مواضيع أن شاء الله وأقام الحج. . . نبذة ثانية في حفر المكشوف حكاية مذكورة أيضاً في كتاب القس سليمان صائغ ص 64 قال أبو زكريا الازدي في حوادث سنة سبع ومائة. حفر النهر المكشوف الذي يجئ وسط الموصل وشرب منه أكثر أهلها وكان سبب حفره فيها: أخبرني عبيد بن عمر عن أبيه عن الأشياخ. . . وفيما حدثني محمد بن معانا (كذا) عن أبيه عن جده: كان الحر جالسا في داره المعروفة بالمنقوشة قال عبيد عن عمر أبيه وإنما سميت المنقوشة لان الحر ابتناها فنقشها بألوان النقش والساج والقشاقش (كذا والصواب والفسفافس) فكانت قصر الإمارة. واجتمعا في الحديث قالا باسناديهما فكان جالسا ينظر في مناظر له، فرأى امرأة على عاتقها جرة وقد جاءت من جلة وهي تحملها ساعة وتضعها ساعة تستريح

فسأل عنها فقيل امرأة حامل جاءت بماء من دجلة وقد أجهدها حمله، فاستعظم ذلك فكتب إلى هشام بن عبد الملك يخبره بذلك وببعد الماء على أهل المدينة فكتب إليه يأمره أن يحفر نهرا في وسط المدينة فابتدأ في حفر النهر وفي هذه السنة ولي هشام بن عبد الملك عبيد الله بن الحيحاب مولى بني سلول وهو جد الحباحبة الذين بالموصل أو جد بعضهم بمصر وعزل عنها يزيد بن أبي يزيد وقام فيها الحج للناس إبراهيم بن إسماعيل المخزومي. وتتبع المؤلف أعمال حفر النهر سنة فسنة فقال: في سنة 108: وأمير الموصل الحر بن يوسف وقد جمع الصناع وأهل الهندسة لحفر النهر واتخاذ الآلات وجد في حفره. وفي سنة 109: وأمير الموصل الحر بن يوسف وهو مجد في حفر النهر ينفق عليه الأموال ولا يحصل إلى هشام شيئا وكان للحر بن يوسف ابن يقال له سلمة وكان فصيحا شاعرا فارق أباه وخرج إلى البدو. وفي سنة 110: وهو مجد في عمل النهر لا يستكثر شيئا اطلعه فيه. وفي سنة 111: وهو يجبي المال وينفق على النهر وزعموا أنه كان يعمل في خمسة آلاف رجل. وفي سنة 112: وفيها الخزر أرض الموصل حتى قربوا منها وأمير الموصل الحر منكمش في عمل النهر. ودخلت ثلث عشرة ومائة وكان مال الموصل إذ ذاك كثيرا وكانت أعمالها واسعة وكان منها الكرخ ودقوقا وخانيجار وشعر زور والطيرهان وبانقيا وتكريت والسن وباجرمي وقردى وسنجار إلى حدود أذربيجان. وذكروا أن هشام بن عبد الملك استبطأ الحر في أمر النهر واستشرف النفقة على النهر وانقطاع الحمل وفي آخر هذه السنة توفي الحر بن يوسف بالموصل و (دفن في) مقابرهم المعروفة بمقابر قريش وكانت بازاء دورهم المنقوشة وهي بين سوق الدواب وسدة المغازلي وهي مشهورة هناك. . . ودخلت سنة أربع عشرة ومائة

الوأقة

وفيها مات الحكم بن عيينة وعلي بن عبد الله بن عباس، وفيها ولد عبد الله ابن إدريس الازدي وأمير الموصل لهشام الوليد بن تليد العبسي. وورد عليه فيها كتاب هشام يأمره الجد في أمر النهر. فوضع العمل فيه وإنفاق الأموال. . . وكان الفراغ من عمل النهر المكشوف سنة 121 كما جاء في المخطوط المشار إليه. وقال في حوادث سنة إحدى وعشرين ومائة: وفيها ولد أبو عاصم الضحاك بن مخلد على صهوة (كذا) الموصل وأحداثها الوليد ابن تليد وفيها فرغ من عمل النهر المكشوف وذكروا أنه انفق عليه ثمانية آلاف ألف ألف درهم وجعل عليه ثمانية عشر حجرا تطحن وانه وزنوا الماء من فوهة النهر وطرحوا لكل رجل (كذا) علامة قد عملوها ويقال جوزة وقعدوا في زورق في جوف النهر والعلامات تشير بين أيديهم حتى خرجوا إلى آخر النهر فجاءت كل علامة. ويقال (كذا) جوزة إلى الرحا التي عملت حتى دخلت في سيب الرحا وذكروا أن هشاما وقف عليه هذه الرحا على نفقة هذا النهر وما احدث فيه وأقام الحج للناس محمد بن هشام. هذا ما رأيت نشره موافقا لإظهار فائدة المخطوط الذي ووفقت للحصول عليه ولعل أدباء العراق يبحثون لنا عن الجزأين المفقودين فتقر العيون بحفظ هذا الأثر الجليل الذي خلفه لنا الأقدمون. مصر القاهرة: يوسف اليان سركيس الوأقة في تاج العروس في مادة وأق: (مما يستدرك عليه (الوأقة من طير الماء هكذا أورده صاحب اللسان وحكاه بعضهم في التخفيف قال ابن سيده: فلا أدري اهو تخفيف قياسي أو بدلي أو لغة وعلى الأولين فهو من هذا الباب وعلى الأخير لا انتهى - قلنا: الوأقة معروفة عندنا باسم الغاقة وبعضهم يقول: قاقة فتكون الهمزة لغة في المخفف أي لغة من يهمز م ليس بمهموز وهو كثير الشواهد في لغتنا كما أن قلب الغين واوا كان معروفا عند الأقدمين ومنه: عيش اغطف واوطف أي واسع (راجع المزهر: 228)

كلمة في الشعر

كلمة في الشعر أخذ الأستاذ الشاعر العصري جميل صدقي الزهاوي في طبع (اللباب) وهو مختار أشعاره. وقد طلبنا إليه أن يذكر لنا ما يرتئيه في الشعر بعد أن فرضه سنين مديدة وقد علمه الاختبار ما لا يعلمه غيره، كما طلبنا إليه أن يبين لنا ما يريد أن يدونه في ديوانه الجديد، فكتب إلينا هذه السطور التي تخلد له الذكر الطيب وتبين للقوم مزايا الشعر العربي الصميم العصري الحقيقي. (لغة العرب) ما أكثر خلاف المتأدبين في الشعر وفي الجيد منه! ولكل أحد ذراع يقيسه بها، فإن وافقها عدة حسنا. وإن خالفها ظنه سيئا! ولما كان مستوى الأكثرين عندنا في الأدب منحطا، لم يرضوا إلا ما وافق مقاييسهم من الأميال الرجعية وهناك من لا يعجبه من الشعر، إلا ما كان في ألفاظه وأسلوبه تقليد الشعراء الجاهلية، أو صدر الإسلام. وإن كانت معانيه سخيفة لا صلة لها بالشعور العصري. ومن لا يرضيه إلا ما كان في معانيه تقليد لشعراء الغرب، وإن كانت ألفاظه سقيمة وتراكيبه ركيكة وبين أولئك وهؤلاء نفر قليل عددهم، قوي حجتهم، فضلوا ما اجمع إلى حسن الالفاظ، ومتانة التركيب، شعورا عصريا يوائم ثقافة هذا العصر وأبنائه المؤمنين بتطوره، وهؤلاء هم في الحقيقة المجددون. أما التقليد فهو ذميم، سواء كان تقليدا لشعراء العرب الاقدمين، أو لشعراء الغبر المحدثين، فإن لكل أمة شعورا لا يتفق في الغالب وشعور أمة أخرى، قد فرقت بينهما سنة الوراثة في أجيال بعد أجيال، كما أن الموسيقى عندهما لا تتفق. والجديد من الشعر هو ما كان مشبعا بالشعور العصري، وكان لذلك الشعور تأثير في شعور الآخرين يهيجه فيهم كأنه الكهرباء وكانت ألفاظه بمثابة الأسلاك الموصلة لذلك الكهرباء، مستوفية لجمال اللغة، وموسيقى الوزن، سواء كانت من أوزان الخليل أو غيرها ولما كان التقليد تكرارا لشعور هو لغير صاحبه،

وكانت المبالغة ضربا من الكذب لا صلة لها، بالشعور، كانا وخيمين لا يهضمهما العصر الحاضر. واحسن الشعر في نظري ما استند إلى الحقائق أكثر من العواطف والخيال البديعين عنها، فكانت حصة العقل فيه أكثر من حصتهما، وفي الشعر القديم، ولا سيما شعر العواطف منه كثير من الجيد الخالد ولكن تقليده اليوم غير حميد. فهو صدى لصوت قد تقدمه فلا خير. والفرق بين الشعرين القديم والجديد: (أن الأول ضيق، لضيق معارف أصحابه؛ والثاني متسع لسعة معارف أهله. ومن هنا تعرف أن ما يطلب من الشاعر العصري أكثر مما يطلب من المتقدمين وإن ما يرفع هذا غير ما يرفع ذلك، وإن كان منهما صادقا في شعوره. وللشاعر أن يجمع في بعض قصيدة أكثر من مطلب، بشرط أن يكون بين مطالبها صلة تربط حلقاتها المتعددة. واحسب أن هذا اقرب إلى طبيعة التفكير أو الإحساس، فأنهما لا يأتيان إلا في صورة أمواج هي فورات النفس وثورته، يستقل كل منها عن الأخرى، وتكون القصيدة حينئذ أشبه بباقة من مختلف الأزهار مع تناسق في ألوانها. وقد يختلف ما يشعر به الشاعر به آخرون في موضوع واحد فتقول عليه قيامة هؤلاء يتقدمونه رامين إياه بالسفه في الرأي غير أنه شعر بما لم يشعروا به أو نظم في طريقه لم يألفوها، وهم بالإكبار أولى لأنه مبتكر أتى بما هو جديد. وهكذا كل مجدد هو غرض لسهام مخالفيه. أو حاسديه وقد يسليه عمله أن العاقبة له. ولقد نشر لي ببيروت في أول سنة الدستور العثماني. ديوان باسم (الكلم المنظوم). ونشرت لي في مصر سنة 1924 طائفة من الشعر غير قليلة باسم (ديوان الزهاوي) وهذه مقسومة إلى أقسام جمعت إلى جيد من الشعر ما لم استحسنه بعد المراجعة. وطبعت لي ببيروت في السنة نفسها، رباعيات باسم الدواوين الثلاثة ومن (الثمالة) - هي ديوان رابع لي يطبع بعد، وقد نظمت

قصائدها بعد طبع الديوان بمصر - أعلق ما بي من غيرها أن لم يكن أحسنه وانشره في ديوان واحد باسم (اللباب) فاعرض به على الأنظار ما يمثل شعوري الذي قد ينافي شعور غيري فتقرأ هذه الأنظار فيه شخصيتي وإن ضؤلت وقد فعلت، فإن أحسنت فلنفسي وإن أسأت فعليها. وقد كثر اللغط في مصر وسورية والعراق حولي، فمن قائل أنه لا فيلسوف ولا شاعر، بل هو عالم يحكم العقل والمنطق فيما يكتبه، أو ينظمه؛ وقائل أنه شاعر لا فيلسوف؛ وقائل أنه فيلسوف لا شاعر؛ ومحب يقول أنه فيلسوف وعالم وشاعر معا؛ وحاقد يقسم بإحراج الإيمان أنه لا عالم ولا فيلسوف ولا شاعر. ومن الذين عدوني شاعرا من يذهب إلى أني متطرف في التجديد، ومنه من يرى أني مقلد للرث البابلي من القديم. أما أنا فلا ادعي أني شئ مما اختلفوا فيه. وإنما آراء في الكون والحياة والاجتماع. قد أذعتها وكلم موزونة هي في الغالب من بنات شعوري قد نشرتها وللناس أن لا يعدوا تلك الآراء من العلم والفلسفة. وتلك الكلم من الشعر، أو لا يعدو ذلك الشعر من الجديد. فإن أقل شعري إلا لنفسي، فحسب شعري أن ترضى عنه نفسي راضية عنه، فلا يهمني بعد ذلك أن يرضى عنه من لا صلة بين شعوره وشعوري: لقد أظهرت مقتا لها عند نقدها ... لشعري ناس كان يمقتها شعري ولست أبالي بالذين يرونه ... بعيدا عن المألوف من صور الفكر وما كنت في شعري لغيري مقلدا ... وما أبعد التقليد عن شاعر حر! تصوره عقلي وأبرز لونه ... خيالي إلى حد وجاش به صدري. ولست ادعي أن كل ما جمعته من الشعر في هذا الديوان جديد، بل أني سائر فيه إلى التجديد، وقد مشيت فيه شوطا وهو ما يعترف به المصنف، وينكره الحاقد. ورتبته على خمسة أقسام بحسب أزمانه: الأول ما قلت أكثره بعد سفري الأول إلى عاصمة الدولة العثمانية بعد الاحتلال. ومن هذا القسم رباعياتي التي نشرت في بيروت. والرابع ما قلته بعد سفري إلى سنة 1924. والخامس

ساعة في سدة الهندية

ما قلت أكثر بعد عودتي إلى بغداد. ولما كانت غايتي من هذا الديوان جمع ما وقع عليه اختباري من قصيدي وقد أسقطت كثيرا ما يربط البيت بأخيه لم يبق في أكثرها الاطراد المطلوب ففصلت بين قسم وآخر من القصيدة بخط تنبيها على أن هناك أبياتا قد حذفتها. وعسى أن لا يلتبس مثل هذا بالفواصل الطبيعية منها. بغداد: في شباط سنة 1928 جميل صدقي الزهاوي ساعة في سدة الهندية استدعت الحكومة العثمانية في عام 1909م المهندس الإنكليزي المعروف بالسير وليم ويلكوكس لإقامة سد محكم عل الفرات بالقرب من قصبة المسيب ليمنع المياه الوفيرة من الانحدار نحو الجنوب من دون أن تستفيد منها مزارع الفرات الأوسط فائدة تذكر. ويكون (الناظم) هو الحكم في توزيع المياه على المزارع والمدن القائمة على عدوتيه توزيعا عادلا يدر على المزارع والفلاح أفضل الخيرات والبركات. وقد اضطرت الحكومة البائدة إلى استدعاء المهندس المشار إليه للقيام بهذا العمل الخطير على أثر انهيار السد الذي أقامه في عرض النهر المذكور المهندس الافرنسي المسيو شندرفر عام 1885م، عندما بدأ الفرات يتحول عن مجراه الطبيعي فيتدفق بغزارة في شط الهندية من دون أن يأخذ جدول الحلة منه قسطه الوافر. والذي يطلع على خارطة العراق وأنهاره، ويلم بمواقع فدنه ومزارعه يدرك - بلا ريب - حاجة المزارع الواقعة على نهر الحلة إلى مياه غزيرة دائمة حتى لا يعوزه القحط فيستحوذ على سكانه كما استحوذ عليهم عام 1878م. فلهذا السبب مست الحاجة إلى وضع (ناظم) لماء الفرات وأصبح ذلك الشغل

الشاغل لا لأهالي الفرات فحسب بل لساسة العراق وحكومة الأستانة من ورائهم. زرت سدة الهندية غير مرة فلم اقض فيها وقتا كافيا لدرس طرق توزيع المياه وتعبير السفن وترتيب المناوبة كالوقت الذي صرفته هناك في بحر كانون الأول من سنة 1927 فقد بقيت هناك مدة طويلة استطعت فيها أن اقف على ملاحظات دقيقة لا أعتقد أن قراء لغة العرب الزاهرة في غنى عنها. (أقيم سد السر وليم ويلكوكس على أثر انهدام سد المسيو شندرفر الافرنسي فوق أرض تبعد ألف متر عن السد القديم وهو أعظم بناء شيدته يد البشر في بلاد الرافدين حتى ألان. والواقف عليه اليوم يدهش دهشا عند رويته ضخامة ذلك الأثر وهندسته وتبويبه والطرق الفنية المتخذة لرفع الأبواب لتوزيع المياه وتعبير السفن وغير ذلك مما يدهش العقول: طول السد أكثر من 250 مترا وعرضه بين الطوارين 4 أمتار وعدد الأبواب التي فيه 36 وعرض كل منها 5 أمتار وهذه الأبواب من المعدن وتنزل إنزالا كما ينزل السيف في القراب. واقربتها من الآهين (الحديد المصبوب) وتنزل فيها بواسطة آلات خصوصية تقام على الاطورة (التيغ) من جهة صدر النهر تسمى مرافع (جمع مرفعة) ويكون ارتفاع منبسط الماء الذي يمر خلال هذا السد 6 أمتار في وقت الفيضان ويدفع 2600 متر مكعب في الثانية وعرض كل عمود من هذا السد متر ونصف وطوله عند قاعدته 13 مترا والسد كله مبني بالطابوق وبالملاط (الشمنتو) ولقد صنع له أكثر من 12 مليون آجرة واتخذت الأسس من اللياط والملاط ولم يستعمل فيه من الحجارة إلا حجارة هيت وذلك لتقوية بعض المنحدرات منه وعلى الجانب الأيسر من السد درقتان متتاليتان عرض كل منهما 8 أمتار وطولها 50 مترا لتتمكن السفن من العبور من جانب السد إلى الجانب الآخر منه). وطرق عبور السفن من جانب إلى آخر مدهشة وخطرة لان الماء الذي في جهة السد اليمنى يعلو الماء الذي في الجهة اليسرى بأكثر من خمسة أمتار أحيانا

ولهذا تراهم يفتحون أبواب الدرقة اليمنى فتمتلئ ماء حتى يوازي سطح النهر في الجهة اليمنى فتدخل السفينة في الدرقة وتنزل أبوابها ثم تفتح أبواب الدرقة اليسرى فتخرج المياه منها وتنخفض حتى تكون موازية لسطح النهر من الجهة اليسرى فتخرج السفينة عندئذ سالمة من كل خطر. ولكنها قد تنقلب أحيانا فتتضرر وذلك في موسم الطغيان عندما تكون المياه غزيرة وقوية لا تقوى أبواب الدرقتين على مقاومتها. تفتح جميع أبواب السد - وعددها ستة وثلاثون كما أسلفنا - في موسم الطغيان فتجري المياه في مجاريها الطبيعية وتشترك جميع الأنهار في الاستفادة منها. أما في موسم الصيهود (أي وقت نقصان المياه) فتسد الأبواب بأجمعها وتوزع المياه على البلاد والأنهر بطرق المراشنة (المناوبة). وهذه الطريقة وإن ألحقت أنواع الأضرار الحية والمعنوية بسكان الفرات الأوسط، ولا سيما بأهل الحلة والديوانية في أيام الصيف المناوبة إلا إنها تفيد المزارع فوائد جزيلة، فعوضا من أن تكون المياه نصيب المزارع الواقعة على شط الهندية الكبير فقط، تجد جميع مزارع الفرات وبلدانها تستفيد بهذه الطريقة فائدة واحة مقسمة بينها تقسيما عادلا فنيا. ولو أن الحكومة العراقية الرشيدة عملت بجميع التوصيات الفنية التي أوصى بها السير وليم ويلكوكس المهندس الإنكليزي البارع وأقامت السدود عل دجلة في (سامراء) وفي (بلد) وعلى صدر الفرات قبالة مدينة الكوت وعلى (قرمة علي) لحصلت على موارد زراعية عظيمة ربما عوضت عن جميع النفقات اللازمة لإنشاء هذه السدود في مدة لا تزيد على أربعة أعوام وبذلك تتخلص من الضائقة الاقتصادية التي لا تزال رازحة تحت أثقالها لان البلاد بلاد زراعية وليست فيها موارد اقتصادية شريفة وعظيمة غير زراعتها فإذا لم تستثمر الحكومة هذا المنبت الحيوي فلا فائدة اقتصادية ترجى لهذا المملكة وإذا قال غاندي أن استقلال الهند قائم على المغازل؛ فنحن نقول أن مدنية العراق المقبلة منوطة بالمحاريث والمناجل وكفى بهذا الاعتبار فخرا. بغداد السيد عبد الرزاق الحسني

غادة بابل

غادة بابل - 7 - أخذ بيروس يترقب أخبار شمشو ويتوقع نعيه اليوم بعد اليوم فاقبل أحد الفلاحين القادمين من ضواحي مدينة اوبي ومعه غلات أتى بها إلى الهيكل وهو يقص على جماعة من أصحابه في ساحة الهيكل نبأ موت أحد المسافرين من بابل إلى أشور فجأة في الطريق. فطرق هذا الحديث سمع الكاهن الكلداني فتقدم من المحدث مستوضحا منه الخبر اليقين، سائلا عنه اسم المتوفى. فلم يتمكن الفلاح من معرفة اسم الميت إلا أنه قال له: وقع ألي أن الرجل مات مسموما. وبعد هنيهة سمع بيروس رجلا آخر قادما من تلك الديار أيضاً يروي الخبر بعينه ويقول أن المتوفى يسمى شمشو أو أنه من رجال القافلة التي فيها تاجر يسمى شمشو فاستبشر كاهننا بهذا النبأ وقال في نفسه: لقد أصاب سهم دسيستي شمشو في صميمه فأرداه. تناقلت الألسنة نعي ذلك الشاب فانتشر في المدينة ولا سيما أن بيروس كان يسعى في أذاعته ويظهر للملأ تأسفه كذبا: فبلغ حديث هذه الفاجعة بيت شلمان كرادو وبيت اجيبي وكان لهذا النعي رنة حزن وأسى رددت صداه مدينة بابل. وكان وقعه عظيما، في قلبين غضين، كان كل منهما ينتظر اويتوق أن يكون الفقيد شريك حياته في المستقبل وهما شميرام وقلب حترآء. مهما كان الحزن الذي خامر قلب شميرام عظيما لفقدانها ابن عمتها إلا أنها كانت تسترشد بنور عقلها ولا تستسلم للحزن والكدر بل كانت صابرة على هذه البلوى تتسلى بقراءة الحكم وبمطالعة رقم العلم والأدب. أما حترآء فأنها لم تتمكن من ضبط عواطفها بل أخذها حزن نغضت له جوانحها، ووجد تفطرت له مرارتها وباتت تعالج برحاء الهموم سرا وتغص

بآلامها وهي تتكتم حتى استولى عليها اليأس والقنوط وداهمتها حمى مطبقة عقبها هذيان واشتراك الخاطر فكانت تردد ألفاظا وهي غير شاعرة بما تقوله ولا يجد لها سامعوها معنى. وكان بيتها (رحل. . . تركني. . . لا يعود. . . مات. . . أتبعه. . . ثم تبكي فتأخذها رعشة عصبية ويغشى عليها فتغيب عن حواسها. اجتمع الأهل والأصدقاء حواليها وكل منهم يبدي رأيا فهذا يقول أن الإله والالاهة اللذين يحميانها قد تركاها. والآخر يقول: لقد استولت عليها الأرواح الخبيثة فهي تؤذيها. والثالث يقول يجب أن نستدعي الكاهن الفلاني المشهور بقوة سحره وسعة علمه ليرى ما فيها. وغيره يعارضه ويفضل على الكاهن المذكور كاهنا آخر قد جربه في الحادث الفلاني. وفي الآخر اتفقت آراء الأهل والاقربين على طلب أحد الكهان فأرسلوا إليه من يستقدمه. جاء الكاهن متأبطا حزمة فيها كل ما يلزمه من العدد للقيام بمهمته فنزع حذاءه وتطهر بالغسل وتقدم من المريضة وبعد فحص رأسها ووجهها وتفقد حالها قطب حاجبيه لأنه رأى حالتها الروحية والجسدية تنذر بخطر ولكنه لم ييأس اذ يثق بالآلهة وبقوة سحره التي تترضاها وتطرد الأرواح الشريرة التي تعذبها. لم يصر الكاهن على نقل المريضة إلى الهيكل للقيام بشعائر الدين بل رضي أن تتم في دارها لان مرضها ثقيل. ألقى في النار نباتا مقدسا فالتهب وعبق الغرفة برائحته الذكية واخذ ماء معطرا في أناء سحري وتمتم عليه صلوات وأدعية لطرد الأرواح الشريرة واشربه حترآء. وقرأ في رقيم استله من تلك الرزمة دعاء البهلة بصوت ثابت وموقع فقال: سطت البهلة على الإنسان كشيطان وهبط عليه صوت الساحر كضربة وهجم عليه الصوت الخبيث والبهلة المؤذية وضرر السحر والصداع تذبحه البهلة المؤذية كما يذبح الحمل. إذ أن الإله محامية قد ترك جسده وابتعدت عنه الالاهة محاميته. وامتد عليه الصوت يقرعه كثياب المخلع. مهما كانت قوة نفثات السحر عظيمة ومهما كان المرض شديد الوطأة فالآلهة

لا تترك هذه الابنة بين أنياب الروح الشرير. فها أن مرودخ يخاطب أباه (أيا) ويبتهل إليه لإنقاذ هذه الفتاة ويقول له: يا أبت البهلة الشريرة قد امتدت إلى هذه الفتاة كشيطان (ويكرر سؤاله عما يجب أن تفعله هذه الفتاة لتشفى). يجيبه أبوه (أيا) قائلا: بماذا أحدثك يا مرودخ وماذا أقول لك وأنت لا تعرفه فالذي اعرفه تعرفه أيضا: اذهب إذن وخذ هذه الفتاة إلى الحمام الطهور وابعد عنها أذى السحر واطرد نفثاته المضرة لترتفع عنها البهلة التي سببت لها الألم المعذب جسمها سواء أكانت بهلة أبيها أم بهلة أمها أم بهلة أحد الادنين أو بهلة أي كان غير معروف. لترتفع عنها بطلسم (أيا) وتتلاشى كما يقشر سن الثوم وكما تقطع الثمرة وكما ينتزع الغصن المحمل أزهارا. آه من أذى السحر! عزم يا شبيه السماء عزم يا شبيه الأرض عزم فإن الآلهة تتذرع بما لديها من الحول والقوة لشفاء المريضة وها أن (أيا) سيد العالم يعطف عليها ويصف لها الدواء الناجع. لتأخذ سن ثوم وتمرة وغصنا مثقلا بالأزهار وتلقيها في النار قطعة قطعة وهي تتلو رقية. فتتلاشى مؤثرات البهلة مهما كانت عظيمة. تطهرت حترآء عملا بمشيئة (أيا) فغسلت يديها ورجليها ووجهها ورشت جسمها بماء معطر. ولما انتهت من هذه المقدمات جلس الكاهن أمام الموقد مع المريضة وجرد سن الثوم الذي طلبه الإله واحرقه وهو يتمتم صورة الدعاء الآتي: (كما قشر هذا الثوم والقي في النار ويفنيه السعير المتأجج فلا يغرس بعد هذا في البستان ولا يغمره ماء البحيرة أو الساقية ولا تغور جذوره في الأرض ولا تنمو أبدا ساقه ولا يرى الشمس ولا يتخذ طعام للآلهة. وللملك كذلك ليطرد بقدرته مرودخ قائد الآلهة أذى السحر من حترآء ويقصه بعيدا ويحل وثائق الشر المضر، شر الخطيئة والذنب والوقاحة والجرم. وكان يجب عل حترآء أن تجيبه اأن خور قواها واضطراب أفكارها منعاها من القيام بواجبها فنابت عنها والدتها وقالت بصوت خافت:

هل للمرض الذي في جسمي ولحمي وأعصابي أن يزول عني كما زال القشر من سن الثوم هذا، ويضمحل بالسعير المتأجج في هذا اليوم. أخرج يا أذى السحر ليتسنى لي أن أشاهد النور مدة مديدة أيضا. وكانت تعود هذه الرقية كل ما ألقى الكاهن شيئا جديدا في النار من تمر وغصن محمل وورد وسبيخة صوف وشعر معزى وخيط مصبوغ وباقلاء ويضيف كل مرة عبارة أو بعض عبارات إلى دعاء الرقية مما يناسب القطعة الملقاة في النار وعدم رجوعها إلى اصلها أو الانتفاع منها). ولما طال الأمد على حترآء والكاهن يعزم خارت قواها لانتشار الضعف فيها فحملت إلى فرشها وهي بين الحياة والموت. إلا أن الكاهن تظاهر بالاستبشار بهذا الحال زاعما أنها من تباشير الشفاء لان الآلهة الصالحين تكافح الأرواح الشريرة ولم تصبر قوة حترآء على هذه المصارعة بين القوتين الصالحة والطالحة. فإذا مر هذا الدور القصير وانتصرت الآلهة شفيت لا محالة. ختم الكاهن هذه الشعائر بدعاء إلى (أيا) ومرودخ وآله النهار كما يأتي: أيتها النار الرئيسة المتحركة المنتشرة في البلاد. البطلة ابنة الهاوية التي انتشرت في البلاد. يا آله النار يا من بنارك المقدسة أوجدت النور في دار الظلمات. أنت الذي تعين الأقدار على كل ما له اسم، أنت الذي تمزج النحاس والقصدير بإذابتهما، أنت الذي تنقي الفضة والذهب، وأنت الذي ترعد الأشرار في الليل، اجعل هذه الفتاة التي رجعت ابنة لإلاهها زاهية بالطهارة ولتكن نقية كالسماء وزاهية كذلك على الأرض لتتلألأ كما في وسط السماء وإن اللسان الخبيث الذي سحرها لا يعود فيقبض عليها. توالت الأيام على حترآء والكاهن يكرر هذه الرقية صباح مساء وهي تزيد سقما ووطأة مرضها تزيد شدة. وبينما كان أبوها يسير ذات مساء في طرق بابل سمع النساء الجالسات على قارعة الطريق عند أبواب دورهن وبأيديهن مغازلهن يتحدثن عن مرض ابنته ويظهرن اسفهن على شبابها الغض. فقالت إحداهن: أن

هذه الفتاة المسكينة أصيبت بتبعة أعمال أبيها الصراف الظالم الذي يقرض الفضة للأيامى بربا فاحش ويسلبهن أملاكهن وعقاراتهن بثمن بخس فيلوع قلوبهن. ويجور على العبيد فيشغلهم في حقوله وعمران دوره من شروق الشمس حتى غيابها. فالآلهة سمعت نحيب منكسري القلوب واتت اليوم تنتقم من الصراف العاتي بمرض ابنته الوحيدة مرضا لا يرجى شفاؤه ولا ينظر برؤه. ارتعد منها شلمان كرادو من هذا التبكيت وتذكر دعاء إحدى الأيامى اللواتي ابتاع منها قسرا عقارا ثمينا بسعر بخس فاخذ طريق هيكل اشتر ليقرأ فيه نشيد الندامة كفارة عن خطاياه لان النفس إذا أثقلت بالهموم تصغر وتلجأ إلى قوة عظيمة مادية أو معنوية تستغيث بها وتستبد إليها في ضعفها فتجد فيها نورا تنبثق أشعته فتضيء دياجير النفس الكئيبة. وقف بين يدي كاهن واتخذه وسيطا بينه وبين الآلهة وقال هذه الترنيمة: شلمان كرادو: الخاطئ ارمقي بنظرك وهن الخلائق الحية - فها أني عبدك اصرخ إليك ممتلئا تنهدات - اقبلي من اخطأ والتجأ إليك - أن نظرت إلى إنسان حيي ذلك الإنسان - يا سيدة الجنس البشري الكلية القدرة أنت شفيقة بمن يقصد الرجوع إليك. اقبلي طلبتي. الكاهن: لان آله والآهتة قد حنقا عليه فانه يصرخ إليك - حولي وجهك إليه وخذي بيده. شلمان كرادو (الخاطئ) ليس من الآهة مرشدة غيرك - انظري ألي رفقا، اقبلي تضرعي - تكلمي. فها أن الغفران قد منح ليهدئ فؤادك فإلى متى؟ آها يا سيدتي، حولي وجهك ألي - أني كالحمامة أنوح وقد شبعت تنهدات. الكاهن: بالحزن والألم امتلأت روحه تنهدات - يسكب دموعا ويتنهد راثيا يوسف غنيمة

فوائد لغوية

فوائد لغوية الشيخ عبد الله البستاني ولغتنا خذ بيدك أي ديوان لغة شئت من دواوين لغتنا الشريفة وتصفحة حق التصفح تتحقق أن فيه بعض المغامز. هذا كتاب (العين)، الذي له السبق على سائر المصنفات التي من ضربه، لا يخلو من معايب؛ وقد نبه عليها اللغويون الذي جاءوا بعده. أن في حياته وإن بعد وفاته. وكذا قل عن كتاب الجمرة لابن دريد والتهذيب للأزهري، والصحاح للجوهري، والمحكم لابن سيده، والمجمل والمقاييس وكلاهما لابن فارس، والمحيط لابن عباد، إلى غيرها من معاجم اللغة، فلقد جاء بعدهم من أخذ علهم بعض أمورهم لم يصيبوا فيها وكان النقد صحيحا في اغلب الأحيان أن يكن في جميع المواطن. على أن تشويه اللغة لم يبدأ إلا لما أخذ المستشرقون في تصنيف المعاجم واستدراك ما لم يجدوه في كتب متون اللغة، بل وجدوه في تصانيف المولدين وأرادوا إيداعه مؤلفاتهم. فكانوا كحاطب ليل، احسنوا في أمور وأساءوا في أخرى، وبين هؤلاء المتعربين: غليوس وفريتغ. كان غليوس أول من عني بتدوين المستدركات لكنه لم يكن واقفا حق الوقوف على أسرار العربية ومطالعة كتب الخط. فقرأ ألفاظا على ما تصورها وفسرها على ما شاء فجاء بعده فريتغ فكان أوقف منه على مساقط الكلم فاصلح شيئا من أوهام سلفه، بيد أنه حاول أن يدون حروفا عثر عليها في مطالعاته فاخطأ الحفرة هو أيضاً في تعابير كثرة وقرطس في أغراض لا بأس بها. ثم جاء غيرهما من أبناء الغرب، فكانوا كأخويهم بين مصيبين ومخطئين. وعلى كل حال نعذرهم لأنهم أجانب عن منطقنا ومصطلحنا ولساننا وكتابتنا ونتسمح معهم كل التسمح مهما تمادوا في الضلال.

لكن فساد مفردات اللغة لم يبدأ إلا لما شرع المعلم بطرس البستاني في تصنيف ديوانه الكبير محيط المحيط، فحينئذ جاءت تلك الأوهام والأغلاط كالسيل المنهمر من عل، جاحفا في سيره أصول العربية وفروعها. فشوه كل ما مر به غير محترم أقوال المصنفين. ولا جرم أنه لم يعتمد ذلك. حاشا لله أن أقول ذلك، إنما أنا انظر إلى العاقبة واحكم على ما أشاهده، فإنه اضر بلغتنا أكثر مما نفعها. وهذا معجمه بأيدينا، لو وزنت ما فيه من المساوئ والمعايب والمغامز والأوهام والهنات. وتجسمت تجسم المحسوسات، لقام في وجهك كالجبال التي لا تتزعزع ولا تزال. وذنب المؤلف أنه نقل كتابه عن معجم فريتغ وهو في اللغتين العربية واللاتينية، والظاهر أنه كان يشدو اللاتينية ولا يعرف منها إلا الذرء فخبط وخلط، وجاءنا بذاك النتاج الجامع بين الحسنات والسيئات على اغرب وجه وأعجبه. ولما كان هذا المعجم سهل التناول اقبل على شرائه ومطالعته أبناء العصر ولا سيما المؤلفون منهم والمصنفون والصحفيون فكانت عثراتهم لا تقال، وأصبحت أوهامهم داء عضالا. ثم جاءت بعده مصنفات الآباء اليسوعيين من معاجم عربية فرنسية وفرنسية عربية، وعدا وراء الكل الشيخ سعيد الشرتوني والجميع يأتمون بالمعلم بطرس البستاني. وقد أصبح لهم ولكل من جاء بعده الدليل الوحيد فأصبحت الأغلاط من الشائنات غير الزائلات وهكذا أخذت اللغة تسير في وجه غير وجهها فتفسد شيئا بعد شئ، وتتحكم تلك الأغلاط في النفوس والأقلام وليس من يقوم وينبه على تلك الفظائع الشنيعة. كنا نفكر في معالجة هذا الداء الوبيل ونتطلب وسيلة لصد السيل الجحاف أو لإيقافه عند حده. إذ قيل لنا أن الشيخ عبد الله البستاني يصنف معجما يكون جامعا للحسنات ومزيلا للسيئات ودواء للادواء، فاستبشرنا خيرا وكنا على أحر من الجمر لرؤية تلك الدرة النفيسة، قاصدين نشر حسناتها وأذاعتها على رؤوس الملا. لكن ما يكاد يصل إلى أيدينا المعجم ونتصفح صفحات منه حتى انقلبنا آسفين على ما برز من قلم الأستاذ الكبير. فانه لم يكتف بتدوين أغلاط من تقدمه من المحدثين، ولا سيما أغلاط المعلم بطرس البستاني والشيخ سعيد الشرتوني -

و (بستانه) ليس إلا نسخة جامعة بين هذين المعجمين لا غير - بل زاد على ذلك ضغثا على ابالة، فجاءنا بأغلاط لم تخطر على بال بشر. ولم تجل في خاطر عربي ألبته. وذكر هذه الأغلاط أمر صعب إذ يحتاج الكاتب إلى وضع تصنيف بكبر تصنيفه ليعدد تلك الأوهام ويثبتها بشواهد وليظهر فسادها أو ليزيفها. على أن ما لا يدرك كله لا يترك جله، ونريد بهذا الجل إشارات إلى أنواع ما هناك من المغامز الخاصة بهذا المعجم الغريب. ولكن لا يتهمنا أديب بالمغالاة أو بالتحزب على شيخنا الوقور، نأخذ صفحة من صفحات كتابه ونعرضها على القراء. 1 - قال حضرته في ص 1087 من كتابه: (السرق: مصدر و - شقق من الحرير الأبيض معرب سره بالفارسية أي جيد. الواحدة سرقة.) قلنا: هذه العبارة محيط المحيط للبستاني وعبارة جميع اللغويين الأقدمين لكن اللغوي الناقد إذا وقف على هذه العبارة ومثلها يعدها خرافة إذ كيف يكون معنى بالفارسية جيدا. ويكون في العربية شققا من الحرير الأبيض؟ - هذا أمر لا يقبله العقل. أن السرق أعجمية بمعنى الحرير، لكنها ليست فارسية بل لاتينية أي 2 - وقال: (السرق كصرد: ضرب من النبات.) وقد بحثنا عن هذا الحرف في ما لدينا من الكتب النباتية واللغوية من مطبوعة ومخطوطة. فلم نجد ذكرا لهذا النبت عند السلف، إنما وجدنا الكلمة في محيط المحيط وهذا نقلها عن فريتغ ولم يعزها. وفريتغ نقلها عن فورسكال في كتابه ازاهير مصر وجزيرة العرب. فاتضح أن الكلمة عامية. وهذا ما يجب أن يشار إليه كما فعل الأقدمون وكان يجب أيضاً أن يذكر نوع هذا النبات حتى لا يكثر في دواويننا مثل هذا القول الذي أعيا الكبار والصغار: ضرب من النبات من غير أن يحلوه. وهو أمر كان في العصور الأولى، أما الآن فلا يكفينا.

3 - وترى في تلك الصفحة قوله: (السرقين والسرقين (وضبط الأول بالكسر والثانية بالفتح) الزبل كالسرجين). . . (وضبط زاي الزبل ضبط قلم بالضم). والصواب ضبط زاي الزبل بالكسر وهو مشهور. 4 - وفي تلك الصفحة: (السركار (وضبطها بكسر السين) ديوان الوالي فارسية.) وهي عبارة محيط المحيط وقد نقلها عن فريتغ. وفريتغ لم يضبط اللفظة ولم يقل ديوان الوالي، بل قصر الأمير وهي لم ترد إلا في كلام المولدين المتأخرين من الكتبة ولم ترد في كلام فصيح. ففي قوله إذن غلطان: غلط ضبط وغلط معنى. 5 - وفيها: (سرمه تسريما: قطعه. تسرم: تقطع مطاوع سرمه.) ولو زاد على ذلك. وكلتاهما لغة في صرم وتصرم لاهتدى الباحث إلى اللغة المشهورة. 6 - ومن ألفاظه الخاصة بمعجمه قوله في تلك الصفحة: (ذوات السرم) من الحيوان ما كان له مسلك واحد للنسل والثقل كالطير.) قوله: (ذوات السرم) لا يقابل ما يريد به. ثم أن هذا التعبير حديث الوضع لا يعرفه الأقدمون ولم يشر إلى حداثة وضعه. وهو قصور باد لكل ذي عينين. والذي وضعه الإفرنج في هذا المعنى هو ولا يطلق على الطير بل على طائفة من الحيوانات ذوات الثدي إلا أنها وسط بينها وبين الطير فقد اخطأ في التسمية واخطأ في الشرح واخطأ في التمثيل ثم ولو قال (الوحيد المسلك) لكان احسن واعف لفظا. 7 - وفي ذلك الوجه يقول أيضا: سرم الديك نوع من النبات. قلنا: العبارة عبارة محيط المحيط وهي من سوء النقل عن فريتغ. والصواب أن يقال: هو ثمرة الورد ويكون أحمر وهو من كلام عوام أهل الشام وفصيحه الدليك. راجع ما قاله شرحا لهذه اللفظة فقد قال عنها: تمر (كذا بنقطتين والصواب ثمر) الورد يحمر حتى يكون كالبسر فينضج فيحلو فيؤكل كأنه

رطب. أهـ. إذن سرم الديك ليس نباتا بل ثمر نبات. 8 - وفي الوجه المذكور يقول: (السرمان بالكسر، والضم لغة. يقال هو العظيم من اليعاسيب و - دويبة كالحجل. قلنا: الذي في اللسان: (السرمان: العظيم من اليعاسيب والضم لغة. والسرمان (وضبطها بالكسر) دويبة كالحجل وضبطها بالقلم وزان وقد أعاد صاحب التاج هذه الكلم ولم ينسبها إلى ابن مكرم. قلنا: وفي كل عدة أوهام فالسرمان بالكسر والضم لغة هو العظيم من اليعاسيب وهو دويبة كالجحل بتقديم الجيم المفتوح على الحاء الساكنة ومعناه - على ما جاء في التهذيب -: (دويبة) في خلق الجراد إذا سقط لم يضم جناحيه. فهذا هو الحق لا ما مسخه نساخ كتب اللغة فغدا الكلام طلسما من الطلسمات. 9 - وفي تلك الصفحة ما هذا نصه: (السرموجة بالضم: حذاء يستر مقدمة القدم وعقبها ويبلغ إلى الكعبين ج سرامج.) قلنا في هذه العبارة ثلاث غلطات: غلط ضبط وغلط تأويل وغلط صرف، بل هناك غلط رابع وهو أن الكلمة ليست فصيحة بل مولدة وإذا أردت غلطا آخر فانك غير مبالغ وذلك أن سر موجة فارسية الأصل وهو لم يشر إلى عجمة اصله بكلمة. - أما غلط الضبط فهو أن الكتب التي ذكرت اللفظة هي كتب المولدين وحدهم وهم ضبطوها بفتح السين لأنها هي كذلك في الفارسية وأما لان فعلولا أو فعلولة لم يرد مفتوح الأول فهو حديث خرافة قال به الصرفيون وبعض اللغويين. أم الحق فانه وارد في لغتنا من ذلك صعفوق، وصندوق، وكرموص، (التاج) وسحنون، (على رواية)، وقرقوف، وطرخون، وبرشوم، إلى غيرها. وفتح أول سرموج أو سرموجة ذكره البستاني في محيط محيطه إذ يقول: السرموج (وضبطها ضبط قلم بالفتح) نوع من الأحذية والسرموجة أخص منه وتعرف عند العامة بالسرماية وأكثرهم يقولها بالصاد. أهـ. وقال صاحب أقرب الموارد في ذيله: السرموج (وضبطها أيضاً ضبط قلم بالفتح) نوع من الأحذية، والسرموجة أخص منه. دخيل (نقله فريتغ من ألف ليلة وليلة). أهـ. فأين وجد حضرته أن السرموجة بضم الأول؟ - فانه لم يقل ما قال إلا

لكي يوافق على قول اللغويين: العرب لا تعرف وزن فعلول المفتوح العين مع أن هذا التقييد غير صحيح كما ذكرناه. ومن غريب ما نقله في تعريف السرموج أنه قال: (حذاء يستر مقدم القدم وعقبها ويبلغ إلى الكعبين). أهـ. والذي ساقه إلى الوهم عبارة نسبية الذي قال أن السرموجة تعرف عند العامة بالسرماية وأكثرهم يقولها بالصاد أي الصرماية وهذا غير صحيح البتة والذي دفع البستاني الأول آل هذا القول أنه رأى مشابهة بين أول كلمة سرموجة وأول سرماية فقال لا بد أن العصا من العصية وهو وهم ظاهر فالصرماية مشتقة من الصرم وهو الجلد الذي تتخذ منه ولا يقول العوام أبدا سرماية بالسين فكلام البستاني الصغير لتعريف السرموج يوافق الصرماية (أو الصرم) عند العوام ولا يوافق البتة السرموج. والصرماية عند الشاميين هي الكوندرة عند الترك وعند العراقيين الحاليين، فأين السرموج من الصرماية. أما السرموج فهو الخف الواسع الذي يلبس فوق الخف. والكلمة فارسية مركبة من (سر) وهي بمعنى فوق في لسان الفرس و (موزه) أي أو خف فيكون معنى السرموج (ما يلبس فوق الخف) فأين هذا من ذاك؟ والأقدمون منا لم يعرفوا السرموج فإن هذه من المعربات الحديثة معربات كتاب ألف ليلة وليلة. أما السلف فقد عرفوهم باسم الجرموق قال صاحب البستان نفسه عن الجرموق: ما يلبس فوق الخف وقاية له وهو فارسي معرب. أهـ. فيظهر من كلامه عن السرموج والجرموق أنه لم يعرف أن الواحد هو الآخر بعينه، إنما الفرق هو أن الجرموق من تعريب الأقدمين والسرموج من تعريب المحدثين أو المولدين. ونما فضلوا السرموج على الجرموق موافقة لأصلها الفارسي وهو سرموزه وثانيا خشية اجتماع الجيم والقاف في كلمة واحدة فيكون لها ظاهر الأعجمية فاحبوا أن تكون بنيتها بنية عربية. وأما غلط الصرف الذي أشرنا إليه في صدر الكلام عن السرموج فهو أنه جمعها على سرامج وهو لم يسمع عن أحد ولا سيما لأنه مخالف لأصول لغتنا وصواب جمعها سراميج حملا على القياس لان فعلول لا يجمع على فعالل بل على فعاليل اللهم إلا في الشعر وذلك عند الضرورة فقط. ونزيدك يقينا في ما نقول أن صاحب

المصباح المنبر ذكر لجمع الجرموق (وهو السرموج عينه) جراميق ولم يقل جرامق ألبته. والغلط الرابع جاء في كلامه عن السرموج هو أن اللفظ من كلام المولدين أو من كلام عوام العصور المتوسطة وليس من حر اللغة والسلف الصالح ينبه دائما على مثل هذا الأمر كل مرة اقتضت الحال، لان حر اللفظ شئ واللفظ الساقط شئ آخر. أما أنها فارسية الأصل ولم يشير إلى عجمتها فلقد بيناه فويق هذا وهو غلطه الخامس وذلك كله في كلمة واحدة. وقال في تلك الصفحة (لأننا إلى ألان نطالع في ص 1087 ولم نخرج عنها إذ هي جنبه من جنبات ذلك (البستان) الزاهي، والمتنزه قلما يود مفارقته): (السرمدي الدائم الذي لا ينقطع وقيل - ما لا آخر له) أهـ. قلنا: ظن المؤلف أن بين الشرحين فرقا في المعنى ففصل بينهما لاعتقاده أن الأول غير الثاني والحال أن كلا الشرحين واحد وما الفرق إلا في التعبير لا غير. وفي تلك الصفحة عاد إلى ذكر السرموج بصورة السرموزة وضبطها أيضاً بضم الأول فقال: (السرموزة لغة في السرموجة). أهـ. نقل ذلك عن محيط الذي ذكرها بفتح الأول وفريتغ لم يضبطها ولم يقل سرموزة بل سرموز (بلا هاء في الآخر)؛ وقد ذكر أنه نقلها عن يعقوب شلت الألماني - إذن تنقل عن عربي فصيح وعلى كل حال لم ينبه صديقنا المحبوب على هذا الأمر. وجاء في تلك الصفحة أيضا: السرمق نبات الفطف معرب. قلنا: صواب الفطف بالفاء: بالقاف والسرمق من الفارسية سرمه وهو القطف أي الإسبانخ الروسي. ومما ورد في تلك الصفحة قوله: (السرنج (وضبطها كجعفر) نوع من صناعة النقش كالفسيفساء). والصواب أن تضبط السرنج كسمند أي بفتحتين فسكون وخيم تلك المادة س ر ن ج وتلك الصفحة بقوله: وسرنج كجعفر دوية أي مفازة واسعة بعيدة

الأرجاء. أهـ. قلنا: سرنج لم ترد في كتاب عربي بالمعنى الذي يشير إليه إنما وجدها في ذيل اقرب الموارد بهذا التصحيف فنقلها عنه وصاحب الذيل يزعم أنه نقلها عن اللسان وهي لا توجد فيه في المادة التي يشير إليها بل ترى في مادة س ر ب ج قال في تاج العروس: سرنج بالباء الموحدة بعد الراء، في اللسان في حديث جهيش: وكأين قطعنا إليك من دوية سربج أي مفازة واسعة الأرجاء. أهـ. فأنت ترى من هذا أن كلا من اللسان والتاج ذكر سربج ولم يذكر (سرنج) فكيف نسبها إلى اللسان وهي ليست فيه؟ - الجواب أن الشرتوني نقلها عن التاج الذي يعزوها إلى اللسان. والتاج ذكرها في مستدرك مادة س ر ن ج فظن سريج من خطأ المؤلف أو الطبع فوقع في تلك الهاوية، مع أن السيد مرتضى ذكر اللفظة في مستدرك المادة في المادة نفسها. فتأمل. على أننا نقول أن السراج غير صحيحة والصواب السريخ بباء موحدة تحتية وخاء معجمية في الآخر. وهذه ذكرها جميع اللغويين وممن ذكرها ابن الأثير في نهايته وهو حجة ثقة في أيراد الأحاديث وغريب ألفاظها وهو اقدم من ابن مكرم والفيروز ابادي والسيد مرتضى. فأول من صحفها إذن بصورة سرنج هو صاحب اللسان ثم تبعه صاحب التاج. أما السريخ بخاء معجمة في الآخر فقد ذكرها جميع اللغويين قاطبة. إذن التصحيف باد ومن عهد السان لا غير. قال في النهاية في مادة س ر ب خ: (أي جاء كتاب أبي موسى) في حديث جهيش: وكأين قطعنا إليك من دوية سربخ أي مفارزة واسعة بعيدة الأرجاء. أهـ. ولم يذكر شيئا في مادة س ر ب ج. وجرى في أثر ابن الأثير اللسان والقاموس والتاج بل حضرة الشيخ عبد الله نفسه إذ ذكر هذا الحديث بنصه في مادة س ر ب خ وقدم عليه قوله: السربخ كجعفر: الأرض الواسعة التي لا يهتدي فيها لطريق. وفي حديث جهيش. . . إلا هنا انتهت بنا مطالعة هذه الصفحة ونحن لا ندعي بأننا وفيناها حق النقد من جميع وجوهه وأتينا على ما فيها من السقط فلعل غيرنا يرى فيها ما لم نره وعلى حال أننا كتبنا ثماني صفحات من مجلتنا لإظهار ما في صفحة واحدة

مما نظنه أوهاما، فكيف بنا لو أنعمنا النظر في المجلد الأول كله وفيه 1831 ص فنحتاج إذا إلى ثماني مرات 1381 و11048 أي نحو اثني عشر ألف صفحة فمن ذا الذي يكتبها ومن هذا الذي يطبعها ومن ذاك الذي يطالعها. . ذلك ما نتركه للقراء ليحكموا فيه، والله الهادي إلى سواء السبيل. (يهرف ليس اسم سبع) جاء في تاج العروس، في مستدرك مادة هـ ر ف ما هذا حرفه: ومما يستدرك عليه (أي على المجد الفيروزابادي صاحب القاموس): يهرف كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته. أهـ. وقد بحثنا في الدواوين التي بأيدينا فم نجد ذكرا لهذا السبع، إنما وجدنا ابن سيده يقول في مخصصه (75: 8): ويقال لبعض السباع هو يهرف بصوته أي يتزيد فيه. أهـ. ولم يجد أكثر من هذا القدر. وقد قال صاحب اقرب الموارد في الذيل: (يهرف كيضرب: اسم سبع سمي به لكثرة صوته (التاج) أهـ. وأنت ترى أنه لم ينقل إلا نص التاج وكان عليه أن يحقق الأمر بنفسه. فأنظر كيف يجب أن يعتمد على أن ينقله المؤلف رحمه الله. الحرباء قال المعلم بطرس البستاني في محيط محيطه في مادة ح ر ب: الحرباء. . . معرب حربا (وضبطها بضم فسكون فباء مفتوحة فألف مقصورة) بالفارسية. ومعناه: حافظ الشمس أهـ. وقف على هذه العبارة صاحب البستان. فقال. . (وهو فارسي الأصل مركب من (حر) أي الشمس ومن (باء) (كذا ممدودة) والمجموع حرباء أي حافظ الشمس). قلنا: وكل هذا الوهم سرى من فزيتغ وعنه أخذ البستاني الأول عبارته. على أن المستشرق الألماني يقول: ويظن بعضهم أن الحرباء من الفارسية خربا (بلا مد) ومعناه: حافظ الشمس (لا حافظة الشمس، لان الحرباء مذكر لا مؤنث ومؤنثها حرباء أو أم حبين). نعم. خور أو خر يعني الشمس، لكن (با) أو كما قال الشيخ عبد الله (باء) لا تعني الحافظ أو الحافظة؛ فمن أين أتى بهذا التأويل؟

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة أالدفترية أم الذباح رأيت في باب الأسئلة والأجوبة سؤالا عن وما يقابلها فكان الجواب كلمة الذباح الخفيفة الوزن، ثم أريد مسايرة المتهوسين للغات الإفرنج فأجيز تعريب اللفظة بصورة (دفترية) لان الكلمة اليونانية تدل على لفظتنا المستعملة في لغتنا وهو دفتر أي مجموع أوراق. مال بعض الناس إلى أن دفتر العربية مأخوذة من اليونانية وهي صفة مؤلفة من بمعنى اثنين ومن بمعنى جناح فيكون المعنى المقصود منها (ذو الجناحين) يراد بهما دفتا كل كتاب أو مجموع أوراق على أنني لم أر اليونانيون استعملوها بهذا المعنى. واكثر العلماء على أن كلمة دفتر العربية مأخوذة من اليونانية وهي اسم مؤنث ومعناها: (1) الجلد وبهذا المعنى استعملها اقدم كتاب اليونان ومن معانيها: (2) غشاء جاف متين كالذي يستعمل في العود والطنبور؛ ثم توسعوا فيها فجعلوها لكل شئ من جلد نحو (3) لباس من جلد للعبيد (4) طراف (5) كيس من أدم (6) نوع من الرق للكتابة وفي الجمع من هذا المعنى الأخير فقط استعملوها بمعنى الأوراق والمكاتيب ووصفوها بالملوكية وأرادوا بها أخبار ملوك الفرس ووصفوها بلفظ نحاسية وأرادوا بها صفحات من نحاس رقيقة تحفر فيها حروف واشتقوا منها كلمات أسماء وأفعالا فمن الأسماء دفثريياس المكسو جلدا وذفثرينوس جلدي من جلد وذفثريس سريدة من جلد تغشى بها مفاصل ألواح السفينة وذفثروبوليس، جلودي، من يبيع الجلود. ومن الأفعال، ذفثرو: جلد ولم يشتقوا منها كلمة بمعنى الذباح وما أظن الروم من بعدهم استعملوا كلمة ذفثري بمعنى الذباح وأظن أن الإفرنج في الزمن الأخير اشتقوا ذفثرا من معناها الثاني

كلمة ذفثريا ووضعوها للذباح إذ من مميزات هذا المرض أن يعض لمن به غشاء كاذب فاليوناني اليوم يفهمها لأنها أخذت من اظهر معانيها عندهم. أما نحن العرب فقد أخذنا من معاني ذفثرا معنى واحدا هو أقل معانيها استعمالا بين تلك الأمة فإذا جئنا اليوم بذفثرية فلا نجد مناسبة بين الدفتر والذفثرية أي الذباح فيأتينا بعض المتحذلقين ويتحمل لها عللا ما انزل الله بها من سلطان كما تمحلوا لمنجنيق ولا يساغوجي وما أغنانا عن فتح هذه الكوة وعندنا الذباح؟ هذا ما رأيته وتفضلوا بقبول فائق احترامي سيدي حيفا (فلسطين): رشيد بقدونس (لغة العرب) أن الذين يقولون دفترية (والغالب دفتريا) يحاولون التقرب من الأجانب ومن مصطلحاتهم لكنهم ينسون أن عملهم هذا يبعدنا عن فهم كلام السلف ومصطلحاتهم وهذا ما لا نرضاه لنفسنا وكلمتنا العربية تشير إلى فعل هذا الداء المشؤوم في الإنسان أي أنه يذبحه ذبحا أو يقتله قتلا وكان الأمر كذلك في اغلب الأحيان قبل اختراع المصل الشافي منه وكنا نحن أول من ذهب إلى أن كلمة (دفتر) يونانية الأصل في مقالتنا الألفاظ اليونانية في اللغة العربية. السميدع وصلني الجزء التاسع من مجلتكم فوجدتكم تقولون في ص 5: 519 أن السميدع تكتب بالدال المهملة وأنا أوافقكم على قولكم هذا، إذ قد كثر لفظ السميدع في الأشعار القديمة. ومما كتبته على حواشي نسختي للسان العرب ما قاله بن اوس: لكل فتى رخو النجاد سميدع ... واشمط لم يخلق جبانا ولا وغد ولبشر بن أبي خازم هذا البيت وهو في مختارات ابن الشجري: وهم وردوا الجفار على تميم ... بكل سميدع بطل نجيب (الجفار بالراء موضع وقد طبع الجفان بالنون فهو تحريف ظاهر) وانشد طفيل الغنوي:

وفينا ترى الطولى وكل سميدع ... مدرب حرب وابن كل مدرب وقال فضالة بن شريك: بكل سميدع واري الزناد. ولسعدي بنت شمردل هذا البيت: متحلب الكفين أميت بارع ... أنق طوال الساعدين سميدع وجاء في كتاب الألفاظ لابن السكيت: (السميدع السيد الموطأ الأكناف) إلى غير ذلك وهو كثير جدا في أشعارهم. وقد طبع العلامة المرحوم الأب لوس شيخو في شعر الخنساء هذا البيت: فلئن هلكت لقد غنيت سميذعا بإعجام الذال وأظنه غلطا: أما في الأصل وأما في النقل. والصواب الذي لا يشوبه ريب إهمال الدال، كما بينا ذلك وكما أثبتموه في تحقيقاتكم. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو معجم دوزي وقع بيدي منذ بضع ساعات الملحق بالمعاجم العربية لمؤلفه المستشرق والهولندي دوزي وتصفحته تصفحا مجملا، فوجدت فيه غرائب وعجائب وقد خبط في نقله خبط عشواء غير متدبر ما يقع في اللفظة الواحدة من التصحيف والتحريف فيدون ما يراه كأنه حقيقة لغوية لا شائبة فيها. من ذلك ما وقع عليه نظري في مادة كلت فقال؛ الكتلة (وضبط الأول بالفتح والكسر والثاني بالسكون): الحفرة المملوءة ماء والبحيرة والمستنقع والغدير ثم ذكر أسماء الكتب التي وجدها فيها وهي كلها كتب إفرنجية. وقال أن بعضهم كتبها بالكاف الفارسية المثلثة النقط. وكل هذه التأويل ليست بشيء ولو قال بعد ذلك هي تصحيف للقلت في لغة بعض العوام لأصاب. والقلت (بفتح فسكون) النقر في الجبل يستنقع فيها الماء. هذا هو الصحيح المعتمد عليه وإلا فلو كانت كل لفظة تدون في المعاجم لتشويه يقع فيها لأصبحت دواوين اللغة عشرة أضعاف ما هي عليها ألان، بل ربما عشرات الأضعاف. ب. م. م

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الألسنية س - بغداد - ب. م. م - كتبتم في السنة الخامسة من مجلتكم (ص 335) تعليقة صغيرة على اصطلاح حضرة الأب الفاضل ا، س مرمرجي الدمنكي ناكرين عليه قوله (الألسنية السامية) تعريبا لقول الإفرنج: فقلتم: (هذا من وضع الأب صاحب المقال ونحن لا نوافقه عليه) ولم تذكروا السبب، مع أن أمثال اصطلاحه كثيرة في لغتنا: من ذلك الداخلية والخارجية بتقدير الوزارة والنظارة وكقولنا: العربية والفرنسية بتقدير اللغة فحذف الموصوف واستغني عنه بالوصف. ثم النسبة إلى الجمع كثيرة الأمثلة أيضا ومنها: الملوكي والثيابي والدجاجي إلى غيرها وتعد بالمئات لا بالعشرات. - إذن لماذا أنكرتم على الأب اصطلاحه؟ أفلا يقال ما قال أو يقول، فما هي أسبابكم؟ ج - لا يقال (الألسنية) بالمعنى الذي أشرتم إليه (ولا يمكن أن يقال) بل ولا يخطر على بال ابن عربي أو ناشئ في بيئة عربية. والسبب هو هذا: (انك إذا أضفت (أي نسبت) إلى جمع أبدا، فانك توقع الإضافة (أي النسبة) على واحدة الذي كسر عليه ليفرق بينه إذا كان اسما لشيء واحد وبينه إذا لم ترد به إلا الجمع فمن قول العرب في رجل من القبائل قبلي (مثل سببي) وقبلية (مثل سببية) للمرأة). . . (عن سيبويه بحرفه 88: 2 من طبعة مصر) على انهم قد أجازوا الإضافة أو النسبة إلى الجمع. لكن متى؟ في عدة موطن اشترطوا فيها شروطا عدة ومن جملتها هذا الشرط (أن يكون وزن الجمع له نظير في (كثير من المفردات) (عن شرح الطرة ص 305) والحال أن (الألسن) على وزن افعل بفتح الأول وضم الثالث. ولم يرد هذا الوزن في العربية كلها سوى

حرفين وهما: إصبع وأنملة على لغة من ينطق بها. ولهذا يمتنع أن يقال: (الالسني) بتاتا. هذا من جهة النسبة إلى الألسن. وهناك سبب آخر يمنع اتخاذ الألسنية بالمعنى المطلوب في الإفرنجية وذلك أن الموصوف لا يحذف إلا إذا كان هناك قرينة هي كثرة الاستعمال أو شهرة الموصوف أو نحو من الألفاظ التي أشرتم اليها، والا جاز حذف الموصوف في كل موطن لقلنا: الدمنكي وأنت تريد الأب أ. س. مرمرجي مع الدمنكي يدل على راهب اتخذ طريقة القديس دمنك (أي عبد الأحد). نعم يقال الدمنكي وتريد به الأب المشار إليه وذلك إذا جاء المذكور مثلا في بلدة ليس فيها أحد من اخوته فتتكلم عنه في بادئ الأمر فتسميه باسمه الحقيقي ثم إذا أتاح لك الحظ أن تشير إليه في كلامك مرارا عديدة فحسبك حينئذ أن تقول الدمنكي وحده فيفهم الناس الراهب الذي تعنيه. إذن ترى من هذا أن الموصوف يحذف وتنوب عنه الصفة، إذا كان هناك ما يدل على حذفه. أما أنه يحذف حيثما يراد فهذا لم يرد في كلامه السلف والوهم فيه لا يخفى على بصير. ولعلك تريد أن اذكر لك علة ثالثة لامتناع هذه التسمية. فدونكها؛ أن الألسنية لا تفيد المعنى الإفرنجي، بل حتى قولك المقابلة الألسنية، لان هذا الاصطلاح يناظر قولهم: لا غير. فإذا سلمنا أن ما اصطلح عليه الأب المحترم يقلبه ومعه بعضهم، فما الذي يقوله في التعبير الإفرنجي الذي ذكرناه له؟ فلعله يقول: (المقابلة اللسانية) لكن المقبلة اللسانية والمقابلة الألسنية في لغتنا لا تفيدان إلا مفادا واحدا من جهة صميم المعنى. إذن لم يبق فرق بين التعبيرين الإفرنجيين فينجم من هذا التعريف عوار، بل شنار، لا بل تشويه فظيع. وقانا الله شرهما. وعندنا أن ما يقابل ما سماه الأب (الدمنكي) (الألسنية السامية) هو: (مقابلة أسرار الألسن السامية) فهذه أربع كلمات تقابلها خمس في الإفرنجية وتعبيرها أدل من تعبيرهم. والمفهوم واحد. فالفيلولوجية لا يرادفها عندنا في لساننا إلا (اسرر اللغة) لا غير. فافهم ولا تغتر بظواهر الأدلة.

لحم البقر منها ومنه - وذكرتم في تعليقه أخرى على مقال الأب مرمرجي المحترم أن كلمة (لحم) هي عندكم بمعنى (خبز) فانتقلت بصورة (لقم) العربية لان الخبز يكثر في طعام الناس ثم سموا ما يدخل الفم (لقما) من باب التوسع إلى آخر ما قلتم إدعاما لرأيكم هذا. على أن مدلول (لحم) هو (القوت) مطلقا. فيكون معنى بيت لحم: بلد القوت أو الأرض المخصبة كما يؤيد ذلك مرادفها (افراثة) التي معناها المخصبة، فهذا التأويل لا يتفق وتأويلكم. فما رأيكم الأخير؟ ج - تأويلنا أوسع نطاقا ما ذهب إليه حضرة الأب مرمرجي المحترم. لأننا أولنا اللحم واللقم يدل على كل ما يؤكل بقلا كان أو حبا، مطبوخا كان أو غير مطبوخا. فإذا كان كذلك، جاء معنى بيت لحم: بلد اللقم أي بلد كل ما يؤكل. وهذا لا يكون إلا في البلد الخصب وهو يوافق معنى افراثة أكثر من قولنا بلد القوت. لان القوت خاص بما يغذي من الأطعمة ولما كان المأكول قد غير مغذ لم يفد فائدة اللقم إذ اللقم يقع على كلا المعنيين: المغذي وغير المغذي. أما أنه قد يخصص فيكون بمعنى الخبز فباب التخصيص لا تخلو منه مادة من مواد العربية. وهذه مادة ل ق م نفسها فانك ترى فيها: اللقم (بالتحريك) ويراد به معظم الطريق. وما ذلك إلا لان وسط الطريق يتلقى أرجل المارين على اختلاف أنواعهم كما يتلقى الفم الأطعمة فجعل لمعنى الطريق معنى خاص وذلك على هذا الوجه الذي أشرنا إليه من باب التخصيص إذ من بعد اكانت المادة تعني إدخال الشيء في الفم نقلت إلى الطريق لما هناك من عمل يشبه عمل الفم. وبعد هذا الشرح ترانا في سعة عن العودة إلى البحث مرة ثانية. لأنه إذا كان الكلام لا يقنعكم، فلا يقنعكم وجود الشمس في رائعة النهار حين تصرون على القول بأن الظلمات ضاربة إطنابها في وقت يقول لكم الناس الخلاف. على أننا إذا رأينا من يفند أقوالنا تفنيدا منطقيا علميا بلا تهويل وشقشقة فلا نبطئ في أن نسلم لغيرنا الحق إذا ظهر لنا ولغيرنا معا.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 17 - التاريخ العام الجزء الأول لمؤلفة رشيد بقدونس في 572 ص بقطع 12 مع 14 خريطة الجزء الثاني في 704 صفحات بقطع 12 أيضاً لمترجمه رشيد بقدونس أستاذ التاريخ والجغرافية في المدرسة التجهيزية سابقا، حقوق الطبع محفوظة للمترجم، طبع في مطبعة الترقي في دمشق 1924 هذا التاريخ موضوع في جزءين، يبحث الجزء الأول منها عن شعوب آسية وأوربة القديمة. والثاني موضوعه شعوب البربر وشعوب أوربة في القرون الوسطى والترك والعرب والحكومات الإسلامية والكتاب في قسميه موافق لبرنامج الصف الثامن من المدارس التجهيزية وأقرت رئاسة المعارف في سورية تدريسه بقرار لجنة الترجمة والتأليف الصادر بتاريخ 22 تموز سنة 1924 رقم 107. والذي يلاحظ في هذا التأليف أو هذا النقل إلى لغتنا أن الأستاذ اتخذ الكتابة التركية لتصوير الأعلام الإفرنجية فيقول مثلا فره دريق وغره غوار والسجليتين. . واينوسان. . . وأهل الصليب. . وهو يريد فريدريك وغريغوريوس والصقليتين وانوشنسيوس والصليبيين فأين هذه الأسماء من تلك؟ فالظاهر أن المؤلف لم ينقل هذه الأسماء رأسا عن أصحاب التأليف أنفسهم بل عن التركية وإلا لا يجوز لنا أن نتلاعب بالأعلام كيفما نشاء لان ما كان لاتيني الأصل ينقل بلاتينيته وما كان إيطاليا يؤخذ بإيطاليته إلى غيرهما من اللغات المعروفة نعم إننا نرضى بأن تعرب بعض الأعلام الإفرنجية على الوجه الذي عربه السلف في سابق العهد فاشتهر بذلك الوجه كطليطة وغرناطة وبلد الوليد لما يسميه الغربيون: توليدو، وكريناده، وفلدوليد، من أعلام المدن وبطرس وبولس ولوقا من أعلام الرجال؛

أما الأعلام التي لم تشتهر عد السلف، أو لم يجر فيها على صورة واحدة فتصرف فيها كل مؤلف أو كل أخباري على ما هواه خاطره فالتقرب من الرواية الإفرنجية احسن واضبط والأسماء التي رواها المؤلف قريبة من اللغة الفرنسية بعيدة عن أصحاب الأعلام أنفسهم وعن مزية لغتنا العربية. فكان يجب إذن أن تروى على ما يرونها هم بلسانهم الخاص بكل قوم من أقوامهم لا كما فعل حضرته. وعليه لا نوافقه أبدا في اغلب ما أورده من الأسماء فأنها غير صحيحة في نظرنا ومخالفة لأوضاعهم وأوضاعنا معا. وموافقة للتركية فقط. . ثم أن حضرته خالف نقل الألفاظ العربية صريحة لما نقله السلف واتبع في ذلك منقولات ومصطلحات الترك. فقد قال مثلا في الاركون: أرخونت (237: 1). وفي الخنفساء: اسقارابة (ص 42)، والمدرج (بتقدير المسرح) انفي تياتر (ص 525) والمسكوني: اكومونيك (ص 453) والعراعر: أوباترينس والمشبى (بضم الميم وفتح الباء) اوغوست (446) ولو قال اوغسطس لكان أهون، والشبر: اوقاريست (446) ولو قال اوخارستية لكان ايسر، والمتفائل: اوكور (334) والبطريق: (313) والكاهن: بره تر (435) ثم قال:. . . ولم يستعملها اليونان القدماء بغير هذا المعنى، ولما أخذها الافرنسيون حرفوها لفظا ومعنى حتى صار معناها اليوم راهب (كذا). أهـ. قلنا: الأقدمون منا استعملوا الكاهن. وأما قوله أنها اليوم يعنون بها الراهب فغير صحيح إذ الراهب هو بالفرنسية أو وأما الكاهن فهو ولا نريد أن نستقصي جميع الألفاظ التي نقلها عن الفرنسية بحروف عربية لأنها كثيرة. ولهذا أصبح كتابه متعبا على من يطالعه لما يتدفق فيه من هذه المفردات الغريبة الكتابة والمعنى والمبنى؛ فلا نتعرض لها. على أن العيب الكبير في هذا السفر وهو العيب الذي لا يغتفر أن المؤلف أو المعرب أو الناقل روى أخباره كلها عن كاتب معاد للكاثوليك وقد سدك بهم كل شنيعة بلا أدنى تحقيق، فكان يجب على من يكتب مثل هذه التآليف أن يطالع ما يفتريه قوم على قوم، فم ينصف في حكمه. وإلا فإذا كانت الأخبار هي انتقام وتشف لعدو من حزبه الخصم، فالكتاب لا يساوي دانقا. وهذا ما نجده في جميع

ما يرويه من الأخبار التاريخية، فالكاثوليك لا يلتفتون إلى مثل هذه التصانيف سواء أكان أصحابها من أبناء الغرب أم من أبناء الشرق؛ إذ ما نصيب الكذب والبهتان وتزوير الأخبار إلا نبذها في زوايا النسيان ونحن نأسف على أن يكون صديقنا قد جرى في هذا الوادي، وادي تضلل. 18 - جلال خالد قصة عراقية موجزة 1919 - 1923 بقطع الثمن، لمحمود أحمد السيد المدرس (حقوق الطبع محفوظة له)، مطبعة دار السلام في بغداد 1928. كلنا نعرف محمود أحمد أفندي وانه شاب متوقد الفؤاد يحسن صوغ الروايات ويبرزها بثوب شفاف عن الحقائق الملموسة التي لا مبالغة فيها. وهذه القصة هي من هذا الطرز فلا عجب إذا اقبل العراقيون على مطالعتها. 19 - المجلة الطبية المصرية لسان حال الجمعية الطبية المصرية (السنة الحادية عشرة) سنتها عشرة شهور. العدد الأول يناير 1928، الإدارة بشارع زين العابدين بالسيدة (بمصر القاهرة). تلقينا للمرة الأولى الجزء الأول من هذه المجلة النافعة فوجدناها من أفخر المطبوعات مادة وجوهر. عدد صفحات الجزء الواحد 9 في اللغة العربية و26 في اللغة الإنكليزية هذا عدا ما فيها من الإعلانات الطبية الكثيرة في صفحات على أننا نرى أصحابها يتساهلون في لغتهم كل التساهل واغلب مقالاتهم لم تصحح من خطأها في التعبير. ومن أبحاثها مقالة في الجواتر الجحوظي. وقد ذكرت الجواتر بهذه الصورة مرارا عديدة، مع أننا نعلم أن هذه العلة كانت معروفة عند أطباء السلف باسم الجدر (وزان سبب) أي فلا نرى موجبا لإهمال العربية الخفيفة على اللسان الشائعة في العراق والتمسك بجواتر الغليظة الضخمة، على أن الذين يغلب في مقالاتها اصح الآراء وأثبتها في علم الطب الحديث، فنتمنى لها الروح بين ظهراني الناطقين بالضاد.

20 - المفاوضات الروحية بين النفس وقلب يسوع في سر القربان الأقدس صنفه مؤلف كتاب المتعبدين لقلب يسوع الأقدس، طبع طبعة ثانية متقنة بالمطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد في 502 ص بقطع 16. هذا الكتاب طرفه من الطرف، حسن الورق، والطبع والتصاوير، وبالأخص: حسن الأقوال فصيح العبارة ينفذ إلى أعماق النفس حتى أنه ليؤثر فيها أثرا مفيدا. ونحن لم نقرأ تصنيفا تقويا محبوك المعاني وأننا لنوصي به جميع الذين يودون السير الحثيث في طريق الكمال المسيحي، أو السلوك في الباطن سلوكا تظهر آثاره في جميع ما رأيته المرء من المحامد التي هي مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. 21 - القسم الأخير من كتاب تجارب الأمم لأبي علي أحمد بن محمد المعروف بمسكويه، مع نخب من تواريخ شتى تعلق بالأمور المذكورة فيه، وقد اعتنى بنسخة وتصحيحه هـ. ف. آمدروز. وهو في ستة أجزاء وفهرست. والأجزاء الثلاثة الأولى عربية النص والثلاثة الأخرى ترجمتها بالإنكليزية بقلم د. س. مرجليوث، وكلها بقطع الثمن مسكويه، لا ابن مسكويه كما يقول بعضهم، ثقة في رواة في التاريخ الذي خطته أنامله. لأنه كان أمين صندوق عضد الدولة من بني بويه، ومعتمده في جميع أموره. ولهذا كان أبو علي واقفا على أنباء زمانه احسن وقوف، فضلا عن أنه كان نقادة لما كن يقع تحت عينيه أو يسمعه. توفي في 9 صفر من سنة 421هـ (17 شباط 1030م). كان بدئ بطبعه على أن يصور الأصل المخطوط كما هو ويطبع كما تطبع الصور، على نفقة (لجنة ذكرى حب) الإنكليزية؛ لكن ظهر بعد الطبع أن في قراءة الأصل على ما هو عنتا ومشقة، فعدل عنه، ثم طبع بمطبعة فرج الله

الكردي في مصر سنة 1914 فجاء سهل القراءة. والعناية بطبعه عظيمة لأنه وضع في كل صفحة مطبوعة رقم صفحته الأصلية حتى إذا أراد الإنسان التحقيق على ما في الأصل لم يكلف شططا. وضبطت مواطن الأشكال والشبهات ضبطا كاملا. إلا أنه مع ذلك كله وقع خطأ كثير في الطبع. وفي بعض الأحيان كتب متولي تصحيح مسودات الطبع (كذا) لأنه لم يتمهد إلى الرواية الصحيحة. فقد جاء مثلا في 193: 1: وأضاف إلى ما كان إلى أبي الهيجاء من أعمال طريق خراسان وحلوان والدينور. . . ودقوقاء وخانيجان (كذا) والموصل. . . قلنا: كتب (كذا) وراء خانيجان لأنه لم يشاهد في كتب البلدان مدينة بذلك الاسم ولقد أصاب؛ لكن في المدينة معروفة باسم خانيجان (براء في الآخر) ولا نريد أن نتتبع تلك المساقط في جميع مواطنها لان ذلك يطول. وكنا نود أن تختلف حروف العناوين أو الفصول عن حروف النص كما كنا نود أن يتخذ في آخر هذا السفر مفتاح لمغلق الألفاظ التي وردت فيه وإن يفرد معجم للألفاظ التي لم ترد إلا في كتب الولدين، ولا سيما في هذا التصنيف البديع الممتع، فقد ورد فيه مفردات جمة، بل لآلئ فريدة نحن في حاجة إلى معرفتها في هذا العصر والى اتخاذها في ما نخطه قياما بحاج القوم. أما الترجمة الإنكليزية فيكفيها حسنا أن العلامة المستشرق الشهير صديقنا مرجليوث تولى نقلها إلى لسانه. وهي من احسن الترجمات. وفي الكتاب أخبار كثيرة تتعلق بالعراق ولا سيما ببغدادنا المحبوبة فاقتناؤه واجب على كل من يحب دياره. والفهرس شامل لجميع الأعلام من أناس وموضع مما يجعل فائدة هذا التاريخ على طرف الثمام. وبذلك النفع العام. 22 - المحراث مجلة زراعية صناعية اقتصادية، صاحبها ومحررها: ادوار غالب مهندس زراعي. جاءنا الجزء الأول من هذه المجلة الزراعية النافعة وفيها عدة مقالات في

شجرة الزيتون وغرسها والعناية بها. والمحراث قديما وحديثا وداء الهريان في الكرمة أي ونظرة في تربية الحيوانات الداجنة، وآكلة التفاح إلى غيرها. والظاهر من عبارة صاحبها أنه غير متمكن من لغتنا وغير عارف المصطلحات الفنية، فقد ذكر في ص 30 من هذا الجزء (وعدد صفحاته كلها 32) أسماء أزهار بالافرنسية والعربية خبط فيها خبط عشواء إذ ذكر منها ثمانية ولم يصب إلا في اثنين وسائر لأسماء غير صحيحة، بل مشوهة أشنع تشويه. عزى الله أصحاب هذه اللغة بما يفعله بها أولادها الضعفاء. 23 - جامع التصانيف الحديثة التي طبعت في البلاد الشرقية والغريبة والأمريكية، الجزء 2 يحتوي على مطبوعات سنة 1927 الموافقة لسنتي 1335 - 1346هـ، في 60 صفحة بقطع الثمن الصغير عني بجمعه وترتيبه يوسف اليان سركيس الدمشقي. صديقنا القديم السيد يوسف اليان سركيس ممن ولع بالورقة (بالببليوغرافية) وهو يعالجها منذ أمد بعيد، وله تحقيقات في هذا الموضوع تشهد له بعلو كعبه فيها. وهذا الثاني يتمم صنوه الأول الذي ذكرناه في هذه المجلة (614: 4) وقد اصلح فيه الأغلاط التي كانت وقعت من قلمه في ذلك الجزء وزاد فيه ما كان قد اغفل عن ذكره فيه من المطبوعات. وقد لاحظنا أن المؤلف لا يهتم بما ينشر في العراق إلا من بعيد، فقد فاته ذكر مؤلفات عديدة طبعت في حاضرتنا في مطابعها المختلفة، ولا سيما مطبعة دار السلام ودار الطباعة الحديثة ومطبعة الحكومة والمطبعة السريانية. فالظاهر أنه لا يعرف منها إلا النزر القليل الذي لا يكاد يعد. وقد ذكرنا نحن بعض هذه التآليف التي أهديت ألينا؛ فلو راجع مجلتنا لزادت بضاعته. وفي بعض الأعلام خطأ في النقل فقد ذكر في الرقم 342 اسم القس يوسف كركي الكلداني وأعاد هذا الغلط في الفهرس (ص 60) والصواب كوكي بواو بين الكافين الفارسيتين.

وفي هذا الجزء ذكر 394 كتابا مطبوعا. فهو مفيد لكل من يود الوقوف على أسامي المصنفات ومحال طبعها. 24 - خواطر الأخت ماري ليسوع المصلوب للأب دنيس بوزي من كهنة جمعية قلب يسوع، تعريف الأب انستاس ماري الكرملي الحافي، طبع بالمطبعة الرسيانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1926، في 177 ص بقطع الثمن الصغير. الأخت ماري ليسوع المصلوب راهبة كرملية حافية عاملة، ومولدها في عبلين قرب شفا عمرو (فلسطين) في سنة 1846 وتوفيت برائحة القداسة في دير كرمليات بيت لحم؛ ولم تكن تعرف القراءة والكتابة، إلا أنها اشتهرت بمكارم أخلاقها، وكثيرا ما كانت تخطف بالروح فتتكلم بأمور عالية وهي لا تشعر بما تنطق به فكانت الراهبات من حواليها يكتبن ما كانت تتلفظ به ولم يذكرنه لها في حياتها. وفي هذه السنوات الأخيرة نشر أحد الأدباء من جمعية قلب يسوع بعض تلك الخواطر التي تنم على فضل غير مألوف وأفكار في أقصى السمو. وقد نقلنا إلى لغتنا هذه الأفكار وهي تباع عندنا بربية واحدة. 25 - النشء الجديد مجلة مدرسية علمية أدبية شهرية لسان حال النهضة الحديثة، لصاحبها ورئيس تحريرها: عبد الرزاق الناصري، العدد الرابع السنة الأولى. مارت سنة 1928، طبعت في المطبعة الكاظمية في العشار (البصرة). تلقينا من بريد البصرة الجزء الرابع من هذه المجلة. وكان قد ظهر منها ثلاثة أجزاء، ثم احتجبت بأمر من وزارة المعارف. والآن افرج عنها وعادت إلى النشور. وهي تصدر في 42 صفحة. وأبحاثها تفيد المدارس ومن ينتمي إليها معلمين ومتعلمين: وكنا نود أن نرى أغلاط طبعها قليلة ليسلم التلميذ عند مطالعتها من العثار

في كل صفحة من صفحاتها. ومن العادة المألوفة أن الطابع يجيد تنضيد الوجوه الأولى ونرى مع ذلك في الصفحة 121 وهي الأولى من هذا الجزء قوله: فأسف كل صديق مخلص وتشمت كل حسود مناوئ. والمعنى يطلب هنا أن يكون الفعل: ويشمت كل حسود وفيها. . . أما الآن وقد عدنا إلى ما بدأنا به، فقد صار من اقدم واجباتنا. . . ولعل الصحيح هو: من اقدس واجباتنا، إذ لا معنى للقدم هنا - وفيها التي تنتمي بكل فخر أليها. . . ولو قال: ننتمي إليها بكل فخر لكان أسد. وعلى كل حال لا يلتفت إلى هذه الهنات لما فيها من المواضيع المفيدة لأبناء المدارس، فعسى أن لا تحتجب كما احتجبت أخواتها الكثيرة. 26 - كتاب الرد على الزنديق اللعين ابن المقفع عليه لعنة الله للقاسم بن إبراهيم عليه من الله أفضل الصلاة والتسليم، ضبط متنه وترجمه إلى اللغة الإيطالية وعلق عليه الحواشي، ميكائيل انجلو جويدي الأستاذ بجامعة رومية وبالجامعة المصرية، طبع بمطبعة أكاديمية لنجاي الملكية في رومية سنة 1927 في 56 صفحة عربية و128 صفحة إيطالية بقطع الثمن. الأستاذ ميكائيل انجلو هو ابن الأستاذ الشهير اغناطيوس جويدي المعروف بتآليفه المختلفة في اللغات الشرقية المتعددة. واليوم يجري النجل على آثار والده وقد أهدانا هذا الكتاب (الرد على ابن المقفع) ناقلا إياه إلى لغته الإيطالية وهذا الكتاب وأشباهه من انفس مذخرات السلف، لان أغلبها اتلف ولم يسلم منها إلا ما لا يكاد يذكر. وهذا لم يسلم إلا لأنه جاءنا على يد خصمه الذي يظن في نفسه أنه فنده. ونحن لا نرى رأيه، لان هذا الرد في منتهى الفهامة ويدل على عجز في المفند، ولعل ذلك كان حيلة منه لينقل إلى الأجيال الآتية رسالة ابن المقفع التي يعترض فيها على بعض الايات، فيطبع في النفوس آراء من نعته بالزنديق ليروج على عقول الأغرار بضاعة ابن المقفع. هذا من جهة الآراء، أما من جهة عبارة القاسم فأنها مسجعة يظهر فيها التكلف وتكرار لفكر الواحد بألفاظ مختلفة. مما يدل على قلة المادة في فكر المفند.

على أن الكتاب يبقى نفيسا في نظر العلماء لأنه يطلعنا على رأي ابن المقفع وعلى المذاهب الشائعة في عصره. وكان المرحوم الأب لويس شيخو اليسوعي قد ذهب إلى نصرانية ابن المقفع وهذا كلامه: (وقد اشتهر كثير من الكتاب والمصنفين بين النصارى، نستغني بذكر بعضهم. فمنهم: ابن المقفع الكاتب المشهور. . . (مجاني الأدب 308: 4 في الحاشية)، مع أن النصرانية لم تخطر على بال ابن المقفع، قال صاحب الفهرست. . . واسمه بالفارسية روزبة وهو عبد الله بن المقفع ويكنى قبل إسلامه أبا عمرو فلما اسلم اكتنى بابي محمد. . .) وقد ذكر غير واحد أنه لم يكن مسلما صادقا وكان يبطن المجوسية. أما الصحيح فانه كان زنديقا وهذا كتابه يشهد على هذه الحقيقة. دع عنك ما في الكتاب من سقم التعبير فإن إنشاء القاسم لا يداني إنشاء ابن المقفع، ولو عن بعد. فقد قال مثلا في ص 9: فإن هم ثبتوا له اسما غيره لم يكن إلا مفعولا. وإن كان هو اسمه كانت أسماؤه ممن سماه فضولا، والفضول عندهم من كل شئ فمذمومة (كذا)، وأسماؤه إذا كلها شرور ملومة. فهل يبلغ هذا من القول، إلا كل أحمق أو مخبول (كذا ولعلها أو مجنون). وقال الرحمن الرحيم، فلمن زعم. ألنفسه أم للأصل الذميم؟ فإن كان عنده رحمنا رحيما. لمن لم يزل عنده شرا ملوما. أن هذا (كذا) لهو أجهل الجهل، والرضى عما ذم من الأصل. وإن كان إنما (كذا) هو رحيم رحمان لما هو من نفسه إحسان، فهذا احول المحال واخبث متناقض الأقوال) قلنا: ونحن وضعنا (كذا) كلما اقتضت الحال. وكل ذلك يدلك على سقم التدليك وسقم العبارة. فكيف يدرك الظالم شأو الضليع. وقد أفادنا حضرة المعتني بطبعه أن المؤلف من أئمة الشيعة الزيدية وتوفي في سنة 246هـ سنة 860م والرد يرى في الخزانة الانبروسية في مجموع رسائلها كلها للإمام المذكور وبينها رد على النصرانية وقد نشره من مدفنه وطبعه أ. دي ماتيو في 63 صفحة. أما ترجمة الرد على ابن المقفع إلى الإيطالية والحواشي التي زينت بها فمما يظهر مقدرة ناشر الكتاب وتضلعه من لغتنا العربية وقوفه على العلوم الإسلامية

فعسى أن يزيدنا من نشر أمثالها. 27 - ديوان الحوماني الجزء الأول وقف على تصحيحه (كذا) وعلق عليه ناظمه (كذا) حقوق الطبع محفوظة، مطبعة العرفان. صيدا سنة 1927 في 208 ص بقطع الثمن. هذا ديوان حسن الطبع والورق، وعناوين قصائده جميعها مبتكرة، وهو أمر ما كان الأقدمون من السلف يعرفونه. وفي مطالعتنا لهذا الجزء الأول وجدنا فيه أشياء مخالفة لما كنا قد تعلمناه في صبانا فلا نعلم: أمعلمونا جهلوا ما كانوا يلقنوننا إياه، أم أن الناظم هفا هفوات لم يشعر بها. وعلى كل حال إننا نعرضها عليه ليرشدنا إلى خطأنا - أن كان هناك خطأ - وها نحن أولاء نبوبها أبوابا ليسهل على القراء تتبعها. 1 - جعجعة ولا طحن أو مبالغات فاضحة في بعض الأبيات صناعة بديعية وهي الصناعة التي بارت سوقها منذ نحو نصف قرن ولم تبق إلا في نظم الأقدمين. أو من كان في دماغه خميرة الأقدمين. من ذلك ما جاء في ص 10: ضحك الحسام ولست اعذر جفنه ... أن لا يسيل ومن دم عبراته فقد رأى الاشتراك الفظي بين جفن السيف وجفن العين. فأتى بالعبرات والدم والسيلان. وكل هذا تصنع لا علاقة له بالشعر الحقيقي الذي هو الشعور. ومن مبالغاته قوله في ص 12: لا اعذر الصخر الأصم وقد وعى ... تنحابها، أن لا تلين صفاته ومن غريب قوله ما جاء في الصفحة عينها: يبكي الحمام ولست أنكر دمعه ... أن المحب سخية عبراته فلا أدري متى كان للحمام دمع. وقوله في ص 13: حشد البسيط عليه منه كتائبا ... وانقض منه عليه صقر آزم قال ناظمه في شرحه: (الضمائر كلها تعود إلى الشعب المظلوم) قلنا: والبيت

لا يزال مع ذلك غامضا وإن الضمائر تعود إلى الشعب المظلوم. ثم أي قيمة تكون لشعر يتوقف فهمه على تعليق الشروح عليه؟ والكذب صراح في قوله ص 13 يستنزف الاماق من وقع الظبي ... برق ومن خفق البنود زمازم وفسر الزمازم بأنها جمع زمزمة وهي صوت الرعد، فأنت ترى أن وقع الظبي يحدث برقا وخفق البنود يسمع زمازم. فكل ذلك من المبالغات التي لا يقبلها ابن هذا العصر. ومن هذا القبيل قوله في تلك الصفحة: والخيل تسبح في الدماء فراسب ... في لجها الطامي وآخر عائم ومثله في ص 16: كم مقلة للزن فاضت حوله ... وجيوب زهر فتقت وكمائم والذي نراه هنا أن (كمائم) معطوفة على جيوب و (جيوب) معطوفة على نقلة، و (مقلة) مجرورة. لكنه احتاج إلى ضم كمائم لان القافية مضمومة فضمها هذا فضلا عما في هذا الكلام من المبالغة التي لا تتحقق في حد نفسها. ومن باب المبالغة المخالفة لذوقها في هذا العصر قوله في ص 29: هكذا تعلو بهم همم ... دونها ينحط كيوان فسر كيون: (برج (؟) في السماء. كلا يأخي، كيوان ليس برجا بل هو زحل أي كوكب من الخنس وأما البرج فهو قسم من فلك البروج. ومن هذا القبيل قوله في ص 40: بل سيد في حشا الجوزاء صارمة ... يفري وفوق السها تجري به قدم ومثل ذلك ما جاء في ص 62: وكنت قبل الهيام فيه ... أجر بردي على النجوم وكقوله في ص 96: ترمق حصباء أرضنا حسدا ... عليه حتى الكواكب ومنه في ص 101: ما صدنا؟ عن أن يمد على ... هام السماك لمجدنا طنب

فلا يعلم أن الذي يصده هو علو السماك نفسه؟ ومن هذا الطرز قوله في ص 102: من فيض كفيك هذا البحر منفجر ... ومن سمائك هذا الغيث منهمر يا تاركا حصب الغبراء تحسده ... عليك فوق السماء الأنجم الزهر وكذلك قوله في ص 105: أثقلنني، ولو أن بعض خفافها ... جاوزته لآتى على الثقلين ويشبهه في المبالغة قوله في ص 110: تحف بها سلاسل من جبال ... نظمن فكن للجوزاء شنفا وكقوله في ص 119: فضلت نقيبتك الأنام فكلهم ... في بحر فضلك عائم أو غارق وفي ص 124: تحسد حصبائه (كذا) المجرة إذ ... غص بأمثال درها فمه والصواب حصباؤه. ويضاهيه في المبالغة ما جاء في ص 131: أمعترضا لهوات الفلا ... بكوماء أكرم بها معتلى أبت لك إلا السما منزلا ... وإلا زهور الدراري كلا ونهر مجرتها مشربا ومن غريب مبالغته ما جاء في ص 63: يهيجها البرق (اليماني) خافقا ... فتمطرها فوق الغصون السواجع فلا أعرف ماذا تمطرها الغصون السواجع. وفي تلك الصفحة: ولا كهزار القرط منك يهزني ... إليك فزدني من هزارك تغريدا وأنا أخال أحداً يدعي بأنه يسمع صوت القرط. وقال في ص 187: فصمت عرى صبر الجميل بأنمل ... تركت معاصمها السور فصيما ونحن لم نسمع بمعصم يفصم السوار. وجاء في ص 187. وأضعت قلبي يوم مر فهزمني ... نغم يردده صدى قرطيه فهل للقرطين صدى؟ لها بقية

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - السر الفريد مند في بغداد كان عصر يوم الأربعاء 8 ك 2 موعد قدوم السر الفريد مند الإنكليزي مع عقيلته وآنسته وحاشيته إلى حاضرتنا وحل ضيفا في دار المعتمد السامي وكان أعلن خبر وروده في الجرائد المحلية وقبل أن تحين الساعة التي يجئ فيها، تجمهز طلبة المدارس في الأزقة والشوارع محتجين على الصهيونية ووعد بلفر في شخص المثري البريطاني المذكور وكان بأيدي التلاميذ أعلام وألواح مكتوب عليها: ليسقط وعد بلفور لتسقط الصهيونية. لتحي الأمة العربية لتحي الوحدة العربية) ويقال أن عددهم كان يناهز الألفين. وكان كلما أوغلوا في الشوارع انضم إليهم جموع أخرى إلى أن بلغوا محطة القطار فجاء إليهم مدير الشرطة ومعه شرط خيالة ليشتت شملهم فكان ذلك داعيا إلى اشتداد تحمسهم. بل يروى أن بعض الطلبة حصبوا الشرطة ثم مشوا في وجههم إلى جسر الخر ليقابلوا السر الفريد (مند) إلا انهم لم يوفقوا لرؤية الوزير الإنكليز السابق بل كانوا كلما رأوا سيارة قادمة من أنحاء سورية يتصورون أنها هي. وفي الآخر لم يأت المثري في الساعة المعينة، بل جاء متأخرا بساعة ونصف بعد أن تفرقت الجموع. وفي آخر هذه المظاهرة قبضت الشرطة على واحد وعشرين شخصا من المتظاهرين واعتقلت عميده وهو الشاب يوسف زينل ثم نفته بعد ذلك إلى البصرة فالفاو. 2 - اجتماع في جامع الحيدرخانة نهار الجمعة 10 شباط اجتمع عدد من الأهلين في جامع الحيدرخانة (وهي الجمعة الأولى بعد حادثة مظاهرة طلبة المدارس) فانشد أحدهم قصيدة وطنية حماسية وبعد أن انتهى منها واخذ المجتمعون بالتفريق أوقفت الشرطة كمال نصرت منشد القصيدة وعثمان

الشيخ سعيد وإبراهيم أدهم الزهاوي وعاصم فليح الخياط ثم أطلق سراحهم بكفالة قدرها ألف ربية عن كل منهم. 3 - الطلبة المعتقلون قدمت مديرية الشرطة في 11 شباط أوراق المعتقلين لمظاهرات اليوم 8 من شباط إلى محكمة الجزاء. وطلبت المديرية المذكورة من المحكمة تمديد أجل توقيف الطلبة ومن شايعهم فكان قرار المحكمة في 12 شباط أن يطلق سبيل سبعة منهم بكفالة قدرها ألف ربية عن كل واحد، وإن يمدد أجل توقيف عشرين منهم إلى 15 الجاري. وقد ساقت مديرية الشرطة جميع المعتقلين من أجل المظاهرات إلى بناية السجن المركزي في محل اسمه (السينما أو السنيم) وهو محل خاص بالموقفين حتى ينتهي أمر التحقيق. 4 - بيان من متصرف لواء بغداد بحرفه أن التجمع في الطرق والشوارع والميادين العامة وتسير المواكب فيها والاجتماعات في المحال العامة ممنوع بدون أذن من هذا المقام. ومن يخالف ذلك يعرض نفسه إلى أحكام الباب الثالث عشر من قانون العقوبات البغدادي وبيان البوليس لسنة 1920 وقانون التجمعات العثماني. قرار وزارة المعارف في قضية الطلبة المتظاهرين قررت وزارة المعارف طرد أحد عشر طالبا من دار المعلمين وخمسة من المدرسة الثانوية وطالبين من متقن الحقوق طردا باتا للمظاهرات التي أقاموا بها. 6 - إرادة ملوكية اصدر جلالة ملكنا المعظم إرادة أثر مظاهرات الطلبة وهذا نصها بحرفة: مرسوم رقم 13 لسنة 1928 بالنظر للضرورة الماسة وحفظا للنظام والأمن العام. نحن فيصل ملك العراق بموافقة مجلس الوزراء نأمر بوضع المرسوم الآتي وفقا للفقرة الثالثة من المادة 26 من القانون الأساسي. المادة الأولى - إذا تحقق أن أحد طلاب المدارس ممن لم يكمل الثامنة عشرة من عمره قد اشترك في أي اجتماع غير قانوني أو اقلق أو حاول أن يقلق السلم العام بصورة أخرى يسوغ عقابه بالجلد بعد المعاينة الطبية على أن لا يزيد ذلك على 25 جلدة. المادة الثانية - على وزير المعارف

تنفيذ هذا المرسوم الذي يعتبر نافذا من يوم نشره في الجريدة الرسمية وله أن يصدر تعليمات لتسهيل تطبيقه. كتب ببغداد في اليوم الحادي عشر من شهر شباط سنة 1928 واليوم العشرين من شهر شعبان سنة 1346. فيصل يلي اسم جلالة الملك أسماء الوزراء ووزاراتهم. (راجع لغة العرب 635: 5). 7 - رفيعة تقرير الشرطة عن أعمال الرعاع في حادثة مظاهرة الطلبة نشرت الأوقات البغدادية في عددها 4822 الصادرة في 16 شباط تقرير الشرطة بما يتعلق بأعمال الرعاع في حادثة مظاهرة الطلبة ونحن ننقله بحرفة عن الجريدة المذكورة. قالت: (يقدر أن الجموع التي احتشدت على السدة بلغ عددها عدة آلاف من الناس وكان هناك، علاوة على الطلبة. عدد كبير من الغوغاء وعناصر المدينة التي لا تراعي للقانون حرمة. وكانت الجموع بحالة من الهياج بشعة للغاية. واكثر المتظاهرين من رمي الحجارة والقناني واستعمال العصي. وكان البعض حاملا المسدسات يطلق عياراتها النارية في الفضاء. ولقد أوقفت السيارات الخارجة من المدينة والداخلة إليها وفي أحوال كثيرة تعمد المتظاهرين إلحاق الأذى بها. إذ شتم سائقو السيارات والركاب وأهينوا واعتدي عليهم وفيما يلي الحوادث التي وردت ألينا: (1) كان المستر ج. نيرن وصحبه ذاهبين لملاقاة القافلة الآتية إلى العاصمة فأوقفت سيارتهم على السدة حوالي الساعة الخامسة والنصف مساء. وقذفت الحجارة على السيارة فتركت فيها أثرا ظاهرة وضرب اثنان من سائقي تلك السيارات بالحجارة والطين. (2) وكانت سيارة نائب مفتش الشرطة العام (في قسم المباحث الجنائية) متوجهة إلى جسر الخر مقلة للنائب المذكور ومفتش الشرطة العام. فأوقفت الغوغاء السيارة المشار إليها في جسر الخر بسلك من الحديد مد على عرض الطريق. وقذفت عليها الحجارة والطين ومزق المتظاهرون ثلاثة إطارات (تايرات) وخربوها، كما مزقوا كبوت السيارة. (3) وأحاط المتظاهرون بسيارة المفتش الإداري فاعتدوا عليها. ورشقت بالحجارة وهي سائرة على السدة. وقد تركت فيها الضربات أثرا ظاهرا.

(4) واعتدت الغوغاء على سيارة الكبتين ايفيتس. أحد ضباط الفوج السابع من الجيش العراقي. فمزقت تايرات السيارة. وأطلق المذكور عيارين ناريين من بندقية صيد في الفضاء فوق رؤوس المتظاهرين لإرعابهم فتفرقوا للحال. (5) وأوقف المتظاهرين سيارة أديب شعبان الآتية من سورية مقلة المثل الأمريكي هوتيش هوفمان وقرينته والمدعو محمد نعماني. وكانوا ركابا. وقد أهين الركاب. وتسلق بعض الغوغاء على السيارة فحطموا نافذة السيارة الخلفية ولما تبين للمتظاهرين أن هؤلاء الركاب لم يكونوا قسما من جماعة السر الفرد موند سمحوا للسيارة بمتابعة سيرها إلى العاصمة. (6) واعتدى المتظاهرون على سائقين من سيارات (التراكتور) التابعة للسادة كوتريل وكريك فضربوهما ورشقوهما بالحجارة. والسائقان اسمهما اغا جان وآدم، وهما أرمنيان. (7) وكان المدعو كيروب مدير المزرعة الملكية في الوشاش راجعا بسيارته إلى بغداد فأوقفها المتظاهرون وضربوه هو سائق سيارته. (8) وكان المستر كروزني، أحد الضباط البريطانيين، مرتديا ملابسه غير الرسمية وراكبا للنزهة مع السيدة فرنون (قريبة جناب مستشار المالية) وبينما كانا واقفين بجواديهما عند معبر الخط الحديدي. وقت أن كانت البوابة مقفلة أخذت الغوغاء تصيح وتصخب في وجهيهما. فنشأ عن ذلك أن خاف جواد الضابط وجفل فرماه وأصيب مجروح من جراء الأسلاك الشائكة التي وقع عليها. (9) وروى حضرة كميل أفندي غزالة الموظف بمديرية الزراعة أن سيارته أوقفت وإن المتظاهرين سرقوا مسدسه وبعض دراهمه ومزقوا تايرات سيارته. ووقعت حوادث أخرى لم تبلغ واحدة منها الشرطة. على انه يمكن القول أن الغوغاء اعتدت على جميع السيارات التي سارت على السدة. (معربة عن الإنكليزية) وقالت في العدد 4824 الصادر في 18 شباط ما حرفه: يؤخذ من تقرير آخر لدائرة الشرطة أن الشرطي إسماعيل حسن (رقم 549) انزل عن صهوة جواده عصر يوم تظاهرة الطلاب، وطعن في خاصرته. وإن

المتظاهرين ضربوا الشرطي الراكب محمود احمد (رقم 525) بطابوقة في عينه وانزل المتظاهرون الشرطي الراكب مرزمراد (رقم 558) عن صهوة جواده ثم داسوا عليه فكسروا رجله وانزل كذلك الشرطي الراكب الحاج نوري (رقم 419) عن صهوة جواده وكسر معصمه وأصيب كثيرون من الشرطة بجروح خفيفة من تطاير الشظايا ومن جراء إنزالهم عن ظهور جيادهم ومن جملة من جرحوا حضرة مجيد أفندي السهروردي معاون مدير الشرطة. 8 - فضائع الأخوان قالت البصرة في 22 الجاري: أن الطيارة التي أصيبت بالرصاص وهوت إلى الأرض أحاط بها الأخوان وقتلوا الضابط الطيار جاكصون واحترقت الطيارة. وفي صباح أمس عادت الطيارات والسيارات المدرعة بعد أن تزودت بالعتاد الكافي لمطاردة الأخوان ولم يصلنا حتى كتابة هذه السطور نبأ عن نتيجة أعمالها. وقد جيء برئيس عشيرة الجوارين المدعو دبيسان جريحا مع عدد وافر من رجال قبيلة إلى الشعيبة. 9 - التنكيل بالإخوان وقالت في ال 23 من الجاري: تنقسم قوى الأخوان إلى ثلاث أقسام الأولى بقيادة الشيخ ابن عشوان والقسم الثاني بقيادة ابن جبرين - وهو من زعماء مطير البارزين - والثالث ابن حثلين وعل رأس الجميع فيصل الدويش وتتألف تلكم القوات من زهاء ألفين ومائتين رجلا (كذا) و200 فارسا (كذا) من مطير وكانت القوة الأولى قد هاجمت نهار 19 الجاري الطوائف الآتية من قبيلة الجوارين العراقية وهي: القصوم (والعوازم والسوابع وعتواثا) والتيوس والنبهان والشريفات الضاربين حول الباطن الواقع جنوب غربي الزبير على بعد 50 ميلا تقريبا وبعد قتل دام بين الطرفين سحابة ثلاث ساعات تراجعت تلك الطوائف تاركة وراءها مواشيها و (حلالها). أما الذين قدر لهم الوقوع بأيدي هؤلاء البرابرة فقد ذبحوا ذبح الغنم. وأما القسم الثاني فقد هجم الأعراب الضاربين شمالي الموقع الذي أشرنا إليه آنفا وكانوا يتألفون من المشاعلة وأبو ظهير ففتكوا بهم فتكا ذريع وأستاقوا مواشيهم ونهبوا أموالهم. وأما القسم الثالث بقيادة ابن حثلين فقد صادف في طريقه قافلة مكونة من خمسة عشر رجلا من

الصلبة وقافلة أخرى كانت تقصد الزبير وهي مؤلفة من أربعين بعيرا وخمسمائة رأس غنم فباغتتهم وذبح رجال القافلتين على بكرة أبيهم وأستاق ابلهم ومواشيهم وبينما كان يحاول الهجوم على قافلة ثالثة إذ داهمتهم الطيارات فأنقذت القافلة وألحقت بابن حثلين ورجاله خسائر فادحة في النفوس والأموال. أما السيارات المدرعة فلا تزال مقتفية أثر الغزاة جميعهم ومطاردتهم بالصحراء وقد علمنا أنها أدركتم نهار أمس بالقرب من الباطن فقتلت منهم أكثر من مائة وأسرت خمسة ولا تزال تطاردهم في الصحراء. وجاء أيضاً في أخبار الزبير: أن السيارات المدرعة التي ذهبت لمطاردة الأخوان البغاة قد بلغ عددها 33 سيارة وأما أسراب الطيارات فكثيرة. وقد عادت المدرعة في ال 23 من الجاري بعد أن تعقبت الأخوان مدة 3 أيام متوالية وألحقت بالنفوس والأموال خسائر فادحة. فكانت قنابل السيارات تحصد البغاة حصدا وهم منهزمون وواصلت السيارات مطاردتهم حتى آخر نقطة من ماء الرقعي في جنوب غرب وعلى بعد مسير ثلاثة أيام عنها. وذكرت الأنباء أيضاً أن الأخوان الذين في ال 20 من الجاري على طوائف الجوارين العراقية قد فروا تلقاء النار الحامية التي أصلاهم إياها رجال الجوارين. وترك المنهزمون ما كانوا قد غنموه نهار ال 19 من الجاري. حتى أن ابل الأخوان التي هامت في الصحراء باتت في قبضة رجال الجوارين. 10 - تمثيل مصر في بغداد جاء في ميزانية وزارة الخارجية المصرية أنه قد وضع في ميزانية 1928 - مخصصات لأربع قنصليات جديدة وهي بغداد (العراق) وهمبورغ (ألمانية) وبومباي (الهند) وكورية (اليابان).

العدد 57

العدد 57 - بتاريخ: 01 - 03 - 1928 الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين هذه مقالة لا يعرف شأن منزلتها إلا من عالج هذا الفناء من علم آثار الأقدمين، ولهذا الضرب من العرفان مقام جليل عند المؤرخين والإخباريين لأنه يطلعنا على مآثر الأقدمين وأعمالهم اطلاعا يكاد يكون ملموسا. ولقد كتب كثيرون من الناطقين بالضاد أشياء جمة تفيدنا عن أطلال الأولين في ديار فلسطين، وجاء الإفرنج في هذا القرن الأخير وأماطوا اللثام عن رقم كانت مجهولة عند من تقدمهم فأفادوا فوائد لا تنكر، على انهم لم يستطيعوا أن يتوصلوا إلى كشف الآثار كما أفضى إليها صديقنا المحقق والمؤرخ المدقق عبد الله بك مخلص فإن الإمعان في التثبت من أنباء السلف دفعه إلى كشف كتابات لم يخطر وجودها على بال بشر وهي تفيد جميع المنتمين إلى التاريخ ولاسيما أبناء العراق ولهذا نزف إليهم هذه الرود ونلتمس من حضرة الصديق المدقق أن يطرفنا بمثل هذه البحوث التي لا يمكن أن يعالجها غيره إذ رأينا أبناء الغرب يشهدون له بهذه المزية، وهي شهادة ليست بزهيدة بحق واحد من أبناء العرب. (لغة العرب) تمهيد عنيت منذ مدة بجمع وتدوين الكتابات الأثرية العربية الموجودة في المساجد والمعابد والمعاهد والأضرحة الفلسطينية على نية أن اعلق عليها بعض التعاليق

التاريخية وانشرها مجموعة خاصة لأن في نشرها تنوير بعض النواحي المظلمة من التاريخ وكنت أتوقع أن تأتى هذه الكتابات معدودة محدودة فإذا هي كثيرة العدد مديدة السيل تحتاج إلى أعمال الروية وكثرة البحث والتنقيب وتفتقر إلى تعليقات طويلة الذيل وقد أتيح لي الوصول إلى كتابات أموية وعباسية وفاطمية ومصرية وعثمانية زبرت على الحجارة والخشب والنحاس وفي ألواح القاشاني وغيرها من مواد العمارة ووسائط الزخرف. وكانت أكثرها في بيت المقدس ثم في حبرون مدينة الخليل إبراهيم عليه السلام ثم في غزة فالرملة فطبرية فغيرها من مدن فلسطين. وأني وإن لم أتمها إلى الآن إلا أن كثرتها قد هالتني ووقفتني عن العمل على النحو الذي كنت ارغب في انتحائه ورأيت أن خير ما اصنعه في هذا الشأن هو استكمال جمعها ونشرها بدون تعليق. الكتابتان العباسيتان ومن هذه كتابتان حفرتا في لوحين نحاسيين كبيرين يرجعان إلى أوائل أيام الدولة العباسية التي كان يمتد سلطانها من ضفاف دجلة إلى مصاب النيل وهما كل ما يوجد في فلسطين من هذا النوع، وقد حفظتا في قبة الصخرة القائمة إلى جانب المسجد الأقصى ببيت المقدس. وقد احكم وضعها إحكاما عجيبا وطليا بالأصباغ والألوان والتذهيب حتى ليخيل إلى الناظر أليهما انهما من وسائط الزخرف التي تراها ماثلة للعيان بكثرة في تلك القبة البديعة المثال ولذلك خفيت على الكثيرين طول هذه السنين العريقة في القدم فلم يذكرهما أو قل لم يذكر عمارة قبة الصخرة من قبل المأمون العباسي أحد من المؤرخين الذين دونوا تاريخ المسجد الأقصى من القاسم أبن عساكر صاحب المستقصي في فضائل الجامع الأقصى إلى مجير الدين الحنبلي مؤلف الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل وما بينهما من المؤلفين الكثيري العدد. ترميم قبة الصخرة من قبل المأمون هذان اللوحان هما اللذان دلانا على ترميم قبة الصخرة من قبل الخليفة العباسي عبد الله المأمون بن الرشيد سنة 216هـ 831 م ذلك الترميم الذي لم

يأت على ذكره مؤرخ كأنه غير حقيق بالتدوين. صالح بن يحيى مولى المأمون وقد استفدنا منهما فوق ذلك معرفة رجل لم تذكره التواريخ هو صالح بن يحيى مولى أمير المؤمنين. من هو صالح بن يحيى؟ جاء في التواريخ ذكر لإسحاق بن يحيى بن معاذ الجبلي في ولاية الشام للمأمون والمعتصم وقالوا أن أجداده من سمرقند وانه ولي مصر أيضاً سنة 235 هـ 849 م واخرج العلويين منها بأمر المتوكل على الله. وجاء ذكر لعلي بن يحيى الأرمني وانه ولي مصر سنة 228هـ 842 م ثم وليها ثانية 234هـ 848م فلعل صالحا هذا هو الأخ الثاني لإسحاق بن يحيى أحد العاملين المذكورين ولعله كان عامل المأمون في بيت المقدس. المعتصم في الشام ومصر أما المعتصم فقد كان نائب الشام وأضيفت إليه نيابة مصر وقدم الثانية سنة 214هـ 829 م. المأمون فيهما أما المأمون فقد قدم الشام سنة 215هـ 830 م ومنها هبط مصر في مفتتح سنة 217هـ 832 م وعاد منها فيها بعد أن رمم القبة وهو في دمشق قبل مبارحته لها إلى مصر. الكتابة الأولى وهذه نسخة الكتابة الأولى وهي مما نقش بالخط الكوفي على لوح نحاسي ملصق فوق الباب الداخلي من الباب الشرقي أحد أبواب الصخرة الأربعة والحروف بغير إعجام. 1 - بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم بديع السموت والأرض ونور السموت. 2 - والأرض وقيم السموت والأرض الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد ملك! 3 - لملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء كل ملك لك ومنك

ربنا واليك مصيره رب العزة. 4 - الرحمن الرحيم كتب على نفسه الرحمة وسعت رحمته كل شيء سبحنه وتعلى عما يشرك المشركون نسألك اللهم بر 5 - حمتك وأسمائك الحسنى وبوجهك الكريم وسلطنك العظيم وبكلمتك التامة التي بها تقوم السموت والأرض و6 - بها تعصم برحمتك من الشيطن وتنجي بها من عذابك يوم القيمة وبنعمتك السبغة وفضلك العظيم وبحلمك وقدر 7 - تك وعفوك وبجودك أن تصلي على محمد عبدك ونبيك وبلغنا شفعته في أمته صلى الله عليه والسلم عليه ورحمة الله ووتحت ذلك بحرف أصغر على يمين اللوح ويساره 8 - مما أمر به عبد الله عبد الله الأمام المأمون أمير المؤمنين أطال الله بقاه في ولاية أخي أمير المؤمنين أبي اسحق بن أمير المؤمنين 9 - المؤمنين الرشيد أبقاه الله وجرا على يدي صلح بن يحيى مولى أمير المؤمنين في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة ومائة. 8 - مما أمر به عبد الله عبد الله الأمام المأمون أمير المؤمنين أطال الله بقاه في ولاية أخي أمير المؤمنين أبي 9 - اسحق بن أمير المؤمنين الرشيد أبقاه الله وجرا (1) على يدي صلح (2) بن يحيى مولى أمير المؤمنين في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة ومائة (3). /// الكتابة الثانية وهذه نسخة ثانية وهي مما نقش على لوح نحاسي ملصق فوق الباب الشمالي الداخلي وهذا الباب يعرف بباب الجنة: 1 - بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم لا شريك له الأحد الصمد لم يلد ولم

2 - يولد ولم يكن له كفؤا أحد محمد عبد الله ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله 3 - ولو كره المشركون آمنا بالله وبما انزل على محمد وبما أوتى النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن 4 - له مسلمون صلى الله على محمد وعبده ونبيه والسلم عليه ورحمت الله وبركته ومغفرته ورضونه. وتحت ذلك بحرف أصغر على يمين اللوح ويساره 5 - مما أمر به عبد الله عبد الله الإمام المأمون أمير المؤمنين أطال الله بقاه في ولاية أخي أمير المؤمنين أبي اسحق بن أمير 6 - المؤمنين أبقاه الله وجرا على يدي صلح بن يحيى مولى أمير المؤمنين في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة ومائة. 5 - مما أمر به عبد الله عبد الله الإمام المأمون أمير المؤمنين أطال الله بقاه في ولاية أخي أمير المؤمنين أبي اسحق بن أمير 6 - المؤمنين أبقاه الله وجرا (1) على يدي صلح (2) بن يحيى مولى أمير المؤمنين في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة ومائة (3). /// تشويه الكتابة الأموية وعلى ذكر المأمون نرى من باب استتمام الموضوع أن نشير إلى التحريف الذي أحدثته يد صناع في الكتابة التاريخية المنسوبة إلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان والمكتوبة بقطع الفسيفساء على دوائر مثمنات قبة الصخرة وهذا نصها اليوم: (بسم الله الرحمن الرحيم لا اله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه. بنى هذه القبة المباركة عبد الله عبد (الله الأمام المأمون) أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين. تقبل الله منه ورضي الله عنه آمين). وتظهر الجملة التي وضعناها ضمن عضادتين للعين المجردة بأنها مصنوعة لأن حرفها أدق من حروف الأصل ولون فسيفسائها يختلف قليلا عن لون الكتابة

البرغوث أو أبو أربعة

الأصلية مما لا تدع مجالا للشك في إنها كانت (الملك بن مروان) ويثبت لنا ذلك بقاء تاريخ بنائها سنة 72هـ 691م بدون تصحيح ولو انتبه المصحح إلى ذلك لكان طمس علينا الحقيقة ولم يتبين الناقد البصير أن تلك الكتابة قد لعبت بها الأيدي والأهواء وإن نقمة العباسيين من الأمويين أصابت النابت والجامد والحي وسبحان محول الأحوال. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص البرغوث أو أبو أربعة كان يسمي العراقيون النقد الصغير من الفضة المساوي للقرش الواحد الصحيح أو للأربعين بارة (أبو أربعة) أي ذا أربعة غروش رائجة. وأهل ديار الشام يسمونه (البرغوث). وقد بحث بعضهم عن سبب تسمية هذا النقد بهذا الاسم فقال: لأنه صغير القدر ويسهل انفلاته من اليد كما يفلت البرغوث من اليد إذا أريد قصعه (راجع معلمة الإسلام في مادة (برغوث)) لكنا لا نرى هذا الرأي مصيبا: فلو كان الأمر كذلك لسمي ربع الليرة الذهبية الذي هو أيضاً بهذا الحجم بالاسم المذكور. والذي عندنا إنه سمي كذلك من التركية أي (برغروش) ولما كانت هذه اللفظة قريبة في إذن السامع العربي من برغوث توهم أن القائل ينطق به. وإذا علم القارئ أن لبعض السلف لثغة يجعلون بها الشين المعجمة ثاء مثلثة لم يمتنع عليه قبول هذا الرأي فقد قالوا مثلاً الثابة في الشابة. وغثمر في غشمر وامرأة عثة في امرأة عشة إلى غيرها. ويقرب لفظ (البرغوث) وهو هذا الصغير من الهوام من اللفظ اليوناني الذي بمعناه وهو برغوس بضم الحروف الثلاثة الأولى وإسكان الواو ومعناه العاض (من صغار الهوام) ومعناه أيضاً الدبى وهو صغار الجراد قبل أن تنبت أجنحته ويكون كصغار القمل أو كالبراغيث.

نماذج تراجم من الدرر الكامنة

نماذج تراجم من الدرر الكامنة - كلمتك مرارا عن هذا الكتاب النفيس الذي يحوي تراجم عدة رجال غير معروفين عند كثيرين من المؤرخين والإخباريين. وكنت قد أخذت بتهيئته للنشر حتى اعترضني كتاب التيجان فأمسكت عن إتمام ما شرعت فيه ريثما أنجز طبع هذا الكتاب الجليل العوائد. أما الآن فقد عدت إلى إتمام مشروعي الأول أي نسخ الدرر الكامنة وتصحيحه ومقابلته على ثلاث نسخ اثنتان منها جيدتان والثالثة سقيمه. وقد أتممت الجزء الأول من هذا السفر البديع وهو يحوي نحو 2. 500 ترجمة وها أناذا مستعد للإرسال به إلى الهند ليطبع فيها. وقد استخرجت من هذا التصنيف المفيد أربع تراجم ممن كان لهم صلة بالعراق وبوقائعه وأخباره وهي كالقطر من المحيط. (حرف الباء) بوسعيد بن خربندا بن ارغون بن ابغا بن هلاوو المغلي، ملك التتار صاحب العراق والجزيرة وخراسان والروم. قال الصفدي: الناس يقولون أبو سعيد بلفظ الكنية لكن الذي ظهر لي إنه علم ليس في أوله الف، فإني رأيته كذلك في المكاتبات التي كانت ترد منه إلى الناصر هكذا: أبو سعيد، قال: وكان بو سعيد مسلما. حسن الإسلام، جيد الحظ جوادا عارفا بالموسيقى مبغضا في الخمر (كذا لعلها للخمر) أراق منها خزانة كبيرة وكان يرغب في الدخول إلى الإسلام، وهو آخر بيت هلاوو، انقرضوا بهلاكه، أقام في الملك عشرين سنة وكان قبل موته بسنة قد أرسل الركب العراقي إلى مكة فسلب الركب فلما كان في السنة المقبلة جهزهم أيضاً فنهبتهم العرب فسأل عن السبب في ذلك فقيل له: أن هؤلاء أقوام يقيمون في البراري ليس لهم رزق إلا ما يتخطفونه.

فقال: نحن نجعل لهم من بيت المال مقدارا يكفيهم ويكفون عن الحاج. ورتب ذلك أمر به فملت في تلك السنة وكانت وفاته بالازد (كذا) في ربيع الآخر سنة 737هـ (1326م) وتأسف الناصر عليه لما بلغه موته. ترجمة ثانية من الدرر الكامنة في حرف السين بو سعيد بن خربندا بن ارغون بن ابغا بن هولا و (كذا) المغلي. ولد على راس القرن وتسلطن وهو شاب ونشأ على خير فكان معه العراق وخراسان وأذربيجان والروم والجزيرة وكان قليل الشر، وادعى يكره الظلم ويؤثر العدل وينقاد للشرع، وكان يكتب خطا منسوبا، وكان يجيد ضرب العود. وابطل مكوسا كثيرة، وقد اختتن وهدم الكنائس ببغداد: واكرم من يسلم من أهل الذمة. وهادى الناصر وهادنه وعمرت البلاد. كل ذلك بواسطته وانقرض بموته بيت هولاو (كذا) وقتل الذي أقيم بعده. بعد شهور وقتل وزيره محمد ابن الرشيد. وكان الذي يحمله على عمل الخير. وكان موته بأذربيجان في شهر ربيع الآخر سنة 736هـ (1235م) ونقل إلى تربته بالسلطانية فدفن بها. بغداد خاتون بنت النوين جوبان زوج بو سعيد كانت أولاً زوج الشيخ حسن وكان بو سعيد يعشقها وكان أبوها يفهم ذلك فلا يمكنها من دخول الاردو. فلما هرب جوبان وقتل أخوها وخرب الآخر إلى مصر اغتصبها بو سعيد من زوجها، وصارت عنده في أعلى مكانة، ويقال إنه لم تكن في تلك البلاد أحسن منها وصار لها في جميع الممالك الكلمة النافذة، وكانت تركب في مركب حفل من الخواتين، وتشد في وسطها السيف، فلم تزل على علو منزلتها إلى أن مات بو

سعيد فقتلت بعده وذلك في سنة 736هـ (1335م). جوبان النوين الكبير نائب المملكة القانية. تمكن من المملكة وأباد عددا كثيرا من المغل وكان أبنه (دمشق خجا) قائد عشرة آلاف فلما تنكر له بو سعيد قتل أبنه دمشق وهرب أبنه تمرتاش إلى القاهرة وسار جوبان إلى هراة فاطلعه واليها إلى القلعة ثم غدر به وقتله وكان صحيح الإسلام كثير النصح للمسلمين أجرى الماء إلى مكة حتى لم يكن الماء يباع بها وانشأ مدرسة بالمدينة مجاورة للحرم الشريف وكان أعظم الأسباب في تقرير الصلح بين بو سعيد والناصر، ولما نزل خربندا على الرحبة ونصب المجانيق رمى سمس (كذا) قرا سنقر حجرا يضيع (كذا ولعلها بضبع أي بناحية) القلعة فاحضر جوبان المجانيق وهدده وقال له بعد أن سبه: لئن عدت سمرتك على سهم المنجنيق، وكان ينزع النصل من النشاب ويكتب عليه: إياكم أن ترعبوا فهؤلاء ما عندهم ما يأكلون. واجتمع مع الوزير وقال له: ماذا يقول الناس إذا غلب خربندا على الرحبة وسفك دم أهلها وهدمها في هذا الشهر العظيم (وكان شهر رمضان)؟ أما كان عنده نائب مسلم ولا وزير مسلم؟ فدخلا إلى خربندا وحسنا له الرحيل عنها وإن يطلب أكابرها ويخلع عليهم ويعطيهم الأمان ففعل. فكان حقن دماء المسلمين على يدي جوبان، وكانت ابنة جوبان زوج بو سعيد فنقلت والدها لما قتل إلى المدينة الشريفة ليدفن في تربته التي بناها بمدرسته فوصلوا به لكن لم يمكنوا من الدفن بمنع السلطنة فدفنوه بالبقيع وكان قتله في سنة 728 وهو ابن ستين سنة. وقد تقدمت له قصة في ترجمة ايرنجن. قال الذهبي: وكان شجاعا مهيبا شديد الوطأة كبير الشأن كثير الأموال عالي الهمة صحيح الإسلام ذا حظ في صلاة (لعلها في صلاح) وبر وتزوج أبو سعيد بابنته وكان ولده تمرتاش متولي ممالك الروم وابنه دمشق خجا قائد عشرة آلاف.

إيرنجن بكسر أوله وسكون التحتانية وراء مفتوحة بعدها نون ثم جيم، الططري، النوين خال القان (بوسعيد) كان اتفق مع بوسعيد على إمساك جوبان وقتله فتحيل عليه هو وقرمشي ودقماق وجماعة ففطن لهم فهرب فطلبوه وحدثوه (كذا لعلها حربوه أي نهبوا أمواله) فلجأ إلى قلعة مرند. ثم توجه إلى بوسعيد فدخل عليه ومعه كفنه فقال قتلت رجالي ونهبت أموالي فإن كنت تريد قتلي فها أنا (كذا والصواب: وها أناذا) بين يديك، فتبرأ بوسعيد من ذلك. فاستخدم رجالا وأوقع بإيرنجن ومن معه فانكسر واسر هو وقرمشي ودقماق فعقد لهم مجلس فقالوا: ما فعلنا شيئا إلا بإذن القان فأنكر بوسعيد فقال إيرنجن: هذا خطك معي. فضربه بسيخ في قمه (لعلها في قمته أي في أعلى رأسه) فقتله وطيف برأسه وتمكن جوبان أباد اضداده وذلك سنة 709هـ (1309م) وقتل دقماق وقرمشي. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو (لغة العرب) أن نسخ ألف صفحة من كتاب الدرر الكامنة ومعارضتها بثلاث نسخ وتصحيحها كل ذلك من الأعمال التي لا يأتيها إلا جبابرة الأدباء وقد أنجز هذا الأمر الشاق صديقنا فريتس كرنكو مما يدل على طول باعه في لغتنا وتمكنه منها، وبالأخص لأنه لم يتلق علوم لساننا عن معلم بل أتقنها بسعي نفسه وكد فكره. والأسماء المذكورة في الدرر الكامنة غريبة وفيها أعلام من جميع اللغات التي كانت معروفة في عهد العباسيين في العراق وما جاوره. زد على هذا أن تلك الأعلام غير منقطة وقد كتبت كلما وردت بصورة غير الصورة الأولى وهذا ما يوجب الناشر على أن يتأكد كتابة كل أسم قبل تدوينه فيحتاج إلى مراجعة عدة مصنفات وفي لغات عدة ولا يمكن أن يأتي هذا العمل إلا العلامة كرنكو أو من ضارعه، ولهذا نتمنى أن نرى الكتاب مطبوعا في أقرب وقت لتغتني به خزائن الأدباء وعسى أن يتم في القريب العاجل.

أوابد الشهور

أوابد الشهور الصوم الخرساني يصوم أكثر العراقيات آخر سبت من شهر رجب، ويسمى هذا اليوم (الصوم الخرساني) أو (صوم مريم) وتصومه عادة كل امرأة ذات بنين أو بنات وتنقطع فيه عن الكلام فلا تنبس ببنت شفة كل ذلك اليوم. وتصومه أيضاً من تطلب (مرادا) وعند المساء تقعد الصائمة على حافة البئر في بيتها موجهة وجهها شطر (القبلة) ثم توقد الشموع. وتفطر باللبن والسيلان وتقول ثلاث مرات: (فطرنا على اللبن والسيلان يعطينا الله مرادنا مثلما أعطى مريم بنت عمران). رمضان هو من أعظم الشهور عند المسلمين كافة وفيه نزل القرآن (شهر رمضان الذي انزل فيه القران) (الآية) وصيامه فرض على كل مسلم ومسلمة، وهو شهر التعبد والطاعة. وقد اعتاد أكثر المسلمين أن يتصدقوا على الفقراء في كل ليلة جمعة منه لأرواح أمواتهم. وليلة النصف منه تسمى عند أعراب (المعدان) (الخوارة) فيطبخ كل شخص طعاما ويتصدق به عند المساء عن الأموات. ليلة القدر الليلة الثالثة والعشرون عند الخاصة هي ليلة القدر وعند العامة هي الليلة السابعة والعشرون وفي هاتين الليلتين يتصدق المسلمون على الفقراء ويتعبدون ويصلون والزاهدون المتعبدون منهم يسهرون في تلك الليلة والعامة تعتقد أن السماء تنفتح في ليلة القدر. وإن الدعاء مستجاب فيها. كما إنها تعتقد بأن الشياطين يحبسون فيها. عيد الفطر ويسميه العوام عيد الصغير (بضم الصاد وفتح الغين وتشديد الياء المكسورة)

وفي صباح العيد يقصد الخاصة المزارات لأداء صلاة العيد فيها. و (المعدان) يقصدون النهر للنظر فيه معتقدين أن (خضر الياس) يمر إمامهم. وبعد صلوة العيد تقصد الخاصة والعامة قبور أمواتهم فيتصدقون هناك عند القبور على الفقراء ويعطون درهما أو أكثر لأناس مخصوصين لقراءة سورة (يس) على قبور أمواتهم. دورة السنة هو يوم (النوروز) وكلمة (نوروز) فارسية معناها اليوم الجديد وهو راس السنة الجديدة عند الفرس، ومن أعظم أعيادهم. ويرتقي تأريخه إلى آلاف من السنين فيحتفلون به الفرس احتفالا شائقا ويقيمون فيه الأفراح والمهرجانات وأخبار هذا اليوم مشهورة ومدونة في كتب المؤرخين. أما العرب فقد أخذوه عن الفرس. والعوام يسمونه (دورة السنة) والفراتيون يعدونه من الأعياد فيتزينون فيه نساء ورجالا ويصافح أحدهم الآخر مباركا بحلول هذا اليوم واعتقادهم فيه غريب جدا ويعد من الأساطير المهمة: يعتقد العوام على الإطلاق بأن أرضنا مسطحة وليست كروية وأنها تنتهي بجبل عظيم يسمونه (جبل قاف)! وببحر أعظم يسمونه (بحر الظلمات)! والأرض يحملها ثور كبير على قرنه وإن هذا الثور واقف على ظهر حوت كبير، وإذا مر اثنا عشر شهرا، وهو تمام السنة، حول الثور الأرض من قرن إلى آخر: وعندما يحول الأرض يعتقد العوام أن أحد الحيوانات تمر أمام الثور أثناء التحويل فعندئذ يقولون دارت سنتنا على كلب أو قرد أو غير ذلك وهذه الأضحوكة يشيعها المشعوذون المنجمون وأصحاب (الفال) في ذلك اليوم، ومن معتقدات العوام أن السنة إذا دارت على (قرد) فرحوا وصفقوا وقالوا سنتنا سنة خير، لأن القرد حيوان ضحوك. وإذا دارت على (كلب) اغتموا وقالوا: سيحصل في سنتنا حرب أو قتال أهلي أو شجار بين الناس لأن الكلب في معتقدهم شرير. وإذا دارت على (الحوت) اعتقدوا إنه سيحصل نقص عظيم في طعام سنتهم، لأن الحوت حيوان نهم لا يشبع ولأنه ابتلع يونس (عليه السلام). وإذا دارت على (الخنزير) حزنوا واعتقدوا إنه سيصيبهم شؤم ويشق

أحدهم بطن الآخر. وإذا دارت على (الفار) أو (الدجاجة) قالوا سوف يتفشى الموت بين الناس. وإذا دارت على (الحية) أو (ابن آوى) قالوا سنتنا سنة خير. وإذا دارت على (البقرة) فرحوا فرحا عظيما وبشر أحدهم الآخر بالخير والنعم والآلاء: لأن البقرة (حلابة) وأنها ستدر عليهم بإخلاف البركات. والاعتقاد بعدم كروية الأرض غير مقصورة على العوام: بل هناك رجال ممن يعدهم الناس من العلماء الأعلام وهم يعتقدون عقيدة العوام نفسها فمن المعممين في بغداد (الملا نجم الدين) الواعظ في (الجامع النعماني) أمام دائرة البريد في الرصافة والخطيب في (جامع حنان) في جانب الكرخ. ناقشني ذات ليلة في بيت الحلقوني اللوذعي الصديق السيد محمد منير أفندي القاضي وبمحضر منه واخذ يسرد لي حججه ليقنعني بعدم كروية الأرض؟! فجادلته وذكرت له المراصد التي شيدتها الدول الإسلامية في العصور المختلفة وذكرت له أسماء الرجال الذين اثبتوا كروية الأرض منهم: العلامة أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر الصوفي، والشريف أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي الشهير، وعلم الدين قيصر بن أبي القاسم بن عبد الغني الاسفوني المعروف بتعاسيف والعلامة رضوان الفلكي، وعلي بن عيسى الحراني، ومحمد بن مؤيد الدين العرضي: حتى أن هؤلاء جميعهم صنعوا كرات ليمثلوا بها كرة الأرض أو كرة الفلك. وقد حاولت أن أقنعه بالحجج العقلية والنقلية، إلا إنه أبى أصر، وذهبت أقوالي أدراج الرياح: ولما احتدم الجدال بيني وبينه جاءني من طريقة أخرى فاخذ يقرأ لي أحاديث موضوعة فحاربني بالحديث فسكت مضطرا لأني لم أشأ أن أقول له أن هذه الأحاديث موضوعة ومختلفة لئلا يرميني بالمروق والجحود والكفر والإلحاد. واذكر أنني حضرت سنة1923 وعظ الملا مصطفى، وهذا الملا مشهور بين البغداديين، وهو يعظ الناس في جامع (القبلانية) الواقع في (سوق السراي) وأمام (سوق الهرج) المحاذي للمدرسة المستنصرية والبغداديون يتهافتون على سماع وعظه في شهر رمضان لأنه يعظهم بلغتهم ويكثر من النكات الطريفة. وقد يشتم أحيانا. إذا احتدم وغضب، إلا أن الرجل طيب القلب محب لبلاده يحرض الاهلين على الخير، وقد قال ذات يوم وقد ورم انفه وعلا صوته غضبا

(والمصيبة أن بعض السرسرية - أي الأوباش - يعتقدون أن أرضنا هذه مدورة مثل البرتقالة وأنها غير واقفة بل تمشي في الفضاء) ثم صفق بيده أسفا وقال: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) وكان يسمع وعظه كثير من طلبة المدارس وجم من الشبان المنورين ولم يجرؤ أحدهم على رده لئلا تنهال عليه النعال من العامة. وفي عام 1919، كنت مديرا لمدرسة كربلا الأميرية وقد أرسل أشراف المدينة أبناءهم إلى مدرستي واحدا أثر واحد وقد لاحظت ذات يوم في جدول تردد التلاميذ أن أحد أبناء الوجهاء قد انقطع أربعة أيام متواليات فكتبت إلى والده أسأله عن سبب انقطاع ابنه عن الدرس فجاءني الرجل في اليوم الثاني إلى المدرسة فاستقبلته بما يليق بمقامه إلا أنى لمحت على سيمائه آثار الغضب فابتدرني قائلا بلهجة الحنق المغيظ: (أنت يا ابن أخي من بيت فضل وعلم وقد كان جدك وأبوك مثلين حسنين في العلم والأدب فاستعبدت منك أن تلقن ابني أمورا خارجة عن الشرع والعقل وأشياء ما انزل الله بها من سلطان) فقلت له - وقد بهت - ما الخبر يا عم؟ قال لي الخبر هو أنني سألت ابني عن دروسه، فقال: إني أقرأ (جغرافية) وإن الأرض كروية، وأنها تدور حول الشمس، وأنها معلقة في الهواء، أي يا أبن أخي، أنت فتى فاضل، وابن فاضل، وسبط فاضل، فما هذه العجائب الصادرة منك؟ فقلت له: يا عم، أن درس الجغرافية درس رسمي ولابد من تدريسه: إلا أنى ارغب أن أسألك: هل أنت معتقد بفضل العلامة السيد محمد علي هبة الدين الشهرستاني وهل أنت معترف بورعه وصحة نظره قال: اجل! أخرجت له من خزانتي كتاب (الهيئة والإسلام) للمشار إليه وقرأت له دلائله وبراهينه في كروية الأرض المستندة إلى الآي الكريم، وقلت له: اذهب وحاج السيد المشار إليه أن كنت غير قانع ومصدق بما أقوله. فودعني الرجل وانصرف مدهوشا متحيرا. كيفية الاحتفال بهذا اليوم تسمى الليلة التي تتقدم ليلة (دورة السنة) (المتلمسة)، والنساء يزعمن

أن السنة العتيقة جاءت تتلمس الخبر، وعليه يحتم كل امرأة أن تكنس بيتها وتغسله وتنظفه وتبيض القدور والأواني عند (الصفار) وتضع في تلك الليلة تحت سلة الطعام (سبعة سينات) أي سبعة أنواع من الأطعمة التي أول اسمها حرف (س) وهي: 1 - السمك ويجب أن يكون غير مشوي. 2 - سمنو وهو طعام يعرفه الفراتيون. 3 - سبيناغ أي اسبانخ. 4 - سمسم. 5 - سلك بالكاف الفارسية (أي سلق). 6 - سويك بالكاف الفارسية أي (سويق) وهو شعير مهبش (أي مهروس في مهراس والكلمة عراقية) ومسهى أي (محمس) ومجروش يخلط بالدبس. 7 - سيلان أي دبس. ويطبخون أيضاً (زرده وحليب) والزرده هي الأرز والدبس مطبوخان والحليب هو التمن (الأرز) والحليب المطبوخان. وخبز (الركاك) أي الرقاق وهو خبز رقيق يفرش بالشوبك ويشوى في التنور. ويخبزون أيضاً (كليجة) وهو خبز صغير ثخين مدور يكون فيه سمن وقد يطلى بالبيض المدوف فيه زعفران والكلمة عراقية فارسية الأصل. ويسحنون السكر مع السمسم. ويضعون شيئا من السكر والفاكهة والمخضرات ثم يضعون جميع هذه الأشياء في صينية ويضعون فيها على عدد أهل البيت أباريق وتنك صغيرة: للذكر إبريق وللأنثى تنكة (التنك جمع تنكة وهو الكوز بلا بلبلة) ويوقدون على عدد أهل البيت الشموع في الصينية المذكورة وحول الطعام. ومن عادة الكربلائيين وبعض الفراتيين أي العوام منه أن يأكلوا بيضتين مسلوقتين من بيض الدجاج ليأمنوا رمد العين. وفي الساعة التي تدور فيها السنة يجتمع أهل البيت حول الصينية على شكل

حلقة ويتجهون شطر القبلة وبأيديهم دنانير أو سمسم أو أرز يديرونها من يد إلى أخرى ويقولون: (اللهم يا محول الحول والاحوال، ويا مقلب القلوب والأبصار حول حالنا إلى أحسن حال). ولا يجوز لأحد بتاتا أن يمد يده إلى الصينية ليأكل مما هو موجود فيها قبل دورة السنة فإذا دارت أكلوا منها وأهدى الجار إلى جاره شيئا مما عليها أما الشموع الموقودة فتترك على حالها حتى تذوب من نفسها والنساء يتشاءمن كثيرا إذا انطفأت إحدى الشموع، وبعد ذلك يقصد أحدهم الآخر في بيته ليهنئه بهذا العيد! وإذا دخل عليهم في صباح دورة السنة أحد اسمه (محمد أو محمود أو أحمد أو مصطفى) يفرحون ويبتهجون تيمنا بهذه الأسماء التي تسمى بها الرسول الأعظم (ص). وإذا دخل عليهم رجل أعور أو امرأة عوراء شوهاء تشاءموا كثيرا. وفي المدن التي فيها مزارات مثل كربلا والنجف والكاظمين وسامرا وغيرها يقصد الناس في دورة السنة ضريح المزارات ويقرءون سورا ويتلون أدعية ويجب أن لا يغرب عن البال أن هذه العادة جاء بها الفرس إلى العراق. سينزده بدر كلمتان فارسيتان. ومعنى (سينزده) الثالث عشر و (بدر) في الباب ومحصلهما (اليوم الثالث عشر في الخارج) ويحتفل به كل الاحتفال العراقيون ويسميه البغداديون (كسلة) وهو اليوم الثالث عشر الذي يلي دورة السنة وفيه يخرج النساء والأطفال والفتية إلى الارباض المحيطة بمدينتهم والى البساتين والجنات القريبة إليهم فيرمون في النهر أو في البساتين (إبريقا أو تنكة) قد اعشوشب ما حولها. وهذه التنكة يستحضرونها في أول يوم دورة السنة وكيفية استحضارها هي: انهم يأتون بقطعة من الكتان يملئونها شعيرا ويشدونها على التنكة المملوءة ماء وبعد مدة ينبت العشب حولها فتخضر فيأخذ كل واحد منهم تنكة فيرميها كما أسلفنا والنساء يجلسن في البساتين ويأخذن حزمة من الحشيش النابت في البستان ويشددنه من غير أن يقلعنه ويقلن: (خذ الأصفر واعطنا الأخضر). أحمد حامد الصراف

جامع الخلفاء

جامع الخلفاء بعد أن قدمت إلى مدير هذه المجلة الغراء مقالتي (منارة سوق الغزل) التي أدرجها في الجزء الأول من هذه السنة، طبع الكاتب البارع بهجة الأثرى كتاب (تاريخ مساجد بغداد وآثارها). ودعتني تلك المقالة إلى أن انعم النظر في البحث الخاص بجامع الخلفاء، آملا أن أجد فيه ما تزين به تلك الصحائف من الأنباء المتممة، فوجدته يقول في المتن والحاشية (ص 39) عن هذا الجامع أن بانيه هو الأمام محمد المهدي في سنة 159هـ (775م). ولم أتذكر وجود هذا القول في النسخة الخطية المحفوظة في خزانة الآباء الكرمليين، التي كنت طالعتها أبان كتابتي المقالة، ولكني لم اعتد بذاكرتي، فرجعت إلى النسخة الخطية لتحقيق الغاية. وهذا ما فيها (ص 72) عن قدم الجامع: (كان هذا هو المسجد الجامع أيام الخلافة العباسية. . . فكان مصلى خليفة المسلمين من آل عباس). أهـ. ولم يزدنا المخطوط في تعريف زمن بناء الجامع. وإذ ذكرت هذه النسخة المخطوطة، وقد نظر فيها المرحوم الشيخ محمود شكري الآلوسي، كما سيجيء، فلا استغني عن نقل ما ورد فيها عن (شخصية) ناسخها وغير ذلك لعلاقته بالبحث. وهذا ما فيها في ص 155: (تكملة المساجد الثمانية في الجانب الغربي. وقفت على القسم الثالث من أخبار بغداد، وما جاورها من البلاد، للعلامة الأستاذ السيد محمود شكري أفندي الشهير بالآلوسي دامت معاليه، وهذا القسم التاريخي يحتوي على ذكر الجوامع والمدارس في بغداد، ولما كان الجانب الغربي يحتوي على كثير من المساجد التي لم يرد ذكرها فيه أحببت أن ألحقها فيه (كذا) خدمة للتاريخ. والله الموفق المعين) أهـ. وفي آخر الكتاب (ص 171) ما يلي: (هذا ما وصلت إليه يدي من تكملة المساجد في الجانب الغربي مع ضيق الوقت. . . وأنا الفقير إليه تعالى

محمد خلوصي ابن السيد محمد سعيد التكريتي الناصري، تحريرا في اليوم الحادي عشر من شهر شعبان المعظم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ألف هجرية). أهـ. قلت أن الشيخ الآلوسي نظر في هذه النسخة والذي يؤكد لنا ذلك ما نقرأه في ورقة بخطه ملصوقة بالصفحة 33 من المخطوط فيها قصيدة لعز الدين أبي حامد عبد الحميد بن أبي الحديد، وهي التي طبعت في مجلة اليقين (1 (1341هـ 1922م): 433) في جملة المستنصريات، ثم في المستنصريات المطبوعة على حدة (ص 11) وجاء منها بيتان في اليقين أيضاً (3 (1344هـ 1925م): 489) ووردت في كتاب المساجد المطبوع (ص 91) ومطلعها: أبيت فلا أقيم على الصغار ... وبالمستنصر الملك انتصاري وفي ذيل الورقة ما قوله: تابع صحيفة 31 من كتاب المساجد بعد قوله: في الشرع والمطلوب كالمعتذر ثم تثبت هذه القصيدة. ثم يأتي بعدها: وتلخيص شروط هذه المدرسة (يريد بها المستنصرية) أهـ. وكل ما في هذه الورقة بخط الآلوسي. وبعد هذا الإيضاح عن النسخة المخطوطة لا أخال أن القول عن جامع الخلفاء إنه جامع الرصافة من زيادة المؤلف بعد نظره في تلك النسخة. وقد يكون ظني في غير محله. ولما كانت النسخة المطبوعة لكتاب المساجد تعتبر جامع الخلفاء إنه جامع الرصافة أحببت أن أعود إلى طرق هذا الموضوع نفعا للتاريخ ولعلمي أن الحقيقة بنت البحث وإن الأثرى من الذين ينشدونها أني لأستأذنه في ذلك: قال الأثرى في مقدمته على المطبوع (ص 15) نقلا عن الخطيب البغدادي: (أن أول جمعة أحدثت في الإسلام في بلد مع قيام (الجمعة القديمة) في أيام

المعتضد في دار الخلافة من غير بناء مسجد لإقامة الجمعة، قال: وسبب ذلك خشية الخلفاء على أنفسهم في المسجد العام، وذلك سنة 280هـ (893م) ثم بني في أيام المكتفي مسجد فجمعوا فيه) أهـ. وقد علق الأثرى (ص 39) حاشية على بحث جامع الخلفاء أورد فيه ملخص كلام معجم البلدان عن الرصافة وجامعها فقال: (ذكر ياقوت الحموي المتوفى في سنة 626 أن المهدي بني في الرصافة جامعا أكبر من جامع المنصور واحسن وإن فراغه من بناء الرصافة والجامع بها كان سنة 159هـ أي في السنة الثانية من خلافته وانه وجد تلك النواحي في عصره خربة وانه لم يبق منها يومئذ إلا الجامع وبلصقه مقابر خلفاء بني العباس وقال: وعليها وقوف وفراشون ولولا ذلك لخربت). أهـ. فكأنه أراد بذلك أن يؤيد ما جاء في الكتاب نفسه من أن جامع الخلفاء هو جامع الرصافة، ولو لم تكن لدينا تلك الشواهد التي أوردتها في مقالة منارة سوق الغزل عن أن جامع الخلفاء هو غير جامع الرصافة لكفانا قوله نقلا عن الخطيب إنه كانت (جمعة قديمة) وجمعة أحدثت في أيام المعتضد في دار الخلافة ثم بني مسجد في أيام المكتفي فجمعوا فيه). ويحسن بنا أيضاً أن نرجع إلى كتاب مناقب بغداد الذي طبعه الأثرى (ص 21 و23 و33) فإذا راجعناه لا يسعنا أن نسمي جامع الخلفاء بجامع الرصافة بل نقول بدون تردد إنه جامع القصر. والظاهر أن الأثرى ائتمن جريدة العرب، أو مجلة مرآة العراق التي نقلت عنها، على ما نقلته عن معجم البلدان ولم يظن أن هناك بترا وعدم ترو أدى إلى قولها أن جامع الخلفاء هو جامع الرصافة. ولولا اعتقاده بأمانة النقل لآتى ببقية كلام المعجم عن الرصافة وجامعها حيث يقول: وبلصقها (بلصق مقابر خلفاء بني العباس) محلة أبي حنيفة الإمام وبها قبره) ولانتهى بالبت بأن جامع الخلفاء هو غير جامع الرصافة. وإذا عارضني أحد في إسناد النقل عن أحد المأخذين المذكورين: العرب

والمرآة بأنه قول مجرد عن سند فإن لي دليلا على ذلك هو اتفاق كلام حاشية ص 39 من كتاب المساجد المطبوع مع كلام المنقول عنه إلا التحرير، وهنا اقتطف كلام الجريدة والمجلة وكلام الكتاب للمقارنة بينهما: كلام العرب والمرآة وقال بعض المؤرخين إنه أدرك من باب هذا المسجد ميلين شامخين في الهواء كانا على جانبي باب الجامع وإن سليمان باشا الكبير والي بغداد سنة 1193 هدهما وبني بأنقاضهما مسجدا صغيرا بقرب المنارة وهو المشتهر اليوم بجامع الخلفاء وكان الباب الذي على جنبيه الميلان السوق التي يباع فيها اليوم الغنم وغير ذلك. كلام الكتاب وذكر بعضهم إنه أدرك من هذا المسجد الجامع ميلين شامخين في الهواء كانا على جانبي بابه وإن سليمان باشا والي بغداد سنة 1193 هدمهما وبني بأنقاضهما مسجدا صغيرا بقرب المنارة (وهو المسجد الموجود اليوم) وإن الباب الذي عليه الميلان كان عند السوق التي يباع فيها اليوم الغنم وغيره. وجاء في الجريدة والمجلة المذكورتين ما قوله: (. . . فانهم (يريد بهم البريطانيين) لما رأوا ما عراها (عرا المنارة). . . أرسلوا لها عارفين. . . فكشفوا عليها. . . ثم باشروا في إصلاح خللها. . . وقد جددوا كرسيها على الأساس الأول واخذوا يصلحون البدن كله. . .) وقال الأثرى عن ذلك: (وقد اعتنى البريطانيون بعد احتلال بغداد بالمنارة الباقية من الجامع وجددوا كرسيها على الأساس الأول ولم يكملوها) وكان الزمن قد أكل بعض آجر الكرسي فضعف وهذا الذي أعادوه إلى ما كان، ولقد أحسن الأثرى بقوله: (لم يكملوها) إذ انهم لم يصلحوا غير الكرسي. وعسى أن يقوم أحد بقراءة بقية كتابتها ولعله يفلح بإدراكه منها شيئا. وصفوة القول أن جامع الخلفاء كان يسمى جامع القصر ثم سمي جامع الخليفة أيضاً وقد فشا عنه قول إنه جامع الرصافة في كتاب المساجد المطبوع لغلط المصدر الذي أخذ عنه، والعصمة لله وحده. بغداد: يعقوب نعوم سركيس

دفين جامع الأصفية

دفين جامع الأصفية جاء في كتاب المساجد المطبوع (ص 28 - 31) بحث عن جامع الاصفية قال فيه أن في الجامع قبر اشتهر بين الناس إنه للعالم الزاهد أبي الحارث المحاسبي وإن البعض يقول للكليني من أكابر علماء الأمامية وإن كلا القولين لا يصح وانه يفهم من كلام بعض المؤرخين إنه قبر أبي جعفر المستنصر بالله باني المدرسة المستنصرية (بل هو الظاهر المتعين) ثم قال ولابد أن يكون ذلك لأحد الخلفاء وأيد ذلك بعده (ص 101). وأني لأستميح الأثرى عفوا باستخراجي من المطبوع نفسه فضلا عن غيره أن المرقد لغير المستنصر. جاء في هذا الكتاب (ص 101) (ثم أشيع موته بعد ذلك (موت المستنصر بعد مبايعة ولده) ودفن في الدار المثمنة على دجلة ثم نقل إلى تربة الرصافة فدفن تحت قبة كان قد اتخذها لنفسه مدفنا) أهـ. وفي معجم البلدان أن الدار المثمنة هي في دار الخلافة، وقد رأينا هنا (5 (1927): 453) أن أول باب لحريم دار الخلافة من جهة الغرب هو باب الغربة وانه هو ما يسمى اليوم بشريعة المصبغة، وقد قال كتاب المساجد (ص 71) عن باب الغربة إنه هذه الشريعة ولا أظن أن الأثرى يخالف القائل أن ما كان فوق شريعة المصبغة ليس بحريم دار الخلافة إذ قد أتيت ببينات بهذا الصدد في مقالة عن حريم دار الخلافة في هذه المجلة في عددها الثامن من سنتها الخامسة ومن ثم فجامع الاصفية ليس في دار الخلافة فليس بالدار المثمنة وليس إذن دفين المرقد بالمستنصر هذا فضلا عن إنه نقل من الدار المثمنة كما رأينا. وهذه رواية أخرى عن دفن المستنصر ونقله جاءت في كتاب الحوادث الجامعة في أخبار سنة 640هـ (1242م) وهي هذه: (ودفن (المستنصر) في الدار المثمنة بدار الخلافة على شاطئ دجلة) وقال كتاب الحوادث أيضاً في

فصل صدره هكذا: (ذكر نقل المستنصر بالله من مدفنه بدار الخلافة إلى التربة بالرصافة: . . . تقدم إليهم (وقد ذكرهم قبلا) بقصر دار الخلافة. . . فمضوا. . . ثم قصد هؤلاء كلهم دجلة فخرج الصندوق الذي فيه الخليفة. . . ثم حط في شبارة طويلة. . . فلما وصلوا إلى مشرعة الرصافة رفع الصندوق على الرؤوس وامتد الناس كلهم بين يديه إلى التربة فدفن رحمه الله في الموضع الذي أعده. . . ثم ترددوا (تردد الناس) إلى الترب. . .) أهـ. وفي معجم البلدان في مادة الرصافة أن خربت تلك النواحي كلها ولم يبق إلا الجامع وبلصقه مقابر الخلفاء بني العباس. . . وبلصقها محلة أبي حنيفة الإمام وبها قبره. فترب الخلفاء هناك وفيها مرقد المستنصر كما رأينا. وكلتا الروايتين: الرواية الواردة في كتاب المساجد ورواية الحوادث الجامعة تؤيد إحداها الأخرى أن دفين الاصفية ليس بالمستنصر. ومما جاء في كتاب المساجد أيضاً إنه صرف على عمارة هذا المرقد نحو عشرة آلاف دينار وانه من البعيد أن يدفن الكليني في مثل هذا الموضع أو ذلك الرجل الصالح المحاسبي الذي كان لا يملك دينارا ولا درهما وانه من البعيد أن يصرف غيره على عمارة مرقده هذا المبلغ. قلت: وفضلا عن هذا الاستخراج ورد في نزهة القلوب (بالفارسية) لحمد الله المستوفي الذي ألفه في سنة 740هـ (1339م) وتوفي في سنة 750هـ (1349م) أن الحارث المحاسبي مدفون في الجانب الغربي على ما جاء في الكتاب المذكور (35 من طبعة جب بلندن) خلافا لما يرى في كتاب (تراجم الوجوه والأعيان المدفونين في بغداد وما يليها من البلدان) تغريب وتأليف صفاء الدين عيسى البندنيجي المتوفي في سنة 1283هـ (1866م) وهو كتاب مخطوط يرى في خزانة الآباء الكرمليين في الحاضرة وهو القائلي أن المحاسبي مدفون في الاصفية ولما كان المستوفي أقدم عهدا من الأخير بقرون فمن الظاهر أن القبر ليس للمحاسبي بصورة باتة على ما ذهب إليه المرحوم الالوسي.

وعسى أن يطلعنا أهل البحث على هذا الدفين. بغداد: يعقوب نعوم سركيس ملحق بجامع الأصفية (لغة العرب): - قابلنا بعض ما جاء في تاريخ مساجد بغداد وآثارها المطبوع بالنسخة المخطوطة الموجودة في خزانتنا، فوجدنا (المهذب) غير عبارة المؤلف رحمه الله تغييرا عظيما ويكاد يكون في كل موضع وموضوع. من ذلك أن السيد الالوسي كان قد كتب عن جامع الاصفية: (أن كر الليالي ومر العشي قد ضعضع منه بنيانه وزلزل أركانه) فاصلح العبارة (المهذب) وقال في (ص 28) (قد ضعضعا منه بناينه وزلزلا أركانه) مع أن كر الليالي ومر العشي أمر واحد. ولهذا كان أفراد الفعل اصح أوثق معنى. ومما هذبه (المهذب) في كلامه عن هذا الجامع الأبيات المرسومة على الحجر الكاشاني فوق الباب الذي في جهة الشرق من المسجد وهي هذه: ذا جامع كان قدما (لا نظير له) ... في حسن بنيانه والدهر (غيره). . . حتى أتى ذو العلي داود آصفنا ... من (حك) بالسبعة الأفلاك مفخره فشاد (إطنابه) من بعدما (اندرست) ... للعابدين ووشاه وصوره (وحين تم) غدا الداعي يؤرخه ... ذا جامع (بالندى) داود عمره أما حضرة المهذب فقد أبدل الألفاظ التي حصرناها بين قوسين بما يأتي: (لا شبيه له. . . بعثره. . . من حل. . . أركانه. . . انهدمت. . . ومذ أتم. . . بالندا.). قلنا: فإذا كان يجيز لنفسه (تهذيب عبارة أستاذه) أفيجيز لنفسه إصلاح عبارة الأقدمين، ولاسيما عبارات مكتوبة على الكاشي تنعي على مغيرها أوهامه وسقطاته؟ ثم أن حضرته كتب في الحاشية عن انهدام رأسي مئذنتي الاصفية ما هذا حرفه: هب في أوائل الحرب العامة إعصار شديد معه مطر ينصب كالسيل الجارف كاد يجعل بغداد عاليها سافلها، وذهبت به شرفات البيوت (كذا)

المريق

ورأس (كذا) هاتين المئذنتين. . . إلى آخر ما قال، فانظر كيف يؤرخ حضرته وقائع السنين، إذ يكتفي بقوله: في أوائل الحرب العامة. مع أن الأمر وقع في 9 نيسان سنة 1915 وهو غير بعيد عنا. فأنت ترى من هذا أن الكتاب هو على هذا النحو من قطع وجذع وحذف وصلم وقد تصرف (المهذب) في عبارة المؤلف رحمه الله حتى إنه لم يبق لها مزيتها الأولى التي وضعت عليها والكتاب المطبوع كله على هذا النسق فلا تستطيع أن تهتدي إلى عبارة الأستاذ على ما كانت. ثم جاء بحواشيه فكانت ثالثة الأثافي. أو الدواء الشافي، عاملنا الله بمغفرته ورحمته. المريق المريق وزان دريء (وفي لغة غير صحيحة كقبيط): (حب العصفر وفي التهذيب: شحم العصفر. وبعضهم يقول: هي عربية محضة وبعض يقول: ليست بعربية. قال ابن سيده:. . وقال سيبويه: حكاه أبو الخطاب عن العرب، قال أبو العباس: هو أعجمي. وقد غلط أبو العباس، لأن سيبويه يحكيه عن العرب، فكيف يكون عجميا؟ وثوب ممرق: صبغ بالمريق. وتمرق الثوب: قبل ذلك (انتهى بحرفه عن اللسان). والذي أراه أنا أن المريق ينظر إلى اللاتينية وهي محارة يستخرج منها صبغ لونه كالجريال أو المرجان يعرف بالبرفير أو الفرفير أو الأرجوان ولون المريق يشبه لون (المريخ) وهو نجم لونه بين الأصفر والأحمر. واصل المادة هو (المرج) بمعنى الخلط والمزج لاختلاط لوني الأصفر والأحمر معا فيكون منهما لون المريق. ولهذا أرى أن المادة سامية الاصل، فنقلها منها الأقدمون إلى لغاتهم.

الكتب الخطية

الكتب الخطية الموجودة في خزانة السيد محمد مهدي العلوي بسبزوار (إيران) 1 - كتاب إرشاد الأذهان (في الفقه) للعلامة الحلي بخط منها بن رداد الجزائري فرغ من استنساخه في ليلة السبت 6جمادي الآخر سنة 967هـ في طوس وفي هامش الصفحة الأخيرة من الكتاب إجازة بخط أحد العلماء أجاز فيها الأمير الكبير عبد الكريم ابن الأمير عبد الوكيل بأن يروي عنه كلما صحت له روايته وأجازته، وتاريخ الإجازة سنة 1006هـ وعلى هذا الكتاب حواش نافعة. 2 - نسخة أخرى من كتاب الإرشاد بخط محمد اسحق بن محمد افتخار وتاريخ الفراغ من تحريره: 22 محرم سنة 1087هـ. 3 - ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد (المذكور). من مؤلفات الاخوند الملا محمد باقر السبزواري، تم استنساخه في يوم السبت غرة شهر صفر سنة 1211هـ على يد محمد بن حسن خان السبزواري في طوس. 4 - كتاب تفسير النيسابوري المسمى بأنوار التنزيل وأسرار التأويل مكتوب إلى سورة مريم وسقط منه بعض السور ولم يذكر فيه أسم كاتبه ولا تاريخ الفراغ منه لكن الظاهر منه إنه قديم الخط، وعلى هذا الكتاب حواش للسيوطي وعصام الدين وعبد الحكيم وغيرهم. 5 - كتاب الصلوة (في الفقه) لأستاذنا العالم الكبير الشيخ الميرزا محمد حسين القفقازي اللنكراني، وهو بخط مؤلفه، واكثر فصول الكتاب هي محاضرات العلامة المصلح الشيخ الملا محمد كاظم الخرساني. وهذا الكتاب غير مطبوع. 6 - كتاب قرة العيون (في علم الكلام) للملا محسن الفيض. فرغ كاتبه الكربلائي محمد بن الحاج باقر الكربلائي من استنساخه في يوم الاثنين 8 ذي الحجة سنة 1221هـ. 7 - كتاب التعجب (في علم الكلام) لمؤلفه الشيخ أبي الفتح الكراجكي

بخط الحاج الملا أحمد الكوزه كناني، فرغ من استنساخه في العشر الأول من ذي الحجة سنة 1306هـ في كربلاء، وأظن أن هذا الكتاب غير مطبوع. 8 - شرح الباب الحادي عشر (في علم الكلام) للفاضل المقداد السيوري تم على يد كاتبه الملا علي أصغر ابن الملا حسن الكوه ميشي في يوم الاثنين 18 شوال سنة 1224هـ. ويلحق بهذا الكتاب حاشية الملا عبد الله اليزدي على تهذيب المنطق بخط كاتبها الملا علي أصغر المذكور، لم يذكر تاريخ فراغه من تحريرها. 9 - ديوان الحاج الملا هادي السبزواري المسمى بأسرار (بالفارسية) بخط الميرزا رجب علي المتخلص بفرصت (بكسر الفاء واسكان الراء وبسط التاء) ابن المرحوم الميرزا رخصت (وزان غرفة وبتاء مبسوطة في الآخر) الشاعر السبزواري، أتمه في ربيع الثاني سنة 1280هـ. 10 - كتاب البداية (في علم الدراية للشهيد الثاني زين الدين العاملي، بخط الشيخ محمد حسين السبزواري، لم يذكر تاريخ الفراغ من استنساخه. 11 - رسالة تشريح الأفلاك (في علم الهيئة) للشيخ بهاء الدين العاملي، فرغ من استنساخها الشيخ علي بن عبد العظيم في سنة 1331هـ. 12 - كتاب الإتقان (في علم الأصول) لمحمد هادي بن محمد أمين. ثم الكتاب في 20 شعبان سنة 1336هـ على يد السيد عبد الله الموسوي الخوئي في النجف الاشرف (غير مطبوع). 13 - حاشية على قوانين الأصول (في علم أصول الفقه) للمحقق الميرزا أبي القاسم القمي، وهي للسيد محمد الشهشهاني من علماء اصبهان، لم تكمل، (وهي مخطوطة لم تطبع). 14 - شرح القطر (في علم النحو) لابن هشام، بخط الشيخ محمد بن الملا

جعفر، فرغ من تحريره في رجب سنة 1267هـ. 15 - حاشية الحاج الملا هادي السبرواري على شرح الألفية للسيوطي (في علم النحو) كتبت إلى أواسط باب المصدر، لم يذكر في الكتاب أسم كاتبه ولا تاريخ الفراغ، لم يطبع. 16 - شرح لغز الشيخ البهائي العاملي المسمى بالكافية. وهو رسالة وجيزة للسيد عبد الرحيم الموسوي الخرساني القاءاني النوربخش، فرغ الشارح من تأليفها في ليلة الخميس 5 ذي القعدة سنة 1296هـ في سبزوار وفرغ مستنسخها الحاج الملا علي أكبر الكوه ميشي في ربيع الأول سنة 1298هـ (أي بعد سنتين من تأليف الرسالة، لم يطبع). 17 - حاشية على مبحث الطهارة من كتاب الرياض للسيد علي الطباطبائي الحائري (في علم الفقه)، وهي للشيخ غلام حسين بن علي أصغر بن غلام حسين الدربندي (لم يطبع). 18 - حاشية المير سيد شريف على كتاب الشمسية (في علم المنطق)، فرغ من تحريرها الفاضل المار ذكره آنفا الملا علي أصغر الكوه ميشي، لم يذكر فيها تاريخ الفراغ منها. 19 - مجموعة صغيرة تحتوي على بعض السور القرآنية والأدعية المأثورة بخط السيد شهاب الدين أحمد بن نور الدين الحسيني النيريزي، فرغ من تحريرها في 14ربيع الأول سنة 1296هـ. 20 - مجموعة صغيرة تحتوي على بعض السور القرآنية والأدعية المأثورة بخط الاغا هاشم الاصبهاني، حيث أن بعض أوراقه قد تمزقت قام بتنقيحها وكتابة ما سقط منها (خطيب باشي طوس) وذلك بإشارة والدي الحاج السيد إبراهيم وتاريخ التنقيح والتصحيف: ربيع الثاني سنة 1327هـ. 21 - رسالة وجيزة في العصمة وهي رسالة فلسفية كلامية، كتبها مؤلفها جوابا على استفتاء ورد إليه حول ذلك، وهي بخط مؤلفها العالم الجليل الشيخ محمد علي القمي الحائري، فرغ منها في يوم السبت من العشر الأخير من رجب سنة 1343هـ (مخطوطة).

22 - مجموعة صغيرة تحتوي على عدة رسائل وهي: مقدمة كتاب التنبيهات العلية على وظائف الصلوة القلبية، وتشتمل هذه المقدمة على تحقيق معنى القلب والذي ينبغي إحضاره في أوقات العبادات وبسببه تفاوت مراتب العبادة في الدرجات، وبقية هذا الكتاب مفقودة ولا يعلم أسم مؤلفها. 23 - كتاب مصباح الشريعة: مشتمل على مائة باب وكلها من أقوال الإمام (جعفر الصادق عليه السلام) في المواعظ والارشاد، لا يعلم أسم مؤلفه وقد ينسب إلى الإمام الصادق نفسه (طبع هذا الكتاب مرتين ملحقا بكتاب جامع الأخبار مرة بإيران ومرة ببمبي أما طبعة بمبي فلا يخلو منها من الغلط). 24 - رسالة تحتوي على أربعين سورة من الأحاديث القدسية يدعي صاحبها إنها منتخبة من التوراة (وقد طبعت). 25 - رسالة موجزة منتخبة من حكم الإمام علي ابن أبي طالب (ع) مرتبة على حروف المعجم (مخطوطة) وهذه ديباجتها: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي خلق الإنسان بقدرته، وهداه بتوفيقه، إلى جادة طريقه، وحكمته، وفضله بتوحيده على سائر خليقته، احمده على تمام نعمته، واشكره على دوام رحمته، واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له شهادة ينجو بها المؤمنون واشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله لإظهار دينه ولو كره المشركون وبعد فيقول العبد الفقير إلى الله المجيب، محمد بن غياث الشيرازي الطبيب، عامله الله بفضله القريب هذه رسالة سميتها نور الأبرار من حكم أخ (كذا) الرسول حيدر الكرار أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) فانتخبت من درر ألفاظه وزبدة ايعاظه مما نقل عنه في كتاب نهج البلاغة ودرر الحكم من لب لبابها فوايد (كذا) تزيل العمى، وتذهب البكم ورتبته على حروف الهجاء وإن لم يكن بألفاظه

لهجا، وأني معترف بالقصور في هذا المنتخب لكن هداني إليه ما ورد أن المرء يحشر مع من احبه، حرف الألف: الدين يعصم الخ. 26 - رسالة نثر الالئ من حكم مولانا علي وهي أوجز من الرسالة المتقدمة (مخطوطة)، أما مؤلفها فقد قال الميرزا عبد الله الاصبهاني المعروف بالأفندي في كتابه رياض العلماء في ترجمة أمين الإسلام أبي علي الطبرسي صاحب التفسير ثم أن له من المؤلفات أيضاً كتاب نثر اللآلئ على ما ينسبه إليه وقد رأيت نسخا منه وهو رسالة مختصرة ألفها على ترتيب حروف المعجم وجمع فيها كلام علي (ع) على نهج كتاب الغرر والدرر للآمدي وظني إنه للسيد علي بن فضل الله الحسيني الراوندي، أهـ. 27 - رسالة في طرق السلوك والعرفان لرجل اسمه الشيخ إسمعيل ولم تزدنا ديباجتها على ذلك (فارسية). وكاتب هذه المجموعة لم يدرج اسمه فيها ولا كتب تاريخ الفراغ منها لكن الظاهر من نسخها إنها كتبت في القرن الماضي (الثالث عشر الهجري). المصحف الخطي وفي خزانة كتبنا مصحف كريم بقطع الثمن الصغير خطه في منتهى الحسن والجودة، وتحت كل سطر منه ترجمته بالفارسية بخط حسن، وفي هذا القرآن المجيد خطوط مذهبة تحيط بكتابات كل صفحة، فرغ من تحرير هذا المصحف الشريف كاتبه (المجهول) في سنة 1253هـ. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي معنى الأسيل في (البستان) الأسيل كل سبط مسترسل و - من الخدود السهل اللين الدقيق المستوي والمسنون الليل (كذا) الدقيق الآنف يقولون (هو على آسال من أبيه) كما يقولون على آسان. . . أهـ. قلنا: وغلط الطبع واضح، والصواب:. . . والمسنون اللطيف الدقيق. . . وأما ربط الجملة الأولى بقوله: يقولون: هو على آسال. . . فكان يجب أن يقطع هناك الكلام ويبدأ بعبارة أخرى لا تتصل بما سبق.

فريتس كرنكو

فريتس كرنكو فريتس كرنكو هو أسم المستشرق الألماني الذي يطوي اليوم بساط أيامه في بكنهام (في إنكلترة) ناشرا كتبا شعرية لغوية تاريخية لقدماء السلف مصححا إياها مما أوقعه فيها النساخ من الأغلاط والأوهام المتنوعة. وكرنكو كلمة صقليية معناها (ابن سادن الشمس) وكان والد صديقنا موظفا في خدمة الحكومة الألمانية. ولد فريتس في 12اب سنة 1872م وهو الولد الثاني لوالديه لأنه كان له أخت سبقته في الحياة والممات، إذ انتقلت إلى دار البقاء قبل ولادته، ولما بلغ السنة الخامسة من عمره غادر والده هذه الدنيا فرجعت حينئذ والدته إلى بيت أبيها ومعها فريتس وأخت له فعني جده بتربيته وتربية أخته. وكان جده لأبيه مهيبا بين الناس في بلدته المعروفة باسم شنبرج التي معناها في العربية الجبل (برج) الحسن (شن). فأرسله جده يتردد إلى المدرسة الثانوية وهي عند الألمان كالدرجة الأولى لمن يريد الرقي إلى الجامعات المشهورة، ولكن - لسوء حظ الصبي - كان في ظن عمه أن الأحسن لهذا الفتى أن يدرس التجارة، فلما بلغ من سنه السادسة عشرة. دخل الصبي في محل تاجر في مدينة لويبك وكان يومئذ يحسن الإنكليزية ولغات أخرى قديمة وحديثة ولم يكن يتفرغ للغات الشرقية إلا إنه كان من همه في كل فرصة ينتهزها مطالعة الآداب واللغات معالجا إياها بنفسه بكل جد واجتهاد. وأول لغة شرقية باشر دراستها كانت اللغة الفارسية، ثم طالع كتب النحو للغات الهندية وسائر الأمم: فلم يستطب منها إلا اللغة العدنانية فتفرد لها بعد سنة 1901 ثم أخذ يتبحر فيها وفي آدابها معالجا كل ذلك بنفسه غير آخذ أصولها عن أستاذ، ولله دره! وذلك لأنه لم يجد من كان واقفا على حرف من حروف اللغات الشرقية فيطلعه على مبادئها أو لا أقل من أن يرشده إلى أحسن المصنفات التي الفت لهذه

الغاية فأضاع شيئا كثيرا من اثمن عمره وهو يطالع كتبا غير صحيحة أو غير مفيدة الفائدة المطلوبة. وفي سنة 1907 صادف لحسن حظه السيد الجليل السر جارلس ليال ناشر ديواني عبيد بن الأبرص السعدي الاسدي، وعامر ابن الطفيل العامري أو عامر بن صعصعة وناقلها إلى الإنكليزية وهو من كبار مستشرقي الإنكليز، فكان أول من حثه على إتقان العربية ونصحه عدة نصائح عادت عليه بفوائد جزيلة، وكان في تلك المطاوي يشتغل بالتجارة والصناعة فنجح نجاحا لا ينكر حتى إنه كان في إدارته في زمن الحرب العظمى أكثر من ألف عامل وعاملة، ولما رأى أن أشغال التجارة تقوم عقبة في وجهه أخذ يقلل منها وما كان يسرقه من الأوقات التي كان ينزعها من أمور الاتجار يبذله عن يد سخية لمعاناة درس لسان يعرب ومطالعة كتبه من مطبوعة ومخطوطة وكان في عزمه أن يرصد مبلغا جليلا لنشر العلوم العربية إلا أن الأقدار عاكسته ففقد في أبان الحرب العظمى جل ما كان يملكه ولهذا انتقل بأسرته من مدينة ليسستر إلى لندن. ومع كل هذا وغيره لم ينقطع عن الاشتغال بعلوم السلف وآدابه ونشر ما كان يراه مفيدا لأبناء هذا العصر ساعيا سعيا حثيثا في هذا الميدان. ولقد هذب ونشر عدة كتب نادرة كانت مدفونة في زوايا الإهمال أو النسيان، من ذلك: 1 - ديوان أبي دهبل الجماحي. 2 - ديوان بكر بن عبد العزيز العجلي. 3 - ديوان النعمان بن بشير. 4 - طبقات النجاة للزبيدي. 5 - الجمهرة لابن دريد وهو كتاب ضخم جليل في اللغة. 6 - تنقيح المناظر لابن هثيم البصري ثم المصري وهو أجل كتاب صنف في هذا الفن. 7 - الكتاب المأثور عن أبي العميثل الأعرابي. 8 - الأرض التي اقطعها النبي الحنيف لتميم الداري وهي تتضمن حبرون

والمرطوم وبيت عينون وبيت إبراهيم وما يتصل بها. 9 - مرثية المغيرة بن المهلب بن أبي صفرة التي يعزوها بعضهم إلى زياد الأعجم والبعض إلى سلطان العبدي. 10 - المجتنى لابن دريد. 11 - الحماسة لابن الشجري. وهناك كتب أخرى نجهل أسماءها أو لم نقف عليها. وقد هيأ للنشر: 12 - كتاب التيجان لابن هشام. 13 - كتاب الدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني. 14 - ديوان الطفيل والطرماح. 15 - كتاب معاني الشعر لابن قتيبة. وله مقالات عديدة في المجلات الإنكليزية والألمانية الكبرى وفي لغة العرب، وله تعليقات نفيسة وتصحيحات عديدة علقها على نسخة له من لسان العرب وهي النسخة المطبوعة في مصر القاهرة، إذ وجد فيها أغلاطا وأوهاما شتى، وقد طالع مئات من دواوين الشعر للجاهلية والمخضرمين ولمن كان في صدر الإسلام واستل منها الألفاظ المشروحة التي لا ترى في كتبنا اللغوية وقد بعث من هذه الدرر البديعة بأكثر من 15. 000 كلمة إلى العلامة الألماني فيشر الذي يضع معجما عربيا حاويا ألفاظا قديمة لم ترد في معاجمنا العربية كالقاموس ولسان العرب وتاج العروس وسائر كتب متون اللغة. فإذا كان العلامة كرنكو أمد زميله وبهذا القدر من الألفاظ المستدركة على أصحاب دواويننا فما يكون قدر تلك الألفاظ التي جمعها المستعرب الألماني فيشر وهو لم يتم سفره إلى هذا اليوم؟ هذا بعض ما نعرفه عن صديقنا الألماني ولعل ما نسيناه أكثر مما ذكرناه. الحب بمعنى الجرة الضخمة جاء في (البستان) الحب - الجرة و - قيل الضخمة من الجرار و - الخشاب الأربع. و - الخابية أهـ - قلنا: والصواب الخشبات الأربع وما بقي من المعاني هو واحد لا حاجة إلى فصل بعضه عن بعض فاحفظه.

أسرار اللغات واللهجات

أسرار اللغات واللهجات 2 - لكل لغة أو لهجة ذوق خاص بها أن لكل لغة أو لهجة ذوقا خاصا بها ولكل كلمة أو جملة وقعا دقيقا لا تجده في مقابلها من لغة أخرى. فقد يجد الإنسان بونا كبيرا في الذوق بين تركية أهل الأستانة وبين تركية سكان الضواحي من التركمان. وللغة البداة من العرب نبرات لا نجدها في لغة الحضر منهم، وفي أناشيد البدو وأغانيهم جرس خاص يضطر المغنين من الحضر إلى احتذائهم في بعض ما ينظمون ولاسيما ما كان للحماسة أو النياحة. وأهل العراق ينقلون الأغاني السورية والمصرية على حالها لخاصية فيها؛ وإن أدى ذلك إلى ما ليس في مألوفهم من قلب القاف همزة، والظاء زايا مفخخة، والجيم كافا فارسية. ويرون أن تحقيق مخارجها الأصلية مفسد لنشوتها. ومن ثم كان من العبث أن نلتمس في الترجمة ما نلتمسه في الأصل من التأثير في العواطف. فكم من شعر نظم في لغة أو لهجة فهز العواطف، وحرك الرواكد ثم صادف عكس التأثير بعد نقله إلى لغة أخرى، أو لهجة تخالف اللهجة الأولى، وإن كانتا بنتي لغة واحدة. فآيات الكتب المقدسة المعربة مثلا يشهد العقل بأن فيها حكما بالغة، لكن العاطفة لا تشهد بقوة فعلها في النفوس بعد التعريب إلا ما لا يلحظ فيه التأثير كبعض الأحكام والقصص. وطائفة من القرآن إذا نقلت إلى لغة أخرى كان نقلها سلبا لخلعة الأعجاز المفرغة عليها، فقول القرآن: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) نموذج من إعجازه، ولكنها إذا ترجمت إلى التركية مثلا فقيل: (هبكز اللهك ايبنه طوتنكز) ذهبت تلك الطلاوة ولاقت أية القرآن ما لاقته أية المزامير الآتية بعد تعريبها وهي: (واسحق أعداءه أمام وجهه. . . وباسمي ينتصب قرنه)!

وفي بعض المناجاة: (وتنصب مثل البقر الوحشي قرني)! - ص 542 - 544. وكثير من الأمثال العامية لا تؤدي كل مزاياها اللغة الفصحى وكذلك بعض أمثال أهل بلدة إذا نقلت إلى أختها في القومية: لذلك نجد الأمثال تنقل على علاتها فالمثل المشهور في العراق ينقله السوريون على علاته وهكذا العكس. ألا ترى أن المثل الذي ضربه (نابغة الكرخ) في بعض قصائده العامية، وهو: (والحان هذي يا عضيدي مثل ذيح ... في الحقيقة خوش مركه وخوش ديح وقول العرب في أثناء الثورة العراقية: (سل (دكسن) عنا اش سوينا ... وهنا علكنا الكناره) والمثل المشهور: (ما زال كهوة وتتن كل الأمور تهون). لو ترجمت إلى اللغة الفصحى، أو اللهجة السورية أو الموصلية لكان مسخا ممجوجا. والأنشودة التركية وهي: آرى كزر. حيحك امر. قوشلر اوجر. بريم ارار لو ترجمت إلى العربية هكذا: النحلة تدور. تمتص الزهور. تطير الطيور. لالتماس الحب لتجلت فيها التفاهة. اللهم إلا أن يقال أن هذه المعاني قدت على قدر الصغار، لأنه وضعت أناشيد لهم، غير أنى مع هذا الاعتذار لا أزال مصرا على رأيي. لكن لو ترجمنا القطعة المتداولة بين الصغار أيضاً وهي قطعة تتضمن تحاورا بين الزنبار والنحلة إذ يقول الزنبار: أيها النحلة ماذا يشغل الناس بحبك، إنني في حسن شكلي، لست محبوبا كحبك إلى آخر المحاورة. . . لما شعرنا بتلك التفاهة. فلا بد أن يكون في القضية سر وهذا السر قد يكون في ضيق صدر اللغة عن أداء المعنى أو ترفعها عنه. واللغة الفارسية فيما أظن تعجز عن إعداد قالب مكين للمعنى الذي تضمنه بيت الحماسة وهو:

فلما تأت عنا العشيرة كلها ... أنخنا فحالفنا السيوف على الدهر ولعل الفارسية أتيت من قبل إنه لا يتفق بين جيلها مثل هذا الوضع الذي عناه الشاعر البدوي المتحمس. كما أن اللغة العربية تتجافى عن تهيئة لباس مناسب لمضمون بيت الكلستان: أي مرغ سحر عشق زير وانه بياموز. . . أي: يا طائر السحر تعلم العشق من الفراشة. . . لأن اللغة العربية وضعت للطائر الصغير الذي يسميه الفرس (بروانه)، لفظة (فراشة) والفراش يطلق في عرف العرب على الهمج بصورة عامة فاندمج في هذا العموم ذلك الطائر الجميل فيكون في تكليف طائر السحر الاقتداء به في مذهب العشق بخس لحقه وحط من قدره وهذا مما يأباه الذوق العربي السليم. نعم لو كان في العربية أسم خاص بهذا النوع من الهمج بحيث يميزه عن هذه الحشرات الخسيسة وينوه بشأنه كما سماه العامة من أهل الموصل ومسلمي بغداد (طائر الجنة) لما كان في تكليف طائر السحر الاقتداء به غضاضة في نظر الأدب. ويقال بصورة عامة: أن الجمل التي يدور عليها البحث قدت على قدر اللغة أو اللهجة، وصبت في قالب ملائم، فإذا أنزلت في قالب لغة أو لهجة أخرى من دون تعديل، كانت كالثوب الذي قطع لشخص فارتدى به شخص آخر. وهذا التمانع المحسوس بين اللغات واللهجات، ليس جاريا في جميع نواحي الكلام، بل إنك لتجد تماسا قويا في بعضها، فقول الشاعر الفارسي: جهان أي برادر نماند بكس. . . مماس لقول الشاعر العربي القديم: أشاب الصغير أفنى الك ... بير كر الغداة ومر العشي إذا ليلة هرمت يومها ... أتى بعد ذلك يوم فتي حتى في الوزن، ولا غرو فإن للأوزان علاقة قوية بمواضيع الشعر، ومثله

بيتان أنشديهما بعض الفرس من نحو عشرين سنة: بقبر ستان كزر كردم كم وبيش ... بديدم قبر دولتمند ودرويش ولا أتذكر الثاني، فانهما يلامسان بيتين قالتهما العرب في القديم وهما: نطوف ما نطوف ثم يأوي ... ذوو الأموال منا والعديم إلى حفر اسافلهن جوف ... وأعلاهن صفاح مقيم وقد ترجم العلامة سليمان البستاني (رح) بيتا من أبيات (الإلياذة) بقوله: وتخفق أحشاءهم كما اللج خافق ... إذا لقي البحر الرياح السوافيا فأصاب المحز. ومثله - كما نص عليه في الحاشية ص 252 - قول الشنفري: ولا خرق هيق كأن فؤاده ... يظل به المكاء يعلو ويسفل أنشدني الشيخ بشير الغزي رحمة الله بيتا ترجمه من الفارسية وهو: ما حمرة الياقوت إلا خجلة ... من صخرة قد ضمخت بدم الحسين غير أني - ولكل إنسان ما يرى - لم أره موافقا للذوق العربي وإن حاز دقة في التشبيه والابتكار مع حسن السبك في التعريب. وعلى من يعرف الأصل أن يقابل بينه وبين الفرع. وقد هدتني التجارب إلى أن الرجل في بلادنا إذا قيل له (قليل الأدب) أو (عديم الأدب) لم يكن لها في نفسه وقع كلمة (أدبسز) لأن الثانية مشربة معنى دقيقا لا تهتدي إليه الأذواق إلا إذا برزت اللفظة الدالة عليه في بزة خاصة. ولو قيل لرجل: (متشرد) لم تبلغ في نفسه مبلغ كلمة (سرسري) التركية. وربما اصطلح أهل مدينة على كلمة يطلقونها على معنى، أو يريدون بها مغزى، فلا يقوم مقامها كلمة أخرى، مهما حاول المتكلم أداء المعنى المطلوب بها، أو الإيماء إلى المغزى الذي يرمون إليه كإطلاق البغداديين لفظة (مترقي) على من كان حديث عهد بنعمة فأورثته غرورا، فهناك لا يسد مسد (مترقي) لفظة (مغرور) ولا (متكبر) ولا (معجب) ولا (طائش) ولا (ذو تيه) أبدا وإن كنا نعبر عن معناها في الفصحى بقولنا (شمخ بأنفه) أو (اعجب بنفسه) مثلا. إلا أن هذا الاصطلاح وقتي لا يلبث أن ينطفئ لأنه موضعي وغير مدون. أهل الموصل يقولون إزاء ذلك (زم) وهي تؤدي مؤدى (مترقي) في

مصطلح البغداديين لا تنقص عنها شيئا. إلا أن لفظة (زم) عريقة في القدم أما لفظة (مترقي) فأظنها وليدة الاحتلال وذلك إنه كثر في هذا العهد تطاول الأوباش إلى ما ليس من شأنهم من مراتب سامية ما كانوا يحلمون بها، وكان أحدهم إذا هبت ريحه كبر في عين نفسه وشمخ بأنفه على أصحابه وعشرائه اللاصقين به متناسيا حقوقهم فينبزونه بقولهم (ترقى). . . ويقول أهل الموصل للعبد الأسود خاصة إذا استشاط غضبا وحمي وطيس غيظه (زنكر) ولا يغني غناءها عندهم (غضب) ولا (زعل) ولا (شخر) ولا (نخر) ولا (ابرق) ولا (ارعد) بل الكلمة الجامعة لكل هذه المعاني هي (زنكر) وإن كنا مضطرين في الفصحى إلى أن نقيم مقامها (عربد العبد) بيد أن ذلك لا يشغل الفراغ الذي يشغله قولهم (زنكر) ومنه قولهم (. . . زنكرت بعرورة). وإمعان النظر في الملاحظات السابقة يكفينا باعثا على التردد في ادعاء من يدعي أن الذين ترجموا رباعيات الخيام مثلا حافظوا على جميع مزاياها من جميع أطرافها. وعلى النظر بعين الاحتياط إلى دعاة التجدد في الشعر العربي باحتذاء الإفرنج فيه ما لم يوضحوا مناهجهم ويزيحوا كل غشاوة، ويعطوا عهدا بوجوب الاحتفاظ بكرامة اللغة العربية وخصائصها الذوقية ولا مانع من تهذيب لا تشويه فيه. وعلى النظر بعين الريبة إلى قول من يقول: أن في اللغة الفصحى نقصا لأنها تعجز أحيانا عن أداء بعض ما تجيش به صدورنا - إذا كانت غاية القائل الإعراض عنها إلى اللغة العامية - لأن كثيرا مما تجيش به صدورنا تعجز اللغة العامية عن أدائه أكثر مما تعجز اللغة الفصحى. وهكذا يقال في اللهجات العامية المتباينة وإن كانت شقائق. وفي اللغات الأجنبية أية كانت. فكل منها تعجز عن تحمل بعض ما تتحمله الأخرى من الخصائص. فمن كان على رأي هذا

الدرداقس

القائل، وكان عراقيا، أحلته على الجرائد المصرية العامية: وإن كان مصريا أحلته على الجرائد العراقية العامية؛ لينظر كل من خالجته شبهة من اتباع كل ناعق دساس! هل ثمة ما تطمئن إليه نفس الناصح لامته المتفاني في شد أزر الجامعة العربية؟ أن هناك خروجا على هذه الجامعة، ومحاربة لها بسلاح التفريق اللغوي بعد أن حوربت بسلاح التفريق الجغرافي؟!. . واجدر بمن كان مخلصا للغة ولجامعة اللغة ويجري في عروقه حبها والحرص على حياتها أن يثابر على سد الثلم الذي يدعيه، وإلا فليصرح بملء شدقيه إنه غادر بقومه، أو دخيل فيهم فهو مثل السوس في بنائهم، والجرثومة الخبيثة في بنيتهم. محمود الملاح الدرداقس في (البستان) للبستاني: (الدرداقس) ويقال أيضاً بالصاد، عظم يصل بين الرأس والعنق معرب عن الرومية. أهـ. وهي عبارة أقرب الموارد ومحيط المحيط وكل من أخذ عنها وأول من غلطها صاحب القاموس لأنها عبارته والخطأ واضح، والصواب: يفصل بين الرأس والعنق، أو: يصل الرأس بالعنق: لكن لغوينا المحدثين خاطبوا ليل ينقلون بلا ترو ولا تبصر. وغوليوس وفريتغ ودوزي وقزميرسكي وسائر نقلة الإفرنج لم يذكروا الكلمة الرومية (أي اللاتينية) التي صحفت عنها. ونظن إنها من أي محور الرأس وهو معناها، على أن السلف الفصحاء عرفوها باسم (الفائق) من (ف وق) لأنها تفوق جميع الفقار بعلوها، وب (الفهقة) قال بن الأعرابي الفهقة: موصل العنق بالرأس. وهي (السرير) أيضاً إذ يجلس عليها الرأس ويقز. وجاء (درقاس) في الشعر بدلا من درداقس. أنشد أبو زيد: من زال عن قصد السبيل تزايلت ... بالسيف هامته عن الدرقاس (أورد ذلك صاحب اللسان والتاج في مادة (د ر د ق س). قال أبو زيد: و (المتلقية) على عظم الفائق مما يلي الرأس. أهـ، فتكون هذه هي المسماة بالافرنسية (المخصص1: 60) فاحفظ كل ذلك.

البصرة

البصرة تاج لأشهر مدن البطائح بنى البصرة عقبة بن غزوان في سنة 14 للهجرة وذلك بأمر عمر بن الخطاب وأول بناء أقيم فيها كان المسجد بناه من قصب ثم دار الإمارة ومكانها دون المسجد في الرحبة التي يقال لها رحبة بني هاشم وكانت تسمى الدهناء وفيها الديوان والسجن وحمام الأمراء. وكان أول بناء معاهدها من القصب فكانوا إذا غزوا نزعوا القصب وحزموه ووضنوه حتى يعودوا من الغزو فيعيدوا البناء. ويظهر أن البصرة لم تكن أول عمارة ظهرت ونهضت في تلك الأنحاء بل إنها قامت على أنقاض (قصبة الخريبة) تلك القصبة الفارسية التي سقطت ونهضت البصرة في مكانها وكان قريبا منها عمارة بلد الابلة التي كانت مسالح للفرس. والابلة عمارة فارسية على نهرها المعروف وكانت آهلة قبل البصرة ولأجل مناعتها تأخر فتحها عن البصرة. ويظهر أن العرب لم يختاروا البصرة مشتى لهم لأجل حسن هواءها وجيد مناخها، إذ كانوا يتذمرون من ذلك كثيرا بل كان الدافع على استيطانها غرضا حربيا وهو جعلها حامية للعراق وقطعا لظهر الفرس الذين كانوا مشتبكين مع العرب في داخل العراق لكي لا يستمدوا بإخوانهم من أهالي خوزستان وما جاورها. وهكذا بقيت البصرة ثغرا يصد الهاجمين على العراق من هذه الناحية. هذا هو مبدأ تكوين البصرة ثم تدرجت وتقدمت خطى واسعة وأول من قاس البصرة هو يزيد الرشك. قال: قست البصرة في ولاية خالد بن عبد الله القسري فوجدت طولها فرسخين وعرضها فرسخين إلا دانقا. فهذه في البصرة القديمة ومكانها اليوم بلدة الزبير. أما البصرة الحالية فهي تبعد عن الأولى 14 كيلومترا ولم يكن لتأسيسها زمن خاص معروف عند المؤرخين. بل يظهر إنها نشأت تدريجا على أنقاض

البصرة القديمة. والبصرة الحالية قائمة على نهر الابلة يسمونه اليوم نهر العشار. قال القزويني في عجائب المخلوقات: (الابلة): جانبان شرقي وغربي طوله أربعة فراسخ. أما الشرقي فيعرف بشاطئ عثمان، وهو العامر الآن: وأما الغربي فخراب غير أن فيه مشهدا يعرف بمشهد (العشار) مشرف على دجلة وهو موضع شريف قد اشتهر بين الناس. أهـ. فيمكن أن يكون بهذه المناسبة أبدل أسم الابلة بالعشار، ولا صحة لما يقولون إنه سمي كذلك لاجتماع العشارين على صدره لأخذ الأعشار من السفن والمارة. وقد كانت البصرة القديمة على نهر الاجانة الذي حفره أبو موسى؛ ويظهر أن البصرة كانت في سباخ من الأرض تبعد عن الماء ثلاثة فراسخ ويظهر أن الماء كان حولها بشكل بطيحة ولم يكن نهرا فقد ذكروا أن دجلة العوراء كانت تكون خورا واسعا فيما يلي البصرة وكانت العرب في الجاهلية تسمي هذا الخور بالاجانة وسمته العرب في الإسلام بالجزاز وقيل في موضع آخر أن ماء دجلة كان ينتهي إلى فوهة (الجوبرة) فيستنقع هناك ويكون مثل البركة الواسعة وكانت فيه اجاجين وانقرة ولذلك سمي النهر الذي جذبه منه أبو موسى نهر الاجانة. وكل تاريخ البصرة حوادث وفتن ونهب وانتزاع وأول وقائعها الحربية واقعة الجمل سنة 36 هجرية وآخر وقائعها واقعة الإنكليز والأتراك سنة 1333هـ وما بين هذين التأريخين فتن وحروب وقلاقل مستمرة لم تسترح منها حتى مدة نصف قرن فأوقع فيها صاحب الزنج وأوقع فيها القرامطة وأوقع فيها الخوارج وأوقع فيها الموالي وأوقع فيها الوهابيون وتصارع عليها الولاة والأمراء وتنازعها الملوك من الفرس والعرب والديلم والمغول والأتراك ودخلت البصرة في طاعة العثمانيين سنة 951هـ وذلك حين قدم العراق السلطان سليمان وكانت البصرة تابعة للفرس وكان واليها يومئذ راشد وهو زعيم كبير من زعماء قبائل البصرة فشخص راشد إلى بغداد وقدم إلى السلطان العثماني إحتراماته وخضوعه إلا إنه لم يكن فعله إلا في الظاهر وكان يقصد بعمله هذا الاستئثار بالبصرة عندما يتردد أمرها بين الفرس والأتراك ولما أدرك العثمانيون طوية

راشد شخص إلى البصرة اياس باشا والي بغداد سنة 953هـ يقود جيشا لهاما فدخلها ظافرا ووجد راشد قد فر فنظم ولاية البصرة وضم إلى عملها واسطا والجزائر. وهكذا بقيت البصرة تابعة لبغداد وكان يرسل والي بغداد إليها عاملا من قبله يتسلم إدارتها ويسميه البصريون (المتسلم) إلى آخر أزمنة آل سعدون. وفي عهد ناصر باشا انفصلت إدارة البصرة عن إدارة بغداد وسميت باصطلاح الإدارة التركية (ولاية) وقد تابع الفرس مناجزاتهم على البصرة ودخلوها مرارا وآخرها المناجزة الكبرى التي وقعت في القرن الثاني عشر بين المنتفق وبين باقر خان الزند، أخي الشاه كريم خان الزند، المؤسس للسلطنة الزندية في إيران. وقد أبلى المنتفق في هذه الحرب بلاء حسنا ودخل باقر خان البصرة ولكن المنتفق بعد أن استرجعوا قواهم كروا على الجيش الفارسي، وأخرجوه من البصرة. وقد وقع في القرن الثالث عشر بعض معاركات بين المنتفق والفرس في ضواحي البصرة ولم يتيسر لهم دخول البصرة بعد ذلك. والبصيرة تصغير البصرة وقد كانت محلة منفردة واقعة على شط العرب يوم كانت البصرة العتيقة زاهية وهذه البصيرة صارت اليوم البصرة الجديدة وهذا قبل العمارة الفخمة التي قامت حديثا باسم العشار، وعلى كل حال تكون هذه البصيرة أو البصرة عبارة عن عدة محال معروفة منها: (بريهة) في أقصى البصرة من الجهة الشرقية فاصلة بينها وبين (المناوي) وجاء في القاموس نهر بريهة تصغير إبراهيم أحد انهار البصرة ولعله هذا (المناوي) محلة من محلات البصرة وقد كانت أولاً قلعة على نهر المناوي تفصل البصرة عن شط العرب. ومن محلات البصرة (تومة العباس) و (سوق الغزل) ويعرف اليوم (بسوق الدجاج) والسيمر و (أهل الدير) و (الحوز) و (المكسار) و (المشراق) و (محمد الجواد) و (غصيبة) و (بنت الجبل) و (الخندق) وكثير غيرها.

وللبصرة ناحيتان الجنوب والشمال (فناحية الجنوب) علم للقرى التي ما بين البصرة والبحر الملح من الجانب الغربي وهي مشتملة على انهار كثيرة وعلى كل نهر قرية. فالنهر الأول مما يلي البصرة المناوي ثم الخورة فالسراجي فمهجران فحمدان فيوسفان فاليهودي فأبو الخصيب فالفياضي فالنوفلي فالزين فالمطوعات فالحنت فالشباني فالكيعرة وكثير غيرها مثل خريبط وأما (ناحية الشمال) مما يلي البصرة من الجهة الشمالية فهي علم لنواح كثيرة مثل الشرش، والرباط، ونهر معقل، (وهي التي يسميها اليوم بعضهم خطأ ماركيل) والهارثة، والدير ونهر عنتر وكثير غيرها. وقد اشتهرت البصرة بمذهبها النحوي فإلى البصريين يرجع فخر هذا العلم والتأليف فيه إذ فيها ضبطت شوارده، ودونت قواعده. ولمربد البصرة شهرة أدبية عالية لم تقل عن بقية أسواق العرب وكان يجتمع فيه الأدباء والعلماء والشعراء فيتناشدون ويتفاخرون بالقصائد والخطب. النجف: علي الشرقي فرتني (فرتني فرتنيان: إحداهما بمروالروذ والآخرة في أثينة من بلاد اليونان، وكل منهما قصر بديع في محل رفيع)، هذا ما كنا وجدناه في أحد الكتب الخطية التي كانت عندنا قبل الحرب، واتلف مع ما اتلف من خزانتنا الجليلة، ولسوء الحظ لم نقيد اسمه في ما نقلنا عنه من الموضوعات والمصطلحات. قلنا: أما فرتني أو فرتنا مرو الروذ فقد ذكرها الطبري في تاريخه الشهير في 2: 594 و596 و696 و1145 وياقوت في معجمه في 3: 868 وكلاهما من طبع الإفرنج. وأما فرتني أثينة فلم اعثر عليها إلا في كتاب واحد مطبوع لا يحضرني الآن اسمه وأظن أن الفرس في أيام عزهم تشبهوا كثيرا باليونانيين وبنوا أبنية تضارع آطامهم وقصورهم فسموها بأسماء يونانية من ذلك الطربال وطيسفون أي إلى غيرهما. ومعنى فرتني البكر العذراء والكلمة لقب المعبودة اثينة وهي اللات أو اللاة عند السلف. ومن الغريب أن أصل الكلمة اليونانية عربي هو (الفاتنة) فأقحموا الراء بين الألف والتاء وقالوا الفارتني أو الفرتني أرادوا بها البغي وسبب هذه التسمية يطول شرحه فاكتفينا بالإشارة إليه.

تصريف اللفيف المقرون في لغة عوام العراق

تصريف اللفيف المقرون في لغة عوام العراق أن اللفيف المقرون له حكم الناقص لكون لامه في الماضي ألفا فتقلب في المضارع ياء ويصرف تصريف المضارع الناقص هكذا: يشوي يشوون تشوي يشون تشوي تشوون تشوين تشون أشوي نشوي. الأمر الأمر صيغة يطلب بها الفعل من المخاطب ولا يكون إلا مستقبلا، والأمر يصاغ من المضارع بحذف حرف المضارعة (وهو التاء للمخاطب) فإن كان ما بعده متحركا فالأمر هو ما بقي من المضارع بعد حذف حرف المضارعة نحو (تشوف) فانك إذا حذفت التاء منه بقي (شوف) وهو فعل الأمر، وكذلك (تمد) فانك إذا حذفت التاء منه بقي (مد) وهو فعل الأمر. وإن كان ما بعد حرف المضارعة ساكنا زيدت عليه أي على ما بقي بعد الحذف همزة لتعذر الابتداء بالساكن. وهذه الهمزة تكون مكسورة إذا كان عين المضارع مكسورا أو مفتوحا نحو اجلس واعلم، وتكون مضمومة إذا كان عين المضارع مضموما نحو أنصر. هذا هو الأصل في صيغة فعل الأمر وربما خالف ذلك بعض صيغ الأمر شذوذا كما سنذكره في محله عند تصريف الأمر. أما آخر الأمر فمبني أما على السكون وذلك أن لم يكن في آخره حرف علة نحو اضرب وإما على حذف حرف العلة وذلك أن كان ناقصا أو لفيفا نحو ارم واشو وأوف. وإما على حذف النون وذلك إذا كان من الأفعال الثلاثة

نحو اضربوا واضربي، وتسكن عين فعل الأمر المصوغ من الأفعال الثلاثة لأن عين المضارع من الأفعال الثلاثة ساكن أيضاً. وإما على الفتح وذلك إذا اتصل به ضمير جمع المخاطبة وهو النون الساكنة نحو اضربن. وتسكن عين فعل الأمر في هذا أيضاً. تصريف الأمر من السالم لما كان هذا الأمر لا يكون إلا للمخاطب كانت صيغ تصريفه أربعة لا غير وهي (1) المفرد المخاطب (2) جمع المخاطب (3) المفردة المخاطبة (4) جمع المخاطبة. فيصرف هكذا: أضرب - أضربوا - اضربي - أضربن تصريف الأمر من المضاعف الأمر من المضاعف لا تزاد في أوله همزة لان ما بعد حرف المضارعة في الفعل المضارع منه متحرك، فيصرف هكذا من غير فك للإدغام: مد - مدوا - مدي - مدن تصريف الأمر من مهموز الفاء قد قلنا فيما تقدم إنه لا يوجد في كلام العامة من مهموز الفاء سوى ثلاثة أفعال وهي أخذ وأكل وأمر. فأما (أمر) فيصاغ الأمر من مضارعه على وجهين أحدهما موافق للقياس بأن تزاد في أوله همزة بعد حذف المضارعة منه فيقال من تأمر أؤمر ويصرف هكذا: أؤمر - أؤمروا - أؤمري - أؤمرن والثاني مخالف للقياس بأن تزاد في أوله همزة مفتوحة وتقلب الهمزة الثانية التي هي فاء الفعل ألفا لينة وتجعل عين الفعل مكسورة في المفرد المذكر وساكنة فيما سواه فيقال من تأمر آمر ويصرف هكذا:

آمر - آمرو - آمري - آمرن وإما أخذ واكل فلا يصاغ الأمر من مضارعهما إلا على خلاف القياس وذلك بأن تزاد همزة في أوله بعد حذف حرف المضارعة وفاء الفعل معا فيقال في الأمر من تأخذ أخذ ومن تأكل أكل ويصرف هكذا: أخذ - أخذوا - أخذي - أخذن أكل - أكلوا - أكلي - أكلن هذه لغة أهل الأمصار والقرى غير أن في أهل البادية من يجري في الأمر من هذين الفعلين أعني تأخذ وتأكل على ما جرى عليه أهل اللغة الفصحى سوى انهم يكسرون أولهما فيقولون خذ وكل. وفي أهل البادية أيضاً من يقول خوذ وكول. تصريف الأمر من مهموز العين يصرف هذا كالأمر من السالم بلا فرق. هكذا: اسأل - اسئلوا - اسئلي - اسئلن تصريف الأمر من مهموز اللام قد ذكرنا لك إنه لا يوجد في كلام العامة من مهموز اللام سوى قرا وجا، فأما قرا فقد علمت أن الحكم في تصريفه كحكم الناقص فالأمر أيضاً يصاغ من مضارعه كما يصاغ من مضارع الناقص أي تحذف من آخره الألف في صيغ الأمر كلها، هكذا: أقر - اقروا - أقري - اقرن وإما جا فقد أماتوا فعل الأمر منه استغناء عنه بتعال فهو إذا لبس له أمر من لفظه بل له أمر من معناه، هكذا:

تعال - تعالوا - تعالي - تعالن تعريف الأمر من المثال يجري على القياس اعني قياس اللغة العامية فلا تحذف الواو التي هي فاؤه كما لم تحذف من المضارع وتزاد الهمزة في أوله بعد حذف حرف المضارعة فيقال: أوعد - أوعدوا - أوعدي - أوعدن تصريف الأمر من الأجوف هذا أيضاً يجري على القياس اعني قياسهم فلا تزاد فيه همزة لأن ما بعد حرف المضارعة من مضارعه متحرك وتثبت عين الفعل التي هي الواو أو الياء أو الألف فلا تحذف في الأمر. هكذا: شوف - شوفوا - شوفي - شوفن تصريف الأمر من الناقص تحذف من آخره الياء أو الألف في جميع صيغ الأمر هكذا: أرم - ارموا - أرمي - أرمن إرض - أرضوا - إرضي - إرضن تصريف الأمر من اللفيف المقرون هو من جهة أوله كالمثال ومن جهة آخره كالناقص فيصرف هكذا: آوف - آوفوا - آوفي - آوفن تصريف الأمر من اللفيف المقرون هو كالناقص فتحذف الياء من آخره في جميع صيغ الأمر. هكذا: اشو - اشووا - اشوي - اشون أمر الغائب الأمر قسمان: أمر الحاضر وقد تقدم بيانه وأمر الغائب وهو في اللغة

الفصحى يكون باللام المسماة بلام الأمر الداخلة على المضارع نحو ليضرب، وإما في كلام العامة فلام الأمر معدومة غير مستعملة وإنما يستعملون في أمر الغائب كلمة (خل) التي هي فعل أمر بالتخلية. إلا انهم لا يقصدون بها معنى أمر الحاضر بل يأتون بها بدل لام الأمر ويدخلونها على المضارع فيتكون منها ومن الفعل المضارع صيغة أمر الغائب فيقولون (خل يضرب) ويريدون معنى ليضرب حتى انهم يخففون اللام من خل ويسكنونها فيقولون (خل يضرب) بمعنى ليضرب غير انهم إذا جعلوا لام الأمر مخففة ساكنة لا يدخلونها إلا على الأفعال المضارعة الساكنة الفاء كيضرب، وإما مع المضارع المتحرك الفاء كيشوف ويمد فلا يوردونها إلا بتشديد اللام وكسرها، فتصرف أمر الغائب عندهم هكذا: خل يضرب - خل يضربوا - خل تضرب - خل يضربن الفعل المجهول أن صيغة الفعل المجهول معروفة في كلام العامة يستعملونها بل هم يستعملون بدل الفعل المجهول فاعله صيغة (انفعل) فيقولون (انكتل) مكان قتل (وإنجرح) مكان جرح وانكتب مكان كتب ويقولون (انسقى الزرع) مكان سقي (وانمطرت الأرض) مكان مطرت و (انبنى الحائط) مكان بني و (انباع الشيء) مكان بيع ومنه قولهم وهو من احاجيهم: (بعد العصر ما ينباع) ويقولون (ينكال لفلان كذا) مكان يقال لفلان كذا و (ينشاف) مكان يشاف أي يرى ومنه قولهم وهو من أمثالهم (خشاف ينذكر ما ينشاف) أي يذكر ولا يرى. إلى غير ذلك من الأفعال لكن استعمالهم انفعل مكان فعل خاص بالثلاثي المجرد، أما الثلاثي المزيد فليس للمجهول منه موقع في كلامهم، وإما الرباعي المجرد فيستعملون في موضع المجهول منه تفعلل فيقولون (تسربس الغزل) بمعنى سربس، و (تخرمش وجهه) بمعنى خرمش. معروف الرصافي

غادة بابل

غادة بابل 8 لم تجد نفعا الرقي والطلاسم والتعازيم وندامة الأب بل كانت حال المريضة تزداد حرجا وأصبحت على قاب قوسين من النزع فارتأى أهلها أن ينقلوها من البيت إلى الخارج ويعرضوها على أنظار المارة لكي يصف لها من يراها تعويذة فعالة أو دواء ناجعا مجريا فحملوها على فراشها ووضعوها عند باب دارها. فتكاكأ عليها المارة واخذ كل واحد يصف لها وصفة من تعاويذ وعقاقير جربها في حادث حدث له في زمن مضى ثم يأتي غيرهم ويسفهون آراء من سبقهم ويؤكدون أن رقية الإله الفلاني هي برء الساعة مع العقاقير التي يسردون أسماءها. ثم أتى واحد واخبرهم أن (آسو) أتى من مصر وهو عالم بمداواة المرضى قدير أن يشفي أعضل الأمراض. عمل الأهل كل الوصفات والرقي واستقدموا (الآسو) فلم تنجع في المريضة حيلة بل اشتدت على حترآء الآلام وارتفعت حرارة الحمى فأسلمت الروح بعد غياب الشمس. أطلقت النائحات أصوات الويل والثبور وأرسلت النساء شعور رؤوسهن

والقين التراب والرماد على هاماتهن ولطمن الخدود بالأيدي وخمشنها بالأظافير. واشترك بهذا المأتم العبيد والعبدات ثم أتت الجارات وانضممن إلى المحفل. اشتغل الأهل والأقرباء والجارات بالمراثي واللطم وعهدوا بجثة حترآ. إلى نساء دأبهن تجهيز الموتى والسهر على أجسامهم قبل الدفن. فدهنها بزيت معطر والبسنها اجمل ثيابها وأفخرها وزينها بالحل الغالية الثمينة. ووضعن قرطي ذهب في أذنيها وقلادة نفيسة في عنقها هي خرز من العقيق واللازورد والذهب منظومة في سلك، وأساور في معصميها وخواتم وحلقات في أصابعها وحجلين في رجليها ومشطا من ذهب في شعرها وحمرن وجنتيها بالحمرة ودهنها بالدهون وصبغن أهدابها وأطراف عينيها بالزرقة. ثم أضجعنها على فراش وثير وأطبقن ذراعيها على صدرها. ثم نصبن مذبحا عند رأسها لقرابين الماء والبخور والحلويات وأخفين تمثالين الواحد عن رأسها والآخر عند قدميها يمثل أحدهما صورة (ايا) والآخر شبيها (بأيا) وعلى كل منهما جلد سمكة. وقد مدا أيديهما على جثة حترآ، ووضعن ثلاثة تماثيل أخرى في غرفة المائتة أحدهما بصورة إنسان والاثنان الآخران رأسهما رأس أسد وجسدهما جسد إنسان. والغاية من هذه التماثيل منع الأرواح الخبيثة من دخول غرفة الميتة وتقمصها بصورة عفريت يمتص بعدئذ دم الأحياء. وتوضع كذلك تماثيل الآلهة فوق سطح البيت لمنع تلك الأرواح الشريرة من الهبوط من السقف. وتقام الصلوات والأدعية استدعاء للأرواح الصالحة للسهر على جثة المتوفاة. اهتم بعض أقاربها بانتقاء تربة شريفة يودعونها جثمانها، فمنهم من ارتأى نقله إلى اورك. تلك المدينة المقدسة في جنوبي بابل التي تنقل إلى مقابرهم أجسام الموتى من جميع المدن البابلية للتبرك بقداسة ثراها لأنها مدينة العلم والدين

والكهنة والملوك. ومنهم من ارتأى دفنها في مقبرة البيت القديمة في دار السكنى عينها حيث قبر بعض أجدادها في زمان كان البابليون يدفنون موتاهم في بيوتهم. إلا أن أباها لم يوافق على الرأيين بل رغب في دفنها في المدفن الذي قبرت فيه أمها لتكون إلى جانب تلك التي حنت عليها في صغرها. حملوا الجنازة من بيتها بين النوح والبكاء واللطم تتقدمها النائحات والعازفات ويتبعها جوق منهما وكان معها أهلها وأصدقاؤهم ومعارفهم مرتدين ثياب الحداد من نسيج غليظ كمد ليس فيه ثنايا ولا طيات بل يشبه كيسا. أخذوها إلى إحدى المقابر في ضواحي المدينة ووضعوها في تابوت على هيئة حب وهو متخذ من الطين المشوي من قطعتين. وإحدى القطعتين هي غطاء الحب. ولحموا القطعتين بالقار وفي طرف الحب أو التابوت ثقب صغير تخرج منه الروائح التي تنبعث من الجثة عند انحلالها. وكانت توضع الجثة في التابوت وضعا يوافق معتقداتهم الدينية فالقوا الرأس على آجرة لفوها بقطعة مطرزة من النسيج وفيها أهداب ذهبية. وتركوا التابوت في مشكاة معقودة في جدار القبر وجعلوا في القبر حلاها وأدوات الزينة وعلب الحمرة والخضاب وأصباغ الوجه وأواني العطر وأقداحا وأكوابا وبعض أمتعة البيت وشيئا من الطعام الذي كانت مولعة به في حياتها وتمرا وجرة ماء وأزهار ومسرجة. وبعض تماثيل ونقوش محفورة على حجر وصخر وعلى قطع صغيرة من البلور الصخري والجزع واليصب وحجر الحية وحجر الدم والعقيق والبلور، فكانت هذه الأمور تقدمات خالدة للآلهة تفوق التقدمات البالية منزلة وقدرا أو تعاويذ تصد الأرواح الشريرة عن أذى الراقد أو الراقدة. رجع المشيعون واخذ بعضهم يتحدث عن سرعة زوال الحياة وعن انتقال تلك الشابة الحسناء إلى (الأرض التي لا دعوة منها) إلى (قعر الظلمة) إلى (دار البلى) إلى (مملكة الأموات العظيمة) التي تسود فيها (اللات) ملكة الموتى، إلى ال (ارلو)

ذي السبعة الأبواب للداخلين فيه وعلى تلك الأبواب حراس يمنعون من يحاول الخروج منه لا ينفذ إليه نور الشمس وإنما تبعث منهم أحيانا آلهة الموتى (اللات) بعثة خاصة إلى الأرض لأذى الأحياء لا يأكلون في الارالو إلا الحما المسنون ولا يلبسون إلا ريش طيور الليل الأدكن وما ملكة الموتى (اللات) أو ارشكيجل إلا آلهة الانتقام، إلا ربة البطش والفتك بالأحياء، إلا سيدة مطلقة عنان القسوة والشكاسة والشراسة تعامل الموتى معاملة فظة مهما كانت سيرتهم في الحياة صالحة أو طالحة فهم في عينيها سواء، تكيل لهم العذاب جزافا ويهيبهم قبح منظرها وسماحة تمثيلها وهي امرأة زباء مشوهة الخلقة متخاذلة الأعضاء وجهها وجه لبوءة كاشرة عن أنيابها. ولها أجنحة واكف طائر جارح، وتهز بكل من يديها حية عظيمة كالحربة تطعن بها عدوها وتسمه بلا رأفة. وولداها أسدان ترضعهما من جسمها. تسير في مملكتها وقوفا أو ركوعا على ظهر حصان يرزح تحت ثقلها وتسحقه سحقا وفي بعض الأوقات تذهب بنفسها لتفتقد النهر المنحدر من عالم الأحياء فتركب وحصانها مركبا جنيا يبحر بلا شراع ولا مجداف ينتهي مقدمه بمنقار طائر وكوثله برأس ثور. فهذه الآلهة المسيطرة على الكائنات مهيمنة في دولتها مستقلة في إدارتها لا يتدخل في شؤونها أي قدير كان، حتى أن الآلهة أن شاءت الدخول إلى تلك المملكة تخنع لأوامر ملكتها وتعدهم من رعاياها الأموات، أما قرينها نرجل فدونها في السلطة في تلك المملكة ولها جند ينفذون أوامرهم ومنهم (الطاعون) و (الحمى) وغيرهما. مسكينة حترآء لقد قضت أيامها ودخلت أقطار الهاوية فهل لها أن تترضى (اللات) لتمنحها جرعة ماء من (ينبوع الحياة) ذلك الينبوع الواقع عند عتبة الارالو الذي يعيد ماؤه الحياة إلى الموتى. ولكن كيف الوصول أليه وحراسته موكولة إلى أرواح الأرض السبع - هي سبع - سبع هي - في حفرة الهاوية هي سبع لا هي ذكور ولا هي إناث، لكنها تنتشر كالتيارات - لا تتخذ نساء ولا تلد أولادا أبدا. لا تعرف الرأفة والإحسان - لا تسمع الصلوات ولا الأدعية - تكثر الحقد في الجبال هي أعداء (ايا) هي رسل الموت.

أصل السدلى

هذه هي الأفكار والمعتقدات التي كان يرددها المشيعون الأغرار إلا أن المفكرين منهم كانوا قد ارتقوا إلى تصور جنة تجري فيها الأنهار وتظللها الأشجار يدخل فيها الصالحون والصالحات وهي مثوى الآلهة في قمة (جبل العالم) لا بل أن الأبرار والفضلاء يستقبلهم الآلهة في جنتهم ويؤلهونهم. وبهذا الرجاء كان أبو حترآء يعزي نفسه ويتوقع رؤية ابنته في تلك الجنة على قمة (جبل العالم)!. يوسف غنيمة أصل السدلى أو السدير. في تاج العروس في مادة من س د ل: السدلى كزمكي، معرب، واصله بالفارسية سه دله كأنه ثلاثة بيوت كالحاري بكمين، كما في العباب واللسان. أهـ. فكتب الواقف على طبعه: قوله (كالحاري) كذا بخطه كاللسان فظهر من قوله هذا إنه لم يفهم كالحاري وصاحب (البستان) لم يذكر هذه الكلمة في معجمه ولا ندري السبب مع أن الذين نقل عنهم ذكروها وإن لم يشرحوها. قلنا: معنى الحاري: الثوب المصنوع في الحيرة، وهي نسبة شاذة إلى الحيرة، المدينة المشهورة في العراق، وإما الكلمتان الفارسيتان فليستا (سه دله) بل (سه دير) ومعناهما البيوت الثلاثة فمعنى (سه) ثلاثة، ومعنى (دير) البيت المعقود عليه قبة أو جنبذة كما يقول بعض رزاة السلف نقلا عن الفرس المنقرضين، ولهذا نرى بعض الأقدمين عرب (السدلى) بصورة ثانية وهي (السدير). ومنه أسم القصر الذي بناه في الحيرة آل المنذر وكان فيه ثلاث قبب متداخلات وقد غلط صاحب التاج في مادة سدر إذ يقول إنه معرب عن (سه دره) أي ذو ثلاثة أبواب. والصواب ما أوردناه نقلا عن المحققين. وفي فرصة أخرى، نذكر كيفية ذلك البناء الشهير.

فوائد لغوية

فوائد لغوية الجحاد لم ترد بمعنى الجاحد جاء في الفرائد الدرية في اللغتين العربية والفرنسية للأب ج. ب. بلو اليسوعي وهو المعجم الذي نظر في مسوداته ونقحها الشيخ إبراهيم اليازجي في مادة ج ح د هذه الكلمة: (جحاد: ومعناهما: الذي ينكر كل شيء. ناكر الإحسان: ولما نقل المؤلف نفسه ديوانه المذكور إلى الفرنسية وضع بازاء جاحد وناكر الجميل أو الإحسان، جحاد غامص أو كافر النعمة. . . ثم جاء بعده الأب حوآء اليسوعي فنقل إلى الإنكليزية العبارة المذكورة في معجمه: الفرائد الدرية في اللغتين العربية والانكليزية فقال وكنا نؤمل أن نرى الأب لويس معلوف اليسوعي يصلح وهم أخويه، فلم يزدنا إلا ثباتا فيه فقال: جحده حقه: أنكره على علمه به فهو (جاحد وجحاد)، وكنا نظن أن الوهم سرى إلى هؤلاء المؤلفين جميعهم من أقرب الموارد وهذا من محيط المحيط لكنا ألفيناهما يذكران المعنى الذي أشار إليه جميع اللغويين وليس هنا محل ذكر ذلك الشرح، ثم قلنا: فلعل الآباء المؤلفين اليسوعيين نقلوا الوهم عن فريتغ المشهور بسوء فهم عبارة لغتنا، فلما نقرنا عن اللفظة في ديوانه رأيناه أساء فهم العبارة حقيقة لكن على غير الوجه الذي ذكره الآباء اليسوعيون إذ قال باللاتينية: الجحاد أي من يبطئ في ضيافة الناس، على أننا لا ننكر أن الجحاد وردت بمعنى الكثير الجحود في لغة عوام الأندلس، إلا أن لغة العوام هي غير لغة الفصحاء. وأول من نقلها عنهم أحد الكتبة الإفرنج في القرن الثالث عشر للميلاد وعنه نقل دوزي اللفظة ومن كتاب دوزي نقلها قزميرسكي في معجمه ومن هذا الديوان نقلها الأب بلو اليسوعي في مفرداته فانتشرت هذا الانتشار الغريب. أما الإنكليزيان (فرنسيس جونصن) في معجمه الفارسي العربي إلى الإنكليزي

أصل كلمة التصوف

و (لين) في معجمه مد القاموس فقد أصابا في نقلهما بخلاف حبيب انطون سلموني فإنه أخطأ في ما نقله في قاموسه العربي الإنكليزي. وبعد هذا ليتأمل من يريد أن يضع في اللغة ديوانا تجمع فيه صحة الألفاظ إلى حسن أداء المعنى. أصل كلمة التصوف قال ابن خلدون في مقدمته (ص 467 من طبعة بيروت المضبوطة بالشكل الكامل): اختص المقبلون على العبادة باسم (الصوفية) و (المتصوفة). وقال القشيري، رحمه الله، ولا يشهد لهذا الاسم اشتقاق من جهة العربية، ولا قياس والظاهر إنه لقب. ومن قال اشتقاقه من (الصفا) أو من (الصفة) فبعيد من جهة القياس اللغوي. قال وكذلك من (الصوف) لأنهم لم يختصوا بلبسه) أهـ. قلنا: وقد أصاب القشيري في ما قال، كما أصاب كبد الحقيقة كل من ذهب إلى هذا الرأي. الذي عليه اليوم أغلب اللغويين وأكابرهم - على أننا إذا عرفنا حقيقة التصوف وجوهره عرفنا أصل الكلمة أيضاً. قال ابن عربي وهو أكبر المتصوفة: (التصوف: الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا وباطنا وهي الخلق الإلهية: وقد يقال بازاء إتيان المكارم للأخلاق وتجنب سفسافها لتجلي الصفات الآلهية، وعندنا: الاتصاف بأخلاق العبودية، وهو الصحيح فإنه أتم. أهـ. فالتصوف بهذا المبنى والمعنى من اليونانية وأول من بحث عنه واشتهر به هو أحد متصوفي السوريين اليونانيين واسمه (ملك الصوري) الذي ولد في (بتانة) من أعمال صور، وكانت مستعمرة صورية وقريبة منها: ثم نقل اسمه بعد ذلك ترجمة، فعرف (بفرفوريوس الصوري) صاحب كتاب إيساغوجي، وقد ذكر التصوف في كتابه (في التنحس) أي في الامتناع عن أكل اللحم. في الصفحة 327 من طبعة أ. نوك الثانية. وكانت ولادته في سنة 233 للميلاد ووفاته في سنة 304 وقيل في 305 في روما، إذن عاش فرفوريوس قبل الإسلام بنحو ثلاثة قرون، وكان وثنيا من أشد الناس عداوة للنصرانية، وعنه نقل النصارى كلمة التصوف، ومنهم انتقلت إلى المسلمين. ومن العجب أن كلمة التصوف لم ترد في القاموس بل في التاج فقط.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة ابن سعود أو ابن آل سعود من يطالع جرائد الديار العربية ومجلاتها والكتب التاريخية التي صنفت منذ نحو قرنين أو أكثر ير روايات مختلفة في إيراد أسم ابن سعود، فمنهم من يجرده من أداه التعريف، ومنهم من يوجب وضعها، وآخرون يقولون: آل سعود. وقد حار كثيرون في أمر صحة ضبط هذا الاسم: فطلبنا إلى كبير علماء جدة وهو الشيخ محمد نصيف أن يطلعنا على الرواية الصحيحة فكتب إلينا ما نثبته هنا بنصه: (طلبتم الإفادة عن كيفية إمضاء الملك عبد العزيز آل سعود: وهل الصواب هو (ابن السعود) أو (ابن سعود) فأقول: (إن جلالته لا يمضي الكتب، بل يختمها ويصدرها باسمه جريا على عادة السلف فيقول: عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود، أو السعود، أو عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل. (وقد طبع على الدراهم الجديدة الفضية والمعدنية: عبد العزيز بن عبد الرحمن السعود. ولم يطبع عليها: (ابن السعود) أصلا. (فان رأيتم شيئا في الجرائد على الصورة المذكورة فهو خطأ منها. لا أصل له. ومن حيث إنه ينتسب إلى أحد أجداده المسمى (سعود) فيكون من الخطأ كتابته، (ابن آل سعود) لأن ليس في أجداده أحد يسمى (السعود). وقد راجعت بعض علماء نجد فوجدتهم يقولون: (عبد العزيز ابن عبد الرحمن آل سعود) ولا يزيدون عليها شيئا أصلا. هذا غاية علمي ومعرفتي فإن كان صوابا فالحمد لله، وإن كان خطأ فأرجو إسبال الستر عليه. واقبلوا فائق احترامي. جدة (الحجاز) في 15 شعبان 1346 الموافق 7 فبراير 1928 محمد نصيف

المخطوط القديم في الحديث

(لغة العرب) نشكر للشيخ جوابه، ولله دره، فقد (قطعت جهيزة قول كل خطيب) وملخص كلام الشيخ العلامة أن لفظة أبن، إذا تقدمت (بعض الأعلام) تنزع منها آل، وإن لم تتقدمها جيء بها فيقال (ابن سعود) وابن هذا آل وابن سويط وابن رشيد إلى غيرهم. ويقال: عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود أو السعود. المخطوط القديم في الحديث قرأت في الجزء الأول 6: 33 من لغة العرب مقالة في مخطوط قديم في غريب الحديث، طلب فيها صاحبها الفاضل من ذوي العلم في العراق وفارس بيان ما انتهى إليه بحثهم في ترجمة المؤلف والمحشي، فأقول: أن قلة كتب التراجم، وضيق الوقت عاقاني عن الفحص التام عن ترجمتها؛ ولكن رجعت إلى قاموس الأعلام التركي لشمس الدين سامي فوجدت ما هذا تعريبه عن الجزء 1 ص 742: أبو علي بن شاذان هو حسين بن أحمد من المحدثين المشهورين. ولد في بغداد سنة 337 وتولى في بلخ من قبل داود والد الب ارسلان السلجوقي وكان وكيلا له فيها وهو أستاذ نظام الملك وأمثاله من المشهورين توفي سنة 425هـ. أهـ. وقال ابن خلكان في تاريخه في الجزء 1 ص 156 طبع إيران (أن نظام الملك اتصل بخدمة علي بن شاذان المعتمد عليه بمدينة بلخ. أهـ) فالمظنون ظنا قويا أن أبا علي بن شاذان هو مؤلف كتاب غريب الحديث لوجوده منها: توافق سلسلة الأسماء المذكورة. ومنها كونه من المحدثين المشهورين وتخصصه في الحديث والكتاب في فنه ومن تفرغه له. ومنها وقوع وفاته قبل سنة 464هـ. أما انتسابه إلى استراباد (إيران) فأما اشتباها وإما تحريفا في النسخ أو

الشعر والشاعر

النسخة وإما لقرب بلخ من استراباد أو لمناسبة غير معلومة لنا فنسب إليها. هذا ما ظهر لي وفوق كل ذي علم عليم. وإذا عثرت على فوائد غير هذه في ترجمته وترجمة أبي محمد عبد الله المروزي المحشي اذكرها لكم والسلام. زنجان (إيران): أبو عبد الله الزنجاني الشعر والشاعر من حديث بين مراسل (لغة العرب) والأستاذ الدكتور أبي شادي س - تعلمون حضرتكم أن (لغة العرب) احتفت بآثار قلمكم كما احتفت بها كبريات الصحف والمجلات في العالم العربي وكثيرون من المستشرقين فهل لكم أن تجيبوني بصراحتكم المعهودة كما تجيبون صديقا مخلصا على ما سأوجهه إليكم من أسئلة أدبية قد ينتفع الأدباء من إجابتكم عليها؟ ج - بكل ارتياح. س - إذن فإني مشتاق إلى معرفة مبلغ ميلكم إلى الأدبيات بالنسبة إلى العلميات وهل تؤثرون الانقطاع إلى الأدب؟ ج - لقد تخصصت لعلم الجراثيم أو البكتريولوجية بعد إتمام دراستي الطبية، ولي شغف عظيم به، ولا يخفى على حضرتكم أن لطائفة من العلوم ارتباطا وثيقا بعضها ببعض، ولهذا دعتني محبتي لعلم الجراثيم إلى العناية بعلوم أخرى وبينها علم الابقلطوية أو تربية النحل الذي أسست من أجله في إنكلترا سنة 1919، أثناء إقامتي الطويلة، نادي النحل الدولي المسمى وكذلك مجلة (عالم النحل - ولثبت رئيسا لقلم تحريرها الدولي سبع سنوات. فمن هذا تدرك مبلغ عنايتي بالشؤون العلمية التي تخصصت لها، والتي لن يحولني عنها شيء ما دمت

في عافية أما ميلي إلى الأدبيات فيرجع إلى عوامل وراثية والى استمتاعي بالأدبيات كرياضة ذهنية نفيسة بين شواغلي ومتاعبي الكثيرة. فإذا كنت قد أفدت بها المجتمع كما أفدت نفسي فهذا رد دين علي وتوفيق من الله. أني على كل حال اقدر أن علي واجبات كأديب نظير ما علي من الواجبات كرجل علم واحسب أني أفهم شيئا عن وحدة الحياة واشعر أن الفارق بين العلميات والأدبيات فارق وهمي ولذلك لا أوثر الانقطاع إلى الأدب. س - إنكم بتصريحكم هذا تخالفون المألوف من رأي، إذ الشائع أن تكون الحياة العلمية بمعزل عن الحياة الأدبية، ومن الناس من يرى أن توزيع الجهود يذهب بالإتقان. فما قولكم في ذلك؟ ج - لقد أحببت سابقا على بعض ملاحظتكم هذه وأزيد على ذلك أني أستمد من حياتي العلمية غذاء لنفسي الأدبية كما أستمد نظير ذلك من مشاهداتي ومطالعاتي وخبرتي وولوعي بالطبيعة، وليس يعنيني رأي فريق مغرض من الناس يود تثبيط همة الأديب العالم، كأنما الأدب مقصور على غير أهل العلم وكان الأولى بهم تشجيعه لو اخلصوا حقا للأدب، أليس الأولى بالأدباء أن ينتظم في سلكهم رجال العلم والطب والفلسفة والحكمة من انتظام العاطلين العابثين؟ ولا يخفى عليك أن الأدب طبع وسجية وموهبة ولا شأن له بالإرادة والرجل الذي بتكوينه وفطرته أديب لا تستطيع قوة أن تصده ولا أن تقهر نزعته وملكته الأدبية. فليس كل منتسب إلى العلم جديرا بأن ينتسب إلى الأدب أيضاً لأن المسألة كما قدمت لك مسألة طبيعة واستعداد فطري. ولا يخفى عليكم أن تخصص الإنسان لعلم من العلوم لا يحول دون إتقانه رياضة أو أكثر. ومن الناس من يتقن اتقانا تاما أكثر من صناعة واحدة. فما يتشدق به بعض الناس من هذا القبيل كثيرا ما يرجع إلى عوامل الحسد أو الغفلة أو الجهل. س - وما هي العوامل الوراثية التي تنسبون إليها تكوينكم الأدبي أصلا؟ ج - أريد بها التأثير الوراثي أولاً عن والدي محمد أبي شادي بك فقد كان

كاتبا وخطيبا مشهورا، كما كان صحفيا معدودا في زمنه، ونقيبا للمحامين بمصر، وسياسيا معروفا، وشاعرا أدبيا، وكانت والدتي السيدة أمينة نجيب أديبة مطلعة شاعرة وكان خالي مصطفى بك نجيب شاعرا وكاتبا قديرا من أقران البارودي وإسماعيل صبري، ويشهد بمنزلته شوقي بك وخليل بك مطران وحافظ بك إبراهيم وتيمور باشا وغيرهم من كبار معاصريه، كما شهد أيضاً صديقاه مصطفى كامل باشا ومحمد فريد بك. وكما تشهد آثار يراعته رغم الكثير المفقود من نفحات أدبه فإلى هؤلاء أدين بتكويني الأدبي أولاً، وإن دنت بعد ذلك للبيئات الأدبية التي امتزجت بها بكثير من الفضل علي. س - وما هذه البيئات الأدبية التي انتفعتم بها وتشيرون إليها؟ ج - هذه أولاً البيئة الصحفية التي كنت أجوس خلالها في طفولتي الأدبية، فكان لها أثر عظيم في نفسي لعله كان سابقا لأوانه فقد كان والدي يصدر صحيفة (الظاهر) اليومية المشهورة في عهدها وصحيفة (الإمام) الأسبوعية الأدبية وسواهما كما كان ينشر نخبة من كتب الأدب القديمة (كثمار القلوب) للثعالبي وغيره فهيأ لي ذلك أسباب الاتصال بمشهوري الكتاب والشعراء سواء في دار عمله (حيث ترى الآن إدارة مجلتي (الزهراء) و (الفتح) أو خارجها. وأذكر بين محرري صحفه الأستاذ محمد كرد علي والشيخ عبد القادر المغربي والأستاذ أحمد رفعت والأستاذ محمد حسين كما أذكر بين نوابغ الشعراء شوقي بك والأستاذ أحمد محرم وخليل بك مطران على الأخص، ولمطران في نفسي منزلة وأثر عظيم طول هذا الزمن (22 سنة) لم يزعزعه حادث ولا اغتراب ولا نضج ذهني وشاعريتي. وثانيا البيئة الأدبية الإنكليزية التي عشت فيها عشر سنوات وكنت أحرر وأراسل في غضونها طائفة من الصحف الإنكليزية بين يومية وأسبوعية فيما يخص المسائل المصرية وشؤون الأدب العربي فضلا عن مراسلة الصحف المصرية (كالمؤيد) و (العلم) و (الشعب) و (الأهالي) وغيرها. وثالثا البيئة العلمية الطبية التي وسعت مجال تأملاتي وأبحاثي وتعمقي الفكري.

وهذا يذكرني بأبياتي عن (المجهر) حيث أخاطبه بقولي: صحبتك عمرا في وفاء ومتعة ... فكنت لفني ملهما ولأفكاري فكم من بيان لاح لي منك مرشدا ... وكم من معان قد وهبت وأسرار ويذهل قوما أن يحبك شاعر ... وما عرفوا فني الدقيق وأشعاري ففي كل مرأى لي سؤال ومبحث ... وللغيب نزاع الحنين وأوطاري أرى فيك سر العيش والموت معلنا ... مرارا، وآلام الوجود بتكرار ويا رب خيط عد جرثوم قوة ... تناولت منه الوحي والأمل الساري وآخر قد عدوه بؤسا وشقوة ... دعاني إلى فحص التعاسة والعار فمثلك أستاذ للبي وخاطري ... وأكبر فنان يخص بإكبار ولست جمادا من نحاس ومجمع ... من العدسات الهاتكات لأستار إذا قلت كان القول للعقل حجة ... ولولاك ما أعتز الطبيب ولا الداري وان لم تبح حيرت فكرا منقبا ... وحينا بمحض الصمت تفصح عن واري فيا قوم صفحا. . . لا تعيبوا الذي يرى ... وينظم ما يلقى بدائع للقاري! وسيان جاءت من صخور كئيبة ... أو الطرب الزاهي بضاحك أزهار وسيان من شلال نهر ممرد ... أو المجهر الهادي البخيل على الزاري فذا عالم فيه الفنون مشاعة ... وما حيلتي إن كنت اعشق أسفاري وأقرأ شتى من حقائق مثلما ... أصوغ من الآثار أروع آثاري؟! وأظن أن هذه الأبيات التي تراها أمامك مطبوعة منذ زمن (وقدم لي كتابا نقديا لشعره وعنه أنقل) تغنيني عن زيادة الكلام والشرح. وتبرهن لك على أن

عقيدتي هذه ليست بنت اليوم. س - هل لك أن تفيدني إذن متى بدأت تنظم الشعر؟ وكيف تدرجت في نظمه؟ ج - كل ذلك منذ 24 عاما وأنا في طفولتي تقريبا وكنت شغفا بقريبة لي نشأت معها فأنطقني حبها لأول مرة أبياتا أولها: نشأت وقلبي يصبو لك ... وإني ريعت على حبك! وهذه الأبيات منشورة على ما أظن في كتاب حداثتي الأدبية، منذ عشرين عاما تقريبا. وقد أخذ شعري يستوي منذ سنة 1910 وزاده نضجا ما انتابني من محن نفسية رغم صغري. ولما رحلت عن مصر في إبريل سنة 1912م. قاصدا إنكلترا لإتمام دراستي وهربا من البيئة الجانية على صباي نظمت قصيدة عواطف ووطنية أودع بها مصر، نشر (المؤيد) معظمها وقلت في مستهلها: آن الرحيل فلا جواب لداع ... حتى أتم لها مقال وداعي وأسطر العهد الذي إن فاتني ... يوما رعايته قصفت يراعي في العيش أم في الموت ما بين المنى ... واليأس أذكرها بقلب واع ستعيش أوطان يحقق عيشها ... وتموت أوطان بسعي الناعي يا من يخاف علي أن تؤدي النوى ... بعظيم تحناني لها ودفاعي أنا لست من ينسى الوفاء وإن تكن ... عقباه أوجاعا على أوجاعي أنا من طهارة ذمتي وسريرتي ... كالحق معتصم وراء قلاع وقد كانت لحياتي في أوربة واطلاعي على الأدب الغربي فضلا عن معيشتي زمنا في ريف إنكلترا وحبي للجمال الطبيعي ما استمر على تكييف أدبي عامة وشعري خاصة والسير به نحو الأصلح. ولكني ما زلت غير راض عن جهدي، وما أظن أني سأرضى عنه تمام الرضاء في يوم ما. س - ما هي أحب الموضوعات إليك لتنظم فيها؟ ج - من الشاق علي أن أجيب على هذا السؤال، ولكني أصدقك القول إذا جاهرتك بأني لا أنظم مطلقا في أي موضوع لا تندفع نحوه عواطفي، سواء

كان هذا الموضوع بمحض اختياري أو مقترحا علي. فكل ما أنظم فيه من وصف وغزل وبحث وفلسفة وتأبين وغير ذلك قريب إلى نفسي لأنه منتزع منها وإن يكن بعضه صادرا عنها في أحوال هدوئها وتأملها والبعض الآخر صادرا عنها في أثناء ثورتها وانفعالها. س - وكيف تطبق تفسيرك هذا على ما تنظمه من روايات غنائية وقصص مثلا؟ ج - إني لم انظم شيئا من هذا القبيل لم ترتح إليه نفسي غاية الارتياح من قبل، وعند نظمي استمد من اختباراتي وعواطف حبي السابق ومشاهداتي وغير ذلك من ذخيرتي الذهنية ما يعينني على اختيار التعابير والألفاظ المناسبة وتصوير المواقف المطلوبة، فليس للصناعة أثر في ذلك وإنما الفضل يعود إلى تذكاراتي النفسية وتجاريبي وتأملاتي في الحياة. س - وما هي أحسن الأوقات لديك لقرض الشعر؟ ج - كثيرا ما استطبت النظم عند الفجر أو في سكون الليل، وكثيرا ما استطبته أثر انفعال شديد ترويحا عن نفسي، وكثيرا ما استعذبته إثر راحة، وكثيرا ما شكرت للشعر فضله علي حينما أحس بانقباض وإعياء وبدلا من الانتفاع بالهدوء حينئذ فإن النظم يكاد يذهب بتعبي! ومن هذا ترى إنه من الصعب علي الإجابة على سؤالك، فإن قرض الشعر لمثلي رياضة نفسية والهام، ومتى جاش في صدري في أي وقت فليس في إمكاني حبسه، وإلا شعرت بانقباض شديد وألم دفين واعتلت صحتي. س - وكيف إذن تنظم الشعر؟ ج - قبل النظم تتشبع نفسي بموضوعه وتتألف في ذهني وحدته وحينئذ أبادر إلى النظم، وسواء تم ذلك في جلسة أو أكثر فلا يمكنني التوقف الطويل ولا أحس براحة قبل الفراغ مما اعتزمت نظمه وعادتي في نظم القصيد إتمام نظمي في جلسة واحدة، إذ ما دمت متشعبا من موضوعي فإني اعتبر الأصلح لمثلي الكثير الشواغل اجتناب التسويف منعا لتشتت ذهني، ودفعا لضياع ما في خاطري من معان وتأملات، خصوصا وإن لدي من المتاعب والمشاغل ما يستنفذ مني

يوميا نحو 14 ساعة. س - وكيف تجدون إذن الهمة والوقت لقرض الشعر؟ ج - للأسباب التي قدمتها لك وهي لا أنظر للنظم الشعري كعمل بل كرياضة نفسية، ولست أنا الذي أتصيد القوافي والبحور بل هي التي تتبعني وتفيض من وجداني فيضا لا قبل لي بدفعه وحبسه. واقرب الأمثلة لذلك نظمي معظم القصة الغنائية (أردشير) في قطار الليل بين القاهرة والإسكندرية بصحبة الأديب يوسف أفندي أحمد طيرة حيث لم انم قط وكنت في شدة التعب، ورغم ذلك فكان لي في النظم انس وغذاء لنفسي، وكان نظم (أردشير) من أحسن ما أخرجت للأدباء. ولو كنت من ينظر لنظم الشعر كعمل مجهد شاق لما تمكنت من أداء واجبي الأدبي فأعمالي العلمية كثيرة ومسؤولياتي جمة متنوعة. س - وهل لي أن اسأل حضرتكم عمن تعدونه بين شعراء العربية أعلاهم كعبا في جملة مواهبه وآثاره؟ ج - أعتبر خليل بك مطران ذلك الشاعر. س - وما رأيكم في شوقي بك؟ ج - شوقي بك شاعر عظيم بمجموع أثره. ولكن الجانب الخلقي منه أفسد شاعريته في الزمن الأخير فتأخر هو وتقدم سواه. وهو في نظري أعذب الشعراء لفظا وأجرئهم تعبيرا ووثبة متى أطلق لنفسه العنان، ولكنه للأسف يرسف في قيود الشهرة وحب التهليل من جانب المحافظين. س - وما رأيكم في حافظ بك إبراهيم؟ ج - شاعر جليل أيضاً بمجموع أثره، وله أكبر فضل بين الشعراء على النهضة القومية المصرية. ومن وجهة مواهبه الشعرية فهي في نظري أقل من مواهب شوقي بك لأنه بسليقته أقرب إلى الناقد الاجتماعي منه إلى الشاعر. وهو بعبادته للألفاظ يسيء إلى أدبه كما لا يجاري النهضة التجديدية. س - وما الذي تقترحونه من الوسائل لإقالة الشعر العربي من عثرته؟ ج - أقترح أولاً: أن تعنى الصحافة الأدبية المستقلة بتنشيط الشعراء المجتهدين بغض النظر عن مبلغ شهرتهم، لأن الذي يهمني هو الأثر الأدبي وحده

لا أسم صاحبه، ومن مصلحتنا الأدبية تعميم هذا المبدأ. وثانيا إيجاد روابط قومية وروابط عامة - عن طريق الأندية والمجلات الشعرية - بين شعراء العربية جملة، مما يعين على تبادل المعارف والمودة بينهم بدل ما هم عليه الآن من تنابذ وتحاسد ممقوت. وثالثا: أن يتذرع المجددون من الشعراء بكل شجاعتهم الأدبية فيسيروا في طريق الإصلاح بغير توان من غير أن يلتفتوا إلى الأوهام النقدية التي يوسوس بها المحافظون الجامدون من كتاب وشعراء لا يرضيهم ظهور عناصر جديدة ناهضة بينما كل نقدهم دليل على بلادتهم الذهنية: فمن اعتراض على كلمة. إلى تهكم بمعنى شعري لا تفهمه أذهانكم الكليلة، إلى غير ذلك من العبث النقدي الذي لا جدوى منه، وإنما كل ما ينشدونه من ورائه تثبيط همم المصلحين الناهضين والنيل من سمعتهم حسدا وغيرة. س - وهل تعبرون من التجديد استعمال اللغة العامية كما هو الشائع الآن في نظم الكثيرين من الشعراء وفي صحف ومجلات مصرية مشهورة؟ ج - كلا! وقد حكمت ضمنا بسؤالك هذا على من يلجئون إلى العامية في نظمهم بينما يدعون الغيرة على العربية فغيرتهم نظرية فقط بينما هم عمليا يحكمون على العربية بالعجز عن مجاراة الروح العصرية سواء في الشعر الغنائي أو في غيره وهكذا يجنون عليها شر جناية من حيث لا يشعرون. أما مذهبي فاستعمال السلس المصقول من الكلمات والتعابير المولدة الجميلة في شعري ونثري وبذلك أساعد على إنماء ثروة اللغة وأبطل حجة من يعتذرون بضرورة الالتجاء إلى العامية في النظم الغنائي والنظم القصصي على الأخص. أني لشديد الحرص على مراجعة المعجم عند الفراغ من النظم، فما تراه في نظمي من كلمات وأساليب عصرية مولدة مقصودة لذاتها للأسباب المتقدمة. س - وهل ترون للأوبرات (أو العبرات كما يسميها العلامة الأب الكرملي) بما لكم من الأسبقية والخبرة في التأليف في مصر وغيرها من الديار العربية؟ ج - أني لا أستطيع الحكم على غير مصر من الممالك العربية، وإن كان المعقول أن تنتشر بينها في المستقبل تدريجيا عوامل الثقافة الحديثة المشتركة

ومنها التمثيل الغنائي، وأشير بصفة خاصة إلى العراق وسوريا، وأما في مصر ففرقة الأوبرا الوطنية العامة في الوقت الحاضر هي فرقة السيدة منيرة المهدية فقط. وهذا أمر يؤسف عليه لأننا في حاجة إلى أكثر من فرقة، وأذكر منذ شهور أني شافهت الآنسة أم كلثوم على أثر حفلة في نادي موظفي الحكومة بالإسكندرية عن حاجتنا إليها على المسرح الغنائي بدل (التخت) الذي لا اعتبره لائقا بها، ولا بغيرها من شهيرات مغنياتنا، ولكننا لا نزال حتى الآن محرومين هذه الأمنية. بيد أن للأوبرا مستقبلا مرجوا في مصر لأن الشعب المصري شعب طروب يحب الشعر والغناء، فيمكن استثمار نزعته هذه لتهذيبه عن طريق الفناء إذا قام الشعراء المؤلفون بواجبهم القومي. س - وما نصيحتكم إلى من يحاولون التأليف الغنائي من الشعراء الناشئين؟ ج - لابد لمؤلف الأوبرا من اطلاع على الأدب المسرحي ومن ميل خاص إلى الشعر الغنائي، وقد أشرت إلى ذلك بإسهاب في مقال (الأوبرا والأدب المصري) المنشور في ذيل الأوبرا (إحسان) فلا حاجة بي للأثقال عليك بالشرح الطويل، ويكفي أن تطلع عليه ولاسيما إنه موضوع طريف في الأدب العربي. س - تشجعني إجابتكم هذه على سؤالكم عن النقط التي تراعونها مراعاة خاصة في نظم قصصكم الغنائية، فهل تتفضلون بإجابتي؟ ج - أراعي أولاً اختيار موضوع تاريخي أو عصري أو خرافي يكون مناسبا في الوقت ذاته لتضمينه شيئا من الدعوة التهذيبية أو الوطنية أو العواطف الإنسانية. أراعي في نظمي التنويع واختيار الأوزان الغنائية والابتداع فيها عند الاقتضاء. وأراعي في الكلمات المنظومة انسجام مخارج الحروف وتناسبها وعصرية الألفاظ بقدر الطاقة بحيث لا تنبو عن الأسماع. وفي هذه الحدود اترك لنفسي الحرية في رسم الصور الشعرية والتعبير عما يستثار من عواطفي بكل ما أستطيع من قوة. ويسرني أن يرضى على الأخص مثل الملحن المصري الشهير الأستاذ الدكتور أحمد صبري عن خطتي هذه وإن يقدر آثارها. غير أني أرجو بمرور الزمن أن أوفق للتقدم المستمر في عملي هذا، وحسبي الآن وضعي أساس تأليف الأوبرات باللغة العربية ووضعي طائفة منها، وهذا مما يهون جهد

كلمة في الكتابات الأثرية العباسية

من يتبعني فإن المشقة كل المشقة كما لا يخفى عليك في وضع الأساس ورسم النماذج الأولى. س - لي سؤال أخير لعلكم لا تعدونه غريبا، وهو: ألا ترون في هذا العصر المادي أن الشعر شيء كمالي وإن لا مستقبل له؟ ج - كلا وألف مرة كلا! إن اصح ما يوصف به عصرنا الحاضر إنه العصر العلمي لا العصر المادي. وقد ذكرت لك سابقا أني لا اعتبر العلوم عدوة للآداب، وكل ما حدث وسيحدث أن التآخي بين القوتين العظيمتين سيتوطد وانهما ستندمجان. وما الشعر في اعتباري إلا نبع الإحساس العميق والتأمل البعيد والنظر إلى ما خلف المظاهر، ومن المشاهد أن رقي الحضارة يرهف الأعصاب ويحد الأذهان ويزيد رقة الإحساس، وكل هذه عوامل تنتج الشعر وتهيئ النفوس لقبوله بل إلى الإلحاح في طلبه غذاء روحيا لها. فمن ينكر مستقبل الشعر مخطئ لم يدرس بعناية العوامل التي أنبتت الشعر منذ فجر المدنية ولا تزال تغذيه وتحافظ عليه وستضمن له خلوه. كلمة في الكتابات الأثرية العباسية كنا قد طبعنا مقالة الكتابات الأثرية العباسية التي أنشأها حضرة صديقنا عبد الله بك مخلص، ثم أرسلنا إليه بالمسودة ليعيد النظر فيها، ولما وصلنا إلى آخر الملزمة الخامسة من هذا الجزء، جاءنا من جنابه ما هذا حرفه: (أعدت النظر - بناء على إرشادك - على مقالة الكتابات العباسية، فوجدت أنني قد أخطأت بوضع ولاية علي بن يحيى الأرمني على مصر سنة 228هـ (842م) في الصفحة 163 سطر 9)؛ فإن صوابها 226هـ (841م) واعترف لك بأن مصدر هذا الخطأ هو (جرجي زيدان)، فقد كنت رجعت إلى كتابه تاريخ مصر، لأنه من الكتب الحديثة التي كنت أظن إنها كتبت بتحقيق، وأخذت عنه ذلك التاريخ المغلوط فيه؛ وقد صححته الآن على كتاب الولاة للكندي، فإذا كانت المسودات لم تطبع بعد، أرجو تصحيحها. وإلا فاذكروا الصواب في قائمة الخطأ والصواب بآخر السنة. وكذلك وجدتني قد خلطت في أسم كتاب الجامع المستقصي في فضائل

المسجد الأقصى؛ فقد جاء في ص 162 المستقصى في فضائل الجامع الأقصى، وأنا لا أجيز (الجامع) بدل (المسجد). والصواب ما ذكرته الآن أرجو تصحيحه. وعلى ذكر هذا الغلط، اروي لك ما وجدته حوله من الأغلاط الأخرى من باب التسلية. واليك رواية زيدان بالحرف: (وكان في نيته إقالة أشناس من إمارة مصر، لكنه لم يكد يفعل حتى توفي أشناس في الفسطاط سنة 228هـ. فأقام مقامه علي بن يحيى الأرمني؛ وبعد نحو سنة أبدل بعيسى بن منصور للمرة الثانية). أما الكندي فيقول: (وثم وليها علي بن يحيى الأرمني من قبل أشناس على صلاتها قدمها يوم الخميس لتسع خلون من ربيع الآخر سنة ست وعشرين ومائتين. . . فوليهم علي بن يحيى إلى وفاة أبي اسحق المعتصم: وبديع الواثق فاقره عليها إلى يوم الخميس لسبع خلون من ذي الحجة سنة ثمان وعشرين ومائتين؛ فوليها عيسى بن منصور الثانية من قبل أشناس على صلاتها، دخلها يوم الجمعة لسبع خلون من المحرم سنة تسع وعشرين ومائتين. وتوفي أشناس سنة ثلاثين ومائتين). ففي سطر واحد مما كتبه زيدان عدة اغلاط، منها وفاة أشناس سنة 228 مع إنها سنة 230، ومنها: ولاية علي بن يحيى سنة 228 مع إنها في سنة 226. ولعلنا لو استقصينا لوجدنا لها أمثلة عديدة. ولمثل هذه الأغلاط نعذر الذين كانوا لا يقبلون الرواية إلا بالإسناد الصحيح حتى في التاريخ. حيفا (فلسطين): عبد الله لخلص الخشفاء ذكر دوزي في معجمه هذه الكلمة ثم قال: (وهذه الرواية ليست بمضبوطة وهو أسم حيوان يتخذ من عرفه وذنبه مذاب (مراوح) ويضع بعضهم منه في أطراف الأعلام. قاله دي جنك. أهـ. قلنا: هذا هو الخشقاء تعريب خشقاو أو غر كاو وهو أيضاً القطاس أي فقوله خشفاء بالفاء غلط صريح.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة العرفان والتصوف س - الشطرة: ي. د - ذكر كثير من المؤلفين في كتبهم كلمة (عرفان) بمعنى التصوف كقولهم مثلا: هذا المعنى عرفاني ويريدون به التصوفي. وفي جملتهم المؤرخ الفيلسوف (ابن خلدون) فإنه يقول في مقدمته المطبوعة في مطبعة التقدم ص 123 س 5: (ليحصل لهم أذواق أهل العرفان والتوحيد) وفي س 7: (أقرب إلى العرفان بالله وإذا عريت عن ذكر كانت شيطانية وحصول ما يحصل من معرفة الغيب والتصرف لهؤلاء المتصوفة) وص 518 س 12 إلى 14: وظهر من كلام المتصوفة القول بالقطب ومعناه رأس العارفين. يزعمون إنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله، ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان). فما رأيكم هل تقوم كلمة العرفان مقام التصوف، وهل التصوف يونانية الأصل كما يقول جرجي زيدان في مقدمة كتابه تاريخ آداب اللغة العربية. وهل تعليله صحيح فنرجوكم الإفادة. ج - الألفاظ الدالة على التصوف كثيرة، أن أردنا بها التوسع فيها، من ذلك العرفان وعلم السلوك وعلم الإشارة وعلم الحق وعلم الأخلاق إلى غيرها. وإما من باب التحقيق فاللفظة الواحدة لا تقوم مقام الأخرى. لأن العارف هو من يجمع إلى حقائق علم الدين العمل بها. وقد يكون العارف زاهدا في الدنيا منقطعا لعبادة الله بالصلاة والصيام ولا يكون الزاهد مع هذا عارفا. قال في كتاب جامع أصول الأولياء: (العارف هو من اشهده الله ذاته أو صفاته وأسماءه وأفعاله. فالمعرفة (فالعرفان) حال تحدث من شهوده). أهـ. وقد نقل الإفرنج العرفان إلى لسانهم أسوأ نقل والصواب هنا أن يقال:

أبو العبر

والتصوف هو. والتصوف من اليونانية كما قلنا في ص 214 من هذا الجزء ونحن سبقنا جرجي زيدان إلى تنبيه الناس على اصلها الأعجمي بثلاث وعشرين سنة. وربما أخذها عنا، ومعنى اليونانية حكمة الله أو عرفان الله. أبو العبر س - بغداد - ب. م. م - من هو أبو العبر الذي ورد ذكره في مجلتكم (5: 351)؟ ج - قال أحمد زكي باشا في المقتطف 41: 438 ما حرفه: كانت مدينة أبي جعفر المنصور جنة الدنيا في عهد هارون والمأمون وخصوصا في أيام المتوكل وكان فيها شاعر يسمى (أبو العبر) له أحوال عجيبة وأمور غريبة، وكان من المجان الذين يقل نظيرهم في الدنيا. وقد تكفلت كتب التواريخ والأدب بشرح أموره. وكان يزيد في كل سنة حرفا في اسمه حتى انتهى إلى: (أبي العبر طرد طيل طليري بك بك بك). كان المتوكل يلبسه قميصا من حرير ثم يرمي به في المنجنيق إلى نهر دجلة. فمتى حذفه المنجنيق في الهواء صاح: (الطريق، الطريق) (كما نقول الآن: وسع وسع) (وكما يقول البغداديون اليوم: بالك، بالك)؛ ثم يقع في الماء، فيأتي السباح ويستخرجونه. وكان في أحد قصور المتوكل زلاقة ما أشبهها بالتوبوجان الموجود الآن في مصر الجديدة (واحة عين شمس)؛ فكان الخليفة يأمره بالجلوس عليها، ومن هناك ينحدر ساقطا من فوق الزلاقة حتى يقع في البركة فيطرح الخليفة الشبكة فيخرجه كما يخرج السمك. وفي ذلك يقول شاعرنا: ويأمر بي الملك ... فيطرحني في البرك ويصطادني بالشبك ... كأني من السمك انتهى كلام الأستاذ في المقتطف. وقد علمنا من صاحب تاج العروس أن اسمه أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس الهاشمي.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 28 - كتاب خطط الشام تأليف محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي الجزء الخامس: طبع في مطبعة الترقي في دمشق سنة 1927م في 308 ص بقطع الثمن الكبير أهدى إلينا حضرة صديقنا العزيز السيد محمد كرد علي جميع أجزاء كتابه خطط الشام، وكنا قد بدأنا بنقده (لغة العرب 4: 544 وما يليها) إلا أن كثرة الهدايا التي وصلت إلينا حالت دون نشر ما كنا قد أعددناه من الملاحظات وحالما يتيسر لنا الأمر نعود إلى ما كنا قد شرعنا فيه. وألان نذكر شيئا عن الجزء الذي بلغ إلينا في هذه الآونة يحوي هذا السفر الجليل التاريخ المدني وقد ابتدأ به ذاكرا تفاصيل بديعة عن الجيش. فالأسطول. فالجباية والخراج، فالاوقاف، فالحسبة والبلديات، فالترع والمرافئ والطرق فالبريد والبرق والهاتف، فالمصانع والقصور وقد تناول هذه البحوث منذ العصر القديم إلى هذا العهد وكل ذلك بعبارة سلسة طلية. على أننا نراه يتساهل في الألفاظ تساهلا كنا نود أن لا نراه فيه وهو أستاذنا وشيخنا في مجمع العلماء الدمشقي. فقد قال مثلا في ص 31: فظهرت كفاءتهم في اختراق العباب. . . وكثرة الأخشاب. . . يهتدون بنجمة القطب. وعندنا لو قال كفايتهم. . . وكثرة الخشب. . . وتنجم القطب أو الجدي (بالتصغير) لكان افصح. وجاء في ص 32: اجتازوا البحر الأبيض. . . التي سلكوها. . . فكانت بحريتهم وصناعتهم في مصر أولاً. . . وقد فسر لنا في الحاشية معنى الصناعة في هذه العبارة فقال: الصناعة في العرف أسم المكان المعد لإنشاء المراكب والسفن. نقلت إلى لغات الغرب فصارت ارسنال وعادت إلى العرب من طريق الترك باسم (ترسانة) أهـ.

قلنا: ونحن لم نجد مؤلفا عربيا ذكر أسم بحر الروم أو بحر الشام باسم البحر الأبيض (راجع لغة العرب 5: 488). . . التي يسلكوها. . . (ارسنال) الإفرنجية مأخوذة من (دار الصناعة) وهي أشهر من (الصناعة) في هذا المعنى. وحذفوا الدال من الأول لظنهم إنها حرف زائد أو حرف جر على ما يرى في لغتهم. هكذا قال بعض لغوييهم. وذهب لاروس في معجمه الوسط أن الكلمة مشتقة من اللاتينية بمعنى القلعة أو الحصن، وبعضهم من رأى رأي صديقنا العزيز، والناس مخيرون في ما يذهبون أليه. وعلى كل حال هذه الأمور الزهيدة لا تعتبر شيئا بجانب العمل الذي أتاه الأستاذ العلامة، فإنه يخلد لله الأثر إلى ابد الدهر ويشكره عليه كل من عانى هذه المباحث وأمثالها. ونحن نضم صوتنا إلى سائر الأصوات الكثيرة التي ترتفع من كل قطر وبلد قياما بفرض الشكر. 29 - تاريخ الشيخ ظاهر العمر الزيداني حاكم عكا، وبلاد صفد (الجزء الثاني) تكلمنا عن الجزء الأول من هذا التأليف المفيد في 6: 61 واليوم تلقينا الجزء الثاني منه وهو كأخيه جزيل الفائدة لمتتبع أخبار ديار الشرق الأدنى، وصفحاته تتبع صفحات الجزء الأول فتنتهي في الصفحة ال 184 وفي الآخر فهرس المواد على تتالي الوجوه في الكتاب. وفي هذا القسم هفوات من جنس هفوات القسم الأول ففي حاشية ص 135 المؤرخين الثقاة وفي حاشية ص 145: حضر لعنده قيجي (رسول السلطان) من الدولة. . . ونظن أن الصحيح هو الثقات (راجع 5: 61). . . وحضر عنده فيج (بفاء وياء وجيم) وقد يزيد بعضهم على آخره ياء فيقول: فيجي. والصواب الأول والفيج رسول السلطان القادم على رجليه. وأهل العراق كانوا يسمونه قبل نحو ثلاثين سنة (التتر أو التتار أو التاتار أو الططر أو الطاطار. وإما القبجي فلا معنى له في لغة من اللغات. والفيج أو التاتار يعرف اليوم عند الفرس باسم حابار أو حبر

وكنا نود أن نرى فيه فهرس الأعلام لتزيد فائدته فلم نره لسوء الحظ. 30 - جوليوس قيصر أثر شاعر وحكيم معروف انكليس ويليم شكسبير وشرح حال حكيم مشار إليه ومختصري أن تاريخ رومية، ترجمة وتأليف ميرزا محمد خان بهادر، درجابخانة كاظمية. در. بصره طبع شد. صديقنا الميرزا محمد خان بهادر من نوابغ الكتبة في اللغة الفارسية والمثال الذي نعرضه اليوم للقراء يدل على إنه قابض على زمام الفصاحة في اللغة التي ينتسب إليها، هذا فضلا عن إتقانه اللغة الإنكليزية إتقان رجل بريطانية، ولهذا كان نقل (جوليوس قيصر) من أحسن ما نقل من لغة إلى لغة لأن المترجم خلع على عروس فكره ثوبا فارسيا بديعا فجاءت تلك الغادة الإنكليزية إيرانية غربية شرقية، فلله دره من كاتب! 31 - هفتاد ودو ملت نكارش مرحوم ميزرا عبد الحسين معروف به ميرزا آقا خان كرماني 32 - خواب شكفت بارسالة مرحوم آخوند ملا فتجعلى أصفهاني 33 - شرح حال كلنل محمد تقي خان بسيان جميع هذه الكتب للمؤلف المذكور وطبعت في مطبعة إيران شهر في برلين هذه الكتب من طبقة التأليف السابق من جهة الانشاء؛ لكن في هذه المصنفات نفسا غير نفس أخيها البكر. فهي موشاة بأنامل لبقة تريد إصلاح ما في طبقات بعض الإيرانيين من المساوئ والمفاسد. فمعنى العنوان الأول: (اثنتان وسبعون فرقة) وهو في 122 ص. ومعنى الثاني (النوم العميق) وهو في 80 ص. ومعنى الثالث ظاهر وهو في 120 ص وكلها بقطع الثمن الوسط. فلا عجب إذا عدت هذه المصنفات من خيرة ما نمق في الفارسية لحسن صوغ عبارتها ولاسيما ما فيها من المعاني الدقيقة ومغازي الإصلاح، ولهذا تتمنى لها سرعة الانتشار وكثرة القراء.

34 - الحب الإلهي أمام الآلام والموت بقلم الأب بولس قوشاقجي تاريخ وشرح رسالة القديس اغناطيوس أسقف إنطاكية. إلى الرومانيين طبع في 48 ص عربية و34 ص فرنسية بقطع 12، بمطبعة القديس بولس في حريصا (لبنان) 1928. كتاب حسن يحوي شرح (الحب الإلهي المضطرم في قلب شهيد) هو القديس اغناطيوس الشهيد، فهو يحوي ترجمة هذا الولي العظيم مع تفاصيل ما قاساه في حياته. وفي آخر السيرة خريطة تبين الطريقة التي سار فيها من إنطاكية إلى روما. وعبارة هذا الكتيب تحتاج إلى إصلاح في بعض المواطن إذ يظهر من منشئه إنه قد ألف بعض الأغلاط الموجودة في بعض المصنفات، ولم يتخلص منها مع إنه حاول أن يتبرأ منها بقدر طاقته. فقد قال مثلا فأحرى بنا. . . ونور الكهرباء. . . ولا يؤخذ المنطاد أو الطيارة مطية للتهاوي (؟) فوق الغيوم (ص4). . . وهاأنذا (وهو يتكلم عن لسان الاكتشافات ص 5) إلى غيرها. والصواب أن يقال: فأحرى بنا (بكسر الراء). . . ونور الكهرباء بالقصر إذا أراد المادة نفسها. أو الكهربية إذا أراد النور المنبثق من تلك المادة وهاأنا ذي (لان هاءنذا للمتكلم المذكر). والتهاوي لم ترد بمعنى الارتفاع في الهواء بل يقال التحليق فجل من لا عيب فيه. 35 - الآثار الجزء الأول من المجلد الخامس السيد عيسى إسكندر المعلوف مؤلف شهير عرف بوقوفه على تاريخ الأسر الشرقية. وهذه مجلته تشهد له بعلو مقامه في هذا الموضوع. وقد جاءنا الجزء الأول من مجلده الخامس فإذا هو مزدان بصور ورموز بديعة طبيعية ففي الزاوية اليمنى في الأعلى صورة بقايا قلعة بعلبك وبازائها في الزاوية اليسرى صورة تمثل أبا الهول وفي الأسفل رسم الجامع الأقصى وبازائه إيوان كسرى الذي نسميه اليوم (طاق كسرى).

فنتمنى للرصيفة طول الحياة واحاسن المباحث واطراد الرقي على ما رأيناها إلى هذا اليوم. 36 - تاريخ الحروب العربية أو حرب البسوس لمحمد بن اسحق صاحب المغازي، طبع على نفقة عبد الحميد زاهد، الجزء الأول في 191 ص بقطع الثمن الصغير، طبع في مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1928. نحن العرب في حاجة إلى معرفة مزايا السلف وآدابهم ومكارم أخلاقهم وليس من كتاب يطلعنا على هذه الأمور مثل (تاريخ الحروب العربية) فإن هذه الأخبار طافحة فيه وهي تربى في صدور نشئنا حب الوطن والقومية وإباء النفس إلى غيرها من المزايا والمناقب العالية، فنوصي كل ناطق بالضاد أن يطالع هذا الكتاب المفيد. 37 - حركات السيدات في الانتخابات أو ابن هو ابني، في 128 ص بقطع الثمن الكبير، بقلم نقولا حداد. قليلون هم الذين اطلعوا على خفايا المجتمع البشري الشرقي، ومن الرجال الذين يعدون في هذه الطبقة الكاتب الشهير نقولا حداد، فإنه لا يتناول يراعته ليكتب في موضوع اجتماعي إلا يوفيه حقه من حسن الأداء ووصف الدواء الناجع وكتابه هذا جدير بالمطالعة في مثل هذه الأيام التي يكثر فيها ذكر حركات السيدات في الانتخابات. 38 - المجلة الأميركية للغات السامية وآدابها المجلد الرابع والأربعون (بالإنكليزية)، تطبع في مطبعة جامعة شيكاغو في البلاد المتحدة. هذه مجلة جليلة القدر، وكتابها من أعاظم حضنة العلم ورافعي ألويته: وهم واقفون أحسن الوقوف على اللغات السامية وأسرارها. إذ لا يعنون بالموضوعات الحية العصرية فقط بل يطرقون ما كان من ضربها في القرون المنصرمة. فهي إذن مجلة لا يستغني عنها علماؤنا الناطقون بالضاد فنتمنى لها الرواج اللائق بها.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - تصريحات ممثل الحكومة البريطانية بخصوص أنباء الأخوان صرح فخامة المعتمد السامي البريطاني في العراق للجرائد المحلية بخصوص أنباء الأخوان بما يأتي: أنني لا اشعر شخصيا بأقل قلق من الحالة الناشئة عن خطة الأخوان تجاه العراق. ثم أوضح فخامته لمحدثيه أن الرواية القائلة أن ابن سعود عقد اجتماعا في الرياض وحث فيه زعماء نجد على مهاجمة العراق تظهر إنها رواية بولغ فيها كثيرا، ألم تكن رواية مختلقة تناقلتها أفواه البدو فوصلت البصرة عن طريق الكويت مكبرة. ولا يخفى أن الروايات تتناقلها الأفواه في البادية بسرعة ولكنها تظهر بمظاهر مختلفة باختلاف رواتها. وعلى كل حال لم يتمكن الضباط البريطانيون في قلم الاستخبارات حتى الآن من العثور على صحة أنباء إعلان الجهاد المزعجة مع ما لديهم من الوسائط والتسهيلات الكافية للحصول على أنباء البادية العربية. ومما لا ريب فيه أن النيات السيئة التي عزيت إلى ابن سعود - إذا صحت أنباؤها وهذا ما يستبعد - هي تعد صريح على (اتفاقية بحرة). ويرى فخامته أن ليس لحكومة صاحب الجلالة البريطانية من الأسباب ما يحمله على توقع حدوث هذا التعدي الصريح من مليك عربي حاز ثقة الحكومة البريطانية في السابق. وصرح فخامته أيضاً قائلا: أن الغزوات الجوية التي قامت بها الطيارات البريطانية أثرت تأثيرها الفعال كما إنه واثق بأن القوة الجوية الملكية في العراق كافية لصد غزوات الأخوان ومعالجة الأزمة إذا حلت. وإن الحكومة العراقية باذلة جهدها في سبيل اتخاذ الإجراءات الفعالة لمقاومة الغزوات المتقطعة التي تقع في بعض الأوقات بين قبائل نجد وبين أفخاذ قبائل شمر التي لجأت إلى العراق آتية من نجد على

أثر هزيمة زعيمها الأمير ابن رشيد عام 1921. ولما بحث البرلمان البريطاني عن إشاعات إعلان جهاد الأخوان أجاب المستر امري وزير المستعمرات البريطانية قائلا: ليس لديه ما يؤيد رسميا الأنباء القائلة أن الملك ابن سعود أعلن الجهاد أو اشترك بنفسه في حركة من هذا القبيل وزاد قائلا: ليس لنا دليل على أن الملك ابن سعود مسؤول مباشرة عن الغزوات المشار إليها وليس من الصواب والدقة التامة وصف هذه الغزوات وصف هجوم عام لاجتياح العراق. ثم أبدى سروره لتكذيب الأنباء القائلة أن الجنود الهندية ذاهبة إلى الكويت للدفاع عنها بمناسبة وقوع الاضطرابات التي آثارها الأخوان. ويقول المستر امري إنه متأكد بأن القوة الجوية البريطانية قامت بجميع الأعمال الممكنة لصد هجمات الأخوان عن حدود العراق الجنوبية. وعلقت جريدة الأوقات البغدادية على خبر هذه الإشاعات المختلفة قائلة: (نرجو أن لا تؤثر هذه الإشاعات على عقول البسطاء. لأن الأخوان ليسوا جيشا منظما كسائر جيوش الدول ويتعذر عليهم اختراق أراضي العراق والتوغل في الداخلية. والظاهر انهم باتوا فعلا مهددين بمجاعة). أما حافظ وهبة - المقيم الآن في القاهرة - فإنه كذب أيضاً النبأ القائل أن ابن سعود قد أعلن الجهاد مساعدا قبائله عسكريا وهو يقول أن الأمر بعكس ذلك إذ نرى ابن سعود يبذل المساعي لتهدئة خواطر القبائل التي ثارت على غزوات البريطانيين الجوية. وجاء في نبأ من عمان أن الشيخ فرحان أبي ماش الهور الذي كان مسؤولا عن الهجوم على قبائل شرقي الأردن قد سجن وأرغم على أن يرد المنهوبات التي نهبها ويدفع الدية للقبائل التي اعتدى عليها برجاله. 2 - كيف يتنصل الأخوان من تبعة غزواتهم جاء في العدد 164 من أم القرى لسان حال الحكومة النجدية الحجازية بعنوان: (غزوة عودة العطنة، ماذا يظن من في شرق الأردن؟) ندرجه بحرفه. في 16 ربيع الثاني سنة 1346 الموافق 12 أكتوبر سنة 1927 بينما كانت قافلة من تجار بريدة في القصيم عند قلعة المعظم تمشي بتجارتها إلى الحجاز باغتها

عودة العطنة مع فريق من قومه (وعودة العطنة من قبائل شرق الأردن) فسطا على القافلة وقتل منها اثنين وهما محمد بن رحيل الفقير وعلي الرشودي وجرح شبل بن علي الرشودي جرحا خطيرا واخذ ما معهم من أباعر وسلب منهم 150 جنيها إنكليزيا و 700 مجيدي وبعد أن أتى فعلته المنكرة هذه رجع من المعظم إلى ربل حيث نزل ضيفا كريما على سليمان أبو دميك وفرح أبو شعيل من بني عطية ومكث عندهم مدة ثم توجه شمالا إلى قرب المدورة دون أن يلقى أي معارضة وقد سبق لعودة العطنة هذا أن قام بأعمال شقاوة وغزوات كثيرة على رعايا نجد فلم يصب من قبل حكومة شرق الأردن بأذى ولا مكروه أما الحكومة عندنا فقد احتجت على هذا العمل وطلبت تأديب الفاعل وهذا الاحتجاج أصبح من الأشياء المعتادة عند حكومة شرق الأردن أن تسمع مثلا فلا تجيب وإن أجابت ففي التسويف والمماطلة وإن أرادت تسويفا قانونيا دعت إلى إنفاذ أحكام معاهدة جدة وطلبت تشكيل محكمة لتعيين المنهوبات وردها، فإذا اجتمعت المحكمة رأيت من المراوغة فيها ما يدعو لفضها فيفوز المجرمون بالأسلاب ويعود المسلوبون بالحسرة والندامة. ليست غزوة عودة العطنة من قبائل شرق الأردن، الأولى من نوعها على قبائلنا فقد تكررت غزوات قبائل شرق الأردن على قبائل نجد بعد معاهدة جدة تكرارا لا يطاق الصبر عليه، كل هذا وقبائل نجد ساكنة لم تقابل شيئا من تلك الغزوات بمثلها، ولكن قبائل شرق الأردن لا تزال سادرة في غوايتها تأتي ما تشاء من الإجرام لا معقب ولا رادع بل ربما وجدت المنشط الذي يساعدها على غوايتها، فماذا يظن من في شرق الأردن؟. أيظنون أن هذا السكوت ضعف منا؟ أم ظنوا أننا عاجزون عن تأديبهم؟ والله أن سكوتنا عنهم لم يكن عن ضعف ولا عجز. وإنما وفاء بعهد قطعناه، وانتظارا لما تنتجه المفاوضات والمكاتبات في هذا الشأن. وخير لمن في شرق الأردن أن يكفوا عن أذاهم وإن يسألوا الله العافية. وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم ... وما هو عنها بالحديث المرجم) أهـ. قلنا: ولم تذكر الجريدة شيئا تزكي به أعمال الغزوات بخصوص العراق

مما يدل على أن حكومتنا بريئة مما ينسب إليها. 3 - مظاهرة في النجف في يوم السبت 11 شباط من هذه السنة، وصلت سيارة إلى النجف، قادمة إليها عن طريق كربلاء، وكان فيها أربعة رجال وصندوقان مغلقان، واتفق أن انكسر أحد الصندوقين قبل أن ينزل من السيارة. فسأل الركاب السائق عن الرائحة المنبعثة عن الصندوق فقال: هي رائحة خمر. فدهش الفضلاء الروحانيون من نقل مسكر إلى النجف. وما كادت السيارة تصل إلى محلها حتى بادر الحمالون بسرعة إلى نقل الصندوقين على دوابهم إلى صاحبهما وهو (محمد الفحام السوري) صاحب صيدلية النجف وما كاد الحمالون يضعون منقولهم أمام الصيدلية المذكورة حتى جاء مأمور مركز النجف وقبض على الصندوقين، فامتنع الصيدلي من تسليمهما. فالح عليه مأمور المركز في تسليمهما فأبى الصيدلي وحينئذ كلمه المأمور بشدة فما كان من الصيدلي إلا أن لطم المفوض لطمة أو لطمتين. وفي الحال أمر مأمور المركز الشرطي الحاضر بين يديه أن يقبض على المعتدي فساقه إلى مركز الشرطة ومعه الصندوقان. ولا تسل عن تجمهر الناس. ولولا أن السلطة تزج المذنب بالسجن لكان بئس المصير. وفي اليوم الثاني (12 شباط) أطلق سراح الصيدلي بعد أن وردت إلى الحكومة كتب العلماء، فكأنما أطلقت قنبلة من فوهة مدفع الرأي العام وباتت النجف في تحمس شديد. وما بزغت شمس 13 شباط حتى رأيت الجماهير تحتشد في الأسواق وتهوس هوسات ترتج لها البلدة، ثم انقسمت هذه الجماهير إلى فرقتين: فرقة هجمت على الصيدلية وكسرت ما فيها من الخشن وحطمت بعض قناني الأدوية فتداركت السلطة الأمر بأن أرسلت ستة من الشرطة للمحافظة على ما بقي من الصيدلية وقد أعانهم بعض المنورين من الشبان. والفرقة الثانية وعددها لا يحصى قصدت دائرة الحكومة في خارج البلدة ووصلت إلى قائم المقام فقيل للناس: أن الصيدلي في محله (وهو النادي) فهاجموا وماجو محاولين الدخول على الصيدلي ولكن همة مأمور المركز كانت عظيمة فحول دون أمنيتهم؛ فذهبوا إلى دائرة

الحكومة فخرج قائم المقام إليهم وكلمهم بلطف وافهمه بأن الحكومة تتخذ التدابير اللازمة لمعاقبة الصيدلي؛ إلا أن المتظاهرين لم يقنعوا، فبدد مأمور المركز شيئا من الشمل. ثم ذهب قائم المقام إلى البلدية وكان المتظاهرون في الصفا (الميدان) فخطب فيهم خطبة جمعت بين اللين والشدة وفي الوقت عينه اظهر الشرطة حزما وعزما فتفرق المتظاهرون وبعد ذلك اخرج الصيدلي من النادي (القلوب) إلى السجن ونادى منادي الحكومة بالإخلاد إلى الهدوء والسكينة ففتح الناس حوانيتهم وبهذه الصورة انطفأت ثائرة المتظاهرين وختمت هذه الحادثة على أحسن وجه من غير أن يصدر شيء يكدر الأمن والسلم. وقد أثنى كثيرون في هذه الحادثة على همة الشباب النجفيين الناهضين، وعلى ذكاء مأمور المركز وحكمة قائم المقام في البلدة. 3 - مصير الكتب التركية بعد اتخاذ الأبجدية اللاتينية فؤاد بك رائف باشا أحد أعضاء لجنة الأبجدية اللاتينية وكان قد كتب عدة مقالات في الجرائد بلزوم الأخذ بالأبجدية اللاتينية وأجاب على سؤال وجه إليه بخصوص مصير الكتب التركية بعد اتخاذ الأبجدية اللاتينية أن 95 بالمائة أصبح مهجورا تماما وإذا كان بينها بعض الكتب النفيسة فيعاد طبعها بالأحرف اللاتينية وإن كان لا يزال في الأمة من يحن إلى مطالعة هذه الكتب بالأبجدية العربية وهم النزر القليل فما عليهم إلا أن يتعلموا الحروف العربية ويطالعوا فيها ما شاءوا. 4 - الوفد الهندي التجاري وصل أعضاء الوفد التجاري الهندي العاصمة في الساعة الحادية عشرة ونصف من صباح (17 شباط) فاستقبلهم على رصيف المحطة جناب المستر امسون مندوبا عن فخامة المعتمد البريطاني السامي وجناب مندوب الجمعية الهندية في بغداد وأقامت الجمعية الهندية حفلة استقبال دعت إليها جميع أعضاء الوفد التجاري الذين اجتمعوا ومعهم عدد من كبار تجار العاصمة وتحدثوا طويلا عن سير التجارة الهندية في بغداد. 5 - إرادات ملكية صدرت الإرادة الملكية بتوجيه جهة التدريس في التكية الخالدية إلى السيد عبد الوهاب أفندي خطيب كربلاء

السابق. وصدرت الإرادة الملكية بمنح نوط الخدمة الفعلية لجميع الضباط ونواب الضباط وضباط الصف والجنود والأشخاص الآخرين المنتمين إلى وحدات الجيش العراقي التي اشتركت في حركات المنطقة الشرقية في رتل بنجوين من 19 إلى 27 نيسان سنة 1927. 6 - ميزانية دائرة صحة الموصل آنةربيةالواردات8531من معاينات الأصناف142318من التبخيرات42068من الصيدلية02314من الغرامات الصحية1251من بيع أنابيب المصل ضد الجدري67284المجموعالمصروفات025620الرواتب13186الصيدلية والمستوصف0123دائرة التبخير1433387التنظيفات (تشمل الكنس ورفع الازبال وتنظيفات المسلخ والمدبغة) 01200المتفرقة1160517المجموعة /// 7 - أسعار سوق الموصل بموجب تقرير غرفة التجارة للأسبوع المنتهي في 22 - 2 - 1927 الوزنةسعرحقةاستانةدرهم بايآنةروبية10 - 160حنطة - 81شعير - 100حمص - 84عدس - 81باقلى - 41سمن - 029عفص عنباري - 86ابيض - 05قطن محلوج - 013بدون حلج - 03تطعيم الجدري شخص عدد 81 التبخيرات قطعة للأهالي 251 الحيوانات المذبوحة غنم 80 معز 635: بقر: 120 جمال 3 جاموس 11 المعاينة الطبية للفقراء معاينات أولية 268 المجموع معاينات مكررة 101769 الجرائم الصحية عدد أشخاص 6

العدد 58

العدد 58 - بتاريخ: 01 - 04 - 1928 بي بروا - في كتب مشاهير الرجال ونوابغهم. لا نرى أثرا لمن نبه من أصحاب المهن والصنائع والفنون؛ ولا نقرأ شيئا عن أولئك الرجال الذين كان لهم منزلة عظيمة في طبقتي الأمة الوسطى والدنيا، كما لا نجد وصف البيئة لتلك الأيام في أكلها وشربها، وانسها، وسكنها، وفرحها، وحزنها، إلى ما ضاهى هذه الحالات. على أننا إذا قلنا: لم نر، ولم نجد، ولم نقرأ، فليس معناه التعميم والاطراد الذي لا شاذ فيه، فقد وجدنا في أيام العباسيين رجالا تصدوا لمثل هذه الأبحاث، لكنهم يعدون على الأصابع، بالنسبة إلى ما دون في سائر المواضيع والمعاني، فلقد كتب لنا أبو الفرج الأصفهاني، والجاحظ، والقاضي التنوخي، أمورا يحسدهم عليها أرقى الأمم في عهدنا هذا. ونحن الآن في عصر تولي فيها العادات والأخلاق والبيئة العربية وتدبر أدبارا لا عودة لها إليها ومع ذلك ليس من يفكر في هذا الانتقال فيدون ما يراه اليوم ليكون سندا يعتمد عليه الجيل القادم في ما كان في هذا العهد. ولقد انتبه إلى هذا الشأن الخطير حضرة المفكر الاجتماعي أحمد حامد أفندي

آل الصراف. فاخذ يطوف القراء بما يلاحظه في هذا الموضوع والفضلاء يطالعون هذه المباحث بشوق عظيم، أن في ديارنا الشرقية وإن في الديار الغربية ويستزيدونا منها. واليوم يهدي إلى هذه المجلة موضوعا من الذهنية المواضيع وهو ترجمة أحد (الدراويش) الذين كان يرى مثلهم في بغداد قبل نحو خمسين سنة مئات ومئات يجولون في الطرق والأسواق ليستعطفوا الناس عليهم ويستدروا حسناتهم. وفي الوقت عينه يعرفنا بحالة أبناء المجتمع في البلاد التي مر بها المترجم و (عقليتهم ونفسيتهم) وسلطة بعض طبقات الناس على بعضها الآخر. ولهذا تعد هذه الترجمة من افخر ما كتب في هذا المعنى، ومما يجب أن يحتذى عليه، إذ هي المثال الأعلى في هذا الموضوع. قال حفظه الله: (لغة العرب) رجعت في الليلة العاشرة من شهر تشرين الثاني 1919 إلى بيتي الواقع في حارة (باب بغداد) في كربلاء وهي حارة ضيقة الأزقة، ينيرها بصيص من ضياء الفوانيس القديمة المعلقة على جدران البيوت. وكانت الليلة ظلماء حالكة الأديم. خلت سماؤها من قمر مضيء، وكوب لامع: فركنت إلى غرفتي وكنت تعبا ضجرا، مهموما أفكر في العبء الثقيل الذي القي على عاتقي وهو عبء المدرسة الأميرية إذ كنت مديرها. وكان المعلمون السبعة الذين عينوا لها من الأعاجم؛ فكان فيها الشاهرودي والطهراني والشيرازي والرشتي. وكان في كربلاء ثلاث مدارس فارسية تزاحم مدرستي وتسعى إلى القضاء عليها. وكنت أرى بعيني أبناء العرب الاقحاح من العلويين والهاشميين يؤمون المدارس الأعجمية هناك، حيث يدرسون التاريخ الفارسي والآداب الفارسية ويهتفون بذكر طهمورث وحمشيد وكسرى. وقد تغيرت سجاياهم العربية وتبدل إحساسهم وتطورت عوائدهم وألفوا الفارسية بدلا من العربية. وكان حاكم كربلاء إذ ذاك رجلا فارسيا عينته السلطة الإنكليزية أثناء الاحتلال، وكان داهية، شديد النعرة الفارسية كثير الرغبة في إنهاض المدارس الإيرانية. قليل الاهتمام بالمدرسة التي كنت مديرها، إلا فترات كان يجامل بها الاهلين، وكادت كربلاء إذ ذاك على شفا جرف هاو. إذ كادت تنقلب بلدة فارسية.

وكانت هذه الحوادث المؤلمة تثير أعصابي وتزيد في آلامي وكنت في تلك الليلة ال 10 من تشرين الثاني191 - أفكر في الطرق التي أنقذ بها المدرسة العربية من تلك المخالب. فقضيت ساعتين تارة أفكر وطورا اقرأ ما تيسر لي من الكتب حتى دقت الساعة الرابعة عربية ليلا، فساد الصمت وانقطعت أصوات النائحين والباكين في التعازي والمآتم. وإذا صوت رخيم رقيق أشبه برنين الجرس فقد انبعث من طيات ذلك الليل الهادئ منشدا: يا شام غريبان يا إمام رضا وكانت تلك النغمة التي لم تكن إلا نغمة النأي الحزين قد أهاجت بلابلي وأثارت كوامن شجوي، فانتفضت انتفاضة المتكهرب ورفعت باب الكوة المطلة على الطريق، وملت بكل جوارحي إلى الجانب الذي جاء منه ذلك الصوت الرخيم وبعد بضع ثوان سمعت نشيدا بنغمة فارسية: (دوست علي مولا جانم) ثم انطلق يتغنى بأشعار فارسية لم استطع ضبطها فعلمن من النغمة ومن هذه الكلمات إنه (درويش فارسي). فقلت: بابا درويش بفرما أي تفضل أيها الدرويش - فجاء يمشي الهوينا، حتى وقف تحت (الفانوس) فتبينته ثم رميت له قرانا (نقدا فارسيا يساوي نصف فرنك ذهب) لم يعثر عليه إلا بشق النفس. وقلت له: أي مرشد بخوان - أي اقرأ أيها المرشد. فقال جشم. فقرأ بنغمة الافشار قصيدة من أبدع قصائد الشاعر الشهير سعدي الشيرازي وقد ضبطت - وأنا في غرفتي - بيتين منها: شرف مرد بجود است ... وكرامت بسجود هركه إين هردر ندادد ... عدمش به زوجود اي كه در نعمت ونازي ... بجهان غرد مشو كه مجالست در إين ... مرحله إمكان خلود معناها: شرف المرء بجوده وكرامته بسجوده لله ومن لم يملك هذين

الأمرين كان عدمه أحسن من وجوده يا أيها المتنعم المدله لا تغتر بهذه الدنيا إذ من المحال الخلود في هذه المرحلة (الحياة). ولما أتم إنشاد القصيدة، رميت له قرانا آخر وقلت له: شعر عربي ازبر داريد؟ يك قصيدة عربي بخوان - أي: أتستظهر شعرا عربيا. اتل قصيدة عربية. أجابني قائلا: بيرشي. ثم قال بلي قربان ازبر دارم أي نعم عزيزي أني استظهر ذلك فانطلق ينشد كالقيثارة النائحة قصيدة: بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ... حتى جاء على آخرها وقد أحدث في ثورة من ثورات المغرم حين يهزه الوجد فقلت له: شام نميخواهي آيا كرسنه نيسي (أي إلا تريد أن تتعشى)؟ الست جوعان؟ فسكت فعلمت إنه جوعان فصرخت على الخادمة وقلت لها أن تفتح الباب ففتحته له فصعد إليّ ودخل متأدبا وحياني قائلا: سلام عليكم. عليكم السلام بفرما آغاي مرشد فجيء له بالطعام، فأكل بتؤدة ثم غسل يديه، وشكر الله، ودخن دخينة (سيكارة) قدمتها إليه وكان ينظر إليّ أثناء تدخينه إياها نظرة الخائف الوجل وابتدرني سائلا: جناب عالي مأمور دولتي؟ أي أجنابكم موظف حكومة؟ قلت له نعم. ثم طلبت إليه أن ينشدني شيئا من الشعر العربي والفارسي. وأخذت اليراعة والقرطاس لأدون ما ينشدني فترنم بالأبيات الفارسية الآتية وقد ضبطتها من فمه: آن ياركه بي وفا است دشمن به ازوست ... وآن نقرة كم بهاست آهن به أزوسث هركس كه نمك خورد نمكدان شكند ... در مذهب رندان جهان سكك به أز وست أي: العدو أحسن من حبيب أو صديق لا وفاء له. والحديد أحسن من فضة لا قيمة لها. ومن أكل الملح وكسر المملحة فالكلب اشرف منه بمقتضى مذهب العقلاء الحكماء في الحياة.

يشير إلى إنه أكل من نعمتي وهي نكتة أديب واستشهاد أريب ثم أنشدني قصائد لحافظ الشيرازي وخاقاني ومنوجهري وغيرهم من شعراء الفرس. ثم قرا لي بيتين بلكنة أعجمية وهما: انبتت سبابتكم ... غرحة على كبدي بت من تفجئكم ... كالأسير في السفد أي: انبتت صبابتكم ... قرحة على كبدي بت من تفجعكم ... كالأسير في الصفد ثم انقطع عن النشيد فسألته عن اسمه وعن أسم بلده. فقال اسمي أبو القاسم ولقبي (بي بروا) وبلدي (شيراز) فقلت له: متى صرت درويشا؟ ولماذا فضلت هذه الحياة؟ وماذا كانت مهنتك وعملك قبل أن تكون درويشا؟ فلم يجبني بشيء فألححت عليه كثيرا، وكررت عليه السؤال. فقال لي (عشق است) أي - العشق - إلا أنني لم اقنع بهذا الجواب وكررت عليه السؤال وطلبت إليه بإلحاح أن يجيبني فقام على قدميه وقال متأدبا: آغا خيلي دير كردم أن شاء الله وقت ديكر خواهم كفت أي سيدي أني تأخرت وسأحدثك أن شاء الله في وقت آخر فدعوته إلى أن يأتيني في الليلة الثانية فودعني وانصرف. وانصرفت عني كل همومي وكانت الساعة الخامسة تماما. أبو القاسم بي بروا كان الدرويش بي بروا شيخا قد اجتاز الكهولة، ربعة، أشقر اللون، ازرق العينين، ذا وجه مستديرا، أحدثت فيه الآلام غضونا، وأورثت فيه تجعدا ذا لحية طويلة صفراء وخطها المشيب، ذا شعر طويل كشعر النساء لهزه البياض. أما ثيابه فلم تكن أسمالا اخلاقا، وكانت نظيفة وهي عبارة عن قلنسوة طويلة (كلاه) من اللبد الأصفر، مشدود في وسطها حزمة من خيوط دمقسية طويلة قد اختلطت بشعره، عليه قميص من الصوف فوقه جلد معز طويل وجراب طويل وقدوم ثمينة مزخرفة بنقوش وأبيات فارسية وعلى ظهره كشكول. تدل ملامحه وحركاته على إنه لم يكن من أولئك السفلة الشحاذين، ثم بدا

لي أن أدون بعد هذا اليوم، ما يقع لي من أمر هذا الدرويش وما يتعلق به فكتبت يومئذ في مذكرتي ما أعيد صورته إلى القارئ. طلعت شمس اليوم العاشر من تشرين الثاني سنة 1919 فذهبت إلى المدرسة وقمت بواجباتي وخرجت منها من الساعة الحادية عشرة غروبية وذهبت توا إلى بيتي فانتظرت الدرويش إلى الساعة الخامسة عربية فلم يأتني ثم يئست من مجيئه ولما أعياني السهر نمت. 11 تشرين الثاني خرجت من بيتي عند انبلاج الفجر وتجولت في الحضرة الحسينية والعباسية لعلي أجد الدرويش فلم أره ثم ذهبت إلى الخيمكاه وهو مأوى أكثر الدراويش الفقراء فلم أصادفه، فذهبت إلى المدرسة وأرسلت خادم المدرسة (حمزة) ليفتش عنه فجاءني بعد بضع ساعات وقد طاف في المدينة فلم يلاقه. صرفت التلامذة في الوقت المعين وخرجت إلى الحضرة الحسينية حين طفول الشمس ولما دخلت الصحن من باب القبلة رن في مسمعي صوت الدرويش فأسرعت إليه فوجدته قد رفع قدومه على كتفه ووضع كشكوله على مرمر الصحن ووقف حاسر الرأس منشدا شعرا في مدح الحسين الشهيد (عليه السلام) وقد اجتمع حوله الناس على شكل دائرة رجالا ونساء وشبانا وهم بين باك ومتباك وقد ملئوا كشكوله من كل ما شاءوا. ووقفت أمام الدرويش (بي بروا) ولما وقع بصره علي امتقع لونه وتجلجل، فخرقت الصف ورميت له ربية واحدة في كشكوله ولما أتم نشيده دعا للحاضرين بالخير والبركة وطول العمر على عادة الدراويش ثم قرا الفاتحة ورفع كشكوله من الأرض وانصرف موليا وجهه شطر السوق من غير أن يلتفت إليّ فتقصصت أثره ثم تعرضت له في السوق وسلمت عليه قائلا بلهجة المعاتب: أي مرشد بكجا تشريف ميبريد؟ (إلى أين تذهبون أيها المرشد؟ فوقف الدرويش وقفة المتحير في أمره فعلمت في تلك اللحظة القصيرة إنه ارتاب مني

ومن شكلي ولباسي وطربوشي وظن إنني موظف أمرت بالبحث عنه فمسكته بيدي وعرفته باني مدير مدرسة، من خدمة العلم والأدب، ويلذ لي معاشرة الدراويش وصحبة الفقراء وإن صوته الرخيم وحفظه الشعر الكثير حبباه إليّ وأقسمت له وأغلظت له الإيمان مؤكدا له صدق ما أقول، فاطمأن وهدأ روعه فأخذته رأسا إلى بيتي. ليلة 12 تشرين الثاني ولما اختلط الظلام قام وتوضأ وصلى صلاة المغرب ثم تعشينا معا وبعد أن دخن عدة دخينات (سيكارات) اندفع يغني شعرا فارسيا دون أن أكلفه وكان غناؤه أوقع في قلبي من نغمات الأرغن ونقرات العود ولم أشأ أن أسأله في تلك الليلة عن سبب تفضيله هذه الحياة على حياة العمل لئلا يرتاب مني مرة أخرى فينقطع وأنا حريص عليه جد الحرص، ولما مضى هزيع من الليل ودعني وانصرف بعد أن نفحته ربية أخرى ورجوته أن يزورني تلطفا. ليلة 13 تشرين الثاني جاءني الدرويش في هذه الليلة وقد أكثر من تلاوة الشعر بنغمته الفارسية الرقيقة. لم يزرني الدرويش في ليلة 14 و15 و16 من شهر تشرين الثاني. 17 تشرين الثاني زارني الدرويش بي بروا في مدرستي، ففرحت به ورحبت به كثيرا وعاتبته طويلا على انقطاعه عني ثلاث ليال سويا فاعتذر مني وقال إنه لم يبرح (الخيمكاه) ثلاثة أيام إذ انتابته الحمى خلالها فتحادثنا طويلا في الشعر ونقلت في مذكرتي بضع مقطوعات شعرية ثم ودعني وانصرف ووعدني بأن يزورني في تلك الليلة. ليلة 18تشرين الثاني جاءني الدرويش وكان فرحا مبتهجا فاخبرني بأنه تشرف بزيارة قبر المجاهد الشهيد الحر بن حرب الرياحي راجلا ثم جلس مطمئنا وقال إنه سر كثيرا بزيارته كربلاء، وانه جذل بمعاشرتي، وبعد العشاء طفق يغني شعرا غراميا للشاعر حافظ الشيرازي، ولما أتم إنشاده سألته عن سبب تفضيله شعر حافظ على شعر غيره

فسكت قليلا ثم أن أنة الغريب الكئيب. وقال أحب حافظا لأنه نبت في وطني ونشأ فيه، ولان شعره يذكرني ببلدتي شيراز الجميلة فقلت له: أتحبها وتحن إليها، فقال أن كنت تسألني لكوني درويشا فأقول أني لا أفضل مدينة على أخرى وكل بلاد الله وطني، وكل أهل الأرض أقاربي لا افرق بين العربي والعجمي والهندي والتركي، إلا أني مع ذلك، احن إلى شيراز، لأنها ملعب صباي، ومراح شباب وفيها قبور أمي وأبي وزوجتي وعشيرتي ثم قال وقد ترقرق الدمع في جفنيه: جه وا بلبل آشبانهء خودرا دوست ميدادر وإنسان وطن خودرا دوست نميدارد. أي: لماذا يحب البلبل عشه ولا يحب الإنسان وطنه. فقلت له: ومتى فارقت مدينة شيراز؟ فقال وقد انحدرت دمعة من مآقيه على خده: لم أطأها منذ أربعين سنة على التقريب. لماذا؟ وما السبب؟ فقال بعد أن تنهد طويلا: إنك قد سألتني قبل بضعة أيام فلم اشأ أن أقص عليك حديثي، خشية منك، لأني إرتبت كثيرا في أمرك وخفت أن يصيبني في (كربلاء) ما قد أصابني في (بيروت) وذلك أنني وطئت بيروت أثناء الحرب فذقت فيها عذاب الهون وعانيت ألوانا من المصائب والرزايا وكان أطفالها يركضون خلفي ويحصبونني ويمطرون علي وابل الحجارة. آغا شهر بيروت بر أز فرنك بود. أي ومدينة بيروت ملآى من الفرنك وقد تعرفت بفتى من أهل بيروت أخذني إلى بيته وأطعمني وسألني عن سياحاتي فقلت له أني جئت من الهند على طريق إيران وفي اليوم الثاني قبض علي شرطي طويل القامة وقادني إلى دار الحكومة ثم زجني بالسجن ثم طلبوني واتهموني بالتجسس، يلي اغا جان مارا كوتك زدند خيلي جوب زندن فرياد كردم قسم خوردم كه من درويشم غريبم كوش ندادند وزدند تحمل كردهم خدارا شكر كرده م. نعم يا سيدي فقد ضربوني وجلدوني بالسياط صرخت كثيرا وحلفت لهم بأنني درويش غريب فلم يصغوا إليّ ثم ضربوني وضربوني فتحملت وشكرت الله.

ثم أطلقوني وقد مرضت وأشرفت على الهلاك وكنت اقضي أيامي في أحد المساجد ثم تعرفت بصاحب (قهوة) وكان مسلما من الأخيار الطيبين فكنت اغني نهارا في قهوته، وانفخ بالناي، فكان يطعمني. ولما عاد إليّ نشاطي وصحتي تركت بيروت وما فيها من ظلم وعسف وجور، وأتيت إلى الشام ثم سافرت إلى بغداد ومنها إلى طهران. بلي قربان! خيلى اذيت كشيده أم - لقد عانيت الاذى، ولهذا السبب خشيت أن أقص عليك حديثي، وانقطعت عنك وقد سألت عنك فعرفت إنك من الأخيار وألان أقص عليك حديثي وأكلمك عن السبب الذي دفعني إلى أن أكون درويشا: حياة (أبو) القاسم بي بروا وكانت الساعة الثالثة من الليل، فجيء بأكواب الشاي فشرب الدرويش ثلاثة اكواب، ومسك قدومه بيده ووضعها بجانب الكشكول، واخرج من جيبه مشطا من خشب الأبنوس واخذ يمشط لحيته الطويلة الصفراء، ويرجل جعد ذوائبه الطويلة ثم نظر إليّ نظرة طويلة وقال: أي جوان! أي نور ريدة من! بنجاه سال دارم ازفلك بي رحم خيلي ستم ديدم بدرم درشيراز كارباس فروش بود - أي أيها الفتى يا نور عيني عمري خمسون سنة؛ وقد شاهدت ظلما من هذا الفلك الظالم. أبي كان في شيراز (بزازا) وقد قرأت في صباي القرآن وقرأت على (الاخند) أي (الملا) النحو والصرف والمنطق وقرأت الفقه، وحفظت كثيرا من كلستان سعدي الشيرازي وديوان حافظ الشيرازي. بلي قربان! خيلي حفظ داشتم! كنون يك كمي ميدانم از مبتدا وخبر ونواصب وقضية صغرى وكبرى ببر سيد الحمد لله شما از أهل عرفان هستيد. أي كنت احفظ كثيرا وألان أيضاً أعرف قليلا. سلني عن المبتدأ والخبر والنواصب وقضايا المنطق في الصغرى والكبرى. الحمد لله أنت من أهل العرفان. وكان والدي يحبني ويعزني كثيرا، لأني كنت ولده البكر وكان يهتم بي ويعتني بتربيتي أكثر من أخي الصغير. ولما بلغت الخامسة عشرة أخذني والدي

إلى الدكان لأعينه. وكان لي عم توفي هو وزوجته وترك ابنته الصغيرة، فأخذها والدي إلى بيتنا. وهنا زفر الدرويش زفرة شفت عن ألم عميق، واسترسل في حديثه وكانت ابنة عمي جميلة الخلق والخلق: مهناب بود، ستارة آسمان بود! كانت قمرا وكانت نجم السماء! وكنت احبها حبا جما، وكانت هي تحبني أيضاً حبا عظيما ولما بلغت العشرين زوجني إياها والدي وأقام الأفراح والولائم. وهنا تغيرت لهجة الدرويش حالا واخذ صوته يتقطع ويرتجف ارتجافا متواليا ويرتعد جسمه ويهتز اهتزاز شجرة الصفصاف. وقفت شعرات لحيته الطويلة: فرمى السيكارة من يده وقال: وبعد مرور شهر واحد مرضت زوجتي مرضا لم يدم إلا يومين حتى أرداها. ثم استخرط في البكاء وهو يدمدم دمدمة الهائج الحزين المغلوب على نفسه. أي خدا وندكار! حه كويم؟ أيها الرب ماذا أقول؟ ثم أخذ يزبد ويرعد ويرغو رغاء البعير وتدفقت دموعه حتى بللت خده ونحره. وأخضلت لحيته وقد طال بكاؤه وأنينه ساعة من الزمن، إلى أن نفدت عبراته وملت نفسه الأنين ولما انتهى دوره جاء دور السماء فأمطرت وابل الدموع. فقمت وأنا حيران في أمر هذا الدرويش الباكي الحزين وقد علمت يقينا إنه فجع بموت حبيبته. أي مرشد خواهش دارم إمشب در إين اوتاق بخو ابيد تاريكي وباران بيرون آمدن خيلي سخت است. أيها المرشد أرجوك أن تنام ليلتك في هذه الغرفة (إذ اليوم لا يرى إلا) ظلام ومطر (ولهذا كان) الخروج عليك صعبا جدا. فانطرح الدرويش على الأرض وخرجت من الغرفة فذهبت إلى مخدعي ونمت نوما متقطعا ولم يغمض جفناي إلا قبيل الفجر. 18تشرين الثاني انتبهت على صوت الدرويش وكان يتلو دعاء في العربية بنغمة مشوبة بلكنة أعجمية فدخلت عليه في الغرفة فقام في وجهي متأدبا وقد ظهر الخجل

على محياه. سلام عليكم. (سبهكم) الله بالخير اغا جان ببخشيد ديشب خيلي بي ادبي كردم مارا ببخشيد خيلي دلتنك بوده ام. سيدي، اعذرني قد أسأت الأدب ليلة أمس اعذرني فقد كنت حزينا متألما. فهششت له وابتسمت بوجهه وقلت له: أني آسف لأني أنا الذي ذكرتك بتلك الذكريات المؤلمة، وجددت لك حزنك، وأنت معذور في بكائك لفقدانك زوجتك التي كانت عزيزة عليك، ثم فطرنا معا وخرجنا من البيت، فذهبت إلى مدرستي وفارقته في السوق وقد وعدني بالمجيء إلى بيتي، ولما خطوت بضع خطوات اندفع ينشد في السوق بهزيج أوقع في القلب من نغمة المزمار: (جان علي جان علي جان، أي أمير المؤمنين أسد الله جانم). ليلة 19 تشرين الثاني جاءني بي بروا في الساعة الثانية ونصف عربية من الليل واعتذر إليّ مرة أخرى فقلت: إنما أنا يجب علي أن اعتذر إليك لأني أنا الذي أثرت آلامك وأحزانك، كلنا أيها المرشد العزيز نموت، ولا يبقى إلا وجه الله الكريم، وقد مات الأنبياء والأولياء والأحباء والأئمة والعلماء قبلنا فالموت نصيب الإنسان والمنية مورد كل حي. فابتسم وقال: بلي قربان، خدا كفت، (كل نفس زائغة الموت) أي (كل نفس ذائقة الموت). أني كنت ليلة أمس كالمجنون، فقد تذكرت والدي وأمي وزوجتي وبلدي شيراز ولهذا السبب أزعجتك كثيرا. وكانت المصيبة التي نزلت بي عظيمة جدا، وهي التي أخرجتني من أهلي ودفعتني إلى الدخول في طريقة الدراويش، فتغربت عن وطني أربعين عاما، قضيتها في التسول والتجول في إيران والهند والصين وسمى الاسم الأخير - حين ما حين - وبلخ وبخارى وهراة والغوغاس (كذا) والاسلامبول (كذا) والشام والبيروت (كذا) والمكة (كذا) ومدينة (كذا) وبقداد (كذا) وقد عانيت آلاما وأوجاعا وعذابات كالحبس والجلد والجوع

والبرد والحر، وقد صاحبت خلال هذه السنوات أناسا كانوا اخبث من الشياطين والأبالسة، وعاشرت السفلة من الدراويش السفهاء فأهانوني وسرقوا أشيائي وحسدوني لأني احفظ منهم شعرا وأعذب منهم صوتا وكان المؤمنون يتصدقون علي. وكثيرا ما كنت ارجع عند المغرب وكشكولي مملوء دراهم. خيلي نياز داشتم - كان محصولي كثيرا. أي لعنت خدا بأن روي كه بدتر از روي إبليس بود لعنت بآن ناغلا، آن نامر، بي مذهب بي دين بي حيا! إلا لعنة الله على ذلك الوجه الذي كان ابشع من وجه إبليس! إلا لعنة الله على ذلك الزنيم النغل الذي لا مذهب له ولا دين ولا حياء! ماتت زوجتي فحزنت عليها، ثم مرضت وأصابني هزال ونحول! بيمار أفتاده أم بدرم خيلي اطبا آورددوا دادند خوب نشدم تب لازم داشتم. وقعت مريضا وقد جاء أبي بالأطباء. وصفوا لي علاجا فلم اكسب صحتي وكانت معي حمى ملازمة. وقد أشار بعض أصدقاء أبي عليه أن يعرضني على درويش كان ظاهره يدل على إنه كان زاهدا تقيا دينا، فجاء به والدي فكتب لي أدعية لتحرق تحت ثيابي، وكان موسم الربيع وقد طاب الوقت، ورق النسيم، وبرزت براعم الأشجار واخضرت الاغصان، وتفتحت أكمام الورد والأزهار، وتغنت البلابل، فكانت شيراز جنة تجري من تحتها الأنهار فرجع إليّ قليلا من نشاطي وكان ذلك الدرويش الملعون يأخذني في كل صبح ومساء إلى البساتين والجنات والى الأرباض المحيطة بشيراز فكنا نجلس إلى الجداول الصغيرة ونتفيأ ظلال الأشجار الخضراء وكان ذلك الدرويش ذكي القلب، لبقا فتيق اللسان، أريحي الطبع، رقيق الصوت؛ بارعا في إيراد النكات حافظا للشعر؛ إلا إنه كان خبيث الروح، خداعا مكارا، طماعا، لا ذمة له ولا ضمير ولا وفآء. وكان ينشدني شعرا في مدح أمير المؤمنين وال الرسول؛ وقد صحبته شهرين متتابعين حتى تعلقت به ولم يكن في وسعي أن أفارقه يوما واحدا. وكان أبي لا يبخل عليه بتومان (من نقود إيران) في كل ثلاثة أيام ذلك

فضلا عن الثياب والطعام. وكان ذلك الدرويش يقص علي أحاديث أسفاره وسياحاته وكان يحبب إليّ السفر ويحضني عليه ويرغبني في دخول سلك الدراويش حتى أقنعني. فاتفقنا على السفر على أن تكون وجهتنا مدينة الإمام المعصوم علي بن موسى الرضا أي خراسان. ففاتحت ذات يوم والدي بالأمر وبينت له رغبتي في زيارة الإمام المذكور فأبى ورفض طلبي رفضا باتا؛ وكان يخشى علي من السفر ومن نوائب الدهر؛ فأشار علي الدرويش بأن أتظاهر بالمرض فلزمت فراشي بضعة أيام فتحير والدي في أمري وشاور صاحبي الدرويش فأشار عليه أن يوافق علي سفري قائلا: أن ابنك على خطر. اغا شيطون بود حرامزده بود - كان شيطانا وكان زنيما فرفض والدي طلبي وزجرني فدخلت ذات يوم غرفة أبي وسرقت منها مائة تومان فسافرت مع الدرويش تحت جنح الظلام ووصلنا خراسان ونزلنا في أحد الخانات. وكنت اصرف عليه من الدنانير التي كانت معي وكان يأخذني بعد زيارة الإمام كل يوم إلى محل يأوي إليه الدراويش فعرفني بهم ولاسيما (البير) فأخذوا دراهمي مني إذ قال لي (البير) إنه لا يجوز للدرويش أن يحتفظ بالدراهم. وجمع ذات يوم (البير) كل الدراويش وطبخ لهم (شاة قلندران) وبعد أن أكل الجميع امرني أن أتعرى فامتثلت الأمر وسكبوا على رأسي أربعة عشر طاسا من الماء البارد (آب قدرت) رمزا إلى الأربعة عشر معصوما. وقد زعم (البير) إنني تطهرت من الدنس والرجس الدنيوي ثم علمني (البير) تلاوة القصائد في مدح آل البيت بنغمة الدراويش وأعطاني قلنسوة (كلاها) وقدوما وكشكولا وبعد أن تمرنت وحفظت الأدعية وكيفية الاستجداء أخذني (البير) مرة إلى السوق ليمتحن صوتي وإلقائي وجرأتي فتجولت في أسواق خراسان وأزقتها منشدا شعرا في مدح الإمام علي بن موسى الرضا. فاجتمع علي الناس وملئوا كشكولي دراهم حتى أن أحد التجار نفحني تومانا واحدا لأن جودة صوتي

وماء حسني الرقراق كانا يؤثران في نفوس القوم. رجعت مساء إلى المأوى فاخذ (البير) جميع ما حصلته من الدراهم في ذلك النهار وأطعمني ما أطعم الدراويش فبقيت على تلك الحالة مدة شهرين، تعلمت في خلالها الأدعية والقصائد والأسرار وكان ذلك البير رجلا صالحا طيب القلب، عفيف النفس صمم يوما على السفر وشد الرحال إلى طهران وأناب في مكانه الدرويش الذي صحبني من شيراز إلى خراسان وكان رجلا ماكرا خبيثا يستعمل الأفيون. رجعت مرة إلى الخان الذي يأوي إليه الدراويش. اغا در آن روز خيلي نياز داشتم، وكان محصولي كثيرا فأخذ ما كان معي من الدراهم. ولما جن الظلام جاء ذلك الماكر الملعون إلى غرفتي وجلس إلى جانبي واخذ يحادثني على عادته فشكوت إليه فراق أبي وأمي وأخي، فقال. وقد برقت عيناه من المحال أن ترجع إلى شيراز، أو تترك الدروشة وإن حدثتك نفسك بترك الطريقة تقتل لا محالة. وكان قد مضى الهزيع الثاني من الليل. وكان الخان الذي يلجأ إليه الدراويش بعيدا عن البلدة نحو فرسخ واحد. وهو وقف أحد الأخيار على الفقراء وكان خاليا ليس فيه أحد سواي والدرويش ودرويش آخر كان مريضا يعاني سكرات الموت. وكان ذلك الدرويش اللعين نائما بجنبي وعند منتصف الليل انتبهت مذعورا إذ قد وجدته يدب إليّ. ثم ضحك الدرويش (بي بروا) ضحكة الساخر المتهكم وقال: بدرسوخته خيلي بي بود. كان ابن المحروق قليل الحياء. . . ولهذا سئمت من البقاء معه وأخذت عروضي وخرجت بها من ذلك المأوى بعد أن ضربته ضربا وجيعا. وذهبت توا إلى ضريح الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ونمت عند عتبة الصحن الشريف مع الفقراء والمساكين ولما انبلج الصباح لجأت إلى داخل الضريح وصليت وصممت على السفر إلى بلدي شيراز فذهبت في الحال إلى السوق وبعت أدوات الدروشة مثل القدوم وابتعت ثيابا معتادة ورجعت إلى الصحن. ولما وصلت إلى عتبة المزار المقدس شعرت بضربة عصا غليظة على ظهري فنظرت وإذا الدرويش الذي أشبعته أمس لكما وضربا مع جندين وجمع من ذوي العمائم السوداء والبيضاء. فصاح الدرويش (بكريد إين كافر بابي را) أي (خذوا هذا الكافر

البابي) فمسكني الجنديان وشدا وثاقي ثم انهال علي الناس يضربوني بعصيهم وأيديهم وأحذيتهم وحصبني الأطفال عند مروري في السوق وبعضهم كان يبصق في وجهي وكنت أصرخ واستغيث وأقسم الإيمان واغلظ في القسم متبرئا من البابية وليس من مجيب أو مغيث وكان أحدهم يصرخ: اقتلوا هذا الكافر الوقح والآخر يقول أحصبوا هذا الغراب، ارجموه بالحجارة حتى يموت وكانت الجموع تتدفق تدفق السيل لتنال الأجر من الله في ضربي وإهانتي. وفي أثناء هذا الهياج رأيت أحدهم يشق الصفوف حتى دنا مني وخاطب الجنديين والناس قائلا كفوا عن ضرب هذا الفتى وارحموا هذا المسلم إلا تسمعون إنه يتبرأ من البابية فلعل الذي وشى به كان كاذبا ثم قاله لهما: إنكما أن لم تمنعا الناس عن ضربه وظهرت براءته يصبكما عقاب من الحكومة: فضلا عن عقاب الله وسخطه فلما سمع الجنديان كلامه فرقا الجموع ومنعا الناس عن الدنو مني إلا أن ذلك الدرويش الملعون كان يصرخ بالويل والثبور ويركض تارة أمامي وطورا ورائي يلطم صدره ورأسه ويقول واد يناه! وامحمداه! واشريعتاه! ساقني الجنديان إلى بيت أكبر عالم في طوس والناس يقتفون اثري ولما دخلت الدار شاهدت في فنائها نيفا وخمسين رجلا من المعممين وقد توسطهم رجل ذو عمامة بيضاء يلوح الوقار على سيمائه فعلمت إنه المجتهد فأسرعت نحوه وأكببت على يده اقبلها وقلت بأعلى صوتي (لا اله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله). جناب اغاي آية الله حجة الإسلام والمسلمين من مسلم غريبم بابي نبستم سيعه أم الحمد لله. أي: يا أية الله وحجة الإسلام والمسلمين أنا مسلم وغريب ولست بابيا أنا شيعي والحمد لله ثم انحنيت على رجله اقبلها وتلوت الشهادة مرات وكنت على وشك أن الفظ أنفاسي الأخيرة من شدة ألم الضرب الذي لحقني فأمر المجتهد أن احبس في بيته فأخذني الخدم إلى سرداب مظلم كادت الرطوبة تقوض أركانه وتهدم حيطانه وعند الظهر جاءني أحد الخدم ورفسني برجله وسبني ووضع أمامي كوزا من الماء ورغيفا من الخبز اليابس وصحنا فيه (آش) ولما كان

المساء جاءني الخدم وقادوني إلى غرفة طويلة مؤثثة بالسجاد النفيس في صدرها المجتهد محفوفا بأعوانه المعممين فقبلت يده بأدب فامرني بالجلوس فجلست وأجهشت بالبكاء ثم لمحت شخصا مقيدا مغلولا جالسا في آخر الغرفة وقد بانت عليه آثار التعذيب والجلد وكان نحيفا مهزولا يئن أنينا خفيا ويردد أنفاسا سريعة فقال له المجتهد ألم تزل مصرا على ضلالك وغيك وكفرك وإلحادك فأجابه برباطة جأش أني مصر على يقيني واعتقادي الصحيح وعلى ديني وإيماني وانتم المصرون على ضلالكم وغيكم. ولما أتم كلامه ماج الجالسون وهاجوا وتطاير الشرر من عيونهم وصرخ المجتهد بخدمه وقال لهم (بزنيد سخت بزنيد) أي اضربوه اضربوه شديدا فجر ذلك البائس على وجهه والسياط تنوشه كوقع الصيصة في النسيج. أما هو فكان يكثر من النداء يا صاحب الزمان (بلى آغا دولت خيلي ضعيف بود حكم در دست مجتهدين وعمامه ها بود!) أي الدولة كانت ضعيفة والحكم كان بيد المجتهدين من ذوي العمائم! وبعد برهة حول المجتهد وجهه نحوي وقال: بكو أي جوان شما هم بابى هستي - أي قل أيها الفتى أأنت أيضاً من البابية؟ فقلت له: وقد بكيت، معاذ الله يا مولاي أني مسلم موحد وشيعي مؤمن وأني لا أعرف البابية ولا أعلم بمعتقدهم ولم أعاشر أحدا منهم. ثم قصصت عليه قصتي من أولها إلى آخرها وكيف أغواني الدرويش وجاء بي إلى خراسان. وأراد هتك عرضي إلى غير ذلك وقلت له: أن أبي اليوم في شيراز وانه ينتظر مجيئي فامرني المجتهد بأن اسب الباب والبابيين فامتثلت أمره فاعتقد بصدق ادعائي ورق لحالي وبينما كان على وشك أن يطلق سراحي قام أحد المعممين وهمس في إذن المجتهد بضع كلمات ما عتم أن تغير لونه وبدت على سيمائه آثار الغضب فأمر الخدم أن يرجعوني إلى السرداب. فبت ليلتي وقد تمشت الحمى في مفاصلي وعظامي وكنت أئن طول الليل أنين المحتضر. وكانت الحكومة الإيرانية قد أطلقت للمجتهدين التعذيب والتنكيل بمن يشتبه به إنه من الطائفة البابية أو يشك في إنه ممن ينتمي إليهما فكان المجال فسيحا للمتعادين المتباغضين إذ يبطش أحدهم بالآخر وكان المجتهدون لا يترددون طرفة

عين في إصدار فتوى تقضي بالموت على من ألصقت به هذه التهمة لذلك تفشت الوشايات فأريقت الدماء وأزهقت الأرواح وكثرت الضحايا وأصبحت البلاد في هرج ومرج وقد بات الناس خائفين على حياتهم مرتاعين من فتاوى المجتهدين الذين كانت أقلامهم أمضى من السيف إذ ذاك. قلت للدرويش (بي بروا) هل تعرف شيئا عن البابية؟ قال: لا غير أني كنت ذات يوم أتسمع وعظ أحد الواعظين في صحن الإمام علي بن موسى الرضا (ع)، وكان يقول للسامعين أن البابية فجرة كفرة طغام وانهم جاحدون مارقون عن الدين وانهم يعتقدون بمذهب الحلول إلى غير ذلك، قلت له: أتعرف مذهب الحلول؟ فأجابني بالسلب. شعر (بي بروا) بالتعب وتصبب جبينه عرقا، فانقطع عن الكلام، وقال لي سأحدثك ليلة غد بالبقية أن شاء الله وتركته في تلك الغرفة، فنام فيها ليلته وقد استيقظت في الصباح فلم أجده. وقد أعلمتني الخادمة إنه خرج قبيل الفجر من غير أن يفطر. 20 تشرين الثاني جاءني بي بروا في الساعة الثانية ونصف عربية من الليل فتعشينا معا ثم أشعل سيكارة واتكأ على الوسادة ونظر إليّ ويسراه تعبث بلحيته الطويلة وقال: بقيت في بيت المجتهد مسجونا نحو شهر واحد ثم جاء نفر من جنود الدولة وساقوني أنا مع ثلاثة آخرين إلى الحاكم فبقينا في سجن الدولة مدة أسبوعين لم يسألونا شيئا ولم يطلبونا إلى الاستجواب والاستنطاق ثم نفيا مخفورين إلى مدينة (شروان). درراه خيلي زحمت كشيديم مارا شلاق زدند. لقد عانينا المشقات في الطريق فقد ضربونا بالسياط، جئنا إلى شروان وجلسنا فيها مدة ستة أشهر ثم نفينا إلى مدينة (رشت) وحبسنا فيها مدة تقارب السنتين. ثم أخذنا إلى طهران وبقينا في حبس الحكومة سنة واحدة وأطلق سراحي يوما على غفلة فتجولت في طهران وأنا لا املك قطميرا فراجعت (شواء) توسمت فيه الخير والصلاح وقصصت عليه حديثي من أوله إلى آخره فرق

لحالي واستخدمني في حانوته وكان ينفحني في كل يوم قرانا واحدا عدا الطعام والمنام وبقيت عند الرجل مدة تقارب ستة أشهر أرسلت خلالها بعدة مكاتيب إلى والدي في شيراز إلا أني لم أتلق منه جوابا فشعرت يوما كان القيامة قامت في طهران وإن الأرض تميد ميدا والناس يموج بعضهم أثر بعض فلما تحققت الخبر علمت أن أحد البابية قتل ناصر الدين شاه في مزار الشاه عبد العظيم وقد انبث الجند في طهران يقبضون على كل من يشك فيه أو يشتبه به إنه من البابية فأحسست بالشر وعلمت انهم قابضون علي لا محالة فاضطربت كثيرا إذ تراءى لي شبح المنون فأيقنت بالموت. فبكيت طول يومي. وفي المساء أعطاني ذلك (الشواء) الطيب القلب عشرين قرانا وقال لي: انج بنفسك فخرجت من المدينة خائفا أترقب لا الوي على شيء والمدينة في هول عظيم. وضعت على رأسي عمامة خضراء لأوهم الناس بأنني من السادة العلويين ولأدفع عن نفسي الأذى وطفقت انتقل من قرية إلى قرية، ومن بلد إلى آخر، هائما على وجهي وكنت أتعيش من (فتح الفال). وبقيت على هذه الحالة مدة ثلاث سنوات حتى وصلت إلى مدينة (اصفهان) فشاهدت أثناء دخولي البلدة جماعة من اليهود قد رجعوا إلى المدينة وقد دفنوا ميتا لهم ورأيت جماعات من الأطفال وبعض الرجال يركضون وراءهم، يضربونهم بالحجارة فبقيت في اصفهان مدة سنة واحدة وكنت اشتغل كعامل في قهوة. وهناك تعلمت النفخ بالناي وبعد هذه السنة حصل لدي مبلغ غير يسير من الدراهم فشددت الرحال إلى شيراز - وكنت أتلهف شوقا إلى رؤية والدي وأمي - فوصلتها. . . وهنا ارتعد الدرويش (بي بروا) وامتقع لونه وارتجفت لحيته، ثم قال: وقد سألت العبرات من عينيه: جه عرض كنم اغا. ماذا أعرض لك يا سيدي، علمت أن والدي ذهب إلى طوس ليبحث عني فمات فيها أسفا على فراقي وإن أخي الصغير مات وإن أمي هلكت كمدا وإن المجتهد في شيراز وضع يده على أموال أبي وبيته. فراجعت ذلك العالم وطلبت إليه أن يسلمني أموال والدي وبيته فابرز لي ورقة

وقال أن والدك جعلني وصيا على ثلث ماله، وإما الباقي من تركته فقد صرفتها على الفقراء حيث لم يظهر وارث لتركته. فراجعت حاكم المدينة مع ثلة من التجار فقال لي إنه لا يتعرض لشؤون العلماء فرجعت يائسا ثم ذهبت إلى ذلك المجتهد مرة أخرى وتذللت بين يديه وشكوت له حالي. وبثثت له آلامي فلم يرق لي وطردني من بيته طرد الكلاب. هكذا يا مولاي أغواني ذلك الدرويش السفيه الخبيث، وهكذا فجعني الدهر بأمي وأبي وأخي وهكذا اغتصب العلماء مالي وملكي وجعلوني مشردا أهيم على وجهي في أرض الله، أبيت تارة طاوي أحشائي جوعا، ومرة أنام في الأزقة والشوارع. وقد شاء القضاء أن تكون حرفتي الاستجداء ومهنتي التسول. وقد تربيت في أحضان العز والدلال وكنت من ذوي الرفاه والجاه. وأنا اليوم في حاجة إلى قطمير وقد أصبح مصيري بئس المصير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وإذا أصابتكم مصيبة قولوا أنا لله وأنا إليه راجعون. . . أن هذه المصائب والفجائع والكوارث التي ألمت بي أشعلت في كبدي نار الأسى فصممت على أن أخرج من شيراز إلى بلاد أخرى فذهبت إلى بوشهر ومن هناك ركبت باخرة إلى الهند فصادفت أناسا طيبين في الباخرة وبينهم رجلا كان روضيا (روضه خوان) فعلمني قراءة مآتم الحسين (ع) وبعد ذلك وصلت إلى مدينة بومبي. اغا هند أم العجائب است، جمعي كاورا ميبر ستندة، قومي آتش واميمر ستند هندوها مردهاي خود شانرا بآتش ميسو زانند حيز هاي عجيب وغريب در هند ديدم. سيدي الهند أم العجائب فيها أناس يعبدون البقر وقوم يعبدون النار والهنادكة (الهندو) يحرقون أمواتهم في النار. شاهدت في الهند أمورا عجيبة غريبة يعجز اللسان عن ذكرها. وقد وجدت في الهند جماعات من الدراويش الفقراء وهم على جانب عظيم من الزهد والورع؛ ولم أصادف نصبا ولا أذى، وقد جلت في أكثر مدنها مثل دهلي وكجرات ومدراس وغيرها: ثم سافرت إلى حين وما حين - يريد بذلك

الصين ومن اعجب ما شاهدته في هذه البلاد هو أن الصينيات يحبسن أرجلهن في قوالب من حديد لكي تبقى صغيرة وعند الصينيين أن من الجمال الرائع أن تكون الأرجل صغيرة ومن الصعب أن يفرق الإنسان الرجل من المرأة هناك لأن الرجل يرسل شعره المضفور على كتفيه كالمرأة وهم يستعملون الترياق (الأفيون) ثم رجعت من هناك إلى بلوجستان فأفغانستان فالقوقاس، وزرت مدينة قونية وفيها قبر الصوفي الكبير مولانا جلال الدين الرومي الشاعر وحضرت (ذكر المولوية) وهم يدورون على أنفسهم على نغمات الناي والقيثارة ثم ذهبت إلى اسلامبول وهي اجمل مدينة شاهدتها في أسفاري ثم اشتقت إلى أن أحج بيت الله الحرام وإن ازور قبر الرسول الأعظم فشددت الرحال إلى مكة فمررت بحلب والشام والقدس الشريف. وبعد أداء فرض الحج وزيارة الرسول قفلت راجعا إلى إيران. وفي أيام الحرب جئت إلى الشام فبيروت وقد أصبت بأذى فيها كما حدثتك قبل هذا وعدت إلى إيران ومنها جئت إلى (كربلاء). ثم تنهد الدرويش (بي بروا) طويلا وقال بلهجة المتألم الحزين: هذه حياتي وهكذا قدر علي أن أعيش متسولا فقيرا مشردا في أرض الله الطويلة العريضة وأنا اليوم اعدد ساعاتي وانتظر الموت ولست أدري بأي صورة يداهمني الحمام أاقبر في مقابر المسلمين أم أموت عطشا وجوعا في الصحارى أم أكون طعمة للنيران أم فريسة للوحوش. ثم اندفع يتغنى: أي آنكه زهيجم بوجود آوردي ... وز سوي عمايم بشهود آوردي نه نفع زطاعتم نه خسران كناه ... در سوق جهانم بحه سور آوردي أي - يا إلهي الذي جاء بي من العدم إلى الوجود ومن العالم المعمى الغامض إلى عالم المشاهدة أنت يا الهي غير منتفع من إطاعتي لك وغير خاسر من ذنبي فلأي جئت بي إلى سوق هذه الحياة؟ قلت للدرويش (بي بروا) كيف كنت تحصل قوتك في أسفارك الطويلة قال تارة انشد الشعر في الأزقة والأسواق واستجدي من الناس والناس لا يبخلون علي بشيء من الصدقات. وطورا أصير (فتاح فال) واخرج لي من جرابه كتابا

أكل الدهر عليه وشرب في (الفال) وبعضا اقرأ مأتم الحسين (ع) وأخرى اطبب في القرى الصغيرة. قلت له: أنت تجهل الطبابة وربما أعطيت مريضا دواء أهلكه أفلا تخشى الله في عملك هذا؟ قال: أن الأدوية التي أصفها للمرضى معلومة وتفيد ولا تضر وهي: سنامكي وبنفشه (بنفسج) وكل كلب زبون أي ورد لسان الثور. 21تشرين الثاني اجتمع عندي في هذه الليلة بعض أنباء الأشراف وعرفتهم بالدرويش (بي بروا) وكان نتطارد في الشعر. وحفظ الشعر هو ما يتفاخر به أبناء النبلاء في كربلاء والبليد الأحمق في نظرهم من لا يستظهر طائفة من القصائد العربية وتلاوته فاكهتهم في مجالسهم التي يعقدونها. وبينما كنا نتلو شعرا كان الدرويش يكتب شيئا في دفتره الصغير ثم نظر إلينا وقد ابتسم ثغره وقال: آقايان من هم شعر درست كردم بشنويد أي سادتي أني أيضاً نظمت شعرا فاسمعوا. وقرأ لنا بنغمته الرقيقة المشجية أبياتا أضحكت الحاضرين وهي: أنا الدرويش بي بروا ... احب النان والحلوى حليف الهم والبلوى ... أريد المن والسلوى ثم أخرج النأي من جرابه وكان يعزف به عزفا مشجيا إلى أن مضى هزيع من الليل فانصرف الحاضرون ونام الدرويش ولما كان الصباح فطرنا معا وبعد ذلك انحنى الدرويش على يدي يريد تقبيلها وقال بلهجة المتمن: أشكرك يا ولدي ونور عيني فقد شاهدت منك لطفا وكرما عظيمين وأني اليوم عازم على السفر إلى إيران وأني سأدعو لك في صلواتي وتعبداتي وأرجو الله أن يطيل في عمرك وإن يبارك في رزقك وإن يوفقك. فشكرت الدرويش وطلبت إليه أن يبقى عندي فاعتذر، فأعطيته شيئا من الدراهم وزودته بمتاع فودعني وسافر ولست أدري ما فعل الدهر به. فأسعده الله أن كان حيا يرزق ورحمه الله أن كان ميتا ملحودا! أحمد حامد الصراف

أرجوحة الأبطال ذكر صاحب جريدة الزمان بين يدي الزهاوي شابا غض الإهاب أمر بشنقه جمال باشا السفاح، وكان أول عبارة خرجت من فم المحكوم عليه: (إذا كان لابد للاستقلال من أن يشيد على جماجم الرجال، فمرحبا بك يا أرجوحة الأبطال) وبمثل هذه الفكرة تقدم إلى العود (عمر حمد) الذي مضت كلمته مضي المثل. فأخذ زهاوينا هذه العبارة وأفرغها في قالب بديع المعنى، والمبنى جدير بأن يقف على حسنه كل مغرم بشعر العصر، قال: (ل. ع) يخاطب (المشنقة) فيك أهتز فارحا بالمعالي ... مرحبا (يا أرجوحة الأبطال) أن في الموت للبقاء جلالا ... أنت تعلين بي لذاك الجلال ارفعيني إليك ثم ذريني ... أتدلى معلقا بالحبال أمل أنت لي وليس ببدع ... أن يكون الردى من الآمال قد طلبت الهدى لنفسي عمرا ... ثم أني وجدته في ضلالي حلمي كنت في هجوعي بليل ... ولدي يقظتي نهارا خيالي ولأنت اليوم الحقيقة في رو ... عتها من قرب أراها حيالي أنت بين الجمهور مرفوعة لي ... ولأفراد جاهدوا أمثالي كلما زدتني أذى زدت فخرا ... لا تكوني رحيمة في اغتيالي أنت تولينني البقاء فسحقا ... للألى يزعمون فيك زوالي أنت من واحد لتضحية بالنفس ... للآخرين خير مثال أنت مأساة الشعب أجمع بعدي ... أنت ذكرى التاريخ والأجيال حبذا الوعد والوفاء به لي ... بعد شحط النوى وطول المطال أنا راض بأن ألاقي حتفي ... في سبيل الحياة للأنسال لا أخاف الأيام في جدثي تس ... ود حتى تكون مثل الليالي إنما الموت للحياة جدير عند كل الأقوام بالإجلال سيري الناس إنني حين أعلو ... ك شجاع بالموت غير مبال

وكأني عليك بعد قليل ... لم أكن للرأي سوى تمثال لم يكن حين أبصرتك عيوني ... بغتتة من مخافة إجفالي بل تذكرت أنني لم أصافح ... بعد أصحابي للفراق وآلي لم أودع شمس النهار التي أحببت ... ها في الغدو والآصال جميل صدقي الزهاوي الحاج السيد إبراهيم السبزواري هو الحاج السيد إبراهيم بن معصوم بن إبراهيم، وينتهي نسبه إلى علي العريضي (بالتصغير والنسبة) ابن الإمام جعفر الصادق. ولد في 3 رجب سنة 1282هـ (الموافق 13 تشرين الثاني سنة 1865م) بسبزوار ونشأ فيها كما درس فيها العلوم العربية وغيرها. وفي سنة 1310هـ (1892م) زار مكة والمدينة والأستانة وغيرها من البلاد الشهيرة في التاريخ. وفي سنة 1311هـ قدم العراق من الحج وسكن الكاظمية وحضر محاضرات الشيخ محمد تقي آل الشيخ أسد الله، ثم هاجر إلى النجف وتتلمذ لبعض العلماء الأعلام كالشيخ الملا محمد كاظم الخراساني، والسيد كاظم البزدي والحاج الميرزا حسن الميزرا خليل؛ ثم عاد إلى الكاظمية ولبث فيها إلى المحرم من سنة 1326هـ (1908م) فشد رحاله إلى إيران، وبقي بسبزواز مدة سنة وفيها رزق ولده السيد محمد مهدي العلوي الذي ترجمناه سابقا (6: 32). وفي سنة 1327هـ عاد إلى العراق وبقي فيها إلى سنة 1340هـ (1921م) فرجع فيها إلى سبزوار، وهو اليوم مقيم فيها. وله كتاب في بعض الأدعية المأثورة وحواش على كتاب المختصر المنافع في الفقه، (وكلاهما مخطوط). السجاجة في البستان: (أتانا بضيحة سجاجة ترى سود (كذا) الماء في حيفها) فسجاجة هنا بدل، إلا أن يكونوا بالسجاجة (كذا) لأنها في معنى مخلوط (كذا) فتكون على هذا لعثا. أهـ. قلنا: والصواب: سواد الماء. . . إلا أن يكونوا وصفوا. . . معنى مخلوطة. . .

الكاكائية 1 - من هم؟ الكاكائية طائفة خفية المعتقد والمذهب؛ مبثوثة في كركوك وأنحائها ولهذا لم يذكر وجودهم أحد من الكتبة والمؤرخين لأنهم يخفون رأيهم الديني على كل إنسان ويتظاهرون بالإسلام في موضع يكون أكثر سكانه مسلمين، ويتظاهرون بالنصرانية في المواطن التي يكثر فيها المسيحيون. 2 - أسرار معتقدهم لا يبيحون بأسرارهم لأحد، والذي عرفته من رجل زارني في شهر حزيران من سنة 1896 وصبأ إلى النصرانية انهم لا يعتقدون (بنبوة ابن عبد الله). هكذا نطق باسم النبي الحنيف (سعود بن جمو)، وهو الذي توفي في قرية واقعة على الزاب الأكبر قبل نحو سبع سنوات، وكان قد وقف على حقائق كثيرة من الأديان الشهيرة في شمالي العراق لمخالطته بعض الناس المتأدبين منذ صغر سنه. قال: ولا يعتقد أجدادي بالصحابة ولا بأئمة المسلمين من أقدمين ومحدثين: - ثم عدد لي أسماء بعض الصحابة والأئمة وأصحاب المذاهب الأربعة ولا حاجة إلى سردها. كما أنهم لا يؤمنون بالقرآن ولا يأخذون بشيء من الحديث والخبر وإن كانوا يطوون أيامهم بين ظهراني أصحاب الدين الحنيف. وهم يعتقدون أن الإله واحد إلا إنه يظهر في ثلاثة مظاهر: كبير ووسط وصغير فهم ثلاثة في واحد وواحد في ثلاثة، وإن الروح القدس خلق مريم العذارء (كذا) بواسطة جبريل (كذا) وتحت هؤلاء الثلاثة أربعة وزراء ولكل وزير سطوة أو سلطة خاصة به ولأولئك الوزراء الأربعة مسيطرون وعددهم سبعة، ولهؤلاء المسيطرين السبعة منفذون لأحكامهم وعددهم اثنا عشر وقد اتفقوا جميعا على أن يرسلوا إلى العالم الأدنى رجلا زودوه بجميع القوى العقلية والجسدية وهو موسى. وهم يعظمونه أشد التعظيم ويحلفون به ويضعونه فوق جميع الأنبياء ويعتقدون بأنه المسيح (كذا بهذا الخبط والخلط).

3 - الحلال والحرام عندهم وبعض من قرباتهم يحرمون أشياء عديدة كما يحرمها النصارى ولاسيما ما أملاه الضمير على صاحبه ويبيحون شرب الخمر وأكل لحم الخنزير ولا يحرمون على المرء ما استطابه ذوقه أو قبلته معدته. وهم يصومون أربعين يوما ينقطعون فيها عن أكل اللحم ولهم ما عدا ذلك ثلاثة أيام صوم في أوان الشتاء. وبعد ثلاثة أيام من صومهم يذبحون دجاجة بيضاء وبعد أن يسلقوها أحسن سلق يقلونها في السمن (الدهن) ويأكلونها مع خبز رقاق (وهو خبز مستدير دقيق يفتحون عجينته بشوبك) ويكون دقيقه من اخلص الحنطة وابيض اللون. ولا يجسرون على أن يأكلوا منه إلا من بعد أن يصلي عليه رئيسهم الروحاني الديني ويوزعه هو بيده عليهم ولا تحضر النساء حين هذا التوزيع ولا يفرق الرئيس بين كبير وصغير بين خادم ومخدوم ويسمون هذه الحفلة بكلمة عربية هي (اللقمة). ومن أعمالهم الدينية: الاعتراف فهم يقرون بذنوبهم وبكل ما ارتكبوه بتذلل وخشوع ويقرعون صدورهم ويكونون بين يدي رئيسهم الديني كالمجرم بين يدي الحاكم عليه بالعقاب ويفرض عليهم ما يفون به ذمتهم. وعندهم صلوات خاصة تعرف عندهم باسم عربي أيضاً هو (تصرعات) يبتهلون بها إلى الله فيرفعون رؤوسهم إلى السماء ويبسطون أكفهم إليها ناظرين إليها نظرهم إلى رجل أهانوه ويستمدون منه العفو والصفح. وهم لا يتجهون إلى (القبلة) وليس لهم صلوات خمس كما لا يعرفون (الآذان) ولا يتوضئون قبل صلاتهم. وهم يحبون النصارى كل الحب ولا يكرهون اليهود. ولا يودون التقرب من المسلمين لكنهم يخافون بطشهم فيعاملونهم بالحسنى حفظا لحياتهم وتدبيرا لشؤونهم. وهم لا يزوجون بناتهم المسلمين وإن كان بعض المسلمين يزوجون بناتهم رجالهم. ويوم الزفاف عندهم من أهم أيام حياتهم ويقيمون أفراحا لا يقيمون مثلها في أي فرصة كانت، ورقصهم وأغانيهم وملاهيهم على ابسط ما يكون.

4 - لسانهم لسانهم هو لسان أهل البلاد التي يكونون فيها فالذين يسكنون كركوك يتكلمون بالتركية وفي ديار الكرد: الكردية وفي ربوع العرب: العربية؛ إلا أن لهم لسانا خاصا بهم لا يعرفه غيرهم ولا يتكلمون به بين يدي من يجهله وهو كلسان العصافير ويستعملونه لحفظ أسرارهم من الفشو. 5 - أسماؤهم عند جميع الأكراد المنتشرين في الموصل وكركوك وسليمانية وتلك الأرجاء أسماء مصوغة صيغة خاصة بهم غير معروفة في غير تلك الأنحاء. وقولي (جميع الأكراد) يشمل جميعهم، مهما كان دينهم ومذهبهم، حتى أن تلك الصيغة معروفة عند المسلمين والنصارى أنفسهم وتلك الصيغة هي وزن (فعو) أي بفتح الأول وتشديد الثاني المضموم وفي الآخر واو ساكنة. فيفرغون جميع الأعلام في ذلك القالب فيقولون في محمد وعلي وحسن (أو حسين) وسعيد وجميل ويوسف وعبد الله: حمو وعلو وحسو وسعو وجمو واسو (لا يسو) وعبو إلى غيرها. فإذا سمعت بلفظة مفرغة في تلك الصيغة فاعلم أن اصله من الموصل أو من تلك الأرجاء وليس من ربوع أخرى. فأحفظه. 6 - كتبهم الدينية عندهم الزبور على ما هي موجودة في أيدي النصارى؛ وعندهم كتب دينية خاصة بهم. لا تشبه كتب أصحاب سائر الأديان ولا يمكن أن يتوصل إليها أحد مهما بذل من الأموال لشرائها. 7 - عددهم ومواطن وجودهم يدعون أن عددهم يبلغ ثلاثة ملايين. ولا جرم أن هذا العدد مبالغ فيه كل المبالغة ولعل عددهم الحقيقي لا يجاوز العشرين ألفا. ففي كركوك نحو 60 بيتا وهم في محلة الجاي.

وفي أنحاء دقوقاء (طاووق) نحو 540 بيتا. أي إنك تجد منهم في (عرب كوي) و (زنقير) و (علي سراي) و (طوبو زاوه). ومنهم من هم في جوار قرى دزديي على نهر الزاب نحو 480 بيتا. وفي خانقين وأطرافها نحو 560 بيتا. وما بقي منهم مبثوثون في السليمانية وما جاورها من القرى والدساكر، ومنهم شيء قليل في بغداد. ويقولون أنهم كثيرون في خارج بلاد العراق أي في الأستانة وإيران وروسية والهند والصين إلى غيرها من البلاد النائية. 8 - نسب كبيرهم في الدين يزعم كبيرهم الديني أن نسبه يتصل بمنصور الحلاج ويسمونه (منصور بردار) ومعنى بردار: على الخشبة، لأنه صلب عليها. وكان يقول: (أنا الحق) فلما سمعه بعضهم كفروه وحكموا عليه بالصلب. ويقول هذا الرئيس أن الحلاج المذكور كان الرئيس الأكبر لطائفتنا في عهده وهو الذي كان موزع (اللقمة). وكان صلبه في 24 ذي القعدة سنة 309هـ (أي 26 آذار 922م) فيكون قد مضى على رئيسهم الأكبر أكثر من ألف سنة وتزعم الكاكائية أن نصف سكان بغداد كانوا على مذهبهم (كذا) إلا أن تشديد غيرهم عليهم ممن لم يكونوا على معتقداتهم دفع كثيرين إلى إنكار ديانتهم ومالوا إلى المذاهب أو الأديان الأخرى فاختاروا النصرانية على كل دين سواه. واليوم أكبر شعراء كركوك بالتركية والفارسية معا هو دده محمود هجري أفندي وهو يدير جريدة كركوك الحالية ورئيس تحريرها، ويلقب بدده لأن (دده) كلمة فارسية معناها الجد وبعضهم يقول بابا ويلقب به كل كبير في الدين ويرى تحت أمره سائر الزعماء فهو مثل شيخ الإسلام عند المسلمين وكالباب عند النصارى. ويعرف عند الغير (بموزع اللقمة). 9 - رأينا في أصلهم ومعتقدهم في أنحاء الموصل وكركوك وسنجار وما يجاورها فرق دينية مختلفة لا تكاد تجدها في بلاد أخرى، حتى أن مذاهب المسلمين المبثوثين في تلك الأصقاع

تختلف مذاهبهم ومعتقداتهم عن أصحاب تلك النحل في سائر الديار وهذا الاختلاف يعود إلى طبيعة البلاد فأنها جبلية وقد تناوب عليها أصحاب الأديان القديمة والعناصر المتباينة. وقد أبقى كل عنصر وكل معتقد وكل مذهب شيئا من بقاياه، فإن قلت أن الأمة الفلانية أو الفرقة الفلانية أو النحلة الفلانية هي كردية أو فارسية أو سريانية أو عربية أخطأت كل الخطأ. وكذا القول في المذاهب فإنها كلها غريبة. وفي كل من أولئك الأقوام وكل مذهب من تلك المذاهب وفي لسان كل من تلك الأجيال بقايا قد اختلط بعضها ببعض حتى إنه ليستحيل على كل عاقل الوصول إلى قرار الحقيقة والذي يحاول البلوغ إليه يطلب المحال. ففي عنصر الكاكائية ترى سحنات مختلفة تترد بين سحنة الكردي والتركي والفارسي والعربي والآرامي والأرمني. وكذلك قل عن لغتهم ففيها ألفاظ من جميع هذه اللغات المتضاربة الأصول البعيدة المنازع في لغات أخرى، وإما المذهب أو الدين أو النحلة أو ما تريد أن تسميه من الأسماء فإنه مجتمع معتقدات قديمة وحديثة لا صلة تصل بعضها ببعض ولا جامعة تجمع بعضها إلى بعض فترى فيها شيئا من المزدكية وبعض النصرانية وفيها من اليهودية وجزءا من الإسلامية. وإن كانوا يقولون لا نقر بشيء منها. وعندهم طائفة من آراء الفرق السرية كما عندهم رموز يتعارفون بها وألفاظ لا يبوحون بها إلى غير إخوانهم وحينما عرفوا أن بين الأتراك الجدد أخوانا ماصونا (أو فرماصونا) حاولوا الانخراط في سلكهم، لكن لم يتيسر لهم ذلك لأن الحرب حالت دون تحقيق أمنيتهم. ثم أن لفظة كاكائي ليست أسم قبيلة أو أمة أو قوم أو بلد، إنما هي لفظة كردية فارسية الأصل معناها: الأخ. فقالوا في واحدها العائد إلى هذه الجمعية السرية كاكايا على الطريقة الارمية ومنهم من يلفظها كاكايي مفردا وجمعا. فانظر كيف جمعوا في لفظة واحدة الفارسية والآرامية وهم يريدون بذلك (الأخ في المذهب) أو كما يقول الفرنسيون فيكون معنى كاكائية أو 10 - أنباؤنا هذه الأنباء أو المعلومات - كما يقول بعضهم - أخذناها في أول الأمر

من سعو بن جمو - لكننا ارتبنا في صحتها. لأننا قلنا: لعله يفيدنا بهذه الإفادات بلوغا إلى غاية نجهلها الآن، ولا تتضح لنا إلا في ما بعد ثم قلنا: لعله يوهمنا ليحملنا على اعتقاد أشياء لا حقيقة لها في ذاتها. ولهذا أخذنا نبحث عن رجل آخر يفيدنا عن حقيقة ما سمعناه. فمضى على تلك المدونات نحو أربع سنوات واتفق إننا عرفنا كاكائيا آخر فكلمناه فزاد شيئا عليها، لكنه لم ينكر علينا واحدة منها وإن لم نكن نذكر له شيئا مما كنا سمعناه. بل كنا نلقي عليه أسئلة فكان يجاوبنا عليها وكنا ندونها أمامه بلا خوف، لأنه كان أديبا فاضلا. ثم عرفنا ثالثا كان جاء إلى بغداد ليبيع شققا من البسط، وكان قد سمع بأننا في حاجة إلى عدد منها؛ فجاء بها إلينا فسألناه عن وطنه واصله ولغته ومذهبه فقال إنه (كاكائي) فقلنا له: وما تريد بذلك؟ إلى آخر الأسئلة، فكانت أجوبته تقوي ما كنا قد نقلناه عن أخويه. والرجل حي يرزق وهو الآن في جهة سليمانية. 11 - الخلاصة الكاكائية فرقة دينية منتشرة في أنحاء كركوك منذ قديم العهد، ولها أسرار غامضة لا يبوح أصحابها بها إلى غير إخوانهم، ولهم ألفاظ خاصة بهم يتعارفون بها وكان أبناؤها سابقا من عناصر مختلفة؛ أما اليوم فأجل عنصر فيها هو الكردي. وسميت بهذا الاسم لأن (كاكا) بالفارسية هو ألام الأكبر - وللأخ الأكبر عند الشرقيين اعتبار خاص في الأسرة يتميز به عن سائر اخوته الأصغرين وذلك لأن الأب كان يبوح لابنه البكر فقط بأسراره الخاصة به وبالأسرة فكان الولد الأكبر مستودع الأسرار، والغنى، والشرف، والمجد، والقوة، والسؤدد، وهو ما يرى إلى اليوم في تلك الأرجاء. وكان الأب يعد ابنه في حياته لهذه الغاية ومسألة انتقال أمور المملكة إلى البكر غير مجهولة في ديار الغرب نفسها، بل كان البكر في حياة أبيه ينوب هو عنه في غيابه دون سواه. وأبناء الشرق يحافظون على عاداتهم الموروثة عن آبائهم الأقدمين إلى عهدنا هذا وإن كان هذا الأمر لا يرى في جميع هذه الديار بصورة واحدة.

رثاء الدكتور صروف

رثاء الدكتور صروف كنا نشرنا في المجلد الخامس من (لغة العرب) رثاء الدكتور أبي شادي للعلامة الدكتور صروف عميد (المقتطف)، ثم قصيدته الكبرى التي نظمها لحفلة التأبين. وعقبنا على ذلك بكلمة نقد صريحة حققت الأيام صدقها. وإن أدهشت بعض القراء الذين لم يقفوا مثلنا على تيار الحركة الأدبية في مصر. ونحن نأسف لذلك، وكنا نتمنى أن نكون مخطئين، حتى لا يصدق دائما على الأقطار العربية أن نوابغها غرباء فيها، وإن أكثر ما تعتمد عليه الشهرة فيها هو المال أو النفوذ الاجتماعي. ونحن ننشر اليوم للمقارنة الأدبية النقدية قصيدة أحمد شوقي بك الشاعر المعروف، حتى يقارنها القراء بما سبق لنا نشره. تاركين لهم الحكم المستقل، وإن كنا واثقين من انتصارهم لآرائنا النقدية. وبعد هذا إلا ترى زميلتنا (العصور) أننا وغيرنا من مقدري الدكتور أبي شادي معذورون على مقابلة هذا الجحود لأدبه فضلا عن التحامل عليه بإعلان تقديرنا لأثاره ومواهبه؟! وهذا هو شعور أصدقائنا المستشرقين أيضاً. قصيدة شوقي بك سماؤك يا دنيا خداع سراب ... وأرضك عمران وشيك خراب وما أنت إلا جيفة طال حولها ... قيام ضباع أو قعود ذئاب وكم ألجأ الجوع الأسود فأقبلت ... عليك بظفر لم يعف وناب قعدت من الإظعان في مقطع السرى ... ومروا ركابا في غبار ركاب وجدت عليهم في الوداع بساخر ... من اللحظ عن ميت الأحبة نابي أقاموا فلم يؤنسك حاضر صحبة ... ومالوا فلم تستوحشي لغياب تسوقين للموت البنين كقائد ... يرى الجيش خلقا هينا كذباب رأى الحرب سلطانا له وسلامه ... وان آذنت أجناده بتباب ولولا غرور في لبانك لم يجد ... بنوك مذاق الضر شهد رضاب ولا كنت للأعمى مشاهد فتنة ... وللمقعد العاني مجال وثاب

ولا ضل رأي الناشئ الغر في الصبا ... ولا كر بعد الفرصة المتصابي ولا حسب الحفار للموت بعدما ... بنى بيديه القبر ألف حساب يقولون يرثي كل خل وصاحب ... أجل إنما أقضي حقوق صحابي جزيتهمو دمعي فلما جرى المدى ... جعلت عيون الشعر حسن ثوابي كفى بذرى الأعواد منبر واعظ ... وبالمستقليها لسان صواب دعوتك يا يعقوب من منزل البلى ... ولولا المنايا ما تركت جوابي أذكرك الدنيا وكيف لم تنل ... لها أثرا شهد بفيك وصاب حملنا إليك الغار بالأمس ناضرا ... وسقنا كتاب الحمد تلو كتاب وما انفكت الدنيا وإن قل لبثها ... لسان ثواب أو لسان عقاب إلا في سبيل العلم خمسون حجة ... مضت بين تعليم وبين طلاب قطعت طوالى ليلها ونهارها ... بآمال نفس في الكمال رغاب رأى الله أن يلقى إليك صحيفة ... فنزهتها عن هوشة وكذاب ولم تتخذها آلة الحقد والهوى ... ولا منتدى لغو وسوق سباب مشينا بنوري علمها وبيانها ... فلم نسر إلا في شعاع شهاب وعشنا بها جبلين قمت عليهما ... معلم نشء أو أمام شباب رسائل من عفو الكلام كأنها ... حواشي عيون في التروس عذاب هي المحض لا يشقى به ابن تيمية ... غذاء ولا يشقى به ابن خضاب سهول من الفصحى وقفت بها الهوى ... على ما لديها من ربى وهضاب وما ضعت بين الشرق والغرب مشية ... كما قيل في الأمثال حجل غراب فلم أر أنقى منك سمعة ناقل ... إذا وسم النقل الرجال بعاب وكم أخذ القول السري معرب ... فما رده لأسم ولا لنصاب وفدت على الفصحى بخيرات غيرها ... فوالله ما ضاقت مناكب باب وقد ما دنت يونان منها وفارس ... وروما فحلوا في فسيح رحاب تبتلت للعلم الشريف كأنه ... حقيقة توحيد وأنت صحابي وجشمت ميدان السياسة فارسا ... وكل جواد في السياسة كأبي وكنا ونمر في شغاب فلم يزل ... بنا الدهر حتى فض كل شغاب

العقل وأصل اشتقاقه

رأى الثورة الكبرى فسل يراعه ... بتحطيم أغلال وفك رقاب وما الشرق إلا أسرة أو عشيرة ... تلم بنيها عند كل مصاب سلام على شيخ الشيوخ ورحمة ... تحدر من أعطاف كل سحاب ورفاف ريحان روح ويغتدي ... على طيبات في الخلال رطاب وذكرى وإن لم ننس عهدك ساعة ... وشوق وإن لم نفتكر بإياب وويح السوافي هل عرضن على البلى ... جبينك أم سترته بحجاب وهل صن ماء كان فيه كأنه ... حياء بتول في الصلاة كعاب ويا لحياة لم تدع غير سائل ... أكانت حياة أم خلية داب وأين يد كانت وكان بنانها ... يراعة وشيء أو يراعة غاب ولهفي على الأخلاق في ركن هيكل ... ببطن الثرى رث المعالم خابي نعيش ونمضي في عذاب كلذة ... من العيش أو في لذة كعذاب ذهبنا من الأحلام في كل مذهب ... فلما انتبهنا فسرت بذهاب العقل وأصل اشتقاقه ذكر صاحب تاج العروس سبب تسمية العقل بهذا الاسم وسر اشتقاقه، أو أصل اشتقاقه من مادة ع ق ل، فقال ما هذا حرفه: (واشتقاقه من العقل، وهو: المنع لمنعه صاحبه مما لا يليق، أو من المعقل، وهو الملجأ، لالتجاء صاحبه إليه كذا في التحرير لابن الهمام. وقال بعض أهل الاشتقاق: العقل أصل معناه: المنع، ومنه العقال للبعير، سمي به لأنه يمنع عما لا يليق قال: قد عقلنا والعقل أي وثاق، وصبرنا والصبر مر المذاق). اهـ. وقد راجعنا كتبا كثيرة في هذا المعنى فرأينا أصحابها لا يخرجون عن القول بأحد هذه الآراء. ونحن لا نرى هذا الرأي والذي عندنا أن أصل معنى (العقل) هو العين: لأنه عين النفس وباصرتها، ثم مات المعنى المادي وبقي المعنى المجازي. يشهد على ذلك أن اللاتين يسمون العيون والعقل باسم واحد هو (عقل)

افتقار اللغات قاطبة إلى الاستعانة بالإشارات

افتقار اللغات قاطبة إلى الاستعانة بالإشارات واللهجات يستحيل أن نظفر على وجه المعمورة بإنسان ينبعث للكلام هنية، فلا يحتاج إلى الاستعانة في تأدية أغراضه بحركات، ولهجات بأصوات متباينة الأجزاء. صعودا وهبوطا، وشدة ولينا، للدلالة على النفي والإثبات، والرفض والقبول. والأمر والنهي، والسخط والرضى، والجلد والجزع، إلى غير ذلك. ولعل هذه الحالة ورثها البشر عن عهد كان يؤدي فيه مقاصده بالإشارات، تصحبها أصوات غير هجائية أو هجائية أحادية ثم ثنائية حتى بلغ الكمال في التعبير: لكنه كمال نسى لا حقيقي، إذ لو كان حقيقيا، لاستطاع الإنسان أن يعبر عن جميع مقاصده مستغنيا عن الإشارات واللهجات وهذا ما يخالفه الواقع. فلو فرضنا أن أنسانا كلف الأعراب عما يدور في خلده. على شرط سكون جوارحه، وهدوء عينيه، وركون اساريره، واستمر حديثه بضع دقائق. لوجدت علائم الضجر بادية على وجهه، ولا يقتصر الضجر على المحدث بل يشاركه فيه المصغون إلى حديثه فيستفزهم الملل كما إنه لا يطمئن إلى حديثه في إماطة اللثام عن رغائبه كما يجب. وهذا الافتقار يختلف باختلاف المواضيع، فمنها ما يحتاج المحدث إلى الافتنان فيه، كأن يكون الموضوع خطابيا، أو تمثيليا، يراد به حسن الوقع في النفوس؛ فكم من رواية كرر تمثيلها فاستحملت تارة، واستهجنت تارة أخرى مع أن الألفاظ واحدة: لكن الذي ألقى تلك الألفاظ في إحدى المرات كان امهر في إتقان الحركات والتفنن في الإشارات ممن ألقاها في المرة الأخرى. إلا أن الافتنان في مثل هذا أمر فضلة لأن التأثير وحسن الوقع ليسا من غايات الكلام المباشرة. فإن فقرات الرواية تفهم بمجرد إلقائها، سواء أتفنن فيها، أم لم يتفنن؛ بل للغاية المباشرة للكلام هي الإفهام لا غير.

فلنجعل موضوع بحثنا قضية الإفهام فحسب، بيد أن ذلك لا يعيننا على إنقاذ اللغات من النعت بالافتقار. ألا ترى إنك إذا قلت: (ما أخذت كل الدراهم) مثلا احتمل كلامك وجهين: أنك أخذت بعض الدراهم، وانك لم تأخذ منها شيئا، وتضطر في التعبير عن المقصد الأول إلى إظهار شدة الارتباط بين الفعل والمفعول به، بتعجيل النطق بالكاف بعد التاء، وتضطر في التعبير عن القصد الثاني إلى أحداث فترة لطيفة بينهما. نعم أن الناطق ليفعل كل ذلك بسائق الفطرة، دون الانتباه لسرها الخفي. ففي الفرض الأول اعتبر أن الجملة كانت في الأصل مثبتة، ثم ادخل عليها حرف النفي، أي أن أصل الكلام كان: (أخذت كل الدراهم) ثم سلط السلب عليه لثلم كلية الأخذ، فانقلبت جزئية فكانت تقوية الاتصال بين الفعل ومفعوله إيذانا بأنهما مقترنان من قبل، أي قبل إدخال حرف النفي، ولولا ذلك، لما انتقل ذهن السامع إلى الغرض. وفي الفرض الثاني أحدث فترة بين الفعل ومفعوله، للدلالة على أن الفعل، إنما سلط على المفعول به بعد مصاحبته للسلب. ومن هذا الباب قول الترك: (بر آلما يدم) مثلا، وذلك أنهم قد يقرنون الكلمة بلفظة (بر) للدلالة على الوحدة، وقد يقرنونها بها للدلالة على التنكير. فترجمة العبارة السابقة: (أني أكلت تفاحة واحدة) أو (أكلت تفاحة) فإذا أراد المتكلم المعنى الأول نطق بالراء بإزعاج كأنه يحاول مصادمة مدع إنه أكل أكثر من ذلك، وإذا أراد المعنى الثاني نطق بها بهدوء وسكون لأنه لم يقصد بلفظة (بر) معناها الأصلي المستحق للاهتمام، بل أتى بها لتكون أمرا عرضيا كالتنوين في اللغة العربية. ولعل من دواعي اختراع البشر للموسيقى، عجز اللغات عن ترجمة ما تفيض به العواطف، مما لا يستطيع اللسان ترجمة أكثره، إذ تكتظ الجوانح بما لا قبل لها وبه وتضطر إلى نفث ما عندها طلبا للتخفيف عن النفس وإذ لا تصادف بغيتها عند اللسان، تفزع إلى الآلات التي يكل اللسان عن مجاراتها، من عود اخرس، ووتر ابكم، إذا اجتمعا كانا افصح ناطق. محمود الملاح

بلد الزبير

بلد الزبير أو البصرة القديمة على طف الجزيرة، وفي ظهر البصرة الحالية، يلوح للوافد عمارة ضخمة، وأبراج سور، قامت عليه مأذنة ذلك هو البلد الذي فيه (مشهد الزبير بن العوام). وهو بليدة فيها مساكن وأسواق، وعماراتها من الجص والآجر وهي على بساطتها. طيبة المناخ، نقية السماء، جافة الهواء، كغيرها من البلاد العربية. وموقعها الهندسي كموقع برج مطل على مدينة البصرة، وهي على قربها من تلك المدينة المغمورة بسعفات النخل الكثيف، تراها بليدة جرداء معراة في قفر خال من الغرس، وربما وجدت في ضواحيها بعض أثلاث تكثر في المهابط العربية نعم، أن هذا العراء أكسب تلك البليدة فروقا محسوسة بين مناخها ومناخ البصرة فبينما يكون السائح مغموسا في طبقات كثيفة من هواء البصرة المضغوط عليه بسعفات النخل التي عقدت عليها رواقا كثيفا، وقد تلبد بوخامة ووبالة من البخار المتصاعد من البطائح والمناقع المكتنفة به من الوجه البحري القريب منه - ترى الزاهق الذي يفر من البصرة إلى برية الزبير كروح تخلصت من كثافة الجسد وفاضت سابحة في الفضاء النقي حيث التربة رملية ذهبية، وحيث النسيم طلق خفاق يتموج بعذوبة، وحيث النور الوهاج الذي يبهج القلب، نعم لا تكاد تولي وجهك شطر بليدة الزبير فارا من مدينة البصرة إلا تشعر بأنك قد تخلصت من المرض إلى العافية. أجل يشاهد الوافد إلى قصبة الزبير جواد فسيحة تتخللها رحب واسعة والمساكن في الغالب ذات طبقة واحدة وترى الجواد متحدرة تشبه واديا ركبت على حافتيه المساكن البيض التي طليت بالجص وبعدد هذه العمارة كانت خصاص وأكواخ يأوي إليها الملاكون والزوار الذين فضلوا الهجرة على مواطنهم تجنبا للناس وابتعادا عن الواث المدينة زهدا وعزلة. وقد كان أكثر أولئك المجاورين من العبيد النوبية الذين يكثرون في الجزيرة ومرابضها. وعلى أثر الحوادث الوهابية التي حصلت في نجد في غضون القرن

الثالث عشر تغير موقف مشهد الزبير تغيرا فجائيا، وذلك لأمرين مهمين أولهما أن كثيرا من البيوت النجدية التي تخلد إلى السكينة وتحب العافية، جعلت مشهد الزبير مهجرا لها ابتعدت فيه عن قلاقل نجد وحوادثها فشيدوا فيه المساكن والبيوت ومن ذلك الحين نهضت فيه العمارة الفخمة، والأمر الثاني أن الحكومة العثمانية حسبت حساب زحف الوهابيين إلى البصرة فأخذت تحتاط الحيطة لنفسها ورأت أن مشهد الزبير كحصن للدفاع عنها في ظهرها فطوقت البلدة بسور متين وجعلت في البلدة عاملا لها وأقطعته (تنومة) إحدى إقطاعات البصرة، ولكن لم يكن لذلك العامل أقل نفوذ بل كانت أدارتها على قواعد المشيخة وهي نظام بسيط وإدارة عربية تجري بالعادات أكثر من أن تجري بالقوانين كما أن بلدة الزبير منحازة عن البلدان العراقية في موقعها الجغرافي كذلك هي منحازة في أخلاقها وأدارتها وعاداتها لم تلوثها المدنية الجديدة بأدناسها وبقيت محافظة على مزاياها الفاضلة وبزتها العربية فكأنك عندما تقطع تلك المسافة الهينة بين البصرة الحالية وبين بلدة الزبير أو البصرة القديمة تجد نفسك قد طفرت طفرة رجعت بها إلى الوراء في التاريخ والى ما وراء قرون عديدة فهذه القصبة قصبة (سلفية) وأهلها (سلفيون) وكان (السلف) العربي ماثلا بجميع أطواره فيها وتاريخ تشييد السور يتصل بعام 1217هـ (أي 1802م) وقد اندك اليوم أكثره. مشهد الزبير هو بعيد الأمد في الظهور وقد ذكره الرحالة ابن بطوطة وكثير غيره واليوم ترى كتابة رقشت على صخرة في ذلك المشهد وإن هذه البناية قد جددت بأمر السلطان سليم العثماني. ومشهد الزبير عبارة عن حائط في رحبة من الأرض لا يلاصقها شيء من عمارة الاهلين. وارتفاع ذلك الحائط متفاوت. فمن جهة الجنوب والشمال من الحرم والسرحة ثلاث عشرة ذراعا، ومن جهة الغرب الرحبة والشرق تسع اذرع، ولحائط الجامع أربعة أبواب: من جهة الجنوب والشمال بابان ومن الشرق بابان. يشاهد الداخل إلى الجامع بهوا واسعا وفي زاوية ذلك البهو مما يلي جهة القبلة شمالا قبة بيضاء معقودة على ضريح الزبير بارتفاع 15مترا، وعلى الضريح

الحويزة

مصطبة بارتفاع مترين يحيط بها شباك خشبي مستطيل بارتفاع ثلاثة أمتار. هذا هو مشهد الزبير وهو عبارة عن حجرة بسيطة لا غير وعمارة الجامع حرم وسرحة أما الحرم فينشئ ست أسواق أي يكون ستة صفوف مستطيلة طول كل صف 23 مترا ويتخلل تلك الصفوف سوار من الطاباق ومجموعها 6 سوار لكل صف من تلك الصفوف واحدة ومعقودة على تلك السواري اسطوانات من الطاباق والجص. أما السرحة فهي عبارة عن صفين طول كل صف 30 مترا معتمدة على سوار معقود عليها سقف خشبي وفي هذا الجامع مأذنة مشيدة بالطاباق والجص بارتفاع 22 مترا تقريبا وهناك بئر للاستقاء منها عمقها 22 مترا ويظهر أن أرض الجامع كانت منخفضة بمقدار خمس زلف. الحويزة بلدة في وسط البطائح، بين البصرة وواسط وخوزستان وأول من حاز هذا البلد هو ديبس بن عفيف الاسدي وذلك في خلافة الطائع العباسي. وقد تلاعبت الحوادث على الحويزة وتعاورت وما أكثر ما تتابعت عليها أغراض الزعماء والمتغلبين. وقد تعرض لذكرها بعض الأدباء المتقدمين. فقال: الحويزة، وما أدراك ما الحويزة! أرضها رغام، وسماؤها قتام، وسحابها جهام، وخواصها عوام، أنا منها بين هواء رديء، وماء وبئ. . . ولم يكن للحويزة شأن كبير من أول نهوضها إلى القرن الثامن للهجرة ولكن في غضون القرن التاسع برزت وظهر شأنها وذلك بواسطة المشعشع المتمهدي الذي اختار الحويزة عاصمة لإمارته على البطائح لما رأى فيها من المناعة والمناسبة للموقع. وقد كانت تابعة لحكومة شيراز فواقع المتمهدي الأمير الشيرازي عدة. مواقعات على أبواب الحويزة، فشل في بعضها ونجح في الأخيرة منها فاحتل الحويزة، وجعلها قاعدة إمارته، فعمرت وتوسعت وهكذا بقيت زاهية في كل زمان إمارة الموالي. وسقط شأنها بسقوطهم. وذلك في القرن الرابع عشر للهجرة فقد انحازت

البطائح إلى حكومة العراق وأصبحت إمارة خوزستان في بيت الشيخ جابر أمير المحمرة فنهضت المحمرة، وسقطت الحويزة، وهي اليوم قرية واهية تريد أن تنقض، وفيها بقية للموالي وبقية لنفوذهم الأدبي. هذا تمام الكلام في مدن البطائح وقراها أما واسط فسيأتي الكلام عليها مفصلا في فصل الغراف وآثاره. البطائح في التاريخ وذكر أمرائها ذكرها جماعة من المؤرخين وأصحاب كتب البلدان مثل البلاذري، وابن رسته، واليعقوبي وابن الفقيه وابن فضل الله وابن حوقل وابن خرداذبه والحموي والسمعاني وحفيد الصابئ والصفدي وابن الأثير وابن أبي الحديد والطبري وصاحب حماة والمسعودي وابن سرابيون. قال هذا أن أول البطيحة (القطر) وهو زقاق قصب نابت وبعده هور والهور هو ماء كثير ليس فيه قصب واسم هذا الهور (بحصى) وبعده زقاق قصب ثم الهور الثاني واسمه (بكمصى) وبعده زقاق قصب ثم الهور الثالث واسمه (بصرياثا) وبعده زقاق قصب ثم الهور الرابع واسمه (المحمدية) وفيه منارة حسان المعروفة بمنارة البطائح وهو أعظم الأهوار وبعده زقاق قصب وهو ماء إلى نهر أبي أسد ويمر بالخالة وقرية (الكوانين) ويصب في دجلة العوراء. اهـ. وذكرها كثير من أدباء الفرس وكتابهم وذكرها البحتري في شعره بقوله: حنانيك من هول البطائح سائرا ... على خطر والريح هول دبورها لئن أوحشتني جبل وخصاصها ... فما آنستني واسط وقصورها جبل ضبطها الحموي بالضم والتضعيف وجاء في مراصد الاطلاع ص 108 بالفتح بليدة في الشرقي من دجلة بغداد وهو من بقايا آثار الفرس وعمارتهم وموقعه بين النعمانية وواسط. قلت: واليوم يقع بين كوت الإمارة وقصبة البغيلة وبسبب انحراف مجرى دجلة ركب الماء آثار جبل وجرى عليها فهي الآن في عقيقه لا

تظهر إلا زمن النشف (أي النشوفة) والعرب اليوم تسمي تلك الآثار جنبل بزيادة النون. وقد أخرجت البطائح جماعات من رجالات الأدب والعلم حتى افرد لذلك تاريخ خاص فقد ذكر أن لأبي العباس أحمد بن بختيار الواسطي المتوفى سنة 552هـ كتاب تاريخ البطائح، لم نعثر على أثره مع شدة الطلب له، وأخرجت البطائح رجالا كبارا لم يغفل التاريخ ذكرهم بل جعلهم في صف مشاهير الرجال فمنهم من تأمر، وهم كثير ومنهم من تقلد منصب الوزارة ومن هؤلاء أبو عبد الله المأمون ابن البطائحي وزر للأمر بالله العلوي صاحب مصر، وكان هذا الوزير كريما واسع الصدر شديد التحرز سفاكا كثير الإطلاع وقد كثر الغامزون فيه واخذ يتلاعب في أمر الخلافة وحاول قلبها عن مستقرها فاتصل أمره بالخليفة فصلبه واخوته سنة 519هـ. وقد كانت البطائح من أعمال واسط مرة ومن أعمال الحويزة مرة أخرى ومن أعمال البصرة طورا: وربما جمعوا واسطا والبصرة وما بينهما من البطائح في عمل واحد وربما انفصلت البطائح مستقلة كما يظهر كل ذلك من أكثر كتب التاريخ وخطط البلدان ونحن لا نذكر زمن تابعيتها في الحكم إذ لا فائدة في ذلك ولكن إليك تاريخ الإمارات الضخمة التي تأسست فيها مثل إمارة آل شاهين وإمارة آل المظفر وإمارة آل الرابي الخير وإمارة الموالي وإمارة آل سعدون وتاريخ كل أسرة من هذه الإمارات مفصلا. النجف: علي الشرقي (لغة العرب) جاء ذكر البطائح في معلمة الإسلام والمقالة لصديقنا العلامة م. شتريك البفاري. وفي خاتمتها يقول: (وفي تلك الأرجاء مثل (أم الرق) (أي والدة الفسافس) في جنوبي كوت الإمارة على شط الحي مشهورة بكثرة هذه الهوام التي لا تطاق). قلت: ليس هناك (أم الرق) بل (أم البق) ولا جرم أن الخطأ من الطبع لا من صاحب المقال بما إنه يؤولها (بوالدة الفسافس) والتأويل هنا خطأ. ومعنى (الأم) هنا (ذات) والبق هنا البعوض لا الفسافس.

من كنوز العرب

من كنوز العرب ابنة تبكي خطيبها قرأت على صفحات الجزء التاسع من مجلتكم الغراء لسنتها الخامسة أبياتا من الشعر العامي الجليل بقلم حضرة الفاضل الشيخ عبد المولى الطريحي. فراقني ما شاهدت واهتز قلبي طربا لتلك الأغاني الجميلة التي تنم عن سمو أفكار العرب وسعت خيالهم. لكن مع كل أسف لم يعثر حضرته إلا على النزر القليل من منظومهم فاكتفى بشيء لم يمثل أفكارهم على حسب المرام، لذلك رأيت أن أتحفكم بشيء من منظومهم ليطلع القارئ على ما للعرب من سمو الفكر وسعة الخيال والغور في بحار المعاني العالية واليكم ما عثرت عليه من تلك الكنوز. وقد جعلت هذه الأبيات على لسان خطيبة فارقت خطيبها فأخذت تصف نفسها بعد سفره كما تصف جمال حبيبها. وقد دعوتها بكنوز العرب راجيا نشرها على صفحات مجلتكم الراقية الغراء: أرتوي الزيتون من دمعي ولأراك ... الغيرك ما نحل جسمي ولا راك أخاف أطول مدتنا ولا راك ... وقبل وصلك تبادرني المنية الأراك شجر معروف والغيرك أي لغيرك لم ينحل جسمي ولم يرك والخطاب للمحبوب ولا راك بمعنى أخشى أن تطول مدة الجفاء ولا أشاهدك وتبادرني أي تفاجئني والمنية نهاية العمر. دمه هلن بدال الدمع يجفون ... على الماظن بيهم قبل يجفون الوداع أشجان ضرهم لو أن يجفون ... جفوني وكل حسود اشتمو بيه الدمع يجفون أي سحي أيتها الجفون دما عوضا عن الدموع. وقبل يجفون أي يبدون الجفاء. تقول ما ضرهم لو وقفوا ساعة الوداع. الله وياك حلو الجسد والطول ... بقت عيني عليك تهمل وأطول العشرة ما بقت وياك والطول ... يا زاجي ما بدت مني رديه تريد بالطول القد والاعتدال وتهمل وأطول أي تمطر دمعها كالطل والطول (الثالثة) أي طول الألفة.

الله وياك حلو الجسد والعين ... هلبت ودعت من بيك والعين دريض يا قلب واستجن ولعين ... ابتليت بلوت الخنسا الشجيه والعين يعني مغرمين واستجن ولعين بمعنى كف عن ذكراه أيها القلب واسترح قليلا. إذ قد بليت كابتلاء الخنساء في حسنها الشديد. دفق دمعي على الوجنة وسيله ... على الماصار وياهم وسيله أدور الممتحن مثلي وسيله ... يقلبي اهجع مثل ما بيك بيه أي أخذت دموعي تنهار على وجنتي ووسيلة أي السيلان ووياهم وسيله أي صورة حال معهم والوسيلة (الثالثة) بمعنى أتحرى كل ممتحن مثلي لأسأله عما جرى عليه من امتحان الغرام. واهجع أي استقر. صلت خدي دمعتي من تسالي ... عليك الرأس شيب منتسالي عيب لسا يقلبي منتسالي ... سلوك اهجع شبيدي تلوم بيه تقول أن دموعي قد أحرقت خدي من كثر جريانها، ولقد شاب رأسي من كثرة السؤال عنك. ثم تقول عجبا أيها القلب إلى الآن ما سلوت من ألم الوجد، والسلوك هنا الأحبة أيها القلب فما ذنبي تكثر علي اللوم. الك منزل بدلالي ولك دار ... ووصلك يجلي همومي والكدار مدار هواك بضلوعي ولك دار ... سحن بقواي ونشبني المنيه تقول لك منزل في قلبي ودار أنت ساكن فيها والدلال القلب، والكدار أي الأكدار. تقول ويلك فإن غرامك قد أخذ يدور بين جوانحي. ومعناه الشطر الرابع: هد قواي وأنحلها وقولها ونشبني المنيه أي رماني بالهلاك. فقت مرعوب من نومي بالأسحار ... دون ما ونت الثكلى بلسحار يناهي فرزن دلالي بلسحار ... عيونك حيث مبهن رحم بيه بالأسحار أي انتبهت مرعوبة من نومي في السحر. وبلسحار أي أئن كما تئن الثكلى في الصحارى وتريد بلسحار (الثالثة) سحر الجفون وقولها فرزن دلالي أي جفونك قد اصمت فؤادي بسحرها. مبهن أي ما فيهن رقة علي. أنا بادي وعلى الترف بداي ... وحرت يا ساهي العينين بداي

انجان أنت حكيم استاد بالداي ... دون جروح قلبي وجرن بيه تقول لقد قصدت مكانا غير مكاني فزار الحبيب منزلي ولم يجدني وذلك لسوء طالعي. وساهي العينين أي واسع العينين وقولها بداي تعني حرت في دوائي والشطر الأول من البيت الثاني هو خطاب للمحبوب تقول أن كنت حكيما حاذقا وتشخص الداء فعليك إذن بمداواة قلبي وقولها وجرن بيه يعني أخذت جروح قلبي تتعاظم في الآلام. ذلولي ما يجده السير ظل عاي ... انتهو عني ومد البصر ضلعاي شبه كسر الزجاجه انكسر ضلعاي ... وبد ما يرهم التجبير بيه تقول أن ذلولي قد عجز عن المسير وقولها ظل عاي يعني ظل واقفا لم يتحرك من شدة التعب. وفي الشطر الثاني من البيت الأول تقول أن أحبتي قد غابوا عن بصري فلم أشاهد سوى أضلاع جبال شاهقة ممتدة في الصحراء وقولها أيضاً أن أضلاعي قد تحطمت تحطم الزجاج وأصبحت غير قابلة للإصلاح كما أن كسر الزجاج لا يشعب. النجف: حسن الجواهري (لغة العرب) للشيخ عبد المولى الطريحي العلامة مقالات كثيرة في إدارتنا منذ نحو أكثر من سنة. ولكن كثرة ما عندنا حال حتى الآن دون نشرها. وله في (أبو ذية) أبيات أخرى وقد أجاد في انتقائها وشرحها بيد أننا ننتظر فرصة لنشرها؛ إلا أن هذا التأخير لا يقلل شيئا من عظيم شكرنا له وطلب العذر من عدم نشرها حتى الآن. وبعد أن ندرج المقالة التي أشرنا إليها لا نذكر بعدها ما يكون في هذا الموضوع لكثرة ما عندنا منه بل إذا أراد أحد الكتبة أن يجيل يراعته في ميدان الشعر العامي فليكن من الأنواع الأخرى ليكون عندنا أمثلة متنوعة لمختلف القصيد العامي ولهذا نرجو من أرباب الأقلام أن لا يعودوا إلى موضوع (أبو ذية) لأننا نطرح مقالهم بين المهملات. ولا لوم علينا بعد ذلك. إذن لينتبه الغافلون.

آثار في ضياء أباد إيران

آثار في ضياء أباد إيران - على بعد 12 ميلا في الجنوب الغربي من زنجان قرية اسمها (ضياء آباد) كانت أرضها قطعة من قرية أخرى عمرها والدي الشيخ الجليل رحمة الله عليه وأسكن فيها جماعة من الفلاحين والزراعيين وألان هي عامرة وملك لنا. بين سنة 1320هـ أو سنة 1326هـ عثرت بعض نساء القرية وفي جنوبيها حين اشتغالهن بشؤون الفلاحة على أربعة دراهم من الذهب قطر الواحد منها يقرب من قطر الربية في هذا الزمان: ولكنها ارق منها. وفي واحد وجهيها صورة رجل قاعد على كرسي يشبه أن يكون من صور الملوك أو رجال الدين وفي وجهها الآخر صورتا رجلين حاملين شيئا كالعلم في رأسه صليب مثنى الذراعين أو أن شئت فقل: خط قائم وعلى عرضه خطان متوازيان كحرف الفرنسي مع خطين متوازيين في رأس الحرف. ولما زرت المجمع العلمي في دمشق سنة 1342هـ كان معي أحد تلك الدراهم فرآه أعضاؤه الكرام فظن أحدهم إنه من الدراهم الرومانية العتيقة وأظن إنه أصاب في رأيه، وإن الدرهم أثر لأول زمن انتشار النصرانية في المملكة الرومانية. ثم تيسر لي أن أرى بعد ذلك الحين بسنين كتابا في كربلاء في النقود والدراهم العتيقة بالفرنسية وبعد الفحص لم أجد صورة هذا الدرهم بين الصور الموجودة فيه. ووجدت مرة أخرى في هذه القرية عدة أوان كبيرة من الخزف كالآنية المدهونة التي ترى في هذا الزمان. وفي الصيف الماضي خرجت من زنجان متوجها إليها للوقوف على أحوال الفلاحين الزراعية وللنزهة فوجدتهم قد بنوا لهم فيها حماما وحفروا في الجهة الشرقية من بيوت القرية حفرا ليخرجوا منها أحجارا ظنوا بوجودها هناك عثروا على قطع الخزف المخطوطة التي تفضلتم بقراءتها وأنقذتها من أيديهم وكانوا يحاولون وضعها للحمام. وسألت بعض أهل القرية عن الموضع الذي وجدوا فيه هذه القطع فقالوا

هو موضع تتبرك به نساء القرية إذ يسرجن فيه ويقمن فيه ببعض القربات الدينية. فشكل الدراهم وكتابة القطع تقوي الظن بوجود النصرانية في نواحي زنجان في سابق العهد فلا شك أن يد الحفر تصل في هذا المكان إلى آثار عتيقة أخرى. زنجان (إيران): أبو عبد الله الزنجاني (لغة العرب) كان حضرة الشيخ المجتهد الكبير أبي عبد الله الزنجاني أرسل إلينا صورة شمسية للكتابة التي يشير إليها وهي بالخط الكوفي وهذا نصها: (الى الله. قبر افلوتلا الملائكية سنة. . .) فمعنى (إلى الله): أنت الذاهبة إلى الله؛ - ومعنى قبر افلوتلا إشارة واضحة إلى أن المدفونة نصرانية لأن الاسم المذكور لا يتسمى به إلا النصرانيات وهو روماني الوضع. وافلوتيلا في الأصل أسم قديسة كانت تلميذة القديس بطرس ويحتفل بعيدها في 20 أيار. وقول الكتابة القبرية: (الملائكية) دليل على أن الابنة كانت صغيرة السن. وكنا قد قرأنا السنة المكتوبة على قطعة الخزف لكنها فقدت منا فنسيناها. فنرجو من حضرة صديقنا الوافي الشيخ أبي عبد الله أن يذكرها لنا إتماما للفائدة. أما أن النصرانية كانت معروفة هناك في سابق العهد، فليس من يجهل ذلك. وتاريخ النصرانية مملوء بذكر شهدائها في عهد المجوس وبعده. ولقد بقيت النصرانية زاهية في فارس إلى عهد غير بعيد. أما في زنجان فقد ذكر الطبري في تاريخه (3: 2140 من طبعة الإفرنج) ما نصه: (ولليلتين خلتا من رجب منها (أي من سنة 281هـ الموافق 8 أيلول 894م) شخص المعتضد إلى الجبل فقصد ناحية الدينور وقلد أبا محمد علي بن المعتضد: الري وقزوين، وزنجان، وابهر، وقم، وهمذان والدينور. وقلد كتبته: أحمد بن أبي الأصبغ نفقات عسكره والضياع بالري: الحسين بن عمرو النصراني. . .) انتهى. قلنا لو لم يكن في تلك الأنحاء نصارى لما قلد المعتضد نصرانيا وسلم بيده ما سلم. وكانت زنجان في أمر تدبيرها الديني راجعة إلى أبرشية قزوين. وكان في هذه الأبرشية في نحو سنة 1700م: (أسقف واحد اسمه مار أدى وكان من

كفرتوثا وتحت يده قسوس وشمامسة قدرهم كاف لإدارة الرعية. وكان عدد الكنائس ثلاثة. وعدد المؤمنين أربعة آلاف وجميعهم نساطرة) (راجع التقويم للكنيسة الكلدانية النسطورية ص 21). وقد أفادنا صديقنا الجليل فائدة عظيمة وهي (أن النساء الوطنيات يذهبن إلى الآن إلى ذلك الموطن ويتبركن ويسرجن فيه السرج ويقمن فيه ببعض القربات الدينية). - وعندنا أن هذا دليل على أن المكان المذكور كان مقبرة للنصارى إذ من عادة المسيحيين أن يسرجوا السرج على القبور - كما هي العادة إلى اليوم في ديار الغرب - ويتقربون إلى الله ببعض القربات. ولا جرم أن هذه العادة انتقلت من جيل إلى جيل منذ العهد القديم إلى هذا العهد من غير أن ينقطع حبل ذلك التقليد. واحرص الناس على الأمور الدينية النساء لما في طبعهن من حب الدين والجري على آثار السلف الصالح. هذه آراؤنا نعرضها على القراء ولا ندعي أننا مصيبون بل هي بمنزلة خواطر عرضت لنا ومن أحب أن يفندها بأدلة قاطعة تاريخية فنحن لا نتوقف في نشرها. البلور والبلارج وضبطهما ورد في البستان للبستاني: (البلور (وضبطها كسنور) جوهر أبيض شفاف وهو نوع من الزجاج. معرب. قال في اللسان: هو المهى من الحجر. واحدته بلورة. . . (انتهى المطلوب من إيراده على أن هناك لغة مشهورة جاءت في اللسان وغيره. لم يذكرها البستان وهي البلور (بكسر ففتح فسكون) قال في اللسان: وفي التهذيب: وإما البلور المعروف فهو مخفف اللام. اه فعدم ذكر لغات الكلمة الواحدة تقصير من المؤلف. وقال في بلرج: البلارج (وضبطها ضبط قلم بكسر الراء) طائر كبير طويل المنقار ليس بأعقف. دخيل. اهـ. والصواب ضبط الراء بالفتح لأنه مفرد بدليل قوله الطائر. وليس في لغتنا كلمة واحدة في المفرد مكسور ما قبل آخرها. وقد أصاب فريتغ هذه المرة بضبطها بالفتح ولم يصب صاحب محيط المحيط بضبطها بفتح الراء وكسرها.

قاتل أخيه

قاتل أخيه ما أجهز على المجتمع العراقي من قبل إلا إهمال التربية الصالحة، وإطلاق الوحشية عليه من كل جوانبه؛ وما أخاه الشقاء إلا لتقاعس حكامه وزعمائه عن إنعاشه من كبوته، وتمهيد السبل المأمونة المستقيمة له على أنهم هم المسؤولون عن ذلك لاستيلائهم على خلاقه من المال والثمرات. وكان إذا استأداهم حقه من الإصلاح الذي ابتاعه منهم بماله وثمراته، كانت حال جوابهم منطبقة على المثل المشهور القائل: (الأخذ سريط والقضاء ضريط). فلذلك صار العراق بيئة للجرائم وبؤرة تتقد فيها الاضطرابات ويضطرم فيها الجهل، ووطيسا يقذف شرار الهمجية وحممها. شب (ي. ن) في ذلك العهد المشؤوم في ناحية من لواء ديالى كثيرة الجداول والخمائل خصيبة الأرض وافرة النعم. في أسرة مشتملة على رجال ونساء عدة وأطفال أقلاء. ولقد كانت هذه الأسرة معتمدة على زراعتها وأنعامها في أعداد معيشتها واعتاد حاجها ولكن العيش لم يتسع لها ولا رأت منتدحا عن حالها الأولى مع كدح رجالها ودأبهم في أعمالهم. وكان موطن الشاب المذكور (ي. ن) مكتظا بالزعارة أو شراسة الخلق والأجرام. واكثر عشرائه أشرارا وأغمارا وشطارا فلا غرو أن يكون عنفوان شبابه معفرا بالجهالة والسفالة والشرة وكان والداه في أبان ذلك الشاب المضطرب حيين وله منهما ثلاث أخوات اثنتان متبعلتان والأخرى عانس وأخ كبير أسمه (ع. ن) كان يؤدبه كلما جنف عن الصلاح وينقذه إذا وقع في أمر عصيب. ولقد كانت المودة مستحكمة بين هذين الأخوين استحكاما تاما. فالصغير يحترم الكبير وينقاد له انقيادا عظيما. والكبير يعز الصغير ويعطف عليه عطفا اخويا ويعوده الشجاعة ومكابدة المشاق ويحميه من كل اعتداء أو تحامل من الناس. والويل والثبور لمن كان يمس أخاه الصغير بضر؛ فإنه يكون

من النادمين المنكوبين بل ويح الذي يماس (ع. ن) نفسه مماسة فيها خشونة فإنه يعرض نفسه لرجل كالصاعقة في انقضاضه وكالليث في غضبه وكالمستبسل المستميت في كفاحه. ولكثرة تخوف الناس إياه وتحاشيهم عن بأسه زاد سطوة وهيمنة، وشهرة حتى سموه (غضب الله). أما الأسرة فأنها كانت قانعة بعيشها مطمئنة في أفكارها هادئة في حياتها وكان ذانك الأخوان همامين دائبين في زراعتهما راضين بعيشة الاجتهاد والكدح؛ بل قدوة حسنة للذين يعملون عملهما وينافسونهما. وما أحلى الاشتغال بحرية بين المزارع والبساتين والجداول والخمائل بقلوب متعاضدة مؤلفة وأجسام نشيطة وهمم عالية ونفوس مطمئنة. والذي يقرأ صحيفة حياة الأسرة المذكورة يجد عنوانها (السعادة) وشرح السعادة غني عن التفسير (ورب موضوع فسره عنوانه)، ولما توفيت والدتهم التي كانت حنونا عليهم وقطبا لتحابهم وتعاونهم وإئتلافهم أمسوا بعدها مستعدين للشر معدين له (قرع الظنابيب) ما خلا أباهم فإنه كان عاقلا وديعا لكنه لم يعرف كيف ينهج مهيع التأديب والتهذيب. لذلك لم يقدر على إرواء أولاده من مورد الأدب الكامل والتربية الصالحة فانهم كانوا عطاشا بل هيما لا متعطشين. بينما كان الآخر الكبير (ع. ن) يرقص أبنه ذات يوم إذ نشب في البيت شجار أو حوار ثم مشاحنة دفعته إلى سب والدته المتوفاة أمام أخيه الشاب فأمتلئ هذا غيظا وحنقا عليه وقال له: ويلك يا هذا كيف استبحت سب والدتنا التقية البارة ومعاملتنا بغلظة فظاظة؟ أجابه: أسبها ولا أبالي من أنت يا أيها النذل الرذل حتى تقابلني بهذا الاعتراض والامتعاض؟ ثم هجم عليه ليضربه فراغ عنه هذا وصعد إلى سطح منزلهم هلعا حنقا ثم تجاوزه وانحدر إلى بيت أخته (ع. هـ) المتبعلة وكان قريبا فتناول بندقية كان يعرف مناطها ثم غذ أو أسرع إلى سطح منزلهم أيضاً متوعدا أخاه متهددا إياه بقوله: أأنت تريد أن تضربني. اغرب عني يا لئيم يا رعديد وإلا رشقتك بقذيفة تعدمك

الحياة فتسكنك القبور. قال الكبير: من هو اللئيم والرعديد يا جبان. قف لي أن كنت صادقا فسوف أريك الحقيقة. واندفع نحوه صادعا إلى السطح ليفتك به ولكن (ي. ن) هرب من بين يديه بجأش مضطرب وإنذعار شديد. فقد كان لا يطيق الوقوف أمام أخيه الكبير وقوف المخاصم بل المناضل فضلا عن أن عمره لم يتجاوز الثامنة عشرة. لتلك الأسباب نمت بينهما العداوة وأثمرت وبالا وشقاء. فإن عنوان حياة الأسرة قد تبدل بعنوان (الشقاء) وحملت القلوب أحمال الإحن والضغائن وأمست تنوء بها مهتبلة فرصة تتبدد فيها ويكون ذلك التبدد فاروقا وفيصلا. يفرق أو يفصل بين هذين الأخوين بالعاقبة الوخيمة والمغبة السقيمة. والذي زاد الشنئان أضعافا مضاعفة هو أن أختهما الكبيرة (ع. هـ) وزوجها (ح. ن) كانا يشنئان ذلك الأخ الكبير لكونه شديدا في معاملتهما مفتئتا بحريتهما. مضت على تلك المشادة أيام وهنالك من يضرم سعير العداوة بين الأخوين إضراما مستمرا والذين لا يضرمون غافلون عن تدارك الخطر القريب الوقوع. أما (ي. ن) فإنه هجر أهله وانقطع إلى الأقرباء والبساتين بيد إنه كان يختلف إلى بيت أخته (ع. هـ) فيستفهمها أخبار أخيه ونيته نحوه فلا يسمع منها إلا ما يقلقه ويهوله. بعينها في ذلك (حليلها) فقد كانا يقولان له: (إن أخاك متسلح ببندقية يبحث عنك في مآويك ويسأل عنك الناس فلئن ألفاك ليقتلنك فأحذره). دخل أخوه مرة عليه وهو في بيت أخته المذكورة فأخفته في حجرة فيها بندقية حتى إذا أراد به أخوه شرا دافع عن نفسه. ولكن (ع. ن) لما سألها عن أخيها الصغير أنكرت وجوده عندها لأمر في نفسها أن تعظم الخلاف بينهما فلا يتفقا بعد أن افترقا. ولو أخبرته بوجوده فلربما صالحه وهادنه. أما الأخ الصغير فإنه عزم عزما صادقا على اغتيال أخيه لينجو من شره الذي صوره له النمامون وظل يهتبل الفرص للفتك به حتى مر به مغربا وهو كامن له ممسك بندقية فوجهها نحوه وجر زندها فثارت وأصابت قذيفتها بطن أخيه

فمزقت أحشاءه كل تمزيق. وخر على الأرض صريعا. ولقد سمعت إنه استجوب عن قاتله فغلبته الشفقة الأخوية ولم يقر بأنه أخوه (ي. ن) ثم فارق الحياة بعد ساعات فما أعظم رأفته بأخيه فقد دعته إلى الإنكار: أخوه قاتله عمدا ورأفته ... به دعته إلى الإنكار والصبر وانه صار قربانا لرأفته ... أكرم به من أخ في اليسر والعسر ثم هرب القاتل المجرم الأثيم كالكلب المكلوب ممثلا للناس عاقبة التربية الطالحة ونتيجة الجهل ومغبة إهمال التأديب وغاية التحريض والنميمة. أما المبتلى فهو المجتمع البائس الذي لا يبل من مرضه إلا بإبلال أفراده. سمعت الحكومة بالحادثة فطاردت مرتكب ذلك الجرم العظيم وأمسكته ودحمته إلى غيابة السجن لمدة اثنتي عشرة سنة ابتداؤها سنة (1316) مالية فقضى هذا الشرير قسما منها ثم نجا بالعفو العام. وهو الآن حي يرزق دميم الوجه (كالحريري) أعمش العينين أرمصهما خبيث النفس ولكن الدهر خفف من زعارته وشرته وقد قيل: (نعم المؤدب الدهر) وإن لهذا المجرم جرائم عدة وقد سئل مرة عما دفعه إلى اغتيال أخيه فأجاب: لا تثيروا أشجاني ولا تنبشوا أحزاني إنه كان شفيقا رؤوفا بي مواسيا وحاميا لي فما أعظم إساءتي إليه ووا حر كبداه عليه. اهـ لقد حرضني عليه الظالمون النمامون من الغرباء وذوي القربى وسرت خباطا في ضلال مبين. (ذلك غدره وهذا عذره) أيد الله المصلحين المرشدين الذين سدكوا بتضميد جروح المجتمع وبث العرفان فيه وأغرموا بمداواة أمراضه ففي ذلك الأجر العظيم. الكاظمية قرب بغداد: مصطفى جواد الجزءان الحادي عشر والثاني عشر يسألنا كثيرون من داخل العراق وخارجه عن صدور الجزأين المزدوجين الحادي عشر والثاني عشر فنقول لهم انهما لم يطبعا إلى الآن لموانع حالت دون أمنيتنا ولعلهما لا يطبعان إلا بعد أربعة أشهر أي إلى أن يتفق لجزء الشهر الواحد أن يصدر في أول يوم منه لأنه إلى الآن لم يستهل لنا ذلك. لكن على كل حال لابد من صدور الجزأين معا. وكل آت قريب.

فوائد لغوية

فوائد لغوية الأب عجيبة هي لغتنا الشريفة: لو قلت لك إنها تفتح أسرار اللغات السامية والآرية، فلا تعجب، لأنه كذلك. خذ كلمة الأب (بفتح الهمزة وشد الباء) فإنها تفيدك معنى الكلأ والمرعى للدواب كالفاكهة للإنسان. وقال ثعلب: الأب: كل ما أخرجت الأرض من النبات. والأصل فيها: هجاء واحد أي أب (بفتح فسكون) وهو آخر ما تكون عليه اللفظة وهذا ما يدل على قدمها، أما الآرميون فيقولون في هذا المعنى (ابيانا) وتلفظ وتكاد تكون الكلمة في العبرية والسامرية والامحرية تشبه العربية لكنها ليست بهجاء واحد كما في لغتنا، كل هذا يدلك على أن صيغة حرفنا من أقدم الصيغ. ذلك من جهة اللغات السامية وإما في لغات الغرب فلليونانيين كلمة فانك أن حذفت من آخرها أداة الأعراب يبقى لك وهو كما في لغتنا لفظا أو يكاد، ومعناها عندهم: ماء النبات أو الماء الذي يجري في العود. وعندنا نحن الاباب (كسحاب) بمعنى الماء وبالضم: معظم السيل والموج. قابل كل ذلك بالهندية القديمة أي كلمة (آب) بباء مثلثة ومعناها الماء. وبالفارسية الحديثة (آب) بباء موحدة بمعناها، ويلفظها بعضهم (آو) وهي بالكردية) (آو) وبالزندية (آفش) وبالبروسية القديمة ومعناها النهر والينبوع وفي اللتوانية وفي اللتية أو اللتونية ولو أردنا أن نجري في وجهنا ناظرين ما يقابل لفظتنا في سائر اللغات لقضيت العجب مما تهتكه لك لغتنا من أستار الأسرار. وهذه الكلمة ليست الوحيدة في جنسها بل هناك مئات هي على هذه الشاكلة، بل قد جمعنا منها نحو ألفين، إذن أكرم بلغة تمكنك من القبض على أزمة سائر الألسنة. وكفى بها شرفا.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة اللغة والعصر كتب إلينا أحد الأصدقاء العلماء في ديار مصر يقول: (ما رأي فضيلتكم في نشر هذا الحوار والتعليق عليه في (لغة العرب)؟ فهذا بحث مفيد. ثم أرسل إلينا بقصاصة من جريدة الكشاف الصادرة بمدينة القاهرة بتاريخ 2 أبريل 1928، فنحن ندرج هنا نص الحديث الذي جرى بين الشيخ الجليل وبين مكاتب الكشاف ثم نعلق عليه ما يبدو لنا. (لغة العرب) كيف تنهض لغة العرب حديث للشيخ عبد الله البستاني قال مكاتب الكشاف من بيروت: حدث الشيخ عبد الله البستاني، رئيس المجمع العلمي العربي اللبناني، عن هذا المجمع قال: لا نفع يرجى من المجمع العلمي، إلا إذا عرفت الحكومة كيف تنفق أموالها عليه: ثم قال: نحن الآن أمام حقيقة يعرفها الجميع. فليس بين البشر من يعمل بلا أجر، وأعضاء المجمع العلمي من هؤلاء البشر، فإذا لم يجدوا لهم فائدة من المجمع، لن يأتوا عملا ثابت الركن وطيد البنيان. وعندي أن أعضاء المجمع يجب أن يكونوا من المتخصصين، وممن يحسنون اللغات الأجنبية، لا من الواقفين على أصول اللغة العربية فقط، لأننا في مهمتنا سنأخذ على عاتقنا وضع مصطلحات جديدة، للاختراعات الحديثة، فيوضح لنا المتضلع في (كذا) اللغات الأجنبية اشتقاق الألفاظ التي تحتاج إليها لغتنا، فنضع لها المترادفات. ولا حرج علينا إذا نهجنا نهج علماء اللغة في أيام هارون الرشيد، فكانوا يأتون بالألفاظ الفارسية، والرساينية، ويثبتونها، أما على علاتها، أو بتعديلها بعض تعديل، ويجب علينا أن نأخذ بمبدأ النحت. ولو سألوني عن

كلمة تلفون لقلت لهم: اكتبوها كما هي وقولوا: تلفن يتلفن تلفنة فاللغة لا يضيرها إذا نقلت عن اللغات الحية لتنهض وتعيش. أما موقف المجمع العلمي من سائر المجامع العلمية العربية فيجب أن يسوده ويسودها جميعا جو وئام وحسن تفاهم وعلى الحكومات العربية أن تكن همزة الوصل بين هذه المجامع فتسعى للتوفيق بينها؛ وليس أفضل من المكاتبات لتذليل كل عقبة تقف في الطريق فتتفاوض المجامع في ما بينها ولا تتمسك بسوى الرأي الصحيح. ثم أجاب على سؤال وجه إليه عن ترجمة قاموس (لاروس) إلى اللغة العربية فأجاب: لا باس أن نترجم من قاموس لاروس ما تخلو منه اللغة العربية من ألفاظ ولا يهولن أقطاب اللغة أمر تلك الترجمة فالكلمات غير الموجودة في لغتنا لا يصعب علينا أن نجعل لها وجودا (كذا) وأنا الكفيل. ثم قال: أن الجمود يقتل اللغة العربية وإذا نحن رددنا عنها تيار العجمة والرطانة والركاكة لا يستنتج من عملنا أننا نريد أن نعيش بعقل أبن البادية فإن أبن البادية جاءنا بما عنده وعلينا أن نتحف اللغة بما عندنا لتقوم لها قائمة وقد عابوا يوما على جمال الدين الأفغاني قوله: هذا رجل من نسل البقروت، فأجابهم: ألا تقولون جبروت ورهبوت وملكوت فلماذا تمنعون عني القول بقروت؟ قالوا: ولكنها لم ترد في كلام العرب. قال: وهل تريدون مني أن أنكر نفسي واخضع لبدوي. هذا ما قاله الأفغاني وهذه هي القاعدة التي يجب علينا العمل بها في إنهاض لغتنا. جوابنا نوافق على آراء الأستاذ الشيخ الجليل واللغوي المعروف إلى قوله: (ولا حرج علينا إذا نهجنا علماء اللغة في أيام هارون الرشيد. . .) فنخالفه فيه لأن الذي وجدناه نحن هو أن الذين وضعوا الألفاظ الفارسية والسريانية لم يكونوا من اللغويين في نظرنا، بل من النقلة. والناقل غير اللغوي؛ أما اللغويون فهم الذين وجدوا لتلك المفردات عربيات فصيحات قتلت تلك الأعجميات الدميمات. فقد قال النقلة مثلا السولوجسموس والافودقطيقي، والطوبيقي، والسوفسطيقي والربطوريقي، والبيوطيقي؛ ولما جاء المعربون اللغويون قالوا عوضا عنها:

القياس، والإيضاح، والمواضع، والتحكم، والخطابة، والشعر. ومثل هذا كثير. ومن شاء فليراجع كتاب مفاتيح العلوم للخوارزمي والمؤلفات التي عربها كبار الفصحاء. والنحت لم يذهب إليه أحد إذ لم يوضع له ضابطة والألفاظ المنحوتة التي وصلت إلينا هي حروف جاءتنا في مواضيع مختلفة نطق بها الناس بعد أن صقلتها السنتهم، وهي غير جارية اطرادا على وجه من الوجوه؛ والاشتقاق عندنا يقوم مقامه ويوفي حقه بل يفوقه وقد وضعت له قواعد وصنفت الكتب وجاءت أبوابه في جميع المعاني. وكل لفظة منحوتة (وضعت في العلم) نزعت منه ولم تعش زمنا طويلا. ولغتنا ليست من اللغات التي تقبل النحت على وجه لغات أهل الغرب كما هو مدون في مصنفاتهم، والمنحوتات عندنا عشرات. أما عندهم فمئات بل ألوف لأن تقديم المضاف إليه على المضاف معروف عندهم فساغ لهم النحت أما عندنا فاللغة تأباه وتتبرأ منه. نعم هناك ألفاظ يقدم فيها المضاف على المضاف إليه كما في لغتنا. لكن مزايا لغتنا تفر من الجمع بين ذينك اللفظيين المتنافرين حفظا لسلامة الذوق أو هربا من إطالة الاهجية التي تستمرئها لغات الغرب وتنبذها لغتنا الشريفة. إلا إننا نقبل بين مفرداتنا الألفاظ المنحوتة الغربية الأصل فنقول: تلفون ونشتق منه فعلا فنقول تلفن كما قال السلف نوروز ونورز، وفيلسوف وفلسف؛ لكن هذا لا يكون إلا لشرطين وهما: 1 - أن تكون الألفاظ خفيفة النطق والصيغة. 2 - أن تكون مادتها تشبه المادة العربية وإلا فانك لا تقول فوطغرف يفوطغرف اشتقاقا من الاسم الإفرنجي المنحوت (فوطغرافية) أن قبلناها. فما كل منحوت إفرنجي نقبل كما لا نشتق دائما منه فعلا يفيدنا مرادنا فالأمر موكول إلى الذوق العربي وأوزان لساننا وصيغ الألفاظ نفسها ومادتها. وهذا مما يجب أن ينتبه له. أجل لأننا لا نريد أن نسير برأي أهل البادية في لغتنا لكننا نريد أن نسير على المناحي والمنازع التي تلقيناها من السلف جيلا بعد جيل وأصلهم من البادية ولا نقبل أن ندخل في لغتنا مثل البقروت بحجة أن جمال الدين نطق بها. فلقد

يكون المرء حسن الرأي والقول في أمور ولا يصح رأيه في أمور اخرى؛ ولهذا يجب علينا أن نعمل بقول من قال: لا تنظر إلى من قال وانظر إلى ما قال. فجبروت ورهبوت وملكوت ألفاظ ارمية الأصل والصيغة أو مشتركة بين الأختين الساميتين وكذلك البقروت فمعناها في اللغة الآرامية رعاية البقر؛ لكن هل نحن في حاجة إليها ذلك ما ندعه لحكم القارئ. وإذا كان لابد من وضع كلمة في هذا المعنى فالبقارية والفدادية (بالتشديد وياء النسبة) أقرب إلى المراد والطف اشتقاقا من البقروت الخشنة الثقيلة التي لا تغني فتيلا. الأدب العربي بعض أخطاء (عن الجزء 108 من مجلة (المهذب)) تحت هذا العنوان نشرت مجلة (الأفريكان ورلد الشهيرة في عددها المؤرخ 17 مارس نبذة جميلة تقديرا للأدب العصري في مصر، فأحببنا تعريبها لقراء (المهذب) ليروا كيف ينظر أدباء الغرب إلى جهدنا الأدبي في الوقت الحاضر. ولا يسعنا إلا توجيه الشكر إلى الزميلة لما تبذله بنفوذها القوي من مسعى جليل لتوثيق عرى الإخاء الأدبي بين الغرب والشرق بأقلام حضرات محرريها المستشرقين ونرحب بمثل هذه الآراء الصادرة من عاصمة الإمبراطورية الإنكليزية قالت: (لمناسبة تجدد العناية بالأدب العربي - كما سبقت الإشارة في (الأفريكان ورلد) - ربما كان المفيد في هذه الفرصة أن نمحو بعض الأخطاء الشائعة عن طبيعة الأدب العربي الحديث. فإن الفكرة الغالبة هي أن الأدب العربي الحالي يتمثل في الشعر وهذا ليس سوى طبعة جديدة للشعر العربي القديم اللهم إلا في تطبيقه على الظروف الحديثة! ولكن بينما شعراء العرب القدامى مخلصين في عواطفهم فالشعراء المعاصرون في العالم العربي أو على الأقل معظمهم لا يمثلون عقيدة فنية صادقة، وهم كثيرو التقلب في أغراضهم وأساليبهم. ولم يكن قليلون منهم من ترددوا في مقاومة حرب الاستقلال اليونانية وفي معاضدة الطاغية عبد الحميد! على أننا وإن لم ننكر هذه الآراء، وإن اعترفنا كذلك بأن ترجمات السير تشارلس لايال من ديوان الحماسة لأبي تمام تصلح لأن تكون بديلا بل مغنيا عن الترجمات المقترح عملها من نظم شعراء

المدرسة القديمة المعاصرين، إلا إنه من العدل أن نذكر أن هناك عملا جيدا وافرا يقوم به في هدوء الشباب الناهض من شعراء العرب. وبغض النظر عن جهود الدكتور أبي شادي التي أشير إليها بتقدير على صفحات (الأفريكان ورلد) وفي جرائد أخرى بأقلام الأدباء المستشرقين فمن الواجب الإشارة إلى غيره من الشعراء المبرزين كشكري وجبران والعقاد وأبي ماضي دون أن ننسى النقاد والكتاب المشهورين أمثال الدكتور هيكل والدكتور طه حسين. وبتعاون هؤلاء الشعراء والنقاد المثقفين والعصريين حقيقة استطاعت مصر (وتبعا لها الأقطار العربية الأخرى) أن تنهض بمستوى الشعر العربي الذي صار الآن مساعدا على تأليف الدرامة والأوبرا ومؤديا نصيبه نحو تقدير الطبيعة وخدمة الإنسانية. وهذا الروح الجديد هو الذي يستحق أن يستحضر أكثر من قبل أمام الجمهور الأدبي في إنكلترا إذ لاشك في إنه سيقدم شيئا جديدا ممتعا، كما إنه سيعين على إنماء صداقة مدرسية جميلة ما بين الأدباء الإنكليز والمصريين وبالتالي ما بين الفريقين النابهين في الأمتين لفائدتهما المشتركة. ومن أجل هذا نرى الفرصة سانحة لإنعاش (جمعية الآداب العربية التي أسسها في لندن الدكتور أبو شادي والمستر ك. ميخائيل والمستر أ. بكري وغيرهم برئاسة الأستاذ مرجليوث منذ 14 سنة وغرضها الأول تبادل الثقافتين الإنكليزية والعربية. وقد خسرت هذه الجمعية بسبب ظروف الحرب وما بعدها وبسبب سفر الكثيرين من أعضائها من لندن. ولكن مع وجود المساعدة المالية والغيرة الأدبية فإنه من الميسور تجديد جهودها النافعة). اليوصي لا العفصي رأيت في جملة أغلاط معجم دوزي في مادة (أب) قوله أبو جرادة: ضرب من الطير الجوارح يسمى أيضاً بالباذنجان وفي الشام بالبصير وفي كتاب مخطوط في الاسكوريال 893 يذكره المؤلف بين الطيور التي سماها: (الباشق واليؤيؤ والعفصي) اهـ. قلنا: والصواب اليوصي. لأننا لم نجد العفصي بهذا المعنى في أي كتاب كان. أما اليوصي وزان سبب وبياء النسبة في الآخر فيرى في جميع المعاجم. ب. م. م

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة السطو س - بينانغ (ملقى) السيد حسين المازندراني - هل يجوز في دين الإسلام أن يستخرج الرجل الولد الميت في بطن أمه إذا نشب فيه. وهل لهذا العمل أسم في العربية؟ وما يسمى بالإفرنجية؟ ج - كان يجدر بكم أن تسألوا هذا السؤال أحد علماء الدين الحنيف. على إنه لما كان يتصل باللغة نجيبكم على الأسئلة كلها. فنقول: جاء في تاج العروس: قال ابن الأعرابي: سطا (الرجل) على الحامل، وساط مقلوب، إذا أخرج ولدها. وحكى أبو عبيد السطو في المرأة ومنه حديث الحسن: لا باس أن يسطو الرجل على المرأة. وفسره الليث، فقال: إذا نشب ولدها في بطنها ميتا، فيستخرج، أي إذا خيف عليها ولم توجد امرأة تفعل ذلك. اهـ. فيؤخذ من هذا إنه: 1 - يجوز في دين الإسلام أن يستخرج الرجل من بطن المرأة الولد إذا نشب في البطن وكان ميتا ولم يكن في البلد امرأة تحسن إخراجه. 2 - أسم هذا الفعل بالعربية السطو. 3 - اسمه بالإفرنجية على ما نظن متى تكون (المنى) مذكرا ومتى مؤنثا س - الكاظمية - مصطفى جواد: قال (محمد بهجة الأثري) في رثاء الكبير سعد باشا: هذا مناي فإن تحقق فهو لي ... سلوى الحزين ورب سلوى تنفع والمني جمع (منية) مثل (نهى ونهية) و (زبى وزبية) وقد ظهر عندي إنه لم يفرق بين المذكر والمؤنث بقوله (هذا مناي) وقوله (فان تحقق) وقوله (فهو) وكذلك لم يفرق بين المفرد والجمع لأن (ذا) يشار به إلى المفرد

المذكر وقد أشار به إلى الجمع المؤنث. فما قولكم دام فضلكم في هذا البيت الغريب الذي عددته أنا طعنة في قلب لغة العرب وأرشدت قائله إلى الخطأ فلم ينتصح. ولعلكم تظهرون أني مخطئ لأن إصرار القائل على قوله إصرار عجيب يستوجب وجود حجة قوية لديه. ج - (مناي) في البيت المذكور مفرد مذكر لا جمع وهو وزان (على) الجارة بعد حذف الضمير للمتكلم ومعناه (القصد) كما صرح به اللغويون. ولو فرضنا أن الكلمة هنا جمع منية فالمعنى يكون حينئذ: هذا الأمر مناي، فتكون خبرا لمحذوف وهو كثير الأمثلة في لغتنا. فلا طعنة هناك ولا غرابة. النضوج س - الله آباد (الهند) - السيد محمد برغش الافشاري: أرى في كتب المصريين وصحفهم ومجلاتهم النضوج بمعنى النضج أي أدراك الثمر أو نحوه، فهل ورد هذا اللفظ عند الفصحاء؟ ج - لم يرد هذا اللفظ أو هذا المصدر في كلام الفصحاء، لكن النضوج قد يؤول بجمع النضج وحينئذ يستقيم المبنى والمعنى. ومثله النضوج فإنه لم يرد، لكنه يقاس وإن لم يسمع. قال في لسان العرب في مادة ض ح: (فأما قول أبي حنيفة (الدينوري، صاحب كتاب النبات) نضوج الشجر (بمعنى تفطره بالورق) فلا أدري أرآه للعرب أم هو أقدم، فجمع نضج الشجر على نضوج لأن بعض المصادر قد يجمع كالمرض والشغل والعقل. قالوا: أمراض وأشغال وعقول). اهـ. قبلة وقرطاس وهدف س - بيروت - ق. ل. ما أحسن كلمة عربية تقابل؟ ج - معنى الفرنسية: خشبة تتخذ مرمى لأسلحة النار والكلمة الفرنسية عربية الأصل وهي القبلة ومعناها كل ما يستقبل من شيء. ومن مرادفاتها بالعربية القرطاس والهدف. والفرنسيون لم يعرفوا إلى الآن أن لفظتهم من لساننا. إذ لم تذكرها معاجمهم، بل ذهبوا إلى إنها من أصل ألماني وهذا خطأ ظاهر.

باب التقريط

باب التقريط 39 - كلمات جبران خليل جبران جمعها من مؤلفاته المختلفة (في 170 ص بقطع 12) الارشمندريت انطونيوس بشير، عني بنشرها الشيخ يوسف توما البستاني، طبعت في المطبعة العربية بمصر القاهرة. للكاتب جبران خليل جبران روائع أفكار. كما له أفكار تمت إلى عنقاء مغرب بخيال بعيد، بيد أن الغالب على هذه (الكلمات) خواطر جامعة بين صحة الفكر وجدة العبارة، على أن للمؤلف طرازا من السبك إذا ألفه القارئ مله لوحدة نسقه. والكتاب حسن الطبع والحرف والورق. وهو ما يجلب نظر القراء في هذا العصر والشيخ يوسف البستاني نشر مؤلفات كثيرة عربية لم ينشرها غيره فهو جدير بالشكر. 40 - المجلة السورية تاريخية أدبية علمية مصورة تصدر مرة في الشهر في مصر القاهرة، لصاحبها ومحررها: الخوري بولس قرألي. دفع لينا البريد في الأسبوع الأخير من نيسان جزأين من السنة 3 من هذه المجلة فألفيناهما حافلين بالمواضيع العامة الفائدة عن المباحث الخاصة بسورية. وهي مما تفرغت له هذه المجلة الحديثة. ويلاحظ الأدباء أن المجلات المتخصصات لفرع من فروع العلم والتاريخ والأدب أمتع لهم من سواها، ولاسيما المجلات التي تدعي إنها تبحث عن كل مقصد وغاية، فانك تجدها فارغة. بل افرغ من فؤاد أم موسى. فنحن نتمنى للخوري بولس قرألي - وهو من بيت علم وفضل وأدب - اطراد النجاح لمجلته والفوز بالفلاح وهذا ما يرى في تضاعيف سطورها كلها.

41 - فتاة الشرق مجلة علمية أدبية تاريخية روائية، تصدر في مصر القاهرة مرة في الشهر لصاحبتها ومحررتها لبيبة هاشم. جاءتنا أجزاء هذه المجلة لسنتها الثانية والعشرين فوجدناها من أفضل مجلات الإناث وأقدمها وقد خدمت الوطن العربي ولغته بين النساء خدمة لا تنكر ومباحثها من أطيب الموضوعات وفيها من المقالات الطويلة النفس ما يشبع منها قارئها وليست نبذا مقطعة الأوصال مشوهة الأعضاء كما يرى في بعض المجلات التجارية البضاعة فالمجلة حافلة بكل معنى طريف، جدير بأن تطالعه بنات الخدور، كما يليق بأن يطالعه أبناء القصور على السواء. 42 - صدى الكرخ جريدة أدبية أسبوعية تصدر في بغداد بقطع الربع، صاحب امتيازها: الملا عبود الكرخي ومحررها عبد الأمير الناهض. كانت (الكرخ) أم (الصدى) كتبت مقالا حول الصراع القائم بين صحف الاستعمار وصحف الوطن عن مسالة مظاهرة الطلبة، فرأت مديرية المطبوعات في ذلك المقال خروجا عن الخطط المرسومة للصحف الأدبية فأقفلتها. وألان حصل صديقنا الشاعر العامي الكبير الملا عبود الكرخي على امتياز لإصدار خلف للكرخ فسماها (صدى الكرخ) وهي كلها مشحونة بالقصائد العامية اللذيذة كثيرة المقالات المفيدة ظهر عددها الأول يوم الثلاثاء 27 نيسان 1928 فنتمنى لها النجاح والعمر الطويل. 43 - الاقتصاد مجلة شهرية اقتصادية مصورة تبحث بالتجارة (كذا) والصناعة والزراعة، في 52 ص بقطع الثمن. المدير المسؤول: بديع شوكت، بدل الاشتراك عن سنة كاملة 10 روبيات في كل مكان، طبعت بالمطبعة الوطنية عشار، (كذا) بصرة (كذا) هذه المجلة تصدر في البصرة بعربية خاصة بها وعبارات لا يعرفها إلا بعض البصريين وتحتاج إلى أن يفتح مغلقها في الحاشية لكي لا يحرم فوائدها من ليس من ذلك الثغر العربي القديم. فنحث الناس على مطالعتها.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 44 - السريريات والمداواة الطبية لمؤلفيه الحكماء: ترابو ومرشد خاطر وشوكة موفق الشطي، طبع على نفقة وزارة معارف دولة سورية الجليلة. دمشق سنة 1927. وصلنا من هذا الكتاب النفيس 576 صفحة فاخرة الورق بقطع الثمن وهو لم يتم. والذي لاحظناه فيه: وقوف أصحابه على المستحدثات الطبية والاختبارات التي انتهت في السنة الماضية وهو لا يزال يطبع ويدون فيه أصحابه كل ما يكشف في هذه السنين. وتزينه صور كثيرة متنوعة تجلي ما غمض من إدراك بعض الأمور التي تحتاج إلى رؤية العين في الخزع والبضع والقطع. ومما يلفت الأنظار حسن عبارته وابتعادها عن ركاكة بعض المؤلفات الطبية التي يكثر فيها سقم المنطق، وإدخال ألفاظ أعجمية تنفر القارئ عن المطالعة أو تتحرى وضع مفردات لا توافق لغتنا العدنانية. فلا جرم أن هذا السفر الجليل يرفع ذكر واضعيه فيكون في مقدمة المصنفات الطبية، إذ فيه مزيتان: مزية تنفع أبناء اسقلبيوس (اسكولاب) وهو ظفرهم بتصنيف يوقفهم على أحدث الآراء واقرب الطرق إلى مداواة المرضى وتخفيف ما يصابون به من الويلات ومزية تنفع المنتمين إلى الفصاحة والبيان ومعرفة المصطلحات الطبية والطبيعية والخلقية من قديمة وحديثة، إذ يجدون فيه كنزا نفيسا جواهره مفردات تزري بكل عقد ثمين، أو حجر كريم. ومعنى كلامنا هذا، أن لابد من اقتناء هذا التأليف البديع، إذ لا يستغني عنه أديب ولهذا نتمنى له كل انتشار ورواج.

45 - معجم المطبوعات العربية والمعربة وهو شامل لأسماء الكتب المطبوعة في الأقطار الشرقية والغربية مع ذكر أسماء مؤلفيها ولمعة من ترجمتهم وذلك من يوم ظهور الطباعة إلى نهاية السنة الهجرية 1339 الموافقة لسنة 1919 ميلادية، جمعه ورتبه يوسف اليان سركيس بشارع الفجالة رقم 53 مصر القاهرة 1928م بقطع الربع الكبير. كلنا نعلم من هو يوسف اليان سركيس، أي هو رجل مولع بالكتب ومطالعتها ومحل وجودها ويعني بهذه المهنة منذ عدة سنين وأنجاله يشبهونه في هذا الغرام غرام الأدب. ونحن نعرف هذا الصديق منذ أعوام كثيرة وعرفناه بهذا الولع العجيب وكان يشتغل بوضع هذا السفر الجليل وألححنا عليه مرارا بطبعه فكان يمتنع. أما اليوم فقد شرع في إبرازه إلى عالم الوجود فإنه ديوان جليل لا يستغني عنه كل أديب يعرف العربية مهما كانت مهنته. ولقد أرسل إلينا الصديق الجليل بنموذج ما صدر منه فإذا هو في 72 عموا أو 36 صفحة بقطع الربع وكل صفحة منه مقسومة شطرين لكي لا يطول السطر ويضيع القارئ السطر التالي في أثناء المطالعة. وطريقته في هذا المعجم أن يذكر المؤلف بموجب ترتيب حروف الهجاء وسنة ولادته ومحلها وسنة وفاته ومحلها ويشير إلى تآليفه وموطن طبعها وإن طبع المصنف مرارا وفي مدن مختلفة فيذكرها. وكل ذلك على أحسن صورة وأبدع حرف بحيث لا يسقط نظر القارئ على الصفحة إلا يرى فيها كل ما ذكرناه وإذا احتاج إلى زيادات وإضافات في الإفادات ذكرها في هدب الحاشية. وكل مؤلف مذكور اسمه في وسط السطر بحرف ممتاز وكذلك فعل عند ذكر أسم كل تصنيف. على إننا لا نتوقع أن يكون هذا التصنيف الجليل كاملا في طبعته الأولى، لما يتطلب من البحث والتنقير وكثرة الاطلاع. وهذه صفات لا تجتمع في الرجل الواحد إلا من باب الشذوذ. ولنا دليل على ما نقول أن المؤلف نسي عدة كتب مطبوعة للعلماء الذين ذكرهم. من ذلك إنه ذكر لأستاذنا محمود شكري الالوسي ثلاثة كتب مطبوعة فقط ونسي:

1 - فتح المنان، تتمة منهاج التأسيس، رد صلح الاخوان، طبع في الهند. 2 - المنحة الإلهية تلخيص ترجمة التحفة الإثني عشرية (كذا). طبع في الهند. 3 - كشف الحجاب عن الشهاب في الحكم والآداب. 4 - شرح أرجوزة تأكيد الألوان. نشر في مجلة المجمع العلمي العربي في دمشق. 5 - السواك. وقد نشر في مجلة الحرية في بغداد. (لا نذكر هنا مساجد بغداد لأنه طبع في سنة 1927 وصاحب المعجم يقف في سنة 1919 ولا كتاب الضرائر. . . ولا كتاب تاريخ نجد ولا غيرها من المؤلفات). وسوف يظهر المعجم المذكور أجزاء ليسهل اقتناؤه ومطالعته وفي كل جزء 100 صفحة كبيرة بقطع الربع كما قلنا. فيكون مجموع ما في الجزء الواحد 200 صفحة لو جعلناه بقطع الثمن أو مائتي عمود. وثمن كل جزء 20 قرشا مصريا أي نحو ثلاث ربيات وإن أراد المشتري أن يدفع ثمن الكتاب سلفا (ويكون في 2000 صفحة مزدوجة) فقيمته 150 قرشا مصريا وترسل إليه الأجزاء تباعا خالصة الابراد (أجرة البريد) هذا ما علمناه بكتاب خاص ورد إلينا. ونحن نأمل أن يلحق المؤلف خاتمته بالتصويبات إذ المطبوعات لا تخلو من أوهام. فقد قرأنا في ص 8: (قمر على سوريا. . . وكان شغوفا بالمطالعة. . . فوفق لتأليف مكتبة. والصواب: على سورية (كما يكتبها جميع اللغويين والكتبة الإثبات. ولا عبرة بما يكتبه بعض الصحفيين)، وكان مشغوفا (لأنه مشتق من فعل شغف المجهول الصيغة)، فوفق لتأليف خزانة (لان المكتبة هي المكان الذي تكثر فيه الكتب لتباع). ومن أوهامه ذكره أسم طابع كتاب غرائب الاغتراب ونزهة الألباب وانه أحمد شاكر الالوسي نجل أبي الثناء شهاب الدين السيد محمود والحال أن ناشره هو أستاذنا محمود شكري الالوسي بن عبد الله بن محمود الالوسي. والذي ساقه إلى الوهم هو إنه رأى على ظهر الكتاب المطبوع، غرائب الاغتراب. . . (حقوق إعادة الطبع محفوظة لنجل المصنف. . . السيد أحمد شاكر الالوسي). فالناشر

شيء وصاحب حقوق إعادة الطبع شيء آخر. على أن أوهام الطبع لا صلة لها بفوائد هذا المعجم الفذ فنحث جميع الأدباء والفضلاء على اقتنائه. 46 - عجائب الزمان في صرح عروس البلدان رواية تاريخية أدبية اجتماعية في 110 ص بقطع 12، بقلم المحامي آكوب كبرئيل، طبعت في المطبعة الكاظمية في البصرة سنة 1928. مؤلف هذه الرواية أحد المحامين في البصرة وكان قد عني بزرع أرض جليلة القدر وجلب لها أدوات السقي والفلاحة واتخذ لها عددا عديدا من الاكرة والعملة فاحتك بهؤلاء كلهم وبغيرهم وأراد أن يذكر ذلك بصورة روائية فأنتجت له قريحته هذه الرواية. والظاهر إنه عني بمعناها أكثر مما عني بمبناها، لأن عبارتها لا تخلو من ركاكة ظاهرة فقد قال مثلا في ص 51: (الجلوس إلى خوان الطعام. . . والمعتم بالعمامة. . . بالأردية السمال رجلا هامجا. . . كما جاء في قول أحد إخواننا الأدباء: ولبس عباءة وتقر عيني ... خير إليّ من لبس الشفوف) والذي نعرفه إنه يقال: مائدة الطعام. . . والمعتم. . . بالأردية الأسمال رجلا همجة. . . كما جاء في قول ميسون بنت بحدل الكلبية (وفي محيط المحيط في مادة شفف ميسون بنت جندل الفزارية وقيل الكلابية وهو خطأ صريح كما هو مألوف عادته): ولبس عباءة وتقر عيني ... أحب إليّ من لبس الشفوف والبيت أشهر من أن يذكر إذ يستشهد به النحاة لإضمار أن المصدرية جوازا بعد عاطف على أسم صريح. فعسى أن تصحح هذه الرواية من أغلاطها العديدة التي لا تخلو منها صفحة في طبعة ثانية!

47 - الثقافة مجلة الحركة التجديدية في العراق في 64 ص بقطع الثمن، مديرها: لمحامي عبد الجليل يرتو، طبعت في المطبعة الكاظمية: عشار (كذا) بصرة (كذا). وصل إلينا الجزء الخامس من هذه المجلة ولم يصل إلينا الأجزاء الأربعة الأولى وهي لا تخلو من فائدة: فعسى أن تصادف فلاحا ونجاحا. 48 - كتاب الأصنام كتاب الأصنام لأبي المنذر هشام بن محمد بن سائب بن بشر الكلبي، المتوفى سنة 204هـ 819م هو أجود كتاب في هذا الموضوع إن لم يكن الوحيد في بابه. وقد عثر صديقنا النقابة البحاثة، أحمد زكي باشا من علماء مصر - ومصر موطن العلم والعلماء - على نسخته الفريدة التي أبقت عليها يد الزمان، فنشرها بعد أن قدم لها مقدمة ممتعة، وعلق عليها حواشي نافعة، تنم عن علم وفضل غزيرين. وطبع هذا الكتاب للمرة الأولى في المطبعة الأميرية بالقاهرة، سنة 1333هـ 1914م بحرف مشكول على ورق صقيل، فجاء أية في الإتقان. وأهدى إليّ صديقي الزكي سنة 1342هـ 1923م وأنا في بيت المقدس نسخة من هذا الكتاب الذي لم ينتشر بين عامة القراء، إلا قبل سنة واحدة حيث أعيد طبعه في المطبعة المذكورة فتداولت الأيدي طبعته الثانية وعم النفع بها. ترجمته إلى الفرنسية في سنة 1343هـ 1924م كان زارني المستشرق الفاضل الأب جوسين

الدمنكي وطلب إليّ أن أعيره نسختي ليعمل على ترجمتها إلى الفرنسية وعلمت منه إنه من الذين تخصصوا في هذا البحث وضربوا في طول بلاد العرب وعرضها وجابوا الصخر بالواد لأجله وإذا لم تكن قد خانتني الذاكرة فإنه كان في العلا وما إليها عند شبوب نار الحرب الكونية الكبرى فنجا بروحه بشق الأنفس وعاد إلى بيت المقدس. فأعرته نسختي عن طيب خاطر أو قل جدنا عليه بما جاد به علينا الخيرون وعدت بعد ذلك إلى الإقامة في حيفا. (لم يتم) حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص 49 - الشوقيات الجزء الأول: السياسة والتاريخ والاجتماع لأحمد شوقي، طبع في مطبعة مصر، شركة مساهمة مصرية في 376 ص بقطع الثمن - 1 - في شهر حزيران من السنة الماضية كتب إلينا أحد الفضلاء رسالة طويلة

هذه زبدتها: (أني مغرم بشعر شوقي بك. لأنه عصري المغزى، بديع المعنى محكم المبنى. لا يرى في أبياته أدنى ركاكة حتى إنك لا تجد في كل ما نظم ضرورة شعرية واحدة مهما كانت. وإذا تليت قصائده، سمعت أنغام أوتار تذكرك أنغام ملائكة السماء. وكثيرا ما ترفعك تلك الحبرات إلى طبقات علية من الأفكار، لا تجدها في أي شعر كان من الأقدمين والمحدثين، من جاهلين وإسلاميين. والى الآن لم يستطع أحد أن يجد فيما نظم وأبدع أدنى شائبة من أي نوع كان. فإن كان عندكم ما يخالف مقالنا أو مدعانا فنرجوكم أن تذكروه خدمة للأديب وسعيا وراء إصلاح ما يظن إنه لا يناله ارفع انتقاد. فكتبنا إليه ما هذا معناه: (الأذواق قد تختلف في الناس اختلاف صورهم ووجوههم وسحناتهم. وإذا اغرم أحدنا بشيء فهذا لا يدل على أن سائر الناس يغرمون به، فلك ذوق ولغيرك ذوق آخر، أما نقد (الشوقيات) فلا نتعرض له، ما لم يهد إلينا أحد نسخة منها أو يكتب أحد في هذا الموضوع نقدا نظنه صائبا (فندرجه له). فلم يرد علينا الفاضل بكلمة، وألان قد أتحفنا أحد الأدباء بنسخة من هذا الديوان وطلب إلينا أن نبدي رأينا فيه. ولما كان الكتاب كثير القصائد ويصعب علينا أن ننقدها جميعها إذ لا يسعنا الوقت ولا يمكن أن نرصد صفحات كثيرة من مجلتنا هذه لمثل هذا الموضوع الذي لا يفيد إلا جماعة من القراء أخذنا أول قصيدة من تلك المجموعة وآخر قصيدة منها ثم أوسطها فنقدناها نقد مجملا ليكون مثالا لبقية تلك المنظومات ولعلنا ننقد غيرها في فرصة أخرى. فنقول: نقد للقصيدة الأولى من الشوقيات لا يخرج شعر شوقي بك في الأكثر من أفكار متناقضة، لا صلة لها بالطبيعة أو الحقيقة التي تستند إليها، وتفاهة وتقليد للقدماء. خذ مثلا قصيدته الهمزية في أول ديوانه فإنها نموذج لكل ذلك. قال: (ص 1) همت الفلك واحتواها الماء ... وحداها بمن تقل الرجاء ولا أدري أأنزلت في الماء الفلك التي أقلت من فيها ساعة ركوبهم ليحتويها الماء حينئذ. ألم يكن الماء محتويا إياها قبل أن تهم؟ وهل كان رجاؤهم هو

الذي حداها؟ إذن ماذا كانت وظيفة الربان؟ وقال (فيها): ضرب البحر ذو العباب حواليها ... سماء قد أكبرتها السماء وفي البيت مبالغة ذميمة، فإن البحر ليس بشيء يذكر بالنسبة إلى سعة السماء فكيف تكبره هذه؟ - وقال (فيها): ورأى المارقون من شرك الار ... ض شباكا تمدها الداماء وجبالا موائجا في جبال ... تتدجى كأنها الظلماء وأنت ترى إنه شبه فيهما أمواج البحر تارة بالشباك وأخرى بالجبال الموائج في مثلها، على ما بينهما من الفرق. ومعنى (تتدجى)): تظلم. فكأنه يقول: تظلم كأنها الظلماء. وقال (فيها): ودويا كما تأهبت الخيل ... وهاجت حماتها الهيجاء وكلمة (دويا) معطوفة على قوله قبلا: (ورأى المارقون من شرك الأرض شباكا. . . وجبالا). ولا أدري أيرى الدوي أم يسمع؟ وقال (فيها): لجنة عند لجة عند أخرى ... كهضاب ماجت بها البيداء والهضاب في البيداء ثابتة، فلا يحسن تشبيه لجج البحر بها، كما لا يحسن إسناد الموج إلى هضاب البيداء. وقال (فيها): نازلات في سيرها صاعدات ... كالهوادي يهزهن الحداء شبه السفين في البحر في نزولها وصعودها بالإبل التي يهزها الحداء. والمقصود من النزول والصعود هو ابتعادها عن الأنظار واقترابها؛ فلا وجه لتشبيهها من هذا الوجه بالإبل التي تهتز للحداء. ثم ماذا حدا بأمير الشعراء في القرن العشرين (؟!) أن يشبه البواخر بالإبل في سيرها. ألم يمض بعد زمان التغني بالإبل والتشبيه بها؟ وقال (فيها): رب أن شئت فالفضاء مضيق ... وإذا شئت فالمضيق فضاء ولا صلة لهذا البيت بما قبله أو بعده؛ وإنما هي الصنعة - طرد العكس - هي التي حببت إليه إثباته في مكانه؛ وإلا فإن هناك بحرا رحبا ولا فضاء قد صار مضيقا، ولا مضيق قد صار فضاء. وقال (فيها): فأجعل البحر عصمة وابعث ... الرحمة فيها الرياح والأنواء

يدعو (أمير الشعراء) أن يبعث الله الرحمة فيها الرياح والأنواء وهو في البحر كأنه طائر البحر الذي يأنس بالزوابع، وهل يكون البحر عصمة إذا هبت الرياح والأنواء؛ ثم أخذ يتصوف في أبيات، ثم طفر يتكلم عن البخار ولكن بشعور عرب الجاهلية، فقال (ص 2): يا زمان البخار لولاك لم ... تفجع بنعمى زمانها الوجناء وهل كان تحميل الناقة والسير عليها أياما وليالي في القفار نعمى لها حتى تفجع بها بسبب البخار؟ وقال (فيها): فقديما عن وخدها ضاق وجه ... الأرض وانقاد بالشراع الماء فهل صحيح أن وجه الأرض في القديم كان يضيق عن سير الإبل؟ وإن كان صحيحا فالإبل أفضل من البواخر. وهو في مقام تفضيل البخار عليها، كما يدل عليه قبل البيت قوله:. . . (لولاك لم تفجع الوجناء) وإذا كان الماء قبل وجود البخار ينقاد بالشراع، فما فضل البخار عليه؟ - ثم أتى بأبيات كلها مبالغ فيه مبالغة شعراء القرون الوسطى إلى أن قال (فيها): تشفق الشمس والكواكب منها ... والجديدان والبلى والفناء ولا اعتقد أن شوقي عندما قال هذا البيت، كان يعتقد أن الشمس والكواكب كانت تخاف من قبور الفراعنة في مصر؛ ثم تأتي أبيات سخيفة وأخر عامرة. وقال (ص 3): ليت شعري والدهر حرب بنيه ... وأياديه عندهم أفياء ما الذي داخل الليالي منا ... في صبانا ولليالي دهاء وأظن كهنة مصر الأقدمين أيضاً يعجزون عن فهم ما يريده منهما (أمير الشعراء)، وقال وراءهما (فيها): فعلا الدهر فوق علياء فر ... عون وهمت بملكه الأرزاء ولا أدري أي فرعون يعني، فهم كثار. و (همت) إذا تعدى بالباء، فهو بمعنى نوى الشيء وقصده ولم يفعل؛ فهل يريد أن الأرزاء أرادت أن تلم بملك فرعون، فلم تفعل؟ وهو خلاف الواقع، - ثم تأتي أبيات ركيكة

قلقة القوافي، لا تمت حتى إلى الشعر القديم بواشجة وقال (ص 4): قد أذل الرجال فهي عبيد ... ونفوس الرجال فهي إماء جعل الرجال عبيدا، ونفوس الرجال إماء، فهل نفوس الرجال غير الرجال؟ - أم هل يلعب بالألفاظ، فيجعل النفوس إماء لأنها جمع نفس وهي مؤنثة من حيث اللغة سماعا. فهلا قال في الشطر الثاني: (وأذل النساء فهي إماء)؟ وقال بعد بيت (فيها): ولقوم نواله ورضاه ... ولا قوام القلى والجفاء ففريق ممتعون بمصر ... وفريق في أرضهم غرباء وإذا كان رجال مصر يومئذ أذلاء عبيدا، ونفوسهم إماء كما صرح به في البيت المتقدم، فمن هو هذا الفريق الممتع في مصر؟ (له بقية) 50 - ديوان العقاد - 1 - الأستاذ العقاد كاتب كبير وكنا نعتقد إنه كذلك شاعر كبير، حتى جاءنا ديوانه الجديد حافلا بما نظمه قديما وحديثا، فإذا هو دون ما أكبره تصورنا وإذا هو مشحون بالأغلاط والضرورات القبيحة، وإذا هو قبر للألفاظ الميتة دارس فيه كثير من العظام البالية، وإذا هو تافه المعاني في الأكثر، وإذا هو في كثير من قصيده يخرج عن الموضوع فلا تبقى فيه الوحدة المتوخاة منه، وإذا هو يبالغ أو يغرق في كثير من أبياته، وإذا هو يقلد القدماء فليس فيه ما يمت إلى الشعور بواشجة إلا أبياتا قليلة متفرقة هنا وهناك. وكنا نراه قبل نشره ديوانه يطعن في مواهب كبار الشعراء، بل كان ينال من كل شاعر عربي تقريبا، مصريا كان أو شاميا أو عراقيا، فما كنا نفهم علة ذلك بعد سكوته الطويل عن الشعر والشعراء، حتى ظهر ديوانه العجيب فأدركنا السر. وقد دفعني حبي للأدب. أن انقده نقدا نزيها كما هو عادتي عند ظهور كل ديوان لأديب قد اشتهر؛ فاذكر على سبيل الإجمال ما أجده فيه من الحسنات

والسيئات، ففعلت وعسى أن لا يسوء الأستاذ نقدي هذا، ولي شفيع من قوله في صدر ديوانه: فيه من الحكمة والغباء فليلق بين القدح والثناء ما شاءت الدنيا من الجزاء ولما كان إظهار كل ما فيه من زيغ وشطط، يحتاج إلى زمان طويل اكتفيت بذكر ما هو بارز من الأغلاط أو سخيف من المعاني غير مغفل التنويه بما أجاد فيه فبرز على غيره ولله وحده العصمة. قال ص 19 من قصيدة (فرضة البحر): قطب السفين وقبلة الربان ... يا ليت نورك نافع وجداني أن كان يريد فرضة خاصة فهذه ليست قطب جميع السفن، وقبلة كل ربان، كما يفهم من الإطلاق، وإن أراد الفرضة عامة فما تعلقها بوجدانه ليكون نورها نافعا له أو غير نافع؟ والقصيدة برمتها في وصف الفرضة فما ادخل وجدانه في هذا الصدد؟ وقال: يزجي منارك بالضياء كأنه ... أرق يقلب مقلتي ولهان و (يزجي) يتعدى بنفسه لا بالباء. وقال: وعلى الخضم مطارح من ومضه ... تسري مدلهة بغير عنان المطارح هي المواضع التي يطرح إليها الأشياء، وهي من البحر المواضع التي يصيبها ومض المنار؛ وهذه ثابتة لا تسري بل الذي يسري هو ومض المنار وهو غير المطارح. وقال: تخفى وتظهر وهي في ظلمائها ... باب النجاة وموئل الحيران افهم أن تكون مطارح ومض المنار في ضيائها باب النجاة وموئل الحيران ولا افهم أن تكون كذلك في ظلمائها. ثم قال: أمسيت إحداق السفائن شرع ... صور إليك من البحار رواني ولو نصب (شرع) على الحالية لخلا البيت من تتابع الأخبار شرع، صور. رواني. وقال:

فكأن ضوء منارها نار القرى ... لو كان يبعث ميت النيران ولا أدري لماذا جعل بعث ميت النيران ممتنعا، كما يدل عليه (لو)؟ ولماذا علق كون ضوئها مشبها نار القرى ببعث ميت النيران؟ وفي القصيدة أبيات رائعة كقوله: بسطت ذراعيها تودع راحلا ... عنها وتحفل بالنزيل الداني زمر توافت للفراق فقاصد ... وطنا ومغترب عن الأوطان متجاوري الأجساد مفترقي الهوى ... متبايني اللهجات والألوان وقال من قصيدة (عزاء): يا شاكيا وصبا أحاط بنفسه ... أربع عليك لكل يوم كوكب وقد شرحه بقوله: أن الأيام تختلف كواكبها فيوم للنحس، ويوم للسعد وأني استحلف القراء هل يفهمون من قوله: (لكل يوم كوكب) هذا المعنى قبل مراجعة الشرح؟ وقال: أنت النعيم لناظري وخاطري ... عجبا وحقك من نعيم ينحب أهذه المغالطة من الشعور الذي يدعو الأستاذ الشعراء إليه؟ وهل يخرج من كان نعيما للأنظار بجماله عن كونه إنسانا يتألم؟ وقال: يشكو من الدنيا الألى لولاهم ... ما كانت الدنيا تحب وترغب و (رغب) فعل لازم لا يبنى منه المجهول إلا بحرف الجر و (رغب) لا يحذف منه حرف الجر لأنه يتعدى بحرفين مختلفين (فيه وعنه) ويختلف معناه بموجبهما فأي معنى يريده منهما؟ وإذا صحت قاعدته من أن الذين تحب الدنيا بهم يشكون من الدنيا فما باله قد تعجب في البيت قبله من نحيب حبيبه؟ وقال: قد كنت تبلغ ما تروم وتشتهي ... لو أن للأيام عينا ترقب ولكن الأيام ليس لها عين ترقب فأنت لا تبلغ ما تروم وتشتهي. هذا هو المعنى الذي أراده فهل يلائم قوله بعده: لا يذهبن بك القنوط فربما ... عاد الصباح وأنت لاه تطرب إذ كيف يؤمل له أن يلهو ويطرب بعدما أحال أن ينال ما يروم ويشتهي؟ وقال من قصيدة (فينوس) ص 21 وقد عربها من شكسبير:

وتنفخ في روع الغبي فينبري ... فصيحا ويغدو مدره القوم ابكما فقوله: (ويغدو) معطوف على (فينبري) وهو معطوف بفاء التفريع على تنفخ في روع الغبي، فكيف يكون الغبي مدرها؟ وإذا تسامحنا فقلنا إنه معطوف على (تنفخ) فبأي شيء يغدو المدره ابكم إذ لا تعلق للنفخ به، وقال ص 22: (عرامة مجنون ورقة مائق) وشرح العرامة بالشراسة، والمائق بالأحمق، وإذا كانت الكلمتان تحتاجان إلى شرح فلماذا جاء بهما؟ ولماذا لم يضع مكانهما الكلمتين اللتين شرحهما بهما؟ والوزن مساعد فيقول: (شراسة مجنون ورقة أحمق) ثم لا أدري متى كان الأحمق رقيقا، بل الحقيقة أن الإنسان كلما زادت حماقته اقترب من الحيوانية، فكثرت غلطته، وقال (ويسفه فيك الشيخ أن بات مغرما) وأحسن من قوله (إن بات) (قد بات) ليكون حالا. وقال (عسوفا إذا ما الخوف قد كان احزما) ولا تجتمع (قد) للتحقيق والشرط فلا يقال (إذا ما زيد قد أتاني) لأن الشرط مشكوك في وجوه فلا يناسبه التحقيق. وقال (وأنت بأن تقسو جدير وترحما) أليس عجيبا أن لا تنصب (أن) فعل المضارع بها - تقسو - وتنصب الفعل البعيد عنها - وترحما - بواسطة العطف؟. وهذا قبيح وإن جاز. وقال: وإن شئت أزجت الجبان فاقدما ... ووسوست في قلب الجريء فأحجما وهو في صدد ما سيصيب الحب من الكوارث أو التناقض، فقوله (أن شئت) ينافي ما يريده. فما دام الأمر قائما بمشيئة الحب فالحب لا يشاء ما يكون فيه زراية عليه، فهو لا يورط نفسه. وقال (ألا ولتفرق والدا عن وليده) واللام للأمر الغائب فلا يدخلها الفصحاء على المخاطب. وقال ص 23: أحمل هذا الدهر ذم صنيعه ... كما يحمل العبد السياط ليضربا ويشبه عبد السوء في كل فعله ... فيضرب أحيانا وما زال مذنبا شبه الأستاذ الدهر بالعبد الذي يضرب بالسياط، ولا أحسب أن الأدب العصري يهضم مثل هذا التشبيه، والأستاذ إنما تبرم بالدهر لأن الدهر ضربه ومن هنا تعرف أيهما الضارب. وقال من قصيدة (أنس الوجود) ص 24 بعد أبيات:

تصاحبتما قدما فيا بدر هل ترى ... عراص الثرى يوما بموضعه قفرا الخطاب للبدر وللقصر الذي ذكره في البيت السابق والمعنى غير مفهوم وقال: عبرنا إليه النهر ليلا كأننا ... عبرنا من الماضي إلى الضفة الأخرى أتراه يريد بالماضي الضفة التي عبر منها؟ ولا أدري لماذا عده ماضيا. وقال ص 25 (قضى نحبه فيه الزمان الذي مضى) وإذا كان الماضي قد قضى فيه نحبه فإن آثار فيه باقية، كأنها لم تقض نحبها. وقال بعد أبيات لا تستخرج منها معنى واضحا: ويا رب أرباب قضى الموت حكمه ... عليها فسواها بعبادها الحيرى يريد أن الموت اهلك الأصنام كما أهلك عبادها ولكن الهالكين لا يكونون حيرى. وقال: فيا عابديها قد ذهبتم بسرها ... فقوموا فأفشوا الآن ذيالك السرا والبيت يدل على أن عبادها لم يكونوا حيرى فانهم يعرفون سرها وإلا لم يطلب منهم إفشاءه. وقال: أقامت على عهد الشموس ولم يكن ... مقيم على عهد الكواكب في مصرا ولعل الناظم نفسه لا يفهم ماذا أراد بهذا البيت. وقال راجزا: يا للسماء البرزة المحجوبة ... أعجب ما أبصرت من أعجوبة تروعنا أنجمها المشبوبة ... تهولنا قبتها المضروبة كأنها الهاوية المقلوبة ... كأنها الجمجمة المنخوبة تهمس فيها الذكر المحبوبة والذي يشبه السماء بالهاوية المقلوبة لا يشبهها بالجمجمة المنخوبة (!). وقال ص 27: الشمس والبحر المريج تلاقيا ... أم الضياء ومعدن الأنعام إذا تلاقى الشمس والبحر فكلاهما المريج فما وجه تخصيصه البحر به. وقال: دهر يدور صباحه ومساؤه ... متعاقبان على مدى الأيام والأولى جعل (صباحه) فاعلا ليدور ونصب (متعاقبان) على الحالية. وقال ص 28:

يرفان في الحسن القشيب كأنما البسنه يبقى على الأعوام والصواب (كأن ما) ليعود ضمير يبقى إلى (ما). وقال: والنجم في غسق المساء كأنه ... شرر تطاير في خلايا أيام والأيام بالتخفيف هو الدخان وهو من الكلم الميتة منذ الجاهلية. وقال: بوركت فاغمر بالظلام ظلامي ... يا مغرق الأفراح والآلام ولا أدري لماذا يكون الليل مغرق الأفراح والآلام وهما في الغالب يشتدان فيه. ولعله أراد بالإغراق إخفاءهما. وقال من قصيدة (الشاعر الأعمى) ص 29: وتسلبني نورا أراك بوحيه ... فأظهر ما أخفى سواد الدياجر وكان عليه أن يقول (كنت أراك بوحيه) لأنه في الحال لا يراه وقد أجاد في قوله: وهل كنت أخشى الموت إلا لأنه ... يحجب عني حسن تلك المناظر وقال من قصيدة العقاب الهرم ص 30: يهم ويعييه النهوض فيجثم ... ويعزم إلا ريشه ليس يعزم وكان الصحيح أن يقول إلا ريشه فهو لا يعزم أو إلا أن ريشه ليس يعزم فإن (ريشه) مستثنى منصوب فلا يصح أن يخبر عنه بقوله: (ليس يعزم) وأحسن من (ريشه) (حوله) بمعنى قوته فإن المانع عن طيرانه هو الخور فيه لا ريشه. وقال: لقد رنق الصرصور وهو على الثرى ... مكب وقد صاح القطا وهو أبكم و (رنق) بمعنى خفق بجناحيه ورفرف ولم يطر لا كما شرحه بقوله طار طيرانا خفيفا، ومن عرف حياة العقبان علم إنها وإن هرعت لا تقع مواقع الصرصور. وقال: جناحين لو طارا لنصت فدومت ... شماريخ رضوى واستقل يلملم رضوى ويلملم جبلان بالحجاز والبيت أقرب في أسلوبه إلى شعر الجاهلية. يريد لو طار ذانك الجناحان، لطار رضوى ويلملم أي أن طيرانهما محال كطيران

هذين الجبلين وما كاد أجدره بالتباعد عن هذه المبالغات، وهذا الشعور الجاهلي وقال: ويغمض أحيانا فهل أبصر الردى ... مقضا عليه أم بماضيه يحلم ومعنى (أقض) خشن وهو إنما يستعمل في المضجع ولعله ظن مقضا بمعنى منقضا؟ وأحسن من (أبصر)؛ (وجد). وقال: وما عجزت عنك الغداة وإنما ... لكل شباب هيبة حين يهرم الذي أعرفه أن الشباب لا يجتمع والهرم. وهناك قطعة بعنوان (إلى السعادة) هي جد جميلة لولا البيت: إن الحبيب بغيض ... إذا أستمر بخالك والخال هو الخيلاء. ولولا أن الفكرة غير طبيعية ولا أشك في أن الأستاذ كغيره يركض وراء السعادة التي يذمها. وهي كالسراب تبتعد عنه وقال من قصيدة (النوم) ص 31: أيا ملكا عرشه في العيون ... يظلل دنيا الكرى بالجناح والملك الذي يناديه هو النوم والكرى أيضاً هو النوم فهل يظلل النوم دنيا النوم؟ - أي يظلل نفسه؟ - وقال: وتدني إلينا بعيد الرجاء ... إذا الدهر ما طلنا بالسماح والنوم قد يدني بعيد الرجاء في الحلم فلا يصح الإطلاق. وقال: إذا كان عش الفتى لا يدوم ... فهزل المنام كجد الصباح وقد أراد هزل المنام كجد اليقظة. فلما لم تؤته القافية قال كجد الصباح. والصباح لا يقابل المنام وكثيرا ما يحلو النوم في الصباح. وقال من قصيدة (الليل والبحر) ص 32: غرب البدر أم دفين بقبر ... وهوى النجم أم أوى خلف ستر والذي أعرفه ويعرفه كل واحد هو أن القمر في حالة البدر لا يغرب عن عين الرائي فهو يبقى فوق الأفق إلى الصبح وإلا لم يكن بدرا. ثم قال: ضل هادي العيون وأحلولك الليل ... فلا فرق بين أعمى وهر ولا أحسب أن القمر إذا غاب، أحلولك الليل، إلى درجة أن يتساوى الأعمى والهر الذي يرى بنور النجوم ما لا يراه الأعمى، على أن كلمة الهر في

البيت لا يستملحها القارئ. وقال من قصيدة (عظمة الجمال): أوتيت من حسن الشمائل نعمة ... والحسن في الدنيا من الآفات وإذا كان الحسن من الآفات فكيف يكون نعمة؟ ومما أجاد فيه قوله: كالبدر يأتم السراة بنوره ... ولقد يضيء مواقع الشبهات وقال من قصيدة (أين الدموع) ص 35: لو جرت في السحاب أجفل أو يأ ... زم عن سبحه الفضاء الوسيع الضمير في (جرت) راجع إلى العبرات قبل البيت وفيه مبالغة تدل على إنه ليس بشعر الشعور وعطف (يأزم) وهو مضارع على (أجفل) وهو ماض على أن يكونا جوابا لقوله (لو جرت) قبيح. وهذه القصيدة كلها تافه. وقال من قصيدة (الصبر): أكان للمرء أيما أرب ... في الصبر لولا كوارث الزمن وليس من الصواب جعل (أيما) وهي للاستفهام اسما ل (كان) المصدر كذلك بهمزة الاستفهام. ثم أن (أي) لها صدر الكلام فلا يجوز من هذا الوجه أيضاً جعله اسما لكان. وقال: الخطب يعرو والصبر يعقبه ... يا بئس من صاحبين في قرن نعم يجوز حذف فاعل (بئس) والاستعاضة عنه بنكرة منصوبة على التمييز أو مجرورة بمن، ولكن هل يجوز مع ذلك حذف المخصوص بالذم كما في بيت الأستاذ؟ هذا ما ارتاب فيه. وقال ص 36: لست على الصبر مزريا أبدا ... الصبر دأب المجرب الطين يتعدى (أزرى) على الفصيح (بالباء) وقد جاء بمعنى زرى ولما كان (مزريا) في البيت بمعنى زاريا كان عليه أن يقول: لست على أحد مزريا الصبر. وأبرد ما في القصيدة قوله: والعيش عيشان جانب دمث ... واللب منه في الجانب الخشن والموت موتان موت ذي دعة ... لا حسن فيه وموت ذي الكفن ولا أدري كيف يكون موت ذي الكفن قسيما لموت ذي الدعة. فهل جميع ذوي الأكفان غير وادعين؟ (له تلو)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - نهضة التمثيل في مصر لما كانت عناية جلالة ملكنا المعظم بترقية التمثيل في العراق بلغت أقصاها وكان أقرب الشواهد عليها عنايته برواية (ليلى وسمير) لشاعرنا الفيلسوف الكبير الزهاوي نذكر في هذا الصدد بأننا علمنا من مراسلنا الإسكندري حضرة الأستاذ يوسف أفندي أحمد طيرة (أن جلالة ملك مصر قرر تخصيص مبلغ 1500 جنيه مصري جوائز تمنح لمؤلفي الروايات التمثيلية على ثلاث سنين ينفح منها في كل سنة خمسمائة جنيه تشجيعا للتمثيل العربي وإعانة لإحسان التأليف الروائي. وقد قسمت وزارة المعارف المصرية مبلغ الخمسمائة جنيه الخاصة بهذا العام إلى ثلاث جوائز: الأولى بمبلغ ثلاثة وخمسين جنيها والثانية بمائة والثالثة بخمسين بحيث تمنح الجائزة الأولى لمن يقدم أحسن رواية عربية تمثيلية والأخريان للذين يليانه في النجاح. والوزارة تترك موضوع الرواية ونوعها الفني لرأي المؤلف بشرط أن تكون رواية جديدة مصوغة في قالب عربي سهل فصيح. ويطلب من الذين يريدون الاشتراك في هذه المباراة أن يقدموا رواياتهم إليها قبل نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) من هذا العام). فنلفت نظر وزارة معارفنا إلى هذه الظاهرة الجديدة في نهضة الثقافة المصرية، وحبذا لو جاد علينا الأستاذ طيرة بنبذة عن حالة التمثيل في مصر الآن كما جاد سابقا بحواره للدكتور أبي شادي ذلك الحوار الجامع الشائق عن الشعر في مصر، ونشكر له سلفا هذه المعاونة الأدبية. 2 - الخدمة الصحية في العراق خلاصة حوار للدكتور حنا بك خياط مدير الصحة في العراق (لما غادر الترك العراق لم يكن في الديار العراقية كلها سوى عشرة أطباء وبضعة مستشفيات صغيرة لا يزيد ما فيها من الأسرة على خمسين وكان يعاون أولئك الأطباء ستة من الصيادلة لا غير.

أما الآن ففي ديارنا خدمة صحيحة منظمة على أحدث طراز ففيها من المستشفيات خمسة وعشرون بين كبير وصغير، فيها ألف وخمسمائة سرير. وعندنا من الأطباء سبعون مبثوثون بثا بموجب (المتصرفيات والأقضية) ففي العراق أربعة عشر لواء وفي كل لواء طبيب يلقب (برئيس الصحة) وينقسم اللواء إلى (أقضية) وفي كل قضاء طبيب. وينقسم القضاء إلى (مديريات) وفي كل مديرية كبيرة طبيب. ويدير كلا من المستشفيات طبيب متخصص وبين أطباء المستشفيات سبعة عشر طبيبا إنكليزيا. جميعهم من المتخصصين في فروع معينة. وهم يقومون بتدريس تلك الفروع في المتقن الطبي الجديد الذي أنشئ في العاصمة في أول سنة التدريس الحالية (في ت1 سنة 1927). والمتقن خاص بالحكومة والتدريس فيه بلا أجرة ويشترط على من يقبل فيه أن يخدم الحكومة أربع سنين في الألوية والأقضية. ولما فتح المتقن أبوابه تقدم ثمانون طالبا لتلقي العلوم الطبية فيه فلم يقبل منهم سوى عشرين. والعمل جار بكل همة ونشاط. وبين الأطباء من هم غير عراقيين ويدفع لكل منهم ثلاثون جنيها في الشهر. وعندنا أربعة معاهد طبية يتولى شؤونها أطباء إنكليز ويعاونهم أطباء عراقيون وهذه المعاهد هي: 1 - معهد باستور. 2 - معهد للأشعة المجهولة. 3 - معمل كيموي. 4 - معهد لتحضير المصل ومواد التلقيح على اختلاف أنواعه. ولكل من هذه المعاهد مركز في بغداد وفروع في البصرة وكركوك والموصل. وعندنا أيضاً ثلاثة مستشفيات للتدريس ومدرسة للقابلات ومدرسة لتعليم طبابة الأسنان وللمعاونين الصحيين. وفي العراق ثلاثة محاجر صحية تشتمل على مستشفيات لاحقة بها. واكبر هذه المحاجر محجر البصرة وقد أنفقت عليه الحكومة مليونا ولكي ربية (نحو مائة ألف جنيه) والمحجر الثاني في خانقين على تخوم إيران. والثالث في الرمادي على حدود سورية وقد تم إنشاؤه في هذه السنة وفتح في أوائل هذه السنة (1928) ويبلغ عدد موظفي

المصلحة العراقية 825 وميزانيتها مليونين و600 ألف ربية والحالة الصحية في العراق مرضية للغاية. وفيها استعداد تام لمكافحة كل داء ووباء. 3 - قضية صيدلي النجف أتمت المحكمة دعوى جميع المتهمين في هذه القضية فحكمت على كل شخص منهم بالسجن لمدة ثلاثة أشهر وينفذ على الإيرانيين منهم بعد قضاء مدة الحكم النفي إلى خارج العراق. وقد ثبت أن هؤلاء الأشخاص أخلوا بالأمن وإن مفوض الشرطة السيد مهدي أفندي لم يقم بوظيفته على أصولها لأنه أهاج الرأي العام أمام الصيدلية. ولم يظهر حتى الآن شيء بخصوص تعويض خسائر الصيدلي التي تقدر بخمسة عشر ألف ربية (كذا). 4 - مظاهر طلاب مدرسة السيف في البصرة وقع سوء فهم بين مدير المدرسة جاسم أفندي شوقي وبين المدرس عبد الواحد أفندي. فرأي مدير المعارف لمنطقة البصرة من المناسب أن ينقل الأستاذ المذكور إلى مدرسة أخرى حسما لكل نزاع. فلما لم يحضر عبد الواحد أفندي في صفه في 7 نيسان وعلم الطلبة من مدير المعارف إنه لا يعود إليهم ليدرسهم وسمعوا منه أنهم مخيرون بين البقاء والخروج، خرج تلاميذ الصف الخامس وعددهم 73 ثم الصف الرابع ثم خمسة من الصف الثالث والثاني وعند خروجهم قاموا بمظاهرة بالطرق وبأيديهم العلم العراقي وهم (يهوسون) صارخين: لتحي الحرية. وفي اليوم التالي وهو نهار الأحد 8 نيسان اجتمع الطلبة في المحل الذي اتفقوا على تعيينه وقاموا بمظاهرة ثانية وساروا في الطريق (يهوسون) وينشدون الأناشيد ويلقون المحفوظات بحماسة لا مزيد عليها. ثم وعدوا بإصلاح ذات البين فتفرقوا. 5 - صرعى الانتخابات في بغداد منذ أن بدأت الانتخابات حمي الوطيس بين الرجال، واتفق أن في ليلة السبت الواقع في 21 نيسان كان بعض المنتخبين قد اجتمعوا في محلة (دكان سمعو) ثم حدث جدال بين إبراهيم معاون مدير الإطفائية ورشيد خطاب النائب السابق ومع المتجادلين أخوان وأقران، ثم ساءت المجادلة فانتقلت إلى المضاربة فقتل بكر مدير مال الكاظمية رميا بالرصاص وطعنا بالخناجر ثم وقع أخوه عمر رئيس مهندسي دائرة الطابو فنقل

إلى داره وهناك فاضت روحه. وجرح في هذه الواقعة رشيد خطاب وأخواه توفيق وأمين واحمد محمود الجندي وإبراهيم المهدي فنقلوا إلى المستشفى. وفي صباح 22 نيسان قصد الرجل محمد ولي المستشفى فسأل عن إبراهيم قائلا هلب مات أو لا؟ فاشتبه به ولما عاد من المستشفى هجم عليه شخص (يقال إنه قصاب) وطعنه بسكين فصرعه يتخبط في دمائه. ولما فتش وجد عنده خنجر مان قد ربطه بساقه عند دخوله المستشفى وفي صباح ذلك اليوم شيعت جنائز الجميع ودفنت بإكرام. 6 - انهدام حائط سقط حائط دير الراهبات الدمنكيات الواقع في رأس القرية في نحو الساعة السابعة صباحا من نهار 27 نيسان، ولما كشفت الأنقاض وجد تحتها ثلاثة اخوة وهم جورج وجوزيف ونجيب أولاد طوبيا وكانوا ذاهبين إلى مدرسة طائفتهم الكلدانية المعروفة بمدرسة الطاهرة وكان عمر أكبرهم 13 سنة أصغرهم 8 سنوات. ووجد معهم حمال كردي بعمر 18 سنة وكان بيده دراهم. فهؤلاء جميعهم كانوا مارين بالشارع الضيق المذكور فأهلكهم في سقوطه ووجدوا جميعهم واقفين مستندين إلى الحائط الذي يحاذي دير الراهبات. ولا حاجة إلى تفصيل ما حدث بوالدة هؤلاء المساكين عند رؤيتها جثثهم ألهمها الله الصبر ورحم الجميع. 7 - خلاصة التقرير الأسبوعي لأشغال الصحة بالموصل نهاية الأسبوع 18 - 2 - 1928 الولادات ذكورإناثالمجموعمسلمونمسيحيونيهود32316341184الوفيات ذكورإناثالمجموعمسلمونمسيحيونيهود2117382684الأمراض المعدية ذكور: 24، إناث: 15، المجموع: 39

العدد 59

العدد 59 - بتاريخ: 01 - 05 - 1928 تآخي العربية واللغات الغربية كتب بعض علماء الغرب من المتوغلين في المباحث اللغوية، وأسرارها، ومقابلة بعضها ببعض، أن لا علاقة للغات السامية - على اختلاف أنواعها - باللغات الغربية القديمة، كاليونانية والرومية (اللاتينية)، والانكلو صكصونية وكاد يتفق جميعهم على هذا الرأي؛ إلا أن بعضهم - وهم النفر القليل - قال بأن هناك واشجة تمت إلى اللغة العبرية ببعض ألفاظ. وما كاد أصحاب هذا المذهب ينطقون به حتى قام عليهم خصومهم فأسكتوهم بلا أدلة قوية. على أننا قد استقر بنا ألفاظا كثيرة في اليونانية والرومية فرأينا إنها لا تؤول تأويلا حسنا إلا بالنظر إلى لغتنا الشريفة وقد رأينا هذه المشابهة عظيمة بين اليونانية والعربية في مفردات تقارب الألفين. ورأينا مثل هذه المشابهة بين الرومية والعربية في نحو ألف لفظة. ولابد من أن نذكر شواهد على كلتا اللغتين في مقالة طويلة ندرجها شيئا بعد شيء حين ينفسح لنا المجال في هذه المجلة والمستقبل أحسن كفيل لنا.

كتاب الديارات في الجزء الأول من مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، تحقيق الأستاذ أحمد زكي باشا. ذكر ابن خلكان في ترجمة الشابشتي مصنف كتاب الديارات المشهور أن في هذه الديارات تآليف كثيرة (وفيات الأعيان ص 426)، ومن الأسف إنه لم يجل في خاطره أن يعدد لنا أسماءها. وقد تتبعتها في جميع المخطوطات والمطبوعات في التراجم والتاريخ والأدب التي تسنى لي الوقوف عليها في دور الكتب، فلم اهتد إلى أكثر من ستة منها فقط. ولاشك أن شهاب الدين العمري وقف على معظمها حين افرد في كتابه مسالك الأبصار الذي أبقاه لنا ذخرا من أنفس الآثار هذا الفصل، الجامع بين الجد والظرف، والمجون والهزل. وقد نقل فيه مرارا عبارات من تقدمه من مؤرخي الديارات، كأبي الفرج الاصبهاني، والشابشتي، والخالدي. ولم يقتصر فقط على تلخيص أقوالهم بل أضاف إلى صفحاتهم صفحات أخرى لا تقل عنها جزالة وتأنقا وجودة اختيار للنكتة والنادرة، دون فيها أخبار الديارات التي عرفها أو مر بها في الشام وفلسطين فأتم بذلك ما كان ناقصا، وأعاض عن بعض ما كان ضائعا. ومعلوم أن أكثر هذه التأليف التي أشار إليها ابن خلكان قد اغتالته أيدي النوائب والضياع ولم يسلم من كل تلك الاعلاق والنفائس إلا عقد فريد أو هي الدهر نظامه، ونثر بعض درره، وهو كتاب الديارات للشابشتي الذي انتهى إلى خزانة برلين بعد أن سقط منه قسم من أوله، وأوراق في أثنائه، ذهبت بذهابها خصوصا أخبار ديارات الشام برمتها، ولم يخلص منها إلا ذكر دير البخت فقط على قلة ما فيه. وقد اشتهر هذا الكتاب وسار ذكره في الأندية والمجالس حتى قل من تناول ذكر الديارات بعده، دون أن يستعير منه شيئا. وهذا ياقوت الرومي على وفرة علمه وسعة محفوظة لم ير بدا من الاستعانة به

على وصف الديرة في ما عدده منها في معجم البلدان. ولو شاء أحد مريديها في هذا العصر أن يتقفى آثار الشابشتي في كتابي ياقوت والعمري وسائر من حذا حذوهما بين الأدباء والمؤرخين لأمكنه أن يجمع من هذه النقول والعواري المتفرقة عدة صفحات كانت تصلح اليوم لمعارضة بقية الأصل الموجود أو الاستعاضة عن المفقود، لولا أن كل من حكى عنه شيئا أداه في الغالب أما ببعض تصرف في اللفظ أو بالاختصار. وقد قابلت خصوصا بين ما ذكره العمري، وبين ما هو مثبت في نسخة برلين، فوجدت بين النصين بعض التفاوت والإيجاز في النثر وتقديما وتأخيرا ظاهرين واختصار غير قليل في النظم. وقد أشار الأستاذ المحقق إلى بعض هذا الاختزال مرتين في أبيات ص364 و371 مرة واحدة في متن ص 363 واغفل في ما عداها مواطن كثيرة على شاكلتها. وبالأجمال ندران ترد أبيات عن الشابشتي في العمري دون أن تكون مبتورة أو مبدلا فيها وإن كان بعض هذا التبديل لا يخلو أحيانا من وجه من الصحة أو يكون ناشئا عن اختلاف في بعض الروايات أو في النسخ المتداولة. ولا بأس أن أورد هنها مثالا من هذا التغيير والاختزال يكون شاهدا على طريقة العمري في العبث بالشابشتي. قال في كلامه عن دير سابر: (وأورد الشابشتي فيه للحسين بن الضحاك أخبارا ظرافا وانشد له أشعارا لطافا منها) ونقل هنا ستة أبيات اجتزئ منها بهذه الثلاثة: أما ناجاك بالوتر الفصيح ... وأن إليك من قلب الجريح ألا يا عمرو هل لك بنت كرم ... هلم إلى صفية كل روح فقام على تخاذل مقلتيه ... وسلسلها كأوداج الذبيح (العمري ص 278) وهذه الأدبيات في الشابشتي اثنا عشر بيتا فيكون المنقول منها نصفها فقط. وفي هذا النصف نصف آخر في كل نصف بيت منه فرق غير قليل وهي في الأصل: أما ناجاك بالنظر الفصيح ... وان إليك من قلب قريح ألا يا عمرو وهل لك في الصبوح ... هلم إلى صفية كل روح فقام على تخاذل مقلتيه ... وسلسل بالسنيح وبالبريح (الشابشتي ورقة 23)

وقد سكت الأستاذ المحقق عن كل هذا الاختلاف ونظائره مع أن نسخة الشابشتي كانت لديه: وربما تعدى هذا الاقتصاد والتبديل إلى النثر أحيانا وأحال بعض معانيه كقول العمري في دير قوطا (قال الشابشتي وهذا الدير يجمع أموالا كثيرة من عمارته وكثرة فواكهه وما يطلبه أهل البطالة فيه) (ص 280) وإنما قال الشابشتي (وهذا الدير يجمع أحوالا كثيرة. منها عمارة البلد وكثرة فواكهه ووجد جميع ما يحتاج إليه فيه. ومنها أن الشراب مبذول هناك والحانات كثيرة. ومنها أن في هذا الموضع ما يطلبه أهل البطالة والخلاعة من الوجود الحسان والبقاع الطيبة النزهة) (الشابشتي ورقة 25) وشتان بين الأموال والأحوال في القولين. وقريب من هذا الاختصار المخل قوله في دير الخوات (وعيده الأحد الأول من الصوم. قال الشابشتي وتسمى ليلة الماشوش) (ص 282) وليس في العبارة ذكر لمرجع الضمير في تسمى. وهي في الشابشتي (وعيده الأحد الأول من الصوم وفي هذا العيد ليلة الماشوش) (ورقة 38). وعلى ذكر هذه الليلة فقد ذكر الأستاذ في باب التصويبات والتصحيحات إنه أكثر من البحث والتسآل عن لفظة ماشوش فلم يظفر بطائل وإن العلامة الأب انستاس الكرملي أفاده أن ما رواه الشابشتي هو خرافة. قال ولا مانع عندي من الانضمام إلى رأيه الرشيد (ص 10) قلت وقد وفقت في التنقيب عن أصل هذه الكلمة وتاريخ هذه الخرافة للوقوف على عدة فوائد مأثورة وشواهد لبعض مؤرخي الإسلام جديرة أن تفرد لها مقالة برأسها فأدخرها إلى فرصة أخرى. وقد صرح الأستاذ في المقدمة التي ساقها بين يدي هذه الطبعة أن الجزء الأول من المسالك الذي نقل عنه قد قرأ على المؤلف نفسه. وفيه زيادات بخط يده كتبها في جزازات. فيترتب على ذلك أن نسخة الشابشتي التي كانت بين يدي العمري كانت غير كاملة في بعض صفحاتها أو مشوشة في وضعها لأنه في كلامه عن دير الخوات المشار إليه آنفا نسب إلى الشابشتي أبياتا لجحظة زعم إنه قالها في الدير وهي:

وحانة بالعلث وسط السوق ... نزلتها وصارمي رفيقي. . . ولم ترد هذه الأبيات في الشابشتي وإنما هي كما يتبين لأول وهلة مقولة في دير العلث لا في ليلة الماشوش حسبما جاء غلطا في الفهرس (ش). وقد اغفل العمري هذا الدير ولم يشر إليه بحرف مع إنه في الشابشتي قد وقع في تسع صفحات كاملة (39 - 43) فضلا عن ذكره في معجم البلدان. فلا ريب إنه كان هنالك كلام في دير العلث يلي الكلام في دير الخوات كما هو في نسخة برلين فسقط من نسخة العمري أو من قلم الناسخ أو فات الانتباه إليه. ويشبه هذا النقص والتشويش ما جاء للعمري في تعريفه دير قني ودير العاقول. قال: (دير قني وهو ببغداد والمدائن. ودير العاقول أسفل منها باثني عشر فرسخا (كذا ص 256) وما أدري كيف يمكن أن يكون دير قني في بغداد والمدائن معا وبين البلدين في قول ياقوت ستة فراسخ (ج 4 ص 447) ولا كيف يكون أيضاً في بغداد وقد صرح الشابشتي إنه (على ستة عشر فرسخا من بغداد منحدرا في الجانب الشرقي بينه وبين دجلة ميل ونصف وبينه وبين دير العاقول بريد (ورقة 116) ولا يخفى ما في نص العمري كما هو مطبوع من الأشكال والقلق فيتحتم أن يكون قد سقطت منه بعض عبارات نشأ عن سقوطها هذا الاضطراب والتناقض. وقد كان ينتظر من صاحب السعادة أحمد زكي باشا الأستاذ المشهور وهو قد وسع كل شيء علما، وقتل كل علم بحثا وفهما، أن ينبه على كل ذلك وأشباهه لما في هذا التنبيه من الشأن والفائدة في التعريف بهذا الكتاب الذي خدمه هذه الخدمة الجلى وأغناه بكل هذه الحواشي والتدقيقات والهوامش والاستدراكات والتصويبات والتصحيحات وأبرزه بعد ذلك في هذه الحلة القشيبة الزاهرة التي استحق من اجلها ابد الدهر أطيب الثناء واجزل الشكر وأصبح بمثل هذا الإبداع فيها إماما يجدر أن يأتم به كل من نشر كتابا في كل قطر، على إنه لو كان أعار بعض هذه المصادر والمراجع التي رد إليها المطالع نصيبا أوفر من الاعتبار والالتفات وعارض بين ما ورد فيها وبين ما تمثل له في نسخة العمري لكفى نفسه بعض مؤونة هذا العناء الشاق الذي تحمله أحيانا في التخريج والتعليل وتيسر له

تقويم بعض الأغلاط من أقرب سبيل. وقد روى بيتا للصنوبري من قصيدة قالها في دير زكي وصف به البهار فقال: وبهار مثل الزنانير محفو ... ف بزهر الخيري والحوذان ومن البين الواضح أن ليس للزنانير محل في هذا التشبيه وإن اللفظة محرفة عن الدنانير ولو ألقى نظرة واحدة على الشابشتي الذي كان له على طرف الثمام نقرأ فيه (وبهار مثل الدنانير). واستغنى عن هذه الشروح والتأويلات التي شغل بها مقدار صفحة من باب التصحيحات وبقي بعدها مترددا بين الزنانير والزنابير والدنانير (ص 10). ومثله ما ذكره في تصحيح عمر عسكر بعمر كسكر (ص 13 من التصويبات) واللفظة واردة بهذه الصورة في الشابشتي وياقوت فلم تكن من ثم حاجة إلى التوقف في الاستفتاء في شأنها. وابلغ من ذلك ما عاناه في تفسير قول أبي الفرج الاصبهاني في كلامه عن دير اللج (أن النعمان كان يركب في كل أحد إليه وفي كل عيد معه أهل بيته. . . فإذا قضوا صلاتهم انصرف إلى مستشرفه على النجب) (ص 326) قال في التصحيحات (ومن الأسف أنني لم اعثر على كتاب الديارات لأبي الفرج لتثقيف هذه الكلمة (النجب) والحكاية غير واردة في الأغاني. وأني أتخيل إنها محرفة عن النجف (ص 14) قلت ومن الأسف أيضاً أن يتطلب كتاب الديارات لأبي الفرج وهو مفقود ولا يخطر في باله أن يراجع كتاب معجم ما استعجم للبكري وهو موجود بل من الغريب أن يكون هو الدال على الصواب ولا يتبعه ويكون أول من أشار على المطالع في حاشية (ص 326) التي علقها على دير اللج أن ينظر في كتاب البكري (ص 366) ولا يكلف نفسه النظر في هذه الصفحة عينها ولو فعل لقرأ فيها قول أبي الفرج (فإذا قضوا صلاتهم انصرف إلى مستشرفه على النجف) ولضرب صفحا عن هذه الصفحة الكاملة التي تكلفها لإثبات ما أصاب في تخيله. ومما فاته استدراكه أيضاً دعوى العمري في دير البغل شمالي دير شعران بمصر (ص 369) قال الحاشية أنظر ما أورده أبو صالح الأرمني (ص 63)

وقد راجعت هذه الصفحة فلم أجد فيها ذكرا لدير البغل. وغاية ما هنالك إنه كان في دير القصير بمصر بغل يستقى عليه الماء فليس ثم أقل إشارة إلى دير كان يعرف في القرن السادس للهجرة بدير البغل. وأول ما وقفت على هذا الاسم كان في بعض تواريخ مصر في القرن الثامن. قال المقريزي في كلامه عن الملك ارقاديوس حين تطلب ارسانيوس لتعليم ولده بعد أن تحول إلى جبل المقطم (فبعث إليه ارقاديوس فإذا هو قد مات فأمر أن يبنى على قبره كنيسة وهو المكان المعروف بدير القصير ويعرف الآن بدير البغل من أجل إنه كان به بغل يستقى عليه الماء فإذا خرج من الدير أتى المورد وهناك من يملا عليه فإذا فرغ من الماء تركه فعاد إلى الدير) (الخطط ص 502 - 503) فالديران إذن واحد وقد وهم العمري في التمييز بينهما وتعيين كل منهما على حدة كأنه قائم بنفسه. ومن الغريب أيضاً إنه زعم أن بهذا الدير دير البغل جمائع من الرهبان اليعاقبة. مع إنه ما برح موطنا لرهبان الروم الملكية. ومن أسماء الديارات التي نقل العمري تحديدها عن الشابشتي وخالفه قليلا في رسمها فكان هذا الخلاف داعيا لوهم الأستاذ فيها: دير مار يوحنا. وقد كان في الأديار ديران عرف كل منهما بهذا الاسم ولكن فرق بينهما في الرسم. الأول على جانب تكريت على دجلة. وهو المشهور بدير مريحنا (بياء قبل الحاء) ذكره الشابشتي في ديارات العراق (ورقة 74) وانشد فيه أبياتا لعمرو بن عبد الملك الوراق أولها: أرى قلبي قد حنا ... إلى دير مريحنا ونقله عنه ياقوت (ج 2 ص 701). والآخر على شاطئ بركة الحبش بمصر وكان معروفا بدير مرحنا (بحاء دون ياء) وفيه يقول ابن عاصم من قصيدة: اقرأ على دير مرحنا السلام فقد ... أبدى تذكره مني صباباتي وهو في الشابشتي (ورقة 127) وفي ياقوت (ج 2 ص 698) ولو راجع الأستاذ أحد هذين الكتابين لتبين له الفرق ولكنه اعتبر مجرد الرسم وذكر في تعليقه على دير شاطئ الحبش. أنظر ياقوت (ج 2 ص 701) مع أن المذكور في هذه الصفحة هو الدير الذي على دجلة فاقتضى التنبيه.

ومثل هذا الالتباس الناشئ عن التقارب في الرسم ما ورد له في حاشية دير الناعوث على شاطئ الفرات (ص 261) قال ولم يذكره الشابشتي وإما ياقوت فقد سماه دير باغوث بالمعجمة وبدون أداة التعريف واقتصر على القول بأنه دير كبير كثير الرهبان على شاطئ دجلة بين الموصل وجزيرة أبن عمر (ج 2 ص 646) قلت فهذا الدير إذن ليس بذاك وكل منهما في واد. وإذا كان ذكر الأول قد سقط من نسخة الشابشتي في جملة الديارات الساقطة فهو باق محفوظ في ياقوت وقد سماه دير مرماعوث بالميم (ج 2 ص 700) وكلامه فيه هو نفس الكلام الذي نقله العمري بالحرف في دير الباعوث بالباء فالديران من ثم واحد وإن تباينا قليلا في الرسم. ويؤخذ من الأبيات التي استشهد بهما كلاهما في التعريف به أن صحة اسمه هي دير مرماعوث أو مرباعوث وهي في العمري: يا طيب ليلة مرباعوث ... فسقاه رب العرش صرف غيوث ومورد الوجنات من رهبانه ... هو بينهم كالظبي بين ليوث حاولت منه قبلة فأجابني ... يا حسن ذا التذكير والتأنيث ورواية ياقوت أتم واصح وهي: يا طيب ليلة مر ماعوث ... فسقاه رب الناس صوب غيوث. . . ومورد الوجنات من رهبانه ... هو بينهم كالظبي بين ليوث ذي لثغة فاتنة فيسمي الط ... اووس حين يقول (بالطاووث) حاولت منه قبلة فأجابني ... لا و (المثيح) وحرمة (الناقوث) أتراك ما تخشى عقوبة خالق ... (تعثيه) بين (شمامث) (وقثوث) وقد كان يجب التنبيه في الحاشية على كل هذه الاختلافات والتصحيحات لمكانتها وفائدتها كما لا يخفى. وفي جملة الأعمار الواردة في الشابشتي عمر مربوبان بالانبار. كذا بدون إعجام كامل (ورقة 113) وقد ضبطه العمري مرتومان (ص 286) بتاء أولى وميم ثالثة. ولم يسبق قط استعمال هذه الصيغة في تسمية مارتوما فضلا عن أن في الشابشتي ذكرا خاصا لدير ورد مرسوما في نسخة برلين هكذا برقوما (ورقة 133) تصحيف مرتوما كما جاء مثبتا في ياقوت (ج 2 ص 697)

فلا شك إذن أن العمري أساء النقل وعذره في مثل هذه الأسماء الأعجمية واضح. وبدلا من مرتومان تتحتم قراءة مريونان بياء وواو ونون ولو لم يرد في ياقوت دير بهذا الاسم. على أني بعد البحث والتنقيب وجدت له ذكرا في أخبار فطاركة كرسي المشرق من كتاب المجدل لماري بن سليمان المطبوع في رومة سنة 1899. قال في خبر بربعشمين الجاثليق (وفي هذه الأيام ظهر ماريونان صاحب عمر الانبار وهو تلميذ مار اوجين (ص 26) فلم يبق إذن سبيل لا قل ريب. ومن الأديار التي وقع الوهم في ضبطها دير صباعي على شاطئ دجلة شرقي تكريت فقد ورد في الشابشتي ضباعي بالضاد المعجمة المضمومة والياء المثناة (ق 75) وفي ياقوت صباعي بالصاد المهملة دون ضبط والألف المقصورة استشهد عليه ببيت لبعضهم قال فيه: حن الفؤاد إلى دير بتكريت ... الى صباعي وقس الدير عفريت ونقله الأستاذ المحقق في نسخة العمري صباعي بالصاد المضمومة والباء المخففة ولكنه ضبطه بعد ذلك بالباء المشددة في بيت لبعض لصوص بني شيبان قال فيه: ألا يا رب سلم دير صباعا ... وزد رهبان هيكله اجتماعا والشعر على هذه الرواية مختل الوزن كما هو ظاهر. والمعول عليه في ضبط هذا الاسم دير صباعي بالصاد المهملة المفتوحة والباء الموحدة المشددة والعين المهملة مفتوحة أو مكسورة والياء المثناة نسبة إلى مار شمعون بن صباعي أو بر صباعي كما يقال في الآرامية وهو الجاثليق الشهيد على عهد ملك الفرس سابور هرمز؛ ثم تعاورت اللفظة أفواه العامة والسنة الشعراء فقيل فيهابر صباعي وبر صباعي بالتخفيف. ومن ثم لا أشك أن صحة البيتين السابقين يجب أن تكون: في الأول: حن الفؤاد إلى دير بتكريت ... لبر صباعي وقس الدير عفريت وفي الثاني: ألا يا رب سلم بر صباعا ... وزد رهبان هيكله اجتماعا

وبذلك يستقيم الوزن. ومثل هذا التحريف الذي تناول كل كتب الديارات المعروفة قولهم في الدير الذي كان في باب الشماسية ببغداد قرب الدار المعزية دير درمالس بضم الدال كما في الشابشتي (ق 1) أو درمالس بفتحها كما في ياقوت (ج 2 ص 660) أو دومالس بالواو بدلا من الراء في متن العمري المطبوع (ص 257) والصحيح في كل ذلك رومانس بالراء والواو والنون. ونظيره كتابتهم دير بونى (بالباء الموحدة) للدير الذي كان بجانب غوطة دمشق وهو من الاديار الساقطة من نسخة الشابشتي في برلين ولا ريب في إنه كان مرويا فيه بهذه الصورة لأن ياقوت الذي نقل عنه أورده في معجمه في حرف الباء الموحدة (ج 2 ص 649) ومثله العمري (ص 351) والصواب يونى بالياء المثناة أي يوحنا. وربما قيل أحيانا ياونا بإشباع الفتحة لضرورة الشعر كما في بيت أبي صالح عبد الملك بن سعيد الدمشقي: تمليت طيب العيش في دير ياونا ... بندمان صدق كملوا الظرف والحسنى وقد روي فيه بالباء الموحدة غلطا. وأيسر خطبا مما تقدم إثباته عمر اخويشا بإسعرد بالخاء المعجمة بدلا من الحاء المهملة كما في الشابشتي وياقوت وهي الرواية الفصحى. قال الشابشتي وتفسير احويشا بالسريانية الحبيس (ق 86) فيكون معنى الاسم دير الحبساء. وقد وهم في هذا الموضع أيضاً بضبط اسعرد بفتح العين وهي في كل كتب البلدان بكسرها. ويقال فيها أيضاً سعرد وسعرت. وفي ضد ذلك انتقدت عليه مجلة المجمع العربي بدمشق روايته دير بلوذان بالذال المعجمة لاعتقادها أن الضبط الصحيح بلودان بالدال المهملة كما يتلفظ بها اليوم (6: 1926 ص 188) والحقيقة أن القرية التي ينسب إليها الدير كانت فيما يظهر معروفة في عهد العمري بالذال المعجمة كما ضبطها مرتين في النثر والشعر (ص 358) ووردت كذلك في بيت لمحاسن الشوا الحلبي من قصيدة قالها في دمشق رواها ابن شاكر الكتبي الدمشقي في مجلد من عيون التواريخ في خزانة باريس (رقم 1587 ص 67) جاء مرويا بالضبط الكامل:

حييا ساكني بلوذان عني ... ورجالا بدير قانون زهرا ومن الأبيات التي أستشهد بها العمري في الكلام على دير فيق من أرض الأردن أبيات نقلها عن الشابشتي بعد أن بتر أكثرها وهي مطلع قصيدة لأبي نواس من اظرف قصائده قالها يخاطب بها غلاما نصرانيا كان يهواه وناشده فيها بكل محرج من الإيمان التي كان يمكن أن يقسم بها على نصراني في عهده. ومنها أخذ مدرك الشيباني ما أخذه وحلف به عمرو بن يوحنا في مزدوجته المشهورة (من عاشق ناء هواه دان) وهذه أبيات أبي نواس كما جاءت مطبوعة في مسالك الأبصار (ص 337) بمعمودية الدين العتيق ... بمرطبليطها بالجاثليق تخجل قاصدا ما سر جسان ... فدير النوبهار فدير فيق. . . لقد أصبحت زينة كل بكر ... وعيدا مع جفائك والعقوق وقد غلب التحريف والخطأ على هذه الأبيات وشوه محاسنها بحيث لا يستقيم لها معنى صحيح. وأول ما يتعرض الناظر فيها ذكر (الدين العتيق) ولا يدري ما هو في الحقيقة. وإنما أراد أبو نؤاس الدير العتيق (بالراء) من الاديار القديمة للنسطورية بناحية المدائن وقد فات معجم البلدان ذكره. قال اليعقوبي من أهل القرن الثالث للهجرة (لم يكن ببغداد إلا دير على موضع مصب الصراة إلى دجلة الذي يقال له قرن الصراة. وهو الدير الذي يسمى الدير العتيق قائم بحاله إلى هذا الوقت ينزله الجاثليق رئيس النصارى النسطورية (كتاب البلدان ص 235). وفي الشطر الثاني لفظة أعجمية غريبة وهي مرطبليط وأول ما يتبادر إلى الذهن في تفسيرها إنها مارطباليط أحد أولياء النساطرة وقديسهم في العراق الذين يستشفع بهم. وما الكلمة إلا تحريف مطر بليط أي متوربوليت أحد الألفاظ التي تطلق على رؤساء النصارى ومنها اختصر لقب المطران وهو دون الجاثليق. فيكون تصحيح البيت الأول: بمعمودية الدير العتيق ... بمطربليطه بالجاثليق

وتصحيح البيتين التاليين: بحجك قاصدا ما سر جساني ... فدير النوبهار فدير فيق لقد أصبحت زينة كل دير ... وعيد مع جفائك والعقوق والباء في قوله بحجك كالباء في البيت الأول متعلقة بفعل القسم المضمر والمعنى على هذا الوجه بين واضح لا أشكال فيه. وقد وقع التصحيف أيضاً في صفة دير الثعالب من ديارات العراق. قال العمري وهو في الجانب الغربي من بغداد بباب الجديد (ص 277) والصواب باب الحديد بالحاء المهملة كما في ياقوت (ج 2 ص 350) وقبله في الشابشتي (ورقة 8) وللناشئ في هذا الباب: يا ليالي اللذات بالله عودي ... بين قيرونيا وباب الحديد وقريب من ذلك قوله أن دير زرارة بين الكوفة وحمام أعين على يمين الحاج من بغداد (ص 286) والصواب الخارج من بغداد. وقوله في عمر اتراعيل هو عمار كبير وفيه رهبان كثيرة (ص 287) وهو في الأصل دون ريب عمر كبير أي دير. ومثله قول الصنوبري في دير زكي: حبذا المرح حبذا العمر لا بل ... حبذا الدير حبذا السروتان (ص 266) بضبط العمر بالعين المفتوحة وإنما هو بالضم بمعنى الدير. وإما المرح فقد توقف في أمرها وقال في الحاشية لعلها المرج (بالجيم) والصحيح الكرخ وهي محلة ببغداد معروفة بهذا الاسم إلى يومنا هذا. وقال أيضاً في دير إسحاق هو بين حمص وسليمة. . إلى جانب ضيعة صغيرة يقال لها جذر (ص 328) بالذال المعجمة الساكنة والمشهور إنها بالدال المهملة المفتوحة. وكذلك هي في قول الأخطل (من قهوة عتقتها حمص أو جدر) كما هو في ديوانه. وفي هذا الدير بيت لعبد الرحمن الهاشمي السماني: وإذا مررت بدير إسحاق فقل ... جادتك غير سحائب وبروق وهو على هذه الصورة دعاء عليه لا له. والصواب جادتك غيث سحائي وبروق. ومن الأعلام التي تناولها التحريف أيضاً ما رواه عن الخالدي من قول الوليد ابن يزيد لحنين (غنيتني البارحة في آخر المجلس وقد أخذ الشراب مني بشعر صاحبكم عيسى بن زيد. . . قال فاخذ حنين رقاقه ووقع عليها وغنى.

يا لبينى أوقدي النارا ... أن من تهوين قد جارا (ص 350) وهذا البيت مشهور لعدي بن زيد لا لعيسى وكل من رواه كما في الأغاني وغيره رواه قد حارا من الحيرة والضلال كما يقتضيه المقام لا من الجور. ويشبه هذا ما حكاه عن أبي الفرج الاصبهاني في كلامه عن دير مارت مريم بالحيرة قال كان قس يقال له يحيى بن حمار (ص 318) والصواب يقال له يحيى خمار أي إنه كان بائع خمر حسبما نقله البكري في معجم ما استعجم (ص 369 - 371). ومن فوائد معارضة العمري بالشابشتي وياقوت إمكان الاستعانة بهما ولا سيما بالشابشتي لترجيح بعض الروايات أو إصلاح بعض الغلطات في سياق الأبيات المستشهد بها. وهذا أهم ما وقفت عليه منها أورده على ترتيب الصفحات: ص 275 س 14 حتى حسبت لنا البساط سفينة ... والبيت ترقص حولنا حيطانه والأرجح رواية الشابشتي (والدير ترقص). ص 278 س 2 هل عند قسك من علم فيخبرني ... أم كيف يسعد وجه الصبر من خانا وفي الأغاني والشابشتي وياقوت والبكري (من بانا) وهو الصحيح. ص 281 س 5 ترنم الصيف بعد عجمته ... وأنصرف البرد في أزمته. . . ومن وفى وعده بزورته ... وبت أوفي له بذمته والصواب ما ورد في الشابشتي (ترنم الطير بعد عجمته) في شطر البيت الأول. و (وفى بميعاده وزورته) في شطر البيت الثاني. ص 282 س 13 وأحيت لذة الكاس ... ولكن قتلت سكرا وضبط اللذة بالنصب والصواب (لذة الكاس) بالرفع على الفاعلية. ص 287 س 6 فأغتنم غفلة الزمان وبادر ... واقترض لذة الليالي القصار وفي الشابشتي (وأفترص) دون أعجام. ولا أتوقف عن قراءتها (وأفترص) من الافتراص وهو انتهاز الفرصة وهو ما يقتضيه المقام. ص 311 س 3 فلم يزل في رياض العمر يعمرها ... قصفا وتعمرها اللذات والطرب وفي الشابشتي فلم نزل في رياض العمر نعمرها ... قصفا وتغمرنا اللذات والطرب وهي الرواية الصحيحة. ص 317 س 9 حتى يظل الذي قد بات يشربها ... ولا براح به يختال كالمرح

وفي الشابشتي ونهاية الأرب للنويري (ج 4 ص 100) (ولا مراح به) بالميم كما يقتضيه قوله يختال كالمرح. ص 324 س 18 رأيتك من تعقد له حبل ذمة ... من الناس يأمن سرجه حيثما ارتقى وفي الشابشتي وديوان النابغة (من الناس يا من سرحه حيث أربعا) ص 338 س 1 و5 فأي زمان بهم لم يسر ... وأي مكان بهم لم يطب نحث الكؤوس باهزاجه ... ومرسوم ارماله بالعجب وفي الشابشتي (فأي زمان بهم لم يسر) ببناء يسر للمعلوم (ومزموم ارماله والنصب) وهو الصواب. ص 339 س 5 وأقبل الليل لابسا حللا ... مسكية ما لهن أذيال وفي الشابشتي (وأقبل الغيم لابسا حللا) وهو الأصح. ص 347 س 4 يا دير يونس جادت سرحك الديم ... حتى ترى ناظرا بالنور يبتسم وفي الشابشتي (حتى ترى ناظرا بالنور تبتسم) وهو الصواب. ص364 س 7 فسقى الله أرض حلوان فالمنجد ... فدير القصير صوب العشار وفي الشابشتي ويتيمة الدهر للثعالبي: فسقى الله أرض حلوان فالنخل ... فدير القصير صوب العشار وهو الصحيح المشهور. وهنالك أبيات شتى لم ترد في الشابشتي ولا بأسمن تصحيحها أيضاً وهي: ص 263 س 12 وكانت هناة لي الويل من ... جناها الذي خطه كاتبي وقد جاء هذا البيت في إرشاد الأريب لياقوت (ج 1 ص 157) مطبوعا على هذه الصورة برسم هناة بالتاء المربوطة ومعناها في اللغة الداهية ولا محل لها هنا. والوجه رسمها (هنات) بتاء الجمع المبسوطة أي هفوات وخصلات شر وهو ما يدل عليه قوله في بيت سابق: سقاني المدامة مستيقظا ... ونمت ونام إلى جانبي ص 267 س 2 وبهار مثل الزنابير محفو ... ف بزهر الخيري والحوذان وقد سبق تصحيح الزنابير من هذا البيت بالدنانير، وبقي فيه أن (الخيري) بكسر الخاء لا بفتحها (والحوذان) بفتح الحاء لا بضمها.

ص 267 س 7 تضاحكها الفرات بكل فج ... فتضحك عن نضار أو لجبن والصواب يضاحكها كما لا يخفى. وقد سبق له تأنيث الفرات مرة أخرى في كلامه عن دير الباعوث. قال وهو على شاطئ الفرات من جانبها الغربي (ص 261) بدلا من جانبه. ص 284 س 11 ما أبعد الرشد من قلب تضمنه ... قطربل فقرى بنا فكلوا ذا كذا ضبط ياقوت واكثر كتب البلدان قطربل بفتح الراء ولكن المرجح في دواوين اللغة قطربل بضم الأول والثالث. وقد ورد اللفظ على هذه الصورة في شرح ديوان أبي الطيب المتنبي في قوله (سقتني بها القطر بلي مليحة) ومن ثم فتصحيحه في باب التصويبات (ص 10) قطربل (بضم الأول والثالث) بقطر بل (بضم الأول وفتح الثالث) غير مأثور في المتعارف المشهور. ص 295 س 10 وكتب في لازورد الدجى ... بزنجفرة وبزنجاره بضم الزاي من لازورد وفتحها من زنجفر. والوجه العكس أي (لازورد) (بفتح الزاي) و (زنجفر) بضم الزاي والجيم). ص 395 س 18 بسط البنفسج. . . تبسط في ... صحون آس وخيريات تفاح ولم ترد لفظة خيرية في معاجم اللغة وكتب الدخيل والمولد بما يصح تفسيرها به هنا. وقد أفادني عنها حضرة الأب انستاس ماري الكرملي وهو اليوم جهينة اللغة أن صحتها (حيريات) بالحاء المهملة المكسورة جمع حيرية نسبة إلى الحيرة حيث كانت تصنع. قال: الحيرية هي طبق يسوى من قضبان الخلاف أو الصفصاف أو الرمان يتخذه أهل الحيرة لوضع الأثمار والفواكه. ص 296 س 2 حتى تخمر خماري بمعرفتي ... وحبرت ملحي بالسكر ملاحي والصواب (حيرت) بالياء المثناة المشددة. وقد تكرر له مثل ذلك في قوله (ص 324 س 16) وفيهن كل عذراء تدهش المتحبر بدلا من (المتحير) كما هو ظاهر. ص 301 س 9 إذ على سطحك سيف الدولة القر ... م الذي فات الورى عزا ومفخر بكسر القاف من القرم. والوجه فتحها. ص 313 س 14 يعتاده كل مجفو بعارفة ... من الدهان عليه سحق إمساح وهو على هذه الرواية الغريبة لا يستقيم له معنى. والصواب (محفو مفارقه)

بالحاء المهملة من الحفو وهو المبالغة في قص الشعر والبيت لأبي نواس يصف به رهبانا حلقوا أوساط رؤوسهم. ص 314 س 1 حتى إذا انطق الناقوس بينهم ... مزين الخصر رومي القرابين والصواب (مزنر الخصر) من الزناد كناية عن إنه نصراني وهو ما أشار إليه أيضاً بقوله رومي القرابين. وقد تقدم في ص 308 بيت لبكر بن خارجة في غلام نصراني من أهل الحيرة قال فيه: زناره في خصره معقود ... كأنه من كبدي مقدود ص 336 س 8 أحوى أغن إذا تردد صوته ... في مسمع رد احتجاج ذوي الحجى بضبط مسمع بفتح الميم. والقياس (مسمع) بالكسر بمعنى الأذن. ص 345 س 8 أمه معروفة وأبوه نكره والصحيح المشهور (أمه معرفة). ص 355 س 10 حث المدام فإن الكأس مترعة ... مما يهيج دواعي الشوق أحيانا بنصب مترعة والقياس الرفع كما لا يخفى وهو من أغلاط الطبع. ص 379 س 9 ونأكل السلور والشبوطا ... والفرخ والمسلوخ والمسموطا بأجراء السلور والشبوط على وزان واحد. والمعروف في الأول (السلور) بكسر السين وفتح اللام. وإما في النثر فهذا ما رأيت فائدة في التنبيه عليه: ص 255 س 10 قلعة أردمشت بفتح الدال. والمشهور في ضبطها (اردمشت) بضم الدال والميم كما في ياقوت (ج 1 ص 199). ص 258 س 11 فوجه إليها عشرين دنا شرابا ومائة دجاجة وعشرين حملا وفاكهة قال في باب التصويبات (في الأصل فوجه إليها. . . وعشرين حملا وكبانج فاكهة. فأولا: كلمة (إليها) يجب جعلها (إلينا) كما يحتمه السياق. . . وثانيا: كلمة (بياح) عليها في نسخة ألام نقطة من المداد جعلتني أتخيل أن المؤلف ضرب عليها بالقلم فلذلك أهملتها في الطبع ولاسيما وأني لم افهم لها معنى وقتئذ لكن الأمانة أوجبت علي المراجعة عنها والتدقيق فيها. وقد وجدت أن صاحب القاموس

إشارة في مادة (ن ب ج) إلى أن (النبج) هي الغرائر السود) أي الجوالق والزكائب فتكون الفاكهة حينئذ من النواشف أي من نوع النقل. ويكون ابن فضل الله قد أراد الرجوع عن جمع الجمع (نبايج) لعدم وروده فضرب على الكلمة ثم سها عن وضع الكلمة الواردة في كتب اللغة. . . (ص 8). قلت ومن الغريب أن يكون مثل الأستاذ لا يرى بأسافي التصرف في عبارة المتن ولو بإسقاط كلمة واحدة بحجة عدم تبين معناها. ولا أدري كيف يصح أن يكون العمري نفسه هو الذي هم بتبديل حرف من كلام كان يعلم إنه ليس له بل لجحظة البرمكي بدعوى إنه لم يرد في اللغة. وهل هذا كله إلا تخيل وافتراض محض. وقد كان الأجمل والأحرى أن تترك اللفظة في مكانها من المتن وتثبت على علاتها إذ لعله يقيض لها من يجلو مبهما ويعنى بتفسيرها. وإما ما أرتاه من أن النبائج هي جمع الجمع (نبج) بمعنى الغرائز والجوالق السود أي الأعدال الكبيرة التي يوضع فيها المتن ونحوه فاقل ما يترتب عليه أن تكون العادة سبقت في بغداد بين ظرفائها وأهل التنوق والترف فيها أن تنضد الرياحين في الجوالق السود ويهدي نقل الشراب في الأعدال. . . والحقيقة أن النبائج جمع نبيجة وهي السفرة والطبق من الخوص أو الخيزران. وورودها في كتاب الموشى بصورة نبانيج أو بنانيج ليس إلا خطأ وتحريفا من النساخ. وقد وجدتها مستعملة بصيغة المفرد في كتاب الديارات للشابشتي وهذا ما قال فيه: (لما صح عزم المتوكل على أعذار أبي عبد الله المعتز. . . كان في صحن الدار. . . ألف نبيجة خيزران فيها أنواع الفاكهة) (ورقة 65) فالنبيجة إذن والنبائج كانت في العراق كالأطباق التي تفرش عليها الأزهار والثمار بين أيدي الباعة اليوم في مصر وإما أصل الكلمة فقد تفضل حضرة الأب انستاس ماري صاحب هذه المجلة الغراء بتعريفي إنها لغة عراقية في (النبية) الواردة بمعناها في معاجم اللغة. ومثلها (النفية) ويقال أيضاً (النفيجة) لغة أخرى عراقية فيها. ص 263 س 1 قصدت بسر من رأى رائدا بعض كبارها. وفي إرشاد الأريب لياقوت حيث وردت القصة نفسها: قصدت بسر من رأى زائرا

بعض كتابها) (ج 1 ص 157 وهو الأصح. ص 289 س 17 حوله قلال كثيرة. بدلا من (قلالي) كما ورد تصحيحها بعد. في ص 294 حاشية (2) ونظيرها في (ص 374 س 5) برار معطشة بدلا من (براري). ص 293 س 8 القلفطار بالفاء والصواب (القلقطار) بالقاف المثناة بأوله وثالثه. 299 س 10 في خارجه مغار الجبل فيها صناديق. والقياس (فيه) لقوله فيما بعد (داخل هذا المغار) مما يدل على إنه أراد المغار لا المغارة. ص 302 س 19 بلط واسمها بالفارسية شهر اباذا (حاشية 3) والصواب (شهراباذ) بدون ألف في الآخر كما في ياقوت (ج 1 ص 715). ص 305 س 15 شعر زعفرانه فائق. وإنما هو (سعر زعفرانه) أي قيمته لأن الزعفران كان يزرع في عدة ديارات ويتجر به. وقد اشتهر بزراعته خاصة دير كان على الجبل المحاذي نصيبيين عرف لذلك بدير الزعفران (ياقوت ج 2 ص 663). ص 312 س 4 لكل منهم يومئذ شأن يغنيه. بدلا من (يعنيه) بالعين المهملة المفتوحة. ص320 س 14 فلن نعدم أعرابيا فصيحا يطير إلينا. والصواب (يصير إلينا) بالصاد المهملة. ص 339 س 18 هو قذى عيونهم إلى أن يتخلى. وإنما هو (يتجلى) بالجيم. وهو مأخوذ من بيت لمحمد بن سعيد الكاتب: رأى خلتي من حيث يخفى مكانها ... فكانت قذى عينيه حتى تجلت ص 362 س 7 دير نهيا. . . الماء يحيط به من جميع جهاته. . . فإذا تصرف الماء أظهرت أرضه غرائب النوار. في الشابشتي (فإذا انصرف الماء. . . وزرع) وهي الرواية الفضلى. ص 366 س 15 كان السراج قد طفئت فتيلته (بضم الطاء). والصواب (طفئت) بفتحها لأن طفئ لازم لا متعد فبناؤه للمعلوم. ص 374 س 1 الديارات السبع. والقياس (الديارات السبعة) لأن مفردها دير وهو مذكر. ص 375 س 11 مرت الأطلاب مزينة الترك وجياد الخيل. قال في الحاشية يظهر

إنه سقط كلام في الأصل وربما كانت الجملة هكذا: (ومرت الأطلاب مزينة (بأبناء) الترك وجياد الخيل). ثم عاد في التصحيحات فقال أني بعد إنعام النظر أتخيل أن الناسخ غير كلمة (اليرك) لأنه لم يفهمها بكلمة الترك. واليرك كلمة تركية كانت فاشية الاستعمال بمصر على عهد المماليك ومعناها السلاح، وكثيرا ما يستعملها المؤرخون لذلك العهد. ويكون المعنى أن الأطلاب مرت مزينة أسلحتها وخيلها الجيدة (ص 16)). وقد اغفل الأستاذ هذه المرة أيضاً كعادته أن يراجع النصوص التي اعتمد عليها لادعاء أن اليرك كلمة تركية كانت فاشية الاستعمال في عهد المماليك بمعنى السلاح. ولو فعل لأعجزه البحث أن يأتي بشاهد واحد عليها من هذه الشواهد الكثيرة التي توهمها. وقد قبلت ما وسعني تقبيله من تواريخ المماليك ومعاجم اللغة التركية في دار الكتب في باريس فلم اقف فيها على أثر للفظة (يرك) بالياء والكاف ولا نص واحد على استعمالها بهذا الضبط. وإنما جاءت هنالك كلمة (يراق) بالقاف قبلها الألف بمعنى السلاح. وقد استعمالها بعض المتأخرين بعد إسقاط الألف منها كابن اياس خصوصا ولكنهم لم يعنوا بها السلاح فقط خلافا لدوزي. بل أطلقوها على جملة أجهزة المسافر للقتال من أمتعة وألبسة وأسلحة وأزوده ودواب وسائر ما يحتاج إليه من العدد والأثقال الحربية ولا بأس أن أعزز هذا الاصطلاح ببعض الشواهد لأني لا أعلم إنه سبق لأحد كلام فيه أو توسع في تفسيره. قال ابن أياس في مجلد مخطوط من تاريخه في خزانة باريس رقم 1825: في صفر (سنة 922) قال السلطان للخليفة لما جاس أعمل يرقك إلى السفر وكن على يقظة فأنا مسافر إلى حلب بسبب ابن عثمان. وقال للقضاة الأربعة اعملوا يرقكم وكونوا على يقظة حتى تخرجوا صحبتي (ص 9). وقال بتاريخ يوم السبت 25 صفر من السنة نفسها: جلس السلطان في الميدان وعرض الأمراء الطبلخاناة والعشراوات

وروس النوب فلما عرضهم قال لهم اعملوا يرقكم وكونوا على يقظة من السفر (ص 13). وقال بعد ذلك بتاريخ يوم الثلاثاء 5 ربيع الأول: نزل القاضي شهاب الدين بن الجيعان نائب كاتم السر عن لسان السلطان إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله بسبب عمل يرق الخليفة وقد كشفوا في الدفاتر القديمة أن الخليفة إذا سافر صحبة السلطان يكون جميع يرقه على السلطان فكتب الخليفة قوائم بمصروف عمل اليرق فكان ذلك بعشرة آلاف دينار وقيل خمسة آلاف دينار (ص 13). فليست إذن كلمة اليرك ولا اليرق هي التي يترجح أن تكون في متن العمري. ولا أخال حضرة الأستاذ المحقق إلا إنه أراد البرك بالباء الموحدة وهي لفظة فارسية من معانيها الأصلية السلاح وأثاث المسافر وزاده وسائر مقتنياته. وقد سبق استعمالها عصر المماليك ولا يبعد أن تكون قد طرأت على اللغة في عهد السلاجقة لأن ابن الأثير أوردها في تاريخه الكامل في كلامه عن بني جهير سنة 493 قال في المجلد المخطوط في خزانة باريس رقم 1499: في سنة ثلث وتسعين بيع رحل بني جهير ودورهم بباب العامة ووصل ثمن ذلك إلى مؤيد الملك. ثم قتل في سنة أربع وتسعين مؤيد الملك وبيع ماله وبركه واخذ الجميع وحمل إلى الوزير الأعز. وقتل الوزير الأعز هذه السنة وبيع رحله واقتسمت أمواله (ص 125). وقال أيضاً في حوادث سنة 494: واخذ عسكر محمد (السلطان أخي بر كيارق) ما تخلف للأمير اياز من مال ودواب وبرك وغير ذلك (ص 122). وقد أريد بالبرك هنا كما هو ظاهر معنى الرحل وهو في اللغة منزل الرجل وما يصحبه من الأثاث ولذلك عوقب بينهما في الشاهد الأول من كلام ابن الأثير. ثم تغلب معنى المتاع والثقل خصوصا على البرك دون السلاح حتى احتاجوا أحيانا إلى الجمع بين اللفظيين للنص على المعنيين. قال ابن تغري بردي في النجوم الزاهرة في حوادث سنة 698:

إلا أن جميع الأسعار غلت لاسيما السلاح وآلات الجندية من القماش والبرك وحوائج الخيل وغير ذلك (باريس 1783 ص 47). وقال ابن اياس في وقائع سنة 922: لم يبق عندنا لا خيول ولا قماش ولا برك ولا سلاح (باريس 1825 ص 85). ولا حاجة إلى استقصاء شواهد البرك في ابن الأثير والمقريزي وابن تغري بردي وابن قاضي شهمة وابن اياس وسائر المؤرخين ولعل ابن اياس انفرد دونهم بالجمع بين لفظتي البرق والبرك كقوله في الكلام عن قاسم بن أحمد بك بن أبي يزيد بن عثمان انقله عنه بلحنه وعاميته: كان السلطان قد أقام له برك ويرق وتكلف عنه بنحو ألفين دينار حتى يظهر أمره (باريس 1825 ص 31). وإما ضبط اللفظة فإذا روعي الأصل الفارسي وجب أن ترسم بالباء المكسورة والراء الساكنة مثل سلك ولكنهم عدلوا في الاستعمال عن الكسر إلى الفتح فقالوا برك وأحيانا برك بفتح الباء والراء كأنهم أرادوا أن ينظروا فيها إلى معنى يرق التركية فاجروها مجراها. وقد وجدتها مضبوطة مرتين بفتحتين في مجلد مخطوط من الكامل لابن الأثير في خزانة باريس رقم 1501. ووردت في مجلد آخر من الكتاب نفسه بخط الأمام المؤرخ العلامة عبد الرزاق ابن الفوطي البغدادي بفتحة واحدة بين الباء والراء وما أظنه إلا أراد ضبط الراء بها. وقد رسمها مرة أخرى مهملة دون أقل شكل. وإذا صح أن يكون العمري تعمد هذه اللفظة الدخيلة في قوله (مرت الأطلاب مزينة) فيكون أراد بها الأثقال والعدد التي تصحب الجنود في الأسفار. ولكني لا أرى أقل حاجة إلى كل هذه التخرصات والتأويلات ولا أدري لماذا عول الأستاذ بعد أنعام النظر على العدول عن كلمة (الترك) الواردة في النسخة ألام وليس ثم ما يعترض دون بقائها وتفسيرها. وإذا كان هنالك حقيقة كما قال كلام ساقط في الأصل بين كلمتي (مزينة) (والترك) فلا ارتاب أن يكون العمري أراد أن يقول فيه (مرت الأطلاب مزينة بأقمار الترك وجياد الخيل). وهو ما أشار إليه في البيت السادس والثلاثين من الأرجوزة التي نظمها في الدير الأبيض

(ص 375) وقال فيه. أقمار ترك فوق شهب الخيل ... وبينها أدهم مثل الليل وهذا لم يكن ثم أقل بياض في المتن فيتحتم أن تكون كلمة الترك بفتح فسكون جمع تركة وهي بيضة الحديد والخوذة وفي ذلك ما لا يخفى من التوفيق الهنيء المريء بين رأي الأستاذ في السلاح وبين صحة المتن دون تغيير ولا تبديل. وقد بقيت هنالك هنات وهفوات لا يسلم من مثلها كتاب مطبوع كقوله (ص 352) مما مدح به السيد الرضي لعمر بن عبد العزيز بدلا من (عمر بن عبد العزيز) و (ص 358) دير شق معلولا بها صدع فيه ماء ينقط بدلا من (به) لأن الصدع في الدير وليس في القرية. وكتابته في (ص 375) ثم ينقضي بدلا من (لم ينقض). واقتراحه في باب التصويبات (ص 10) إبدال (بؤس العتاب) بدعوى أن العتاب بين الحبيبين المتقاطعين المتهاجرين لا بؤس فيه (ببؤس الغياب) في بيتي دير حزقيال: رب ليل أمه من نفس العا ... شق طولا قطعته بانتحاب ونعيم يوصل من كنت أهوى ... قد تبدلته ببؤس العتاب وقد جاء (بؤس العتاب) في غير العمري أيضاً كياقوت (ج 2 ص 654) وإنما أراد الشاعر مقابلة نعيم الوصل ببؤس الهجر فوضع لضرورة القافية العتاب موضع الهجر لأنهما متلازمان. ومثل ذلك اختباره وضع (إحياء) في موضع (أخبار) من بيت دير يونس: يعلك منها برهة بعد برهة ... سحاب بأخبار الرياض كفيل قال على أن السحاب لا يتكفل إلا (بإحياء) الرياض لا (بأخبارها) (ص 15) وفاته أن (الأخبار) هنا تكون جمع (خبر) بفتح فسكون. ومن معانيه (الزرع) فلا حاجة إذن إلى تكلف تغيير فيه. وهلم جرا من أمثال هذه التصحيحات التي يجد الناظر فيها موضعا للقول والمراجعة دون أن يضع ذلك من قدر فوائدها أو يغض شيئا من مزايا هذه الطبعة الفريدة التي بلغت شأوا بعيدا في الإتقان والافتنان والتمثيل البديع وزهت برونقها وشارتها حتى إذا أنكرنا عليها إساءة واحدة جاءت محاسنها بألف شفيع. افالون (فرنسة): حبيب الزيات

العيافة عند عوام العراق

العيافة عند عوام العراق العيافة مشتقة من عفت الطير وغيرها من السوانح اعيفها عيافة: زجرتها وهو أن تعتبر بأسمائها ومساقطها وممرها وأصواتها فتتسعد أو تتشأم والعائف: المتكهن بالطير أو غيرها من السوانح ويقال له الزاجر أيضاً (ملخص عن اللغويين). والذي عندنا أن العيافة مشتق من (العوف) كما أن البوابة مشتقة من الباب، والعوف هو الطائر (وفي كتب اللغة طائر. وهذا وهم عندنا) كما أن الإفرنجية مشتقة من أي اختبار العوف أو الطائر واستشارته كما في العربية. وكان السلف كثيرا ما يعيف الطير وهكذا كانت سائر الأمم مولعة بالعيافة كما هو شأن جميع الأقوام غير المتنورة وإلا فما أثر هذه الحيوانات على اختلاف أنواعها في أمور الناس وهم مخيرون في أعمالهم ولا صلة تصلهم بما يحيطهم. ومن الأمم المولعة بالعيافة الرومان فانهم كانوا أشد الناس حرصا على معرفة المستقبل وما يكون في مطاويه من سعد ونحس بالنظر إلى حركات الطير على اختلاف أنواعها. والأمم مهما ارتقت تكون فيها طبقتان: طبقة عالية وهي طبقة الخاصة، وطبقة منحطة أو سافلة وهي طبقة العامة، والعوام في جميع البلاد والديار والأمصار مولعون بالعيافة أو الزجر، ولما كان صديقنا العزيز أحمد حامد أفندي الصراف من متتبعي آداب طبقات الناس والباحثين عن أخلاقهم، طلبنا إليه أن يتحفنا بما يعلم عن عيافة العوام في العراق، فكتب لقراء لغة العرب هذه المقالة الشائقة وقسمها إلى أربعة أقسام: قسم الحيوانات، وقسم الطيور، وقسم الحشرات، وقسم الأشجار. فقال: (لغة العرب) 1 - عيافة الحيوانات الخراف الخرافيون من الرجال يتفاءلون بروية الخراف عند الصباح، معتقدين

أن رؤية الغنم (غنيمة)؛ وإذا شاهد أحدهم قطيعا وجب أن يعد منه سبع نعاج حمر. وإلا أصابه مكروه في يومه. والطفل الذي يبكي كثيرا تأخذه أمه إلى قطيع من الغنم فتمشي أمامه (أمام القطيع) بسرعة وتقول: (يا عجة، اخذي اللجة) أي أيها العجاج، خذ اللجاج، معتقدة أن هذه الفعلة تجعل الولد هادئا لا يبكي ولا يصيح. ومن أمثال العوام: (فلان صار خروف) أي خرف وهذي وهرم. ومنها (فلان مثل النعجة) يقال للرجل العاجز الجبان. الكلب كان العربي الجاهلي يحب الكلب ويضرب المثل بوفائه بل مدح أحد السلف في صدر الإسلام الخليفة بقوله: أنت كالكلب في احتفاظك للود ... وكالكبش في قراع الخطوب وكان إذا أراد أحدهم مدح آخر ونعته بالكرم قال: (فلان جبان الكلب) وأخبار هذا الحيوان الأمين كثيرة في كتب الأدب. أما المسلمون فيعدونه نجسا لحديث ورد عن النبي (ص) قوله: إذا ولغ الكلب في أناء أحدكم فاغسلوه سبعا إحداهن في التراب. أما الآن فيتشاءم منه عامة الجهلة من نساء ورجال ولاسيما حين يعوي عواء الذئب فيكثر من عوائه فينهرونه حينئذ بقولهم له: (مجعوم بالله هلك هلك عوذه) أي (أنت مردود بعون الله إلى أهلك اهلك نعوذ بالله منك) وبعضهم لا يتردد في قتل مثل هذه الكلاب تخلصا من شرها. أما الذي ينبح نباحا عاديا فلا يتشاءم منه؛ وإذا نبح الكلب في وجه طفل (وأخترع) أي أرتعب اخذوا شعرات منه واحرقوها تحت ثياب الطفل. وإذا عض الكلب أحدهم اخذوا من أصحابه (خمرة) أي عجينة وملحا ووضعوها على المكان المعضوض فيبرأ على ما يزعمون! والأعراب العائشون في البساتين والحقول يتهافتون على اقتنائه لأنه يحرس غنمهم ومواشيهم ليلا. ومن أمثال العوام (إذا كانت حاجتك عند الكلب قل له حاج كليبان) أي

عظمه بالألقاب الضخمة لتنال بغيتك، ومنها: (مثل كلب المبلل) يقال لمن يتورط في أمر، ومنها: (طردوه طرد الكلب من الجامع) ومنها: (مثل كلب المكلوب) يقال لمن يعربد ويصخب ويشاغب كثيراً. الهر لا يتشاءم منه الناس ولا يتفاءلون به أما إذا شوهد يمسح وجهه بيديه وخصوصا إذا أمرهما فوق أذنيه قالت النساء سيجيئنا ضيف وإذا تقاتلت القططة وقام أحد سكان البيت وضربها قالوا: سيصيبه أذى في يومه. واليهود في العراق يكرهون القططة كرها عظيما ولا يترددون لحظة في قتلها والمشهور عن الهر إنه يأكل فراخه والى هذا المعنى أشار شوقي بك الشاعر مشبها الشمس بالهرة فقال: فيالك هرة أكلت بنيها ... وما ولدوا وتنتظر الجنينا ومن أمثال العوام: (هر المطابخ) يقال لمن فيه سمن. ومن أمثالهم (عداوة الجريدي والبزون) أي عداوة الجرذ والهر يقال ذلك عن عدوين عداوتهما قديمة موروثة ويسمى بعض العوام (الهر) (عتوي) ويريدون به الهر الضخم ولاسيما الأسود. أبن آوى ويسميه العوام في العراق (الواوي) ويتفاءلون برؤيته وإذا صاح ابن آوى ليلا يفرحون معتقدين أن سنتهم تكون سنة خير وبركات، فإذا أكثر من صياحه وكان أحد سكان البيت مريضا أو أرمد أو به سعال شديد أو غير ذلك، تقف إحدى النساء وتأخذ بيدها اليمنى طاسة مملوءة ماء وتضع يدها اليسرى على رأسها وتتقبل (القبلة) وتسكب الماء وراءها وتقول: (يا واوي البرية خذ صخونة فلان بن فلان أو رمد فلان بن فلان وذبه بالبرية) والمرضعة تأخذ ولدا من أولاد أبن آوى وترضعه من ثديها معتقدة أن ذلك يطيل حياة ابنها. ويتفاءل المسافرون إذا عرض لهم أبن آوى في طريقهم والأنثى يسميها العراقيون (بعيوة) (مصغرة) ومن أمثال العوام:

(فلان مثل واوي الخضرة ويراد بذلك المحتال الداهية. وفي بغداد إذا قال أحدهم للآخر (واوي) والصعاليك يرفعون عليهم هراواتهم مهددين إياهم بالبطش والفتك. الذئب حيوان لا تشاءم منه. والنساء يعتقدن أن الذي يحمل عليه عينه المقلوعتين يصاب بأرق شديد فلا يستطيع أن ينام ومن يحمل قطعة من جلده أو نابا من أنيابه أو كعبا من كعاب عظامه تهزم منه الجان. وإذا وقع الطفل، أو زلت قدمه صرخت النساء (الذئب، الذئب) مستنجدات به لطرد الجان لأن الذئب يأكل الجان بموجب اعتقادهن كما ذكرناه في بحثنا عن الخرز. والذئب مشهور بالغدر عند العرب القدماء وأحسن من وصفه الشاعر المشهور الفرزدق حيث يقول من قصيدة له: وأنت امرؤ يا ذئب والغدر كنتما ... أخيين كانا أرضعا بلبان الخنزير حيوان مشؤوم وقد حرم لحمه على المسلمين بنص القرآن وقد حرم الفقهاء أكله بجملته. إلا أن النساء يستعملن شحمه وجلده للسحر والعلاج. من ذلك إنهن يعتقدن أن شحمة أذنه تفرق بين المتحابين. وإن حمل أحد إحدى أنيابه أمن الشر. لذلك تراهن يعلقن سنه في عنق الطفل. ويستعمل الماء الذي يشرب منه لمعالجة (السعال) وداء آخر يسمى في عرف العوام (خنيزيرة) وهو الخنازير ولذلك يقتني بعضهم خنزيرا ليبيع من الماء الذي يشرب منه فيضعه في القناني لهذه الغاية وقد حدثني أحد يهود بغداد بأن القنينة الواحدة تباع بنصف ربية وقد حققت الأمر من يهود بغداد فتبين لي صحة هذا الزعم. ويعتقد الأعراب أن وجود الخنزير بين الخيل مدعاة إلى سمنها. أحمد حامد الصراف

شم النسيم

شم النسيم - إلى الحبيب الهاجر، عن ديوان (الشفق الباكي) للدكتور أبي شادي، (والديوان يطبع اليوم): أهلا (بشم النسيم) ... يطيب في ذكراك كأنما هو روح ... نشرتها من هواك! ففاح منها (الربيع) ... وجدد الكون طر! ورف قلبي سرورا ... كأنما حال زهرا! أو إنما بعثته ... ذكرى صعود (المسيح) وجدت أنت بعطف ... أحيا الشهيد الجريح! وأوقدوا النار فيه ... و (الفجر) يرنو لناري حتى الإله (بتاح) ... رأى بها أشعاري! يوم به تتباهى ... مواكب الشبان تستقبل الصفو (حبا) ... في النهر والبستان! وما تباشير عبدي ... وغرس هذا (الربيع) إلا حنان فؤادي ... إلى سناك البديع! عيد لأبناء (مصر) ... مؤصل في قرون وعيد قلبي المرجي ... من خصني بالفتون! فكل (شم نسيم) ... وأنت تقطف أنسا لم أسل انسك فيه ... هيهات أنسك ينسى!

الشيخ حسن بك

الشيخ حسن بك الحسن بن اقبغا بن ايلكان النوين الشيخ حسن بك حاكم العراق، وهو والد أويس، وكان يقال له (حسن الكبير) تمييزا له عن (حسن ابن تمرتاش). وكان حسن الكبير زوج خاتون بغداد بنت الجوبان فلم يزل بو سعيد إلى أن طلقها وأخذها منه قهرا وأبعده. فلما مات بو سعيد عاد فملك بغداد وأقام بها وجرت له مع التتار حروب كثيرة ومع أولاد تمرتاش انتصر فيها. ثم إنه تزوج دلشاد بنت دمشق خواجا بن جوبان هي ابنة أخي امرأته الأولى. ووقع في ولايته على بغداد الغلاء المفرط حتى بيع الخبز بصنج الدراهم. ونزح الناس عن بغداد، وقام هو بالملك أحسن قيام ونشر العدل إلى أن تراجع الناس إليها. ولما كان في سنة 749هـ (1348م) توجه إلى (تستر) من أهلها (كذا) قطيعة قررها عليهم فأخذها وعاد فوجه نوابه في بغداد قد وجدوا في رواق الغزر (؟) ببغداد ثلاثة قدور مثل قدور الهريسة طول كل جب منها نحو ذراعين ونصف الثلاثة مملوءة ذهبا مصريا وصوريا ويوسفيا وفي بعض سكة الناصر البغدادي. فيقال جاء وزن ذلك أربعين قنطارا بالبغدادي. ومات الشيخ حسن في سنة 757هـ (1356م). (عن الدرر الكامنة) ف. كرنكو

نكت وغرائب لغوية

نكت وغرائب لغوية كل لغة لابد أن تشتمل على نكت وغرائب لا يتقنها إلا أهلها الناشون في أحضانها، وسبب غرابتها جريانها على غير قياس. والفروق الناجمة من اختلاف القياس، والمعاني الناتجة من الاسترسال في التفريع، ولدت تلك النكت، مثال ذلك: أن أهل الموصل يقولون: (مجروح) و (مكسور) و (مبيوع) مثلا بإمالة الضمة ولا يميلون (مقتول) و (مغدور) و (مغبون) و (معذور) و (مهموم) و (مديون) مثلا مع قطع النظر عن قلبهم الراء في (مجروح) و (مكسور) غينا دون (مغدور) و (معذور). ويقولون (يروح) بالإمالة وقلب الراء غينا دون (يروج) مع تشابه اللفظيين ويكسرون ما قبل هاء التأنيث فتنقلب الهاء ياء في نحو (مفطومة) و (معجونة) و (مسلولة) وذلك فيما حققوا ضمته خاصة ولا يفعلون ذلك في ما أمالوا ضمته مثل (مقطوعة) و (مطبوخة) و (مخنوقة). ويكسرون (شربه) و (جنه) و (خشبه) و (ثلاثة) و (خمسة) ويفتحون (أربعة) و (سبعة) و (عشرة) و (جمعة) و (خديجة) و (حجرة) و (دقيقة) و (ساعة). ويزيدون (. . . ايه) للدلالة على الوحدة في المتفرق الأجزاء مثل (تمرايه) و (تينايه) و (حنطايه) و (حباية) و (عنبايه) في تمرة وتينة وحنطة وحبة وعنبة أو للدلالة على القطعة في المتصل الأجزاء مثل (خبزايه) و (جبنايه) و (حطبايه) و (شحماية) في خبزة وجبنة وحطبة وشحمة. أو للدلالة على حقارة الشيء في نحو (بيتايه) و (حصيرايه) و (ميزايه) للبيت الحقير والحصيرة الحقيرة والمنضدة (الميز) الحقيرة وكل ذلك بكسر ما قبل الهاء ولا يزيدون شيئا في نحو (تفاحة) و (رمانة) مع أنهم يقولون (خيزرانايه) أي خيزرانة ولا في (لحمه) وإن أشبهت (شحمه) وإن أشبهت (حطبه)! سوى أنهم يبقون (تفاحه) على فتحها ويكسرون ما عداها.

ومن هنا يتبين خطأ من ذهب إلى التذمر من الشذوذ الواقع في اللغمة الفصحى لانا لو حاولنا وضع قواعد للعامية لوقعنا في الأشكال عينه! دع عنك المشاكل الأخرى التي لا يسع المقام سردها. ثم أنهم يفتحون مثل (شريفه) و (عزيزة) و (عفيفة) إذا قصدوا العلمية، ويكسرون إذا قصدوا النعت فيقولون: (فلانة عفيفة) بكسر ما قبل الهاءين. وهم منقسمون إلى طائفتين فيما زادوا فيه (. . . ايه) فإحداهما تميل الألف، والثانية تقيمها، ومن يقيم ينتقد من يميل، ومن يميل لا ينتقد من يقيم! كأنهم يحسون بشناعة الإمالة، وإن كانت مألوفة لديهم. كما أن هناك طائفة تفتح الياء مع الإقامة. ويقلبون راء (رمضان) غينا. ولا يقلبون راء (رجب)، ويفخمون الراءات المفتوحة لكن يرققون راء (مدرسة) مع كسر السين ويعدون تفخيمها تنطعا، ويقولون (نور) بتحقيق الضمة والراء وربما أمالوا وقلبوا في بعض الأعلام المنسوبة أو المضافة إلى (النور) ك (عبد النور) و (نوري) لغرض في أنفسهم. واليهود يسمون (موشي) والنصارى يسمون (موسى) كالمسلمين مع أن مأخذ اليهود والنصارى واحد. وللنصارى في ذلك غرض! والموصليون يفخمون الراء من (إبراهيم) لكل من سمي بهذا الاسم فإذا رققوا قصدوا رجلا بعينه لا ينتقل الذهن إليه إلا بالترقيق! ويقولون لمن لا يتكلم عادة (ما يحكي) بتحقيق الكاف، فإذا كان عدم تكلمه عن تكبر وخيلاء قلبوا الكاف جيما مثلثة فارسية كبعض الأعراب مع تشديدها، ويقولون (زرع) و (حزر) بتفخيم الزاي وقلب الراء غينا، ومن رقق استبردوا نطقه ومن عادتهم النطق بالباء العربية على حالها، في نحو (باذنجان) و (باقلاء). ويفخمونها في (باميا)، و (كباب)، و (كبابه). ويقولون لمن كانت منته الكتابة: (كاتب)، ولمن كانت منته الحساب (حاسب) بالإقامة، فإذا أرادوا الحدث كأن يقولوا (فلان كاتب إليّ أن أفعل

كذا) أو (فلان حاسب حسابه) أمالوا. ويطلقون على الفتى كلمة (جاهل) بالإمالة، ويقيمون إذا أرادوا مقابل (العالم). وإذا أرادوا اليوم الثالث من أيام العزاء أمالوا ألف (ثالث) وفيما عدا ذلك يقيمون. وإذا دعا أحدهم صديقه للاستراحة في مقهى أو دكان قال له: (استريح) بتحقيق الراء - وإبقاء الياء - وإذا أمروا بأخذ الراحة بصورة مطلقة قلبوا الراء غينا. فهل رأيتم أعجب من هذا؟ ومن الغرائب أن (الطربوش) دخل إلى بلاد العراق من ناحية الأتراك ولا يخفى أن الموصل وغيرها من البلاد العراقية سواء بالنسبة إلى ذلك، بل ربما كانت بغداد أشد نسبة - لأنها كانت كرسيا إداريا وسياسيا للبلاد، ومع ذلك نجد أهل الموصل يسمونه (نيس) إضافة إلى (فاس) المدينة المشهورة - كالأتراك وأهل بغداد وما إليها يسمونه (فينة) كأنها نسبة إلى عاصمة النمسة (ويانة) فمن أين أتى انفرادهم بهذا الاسم وهم إنما تلقوه من الأتراك؟ والأتراك لا يسمونه بهذا الاسم البتة وأعجب من هذا أن يهود بغداد يسمونه (فيس) كاهل الموصل. ومن الغرائب أن لفظة (مجيدي) وضعت للقطعة الفضية العثمانية المعروفة، ولما تقلص ظل الأتراك عن العراق تقلص ظل نقودهم معهم، لكن العراقيين لا يزالون يطلقون هذه اللفظة على ما يعادل موضوعها الأصلي، فيقولون مجيدي ويريدون به ربيتين ونصفا. وكذلك لفظة (القرش) فإن البغداديين كانوا يطلقونها على (المتليك) وبعد أن فقد المتليك من بين أظهرهم لم ينفكوا يطلقونه على نصف (الانة). ولو لم يتح لنا الوقوف على سر هذه التصرفات اللغوية بأن لم يدركها جيلنا لعزت علينا معرفة سبب تسمية الربيتين والنصف بالمجيدي والبيستين بالقرش (البيسة والبعض يقول بيزة هي ربع الانة) كما نجهل اليوم سبب إطلاق البغداديين كلمة (قرش) على المتليك الذي هو ربع قرش عثماني وثلث قرش موصلي وثلث قرش حلبي مع كسر. وكما خلدت لفظتا (مجيدي) و (قرش) اللتان هما اصطلاح تركي فيما يظهر بنقلهما إلى ما يعادل موضوعهما الأصلي، كذلك خلدت لفظة (قران) التي كانت تطلق على قطعة إيرانية ثم نقلت إلى ما يعادلها من القطع العثمانية ثم

إلى ما يعادلها من القطع الهندية وهو ذات أربع الانات. (وتلفظ قرآن بإسكان القاف وفتح الراء ثم ألف ونون). ومن النكت اللغوية بقاء فعل الأمر في اللغة الفصحى على حرف واحد إذا كان الفعل لفيفا مفروقا وقد جمعت متفرقها: (وأي) (وعد) إ، وجي (خصى) ج، وخي (قصد) خ، ودى (أعطى الدية) د، ورى (افسد) ر، وزى (أجتمع) ز، وشى (من الوشاية) ش، وصى (وصل) ص، وعى (حفظ) ع، وفي (من الوفاء) ف، وقى (من الوقاية) ق، وكى (ربط القرية) ك، وكى (ربط القرية) ك، ولى (من الولاية) ل، ومى (غلب) م، ونى (فتر) ن، وهى (من الوهي) أهـ. ويتفرع عن أمر (وأي) دلالة الكسرة على جملة في نحو (قل إ) وإيضاح ذلك أن العرب أجازوا نقل حركة الهمزة إلى الحرف الساكن قبلها نقلا مطردا فيسبب ذلك سقوط الهمزة وقيام كسرة اللام مقامها (قل) وإذ كان الفاعل المستتر في (إ) انتقل مع الكسرة أصبحت كسرة اللام نائبة عن فعل وفاعله أي نائبة عن جملة فعلية وهذا ما لا أظنه يجري في لغة غير اللغة العربية وعلى هذا الغز بعضهم فقال: في أي قول يا نحاة الملة ... حركة قامت مقام الجملة؟ ومن نكت العربية قراءة من قرأ (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى) حيث أمال (أعمى) الأولى وأقام الثانية إيذانا بأنه سيكون يوم القيامة أشد عمى! ومنها أن قراءة (عاصم) ورواية (حفص) الشائعة في بلادنا تقضي بترك الإشباع في كل هاء متصلة بكلمة (فيه) إلا موضعا واحدا من القرآن وهو قوله تعالى (ومن أوفى بما عاهد عليه الله) فأنها بالضم تفخيما للفظة الجلالة إلا أن هذه القراءات ليست عزيمة، لمخالفة بقية القراء ولكنا ضرب من البديع وإن لم تذكر في فنه. ومن هذا الضرب ما قالوه في شأن الواو المسماة ب (واو الثمانية) في تعليلات مبسوطة في مواضعها ومنها قوله تعالى في سورة الكهف: (سيقولون

ضبط الأبنوس

ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم (الآية) فإن الواو متصلة بقوله (ثامنهم) دون (رابعهم) و (سادسهم)! ونسبة الواو إلى الثمانية لا تشفي غليلا إذ يقال لماذا اختصت بها دون غيرها من العدد؟ وأقرب من ذلك أن يقال أن المفسرين نسبوا القولين الأولين إلى أهل الكتاب ولذلك عقبهما بقوله: (رجما بالغيب) تفنيدا لظنونهم ثم أتى بالقول الثالث الذي نسبوه إلى المسلمين. وإذ كانت غاية منزل هذه الآية التنويه بشأنهم وعلو منزلتهم في البلاغة أودع كلامهم نكتة بديعة دون كلام غيرهم وإيضاحه أن ترك الواو يجعل الكلب كأنه داخل في جملة أصحاب الكهف وهو مما لا يرتاح إليه الذوق! فأقحم الواو في كلام المسلمين للتمييز على سبيل التأدب من هذه الناحية تشبه الواو التي في قول المجيب بالنفي: (لا وأطال الله بقاءك) وهي الواو التي وصفها بعض البلغاء بأنها أحب إليه من واوات الأصداغ. محمود الملاح ضبط الأبنوس في (البستان) الأبنوس، بضم الباء (؟! كذا) وفتحها (كذا): شجر يعظم كالجوز، أوراقه كأوراق الصنوبر وثمره كالعنب وخشبه شديد الصلابة اسود، والهندي منه فيه بياض وهو معرب واسمه بالعربية سأسم وزان جعفر بهمزة. وحذف الواو لغة. أهـ. والذي قرأناه في تاج العروسفي مادة بنس: آبنوس بمد الألف وكسر الموحدة، قيل: هو الساسم، وقيل هو غيره. واختلف في وزنه وهنا (أي في مادة ب ن س) محل ذكره. انتهى - وذكر اللسان الأبنوس في س س م، وضبطها ضبط التاج، ثم قال: والساسم غير مهموز. ثم ذكر الساسم في س أس م، وقال: (قال أبو حاتم: هو الساسم غير مهموز). أهـ. فاتضح من هذا أن (البستان) وهم في ضبط الأبنوس كما وهم في ضبط الساسم إذ أن غير المهموز افصح من المهموز. ومن غلط في ضبط الأبنوس صاحب محيط المحيط وكل من نقل عنه.

المدرسة المستنصرية

المدرسة المستنصرية - هي تلك المدرسة الرصينة البناء، المطلة على دجلة، التي شرع في تشييدها في بغداد على جانبها الشرقي، المستنصر باللْه العباسي، في سنة 625هـ (1227م) وأتمها في سنة 631هـ (1233م)، فجاءت أية بين مآثره الجلية، وسجلت له تقديره للعلم، وحبه لرفعه، وقد مدح الشعراء منشئتها، وراحت الركبان تتغنى بها في الآفاق، وكانت موردا صافيا للطلاب ومرتشفي العلوم: ثم دالت عليها الأيام بالبؤس، وانقلبت عليها بالشقاء، فرأى الرحالة نيبهر - ويا للأسف - مطبخها في سنة 1766م (1180هـ) دارا لضرائب سماها أي ضريبة المرور وأظن إنه أراد بذلك الكمرك. وقال عن قسم كبير منها إنه خان يسمى (اوت ميداني خان) أي خان ميدان الحشيش، وإن الكل خراب بباب. ولا شك في أن في قوله عن خرابها كلها تطرفا ومغالاة، فإنه قال ببقاء بعضها، ويدلنا واقع الحال على أن الخراب الذي قاله صاحب الرحلة هو عن مرافقها التي اندثرت، ودخلت في خبر كان، وعن الإهمال الذي صارت إليه. وهي لا تزال اليوم تنازع البقاء قوية عليه، إلى أمد قد يكون بعيدا. والذي نعرفه عن هذا المعهد الجليل أن القسم القائم الآن وهو المدرسة بنفسها كان يسمى في القرن الماضي (خان المواصلة أو المصالوة) على لغة بعض العوام.

والظن الغالب على سبب هذه التسمية أن الموصليين كانوا قد اعتادوا أن ينزلوه إذا قدموا إلى بغداد ثم أمسى بعد ذلك مخزنا لألبسة الجيش ثم دارا للكمرك وهي الضريبة المعروفة التي كان يقال لها (رسومات) أيضاً وهكذا كانت المستنصرية عند الاحتلال فلا تزال كذلك دارا للكمرك. وقبل نحو خمسة وعشرين عاما ابتدأ الكتاب باستخراج نبذ من مطاوي الكتب عن هذه المدرسة الرفيعة الشأن ودبجوا فيها مقالات ونقلوا عنها أبحاثا أتحفوا بها مجلات المشرق (5 (1902): 164 و961 و10 (1907): 80 و390) ومجلة المجمع العلمي بدمشق (4 (1342 - 1924): 41) واليقين (3 (1344 - 1925): 483) والزهراء (3 (1345 - 1926): 254) وهذه المجلة (5 (1927): 341 و505 وغيرهما) وملحق جريدة العراق المؤرخ في 15 تموز سنة 1921 ولعل غير ذلك مما لا يحضرني أو أجهله. وحكى عنها بإيجاز كتاب تنزه العباد في مدينة بغداد للمعلم (ثم الطبيب) نابليون الماريني وخلاصة تاريخ العراق للعلامة شقيقه صاحب هذه المجلة ومختصر تاريخ بغداد للفاضل على ظريف الأعظمي. وآخر ما ورد عنها ما رواه كتاب تاريخ مساجد بغداد وآثارها المطبوع وفيه قول الصفدي الذي أظنه منقولا من مجلة المجمع العلمي التي قالت إنه نقل عن الصفدي عن ابن الساعي. وكانت وفاة ابن الساعي في سنة 674هـ (1275م). ومن الذين كتبوا عن هذه المدرسة من المستشرقين في أيامنا لسترنج وهوار وماسنيون وفيوله وهرتسفلد وذكرها سعادة المستر انكرك في كتابه الإنكليزي الذي ضمنه تاريخ العراق في القرون الأربعة الأخيرة، ولقد اقتبس هؤلاء الكتاب من عرب وأوربيين ما اقتبسوه وأضاف على ذلك بعضهم شيئا عن الوقت الذي كتبوا فيه ومنهم من نقل الكتابات المنقوشة على جدران

هذه المدرسة ومع هذا فإنه بقي من تاريخها شيء في تضاعيف الكتب. ولم يأتونا عنها بشيء عن الحقبة الممتدة بين استيلاء هولاكو على بغداد في سنة 656هـ (1258م) وبين دخول هذه المدينة في قبضة العثمانيين في سنة 941هـ (1534م) إلا ما اقتطفوه من رحلة ابن بطوطة وكلمة نقلوها عن نزهة القلوب بالفارسية لحمد الله المستوفي وهما من رجال القرن الثامن للهجرة. وقد اكتفى كتاب المساجد المطبوع (ص 97) عن ذلك الزمن بالأسطر التالية: (ولم تزل هذه المدرسة على ما كانت عليه في زمن منشئها إلى أن حدثت حادثة التتار. . . فجميع ما كان في هذه المدرسة من كتب وفرش ومرافق قد نهبه جند العدو المخذول بل من الكتب ما رموا به إلى دجلة قهرا لأهل العلم والدين. وبعد أن تولى بغداد من تولى عاد شمل المدرسة وأهلها إلى ما كان عليه ولم تزل تجمع الأفاضل والفضائل إلى أن دخل العراق في حوزة الدولة العثمانية. . .) أهـ. وهذا كلام موجز عن ست وعشرين سنة مرت من فتح المدرسة إلى استيلاء هولاكو على بغداد ومر بين ذلك وبين دخولها في يد العثمانيين نحو ثلاثمائة سنة وفي ما نقله الكتبة لم نقف على خبر عنها عن تلك الأيام إلا ما سبقت الإشارة إليه. ولا نعرف في كل ما جاء آنفا من جمع على الأقل تراجم بعض مدرسيها إلا أن نبذة في مجلة المشرق (5 (1902): 961) جاء في صدرها: أن الأب انستاس استلها من كتاب مساجد بغداد ومدارسها للشيخ محمود شكري أفندي الالوسي قالت أن في تاريخ ابن النجار وغيره تفصيل تراجم مدرسي المستنصرية مع من تخرج فيها من الأساتذة والأئمة والأعلام. وإذ كان هذا الخبر قولا مجملا وكان تاريخ ابن النجار غير متداول في الأيدي فقد سدل على معرفة هؤلاء الشيوخ الأفاضل. ولعل شيئا نزرا من تراجمهم في مختصر هذا التاريخ لابن ايبك الحسامي المعروف بالدمياطي. وهب تاريخ ابن النجار نفسه بأيدينا فإنه لا يحوي إلا تراجم مدرسي بضع من السنين لا غيرها لأن المؤلف توفي

في سنة 643هـ (1245م) أي في السنة الثالثة عشرة من فتح المدرسة. ولا يبعد أن يكون في (غيره) خبايا ولعلنا نجد لم شعث من ذلك المطلوب. في المخطوط الذي ذكره تاريخ المساجد (ص 47 و48) وقال عنه إنه مختصر ذيل تاريخ ابن النجار وانه من مخطوطات الخزانة النعمانية بجامع مرجان في بغداد ويا ليت الناشر عرفنا باسم الكتاب ومؤلفه أن أمكن ذلك ويا حبذا لو وصفه. ونظرا إلى ما جاء فقي هذا المختصر عن ذكر سنة وفاة العاقولي (كما ورد في كتاب المساجد ص 47) وهو المتوفى في سنة 728هـ (1327م) فمؤلفه هو من رجال القرن الثامن للهجرة أو بعد ذلك فله متسع لإيراد تراجم كثيرين من مدرسي هذه المدرسة. ولقلة ما كتب في هذه المادة عن لي أن اجمع شتات ما وقفت عليه من نتف أخبار هذه المدرسة وأخبار نفر من مدرسيها وما وقع فيها من الحوادث ضاربا صفحا عما جاء في تلك المقالات والكتب القريبة إلى الباحث المتتبع. ولا شك أن ما أريد أن استنير به عن العصور التي مرت على هذه المدرسة سيكون ضئيلا وضئيلا جدا لكن ما أورده سيضيف صفحة جديدة إلى تاريخها وإن كانت صفحة صغيرة. وسيبين لنا إنها فتحت بعد حادثة بغداد لهولاكو بمدة وجيزة لا تتجاوز ثلاث سنوات لو طالت والذي يخبرنا بذلك ما جاء في الحوادث الجامعة في أنباء سنة 659هـ (1260م) وهو: (وفيها رتب الشيخ عبد الجبار بن عكبر الواعظ مدرس طائفة الحنابلة بالمدرسة المستنصرية نقلا عن الإعادة بها. وحضر دروسه الصاحب علاء الدين (الجويني) والأكابر، والعلماء وخلع عليهم). أهـ. مسجد الحظائر والمستنصرية يرينا كتاب المساجد (ص 36 و85) أن جامع الأصفية هو من مرافق المستنصرية لكنه لم يرو لنا المصدر وقال القنصل الفرنسي ريموند في بغداد عن طراز البناءين المذكورين انهما واحد وكان القنصل المذكور في بغداد في أوائل القرن التاسع عشر وحكى لنا عن جامع الأصفية - قبل أن يسمى بهذا الاسم - فقال (ص 156 و218 من كتابه) (المولا خانه) تكية للدراويش

لا يفصلها من المدرسة المستنصرية إلا طريق تفضي إلى الجسر والظاهر إنها منها. وقد اتصل به أن المولا خانه كانت جامعا لطلاب المستنصرية. أما كلشن خلفاء فإنه ينبئنا في أخبار سنة 1017هـ (1608م) أن باني زاوية الدراويش المولوية هو محمد جلبي كاتب الديوان وكاتم الأسرار عند محمد بن أحمد الطويل. وإن محمدا هذا كان مستقلا في بغداد ومتغلبا عليها في تلك السنة وكانت هذه الزاوية في عهد مؤلف كلشن عامرة على ما قاله في كتابه الذي يمتد إلى سنة 1130هـ (1717م). وقد عد اوليا جلبي تكايا بغداد وفيها (المولويخانه) وكان صاحب هذه الرحلة في بغداد في سنة 1058هـ و 1066هـ (1648م و 1655 م). وفي جهاننما (ص 459) أن في بغداد مولويحانه تطل على دجلة في موضع مبهج. وإذ قيل أن الأصفية من مرافق المستنصرية رغبت أن أنقل كلاما عما كان يجاور هذه المدرسة أملا أن يعين ذلك من يبحث على استخراج شيء عن تاريخ جامع الأصفية الحالي. جاء في الحوادث الجامعة في زيادة دجلة وغرق بغداد في سنة 646هـ (1248م) ما يلي: (ونبع الماء من أساس حائط المدرسة المستنصرية ومن دار (سنقرجا) زعيم خوزستان المجاورة للمستنصرية ومن مسجد الحظائر المعروف بأم الناصر المجاور لهذه الدار. . .). وإذ لم يفصح هذا الكلام عن موضع المسجد والدار أكان ذلك في شمالي المدرسة أم في جنوبيها فلا يمكننا تعيين موضعهما بالتدقيق لأنه يجوز أن محلهما

كان في شمالي المدرسة أو جنوبيها أي فوقها أو تحتها. وسبب هذا الاحتمال إننا نجد مسافة قدرها نحو مائة متر تفصل بين المدرسة القائمة اليوم وبين شريعة المصبغة وهي باب الغربة في العصر العباسي الذي قلت أن ما ليس بحريم دار الخلافة. وكان بلصق المستنصرية - على ما اخبرنا به ابن العبري - بستان يتنزه فيه المستنصر ويقرب من شباك مفتح (أي مفتوح) في إيوان. المدرسة ينظر إلى البستان وعليه ستر فيجلس وراء الستر وينظر إلى المدرسة ويشاهد أحوالها وأحوال الفقهاء ويشرف عليهم ويتفقد أحوالهم. ولكن لا ندري أيضاً بأي جهة من الجهات كان هذا البستان. ويسوقنا إلى الظن أن دار سنقرجا كانت في شمالي المدرسة ما جاء في كتاب المساجد (ص 89) عن الصفدي عن ابن الساعي أن الدار المجاورة لهذه المدرسة (في الحد الأعلى) لم ير مثلها أحد. ولا لأدراك وصفها أمد. والظاهر إنها هي الدار التي قال عنها كتاب الحوادث في أخبار سنة 696هـ (1296م) كما سيجيء أن السلطان غازان دخل المدرسة المستنصرية من الدار المجاورة لها ثم عاد إلى الدار المذكورة وبات بها، فالراجح أن هذه الدار هي التي ذكرها ابن الساعي لما بين أناقتها التي عرفنا عنها بقوله (لم ير مثلها أحد ولا لأدراك وصفها أمد) وبين منزلة غازان ورفعته من الموافقة والوئام. وإذا صح ترجيحي هذا أضحى من الأكيد أو شبهه أن الدار المحكي عنها هي نسنقرجا فتكون الأصفية مسجد الحظائر المجاور لهذه الدار كما رأيناه. ولعل هذا المسجد هو جامع المستنصرية الذي ذكره كتاب الحوادث كما سيرد في سنة 672 إذ قال في معرض كلام: (باب الجامع (كذا) المستنصرية). وليس بغريب أن نرى هذا الجامع بعد أن كان يسمى مسجد الحظائر أن يسمى أيضاً جامع المستنصرية بعد بنائها كما أن جامع الأصفية كان يعرف وقتا بالمولاحانة. وقد عرف صالح التميمي قدمه كما يفهم من أبياته ذلك القدم الذي حكى عنه ريموند المعاصر

التميمي. ولنا مثال في تغيير الأسماء كما جرى في تسمية جامع القصر. وإما كون طراز بناء المدرسة المستنصرية والجامع المعروف بالأصفية واحدا فلا ينافي إمكان أن تكون الأصفية مسجد الحظائر. وسبب عدم المنافاة قرب زمن أم الناصر المتوفاة في سنة 599هـ (1202م) من زمن بناء المستنصرية إذ لا تزيد المدة التي بينهما على خمسين سنة فلم يكن ثمة اختلاف في الريازة فقي وقت لابد أن تطورها - على فرض وجوده - كان بطيئا جدا. ونظرا لما أثبته فالاحتمال عن الجامع المعروف بالأصفية اليوم هو مسجد الحظائر احتمال غير بعيد ولكن البت في الأمر هو غير الاحتمال. وإظهار الحقيقة الراهنة يحتاج إلى نصوص تؤيد هذا الرأي المشكوك فيه، ومن هذه الشكوك أن كتاب الحوادث يقول: دار سنقرجا المجاورة للمستنصرية ومسجد الحظائر المجاور لهذه الدار. ويقول أيضاً أن غازان دخل المستنصرية من الدار المجاورة فيكون موضع الدار المذكورة بين المستنصرية وبين مسجد الحظائر ولكن يجوز أن نرتئي أن المؤلف لم يراع الترتيب بدقة وضبط كامل وخلاصة القول أن لم يكن جامع الأصفية مسجد الحظائر بنفسه فهو قريب منه جدا. وهنا يحق للسائل أن يلزمنا بالجواب عما أوضح عنه كلشن خلفاء بقوله بأن باني المولاخانه هو محمد جلبي. قلت الظاهر أن هذا الباني جدد في المسجد شيئا ليتخذه تكية للدراويش فقيل إنه بنى المولاخانة كما أن هذا الجامع المعترف بقدمه قيل له الأصفية نسبة إلى آصف المجدد بناءه الذي أريد به - على ما يبين - داود باشا كما يستدل من البيت التالي للتميمي: حتى أتى ذو العلى داود (آصفنا) ... من حل بالسبعة الأفلاك مفخرة وأتمنى لو أن باحثا يجد أم يسد بعض الفراغ - والفراغ واسع جدا - عن تاريخ هذه المدرسة الشهيرة فيضم إلى لقاطه ما يرد هنا وما جاء في تلك الكتب والمجلات فينزف إلينا تاريخا ثمينا عن هذا المعهد الجليل بعد تمحيص ما يطالعه وتدقيق النظر فيه فإن ما في بعض ما كتب أغلاطا وهفوات وسهوا.

وعلى سبيل المثال نورد سقوط كلمة في ترتيب الحروف أثر وقوعها في التاريخ. جاء في المشرق (10 (1907): 393 ح) في تاريخ كتابة منقوشة فوقه قال في آخرها: (وكان ذلك في سنة اثنتين وثمانين وألف) ولما كان ذلك في تجديد وقع في زمن السلطان عبد العزيز من آل عثمان فلا يمكن أن يكون التاريخ إلا سنة اثنتين وثمانين وألف. وقد ورد عفوا هذا التاريخ الصحيح في هذه المجلة (5 (1927): 507) دون أن ينبه على ذلك الغلط الذي قد يجر الكتاب إليه. وهنا أشرع بالاقتباس والاقتطاف وما لا انسبه فهو منقول من الحوادث الجامعة. (له تلو) يعقوب نعوم سركيس كتاب تحفة الأزهار، وزلال الأنهار، في نسب الأئمة الأطهار لمؤلفه السيد ضامن بن شدقم بن علي بن الحسن النقيب الحسيني المدني المتوفى في القرن الحادي عشر للهجرة. وهو في سبعة مجلدات. منه نسخة في خزانة الشيخ علي آل كاشف الغطاء بخط السيد حسون البراقي المعروف. رتبه مؤلفه على أبواب. وفصول، وأصول، وأيكات، وأسباط، ودرجات، وهكذا إلى الساق والقدم ذكر في الجزء الثاني منه نسل الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين (ع) وفيه جملة فوائد رجالية وتاريخية، وقد وقع الكتاب في زهاء (700) صفحة بقطع كبير. أوله: الحمد لله المتفضل المحسن الكريم الوهاب. وقد نقل عنه المحدث الشهير الحاج ميرزه حسين النوري، صاحب فصل الخطاب في كتابه (دار السلام) وتاريخ الفراغ من بعض أجزاءه سنة 1055 انتهى. وبيت شدقم بيت علم وفضل في القرن العاشر والحادي عشر منه: ضامن المذكور، ومنه السيد حسن بن علي بن شدقم تلميذ والد البهائي له ذكر في أمل. الأمل، والسلامة. ومن مؤلفاته زهر الرياض وزلال الحياض في السير والتواريخ. نقل عنه المجلسي الشهير صاحب البحار ومنهم محمد بن الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن شدقم ولد في دكن ومات بمكة. زنجان (إيران): أبو عبد الله الزنجاني

لواء الديوانية

لواء الديوانية - 1 - توطئة يكاد يقف العراقي صامتا مبهوتا، إذا ما ألقى عليه أحد سؤالا عن بلدة عراقية أو لواء من ألويته ولا سيما البلدة الصغيرة غير المشهورة في حين إنك إذا سألته عن لندن مثلا أو باريس أفادك إفادات مفصلة عنها قد لا يستطيع أن يمليها عليك اللندني أو الباريسي. وهذا النقص في الجواب لا يرى في شخص أو شخصين بل يكاد يشمل جميع الطبقات بما فيها من أفراد الحكومة. لهذا أردت أن ابحث عن ألوية العراق بصورة مفصلة عسى أن أتوفق في الأخير لوضع مجموعة تضم بين دفتيها أبحاثا ثمينة عن الألوية العراقية. وأبدأ بحثي عن لواء الديوانية لما له من الأهمية. نظرة عامة لواء الديوانية لواء واسع الأرجاء شاسع الأطراف. تزرع فيه أنواع الحبوب وتربى فيه أنواع الماشية وتقطنه جماعات كبيرة من العشائر المستوطنة كما أن فيه عشائر رحالة كثيرة تنتقل بأغنامها وابلها بين سورية ونجد والعراق. والزراعة في هذا اللواء معتمد معيشة سكانه الذين يتجاوزون (400. 000) نسمة يحد هذا اللواء من الشمال شيء من لواء الكوت ولواء الحلة، ويحده من الغرب قسم من بادية الشام ولواء كربلاء ومن الجنوب لواء المنتفق ومن الشرق لواء الكوت ولا نغالي إذا قلنا أن ثلاثة أرباع مساحته تكاد تكون مزروعة. أقضيته للواء أربعة أقضية، وهي: أبو صخير، والشامية، وعفك، والسماوة، ولكل من هذه الأقضية دوائر إدارية ومالية تختص به كما سيجيء تفصيله. مركزه هو قصبة الديوانية: وهي بلدة لا بأس بعمرانها، قائمة على عدوة نهر الفرات اليسرى، يربطها بالعاصمة الخط الحديدي الكبير (من بغداد إلى البصرة)

وتبعد عنها ب (116) ميلا، فيها جسر حديدي ومدرسة ابتدائية وأسواق منظمة، إلا إنها تفتقر إلى بساتين وحدائق تحيط بها لتمنع الأتربة من التحليق في جوها إذا ما هبت عاصفة ولو كانت طفيفة، ونفوسها 3000 نسمة عدا العشائر المجاورة لها. تتبعها ثلاث نواح: هي الشافعية ومليحة والإمام حمزة وهذه النواحي أو الشعبات مراكز للمقاطعات الزراعية الكبرى وليس فيها أبنية ولا أسواق غير مراكز الحكومة وهي أبنية عادية من اللبن. 1 - قضاء (أبو صخير) مركزه قصبة أبو صخير وهي بليدة قائمة على نهير البكرية (كأنها منسوبة إلى بكر، وهو علم مشهور) المتشعب من شط الكوفة كما سيجيء تفصيله وتبعد عن الكوفة 12 ميلا وتحيط بها الرياض الغناء والبساتين النضرة وتقدر نفوسها بأربعمائة نسمة وتوصلها بالنجف جادة مستقيمة تسير عليها السيارات بمدة (35) دقيقة. وهذا القضاء صغير بمركزه كثير بشعبه وتوابعه إذ أن له من النواحي (التاجية والجعارة والفيصلية) وهذه تؤدي إلى خزينة الحكومة أكثر من ثلث ودخلها اللواء كله. وليس في (أبو صخير) من البيوت ما يصلح للسكنى إلا أن طلائع العمران تسير فيها سيرا حثيثا. ونواحي القضاء ثلاث كما أسلفنا: الأولى (التاجية) داخلية (ومعناه في اصطلاحهم أن مركزها في مركز القضاء. والثانية (الجعارة) (كشدادة) بلدة تاريخية معروفة من قديم الزمان ونعنى بها الحيرة محط المناذرة ورجال العلم والأدب ويشاهد في الحيرة اليوم آثار النعمان بن المنذر ماثلة للعيان. نفوسها 4000 نسمة وهي تبعد عن مركز القضاء ميلا واحدا. إلا إنه منخفضة في هذا المركز كثيرا. ولهذا ترى الأوبئة وأنواع الحمى تفتك في صفوف الأهلين فتكا ذريعا لما يكثر فيها من المستنقعات. والناحية الثالثة هي (الفيصلية) وكانت تسمى سابقا السوارية وهي تبعد عن أبو صخير 25 ميلا وهي محط عشائر آل فتلة (وزان قتلة) وقد سبق لنا أن نشرنا في الجزء الثامن من المجلد الرابع من هذه المجلة بحثا عنها (4: 458). 2 - قضاء الشامية الشامية بلدة عمرت كثيرا في الأيام الأخيرة، وهي قائمة على أنقاض أم

البعرور المعروفة ب (الحميدية) والمؤسسة قبل 30 سنة تقريبا في عهد السلطان عبد الحميد. وكلمة الشامية هذه تطلق على جميع أجزاء القضاء الواقع في قلب الأرض المصطلح عليها بالشامية. وقد كانت البلدة إلى عهد قريب مباءة للأمراض الوبيلة لكثرة المستنقعات فيها إلا إنها أخذت تزول بالتدريج. فيها مدرسة أميرية ودار إمارة (سراي) فخمة للحكومة أنشئتا حديثا. وفيها مستوصف لا بأس به وجسر من خشب وأسواق لا نظام فيها ولا عمران، نفوسها نحو 2000 نسمة ونواحيها أربع هي: 1 - الصلاحية داخلية (أي مركز القضاء) ولكنها ترى شؤون الزراع والمزارع التابعة لها. 2 - (هور الدخن) ومركزها أبو شورة بالقرب من الكوفة فيها من النفوس نحو 5000 نسمة ويقدر دخلها ب 75. 000 ربية (حصة الحكومة فقط). 3 - الغماس (كشداد) ومركزها الخرم (وزان بكر) وفيها آل زياد (بتشديد الياء) والسادة البوطبيخ. نفوسها مع عشائرها 2. 300 نسمة. 4 - الشنافية وهي قرية تبعد عن الديوانية بأكثر من عشرين ميلا. نفوسها مع العشائر 4. 000 نسمة ودخلها قليل جدا ومن المحتمل إنها تلغى لتلحق بإحدى النواحي المارة الذكر. 3 - قضاء عفك يتقوم القضاء من مركزه ومن النواحي التابعة له وهي أربع. أما مركزه فقصبة صغيرة سكانها قليلون وشوارعها ضيقة قذرة وفيها جسر صغير من خشب وتقدر نفوسها بألفي نسمة. وفيها سوق صغيرة يبتاع منها السكان حاجياتهم. وإما نواحيه الأربع فهي: 1 - الدغارة وهي بلدة جميلة عمرانها واسع وتجارتها متقدمة، تقع على الضفة اليمنى من نهر الدغارة وفيها مرتبات شعب منظمة لإدارة أمورها. 2 - الفوار (كشداد) وهي مقاطعة واسعة تقدر نفوسها بخمسمائة نسمة. 3 - عفك وهي ناحية (داخلية) في مركز القضاء.

4 - آل بدير ومركزها قرية (العبرة) (بكسر العين) أما نفوسها فهي أكثر من 1. 000 نسمة وليس فيها مدينة ولا عمران معظم سكان قضاء عفك من العشائر التي تشتغل في استغلال الأراضي الخصبة. 4 - قضاء السماوة السماوة بلدة جميلة عامرة تقع على ضفتي الفرات ويربط الجهتين الواحدة بالأخرى جسر من خشب إلا إنه محكم الوضع. هواؤها عذب، ماؤها غير صاف سكانها كثيرون، تجارتها واسعة، زراعتها بوجه عام حسنة. وبالقرب من السماوة تلتقي فروع الفرات المتنوعة. ويمر بها الخط الحديدي الكبير من بغداد إلى البصرة وهي تبعد عن الأولى 172 ميلا وعن الثانية 184 وفيها مدرسة ابتدائية ومركز فخم للشرطة الخيالة والمشاة التي تراقب حركات الأخوان في البادية مع صرح (سراي) للحكومة لا بأس به من حيث الجسامة والعمران. نفوسها نحو 15. 000 نسمة وجاداتها واسعة ومقاهيها هي أحسن المتنزهات للآهلين. والبلدة محاط بها بسور محكم البناء لصد غارات الأخوان ولو إنه مبني من اللبن. ولهذا القضاء ثلاث نواح هي الرميثة (بالتصغير) والخناق (كشداد) والخضر (كابل). أما (الرميثة) (بالتصغير) فبلدة عذبة الهواء لطيفة الموقع مركزها الرميثة أو (الأبيض) (بالتصغير وتشديد الياء) وفيها مدرسة عامرة وصرح (سراي) فخم للحكومة وقد أنشئا منذ مدة قريبة. تقدر نفوسها بثلاثمائة نسمة وفيها جسر من خشب متين الوضع وتبعد عن العاصمة 156 ميلا ويمر قطار البصرة فيها. ولهذا السبب يرجى لها مستقبل زاهر من حيث التجارة والعمران. وإما (الخناق) فناحية داخلية في القضاء ومركزها في السماوة. وإما (الخضر) فمركزها الخضر وهي تبعد أربعة أميال عن السماوة وتقدر نفوسها ب 3. 000 نسمة بما فيها من العشائر. وتقع على العدوة اليسرى من الفرات. وسكانها كلهم زراع. بغداد: عبد الرزاق الحسني

أوربية تحب عراقيا

أوربية تحب عراقيا وما (حسن) إلا فتى ذو ملاحة ... وقد نال في الآداب أسمى المراتب وفي البصرة الفيحاء حط متاعه ... يتاجر بالأموال تحت المتاعب وسار إلى الميناء يختار مركبا ... وليس له إلا بضاعات كاسب رأى مركبا ينوي البراح بركبه ... وشيكا إلى قطر الحجاز المقارب فأودعه تلك البضائع مزمعا ... رحيلا إلى ما فيه خير المكاسب رأته فتاة غضة الجسم كاعب ... تطل على الركاب من كل جانب وتلك لربان السفين سليلة ... أبوها فرنجي رفيع المناصب فنادته من شوق أثار بقلبها ... سعير غرام أقلق النفس غالب ولم يصطبر حتى أجاب نداءها ... إجابة مسكين لإكرام واهب بناء صرح الحب وقد بنيا صرح الوداد بسرعة ... يؤولها القاصي بشتى المذاهب وسارا ببحر يرعب الأسد موجه ... وكل له في الحب سر العجائب أضاءهما البدر المنير تحننا ... كأن له في الحب عنوان راغب فكم قضيا الساعات لهوا وبهجة ... وفوقهما البدر الجميل كراهب سقوط حسن في البحر الأحمر مضى الصب كيما يستحم بجانب ... ولم يدر أن يلقى عظيم المصائب ومن قدم زلت به وهو غافل ... إلى البحر لم يعلم به غير راكب وغاص بأمواج يهول اضطرابها ... وقد ظن أن الموت أقرب صاحب وكان بأنواع السباحة ماهرا ... فلم يبد للأمواج مظهر تاعب نعي الحبيب في المركب ونادى مناد في السفينة ناعيا ... حبيبا هوى في رحب بحر الغرائب فيا لنداء مفجع يبعث الأسى ... إلى كل قلب للحنان مؤالب وجاءوا إلى الربان يبغون عطفه ... لإنقاذه قبل امتداد النوائب فقال عمري لات ساعة منقذ ... فقد قضى الأمر الرديء العواقب

شعور الحبيبة ولما أحست بنته هاج حزنها ... فلم تر حبا لم ينغص بشائب وشبت لها في القلب نار لفقده ... فلم تتأخر عن تحري المواجب فصاحت بصوت يسلب العقل وقعه: ... أبي أحيني حتما بإرجاع غائبي وإلا فهذا البحر لاشك منقذي ... من الحزن من بعد الحبيب المصاحب فقال لها: يا بنتي استيقظي فما ... تألمك يجدي اندحار المصاعب فهمت بما قالت وهم بردها ... ولم تقتنع إلا بنيل المطالب البحث عن الحبيب فأرسل من يأتي به فوق قارب ... إذا كان حيا بعد تلك المصائب رأى شبحا فيه حراك وفوقه ... جناح حياة خافق غير واصب فألفاه كرارا بميدان معرك ... من الموج ليس الموت فيه بناشب فأنقذه والخوف ضعضع جسمه ... وأبدت به الأهوال أردى الشوائب وجاء به للراكبين بفرحة ... وجفت دموع العين بعد المساكب وهشت فتاة الحسن هشة مبهج ... به تبتغي من ذاك ردع النوائب وآن لصبين التقاء مخفف ... عذابا له في القلب أنكى المثالب الفراق وإذ قاربا ميناء (جدة) أصبحا ... على جرف التفريق قصد التذاهب فقالت له: ويل لقلبي فإنه ... سيضنى من البعد الكثير المتاعب فيا صبر رافقني لتدفع لوعتي ... وتدحر حزنا لا يحن لناصب وقال أبوها: لا تفارق عزيزتي ... وحقق مناها بالوداد المواظب أحبتك جما وهي في الحب حرة ... ولست على استحبابها بالمشاغب أجابهما والقلب يذوي بحسرة ... على الطائر الميمون ذات المناقب فحبك في قلبي أثيل وموقد ... حشاي دهيني اختبط في الغرائب حبيب بأرض الشرق ظل معذبا ... ومحبوبة تهواه عند المغارب فما أنحس الأوقات أوقات مفصم ... لعروة حب مفعم بالعجائب وما الحب إلا نعمة مستديمة ... إذا لم تمزقها النوى بالمخالب الكاظمية: مصطفى جواد

فوائد لغوية

فوائد لغوية القنع قال السيد مرتضى: (القنع) بالضم: الشبور، وهو بوق اليهود. . . وليس بتصحيف (قبع) بالموحدة، ولا (قثع) بالمثلثة، بل هي ثلاث لغات: النون، رواية أبي عمر الزهد (كذا. والصواب أبي عمر الزاهد). والثالثة نقلها الخطابي وأنكرها الأزهري. وقد روي حديث الآذان بالأوجه الثلاثة. . . وقد روي أيضاً بالتاء المثناة الفوقية. . . مثال الخطابي: سألت عنه غير واحد من أهل اللغة فلم يثبتوه لي على شيء واحد، فإن كانت الرواية بالنون صحيحة، فلا أراه سمي إلا لإقناع الصوت به، وهو رفعه. ومن يريد أن ينفخ في البوق يرفع رأسه وصوته. وقال الزمخشري: أو لأن أطرافه أقنعت إلى داخله أي عطفت. أهـ. قلنا أصل رواية اللفظة في القديم في عهد الجاهلية قنع (بضم القاف وإسكان النون وفي الآخر عين) وقد نقلها اليونانيون عن العرب في العهد العهيد بصورة وكانوا إذ انقلوا العين إلى لغتهم حاروا في تصويرها بحروفهم فيختلفون بين ما ذكرناه من حرفهم (وهو حرف واحد في لسانهم) وبين حروف أخرى. واصل معنى القنع صدفة يشبه ظاهرها صدفة حلزون كبير وبالافرنسية ثم أطلق على كل ما أشبه هذه الصدفة من آنية وآلات فكان من معانيها عندهم القنقل، وهو مكيال يكال به، والجمجمة، وأعلى الرأس، ومقبب الترس أو الدرقة. وغطاء كل آنية إذا كان مقببا ولاسيما ورودها عندهم بمعنى صدفة الحلزون وبمعنى الشبور الذي يشبه هذه الصدفة. والشبور بوق مقنع الطرف أي مستديره معطوف إلى داخله كالصدفة المذكورة. أما القبع بالباء الموحدة التحتية، والقثع المثلثة فهما عندنا من التصحيف القديم للفظة، خلافا لما ارتأى صاحب التاج؛ إذ اللغات في الغالب مبنية على تصحيف

وتحريف أو لثغة. وإن وردت مفردات على غير هذه الأوجه المذكورة. ومن الغريب أن السلف من بعد أن وضعوا هذا الحرف في الزمن القديم عادوا إلى اليونانية فعربوا المذكورة بصورة قنقن وخصوها بما يقابلها عند الإفرنج وأطلقوا القنقن أيضاً على ما سماه اليونانيون وكذلك نقلوا عن اليونانيين (القنقل) المار ذكره وهو مكيال يسميه الرومان ونقل اليونانيون لفظتنا (القنع) بصورة أخرى وهي وهي عندهم الصدفة المستديرة العطفات إلى الداخل فنقلها عنهم الرومان بصورة بمعنى الحلزون. واشتقوا منها في لسانهم الملعقة فسموها لأنهم كانوا يستخرجون بطرفها الواحد الحلزون الذي كانوا مولعين بأكله. فقد رأيت من هذا البسط أن السلف سموا الشبور بالقنع لأنه على شكله والقنع هو الحلزون. ولم يكتفوا بالقبع والقثع المصحفين عنه. بل زادوه تصحيفا ثالثا وهو (المنع) فكأنهم قرءوا القاف المهملة ميما وابقوا النون على حالها وأرادوا به السرطان لا الحلزون والمنعي بزيادة ياء النسبة أكال السرطانات. فالظاهر أن السلف في الجاهلية كان مولعا بأكلها على حد ما يفعل الرومان واليونان وأبناء الغرب في عهدنا هذا. ومن الغريب أن اللغويين ذكروا المنع والمنعي بمعنييهما ولم يذكروا معدنيهما واصليهما والسلف كثيرا ما يصحف الألفاظ ليعلق بها معاني جديدة وكان يتصرف مثل هذا التصرف في المفردات الدخيلة المعربة. ومن العجب أن عوام سورية جهلوا أن اللاتينية عربية النجار فعربوها عنها وقالوا (قوقعة) في حين أنهم كانوا في مندوحة عنها بقولهم (قنعة) مفرد القنع وإن لم تسمع، لوجود القاعدة أن الشبيه بالجمع يفرد بالهاء. وكان عوام آخرون عربوها بصورة (قوقن) على ما رواه المستعيني وجاءت (كوكن) أيضاً. وكلها تنظر إلى الأصل العربي المصحف. وما أضحكنا إلا قول أحد الفضلاء المتشدقين وهو: (إذا أردتم أن تحطموا قوقعاتكم وتتخلصوا من أنواع الضيق المسيطرة على نفوسكم. فاخرجوا. . . أفلا قال كما قال السلف الفصيح: إذا أردتم أن تتخلصوا من قائبتكم أو قنعتكم. . .

أو نحوهما؟). لكن هذه اللغة البائسة قد صار أمرها إلى بعض الجهلة فاخذوا يهدمون حصونها بالنواسف وهم يجهلون نتيجة عملهم. فهذا هو الجهل المركب. وقانا الله شره! الغريزي لا الغرزي يكثر كتبة مصر من النسبة إلى الغريزة بقولهم غرزي بفتح الأول والثاني مدعين أن ذلك هو القياس لما كان من المنسوبات إلى فعيلة. والحال ليس كل قياس يقال: لأن السماع أفضل من القياس. إذ هذا وجد بعد ذاك. والمسموع في النسبة إلى الغريزة غريزي كما قالوا طبيعي وسليقي وسليمي وعميري وبديهي في النسبة إلى طبيعة وسليقة وسليمة وعميرة وبديهة، وذكر الغريزي صاحب (مد القاموس) نقلا عن الثقاة، والأطباء الأقدمون لم يقولوا إلا (الحرارة الغريزية) وقال أبو القف في كلامه عن خواص العدس: (وأما حرارته الغريزية فقوية وطبيعته فائقة جيدة لا يغلبها سبب ممرض) أهـ. وابن البيطار ذكر الحرارة الغريزية مئات ومئات. ولهذا تتحدى كل كاتب أن يورد لنا شاهدا واحدا - من الأقدمين أو من المولدين - فيه لفظة الغرزي في معنى الغريزي - نعم قد يجد الباحث الغرزي نسبة إلى الغرز (كسبب) وهو ضرب من الثمام، لكن بمعنى الطبيعي لا تجد ولن تجد. ولهذا وجب أن يقال الغريزي أمنا للبس، وإما حيث لا لبس فالنسبة إلى فعلية هو فعلي بالتحريك. تقول ربعي وحنفي وجذمي في النسبة إلى ربيعة وحنيفة وجذيمة؛ ويشبه فعلية في النسبة فعلية (بضم ففتح) تسقط منها الياء في مواطن وتحتفظ بها في مواطن أخرى. تقول جهني وقتبي (بضم ففتح) في جهينة وقتيبة. لكنك تقول حويزي في النسبة إلى حويزة (راجع كتاب سيبويه طبع مصر 2: 70 و71) ولهذا لا يحسن بالمرء أن يخطئ صاحبه معتمدا على ما يرى في كتب الصرف والنحو ولا يلتفت إلى السماع، وإلا فإن ثبت هذا لديه كان حجة على القاعدة وضرب بها عرض الحائط كما قرره العلماء الأعلام في معاجم اللغة ودواوينهم العلمية.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة غريبة من أغرب ما ساقتني إليه المصادفة، أني بينما كنت أطالع في كتاب (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) لأبي منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي المطبوع بمطبعة الظاهر في القاهرة سنة 1326هـ. عثرت في الصفحة 175 على بحث في حسان بن ثابت الشاعر المشهور (رض) إذ قال في حضرة النبي (ع) على سبيل التمدح بقوة لسانه: (والله أني لو وضعته على شعر لحلقه، أو على صخر لفلقه) سوى أن سقم الطبع الذي مني به هذا الكتاب الجليل أخرج الفاء قافا فكانت كلمة (لقلقه) هكذا: (لقلقه) وهي غلطة بديهية لا يعز على الأديب الاهتداء إلى تصحيحها من دون كلفة، وليس مثار التعجب هو هذا، بل هو تعليق المصحح على الكلمة بقوله: (اللقلقة صوت طائر طويل يأكل الحيات وهو صوت في حركة واضطراب ومنه حديث عمر: ما لم يكن نقع ولا لقلقة). ولعمري أن هذا من أغرب مداحض الأقلام. وسبحان من لا يذهل ولا يسهو. أما حديث عمر فهو كما جاء في الصفحة 18 من الكتاب المذكور من أن خالدا (رض) لما توفي لم تبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبره أي حلقت رأسها، ولما ارتفعت أصوات النساء عليه أنكرها بعض الناس فقال عمر (رض): دع نساء بني المغيرة يبكين أبا سليمان، ويرقدن من دموعهن سجلا أو سجلين، ما لم يكن نقع أو لقلة. وفي الجزء الثالث من (النهاية في غريب الحديث) ص 172 هكذا: ما عليهن أن يسفكن من دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة. . . النقع رفع الصوت. . . وقيل أراد بالنقع شق الجيوب وقيل أراد به وضع

التراب على الرؤوس من النقع (أي) الغبار وهو أولى لأنه قرن به للقلقة وهي الصوت فحمل اللفظيين على معنيين أولى من حملهما على معنى واحد. أهـ المطلوب. محمود الملاح قبر حيدر وقفت على مقالة الكاتب المتفنن أحمد حامد أفندي الصراف عن الدرويش ورأيته يتوقف في صحة موقع قبر الشيخ حيدر (6: 88) والحال إنه من المثبت أن هذا القبر هو كوهستان في مدينة (زوا) وهي التي تسمى اليوم (تربة حيدر) ذكرا له (راجع كتاب لسترنج - أراضي الخلافة الشرقية المطبوع في كنبردج سنة 1905 ص 356) والتربة المذكورة قريبة من باخرز. باريس: لويس ماسنيون البياسرة قرأت ما كتبت (لغة العرب) عن البياسرة (6: 57) وأنا واثق أن البياسرة أناس من ذرية متزوجين زواجا مختلطا أي من نسل عرب متزوجين هنديات أو من نسل هنود متزوجين عربيات. والكلمة من أصل هندي. فإن الهنود سموا البغلة (بيسر) (وزان حيدر) ولما كان البغل - حتى في اللغة العربية - يطلق مجازا على كل حي كان والداه مختلفي الجنس، جاز أن يطلق على هذا النسل أسم البياسرة. ولعل مدير المجلة يتحقق هذا الأمر من هنود بغداد الذين كثروا فيها بعد الاحتلال البريطاني. ولقد وجدت الجاحظ يذكر البياسرة في مؤلفاته. فليحتفظ ذلك إنه من الفائدة الثمينة في مكان حريز. يهرف ليست يهرف أسم سبع وقد أصبتم في تخطئتكم من ذهب إلى هذا الرأي. وقد رأيت في المحكم وفي اللسان: هرف السبع يهرف. . . ولا جرم أن أحدهم قرأها هكذا: السبع يهرف فوقع في تلك الهاوية من الوهم، وجر معه من تبعه في هذا الضلال، ويهدي مخطوط من (كتاب المعاني) وفيه أوهام مصوغة تلك الصياغة الشنيعة من الوهم وسوء الفهم. بكنهام (إنكلترا): ف. كرنكو

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة النقود في التاريخ س - بغداد - سائل: ما رأي لغة العرب في (العملة) وتأريخها وتطورها وهل هي قديمة أو حادثة؟ وبماذا كان يتعامل الناس قبل المسبح بألف سنة!! ج - يؤخذ من المأثورات الإغريقية التي أثبتتها المكشوفات الأثرية أن أقدم النقود لا تتعدى المائة السابعة قبل الميلاد أما قبل ذلك فكانت المعاملة تجري بقطع الذهب والفضة وسائر المعادن من غير أن يكون عليها علامة خاصة ثم تطور شكلها بتقدم الحضارة فطبعت كل إمارة على كل قطعة منها علامة لتعرف بها وبصحة جوهرها. وقد ألف الغربيون كتبا قائمة بنفسها في تاريخ نقود كل بلد بل شحنوا مؤلفات ضخمة بصور النقود التي كانت معروفة في العصور السابقة وبتاريخ كل منها. والعملة (كغرفة) بمعنى النقود من كلام عوام سورية ومصر ولم ترد في كلام فصيح. وسميت بذلك - على ما جاء في محيط المحيط - اشتقاقا من العملة وهي أجرة العمل لأنها تعطى أجرة للعمل. وأحسن من العملة بمعنى النقود (المعاملة) لأنه يتعامل بها. وهي أيضاً عامية أو مولدة إلا إنها وردت في كتب بعض المولدين أقدم من كلمة عملة والأحسن أن يقال النقود. اصطلاحات علمية حديثة س - بغداد - روزق عيسى: قرأت مقالة بديعة في العدد ال 69 من البلاغ الأسبوعي بقلم الكاتب المتفنن عباس محمود العقاد بعنوان (الأحساسية في التصوير) وقد جاء فيها بعض مفردات إنكليزية عربها صاحب المقالة تعريبا معنويا كقوله: الأحساسيون المحدثون - التقسيميون

الدواميون التعبيريون المستقبليون ما بعد الأحساسية - الوحشية فهل تستصوبون هذا التعريب الذي جرى على منواله فريق من كتاب العربية اليوم وهل في العربية ألفاظ تقوم مقام تلك المفردات؟ ج - أحسن من الدواميين الدواريون وكلتاهما بضم الدال وتشديد الواو. ولا نفضل دواريين على دواميين إلا لأن دوارين أقرب إلى فهم العامة. أما الدواميون فقد يتوهم فيها القارئ إنها منسوبة إلى الدوام بخلاف الدواريين فليس فيها ما يدفع إلى الوهم. وإما المستقبليون (أن لم يقع في النقل وهم) فليس صحيحا لأن ما ينتهي باللغات الإفرنجية بأحرف يفسر (بالذهب أو الطريقة) أو أن يؤنث اللفظ المنسوب فيقال مثلا المستقبلية بمعنى مذهب المستقبليين لكن لا يقال أبدا (مستقبلون) (كذا) بمعنى وما بقي فهو من الترجمة الصحيحة في نظرنا. ذهني وخارجي س - بغداد - ح. خ: ما هما الكلمتان المقابلتان للحرفين الإفرنجيين وج - ويقابله في لساننا الذهني والثاني يقابله في لغتنا الخارجي قال أبو البقاء في كلياته عن الأول: الذهن: القابلية. والفهم الإدراك وقد يطلق الذهن. ويراد به قوتنا المدركة وهو الشائع. وقد يطلق ويراد به القوة المدركة مطلقا. سواء كانت النفس الناطقة الإنسانية أو آلة من الآن إدراكها أو مجرد آخر. وهذا المعنى هو المراد في (الوجود الذهني) وكذا الخارج يطلق على معنيين: أحدهما الخارج عن النحو الغرضي من الذهن. لا من الذهن مطلقا والخارج بهذا المعنى اعم من الخارج بالمعنى الأول لتناوله له وللنحو الغير الغرضي من الذهن وهو المراد من الخارج في قولهم: صحة الحكم مطابقته لما في الخارج

فالموجود الخارجي على نحوين: أحدهما الحصول بالذات لا بالصورة، وذلك الحصول اعم من الوجود في نفس الأمر من وجه لتحقق الأول بدون الثاني في المخترعات الذهنية وبدون الأول في الموجودات الخارجية. ثم الموجود في الذهن عند المثبتين للوجود الذهني هو نفس الماهيات التي توصف بالوجود الخارجي والاختلاف بينهما بالوجود دون الماهية. ولهذا قال صاحب المحاكمات: الأشياء في الخارج أعيان. وفي الذهن صور. انتهى كلام أبي البقاء. فأنت ترى من هذا أن تعريف كل من الذهني والخارجي تعريف صحيح على ما يفهمه الإفرنج في هذا العهد، ولا نعرف للحرفين المذكورين كلمتين أخريين ومن يعرفهما فليذكرهما لنا فنكون له من الشاكرين. بشرط أن ينقل كلام الأقدمين بنصه واسم الكتاب الذي ورد فيه مع أسم مؤلفه. ولو وجد غير هذين اللفظيين لذكرهما لنا صاحب الكليات نفسه. س - ومنه - ما الكلمة العربية المقابلة للإفرنجية ج - للإفرنجية معنيان؛ المعنى الأول إنها تفيد (بلا خبرة أو اختبار) معتمدا المتكلم في ما يقوله على العقل أو على دليل ظاهر قد سبق التسليم به وهذا يقابله قولنا: (عقليا) أو آنفا بضم الأولين. والثاني يأتي مقابلا لقولهم فيقال حينئذ استئنافا وللفظة الثانية الإفرنجية (استنتاجا) أو (اختبارا) أو أن يقال بازاء الإفرنجية: (سباقا ولحاقا) وهي أشهر ما جاء في كلام المتكلمين والفقهاء وعرفهما اللغويون، فليحتفظ بهما. جمع المصدر وجمع جهد على جهود س - مصر القاهرة - س. ب. م -: هل تجوزون جمع المصدر وهل توافقون على أن يجمع جهد على جهود، وهل ورد في كلام الأقدمين؟ ج - جمع المصدر لا يجوز كما صرح به النحاة واللغويون وكما ترونه مدونا في جميع المصنفات التي تتعرض لهذا الموضوع. قال في المصباح في مادة ق ص د: بعض الفقهاء جمع القصد على قصود. وقال النحاة: المصدر المؤكد، لا يثنى ولا يجمع. لأنه جنس والجنس يدل بلفظ ما دل عليه الجمع من الكثرة فلا فائدة في الجمع، فإن كان المصدر عددا كالضربات، أو نوعا كالعلوم والأعمال،

جاز ذلك لأنها وحدات وأنواع جمعت، فتقول: ضربت ضربين، وعلمت علمين، فيثنى لاختلاف النوعين، لأن ضربا يخالف ضربا في كثرته وقلته، وعلما يخالف علما في معلومه ومتعلقه، كعلم الفقه، وعلم النحو، كما: تقول عندي تمور، إذا اختلفت الأنواع، وكذلك الظن يجمع على ظنون لاختلاف أنواعه، لأن ظنا يكون خيرا وظنا يكون شرا - وقال الجرجاني: ولا يجمع المبهم إلا إذا أريد به الفرق بين النوع والجنس، واغلب ما يكون فيما ينجذب إلى الاسمية نحو العلم والظن ولا يطرد. إلا تراهم لم يقولون في قتل وسلب ونهب (المصادر): قتول وساوب ونهوب - وقال غيره: لا يجمع الوعد لأنه مصدر. فدل كلامهم على أن جمع المصدر موقوف على السماع، فإن سمع الجمع عللوا باختلاف الأنواع، وإن لم يسمع عللوا بأنه مصدر، أي باق على مصدريته وعلى هذا فجمع القصد موقوف على السماع. وإما المقصد فيجمع على مقاصد. أهـ كلام صاحب المصباح. قلنا: لم يسمع جهد جمع على جهود لكن اليوم أكثرت منه الصحف والمجلات والكتب، فالأحسن القول بجمعه وإن لم يسمع عن الفصحاء فيسابق العهد، لأن (إجماع فصحاء العصر كإجماع فصحاء الأقدمين، ولماذا يجوز لقوم واحد أن يقولوا كذا ولا يسمح لأبنائهم أن يتبعوهم؟ ونحن نجوز كل ما استعمله (فصحاء المولدين والمحدثين والعصريين) وإن خالف صريح نصوص الأقدمين القائلين بمنعه. هذا رأينا الفائل يقول به من يشاء ويضرب به عرض الحائط من يشاء ولا نلزم أحدا باتباعه. المتولي الفقيه س - الكاظمية - مصطفى جواد: قرأت في المرشد (3: 104) مقالة بعنوان آثار (كذا أي آثار) بغداد هذه العبارة: (. . . ولما كنت قد وقفت على حقيقتهما (حقيقة المدرسة التاجية وصاحب قبر الشيخ أبي اسحق المدفون فيها) بعد البحث والاستقراء الدقيقين أردت بمقالي هذا أن أبين الحقيقة لمن تهمه هذه المباحث) ثم يقول في ص 106 ما هذا حرفه: (ومنهم (من المدفونين في التاجية) أبو سعيد عبد الرحمن بن مأمون ابن (كذا أي بن) علي المعروف

بالمتولي الفقيه الشافعي مدرس المستنصرية المتوفى (كذا. أي المتوفى بياء غير منقوطة) سنة 478هـ. . .) أفهذا كلام صحيح؟ ج - كنية المتولي الفقيه أبو سعد لا أبو سعيد (كما ذكره ابن خلكان في الجزء 1: 392 من طبعة بولاق). وإما إنه كان مدرسا في المستنصرية فهذا لا يمكن لأن هذه المدرسة أنشئت سنة 325هـ (1227م) راجع هذا الجزء من مجلتنا ص 354) وأبو سعد توفي سنة 478هـ وعليه يكون الصواب: (مدرس النظامية) كما قال ذلك ابن خلكان في الجزء والصفحة اللذين ذكرناهما. فعسى أن يصلح الغلط في جزء تال من المرشد ذهابا إلى الحق. الأصنوجة والدوالقة أو الزوالقة س - زحلة - س. م: قرأت في (البستان) ومحيط المحيط وفي كثير من المعاجم هذه العبارة وهي: الأصنوجة: الدوالقة من العجين، ولما نقرت عن الدوالقة في الدواوين لأعرف معناها لم أجدها. فهل لكم أن تذكروها لنا؟ ج - لم يفسرها أحد تفسيرا واضحا. فقد قال صاحب اللسان: الأصنوجة: الزوالقة من العجين ولم يذكر معنى الزوالقة في موطن من المواطن بل قال الناشر في الحاشية: هكذا بالأصل. وفي القاموس: الدوالقة بالدال. وحرره. أهـ. وكذلك لم يفسرها صاحب التاج. وقال في الأوقيانوس: الأصنوجة وزان أضحوكة: خيط الخمير الذي يمتد طولا عندما يعجن فيكون كخيوط الحلوى (المعروفة عند الترك) بكتان حلواسي (ويسميها أهل العراق شعر بنات). أهـ. وعندنا أن الكلمة المفسرة للأصنوجة هي الدمالقة وهي القطعة المستديرة من العجين تكون بكبر الصنج وقبل أن تلصق بالتنور فالدمالقة مشتقة من الدمالق للحجر المستدير والدمالق من الدمالج أو لغة فيه والدمالج جمع دملج للحلي المستدير الذي يلبس في العضد كما أن الأصنوجة مشتقة من الصنج لمشابهة العجينة الصنج المستدير. وسبب التسمية في اللفظيين واضح كما لا يخفى على الباحث اللغوي، أما المستشرقون فلم يهتدوا إلى المعنى بتاتا ففريتغ ذكر الاصنوجة وقال (الدوالقة من العجين) بحروف عربية ولم يفسرها. وقال فرنسيس جونصن: الأصنوجة هي المعجن الذي فيه العجين (كذا) فتأمل.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 51 - مباحث في الآداب العربية العصرية بقلم هـ. ا. ر. رجب بيت جب، بيت علم وفضل وأدب. ولهذا البيت فضل على اللغات الشرقية لأن أحد أبنائه ارصد مبلغا لنشر ما يفيد من مصنفات الشرقيين عربا كانوا أم فرسا أو تركا. وأمامنا الآن مقالة نفيسة في 16 صفحة تكلم فيها صاحبها عن نهضة الأدب في المائة التاسعة عشرة فإذا هي من احفل المقالات في هذا الموضوع والذي يطالعها يتحقق أن صاحبها من أعظم الناس وقوفا على الحركة الأدبية عند العرب والكاتب لا يبعث بفكر إلا يؤيده في الحاشية بالأسانيد التي لا تنكر. ولم يصلنا إلا القسم الأول من هذا البحث الجليل فعسى أن يكون القسم المتمم له على هذا الطراز من التحقيق والتدقيق. 52 - أنباء عن اليمن آخر رحلة هرمان بورخرت في جنوبي ديار العرب، أعاد النظر فيها اوجين متووخ. ما يتولى علماء الألمان نشر كتاب عن ديار العرب إلا يفونه حقه من التحقيق والعناية بخدمته من شرح وإفادات. صاحب هذه الرحلة أحمد بن محمد الجرادي من أهالي صنعاء. كان كاتبا للمستشرق الألماني بورخرت. وقد نشر نص هذه الرحلة العلامة اوجين متووخ وعلق عليها تعاليق نفيسة وشرح الألفاظ الغامضة

وهي كلها من المفردات العامية الخاصة بأهل صنعاء. والحق يقال أننا لم نفهم من هذه الرطينى إلا الشيء النزر لما فيها من الكلام المحرف المشوه والمفردات الغريبة. والكتاب في 74 صفحة بقطع الربع، فيه 28 صورة شمسية محكمة الصنع وخريطة رحلة بورخرت من مكة إلى صنعاء مع ذكر جميع المدن التي مر بها. وقد قسم ناشر الرحلة كتابه إلى سبعة أقسام هي: المقدمة - نص الرحلة باللغة العربية الصنعانية - ملاحظات عليها - أمثلة من لغة صنعاء - ملاحظات على غوامض نص الرحلة - فهارس وتصاوير. والكتاب جدير بالاقتناء إذ يستفيد منه الباحث عن ديار اليمن واللغوي والمؤرخ والأديب. إذ فيه من المواد ما ينفع جميع هؤلاء الباحثين. 53 - أعظم حرب في التاريخ وكيف مرت حوادثها تأليف جرجس الخوري منشئ مجلة المورد المطبعة العلمية بيروت سنة 1927 في 130 ص. كتاب مفيد لكل من يريد أن يقف وقوفا مجملا على تلك الحرب العظمى التي انتابت العالم وقد قال صاحبه أن تأليفه (خلو من روح التعصب المذهبي أو الجنس. . . وإن لغته من السهل الممتنع) (المقدمة) وقد رأينا بعض أشياء تخالف ما قاله منها قوله: (من معاني لبنان الطيب الرائحة مشتق من اللبان أي البخور) وإذا كان أحد اللغويين الإثبات نطق بمثل هذا الكلام فحري بأن يضرب رأسه بصخر لبنان ليتعلم أن البحث عن أصول الألفاظ لا يكون بهذا الروح من التعصب الجنسي، إنما لبنان معناه الأبيض لا بيضاض ثلجه لا غير، وإلا فالجبال كلها ذوات روائح عطرة لما فيها من النباتات الطيبة الشذا. - وفي ص 4 وللوطنيين شغف شديد في التعلم. والمشهور أن الشغف يوصل إلى مفعوله بالباء ومنه: غيلان مية مشغوف بها هو مذ ... بدت له فحجاه بأن أو كربا وفي ص 5 يقول: متمتعين بالمناظر الحسنة وبالهواء الطيب وبالماء الزلال وبوارف الإظلال) ونحن نرى من الثقل في تكرير الباءات ما يذكرنا بجلاميد لبنان. أفما كان الأحسن حذفها طلبا لخفة العبارة؟ - وقال في ص 6: (بقرته وعنزته). ونحن لم نجد فصيحا استعمل العنزة بمعنى العنز. نعم أن محيط المحيط واقرب الموارد

والمنجد ومعجم الطالب والمعتمد (ولعل البستان الوشيك الظهور) وشركاءهم ذكروا ذلك، لكن هؤلاء جميعهم حجج ضعيفة لا قيمة لهم عند المحقق. وهكذا لو تتبعنا المؤلف في كل صفحة من كتابه لوجدنا عبارته (سهلة، لكنها غير ممتنعة) فعسى أن تنقى في طبعة ثالثة من شوائب الركاكة ولاسيما الكتاب وضع لطلبة التاريخ الحديث. 54 - العقل الباطن أو مكنونات النفس تأليف سلامة موسى في 181 ص بقطع 16، عنيت بنشره إدارة الهلال بمصر سنة 1928. سلامة موسى كاتب مصري معروف، مولع بكل علم جديد وبحث طريف لكنه ضعيف النظر في لغتنا وكثيرا ما يضع ألفاظا في غير موضعها فيفسد اللغة ويحمل الغير على إفسادها. من ذلك إنه سمى: سبق الوهم ويجمع على سبق الأوهام وبالإنكليزية بالتغرضات والحال أن التغرضات في لغتنا الفصيحة مصدر تغرض الغصن كأنغرض أي انكسر ولم يتحطم فأين هذا من ذاك. وسمى الكظم ضغطا ونسي أن الضغط هو فلا يجدر به أن يحمل اللفظة الواحدة معنيين مختلفين في حين أن لغتنا تمكننا من اتخاذ لفظة لكل معنى. وقال العقل الباطن هو مع إنه قال أن العقل الواعي هو فكان يجدر به أن يطلق على الأول العقل الساهي ليصدق قوله على الثاني العقل الواعي. هذا فضلا عن أن الباطن هو وكلاهما كذلك فلا معنى يفيد اللفظة إلا إذا قلنا: العقل الساهي. وأراد بالكبت ما يسميه الإنكليز والحال أن اللفظة تعني عندنا القمع. واغلب هذه المفردات غرابة إنه وضع للإنكليزية (اللببد)، فلقد

أغربنا في الضحك حتى كدنا نموت وشرح هذه اللفظة بعربيته الخاصة به بما هذا حرفه: (لبيد هو تلك القوة الجنسية في العقل الباطن (العقل الساهي) تريد أن تنطلق على الرغم من الكبت والضغط (أي مع محاولة كظمها أو قمعها). إذن ما سماه اللبيد هو (الشبق) لا غير فلا نعلم كيف يجهل حضرة الكاتب هذه الألفاظ ويضع في مواطنها ألفاظ الغتم (البشكانية) فعسى أن لا يسوق أبناء الضاد إلى الموارد الرنقة. ست مقالات للعلامة اغناطيوس كراتشقوفسكي 55 - تاريخ الآداب العربية في المهجر الأمريكي في 20 ص بقطع الثمن الكبير. 56 - مقدمة للمنتخبات العصرية لدرس الآداب العربية في 24 ص بقطع الثمن. 57 - نقد حياة اللغات وموتها. وفي متلو كالكتاب. الجزء الأول وكلاهما للخوري مارون غصن 5 ص بقطع الثمن. 58 - نقد لامية أبي الكبير الهذلي وشرحها للسكري وهي التي نشرها فهيم البير قداري في 4 ص بقطع الثمن. 59 - منتخبات من الآداب العربية الحديثة وترجمتها للأب رفائيل نخلة اليسوعي في 4 ص بقطع الثمن. وكلها بالروسية إلا الأولى فأنها بالألمانية. هذه المقالات تشهد بتضلع صديقنا من لغتنا الفصيحة في عصير القديم والحديث ومن وقوفه على آدابهما وقوفا يدهش أبناء لغتنا أنفسهم. فلله در أبناء الغرب من محققين! 60 - بطل المحبة الخالد القديس منصور دي بول في 32 ص بقطع 12، تأليف الأب يوسف علوان اللعازري طبع بالمطبعة الكاثوليكية في بيروت 1928. القديس منصور دي بول هو مؤسس جمعيتي الآباء اللعازريين وراهبات المحبة وشفيع جمعيات مار منصور وسائر الشركات الخيرية في العالم كله. والكتاب مزين بالصور البديعة مما يعين على سرعة فهم الأحوال في أوائل القرن السادس عشر وعبارة الكاتب مشهورة بالجلاء والوضوح والصحة وهي خصال تندر في كتبة هذه الأيام ولاسيما الذين يكتبون في الأمور الروحية.

61 - المنتخبات العصرية لدرس الآداب العربية الجزء الأول وهو نصوص المنتخبات في 258 ص بقطع الثمن، اعتنت بجمعها وترتيبها كلثوم نصر عودة فاسيليفا، معلمة اللغة العربية في الكلية الشرقية في لينينغراد وعليها مقدمة لمراقب نشرها اغناطيوس كراتشقوفسكي أستاذ تاريخ الآداب العربية في الكلية المذكورة، لينينغراد سنة 1928. هذا الكتاب يحوي مقالات لواحد وعشرين كاتبا وكاتبة فيهم ثمانية مصريين وما بقي من أبناء سورية. ولم نجد بينهم عراقيا أو من غير ديار سورية ومصر. نعم نرى بين أصحاب تلك الأفلام من يسكنون اليوم أمريكا لكنهم سوريون، فنحن لا نرى ذلك من باب الأنصاف، وبين العراقيين وغير العراقيين من حملة اليراع وأرباب القريظ من هم في الطبقة الأولى. فكيف فات ذلك السيدة كلثوم. وكيف ذهل عن هذا الأمر صديقنا اغناطيوس كراتشقوفسكي؟ فلعل الجزء الثاني يحوي ما لم يحوه هذا الجزء. فعسى أن يصدق ظننا! وكنا نود أن يذكر في الحاشية محل ولادة الكاتب ومحل وفاته أيضاً إذا كان من الراحلين. ولا سيما الكاتبة المؤلفة قد ذكرت سنة الولادة والوفاة في صدر المقال فلم يبق لها إلا أن تذكر محل الولادة والوفاة. وكنا نود أيضاً أن يكون الحرف أحسن خطأ من الحرف العربي المشهور في روية منذ نحو مائة سنة وهو هو على ما كان لم يغير إلى الآن ورسم حروفه لا يشبع الناظر إليه. هذه هي الهنات التي رأيناها فيصدر المنتخبات وإلا فإن صاحبتها أظهرت من الذوق في حسن الاختيار ما يجلب إليها أحسن الثناء ويشكر لها عملها كل من يقدر الآداب العربية العصرية، ومما استحسناه المقدمة التي صدر بها صديقنا هذه المنتخبات البديعة فأنها جديرة بأن تصدر من صاحب ذيالك القلم السيال المعسول. 62 - ترجمة ب. ف. غرغاس ترجمة ضافية الذيل حسنة التفصيل لصديقنا العلامة الروسي اغناطيوس كراتشوفسكي.

كتاب الأصنام

كتاب الأصنام 2 - كيف ترجم الكتاب وكتبت بعد ذلك إلى صديقي الأستاذ الأب أ. س. مرمرجي البغدادي الدومنيكي أحد أساتذة المعهد الكتابي والأثري الفرنسي في بيت المقدس أسأله عما تم من أمر الترجمة فبعث إليّ بكتاب يقول فيه ما هذا حرفه: (ما أحسن ما كان صنعك بتوجيهك الرسالة إليّ. فإن الأب جوسين وإن كان اليوم هنا لكان يعجز عن الإجابة على أسئلتك لأنه لم يكن له في أمر كتاب الأصنام لأناقة ولأجمل فإني أنا الذي كنت قد تفرغت لهذا البحث وعليه دونك ما يأتي تلبية لطلبك. لم تنشر عن كتاب الأصنام لا ترجمة كاملة ولا ترجمة ملخصة بل أني بادئ بدء قد عمدت إلى ترجمته برمته لكن بقصد أن أصبه عند الترجمة بقالب منظم على الأصول المنطقية لا على ما هو عليه من الخلل من حيث التأليف. وقد علقت عليه بالفرنسية حواشي كثيرة مستمد بعضها من تعليقات أحمد زكي باشا إلا أن كل ذلك لم ينشر. فقد حكم بأن الأفضل في الوقت الحاضر أن اجتزئ بمقالة واحدة موضوعها كل الأصنام المدونة في الكتاب ليس إلا. وقد قسمتها قسمة منظمة إلى ثلاث طبقات طبقا لخطورتها عند العرب عامة أو عند بعض قبائلها. الطبقة الأولى: هبل واللات والعزى ومناة. الطبقة الثانية: اساف ونائلة وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر. الطبقة الثالثة: إلا قيصر وذو الخلصة وسعد وسعير وذو الشرى وعائم وعميانوس وسعير والفلس وذو الكفين ومناف ونهم واليعبوب وباجر والسجة. وقد أتيت عن كل واحد من هذه الأصنام بخلاصة مستمدة من الكتاب عينه بتصرف مستشهدا بالأبيات الشعرية ناقلا نصها العربي ملحقا إياه بترجمته

إلى الفرنسية. وبعد الكلام عن الأصنام أنهيت المقال بكلمة عن أشهر المقادس العربية وهي الكعبة وكعبة نجران وكعبة سنداد والقليس ورضاء ورئام حسبما ذكرت في المؤلف ذاته. وقد وقعت المقالة في أربع وعشرين صفحة من صفحات مجلتنا وجاءت طبقا للغاية المتوخاة إلا وهي اطلاع القراء على ما دونه ابن الكلبي عن الأصنام. ولذا لم يأت فيها لا نقد ولا شرح ولا مقابلة ولا تعليقات هذا ولم أتعرض لا ترجمة ولا تلخيصا لكل ما جاء في السفر فيشان أصل الأوثان وكيفية دخولها بلاد العرب لخلو ذلك من الفائدة لاستناد أكثره على تخيلات وخرافات تضحك الثكلى. وقد عنونت المقالة بما تعريبه: (إلهة الوثنية العربية تبعا لابن الكلبي). وقد صدرت المقالة بكلمة عن الناشر وبترجمة وجيزة لصاحب كتاب الأصنام. هذا وما عدا الأصنام المذكورة في كتاب ابن الكلبي هناك طائفة معتبرة قد جاءت أسماؤها متفرقة في كتب القوم منها ما سرده الناشر في آخر الكتاب ومنها ما قد جمعته أنا بمطالعاتي ومنها ما قد أطلعني عليه الأب انستاس. وأنا مواصل البحث حسب سنوح الفرص الملائمة لتحقيق ذلك مستندا على ما يقع بين يدي من الآثار والمستمدات على اختلاف ضروبها. وإذا تيسر الأمر نشرته في مجلتنا الكتابية أو على حدة بالفرنسية. أما محل نشر مقالتي فهذا هو: المجلة الكتابية للآباء الدومنكيين في القدس عدد تموز سنة 1926 من سنتها الخامسة والثلاثين من صفحة 397 إلى 420) انتهى كتاب الأب مرمرجي (بحرفه) (له بقية) حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص

الشوقيات

الشوقيات - 2 - وهناك أدبيات ركيكة لا طائل تحتها، إلى أن أتى بقاعدة غريبة هي قوله (ص 5): يولد السيد المتوج غضا ... طهرته في مهدها النعماء والذي اعرفه أنا هو أن كل أحد يولد غضا. وقال (فيها): (فإذا أبيض الهديل غراب). ولو قال (الحمام) بدل (الهديل) لأحسن ولم يحتج إلى شرح الكلمة. وقال (فيها): (ولواء من تحته الإحياء). وهل من العظم لرمسيس أن يكون تحت لوائه أحياء لا أموات. وأي أمير أو قائد لا يكون تحت لوائه عدد من الأحياء؟ وقال (ص 6): (ووجود يساس). ولم افقه السر في اختياره الوجود للسياسة وهو اعم الصفات، لا صلة له بها. فهلا قال: (ورعايا تساس)؟ قال (فيها): وبناء إلى بناء يود ال ... خلد لو نال عمره والبقاء فما أكذبه! وقال (فيها): لك آمون والهلال إذا يك ... بر والشمس والضحى آباء ولم استحسن قوله: (إذا يكبر)، فإن الشرط إذا حذف جزاؤه جاء في صيغة الماضي، فهلا قال: لك آمون والكواكب والأق ... مار والشمس والضحى آباء وقال (فيها): ولك المنشآت في كل بح ... ر ولك البر أرضه والسماء فهل كانت له منشات في البحر الاتلنتي، وهل كانت له طيارات تطير في الجو ليجوز له أن يقول: (لك السماء)؟ - وقال (فيها): ليت لم يبلك الزمان. . . فحذف أسم ليت وهو عمدة يقبح حذفها - وقال (ص 7): (فاروه الصديق في ثوب فقر) وهو كأنه يريد بالصديق ابنة فرعون اروه إياها في ثوب الفقر، يدل على ذلك فاء التفريع بعد ذكرها في الذلة، فقصر اللفظ عن المعنى الذي يريد وقال (ص 8).

هكذا الملك والملوك وإن جا ... ر زمان وروعت بلواء وكان الأحسن أن يقول: (هكذا ترحم المارك. . .) الخ. ليناسب قوله في البيت الذي قبله: (فبكى رحمة. . .) والصحيح في كلمة بلواء (بلوى). وقال فيها: لا تسلني ما دولة الفرس ساءت ... دولة الفرس في البلاد وساءوا وهو بيت سقيم، ومثله البيت الذي بعده. ثم تأتي أبيات أكثرها سخيفة في معانيها، ركيكة في مبانيها. وقال ص 11: (لعلاك المذكرات عبيد). وهو جواب الشرط قبل بيت وهو قوله: (وإذا تعبد البحار. . .) الخ. فكان الواجب تصديره بالفاء. ثم تأتي أبيات كثيرة ذكر فيها آلهة المصريين القدماء، ثم استطرد إلى الثناء على الله. ثم ذكر موسى وعيسى عليهما السلام، ثم القياصرة وفي معانيها المبالغات وأفاظها الركاكة، اذكر نموذجا لها قوله ص 11: فإذا قيل ما مفاخر مصر ... قيل منها إيزيسها الغراء وقوله ص 13: ليس تغنى عنها البلاد ولا ما ... ل الأقاليم أن أتاها النداء وقال ص 14: وتولى على النفوس هوى الأو ... ثان حتى انتهت له الأهواء و (تولى) في المعنى الذي يريده لا يتعدى إلا بنفسه. يقال: تولى الأمر بمعنى تقلده وقام به: وفلانا: اتخذه وليا. وكأنه استعمله بمعنى استولى. ولذلك عداه بعلى. ثم استطرد إلى ذكر النبي الحنيف بعد ذكر موسى وعيسى كأن القصيدة قصص الأنبياء. ثم قال فيه (وفيها): لم يفه بالنوابغ الغر حتى ... سبق الخلق نحوه البلغاء وكلمة (لم يفه) لا تقوم مقام (لم يدع) وهو مراده هنا. وقال في جبرئيل (ص 15): يحسب الأفق في جناحيه نور ... سلبته النجوم والجوزاء وسلامة العبارة تقتضي أن يقول: (يحسب الأفق أن في جناحيه نورا). وقال ص 18: فأتت مصر رسلهم تتوالى ... وترامت سودانها العلماء ولا أدري بماذا نصب (سودانها) فإن (ترامت) فعل لازم ولا يجوز

نصبه على الظرفية. فإن أسم المكان المعين تحذف أداة الظرفية منه. وقال فيها، علمت كل دولة قد تولت ... أننا سمها وأنا الوباء وليس مدحا لقوم أن يكونوا سما ووباء لآخرين. فهلا قال عوض الشطر الثاني: (أننا داؤها وأنا الدواء). وجاء أخيرا يذكر محمد علي باشا فقال ص 19: رام بالريف والصعيد أمورا ... لم تنل كنه غورها الأغبياء رام ناجيهما وعرش المعالي ... ويروم العظائم العظماء وحتى الآن لم افهم ماذا جعل (ناجيهما) فاعلا لرام أو مفعولا، وعلى كل وجه لا يستقيم المعنى إلى أن قال (ص 20): الثم السدة التي أن أنلها ... تهو فيها وتسجد الجوزاء جعل هوي الجوزاء وسجودها في السدة جزاء للثمه إياها ولعل هذا من ابتكاراته. والبيت فيه سخف. والقصيدة مائتان وتسعون بيتا يقلد فيها شوقي البوصيري في همزيته. وقد ركب في كثير من أبياته الشطط والضرائر القبيحة ونهج منهج القدماء ولم يلحقهم. وهي من قصائده التي يعدها المحافظون أية في. . .؟! البلاغة (!). ومن حظ مصر أن انتبه في آخر الوقت الفريق المتهذب من أبنائها فأخذوا يرجعون بشوقي إلى الصف الذي هو جدير به بين الشعراء. نقد قصيدة في الوسط وهي قصيدة (وداع اللورد كرومر) وخذ مثلا قصيدته (وداع اللورد كرومر) (ص 209)، فانك ترى الذل فيها باديا في سياق لوم اللورد وتبكيته، مما ينافي شعور أمة تتطلب الاستقلال وتريد نزعه من أيدي غاصبيه. وقد ذكر في معرض التبكيت الذين ساسوا مصر قبله مستبدين غير مسؤولين، كأنه يسجل على مصر كونها لم تحكم نفسها بنفسها. مما ينافي ما هو بصدده من أباء المصريين للاستبداد. قال: أيامكم أم عهد إسماعيلا ... أم أنت فرعون يسوس النيلا أم حاكم في أرض مصر بأمره ... لا سائلا أبدا ولا مسؤولا يا مالكا رق الرقاب ببأسه ... هلا اتخذت إلى القلوب سبيلا أنظر إلى ما تعرضه عليك هذه الأبيات من الصغار والضعف لمصر، والبأس والقوة للورد: وأنظر كيف يطلب أن يتخذ إلى القلوب سبيلا، كأنه يجهل أو يتجاهل أن التذلل يزيد القوة قسوة وكبرياء، وقال فيها:

لما رحلت عن البلاد تشهدت ... فكأنك الداء العياء رحيلا و (تشهدت) معناها: نطقت بكلمة الشهادة. كأنها آمنت من جديد، ولا يخفى ما في ذلك من السخف، إذ لا يتشهد بعد الضنك إلا الأغرار (السذج) من الضعفاء. وقال (فيها): أو سمعتنا يوم الوداع إهانة ... أدب لعمرك لا يصيب مثيلا ومن العجب أن يقسم أمير الشعراء، بعمر اللورد، على أن ما أتاه يوم الوداع أدب ليس له مثيل. ومتى اقسم شاعر أمة بمن أهانها؟ وقال (فيها): في ملعب للمضحكات مشيد ... مثلت فيه المبكيات فصولا يريد بالملعب (دار الاوبرة) وهي ليست خاصة بالمضحكات، بل تمثل فيها المضحكات والمبكيات و (في) في الشطر الثاني زائدة، إذ يغني عنه قوله في الشطر الأول (في ملعب). وقال (فيها): جبن أقل وحط من قدريهما ... والمرء أن يجبن يعش مرذولا وإحدى الكلمتين: (اقل وحط) زائدة. وقال ص 210: أحسبت أن الله دونك قدرة ... لا يملك التغيير والتبديلا الله يحكم في الملوك ولم تكن ... دول تنازعه القوى لتدولا وأنت ترى أن إحدى الكلمتين: (التغيير والتبديل) في البيت الأول زائدة أتى بها إكمالا للوزن و (الله) في البيت الثاني غير معطوف على الله في البيت الأول ليكون البيت من حسبان المخاطب. وعلى هذا يكون قوله. . . (ولم تكن دول تنازعه القوى لتدولا) مغايرا لما يريده من أن الدول التي تنازعها القوى تدول. وقال (فيها): فرعون قبلك كان أعظم سطوة ... وأعز بين العالمين قبيلا ولم يصرح أي فرعون يريد، فالفراعنة كثار: ثم ماذا يريد أمير الشعراء بذكر فرعون وعظم سطوته وكونه أعز قبيلا، فإن تذكير مثل كرومر بهذه التوافه سخيف وهل كان الشعب في مصر أيام الفراعنة أقوى من الشعب الإنكليزي في الحاضر. وقال فيها: ومدارسا يبني البلاد حوافلا ... حظ الفقير بهن كان جزيلا

ولم أدر ما الفاعل لقوله (يبني البلاد) ثم تأتي أبيات ما فيها من الشعر غير الوزن والقافية كقوله (ص 212): أم هل يعد لك الإضاعة منة ... جيش كجيش الهند بات ذليلا وقال: لو كنت من حمر الثياب عبدتكم ... من دون عيسى محسنا ومنيلا أو كنت بعض الإنكليز قبلتكم ... ملكا أقطع كفه تقبيلا وقد قصد بحمر الثياب الإنكليز كما في الشرح فلا وجه للإتيان ب (أو) للترديد فإن البيت الثاني كالأول (لو كنت من حمر الثياب. . .) والقصيدة على هذا النمط من ضعف التأليف، وفيها مفاضلة كمفاضلة الأطفال. نقد آخر قصيدة من ديوانه وننقد هنا آخر قصائده في ديوانه وهي قصيدة (الصليب والهلال الأحمران) (ص 363) كما نقدنا أول قصائده وأوسطها فتعلم أنا لم ننتق للنقد ما رأيناه قد أسف فيه. قال: جبريل أنت هدى السما ... ء وأنت برهان العناية ولا أدري ما شأن جبريل في الصليب والهلال الأحمرين، فهو ليس ببشير الرحمة في كل وقت في اعتقاد المسلمين، بل كثيرا ما كان نذير الدمار، ووراءه أبيات لا بأس بها ثم قال فيها: لو خيما في (كربلا) ... لم يمنع (السبط) السقاية نزعة في أمير الشعراء الرجوع إلى القديم حتى في الحوادث الجديدة. وقال فيها: أو أدركا يوم المسي ... ح لعاوناه على النكاية ولا أدري كيف يدعي أن اليهود نكوا بالمسيح وهو مسلم والقرآن يقول: (وما صلبوه وما قتلوه ولكن شبه لهم). ثم إنه ذكر الممرضات ذكر الجاهلي لهن (ص 364) كأنه لا يستطيع مفارقة الشعور القديم فقال: يسعفن ريا أو قرى ... كنساء طي في البداية وقال: أن لم يكن ملائك الر ... حمن كن همو حكاية وهو سقيم التركيب مثل كثير من أبيات قصيدته. وقال في آخرها (ص 365): ستظل دامية إلى ... يوم الخصومة والشكاية

ديوان العقاد

كأن الحرب التي قامت ليست يوم خصومة. والظاهر إنه قصد بيوم الخصومة والشكاية يوم الحساب وهو قصد بعيد. وما شعر شوقي بالإجمال إلا تقليد للقدماء، وكثيرا ما يستخرج المعنى من القافية فيكون تافها ليس عليه مسحة عصرية. وربما عدنا إلى نقد بعض قصائده غير هذه ديوان العقاد - 2 - ومما أجاد فيه الأستاذ قوله ص 36: ليس بين الجنون والعقل إلا ... خطوتا سائر فحاذر وأمسك أول الخطوتين نسيانك الن ... اس وإما الأخرى فنسيان نفسك وكان الأحسن - لو ساعده الوزن - أن يقول (أولى الخطوتين) كما قال (والأخرى). وإما قصيدته (الحب الأول) ص 37، فحدث عما فيها من الركاكة والتفاهة والإغلاق ولا حرج إلا أبياتا قليلة أحسن صياغتها وضمنها معاني تجذب الأنظار. قال: يهنيك يا زهر أطيار وأفنان ... الطير ينشد والأفنان عيدان عرفنا أن الطير ينشد ولكن من الذي يضرب على العيدان؟ وقال: طوباك لسن بإنسان فتشبهني ... إني ظمئت وأنت اليوم ريان رأى الأستاذ نفسه ظمئان، ورأى الزهر الذي يخاطبه ربان فقال: (طوباك لسن بإنسان) وما كل إنسان بظمآن، ولا كل زهر بريان ليفضل الزهر على الإنسان. قال: هذا الربيع تجلى في مواكبه ... وهكذا الدهر آن بعدها آن المعروف من المعجمات أن الآن أسم للوقت الذي فيه الإنسان، أو الوقت المتوسط بين الماضي والمستقبل، وهو لا يكون إلا قصيرا فما إطلاقه على الربيع موافق لما وضع له، نعم يجوز أن نقول إذا تفلسفنا: أن الدهر مركب من الأنات، ولكن الربيع ليس أحد هذه الانات، بل هو قسم كبير منها، على أن

الآن لم يجئ بغير اللام. وقال: (تفتحت عنه أكمام السماء رضى) وما ابغض كلمة (رضى) هنا. وقال (والروض بالأثمار قينان) وقد شرح (قينان) بقوله (مثمر) (؟ كذا) والقينان في اللغة هو موضع القيد من ذوات الأربع. ولعل الصواب (فينان) وقينان خطأ مطبعي. ولكن فينان كذلك ليس بمعنى مثمر بل هو حسن الشعر الطويلة. وقال: في كل روض ترى للزهر يعمرها ... يا حبذا هي أبيات وسكان وكنت انتظر أن يطري الروض لكونه منابت للزهر لا لكونه قرى وسكانا وقال: مستأنسات سرى ما بينها عبق ... كما تراسل بالأشواق حبان و (حبان) جمع حب بمعنى المحبوب وهو عدا إنه من الكلمات المهجورة يلتبس بالمثنى فلا يحسن استعماله. وقال ص 38: والليل يحييه والأطيار هاجعة ... بلابل وشحارير وكروان أن كانت البلابل والشحارير والكروان تحيي الليل فالأطيار غير هاجعة ومما يؤكد أن الأطيار غير هاجعة قوله بعده (مؤذن الطير يدعو فيه محتسب) زد على ذلك أن الشحارير والكروان لا تغني ليلا، حاشى البلابل إذا أريد بها العنادل، فإنها تغني ليلا، وقال: والصبح في حلل الأنوار طرزه ... في الشرق والغرب أسحار واصلان افهم أن السحر يطرز الصبح ولكني لا افهم كيف يطرزه الأصيل، وقال: كأنما الأرض في الفردوس سابحة ... يحدو خطاها من الأملاك ربان والسابح لا يمشي على قدميه لتكون له خطى. وقال: نفاه عن عرس الدنيا شواغله ... أن الحداد من الأعراس شغلان وقد راجعت المعجمات بأسرها فلم أعثر على (شغلان) مصدرا أو صفة مشبهة فهي من لغة عوام مصر لا غير وقال: تنصاح طرته عن صبح غرته ... فيفضح الصبح وجه منه ضحيان والضحيان المضيء وفي البيت مبالغة. وقال ص 39.

وا ضيعة الحب أبديه وأكتمه ... ومن عنيت به عن ذاك غفلان يلام من يعنى به الشاعر إذا غفل عن حبه الذي يبديه ولكنه يعذر إذا غفل عما يكتمه منه، وقال: هبها جناية جان أنت آثمها ... ما كان يعصم لا أنس ولا جان آثر الأستاذ الجناس بين جان وجان على الشعور فجاء بيته هذا غثا باردا وقال: أن الجسوم مثناة جوارحها ... إلا القلوب فصيغت وهي احدان والقلب وحده ليس بمنفرد في الجسم فاللسان والكبد والطحال والفم كل منها أيضاً منفرد. وقال ص 41 (من لي بمهدك ترعاني لواحظ) وكان عليه أن يقول: (من لي بعينك) فإن المهد ليس له لواحظ وقال: أبيت أزجي إليه كل ضاحكة ... من الأماني يوحيهن فتان والصواب يوحي بهن. وقال (في زبرج بالحياء الغض يزدان) والزبرج كما شرحه هو الزينة فكأنه يقول زينة تزدان. وقال: وبات للقلب في جنح الظلام إلى ... دبيب أحلامه صغو وأرغان الارغان هو الإنصات وهو كلمة مهجورة فما أشد وحشية الارغان وما ابرد البيت! وقال (وطرفه الأكحل الوسنان وسنان) وفسر الماء بعد الجهد بالماء. وقال: أي الفريقين أحمى لهفة ووجى ... من ذاق أو لم يذق فالكل لهفان والصواب أن يقول (أو من لم يذق) عطفا على (من) السابقة لكنه عطف (لم يذق) على (ذاق) فذكر أحد المفاضل بينهما وسكت عن الآخر وهذا قبيح. وقال: يا ليلة حطمت أنوال حائكها ... فلا يحاك لها في الدهر ثنيان والثنيان من هو دون السيد مرتبة وهو خاص بالإنسان وقد هجره الكتاب والشعراء منذ صدر الإسلام. وقال: أصبحت والله لا أدري لبهجتها ... أليلة سلفت أم تلك أزمان والمعروف - كما أثبته العلم - أن الإنسان يحس بأوقات السرور قصيرة أليس هو القائل في موضع آخر:

حسنات الزمان تمضي سراعا ... والرزايا ثلج في الإبطاء وقال ص 42 (وفيها عنه رجحان) والرجحان لا يتعدى بمن. وقال: حتى تصوم جنح الليل وانبثقت ... من كل مطلع للصبح عمدان ظن الأستاذ أن العمدان جمع عمود فأورده بمناسبة الصبح والعمود لا يجمع إلا على أعمدة وعمد (بفتحتين) وعمد (بضمتين وبضمة واحدة) أما العمدان فهو رسيل العسكر ولا يجوز أن يريد هذا المعنى فإنه مذكر وقد أنث الفعل (انبثقت). نعم أننا لا ننكر أن (العمدان) جمع عمود في لغة عوام مصر فقط لكن الأستاذ يترفع عن اتخاذ العامية مركبا لكلامه الفصيح. وقال: أنفى لرين النهى من كل ما نقشت ... على الصحائف أعراب ويونان أراد (عرب) فلم يساعده الوزن فقال (أعراب) والأعراب سكان البادية وهم ليسوا من ذوي النقوش على الصحائف. وقال: تهتز بين طوايا النفس نبرتها ... كما يموج لضوء الشمس خيطان الخيطان جمع خيط لجماعة النعام والجراد وإما الخيط بمعنى السالك - وهو مراده - فجمعه أخياط وخيوط وخيوكة. أما خيطان فهي من العامية المصرية فماذا ادخلها في اللغة الفصحى؟ وقال: (ذر الدساتين) وشرح الدساتين فقال جمع دستان بمعنى الوتر ولم اقف عليه في المعاجم. وقال: ولا تعلم وزن القول شاعرهم ... إلا وكان له بالنبض ميزان والواو في (وكان) زائدة تفسد المعنى. وقال ص 43. كأن من صور اسرافيل دعوته ... لو يسمع الصور يوم البعث صفوان أراد إنه أقدر من صور اسرافيل على البعث ولكن اللفظ قصر عنه ثم تأتي أبيات ثلاثة هي أحسن ما في القصيدة: والشعر السنة تفضي الحياة بها ... إلى الحياة بما يطويه كتمان لولا القريض لكانت وهي فاتنة ... خرساء ليس لها بالقول تبيان ما دام في الكون ركن للحياة يرى ... ففي صحائفه للشعر ديوان وقال ص 44: كأنني تاجر في الشط مرتقب ... موج الخضم وفلكي فيه غرقان

ولم يجيء الغرقان، بل جاء الغرق والغريق والغارق ولعله أخذه من العامية وقال: يا أملح الناس هلا كنت أكبرهم ... روحا فيتفقا روح وجثمان وقوله (فنيتفقا روح وجثمان) على لغة (أكلوني البراغيث) وقال ص 45: أن أصبح القرد في خلق يماثله ... ففي خلائقه لا شك برهان أراد بهذا البيت أن يؤيد ما ادعاه قبل بيت من أن الإنسان ليس من قرد بل من ثعبان (؟!) ولكن اللفظ قصر عما أراده. وقال: لا يجهل الخير أدراهم وأجهلهم ... ففيم عالمهم بالشر كظان ولم يجئ (كظان) بل الذي جاء هو كظ وكظيظ. وقال: ما زال يحرمني دهري ويوهمني ... حتى غدا وهو بالأوهام ضنان فما أسخف المعنى ولم يجئ ضنان مبالغة في ضنين. وقال: فعش كما شاءت الأقدار في دعة ... لا يجرمنك بر الناس أو خانوا فحذف فاعل (يجرمنك) وهو عمدة لا تحذف وقد جاء في القرآن (لا يجرمنكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا). وقال: من عاش في غفلة طاب البقاء له ... وإن تولته بالأرزاء حدثان والحدثان مذكر فلا يجوز تأنيث الفعل له (تولته) إلا من باب التأويل. وقال ص 46: بلى ولا تلق منها إذ تقلدها ... فريدة نبذها للموت خسران والظاهر أن (تقلدها) مضارع قد حذفت إحدى تاءيه فحينئذ لا مسوغ لتصد بره ب (إذ) لأن هذه مختصة بالماضي. وإن كان (تقلدها) ماضيا فإنها من غير فاعل. وقال: يا واهب الليل بدرا هب لمشبهه ... بدرا يضيء له والقلب غيمان وكأن الأستاذ في هذا البيت قد سقط من السطح، فمن مشبه الليل الذي أخذ يدعو الله أن يهب له بنوا مثل بدر الليل ثم أي قلب هذا الهيمان؟ - أهو الأسود الذي دعا الله أن يهب له بدرا أم قلب الأستاذ نفسه؟ - هذا ما لا يظهر. وقال من قصيدة (صلاة عابد المال) ص 46: سكنوا في الحياة تحت الحنايا ... وسكنا مناطق الجوزاء الحنايا جمع حنية وهي القدس، ولعله أراد بالحنايا أقواس البناء توسعا

ولكن هذه الأقواس ينام تحتها عابد المال أكثر من المملقين الذين لا يجدون للسكنى غير الأكواخ أو العراء ثم أن البيت فيه مبالغة ذميمة. وقال: (أنت غلبتني على كل جبار) والمثرون هم الجبابرة اليوم فهل يريد غلبتني على كل غلاب؟ والحقيقة أن الله غلب المثري على الفقير لا على المثري الذي هو الجبار فإن هذا مثله غالب. وقال في ص 47: أنت أعشيت بالبريق ضميري ... فاستراحت من وخزة أعضائي والظاهر أن الصواب (من وخزه) على أن يرجع الضمير إلى البريق. وليس العشو سببا لاستراحة الأعضاء من الوخز، فقد لا يرى الإنسان الشيء وهو يخزه. وقال: ولك الدهر كل صبح صلاتي ... وابتهالي إليك كل مساء يغني أحد الظرفين - الدهر وكل صبح - عن الآخر ولو قال عوض الشطر الأول: (لك مني الصلاة في كل صبح) لأحسن. وقال من قصيدة (كولمب في الاوقيانوس). ضاربا في حشا خضارة تعلو ... هـ سماه عميقة التدوير و (خضارة)، كما شرحه، البحر وهي كلمة مهجورة ولم استحسن وصفه للسماء بعميقة التدوير. وقال: يعتل صهوة الخضم خضما ... لم يوطأ كلآبد المذعور ولا يحسن جعل الحال من لفظ ذي الحال أو المضاف إليه. وقال: بين سخطين من صحاب غضاب ... أين يمضي وعيلم تيهور قوله (أين يمضي) حشو قبيح والتيهور هو الموج وكان الصواب أن يقول ذي تيهور. وقال ص 48: (في سماء ما قط حوم فيها) وقط لا تتقدم الفعل فكان الفصيح أن يقول (ما حوم قط). وقال: كل يوم يرى بساطا من المو ... ج شبيه المطوي بالمنشور والمطوي من الأمواج لا يشبه المنشور منها. وقد أجاد في قوله: ثم لاحت فظنها القوم راحا ... مدها الله من وراء البحور وقصيدة (غير طفلة) جميلة كروح الطفلة. وقال من قصيدة (المجد والفاقة) ص 49:

ضل الصواب وغم الأمر واشتهت ... على المراقب يمناه بيسراه واشتبه لا يتعدى بالباء. يقال: اشتبه هذا وهذا بمعنى أشبه كل منهما الآخر، ولعله عداه بالباء لتضمنه معنى التبس. وقال من قصيدة (الكروان) ص 54: (دعوة الغرقان) ولم يجئ الغرقان في كلام فصيح كما تقدم. وقال: أن المزايا في الحياة كثيرة ... الخوف فيها والسطا سيان شرح السطا فقال جمع سطوة ولم أعثر إلا على سطوات في جمعها كما نص عليه الصحاح. وقال ص 55: والجاهلون بسر ما رجعته ... من نغمة مأثورة ومعان لا يسمعون بسر بين جنوبهم ... صمما وإن كانوا ذوي أذان لم استحسن إضافة السر إلى (بين) وهو ظرف. وقال: جهل لعمرك أن يطوع صاحبا ... من جاهرته النفس بالعصيان يقال طوعت له نفسه أن يفعل كذا ولا يقال طوع فلانا وقد جاء في القرآن: (فطوعت له نفسه قتل أخيه). وقال: أملك هواك فإن أطقت فكم فتى ... خان الوداد فلست بالخوان وقوله (فلست بالخوان) قد وقع قلقا. وقال ص 55 من بيتين باسم (عاشق): محب جدته مهلا فإن لها ... بالأكبرين عن الأحفاد شغلانا ولم يجئ (الشغلان) مصدرا أو جمعا للشغل في كلام فصيح أما مصدر شغل فهو الشغل بضم الشين وفتحه وإما جمع الشغل فهو أشغال وشغول. وقال من قصيدة (وقفة في الصحراء) ص 57: ثؤر (؟) كأفواج الدخان تطلعت ... إلى علو من قاصي قرار جهنم فما أقبح قوله (إلى علو)، وإن ورد في شعر الجاهلية وكلمة (قاصي) حشو إذ ليس في جهنم أبعد من قرارها ولم أعثر على ثؤر في المعاجم. (له تلو)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - التمرد في عربستان (خوزستان) كنا قد ذكرنا شيئا عن مبدأ هذا العصيان (راجع 5: 636) وقد قرأنا في جريدة (النهضة العراقية) عن القائم بهذا التمرد وعن سفره إلى العراق، أو قل عن عودته إليه ما هذا ملخصه: الشيخ مهلهل بن مصبح العرفج، هو أحد رؤساء بني مالك، القبيلة العراقية الشهيرة، القاطنة في أراضي الفرات الجنوبية، وفي أنحاء شتى من (شط العرب) ومواطن أخرى من ديار بين النهرين. كان والد الشيخ مهلهل وهو مصبح العرفج قد نزح إلى ربوع خوزستان. منذ أمد ليس باليسير، في عهد أمير المحمرة الشيخ خزعل، وقبل الاحتلال البريطاني للعراق. ولم يقطع أبدا حبال صلاته عن قبائله العائشة في موطنه الأول، بل ما زال هو وولده مهلهل يترددان بين أرضه مسقط رأسه، وبين أرضه المحتلة حديثا. غير أن ترددهما حينئذ لم يكن عن خلاف، بل عن رياسة بني مالك المبسوطة لهما، أن في أرض الولادة وإن في أرض الإقامة. ولما تمرد الشيخ مهلهل على الدولة الإيرانية للأسباب التي ذكرناها وآذته هو وأعرابه، لم يرد أن يقيم في ربوع يناله فيها الضيم فصمم على العودة إلى وطنه العراق، ففعل، ومعه فريق كبير من قبائله ونزل على (شط العرب) في موطن اسمه (حمرة كتيبان) (بالتصغير)، فعسى أن يرى فيها فائدة له ولأعرابه! 2 - برد وثلج اشتد البرد في آخر يوم شباط وظن الناس أنهم في أوائل الشتاء. ووقع دمق (ريح ثلج) في الجبال الشمالية من الموصل فغطت الثلوج أنحاء دهوك وزاخو والعمادية. فسر أهلوها بكل ذلك لعلمهم أن ينابيعهم تجود وتغزر كلما زاد سقوط الثلج.

3 - إجراء الماء إلى النجف اتفق (الحاج رئيس الإيراني) مع حكومتنا على إعادة المبلغ الذي كان خصصه بجر الماء إلى النجف قبل ثلاث سنوات وقدره ثلاثمائة ألف ربية. فقررت الحكومة قبوله وإضافة ما يقتضي له من المال لإكمال مد الأنابيب من الكوفة (على الفرات) إلى النجف، وإقامة خزان كبير في النجف نفسها لخزن الماء، وذلك بعد وضع الآلات اللازمة لدفعه وقد أحست الحكومة بأن الطريقة الوحيدة لإيصال الماء إلى النجف هي عن طريق الكوفة وربطها بها بأنابيب خاصة وقد أثبتت التجارب هذه الفكرة. 4 - سطح انهر العراق زاد ارتفاع دجلة في بغداد عن السابق مقدار 42 سنتمترا. وزاد ارتفاع الفرات في الرمادي عن السابق مقدار 10 س. وهبط نهر دجلة في الموصل 16 س. وفي الشرقاط 40 س. وفي بعيجة (بيجي) 48 س. وهبط نهر ديالى في جبل حمرين 13 س. (عن رفيعة إدارة الري في 11 نيسان سنة 1928). وفي 25 نيسان كان المقياس كما يأتي: هبط ماء دجلة في الموصل 4 س. وارتفع في شرقاط 15 س. وفي بعيجة 5 س. وبقي على حاله في بغداد. وهبط ماء ديالى في جبل حمرين سنتمترين. وإما نهر الفرات فقد بقي على حاله في الرمادي. 5 - أمر كارث في أنحاء بدرة على ستة أميال من قضاء بدرة، قبر يعرف بقبر (علي يثرة) (كأن يثرة تخفيف يثربي) ويقال إنه قبر أحد أولاد الحسن المثنى بن الحسن المجتبي وقد اتخذ البدريون هذا القبر مزارا محترما يترددون إليه وكثيرا ما يذهبون إليه طلبا لفصل دعاويهم في مخاصماتهم ومحاكماتهم فيقتنع المدعي من خصمه باليمين اقتناعا باتا. ويقدر عدد الذين يترددون إلى هذا المرقد يوميا بين العشرين والثلاثين. وفي ليالي الجمعة بين المائة والأربعمائة. وفي ليلة الجمعة 15 شوال (6 نيسان 1928) أجتمع نفر من موظفي الحكومة وشربوا من المسكر ما جعلهم ثملين ومضوا نشاوى إلى المرقد المذكور وهجموا على الزوار الذين كانوا هناك ليلا وكان عددهم - بين رجال ونساء - نحو أربعمائة وأرهبوهم بالضرب فتشتتوا وذهبوا تحت كل كوكب. وهناك أتموا شرب الخمر في داخل

الحرم بجنب القبر وهم يغنون إلى الصباح. وهذا ما اقلق أهالي بدرة وضواحيها أشد القلق واضر بآداب المجتمع فأخذت الحكومة جميع الوسائل لمنع وقوع مثل هذا الحادث ثانية. 6 - رئاسة شمر تنوي حكومة السام أن تجعل رئاسة عشائر شمر بالانتخاب لتعلم مقياس اعتماد تلك العشائر على أي الشيخين يكون: والشيخان هما دهام الهادي ومشعل الفارس. 7 - مرض في أغنام سنجار فتكت ذات الرئة وداء الأمعاء في الأغنام السائمة في منطقة سنجار فعالجت دائرة البيطرة الملوكية في لواء الموصل 1060 حيوانا وبطت أربع بطات كبيرة (عمليات) وسبع عشرة صغيرة. 8 - غرس الأشجار في شوارع مدينة الموصل غرست أشجار في شارع نينوى العام كالليمون (النومي) والبرتقال وأحيطت بسياج حديدي منعا لأضرار الحيوانات وبعض صبيان الشوارع الذين يعبثون في غالب الأحيان بهذه الغرسات اللطيفة كلما تشبث أهل الذوق لتزيين طرقهم المزروعات. 9 - فتح مجلس الأمة فتح مجلس الأمة في 19 أيار من بعد أن كان قد حل وجرت الانتخابات. ففي الساعة التاسعة دخل جلالة الملك ردهة المجلس فاستقبله الأعيان والنواب وقوفا. ثم قدم فخامة رئيس الوزراء خطبة العرش إلى جلالته فتلا هاو الجميع وقوف ولما أتم الخطبة غادر جلالته المجلس فشيعه معالي الوزراء إلى باب نيابة المجلس. 10 - مهرجان أحد ميخائيل في الموصل انقضى أحد ميخائيل وأيام عيد الفطر بهدوء وأمن دون وقوع أية حادثة كانت، وذلك بهمة موظفي شرطة الموصل كبارا وصغارا أولئك الذين سهروا سهرا يقظا على حفظ النظام بين ألوف الزائرين والمتفرجين وتأمين راحة الآهلين. كان (أحد مار ميخائيل) في السنين الغابرة عيدا خاصا بطائفة من الطوائف المسيحية في الموصل فكانت تقيم في كل سنة ذكرى مؤسس هذا الدير في الأحد الذي يسبق عيد القيامة بأسبوعين. وفي هذه السنوات الأخيرة - ولا سيما في هذا العام - أصبح هذا العيد مهرجانا عاما لسكان الموصل طرا فانهم أغلقوا دورهم ودكاكينهم وخرجوا على

اختلاف نحلهم وطوائفهم - منهم للتبرك ومنهم للتنزه - إلى هذا الموقع التاريخي اللطيف مستنشقين الهواء العليل بين الخضرة السندسية والحقول الزاهرة وكانت تزيد رونقها وبهجتها أشعة الشمس الذهبية وأزياء المعيدين المختلفة الأنواع والألوان. 11 - فتح طرق في لواء الموصل وإصلاحها باشرت دائرة الأشغال والمواصلات فتح طريق العمادية وتهيئته لسير السيارات والعربات (العجلات) فيه. وقد مدت الدائرة المذكورة في طريق زاخو جسرا حديديا صغيرا في موقع قرية (كرانة) قرب (فايدة) واصلح طريق مضيق زاخو حتى أصبح الآن في حالة جيدة. وباشرت أيضاً دائرة الأشغال والمواصلات إصلاح طريق العقرة إلى الموصل. وقد كمل جسر (وادي القصب) الحديدي الممدود على طريق شرقاط إلى الموصل وهو يعد الآن أكبر جسر حديدي قامت بمده دائرة الأشغال والمواصلات في لواء الموصل إذ يبلغ طوله 116 قدما في عرض 13. 12 - الجراد وأضراره في 27 شباط هجم رجل من الجراد على مزارع السماوة وظل يعبث بها مدة 11 يوما فأفنى مزارع عديدة. ثم هجم الزارعون أنفسهم على الجراد واخذوا يجمعونه ويطبخونه ليأكلوه وقد يكفي ما جمعه بعضهم بضعة أشهر ليعيشوا به. وإتلاف الجراد للزرع سبب غلاء السمن في تلك الجهة فارتفع في يوم واحد بالمائة 67. ومن ذلك الجراد الفاتك ما ذهب إلى الشنافية والى حمزة (وهي ناحية من النواحي الملحقة بقصبة الديوانية) وقد رئي منه شيء قليل في طريق الديوانية المؤدية إلى الشنافية وهكذا يسير من دار إلى دار متلفا الزروع التي صرفت عليها المبالغ الطائلة والأتعاب الشاقة.

العدد 60

العدد 60 - بتاريخ: 01 - 06 - 1928 الأخطل بقلم الأستاذ الشايب مدرس الأدب العربي في المدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية 1 - لعل الأخطل أكثر الشعراء الإسلاميين اتصالا بالعصر الجاهلي في أغلب نواحيه، إن لم يكن في كل نواحيه، ولعل القدامى لم يخطئوا حين قالوا: لو أدرك الأخطل الجاهلية لما فضله أحد في الشعر. وما عساك تبغي من شاعر انتهت إليه البلاغة الجاهلية في فنه وموضوعه ونزعته ثم أضاف إليها عصارة الحياة الإسلامية في أولها، أي حين كانت الحكومة العربية الدولة الإسلامية خالصة العروبة والدين، لم تشبها حضارة فارس واليونان، ولم تتورط فيما تورطت فيه من السياسة الفارسية والنزعة الغربية أيام بني العباس، فإن نحن عرضنا اليوم لدرس هذا الشاعر الفذ فإنما ندرس النفس العربية في بدايتها من جهة، وفي فنونها الأدبية من جهة ثانية، وفي أسلوبها الحكومي أو السياسي من جهة ثالثة، ثم صلابتها الخلقية والدينية آخر الأمر. ولقد يخطئ المؤرخون الذين يعتبرون رجال التاريخ وحدات مستقلة عن الدنيا كأنهم هبطوا من السماء،

أو كأنهم مضارب صحراوية لا يتصلون بالحياة التي عاشوا في جوانبها وتأثروا بمظاهرها فكانوا هم مظهرها، كما قد يخطئون الرجل بسني حياته فقط أو بعصره الذي عاش فيه. وفي الحق أن رجال التاريخ الأدبي اوالفلسفي أو العلمي ترجع حياتهم في بداءتها إلى قبل عصورهم بل إلى أقدم عصور التأريخ البشري ما دمنا نؤمن بنظرية الإرث العقلي وتواصل الجهود العالمية، فيكون الفرد العلمي منا صلة بين الماضي والمستقبل، لأنه ثمرة السابقين ومقدمة اللاحقين. وهكذا نجد الاخطل في شعره ومذهبه الفني. 2 - ففي خلافة عثمان بن عفان. وفي جهات الجزيرة الفراتية بين تغلب نشأ الاخطل نصرانيا كأغلب قومه يحترم دينه لحد ما، غير متأثر بتلك الديانة الإسلامية التي تزخر حوله وتقوم عليها الدولة الجديدة والحكومة الفتية، وهذا يدل على احترام الاخطل النصرانية دينه ودين آله، ثم يدل كذلك على تسامح الحكومة الإسلامية والشعب المسلم، فلقد كان النصارى يعيشون آمنين ناعمين ليس للنعرة الدينية ذلك الشأن الذي يحول بين القلوب ويفرق النفوس، بل نزيد على ذلك أن الاخطل كان مقدما لدى حكومة أمية، وإن كان سبب ذلك مذهبه الأموي في الشعر ونصرته دولتهم أمام أعدائهم من الشيعة والخوارج. ولأجل أن نفهم مذهب الاخطل في الشعر وفي السياسة العصبية يجب أن نرجع إلى زمن الجاهلي ليعلم أن أشهر القبائل العدنانية ثنتان: مضر وربيعة، ومن ربيعة بكر ثم تغلب قبيلة الاخطل، وبين مضر وربية منافسة شديدة منذ القدم ظهرت آثارها في المهاجاة بين جرير والاخطل، كذلك كانت منافسة بين بكر وتغلب وحروب في الجاهلية امتدت عصبيتها إلى ما بعد الإسلام ومن غريب الأمر أن يحتفظ الاخطل بعصبيتة الربعية وإن ينسى الفرزدق مضريته وينضم إلى الاخطل ليقف في وجه المضري، كما قد يكون من الغريب أن ينسى الاخطل نفسه وقبيله أمام القرشيين الأمويين فيضرب بهم سائر عدنان ثم الأنصار من اليمن، ولكن التفرق السياسي في ذلك العصر هو الذي حكم على هؤلاء الشعراء بالتنابذ كما يحكم على الصحف العصرية الآن فتتهارش وتساب!!!

3 - وكيف أفاد الاخطل شعره؟ وهنا أيضاً سنعود إلى العهد الجاهلي فنرى مسألة أخرى عربية: نرى أن مدرسة مضرية - أستاذها أوس بن حجر، ومن تلاميذه زهير والنابغة ثم كعب بن زهير والحطيئة - تعتمد في فنها الشعري على أمور ظهرت واضحة في آثار تلاميذها حتى لتشعر انهم صورة واحدة يأخذ بعضهم من بعض. من هذه الأمور التأني في عمل الشعر وتهذيبه قبل إذاعته ليكون محكم النسج، قوي الأسر، لا اضطراب فيه. وأنت تعرف حوليات زهير وقصائد النابغة والحطيئة، وتشعر بما فيها من استواء وأحكام. وكذلك كان الاخطل يهذب شعره فامتاز بجزالته، وقوة استوائه، وأسره، وكان يبقي من القصيدة وينفي سائره. ويمكنك أن تقرأ قصيدة: خف القطين منك أو بكروا ... وأدركتهم نوى في صرفها غير التي يمدح بها عبد الملك بن مروان لتعرف أثر التهذيب وإبداع الصنعة الفنية، ومن تلك الأمور العناية بأنواع التشبيه والمجاز والكناية. ويعتبر عهد هذه المدرسة أقدم العصور الصحيحة لهذه الفنون البيانية التي ظهرت آثارها بعد في شعراء العصر العباسي بعد ما نقلها إليهم الاخطل، والحطيئة، ومروان بن أبي حفصة وغيرهم. ولا يزال رجال البلاغة إلى اليوم يستشهدون ببيت زهير: صحا القلب عن سلمى وأقصر باطلة ... وعرى أفراس الصبا ورواحله ولا تكاد تخلو قصيدة الاخطل من هذه الأنواع البيانية. ومنها الاعتماد على المحسنات فيما يذهبون إليه من تشبيه ومجاز. فكأنهم يريدون نقل الطبيعة إلى أساليب القول كما ينقلها الراسم في لوحته. كذلك يتبعون الأمور الواقعة والحوادث فيصورونها كما هي مرتبة حقة لا مبالغة فيها ولا زيادة. ويمكنك أن توازن بين زهير والاخطل في صدر المعلقة، وفي قصيدة الاخطل التي سبق مطلعها. وهذه الميزات تلفتنا إلى أمرين هامين: أحدهما - أنها تمثل الشعر العربي في أول أطوار نضجه حيث يعتمد على الطبيعة والحس دون الخيال البعيد الذي لا يظهر إلا في الأطوار الأخيرة بعد النضج العلمي والفكري بانتشار العلوم

والثقافة، وثانيهم - أنها ساعدت في إثبات كثير من الشعر الجاهلي حين عرض له الشك والانتحال أمام مذاهب النقد الحديثة. فاستكشاف هذه المدرسة المضرية كان ذا أثر ثمين في تحقيق شعر تلاميذها، وفي إقامة الفنون البيانية في فجر التاريخ الأدبي. نقول أن الاخطل درس في هذه المدرسة المضرية واخذ عن تلاميذها، فكان شعره صورة صادقة من شعرهم، ولولا شيء من موضوعاته الاجتماعية والسياسية والتاريخية لأضيف شعره إلى الجاهلية دون خوف من أصول الفن! ولم يقتصر الاخطل على احتذاء هؤلاء في طريقة التشبيه، واخذ المعاني وتربيتها وتهذيب الشعر وأحكامه، بل تعدى ذلك إلى معارضة قصيدهم واخذ عباراتهم برمتها ونصها. عارض النابغة في داليته، وعارض كعبا في لاميته وعارض زهير في أكثر شعره، واخذ منه الشطرة والعبارة وأخذاه حتى في أجزاء القصيدة الواحدة. ترى ذلك إذا قرأت شعرهم جميعا، ولولا خوف الإطالة لوضعت يدك على أمثلة كثيرة. ووجه الغرابة في ذلك أن الاخطل ربعي فكيف يأخذ شعره عن مضر؟ قد يكون سبب ذلك أن ليس لربيعة شعر جاهلي صحيح يأخذ عنه الاخطل، وقد يكون السبب أن الشعر المعروف لربيعة مهلهل النسج ضعيف الأسر لم يرق الاخطل فيحتذيه، فأختار الشعر المضري نموذجه فأفاد منه. وإتماما للموضوع اذكر الأعشى وهو ربعي يقرب مذهبه من مذهب المضريين، ولعل الاخطل أخذ عنه شيئا واحدا موضوعيا وهو القول في الخمر. وأما من عدا الأعشى من شعراء ربيعة فشعرهم مضطرب النسيج. 4 - بعد أن نبغ الاخطل وجد في قومه شاعرا هجاء أيضاً هو كعب بن جميل التغلبي، اشتبك معه الاخطل في الهجاء فأخمله الاخطل، وأحتاج يزيد بن معاوية إلى شاعر يرد على الأنصار عدوانهم فذهب إلى كعب فأبى وخاف معاوية ولكنه دله على الاخطل، يريد إيقاعه في الشر، فكان الخير في ذلك للاخطل

إذا اتصل خلفاء أمته وكان فيما شاعرهم المقدم. ولشرح ذلك أيضاً يجب أن نعود إلى العصر الجاهلي وصدر الإسلام. فقد كان بين اليمن والعدنانيين عداوة سياسية جاهلية ازدادت منذ ابعد الأولون الحكم الإسلامي بعد وفاة الرسول وحصر الحكومة في قريش. ثم انتقلت العداوة بين البيوتات العدنانية أو المضرية، فكانت منافسة بين القبائل المضرية، وكانت بين بيت هاشم وأمية، ظهرت واضحة حين وقف علي ومعاوية كل لصاحبه ونتج عن ذلك انتقال الحكم إلى بني أمية على يد معاوية بن أبي سفيان. وجد الأمويون أنفسهم أمام أعداء عديدين: اليمنيون ومنهم الأنصار سكان المدينة حين ظهر الإسلام والقبائل العدنانية الأخرى، ثم الهاشميون من قريش وكذلك الخوارج الذين أتعبوهم كثيرا، فلم يكن من معاوية إلا أنه تألف القبائل العربية، وهدأ العصبيات مدة حكمه، فما هو إلا من أن مات حتى ظهرت العصبيات شديدة، وكانت نتائج سياسية وأدبية معروفة. ولم تكن صلة الاخطل بيزيد بن معاوية إلا ظاهرة من هذه الحال السياسية التي تقسمت العرب إليهم حمية الجاهلية الأولى. فوقفت الأحزاب تتحارب وتتنافس حتى قضت على الحكومة الأموية أولا وعلى الدولة الإسلامية أخرا. وكان لا بد للعصبية الأموية من شاعر ينصرها، وصحيفة تدفع عنها، والصحف الكبرى في ذلك العهد ثلاث: جرير والفرزدق والاخطل. فأما جرير فناشئ لم يظهر على أنه متأثم متحرج، فكيف يقف مع أمية في وجه بيت هاشم بيت الرسول؟ فاعتدل ولم يذم الهاشميين، كما أنه مدح الحكومة طلبا للمال والاحتماء بها. وأما الفرزدق فكان شيعيا وإن مدح الحكومة أحيانا أو حملته الحكومة على مدحها ونفحته بالمال اتقاء لسانه وشره، فلم يبق أمام البيت الحاكم سوى الاخطل الذي لا يعني بالمسألة الدينية الإسلامية، كما لا تهمه الحكومة ونوعها فوجه فيها الأمويون طلبتهم، وأضافوه إليهم وسموه شاعرهم واحتملوا أن يشرب ويدخل ثملا بل أن يشرب في منازلهم وإن يدل عليهم، ذلك لأنه صحيفتهم ومادحهم الخاص. فضربوا به جريرا والفرزدق، وأغنوه بالمال الجزيل. وأما حكايته مع يزيد بن معاوية فتلك أن عبد الرحمن بن حسان

ابن الأنصاري شبب برملة بنت معوية أخت يزيد، فوسع ذلك حلم معوية، ولكن يزيد حمل الاخطل على هجاء عبد الرحمن هذا والأنصار فقال من ذلك: ذهبت قريش بالسماحة والندى ... واللؤم تحت عمائم الأنصار فذهب زعيم الأنصار إذ ذاك وهو النعمان بن بشير إلى معاوية وحسر عن رأسه وقال له: أترى لؤما؟ فقال: لا بل أرى كرما وخيرا. ما ذاك؟ قال: زعم الاخطل أن اللؤم تحت عمائمنا. . . وكاد الاخطل يقع في شر لولا أن يزيد أنقذه، فمدحه ومدح خلفاءه حتى مات في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة خمس وتسعين هجرية فانظر تلك العصبيات وآثارها، وانظر الفرق بين دهاء معاوية وقسوة يزيد الذي ضرب الأنصار في المدينة بعد موت أبيه في واقعة (الحرة) المشهورة انتقاما منهم منذ ضربوا قريشا في واقعة بدر أيام الرسول حتى قال أحد شعراء أمية في نكبة المدينة: ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل 5 - عاصر الاخطل جريرا والفرزدق، وهاجى جريرا وغيره، وفخر عليهم ومدح الحكومة الأموية حين غضب عليها الشيعة والخوارج وغيرهم، وكان هؤلاء الثلاثة هم الصحف السياسية للعصر الأموي وأقوى الشعراء فنا وأعلاهم مكانة ولعل الاخطل يمتاز بأنه اصدق تمثيلا لساسة الأموية ودعوتها في استحقاق الخلافة والملك. ولكن مسألة الهجاء كانت مشغلتهم جميعا. لان الخلفاء كانوا يزيدونها لهبا ليشعلوا الشعراء والقبائل بأنفسهم حتى لا يفزعوا للحكومة ويناقشوها الحساب على قاعدة (فرق تسد) فانضم الفرزدق إلى الاخطل وتهافت عليهم عشرات الشعراء يهجون جريرا، فأخملهم جميعا؛ ولم يثبت إلا صاحباه هذان، على أن الفرزدق كان أفخرهم لحسبه ونسبه وكان جريرا أسيرهم شعرا وأسلمهم أسلوبا وأكثرهم فنونا حين كان الاخطل أوصفهم للخمر وأحسنهم مديحا وأطهرهم هجاء. وهنا يمكننا أن نوجز القول ونختصر فنون الاخطل الرئيسية في المدح

البرجاس

والهجاء والفخر ووصف الخمر. هذه هي الأبواب التي تضم شعر الاخطل. وقد يدخل فيها شئ من النسيب والوصف والحكمة على الطريقة الجاهلية، ونحن نميل إلى أن شيئا من شعره قد ضاع، وإن ديوانه المطبوع لا يجمع كل آثاره، ولكنه كان احسن حظا من صاحبيه اللذين لم ينالا هذه العناية بحفظ شعرهما وإتقان طبعه ونشره للناس. ولعلنا نكون قد ألممنا كافية بهذا الشاعر الممتاز بقيت مسألة الموازنة المفصلة بينه وبين صاحبيه، ولما كانت هذه في حاجة إلى تفصيل شديد ودراسة مطولة لا تسعها الآن صفحات (لغة العرب) الغراء، فأرى أرجاءها إلى غير هذا العدد. (لغة العرب) لم نقرأ في حياتنا كلها مقالا يحلل (نفسية) الاخطل وشعره وعصره وآراءه المقال الذي حبك عراه الأستاذ الكبير الشايب. طالعنا كتبا جمة للناطقين بالضاد ولعلماء الشرقيات فلم نجد فيهم من أجاد في كلامه وأصاب في تفاصيل ما حلله إصابة صديقنا الجليل أستاذ الأدب العربي في المدرسة العباسية الثانوية في الإسكندرية. فلا جرم أن الاخطل تجذل عظامه في مرفده عند علمه أن مثل هذا الكاتب الفذ عرفه لأبناء هذا العصر بهذا الكلام الوجيز المعجز وأغنى الناس عن مطالعة المجلدات الضخمة التي كتبت أو تكتب عنه وهي لا تفيد عشر معاشر ما جاء في هذه القلادة التي طوقها بها جيد هذا الجزء. فنطلب إلى حضرة الأستاذ الكبير أن يتم بحثه هذا ويوافينا بما بقي منه ليكون احسن ذخر للقراء وللأجيال المقبلة. البرجاس (البرجاس: غرض في الهواء يرمي به. قال الجوهري: وأظنه مولدا). (لسان العرب) وفي البرهان القاطع: هو بالفارسية (دار كدو) وبالتركية: (قباق اغاجى) وهو رمح أو سارية في أعلاها غرض. واكثر ما كون كرة من ذهب أو فضة، تتخذ غرضا فيرميها الحذاق، وإذا أصابها أحدهم بسهمه - بشرط أن يكون على جواد ناهبا الأرض - يكافأ وتكون الهدية جام ذهب أو فضة وحصانا وخلعة) اهـ. وهو من اليونان

العلم والإحسان

العلم والإحسان من قصيدة الشاعر الطائر الصيت خليل بك مطران في حفلة تدشين مدرسة السيدة هيلانة سياج في الشاطبي بالإسكندرية: في حبكم لي قلب جد مرتهن ... بحبكم، وبغير الحب لم يدن النفل في دينه كالفرض يلزمني ... والوعد في حكمه كالعهد يلزمني قلبي ومضربه جنبي وأحسبه ... على نوى سكني أدنى إلى سكني! كيف التخلف عن أنس برويتكم ... وطالما التمستها العين في الوسن؟ أخ دعاني فاكرما وتلبية ... قد سر قلبي ذاك الصوت في أذني من قال للمطلب البادي تعذره ... عند اجتماع الهوى والرأي كن يكن! أمر المودة مسموع فكيف به ... على الطهارة من رجس ومن درن؟! من لا يجيب واسني ما يكلفه ... تشجيع سارين في هاد من السنن؟! يا آخذين بتعليم الصغار لقد ... صنتم مرابعكم من أكبر المحن مساوئ الجهل في الأطفال شاملة ... لقومهم كلهم في مقبل الزمن كم عز من ضعة شعب بفتيته ... وكان آباؤهم في أوضع المهن! أجمل واجلل بتعليم البنين فكم ... به نجاة من العلات والإحن! هو ابتناء لما ترجمون من عظم ... وهو اتقاء لما تخشون من فتن! من يستغر فتثقيف العقول به ... عز، ومن يستهن يوما به بهن! فانفع الناس هم أهل السماح بما ... ينمي نفوسا على الأخلاق والفطن رعاية سنها حق البلاد على ... كرامها فرأوها أوجب السنن هذا هو البر أشفى ما يكون ندى ... وتلك في خير معنى خدمة الوطن يا من بنت بيد في الله ايدة ... صرحا على أسس الفضل المتين بني أثني عليك واثني عن مؤاخذة ... يراعتي لفريق بالعلى قمن

الزق ومرادفاته

لكن قومي إذا ضنوا تداركهم ... سخاء معتذر عن ألف مختزن! حقيقة أن جرى هذا اللسان بها ... فعن أسى للآلي عاتبت لا ضغن فليشهدوا اليوم، والإجلال يخطئهم ... إليك، ما لصحيح المجد من ثمن! ولينظروا بطل ما تغري القلوب به ... شم المنازل والخضراء في الدمن! أنا لنستقبل الحسنى وقد برزت ... لنا مصورة في وجهك الحسن! أبقيت فنا وفي الأجيال تعقبنا ... ذكرى نقدسها في السر والعلن ذكرى هي الكنز لا يفنى إذا عبث ... أيدي الزمان بكنز غيره ففني! الزق ومرادفاته (البستان) - كما رأيت كثير الأغلاط، إذ لا تكاد تطالع فيه مادة إلا هجم عليك سيل الأوهام حتى لتحار ما تصلح منها. وحين يقول لك: قال فلان وذكر فلان، فلا تصدقه. لأنه ينقل الأقوال عن (الرواة) لاعن (المؤلفين أنفسهم) قال مثلا في مادة ز ق ق: (وقال في الكليات لأبي البقاء: (الزق اسم عام للظرف، فإن كان فيه لبن فهو وطب. وإن كان فيه سمن فهو نحي، وإن كان فيه عسل فهو علة (كذا وضبطها بكسر العين) وإن كان فيه ماء فهو شكوة، وإن كان فيه زيت فهو حميت وزق الحداد كيرة). قلنا: هذه عبارة محيط المحيط بخطئها: والصواب فهو عكة بضم العين. ثم أن كلام صاحب الكليات ينتهي بعد قوله: (وان كان فيه زيت فهو حميت). وما بقي فهو من كلام صاحب محيط المحيط. والحق يقال أن (الحميت) واردة في محيط المحيط بصورة (خميت) أي بالخاء المعجمة نصححها لكنه لم يصحح (العلة) بالعكة وهو مما فاته. ولا جرم أن وجود الغلط في محيط المحيط والبستان يفسد اللغة، ولا سيما عند اتفاق الاثنين على النقل، مع انك تحققت أن الناقل هو واحد وما الثاني إلا ناقل كلام الراوي لا غير. وعلى مثل هذا الوجه تثبت الأغلاط في الكتب ويزلق الناس في ما يكتبون. أفما كان يحسن بالشيخ عبد الله أن يراجع النصوص قبل إثباتها حتى لا تزل بها القدم هذا الزلل. ومثله كثير في كتابه؟

غازان بن أرغون

غازان بن أرغون من الدر الكامنة لابن حجر العسقلاني غازان بن ارغون بن ابغا بن هلاكو بن تولي بن جنكيز خان السلطان معز الدين؛ واسمه محمود ويقوله العامة قازان بالقاف عوض الغين المعجمة. كان جلوسه على تخت الملك سنة 693هـ (1294م) وحسن له نائبه نوروز الإسلام. فأسلم سنة 694 ونثر الذهب والفضة على رؤوس الناس وفشا بذلك الإسلام في التتار، وكانت مملكته خرسان بأسرها، والعراقان وفارس والروم وأذربيجان والجزيرة. وكان إسلامه على يد الشيخ صدر الدين إبراهيم بن سعد الله بن حمودية الجويبي، وعمره يومئذ بضع وعشرون سنة وكان يوم إسلامه يوما عظيما دخل الحمام واغتسل وجمع مجلسا وشهد شهادة الحق في الملأ العام؛ فكان لمن حضر ضجة عظيمة وذلك في شعبان سنة 694 ولقنه نوروز شيئا من لقرآن وعلمه الصلاة وصام رمضان تلك السنة (بالأصل: كل السنة). وكان غازان يتكلم بالفارسية مع خواصه ويفهم أكثر ما يقال باللسان لعربي. ولما ملك أخذ نفسه بطريق جده الأعلى جنكيز خان وصرف همته إلى إقامة العساكر وسد الثغور وعمارة البلاد والكف عن سفك الدماء. ولما اسلم قيل له: أن دين الإسلام يحرم نكاح الآباء: وكان قد استضاف نساء أبيه إلى نسائه وكان احبهن إليه بلغان خاتون وهي أكبر نساء أبيه. فهم أن يرتد فقال له بعض خواصه: أن أباك كان كافرا ولم

تكن بلغان معه في عقد نكاح صحيح إنما كان مسافحا بها فأعقد أنت عليها فإنها تحل لك. ففعل ولولا ذلك لارتد عن الإسلام؛ واستحسن ذلك من الذي أفتاه به لهذا المصلحة. وكان هولاكو ومن بعده يعدون أنفسهم نوابا لملك (السراي) فلما استقرت ضرب السكة بالقان وقطع ما كان يحمل الهم وافرد نفسه بالذكر والخطبة وضرب السكة باسمه وطرد نائبهم من بلاد الروم وقال: أنا أخذت البلاد بسيفي لا بغيري. وكان غازان إذا غضب خرج إلى الفضاء وقال: الغضب إذا خزنته زاد فإن كل جائعا أكل أو بعيد العهد بالغشيان غشي. ويقول: آفة العقل الغضب ولا يصلح للملك أن يتعاطى ما يضر عقله. وأول ما وقع القتال مع موروز بن ارغون الذي كان حسن له الإسلام فإن نوروز خرج عليه فحاربه ثم لجأ نوروز إلى قلعة خراسان فأخذ منها وقتل ثم عاد غازان إلى الأكراد الذين أعانوا نوروز فأوقع بهم فقتل في المعركة خمسون نفس وبيعت البقرة السمينة في هذه الواقعة بخمسة دراهم والرأس من الغنم بدرهم والصبي الحسن الصورة المراهق والبالغ باثني عشر درهما. ثم طرق البلاد الشامية في سنة 699 (1299م) فكانت الوقعة العظيمة بوادي الخزندار والظفر لغازان ودخل دمشق وخطب له على المنبر واستمرت (الخطبة) من ربيع الأول إلى رجب وحصل في تلك الوقعة لأهل الشام من العذاب والجوع. ثم رجع وعاد مرة أخرى سنة سبعمائة فأوقع ببلاد حلب أشهرا ثم جهز قطلوشاه بالعساكر ليعزيهم (كذا لعلها ليغير بهم) على حلب وأمره أن لا يجاوز حمص: فلما حضر وجد العساكر (يعني عساكر المصريين)

قد تقهقرت فجاز البلاد إلى أن وصل إلى دمشق واستمر طالب (كذا أي طالبا) مصر فكانت الكسرة العظيمة عليه في وقعة شقحب وذلك في سنة 702 (1302م) وحمل غازان على نفسه بسبب فلم يلبث أن مات. وكان غازان أشقر، ربعة، خفيف العارضين، غليظ الرقبة، كبير الوجه، وكان يعف عن الدماء لا عن المال. وكانت وفاته في 12 شعبان سنة 703 (21 آذار سنة 1304) بقزوين. قال الذهبي: كان شابا عاقلا شجاعا مهيبا مليح الشكل. مات ولم يتكهل (كذا ولعلها لم يكتهل) واشتهر أنه سم في منديل ملطخ تمسح به بعد الغثيان فتعلل (ولعلها فاعتل) وهلك. وكانوا أشاعوا موته مرارا ولا يصح ثم تحقق فقال الوداعي: قد مات غازان بلا مرية ... ولم يمت في المدد الماضية كانت الأخبار ما أفصحت منه ... وكانت هذه القاضية بكهنام (إنكلترا): ف. كرنكو ما هو الأقيانوس (الاوقيانوس) هو القاموس للفيروز ابادي نقله إلى التركية (أبو الكمال السيد أحمد عاصم أفندي) وزاد عليه زيادات مفيدة وطبع لأول مرة في سنة 1262هـ في دار الطباعة العامرية (أي دار طباعة الحكومة العثمانية) بقطع الربع الكبير. وكانت مطبعة بولاق قد سبقت وطبعته سنة 1250 بقطع النصف الكبير على كاغد فاخر ثم بقطع الثمن الصغير سنة 1305 في مطبعة جمال أفندي في جادة الباب العالي رقم 34 قال الطابع أن الذي حداه إلى طبعه بالقطع الصغير سببان الأول ليكون سهل التصفح لمن فيه والثاني لان قيمته أصبحت خمسة دنانير ذهب بعد أن كانت ثلاثة. وأما ثمن نسخته فستون قرشا ذهبا أو ثلاثة مجيديات. وقد أتمه مؤلفه يوم الأحد 14 من ذي القعدة سنة 1225 (12 كانون الأول 1810م).

المدرسة المستنصرية

المدرسة المستنصرية - 2 - سنة 631هـ (1233م) فتح المدرسة المستنصرية وتلخيص شروطها (راجع إجراء المجلات المذكورة قبلا وكتاب المساجد ولا سيما مجلة المشرق وجميع هذه النقول الآتية غير المنسوبة هي من كتاب الحوادث). وفيها توفي أبو عبد اله يحيى بن فضلان (نقل المشرق (18 (1920): 596) ترجمته عن المخطوط الذي عرفناه بالحوادث الجامعة). سنة 632 (1234) وتوفي أبو حفص عمر بن محمد أبي نصر الفرغاني الفقيه الحنفي، شيخ صالح قدم بغداد وأقام بها مدة برباط الزوزني المجاور لجامع المنصور ثم انحدر إلى واسط وأقام عند بني الرفاعي سائحا متعبدا وأنتفع به بنو الرفاعي واشتغلوا عليه ثم عاد إلى بغداد بعد سنين (سنتين؟) واصعد إلى سنجار فأقام بها مدة يقرأ عليه في جامعها الفقه والأدب ثم عاد إلى بغداد وأقام برباط العميد مدة ثم ندب إلى تدريس الطائفة الحنفية لما فتحت المدرسة المستنصرية فلم يزل بها إلى أن مات. قيل دخل اليع الشيخ محمد بن الرفاعي فصبحه غلطا وكان مساء فقال ارتجالا: أتاني مساء نور عيني ونزهتي ... ففرج عني كربتي وأزاحا فصبحته عند المساء لأنه ... بطلعته رد المساء صباحا سنة 633 (1235) في المحرم وصل الملك الناصر، ناصر الدين داود بن الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر محمد بن أيوب إلى بغداد. . . وسأل ناصر الدين في مدة أقامته ببغداد أن يحضر المدرسة المستنصرية فأمر الخليفة بعمل دعوة وإحضار فقهاء المدارس ثم احضر ناصر الدين فجلس على طرف إيوانها

الشمالي ووقف مماليكه وأصحابه في ربعي المالكية والحنفية ووقف عند كل طائفة حاجب وحضر قراء الديوان وقرأت الختمات وانشد جماعة من الفقهاء قصائد ثم قدم الشروب وبعده أنواع الأطعمة فتناول ناصر الدين من ذلك بعد أن قبل الأرض مرارا. فلما فرغ من ذلك انصرف إلى داره. وفيها وصل الفقيه عبد الله بن عبد الرحمن بن عمر المغربي الأصل الشرمساحي المولد الاسكندراني المنشأ والدار إلى بغداد ومعه أهله وولده وجماعة من الفقهاء المالكية فلقي بالقبول من الديوان ثم احضر دار الوزرة واحضر جميع الدرسين فذكر مسألة تفرع منها عدة مسائل على المذاهب أمام مالك بن أنس وبحثت الجماعة معه وأستجادوا كلامه فخلع عليه وأعطى بلغة بعده كاملة أسوة بالمدرسة المستنصرية. وولي التدريس بسائر المدارس والفقهاء فحضروا فخطب بليغة وذكر اثني عشر درسا وختما بدرس من الوعظ وأعربت دروسه عن فضل ظاهر. وجعل له في كل رجب مائة دينار وخلع على أخيه وجعل معيدا لدرسه ثم خلع على الفقهاء الذين وصلوا صحبته واثبتوا. وفيها تكامل بناء الإيوان الذي أنشئ مقابل المدرسة المستنصرية (نقل ذلك المشرق وراجع اليقين والزهراء وكتاب المساجد). سنة 634 (1236) وفيها حضر عبد الله الشرمساحي مدرس المالكية بالمدرسة المستنصرية بالبدرية عند شرف الدين إقبال الشرابي وانعم عليه بلباس الفتوة نيابة ووكالة عن الخليفة. سنة 635 (1237) وفيها ولي أقضي القضاة عبد الرحمن بن اللمغاني تدريس الطائفة الحنفية بالمدرسة المستنصرية عوضا عن ابن الأنصاري الحلبي فانه سأل الأذن له في العود إلى بلده بأهله وأولاده فأذن له. وكانت مدة تدريسه بالمدرسة المذكور أحداً وعشرين شهرا

وفيها في تشرين الأول جاء رعد هائل وبرق عظيم ووقعت صواعق كثيرة منها صاعقة أصابت إنسانا ظاهر سوق السلطان قريبا من سوق الخيل. . . ووقعت صاعقة أخرى في دار يهودي بخربة ابن جردة. . . ووقعت صاعقة أخرى في شباط على الرواق بالمدرسة المستنصرية فشعثت منه موضعا. سنة 640 (1242) ذكر ركوب الخليفة. في يوم الخميس خامس عشر شهر رجب ركب المستعصم بالله في شبارة ومعه شرف الدين إقبال الشرابي وعز الدين مرشد الهندي المستعصمي واصعد في دجلة إلى مشرعة الكرخ وعاد منحدرا إلى باب الازج ثم عاد إلى داره. ثم ركب يوم السبت سابع عشر الشهر على الخيل وتقدم إلى جميع من كان يركب مع والده بالركوب معه وقصد دار الحريم ودخل الرباط ثم تكرار ركوبه فلم يدع صالحا ولا وليا إلا زاره وقصد مشهده ولا رباطا منسوبا إليهم ولا مدرسة إلا تردد إليه وشاهده. وقصد المدرسة المستنصرية يوم الجمعة سابع شعبان ومعه الشيخ شمس الدين علي بن النيار. وأعتبر خزانة الكتب التي بها وأنكر عدم ترتيبها ووكل بالنواب يومين ثم افرج عنهم. . . سنة 642 (1244) وفيها توفي المحبب (المحب) أبو عبد الله محمد بن محمود ابن النجار الحافظ المتقن المحتوي على فنون العلوم. حفظ أولا القرآن المجيد وقرأ علم النحو مع الحديث وبرع في كتبه التاريخ وقرأ علم الأدب وسافر إلى الحجاز وجاور مدة سفرته وتطوفه هذه البلاد ثمنية (ثمانية) وعشرين سنة قرأ فيها على العلماء والمشايخ واشتمل معجمه على ثلاثة الفئات (آلاف) شيخ وأربع

مائة امرأة وجمع مجموعات كثيرة تزيد على أربعين كتابا. منها الذيل على التاريخ بغداد ست عشرة مجلدة ونثر الدر ثمانية أجزاء والعقد الفائق، في عيون أخبار الدنيا ومحاسن الخلائق. وقدم بغداد سنة أربع وعشرين وستمائة وقد مات أهله جميعهم فسكن دارا في محلة الظفرية فعرض عليه السكنى في رباط شيخ الشيوخ فأبى وقال: أني قادر على المسكن ومعي نحو ثلاثمائة دينار فما يحل لي أن ارتفق من وقف. وأشتري جارية. فلما فتحت المستنصرية عين عليه (كذا) مشتغلا في علم الحديث فأجاب إلى ذلك لأنه لم يبق معه من مال إلا شئ يسير فل يزل على ذلك إلى أن مات. وكان مولده سنة ثمان وسبعين وخمسمائة ببغداد. سنة 644 (1246) وفيها فتح باب خزن المدرسة المستنصرية المقابل لباب سوق المدرسة وأخذ منه نحو أربع مائة رطل معمولا وحدود ثلاثمائة رطل سكرا ومبلغ ثلاثمائة دينار وثلاثون مصليا (كذا) طبرية وقيل أن جوقه الرندي فعلوا ذلك. وكثر اللصوص ببغداد وكانوا يأتون بالعدة ويأخذون أموال الناس. سنة 645 (1247) وفيها أنهى خازن المدرسة المستنصرية أنه شاهد ختم الخزانة متغيرا والقفل بحاله فاعتبروا ما فيها من الرهون والعين فشذ منها شئ ومن المال ثلاثمائة دينار فانهي ذلك إلى الخليفة فأمر بإلزام الفقهاء والحاشية برمي تراب ففعلوا ذلك ثلاثة أيام فلم يجدوا شيئا فتقدم بتقسيط ذلك على النواب بالخزن والفراشين على قدر أحوالهم فاستوفي منهم ورتب عوضهم. وفي مرآة الجنان لليافعي (112: 4): سنة 645، وفيها توفي الكاشغري إبراهيم بن عثمان الزركشي ببغداد. سمع من جماعة ورحل إليه الطلبة من الآفاق والجهات وكان آخر من بقي بينه وبين الإمام مالك خمسة انفس وتولى مشيخة المستنصرية. وذكر كتاب الحوادث في أخبار سنة 646 (1248) تواتر الأمطار وزيادة دجلة ووصف ذلك في نحو أربع صحائف من هذه المجلة وقال نقلته آنفا (ص

358) عن نبع الماء من أساس حائط المدرسة المستنصرية ومن دار سقنرجا المجاورة لها ومن مسجد الحظائر المجاور لهذا الدار. سنة 647 (1249) وفيها كتب إنسان فتيا مضمونها: هل الأيمان يزيد وينقص أم (كذا) لا؟ وعرضت على جماعة فلم يكتبوا فيها ابن وضاح الخبلي وعبد العزيز القحيطي وبالغا في ذم من يقول: أن الأيمان لا يزيد ولا ينقص ثم سلمت إلى فقيه حنفي فحبسها عنده ولم يكتب فيها فانتهى حديثها إلى الديوان وتألم الحنفية من ذلك وقالوا: هذا يعرض بذم أبي حنيفة فتقدم بإخراج ابن وضاح من (المدرسة المستنصرية) ونفي ابن القحيطي عن بغداد فحمل إلى الحديثة والزم المقام بها. سنة 653 (1255) وتقدم الخليفة إلى المدرسين في المستنصرية أن يقولوا بعد الختمة كلاما خلاصته أن الأمير مجاهد الدين أيبك الخاص مولى أمير المؤمنين لم يثبت عليه عند مولاه ومالكه شئ مما نسب إليه وفقه الله تعالى والخلائق للتمسك بطاعة أمير المؤمنين والإخلاص في ولائه وأودعهم وإياه شكر مراحمه العميمة وأنعامه فسأل الدويدار أن يحضر المدرسون عنده فحضروا فخلع عليهم. سنة 654 (1256) ذكر غرق بغداد في هذه السنة زادت دجلة. . . فأحاط (الماء) ببغداد وغرق الجانبين. . . وصلى الناس عدة جمع (في المرسة المستنصرية) وكان الناس يحضرون بالسفن فامتلأت المدرسة وغلق بابها واتصلت الصفوف في السفن من (باب المستنصرية) إلى سوق المدرسة والى آخره وصلى أهل باب الازج في مصلى العيد بعقد الحلبة. . . سنة 659 (1260) وفيها رتب الشيخ جلال الدين عبد الجبار بن عكبر الواعظ مدرسة طائفة الحنابلة (بالمدرسة المستنصرية) نقلا من الإعادة بها. وحضر درسه الصاحب علاء الدين (الجويني) والأكابر والعلماء وخلع عليه. سنة 667 (1268) وفيها توفي أقضى القضاة نظام الدين عبد المنعم البندنيجي ودفن في صفة الشيخ الجنيد وقد بلغ من العمر إلى ست وسبعين سنة. وكان ورعا عفيفا تقيا حسن السيرة استعمل بالفقه في عنفوان شبابه بمدرسة دار

الذهب ببغداد حتى برع وأفتى ثم رتب معيدا (بالمدرسة المستنصرية) ثم شهد عند أقضى القضاة كمال عبد الرحمن بن اللمغاني ثم جعل في ديوان العرض على الإطلاق معايش الجند فلما تكلمت له سنة أطلق له عنه المشاهرة فأمتنع وقال: لا يحل لي أن اجمع بين خدمة ووظيفة (المستنصرية) فأنهى ذلك الخليفة فأستحسنه وتقدم أن يطلق له مشاهرة مع أرباب الرسوم. ثم عين قاضيا بالجانب الغربي سنة اثنين وخمسين ثم نقل إلى الجانب الغربي (كذا والظاهر الشرقي) وخوطب بأقضى القضاة سنة خمس وخمسين فأستمر على ذلك إلى الآن. سئل في حال مرضه عمن يصلح بعده لقضاة فقال: قد تقلدته حيا فما أتقلده ميتا فقيل له: لا بد من الإشارة في ذلك فقال: أن امتنع سراج الدين الهنايسي فيكون عز الدين أبي الزنجاني قاضي الجانب الغربي. فلما توفي أحضر سراج الدين محمد بن أبي فراس الهنايسي الشافعي ورتب قاضي قضاة بغداد نقلا من التدريس بالمدرسة البشيرية فلم يمتنع من ذلك. سنة 668 (1269) فيها تقدم علاء الدين صاحب الديوان بعمل (دولاب تحت مسناة المدرسة المستنصرية) يقبض الماء من دجلة ويرمية إلى مزملتها ثم يجري تحت الأرض إلى بركة عملت في صحن المدرسة ثم يخرج منها إلى مزملة عملت تجاه (إيوان الساعات) خارج المدرسة وجدد تطبيق صحنها وتبنيذ حيطانها وكان المتولي لذلك شمس الدين حميد الخرساني صدر الوقوف. وجاء في كشف الظنون ذكر كتاب الإبهام لدفع الأوهام أنه للعلامة ظهير الدين محمد بن عمر النوحابادي البخاري الحنفي ألفه بالمستنصرية ببغداد سنة 668هـ (1269). سنة 669 (1270) فيها توفي الشيخ سراج الدين عبد الله بن الشرمساحي المالكي المدرس (بالمدرسة المستنصرية) وكان عالما كثير العبادة. ورد إلى بغداد في زمن الخليفة المستنصر ومعه أخوه علم الدين أحمد فلما توفي الآن عين أخوه علم الدين في موضعه نقلا عن تدريس البشيرية.

سنة 670 (1271) وفيها قتل نجم الدين خواجة أمام كان من نواب الصاحب علاء الدين. قدم معه خراسان فأثبته فقيها (بالمدرسة المستنصرية) وفوض إليه أمر وكالته في خاصته وقدمه وأعلى مراتبه حتى صار المشار إليه في بغداد وحصل أموالا عظيمة ثم كفر النعمة واستعد للقول في الصاحب فبلغه ذلك فقبض عليه وحبسه في داره فنقب الحبس وخرج منه ليلا والتجأ إلى بعض أمراء المغول وضمن له مالا على أن يوصله إلى حضرة السلطان فركب الصاحب في جماعة وأحاط به وأخذه وقتله وطيف برأسه في بغداد ثم دفن في مشهد أبي حنيفة. سنة 672 (1273) فيها وصل السلطان اباقا خان إلى بغداد وفي خدمته الأمراء والعساكر وخواجة نصير الدين الطوسي وعبر دجلة وتصيد في أراضي قوسان حتى بلغ قريبا من واسط ثم عاد إلى بغداد ونزل بالمحول وأمر بالإحسان إلى الرعايا وتخفيف التمغات وحذف الأثقال عنهم. وكتب ذلك على حيطان باب (الجامع (كذا) المستنصرية) ثم اقطع المحول بلغان خاتون فلما انقضى الشتاء عاد إلى مقر ملكه. وأما خواجه نصير الدين الطوسي فانه أقام ببغداد وتصفح أحوال الوقوف وأدار أخبار الفقهاء والمدرسين والصوفية وأطلق المشاهرات وقرر القواعد في الوقت وأصلحها بعد اختلالها. وفيها مات العلم الشرمساحي أخو سراج الدين المالكي وهو مدرس المالكية بالمستنصرية. . . سنة 674 (1374). . . وتأخر وقوع الغيث في هذه السنة فخرج الناس إلى ظاهر بغداد للاستسقاء مشاة تقدمهم قاضي عز الدين أحمد الزنجاني وخطب الشيخ جلال الدين عبد الجبار بن عكبر الواعظ ثم خرجوا من الغد كذلك وخطب الشيخ عماد الدين ذو الفقار مدرس الشافعية (بالمستنصرية) ثم خرجوا في اليوم الثالث وخطب الشيخ ظهير الدين محمد بن عبد القادر فلم يسقوا ماء الغيث إنما زادت (كذا) الفرات عقيب ذلك وسقت (كذا) الزروع.

وفيها عين الشيخ محيي الدين محمد بن المحيا العباسي خطيبا بجامع المدينة المعروف بجامع السلطان ولصلاة العيدين (بالمدرسة المستنصرية) وشرط الواقف أن لا يخطب بها إلا هاشمي عباسي ولم يخطب بالعراق بعد الواقعة خطيب هاشمي سواه. سنة 68 (1271) فيها توفي الشيخ جلال الدين بن عكبر. وقد نقلت البحث في هذه المجلة (6 (1928): 16) فلا حاجة إلى أعادته سنة 682 (1283) في رجب منها وصل شرف الدين هرون بن (كذا) الصاحب شمس الدين محمد الجويني صاحب ديوان الممالك إلى بغداد وقد فوض إليه تدبيرها وجعل صاحب ديوانها على قاعدة عنه علاء الدين فأستبشر الناس بقدومه وحضر الشعراء بين يديه وأنشدوه المديح. . . وعين شمس اليدن زرديان نائبا عنه عى القاضي بدر الدين علي بن محمد ملاق (كذا) وفوض إليه أمر القضاء بالجانب الغربي إضافة إلى ما كان يتولاه من الحسبة بجانبي بغداد والتدريس بمدرسة سعادة. وعين الشيخ نصير الدين بن عبد الله بن عمر الفاروثي مدرس الشافعية (بالمدرسة المستنصرية) وسلك طريقة عمه في تدبير العراق. سنة 683 (1284) وفيها أشتهر ببغداد أن عز الدولة ابن كمونة اليهودي صنف كتابا، سماه: (الأبحاث عن الملل الثلاث)، تعرض فيه بذكر النبوات وقال ما نعوذ بالله من ذكره، فثار العوام وهاجوا واجتمعوا لكبس داره وقتله فركب الأمير تمسكاي شحنة العراق ومجد الدين ابن الأثير وجماعة الحكام إلى (المدرسة المستنصرية) واستدعوا قاضي القضاة والمدرسين لتحقيق هذه الحال وطلبوا ابن كمونة فاختفى وأتفق ذلك اليوم يوم جمعة فركب قاضي القضاة فمنعه العوام فعاد إلى (المستنصرية) فخرج ابن الأثير ليسكن العوام فاسمعوه اقبح الكلام ونسبوه إلى التعصب لابن كمونة والذنب عنه فأمر الشحنة بالنداء في بغداد بالمباكرة في غد إلى ظاهر السور لإحراق ابن كمونة فسكن العوام ولم يتجدد بعد ذلك له ذكر. وأما ابن كمونه فأنه وضع في صندوق مجلد وحمل

إلى الحلة. وكان ولده كاتبا بها فأقام أياما وتوفي هناك. وفيها اجتمع الفقهاء (بالمستنصرية) على جمال الدين الدستجردي صدر الوقوف ونالوا منه وأسمعوه قبيح الكلام فحماه منهم الشيخ ظهير الدين البخاري (؟) المدرس وخلصه من أيديهم فأتصل ذلك بالحكام فعزلوه ورتبوا رضي الدين ابن سعيد فلم ينهض بأمور الوقف وصحت الحال بين يديه فأعيد جمال الدين الدستجردي. ووصل بعد ذلك فخر الدين أحمد بن خواجة نصير الدين الطوسي وقد أعيد أمر الوقوف بالمالك جميعها إليه وحذفت الحصة الديوانية في الوقوف ووفرت على أربابها فعين علي الدين إسماعيل بن الياس صدرا بالوقوف عوضا عن جمال الدين الدستجردي فعين علي عز الدين محمد بن شمام نائبا عنه فيها. وفيها توفي نور الدين علي بن تغلب الساعاتي كان يتولى تدبير الساعات التي تجاه المستنصرية. كان مولده سنة إحدى وستمائة. سنة 684 (1285) وفيها استناب قاضي القضاة عز الدين ابن الزنجاني في القضاة ببلاد الحلة العدل الفقيه تاج الدين محمد بن محفوظ بن وشاح الحلي. ورتب نجم الدين بن أبي العز البصري الشافعي مدرسا (بالمستنصرية). وفي كتاب نكت الهميان في نكت العميان (ص 189 - 190) ترجمة أحد مشايخ المستنصرية وهو:

عبد الرحمن بن عمر بن أبي القاسم الشيخ الإمام العلامة نور الدين أبو طالب البصري الحلي مدرس طائفته بالمدرسة المستنصرية ببغداد مولده سنة أربع وعشرين وستمائة ووفاته يوم عيد الفطر سنة أربع وثمانين وستمائة (1285). كان من العلماء المجتهدين العالمين العاملين. عين أولا مدرسا بمدرسة الحنابلة بالبصرة فدرس بها مدة انتفع به خلق كثير. حفظ القرآن المجيد في أول عمره وختمه سنة إحدى وثلاثين وعمره يومئذ سبع ونصف. قدم بغداد سنة سبع وخمسين وفوض إليه التدريس بطائفة النابلة بالمدرسة البشيرية فدرس بها مدة وكف بصره سنة أربع وثلاثين وأذن له في الإفتاء سنة ثمان وأربعين. . . ومن تصانيفه: كتاب جامع العلوم في تفسير كتاب الله الحي القيوم أربع مجلدات و. . . ولما توفي الشيخ الإمام جلال الدين ابن عكبر مدرس الحنابلة (بالمدرسة المستنصرية) عين مدرسا بها. وذلك في يوم الاثنين التاسع من شوال سنة إحدى وثمانين وستمائة. وفي هذا الكتاب (ص 210) أيضاً ترجمة علي بن الحسن بن يوسف وهو الشيخ الإمام العلامة موفق الدين أبو الحسن ابن الصياد البغدادي. أحد معيدي الحنابلة (بالمدرسة المستنصرية) كان من أعيان العدول ببغداد واضر قبل وفاته بمدة. . . وكانت وفاته بناحية الراذان في شهر رجب سنة خمس وثمانين وستمائة (1286). . . سنة 696 (1296) في المحرم سار السلطان غازان يريد العراق فلما وصل همذان بلغه أن نوروز قد تغيرت طاعته في نيته وفسدت سريرته وإن جمال الدين الدستجرداني صاحب الديوان عين له يخبره بالأحوال فأمر بقتل الدستجراني فقتل توسيطا. وكانت مدة ولايته الآن أربعين يوما ورتب صدر الدين الخالدي عوضه ثم توجه إلى بغداد بجيوش كثيرة وشمل الناس بالعدل والإحسان ولم يتعرض أحد من العسكر لأهل السواد بما جرت به العادة من

رعي الزروع ولا غير ذلك. وكانت الرعية تسير بينهم ومعهم الأشياء المجلوبة للبيع فلا يأخذ أحد منهم شيئا إلا ابتياعا باللطف واللين. ورأى الناس من العدل ما أوجب زيادة دعائهم لدوم دولته. فلما دخل بغداد لم ينزل أحد في دار إلا بالأجرة وما أزعج أحد من منزله ثم أنه دخل (المدرسة المستنصرية) من الدار المجاورة لها وكان يسكن بها نظام الدين محمود شيخ المشايخ وكانوا (كذا) المدرسون والفقهاء قد جلسوا على عاداتهم والربعات الشريفة في أيديهم فلما عاينوه قاموا وخدموا فأمر رشيد الدين أن يقول لهم: انتم مشغولون بقراءة كتاب الله عز وجل كيف جاز لكم تركه والاشتغال بغيره؟ فقال أحد المدرسين: السلطان ظل الله في أرضه وطاعته وتعظيمه والانقياد له في الشرع. فدخل خزانة الكتب ولمحها ثم عاد إلى الدار المذكورة فبات بها فنزل من الغد في شبارة وقصد المحول وأقام بدار الخليفة أياما فتألم الناس من إلزامهم بالخراج ذهبا أحمر وكان جمال الدين الدستجرداني قد استوفاه في السنة الماضية كذلك وقال: قد كانوا في زمن الخلفاء يؤدونه ذهبا. فاضر ذلك بالناس فأمر السلطان بأجرائهم على عادتهم منذ فتحت بغداد فتوفر عليهم شئ كثير من التفاوت فزادت أدعيتهم ثم توجه إلى الحلة. . . وفي نكت الهميان (ص 206 - 208 ترجمة علي بن أحمد بن يوسف بن الخضر الشيخ الإمام العلامة زين الدين إلى أبي الحسن الحلي الامدي العابر. ومما رواه نكت الهميان عن المترجم أنه (لما دخل (السلطان) غازان. . . بغداد سنة (خمس) وتسعين وستمائة اعلم بالشيخ زين الدين الامدي المذكور فقال: إذا جئت غدا المدرسة المستنصرية اجتمع به. فلما أتى السلطان

غازان المستنصرية احتفل الناس له واجتمع له بالمدرسة أعيان بغداد وأكابرها من القضاة والعلماء والعظماء وفيهم الشيخ زين الدين الامدي لتلقي السلطان. فأمر غازان أكابر أمرائه أن يدخلوا المدرسة قبله واحدا بعد واحد ويسلم كل منه على الشيخ زين الدين ويوهمه معه أنه هو السلطان امتحانا له. فجعل الناس - كلما قدم أمير - يزهزهون له ويعظمونه ويأتون به إلى الشيخ زين الدين ليسلم عليه الشيخ يرد على من أتى به إليه من غير تحرك له ولا احتفال به حتى جاء السلطان غازان في دون من تقدمه من الأمراء في الحفل وسلم على الشيخ وصافحه. فحين وضع يده في يده نهض له قائما وقبل يده وأعظم ملتقاه والاحتفال به وأعظم الدعاء باللسان المغلي ثم بالتركي ثم بالفارسي ثم بالرومي ثم بالعربي ورفع به صوته إعلاما للناس (وكان زين المذكور يعرف بالسن عدة) فعجب السلطان غازان من فطنته وذكائه وحده ذهنه (ومعرفته) مع ضرره. ثم أن السلطان خلع عليه في الحال ووهبه مالا ورسم له بمرتب (يجري عليه) في كل شهر ثلاثمائة درهم. وحضي عنده وعند أمرائه ووزارته وخواتينه (كثيرا) أهـ. وذكر الكتاب تصافيه وغير ذلك حتى قال أنه توفي بعد سنة اثني عشرة وسبعمائة (بقليل والله سبحانه وتعالى اعلم). وفي مرآة الجنان (242: 4) قوله: (أي في سنة 706 (1306) مات ببغداد الإمام العلامة المتفنن نصير الدين بن عبد الله بن عمر الفاروقي الشيرازي الشافعي مدرس المستنصرية قدم دمشق وظهرت فضائله. وفيه (243: 4) في ترجم سنة 707 (1307) أنه مات ببغداد مسندها الإمام رشيد الدين محمد أبي القاسم المقرئ شيخ (المستنصرية) روى عن جماعة وتفرد وشارك في الفضائل واشتهر. وفيه أيضاً (277: 4) في تراجم سنة 728 (1327) أنه فيها توفي

الإمام الواعظ مسند العراق شيخ (المستنصرية) عفيف الدين عبد الله بن محمد ابن الحسن البغدادي. وفي تاريخ أبي الفداء (106: 4) طبعه مصر 1325 في حوادث 732 (1331) أنه توفي فيها الإمام شهاب الدين أبو احمد عبد الرحمن أبو محمد بن عسكر المالكي مدرس المستنصرية ببغداد وله مصنفات في الفقه وكان حسن الأخلاق ولد في سنة (ستمائة و) أربع وأربعين بباب الازج (ببغداد). وفي التاريخ المذكور (4: 107) وحوادث 733 (1332) انه في صفر وصل الخبر بموت محدث بغداد تقي الدين محمود بن علي بن محمود بن مقبل الدقوقي كان يحضر مجلسه خلق كثير لفصاحته وحسن آدابه وله نظم وولي مشيخة (المستنصرية) وحدث عن الشيخ عبد الصمد وجماعة وكان يعظ وحمل نعشه على الرؤوس وما خلف درهما. ويعز علينا أن تظهر المستنصرية بمظهر قلعة حرب وهيجاء بعد أن كانت ذلك المنهل النافع. فقد جاء في كلشن خلفاء في سنة 640 (1533) قبيل دخول السلطان سليمان إلى بغداد أن حاكمها محمد خان الذي كان تولى بغداد طلب من الطائفة (تكلو) أن تخرج معه منها لكن هؤلاء أبوا الطاعة وعددهم نحو ثلاثة آلاف من الشجعان فأضرموا نار الفتنة بينهم وبين الخان واتخذوا المدرسة المستنصرية الواقعة في راس الجسر مقرا لجمعيتهم وحصنا منيعا لهم وقد رأى الخان أن يكافح نار جميعهم ويبدل بيت سرورهم ببيت الحزن فتهيأ لهم ومعه اتباعه وتعلقاته (أي أقرباؤه وقد ترد الكلمة بمعنى منسوبين وتابعين) وشمر الساق لذلك السيد محمد كمونه تدخل في الأمر ودفع الهرج والمرج.

وفي فذلكه كاتب جلبي بالتركية (5: 2) ترجمة المولى غنائم (غانم) البغدادي ومما فيها أنه ولد في بغداد وانه حينما ولي رضوان أفندي قضاء بغداد في سنة 998 (1589) انعم عليه بالتدريس (بالمدرسة المستنصرية) التي هي أجل مدارس دار السلام وكان المولى المذكور اعلم العلماء في هذه الديار وقالت الفذلكة أنه استشهد في بغداد في سنة 1030 (1620) حينما استولى على بغداد بكر صوباشي وكان له الانتساب الأتم إلى الفقه فكانوا يرجعون إلى فتواه. وقد جمع مسائل الضمانات وله رسالة نافعة في ترجيح البينات وهي ملجأ القضاة وابتدأ بكتاب في النحو والتزم شواهده من الآيات القرآنية لكنه لم يتيسر له إتمامه وله كتاب اسمه حصن الإسلام. ومما يؤسف عليه أن اوليا جلبي (419: 4) رأى المدرسة الواقعة في السراجخانة وهي مدرسة الخلفاء - على سماها - يعطي فيها للانكشارية (آت تعييني) أي (علوفة الحصان) ويعز علينا أن نراها (خان ميدان الحشيش) في أيام نيبهر ومرة أخرى على هذه الصورة المؤلمة. وذكر لنا كلشن ما كان بجوارها فقال ما ملخصه: أن والي بغداد السلحدار حسين باشا عمر سوقا بديعة المنظر عند باب المدرسة المستنصرية واشترى غير ذلك من الأملاك ووقف جميع ذلك على خيراته وهي البئر العميقة التي عمرها على دجلة فأسال الماء فوق جدار بناه فأوصله إلى مرقد شهاب الدين السهروردي دفع لقلة الماء كان قد مضى عليه زمن طويل في تلك المواضيع المباركة فأخلاها من العمارة وغيرها من اجتماع الناس فيها. وأحيا الوالي هناك بستانا غدا نزهة للخاص والعام. وأنشأ (هناك) في موضعين سقايتين. وكانت إسالة الماء في سنة 1085هـ (1674م) على ما حفظه بيت

من أغلاط البستان

بالتركية رواه الكتاب. وكانت خيرات الواقف باقية في عهد المؤلف. وأختم كلامي متمثلا بقول القائل: تلك آثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار وأرجو أن ينهض وطننا العزيز بالعلم أسوة بالشعوب الراقية إذ لا حياة بغير العلم وهو الحجر الأساسي لكل سعادة. يعقوب نعوم سركيس من أغلاط البستان في ز ق ز ق قال: زقزق الطائر رمى بذرقه. . . والصبي رقصه و - حذف.) - قلنا: الظاهر أنه لم يفهم معنى حذف هنا بل ظن أنه معنى جديد. والصواب هو: زقزق الطائر بسلحه: حذف به أي رمى به. ولهذا فإعادته بعبارة غير العبارة الأولى لغو. وقال في الزققة: (الزققة أيضاً محركة الفواخت اتي تزق زكها وهو فرخ الفاختة). قلنا: والذي في اللسان والتاج: (تزق زكها أي فراخها.) فيؤخذ من هذا أن الزك هو للمفرد وللجمع. ثم كيف يسوغ له أن يقول: الفواخت (وهي جمع) التي تزق زكها وهو على ما فسره فرخ الفاختة. إذ لا يمكن أن تزق كل هذه الفواخت فرخا واحدا بل كل فاختة تزق فرخها. ولهذا وجب أن يقال: الزققة: الفواخت التي تزق زكها أي فراخها. وقال: (الزقة بالضم: طائر صغير من طير الماء (يمكث) حتى يكاد يقبض عليه ثم يغوص في الماء فيخرج بعيدا ج زقق) أهـ. قلنا: لا معنى ليمكث هنا. والذي ورد في التاج واللسان: (يمكن) بنون في الآخر من باب الأفعال المعلوم. أي يسهل أخذه. أهـ. وذكر من جموع الزق بالكسر: الازق وقال: كنطع وأنطع. وهذا لم يذكره إلا الهجيري. أورده في المحكم وقال بعد ذلك: الزق (وضبطها بالضم) أيضاً الخمر. ولا معنى لقوله: (أيضا) لأنه لم يسبق ذكر الزق بالضم والذي سبق ذكره كان الزق بالكسر وقال: حلق رأسه زقية: أي جز رأسه ولم ينتفه. . . مع أن اللغويين قالوا: ويرى: زطية فهو لم يذكرها هنا ولا في ز ط ط. إلى غير هذه الأوهام في هذه المادة.

جمعية حماية الأطفال في العراق

جمعية حماية الأطفال في العراق أنشئ في أواخر الأسبوع الأول من أيار جمعية لوقاية الأطفال من الموت والعناية بشؤونهم في حياتهم وتربيتهم على احسن الوجوه لتنمية أعضائهم وإبلاغهم العمر الطويل من الحياة. فألقيت الخطب وأنشدت القصائد وجمعت الأموال تحقيقا لهذه وقد قرأنا في هذا الموضوع قصيدة عامرة الأبيات بديعة المبنى والمعنى للشاعر الشهير حافظ إبراهيم عنوانها (أنقذوا الطفل) ونحن ندرجها هنا لعلو أسلوبها. وكانت قد أقامت (جمعية الطفل) في مصر في أول أيار (مايو) حفلة بدار الاوبرة الملوكية بمدينة القاهرة. حثا على البر، وتنويها بفضل المحسنات المصريات. وهي هذه: أنقذوا الطفل: أيها الطفل لا تخف عنت الده ... ر ولا تخش عاديات الليالي قبض الله للضعيف نفوسا ... تعشق من ذوات الحجال أي ذوات الحجال عشتن للب ... ر ودمتن قدوة للرجال لم يكونوا ليدركوا المجد لولا ... كن أو يسلكوا سبيل المعالي بسمة تجعل الجبان شجاعا ... وتعيد البخيل اكرم نال وعظام الرجال من كل جنس ... في رضاكن ارخصوا كل غال راعني من نفوسكن جمال ... يتجلى في هالة من جلال وجمال النفوس والشعر والأ ... خلاق عندي أسمى مجالي الجمال قمن علمننا المروءة والعط ... ف على البائسين والسؤال قمن علمننا الحنان على الطف ... ل شريدا فريسة المغتال قد اجبنا نداءكن وجئنا ... نسأل القادرين بعض النوال لو ملكنا غير المقال لجدنا ... إن جهد المقل حسن المقال

البرسام في البستان

أنقذوا الطفل إن في شقوة الطف ... ل شقاء لنا على كل حال إن يعش بائسا ولم يطوه البؤ ... س يعش نكبة على الأجيال رب بؤس يخبث النفس حتى ... يطرح المرء في مهاوي الضلال أنقذوه فربما كان فيه ... مصلح أو مغامر لا يبالي ربما كان تحت طمريه عزم ... ذو مضاء يدك شم الجبال رب سر قد حل جسم صغير ... وتأبى على شديد المحال فخفاف الأفيال أرفق وقعا ... لو تبينت من دبيب النمال! شاع بؤس الأطفال، والبؤس، داء ... لو أتيح الطبيب غير عضال أيدوا كل مجمع قام للب ... ر بجاه يظله أو بمال كم يتيم كادت به البأ ... ساء لولا (رعاية الأطفال) ورجال الإسعاف أنبل لولا ... شهوة الحرب من رجال القتال يسهرون الدجى لتخفيف وبل ... أو بلاء مصوب أو نكال كم جريح لولاهم مات نزفا ... في يد الجهل أو يد الإهمال كم صريع من صدمة أو صريع ... من سموم مخدر الأوصال كم حريق قد أحجم الناس فيه ... عن ضحايا تئن تحت التلال يترامون في اللهيب سراعا ... كترامي القطا لورد الزلال لا لشيء سوى المروءة يحلو ... طعمها في فم المريء الموالي فاصنعوا البر منعمين وجودوا ... أيها القادرون قبل السؤال لانتشار العلوم، أو لانطواء ال ... بؤس والشر، أو لترفيه حال محمد حافظ إبراهيم البرسام في البستان في (البستان) برسم الرجل بالبناء للمفعول فهو مبرسم أصيب بعلة البرسام. ولم يرد هذا الحرف معلوما في غير محيط المحيط واقرب الموارد من كتب اللغة. أهـ. قلت: ونسي: معجم فريتغ الذي نقل عنه البستاني وعن هذا نقل الشرتوني على انك تقول: برسم الله الرجل (بالمعلوم) فبرسم (بالمجهول) فيستعمل بالمعلوم.

العيافة عند عوام العراق

العيافة عند عوام العراق - 2 - 2 - عيافة الطيور الغراب هو طائر مشؤوم في نظر العامة فإذا نعق قالت النساء: (خير يكون وشر يزول. وألف صلوة على الرسول أن جنت غراب، طم نفسك بالتراب، وإن جنت بشير، ذبه من جناحك وطير) أي عسى أن الخير يكون والشر يزول، وألف صلوة على الرسول، أن كنت غرابا فادفن نفسك في التراب، وإن كنت بشير فارم بشارتك من جناحك وطر). والعامة تعد قول من يقول أحدهم للآخر: (أنت غراب) شتما ومن أعذب ما قاله الشاعر: (ما غراب أبين إلا ناقة أو جمل) لأنهم يعدون الغراب مفرقا للأحباب. العقعق طائر يشبه الغراب الأبقع طويل الذنب إلا أنه لا يتشاءم منه، وإذا صاح قالت النساء (خير خير) وينتظرن قدوم الضيوف. البازي طائر مشهور يضرب به المثل في الشجاعة. ومن عادته أن يقوم من وكره قبل انبلاج الفجر والى ذلك أشار بن برد الشاعر الأعمى الشهير من قصيدة له في مدح خالد بن يحيى البرمكي: إذا أنكرتني بلدة أو نكرتها ... خرجت مع البازي علي سواد والخرافيون من الرجال يعتقدون أن من يصادف البازي في سفرته يصادف إقبالا ونجاحا عظيمين.

الصقر طائر مشهور يضرب به المثل في الشجاعة والأقدام فيقال (فلان كالصقر) والعامة تقول (فلان صكرهم) أي (فلان صقر أعدائه) إشارة إلى أنه لمحهم أو تسلط عليهم لان أنواع الطيور إذا سمعت صوت الصقر أو رأته لبدت في الأرض وارتعبت خوفا منه. والعامة تعتقد أن الذي يجني الصقر عشر سنوات لا يهرب خلالها من بيته يلاقي بعد ذلك فرحا وحبورا في دنياه. الططوة (أي الطيطوي) الططوة طويئر يسميه الفرس وسكنة كربلا (بي بي ديم) أي (يا سيدي رأيت) ويسميه أهل البادية (بلبل الزور) وصوت هذا الطويئر نغم شجي فإذا مر ليلا على البيوت قال سكانه (سيقدم غائبنا) ومن يقول في العراق للآخر (عقلك عقل الططوة) فانه يغضبه لأنه يعد هذا الكلام من الشتم. يا كريم طائر جميل يسميه البعض (القمري) والبعض (يا كريم) لتغنيه بشيء على وزن (يا كريم) وفي معتقد النساء أنه لا يجوز أن يحبس هذا الطويئر لأنه يسبح الله؟ ولذا يتشاءمون باقتنائه وهذا الطائر اسمه عند العلماء البرهان طائر ذو ساقين دقيقتين والنساء يتشاءمن به لأنه كالأقرع إذ ليس على رأسه إلا ريش ناعم دقيق ويعتقدون أن من يراه عند الصباح يرى شؤما ومنكرا ويعرف عند الإفرنج باسم العصفور محبوب من الجميع والنساء يتفاءلن به خيرا ويعتقدن أنه إذا اجتمع العصافير وتناقرت ثم تفرق جمعهم وسقط أحدها على رأس أحد سكان البيت أصابه خير عظيم وقدم إليه غائب.

وهناك مثل شائع على أفواه لعوام (زعل العصفور على بيدر الدخن زاد ألف طغار) أي غضب العصفور على بيدر الدخن فزاد ألف تيغار (والتيغار يختلف اليوم قدره بين ألف و 1540 كيلغراما) يقال ذلك للحقير إذا غضب فانه يوفر على القوم طعامه. الديك يحب النساء الديك الأبيض الأفرق ويعتقدون أنه أحد جنود ديك العرش. وهذا الديك مقامه في السماء السابعة تحت عرش الله وهو الذي ينبه الملائكة ليصلوا صلاتهم في الأوقات الخمسة. كما أنه يطرد الجن من المكان الذي يكون فيه ويعتقدن أيضاً أن صياحه آذان وإن في غير أوقاته المعلومة قلن أنه (بد يمن) أي شؤم والفرس يسمونه (خروس بي محل) أي الديك الذي يصرخ في غير أوانه ويذكرونه عندهم لمن يتكلم في غير أوانه وعلى هذا فأما يذبح وأما يتخلص منه بالبيع أو بوسيلة أخرى. وإذا خرجت الدملة المعروفة (بالأخت) عند العراقيين في وجه الطفل أو في يده أو في محل آخر تأخذ المرأة غشاء كبد الديك وتحرقه ثم تمزجه بزبد البقر وتضعه على (الأخت) معتقدة أن هذا المزيج يزيلها. ويزعمن أيضاً أنه إذا أحرقت رجل الديك مع الشعير ووضع هذا الخليط على المكان المحروق من الجسد يبرأ بأذن الله. وإذا علقت سبع ريشات من الديك الأبيض عند رأس الطفل ولى الشيطان عنه الدجاجة الدجاجة السوداء التي ليس في ريشها بيضاء تكون ذات قيمة لدى النساء فقد يتهالكن على اقتنائها للحصول على بيضها التي يستعملنها لوجع الرأس، والسن. وللطفل - إذا (اخترع) (أي فزع فزعا فجائيا)، فعندئذ تكسر البيضة في المحل الذي خاف فيه الطفل، أو تدفن مع مسمار وكعب (عظم) وفلس أحمر ليذهب عنه رعبه ويعود إليه روعه! ويتفاءل بالدجاجة التي تبسط جناحيها فتنبطح في الشمس؛ فأنهن يقلن (خمت الدجاجة) ويعتقدن أن غائبا سيحضر وإذا خرجت ريشة واحدة من موضعها قلن: (سيفت الدجاجة) (من باب التفعيل) واعتقدن أنه سيقدم لهم ضيف فارس شاكي السلاح.

البوم هو طائر جميل الشكل عند أناس، قبيح الصورة عند آخرين وهو يختفي في النهار ويطير في الليل. والعامة تعتقد فيه الشؤم والشر؛ والدليل على ذلك انهم يعدون قول أحدهم للآخر: (أنت بومة) أو (وجهك وجه البومة) أو (بومة الديار أو (بومة الخرائب) شتما وسبابا. ومن عادتهم إذا صرخ هذا الطائر ليلا ومر على البيوت صفقوا بأيديهم مرات وصرخوا قائلين: (سكين وملح). وبعضهم يعتقد أن في صياحه إشارة إلى أن غائبا يحضر عند أهله وهناك أسطورة شائعة على أفواه العوام، مغزاها: أن البوم هو الذي جعل (كسرى) يكون عادلا: بعد أن كان ظالما سفاكا للدماء. وهذه الحكاية ينقلها الرجال الخرافيون والعجائز الخرافيات وهي: كان أحد الأكاسرة ظالما فتاكا يرتاح إلى سفك الدماء وإزهاق الأرواح وكان له وزير وهبه الله حظا وافرا من العقل والفطنة والتدبير فأرق كسرى ذات ليلة أرقا شديدا وكان الوزير يتمشى معه على سطح القصر ويقص عليه أخبار الأولين ووقائع الأقدمين فوقف كسرى بغتة محولا نظره إلى الجنة المحيطة بقصره وقال للوزير: إلا تسمع صراخ هاتين البومتين؟ فقال له الوزير: بلى فقال ليتني اعلم ما تقولان فقال الوزير: أني أعرف منطق الطير وقد فهمت الحوار الذي دار بينهما، إلا أني أخشى أن أقصه على الملك لئلا يسخط علي ويغضب فقال له كسرى: قل، ولك الأمان. فقال الوزير: أن إحدى هاتين البومتين خاطبت صاحبتها قائلة: أني أريد أن اتخذ ابنتك زوجا لابني فقالت لها الأخرى: إنني راضية بما تقولين ولكني أريد سبعة بيوت خربة مهرا لابنتي فأجابتها رفيقتها: (ما طول كسرى كسرى ما تعمر ديار) أي ما دام كسرى في قيد الحياة فلا تعمر ديار أي خذي ما شئت لابنتك من البيوت الخربة. وتعتقد العامة أن الوزير أراد أن يفهم الملك ظلمه وسوء سلوكه على لسان الطير. فاعتبر الملك بكلام الوزير وهجر الظلم والعسف وعدل عنه منذ ذلك اليوم وراف بالناس ورحمهم وقد أصبحت كلمة (ما طول كسرى كسرى ما تعمر

ديار) مثلا شهيرا يتمثل به العوام من الناس: (ما طول كسرى كسرى يا ويلها من الخراب) 3 - الزواحف الحية إذا ظهرت الحية في بيت أحد يوم السبت قالت النساء: أنها يهودية، وعندئذ تقف صاحبة البيت وتقول: (سايمين عليج موسى بن عمران اطلعي من بيتنا) أي (نقسم عليك بالنبي موسى بن عمران أن تخرجي من دارنا). وإذا ظهرت يوم الأحد قالوا أنها نصرانية فيبدل القسم بعيسى بن مريم. أما إذا ظهرت يوم الجمعة أو في سائر الأيام الأخرى قالوا أنها مسلمة وفي هذه الحال يضعون في المكان الذي خرجت منه ماء وملحا في أناء ويقولون: (أكلت من زادنا وملحنا، وأنها لا تقصد بعد ذلك إيذاءنا.) والحية التي تظهر دائما في البيت لا تقتل، وتسمى (حية البيت) ولها أسطورة عجيبة تقصها العجائز الخرافيات وهي: يقال أن امرأة ذات ولد ذهبت يوما إلى الحمام بعد أن وضعت أبنها في المهد ولما أبطأت في الحمام طفق الولد يبكي ويصرخ ولما جاءت إلى بيتها سمعت في غرفتها صوت امرأة تغني لابنها وتقول: (لول لول يا ابن جويرتي لا لي أيدين الارفعك، ولا لي رجلين الأدفعك، ولا لي دويس الأرضعك، وأخاف احبك وألسعك وتزعل علي جويرتي. لول لول يا ابن جويرتي) ومعناه: نم يا ابن جارتي، لا يدين لي لأرفعك بهما ولا رجلين لأدفعك بهما أي لا هز مهدك بهما ولا ثدي لأرضعك وأخاف أن أقبلك فألسعك فتغضب علي جارتي. نم يا ابن جارتي). فلما دخلت المرأة على ابنها، ورأت الحية بجانب المهد، وللحال اختفت الحية عن أنظار المرأة فاعتقدت أم الولد بأن هذه الحية من الجان وأنها مسلمة ولا تقصد الإيذاء بل السكنى في البيت عليها اسم حية البيت. وهناك أسطورة

أخرى حدثني بها الشيوخ الخرافيين قال: كان في الحلة الفيحاء رجل فقير مملق وكان ذا عيال والدهر عابسا في وجهه. فصمم ذات يوم على أن يشد الرحال إلى بيت الله الحرام وإن يزور بعد ذلك الرسول الأعظم ليشكو له فقره: فذهب مع الركب راجلا ولما وصلوا إلى منتصف الطريق نام الركب ليلته طلبا للراحة، ولما كان الصباح استيقظ الرجل فدهش حين شاهد حية طويلة عظيمة ملتفة حوله. وكان للرجل بندقية ولما تململ للوثوب أشارت إليه الحية أن يتبعها فتبعها حتى وصلا إلى كهف فأشارت إليه الحية بالدخول، فدخل؛ فشاهد عقربا عظيما يتحفز للوثوب على حيات صغيرة، فعلم الرجل أن هذه الحية جاءت تستنجد به لينقذ فراخها من هذا العقرب فصوب الرجل بندقيته إلى العقرب فقتله ففرحت الحية ورفعت رأسها إليه شاكرة ثم ضربت بذنبها على الأرض مشيرة إليه بالحفر فحفر الرجل وعثر على بستوقة (جرة مدهونة الباطن والخارج) مملوءة ذهبا فحملها وجاء بها إلى بيت الله شاكرا وزار الرسول مسرورا ورجع إلى بلده فقص على وطنييه هذه الواقعة فسموا منذ ذلك اليوم (بيت أبو حية). وهناك أساطير وخرافات أخرى يضيق بنا المقام عن ذكرها ومن أمثال العوام (لسان الحلو يطلع الحية من الزاغور) أي (الكلام الطيب يخرج الحية من الثقب) ومنها: (حجاية الحية ما تخلص) أي (حديث الحية لا ينتهي) لأنه كلما ذكر أحدهم شيئا منه زاد الآخر حديثا جديدا. ومنها (الحية وراك) يقال لمن تنم كلماته ونظراته عن حسد وتقولها العامة كثيرا إذا شاهدت القرد فيقولون: (شادي وراك الحية). (والشادي هو القرد عند العراقيين) وقد استظهرت وأنا صغير دعاء من فم إحدى الخرافيات المرحومة (الملاة جدعة) وكانت مهنتها قراءة مأتم الحسين وهو: أعوذ برب السها والسهية، من كل شر عقرب ورتيل وحية، شجع قرني شجع قرني شجع قرني، يا نوح يا نوح يا نوح، سلام على نوح في العالمين، سلام على طه وياسين. وكنت قد سألتها ما السها والسهية وما شجع قرني؟! فقالت أن السها والسهية نجمان في السماء يرصدان الحيات والعقارب، وأما شجع قرني فانه

شيخ الحيات والعقارب، ونحن نقرأ هذا الدعاء لينقذنا من شر الهوام؟! ويتفاءل المسافر إذا صادف حية عند سفره ومن أمثالهم (لو كتلت الحية اسحك رأسها، لأنهم يعتقدون ما يعتقد العلماء إنها لا تموت ما لم يسحق رأسها والى هذا المعنى أشار الشاعر: لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها ... أن كنت شهما فالحق رأسها الذنبا 4 - الحشرات العقرب قتلها أجر (ثواب)، ومن قتلها فكأنما قتل كافرا؟ ويضرب بها المثل في اللؤم فيقال: فلان عقرب أصفر والفرس يعتقدون إنها لئيمة ومؤذية. الزنبور من يقتله له تمرة في الجنة! 5 - النبات الأشجار شجرة النبق أو السدرة والعوام يسمونها (نبكة) بالكاف الفارسية والنساء وبعض الرجال يعتقدون أن هذه الشجرة (مسكونة) أي يأوي إليها الجان ولذلك تحجم العامة عن قلعها وإذا طالت أغصانها فيكتفون بتزبيرها فقط وقد جاء عنها في الحديث: (قاطع السدر ملعون) والأصل فيه منع قطع السدرة التي يأوي إليها الناس أثناء أسفارهم ولكن الجهل عمها لكل السدر. الخروع يتشاءم النساء بزرع الخروع في البيوت لأنها (بد يمن) أي مشؤومة. يحبون زرعها في فناء البيت لطرد الشر ومقاومة (النفس) و (العين الصائبة). الكرم يغرسونه في البيوت لان عرقه أصيل ولان فيه سرا يحرص البنين والبنات إلا أنه لا يصح أن يتصدق بالعنب كخيرات لأرواح الأموات لان عصيره الخمرة.

اليقطين يستحب أكل اليقطين مطبوخا والنساء يعتقدن أن فيه شفاء مبارك ومقدس لأنه جسد النبي يونس يوم خرج من بطن الحوت وللحديث الوارد: يا عائشة إذا طبختم قدرا فاكثروا فيها من (الدباء) التمر يستحب التصدق به على الفقراء كما يستحب الإفطار عليه ولذلك يفطر الزاهدون المتعبدون في شهر رمضان على تمر. بغداد: احمد حامد الصراف (البرسام في (البستان)) ذكرنا في ص 429 من هذا الجزء بعض ما جاء في مادة ب ر س م. وقوله: (أصيب بعلة البرسام) لم يقله أحد ولا يقوله من له أدنى وقوف على مصطلح اللغة. ذلك لأن بناء لفظ البرسام يفيد الداء فقوله (أصيب بداء البرسام) حشو ولغو والصواب: أصيب بالبرسام. ثم قال: (البرسام بالكسر. . . مركب من بر (وضبطها بكسر الباء) بالفارسية وهو الصدر. وسام. وهو الموت) - قلنا: قوله: بر (بالكسر) هو الصدر بالفارسية خطأ يراه كل من له أدنى الفارسية فالحرف الذي يعني الصدر بالفارسية هو بر (بفتح الباء) وقوله سام هو الموت، كلام مصحف والعبارة عبارة صاحب تاج العروس نقلا عن لسان العرب، والفرس الأقدمون ما كانوا يركبون اللفظ الواحد من فارسي وعربي بل يتخذون صدر المركب وعجزه من لغتهم. (وسام) في لغتهم الالتهاب والداء لشديد الألم والنار فيكون برسام (وهي عندهم وزان بغداد) وكذا ضبطها الأزهري التهاب الصدر أي التهاب حجاب الصدر. فاحفظه. وقال: (لم يرد هذا الحرف (مثل برسم) معلوما في غير محيط المحيط واقرب الموارد من كتب اللغة). وذكرنا له معجم فريتغ ونسينا أن نذكر له اسم الزمخشري فقد ذكر هذا الفعل بصيغة المعلوم في كتابه المطبوع مقدمة الأدب في ص 281 في السطر 2: قال: برسم أخذه البرسام. وضبطه برسم الشكلات وزان دحرج. ولعل ذلك من غلط الطبع، إلا أنه غير مصحح في الآخر.

اللغة الكردية

اللغة الكردية ما أكثر الأدباء الذين يجهلون تاريخ اللغة الكردية أو يعلمون شيئا نزرا عن آدابها! وليس هذا الجهل مقصورا على الأدباء غير الأكراد من عرب وغيرهم فقط بل يشتمل أدباء الأكراد بوجه عام، فقليلون جدا أولئك الذين في وسعهم أن يحدثونا عن هذه اللغة وقواعدها وآدابها ومطبوعاتها ودواوين شعرائها الخ. وهذا العامل هو الذي حملني على تتبع هذا البحث، فتتبعته وتمكنت من مراجعة عدة تآليف أجنبية لهذا الغاية وفي مقدمة هذه المصنفات كتاب: لمؤلفه المستر الحاكم السياسي في لندن عام 1919. والمستر صون ثقة في اللغة الكردية، لا لأنه مؤلف هذا الكتاب الثمين فقط، بل لأنه أديب في اللغتين الفارسية والكردية وكان يتكلم اللغة الكردية على اختلاف لغاتها ولأنه قضى ثلاثين عاما في الأصقاع الكردية في مهمة سياسية متخفيا. ويليه كتاب: - طبع بباريس عام 1885م. وكتب أخرى لمؤلفين مستشرقين من ألمان وروس سيأتي ذكرها في سياق البحث. فأنت ترى أن هذا البحث الذي تقرأه ليس عفو الخاطر أو فكرة بنت الساعة بل نتيجة بحث وتنقيب. وقبل الدخول في الموضوع أرى في الموضوع من واجبي تقديم تشكراتي القلبية إلى حضرة الأستاذ الكرملي لإفساحه المجال لهذا البحث في مجلته الزاهرة (لغة العرب) ومن أولى بنشر بحث مسهب فيه عن (لغة الكرد) غير مجلة (لغة العرب).

لا أزال أذكر تلك الليلة التي ضمنا فيها مجلس أدبي كان فيه بعض الأفاضل وجلهم من خريجي الحقوق في بغداد وكان موضوع البحث (الأدب القومية واللغات وتاريخها) واللغات الشرقية وآدابها إلى أن جاء الكلام عن اللغة الكردية فأتفق الجميع على أنها (رطانة جافة) مزيج من العربية والفارسية وأنها ليست سوى لغة العجم الدارجة وحاولت إقناعهم عبثا بأنها لغة مستقلة لها آداب وتاريخ ودواوين وأدباء. لكن الأكثرية كانت علي فغلبت على أمري وأنا أحرق الارم من الغيظ لا لجهل أصحابي فإن جهل هذا الموضوع عام يشترك فيه بل لخمول الأكراد أنفسهم - وأنا في طليعتهم - لعدم اهتمامهم بإحياء لغتهم ونشر تاريخها وآدابها ليقف عليها الرأي لأدبي العام في الشرق خاصة وفي العالم عامة. قل لي بربك من يدري أن في (رواندوز) مجلة نصف شهرية لها مطبعة واسمها (زار كرامانجي) أي (لغة الكرمانج - أو الكرد) وقد أصدرت هذه المجلة عدة كتب تاريخية في تاريخ الكرد وترجمت عدة كتب اجتماعية إلى اللغة الكردية وطبعت بضعة دواوين شعر لمشاهير الشعراء؟ من يدري بكل ذلك من قراء العربية إذا يقم أديب كردي ويترجم بحثا من تلك المجلة أو فصلا من كتاب تاريخي أو كتاب أدبي أو قطعة من الشعر. فاللوم في هذه الحالة يتوجه إلى شبان الأكراد أنفسهم لا إلى غيرهم. أجل ليس العهد ببعيد عندما كان الناس يعتقدون أو يصفون اللغة الكردية لأنها (رطانة خشنة) وأنها لغة دارجة من اللغة الفارسية، لا يفهمها إلا فريق من الناس - وهم الكرد أنفسهم - الذين يتكلمون بها طبيعة كما أن البعض من الناس أو المتتبعين كانوا يعتقدون بأنها (لغة مصطنعة - تشعبة -) مركبة من كلمات فارسية، وعربية، وتركية، وأرمنية. أما الحقيقة فليست هذه ولا تلك (أي) أنها ليست بلغة متشعبة من هذه اللغات ولا (رطانة غير مفهومة) وإنما هي لغة مستقلة بذاتها كما سيأتي البحث.

تاريخ اللغة كان الماذيون والفرس القدماء يتكلمون بلغتين مختلفتين فالماذيون لسانهم الماذي أو الافستي والفرس كانوا يتكلمون بلغة فارس القديمة وهاتان اللغتان تباعدتا معنى ومبنى واصطلاحا أحدهما عن صاحبتها بمرور الدهور إلى أن أصبحت اللغة الواحدة لا تشبه الأخرى وبتعبير اصح أصبحت لغة مستقلة بذاتها. وكما أن اللغات الأوربية اضطرت إلى قبول الكلمات اللاتينية وإدخالها في لغتها الخاصة - كالإنكليزية القديمة لغة الانكلوسكسون والإنكليزية الحديثة اليوم الطافحة بالكلمات اللاتينية - كذلك اللغة الفارسية لم تر بإدخال الكلمات العربية في لغاتها وأقول: إنما اضطرت بحكم السيف أن تخضع للعرب حتى في لغاتها وبرهنت عن عجز في لغتها أمام لغة القرآن. ولم تكن اللغة الكردية - (الماذية) أقل احتياجا من اللغة الفارسية إلى العربية فقبلت الكلمات العربية ولكن على قواعد صرفية ونحوية نختلف عن قواعد اللغة الأولى وإذا كنا نجد بين اللغة الكردية كلمات فارسية فليس ذلك دليلا على أن اللغة الكردية خالية من لفظة تدل على أن اللغة الكردية الأدبية مستقلة تمام الاستقلال عن شقيقتها اللغة الكردية الدارجة عن اللغة الفارسية الفصيحة. وإذا الباحث في آداب اللغة الكردية في بضعة أعوام يقضيها بين الجبال الكردية المنيعة ومطالعة دواوين شعراء الأكراد وكتب الأدب الكردي يتحقق أن هناك لغة كردية رئيسية لا تشوبها شائبة مركزها وسط كردستان وهي أساس لسائر اللغات الكردية المتشبعة في سائر الأقطار الكردية ككردستان الشمالية وكردستان الجنوبية. ويظهر من التغيرات التي طرأت على البلاد التي يقطنها أكراد محض، أو تكون أكثريته الساحقة منهم خلال الألفي عام المنصرمين أن الوطن الكردي كان يمتد من أرمية وبحيرة (وان) إلى جبال الرافدين وجبال زقر (زاغروس) نحو الجنوب ومن الشمال موطن العشائر اللورية أو عشائر كوران القديمة وعشيرة اردلان

الكرديتين. ففي تلك الديار كانت لغة الكرمانج هي السائدة وهي اللغة الوطنية أو المحلية وتدعى أيضاً (كردماك) وعندما تقلصت سيادة الحكومة التي تحكم هذه الأصقاع ولى هذا القوم المحارب وجهة شطر الشمال والغرب وهم لا يزالون حتى يومنا هذا يتوسعون في بلادهم حتى إلى ما وراء بايزيد. (وكانت بايزيد تحت حكم الأمراء الأكراد مئات من السنين) وارضروم وأذربيجان حتى جبال حلب. هذا ما رواه المسيو أوجين ولهام في كتابه المار الذكر (لسان الكرد) وهو موافق لموقع بلادهم. وكلما سرنا نحو الشمال نجد الأكراد يغدون نوعا ما رحلا غير حضر مع ما فيهم من شديد الرغبة في التحضر في القرنين المنصرمين. وفي بداوتهم يكونون سبب (فزع ورعب) لمجاوريهم إذ يرون متأهبين للقتال فيخوضون معامعه لأول حركة فكأن الواحد منهم جندي لكنه غير نظامي. ويقول نقول المستر صون في كتابه (اللغة الكردية وقواعدها) ما ملخصه: وعندما نقول الحقيقة ونذكر أن هذه العشائر كلها تتكلم الكرمانجية وهي اللغة الكردية فيجب أن لا نغفل أن ذكر القبائل الأخرى التي تعيش بين تلك العشائر الكردية وأصبحت تدعى بالقبائل الكردية - غير الكرمانجية) - وأهم هذه القبائل قبيلة (الزازة) وهي قبيلة كبيرة ذات فروع جمة في وسط كردستان وغربيه. ويزعم النظريون أن الزازة قد تكون متشعبة من قبيلة زرادشت الفارسية وهنالك قبيلة أخرى تجدها في ايالة درسم التركية وتسكن بين القبائل الكردية الأخرى وبين قبيلة الزازة وهي قبيلة (بالكي) ولغتها تكاد تكون لغة خاصة بها وهي مزيج من الكردية والعربية والأرمنية. وربما كانت أيالة هكاري ومكري (وزان كردي) من الكرد الصميم والأولى حاملة لواء الأدب الكردي في الغابر فلقد أنجبت هذه الايالة أدباء لا تزال آثارهم محتفظة بقيمتها الأدبية وإن مرت عليها بضعة عصور تقادم عهدها. وإذا ما بحثنا عن أدباء الأكراد والأدب الكردي في العصور الوسطى نجد (علي الهكاري) في طليعتهم فلقد نشأ هذا في مقاطعة (شميدينان. من أيالة هكاري في القرن الحادي عشر

لواء الديوانية

للميلاد وله تأليف ثمينة. ويليه (الشيخ أحمد الجزري) من أيالة هكاري أيضاً نشأ في القرن الثاني عشر للميلاد. وله ديوان نفيس كان مفقودا في عالم الأدب إلى أن توافق بحاثة ألماني لا أتذكر اسمه - للعثور عليه فنشره مصورا مطبوعا على الحجر والنسخة الأصلية محفوظة في خزانة برلين في هذا اليوم. بغداد: خ. شوقي أمين الداودي لواء الديوانية 2 - نظرة مجملة فيه لا ينتقدنا منصف إذا قلنا أن للواء الديوانية فضلا عظيما على العراق من الوجهتين المالية والاجتماعية. فهو ينتج من الحبوب الأثمار ويصدرها إلى سائر الأنحاء فيسد ثلمة واسعة من احتياجات القطر ويرسل إلى خزينة الحكومة في بغداد بمال وفير. وقد كان له اليد البيضاء الحكومة الوطنية الحاضرة لان معظم الذين قاموا بثورة عام 1920 كانوا من هذا اللواء ومن نواحي هذا اللواء وحده، استعرت نار الوطنية (من الرميثة) وفي لواء الديوانية وحده تغلب القوة وأنصاره وقد ذكر ساسة الإنكليز في مؤلفاتهم أن لواء الديوانية سقى الأشجار والنخيل بدم الوطنية والمفاداة في مصلحة الوطن مدة تنيف على نصف سنة مما يدل على أن في هذا اللواء روحا وثابا وعاطفة شريفة أبيا الخضوع للقوة والاستعمار. وما عهد الثورة العراقية ببعيد عنا. طرق المواصلات كانت المواصلات بين بلدان هذا اللواء الواسع الأطراف ضعيفة جدا

في عهد الحكومة العثمانية. إذ لم يكن يومئذ لهذه الغاية سوى الحيوانات وأما اليوم فترى فيه السكة الحديدية مارة بمعظم أطرافه فضلا عن التي تشق جاداته المستقيمة فتربط شماليه بجنوبيه وشرقيه بغربيه وبالأخص بعد أن أقيم جسر (البربوتي) بالقرب من السماوة. وعلى هذا يكون شبكة حديدية متماسكة الحلقات أو العيون وهذه مما يسهل طرق الموصل وإن كانت السفن والحيوانات لا تزال تجد سوقها. أنهاره ينشطر الفرات بعد عبوره سدة الهندية واقترابه من ناحية الكفل إلى شطرين مهمين: يذهب الأول منها إلى الكوفة فأبو صخير ويسمى (شط الكوفة) وهناك ينقسم إلى فرعين: فرع يسقي أراضي أبو صخير وناحية الجعارة (الحيرة) ويسمى جحات أو البكرية، وفرع يتجه نحو الجنوب فيسقي أراضي المشخاب المسماة بناحية (الفيصلية) وينتهي في بزائر هور (صليب) (بالتصغير) كزبير حيث ينتهي فرع (البكرية) ومن ثم يختلطان فيمران بالشنافية فالسماوة فالناصرية. . . الخ. ويذهب الشطر الأيسر ويسمى (أبو كفوف) (كأنها جمع كف) إلى العباسيات، فالشامية (الحميدية) حيث يسقي أراضيها. وينحدر نحو الجنوب حتى سدة الخمس (وزان خبز) في أراضي آل زياد (وزان جبار) والسادة البو طبيخ. ومن هناك تتوزع مياهه على ثلاثة انهر هي أبو بلامة (وزان علامة) والنفيشية (بالتصغير والنسبة) والغزالي (كأنها نسبة إلى الغزال) ثم تتجمع في هور (الجارة)، (وزان فارة) وهو الحد الفاصل بين قضائي الشامية وأبو صخير وتفصل مياه (الجارة) بشط الكوفة المذكور آنفا في موضع يقع على بعد عشرين ميلاً من غرب الشنافية يقال له (النقارة) حيث تتجه نحو السماوة وبالناصرية كما أسلفنا. وفي سدة الهندية تنحدر مياه غزيرة في شط الحلة بواسطة بوابات أعدت لهذه الغاية. وهذا الشط بعد أن يسقي أراضي لواء الحلة ومزارعه ويملأ الجداول والنهيرات القائمة على عدوتيه يسير على خط مستقيم حتى صدر الدغارة حيث يتفرع إلى فرعين: يمر الأيمن منها بالديوانية والرميثة ثم يصب في السوير (كأنه تصغير السور) بالقرب من السماوة ويتجه الأيسر إلى الدغارة فيسقي

أراضيها، وينحدر نحو عفك (وزان سبب) فيروي مزارعها وينتهي في مزارع آل بدير (بالتصغير) حيث يضمحل وتنضب مياهه. وتقوم على ضفتي كل من الأنهر المذكورة جداول ونهيرات تسقي المزارع البعيدة عن الشطوط. عشائره لا نغالي إذا قلنا أن لواء الديوانية لواء عشائر بحت تسكنه جماعات منها مختلفة يتقوم منها ثلاثة أرباع سكان اللواء. وهذه العشائر اختلفت أسماء قبائلها وتباينت طرق معيشتها، إلا أنها تمت إلى اصل واحد ونحن ندون في ما يلي اسماه القبائل الموزعة على اقضية اللواء: قضاء أبو صخير: تقطنه آل فتلة (بالفتح) وآل إبراهيم والغزالات (كأنها جمع غزالة) وآل شبل (وزان ابل). قضاء الشامية: فيه آل فتلة وبني والخزاعل وآل شبل والعوابد والكرد (بفتح فكسر) وآل زياد (بتشديد الياء). قضاء الديوانية: تسكنه عشائر الأقرع والخزاعل. قضاء عفك: فيه السعيد (بكسرتين) والأقرع وآل غانم والبحاحثة (كأنها وزان جبارة) وآل حمزة وآل شيبة والمحاضرة وآل بدير. قضاء السماوة: تقطنه الظوالم والبو حسان وآل زياد (كشداد) والازيرق (الازيرج) والخزاعل وبني حكيم (بالتصغير) وتلفظ (حجيم). ولكل من هذه القبائل بيوت من قصب تسمى صرائف يقطنها أصحابها وعرائش تؤمن راحة المسافرين ومضايف تكرم فيها الوفود وأسلحة تذخر إلى الأيام السود وقصور من طاباق يسكنها الرؤساء ويحل فيها الضيوف الكبار ومفاتيل يتحصن فيها المحاربون أيام شن الغارات وقوارب تسمى سواجي (جمع ساجية) يتنقل

بها الرؤساء والسراكيل بين الأهوار والمضايف والبيوت وهلم جرا فهي كالغندول في البندقية (فنيسية) من ديار إيطالية. وطرق المعيشة عند هؤلاء الأفراد كالطرق المتبعة عند جميع العشائر العراقية فهم يسكنون بيوتا من شعر أو قصب ويكتفون من اللباس بثوب طويلة يسمونه (الدشداشة) (هي الجلباب عند الفصحاء) مع عقل وكوفية وطعامهم الأرز مع اللحوم وقد يكون لهم في بعض الأحيان خضراوات مختلفة. المعارف فيه الأمية في لواء الديوانية ضاربة إطنابها فيه ولا أعتقد أن لواء من الألوية العراقية يشابهه فيها. ولعل النقطة التي أوضحناها آنفا عن كثرة العشائر الرابضة فيه ذلك، إذا أردنا أن نتغاضى عن تقصير المعارف في هذا الصدد في الوقت الذي يرى من المصلحة العانة إنشاء مدارس وكتاتيب في جميع الأرياف وإنشاء مدارس مستقلة يجوب أساتذتها منازل العشائر المستوطنة لتثقيفها وتهذيبها وإزالة الجهل والأمية المتأصلين فيها. ومع كل هذا يرى في لواء الديوانية شباب ناهض وروح للتقدم العلمي والأدبي. فإذا إلى ذلك أضفنا قليلا من جانب الحكومة. أكن التفاؤل بمستقبل علمي زاهر لهذه المنطقة الواسعة. حاصلاته يعني في لواء الديوانية وبالأخص في قضائي أبو صخير والشامية بزرع الشلب (الأرز بقشره) على اختلاف أنواعه. ويكثر فيه زرع الحنطة والشعير وهما مصدرا ثروة اللواء. ثم يلي ذلك في الأهمية (الصيفي) (ما يزرع في الصيف) بما فيه من دخن وسمسم وماش وإذرة (ذرة) وسائر الحبوب التي يجنى منها ثروة لا يستهان بها. وإذا كانت حصة الحكومة من مزروعات اللواء التي تسقي سيحا فقط، تتراوح بين 15 و20 لكا من الربيا فنترك للقارئ تقدير الحاصلات

الأغاني الفراتية

العامة بأن في اللواء أكثر من 120 مضخة تتراوح قواتها بين 10 حصن و60 حصانا خرجه ودخله يصدر لواء الديوانية في نتاجه الشلب والحنطة والشعير وسائر أصناف الحبوب التي ألمعنا إلى ذكر زرعها، وعلاوة على ذلك يصدر قدرا جليلا من الجلود والصوف والغنم والماشية والسمن (الدهن) وجانبا صالحا من التمر. ويجلب جميع الأقمشة التي يحتاج إليها مع الابازير (العطارية) على اختلاف أنواعها ولا سيما البن منها لكثرة استعماله في مضايف العشائر. وبعض أقضية اللواء تجلب تمورها من الخارج لضعف النخل فيها وقلته. ويستهلك لواء الديوانية قدرا لا يستهان به من المشروبات الروحية. هذه ملاحظات عامة على لواء الديوانية أثبتناها في هذه العجالة خدمة للتاريخ والحقيقة ليطلع عليها من أراد أن يلم بشيء عن هذا اللواء الجسيم. بغداد: السيد عبد الرزاق الحسني الأغاني الفراتية - 1 - نبغ في الفرات من العامة إن في القرى وإن المدن مئات من الشعراء الذين احسنوا النظم عفوا في (اللغة العامية) أيما إحسان، وأجادوا فيها أيما إجادة! ولعل الفرصة تسنح لي بتأليف كتاب عن تاريخ حياة مشاهيرهم وتخليد ما رق وراق من شعرهم وشعورهم الذي طالما مثلوا به الحوادث السياسية والانقلابات الكونية، ووصفوا به المناظر الطبيعية، وأطربوا النفوس بأهازيجهم الموسيقية، وأثاروا عواطف الأمة، وأهاجوا السواد الأعظم، وأيقضوهم من سباتهم ورقدتهم. ولم يقتصر العاميون بنظمهم الشعر على قسم من الأقسام، أو نوع من الأنواع فحسب، بل توسعوا فيه أيما توسع، وأطلقوا الحرية فيه أيما أطلاق، ووسعوا دائرته حسب مقتضيات الزمن وتقلبات الأحوال، وهم بعكس (شعراء القريض)

الذين لم يزالوا حتى الآن مكبلين في شعرهم إن في التخيل والكنايات، وإن في المعاني والاستعارات مقلدين بها طريقة السلف الغابرة، اعني شعراء (القرون الوسطى) وآداب الأجيال الماضية، يقتفون أثرها، ويمشون خلفها، ويحذون حذوها جنبا لجنب. ولم يتملص من أولئك الشعراء، ويفر من تلك القيود الشديدة الاليمة، والتقاليد القديمة، إلا إفراد قليلون، معدودون على الأصابع تمردت أرواحهم على العبودية، وحلقوا بأدبهم الغض في سماء الحرية فخلد لهم التاريخ العربي ذكرا حسنا جميلا. . . ولما كان الشعراء العاميون اليوم في هذه الإعصار، قادة الأفكار، في جميع الأقطار والأمصار، استحقوا لان نخلد آثارهم الشعرية، الصادرة عن آرائهم الناضجة وأفكارهم الواسعة، فبادرنا إلى تأليف كتاب في جميع أقسام (الشعر) العامي) وأنواعه وأساميه ومصطلحاته، ليكون أثرا خالدا بعدنا، تتناشده أبناؤنا وحفدتنا عنا، يستشهدونها عند الحاجة، ويقصونها على أقرانهم وأحبابهم لدى الضرورة، ووسمت الكتاب (بكنوز العرب المخفية، في تاريخ آداب اللغة العامية) وجعلت لكل قسم من اقسامه، أو نوع من أنواعه، عنوانا خاصا يليق به وقد وضعت لهذا القسم الذي نحن بصدده مثالا له ووسمته: بالأغاني الفراتية الأغاني الفرايتة، هي مهبط الخيال، وقيثارة العواطف، وتسلية الروح، المسكرة للقلوب برناتها الموسيقية والمذيبة للأحشاء والأكباد بصدحاتها البلبلية، ولها (مقامات) كثيرة يستعملها القراء يسمى منها (1) حكيمي و (2) إبراهيمي و (3) صبا و (4) حجازي و (5) ارفه و (6) مدمى) وغير ذلك من أسماء المقامات التي يطبقها القراء على تلك (الأغاني الشجية) التي لها أصوات متعددة منها: (1) (بوب) وهو الصوت المستهجن الذي يشبه صوت البقر ويلفظ

(2) (بوقلي) وهو الصوت الرقيق الذي لا يمكن إظهاره ويلفظ - (3) (الداوودي) وهو ذو قسمين: جوهري وغير جوهري وفي كل من قسميه شائبة زبورية تؤنس (المستمع) وكأن الكلمة مشتقة من لفظة داود النبي. (4) (المنصوري) وهو كالنفخ في اصور، وهو عبارة عن ارتفاع الشفتين بالقابلة. (5) (الرست) وهو ما كان له دندنة كدندنة النحل أو الزنبور وله أصوات أخر كثيرة لا يسع المقام تفصيلها. والأغاني الفراتية، وإن كانت كلها على وزن واحد تنقسم إلى ثلاثة أقسام: (القسم الأول) ما كان لفظه ومعناه مبتكرا من دون أن يكون مأخوذا من (الشعر الفصيح). (القسم الثاني) ما كان لفضه ومعناه مأخوذا من (الشعر الفصيح). (القسم الثالث) ما كان الشعر الفصيح مأخوذا منه لفظا ومعنى. ولنبدأ بكل قسم من الأقسام الثلاثة. أمثلة القسم الأول 1 - وعيوني خوش أعيون ... وأعمن على أهواي والمرزا وأهل السوق ... ما لمو أدواي تقول الشاعرة، أن عيني جيدتان صحيحتان، ولكن عميتا أي كف بصرهما على (أهواي) أي معشوقي، (والمرزا) اسم (للطبيب) وهذا شائع عند العراقيين منذ القديم وإن الطبيب مع أهل السوق أي العطارين ما استطاعوا أن يلوموا دوائي أي يجمعوه. النجف: عبد المولى الطريحي

فوائد لغوية

فوائد لغوية فلتة من فلتات النحويين أوجب النحويون نصب المستثنى بالا إذا كان الكلام مشتملا على (المستثنى منه) أي تاما ومشتملا على (الإثبات) أي غير منفى والظاهر أن ذينك الشرطين غير كافيين لا يجاب النصب فقد جاء في القرآن الكريم (لو كان فيهما آلهة إلا (الله) لفسدتا) برفع كلمة (الله) في حين أن الكلام تام مثبت. وهذا نقض لذلك الحكم الموجب للنصب. وإن التعليل الذي ورد في مختار الصحاح لتلك الآية مضمونه أن (إلا) موصوف بها فهي قائمة مقام (غير) وهو صواب لكنه يأت بالسبب الذي جعلها موصوفا بها ولجهله السبب نقض ما بناه النحويون بتجويزه أن يقال (جاءني القوم إلا زبد) وفي ذلك وبال على لغة العرب. أما الذي استبنته فهو أن يضاف (شرط كون المستثنى منه معرفة) عند أيجاب النصب. فلينظر إلى (آلهة) وهو المستثنى منه يجده (نكرة) ولذلك لم ينصب المستثنى بالا ثم لينظر إلى قول الشاعر: وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان فالفرقدان لم ينصب لان المستثنى منه (نكرة) وهو (أخ) ولو لم يعضد هذا البيت بالآية السابقة لجعلنا قول الشاعر (الفرقدان) اتباعا للروي. وهذا الحكم يثبت بالتغاضي عن قول القائلين أن (إلا) في هذا البيت بدل من واو العطف لان ذلك القول خطأ واضح لمن يعرف أن الفرقدين ثابتان لا يتفارقان ما شاء الله لكونهما من النجوم الثابتة. أضف إلى ذلك أن (إلا) لو كانت كذلك لصار عطف الشاعر لغوا مستهجنا لأنه قدم حكما عاما قوله (وكل أخ مفارقه أخوه). بيد أن (إلا) وردت بدلا من الواو لكن في غير هذا الاعتبار كقوله تعالى (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) أي واللمم. وربما كان كلامي عن المستثنى بالا محتاجا إلى التأييد أو التفنيد. مصطفى جواد

غلط الأعلام في تعريف الإدغام عرف عالم الإدغام بأنه (إدخال حرف ساكن في مثله) وقال جماعة: هو إدخال أحد الحرفين المتماثلين في الآخر. وقال الجرجاني في التعريفات: إسكان الحرف الأول وأدراجه في الثاني وقيل هو الباث الحرف في مخرجه مقدار الباث الحرفين. اه فالتعريف الأول لجلال الدين السيوطي وهو خطأ لأننا لو قلنا (يصدد) ثم أدغمنا بقولنا (يصد) لعملنا عملا لم يذكره صاحب التعريف هو حذفنا الحركة من الحرف المدغم وعدم إدخالنا إياه في الثاني لأنه مستقل في النطق فالتعريف ناقص أذن. والتعريف الثاني لمؤلفي (قواعد اللغة العربية) وهو مغلوط فيه لان أحد الحرفين لا يدخل في الثاني بتاتا والدليل الدال على ذلك أن كل واحد منهما يظهر على اللسان مستقلا منفردا والتعريف الثالث غلط أيضاً لان الحرف الأول لا يدرج في الثاني عوض كما قلنا. والتعريف الرابع لا صواب فيه لان الدال في قولنا (عدد) لابث في مخرجه مقدار لبث حرفين فتكون بذلك حرفان لا إدغام فيهما. أما التعريف الذي أراه صوابا فهو أن يقال (الإدغام: إسكان الحرف الأول من الحرفين المتتاليين المتشابهين ونقل حركته إلى الذي قبله ما عدا حرف اللين أن كان متحركا وإبقاؤه على حاله أن كان ساكنا مثل: مستقل وغل.) الكاظمية: د مصطفى جواد الرويبضة ومعناها في لسان العرب: في حديث في الفتن: روي عن النبي (ص) أنه ذكر من أشراط الساعة أن تنطق الرويبضة في أمر العامة قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟ - قال: الرجل التافه الحقير ينطق في أمر العامة. قال أبو عبيد: ومما يثبت حديث الرويبضة تصغير الرابضة وهو الذي يرعى الغنم. وقيل هو الذي ربض عن معالي الأمور وقعد عن طلبها. وزيادة الهاء للمبالغة في وصفة. انتهى. وهو بالفرنسية: وإذا بحثت عن هذه الكلمة الإفرنجية في المعاجم الدخيلة المنقولة إلى العربية لا تجد لها لفظة عربية تؤدي هذا المعنى مع إنها موجودة في لغتنا. فاحفظها.

بابا المكاتبة والمذاكرة

بابا المكاتبة والمذاكرة نقد الشعر سيدي العلامة صاحب (لغة العرب) أطلعت على بعض ما ظهر في مجلتكم الزهراء من نقد (الشوقيات) و (ديوان العقاد) مما أعده حفاوة بالأدب المصري. اشكر حضرتكم على ذلك النقد ولا سيما النقد معتدل ويدل دلالة صريحة على روح شريفة بعيدة عن الغرض. على أني لا أوافقكم على استكاركم قول شوقي بك واصفا اندفاع السفينة: (وحداها بمن تقل الرجاء) كما لا أوافقكم على استهجان قول العقاد في قصيدة فرضه البحر: (يا ليت نورك نافع وجداني) فإن هذا نقد منطقي صرف، وللشعر - لا يخفى عليكم - لغة خاصة به، كما لكل علم وفن لغة، ولا اعد هذا النوع من نقدكم إلا نوعا من المداعبة الأدبية ولعل هذا هو قصدكم. وعلى كل حال فأني اكرر لحضرتكم الشكر على بحثكم النقدي. وأؤكد لكم أن كل شاعر مصري يحترم نفسه يرحب بمثل هذا النقد، ولا يرى في التقريظ البحث إلا إساءة إليكم والى الأدب. لا زالت (لغة العرب) مرجعا للأدباء ورابطة لوحدتهم، ولا زلتم ذخرا ثمينا لهم، وتفضلوا بقبول أجل الاحترام وأصدق التحيات. الإسكندرية في 15 أيار 1928: أحمد زكي أبو شادي آراء سلامة موسى بينما كنت أراجع أعدادا سابقة لمجلتكم الغراء وقفت على كلمة نقدية شديدة موجهة منكم إلى الأستاذ سلامة موسى، فلم استغربها باعتباركم من رجال الفضيلة الدينية وقد ترون في كتاباته ما يعادي مذهبكم وآراءكم. ولكن ثقتي بسعة صدركم وعلمكم الواسع ونزهتكم تشجعني على لفت نظركم إلى حقيقة جلية وهي أن الأستاذ موسى - برغم الحادة الديني إذا صح ذلك -

رجل غيور على النهضة الأدبية ونشر احدث الآراء الفكرية الغربية، فيجب أن تعد له هذه الحسنة وأني أؤكد لفضيلتكم أنه من اشد الأدباء استقامة وتواضعا وتحقيقا للأدب العالي في حياته الاجتماعية، فما نقل إليكم عن هوسه الخلقي وغروره ونحو ذلك إنما هو من تضليل حاسديه الذين ينامون بينما هو يعمل، وأكثرهم لا يفهمون من الأدب سوى تحبير السطور وزخرف الأقوال وليس في حياتهم وأعمالهم قدوة صالحة. فلعلكم لا تبخلون بنشر هذا التصحيح إنصافا للرجل وأكبر ظني أنكم ستنصرون آراء الأدبية في مواقف كثيرة وإن اختلفتم معه في غيرهم. الرملة: ابن سينا التمثيل في مصر لمراسل (لغة العرب) اجتازت مصر في السنوات الأربع الأخيرة شوطا بعيدا في نهضتها المسرحية وتقدم التمثيل بها تقدما محسوسا يلمسه كل منهم بهذا الفن الجميل، فبعد موت المرحوم الشيخ سلامة حجازي كنا نعتقد أنه قد قضي على المسرح المصري، ولكن الأستاذ جورج أبيض تلميذ سليفان الشهير أحيا ميت الأمل منا وأعاد لنا المجد الذي شعرنا بفقده مبدئيا. تذوق الجمهور المصري طعم التمثيل فاستعذبه واقبل عليه، وكان هذا الإقبال مشجعا للأستاذ نجيب الريحاني على إنشاء فرقته (الكوميدية) وهذا لون جديد من التمثيل اقبل عليه الجمهور بشغف كبير لأنه اقرب إلى ميوله، ثم تكونت بعد ذلك فرق عديدة منها فرقة السيدة منيرة المهدية وفرقة علي أفندي الكسار وفرقة الأستاذ يوسف بك وهبي السيدة فاطمة رشدي وفرقة حديقة الازبكية وغيرها من الفرق الصغيرة. أما أنواع التمثيل المهمة في مصر فثلاثة: الدرامي والهزلي والغنائي، ولعل التمثيل الدرامي أرقاها، وعماده في مصر فرقة رمسيس، وقد تلقى مديرها يوسف بك وهبي أصوله في إيطالية، ومن المؤلم أن تكون كل رواياته معربة عن الفرنسية والإيطالية. وليس للمسرح المصري نصيب من الروايات المؤلفة التي تصور البيئة المصرية، ومهما (مصرت) الروايات المعربة فأنها لن تفي بالغرض

المطلوب لبعد الخلاف بين الذوقيين المصري والأوربي. أما التمثيل الهزلي فلا يخرج عن الدائرة التجارية: (تهويش وتهريج)، فترى الرواية ناجحة عند الجمهور بينما هي ساقطة من الوجهة الفنية لتفاهة موضوعها وضعف تأليفها. وإذا تكلمنا عن التمثيل الغنائي فلا شك في أننا فقراء، ويرجع ذلك إلى إحجام كبار شعرائنا عن النظم - (إذا استثنينا الأستاذ الدكتور أبا شادي) - وتقاعد صحافتنا عن تشجيع هذا النوع مع علمها بأن في مصر أصواتا قوية فنية صالحة لو دربت قليلا، ولعل نور الفجر المرتقب هو ما أظهرته الحكومة أخيراً عن عطف وتشجيع. الإسكندرية: يوسف أحمد طيرة بعض ملحوظات على انتقاد لغة العرب لمعجم المطبوعات العربية والمعربة أولا - ذكرتم أن الصفحة مقسومة إلى شطرين لكي لا يطول السطر ويضيع القارئ السطر التالي في أثناء المطالعة. ولكن لهذه القسمة إلى شطرين فائدة أخرى لم تنتبهوا إليها وهي أن في آخر المعجم سينشر فهرست أبجدي بأسماء الكتب كلها وبازاء كل كتاب رقم الصفحة التي يكون فيها ذكر الكتاب فمن أراد مراجعة ذلك لا يجد عناء لوجود محل الكتب والأمر بالعكس أو كانت الصفحة واحدة فيطول النظر إلى اسم الكتاب المطلوب. ثانيا - قلتم أن مؤلف المعجم نسي عدة كتب مطبوعة للعلماء الذين ذكرهم واستنادا إلى ذلك ذكرتم ثلاثة كتب تأليف الأستاذ محمود شكري الالوسي أغفل ذكرها. منها: 1 - فتح المنان تتمة منهاج التأسيس الخ. طبع في الهند. 2 - المنحة الإلهية ترجمة التحفة الإثنى عشرية (كذا) طبع في الهند. 3 - كشف الحجاب عن الشهاب في الحكم والأدب. 4 و 5 - كتابان نشرا في بعض المجلات العلمية. فالجواب على ذلك:

أولا أن المقالات أو الرسائل التي طبعت في المجلات لا يمكنني ذكرها البتة في معجمي لان ذلك يتطلب سنين طوالا ومئات من المجلدات كما لا يخفي عليكم فإن بعض المجلات لها أكثر من خمسين سنة وهي تنشر لبعض الأدباء مقالات ممتعة وذات شأن ولكن لم تفرد على حدة في كتب خصوصية فمن المستحيل ذكرها إلا أن بعض المقالات جاء ذكرها عفوا لأسباب خصوصية. أما الثلاثة الكتب من رقم 1 إلى 3 فأني لم أر لها ذكرا في كتاب أعلام العراق الذي نشره بهجة الأثرى وضمنه تصانيف الالوسيين جميعها، وقد راجعته كله لم تذكروا محل طبعها ولا تاريخ نشرها فكيف يمكنني معرفتها؟ وكيف يمكن الاستدلال بها؟ ثم لابد أنكم لاحظتم في مقدمة الكتاب أني قلت أنه ربما فاتني كتب كثيرة طبعت في العجم والهند لعدم وجود فهارس تنبئ عنها وقد بذلت غاية مجهودي لاقف على ما نشر في تلك الأصقاع وترون ذكر قسم كبير منها. ثالثا - ذكرتم أن اسم سوريا تكتب بالتاء أي سورية لا بألف أي سوريا؛ مع أن كتبا كثيرة الفت في بلاد الشام ذكرته بألف لا بالتاء وأظن أنه يجوز كتابتها بالشكلين كما يقال أفريقيا وأفريقية وسوريا وسورية. الخ (قلنا: راجعوا لغة العرب 454: 6) ثم أني أشكركم على ما أبديتموه لي من النصائح لإتقان العمل ويا ليت كان الوقت يسمح لي بزيادة التدقيق والتنقيب وكان في نيتي أن لا انشر الكتاب بالطبع قبل البحث الدقيق عن كل مؤلف وتأليف. إنما رأيت أن يستغرق سنين طوالا فيضيع ما جمعته من الفوائد وهي كثيرة مما بالنفع على الأدباء أكثر من القليل الذي فاتني. فاطلب من الأدباء المعذرة ومؤازرتي لتتميم هذا العمل الذي أقدمت عليه حبا بنشر الآداب العربية ونشر مآثر أدبائنا الشرقيين. مصر القاهرة: يوسف اليان سركيس نظرة في مقالة (كتاب الديارات) طالعت المقالة الموسومة بهذا العنوان (من ص 322 إلى ص 342) فعن لي

بعض خواطر أبديها للكاتب الأديب ليرى فيها رأيه. قال في ص 322:. . . وحمام أعين على يمين الحاج من بغداد فأصلحها بقوله: الخارج من بغداد. - قلت طريق الحاج في بغداد واحد ومعروف، وأما الخارج من بغداد فقد يخرج منها من نواح مختلفة، (وحمام أعين) واقع على يمين من يبرح بغداد ليذهب إلى مكة سائرا في طريق الحج. فقول الأديب (على يمين الخارج من بغداد) في غير محله. وقال في ص 338: شعر زعفرانه فائق خطأ والصواب سعر زعفرانه بسين مهملة ومعناه قيمته. على أن تفوق الزعفران لا يظهر إلا بشعره أي بخيوطه فإن كانت دقيقة كان فاخرا وإن لم تكن كذلك لم يعد نفسيا أو فاخرا. وقال في تلك الصفحة مخطئا المؤلف لا يقال: (لكل منهم يومئذ شأن يغنيه) (بالغين) بل بعينه (بالغين المهملة)، لكن نسي المخطئ أن هذه العبارة هي آية من سورة عبس ونصها: (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. نظر في ما بقي من الجزء الخامس جاء في ص 344: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فاغسلوه سبعا إحداهن في التراب) والمشهور في هذا الحديث:. . . فليغسله سبعا إحداهن بالتراب. وجاء في ص 352: ولكننا ضرب من البديع. والصواب ولكنها ضرب من البديع. وفي ص 360 س 21 من حل بالسبعة والصواب من حك بالسبعة. وفي ص 362: سكانه (سكان لواء الديوانية) يتجاوزن (400. 000) والصواب انهم لا يتجاوزون (250. 000) والفرق عظيم - وفي ص 363 س 14 وهذه النواحي (أي التاجية والجعارة والفيصلية) تؤدي إلى خزينة الحكومة أكثر من ثلث ودخلها اللواء كله (؟). ولعل الصواب. . . أكثر من ثلث دخل اللواء كله. بغداد: عبد اللطيف ثنيان (ل. ع) أننا نقدر كل التقدير ملاحظات الصديق العزيز الحاج عبد اللطيف أفندي ثنيان ونشكره عليه باسم المنتقد، لأننا لا نشك في أن البحاثة المحقق السيد حبيب الزيات يحب مثل هذا التصويبات البينة الفوائد ونشكر في الوقت عينه العلامة الزيات لأنه أتى بنقد واف شاف قلما يضارعه أحد فيه.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة افتراء مجلة (كل شيء) على التاريخ س - الكاظمية - مصطفى جواد: وجدت في الجزء ال 129 من مجلة (كل شيء) الأسبوعية المصرية تحت عنوانه (نوادر العظماء في التاريخ) تسكعا في التاريخ مضمونه (أن دهريا تحدى هرون الرشيد في إثبات الله تعالى. فاستدعى هرون عظيم علمائه (أبا حنيفة بن ثابت بن زوطا بن ماه الفارسي) فناظر الدهري وأفحمه. وأني استنكرت عمل هذه المجلة السخيفة لان القائمين بها جهلاء في التاريخ. فالإمام أبو حنيفة توفي سنة 150 للهجرة. وولد هرون سنة 145. وعلى هذا قد يكون تحداه الدهري فاحضر أبا حنيفة وعمره إذ ذاك 5 سنين. وعلى هذا الجهل فليتنافس الجاهلون. فما قولكم دامت فضيلتكم؟ ج - أول من أورد هذه الحكاية السيوطي في كتابه أنيس الجليس وكنا قد قرأناها فيه قبل خمسين سنة. ثم رأيناها مدرجة في مجاني الأدب 170: 2 ولا جرم أن الخطأ واضح على أن غاية السيوطي كانت غاية حميدة وهي إثبات الخالق والظاهر أن الحكاية موضوعة أو أنها جرت بعد عهد هرون الرشيد وعلى كل حال فإيرادها بهذا الوجه مخالف للتاريخ أما أن أصحاب مجلة (كل شيء) لأنهم لم يقفوا أتم الوقوف على يوم ولادة هرون وولادة أبي حنيفة إذ لم يجمعوا بينهما جمعا معقولا، فقد يزل العالم مهما كان موغلا في بحثه وهذا لا ينفي بقية علمه. فقد غلط سيبويه في كتابه والليث في عينه والجوهري في صحاحه إلى غيرهم، ومع ذلك فأننا لا نزال جميعا نعتبرهم حججا إثباتا في ما ألفوا في موضوعاتهم. والنسيان من شان الإنسان. والخلاصة أن هذه الحكاية موضوعة ولو لم تكن كذلك لذكر لنا الراوي اسم الدهري ونسبه وقوميته إلى ما يضاهيها من الأمور التي تعرفه.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 58 - حرب العراق الجزء الأول: الحركات من إعلان الحرب إلى معركة سلمان باك تأليف الزعيم طه الهاشمي، طبع في مطبعة دار السلام سنة 1928 في 212 ص بقطع الثمن الصغير مع خرائط ورسوم ويباع بربيتين ونصف. صديقنا الكريم الزعيم طه بك الهاشمي من علماء العراق الأعلام من الواقفين على العلوم العصرية أتم وقوف. تشهد له كتبه المتعددة من تاريخية وبلدانية وعمرانية، وحربية وإخبارية وهو اليوم المدير العام للمعارف في العراق يقضي أوقافه في تفقد المدراس وتعهد الصفوف بنفسه وإدارة سكان هذه السفينة الكبرى، سفينة التعليم. ومع هذا كله يجهد نفسه فليحمها أثقالا جديدة ليفيد بتصانيفه من هم بعيدون عنه. هذا الجزء الأول من (حرب العراق) من انفع الكتب للأدباء والعلماء والذين يحبون أن يقفوا على سير موقع الحرب الأخيرة في العراق فإن المؤلف قسمه إلى مقدمة وستة فصول ذكر في مقدمة: مصادر حرب العراق وبينها من الكتب ما لم تطبع إلى اليوم. ونبذة من تاريخ العراق. ووصف العراق الأراضي والإقليم (الهواء) في العراق - ثم ذكر في الفصول الستة الحركات التي جرت منذ العهد الذي سبق الحرب بقليل إلى آخر يوم منها. ففي الفصل الأول ذكر أسباب الحرب الكبرى ودخول تركية فيها. وفي الثاني الشروع في الحركات واحتلال البصرة وفي الفصل الثالث التقدم نحو القرنة وفي الرابع معركة الشعيبة وفي الخامس التقدم نحو الناصرية والعمارة وفي السادس التقدم نحو الكوت. ويزين كل ذلك رسوم وخرائط تجلي الغوامض لمن من أرباب الفن وتوضح له الأمور فلا تبقى له خافية.

فنحن نشكر بلسان المجلة سعادته على ما يكابد من الأتعاب والمساعي ونطلب له العمر الطويل الهنيء ليستفيد منه أبناء الوطن، بل والخارجون عنه أيضا. 59 - النكبات أو خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان تأليف أمين الريحاني طبع في المطبعة العلمية ليوسف صادرة في بيروت 1928 في 112ص بقطع الثمن الصغير لا تتوقع مما يكتبه الريحاني الوقوف على قواعد العربية ففي أول صفحة من كتابه يقول: (والخطط جمع خط (وضبطها بالفتح) وخطته) (وضبطها بالكسر) والأحسن رواية الأعلام فانه يذكر قرقميش (ص 4) ولا توخي الصدق واحترام الكتب المنزلة، أفلا تراه يقول في ص 5: وجاء موسى أرض كنعان باله سماه يهوه (كذا). وكان الكنعانيون يعبدون إلها اسمه بعليم (كذا) فاحترب الإلهان وغلب اليهوه البعليم. أهـ. مع انك تعلم أن الخطط جمع خطة، وقرقميش هي كركميش، وموسى لم يأت إلى أرض كنعان باله جديد. إنما ذكر الإله الحق المسمى في العبرية يهوه. والبعليم ليس اسم اله بل عدة أصنام أو معبودات والكلمة عبرية ومعناها الأرباب أو السادة وليس اسما مفردا. فأنظركم غلطا في سطيرات لا غير. ومن كان رأس ماله هذه البضاعة المزجاة فأحر به أن يدفنها في التراب على حد ما يفعل الهر.!!! 60 - التائه في بيداء الحياة رواية عصرية اجتماعية أخلاقية فلسفية وهي في جزأين مجموع صفحاتها 336 ص بقطع 12 بقلم ايليا الخوري أبو رزق، عني بنشرها الشيخ يوسف توما البستاني صاحب مكتبة العرب بالفجالة في مصر. الشيخ يوسف توما البستاني معروف بسعيه في نشر الكتب في لغتنا العربية وبهذه الصورة يوسع نطاق لساننا بأحسن الوسائل ونحن نشكر له فضله على سعيه هذا المحمود ولا سيما موضوع الرواية موضوع عصري يود كل قارئ أن يعرف ما في هذا العهد من المساوئ والحسنات فيتخذه هذه ويستنكف من ذلك. وهذه

الرواية هي من المؤلفات التي تطلعك على الخبايا التي في الزوايا. وكنا نود أن تكون عبارته اقرب إلى العربية الفصحى. 61 - حياة القديس يوحنا المرحوم بطريرك الإسكندرية عني بنشرها وطبعها الارشمندريت ارسانيوس عطية، بمطبعة القديس بوليس في حريصا (لبنان) في 36 ص بقطع 32 كتيب صغير الحجم عظيم الفائدة فهو كالدرة الغضة 62 - اللواء جريدة يومية سياسية اجتماعية انتقادية تصدر ثلاث مرات في الأسبوع موقتا، صاحبا امتيازها ومديرها المسؤول: محمد سعيد العزاوي. وصل إلينا العدد 3 من هذه الجريدة البغدادية وكان صدورها نهار الجمعة من ذي الحجة سنة 1346 الموافق 25 أيار (مايس) 1928 فنتمنى لها العمر الطويل وإفادة الوطن وجمع القلوب على التآلف والتفاهم. 63 - الكويت مجلة دينية تاريخية أدبية أخلاقية لغوية شهرية، يصدرها في الكويت عبد العزيز الرشيد، في 40 صفحة بقطع الثمن وبدل اشتراكها في الخارج 12 ربية. نعرف الشيخ عبد العزيز الرشيد ونقدر علمه بما يتعلق بالكويت وما يجاورها من تاريخ تلك البلاد واطلاعه على أهاليها وآدابهم وأخلاقهم ولغتهم إلى غير هذه الأمور ونتوقع أن تردم هذه المجلة ثغرة واسعة في تلك الأنحاء التي لا يعرف من أمرها شيء يذكرها لحرمانها المطبوعات والمنشورات. 64 - ف. كركاس 65 - ملح في الأدب لابن مماتي لاغناطيوس كراتشكوفسكي من العلماء من لا يعرفون الراحة. والأستاذ كراتشكوفسكي من هذه الطبقة؛ فالرسالة الأولى موضوعها ترجمة أحد أعلام الروس المستشرقين وهو

ف. كركاس وتعديد ما تولى نشره وتصحيحه أن الكتب. والمقالة الثانية وصف كتاب مجهول يحوي نوادر وملحا لابن مماتي وقد أجاد الأستاذ في كلا الأمرين وأملنا فيه أن يتابع هذه المواضيع الشائقة لكي لا يفوتنا شيء مما يتعلق بمستشرق روسية من جهة، ونقف على المصنفات العربية التي تغني خزائن تلك الديار من جهة أخرى. 66 - إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب المعروف بمعجم الأدباء أو طبقات الأدباء لياقوت الرومي وقد أعتني بنسخه وتصحيحه. د. س. مرجليوث الجزء 3 الطبعة 2 بمطبعة هندية بالموسكي بمصر 1927 أهدى إلينا صديقنا الأستاذ مرجليوث الطبعة الثانية من هذا التصنيف الذي لا يستغني عنه أحد وقد وقع هذه المرة في 249 ص بعد أن وقع في المرة الأولى في 219 ص لان المصحح عثر على نسخة أخرى صحح بها ما فاته في الأولى ووجد فيها ما لم يجده من التراجم في النسخة السابقة، لكننا وجدنا في هذه الطبعة بعض أغلاط لعلها من الطبع. ولما كانت كثيرة فقد أرجأنا تصحيحها إلى أحد الأجزاء القادمة لتدفق المواد عندنا في الأجزاء الوشيكة الظهور أما الآن فنكتفي بإهداء شكرنا الصادق إلى حضرة الأستاذ الصديق على إهدائه إلى الناطقين بالضاد كنوزا كانت تعتبر مفقودة؛ أما اليوم فقد أصبحت في حرز من التلف بسعيه وهمته. كتاب الأصنام - 3 - رد التهمة عن ابن الكلبي وقد لا نقره على اتهام المؤلف بخلل التأليف واستناده في أبحاثه إلى التخيلات والخرافات وهو يكتب في أوائل القرن الثالث للهجرة والتاسع للميلاد ولولا ابن الكلبي لما كان صديقنا الأب كلف نفسه مؤونة الترجمة والتبويب والترتيب وسود من بياض الطروس ما سود في استقصاء الأخبار الوثنية بل لما كنا عرفنا

من أمر تلك الأصنام ما عرفناه وعرفه من تقدمنا. الأصنام التي لم ترد في أصل الكتاب ولا في تعاليقه وقد كنت أطلعت عرضنا على أسماء بعض الأصنام التي لم ترد في أصل الكتاب ولا في الحواشي التي علقها عليه العلامة الناشر فبعث إلى الصديق العلامة الأب انستاس ماري الكرملي صاحب هذه المجلة الزاهرة أقص عليه القصة وأسأله من الأصنام التي عليها في مطالعاتها فأجابني بقوله: (نعم كنت قد وجدت عدة أسماء أصنام للعرب لم ترد في كتب التاريخ التي بأيدينا ولا في كتاب الأصنام وكنت قد بعثت بها إلى الأب مرمرجي والى العلامة تيمور باشا فإذا كان عندك شيء من هذا القبيل فأنشره لك وأضيف عليه وصلت يدي إليه وهكذا يفيد أحدنا الآخر) أهـ. أما أنا فلم استقص خبر الأصنام والذي وجدته منها - وقد أهمله المؤلف - ضمان ذكرهما ياقوت في معجمه وهما: (الحمام: بضم أوله صنم في بنى هند ابن حرام ضنه بن عبد كبير بن غدرة سمع منه صوت بظهور الإسلام). ذريح: (بكسر أوله وتشديد ثانيه صنم كان بالنجير من ناحية اليمن قرب حضرموت.) وبيت عبادة ذكره ياقوت أيضاً وهو: السعيدة: (بفتح أوله وكسر الثاني بيت كانت العرب تحجه وكان على رأي ابن دريد بالقرب من سنداد وعلى قول ابن الكلبي على شاطئ الفرات والقولان متقاربان وقال ابن حبيب كان الازد يعبدون السعيدة أيضاً وكان سدنتها بني عجلان وموضعها بأحد وهو الجبل المعروف بضاحية يثرب.) أهـ. والغريب أن ابن الكلبي لم يذكر في كتابه الذي وصل إلينا هذا فلا ندري بماذا تعلل رواية ياقوت عنه! فإن صح زعم ياقوت فلا بد من أن تكون قد سقطت أخباره من كتاب الأصنام وهو ما نرجحه لأنه لا يعقل أن يغفل ابن الكلبي ذكره وهو من البيوت المعظمة عند القوم وفي ضاحية يثرب التي كانت دار هجرة وإقامة للنبي صلى الله عليه وسلم. ومن البيوت المعظمة التي ذكرها العلامة الناشر في تعاليقه وقال عنه بيت

لغطفان بس. والذي في معجم البلدان بساء بضم أوله وفتح الثاني وتشديده. ليحلبها وأبس بالإبل عند الحلب إذا دعا الفصيل إلى الناقة يستدرها به فكأنهم كانوا يستحلبون الرزق في الطواف حوله. كيف كان يتلقى المتأخرون الأصنام ومن قبيل الاستطراد أرى أن أشير هنا إلى طريقة تلقي بعض مؤلفي العرب المتأخرين الأصنام فقد قال: الجواليقي: (البد: الصنم فارسي معرب والجمع البددة). قلنا وفي لغة الفرس بت بالتاء المثناة. وقال أيضا (اسم صنم نسب إليه بخت نصر الذي خرب بيت المقدس وكان وجد عند الصنم ولم يعرف له أب فنسب إليه فقيل هو ابن الصنم) وقال الهروي:: (ولا بد أن نذكر في كتاب العجائب والآثار والأصنام والطلسمات وجميع ما سمعناه في أخبار الأهرام والأصنام وصنم أبي الهول وجميع البرابي التي ببلاد الصعيد وحديث الصنم الذي يقال له السيدة بدرب السيدة بمصر الخ.) وذكر ياقوت في معجم البلدان في مادة الأندلس: (البحر المتوسط خليج خارج من البحر المحيط قرب سلا من بر البربر فركن الجزيرة الأول هو في هذا الموضع الذي فيه صنم قادس وعنده البحر المتوسط الذي يمتد إلى الشام.) وقال بعد ذلك: (والركن الثالث هو ما بين الجنوب والغربي من حيز جليقية حيث الجبل الموفي على البحر وفيه الصنم العالي المشبه بصنم قدس وهو البلد الطالع على برباطينة.) وقال أيضاً في مادة مولتان: (مدينة في بلاد نسبت إلى صنم قائم بها). إلى أمثال ذلك من مناحي التفكير التي تدلنا انهم كانوا يعدون كل نصف

أو تمثال صنما أو وثنا للعبادة وقد فرقت العرب بين الصنم والوثن فجعلوا الأول لصورة إنسان معمول من خشب أو ذهب أو فضة والثاني لما كان منحوتا من حجارة. وبعد فقد انفسح المجال لصديقنا الكرملي لينشر لنا أسماء الأصنام والأوثان التي عثر عليها خدمة للعلم الذي وقف نفسه عليه والله يمتعنا ببقائه. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص (لغة العرب): كنا نود أن ندرج مستدركاتنا على الأصنام التي ذكرها ابن الكلبي لكننا لم نر الآن ميدانا في مجلتنا. إذ قدمنا دائما مقالات الأصدقاء على مقالاتنا كما يرى ذلك في كل جزء من أجزائها. ولا جرم أننا ندرج ما عندنا حالما ينفسح لنا المجال. وعندنا أن كلمة صنم مصحفة عن الارمية (صلما) بمعناه وكان الارميون يسبقون العرب إلى عبادة الأصنام ثم قابله (بالظلم) في العربية وهو الخيال أو الشيخ والطيف ولا سيما الظل الذي يرى من وقوع النور عليه ولا جرم انهم اتخذوا في الظل الطبيعي أو الصناعي. وأما الوثن عندنا فمقطوع من كلمة (اثني) اليونانية بمعناه ثم لاح لهم أن الياء هي للنسبة وتصورا أن الوثن هو الصنم الوثني عابدة. ومعنى اليونانية ظاهر يقال لكل من ليس بيهودي ثم أطلق على عابد الصنم. واتخاذ العرب هذه الألفاظ من أصل غريب عنهم يدل على انهم كانوا يعبدون اله ولم يحيدوا عن عبادته إلا باحتكاكهم بأقوام أغراب من أرميين ويونانيين وغيرهم وأما الصنم من (شمن) الفارسية والوثن من الوثن لغة في الواثن كما يقول بعض اللغويين فهي من الأدلة التي تدل على أن أصحابها غير واقفين على أسرار اللغة.

66 - اللباب - 1 - هو ما اختاره الأستاذ الفيلسوف والشاعر العصري الكبير جميل صدقي الزهاوي من دواوينه (1) الكلم المنظوم (2) ديوان الزهاوي (3) ديوان الرباعيات (4) الثمالة - هي ديوانه الأخير نشرت في السنوات الأخيرة أكثر قصائده في الصحف والمجلات ولم تطبع مجموعة. وقد نشرنا في 117: 6 من مجلتنا مقدمته بعنوان (كلمة في الشعر) وعدد صفحاته 396 بقطع الثمن وفي آخره فهرس مطول لأسماء القصائد التي وردت فيه، طبع الديوان في مطبعة الفرات. وثمنه في الخارج ثلاث ربيات. ولا أريد أن اطري الزهاوي فإن شهرته في الشرق والغرب تغني عن الإطراء، فإذا ذكر فلاسفة الشرق العصريون أو شعراؤه كان في طليعتهم، فهو صاحب نظرية (الدفع) عوض ونظرية (الناموس الدوري) ونظرية (صيرورة السيارات شموسا) وهو على شيخوخته وأمراضه المبرحة يرفع اليوم راية التجديد في الأدب العربي فلا تقليد للمتقدمين ولا تعقيب. ينظم شعوره بألفاظ سهلة بتراكيب متينة وكأن القوافي تأتيه عفوا وهو في العراق أول من نظم القصص وأول من نوع القوافي في القصيدة الواحدة وأول من زاد على أوزان الخليل وزانا وأول من نظم الشعر المرسل ودعا الشعراء إليه وأول من مزج الحكمة بالغزل فجاء شعره رائعا وأول من دعا إلى التجديد وأول من كسر في العراق شوكة التعصب. وأنك إذا قرأت شعره أخذتك هزة ولا أعلم أحدا من الشعراء بعد المتنبي كثر حاسدوه في حياته بقدر ما كثر حاسدو الزهاوي وكلما أرادوا الحط من منزلته ارتفعت وقد سار كثير من شعره مسير الأمثال وأخذ الكتاب يستشهدون به كما لا شاعرا تنوع موضوعات شعره بقدره وهو كلما تقدم في السن تقدم شعره في رونقه وابتكاراته.

والموضاعات التي طرقها الزهاوي في قصيدة كثيرة تضيق مجلتنا عن سردها كلها وإيراد أمثلة لها منها وإنما نكتفي بإيراد نماذج من شعره لبعض الموضوعات: الدفاع عن نفس فمن شعره في الدفاع عن نفسه قوله ص 26: ساكت أنت والأعادي تقول ... ومضر بك السكوت الطويل إعياء وليس فيك عياء ... أم ذهول وليس فيك ذهول لك في الذود من لسانك سيف ... شهد الله أنه مصقول ويراع أن أحجمت في مكر ... صافنات الأقلام فهو يجول وقواف تسيل في كل واد ... طفحت منها دجلة والنيل أن تسالم بها فتلك أغان ... أو تحارب بها فتلك نصول وقوله ص 27: العلم يا بلدا نشأت بأرضه ... ضاعت لديك حقوقه وحقوقي يا نفس قد سبوك حين نصحتهم ... هذا جزاء الناصحين فذوقي قالوا اطردوا الزنديق من أوطانكم ... ماذا يخاف القوم من زنديق قالوا اقتلوه إنما هو مارق ... ماذا يضر المؤمنين مروقي أنا لست زنديقا ولا أنا مارق ... حتى يحل لظفركم تمزيقي وقريب من هذا قوله ص 71: مقامك في الزوراء غير حميد ... ولينك للأعداء غير مفيد وظنك حسنا بالليالي سفاهة ... ورأيك في الأيام غير سديد ومنها: رأيت بها بؤسا وشاهدت نعمة ... فلم أسترح من شامت وحسود وقوله فيها: إذا لم يذد عن نفسه بلسانه ... فقل لي ماذا يفعل الشاعر الحر وقوله ص 87: ويزري بفحل الشعر ناس حسادة ... أولئك فحل الشعر أيضاً بهم يزري

2 - حياته الشخصية ومن شعره في حياته الشخصية قوله ص 290: أما حياتي فجد لا يخالطه ... شيء من الهزل أو شيء من النزق اخترت فيها سبيلا لي أسير بها ... ولم أطل وقفتي في مفرق الطرق ولا أسامر ناسا عن طواعية ... أخلاقهم لم تكن قد وافقت خلقي ومنه في شعوره نحو مناوئيه قوله: لقد أظهرت مقتا لها عند نقدها ... لشعري ناس كان يمقتهم شعري ولست أبالي بالذين يرونه ... بعيدا عن المألوف من صور الفكر تصوره عقلي وأنجز ماله ... من السبك طبعي بعد ما جاش في صدري ومن شعوره بحاجته إلى المال قوله ص 120: لم أرد آه - لجهلي ... قوة المال - لا غنى يوم كان المال مني ... قاب قوسين وأدنى وكأنه يعتذر لنفسه في قوله في الصفحة نفسها: أينما كنت تأتي ... لي به خبز وماء وأقلتني أرض ... وأظلتني سماء وقوله: رب مال هو لو شئت ... اقتناء عند لمسي إنما تمنعني من ... نيله عزة نفسي وقوله: قد أرادوا أن يسيل الد ... مع من عيني فسالا وقد ينبت في تأ ... ريخهم دمعي سؤالا وقوله ص 123: أنا قد لاقيت في بغداد ... ضنكا أي ضنك طالما كنت بها، اعت ... زل الناس وأبكي وقوله ص 124: أيها الشعر سلوي ... أنت في ساعة همي أدرأ الأحزان عني ... بأبي أنت وأمي وقوله ص 125:

أنا يا شعر كئيب ... مثلما أنت كئيب وكلانا أيها الش ... عر في بغداد غريب وقوله ص 142: سمعت أمس أراجي ... فهم فلا كان أمس كانت لعمري سهاما ... تصيب عزة نفسي وقوله ص 162: أنا للشعر في العرا ... ق أديب مجدد أنا في جنب دج ... لة عندليب يغرد وقوله ص 163: أنت يا شعر خالد ... أنا يا شعر هالك أنت يا شعر كل ما ... أنا في الكون مالك 2 - شذوذه ومما يدل على أن الزهاوي شاذ لا يزال يرى في كثير من المطالب رأي الجمهور قوله ص 214: أنكرت ما حمد الورى ... وحمدت ما قد أنكروا ولقد قنعت من الطعا ... م ببلغة تتيسر لا كالذين على طعا ... م واحد لم يصبروا أو كالذين تغير ... ت الظروف تغيروا أو كالذين إذا تجم ... هرت الرعاع تجمهروا أو كالذين تذللوا ... أو كالذين تكبروا أو كالمنافق جاء يظ ... هر غير ما هو يضمر وقوله ص (105): وما زلت في جو من الشعر طائرا ... ومن عادتي أن لا أطير مع السرب (له بقية) (تنبيه): نؤجل نشر بقية نقد (البستان) وديوان (الحوماني) إلى أن يتسع لنا الميدان

ديوان العقاد - 3 - وقال ص57: إذا ما رآها الوحش ولى كأنها ... من النقع تجلى عن خميس عرمرم ومن (النقع) بيان للخميس المتأخر وقال: (خياشيمه م القيظ يبضضن بالدم) والميم في (م القيظ) مخففة من (من) الجارة وهذا التخفيف ذميم وإن أرتكبه بعض الجاهلين. وقال من قصيدة (الحمام) ص 59 يصف فيها الغواني يسبحن في البحر لا بل منيت بفتنة خلعت ... جلبابها للكر والفر وأي علاقة لحسناء تستحم. بالكر والفر وقال ص 60: وتميل من ظهر إلى بطن ... طورا ومن بطن إلى ظهر والوزن في الشطر الأول لا يستقيم إلا بتحريك الطاء من (بطن) ولم يجئ البطن متحرك الطاء بالمعنى الذي يريده. وقال من قصيدة (ليلة الوداع) ص 61 تطلع لا يثني عن البدر طرفه ... فقلت حياء ما أرى أم تغاضيا وأنت تعلم أن مقول القول لا يكون إلا جملة فما وجه نصب (حياء) والمعطوف عليه (تغاضيا)؟ وقال (غدا ننظر البدر المضوىء فوقنا) وكلمة (المضوىء) غير جميلة. وقد أراد ليلة غد وقال ص 62: كأن فؤادي طائر عاد ألفه ... إليه فأمسى آخر الليل شاديا يريد فشدا آخر الليل. وقوله: (فأمسى آخر الليل شاديا) كمن يقول: أمسى فلان مغنيا، عوض (غني فلان) والفرق بين المعنيين ظاهر. وقال: وأشكوه ما يجني، فينقر غاضبا ... وأعطفه نحوي فيعطف راضيا يريد أشكو إليه ما يجني و (أشكو) لا يتعدى إلى مفعولين. وقال: (في الدجى إذا اسود) واسوداد الدجى تحصيل الحاصل فإن الدجى هو السواد ولو قال في الليل إذا اسود لما أخذ عليه قوله وقال ولم افهم ما يريد: فقلت على النفس التي سوف تغتدي ... طلولا بإحناء الضلوع حوانيا وقال ص 63 وأسلمت كفي كفه فأعادها ... وقلبي فهلا أرجع القلب ثانيا

أراد أسلمت إلى كفه كفي فأعادها وأسلمت قلبي ولم يرجعه فلم يفصح ثم أن (اسلم) لا يتعدى إلى مفعولين، وقال: فلم أر ليلا كان أطيب مطلعا ... وأكأب عقابا وأشجى معانيا والصواب (أعقابا) وقال: إذا كان لي في مقبل العيش مدة ... فيا ليت يغدو مقبل الغيب ماضيا فحذف اسم (ليت) وهو عمدة، والقصيدة ضعيفة التراكيب. وقال من قصيدة (العرض) ص 64 وقد عربها عن شكسبير. يضيع على المثلوب زينة نفسه ... وليس يفيد العرض من هو ثالبه الضمير في (يضيع راجع إلى (من) في قوله قبله (ولكن من يسلب من المرء عرضه) وكأن هناك من يذهب إلى أن ثالب المرء في عرضه يفيده فهو يصحح رأيه ولا أرى أن أحداً يذهب هذا المذهب وقال: لقد طال عمر الليل حتى حسبتها ... توارت من الغرب المعصفر في رمس خلاصة البيت أن الليل قد طال فحسب أن الشمس قد توارت في رمس هو الغرب المعصفر. والغرب يكون معصفرا بعد تواري الشمس بقليل ولكن هذه العصفرة لا تشاهد إذا طال الليل وقال من قصيدة (المنظار المقرب). أنت عين من زجاج وقها ... يجذب الأنوار من كل سماء شرح الموق فقال هو الحدق والموق مما يلي الأنف وهو مجرى الدمع ولا دخل له بالرؤية فلا يصح قوله (يجذب الأنوار من كل مكان). وقال من قصيدة (إلى جار بحر الروم) س 65: (أني ألب بموطن) وشرح (ألب) بأقيم ولو أقام (أقيم) مقام (ألب) المهجورة لاستقام الوزن والمعنى ولكن ولعه بالغريب هو الدافع له إلى ركوب هذا الشطط. وقد أجاد في قوله: تمضي الشهور وفي الجوانح لوعة ... تمشي على كبدي كحز المبرد أشكو الزمان إلى القريض وتارة ... أشكو القريض إلى الزمان المعتدي وقال (أنا نؤجله الحساب إلى الغد) وأجل لا يتعدى إلى مفعولين وقال (الغمام المرعد) والصواب الراعد أما المرعد فهو الذي أصابه رعد أو سمع الرعد. وقال من قصيدة (الخيبة) ص 66 وأجاد.

يا قلب صبرا أجد الخطب أم هزلا ... ما تلك أول بؤسي خيبت أملا حسب الرزيئة منا أن نصافحها ... هنيهة ثم نلهو بعدها جذلا قد طالما نزلت ضيفا بساحتنا ... والضيف يصيب الدهر محتفلا أنا قرينا الرزايا من مدامعنا ... وقد نضبن فماذا تشتهي بدلا إلا الحياة وأني لا أضن بها ... وكيف ضني بشيء هان فابتذلا وقال ص 67: ما للأماني يستضحكن لي غررا ... وقد سلوت ويستحدثن لي غزلا وأستضحك بمعنى ضحك فهو لا يتعدى إلى المفعول وقال (فاحتلن لاستدراجي الحيلا) واحتال فعل لازم لا يتعدى فالعبارة خطأ إلا إذا تكلفنا فجعلنا (الحيلا) مفعولا مطلقا لاحتلن وقال من قصيدة (الشتاء في أسوان) ص 68: ما طب جالينوس قي ... س بطبه إلا غرور و (قيس) حال عن (طب جالينوس) وإذا وقع الماضي حالا وجب تصديره بالواو وقد أو بقد أو الواو وحدهما. نعم ورد مثل (كما انتفض العصفور بلله القطر) ولكن لا يقاس عليه وقال: أبدا تحوط به ودائعها ... بسور خاف سور و (تحوط) فعل متعد بمعنى تحفظ وإنما أراد تحيط به يحسن التعبير وما أقبح تركيب البيت الآتي: من كل قاع جؤذر ... تلقاه أو ظني غرير وقال ص 69: خلجانه تنساب كالحيات ما بين الصخور ذهب مذهب القدماء في تشبيه المياه الجارية وبئس التشبيه هذا في مقام الإطراء فإن رؤية الحيات لا تبسط النفس وقال: ما كان أول مغرب ... شهدت على العصور والمغرب مذكر لا يحسن وصفه بشهدت. وهناك أبيات بعنوان (الرجاء) سخيفة ضعيفة. وقال من قصيدة (البدر والصحراء ص 70: أيها أبا النور أطربنا فكم لك من ... لحن على البيد لم يطرب له أحد

قال أطربنا فهو يريد الإطراب فلا معنى (لأيها) فأنها للإسكات: وقال (ليست شأبيبك الحفل بمغنية) ولم أستحسن الحفلى وقال: والنفس تسمو بها الأضواء تغمرها ... كالماء يسمو على أثباجه الجسد وهو غامض وفيه استعارة بعيدة. وقال من قصيدة (الطبيعة والحياة) ص 71: تسبي نواظرنا الطبيعة ... وتروع وهي بنا مروعه أفهم أن تروعنا الطبيعة ولا أفهم أن تراع بنا ولعله أراد الحيوان الذي يروعه الإنسان. وقال: لولا الحياة لما تملت حفل زينتها الطبيعة إن كانت الطبيعة ما يتملى الشيء فهي تتملى سواها أوجدت الحياة أم لم توجد وبعدها بيتان جاء بهما تأييدا لدعواه الفارغة وهما من المعاني التي لا تمت إلى الشعر بنسب. ثم أبيات ركيكة تكاد معانيها تكون من تصورات الأطفال. وقال: تبدي الجميل وتستر ... - الصور المنشأة الشنيعة ولم يجئ شنأه بالتشديد ثم سترت الطبيعة الصور المشنوءة الشنيعة ألست تعرض على الأنظار ما قبح من صورها وما حسن؟ وهناك أبيات سقيمة ركيكة ليست من الشعر في شيء وقال: هيهات تصقل صادئا ... هي الغنية والخليعة ولم يجئ (صادئا) بل الذي جاء هو (صدى) ثم لا أدري لماذا لا تصقل الغنية والخليعة مرآتها الصدئة فهل تبقها صدئة وهي قادرة على صقلها؟ وقال: لا تغبطينا أيها ... الأحجار فاللقيا سريعة فغدا تشرفك الحيا ... ة ونحن أحجار وضيعة لا تتم اللقيا وإن كانت على سبيل الجاز إلا إذا عاد الحي جمادا مثل الأحجار أو كانت الأحجار مثله إحياء ولكنه يرى اللقيا في أن تكون الأحجار في غد أحياء مثله وهو يكون مثلها ميتا وهذا هو الشعر. وقال من قصيدة (إلى ربة الحب) أو (الزهرة) ص 72: فريدة الأفق أسعدتني ... وخالسي النجم وارمقيني وإذا كانت الزهرة كما يتوهم الأستاذ ربة الحب فمن أي نجم تخاف ليأمرها بقوله (وخالسي النجم وارمقيني) وقال:

أراك تغويني بوحي ... إلى السماوات يزدهيني لا يقال أغواني إلى الشيء. وقال: فيك ضلال وفيك رش ... د فضلليني وأرشديني ولعل ربة الحسن قد أسعفته بأول المطلبين وهو التضليل وقد أجاد في قوله: كوني منارا فالحب بحر ... قلوبنا فيه كالسفين وقال: يا طالما تخدع الدراري ... لواحظ الشاعر الحزين (تخدع) مضارع فهو للحال أو المستقبل والمستقبل لم يجئ بعد والحال أقصر من أن يطول فضلا عن كونه لم يطل في الماضي. نعم يجوز أن تقول ظالما خدعت ولكن لا يجوز (طالما تخدع) وقال: ورب ليل سما جبيني ... إليك يا قبلة الجبين أهذا هو التجديد الذي يدعو إليه الأستاذ المتأدبين وقال ص 73: أو نسمات الصباح تسري ... من الروابي إلى الحزون أراد من الروابي إلى السهول ولكن الروي نون فقال إلى الحزون والحزن ما غلظ من الأرض والروابي لا تكون إلا في مثلها وقال: تكتم أنفاسها وتخشى ... من لفتة الغصن والطنين أن هذه التي تخشى من لفتة الغصن والطين هي نسمات الصباح وقد تقدمت قبل بيتين ثم قال في أبيات ما خلاصته: سمعت منك مقالة هي الجنون أو شر من الجنون هي أن الزمان ليل اقضوه باللهو ولا تنقصوه بالنوم ولا أدري لماذا تكون هذه المقالة جنونا أو شرا من الجنون ثم قال (كفاكم نومة المنون) وهو يريد تكفيكم فانهم لم يموتوا بعد وقال ص 74 من قصيدة (على شاطئ البحر) لم ابصر إلا ذي فيه كأنه ... خيل الطراد تسوقهن صباه إلا وددت بأن أراه فلا أرى ... أفقا يصد الطرف دون مداه ومن العجيب أن يود رؤية البحر من يبصره!!! والقصيدة برمتها سخيفة. وقال قصيدة (الخمر الإلهية): تلوح كماء المهل أما مذاقها ... فمن سلسبيل الخلد في طيب سقياه والمهل هو القطران الرقيق والسم والقيح وصديد الميت خاصة وما ذاب

من صفر أو حديد ولا أحسب أن الخمرة ولا سيما الإلهية تلوح كأحد هذه الأشياء. والقصيدة هذه اسخف من الأول ومن يصدق فليراجعها. وقال ص 76 من قصيدة (الربيع الحزين): عبق الربيع بناج وبباسق ... أهلا ولا أهلا بذاك العابق وقد أجاد فيه وبعده أبيات عليها صبغة شعرية. وقال من قصيدة (أسبوع فلورة أو تكريم الكلاب) ص 78: أن عي اللسان خير من النط ... ق إذا كان للاذاة سلاحا نعم القاعدة هذه لو لم يخالفها واضعها!!! وقال من قصيدة (اللؤم سلاح): يسر صديقي أن يراني مبرئا ... من اللؤم مرسوما بكل سماح كما خصما أن يراك أمامه ... تنازله حربا بغير سلاح يعلمنا الشاعر المجدد بهذين البيتين ما لا يجهله أحد (!!!) وقال بعدهما: هو اللؤم سيف للئيم وجنة ... من الناس والدنيا مجال كفاح ولا أرى ما أذكره لؤما فأي مخاصم لا يهوى أن يقهر خصمه. وقال من قصيدة (ليلة نابغية) ص 79: إلى أي قولي أنت أميل ... وعن أي حاليك العيشة تسأل عرفت مدى شطر وشطر جهلته ... فحسبك من بلوك ما لست تجهل لم يبين ما هما القولان والحالان وكلمة (مدى) حشو. وقال: تغوص على الأوجاع بهرا كأنني ... بريء من الأوجاع لا أتململ الخطاب في (تغوص) للقلب كما يفهم من البيت بعده ويريد ب (بهرا) الجهد الشديد ولكن هل يغوص القلب على الأوجاع فإن كان لمعرفتها؟ - فهذا العمل من أعمال العقل وقال: ويا من يراني والظلام كأنه ... إذا الليل أغضى قاتل يتزمل شبه الظلام بقاتل يتلفف بثوبه ليخفي نفسه وهناك الليل يراه غير أنه يغمض عنه والمشهود أن الأشياء تتستر بالظلام والظلام هو الساتر ولكن خيال الأستاذ يتعدى حدود المشهود!!! وقال: أبيت وبي ليلان ليل صباحه ... ويرجى وليل مدبر الصبح مقبل

الليل الأول هو الحقيق ولذلك قال يرجى. وأما الليل الثاني وهو المدبر الصبح المقبلة فهو ليل الهموم ولا أرى وجها للشاكية من هذا الليل فانه على ما وصفه الأستاذ نفسه ليس بأقل من ضرره. أليس هو مقبل الصبح مثلما هو مدبره؟ وقال: إذا أدبر الليل استرحت وإنما ... يوكل بي الليل الذي هو أطول وإذا كان الليل الثاني مدبر الصبح مقبله فهو غير أطول من الليل الأول. والقصيدة ليست غير خيالات باطلة تقصر عنها الألفاظ. وقال من قصيدة (ليلة الأربعاء) ص 80: يمن الله سعيه من رسول ... يطرق الأرض وافدا من ذكاء والضمير في سعيه راجع إلى القمر و (يمن) لا يتعدى بنفسه يقال يمن على فلان ببركة ثم تأتي أبيات لا يفهم المقصود منها القارئ كأنه من الأحاجي كقوله: كل من ينتحي حماه غريب ... عنه حتى ما فيه من غرباء تكشف الشمس ثم ما يضمر اليم ... كعين المنون النجلاء وقال ص 81 (أذكرتني بك الكواكب) والصواب (أذكرتني إياك) فإن (أذكر) يتعدى بنفسه إلى مفعولين وقال من قصيدة (المصور) ص 82: ودمى من الصخر الأصم تصوغا ... فتغار منها الغانيات وتحسد كان الأستاذ إلى هذا البيت يصف المصور ولكنني أراه في هذا البيت فما بعده يصف المثال فسبحان من لا يتحول! وقال من قصيدة (حظ الشعراء) ص83: ملوك فأما حالهم فعبيد ... وطير ولكن الجدود قعود شبه الشعراء في بيت واحد بالملوك وبالطير على ما بينهما من البعد وقال: وما ساء حظ الحالمين لو انهم ... تدوم لهم أحلامهم وتجود وهو مثل بيت حسين بن المطير: لعمرك ما في العيش عتب لو أننا ... وجدنا لأيام الصبا من يعيدها وقال: ويذرون من مس العذاب ودموعهم ... فينظم منها جوهر وعقود أما كونهم يذرون دموعهم فقد يصح وأما كونها ينظم منها جوهر وعقود فلا. (له تلو)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره خطبة ملك العراق في فتح مجلس الأمة كنا ذكرنا في الجزء الماضي (ص 399) بفتح مجلس الأمة ولما كانت خطبة الملك. أو قل (خطاب) الملك لنوابه من أجل الأمور لأنه يوقفنا على ملخص السنة الماضية وخلاصة الشؤون التي تجري عليها حكومتنا، كان من اللائق أن ندرجه بحروفه وهو هذا: حضرات الأعيان والنواب: يسرني أن افتتح مجلسكم في دورته الثانية مرحبا بممثلي الأمة وأعيانها راجيا من الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير والفلاح. لقد دعت الظروف كما تعلمون إلى حل المجلس النيابي السابق وانتخاب مجلس جديد بغية الرجوع إلى رغبات الأمة في بعض الأمور الخطيرة فجرى الانتخاب وتألف مجلس النواب ممن اختارتهم الأمة لتمثيلها فلنا وطيد الأمل انهم سيكونون عند حسن ظنها فيهم. أيها السادة: أن وضعنا السياسي في تحسن مستمر وعلاقاتنا الخارجية توطد يوما فيوما على أسس ثابتة. ففي السنة الماضية كان موعد إعادة النظر في المعاهدة الإنكليزية العراقية وبالنتيجة وقع في معاهدة جديدة مع حليفتنا بريطانية العظمى ولم تزل المفاوضات جارية بشأن تعديل الاتفاقيتين المالية والعسكرية وعندما تنتهي هذه المفاوضات وتسفر عن نتيجة ملائمة لمصلحة البلاد تعرض المعاهدة والاتفاقيتان على مجلسكم للبث فيها. لم يطرأ تطور جديد على علاقات العراق مع الدول المجاورة له سوى ما وقع مؤخرا على الحدود العراقية النجدية من الحوادث المؤسفة التي أطلعتم عليها في حينه. لقد كان في الإمكان أن تحسم المشاكل بين الطرفين بالطرق السياسية السليمة إلا أنه لم يقع شيء من هذا القبيل بل قامت العشائر النجدية بشن الغارات على الحدود. فاتخذت

حكومتنا التدابير لصد تلك الغارات وحماية رعاياها من الاعتداء، وقد بدأت حديثا المفاوضات مع جلالة الملك ابن السعود لتمهيد حسم المشاكل القائمة بيننا وبين نجد وأننا نأمل أن تكلل هذه المفاوضات بالنجاح وإن يزول ما من شأنه الإخلال بعلاقات القطرين المتجاورين. لم تأل حكومتنا جهدا في توسيع نطاق التمثيل الخارجي لما في ذلك من تعزيز مركزنا السياسي وتوثيق الروابط الودية مع الدول الأجنبية وحفظ مصالح العراقيين في بلادها. وقد أوفدت حكومتنا عنها ممثلا سياسيا إلى أنقرة بعد أن عينت حكومة الجمهورية التركية قنصلا عاما لها ببغداد فازدادت من جزاء ذلك العلاقات بين الدولتين تحسنا أوجب المسرة والاغتباط. وفي النية إيجاد علائق سياسية وتجارية بين العراق ومصر بأسرع ما يمكن وقد وضعت المخصصات اللازمة لذلك في ميزانية هذه السنة. سارت الأمور المالية سيرا حسنا أدى إلى زيادة إيرادات الدولة وقد عالجت الوزارة السابقة الديون العثمانية بعملية ستعرضها حكومتنا عليكم في وقت مناسب، أن الهمة مبذولة في معالجة مشروع العملة العراقية للتوصل إلى حل مرض يحقق للبلاد عملة وطنية موضوعة على قاعدة ثابتة سليمة كما أن المفاوضات مع أصحاب رؤوس الأموال لإنشاء مصرف وطني ومصرف زراعي سائر في تقدم ومن المنتظر إتمام المشروع في القريب العاجل. لقد اهتمت حكومتنا بتنفيذ رغبات مجلس الأمة التي عبر عنها كرارا فيما يتعلق بتثبيت ملاك الدولة وسن قوانين للموظفين تكفل حقوقهم وتعين واجباتهم واتخذت كل الترتيبات في هذا الشأن حتى أصبحت أعمال لجنة الملاك على وشك الانتهاء وقد وضعت الحكمة نصب عينيها تنشيط تجارة الصادرات وتشجيع المشاريع الاقتصادية فتذرعت بالوسائل المؤدية إلى ذلك وسنت بعض اللوائح التي ستعرضها على مجلسكم عند إكمالها. أيها السادة: إن أحوال البلاد الداخلية تتقدم تقدما مطردا ويسرنا أن نشير بوجه خاص إلى استتباب الأمن في جميع أنحاء البلاد وما نشأ من ذلك من تقدم العمراني والاقتصادي وقد أحدثت بعض أوضاع إدارية جديدة رغبة في تأييد سلطة

الحكومة والسير بالبلاد نحو الرقي المنشود. لقد شرع في إنشاء جسر الفلوجة وكمل جسر قره غان وتم القسم الأعظم من طريق رواندوز رايات كما أن هناك طرقا عديدة بوشر فتحها وجعلها صالحة لمرور السيارات وكذلك مدت خطوط التلفون بين عدد من المدن العراقية، أما المعارف فالاهتمام بها لا يقل عن الاهتمام بالشؤون الحيوية الأخرى في البلاد وقد زيدت اعتمادات المعارف هذه السنة بنسبة 14 في المائة عن اعتمادات السنة السابقة لتمكين وزارة المعارف من القيام بمشاريع عملية أوسع نطاقا مما هي عليه الآن. أن المساعي التي بذلت لمكافحة الجراد لا تزال مستمرة ولما كان التخلص تماما من هذه الآفة الفتاكة ليس بالأمر السهل اقتضى مضاعفة الجهود واتخاذ أساليب متعددة جديدة. إن من جملة الأمور المهمة التي ستعرض عليكم في هذا الاجتماع ميزانية هذه السنة ومقاولة اللطيفية التي حلت محل الامتياز المعروف بامتياز أصفر وامتياز التنوير والترامواي الكهربائي لمدينة بغداد المعدل للامتياز القديم الذي منحته الحكومة العثمانية قبل الحرب وبعض اللوائح القانونية. وستعرض عليكم أيضاً قضية الدفاع الوطني التي نحن واثقون أنكم ستبتون فيها بالصورة التي تكفل حماية الوطن وسلامته. هذا ونأمل أنكم تعالجون الأمور التي تعرض عليكم بالحكمة والروية وفي الأخير أدعو الله عز وجل أن يسدد خطواتكم ويقرن أعمالكم بالنجاح والتوفيق. أهـ. 2 - أسماء النواب مرتبة على حروف الهجاء إبراهيم البكر (الموصل) أحمد حالت (الكوت) أحمد الشيخ داود (بغداد) أحمد الراوي (الحلة) أحمد عزت الاعظمي (ديالى) أحمد الوهاب (كربلا) إسماعيل راوندوزي (اربل) إسماعيل الصفار (الديوانية) أمين زكي (السليمانية) توفيق السويدي (الدليم) جعفر أبو التمن (بغداد) جمال بابان (اربل) جميل الراوي (الدليم) جميل الفخري (الموصل) حازم آل شمدين اغا (الموصل) حسين العطية (البصرة) حسين مكوطر (الديوانية) حكمت سليمان (ديالى) حمدي الباجه جي (بغداد) خالد سليمان (الديوانية) خير الدين العمري (الموصل) خيون

العبيد (المنتفق) داود الحيدري (اربل) رشيد عالي الكيلاني (الكوت) رضا الشبيبي (بغداد) رؤوف الجوهر (الحلة) رؤوف اللوس (الموصل) زامل المناع (المنتفق) ساسون حسقيل (بغداد) ساسون سيمح (الموصل) سلمان البراك (الحلة) سيف الله (السليمانية) شعلان السلمان الظاهر (الديوانية) شواي الفهد (العمارة) صبري (السليمانية) ضياء الدين يونس (الموصل) طالب الحاج محمد على (المتفق) عبد الله آل سليمان بك (الموصل) عبد الله الشيخ نور محمد (الموصل) عبد الله المفتي (اربل) عبد الله الياسين (الكوت) عبد الإله حافظ (الموصل) عبد الجبار التكرلي (المتفق) عبد الحسين الجلبي (بغداد) عبد الرحمن المطير (العمارة) عبد الرزاق الازري (الحلة) عبد العباس الفرهود (الديوانية) عبد العزيز القصاب (بغداد) عبد الغني الحمادي (المتفق) عبد المجيد السعدون (البصرة) عبد المحسن شلاش (الديوانية) عبد المهدي (المتفق) عبد النبي مير معلم (البصرة) عثمان العلوان (كربلا) عطاء الخطيب (الكوت) علوان الجديل (العمارة) علوان الياسري (الديوانية) علي السليمان (الدليم) محمد جعفر (البصرة) محمد الجاف (كركوك) محمد حسن الحيدر (المتفق) محمد زكي المحامي (البصرة) محمد سعيد الحاج حسين (كركوك) محمد سعيد العبد الواحد (البصرة) محمد صالح (السليمانية) محمد علي قيردار (كركوك) محمود امز (بغداد) محمود صبحي الدفتري (ديالى) مشحن الحردان (الدليم) مصطفى الطه (البصرة) مصطفى عاصم المحامي (الحلة) مصطفى اليعقوبي (كركوك) مظهر الحاج صكب (الديوانية) معروف علي أصغر (اربل) منشد الحبيب (المتفق) ناجي السويدي (بغداد) نعيم زلخة (بغداد) نوري السعيد (بغداد) هاشم النقيب (البصرة) هبة الله المفتي (الموصل) ياسين العامر (العمارة) ياسين الهاشمي (بغداد) الخوري يوسف خياط (الموصل) يوسف عبد الأحد (البصرة) يوسف غنيمة (بغداد). 3 - دخل بلدية كربلاء بلغ دخلها في آذار الماضي 10. 663 ربية والتحصيلات 8568 ربية.

4 - آخر خلاصة الحسابات الكرمليسيين جمع من حسنات الأفاضل في العراق كله 16. 231 ربية و 8 آنات وقد تسلمت لجنة توزيع إسعاف المنكوبين من أهل كرمليس على يد متصرفية الموصل دفعات مختلفة، مبلغا قدره: آنةربية1415. 854140لم تدفع إلى الآن85عن مطبوعات50إلى جانب الاكتتابات101أجرة بريد816. 231وهو أيضاً مجموع /// 5 - لبس الخوذ بدأ موظفو البريد والبرق منذ أول أيار من هذه السنة بلبس الخوذ وهو ما يستحسنه كل عقل لأنها لازمة في البلاد الشديدة الحر مثل بلادنا، وقد أثنى الجميع على همة المدير العام للبريد والبرق لاعتنائه بصحة الموظفين في دائرته. 6 - الثورة في إيران تفيد الأنباء الواردة من جنوبي إيران أن جلالة بنفسه زحف الجند إلى لورستان لتأديب القبائل المتمردة فيها، فلقد قتلت في الأسبوع الأول من نيسان هذه السنة وزير الأشغال الإيراني، ونظن أن الحملة لا تتأخر عن الزحف. 7 - الجنائز نقل إلى كربلاء في شهر آذار 80 جنازة بين محلية وغير محلية. 8 - الجدري لقح 150 شخصا في كربلاء لمكافحة الجدري و 135 في النجف. 9 - تسجيل النفوس سجل في كربلاء وملحقاتها بما فيها من العشائر داخل ناحيتي شفاثة والحسينية 73. 166 نسمة فيها 17. 407 ذكور و 9. 759 أنثى وفي هذا العدد الأجانب أيضا. من رفيعة لدائرة الصحة في الموصل عن سنة 1927 (بحروفها وأغلاطها العديدة) 10 - المعارف شعرت أثناء السنة عند التفتيشات التي أجريتها تقديما محسوسا بأحوال المدارس الصحية ويعزى معظم هذا التقدم إلى توسيع أعمال الكشافة والرغبة المتزايدة في الألعاب الرياضية التي تنتشر بسرعة بين طبقات الطلبة وقد اهتمت دائرة المعارف وسدت بضع مدارس لللملالي غير مستوفية الشروط

ووضعت ما تبقى منها تحت رقابة مفتشيها الدائمين. 11 - إسالة الماء أعطى للأهالي في سنة (1927) (269. 369. 540) غالونا من الماء وكان معدل الصرفيات ليومية لموسم الصيف (935. 458) غالونا ومعدل الصرفيات في موسم الشتاء (539. 454) غالونا. 12 - المهن التي لها علاقة بالصحة العامة تسعى الدائرة على قدر الإمكان بأن تحصر أرباب هذه المهن في بقع معينة في البلدة. تسهيلا لمراقبتها. ويوجد لجنة خاصة في البلدية تدعى (لجنة خاصة توحيد الأصناف) تألفت لهذه الغاية وتعتقد الدائرة أن البلدية لا يسعها في الوقت الحاضر القيام بمشروع التوحيد ولهذا تطلب أجراء الإصلاحات الصحية على محلات أرباب هذه المهن في مواقعها الحاضرة، وقد عاينت الدائرة في هذه السنة من أرباب المهن (15063) شخصا وأصدرت لهم رخصا بمجموع روبية 531 وأنة 8 - يقابل هذا (946) شخصا باجرة روبية 473. 13 - المقابر المقابر منتشرة ضمن البلدة وأطرافها بالجوامع والكنائس وفي عموم الفسحات الموجودة في المحلات؛ وبالحقيقة لا يمكن للمتجول في البلدة أن يرفع عينيه إلا والمقابر تحيط به. وهي (أي المقابر) بحالة سيئة وللدائرة تقارير واقتراحات عديدة بخصوص إفراغ حالة المقابر إلى شكل يتفق مع حرمتها ومصالح الصحة وقد رأت المتصرفية ضرورة النظر في أمر المقابر ولهذا عينت لجنة سمتها (لجنة المقابر) مؤلفة من رئيس البلدية ومدير الأوقاف ومدير الطابو وعضو أداري وعضو بلدي ومهندس البلدية وطبيب البلدية وكانت مهمة اللجنة النظر في قضية المقابر بصورة عمومية من الوجهة الصحية والعمرانية. وقد اجتمعت هذه اللجنة مرارا ولم تصل إلى نتيجة حاسمة في الوقت الحاضر، فبقيت المقابر على حالتها السابقة ودائرة الصحة تعني بنظافتها على قدر الإمكان وإن كانت مساحتها الربعة تزيد بكثير مساحة طرق البلدة وأزقتها المطلوب نظافتها ولا يمكن لدائرة الصحة أن تقوم بنظافة المقابر وحراستها من التجاوز بالتخصيصات التي لديها. (عن جريدة (الموصل) العدد 1471)

العدد 61

العدد 61 نظرة إجمالية في أعمال شركة النفط التركية 1 - تمهيد نشرت هذه المجلة في جزئها الأول من هذه السنة في باب الأخبار نبذة عن فيضان بئر النفط بجوار كركوك. ولما كان هذا البحث جليلا من الوجهتين التاريخية والاقتصادية. دفعتني الغيرة الأدبية إلى أن أتحف قراء (لغة العرب) بوجيز العبارة وبسيط الكلام ما شاهدته بعيني وما وقفت عليه بنفسي في خلال ثلاث سنوات وما قامت به (شركة النفط التركية) من الأعمال الخطيرة والمساعي المشكورة. في المدة المذكورة. 2 - كيفية الحصول على الامتياز في ربيع 1925 أتاح لي الحظ أن أقابل مرارا عديدة المستر كليلينغ بشأن

أمور تتعلق بمهمته وكان قد قدم العراق مندوبا من قبل المركز العام لشركة النفط التركية في لندن للمناقشة والمساومة مع الحكومة العراقية الجليلة رغبة الحصول على امتياز نفط الموصل فنجح في مهمته هذه مع ما لاقي من الصعوبات الشديدة والعقبات الكثيرة من جهات عديدة. ولا سيما من قبل مندوبي شركتي فنكس وفرنك هوامس النفطيتين ولما كانت شروط كليلينغ ارفع وأنفع لمصلحة هذه البلاد وافقت الحكومة العراقية على إعطائه الامتياز وفوضت الأمر إلى صاحب المعالي مزاحم بك الأمين الباجه جي الذي وقع أوراق الامتياز نيابة عن الحكومة العراقية مشتركا مع المستر كيلنغ وكالة عن شركة النفط التركية وكان ذلك في اليوم الرابع عشر من شهر آذار 1925. 3 - أعمال علماء طبقات الأرض وفي أيلول من السنة نفسها وصل إلى العراق طائفة من علماء طبقات الأرض فيهم الإنكليزي والفرنسي والهولندي والمجري وأخذوا يجولون في أراضي العراق طولا رغبة في التنقيب والتدقيق إلى من حيث أتت، ورفعت الرفائف وخطت الخطط اللازمة للأعمال التي تتوخاها وفي ربيع 1926 استأنفت الأعمال بهمة لا تعرف الكلل وبنشاط ليس وراءه ملل. 4 - فتح الطرق وتسهيل المواصلات إذا سرت في صحراء العراق العربي لا تقع أنظارك على سوى منخفضات ومرتفعات - حصى وصخور - تلال وجبال - وديان وسهول - انهار وسيول فتتكبد كثيرا من المشقات بل يصعب عليك المرور بل قل لا يمكنني العبور ما

لم تمهد الطرق وتوطد الجسور ولهذا اهتمت الشركة بمر فتح وتسهيل المواصلات وتذليل العقبات ليتسنى لها أمر تسيير سياراتها وأدوات النقل العظيمة الهائلة. ومواصلة الأعمال التي عقدت نيتها على إنجازها. فاستخدمت ألوف العمال ونسفت شاهق الجبال. وصرفت في هذا السبيل الكثير من المساعي والأموال. (صورة) صاحب الجلالة فيصل الأول ملك العراق الهمام وهو يلقي خطبته التاريخية المهمة وبحضرته المستر هيلري بل مدير الشركة العام 5 - الاحتفال بافتتاح أعمال الحفر في جبال بالخانة في 25 نيسان 1927 كان موعد الاحتفال بإفتتاح أعمال الحفر وقد عينت

الشركة لهذا الأمر بئر التجارب المرقم 1 الذي أقامته بالقرب من جبال بالخانة وقد ازدادت الحفلة وجلالا بحضور صاحب الجلالة مليك البلاد المحبوب فيصل الأول وقد دعت الشركة عددا ليس باليسير من أعيان العاصمة بينهم الوزراء والأعيان والنواب ورؤساء الدوائر والمصارف والمحال التجارية من وطنيين وأجانب ونقلتهم على نفقتها في قطار خاص إلى محطة سلمان بك ومنها على سياراتها إلى بالخانة. فياله من مشهد تاريخي عظيم حين تبودلت الخطب الرنانة صاحب الجلالة الملك فيصل والمستر (هيلري بل) القائم بأعمال الشركة في العراق! وقد افتتح صاحب الجلالة أعمال الحفر بيده الكريمة وبعد الغداء في محطة سيلمان بك رجع الكل إلى العراق العربي. ولسوء الحظ أو حسنه بعد أن دامت أعمال الحفر هناك عدة شهر بلا نجاح تركت هذه البئر وأبدلتها بغيرها وهي المعلمة برقم 3 وذلك بالقرب من جبال بالخانة أيضا. 6 - راحة الموظفين في الأيام الأولى كانت الخيام المأوى الوحيد لجميع الموظفين. وأما اليوم فانك ترى في جميع مراكز الشركة التي تمر بها عمارات لطيفة ومباني جميلة شيدت لسكنى الموظفين وراحتهم وقد فرش معظمهم فرشا ثمينا ومدت الاسلاك الكهربية للضياء والانارة ليلا. ولإقامة مراوح تخفيفا لحرارة شمس القيظ نهارا. وهناك معمل للمياه المعدنية (الصودا) ومعمل ثان للثلج ومضخة (مكينة) نصبت عند فتحة آق صوفي جاي لاستقاء الماء وتقطيره وتقسيمه على جميع المراكز بواسطة الأنابيب الممتدة في عرض البر وطوله. 7 - بيت القصيد انفجار بئر النفط في بابا كركر أنه ليوم تاريخي عظيم للعراق وأهله يوم العثور على منبع النفط في (بابا كركر) - ذاك المكان الذي لا تخلو علاقاته التاريخية من عظيم الأهمية. في شمال غربي كركوك، في البطاح التي تبعد عن

المدينة نحو 7 أميال، هناك بين التلال والجبال، نشاهد بعض ينابيع معدن الكبريت؛ هناك تسمع قرقرة الغاز أو الريح كما كان يقول السلف، وبعد أن ينبط السائل بشكل مادة نفطية ثخينة يسمع صوت هو صوت الحاصل من جلبة الغاز في تلك البقعة التي أطلق عليه اسم (أبو كركر أو بابا كركر) هناك في تجويف سطحي طفيف عند قمة الجبل يشاهد الإنسان قدرة الخلاق العظيم إذ يرى ما ينيف على عشرين فوهة في الأرض ينبثق منها على الدوام غاز طبيعي وهذه الفوهات دائمة الاشتغال لا تنطفئ ألبته. ويظن العوام أن تلك البقعة موازية لأتون النار المتقدة الذي طرح فيه بختنصر الملك ثلاثة فتيان اليهود من سبي بابل. والتاريخ ينبئنا عن هذه النار حينما كان المكذونيون مسيطرين على بلاد العراق (بين النهرين) لان المؤرخ الشهير بلوطرخس في كتابه (حياة الاسكندر) يشير إلى ما صنع الاسكندر يوما وهو في إقليم اكبتانة (ارض همذان) حين شاهد هوه من النار تلتهب على الدوام كأنها ينبوع لا ينفذ ولا يجف. ولقد أخذه العجب العجاب عندما شاهد قريبا من تلك الهوة سيلا من النفط يفيض بغزارة أية غزارة حتى نشأ منها بحيرة واسعة الأطراف ومما يجدر بالذكر هنا أن سكان هذا الإقليم كانوا يستخرجون النفط من هذه البقاع منذ الزمان وينقلونه على ظهور دوابهم إلى كركوك لتصفيته هناك وبيعه. أما اليوم وقد أعطى امتياز استخراج نفط البلاد العراقية إلى شركة النفط

التركية فقد تم الاكتشاف بواسطة فئة من متخصصي علم طبقات الأرض ومدت الأمور للشروع في الأعمال العظيمة فحفروا بئرا بالقرب من تلك البقاع ونصبوا برجا حديدا هائلا ارتفاعه (120) قدما يرى جليا من مدينة كركوك وإن كانت قاعدته منخفضة جدا. أما أعمال الحفر في تلك البئر فقد بدأت في 30 حزيران 1927 ودامت ليل نهار وفي 14 تشرين الأول 1927 غدا عمق البئر (1520) قدما وفي صبيحة اليوم التالي حدث ذلك الحادث العظيم الذي اهتزت له الأسلاك الكهربية شرقا وغربا عند وقوع إنجازه إذ ذاع خبره في العالم اجمع لما من الأهمية في الصنائع العصرية. أجل لقد فاضت البئر بالسائل الثمين واخذ يتدفق بغزارة عظيمة بمعدل 92. 000 برميل في اليوم ويرتفع نحو 60 قدما فوق البرج القائم على البئر فوجدت الشركة إذ ذاك ضالتها المنشودة وحصلت على الأماني المقصودة ولم يمكنها حالا سد فوهة البئر إلا إنها تمكنت منه في اليوم 23 من شهر ت 1 1927 بعد أن دام السيل ثمانية أيام ونصفها بلياليها. فتأمل. 8 - المركز العام لإدارة شؤون الشركة انتخبت الشركة مقرا عاما لها ولإقامة موظفيها وإدارة قطعة واسعة من الأرض تبعد عن قرية طوز خورماتي نحو 25 دقيقة على الأقدام وذلك بالقرب من محطة السكة الحديدية حيث شيدت المباني الكثيرة لسكنى الموظفين

ولإدارة الأعمال - وهناك دوائر متعددة للحفر والهندسة والنقليات والهلك (والجيولوجية) والمخازن الخ. ومستشفى فخم جليل فيه ما يقضي من الآثار والرياش والعقاقير الطبية على أنواعها يدير أعماله أحد كبار أطباء الإنكليز. (صورة) صاحب المقال ومدير المال لشركة النفط التركية نزيل طوز خورماتلي ولما اقتضى أن ينقل محل بغداد إلى أعمال الطوز لينضم إلى هذا المحل الجديد الذي هناك ذهب إليه مدير الشركة العام ومعه مدير المحاسبات العام وحاشية كبير من الموظفين والعمال بينهم الإنكليزي والفرنسي والأميركي ولروسي والهولندي والهندي والعربي والآثوري واليوناني والأرمني والإيراني والكردي واليهودي (فيا لهول بابل القرن العشرين في هذه الديار!) والمدير العام المشرف بنفسه عن

جميع أعمال الشركة بخبرته الواسعة وغيرته الشماء. هذا وفائدة لحضرات القراء الكرام قبل الختام أهم مراكز الشركة في هذا البقاع وقد مرت بأغلبها في سياحتي الأخيرة وهي: 1 - كركوك وتوابعها 2 - بابا كركر 3 - طارجل 4 - دقوقاء (طاووق) وملحقاتها 5 - افتخار 6 - جانبور 7 - خرمر 8 - بالخانة وتوابعها 9 - سليمان بك - وآق صوفي جاي 10 - انجانة وملحقاتها 11 - الخشم الأحمر 12 - نارين 13 - حصار وتوابعها: شرقاط وخانوقة (ويلفظون القاف كافا فارسية). 9 - مسك الختام هنا امسك عنان القلم خوف الإطالة والملل على هذا قلقل من كثير وأملي أعود في فرصة أخرى وأوفي قراء لغة العرب بمقال أوفى وأشهى. ومن الله التوفيق هو حسبي ونعم الوكيل. ليون أفندي لورنس عيسايي صاحب هذا المقال ليون أفندي ابن لورنس عزيز الياس عيسايي ولد في بغداد في 6 نيسان 1886 وتيتم وهو في سن الطفولة فعنيت والدته جوزفين (جوجو) كل العناية فأدخلته في مدرسة القديس يوسف العالية للآباء الكرمليين في بغداد فتلقى فيها مبادئ العلوم واللغات العربية والفرنسية والإنكليزية والتركية وعشق الفضيلة فاتخذها غرضا لأعماله كلها. وفي سنة 1900 وكل إليه عناية تدريس الطلبة ولما بلغ من سنة السادسة عشرة وظف في محل تجاري إيراني فاضطر إلى أن يتعلم الفارسية أيضا. واتخذ التجارة بعد ذلك مهنة له، وفي سنة 1903 انشأ نشرة أسبوعية سماها (بستان الأخبار) وفي سنة 1905 اصدر تقويما سنويا وسمه (بالتقويم الأدبي) وله مقالات عديدة في الجرائد والمجلات كالروضة (البغدادية) ومرقعة الهندي والزنبقة (البغدادية) ونشرة الأحد والمفيد والحقائق المصورة إلى غيرهم. وفي سنة 1910 نشر تقويما عرف باسم (هلال الزوراء) فدام سنتين. واليوم يشتغل في شركة النفط الإنكليزية التركية ويرضي جميع رؤسائه. (لغة العرب)

الشاي

الشاي - لئن كان غيري بالمدامة مولعا ... فقد ولعت نفسي بشاي معطر إذا صب في كأس الزجاج حسبته ... مذاب عقيق صب في كأس جوهر به أحتسي شهدا وراحا وسكرا ... وأنشق منه عبق مسك وعنبر يغيب شعور المرء في أكؤس الطلا ... ويصحو بكأس الشاي عقل المفكر يجد سرور المرء من دون نشوة ... فأحبب به من منعش غير مسكر خلا من صداع أو نزيف كأنه ... سلافة أهل الخلد أو ماء كوثر فمنه أصطباخي وأغتباقي ولذتي ... ومنه شفائي من عناء مكدر كأني إذا ما أسفر الصبح ميت ... وان أرتشف كأسا من الشاي أحشر فلله أرض الصين إذ أنبت لنا ... ألذ نبات بالمسرة مثمر لو أن هاني فاز منه بجرعة ... لراح بأقداح ابنة الكرم يزدري ولو ذاقه الأعشى وحكم في الطلا ... وفيه لقال الفضل للمتأخر فللفم أحلى مشرب من مذاقه ... وللعين من مرآة أجمل منظر عجبت له يكون اللسان حرارة ... ويطفئ نيران الجوى المتسعر لقد نال من طبع الحياة حرارة ... فان يسر في ميت من الناس ينشر إذا فار ما بين (السماور) ماؤه ... سمعت له أنغام نأي ومزهر فاشرب مرتاحا على نغماته ... كؤوسا وما نقلي له غير سكر كأن به ينوح وقد ذكى ... لهيب الهوى منه بقلب مسعر فيسكب أن تخمد به نار حيه ... وان تذك فيه لوعة الشوق يزفر وإن بلغت الهوى فيه حدها ... بكى لوعة في دمعه المتحدر كأن به (بركان ويزوف) ثاقب ... فان ثار يقذف بالشرار ويمطر كأن به نار الغرام تمثلت ... لدى العين يخشى قربها كل مبصر تمد بأفلاذ الزنوج إذا جنت ... فتحكى جحيم الزنج في يوم محشر

فثم تخال الفحم أفلاذ مهجة ... من الليل تلقى في نهار منور فأن ضاق صدرا عن تأجج شوقه ... تأوه في أنفاس ماء مبخر لئن يمتلك يوما جناحا يطر به ... إلى حيث من يهوى وبالوصل يظفر كأن كؤوس الشاي بضع تواسك ... تحيط بمعبود من التبر أصفر وتفتح فاها بالدعاء فيجودها ... بذوب لجين أو بدر مقطر وأحسبها حول (السماور) تارة ... بنا مجوس قد أحطن بمجمر وتحكي لنا ما بين بيض صحونها ... تماثيل در في معابد مرمر وإبريقه فوق (السماور) مرتق ... كمثل خطيب جالس فوق منبر يفوه ولكن في عقيق مقطر ... وينطق لكن في كلام مصور (سماوره) يبدو كشيخ معمم ... من الصين يزهو في رداء معصفر إذا ساق هم الدهر نحوي جيشه ... الاقية من أقداح شاي بعسكر فمذ أحتسي جاما وأرشف ثانيا ... يفر الأسى عني بجيش مبعثر فأشرب كأس النصر جذلان ناعما ... وأزهو وقد أدركت عز المظفر فلله كاسات لنصري أسرعت ... ومن ينتصر في أكؤس الشاي ينصر كأن به معنى السعادة كامن ... فلو يشتري بالنفس ما ليم مشتري لئن أنقض العمر الثمين اعتياده ... فأي حياة دونه لمعمر دع الراح والأفيون واشرب عصره ... مداما ولا تشرب مدامة حيدر النجف: السيد أحمد الصافي (الإبريق) ورد في (البستان) في مادة اب ر ي ق: (الإبريق إناء للماء من الخزف أو المعدن له عروة وفم وبلبلة معرب آب ر س. . .) اه. قلنا: تخصيصه الإبريق بإناء الماء لم ينص عليه اللغويون فقد ذكروا أنه قد يكون للخمر. قال في التاج: والعرب تشبه أباريق الخمر برقاب طير الماء. . . ثم ذكر أبياتا ادعاما لقوله. وأما أنه معرب آب ر س. فلم ينص عليه أحد، بل قالوا معرب آب ر س. والصواب آب ريز على ما حققناه.

الشعر الجاهلي

الشعر الجاهلي - وما المجد لولا الشعر إلا معاهد ... وما الناس إلا أعظم نخرات أبو تمام ما هو الشعر؟ هو تلك العاصفة التي تمر فتهدم، وتلك الروح التي تنبني فتخلد، هو تلك العاطفة التي انحنت لها الملوك، وخفقت بين يديها الأمراء، وخرت أمامها الأبطال والقواد! هو تلك العواطف تتأجج في صدرك وتكاد تنفجر بك، وتلك العوامل تهيج بنفسك على شاطئ البحر، بين مناظر الطبيعة الخلابة، في المروج الخضراء على رؤوس الجبال، في ظلمات الليل البهيم، عند المرضى والبائسين، وقت البلاء والشقاء!!. . . على شاطئ البحر بين الصخور، عند موطئ قدميك الأمواج هائجة متلاطمة تهيج عليك، كأنها تريد أن تفترسك افتراسا، وتطأك بأذى، فتلطم بالصخور فترتد مدحورة، تستأنف الكرة، وتجمع نفسها وتكر أخرى فما تلبث أن تعود أيضاً خائبة مدحورة، فأمام هذه ما هو شعورك؟ أما سكنت متأملا؟ بين مناظر الطبيعة الخلابة، على جبل عال، مطل على واد أم سهل، تزينه الأشجار وتجري فيه الأنهار، وتصدح على أشجاره الأطيار، كسته الطبيعة إبداع حللها، جللته بالاخضرار يتخلل ذلك بدائع الألوان الأرجوانية والبنفسجية وغيرها، فأمام هذه ما هي عواملك؟ أما صمت متفكرا؟ في ظلمات الليل البهيم، وهنالك بين من أصابهم الدهر بمصائبه، وناء عليهم بكلكه، فاطرحوا الفراش، فهم على شواطئ الابدية، أو بين من ضاقت بهم سبل المعاش، وأخنت عليهم الإنسانية فليس من يهون عليهم، وينظر إليهم ويضمد كلومهم، ويخفف أحزانهم، ويرمقهم بعين الرأفة والمعونة، فباتوا بالخيال أشبه، والى الأموات اقرب. ما هي عواطفك؟ أما وقفت حزينا متألما

وقت البلاء والشقاء، إذ ما كشر لك الدهر عن أنيابه فجفاك الأصدقاء، ونبأ عنك الإخلاء، وقلب الزمان لك ظهر المجن، فأصبحت وحيدا، بالله ما هي احساساتك وشعورك وعواطفك؟ في جميع هذه الأحوال شعرت! وفي كل هذه الحالات موارد للشعر! فحيث يكون الشعور تهيج العواطف، فيكون للشعر مورد! ولكن لم لا تقول الشعر، ما دامت تستولي علينا العواطف ويهيج بنا الشعور في جميع هذه الحالات وفي جميع الحركات والسكنات؟ أليس الشاعر رجلا مثلنا، يتركب من لحم وعظم!؟ أليس يشعر بنفس شعورنا ويحس بنفس إحساسنا؟ بلى! ولكن (الشاعر - كما يقول المثل الفرنسي -: يولد شاعرا)، فهو إذا ما نظم الشعر عرف كيف يختار السبل التي يوصل بها شعوره وعواطفه إلى قلوبنا، ويضرب على وتر إحساسنا ولكننا إذا ما أردنا أن نظم شعرا. ضاعت منا تلك العاطف ولم نعرف كيف نسبك ذلك الشعور قالبا متماسك الأجزاء يؤثر في نفس قارئه، فلذا يخرج ما تقوله ألفاظا مقفاة، متفككة الاجزاء، مختلفة القصد. بعيدة عن الشعور! (قد تستغني بعض الأمم عن سماع الموسيقى وربما لا تدرك جمال التصوير ولكن أمة من الأمم لا تعيش بدون أن تعبر عن ادراكها، ولا بغير أن تبث عواطفها واحساساتها، ولا من غير أن تتغنى بآلامها وأحزانها وحظها من الحياة أو آرائها في الوجود) فالشعر وخصوصا الغنائي، محور العواطف ومركز الإدراك، فقلما تمر بإنسان ولا تجده يعرف شيئا من الشعر، حتى لو كان أميا متوحشا، فله شيء يتغنى به ويبث من وراء احساساته، ففي قلب أفريقية حيث لم تطأ قبل الآن رجل أبيض، هاهو ذا أحد ملوك السود يتقدم نحو المارشال فرانشه دسبيري حين قطع الصحراء الأفريقية بالسيارة، وينشده مديحا شعرا، نورد فيما يلي تعريبه نثرا. (أنت ملك البيضان، الأول بعد (ما هو)، أنت قدير، أنت معبود

(صنم) أنت شجاع أنت أكلت أعداءك. . . أنت تأكل الشمس حين يلزم!. . . أنت أجرأ وأقوى من الأسد وأسلس من الفهد. أنت قدت عساكرك وسط الأدغال إلى افتتاحات، هي عظيمة أي عظم، حتى أن (الداهومي) ما هي بالنسبة إلى مملكتك سوى قرية!. . أنت قهرت القيصر عدوك، وأنت أعطيته السم القاتل. . . الثعابين المقدسة كانت معك، وأنت ضغطت على هذا المتغطرس حتى كدت تخنقه. . . فاسعد الآن. . وابسط نفسك. . اضحك. . اضحك. . فساعة الضحك والانبساط آذنت، بعد أن تدفقت الدماء كالينابيع. . !) فهنا نجد أن الشعر لم يوجد فقط بين المتمدنين بل هو متأصل في نفس كل إنسان متمدن أم متوحش، فالعواطف واحدة وإن تختلف باختلاف البيئة فالأكراد محادثاتهم أكثرها تقريبا أشعار أو أمثال شعرية تسبك جملا، يتفاهمون بها، ويتعاملون بينهم، وهم يشابهون العرب البداة، في معنى انهم شديدو الإحساس، لطاف الشعور، دقاق الادراك، ويماثلونهم، أيضا، في كلامهم إذ فيه خشونة الصحراء وعنجهية البادية، (وعلام كانت تقوم الحياة العربية في بداوة العرب وأول عهدهم بالإسلام؟ على الشعر ونستطيع أن نقول على الشعر وحده. فالعرب واليونان يتشابهون من هذه الجهة تشابها كاملا، تستطيع أن تبحث عن فلاسفتهم، وحكمائهم وقادتهم وساستهم ومديري أمورهم الاجتماعية أيام البداوة فلا تجد إلا الشعراء ثم تستطيع أن تبحث عن فلسفتهم ودينهم، ونظمهم المختلفة وحياة عقولهم وعواطفهم فلا تجدها إلا في الشعر - الشعر إذن هو أول مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية القوية لهاتين الأمتين؟ وتستطيع أن تقول في غير حرج أن الشعر هو أول مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية لكل الأمم المتحضرة التي عرفها التاريخ وأذن فالشعراء هم قادة الفكر في هذه الأمم تأثروا بحياتها البدوية فنشئوا ملائمين لها وتميزت شخصياتهم فأثروا في من حولهم ثم في الأجيال التي خلفتهم).

نشوء الشعر الجاهلي من سوء الحظ أن تاريخ اللغة العربية القديم مجهول أتم الجهل فليس من يقدر أن يعرف الأطوار الابتدائية، التي لا بد لكل لغة من المرور فيها، فنحن حينما نحاول البحث عن أصل اللغة العربية، أو نشوء الشعر فيها، نكاد نضيق ذرعا في التنقيب عنها، فكأن هذه اللغة لم تعرف الطفولة وكأنها خلقت، كما نجدها في كتب الأدب القديم (وأنك لتقرأ للمؤرخ من العرب السفر الضخم، ذا الأجزاء العديدة، والحواشي، والتعاليق، وتعاني من البرح، والعنت، ما تعاني، ثم لا تظفر إلا بأشياء لا تستحق، ما عالجت في سبيلها من الشدة، وبذلت من الجهد، وأنفقت في طلبها من الوقت، والمال والعافية، ولا تجد إلا قصصا وأخبارا لا ترى عليها طابع العقل وميسم التفكير). ومن عجيب أمر هذه اللغة، أنه مع ما بلغته من النفوذ من اتساع النفوذ إلى حدود الصين، والهند، ومجاهل أفريقية، وسواحل اوربية، لا تجد للان، تاريخا ممتعا لآدابها، وافيا بالمرام، مع وفرة كتبتها، وعلمائها، وتعدد مصنفاتها، في كل أبواب العلوم والآداب، وممن شعر بهذا الخلل، فئة من أولئك المستشرقين الذين أدوا للغتنا، خدمات جلى، فأرادوا نوعا سد هذا النقص، ببعض التآليف لتي أودعوها. أوصاف العلوم العربية، والحقوا بها الحواشي، والتعاليق العديدة، مع تراجم أصحابها وقائمة الكتب التي صنفوها. ولكن أني لهم أن يسدوا بعض هذا الخل، فهيهات، هيهات! وليس بين أيديهم، بل ليس في جميع الكتب العربية، المواد اللازمة لبناء هذا الصرح الشامخ، ووضع هذا التاريخ! ومما يزيد العراقيل أن (البلاد العربية، كما تعرف، كانت تحوي أصنافا من العرب مختلفة الشعوب والقبائل، متباينة اللهجات، متنائية الجهات وكانت مختلفة أيضاً في الوحدات السياسية فمنها ما كان خاضعا للدولة الرومية ومنها ما كان قائما بذاته مستقلا. كل هذا يستتبع بالضرورة تباينا كبيرا بين تلك الأمم العربية في مناهج الحكم وأساليب الإدارة وفي الآداب والعادات وفي كثير من مرافق الحياة الاقتصادية والمادية) فأما هذه كان من الصعب أن

نحصل على كل المعلومات الضرورية لجمع تاريخ الآداب في الجاهلية خصوصا وفي الإسلام عموما وفضلا عن ذلك أنه من المؤكد أن العرب كانت أمة بادية لا تفقه الكتابة ولا تألفها وكتب العرب نفسها تحدثنا أن عهدهم بالكتابة متصل بظهور الإسلام وانه من خطل الرأي أن نذهب إلى أن العرب كانت في بداوة جاهليتها كاتبة؛ اللهم إلا ما كان في بعض حمير ومن اتصل بالدولة الكسروية أو الدولة الرومية من القبائل النصرانية أو المتنصرة وغيرها كما ليس لنا ما يدل على عمران البلاد العربية أو أنئذ سوى آثار قليلة كسد مأرب في اليمن ومنازل ثمود بين الحجاز والشام وبعض آثار في نجران وغيرها قليل وعليه فإن ما وصل إلينا من تراث الجاهلية كان بطريق الرواية لا بطريق الكتابة ولو لم يعاجل الموت كثيرا من الرواة في عجز الجاهلية وصدر الإسلام لتوافقنا دون شك للحصول على إيضاحات اكثر. ويزيد البحث صعوبة التلاعب والغش من بعض كتاب السلف فلا يمكن التثبت والكون إلى أقوال بعض الكتاب والوثوق برواياتهم ونحن نعلم أن القصاص في الكوفة والبصرة وبغداد تلاعبوا بكثير من أخبار الجاهلية وصدر الإسلام فزادوا حمادا وخلفا الأحمر وغيرهم من الرواة والمنتحلين ولسنا نقتصر في الشك على ما رواه العرب بل نتعداه إلى سائر الشعوب القديمة إذا ما وجدنا للشك سبيلا ولسنا أول من شك في ذلك التراث المتروك فإن سوء الظن أمر واجب محتم ونتيجة لازمة لرقي البحث وتعزيز ملكه التحقيق على احدث الأساليب العصرية العلمية وإذا وجب الأمر وقفنا موقف الإنكار. الشعر العربي لم يظهر إلا حوالي أواخر القرن الرابع للمسيح وفجر القرن الخامس فإن اقدم شاعر معروف جاهلي هو البراق عاش في القرن الخامس وقد ولد في نحو سنة 395 للمسيح ومما يعرف من أولئك شعره قوله (من الرجز): لإفرجن اليوم كل العمم ... من سبيهم في الليل بيض الحرم! صبرا إلى ما ينظرون مقدمي ... أني أنا البراق فوق الأدهم

لأرجعن اليوم ذات المبسم ... بنت لكيز الوائلي الأرقم! (وقد زعم بعض الثرثارين المتفيقهين أن الشعر العربي سبق الإسلام، بمئين من السنين بل سبق ميلاد المسيح بأجيال عديدة حتى نسبوا منه نتفا إلى زمن نبي يدعونه هودا يزعمون أنه عاش قبل إبراهيم الخليل والألف الثالث قبل المسح وأمعن غيرهم في غلوهم وأوهامهم فرووا لآدم أبي البشر أبياتا رثى بها على رأيهم ابنه هابيل القتيل، فعارضه إبليس الرجيم. تلك مزاعم يضحك منها العلماء ويضرب بها عرض الحائط بل كل من له أدنى إلمام بتاريخ اللغات عموما واللغة العربية خصوصا) وأننا نورد ههنا من ذلك الشعر الذي ينسبه أولئك الجهال إلى آدم منها: تغيرت البلاد ومن عليها ... فوجه الأرض مغبر قبيح وقابيل أذاق الموت هابي ... ل واحزنا! لقد فقد المليح! فما لي لا أجود بسكب دمعي؟ ... وهابيل يضمنه الضريح! أرى طول الحياة علي غما ... وما أنا من حياتي مستريح! وبلغت بهم الجهالة أقصاها فنسبوا لإبليس الرجيم الأبيات التالية يعارضه ويذكر كيف أسقطه من النعيم: تنح عن البلاد وساكنيها! ... ففي الجنات ضاق بك الفسيح وكنت بها وزوجك في هناك ... وقلبك من أذى الدنيا مستريح فما زالت مكايدي ومكري ... إلى أن فاتك الثمن الربيح. فلولا رحمة الجبار أضحى ... بكفك في جنان الخلد ريح! ويؤيد قولنا هذا اتفاق الكتبة الأقدمين عليه، فالجاحظ في كتاب الحيوان (27: 1) يقول (أما الشعر فحديث الميلاد، صغير السن أول من نهج سبيله وسهل الطرق إليه امرؤ القيس بن صجر ومهلهل بن ربيعة. . . فإذا استظهرنا الشعر وجدنا له إلى أن جاء الله بالإسلام، خمسين ومائة عام وإذا استظهرنا بغاية الاستظهار فمائتي عام) وهذا بحسب ما نظنه اقدم سبقنا فأوردنا البراق كمثل وكأقدم شاعر عربي معروف.

أصل الشعر العربي، الحداء، فالغناء، وقد وقعت العرب في أول عهدها به، على ابسط بحوره الرجز فلزموا فيه التقفية كما لزموا الأسجاع في المنثور غير أن أبياته قليلة، وعلى وجه المثال نأتي بقول امرئ القيس إذ بلغه خبر مقتل أبيه بدمون في نواحي اليمن: تطاول الليل علينا دمون ... دمون، أنا معشر يمانون وأننا لقومنا محبون وقال أيضاً في ذلك من الرجز: يا لهف هند إذ خطئن كاهلا ... القاتلين الملك الحلاحلا خير معد حسبا ونائلا ... وخيرهم قد علموا شمائلا نحن جلبنا القرح القوافلا ... تالله لا يذهب شيخي باطلا يحملننا والاسل النواهلا ... وحي صعب والوشيج الذابلا مستثفرات بالحصى جوافلا ... يستشرف الأواخر الاوائلا حتى أبيد مالكا وكاهلا وهذا البراق أيضاً كما قدمنا اقدم الشعراء هو قائل أول شعر من الجز وقد أوردناه قبلا (لأفرجن اليوم كل الغمم). زد على ذلك أن العرب كانوا كثيرا ما يحضرون المحافل الدينية المسيحية النصارى وغير النصارى منهم فيسمعون كثيرا من ألحانها فعلقت بنفوسهم فتأثروا بها واستفزتهم القريحة فأحبوا أن يحاربوا هؤلاء في الغناء فنظموا بادئ بدء ألفاظا ورتبوها مقاطع وانشدوها فطربوا لها فأعجبوا بها وما زالوا يغيرون بعض الأجزاء منها ويبدلون فيها ويحسنون أوزانها حتى استقامت وصارت إلى ما نعهده من حسن السبك وبديع الانسجام ولطف النغم وبراعة التنسيق. وأول من نسق الشعر ورتبه وألف القصائد وأنشدها جماعة البدو فالبراق والمهلهل وعنترة والنابغة وزهير بن أبي سلمى وغيرهم جلهم من العرب الرحل يدلنا على ذلك (أن ما ورد في هذا الشعر من الألفاظ والأوصاف والتشابيه والمعاني والأفكار يعتبر دليلا ساطعا على أن صناعة القصائد اخترعها وأتقنها الأعراب أهل الوبر وإن الحضريين إنما اتخذوها مقلدن لهم متمثلين بهم

في لغتها وأساليبها ومواضيعها فتوافق نتيجتنا هذه ما اجمع عليه قدماء الإخباريين من كساد سوق الشعر وقلة النابغين عند أهل الحضر وسكان مدن الحجاز. . .) تأثير الشعر عند العرب كان الشاعر عند العرب، ولا سيما في الجاهلية خطيبا قبل كل شيء واهم مزايا الخطيب أن يؤثر في سامعيه ويستميلهم إليه ويعمل جهده ليقنعهم، ويضمهم إلى جانبه فمن دواعي ذلك أن تجتمع في الشاعر الخطيب هذه الصفات المؤهلة دقة الملاحظة، قوة التصوير وبراعته، رقة الوصف، وإن يكون مشبعا بالعواطف وغيرها من مستلزمات الخطابة فترى الشاعر العربي إذا ما قال شعرا سبكه خطبة. وكثيرا ما ضربت أعناق ونجت أعناق من الضرب وأثيرت الحروب بسبب، ألم يذهب المتنبي ضحية بيت شعر؟ فانه لما فر عندما اشتد عليه الطلب قال عبده أتهرب وأنت القائل: الخيل والليل والبيداء تعرفني ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم فالتفت إليه المتنبي وقال له: قتلتني قتلك الله. ولوى العنان ورجع فحارب حتى قتل - وهذا تميم بن جميل عندما احضر للرشيد فأمر بضرب عنقه ألم تنجه هذه الأبيات: أرى الموت بين السيف والنطع كامنا ... يلاحظني من حيثما أتلفت واكثر ظني انك اليوم قاتلي ... وأي امرئ مما قضى الله يفلت! ومن ذا الذي يأتي بعذر حجة ... وسيف المنايا بين عينيه مصلت! وما جزعي من أن أموت وأنني ... لأعلم أن الموت شيء موقت! ولكن خلفي صبية قد تركتهم ... وأكبادهم من حسرة تتفتت! كأني أراهم حين أنعى إليهم ... وقد خمشوا تلك الوجوه وصوتوا؟ فان عشت آمنين بغبطة! ... أذود الردى عنهم وإن مت موتوا! فبكى الرشيد وعفا عنه. وهذه ليلى العفيفة حين أسرها العجم، وضربوها لترضى بمراد ملكهم، جعلت تستصرخ ابن عمها البراق واخوتها فقالت: ليت للبراق عينا! فترى ... ما أقاسي من البلاء وعنا!

يا كليبا! يا عقيلا! اخوتي ... يا جنيدا! ساعدوني بالبكا! عذبت أختكم، يا ويلكم! ... بعذاب النكر صبحا ومسا يكذب الأعجم ما يقربني ... ومعي حساسات الحيا قيدوني! غللوني! ضربوا ... موضع العفة مني بالعصا! قل لعدنان فديتم شمروا ... لبني الاعجام شمير الرحى يا بني تغلب! سيروا وانصروا! ... وذروا الغفلة عنكم والكرى! وأحذروا العار على أعقابكم ... وعليكم ما لقيتم في الورى! وما زالت بهم حتى هبوا لنجدتها فأظفرهم الله بمطلوبهم. . . وأمثال هذه الوقائع تكثر في أخبار الشعر العربي، فلو أردنا أن نسرد بعضا منها لاحتجنا إلى صفحات عديدة وسئم القارئ. فعبيد بن الأبرص لم يمكنه النطق ببعض الأبيات حين وفد على النعمان المنذر يوم بؤسه وكان هذا آخر ما يطمع فيه في الحياة والمتنبي قربه إلى سيف الدولة بيت من الشعر بعد تجافيه. وعمرو بم كلثوم لم يهب تهديد الملك عمرو بن هند في وجهه وسليمان بن عبد الملك الأموي ضرب عنقه المنصور لأجل بيت قاله أعرابي في بني أمية يقدح فيهم ويذمهم ويذكر سيئاتهم بعد رضاه. وبلغ من شدة تأثير الشعر في العرب أن بلغ بعمر بن الخطاب أن اشترى أعراض المسلمين من الحطيئة الشاعر الهاء المعروف بثلاثة آلاف درهم ليؤكد الحجة عليه وفي ذلك يقول الحطيئة: وأخذت أطراف الكلام فلم تدع ... شتما يضر ولا مديحا ينفع وحميتني عرض اللئيم فلم يخف ... ذمي وأصبح آمنا لا يفزع ويدخل الشعر في جميع أطوار العرب وأحوالهم وعاداتهم في الحرب، في السلم، في السلب والنهب حتى في المزاوجة فكانوا يستعينون بالشعراء لتزويج بناتهم كما فعل الأعشى الأكبر في نظمه الشعر للأوانس كي يتزوجن ومن أمثلة ذلك أنه وفد على الملحق فأكرمه واحسن وفادته ليقول شيئا في بناته

وكن ثمانيا عنه إلى سوق عكاظ وقال فيهن قصيدته المشهورة التي منها: لعمري لقد لاحت عيون كثيرة ... إلى ضوء نار باليفاع تحرق تشب لمقرورين يصطليانها ... وبات على النار الندى والملحق فما قام من مقعده وفيهن مخطوبة إلا وقد زوجها!!! فهكذا كان الشاعر عند العرب وبالأخص في الجاهلية قائد قومه بلسانه وإمامهم وخطيبهم ودليله والذاب عن أعراضهم وأحسابهم وسلاحهم اللساني حين تهجمات الأعداء اللسانية تخرصاتهم فإذا ما أهيج واستعدي نفث في الأعداء سما يقطر من لسانه فيكبدهم ويسقيهم كاس الردى فانظر مثلا إلى هذا البيت الذي تعده العرب أهجى بيت قالته: فغض الطرف انك من نمير ... فلا كعبا بلغت ولا كلابا ومثله قول الحطيئة الذي ضاقت في وجه سبل الهجاء فهجى نفسه: أرى لي وجها شوه الله خلقه ... فقبح من وجه وقبح حامله وكذلك إذا ما أهيج الشاعر للفخر واستنشد تدفقت من فيه الدرر فيخفي النقائض والأغلاط كقول عنترة يستر سواده: أن كنت عبدا فنفسي حرة أبدا ... أو أسود الخلق أني أبيض الخلق وقول السموأل بن عادياء: تعيرنا إنا قليل عديدنا ... فقلت لها أن الكرام قليل وما ضرنا إنا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل. . . الخ وقد يجعل من المعايب محاسن كقول الخطيئة في بني انف الناقة وكانت العرب تعيرهم فقلب المعرفة إلى مديح فقال: قوم هم الرأس والأذناب غيرهم ... ومن يساوي بأنف الناقة الذنبا وكانت القبيلة من العرب لا يهنأ لها بال ولا تستقر على حال حتى ينبغ فيها شاعر فإذا ما ظهر توافدت القبائل المهنئة على ذلك الحي فذبحت الذبائح وأولمت الولائم وأقيمت الأفراح والحفلات أياما واجتمع النساء يلعبن بالمزاهر وتباشرت

خطر الجراد في العراق

وكان أمراء العرب يتقون هجاء الشعراء فيصلونهم ويقربونهم ابتغاء مديحهم كل هذا يدلنا على أن الشاعر الجاهلي يقول الشعر رغبة لا رهبة فلا يخاف حاكما ولا يهاب ملكا فالجميع لديه سواء: الصعلوك والملك الفقير الحقير، والأمير الخطير فليس يندفع فيقول الشعر إلا إذا هاجت به نفسه أو دفعه دافع فطري أو أهابت به العاطفة الجائشة فعند ذاك يندفع الإنشاد فيأتي بالبدع. بركات (السودان): ميشيل سليم كميد خطر الجراد في العراق حديث لمدير الزراعة العام في العراق (غرز الجراد المراكشي في السنة المنصرمة في سبعة ألوية من العراق فاتخذ لإبادته في مغارزة جميع التدابير اللازمة فتمكنا من القضاء عليه وساعدتنا أيضاً الطبيعة على إبادتها. ولقد وجدنا بعض الصعوبات في قضاء كفري فتمكنا أيضاً من تذليلها فسرنا في طريقنا إلى مكافحة الجراد بكل نجاح. وكذلك وجدنا بعض الصعوبات في الحدود بين خانقين وإيران فأزلناها. وكنا مطمئنين كثيرا من سير المكافحة والنتائج الباهرة التي أنتجتها. وكنا نفكر أننا قضينا خطر الجراد عن البلاد بعيدا وإن الناس سيكونون في مأمن من خطر هذه الدويبة على مزارعهم وباقي مرافقهم الحيوية. ولكن (الجراد النجدي) ظهر بغتة وعلى حين غفلة وانتشر في ألوية البصرة والناصرية والديوانية والحلة وغيرها فنشطنا لمقاومته ومكافحته بكل ما يمكننا من الوسائل والتدابير. وهذا النوع من الجراد غريب في أحواله وأطواره فهو يغرز بأيام قليلة ويفرخ في أيام قليلة ويطير في أيام قليلة ويكتسح كل ما يجده أمامه من المزروعات حتى الأشجار. فيجب علينا وعلى جميع المراجع في الحكومة بل وعلى الاهلين أن يكافحوا هذه الحشرة الفتاكة ويقاوموها بكل ضروب المقاومة والله يوفقنا لدفع هذا الخطر المحدق بالزرع والضرع!

بعض صفحات من كتاب الفهرست

بعض صفحات من كتاب الفهرست - كنت اقتنيت بطريق الابتياع كتابا مخطوطا في بيت المقدس أتى الزمان على جلده فمزقه وأظهر ما تحته ولاحظت أن هناك صفحات مكتوبة قد لصقت بعضها ببعض فتكون منها مقوى الكتاب الذي الصق فوقه الجلد ففصلتها فإذا هي صفحات من كتاب (الفهرست) لابن النديم البغدادي المتوفى نحو سنة 385هـ 995م. وتبين لي من أسلوب خطه أنه من خطوط القرن السادس للهجرة أو الثالث عشر للميلاد. فإن الكاتب يضع على السين والراء علامات أشبه شيء بنقطتين متصلتين بتجويف ويعجم الحروف على الأكثر إلا في الأعلام المعلومة الكثرة الورود. وابن النديم هذا صاحب فضل كبير على آداب اللغة العربية فهو أول من دون أسماء المؤلفين والمؤلفات؛ وبذلك عبد الطريق لمن جاء بعده منهم وقد طبع كتابه المستشرق فلوغل الألماني سنة 1288هـ أو 1871م في ليدن من أعمال هولندة وذيله بالفهارس والشروح بالألمانية وقد ندرت نسخة الآن وغلا ثمنه وقد قابلت الصفحات التي انتزعها من المقوى على المطبوع فوجدت بينهما بعض الفوارق التي تجدر معرفتها والتي تؤثر في المعاني والمباني ولا سيما في ما يتعلق بالأعلام. وقد أجهدت الفكر في تبين وجه الصواب في كتابة الصحف المخطوطة التي كتبت بخط جميل وحرف كبير واستخرجت طريقة الناسخ من خطه وطريقة رسمه ونقلت ما كتبه بأمانة وتدقيق. وليس من شأني أن أتولى الترجيح بين الصحف المخطوطة والكتاب المطبوع بل اقتصر على نشر ما وجدت من المخالفة بينهما خدمة لهذا الكتاب الذي صدر عن عاصمة العباسيين قبل عشرة قرون. وسيرى القارئ الكريم عبارات قد سقطت من المطبوع لا تزال في الصحف المخطوطة وأسماء أعلام قد نقلت إلى المطبوع مغلوطة وأسماء كتب لم ترد

فيه إلى غير ذلك من الاختلافات التي يقضي علينا فن معرفة الكتب أن نعول في تصحيحها على الصحف المخطوطة وان نحكم بعد ذلك بأن الكتاب لم يطبع بالتدقيق الذي يتطلبه علم مقابلة النسخ. ولعل الناشر - أثابه الله - قد اعتمد على نسخة مغلوطة فيها فجاءت تلك الأغلاط والسقطات. وهذه قائمة بما ألفيناه في تلك الصحف القليلة وما يقابلها في المطبوع: عبارة المخطوط في ترجمة ابن شنبوذعبارة المطبوعوكان يناوئ أبا بكر ولا يعشره. . . وكان أبو علي بن مقلة. . . إذا نودي للصلوة يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله وقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وقرأ: كالصوف المنقوش وقرأ: تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى وقرأ: اليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وقرأ: فلما خر تبينت الناس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين31 وكان يناوي أبا بكر ولا يفسده. . . وكان الوزير أبو علي بن مقلة. . . إذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله وقرأ: وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وقرا: اليوم ننجيك بيدنا لتكون لمن خلفك آيه وقرأ: فلما خر تبينت الناس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهينفي ترجمة النقار (بالراء) في ترجمة النقاد (بالدال). . . على الشموني وقرأ الشموني على الأعشى. . وتوفي النقار بالكوفة32 على الشمولي وقرأ الشمولي على الأعشى. . وتوفي النقاد بالكوفةفي ترجمة ابن مقسم. . . سمع من ثعلب وروى عنه. . . . . . كتاب في النحو كبير. . . . . . كتاب اختيار نفسه 33 سمع من ثعلب. . . كتاب في النحو. . . كتاب اختيار فقه (كتاب السبعة بعللها الكبير، كتاب

السبعة الأوسط، الأوسط آخر، كتاب الأصغر يعرف بشفاء الصدور) كتاب انفراداته، كتاب مجالس ثلعب في ترجمة النقاش. . كتاب الموضح في القرآن ومعانيه، كتاب العقل، كتاب ضد العقل كتاب السبعة بعللها الكبير، كتاب السبعة الأوسط، كتاب السبعة الأصغر كتاب التفسير الكبير اثنا عشر ألف ورقة33 كتاب في القرآن ومعانيه كتاب ضد العقل كتاب السبعة بعللها الكبير كتاب السبعة الأوسط، كتاب السبعة الأصغر 37 كتاب التفسير الكبير اثنا عشر ألف ورقة في فصل الكتب المؤلفة في فضائل القرآن. . كتاب أبي عمر الدوري . . كتاب عمر بن الهيثم الكوفي . . كتاب أبي شبيل كتاب خلف بن هشام البزاز كتاب أبي كعب الأنصاري. . كتاب أبي عبد الله الدوري . . كتاب عمرو بن هشيم الكوفي . . كتاب أبي سبيل كتاب أبي بن كعب الأنصاري في فصل الكتب المؤلفة في عدد أي القرآن. . كتاب العدد للعبسي كتاب ابن عياش . . كتاب عبد الرحمن بن يزيد. . كتاب أبي سعد النحويكتاب العدد لعيسى كتاب ابن عباس كتاب عبد الرحمن بن زيد. . في ترجمة البهذلي (بالذال المعجمة) البهدلي (بالدال المهملة) البهذلي واسمه عمرو بن عامر47 البهدلي واسمه عمرو بن عامر

في فصل ومن خطوط العلماء أبو الخدر كان، أبو تمام الحرار، أبو الحصين الهجيمي مكوزة أبو الغمر واسمه العلا47 أبو الحدرجان، أبو تمام تمام الحراني أبو الحصين 47 الهجمي مكوزة أبو العمر واسمه العلا في الفضل ذاته أبو المسلم القاضي أبو عمرو والشيباني في نوادره47 أبو المسلم العاصي روى عنه أبو عمرو الشيباني في نوادره في فصل ومن فصحاء الأعراب أبو مشهر الإعرابي روى عنه أبو عطية حرو بن قطن الثكني اسمه علي بن بريد (بالراء) 47 أبو مسهر الأعرابي روى عنه أبو عطية حرد بن قطن الثكني اسمه علي بن مرثد (بالراء) في ترجمة مروج السدوسي وجدت بخط أبي عبد الله بن المعتز48 وجدت بخط عبد الله بن المعتز في ترجمة اللحياني واسمه علي بن المبارك وقيل ابن حارم ويكنى أبا الحسن لقي العلماء واخذوا (كذا) الفصحاء من الأعراب48 واسمه علي بن المبارك وقيل ابن حازم ويكنى أبا الحسن لقي العلماء والفصحاء من الأعراب في ترجمة الأموي واخذ عن فصحاء الأعراب وله من الكتب النوادر كتاب دخل البيت48 واخذ عن الفصحاء من الأعراب وله من الكتب كتاب النوادر كتاب رحل البيتفي ترجم أبي المنهال أحد الرواة العلماء له من الكتب كتاب الأمثال السائرة48 أحد الرواة له من الكتب كتاب الشراب كتاب الامثال السائرة ووجدته في موضع آخر الأبيات السائرةفي أخبار اليزيديين. . . وعيسى وسليمان وعبيد الله ويوسف فالبارع منهم أحمد والعباس

وجعفر. . . فمات أحمد قبل سنة ستين ومائتين والعباس مات سنة إحدى وأربعين ومائتين ومات عبدوس قبل هؤلاء. . . ومات فضل سنة ثمان وسبعين ومائتين ولم يتبين لهؤلاء ابن روى العلم غير أبي عبد الله أحدهما موسى بن أحمد ويكنى بأبي عيسى وعيسى ويكنى بأبي موسى رويا عن عم أبيها إبراهيم بن محمد. . . والذي الفئات محمد من الكتب . . . كتاب مختصر نحو ألفه لبعض ولد المأمون كتاب النقط والشكل والذي ألفه إبراهيم بن أبي محمد اليزيدي كتاب ما اتفقت ألفاظه واختلفت معانيه. كتاب بناء الكعبة كتاب المقصود والممدود. كتاب المصادر في القرآن وبلغ منه إلى سورة الحديد ومات50 وعيسى وسلمان وعبيد الله ويوسف والبارع منهم أحمد والبعاس وجعفر. . . فمات أحمد قبل سنة ستين ومائتين ومات عبدوس قبل هؤلاء بمدة. ومات قبل سنة ثمان وسبعين ومائتين ولم يتبين لهؤلاء ابن روى الحديث غير أبي عبد الله أحدهما موسى بن أحمد ويكنى بأبي عيسى و. . . ويكنى بأبي موسى رويا عن عم أبيها إبراهيم بن أبي محمد. . . والذي الفئات أبو محمد من الكتب 51 كتاب مختصر نحو ألفه لبعض ولد المأمون والذي ألفه إبراهيم بن أبي محمد اليزيدي كتاب النقط والشكل. كتاب بناء الكعبة. كتاب المقصور والممدود كتاب المصادر في القرآن وبلغ منه إلى سورة الحديد ومات. كتاب ما اتفقت الفاظه واختلفت معانيه. في ترجمة الصفوانيوبعد فانه يحق لنا القول بأن في ظهور بعض الكتب خيرا ما في بطونها إذا اعتبرنا أن المقوى المستعمل في تجليد الكتب كان يحتوي مثل هذه الصفحات النفسية والكتب القيمة. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص

من تقويم ومواسم عشائر بطائح الغراف

من تقويم ومواسم عشائر بطائح الغراف لعشائر بطائح الغراف تقاويم فطرية واصطلاحات فينة خاصة بهم وقد وضعوا لها قواعد بصورة أمثال ودونك طرفا منها مرتبة على حسب الأشهر الرومية القديمة لأنهم لا يعترفون بالحساب الرومي المصحح. (شهر كانون الأول وشهر كانون الثاني) المربعانية أو المشهاب أو الجلة الكبيرة تقع في هذين الشهرين ومدتها أربعون يوما تبتدئ في أول كانون وتنتهي في اليوم التاسع من كانون الثاني. (الجلة الصغيرة) مدتها اثنان وعشرين يوما منذ اليوم التاسع من كانون الثاني إلى نهايته. (برد الازرك) أي البرد (الأزرق) وهو برد أيام شديدة القرس ومدته سبعة أيام منها أربعة في المربعانية وثلاثة في الجلة الصغيرة. وفي اليوم الحادي عشر من كانون الأول يقولون على سبيل المثل:

(كرين حادش، الشتا بالش) ويقولون في اليوم التاسع من كانون الثاني (كرين تاسع منين ما هب الهوا لاسع). (شهر شباط) ويقولون في اليوم السابع من شباط (كرين سابع امجيع او شابع). (شهر آذار) ويقولون في اليوم الخامس من آذار (كرين خامس ربيع طامس) أو (كص الفحل والغامس) ويقولون في موسم هذا الشهر (آذار يطلع السنبل من الأحجار). (موسم نيروز) يقع موسم النيروز عندهم في اليوم التاسع من شهر آذار وفي الحساب الصحيح يقع في اليوم الرابع من نيسان وهو فصل الربيع عندهم ويهتمون به لكثرة وقوع زراعتهم فيه وأكثر حسابهم عليه مثلا يحسبون من أول موسم (نيروز) الى مغيب (سهيل) خمسة وعشرون يوما ومن مغيب (الثريا) خمسة وعشرون يوما ومن مغيب (الثريا) الى طلوعها خمسة

وعشرون يوما. ويقولون في المدة التي ما بين مغيب الثريا وطلوعها. (تغيب الثريا على جديس شعير وتطلع على جديس دخن) وتكثر هبوب الرياح الهوجاء والعواصف القاصفة والامطار الفجائية وذلك في زمن يكون بين غياب الثريا وطلوعها وهي امور مطردة في وقت الانقلاب الصيفي وهو المؤثر الحقيقي في هذه التقلبات الجوية فيعتقدون في هذا أنه بتأثير الثريا لا غير وهم يعتقدون أيضا بتأثير بقية الكواكب تبعا للرأي القديم. (شهر نيسان) ويولون في اليوم الثالث من نيسان (كرين ملاش لأخذ منجلك وأنحاش) ويقولون في ايلول: (أيلون (أيلول) سيروا ولا تكيلون). وفي تشرين الثاني يكون برد الاحيمر وهو عندهم مقدمة لبرد (الازرك) ويجيء في اليوم العشرين من تشرين الثاني إلى آخره وسمى كذلك لأنه يحمر البشرة ببرد وهو أخف وطأة من (الازرك). ويبدلون أسماء بعض الاشهر القمرية باسماء وضعوها من عندهم فيسمون

شهر المحرم: (عاشور) وشهر رجب (زيادة) لأنه في هذا الشهر تكثر زيارات مراقد الأئمة الاثني عشر علي بن أبي طالب وأولاده ويسمونه شهر شعبان (كصير) (أي قصير بالتصغير) لأنه على زعمهم يسرع في جريه فيأتي وراءه رمضان ورمضان عندهم أطول الأشهر لان فيه الصوم والصوم يكلف الطبيعة ويجدها وهذا القول يطابق المثل المشهور: (أطول من يوم الصوم) ويسمون شهر شوال (فطر أول) لان فيه يفطر الناس ويسمون شهر ذي القعدة (فطر ثاني) ويسمون شهر ذي الحجة (ضحية) لان يكثر فيه نحر الأضاحي. شطرة المنتفق: رشيد الشعرباف (مياه لواء الديوانية) أن شط (أبو كفوف) الذي يذهب من الكفل إلى العباسيات فالشامية قبل أن يدخل أراضي قضاء الشامية يتفرع من ضفتيه عدة شعب أهمها (نهر الأعمى) الذي يسقي أراضي (الصليجية) ويذهب إلى (هور ابن نجم) فتستقي مياهه مقاطعة (أبو تبن) ويصب أخيراً في (النكارة) (النقارة) وشط الأعمى هذا نهر قديم اندرس بزوال الاهتمام بالزراعة وقد أعادت الحكومة فتحة عام 1927. ومنها نهر (آل شمخي) و (جيجان) و (مهناوية و (العكر) (العقر) وكلها تصب في (هور ابن نجم) الذي ينتهي في (النكارة) (النقارة) ومنها أيضاً نهر (أم حيايا) الذي يتفرع من الضفة اليمنى من شط (أبو كفوف) المذكور أعلاه وتتجه مياهه نحو (هور الغادوري) الذي يصب في (أم شواريف) وينتهي في نفس الذي سبق أنه تفرع منه ومن ثم يدخل شط أبو كفوف قصبة الشامية ويخرج إلى سدة الخمس كما سبق التفصيل. بغداد: عبد الرزاق الحسني

خزائن كتب إيران

خزائن كتب إيران (لغة العرب) طلبنا إلى أصدقائنا في إيران أن يكتبوا لنا ما يعرفونه عن خزائن الكتب التي فيها لان علماء الشرقيات لم يعرفوها وكتابنا الشرقيون لم يذكروها ظنا منهم أن ديار فارس خالية من المصنفات العربية على ما أدرجناه إلى اليوم يدل على أن جارتنا غنية بخزائنها وطلبنا إلى مكاتبنا في فارس أن لا يذكروا لنا الكتب الدينية بفروعها لكثرتها في البلاد فكتب إلينا السيد محمد مهدي العلوي ما حرفه: كان رأيي أن لا ادرج في هذا المقال أسماء الكتب الفقهية والأصولية لكن لما كانت الكتب المذكورة وأكثرها مخطوط ذكرت أسماءها. اه. ودونك الآن مقالته: كتب الشيخ المفضال عبد العزيز الجواهري مقالا عن خزائن إيران نشرت في هذه المجلة (5: 520 - 528) أوجب شكر الجميع إياه بخدمته للعلم وقد ورد فيها بعض الأوهام كقوله في ص 522 س 16: للشيخ الطوسي أستاذ السيد المرتضى علم الهدى والصواب أنه تلميذه وفي ص 525 س 4: تجريد بن ميثم والصواب تجريد ابن ميثم وفي ص 528 س 3 الحسن بن مطهر والصواب الحسن ابن يوسف بن علي بن المطهر. وقد ذكر في ص 526: خزانة الشيخ عبد الحسين في مشهد الرضا في خراسان وهو الشيخ عبد الحسين ابن الحاج الشيخ عبد الرحيم البرجوردي؛ توفي ليلة 12 شعبان سنة 1345هـ وقد حكى الشيخ أحمد نجل الشيخ المذكور أن خزانة كتبه ابتاعها حسين اقا ملك التجار بعد وفاته. هذا وقد أحببت أن أضيف إلى ما كتبه حضرة الشيخ الجواهري ما وقفت عليه عن بعض الخزائن المهمة التي لم يذكرها: خزانة الحاج الشيخ محمد باقر في بيرجند (إيران) أن من خزائن إيران المهمة خزانة العلامة الكبير صديقنا وشيخ إجازتنا الحاج الشيخ محمد باقر المجتهد البيرجندي صاحب المؤلفات العديدة وخزانته تزيد على الفئات مجلد وفيها نادرة قلما توجد في سائر الخزائن ودونك وصفنا

لكتبها الخطية: القرآن الحكيم: مجلدات عديدة منه بالخطوط الجديدة بعضها قديمة غير مؤرخة وتاريخ بعضها سنة 1255هـ. في تفسير القرآن: 1 - تفسير القاضي البيضاوي المتوفى سنة 685هـ: إلى آخر سورة آل عمران بخط قديم مصحح محشى. 2 - تعليقه الفاضل الجلبي على تفسير البيضاوي من أول الفاتحة إلى أول طه (آخر سورة مريم) عليها خط من سنة 1008هـ. 3 - قسم من تفسير الصافي للملا محسن الفيض. 4 - تفسير غرائب القرآن لأبي بكر محمد عزيز السجستاني. في الحديث: 1 - كتاب الكافي لمحمد بن يعقوب الكليني: بخط جيد. 2 - كتاب من لا يحضره الفقيه للصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي: بخط جيد. 3 - معاني الأخبار له أيضا: بخط حسن جدا مصحح عليه الحواشي الكثيرة وعليه خط الملا محمد باقر المجلسي: أنه استنسخ من نماء الحمام الواقع في أراضي نقشجهان ببلدة اصفهان من أوقاف السلطان الأعظم سلطان سليمان الموسوي الصفوي شد الله إطناب دولته بأوتاد الخلود؛ وختمه بختمه ونقشه: محمد باقر العلوم. 4 - علل الشرائع له. 5 - جملة من الأحاديث المنتخبة من أماليه (أي أمالي الصدوق). 6 - كتاب التهذيب لمحمد بن الحسن االطوسي: بخط جيد. 7 - كتاب الاستبصار له أيضا: بخط جيد. 8 - مجلدات من الوسائل للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي. 9 - هداية الأمة إلى أحكام الأئمة له أيضا: منتخبة من كتاب الوسائل مع حذف الأسانيد والمكررات. 10 - مجلدات من كتاب بحار الأنوار للملا محمد باقر المجلسي. 11 - جامع الأخبار لمحمد بن محمد الشعيري (نسبة إلى شعيرة قبيلة في اليمن):

بخط جيد، كاتبه محمد محسن الدشت بياضي في سنة 1073هـ. 12 - شرح أبي الحسن سعيد بن عبد الله الخلخالي على الكافي ومعه إجازة لتلميذه محمد سعيد الاصبهاني. 13 - شرح آخر على الكافي: صاحبه وتاريخه غير معلومين. 14 - شرح توحيد الصدوق للقاضي محمد سعيد القمي. 15 - شرح أربعين حديثا له أيضا. 16 - شرح حديث الغمامة له أيضا. 17 - شرح حديث المفضل له أيضا. 18 - شرح حديث عمران الصابئ (المروي في عيون أخبار الرضا) للملا خليل بن اشرف القايني. 19 - شرح خطبة علي عليه السلام المعروفة بالتطنجية للسيد كاظم الرشتي. 20 - من محاسن البرقي من باب الأخبار العدية: مجلد كبير. في الكلام والحكمة (الفلسفة) 1 - كتاب الألفين الفارق بين الصدق والمين (في الإمامة) للعلامة الحلي الحسن بن يوسف. 2 - خلاصة المذاهب للميرزا إبراهيم الهمذاني (المعروف بقاضي زاده همذاني) ابن الميرزا محمد حسين: بخط جيد، كاتبه محمد زمان الشريف ابن محمد صادق في سنة 1106هـ. 3 - كتاب المعارف في شرح الصحائف: المتن لشمس الدين محمد بن اشرف السمرقندي والشرح لولي الله السمرقند. كاتب النسخة سعيد بن محمود بن مسلم الكماخي في شهر رمضان المبارك سنة 745هـ. 4 - تجريد الكلام للخواجه نصير الدين الطوسي: بخط جيد.

5 - شرح القديم على تجريد الكلام: بخط عجيب قديم، كاتبه سليمان بن عمر وملكه إبراهيم بن محمد ولم يؤرخا أن الظاهر أنه كتب في عصر مصنفه شمس الدين محمود بن عبد الرحمن بن احمد. 6 و7 - حاشيتان على التجريد أحدهما للحفري والأخرى لبعض الأفاضل جيد غير معروف. 8 - الأمور العامة من شرح التجريد الجديد. 9 - حاشية الخفري على مبحث الإلهيات. 10 - حاشية سلطان العلماء الحسيني على حاشية الخفري. 11 - إحقاق الحق للقاضي نور الله التستري. 12 - منتخب المجلد السابع من كتاب بحار الأنوار: للميرزا علي نقي القايني الدرخشي. 13 - رسالة فارسية في أصول الدين لزين العابدين بن علي أكبر الدرخشي القايني. 14 - كتاب العقائد للسيد أبي السيد تراب القايني. 15 - مرآة الوحدة (في التوحيد) له أيضا. 16 - الدرة الباهرة في فضل الأئمة الطاهرة له أيضا. 17 - أبصار المستبصرين لعبد الوهاب (المعروف بجديد الأيمان) ابن عبد الرحمن الدهلي السني. 18 - رسالة في جواب مسائل كثيرة وردت على السيد المرتضى علم الهدى من الشريف أبي الحسين الحسيني في أبواب متفرقة فأجاب بأحسن جواب. 19 - كتاب الرد على الصدوق في سهو النبي للشيخ المفيد. 20 - عين اليقين للملا محسن الفيض الكاشاني. 21 - علم اليقين له أيضا. 22 - تقويم الأيمان للميرزا محمد باقر الداماد. 23 - شرح الفوائد متن وشرح وكلاهما للشيخ أحمد بن زين الدين الاحسائي. 24 - شرح رسالة الفقه الأكبر: المتن لأبي حنيفة حكم فيه بتفضيل عائشة على فاطمة وقال بوجوب الاعتقاد بذلك، والشرح للملا علي القارئ المكي

وقد رد على الماتن. 25 - شرح تكميل الإيمان: المتن والشرح لعبد الحق الدهلوي ابن سيف الدين البخاري. 26 - رسالة شمس الهروي المعروف بخان ملا خان. 27 - شهاب ثاقب للملا محمد مهدي النراقي: رد على رسالة لبعض أفاضل أهل السنة. كاتبه اقا كوجك الكاشاني في السنة 1239هـ. 28 - رسالة في الرد على الصوفية للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي. 30 - الشهاب الثاقب (في رد الأصوليين) للميرزا محمد النيسابوري الأخباري. 31 - رسالة في جواب الشيخ محمد العرب في مخاطب (اياك نعبد) للحاج محمد كريم خان الكرماني. 32 - رسالة نظم اللآلئ في أجوبة المسائل الواردة على الملا محمد باقر المجلسي في أصول الدين وفروعه: جمعا بعض تلاميذه. 33 - قطعة من شرح الهياكل لابي بكر بن علي بن وحشة. في الفقه: 1 - المجلد الأول من التنقيح الرائع في شرح مختصر الشرائع: للشيخ مقداد ابن عبد الله السيوري: بخط قديم عجيب، كاتبه محمد بن أحمد الخطيب في محرم سنة 848هـ. 2 - كتاب الناصريات للسيد المرتضى علم الهدى. 3 - المسائل الرملية في المنامات والمتعة والنذر والبيع والطلاق وغيرها له ايضا، كتبت سنة 1137هـ. 4 - الطرابلسيات الثانية له أيضا. 5 - الطرابلسيات الثالثة له أيضا. 6 - رسالة الرد على المنجمين الثلاثة له ايضا، كتبت في ذي الحجة سنة 116هـ. 7 - أجوبة المسائل الواردة عليه من الري.

8 - المسائل السروية للشيخ المفيد. 9 - المسائل العكبرية له أيضا. 10 - رسالة في حكم ذبائح أهل الكتاب له أيضا. 11 - مجلد من جامع المقاصد للشيخ علي بن عبد العالي الكركي. 12 - الغنائم للميرزا أبي القاسم القمي: بخط حسن. 13 - ثلاثة مجلدات من كتاب البحر الزاخر للاقا محمد علي بن محمد باقر الهزار جريبي: أ - مجلد يشتمل على كتاب الديات وكتاب الخمس. ب - مجلد في المعاملات مشتمل على كتب. ج - مجلد في النكاح والطلاق (بأقسامه). 14 - مخزن الأسرار الفقهية في حاشية شرح اللمعة الدمشقية له أيضا. وهذه النسخة من مبحث الطهارة إلى آخر الزكاة. 15 - إرشاد العلامة الحلي. 16 - تعليقة الشيخ علي بن عبد العالي الكركي عليه. 17 - المفاتيح للملا محسن الفيض: مكرر. 18 - رسالة الرد على الصدوق في قوله بالعدد في شهر رمضان للشيخ المفيد. 19 - رسالة المتعة له أيضا. ينقل عنها في البحار. 20 - رسالة في الوقف للشيخ مرتضى الأنصاري. 21 - كتاب القضاء والشهادات له أيضا. 22 - رضاعية. 23 - رضاعية الشيخ علي عبد العالي الكركي. 24 - صيغ العقود أيضا. 25 - مناسك الحج له أيضا. 26 - مسائل سئل عنها فأجاب عليها. 27 - خراجيته. 28 - معراج الشريعة لمحمد مهدي الكرباسي: مجلدات في الطهارة والصلوة

في شرح والده الحاج محمد إبراهيم الكرباسي. 29 - مسائل سئل عنها الشيخ أحمد بن فهد الحلي فأجاب عليها. 30 - زبدة البيان (في آيات الأحكام) للملا أحمد الاردبيلي: مصحح محشى. 31 - صيغ العقود للسيد محمد بن عبد الصمد الشهشهاني الأصفهاني. 32 - قطعة من شرحه على الرياض. 33 - عيون المسائل لميرزا محمد باقر الداماد. 34 - رسالة للاقا محمد البهبهاني في الجواب على الأسئلة الواردة عليه. 35 - رسالة في العبادات له أيضا: على سبك رسالته المشهورة في المعاملات. 36 - الفوائد له أيضا. 37 - رسالة في عدم جواز تقليد الميت له أيضا. 38 - رسالة في المنع عن تقليد الميت الثاني زين الدين العاملي. 39 - رسالة في تقليد الميت للحاج محمد إبراهيم الكرباسي: بخط جيد. 40 - رسالة في حصول الإفطار بدخان التنباك (له أيضا) وفي آخرها بعض الوصايا خصوصا في الفتوى وشدة الأمر فيه ومذمة النارجيلة بحيث يظهر منه الحكم بالحرمة: بخط جيد. 41 - رسالة في صلح حق الرجوع للملا عبد الجواد القايني. 42 - كتاب التعليقات لمحمد أمين بن عبد الوهاب: في رد الشهاب الثاقب الذي وضعه أستاذه الفيض الكاشاني في عينية وجوب صلاة الجمعة. 43 - رسالة في وجوب إجراء الحدود للحاكم في ومن الغيبة للحاج السيد محمد باقر الرشتي الأصفهاني. وضعها لما ظهر من شيخ إجازته الميرزا أبي القاسم القمي الإشكال فيه وعدم حكمه بالجوز (كما صرح به في جامع الشتات). 44 - تمام كتاب الأجوبة والأسئلة له أيضاً وعليه خطه الشريف وخاتمه. 45 - رسالة مبسوطة في الوقف له أيضا. 46 - رسالة للقبلة لبعض علماء اصفهان وقد نحلها بعض أبناء العصر فجعلها باسمه فليعلم. 47 - ينابيع الولاية في من له الولاية على غيره كالأب والجد وحاكم الشرع

وغيرهم للسيد أبي طالب ابن السيد أبي تراب القايني. 48 - التحفة القوامية في فقه الأمامية للميرزا قوام الدين محمد بن محمد مهدي الحسيني القزويني: منظومة نظم فيها اللمعة الدمشقية للشهيد الأول محمد بن مكي العاملي. 49 - المجلد الأول من القواعد للعلامة الحلي الحسن بن يوسف وفيه حاشية. 50 - إيضاح القواعد لولده فخر المحققين محمد. 51 - رسالة في كيفية العمل مع السلطان وعماله. في أصول الفقه: 1 - شرح القاضي عبد الرحمن بن أحمد العضدي الايجي الشافعي على مختصر ابن الحاجب: مكرر تاريخ واحد منها سنة 1000هـ. 2 - المجلد الثاني من كتاب الإشارات للحاج محمد إبراهيم الكرباسي. 3 - رسالة في مسألة الصحيح والأعم له أيضا. 4 - وافية الأصول للملا عبد الله البشروي التوني. 5 - شرح السيد صدر القمي عليها. 6 - زبدة الأصول للشيخ بهاء الدين العاملي. 7 - شرح تلميذه محمد جواد بن سعد الله البغدادي الكاظمي عليها. 8 - وثائق الأصول للسيد حسن القايني. 9 - الاستبصار له أيضا. 10 - الإبداع له أيضا. 11 - قواعد الفقه للشهيد الأول محمد بن مكي العاملي: مكرر. 12 - تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريغ الأحكام الشرعية للشهيد الثاني زين الدين العاملي. 13 - معين المجتهدين للملا عبد الخالق اليزدي (في مجلدين). 14 - الكواكب السبعة للسيد أبي طالب ابن السيد أبي تراب القايني: في سبع مسائل مهمة. سبزاور (إيران): محمد مهدي العلوي

الحقيقة

الحقيقة للنقاش أ. فوجيرون تجليت في أبهى نصوعك للورى ... وما كنت إلا خير ما هو فيهم ولم تغفلي المشكاة في يدك التي ... تحدت بنور جهلهم وغرورهم فحاروا وولوا هائبين، وربما ... على خجل ولوا أمام بينهم وما خجلوا إلا لان حياتهم ... ضلال وغش يستبيح شرورهم! ولم يلف في هذي (الطبيعة) كلها ... محب سوى هذي (الطبيعة) وحدها فحولك في بشر تحييك دائما ... فانك قد مثلت صدق مناها وقد خانك (الإنسان) إلا وليدة ... فعوض للام (الطبيعة) فقدها وناداك مسرورا، وحياك حينما ... ذووه على جبن رأوك أذاها! الإسكندرية: احمد زكي أبو شادي

الكزنخية

الكزنخية الكزنخية (بفتح الكاف المثلثة الفارسية والزاي الساكنة والنون المفتوحة والخاء المعجمة المكسورة يليها ياء مشددة مفتوحة وفي الآخر هاء)، جيل من النصارى، أصلهم من كزنخ وهي قرية قرب بحيرة (وان) في أرمينية وهم رعاة غنم رحل (كوجر) وأصلهم كردي، على المذهب النسطوري. ولا يعرفون من دينهم سوى انهم نصارى، وليس فيهم من يعرف القراءة والكتابة، بل ولا يعرف ابسط الصلوات وأصغرها، فهم أميون جهلة وليس معهم كاهن ولا يترددون إلى كنيسة مذهبهم إذا مروا ببلدة أو قرية فيها كنيسة. ولغتهم الكردية، وليس لهم من صنائع الدنيا كلها سوى رعاية الغنم. وكانوا في عهد الترك ينحدرون في كل سنة من قريتهم كزنخ إلى أنحاء زاخو وجبالها. فإذا مضى الشتاء عادوا إلى قريتهم وما جاورها. ومنذ الاحتلال البريطاني لديار العراق إلى عهد حكومتنا العراقية الحالية لم يؤذن لهم بالتردد بين قريتهم وزاخو فبقوا في جوار زاخو من ديار الكرد العراقية وعددهم نحو مائة خيمة لا غير. وربما كانوا أقل من ذلك وهم في ترحالهم يأخذون معهم نساءهم وأطفالهم فضلا عن غنمهم. ومن الغريب أننا لم نر أحداً من الكتبة ذكرهم في مصنفه مع امتيازهم عن سائر نصارى تلك الأرجاء بسماحة معيشتهم وأميتهم وعدم ترددهم إلى كنيسة واعتزالهم سائر النصارى حتى الذين من مذهبهم. وبالأخص انهم لا يعرفون الكاهن ولا كل ما يتعلق بالدين. والذي حققناه أن هذه القرية كانت مدينة في سابق العهد، ولم تكن من أعمال أرمينية، بل من أذربيجان. وهي المعرفة عند الأقدمين باسم (جزنق) (وزان جعفر). فإذا كتبت بحروف ارميه وقرأت على طريقتهم قرءوها (كزنخ) كما ذكرنا. قال ياقوت: جزنق بالفتح ثم السكون وفتح النون وقاف: بليدة عامرة بأذربيجان بغرب المراغة فيها آثار للاكاسرة قديمة وأبنية وبيت نار. أه.

الرباعي المجرد في لغة عوام العراق

الرباعي المجرد في لغة عوام العراق الرباعي ما كانت حروفه الأصلية أربعة نحو كربس وخرمش ولولح. وهو أما سالم كالأمثلة المذكورة وأما مضاعف وهو ما جانست فاءه لامه الأولى وعينه لامه الثانية نحو طرطر وبلبل. أما الماضي من الرباعي المجرد فساكن الآخر كماضي الثلاثي المجرد إلا أنه يضم آخره إذا اسند إلى ضمير جمع الغائب نحو خرمشوا ويفتح إذا اسند إلى ضمير المفرد الغائبة وجمع الغائبة نحو خرمشت وخرمشن ويكسر إذا اسند إلى ضمير المفرد المخاطب أو المتكلم نحو خرمشت ويبقى ساكنا مع بقية الضمائر المرفوعة فيكون تصرفه هكذا: خرمش خرمشوا خرمشت خرمشن خرمشت خرمشتو خرمشت خرمشتن خرمشت خرمشنا. وأما مضارع الرباعي فمكسور الأول في كلامهم أي أن الياء والتاء والنون من حروف المضارع فيه تكون مكسورة إلا أن كسرتها لا تكون إلا ضئيلة لان ما بعدها متحرك وأما الهمزة فيه فمفتوحة. وأما آخره فكآخر مضارع الثلاثي أي أن الأصل فيه هو السكون وإذا لحقته الضمائر المرفوعة كان حكمه كحكم آخر الثلاثي إلا عين المضارع الثلاثي تكون ساكنة مع الضمائر البارزة كما ذكرنا هناك وأما المضارع الرباعي فتكون لامه الأولى ساكنة مع الضمائر المذكورة. فيكون تصريفه هكذا: يخرمش يخرمشون تخرمش يخرمشن تخرمش تخرمشون تخرمشين تخرمشن اخرمش نخرمش. وأما الأمر من الرباعي فيكون بحذف حرف المضارعة من الفعل المضارع مع حذف النون من آخره أن كان من الأفعال الثلاثة هكذا: خرمش خرمشوا خرمشي خرمشن.

للثلاثي المزيد عشرة أبواب لأنه أما أن يزداد فيه حرف واحد وهو ثلاثة أبواب فعل وفاعل وافعل. وأما يزداد فيه حرفان وهو خمسة أبواب تفعل وتفاعل وانفعل وافتعل وافعل. وأما أن يزداد فيه ثلاثة أحرف وهو بابان استفعل وافعوعل. باب فعل (بتشديد العين) أكثر ما يستعملون هذا الباب لتعدية الفعل اللازم فإذا أرادوا أن يجعلوا قعد مثلا متعديا قالوا قعد (بالتشديد) ولا يقولون اقعدوا وكذلك يقولون في قام قوم ولا يقولون أقام. وخاف ونام ونوم ولا يقولون أخاف ولا أنام وفي مات موت ولا يقولون أمات وكذلك طول ونزل وفرح وهو كثير في كلامهم وقد يستعملونه للمبالغة والتكثير وذلك في الأفعال المتعدية نحو ضرب وقطع ومنه قولهم وهو من أغانيهم (لو كطعوني بسيف منك فلا أجوز) وقد يستعملونه لقصد الجهة نحو غرب وشرق أي سار نحو الغرب والشرق ومنه قول شاعرهم وهو من أغانيهم (والله لا شرج تشريج واكضي العمر بطويريج) وقد يستعملونه للكسب والاحتراف كقولهم (فلان يبكل) و (فلان يحمل) أي يشتغل بالبقالة والحمالة. وقد يستعملونه بمعنى المجرد كقولهم (فلان يجذب) أي يكذب. باب فاعل يستعملونه للدلالة على المشاركة وهي أن يفعل الواحد بالآخر ما يفعله الآخر به فيكون كل منهم فاعلا ومفعولا نحو ضارب ومنه قولهم (كاسرت الماي) إذا صب الماء الحار ماء باردا ليعتدل فهو من باب المشاركة لان البارد يكسر حرارة الحار كما أن الحار يكسر برودة البارد فيحصل الاعتدال وقد يستعملونه بمعنى افعل نحو قولهم (عاونت فلان) أي أعنته وقد يستعملونه للمبالغة كقولهم (طالبت فلان بحكي) باب افعل هذا الباب نادر الوقوع جدا في كلامهم لأنه أكثر ما يستعمل للتعدية وقد قلنا انهم إذا أرادوا تعدية اللازم نقلوه إلى فعل (المشدد العين). على أن من الأفعال اللازمة

ما يستعملونه متعديا بنفسه دون أن نقلوه إلى فعل أو إلى فعل ومن ذلك قولهم (فلان نكر حكي) بمعنى أنكر. وقولهم (كرمني) بمعنى أكرمني و (عجبني بمعنى أعجبني و (قر) بمعنى أقر و (عزني) بمعنى أعزني ويقولون في الفاعل من هذه الأفعال ناكر وقار وفي المفعول معزوز ومكروم. ولم أجد في كلامهم فعلا على افعل سوى أصبح واقبل. ومن ذلك قول شاعرهم (اكبل علي من بعيد وحواجبه هلال العيد) ويروى (سلم علي من بعيد). باب تفعل أكثر ما ستعملونه لمطاوعة فعل نحو تكسر وتبعد وقد يستعملونه للكسب والطلب نحو تفود أي الفائدة وكسبها ومنه قولهم وهو من أمثالهم (راحت تتفوذ نكطت بالمعود) وقد يستعملونه للاتخاذ كقولهم (توسد أيده ونام) أي اتخذها وسادة. باب افتعل يستعملونه لمطاوعة فعل فيقولون اجتمع مطاوع جمع، وافتضح مطاوع فضح وارتمى مطاوع رمى. وانتهى مطاوع نهى ومنه قول بعض نسائهم (نهيتج ما انتهيت وعملت ما اشتهيت) وقد يستعملونه للاتخاذ نحو احتطب أي اتخذ حطبا. باب انفعل يستعملونه لمطاوعة فعل كاستعمالهم انكسر لمطاوعة كسر واكثر استعمالهم إياه في مقام الفعل المجهول لان صيغة الفعل المجهول معدومة في كلامهم فيستعملون بدلها صيغة انفعل ويبنونها من كل فعل ثلاثي متعد كما ذكرنا سابقا فيقولون من ضرب وانضرب ومن فهم وانفهم ومن خبز انخبز ومن طحن انطحن ومن عجن انعجن ومن سمع انسمع ومن شاف انشاف إلى غير ذلك من الأفعال. ففاعل انفعل في كلامهم بمثابة نائب الفاعل في اللغة الفصحى. باب افعل يستعملون هذا الباب للدلالة على الألوان والعيوب نحو أحمر وأصفر واسود وابيض واطرش واعوج وأثول. ويجرون فيه حكم المضاعف الثلاثي عند

إسناده إلى الضمائر المرفوعة أي يزيدون في آخره ياء إذا اتصل به من الضمائر المذكورة ما سوى ضمائر الغيبة فيقولون في المفرد المتكلم اطرشيت واثوليت وكذا في غيره من ضمائر التكلم والخطاب. باب تفاعل أكثر ما يستعملونه للمشاركة نحو تضاربوا وتشاتموا وتكاونوا وتعاركوا وتعاونوا وتصالحوا وقد يأتي في كلامهم للدلالة على توالي الشيء وتتابعه كقولهم (السما تتبارك) إذا كان برقها متتابعا. باب استفعل يستعملونه للطلب نحو استغفر الله أي اطلب مغفرته. وقد يأتي للوجدان على صفة كقولهم (ما استحسن كذا) أي ما أجده حسنا وقد يستعملونه بمعنى المجرد كقولهم (ما أستجري افعل كذا) أي ما أجرأ. باب افعوعل هذا الباب ملغى عندهم فلا وجود له في كلامهم فأبواب مزيد الثلاثي في كلام العامة تسعة وإذا أسقطنا باب أفعل أيضاً لأنه نادر في كلامهم كما قلنا آنفا للثلاثي المزيد في كلامهم ثمانية أبواب. الرباعي المزيد لا يوجد في كلام العامة من الرباعي المزيد سوى ما زيد فيه حرف واحد وهو باب تفعلل ويستعملونه لمطاوعة فعلل نحو تكربس وتخرمش ويستعملونه أيضاً في مقام الفعل المجهول فاعله من الرباعي المجرد فيقولون في مكان كربس تكربس وفي مكان خرمش تخرمش كما بيناه فيما سبق ذكره من الفعل المجهول. الملحق بالرباعي أن من الأفعال الثلاثية ما يزاد فيه بعض الحروف على الطريقة التي ذكرناها في الثلاثي المزيد. ويسمى مثل هذه الأفعال ملحقا بالرباعي وله ستة أبواب في اللغة الفصحى إلا أنه لا يوجد منه في كلام العامة سوى ثلاثة أبواب وهي (1) باب فنعل نحو خنزر وعنفص وحنبل (2) باب فعول نحو هرول. (3) باب فيعل نحو بيطر.

النمر البشري

النمر البشري - أن كان النمر مغرما بسفك الدماء في كل وقت فإن في البشر نمورا أشد منه وحشية وأرغب منه في سفك الدماء. محمد باقر رجل إيراني قبيح الوجه طويل القامة احمش الساقين تظهر عليه سيماء الهدوء والدماثة وقد قارب عمره الخمسين سنة. موطنه بلد (كلتا يكان) من إيران قرب أصبهان. وكان في بلده مشهورا بالزعارة والسرقات والتعدي على من يستضعفهم. ومن زعارته أنه رأى (لمحا باصرا) امرأة جميلة مفرطا في جمالها. فأهاجت عاطفته الحبية. وأقلت نفسه المطمئنة. ومع علمه بأنها متبعلة وأن لها حليلا لا تخونه ولا تثلب شرفه وعفتها، راودها عن نفسها مرارا واحتك بها احتكاك العاشق الدنف ولكنها لم تره إلا صدوفا وتبكيتا ولما استحوذ عليه الفشل والخيبة شرع يضرب أخماسا لأسداس حتى اصطحب يوما زوجها وهو خارج من (كلبايكان) فاغتاله في الطريق ثم افترض الفرصة فتزوج امرأته الجميلة. أنه لم يقتل ذلك البري إلا لصلابة قلبه واستسهاله الولوغ في دماء بني جنسه واستمرائه إزهاق الأرواح. فما أشد وحشيته وما أعظم خطره على الناس البراء الودعاء. ولما ضاق به بلده ونضبت موارده رزقه هاجر إلى العراق منذ سنين فاتخذ مدينة الكاظمية غاية هجرته فافتتح حانوتا قريبا من مدرسة (اخوت ايرانيان) وبدأ يبيع الفحم وبذلك صار فحاما. أن الذي ينظر إلى هذا الفحام الجديد لا يرى عليه إلا أخلاق الملابس ودمامة الوجه وسكينة الفقر والذلة والمسكنة بيد أنه كان يقضي زمانا في الذهاب خلفه بين القطرين والسبب الظاهر في ذهابه وإيابه زيارة بعض أهليه وذوي قرباه في إيران. وكان في الكاظمية شاب وديع النفس محمود السجايا اسمه (علي) وحرفته

العطارة من السوائل في حانوت قريب من مرقد الإمامين (موسى الكاظم وحفيده محمد الجواد) (ع). وكانت بضاعته رائجة لاستمرار قدوم الزوار من إيران إذ بهم ينفق مثل هذه البضاعة. ولما منعت الحكومة الإيرانية الزيارة كسدت تجارة الشاب فقرع ظنبوبه ليجد نجاة من ذلك الضيق ويخرج إلى نجوة يستعيد بها الربح القديم ويستثيت ذلك النعيم. أنه كان خبيرا ماهرا بصناعته رفو الطنافس وإصلاح معثوثها وباليها. ولما سمع بأن الرفو في إيران نافق رابح تأهب للسفر إليها سنة (1342) للهجرة وعند إيغاله في إيران اختار مدينة (همذان) محطا له ولعلمه واستأجر محلا وبدأ يدعو الناس إلى صناعته فيرفو لهم ما يحتاجون إلى رفوه. ثم أخذ يشتغل بالتجارة أيضاً وبذلك إنثالت عليه المكاسب وتتوج عمله بالنجاح. ولكثرة عمله استعان بشبان جعلهم تلاميذ له. وبعد مدة تزوج امرأة فأصبح رافلا بحلل النعيم مطمئنا إلى هذه الحياة النضرة القشيبة. وفي العام الفارط جاء بغداد رجل اسمه (حسين) وهو من سكان مدينة (النجف) ومعه أربعة أحمال من الأعبية العراقية قد أعدوها ليتاجر بها في إيران وذلك العمل حرفته من الزمن السابق. لذلك ارتحل إلى إيران آملا ربحا كثيرا والرجوع إلى وطنه العراق سالما ذا ثمر. أما محمد باقر الفحام فانه كان يبدو أمام الناس بأطوار مستغربة لأنهم يرونه يتصل بما لا يغنيه فيتحسس أخبار المسافرين إلى إيران حتى أنه ليسأل المسافر عن غاية سفره وأمله ومنزله ورفقائه ووقت سفره. أنه لتحسس يستوجب التبصر والتمحص. أما حسين النجفي فانه وافي مدينة (كرمانشاه) كان محمد باقر المذكور قد تأثره من قبل وأدركه فيها. ثم أخذ يتعرف به بالسلام والكلام وبعد التعرف به تعرفا تاما رغب إليه أن كان له ماهنا يمهنه ويؤنسه في وحشته. فرضي حسين بطلبه وامتهنه ثم وجده كثير الاجتهاد بارز الإخلاص أمينا. ومن يعلمه أن هذه الرجل طماع طماح يتوسل بكل وسيلة لتحصيل الحطام الدنيوي الذي جاد الرحمن به على غيره؟ ومن يخبره أنه يهون عليه قتل كل إنسان إذا كان وراء القتل استلاب أموال وابتزاز نقود؟

أن كان (لاندرو) الأوربي قد اغتال عشرات النساء من أجل ابتزاز حليهن ونقودهن فإن محمد باقر يريد أن يغتال مئات الرجال للحصول على الأموال. وإن كان ذاك (لاندرو) النساء فإن محمد باقر (لاندرو) الرجال. وفي الدنيا عجائب وغرائب ومصائب. فهذا الرجل الضاري بقتل النفوس هب ليطفئ ضراوته باغتيال (حسين النجفي) وبذلك يسلبه العباءات الأربعة ولكنه بقي مترقبا الوقت الملائم لإجرام هذه الجريمة ولم يغير من نشاطه وأحواله في خدمته حسينا المذكور. ارتحل حسين إلى (همذان) مصطحبا ماهنه محمد الذي لم ير منه إلا النشاط والإخلاص. ولقد قلنا آنفا أن (عليا) الكاظمي يشتغل في (همذان) وهي محط أعماله ومسكنه. وكانت بين حسين وبينه صداقة وثيقة فلا بد لحسين إذن من أن يعرج على صديقه علي ويهدي إليه الهدايا التي أعدها له من العراق فنفذ عزمه بزيارته عليا وتقديم الهدايا إليه. وبهذه الواسطة تعرف محمد باقر بعلي واظهر له الاحترام والزهد والتنطس أما أحمال العباءات فإن حسينا أرسلها إلى مدينة (طهران) مع شركة سفرية. وكان محمد باقر عالما بهذه القضية ولذلك نشر شبكة دماغه ليصطاد حيلة يتوصل بها إلى ابتزاز الأحمال وإدراك الآمال. الذي ساعده على نجاحه في خسته هو أن حسينا رغب عليا في التجويل في مدن إيران فأعدا عدة السفر إلى مدينة (قم) وسافرا مرفقين محمد باقر الفحام أمانية الأخير فهي أن يغتال حسينا ويسرع إلى الشركة في طهران فيدعي أنه حسين النجفي المرسل الأحمال الأربعة وفي ذلك الفوز العظيم. وصل الثلاثة مدينة (قم) في شهر رمضان الماضي سنة (1345) أما محمد باقر فقد تمزقت مريطاء صبره وهاجت هوائج وحشيته فأعد سما زعافا من نوع (الاستركنين) كما قيل ومزجه بما يشرب منه حسين النجفي من دون أن يطلع أحد غير الرؤوف الذي هو بالمرصاد. فلما شربه البائس المظلوم أخذ يتلوى ويتضور لان السم قد اختلط بدمه العبيط فصيره نجيعا وظهرت عليه إمارات السم. ولما رأى صديقه هذا المرض الفجائي استدعى طبيبا قميا فعاده الطبيب وقبل أن يصف له الدواء افترض محمد باقر فرصته انفراده (أي انفراد الطبيب) عن على وانبرى يقول له:

يا مولاي الطبيب أن حسينا المريض قد أكل البارحة كم حقق من الرمان وكذا مئات من التفاح وكثيرا من غيرهما لذلك أصابته (التخمة) وبذلك غش الطبيب وسخم له وجه الحقيقة فبدا اسود حالكا. في حين أن الطبيب لم يصادف معالجة مسموم من قبل هذا حتى يدرك إمارات السم في جسم حسين. وصف الطبيب الدواء فأحضر ثم تناوله المريض فتجانف إلى الإبلال مصادفة وأظهر محمد باقر الفرح العظيم واكمن الغدر الأليم ثم قرب إلى الله تعالى قربانا من الشياه مع أنه لم يعرف حرمة ولا احتراما فعل ذلك لئلا يستريب به رفيقاه والناس المطلعون. وهذه حيلة شيطانية أن لم أقل أن الشيطان لا يدركها بسهولة وما دامت قنينة السم عنده (فان حسينا لا محالة مائت) ثم وجد نهزة سانحة فسقاه السم مرة ثانية كانت عليه القاضية. وبعد سويعات اجتثت المنون شباب حسين المزهر فغادر الدنيا فزعا إلى ربه الرؤوف جزعا مما لاقاه من قساوة هذا (النمر البشري) طامعا في الاستئثار من خصمه الوحشي الزنيم. وكان ذلك في اليوم الخامس عشر من رمضان المذكور. لقد شاهد علي وفاة صديقه وراقب فبكاه بدموع يمدها الألم ويسيل معها الحنان وبعد ذلك دفنه في المدينة نفسها أي (قم) تأمينا لا دائما وانفق عليه من ماله ولم يعلم السر في هذا المرض البغتي ولم يستغرب هذا الإعلال بعد ذلك الابلال. أن الثلاثة كانوا قد لاقوا أحد تجار طهران المسمى (عبد الوهاب) في مدينة قم وكان لهذا صداقة ثابتة بينه وبين الصديقين علي وحسين ولا سيما حسين وقد دعاهما إلى زيادة مدينة طهران ومحمد باقر مطلع على تلك الأمور. فقال في نفسه: (لم أقتل حسينا إلا للحصول على بضاعته المودعة الشركة الفلانية في طهران) فإذا ارتحل صديقه علي إلى طهران اخبر (عبد الوهاب) بموت صديقه الحميم حسين فيسرع ويضع يده على الأحمال الأربعة ريثما يتسلمها أهله في العراق وبذلك أمسى مبلسا مخفقا فالحزم الحزم أن اغتال عليا قبل أن يصل طهران فتصبح فريستي كأنها في بيتي. أما علي فانه سافر بعد أيام من (قم) إلى طهران فلما وصل (حسن أباد) كان محمد باقر قد أرهقه فيها عازما على إزهاق روحه ولما رآه محمد باقر يتغدى أخذ

يلجلج لقمة في فمه ويمضغها شديدا يستوجب الالتفاف أنه أيها القارئ كان قد اعد (مربى من الزنجبيل) ولا شك في أن طعمه حريف. ولكن المنية حركت عليا فسأله قائلا: ما تأكل يا محمد باقر؟ أجابه (آكل مرباة من الزنجبيل طيبة الطعم كثيرة الطراوة مفيدة للبدن فهل لك إلى أن اقدم إليك قطعة جيدة لترى صدق قولي؟) فقال علي: (نعم ناولنيها) فناوله قطعة قائلا له: استرطها يا علي استراطا سريعا لئلا تحس بحرارتها ولا تلجلجها. أنه امرؤ لعين بل لشيطان بشري عرف أن عليا إذا لجلج هذه الأكلة بفمه لم يسغها لوجود السم فيها ولذلك قال له: (استرطها). استرطها علي من دون لجلجة أو ترديد اتباعا لنصيحة ذلك المجرم الأثيم والجاحد الزنيم وبعد ساعة أخذ العرق يتصبب من جميع جسمه ثم جرى السم في دمه فعم جسمه وهو يتضجر ويتكسر ويضطرب ويتضور. ولما أحس محمد أن وحشيته قد لاحت بوادر نجاحها احتمل (عليا) بسيارة موجها شطر بلد (الشاه عبد العظيم) فوصله ذلك النهار وكانت الآلام قد ضغطت عليلا ضغطا مهلكا ففارق الدنيا قبل غروب الشمس في اليوم ال 21 من رمضان لائذا بربه الشفيق مستئثرا من هذا الزنديق. شعر محمد باقر بموته وهما غريبان فهب يبكي ويصيح ويعول إعوال الجريح قائلا نادبا (وا ابن أختاه! وا عزيزاه! يا قطعة كبداه! ويا حزناه!) وأرسل الدمع من عينيه مدرارا. فاجتمع الناس حوله واضطربت قلوبهم من اجله وهو لا ينفك يصرخ (يا أيها الناس! وا مصيبتاه! هذا المتوفى ابن أختي قد فقدته! وله أخ قد توفاه الموت في مدينة (قم) قبل نيف من الأيام اللهم ما هذه المصائب والفجائع؟ وما أقول لأختي في العراق التي أرسلتني خلف ولديها العزيزين لآتي بهما إليها سالمين؟) ثم يعقب ذلك بلطمات على وجهه ودمغات على هامته وبكاء طويل وعويل. أنه لعالم أن لا ينجو من هذا الموبق ولا يفوز إلا بأن يضرب أخماسا لأسداس بين هؤلاء الناس وقد

نجح في مكره وخداعه ولم يترك سبيل ريبة تسير فيه أفكار الناس فأف له ولما ارتكب من منكرات ووحشيات فذة لا نظير لها! ووي من خسة آماله التي لا تخطر على بال! ولكي ينفي الاسترابة به نفيا مجزوما دفن عليا في (الشاه عبد العظيم) وأقام له مأتما حزينا واظهر الحداد لابسا الحداد. وبعد إتمامه جريمته الثانية هرع إلى طهران وذهب إلى الشركة التي كان حسين النجفي قد أودعها بضاعته فادعى أمام الخازن أنه حسين المذكور له حكاية البضاعة وأوصافها ثم تسلمها وشرع يبيع منها ما تيسر له بيعه ولم يبق إلا عباءات قليلة أخذها معه حين سافر إلى بلده القديم (كلبايكان) فأعطاها أخاه ليبعها ثم آب إلى العراق فوصل الكاظمية وشرع يبيع الفحم كأنه قتل ذباباتين حقيرتين. لكنه استعد ليورط له فريسة أخرى: كان له صديق في الكاظمية اسمه (علي أكبر) يبيع الأحذية فتحسس أسراره فألفاه يملك ألفى ربية وسولت له نفسه الخبيثة أن يغدر به ويبتز ما عنده فقال له يوما: ما لي أراك سئوما هذه الحال ذاوي الآمال ذا تجارة كاسدة وعزيمة باردة؟ فأجابه علي أكبر: أن العمل يولد النشاط؟ فقال محمد باقر: بلى فارحل معي إلى إيران فإن الألفي ربية يصبحان أربعة آلاف وأنا كفيل بذلك الربح فانخدع هذا البائع لاعتماده على الصداقة ولاستناده إلى ظواهر محمد باقر التي على سلامة وصفاء نية. ثم أخذ يبيع بضاعته بثمن بخس فرحا باتباع الأمل الجديد والآمال مهواة الرجال ومدعاة الأموال. ولكن هذا المغشوش قبل أن ينهي ما عزم عليه قبضت شرطه الكاظمية على محمد باقر وذلك في شهر ذي الحجة سنة 1345. أما السبب في اعتقاله فهو أن أخبار (حسين وعلي) قد انقطعت عن أهليهما في العراق وقد مر بالقارئ انهما سكنا القبور من أجل ذلك سافر عم الأول وأخو الثاني إلى إيران يستقريان البلاد التي مر بها المفقودان استقراء عظيما ولما أحست الحكومة الإيرانية بهذه الجناية العظمية اجتهدت وتفقدت ذينك الشابي

البلشة

ن وتطلبت أسباب اختفائهما والمجرم فأوصلها البحث إلى أخيه المقيم في (كلبايكان) ومنه أخذت أوصاف محمد باقر وانه رجع إلى العراق فأشعرت أولي الأمر في العراق فقبضوا عليه كما آنفا وأرسل إلى طهران للتحقيق ولا يزال هذا المجرم الفاسق الشرير مسجونا في طهران يراوغ في جوابه عند استجوابه ولا يقر بالخبر الصحيح إلا بعد إجهاد الحكومة وذهابها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا لتعثر على موضع جرائمه وقد قال أولو الأمر في طهران (لماذا تراوغ في الأخبار وتتعب الحكومة وأنت مجرم ثابت الجرم؟) فأجاب (لأجد لي فرصة افترصها لأهرب) والقارئ يعلم أن جوابه لا يخلو من أفكاره الشيطانية الجهنمية. أما المعروفون الذين ذهبوا ضحية هذا النمر البشري فهم سبعة أحدهم (حسن خان) الذي أخذه من الكاظمية حينما جاء من إيران إلى قبر (سلمان الفارسي) (رض) وأغرقه في القرب من قبر (حذيفة اليماني) في دجلة ثم أخذ يستغيث ويستنجد ويبكي وينوح عليه فلم يجد في جيبه ما يجاوز العشر ربيات أما الذي اغتالهم من غير هؤلاء المعروفين فالله عالم عديدهم ولا شك في انهم كثير طهر الله الناس من أمثال هذه النفس الخبيثة والوحشية التي ستلاقي جزاء وفاقا وتشرب من العذاب كأسا دهاقا إنه رؤوف بعباده. الكاظمية: مصطفى جواد البلشة البلشة: تفاقم الشر بين قبيلتين إذا وقع بينهما قتيل وذلك إذا قتل رجل من قبيلة رجلا من قبيلة أخرى، فقبيلة المقتول تطالب قبيلة القاتل بدمه؛ فإذا لم يجد صلح بينهما، تعرضت قبيلة المقتول لكل من تصادفه من قبيلة القاتل دون تفريق الجاني أو غيره. فيسمى الموقف (بلشة) (وزان رحمة). وحينئذ تضطر قبيلة القاتل الضعيفة إلى الهجرة مدة نائرة العداوة؛ فإذا قتل واحد من قبيلة القاتل تكافأ الدامون، وعادت المياه إلى مجاريها. ويقال: ابتلش بالأمر: إذا ابتلى به والكلمة معروفة عند أعراب البادية، ولا سيما في أنحاء حلب وما يجاورها.

فوائد لغوية

فوائد لغوية 1 - فلتة لجلال الدين السيوطي أن جلال الدين السيوطي مؤلف (البهجة المرضية في شرح الألفية) لما ضرب مثلا من أمثال (باب التنازع) قال (ومثاله على أعمال الثاني: قاما وقعد أخواك. رأيتهما وأكرمت أبويك. ضرباني وضربت الزيدين) ولذلك ظهر لي أن السيوطي نقل وما عقل. لان العلماء الالى أجازوا التنازع (منعوا عند أعمال الثاني أن يذكر للأول ضمير نصب غير عمدة. أي أوجبوا حذف الضمير أن كان (فضله) كضمير المفعول به المنصوب بغير أفعال القلوب والتحويل فالسيوطي مخطئ في قوله (رأيتهما) و (ضرباني) وذلك لوضعه الهاء في الفعل الأول وإبقائه الياء في الفعل الثاني وهما فضله يجب حذفها عند إهمال العامل قد أهمل من العمل بضمير لغير رفع. . . بل حذفه (أي ضمير غير الرفع) (الزم أن يكن فضله) أما الصواب فهو (رأيت وأكرمت أبويك) و (ضربا وضربت الزيدين) بحذف ضميري النصب من العاملين الأولين لأنهما مهملان ولان الضميرين ليسا بعمدة في الأصل. 2 - فلته لابن عقيل في شرح الألفية لا نلام إذا ما اعتمدنا على أقوال العلماء فأقوالهم مقبولة ما لم تنصدم أدلتها ولا كذبها الواقع. قال ابن عقيل في شرح الألفية في باب (تعدي الفعل ولزومه) ما يأتي (فان حصل لبس لم يجز الحذف نحو (رغبت في أن أقوم) فلا يجوز حذف (في) لاحتمال أن يكون المحذوف (عن) فيحصل اللبس) فقوله (لم يجز الحذف) تطرف وتعسف إذ يجوز الحذف عند وجود قرينة معنوية بينة. فقد جاء في القرآن العظيم في سورة النساء (في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهم ما كتب لهن وترغبون أن تنكحونهن) بحذف حرف الجر من

(ترغبون أن تنكحوهن) لوجود قرينة معنوية بينة. هي (الاستيلاء على أموال يتامى النساء من ذوات القربى إجبارا مع عدم التزوج منهن) فالحرف المحذوف هو (عن) من دون شك وإلا فكيف يلام من رغب في التزوج من يتيمة أملا أن يبقى مالها عنده وهو وليها؟ فالقرينة واضحة. ولكنها لم تبد لابن عقيل. 3 - فلتة للشيخ مصطفى الغلاييني رغبت في أن اطلع ما كتب مصطفى الغلاييني عن (ولا سيما) فوجدته قد قال (ولا سيما مجتهد مثلك) بجر مجتهد. ثم قال (ولا سيما مجتهد مثلك) برفع مجهد. ثم قال شارحا الإعراب اسفل الصفحة (والجر على انه مضاف إلى (سي) وتكون (ما) زائدة أيضا) ثم قال (وتكون (ما) اسم موصول محلها الجر بالإضافة إلى (سي) فأقول: قد غلط الشيخ (غفر العلم غلطه) ثلاث غلطات أولاها (جعله الاسم الواقع بعد (ولا سيما) مجرورا بكونه مضافا إلى (سي) مع أنها متقدمة عليه) (فالصواب أن يقول (والجر على أن (سيا) مضافة إليه) وثانيها (إضافته (ما) إلى (سي) مع أن (سيا) متقدمة على (ما) فالصواب (بالإضافة (سي) إلى (ما) وثالثتها قوله تكون (ما) اسم موصول) والصواب (اسما موصولا) فالأول خبر (تكون) والثاني نعته الحقيقي. والغلطات اللغوية فظيعة ولا سيما الأغلاط اللغوية في كتب لغوية. 4 - فضلا عن قال العسكري في (جمهرة الأمثال): ليفهمها الغبي فضلا عن اللقن وجاء في المباح المنير (قال: قطب الدين الشيرازي في شرح المفتاح: - اعلم أن (فضلا) يستعمل في موضع يستبعد فيه الأدنى ويراد به استحالة ما فوقه. ولهذا يقع بين كلامين متغايري المعنى. واكثر استعماله أن يجئ بعد نفي) أه. فأقول: أني كنت مصدقا لهذا القول ولكني على الحقيقة متورط. فقد رأيت كلاما لعرب كثيرا فيما يخص (فضلا عن) والذي ارتبطه هو ما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد من قول معاوية يوم صفين (أن نساء خزاعة لو قدرت أن تقاتلني (فضلا عن رجالها) لفعلت) ومن قول الشريف

المرتضى في الرد على قاضي القضاة (يجب أن يعرفه العوام (فضلا عن العلماء) فالأول من الفصحاء الأولين والثاني من الآخرين. وليس في كلامهما (تغاير معنى) و (لا استبعاد أدنى ولا استحالة فوقه) ولا (نفي) فقول أبي اسحق ابتر. ورضا صاحب المصباح بذلك القول لا مبرر له. والصواب كلام العرب لا كلام الكتب. فالفضل يستعمل بمعنى (الزيادة) في كل كلام يليق به ولا خير لنا في الجمود. وقال العسكري (تجتنيها الخرقاء فضلا عن غيرها). 5 - طائل ولا طائل جاء في مختار الصحاح (ويقال: هذا أمر لا طائل فيه) في التذكير والتأنيث ولا يتكلم به إلا في الجحد). ولم ادر كيف اثبت مؤلف الكتاب قوله (ولا يتكلم به إلا في الجحد)؟ فقد قال (أبو عيينه) يعرض بعيسى العباسي ابن صالح (هو صالح الذي بنى ما هدمه الروم من (ملطية) في أبان حكم المنصور) ويلوم زوجة فاطمة: فان ظفرت كفاه منك بطائل ... فما ظفرت كفاك منه بطائل فجاء (طائل) غير مجحود مرتين في بيت واحد. ومن سوء الحظ أني احتججت غير مرة بكلام مختار الصحاح. ولكني قد صدفت عنه صدفة طالب الصواب ولا عبرة بقول الكتاب. 6 - حصر الماضي والمضارع ب (إلا) جاء في شرح ابن أبي الحديد قول عمر بن الخطاب (ما سألني رجل عن شيء قط (إلا تبين) لي عقله) وفيه قول رجل لعمر بعينه (ما أراك إلا تستعمل) عمالك وتعهد إليهم العهود) قلت هذا هو الصواب ومجرى الباب. أما إقحام الواو بعد (إلا) فليس على شيء من الصواب إلا إذا قصدت الحال الكاظمية: مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة الآثار العباسية في يوم واحد (9 حزيران) تلقينا من البريد الجوي أربع رسائل وفيها ملاحظات على مقالة (الكتابات الأثرية العباسية) المدرجة في 161: 6 الواحدة من الإسكندرية، والثانية من طرابلس لبنان، والثالثة من رومة، والرابعة من لندن. ونحن نلخص كلا منها بما يأتي: الإسكندرية - طالعت بلذة مقالة عبد الله بك مخلص عن الكتابات الأثرية العباسية في القدس الشريف. وقد قدمت عليها (لغة العرب) كلاما معطرا بالمدح والثناء ولا جرم أنها تجهل أن تلك الآثار أو الكتابات كان قد جمعها فون برشم وعلق عليها فوائد جليلة ولعل الكتاب نشر قبل أيام في مطبعة المعهد الفرنسي في القاهرة. وأنا اقدر ما يكتبه مخلص بك كما تقدره (لغة العرب) لان على ما يحرره هذا الكاتب سلامة ذوق وتتبعا دقيقا اه. طرابلس - قرأت يا سيدي في (لغة العرب) التي يحق لنا أن نسميها (حلقة الطلب)، بحثا عن آثار الإسلام في فلسطين، وتبينت أن الباحث الفاضل يذكر قضية طرقناها منذ 1892 في (المقتطف) في العدد 8 و9 من السنة 16 على ما اذكر. يومئذ ترجمت بحثا للعلامة كليرمون كانو وكان تعليقي عليه سببا لعقد الصداقة والترسل. ومع أني اطعن فيه بنقدي فقد لقيت منه - رحمة الله - ما عرف به الفرنسيون من اللطف والأدب وما امتاز به العلماء الأعلام من التواضع. ألا ليت قومنا يقلدون الفرنجة أيضاً بقبول النقد الصحيح بالرضا والقبول. ولكنا ما برحنا بعيدين عن ذلك. وفقنا الله للخير والهدى. انتهى. رومة - طالعت في (لغة العرب) في أول الجزء الثالث من هذه السنة مقالة

بعنوان (الكتابات الأثرية العباسية) وكنت قد طالعت ثلاثة أرباع ما فيها مقالة أدرجت في (الهلال) قبل سنوات قليلة حينما كنت في مصر القاهرة وكانت بتوقيع أحمد زكي باشا. واحمد زكي باشا نقلها ببعض تصرف عن مقالة لفون برشم وكليرمون كانو. فانتفع عبد الله بك مخلص من مقالات هؤلاء الثلاثة ولم يشير إليهم بكلمة واحدة. وعبد الله بك مخلص غير معذور في ذلك لأنه واقف على حركة ما ينشر من آثار الاقدمين، ولا سيما الآثار التي تبحث عن مآثر الأقدمين في فلسطين. . . أه. باريس - (الكتابات الأثرية العباسية) من احفل المقالات التي وردت في مجلة (لغة العرب) وهي المجلة التي أتطلع إلى مطالعتها بكل شوق وهي المجلة الشرقية الوحيدة التي يستفيد منها أهل البحث والتحقيق. على أن تلك المقالة - والحق يقال - ليست كلها للأديب عبد الله مخلص. فأني أتذكر أن أول مجلة خاضت عباب هذا الموضوع كانت المقتطف في مجلدها السادس عشر في الجزء الثامن الصادر في أول مايو 1892 من ص 537 إلى ص 542 وفي الجزء التاسع الصادر في أول يونيو 1892 من ص 593 إلى ص 600 بعنوان أثر الإسلام في بلاد الشام. وصاحب المقالة جناب العالم المحقق جرجي أفندي يني من علماء طرابلس الذين يشهد لهم المستشرقون بالتحقيق والتدقيق - وقد استفاد من هذه المقالة بعد نحو ربع قرن الأستاذ أحمد زكي باشا المصري فنشر مقالا في الهلال (لا أتذكر الآن المجلد ولا السنة لان سني هذه المجلة ليست تحت يدي) دل أنه انتفع بما جاء في المقتطف وما نشره فون برشم التي اخذوا عنها مقالاتهم ولا ينتحلوها لأنفسهم إذ في ذلك الأمانة والإقرار بالمعروف نسبة إلى كل ذي حق حقه. ولله في خلقه شؤون. أه. (لغة العرب) أننا لا نظن أن عبد الله بك مخلص كان واقفا على كل هذه المقالات، ولا سيما وحضرته يجهل اللغات الإفرنجية. وعلى كل حال لا بد من أنه يقول كلمته بهذا الصدد.

الخيزران وثروتها حضرة صاحب مجلة (لغة العرب) الغراء تحية وسلاما: كنتم ذكرتم في مجلتكم الشائقة الأبحاث (563: 5) ما ورد في مجلة العرفان الصيداوية (44: 14 (من قولها في الخيزران أم الخليفتين الهادي والرشيد إنها زوج السفاح وعطفتم على ذلك بالرد وأتيتم بنص الطبري في ذلك. واحسب ذلك الغلط محض خطأ مطبعي بدليل قولها (وأم الهادي والرشيد) وإنما أبوهما المهدي ابن المنصور. ثم قلتم فيما ورد فيها عن ثروة الخيزران من ريع أملاكها يبلغ 16000000 درهم وهو قدر يعادل نصف ريع المملكة العباسية - أنكم لم تجدوا مؤرخا ثقة ذكر ذلك واستفهمتم عن عمدة (العرفان) فيه. وقد انتظرنا عسى أن نرى لأحد الكرام الكاتبين كلمة في ذلك الموضوع حتى دخلت مجلتكم في سنتها السادسة الجديدة وورد العدد الأول ثم الثاني وليس فيهما شيء عن ذلك. ولم يتح لي الاطلاع من (العرفان) إلا على ذينيك الجزأين فما أدري أأجابت أم كانت من الساكتين فرأيت أن أدلي إليكم بما لدي إذ كنت ابحث في ترجمة الخيزران. ولا جرم أن (لغة العرب) أوسع انتشارا من أن تكون خاصة بما بين النهرين وما حولهما. قال المسعودي في مروج الذهب (وكانت غلة الخيزران مائة ألف الف وستين ألف الف درهم) (207: 2) من الطبعة المصرية ببولاق سنة 1283هـ و (289: 6) من الطبعة الباريسية المشفوعة بترجمة الكتاب الفرنسية ل (بربي دومينار) سنة 1871م فليقابل بما في (العرفان) مع التنبيه إلى أن ذلك إحصاء تقريبي لا يصح أن يعتمد عليه كل الاعتماد كما هو الشان. أما كون تلك الغلة - وهي في اللغة (الدخل من كراء دار وأجرة غلام وفائدة ارض) - سنوية فهو من زيادات جرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي (134: 2) كما زاد أن ذلك القدر (نحو نصف خراج المملكة العباسية لذلك العهد) ولعله اعتمد على إحصاء للخراج. عن رباط الفتح - عاصمة المغرب الأقصى - ابن خلدون الصغير

الدانشمندية لا الدانشمندذية سيدي الفاضل: ذكرتم في كتابكم الفوز بالمراد في تاريخ بغداد (ص 4): والدانشمندذية (أي كابر السادة). والذي أظنه هو أن الكلمة: الدانشمندية نسبة إلى (دانشمند) الفارسية ومعناه العالم. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (ل. ع) تصحيحكم في محله وفي كتابنا هذا أغلاط طبع كثيرة كنا ذكرناها لمن تولى طبع الكتاب فلم يعبأ بها فنشكركم على تصحيحكم. مير السيد علي لا مير سعيد علي ورد في هذه المجلة (8: 5): مير سعيد علي والذي اعتقده هو أنه مير سيد علي. وهذا الاسم بهذه الطريقة شائع في إيران. وضم سعيد إلى علي غير مسموع لحد الآن في إيران نعم بضم محمد إلى علي وحسن وحسين وغيرهما، ولو قيل أن عليا اسم والد مير سعيد قلنا أن ضم اسم الوالد إلى الولد غير موجود في إيران بخلاف الأقطار العربية كالعراق ومصر وسورية وغيرهما. هذا كله فضلا عن أن اسم سعيد في إيران نادر جدا. (ل. ع) إنكم مصيبون في نقدكم ونشكركم على ما صححتموه. الفقير والمسكين كنت أنقب في مظان البحث عما يؤيد رأيكم من كلام للراسخين في العلم وهو الرأي الذي ذكرتموه في هذه المجلة (230: 5) فحصلت على بغيتي في تفسير سورة البقرة للإمام الحسن بن علي العسكري إذ وجدته يقول عند شرحه للآية (وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذوي القربى واليتامى والمساكين): أما قوله عز وجل والمساكين فهو من سكن الضر (وفي نسخة أخرى مسكن الضر) والفقر حركته. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة جمع معجم س - مصر - ص: كيف تجمع (معجم) وهل لكم شاهد على ما تقولونه ج - تجمع معجم على معاجم وهو قياسي. ودواوين اللغة لا تذكر دائما القياسات لزومها الوجه الأقوم. فقد قالوا في جمع مطرف ومصحف ومخدع ومجسد: مطارف ومصاحف ومخادع ومجاسد إلى غيرها. ارم أو أرام لا آرام س - تلكيف (العراق) - يوسف هرمز: لماذا تقولون ارم (بكسر ففتح) ولا تقولون آرام (بالمد) وأيهما الأصح؟ ج - العرب لم تقل في كتبها آرام بالمد، بل ارم كعنب. ومنه إرم ذات العماد في سورة الفجر. ومعلوم أن القرآن لا يذكر إلا افصح الألفاظ. ويقال فيها ارام بالفتح كسحاب. أما آرام بالمد فغلط صريح لان صاحب القاموس يذكر (ارم وارام كعنب وسحاب) ولا يذكر آرام بالمد كخاتام كما لم يذكر ذلك أحد من اللغويين. اختلاط العرب بالرومان أو اللاتين س - البصرة - ع ب: متى اختلط العرب باللاتين؟ ج - اختلطوا منذ اقدم العصور واقرب عصر إلينا ذكره مؤرخونا هو عصر الجاهلية فإن الغساسنة وهم من اقحاح العرب كانوا يدينون للرومان (للاتين) وكان قد دان للرومان قبلهم الضجاعمة وهم من سليح، فاخرجت غسان سليحا عن ديارهم وقتلوا ملوكهم وصاروا في موضعهم (راجع تاريخ أبي الفداء 76: 1 من طبعة الأستانة وتاج العروس في مادة ض ج ع م). ومن العجب أنكم تسألون ذلك. وبيدكم (شهادة من متقن الحقوق البغدادية) أفما كان يجدر بكم أن تطالعوا ذلك في أي كتاب تاريخ كان، حين تلقيكم علم التاريخ أو

أخبار الأمم؟ ألا تعلمون أن كان للرومان في ديار العرب كورة عرفها التاريخ باسم (الكورة الرومانية)؟ تلك الكورة التي بدأت في عهد دولة ملخس الثاني (في نحو سنة 45 وعلى رأي آخر في سنة 48 للميلاد) وثبت بأيديهم في سنة 105 ثم امتد ظل صولجانهم فيها في عهد الغساسنة ولم يتقلص منها إلا عند فتوح الإسلام فكان آخر أمراء بني غسان جبلة بن الايهم في نحو أواخر المائة السادسة للمسيح؟ ألا ترون من هذا أن الرومان أو اللاتين خالطوا العرب مدة ستمائة سنة وانتم تقولون: متى اختلط العرب باللاتين؟ ألا تعلمون أن في لغتنا ألفاظا لاتينية (رومانية) جاءتنا من ذلك العهد مثل قنطار ودرهم ودينار وبلان ودمستق وقيصر ووقية وحقة ورطل وقيطس وقمس وقنديد وانبراذور (انبراطور) إلى غيرها وانتم تقولون: متى اختلط العرب باللاتين؟ الملقمة لا الملغمة س - جامعة عليكره في الهند: جاء في لسان العرب، لابن مكرم، في مادة ح ب ر ج هذه العبارة: ابن الأعرابي: الحباريج طيور الماء الملعمة (وضبطها ضبط قلم بضم الميم وفتح اللام وشد العين المهملة المفتوحة وفتح الميم وفي الآخر هاء) فلم أفهم معناها وبحثت عنها في المعجم نفسه في مادة لعم، فلم أجد لها ذكرا، فهل لكم أن تفيدونا عن معناها. ج - الذي يبدو لنا من سياق العبارة أن الكلمة محرفة، واصلها (الملقمة) بقاف مشددة مكسورة وهي الطيور التي تلقم فراخها تلقيما. ولا تزقها زقا كما يفعل اللقلق والحبروج وغيرهما من طير الماء. حمم س - بروسل (بلجكة) ما احسن كلمة عربية تقابل الفرنسية في الكلام عن الشعر أو النبات أو نحوهما. ج - حمم (بتشديد الميم) قالوا: حمم الرأس نبت شعره بعدما حلق.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد رد على رد العقاد قرأت في (عدد 15 يونيو) من (البلاغ الأسبوعي) الأغر ردا للأستاذ العقاد، بعنوان (نقد غريب)، على نقدي ديوانه لأخير. ولا أدري لماذا كان نقدي غريبا؟ ألكوني تجرأت على نقد ديوان الأستاذ، وهو الذي يخشى الناس معرة لسانه، فيتجنبونه لئلا يصيبهم رشاش من شتائمه التي يقذفها على من يتصدى لنقده؟ أم هناك سبب آخر أجهله؟ على أن الأجدر بالأستاذ أن يثوب إلى نفسه ويقرع الحجة بالحجة، شأن العلماء، فلا يحنق، ولا يتهور، والذي لا يحترم الناس فالناس لا يحترمونه. وقد صدر رده على نقدي بفقرات ادعى أنها من كتاب أرسل به إليه الشاب الأديب (اكرم احمد) منها قوله: (فحبذا لو أعرضت عن هذه الوشايات، وقابلتها بفضل وفصول تكتبها عن اللباب، ديوان الزهاوي الجديد، ويتبعها الزهاوي بفصل أو فصول يكتبها عن ديوانك، فينقطع بذلك القيل والقال) إلى آخر ما هنالك، ودعوت الأديب (اكرم احمد) واريته صدر مقالة الأستاذ العقاد فبهت الشاب متعجبا ما وقع من التحريف في كتابه: ثم أنه أراني مسودة ما كتبه وإذا الفقرة بهذا النص: (حبذا لو نقدت اللباب ديوان الزهاوي نقدا نزيها من الأغراض، ونقد هو كذلك ديوانك نقدا نزيها فاستفاد الأدب من نقديكما) إلى غير ذلك. وليس في كتابة (اكرم) كلمة (الانتقام) ولا جملة (فينقطع) بذلك القيل والقال). ولعل الأستاذ عبارة الأديب (اكرم) بنصها فأخذت هذا الشكل الذي يوهم ما يوافق هوى الأستاذ العقاد أن يذيع عن الأستاذ الزهاوي. وسواء أصدقت مسودة اكرم، أم صدق الأستاذ العقاد، وكذب اكرم، فذلك ليس بالمهم. إنما المهم رد الأستاذ على قسم من نقدنا، وإهماله قسما مع

أن ما أهمله راجع إلى المعاني، وفيه ما يتعلق بالألفاظ والتراكيب. فما سر ذلك؟ أيريد أن لا يرى قراء (البلاغ الأسبوعي) إلا ما يعتقد الأستاذ أنه قد وفى فيه حق الرد؟ أم ماذا؟ ولا أريد أن أخرج في ردي عليه عن جادة النزهة وان خرج هو عنها، لاعتقادي أن المهاترة سلاح العاجز، وإن التهور لا يكسب صاحبه الحق، إنما الحجة وجدها السلاح الماضي في مثل هذه المواقف، وأنا لا أنكر أن الأغلاط العربية يمكن توجهها بوجه من الوجوه، فإن باب التعليل في النحو واسع حتى انك لا تكاد تجد خطأ لا يؤول. ولكني أتطلب من الشاعر أن يأتي (بالفصيح المشهور)، لا بالنادر المهجور؛ فيتجنب الضرائر القبيحة، والتعقيد، وهذا هو الفرق بين الشاعر الفحل و (غيره). قال يجيب عن نقدي قوله: قطب السفين وقبلة الربان ... يا ليت نورك نافع وجداني (أسال صاحب لغة العرب من الذي قال أن الفرضة من الفرض يجب أن تدخلها كل سفينة في الأرض ليصح أن يقال فيها أنها قطب السفين). أه. واحسن جواب عن سؤاله هو إعادة كلمتي وهي: أن كان يريد فرضه خاصة فهذه ليست قطب جميع السفن، وقبلة كل ربان كما يفهم من الإطلاق). فهل في عبارتي هذه ما يفهم منه أن الفرضة العامة يجب أن تدخلها كل سفينة في الأرض؟ وإنما المراد أن الفرضة العامة ما يجوز أن تدخلها كل سفينة، والفرضة الخاصة ما لا تدخله إلا سفن خاصة فيظهر من هذا أن لا وجه لإيراد الكعبة وبيت المقدس مثالين. ولا أعتقد أن الأستاذ يعتقد أن (اللام) في السفين والربان للعهد الخارجي أو الذهني فلا يبقى إلا الجنس والاستغراق. أما الاستغراق فواضح. وأما الجنس فانه لا يناسب المقام. ثم أني قسمت ما عسى أن يكون مراده إلى شقين: أحدهما قولي أن كان يريد فرضه خاصة، فهذه ليست قطب جميع السفن، كما يفهم من الإطلاق، وإن أراد الفرضة عامة، فما أدخل وجدانه في هذا الصدد؟ ولكن الأستاذ رد

على شق واحد، وسكت عن الشق الثاني، ولعله يريد مهلة للتفكير في أيجاد وجه لدخول وجدانه في الصدد!!! ورد على قولي: يزجي يتعدى بنفسه لا بالباء قائلا (يزجي هنا متضمنة معنى يدفع، وانه كما يصح أن يقال دفعه ودفع به، يصح كذلك على هذا المعنى أن يقال؛ أزجاه وأزجى به). على رسلك يا أستاذ! فإن (دفع به) كذلك لم يجئ إلا إذا توسعا فقلنا: الباء زائدة. على انك، يا أستاذ، لم تفهم بعد التضمين، فإن الشرط في التضمين أن يكون معنى الفعل المتضمن - بالكسر - غير معنى المتضمن - بالفتح - ولكنه يتصل به من بعض النواحي، لا أن يكون مرادفه في المعنى، كما بين (أزجى ودفع) مثال ذلك: (حمد) فانه يتضمن معنى أنهى فيتعدى مثله (بالى) فيقال أحمد إليك فلانا أي انهي، وكقوله: (يخالفون عن أمره) فانه يتضمن معنى يعدلون، ولذلك يجوز تعديته بعن، وقوله: (لاقعدن لهم صراطك المستقيم) فانه يتضمن معنى: لا لزمن. ولذلك جاز تعديته بنفسه وبقوله: (ولا تعزموا عقده النكاح) فهو يتضمن معنى لا تنووها، فعدي مثله. وفي التضمين يقصد معنى الفعل بالأصالة، ومعنى ما تضمنه بالتبع، وهذا ما يدلك على وجوب المخالفة إلا في بعض النواحي. وأجاب عن قولي في نقد البيت: أمسيت إحداق السفائن شرع ... صور إليك م البحار روان (ولو نصب (شرع) على الحالية لخلا البيت من تتابع الأخبار بكلام فيه غرور وتهكم كما هو عادته، فقال (أن مجي الحال من المبتدأ لا يجوز إلا في اضعف الأقوال) فأقول: نعم، لا يستحسن النجاة مجيء الحال من المبتدأ، ولكنهم لم ينكروا مجيئه في النثر والنظم كقولهم - وهو ما يستشهدون به -: (هذا بسرا خير منه رطبا) وقول الشاعر: (لمية موحشا طلل) ومثله مجيئه عن الخبر كقوله: (هذا بعلي شيخا) وقوله: (وهو الحق مصدقا لما بين يديه) فضلا عن أن مجيئه عن المضاف إليه كثير كما في بيت الأستاذ، إذا نصبنا (شرع) جاعلين إياه حالا

عن السفائن. وأما ما أورد من الآيات القرآنية لإثبات تتابع الأخبار فنحن لم نمنع ذلك على أن ما جاء في هذه الآيات بمثابة النعوت المتتابعة وإن كانت في صور الأخبار كما لا يخفى على (ذي النظر النافذ) بخلاف بيت الأستاذ ونحن لم نستقبح تتابع الأخبار إلا في بيت الأستاذ لما تستوجبه هذه الأخبار من الشطط فإن (شرع) في البيت جمع شارع بمعنى المتسدد أو المرتفع؛ والتسدد أو الارتفاع مناف لقوله (صور) فالصور جمع الاصور وهو المسائل المعرج والإحداق لا تتسدد إلى الشيء أو ترتفع إليه وهي مائلة معوجة، إلا إذا كان صاحبها احول. . .!!! وقد نقدت البيت: يشكو من الدنيا الأولى لولاهم ... ما كانت الدنيا تحب وترغب بقولي: ورغب فعل لازم لا يبنى منه المجهول إلا بحرف الجر، ورغب لا يحذف منه حرف الجر، لأنه يتعدى بحرفين مختلفين (فيه وعنه) ويختلف بموجبها وهنا لم يجب الأستاذ عن جوهر النقد وهو اتخاذ المجهول من اللازم بل تشبث بالعرض، وهو حذف الجر بعد رغب وقد جاء يشاهد من القران وذكر بيتا أورده ابن هشام وكلاهما شاهدان على حذف حرف الجر على (أن) وليس كلامي في هذا، فإن حذف حرف الجر على (أن) بالتخفيف (وأن) بالتشديد قياس، وأما حذفه من رغب فذميم يستقبحه كثير من أئمة اللغة ونحن إنما نحاسب الشاعر على ما يأتيه غير فصيح (وان كان قد شاركه من تقدمه في ذلك). ورد على نقدي الشطر: (عسوفا إذا ما الخوف قد كان احزما) وهو قولي: (ولا تجمع (قد) للتحقيق والشرط، فلا يقال: إذا زيد قد أتاني لان الشرط مشكوك في وجوده فلا يناسبه التحقيق) فقال: (أصبت لولا (إذا) تستعمل للشرط في حالة التحقيق بخلاف (إن) التي تستعمل للتشكيك (؟!!!) فأقول: أن (إذا) ظرف للمستقبل، تضمن معنى الشرط ومعناها أن الجزاء يتحقق الشرط، فإذا كان هناك تحقيق فهو تحقيق الجزاء عند ثبوت الشرط والأستاذ لم يدخل (قد) على الجزاء، بل على الشرط، وهو ينافي الشرطية

كما بينا؛ أما إدخال (قد) على الجزاء فكثير ولا منافاة فيه. ومن أمثلة ذلك قول الشاعر: إن كنت ريحا فقد ... لاقيت إعصارا وإن صدق الأستاذ في ادعائه اجتماع الشرط و (قد) فيأتنا بمثال من القرآن أو ببيت قيل في الجاهلية أو الإسلام، وإلا فليسكت، ولا يرفع عقيرته مجهلا لمن يدله على الصواب. ثم أتى الأستاذ بسند من الشعر على مجيء أمر الغائب بصورة المخاطب، وهذا لا يدل على أنه الفصيح، وأما الآية القرآنية فإن قراءة (أبي) لا تستلزم مرجوحية بقية القراءات بل بالعكس تدل بقية القراءات على ضعف قراءة (أبى). ونحن لم ننكر دخل لام الأمر على المخاطب بتاتا، بل أنكرنا إدخال (الفصحاء) لها، فقد قلنا لا يدخلها (الفصحاء) على المحاطب والبيت الذي استشهد به الأستاذ: إذا جن جنح الليل فلتأت ولتكن ... خطاك خفافا أن جيراننا أسدا قد نصب فيه خبر (إن) فلماذا لا ينصب الأستاذ خبر (إن) في أبياته قياسا على ما جاء في هذا البيت؟ أليس ذلك لان الذي يخالف الجمهور ليس (بفصيح)؟ وأما البيت: دهر يدور صباحه ومساؤه ... متعاقبان على مدى الأيام فقد قلنا في نقده: (الأولى جعل صباحه فاعلا ليدور ونصب (متعاقبان على الحالية) ولكن الأستاذ أبي وطلب منا الدليل على أولوية ما ذكرنا والدليل هو القاعدة المرعية، وهي قول ابن الناظم في شرح ألفية أبيه: (وان كانت الجملة الحالية اسميه فإن لم تكن مؤكدة، فالأكثر مجيئها بالواو مع الضمير ودونه، كقوله تعالى: فلا تجعلوا لله أندادا وانتم تعلمون، وقوله تعالى: ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت؟) فإذا لم نجعل (صباحه) فاعلا ليدور، كان مبتدأ خبره (متعاقبان) وتكون الجملة حالا من فاعل يدور، وهي غير مصدرة بالواو وكنت نقدت البيت:

يرفلن في الحسن القشيب كأنما ... البسنه يبقى مدى الأيام قائلا: الصواب (كان ما) ليعود ضمير يبقى إلى (ما) فشدد الأستاذ علي النكير واخذ يجهلني قائلا: (هل رأى القراء عالما باللغة العربية يجهل أن (ما) بعد (كأن) تكون كافة عن العمل ولا تكون موصولة في حيثما ترد؟) مهلا أيها الأستاذ فانك لم تعرف إلى الآن أين تكون (ما) كافة، وأين تكون موصولة فقد (علمت شيئا وغابت عنك أشياء) فاعلم أن (ما) بعد (إذا) لا تكون إلا زائدة وهي بعد (أن وكأن ولكن)، تكون زائدة كافة عن العمل وحينئذ تكتب متصلة وتكون موصولة وحينئذ تكتب منفصلة وإذا جعلنا لها وبقي (يبقى) من غير فاعل فيا أيها الأستاذ! أن الخطأ ليس بعيب، ولكن الإصرار عليه هو الغيب. وكنت أزد أن تجل نفسك عنه!!! وكنت نقدت البيت: وتسلبني نورا أراك بوحيه ... فاظهر ما أخفى سواد الدياجر فقلت: وكان عليه أن يقول: كنت أراك بوحيه فانه في الحال لا يراه فقال: (فهل يدري أحد لماذا أجاز لنا أن نقول (تسلبني) عن الماضي ولم يجز لنا (أراك) بدلا من كنت أراك) والجواب: أن البيت مقول على لسان الأعمى وهذا الأعمى مسلوب منه النور في الحاضر، كما سلب منه في الماضي، فصح القول: (تسلبني) ولكن ليس الأمر كذلك في (أراك) فإن الأعمى في الحاضر لا يراه بالنور، فهل فهمت أيها (الأستاذ)؟!! ونقدت البيت: يهم ويعييه النهوض فيجثم ... ويعزم إلا ريشه ليس يعزم فقلت: وكان الصحيح أن القول: إلا ريشه فهو لا يعزم، أو إلا أن ريشه ليس يعزم، فإن (ريشه) مستثنى منصوب، فلا يصح أن يخبر عنه بقوله (ليس يعزم). فقال يجيب الأستاذ وليته لم يقل: (ألا يجوز أن تكون (إلا) بمعنى لكن، وإن يكون ما بعدها جملة مركبة من مبتدأ وخبر؟ اعلم، يا هذا، أن

هناك شيئا يسمى الاستثناء المنقطع، وراجع باب الاستثناء يفتح الله عليك الأبواب) وخلاصة الجواب أنه يجعل (إلا) بمعنى (لكن) وليس في معاني (إلا) (لكن)، وقد بسط معانيها ابن هشام في المغنى، ومنها العاطفة بمنزلة الواو في التشريك في اللفظ والمعنى كقوله في آية (لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم، ثم بدل حسنا بعد سوء) أي ولا من ظلم وزاد ابن هشام قائلا: على أن هذا رأي بعضهم والجماهير على إعراب ما بعدها مستثنى منقطعا. أما الأستاذ فقد جعل (إلا) بمعنى (لكن) فأخرجها عن الاستثناء وجعل ما بعدها مستثنى منقطعا فأرجعها إلى الاستثناء وقد عرفت أن جعلها بمعنى (واو) العطف يقتضي التشريك في اللفظ والمعنى، ولا يتصور في البيت التشريك فإن (يعزم) مثبت و (ريشه) قد نفي عنه العزم بقوله: ليس بعزم أما جعل ما بعد (إلا) مستثنى منقطعا، فلا يزيل الاعتراض، فإن (ريشه) الذي هو منصوب على الاستثناء سواء أكان متصلا أم منفصلا لا يجوز أن يخبر عنه بليس يعزم. ثم أراد الأستاذ أن يوجه (رنق) في بيت له كنا قد نقدناه، فأراد ما قاله صاحب اللسان في (رنق): الترنيق كسر الطائر جناحيه من داء أو رمي حتى يسقط، وهو مرنق الجناح، إلى غير ذلك من معاني الترنيق ونحن لا ننكر أن للترنيق معاني كثيرة ولكن ننكر أن يكون الصرصور قد طار طيرانا خفيفا وهو مكب على الأرض). على أن الطائر إذا رنق من رمي، فلا يطير طيرانا خفيفا بل يسقط أو يطير طيرانا ثقيلا. ونقدنا قوله: أكان للمرء أيما أرب ... في الصبر لولا كوارث الزمن فقلنا: ليس من الصواب جعل (أيما) وهي للاستفهام اسما لكان المصدر كذلك بهمزة الاستفهام ثم أن (أي) لها صدر الكلام، فلا يجوز من هذا الوجه أيضاً جعله اسما لكان. فقال الأستاذ: (ما رأي (لغة العرب) في قولنا لها: لم نر أي خطأ ولم يزعم أي أحد ما تزعمين. أهذا كلام صحيح أو غير صحيح؟) والجواب: (غير صحيح) وقد أخذ في السني الأخيرة بعض الكتاب

يستعملون (أي) في غير موضعها خطأ منهم في العبارتين السابقتين والصواب في العبارة الأولى (لم نر خطأ) وفي الثانية: (ولم يزعم أحد). وكنا نقدنا قوله (لست على الصبر مزريا) فقلنا لان (أزرى) يتعدى على الفصيح بالباء، فقال: (لم نعرف أحداً غيرها يجترئ هذا الاجتراء، وينكر تعديه أزرى بعلى وهي في كل كتب اللغة تتعدى بها كما تتعدى بالباء) ويرى القراء من عباراتنا أنا لم نجترئ على إنكار عديها بعلى إنما قلنا يتعدى على (الفصيح) بالباء وإذا كان هذا اجتراء فليمسك بتلابيب ابن سيده وصاحب لسان العرب فإن الأخير قال: (قال ابن سيده عليه قليلة) وتلابيب صاحب القاموس إذ قال: (كأزري عليه لكنه قليل) وتلابيب صاحب الصحاح إذ قال أزريت به ولم يشر إلى وجود أزريت عليه. ديوان العقاد - 4 - وقال ص 83 (وغبن الشاعرين شديد) وهو يريد الشعراء وقال (عليها من حلاه نضود) وجمع النضد انضاد لا نضود، وقال: تجمعت الأضداد فيه فحكمة ... وحمق وقلب ذائب وجمود كأنه أحس بما في شعره من تناقض فأراد أن يعتذر عن نفسه عادا إياها من الشعراء وهيهات!!! وقال: وأقصى مناه في الحياة نهاره ... وأدنى مناه في الممات خلود وما أكثر ولع الأستاذ بالصناعات البديعية فتراه يهزأ بالحقيقة ليتم له الطباق بين الحياة والممات و (أقصى وأدنى) ومتى كانت الذي أبعده مناه عيش يومه شاعرا خالدا؟! وقال من قصيدة (الورد) ص 91: وغرد هاتف الأطيار لما ... جلا البستان عن خدر العروس لا افهم معنى (جلا البستان عن خدر العروس) يقال جلا عن فلان الأمر بمعنى كشفه وجلا العروس على بعلها بمعنى عرضها عليه مجلوة فهل يريد كشف البستان عن خدر العروس عن ذكر المفعول وقال:

نديم الكأس طف بالروض تنظر ... غصون الورد مترعة الكؤوس وفيه ثمالة لم يودعها ... من الأفراح كرم الخندريس الضمير في (فيه) لا يعود إلى الكأس لأنها مؤنثة فأين هذه الثمالة التي يتكلم عنها بقية ما في الكأس؟ ولعله راجع إلى الورد ولكن غصون الورد مترعة الكؤوس كما في أول البيتين ولا يقال لما كان مترعا (فيه ثمالة) (!!!) وقال ص 92: جنى الفردوس إلا أن فيه ذكاء ... النار والجمر القبيس ولم يجئ القبيس إلا بمعنى الفحل السريع الالقاح فلا محل لإيراده في البيت وقد ظن أنه فعيل بمعنى مفعول من قبس فهو يريد الخمر المقبوس. وقال: وتتركنا كما نشأت وطابت ... كرام الطبع بالوادي الجديس وقد شرح الجديس بالجدب ولم يجئ الجديس إلا اسما لقبيلة كانت في الدهر الأول وأما الذي جاء بمعنى المجدب فهو الجادس وقال: لو أنا قادرون لما هفونا ... إلى غير المحاسن والروس والطروس لم تجئ هنا إلا للقافية ثم تأتي أرجوزة (رحلة إلى الخزان) ص 93 واكثر معانيها غامض وليس فيها ما يجذب نفس السامع نضربنا عنها صفحا. وقال من قصدية (عيش العصفور) ص 97: مغردا قط ما تواني ... مرفرفا قط ما استقر قدم (قط) على فعل الماضي في الشطرين وذلك ليس بالفصيح ولا أتى بمثله شاعر (فحل). وقال: كخفة الطفل في صباه ... لكنها خفة العمر أراد كخفة الصبي ولكنه قال (كخفة الطفل في صباه) كأنه يدفع ما عسى أن يتوهم القارئ أن الخفة خفة الطفل في رضاعه أو في شبابه أو كهولته ثم قال: (لكنها خفة العمر) والضمير في (لكنها) راجع إلى خفة ولا أعرف أهي خفة العصفور أم خفة الطفل. فإن كانت خفة العصفور فليست هي خفة العمر بل خفة نوع الطائر. وإن كانت خفة الطفل فما هذا الاستدراك؟ احسب أن من القراء من يزعم أن خفة الطفل هي غير خفة الصبا. وقال:

يقارب السحب ثم يهوى ... يبشر االروض بالمطر ما أوصل العصفور بالسحاب وقد كان بين الأغصان يتنزى والمعروف أن القبرة هي التي تصعد إلى علو مغردة ثم تهبط وقال: ويستحث الرياح ضربا ... بخافقيه فتبتدر لله ما أهول المطايا ... واضعف الراكب الأشر جعل الريح مطيه العصفور وتعجب من هول هذه المطية ومن ضعف راكبها - العصفور - وأي ضعف في طائر يستحث الرياح ضربا بخافقيه فتبتدر الرياح كما ادعى في أول البيتين؟ وقال: (ولا خلا الروض من ثمر) والروض لا يثمر في كل المواسم. وقال: من عاش يوما أو بعض يوم ... يعلم ما ضربة القدر قد يعيش الطائر وغيره شهورا وسنين ولا يعلم ضربة القدر. وقال من قصيدة (أحكام الموتى) ص 99. ستغرب شمس هذا العمر يوما ... ويغمض ناظري ليل الحمام جعل الحياة شمسا للعمر وقال ستغرب ويجئ ليل الموت فيغمض ناظري وما أغنى الشاعر العصري عن كل هذه الاستعارات!!! وقال: فهل يسري الى قبري خيال ... من الدنيا بأنباء الأنام ويمسي طيف من أهوى سميري ... ويؤنس وحشتي ترجيع هام واحلم بالزواهر دائرات ... وبالزهر المنور والغمام والجواب على استفهاماته هذه كلها: (كلا) وقال: ألا ليت النيام هناك تحظى ... بأحلام كأحلام النيام إلى آخر ما تمنى وهي مثل تمنيات الأطفال. وقال من قصيدة (الموت في الكرى) ص 100: أبصرت بالموت في الكرى ... عميان لا يخطئ العدد أراد بالعميان الأعمى ولم يجئ وهو من لغة العوام. وقال: كف من الثلج أن جرت ... في جاحم النار تبترد أراد بتبترد (تبرد) وتبترد بمعنى تغتسل بالماء البارد وهذا غير مراده وهو

يفسد ما أراده. وقال يا مطعم الدود بالصبا ... لا الدود تبقى ولا الجسد والباء في (بالصبا) زائدة وقال: تنسى الذي نام في الثرى ... ولست تنسى الذي ولد لا تطرق الناس في الكرى ... سلطانك القبر فابتعد والذي ينسى الذي نام في الثرى ليس سلطانه القبر. وقال من قصيدة (شهرزاد): فله طلعة بها أجل الغيد ... رهين يستنجز الموعودا فما اسخف البيت!!! وقال ص 101: ما جلوها إليه بالليل إلا ... أتلع الموت في الصبيحة جيدا يريد ما زفوها في الليل إلا ماتت في الصبح ولكن انظر أي طريق وعر سلك في بيان أنها ماتت في الصباح، والصواب (جلوها عليه) يقال جلا العروس على بعلها: عرضها عليه مجلوة. وقال: جذلا كان صغوه لا غراما ... وجد الآن قلبه المفقودا وما أرك لفظ هذا البيت واسخف معناه!!! وهناك أبيات على هذا النمط ما عليها صبغة شعرية. وبينما هو يقص علينا قصة شهرزاد والرجل الحقود على النساء القاتل لهن إذا به يقول في بيتين: (السحر آيتان فمن يملكها يملك الملوك عبيدا) ثم بين الآيتين بقوله: يستبي القول ساحرات الغواني ... والغواني تسبي القؤول المجيدا وهو يظن أنه ينثر الحكمة أو يجئ بفلسفة جليلة!!! ثم قال: أيتا فتنة تصاد وتصطاد ... فآنا صيدا وآنا صيودا وليست الآيتان تصاد وتصطاد بل الذي يصاد ويصطاد هو الرجل الحقود والغانية وأما الآيتان فهما القول الخادع وجمال الصورة وقال ص 103 من قصيدة: نحن في هذه الحياة حيارى ... حار والله كل قلب وحيد ولا أريد أن اصدر حكمي على هذا البيت، إنما اعرضه على القارئ ليصدر حكم نفسه عليه. وقال من أرجوزة (حديقة البرتقال) (نزة عن تصوح

وعري) ولا أدري أيقسم التصوح إلى سهلي ووعري. وقال من قصيدة (قدوم الشتاء) ص 106: تسير الكواكب سير الحذر ... ويرجف في الجو نور القمر وما في مشهد الكواكب في الشتاء ما يدل على أنها تسير سير الحذر ولا في منظر القمر ما يفهم منه أن نوره يرجف أما القمر فلا يرجف نوره في الصيف والشتاء وأما الثوابت فإن ما يشاهد من اهتزاز أنوارها لا يختص بموسم دون آخر واظهر فرق بين الثوابت والسيارات أن الأولى يهتز نورها والثانية لا يظهر في نورها هذا الاهتزاز. وأما السبب في الاهتزاز الظاهر للثوابت وعدمه للسيارات فليس هنا محل بيانه. وقال: وللشمس مشية مستكره ... يساق إلى منظر لا يسر والأستاذ ظن كلمة (مستكره) وقد شكلها بفتح الراء - بمعنى مكره واستكره الشيء بمعنى عده أو وجده كريها وهذا لا يناسب المقام. وقال: ينادي بأن الربيع اندثر ... ولكن لا يقال أن الشتاء غدا بالأثر يقال إذا قدم الشتاء إن الربيع أندثر ولكن لا يقال أن الشتاء غدا بالأثر فإن (غدا) بمعنى ذهب غدوة وكيف يصح القول أن الشتاء ذهب وهو قادم؟ وقال: فيا منظرا مونقا للرياض ... تأنق فيه الربيع العطر لقد أنكرتك عيون الشتاء ... ويا حسن ما أنكرت من صور كما أنكر الشيخ من مجلس ... تداعى الشباب به للسمر بعدما بين أن الزهر عند قدوم الشتاء طائح يتقلب في الأرض كالمحتضر وأن الطيور أخذت تهجر الرياض شرع يمدح منظر الرياض المونق في الربيع ويذكر أن عيون الشتاء تنكر هذا الحسن كما ينكر الشيخ مجلس الشباب وهل يجتمع الشتاء والربيع لينكر حسنه كما ينكر الشيخ مجلس الشباب؟!! وقال من قصيدة (الوداع) ص 108 وقد عربها عن بيرنز بعد أن ذكر القبلة والفراق والعناق وانه سوف يبكيها ويدعوها في الليل بالأنين: كيف يشكو من عثرة الجد ظلما ... من محياك نجمه الالاق كأنه يقول أن شكايتي ليست في محلها فإن محياك نجمي المؤتلق الذي

لا يغيب عن نظري طيفه. ثم قال: بيد أني درجت في ظلمة اليأ ... س فحولي من الظلام نطاق ولا أدري كيف غاب عنه طيف المحيا الالاق فدرج في ظلمة اليأس وضرب حوله نطاق من الظلام وقال: من رآها فكيف يسلو هواها ... يعشق القلب إذ ترى الإحداق ولم استحسن جعل (كيف) وهي للاستفهام جوابا للشرط فهلا قال في الجواب: (فليس يسلو)؟ و (إذ) الزمانية تختص بالماضي فلا يجوز قوله (إذ ترى) والقصيدة لا تهز سامعها ولعلها في اصلها بديعة غير أن الأستاذ لم يحسن تعريبها وهذا دليل على صعوبة ترجمة الشعر بالشعر مع المحافظة على الروعة. وقال في ثاني بيتين مستقلين باسم (خف العيش). وان الموت إذ يأتي ... ك لا يلفيك موجودا وقد تقدم أن (إذ) الزمانية تختص بالماضي. وقال من قصيدة (هذا لماك) ص 109: أدنى لثغري من يدي ... وكأنه نهر المجرة شبه لمي (حبيبه) بنهر المجرة؟ فما أوسع فمه!!! وقال: أن الشفاه شهية ... أما إذا اشتهيت فمرة ولماذا؟ وقال من قصيدة (رائش لا يتعب). ليت الذي يرمي القلوب بلحظه ... رام يريش فيعتريه لغوب يقال راش السهم بمعنى الصق به الريش ولا أدري لماذا يعتري الذي يريش السهم تعب. قال: يا من يعيب على الفراش طياشة ... نحن الفراش فما تراك تعيب؟ ولم يجئ مصدرا لطاش إلا الطيش. هلا قال (يا من يعيب على الفراشة طيشها). وقال أبيات باسم (السعادة) ص 111: أن الشقي الذي لا صنو يشبهه ... وللأصاغر أشباه وأمثال جعل (الذي) خبرا لان وهو يلتبس بالنعت للشقي. وقال: (ومن علا عنه ساءت به الحال) و (علا) لا يتعدى بعن يقال علاهم

بمعنى ارتفع عليهم. وقال: أن السعادة تحت الأرض معدنها ... لا يطلب السعد من آوته الجبال ولا أدري أية سعادة هذه التي معدنها تحت الأرض. أيريد الذهب أم ماذا؟ وقال من قصيدة (الوردة) ص 113 وقد ترجمها من قطعة للشاعر الإنكليزي وليام كوبر: فما كان اقساني لقد فاض روحها ... وطارت بدادا في التراب إلى الدفن يريد بكلمة (بدادا) متفرقة و (بداد) بمعنى المتفرق مبني على الكسر فلا يجوز فيه النصب بالفتح والتنوين قال الشاعر: (والخيل تركض في الصعيد بداد) وأما البداد بالفتح فهو بمعنى الرباز والأعداد والأقران وبالضم فهو بمعنى النصيب وبالكسر فمصدر باد القوم بمعنى أخرج كل إنسان شيئا من النفقة في السفر ثم يجمع فينفقونه بينهم أو مصدر باده بمعنى باعه معرضة. ثم تأتي قصيدة (يا قمر) ص 114 وقد أجاد فيها كل الإجادة. له بقية 68 - منهج السنة الدراسية الأولى لكلية الطب العراقية جامعة آل البيت بغداد طبع في مطبعة الحكومة سنة 1928 في 23 ص عربية و17 ص إنكليزية متقن الطب عندنا حديث أنشأته الحكومة العراقية في سنة 1927 أما قبل الحرب فلم يكن في ديارنا شيء من هذا القبيل ولا ما يقارنه وكان أبناء العراقيين يذهبون إلى بيروت أو إلى ديار الغرب لدرس علم الطب، فاليوم أصبحنا في غنى عن تغريب أولادنا. وهذا المنهج يدل على أن الطب في سنته الأولى يدرس بكل إتقان. وفيه ذكر العلوم والفنون التي تلقى فيه مع أسماء الأساتذة الذين يعنون بتلقينهم إياها للطلبة. ولا جرم أن هذا المتقن يوغل في التعليم كلما تقادم عهده ومرت السنون عليه. فنتمنى له الرقي الدائم والنجاح الثابت!

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره المؤتمر الدولي السابع عشر للمستشرقين في اكسفورد سنة 1928. بناء على القرار الذي صدر في الاجتماع الأخير للمؤتمر الدولي السادس عشر للمستشرقين الذي عقد في أثينة سنة 1912 اقترح أن يكون انعقاده السابع عشر في أكسفورد، وبناء على ذلك تتخذ الآن التدابير اللازمة لهذا الغرض في أكسفورد في الأسبوع الذي يبتدئ في 27 أغسطس (آب) سنة 1928 وقد تألفت لجنة التنظيم برئاسة الأستاذ ف. وتوماس مدرس السنسكريت في اكسفورد وقد وضع الترتيب التالي لتأليف المؤتمر: الرئيس: اللورد تشلمرس. اللجنة العامة: أعضاء مجلس إدراة معهد اللغة الشرقية في اكسفورد. اللجنة المنظمة: الرئيس: الأستاذ ف. و. توماس. الأعضاء: الأستاذ د. س. مرجوليوث الأستاذ و. ا. سوتسهل. الأستاذ س. هـ. لنجدون - الأستاذ ف. ل. جريفث - المستر ج. ر. در يفر أمين الصندوق والسكرتير المستر ك. ن. سادون. وتبتدئ أعمال المؤتمر يوم الاثنين 27 أغسطس (آب) سنة 1928 وتنتهي جلساته يوم السبت أول سبتمبر (أيلول) وتعقد الجلسات في المعهد الهندي ومباني الكلية المجاورة وترتيب الأعمال في اجتماعات عامة واجتماعات قسمية. ورتب الاجتماعات القسمية ترتيبا وقتيا كما يلي: 1 - علم البحث في الجنس. مباحث السلالات البشرية. علم الآثار القديمة قبل التاريخ. علم الأساطير القديمة قبل التاريخ. علم الأساطير القديمة وخرافات البشرية. 2 - علم اللغة الآشورية ومواضيع مختلفة. العراق القديم وآسية الصغرى. 3 - مصر وأفريقية. 4 - آسية الوسطى وآسية الشمالية مع التيبت (التبت).

5 - الشرق الأقصى. العند الصينية. مالينزية وبولينيزية. 6 - الهند وإيران لغات الهند الأوربية في آسية. 7 - العهد القديم والأدب الخ في الإسلام. 9 - الفن الشرقي. وستقرر اللجنة توزيع الأوراق على الأقسام المختصة بها وستبذل اللجنة كل ما في وسعها لكي لا تقرأ الأوراق ذاتها في وقت واحد. وستكون الأقسام تحت مراقبة رؤسائها وسيكون لها سكرتيرون خصوصيون وستكون اللغات المعترف بها في المؤتمر الفرنسية والألمانية والإنكليزية غير هذه وجب عليه أن يستأذن رئيس القسم المختص. يؤمل أن الاشتراكات التي وصلت تكون كافية لطبع إجراءات المؤتمر وفي هذه الحالة يحق لكل عضو أن يدفع اشتراكا كاملا للحصول على نسخة منها. قيمة الاشتراك الكامل في العضوية هي جنيه إنكليزية ويحق للأخطاء أن يأخذوا تذاكر لأفراد عائلتهم بنصف قيمة الاشتراك ولهؤلاء الحق في جميع الامتيازات المخولة للعضوية عدا الحصول على نسخة من النشرة التي تشتمل على إجراءات المؤتمر. وعلى الذين يرغبون الانضمام إلى المؤتمر أن يرسلوا بقيمة اشتراكهم إلى أمين صندوق المؤتمر الدولي للمستشرقين وعنوانه كما يلي: وترغب اللجنة المنظمة أن تدعو بهذه النشرة كل من يهمه الاشتراك في هذا المؤتمر وإن يتكرموا بعضده. وترجو من الأعضاء أن يقدموا ما لديهم من المطبوعات والمخطوطات التي تهم المؤتمر. 2 - عودة السيد توفيق البكري عاد إلى القاهرة بعد غياب طويل (17 عاما) في سورية لأسباب طويلة سماحة السيد توفيق البكري الشاعر الناشر المشهور، فرحب به الأدباء في مصر ترحيبا جما وقد نشرت (المقطم) حديثا دار بينه وبين الأستاذ لطفي بك جمعة في شؤون شتى دل على تعافي السيد توفيق مما ألم به. فنهنئه نرجو استئناف جهوده القيمة لخدمة لغة العرب وآدابها بعلمه وجلده وغيرته.

3 - مصر والشيوعية جاءتنا الصحف المصرية بالبريد الأخير فإذا بها تمتاز بجملة سفيهة منظمة يحملها عباس أفندي العقاد المحرر في صحيفة (البلاغ) التي تصدر بالقاهرة على الدكتور محمد حسين هيكل بك، رئيس تحرير صحيفة (السياسة) المشهور بدعته ومكارم أخلاقه. ثم تبع ذلك ادعاء العقاد هذا بأن في مصر مأجورين لزعماء الشيوعية في موسكو، وانهم يحاربون قوميتهم تحت ستار تمهيدا للشيوعية، فكان بذلك خير معوان للصحافة الإنكليزية التي تحارب توثيق العلاقات التجارية بين مصر وروسية. وقد سخفت (السياسة) هذا الرأي بقوة، وأظهرت من طرف خفي أن غرض العقاد إنما هو النيل من زملائه الأدباء المجددين المنتصرين للمبادئ الأممية، وللأفكار الإنسانية العامة، التي ينادي بها (ولز) و (شو) وإضرابهما! وهكذا تكون نزهة الحكم والتفكير والقيادة الأدبية وإلا فلا! وإذا لم يخطئ استنتاجنا فنحسب أن العقاد يريد الإساءة إلى سلامة موسى. و (لغة العرب) ليست من عشاق سلامة موسى أولا: لآرائه المتطرفة الجنونية أحيانا، وثانيا: لما نعده من اباحاته الكثيرة إساءة إلى لغتنا العدنانية الشريفة، ولكننا لن نتدنى إلى مثل هذا الاتهام الخطير الذي يلقيه العقاد جزافا لحاجة في نفسه هي حسده لمنافسه وحقده عليه. ونصحتنا إلى سلامة موسى أن لا ينسى ذكره في قائمة عظماء مصر إذا ما عالج هذا البحث مرة أخرى في المستقبل فيريح ويستريح، وحسبنا نحن أن نقول أن رجلا كالعقاد ينحط هذا الانحطاط في أساليبه النقدية إنما ينتحر وهو لا يدري، وليس يضيرنا بعد ذلك إذا حاول الإصغار من قدر (لغة العرب) من جهود صاحبها في جيل كامل والنفاق معا والحق أنه لولا رياءه هذا لكان لنقده شوقي بك زعيم المحافظين قيمة ولكن الناس عرفوا نفاقه وحسده وكبريائه المصطنعة، التي شرحها زكريا أفندي جزارين في كل من (السياسة) و (المهذب) شرحا علميا نفيسا، فأعرضوا عنه، وهكذا أساء العقاد إلى قضية التجديد في الأدب، كما أساء إلى نفسه والى من حف به.

4 - العرب ومؤسسات روكفلر قررت مؤسسات روكفلر إدخال ستة طلاب من العرب على نفقتها في جامعات أميركة لتلقي علومهم فيها، وقد وزع هذا كما يلي: 3 من العراق، و 2 من سورية و 1 من فلسطين. 5 - حمعية طبية في حيفا نظم الأطباء العرب في حيفا جمعية عليمة طبية لسانها اللغة العربية، وانتخبوا لها الدكتور إبراهيم زعرب رئيسا والتحق الأطباء الثلاثة الأجانب في حيفا وهم إنكليزية وإيطالي وألماني بهذه الجمعية. 6 - بريد المكلا طبعت حكومة المكلا طوابع بريد من جنسين، ووصلت إليها أدوات البريد، وستشرع عن قريب في تنظيمه بين البلاد القعيطية، وتريم، وسيون. 7 - وفاة الشيخ محمد أمين عالي باش أعيان العباسي كانت الوفاة نهار الثلاثاء 29 أيار في يوم عيد الأضحى في البصرة وكان المرحوم نائب البصرة ووزير الأوقاف سابقا. وعمره يناهز الستين. وله مقالة في لغة العرب 57: 3 إلى ما بعدها و 128 وما يليها استمد منها جميع المستشرقين الذين كتبوا عن العراق. وكذلك فعل من الفئات عن العراق. وقد اشتهر المرحوم بمساعدته لهذه المجلة بعمله وقلمه وماله رحمه الله رحمة واسعة! 8 - نافع الاورفة لي انتقل إلى دار البقاء فجأة في 4 حزيران وكان قبل موته بساعات يجول في الحاضرة منهمكا في أمور الانتخابات والترشيحات. وقد ظهر للأطباء الذين فحصوه أنه (من المحتمل أن يكون مات مسموما). 9 - لجنة مشروع المنازل في العاصمة الفت وزارة الداخلية لجنة خاصة لمشروع المنازل قوامها معالي وزير الداخلية (رئيسا) والمستر بري مستشار وزارتي الزراعة والري والأشغال والمواصلات وسعادة أمين العاصمة وسعادة مدير الصحة العام وسعادة المفتش الإداري للواء بغداد. وقد اجتمعت اللجنة في وزارة الداخلية وقررت أن تبين المنازل الجديدة في الأراضي الأميرية. وقد صرف النظر عن البناء في جهة الكرخ وتم الاتفاق على تشييد المنازل في محل عال بين الكرادة الشرقية وسكة حديد خانقين على أن تؤكد إدارة الري أن المحل مصون من أضرار الفيضان.

10 - حفلة الضباط الجدد أقامت المدرسة العسكرية الملكية العراقية في الحاضرة حفلة ذكرى لإخراج ثاني صف من التلاميذ ضباطا للجيش العراقي. وجرى عرضه في ميدان عرض المدرسة في الكرادة الشرقية في الساعة السادسة ونصف من صباح السبت 30 حزيران وحضر الحفلة صاحب الجلالة ملكنا المعظم فكانت من أبدع ما جاء من نوعها. فنهنئ الضباط الجدد بهذا الفوز المبين. 11 - كيف تتنصل حكومة الحجاز من تبعة أعمال الإخوان من غريب ما جاء في جريدة (أم القرى) وهي الصحيفة الرسمية الصادرة عن لسان ابن سعود ما يأتي نشره بحرفة نقلا عن العدد 169 وهي: نشرنا من قبل بعض القول عن الخلاف القائم بين نجد والعراق في الأيام الأخيرة، ولا تزال نرى بعض الصحف وعلى الأخص العراقية منها توجه اللوم على نجد وحكومته متناسية ما كان من العراق في جنب نجد من سوء. وربما تبع صحف العراق بعض الكتاب من العرب الذين لا يعلمون حقيقة الإساءات المتتابعة التي كانت من العراق وشرقي الأردن على نجد، والتي من أجل وضع حد لها كانت مقررات المحمرة ثم بروتوكول العقير ثم مؤتمر الكويت ثم معاهدة بحرة ولو أن من في العراق وشرقي الأردن حافظوا على العهود التي قطعوها ولم يخلو بشروطها لما رأينا هذه الحوادث المريعة بين العراق ونجد هذه الأيام وأنا نسرد هنا للقراء نص المواد العهدية التي وردت في مقررات المحمرة وبروتوكول العقير ومعاهدتي بحرة وجدة والتي نقضتها حكومة العراق وحكومة شرقي الأردن ونترك للمصنف الحكم بعد ذلك: (1) - جاء في فقرة (ب) من المادة الأولى لمعاهدة المحمرة المنعقدة في 7 رمضان سنة 1340 ما يأتي: (انه نظرا لقرار (أ) عشائر المنتفق والضفير والعمارات يرجعون إلى العراق وشمر نجد إلى نجد. . . الخ) فكان بعد ذلك أن عادت عشائر المنتفق والضفير والعمارات إلى العراق وبقيت شمر نجد في العراق تشن الغارات في كل وقت وحين على قبائل نجد ولم تنقطع غزوتها حتى هذه الأيام، وقبل بضعة أسابيع نشرنا في (أم القرى) خبر غزوة المائق من شمر على جهات الجوف وفتكه ببعض

الرعاة الضعفاء وسلبه ثلاث رعايا من الإبل ثم أعادت الكرة على جهات الجوف أيضاً وسلبه منها ثلاث رعايا أخرى (ولشمر نجد المتلجئة إلى العراق حديث طويل عن سبب التجائها وغاية الذي يحميها في العراق من حمايته لها وما سبب التجاء الأشرار من هذه القبيلة من كوارث ومحن بين نجد والعراق وليس هذا محل التفضيل في هذا الشان). (2) - جاء في المادة الثالثة من بروتوكول العقير ما يأتي: (تتعهد الحكومتان كل من قبلها أن لا تستخدم المياه والآبار الموجودة على أطراف الحدود لأي غرض حربي كوضع قلاع عليها وإن لا تعبئ جنودا في أطرافها) أما حكومة نجد فقد منعت البناء مطلقا على الرقعى والحفر ولينا وغيرها لما طلب منها الترخيص بالبناء على هذه المواقع ولكن حكومة العراق لم تبال بالعهد المقطوع فبنت الحصن المشؤوم على بصية والتي قامت القيامة الأخيرة بين نجد والعراق من اجله وفصلنا كل شيء وقع من أجل ذلك في إعداد سابقة. (3) - جاء في المادة الأولى من معاهدة بحرة المنعقدة بتاريخ أول نوفمبر سنة 1925 ما يأتي: (تعترف كل من دولتي العراق ونجد أن الغزو من قبل العشائر القاطنة في أراضيها على أراضي الدولة الأخرى اعتداء يستلزم عقاب مرتكبه عقابا صارما من قبل الحكومة التابعة لها وإن رئيس العشيرة المعتدية يعد مسؤولا) وقد وردت هذه المادة بنصها في معاهدة جدة المنعقدة بين نجد والحكومة البريطانية النائبة عن شرقي الأردن وكانت فيها المادة الخامسة. ولكن ما قول المنصفين، إذا كان قد بلغ قيمته ما نهبته قبائل شرقي الأردن من قبائل نجد عن طريق الغزو في أراضي نجد بما في ذلك تقدير ديات القتلى بما لا يقل عن مائتي الفئات جنيه ولا تقل تلك الغزوات عن ثلاثين غزوة وكان من بدو العراق غزوات عظيمة لا تقل مقدار الخسائر التي لحقت نجدا بسببها عن مائة ألف جنيه، ورغم ما جاء في المادة المذكورة ورغم احتجاجات حكومة نجد وتحذيرها من نتيجة التمادي في هذه الخطة فلم يقصر الغزاة عن إجرامهم وشرورهم كما أن حكومة العراق وحكومة شرقي الأردن لم تؤدبا مجرما من أولئك المجرمين حتى ولا بعتب ولا لوم. (له تلو)

العدد 62

العدد 62 - بتاريخ: 01 - 08 - 1928 الأب جوزيف بوشان جوزيف (يوسف) بوشان، فلكي فرنسي ولد في فزول (في فرنسة) في سنة 1752، وتوفي في نيس (فرنسة) عام 1801، وهو ابن أخي ميروده دي بور أسقف بابل (بغداد) على اللاتين. دخل في سنة 1767 في رهبانية البرنرديين وصادق لالند الذي خرجه في علم الفلك، وبرح عام 1781 فرنسة ذاهبا إلى الشرق، لينضم إلى عمه الذي كان قد سبقه إليه بل ذهب إليه ليتفرغ في ديارنا الشرقية لعلم الفلك متتبعا ذوقه الذي كان يحدو به إلى التوغل فيه وفي علم البلدان. فزار حلب الشهباء، وبغداد الزوراء، والبصرة الفيحاء (سنة 1784) وإيران (1786) ثم آب إلى فرنسة سنة 1790. وفي مدة السنوات العشر أمد بوشان أستاذه لالند بأرصاد مختلفة مهمة وبملاحظات نفيسة. ورسم له خريطة لمجرى دجلة والفرات على طول 1. 200 كيلو متر، وخط خريطة أخرى لبحر الخزر (أو بحر قزوين) وأهدى إلى الأبيل برتلمي صورمبان وكتابات ورقم وأنواط عديدة جميعها عن بابل، كما أتحفه بكتب عربية خطية اشتراها في ديار الشرق.

وفي سنة 1776 أرسل إلى مسقط (عمان) قنصلا فعني بإصلاح الأوهام التي ارتكبها بعض العلماء بخصوص الخرائط التي تتعلق بالبحر الأسود (؟ لعلها الأحمر) وفي سنة 1798 دعاه بونابرت إلى مصر ثم عهد إليه بعد ذلك بأن يذهب إلى الأستانة لمهمة سياسية علمية (سنة 1799)، فقبض عليه الإنكليز وهو في البحر وأسلموه إلى الترك بحجة إنه جاسوس. ولم يتحرر من الأسر إلا قبيل موته أي في سنة 1801 في الوقت الذي عينه القنصل الأول (معتمد الصلات التجارية في لشبونة) (برتوغال). كان بوشان عضوا في المعهد (الانستيتو) الفرنسي ومراسلا لمحفى العلوم. وقد أدرج اغلب ملاحظاته وأعماله في (مجلة العلماء) الفرنسية في سنة 1785 إلى سنة 1793. وفي (الديكاد الفلسفية) وفي (الجريدة المعلمية) (الجرنال الانسكوبيدي) الخ. ودونك أهم ما كتبه: رحلة من بغداد إلى البصرة على طول الفرات، ورحلة إلى فارس (في سنة 1787) ومذكرات في العتائق البابلية، وخواطر في أخلاق العرب إلى غيرها. وفي ختام هذه الترجمة ننقل هنا ما جاء في المشرق (9: 190) بعنوان (مرصد كاثوليكي قديم في بغداد). أفادنا حضرة الأب بطرس دي فراجيل (اليسوعي) إنه قرأ في كتاب تاريخ الرياضيات للمؤرخ منتلوكا (1758 - 1802) في الطبعة الثانية (ج 4 ص: 567): أن السيد دي بوشان نائب القاصد الرسولي في بابل، كان طلب في القرن الثامن عشر من المجمع العلمي في باريس على يد العلامة الشهير لالند آلات فلكية لرصد النجوم في بغداد، فأجاب المجمع العلمي إلى ملتمسه، وارسل له (أي إليه) المارشال دي كستري عدة آلات رصدية. فبنى دي بوشان مرصدا جميلا سنة 1786، وأرسل إلى المجمع العلمي بنتيجة أرصاده الفلكية إلى سنة 1789. وكان المرصد مبنيا بالآجر، وموقعه عند الجسر، ومنه بقايا تعرف إلى اليوم ب (رصد خانة)، يلحق به بناء آخر يعرف ب (درس خانة).

الجعل

وكان دي بوشان وضع على بابه تاريخ بنائه الذي ذكرناه وهذا حرفه (باللغة اللاتينية): 1786 (لغة العرب) وهذه ترجمة الكتابة في لغتنا: بنى هذا المرصد الأب جوزيف دي بوشان، عاقب بابل (أي النائب العام لأسقف بابل)، وأقامه في بغداد مجددا آثار الكلدان والعرب. وذلك من جود الملك الممعن في النصرانية (أي ملك فرنسا) وجود وزيره دي كستري، وجهزه بالآلات المختلفة وأهداه إلى اورانية المعبودة (الفلكية) والى عاشقها المحبوب كل الحب دي لالند وذلك في سنة 1786م. أهـ. ونزيد على ما تقدم أن سجلات ديرنا تحافظ على زيج (جداول فلكية) بخط يده وعلى أوراق أخرى تتعلق بماحث فلكية وبلدانية. ومن الغريب إننا سألنا بعض قدماء الأدباء عن المرصد ومحله وما بقي منه فلم يستطع أحد أن يذكر لنا عنه شيئا فسبحان مغير الأحوال! الجعل من غريب صنع صاحب (البستان) إنه كثيرا ما يقدم المعنى المجازي على المعنى الحقيقي وهو صنع استقبحه علماء اللغة في كل عصر ولاسيما في هذا العصر. والأصح أن يقدم الأصل على الفرع كما تسبق ساق الشجرة أفنانها. فقد قال مثلا في مادة ج ع ل: الجعل كصرد، الرجل الأسود الدميم أو اللجوج وقيل هو الرقيب وكل ذلك على التشبيه ودويبة سوداء تكون في المواضع الندية. . . أهـ. قلنا: نعم، أن مثل هذه العبارة ورد في معاجم اللغة، لكن صاحب تاج العروس اصلح هذا العيب بقوله: (والأصل فيه دويبة سوداء. . . فصحح بهذا العمل ما أفسده الأقدمون الذين سبقوه. فلو اقتدى به صاحب البستان لما لمناه. لكن الرجل ناقل والناقل كالحاقن، وقد قيل في هذا: (لا رأي لحاقن).

الشك في الشعر الجاهلي

الشك في الشعر الجاهلي - شرارة نار انبثقت في بقعة جرداء، تناولت كل ما جاورها، فأصبحت شعلة عظيمة، هكذا الإسلام ظهر في بقعة صغيرة من جزيرة العرب، فانتشر هذا الانتشار الهائل، وما هي إلا سنوات قلائل، بل ما هي إلا غمضة عين في جفن التاريخ، إذا هو انبث في سوريا، افتتح مصر، اخضع المغرب، أذل الأندلس، دانت له أقاصي فارس، وأطراف الهند، واستولى على أواسط آسيا ولاطم أواسط فرنسا أيضاً، وجميع البلدان التي امتد إليه لهيبه - أمر لم يرو التاريخ مثيلا له، وأندفع العرب في الأثر، فملكوا وأعنزوا وصاروا إلى شيء لم يكن ليخطر لهم بالمنام، ولم يحلم به أجداهم والأباء، وإنما تمكنوا من الدخول إلى هذه البلاد والتسيطر عليها وكانت جميعها في أسوأ حالات الاضطرابات الداخلية التي كانت ترهقها إرهاقا وتستنزف دمها وقتئذ. ففي سورية هرقل لاه بالمجادلات الدينية والمباحثات الفلسفية وفي مصر الشقاق ضارب إطنابه بين القبط والروم والمغرب سادته المنازعات الداخلية، وأسبانية. أرهقتها التحزبات والخصومات بين الملك والأمراء وفارس هدت قوتها الحروب المتوالية، وهكذا أقول عن باقي الشعوب والدول، التي استعمروها، وأنى لهذه البلدان وهذه حالتها، أن تقف في وجوه هؤلاء الغزاة؟ وهذه العصبية الوثابة في الصدور وتلك النار المتأججة في القلوب!!! فهجموا واستولوا عليها وكانت لهم لقمة سائغة وما تربعوا في دست الحكم إلا أخذتهم عزة الملك وأنفة السلطة وارتاحوا من الحروب وهدأت أعمال الفتوحات وانقضى عهد الخلفاء الراشدين لأنه في أيام هؤلاء ما كان أحد يقدر أن يقف في وجههم ولا يعاندهم معاند. ومن تجاسر وأهان العرب أيامئذ أو عيرهم بماضيهم، فما كان الجواب سوى ضربة من هذا السيف، فهو فصل الخطاب، وفضلا عن ذلك كانت العرب تأخذهم عصبية الإسلام، فما كانوا يلتفتون إلا إلى إعلاء شأوه ورفع مناره وبسط ظله

فلما انقضى هذا الزمن وظهرت دولة بني أمية، تلك الدولة التي أعلت شأن العلم عند العرب، أفاق هؤلاء الغزاة من كبوتهم، فإذا هم صفر الأيدي من الآداب، وفي بلاد تفوقهم في الرقي والإمعان في التمدن. لأنها كانت مارست جميع العلوم ونبغت في جميع فروعها وعقدت لها رايات الأولية في أكثريتها، فتنبهوا وعلموا أن لابد لهم أن يجاورهم في هذا المضمار وألا فليس أمامهم إلا أن يرجعوا من حيث قدموا ثم لا تقوم لهم قائمة بعدئذ، فنظروا إلى الخلف فإذا الإسلام أمامهم وفتوحاته، وما صنعوا في سبيله وما بذلوا لأجله وبه يمكنهم أن يتفاخروا بما فعلوا ولكنهم لقرب العهد به لم يشاءوا أن يتخذه كوسيلة للمفاخرة، فنظروا إلى أبعد من ذلك إلى قبيله فإذا الماضي اغبر لا يبشر بشيء فما هم صانعون؟ أحوالهم ومحيطهم تدعوهم إلى أن يثبتوا لمحكوميهم أنهم قوم كانوا ذوي مدنية ورقي، وانه بشر بالإسلام بينهم قبيل ظهوره وغير ذلك ولكن ليس لديهم مستندات ولا كتب! هنا وقفوا حيارى! أي شيء ينيلهم مبتغاهم؟ ليس لهم طريق آمن من الشعر! فعمدوا إلى الرواة والمختلقين وحثوهم، فذكر الرواة ما يعلق بالفكر وتفنن المختلقون فاختلقوا أشعارا وأحاديث كثيرة، والشعر هو أقرب واسهل ما يتمكن به المرء لإخفاء معايبه وإبداء محامده، وهكذا عمدوا إلى الشعر، وطرقوا بابه، فوجدوه مفتوحا ميسورا. لا يحمل القارئ كلامنا هذا على غير محمله ولا يظن إننا ننفي وجود ما يدعى بالشعر الجاهلي، كلا! بل أننا بالعكس نؤكد وجوده وإن يكن فيه بعض تحريف مهم وتلاعب. وقد قلنا أن العرب لم يعمدوا إلى المختلقين فقط بل إلى الرواة الصادقين أيضاً ولا ينكر الشعر الجاهلي إلا من كان على عينيه غشاوة وفي أذنيه وقروا بعقله تعصب، كما إننا لا ننفي وجود كثير من الشعر المنتحل، لأن أولئك المنتحلة انتحلوا الشيء الكثير منه وعليه فقد وجب الشك فيه وكما أسلفنا فقلنا أن الشك في ما رواه الرواة نتيجة لازمة لترقية البحث العلمي فإن بين العلماء في أوربا الآن من يقول أن الإلياذة والأوديسة ما كانت إلا جملة أبيات أما الباقي فقد نسج خيوطه بعض القصاص بل أن منهم من يذهب إلى أن

هوميروس نفسه لم يوجد إلا في مخيلة أولئك الرواة وإن الكل انتحال. ولماذا هذا؟ لأن شعر هوميروس هذا يشبه الشعر الجاهلي في إنه لم يكن مكتوبا بل قصه الرواة بعد زمن هوميروس. كل هذا مع ما بلغه الإغريق القدماء من المدنية وأنشئ في تاريخ آدابهم من الكتب الكثيرة الضخمة، فكيف إذن بالشعر الجاهلي؟ وليس بين أيدينا تاريخ ممتع كامل لآدابه العربية؟ فإن ما يدعى عندنا بتاريخ الأدب العربي، ما هو إلا طائفة من المعاني وبعض من أخبار وتاريخ الشعراء والأدباء جمعت (بعضها إلى بعض بغير فقه ولا احتياط ولا دقة!) فالواجب يقضي علينا بالشك في أكثرية الشعر الجاهلي لما قدمنا من الأسباب ولأسباب أخرى دينية. ولما كان من التنافس بين الأنصار والقرشين وإن بعض الرواة كحماد وخلف الأحمر وغيرهما لم يكن لهم من هم سوى الكسب والفخر!. . . وسنأتي ببعض أمثلة من الشعر الجاهلي في معرض كلامنا. ومما يزيد فينا الشك هذه الكثرة المعروفة من الشعر الجاهلي وأننا نعلم أن كثيرا منه مفقود كما يخبرنا كتبة العرب أن جزءا كبيرا منه فقد على أثر فتوحات الإسلام بموت كثير من الرواة ومنع تداول ذكر جزء آخر يخالف معتقدات الإسلام أو يمس النبي أو صحبه بشيء، فهذه لو بقيت ولم تصادفها تلك العثرات المزعومة لوجدنا بين أيدينا طائفة كثيرة منه ولاحتجنا إلى مجلدات ضخمة!!! نعم! لا ننكر إنه منع تداول بعض شعر وقصائد، لامية بن أبي الصلت والحطيئة وغيرهما، وهذا من الثابت لدينا، فإن الأول عارض النبي الحنيف وناصبه العداء فوقعت مشادات كثيرة بينهما والثاني ناجز خلفاء وأصحاب النبي. أفليس هو صاحب: أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فيا لعباد الله ما لأبي بكر! أيورثنا بكرا إذا مات بعده؟ ... وتلك - لعمر الله - قاصمة الظهر! فكان من دواعي ذلك أن أمر بعدم ذكر قصيدة بها أي تعريض بالنبي أو صحبه وإنما ما بقي لنا من أمثال هذه القصائد تناقله بعض الخوارج فوصل إلينا ونحن نشك بقول هؤلاء الكتبة إنه وجد ذلك القدر الهائل الذي ليمحون إليه. وهذا بقطع النظر عما يلمحون إليه من أشعار أمية بن أبي الصلت وأمثاله

من الثائرين على الدين فجميع أشعارهم يحصر في كتاب. وكيف لا نشك في ذلك القدر الموهوم؛ بينما نحن لا نؤمن بكل ما لدينا لما نرى بين سطوره من رقة الشعور الفائقة والإحساس الزائد عما يحتاج إليه أولئك الأعراب فلو أتاني امرؤ وسألني لمن هذان البيتان: لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم ... ولا ارتضيت سواكم في الهوى بدلا لكنه قد لها في من يعذبه ... فليس يقبل لا لوما ولا عذلا ما ترددت لحظة في نسبتها لعمر بن الفارض فإنها تشابه شعره كثيرا ولم يكن ليخطر لي على بال إنها لعنترة بن شداد (على حد قول الرواة) وهو أعرابي جلف لم تصقله المدنية. بلى أن عنترة اشتهر ببعده عن بذاءة الألفاظ وحوشي الكلام: وأمتاز دون أكثر شعراء الجاهلية برقته ورشاقة تعابيره ولكن مهما يكن لا تبلغ به الرقة إلى هذا الحد وبين هذه الكلمات ترى آثار الصنعة والتلاعب، ألم يبلغ بالرواة أن نسبوا لامية بن أبي الصلت هذه الأبيات: الحمد لله ممسانا ومصبحنا ... بالخير صبحنا ربي ومسانا رب الحنيفة لم تنفذ خزائنها ... مملوءة طبق الآفاق سلطانا ألا نبي لنا منا فيخبرنا ... ما بعد غايتنا من رأس محيانا. الخ فهنا نراه يتطلب نبيا. مع أننا عرفنا إنه من الذين حاربوا النبي وعادوه، فالرواة اختلقوا هذه الأبيات والصقوها به كي يدعوا مجالا للظن أن أمية قد تنبأ بظهور نبي حين أرتجاه ويعتقد به، وإنما معاداته للنبي ما هي إلا لأسباب شخصية بحتة بينهما. فهذا الاختلاق هو من ضمن الأسباب الدينية التي قلنا إنها دعت الرواة إلى الانتحال فهم أرادوا أن يظهروا للملأ إنه تنبأ بالإسلام ويبعث نبي عربي من مكة أو من قريش قبيل أيامه بأعوام وقرون، فاختلقوا ما شاءوا من الأشعار ونسبوها لشعراء الجاهلية وعمدوا أيضاً إلى طرق أخرى وطرقوا غير باب الشعر. فقد بلغ ببعض الرواة المختلقين في بلاد الإفرنج أن ألفوا إنجيلا دعوه بإنجيل برنابا، وفيه تنبئوا عن بعثة الإسلام أو ما يشبهه، وذكر فيه النبي المبعوث وذلك أنهم علموا أن القديس برنابا ألف إنجيلا ولكنه ضاع ولم يصل الينا، فالفوا هذا ونسبوه إليه وقالوا أنهم وجدوه مخطوطا قديما في تلك

الديار. وكل ذلك ليثبتوا أن كبار الأولياء كانوا ينتظرون بعثة نبي عربي وقد أبان هذا الانتحال كثير من كبار علماء المسلمين فضلا عن المستشرقين. ومن المضحكات المبكيات نسبة هذه الأبيات لعنترة: فدونكم يا آل عبس قصيدة ... يلوح لها ضوء من الصبح ابلج! ألا إنها خير القصائد كلها ... يفصل منها كل ثوب وينسج! ومثله: عبيلة هذا در نظم نظمته ... وأنت له سلك وحسن ومنهج! فما أسخف التعبير! وما أظهر الصنعة؟ ومتى كانت العرب في الجاهلية تفاخر ببراعة نظمها؟ هذه الأبيات تشابه قول الزهاوي، شاعر العراق من قصيدته (أيها العلم)!: تتلى أمامك والجمهور مستمع ... قصيدة لفظها كالدر منسجم لشاعر عربي غير ذي عوج ... على الفصاحة منه تشهد الكلم! هفوة سقط فيها غير الأستاذ الزهاوي من المعاصرين، لو قرأ هذه الأبيات أجنبي لضحك ملء شدقيه، واستخف بعقولنا! تصفح أي ديوان فرنسي مثلا، وقل لي بربك هل تجد فيه هذا المديح وهذه المبالغات وهذا السخف؟ لا أظنك تجده. وإن جل ما تجده من هذا النوع من المفاخرة والمديح، بعض أبيات عند بوالو ذلك الشاعر الناقد المفلق وعند قليل من مثله، ولكن شتان ما بين هذه وتلك! الفرق عظيم في رقة التعابير ورشاقة النظم، وتناسق التركيب وغيره! ونحنلا ندري كيف هفا الأستاذ الزهاوي هذه الهفوة، بينما نعرفه من المجددين الناهضين وسقط في أمر ظهر في سوق الشعر أيام كساده!!. وينسب لعنترة أيضاً هذه الأبيات: والنقع يوم طراد الخيل يشهد لي ... والضرب والطعن والأقلام والكتب فكأنه المتنبي حيث يقول: الخيل والليل والبيداء تشهد لي ... والسيف والرمح والقرطاس والقلم فمتى كانت العرب في جاهليتها وفي الحجاز تتقن الكتابة أو تعرفها؟ نحن

نعلم أن عنترة كان أميا والعرب جلها لا تفقه القراءة ولا الكتابة بل كان همها الأهم أن تبحث عن معاشها، وضرورياتها والأخذ بالثار، وشن الغزوات ولا يشذ عن هذه القاعدة، سوى من كان منهم متصلا بالروم أو الفرس فقد كان فيهم تراجمة وكتبة، فأي طريقة بل أية أعجوبة حصلت فأنشأت من عنترة كاتبا؟. . . هنا نستدل على أن أولئك الرواة لم يكونوا ينتحلون الشعر وينسبونه إلى الشعراء الجاهليين، بل أنهم كانوا يخبطون فيه خبط عشواء فينسبون هذا البيت لهذا الشاعر وتلك القصيدة لذاك، بدون فكر ولا روية فلو كانوا أتقنوا الانتحال لقلدوا شعر الشاعر ونسبوه إليه ولبقينا في هذه الأشعار بين الشك واليقين، ولكن لكونهم لم يفقهوا ما صنعوا زال الشك، فلو نسبوا ذلك البيت إلى أمية ابن أبي الصلت أو إلى قس بن ساعدة لشككنا في الأبيات ولم نقدر على تأكيد الانتحال. ومما يماثل هذه الأبيات من قصيدة نسبوها إلى السموأل صاحب الأبلق، شك فيها كثير من العلماء، وفيها ما فيها من التكلف: ألا أيها الضيف الذي عاب سادتي ... ألا أسمع جوابي لست عنك بغافل ألا أسمع لفخر يترك القلب مولها ... وينشب نارا في الضلوع الدواخل فأحصى مزايا سادة بشواهد ... قد اختارهم رحمانهم للدلائل ومنها: السنا بني القدس الذي نصب لهم ... غمام يقيهم في جميع المراحل من الشمس والأمطار كانت صيانة ... تجير نواديهم نزول الغوائل. . . فما أسخفها! وأين هذه القصيدة من قصيدته (إذا المرء لم يدنس) الحماسية؟ فمن يعارض هذه بتلك (يأخذه العجب من الفرق الذي بينهما من حيث طبقة الشعر وجودة التعبير ولعله صادق على قول مجلة المقتطف التي وردت بعض الأبيات (سنة 1806 ص 404) فأردفها الكاتب بهذه الكلمات: (مهما يكن من أمرها فهي حديثة كما قال الأستاذ مرغليوث نظمها أحد الإسرائيليين، وتناقلها الحفاظ فزادوا فيها وحرفوها وناظم: (إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه) بريء منها).

وفي هذه القصيدة تلاعب أيضاً من الحفاظ فإذا صدق الأستاذ مرغليوث في أن أحد الإسرائيليين نظمها فكيف نعلل هذا؟ فهو دون شك لم يختتمها بهذا البيت: وفي آخر الأيام جاء مسيحنا ... فأهدى بني الدنيا سلام التكامل هذا لم يرو في غير نسخة الموصل، فأي يهودي يؤمن أن المسيح أتى؟! إذن لابد أن أحد حفاظها أو قل ناسخ هذه النسخة زادها من عندياته! وهذا يدلنا أيضاً على مبلغ التلاعب والتحريف في تلك الأدوار التي مثلها أولئك الرواة والحفاظ والنساخ أيضاً في نقلهم إلينا أشعار الأوائل على مسرح الأدب. ولا يغر المرء أن يجد بين الشعر الجاهلي لينا وسهولة، فالعربية لم تتغير كثيرا قبيل نصف قرن من الإسلام، إنما الذي تغير في البلاد العربية وعفا أثره منها تلك اللهجات والتمتعات التي كانت سائدة في اليمن وربيعة وبعض أحياء العرب ولا يذهب حالا إلى أن ذلك اللين فيها دليل على الانتحال بلا تدقيق نظر وأعمال روية فهذه أبيات من معلقة ابن كلثوم بها رقة لفظ وسهولة: قفي قبل التفرق يا ظعينا ... نخبرك اليقين وتخبرينا قفي نسألك هل أحدثت صرما ... لو شك البين أم خنت اليمينا بيوم كريهة ضربا وطعنا ... أقر به مواليك العيونا وإن غدا وإن اليوم رهن ... وبعد غد بما لا تعليمنا. . . الخ. فهل يا ترى هذه الرقة في اللفظ هي التي تدعونا إلى وسمها إنها منتحلة؟ لنمسخ قصيدة برمتها دون ترو ولمجرد الشك في تلك الرقة واللغة! ومن ثم يثبت لنا أن عمرا هذا لم يكن متأثرا بلغة القرآن قبيل ظهوره بلغة قريش؟ وأذن لم هذا الشطط وهذا التعسف! يقول الدكتور طه حسين عن هذه المعلقة: (أن في قصيدة ابن كلثوم وهذه من رقة اللفظ وسهولته ما يجعل فهمها يسيرا على أقل الناس حظا من العلم باللغة العربية في هذا العصر الذي نحن فيه. وما هكذا كانت تتحدث العرب في منتصف القرن السادس للمسيح وقبل ظهور الإسلام بما يقرب من نصف قرن. وما هكذا كانت تتحدث ربيعة خاصة في هذا العصر

الذي لم تسد فيه لغة مصر ولم تصبح فيه لغة الشعر)!. شيء لطيف! من أنبأ الدكتور هذا؟ أهمست به إليه العصفورة؟ أم شيطان الأدب، أدب الإغريق؟ أم جن الشعر، شعر العرب؟ على أي شيء يعتمد حضرة الدكتور في قوله، أن لغة العرب لم تكن تتحدث هكذا قبيل الإسلام بنصف قرن؟ أعلى الآثار الباقية في جزيرة العرب، وأين هي؟؟؟ أم على مخطوطات تلك اللغة العربية المتقدمة، وأين نجدها؟؟؟ كلنا نعلم أن اللغة باقية كما كانت منذ ظهر القرآن ولم يصبها تغير جوهري ولم يستول عليها الفساد. . . دعنا من هذا وأتني بأي قطعة شئت من أي مقال اردت، ولأي واحد من المعاصرين والمجددين، وتعال قابلها بأي قطعة أخرى لأحد العرب الأقدمين ثم قل لي بربك هل هناك من فرق بين هذه اللغة الشائعة في يومنا، وتلك اللغة القديمة؟ لا! ولا أظنك حاصلا على شيء! ولكن رويدك، دعني أتداركني فأقول نعم هناك فرق، وما هذا الفرق إلا نتيجة لازمة لترقي اللغة كما هو رأي دأب اللغات الحية، وهو ينحصر في استعمال بعض ألفاظ شعرية لغوية وحذف بعض كما جرى ذلك في نثر ونظم كل اللغات القديمة وتجده أيضاً في اتخاذ بعض التعابير الجديدة دلالة على المعاني المستحدثة فإن التعابير الموجودة قديما لا تفي مطلوبنا بل لا تساعدنا على قضاء حاجاتنا في هذا العصر، عصر العلوم والكهرباء، فإذا العربية كما كانت باستثناء هذه، عذراء، تامة الحسن في شرخ الشباب، غضة الإهاب لم تعرف الطفولة بل قد لا تعلم شيئا من هذه الطفولة كما إنها لم تعرف غضون الشيخوخة! فكيف يريد منا إذن حضرة الدكتور طه حسين، أن نؤمن ونصدق أن ما يقرب من نصف قرن كان كافيا أن يجعل هذا الفرق العظيم الذي يتوهمه بين لغة عمرو بن كلثوم والقرآن؟! ستة عشر قرنا لم تقدر أن تغير في هذه اللغة ما يزعمه تغير في نصف قرن فقط! فيا عجباه! أن اللغة الإنكليزية ولا نقول الفرنسية هي أكثر اللغات التي تتغير بسرعة وتتخذ كثيرا من الاصطلاحات الجديدة الغريبة عنها وتندمج فيها. فلغة بيرون وتعابيره، ولغة كيلنج واصطلاحاته، بينهما فرق يذكر،

ولكن هذا الفرق هو دون ما يرى بين لغة القرآن ولغة الشعراء الجاهليين على حسب قول طه حسين!!! وأننا نرى الدكتور يناقض نفسه بنفسه فيهدم ما بناه. قال هنا أن ذلك العصر عصر ابن كلثوم: (لم تسد فيه لغة مضر ولم تصبح فيه لغة الشعر) وكان قد سبق فقال عند التكلم عن امرئ القيس (فنحن لا نعلم ولا نستطيع أن نعلم الآن أكانت لغة قريش هي اللغة السائدة في البلاد العربية أيام امرئ القيس؟ وأكبر الظن إنها لم تكن لغة العرب في ذلك الوقت وأنها إنما أخذت تسود في أواسط القرن السادس للمسيح وتمت لها السيادة بظهور الإسلام) فهو لا يؤكد هنا أكانت لغة قريش قد سادت في البلاد العربية أيام امرئ القيس أم لا، ويتنازعه الشك فكيف يبيح لنفسه أن يؤكد ذلك حين تناول البحث عن ابن كلثوم؟ نحن نعلم أن امرأ القيس وجد ونبغ قبيل زمان عمرو بن كلثوم وإن يكن نفق على أيامه. فكيف نعلل كلام الدكتور؟ وقد وقع طه حسين في الخطأ الذي يرتكبه أنصار القديم بعينه وعليه لا مهم، ألم يسلم تسليما بقصة الفرزدق مع العذارى، قال: (فالرواة يحدثونا أن الفرزدق خرج في يوم مطير إلى ضاحية البصيرة فاتبع آثارا حتى انتهى إلى غدير وإذا فيه نساء يستحممن فقال: ما أشبه هذا اليوم بدارة جلجل وولى منصرفا فصاح النساء به: يا صاحب البغلة! فعاد إليهن، فسألنه وعزمن عليه ليحدثهن بحديث دارة جلجل فقص عليهن قصة امرئ القيس وأنشدهن قوله: ألا رب يوم لك منهن صالح ... ولاسيما يوم بدارة جلجل) فهنا هوى الدكتور في ما عمل لأجل كتابه فهذه القصة المنسوبة إلى الفرزدق ترى فيها الصنعة مجلوة ويحق لنا أن نصفها بالمنتحلة ونضرب بها عرض الحائط. وقصة زيارة امرئ القيس لخليلته (وتجشمه ما تجشم للوصول إليها وتخوفه الفضيحة حين رأته وخروجها معه وتعفيتها آثارهما بذيل مرطها وما كان بينهما من اللهو) أقرب إلى العقل وأدنى التصديق من تلك القصة! ولماذا

يريد الدكتور أن نصدق قول هذا الراوي ونكذب قول ذلك؟ لو أراد أن نشك في ما يقدمه إلينا الرواة وكتاب العرب على معرض الأدب لوجب أن نشك في الكل فلا ننتقي ما يوافق فكرنا ونصدقه ولا نضرب ما لا يوافقه عرض الحائط ونكذبه فأين هذا من النقد الصحيح العلمي؟ وهل هذه طريقة ديكارت؟ لا! نحن لا نقدر أن نعلل هذا التذبذب في كتاب (الأدب الجاهلي) وإنما نكتفي فنقول (أن مبدأه حسن يجمل لنا أن نتخذه قاعدة في درس الآداب فنشك عند أول فرصة للشك ونبحث في موضوعه دون أن ننفي بطريقة عامة وحكم بات كل الشعر الجاهلي) كما إنه يحسن بكل دارس الشعر الجاهلي أن يطلع عليه مع قليل من التحذر ففيه نظريات قيمة وملاحظات ثمينة. ونظن أننا لا نأتي شططا إذا ما نسبنا النصر لهذا الشاعر أو ذاك، فعنترة والنابغة وأمية بن أبي الصلت وقيس بن ساعدة وعمرو بن كلثوم والمهلهل وغيرهم من فطاحل الشعر الجاهلي هم نصارى وإن تكن قصائدهم لا تتضمن مقاطيع تظهر بصراحة نصرانية أصحابها. . . نتحقق أن الشعراء وهم رافعو لواء قومهم لم يكنوا يفترقون عنهم في أمر مهم كالديانة، وفضلا عن ذلك أن خلو أشعارهم من آثار الوثنية ومظاهر اعتقادهم بالتوحيد وبالحياة المستقبلية، وتعودهم الكثير من الأفكار والمؤسسات والأعياد المسيحية، والتعبير اللطيف الذي يستعملونه لذكرها والذي يلزم كونهم في محيط نصراني أو متنصر) كل هذا يهيئ أمامنا برهانا جديدا على صحة نظريتنا فضلا عن أن كثيرا من كتاب العرب ذكروا شيئا عن نصرانية تلك القبيلة، أو ذلك الشاعر. نكتفي بما أوردنا عن الشعر الجاهلي وعن أسباب الشك فيه وأننا نرى أن هذا الشعر هو خير ما جادت به اللغة العربية وجادت به قرائح الشعراء (وقد أجمع الجهابذة العارفون بنقد الشعر وفنونه الضاربون في سهوله وحزونة أن

الدوشنة

شعراء الجاهلية أدركوا مقام التبريز بين شعراء العرب لما تميزوا به من متانة التراكيب واستقامة الأساليب والاضطلاع من إخراج المعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة إلا وهم حاملو لوائه وموطدو بنائه. هذا مع بعدهم من سخف الكلام وهجنة التكلف ولا غرو فالكلام رهن خواطرهم والفصاحة أمة مقاولهم). بركات (السودان): ميشيل سليم كميد الدوشنة الدوشنة جمع الدوشن، والدوشن يقابل (الكاولي) عند العراقيين، والنوري عند الشاميين، والغجري عند المصريين المعاصرين، وبكلمة أخرى هو ما يسميه الفرنسيون ومن غريب أمر الدوشنة في اليمن المناداة بأمر الإمام وحث الناس على الجهاد وتولي الخطابة في خارج الجوامع. وهذه المهنة عند اليمانيين من الشؤون الشائنة في نظرهم. يذهب (الدوشن) إلى السوق حيث تجتمع الأناس من قبائل مختلفة للبيع والشراء، فيعتلي يفاعا أو موضعا مرتفعا ولو قليلا، فيخطب في الناس بذلاقة لسان وسهولة تعبير ويرغبهم في ما يدعو إليه، كما يحذرهم ما لا يطيب لهم. والأسواق في اليمن تقوم مرة واحدة في الأسبوع، وفي كل مرة يكون المجتمع في غير المكان الذي كانت فيه السوق في اليوم السابق. فسوق الخميس في غير موطن سوق الجمعة وسوق الجمعة في غير موطن سوف السبت إلى غيرها. وللدوشن وقوف تام على انساب القبائل وأحوالها وتاريخها وشيوخها وأشرافها وساداتها لكثرة تردده إلى رؤسائها. فمن هذا ترى أن لهؤلاء القوم شأنا يذكر في الحركة العمرانية أو الاجتماعية اليمانية. وترى من هذا أن أسماء (بني ساسان) وهم هؤلاء القوم عند الأقدمين من السلف تختلف باختلاف الأزمان والأمكنة فيعرفون اليوم في العراق (بالكاولية) وفي سوريا (بالنور) (وزان سبب) وعند المصريين (بالغجر) وعند الحلبيين (بالقربانية) وعند الدمشقيين (بالزط) إلى غيرها.

أبو عبد الله الزنجاني

أبو عبد الله الزنجاني - ولد سنة 1309هـ (1891م) وهو أبو عبد الله بن نصر الله الزنجاني تعلم مبادئ القراءة والكتابة باللغة الفارسية في زنجان ثم درس العلوم العربية وآدابها ومبادئ الفقه الإسلامي وأصوله على كثير من شيوخ العصر وبعد ذلك تلقى الفلسفة وعلم الفلك وعلم الكلام (اللاهوت) عن الأستاذ الشيخ ميرزه إبراهيم الفلكي الفيلسوف الزنجاني كبار المتخرجين على الفيلسوف الشهير ميرزه أبي الحسن جلوة. ثم رحل إلى طهران عاصمة البلاد الفارسية فدرس فيها العلم برهة من الزمن وفي أواخر سنة 1230هـ 1912م رحل إلى النجف الأشرف ليدرس في مدرستها الدينية الكبرى علم الفقه وأصوله على الإمامين الجليلين السيد محمد كاظم اليزدي وشيخ الشريعة الاصبهاني الطائر الصيت. (صورة) صاحب الترجمة أبي عبد الله الزنجاني وتردد على حلقات العلم التي يتصدر فيها كبير فقهاء الدين كالإمام السيد أبي الحسن الاصبهاني والعلامة الشيخ ضياء الدين العراقي الأصولي وغيرهما ومكث في النجف إلى سنة 338هـ ثم قصد زنجان وقد افصح هؤلاء الفقهاء الكبار ببلوغه مرتبة رفيعة من الاجتهاد في الفقه (التشريع الإسلامي) كما تشهد عليه إجازتهم. ويروي بالإجازة على طريقة الفقهاء ومحدثي الإسلام عن كثير من الأئمة الأعلام كالسيد حسن الصدر الكاظمي الشهير والسيد محمود شكري الآلوسي صاحب

بلوغ الأرب والسيد محمد بدر الدين بن يوسف عالم دمشق وعلمها. ثم سافر إلى بعض بلاد فارس المهمة وزار سوريا وفلسطين والقدس الشريف والقاهرة وحج مكة المكرمة والمدينة. فانتفع في هذه الرحلة باجتماعه بكثير من رجال العلم والفكر في البلاد الفارسية والعربية. وله آثار علمية مطبوعة ومخطوطة ونحن نذكر بعضا منها: 1 - كتاب مباحث في القرآن وتاريخه. 2 - كتاب أصول القرآن الاجتماعية. 3 - كتاب الأفكار وهو كتاب فلسفي وإصلاحي إسلامي. 4 - كتاب دين الفطرة بالفارسية. 5 - كتاب سر انتشار الإسلام بالفارسية. 6 - كتاب بقاء النفس وهو شرح مبسوط بالأسلوب العصري والرسالة لنصر الدين الفيلسوف في بقاء النفس بعد فناء الجسد طبع في القاهرة. 7 - رسالة في قاعة فلسفية إغريقية الأصل (الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد) وقد وضع أستاذه الإمام شيخ الشريعة استدراكات لهذه الرسالة وقرظها وأثنى على مؤلفها الثناء الطيب الذي هو أهل له. 8 - رسالة طهارة أهل الكتاب وهي نص محاضرة ألقاها على جماعة من طلبة العلوم الفقهية طبعت في بغداد وذكرتها بعض المجلات الغربية وشكر صاحبها عليها كبار المستشرقين في روسيا وفرنسا وألمانيا. 9 - رسالة في جواب سؤال ورد إليه من أمريكا في السفور والحجاب طبعت وهي بالفارسية. والشيخ يقيم اليوم في زنجان باذلا سعيه في نشر العلم الصحيح وبث أفكاره الإصلاحية بإلقاء المحاضرات العلمية والإصلاحية وتأليف الكتب النافعة. (ملخصة عن ترجمة طويلة وضعها محمد مهدي العلوي لمجلتنا)

لواء الحلة

لواء الحلة مدخل البحث لما أفل نجم الدول البويهية في بغداد، عام 447هـ (1055م)، واستولى عليها طغرل بك الملك السلجوقي فأسر آخر أمرائها الملك الرحيم، لعبت السياسة دورا خطيرا على مسرح الدين، واشتد الضغط على أبناء الطائفة الجعفرية فوقع تعد عظيم على عميدها وزعيمها السيد المرتضى فاضطر إلى النزوح إلى النجف فألقى عصاه فيها عام 448 وتبعه جماعة من تلاميذه. ولما كانت سنة 495 اختط مدينة الحلة الشهيرة ملك سيف الدولة صدقة الأول ابن منصور بن ديبس بن علي بن مزيد الأسدي في محل يسمى الجامعين. وكانت قبل ذلك أجمة تأوي إليها السباع، فلما نزلها تأنق أصحابه في إقامة القصور والمباني الضخمة فيها فصارت كعبة يحجها التجار ويقصدها سائر أرباب المهن وأخذت تتقدم من الوجهتين العمرانية والتجارية حتى إذا جاء عام 280هـ 1184م كانت الحلة من مدن العراق التي يشار إليها بالبنان. ولقربها من مدينة النجف كثرت الصلات بين سكانها وبين سكان الغري فكان لها أثر يذكر في العلم والعرفان والثقافة والتهذيب إذ تطورت فيها الحركة العلمية تطورا مدهشا حتى عاش في قرن واحد نحو خمسمائة عالم كما ترويه بعض الكتب المخطوطة. والنازح إلى ذلك البلد يجد اليوم المراقد الكثيرة والقبور العديدة، أما لمحدث فاضل أو لمفسر كامل أو لفقيه عالم، وحسب الحلة فخرا ومباهاة أن يكون بين أبنائها الشاعر المفلق صفي الدين الحلي والعلامة الحلي المعروف بسعة علمه وغزارة مادته وغيرهما كالشيخ ورام، والمحقق، ومحمد بن نما، وأولاد آل طاووس، وغيرهم. هذا هو شأن الحلة إبان تأسيسها ولها تاريخ حافل بالمدهشات في أواسط عهدها لم نتعرض لذكره لما فيه من المرامي والغايات السياسية التي لا تتفق وخطة هذه المجلة، أما اليوم فالحلة بلدة كبيرة تقع على ضفتي شط الحلة (الفرات)

وتبعد عن العاصمة 64ميلا ويمر بها الخط الحديدي الكبير النازل من بغداد إلى البصرة وتصلها بالعاصمة وبسائر أنحاء الفرات الأوسط جادات مستقيمة تكتنفها الحدائق والبساتين النضرة وتقدر نفوسها ب (30) ألف نسمة حسب الإحصاء الرسمي واغلب سكانها يتعاطون التجارة وبعضهم الزراعة. ومعظم دور الحلة مبنية بآجر بابل المدينة الشهيرة التي تبعد عنها بسبعة أميال في الجهة الشمالية. فيها مدرسة ثانوية وثلاث مدارس أخرى وخامسة للبنات (فتحت سنة 1926) وفيها مبان ضخمة وقصور شاهقة وجادات مستقيمة ومنزل كبير يؤمن راحة المسافرين أسسه رجل يسمى (الأسته جابر) عام 1927 وأسواق البلدة من حيث العموم حسنة لو روعيت فيها النظم الصحية. ولولا ظهور بعض المستنقعات التي أخذت تهدد حياة السكان في الأيام الأخيرة لرجح معظم الناس السكنى في الحلة عليها في بغداد. والبلدة تنار بالضوء الكهربي طول الليل ودوائر الحكومة فيها كاملة بما فيها من البرق والبريد والصحة والبلدة والعدلية وغيرها. التقسيمات الإدارية يتألف لواء الحلة من أربعة أقضية ومركز لواء، أما مركز اللواء فهو الحلة وقد سبقت الإشارة إليها وليست لها أية ناحية. وإما الأقضية فهي: 1 - قضاء الجربوعية وتتبعه أربع نواح هي المدحتية ونهر الشاه والقاسم وعلاج. 2 - قضاء النيل وفيه ثلاث نواح: المحاويل والخواص وشعبة النيل. 3 - قضاء الهندية وفيه الكفل وأبو غرق (كسبب) وجدول الغربي. 4 - قضاء المسيب وفيه جرف الصخر والإسكندرية فقط. حدود اللواء يحده من الشمال لواء الدليم ومن الشرق لواء الكوت ومن الجنوب لواء الديوانية ومن الغرب لواء كربلاء. 1 - قضاء الجربوعية هذا قضاء حديث أنشأته الحكومة في أواخر 1927م وكان قبل ذلك نواحي تراجع مركز اللواء رأسا وقد سمي بالجربوعية لكثرة اليرابيع (وهم

يسمون اليربوع جربوعا) في أراضيه تلك الحيوانات التي اعتاد سكان المقاطعات التي في هذا القضاء أكلها شأن عربان البادية اليوم. قاعدته قرية (جديدة (كزبيدة) الحاج عبيد) وتسمى الجربوعية أيضاً وهي عبارة عن مبان قليلة من اللبن قائمة على الضفة اليمنى من النهر ويمر بالقرب منها الخط الحديدي الكبير بغداد إلى البصرة ومعظم سكان القضاء من العشائر التي يقدر عددها بخمسين ألف نسمة. للقضاء أربع نواح هي: (1) ناحية المدحتية ومركزها أمام حمزة (قبر الحمزة الذي هو من ولد العباس بن علي بن أبي طالب (ع)) و (2) ناحية نهر الشاه ومركزها قرية الدبلة (وزان وردة) و (3) ناحية القاسم ومركزها قرية القاسم (قبر الإمام القاسم أخي الرضا ابن الإمام موسى بن جعفر (ع) و (4) ناحية علاج (بإسكان الأول ومركزها قرية البصيرة (بالتصغير) ومراكز هذه النواحي قرى صغيرة مبنية باللبن وفيها مديرون وبعض كتبة وأفراد من الشرطة والسعاة الذين يقيمون بجباية الأموال الأميرية وتأمين طرق المواصلات. 2 - قضاء النيل وهذا القضاء حديث أيضاً أوجدته الحكومة عام 1927م كان قبل ذلك نواحي مربوطة بمركز اللواء كما كان قضاء الجربوعية. أحصت الحكومة نفوسة في الأيام الأخيرة فكانوا خمسين ألف نسمة وكلهم من العشائر الذين يتمهنون الزراعة، مركزه قرية (كويرش) وهي من بقايا أطلال البابليين وقد اتخذت الحكومة القصر الذي شيده الألمان هناك قبل الحرب الكونية أيام اشتغالهم بالحفر والتنقيب في بابل محلا لأشغالها. وللقضاء ثلاث نواح هي 1 - ناحية المحاويل ومركزها قرية المحاويل. 2 - ناحية الخواص (كأنها جمع خاصة) ومركزها عنانة (بالتشديد) 3 - ناحية النيل وهي داخلة في القضاء وهذه الأماكن قرى كبقية القرى التي المعنا إليها آنفا. وكان المقرر أن يسمى هذا القضاء الجديد بقضاء بابل إشارة إلى بابل المدينة التاريخية المعروفة؛ ولكن الحكومة ارتأت مؤخرا تسميته بقضاء النيل إشارة إلى النهر الذي يسقي المقاطعات العديدة الواقعة على ضفتيه. ومعظم أراضي هذا

القضاء مسجلة في الطابو بأسماء بعض الوجهاء في العراق وبعضها أميرية. 3 - قضاء الهندية قاعدته قصبة طويريق (تصغير طاروق أي مستطرق على لغة من ينطق بالقاف جيما) وقد سمي هذا القضاء بقضاء الهندية لوقوع أراضيه على ضفتي نهر الهندية الذي حفره آصف الدولة المهراجا الهندي عام 1208هـ 1793م. وطويريق هذه بليدة حسنة الموقع والمنظر قائمة على عدوة شط الهندية اليمنى، ومما يزيد في جمالها حدائقها الغناء ومزارعها الكثيرة ونسيمها العليل وماؤها النمير. فيها صرح (سراي) ضخم للحكومة ومدرسة ابتدائية مبنية على طراز صحي حديث وفيها سوق لا تختلف عن أسواق القرى من حيث الحقارة والأوساخ وأسلوب البناء ويربطها بالجانب الأيسر جسر من خشب يناسب عمرانها. أسسها رجل من العشائر يسمى زحاف (بالتشديد) عام 1286هـ 1793م وتأنق من عقبه بتشييد المباني والدور بعد ذلك حتى صارت بالصورة الحاضرة. وفي طويريق اليوم جماعة يعرفون بآل زحاف من بقايا زحاف المومأ إليه يعيشون في ظل الأسرة القزوينية ولكثرتهم قال أحدهم مخاطبا أحد السادة القزاونة: أدجاج زحاف عليك تزاحفت ... بيض العمائم في الليالي السود وقد شطر أحدهم هذا البيت فقال: أدجاج زحاف عليك تزاحفت ... قوم قلوبهم من الجلمود زرق العيون وجوههم محمرة ... بيض العمائم في الليالي السود وقضاء الهندية هذا جسيم تقطنه جماعات من العشائر تقدر نفوسها بنحو (60. 000) نسمة وله ثلاث نواح مهمة هي: (1) أبو غرق و (2) جدول الغربي و (3) الكفل. أما ناحية (أبو غرق) فمركزها في محل يقال له القص وهي ترى شؤون العشائر التي تقطن مقاطعة (أبو غرق) وناحية جدول الغربي مركزها قرية الرجيبة الواقعة على ضفة النهر اليمنى في محل يبعد عن الهندية بخمسة أميال وهي ترى شؤون العشائر القاطنة على ضفاف جدول الغربي ومعظمهم من آل فتلة وبني

حسن. أما ناحية الكفل فمركزها الكفل وهي قصبة صغيرة تقصدها الجاليات اليهودية من سائر أنحاء العراق مرة في السنة لزيارة النبي حزقيل المعروف بذي الكفل والمدفون هناك في قبر فخم شيد حوله البويهيون جامعا كبيرا عام 435هـ 1043م. والكفل بلدة قديمة اختلف المؤرخون في زمن تمصيرها وذكر اسمها القديم وقد ضربنا صفحا عن أوجه الخلاف فيها لعدم تعلق بحثنا بها. وشط الهندية عند عبوره سدة الهندية واقترابه من هذه الناحية ينشطر شطرين كبيرين يعملان عملا عظيما في إرواء الأراضي التي على عدواته. وقد سبقت الإشارة إليهما في محل آخر في مقالتنا عن لواء الديوانية (6: 443). 4 - قضاء المسيب يمتاز هذا القضاء عن بقية أقضية الحلة بقدمه وبخطورته التاريخية وموقعه الجغرافي. فإن أهل الكوفة عندما نقضوا بيعة الحسين بن علي (ع) وحاربوه في أرض الطف أتوا إلى (المسيب بن نجبة الفزاري) أحد أصحاب الإمام القتيل نادمين على فعلتهم مع ابن بنت الرسول (ص) وانضموا إلى صفوفه لمحاربة ابن زياد وقد اتخذوا القرية التي سميت باسم صاحب الإمام (المسيب ابن نجبة) مقرا لحركاتهم الحربية لأن المؤونة والأرزاق التي كانت ترد إلى العراق من الموصل وسوريا كانت تأتي بطريق النهر مادة ب (المسيب) وقد سمي هؤلاء (بالتوابين) لأنهم تابوا على يد (المسيب) واشتركوا معه في حرب ابن زياد تلك الحرب التي دامت نحو أربعة أعوام حتى حمل عليهم ابن زياد حملته التي قضى بها على آخر منافس ومحارب له ومعهم المسيب الذي قتل عام 65هـ 684م هذا مجمل تاريخ هذه المدينة وهي اليوم بلدة جميلة راكبة عبري الفرات ونفوسها 5. 000 نسمة تكتنفها الحدائق والبساتين وتجري فيها السيارات الكثيرة في طريقها إلى كربلاء والنجف ويمر بها الخط الحديدي الكبير وهي مركز قضاء المسيب الذي تقدر نفوسه ب 40. 000 نسمة وتسير فيها التجارة سيرا حسنا وتهتم الحكومة بدفن المستنقعات التي ظهرت فيها مؤخرا ولها جسر من خشب لا بأس به وللقضاء ناحيتان هما: 1 - الإسكندرية و 2 - جرف الصخر وله شعبة تسمى شعبة المسيب، أما الإسكندرية فإنها منسوبة إلى الاسكندر

السلطان مراد الرابع في بغداد

ذي القرنين الذي كان كلما مر بأرض وفتحها أقام له أثرا فيها وحينما مر بالعراق حفر نهرا كبيرا جره من الفرات إلى السماوة وسماه نهر الإسكندرية وشيد على صدره قرية اسماهم باسم النهر. وفي معجم الحموي أن الاسكندر بني ثلاث عشرة قرية سماها كلها باسمه ثم تغيرت أساميها بعده ومن جملتها الإسكندرية التي بناها بأرض بابل والتي نحن بصددها الآن. والإسكندرية اليوم مجموع بيوت من اللبن مع خان قديم فيها هو مركز للشرطة وفيها أيضاً مدير ناحية وبعض كتبة وتمر بها جميع السيارات التي تقصد العتبات المقدسة. وإما ناحية جرف الصخر فمجموع مقاطعات تراجع المدير في شؤونها. وإما شعبة المسيب فداخله في مركز القضاء وترى معاملات العشائر. وعلى بعد عشرة أميال عن المسيب في وجهة الجنوب أقيم (ناظم) الفرات الكبير (أي ناظم سدة الهندية) الذي سبقنا فبحثنا عنه بحثا مسهبا فيه هذه المجلة (6: 12). بغداد: السيد عبد الرزاق الحسني السلطان مراد الرابع في بغداد جاء في كتاب مساجد بغداد (ص 22) ما هذا حرفه: (وفي السنة الرابعة والأربعين بعد المائتين (؟ كذا) والألف جاء السلطان مراد الرابع إلى بغداد لطرد الفرس المتغلبين يومئذ عليها). وفي النسخة المخطوطة المحفوظة عندنا ما هذا حرفه: (وفي السنة السابعة والأربعين والألف (1637م) جاء المبرور له السلطان مراد خان الرابع إلى بغداد لطرد من تغلب عليها يومئذ وتبعيدهم عن خطتها) أهـ. فأنت ترى الفرق العظيم بين الروايتين. فكيف يريد (المهذب) أن يكون مراد الرابع دخل بغداد سنة 1247هـ (أي 1831م) وقد توفي سنة 1049هـ (أي سنة 1639م)؟ لا جرم أن هناك غلطا ليس بغلط الطبع ولو كان كذلك لنبه عليه في التصحيحات، أما لأي غاية دس ذلك الوهم الفظيع في تلك العبارة فلا نعلم؟

الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين

الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين الرقيم العباسي الثالث نشرت في المجلد 6 صفحة 161 من هذه المجلة الزاهرة نسخة رقيمين عباسيين يريان في قبة الصخرة ببيت المقدس وكنت أظن أن ليس في فلسطين غيرهما حتى وقعت على ثالث لهما حققه المستشرق الفرنسي كارمون غانو الذي كان ممثلا للدولة الفرنسية في بيت المقدس وقد جد هذا الرقيم في أطلال مسجد عسقلان سنة 1301هـ 1883م وأهديت نسخة منه أخذت على قالب من الجص إلى المستشرق المذكور، أهداها إليه متصرف بيت المقدس الذي كان تابعا للحكم العثماني إذ ذاك وقد زبرت هذه الكتابة في حجر من المرمر المسنون قياسه 47. 5 في 45 سنتمترا ضمن إطار جميل منمق بالأغصان والأوراق. ولا أدري إلى أين انتهى أمر هذا الرقيم القديم الذي نقش لبناء مئذنة ومسجد ربما كانا من أقدم المآذن والمساجد التي بنيت في فلسطين بعد المسجد الأقصى

وقبة الصخرة والجامع الأبيض في الرملة. المهدي وخلافته المهدي هو محمد بن المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب بن هاشم وهو ثالث الخلفاء العباسيين وقد ولي الخلافة سنة 158هـ (775م) فكان من الغرابة بمكان أن يرد اسمه في الرقيم مقرونا بإمارة المؤمنين سنة 155هـ (772م) أي قبل ثلاث سنين من توليه الخلافة. ولسوء الحظ أن كلرمون غانو لم ينقل لنا صورة الرقيم الذي كان طبعا بالحروف الكوفية لنستنطقه ونتبين منه وجه الصواب في التاريخ المذكور ولم نجد له ذكرا في الجزء الأول من كتاب فإن برشم السويسري الذي جمع فيه الرقم الفلسطينية المتعلقة بالأمويين والعباسيين والفاطميين وبعضا من رقم الأيوبيين مما نستدل معه على أن هذا الرقيم لم يصل المتحفة العثمانية لأنه لو كان فيها لكان نقل صورته فان برشم في مجموعته الفرنسية المتقدم ذكرها. فإذا لم يكن هذا من غلط الراقم حين نقرأ الرقيم فيجب علينا أن نقبل أن أولياء العهد كانوا ينعتون بلقب إمارة المؤمنين قبل أن يرقوا سنامها ويتبوءوا معقدها. أو أن المنصور الذي انتزع ولاية العهد من ابن أخيه عيسى بن موسى وجعلها في المهدي هو الذي أمر بذلك ليرسخ في الأذهان أن الخلافة بعده لابنه المهدي، وهذا الرأي الأخير قد أرتاه كلرمون غانو وارتضاه. وكان المهدي ولوعا بالعمارة فقد وسع البيت الحرام بمكة مرة بعد أخرى واشترى ما حوله من الدور فأضافها إليه حتى بلغ ثمن الذراع الواحدة يكسر في مثلها - وهي ما نسميها اليوم بالذراع المربعة. خمسة عشر دينارا. وأمر بالأساطين فنقلت من مصر ومن الشام وحملت بحرا إلى ساحل مكة المعروف (بالشعيبة) بالقرب من جدة ثم نقلت تلك الأساطين من الساحل على العجل.

وزخرف سقوف المسجد بالخشب المنقش بالألوان وكانت في غاية الصفاء والرونق. وعبد الطريق إلى مكة المكرمة. وغير ذلك من العمائر الكثيرة التي انفق عليها أموالا عظيمة. وقد توفي المهدي في أواخر المحرم من سنة 169هـ 785م. مسجد عسقلان لم يذكر المؤرخون لنا عمارة المهدي لمسجد عسقلان وقد كان ذلك لا يهمهم بمقدار ما تهمهم حادثة قتال كأن التاريخ عندهم تدوين ملاحم وتخليد جرائم. شهادة المهدي للأمويين لما قدم المهدي دمشق ودخل مسجدها ومعه أبو عبيد الله معاوية بن يسار الأشعري كاتبه قال: يا أبا عبيد الله سبقنا بنو أمية بثلاث. بهذا البيت، لا أعلم على الأرض مثله، وبنبل الموالي، وبعمر بن عبد العزيز، لا يكون والله فينا مثله أبدا. فلما أتى بيت المقدس ودخل قبة الصخرة، قال: يا أبا عبيد الله، وهذه رابعة، وكانت زيارة المهدي بيت المقدس سنة 163هـ (779م) وعندها أمر برم ما أخربته الزلازل من عمارة أبيه المنصور في المسجد الأقصى ونقص من طول المسجد وزاد في عرضه. نسخة الرقيم وهذا نص الرقيم نقلا عن صورته التي نقلها بالحروف العادية كلرمون غانو في مجموعته مقتطف الآثار الشرقية (المجلد1 ص 214) 1 - بسم الله الرحمن الرحيم

المنجد وما فيه من الأوهام

2 - لا اله إلا الله وحده لا شريك له 3 - محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 4 - أمر بإنشاء هذه المئذنة والمسجد 5 - المهدي أمير المؤمنين حفظه 6 - الله وأعظم اجره واحسن 7 - جزاءه على يدي المفضل بن سلام 8 - النمري وجهور بن هشام القرشي 9 - في المحرم سنة خمس وخمسين 10 - ومائة لا اله إلا الله الملك 11 - الواحد القهار لا شريك له. انتهى الرقيم. والأرض لله يورثها من يشاء من عباده. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص المنجد وما فيه من الأوهام 1 - في المنجد (قرع ظنابيب الأمر أي سهله). أهـ ولم يذكر هذه العبارة الأخرى وهي أشهر منها: قرع للأمر ظنبوبه أي تهيأ له. وقد جاء في الكامل للمبرد (يقال: قرع لذلك الأمر ظنبوبه، إذا جد فيه ولم يفتر، قال سلامة بن جندل: كنا إذا ما أتانا صارخ فزع ... كان الصراخ له (قرع الظنابيب) ففي كلام المنجد تقصير، ولعل أصل اصطلاح السلف: أن الإنسان إذا ضرب مقدم عظم ساقه تألم وهاج مثارا بسورة الغضب. 2 - وقال في (الجزارة): أطراف ما يجزر اعني اليدان والرجلان والرأس. أهـ. فأقول: إنه رفع المفعول به والصواب أن يقول: (أعني اليدين والرجلين والرأس). الكاظمية: مصطفى جواد

محراب جامع الخاصكي

محراب جامع الخاصكي كتب أحمد زكي باشا في أهرام 15يونيه (حزيران) 1928 مقالا في حلب الشهباء تعرض فيه لذكر (محراب جامع الخاصكي) فوقع في أوهام ما كنا نود أن نراها في مثل سعادته. وهذه عبارته: (على أن الإنكليز في بغداد، أرادوا أن يبذوا أبناء باريس في الاستئثار بأجمل المحاريب الإسلامية. فقديما، سلبوا أبدع منبر من الرخام كان عندنا بالقاهرة، في جامع قايتباي. وقد رأيته (أنا أحمد زكي) في متحف سوث كنسنجتون، بمدينة لوندرة، سنة 1310هـ (سنة 1892م). وقد أرسلت إليه سهوما (؟ كذا) بل سموما من نواظري كانت تكفي لسحقه، لولا إنه من أفخر المرمر، فلم يتأثر ذلك الحجر. بذياك النظر! وحديثا، أراد الإنكليز أيضاً، بعد انتدابهم في العراق (أي للعراق)، أن تزدان لوندرة بمحراب من المرمر الأثري الفريد في بابه، أرشدهم إليه الوزير العلقمي الجديد، لينال الحظوة عندهم على حساب دينه وقومه ووطنه. . . وذريته أيضاً. ذلك المحراب هو الذي سرقوه ليلا من جامع (الخاصكي) القائم بمحلة رأس القرية في بغداد. ولكن الأسود الأشاوس الذين تحدروا عن (حمورابي) وعن قحطان وعدنان، والذين تجددت فيهم النخوة العربية على عهد هارون والمأمون والمعتصم، قامت قيامتهم. فكانوا كالبنيان المرصوص، وصاحوا صيحة واحدة خلعت النفوس من الصدور، وكانت لهم غضبة آشورية يعربية، فلم تسكن سورتهم، ولم تهدأ ثورتهم، حتى أعادت الحكومة محرابهم إلى موضعه بجامع الخاصكي، كما كان وهو اليوم يشرف من الناحيتين على الرافدين. (كذا بحرفه) (بهذه المثابة تقدمت بغداد للعالم العربي، منذ ثلاثة أعوام، بموعظة ردد

صداها بالأمس على ضفاف ذلك الشيء، أو الشويء، الذي يسمونه نهر (قويق). فلله در بغداد في هذا السباق. ولله در حلب في ذياك اللحاق!!! وإما دمشق، فلها الفضل في تنبيه الشعور القومي في يوم بلفور، وقد كان له صداه ببغداد في يوم موند، الذي اختبأ واختفى، في (جسر الخر) وكفى! فلله در دمشق في هذا السباق! ولله در بغداد في ذياك اللحاق! وإما فلسطين، فكفاها من الفخار أن سائر العرب يسفكون دماءهم الزكية من اجلها، وهي في لهو وعبث، وسكوت وجمود! حسبها أن فيها الانقسام، وإن منها الانشقاق! وكفاها أن كل رجيل من أهلها هو حزب لنفسه وحرب على قومه، تطاحنوا حتى جددوا لنا من أنفسهم صورة مكبرة لأهل الكهف والرقيم. فالذي أعرفه أن أصحاب الكهف هم سبعة من الرجال، ناموا في غار بأسفل مدينة افسس من بلاد الاناظول. ولكن أهل فلسطين، الذين حيروا الأنبياء في الزمان القديم، قد أتونا اليوم بمعجزة هي أية الآيات في التكبير، والتعظيم، والتفخيم! فبعد أن كان الكهف في مدينة واحدة ويضم سبعة من الأجساد، أصبح وهو فلسطين كلها وبلغ عدد النائمين فيه 700. 000 نسمة فلله دركم يا أهل فلسطين!!! كل واحد منكم بمائة ألف نفس. . . من النائمين!!! (انتهى كلام الباشا). (لغة العرب) يشير حضرة الباشا إلى أن الوزير حمدي بك الباجه جي الذي ينعته (بالعلقمي الجديد) هو الذي ارشد الإنكليز إلى نزع المحراب من موطنه والحال إننا نعلم أن حمدي بك الباجه جي محب لدينه وقومه ووطنه وذريته كما إنه لا حاجة للإنكليز إلى أن يرشدهم أحد إلى النفائس ومحل وجودها فانهم أدرى الناس بمثل هذه الطرف. والحكومة العراقية لم تعد المحراب إلى محله في جامع (الخاصكي) فإنه يرى إلى الآن في دار التحف في بغداد، وقد وضعت الحكومة محرابا آخر في موطن الأول. لا المحراب ولا جامع الخاصكي يشرف من الناحيتين على الرافدين فالرافدان هما دجلة والفرات. والجامع غير واقع على دجلة فضلا عن الفرات، فيا حضرة

خزائن كتب إيران

الباشا ألا تعرف أن بغداد بكبرها غير واقعة على الرافدين بل راكبة دجلة. وأين الفرات من بغداد؟ فإذا كان هذا الأمر الذي يعرفه أبناء المدارس في بلاد الدنيا كلها تجهله حضرتك فكيف نصدق ما تقوله؟ فالأحسن لنا أن نتروى في ما نكتب لكي لا نقع في مثل هذه المهاوي أجارنا الله منها. خزائن كتب إيران 15 - حاشية على مبحث أصل البراءة من (كتاب الرسائل للشيخ مرتضى الأنصاري) له أيضاً. 16 - حاشية التفتازاني على شرح مختصر ابن الحاجب للعضدي. 17 - حاشية السيد شريف الدين (علي الحسيني الجرجاني الاسترابادي) على شرح مختصر ابن الحاجب للعضدي. 18 - رسالة في النظر المؤدي إلى العلم للسيد المرتضى علم الهدى. 19 - رسالة في طريق الاستدلال. 20 - رسالة في مسألة (في الاستثناء). 21 - رسالة تعارض البينات لبعض علماء اصفهان ونحلها بعض أبناء العصر فجعلها باسمه فليعلم. 22 - رسالة في حجية الشهرة والظن المطلق للسيد علي الطباطبائي صاحب الرياض. 23 - رسالة للسيد محمد ابن السيد علي الطباطبائي في حجية الظن المطلق. 24 - رسالة الاجتهاد والأخبار للاقا محمد باقر البهبهاني. 25 - رسالة في أصالة البراءة له أيضاً. 26 - رسالة في الاستصحاب له أيضاً. 27 - رسالة في بيان الجمع بين الأخبار له أيضاً. 28 - حاشية الملا صالح المازندراني على معالم الأصول للشيخ حسن بن زين الدين العاملي. 29 - حاشية سلطان العلماء على معالم الأصول.

في التاريخ: 1 - أحسن الكبار (في الملل والمذاهب مفصلا وفي المعصومين الإثني عشر) لمحمد بن أبي زيد الوراميني من علماء المائة السابعة. ينقل عنه في المناقب المرتضوي وغيره. 2 - لباب التواريخ: مختصر كتبه مؤلفه للأمير علي شير. 3 - خلاصة الأخبار لخوندمير كتبها للأمير علي شير. 4 - وقائع أمير تيمور: كبير جدا. 5 - مشارق أنوار اليقين للحافظ رجب البرسي. 6 - خزائن الأنوار في أحوال الأئمة الأطهار للملا أحمد المشتهر باليزدي. 7 - أعلام الورى بأعلام الهدى للفضل بن الحسن الطبرسي. 8 - مقتل الحسين للملا مهدي النائيني: مختصر في واقعة الطف. 9 - مقتل الحسين للحاج محمد كريم خان الكرماني. 10 - أسرار الطف للسيد كاظم الرشتي. 11 - مصائب العارفين للملا حسين الكرماني (تلميذ الشيخ أحمد الأحسائي). 12 - الاستغاثة من بدع الثلاثة لأبي القاسم علي بن أحمد الكوفي. 13 - مزارات قايني لعلي القاين الواعظ بهراة في حدود العشر التاسع من الهجرة. 14 - رسالة مفصلة في أحوال الشيخ أحمد الأحسائي: بخط حسن جدا. 15 - هداية الطالبين (في أحواله أيضاً) للحاج محمد كريم خان الكرماني. 16 - دليل المتحيرين (في عظمته وما ورد عليه) للسيد كاظم الرشتي: بخط جيد. في الهيئة: 1 - شرح تذكرة الخواجه في الهيئة: المتن للخواجه نصير الدين الطوسي والشرح للملا عبد العلي بن محمد بن الحسين البير جندي، فرغ الشارح منه في ربيع الأول سنة 913هـ. وهو بخط جيد ومحشى بحواش نافعة مصححة. كاتبه غياث الدين النقيب الحسيني التبريزي في سنة 1104هـ. 2 - التكملة في شرح تذكرة الخواجه لمحمد بن أحمد الخفري: فرغ الشارح

منه في رابع محرم سنة 972هـ. تاريخ الكتابة سنة 978هـ فيكون في حياة المصنف. 3 - شرح الإسطرلاب وآثار النجوم ينسب إلى الملا عبد العلي البيرجندي. وهذه النسخة ناقصة الأول والآخر. في الطب: 1 - كليات القانون لأبن سيناء: بخط حسن جدا. 2 - مفردات مخزن الأدوية. 3 - طب اليوسفية نظما ونثرا. 4 - ميزان الطب: محشى. 5 - حقائق الطب للحاج محمد كريم خان الكرماني. في الأدعية: 1 - الصحيفة السجادية للأمام زين العابدين علي بن الحسين: نسخ عديدة منها. تاريخ واحد منها سنة 1111هـ. 2 - الفوائد الطريفة في شرح الصحيفة للملا محمد باقر المجلسي. 3 - رياض العابدين لشيخ الإسلام بديع الزمان القهيائي: شرح فيه الصحيفة السجادية بالفارسية وذكر أولاً لغاتها بالعربية فصار شرحا وترجمة. فرغ منه في شعبان سنة 1043هـ وفرغ كاتبه محمد شفيع بن محمد رضا في رابع عشر رمضان سنة 1075هـ. 4 - ترجمة الصحيفة بالفارسية لمحمد صالح بن محمد باقر القزويني. 5 - الصحيفة العلوية للشيخ عبد الله السماهيجي البحريني. 6 - البلد الأمين للشيخ إبراهيم بن علي الكفعمي: بخط حسن جدا، وعليه تمام الحواشي التي علقها مؤلفه عليه. تاريخ كتابة هذه النسخة سنة 1138هـ. 7 - ترجمة الإقبال: الإقبال كتاب للسيد علي بن طاوس الحلي والمترجم غير معلوم إلا أن الظاهر من بعض القرائن إنها لعلي بن الحسن الزواري (نسبة إلى زوار بتشديد الواو قصبة بين يزد وأصبهان). في علوم الدراية والرجال: 1 - الرعاية في شرح الدراية: المتن والشرح للشهيد الثاني رين الدين العاملي.

2 - لب الألباب للحاج الملا جعفر الاسترابادي، ينقل عنه الحاج الملا علي الكني في إيضاح المقال. 3 - فهرست الشيخ الطوسي (محمد بن الحسن). 4 - الرجال الوسيط للميرزا محمد الاسترابادي: مكرر. 5 - منظومة الرجال للسيد حسين البروجردي. 6 - رسالة في تحقيق حال محمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل بن شاذان: للحاج السيد محمد باقر الرشتي الاصبهاني. 7 - رسالة في تحقيق حال أبان بن عثمان وأصحاب الإجماع. له أيضاً. 8 - رسالة مبسوطة في أحوال أبي بصير. له أيضاً. 9 - تعليقة الاقا محمد باقر البهبهاني عل رجال الميرزا محمد الاسترابادي. في سائر العلوم والمباحث: 1 - شرح خلاصة الحساب: المتن للشيخ بهاء الدين العاملي والشرح لشمس الدين علي الحسيني الخلخالي. كاتبه محمد مسيح بن سلطان محمد التوني في سنة 1092هـ. 2 - مجموعة ورام ابن أبي فراس: بخط جيد. 3 - الكلمات المكنونة في علوم أهل المعرفة للملا محسن الفيض. 4 - المحجة البيضاء في أحياء كتاب الأحياء له أيضاً: وهو تهذيب لأحياء علوم الدين للغزالي. 5 - الاعضالات في فنون العلوم والصناعات للسيد محمد باقر الداماد. 6 - الفوائد الطوسية للشيخ محمد الحر العاملي. 7 - منية المريد في آداب المفيد والمستفيد للشهيد الثاني زين الدين العاملي: بخط جيد مصحح ومحشى كتب في عصر المجلسي. 8 - الوردية للقاضي محمد سعيد القمي. 9 - رسالة القراءة المبسوطة الفارسية للملا علي القارئ المكي. 10 - مصباح الشريعة ينسب إلى شقيق البلخي (ولعله الصحيح كما هو الظاهر من عباراته): كتاب معتمد موافق لما ثبت في الشريعة اعتمد عليه الكاملون كعلي بن

طاووس والفيض والمجلسي. 11 - مسكن الفؤاد للشهيد الثاني زين الدين العاملي. 12 - رسالة في النصيحة له أيضاً. 13 - كتاب في المواعظ والحكايات. 14 - رسالة في أحوال أهل الآخرة. 15 - ميزان المقادير للمجلسي: مكرر. 16 - رسالة طي الأرض للحاج محمد كريم خان الكرماني. 17 - يوسفية: نثر (غير المنظومة) بخط حسن. مؤلفه مجهول. 18 - حاشية الملا عبد الله اليزدي على حاشية الدواني (في المنطق): بخط جيد. 19 - حاشية الخواجه محمود على حاشية الدراني: بخط جيد. 20 - الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد للعلامة الحلي. 21 - حاشية عماد بن يحيى بن علي الفارسي على شرح الشمسية: بخط جيد قديم مجدول. 22 - حاشية الملا عبد الله اليزدي على مختصر التلخيص: كانت ملكا لسلطان العلماء وخطه عليها. 23 - كتاب في المنطق مجهول مصنفه ونحله بعض أبناء العصر فجعله باسمه. مجموعة فيها أربع رسائل وهي: 24 - رسالة في أحوال الإمام المهدي (الغائب على اعتقاد الأمامية). 25 - نصائح لقمان (ناقصة). 26 - سور من التوراة تعرف بالصحائف الأربعين تعريب عبد الله بن عباس. 27 - حديث اللوح. كاتب هذه المجموعة محمد باقر بن محمد رضا الجويني الخراساني في سنة 1238هـ. 28 - الأنوار النعمانية للسيد نعمة الله الجزائري. 29 - حاشية المير على المطول. 30 - فلك النجاة لبعض علماء كلبايكان. هذه هي الكتب الخطية الموجودة في خزانة العالم الكبير الحاج الشيخ محمد باقر البيرجندي. وسنذكر في جزء آت بعض الخزائن الأخرى أن شاء الله تعالى. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

فوائد لغوية

فوائد لغوية (ولا سيما) العصرية مذهب جديد صالح اختلف علماء العربية في جملة (ولاسيما) اختلافا كبيرا فأجازوا رفع الاسم الذي بعدها ونصبه وجره. وهذا اضطراب لألباب الطلاب والكتاب واغتراب عن الصواب. لأنه لو جازت أنواع الإعراب الثلاثة لكان الكلام عن (ولاسيما) لبتر أي لا خير فيه. ولان نسير على مذهب واحد واطراد واحد متحرين صحة التعبير والتفسير والتقدير خير من أن نركض نحو تبلبل العلماء كالراكض نحو السراب يؤيد خطأه ويزيد ظمأه. ولذلك أقول: أن حجج بعض العلماء في (ولاسيما) متناقضة وفي اتباع المتناقض تجويز الأضداد دلالة على فقدان الصواب. ومن سوء حظنا أن (ولاسيما) جاءت في الشعر قبل النثر ومن وضعها في النثر اقتدى بالشعر متغاضيا عن صحة وضعها وترتيب أجزائها وإيضاح معناها غافلا عن أن وزن الشعر واقتضاب المعنى وتغيير اللفظ وبعثرته تضطر الشاعر إلى الخضوع لها، فأضعف دليل عندي وارد في الشعر مخالفا للنثر المؤيد. فإن أمثال ذلك الدليل هي التي بعثرت لغة العرب وبحثرت قواعدها. والعجيب الغريب أن (أحد أخطاء المجمع العلمي) في دمشق نشر بحثا زخارا موارا عن (ولاسيما) وعند استدلاله على جواز تخفيف الياء المشددة من (سي) أتى بها في آخر المضارع الأول في أحد الأبيات. ولكنه لما أورد (لا) النافية للعموم وذكر أبياتا لبعض المعترضين على وجوب تكرار (لا) أدعى أن ذلك ضرورة. فاستشهاده الشعر جائز واستشهاد غيره باطل وتلك لعمر اللغة فوضى وحكم لا يرضى. أن أعظم أدلة العلماء في (ولاسيما) استندت إلى قول امرئ القيس: ألا رب يوم لي من البيض صالح ... ولا سيما يوم بدارة جلجل

وقد عثرت على قول أبي سفيان يوم السقيفة: بني هاشم لا تطمعوا الناس فيكم ... (ولاسيما) تيم بن مرة أو عدي فهذان القولان أقدم الأقوال وغيرهما مقيس عليهما ومأخوذ منهما، ومتى فسرنا البيتين تفسيرا بعيدا عن التعسف ذهب التكلف والتحرف والتطرف. فأحسن تفسير توصلت إليه للبيت الأول هو: (مرت بي أيام ذات صلاح ونعيم. ولا مماثل ليوم دارة جلجل في صلاحه ونعيمه). ومعنى البيت الثاني: (يا أبناء هاشم لا تتركوا مجالا لطمع الناس فيكم ولا مثيل لتيم بن مرة وعدي في طمعها) فالقارئ يرى أن (لام الجر) حلت محل (ما) فاستقام المعنى استقامة تامة، ويرى أن جملة (ولاسيما) استدراكه فكأنه قال: (الناس طامعون فيكم ولكن تيما وعديا اطمع الناس). ويرى أيضاً أن الجملة مستأنفة ولم يرتبطها بسابقتها إلا المعنى. ولو لم تكن مستأنفة لتعذر التفسير وأرتبك التقدير وتفه التعبير، فما أسمج أن يقال (مرت بي أيام ذات صلاح ونعيم لا تشبه يوم دارة جلجل لأنه ذو صلاح كثير ونعيم عزير)؛ لأنه لا ينطبق على البيت فأي كلام فسروه ب (لا تشبه)؟ أنهم الصقوا ذلك تقويما لأود تفسيرهم. فالشاعر قال (ولا سي) أي (ولا شبيه أو مثيل) بالتغاضي عن الجملة السابقة وبالرغبة في الاستدراك. الإعراب الواو: حرف استئناف واجب الذكر لأن المعنى لا يتم أبدا إلا بالاستئناف كما رأينا. وتضمر الواو وجوبا في ما حذفت منه قديما. لا: نافية للجنس لا يجوز حذفها أبدا ذهابا إلى الفصاحة واتباعا لأفصح ناطق ب (ولاسيما). سي: أسم (لا) مبني على الفتح بمعنى (مثيل أو مماثل) ولا يجوز تخفيف الياء أبدا حفظا لأصلها الصحيح. ما: حرف زائد حل محل (لام الجر) المحذوفة لضرورة الشعر ولكون الألسنة والأذواق قد الفتها حسن وضعها.

يوم: مجرور وجوبا باللام المحذوفة والتقدير: (لا مثيل ليوم بدارة جلجل في الصلاح والنعيم) والجار والمجرور في محل رفع خبر (لا) النافية للجنس. تبرير هذا التقدير قال العرب (فتى ولا كمالك) أي (فتى ولا مثل مالك في الفضل والشجاعة) ولكنهم حذفوا آخر الجملة لأن لهم أذواقا حساسة، وإيجاز جميلا. وقالوا: (أبا خراشة أما أنت ذا نفر) والأصل (أن كنت ذا نفر) ولكنهم حذفوا (كان) واحلوا محلها (ما). ولذلك لا حرج علينا في إحلال (ما) محل (لام الجر المحذوفة) تجنبا للتعسفات والتقديرات الغريبة وتحريا للمعنى الصحيح وقتلا لتبلبل العلماء وتناقضاتهم واختصاصا بمذهب واحد ينطبق على كلام الجاهليين والفصحاء المتوسطين والمولدين. تطبيقات على أحوال (ولاسيما) 1 - قد يحذف خبر (لا) فتدخل (ولاسيما) على الجار والمجرور مثل: (يستحسن إطعام اليتامى ولا سيما في أيام ذات مسبغة) والتقدير: (ولا سي أو (ولا مثيل) للطعام في أيام ذات مجاعة). 2 - قد حذفت واو (ولاسيما) عند المولدين ولكنهم كانوا جدراء بإثباتها اتباعا لمن قبلهم من الفصحاء. ولذلك يجب إظهارها عند إعراب كلامهم. قال ابن أبي الحديد في الشرح: (ولا ريب أن محمدا عليه السلام وأهله الأدنين من بني هاشم (لاسيما) علي عليه السلام انعموا على الخلق) والتقدير (ولا مثيل لعلي في الإنعام) في بني هاشم وأهل محمد الأدنين وحملته فيها تقديم وتأخير والأصل: (قد انعموا على الخلق لاسيما علي عليه السلام). 3 - قد يحذف خبر (لا) وتحذف الواو وتدخل (لاسيما) على حرف يليه فعل قال ابن أبي الحديد (وأين هذا من باب حمل المطلق على المقيد (لاسيما) وقد ثبت أن التعليل) والتقدير (ولا مثيل لقولي أو لإنكاري لأن ثبوت التعليل، الخ). فالواو (واو التعليل) لا محالة ومن الأمثلة على ثبوت قولي بأن الواو للتعليل قولهم: 4 - (الكتاب جيد لا سيما والموضوع موضوع عصري) والتقدير (الكتاب جيد ولا مثيل لجودته لأن الموضوع عصري) فالقارئ يرى أن الواو احتلت

محل (لام التعليل) من دون شك أو تكلف. 5 - تدخل على الظرف مثل (المطالعة مفيدة ولاسيما قبل الظهر) والتقدير (ولا مماثل لفائدتها قبل الظهر). دحض حجج المتبلبلين والمتناقضين 1 - قال العلماء (خبر النافية محذوف والتقدير (موجود أو كائن) قلت لو وضعناه في مثلي الأخير لصارت الجملة (المطالعة جيدة ولا مثيل قبل الظهر موجود) وهي ناقصة تحتاج إلى زيادة (لجودتها) أي الخبر الذي قدرته أنا فتكون (ولا مثيل لجودتها قبل الظهر) فقولي هو الراجح الرابح: بحذف (موجود) الزائد. 2 - وقالوا (ما) أسم موصول مضاف إليه والاسم بعدا خبر لمبتدأ محذوف. قلت ذلك خطأ لأن (لا) يجب أن يكون اسمها نكرة وهم أضافوه إلى المعرفة فصار معرفة ولا يجوز أن نعبث بقواعد لغة العرب من أجل تبرير قولهم. أما رفعهم الاسم فيبطل بقول القائل (الكتاب جيد لاسيما والموضوع موضوع عصري) إذ ليس في الكلام خبر حتى يقدر والمبتدأ. ولا تصلح (ما) لأن تكون موصولة إذ لا صلة لها أبدا. ولو حذفوا الواو وقدروا المبتدأ لصارت الجملة (الكتاب جيد ولا مثيل موجود هو الموضوع موضوع عصري) وليس لها معنى مقبول ولا مبنى صحيح فالصواب ما قدمته في تقدير هذه الجملة. 3 - وقالوا (ما) نكرة تامة مضاف إليها والمبتدأ المحذوف والخبر الموجود صفة لها. قلت هذا لا يجوز أبدا فأبن أبي الحديد قال (لاسيما وقد ثبت) فأين الخبر حتى نقدر له مبتدأ؟ ولو قدرنا كليهما فما معنى (لا مماثل موجود هو الأمر وقد ثبت)؟ فالصواب ما قلت وما قدرت آنفا. (4) - وقالوا (أن الاسم الواقع بعد (لاسيما) يكون مضافا إليه إذا كان نكرة باعتبار (ما) زائدة وسي مضافا. قلت ذلك جيد ولكنه لا يمكن تطبيقه في كل الأحوال ولذلك نعود إلى التبلبل بإثباته. وقولنا: (ولا مثيل ليوم بدارة جلجل) أصح من قولنا: (ولا مثيل ليوم بدارة جلجل موجود). ومن جعله (تمييزا) فهو متبلبل أيضاً لأن خير قاعدة ما كانت عامة منطبقة على جزيئاتها تمام الانطباق، أضف إلى ذلك إنه غير مألوف لبعده عن الصواب. الكاظمية: مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة التعضيد والمعاضدة كتب إلينا أحد قرائنا المصريين يقول: (نشرت صحيفة الأهرام في عددها المؤرخ في 3 يوليو (تموز) سنة 1928 هذه الكلمة بإمضاء (وحيد) - وهو السيد وحيد الأيوبي الذي عني في العهد الأخير بالبحث اللغوي - فما رأي فضيلتكم فيها؟) وهذه هي النبذة التي يشير إليها حضرة الكاتب: (مما رأينا الكاتبين يخطئون فيه وجوه الصواب ونبهنا عليه منذ سنين ما نراه الآن في كتاب رئيس الوزراء الذي قيل أن وزير المعارف في الحال ومدير الجامعة في الماضي نمقه بدوره. جاء فيه (تعضيد جلالتكم) وهو غلط لغوي لأنه ليس في اللغة تعضيد بالمعنى المراد. في اللغة عضده بتخفيف الضاد يعضده بضمها عضدا بإسكانها من باب (نصر ينصر نصرا) صار له عضدا أي معينا وناصرا وعاضده يعاضده معاضدة عاونه وناصره وتعاضدوا تعاونوا وتناصروا. أما التعضيد فإنه يقال عضد السهم بضم الميم أي ذهب يمينا وشمالا عند الرمي وعضد المطر بضم الراء تعضيدا بلغ ثراه العضد وعضدت البسرة تعضيدا أرطبت من وسطها والمعضد بالضاد المشددة المفتوحة ثوب له علم في موضع العضد وابل معضدة بتشديد الضاد وفتحها موسومة في اعضادها وهن رافلات في الوشي المعضد بالتشديد والفتح وهو المضلع بتشديد اللام. وفي الكتاب غير ما ذكرنا أي فيه غلط أيضاً في اللفظ والتركيب وذلك يؤسف كل غيور على لغة وطنه). انتهى بحرفه. نقول: 1 - أن كتب اللغة لا تحوي جميع المفردات فإن الجوهري ذكر

أربعين ألف كلمة. وصاحب القاموس زاد عليها عشرين ألفا فجاء في ديوانه بستين ألف كلمة. أما ابن منظور الأفريقي صاحب لسان العرب فإنه أوصلها إلى ثمانين ألف كلمة وقد ضمنا نحن إلى هذا القدر خمسة عشر ألف كلمة. فأنت ترى من هذا كله أن دواوين اللغة لا تستوعب الالفاظ كلها لكثرتها. 2 - إذا كان القياس لا يمنع وضع اللفظة فاتباعه لمعنى جديد مستحب. 3 - ذكر أحد الثقات للفظة مما يحملنا على اتخاذها. والحال أن عضد (من باب التفعيل) واردة في المصباح. قال في فصل النسبة في آخر الكتاب (ص 889 من الطبعة الثانية الأميرية التي ظهرت في بولاق سنة 1906) ما هذا نصه: وقول العامة: شفعوي خطأ إذ لإسماع يؤيده ولا قياس يعضده) وقد ضبطت الضاد بالشد وجاءت أيضاً في المخصص لابن سيده (9: 85): كسر نسعا وهو الوجه عندي لأنه عضده بالوصف الجملي. أهـ المراد من نقله. وقد ضبطت الضاد بالشد. وأنت تعلم أن ناشر الطبعة الثانية من المصباح هو الأستاذ الشيخ حمزة فتح الله المفتش الأول للغة العربية بنظارة المعارف العمومية. ومتولي نشر المخصص هو من أعلم علماء اللغة محمد محمود الشنقيطي وكفى بهما حجة. ملاحظة في الجملة الحالية إلى الأستاذ العلامة الكرملي: جاء في الجزء السابع والصفحة545 من مجلتكم الغراء في ردكم على رد الأستاذ العقاد مستدلين على أولوية جعل (صباحه) في بيته فاعلا ليدور. قولكم (والدليل هو القاعدة المرعية وهي قول ابن الناظم في شرح ألفية أبيه (وان كانت الجملة الحالية اسمية فإن لكم تمن مؤكدة فالأكثر مجيئها بالواو مع الضمير أو دونه) فإذا لم نجعل صباحه فاعلا ليدور كان مبتدأ خبره متعاقبان وتكون الجملة حالا من فاعل يدور وهي غير مصدرة بالواو). وأني أرى أن جملة صباحه ومساؤه حال مؤكدة لجملة يدور فلا بأس بالاكتفاء بالضمير رابطا. والقاعدة أن الحال إذا كانت جملة فهناك ثلاثة شروط يجب مراعاتها: الأول أن تكون خبرية والثاني أن تكون غير مصدرة بعلامة الاستقبال والثالث أن تشتمل على ربط وهو أما الواو فقط أو الضمير فقط أو

هما معا وجملة (صباحه ومساؤه متعاقبان) تشتمل على ضمير يرجع إلى ذي الحال فلا مانع من جعلها حالا مؤكدة. هذا ما لاح لي أبديه لمعرفتي حبكم للحق وإن كان عليكم. جميل الزهاوي (لغة العرب): نشكر للأستاذ تذكيرنا ما غفلنا عنه أما أولوية جعل (صباحه) فاعلا ليدور في بيت الأستاذ العقاد فهي لأن الذي يدور هو الصباح والمساء لا الدهر. تاريخيات 1 - أردت أن أتثبت بعض الأمور التاريخية التي تتعلق بتاريخ بغداد فذهبت إلى باريس وتصفحت المخطوطات الستة الموجودة في خزانتها وموضوعها تاريخ العراق وهي: مجلدان للخطيب البغدادي، ومجلد لابن النجار ومجلدان للدبيثي الواسطي ومجلد للبنداري، فلم أعثر فيها على ضالتي بل وجدت فيها بعض الأخبار التي تفيدني بعض الفائدة والخلاصة أني تصفحت ألوفا من الصفحات المخطوطة باليد وفي أغلب الأحيان سيئة الكتابة لا تكاد تقرأ للحصول على نتف لا تساوي التعب الذي يكابد لأجلها. فهل لصديقكم يعقوب نعوم سركيس أن يذكر لنا أسماء الكتب المطبوعة والخطية التي صنفت في بغداد والعراق غير ما ذكرناه من التأليف ويكون جناها على طرف الثمام؟ فإني أشكر له يده البيضاء سلفا. وأود أن يذكر بعض من قرائكم الأدباء من كلدان وسريان، كاثوليك أو غير كاثوليك، فيسرد لنا أسماء التواريخ التي صنفها أجدادهم عن أخبار العراق وأنحائه. فلا جرم إننا نعثر فيها على أشياء لم يذكرها غيرهم. فلقد جمعت من كتب مؤرخي الإسلام إفادات جمة تعرب عما قام به النساطرة في عهد العباسيين إذ لهم شأن عظيم في حضارة ذلك العهد. 2 - وبصدد الكتب المخطوطة وقراءة ما فيها لاحظت أنكم أصلحتم كلمة (مقار) بكلمة (مقام) الواردة في لغة العرب (6: 34) فأستأذنكم في أن أبدي رأيي وأقول: أن المقار (بتشديد الراء) جمع مقر وإبدالها بالمقام في غير محلها

فقد كانوا يقولون: (مقار العز والإجلال) والمراد بذلك مقر الخلافة. كما كانوا يقولون أيضاً (مواقف الإمامة، والأبواب الشريفة). ولللآبيوردي من رسالة كتبها إلى أمير المؤمنين المستظهر بالله: (وعاود الخادم المثابرة على الممادح الأمامية، مطنبا ومطيلا، إذ وجد إلى مطالعة مقار العز والعظمة ومواقف الإمامة المكرمة بها سبيلا) (راجع إرشاد الأريب 6: 349). 3 - وجدتكم تفضلون كلمة (رفيعة) على (تقرير) (لغة العرب 6: 60) والذي تعهده أن الرفيعة كثيرا ما وردت بمعنى الشكاية والسعايه، راجع مثلا كتاب الوزراء للجهشياري تره يقول في ص 69: (كان رياح يضرب رزاما ويطالبه أن (يسعى) بصاحبه. . . فلما بلغ به ما بلغ أحضر رزام كتابا يوهمه أن فيه (رفائع) على محمد بن خالد. . . قال رزام: أيها الناس، أن الأمير امرني أن (أرفع) على محمد ابن خالد. . .) أهـ. ففعل (رفع) مع أداته (على) يدل صريحا على المعنى الذي يرمي إليه الكاتب، على أن (الرفيعة) بمعنى (التقرير) غير محظورة عند الأدباء. 4 - أما (المجراة) فالذي عندي إنها وردت بمعنى القوس ذات (النابض) ولم ترد بمعنى (النابض) نفسه. 5 - لا أتمالك من الضحك كل مرة تحملون (السلف الصالح) أمور هم براء منها ككتابة خمس مائة بكلمتين مثلا. وكثيرا ما تعيرون الأقدمين علمكم وأدبكم. على أني أؤكد لكم أنهم لم يكونوا بهذه الدرجة من التدقيق والإسفاف ولو طالعتم مثلي كتبا خطية قديمة بالمئات - وبعض تلك المصنفات خطها علماء أعلام - لغيرتم فكركم بخصوص تمسكهم بالرسوم والأشكال إذ ترون جماعة منهم لا يهمهم رسم أربع مائة أو أربعمائة، ثلاثمائة أو ثلث مائة. على أني أسألكم هل من كاتب لا يفرق بين خمس مائة بالفتح وبين خمس مائة بالضم؟ إذن ما معنى هذا التعصب لرسم دون آخر؟ 6 - أتقدم الآن إلى التمييز بين كتابة مثل إيطاليا وبريطانيا وما شاكلهما فإن صاحب كتاب صفة جزيرة العرب يرسمها بالألف القائمة، ثم يقول: (وقد تسمى أكثر هذه الأسماء بالهاء فيقال غالاطية ويهمس فيه ويقول: غالطية وإيطالية وابولية) (ص 33) والحق يقال: لم تكن عندهم ضابطة مطردة

وكتابة مثل تلك الأعلام بالهاء - وإن تكن احسن - إلا أني لا أجد من المفيد أن يشاد بذكر صورة واحدة حتى يجوز لكم أن تنقدوا من يخالفكم في رسم الحرف الأخير فتمسككم بمثل هذه التوافه ينزع القلوب من التحزب لكم، بينما كنا نود أن يكونوا من المشايعين لآرائكم. 7 - لا أوافقكم أيضاً على تغليط من يسمي خزانة الكتب: (مكتبة) مع أن قواعد العربية تسوغ لهم هذا الاستعمال. أتأذنون لي بأن أعيد إلى (المكتبة) شرف استعمالها؟ - لاشك في أن الواقف على تنقل الألفاظ يتمكن من أن ينشئ مقالة ليبين فيها الفرق بين اللفظين: خزانة ومكتبة، إذ لكلمة خزانة معان عدة، غير أني لا أنكر أن استعمال لفظة (المكتبة) لخزانة الكتب هو دون الثانية فصاحة. لكني لا اندفع وراء من يعد ذلك غلطا. 8 - أنكر يعقوب أفندي نعوم سركيس كلمة ساق وأبدلها بسبق في هذه العبارة (5: 340): (فلما وصل إلى باب النوبي ساق فخر الدين. . . والحال أننا نعلم أن الوزراء وكبار أصحاب المناصب العالية والأغنياء المقتدرين كانوا يتنقلون من موضع إلى موضع راكبين ظهرا وكان هذا الظهر في الغالب بغلا إذن فالقول (سبق) لا غبار عليه. افالون (فرنسا): حبيب الزيات جوابنا 1 - نتوقع من حضرة صديقنا البحاثة المحقق يعقوب أفندي سركيس وضع مقالة في هذا المعنى تحقيقا لأمنيتكم. أما الأدباء الكلدان والسريان من كاثوليك وغير كاثوليك فلا نجد فيهم من يقوم بهذا الأمر ولعل هناك رجلا نجهله. 2 - تصحيحكم للمقام بالمقار في محله ونحن نشكركم عليه. ونقر بجهلنا وغلطنا. 3 - الرفيعة تحتمل معنيين معنى مكروها ومعنى محمودا فإن رفعت أمرك إلى كبير وأنت تضمر له السوء فرفيعتك مضرة ومكروهة. أما إذا كان ما ترفعه حسنا فرفيعتك حسنة ومقبولة. وهذا ما يرى في لفظة نفسها فأنها تدل على هذين المعنيين وكذلك لفظة التقرير؛ إلا أن الرفيعة أقدم عهدا واستعمالا بخلاف التقرير ثم أن التقرير في معناه اللغوي لا يفيد معنى الرفيعة ولهذا نأباها

وإن كان غيرنا ينسبنا إلى المغالاة في اتخاذ الفصيح. 4 - معنى المجراة في أول وضعه كان يدل على المدفع (أي ما سماه الشيخ إبراهيم اليازجي النابض) ثم توسعوا فيه كما توسعوا في معنى المدفع حتى أنهم يطلقونه اليوم على هذه الآلة التي تقذف القنابر أو القنابل. قال في (مشارع الأشواق طبع بولاق ص 97 س 11: القوس المركبة المجراة فلو كانت المجراة القوس نفسها لما قال الكاتب أو الصانع هذا القول. ولنا دليل على أن المدفع والمجراة هما شيء واحد ما جاء في كتاب مخطوط في لننغراد ص 32 و33 ما هذا نصه: (باب الرمي بقوس الحسبان وهي الجراة (وضبطها بكسر الميم) التي صنفوها لما تقاتلوا مع التتر (أي في وسط المائة الثالثة عشرة للميلاد). كانوا كلما رمت عليهم العجم سهما ردوه عليهم. فصنفوا المجراة لهذه الغاية. فكان - كلما رمي على الترك سهم ولم يقدروا أن يردوه لقصره - يعمد أحدهم إلى قبضة من حديد - وإن شاء من خشب - مجوفة مشقوقة في الوسط ويعمل فيها (مدفع) من حديد، ويعمل في وسطه شق يعبر فيه السهم، ويكون السهم طول شبر أو اقصر ويجذب ويرمي. فإن المدفع يسوق السهم ويخرج بسرعة ويسبق السهم العربي بطريق آخر. وإذا أصاب الغريم لم يره إلا من بعد أن ينغرز في لحمه، ولاسيما إذا كانت القوي قوية من كتف قوية. أهـ بخطاه. والعلماء الذي اهتموا بفنون الحرب وآلاته هكذا فهموا معني المجراة والمدفع وإن كان معناهما انتقل بعد ذلك إلى مدلول غير ما ذكرناه. 5 - إننا لا ننكر أن الأقدمين كانوا يكتبون مثل خمسمائة بكلمتين وبكلمة واحدة، إلا أن سرعة الانتباه إلى قراءة اللفظة على وجهها الأسد (يلزمنا) بأن نتبع أقوم الوجهين بلوغا للمطلوب وهذا لا نراه إلا في كتابة اللفظتين كلمة واحدة ونعتبر ما سواه (خطأ في الكتابة) لأنه يبعدنا عن سواء السبيل ويدفعنا إلى التوقف في القراءة. وكم وكم من الألفاظ التي كانت ترسم بوجوه مختلفة فيصدر الإسلام! تراها اليوم مهملة بل خطأ فإن الأقدمين كانوا يكتبون مثل رمى ومصلى ومعلى وصدقة ومؤمنات وقناة: رما ومصلا ومعلا وصدقت ومؤمناة وقنات إلى غيرها. أما الآن فيعد هذا الرسم خطأ.

6 - وكذا القول في مثل إيطالية وبريطانية وإنطاكية فإن الأقدمين اختلفوا في كتابتها فالذين كانوا يعرفون الآرامية والعبرية أو كانوا ينقلون كتبهم عن مؤلفين آراميين أو عبريين كانوا يكتبونها بألف في الآخر ولا يخرجون عنها؛ أما (السلف الصالح) الذي لا ينقلون عن أحد فكانوا يكتبونها بالهاء. راجع مثلا في معاجم اللغة هذه الكلمات: سورية وإنطاكية وصقلية وارميني وأفريقية وغيرها وتعد بالمئات فانك لا تجد لها صورة أخرى غير الهاء في الآخر. وإما الهمداني أو ابن الحائك صاحب كتاب صفة جزيرة العرب فإنه لا يفرق بين الصورتين: بين الهاء في الآخر وبين الألف، إذن اتباع اللغويين أحسن من اتباع من لم يكونوا منهم. وهذا رأينا ولا نحيد عنه. ونرى كل وجه سواه من (خطأ الرسم في الكتابة) لأنه مخالف لرسم الفصحاء واللغويين. 7 - أما سبب تغليطنا من يسمي الخزانة مكتبة فهو قائم على اختيار أحسن الألفاظ لأبين المعاني وعلى الحرص الذي يجب أن نبديه في مقابلة كل لفظ دخيل بلفظ فصيح، فعندنا خزانة الكتب ودارها وبيتها لما سماه الإفرنج وعندنا مكتبة لما يسميه الإفرنج فإذا اعتبرنا المكتبة هي الخزانة فماذا نسمي (اللبريري)؟ أي ماذا نسمي (المكتبة) التي هي الموضع الذي يباع فيه الكتب؟ 8 - إبدال (ساق) ب (سبق) لم يكن من حضرة صديقنا يعقوب أفندي سركيس بل منا وكان قد ألح علينا كل الإلحاح لإبقاء الكلمة على وجهها. فلم نوافقه عليها؛ لكن الآن نرى خطأنا ونحن نشكر لكم حسن تأويلكم كما نعتذر إلى يعقوب أفندي سركيس من قيامنا عليه. ونحن إذا ما رأينا خطأنا أقررنا به صاغرين وشاكرين، لأن الجهل من مزيتنا وسادك بنا فهو ملازم لنا إلى حفرة القبر، كما نقدر علم الغير وفضلهم علينا. ومما يجب أن ينسب إلينا إبدال الهنايسي الواردة في (6: 16) بالهرائسي (؟) والحال أن النسخة الخطية تذكره هو وغيره بالهنايسي إلا أننا لم نجد هذه النسبة لأحد فقرأناها الهرائسي. ولعل أحد الأدباء يذكر لنا وجود النسبة المذكورة مضبوطة في أحد الكتب.

تأثير الأخطل على حياة الأمويين

تأثير الأخطل على حياة الأمويين اقتصاص لآثار الأستاذ الشايب عن الأخطل مما يؤثر عن الأخطل إنه أثر شعره على بني أمية تأثيرا أشد من تأثير ديانتهم عليهم. فتأثروا بدعه جاعليها سنة من ازور عنها ساءت سمعته. ومن ذلك أن (صاحب اليمن أرسل جارية عبلة إلى (عبد الملك بن مروان) الملقب برشح الحجر، ولما أحضرت عنده وانفرد بها عن وليجته وعم بها. أعلمه الأذن أن رسول (الحجاج) بالباب فنحى الجارية وأذن له وكان معه كتاب من (عبد الرحمن بن الأشعث) وبعد قضاء حوجائه بأن يقلب الجارية ويقول: ما أفدت فائدة أحب إليّ منك. فتقول: ما بالك يا أمير المؤمنين وما يمنعك؟ فقال: يمنعني ما قاله (الأخطل) لأني أن خرجت منه كنت ألام العرب: قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... دون النساء ولو باتت بأطهار فما إليك سبيل حتى يحكم الله بيني وبين (عدو (كذا) الرحمن بن الأشعث) فلم يقربها حتى قتل عبد الرحمن وفي ذلك رأينا أن عبد الملك متأثر ما قاله الأخطل تأثرا عجيبا، ولو كان قول الشاعر تفها واضح التفه لأن الرجل المنتظر نتيجة حرب لا يلذ له الطعام فكيف الإلمام؟ هذا حال عبد الملك هنا ولكنك تجده في طور ثان (أول غادر في الإسلام) حينما أمن (عمر بن سعيد الأشدق) المستعصي في دمشق ثم اعتقله وقال له (امكرا وأنت في الحديد) ثم غدر به فبقي غدره (سبة) وإن الشعراء قد أثروا على من قبله مثل (يزيد بن معاوية المتمثل بقوله (ابن الزبعري). ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الأسل. . . الخ ثم اتبعه بقوله: لعبت هاشم بالملك فلا ... نبأ جاع ولا وحي نزل فانظر إلى تأثير الشعراء الذي باد. الكاظمية: مصطفى جواد

ملاحظات شتى حضرة الفاضل الأب انستاس ماري الكرملي المحترم سلاما وتحية: وبعد فقد عثرت في مجلتكم الزاهرة في العدد السادس في ص 432 على قول الأديب أحمد حامد أفندي الصراف أن التيغار ألف وألف وخمسمائة وأربعين كيلو غراما. وحيث أن مجلتكم كما ذكرت سابقا عمدة يرجع إليها الأدباء لا أود أن تحوي غير الحقائق لذا أقول أن الطغار أو التيغار كما يقولون هو ألف حقة آستانة للحطب لا غير وذلك يساوي 1280 كيلو ويساوي ألفا وخمسمائة وستين حقة آستانة للأطعمة كافة وللجص وذلك يساوي ألفى كيلو غرام. لا كما ذكر الأديب. (ل. ع) استندنا في تقدير التيغار أو الطغار على المسيو كوينة الفرنسي الذي ألف كتابا جليلا عن تركية وكان رئيس حصر الدخان فيها وجميع ما يذكره مستند إلى أوراق رسمية. وقد ذكر موزون التيغار في كلامه عن ولاية بغداد ص 44 إذ يقول: التيغار يساوي 1200 اقة أو 1239 كيلو غراما. ولهذا فروايتنا أقرب إلى الحق من روايتكم. وفي ص 433 ذكر المثل (ما دام كسرى كسرى ما تعمر ديار) والمشهور المعروف ما دام كسرى كسرى يا ويلها من الخراب لأن معرض الكلام توالي الخراب لا أمل العمران. (ل. ع) قد يروي المثل على أوجه شتى. فرواية أحمد حامد أفندي تعني: ما دام كسرى (على عادته الأولى) فلا تعمر ديار. وهو اصح من روايتكم. وذكرتم في هامش الصفحة 432 أن (المهد ليس بلغة العوام كاروك) والحال أن الكاروك هو المعلق تعليقا بأرجل قائمة والمهد ما كان أسلفه محدبا موضوعا على الأرض بلا تعليق. هذا هو المتعارف. (ل. ع) هذا التمييز أو هذا الفرق غير شائع عند الجميع. والدليل أن الكاتب وهو أديب منور لم يعرف ذلك. والمهد لفظة عربية صحيحة تقع على كل ما يتخذ للطفل ولا عبرة في كلام العوام، والكاروك ارميه الأصل. وذكر الأديب في ص 435 من كل شر عقرب والعبارة تقتضي من شر كل

عقرب. الخ. (ل. ع) هذا من باب القلب المكاني. وذكر في ص 436 (فلان عقرب أصفر) والمثل (عكربه صفره) أي عقربة صفراء. (ل. ع) الخطب هين أن شاء الله. وفي ص 441 س 3 هذا القوم المحارب ولا أظن التعبير عربيا فهلا علقتم عليه. (ل. ع) على الناقد أن يفتح عينيه على نفسه قبل أن يفتحها على أخيه. والمحارب موجودة في الكتب الصغيرة والكبيرة فلا حاجة إلى التعليق ولو أردنا أن نعلق على كل كلمة تجيء في المقالات لكانت الرقعة أكبر من الثوب! وفي هامش ص 444 ذكرتم وصف الساجية وإن في مؤخرها سكانا ثم ذكرتم إنها أغلب ما تكون مقيرة وهي ساجة لا ساجية والساجية المعروفة لا تكون إلا مقيرة ولا سكان لها بل يجلس السائق في مؤخرها وبيده غرافة يستعملها ذات اليمين وذات الشمال حسبما يقتضي الحال وربما كان فيها راكبان. (ل. ع) ما ذكرناه مأخوذ عن أهل البلاد الذين ينطقون بها وليس عن بغدادي. ولعل المعنى الذي تشيرون إليه معروف في بلد والذي ذكرناه معروف في بلد آخر. وفي ص 147 (الأغاني الفراتية) برناتها الموسيقية والمذيبة للأحشاء أظن أن الواو لا محل لها. (ل. ع) قد يعطف النعت على النعت بالواو وقد لا يعطف به. وفي ص 459 وصفتم كتاب حياة القديس يوحنا بأنه كالدرة الغضة ولا أظن الدر إذا كان غضا يكون أحسن منه إذا مر عليه زمن فعسى أن تفيدنا عن ذلك. (ل. ع) الدرة الغضة أغلى من الدرة العتيقة وما عليكم إلا أن تسألوا أصحاب الفناء عن هذه الحقيقة. وراجعوا معجم لاروس الوسط في سبعة مجلدات تروا أن ما قلناه هو الصحيح. وفي ص 462 ذكرتم الأبساس للإبل هو دعوة فصيلها إليها وفي رسالة ابن زيدون الجدية حسبما يخطر لي قوله: (إنما أبسست لك لتدر) ويعرف شارحها

الأبساس بقوله للناقة بس بس لتسكن عند الحلب ويحرك لها الحوار لتحن وهما من الرسالة المذكورة. (ل. ع) الكلام ليس لنا بل لياقوت والذي ينقله عبد الله مخلص. ونظن أن ياقوت حجة أعظم من سواه. وفي ص 463 الظلم الخيال أو الشيخ أو الطيف ولم أعثر عليه فهل لكم أن تشرحوا ذلك تنويرا للإفهام؟ (ل. ع) الظلم مشتق من المظلم. والكلمة آرمية الأصل استعملها السلف ولا يرى من هذه المادة في معاجمنا إلا كلمة مظلم (كمعظم) وإما ظلم فمن باب الاشتقاق. وفي ص 473 إلى أي قول قائل البيت ذكرتم العيشة وصوابه العشية على ما أظن. (ل. ع) من غلط طبع وهو في الأصل صحيح. وفي ص 477 قدمتم أحمد الشيخ داود على أحمد الراوي مع أن الترتيب على الحروف يستلزم العكس. عبد اللطيف ثنيان (ل. ع) لأن (داود) بالدال قبل (الراوي) بالراء. والدال على ما نظن إنها قبل الراء في حروف الهجاء العربية. ونحن من الآن وصاعدا لا ندرج إلا المهم من الملاحظات التي فيها المنفعة للعموم. روضة خوان أي قارئ روضة الشهداء حضرة الصديق العلامة: قلتم في هذه المجلة (6: 53): والمراد بالروضة في اصطلاح الأمامية ترجمة ولي من الأولياء ولاسيما ترجمة الحسين من باب التغليب. فأقول: لما ألف الملا حسين بن علي الواعظ الكاشفي البيهقي (السبزواري) المتوفى سنة 910هـ كتاب (روضة الشهداء) أخذ مؤبنو آل البيت يتلونه على المنابر فاشتهر كل منهم بروضة خوان أي قارئ روضة الشهداء، ثم صار لقبا لكل من قام بهذا العمل (راجع ما كتبه الميرزا محمد باقر الخونساري في روضات الجنان ص 257 وما كتبه السيد هبة الدين الشهرستاني في مجلة المرشد 1: 306 وما

كتبه صديقنا الحاج الملا علي الواعظ التبريزي في وقائع الأيام (مجلد المحرم ص 284). ديانة ابن المقفع وقلتم في (6: 151): أما الصحيح فإنه (أي ابن المقفع) كان زنديقا. قلنا: أن آثار المرء ومؤلفاته كمرآة تنعكس فيها نفسية الكاتب وتتجلى فيها بأجلى مظاهرها وإذا أردنا أن نقف على آراء رجل وأفكاره نلقي نظرة إلى كتابه فذلك خير دليل إلى الاهتداء إليها فعبد الله بن المقفع ذو نفسية دينية خالصة من كل شائبة يشهد بذلك كتاباه الأدب الكبير والأدب الصغير اللذان قد ثبت بالتواتر الموجب للقطع بأنهما له. قال في كتابه الأدب الكبير ص 27 (من النسخة المطبوعة بمطبعة الاتحاد الأخوي بالحسين بمصر): ليعلم الوالي (أي السلطان) أن من الناس حرصاء على زيه إلا من لا بال له فليكن للدين والبر والمروءة عند نفاق فيكسد بذلك الفجور والدناءة في آفاق الأرض. وقال في كتابه الأدب الصغير ص 26 (من النسخة المطبوعة بمصر على نفقة المكتبة العباسية): الدين أفضل المواهب التي وصلت من الله تعالى إلى خلقه وأعظمها منفعة وأحمدها في كل حكمة فقد بلغ فضل الدين والحكمة أن مدحا على السنة الجهال على جهالتهم بهما وعماهم عنهما. وقال في ص 29: مما يدل على معرفة الله وسبب الإيمان أن وكل بالغيب لكل ظاهر من الدنيا صغير أو كبير عينا فهو يصرفه ويحركه فمن كان معتبرا بالجليل من ذلك فلينظر إلى السماء فيعلم أن لها ربا يجري فلكها ويدبر أمرها ومن اعتبر بالصغير فلينظر إلى حبة الخردل فيعرف أن لها مدبرا ينبتها ويزكيها ويقدر لها أقواتها من الأرض والماء يوقت لها زمان نباتها وزمان تهشمها وأمر النبوة والأحلام وما يحدث في انفس الناس من حيث لا يعلمون ثم يظهر منهم بالقول والفعل ثم اجتماع العلماء والجهال والمهتدين والضلال على ذكر الله تعالى وتعظيمه واجتماع من شك في الله تعالى وكذب به على الإقرار بأنهم أنشئوا

حديثا ومعرفتهم لم يحدثوا أنفسهم. فكل ذلك يهدي إلى الله ويدل على الذي كانت منه هذه الأمور مع ما يزيد ذلك يقينا عند المؤمنين بأن الله حق كبير ولا يقدر أحد إنه باطل. انتهى وبعد هذا كله يعلم علما يقينا أن ابن المقفع مؤمن موحد بريء من الزندقة براءة الذئب من دم ابن يعقوب. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (لغة العرب) في كل ما أوردتموه ليس دليل على تدين الرجل، أننا فهمنا منه إنه يمدح الله والدين والتدين ومكارم الأخلاق، وهذا لا يثبت أن القائل بها مهتدين بل أن الرجل كان دينا مع الدينين وخبيثا مع الخبثاء وهذه صفة من صفات الزنادقة أشهر من أن تذكر امتاز بها هؤلاء الناس. وهل تنسون الآية: وإذا القوا الذين آمنوا قالوا: آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا: أنا معكم إنما نحن مستهزئون. ثم أن ابن خلكان يذكر في كتابه (1: 150) من طبعة بولاق أمر (سفيان) بتنور فسجر، ثم أمر بابن المقفع فقطعت أطرافه عضوا عضوا وهو يلقيها في التنور وهو ينظر حتى أتى على جميع جسده ثم أطبق عليه التنور وقال: ليس علي في هذه المثلة بك حرج: لأنك (زنديق). أهـ. وشهادة الأقدمين في مثل هذه الأمور أحسن من الاستنتاجات العقيمة التي لا تؤخذ منها الحقيقة ككتب الزنادقة. آثار هندية قديمة اكتشفت في مقاطعة شتاجونج في الهند آثار تعتبر في غاية الشأن لتاريخ الفناء الهندسي فقد عثر مسلم من أهالي قرية (توري) أثناء حفر أساس منزل جديد على مجموعة كبيرة من القطع البرنزية في حالة جيدة من الحفظ، منها: قطعة تمثل معبدا كاملا وثلاثة وستين تمثالا للبد يبلغ ارتفاع الواحد منها من عقدتين إلى خمس عشرة. ويظهر من النموذج والنقود أن هذه الآثار ترجع إلى عصر يتراوح بين القرنين السابع والعاشر ويظن إنها تحف دينية نفيسة دفنها كهنة البد أيام الغزوات الإسلامية أو غزوات البرتغاليين الأولى وقد بادر ديوان الآثار إلى ضبط هذه التحف الأثرية والمحافظة عليها حتى يفحصها العلماء والخبراء.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة سكان قره تبه س - الكاظمية - مصطفى جواد: ما أصل سكان (قره تبه) ولاسيما السرايليين (الصرحيين) فانهم يتكلمون بالتركية الجافية والعربية العامية ويدعون أن أحد ملوك الفرس لما دهم العراق تحصنوا بسراي ودافعوا جيشه عنهم فلقبوا ب (السرايليين) وإن أصلهم من (العبيد) عرب العراق المشهورين؟ ج - الذي عندنا أنهم طارئة من كركوك أو من أنحائها لأن لغتهم التركية واللهجة التي ينطقون بها تقارب لغة أهل كركوك ولهجتهم. ولا جرم إنه كان في (قره تبه) عرب حين قدم أولئك الأتراك فاتخذ بعضهم نساء من البعض الآخر وهكذا صار سكانها خليطا من ترك وعرب وإما تسميتهم بالسرايليين فلوجودهم قرب سراي (صرح) هناك. دفين الأصفية س - سبزوار (إيران) - محمد مهدي العلوي: قال سمينا الملقب ببحر العلوم الطباطبائي في رجاله في ترجمة الكليني: وكانت وفاته (أي الكليني) في بغداد وصل عليه محمد بن جعفر الحسيني أبو قيراط ودفن بباب الكوفة في مقبرتها قال الشيخ قال ابن عبدون ورأيت قبره في صراط الطائي وعليه لوح مكتوب عليه اسمه واسم أبيه وقال النجاشي قال أبن عبدون كنت أعرف قبره وقد درس قلت ثم جدد وهو إلى الآن مزار معروف بباب الجسر وهو باب الكوفة وعليه قبة عظيمة. أهـ. هذا وقد راجعت بعض الكتب الأخرى المهمة فوجدت أصحابها يعرفون قبره كما ذكر فهل باب الكوفة المذكور في التاريخ هو باب الجسر وعلى فرض الثبوت فهل مقبرتها (المذكورة آنفا) هي جامع الأصفية؟

ج - جاء في روضات الجنات ص 553 بعد ذكر الجملة التي نقلتموها ما هذا نصه: (وأقول (أي صاحب روضات الجنات): والقبر المطهر الموصوف معروف في بغداد الشرقية، مشهور، تزوره العامة والخاصة في (تكية المولوية) وعليه شباك من الخارج إلى يسار العابر من الجسر) أهـ. وهذا يصح على مقبرة جامع الأصفية لكنه لا يتفق وأقوال الأقدمين الذاهبين إلى أن الكليني دفن بباب الكوفة، كما نقلتموه عنهم، وكما نقله صاحب روضات الجنات نفسه. فالظاهر أن صاحب هذا السفر الأخير لم يكن من أصحاب نقد الآراء. فقد ذكر ياقوت الحموي (وياقوت حجة في هذا الموضوع) أن باب الكوفة كان في الجانب الغربي، وصاحب الروضات يظن إنه كان في الجانب الشرقي، فأين هذا من ذاك؟ أما أن ياقوت يذكر باب الكوفة في الجانب الغربي فظاهر من كلامه في معجم البلدان في مادة (سوق عبد الواحد). قال: (سوق عبد الواحد كان ببغداد بالجانب الغربي عند باب الكوفة قرب باب البصرة). فهذا نص صريح ينفي دفن الكليني في الأصفية وفي الجانب الشرقي كله. وقد صرح بذلك أيضاً المرحوم أستاذنا الشيخ محمود شكري الالوسي إذ قال في كتابه (مساجد بغداد) ما هذا نصه قائلا عن نسختنا الخطية التي نقحها بيده بعد المقابلة بنسخته الأصلية ما هذا حرفه: (وداخل هذا المسجد مشهد لبعض صلحاء الأمة، وهو عن شمال الداخل في الرواق. والمرقد في سرب من الأرض عقدت عليه قبة مساوية لأرض المسجد، وهو في غاية من الإتقان والرصانة. والصندوق على سطح القبة مسامت للقبر. وقد اشتهر بين الناس أن الدفين هو العالم الزاهد القدوة العارف بالله أبو الحرث المحاسبي، وكان بصري الأصل، ثم أقام في بغداد. توفي سنة ثلاث وأربعين ومائتين. رحمه الله تعالى. ومن الشيعة من يقول. إنه الكليني من أكابر علماء الأمامية، ورواة حديثهم،

وكلا القولين لم يصح، ولاسيما الثاني، فإنه بعيد جدا، على أن المحققين من الأمامية لم يعترفوا بذلك، بل الذي يفهم من كلام بعض المؤرخين إنه قبر أبي جعفر المستنصر بالله الخليفة العباسي. أهـ. قلنا وهذا أيضاً لا يصح راجع لغة العرب 6: 182. فترون من هذا كله أن القول بأن دفين الأصفية هو الكليني غلط ظاهر. قانون التجنيد الإجباري س - ومنه: يظن الكثير أن مؤسس التجنيد الإجباري هو الدولة العثمانية بيد أننا لو راجعنا التاريخ لوجدنا أن هذا القانون وضع في الدولة الألمانية قبل ذلك بمئات من السنين. راجع كتاب مرآة الأيام في ملخص التاريخ العام لخليل مطران (2: 7) تره يقول: وفي سنة 926 (ميلادية) وضع (أي هنري دوق ساكس) القانون القاضي بالخدمة العسكرية على كل شاب تجاوز السادسة عشرة من العمر. أهـ. فإن كان لكم اطلاع أكثر فأفيدونا. ج - رأيكم هو لصواب الأرجح المسلم به عند أغلب الباحثين. والكتب المؤلفة في هذا الموضوع كثيرة عند الإفرنج فإن كنتم تحسنون الفرنسية فطالعوا ما كتب تحت عنوان وإن كنتم تتقنون الإنكليزي فراجعوا ما كتب بعنوان دين غازان بن ارغون س - بغداد - ب. م. م. ما كان دين غازان بن ارغون؟ ج - كان البدية وبنى بيوتا للبددة في مدينة (قوجان)، وقبيل أن يعتلي العرش في حين كان يخاصم (بايدو). أقنعه قائده نوروز بالإسلام فتشيع. (راجع معلمة الإسلام تجد فيها مجزأة). كتاب الثورة العربية س - بغداد - محب عبد المسيح وزيريان. ما رأيكم في كتاب لورنس المعروف بالثورة العربية، وما رأيكم في ترجمته إلى العربية؟ ج - لم نر هذا الكتاب في اللغة الإنكليزي لغلاء ثمنه وندرة نسخه؛ إذن لا يمكننا أن نقول عنه كلمة. أما الترجمة فلم نرها إذ لا وجود لها مطبوعة؛

إنما طبع منها بعض صفحات لا غير. وهذه الصفحات لم نطالعها؛ لكننا قرأنا من هذا النقل صفحات أدرجت في مجلة الهلال (36: 973 إلى 976) فوجدنا فيها أغلاطا تدلنا على أن المترجم غير متمكن من لغتنا، ولاسيما في هذا النقل الذي يدل على أن العربية ليست لغة نشأته وإنما لغة مكتسبة اكتسبها على كبر فلم يمكنه أن ينزه قلمه من أغلاط تشين الترجمة وتسقطها من عيون الناس وتمنع كل عربي صحيح العروبة من مطالعتها لأنه يرى الأرجل والمناسم تطأ لغته الشريفة. والناطق بالضاد يأنف من رؤية مثل هذا الأمر. وهنا نذكر جدول الأغلاط التي وجدناها! في المقالة المذكورة مع ما يجب أن يقال تصحيحا لها: ص 973 سير القوات البريطانية الزاحفة على القدس الشريف والصواب. الزاحفة إلى القدس، لأن السلف الفصيح يقول: زحف الصبي على أسته أو بطنه أو على الأرض. وزحف العدو إلينا. فيها: كفاحا مستمرا، وسياق العبارة يطلب أن يكون هنا كفاحا متصلا. والاستمرار في لغتنا لم يأت بمعنى الاتصال: اللهم إلا أن يكون ذلك في اللغة الأرمنية لغة الرجل الناقل. 974 على خمسة أقدام، والصواب الذي أقره اللغويون: على خمس أقدام. فيها: وكان يومئذ حديث العهد في تخرجه من جامعة اكسفورد. قلنا المشهور عند الفصحاء ما قاله ابن الأعرابي وهو خرجه: أدبه كما يخرج المعلم تلميذه. . . إذا دربه وعلمه وقد خرجه في الأدب فتخرج (لسان العرب) ولهذا كان عليه أن يقول: حديث العهد في خروجه من جامعة اكسفورد. وفيها: ولم يكن في القاهرة إنكليزي واقف مثله على شؤون البادية والمدن العربية والإلمام بطبائع سكان تلك الأصقاع. قلنا: وهذا التعبير لا يجوز وكان يجب عليه أن يقول: واقف على شؤون البادية. . . وعلى بعض طبائع سكان. . . لأن عطف الإلمام (وهو مصدر) على واقف (وهو أسم فاعل) يشمئز منه (العربي الصميم). وفيها: اغتنم الفرصة للعمل بين ظهرانيهم فاستفاد الاستفادة التامة. قلنا:

الاستفادة قد تكون للخير، كما تكون للشر، ومنه في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (1: 453) ثم دعيت إلى أن استفيد بها خطيئة ما فعلت. أهـ فكان عليه أن يقول: فاستفاد أحسن الاستفادة. ثم أن الاستفادة هنا في غير موقعها والأجدر أن يقال: فاستفاد أحسن فائدة. . . وفيها فأخلص لورنس للعرب ولفيصل، ولم يذكر ما أخلصه والصواب فأخلص لورنس العمل للعرب ولفيصل. . . وفي ص 975 في أعين الناس، قلنا: والصواب في عيون الناس كما هو معروف لأن المعنى هنا يدل على الكثرة لا على القلة. وفيها: مستكمل أسباب الرفاه، والرفاه لا وجود لها في العربية. إنما وردت في محيط المحيط للبستاني فنقلها عنه أقرب الموارد والمنجد والبستان وأصحاب سائر المعاجم الحديثة. وفيها: أن عضوية (أول صولز) تقتضي أن يتم في صاحبها ثلاثة شروط. قلنا: وهذا كلام أبتر. والصواب: أن تتوفر فيه أو أن تجتمع فيه أو أن تكون فيه أو نحوها. لأن قولنا: أن يتم في صاحبها ثلاثة شروط يدل على نقص الشروط وأنها تمت فيه. . . وفيها: أما أنا فلبسي سقيم، قلنا: هذا كلام لا ينطق به أعجمي اغتم فكيف يرضى به عربي غيور على لغته. لكن الرجل بعيد عن الذوق العربي وأساليبه ولا يمكن أن يغلب التطبع الطبع، والصواب: أما أنا فلبسي خشن أو رث أو نحو ذلك. وفيها: لم أذق بنت الدنان. قلنا، قال السلف: بنت الكرمة لأن الخمر عصيرها أما بنت الدنان فلم يقلها عربي، نعم ربما قاله (الأرمن) لكن العرب قوم والأرمن قوم آخرون. وفيها: يتردد. . . بين الكلية وبين منزل صديق. . . قلنا: هذا تعبير غير عربي. أما السلف فقالوا: يتردد إلى الكلية والى منزل صديق. قال في التاج في مادة ردد: وهو يتردد بالغدوات إلى مجالس العلم ويختلف إليها. فأين هذا التعبير العربي المحض من ذاك الكلام التافه الذي لا يحلو في فم ناطق بالضاد؟

وفيها: الملابس المبطنة بالفرو، وسلفنا قال (لأسلفه): الملابس المفراة. وفيها: وللورنس ولع شديد بطبع الكتب بمطابع اليد، وهو مشغوف بالكتب الجميلة وعنده مكتبة ثمينة تحوي كتبا نادرة. قلنا: هذا كلام يدل على قلة بضاعة الرجل من لغتنا. ولو قال: وللورنس وله شديد بطبع الكتب. . . وهو مشغوف بالأسفار الجميلة وعنده خزانة ثمينة تحوي تصانيف نادرة لكان أحسن؟ وفيها: إلى مكتبة المتحف البريطاني، والصواب إلى خزانة دار التحف البريطانية أو المتحفة البريطانية. وقال في ص 976: وهو متضلع من اللغة الإنكليزية نظرا إلى إلمامه بالأدب القديم، وهو تعبير سقيم ناشئ من جهله لغتنا العربية وأساليبها إذ وضع قوله نظرا إلى إلمامه في موضع لام التعليل وهو لم ينطق به الأجانب أنفسهم. والصواب أن يقول في هذا المقام: وهو متضلع من اللغة الإنكليزية لإلمامه بالأدب القديم. وفيها: عقد وصديق له ميثاقا أكيدا. فهذا كلام يدل على جهل شنيع لكلام السلف. إذ كلنا نعلم أن واو المعية تسبق المفعول معه. وليس هناك وجه آخر. وصديقنا - حفظه الله - رفع المفعول معه. فهل بعد هذا الجهل جهل؟ اللهم إلا أن يقول عقد هو وصديقه بوضع الضمير المنفصل فقد جاء في القرآن: اسكن أنت وزوجك الجنة. وفيها: لم يتمكنا (لورنس والأمير فيصل) من حمل الفرنسيين على تعديل الخطة التي رسموها ولم يتح لهم (كذا) الحصول من فورهما على حكومة ذاتية مستقلة. قلنا: وهنا لم يفرق بين المثنى والجمع. وما ذلك إلا لأن اللغة التي نشا عليها (الأرمينية) لا تميز بين المثنى والجمع فقال ما قال والصواب: ولم يتح لهما. أما من فورهما فلا محل لها هنا. والصواب: حالا لأن قوله من فورهما لا تفيد هذا المعنى المطلوب هنا. وفيها: ثم رجع (لورنس) إلى العزلة بين جنود بسطاء. قلنا: وهذا تعبير لا يعرفه الناطقون بالضاد؛ بل هذا دليل على إنه لم يفهم

الإنكليزية فقول البريطانيين يعني جنديا من عامة الجند لا من خاصتهم، وبعبارة ثانية أن ما سماه في لسانه جنودا بسطاء ننقله بلساننا: (بين عامة الجند). لا غير. وفيها (وقد بقي للطيار (شو) سنتان ونصف سنة من مدة عقده العسكري في القوات الجوية (وهي سبع سنوات) والصواب (من مدة لعقده العسكري هي سبع سنوات) لأنه لا يجوز له أن يضيف مدة إلى (عقده) ما لم تكن معروفة عند القراء، وبقوله (وهي سبع سنوات) ظهر أنهم لم يعرفوها ولذلك وجب أن تكون (نكرة) والنكرة محتاجة إلى التفسير. هذه نظرة مجملة في هذه الترجمة التي تشينها هذه الفظائع تلك التي تحط من قدر صاحبها وتبقى موصومة بوصمة البضائع المزجاة إلى ابد الدهر. فهل يأمل صديقنا أن يرى الناطقين بالضاد يطالعونها؟ - كلا. أن العربي الصميم لا يود أن يرى لغته توطأ بالأرجل والمناسم وتهوى إلى هذه الدركة السفلى التي لا دركة بعدها. وإذا كانت وزارة الدفاع اتخذت الرجل ترجمانا لها في ديوانها فإنما فعلته يوم لم يكن بين العراقيين من يتقن الإنكليزية والعربية. أما اليوم فإن الوزارة قد يمكن أن تستغني عن ترجمان هذه بضاعته! مخزق (البستان) الغاية من دواوين اللغة الرجوع إليها إذا وقع الشك في النفس بخصوص معنى كلمة أو مبناها؛ ولا تقتنى أبدا لزيادة الارتياب والإبهام. هذه كلمة المخزق إذا بحثت عنها في (البستان) تراه يقول: (المخزق كمنبر: عويد في طرفه مسمار محدد يكون عند بائع التمر يخدع باستعماله الصبيان) أهـ. فهل مثل لك هذا المعنى مثالا تتصوره؟ لا وعمرك؟ إنما الحقيقة هي هذه أن يزاد على ما بعد بائع التمر: (بالنوى، وله مخازق كثيرة فيأتيه الصبي بالنوى فيأخذه منه أو يشطر له كذا وكذا ضربة بالمخزق، فما انتظم من البسر فهو له قل أو كثر وإن اخطأ فلا شيء له. أهـ. عن التاج.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 69 - التقرير الرسمي المرفوع إلى عصبة الأمم عن أحوال الإدارة العراقية في سنة 1926 تعريب عطا عوم: محرر في جريدة العالم العربي، طبع في دار الطباعة الحديثة ببغداد سنة 1928 في 190 ص بقطع الثمن الصغير. لا نظن أن عراقيا يستغني عن هذه الرفيعة (التقرير) المفيدة، لأنه يفتقر إلى مطالعتها كل من يهمه الوقوف على مجرى السياسة في ديارنا العراقية. وكنا نود أن تكون هذه الترجمة خالصة من أغلاط أسماء المدن فأنها تكتب اربل: اربيل والمنتفق: المنتفك (ص 70 وما يليها) كما إنه وقع فيها أغلاط طبع كثيرة مثل رفات (ص 76 و77) فأنها جاءت بصورة رفاة. وبذر الكتاب (88) والصواب بزر الكتان ومنه البزار والبزارة. وينقصها فهرس وللفهارس شأن خطير في عهدنا. وعلى كل حال فالهدية نفيسة. 70 - الهندسة المستوية تأليف وينتوورث وسميث، نقله إلى العربية علي مدرس الرياضيات في الثانوية المركزية في بغداد، وجلال أمين زريق مدرس الرياضيات في دار المعلمين العليا والثانوية المركزية في بغداد، الجزء الثاني في 132 ص بقطع الثمن والجزء الثالث في 168 ص والجزء الثالث، مزين بفهرست عام للكتاب قوبل فيه كل لفظ اصطلاحي بلفظه الإنكليزي. والجزءان مطبوعان في مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1928 بقطع الثمن اشتهر الأستاذان علي بك وجلال زريق أفندي بتفرغهما للهندسة والرياضيات وقد ذكرنا الجزء الأول من هذا الكتاب النفيس (في 5: 500 من مجلتنا) والآن بين يدينا الجزءان الثاني والثالث فإذا الثلاثة اخوة توائم. وقد طالعنا كثيرا من كتب هذا الموضوع فإذا هي في لغة قبيحة ينبو عنها الذوق السليم. أما هذه

المجلدات الثلاثة فإنها ناصعة اللغة حسنة التبويب قريبة المنال، فهي إذن من أحسن المؤلفات المعربة. فنهيئ بها إدارة المعارف والمعربين معا. اللباب - 2 - 7 - الأخلاق ومن شعره في الأخلاق قوله ص 213: الخير أن تهوى الفتا ... ة فتى له حب شريف والشر كل الشر أن ... يفتر بالذئب الخروف زوجان ما أسمى مقا ... مهما العفيفة والعفيف ما أحسن الثوب النظيف ... وراءه عرض نظيف ومن قوله ص 223: وأني رأيت الصدق أحسن خلة ... ولكن قليل من إذا قال يصدق وقوله يذم الخمرة ص 252: سيذم من طافوا على ... الحانات عاقبة الطواف هل في النهى من فضلة؟ ... حتى تبذر بالسلاف وقوله ص 127: تضع الأخلاق في الأق ... وام حدا للمساءة إنما الأخلاق في الأق ... وام مقياس الكفاءة وقوله يذم العادات السيئة ص 194: أنها العادات لا يخلعها ... غير ذاك المارق المنطلق قد تلقاها تراثا سيئا ... أحمق عن أحمق عن أحمق 8 - الأوطان قوله ص 95: الدمع يشهد أن بالأوطان لي ... شغفا به لا تعلم الأوطان وقوله في العلم وهي التي انشدها في سوق عكاظ: عش هكذا في علو أيها ... فأننا بك بعد الله نعتصم

عش للعروبة عش للهاتفين لها ... عش للآلي في العراق اليوم قد حكموا عش للعراق لواء الحكم تكلأه ... عين العناية من شعب له ذمم عش خافقا في الأعالي للبقاء وثق ... بأن تؤيدك الأحزاب كلهم جاءت تحييك هذا اليوم معلنة ... أفراحها بك فأنظر هذه الأمم أن احتقرت فإن الشعب محتقر ... أو احترمت فإن الشعب محترم وان تعش سالما عاشت سعادته ... وإن تمت ماتت الآمال والهمم هذا الهتاف الذي يعلو فتسمعه ... جميعه لك فأسلم أيها العلم تتلى أمامك والجمهور مستمع ... قصيدة لفظها كالماء منسجم لشاعر عربي غير ذي عوج ... على الفصاحة منه تشهد الكلم وقوله ص 206: بلد لبست به شبابي هاتفا ... ونزعته وإذا الهتاف نواح وقوله ص 208: يا حق مالك في سكو ... ن الليل مضطربا تلوب أنا لا بعيد عنك يا ... وطني العزيز ولا قريب وقوله ص 79: يا قوم قد وعر الطريق أمامكم ... فإذا عزمتم تسهل الأوعار لا يرفع الوطن العزيز سوى امرئ ... حر على الوطن العزيز يغار أن هدم العربي حوض جدوده ... سخطت عليه يعرب ونزار 9 - الاستنهاض ومن شعره في الاستنهاض قوله ص 11: جعل الله كل قوم تحاشوا ... أن يثوروا في آخر الأقوام وقوله ص 14: لابد من فك ما قد شد من عقد ... كف الإسار بأيدينا بأيدينا وقوله ص 78: أشحذ سلاحك وأستعد ... به لمعترك الحياة أشحذ سلاحك للذيا ... د ورد غارات الغزاة

أشحذ سلاحك للبقا ... ء ودرء عادية العداة أشحذ سلاحك للدفا ... ع عن الحقوق الواجبات أشحذ سلاحك وهو ... علم تقتنيه بلا فوات علم بإسرار الطبيعة ... والجماعة واللغات وقوله ص93: يعيش شعب إذا ما ضيم ينتفض ... من الهوان وإلا فهو ينقرض وليس من قوة في الكون قاهرة ... تسطيع أن تقعد الأقوام أن نهضوا وقوله ص 249: لا يبتني استقلاله ... شعب له لم يستعدا شعب يلم بشره ... وإذا ألم فلا مردا شعب يظن الجد هز ... لا كله والهزل جدا شعب يعرض للطا ... م بكل يوم منه خدا شعب إلى بث الخلا ... ف له مراح ثم مغدى شعب تعصب للحجا ... ب مشددا حتى تعدى شعب بني بين النسا ... ء وبينه للجهل سدا قد شل منه النصف حت ... ى كاد منه الكل يردى يأتي الزواج بأربع ... ويخال ما يأتيه رشدا ويرى هناك طلاق سل ... مى واجبا لينال سعدى أني لأعجب كيف يل ... فى العيش ذو الأزواج رغدا بل كيف يجمع واحد ... في منزل ضدا وضدا 10 - الدفاع عن المرأة وللزهاوي مواقف كبيرة في الدفاع عن المرأة منها قوله ص 202: وإما نساء القوم في كل بقعة ... فهن لهن الضيم منهم أو الوأد يقولون أن الدين يجحد رشدها ... لقد كذبوا فالدين ليس به جحد ولم ينف رشد المرأة الدين نفسه ... ولكن غلاة الدين ليس لهم رشد وأفرط أقوام وفرط غيرهم ... وإن طريق المفلحين هو القصد

وقصيدة (الحجاب والسفور) ص 335 بديعة منها قوله: مزقي يا ابنة العراق الحجابا ... وأسفري فالحياة تبغي انقلابا مزقيه وأحرقيه بلا ري ... ث فقد كان حارسا كذابا مزقيه وبعد ذلك أيضاً ... مزقيه حتى يكون هبابا وقوله منها ص 336: أسرف الشيب في الحجاب فجاءت ... تبتغي منهم الشباب حسابا أن هذا الحجاب أن كان يرضي ... الشيب فاليوم ليس يرضي الشبابا قد أساء الشيوخ في المرأة الظ ... ن فسنوا لها الحجاب عقابا أنهم شددوا النكير عليها ... أنهم ضيقوا عليها الرحابا فتراهم عن الحجاب رضاة ... وتراهم على السفور غضابا وأرى القوم في ضلال مبين ... وأرى القوم يخطئون الصوابا سجنوا غير مشفقين العذارى ... في بيوت وغلقوا الأبوابا سل إذا شئت بالحقيقة علما ... فهناك العيون تعطي الجوابا ما لتلك العيون منكسرات ... يقرأ الناظرون فيها العتابا لم تكن تبصر السعادة إلا ... مثلما تبصر العيون شهابا وقوله منها ص 337: زعموا أن في السفور سقوطا ... في المهاوي وإن فيه خرابا وإذا ما طالبتم بدليل ... يثبت الدعوى أوسعوك سبابا كذبوا فالسفور عنوان طهر ... ليس يلقى معرة وارتيابا أن للقائمين دون الأماني ... رؤسا تضارع الأذنابا وقوله منها: هضموا حق الله في خلقه ... ثم ابتغوا منه رحمة وثوابا أنا في دعوتي أروم هداهم ... ولقد عز ما أروم طلابا إنما تقنع البراهين ناسا ... قد أقلت رؤوسهم البابا وكأن الإناث كن نعاجا ... وكأن الذكور كانوا ذئابا

وقوله منها ص 338: أنني لو أتيح لي في عبادا ... تي لربي جعلتها محرابا لم أكن في بث الحقيقة للنا ... س بنكس ولم أكن هيابا وقوله ص 126: إنما المرأة والمر ... ء سواء في الجدارة علموا المرأة فالم ... رأة عنوان الحضارة وقوله: يرفع الشعب فريقا ... ن إناث وذكور وهل الطائر إلا ... بجناحيه يطير 11 - الجد في الهزل وللزهاوي جد في صورة الهزل كقوله ص 2: إذا حيي الإنسان صادف منكرا ... وان مات لاقى منكرا ونكيرا وقوله ص 39: يا راميا نفسه من فوق شاهقة ... لقد بلغت المنى من أقصر السبل وقوله ص 272: وعدوني بعد الحمام نعيما ... ليت ذاك النعيم قبل الحمام وقوله ص 330: على بركات الشعر كل اعتمادهم ... ولكن شعري غير ذي بركات له تلو ديوان العقاد - 5 - وقال من قصيدة (خواطر الأرق) ص 116: يا ليل لونك في اللواحظ اثمد ... إلا لدي فمن غبار يرمد لا غرابة في تشبيه لون الليل بالأثمد فإنه أسود مثله ولكن الغرابة في الاستثناء وفي المعنى الذي يريده من هذا الاستثناء فهو كأنه يقول لونك اثمد للعيون إلا في عيني فإنه غبار يرمدها فلم يحسن الصوغ. وقال: ها أنت بالرؤيا تضن لأنها ... سلواي حين تركتني لا أرقد

وليس كل رؤيا هي سلوى العاشق فقد تكون مفزعة. ولما كان (حين تركتني) قد جاء وراء (سلواي) يفهم القارئ إنه ظرف لها فيفسد المعنى إذ يكون زمان السلوى التي يتطلبها هو الحين الذي لا يرقد فيه فما وجه لومه لليل الذي ضن بالرؤيا وإما أن كان ظرفا لتضن فإن هنالك الشطط إذ يكون المعنى أنت تضن الآن في الماضي كما يفهم من قوله (حين تركتني) ولا أدري كيف يجتمع الحال والماضي، وقال: دل الظلام على المدامع خاطرا ... أعيى عليه مع الصباح المورد أعيا على الخاطر في الصباح مورد المدامع وقد كان الليل يدل عليه بظلامه يريد إنه في الصباح ترك البكاء وهو خيال سخيف. وقال: العقل شيخ والحياة فتية ... والعيش بينهما شقاق مجهد والحقيقة أن العقل هو الفتي والحياة هي العجوز لأن الحياة قديمة في وجودها والعقل حادث قد اتصل بالحياة بعد ألوف من السنين. والعقل قد جاء لحفظ الحياة في الجهاد العام فكيف يكون العيش بينهما شقاء مجهدا على الإطلاق. وقال أواه من عبث الحياة وسوء ما ... يجني الزمان وشر ما يتوعد لا أشتكيه فقد أمر فساغ لي ... ما لا يسوغ وسرني ما يكمد إذا ساغ له ما لا يسوغ وسره ما يكمد فلماذا يتأوه. وقال ص 117: وجزعت حتى قيل جن من الأسى ... وصبرت حتى قيل صخر جلمد وهو مثل قول أبي صخر الدؤلي: هجرتك حتى قيل لا يعرف الهوى ... وزرتك حتى قيل ليس له صبر وقال: أبدي التجلد والتجلد في الأسى ... بعض الرياء وبعضه قد يحمد فمن أي النوعين تجلده؟ وقال والغصن تسقط إذ يميل ثماره ... ويزل عنه الزهر إذ يتأود القصيدة كلها نصح وعتاب واستغناء وتزلف وشطط وقصيدة (دوائي ودائي) ص 118جيدة. وقال من قصيدة (سطوة الجمال) ص 119: أن من أودع المحاسن فيها ... أودع الخوف رحمة في العيون

وأودع يتعدى بنفسه إلى مفعولين فلا يصح قوله: (أودع فيها المحاسن وأودع الخوف في العيون). وقال: أن عينا تعشو إلى ذلك الوجه ... لعين مصابة بالجنون يريد إنه لشدة ضيائه يضرها فإذا عشت إليه كان ذلك دليلا على جنونها وهل هذا هو الأدب العصري الذي يدعو الأستاذ الناس إليه؟ وقال من أخرى ص 122. يا صديقي وما علمتك إلا ... راضيا بالأسى رضاء الجليد ولم يجيء الجليد من الجلادة بل الذي جاء هو الجلد. وقال: أن تكن قد رزئت بنتا فسما ... قد تعوضت من بنات الخلود و (مما) خبر متقدم ولا يصح الجار والمجرور - من بنات الخلود - أن يكون مبتدأ متأخرا فأين هو المبتدأ؟ وقال من قصيدة (كنت فصرت): كأس الحياة أعليني على ظمأ ... وبللي بالحميا طين صلصالي والصلصال هو الطين فكأنه يقول بللي طين طيني. وقال: وفتشي في زوايا القلب فأقتدحي ... ظنا بظن وبلبالا ببلبال وأقتدح لازم - يقال أقتدح بالزند ولا يقال أقتدح الزند وفي ص 124 بيتان باسم (مدح الناس) لا يفهم القارئ ماذا يريد بهما وهما: ما عهدنا الأنام أجود بالمد ... ح لا علاهم ليدهم مكانا إنما يظهر الأنام ضئيلا ... ليس يخيفهم إذا هو بانا وقال من قصيدة (طلب صورة): أأقاسي بعدين بعدا من اليأ ... س على قربكم وبعد الديار اليأس يتعدى بمن لا بعلى وإن أراد بقوله (على قربكم) مع وجود قربكم فهذا ينافي بعد الديار. وقال في قصيدة (بين محمد وعزوز) ص 126: وهل على الحب يجازيك أم ... يريك بالضحك مدى اجره هل لتصديق الحكم فلا يعادل (بأم). وقال: وما ترى لو قد غدا شاعرا ... منافسا إياك في شعره وقد جمع (لو) للامتناع إلى (قد) للتحقيق. وكذلك في البيت:

وما ترى لو قد غدا فاتكا ... يستنزل الأعصم من وكره وفي أبيات آخر بعدهما. وقال: وما ترى لو قد غدا موسرا ... أشح من مادر في عسره وما در منصرف فيقبح عدم صرفه وليس هذا كصرف ما لا ينصرف. ثم نقدنا للجزء الأول من دواوينه وقد أغفلنا كثيرا مما عثرنا عليه من مغامز وأغلاط خوف الإطالة وليس يعذر الأستاذ كون هذا الجزء يحتوي على شعره في الشباب فإنه أعاد فيه النظر وصحح وقوم كما اعترف به في ختام الديوان. وقال من قصيدة (هيكل ادفو) ص 139 من الجزء الثاني: حرص الزمان عليك وهو موكل ... بالشامخات يحيلها أطلالا وليس في معاني (أحال) ما يتعدى إلى مفعولين. وقال: أبقاك في فك الزمان مصونة ... جيلان يبنيك الملوك وصالا وقد شرح (وصالا) بمتواصلين ولم اظفر بوصال جمعا. وقال ص 141: وستستقل فلا تقولوا إنها ... صمد الهوان بها فلا استقلالا ومعاني (صمد) لا تناسب المقام وإذا كان يريد معنى قصد فهو حينئذ يتعدى بنفسه أو بالى أو باللام يقال صمده أو صمد إليه أوله بمعنى قصده. وقال من قصيدة (بعد عام) ص 141 كان في الدنيا جمالا لا يعد ... ثم لحتا فعددنا الحسن طرا فهو فرد ... وهو أنتا وهو خلو من الجمال. وقال منها ص 142: أين حسن كان يجلوه النهار ... هل لبسته هل ورثت الصبح والصبح منار ... أم قتلته وهو من تصورات الصبيان يمجه الذوق الأدبي الصحيح. والقصيدة خليط من الجيد والرديء. وقال من (قصيدة الوقار المستعار) ص 143: أتعبت نفسك بالوقار فاقصر ... والعب كما العب الصبا وتأطر أيريد أن يكون مخاطبه دائرة كالإطار فيتدحرج في المشي. وقال ص 144:

ظلما تحيل على معارف وجهه ... مسح التقبض فوق مسخ منكر كلمة (تحيل) من أحال الماء عليه من الدلو بمعنى أفرغه وفي البيت معاتبة واحد وهجو آخر. وقال: عجبا لمحسود الرشاقة حاسد ... صرعى الخطوب على رزانة موقر ماذا يحسد محسود الرشاقة من صرعى الخطوب أهو رزانة الموقر؟ وقال من قصيدة (كاس على ذكرى). خمرة تملأ قلبي ... بقديم الذاكرات ولعل الصواب (الذكريات). وقال ص 145: ودع التلميح وأجهر ... باسمه دون تقاة وهو مثل قول أبي نؤاس: وبح باسم من أهوى ودعني عن الكنى ... فلا خير في اللذات من دونها ستر وقال: صفه في عيني وما تع ... دو به وصف الإضاءة وشرح الإضاءة فقال هي المرآة وفي المعاجم هي الغدير. وقال ص 146: وإذا قلت شجاني ... من افديه بذاتي يقال فداه بالتشديد بمعنى قال له جعلت فداك فلا وجه لقوله (بذاتي). والقصيدة كلها سخيفة وليس فيها وحدة فإذا غيرت أماكن كثير من أبياتها ما تغير المعنى. وقال (من قصيدة الشيب الباكر) ص 148: يا شيب ضاقت بك الدنيا بأجمعها ... فانزل بلا ضائق بالشيب أو برم ومن راجع القصيدة من أولها إلى آخرها يراها تبرما بالشيب بخلاف ما يدعيه. وقال من قصيدة (شبان مصر) ص 153: لو كان يفرقنا بعد الطلاب لما ... كنا كانوا سوى نجم وبوغاء

والبوغاء هو الغبار والتراب وهو كلمة ميتة لم يستعملها بعد الجاهلية كاتب أو شاعر أما الأستاذ فولعه بالغريب آثارها من مرقدها: وقال: يخاف بعضهم بعضا ويمنعهم ... دوني مغافر أقذار وافذاء يريد أن شباب مصر يخاف بعضهم بعضا فتمنعهم عن إيصال الأذى إليه مغافر من الأقذار والافذاء. ولا أدري أيهجو الأستاذ الشباب أم يهجو نفسه. وقال ص 154: وصوروا المجد في إخلادهم صورا ... شوهاء أغنتهم عن كل علياء وإذا صور الشباب المجد في بالهم صورا شوهاء فهل تغني هذه الصور عن كل علياء؟ وقال: خافوا وقالوا: لنا حزم وتجربة ... أن كان ذا الحزم، ما جبن الأخساء لم يصدر جواب الشرط بالفاء وهو جملة اسمية، وقال: تحركوا ثم قالوا لا جمود بنا ... أين التأوه من صمت الأصحاء فبخ بخ لهذا الشعر، وقال: تخايلوا في معاليهم وما علموا ... أن التورم لا ينمو بأخطاء ولو قال (تورموا) مكان تخايلوا لكان أمكن. وقال: آمالهم في المعالي تحت أرجلهم ... فما ينالونها إلا بإحناء وهو معنى لطيف. وقال: أستغفر الصدق بل لا يمدحون سوى ... ما يخلق الوجه من خزي وإغضاء الإغضاء لا يخلق الوجه فحبذا لو قال (وأسوء مكان (وإغضاء) وقال: لا يحفلون أعاشوا وهي ناجية ... أم أصبحوا طي أرماس وإحناء الإحناء جمع حنو وهو الجانب وكل ما فيه عوجاج من البدن وغيره فما هي بالقافية المتمكنة. وقال: قدوا ملابسكم عنكم فإن لكم ... في كل فعلة سوء ألف عوراء والمعقول أن يكون للإنسان في كل فعلة سوء عوراء واحدة لا ألف وقال ص 155: ينافق المرء منكم وهو يزعمه ... ظرفا يشيد به بين الإخلاء

والضمير في (يزعمه) ليس بذي مرجع فيجب أن نقدره بقولنا (ما ينافق به) وقال: ويغدر المرء منكم وهو يحبس ... عفو البديهة من لؤم وإيذاء (من لؤم وإيذاء) بيان لما يغدر به وقد حسبه الغادر عفو البديهة والقصيدة مملوءة من السب والقذاع وحبذا لو أجل الأستاذ نفسه عن أمثالها. وقال من قصيدة (الحرام والحلال) ص 156: أما آن للحسن أن يعدلا ... وللقلب في الحب أن يعقلا ومن الغرابة أن يطلب من القلب ما لا يملكه. وقال: لقد وضح الحسن للمبصري ... ن فما لهوى الحسن قد أشكلا وقد أشكل علي المعنى في الأول ثم فتح الله لي فعرفت إنه يريد أشكل على أمر هواي. وقال: كأن مآقي ما ركبت ... إلا لترعاك أو تأفلا ولا أدري كيف هو أقول المآقي، على أن البيت غير موزون ينقص الشطر الثاني حرف متحرك في أوله. وقال: فما أعشق الحسن إلا علي ... ك وكالوحش بعدك ريم الفلا ولا وجه لتشبيه ريم الفلا بالوحش وهو منه. وقال: قبيح بعيني أن تنظرا ... ولكن لعينيك أن تقتلا لا محل للاستدراك وكان عليه أن يقول (ولعينك) وقال: ولا ضير إنك حلو المذا ... ق شهي العناق سري الحلى ولا يخفى ما في وصف الحلي بالسري من الغرابة. وقال: ولكن ضيرا بنا أن نذو ... ق وإن كان لابد أن نفعلا و (ضيرا) يتعدى بنفسه فالأولى (ضيرا لنا) على أن تكون اللام للتقوية. وقال: ولا بدع أن تذهل الناظري ... ن ولكن من البدع أن نذهلا إذا لم يكن من البدع إذهال الناظرين فليس من البدع ذهوله. وقال: ولح أنت في صحراء الزما ... ن نهرا يهبج الصدى سلسلا (والصحراء) لم تسمع متحركة الحاء. وقال ص 157: لقد كان وجه الثرى جنة ... من القبح لو من جمال خلا

أراد أن يقول (جحيما) فقال جنة. وقال من قصيدة (العام الجديد) ص 158: سفاها لعمري عدنا الخطو بعده ... إذا كان لا يدنو بنا من مؤمل (عدنا) مبتدأ من غير خبر وكان الصواب أن يقول (سفاه) بالرفع فيكون هو الخبر. وقال: إذا ما انثنى الماضي وهيهات ينثني ... ألينا فبشرني بماضي وأجذل إلى آخر ما هنالك من إطراء للماضي وهو الذي قال قبل أبيات من نفس القصيدة يذمه كقوله: فبشر بعام زال عنا مذمما ... وإلا فما البشرى بعام مزمل برمنا بما يمضي الغداة فبعده ... أحب إلينا من ملاقاة ما يلي ومثل هذا التناقض كثير في شعره. وقال في ص 159: ومن لم يفده الصدق فالوهم أجمل ... وفي النفس منها مستجار وموئل لا مرجع للضمير في (منها) إلا النفس والأحسن (والنفس) مكان (وفي النفس). وقال: عشقناك إنسانا ونلقاك في المنى ... خيال سمادير يرام فيجفل والسمادير هو الخيال الذي يتراءى للسكران ومن أشبهه وقوله (خيال سمادير) كالقول (خيال خيال). وقال ص 160 (وأسديك في نجواي شكر لذاذة) والصواب أسدي. وقال من قصيدة الصبابة المنشودة: فقلت أرى جسما عرى من روائه ... وعهدي به من قبل أزهر كاسيا ولم يجيء عرى بفتح الراء بل الذي جاء هو عري بكسر الراء. وقال: وأنت لي جليت لي الأرض جلوة ... أسائل عنها الأرض وهي كما هيا

وجلى عنه الأمر وجلاه الأمر بمعنى كشفه عنه وجلى الزوج عروسه وصيفة أعطاها في وقت الزفاف والجلوة ما يعطي الزوج عروسه حين تعرض عليه وأنت ترى أن كل هذا لا يلتئم والبيت. وقال ص 161: نعم أنت لولا ساتر من منية ... وحسبك سترا بالمنية ساجيا وتركيب البيت يكلف القارئ، تأويلات. وقال: إذن لتشوقنا الحمام اشتياقنا ... إلى النوم واشتقنا الحياة دواليا و (تشوق) بمعنى اظهر الشوق متكلفا فلا يتعدى إلى المفعول. والدوالي عنب بالطائف أسود إلى الحمرة وقد شرح (دواليا) فقال بالتداول وهو خطأ وإما (دواليك) فهو بمعنى مداولة بعد مداولة فهو يراد به تأكيد المداولة. وقال من أبيات (الهين الصعب) ص 161: يا ليت أنفسنا صيغت كأنفسهم ... فلا يميلك عنا الصد والعجب العجب بالسكون هو الزهو وقد حرك الجيم خطأ. وقال من قصيدة (ليلة على موعد) ص 162: لقيته! لم القه! قادم. . . ... بل معرض! غضبان بل مشفق وكان الصواب (قادما بل معرضا غضبان بل مشفقات) على الحالية. ولعله يعيد كلمات الواسطة المتقطعة فيكون (قادم) خبرا لمبتدأ محذوف تقديره (هو). وقال: بالشمس أم شمس غد وحده ... مذخورة من اجله تخلق كيما نرى الدنيا وما شأنها ... سربالها المبتذل المخلق وفي البيتين غموض وظني أن الألفاظ قصرت عما يريده وتليهما أبيات لم تسلم من الغموض والركة. وقال من قصيدة (درج الحب) ص 163: أبصرته فودت الزمه ... باللحظ في حل ومرتحل والفصيح (فوددت أن الزمه). وقال من قصيدة (الكون والحياة) ص 165:

فحياة الأنام أهون من أن ... تتحرى لها الدنى مستقرا لا تطلق الدنيا على البشر وحدهم فهي تشمل العالم كله وهذه لا تتحرى للحياة مستقرا. وقال: وهي أدنى من أن تدير عليها ... فلكا عاليا وشمسا وبدرا أتبع رأي بطليموس في الأرض والأفلاك فجعل الفلك والشمس والبدر كلا منها يدور حول الأرض أما القمر فدورانه حق وإما الشمس فدورانها ظاهري مسبب عن دوران الأرض على محورها وإما الفلك فالأرض تدور فيه وليس هو بجسم ليدور حول الأرض إلا على رأي فلكيي الزمان الأقدم. وقال: ما جمال الأرضين تزخر بالذ ... ر وحسن النجوم في الأفق تترى شرح (تترى) فقال تتوالى (؟!!!) حاسبا إنها فعل مضارع وهو أسم جامد من الوتر ومعناها بعد واحد. وقال من قصيدة (الدنيا الميتة) ص 167: وأنك تسبي الناظرين وأنني ... بأحباب سابي الناظرين جدير والذي استخلصه من البيت هو أن الأستاذ يقول لحبيبه إنك تسبي الناظرين وأني بحبك جدير غير إنه لم يورد الحب وأتى بالأحباب - مصدر أحب - مكانه وهو مهجور ثم إنه لم يبين من أين أتته هذه الجدارة. وقال ص 168: ألا لا تدعنا نلحظ الحسن أو أجز ... لنا الحب فاللحظ اليسير يجور وهل الحب يتوقف على إجازة ليقول لمن احبه اجز لنا الحب ثم لماذا حصر الجور في اللحظ اليسير، فهل اللحظ الكثير يعدل وإذا كان عادلا فلماذا قال لا تدعنا نلحظ الحسن على أن هذا النهي يشمل اللحظ اليسير ولكثير. وقال: وما من سبيل أن تراه عيوننا ... وتغمض عنه انفس وصدور يريد أن لا إمكان لرؤية الحسن وعدم الحب وهو معنى جميل وإن كان في دلالة اللفظ عليه بعض الغموض. وقال: فأما وأعشاء النواظر مطلب ... عسير وقد يهوى الجمال ضرير (أما) حرف تفصيل قد فصل بينه وبين جوابه وإن لم يكن الفاصل

أحد الأمور الستة التي ذكرها النحويون وهي: (1) المبتدأ و (2) الخبر و (3) جملة الشرط و (4) الاسم المنصوب بالجواب و (5) الاسم المعمول المحذوف يفسره ما بعد الفاء و (6) الظرف المعول لاما فإن الجملة الحالية مؤلفة من المبتدأ والخبر والفصل بها مثل الفصل بالمبتدأ وحده أو الخبر فلا خطأ. وقال: وحاكيتهم ظنا فليتك مثلهم ... محيا فلا يأس عليك ضمير أسى عليه بمعنى حزن عليه وعدم أشباه حبيبه بالناس في جماله ليس بضار له ليكون باعثا للأسى عليه بل عدم هذا الشبه قد أضر بالمحب فيجب أن يأسى على نفسه. وقال: ويا عجبا منا نسائل انفسا ... إذا سئلت حارت وليس تحير لا موقع لهذا البيت فهو غريب بين ما تقدمه وتأخر عنه ولعل الجناس الذي أولع به الأستاذ هو الباعث لنظمه - حارت وتحير - وقال (أتعشى مآقينا) والمآقي أطراف العين مما يلي الأنف وهذه ليس لها من الأبصار حصة لتعشي. وقال: ألا نتملى الحسن والحسن جمة ... مطالعه إلا وأنت سمير لا يحتمل أن تكون (ألا) للعرض والتحضيض لما يمنعه من قوله في آخر البيت (ألا وأنت سمير) فهو إذن للاستفهام عن النفي وإذا كانت للاستفهام عن النفي لا تدخل إلا على الجملة الاسمية وتعمل عمل (لا) النافية للجنس كقول أحدهم (ألا اصطياد لسلمى أم لها جلد) وقال: إذا الشمس غابت لا نبالي غيابها ... وان غبت آض العيش وهو كدور وقد جاء الاكدر والكدر بكسر الدال وكدر بسكونها وكدير ولم يجيء (كدور) فهلا قال (كدير)؟ وقال: لديك مقاليد السرور وديعة ... وما لمحب في سواك سرور فإن تأذن الدنيا أباحت شوارها ... وغنت عصافير وفاح عبير (يأذن) لا يتعدى بنفسه إلا إذا كان بمعنى أصاب أذنه وقد جاء (أذن به) بمعنى علم به وأذن له في الشيء بمعنى أباحه له واليه بمعنى استمع وإن جعلنا الدنيا فاعلا لتأذن لم يكن للبيت ربط بما قبله وفسد المعنى فإنه يريد أن السرور بيدك فإن أذنت للدنيا أباحت شوارها.

ثم تأتي أبيات معانيها كالمعاني التي يفتكر بها الصبيان وأكثرها تفاهة قوله ص 169: لك الحسن فأمنعه ولكن يغل ... من الناس دنياهم فذاك مغير (لم يتم) 71 - خزائن كتب العرب في عهد العباسيين (في 29 ص بقطع الربع) باللغة الإيطالية تأليف الغا بنتو، طبع في فيزنزة (إيطالية) في مطبعة ليو اولسكي سنة 1928. هذه أطروحة أنشأها السينور الغابنتو لينال بها العلامية (الدكتوراية أو الدكتوراة) وأهداها إلى أستاذيه ميكيل انجلو غويدي وجورجيو ليفي دلافيدا. وأدرجت في المجلد 30 من السنة 30 من مجلة (ببليوفيليا) التي يديرها ناشر الكتب ليو س. اولسكي وقد قدم على هذا البحث الجليل مقدمة جزيلة الفائدة ثم قسمها إلى خمسة أقسام: الأول في الخزائن الخاصة - الثاني في الخزائن العامة - الثالث في إقامة الخزائن العامة وأجزائها - الرابع في أتلاف الخزائن - الخامس في انبعاث الدروس والخزائن العصرية. وقد راجع المؤلف في وضع هذه الأطروحة النفسية كتبا عديدة من عربية وألمانية وفرنسية وإنكليزية ولاتينية وإيطالية بين مخطوطة ومطبوعة وذلك تأييدا لأقواله والرسالة من انفس ما يقتنى في هذا الموضوع فنهنئ (الدكتور) الجدي باللقب الذي حازه عن جدارة وبالحجر الصلد الذي جاء به لإقامة (صرح الأدب العربي) 72 - خزائن الكتب في دمشق وضواحيها في أربعة أجزاء: دمشق، صيدنايا، معلولا، ويبرود بقلم حبيب الزيات، طبع في مطبعة المعارف بأول شارع الفجالة بمصر سنة 1902 في 246 ص بقطع الثمن حبيب الزيات ليس من الكتاب الذين يودون تصنيف مؤلفات كثيرة

لكنه من الذين إذا كتبوا سطوا نفعوا به القارئ أكثر مما لو طالع أسفارا عديدة في ذلك الموضوع. ليس في هذا التأليف البديع أسماء دواوين ومجلدات فقط بل هناك من المنافع والأنباء والفوائد التاريخية ما لا تجده في أي كتاب اخترته لنفسك في الموضوع الذي انتقيته. إذا وجد الزيات كتابا مخطوطا غير معروف، اقتبس منه ما لا يعرفه الناس وأطلعك على ما فيه من الغرائب وعرفك بمؤلفه بحيث تستغني عن اقتناء الكتاب نفسه، لأنه (عصر ما فيه من السلافة) وقدمها إليك. ولو اتسع لنا المقام لذكرنا بعض الشواهد لكي يتعلم كتابنا كيف توصف المخطوطات. فقد ذكر مثلا في ص 53 نسمات الأسحار في نبذ من كرامات الأولياء والأخيار لعطية بن حسن الملقب بعلوان الحمودي. قال: (ورد في آخره في صفة الأعراس التي كانت جارية في أيامه (أيام مؤلف المخطوط) في أوائل القرن العاشر للهجرة الفصل الآني) ثم نقل الفصل وهو من المواضيع التي يستطيبها كل قارئ. وهكذا جرى في كتابه فأصبح (خزانة لخزائن الكتب) ولهذا اقتناه الأدباء والفضلاء وحرصت على شرائه جميع خزائن كتب أوربة وديار الشرق لما يتبين من أسماء كتب والوقوف على أمور لا ترى في التصانيف المألوفة المسماة بمثل هذا الاسم. 73 - كتاب مخطوطات الموصل وفيه بحث عن مدارسها الدينية ومدارس ملحقاتها، تأليف الدكتور داود الجلبي الموصلي، طبع في مطبعة الفرات في بغداد سنة 1927 في 389 ص بقطع الربع، وثمنه أربع ربيات ونصف ويباع في المكتبة العربية لصاحبها نعمان الاعظمي في بغداد والموصل والبصرة. إلى اليوم كان الناس يجهلون ما في الموصل الحدباء من خزائن كتب ومؤلفات فجاء صديقنا الدكتور داود الجلبي وسد هذه الثلمة العظيمة بكتابه هذا النفيس

الذي لا تستغني عنه خزانة عربية بل غربية إذا أرادت أن تعرف ما في الموصل من كنوز عقول الأولين. وفي القسم الأول من هذا السفر الجليل ذكر المدارس الدينية التي وجدت في الموصل ثم أسماء الشيوخ الذين درسوا فيها. وفي القسم الثاني ذكر مدارس الموصل الحالية ومدارس ملحقات لواء الموصل مع ذكر ما حوته من الكتب. وفي القسم الثالث بيان ما عند الأسر المعروفة في الموصل من الكتب الخطية المهمة وذكر منها 33 أسرة. ثم شفع ذلك كله بثلاثة فهارس. ذكر في الفهرس الأول أقسام الكتاب ومواضيعه. وفي الثاني أسماء الكتب التي وردت في الديوان المذكور مرتبة احسن ترتيب على حروف الهجاء. وفي الثالث ذكر أسماء الأعلام الواردة فيه أصحاب مؤلفات كانوا لم يكونوا. فقد رأيت من هذا البيان الموجز أن هذا الكتاب لا يستغني عنه صاحب خزانة أو عاشق، بل كل أديب مغرم بمصنفات السلف. 74 - المهذب جريدة أسبوعية سياسية أدبية اجتماعية، لصاحبها ورئيس تحريرها جورج فرج وتصدر في الإسكندرية. وصلتنا الأعداد التي هي بعد المائة من هذه الجريدة التي انتشرت كل الانتشار مع حداثة عهدها إذ مضى عليها ثلاثة أعوام فقط وسر هذا النجاح حسن اختيار كتابها إذ فيها أحمد الشايب والدكتور أبو شادي والأستاذ م. س. أ. وابن يحيى وغيرهم من حضنة العلم والتحقيق. هذا فضلا عن قلم المحرر نفسه فانه يتدفق سلاسة وسهولة. فعسى أن يطالعها كل من لم يعرفها إلى الآن ويساعد في نشرها لفوائدها الجمة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - نصرة (لغة العرب) نشرت زميلتنا (الأخلاق) الغراء فصلا لأحد الأفاضل الآباء نوه فيه بالجهد الذي تبذله (لغة العرب) لخدمة الضاد وآدابها مع قلة مواردها المادية وأهاب بوزارة المعارف العراقية إلى أن تسعف المجلة عن طريق الاشتراك الكافي بأعدادها وتوزيعه على مكاتب المعاهد الدراسية لينتفع الأساتذة والطلبة بمباحثها وفوائدها. ونحن نشكر للكاتب الفاضل حسن ظنه وتشجيعه وتقديره ونصرح بأننا لا نعتبر هذه المجلة صحيفة شخصية، بل مجلة العالم العربي بأسره وكل جهودها موقوفة على رفع مقام اللغة العدناينة الشريفة. ومن أجل ذلك نرحب بهذه الرغبة في المؤازرة الصادقة التي تضمن للمجلة استمرار حياتها ونفعها للغة والأدب، وللثقافة العربية عامة. ولا يسعنا بهذه المناسبة إلا تكرار شكرنا لزملائنا الصحفيين الأفاضل - في مختلف الأقطار العربي - الذين نوهوا مرارا بهذه المجلة حثوا على معاضدتها. وبهذا الاعتبار العام نشكر الأدباء الكرام الذين اهتموا بالتفكير في الاحتفاء بيوبيل محرر المجلة في شهر أيلول المقبل واخذوا يدعون إلى ذلك في الأقطار العربية وبين الأساتذة المستشرقين وما ترددنا في قبول ذلك سابقا إلا خشية انصراف الحفاوة إلى شخصنا وما قدرنا هذه المكرمة حق قدرها أخيراً إلا بعد أن علمنا أن القصد الحقيقي من هذا السعي هو نصرة (لغة العرب). 2 - وزارة المعارف والبعثة العلمية عن هذه السنة (بحرفها الرسمي) 1 - ستوفد وزارة المعارف عشرين طالبا للتخصص بالعوم المذكورة أدناه إلى جامعات إنكلترة وأميركة والجامعة الأميركية في بيروت. (التربية، العلوم، الهندسة، الزراعة) 2 - ستنتخب الوزارة مباشرة ستة طلاب بالنظر لنتائج امتحانات التخرج من ثانويتي بغداد والموصل وكلية الحقوق ومدرسة الهندسة.

3 - ستنتخب الوزارة مباشرة مدرسين من بين مدرستها نظرا لاختباراتها في السنين الدراسية الماضية وترسلهما للتخصص بالتدريس. 4 - سينتخب من بين المراجعين العدد المقتضى لإكمال البعثة بمسابقة خاصة بموجب الشروط الآتية: 1 - يجب أن يكون الطالب قد حصل على شهادة الدراسة الثانوية. 2 - أن يكون قد أتقن اللغة الإنكليزية. 3 - يرجح الطلاب الذين هم أكثر تقدما في الدراسة نظرا لدرجة الشهادة التي يحملونها. 4 - يجري فحص مسابقة بين الذين يتساوون في الدرجة. 5 - عند تساوي الشروط الواردة في الفقرات السالفة يرجح الطلاب الذين يتعهدون بالقيام بنصف النفقات. 6 - عند وقع طلب من التلاميذ الذين يدرسون في الخارج على نفقتهم ستفسر أحوالهم ودرجة معلوماتهم والمدة اللازمة لإكمال دراستهم من مديري المدارس ورؤساء الطلبات والجامعات التي يدرسون فيها وتحقق مقدرة عائلتهم المالية في العراق. 7 - سيدخل في البعثة طالبات لإكمال الدراسة في كلية البنات الأميركية في بيروت على أن تجري الشروط الآتية: 1 - يجب أن تكون متخرجة من دار المعلمات في بغداد أو في الموصل. 2 - يجب أن تعرف اللغة الإنكليزية. 3 - يجب أن تتعهد بالخدمة في وزارة المعارف بعد إكمالها الدراسة وفق المواد المدرجة في ورقة التعهد. 8 - سيدخل في البعثة طلاب للتخصص باللغة العربية في مدرسة دار العلوم في مصر على أن يجوز الشروط الآتية: 1 - يجب أن يكون قد اكمل الثانوية أو تخرج من الشعبة العالية الدينية. 2 - يجب أن يكون عالما بالغة العربية. 3 - يجب أن يكون يعرف إحدى اللغات الغربية. 9 - ستجري المعاملات الاحضارية المتعلقة بالبعثة والتحقيقات المقتضية لها قبل اليوم العشرين من شهر تموز الحالي ويتم مر الانتخاب في أوائل شهر آب من قبل اللجنة تؤلف برئاسة معالي وزير المعارف ومن كبار موظفي الوزارة.

3 - عباس محمود العقاد في نظر المصريين كتبت جريدة الأخبار المصرية نبذة عنه في عددها الصادر في 16 تموز من هذه السنة ولقبته بعبد البلاء. وهذه نصها: (كتبت كثيرا عن هذا العبد الذليل، لا اعتناء به، وتقديرا لمقامه فهو أهون علينا من البعوضة على قرن ثور، ولكننا نعتبره كلسان (مبتور) لهؤلاء الغلابة المساكين. وما كنا نظن أن هذا العبد شاعرا ينظم الحصى والطوب ليشدخ به رؤوس القراء لولا أن خبيثا ألقى بين أيدينا عدا من البلاغ الأسبوعي فيه قصيدة لهذا العبد الطويل يتغزل فيها بمغن اسمه. . . بخيت! يقول فيه: شدوا وأعزفهم على أوتاد ... صوت سيبلغ لا محالة في غد أقصى المدى من شهره وقرار أما أن تسألني من (بخيت) هذا، وما حظه في الفن والجهور لا يعرفه؟ فهذا ما لا أدريه. أو ما هذا الشعر السخيف الركيك، فأبلغ رد على ما نشر لصديقي الأستاذ مصطفى كامل الشناوي من النقدات يعترض فيه على الطعن في شعرية هذا العبد السخيف!!! ولعله حينما يقرأ هذين البيتين يفيدنا برأيه في تغزل (عبد) أبله، (بعبد) يشدو على الأوتاد!!!) أهـ 4 - تبادل الثقافة أذاعت الجمعية المصرية في بيروت أن الطلبة المصريين المذكورة أسماؤهم فيما يلي نجحوا في الامتحان النهائي للطب والصيدلة ببيروت، وهم: الدكتور الياس أيوب، والدكتور حسين بديع، والدكتور هراوي ربنية في الصيدلة، وميشيل شقرا وجورج كساب. ونحن نشارك الجمعية المصرية في تهنئتها لهم، ونلفت نظر وزارة معارفنا العراقية إلى واجب التعاون الفكري والتعليمي بين العراق ومصر، كما هو واقع الآن بين القطرين المصري والسوري، وليس التفكير في الوسائل المؤدية إلى ذلك بعزيز على رجال وزارتنا تحقيقا للإخاء العلمي والفكري بين المملكتين الشقيقتين. 5 - النقود (العملة) الفلسطينية في مصر طلبت الحكومة الفلسطينية إلى الحكومة المصرية تحديد سعر للنقود (العملة) الفلسطينية وقبولها أثناء صرف التذاكر بمحطة شرق القنطرة ولا تزال المخابرات جارية. وهذه

مشكلة من المشاكل الاقتصادية الصغيرة التي كانت تنشأ لو أن لوحدة العملة الدولية وجدوا. ولعل هذا الجيل سيشهد تحقيق هذه الأمنية مثيلاتها بنفوذ (جمعية الأمم) وسعيها المتواصل في بث الروح الإنسانية العامة. 6 - الوفد العراقي سافر في صباح 22 تموز الوفد العراقي راكبا طيارة تأخذه إلى مصر ومنها إلى جدة ويتألف الوفد من معالي وزير المعارف توفيق بك السويدي رئيسا وبهاء الدين بك نوري عضوا وأحدهم حامد أفندي الصراف كتوما (سكرتيرا) 7 - غارات الأخوان بينما كانت ابل (عنزة) وهي من فرقة (الدهامشة) و (السويلمات) سارحة في مراع قريبة من (السلمان) إذ داهمتهم عصابة من الأخوان من اتباع (الدراويش) من مطير والبرزا النازلين في الرخيمية ونهبت من راعيين ابلهما وولت الأدبار. 8 - تعطيل صدى الكرخ عطلت مديرية المطبوعات جريدة صدى الكرخ الأسبوعية بحجة أن هذه الجريدة قد خرجت عن الخطة المعنية لها. 9 - الدكتور علي رامز فقدت مصر في الشهر المنصرم أحد نوابغ جراحيها الأعلام الأستاذ الدكتور علي رامز مسموما من جرح أصابه أثناء قيامه ببضع خطير (بعملية خطيرة) فنجا المريض وذهب الجراح الماهر ضحية إنسانيته ونبله: والطب تضحية فإن هو لم يكن ... لم يرتفع شرفا وكان مهيضا وهو ابن المرحوم الطبيب الذكر الدكتور إبراهيم باشا حسن مدير كلية الطب المصرية سابقا وله أخ مشهور بطبه الاختصاصي في جامعة (فينا) وهما شقيقان وأمهما ألمانية. وكان الفقيد العظيم بارعا أيضاً في علم النبات والموسيقى فجمع بذكائه ومواهبه بين العلم والفن وهكذا كانت خسارته فادحة. 10 - تربية النحل في مصر تعنى الحكومة المصرية في العهد الأخير عناية جدية بتربية المحل (وكذلك بدود القز) وآخر ما فكرت فيه من هذا القبيل نشر هذه التربية في لوحات خدمية لسكانها الفقراء. وهي تجلب النحل الإيطالي المشهور بدماثته وكذلك النحل القبرصي المعروف بنشاطه بجانب العناية بالنحل المصري الأيل. فلعل رجال الزراعة عندنا يقتدون بهذا السعي المفيد!

العدد 63

العدد 63 - بتاريخ: 01 - 09 - 1928 ذو الكفل ومدفنه 1 - ذو الكفل من ذوالكفل، أو الكفل (على رواية العوام)؟ - سؤال يسأله كل أديب يريد أن يرى الحقائق على ما هي، لا على ما يصورها بعض ضعفاء الباحثين. قلنا: ذو الكفل (ومن باب حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه): الكفل على ما قاله الطبري في تاريخه: (إن عمر أيوب كان ثلاثا وتسعين سنة، وانه أوصى عند موته إلى ابنه (حومل) وإن الله عز وجل بعث بعده ابنه (بشر بن أيوب) نبيا، وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده، وانه كان مقيما بالشام عمره حتى مات وكان عمره خمساً وسبعين سنة، وإن (بشرا) أوصى إلى ابنه عبدان. . .) أهـ المراد من نقله (1: 364 من طبعة الإفرنج). وقال المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه: البدء والتاريخ، المنسوب خطأ إلى أبي زيد أحمد بن سهل البلخي 3: 99) (كان ابن اسحق يقول: الياس هو الياس بن يس من ولد هرون بن عمران يقال له: الياس، والياسين، واذر

ياسين، ويقال: هو ذو الكفل بعينه، بعثه الله بعد حزقيل إلى ملك ببعلبك يقال له آحب وله امرأة يقال لها ازبيل. .). ثم قال عن اليسع بن اخطوب (ص100) يقال أن اليسع هو ذو الكفل. وقيل هو الخضر، وقيل هو ابن العجوز والله اعلم. وفي كتاب أبي حذيفة: أن ذا الكفل هو اليسع بن اخطوب تلميذ الياس وليس هو اليسع الذي ذكره الله في القرآن. يرويه عن أبي سمعان. فإن كان هذا حقا فهما اليسعان والله اعلم. وأما ذو الكفل فمختلف فيه اختلافا كثيرا تجده في كتاب المعاني إن شاء الله تعالى. أهـ. وقال في ص96: قيل أن يوشع هو ذو الكفل ابن أخت موسى وتلميذه الذي سار معه في طلب الخضر الذي افتتح بلقاء مدينة الجبارين بعد موسى. . . أهـ. وقال محمد بن أحمد بن اياس الحنفي في كتابه بدائع الزهور ص 109 قال: قال كعب الأحبار: لما قبض الله تعالى ايوب، عليه السلام، تغلب على أولاده الملك لام بن دعام، فأرسل هذا الملك إلى أولاد أيوب ليزوجوه بأختهم، بنت أيوب، فأرسلوا إليه وقالوا: ليس في ديننا أن نزوجك وأنت من الكفر، فإن أحببت فادخل في ديننا، فنزوجك اياها، فلما سمع ذلك الملك هددهم وعزم على قتالهم، فبلغ ذلك أولاد أيوب فمنهم من أشار بقتاله، ومنهم من أشار بمداراته المواعيد. فعند ذلك قال حوميل بن أيوب: لابد من قتاله وحربه. فلما جمع الملك جنوده وبرز للقتال، برز أولاد أيوب بمن معهم من المؤمنين والتقى الجيشان، واقتتلا قتالا شديدا، فوقعت الهزيمة في جيش حوميل بن أيوب، واحتوى لام على جميع أموالهم وأملاكهم واسر من قومهم ناسا كثيرين وفيهم بشير بن أيوب. فهم الملك بصلبه، ثم أمهله وأمر بحبسه يريد الفدية، فأراد أخوه حوميل أن يرسل له الفدية، فرأى في منامه قائلا يقول: (يا حوميل لا ترسل الفدية ولا تخف على أخيك، وإن هذا الملك سيؤمن وتكون عاقبته إلى خير، فقص الرؤيا على من كان عنده ورجع عن إعطائه الفدية. فبلغ الملك لام هذا الكلام فغضب غضبا شديدا فأمر أن يتخذ خندق ويجعل

فيه النار ليحرق بشير بن أيوب. فعند ذلك أحضر الجنود النار وأوقدوها واحتملوا بشيرا والقوه فيها فلم تحرقه النار. فتعجب الملك لام من ذلك، وقال: إن هذا لسحر عظيم. فقال له بشير: أيها الملك لسنا بساحرين وقد كان لنا جد يقال له إبراهيم الخليل، ففعل به النمرود كذلك فلم تحرقه النار وجعلها الله عليه بردا وسلاما. وكذلك يفعل الله بأولاده فعند ذلك رق قلب الملك وعلم الحق فأسلم وآمن واجتمعوا على الإسلام (كذا). فزوجوه بأختهم. وسمى الملك بشيرا (ذا الكفل)، لأنه لما أراد الملك الفدية، تكفل بشير بإيصال الفدية إليه من اخوته. ثم أن حوميل أرسل أخاه ذا الكفل رسولا إلى جميع أهل الشام بأذن الله تعالى. وكان الملك لام بين يديه يقاتل الكفار، فلم يزالوا على ذلك حتى مات حوميل ثم مات بشير ذو الكفل، ثم مات بعدهما الملك لام بن دعام فتغلب على أهل الشام العمالقة إلى أن بعث الله شعيبا. انتهى على سبيل الاختصار. وقال الثعلبي في قصص الأنبياء 199: (قال الله تعالى: (واسمعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين) قال مجاهد: لما كبر اليسع قال: لو أني استخلفت رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل. فجمع الناس ثم قال: من يتكفل لي بثلاث، استخلفته: يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يغضب فقام إليه رجل شاب تزدريه العيون. فقال: أنا. فرده ذلك اليوم. وقال مثلها في اليوم الثاني فسكت الناس. فقام ذلك الرجل وقال: أنا اعمل ذلك. فاستخلفه. قال: فلما رأى إبليس ذلك جعل يقول للشياطين: عليكم بفلان، فأعياهم. فقال: دعوني وإياه فاتاه في صورة شيخ كبير فقير حين أخذ مضجعه للقائلة. وكان لا ينام بالليل والنهار إلا تلك النومة. فدق إبليس الباب، فقال: من هذا؟ فقال: شيخ كبير مظلوم، ففتح الباب فجعل يقص عليه القصة ويقول: إن بيني وبين قومي خصومة وانهم ظلموني وفعلوا. . . وفعلوا. . . وجعل يطول عليه حتى حضر وقت الرواح. وذهبت القائلة. فقال له: إذا رحت فإني آخذ لك بحقك فانطلق وراح إلى مجلسه. فلما جلس جعل ينظر ليرى الشيخ فلم يره وقام يتتبعه.

فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس وينتظره فلم يره، فلما رجع إلى القائلة واخذ مضجعه، أتاه، فدق الباب، فقال: من هذا؟ فقال: أنا الشيخ المظلوم. ففتح له وقال: ألم أقل لك، إذا قعدت فأتني؟ فقال: أنهم اخبث قوم، إذا عرفوا إنك قاعد يقولون: نحن نعطيك حقك. وإذا قمت جحدوني. قال: فانطلق. فإذا رحت فأتني، وفاتته القائلة، فراح، واقبل، وجعل ينظره فلا يراه. فشق عليه النعاس. فقال لبعض أهله: لا تدعن أحدا يقرب هذا الباب حتى أقوم فإنه قد شق علي عدم النوم. فلما كانت تلك الساعة جاءه فلم يأذن له أحد. فلما أعياه نظر فإذا كوة في البيت، فتسور منها فإذا هو في البيت، وإذا به يدق الباب من داخل. فاستيقظ الرجل وقال: يا فلان ألم آمرك أن لا تأذن لأحد علي. فقال: أما من قبلي فما أتيت. فانظر من قبل من أتيت؟ فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا الشيخ معه في البيت. فقال له: إننا والخصوم ببابك، فعرفه فقال له: يا عدو الله ما ألجأك على هذه الفعال! فقال له: أعييتني في كل شيء أردت بك ففعلت معك ما ترى لأغضبك فعصمك الله مني. فسمي ذا الكفل، لأنه تكفل بأمر فوفى به. اخبرنا ابن فتحويه، قال: حدثنا عمر بن الفضل عن أبي هاشم: اخبرنا ابن الفضل قال: اخبرنا الأعمش عن عبد الله بن عبيد الله الداري عن سعيد عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث حديثا لو لم اسمعه إلا مرة أو مرتين لم أحدث به. سمعت منه أكثر من سبع مرات يقول: كان في بني إسرائيل رجل يقال له ذو الكفل لا ينزع عن ذنب عمله. فاتبع امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن تعطيه نفسها. فلما قعد منها مقعد الرجل من المرأة ارتعدت وبكت فقال لها: ما يبكيك؟ فقالت: من هذا الفعل، ما فعلته قط. فقال لها: أأكرهتك؟ قالت: لا، ولكن حملتني عليه الحاجة. فقال لها: اذهبي فهي لك. ثم إنه قال: والله، لا اعصي الله بعد هذا قط أبدا. فمات من ليلته. فقيل: مات ذو الكفل. فوجدوا على باب داره مكتوباً أن الله تعالى قد غفر لذي الكفل. وقال أبو موسى الاشعري: أن ذا الكفل لم يكن نبياً، وإنما كان عبدا

صالحا تكفل بعمل رجل صالح وكان يصلي لله تعالى في كل يوم مائة صلاة. فاحسن الله عليه الثناء. قيل: هو الياس. وقيل هو زكريا. والله أعلم بالصواب انتهى كلام الثعلبي. وفي تاج العروس في مادة ك ف ل: ذو الكفل: نبي من أنبياء بني إسرائيل. وقيل هو من ذرية إبراهيم، صلوات الله عليهما، وقيل هو الياس، وقيل هو زكرياء، أقوال ذكرها الفاسي في شرح الدلائل. قيل بعث إلى ملك اسمه كنعان، فدعاه إلى الإيمان وكفل له بالجنة وكتب له بالكفالة. وقال الثعالبي في المضاف والمنسوب: اختلف المفسرون في اسمه، فقيل: هو بشير بن أيوب، بعثه الله رسولا بعد أيوب وكان مقامه بالشام. وقبره في قرية كفل حارس من أعمال نابلس ذكره الملك المؤيد صاحب حماة. وقيل كان عبدا صالحا ذكر مع الأنبياء لأن علمه كعلمهم والأكثر على نبوته. وقيل: اسمه الياس، وقيل: يوشع، وقيل: زكريا. وقيل: حزقيل لأنه تكفل سبعين نبيا. حكاه في معالم التنزيل عن الحسن ومقاتل، انتهى، وقيل سمي به لأنه كفل بمائة ركعة كل يوم فوفى بما كفل. وقيل: لأنه كان يلبس كساه كالكفل. وقال الزجاج لأنه تكفل بأمر نبي في أمته فقام بما يجب فيهم. وقيل: تكفل بعمل رجل صالح فقام به. وقال الفاسي في شرح الدلائل: ومعناه ذو الحظ من الله تعالى. وقيل لتكفله لليسع بصيام النهار وقيام الليل وأن لا يغضب. أهـ كلام صاحب التاج. ولو أردنا أن نأتي على كل ما قيل عن ذي الكفل وسبب تسميته لملأنا مجلدات. وكل كاتب يذهب إلى رأي ينتحله للغير أو يريده بحديث يرفعه إلى أقدم المحدثين. وكل ذلك من الموضوعات البينة إذ لو كانت صحيحة لاتفقت كل الاتفاق؛ لكن هذا شأن الاختلاق إنه لا يأتي على وجه واحد. ونتائج ما تقدم ذكره هي: عدم اتفاق علماء الإسلام على حقيقة ذي الكفل إذ يذهب قوم إلى نبي ويقول آخرون بأنه رجل خاطئ تاب، أو عبد صالح خالط الأنبياء. لم يعرف أسم الرجل المذكور على حقيقته فمنهم من قال إنه الياس. ومنهم

اليسع وجماعة إنه زكريا وآخرون حزقيال وفريق يوشع. ومنهم من قال أن الاسم الحقيقي هو بشر أو بشير بن أيوب إلى غير ذلك من الأسماء التي توضع كل يوم لتأييد رأي من الآراء يمر في المخيلة. أما الحقيقة على ما نرى فهي أن ذا الكفل هو النبي حزقيال، باتفاق المسلمين والنصارى واليهود العراقيين منذ ألوف من السنين. وسبب تلقيبه بذلك هو إنه كفل يهوذا وإسرائيل باضطجاعه على الأرض نومة مدة 190 يوما على الجانب الأيسر و40 يوما على الجانب الأيمن طالبا إلى الله أن ينجي هاتين المملكتين من عقبى آثامهما. ففاز بأمنيته. (لم تتم) مصطفى جواد شاب مشغوف بلغة العرب معروف بميله إلى الأدب ولد في (محلة القشل بغداد) سنة (1904م) المقابلة (1322) بعد الهجرة. وكان والده (جواد) خياطا في بغداد ولما كف بصره بمرض فجائي نقل أسرته إلى بليدة (دلتاوة) أحد أعمال لواء ديالى. وكان عمر المترجم إذ ذاك شبع سنين فأرسله والده إلى امرأة مدرسة في دلتاوة نفسها ليتعلم القرآن قراءة فقط. والمدرسة في ذلكم الزمان تدرس الأولاد بنات وصبيانا. وبعد أن حذق قراءة القرآن ضمه والده إلى مدرسة دلتاوة الحكومية الابتدائية وبقي مواظبا على الدراسة حتى أول دقيقة دخل فيها جيش الإنكليز دلتاوة. ولكن والده جوادا توفي سنة (1333) هـ فتولى أمره أخوه الوحيد الكبير جدا (كاظم) الذي برع في العلوم العربية وصار تلاميذه علماء الآن. وبعد ذلك رجع مصطفى إلى مسقط رأسه بغداد ولما لم يحسن أخوه المعاملة له، انفصل وانضم إلى أقربائه الأدنين ثم رجع إلى دلتاوة لأن له خلاقا مما تركه والده من البساتين فاشتغل بها ثم دخل المدرسة الحكومية فلم يستفد فائدة لأن أعلى صف فيها هو (الرابع) ولذلك عول على الاجتهاد الذاتي في العطلة فاجتهد ثم دخل (دار المعلمين) قبل تكون الحكومة الوطنية الملكية سنة (1921) م وبقي فيها ثلاث سنين خرج بعدها (معلما) وقد نال الدرجة الثالثة في صفه عند التخرج. عينته الحكومة مدرسا في (الناصرية) فالبصرة فدلتاوة ثم الكاظمية وهو فيها للان. نظم الشعر نظما طبيعيا من دون دراسة ولا إرشاد من غيره وله (ديوان شعر) غير مطبوع سماه (الشعور المنسجم).

ترجمة ابن الفوطي

ترجمة ابن الفوطي عن الدرر الكامنة لابن حجر - (لغة العرب) (من غريب حظ بعض المؤلفين المشاهير أن يخمل اسمهم وينبه أسم من هم دونهم. ومن جملة هؤلاء المشاهير الجدراء بالذكر ابن الفوطي. فلقد أهمل ذكره البستاني في دائرة معارفه، ومعلمة الإسلام، وجرجي زيدان، وكليمان هوار، وبروكلمن وغيرهم، مع أن تآليفه من أحسن ما جاء في الموضوع الذي تحراه. وقد نقل بعض الكتاب شيئا ليس بقليل عن الأخبار التي ذكرها لكنهم لم يعرفوا صاحبها. وأول من ذكر اسمه وتأليفه مجلة العرفان ثم أشاد باسمه عيسى اسكندر المعلوف في تلك المجلة بصدد نسخة من التصنيف الذي ذكر فيها وهو نسخة في الخزانة الظاهرية في دمشق؛ لكن الذي نوه باسمه وبفضله كل التنويه هو أحد مؤازرينا في هذه المجلة البحاثة المدقق يعقوب أفندي نعوم سركيس فقد اظهر لنا أن الكتاب الذي نقل عنه الأدباء جرجس صفا والأب لويس شيخو واحمد تيمور في المشرق والزهراء هو الحوادث الجامعة لصاحبه ابن الفوطي. (لغة العرب 5: 223 ما يليها) وكان قد ذكر حضرة الصديق يعقوب أفندي إنه يتوقع وجود ترجمته في الدرر الكامنة (ل. ع 5: 223) فلما وقف على هذا النبأ صديقنا الآخر فريتس كرنكو الألماني الذي يطوي بساط أيامه في انكلترة، بعث إلينا بنسخة من تلك الترجمة الواردة في الدرر الكامنة وما أعظم ما كان عجبنا عند وقوفنا على هذه الترجمة وعلى خلوها من ذكر أسم كتاب الحوادث الجامعة، مع أن صاحب كشف الظنون يذكره صريحا في باب الحاء. وممن ترجم ابن الفوطي صاحب فوات الوفيات 1: 272 والترجمة لا تحوي إلا بعض ما جاء في ما كتبه ابن حجر العسقلاني وذكره صاحب فوات الوفيات باسم ابن الفوطي بالغين المعجمة وهو خطأ واضح. ودونك الآن هذه الترجمة): عبد الرزاق بن أحمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن أبي المعالي محمد بن محمود بن أحمد بن محمد بن أبي المعالي المفضل بن عباس بن عبد الله بن معن بن زائدة الشيباني

الصابوني المعروف بابن الفوطي (وهو جده لامه) كمال الدين أبو الفضل المروزي الأصل البغدادي. كان يقول إنه من ذرية معن بن زائدة. ولد في المحرم سنة 242 واسر في كائنة بغداد، فاتصل بالنصير الطوسي فخدمه واشتغل عليه وسمع من محيي الدين ابن الجوزي، وباشر كتب خزانة الرصد بمراغة وهو على ما نقل أربعمائة ألف مصنف أو مجلد واطلع على نفائس الكتب فعمل تاريخا حافلا جدا. ثم اختصره في آخر سماه مجمع الآداب. ومعجم الأسماء على الألقاب في خمسين مجلدا. وله درر الأصداف في بحور الأوصاف. وله الدرر الناصعة في شعراء المائة السابعة. وولي كتب المستنصرية إلى أن مات. ومني بالحديث وقرأ بنفسه وكتب بخطه المليح كثيرا جدا. وذكر إنه سمع من محيي الدين ابن الجوزي ومبارك ابن المستعصم في آخرين. قال: أنهم يبلغون خمسمائة إنسانا. وكان له نظم حسن وخط بديع جدا. قلت: ملكت بخطه خريدة القصر للعماد الكاتب في أربع مجلدات في قطع الكبير قدمتها لصاحب اليمن فأثابني عليها ثوابا جزيلا جدا. وكان له نظر في علوم الأوائل وكان مع حسن خطه يكتب في اليوم أربع كراريس. قال الصفدي: أخبرني من رآه ينام ويضع ظهره إلى الأرض ويكتب ويده إلى جهة السقف.

وقال الذهبي: كانت له يد بيضاء في النظم، وترصيع التراجم، وله ذهن سيال وقلم سريع، وخط بديع، وبصر بالمنطق والحكمة. ويقال إنه كان يتناول المسكر ثم تاب وصلح حاله في الآخر. وكان روضة معارف وبحر أخبار. قد ذكر في بعض تواليفه: إنه طالع تواريخ الإسلام فسردها، فمن المستغرب: 1 - تاريخ خوارزم. 2 - تاريخ اصبهان لحمزة. 3 - ولابن مردويه. 4 - ولابن مندة. 5 - تاريخ قزوين للرافعي. 6 - تاريخ الري للابي. 7 - تاريخ مراغة. 8 - تاريخ أران. 9 - تاريخ البصرة لابن دهجان. 10 - تاريخ الكوفة لابن مجالد. 11 - تاريخ واسط للدبيثي. 12 - تاريخ سامرا. 13 - تاريخ تكريت. 14 - تاريخ الموصل. 15 - تاريخ ميا فارقين. 16 - تاريخ العماد ابن القلانسي. 17 - تاريخ صقلية. 18 - تاريخ اليمن. سرد شيئا كثيرا جدا. قال ابن رجب: تكلم في عقيدته وعدالته. سمعت من شيوخنا ببغداد شيئا من ذلك. روى عنه ولده ببغداد وسمع منه محمود بن خليفة. مات في المحرم سنة 723 هـ (1323 م) (أذن عمر 79 سنة شمسية أو 81 سنة قمرية). بكنهام (انكلترة): فريتس كرنكو

مفتاح القلوب

مفتاح القلوب. عن الجزء الثامن المخطوط من ديوان الشاعر المصري الشهير الأستاذ عبد الرحمن شكري: هل عندكَ الخُبرُ والخَبَر ... عن مُعلِنِ السِرِّ يا قَدَر؟ فَهَبه لي أتق الأعادي ... وأعرف الصادقَ الأبَر! مِنْ قَبلِ أن أنقَم العوادي ... وألعقَ الصَّابَ والصَّبِر فأعرف الحافزاتِ طُرّا ... إلى الموداتِ والسِّيَر يا طالما غرَّني ابتسامُ ... كم باسمٍ قَلْبُهُ كَشَرْ! قد حِرْتُ دَهْرَا وحار مني ... قومٌ نهابُ الذي استسرْ! هل عندكَ الخُبْرُ والخَبَرْ ... عن مُعْلِنِ السِرِّ يا قَدَرْ؟ ليقرأَ العاذلون غَيْبي ... ويأمَن الحِبُّ إنْ نَفَرْ! وا حَرَّ قلبي إذا تناَءى ... وخالني الغادرَ المَكِرْ! فيعرف الخلّ أنَّ قلبي ... أصفَى من العَذْبِ في الغُدُر قد أخفق الحُبّ في بيان ... وأخفقَ الَّلحظ والبَصَرْ وأخفق العيشُ وهو سِفْرُ ... يُتْلَى على الحازمِ الحَذْر! هل عندكَ الخُبْرُ والخَبَرْ ... عن مُعلن السرّ يا قَدَرّ؟

كتاب الجدول الصفي

كتاب الجدول الصفي من البحر الوفي لهبة الله محمد الديري عود صاحب هذه المجلة أن يرحب بنقد الكتبة إياه إذا كان نقدهم نزيها يرمون به إلى الحقيقة وعودها أن تؤمن على أقوالهم وآرائهم الصحيحة دفعا للغلط الذي لا يخلو منه أحد. وهاءنذا متصد لشيء من ذلك مستميحا الأب عذرا لائقا به. كتب حضرة الأب في المشرق فصولا شائقة عن العراق وآثاره وغير ذلك منها مقالة (مدارس الزوراء في عهد الخلفاء (المشرق 10 (1907): 375) واتى فيها بذكر المدرسة البلطاسية (ص 397) وقال إنه نقل ما وجده في كلشن خلفا، لنظمي زاده وهو: (وهذه النقول عن مباني بغداد وتاريخها نقلتها من التاريخ الصغير للمؤرخ الشهير بالخطيب. أما تاريخه الكبير ففيه من تراجم الرجال والكتب وأسمائها ورواة الحديث وكتبهم ما لم يسمع به. فمما يضيق عنه نطاق الحصر من ذلك المدرسة البلطاسية فيها من الكتب ما يبلغ فهرسها 360 مجلدا أما عدد خزانها فيبلغ 50 شخصا والمدرسة المذكورة تشتمل على أربعة آلاف حجرة وراتبها في اليوم عشرون ألف رغيف وعشر بقرات ومائة كبش. وراتب مدرسها - وهو الشيخ قوام الدين - مائة رغيف وكبش واحد وخمسون درهما في اليوم) انتهى على ما ذكر في الخطيب البغدادي وذلك في عهد المتوكل (ص 14 من نسختنا الخطية) على إننا قد بحثنا في ما عندنا من الكتب وما وصلت يدنا إليه منها فلم نعثر على ذكر هذه المدرسة فلعل النظر في تاريخ الخطيب هبة الدين الديري البغدادي يزيل الشبهة عما في هذا الكلام من المبالغة أو ما يقرب منها. هذا وإننا لا نعرف إلى أي أسم نسبت هذه المدرسة ولا من هو هذا بلطاس

فهل من باحث يفيدنا عما نحن فيه من أمر هذه المدرسة ومنشئها؟) انتهى كلام الأب. وجاء في الحاشية لصاحب المقال أيضاً عن الخطيب: (عن صاحب كلشن خلفا يريد هنا (بالخطيب) الخطيب هبة الدين الديري البغدادي (كذا) كما يتضح من بقية كلامه ونحن لم نعثر على هذا الاسم في ما لدينا من الكتب والمشهور من كتبة تاريخ بغداد باسم الخطيب البغدادي هو: أبو بكر الخطيب الحافظ أحمد. . . البغدادي فلا يبعد أن يكون هذا هو المطلوب هنا فذكره صاحب كلشن بلقبه هبة الدين وذكره غيره بلقب الخطيب. وإما الديري البغدادي فيكون نسبة إلى دير كان في بغداد أو بجوار بغداد. . . فلا جرم أن الخطيب نسب إلى دير من ديرة بغداد فصح عليه نسبه إلى دير والى بغداد معا.) انتهت الحاشية. ليس اطلاعي على مقالة الأب بابن اليوم بل إنه كان قبل نحو عقد ونصف عقد من السنين فاستوقفت المقالة نظري فرجعت إلى كلشن خلفا لأرى نصه التركي فوجدت أن المعرب الذي اعتمد عليه الأب لم يحسن الترجمة فعلق الأمر ببالي. والذي يحدو بي إلى ما اكتبه الآن وهو صدور (كتاب مخطوطات الموصل)، وما يأتي هو الصحيح تعريبه نقلا عن الأصل التركي الوارد في ظهر الورقة 7 من كلشن خلفا المطبوع ونحو تلك الصحيفة من مخطوطي: (وعلى ما قاله الخطيب إن في زمن المتوكل كان في دار الخلافة أربعة آلاف فراش وإن أماكنها العديدة وإصطبلاتها المتفرقة وحواليها وحواشيها مثل مدينة شيراز. وهذه النقول هي من التاريخ الصغير للمؤرخ المذكور. أما تاريخه الكبير ففيه من أسماء الرجال والعلماء ورواة الحديث الشريف ما لا يسع القلم أن يكتبه وهو يخرج عن حد الحصر وفيه من أسماء الكتب ما لم يقف عليه أحد. وفي الجملة أن المدرسة البلطاسية فيها 360 مجلدا تحوي فهارس الكتب وخمسون خادما متأهبا لخزائن الكتب وفي المدرسة أربعة آلاف حجرة

وراتبها اليومي عشرون ألف رغيف وعشر بقرات منتخبات ومائة كبش مسمن ولمدرسها قوام الدين راتب قدره كل يوم مائة رغيف وكبش وخمسون درهما. هذا ما كتبه الخطيب على وجه الاختصار (هنا بيت من الشعر) وما رواه هبة الله الديري عن الخطيب البغدادي عن وفرة المال عند الخلفاء العباسيين وعن قوة سلطنتهم وهو يستغفر عن المبالغة والنقصان والاختصار. وأنا (أي مؤلف كلشن) استغفر أيضاً عن المبالغة والغلو وعن إملائي بالاختصار طالبا المعذرة) انتهى كلام كلشن. ولاشك أني من الذين يأخذون على الخطيب هذا قوله المغالى فيه وهو شبيه بالقول عن عدد حمامات بغداد إنها ستون ألفا وهو عدد يرده العقل السليم. وأول ما الفت النظر إليه إنه جاء في المقالة: (هبة الدين) وفي الأصول جميعها: (هبة الله) وقد رأينا أن هبة الله الديري هو غير الخطيب البغدادي فهما رجلان وليسا بواحد وتعريب المعرب الذي لم يميز فيه ذلك أدى بصاحب المقالة إلى وضع ما في الحاشية من تأويل وتوفيق. ولو لفت الناقل نظره إلى قبل ما عربه ببضعة وجوه لاتضح له أن أسم هبة الله الديري هو محمد فلا يمكن أن يكون هذا الديري الخطيب البغدادي الذي اسمه احمد - وقد مر بنا أيضا - ونعرف أسم تأليف الديري المذكور وهو (الجدول الصفي من البحر الوفي) ولما طرأ هناك سبب لهذا التشويش طمست الحقائق، وانك لتجد تعريب ما استندت إليه (ص 5 من المطبوع) في ما يلي: (وبعد أن عرفنا هبة الله محمد الديري في تاريخه الجدول الصفي من البحر الوفي أن كتاب الخطيب البغدادي المسمى ضبط عالم (إضافة تركية عن الفارسية). . .) أهـ ونظرا لما تقدم لا مشاحة أن هبة الله محمد الديري متأخر عن الخطيب البغدادي فقد نقل عنه. واسم كتاب الديري يدل على إنه مختصر من كتاب مطول وهل أوضح من هذا الاسم: جدول من بحر؟ وما البحر على الظاهر إلا تاريخ الخطيب البغدادي. كان وقوفي على أسم هبة الله محمد الديري واسم كتابه في تلك السنة التي أشرت

إليها وأنا أتحرى من ذاك الحين مظنة أجد فيها نسخة من الكتاب ولم أر اسمه في كشف الظنون ولقد فتشت في كثير من فهارس دور الكتب الأوربية وفي غيرها فلم أجده حتى أتحفنا الفاضل، الغيور على الأدب والعلوم والتاريخ، الدكتور داود الجلبي بكتابه (مخطوطات الموصل) وفيه (ص 173) في جملة مخطوطات المدرسة المحمدية في جامع الزيواني نسخة من (الجدول الصفي من البحر الوفي) لكنه لم يصفها، الأمر الذي كنا نتمناه ولعل عذره في ذلك قوله: (أن عيون حافظي الكتب في المدارس ترمقني بلحاظ تدل على السآمة ولسان حالهم يقول: رحم الله من زال.) أهـ طلب الأب في مقالته المذكورة أن يفيده أحد عن أسم من نسبت إليه المدرسة البلطاسية وعلى بلطاس وعلى منشئها وكنت أود أن أعثر على جواب هذا السؤال الذي بقي علي أيضاً غامضا ولكن بوسعي أن أقول شيئا عن هذا هو أن النسخة المطبوعة تذكر هذه المدرسة بهذا الاسم ومخطوطي يذكرها باسم المدرسة البرطاسية وبرطاس قوم عرفهم التاريخ وذكرتهم المعاجم المتخصصة لمثل هذه المباحث كمعجم البلدان ودائرة المعارف للبستاني والمعلمة الإسلامية الإفرنجية التي أوردت المصادر العربية القديمة التي اعتمدت عليها ومن الغريب إنها لم تذكر كتاب آثار البلاد للقزويني (ص 390 من طبعة الإفرنج) وقاموس الأعلام الذي ذكرهم بصورة برطاش (بشين منقوطة). ومن الكتب التي كثر ذكرهم فيها كتاب تلفيق الأخبار وتلقيح الآثار في وقائع قزان وبلغار وملوك التتار تأليف م. م. الرمزي المطبوع في اورنبورغ في سنة 1908 ذكرت تلك المقالة عن المدرسة البلطاسية إنها من مدارس بغداد وإذ لا ذكر في كلشن عن المدينة التي كانت فيها وجل ما جاء ذكرها في بحث ثروة الخلفاء ومقدرتهم في المال فيجوز إنها كانت في بغداد أو غيرها من المدن وأظن لو إنها كانت في بغداد - وهي من أمهات المدارس كما يفهم من ذلك الوصف - لما أغفلت ذكرها مقدمة الخطيب وهي مطبوعة تتعاورها الأيدي ولما غض النظر عن ذكرها كتاب مناقب بغداد. ومن العجب السكوت العميق عنها في كتب التاريخ والتراجم التي وقعت بيدي وهي طائفة ليست بيسيرة. ولو كانت كما

أين السميع نصيحة؟

ذكرت لجاءت كلمة عنها ولو في سياق الكلام كما تذكر النظامية والمستنصرية ولعلنا نقف على المدينة التي كانت فيها وغير ذلك إذا تسنى لنا الاطلاع على نسخة من الجدول الصفي الذي قلنا أن نسخة منه في الموصل، والأمل أن خزانة الأوقاف العامة تحقق الحصول على نسخة منه بالوقت القريب وليس ذلك عليها بعزيز. يعقوب نعوم سركيس أين السميع نصيحة؟ حول قصيدة (ما الشيخ في عين الفتاة) للشاعر الفيلسوف الزهاوي: ما بين دجلة والفرات ... قد مات إصلاح الفتاة قل للزهاوي الذي ... لا زال ينفر من قساة قد جئت تنبئ قصة ... فيها شقاء للبنات (ليلى) أتيت بنعيها ... كانت مثال المحصنات ليست لعمرك وحدها ... قاست تعاذيب الطغاة ألان لو فتشت في ... أسر العراق المحزنات لوجدت آلافا فقل ... ويل لأشياخ بغاة أن كنت تبكيها فمن ... يا شيخ يبكي الباقيات؟ ولئن ذكرت شهيدة ... فارحم جميع البائسات لا تجزعن لمصابها ... فلقد قضت بالمائجات قصدت إراحة نفسها ... وتخلصت من سجن عاتي أن كنت تملك دمعة ... فارحم بها من في الحياة كم غادة هيفاء را ... سفة بأعباء العصاة

ترى الانتحار نجاتها ... لكنا في المسلمات لو لم يحرم ديننا ... أمثال تلك الشائنات لرأيت دجلة حاملا ... جثث النجوم الهامدات فيصير فينا موصلا ... ينهى الحياة إلى الممات يكفي الشيوخ شراسة ... حفظ الوداد بالافتئات ومن الفظاظة أنهم ... هاموا بحب الكاعبات فهم مصايد عنفوا ... ن للبنات الطاهرات بل مهاو للشبا ... ب وغيلة للغافلات أن جئت تنصحهم فلن ... يصغوا لقول منك آتي أفلا يرون نصيحة ... منهم لهم بعد السبات؟ حتى يكفوا عن زوا ... ج اليافعات المزهرات (ليلى) ضحية والد ... لم يدر معنى للحياة هو تاجر قد غره ... ربح رديء العاقبات قد باع بنتا للممات ... فهاج شيخ القافيات يا شيخ شعرك عله ... يضحي شذا ذاك الرفات ما قلت إلا رأفة ... بالمرمضات المرهقات قد لمت شيخا طاعنا ... نهما تزوج من فتاة وتركت والدها فلم ... تذكر سوى أخذ الهبات أن الغشمشم والد ... باع الفتاة بلا أناة ويل له فبفعله ... قد جاز أفعال العتاة لا ينتهي عن غيهم ... آباء أولاء البنات ما لم يرد شماسهم ... بالقافيات الرادعات أين السميع نصيحة؟ ... فيكون من عزة الدعاة أنا بحاجة مصلح ... نهج الحياة بلا فوات إصلاحنا أحوالنا ... يحيي منانا الميتات الكاظمية: مصطفى جواد

قرى لواء الحلة

قرى لواء الحلة تحيط بأقضية اللواء لاسيما بقضائي النيل والجربوعية قرى عديدة تتراوح كل منها بين مائة ومائتي دار. وهذه الدور مبنية بعضها باللبن والبعض الآخر بالآجر ومعظمها بلاد تاريخية معروفة بعظمتها وسعة أراضيها، غير أن الدهر الخؤون حمل على أممها حملة أنزلتها من قمم المجد والسعادة إلى مهاوي الخراب والدمار فأصبحت أثرا بعد عين لا ترى لها غير الطلول والأنقاض ونحن ذاكرون فيما يلي أسماء هذه القرى بالتفصيل عسى أن تكون في ذلك فائدة تذكر. قرى قضاء النيل في الجهة اليسرى: البو مصطفى. خنفارة بتة وهبي بتة رؤوف الأمين. قلعة النائب المحاويل. الصباغية المفتية الإمام. السورة برنون. كويرش. جمجمة جرف الوردية. كريطعة. عتايج دولاب. قنهرة كويخات جميعات السادة. بارمانا. الحصين الرواشد. (وفي الجهة اليمنى من القضاء): عنانة سنجار، النخيلة جرف الكراد والطهمازية. (وفي قضاء الجربوعية في الجهة اليسرى): ياسية، مزيدية، أمام حمزة البو سعبر شرفة علاك خيكان الكبير وخيكان الصغير. (وفي الجهة اليمنى): الغليس، معيميرة، سعيدية، رشيدية.

حويش السيد، دبلة، بصيرة (تصغير بصرة) حدة، جناجة، جديدة العفينات (أي مستجدة) جديدة الحاج عبيد، إمام القاسم، شرفة (غير الشرفة التي في الجهة اليسرى) زرفية. (قرى قضاء الهندية): جناجة (غير جناجة قضاء الجربوعية) والرجيبة. (قرى قضاء المسيب): قرية الإسكندرية، قرية السدة. مي اللواء كان الفرات حتى عام 1208 هجرية (1793م) يمر بالحلة فقط ولم يكن يومئذ لشط الهندية الحالي أسم يذكر واتفق أن مثريا هنديا اسمه (عاصف الدولة) (كذا بمعنى آصف الدولة أي وزيرها الأكبر) جد (إقبال الدولة) وهو من مهراجات الهند زار العتبات المقدسة في العراق ورأى من واجبه الديني أن يقوم بمشروع إسالة المياه إلى النجف (البلدة التي كتب عليها نكد الطالع أن تكون فوق ربوة مرتفعة لا يمكن أن يصلها الماء) فأخذ على نفسه تحقيق هذا المشروع الخطير وانفق مبلغا طائلا على حفر جدول ضيق كان في طاقة الرجل أن يعبره وثبا وهو يخرج من شط الحلة إلى نواحي النجف المنخفضة عن المدينة. وقد سمي هذا الجدول باسم (الهندية) إشارة إلى اصله وأرخ هذا العمل بعبارة (صدقة جارية) أي عام 1208 هـ. ثم إن عوامل الدهر وانخفاض سطح هذا الجدول عن الأراضي الواقعة على ضفتيه أثرت في توسيعه أعظم تأثير حتى أصبح هذا الجدول الضيق نهرا كبيرا إندفق فيه شط الحلة دفعة واحدة لانخفاض الأراضي التي يسيل عليها وكانت المزارع المبثوثة على عدوتيه تغرق بسبب فيضانه وتموت عطشا أيام هبوطه فآن للحكومة العثمانية أن تقوم بمشروع سد الهندية الذي سبق أن أفردنا له بحثا في الجزء 3 من المجلد السادس من مجلة لغة العرب. وفي عام 1918 قامت الحكومة الإحتلالية بحفر جدولين كبيرين على ضفتي هذا النهر سمت الأول منهما ب (جدول الجرجية) (إشارة إلى الملك جورج البريطاني) وهو يسقي أراضي شعبة (أبو غرق) وأراضي ناحية الكفل ثم تنتهي مياهه في بزائز يقال لها (المويهي) الداخلة في لواء الديوانية وسمت

الثاني ب (جدول بني حسن) إشارة إلى قبائل بني حسن الرابضة على ضفتيه وهو يسقي أراضي ناحية جدول الغربي وينتهي في بزائز تقابل ناحية الكفل. وكانت أراضي ضفاف هذين الجدولين قبل فتحهما تستقي مياهها من شط الهندية مباشرة على الوجه المذكور. وشط الحلة الذي نحن بصدده الآن يتفرع من صدر سدة الهندية ثم ينساب إلى الحلة ويذهب إلى صدر الدغارة حيث يتفرع إلى فرعين كبيرين سبقت الإشارة إليهما في بحثنا عن لواء الديوانية (6: 443) وتتفرع من عدوتيه جداول عديدة تسقي المقاطعات والمزارع الكثيرة التابعة للواء وتنتهي مياهها في البساتين والبزائز. فالجداول التي تتفرع من ضفة نهر الحلة اليمنى هي: المهناوية، الخواص، عنانة، إبراهيمية، طهمازية، يهودية، تاجية، عامود نهر الشاه، هور الشوك، دورة، همينية، أبو ضباع، عامود علاج، عتاب، نهر الجربوعية، الزرفية، الحسينية، الابيخر (ثم يأتي صدر الدغارة). والجداول التي تتفرع من ضفة النهر اليسرى هي: حصن البيكات، المحاويل، خنفارة، بتة، خاتونية، فندية، النيل، الجدول، الوردية، بنشة، دولاب، غنية، أبو حسان، فنهرة، بيرمانة، مشيمش، (بالتصغير) نهر السيد حجاب، روبيانة، باشية، كدس، البزل، عوادل، زبار، عثمانية، شوملي، ظلمية، وابو جماغ (ثم يأتي صدر الدغارة). وهذه الجداول كما أسلفنا تسقي مقاطعات جسيمة وعليها مدار معيشة سكان اللواء وحياته. عشائر اللواء في لواء الحلة كما في غيره من الألوية العراقية جماعات كبيرة من العشائر نذكر أسماء قبائلها وأسماء الاقضية التي تقطنها كما يلي: (في قضاء النيل) - الجحيش، المعامرة، العزة، العمار، قسم من البو سلطان، اليسار، الدواغنة، الغران، بني عجيل، البو علوان (وهم قسم من الدليم)، كريعات، الزوامل. (في قضاء الجربوعية) - الجبور، البو سلطان، خفاجة.

(في قضاء الهندية) - آل فتلة، كريط، طفيل (بالتصغير)، بني حسن، الدعوم. (في قضاء المسيب) - الجنابيين، الجدي، الجراونة (وهم من شمر) (بتشديد الميم) قسم من المعامرة. وهذه العشائر التي تقدر نفوسها ب (180. 000) نسمة مشابهة في العادات والأخلاق والمأكل والملابس وغيرها لسائر العشائر العراقية وتسود الأمية في صفوفها كما تسود بين سائر العشائر العراقية. وقد سبقنا وبينا أن لا سبيل إلى تهذيب هذه الجماعات وتثقيفها إلا بإنشاء مدارس سيارة يتنقل أساتذتها بين المضايف والمنازل لإحلال العلم والعرفان محل الجهل والأمية. دخل اللواء وخرجه يجلب لواء الحلة ما تجلبه بقية الألوية من سكر وشاي وسائر أنواع الأقمشة (الثياب) وجميع التوابل والمشروبات الروحية. ويصدر ما تصدره بعض الألوية جلود وسمن وغنم وأنواع المواشي وبعض المنسوجات الصوفية والطيور والبيض ومعجون الطماطة. ويقدر دخل الحكومة من الحاصلات الطبيعية من هذا اللواء بنحو مليون و435 ألف ربية بموجب إحصاء سنة 1928 المالية موزعة كما يلي: 450 ألف ربية من قضاء الجربوعية و350 ألف ربية من قضاء النيل و320 ألف ربية من قضاء الهندية و265 ألف ربية من قضاء المسيب وهناك دخل لا يستهان به من (الكودة) والضرائب والمعابر وغيرها. المعارف في اللواء يتخيل قارئ هذه الفوائد أن المعارف في لواء الحلة يجب أن تكون في حالة أوسع مما هي في بقية الألوية لمكان ماضي الحلة الزاهر وبيئته الصالحة. ولكن الحقيقة خلاف ما تقدم لأن الأمية تسود في معظم المدن العراقية رغم ماضيها الزاهر ومجدها المندثر. وقد يكون العلم في الحلة أحسن مما هو في بقية المدن لأنها لا تزال آهلة ببقايا العلماء السابقين. فإذا أكثرت الحكومة عدد المدارس في تلك الربوع واتخذت الوسائل الفعالة لنشر التهذيب الصحيح، أمكننا

أن نتفاءل لها بمستقبل زاه. أما إذا كان الجهل ينخر عظام أبنائها فلا أمل في مستقبلها. وفي الحلة اليوم مدرسة ثانوية وأخرى ابتدائية وثالثة أولية ورابعة للبنات وخامسة أهلية لليهود وفي كل من المسيب والهندية والكفل مدرسة للحكومة. تلك هي مدارس اللواء كلها فتأمل يا رعاك الله. بغداد: السيد عبد الرزاق الحسني كل فرصاد توت وليس كل توت فرصادا جاء في مختار الصحاح (التوت الفرصاد) فأقول إذا كان هذا صوابا فلم قال في ف ر ص د: (الفرصاد بالكسر: التوت الأحمر خاصة) ألم يعلم أن الجزء لا يشمل الكل؟ فالصواب (كل فرصاد توت وليس كل توت فرصادا) كما تقول: (كل طفل إنسان وليس كل إنسان طفلا) فختام نرى هذه التناقضات ومتى نزيلها؟ الكاظمية: مصطفى جواد النحويون والمنادى أني لأعجب من جعل النحويين (المنادى المعرفة) والنكرة المقصودة (مبنيا على علامة رفعه في محل نصب لأنهم مخطئون في ما ذهبوا إليه ونحن (غلف القلوب) إذا ما أجبناهم إلى مذهبهم. فإن احتجوا بأن هذا المنادى (مبني) قلنا: إن البناء يحذف التنوين فقط ولا يقلب الفتحة ضمة كما في المنادي المذكور. أو لم يرو إلى أسم (لا) النافية للجنس فإنه عند بنائه لم يمتنع ظهور علامة النصب عليه. وإن احتجوا بأنهم يستكرهون أن يكون المنادى مرفوعا في محل، ومنصوبا في اخر، فإن ذلك غير مقبول لكونهم لم يستكرهوا الكثير من التجاويز في الأعراب ومنها (المستثنى بالا الذي يجوز نصبه واتباعه المستثنى منه على البدلية. فالصواب (أن نرفع المنادى العلم مثل (يا علي) ونرفع المنادى المعرفة مثل (يا أيتها النفس المطمئنة) ونرفع المنادى النكرة المقصودة مثل (يا جوابان) ولنترك التعامي عن الصواب يا غيارى على لغة العرب. الكاظمية: مصطفى جواد

خراسان وخزانتها

خراسان وخزانتها من المدن المشهورة في إيران، مدينة خراسان، وفيها قبر الإمام علي بن موسى الرضا، عليه السلام، وعلى قبره أبنية فخمة وحوله جوامع ومقامات كبيرة. وأقدم بناء شيد فيها بناء المأمون الخليفة على قبر أبيه الرشيد العباسي ولكن أصيبت تلك الأبنية الجليلة والآثار الجميلة بنكبات وحوادث تاريخية عظيمة فهدمتها ثلاث مرات، وجددت عمارتها ثلاث مرات. في المرة الأولى كان الهدم بيد الأمير سبكتكين بعصبية دينية ثم بعد سنين عمرها يمين الدولة السلطان محمود. وأخربها في المرة الثانية الغزنيون (الغزنويون) ثم عمرها شرف الدين أبو طاهر القمي في عهد السلطان سنجر السلجوقي. وفي الثالثة اتجهت نحو خراسان ونيسابور عاصفة الفتنة المغولية، فهجم عليها تولي خان بن جنكيز خان الطاغية فقوض بيده تلك الأبنية الجميلة ثم جددها للمرة الثالثة اتباع (اولجايتوخان بهادر) وأركان دولته. وأصول هذا البناء موجود في هذا العصر. وزار شمس الدين بن بطوطة الرحالة مدينة خراسان سنة 734 هـ (1333 - 1334م). وفي سنة 997 هـ (1588م) حاصر عبد المؤمن خان عبد الله خان اوزبك هذه المدينة سبعة أشهر ثم فتحها ونهب كتب الخزانة الرضوية وهذه السيئة منه هي التي يؤسف لها لما فيها من جناية عظيمة على العلم ومن جملة ما نهب قطعة الماس حجمها كبيضة الدجاج كان وقفها قطب شاه الدكيني على قبر الإمام عليه السلام. ويظهر من جملة كتب التراجم والتاريخ (كروضات الجنات) (وأمل الآمل) إن جماعة من كبار علماء الشيعة ومشهوريهم كابن أبي جمهور الاحسائي والشيخ الطبرسي والشيخ حر العاملي والشيخ بهاء الدين العاملي وعدة من تلاميذهم اشتغلوا مدة بالتدريس في أروقة وجوامع هذه الأبنية.

وفي ضمن دائرة هذه الأبنية عدة مؤسسات مهمة كدار الآثار العتيقة المحتوية على نفائس الآثار وخزانة الكتب الموجودة في هذا الزمان التي نحن بصدد بيان مختصر تاريخها وذكر فهرست بعض ما احتوت عليه من المصنفات النفيسة الثمينة الأثرية ويظهر من بعض تآليف الخزانة الموجود فيها إن دار الكتب كانت عامرة في سنة 861 (1456م) وفيها من أنفس الأسفار في اغلب العلوم. كتب الشيخ جلال الدين أبو سعيد على ظهر تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي المسمى بروض الجنان ما معناه: إنه لما كانت دار الكتب الرضوية حاوية لجميع الكتب غير تصانيف التفسير وقفت هذا الكتاب عليها. وهذا الكلام يدل على أن الخزانة الرضوية كانت مقتبس نور العلم للطالبين والقراء ولم نقف على فهرست كتبها في التاريخ المذكور. وفتنة عبد المؤمن خان وقعت بعد هذا التاريخ كما أشرنا إليه والعجب أن اغلب التصانيف الموجودة في هذا العهد هي عين التآليف المنهوبة التي أعيدت إلى مكانها من أماكن بعيدة كالهند وغيرها بعد مدة طويلة. وبعد هذا التاريخ زار الشاه عباس الصفوي قبر الإمام سنة 1009 (1600م) ووقف عليه أجزاء مصحف بخط بعض أئمة الشيعة وعلى ظهرها خط الشيخ العلامة بهاء الدين العاملي كتب شهادته على كون الخط لبعض أئمة أهل البيت عليهم السلام ووقف الشيخ بهاء الدين نفسه عدة كتب على كتب على الخزانة في التاريخ المذكور. أقدم فهرست ظهر بعد النهب هو ما وضعه ميرزا سعيد خان مؤتمن الملك الذي فوضت إليه الحكومة الفارسية شؤون المؤسسة الرضوية في سنة 1296 (1879م) وفي سنة 1342 عنيت لجنة من أهل العلم والقلم على وضع فهرست عام مبسوط لها فبلغ عدد الكتب 3344 عدا المصاحف. واليك أسماء بعض الكتب المخطوطة النفيسة الموجودة فيها في الحكمة الإلهية (اللاهوت) بأقسامها والكلام والتصوف والمنطق والأخبار والسيرة والتراجم والأنساب واللغة والفلك والرياضة والنجوم والطب اقتطفناها من فهرسين أحدهما الفهرست الجديد الذي وضعه الفاضل (اوكتائي) مدير دار الكتب سنة 1345 هـ بإشارة من جلالة الشاه (بهلوي) وهو فهرست عام

مبسوط يشتمل على ذكر الكتب ومؤلفيها وأوصافها وترتيبها وأسماء واقفيها ولكنه مقصور على ذكر كتب اللاهوت والكلام والمنطق والتفسير والأخبار فقط ولعله يكمله بعد ذلك والثاني فهرست قديم مقصور على ذكر أسماء الكتب جميعها ومؤلفيها مع ما فيه من الاشتباه وغلط الطبع وسقم العبارة وهو في ضمن كتاب (مرآة البلدان). كتب التفسير 1 - أسئلة القرآن وأجوبتها للشيخ زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القاهر الرازي الحنفي القادري المتوفى سنة 660 هـ تاريخ النسخة 969 هـ 2 - بحر الحقائق والمعاني تأليف نجم الدين بن داية المتوفى سنة 654 الموجود منه مجلد واحد وبآخره: (وقد تم المجلد الثاني من كتاب بحر الحقائق والمعاني في. . . سنة 710هـ على يدي محمد بن بهلوان بن محمد. 3 - عرائس البيان تأليف الشيخ محمد روزبهان بن أبي نصر البقلي المتوفى سنة 606 كتبه على طريقة الصوفيين وتأويلاتهم تاريخ النسخة 1060 4 - كشف الحقائق ليوسف الكواشي الشيباني الموصلي المتوفى سنة 680 هـ تاريخ النسخة سنة 797 وهي ناقصة. 5 - معالم التنزيل لحسين بن مسعود الفراء البغوي المتوفى سنة 505 هـ والنسخة قديمة على ظهر الورقة الأولى منها أسم مالكه هذا التفسير ملك أبي طالب علي أبن عمر بن أبي طالب في تاريخ محرم 619 6 - مدارج السالكين المفسر علاء الدولة أحمد بن محمد السمناني العارف الشهير والنسخة قديمة ليس بها تاريخ الكتابة وبها تاريخ الوقف. 7 - معارج السؤول ومدارج المأمول لمحمد الحسن بن محمد بن الحسن الحنفي تفسير لآيات الأحكام وبآخر النسخة تاريخ التصنيف) وكان إتمام هذه النعمة سنة 891 على يد الحسن بن محمد بن الحسن النجفي تاريخ كتابتها على يد كاتبه محمد بن شاه مرتضى في سنة 988 كتبه الخواجة شير أحمد بن عميد الملك التوني الواقف لهذا الكتاب مع جملة كتب أخرى للخزانة الرضوية وعلى ظهر النسخة بخط الخواجة شير أحمد المذكور أن مؤلفه مدفون في بلدة تون من بلاد خراسان. 8 - مشكل أعراب القرآن لمكي بن أبي طالب القيسي القيرواني المتوفى

سنة 427هـ تاريخ النسخة سنة 670 هـ 9 - معاني القرآن لأبي الحسن سعد بن مسعدة البلخي المعروف بالأخفش تاريخ كتابة النسخة سنة 511 هـ. 10 - (النهر الماد من البحر) لأبي حيان الأندلسي المعروف. نسخة قديمة تاريخ الوقف 1037 هـ (لها تلو) زنجان (إيران): عبد الله الزنجاني حذف الخبر بعد (حيث) إن السلف يحذفون الخبر بعد (حيث) استخفافا للتلفظ. فقد قال مؤلف (جمهرة أشعار العرب في الصفحة 96 من طبعة الاتحاد (بأمثل: أي بأهون علي (من حيث الوجد) لان الليل الخ.) وجاء في المجلد الرابع من شرح نهج البلاغة في ال ص 538 من طبعة مصر (وان دخل من حيث العدل والصلاح فاقبلها منه) أقول: كل من (الوجد) في القول الأول ومن (العدل) في القول الثاني: مبتدأ خبره محذوف جوازا تقديره حسب المعنى ففي الأول (مؤثر) فتكون الجملة (من حيث الوجد مؤثر) وفي الثاني (مقصودان) فتكون الجملة (من حيث العدل والصلاح مقصودان). وهلم اطرادا. وقد ذكرنا ذلك تنبيها لمن يضيفون (حيث) إلى الاسم الذي يليها واستدراكا على النحويين في باب جواز حذف الخبر. الكاظمية: مصطفى جواد الإقحام الإقحام: إدخال كلمة أو أكثر منها بين كلمتين متصلتين بحذف غير الملائم، كإدخال المعطوف على المضاف إليه (بين المضاف والمضاف إليه بعد حذف الضمير المختص بالمضاف إليه. مثل (كتاب وقلم العالم) والأصل (كتاب العالم وقلمه) وقد كنت استكره هذا التركيب ولكنني وجدته فصيحا. قالت: (جليحة القيسية) في باب العين من كتاب (جمهرة الأمثال) وذلك لما أتيت بثياب عشيقها القتيل: (عطر وريح عمرو) بحذف الضمير للإقحام. فالأصل (عطر عمرو وريحه). الكاظمية: مصطفى جواد

صفحة من النقد

صفحة من النقد رد على رد العقاد الثاني ما أسهل السب والثلب لو كانا يغنيان عن الحجة! كما فعل الأستاذ العقاد في عدد 20 يولية من البلاغ الأسبوعي. بعد أن عجز عن قرع حججي بالحجج ولو أردت لأشبعته سبا، كما يفعل ولكني لا أجاريه في سفهه، بل أمر بلغوه كريما، وأقول سلاما! وهل من العلم أن يشتم الإنسان مناظره مفحشا، كلما (أعوزته الحجة) ولو اعترف العقاد بخطئه لكان جهله للقواعد العربية واللغة بسيطا، ولكنه أصر على الخطأ، ثم أصر وشتم فكان جهله مركبا! وهو لا يدري أن شتائمه تنقص قدره أكثر من جهله للقواعد العربية واللغة. وما كان يجدر بالأستاذ أن يطيل لسانه حتى لو كان مصيبا في رده فكيف وهو مخطئ!؟ وكأن الأستاذ قد تعود المشاتمة والمهاترة، وقد تكسرت النصال على النصال، فهو لا يبالي بسب الناس له جزاء على سبه إياهم كالشتائم التي توجهها إليه بعض جرائد مصر الكبرى على حين إنه إذا سمع تخطئة له في العربية جن جنونه فاخذ يلعن ويشتم خوفا على سمعته، وهو بفعله هذا يزيد سمعته سوءا على سوء ويضر نفسه من حيث لا يشعر! ولو عرف الأستاذ الخجل، لخجل من المقالات التي كتبت عنه في الصحف المصرية بأقلام الأساتذة الكبار: أحمد خيري سعيد، وزكريا جزارين، وجورج طنوس، وسعيد عبده، وسلامة موسى، وغيرهم. ومن مراوغاته: إنه إذا ألفى الحجج التي تظهر جهله كثيرة، لزم الصمت عن القسم الذي يراه قويا وحاول الرد على ما يعتقد فيه الضعف فكان عليه شرا من الأول، كما فعل في رده الأول على ما جاء في الجزء الرابع من مجلتنا لغة العرب، ورده الثاني على ما جاء في الجزء السادس، وقد ضرب صفحا عما جاء في الجزء

الخامس من النقد المر لديوانه، لأنه لم يجد الرد عليه هينا، أما أنا فلا أحيد عن خطتي في نقد ديوانه، وهي الاستمرار على ذكر سيئاته وحسناته معا كما فعلت سابقا، وليواظب هو على قذعه وسبه، ما شاء له الجهل والغرور ونحن لم نخدم العلم كل هذه السنين الطويلة، إلا للعلم. فلا يضيرنا انتقاص الأستاذ جهدنا الطويل، فلسنا نطلب منه أو من غيره شهادة أو تعظيما ولا ندين مثله بالفردية - في اقبح صورها - فهو يجحد حسنات جميع معاصريه من كتاب وشعراء وعلماء ولا يعرف غير نفسه تلك النفس الجاهلة السبابة الآثمة، وغير أولئك الصبيان أدعياء الأدب الحافين من حوله والمتملقين له ممن لا يعتبرهم بمنزلة المنافسين له. وهل قام العلم في كل أدواره على السب والقذع ليكون لهما في القرن العشرين بفضل الأستاذ العقاد رواج؟ ولكن هو الشرق المتأخر لم يزل في كثير من أنحائه يروج ما لا يجوز أن يروج فأنا لله وإنا إليه راجعون! وقد سرّنا من الأستاذ أعادته لبعض مآخذنا المعنوية، فإن أعادتها قد تدعو قارئيها إلى إنعام النظر فيها ولكن مآخذنا المعنوية أكثر من مآخذنا اللفظية فلماذا اكتفى بإعادة النزر القليل منها؟ وقد وعد في رده الأول تفنيدها فما الذي ثبطه عنه؟ أما مآخذنا اللغوية، فقد قال فيصدر الرد على بعضها يوجه قوله: (خياشيمه القيظ يبضضن بالدم) بقوله: (إن أبا حيان يقول في هذا الحذف (حذف النون من (من) إنه حسن وكثير فهو إذن ليس بذميم ولا قليل). وقد قلنا في ردنا الأول: إن الأغلاط العربية لا تعدم تعليلا ولكن الفصيح غير النادر الشاذ والضرائر القبيحة. ولا ادري لماذا أخذ الأستاذ برأي أبي حيان وحده مرجحا إياه على آراء أئمة العربية كافة وليأتنا إذا كان صادقا في ادعائه كثرة حذف النون من (من) بآية من القرآن شاهدة على ما يدعيه؛ وإذا كان واحد أو أكثر من الجاهليين قد حذفوها فهل ذلك دليل على حسنه؟ وإذا كان حذفها حسنا فلماذا لم يحذفها فحول الشعراء من جاهليين ومخضرمين وإسلاميين؟ كامرئ القيس والنابغة والأعشى وزهير ابن أبي سلمى وحسان

والحطيئة وعمر بن أبي ربيعة والفرزدق وجرير والاخطل وبشار وأبي نؤاس وأبي تمام والبحتري وابن الرومي وأبي العلاء والمتنبي وغيرهم؟ وقال يوجه قوله: (فقلت حياء ما أرى أم تغاضيا) بنصب حياء وتغاضيا ويرد على قولنا فينقده: (إن مقول القول لا يكون إلا جملة) بقوله: (حياء منصوبة هنا لأنها مفعول له والمعنى - كما يفهم كل قارئ - هو: هل للحياء تفعل ما أرى أو للتغاضي) وليس في البيت (تفعل) إنما هناك (ما أرى) والمفعول له: أسم يذكر لبيان سبب الفعل نحو: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) وشرطه: أن يكون مفيدا للتعليل متحدا بالمعلل به في الوقت، وفي الفاعل فإذا لم يتحد في الفاعل، وجب جره بحرف الجر كقول أبي صخر الهذلي: (وأني لتعروني لذكراك هزة) وقوله في الآية: (أقم الصلاة لدلوك الشمس) والفاعل في قوله (ما أرى) هو ضمير المتكلم وفي الحياء والتغاضي هو حبيبه الذي كان لا يثني عن البدر طرفه، فكيف نصبهما؟ ثم أين الجملة التي تصلح أن تكون مقول القول؟ ولو سكت الأستاذ عن نقدنا هذا. كما سكت عن غيره، لما فضح نفسه، فهل أنا الجاهل؟ وقال يوجه قوله: (فأمسى آخر الليل شاديا) بقوله: (ولكن العرب الذين لا يفهم لغتهم صاحب (لغة العرب) يقولون: لا أكلمك آخر الزمان! ويعنون: إلى آخر الزمان). وأقول على رسلك، أيها الأستاذ! فإن (آخر) قد أتت بعد (أمسى) لا بعد (شاديا) ونحن نريد من الشاعر العصري أن يتجنب التعقيد والغموض فلا يأتي إلا بالفصيح وهذا هو الفرق بين الشاعر الفحل وغيره، كما بينا في ردنا الأول. ولو كان الأستاذ واثقا من توجيهه لما تشبث بتوجيه ثان وهو قوله: (وهبنا قلنا أمسى فلان مغنيا فنحن على هذا نريد إنه قضى المساء كله في الغناء، فأي خطأ في ذلك)؟ والجواب أن قولك: (أمسى آخر الليل شاديا) غير قولك قضى المساء كله في الغناء! اللهم إلا إذا صح قولهم (المعنى في بطن الشاعر). وقال يوجه قوله: (وأشكوه ما يجني فينفر غاضبا) بقوله: و (ما)

هنا ليست مفعولا ثانيا، وإنما هي بدل اشتمال في محل نصب على البدلية عن مفعول أشكو؛ ومع هذا لو أننا عدينا: (أشكو إلى مفعولين لما كان ذلك خطأ كما سيرد بيانه). وإذا كان (ما يجني) بدلا من الهاء في (أشكوه) فإلى من يشكو الأستاذ ما يجني حبيبه؟ إلى القاضي؟ والظاهر أن في قلب الأستاذ ريبا في توجيهه هذا، ولذلك راغ عنه إلى توجيه آخر فقال (ومع هذا لو عدينا أشكو إلى مفعولين لما كان ذلك خطأ كما سيرد بيانه) فلنتربص إلى أن يأتينا ببيانه. وقال يوجه قوله: (أشكوه ما يجني) مكان أشكو إليه ما يجني وقوله (وأسلمت كفي كفه) مكان أسلمت إلى كفه كفي وقوله: (نؤجله الحساب إلى غد) مكان نؤجل الحساب إلى غد بقوله: أتراه قرأ باب الحذف والإيصال في تعدية (الأفعال) إلى آخر ما هنالك وخلاصة ما قاله هي: أن أبن الناظم شارح الألفية قال: يحذف حرف الجر وينصب مجروره توسعا في الفعل وأجراء له مجرى المتعدي؛ فلا خطأ في قولنا أشكوه ما يجني، ولا في قولنا وأسلمت كفي كفه، ولا في قولنا نؤجله الحساب؛ وإنما الخطأ والجهل في تخطئة هذا الصواب المجمع عليه وهو قاعدة من القواعد المحفوظة المدونة في أمهات الكتب النحوية. على رسلك أيضاً أيها الأستاذ! إنك أخطأت فهم قول أبن الناظم وأخذت شيئا وتركت شيئا فإن عبارة أبن الناظم هي ما يأتي: وقد يحذف حرف الجر وينصب مجروره توسعا في الفعل وإجراء له مجرى المتعدي وهذا الحذف نوعان مقصور على السماع ومطرد في القياس. والمقصور على السماع منه وارد في السعة ومنه مخصوص بالضرورة. فالأول نحو شكرت له وشكرته ونصحت له ونصحته. . . وإما الحذف المطرد ففي التعدية إلى (أن) (وأن) بشرط أمن اللبس.) فترى أن ما ورد من حذف حرف الجر ونصب المجرور سماعي لا يقاس عليه إلا في أن (المخففة) وأن (المشددة) وهذا صاحب التوضيح وصاحب التصريح يقولان في باب التعدي واللزوم: قد يحذف حرف الجر وينصب الاسم وراءه وهذا سماعي في الشعر فليس لك أن تقيس عليه مستثنين

من ذلك حذف الجار على أن (بالسكون) وأن (بالتشديد) ومصرحين بأن حذفه منهما قياسي. وهذا شرح الاشموني ينقل لنا بيتي الناظم ابن مالك وهما: (وعد لازما بحرف جر ... وإن حذف فالنصب للمنجر نقلا وفي إن وأن يطرد ... مع أمن لبس كعجبت أن يدوا) وزاد الشارح بعد قول الناظم (نقلا) لا قياسا مطردا وبعد (يطرد) قياسا. وهذا تهذيب التوضيح يقول في قسم التصريف ص 35 (أو سقط معه الجار توسعا كقول جرير: (تمرون الديار ولم تعوجوا) أي تمرون بالديار ولا يطرد حذفه إلا مع أن وان). ولو كان الأمر قياسا، لجاز للأستاذ أن يقول: فزعته مكان فزعت اليه، وقنعته مكان قنعت به، وسمحته مكان سمحت له، وسعيته مكان سعيت اليه، وهلعته مكان هلعت منه، وطرت زيدا مكان طرت اليه، وصغوته مكان صغوت اليه، وجلسته مكان جلست اليه، وخرجت بغداد مكان خرجت منها، وعطشت الماء مكان عطشت إليه إلى غير ذلك وإذا جاز له كل هذا فعلى العربية السلام! فهل عرفت يا أستاذ الحق؟ وهل أنا الجاهل؟ وقال يوجه قوله: أنت عين من زجاج موقها ... يجذب الأنوار من كل مكان بقوله: (ولكن العرب يطلقون الجفن ويريدون العين، ويذكرون الجزء ويريدون الكل) نعم قد يفعلون ذلك مجازا إذا كانت هناك قرينة ولكنهم لا يفسرون الموق بالحدق كما فعل الأستاذ في شرحه الموق. وقال: (ما للاماني يستضحكن لي غررا) بقوله أن في اللغة شيئا يسمى المفعول لأجله. فاعلم يا هذا أن (غررا) هنا مفعول لأجله) والظاهر أن الأستاذ يريد (غررا) بفتح الغين ليكون مصدرا بمعنى التعريض للهلكة وهو في الحقيقة أسم مصدر والمفعول له لا يكون (إلا مصدرا).

وقال يوجه قوله: (فاحتلن لاستدراجي الحيلا) بقوله: (ونحن لا ندري ما التكلف هنا وليس المفعول المطلق كما يعلم التلميذ الصغير إلا المصدر المنصوب توكيدا لعامله أو بيانا لنوعه. هبه أراد أن يجيء المفعول المطلق في هذه الجملة بغير تكلف، فكيف تراه كان يجيء به؟) والجواب: كنت أجيء به بلفظ (احتيالا) فالقاعدة أن المفعول المطلق إذا كان للتأكيد لا يجمع. قال ابن مالك: (وما لتوكيد فوحد أبدا) وعالمه شارح ألفيته الاشموني بقوله (لأنه بمنزلة تكرير الفعل والفعل لا يثنى ولا يجمع. وأما وجه التكلف فهو جعل الحيلا مفعولا مطلقا للعدد وهذا يجوز جمعه وإن لم يذكر الأستاذ هذا النوع من المفعول المطلق عند تعداده لأقسامه على أن في قلبي من اللام على المفعول المطلق للعدد شيئا. وقال يوجه قوله: ما طب جالينوس قيس ... بطبه إلا غرور رادا على قولي في نقدي إياه: (وإذا وقع الماضي حالا وجب تصديره بالواو أو بقد أو الواو وحدها. نعم ورد مثل (كما انتفض العصفور بلله القطر) ولكن هذا لا يقاس عليه بقوله: (لا يا جاهل يقاس عليه، ويقاس ويقاس) ثم أورد شاهدا من القرآن وهو: (وجاءوكم حصرت صدورهم) وبضع شواهد أخر من الشعر. وكل ما أورده دليل على الورود لا على القياس؛ ولو كان دليلا على القياس لما كان للقاعدة السابقة وجه فإن أكثر النحويين اتفقوا على تقدير (قد) في الآية وفي الأبيات التي استشهد بها توفيقا بين القاعدة وما ورد بخلافها. قال صاحب همع الهوامع على جمع الجوامع (ويجب في الماضي المثبت المتصرف غير التالي (إلا) والمتلو (بأو) العاري من الضمير (قد) مع الواو فإن لم تكن (قد) ظاهرة قدرت. غير أن الاشموني قال: (والمختار وفاقا للكوفيين والأخفش لزومها مع المرتبط بالضمير وحده أو بهما معا إذ الأصل عدم التقدير وجعل صور مجيئها مراتب أربعا في الكثرة وجعل حذف (قد) في المرتبة الرابعة الضعيفة. وقال يوجه قوله:

أبدا تحوط به ودا ... ئعها بسور خلف سور قائلا: جعلنا ودائعها مفعولا له (لتحوط به). أما الفاعل فهو الضمير عائدا إلى الطبيعة التي تقدم ذكرها في بيت سابق وهو: بلد تجود له الطبيعة ... بالصغير وبالكبير فأقول أيها الأستاذ ما زهد الناس في شعرك إلا هذا الغموض فمن أين يعرف القارئ إنك ترجع الضمير إلى الطبيعة قبل ثلاثة أبيات كلها في وصف البلد وفيها كثير من الضمائر مذكرة ومؤنثة لا يرجع منها واحد إلى الطبيعة. وقال يوجه قوله: ما كان أول مغرب ... شهدت علي مر العصور بقوله (من واجب هذا الدعي (يعنيني) أن يعقل قبل أن ينقد فإن التأنيث هنا للشمس التي يعود إليها الكلام كله في الأبيات السابقة وأولها: والشمس شاخصة تكا ... د تنوء من جهد المسير والأستاذ كما قال الشاعر: (يريد أن يعربه فيعجمه) فهو يرجع ضمير (شهدت) إلى الشمس قبل خمسة أبيات ويقول قبل البيت. أولهما: وعلى الروابي والهيا ... كل مسحة الشفق الأخير وفيه دلالة على أن الشمس كانت ساعتئذ غاربة وكانت مسحة شفقها الأخير على الروابي والهياكل. فكيف شهدت حينئذ والظاهر أن الأستاذ أحس بضعف توجيهه هذا فالتمس غيره بقوله: (على أن المغرب تؤنث. وتذكر مؤنثة في كتب الفقه واللغة) أما في كتب اللغة فلم أعثر على ما ادعاه وأما في كتب الفقه فلعلهم ذكروا (صلاة المغرب) وارجعوا إليها ضمير المؤنث على أن تأنيثهم للمغرب (إن صح) لا يصح أن يكون مأخذا لمثل الأستاذ وهو ذلك الشاعر الذي دعواه في الفصاحة طويلة عريضة!!! وقال يوجه قوله: (أيها أبا النور أطربنا) رادا على قولنا (أيها) للإسكات بقوله: (أخطأت وجهلت يا علامة راجع لسان العرب تعلم أن (أيها) ترد بمعنى التصديق والرضى بالشيء كما ترد بمعنى الإسكات). ونحن نورد نص ما جاء في لسان العرب قال: (وإذا قلت (أيها) بالغضب

فإنما تأمره بالسكوت و (أيها) تأتي للزجر بمعنى حسبك عن أين سيده. و (أيها) كف. أما الأغراء فيقال فيه: (ويها) وإذا تعجبت من طيب شيء قلت: (واها ما أطيبه) وقال: (قال ابن الأثير وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضى ومنه حديث ابن الزبير لما قيل له يا ابن ذات النطاقين فقال: أيها والله أي صدقت ورضيت بذلك ويروى: (إيه) بالكسر أي زدني من هذه المنقبة) أهـ. وأنت ترى أن الرواية عن ابن الأثير وحده على إنها تختلف فيها فهناك رواية ثانية هي إيه بالكسر. وقال يوجه قوله: أراك تغوينني بوحي ... إلى السماوات يزدهيني بقوله نعم ولكن يقال بوحي إلى السماوات فأقول هذا من حيث اللفظ جيد ولكن ما علاقة الوحي إلى السماوات بإغوائه ولعله أراد (بالسماوات الأرض). لأن الأرض سابحة فيها. وقال يوجه قوله: يا طالما تخدع الدراري ... لواحظ الشاعر الحزين رادا على قولنا في نقده: (وتخدع مضارع فهو للحال أو المستقبل. والمستقبل لم يجيء بعد والحال اقصر من أن يطول فضلا عن كونه لم يطل في الماضي. نعم يجوز أن تقول طالما خدعت ولكن لا يجوز طالما تخدع). بقوله (هكذا يعلل العربية هذا العلامة. ولو كان يتهجى النحو لعلم أن (ما) المصدرية تدخل على المضارع أكثر من دخولها على الماضي. أهـ. فأقول: رويدك أيها الأستاذ المغرور إنك لا تدري ما تقول. إنك لم تدخل (ما) في بيتك على المضارع لتؤيد هذا الإدخال بأقوالك الفارغة هذه بل ألحقتها بطال فقلت (طالما) وهو فعل ماض ثم أن (ما) في طالما ليست مصدرية كما زعمت بل هي زائدة كافة تمنع الفعل من طلب الفاعل كما صرح بذلك أئمة العربية. قال ابن هشام في مغني اللبيب: (الوجه الثاني أن تكون (ما) زائدة وهي نوعان: كافة وغير كافة. والكافة ثلاثة أنواع: أحدها الكافة عن عمل الرفع ولا تتصل إلا بثلاثة أفعال: قل، وكثر، وطال) إلى آخر ما هنالك. وقال (ابن هشام) في تقسيم آخر: والثاني أن تكون مصدرية. وهي نوعان: زمانية وغيرها فغير

الزمانية نحو: عزيز عليهم ما عنتم. ودوا ما عنتم. ضاقت عليهم الأرض بما رحبت. فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم. لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب. ليجزيك اجر ما سقيت لنا. والزمانية نحو: ما دمت حيا) وعسى أن يعلم الأستاذ من هذه الشواهد إن (ما) المصدرية تدخل على الماضي في الأكثر. وقال: (وان المضارع يكون للاستمرار ولا يجوز هنا أن تقول طالما خدعتنا الدراري لأنها تخدعنا ولا تزال تخدعنا في كل حين فلا ينقطع الخداع بانقطاع زمن مضى كما يتصور هذا اللغوي العجيب) فأقول: ليس النزاع في استمرار خداع الدراري بل في عدم جواز أن يجعل الشاعر ما يكون في الحال قد وقع في الماضي بقوله طالما تخدعنا فإن (طال) ماض و (تخدع) مضارع. وقال يوجه قوله (كفاكم نومة المنون) ردا على قولنا في نقده (يريد تكفيكم فانهم لم يموتوا بعد) بقوله (ولو أن هذا الأعجمي يقيم فهم الجمل العربية كما يفهمها السوقة والصبيان على الأقل لفهم أن العرب تقول: (هداك الله وعلمك العربية، وكفاك شر الادعاء) والأستاذ هو الذي لا يقيم فهم الجمل العربية فإن الأمثلة التي أوردها خاصة بالدعاء والعرب تأتي فيه على الأكثر بصيغة الماضي وأما قوله كفاكم نومة المنون فليس من قبيل الدعاء بل هو للأخبار فقد أورده دليلا على ما نهاهم عنه في الشطر الأول وهو قوله (لا تنقصوا ليله بنوم) فهو يريد لا تنقصوا بالنوم ليلكم فإن نومة المنون في المستقبل تكفيكم فهل يناسب الدعاء هذا المقام؟ وقال يوجه قوله (يمن الله سعيه من رسول) بقوله يتعدى يمن بنفسه ولهذا يجيء منه أسم المفعول على ميمون) فأقول لم يصب الأستاذ في كل ما جاء في ردوده إلا في هذه فإني اعترف إنه على صواب وأنا على خطأ والسبب أني عندما قرأت الكلمة (يمن) قرأتها بالتشديد لا بالتخفيف بناء على أن التام من تفاعيل البحر الخفيف هو فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن. وقال يوجه قوله (أذكرتني بك الكواكب) ردا على نقدي الذي قلت فيه (والصواب أذكرتني إياك فإن اذكر يتعدى بنفسه إلى مفعولين) بقوله: (أن الذكر مجردا ومزيدا يتعدى بالباء وكما جاء في القرآن الحكيم: (ولقد أرسلنا إلى

موسى أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله). ولو كان الأستاذ صادقا لأتانا بشاهد لتعدية (اذكر) بالباء من آية أو بيت شعر أو قول إمام لغوي ولكنه أتى بمثال لتعدية ذكر من باب التفعيل وليس النزاع في تعديته بالباء. ثم قال (أن الباء لا تكون للتعدية وحدها ولكنها تأتي لاثني عشر معنى وتدخل في بعض هذه المعاني على الاسم الذي يتبع الفعل المتعدي) وأورد شواهد منها قول الراعي في بيت له (لا يقرأن بالسور) وقول امرئ القيس (هصرت بغصن) وقول الأعشى (ضمنت برزق عيالنا ارماحنا) وقول القرآن العظيم: (ولا تأخذ بلحيتي ولا برأسي) وقوله (وهزي إليك بجذع النخلة) أهـ إلى غير لك. ومن العجيب أن الأستاذ لم يذكر معنى الباء هذه التي تدخل على الاسم الذي يتبع الفعل المتعدي في الشواهد التي استشهد بها. . . وإذا كانت هذه الباء التي قال الأستاذ إنها تدخل على الاسم الذي يتبع الفعل المتعدي ذات معنى فلا غرابة في أمرها ومن ذا ينكر دخول الباء الجارة على الاسم الذي يتبع الفعل المتعدي ولعله يريد إنها الزائدة للتوكيد وهذه ليست بذات معنى وتزداد في ستة مواضع. قال ابن هشام والثاني (من الستة) المفعول كقوله (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وقوله (وهزي إليك بجذع النخلة) وقوله (فليمدد بسبب إلى السماء) وقول الشاعر: نضرب بالسيف ... ونرجو بالفرج وفي شرح مغني اللبيب أن الزيادة في المفعول غير مطردة. وأظن أن في هذا الدرس كفاية للأستاذ. في (قواعد اللغة العربية) جاء في هذا الكتاب (ومن اللفظ ما يدل على الجماعة ولا واحد له من لفظه ويقال له (اسم جمع) (كركب) أهـ. فأقول ليس الركب لا واحد له من لفظه لأنه ومفرده (راكب) وبذلك يخرج عن كونه (اسم جمع) ونظائره كثيرة مثل (صاحب وصحب وناصر ونصر وقائل وقيل وسائق وسوق) وربما لم يذكر النحويون هذا الوزن مع أوزان جمع التكسير. الكاظمية: مصطفى جواد

جناية الرواة على الشعر

جناية الرواة على الشعر. بقلم الأديب الناقد البصير الأستاذ عبد القادر عاشور من كبار أساتذة الإسكندرية بمصر إذا كان الشعر عند الغربيين مظهرا من مظاهر الصراع بين الحق والباطل فإنه عند العرب أعم وأوسع، إلا أن الذكر الحكيم كفى شعراء العربية مؤونة التعرض لكثير من الأغراض كأخبار الأولين والحث على اتباع ما كمل من العادة والأخلاق، وكأن الشعراء عندما بهرتهم بلاغة القرآن سقطوا في أيديهم ونسوا الحرية والصراحة اللتين هما أساس نمو الشاعرية وتلهب الوجدان، وأجبل منهم من أجبل، حتى أن لبيد بن ربيعة هجر الشعر ولم يرو له في الإسلام غير بيت واحد، وهو - على بعض الروايات: ما عاتب الحر الكريم كنفسه ... والمرء يصلحه الجليس الصالح وكان إذا سئل عما قال من الشعر بعد الإسلام يتلو بعض آيات من القرآن! وأيقن كثير من الشعراء بعد ذلك أنهم لن يتمكنوا من الظهور كشعراء إلا بعد أن يتخذوا لهم إماما من شعر السابقين يحتجون به إذا اعترضهم معترض ومن شذ منهم عن هذه القاعدة وركب متن الحرية سلم من التقليد وقصر العاطفة وجاء شعره كله إبداعا في إبداع كابن ربيعة وابن أذينة والعرجي. وفي بدء عصر بني أمية ظهر الرواة الذين أفسدوا الشعر وانتحلوه وأجبروا الشعراء على ارتكاب ما سود صحيفته ونزل به إلى الحضيض وأملوا عليهم رغباتهم واضطروهم إلى الشطط في الصناعة والتكلف واصطياد الغريب والحوشي ومكانتهم السامية لدى الملوك والأمراء وكلمتهم النافذة في الحكم على الشعراء أخذت بلب كثير من محترفي الشعر فأصبحوا ولا هم لهم غير إرضاء الرواة والتزلف إليهم أو معارضتهم والظهور عليهم كما كان يفعل الطرماح بن حكيم فإنه كان يسأل الأعراب عن الغريب ويضعه في شعره ليتحدى به علماء الشعر ونقدته وبهذا سمت منزلته عندهم حتى أن أبا عبيدة والاصمعي فضلاه على غيره من الشعراء وزعما إنه أشعر الخلق في بيتيه:

مجتاب حلة برجد لسراته ... قددا واخلف ما سواه البرجد يبدو وتضمره البلاد كأنه ... سيف على شرف يسيل ويغمد وكلنا يعلم أن في هذا الاستحسان من الخطل ما فيه! غير أننا بازاء هذا الاختيار نعذر الشعراء ونضع اللوم كله على عاتق ما نصبوا أنفسهم للتقدير والحكم وكيف لا نلوم الأصمعي على استحسانه الاستحسان كله قصيدة المرقش: هل بالديار أن تجيب صمم ... لو أن حيا ناطقا كلم مع إنك لو جست خلالها لوجدتها معقدة اللفظ رديئة السبك خاملة الخيال مختلة الوزن؟!! ولا أدري كيف استحسن قول الشاعر: ولو أرسلت من حب ... ك مهبوتا من الصين لوافيتك قبل الصب ... ح أو حين تصلين؟! ومن الرواة من كان يستحسن الفج الغليظ من الشعر ويستملح ما كان على شاكلة قول ذي الرمة: رمتني مي بالهوى رمي ممضغ ... من الوحش لوط لم تعقه الاوالس بعينين نجلاوين لم يجر فيهما ... ضمان وحيد حلي الدر شامس ولم يحفل بشعر ابن أبي ربيعة وقصيدته التي ابتدأها بقوله: أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ... غداة غد أم رائح فمهجر على ما فيها من إبداع وطول نفس! وأنها لتحمل قارئها على السير فيها بشوق ولذة. ولما سمع المخزومي قول عروة بن أذينة: ولهن بالبيت العتيق لبانة ... والبيت يعرفهن لو يتكلم! لو كان حيا قبلهن ظعائنا ... حيا الحطيم وجوههن وزمزم! إلى آخر الأبيات قال: إنه اهجر واخطل!! ويعلم الله أي الرجلين اهجر واخطل. . . وزعم العتبي أن قول جرير: أن العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا! يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ... وهن اضعف خلق الله أركانا! ليس له كبير معنى!. . مع أن معناه - كما قال أبو هلال العسكري - غاية الحسن والجودة.

ولما شاهد الرواة روج التجديد تكتسح القديم وتطرده من ربوعها قابلوا ذلك بازدراء الحديث وإنكار فضله، وبالتشهير بكل من يعرفون فيه بعض التمرد على القديم، من ذلك أن إبن الأعرابي كان يأمر أن يكتب جميع ما يجري في مجلسه فانشده رجل يوما أرجوزة أبي تمام في وصف السحاب على إنها لبعض العرب: سارية لم تكتحل بغمض ... كدراء ذات هطلان محض موقرة من خلة وحمض ... تمضي وتبقي نعما لا تمضي قضت بها السماء حق الأرض فقال ابن الأعرابي: اكتبوها! فلما كتبوها قيل له إنها لحبيب بن اوس فقال: خرق خرق لا جرم أن أثر الصنعة فيها بين!! فأنت ترى أن أبا تمام أغرب فيها الأغراب كله وتتبع آثار من سلفوا من الرجاز كابي النجم ورؤية حتى أشكلت على ابن الأعرابي ولكن ذلك كله لم يشفع له بل خرقت تخريقا!! لا لأن أثر الصنعة فيها بين بل لأنها شعر حديث! ومن أين يأكل ابن الأعرابي وأمثاله إذا حل الحديث محل القديم؟! على أن كثيرا من الشعراء اشتد حرصهم على إرضاء الرواة وتغالوا في أن يكون لكل بيت من قصيدهم معنى يستقل به عن سابقه ولاحقه مع تحميل بعضها ما لا يطاق من لفظ غريب وقواعد شاذة ليسير سير المثل وليتداوله الرواة في مجالسهم وعلماء النحو والغريب في حلقات الدرس!! وكان الفرزدق شيخ الشعراء الذين نحوا هذا المنحى واتبعوا هذه الطريقة شهد له بذلك ابن سلام في قوله: (كان الفرزدق أكثرهم بيتا مقلدا) والمقلد البيت المستغني بنفسه المشهور وذلك كقوله: ولو خير السيدي بين غواية ... ورشد أتى السيدي ما كان غاويا ومن الذي كان يعجب النحويين هذا البيت: وما مثله في الناس إلا مملكا ... أبو أمه حي أبوه يقاربه! ومن الذي كان يعجب النحويين هذا البيت: وما مثله في الناس إلا مملكا أبو أمه حي أبوه يقاربه! وكذلك: ألستم عائجين بنا لعنا ... نرى العرصات أو أثر الخيام؟ فقالوا: إن فعلت فاغن عنا ... دموعا غير راقئة السجام هذه الأشياء كلها مجتمعة جوزت للشعراء ما لا يجوز وأباحت لهم الانتحال والسرقة والغصب وحصرت الشعر في دائرة ضيقة! وكم من شعر نسب إلى

غير شاعره وشعراء لم يأنفوا من اغتصاب ثمرة مجهود غيرهم الفرزدق يغتصب قول جميل: ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا ... وإن نحن أومأنا إلى الناس وجرير ينتحل قول العملوط السعدي: أن الذين غدوا بلبك غادروا ... وشلا بعينك لا يزال معينا! غيضن من عبراتهن وقلن لي ... ماذا لقيت من الهوى ولقينا؟! وينتحل أيضاً قول طفيل الغنوي: ولما التقى الجمعان ألقيت العصا ... ومات الهوى لما أصيبت مقاتله! وكان أبو نواس يبني أكثر شعره على معاني غيره: يدل ذلك على ما جاء في (الأغاني) من أن اسحق الموصلي انشد شعرا لأبي الهندي في صفة الخمر فاستحسنه وقرظه فذكر عنده أبو نواس فقال: ومن أين أخذ أبو نواس معانيه إلا من هذه الطبقة وجعل ينشد بيتا بيتا من شعر أبي الهندي ثم يستخرج المعنى والموضع الذي سرق الحسن فيه حتى أتى على الأبيات كلها واستخرجها من شعره. وذكر صاحب (الأغاني) أيضاً أن قول أبي نواس: (وداوها بالتي كانت هي الداء) مأخوذ من قول الأعشى: (وأخرى تداويت منها بها) وإن قوله: (أن الشباب مطية الجهل) مأخوذ من قول النابغة الجعدي: (فأن مطية الجهل الشباب) ولكنه أبو نواس شاعر الخلفاء والمشهود له بالفضل بين جمهرة العلماء. . .!! وهكذا ظلت هذه العيوب لاصقة بالشعر حتى يومنا هذا ولم يجرؤ أحد من شعراء نهضتنا الحالية على مناوأتها والقضاء عليها غير نفر قليل وعندما حبب إلى (أمير الشعراء) شوقي) التجديد نهاه عن ذلك (آفة اللغة الجامدون) وأغروه بأماني أسرت لبه وصادفت هوى في نفسه فرجع إلى القديم من الشعر يتوكأ عليه ويحتذيه والى الغريب من اللفظ يفسد به شعره والى الحكم المعادة والأمثال البائدة (يحشرها) في كل قصيدة من قصائده ليكون حافظ اللغة وحجتها ولو علم لترك شاعريته تنمو وبيانه ينطق بما يعتقد ولم يسمع لهؤلاء الذين أخمدوا قريحته وحادوا به عن الجادة ولكن ما الحيلة والله لم يرد إلا أن يكون كذلك؟!

اللغة الكردية

اللغة الكردية لم ينبغ شاعر من الشعراء البارزين حتى عهد الأديب المعروف بمحمد الفقيه التيراني من أفراد عشيوة (مكري) الهكارية وكان أديبا مشهورا. وله عدة تآليف معروفة في القرن التاسع. ويعقبه الملا أحمد من عشيرة (باتا) من الهكارية أيضا. اشتهر هذا بتأليفه كتاب (المولد النبوي) وهو كتاب لا يزال يتلى في المحافل والأندية الدينية. وانتشرت العشيرة الهكارية بعد عهد هذين الشاعرين حتى منطقة (بايزيد) حيث رسخت أقدامهم. وفي هذه البقعة نشأ شاعر من أشهر شعراء الكرد وأكثرهم تأليفا. وإنتاجا في الأدب والشعر، اسمه (احمد خان) الهكاري ولا تزال كتبه في العلوم والمعارف والآداب أحسن مما كتب في اللغة الكردية. وانشأ هذا الأديب مدرسة في (بايزيد) وشيد بجانبها مسجدا للمصلين ومن تآليفه معجمه (نوبهار) وهو من اللغة العربية إلى الكردية ولا يزال محفوظا حتى يومنا هذا في دار التحف البريطانية. ويتلوه تلميذه (إسماعيل) وهو وإن كان دونه شهرة إلا أن مقامه في عالم الأدب غير مجهول. وشاهد ذلك العصر أكبر كاتب من كتاب الكرد وهو (شريف خان) الهكاري الذي ألف تاريخ الأكراد المسمى (شرفنامه) وهذا الكتاب هو التصنيف الوحيد المعول عليه حتى اليوم في مراجعة تاريخ الأكراد. وله عدا ذلك تآليف جمة في اللغة الكردية ودواوين شعر عديدة. والفاضل الثاني الذي تثبته الكتب الأدبية بعد شريف خان (مراد خان) الهكاري المولود في (بايزيد) ولكنه لم يكن واسع الشهرة. وتوفي في عام 1784م. هؤلاء معظم مشاهير شعراء الأكراد المشهورين في كردستان الشمالية. أما في كردستان الجنوبية فقد نبغ عدد كبير من الشعراء ولاسيما في ديار عشيرة (كوران خان) الاردلانية في (سنا) إلا أن معظم ما كتبه

هؤلاء كان منحصرا في شعر وقصص عشيرتهم التي ينتمون أليها. ولم يظهر في كردستان الجنوبية شعراء عظام حتى أواخر القرن الثامن عشر. ولكن بعد ذلك أصبحت مدينتا (السليمانية) و (كركوك) موطني عدد جسيم من الكتاب الكبار والصغار يضيق بنا المجال عن ذكرهم هنا. وتعد عشيرة (الملي) أكبر عشيرة بين العشائر الكردية في يومنا هذا، وموطنها في غربي كردستان الغربية. وعشيرة (حسنانلو) التي تقطن سهلا من سهول أرمينية: وعشائر (الهكاريين ومن معهم الذين تقع مواطنهم بين (وان) و (بتليس) وشرقي حدود فارس، ووادي الزاب الأعلى، وجزيرة ابن عمر، حتى تصل إلى حدود اربيل. و (عشائر راوندوز) من الجنوب ومن معهم من العشائر القاطنة في غربي السليمانية وشماليها. كل هذه العشائر هي من (كرمانج) ومن ثم هي هكارية. وتمتد منطقتهم نحو الجنوب إلى مدى بعيد حتى تصل إلى (قزل رباط) وطريق بغداد والى كرمنشاه، حيث عشيرة (الجاف) وهي عشيرة كبيرة لا تقل بيوتها عن عشرة آلاف خيمة كلها من الرحل ولغة هذه القبيلة هي الكردية الاصلية، ولكنها أصبحت اليوم مزيجا من لغات أخرى إذ لا تخلو من اصطلاحات وكلمات خاصة بقبيلة اللور. ولغة (المكري) الذين تقع أراضيهم في جنوبي ارمية من حدود فارس ربما كانت افصح لغة كردية موجودة في يومنا هذا. وإذا قسنا عدد الأدباء المشهورين من أدباء الأكراد بهذا العدد الواسع من العشائر المعروفة نجده ضئيلا لا يكاد يذكر ولكن يجب أن لا ننسى أن عدم الدراسة والتنقيب في تاريخ هذه اللغة هما من الأسباب التي تطلعنا على سر هذه القلة أو الضآلة فالمستشرقون من علماء اللغات والآثار لم يهتموا بالتنقيب عن هذه اللغة ولا عنوا بدراستها عنايتهم بغيرها من اللغات وإذا فتشنا في بطون الكتب عن الذين تفرغوا لهذا البحث نجد الأمة الإنكليزية أقل الأمم اعتناء بها. وليس من الخطأ القول إننا لم نسمع بأن مستشرقا إنكليزيا في عصرنا هذا كتب شيئا أو ألف كتابا عن

اللغة الكردية اللهم إلا المستر صون الحاكم السياسي في السليمانية. وهذا الفاضل لم يأت إلى كردستان باحثا أو دارسا، إنما جاء بمهمة سياسية قضت عليه أن يبقى بين العشائر الكردية أعواما قبيل الحرب وبذلك تمكن من الوقوف على أسرار هذه اللغة فألف كتابين مهمين لا يستغني عنهما الطالب. وأهم الكتب التي ألفت باللغات الغربية عن اللغة الكردية يعود تاريخها إلى عام 1850 إلى 1890 ويعود القسم الأعظم من هذه المؤلفات إلى مصنفين روس أذكر في مقدمتهم الموظفين منهم وأشهرهم جابا المستشرق الروسي الذي كان موظفا في السفارة فإنه نشر عام 1860 كتابه المسمى بما معناه (مجموعة فوائد وحكايات كردية) طبع في بترسبورغ (اليوم لنينغراد) وهو مجموعة قصص أدبية، وقصائد شعرية باللغة الكرمانجية. ترجمت إلى اللغة الافرنسية ولكن بغير تعليق أو ملاحظة وهذا الكتاب مصدر بمقدمة بقلم المستشرق مؤلف كتاب أي أبحاث في الأمور الكردية والإيرانية وهو مطبوع في عام 1857 وهو كتاب جامع ومفيد بحث في صاحبه عن لغتي كرمانج وزازا وأطال القياس وضرب الأمثلة بينهما وبين اللغة الفارسية ولم ينس ترجمة قصص وقصائد من القصص والقصائد الكردية المشهورة ونشر سوسين وبريم ومجموعة أسمياها منتخبات كردية طبع بترسبورغ عام 1887 وهي مجموعة تضم مختارات وقصائد جمعها صاحباها أثناء سياحتهما في ديار التيارية والهكارية ولكنهما لم يبحثا عن القواعد الكردية وإن أضافا إليه في الآخر معجما مختصرا للكلمات العويصة الواردة في مطاويه. فهذا التأليف وإن كان مفيدا لمن يحسن اللغة الكردية لكنه لا يفيد شيئا من يجهل القواعد الكردية ولا المبتدئين. وكأني بجستي يشعر بهذا النقص فيسده في كتابه (غراماطيق كردي) (بترسبورغ 1880) والشيء الذي يؤخذ عليه إنه ارصد 105 صفحات من أصل صفحات الكتاب البالغة 250 للبحث عن الحروف الصوتية وغير الصوتية الأمر الذي ما كان يقع في أكثر من عشرين صفحة لو راعى الغرض دون الإطالة كما أن أبحاثه عن القواعد وإن جاءت وافية بالمرام إلا إنها لم تكن مرتبة ترتيبا يرتاح له القارئ. خلف شوقي أمين الداودي

اسم الفاعل في لغة عوام أهل العراق

اسم الفاعل في لغة عوام أهل العراق أسم الفاعل هو ما دل على ما وقع منه لفعل. ويبنى من الثلاثي وزن فاعل نحو ضارب وكاتل. ومن غير الثلاثي على وزن المضارع بأن يحذف حرف المضارعة ويؤتى في مكانه بميم مكسورة ثم يكسر ما قبل آخر الفعل نحو مجتهد ومتعارك ومكربس. تصريف أسم الفاعل من السالم أسم الفاعل أما مذكر أو مؤنث وكل منهما أما مفرد أو جمع إذ لا يستعملون فيه التثنية فتكون له أربع صيغ وجمع أسم الفاعل المذكر لا يكون إلا بالياء والنون في جميع الأحوال فيكون تصريفه هكذا: ضارب ضاربين ضاربة ضاربات تصريف اسم الفاعل من المضاعف لا يفك إدغامه إلا في لغة قليلة فيقال في ماد مادد وفي شاد شادد لكن الأكثر فيه الإدغام هكذا: ماد مادين مادة مادات تصريف أسم الفاعل من مهموز الفاء قد علمت إنه لا يوجد في كلام العامة من مهموز الفاء سوى أخذ وأكل وأمر وهم يشذون في بناء أسم الفاعل من هذه الأفعال الثلاثة فيبدلون فاءه التي هي الهمزة ميما فيقولون في آخذ مآخذ وفي آكل مآكل وفي آمر مامر إلا أنهم في هذا الأخير قد يقولون آمر أيضاً على الأصل. فتصريفه هكذا: ماخذ ماخذين ماخذة ماخذات تصريف أسم الفاعل من مهموز العين قد يبدلون الهمزة منه ياء وذلك في المفرد المذكر منه فقط والأكثر إبقاؤه هكذا:

سائل سائلين سائلة سائلات تصريف أسم الفاعل من مهموز اللام قد علمت إنه لا يوجد في كلام العامة من مهموز اللام سوى قرأ وجاء فأما قرأ فقد علمت أنهم يجعلون همزته ألفا ويصرفونه تصريف الفعل الناقص فيكون أسم الفاعل منه أيضاً كاسم الفاعل من الناقص هكذا: قاري قارين قارية قاريات وإما جاء فقد علمت أنهم يحذفون اللام أي الهمزة منه غير أنهم إذا بنو منه أسم الفاعل حذفوا عينه وقلبوا لامه اعني الهمزة ياء ساكنة فيقولون جاي واصله جايئ حذفت عينه وهي الياء وقلبت لامه وهي الهمزة ياء. هذا في المذكر وإما في المؤنث فلا يحذفون عينه بل يكتفون بقلب لامه ياء ويدغمون العين في اللام فيقولون جاية واصلها جايئة قلبت اللام ياء وأدغمت الياء في الياء. فيكون تصريفه هكذا: جاي جايين جاية جايات تنبيه - إن أسم الفاعل المفرد المذكر من جاء قد يستعمل في كلامهم استعمال الظرف المكاني بمعنى قريب كما أن أسم الفاعل المفرد المذكر أيضاً من غدا يستعمل في كلامهم كالظرف المكاني بمعنى بعيد كقولهم (تعال جاي) أي تعال قريبا أو إلى مكان قريب وكقولهم (روح غادي) أي روح بعيدا أو إلى مكان بعيد. ولاشك أن (جاي) و (غادي) هنا قد خرجا عن كونهما أسمى فاعل وصارا في المعنى من قبيل الظروف المكانية. ويكون حاصل المعنى في قولهم (تعال جاي): تقرب. وحاصل المعنى في قولهم (روح غادي): تبعد. تصريف أسم الفاعل من المثال واعد واعدين واعدة واعدات تجعل عينه ياء سواء كان واويا أو يائيا فيقال من قال كايل ومن قام كايم ومن باع بايع ومن خاف خايف وتصريفه هكذا: شايف شايفين شايفة شايفات

تصريف أسم الفاعل من الناقص رامي رامين رامية راميات تصريف أسم الفاعل من اللفيف اللفيف المفروق وافي وافين وافية وافيات اللفيف المقرون شاوي شاوين شاوية شاويات اسم المفعول اسم المفعول هو ما دل على ما وقع عليه الفعل. ويبنى من الثلاثي على وزن مفعول نحو مضروب وممدود. ومن غير الثلاثي يبنى من المضارع بأن يحذف حرف المضارعة ويؤتى بدله بميم مكسورة كسرة ضئيلة ثم يفتح ما قبل آخر الفعل نحو مكربس ومجرح ومكاسر. تصريف أسم المفعول من السالم مضروب مضروبين مضروبة مضروبات تصريف أسم المفعول من المضاعف مشدود مشدودين مشدودة مشدودات تصريف أسم المفعول من المهموز مهموز الفاء تجعل فاءه وهي الهمزة ألفا لينة هكذا: مأخوذ مأخوذين مأخوذة مأخوذات مسئول مسئولين مسئولة مسئولات مهموز اللام يصرف كاسم المفعول من الناقص اليائي وتخفف ياؤه في المفرد المذكر فقط. مقري مقريين مقرية مقريات تصريف أسم المفعول من المثال موعود موعودين موعودة موعودات

تصريف أسم المفعول من الأجوف تجعل عينه ياء سواء كان واويا أو يائيا ويبقى على حاله بلا إعلال ولا حذف فيقال من قال مكيول ومن باع مبيوع ومن دان مديون ومن عاب معيوب فيكون تصريفه هكذا: مبيوع مبيوعين مبيوعة مبيوعات تصريف أسم المفعول من الناقص قد علمت إنه ليس في كلامهم ناقص واوي بل إن كان فعل ناقص يائي عندهم وان كان في الأصل واويا فاسم المفعول من الناقص تقلب واوه الزائدة ياء وتدغم في الياء الأصلية إلا في المفرد المذكر فانهم يخففونه أي يحذفون إحدى الياءين فيكون تصريفه هكذا: مرمي مرميين مرمية مرميات مغزي مغزيين مغزية مغزيات تصريف أسم المفعول من اللفيف اللفيف المفروق موفي موفيين موفية موفيات اللفيف المقرون مشوي مشويين مشوية مشويات الفعل المنحوت إن (جاء) في اللغة الفصحى فعل لازم يتعدى بالباء فيقال جاء به والعامة قد أخذت هذا الفعل ومزجته بحرف التعدية بعد حذف الهمزة من آخره فصار (جاب) واستعملته فعلا متعديا بنفسه بمعنى جاء به في اللغة الفصحى وصرفوه كفعل أجوف يائي فقالوا جاب كذا ويجيب كذا ومصدره الجيب والجيبة وقالوا في أسم الفاعل منه جايب وفي أسم المفعول مجيوب. وقد يستعملونه بمعنى الولادة فيقولون جابت المرأة أي ولدت ومصدر هذا الجيبوبة. وتركيب هذا الفعل في كلامهم من كلمتين اجدر أن يعد من قبيل النحت فلذا سميناه بالفعل المنحوت. ويوجد في كلامهم أيضاً أفعال قد أخرجوها عن اصلها بزيادة أو نقص أو تغيير وسنعقد لها فصلا نذكرها فيه إن شاء الله تعالى.

الصفة الثابتة وهي الصفة المشبهة بين الصفة المشبهة وبين أسم الفاعل فرق من وجوه أحدها إنها لا تكون على وزن فاعل من الثلاثي إلا نادرا. الثاني إنها لا تصاغ إلا من الفعل اللازم. الثالث إنها تدل على الثبوت بخلاف أسم الفاعل فإنه يدل على التجدد والحدوث أي إنها تدل على صفة قائمة بالموصوف بدون اعتبار الزمان بخلاف أسم الفاعل فإنه يعتبر في معناه الزمان. وسميت بالصفة المشبهة تشبيها لها باسم الفاعل في إنها تعمل عمل الفعل مثله فترفع الفاعل. ولما كان الإعراب معدوما في كلام العامة لم يبق لتشبيهها باسم الفاعل من سبب فوجب أن تسمى في كلام العامة بالصفة الثابتة لأنها تفارق أسم الفاعل في دلالتها على الثبوت دونه. الصفة الثابتة تبنى من الثلاثي على أوزان مختلفة سماعية نحو حسن وكريم وشجاع وغير ذلك إلا إذا دل على لون أو عيب فتبنى الصفة الثابتة منه حينئذ على وزن افعل نحو أحمر واسمر واملح وادغم واعرج واشرح واعور واثول وغير ذلك. ومن غير الثلاثي تبنى على وزن المضارع كاسم الفاعل نحو مستقيم. اسم التفضيل هو بمعنى أسم الفاعل إلا إنه يصاغ على وزن افعل من الفعل الثلاثي مقصودا به تفضيل شخص أو شيء على غيره نحو عباس اعقل من جاسم وهذا الثوب أحسن من ذاك. فالمقصود هو تفضيل عباس في العقل على جاسم وتفضيل هذا الثوب في الحسن على ذاك. ولا يبنى أسم التفضيل إلا من الثلاثي فقط وقد أجازت العامة بناءه من الأفعال الدالة على لون أو عيب وذلك غير جائز في اللغة الفصحى فأحمر واعرج وما أشبههما من الصفات الثابتة تستعمل في كلام العامة أسم تفضيل أيضاً يقولون هذا أحمر من ذاك أي أشد حمرة منه وهذا اعرج من هذا أي أكثر عرجا منه. ويستعمل أسم التفضيل في كلامهم على وجهين أحدهما أن يكون مضافا غير مقترن بمن نحو اعقل الناس والثاني أن يقترن بمن كالأمثلة السابقة. وهو في كليهما يستوي فيه المذكر والمؤنث تقول زينب أحسن النسوان وجاسم

اعقل الناس وإما مؤنث أسم التفضيل فلا وجود له في كلامهم أصلا. أمثلة المبالغة هي أوزان يقصد بها الدلالة على كثرة اتصاف الموصوف بها وتأتي في كلام العامة على أربعة أوزان (1) فعال (بتشديد العين) نحو ضراب وجذاب. ومنه المثل العامي: (كتال الكملة بالسيف) يضرب لمن يستهزأ بشجاعته. (2) فعول قولهم (فرس عزوم) للفرس الجموح التي لا يرد رأسها والفرس في كلام العامة لا تطلق إلا على الأنثى وإما الذكر فيقال له حصان. (3) مفعيل نحو مسكين ومعميل. (4) فعل (بكسر العين) نحو نحر (نكر). ولا تبنى أوزان المبالغة إلا من الثلاثي. اسم المكان والزمان اسم المكان ما دل على موضع وقوع الفعل واسم الزمان ما دل على وقت وقوع الفعل. ولهما صيغة واحدة وهي من الثلاثي على وزن (مفعل) بكسر الميم وقد تفتح. وبفتح العين إذا كانت عين مضارعه مضمومة أو مفتوحة نحو مطبخ ومذبح ومنه قولهم وهو من هوساتهم (هاي نكرة الدم وهاي مذبحتهم) وشذ المغرب بكسر الميم والراء لوقت الغروب والمسجد بكسر الجيم لأن عين مضارعهما مضمومة. وإما إذا كانت عين مضارعه مكسور فلا يكون إلا بكسر العين نحو مجلس. وكذلك إذا كان من المثال نحو موجب (موكب). وأما من غير الثلاثي فلم أجده واقعا في كلامهم. (تنبيه) إذا كثر الشيء في المكان فلاسم المكان وزن مفعلة نحو مملحة ومصبغة ومدرسة ومكبرة ومذبحة. ومما شذوا فيه قولهم للمجرة (مسحال الجبش) أي مجر الكبش فإن مسحال هنا أسم مكان للسحل المستعمل في كلامهم بمعنى الجر يقال سحله إذا جره على الأرض. والقياس يقتضي أن يقال مسحل لا مسحال. بغداد: معروف الرصافي

أحمد لطفي السيد

أحمد لطفي السيد وزير المعارف المصرية كما عرفته - بقلم الأديب المعروف الأستاذ نجيب شاهين المحرر في صحيفة (السياسة) المصرية جمعني وبعض الأصدقاء مجمع عرض فيه ذكر المقال الذي حشاه صديقي عباس محمود العقاد طعنا في رجل من خير رجالات مصر وهو أحمد لطفي السيد وزير المعارف الحالي. فقال أحد الحاضرين وهو محام مصري طويل الباع في الأدب (أنا لا أعرف العقاد ولم أر له صورة وجه ولكني استدل من كتابته على إنه شديد الذكاء وإن لم ينل قسطا وافرا من التربية الحديثة فقد تحامل على شوقي مثلا وهو شاعرنا الأوحد ويخيل إلى غير الأديب الحق وهو يقرأ انتقاده لشوقي أن شوقي ليس بناظم فضلا عن أن يكون شاعرا فذا منقطع النظير. ولا أذكر إنه مدح أحدا مختارا أو إنه تطوع لبيان فضائل فاضل وهذا شر ما يصاب به (أديب). والغريب أن يكون هذا شأن كاتب مشهود له بالذكاء والأدب الكتابي كأن يكون الأدب الكتابي والأدب الخلقي نقيضان فيه لا يجتمعان. والأصل واحد والاشتقاق واحد ورحم الله القائل: كذاك أدبت حتى صار من خلقي ... أني وجدت ملاك الشيمة الأدب وفي الحق أن الأدب الخلقي الذي أراده الشاعر إنما هو سيد الأخلاق ولا يحسب الكاتب الأديب أديبا ما لم يكن على خلق عظيم. تناول صديقي العقاد أستاذي أحمد لطفي السيد في مقاله ونال منه كل منال ولج في خصومته ولد في عداوته ولم يترك مكانا للصلح - فعل هذا كله متطوعا مختارا - إذ لا يعقل أن مثل هذا السباب البذيء يكلفه إياه أحد حتى ولو كان من حثالة خصومه السياسيين. وهكذا ترى إنه أديب يتطوع للشر ويقترح عليه الخير فلا يلبس إلا مكرها. وهذه أدنى دركة ينزل إليها الأديب، وهذا ما يحملنا على الظن أن المقال لم يعرض على صاحب البلاغ ورئيس تحريره عبد

القادر حمزة. فقد زاملناه في أواخر أيام (الجريدة) وكان الأستاذ لطفي السيد رئيسا لنا فجعل عبد القادر يده اليمنى في التحرير حتى حين وأحاطه برعايته وكان يلقنه ما يريد أن يقول وبقي ذلك شأنه حولا أو أكثر حتى انتدب لتحرير (الأهالي) في حديث ليس هذا مجاله. فما نظن الأستاذ عبد القادر كان يسمح بنشر ذلك المقال لو اطلع عليه وكان ممن يعرف الجميل ويذكر المعروف. أراد الأستاذ العقاد أن ينتقص فضل رجل لو كان في مصر عشرات مثله لكانت ذات استقلال تام من تلقاء نفسها ومن غير أن يحتاج في ذلك إلى السياسة ووسائلها. أراد أن ينتقص فضائله (فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل) ولست أدري لم يغضب الأستاذ العقاد من أن يسمى أحمد لطفي السيد أستاذا وكل محام أستاذ وكل طبيب أستاذ وكل معلم أستاذ. أتراه يسلم بأستاذية هؤلاء جميعا إلا أستاذية أحمد لطفي السيد؟ وبالطبع أن من ينكر على رجل كونه أستاذا أحر به أن ينكر عليه كونه فيلسوفا. ولكن هل كلف أحمد لطفي السيد أحدا يلقبه بالفيلسوف أو أوعز إلى أحد بذلك. وإن كانت السياسة هي أول من أشاع هذا اللقب فهل هي التي أوعزت إلى غيرها أن يحذو حذوها. لا يهولنك يا صديقي العقاد أن يلقب أحمد لطفي السيد بالفيلسوف لأنه إذا كان فيلسوفا فلست تقف أنت عقبة في سبيل هذا اللقب وإن لم يكن فيلسوفا فلسوف يزول هذا اللقب عنه من نفسه يوم يقوم في البلاد رجال أكثر استحقاقا لهذا اللقب منه. ونحسب أن خلو كتاب الأخلاق الذي ترجمه من مقدمة له دليل على ذوقه السليم وانه يقدر الأشياء قدرها فاكتفى بالمقدمة الفرنسية لوفائها بالغرض وفي هذا أعظم دليل على البعد عن الدعوى الذي يلصقه العقاد. ولست أدري لم تكون معرفة نيتشه أو تولستوي هي مقياس الفلسفة ولا يكون مقياسها معرفة أرسطو أو أفلاطون أو سقراط أو ابن رشد أو الغزالي أو ديكارت أو هيجل أو سبنسر. ثم أن فلسفة نيتشه ليست مجهولة كل الجهل عندنا فقد رأينا مقالات كثيرة عنها لكثير من كتابنا في كثير من مجلاتنا أفلا يجوز أن يكون أحمد لطفي السيد قد أطلع على إحداها ليدرك ماهية فلسفة نيتشه!!

صدقني يا صاحبي العقاد إن مقالك كله هزل ليس فيه جد وهو من نوع الهزل الذي يسميه الإنجليز لا من النوع الذي يسمونه والفرق بينهما أن الأول يكتب بروح الانتقاد والثاني يكتب بقلم بريء خال منها كلها فصاحبه ظريف حقا. فإن شئت يا صاحبي أن تعرف من هو أحمد لطفي السيد فاعلم: إنه في مقدمة الذين سعوا في إنشاء حزب الأمة و (جريدته) وهو الذي وضع برنامجه وخطب الخطب الكثيرة ودبج المقالات العديدة في تأييد سلطة الأمة ولقي الاضطهاد الكثير مع (جريدته) في سبيل فصل شخصية الأمة المصرية عن الشخصيات الأخرى ورأى ذلك مقدمة لازمة للاستقلال المنشود فعارضه (المؤيد) صنيعة الخديوي السابق وعارضه (اللواء) القائل بالتعلق بالأهداب العثمانية وعارضته الصحف الأخرى القائلة بممالأة هذه الدولة الأجنبية أو تلك. ولما ظهرت (الجريدة) دعانا نحن محرريها وكان فيهم الأستاذ المرحوم عبد الحميد الزهراوي شهيد الحرية فقال أن الذين ينتمون إلى الدولة العثمانية منكم قد يريدون أن يعلموا خطة هذه الجريدة. فخطتها هي هذه: تناول قلما وقرطاسا ورسم دوائر خارجا بعضها عن بعض فكتب في دائرة مصر وفي الدوائر الأخرى تركية وغير تركية وقال هذه خطتنا السياسية إننا مع اتصالنا بالبلاد الإسلامية دينا، لا صلة سياسية لنا بها البتة. واحمد لطفي السيد في مقدمة الذين سعوا في إنشاء حزب الأحرار الدستوريين وجريدة (السياسة) لسان حالهم. وهو الذي قضى ثماني سنوات يكتب المقالات الافتتاحية في (الجريدة) بيانا لسلطة الأمة وتعليقا على مناقشات الجمعية التشريعية ومجلس الشورى وغيرها من مقالات التشريع والأخلاق أيام كان بعض الكتاب يقضون الساعات الطوال بين بشار وأبي نواس وصريع الغواني وابن الشمقمق!! ولم يشك أحد من العقلاء في وطنيته المصرية يوما. غاب عنا أياما ونحن في (الجريدة) لمرض اعتراه وكان منزله في دار الجريدة فدعاني صبيحة ذات يوم إليه يسألني عن التحرير فرأيته كاسف البال فجلست فسمعته يتأوه فظننت ذلك من

شدة وطأة الداء عليه وما أبطأ أن قال (ضاع البلد من أيدينا)! كان ذلك على ما اذكر عند إعلان سياسة الوفاق في عهد السر الدون غورست وعلى أثر مشادة سياسية لا اذكرها تماما علم منها أهل الرأي في البلد حقيقة سياسة إنجلترة المصرية. أما أخلاقه فإلى القارئ مثلا عليها: أقلت من (الجريدة) في السنة الأخيرة من سنيها طلبا للتوفير فلم يشأ أحمد لطفي السيدان يبلغني خبر الإقالة فعهد في ذلك إلى المرحوم حسن باشا عبد الرازق شهيد حادث شارع المبتديان وبينا كنت أقرأ مسودات الجريدة في ذلك اليوم رأيها بها خبرا عن إقالتي (فشطبته) فسأل المدير عنه فقيل له أني حذفته فدعاني إليه وشدد النكير علي بحضور المرحوم إسماعيل بك ذهني حسبان أن في ذلك اعتداء على حقوقه. وفي اليوم التالي جاءني من يقول أن إسماعيل بك ذهني قال أن لطفي بك (ادالك جامد) وقد كان اجمد ما قاله لي (هل تعتدي على حقوقي)؟ ومضت الأيام فلقيته ذات يوم في إدارة المقتطف يزور المرحوم الدكتور صروف فسلم علي هاشا باشا ولمحت في وجهه نور الاطمئنان علي في عملي. وفي سنة 1922 قصدت الشام للتصييف ولما عدت قصدت دار الكتب فاخبرني صديقي حافظ إبراهيم أني عينت محررا في (السياسة) براتب حسن وكان ذلك أول ما علمت عن ذلك التعيين وإن لطفي بك هو الذي عينني. هذا شيء عن علم رجل من رجالات مصر ووطنيته الصحيحة وأخلاقه العالية. أفي رجل مثل هذا تكال مقالات الطعن البذيء جزافا؟ أرأيت يا صديقي العقاد إن كان معالي وزير المعارف الحالي وفديا أو عضوا في وزارة ائتلافية هل كنت تقول فيه ما قلت في مقالك هذا؟ لقد بلغنا السن التي ينتظر قراؤنا منا فيها أن نكون أكثر تأنيا وإنصافا في إصدار أحكامنا على الناس واعلم أن مقالات الكاتب منا أكثر دلالة عليه منها على من يتناولهم فيها واصدق حكما علينا منها عليهم. وإني أدعو إلى الله ألا يكون حظي منك مقالة مثل هذه المقالات!!

فوائد لغوية

فوائد لغوية. الأوهام الشائعة أردت بالأوهام الشائعة: الغلطات العظيمة الذائعة، كقول العقاد في البلاغ الأسبوعي ال 52 (فيصدق تصديق البلهاء) لأنه جمع (أبله) على (بلهاء) والصواب (بله) على وزن (خضر) جمع أخضر وخضراء. ولسهولة تتبعها جعلتها معددة بأعداد متوالية: 1 - قال أحد المدعين: (القضيتان الأشد ضيقا) وقوله غلط لأن أسم التفضيل تجب مطابقته للموصوف وصفا حقيقيا إن كان مصدرا بال والمطابقة تكون في الأفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث. فالصواب (القضيتان الشديان ضيقا) أو على ما هو مشهور القضيتان اللتان هما أشد ضيقا أو القضيتان الأشد ضيقهما. 2 - وقال أحد المختبرين: (وأي طريقة من (الطرائق الأربعة) المذكورة يمكنك تطبيقها على كل فرض من فروضك الكتابية؟) والصواب (الطرائق الأربع) بتذكير الاسم الثاني لأن مفرد الأول مؤنث وهو (طريقة) قال تعالى: (وليال عشر). 3 - وقال أحدهم: (حادثته أمس الأول) وليس في العربية (أمس أول) ولا ثان ولا ثالث و. . . لأن كلمة (أمس) مختصة باليوم السابق ليومك الذي أنت فيه. والصواب (حادثته أول من أمس) أي اليوم الذي قبل أمس. أو كما قال بعض الفصحاء قبل أمس بيوم. أو قبل البارحة بليلة. 4 - وقال أحد المتفقهين: (ولعشر فروض يتأنى الطالب في إنشائها خير من مائة فرض يكتبها مستعجلا) وهو مخطئ والصواب ولعشرة فروض الخ. .) لأن المعدود (فرض) وهو مذكر يجب تأنيث العدد معه من الثلاثة إلى العشرة غير مركبة. 5 - وقال أحد الأدباء: (خصوما وأنت مجتهد) ووضع الواو بعد المصدر

العامل (خصوصا) غلط صريح والصواب حذفها. وتبديل الجملة بقولنا: (خصوصا أنك مجتهد) لنجعل (أن واسمها وخبرها) في تأويل مصدر مفعول به ل (خصوصا). 6 - وقالت الناس: (فعمله رغما من المصاعب). والفصيح (على رغم المصاعب). قال الخليفة العباسي للشريف الرضي: (على رغم أنف الشريف). وذلك بعد قول الشريف. (إلا الخلافة ميزتك) الخ. . . لأن قولهم (رغما) يجعل (رغما) مفعولا من اجله أي سببا للفعل السابق والحقيقة غير ذلك ولهذا لا يجوز ذاك التعبير القبيح أبدا. 7 - وقال واحد: (لا حاجة بنا لإسداء الوصية والتنبيه) وهو الذي نقل قول ابن الأثير في المثل السائر (فلا حاجة إلى ما ذكر من تلك الخصائص) فالصواب أن يقول: (لا حاجة بنا إلى إسداء. . .) بوضع (إلى) موضع اللام. 8 - ومنهم من قال: (يجب أن يحذر من الوقوع في عبارات الانفعال) والصواب (يحذر الوقوع) لأن الفعل متعد بنفسه. 9 - وقال حامل يراعة مرضوضة: (جبل مجلل بأجمعه بالمنازل المحاطة بمزارعها) وهو مخطئ في قوله (المحاطة) لأن الكلمة أسم مفعول من فعل متعد بالباء هو (أحاط) ولا يجوز أن تظهر فيه علامة التأنيث. فالصواب: (بالمنازل المحوطة بمزارعها) أو (بالمنازل المحاط بها بمزارعها). 10 - ومنهم من قال: (ورتبة المفعول تالية للفاعل. . . وكذلك المفعول المطلق) ولكنه خالف ما قال بقوله (كثيرا ما نعتقد أكنا متكلمين أم كاتبين) وقوله (ولغة العامة فضلا عن لغة الكتابة تشتمل على كثير من المجاز والتشبيه) وقوله (وفضلا عن ذلك نرى أن مطالع الكتب. . .). وقد قدم المفعول المطلق فما هذا التناقض في أقواله مضافا إلى أن دعواه باطلة؟ 11 - وقال واحد في مقدمة كتابه: (مستشهدا بهذه المختارات في مواطنها والفصيح الشهير أن يعدي (مستشهدا) بنفسه فيقال (مستشهدا هذه المختارات في مواطنها) واسم الفاعل كفعله إذا عمل. قال صفي الدين الحلي: (واستشهد البيض هل خاب الرجا فينا).

12 - ومنهم من قال: (وعليه أن يتثبت صحة معانيه) فجعل (يتثبت متعديا بنفسه) وما هو إلا متعد ب (في) والصواب (وعليه أن يتثبت في صحة معانيه). 13 - وقال واحد من المتبجحين: (إذا فليسكن روع الجبناء الذين لا يستجرؤون على تبيين مرامهم) ولم يعلم أن هؤلاء الذين نعتهم بالجبناء (شجعان) عند الناس لأنهم (يجرءون على تبيين مرامهم لا يستجرئون) والمستجرئ هو الذي يتكلف الجرأة. فكيف يذمهم هذا القائل لكونهم لا يتكلفون الجراءة؟ ولعله (أصلحه الله) أراد (الذين لا يجرؤون. . .) 15 - وقال هو نفسه (وهذا كله. وإن كان لا يخلو من النقص إلا إنه سائر في سبيله) وهو مخطئ كما اخطأ الذين من قبله لأنه أفحم (إلا انه) بين المبتدأ وخبره فافسد المعنى والمبنى فالصواب (وهذا كله وإن كان لا يخلو من النقص: سائر في سبيله) فهذا مبتدأ و (سائر) خبره. واصل الكلام (وهذا كله سائر وإن كان لا يخلو من النقص). 16 - وقال كاتب: (بقصد ومهارة ويا للأسف) وهو مخطئ كغيره فالأسف إذا فتحت فيه لام الجر (صار مستغاثا به) والكاتب لا يستغيث الأسف كما ظهر للقارئ وإذا كسرت صار (مستغاثا له) وهو لا يستغيث للأسف. وإن قصد الكاتب (لام التعجب) كقولهم: يا للعجب فإنه ذكر الأسف بدلا من العجب. فالصواب أن يقول (يا أسفاه) وإن اتصل كلامه بما بعده قال (يا أسفاه) وقد قال يا أسفا على يوسف. وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم). 17 - وله أيضا: (ولا يزال الشيء الكثير من القديم (باق) على قدمه) والصواب (باقيا) لأن هذا الاسم (خبر) يزال. 18 - وقال أحد الناس: (وأما (هل) فلا يطلب بها إلا التصديق وحده ولذلك لا يذكر معها معادل. . . وهذا هو السبب الذي من اجله يمتنع أن نقول: (هل جميل نجح أم خليل) ولكنه سحق إرشاده بقوله: (هل ينتبه بالقرائن أم لا؟ وقال أيضاً (هل الفقرات كافية أم لا؟ وقال غير ما ذكرنا لأن أغيارنا

بسطوه قبلنا. ونقله تلك القاعدة البالية ورضاه بها من الجمود العصري لأن المولدين قالوا ذلك كثيرا. قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة في المجلد الأول من طبعة مصر في الصفحة 23: (هل يحسن تقديم خلق الجماد على الحيوان أم لا؟) ونحن لم نورد كلامه إلا لنظهر ما فيه من التناقض. 19 - وقال أحدهم: (فيجب على ذلك أن نهجر: الصفات الحشوية التي يفيد حذفها نحو (سخرية مرة) فأقول إذا كانت كلمة (مرة) صفة حشوية عند الكويتيب المذكور فكل الصفات التي وصف بها أسلافنا العرب (حشوية) عنده والقرآن العظيم مشحون بما كرهه من أوله إلى آخره. ولكنه لم يخجل من قوله (منشئ أحد الفروض يؤكد أن الضعف يؤدي إلى ارتكاب (القبائح السافلة)؟ فهل في القبائح (سافلة وغير سافلة)؟ هذا يدل على فكر سقيم وجهل عظيم. 20 - وقال واحد: (والأفكار الناضجة المنيرة. لأن الإنشاء يمتاز لا محالة بمزايا صاحبه) وليس من الذوق الحسن أن يصف الأفكار بالناضجة وبالمنيرة معا لأن الإنارة بعيدة عن النضج فالصواب أن يقول (الناضجة الطرية) أو (المحكمة المنيرة) وإذا كان ذوق الكاتب فاسدا فما يكون ذوق المستمع المسترشد له؟ 21 - وقال أحد أدعياء الأدب العربي: (كان زهير سيدا موسرا حليما ورعا مؤمنا بالله (وعمر ومات قبل البعثة بسنة) فجعل الظرف متعلقا بالفعلين (عمر ومات) وبذلك يفهم أن زهيرا (عمر قبل البعثة بسنة ومات قبلها بسنة فيكون عمره (صفرا) والعياذ هو الله. فالصواب (عمر قبل البعثة ومات قبل وقوعها بسنة) ليكون الفعلان منفصلين بظرف زمان. 22 - وقال من قال (عن الترقي الذي ترقيناه) وهذا مضحك كقول من قال (عن الصعود الذي صعدناه) لأن الترقي لا يترقى إليه والصعود لا يصعد عليه. والصواب عن (ترقينا) وهو أبلغ وأوجز من ذلك القول الواهن. أو (عن المرتبة التي ترقينا أليها). 23 - وقال واحد (فيضطر بالطبع، للبحث عن معانيها) والصواب أن

يعدي الفعل (اضطر) إلى مفعوله الثاني ب (إلى) وكذلك يبقى إذا بني للمجهول فالصواب (فيضطر بالطبع إلى البحث. . .) ويجوز على قول المولدين الفصحاء (على البحث عن معانيها). 24 - وتفيهق أحدهم فقال: (وسأل نفسه قائلا: لماذا كانت عبارات القطعة المتحداة أبلغ (من عباراته التي أنشأها) والصواب (ابلغ من عباراتي التي أنشأتها) لأنه يخاطب نفسه على طريقة السؤال. 25 - وقال ثرثار خباط (يتمرن بها طالب الإنشاء على زوائد الحروف الداخلة على الأفعال المجردة كحروف المضارعة والاستقبال) فأقول: لم يعلم لهذا الخباط أن (حروف المضارعة والاستقبال تدخل على الأفعال المجردة والمزيدة ولجهله اختصها بالمجردة. وللعلم درجات وللجهل دركات. 26 - وقال مدع: (وعلى الزوائد المقلوبة نحو اضطلع واتزن) فقوله (اتزن) ليس فيه زوائد مقلوبة ويدرك ذلك كل مطلع ولو قليلا حتى غلف القلوب وإنما فيه (اصل) مقلوب هو الواو لأن أصل الفعل (اوتزن) فقلبت الواو تاء وأدغمت في التي بعدها فصار الفعل (اتزن) مثل (اتجه وأتضع واتفق واتأد واتقد) وغيرها كثير. 27 - وقال مدع (الخبز: هو غذاء من دقيق معجون بعجينة محمضة لتخميره ثم أنضجته الحرارة) وقد أراد به تعريفا عجز عنه الأولون والآخرون ولكنه مضحك للعقلاء لدى الحقيقة لأمور أولها (انه معجون بالأيدي أو ما ينوب عنها) وثانيها (انه اختار (عجينة محمضة) مريدا (الخمير أو الخميرة) وما أبعد قوله عن الصواب!) وثالثها قوله (أنضجته الحرارة) وما أنضجه إلا الجراثيم كما اثبت العلماء الغربيون. فالتعريف الصحيح هو (الخبز: غذاء من دقيق معجون مخمور أنضجته الجراثيم وشوته النار مباشرة أو انتقالا). 28 - وقال واحد (ولكني أشاهد مع ذلك قلبه وعقله - واليد التي عربت مثل (كليلة ودمنة) قد بليت والمعروف أن العقول هي التي تعرب لا الأيدي كما قال الكويتب. وقد يجوز أن يكتب بعض المعربين ما يعربون ولكن لا ينسب الفضل

المدرس اللغوي

إلى أيديهم بل إلى عقولهم. 29 - وقال أحدهم (بالشرير المتظاهر بصالح العمل) والمتظاهر هو المستعين أو المتعاون فكيف يكون المستعين بالعمل الصالح شريرا؟ هذا غريب من المعاني العجيبة. والأفصح (بالشرير المرائي) ولو جاء (المظاهر) دالا على التصنع لتركناه خشية الالتباس فعندنا (الرياء والتصنع والتكلف) وغيرها. 30 - وقال ناصح غيره مهمل نفسه (لان أقل سهو يحدث للمطالع يكفي (لإنقاص) إفادته وإمتاعه) والإنقاص لغة رديئة لا يستعملها الفصحاء لأن (النقص) متعد بنفسه إلى مفعول واحد والى مفعولين عند الحاجة. كقولنا: نقصك خالدا حقه ظلم ظاهر. فالفصيح أن يقول (يكفي لنقص إفادته). وبالنقص لقب يزيد الناقص لأنه نقص أعطية الجند. مصطفى جواد المدرس اللغوي يا من على النشء والأخلاق يؤتمن ... وتستقيم به الأديان والسنن بينا نهذب نشأ كي نثقفه ... دبت بخلقك في أخلاقه الفتن لا در درك من غاو لامته ... منه تشعبت الأهواء والمحن كنا نعدك تبني ركن صالحة ... حتى رأينا بك الأخلاق تمتهن والشعب جسم وروح الشعب في خلق ... فان وهي الخلق يوما يوهن البدن أنت المؤسس والباني لامته ... وفي يديك علاء الشعب مرتهن أكرم بمنزلة التعليم من شرف ... يسمو به في الشعوب المصلح الفطن ماذا تفيد دروس صرت تنشرها ... إذا غدوت لسوء الخلق تختزن؟! هب أنت أعلم من إبليس مرتبة ... كل المصائب من إبليس والمحن! بالله دع مهنة التعليم طاهرة ... واطرق سواها وإن ضاقت بك المهن! رفقا بأخلاقنا رفقا بأمتنا ... فما لأخلاقنا يا مجرما ثمن بكيت منك وأفرى مهجتي أسف ... ولج بين ضلوعي الحزن والشجن الإسكندرية (مصر): محمد صالح إسماعيل

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة العقاد يكذب العقاد مثال لشهوة الحقد والتقلب والخداع قالت زميلتنا (السياسة) الغراء اطلع الذين يقرءون (البلاغ على ذلك السر الذي تناول به أحد محرريه عباس أفندي العقاد أعضاء الوزارة الحاضرة، إشباعا لشهوة الذين يعمل حضرته لحسابهم، ناسيا إنه هو نفسه قال في كثيرين، أعضاء هذه الوزارة نقيض ما يقوله اليوم. على إننا لا نود أن نناقش كاتبا يصل به التدهور في المروءة إلى أن يعيب إنسانا بأنه أجريت له عملية جراحية فالرجل الذي لا يقدر ما في هذا التصرف من نقص في الخلق حرام أن يناقش أو يعاتب! ولكننا نود - وقد كان مما تناوله العقاد أدب الأستاذ لطفي السيد وترجمته لكتاب (الأخلاق) - نود أن ننشر للقراء رأي العقاد نفسه في هذه الترجمة، وهو الرأي الذي نشره في عدد (البلاغ) رقم 677 الصادر بتاريخ 3يونيه سنة 1925. ضمن مقال في كتاب (الأخلاق)، مع العلم بأن العقاد أشد الناس حقدا على الناس. والحقد في نفسه طبيعة ليس من السهل التخلص منها فنحن لا نأخذه بما طبع عليه ولكننا نخاطب غير العقاد ممن لم تملأ السخيمة نفوسهم وهذه شهادته التي أشرنا إليها: (عرفت اللغة العربية أرسطو قبل عدة قرون وأخذت بنصيب من هذا العقل الشائع كما أخذت بنصيب من المدنية والتاريخ ولكنها لم تحفظ لنا أثرا من آثاره الكاملة ولم تبق لنا من قضاياه وآرائه إلا ما تفرق في أثناء الكتب من نبذ مبتورة تنسب إليه تارة وتغفل من النسبة تارات. فلا نخطئ إذا قلنا أن اكمل آثاره في اللغة العربية هو هذا الكتاب الذي بين أيدينا الآن وهو كتاب (علم الأخلاق) الذي نقله عن الفرنسية الأستاذ الفاضل أحمد لطفي

السيد وأتم طبعه في العام الماضي، فبر به لغته اصدق البر ورد إليها حقا وافيا من حقوقها بين اللغات في المعلم الأول، وجاءنا بدليل جديد على أن هذه اللغة اصلح في عصرنا حالا وأوفر قسما من العلم والأدب مما كانت في أبان المدنية العربية والدولة الإسلامية. لأننا نقابل بين ترجمة كتاب (الأخلاق) وبين ما اطلعنا عليه من بقايا ارسطو في الكتب المتفرقة فنجد التفاوت واضحا بين الترجمتين ونرى مواضع كثيرة يبز فيها الأستاذ لطفي من تقدموه في الدقة والفهم وصفاء العبارة، وقل أن نرى موضعا ينعكس فيه هذا الحكم ويظهر فيه فضل للمتقدمين على الأستاذ في هذه الأمور). بقي افتراء العقاد أن الأستاذ لطفي السيد لم يضع مقدمة لتعريبه كتاب (الأخلاق)، ويكفي في تكذيب حضرته أن يرجع القارئ إلى كتاب (الأخلاق) ليقرأ في أوله ذلك (التصدير) البليغ الذي صدر به الأستاذ الكتاب والذي استغرق 55 صفحة كاملة. وليحكم بعد ذلك على مبلغ أمانة (عبقري) البلاغ وصدقه. أهـ. (لغة العرب) نأسف جد الأسف على هذا التدهور الخلقي والأدبي معا عند أديب مصري معروف يتشدق بنزاهة النقد ويتطلع إلى القيادة والإرشاد! الكلمات تموت بعد استعمالها قالت الأخبار: إن في اللغة الإنجليزية 20. 000 كلمة غير وهناك مستعملة دعوة حارة لإحيائها باستعمالها. فماذا نقول نحن ومعظم كلمات اللغة العربية غير مستعملة. إلا أن الوقت قد حان للتزود من المادة اللغوية فإن من العار أن نهمل لغتنا إلى هذا الحد المزري. والذي جعل اللغة العربية تكاد تكون من اللغات الميتة أو التي يصعب استخدامها لنقل العلوم والمعارف والآداب وما هي كذلك وإنما كل لغة بأصحابها فإن نشطوا وبدت عليهم إمارات الحياة نشطت لغتهم ونمت وترعرعت. وقد لفتنا نظر الأدباء والمشتغلين بنقل العلوم إلى العربية إلى ذلك. ونهيب بهم مرة أخرى أن يفزعوا إلى المعاجم وأن ينقبوا في الكتب القديمة المهملة ويحيوا قدر ما يستطيعون في الكلمات والتعابير والاصطلاحات). أهـ.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة إيضاح إلى حضرة عبد المسيح أفندي وزيريان المحترم: ذكرت في العدد 1347 من العراق الصادر في 7 آب (أغسطس) إنك لم تقل في ترجمتك للثورة العربية (على خمسة أقدام بل خمس أقدام) (ص 8 س 3 من الثورة) ولم تقل: (عقد وصديق له ميثاقا أكيدا) بل: (عقد وصديقا ميثاقا (ص 17 س 13) وانك لم تقل: (لم يتمكنا (لورنس والأمير فيصل) من حمل الفرنسيين على تعديل الخطة التي رسموها ولم يتح لهم الحصول على حكومة ذاتية مستقلة) بل: (الخطة التي رسموها ولم يتح لهما). ونسيت إننا قلنا أننا اعتمدنا في كلامنا هذا على ما جاء في مجلة (الهلال) (36: 973 إلى 976 راجع لغة العرب 6: 614) أما أن النسخة المطبوعة على حدة هي غير المقالة المطبوعة في المجلة المذكورة. فنصدق ونستعيد كلامنا وتغليطنا المختصين بهذه الغلطات الثلاث لكن هناك 19 غلطة أخرى فما قولك فيها؟ وعلى كل حال إننا مستعدون أن نرجع عنها إذا أظهرت لك عذرا ولها وجها. أما أن اللغة التي نشأت عليها هي العربية لأنها اللغة التي رضعتها مع حليب أمك (وهي أيضاً لغة والدك ووالدتك وآبائك وأجدادك) وانك بعيد عن أرمنية. . .) فنصدقك على كلامك وكذلك لا نكذبك في قولك: إن الحكومة التي تستخدمك تقر لك بطول الباع في الترجمة واللغة العربية. وأنها (لا تستغني عنك) فنهنئك بالثقة التي حزتها (ونخبرك بأننا عتيدون أن نرجع حالا عن كل وهم تنبه عليه إذا كان (سهوا) حقيقيا) كما صرحنا به مرارا. والسلام على كل من اتبع الهدى. ابن خلكان س - اربل - س. ك: كيف تضبط كلمة خلكان في قولك ابن خلكان،

فإننا لم نر ضبط هذا العلم في الكتب التي في أيدينا، حتى في كتاب المؤلف نفسه؟ ج - (اختلف في ضبط لفظ خلكان ووجه شهرته بابن خلكان فنقل عبد القادر العيدروس في النور السافر في أخبار القرن العاشر عن قطب الدين المكي إنه قال أن لفظ خلكان ضبط على صورة الفعلين (خل) أمر من (خلى) أي ترك و (كان) ناقصة وسبب تسميته بذلك إنه كان كثيرا يقول: كان والدي كذا. كان والدي كذا، فقيل: (خل كان) ورأيت من ضبط بسكون اللام الباقي على حاله) انتهى من التعليقات السنية على الفوائد البهية في تراجم الحنفية للعلامة عبد الحي اللكنوي طبعة مطبعة السعادة بمصر ص 12. الهيطلية أم الحيطلية س - بغداد - ب. م. م: قرأت في مجلة القربان التي تصدر في جلب في سنتها 3 في ص 175 ما هذا نصه: (الحيطلية هي مرطب شهي يطبخ من النشاء والحليب ثم يقطع أجزاء تلقى في الدبس المذوب المبرد أو الماء المسكر ويدلك اصلها السرياني وهو (حيا) ومعناها الحياة و (طليا) ومعناها الأطفال أي طعام الأطفال على إنها (كذا) مرطب سائغ يبرد الفؤاد ويؤكل هنيئا مريئا في الصيف وقد أولع به الأطفال لخفته وحلاوة مذاقه. . .) فهل قوله الحيطلية صحيح؟ ج - المشهور في فلسطين الهيطلية بالهاء والصحيح بالحاء كما جاء في القربان وقد ذكرها دوزي في ملحقه بالمعاجم العربية نقلا عن كتابين فليراجعا. باب التقريظ (75 - معجم المطبوعات العربية والمعربة - الجزء الثاني) ذكرنا هذا الكتاب سابقا (6: 301 إلى 303) وصل ألينا الجزء الثاني منه وصفحاته تمتد من 185 إلى 376يبتدئ باسم كتاب التنوير في إسقاط التدبير إلى شرح منظومة الدردير لأحمد بن حامد الصاوي. وذكرنا أن طبع هذا السفر الجليل وترتيبه وتبويبه من أحسن ما يتمناه المطالع وقد وجدنا فيه فوائد ونفائس لا يمكن القارئ أن يجدها مجموعة مدونة في تصنيف واحد كما ترى فيه. فنحن نقضي أن يطيل الله عمر مؤلفه ليأتي عليه إلى آخره.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 76 - تاريخ الموصل الجزء الثاني اقتنيت في هذا اليوم، نسخة من الجزء الثاني من كتاب تاريخ الموصل، الذي ظهر في عالم النشر حديثا، لحضرة القس الفاضل سليمان الصائغ فاغتنمت من اويقاتي خلسة، تصفحت فيها مباحثه عن العصر التركي تصفحا مجملا، فوجدت في غضونه طفرات، فلاح لي أن اكتب حوله ما يأتي: أني اشكر لحضرة صديقي المؤلف عنايته بتاريخ مسقط رأسي الذي كان بناء هيكلي من ترابه، لكني لا أحجم عن التصريح بحقيقة قد تكون مرة المذاق؛ غير أني أتوقع من القس الفاضل أن يتلقاها من صديقه حلوة، بالنظر إلى ما أعهده فيه محبة الحقيقة. إن في التأليف نواقص جمة، ولاسيما ما يتعلق بالتراجم، وأخص أسباب هذه النواقص، أن أقارب أصحاب التراجم قبضوا أيديهم عن إمداده بما يعينه على كشف اللثم، أما ميلا إلى الخمول، أو كسلا، أو عدم تقدير لتخليد ذكر الرجال، وإما لدواع أخرى لا محل لسردها. وقد رأيت لحفدة أرباب التراجم واقاربهم، عذرا ممهدا، بعد أن رأيت جباة صفحات الكتاب من رقم 138 إلى رقم 176 مرسوما عليها هذه العبارة (علماء الآرامية) مع أن هذه الصفحات مشحونة بتراجم علماء المسلمين وأدبائهم، وليس فيها من تراجم الآراميين ما يملأ أكثر من صحيفتين فليت شعري على أي سنة جرى في إدماج الكثير في القليل؟ لا جرم أن أرباب التراجم خافوا على تراجمهم أن تقع في غير مواقعها، ولابد أن الذين أسعفوه وقدموا إليه شيئا منها ندموا على ما فعلوه فليته تدارك الفارط واعتذر بأن هذا خطأ مطبعي!

وقال في ص145 (عبد الباقي بن مراد العمري. . . وهو أخو علي أبي الفضائل السابق الترجمة) مع أن الترجمة التي عناها وردت فيما بعد في ص 152 هكذا (علي المفتي أبو الفضائل بن مراد العمري). وفي ص 135 (وفي مبادئ القرن الثالث عشر الهجري كان للعلم في هذه البلاد قدم راسخ (كذا) بفضل المدرسة التي أسسها داود باشا الكرجي في بغداد، وكان الطلاب يؤمونها من أنحاء العراق فأكمل الكثيرون من فضلاء الموصل تحصيلهم فيها). أقول: أفكانت مدرسة داود باشا النظامية أو المستنصرية أم كانت مدرسة مألوفة كباقي المدارس؟ ثم من أين استقى كون كثير من فضلاء الموصل اكملوا تحصيلهم فيها؟ هلا ذكر لنا أسماء قليل منهم! وفي ص 218 أورد ترجمة للشيخ علاء الدين الموصلي، بصورة جافة ولم ينوه بما وقع له في حياته من الأمور البارزة: فإنه مثلا استوطن بغداد وكان ممن قرأ عليه فيها حتى أجازه، أبو الثناء الالوسي صاحب التفسير الشهير، فهذه منقبة كبيرة لصاحب الترجمة لا يحسن إسقاطها من ترجمته. وفي ص 140 ترجمة تحت عنوان (الملا جرجيس بن درويش 1140) وترجمته المدرجة في الكتاب لا توقف القارئ على كنهه: والمعروف بين علمائنا (الشيخ جرجيس أفندي الاربلي الرشادي الذي تنتهي إليه إجازات علماء الموصل قاطبة - فيما يغلب على ظني - تناول العلم من طائفة الحيدرية المشهورة في اربل، واجاز من الموصليين يوسف أفندي ابن رمضان وهو جد يوسف أفندي الذي كان أمينا للفتوى؛ وذلك أجاز علي أفندي الشهير بابن محضر باشي وهو أجاز عبد الله أفندي العمري رئيس العلماء، وهو أجاز صالح أفندي الخطيب، وهو أجاز الشيخ محسن الورع الحاج محمد أفندي ابن رضوان متع الله به وهو أجاز كثيرا من الفضلاء منهم الشيخ الفاضل عثمان أفندي قاضي الموصل الآن وأستاذي الشيخ عبد الله أفندي آل نعمة، والأستاذ رشيد أفندي الخطيب ابن صالح أفندي الآنف الذكر. فبهذا الاعتبار يكون للشيخ جرجيس أفندي الاربلي فضل كبير على أهل الموصل إن كان المترجم إياه.

وفي ص 158 (علي بن الحاج يونس الجليلي) أقول لدي كتاب مخطوط في نظم قواعد الإعراب لابن هشام وشرحه كلاهما لصاحب الترجمة إذ يقول في أوله: وبعد فيقول العبد الفقير الذليل علي ابن الحاجي (كذا) يونس بن عبد الجليل. . .) ومطلع المتن: يقول راجي عفو ربه العلي ... علي بن يونس الجليلي الموصلي الحمد لله معين الضعفا ... والشكر قلبا ولسانا وكفى وهي منظومة ركيكة لم تسلم من بوائق اللحن مشحونة بالحشو وأفانين من العيوب الشعرية ومنها قوله: اعلم بأن اللفظ (ذو) الإفادة ... سمى كلاما ذا بعرف القادة وجملة أيضاً ونعني بالمفيد ... إن لا يكون عن كلامنا بعيد وهو الذي (ما) يحسن السكوت ... عليه والقول به (مثبوت) والجملة المذكورة (!) اعم ... من الكلام وهو الأهم وفي أواخر المنظومة: إن المحققين قالوا (المهملا) لا يقع (!) في قول من جل علا. أما الذي في قول ربي فبما ... رحمة إنه كلام عظما يمكن أن يكون للتعجب ... مستفهما جيء به لا تعجب تقدير هذا فبأي رحمة ... أخي تأدب لا تقع في زلة وهذه الأبيات سخيفة علاوة على أن المذهب الذي اشتملت عليه سخيف لأنه اعتبر (ما) قائمة مقام (أي) فتكون على زعمه مضافة وهو شيء تنبو عنه العربية وفي نظري أن مثل هذا لا يستحق الترجمة لخلوه من الفائدة التاريخية. وفي ص 279 ترجم (نجيب جلبي الجميران). فأرخ وفاته بتاريخ ميلادي هكذا (1917) ثم قال: (نبت في تربة الفضل وازدهر في روضة الأدب حمل محامد المزايا وأثمر (كذا) مكارم السجايا) حتى قال: (فصار واسطة عقد الأدباء) ولم يشرح لنا حقيقة تلك التربة التي أنبتته حتى أهلته لأن يكون واسطة عقد الأدباء. وفي ص 247: (قاسم حمدي أفندي السعدي المكتوبي) والمشهور عند

أهل الموصل (ديوان افنديسي) وهو في القديم منصب يرادف منصب المكتوبي في الأخير. وكان عليه أن يذكر مهنته بلفظها الأصلي حرصا على الألقاب التاريخية. كما كان عليه أن يدرج في الترجمة خبر قتل صاحبها كما هو مدرج في الجزء الأول في الفصل الذي عقده في أخبار (محمد باشا اينجه بيرقدار. ومن ظريف الإنفاق أني راجعت هذا الفصل فانتهت بي المطالعة إلى ذكر عناية الوالي المذكور بتشييد الثكنات وسبك المدافع إذ قال في ص 313: (فعمل ما ينيف على الثمانين مدفعا واليوم يرى منها مدفعان عظيمان أمام الثكنة العسكرية. . .) والحال أن أحد المدفعين ليس من عمله بل هو من عمل الإفرنج بدليل أن على ظهره تاريخا ميلاديا مرسوما بأرقام إفرنجية لا أتذكرها والفرق بين المدفعين مع نساويهما في المقدار أن المدفع الإفرنجي أنبوبة واحدة والذي عمله الباشا مركب من أنبوبين كأن العامل عجز عن تقليد الإفرنجي وإن في الجانب السفلي من فوهة المدفع الإفرنجي كله أثر قنبلة أصابته وأطارت شظية منه وكل من المدفعين أفخم من المدفع الموضوع في باب القلعة في بغداد واحكم صنعا بخلاف ما اشتهر به عندنا في الموصل. هذا ما لاح لي أن أعقب به بعض فصول الكتاب غير منكلا ما للمؤلف من خدمة للأدب. تتمة: لي ملاحظة حول الاشتباه الواقع في اسمي قاسم أفندي آل السعدي وقاسم أفندي آل محضر باشي حسبما جاء في الملحق المدرج في ص 291 وسوف أوافى المجلة بها بعد الفراغ من تحقيق الحقيقة. بغداد: محمود الملاح 77 - كل شيء مجلة أسبوعية مصورة تصدرها (دار الهلال) بالقاهرة هذه مجلة جامعة إلى الفائدة العامة الأدب والتسلية. تنفق عليها إدارة (الهلال) بسخاء لتضمن جودة طبعها وحسن مظهرها وأناقتها. ومجلة (كل شيء) غنية عن التعريف بها لانتشارها بيننا وإنما نريد أن نعرف بمقالاتها الافتتاحية التي كثيرا ما أعجبتنا بطلاوة أسلوبها وسمو أبحاثها الفكرية والأدبية وقد عرفنا

أخيرا عن ثقة إنها من قلم الأستاذ سلامة موسى، فحيرنا ذلك الاكتشاف وسرنا معا، لأننا رأينا الأستاذ المذكور في هذه المقالات النفيسة يعلو علوا كبيرا بأسلوبه وتفكيره ونظراته، على كثير من مباحثه الأخرى التي انتقدناها مرارا بشدة حرصا على كرامة لغتنا العدنانية الشريفة، ودفعا لتهوره الذي لا نرضى به عن كاتب شهير يتصدر قيادة الجماهير. ونحن - الذين لا ننتفع من شق القلم أدنى انتفاع ونبذل مع ذلك مجهودنا بذلا خالصا لوجه العلم والأدب - لا يسعنا إلا تهنئة الأستاذ بهذا التوفيق الأدبي، ونتمنى اصدق التمني أن يواظب على هذا النهج القويم فنكون في طليعة الذين يستحسنون اسلوبه، بل من يشيدون بفضله بدلا من السخط عليه. فنوجه أنظار الأدباء إلى هذه المقالات الأسبوعية الممتعة الجزيلة الفوائد في شؤون شتى من الأدب والحياة، مما يتناول الخاصة والدهماء والرجال والسيدات على السواء ونرجو أن يوفق الأستاذ لجمع هذه المقالات الطلية في كتاب يدخر. فيسرنا حينئذ نقده والتنويه به. 78 - كتاب فوائد منزلية جمعه أمين الغريب صاحب مجلة الحارس في بيروت، طبع بمطابع قوزما في بيروت سنة 1928 في ص64 بقطع الثمن كتاب مفيد لجميع ربات البيت وعبارته سهلة وفوائده لا تنكر. 79 - الرجل الذي لا يعرفه أحد بقلم بروس برتون، ترجمه بتصرف قليل الارشمندريت انطونيوس بشير، عني بنشرة الشيخ يوسف توما البستاني، طبع في مصر سنة 1928 في 204 صفحات بقطع 12. كتاب يستطيب قراءته طبقات العوام ولا يستحسن ما جاء فيه طبقات الخاصة المنورة لما فيه من الآراء الغريبة المبتذلة التي لا توافق أن تقال عن المسيح. وفي العبارة أغلاط كثيرة لعلها من سقطات الطبع كقوله: التساؤل (ص 3) ثلاثة سنوات (4) والعب صوته في ظهور الصيارفة (6) منحدرون من إحدى التلال (8) لم ينبث ببت شفة (11) وهو يريد: التساؤل وثلاث سنوات

والعب سوطه واحد التلال (لان واحدها تل لا تلة وتل مذكر) ولم ينبس ببنت شفة إلى غيرها. 80 - الأمة سياسية علمية اقتصادية أسبوعية وصل إلينا العدد الثاني من السنة الأولى من هذه الجريدة وهو الصادر في أول أغسطس من هذه السنة مطبوعا في مطبعة جريدة الصباح بمصر فوجدناه حاملا ببحوث تفيد قراء العراق وجميع الديار العربية فنتمنى لها الانتشار وكثرة القراء. اللباب - 3 - 12 - الحكمة وفي كثير من شعر الزهاوي الحكمة كقوله ص 40: تناسيت يا إنسان إنك ميت ... وأنت من الأموات ترفع أبياتا وتمشي على الأموات في كل خطوة ... وتأكل أمواتا وتلبس أمواتا وقوله ص 41: نزلت بيتا من القبر ضيقا بذويه فنمت فوق أبيك الذي اعز بنيه كما أبوك به قبل نام فوق أبيه وقوله ص 53: ظنوا الهدى في الذي جاءوه من عمل ... وقد يكون ضلالا ما يظن هدى من لم يهذبه علم في شبيبته ... فانه لا يلاقي بعدها رشدا وقوله: لو قدروا الأمر ما ثارت عجاجتها ... ولا شكت عينهم من خوضها الرمدا هذا جزاء امرئ قد كان في سعة ... من المعيشة إلا إنه كندا واسعد الناس من قد كان معتزلا ... يلازم الظل في اليوم الذي صخدا قد افلح المتروي في عزيمته ... وكل قصد إذا زال الضلال هدى وقوله ص 203: ومن حاد عن نهج الحقيقة لم يعش ... ومن لم يدار الدهر ناصبه الدهر

وقوله ص 204: لا تأمن الذئب مهما كان ذا دعة ... فالذئب إن يلق يوما فرصة يثب وقوله ص 364: ليس ما تبصر العيون بأبقى ... روعة مما تسمع الآذان وقوله ص 185: أرى الناس فوق الأرض إلا اقلهم ... قد اختلفوا عقلا ورأيا وإحساسا ومن قاس هذا فيما يرونه ... على نفسه يوما فقد جهل الناسا وقوله: وما الأرض بين الكائنات سوابحا ... سوى ذرة مقذوفة صغرت حجما وأنت على الأرض الحقيرة ذرة ... تحاول جهلا أن تحيط بها علما وقوله: تدوم حياة المرء والمرء أحمق ... فليس للب المرء في تلك من دخل إلى الناس جاء العقل آخر آخر ... وقد عاش قبل الناس خلق بلا عقل وقوله ص 188: ابل الرجال على اختلاف أولا ... ثم انتخب منهم على استحقاق عاشر أناسا بالذكاء تميزوا ... واختر صديقك من ذوي الأخلاق وقوله ص 189: العقل بحاث يطالب أهله ... بدلائل والدين غير مطالب العقل جاء مقررا لحقائق ... والدين جاء ممثلا لرغائب وقوله ص 190: أني أرى الناس بالأخلاق قد سبقوا ... وتلك باقية فيهم إلى حين ولا ثبات لأخلاق بلا سند ... من العواطف والمعقول والدين وقوله ص 191: قد اوهموا أنهم في كل ما فعلوا ... يدافعون عن الأوطان والدين وفي السياسة للألفاظ مقدرة ... ليست على سامعيها للبراهين وقوله:

لقد علمت لو أن العلم ينفعني ... من طول ما جئت قبلا ادرس الناسا إن الجماعة دون الفرد معرفة ... وفوقه بصروف الدهر إحساسا وقوله ص 192: ما زال للمرء لذات عيشته ... رضى وللمرء من آلامه برم لم يعرف المرء في كل الحياة سوى ... حقيقتين هما اللذات والألم وقوله: من اطمأن بدين كان يرضعه ... فليس يسمع تأنيب البراهين وليس يقبل في دين معارضة ... إلا الذي هو في شك من الدين 13 - الفلسفة وليس بين الشعراء الأقدمين والمحدثين من كثرت الفلسفة فيشعره كثرتها في شعر الزهاوي ونحن نكتفي بهذه النماذج فمنها قوله ص 52: وحدة في الوجود بالرغم عما ... وضعوه من كثرة الأسماء ليس يفنى فيما علمت من الأشياء ... إلا ظواهر الأشياء وقوله: ربما تظهر الحقيقة بيضا ... ء لنا من تصادم الآراء وقوله: أن أرضا تمشي عليها وئيدا ... كرة قد تدحرجت في السماء وقوله: ولقد جئت بالحقائق أشدو ... وتركت الخيال للشعراء وقوله ص 112: الشمس اجمل شيء ... شاهدته في الطبيعة تجر وما غير دفع ... من الأثير ذريعة والأرض للشمس في سع ... يها الحثيث تبيعه وما المجرة إلا ... من الوجود وشيعه وما الكواكب فيها ... إلا شموس رفيعة تجري حثيثا من ال ... دفع في سماء وسيعة وأنها حين تجري ... بطيئة وسريعة وقد تصادم شمس ... أخرى فيا للفجيعة (لم يتم)

ديوان العقاد - 6 - وقال من قصيدة (تبسم) ص 170: تبسم فإن القلب يسعد بالذي ... سعدت به واضحك وغرد وخاطر (خاطر) أمر من خاطر بنفسه بمعنى أشفاها على خطر فيه هلك اونيل ملك وهو لا يناسب قوله (واضحك وغرد). ومن العجيب أن الأستاذ يوصي الشعراء بالوحدة في القصيدة وهو لا يلتزمها في البيت الواحد. وقال ص 171: ويعجبنا أنا نرى فيك معجبا ... مدلا على الأيام إدلال ظافر يعجب الأستاذ رؤيته حبيبه معجبا فهو بنفسه. وقال: فيا قرب ما بيني وبينك في الهوى ... ويا بعد شقي دارنا في الخواطر نعرف مكان هذا القرب والبعد في البيتين قبله وهما: وتضحك والأتراح حولك جمة ... تخافك خوف الجن رجم الزواهر وتبكي وأفراح الحياة كثيرة ... يحاذرننا من حولنا كالطوائر أما القرب فلا قرب بين من يضحك والأتراح حوله جمة ومن يبكي والأفراح تتطاير حوله من الحذر. وإما البعد فنعم ولكن لا في الخواطر لانا نستبعد أن لا يمر بخاطر الأستاذ من يتكلف نظم هذه القصيدة فيه وقال: طوى الحب ما بيني وبينك من مدى ... فنحن قرينا موطن متجاور ولا يقول هذا البيت من يتذكر ما قاله قبله (ويا بعد شقي دارنا في الخواطر) وقال: أيا من رأى صبحا وليلا تلاقيا ... وألفين من صفو وشجو مخامر إن كل صبح هو وقت تلاقي الليل والنهار وهذا يراه كل أحد كل يوم فما سؤاله؟ (أيا من رأى صبحا وليلا تلافيا) ونسكت عن الألفين من صفو وشجو لئلا نفتح بابا للجدل في جواز اجتماعهما وعدمه. وقال: لئن تخش مني الليل صعبا مراسه ... لقد بت أخشى منك شمس الهجائر تكون هذه الخشية في الليل وفي النهار وإما في الصبح والمساء فلا ليل صعب

المراس ولا شمس الهجير فلينعما بهذين الوقتين. وقال: فيا لي من ليل بحبك موثق ... وثاق الضواري في كناس الجاذر إذا كان حبيبه يعرف أن الليل منه يوثق وثاق الضواري فلا وجه لخشيته إياه ولاسيما إذا كان على الصفة التي يصف نفسه بها في قوله: تطالع منه الهول سهلا مقاده ... رخاء غواشيه شجي الزماجر وقد لا يرى الحبيب في هذا الضاري غير البلبل المغرد وقال: ويا رب مرهوب السطا وهو مطلق ... إذا كف أضحى متعة للنواظر ولم يجيء السطا جمع سطوة وقد ذكرنا ذلك من قبل و (كف مبنيا للمجهول - كما شكله - بمعنى جمع وضم ودفع فكأنه يقول كثير الضواري مثلي فهي المرهوبة السطوات عندما تكون مطلقة فإذا منعت عن الأضرار يسجنها في الأقفاص كانت متعة للناظرين. ونحن لا يسعنا في هذا المقام غير القول إنه أعرف بنفسه وقال: أنا الليل فأطرقني على غير خشية ... ولج باب أحلامي وجل في حظائري ولا احسب أن حبيبه ينخدع فيطرقه وهو ذلك الليل الموثق وثاق الضواري. ألا يحتمل أن يقطع وثاقه فيكون مطلقا مرهوب السطو فيا رب سلم. وقال ص 172: وسر حيث يخشى غيهب الليل نفسه ... وتعثر بالظلماء ظلماء كافر يريد من حبيبه أن يطرق الليل منه على غير خشية فيسير حيث يخشى غيهب الليل نفسه وحيث الحبيب بالظلماء. أيظن الأستاذ حبيبه عنترة العبسي حتى لا يخشى كل هذا؟ وقال: لتعلم ما الدنيا إذا غال غولها ... وأنت أمين من طروق الدوائر وتعلم أن الشمس تكذب قومها ... إذا حدثتهم عن خفي وظاهر فكم بين لآلاء الضحى من مناظر ... طوتها يد الأحداث عن كل ناظر يقول إذا طرقتني وأنا الليل الموثق المرهوب السطوة كالضاري المكفوف ضرره علمت ما هي الدنيا وعلمت أن الشمس لا تظهر كل شيء فكم بين لآلاء الضحى من مناظر دموية أخفتها يد الأحداث عن الأنظار وكان الأحرى أن يخشى النهار وهو أنت أيها الحبيب أكثر من الليل وهو أنا. وقال:

أنا الليل والسحر القدير أخو الدجى ... قديما فعاهدني ألست بساحر (قوله والسحر القدير أخو الدجى) استئناف وقال مؤيدا ما عند حبيبه من سحر: ألست ترينا حسن وجهك مفردا ... على حين إشراق الوجوه السوافر فهذا هو السحر!!! وقال: ألست ترينا القفر جنات رحمة ... إذا شئت والجنات شبه المقابر وهذا السحر أيضا!!! وقال بعد بيت: ويا ساحر ما السحر إلا ابتسامة ... تشب بها روحي وتطفئ ثائري وإذا كانت الابتسامة وحدها السحر كما يفهم من الحصر فأين ما نسبه إلى ساحره من السحر قبل هذا البيت؟!! ولما كانت الابتسامة هي السحر فلا بدع في جمعها المتناقضين (تشب بها روحي وتطفئ ثائري!!!). وقال: تبسم ألا يرضيك أن ابتسامة ... بثغرك أمضى من صروف المقادر بلى وربك يرضيه رضا فاحشا وأنت لا تراه بعد هذا إلا مبتسما!!! وقال: وان السماوات العلى لا تنير لي ... طريقا ولكن أنت تهدي ضمائري ليست السماوات العلى بما فيها من شمس وقمر وكواكب هي التي تنير طريق الأستاذ العاشق ولكن الذي يهدي ضميره الذي هو بمثابة ضمائر هو جبين حبيبه وليس هذا من ساحر ببدع ثم تأتي أبيات على نمطه. وقال: وأنت إلى لهو الطفولة مرجعي ... ولن يستطيع الدهر إرجاع غابر يريد فأنت أقدر من الدهر وهذا من السحر أيضا!!! وليس حصره السحر قبل أبيات في الابتسامة منافيا لفحوى هذا البيت!!! فلعل الحبيب مرجعه إلى عهد الطفولة بالابتسامة نفسها! وأنا اصدق الأستاذ في إرجاع حبيبه إياه إلى عهد الطفولة فإن مثل هذه الأفكار لا تصدر إلا من طفل. وقال: فلا تبتعد عني فانك راجع ... متى تبتعد عني بصفقة خاسر لا يحذف جواب الشرط في الفصيح إلا إذا كان الشرط ماضيا فكان الأولى أن يقول (متى ابتعدت عني). وقال: إذا شاركوني في هواك فما لهم ... سروري بما أصفيتهم وتباشري

أتراه يريد إنه مسرور بما أصفى حبيبه شركاءه في هواه من مودة. وقال ص 173: تبسم وقل أني أنا الرائش الذي ... أصاب الأسى في حصنه المتعاسر يريد أن تبسمك كالسهم يصيب الأسى في صدره الذي هو كالحصن العسير ولاشك في أن مثل هذا السهم إذا أصاب الأسى - والإصابة مضمونة - قتله في حصنه! ولكن كيف يوفق الأستاذ بين بيته هذا وبين ما تقدم له في القصيدة نفسها من قوله: تبسم ألا يرضيك أن الابتسامة ... بثغرك أمضى من صروف المقادر أليست الابتسامة التي هي أمضى من صروف المقادر تبعث الأسى وهو الذي زعم إنها تقتله؟ وقال: وإلا فإن أبلغ من الشقوة المدى ... أمنت فلا شيء على الأرض ضائري يريد وإن لم تبسم فتقتل الأسى في صدري بلغت غاية الشقوة وإذا بلغت غاية الشقوة أمنت من كل أسى فلا شيء على الأرض ضائري فان اليأس إحدى الراحتين. وقال: ألف على قلبي المهيض غيابة ... أوائلها معقودة بالأواخر أودع الأستاذ بيته هذا صنعة حسن الختام فأتى بكلمة (الأواخر) في آخر كلمة من آخر بيت من القصيدة وسر بما روح ابن حجة في قبره! وقصيدته (حسبي) ص 173 من اجمل الشعر لولا البيت: ومن تسر الفؤاد رؤيته ... إذا اتقى معجبا ومحتقرا وقال من قصيدة (المغنم المجهول) ص 175: وجرى غرامك في دمي فتوهجت ... قطراته فهو الحميم الفائر وأنا أعلم أن الحيوانات اللبونة كلها من ذوات الدم الحار سواء جرى الغرام في دمها أم لم يجر. وقال: وشغلتني عما يحب كأنما ... هذا الوجود على جمالك دائر في الوجود ما يحب وما يكره فهل يدور ما يكره أيضاً على جمال حبيبه. وقال: ونسيت فيك الخلق فهو كأنه ... لما يصوره الآلة الفاطر

يدعي الشاعر إنه نسي في حبيبه الخلق كأن الله لم يصوره إلى الزمن الذي نظم فيه القصيدة وهو يتكلم فيها عن أشياء تدل على إنه لم ينس الخلق كالدمية والقريض والنجم والزهر والليل واللب والنيران والنور والعاشقين والعنقاء إلى غير ذلك. وقال: لازمتني في غفوتي وتسهدي ... طيف يساور أو سواد عابر وكان عليه أن يقول طيفا يساور أو سوادا عابرا على الحالية ولكن القافية مرفوعة فاضطرته أن يحيد عن سنة الفصاحة. وقال ص 176: أمسي واصبح ما بقلبي جانب ... مني وفيه لك الجناب العامر إذا كان الجناب العامر من قلبه لحبيبه ولم يكن من قلبه جانب له فلمن هذا الجانب غير العامر؟ وقال: فإذا صحوت فأنت أول خاطر ... وإذا غفا جفني فأنت الآخر كان الأولى أن يقول (وإذا غفوت فأنت أنت الآخر) ليناسب قوله في الشطر الأول (فإذا صحوت). وقال: أو يعبد الإنسان واعجبا له ... حبا وما هو بالعبارة شاعر كالدمية الحسناء تعبدها وس ... يان المسبح عندها والكاسر قوله (واعجبا له) حشو وفي تشبهه حبيبه بالدمية التي يتساوى عندها المسبح باسمها والكاسر لها ما يحط من كرامة هذا الحبيب فهو جامد لا يستحق الحب. وقال: لحسبت لو أني كلفت بدمية ... كلفي به لدرت بما أنا ساتر والانكى بكلفه كما يزعم بخلاف الحبيب فإنه يجهر له بحبه وهو لا يفهم فما أبلده! وقال: ولرب فيها والحياة من الهوى ... روح وانطقها القريض الفاخر ولكن قد لا يكون القريض فاخرا فلا ينطقها. (له بقية)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - ملكنا المزارع أقام صاحب الجلالة ملكنا المحبوب في مساء الأربعاء 1 آب (أغسطس) في الحارثية (مزرعته الملكية) حفلة زراعية زادت حبه في قلوب أمته واتباعه فقد دعا إليها جمهورا من المزارعين واعيان الحاضرة وفي مقدمتهم جلالة أخيه ملك الحجاز علي وفخامة رئيس الوزراء والمعتمد السامي وأصحاب المعالي الوزراء وبعض المستشارين والغاية من ذلك تأليف جمعية زراعية على الأصول العصرية لإحياء الزراعة في العراق وتحسين نتاجها والإرسال به إلى أسواق العالم. وخطب في هذه الحفلة صاحب الجلالة نفسه خطبة بديعة وفي الموضوع حقه وتلاه معالي رشيد عالي بك الكيلاني ومعالي حمدي بك الباجه جي. ثم نهض جلالة ملكنا المحبوب واخذ سجلا وقال: (اطلب إلى الحاضرين الكرام أن يسجلوا أنفسهم في هذا السجل إذا كانوا موافقين على أن نكون وإياهم مؤسسين لجمعية الزراعة التي تكلمنا عنها. ويشهد علينا هنا أخي وفخامة المعتمد السامي فإذا فشلنا لم يبق لنا حق في الادعاء بكيان زراعي وإذا اجتهدنا وسعينا ونجحنا نكون قد خدمنا البلاد أعظم خدمة، وعملنا على إسعادها. ثم أخذ جلالته السجل ووقع عليه ما هذا نصه: أريد أن أسجل نفسي هنا كأحد أفراد الجمعية وسنجتمع يوما آخر لدرس القضية ومداولة الأفكار وإقامة الهيئات المنفذة. وهذا الاجتماع يكون في البلاط في الساعة الثامنة من نهار الاثنين المقبل (6 أغسطس) ثم انفض هذا الجمع الحفل. 2 - الجمعية الزراعية في البلاط الملكي دعا صاحب الجلالة الملك المعظم لفيفا من كبار المزارعين إلى بلاطه العامر في الساعة الثامنة ونصف زوالية من صباح 6 آب (أي أغسطس) وقد حضر الدعوة جلالة الملك علي وفخامة رئيس الوزراء وأصحاب المعالي الوزراء وكانت الغاية من هذه الدعوة إحياء

الجمعية الزراعية وجعلها صالحة لخدمة البلاد خدمة صادقة. وقد خطب في أهمية هذه الجمعية وما يجب أن يقوم به من إحياء زراعة البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك نفسه وفخامة رئيس الوزراء ومعالي وزير المالية. وأقيمت عمدة لإدارة الجمعية الزراعية من الأفاضل الآتية أسمائهم: المعتمد: معالي رشيد عالي بك الكيلاني. المحاسب لطائف أفندي معاون مدير البنك العثماني. الأعضاء: معالي حكمت بك سليمان وفخامة ياسين باشا الهاشمي وحضرة عزرا مناحيم أفندي وحضرة عبد الهادي ابن السيد عبد الحسين جلبي وحضرة يعقوب أفندي نعوم سركيس. وقد تقرر أن يكون رسم الانتماء إلى هذه الجمعية 50 ربية. أما التبرعات لهذه الجمعية فقد جعلت حرة. وقد تبرع صاحب الجلالة الملك لهذه الجمعية ب 1450 ربية وتبرع جلالة الملك علي لهذه الجمعية ب 450 ربية. كذلك تقرر أن تنظر عمدة الإدارة المذكورة في أمر تعديل نظام الجمعية الزراعية السابق. 3 - فتح خزانة الأوقاف في عصر الجمعة 27 من تموز (يوليو) هذه السنة فتح جلالة ملكنا المعظم خزانة الكتب التي جمعتها وزارة الأوقاف من بعض جوامع بغداد وتشتمل على ثماني خزائن وهي خزانة جامع مرجان وجامع الكهية والتكية الخالدية ونائلة خاتون والرواس والباجه جي والسليمانية. فاغلب هذه المصنفات من مخطوطة ومطبوعة (وعددها زهاء 5000 ونحو ثلثيها مخطوط) في موضوع الدين والفقه والنحو وشيء من اللغة. وانشد في هذه الحفلة قصيدتان إحداهما للأستاذ الرصافي والثانية للأستاذ البناء وارتجل حضرة صديقنا عبد اللطيف جلبي آل ثنيان خطبة صغيرة كلها فوائد ونكت ووخزات دقيقة نافذة إلى أقصى النفوس ومن جملة ما قال فيها: (اذكر نبذتين عن شاهدي عيان: الأولى إن الكتب الخطية بيعت في السوق بعد الطاعون الأكبر أي قبل مائة سنة تامة كل شكبان بشاميين أي بربيتين ونصف. والثانية كان في جامع الحيدر خانة صحاح الجوهري بخط امرأة وكان الخط جميلا. تقول كاتبته مريم بنت عبد

القادر في أواخر القرن السادس للهجرة: أرجو من وجد فيه سهوا أن يغفر لي خطاي لأني كنت بينما اخط بيميني، كنت أهز مهد ولدي بشمالي وقد اغتيل هذا أيضاً. (وبقي الأمر مهملا طول مدة حكم العثمانيين ولا لوم عليهم لأن الأتراك لم يكونوا يعلمون عن بغداد إلا إنها بعيدة عنهم. . . (وبعد أن تسنم سيدنا الملك المفدى عرش العراق فكر أحد وزراء الأوقاف وهو عبد اللطيف باشا المنديل بإنشاء خزانة يجمع فيها شتات المصنفات المبعثرة في الجوامع وإضافة ما يمكن أضافته إليها وبادر للعمل وباشر تشييد هذه البناية (في باب الاغا) التي نحن فيها فانحلت الوزارة قبل إتمامها. . . وبقيت العمارة غير كاملة للقيام بالمطلوب. حتى قيض الله لهذه الوزارة معالي الوزير الحالي (الشيخ أحمد الشيخ داود) فوعد بإنجازها وأنجز ما وعد لأن الوعد على الحر دين. (وقد قامت بوجهها عقبات فلم يعبأ بها وهو عازم على إتمام الفكرة القديمة يجلب ما يلزمها من التآليف النافعة المفيدة في ظل حامي العلم جلالة الملك فيصل الأول). 4 - من آثار دار التحف في بغداد كتب عبد القادر أفندي أمين المتحفة العراقية مقالا في جريدة (العالم العربي) بين فيه ما دخلها في هذه السنة من العاديات. وهذا بعض ما قال ندرجه بحرفه: (إن من جملة هذا الآثار ما هو على شكل أوراق شجر وشريط وأقراط وحلقات وخرز وأقداح مكتوبة ذهبية وراس أسد فضي، وراس ثور نحاسي من أبدع ما يكون، وقارب فضي طوله تقريبا ثمانون سنتميترا، وخرز ذهبية ولازوردية وعقيقية وغيرها. وقد شوهد على بعض الجماجم البالية المستحيلة ترابا قسم من هذه الأوراق والخرز والحلقات والشرائط الذهبية، وعلى ذلك تخيل بعض العلماء وضع تاجا مركبا من أشكال هذه الآثار وركب هذا التاج على رأس صورة امرأة صناعية تشبه نساء ذلك العهد فأخذت المجلات المصورة في لندن وغيرها من الممالك صورة هذا التاج الخيالي الموضوع على الرأس الاصطناعي وطبعته في صحائفها. على أن في المتحف العراقي من هذه الآثار ما يركب منه تيجان كثيرة، لا تاج واحد.

نعم وجد في هذه المقبرة الملوكية تاج من ذهب على شكل الخوذة من أبدع ما يكون من نفاسة الصنعة وهذا أيضاً من جملة ما أخذه المتحف العراقي. وهذا التاج هو مخصوص للأمير السومري (مس كلام دوك) كان يستعمله ويضعه على رأسه عندما كان يدخل المعبد للصلاة. . .) أهـ. 5 - الشورى في الحجاز نشرت صحيفة (أم القرى) في عدد قريب أمرا ملكيا بتنظيم (مجلس الشورى) في الحجاز، ومهمة هذا المجلس النظر في ما يأتي: (1) ميزانيات دوائر الحكومة والبلدية وعين زبيدة (2) الرخص للشروع في حل مشروعات اقتصادية (3) الامتيازات والمشروعات المالية والاقتصادية (4) نزع الملكية للمنافع العمومية (5) الزيادات التي تضاف إلى ميزانيات الدوائر الحكومية في بحر السنة (6) النفقات التي تعرض لدوائر الحكومة في بحر السنة إذا زادت عن مائة جنيه (7) قرارات استخدام الموظفين الأجانب (8) العقود مع الشركات أو التجار لمشترى أو مبيع لوازم دوائر الحكومة إذا زاد المبلغ عن مائتي جنيه. 6 - موسم السياح في مصر تقول صحيفة (البلاغ) المصرية أن الأخبار الواردة من الخارج على لجنة تنشيط السياحة في مصر تدل على أن موسم السياح القادم سيكون عظيما جدا وأطول مدة من كل المواسم السابقة وقد يطول إلى شهر آب (أغسطس) من العام المقبل، إذ سيمر بمصر في أوائل يوليو (تموز) عام 1929 أعضاء وفود البلاد المختلفة في طريقهم إلى بريتورية عاصمة الترنسفال لحضور المؤتمر الجغرافي الذي سيعقد هناك ابتداء من 29 يوليو سنة 1929م. 7 - ما بين الأفغان وروسية وذكرت (البلاغ) أيضاً أن المعلومات الواردة من مصادر بريطانية تفيد أن الحكومة الأفغانية أرسلت أخيرا إلى روسية رسميا تخبرها بأنها عدلت عن مشروع مد طريق من كابل إلى الحدود الروسية، كما قررت أن تهمل مشروع تأسيس خدمة جوية بين كابل وطاشقند ودعيت الحكومة الروسية إلى استرجاع خبرائها ومهندسيها الذين كانت قد أرسلتهم إلى عاصمة الأفغان لهذا الغرض. وقيل أن هذا التصرف أحدث في موسكو تأثيرا شديدا، وقد عزوه إلى ضغط الحكومة البريطانية على الملك الأفغاني ودعوته إلى فعل ما فعل.

8 - وفاة محمد سعيد باشا ومن نال هذا الموت من بعد سيرة تطيب طوال الدهر فهو سعيد نعت أنباء مصر أحد ساستها العظام المغفور له صاحب الدولة محمد سعيد باشا في يوم الجمعة العشرين من يوليو (تموز) سنة 1928 بثغر الإسكندرية وقد كان لموته رنة أسف عظيم لأنه كان معدودا من أقطاب رجال الشعب ومن أخلص أنصار حريته وإن تنحى عن السياسة في السنتين الأخيرتين. واليه يرجع الفضل الأول في ثبات (جمعية العروة الوثقى) التي تؤدي خدمات علمية وصحية وتهذيبية جليلة للشعب المصري. وقد عد سعيد باشا مثالا للنبوغ المصري النادر في جميع وظائف الحكومة التي تقلب فيها ما بين نيابة وقضاء ووزارة، وعاش ومات مهوب الجانب يضرب المثل به في رجاحته وكفايته وإبائه. رحمه الله رحمة واسعة، وعوض لإخواننا المصريين عنه خيرا، وإن تكن خسارتهم فادحة. 9 - مطر في الموصل اشتد الحر في الموصل كما في سائر مدن العراق وفي 31 تموز (يوليو) تكاتفت الغيوم وأمطرت السماء مدة ساعة أو أكثر فاعتدلت حالة الجو. وانحدار الغيث في مثل هذا اليوم أمر غريب في ديار العراق. 10 - مات من الريح السموم غادر أحد المسافرين الموصل في صحة تامة وبينما كان ينحدر إلى الحاضرة هبت ريح سموم أودت بحياته. فمات عند وصوله إليها في المستشفى ولم تفد المعالجة. 11 - تعداد أغنام شمر والحديديين قضى حضرة قائم مقام لواء الموصل أربعة أيام ابتداء من 21 شباط في مقر قبائل شمر والحديديين وجال بين عشائر (نجمة) و (خنزيرات) و (شرقاط) و (حاوي شوبش) و (فتحة). وأراضي (الزبيدي) مراقبا شؤون تعداد غنم هذه العشائر مساعدة للوائي الدليم وبغداد في أمر التعداد ومنع تهريب الغنم من لواء إلى لواء. 12 - مخمور لا الكوير صدرت الإرادة الملوكية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء الذي قضى بأن يبدل أسم قضاء (الكوير) التابع للواء اربل باسم قضاء (مخمور)، ومخمور أسم ناحية من نواحي القضاء المذكور.

العدد 64

العدد 64 - بتاريخ: 01 - 10 - 1928 سامرا في التاريخ لا جرم أن الذي أسس سامرا وبناها هو الخليفة العباسي المعتصم بالله (المولد سنة 180 في العاشر من شعبان الذي يوافق 18 تشرين الأول من سنة 796م والمتوفى في 17 ربيع الأول سنة 227هـ الموافق 7 من كانون الثاني سنة 841م) كما أوضحه المؤرخون واتفق عليه الرواة. أما أسم المدينة فليس من وضع المعتصم نفسه، بل هو قديم في التاريخ فقد ذكره المؤرخ الروماني اميانس مرقلينس الشهير (الذي ولد في سنة 320م وتوفي في سنة 390م) بصورة (سومرا ونوه به أيضاً زوسيمس المؤرخ اليوناني (من أبناء المائة الخامسة للمسيح) صاحب (التاريخ الروماني) بصورة (سوما ويظن أهل النقد من أبناء هذا العصر أن سقط من آخر الاسم حرفان والأصل سومرا وورد في مصنفات السريان (شومرا) بالشين المنقوطة. وعرفها إبن العبري باسم السامرة (كذا) وهذه عبارته: (فلما جدوا (أي الناس في زمن بناء برج بابل) في ذلك بأرض شنعار وهي السامرة. . . قلت (نمرود بن كوش) راصفي الصرح بصيدة. . . (راجع كتابه

مختصر الدول ص 19 من طبعة اليسوعيين في بيروت) والغلط ظاهر). أهـ. إذ ليست (السامرة) في بلادنا بل في فلسطين لكن مجانسة اللفظ الواحد للآخر خدعته فقال ما قال. مع أن ابن العبري من أبناء العراق. وما كان يحسن به أن يركب متن هذا اللفظ؛ ولهذا لا تنسبه أليه، بل إلى الناسخ، ولاشك في أن الأصل كان كما نقول. أما الكلمة فليست بعربية صرفة وإن ذهب إلى هذا الرأي كثيرون من المؤرخين والكتبة واللغويين؛ وذلك لعتقها على ما أوضحناه وهي عندنا من أصل سامي قديم ويختلف معناها باختلاف تقدير اللفظة المصحفة عنه. فإذا قلنا أن اصلها (شامريا) فمعناها الله يحرس (المدينة) أو بعبارة أخرى (المحروسة). وإن قدرنا اصلها (شامورا) بإمالة الألف الأخيرة فمعناها (الحرس) أي منزل الحرس، أو موطن الحفظة بتقدير حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه وهو كثير الورود في جميع اللغات السامية. وعليه نعتبر قولهم أن سامرا تخفيف (سر من رأى أو ساء من رأى) من قبيل الوضع ولهذا لم يقبل أحد من المستشرقين هذا الرأي وعدوه في منتهى السخف. أما كاتب مقالة سامرا في معلمة الإسلام فيذهب إلى إنها من أصل إيراني. والظاهر إنه لا يعرف شيئا من اللغة الإيرانية أو العبرية أو الارمية أو العربية حتى قال هذا القول. ثم إن صاحب المقالة المذكورة لم يبحث عن هذا الموضع في كتب الأقدمين من رومان ويونان وسريان. مع انهم احتلوه وذكروه في مصنفاتهم. فلا جرم أن المقالة المذكورة في معلمة الإسلام ناقصة نقصا لا ينكر وغير صالحة لأن تكون في ذلك الموضع. وكنا نود أن يكتب تلك المقالة العلامة هرتسفلد لأنه درس تلك المدينة، أحسن درس، لكن الوقت لم يسمح له يومئذ بكتابتها. إذ وضع لها أربعة كتب، ألف الأول منها في سنة 1907، والثاني في عام 1914، والثالث في ربيع 1921، والرابع في صيف 1922 مما دل على مقام الرجل الفذ من التحقيق والتدقيق في المسائل التاريخية والأثرية. ومن أراد الوقوف عليها فليطلب أسماءها في معلمة الإسلام.

الشيخ فخر الدين الطريحي

الشيخ فخر الدين الطريحي تمهيد في أسرته آل طريح بيت علم وفضل وأدب وتقى في النجف، ومن أقدم أسرها وأشهرها وأعرقها في المجد والسؤدد، إذا عد رجال العلم والإصلاح حتى الآن لا يعرف بيت في النجف اعرق منه في المجد والفضل والشرف. ينتهي نسب هذه الطائفة إلى حبيب بن مظهر الأسدي الذي استشهد مع الإمام الحسين (ع) في واقعة كربلا المشؤومة. وسموا بجدهم (طريح النجفي). قطنت أسرة آل طريح العريقة في الشرف من عهد القرن السادس الهجري في النجف الأشرف وكانت لهم سدانة المشهد العلوي والولاية العامة في النجف في القرن الثامن الهجري، كما نصت على ذلك كتب آثار علمائهم ومؤرخيهم وغيرها. ولديهم صكوك وسجلات مطلاة بماء الذهب، فيها تواقيع الملوك الصفوية وغيرهم من أمراء العراق في ذلك العهد. وأول من هبط النجف من أجدادهم على عهد (الدولة المزيدية) التي قامت في القرن الخامس الهجري بضواحي (الحلة الفيحاء) بعد أن انتقل من الفرات الأوسط (الشيخ داود الاسدي) وحينما هبط الشيخ

داود النجف خطط هو وأقرباؤه ساحة كبيرة اتخذوها مسكنا لهم في الجهة الشرقية من مشهد الإمام علي بمحلة تسمى اليوم البراق على مقربة من (جبل النور) واختار منها جامعا وهو الجامع المعروف حتى الآن (بجامع الطريحي). وقد نبغ من هذه الأسرة فريق كبير من العلماء والأدباء والشعراء ما لا يحصون عدا لكثرتهم. وقد طبقت شهرتهم الآفاق. وخدموا العلوم والفنون والآداب العربية خدمات جليلة تذكر فتشكر. كما تشهد بذلك آثارهم الموجودة في أيدينا على اختلاف مواضيعها وأساليبها. وقد استمر فيهم العلم حتى القرن الرابع عشر الهجري. وأشهر من نبغ من أساطين علماء هذه الطائفة في القرن الحادي عشر الهجري الإمام العلامة الشهير الشيخ فخر الدين الطريحي. نسبه هو فخر الدين ابن الشيخ محمد علي ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ علي ابن الشيخ أحمد ابن الشيخ طريح ابن الشيخ خفاجي ابن الشيخ فياض ابن الشيخ حيمة ابن الشيخ خميس ابن الشيخ جمعة ابن الشيخ سليمان ابن الشيخ داود ابن الشيخ جابر ابن الشيخ يعقوب المسلمي العزيزي المنتهي نسبه إلى حبيب بن مظهر (وزان مقدم) الاسدي صاحب الإمام الحسين عليه السلام. مولده ولد الشيخ فخر الدين في النجف سنة 979هـ في حجر والديه ذوي الفضائل وفيها نشأ مثال النزاهة والكمال ونال ما نال من العلوم العربية والأخلاقية والدينية والرياضية وغيرها. ومن مزاياه الخاصة إنه ما تناول فنا إلا أحرز فيه ملكة وبحث فيه وكتب وألف وصنف وأبدع. مجمل أحواله كان الشيخ فخر الدين أمام المصنفين. وجهبذا من جهابذة الحكماء واللغويين سار ذكره سير المثل. وضربت له آباط الإبل. وهو العالم المحقق، والمحدث

المدقق، واللغوي الشهير، والفقيه الذائع الصيت، والأصولي المعتبر، والكاتب المتضلع، والشاعر الحي الشعور، اتفق على فضله وغزارة علمه جميع العلماء على اختلاف طبقاتهم ومذاهبهم ونحلهم. أخلاقه لا تستطيع براعة الكاتب أن تترجم أخلاقه الحسنة. وصفاته المستحسنة وسجاياه الحميدة، ومزاياه المجيدة أكثر مما ترجمت عن أخلاقه ومحاسنه الكتب المنشورة لأساطين العلماء ممن عاصره وتأخر عن عصره. زهده وورعه وتقواه كان جليل القدر عظيم الشأن على جانب عظيم من حسن الخلق ورزانة العقل وكرم الطباع وشرف النفس ولين الجانب. اعبد أهل زمانه وأورعهم ويكفيك شاهدا على ذلك ما ذكره عنه معاصره صاحب (رياض العلماء) الميرزا عبد الله أفندي المتوفى سنة 113هـ وغيره من المترجمين لأحواله ممن عاصروه قال في رياض العلماء انه: (كان قدس سره اعبد أهل زمانه وأورعهم واتقاهم. ومن تقواه إنه ما كان يلبس الثياب التي خيطت بالابريسم. بل كان لباسه القطن) إلى أن قال: (وكان هو وأولاد أخيه الشيخ جمال الدين وبني عمومته وأقربائه كلهم علماء صلحاء أتقياء زهادا أبرارا. قراءته الدرس قرأ الدرس على عمه العلامة الشيخ محمد حسين وعلى من كان معاصرا لعمه من العلماء الفحول. روايته وسماعه الحديث إن للشيخ فخر الدين الرواية عن الشيخ العلامة محمد بن جابر النجفي عن الشيخ محمد بن حسام الدين الجزائري عن الشيخ البهائي.

من اخذ عنه أخذ عنه الشيخ الشهير محمد باقر العلامة المجلسي صاحب البحار. والسيد هاشم بن سليمان المعروف بالعلامة والحر العاملي صاحب الوسائل

وابن أخيه الشيخ حسام الدين صاحب كتاب) جامع الشتات في فروق اللغات والتمييز بين مفاد الكلمات) وغيرهم مما لا يسع المقام ذكرهم. مغادرته العراق غادر العراق إلى مكة المشرفة سنة 1062هـ وقد ألف عدة كتب في أثناء سفره إلى الحجاز وقد عرج من الحجاز على فارس لينتجع العلم. وطاف فيها تطواف المعتبر المستفيد وأقام في عاصمتها آنئذ اصفهان برهة من الزمن وكانت له اليد الطولى في نشر اللغة العربية وآدابها في ديار إيران وذلك بما بحث وكتب وألف وصنف. مؤلفاته وللعلامة الشيخ فخر الدين تآليف نفيسة عديدة، ومصنفات جليلة مفيدة، يقصر ابرع كاتب، وابلغ يراعة عن وصفها حقيقة. وكان يجري مترسلا في مؤلفاته لدى اغمض المباحث وأعضل المسائل. وكل مصنفاته تشهد له بعلو كعبه وتضلعه من العلوم والمعارف منها: كتاب (مجمع البحرين ومطلع النيرين) في اللغة الغربية والحديث وهو من أحسن ما كتب على نهج ابن الأثير وقد ألفه في أوان توجهه إلى بلاد فارس وهو مجلد ضخم طبع في فارس غير مرة وعليه مدار العلماء والمؤرخين وأهل الأدب واليه ترجع في معضلات المسائل. وقد كتب عليه هو نفسه حواشي كثيرة وكذلك ولده العلامة الشيخ صفي الدين وسماه (مستدرك المجمع) وكتاب (غريب الحديث) وكتاب (المنتخب في جمع المرائي والخطب) مرتبا ترتيبا حسنا على مجالس وكل مجلس فيه أبواب وقد طبع الجزء الأول منه والثاني في الهند غير مرة وعليه مدار الخطباء والذاكرين للإمام الحسين (ع) حتى اليوم. وكتاب (الضياء اللامع في شرح مختصر الشرائع). وكتاب (حاشية على المعتبر للمحقق الحلي)

وكتاب (جامعة الفوائد) في الرد على المولى محمد أمين الاسترابادي القائل ببطلان الاجتهاد والتقليد وكتاب (كنز الفوائد في تلخيص الشواهد) وهو مختصر من معاهد التنصيص ويوجد الآن بخط مؤلفه في خزانة العلامة المرحوم الشيخ نعمة الطريحي وقد سقط من آخره أوراق يسيرة ورسالة في (ضبط أسماء الرجال) على نهج (إيضاح) العلامة الحسن بن مطهر الحلي وكتاب (إيضاح الأحباب في شرح خلاصة الحساب) فرغ من تأليفه باصفهان سنة 1071هـ ومنه نسخة بخطه في الخزانة المذكورة. وكتاب في الرجال (في تمييز المعطوفات) منه نسخة أيضاً سقط من أولها ورقتان. وكتاب (جامع المقال في ما يتعلق بالحديث والدراية والرجال) وهو كتاب شريف جامع لجميع ما يحتاج إليه علم الحديث في معرفة اصطلاحات المحدثين وعلمي الدراية والرجال. وما يتعلق بتمييز المشتركات من الرجال الذي هو في غاية الصعوبة والأشكال. وهو أول من ابتدأ من أصحاب الأمامية بالتصنيف فيه فعقد له في هذا الكتاب أبوابا وسهل منها صعابا. كما إنه أول من صنف في غريب أحاديث الأمامية كتابا وجمع بينه وبين غريب القرآن فسماه (بمجمع البحرين ومطلع النيرين) فاشتهر في المشرقين وعلا قدره في الخافقين. وبالجملة جامع المقال هو كتاب جامع مانع نافع لم يعمل مثله في ما يحتاج إليه المحدث. وليس له في فنه نظير. ولا ينبئك مثل خبير ومنه أيضاً نسخة في الخزانة المذكورة وكتاب (شفاء السائل في مستطرقات المسائل) في علم مواقيت الصلاة وكتاب (مستطرقات نهج البلاغة) وكتاب (اللمع في شرح الجمع) وكتاب (اثني عشرية الأصول وفوائد الأصول) وكتاب (شرح مبادئ العلامة) وكتاب (الاحتجاج في

مسائل الاحتياج) وكتاب (الكنز المذكور في عمل الساعات والليالي والشهور) وكتاب (كشف غوامض القرآن) وكتاب (تحفة الوارد وعقال الشارد) في اللغة. وكتاب (النكتة اللطيفة في شرح الصحيفة) وهي موجودة بخط العلامة الشيخ شمس الدين الطريحي في النجف في الخزانة الحسينية الموقوفة على عامة طلاب العلم. وكتاب (مجمع الشتات في النوادر والمتفرقات) وكتاب (مرائي الحسين كبيرة ووسطى وصغيرة) وكتاب (النكتة الفخرية في شرح الرسالة الإثنا عشرية) وكتاب (غريب القرآن) وهو مرتب ترتيبا حسنا كترتيب المجمع إلا إنه أوجز منه وأخصر. وهو الآن في الخزانة المذكورة إلى غير ذلك من تصانيفه التي أوردها نجله الشيخ صفي الدين والشيخ محيي الدين وغيرهما ممن تخرج على يده. شعره وللشيخ فخر الدين شعر جيد قد ضمن أكثره في (المنتخب في جمع المرائي والخطب) وكأنه اقتصر على المراثي والمديح فقط لانا لم نعثر له على نظم سوى ما نظمه في هذين البابين وأكثره قيل في الإمام الحسين عليه السلام. وفاته وكانت وفاة العلامة الشيخ فخر الدين سنة 1085هـ في الرماحية على

مقربة من النجف واليها نقل ودفن في ظهر الغري وكان يوم وفاته يوما مشهودا لم ير يوم أعظم منه لكثرة الصلاة عليه من المخالف والمؤالف وقد شيعه من الرماحية إلى النجف سبعون ألف نسمة (كذا) وقبره الآن مشهور في داره التي يقطنها حفدة العلامة الشيخ نعمة الطريحي قرب مسجدهم الذي صلى الله عليه وسلم فيه زمنا طويلا. نجفي خبير خزانة الفاتيكان عهد معهد كارنيجي إلى جمعية علمية بالقيام بوضع وترتيب فهارس لخزانة الفاتيكان. والعمل خطير من أعمال الاستكشاف والارتياد الأدبي وسيسفر عن مئات من الكتب والمخطوطات النادرة المثال والتي ستترك بلا شك أثرا كبيرا وتحدث ضجة في الأندية العلمية فإن هناك من التحف والنفائس ما لا يزال بعيدا عن متناول العالم وما لم تمتد إليه يد بتاتا. ونحن نعلم أن في هذه المكتبة كثيرا من المترجمات عن اللغة العربية وكثيرا من المخطوطات العربية التي نقلها إليها علماء المشرقيات.

خراسان وخزانتها

خراسان وخزانتها - تتمة - كتب الفلسفة والمنطق 11 - الفصول النصيرية لنصير الدين الطوسي الشهير. تاريخ النسخة 881 هـ 12 - تحقيق البيان للراغب الأصفهاني تاريخ النسخة 679هـ 13 - لطائف الحكمة للقاضي سراج الدين محمود بن أبي بكر الارموي ألفه حين اتصل بالسلطان عز الدين كيكاوس بن كيخسرو السلجوقي سنة 655هـ ورتبه على قسمين الأول العلم والمعرفة والثاني الحكم والمعدلة. تاريخ النسخة 771هـ 14 - مصارع المصارع لنصير الدين المحقق الطوسي. رد به على كتاب المصارعات للشهرستاني صاحب الملل والنحل. تاريخ النسخة 1021هـ عن نسخة كتبت سنة 707هـ 15 - تذكرة الشيخ صفي الدين الاردبيلي جد الملوك الصفويين المتوفى سنة 735هـ باللغة التركية في بعض مسائل في العرفان وقفها نادر شاه سنة 1145 16 - الحكمة الشرقية لابن سينا الفيلسوف. نسخة نفيسة وقفها نادر شاه في سنة 1145هـ 17 - الحكمة العلائية للشيخ الرئيس ابن سينا بالفارسية وقفها رجل اسمه محمد قاضي سنة 1293هـ 18 - رسالة لابن مسكويه أحمد بن محمد بن يعقوب الرازي في جواب سؤال علي بن محمد بن أبي حيان الصوفي من أوقاف ابن خاتون العاملي في سنة 1067هـ 19 - شرح عيون الحكمة. المتن لابن سينا والشرح للإمام فخر الدين الرازي وهذا الجزء من الكتاب شرح لمنطق عيون الحكمة ولم يطبع المنطق من الكتاب المذكور. تاريخ الوقف سنة 1067هـ 20 - العروة الوثقى في الرد على مسألة وحدة الوجود للشيخ ركن الدين

أحمد بن محمد السمناني الشهير بعلاء الدولة ليس فيها تاريخ. 21 - الشطحيات للشيخ روزبهان بن أبي نصر البقلي الشيرازي الشهير بالشطاح. نسخة نفيسة مذهبة وقفها نادر شاه سنة 1145 هـ 22 - السماه والعالم لأرسطو ترجمة مهران بن منصور بن مهران المسيحي تاريخ الترجمة 553هـ. أول النسخة (قال الحكيم إذا جعل المعرفة بالطبيعة (أهـ) آخرها (تمت المقالة الرابعة من كتاب ارسطو في السماء والعالم وبتمامها تم الكتاب) والنسخة وقفها نادر شاه الفاتح الشهير سنة 1145هـ 23 - منطق ارسطو مجلد يتضمن نسختين تشتمل الأولى على شرح خمسة كتب (1) ايساغوجي (2) قاطيقورياس (3) باري ارمينياس (4) انولوطيقا (5) البرهان. وأخر النسخة. (تم الكتاب المعروف بالبرهان وبانقضائه تمت الكتب الخمسة المنطقية في سنة 1048 والنسخة الثانية تشتمل على شرح أربعة كتب ايساغوجي. قطوغوريوس، باريرميناس، انولوطيقا. وبآخره تمت كتب المنطق الثلاثة من ترجمة محمد بن عبد الله بن المقفع وهو وهم من الناسخ فإن المترجم هو عبد الله بن المقفع المشهور (راجع ابن القفطي ص 149 طبع مصر وطبقات الأمم للأندلسي طبع مصر ص 77) أول النسخة بعد البسملة افتتح المصنف كتابه بأن قيل لكل صناعة متاعا. وآخرها: وقد أتممنا كتاب انولوطيقا وليس بعده من هذه الكتب إلا كتاب افودقطيقي إلا أنا قد قدمنا من صدر الكتاب جماعا رأيناه كافيا عن التفسير مستغنيا عنه إن شاء الله تعالى. تاريخ كتابة النسخة أيضاً 1048 24 - ترجمة منطق ارسطو أيضاً لابن رشد الأندلسي الفيلسوف الشهير تحتوي على: أ - كتاب المقولات قاطيقورياس. ب - كتاب العبارات باريرمينياس. ج - كتاب القياس انالوطيقا الأولى. د - كتاب البرهان انالوطيقا الثانية أو (افوذوطيقي). أول النسخة كتاب المقولات للفيلسوف الأعظم الخ. وفي آخرها أسم الناسخ محمد بن شفيع بن ملا درويش

من أوقاف نادر شاه في سنة 1145) 25 - مجموعة تحتوي على ثلاث عشرة رسالة: أ - رسالة الحدود لابن سينا. ب - رسالة أقسام الحكمة. له. ج - ثلاث رسائل في تفسير سور التوحيد والفلق والناس. له. د - رسالة في الأفعال والانفعالات. له. هـ - مقالة في تحقيق الزاوية للخفري. ورسالة في ترجمة الشيخ الرئيس ابن سينا لتلميذه أبي عبيد الجرجاني صدرها بمقال للشيخ الرئيس شرح فيه حال نفسه ثم أتى أبو عبيد في خلالها على ذكر أحوال الرئيس وأخلاقه وعاداته وعدد مؤلفاته وذكر أسمائها. ز - تفسير سورة الأعلى لفخر الدين الرازي. ح - تفسير سورة التوحيد لجلال الدين الدواني كتبه باسم أحد أمراء عصره. ط - رسالة في حقيقة الموت وأحوال الروح لفخر الدين الرازي فارسية وضعها في جواب كتاب تعزية ورد إليه من سلطان عصره حين توفي ولد للإمام المذكور. ي - رسالة في نفي الحيز والجهة للإمام المذكور. ك - رسالة في العدالة الفارسية للجلال الدواني كتبها لأحد أمراء الهند اسمه عادل خان. ل - رسالة في العدالة أيضاً تأليف الدواني باسم السلطان يعقوب البايندري فارسية. م - رسالة الجبر والاختيار للدواني والنسخة من أوقاف ابن خاتون في سنة 1068هـ 26 - أساس الاقتباس لنصير الدين الطوسي بالفارسية تاريخ تحرير النسخة سنة 1090هـ 27 - تنزيل الأفكار في تعديل الأسرار لأثير الدين الابهري ومعه في المجلد تعديل المعيار في نقد تنزيل الأفكار لمؤلف غير معلوم تاريخ النسخة 1107هـ

28 - (جمل في المنطق) لفضل الدين محمد بن نام آور بن عبد الملك الخوانجي الشافعي تاريخ النسخة 742هـ 29 - منطق العين لنجم الدين دبيران الكاتبي وفي المجلد نفسه حكمة العين. وكاتب حكمة العين اسعد بن حيدر أبي المعالي في 9 رجب سنة (687) هـ وكاتب منطق العين أبو الغنائم الحسين بن أحمد أبي الفضائل بن محمد في 27 ذي القعدة سنة (688 هـ). السير والأخبار والتراجم 30 - الاكتفاء في مغازي رسول الله صلى الله عليه وآله والثلاثة الخلفاء للحافظ أبي الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاغي البلنسي والنسخة هو السفر الثاني من الكتاب. تاريخ الكتابة والمقابلة في مكة المعظمة سنة 732 هـ 31 - الإبانة. للقاضي أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن قاسم الشرمازي البلخي الحنفي تاريخ النسخة 996 هـ 32 - آفة أصحاب الحديث للحافظ ابن الجوزي. 33 - نثر الدرر لأبي سعيد منصور بن الحسين الأيوبي الوزير والنسخة من أوقاف ابن خاتون. 34 - روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب لجلال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي النيسابوري من أوقاف نادرشاه. 35 - محاسن المجالس لأبي العباس أحمد بن محمد الصنهاجي الأندلسي الشهير بابن العريف من أوقاف ابن خاتون. 36 - طليعة العلوم لمؤلف مجهول وفي كشف الظنون إنه لأبي الخير محمد ابن محمد الفارسي من أوقاف ابن خاتون. 37 - المرصع لم يظهر أسم المؤلف وفي كشف الظنون انه لابن الأثير. من أوقاف ابن خاتون. 38 - تذكرة الشعراء بالتركية لم يذكر أسم مؤلفه من أوقاف نادر شاه. 39 - دستور الشعراء نسخة نفيسة مذهبة من أوقاف نادر شاه. 40 - ترجمة الشاه عباس الصفوي نسخة نفيسة من أوقاف نادر شاه.

41 - وصايا نظام الملك الطوسي أسم واقف النسخة همشيرة خان. 42 - تاريخ الحكماء لم يذكر أسم المؤلف الفهرست الذي وصل إلينا والمظنون إنه للشهرزوري واقف النسخة ابن خاتون. 43 - نسخة ثانية من تاريخ الحكماء المذكور. وهو من أوقاف خواجه شير احمد. 44 - أحوال البلدان المسمى بالمسالك والممالك نسخة عتيقة نفيسة ذكر الكتاب في الفهرست الواصل إلينا باسم أحوال البلدان المسمى بمسالك وممالك (الواقف غير معلوم) في السنة الماضية طلبت حكومة المجر بتوسط سفير إيران في رومة عاصمة إيطالية من الحكومة الفارسية أن تنقل نسخة هذا الكتاب بالتصوير الشمسي وترسل بها إلى المجر لأن للكتاب المذكور أهمية تاريخية ذات علاقة بتاريخ بلادهم فأجابت الحكومة الفارسية طلبها وقررت وزارة المعارف والأوقاف نقل الكتاب بالتصوير الشمسي والإرسال به إلى المجر وأظن أن القائم بهذا الأمر كان الدكتور هرتسفلد المستشرق الألماني الموجود اليوم في إيران. كتب اللغة 45 - ضياء العلوم وهو مختصر شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم وهو في اللغة لنشوان بن سعيد الحميري من أوقاف ابن خاتون. 46 - عين الأفاضل لم يذكر في الفهرست أسم مؤلفه ولعله كتاب العين للخليل وهو من أوقاف نادر شاه سنة 1145هـ 47 - مصادر اللغة من أوقاف نادر شاه لم يذكر الفهرست أسم مصنفه وذكر في كشف الظنون بهذا العنوان جماعة صنفوا وفي الخزانة منه نسختان إحداهما ناقصة والأخرى تامة والأخيرة من أوقاف نادر شاه. 48 - بصائر لم يذكر الفهرست وكشف الظنون أسم المؤلف. 49 - قانون ليس في الفهرست ذكر لمؤلفه ويظن إنه المذكور في كشف الظنون بعنوان قانون الأدب للشيخ الأديب أبي الفضل حبيش بن إبراهيم التفليسي وقال إنه كتاب نفيس لا نظير له في بابه.

كتب الأنساب والتراجم 49 - تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ جمال الدين يوسف بن زكي المزي يرى من هذا الكتاب المجلدات ال (1) (2) (6) (7) وكلها من أوقاف ابن خاتون. 50 - كشف المتعال لم يظهر أسم المؤلف والكتاب وهو من أوقاف نادر شاه. 51 - انساب السمعاني من أوقاف نادر شاه. 52 - اللباب في الأنساب من أوقاف نادر شاه. كتب النجوم والرياضيات 53 - كفاية التعليم للإمام ظهير الدين أبي المحامد الغزنوي. 54 - أشجار وأثمار لمحمد بن قاسم الخوارزمي الشهير بالعلاء المنجم. 55 - تكملة المجسطي لم يذكر أسم مؤلفه من أوقاف نادر شاه. 56 - شرح الزيج الايلخاني لنصير الدين المحقق الطوسي. 57 - مدخل أبي معشر من أوقاف نادر شاه 1145 هـ 58 - لوائح القمر لم يذكر أسم المؤلف من أوقاف نادر شاه. كتب الطب 59 - تقويم الأبدان لابن جزلة. 60 - شرح كليات قانون ابن سينا للإمام فخر الدين الرازي من أوقاف نادر شاه 61 - اختيارات بديعي للشيخ علي بن حسين الأنصاري من أهل القرن السابع من أوقاف نادر شاه. 62 - ذخيرة خوارزم شاهي لزين الدين إسماعيل بن حسين الجرجاني من أهل القرن السادس. 63 - كامل الصناعة لعلي بن عباس المجوسي صنفه لعضد الدولة. زنجان (إيران): أبو عبد الله الزنجاني زهرو موضع في جزيرة قائمة في نهر الخابور. ونفطها حسن وهو يجري في نحو ثلاثين جدولا صغيرا من ناحية ينبع فيها وهي على بعد ثمانية أميال من شاطئ النهر ثم تدفع جميع هذه الجداول في النهر.

البحرين والزبارة

البحرين والزبارة من مآخذ التاريخ ما تركه السلف من الأوراق التي لم يكتبها لغاية النشر وهي مع ذلك لا تخلو أحيانا من كشف اللثام عن الماضي أكثر من الكتب التي وضعت لمثل هذا الغرض وتزداد الحاجة في أحوال عديدة إلى أشباه هذه المتروكات التي كان قد حفظها أصحابها أولاً لقصد مادي أو معنوي ثم صانها المتأخرون كأثر لأسلافهم، أو أهملها هؤلاء في الزوايا منسية فعاشت هنيئة مطمئنة. ويتفق أن تقع هذه الوثائق تحت نظر من يجلها ويحلها محلها. وتكون أحيانا المرجع الوحيد للتاريخ، وتفيده أيما إفادة إذا كانت المدونات قليلة. وكم تأتي بخبر ذي بال لم تعره المطولات آذانها أما لأنها فاتتها أو أنها اعتبرتها تافهة لا قدر لها. ومن الأوراق التي يمكن أن تفيد التاريخ المكتوب الذي قدمت عليه هذه السطور فهو يبحث عن أحد الأقطار العربية التي قل من كتب عن وقائعها في القرن الماضي. أريد بهذا القطر جزيرة البحرين وما جاورها. وكانت الاضطرابات تتقاذفها إذ ذاك ويسمع فيها صراخ المقاتلين ودوي آلات الحرب كما تلاطمها أمواج البحر الواقعة عليه. اصدر الشيخ محمد النبهاني كتابه التحفة النبهانية في تاريخ الجزيرة العربية مطبوعا طبعة ثانية بمصر سنة 1342 هـ (1923م) فتصفحته في هذه الأيام فذكرني بمكتوب بيدي يبحث عن البحرين والزبارة وعن مسعود من آل سعود وبني عتبة وغير ذلك. والمكتوب للسيد عبد الجليل ابن السيد ياسين

(الطباطبائي) كتبه في البحرين إلى نعمة الله يوسف عبود في حلب وقبل أن أنقل المكتوب أقول عن المتخاطبين: للسيد عبد الجليل ديوان طبع في مطبع نبات المصري وليس فيه سنة طبعه ولا المدينة التي طبع فيها. وقد تخللت قصائده نبذ كثيرة طويلة فيها الأسباب التي دعته إلى إيراد تلك القصائد. وكانت ولادة صاحب الديوان بالبصرة في سنة 1190 هـ (1776 م) ووفاته في الكويت في سنة 1270 هـ (1853 م) على ما جاء في ترجمته الواردة في أول ديوانه. وكان تاجرا ولاسيما كان يتجر باللؤلؤ كما يبين من مكاتيبه العديدة إلى نعمة الله عبود المذكور. ومن بيت الطباطبائي أفاضل يقيمون اليوم في البصرة أو الزبير أو في كلاهما. وكان للتاجر الشاعر مع آل عبود أواصر صداقة وصلات منها تجارية ومنها أدبية تربط بعضهم ببعض. فقد جاء في ديوانه (ص 20) قوله: (وقد ورد عليه (على عبد الجليل) كتاب من نعمة الله بن يوسف (عبود) النصراني الحلبي وفي طيه ورقة في تخميس وتشطير البيت المشهور. لبعض أهل حلب وقد اقترح عليه أن يخمسه ويشطره كما صنعا (كذا) وهذا تخميس نصر الله ابن فتح الله (الطرابلسي) الحلبي. . . .) أهـ. وجاء في ديوانه (ص 135 وما بعدها) تهنئة نثرا ونظما رفعها إلى السلطان عبد المجيد بظفر واستعطفه في إسقاط الميري عن نخل له عدوه أربعة آلاف وهو متفرق في انهار البصرة وعن دكان جزار له في إحدى أسواق البصرة لأن الميري - على ما قال - قد استحوذ على الغلة والأجرة. وبعث بتهنئته هذه في ربيع الأول سنة 1257هـ (1841 م) ضمن كتاب إلى أحد كبار النصارى

المقيمين في الأستانة ولم يذكر اسمه وكان ذلك بوساطة (صاحبه وابن صاحبه القديم المودود جناب الخوجه فتح الله بن نعمة الله يوسف عبود الذي عرفه بهذا النصراني كما قاله: (مذ علم (فتح الله) أن لنا حاجة تقتضي واسطة شفيق حازم. . . لم يجد أهلا لقضاء لوازم الأصحاب. . إلا ظريف ذلك الجناب. . . فبمقتضى ذلك دلنا عليك في رفع الحاجة إليك. . .) وطلب منه أن يبعث بالفرمان الشريف عن يد فتح الله أيضاً إذا من الله تعالى بالحصول على المراد. وكان فتح الله عبود همزة وصل بين السيد عبد الجليل وبين بطرس كرامة (الديوان ص 177). وبعض ترجمة آل عبود في هذه المجلة الغراء (3 (1913 - 1914): 563 و4 (1914): 19). وليوسف والد نعمة الله تأليف دونه بنفسه عن أيامه في وقائع حلب لا يزال غير منشور ونسخته وحيدة والموجود منه قد سقط منه الأول وفيه نقص في موضعين في نحو الوسط. تراءى لي ذلك لعدم ارتباط الكلام بعضه ببعض. وهو يبتدئ بقسم من سنة 1185 هـ (1771 م) وينتهي في سنة 1220 هـ (1805 م) وآخره تام لكنه خال من الخاتمة. وفي الأربع السنوات الأخيرة أخبار عن بغداد كنت قد شرعت في نشرها في لغة العرب في جزئها الثاني من سنتها الرابعة (آب 1914) وذلك عن أوراق للمصنف قبل أن أجد تأليفه مجموعا. ويقع المخطوط في مائة وثمان وثلاثين ورقة يختلف طول وعرض كل منها بسنتيمتر أو نحوه والورق ليس من جنس واحد بل من أجناس عديدة مما يدل على أن المخطوط هو أول نسخة منه كان صاحبه يكتبها على توالي السنين وكانت كراريس غير مجلدة يوم صارت بيدي. وأطول ورقة فيها قياسها نحو 23 سنتيمترا في نحو 16 س وفي أوراقها حاشية بيضاء قدرها نحو 8 سنتيمترات تكثر فيها تواريخ وفيات النصارى ومواليدهم في حلب وغير ذلك وصفوة القول عن حجم المخطوط إنه لو طبع لجاء في نحو ثلاثمائة صحيفة من قطع هذه المجلة وهو بخط مؤلفه الجلي للفصيح على الطريقة الحلبية. وكان

هذا المخطوط للأب الفاضل نرسيس صائغيان الذي وصفه في هذه المجلة (3 (1913 - 1914): 364 ح) وبين لنا أحد مضامينه الحاكي عن أمور طائفية. أما الكتاب فنحو ثلثيه لا مساس له بطائفة المؤلف الرومية الملكية بل هو تاريخ لحلب يروي لنا وقائعها مع أسماء ولاتها وسلوكهم وما أصابها من اضطرابات وقلاقل وأوبئة وغلاء ورخص وشدة وفرح وغير ذلك. وكان الأب نرسيس قد ظن أن الكتاب حينما وصفه لأحد بيت عجوري (عجور) الحلبيين ثم اتفق كلانا لأسباب أكيدة يطول شرحها إنه ليوسف عبود المتوفى في حلب في 23 شباط (حسابا شرقيا) سنة 1806 م وانه بخطه بلا ريب. والمخطوط اليوم عندي بعد أن أهداه إليّ الأب صائغيان فشكرا له على هدايته الثمينة. وألان أنقل إلى القراء مكتوب السيد عبد الجليل بعلاته. ومكاتيبه إلى نعمة الله عبود جميعها على هذا النسق من الأغلاط. وهو مؤرخ في 19 ذي الحجة سنة 1226 (1811م) وقد بعث به من البحرين إلى حلب. (. . . كتابك وصل، وبه الأنس حصل، لما افهم عن وصولك للأهل والوطن فلله النعمة والفضل وله الثناء الحسن. وجميع ما ذكرت صار في البال ولاسيما من قبل ما عتبت به من عدم المراسلة للعام الماضي فلك العتبى ولكن قد قيل: (فرب لها عذر وأنت تلوم) وذلك أن طرفنا العام قد وقع فيه اضطراب عظيم. واقل ما وقع أن أهل الزيارة جلو منها وتحولوا إلى البحرين وحاربوا بن سعود. وهذا ما وقع إلا لأمور شاقة متعبة. وقد جلو منها في النصف من ربيع الثاني سنة 1225هـ (1710م) وبقي حربهم مستمر إلى ربيع أول سنة 1226 وهذه المدة التي فيها الحرب لا يزال لبني عتبة في البحر ستين، سبعين سفينة تدور في البحر وجميع الناس ما لهم شغل ولا عمل إلا أخذ السلاح والأهبة للقتال وقد عدموا الراحة والبيع والشراء والغوص وتعطلت جميع الأسباب بالكلية حتى أنهكتهم الحرب ولما أراد الله الفرج تصادم خشب بني عتبة

وخشب اتباع الوهابي واقتتلوا مع أول إشراق الشمس إلى بعد الزوال حتى فنا غالب الفريقين واحترقت ثمانية مراكب: خمسة لبني عتبة وثلاثة لضدهم. وباقي خشب اتباع بن سعود استولوا عليه بني عتبة ونصرهم الله عليهم. وقد فني منهم قدر عظيم ما بين قتل وحرق وغرق في البحرين وقتل من بني عتبة قدر سبعمائة رجل وصارت الدائرة على اتباع بن سعود. وأما الفقير ففي أول ضعون بني عتبة من الزبارة كنت بأيدي اتباع بن سعود وحيل بيني وبين أهلي ومالي وبرحت عندهم من صفر سنة 1225 إلى صفر سنة 1226، حول كامل. وبقيت أجوب البلاد فتارة في (قطر) وآونة في الحسا، ومقدار ثلاثة أشهر في الدرعية عند سعود إلا أني محشوم موقر عندهم ولي وجاهة عندهم والحمد لله. وصارت حرفتي في استخلاص شيوخ بني عتبة، آل خليفة، من حبس سعود لأنهم محبوسين عنده من ذي الحجة سنة 1224 (1809م) إلى رمضان سنة 1225 (1810م). وحبس الجماعة هو سبب تحويل بني عتبة عن طاعة سعود وصرنا أنا ومعي اثنين من كبار الجماعة أهل الزبارة عند سعود يعرف منا الصدق معهم ونحن على ذلك. واجتهدنا في خلاص آل خليفة من يد سعود بالعهود والأيمان على انهم إذا وصلوا إلى رعيتهم مكرمين يرجعونهم إلى الزبارة ويعملون بطاعة سعود فصدقنا، ونحن ما لنا باطن غير ظاهرنا معه. وقد أخذنا المواثيق على آل خليفة بذلك فارخصنا (سعود) وهم معنا. فلما وصلنا إلى البحرين نبذوا طاعته ونقضوا عهده بحربه وحضروا الوقعة المذكورة ونحن ما أمكننا إلا التسليم لأن المال والعيال عندهم في البحرين ولا بيدنا حيلة. والذي ألجأهم إلى نقض العهد هو ما أذاقهم سعود من الذل والهوان واخذ كرايم الأموال من الخيل والركاب والسلاح مقدار 30. 000 ريال فرنسة وأردف ذلك بحبسهم وصدور هذا الأمر منه معهم بعد العهد فكأنه

تبين منه أولاً عدم الوفاء بعهده معهم. هكذا فهموه وربما له عذر يطول شرحه وكل متأول أمر. ويستبين الأمر للجميع إذا وقفوا بين يدي الحكم العدل سبحانه وتعالى. والآن نحن في البحرين مستقرين على أحسن حال. وفي مبدأ هذا الأمر لما كنا في أرض بن سعود وكنت في أسوأ حال من مفارقة الخل والصاحب والوطن كارها معاشرة غير المشاكل والمجانس وفي أرض لا نعرفها وناس ما ألفناهم ومع ذلك ونحن مباشرين القتال مع اتباع سعود فالمفازيع والقتال بكرة وعشية والمراد أننا أقمنا حولا كاملا على حال صعب، متعب، مهلك، مفاليس من المال والأهل والعيال إلى أن إذن الله بالفرج ورجعنا كما شرحناه لكم والحمد لله على كل حال. وقد صنفت فيما وقع علينا وما قاسيناه من الشدايد رسالة عربية تشابه مقامة من مقامات الحريري كالرحلة وأرسلتها لبعض الأصحاب في البصرة فاعرف لشدة ما وقع علينا حتى أحوجنا الحال إلى تصنيف رسالة فيه والله المستعان. ثم إن جماعتنا بني عتبة بعد ما منّ الله عليهم بالنصر والظفر على عدوهم وأهلكه وقطع دابره بني سعود من جميع ساحل البحر استراحوا واستقروا وكل أخذ في البيع والشراء والغوص وامتدت سبلهم وقد بلغ عندنا اللؤلؤ هذه السنة أقيام، مذ خلقه الله ما بلغ قيمة هذه السنة مع نزوله في البلدان وسبحان عامر الكون. وقد تعوضنا الذي قسمه الله وبعنا غالبه أبكارا لحصول المصلحة ولغلائه فما جرعنا (جرأنا) نقطعه إلا القليل. وقد صار عندنا بعض المخرق بقدر ربع المادة لأن الأكثر بعناه أبكارا. وقد طلع عندنا قبل الناس ربطة مقدار مثقال 600 شيرين وأرسلناها ليوسف الزهير يبيعها

وكتبنا لأخيك ميخائيل - على العادة كما كنا نكتب لك عند إرسال المال - إجراء لحقوق الصداقة لأجل تنبيهه. فإن كانت له رغبة فالأمر يصير واضحا لديه. وهذا في شوال وحال التاريخ طلع عندنا قدر مثقال 160 يكة اليكة عال العال وأرسلناها ليوسف أيضاً وعرفنا أخيك بها. وعندنا بعض (الكنبايتي) مهما زهب (أي تهيأ وحضر) نعرفه بإرساله إن شاء الله وهذا كله لأجل بقاء الملازمة للصداقة والقيام بمقتضياتها. . . واسأل لنا خاطر خالكم العزيز صديقنا الخواجه نصر الله. . .) هذا ما أردت نقله حفظا للتاريخ. الطرابلسي وعبود وبعض الأدباء من المعلوم أن الشيء بالشيء يذكر وهذا ما دعاني إلى الدخول في موضوع آخر. رأى القراء الكرام أني أضفت نسبة الطرابلسي إلى ذلك الشاعر نصر الله بن فتح الله النصراني الحلبي. وأظن أن الفرصة تبيح لي الكلام عنه زيادة في تعريفه لمن تهمه ترجمته وفي ذلك ترد أسماء أدباء وتجار كانوا في البصرة. إن إضافتي هذه النسبة ليست لمجرد أن نصر الله المذكور كان من شعراء ذلك العصر وإن اسمه واسم أبيه متفقان مع أسم الشاعر الشهير بالطرابلسي بل لوقوفي على أن نعمة الله عبود كان صديقا قديما للطرابلسي الذي كان قد عرفنا به المشرق. فقد جاء في صورة لمكتوب - والصورة عندي - لنعمة الله كتبه إلى الطرابلسي يمدح فيه الشيخ خالدا ابن الشيخ أحمد بن رزق الساكن في البصرة ويثني عليه ثناء عاطرا زكيا ومما يقوله عنه إنه من التجار وله شغف عظيم بالأدب والعلوم حتى أن ذلك يلهيه عن أشغاله التجارية وانه (اطلع على مجموعتي من شعر جنابكم (يعني شعر الطرابلسي) فصارت كأنها نديمه الخاص

وانه شرع في بناء دار جديدة له يتم بناؤها في سنة 1232هـ (1816م) ولوح له (لنعمة الله) من بعيد في طيات الكلام برغبته في قصيدة من شعركم يزين بها الدار مع أن كلا من الشيخ عثمان بن سند والشيخ عبد الله بن جامع والشيخ أحمد الكردي قد نظم قصيدة بتاريخها إلا إنه لا يظن أن ينقش الشيخ خالد شيئا من ذلك في الدار أملا بالحصول على قصيدة من نظمكم. ويرجو نعمة الله في كتابه من الطرابلسي أن يحقق رغبته وبهذا يكون قد دفع أيضاً قول من نكر عليه أن نظم المجموعة لأحد المسيحيين فلبى الطرابلسي سؤال صديقه بمكتوب مؤرخ 25 ج سنة 1232 وقد استهله بهذا العتاب لأمر نجهله كان قد وقع بينهما: (. . . ثانيا لنبدي لجنابكم أني منذ فارقتكم ووقوع المجروية المعهودة منكم فلابد أن صافي سماء المودة تكدر بغيوم الانفعال وأوشك أن يشوب عقد الصحبة الانحلال وزاد على ذلك مع مرور كذا أشهر بل أعوام. لم يظهر من جنابكم ولا أدنى إشارة حتى سلام. فهنالك زدنا تحقيقا بمودتكم الوردية وكدنا نقاوم طبعنا وننزع عنا محبتنا الآسية. وشهدت لنفسي بالألمعية إذ: الألمعي الذي يظن بك ال ... ظن كأن قد رأى وقد سمعا كون سابقا مر لنا مع الجناب واقعة مزاح نظمنا لها أبيات جاء شطر منها: فينفر عني مغضبا وله الذنب ربما في حفظكم. وقد غيرت الشطر الأول فقلت: يحب ولكن لا يدوم له حب ... وينفر عني مغضبا وله الذنب ولولا الذمام لصارت قصيدة طويلة ولكن ما الحيلة، وما زالت تتفاقم هذه الظنون. . . حتى تلبد ذاك الغيم المتكاثف. . . حتى ورد كتابكم الكريم المستحق التعظيم. . . فحالا أصبح ما عندنا كأنه هشيم. . . ورأينا من السماحة السماح. . . ثم أردف الطرابلسي قائلا: (ثم إننا لكي نحقق لجنابك عدم تغيرنا على أي حال كان. . . فقد قبلنا بكل رغبة رجاءكم في نظم أبيات تهنئة وكتابة في الدار الجديدة التي أحدثها الشيخ خالد. . . فبادرنا بتحرير رسالة وهي خاصة له

ضمنه. . . وربما تستحسنون اختيارنا إذ جعلنا رجاكم انفذ توأما. . . ثم بعد ألحقناها بقصيدة لائقة بالمقام) أهـ. وهو يشكو من الزمان الذي ألم به فإنه قال: (هذا مع كثرة الأشغال وتشعب البال وعدم الإمكان على الإدمان وتعس الزمان. إذا الفتى ذم عيشا في شيبته ... فماذا يقول إذا عصر الشباب مضى وقد تعوضت عن كل بمشبهه ... فما وجدت لأيام الصبا عوضا أي نعم! وجاد الحيا عهد الصبي حبذا الصبي ... لقد كنت خلو البال لا أعرف الوجدا ثم قال أيضا: (ثم نعرف الجناب أن القصيدة الحالية هي من بحر الرمل وهو يأتي غالبا مقبوض العروض سالم الضرب فنحن أتينا به في بعض أبيات سالم العروض والضرب. وجاء في شعر المولدين وهذا شيء يدريه العروضيون إنما ذكرناه ليعلم أننا قلنا عمدا لا عفوا وقصدا لا سهوا.) أهـ. وإني لآسف لأني لم اعثر على مجموعة الطرابلسي المحكي عنها ولا على صورة رسالته وقصيدته. ولعل هذه الرسالة والقصيدة في ديوانه الذي وجدت نسخة منه عند أحد أدباء بيت ابيلا في صيدا أو في مقاطيعه التي كانت عند الخوري توما أيوب في حلب على ما ذكرهما كتاب المخطوطات العربية للمكتبة النصرانية للأب شيخو (ص 138 - 139) وفي المشرق (3 (1900): 397) ترجمة الطرابلسي مع طائفة من قصائده وعندي إحداها مختلفة الرواية قليلا عن التي في المشرق، وترجمة الطباخ في كتابه في تاريخ حلب (7: 269) نقلا عن المشرق وقال أن قسطاكي الحمصي ترجمه أيضاً في كتابه أدباء حلب. وذكرت (نصر الله طرابلسي) (كذا) المجلة السورية (1: 534) ثم نقل ذلك كتاب (أهم حوادث حلب) (ص 57) ومجلة القربان (2: 399) وكان نصر الله ترجمانا لقنصل خالد وبيته في سبائك المسجد وفيه ترجمة الشيخ عبد الله بن عثمان بن جامع. هذا ما عنّ لي تدوينه عن أمراء وتجار قضى عليهم الزمان وأمسوا في خبر كان. يعقوب نعوم سركيس

لواء بغداد

لواء بغداد (صورة) عبد الرزاق الحسني صديقنا السيد الحسني شاب في مقتبل العمر. ولوع بالبحث والتنقيب عن المواضع العلمية والتاريخية وتشهد له بذلك مقالاته الممتعة التي لا يزال ينشرها بين آونة وأخرى في المجلات المصرية والسورية والعراقية وقد ألف ونشر حتى الآن ثلاثة كتب صادفت رواجا واستحسانا. وهذه الكتب هي: 1 المعلومات المدنية و 2 تحت ظل المشانق و 3 رحلة في العراق. وهو اليوم مشغول بكتابه الجديد (مباحث في العراق) الذي ينشر بعضا من فصوله البلدانية. ولد هذا الشاب عام 1321 هـ. من والدين شريفين وأسرته شهيرة في بغداد. وقد أتم تحصيله الابتدائي في المدرسة الجعفرية ببغداد. وفي عام 1338 هـ انتقل إلى النجف بانتقال والده إليها حتى إذا وضعت الثورة العراقية أوزارها، عاد إلى العاصمة ودخل دار المعلمين وتخرج فيها. ولصاحب الترجمة مبادئ سياسية لا تتفق وموقف البلاد السابق. وقد اضطهد من اجلها مرارا. وهو صاحب جريدة الفضيلة ببغداد وجريدة الفيحاء بالحلة وقد عينه فخامة الهاشمي باشا لوظيفة (معاون محاسب وزارة المالية) بعد أن أقفلت الحكومة جريدتيه في بغداد والحلة وخرج موقفه وهو لا يزال في هذه الوظيفة. (لغة العرب) لواء بغداد، مركزه مدينة بغداد عاصمة الرشيد بالأمس وعاصمة الملك فيصل اليوم. اختطها الحجاج بن ارطأة وأبو حنيفة النعمان في أبدع بقعة من بقاع الشرق فجاءت آية في العمران والعظمة. تمر بها دجلة فتشقها شقين كبيرين هما: الرصافة والكرخ ولكل من هذين الجانبين مناظر بديعة تأخذ بمجامع القلوب. تطل قصورها الفخمة ومبانيها اللطيفة على دجلة فيخيل إلى الناظر إنه في بقعة من بقاع الجنة. تشرق عليها الشمس نهارا فتنير أرجاءها وتصور فيها أشكالا نضرة خلابة. وإذا طلع عليها القمر ليلا كساها حلة فضية هي أشبه

بغادة لبست ثوبا فضفاضا تخترقها من الشمال إلى الجنوب جادة طويلة مبلطة مفروشة بالقار ومرصوف جانباها رصفا بديعا فإذا جاءها الليل أنيرت بالمصابيح الكهربية فتؤثر في النفوس أثرا جميلا. هواؤها عذب عليل وماؤها زلال وسكانها مشهورون بكرم الأخلاق وحسن الضيافة. أحصت الحكومة نفوس المدينة عام 1928 فكانوا نحو (248. 350) نسمة. وقد كانت بغداد هذه حاضرة العالم الإسلامي أيام العباسيين. انبثق فيها فجر العلم والأدب فأضاء بنوره البلاد الدانية والقاصية وبلغت من العمران ما لم تبلغه مدينة في ذلك العصر ودامت حقول العلم ورياض الأدب زاهرة نضرة في حين أن الأمم التي لم ترشف من حياض مدنيتها المترعة ولم تقتطف من ثمار جناتها اليانعة. كانت تتسكع في مجاهل الضلالة وتتخبط في دياجير العمى. ولكن النكبة التي منيت بها على يد هولاكو التتري عام 656 تركتها قاعا صفصفا لا يرى فيها بعد تلك العظمة والجلال. والزخرفة والبهاء غير الدمار والبوار ولعل الهمة الناشطة اليوم في تعبيد طرقها وتشييد المباني الضخمة فيها ستعيد إليها رونقها الغابر وعزها المندثر. أسسها أبو جعفر المنصور عام 145 هـ على الجانب الغربي من دجلة في بادئ الأمر ثم أتم بناءها على الجانب الشرقي فتمت في سنة 157هـ وقد بناها واتخذها مقرا لخلافته بغضا لأهل الكوفة وتجافيا عن جوارهم وهو الذي وضع أول لبنة فيها بيده. وقد اختلف المؤرخون في أوجه تسمية بغداد بهذا الاسم: فمنهم من قال إنها (أي كلمة بغداد) تفسير كلمة بستان لرجل فباغ بستان وداد أسم رجل ومنهم من قال بغ اسم صنم وذكر إنه اهدي إلى كسرى خصي من المشرق

فاقطعه إياها وكان الخصي من عباد الأصنام ببلده فقال: (بغ دادي) أي الصنم أعطاني وقيل بيغ هو البستان وداد أعطى وكان كسرى قد وهب لهذا الخصي هذا البستان فقال بغ داد فسميت به ويرى جماعة من أفاضل العراقيين ومنهم للعلامة الكرملي أن أسم بغداد ارمي مبنى ومعنى ويستدلون على ذلك بأن الفرس لم يدخلوا العراق إلا في المائة الرابعة قبل الميلاد على عهد كورش وبغداد معروفة بهذا الاسم قبل الفرس بمئات من السنين فكيف تكون الكلمة فارسية الأصل؟!!. ومهما اختلفت الأفكار وتباينت الآراء في هذا الصدد فبغداد مدينة وجدت قبل الإسلام بهذا الاسم وكانت قبل أن يمصرها المنصور قرية تقوم فيها سوق عظيمة في كل شهر مرة فيأتيها تجار الفرس والأهواز وسائر البلاد، وربما كانت سوق الغنم فيها من أشهر أسواقها وبغداد اليوم أعظم وأكبر مدينة في العراق. جاداتها واسعة، وأسواقها منظمة، ومبانيها فخمة. وقصورها شاهقة. وتجارتها واسعة وعمرانها بديع وسكانها كثيرون. ومدارسها عديدة، ومعاهدها حافلة بطلاب العلم، ونواديها مكتظة برجال الأدب، وهكذا ترى فنادقها وعلى وجه العموم إن الرجل في بغداد يجد من وسائل الراحة ورغد العيش ومظاهر العلم والتربية ما لا يجده في أية بلدة عراقية أخرى. تنظيمات اللواء يتقوم لواء بغداد من مركز اللواء وتتبعه أربع نواح، ومن ثلاثة اقضية أخرى. أما مركزه فمدينة بغداد وقد سبقت الإشارة إليها. وأما نواحيه الأربع فهي: 1 - ناحية الكرادة - وهي مساكن لطائفة من الفلاحين الذين كانوا يسقون بساتينهم بالكرود ولهذا نسبت البقعة إلى أصحابها ويبلغ عدد أهلها (15. 000) نسمة وهي ما كان خارجا عن بغداد المدينة نحو ميلين جنوبا وفيها عدة قصور لتجار بغداد ومثريها وهي تعد اليوم مصيفا لبغداد لجودة هوائها واعتدال طقسها

وجمال موقعها. 2 - ناحية الدورة - ومركزها قصر قائم على الضفة اليمنى من دجلة في محل يبعد عن بغداد ثلاثة أميال جنوبا وليس فيها دور ولا عمران. إلا إنه بالقرب منها الهنيدي المؤسسة بعد الاحتلال البريطاني لبغداد والمتخذة محطة للطيران ومسكنا للبريطانيين المستخدمين في جيشهم. 3 - ناحية سلمان باك - ومركزها قرية سلمان المدفون فيها سلمان الفارسي الصحابي أحد مشاهير الإسلام ومدفنه واقع في وسط جامع فخم يقصده البغداديون في ربيع كل عام وهي تبعد عن العاصمة نحو (25) ميلا وبالقرب منها أنقاض مدن كثيرة واقعة على متني دجلة أشهرها سلوقية وطيسفون التي فيها (طاق كسرى) وقبرا حذيفة بن اليمان وعبد الله الأنصاري وغير ذلك. 4 - ناحية الاعظمية - ومركزها بليدة الاعظمية الجميلة القائمة على ضفة دجلة اليسرى. فيها قبر الإمام أبي حنيفة النعمان بن ثابت المتوفى عام 150 وفيها الكلية الاعظمية وجامعة آل البيت التي أنشأها الملك فيصل عام 1341 وتقدر نفوسها ب (4600) نسمة وأسواق البليدة منظمة وشوارعها حسنة ويصلها بالعاصمة جادة مستقيمة تكتنفها الحدائق والبساتين والمسافة بينهما نحو ثلاثة أميال. أقضية اللواء ذكرنا فيما تقدم أن للواء بغداد ثلاثة اقضية وهي: - قضاء سامراء وقضاء الكاظمية وقضاء المحمودية. قضاء سامراء سامراء الحالية إحدى البيوت الشهيرة في أيام المعتصم بالله وكان يسكنها الإمام علي الهادي فلما توفي في 25 جمادى الآخرة سنة 254 هـ (22 أيار سنة 868 م) دفن في بيته وبعد تقوض دولة العباسيين ومرور الزمان أصبحت سامراء مركزا لأبناء الشيعة فعاد إليها عمرانها وهي مركز قضاء سامراء اليوم الذي تقدر نفوسه ب (33. 88) نسمة فيها مرقد الإمامين علي الهادي وولده الحسن العسكري ويرى فيها إلى اليوم سرداب غيبة صاحب الزمان (ع) وهي محتاطة بسور فخم

ولا ينبت فيها شجر لصلابة أرضها وكثرة الحصى فيها. أما سامراء القديمة فهي تبعد عن سامراء الحالية بميلين وقد شيدها المعتصم بالله عام 221 هـ ومن غريب ما يذكره المحققون أن تشييدها تم في خمسين سنة فسكنها كثير من الخلق والعقل يؤيد هذه النظرية بمسألة مألوفة، هي أن الأمة في هاتيك الأيام كانت في أحسن دين لملوكها. فإذا انتقل الملك إلى جهة ما، تحول السكان معه كما جرى ذلك في بناء بغداد فاحتوت على تلك النفوس العديدة. واسم سامراء الحقيقي - على قول بعض المؤرخين - (سر من رأى) ثم (ساء من رأى) لما تهدمت وتقوضت فخففها الناس وقالوا فيها سامراء وهي تبعد عن بغداد ب 74 ميلا وكان يمر بها سابقا الخط الحديدي (بغداد إلى شرقاط) أما الآن فينتهي إلى بعيجة (بيجي). وذكر بعض المؤرخين أن السبب الذي حدا بالمعتصم إلى تمصيرها هو كثرة جيوشه في بغداد إذ أخذت تعيث فيها فسادا فضح الأهلون منهم وشكوا حالهم إليه فأمر بتشييد سامراء وانتقل إليها بعسكره. للقضاء ثلاث نواح هي: تكريت وبلد وسميكة أما ناحية تكريت فبليدة على ضفة دجلة اليمنى في محل يبعد عن بغداد نحو 109 أميال وعن الموصل نحو 160 ميلا وكانت في أول أمرها قلعة حصينة بناها الرومان يشهد عليها اسمها لأن معنى تكريت في الرومانية (اللاتينية) قلعة دجلة وفيها نحو 5000 نسمة جل مهنتهم تسيير الاكلاك والعبرات بين الموصل وبغداد. والناحية الثانية (بلد) وهي ليست بلد التي ذكرها الحموي في معجمه فإن تلك آثار مندرسة لا يشاهد منها اليوم غير الطلول في بعض البساتين الواقعة بين بلد الحالية وبين محطة القطار أما (بلد) المشهورة بجودة الكروم والتفاح فهي بليدة فيها نحو 4000 نسمة تكتنفها الحدائق والبساتين وتبعد عن ساحل دجلة ميلا واحدا وعن بغداد خمسين ميلا وليس فيها مدنية ولا عمران. والناحية الثالثة (سميكة) وهي إحدى قرى (دجيل) وتبعد عن بغداد 38

ميلا ونفوسها نحو ألف نسمة وأشهر ما فيها الرمان الذي ينمو هناك نماء حسنا قضاء الكاظمية قاعدته قصبة الكاظمية إحدى مدن العراق المقدسة التي تبعد عن العاصمة خمسة كيلومترات وكانت في الأصل تسمى مقابر قريش ولا يزال في صحن الكاظمية إلى الآن محل يسمى بصحن قريش. إلا إنه لما دفن فيها موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد الباقر وولده محمد الجواد (ع) عرفت بالكاظمية نسبة إليه (راجع معجم البلدان في مادة مقابر قريش في ص 587 من طبعة الإفرنج) ويربطها بالعاصمة ترامواي أنشأه مدحت باشا عام 1869م وهي تبعد عن ساحل دجلة الأيمن كيلو مترا واحدا وفي وسط الكاظمية صحن عظيم تتجلى فيه أربع مآذن وقبتان كلها بالذهب وتتلألأ على بعد تلألؤ الشمس في كبد السماء. تروج فيها التجارة رواجا لا يستهان به ولاسيما في أيام الزيارات ويؤمها ألوف من الزوار في كل عام. فيها أسواق منظمة وشوارع فسيحة وفيها عدة مدارس علمية وعصرية وقد أحصت الحكومة نفوس القضاء في الأيام الأخيرة فكانت 27. 397 نسمة. وللقضاء ناحية واحدة مع شعبة. أما الناحية فهي الطارمية: ومركزها الطارمية القائمة على ضفة دجلة اليمنى وتبعد عن بغداد 56 ميلا في محل يقابل قرية (الجديدة) (وزان هبيرة) وأما شعبة الكاظمية وهي داخلية قضاء المحمودية لم تكن وسائط النقل الحالية كالسيارات والقطارات وغيرها موجودة في العراق قبل عشرين عاما، بل كان المسافر يركب الحيوانات إذا أراد السفر إلى جهة من الجهات، ثم تطورت الحالة فجاءت العجلات ثم القطارات فالسيارات ولهذا كان أرباب البر والإحسان يومئذ يشيدون الخانات والمنازل بين بغداد والحلة وكربلاء والنجف تأمينا لراحة الزوار والمسافرين ومن جملة هذه المنازل خان المحمودية الذي أنشأه السيد جعفر ابن السيد محمد عام 1285م على مقربة من مزرعة والي بغداد محمود باشا في أوائل القرن السابع عشر للميلاد ثم أخذ الناس بعده يشيدون المنازل والمقاهي حتى أصبحت المحمودية بالصورة الحالية وهي

مركز قضاء المحمودية. والمحمودية اليوم بليدة قليلة العمران والمباني تبعد عن بغداد نحو 21 ميلا يمر بها الخط الحديدي الكبير (من بغداد إلى البصرة) وتمر جميع السيارات في طريقها إلى مدن الفرات الأوسط وقد أحصت الحكومة نفوس القضاء مؤخرا فكانوا 29. 981 نسمة. للقضاء ناحية واحدة مع شعبة: أما الناحية فهي (اليوسفية) وليس فيها قرية ولا دور سوى صرح للحكومة قائم في محل جميل على نهر اليوسفية المتشعب من الفرات مع دائرة للري وإما الشعبة فهي شعبة المحمودية وهي داخلية. مياه اللواء يشترك الفرات مع دجلة وديالى في إرواء الأراضي والمزارع الغربية من لواء بغداد على الوجه الآتي: يدخل دجلة لواء بغداد من محل يقع بين تكريت وشرقاط اسمه (الفتحة). وهو الحد الفاصل بين لواءي الموصل وبغداد ثم ينحدر نحو تكريت فسامراء فبلد فالكاظمية فبغداد وقبيل وصوله إلى نادية بلد يتشعب منه نهر عظيم يذهب إلى ناحيتي (بلد وسميكة) ويضمحل في مزارع الأخيرة منها وهذا النهر هو دجيل كأنه (تصغير دجلة) الشهير في زمن العباسيين. ثم أن دجلة بعد أن تخرج من بغداد يصب فيها نهر ديالى في موضع يبعد عن العاصمة نحو 15 كيلومترا وتذهب بعدئذ إلى ناحية سلمان باك فأراضي لواء الكوت. أما الفرات، فإنه بوصوله إلى (الصقلاوية) من أعمال لواء الدليم يتشعب منه نهر كبير يدعى (القرمة) وهذا النهر بعد أن يجتاز أراضي الدليم الواقعة في جهة (الجزيرة) ويسقي أراضيها. ينحدر نحو هور عقرقوف التابع للواء بغداد. وهناك تتفرع مياهه أربعة فروع تسقي زهاء 30. 000 دونم ويضمحل في البزائز (أي ذنائب النهر أو منتهاه) ولو سمحت دائرة الري بجعل مياه (القرمة) تجري على حالتها الطبيعية فتروي ما يحيط بالجانب الغربي من بغداد والكاظمية من الأراضي القاحلة، لجعلتها جنات وبساتين تدر على الخزينة مالا وفيرا كما

كان الأمر في عهد العباسيين ونهر القرمة هذا حفرته حكومة الاحتلال عام 1918م. والفرات بعد أن يجتاز قصبة (الفلوجة) ومقاطعة (الرضوانية) ينشطر منه نهر (اليوسفية) الذي حفرته حكومة الاحتلال عام 1919 والذي يسقي أراضي اليوسفية والمحمودية وشيشبار حتى تضمحل مياهه في البزائز الواقعة في داخل أراضي الجزيرة التابعة لقضاء الصويرة من أعمال لواء الكوت. أما نهر ديالى فإنه قبيل أن يصب في دجلة - كما تقدم - يسقي المزارع الواقعة على ضفتيه من منطقتي سلمان باك والكرادة بواسطة منضحات وكرود أعدت لهذا الغرض ثم يصب في دجلة. نتاج اللواء ودخله تزرع جميع أنواع الحبوب في لواء بغداد عدا الشلب (الأرز) وفيه النخيل وأشجار الفواكه على اختلاف أنواعها ويقدر دخل الحكومة من هذا اللواء بمليونين ونصف مليون ربية موزعة كما يلي: (300. 000) ربية من قضاء سامراء (600. 000) ربية من قضاء المحمودية (200. 000) ربية من قضاء الكاظمية (1. 400. 000) ربية من لواء بغداد ويدخل في هذا المبلغ المحصولات الزراعية والطبيعية والحيوانات والضرائب ولاسيما ضريبة الأملاك التي تجبى منها في بغداد فقط 700. 000 ربية. معلومات أخرى لواء بغداد كبقية الألوية العراقية يصدر ما تصدره ويجلب ما تجلبه والمعارف فيه مبثوثة في جميع أنحائه وقد أخرنا بحثنا عنها لأن تقرير المعارف للسنة الحالية لم يتم بعد وكذا القول عن العشائر في اللواء فقد حالت بعض الظروف دون نشر معلوماتنا في الوقت الحاضر. بغداد: السيد عبد الرزاق الحسني مصعب بن الزبير قال أحدهم (قطري أبو نعامة المازني) خرج زمن (مصعب الزبير) وإنما هو (مصعب بن الزبير) أخو عبد الله بن الزبير والذي يجهل هذا الرجل يستوجب التعلم مع الأحداث. مصطفى جواد

قبر الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة

قبر الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة - شاع منذ أجيال عديدة وأيقنت الحكومة العثمانية وعلماؤها في العصور الغابرة والحاضرة مع مؤرخيها وكتابها أن القبر الذي في باب مشهد الإمام موسى ابن جعفر (رض) والواقع في مقابر قريش (وهي الكاظمية اليوم) هو قبر الإمام أبي يوسف صاحب الإمام أبي حنيفة (رض) ولم تزل الحفاوة به والاحترام لقبره يزدادان مع الأيام وقد كانت الهدايا من سلاطين آل عثمان تتوارد الواحدة تلو الأخرى ويجدد مسجده كلما آل إلى الخراب. وتعتني دائرة الأوقاف بصرف ما يحتاج إليه مسجده من اللوازم وغيرها بغيرة عظيمة بدعوى أن صاحب القبر هو الإمام أبو يوسف قاضي القضاة في زمن الرشيد وصاحب أبي حنيفة. ولكني قرأت في الجزء الثاني من وفيات الأعيان صحيفة 40 (في ترجمة أبي يوسف يعقوب بن صابر الملقب بنجم الدين الشاعر) ما خلاصته: (وتوفي ابن صابر المذكور في ليلة الثامن والعشرين من صفر سنة ست وستمائة ببغداد، ودفن يوم الجمعة غربيها بالمقبرة الجديدة بباب المشهد المعروف بموسى بن جعفر رضي الله عنهما). انتهى: ولما راجعت ترجمة الإمام المشار إليه في الكتاب نفسه وجدت في صحيفة 307 ما خلاصته. (أن الإمام أبا يوسف توفي يوم الخميس أول وقت الظهر لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وثمانين ومائة ببغداد. انتهى) ولم يعين محل دفنه. وقد أخبرني بعض المعمرين أن قبرا بجنب قبر (الست زبيدة) تحت القبة التي في الشونيزي (مقبرة معروف الكرخي) ينسب للإمام أبي يوسف وزاد إنه رأى كتابة على جدار القبة عند رأسه تشعر بدفنه هناك. وهذا أمر ثان لابد من الركون إليه والتبصر فيه وهو إن زبيدة زوج الرشيد توفيت سنة 210هـ

(وفيات ج 1 ص 180). هذا فيما لو صح إن هذه القبة وهذا القبر لها وهو أمر لا يتفق والتاريخ لأن ابن الأثير يقول (ص 214 و 215): (إنها دفنت في مقابر قريش). وإن أبا يوسف توفي سنة 182 هـ فهل كان دفنه تحت القبة قبل دفن زبيدة أم كيف كان الأمر؟ ولذا اضطربت من هذه الملاحظات لشدة وقعها في نفسي وقلت متعجبا: كيف فاتت العلماء والمؤرخين هذه الحقيقة الناصعة وكيف أخذ الناس بتعظيم قبر دفين مقابر قريش أبي يوسف (نجم الدين الشاعر) واهمين إنه قبر الإمام أبي يوسف تلميذ صاحب المذهب؟ هذا وقد راجعت كل ما لدي من كتب التراجم فرأيتها كلها تجري على وجه واحد ضاربة صفحا عن ذكر محل دفنه، وقد رأيت في الجزء الثاني ص 85 من كتاب (حماة الإسلام) تأليف المرحوم مصطفى بك نجيب المصري المطبوع بمصر في العشر الأخير من ذي الحجة سنة 1341هـ ما نصه: (وتوفي (أبو يوسف) سنة اثنين (كذا) وثمانين ومائة (فعزى الإسلام بعضه بعضا بموته) ومشى الرشيد في جنازته، وصلى عليه، ودفنه في مقبرة أهله، في مقابر قريش بكرخ بغداد بقرب زبيدة ومحمد الأمين) أهـ. ففي قوله هذا خبط وخلط في التاريخ، إذ إنه يكذب من عدة وجوه بأدنى تأمل ويكذبه من له أقل إلمام بالتاريخ. فقوله: (دفنه في مقبرة أهله بمقابر قريش بكرخ بغداد) خلاف للواقع لأن مقابر قريش هي اليوم مشهد الإمام موسى بن جعفر (ع) (معجم ياقوت ص 107 ج 8) أما كرخ بغداد فقال ياقوت عنه (ص 234 ج 7): (فبين شرقها - كرخ بغداد - والقبلة محلة باب البصرة. وقال ابن بطوطة في رحلته: (وفي الجانب الغربي من المشاهد قبر معروف الكرخي (رض) وهو في محلة باب البصرة) واليوم بين مقابر قريش ومقبرة معروف أي باب البصرة الواقعة في شرقي كرخ بغداد مسافة ساعة ونصف للراجل. واغرب من ذلك قوله بقرب زبيدة

وزبيدة كانت في الحياة لما توفي أبو يوسف كما ذكرنا آنفا وقوله ومحمد الأمين أي بقربه غلط فاحش أيضاً لأن محمدا الأمين قتل سنة 198هـ وبين وفاة أبي يوسف ومحمد الأمين ست عشرة سنة. والصحيح في مدفن أبي يوسف (رح) ما أسلفنا ذكره، وحققنا عنه أي إنه لم يذكر له محل دفن معلوم. (صورة) قبر الست زبيدة إحدى خواتين السلجوقية الذي يظن فيه العوام انه قبر زبيدة امرأة هرون الرشيد (وبالختام أرجو من المؤرخين والباحثين أن يفيدوني بما لديهم من المعلومات في هذا الباب على صفحات جرائد بلادنا أو مجلاتها إظهارا للحقيقة وخدمة للتاريخ والله ولي التوفيق. عبد الحميد عبادة (لغة العرب) جاء في كتاب تاريخ المساجد لأستاذنا الالوسي في ص 128

من نسختنا الخطية ما هذا حرفه: (وقد اتصل بهذا المسجد والصحن (صحن الجوادين والكاظمين) مسجد الإمام الثاني يوسف يعقوب بن إبراهيم عليهم الرحمة والرضوان ومشهده فيه وعليه قبة كبيرة. وفي جنب مشهده مسجد تقام فيه الصلوات. وتؤدي الطاعات وهو مسجد رصين البناء قويم الأرجاء فيه روحانية وانشراح للصدور. . .) وهذه العبارة تختلف عما جاء في النسخة المطبوعة ص 119. ولا نعلم على أي كتاب أو مؤرخ اعتمد أستاذنا المرحوم في كلامه هذا، مع ما بذلنا من الجهد في الاهتداء إلى محله. ويخيل إلينا أن أستاذنا الالوسي استند إلى التواتر والله اعلم. اللباب والرباعيات في نظر المستشرقين كتب إلينا صديقنا المستشرق الإيطالي (جرجيو ليفي دلافيدا) مدرس اللغات الشرقية في جامعة رومة الكبرى، ما يأتي: إن هديتي الزهاوي: (اللباب والرباعيات) ألي، أعجبتاني كل الإعجاب، وأرجو منك أن تقدم تشكراتي إلى الأستاذ الكبير، والفيلسوف الشهير، فقد وجدتهما من انفس الشعر والترجمة معا وتحققت أن الزهاوي في نظم الشعر وترجمته يعجب الجمهور، لما في يراعته من السهولة والتدفق، وأيقنت أن اللغة العربية بين يديه كالشمع تطيع أنامله وتنقاد له انقياد العبد الذليل. وأنا أقدر ديوانه لأن في نظمه تجديدا للشعر العربي وذلك مما لا يرى في نظم أعاظم الشعراء الأقدمين. وقدرت كذلك ما نقله إلى العربية من رباعيات الخيام فقد افرغ الأساليب الفارسية في قوالب عربية تدهش القوميين المتوغلين في لغتيهما. ومثل هذا القول أقول عن نثره. فإنه يدل على تفوق في كتابته، قلما يشاهد مثله في مترسلي هذا العصر. ونتيجة هذين السفرين إنه ألقى ضياء جديدا على العربية فأخذت تميس في برد الجمال، وجعلها مما يتشوق إلى رؤيتها أبناء الغرب. فشكرا للزهاوي على ما ينظم وينثر. رومة في 31 آب 1928

الفردية الأدبية

الفردية الأدبية لمناسبة تهجم العقاد على لطفي بك السيد، بقلم الكاتب القدير الأستاذ جورج فرح في صحيفة (المهذب) الغراء. ذكرتنا حملة العقاد السخيفة على الأستاذ لطفي بك السيد بحملته سابقا على الأستاذ جميل صدقي الزهاوي وإن تأدب فيها نسبيا، كما ذكرتنا بحملة أحد الشعراء العراقيين على الأستاذ الزهاوي في الصحف العراقية المغرضة، وبحملته على العلامة الأب الكرملي لأن لجنة يوبيل الكرملي اختارت زميله ومنافسه الزهاوي رئيسا عاملا! فالعوامل في هذه الصبيانيات الأليمة واحدة وهي (الفردية) في أقبح صورها. والعقاد - الذي يملأ الحسد والحقد جوانب نفسه - يغار من وصف الزهاوي بالشاعر الفيلسوف، كما يغار من لطفي بك السيد لاكتسابه صفة الفيلسوف في الأوساط الفكرية الراقية بمصر وفي غير مصر. وكذلك حال الشاعر العراقي المتستر الذي نؤثر أن نغفل فضيحته فنتركه في موت الخمول هو وأذنابه الصغار. هذا هو السبب الحقيقي لحملة العقاد على الأستاذ لطفي بك السيد وليس السبب غيرته السياسة الوفدية، ولو صحت هذه الغيرة لما كانت في ذاتها عذرا للذبذبة الأدبية وللتناقض المعيب بين موقفيه بالأمس واليوم نحو لطفي بك. وما يمنعه من متابعة صديقه المازني في تقلباته المعروفة سوى مكره الذي يدله على إنه بذلك التقلب ينتحر أمام الجمهور، حيث يؤثر العقاد التصفيق من الجمهور على إرشاده وقيادته. وهو بخطته هذه يقلد سياسة شوقي بك الأنانية التي كان ينتقدها العقاد من قبل، ونعني بها متابعة الدهماء، والغيرة من كل أديب نابه، والإساءة إليه إن زاحمه أو لم يسر في ركابه، حتى ولو كان له فضل سابق عليه، فإن هذا الفضل ينسى بل يعتبر شبه جريمة!! ولعل هذه الصفة المشتركة بين العقاد وشوقي - صفة الفردية القبيحة

والأنانية البشعة - هي أصل التراشق بينهما إلى درجة معيبة، بحيث أن كليهما لا يعترف للآخر بأدنى حسنة، فقد عرفنا عن أدباء نزيهين غيروا أحكامهم سواء تقديرا أو انتقاصا لسواهم ولكنهم لا ينسون الحسنات إذا ما ذكروا السيئات، وأما حال صاحبينا المتصدرين للزعامة بالقوة فعكس ذلك تماما!! وقد اعتاد العقاد طول حياته أن يبني شهرته على حساب غيره متظاهرا بالكبرياء والعظمة ليكون حديث الناس وليقال عنه عظيم جبار!! فقد استغل من بادئ الأمر عطف الأستاذ عبد الرحمن شكري عليه وتعاونا مع المازني، فكان ثالوثهم داعيا لتشجيع الأدباء المجددين والصحفيين المتعلمين لهم، وكذلك القراء الذين سئموا القديم البالي، ولكن العقاد لم يرتح لاستمرار هذه الحالة الطيبة، فتآمر والمازني على هدم شكري، وكذلك فعلا في كتابهما البذيء السخيف المسمى (الديوان) لعلمهما أن أكبر عيب لشكري هو إنه رقيق الإحساس جدا، فصدمة قاسية كهذه كافية لجعله يبغض الشعر والشعراء ويطلق الأدب بتاتا. . . وهكذا كان تقديرهما في محله!! وما فرغ العقاد من شكري إلا وتحول للمازني، فاستغله كمطيب له استغلالا مضحكا مبكيا، بينما يطعن فيه أقبح طعن في مجالسه الخاصة! وهكذا قضى العقاد على وحدة الثالوث وأبقى على نفسه، كما استغل المازني للدعاية له وجعله آلة من الآلات التي يهدم بها مشاهير الأدباء في مصر بل وفي غير مصر إذا اقتضت مصلحته. . . ثم أحاط نفسه بطائفة من العيال المتطفلين على الأدب، يلقي عليهم دروسا عن عظمته لينشروها شفويا وكتابة بمناسبة وبغير مناسبة، دع عنك ما يكتبه متسترا في الصحف للنيل من سواه، وأخيرا اهتم بمقاومة نشر آثار غيره من الأدباء المعروفين بحجة إنها غير فنية، وإن نشرها إساءة للأدب العصري، كأنما حضرته قيم على هذا الأدب!!! ولم يكتف بهذه العجائب بل أضاف إليها دسائس شتى كاتهامه بعض الزملاء الأفاضل بالعمل لحساب الشيوعية، دع عنك تجاهله إنتاج سواه من نبغاء مصر كالدكتور طه حسين والدكتور هيكل وأمثالهما ومقابلته يد الصداقة الأدبية الممدودة إليه بالإساءة. وبالاختصار فهو لن ينوه إلا بفضل ميت لا يخشى منافسته، ويشترط عادة

أن يكون أجنبيا، أو بفضل صغير في حكم العدم لا خوف من مزاحمته، وأما أقرانه فلا ذكر لهم عنده غير الطعن المستمر أو التجاهل، وهذا ديدنه الذي يعتبر في التخلي عنه فناءه، لأنه لا يعيش إلا على إصغار سواه، ولا يوجه النظر إلى نفسه إلا بتصنع العبقرية والعظمة. . . فتأمل!! وسبحان واهب العقول! على أننا لو نظرنا إلى أدب العقاد من أوله إلى آخره لما وجدناه في أحسنه سوى تقليد لنظم شكري ولنقد المويلحي وهيكل وغيرهما، وليس في أغلبه سوى ثرثرة ومهاترة وسفسطة. . . فوجود هذا الأدب وعدمه سيان، بل الخير في عدمه، والأديب العصري المطلع على الثقافة الأوربية لا يسعه إلا أن يهزأ بصاحبه عندما يدعي إنه ليس بأديب مصر الأعظم فحسب، بل في مقدمة أدباء العالم وفلاسفته!! هذا هو الدعي الذي يحتال احتيالا على الشهرة بالشذوذ والشتائم وبتصنع العظمة، وبالدعاية العميقة الماهرة بينما يظهر كالصنم المظلم، وبمحاولة هدم سواه من نبهاء مصر، وبالاختلاق على كل نابغة، حتى قضى على كل ظن حسن وجه إليه سابقا من إخوانه الأدباء أمثال الأساتذة طه حسين، ومحمود عزمي، وحسين هيكل، وزكريا جزارين، وخيري سعيد، وعبد الحميد سالم، وإسماعيل مظهر، ونجيب شاهين، وسلامة موسى، وغيرهم من الأفاضل المشهورين. فهل يتصور العقاد إنه يستطيع بعد أن اشتهرت دخيلته أن ينال من وزير المعارف المصرية الجليل الأستاذ لطفي بك السيد رجل الفضل والأدب ومكارم الأخلاق؟! على أننا لا نبرئ الأستاذ لطفي بك من اللوم، فقد أدنى إلى مجلسه الراقي المهذب من لا يستحق ذلك. وقد شاء تهكم الأقدار أن تحتمل مصر بين عجائبها ظهور العقاد وشيعته من المتنطعين فيها ليصدق عليها الحكم المأثور: وكم ذا بمصر من المضحكات ... ولكنه ضحك كالبكا!! ولكن لنا عزاء في أن الدجل الفكري أصبح مفضوحا عديم الأثر، فلن يغتر به أديب مثقف لا في مصر ولا في غيرها، وحسبنا شاهدا قريبا على ذلك النقد المتين البليغ لديوان العقاد الذي نشرته زميلتنا (لغة العرب) الغراء، فقد قضى قضاء مبرما على ترهاته وفتح عيون المخدوعين فيه، ولم ينفعه دفاعا سبابه المألوف

ومغالطاته ومجالس الباطل التي يعقدها لنفسه. . . ونحن نؤمن بحرية النشر ونرحب بأي دفاع يكتب لنا عن العقاد، ولا نتردد في نشر نماذج من شعره ونثره حتى لا نقف مرة في موقف التحامل الذي نبغضه اشد البغض، ولكننا لا نبالغ إذا قلنا بأنه ليس في الإمكان تهيئة دفاع صالح عن رجل أصبحت سيئاته وإساءاته وشذوذه وأنانيته ومصارعته للحق أضعاف أضعاف ما له من حسنات، ولن يجديه فتيلا أن يتظاهر بالأبهة والعظمة كصفوة الأرستقراطية، ولا أن يلقبه بعض صبيانه بزعيم الأدباء المجددين، إذ لن يقبل هذه الزعامة المزيفة الطائشة أي أديب مخلص يحترم نفسه ويؤمن بقول الشاعر: لا خير في أدب لمن لم يتخذ ... من طبعه طبعا ومنه أصولا المصدر على وزن مفعول في مختار الصحاح (وقد عقل من باب ضرب و (معقولا) أيضاً وهو مصدر وقال سيبويه (هو صفة) وقال إن المصدر لا يأتي على وزن مفعول البتة) فأقول: إن كتب اللغة ذكرت كثيرا من المصادر على وزن (مفعول) منها (المفتون والمعسور والميسور والمحلوف والمجلود) وعندي أن (المجيء والمزيد) كالسابقات فاعتراهما الإعلال بعد أن كانا على ذلك الوزن لان اصلهما (مجيوء ومزيود) ولكن مختار الصحاح لم يذكر ذلك. أما قول سيبويه فغير مقبول لأمور ثلاثة: 1 - إن المجيء والمزيد على وزن المبيع والمدين. ولم يشك لغوي في مصدريتهما لأنهما مصدران ثابتان، وبذلك بطل ادعاء سيبويه أن المصدر لا يأتي على وزن مفعول البتة. 2 - بعض هذه المصادر هي لأفعال لازمة المعسور والميسور والمحلوف ولا يصاغ أسم المفعول من الفعل اللازم إلا بإحدى الوسائط الثلاث التي ذكرها النحويون. 3 - قد يحل المصدر محل الاسم في الاستعمال فقد قيل (شاهد عدل) و (شاهدان عدل) وشهود عدل) عوضا عن (شاهد عادل) و (شاهدان عادلان) و (شهود عادلون) فالميسور وما على وزنه من المصادر يستعمل ذلك الاستعمال. قال في المختار: (وأما قوله تعالى: خذ العفو أي خذ (الميسور) من أخلاق الرجال ولا تستقص عليهم) أهـ. وذلك التعبير مثل قولك (خذ العدل من الشهود) أي العادلين. مصطفى جواد

كتاب ثمار القلوب

كتاب ثمار القلوب - أتيح لي في الأيام الأخيرة أن أطالع كتاب ثمار القلوب، في المضاف والمنسوب، للثعالبي بعد أن لبث في غيابة خزانتي لبث يوسف في سجنه، وكنت في أثناء مطالعتي المح في الحاشية تعليقات للمصحح، على بعض كلمات الكتاب على سبيل الشرح والتفسير. فإذا أنا أمام (شريط من الأعاجيب) ما كنت أتخيلها، وما كنت أظن أن بشرا حاضر العقل يرتكبها، وإن الإنسان ليخلط في حماه ويهذي في منامه ولكنه يخلط ويهذي بما يقارب الواقع أما الحاشية فكانت فوق الخلط وفوق الهذيان. وكانت أول غلطة فظيعة عثرت بها في مسيري رواية قول حسان ص 175: (أني لو وضعت لساني على شعر لحلقه أو على صخر لفلقه) بقافين - (لقلقه) - وتعليقه عليها قوله (اللقلقة صوت طائر طويل. . .) فحملتها لاستبعادي صدورها من عاقل على هفوة قلمية وأشرت إلى ذلك في جزء سابق من هذه المجلة (6: 371) معتذرا عن المصحح بأن الإنسان محل السهو والنسيان ولكن لما أمعنت في استعراض الحاشية مرت من أمامي مخاز وترهات لا يمكن لبشر احتمالها فألجأتني إلى استرجاع اعتذاري! لأني لم أرض لنفسي أن اعتذر عن بلاهة فأضيف إليها بلاهة أخرى. وهاءنذا أعرض على أنظار القراء ما كتبته من الملاحظات حول تلك الفضائح وهي إلى تفكهة القراء أقرب منها إلى النقد لأن الحال سقطت عن أن يتناولها قلم منتقد. قال في ص 267 بيت: أناس هم المشط استواء لدى الوغى ... إذا اختلف الناس اختلاف المشاجب أقول: (المشط) معروف و (المشاجب جمع مشجب) وهو - كما في القاموس - خشبات توضع عليها الثياب وهذا البيت بديع جدا لأن الشاعر عمد إلى آلتين إحداهما ذات فروع متضامة في استقامة وتواز والثانية ذات فروع

متفرقة ومتباعدة وقد تكون متقاطعة ومنعقفة فشبه الوفاق بالآلة الأولى وشبه الشقاق بالآلة الثانية والصيغة كما لا يخفى أسم آلة أما حضرة المصحح فإنه فسرها في الحاشية بالاختلاط والتنازع وإن لم تضحك من هذه فسوف يضحكك ما يليها ففي الصفحة نفسها قول بعض البلغاء: (في إحدى سني القلم أري وفي الأخرى شري) ففسر حضرته (الشرى) بالخراج المعروف وهو بهذا المعنى لو كان مقصورا على وزن (فتى) لكن مراد القائل ما يوازن (الاري) وتفسيره على هذا الوزن (الحنظل) وهو الذي يناسب المقام لفظا ومعنى. وفي ص 282: (ويقال أيضاً كانت عليهم كراغية السقب يعنون رغاء بكر ثمود حين عقر الناقة قدار) هذا نص عبارة المؤلف وهو نفسه فسر السقب بالبكر أي ولد الناقة فأتى المصحح وركب عشواء وقال: (السقب والصقب بفتحتين القرب وفي الحديث الجار أحق بسقبه) فأين هذا من ذلك؟ وفي ص 284 قول بعض العرب في وصف ناقة: (الإبل سفن البر وجلودهما قرب ولحومها نشب وبعرها حطب وأثمانها ذهب) ومعنى النشب المال كما هو معروف أما المصحح - وهنا تسكب العبرات - فقد قال: (النشب جمع نشابة) فوقع في خطل مركب: أولاً إن لحوم الإبل ليست نصولا جارحة فتسمى نشابا. ثانيا إن النشابة جمعها نشاب بإسقاط الثاء كتفاحة وتفاح. وفي ص 286 في بحث (أشقر مروان) قال المؤلف: (هذا فرس مشهور كان لمروان بن محمد آخر ملوك بني مروان وهو يعدل شبديز ابرويز في الحسن والكرم حتى صار مثلا لكل ظرف - كذا بالظاء - عتيق وفرس كريم) فقال المصحح في الحاشية: (الظرف واحد الظرفاء والظراف وهو المشتمل على طباع كريمة) فهل رأيتم بالله عليكم بلاهة توازي هذه البلاهة؟ أولاً إن الظرف ليس واحد الظرفاء والظراف بل واحدهما ظريف وثانيا إن الصواب (طرف) بالإهمال والكسر ك (سرب) الكريم من الخيل وهو المناسب للمقام. وفي ص290 بيت من قصيدة أبي دلامة: وتحفى أن بسطت لها الحشايا ... ولو تمشي على رمث الرمال

كما ترى (رمث) بالراء وعلق عليها في الحاشية (نبات ترعاه الجمال ينبت في السهل. . .)! والصواب (دمث) بالدال يقال فلان دمث الأخلاق أي لينها. وفي ص 292: (أبو الهزيل) بالزاي والصواب بالذال المعجمة وفيها أيضاً أحمد بن أبي داود) والصواب (دواد) بتأخير الألف عن الواو وهما متكلمان مشهوران. وفي ص 298، (ذنب الحمار - يضرب مثلا لما يزيد ولا ينقص. . . وكان أبو بكر الخوارزمي يقول فلان كأعيان المرجئ وذنب الحمار) والصواب - كما في ص 135 من الكتاب نفسه (لا يزيد ولا ينقص) و (كأيمان المرجئ) لأن طائفة المرجئة تقول (الإيمان لا يزيد ولا ينقص). وفي ص 310: (العرب تقول في الدعاء على العدو: رماه الإله بداء الذئا ... ب لأن دهره جائع) هكذا على هيئة بيت من بحر المتقارب وعندي عدة أدلة على أن الكلام ليس بنظم: الأول أن الشطر الثاني غير مستقيم الوزن. الثاني إن تعليل الدعاء على هذا الأسلوب لا يلائم الذوق الأدبي. الثالث إن عبارة المصنف لا تدل على إنه نظم إذ لو كان نظما لقال: (قال الشاعر) ولم يقل: (العرب تقول). وفي ص 311 بيت هكذا: وكنت كذئب السوء لما رأى ... دما بصاحبه (يوما) أحال على الدم وفي ص 319 بيت: وأما نومكم عن كل (خبر) ... كنوم الفهد لا يخشى دفاعا هكذا بالباء الموحدة وعلق عليها حضرته قوله: (الخبر بفتحة وسكون الاختبار) ولم يشأ أن يرويه بالياء المثناة ويستريح من عناء التفسير. وفي ص 320 بيت من الرجز: ليس ينام كنوم الفهد ... ويأكل كأكل العبد وهو كما ترى ليس فيه ما يسمى رجزا والصواب أن يكون هكذا:

ليس بنائم كنوم الفهد ... ولا بآكل كأكل العبد وفي ص 332: (يقال ابر من هرة) فعلق عليها هذه العبارة: (الهرة قد أبرت بأولادها في أكلها إياهم. . .) بزيادة الهمزة في الفعل واستعمال ضمير العقلاء. وهذا غاية في الجهل! وفي الصفحة نفسها بيت الراجز: انك لو عمرت سن الحسل ... أو عمر نوح زمن (العظمل) والصواب كما في ص 515 من الكتاب: انك لو عمرت عمرت الحسل ... أو عمر نوح زمن الفطحل وفي ص 334 هذه الأبيات: وطيب أهدى لنا طيبا ... فدلنا المهدي على المهدي لم يأتنا حتى أتتنا له ... روائح أغنت عن الند بظاهر اخشن من قنفذ ... وباطن ألين من زبد كأنما تكشف منه المدى ... عن زعفران شيب بالند وعلق على (الند) الأول قوله: (الند بالفتح الطيب، وهذا التفسير صحيح لكنه علق على (الند) الثاني قوله: (والند بالكسر النظير) وهذا نهاية الرقاعة والصواب أن الكسر لا مناسبة له هنا وإنما ساقه إلى اعتبار الكسر محاولة التخلص من الإبطاء فوقع في أقبح منه ولو كان على بصيرة من أمره لعوض عن أحد الندين لفظة الرند وهو أيضاً ذو رائحة طيبة وبذلك يتخلص من الإبطاء. وفي ص 346: (والشعراء يشبهون الشيء الصغير القصير بإبهام القطا والحبارى واظفور العصفور) علق على كلمة (اظفور) مفرد كظفر وجمع الأول اظافير وجمع الثاني أظفار وراجع القاموس. وفي ص 351 البيت المشهور: أسد علي وفي الحروب نعامة ... ربداء تنفر من صفير الصافر علق على لفظة (ربداء) قوله: (ربداء صفة النعامة من ربد أي أقام وسكن) أقول: إن فعلاء صفة مشبهة مثل عرجاء وحمقاء وتختص بما يفيد الثبوت لذلك لا ينبغي أن تأتي من (ربد) بمعنى أقام كما لا يأتي جلساء من جلس ولا كتباء

من كتب والصحيح أن ربداء من الربدة كغبراء من الغبرة وزنا ومعنى. وفي ص 354 البيت المشهور: بغاث الطير أكثرها فراخا ... وأم الصقر مقلاة ترود علق عليه قوله (مقلاة مهجورة أي قليلة الولد وترود تدور باحثة) أقول: إن مقلاة ليست من المقلي إذ لا مناسبة له هنا فتفسيرها بالمهجورة ثم تفسير المهجورة بأنها قليلة الولد تكلف ظاهر والصواب إنها من القلت قال في القاموس (المقلات ناقة تضع واحدا ثم لا تحمل وامرأة لا يعيش لها ولد) وعلى ذلك ينبغي رسمها بالتاء المبسوطة لأنها أصلية والرواية المشهورة (مقلات نزور) وهي المناسبة للقافية لأن مطلع القصيدة: ترى الرجل النحيف فتزدريه ... وفي أثوابه أسد هصور وفي ص 358 في وصف الطائر المعروف بالسمندل (هذا الطائر في طباعه مزاج من طلاء النفاطين وأظن هذا الطلاء من طفل وخطمي ومغرة) فعلق على كلمة (النفاطين) قوله (النفاطين طلاء) وسكت والى القارئ الحكم. وفي ص 382 بيت: وما القطاة الكدر إلى القفر ... أهدى من الفقر إلى الحشر وعلق عليه قوله (الكدر والمنكدر المسرع) ولم ادر لم أضاف لفظة (المنكدر) وأنت ترى أن البيت غير مستقيم الوزن وينبغي أن يكون من السريع هكذا: وما القطا الكدر إلى القفر ... أهدى من الفقر إلى الحشر بإسقاط التاء لإقامة الوزن وليناسب كلمة (الكدر) لأنها جمع أكدر كحمر لأحمر والكدرة من صفات القطا. وربما في كلمة القبر هنا أولى من كلمة الحشر فتأمل. وفي ص 439 قطعة للجاحظ في من طال فراقه لأهله واشتدت عليه الحال فوقع في ما لا يحسن ذكره! وفيها يقول: (ومن كان كذلك لم يميز بين غثيان البهائم و. . .) كما ترى (غثيان) بالثاء وعلق عليها المصحح قوله: (والغثيان الخبث) ولم تصل مداركه إلى أن يصحح الغثيان بالغشيان أي الإتيان. وفي ص 465 بيت:

أترى عليل الوجد يطفئ ناره ... إلا رضاب الكاعب الغيداء قال في الحاشية (الغيداء بخلاف الاغيد فإنه الوسنان المائل العنق) فلينظر ما معنى قوله (بخلاف الاغيد. . .)؟ وفي ص 490 حديث عن النبي (ص): (ما زالت اكلة خيبر تعاودني فلا تهدأ أو تقطع ابهري). وفي الحاشية (الابهر جمع بهر بالضم تتابع النفس) فيا لله من هذا الإفن الذي لا يصدر مثله عن صاح! انظروا رحمكم الله ما معنى هذه الحاشية؟ وأي مناسبة بينها وبين الحديث؟ قال في القاموس: (البهر. . . وانقطاع النفس من الإعياء. . .) إلى أن قال: (والأبهر الظهر وعرق فيه) ولا يخفى أن هذا هو المناسب للحديث. وفي ص 499 أبيات في وصف السيف: كأن على متنيه أمواج لجة ... تفقأ في ضحضاحه وتطول كأن صغار الذر كسرن فوقه ... عيون جراد بينهن دحول حسام غداة الروع ماض كأنه ... من الله في قبض النفوس رسول علق عليها قوله (ضحضاحه أي بقربه) فأي فائدة في هذا التفسير؟ مع شيوع كون معنى الضحضاح الماء الخفيف شبه به السيف. ثم قال: (وقوله الدحول والداحول ما ينصبه صائد الظباء من الخشب) ولم استطع أن افهم المناسبة بين هذا التشبيه وبين آلة لصيد الظباء. والذي ينبغي أن يقال أن في الكلمة تصحيفا وصوابها ذحول بالذال المعجمة جمع ذحل وهو الثأر يقال: بين القبيلتين ذحل قال الشاعر: كل فج من البلاد كأني ... طالب بعض أهله بذحول وإن شئت حدثتك أيها القارئ بشيء أعجب ولا عجب بعد الاطلاع على ما سبق ذلك: أني انتهيت إلى الصفحة 512 فإذا فيها فصل هذا عنوانه: (ليلة منيح منبع بالشام). . . إلى أن قال (ولما دخل الرشيد منيحا. . .) فقلت ليت شعري ما هو (منيح) الذي دخله الرشيد ولم اسمع به مع شغفي بالتاريخ؟ وما هي الليلة التي نسبت اليه؟ ولولا عطفه على ذلك قوله (وهي بلدة البحتري) لما اهتديت إلى أن يعني بلدة (منبج)!!!

ومما يضحك الثكلى ما ورد في ص 543 (كان سليمان بن عبد الملك يقول: إن الفرس يصهل فتنق له الحجرة وإن الفحل يهدر فتضع له الناقة وإن التيس لينث فتستحرم له العنز وإن الرجل يغني فتشتاق له المرأة) فعلق عليها جناب المصحح قوله: (ينث يرشح)! والصحيح إنه بالباء التحتية المشددة مكان المثلثة أي (ينب) من نبيب التيس وعلى الباحث أن يفتش عن كلمة (تضع) لعلها (تضبع) أو غير ذلك. وتنق لا معنى لها هنا ولعلها تدق من ودق. وفي الصفحة نفسها في فصل سقاية الحاج (. . . ونبيذ الزيت) والزيت لا نبيذ له! بل هو الزبيب قد حرف. وفي ص 547 قال أعرابي لابنه: يا بني كن يدا لأصحابك على من قاتلهم ولكن إياك والسيف فإنه ظل الموت واتق الرمح فإنه رشا المنية وأحذر السهام فإنها رسل الهلاك). علق على كلمة (رشا) قوله (رشا بكسر الراء وضمها جمع رشوة)! هذا والله شيء يكاد الناظر إليه يمزق ثيابه! ويحك! إنها (رشاء) بالمد بمعنى الحبل شبه به الرمح كما شبه عنترة الرماح باشطان البئر في قوله: يدعون عنتر والرماح كأنها ... اشطان بئر في لبان الأدهم وفي ص 550 بيت: لا رقة الخصر الرقيق غذتهم ... وتباعدوا عن فطنة الأعراب بالخاء المعجمة والصاد المهملة والصواب إهمال الأولى وإعجام الثانية. وفي ص 559 بيتان: وند ما له ند ... تعاطيه من السنة إذا ما دخل النار ... حكى رائحة الجنة علق عليه قوله (الند بكسر النون الطيب والند بفتحها النظير)!!! هذا ما هيئ لي أن انبه عليه من تلك المخازي ومنه يعلم مبلغ ما منيت به لغتنا العزيزة التي هي دعامة هذه الأمة الضعيفة. فكم بين أظهرنا من حاملي شارة العلم والأدب لا يمتازون شيئا عن هذا المصحح يجوسون خلال معاهد الإفادة ويتسمون بسمات الأساتذة وهو لعمري أثر من آثار الفوضى التي دست اشاجعها في كل شأن من شؤوننا والله هو المجير. محمود الملاح

فوائد لغوية

فوائد لغوية الأوهام الشائعة 1 - قال أحدهم (علينا أن نتبين حالة معلوماتنا فنلاحظ بذلك ما (ينقصنا)) وهو يريد (ما يعوزنا) وشتان ما بين المعنيين. فمعنى ينقصنا يجعلنا ناقصين أو يبخسنا أو يترنا. 2 - وقال المذكور (فان لم يجل المطالع. . . يكفيه أن يهتم بأحدها) ولم يعلم أن الفعل المضارع مثل (يكفيه) إذا كان جواب شرط وجب جزمه. فالصواب (يكفه) بحذف الياء نيابة عن السكون لأنه معتل الآخر بالياء. 3 - وقال وهو من الجهلة المغرورين (ويجب استعمال اللفظة العربية الفصحى - بأن يهجر المنشئ الألفاظ المدرسية الغالبة على ألسنة التلاميذ نحو: أجاب على السؤال بدلا من: أجاب عن السؤال - وإذا مقدرته أصغر من مقدرات التلامذة لأنه قال مخالفا لما نصح به غيره (أن هذه التحريات بأجمعها طويلة وصعبة (والجواب عليه) إن كل شخص يعمل بحسب قواه) وقال أصلحه الله (فعليه وخطته إلى جانب مسودته. أن يعيد قراءتها بتأمل وانتباه مرارا وينتقدها من عدة أوجه (ويجيب على الأسئلة التالية) وفي القولين استعمل (على) بدلا من (عن) مع الاسم والفعل. وما أنكى أن ينقض الإنسان قوله بقوله جهلا وغباوة وتبجحا ولو كان ما منعه مألوفا عند المولدين. 4 - وقال (الأشخاص التي ينبغي التنويه عنها) وهو غالط كالذين من قبله فالصواب (ينبغي التنويه بها) كما قال الفصحاء. 5 - وقال هذا المتبجح (والفرق بين هذا الترجيح والترجيح الفقهي أن هناك يرجح) فجعل أسم أن المتقدم خبرها (فعلا) هو (يرجح) ولا يدخل (أن) على الفعل إلا الشعراء ذوو الضرائر المستقبحة (فالصواب أن هنا ترجيحا). 6 - وقال المغرور نفسه (وقيل ليست المشنقة هي التي تكسب العار وإنما

هي الجريمة) والصواب (وإنما الجريمة تكسبه) تخلصا من الإضمار قبل الذكر الممنوع وإيضاحا للمعنى مع محافظة الإيجاز. 7 - وقال مخطئا (كذلك تجد في نفسك ذاتها) والفصيح (كذلك تجد في نفسك عينها أو بعينها) وليس التأكيد بالذات فصيحا. 8 - وقال أحدهم (وينبغي لنا أن ندرك أن هذين الرجلين من الشواذ) والصواب (من الشاذين أو الشذاذ) حسب القياس. لأن وزن (فاعل) صفة لمذكر عاقل لا يجمع على (فواعل) لئلا يلتبس بجمع (فاعلة) مثل قارئة وبجمع (فاعل) صفة لمؤنث مثل (طوالق وحوائض). 9 - وقال هو بنفسه (لا نظن أنا ملزمون بذمها) والفصيح (ملزومون ذمها) لأن أسم المفعول هنا يعمل كفعله المبني للمجهول أي ينصب مفعولا واحدا. 10 - وقال وهو يدعي إرشاد الناس إلى استعمال العربية الفصحى (وذلك أن بعض الحوادث المضحكة حدثت في (مأتم)) مريدا (مناحة أو معزى) والفصيح أن يقول (حدثت في مأتم حزني) لأن في المآتم ما هو ذو فرح وانبساط. 11 - وقال وهو من المدعين (إن ثلاثة معان أو أربعة يوثق من صحتها) والصواب (يوثق بصحتها) لأن الباء تستعمل هنا. 12 - وقال المذكور (وأني أحيانا حينما أجد رفاقي يتحادثون مسرورين عن آمالهم لا أقوى على. . .) فجعل ظرفي الزمان متواليين وهذا مستكره وآخر الجار والمجرور فكان التباس. فالصواب (وأني حينما أجد رفاقي يتحادثون أحيانا عن آمالهم مسرورين لا أقوى على. . .) بفصل أحد الظرفين وتأخير (مسرورين) خشية اللبس. 13 - وقال مدعيا (فعلى الكاتب أن يبرز كل ما هو جوهري) والصواب الموجز (أن يبرز كل جوهري. . .). 14 - وقال هو بنفسه: (فإذا أردنا كتابة فرض موضوعه (الحجاج) مثلا و (تعرضنا إلى) قوى عقله وإرادته) قلنا: هو مخطئ في وضعه (إلى) موضع اللام. فالصواب (وتعرضنا لقوى عقله. . .) ولا يقال (تعرض إليه). الكاظمية: مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة فضل علماء مصر على صاحب المجلة في يوبيله إلى فضيلة العلامة الأب انستاس ماري الكرملي حفظه الله. يرفع هذه التحية القلبية إلى فضيلتكم نفر من أدباء مصر الذين يقدرون منزلتكم العلمية والأدبية العالية وما نحن إلا بعض الجم الغفير من أهل الأدب ومحبيه في العالم العربي الذي يشعر شعورنا بديننا الباقي لمواهبكم السامية في انتصاركم للأدب الشريف وخدمتكم النبيلة للغة القرآن التي أصبحتم تعدون عن جدارة أمام أئمتها. وقد دعتنا إلى مخاطبتكم تلك الفرصة المباركة وهي إتمامكم في 16 أيلول من هذا العام 35 سنة منذ اشتغالكم بتدريس العربية وآدابها باللسان والقلم لنفع طلبتكم وقارئيكم ومريديكم العديدين في عالم الضاد. وسرنا أن غيرنا من محبيكم في العراق لم يفته الانتباه إلى هذا الحادث التاريخي الأدبي، وانه يعنى بأعداد حفلة يوبيل عامة لائقة بقدركم يشترك فيها أدباء جميع الأمم العربية ومعاهدها الدراسية، فضلا عن الأعلام المستشرقين. ويزيدنا سرورا أن تتنازلوا لقبول هديتنا الصغيرة التي نرفعها لهذه المناسبة إلى (لغة العرب) الغراء وهي صك قيمته ثلاثون جنيها مصريا اعترافا بتضحيتكم المتواصلة في سبيل العلم والأدب، وتقديرا لعنايتكم الممتازة بتهذيب اللغة والنقد الأدبي، وبث روح النزاهة والشجاعة الأدبية والإخاء الفكري، ونصرة الحق والفضيلة، ولعلكم لا ترفضون نشر اعترافنا هذا بمجلتكم الغراء. ونسأل الله أن يمد عمركم الثمين، ويوفق العالم العربي لزيادة الانتفاع من جهودكم المنوعة الفذة، وأن يبقيكم ذخرا للعلم والأدب، وفخرا للعالم العربي. وتفضلوا بقبول أجل الاحترام عنهم. عن مصر القاهرة: محمد شرف (لغة العرب) إن هذه السطور تدل على كرامة أصحابها أكثر مما تدل

على ما نستحقه، إذ ليس فينا إلا العجز والقصور. على أن تقدير صاحب السعادة العلامة الكبير الدكتور محمد شرف بك ومن انضم إليه لما فعلناه من القيام بفرائض لغتنا، مما يدفعنا إلى مواصلة الخدمة لنكون أهلا لهذا المديح الذي نرانا بعيدين عنه إلى اليوم كل البعد. ونشكر اخوتنا المذكورين المصريين الكرام شكرا ثانيا لمساعدتهم إيانا بمالهم لنرأب بها صدع الخسائر التي تتكبدها ولا نزال نتكبدها لخدمة هذه اللغة الشريفة بواسطة مجلتنا الضعيفة فعسى أن يصلح حسن النية وإخلاصها ما يعوزنا من العمل والله الميسر. المضخة والمنضحة في مطالعتي الجزء التاسع من السنة الخامسة من (لغة العرب) الوضاءة استوقفني منها الكلام المثبت في آخر سطر من صفحة 545 وهو (باتخاذ المضخات التي تديرها المحركات). إلا أن من يرجع إلى استشفاف وجه هذا الكلام في ذلك الموطن لا يكون له بد من الوقوف عند لفظة (المضخات) المخرجة إلى غير حيزها استعمالا وتفسيرا؛ وذلك لأن الكاتب قد تخيل هذه اللفظة من الوضع الميسر للدلالة على الآلة العصرية المستنبطة للسقي أي على الآلة التي يقال لها ولكن الصحيح - وهو الذي لا مشاحة فيه - أن اللفظ الذي قد أطلق على هذا المعنى هو (المنضحة) ولا تسمية سواها مما تبارت في اشتقاقه قرائح الواضعين لتجاري تمثيل حقيقة المعنى وإما (المضخة) فهي اللفظة التي أفردت على وجه التخصيص (للدوش) الشائع استعماله في حمامات الأمصار التي توفر حظها من الحضارة ومن أخذ أخذها وذلك لمن يتوخى الاستحمام ضخا لمقاصد صحية، وفاقا لطرقه المختلفة. وحيث قد وهم الكاتب في حقيقة حكم هذا الوضع ووجه استعماله تحتم التنبيه عليه، ابتغاء رده إلى نصابه. (ل. ع) لا فرق في الأصل بين مادتي (ض خ) و (ن ض ح) والمادة

الأولى أقدم من الثانية لوجودها في حالة خلقها الأول. وإما الثانية فادخل عليها النون لزيادة في المعنى وإما وضع الحاء في موضع الخاء المعجمة فهو من لغات بعض القبائل وألا فانهما في جوهر واحد بقي هناك أمر لابد منه هو التخصيص فإذا خصصت المضخة بالدوش والمنضحة بالطلمبة انتفى اللبس وهو الغاية من وضع الألفاظ. أما اللغة فأنها لا تأبى وضع الواحدة موضع الأخرى. أغلاط الجزء الأول من الأغاني اقتنيت حديثا كتاب الأغاني الجديد الطبع فرأيت فيه بعض الأوهام اعرضها على القراء وهي: في التصدير ص 5 س 8 ما معناها: ما بين معناها - ص 10 س 19 وصفت: رصفت - ص 32 س 7 شيابه: شبابه في الكتاب ص 18 س 6 عقبة أبي: عقبة بن أبي - ص 28 س 19 قال ويقال: قال ويقال فيه في آسيه أي في اصله والاسي الأساس واحد وذرى كل شيء أعاليه وهو جمع واحدته ذروة ويروى. . . - ص 94 س 2 من الحاشية: ململام: مملام - ص 197 س 12 من الحاشية: آوقة: آونة - ص 205 س 9 من المتن: آية: آيه (لان المعنى ورد مكررا في القرآن الكريم) - ص 215 س 7 من الحاشية: سنينا: سخينا (لان السنين لا معنى لها هنا ويوصف الدمع بالسخين) ص 241 س 10 من المتن: ومنها. مع أن الشعر ليس من تلك القصيدة - وص 252 س 4 وص 309 س 9 وص 380 س 7 ومن النساء قال ابن سريج: (ولم ينوه به عنه وإن قال أن أحسن الرجال غناء من تشبه بالنساء؛ فكان التنويه لازما حسبما أرى) - ص 343 س 4 عدا: غدا - ص 365 س 11 من الحاشية، أحيل على الحاشية رقم 5 ص 346 والصواب رقم 6 - ص 392 س 2 وذكر - وذكرا - ص 393 س 10 من الحاشية: وجاء يعدو فقال: وجاء يعدو فعثر وتبدد الجمر فقال (كما في القاموس والأمثال) - ص 397 س 6 من المتن: وقضى: وكان قضى أو وقد قضى (فهلا صحح) - ص 402 س 10

من الحاشية: الحشاش الذي يحش الحشيش (ولا معنى له هنا بل هو الذي يكتسح الحش وهو الخلاء) - ص 414 س 10 من المتن: قوله بابي حنيفة أيها القاضي، ولا اذكر إنه ولي قضاء فهلا علق عليه كلمة. بغداد: عبد اللطيف ثنيان الكتابات الأثرية العباسية كان طير إلى صديقي العزيز العلامة الأب الكرملي منشئ هذه المجلة الجامعة بطاقة بالبريد الجوي مؤرخة في 28 حزيران سنة 1928 يقول فيها إنه جاءه في يوم واحد - 9حزيران - أربع رسائل من أربع مدن بخصوص الآثار العباسية ستنشر في الجزء السابع الذي يصدر بعد أسبوع. فاغتبطت بهذا الخبر ظانا أن مقالتي عن الكتابات الأثرية العباسية المدرجة في صفحة 116 من المجلد السادس قد حملت بعض العلماء الذين يعرفون مثل هذه الآثار فكتبوا عنها ما يخدم العلم وينفع الناس وكتبت إلى الصديق الكرملي من عرض الكرمل أعلنه هذا الاغتباط وسروري بمقالتي التي جرت وراءها أربع مقالات وبت أرقب وصول الجزء السابع بنافد الصبر. فلما جاءني بالأمس وجدت أن الرسائل الأربع التي تكاد تتفق في المعنى هي في نقد ما كتبته وإن اختلفت في المبنى. وبالرغم من تضمن إحداها عاطفة رقيقة فإنها كانت بمجموعها عاصفة تحامل شديد يراد به نسبة كل فضل وفضيلة إلى المستعربة من الغربيين الذين لا ننكر أياديهم البيضاء في خدمة لغتنا وتاريخنا ولكننا لا نرتضي لأنفسنا أن نكون عالة عليهم في القول والتفكير بل في الأمور التي قد نصل إليها ونطلع عليها أكثر منهم لأنها من تراث أجدادنا. لذلك كنت شديد الأسف على التسرع الذي بدر من بعض أصحابنا على غير هدى. في حين أني لا ادعي العصمة ولا أبرئ نفسي من الخطأ والزلل. والذي يتلخص من تلك الرسائل الأربع هو: 1 - إن هذه الكتابات جمعها فإن برشم وعلق عليها فوائد جليلة ولعل الكتاب نشر قبل أيام في مطبعة المعهد الفرنسي في القاهرة.

2 - إن هذه القضية قد طرقها السيد جرجي أفندي يني الطرابلسي منذ سنة 1892 في مجلة المقتطف الغراء في العددين الثامن والتاسع من المجلد السادس عشر وذلك بترجمة ما كتبه كليرمون غانو عنها. 3 - إن مجلة الهلال الغراء نشرت مقالة بتوقيع أحمد زكي باشا تتضمن نحو ثلاثة أرباع ما في مقالتي وإن زكي باشا نقلها ببعض تصرف عن مقالتي فإن برشم وكليرمون غانو وانه استفاد من مقالة السيد يني وأنني انتفعت بهذه المقالات الثلاث دون أن أشير إليها بكلمة واحدة. 4 - إنه كان يحسن بزكي باشا وبكاتب هذه السطور أن يذكرا المصادر التي أخذا عنها مقالتيهما ولا ينتحلاها لنفسيهما إذ في ذلك الأمانة والإقرار بالمعروف ونسبة كل ذي حق إلى حقه. انتهى ملخص الرسائل الأربع المدرجة في الصفحتين 353 و536 من المجلد السادس من لغة العرب المحبوبة. وقبل أن أتولى الرد على السادة النقدة أرى من واجبي أن اشكر للأب الكرملي ذلك الثناء والإطراء الذي قدمهما بين يدي مقالتي وتوج بهما رأسها فأثار هذه العاصفة الأدبية ولولا ذلك ما تنبهت الأذهان إلى هذا الجرح والتعديل والمقابلة التي حفت بها مقالتي عن الإيمان وعن الشمائل. ولا يسعني وأنا أصوغ قلائد الشكر للصديق إلا أن أقول للناقدين إنني لم ادع في مقالتي الابتكار ولما زعم إنني أتيت بما لم يطلع عليه قبلي انس ولا جان وإنما عين الرضى جعلت الأب انستاس ينظر إلى المقالة بذلك النظر الكليل عن كل عيب. في حين إنه لم ينسب إليّ الابتكار والابداع، ولم يغمط حق المتقدمين في هذه المباحث. بيد إنني أستطيع القول لمن يريد: أنني وفقت لاكتشاف أشياء من هذا النوع لم يعلم بها غيري قبل أن أعلنها بين الملأ وآتي على قولي هذا ببرهانين نشرتهما في مجلة الزهراء الغراء، فمن كان في ريب مما اقول، فليرجع إليها في الصفحة 526 من المجلد الثاني والصفحة 578 من المجلد الثالث. وفي مجموعتي عشرات من الكتابات التي لم يسبق نشرها أو بالحري لم يمكن الاطلاع عليها لغيري. ولم تكن عنايتي بجمع أمثال هذه الكتابات الأثرية من باب التقليد الأعمى

بل أن الذي حداني إلى ذلك إنني كنت بدمشق زائرا قبل خمسة عشر عاما فبينما كنت أتجول في شوارعها وجوادها وقع نظري على بعض الكتابات الأثرية المنقورة في الحجارة وقد أدخلت في بعض البنايات الحقيرة فورد على خاطري أن جمع مثل هذه الكتابات قد يجدي نفعا للتاريخ وقد أدليت برأيي هذا حين ذاك إلى صديقي صاحب المقتبسين العلامة الأستاذ السيد محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي وزير المعارف في الحكومة السورية الآن فاستحسنه ولكنه قال أن مثل هذا المشروع يتطلب عناء ونفقة وهو أحرى بعلماء المشرقيات في الغرب منا نحن المشارقة العرب ومع ذلك فإني أخذت بنقل ما عثرت عليه من الرقم في فلسطين ولا أقول إنني تمكنت منها جميعا لأن في الزوايا كثيرا من الخبايا إلا أن الذي أستطيع أن أجاهر به وأفاخر إنني طوفت بأكثر مدن فلسطين وقراها باحثا منقبا وأنني صححت بعض أغلاط النقلة من العلماء المستشرقين الذين جمعوا كتابات معينة محدودة ولعل صديقي الأب يذكر حديثي له في هذا الشأن في دير مار الياس على رأس الكرمل سنة 1925 بل أقول أكثر من هذا إنني وجدت لكلرمون غانو ولفان برشم أغلاطا من هذا النوع سأنشرها متى جاء وقتها. ولا لوم ولا تثريب عليهما في ذلك فانهما ليسا من الناطقين بالضاد ولا هما من أبناء البلاد الذين يستطيعون التغلغل في أحشائها وقد قيل: أهل مكة أدرى بشعابها. والذي أريد أن أقوله بجلاء ووضوح هو أنني نقلت تلك الكتابات عن أرقامها الأصلية ولم استعن بأحد كما توهم أصحابنا. على أن المتأخر إذا نقل عن المتقدم لا يكون قد ارتكب شططا أو جاء أمرا فريا. أما ردودي على كرام الكاتبين فهي: 1 - إن المأسوف عليه فإن برشم كان عني بجمع الكتابات الفلسطينية وقضى نحبه قبل أن يقضي لبانته من نشرها وتمثيلها بالطبع. وقد نشر الجزء الأول من مجموعته التي ستقع في ثمانية أجزاء منذ بضع سنين واقتنيت ذلك السفر على الرغم من جهلي اللغة الفرنسية التي علق بها على الكتاب واللغات الأجنبية الأخرى كما

أشار إلى ذلك الأب انستاس في معرض الدفاع عني. وليس في هذا الجزء ما نحن بصدده من الكتابات ولم اطلع على الجزء الذي تلاه بالنشر - ولا أدري إذا كان هذا الجزء هو الذي قال عنه أحد الناقدين إنه صدر قبل أيام في القاهرة - لأتبين أكانت الكتابات التي تناولتها في مبحثي قد نشرت أو لم تنشر بعد! فهل يريد صاحبنا أن يقول إنني اطلعت على مسودات فإن برشم ونقلتها عنه والرجل كان يقيم في وطنه سويسرة ولم يتسن لي الاجتماع به. على إنه لو فرضنا أن فإن برشم قد نقلها إلى مجموعته فلا يمنع هذا من اطلاعي عليها قبله أو بعده وتعليقي عليها بما قدرت عليه. وعلى ذكر هذه الكتابات أرى أن اذكر اهتمام أحد أساتذة اللغة بها فقد قال لي أن نشرها على طرازها الأصلي قد أفاد العلماء معرفة طريقة الكتابة في القرن الثالث الهجري وانه لو لم يكن من وراء نشرها سوى هذه الفائدة لكفى. 2 - يؤسفني أن أقول إنني لم اطلع على ما كتبه الأستاذ يني في المقتطف الأغر قبل سبع وثلاثين سنة تعريبا لما كتبه كليرمون غانو وتعليقا عليه ولكن الذي ألاحظه أن الذي كتب عنه الأستاذ هو المبحث الخاص بالكتابة الأموية المشوهة. وهذه الكتابة ليست من موضوع مقالتي (الكتابات الأثرية العباسية في فلسطين) وإنما ألحقتها بها بسبب التحريف الذي نالها في زمن المأمون العباسي وإذا فليست هي موضع الجدل وإنما كان يجب أن يقصر النقد على الرقيمين العباسيين اللذين بنيت مقالتي عليهما. وأنني اشكر لكل من يكشف لي الغطاء عنهما ويثبت لي بالبرهان انهما قد نشرا قبل أن أنشرهما سواء بالمقتطف أو غيره من المجلات والكتب فإن الكاتب لا يستطيع الإحاطة بكل ما يكتب ولا يفي العمر لقراءة جميع الكتب. ولو كنت عند ظن أصحابنا النقدة أنني أتناول ما كتبه غيري وانسبه لنفسي لكنت كتمت أسم كلرمون غانو الذي نقلت عنه الرقيم العباسي الثالث المدرج في الجزء الثامن (م 6 ص583) ولم أشر إلى فإن برشم أيضاً فإن في كتم ذلك تضليلا للقراء وتوهيما لهم بأنه من اكتشافاتي الخاصة وهو شيء لا أقبل به ولا أقره.

3 - ويؤسفني أيضاً أن أقول إنني لم أقرأ مقالة صديقي العلامة الجليلي الأستاذ أحمد زكي باشا في الهلال في حينها لأنقل عنها ثلاثة أرباع ما في مقالتي ولا أعني بذلك إنني استكبر النقل عن الأستاذ الثقة ولكني أقول الحق. وكم كنت أتمنى لو أن الناقد البصير أتى ببعض عبارات الهلال وقابل بينها وبين أقوالي لاقتنع من عند نفسي بتوارد الخاطر ووقع الحافر على الحافر على إنني اربأ بصديقي الزكي أن يكون قد استفاد من فإن برشم ولم يكن قد نشر الجزء الذي يتضمن هذه الكتابة بعد، ولعله لم ينشر إلى الآن، أو أن يكون قد انتفع بكلرمون غانو ولم ينسب أليهما ما نقله عنهما. لذلك فقد قرأت الآن المقالة الزكية الواردة في المجلد الثاني والثلاثين في الصفحة 41 وعنوانها (الآثار المصرية بين يدي الملك والدين) فإذا بصاحبنا ينسب كل شيء إلى أهله شأن العلماء الأمناء واليك ما قاله في هذا الصدد بعد ذكر ما صنعه المهدي في الروضة النبوية في المدينة المنورة يثرب من استبدال أسم الوليد بن عبد الملك على الطراز باسمه: (ونظير ذلك ما فعله المأمون بالهرم الكبير وأمره معروف. لكن الذي لا يعرفه الأكثرون هو ما فعله بقبة الصخرة المعظمة في بيت المقدس. وفد عليها في رحلته إلى مصر فرأى ما بهره مما لا يزال إلى الآن فتنة الناظرين وأعجوبة العالمين فتشبه بجده المهدي في فعلته بالروضة النبوية. وذلك إنه أمر برفع قطعة من القاشاني عليها أسم عبد الملك بن مروان وأمر بتقليد قاشاني يشابهها وطبخ اسمه عليها ثم وضعها بدل التي انتزعها واستراح خاطره وظن أن السرقة قد تمت له على ما يشتهي وإن الأجيال الآتية ستتخيل وتتخيل إنه هو الذي بنى هذه العمارة الفائقة بل هذا الأثر الوحيد في المشرقين والمغربين. وقد أعماه الله عن إتمام الخديعة فلم يتفطن إلى أواخر الحجارة المرقوم عليها سنة العمارة فبقيت الكتابة الأثرية إلى يومنا هذا كما شاهدتها بعيني شاهدا على جنايته الأدبية وبرهانا قائما على تزويره. والفضل في اكتشاف هذا التزوير يرجع إلى المستشرق الفرنسي

كليرمون جانو فهو أول من تفطن إليه ونبه عليه وكتب بذلك فصلا بجرنال آسية سنة 1887 ص 484 وضمنه صورة الكتابة منقولة بالفوتوغرافية.) أهـ. كلام زكي باشا الذي نشر في الهلال صورة تلك الكتابة. وقد نقلت عبارة زكي باشا القصيرة بحروفها ليتبين القارئ من خلال السطور إنه لم يستعن بمقالة جرجي يني ومجموعة فإن برشم وإن كان استفاد من مقالة كلرمون غانو فقد نوه بها وأشار اليها، وانني لم أنقل ثلاثة أرباع ما كتبته عنه فإن ما كتبه زكي باشا أيضاً يتعلق بالكتابة الأموية. وأنت ترى أنني لم اتفق في الرأي مع الصديق الزكي فقد زعم أن تلك الكتابة قد طبخت على ألواح القاشاني وزعمت إنها رصفت بحجارة ملونة من نوع الفسيفساء ولعل لصديقي بعض العذر فيما يقوله فإن الفسيفساء على ما حددها صاحب القاموس (ألوان من الخرز مركب في حيطان البيوت من داخل وكتابة عبد الملك ليست بالخرز وإنما هي من حجارة ملونة صغيرة الحجم سميناها بالفسيفساء قياسا على أمثالها من الخرز واستنادا إلى ما جاء في معلمة لاروس في التعريف بالفسيفساء بقولها: (الفسيفساء: مادة مركبة من قطع مجموعة (حجارة وتراب مطبوخ مطلي بالجلاء وزجاج وخشب مختلفة الألوان: يتألف من مجموعها نوع من الأصباغ). وقولها أيضا: (أن المادة الأولية للفسيفساء مؤلفة من قطع رخامية صغيرة مختلفة الألوان مربعة الأشكال ومن قطع صغيرة طبخت من تراب ملون طلي بالجلاء.) والظاهر من قول المعلمة إنه يراد بالقطع الترابية المطلية بالجلاء القاشاني. على أن في بلاد الأندلس ضربا من القاشاني كثير اللمعان تزين به القباب والمناور ويصنع هذا النوع الذي يسمى عندهم جليز في بلاد المغرب وهي تصحيف زليج. وفوق ذلك فإن صديقي نقل الكتابة على الوجه الآتي: (بنى هذه القبة المباركة عبد الله عبد الله الإمام المأمون أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ورضى الله عنه آمين.) وأنا نقلتها ومقدمتها التي هي:

(بسم الله الرحمن الرحيم. لا اله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه. بنى. . . الخ) ولهذه الكتابة بقية سأذكرها عند نشري الكتابات الأموية في فلسطين. 4 - إن أحمد الزكي قد ذكر المصادر التي نقل عنها في مجلة الهلال. أما أنا فقد بسطت لك الكلام على أنني لم أنقل عن أحد من العرب أو المستعربين ولو نقلت عنهم لما استكبرت عن الاعتراف بذلك لهم واحمد الله على أن من دأبي نسبة كل شيء إلى أهله حتى في روايتي وأحاديثي الشفهية احتفاظا بأمانة النقل. وأرى أن اقتصر على هذا القدر من الكلام فإن فيه الغناء لمن يعقلون. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص ملاحظات 1 - جرى لي سبق قلم في كتابة تاريخ ولادة ابن الفوطي فقد كتبت سنة 742 (راجع لغة العرب 6: 648) والصحيح هو 642 فقد جاء في الترجمة التي رقمها 2408 من الدرر الكامنة ما نصه: (ابن الفوطي - مولده في المحرم سنة 642 وكذا ورد في تذكرة الحفاظ للذهبي طبع حيدر آباد 4: 284 (ل. ع) الذي ورد في الأوراق التي جاد بها علينا الصديق هو 742 ولا جرم أن هناك سبق قلم لاشك فيه. 2 - لما قلت: (باشر كتب) (6: 648 من لغة العرب) قدرت أن أصل الكلام هو: باشر نظارة كتب. أو وكالة كتب أو خزن كتب خزانة الرصد، مما يتحمله باب حذف المضاف إليه. إذ يستحيل عقليا أن يكتب الرجل أربعمائة ألف مصنف. وكثيرا ما يستعمل ابن حجر كلمة (باشر) ويردفها بالمصدر فيقول مثلا: باشر توقيع الدست، وباشر نيابة القضاء إلى غير ذلك. ولهذا أبقيت كلام ابن حجر على حاله. وأنت تعلم أن كلام ابن حجر ليس مما يؤتم به. (ل. ع) قلنا: وعدم التقدير أحسن من التقدير، ولاسيما لأننا لو أولنا (كتب) بالمصدر لجارينا ابن حجر في مصطلحاته كما لا يخفى. 3 - قولكم في الحاشية 3 من ص 648 من هذه السنة 6: (في هذا العنوان خطأ ظاهر من الناسخ الماسخ والصواب معجم الآداب في معجم الأسماء والألقاب

كما ورد في كشف الظنون يخالف ما جاء في المخطوط بصريح العبارة: (اختصره في آخر سماه مجمع الآداب ومعجم الأسماء على الألقاب) ونظن أن صاحب كشف الظنون وهم في قوله، أو لعل الوهم من الناسخ لا منه والصحيح ما ذكرناه. (ل. ع) ونحن نرجح تصويب الأستاذ الصديق. 4 - يجب أن يكتب مبارك بن المستعصم لا مبارك ابن المستعصم كما ورد سهوا في المجلة 6: 648 وكان أحد أبناء الخليفة المستعصم ومن المحدثين كأبيه. 5 - صححتم قول ابن حجر خمسمائة إنسانا بقولكم: (والصواب: إنسان بالجر) (ح 7 ص 648: 6) والذي في النسخة الخطية إنسانا بالنصب ولابن حجر فلتات غير هذه. 6 - صححتم (في قطع الكبير) (ص648: 6) بقولكم: والصواب في القطع الكبير، فاسمحوا لي أن لا أوافقكم في هذا ولا اعتبر أن في الأصل خطأ ففي قوله: في قطع الكبير تقدير هو: في قطع الورق الكبير. ومثل هذا ورد في صبح الأعشى (7: 253 س 7) أما الملطفات ففي قطع الثلث. وفيه (ص 250 س 10) يكتب في قطع البغدادي الكامل. وفيه (ص 215 س 2) في قطع الشامي الكامل. وفي (6: 426 في عدة مواطن) إنه كتبه في قطع البغدادي الكامل. وجاء فيه مرارا قوله: في قطع الكبير وفي قطع الكامل. إن أغلاط ابن حجر في مميز العدد لا تنكر أما من جهة اتباع النعت للمنعوت فمما لا أوافقكم عليه. والنسخة الخطية التي بيدي مرت تحت أنظار المؤلف نفسه وأنظار السخاوي وفي الكتاب أوهام وعبارات واستطرادات (لا محل لها من الأعراب). أني موقن بأن النسخة التي بين أيدينا هي المسودة، لما في النسخ الأخرى الحسنة من تبديل مواضع بعض التراجم وكثرة البياض في بعض الصفحات، بياض كان يمكن أن يملأ بكلمة أو كلمات بسهولة عظيمة. ويظهر لي إنه كان للمؤلف كتب خطية عسرة القراءة أو إنه كان يقرأها بصعوبة عظيمة. وقد كتب ابن حجر بنفسه على حاشية مخطوطي: (تجب معارضة الكتاب مرة ثانية) والكتاب الذي يشير إليه ليس عندي وهو (الإحاطة) لابن الخطيب. والترجمة

التي يشير إليها غير موجودة في المجلدين اللذين نشرا في القاهرة والنسخ الخطية التامة ترى في ديار الأندلس أو في ديار المغرب. 7 - جاء (تكهل) بمعنى (اكتهل) مرارا عديدة في كتاب (الدرر الكامنة) وقد أنكرتموها. (ل. ع) لم ننكرها إلا لأننا لم نجدها في سفر من الأسفار اللغوية فإذا وجدت لغيره أيضاً سلمنا بمولديتها. 8 - في مطالعتي مجلتكم وجدتكم بعض الأحيان تستعملون مفرد أفعل المؤنث (أي فعلاء) في مكان الجمع كما يفعل كتاب مصر. فقد جاء في لغة العرب (6: 252 س 20) الأشجار الخضراء في مكان الأشجار الخضر. (ل. ع) من مزايا لغتنا وصف المنعوت المجموع من غير العاقل بصفة مفردة مؤنثة ومنه في سورة الحاقة: (قطوفها دانية أي دانيات. وقوله: في الأيام الخالية أي الخاليات. وفي سورة البقرة: إن تبدوا الصدقات فنعما هي، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم.) وهذا لا يحصى. 9 - رأيت في النص الفارسي الوارد في مقالة بي بروا بعض الأوهام منها في الصفحة 243 (من السنة 6) في السطر 21: نرادد والصواب ندارد. وفي ص 248 س 8: ميدادر والصواب ميدارد. وفي ص 249 س 14 ريدة من: ديدة من. وفي ص 250 س 4 مهناب: مهتاب. وفي ص 252 س 11 بررم: يدرم بباء مثلثة تحتية فارسية. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو (ل. ع) كان حضرة الكاتب الجليل أحمد حامد أفندي الصراف نبهنا على هذه الأغلاط لكن فاتنا أن نصححها. فنشكر حضرة صديقنا كرينكو على ملاحظاته هذه. الجيل ومعناه جاء في تذكرة الكتاب للأديب اللغوي اسعد أفندي خليل داغر (في ص 62) ما حرفه: ويستعملون الجيل بمعنى القرن، فيقولون: (كان ذلك في أوائل الجيل الماضي) وفي كتب اللغة: الجيل صنف من الناس. أهـ. قلنا: جاء في التاج: والجيل أيضا: القرن. أهـ. ونزيد على ذلك أن الشاعر قال في هذا المعنى: أن الغراب وكان يمشي مشية ... فيما مضى من سالف الأجيال

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة جاء في الأهرام الصادرة في أول سبتمبر (أيلول) 1928 ما حرفه: التعضيد والمعاضدة إلى الأستاذ الكبير السيد وحيد بك (الأيوبي) سئلت مجلة (لغة العرب) التي ينشئها ببغداد العلامة اللغوي الأب أنستاس الكرملي عما نشرتموه في أهرام 3 يوليو الماضي بخصوص التعضيد والمعاضدة فكان جوابها ما نصه: أولاً - إن كتب اللغة لا تحوي جميع المفردات فإن الجوهري ذكر أربعين ألف كلمة. وصاحب القاموس زاد عليها عشرين ألفا، فجاء في ديوانه بستين ألف كلمة. أما ابن منظور الأفريقي صاحب لسان العرب فإنه أوصلها إلى ثمانين ألف كلمة وقد ضممنا نحن إلى هذا القدر خمسة عشر ألف كلمة فأنت ترى من هذا كله أن دواوين اللغة لا تستوعب الألفاظ كلها لكثرتها. ثانيا - إذا كان القياس لا يمنع وضع اللفظة فاتباعه لمعنى جديد مستحب. ثالثا - ذكر أحد الثقات للفظة مما يحملنا على اتخاذها. والحال أن عضد (من باب التفعيل) واردة في المصباح. قال في فصل النسبة في آخر الكتاب (ص 889 من الطبعة الثانية الأميرية التي ظهرت في بولاق سنة 1906) ما هذا نصه: (وقول العامة: شفعوي خطأ إذ لا سماع يؤيده ولا قياس يعضده) وقد ضبطت الضاد بالشد. وجاءت أيضاً في المخصص لابن سيده (85: 9) كسر نسعا وهو الوجه عندي لأنه عضده بالوصف الجلي. انتهى المراد من نقله. وقد ضبطت الضاد بالشد. وأنت تعلم أن ناشر الطبعة الثانية من المصباح هو الأستاذ الشيخ حمزة فتح الله المفتش الأول للغة العربية بنظارة المعارف العمومية ومتولي نشر المخصص هو من أعلم علماء اللغة محمد محمود الشنقيطي وكفى بهما حجة. أهـ.

كلام لغة العرب. فما قول سيادتكم في ذلك كله؟ محمد محمد مرجان مدرس فكان جواب الأستاذ اللغوي وحيد بك الأيوبي في الأهرام الصادرة في 6 أيلول (سبتمبر) ما هذا حرفه: جواب التعضيد بمعنى الإعانة خطأ سألني الفاضل الغيور الأستاذ محمد محمد مرجان عن قولي فيما جاء بالمجلة العراقية (لغة العرب) مختصا باللفظ (التعضيد) الذي قلت إنه بمعنى الإعانة خطأ فمع احترامي للعلامة اللغوي الأب أنستاس الكرملي صاحب المجلة أجيب عن السؤال: جاء في المجلة قولها (أن كتب اللغة لا تحوي جميع المفردات) وأني لم اقتصر على كتب اللغة في مثل ذلك فلم يرد التعضيد بذلك المعنى في كتاب من الكتب التي نعتمد عليها معجما كان أو غيره لم يرد في معلقات العرب بل دواوين شعرائهم كلها وخطبهم والمنقول عن وفودهم جميعا لم يرد ذلك في القرآن، لم يرد في حديث، لم يرد في مجمل ابن فارس، أو مفردات الأصفهاني، أو مغرب المطرزي أو فصيح ثعلب، أو الصحاح، أو المحيط، أو الأساس، أو اللسان، أو المصباح أو المختار، أو التاج، أو تهذيب ابن السكيت، أو كتاب الألفاظ للهمذاني أو فقه اللغة أو أي كتاب من الكتب الموثوق بها. وقد اتفقت كتب الأئمة الثقات واللغويين الإثبات على أن ما في كلام العرب هو العضد بفتح فإسكان أي الإعانة والمعاضدة أي المعاونة (عضده يعضده عضدا مثل نصره ينصره نصرا وعاضده يعاضده معاضدة) وتعضيد السهم إذا ذهب يمينا وشمالا عند الرمي وتعضيد المطر إذا بلغ ثراه العضد وتعضيد البسرة إذا أرطبت من وسطها. ذكره ابن فارس في المجمل. قيل في المجلة أن في خاتمة المصباح قوله في سياق الكلام (لا قياس يعضده) بتشديد الضاد فأنبه المجلة على أن هذا التشديد خطأ واقع في المطبوع الأميري فليس ذلك مشكولا في الأصل الذي بخط المؤلف وقد وقع مثل هذا الخطأ أي الغلط في الشكل في غيره من المطبوعات.

أما استناد المجلة إلى القاموس فهو مردود لأن التفعيل في مثل أبرت النخل أبرا أي لقحته وأبرته تابيرا للمبالغة والتكثير موقوف على السماع فقد جاء في كلام العرب عضده يعضده عضدا مثل نصره نصرا وزنا ومعنى ولم يجيء في كلامهم نصرة ينصره تنصيرا للمبالغة والتكثير في النصر أي الإعانة وغير هذا كثير. وحيد صحة لفظ التعضيد علينا قبل الجواب، أن نعلم: 1 - إن الإمام الشافعي قال: (لسان العرب أوسع الألسنة مذهبا وأكثرها ألفاظا. ولا نعلم أن يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي، ولكنه لا يذهب منه شيء على عامتها حتى لا يكون موجودا فيها من يعرفه) (المزهر طبع بولاق 1: 34). 2 - قال الزبيدي صاحب أعظم معجم عربي وجد إلى اليوم في آخر كتابه: (وأما الاستيعاب (استيعاب ألفاظ اللغة) فأمر لا يفي به طول الأعمار، ويحول دونه مانعا العجز والبوار، فقطعته والعين طامحة، والهمة إلى طلب الازدياد جامحة، ولو وثقت بمساعدة العمر وامتداده، وركنت إلى أن يعضدني التوفيق لبغيتي منه واستعداده، (لضاعفت حجمه أضعافا، وزدت في فوائده مئين بل آلافا. . .) أهـ. وهذا كلام واضح في أن دواويننا اللغوية لا تحوي مفردات لغتنا من قياسية وغير قياسية فكيف يحاول امرؤ أن يجدها في كتاب صغير من المؤلفات التي في أيدينا؟ وبعد هذا نقول: إن عدم وجود عضد (المضعفة) في الإسفار التي أشار إليها حضرة الأستاذ وحيد بك لا ينفي وجودها. اللهم إلا أن ينص إنه لا يصاغ من عضد الثلاثي عضد المضاعف العين وهذا التصريح لم نعثر عليه في سفر. وليسمح لنا سعادته أن نورد له بهذا الشأن ما وقع لنا قبل سنة 1910: كنا قد أدرجنا مقالة في إحدى مجلات بيروت استعملنا فيها كلمتين هما: (كلام ساذج) فقال لنا أديب أخطأتم في قولكم هذا، لأن الساذج - للكلام الذي لا نكت فيه ولا فقر ولا جناس ولا محسنات البديع - لم يرد في كلام

العرب ولا في ديوان من دواوين اللغة. فقلنا له إنها وردت في الأساس. فقال: لا وجود للمادة نفسها فكيف تنسبون إليه فرعا لها؛ اللهم إلا أن يكون الأمر في أساس مخيلتكم. ثم نقرنا عن الكلمة في الأساس وفي جميع الكتب التي سرد أسماءها لنا حضرة البك فلم نعثر عليها. مع أننا كنا قد دوناها في معجمنا لكننا لم نذكر مظنتها وكنا نتذكر إننا رأيناها في الأساس. ولما لم نجدها في مادتها والأديب ينسب إلينا التهم واختلاق الشواهد، اضطررنا إلى مطالعة الأساس من أوله إلى آخره لنعثر على اللفظة فوجدناها في مادة غ س ل، إذ يقول: (كلام فلان مغسول، ليس بمعسول؛ كما تقول: عريان وساذج: للذي لا ينكت فيه قائله كأنما غسل من النكت والفقر غسلا أو من حقه أن يغسل ويطمس). أهـ. ولما أطلعناه على النص اطمأن باله وهدأ. فيا حضرة البك إن دواويننا اللغوية لا تحوي جميع ألفاظ لغتنا. 3 - إن اتفاق غلط الطبع في المصباح المنير والمخصص يعد من اغرب الغرائب - إذا كان الأمر كما يقال - على إننا نستعبده لأننا لم نشاهد في هذين السفرين أغلاط طبع كثيرة حتى نضيف هذا إلى اخوته. ونحن نعلم العلم اليقين أن الأستاذ الشنقيطي كان ينعم نظره كل الإنعام في ما كان يطبع باسمه، بل ما كان يحتمل وهم طبع مثل هذا ينسل إلى ما يتولى نشره أو تأليفه أو طبعه ونحن نعارض الشنقيطي بأكبر اللغويين الأقدمين والمحدثين. 4 - إن اغلب مرادفات عضده (من باب التفعيل) جاء على هذا الباب من ذلك أيده وأجده وعقده وأطده ووكده وقواه ووثقه ومكنه وثبته وأكده ووطده وقرره إلى غيرها. على أن عضده المضاعف العين ورد في النهاية لابن الأثير قال في مادة (ع ض د): (وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - إنه كان أبيض معضدا. هكذا رواه يحيى بن معين وهو الموثق الخلق. أهـ. وهذه العبارة وردت أيضاً بحرفها في مستدرك التاج في مادة (ع ض د) وفي مجمع البحرين للشيخ الطريحي في المادة المذكورة وهذا نصها: والأخبار قد يعضدها كذا (بتشديد الضاد) أي يقويها من عضدته إذا قويته. أهـ. 5 - إن (عضده) (بالتشديد) لغة مفخمة في أيده. وذلك إن من قبائل

السلف من كان يجعل الهمزة عينا وهو ما يعرف بالعنعنة. ومنهم من كان يقلب الياء ضادا فكان بعضهم يقول (الضرع) وهو الصغير من كل شيء ويريد به (اليرع) وقد يحمل أيضاً على لغة من يجعل الياء جيما ويصير الجيم ضادا ونحن نرى أنهم قالوا في أيده: (أجده) ثم قالوا (عضده) على سبيل إدخال لغتين في كلمة واحدة. قال في اللسان: بناء مؤجد مقوى وثيق محكم. أهـ. ومؤجد مثل موطد لأنهم استثقلوا قولهم موضد بالضاد فنقلوها إلى الطاء طلبا للخفة. أما أنهم جعلوا الجيم ضادا فكثير في كلامهم. فقد قالوا وجح الطريق بمعنى وضح. وأوضفه بمعنى اوجفه أي حمله على الإسراع في المشي. وضرح الشهادة بمعنى جرحها. وهضمها عليهم بمعنى هجم والرضام الرجام لصخور عظام إلى غيرها. ولهذا نذهب إلى أن عضد اصلها أيد، ودخول لغتين على الكلمة الواحدة معروف في لساننا فقد قال الفصحاء آض (أي رجع) عاد بجعل الهمزة عينا والضاد دالا أو بالعكس. وقالوا: الكثر والقدر. سما وشمخ أو سمق. ختره في غدره إلى غيرها. وكذلك في لغة العوام. فقد سمعت يوما الدكتور المرحوم يعقوب صروف يقول لي (أزان) فلم افهمها في بادئ الأمر. فقلت له اكتبها فخط (أظان) فقلت: وهذه أيضاً لا افهمها فما تريد؟ فقال: المرجل أو القدر الكبير. قلت: الآن فهمت أن الكلمة تركية الأصل من (قزان) بمعناها. وقزان نفسها مخفف (قزغان). ولما كان السوريون وبعض المصريين يلفظون القاف همزة والزاي ظاء قالوا (اظان) وهكذا كان يكتبها المرحوم الدكتور صروف في مقتطفه. فلا عجب بعد ذلك إذا قيل في (أيد): (عضد). 6 - قال حضرة البك: (لم يجيء في كلامهم نصره ينصره تنصيرا للمبالغة والتكثير). قلنا: لو قال حضرته لم نجد نصره (بالتشديد) في دواوين اللغة لسلمنا له بالأمر أما إنه لم يجيء أبدا فهذا ما نخالفه فيه لأن ابن قتيبة يقول في كتابه (أدب الكاتب) في ص 488 من طبعة أوربة: (وتدخل فعلت (المشددة العين) على فعلت (المجردة) إذا أردت كثرة العمل) ولهذا انتقد الفرزدق إذ انشده ما زلت افتح أبوابا وأغلقها ... حتى أتيت أبا عمرو بن عمار فقال: (فجاء به مخففا وهي جماعة أبواب وهو جائز إلا أن التشديد كان

أحسن وأشبه بالمعنى). أهـ. أما أن التنصير ورد في كلام الأدباء فهو أمر لا يحتمل الريب فقد جاء في كتاب البيان لمؤلفه ابن العذاري المغربي وهو من أبناء المائة السابعة للهجرة؛ في مقدمة الجزء الأول ص 88 في الرقم 3 فراجعه. 7 - يؤخذ من كلام حضرة اللغوي المحترم إنه لا يحسن بنا أن نستعمل إلا ما استعمله السلف وأن لا نتخذ إلا ما اتخذه السلف لا غير. أو بعبارة أخرى يقول لنا: يا أهل القرن العشرين: كونوا من موتى السلف ولا تتحركوا حركة ولا تظهروا إمارة حياة لأن السلف لم يتحركوا كما تتحركون فاهمدوا في مواطنكم. وكل هذا أمر بالموت صبرا وهذا لا يسلم به حي من الأحياء. 8 - من غريب صنع حضرة الإمام اللغوي إنه يأمرنا بالجري على آثار السلف أو بالجمود أو قل بالهمود وهو يخالف ما يأمرنا به. فإنه استعمل في جوابه علينا: (المجلة والمعجم والمطبوع والمشكول) بالمعاني الحديثة وهي كلها ألفاظ لا وجود لها في القرآن ولا في الأسفار التي أشار أليها. فكيف جوز لنفسه ما لا يجوزه لغيره؟ أليس لأنه يجاري أبناء العصر في أعمال حياتهم؟ فإذا كان كذلك. فما لنا إلا أن نقول التعضيد إذا أردنا كثرة العضد التي يصعب النطق بها لتجاور حرفين ثقيلين على اللسان. ولهذا نرى استعمال التعضيد في كل موطن خير من حصرها في معنى التكثير وحده. 10 - كان السلف منا يتخذ الألفاظ للمعاني وحضرته يريد منا أن نتخذ المعاني للألفاظ وهو عندي أمر جائر لا يقبل به أحد من المعاصرين. إذ المعاني هي كالأرواح للألفاظ أو كالصورة للمادة أو كالقلب للجوهر أو كسكان البيت للبناء الذي يأوون إليه. فكيف يريد بعد هذا أن يجعل الألفاظ فوق المعاني والأجسام فوق الأرواح والقالب فوق الجوهر والأبنية فوق سكانها. أننا لا نظن أن ابن بشر يرضى بهذا الحكم الجائر مهما كانت لغته. وأي حق للموتى على الأحياء أن يكرهوهم على أن لا يجروا إلا في الطرق التي جروا فيها. وأن لا يلتفتوا في سعيهم يمينا ولا يسارا ولو تجددت أنسالهم وأنجالهم ابد الدهر؟

النتيجة: عضد (من باب التفصيل) بمعنى أيد (من الباب المذكور) إذا أردت به التكثير من افصح كلام العرب وقد ورد استطرادا في المصباح والمخصص أي في مظنة مادته كما ورد الساذج في اللغة في غير مظنته وكما ورد ألوف من الألفاظ على هذا الوجه. وورد في مادته في النهاية ومجمع البحرين. ودونك الآن سر نشوئها: أد، أيد، أجد، أكد، وكد، اطد، وطد، عقد، عضد. تعليق من غريب الاتفاق أن (الأيد) العربية توافق الفرنسية زنة ومعنى وليست اللفظة الواحدة مشتقة من الأخرى البتة. و (الأيد) في اللغة البروفنسية وفي الأندلسية وفي الإيطالية وكلها من الرومانية المشتقة من أسم المصدر اللاتيني بهذا المعنى. استعمال كلمة فنان جاءنا هذا السؤال من أحد قرائنا المصريين: شغل بعض الأدباء المصريين بالمساجلة طويلا حول استعمال كلمة (فنان)، فقال فريق منهم إنه لا يجوز استعمال هذه الكلمة بمعنى رجل الفن المتخصص له الضليع، لأنها لم ترد في اللغة إلا بمعنى حمار الوحش، وقال غيرهم: بل لا مانع من استعمالها، فهذه صيغة قياسية للمبالغة، ومن مصلحة اللغة الإكثار من القياس كلما دعت الحاجة إليه، فتزداد بذلك المفردات المعبرة تعبيرا دقيقا من مختلف المعاني وتنمو ثروة اللغة اللفظية، وهذا شأن جميع اللغات الحية. ولا يمكن أن تحل كلمة (فني) محل كلمة (فنان) في مدلول المعنى وتحديده الصحيح، ولذلك لم يتردد كبار الشعراء والكتاب العصريين في استعمال اللفظ الأخير في موضعه المناسب. فما رأي فضيلتكم في هذا الخلاف، وفي مبدأ تشجيع القياس الوضعي للمفردات التي تدعو حاجة التعبير العصري إليها، ما دامت قواعد الاشتقاق مرعية؟ أرجو أن تعنوا بالرد على هذا السؤال لأن جمهور الأدباء في مصر يهتم دائما بمعرفة أحكامكم اللغوية، ولفضيلتكم الشكر سلفا على هذا الفضل. (ش. ي) ج - ليست (فنان) هنا للمبالغة، وإن كان فعال بتشديد العين من صيغها،

بل للنسبة أو الإضافة: إذن معنى الفنان صاحب الفنان وممارسه قال سيبويه (2: 900 من طبعة مصر): هذا باب من الإضافة تحذف فيه ياءي الإضافة وذلك إذا جعلته صاحب شيء يزاوله، أو ذا شيء. أما ما يكون صاحب شيء يعالجه، فإنه يكون فعالا. وذلك قولك لصاحب الثياب ثواب، ولصاحب العاج عواج. . . وللذي يعالج الصرف: صراف، وذا أكثر من أن يحصى. . . أهـ. فالفنان: الذي يعالج الفناء ويزاوله. ويكاد يكون هذا الوزن للثلاثي قياسيا لكثرة ما ورد منه، فاستعماله لا غبار عليه واتخاذ القياس يزيد اللغة ثروة ويؤدي معاني لم يعرفها السلف ومن الضروري الرجوع إليه كلما احتجنا إلى وضعه. على أننا نخير هنا على الفنان: الفتان (بتاء مثناة مشددة في الوسط) وقد استعملها الأقدمون منا. قال في الأغاني (1: 256) وهو يذكر قول عطاء بن أبي رباح لابن سريج. (يا فتان) ألا تكف عما أنت عليه. . . تفتنهم أغانيك الخبيثة. . .) أه. وأنت تعلم أن ابن سريج كان فتانا في فنه الغنائي ولهذا قال له يا فتان. - ولذلك سمينا دائما الفنون التي تأخذ القلب (بالفتانة) وهي أحسن من سائر الألفاظ التي استعملت كالفنون الجميلة والمستظرفة والرفيعة والأثيلة والناضرة والبديعة إلى غيرها. فهذه كلها لم يتخذها السلف وهي من سيئ التعريب من كلام الإفرنج وإن ادعى بعضهم أنهم استعملوها. فالغناء والشعر والنقش والنحت والموسيقى كلها من الفنون الفتانة. وحكة الزجاجي في أماليه يسنده عن الأصمعي قال: حدثنا عمر بن أبي زائدة قال: حدثتني أم عمرو بنت الأهتم قالت: مررنا ونحن جوار بمجلس فيه سعيد بن جبير. ومعنا جارية تغني بدف معها، وتقول: لئن فتنتني لهي بالأمس افتنت ... سعيدا فأمسى قد قلا كل مسلم وألقى مصابيح القراءة واشترى ... وصال الغواني بالكتاب المتمم فقال سعيد: كذبتن، كذبتن، أهـ. وراجع التاج في فتن. فانظر كيف أن المغنية ناقرة الدف استعملت لفظة صورت بها حقيقة فتن إتقان الفناء لمن يقدره حق قدره. وللفتان معان عديدة كلها تصح لمقابلة الإفرنجية لأن السحر نفسه من فنون الإفتان. وهذه المعاني لا تراها في الفنان (بثلاثة نونات). فاختر من

اللفظين ما تشاء. المخاضرة، بيع الغرز، البيع على علاته س - بغداد - ط. ق: كيف تترجمون إلى العربية المستعملة في علم الحقوق؟ ج - للكلمة الإفرنجية عدة معان منها: وهو بيع نتاج مستقبل كالحصاد قبل أوانه وعلى الشاري أن يدفع قيمته التي عينت في أول البيع. سواء أكان النتاج أو الحصاد حسنا أم سيئا. وهذا ما سماه السلف (بالمخاضرة) قالوا: المخاضرة: بيع الثمار قبل بدو صلاحها. سمي لأن المتبايعين تبايعا شيئا أخضر بينهما، مأخوذ من الخضرة ويدخل فيه بيع الرطاب والبقول وأشباهها على قول بعض. أهـ عن التاج. ولما كان معنى الأخضر واسعا في العربية جاز أن نطلق المخاضرة على كل ما يرى فيه خسارة أو ربح وجاز لنا أن تسميها (بيع الغرز) (بفتح الأول والثاني) قال في التاج: الغرز، محركة. . . الخطر ومنه الحديث: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الغرز وهو بيع السمك في الماء، والطير في الهواء. وقيل: هو ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول. وقيل: هو أن يكون على غير عهدة ولا ثقة. قال الأزهري: ويدخل في بيع الغرز البيوع المجهولة التي لا يحيط بكنهها المتبايعان حتى تكون معلومة. أهـ. وتكاد تكون عبارة اللسان نفسها وإن لم يعزها إليه. وإما إذا أريد باللفظ الإفرنجي معنى عاما يوافق جميع ما تفرع منه من المعاني فقول السلف (على علاته) هو أحسن ما يؤدي هذا المطلوب. قال اللغويون قولهم على علاته أي على كل حال، لأن الكلمة الإفرنجية منحوتة من كلمتين من أي ثمن أو قيمة أي معمول أو مقطوع. وملخص معناهما بيع محسوم الثمن أو مقطوعة أو بيع الحسم. وهذا أيضاً مما يمكن اتخاذه من باب التعريب المعنوي. والمعاجم الإفرنجية نقلت أسم هذا البيع بقولها: باع قطبا أو قطرا أو بالمشايلة أو بالمقاولة أو جزافا أو بالكلية لأن القطر أو القطب هو أخذ الشيء ثم أخذ ما بقي على حسب ذلك الشيء جزافا بغير وزن، يعتبر فيه بالأول.

وهذا لا يفي معنى المصطلح الإفرنجي. وكذلك القول عن البيع بالمشايلة أو المقاولة أو الكلية أو الجزاف فكلها من هذا القبيل المخطوء في اتخاذه. الماسة أو الطابق ومنه: ما الكلمة العربية الموافقة للماسة (وبعضهم يقول الماصة)؟ ج - الماسة أو الماصة كلمة تركية الاستعمال إيطالية أو لاتينية الأصل وهي ومعناها في الأصل المائدة أو المنضدة. ويراد بهذا الاصطلاح موجودات المفلس من المال أي وأهل سورية ومصر سموها (الطابق). قال في محيط المحيط: الطابق (بكسر الباء) عند أرباب التجارة موجودات التاجر إذا انكسر. أهـ. والكلمة شاعت بهذا المعنى فلا بأس من اتخاذها لاشتهار معناها. واصل معنى الطابق ظرف من حديد أو نحاس يطبخ فيه وهو الذي نسميه في العراق (طاوة) كأن التاجر وضع فيها عند انكساره فيقلى عليه قليا لما يحتمل حينئذ من العار. البارية س - بيروت - القس ا. ا: أأصاب أرباب. المعاجم العربية بقولهم: (البارية أو البورية) الحصير المنسوج من القصب وهي كلمة معربة اصلها فارسي؟ فإن كان ذلك صحيحا فما هو اللفظ الفارسي الأصلي وما هو مدلوله الحقيقي؟ وإن لم يكن فما رأيكم في الأمر؟ ج - البارية أو البورية فارسية لا تحتمل شكا. وهي في هذه اللغة (بوريا) بضم الباء ضما غير صريح أي تلفظ وسكون الواو وكسر الراء وفتح الياء وفي الآخر ألف. ومعناها الأصلي نوع من القصب يكثر في الآجام ويشبه البلاج بعض الشبه وتتخذ منه الحصر أو البواري ثم سميت عندهم البارية (بلاج) (وزان سحاب) وهكذا أصبح له معنيان كما ترى عندهم للبارية معنيين. وأصحاب معاجمنا العربية لم يذكروا الكلمة الفارسية للبارية ومن غريب أمرهم أنهم ذكروا البارية في مادة (ب ور) و (ب ر ي) معان الصحيح أن تذكر في (ب ور) لا غير، إشارة إلى اصلها الفارسي (بوريا). ولفظ الواو بين

الألف والواو دفع السلف إلى تعريبها بصور مختلفة: البوري، والبورية، والبورياء (بالمد)، والبارياء، والباري (بالتشديد) والبارية (بالتشديد والهاء). وأصحاب المعاجم العربية إلى اللغات الأجنبية فسروا البارية بقولهم: أي حصير متخذ من الأصل وهو غير صحيح، لأن الذي يتخذ من الأسل أو من ضرب من الأسل يعرف بالساماني (والبغداديون يقولون سماني وصماني أو صاماني) والسامان هو نوع من الأسل يكثر في المستنقعات والبطائح يعرف بالفرنسية باسم والصواب أن يقال والعراقيون إلى اليوم يسمون الحصر المتخذة من القصب (بواري) وما يتخذ من السامان: (صماني) وكانت تعرف بالطميل في عهد العباسيين. وكانت الطمل ترمل وتربط أجزاؤها بعضها إلى بعض بالخيوط وهو المعروف بالرمل والطمل والسف والنسج إلى غيرها. أما الباري فلا ترمل بل تضفر ضفرا أو تجدل جدلا. باب المشارفة والانتقاد تراكمت المقالات والأسئلة والأجوبة والمراسلات والأخبار حتى لم يبق متسع لباب المشارفة والانتقاد مع ما عندنا من موادها المهيأة ما يقع في نحو 250 صفحة. فالرجاء من القراء العذر الذي هو من شيمهم الكريمة. الهدايا كثرت الهدايا في هذه المدة ولا يمكننا ذكر أسمائها كلها، فنجتزئ بذكر ما يأتي: ديوان الاعشين، ديوان طفيل والطرماح، نسب الخيل، نظم العقيان في أعيان الأعيان، السريريات والمداواة الطبية، رجب أفندي، جدول الأمراض، أناشيد المحبة، الراشد، تاريخ حوادث الزمان وأنبائه، نماذج خطوط اللغات الشرقية، السائس واللصوص، أصول اللغة العربية باللغة الروسية، مجموعة مقالات كتبت بشأن مرور 500 سنة على ولادة مير علي دروس عملية في الأمراض الولادية، العلم والعمران وهي هدية المقتطف السنوية ورسائل في التعقيم ومقالات في هذا الموضوع لعلامة أميركي إلى غيرها.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مؤتمر المستشرقين أو علماء المستشرقيات في اكسفورد جرت لعلماء المشرقيات عادة حسنة هي أنهم يعقدون مؤتمرا عاما في كل سنة أو سنتين وينتخبون له بعض البلاد المشهورة موطنا للاجتماع، وقد كان عقد مؤتمرهم لهذه السنة في جامعة اكسفورد بعد أن امتنع عقده خمس عشرة سنة بسبب الحرب العامة. في مساء اليوم السابع والعشرين من شهر آب (أغسطس) الماضي اجتمع رجال المشرقيات وقادة العلم في العالم من جميع أقطار الأرض في الرواق الأكبر من مدرسة الامتحانات وكان عددهم فوق السبعمائة وافتتح المؤتمر بخطبة قصيرة فاه بها رئيس المؤتمر اللورد جلمرس كان موضوعها الترحيب بمندوبي الأمم وقد ذكرها أمة أمة إلا العراق والحجاز فانهما لم يمثلهما أحد رسميا وإذ كنت قد انتخبت مندوب العراق انتخابا غير رسمي لصلتي بجامعة لندن، قدمت إلى رئيس المؤتمر في زمرة الذين شملهم أسم الانبراطورية البريطانية ومن جملتهم كندة وأسترالية والهند ومصر وفلسطين. وكان عدد المندوبين الرسميين فقط 252 مندوبا ينقسمون إلى 100 عن انكلترة ومستعمراتها و28 عن الولايات المتحدة و25 عن ألمانية ورئيسهم العلامة بكز وزير معارف ألمانية وعن فرنسة 19 وفي ضمنهم مندوبو سورية والجزائر والهند الصينية ورئيسهم الأستاذ مورة وعن بلجكة 11 وعن بولونية 10 وعن روسية 10 وعن إيطالية 5 وعن الدنمرك 5 وعن إيران 5 وعن نروج 5 وعن الفاتيكان 4 وعن هولندة 4 وعن يوغسلافية 3 وعن السويد 3 وعن مصر 2 وعن لطيفية (؟) 2 وعن نثرلند 2 وعن المجر (هنغارية) 2 وعن كل من اليابان والنمسة والترك والبرتغال وملايا واحد. وتوفيرا للوقت على الخطباء والمستمعين معا قسمت المواضيع إلى شعب وخصصت غرفة لكل شعبة. أما المواضيع التي

طرقت فكانت 27 خطبة عن بلاد آثور وما يتصل بها من الأخبار وكان رئيس هذا الفرع الأستاذ لنكدن و27 خطبة في مسائل عامة ورئيس هذا الفرع الأستاذ مايرس و19 خطبة عن مصر وأفريقية والرئيس لها الأستاذ غريفيث و6 خطب عن آسية الوسطى والشمالية و33 خطبة عن الهند القديمة و14 خطبة عن الهند الحاضرة، والهند الجنوبية وسيلان و14 خطبة عن إيران وأرمينية والقفقاس وكان الرئيس لهذه الفروع الأربعة الأستاذ توماس و24 خطبة عن الشرق الأقصى والرئيس الأستاذ سوثل و34 خطبة عن الارمية والعبرية والرئيس الأستاذ كوك و36 خطبة عن الإسلام وتركية والرئيس الأستاذ مرجليوث و17 خطبة عن الفنون الفتانة في الشرق والرئيس السر مايكل سدار وفي نحو الساعة التاسعة وربع من صباح يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من آب (أغسطس) 1928 شرع الخطباء في الخطابة ودام الأمر على هذه الصورة كل يوم صباحا وعصرا وليلا حتى مساء يوم الجمعة الحادي والثلاثين من الشهر المذكور. وفي صباح اليوم الذي عقبه اجتمع الجميع في رواق الامتحانات كما اجتمعوا في الليلة الأولى وودع بعضهم بعضا بعد أن قرروا أن يعقد المؤتمر القادم بعد سنتين في مدينة ليدن من هولندة. وكان مندوب سورية حضرة العلامة السيد محمد كرد علي قد دعا المؤتمرين في خطبته التي خطبها بالعربية إلى أن يعقد في الشام فقام الدكتور طه حسين مندوب الجامعة المصرية وقال أني باسم حكومة مصر أدعو المؤتمرين إلى مصر ثم أن رئيس اللجنة قال أن ذلك يتعذر لكثرة النفقات ومشقة السفر وطوله فقام كاتب هذه السطور وفند حجته مبينا أن الفوائد التي يجنيها المستشرقون من الشرق أعظم بكثير من النفقات التي تنفق في هذا السبيل والكلام عن القوم في داخل بلادهم يأتي بثمرة أكثر مما يأتيه الكلام عن القوم في خارج بلادهم وليس هناك دولة من دول الأرض إلا ولها منافع اقتصادية أو سياسية في الشرق فهي لا تخسر إن أنفقت بضع مئات من الليرات في هذا السبيل وأنا لا أدعوكم إلى بغداد لأني أخاف

هجوم الأخوان عليها ساعة حضوركم فيها فتنالكم الأذية فنوسم بسمة التعصب والهمجية (فضحك القوم لذلك). أما من جهة طول السفر ومشقته فلا أرى لهما مانعا لوجود الطيارات (فزاد الضحك والتصفيق استحسانا). ولكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح إذ قررت اللجنة ما تقدم ذكره. أما الخطب التي قيلت فبعضها بالافرنسية فالألمانية فالإنكليزية فالهندية فالعربية وكانت خطب الألمانية أمتع من سواها في جلال الموضوع وإشباع البحث والتدقيق في التحقيق. وقد كان المندوبون عن مصر الدكتور طه حسين والأستاذ جاد المولى وعن سورية العلامة الشهير السيد محمد كرد علي وعن لبنان السيد الحوراني نزيل منجستر وعن تركية الأستاذ كبرلي زاده محمد فؤاد بك وعن إيران الأستاذ ميرزا محمد خان القزويني. وخطب المستر وولي مدير الحفريات في اور خطبة نفيسة عن أعماله في أور عما اكتشفه فيها وذكر أن قد ثبت له أن مدنية أور أقدم من مدنية مصر ثم قال الأستاذ الأكبر ارنست هرتسفلد المعروف لدى العراقيين وخطب خطبة بديعة عن حفرياته في إيران اظهر فيها أن مدنية فارس أقدم من مدنية أور لأنها ترتقي إلى العصر الحجري. ذكرت هتين الخطبتين خاصة لأنهما صادرتان من منبعيهما وتتعلقان بالعراق خاصة. لندن: 6 - 9 - 1928 كاظم الدجيلي وكتب إلينا صديقنا العلامة ف. كرنكو أن أمتع ما سمعناه كان كلام مبعوثي المغرب المسيو ليفي بروفنسال وابن شنب. وتاج هذه المباحث كان الخطبة العربية البليغة التي خطبها السيد محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي (المحنى) ووزير المعارف في سورية فإنه بين بأجلى البراهين ما للمستشرقين من الفضل في إحياء العلوم الغربية في المشرق. ولما كانت عباراته دررا رطبة تنثرها شفتاه لم يصعب فهمها علينا نحن المستعربين المساكين ولاسيما لأن صوته جلي. وكتب إلينا صديق ثالث (ا. ج) كان لألمانية سبعون عالما ممثلا للجان المؤتمر التسع وقد اظهروا من البراعة في المباحث التي عالجوها ما ادهش جميع حضنة العلم والتحقيق، على إنها كانت

سابحة في جو كله ضباب فكري وتطويلات مملة واستطرادات آخذة بعضها برقاب بعض 2 - ترفيع درجة ممثلينا السياسيين صدرت الإرادة الملوكية بترفيع درجة ممثلينا السياسيين في لندن وأنقرة إلى درجة مندوبين فوق العادة ووزيرين مفوضين. فنهنئهما بذلك. 3 - عودة الوفد العراقي عاد من الحجاز الوفد العراقي في مساء الخميس 30 آب (أغسطس) غير ناجح في مسعاه. 4 - الحاج عبد اللطيف جلبي ثنيان عين حضرة صديقنا مديرا لإدارة الوقف في وزارة الأوقاف وقد كان في هذه الوظيفة سابقا فنهنئه بعودته إليها أو قل بعودتها إليه ونتوقع أعمالا خطيرة على يديه. 5 - أحمد حامد أفندي الصراف تعين صديقنا الأديب الشهير أحمد حامد أفندي الصراف مديرا للمطبوعات فنهنئه بها ونتمنى له خدمة طيبة للوطن ورقيا عليا للمطبوعات. 6 - البعثة العلمية العراقية قررت وزارة المعارف إرسال 28 طالبا وطالبة في هذه السنة إلى الجامعات العلمية في أوربة وأميركة ومصر وبيروت للتخصص في مختلف العلوم والفنون على الوجه الآتي: 4 - إلى أميركة للتخصص في الزراعة. 6 - بنات إلى بيروت للتخصص للتعليم في كلية البنات الأميركية. 4 - معلمين إلى انكلترة لإكمال الدراسة. 4 - من التلاميذ إلى الجامعة الأميركية في بيروت للتخصص في العلوم. 6 - إلى انكلترة للتفرغ في الهندسة. 6 - إلى انكلترة للتفرغ في سكك الحديد. 2 - إلى مصر للتضلع من آداب اللغة العربية. 1 - إلى انكلترة للتفرد بفرع من فروع الحقوق. 28 وسيقرر أيضاً إرسال تلميذة أخرى وتلميذ آخر إلى بيروت للاستفراد بالعلوم كما إنها قررت أن لا ترسل إلى انكلترة أو أميركة طالبا ما لم يكن بيده شهادة الدخول في الجامعات. لذلك أبرمت أن يستعد الطالب في بيروت قبل أن يرسل إلى الجامعات. 7 - نكبات آل البكر والهاشمي نكب آل البكر والهاشمي نكبات عديدة في مدة وجيزة: فقد فجع الأولاد بوفاة والدهم قبل برهة غير بعيدة؛ ثم غرق في دجلة أحد الأولاد وهو المرحوم

إبراهيم البكر فأقيمت له مناحة رددت صداها أرجاء العراق. وفي أوائل آب سافر أخوه محمود البكر إلى سورية فهجمت عصابة من قطاع الطرق على السيارات في طريق الصحراء وأطلقت الرصاص على المسافرين فأصيب قدرا محمود البكر ضحية لهذا الهجوم فوقع صريعا يتخبط في دمائه ونقلت جثته إلى دمشق فدفنت فيها وشيعها أبناء العراق في تلك المدينة الفيحاء رحمه الله. ونحن نقدم إلى خالي الصريعين يس باشا الهاشمي وطه بك الهاشمي المدير العام لمعارف العراق طالبين إلى الله أن لا يريهما بعد هذا مكروها. 8 - وفاة عبد اللطيف الفلاحي في صباح 31 آب توفي عبد اللطيف الفلاحي نائب الحلة سابقا. والأستاذ في جامعة آل البيت وغيرها من المدارس وهو من مزاولي التعليم من مدة تقرب من أربعين عاما. وعالج الصحافة أيضاً فأصدر وضيعة (مكتب) باللغات التركية والعربية، والفرنسية في العهد العثماني، ومجلة (العلوم) في الشام وقد أبرز منها أجزاء لم تتم بها السنة. ونشر في بغداد جريدة باسم (الفلاح) بعد تأسيس الحكم الوطني في العراق. ووضع بضعة كتب للمدارس لا بأس بها. ودفن في مقبرة الشيخ معروف الكرخي. رحمه الله. 9 - القس عمانؤيل يالينكتيان توفي هذا القس الفاضل البار في مساء 6 أيلول وكان قد ولد في مرعش سنة 1879 وتلقى دروس الكهنوت في مدرسة القديس لويس للآباء الكبوشيين في بك أوغلي (بيرا. الأستانة) وكهن في سنة 1907 ولما جاء في بغداد في سنة 1923 ليعلم في مدرستنا أكب على درس اللغة العربية لما رأى فيها من المحاسن والاتساع واخذ يزاول مهنته في هذه اللغة ناجحا فيها كل النجاح، ودفن في دار الأيتام الراجعة إلى المبعث، رحمه الله رحمة واسعة. 10 - ماتت من لسعة زنبور لسع زنبور السيدة ظريفة حنا جموعة امرأة دانيال باكوس في صباح 29 آب ولم يمهلها إلا ساعة من الحياة فنقدم إلى نجليها القس حنا باكوس وأخيه سركيس أفندي تعازينا. كما نقدمها إلى نسيبها شكر الله باكوس ونطلب للفقيدة الرحمة والراحة الأبدية. 11 - جان خياط جان بن جرجيس خياط شاب عمره 17 سنة كان يتلقى علومه في المدرسة

الثانوية فتحكمت فيه حمى محرقة واختطفت روحه فأبقى والديه وأخاه وأخواته وأولاد عمومه بلا سلوى. فنشاطر الأسرة بأجمعها البلية التي انتابتهم ورحم الله تلك النفس الغضة. 12 - وفاة محمود سلامة عظمت خسارة الأدب في العام الفائت وفي هذه السنة بوفاة الكثيرين من علمائه كالأب شيخو والدكتور يعقوب صروف وغيرهما. والآن ننعي لقرائنا مع الأسف الشديد الصحفي المصري القديم الأستاذ محمود سلامة صاحب جريدة (الواعظ) وقد مات قتيلا بفأس شرير في ريف مصر. وكان الفقيد كاتبا بليغا. وشاعرا مقلا مجيدا، ومربيا فاضلا. ومن مأثور نظمه قوله: ما توانى عن الحبيب كتابي ... لسلو أو رغبة عن هواه إنما كلما كتبت رقيما ... سقط الدمع فوقه فمحاه رحمه الله رحمة واسعة. 14 - الدجل في الأدب لما بدأنا ننقد (ديوان العقاد) كنا نحسب أن صاحبه أول من يرحب بهذا النقد كيفما كانت قيمته، لأننا وجهنا به أنظار الكثيرين من المتأدبين في العراق إلى ديوانه، ووسعنا لهذا النقد موطنا وافيا على قدر الامكان، واتبعنا كعادتنا لهجة معتدلة يشهد بها كل منصف خالي الغرض فذكرنا له حسناته، وآخذناه على سقطاته، تحذيرا لسواه وتنبيها له ايضا، وما تشددنا في مواضع إلا أملا في إصلاحه، وإلا فما كان أهون علينا إغفاله كما أغفلته صحف ومجلات أخرى هي أعرف منا بدجله وشعوذته، وباتخاذه العظمة مركبا له وتحايله على الشهرة بالشذوذ والسباب والغطرسة ونحو ذلك. . . فلما تهجم علينا بهزءه الشائن ومهاترته التي يحسبها نوعا من المهارة لم نجد مطلقا عن جادة الحق، وآثرنا أن نرد أباطيله بالحجة القوية على السكوت، دفعا لدجله ومغالطته التي هي أسوأ ما عرفناه في هذا العصر لكاتب عربي معروف يدعي إنه شاعر كبير أيضاً! والمطلع على الصحافة المصرية لن يجد أي مشقة في معرفة قيمة العقاد الحقيقية بين أبناء وطنه الذين يعرفون إنه مصاب بنوع من جنون العظمة، فيهزءون منه إلى حد إشفاقهم عليه، حتى يتجاوز هو حدود السكوت عنه وحينئذ لا يرون مفرا من ردعه. وقد اشتهر العقاد بالدجل السياسي في كتابته، وهو عين ما يتبعه الآن في أدبه الذي لا يمثل الجديد منه إلا ما ينهبه من الأدب الأوربي بعد شيء من التحوير والسفسطة. وقد نشرنا بعنوان (الفردية في الأدب) مقالا سديدا للأستاذ جورج فرح صاحب مجلة (المهذب) الغراء يغنينا عن أي تعليق عليه لهداية من تعوزه الهداية، ونختم هذه النبذة بكلمة عن العقاد في جريدة (السياسة) المؤرخة في 30 أغسطس سنة 1928، وهي أوسع الصحف المصرية الصميمة انتشارا. قالت بعد كلام: (. . . رجل وقح سليط اللسان، كل تاريخه منحصر في الإساءة لكل من أحسن إليه يوما

الشفق الباكي

من الأيام. هذا السليط اللسان لا يستحي أن يتبجح بالكرامة والإباء وعزة النفس وانه لم يطأطأ رأسه لمخلوق! ويعلم الله والناس ويشهد تاريخه الماضي كم طأطأ الرأس حتى لمس الأرض إرضاء لسيد كان يشتغل عنده، حتى إذا أخرجه هذا السيد بعد، إذ لم يستطع صبرا على أخلاقه، إذا به ينقلب أفعى تنهش عرض ذلك السيد في غير أدب ولا حياء. هذا السليط اللسان لا يستحي أن يعير الناس بالأمراض والعاهات التي لا يعير بها مخلوق وينسى هو - ويؤلمنا حقا أن نذكر ذلك - أن الله قد ابتلاه حقا بمرض ينفر الناس منه وينئيهم عنه. . . ولكن ماذا نقول في خسة الأخلاق؟). ونظن أننا بعد هذا قد أدينا واجبنا الخلقي التهذيبي بتحذيرنا أدباءنا الناشئين وسواهم من الانخداع بتغرير هذا الرجل ودهائه، كما إننا سنتم في هدوء واجبنا الأدبي بإتمام نقد ديوانه الذي يعلن عنه في كل مجال بمثل إعلانه عن نفسه يوميا في صحيفة (البلاغ)، حتى نفضح خرافة (زعيم المجددين) الذي أصبحت شتائمه شرفا لكل أديب نابه ولكل رجل جهير، وكانت دليلا على أن حظه من رجاجة الفكر ومن التربية الاجتماعية في حكم العدم. 14 - خريجو مدرسة صنائع الموصل خرج هذه السنة من مدرسة صنائع الموصل ثمانية طلبة. وصدر الأمر بقبول الطلاب الثلاثة الأولين المتخرجين من مدرسة صنائع الموصل الأميرية في مدرسة صنائع بغداد. الجزء الأخير من السنة الخامسة يظهر الجزءان الأخيران من السنة الخامسة في غلاف واحد ويوزعان في آخر شهر تشرين الأول (أكتوبر) من هذه السنة. الجزءان ال 11 وال 12 من هذه السنة يتأخر الجزءان المذكوران من هذه إلى أجل غير مسمى لأنهما يحويان فهارس مواد السنة. الجزء الأول من السنة السابعة وجزء اليوبيل يظهر الجزء المذكور في أول كانون الثاني (يناير) 1928 ويرصد جزء لنشر القصائد والهانئ والرسائل والبرقيات التي وصلت إلى لجنة الاحتفال باليوبيل أو جاءتنا رأسا. كما ينشر فيه أيضاً ما جاء في الصحف والمجلات وكان متعلقا بهذا الموضوع مدحا كان أو قدحا. الشفق الباكي للدكتور أبي شادي شعر ونقد وأدب عام يجمع هذا الديوان العصري الكبير الواقع في أكثر من ألف صفحة مئات من القصائد والمقطوعات المتنوعة ما بين وصفية ووجدانية واجتماعية وفلسفية وقصصية وتاريخية. وهو مطبوع أفخر طبع بالشكل، ومزدان بنخبة من الصور ومجلد تجليدا نفيسا. وبه من الشروح والتعليقات والنقد الأدبي ما فيه الغنية الكافية للأديب الباحث. ثمن النسخة الواحدة عشرون قرشا مصريا تضاف إليها أجرة البريد. ويطلب من المطبعة السلفية بشارع الاستئناف بمصر القاهرة.

العدد 65

العدد 65 - بتاريخ: 01 - 01 - 1929 سنتنا السابعة بلغنا والحمد لله - السنة السابعة من مجلتنا بفضل مشتركينا الكرام، ومساعدتهم، وممالأتهم إيانا في جميع أمورنا، وهنا نوجه الشكر إلى الأيادي البيضاء التي مدت إلينا من الديار المصرية فيسرت علينا إتمام ما بدأنا به من مشروعنا خدمة للغة المضرية وللمتكلمين بها، أما الربح فلا يمكننا أن ننتظره، إذ هيهات تعود النفقات وهي باهظة في ديارنا هذه. وعلى كل حال نحن جادون في مهمتنا سائرين إلى الأمام مهما كلفنا هذا السعي من الأتعاب والخسائر، والله المستعان. وقد خصصنا هذا الجزء بيوبيل صاحب هذه المجلة ذكرنا فيه كل م صلت إلي يدنا في هذا الموضوع، ولا ندعي بأننا أتينا على كل ما قيل في، فنلتمس العذر ممن لم يبلغ إلينا كلامه.

في يوبيل أنستانس الذهبي

في يوبيل أنستانس الذهبي قصيدة لشاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء جميل صدقي الزهاوي: سلام على عهد الرقي المحبب ... سلام على حزب الشباب المهذب سلام على المستشرقين وعطفهم ... على النخبة الأنجاب من نسل يعرب وإني محيي للعروبة إنها ... قد استيقظت من نومها بعد أحقب وقد أخذت تعدو لتبلغ سؤلها ... برغم الرزايا والشقاء المخيب وإن لأبناء العراق تأهباً ... ولا تكذب الآمال في المتأهب إذا جن ليل الخطب أو طال ساجيا ... تألق منهم كوكب بعد كوكب لهم أمل أن يدركوا شأو غيرهم ... وإن شط عنهم وهو أفضل مأرب فساروا على فجر من الحق صادق ... وليس على وعد من البرق خلب ولا أدعي أنا بلغنا مرادنا ... ولكننا فوق الطريق المقرب فيا عين قري بالذي تشدينه ... ويا نفس سري بالحفاوة واطربي وإني لأرجو للعراق تقدماً ... يضاهي هبوب العاصف المتوثب وإني إذا هبت من الغرب نفحة ... لأول مفراح بها ومرحب وما إن نما غرس الرجاء من الحيا ... ولكنما من دمعي المتصبب ومرت ليال كنت فيها لشقوتي ... وحيدا أقاسي غيهبا تلو غيهب لقد كان مني الروح فيها معذبا ... ولكن ضميري لم يكن بمعذب ويحسب قوم في التعصب رشدهم ... وما آخر الأيام غير التعصب وهل يتساوى القصد بين مشرق ... ليدرك غايات الهدى ومغرب وكنت ركبت الصعب أبلو جاهداً ... فما قل مجهودي ولا ذل مركبي عشية ما في الرافدين سلامة ... ولا العيش في كل العراق بطيب عشية لا عبد الحميد بسامع ... دعائي ولا مني فروق بمقرب وما كان ما تأتي الشعوب بثورة ... ولكن حمى الدم المتلهب فمنم بريء مذنب من خيانة ... أتاها ومنهم مذنب غير مذنب ولم ننتفع بالعلم إلا صبابة ... تجرعها مثر بمشهد مترب

وما ذل قوم أبرموا وحدة لهم ... وإن لم يكونوا ينتمون إلى أب وما الأرض إلاَّ للتناحر حومة ... ولا فوز إلاَّ للفريق المدرب ولا عار في زيغ الفتى وشذوذه ... ولكنه في كذبه والتذبذب ولست أبالي ما به يشتمونني ... وإن كان في قلبي كلسعة عقرب أقول لمن أرغى ليرغبني صه ... فما أنا خوار ولا أنت مرعبي ولا شيء يسمو بالبنين إلى العلا ... كتكريمهم للعلم في حفلة الأب حفلنا بأستاذ تبحر في اللغى ... ولا سيما الفصحى سليلة يعرب وأن أنستاسا هو السند الذي ... همى علمه للظامئين كصيب ترهب يرعى العلم خمسين حجة ... فأكبر به من عالم مترهب تلقى بما أبقى ثناء معطرا ... وهل يتلقى طيب غير طيب وأنا بهذا الحفل نوفيه حقه ... وأنا نحييه تحية معجب وقد سر قلب الشرق والغرب حفلنا ... بيوبيله الجم الفخار المذهب نكرم في تكريمه العلم والحجى ... ونكبر فيه الحذق في كل مطلب وكم كلم كانت من الشك في دجى ... فأوضحها للطالب المترقب توصل بعد البحث منه لأصلها ... وبعد جهاد منه في الفحص متعب نقدت نزيها ما نقدت فلا تخف ... وعيداً وأكمل ما بدأت وعقب وأنك أنت اليوم خير مثقف ... وأنك أنت اليوم خير مهذب وقل باسلاً ما ينبغي أن تقوله ... ولا تلتفت للجاهل المتعصب أتخشى وأنت اليوم في عهد فيصل ... مليك العراق الهاشمي المحبب شفى قادرا أو كاد داء جمودهم ... برأي الطبيب العبقري المجرب وكنا جميعا قبله رهن محنة ... نحاول تحقيق الرجاء المخيب رأيت بني الحاجات قد نبتوا ضحى ... على بابه نبت الحمام بمعشب له من ذكاء العقل في العين ومضة ... متى صدمت عين المخاطب تخلب

ورب قصيد فيه تروى كأنها ... إذا خطرت أبياتها سرب ربرب وأني إلى رأس الوزارة محسن ... لمهد ثناء عرفه جد طيب همام إذا ما الدهر قطب وجهه ... كفاه بوجه منه غير مقطب يقوم بأعباء الأمور ثقيلة ... بحزم القوي اللين المتصلب ويكرم أهل العلم من كل نحلة ... ومن كل دين ثم من كل مذهب شد الشعر بعد الصمت يطرب أمة ... فيا شعر قد أحسنت فأشد وأطرب وليس بفعل المرء يكبر شعره ... ولكن بما في روحه من تكهرب وللشعر عين ماؤها متدفق ... متى يأت من صيابة القلب يعذب وكنت له جدبت بين مخطئ ... يعنفني في قرضه ومصوب يؤنب في تجديدي الشعر صاحبي ... فيا صاحبي أفكر جيداً ثم أنب وقال أتلقى في الفسيل نظير ما ... تراه على النخل الرفيع المشذب أليس الجديد ابن القديم الذي شدا ... به القوم بعد القوم من عهد يعرب فقلت له ما أنت للحق خاضع ... وأني لما تدلي به في تعجب فأنا وإياهم كالخمر لا ترى ... سناها بماء الكرمة المتحلب شعرنا بما لم يشعر القوم قبلنا ... شعور السليل الناهض المتهذب وأن الجديد الغض في عنفوانه ... كبكر كعاب والقديم كثيب ولست على العالات أجحد فضلهم ... ولكنما تقليدهم غير معجبي فكذبني للجهل فيما صدقته ... وأي صريح ما له من مكذب وماذا علي اليوم والحق غايتي ... إذا كان لا يرضى الجماهير مذهبي وقد كان يهدي الشعر للحق حزبه ... فلم يك حزب الشعر بالمتنكب وقد كان في أدواره الشعر كلها ... يسايرني في موكب ثم موكب ولولا ضياء الشعر ما فزت بالهدى ... ولولا كفاء الشعر ما حزت منصبي ولا خير في شعر أريد انتقاصه ... ولم يتحفز للدفاع ويغضب أنا اليوم من كر الحوادث أشيب ... ولمن شعري كله غير أشيب

لجنة اليوبيل الكرملي

ويا شعر أنت اليوم أكبر مرشد ... لمن ضل عن قصد الطريق الملحب ويا شعر حرر ما تشاء من النهي ... ويا شعر بعد من تشاء وقرب ويا شعر أن القلب أنت سفيره ... إلى كل قلب وافر الحزن مكئب أبث شعوري فيك غير مقلد ... وأعرض آمالي ورأيي ومذهبي وأنك طورا عندليب مغرد ... وطورا عقاب قد أدل بمخلب نذكر الآن ما جاء في اليوبيل منذ أوائله شيئا بعد شيء: لجنة اليوبيل الكرملي اعتاد أبناء الغرب أن يكرموا عظماءهم من علماء وشعراء وأدباء، اعترافا بفضلهم وتقديرا لخدماتهم وأتعابهم الكثيرة. والصحف الغربية مشحونة بوصف الحفلات العظيمة التي يقيمها وطنيوهم لتبجيل رجالهم. وقد أنتجت هذه الفكرة ثمرة يانعة. فانتقلت إلى الديار الشرقية وطفق أبناؤها يشعرون بما لعظمائهم من حق عليهم. وقد توالت على الأمة العربية مصائب ونكبات كادت توردها الحتف وتلحدها أبد الدهر لولا اللغة العربية التي كانت السبب الوحيد للم شعث العرب وجمع شتاتهم. ولما كان الأب أنستاس ماري الكرملي العربي أرومة ومحتدا ونشأة قد خدم لغة الناطقين بالضاد خدمة تقارب نصف قرن رأى فريق من المفكرين اعترافا بخدماته وتقديرا لها أن يكرموا ذاك الذي ابيضت لمته وعارضاه في البحث والتنقيب عن كنوز اللغة. وقد أنشئت لجنة لتكريمه قوامها كل من حضرات السادة الآتي ذكرهم: صاحب المعالي يوسف أفندي غنيمة وزير المالية الحاج عبد اللطيف جلبي آل ثنيان يعقوب أفندي نعوم سركيس السيد طه أفندي الراوي سليم أفندي حسون معروف أفندي جياووك نائب أربل المحامي شاؤل أفندي أسود أحمد حامد أفندي الصراف محمود أفندي الملاح المحامي طاهر أفندي القيسي وانتخبوا بالإجماع شاعر العرب الأستاذ جميل صدقي الزهاوي رئيسا

دعوة الزهاوي

لها وقد عينوا يوم الاحتفال 16 أيلول من سنة 1928 بغداد في 14 حزيران 1928 سكرتير اللجنة أحمد حامد الصراف دعوة الزهاوي (رئيس لجنة اليوبيل الكرملي) الغرب قد سبق الشرق، والشرق قد انتبه وسار يحاول أن يلحق بالغرب. وقد مضى اليابان في سبيل التقدم كقنبلة خرجت من فم مدفع ضخم وهبت العروبة من رقدتها. ونفضت عنها غبار الكسل، فأخذت تسرع الخطى إلى الأمام برغم الأثقال التي تثبطها. عالمة أن حياة الأمم ي تقدمها وأن الأمة التي لا حراك لها في هذا السياق العام تسحقها الأرجل. والأمل أن تكون في مقدمة الأمم الشرقية، فترجع تراث أجدادها من مجد ضائع وتزيد على ذلك المجد التليد مجدا طريفا فتثبت للملأ أنها تستحق الحياة وأنها سوف تحيا ثم تحيا. ولما كان العلامة الأب انستاس ماري الكرملي من الذين أنجبهم العراق نابغة في العلوم العربية وقد خدم اللغة بصدق خمسين عاما خدمة لا يجحدها كل من طبعت نفسه على الإنصاف، وكان من تباشير كل نهضة صادقة أن تقدر الأمة جهود علمائها الفطاحل، رأى فضلاء العراق أن الواجب يدعوهم إلى تكريمه، اعترافا بفضله الجم، فتألفت في بغداد لجنة لهذا الغرض الشريف وشرفتني برئاستها فجئت أدعو باسم اللغة العربية المحبوبة رجال العلم والأدب في العراق وبقية الأقطار العربية من شعراء وعلماء وكتاب إلى الاشتراك في تكريم الأب الذي نكرم فيه العلم واللغة. وذلك في 16 أيلول القادم راجيا الحضور في بغداد عند حلول الموعد أن أمكنهم ذلك، أو إرسال ما تجود به قرائحهم من نظم أو نثر طالبا من الله تعالى أن يوفق الأمم الشرقية عامة، والأمة العربية خاصة، لكل خير وأن يسدد خطاها حتى تصل إلى مصاف الشعوب الراقية الجديرة بالحياة. بغداد في 2 تموز سنة 1928 جميل صدقي الزهاوي (ملاحظة) وقد نقل يوم الحفلة إلى 7 تشرين الأول (أكتوبر) لأسباب يطول ذكرها. والآن نورد صورة الدعوة التي وزعت قبل يوم اليوبيل بأسبوع ثم صورة المنهاج يعقبها الخطب كما تليت في اليوم المذكور.

حفلة يوبيل العلامة الكرملي

حفلة يوبيل العلامة الكرملي بإشراف معالي وزير المعارف أتشرف بدعوة. . . إلى حضور حفلة يوبيل العلامة الكرملي في دار فخامة رئيس الوزراء يوم الأحد الموافق 7 تشرين الأول 1928 في الساعة 4 بعد الظهر ولكم مني الاحترام. رئيس لجنة يوبيل الكرملي جميل صدقي الزهاوي بغداد (العراق) منهاج حفلة يوبيل العلامة الكرملي 1 - كلمة ترحيب للأستاذ الزهاوي. 2 - بيان سكرتير لجنة اليوبيل أحمد حامد الصراف. 3 - كلمة المجمع العلمي بدمشق يتلوها الأستاذ الزهاوي. 4 - ترجمة المحتفل به لرفائيل طي. 5 - قصيدة الأستاذ الزهاوي. 6 - كلمة صاحب المعالي وزير المعارف. بغداد في 7 تشرين الأول (أكتوبر) سنة 1928 شكر وترحيب أشكر ما للسيد الجليل المبجل رئيس الوزارة فخامة محسن بك السعدون من العناية بالعلم والعلماء كما تفعل الوزارات الرشيدة وأكبر برهان على ذلك هو إقامته هذه الحفلة المباركة في داره العامرة بإشراف وزير المعارف المحترم معالي الأستاذ توفيق بك السويدي وأرحب بالذين أجابوني على دعوتي فأولوني الشرف بحضورهم من وزراء فخام ونواب كرام ووجوه وعلماء ومحررين أكفاء. وما الحفل بيوبيل العلامة الكرملي إلا حفل بالعلم في شخصه الذي خدم لغة

العرب أكثر من خمسين سنة بأمانة وصدق وهو الحفل الذي أذعنا قبل أشهر نبأه فرددت صداه الصحف في الشرق والغرب وتوالت من كبار المستشرقين في عواصم أوربة ومن المجمع العلمي العربي في دمشق ومن مصر وسورية وإيران رسائل وبرقيات وقصائد يهنئون بها العراق ويستدلون على رقي أهله بتقديرهم لعلمائهم مهما اختلفت أديانهم ولا غرو فأن الأمة أخذت توسع خطاها لبلوغ شأن الذين سبقوهم في مضمار الحياة العلمية من الأمم الراقية بعد أن فقهت ما للعلم من الشأن في ترقية المجتمع وذلك برعاية جلالة ملكها المعظم فيصل الأول جعل الله عهد حكومته سلاما على الأمة وعصمة لها! فليحيي الملك المعظم فيصل الأول ولتسعد الأمة في ظل عرشه الوارف! كلمة كتوم اللجنة (سكرتيرها) في ظل عرش صاحب الجلالة، وفي بيت فخامة رئيس الوزراء، وبإشراف معالي وزير المعارف، ورئاسة فيلسوف العراق وشاعرة الأعظم، وبمحضر هذه الوجوه الكريمة نكرم اليوم شيخاً من شيوخ اللغة وعلما من أعلام الأدب ورجلا أنقطع في ديره منزويا خمسين حجة يبحث خلالها في كنوز اللغة الفصحى ويدافع عن منزلتها وكرامتها دفاع الصب المغرب عن حبيبته بل دفاع الكمي الشريف عن عرضه وشرفه. في هذا اليوم المبارك نكرم رجلا عربيا عراقيا قد ترك الدنيا وما فيها من زخرف وبهرجة وجمال. واختفى في صومعة تارة يذكر اسم الله وطورا يقلب المعاجم اللاتينية واليونانية ويسترجع ما استعارته الأقوام من الأمة العربية ويسلها من مكمنها ويضيفها إلى أخواتها ويعيدها إلى وطنها الأصلي. نكرم اليوم الأب أنستاس ماري الكرملي العربي محتداً وأرومة ذلك الرجل الذي خدم لغة القرآن منذ حداثته حتى كسته الأعوام إكليلا من أكاليل الوقار وهو (الشيب) الذي يلوح في رأسه وفي عارضيه. واحتفال هذه الوجوه الشريفة بهذا الرجل العالم دليل على أن العراق الواثب الناهض السباق إلى كل مكرمة يقدر علماءه وعظماءه على اختلاف نحلهم وعقائدهم حق التقدير

ويوفيهم حقهم ويجلهم إجلالا عظيما. خدم الأب لغتنا المحبوبة ورفع شأنها وخدمها خدمة صادقة فهو لذلك جدير بالتكريم والتبجيل والاحترام الكثير، ولكل لغة في الحياة صلة قوية بالقومية وعلاقة كبيرة بحياة الأمم السياسية والاجتماعية وقد أجمع العلماء على أن للغة تأثيرا عظيما في حياة الشعوب لأن اللغة أداة لبث الإحساس والشعور وهو قوام الأدب. والأمة التي لا يتفشى فيها الحس الأدبي لا يتفشى فيها الإحساس الوطني وقد عانت الأمة العربية خلال أربعة عشر قرنا مصائب جمة وتوالت عليها النكبات ونزلت بها الملمات والطامات. وثقوا أيها السادة الأفاضل لولا القرآن الذي يتلوه العربي في العشية والضحى لأصبحت الأمة العربية أثراً بعد عين. إلا فليعش القرآن! ولتعش اللغة العربية المحبوبة! أيها السادة في منتصف القرن الرابع الهجري ولد في مدينتنا بغداد هذه علويان شريفان زكيان هما السيدان الشريفان الرضي والمرتضى ولدا العلوي الشريف أبي أحمد الحسيني نقيب نقباء الطالبيين وقد تتلمذا لعلامة عصرهما صاحب الحجج القاطعة الشيخ المفيد رحمه الله وأخذا العلوم العربية الأخرى عن عظماء النحويين والمحدثين والمفسرين واللغويين كابن جني والسيرافي وغيرهم. وقد نشأ الرضي وبين جنبيه نفس شريفة لا تضام وفي عروقه دم عربي هاشمي وقد غلب على طبعه الشعر كما غلب على طبع أخيه العلم وكان الرضي شاعر قريش وأديب الطالبيين شجاعاً جريئاً كبير الروح فخوراً شريفاً غير آبه لسلطان الخليفة. ومن شعره الذي يخاطب به الخليفة قوله: مهلا أمير المؤمنين فأننا ... في دوحة العلياء لا نتفرق إلاّ الخلافة ميزتك فأنني ... أنا عاطل منها وأنت مطوق وقد نشأ في ذلك اليوم أيضاً أديب كبير وكاتب تحرير هو أبو أسحق الصابئ صاحب الرسائل الشهيرة وكان كاتب الدولة إذ ذاك فتعرف بالسيد الشريف الرضي وتوثقت بينهما عرى الصداقة والمودة وألف الأدب بين قلبيهما حتى أفتتن كل واحد بصاحبه وكان إذا حل شهر رمضان صام أبو أسحق الصابئ مجاراة للرضي وكان إذا قصد أبو أسحق الصابئ الذهاب إلى الرضي مشى إليه

حافي الأقدام إجلالا لقدره ولما خطفت يد المنون روح أبي أسحق حزن الرضي حزنا شديدا وبكى صديقه ورثاه بقصيدة عصماء خلد بها ذكر أبي أسحق وهي التي قال في مطلعها: أرأيت من حملوا على الأعواد ... أرأيت كيف خبا ضياء النادي ومن الشواهد على مروءة الرضي ووفائه أنه مر ذات يوم بقبر أبي أسحق الصابئ صاحبه وخليله فترجل هو وحاشيته ووقف على قبر الصابئ باكيا منشدا: لولا يذم الركب عندك موقفي ... قبلت قبرك يا أبا أسحق وقد شاء الله أن يقذف ذلك الحب المتبادل بين الرضي والصابئ بعد عشرة قرون في قلب حكيم عراقي وشاعر عظيم إذا قال كلمة أحدثت تلك الكلمة دويا في أرض الله وهزت النفوس والأعصاب هو أستاذنا شيخ الشعراء جميل صدقي الزهاوي الذي يكرم اليوم الكرملي كما كان يكرم الرضي صاحبه الصابئ في مجلسه العظيم. إن هذا الوداد المتبادل بين الرضي والصابئ قبل قرون وبين الزهاوي والكرملي اليوم برهان ساطع على أن المسلمين من العرب يعيشون مع إخوانهم العرب المسيحيين بوئام ووفاق وإخاء تجمعهم الجامعة الوطنية وتربطهم الرابطة القومية وسنتهم الدين لله والوطن للجميع: وعشنا وعاشت في الدهور بلادنا ... جوامعنا في جنبهن الكنائس وسوف يعيش الشعب في وحدة له ... عمائمنا في جنبهن القلانس إن للأب المحتفل به شهرة واسعة في الغرب والشرق ومكانة عظيمة في قلوب العلماء الإجلاء ما يدل على فضله وتضلعه من اللغة ولا أدعي أن الأب معصوم من الخطأ فهو إنسان ولكل إنسان خطيئات وحسنات إلا أن الحسنات يذهبن السيئات ونحن في تكريمنا الأب نكرم العلم في شخصه مقدرين أعماله وحسناته وفضله غير ناظرين إلى شيء سوى ذلك. والواجب على كل شخص منصف أن يفكر في أعمال الرجال لا في الرجال جريا على قاعدة (فكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله) تلك القاعدة العظيمة التي وضعها السادة الصوفية. أحمد حامد الصراف

رسالة المجمع العلمي العربي في دمشق

رسالة المجمع العلمي العربي في دمشق دولة سورية وزارة المعارف المجمع العلمي العربي الأستاذ العلامة السيد جميل صدقي الزهاوي أرسل إليك إليها الأخ الكريم مدحة نثرية كي تتلى باسم مجمعنا العلمي في حفلة تكريم عضو مجمعنا العلامة الأب أنستاس الكرملي. ولعل ترؤسك لهذه الحفلة لا يمنع من اعتبارك مندوبا لمجمعنا العلمي في شهودها وإذا أنضم إلى ذلك تلاوتك المدحة بنفسك كان ذلك أقصى ما يتمناه الجميع ويتطال إليه. وفي الختام أقبلوا احتراما واحترام رجال المجمع مع تقديم تهانئنا جميعا لأخينا الجليل المحتفل به ودمتم. والسلام عليك سيدي. في 22 آب سنة 1928 وكيل رئيس المجمع العلمي العربي المغربي دولة سورية وزارة المعارف المجمع العلمي العربي إن كان علامتنا الأب أنستاس أحق علمائنا المعاصرين بالحفاوة والتكريم فأن مجمعنا أو (محفانا) أحق بالسبق إلى تكريمه والتنويه بفضله. ذلك أن مجمعنا منذ يوم نشأته وجد في الأب الكرملي العضو الذي يحتاج إليه. والندب الذي يعول في خدمة هذه اللغة عليه. فكنا وإياه من المساندة، وجميل المساعدة، كأننا نعمل بفكر واحد، أو يد واحدة.

برقيات المستشرقين

أشتهر الأب أنستاس في خدمة لغتنا العربية وتحقيق أبحاثها، وكشف الغطاء عما أشتبه حاله من غريب كلماتها - بما لم يشتهر به غيره من علماء اللغة في عصرنا. حتى لم يعد يفهم من اسم (الأب أنستاس) إذا أطلق معنى الإنسان الذي ينطق بل معنى المعجم الذي يدقق ويحقق. كثرة اشتغال الأب أنستاس في اللغة العربية أنسى الناس المعنى الكهنوتي المراد من كلمة (الأب) وجعلهم لا يفهمون منها إلاّ المعنى اللغوي - معنى الولادة والنسب - فهو للغتنا العربية أب كريم يحنو عليها حنو المرضعات على الفطيم، على حد قول شاعرنا العربي: وكان له عما لطيفا، وولدا ... رؤوفا، وأما مهدت فانامت لا يضر العراق أن لا يكون فيها محفى لغوي وهذا الأب أنستاس قائم بجميع ما يطلب من المحافي اللغوية - فهو واحد في شخصه وجمائه لكنه ألف في مجزئته وغنائه. فحيا الله علامتنا الكرملي وأطال عمره حتى يرى ما يتمناه للغته العربية من الظهور على جميع اللغات، ويرى أبناؤها ما يحبونه له من الهناء وطيب الحياة. 22 آب 1928 المجمع العلمي العربي في دمشق برقيات المستشرقين برقية من لننغراد في 9 أيلول 1928 بغداد - أحمد حامد الصراف تحياتي القلبية منبعثة من شمالي البلاد إلى المحتفل به عالم العراق الكرملي. لننغراد: كراتشكوفسكي برقية من باريس في 14 أيلول 1928 إلى الأستاذ الزهاوي من أعيان بغداد إني سعيد في إرسال تهانئي بخصوص يوبيل الكرملي. باريس: ماسنيون

برقية من برلين في 16 أيلول 1928 بغداد - لجنة يوبيل الكرملي بارك الله في من يخدم نهضة الناطقين بالضاد الأستاذ كافماير رسائل المستشرقين من الأستاذ د. س. مرجليوث حضرة الشاعر المطبوع والخطيب المصقع والفيلسوف المدقق جميل صدقي الزهاوي. بعد تأدية واجبات الإكرام والاحترام والاعتراف بفضلكم اعرض أنه قد وصل خطابكم الذي تاريخه الثاني من تموز ومضمونه الدعوة إلى الاشتراك في تكريم الأستاذ الكامل والحبر الفاضل الأب أنستاس ماري الكرملي الذي اشتهرت فغي الأقطار فضائله وذاعت وشاعت مناقبه بالحضور في مدينة السلام عند احتفال المحفل الجاري فيه تعداد خدم الأستاذ للغة العربية وتهنئته بما وفق إليه من رفع ذكرها وتقفية آثارها وإحياء دراسها وأداء ما يستحقه من الشكر على ما أنعم به على المنتسبين إلى الشرق والاستشراق في الأقاليم والآفاق ولولا شط المزار وضيق الوقت وكثرة الأشغال الشواغل لكنت أسرعت إلى الانتظام في سلك المحتفلين والدخول في زمرة المادحين والشاكرين والالتذاذ بسماع ما يلقى من الخطب وينشد من القصائد والانتفاع ببلاغتها وفصاحتها ولما لم تفسح المقادير بالمراد فقصاراي أن أبلغ حضرتكم دعائي بنجاح مشروعكم المحمود ورجائي إلا يقصر عن الغرض المقصود حتى يتيقن الأستاذ الفاضل تقدير العلماء لأعماله وتحمل الغيرة غيره على النسيج على منواله ولا يبقى مما يقال إلا الدعاء بحسن المآل اكسفرد في 22 آب سنة 1928: المخلص د. س. مرجليوث

من الأستاذ فريتس كرنكو سيدي المفاضل المحترم أحمد حامد أفندي الصراف أدام الله تعالى عزكم. بعد السلام والتحية أني أحب أن أوافقكم والسادة أعضاء لجنتكم من باطن قلبي الخالص الصداقة في التهنئة للأب أنستاس عن بلوغه خمسين سنة في خدمة الآداب العربية فقد أشتهر اسمه بعيدا عن بلاد الذين يتكلمون بالضاد وهو مشهور شرقا وغربا بمعرفته الواسعة في اللغة العربية وآدابها،. نحن هاهنا في المحفل العلمي للمستشرقين في اكسفورد (وأنا أكتب كتابي هذا هنا) نذكره ونتأسف أنه ليس بيننا في هذه الأوقات ولكن ما يكون فقدنا يكون ربحا لكم، ودعائي أن الله تعالى يبقيه بينكم وبيننا سنين كثيرة في الصحة والقوة التامة يشتغل في إحياء العلوم وترقي الآداب في بلادكم ولا سيما مدينة السلام كما كان يشتغل في الماضي. لست أنا إلا من أبناء الأعاجم المحبين للغة العربية ولم يمكني أن أوضح في كتابي هذا كل ما كنت أشتهي أن أقول ولكن سيكون فكري معكم وقت احتفالكم. وفي الختام أقبلوا سيدي المحترم تحقيق احترامي ووافر تحيتي. 29 آب 1928: المخلص لكم فريتس كرنكو من الأستاذ لوي ماسنيون أيها الأب الجزيل الاحترام . . . سأبرق بعد قليل إلى العين جميل صدقي الزهاوي لاشترك من صميم قلبي في اليوبيل الواقع في 16 أيلول وأنت تعلم لمن هذا المهرجان. وإني لأشكر شكرا مقرونا بالجميل لكتوم اللجنة أحمد حامد أفندي الصراف على أنه فكر بي فأرسل إلي بنسخة من الدعوة. باريس 16 أيلول 1928: لويس ماسنيون من الأستاذ اغناطيوس غويدي إلى حضرة طاهر أفندي القيسي في لجنة تكريم الكرملي سيدي الفاضل: بلغني دعوة الزهاوي إلى تكريم الأب أنستاس الكرملي في هذه

لغة العرب

الأيام وكنت أود أن أحضر بنفسي في يوم الحفلة ويطيب لي هذا الأمر حقيقة لأتمكن من أن أبدي إلى الأستاذ المحترم شواعر إعجابي بما أنتج من الأعمال لترقية الدروس العربية ولا سيما لكي أظهر له إخلاص شكري مما أحسن به علي ولا جرم أنك تفهم أن المانع لحضوري هو تقدمي في السن فلا يمكنني أن ابتعد عن مقامي ولهذا أنيب كتابي هذا عني متمنيا لصاحب اليوبيل الأستاذ المكرم كل خير وهناء. فرسكاتي (قرب رومة) في إيطالية 12 أيلول 1928: خادمكم الصادق اغناطيوس جويدي أحد أعيان مملكة إيطالية من الأستاذ ج. كافماير إلى حضرة الأب أنستاس ماري الكرملي في بغداد. أيها الأب الفاضل أسمح لي بأن أبدأ هذه السطور بتجديد الدعاء الذي اطرته على جناح البرق في هذا اليوم عينه وهذا نصه: (بارك الله من يخدم نهضة الناطقين بالضاد). إنك أوقفت نفسك للمباحث العربية ولقومك العرب الذين تنتمي إليهم وحبستها بصورة دائمة كل هذا الدوام فأنتجت ذلك النتائج على مدى هذه السنين الطويلة. أطال الله هذه الحياة وتوجها بآلائه وبركاته. برلين دهلم في 16 أيلول 1928: الأستاذ الدكتور ج. كافماير لغة العرب تحية مجلة (لغة العرب) وصاحبها العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي في مستهل عامها السابع في عيد مجدك يهتز الألباء ... وتحمل البشر للأبناء أنباء طلعت عنوان فضل - لا يحد له ... نبل - لمن أمتعوا براكما شاؤوا وكنت شارة خل كله شمم ... حيا جلاله ماضيه الإجلاء

في نصف قرن بنى علما وتجربة ... وحكمة فوق ما يرجوه بناء ولا يزال عظيم الجهد مبتدعا ... له أياد على الإصلاح غراء إن كنت ابنة ست في الستين فكم ... في دفتيك من الأعوام أحياء وذمة مثل حد السيف قاطعة ... وبسمة للذكاء الجم حسناء ما بين بأس عظيم البطش في ثقة ... بالحق أن عصفت بالحق أهواء وبين مرحمة بالفكر بالغة ... وبالتراث المعلى فهي انداء وبين نار تلظى، من تأججها ... هذي العقول وإشعاع وعلياء وبين سعي لدفع بل مقاتلة ... للجهل، والجهل أدواء وأرزاء جمعت شتى من الدنيا، وما وهبت ... لرشدنا همة شماء قعساء أهلا بيوم (انستاس) تكرمه ... مآثر هي للتاريخ صهباء كم تضحيات أضاءت حولنا قبسا ... والتضحيات حرارات وأضواء حياته سيرة للنفع دائمة ... (موسوعة) ولها الأعوام أجزاء أعاد مجدا من الأسلاف مندثراً ... إلى (لسان) له (الآباء) آباء الرافعون منارا من سماحتهم ... والعالمون الإجلاء الأعزاء كأن (بغداد) قد عادت لعزتها ... و (للخليل) بها وحي وإيماء ولم يفت (سيبويه) - تقصمه ... وجدانك الحي - إرشاد وإفتاء قضى عليه (الكسائي) في مناهضة ... زورا، وطعنتك الغراء نجلاء تأثرت للعلم، فليخسأ محاربه ... فما لنا بعد للحساد إصغاء هذي صحائفك البيضاء ساطعة ... وحسبنا صفحة في الحق بيضاء أغنتك في موقف عز النصير ففي ... مبادئ الحر تعزيز وتأساء إن شاء أن يتعامى عن مفاخرها ... غر فللوهم إضحاك وإبكاء أو شئت أنت احتجاجا عن علانية ... فللمآثر مثل العطر إفشاء أو ناظرتك عقول جد مجدبة ... فما تحس بجدب الترب فيحاء أو صورتك بأغراض مزعزعة ... فإنما مقلة الأغراض عمياء

العلامة الكرملي في حفلة تكريمه

أو عاب حكمك من يهوى مجاملة ... فليس في العدل إيثار وإقصاء إن العظيم عظيم النقص عن شرف ... يعنو لهيبته رعد وأنواء وليس من شاد فوق المال هيبته ... وهما، وهيبته جوفاء خرساء بل من تعيد في تعييده أمم ... طوعا، ويتبع نجواه الألباء أحمد زكي أبو شادي العلامة الكرملي في حفلة تكريمه عن الأهرام الصادر في يوم الخميس 30 أغسطس (آب) سنة 1928 قصيدة شاعر مصر الكبير الأستاذ أحمد محرم تستعد عاصمة العباسيين استعدادا فخما للحفاوة باليوبيل الخمسيني للعلامة اللغوي الشهير الأب أنستاس الكرملي صاحب مجلة (لغة العرب) الذي سيقام فيها بعد أسابيع قليلة. وقد أذاعت لجنة الاحتفال المركزية من بغداد منشوراً بليغاً للدعوة إلى الاشتراك في هذا الاحتفال الأدبي الكبير مذيلا بتوقيع رئيسها الشاعر الفيلسوف الأستاذ جميل صدقي الزهاوي. والمنتظر أن يقبل على الاشتراك فيه كثيرون من أعلام الأدب وعلماء العربية في جميع الأقطار، فضلا عن كبار المستشرقين ومعاهد الأبحاث اللغوية في أوربة. والمأمول أن يكون لأدباء مصر مذكور من الحفاوة الواجبة بصاحب اليوبيل الجليل المآثر. وقد أتيح لنا الإطلاع على القصيدة المشرقة العصماء التي نظمها لهذه المناسبة السارة الشاعر القدير الأستاذ أحمد محرم وأرسلها على جناح الطيارة إلى بغداد فراق لنا أن ننشرها أداء لواجبين، ووفاء لحق اللغة والأدب. (الأهرام) يا برق هل لك في الجمي ... ل وهل تعين على الذمام؟ أنت البقية من أيادي ال ... عبقريين الكرام! لك نجدة الحر الوف ... ي، ونهضة البطل الهمام! ما أن عييت بمطلب ... وعر المسالك أو مرام تدني الممالك والأنا ... م من الممالك والأنام

ما الدهر فيك سوى ثوا ... ن من نهار أو ظلام! يا برق بالذمم الجسا ... م وبالمواثيق العظام أد الرسالة من ربى ... (مصر) إلى (دار السلام) دعها فقد علقت بأج ... نحة العواصف والغمام! تمضي بكل محلق ... متقاذف الأرجاء سام! في جوف خافقة الجنا ... ح يهيجها طول أعوام! بنت الجواء رمى بها ... رامي الكواكب بالسهام! يحملن من جن الحضا ... رة كل مستعر العرام! يغتال كبر المستحي ... ل وعزة الموت الزؤام! تناسب طاغية القوى ... وتمر طامحة الزمام عصفت بمملكة النسو ... ر تريد مملكة الحمام دار (الرشيد) وما رمي ... ت صاحبتي فيها بذام أولى المصاقع بالمنا ... بر، والسواجع بالبشام جمعوا المواسم كلها ... في موسم الأدب المقام! هتفوا بذكر (الكرمل ... ي). فقلت بورك من إمام! ونهضت أستبق القري ... ض فردني جللا مقامي مارسته، فرميت من ... هـ بزاخر الآداب طام عزت به أم اللغا ... ت أبا يناضل كل رام! يحمي جوانب ملكها ... ويهيب بالهمم النيام ويقيم ما هدم الغزا ... ة من الحوائط والدعام إن كنت جاهله فسل ... هـ عن المجاهل والمعامي تلك المعالم وضحا ... فخذ السبيل إلى الخيام عند الأعاريب الكرا ... م شفاء ما بك من هيام سر في ذمام (الكرمل ... ي) وفي حمى الأدب الحرام وقل: السلام عليك يا ... أم الغطارفة الفخام

تقدير النبوغ والعبقرية

لا تذكري مجرى الجيا ... د ومرتمى الجيش اللهام ناب الكتاب عن الكتا ... ئب، واليراع عن الحسام! هذا (الإمام) فلن ترا ... عي في حماه ولن تضامي! نظم المشارق علمه ... والعلم أشبه بالنظام ما للممالك أن هوى ... ركن المعارف من قيام تقدير النبوغ والعبقرية الاحتفال بالعلامة الكرملي حضرة الأديب العلامة الجليل الأستاذ الفاضل سكرتير لجنة يوبيل العلامة الكرملي الموقر تحية واحتراما وبعد: أعلمني صديقنا العلامة الفاضل النطاسي البارع الأستاذ أحمد زكي أبو شادي وأنا على فراش المرض بتكريمكم للعلامة الكبير أستاذنا الموقر الكرملي فأكبرت فيكم وفي إخواننا القائمين بهذا الأمر جلال عظمتهم المجيدة التي قامت لتقدر العبقرية والعلم والنبوغ. وقد دفعتني عواطفي الجياشة وأنا في حالتي المرضية بأن أنظم هذه الأبيات ولي الشرف بأن أقدمها للجنة مع هذا الخطاب حتى لا يفوتني انتهاز هذه الفرصة المباركة دون الاشتراك في هذا المهرجان العلمي العظيم. وطد الله بكم دعائم العلم والأدب وتفضلوا بقبول أجل وأجمل تحيات المخلص يا جارة البان بين النيل والهرم ... وربة الشدو يا ورقاء والنعم صاغت إليك فتاة الشعر قافية ... يسري مع البرق رياها وفي النسم هيا امتطي أفق الجوزاء وانطلقي ... لروضة المجد والعلياء والكرم وردديها على الأسماع شادية ... في دوحة العلم والآداب والحكم فندوة الضاد يا ورقاء قد جمعت ... أهل الفصاحة في (بغداد) والعظم

فأن شهدت بها شمسا ونابغة ... وفيلسوفا غدا كالبدر في الظلم وعبقريا وفذا بالعلا كلفا ... في دولة العلم أضحى صاحب العلم على محياه نور العلم مؤتلق ... فصار في نوره كالنجم في الغسم وحوله سادة غر عباقرة ... غير النبوغ وغير العلم لم ترم فلتعلمني أنه (الكرملي) من حفلت ... بمجده وعلاه دولة القلم علامة الشرق فخر العرب من شهدت ... أم اللغات له بالفضل والحكم النابه الذكر من جاز السهى شرفا ... المبلغ اللغة الجوزاء بالهمم يا جارة البان أن أدركت ساحته ... فقد بلغت رحاب المجد والحرم فغضي طرفك يا ورقاء خاشعة ... وأقضي حقوق العلا والمجد والعظم فسوف تشجعك يا ورقاء رقته ... وحكمة وعلاء غير منصرم فأن سعدت بخلق كالحيا طلقا ... يحوي العلا والندى فأثني على قلمي وبلغيه تحايا العلم عاطرة ... من شاعر بربوع النيل والهرم أدي الرسالة يا ورقاء موفية ... حاشاك أن تنكثي بالعهد والذمم هيا أعتلي الجو واجتازي مرفرفة ... البر والبحر لا تخشي من الرخم (دار السلام) لواء المجد ينشره ... على رباك شموس العلم بالهمم العبقرية في واديك ماثلة ... حجت إليها ملوك العلم والحكم يا نخبة الشرق في علم وفي أدب ... يا مالكين عنان الطرس والكلم يا أنجم العلم في عرب وفي عجم ... يا ناشرين لواء العلم في الأمم يا معتلين من العلياء دوحتها ... وفضلكم في الورى أنساب كالديم قياصر الأدب العالي وأيكته ... وأسرة الفضل والأخلاق والشمم جددتمو اليوم للتاريخ ما هدمت ... يد الدهور بملك باذخ سنم (هارون) في رسه قد بات مغتبطا ... يهوي لو استطاع يلقاكم على قدم لولا صروف لدهر من حوادثه ... قضيت عمري في حزن وفي ألم شددت رحلتي كي أحظى بفضلكمو ... وكنت أول من للفضل مغتنم الإسكندرية 4 سبتمبر 1928: محمد صالح إسماعيل

يوبيل الأب أنستاس ماري الكرملي حضرة الزميل الكبير والأخ الأجل الأستاذ الزهاوي الشهير: تحيتي إليكم وإجلالي (وبعد) فأرسل لحضرتكم هذه القطعة تلبية لطلبكم الكريم وتقديرا لحضرة المحتفل به. وتفضلوا بقبول تحياتي وشكري وحفظكم الله ورعاكم: نحيي على بعد المدى ونكرم ... ونهتف بين الهاتفين وننظم ونزجي (لبغداد) القريض كأننا ... حضور به في حفلها نتكلم قواف اطارتها إليكم شجونها ... وكان لها في حبة القلب مجثم أهاب بها صداح (دجلة) فانبرت ... سراعا له من (نيلها) تترنم حمائم لم تهبط على الحب مرة ... فتلقطه. بل همها اللحم والدم بعثنا بها نحو (العراق) إلى امرئ ... ترف عليه ورقه وتسلم فما هو إلاّ الروض يجزي نميره ... ويضحك فيه زهرة المتبسم غذته عقول الناس خمسين حجة ... أقام بها يسقي الرحيق ويطعم جنا قطفه دان، وماء مصفق ... وظل على كل البلاد مخيم فمصر، وأرض الشام منه بجنة ... وحومانة الدراج. والمتلثم مآثر غفي عرض البلاد وطولها ... تحيي فتاها مثلنا وتعظم وأعمالنا مثل الأناسي، ناطق ... فصيح وذوعي، وآخر أبكم وتلقى من الأعمال ما هو شاعر ... وتلقى من الأعمال ما هو مفحم ومن شيد العلياء قامت وشيدت ... له من جميل الذكر ما ليس يهدم يقولون شاب الكرملي - ولم يشب - ... ومن هذه آثاره كيف يهرم يزيد على كر العشيات روعة ... كذلك يروع النسر والنسر قشعم أراني منه في خضم. فإن يطل ... مديحي له. أو لم يطل فهو أعظم لقد جل عن شعري - وإن جل نظمه - ... وقصر عنه القول. فالصمت أسلم 9 سبتمبر 1928: محمد الأسمر

في موقف التكريم

في موقف التكريم حلمت أن قد صفت في العيش أيامي ... فلم تصح من الأيام أحلامي إني فكرت مليا في حقيقتها ... فلم يزدني فكري غير أوهام ما جن ليلي إلاَّ هاج بي شجن ... وآلمتني نفسي أي إيلام كم ليلة بت والسمار قد رقدوا ... فريسة بين أوجاع وآلام قد شاب رأسي من برح الهموم ولم ... يمر لي من حياتي غير أعوام لولا طموحي إلى مجد يشرفني ... ما طال في العيش انجادي واتهامي وما يؤمن في الدنيا سعادته ... غير امرئ هازئ بالكرب مقدام ماذا ستنفعني الشكوى ارددها ... والدهر نكس قبل اليوم أعلامي إن لم أقم لرجال العلم منتصرا ... فلا مشت بي إلى العلياء أقدامي أبجل العلم مهما دان صاحبه ... وذاك لا غيره ديني وإسلامي يا مكرمي الكرملي الفذ أنكم ... أكرمتمو العلم فيه أي إكرام قوموا إلى الأب في يوبيله زمرا ... وصافحوه بتبجيل وإعظام وأنشدوا الشعر تقديرا لخدمته ... ولا تبالوا بحساد ولؤام عاثوا بمملكة الآداب من شره ... عيث الذئاب - وقد جاعت - بأغنام أصغوا إلى الشعر يتلى أنه عظة ... وأنه خير نهاض بأقوام الشعر ما وضح المعنى به وصفت ... ألفاظه وخلا عن كل إبهام وما البلية إلاَّ أن يزاوله ... من لم يكن فيه ذا حذق وإلمام شببت والحب في مهل تمارسه ... وقد سبحنا معا في بحره الطامي أيامه مثل أيامي مكدرة ... وعل أيامه تصفو وأيامي أخشى إذا نحن لم نأس الجراح به ... أن يقضي الشعر من جرح به دام ما ألهمتني وحي الشعر آلهة ... بل أنها النفس منها كل إلهامي أسديت شعري الشبان أطربهم ... فقد تسر شباب اليوم أنفاسي من يرمق الزهر من بعد القطار ... فلا يلقاه إلاَّ بوجه منه بسام

نشيد وتفنيد

في روضة ظل رجاس ازاهرها ... حتى تفتح أجفان لأكمام أقول والطير قد هبت مغردة ... أملأ لي الجام فاللذات في الجام هلم نأوي إلى الآداب رائعة ... ونستظل ضحى في صرحها السامي في عهد فيصل ما أسماه من ملك ... معصب من بني عدنان قمقام بتاجه الشعب كل الشعب مغتبط ... ما أحسن التاج معقودا على الهام وأنه هو مولاه وسيده ... وأنه هو في الجلى له الحامي الشعر في ظله عصفورة غرد ... والعلم مخضوضل من غيثه إلهامي لو لم أجد لي في الأقلام تسلية ... كسرت من عنت الأيام أقلامي صفحا إذا كان خنذيذ القريض كما ... فلم يساعد على جريي وأقدامي بغداد: أكرم أحمد نشيد وتفنيد يا رابضا وبه الآمال تصطخب ... إن قبل ممن؟ يقل آبائي العرب أنت البقية من شعب ذوي عظم ... أوهاهم العجز والتفريق والوصب ملوا الجهاد فظلوا في عمايتهم ... كأنهم تائه أودي به التعب أصوب الطرف فغي أحوالهم فأرى ... بؤسا يحيط بهم من بعد ما غلبوا من بعد تحليقهم في أوج رفعتهم ... لقد هووا مثل مقطوع به السبب يستنجدون وما من منجد لهم ... ويستغيثون إذ أصمتهم الكرب والله كم سال دمعي عند رؤيتهم ... وكم بقيت بلج الحزن أضطرب شتان ما يومهم والناس تخدمهم ... ويومهم قد نكى في جمعهم عطب أين البهاليل من شعبي فيا أسفي ... أودت (قعاد) بهم لما بها طربوا وقد تفانوا وما كفوا تفانيهم ... عن قتل أمتهم حتى معا عطبوا يا للتعجب من شعب يذوب كما ... ذاب الضريب بنار هاجها حصب العرب هل أصبحت فتيانهم حمما ... وكم براقش تجني بل وكم تثب؟ قد دنسوا الحق تدنيسا وما ارتدعوا ... عن منكرات بهن الذل والكلب

أسدد فمي قبل بوحي بالذي عجزوا ... عن ذكره فزمان البوح مقترب غاض الكرام وقد غاض اللئام فلا ... نصح يفيد ولا علم ولا كتب لئن ذكرت رجال اللؤم أحرقني ... جوى كمين وفي قلبي له ندب أف لهم ولما يبغون من أرب ... مدنس مات فيه العز والأدب قلوبنا ضعضعوها وهي صابرة ... على الأذى وبنار الطعن تلتهب تعسا لقوم عتوا صدت بصائرهم ... عن الصلاح وبالتضليل تنتقب نرى الأذلة ترمينا بقسوتها ... وأنها لفلول الخبث منقلب غشوا نفوس ضلالات بثوب هدى ... كأنهم نجس بالخز محتجب هم الذين أضاعونا بخستهم ... يزجون غدرا إلى خبث ولن يجبوا وا حسرتاه على حر يذوب أسى ... على العروبة والأعراب تحترب وا حسرتاه علينا إذ سفينتنا ... أضحى بها الجهل ربانا ويا عجب هذي الجزيرة مجتاحا ومضطربا ... في كل يوم بها حرب ومستلب ضاع التراث كما ضاعت سعادتنا ... وقد وقفنا فلا غذ ولا خبب لم يبق من أمتي العظمى سوى لغة ... ظلت على طول هذا الدهر تنتحب كم أعجمي غزاها وهي آمنة ... وجيشه لجب من عجمة تعب فانصاع مكتئبا تحدوه خيبته ... والجيش منحطم أعضاؤه تعب يا سائرا ووجيب القلب صاحبه ... لنا ببغداد من بين القسوس (أب) أقرأ عليه سلامي خالصا عطرا ... فأنه من معين الحب منسكب أب عزيز وذو علم ومعرفة ... قضى السنين بسوق العلم يكتسب حنا على لغة القرآن حنو أب ... على الوليد وعنه تنطق الحقب له أياد على أبناء يعرب ما ... دامت لغاتهم أثوابها قشب عقل منير وأخلاق معظمة ... ودربه سيلها للعلم مصطحب ذاكم (انستاس) معروفا ومرتويا ... من بحر علم وللإصلاح منتدب عرفته فاضلا من قبل ما نظرت ... عيناي وجها له للطف ينتسب حلو الحديث دميث الخلق ذو أدب ... عال ومجلسه للعلم منتهب

طلاب حق وإصلاح ومكرمة ... وصفو علم وفي أعماله سرب صافي السريرة ضحاك إذا ضحكوا ... ماضي العزيمة ذو حلم إذا غضبوا قد (يوبلوه) فأبقوا خير مأثرة ... لهم فيوبيله بالفخر مختصب لم ينقموا منه إلاَّ أنه كلف ... بالبحث لا مدع جهلا ولا غضب حامي الحقيقة إن شطت وإن قربت ... مهذب ولشطر الدهر محتلب كم لقلق صات في يوبيله حسدا ... وكم غراب نعى والقلب ملتهب قد جلوا جهلهم ما كان أغربهم ... والجهل ينفق في إفنائه الذهب كل له دينه والعلم مقتسم ... فلا ازدراء ولا حقد ولا صخب بلى أنستاس أهل للذي فعلوا ... بخلقه ومساع جلها شهب بغداد: مصفى جواد كتاب صاحب المعالي وزير المالية حضرة العلامة الفاضل الأب أنستاس الكرملي المحترم دعاني الواجب إلى أن أغيب عن العاصمة يوم يوبيلكم الميمون، فلبيت صوت الواجب وفي قلبي لواعج من الشوق للاشتراك بتكريم العلم في شخصكم النبيل والإشارة بمفاخر لغتنا العربية التي أفنيتم العمر العزيز في الوقوف على أسرارها والبحث عن مكنوناتها الثمينة والتنقيب عن كنوزها العجيبة الساحرة الفتانة. إن حرمت حضور الحفلة وسماع ما يلقى من الدرر المنثورة واللآلئ المنظومة في مدحكم والثناء على خدماتكم المشكورة وأعمالكم المبرورة في الجهاد في سبيل العلم واللغة والتدريس فأن لي من أسباب السرور والحبور ما ينسيني هذا الحرمان ذلك أن فخامة رئيس وزارتنا المحبوب عبد المحسن بك السعدون قد تكفل بإقامة هذه الحفلة في داره العامرة وأن زميلي العزيز معالي توفيق بك السويدي وزير المعارف قد أقام يوبيلكم تحت إشرافه.

فنظرا إلى التضامن الموجود بيننا نحن أعضاء الوزارة السعدونية فأني أعد نفسي مشتركا في هذه الحفلة وإن لم أكن حاضرا وهنا لا بد لي من كلمة أقولها ألا وهي: إن الأب أنستاس الكرملي موضوع فخر ومباهاة للوطن ولأبناء اللغة العربية الناطقين بالضاد فقد حمل مصباح العلم والعرفان مدة خمسين سنة وقد أقتبس من نوره الوضاح تلامذة يعدون بالمئات. وقد أسعدني الحظ أن أكون أحدهم بما أخذته عنه بعد مغادرتي المدرسة من الفوائد الفرائد. لم تقتصر خدمات الأب الجليل على التعليم والتهذيب والتلقين بل هي أوسع نطاقا من ذلك. فها أن أبحاثه الجليلة اللغوية والتاريخية أكب شاد على ما أقول وها أن تنقيباته الأدبية لأعظم حجة على ما ألمع إليه. لا يذكر اسم الكرملي إلا وينتصب في الذاكرة شبح كتاب (الإكليل) و (الموعب) وكتاب (العين) وغيرها من تراث الأقدمين التي كانت مفقودة فوجدها. أما مجلة (لغة العرب) فاسمها يغني عن البيان والتبيان فهي كنز لغوي وتاريخي. إن حب أنستاس للعرب والعربية جعله يتحمل مضض النفي والإهانة في عهد دولة مضت أيامها ودالت دولتها. حيا الله الشعور العربي الصميم المتغلغل في قلب الأب المحترم. وهل من حجة لامعة على هذا الحب أكبر من العذاب في سبيله؟ فإذا قرعت طبول البشائر في يوبيل العلامة الأب أنستاس فلا عجب. فما ذلك إلا دليل باهر على أن البلاد وأهل البلاد وحكومة البلاد تقدر العلم وتحترمه في شخص رجاله الذائبين في سبيله. حيا الله الأب أنستاس الكرملي حامل مقياس العلم وعلم العربية. وحيا البلاد والرجال الذين يكرمون العلم. بغداد 5 تشرين الأول 1928: المخلص يوسف غنيمة

الأب أنستاس ماري الكرملي عماد للنهضة الحديثة - 1 - كان النصف الثاني للقرن التاسع عشر مبعث النهضة الأدبية في الشرق العربي بعد أن قطعت العواصف السياسية والاجتماعية علاقته بماضيه الوضاء ومهما يكن من الأسباب التي بعثت هذه النهضة المباركة، فأنها من غير شك كانت تقوم في جهات ثلاث: الشام، ومصر، والعراق، ويظهر أن الأسبقية إنما كانت للشام لتزاحم البعوث والإرساليات الأمريكية إلى هناك فتمكن رجالها من بذر البذور المباركة للحركة الأدبية والعلمية في هذا الشرق وقد تبعتها مصر منذ انتظمت حياتها الحسية وأسست على قواعد ثابتة تضمن للنهضة النجاح والاطراد، وقد نافستهما العراق منار الثقافة الإسلامية العربية في عهد (دار السلام). وهنا يجب أن نقرر - إنصافا للحقائق التاريخية - أن هذه النهضة التي كانت في مصر وسورية والعراق كانت تقوم على أعمدة ثلاثة: مدرسة دار العلوم بمصر، ومدارس الإرساليات بالشام. والأب أنستاس ماري الكرملي بالعراق. - 2 - ليس من المبالغة أو العصبية أن نضع الأب الكرملي في العراق تجاه مدرسة عتيدة بمصر، وعدة مدارس بسورية، فأننا إذا فهمنا مقومات هذه النهضة أول الأمر علمنا صدق هذه الدعوى، وأننا لم نشتط حين وضعناه في هذه المكانة، فأنه حين حاولت البلاد أن تحيا حياة أدبية أواخر القرن الماضي كانت لوثة العجمة شائعة في الألسن العربية، ولم تكن ترى شخصا يحسن التكلم باللغة الفصيحة، وكانت اللغة العامية خليطا من لهجات شتى، بعيدة النسب عن العربية فضلا عن أن النفس الشرقية كانت مقفرة من أية ثقافة إلا الجهل المطبق، والظلمة الحالكة، والانحلال الشائن، فكان لا بد لكل غيور على هذا الشرق العربي أن ينقذ هذه

الطوائف من جهالتها محاولا تقريبها إلى المثل الأعلى لتلك الحضارة الأدبية الماضية مراعيا في ذلك آثار الزمان والمكان، ودواعي الفروق بين الحالة الحاضرة أمامه وبين الحالة السالفة أمام العصر العباسي حيث ازدهرت الدنيا بآثار العربية وكنوزه الثمينة. . . وأي شيء يجب البدء به سوى تقويم الألسنة وتطهيرها من الأخطاء اللفظية والكلمات الأعجمية حتى إذا استقامت واشتد ساعدها كان على المصلح أن ينظر في محاولات أخرى معنوية وموضوعية عله يتم ما بدأ؟! أفليس الناس إذ ذاك أشبه شيء بالطفل الناشئ يجب إصلاح لسانه ثم يتلقى بعد ذلك المعلومات؟ أريد أن أفصح أكثر من هذا فأقول: كانت النهضة محتاجة إلى تقويم جسمها قبلا حتى يتمكن من حمل ما يلقى فيه من الروح الحديثة التي هي في الحقيقة الغاية أو الوسيلة للرقي العام. هكذا كانت تعمل دار العلوم بمصر أول نشأتها فكانت معنية بدراسة الأدب العربي القديم وتقليده بعض الشيء لفظاً وأسلوباً، وكان المتخرجون فيها يجتهدون في تقويم الناشئين بهذه الأساليب حتى تأسست الدراسة المصرية على نهج قويم، وقريباً من هذا في شيء من التجديد عمل رجال سورية لاتصالهم أكثر من سواهم بالحضارة الأجنبية فلانت لهم الأساليب وجروا شوطاً ليس بالقريب. أما الأب الكرملي فقد كان ترتيبه الطبعي أسبق من ذينك العاملين: كان فقيها لغويا عليه وحده نعتمد في الإصلاح اللفظي: الأفرادي والتركيبي لأنه أتيح له ما لم يتح لقرينيه ففاز بخير نصيب. - 3 - نعم أتيح له ما لم يتح لغيره من جميع المشتغلين باللغة العربية في هذا العهد فكان طبيعيا أن يكون عمله أجدى من ناحية، وأن يكون (صاحب الشريعة الغوية) أن أباح لنا هو هذا التعبير من ناحية ثانية. من هذه الميزات ولوعه منذ الصغر باللغة وآدابها، وإذا علمت أن أول دراسته كانت في كتب الصرف تبين لك من أول الأمر ذلك المذهب الذي سيعتنقه هذا الصبي بعد. . . بناء اللغة وتكوينها وفهم أسرارها. ومنها إكبابه الطويل على دراسة اللغة والبحث في معاجمها وجمع الكتب التي تصادفه وتفيده في هذا الباب، فحصل على أكبر قسط من المعارف اللغوية التي

تجعله بحق حجة وحده ومرجعا للباحثين. ومنها معرفته عدة لغات شرقية وغربية مما يفيد في وسائل إثراء اللغة وطرق درسها وإنمائها، ثم الوقوف على فقهها وتاريخ نشأتها منذ عرفها التاريخ ولا أعرف رجلا غيره تيسر له الوقوف على هذه اللغات الشرقية بهذا الإتقان ثم الانتفاع بها في تحقيق الأصول العربية، فليس من الغريب إذا أن يكون كعبة الأساتذة والمستشرقين وطلاب التحقيق الفقهي للغة العربية. ومنها رحلته إلى أوربة وبلاد الشرق ووقوفه على مظاهر الحضارة القديمة والحديثة وآثارهما مما جعله أوسع معرفة وأدرى بمقتضيات هذا العصر من تجديد واصطلاح وتواضع على ألفاظ خاصة لكل جديد حتى لا ترمى اللغة بالفقر والعجز عن مجاراة الحضارة الجديدة. - 4 - أفبعد هذا يكون من الغريب أن يكون الأب الكرملي محط آمال المجتمعات اللغوية العلمية. وإن تتهافت النوادي الشرقية في أوربة والشرق على انضمامه إليها ليكون عتادها الأوحد ومرجعها الذي لا مرد لحكمه؟! ولم لا تترجم آثاره إلى اللغات الأجنبية التي يعنى ذووها بدرس الآثار الشرقية. وفهم هذه النفس الجباة التي كانت مثال النبوغ في مظاهرها المتنوعة، مظهر الدين ومظهر الفلسفة ومظهر اللغة وعلومها؟ ولم لا يضطهده الأتراك أعداء العرب وهو يعنى بإحياء الحضارة العربية ويذيع ما كان لهم من مجد تليد وعلم جم؟ أليس هذا رجلا في أمة وأمة في رجل؟ لا أذكر مؤلفاته وآثاره المطبوعة والمخطوطة الباقية والبائدة، لا أذكرها فهي شيء ذائع معروف سيحفظها التاريخ في إثباته، وينتفع بها الناس بعد أن يحصلوا عليها. إنما أذكر (لغة العرب) التي كانت - ولا تزال - صدى الحركة اللغوية في العالم العربي وغير العربي، عند كل متعلم وأستاذ، ناشئ وشاد، أذكر (لغة العرب) التي عودتنا النقد النزيه، الحق، والتواضع الكريم والاعتراف لكل مجتهد بجهده، وأخيرا كانت خير صلة بين الناطقين بالضاد وخير عامل على حراسة اللغة من عوامل الفناء والجمود والاضطهاد.

- 5 - فإذا كان من الحق على العالم العربي اليوم أن يكرم عالمنا الفذ، وأكبر مضح بعمره وماله، فأنه يكرم عنصرا قويا لا ندري ماذا كنا نكون لولاه، نعم إن هذه النهضة الحديثة أخذت الآن تتحول إلى ناحية حديثة من الثقافة المعنوية الفلسفية، ولكنها في حاجة عظيمة إلى ذلك الأب البار يرؤمها ويرقبها في سبيلها، خوف الاضطراب والشذوذ والعثرات التي كثيرا ما تعترضها، اللهم إنا نحتسب عندك هذا العمر الذي أنفقه وذاك الجهد الذي قاساه ونرجو أن يمد الله عمره حتى يتم ما بدأ، ويصل بهذه الروح الشرقية إلى دور النضج التام. فباسم مصر، وباسم الشرق، وباسم اللغة العربية، وباسم الآمال التي نعقدها على حياته. . . نقدم له أنفسنا مخلصة، ووفاءنا خالدا ونتقدم إلى لجنة الحفل بالمقترحات الآتية للسعي معنا في تحقيقها: 1 - أن يعين في الجامعة المصرية أستاذ الفقه اللغة العربية. 2 - أن تعنى لطبع مؤلفاته ونشرها. 3 - أن تحتفظ بخزانة وتسعى في الانتفاع بها. 4 - أن يكون هذا التكريم في كل من مصر والشام والعراق وغيرها من الأقطار العربية تكريما عمليا مؤديا للانتفاع الأوفى بآثاره الغراء. الإسكندرية في 2 أكتوبر سنة 1928: أحمد الشايب من الدجيلي حضرة سكرتير لجنة تكريم الأب انستاس المحترم بعد السلام فإني أشكركم على تقديركم إياي باللياقة للاشتراك في الاحتفال الذي ستقيمونه في بغداد في اليوم السادس عشر من شهر أيلول من هذه السنة ومن حيث أني في لندن والشقة بعيدة بيني وبينكم وكثرة النفقات تمنعني من

الحضور في ذلك الاحتفال الميمون رأيت أن استعيض بالكتابة عن الحضور بالنفس، متأسيا بقول من قال: (المراسلة نصف المواصلة) فإذا رأيتم ما كتبته مستحقا للقراءة والنشر فافعلوا ذلك وإلا فألقوا به عرض الحائط واتركوه في زوايا الإهمال وأنا لكم من الشاكرين. وفي الختام أهدي جميع أعضاء لجنتكم المحترمين السلام. لندن 30 آب 1928: المخلص كاظم الدجيلي سيدي وأستاذي العلامة معالي الرئيس المحترم سادتي المحتفلين الكرام إن تكريم الأحياء سنة قد جرى عليها الأولون والآخرون من البشر والقصد منها تشجيع الناس على إتيان الأعمال العظيمة التي يستفيد منها وطنهم وأبناؤه. ولما كانت النفوس تميل - بطبيعتها - إلى تعظيمها وتبجيلها أخذت تسعى في مصلحة مبجلها والمعترفين بجميلها عليهم. وبهذه السنة صارت مصالح الفريقين تتبادل وقوادهم تزداد ومنافعهم تتكاثر. إلا أن سنة التكريم هذه لم تدم في الشرق كدوامها في الغرب الذي ازداد اعتبارها وعظم شأنها فيه. ولا غرابة في ذلك إذ التربية والآداب في الشرق انحطت فأنحط كل شيء بانحطاطها. أما في الغرب فالحالة على خلاف ذلك حيث ترى للتربية والتعليم حياة راقية وآدابا سامية. إننا في تكريمنا حضرة العلامة الأب انستاس - الذي هو أهل لذلك - نكرم في الحقيقة سواه من أبناء العراق إذ نبعثهم بعملنا هذا على الاجتهاد في إبراز الأشياء النافعة للجمعية العراقية خاصة والبشرية عامة بحيث تكون تلك الجمعية شاعرة كل الشعور بوجوب تكريمهم واحترامهم. إننا في تكريمنا حضرة الأب أنستاس نثبت لأبناء العراق النبهاء العمل بقوله تعالى: (من يعمل مثقال ذرة خيراً يره). إن للأب أنستاس فضلا على كثير من شبان بغداد بل العراق وكتابه الحاضرين إذ درب الكثيرين منهم على معرفة الآداب العربية وحسن الإنشاء بها بل النبوغ فيها، وأنجى بصنعه الجميل نبغاء الكتاب من الوقوع في أغلاط كانوا يجهلونها قبله

لو كان من المتعارف أو المستحسن أن يقص المرء سير الأحياء من غير متاقاة أو محاباة لقصصت عليكم من أخباره الطوال ما يستوعب كل وقتكم. لحضرة الأب أنستاس منة لا تنكر على اللغة العربية وأبنائها لأنه يغار عليها أكثر مما يغار على أي شيء سواها ويحب إعلاء شأنها إلى السموات العلى ومن فرط حبه لها ينتقد مفسديها انتقادات مرة قد يرى المتعصبون الجاهلون لها أنه عدوها اللدود، وفي الحقيقة أن انتقاده هذا ما هو إلا كضرب الوالد الشفيق لولده الجاهل إذا أراد تأديبه وتدريبه على محاسن الأخلاق وطلب العلم. إن إصدار مجلة لغة العرب مما رفع ذكر العراقيين في الآداب العربية وأحيا ميت أسمهم فيها. قد لاقيت غير واحد من المستشرقين في أوربة فكان أول شيء منهم إعجابهم بمجلة لغة العرب والتحدث عن مزاياها وفوائدها الجمة. ورأيتهم يقدرون كل التقدير اختيار الأب للكلمات التي يعبر بها عن المسميات العلمية والفنية الحديثة، وإن كان في بعضها مما يثقل على السمع تلقيه أو أصبح بحكم المهجور. للأب أنستاس سعة صدر وحلم عظيمة، وكيف لا يكون كذلك وهو أحد الرهبان الذين من سيرتهم غفران الذنوب والإحسان للمسيء. إن صلتي بالأب أنستاس قد تزيد على الخمس وعشرين سنة وهي متينة لم يصبها أي خلل طوال هذه المدة مع أنه راهب كاثوليكي - ومن مبادئ الكاثوليك الدعوة إلى المسيحية - وأنا شيعي أصولي - ومن مبادئ الأصولية التصلب في الدين والتنجس من غير المسلمين - يشهد الله علي أنه ما دعاني يوما إلى دينه ولا دعوته أنا إلى ديني، أو تناقشنا في هذا الباب كثيرا. فصحبتنا كانت ولا تزال أشبه شيء بصحبة الرضي والصابئ بل على ما أظن أقوى وأمكن. (الفضل ناسب بيننا إن لم يكن ... شرفي يناسبه ولا ميلادي) قد كنت أحيانا اسمعه - بغير قصد - بعض الكلم التي لا يجب سماعها المتدينون مثله فيتشاغل عن سماعها بسواها ويغير الموضوع بأدب وحكمة. وإني أتذكر عند كتابة هذه الأسطر حادثة من هذا القبيل حدثت بيني وبينه - شهدها حضرة محمود أفندي الشيخ علي والد المفاضل علي محمود المحامي، وقد يقصها

لمن يريد سماعها فظهر فيها الأب مظهر من أتبع المسيح وعمل بأقواله. ذكرت هذا دحضا لقول المتقولين على حضرة الأب أنه يفسد على أبناء المسلمين دينهم وينصرهم. سبحانك اللهم أن هذا لهو البهتان المبين. حسدوا الفتى إذْ لم ينالوا فضله ... فالقوم أعداء له وخصوم قد قرأت في بعض الجرائد الأميركية أن جماعة احتفلوا بأحد نوابغ أميركة وقد دعوا إلى تكريمه عددا غير قليل من مشاهير الأميركيين وكان بين المدعوين أحد الأغنياء فأحب أن يسلك طريقة جديدة في التكريم فكتب صكا بمائة ألف دولار ووضعه في جيبه ولما جاء دوره للخطابة رقي إلى المنبر وأخرج الصك من جيبه وقال للحاضرين هذه خطبتي ثم سلمه إلى المحتفل به فكان لصدى هذا الخبر دوي بلغ مسامع أوربة فذكرته جرائدها بإعجاب عظيم. فهل للمحتفلين بالأب أنستاس أو للعراقيين عامة - أن يعملوا لحضرته شيئا من هذا القبيل أي طبع ما جمعه حضرته من المصطلحات العلمية، وما علق على كتب اللغويين من تصحيح واستدراك، ثم إهداء نفعه بعد استخراج نفقاته إلى حضرته ليعم نفعه فيكون العراقيون قد خلدوا لهم بهذا العمل المبرور ذكرا جميلا، ونفعوا البلاد العربية نفعا جما وما خسروا شيئا؟ فأنا أول المستعدين للاشتراك في الإنفاق على هذا المر الجليل. وأختم كلامي هاتفاً عن بعد: ليحي الأب أنستاس وليشكر القائمون بتكريمه! لندن 30 آب 1938: كاظم الدجيلي الكرملي الكرمل أحق بلاد الله بتكريم العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي الذي تشرف بالانتساب إلى هذا الجبل الذي استعير في العهد القديم لعظائم الأمور في حين إنه كان لها من الجلال والجمال بحيث صاروا يعبرون عن وقوع بلية بذبول أشجاره الغضة وأزهاره اليانعة. و (عبد الله المخلص) أولى الناس بتعظيم (عبد يسوع المخلص) الذي أجتمع به لأول مرة في رأس هذا الجبل المشرف على بحر الروم كان فيه منارة علم يستضاء

بنورها إلى جانب منارته الزجاجية التي تنير السبل للجواري المنشآت في البحر. أجل أن الأب أنستاس الذي أقام في ديري الكرمل وأعني بهما دير (مار الياس) في رأس ناحيته الغربية و (دير المحرقة) في آخر سلسلته الشرقية وسكن بدار إيلياء النبي ومسكن اليشع أو بجوارهما قد أفاض علينا من فيض علمه ما نذكره له بكل شفة ولسان وفي كل زمان ومكان. ولم يكن اغتباطنا بتكريم هذا الكريم بسبب حرفة الأدب التي تجمعنا جامعتها ولا للصداقة التي تربطنا روابطها وإنما كان لأن هذا العالم العامل والتقي الورع المنقطع إلى عبادة ربه وخدمة عباده قد نال في هذه الحياة الدنيا بعض ما يستحقه من الإكبار والإجلال فكان له في ذلك بعض العزاء والآخرة خير وأبقى. وعلماء العراق الذين قاموا قياما على أمشاط أرجلهم للعمل على تكريم هذا العالم الفحل هم من أئمة الأدب العربي فكان حقيقا بنا أن نقلدهم ونشكر لهم هذا المسعى الحميد الذي أثلج الصدور وأقر العيون من الناطقين بالضاد العارفين فضل الأب على لغتهم الشريفة. ولا يهمني قول البعض إن الأب الكرملي يكتب الصفحات الطويلة في سبيل كلمة من كلمات اللغة وأنه لو أنفق هذا الوقت أو بعضه في سبيل آخر لأفاد أكثر فذلكم التطويل دليل الغيرة على اللغة الفصحى وبرهان الاهتمام في الاحتفاظ بذلك التراث الذي ورثناه من الآباء والأجداد ومن علم أن بعض علماء المشرقيات يكتب مئات من الصفحات في سبيل بيت أو قصيدة عربية عذر الأب الغيور على تقصيه وبحثه بل عذله لأنه لم يزد في النكاية بهؤلاء المتشدقين الذين كادوا يفسدون علينا أمر لغتنا. وأذكر أن أحد علماء البيان قال لي مرة أن كتابات صاحبك الأب أنستاس خالية من الصناعات البديعية فلا تجد فيها كناية ولا استعارة ولا عبارة جزلة ضخمة فأجبته أن صديقي الصادق يكتب في موضوعات علمية وبلغة علمية فلو أضطر مرة إلى كتابة خطاب حماسي أو مقال خيالي ربما جاء فيهما بالمبدع وحملك على الاعتراف معي بأن الذي يكتب هذا السهل الممتنع لا يعجز عن الكتابة بذلك الشكل الطنان الرنان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع فسكت وانتهى الجدال.

وإذا ما ذكرت للأب علمه الجم وفضله الغزير وأنه خير من تضرب له آباط الإبل وتشد إليه الرحال فلا أنسى أن أذكر له مزية قلما نجدها في أمثاله من رجالات الدين هو ابتعاده عن التعصب الممقوت. على أن هذه الخلة لا تضير الذين اشتروا الآخرة بالدنيا فهجروا نعم الثانية في سبيل نعيم الأولى. أما دليلي على ذلك فهو وقوفه في وجه كاهن مثله ورده عن تنصير بعض الشعراء الجاهلين أو قل دفاعه عن حقيقة تاريخية دون أن يتأثر بما أريد أن يخلط فيها من أمور الدين. وإني لا أزال أذكر رحلة صغيرة قمنا بها نزولا على رغبة الأب المحتفل به إذ كان يريد زيارة العش الذي درجت منه القديسة ماري ليسوع المصلوب الكرملية في قرية تدعى عبلين فبعد أن وصلنا بالمركبة إلى شفا عمرو وعلمنا أنه لا يمكن الوصول إلى عبلين إلا مشياً على الأقدام بضع دقائق أخذنا بالمشي والشمس في الهاجرة فقطعنا برهة زادت على البضع دقائق التي ذكرت لنا تهوينا وتشجيعا للمضي وقال لنا الدليل أننا سنضطر إلى قطع مسافة أكبر من التي قطعناها فوقفت وقلت للأب أقرأ لروحها الفاتحة على طريقتنا الإسلامية وأبعث بها إليها من هنا فابتسم وقال لي أن محاولتي زيارة البيت الذي ولدت فيه تلك القديسة هو لأنها شرقية عربية اعترف لها الغرب بهذا الحق وأوصلها إلى هذه المرتبة العليا فأعجبت بروح الأب العربية وعدنا أدراجنا إلى شفا عمرو ومنها إلى حيفا بالمركبة والأب العالم يطرفنا بحديثه الطلي الشهي وبعد فأنني أرجو لصديقي العزيز السعادة والهناء وللأمة العربية ما تتمناه من الأماني والآمال. حيفا في 6 أيلول سنة 1928 عبد الله مخلص

من طرابلس لبنان إلى لجنة تكريم العلامة الكرملي. سادتي الأفاضل: كتابي أطال الله بقاء السادة وأعز بهم العلم والأدب. وأنا شاكر لهم عملهم الطيب الذي نابوا به عن الناطقين بالضاد في تكرمة العلامة الكبير والبحاثة الذائع الصيت الأب أنستاس ماري الكرملي لأنه قضى عشرات السنين في خدمة العلم بين تحقيق وتدقيق ونشر وإفادة حتى غدا ومعظم القراء من تلاميذه. وإني ولئن كنت بعيد الدار فما فاتني أن أستفيد من بحوثه علما وأن أقتطف من جهوده ثمرا شهيا ولذلك احسبني من تلاميذه الفخورين بهذه النسبة. ولكم قرأت من كتاباته المفيدة مقالا أحسبه غاية ما يصل إليه براعة أو يتطال إليه فكره ولا أكاد أنتهي من دراسته حتى أفوز بما هو أعلى وأسمى وأجزل نفعاً. ولا عجب من قولي عن دراسة كتاباته فإني لم أتجاوز الحقيقة إلى المبالغة والصدق كل الصدق أن معظم ما قرأت لعلامتنا الجليل من مثل ما أقرأ لأمثاله العلماء الأعلام الذين تؤخذ أقوالهم كدروس تلقى على الطلاب. وهذه مجلته لغة العرب فإني أقرأ العدد الواحد منها المرة بعد الأخرى ولولا شيخوختي لوعتها حافظتي. وفوق هذا فالعلامة رجل كلما زادك إفادة تنظر خلال سطوره فتراه متصاغرا متضعا كأنه لم يكن مفيدا وهذا غير ما نرى من بعض رجال العلم والأدب وكلما قلدت من بحوثه درة غاص عليها حتى العباب نظر إليك كأنه هو المستفيد منك. فلله دره! وأنتم يا سادتي الأفاضل لا تؤاخذوا جرأتي على مخاطبتكم فأني محب للمحسنين المجيدين ولو استطعت لركبت البر إليكم فاستأنست بحفلة تكريم أستاذي وبرؤية خيرة الرجال. وهاأنذا اجتزئ بتكرار الشكر وبالدعوات الصالحات للفيفكم الموقر. ودوموا معافين بمنه تعالى وكرمه. طرابلس - لبنان في 23 آب 1928 الداعي جورج يني

اليوبيل في التاريخ اليوبيل كلمة عبرية اصطلاحية معناها (التهليل) وقد خصها الإسرائيليون بعيد الشابؤوث عندهم أي (عيد نزول الوصايا العشر على موسى (ع) فوق جبل سيناء) وأطلقوها على يوم مخصوص من السنة التي تلي سني حاصل ضرب سبع في سبع (أي السنة الخمسين). ومعلوم أن السبعة عدد مقدس عند اليهود كما هو مقدس عند معظم الأمم، ففي اليوم المخصص من السنة الخمسين عند اليهود تقام الولائم والأفراح ويطلق سراح جميع المسجونين وترد العقارات المغصوبة إلى أصحابها وتبطل جميع الأشغال والدوائر الإسرائيلية ويتنازل أصحاب الديون عن ديونهم ويعتق النخاسون جميع عبيدهم ويمتنع المثرون عن زرع أراضيهم وعن حصد غلتها لأنهم يتركون ذلك للفقراء والمساكين وعلى وجه العموم هو يوم مقدس عظيم لا يصادفه الإسرائيلي في حياته إلا مرة واحدة وقليلون هم الذين يتمتعون بنعمه مرتين اتفاقا. وقد سرت هذه العادة عند النصارى أيضا ودخلت في آدابهم الدينية. ففي السنة اليوبيلية المسيحية تغفر جميع الخطايا والذنوب ويتمتع المسيحيون باستحقاقات المسيح (ع) وأوليائه وهو عندهم يوم مسامحة وصفح وغفران ولهذا يعظمونه كثيرا ويحتفلون به احتفالا كبيرا. وقد أنبأنا التاريخ عن أول يوبيل نظامي أدخله المسيحيون في آدابهم الدينية وإنه كان في عام (1000) المسيحي. فإن البابا سلفسترس الثاني لما أفتتح كنوز النعم الروحية للشعوب النصرانية بعد أن أرتبك الناس بتوقعهم قرب انتهاء العالم في تلك السنة. أدخل عادة شريفة في الدين المسيحي بأن يفتتح كل قرن بقصد (رومة) لأداء المناسك الدينية ونيل غفران الأثام. ثم رأى خلفاء بونيفاشيوس ما ولدته هذه العادة من الخير والنعم على البشر بنتيجة اليوبيل الذي أقيم عام 1300م فأحب أن يجدد هذه الذكرى الحميدة في كل خمسين سنة كما هي العادة عند اليهود وهكذا كان. غير أن الناس استطالوا هذه

المدة أيضا واسترحموا من (اربانس الثامن) ثم من بولص الثاني أن يجعلا اليوبيل أنواعا. ومنذ ذلك الحين بدأت النصارى تحتفل بذكرى اليوبيل كل 33 سنة مرة إكراماً للسنين التي قضاها السيد المسيح (ع) على الأرض وبمرور كل 25 سنة مرة (أي كل ربع قرن) وهي العادة الجارية اليوم فأنهم يحتفلون بيوبيل كل كبير ديني عندهم إذا قضى في منصبه خمسة وعشرين عاماً. ومن اليوبيل الديني أشتق الملوك والعظماء والأدباء اليوبيل المدني وجعلوا أنواعه أربعة هي: 1 - اليوبيل الفضي: وهو الذي يقام في حفلة شائقة لكل من أدى للوطن وللبلاد خدمة جليلة مدة 25 سنة. 2 - اليوبيل الذهبي: وهو يقام للذي يؤدي خدمة جليلة مدة 50 سنة متواصلة. 3 - اليوبيل الألماسي: وهو الذي يمنح لمن يخدم البلاد والوطن 75 سنة متتالية. 4 - اليوبيل القرني: لمن مضى على حياته مائة سنة وهو جاد في خدمة البلاد والوطن. وقد سبقت مصر بقية الأقطار العربية - شأنها في جميع الأمور - فأكرمت بحفلة يوبيل أول أديب عربي نعني به المرحوم سليمان البستاني صاحب المؤلفات القيمة. ومنذ ذلك الوقت أعتاد أدباء العرب أن يكرموا رجالاتهم بحفلات يوبيلية. ومن مصر أنتقل اليوبيل إلى سورية ومنها إلى العراق. ولم تقم حتى الآن أية حفلة يوبيلية لأي أديب أو شاعر عراقي. ولكن الهمة الناشطة التي بذلتها جماعة من أدباء بغداد وفضائلها لإقامة حفلة يوبيلية تكريما للعلامة الأب أنستاس ماري الكرملي صاحب (لغة العرب ببغداد) بعثت في القلوب فرحا وحبورا إذ شعر العراقيون بضرورة تقدير خدمات الذين أفنوا أعمارهم وقضوا أوقاتهم في سبيل خدمة بلادهم خدمات جليلة مشكورة. إن كنا قد جهلنا أثمانها وفوائدها الأدبية فالتاريخ مسجلها لحضراتكم بمداد الفخر والمباهاة إذ أنه سيد المنصفين.

وقد تقدمني جماعة من الفضلاء فعددوا محاسن الكرملي ومزاياه وأطنبوا في مدح خدماته للغة الشريفة وما أنتجته من ثمار يانعة عادت عليها بالنفع الجزيل ولم يبقوا لي إلا لذكر آية محمدة تفرد بها الأستاذ الكرملي. لهذا اضطررت إلى أن أبحث عن تاريخ اليوبيل والأدوار التي مرت عليه وصورة انتقاله من الصبغة الدينية إلى الشؤون الأدبية والمدنية وأن اكتفى بما قدمه وبأن أختم بحثي قائلاً: (إن كانت الحفلات اليوبيلية التي أقيمت لأدباء الشرق قد رددت صداها الأقطار الشرقية فستردد المحافل الأدبية والعلمية في الشرق وفي الغرب معا ذكرى احتفال العراقيين بيوبيل الكرملي لخدماته التي أسداها إلى لغة الضاد خمسة وثلاثين عاما متتالية). فليعش الأب أنستاس ماري الكرملي مستميتا في خدمة لغتنا الشريفة وليخسأ الذين يقيمون الحرب العوان على علماء القطر وأدبائه حسدا منهم فالله نصير الحق في كل أوان والسلام. السيد عبد الرزاق الحسني لغوي العرب في القرن الرابع عشر إن للإفرنج عادات جميلة في تكريم نوابغهم والاحتفال برجالهم وعظمائهم فلتكريم النوابغ والعظماء فوائد عظيمة ومنافع جزيلة إذ أنه ينهض الهمم ويدفع الناس إلى أن تشرئب أعناقهم إلى ما في قمم المعالي من العز والسعادة الأبدية. وفضلا عن ذلك أن الرجل النابغة نفسه إذا وجد قومه يقدرون له خدماته يضاعف سعيه في سبيل العلم والإصلاح والوطن وغيرها ويزيد شوقه إلى خدمة أمته ووطنه، أما إذا وجد قومه يهينونه ولا يعتنون بأعماله الخطيرة بل ربما كانوا غير مبالين بما قام به من الأفعال الجليلة فبالطبع يتقهقر ويكر راجعا إلى الوراء. والعراق إذا أرادت أن تنهض من كبوتها وتستوي في مصاف الأمم العظيمة فما عليها إلا أن

تحيي مآثر عظماء رجالهم العاملين وعلمائها المصلحين. فالعراق اليوم يفتخر بأبنائه الذين استجابوا دعوة العلم والأدب إلى تكريم لغوي العرب. يعلم الجميع ما كان للأسماء الدينية والتحزبات المذهبية من المضار ولا سيما كانت وسيلة إلى تغلب أهل الغرب على أهل الشرق فأنزلوا فيهم المحن والبلايا؛ وما أشد سروري عندما بلغني أن أبناء دار السلام يقصدون الاحتفال بالرجل النصراني الذي خدم العلم والأدب خدمة يسجلها له التاريخ بسطور من ذهب فهذا يفيدنا أن الإخاء والصداقة قد أشتد ساعدهما وعظمت شوكتها بين أبناء الرافدين ورجع النفاق بخفي حنين. الكرملي عربي صميم ينتمي إلى ميخائيل جبرائيل من بيت عواد. وهو بيت قديم في جبل لبنان، يرجع أصحابه في نسبهم العريق إلى بني مراد الشهيرين في تاريخ العرب في عهد الجاهلية. ظعن جدهم الأعلى إلى لبنان وهناك بقي مع ذريته إلى عهدنا هذا وتفرغ منه فرع في بغداد. أما أمه فمن بيت جبران وهو أقدم بيت نصراني في بغداد. وكان جبرائيل عواد رجلا دينا هبط بغداد فأتخذ له اسم (ميخائيل ماريني لأمور سياسية ألجأته الأحوال إليها. الكرملي أديب أوتي قدرة بارعة على البيان يستطيع أن يتصرف فيها كيفما يشاء فينقل بواسطتها إلى مخاطبة كل ما توحيه إليه قواه العقلية التي لا تقل عن قدرته البيانية براعة. الكرملي كاتب ينظم جواهر الألفاظ بسمط البلاغة ويجليها بإكساب الفصاحة ثم يعلقها على معان وزنها العقل السليم وأنتجها الفكر المستقيم فكلامه خفيف الوقع على الأسماع عظيم التأثير في الطباع شديد التعلق بالقلوب. الكرملي أول من أنشأ مجلة في الوزراء أسسها عام 1329هـ واسماها (لغة العرب) كانت سببا عظيما لرقي اللغة ونشر الفصحى من قبرها وستجد لغة عدنان بفضل الكرملي - حياتها الخالدة. الكرملي شيد صروح فن الانتقاد في العراق فوزن الكتب والآثار في مجلته وفي غيرها بقيمة الإنصاف وانتقدها انتقادا سالما من الأغراض منزها عن شوائب

الغايات. الكرملي عرف الناس بتاريخ هذه البلاد نشر من المؤلفات وما أورد في مجلته عنها. كانت الناشة العراقية تجل تاريخ بلادها من غير أن تعرفه فصارت عالمة به بعد ما وقفت على (خلاصة تاريخ العراق) و (الفوز بالمراد) اللذين استخرجهما من كتب السلف والعلماء والمستشرقين، نعم أن البعض من حاضر وسلف وضعوا مصنفات في هذا الموضوع إلا أن نواقصها كانت كثيرة ومنها عدم إيرادها لتاريخ العراق في القرون الأخيرة فالكرملي سد هذا الخلل بهمته الشماء. هذا ما أكتبه الآن خدمة للتاريخ وتلبية لطلب رئيس اللجنة أعزه الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سبزوار (إيران) من خادم العلم والدين محمد مهدي العلوي من زنجان حضرة العلامة الجليل الأستاذ الزهاوي الكبير تلقيت دعوتكم في وقتها وشكرت فضلكم. أحب شعراء قطرنا وأدباؤه أن يشتركوا بفخر في إجلال العلامة النابغة الكرملي الذي هو أهل له بخدمته العظيمة التي تذكر وتشكر مدة نصف قرن كما أن حسن صنيعكم بالقيام بتأسيس هذه الحفلة يحمد لكم حمدا صميما فقدم الشاعر المفلق الجليل الميرزا أبو الفضل (كرمان) قصيدة تعرب عن حسه الدقيق لفعل الجميل بكل معنى الكلمة وهذا الشاعر الجليل ولد في سنة 1314هـ ومنخرط في سلك أحرار الوزارة المالية في إيران. وقدم إلينا قصيدة أخرى الشاعر الكبير خسرو ميرزا المولود سنة 1310هـ وهو من أعيان قطرنا والرجاء أن تنال قصيدتهما قبولا لديكم وتكون دليلا على حسن نظر الفارسيين وإجلالهم للعلم وذويه من غير فرق بين قوم ونحلة فأن دولة العلم يجمع تحت لواءها جميع محبيه وأهله. . . المخلص لكم أبو عبد الله الزنجاني

(اللجنة) وصلت القصيدتان ولكون حرف المجلة عربيا صرفا لم تتمكن المجلة من درجهما. تهنئة باليوبيل سيدي العلامة المحترم الكبير الزهاوي الأستاذ الفيلسوف أهنئكم تهنئة الحب والإخلاص، بإقامة بعض أدبائنا الناهضين الحفلة الشائقة التي رن صداها، ليس في سماء العالم العربي فحسب، بل شمل جميع أرجاء العالم الشرقي والغربي، وهي أول حفلة تكريمية أقيمت لهذا العلامة الروحي الكبير في عاصمة هذه البلاد العربية ولم يسبقها مثال، مما يدلنا على أننا بدأنا حياة الرجال الناهضين في خدمة العلم والدائبين في نشر الأدب العربي والرافعين لواءهما أمام من يريد أن يرتشف من مناهله العذبة ويقتبس من أنواره الساطعة؛ ونشعر بالواجب نحو وطننا، ورجاله المصلحين البررة لإقامة حفلة تكريمية نشجع فيها نحن العرب العلماء والأدباء، وأرباب الصحف وغيرهم وأن كنا نثق كل الثقة بشجاعة كل فرد نحو وطنه وأمته وتحريه الخدمة الملائمة له، والمصلحة النوعية لأبناء جلدته، وبذل النفس والنفيس، وما عز وهان في سبيل نشر العلم والعرفان، إلا أن إقامة هذا (اليوبيل) المهم الذي يعقد في بغداد سنة 1928 لتكريم العلامة المحقق الباحث الكبير الأب أنستاس الكرملي ذلك القس الغيور على اللغة الشريفة لغة يعرب والذي انخرط في سلك الرهبان وزهد في مشاغل الحياة ولذاتها وعكف منذ صغره على لغة القرآن، فخدمها خدمة خلدت عند الأمة ذكره وأوجبت علينا شكره فواجب إكرامه من أعظم الواجبات الضرورية وأهم الأعمال الحيوية، التي تمهد لقادة العلم والأدب مستقبلا زاهرا وستكون هذه الحفلة التاريخية قدوة حسنة لمن أراد أن يقتفي أثرها ويسير على منهاجها حذو القذة بالقذة هذا ورجائي قبول هذه الكلمة الموجزة التي سطرها قلمنا القاصر، ونهنئ الرجال الناهضين بهذه الأعمال الطيبة والقائمين بيوبيل العلامة الكرملي وعلى الأخص الصديق الحميم والأديب المحبوب الصراف، والسلام عليهم وعليكم في المبدأ والختام. النجف: عبد المولى الطريحي

اللغة العربية في يوبيل الأب أنستاس رأيتها واقفة وبيدها بوقها الذهبي تنفخ فيه لتسمع الأمم بهذا العيد الخمسيني وتتباهى بحبيبها البار. هي الفتاة المعروقة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! رأيتها واقفة بين المهنئين رافعة صوتها المطرب وهو من ذوات الأوتار تبشر أبناء يعرب بهذا (اليوبيل الذهبي) مقبلة عليهم بمحياها الوضاح ووميض التبسم مرتسم على فمها الحلو الذي لا يبرح يسقي بلماه العذب قلوب محبيها! هي الفتاة المعشوقة غزالة الصحراء! هب لغة الجدود!!! رأيتها واقفة أمام المجتمعين تخطب وصوتها يرن في آفاق القلوب، وهو من ذوات الأوتار مشمرة عن ذراعيها كأنهما جمارتان تلوح بهما نحو الجهات التي يسكنها أبناء الضاد المتفرقين هنا وهناك، تناديهم (ألا هبوا من رقادكم يا نيام واجتمعوا في نادي لأسمعكم حديث نفسي وأبثكم أسرارها. هي الفتاة العربية غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! سمعتها تقول إلا أنصتوا لنبوتي: أيتها الأمم إلى متى وأنتم متفرقون بعلة (برج بابل)؟ أليس الإنسان أخاً الإنسان؟! هلموا وانضموا تحت راية وحدتي واحتشدوا في ساحتي الرحبة متصافحين يدا بيد متفاهمين فما أنتم، بدلا عن هذا التنافر من جراء هذه العجمة، كل واحد منكم كأنه الأخرس مع أنه طلق اللسان أو مثل الطفل أمام الطفل لا يفهم مراما. آه وألف آه!

أنا الفتاة العربية غزالة الصحراء! أنا لغة الجدود! صاحبت الأجيال وأنضجتني الدهور فازددت جمالا كما ترون، وأنتم الذين لا ترون جمالي اقتربوا مني تبصروا في بديع جلاله، والله أنا لغة الإنسان الأعلى (السبرمان)! أنا لغة الفردوس الأرضي! والله أنا لا غير سوف أجمع في الأخير كلمة الأمم، فلا بأس بأختي (الأسبرانتو) فهي مقدمة الزاحف لا غير إلى حظيرة الإنسانية، ويحرم عليها الدخول في بيت (قدس الأقداس) قبلي! بل أنا داخلة إليه بجماهير الأمم فيه. هي الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! سمعتها تقول وقولها ملؤه الحنان: ألست أنا فتاتكم؟ أواه!! لماذا أنتم عني منصرفون؟ أناديكم ولا تجيبونني كأنني عجوز درداء شوه الدهر محاسنها، ألست أنا ربيبة أولئك الأباء الباسلين وسليلة تيك العرائس الأوانس؟ أترون جمالا خيرا من جمالي؟ أهذه سنة العشاق؟ أهذا جرى بين الأحباب في سابق الزمان؟ والله أن هذا لهو العجب العجاب! هي الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! سمعتها تقول: أنا أحصل على أرديتي بعرق الجبين وفتيات الأمم تتردى أرديتها وتتزيا بأزيائها بلا عناء وكلها مهيأة وذلك بثمن زهيد من أسواقها القائمة، ومع هذا أني حافظت على جمالي لئلا أبرز إليكم مبتذلة مشوهة الهندام قدام الأمم. وبودي أن أظهركم جميلين معي أمام الناس، من منكم تقرب إلي ولم أبرزه للناس جميلا، هذا علي بن أبي طالب، هذا الجاحظ، هذا جبران، هذا المنفلوطي، هذا الريحاني أينقصهم جمال؟

أالذنب ذنبي؟ أجيبوني يرحمكم الله! أنا الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! أنا لغة الجدود! سمعتها تقول: أي: أولاد عدنان، ألم تخجلوا من أسمالي وملابسي هذه الرثة حينما أبرز أمام الأمم، فما لكم لا تذهبون إلى أسواق الأمم تبتغون لي أحسن الحلل اللائقة بي وغوالي الطيب لا تطيب بها واثمن العقود لا تجمل بها في هذه الحياة؟ لأن زي هذا العصر غير الزي الذي أنا متزينة له، فأبدلوه بل مزقوه يا كرام! لا لا تستدلوا على فقري من منظر أرديتي فتقولوا أنها معدمة، بل أن حقائبي أمامكم كلها مملوءة من الدينار الفتان والدرهم الرنان، هاكم تزودوا منها ما شئتم فعليكم الحركة ومني البركة. أنا الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! أنا لغة الجحود! سمعتها تقول وبيدها سورة من سور العتاب: (وأبيكم، وهو قسم، لو تعلمون عظيم! لولا نفر من عشاقي وهو مبعث أحلامي ومصدر رجائي لهجرتكم هجر الرائل سغيبته. ولكن هذه صبابتي وهذا العشق المتبادل بيننا جعلني أرغب في البقاء وأصبر على مضض إعراضكم عني الذي - والله - علي لا شيء، فالله الله بفتاتكم!) هي الفتاة المعشوقة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! رأيتها واقفة أمام جماهير محبيها الذين لبوا نداءها القدس، سمعتها تقرأ آية من آيات الحب: (ألا انظروا أيها الأحباب إلى هذا الحبيب أتعرفون من هو؟ هو إذا ذكرته في نواديكم المقدسة فمن المحتم أن يقرن اسمه باسمي لأنه هو أنا وأنا هو. أليس هذا هو الحبيب؟) هي الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود!

هو نقطة الضاد هو الأستاذ اللغوي. سمعتها تقرأ في سفر الحياة: (منذ بدأ في السير في جادة الحياة وهو في باكورة شبيبته صادفها مع سرب من فتيات الناس، وطفقا في السير معا وفي نيته أن يقضي معها السير إلى منعطف الطريق ثم يفارقها، ولكن الحديث أخذ بعضه برقاب بعض فتكشفت الأسرار وأسفرت له بجمالها الفتان، فصار عشقا مقدسا.) هي الفتاة المحبوبة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! هو نقطة الضاد هو الأستاذ أنستاس. سمعتها تقول: (لقد صرف معي خمسين حجة وها قد ذرف على الستين، وهو يتعهدني بحاله هذه المذهبة لا يزال يحملها إلي تارة في أطباق (المقتطف) وأخرى في أطباق (الهلال) وطوراً في أطباق (المشرق) وعلى التوالي في أطباق (لغة الجدود) وفي أطباق الأدب المتعددة.) حلل ما أجود نسجها وأحسن صنعها وما أبهج ألوانها إذ دونها ريش الطواويس. كم من صندوق لتجار المؤرخين فتش كي يحصل على خيوط وطاقات ليربط بها سدى هذه البرود. وكم سوقاً من سوق حفاري طبقات الأرض جال فيها ليلقط من أحجارها الكريمة فيرصع صدر هذه الحلل. وكم مرة جال مع طبقات الناس للسماع عن زي لون جديد يليق بهذه الملابس! هي الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! هو نقطة الضاد هو العلامة اللغوي الأستاذ أنستاس. سمعتها تهتف بصوتها المطرب وهو من ذوات الأوتار: يا فتيان الرافدين ويا فتيان

النيل ويا فتيان بردى ويا فتيان لبنان الساكنين في بلاد العالم الجديد ويا فتيان الصحراء. أبشركم يا أحبائي وأعزائي أن هذا اليوم يوم التكريم أن هذا اليوم يوم ترف فيه أعلام السرور في سماء بغداد! هذا اليوم يوم عيد يوبيل أخيكم البار! هي الفتاة الجميلة غزالة الصحراء! هي لغة الجدود! سمعتها تنشد بصوتها الرخيم: إلا قولوا معي وأمنوا فليحي الأدب وليبق العرب! إلا قولوا معي وأمنوا فليحي أولو الوفاء أولو الهمم! إلا قولوا معي وأمنوا ورددوا ذكر الحبور عيد السرور على مر الدهور بين الأمم. الشطرة: رشيد الشعرباف صوت من الكويت بسم الله من الكويت إلى بغداد: إلى حضرة الأديب الفاضل الأجل الأخ العزيز طاهر أفندي القيسي دام مجده وعلاه. تحية واحتراما. وبعد فقد وردني كتاب كريم من لجنة يوبيل الكرملي فيه دعوة الكويتيين إلى مشاركة إخوانهم في حفلة تكريم الأستاذ الأب أنستاس الكرملي لبذله قصارى جهده في خدمة اللغة العربية وهي دعوة يجب على العرب عموما تلبيتها. وكان بودي أن تتاح لي فرصة ليحضر تلك الحفلة الزاهرة وأمتع السمع بما سيردد في أرجائها من القصائد الغر والمقالات البديعة ولكن الأشغال - والأسف ملء الجوانح - تعوقني عما أريد. لهذا بعثت إليكم اليوم بهذه الكلمة معتذرا أو طالب قبول العذر مع أعلامي إياكم مشاركتنا لأهل ذلك الاحتفال في شعورهم وعواطفهم وإن لم نحضر إذ نحن نرى أن خدمة اللغة العربية مما تستحق الاعتناء التام ومما يجب أن يعرف للقائمين بخدمتها قدرهم. إننا نشارككم في تكريم الأستاذ الكرملي لخدمة تلك اللغة الشريفة الحية ذات البهاء والجلال والحسن والجمال الفتان هذا ما لزم. الكويت: عبد العزيز الرشيد

صوت من مرسيلية حضرة السري الأمثل السيد حامد أفندي الصراف المحترم أحد أعضاء اللجنة التي أنشئت لتكريم مثير دفائن لغتنا الوضاءة الأب أنستاس الجزيل الحرمة. كم استفزني واجب الإقرار بالفضل والأدب أن أهرع إلى مشايعة الألباء أرباب النبل والوفاء الذين ائتمروا على إقامة احتفال يوبيلي لعلامة عراقنا الأغر الأب أنستاس ماري إيذانا ببذل ما عنده في إحياء رسوم اللغة وجمع شتيتها وجلائه غياهب الأوهام عن كثير من مسائلها التي ضرب إليها آباط المسالك بما لم تحلم به عقول المعاصرين والأوائل ممن اشتهروا بوحي الفكرة وسمو المدارك؛ إذ برهن على أن كثيرا مما انضوا في طلبه ركاب الأعمار لم يكن إلا نسجاً على غير منوال وطبعا على أسوأ نموذج ومثال؛ فأيد بذلك دولة اللغة ودعائم العلم الذي به أتسع نطاق المعارف البشرية إلى ما تجاوز مرمى الحواس والمدارك العقلية. إلا أنني لم أنكص عن القيام بما يتطلبه مني الواجب في ذلك الباب إلا ما تراءى لي من أن مجال القول ذو سعة ولا ندحة لي عن أن أطلق العنان للجنان ليمثل للعيان كيف يتشعع (النجم) في العنان؛ كيف كان يستتب لي مزاولة مثل هذا الشأن وأنا الآن مقيم ههنا في دار هجرتي وليس بين يدي من المراجع اللغوية وغيرها ما استعين على التنكب عن الهفوات والعثرات والانتبار لعقد الموازنات بين علامتنا وبين من تقدمه في التجلية في الحلبات؟ إذ أنني كنت أوثر أن اسم خطبتي ب (للناس فيما يعشقون مذاهب) وهذا ليس من المواضيع التي لا تستدعي الأعقد حكاية لتمثيل عاطفة بل من المواضيع المهمة التي تستلزم جمع مواد من موارد شتى لوفاء الموضوع قسطه في جميع أنحائه حيث أن ما أبرز أمامنا اللغوي من نتاج مواصلته إناء الليل بأطراف النهار إنما كان به نسيج وحده؛ وما بلغ ما بلغ إليه من القبض على أعناق اللغة وهتكه الستار عن كنه حقائقها وخباياها دون أن يفوت طرفه شيء من دخيلها ومولدها ومثقفها وآودها حتى غدا ربها وقيمها إلا بفضل ما أوتي من سمو المواهب والثبات والصبر على مزاولة المطالب هو جدير بأن يتخذ قدوة في التحري والاجتهاد في استخراج الحقائق المطموسة

وإرشاد البصائر إليها توسيعا لنطاق العلم واغتناما لبقاء الذكر؛ ومن ثم كنت أنوي أن أختم الخطبة بزف تهنئة نفيسة للغة نفسها حيث قيض لها من بين الأفواج ممن خاضوا غمرات الحياة ونفضوا أنحاء العلم في الانتهاء بها إلى ذروتها الحرية بالاعتبار من أعطى القدرة على البحث في أوعر مسائلها والإتيان على أطرافها والإحاطة بأكنافها حتى كشف ستر الغموض عنها إلا وهو الإمام الذي ائتمرتم على تكريم صنيعه وتقدير عنائه ووفاء اجره مما حق له أن يكون غرة أقطابها دون أن ينازعه في ذلك منازع. فقد تبين مما تقدم بسطه أن المرء قد يخالف جهة القصد وهو يراها ويصرف عنانه عن الأمنية وهو يتوخاها وما أود أن أزيد على هذا القدر في الاعتذار إن صح أن يسمى مثل ذلك عذراً. وهنا محل لأجهر بالثناء الطيب على حضرتكم وسائر حضرات أعضاء اللجنة إثر تنبهكم للقيام بهذه المأثرة الأدبية العراقية التي هي ولا ريب أصدق إمارة على يقظة وطننا من غفلته وهبوبه من ضجعته؛ واشكر في الختام دعوة اللجنة إياي إلى الانحياز إلى مصاف المهنئين الأدباء وأتمنى بلوغها في ذرى النجابة إلى المكان الذي يؤهله لها نبلها بالهام المولى سبحانه وحسن تسديده. عراقي الدائب للوطن قال أحد الحكماء: العلم شيء، والعمل شيء، والمنفعة شيء، فربما كان علم ولم يكن عمل، وربما كان عمل ولم يكن علم، وربما كان علم وعمل ولم تكن منفعة. وقد يجتمع العلم والعمل والمنفعة في فرد من الأفراد المعدودين على الأصابع كما اجتمعت في سيرة المترجم. نرى بين الناس من يتعلم العلم لينفع به نفسه فقط، ومنهم من يتعلمه ليفيد به نفسه وغيره، إذ يجعله وسيلة للحصول على حطام هذه الدنيا أو لتقويم أود معاشه، ومنهم من يتعلم العلم ويسبر غوره ويغوص على درره في أغوار بحره حارما نفسه خيراته وثماره اليانعة بها أخوته بلا مقابل يذكر فترى صاحبه يسهر جفنه ويدمي

مقلته في التحرير والتحبير خدمة خالصة لأبناء جيله ومن هؤلاء الأفراد الأفذاذ العلامة الكرملي. لقد وضع صاحب الترجمة تأليف عديدة من أدبية ولغوية واجتماعية وتاريخية. وغايته من جميعها خدمة الحقيقة لا غير وقد استفاد كاتب هذه السطور فوائد لا تحصى من مقالاته المنشورة على صفحات المجلات وأخص منها بالذكر ما كان يتعلق بتاريخ ديارنا العراقية كالطائر الخفاق على أطلال العراق والصابئة أو المندائية واليزيدية وغيرها من النبذ التي يطول تعدادها: (كيف تعرفت بالمترجم) كنت قد أصدرت مجلة باسم العلوم عام 1910 وقد جاء في مطاوي أبحاث الجزء الأول لفظة (بليون) وقلت إنها مليون مرة مليونا فأعترض بعض الشبان الذين تخرجوا في المدارس البغدادية على لفظه بليون وقالوا إنها خطأ بمعنى مليون المليون فراجعت إذ ذاك المحتفل به وعرضت عليه هذه المسألة فرحب بي غاية الترحيب وقال لي أنك مصيب في قولك هذا وقد ذهبت مذهب الإنكليز والألمانيين في تعبيرك بيد أن الفرنسيين استعملوا هذه بمعنى المليار أي ألف المليون وعلى أثر ذلك ألقى على مسامعي خطبة في الكتابة والإنشاء لا يزال صداها يرن في أذني، منها قوله: يجب على الكاتب العصري أن يدرس الموضوع الذي يتوخاه درسا دقيقا ويراجع مباحث من سبقه في نفس الموضوع لئلا يكتب شيئا خلاف الحقيقة كجماعة من الصحفيين الذين لا يتروون في ما تخطه أناملهم حق التروي فتجيء مقالاتهم مشوهة أقبح تشويه. ثم عليك أن تكتب في المواضيع المبتكرة قدر جهدك ولا تطرق أبواب مباحث قد أكل عليها الدهر وشرب فأن بحثك وأن اختلف لفظا فهو لا يختلف معنى عمن تقدمك في بحثك أكثر الأحايين وأبذل مجهودك في أن تجعل كتاباتك حسنة مما يفتخر بها الوطن. فاستحكمت منذ ذلك اليوم عرى الصداقة والإخلاص بيننا ولا نزال على ما كنا عليه منذ أول تعارفنا. وللأب أنستاس فضل لا ينكر في تثقيفي وتدريبي على الإنشاء فأنا تلميذه

وخريجه وإقرارا بفضله العلمي والأدبي أهديته باكورة تآليفي وهو معجم معربات عوام العراق لأنه أثر من آثاره اللغوية العديدة. فعسى أن يأخذ الله بيده ليقوى على نشر كتبه وجمع مقالاته مجلدات ليرجع إليها عند البحث والتنقيب الأدباء أنه سميع مجيب. تلميذه رزوق عيسى الأب الكرملي من صاحب الزهور (الحيفوية) كثيرون هم أبطال العرب في عصرنا الحاضر، وليست بطولة السيف وقد يعتورها بعض المرات ضعف الاستكانة إلى ما هو أقوى منها من أدوات التدمير العصرية. ولكن البطولة الحقيقية التي نعنيها هي بطولة النبوغ والتبريز في حلبة جهاد يندفع الإنسان فيها، بطولة الخدمة الصحيحة للأدب والعلم، بطولة العمل بقوة نفس وبجد وثبات في سبيل غاية يرمي الإنسان إليها. وفي طليعة أبطال العرب اليوم في هذا النوع من البطولة حضرة العلامة المفضال والفيلسوف اللغوي المحقق الأب انستاس ماري الكرملي العالم العامل بإخلاص وتفان في ميدان الجهاد الواسع الذي نزل فيه منذ أن تذوق طعم الأدب وشعر من نفسه ميلا للغة العرب لغة آبائه وأجداده، ومنذ أن عرف ما خفي على غيره معرفته فيها أي منذ خمسين سنة. عرفنا هذا الرجل النابغة - ومن لا يعرفه - بمباحثه المفيدة المختلفة في أرقى صحف العالم العربي كلها تبحث بحث العارف المتخصص في اللغة وآدابها وفلسفتها في اشتقاقات كلماتها، عرفناه بمجلة (لغة العرب) التي أصدرها مدة لجهاده المتواصل وللجهود التي يبذلها للوصول بأبحاثه إلى أقصى حد ممكن من التنقيب والدرس قشعا لغياهب الظلمات وطردا لغيوم الجهل وفتحا لمغالق لا تزال بعيدة المنال على طارقيها في العلوم والمعارف؛ عرفناه أيضا بشخصه الكريم وبعلو

نفسه وواسع اطلاعه ورحابة صدره يوم كان بين ظهرانينا في حيفا وقد قطن الكرمل جبل الوحي في أحد أديار رهبانيته وانفرد فيه إلى الله مستوحيا مبتهلا وقد كان فيه كعبة القصاد من رجال العلم يأتونه من كل حدب وصوب ليقفوا على آرائه الصائبة في اللغة. عرفناه كريم النفس واليد سخياً بعلمه ومعارفه وأدبه لا يخيب سائلاً ولا يرد طالباً. عرفناه أخيراً وعرفه جميع قراء مجلتنا (الزهرة) وقد خصها حضرته في سنتها الخامسة بأبحاثه القيمة حول نقد معجم (أقرب الموارد) وكان له في كل عدد مقال من هذا النوع يذكر له فيشكر عليه ليس منا فقط بل من كل من تابع هاتيك الأبحاث وجنى من فوائدها الجمة. . . كنا نتمنى على الله أن يبقى حضرته بيننا إعلاناً لشأن الأدب في محيطنا ولكي نستزيده فائدة ولكنا تمنينا من جهة أخرى أن يعود إلى جهاده في العراق إلى جانب خزائن كتبه الحاوية لكثير مما لا تحويه غيرها من نفائس المطبوع والمخطوط ومن ذخائر الأدب ما يمكنه معه أن تزداد اللغة من خدماته ويمكنه أن يتم ما أبتدأ به من الأعمال الأدبية خصوصا ذلك المعجم الكبير الذي سيكون الوحيد من نوعه إذا مد الله بعمره وابرز المعجم إلى عالم الأدب، ويمكنه أيضاً أن يستأنف إصدار مجلته (لغة العرب) وهي نطاق واسع لجهاده المبرور وأثر خالد لأعماله المجيدة ولسان ناطق يردد صدى أبحاثه وآرائه المفيدة بين الناطقين بالضاد. هذا هو البطل العربي العصري الذي تألفت في العراق لجنة برئاسة فيلسوف الشعراء الأستاذ الكبير جميل صدقي الزهاوي وعضوية أكابر العلماء الأعلام هناك لتكريمه وقد سألت هذه اللجنة العالم العربي أجمع للاشتراك معها في هذا التكريم في حفلة تقام في بغداد في 16 من شهر أيلول الحالي. وإننا من فلسطين البلاد المقدسة، ومن حيفا ثغر الكرمل البسام إذا ما مددنا يدنا إلى أيدي القائمين بتكريم العلم والنبوغ شخص الأب الكرملي لنصافحها شاكرين لها المسعى فإنما نكون مخلصين بهذه المصافحة وحضرة المكرم عزيز على الجميع حقيق بالتكريم وجدير بكل ما يوجه إليه من الآيات الباهرات في مدحه وتعداد مناقبه وأفضاله.

فهنيئا للأب الكرملي بمقامه الرفيع في القلوب وشكرا للعراق وآله على هذا المسعى الخالد الذي يقومون به والله المسؤول أن يجازيهم على الأدب خيرا وأن يطيل بعمر صاحب اليوبيل ليكمل جهاده الأدبي فينال بعد ذلك الإكليل المعد للمجاهدين الأبرار والسلام. جميل البحري صاحب مجلة الزهرة وجريدة الزهرة يوبيل العلامة الكرملي للحكيم الأستاذ مرشد خاطر احتفلت الزوراء في 16 أيلول المنصرم بيوبيل حضرة العلامة الطائر الصيت الأب أنستاس ماري الكرملي تقديراً لمقامه العلمي الكبير وخدمة الجليلة التي أسداها إلى اللغة العربية وقد رأس الحفلة شاعر بغداد الكبير وفيلسوفها الشهير جميل بك صدقي الزهاوي فكان ذلك اليوم كسوق عكاظ نثرت فيه درر الخطب ونظمت لآلئ القصائد الغوالي في مدح المحتفى به ولا عجب إذا هبت بغداد لتكريم علم أعلامها ونابغتها الكبير وهو الذي خدم اللغة العربية نصف قرن باحثا منقبا، وهو الذي أنشأ مجلته (لغة العرب) فكانت أداة وصل بين الشرق والغرب، وهو الذي وضع من المؤلفات زهاء ثلاثين مؤلفا منها (تاريخ بغداد) و (تاريخ العراق) و (تاريخ الكرد) و (العرب قبل الإسلام) ومعاجم ثلاثة نادرة لم تطبع بعد، وهو الذي بانتمائه إلى العراق قد جعل بغداد قبلة العرب والمستشرقين وقد كنا من الذين بهرهم ذلك النور الثاقب منظوراً إليه يستضيئون به في رحلتهم العلمية المظلمة فكم من المصطلحات الطبية التي وضعها فاحكم وضعها وكم من الألفاظ القديمة التي أحياها بعد إن كانت مندثرة وأن مجلة معهدنا هذه ومؤلفنا (السريريات والمداواة الطبية) الذي أنجز طبع جزئه الأول لبرهان ساطع على ما للعلامة الكرملي على لغة الطب وعلينا من الفضل. فنحن نتمنى لصديقنا ورصيفنا الفاضل يوبيلا مباركا وحياة طويلة لتستفيد البلاد العربية من علومه الغزيرة.

إلى الزهاوي الفيلسوف الخطير حضرة الأستاذ المفضال والفيلسوف الشاعر السيد جميل زهاوي المحترم تحية واحتراما وبعد فلقد تلقت إدارة هذه المجلة ما تكرمتم به من دعوة صاحبها إلى حضور حفلة تكريم الأب العلامة المفضال انستاس الكرملي. ولما كان يتعذر علينا اغتنام هذه الفرصة الثمينة للاشتراك في تكريم نابغة العرب جئنا بأسطرنا هذه معتذرين عن تخلفنا عن تلبية ندائكم راجين أن تتكرموا وترسلوا إلينا نبذة من تاريخ العالم المومأ إليه مصحوبة برسمه الفوتوغرافي أو الزنكوغرافي إن كان ذلك ميسورا. لنتمكن من نشره في عدد تشرين الأول القادم وهو العدد الأول من المجلة بعد احتجابها الصيفي ثم نعيده إليكم فورا مصحوبا بخالص شكرنا وامتناننا لازلتم فخرا للغة العربية ومن خيرة حملة ألويتها الخفافة سيدي حلب في 27 آب سنة 1928 القس أغناطيوس سعد صاحب مجلة القربا يوبيل الأب انستاس ماري الكرملي الخمسيني تألفت في العراق لجنة رأسها فيلسوف الشعراء جميل صدقي الزهاوي وانضم إليها فريق من علماء القوم وفضلائه وقد دعت هذه اللجنة الكريمة العالم العربي أجمع إلى الاشتراك في احتفال كبير إقامته في السادس عشر من شهر أيلول المنصرم في عاصمة العباسيين لمرور خمسين عاما على جهاد الأب انستاس ماري الكرملي في سبيل اللغة العربية ويا له من جهاد عظيم سيتمتع أبناؤها بثماره الغزيرة الطيبة مدى الأحقاب. قليلون هم أولئك الذي لا يعرفون الأب المحتفى به فهو كتاب التحرير المبدع الذي لم تخل مجلة من مقالاته الرنانة ومباحثه المبتكرة الشائقة وهو اللغوي المدقق الذي أماط اللثام عما جاء في معاجم اللغة من مثل لسان العرب وتاج العروس ومحيط المحيط وأقرب الموارد وغيرها من أغلاط ومفاسد وهو العالم المحقق الذي أراد أن يتفرغ بكليته للغة العرب فأنصب على درس الآرامية والعبرية والحبشية

والفارسية والتركية والصابئية وهو صاحب مجلة (لغة العرب) الطائرة الصيت والمنقطعة النظير صاحبة الأيادي البيضاء على كثير من الكتبة والمؤلفين. وقد ذاع فضله في الشرق والغرب فألحت عليه بعض المجامع العلمية في الانضمام إليها والعمل وإياها فلم يلب إلا طلب مجمع الشرقيات الألماني ومجمع العربي العلمي بدمشق وذلك لضيق أوقاته. وقد أنفق عمره في التأليف حتى بلغت مؤلفاته الثلاثين مجلدا ولسوء طالع العربية استولى الأتراك أبان الحرب العالمية على هذه المؤلفات الثمينة وجعلوها طعام النار فلم ينج منها إلا القليل. وقد جاب الأفاق والأمصار سعيا وراء الحصول على الكتب الخطية النفيسة فجمع منها في مدة أربعين سنة ما كلفه نحو ثمانية آلاف ليرة ذهبا وقد بلغ عدد المجلدات على أنواعها أثني عشر ألفا أتلفت يد الأتراك الأثيمة في 7 آذار سنة 1917 معظم تلك الكنوز النادرة. فلا عجب إذا كانت الحكومة العثمانية تنظر إليه شزرا وقد أعلى منار لغة العرب جاعلا لأبنائها رابطة تفاهم وعلم وأدب ولا بدع إذا كانت تتحين الفرص لتوقع به وتثأر لأبنائها منه. فلم تكد تدور رحى الحرب العالمية وتعلن الأحكام العرفية في البلاد العثمانية ويخلو الجو لحكومتها حتى ساقته في طليعة من ساقتهم إلى بلاد الأناضول السحيقة ملتقى رجال العلم والفضل والوطنية في ذلك العهد المشؤوم وقد أجتاز في طريقه إليها بحلب حيث جعل سجنه في الغرفة القذرة المظلمة الكائنة تحت درج دار سجن الولاية وترامى خبره إلى الطيب الذكر المرحوم السنيور كاوتيري قنصل دولة إيطاليا بحلب فأخذ يعمل سرا على تخليصه إذ لم يكن في وسعه أن يتوسط علنا لدى المراجع الإيجابية لأن إيطاليا كانت في ذلك الحين على أهبة الانضمام إلى صفوف الحلفاء وكانت حكومة الأتراك حانقة عليها تعمل على كيدها. فأتى دار المطرانية المارونية حيث اختلى بصاحب السيادة المطران ميخائيل أخرس رئيس أساقفة الموارنة وبعد المفاوضة قر رأيهما على إرسال القس اغناطيوس سعد صاحب هذه المجلة إلى افتقاد السجين في سجنه ومراجعة ترجمان الولاية في أمره فذهب كاتب

هذه السطور ورأي العالم الكبير المفضال وما هو عليه من سوء الحال وحرج المكان وعرض عليه باسم سيادة الموفد ما يحتاج إليه من الخدم وأطلعه على اهتمام سيادته مع قنصل دولة إيطاليا بأمره وأنه موفد لمراجعة أولياء الأمر في شانة. ثم غادره وسار إلى دائرة الترجمة حيث قابل قدرة بك ترجمان الولاية في ذلك العهد وصاحب الكلمة لدى والي الولاية جلال بك. فلم يسمع الترجمان بوجود الأب الكرملي في السجن حتى دهش لذلك أعظم الدهش وقال له: الكرملي ذلك العالم الكبير هنا! إن أمره يهمني في درجة قصوى وسأصرف جهدي في الإفراج عنه. فأسرع صاحب المجلة فورا إلى سجن الأب والفؤاد منه يطفح بشرا وحبورا وبشره باهتمام قدرة بك بإطلاق سراحه وهو صاحب الحل والربط. فعبس الأب وجهه وقال إن هذا الرجل لهو اعدى أعدائي وقد كاشفني العداء مرارا ببغداد. وقد صدق ظن الأب ففي اليوم الثاني لما عاد إلى زيارته أخبر أنه سبق إلى قيصرية وهناك ذاق من العذاب والتنكيل إشكالا وألوانا. ولكنه ما لبث أن أخلى سبيله وعاد إلى جهاده الواسع في سبيل اللغة والعلم. وهنا نهنئ حضرة الأب العلامة فخر العربية في هذا العصر بيوبيله الخمسيني سائلين الله أن يفسح في أجله ويصل له الأعوام بالأعوام منارا يهتدى به وحجة تساق إليها رواحل الأدباء والعلماء. صاحب مجلة القربان الراهب الكامل لا أريد أن أبين تضلع المحتفل به من اللغة العربية ولا طول باعه باشتقاقها كما أني لا أريد تعداد تآليفه ولا إذاعة ما فيها من الفوائد للناطقين بالضاد بل جل غايتي من هذه السطور تبيان خصلة من خصاله الحميدة ألا وهي (التقى) شعار الراهب الكامل. التقى! وما التقى؟ التقى ماء المحاسن والفضائل وعصارة المناقب والشمائل، رحيق رباني يسكر الأفئدة الشريفة بشذاه، عاطفة نبيلة تهيم النفوس الكبيرة بهواها، قبس من نور الله تقطن ربوع القلب الأبية، بل شعلة روحية يستنير بها المرء في سبيل المكارم السنية، فلا عجب أذن أن يكون الكرملي هائما بحبها

باذلا مهجته منذ صباه باقتباسها. دخل المحتفل به مدرسة الأباء الكرمليين ثم مدرسة الاتفاق الكاثوليكي وفي هاتين المدرستين رضع افاويق الفضائل فشاهده إذ ذاك رئيس الكرمليين ميالا إلى التقى ولوعا بالتحلي بها فأقترح أن يرسل إلى بيروت فقصدها سنة 1886 وانخرط في سلك تلاميذ المدرسة الأكليريكية اليسوعية وهناك أفرغ كنانة المجهود في اكتساب الفضيلة فتجلت تقاه بأجلى مظاهرها. بل ما يدل على تقاه ترهبه في في بلجكة واقتباله درجة الكهنوت في ولا حاجة هنا إلى أن أبين ما أبداه من التقى في هذين الديرين فهي التقى التي جعلته راهبا وكاهنا معا. آب المحتفل به إلى موطنه بغداد فتقلد زمام إدارة المدرسة الكرملية وأخذ يعلم بجد وفي الوقت نفسه كان يلقن تلاميذه مبادئ التقى المتغلغلة في صدره منذ نعومة أظفاره. ترك إدارة المدرسة وشرع يعظ على المنابر حاثا الناس على الزهد والتقى واقتباسهما والعمل لهما. أجل! القوا نظرة إلى لباسه، ألقوا نظرة إلى حياته اليومية فالتقى دليله ليل نهار والزهد خليله كل ساعة ودقيقة وكم شاهدت في غرفته من التقشفات ولا سيما أيام الرياضيات السنوية. هذا ولا أريد أن أسرد ما قاساه أيام منفاه من الجفاء والقساوة من قبل القائمين بشؤونه أما هو فما كان ينبس ببنت شفة بل كان يتحمل كل ذلك بتقى وصبر. واليوم كم يقاسي من المنتقدين وكم يحطون من منزلته العلمية وربما بالغوا في طعنه أما هو فلم يقابلهم كما يقابلونه بل يجيبهم بحلم ماؤه التقى. فهذه وتلك براهين قاطعة وأدلة ساطعة على منتهى تقاه. الأسر أيها الكرملي إلى الإمام سر ولا تلتفت إلى الوراء فأن أقوال المتخرصين تذهب أدراج الرياح أدامكم الله لرفع شأن بلادنا العراقية. بغداد: رفائيل بابو اسحق

يوبيل الأب الكرملي ترنحت أعطاف الزوراء (بغداد) طربا ليوبيل حضرة العلامة الشهير صديقنا ورصيفنا الأب أنستاس ماري الكرملي (من آل عواد الأسرة اللبنانية المعروفة الملقبة هناك بماريني) وذلك احتفاء بمقامه العلمي الكبير فترأس تلك الحفلة الحافلة الشاعر الكبير الفيلسوف جميل بك صدقي الزهاوي البغدادي وألقيت الخطب النثرية والقصائد الشعرية وتبادل العلماء والأدباء التهاني بهذا المهرجان العظيم الذي نشاركهم فيه على بعد الديار داعين للمحتفل به بطول العمر للاستفادة من جهاده العلمي الدائم. وللأستاذ الكرملي آثار ومباحث مهمة في اللغة والأدب والتاريخ والآثار والاشتقاق قلما يجاريه بها مجار تشهد له المجلات الكثيرة التي ملاها بمقالاته الرائعة وآرائه السديدة وأوضاعه اللغوية مما تداولته الأقلام وشهد به كبار العلماء ولا سيما المستشرقون في الأقطار الأوربية والأمريكية وقد كان لمجلتنا (الآثار) حظ من تلك النفثات الساحرة فأنه أتحفها مقالات نشرت (في المجلد الثاني الصفحة 334 و481 و491 والمجلد الثالث 34 و198 و484) وهو ضليع من كثير من اللغات الشرقية والغربية قوي البنية واسع الرواية جيد الحافظة وكفى بمجلته (لغة العرب) الطائرة الشهيرة في العالم شاهدا فأنه نشر منها قبل الحرب ثلاثة مجلدات مهمة ونشر جزءين من السنة الرابعة فقضت الحرب بتعطيلها وناله ما ناله من النفي وتشتيت خزانته الحافلة بالمخطوطات النادرة والمطبوعات المهمة ولما عاد سالما أستأنف خدمة الصحافة فنشر (لغة العرب) وهي اليوم في سنتها السادسة يعرفها القراء وجدد خزانته الثمينة وقد وضع أكثر من ثلاثين مؤلفا مهما منها (تاريخ بغداد) و (تاريخ العراق) مما طبع. ونشر معجم الخليل المعروف (بالعين) فأوقفته الحرب المذكورة عند 148 صفحة منه وأسس مطبعة الأيتام لرهبنته وله (تاريخ الكرد) و (اللمع التاريخية والعلمية) و (العرب قبل الإسلام) و (معجم كبير في موافقة العربية للغات الشرقية والغربية) وغيرها من المخطوطات. عيسى اسكندر المعلوف صاحب مجلة الآثار

من الأستاذ المحقق حبيب الزيات من رسالة له: . . . وقفت في مجلة الآثار على خبر إقامة أدباء العراق يوبيلا لك في بغداد. فما ترى كان فكرك عن سكوتي؟ بيد أني أوكد لك إنه لم يخطر على بالي أن تكون هذه الحفلة في هذه السنة وإلا لقمت بما يطلبه مني واجب الصداقة ولبعثت إليك بوفد الأدعية وبما يكنه صدري من الإعجاب بك وحبي لك وتعلقي بك ذاك التعلق الموسوم بطابع الإخلاص والاحترام. ولا جرم أنك تعفو عني لانزوائي عن الناس ولما يتقاذفني من أمواج هذه الدنيا، إذ أراني معذبا أي عذاب، منذ أن قدمت إلى الإسكندرية وتركت أهلي في فرنسة. على أن الأبطاء في مجيئي هذا إليك لا يألم شيئا من تهانئي الحارة الخالصة من كل شائبة. فأتمنى لك العمر الطويل خيراً للغة ولشرف العلم الشرقي ولوداد المعجبين بك الكثيرين. . . من رسالة ثانية له: . . . بما أن لجنة اليوبيل عينت اليوم ال 16 من أيلول لإقامة ذلك المهرجان فلماذا ذكرت بعض المجلات كالآثار مثلا أن ذاك العيد أقيم وتم في يومه المعين؟ وإذا كان هناك لجنة فلماذا لم تبلغ إلى أصدقائك العديدين كلمة تبعث بها إليهم منذ أول هذه السنة ليتسنى لهم تهيئة مباحث جدية إكراما لك واحتفاء بك على غير طريق الخطب والمقالات والقصائد؟ وإذا كان قد زرع مثل هذا البلاغ فليس لي ما ألوم به اللجنة الموقرة لأنها فكرت بإيصاله إلى الأعيان البارزين من أبناء الوطن العزيز أو إلى الممتازين بتآليفهم في الآداب الشرقية. أما أنا فقد نسيت لأن جل همي التجارة. على أنه يحق لي أن أحتج وأحتج بكل قواي لكوني صديقك الحميم وما كان يجدر باللجنة أن تجهل صديقا يعرفك منذ أمد بعيد ويعجب بعلمك ودرايتك ولهذا أتيتك لأظهر لك ما يكنه صدري من الحزن والألم بهذا الصدد. لو كنت واقفا على حقائق الأمور كما وقفت عليها الآن لكنت هيأت لك بحثا

مبتكرا قبل براحي فريسة يتعلق بتاريخ بغداد حيث يكون بحثا وجيها لا يحتقره الأدباء ولا المستشرقون أبناء الغرب، ويظهر للجنة البغدادية في الوقت عينه أن في أبناء دمشق الفيحاء من يقدر عظيم القدر عاصمة العباسيين ومن فيها من أنجالها الكرام المشهورين بالظرف والعلم والأدب. ويسوءني أن أراني الآن في حالة لا يمكنني أن أخرج بها عن دائرة الأشغال التي ألقتني يد الدهر فيها ولعلني أبقى فيها إلى شهر أيار من السنة القادمة 1929 فأتمكن من القبض على ناصية الأعمال وأعود إلى مقامي في فرنسة. إذن آتيك معتذرا عن القيام بمبحث خاص بك طالبا من المولى عز وجل أن يعوض عني بآلائه أضعاف الأضعاف ويغمرك بفيض نعمه أنه سميع مجيب. . . حياة الأب أنستاس ماري الكرملي وخدمته للعلم وللغة العربية أيها المحفل الكريم! اسمحوا لي أن اسمي اجتماع هذه النخبة الصالحة من رجال الدولة والفضل وأخوان العلم والأدب بالمظاهرة القومية التي تتجمد فيها العروبة ويعلو شأن الوطن. وكيف لا يكون ذلك ويجتمع شملكم في عهد الملك فيصل الأول الهاشمي، وفي دار الرئيس السعدون العربي الصميم، بإشراف الوزير السويدي العباسي، وبرئاسة شاعر العرب الفيلسوف، في تكريم من أحتسب حياته لخدمة لغة القرآن الكريم، فلتحيي العروبة، وليحيي كل عامل في سبيل العرب ولسانهم المبين. موضوعي حياة المحتفل به الأب أنستاس ماري الكرملي وخدمته للعلم واللغة العربية. في موضوعي مجال للإسهاب ولكني محصاة علي كلماتي حرصا على وقتكم لذلك سأوجز في القول وسأجاوز المقدمات والتمهيدات ففي حضرتكم وأنتم صفوة أهل الفضل والأدب يتناول الموضوع تواً من غير مقدمات، أي على

الطريقة الإنكليزية - في الخطابة والكتابة طبعاً. ولد الأب أنستاس في بغداد في 5 آب سنة 1866 وسمي بطرس، فلما بلغ الثامنة من عمره دخل مدرسة الآباء الكرمليين وفي هذه المدرسة ومدرسة الاتفاق الكاثوليكي تعلم التعليم الابتدائي حتى إذا رآه مدير مدرسة الكرمليين ولوعا باللغة شاديا في آدابها، أختاره لتدريسها وهو ابن ست عشرة سنة فقط. وما برح يدرسها إلى هذا اليوم أي مدة 46 عاما وقد تخرج على يده تلاميذ أولعوا بالعربية وطفق في ذلك الحين يكاتب بعض الجرائد كالبشير والصفاء والجوائب بالمقالات الأدبية واللغوية باسمه الصريح أو بأسماء مستعارة. وقصد سنة 1886 المدرسة اليسوعية الألكيريكية في بيروت حيث تفرغ لتدريس العربية ودراسة اللغتين اللاتينية واليونانية. ومن هنا رحل إلى في بلجكة فترهب، وانتقل بعدها إلى لاغتو قرب نيس في كورة جبال الألب البحرية وفي الدير الكرملي هناك وتعلم الفلسفة وأنجز الدراسة اللاهوتية والفقهية في مونبليه وسيم كاهنا باسم الأب أنستاس ماري الألياوي. وبعد أن قسس غادر فرنسة فقام برحلة في بلاد الأندلس وأطلع على مخلفات المجد العربي ثم آب إلى موطنه بغداد فتولى إدارة المدرسة الكرملية وتعليم العربية والفرنسية فيها كما أخذ على عاتقه الوعظ في الكنيسة، والبحث والكتابة في لغة القرآن. وما لبث أن ترك إدارة المدرسة وتفرغ للوعظ والكتابة والتأليف فشرع يكتب المقالات اللغوية والعلمية في الجرائد والمجلات العربية والفرنسية وليست هناك مجلة عربية راقية إلا وقد حملت بين دفتيها بحثا للأب أنستاس الكرملي ولكنه عادة لا يوقع مقالاته باسمه الصريح لاعتبارات مختلفة أهمها ثوبه الرهباني ولعلي لا أخطئ خطيئة مميتة إذا ما أبحث في هذا الموقف بسر تواقيعه المستعارة فهي كثيرة اذكر منها: (الشيخ بعيث الخضري، وساتسنا، وأمكح - والاسم مؤلف من أول حرف لكلمات اسمه الكامل - وكلدة، وفهر الجابري. ومستهل ومتطفل، ومنتهل، ومبتدئ، ومحب الفجر، وابن الخضراء) والذي يطالع

مجلات المشرق والمقتطف والهلال والزهور والمقتبس والمباحث والمنهل وغيرها يعثر على مقالات ممتعة بهذه التواقيع. ولو جمعت مقالات المحتفل به في كتب لجاوزت المجلدات العشرة وأغلب مباحثه لم يطرقها طارق قبله، نظير أبحاثه في الصليب والنور وبني ساسان والخزاعل واليزيدية والصابئة والداوديين والركوسية والشبك والكاكائية والدوطة عند العرب والكفل وإيوان كسرى وعقرقوف والوركاء وبعض هذه المباحث يعد الأب صاحب (لغة العرب) أول من كتب فيها في العربية كما أنه أول من كتب عن كتابي اليزيدية المقدسين مصحف رش وجلوة باللغة الفرنسية في مجلة النمسية وصدر حديثا كتاب إنكليزي جليل عن اليزيدية يشيد بفضل الأب أنستاس في هذا الأمر. وبالنظر إلى تخصصه في الفلسفة اللغوية أضطر إلى دراسة اللغات الآرامية والعبرية والحبشية والفارسية والتركية والصابئية فألم بطرف منها ونقب في أصولها وبعض ألفاظها وتوغل في علاقاتها باللغة العربية فجاءت أبحاثه في الموضوع فريدة في بابها. وقد نفاه العثمانيون في خلال الحرب العظمى إلى الأناضول فبقي في قيصري سنة وعشرة أشهر نال في أثنائها صنوف العذاب ثم أعيد إلى بغداد. ورحل إلى أوربة مرار أفزار معظم عواصمها وحواضرها كما طاف أشهر أقطار الشرق مرات وتجول في أنحاء العراق. وقد عينته الحكومة بعد الاحتلال عضوا في مجلس المعارف وعهدت إليه بمراقبة إنشاء جريدة (العرب) سنة وتولى إنشاء مجلة (دار السلام) ما يزيد على الثلاث سنوات. وللمكانة التي أحرزها الأب أنستاس في عالم انتخبه مجمع المشرقيات الألماني عضوا في سنة 1911 وأختاره المجمع العربي في دمشق ليكون من أعضائه وحضر سنة 1924 مؤتمر المرسلين المنظمين للمعرض الفاتيكاني في رومية. وأهدت إليه الحكومة الإنكليزية وساما مع لقب كما أهدت إليه الحكومة الفرنسية سنة 1920 وسام وانتخبته وزارة معارفنا أحد مؤسسي المجمع اللغوي الذي ألفته في العام الماضي ولم يعش طويلا. وقد ترجم كثير من مقالات المحتفل به إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والروسية والإيطالية والأسبانية والتركية وقام بإصلاح كتب ومقالات ورسائل

لكثيرين من الكتاب والمؤلفين وقد يبعث إليه أحيانا بعض المؤلفين والكتاب بكتبهم ورسائلهم من مصر وسورية وأوربة وأميركة ليدقق النظر فيها ويصلحها قبل طبعها. إن انصراف الأب الكرملي إلى أبحاثه وكتابته المقالات لم يدع له مجالا لنشر مؤلفاته العديدة، وما نشر من كتبه شيء لا يعتد به ولا يمثل شخصيته العلمية والأدبية في حين أن له نحو 30 مؤلفا طبع منها خمسة كتب دينية وكتابا (الفوز بالمراد في تاريخ بغداد) و (خلاصة تاريخ العراق) وكلاهما طبع في غيابه فشوه بالأغلاط. إلا أن هذا لا يبخسه حقه في مؤلفاته الخطية الجليلة في اللغة والتاريخ ويمكنني أن أذكر منها: (تاريخ الكرد). (خواطر علمية) وهي موضوعات لغوية لم يطرقها الأقدمون. (جمهرة اللغات) الحاوية أنواع اللغات واللغيات التي كان ينطق بها العرب في أقطار كثيرة من جزيرتهم جمعها من كتب الأقدمين. (كتاب الجموع) فيه أسرار الجموع الكثيرة والأوزان الغريبة التي أفرغت فيها ولم يذكرها الصرفيون والنحاة في كتبهم. (كتاب السحائب) يتضمن قوانين لم يذكرها الصرفيون والنحاة في كتبهم إلا أن اللغويين ذكروها استطرادا في دواوينهم. (كتاب العجائب) ويشتمل على غرائب اللغة والصرف والنحو وردت في عدة كتب من أقدمي اللغويين ومشاهيرهم. (الغرائب) وقد أتى فيها على ما تناثر في كتب المحققين من غرائب الصيغ والأمثلة والقواعد. (الرغائب) ذكر فيها ما اختلج في صدور اللغويين من الصيغ والمعاني التي كانوا يودون أن تفرغ فيها اللغة. (كتاب أديان العرب) (حشو اللوزينج) حوى غرائب مقالات الأقدمين المبعثرة في الكتب المختلفة التي بسطها كل لغوي. (مختارات المفيد) فيها مقالات عديدة لم تدرج في المجلات والجرائد وفي نيته أن يبرزها إلى النور شيئا بعد شيء. (متفرقات تاريخية) ومعظمها يتناول تاريخ العراق وأقوامه.

(الأنباء التاريخية) وقد حدثنا بها عن أنباء الرافدين وجزيرة العرب في القديم والحديث. (اللمع التاريخية والعلمية) في جزءين كبيرين. وهي مقالات باللغة الأفرنسية في الأبحاث اللغوية والتاريخية. (الغرر النواضر) معظمها فيه نفائس أقوال الأقدمين في الفنون والعلوم العربية. (النغم الشجي في الرد على الشيخ إبراهيم اليازجي) في النقد اللغوي. (العرب قبل الإسلام) (المجموعة الذهبية) كنز فيها خواطر فلسفية. (ترجمة كتاب أرض النهرين) (شعراء بغداد وكتابها) وهو تنقيح كتاب ترجم عن التركية. (رحلة بغدادي إلى اليمن) سنة 1861 نشرها باللغة الفرنسية في مجلة وهي رحلة قام بها ميخا يوسف النجار البغدادي من أهل القرن التاسع عشر إلى بلاد اليمن. وقد فقد الكرملي في أثناء نفيه إلى الأناضول سنة 1914 ونهب من خزانة كتبه سنة 1917 طائفة من مؤلفاته الخطية الثمينة منه أربعة كتب في تصحيح المعاجم: (لسان العرب) و (تاج العروس) و (محيط المحيط) و (أقرب الموارد) ورسائل وكتب هذه موضوعاتها: - (الألفاظ اليونانية في اللغة العربية) وقد نشر منها منا نماذج في مجلة المشرق استشهد بهذه الأبحاث على تأثير النهضة المأمونية في العقلية العربية الدكتور رفاعي في كتابه الحديث (عصر المأمون) و (الألفاظ اللاتينية في اللغة العربية) و (الألفاظ الفارسية في اللغة العربية) و (الألفاظ الدخيلة من عبرية وهندية وقبطية وحبشية وتركية في اللغة العربية). و (الألفاظ الأرمية في اللغة العربية). و (الألفاظ العربية في اللغة الفرنسية) ومقالات عديدة في إصلاح أغلاط الكتاب المعاصرين ولغة الدواوين. كما أن له انتقادات خطيرة على معجم دوزي (ملحق المعاجم العربية) ومعجم فريتاغ العربي اللاتيني. وجمع كتاباً نفيساً في (أمثال العوام في بغداد والموصل والبصرة) و (حكايات

اللغة الدارجة) وعني بتصحيح كتاب (الإكليل) للهمداني و (الموعب) في اللغة لابن تيان و (مقامات ابن ماري) وكان قد شرع قبل الحرب العظمى بطبع كتاب (العين) للخليل بن أحمد اللغوي العراقي الشهير مع حواش لغوية فاكمل منه 144 صفحة وحالت الحرب دون إنجاز البقية. فعسى أن يتيسر من ينفق على طبع هذا الكتاب وسائر مؤلفات الكرملي الخطية لغني بها الخزانة العربية. وقد جمع الأب الباحث كتبا نادرة المثال حوت زهاء أثني عشر ألف مجلد من مخطوط ومطبوع وأصبحت بغية القصاد من الدارسين والباحثين ولكنها أصيبت بالنهب في 7 آذار سنة 1917 فتفرقت أيدي سبا. وعاد سنة 1918 إلى جمع الكتب وتجديد خزانته الشرقية فجمع منها زهاء أحد عشر ألف كتاب مطبوع وسبعمائة كتاب مخطوط تغلب عليها الأبحاث التاريخية واللغوية ونقل بإشرافه كتبا خطية عديدة منها ما أتلفته يد الضياع ومنها ما يحتفظ بها بغية طبعها ونشرها تعميما لفوائدها. وكلكم تعرفون مجلة صاحب اليوبيل (لغة العرب) التي أتمت في هذه الأيام السنة السادسة فهي المجلة العربية التي تعد صلة بين علماء الشرق والغرب وتنقل معظم مقالاتها إلى اللغات الأجنبية وهي المجلة الفريدة التي تنشر أبحاثها الشهرية كثير من المجلات العلمية الأوربية والأميركية. ويستخدم الكتاب الآن ألفاظا جديدة لبعض المسميات الحديثة ولا يعلم أنها من صنع الأب أنستاس كألفاظ برقية ل ووضيعة ل وإضبارة ل وكناشة ل ومعلمة ل ولا يمكن أن أتوغل في ذكر ألفاظ كثيرة من هذا القبيل لئلا أصدم أسماعكم بأسماء غريبة مثل اطريراء وأهم ما يشتغل به الآن منشئ لغة العرب ثلاثة معاجم كبيرة: 1 - معجم عربية كبير يذكر ما ذكرته المعاجم القديمة وما أغفلته. 2 - معجم فرنسي عربي يحوي الألفاظ الأعجمية وما قابلها باللغة العربية الفصحى.

3 - معجم عربي فرنسي مطول. هذا غير مواصلة إصدار مجلته الحافلة بالأبحاث النفيسة وتحقيقاته اللغوية ونقداته اللاذعة وهجماته الفاتكة مما تجدونه بين طبقات المجلة. والأب متعصب للفصاحة القويمة على نحو ما نقل عن السلف الصالح يمقت النحث ويشمئز من كل تعبير لم ينص عليه في سند ثبت من القرآن أو الفصحاء الخالدين. وبعد الأب أنستاس الكرملي حجة في آرائه اللغوية وأبحاثه في الأقوام الشرقية المعاصرة لنا. لذلك تجد اغلب المؤلفات الغربية والشرقية التي تتطرق لتاريخ الشرق الحديث وأقوامه ولغاته تذكر آراء الأب أنستاس وتناقشها. والذي يطالع الأنسكلوبيذية الإسلامية يتبين صحة ما أقول فضلا عن تآليف المستشرقين الآخرين وأبحاث الدكتور أمين المعلوف في (معجم الحيوان) وتآليف المعهد الطبي العربي بدمشق ومجلته وتقرير لجنة عصبة الأمم التي زارت الموصل وأطرافها وقد ألف بعض العلماء الأوربيين رسائل في حياة صاحب (لغة العرب) منها رسالة المستشرق الروسي كراتشكوفسكي ورسالة المستعرب الإيطالي غريفيني. ولا يمكنني أن أسكت عن أن الأب أنستاس يدفعه حبه للعربية إلى أن يصرف كل وقته لدرس اللغة والتأليف والبحث فيها وقد يزوره الغرباء في أوقات الصلاة فيجدونه غارقا في بحث لغة الفرقان (كذا؟!) ولم يمنعه ثوبه الرهباني من أن يناقش قسا آخر هو الأب شيخو اليسوعي العالم المعروف وينكر عليه دعواه بنصرانية بعض الشعراء العرب وأدبائهم أنصافا للتاريخ. هذه لمحات من حياة الأب انستاس الذي تحتفلون بيوبيله ذكرتها من غير أن أتعرض لبسط آرائه اللغوية والنحوية وتذكرون أنني عاهدت نفسي على الإيجاز فكان إيجازي هذا التطويل. ولكن ليس الذنب ذنبي بل للرجل حياة حافلة بالعمل طويلة الأثر فأعذروني بكرمكم وشيم العرب الصفح والكرم. رفائيل بطي

كلمة إبراهيم حلمي العمر أيها السادة الأكارم. إني وأن كنت أخطب الآن فيكم من دون أن يذكر اسمي في منهاج هذه الحفلة الشائقة إلا أن اقتراح الفاضل كتوم (سكرتير) اللجنة علي أن أتكلم ما يناسب المقام من جهة وصلتي الوثقى بالعلامة المحتفل به كان مما يشفع لي في الوقوف أمامكم متكلما عن الخدمات الجلية التي أسداها الأب المفضال الكرملي إلى اللغة العربية في حياته الأدبية الطويلة التي نطلب لها المزيد والاستمرار. إن الكلام عن منزلة العلامة الكرملي من النهضة الأدبية وآثاره العلمية قد سبقني إليه صديقي الفاضل رفائيل بطي الذي وفى الموضوع حقه في خطبته الممتعة التي سمعتموها قبل دقائق معدودات ولكني أقول كدارس على الأب علوم اللغة والبيان في حداثتي أن للأب أنستاس من الجهود والمساعي الكبيرة التي قدمها في سبيل إعلاء اللغة العربية وإقالة عثرتها وإنهاضها من كبوتها ما يستحق عليه كل تكريم وتعظيم، ومن أقدس واجبات أبناء هذه النهضة المورقة الأغصان الوارفة الظلال أن يكرموا العلم والأدب وخاصة الأدب العربي في شخص هذا العلامة الكبير الذي نحتفل به اليوم تنويها بفضله واعترافا بأياديه البيض. حقا أن قيام هذه الحفلة في دار فخامة السعدون بك الذي أرصد يوما من أيامه الثمينة لتكريم العلم والأدب من جهة واشتراك نخبة فاضلة من زعماء البلاد وقادة حركتها الفكرية وأساطين العلم فيها من جهة أخرى ليذكرنا بتلك الأيام الغابرة التي كانت ساسة العرب ورجالهم وإلى جانبهم شعوبهم الحية الناهضة يحتفلون بنوابغهم وفضلائهم مع قطع النظر عن المذاهب والأديان وبذلك شيدوا لهم مجدا خالدا وحضارة فخمة لا تزال آثارها ماثلة لعيون الباحثين المنقبين، وإذا أقام السعدون بك هذه الحفلة في قصره العامر لتكريم الأدب العربي في شخص الكرملي المفضال، فإنما هو يحذو حذو أجداده العرب الذين كانوا يعملون على بث العلم والعرفان وتنشيط الأدب في ظلال خلفائهم وملوكهم وسلاطينهم وما الملك الأعظم اليوم إلا رمزاً إلى تلك العزائم والهمم التي حمت العلم وذادت عن حياض

الأدب فكان وزراؤه بهدية يهتدون وبإرشاده يعملون. لقد قرت عين الأدب بهذا الاحتفال البهيج الذي يقيمه العراق شعبا وحكومة لتكريم علامة العصر الأب الكرملي ولا نغتبط بهذه الحفلة من ناحية واحدة هي الاعتراف بفضل ذوي الفضل فحسب بل نغتبط بها من ناحية أخرى هي أن العلم فوق كل الاعتبارات والمظاهر الأخرى وأن هذا الروح الذي يدفعنا إلى التآزر والتعاون في نصرة النهضة الأدبية وتكريم رجالها العاملين خير كفيل بإيصال نهضتنا إلى المستوى الرفيع الخليق ببلاد كبلادنا كانت مهبط العلم وكعبة الأدب ومستقر الحضارة والعمران. كلمة صاحب المعالي توفيق بك السويدي وزير معارف العراق فخامة الرئيس، سادتي الأفاضل: أقف بينكم وقفتي هذه والسرور ملء جوانحي لما أراه فيكم من غيره محمودة للاحتفال بيوبيل العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي وتكريمه. إني أود قبل كل شيء أن اثني الثناء العاطر على ما قامت به لجنة الاحتفال المحترمة من صنع جميل أتاح لنا الفرصة الثمينة لنعرب هنا عما نشعر به من التقدير العظيم لما قام به المحتفل به من الخدمة الصادقة للغة العربية وما أعلى به رؤوس العراقيين من صيت ذائع بين أبناء الضاد في الخارج والأجانب المستشرقين. تعلمون سادتي أن تنشيط العلماء والأخذ بناصرهم هو من أهم الأسباب المؤدية إلى الرقي والعمران في عصرنا هذا. وبتكريمنا الكرملي اليوم نكرم العلم والعبقرية في هذه البلاد التي تحتاج إلى ذلك بقدر ما يحتاج الجسم إلى الغذاء. يسرني جداً بأن أنتهز هذه الفرصة لأبين إعجابي بالجهود العلمية التي بذلها المحتفل به منذ حداثته حتى الآن في سبيل إعلاء شأن اللغة العربية إذ أصبح منارا يستنير به طلابها وعشاقها حينما كانت مهجورة حتى من أبنائها في هذه البلاد

كما كان ذائدا بقلمه عن حوضها المتهدم آنئذ غير هياب وغير مبال بخوض غمار أخطار ذلك في أزمان عصيبة جداً. كنت ذات يوم من سنة 1920 أطالع مجلة الهلال فوقع نظري فيه على مقال بعنوان (الثمائل عند العرب) مذيل باسم (مستهل) ولم أكن اعلم حينئذ أن هذا الاسم المستعار هو للعلامة المحتفل به. قرأت ذلك المقال الممتع وأعدت قراءته ثانية لأحيط بما احتواه من حقائق علمية ولغوية غابت على الكثيرين من فطاحل اللغة من عرب وأجانب فدهشت لما فيها من دقة البحث والاستقصاء وحسن التنقيب عن خفايا موضوع لم يطرقه إلا وكان متدهورا في لجج الخطأ. أظهر العلامة (مستهل) بذلك المقال أغلاطا عديدة كانت قد وردت في معاجم عربية وإفرنجية وكشف الستار عن حقيقة (الثمائل) مما دل على تضلعه من فقه اللغة والتاريخ تضلعا يغبطه عليه أكثر العلماء، فعرفت (مستهلا) من ذلك الوقت وقدرت له مساعيه العلمية. أذكر له هذه المزية وهي ليست في الحقيقة إلا قطرة من بحر مكتفيا بذلك عن الاسترسال في تفاصيل أخرى. أيها الأب الكريم! إني مغتبط أشد الاغتباط بأن أحيطك علما أنك في بلاد معجبة بمزاياك الطيبة فهي تعرف فيك ولدا باراً تذخره ليخدمها بعلمه وقلمه وهي إذا قامت اليوم تحتفل بيوبيلك الذهبي فإنما هي ترجو أن يمن الله عليك بعمر يوصلك إلى يوبيل ماسي تكون فيه قد حققت لها نفعا أكثر مما حققته الآن. فسر إذن مزوداً عونه وبركته وحقق ما تأمله فيك البلاد من نفع يعود عليها وعلى لغتها والعلم بالخير الجزيل. توفيق السويدي وزير المعارف

قصيدة ميميه در تهنيت جشن أدبا براي حضرة أب انستاس كرملي (لغة العرب) اشتهر اليوم في ديار إيران شاعران كبيران: الميرزا أبو الفضل كيهاني وخسرو ميرزا. وقد نظم كل منهما قصيدة بديعة بلغته الفارسية فتذوقها كل من سمعها. ولم ننشرهما في محلهما لأنه لم يكن عندنا حينئذ حروف نصور بها الألفاظ الفارسية. أما الآن فوجدنا منها بعض القدر ولهذا ندرجهما هنا لنجعلهما بمنزلة أفخر الطعام يقدم إلى الآكلين فتبقى ذكرى الدعوة من أطيب الذكريات في مسامعهم. وهذه قصيدة فخر شعراء الفرس في عهدنا: شبي جو قلب من وزلف يا رغرق ظلام ... شبى جو خلوت دلداده كان براز آلام فلك جو صحنه ميدان وكهكشان دروى ... كشيده لشكر انواروبر كرفته نظام أثير بيشه وزنجيرهاى نور دراو ... جوتار كارتن اندر مسالك آجام براين بساط وبراين كوشه وبراين مردم ... براين أساس وبراين ملت وبراين أقوام بجشم عبرت هرسوهزار هاخورشيد ... نظارة كانند ازاين سبهر نيلى فام عجب بعرصه اين بهن دشت بى آغاز ... عجب بصحنه أين زرف بحربى انجام زمين جوذره نابود ليك بر رويش ... فكنده رحل أقامت جرائم وآثام بشر بنام جراثيمى ازعناد وخلاف ... بسطح توده غبرا كرفته جاو مقام تمام لايق اعدام وآنكه ازنخوت ... نموده وضع أساس سياست اعرام بتيره شب نه مر اخواب بدنه فكر نشاط ... كه دهر سفله أم افكنده بد بقيد ملام كهى مكابره أم باستاره ريمن ... كهى مناظره أم بامكاره أيام دراين ميانه مه جارده جوسيم طبق ... كشود جهرهء رخشان فكند نور بيام أفق كشاده وقلب بازروح لطيف ... بهر كرانه نهان كشت جون ذباب غمام

زجذبهء ملكوتم بدل رسيد نويد ... زعطر عالم قد سم شكفته كشت مشام رسيد طيف بت مهربان دلم براو ... بسجده آمد وجون برهمن براصنام تبارك الله زان مست نركس برشور ... تمام فتنه وجذب تمام ضعف مقام مكوى جلوه كه شد قلب خسته أم همه خون ... وزان سبس جو عرق سرزداز عروق مسام خطاب كردكه اى خسته ازنوائب دهر ... جرا زبان قلم راكشيدهء دركام بشعر تسلية مسعود سعد داشت تونيز ... ستان قصاص خوداز روز كاربد فرجام جه روح شاعرا نراخرد تواندو كفت ... كه دور دهر شمارد بسان كردش جام جواب دادم اى روح مهربان كه مرا ... شكسته سنك حوادث جنان بجسم عظام كه در خيالم نى وضع مانده ني موضوع ... نه ذوق قوت تفكيرونى اداى كلام تكلمم جو زمسلول نفثة المصدور ... تخيلم جو زمحموم فكرت سرسام جه جاى يادزدار أست ولعلى أست وعقبق ... جه جاى وصف زاعشاب سبسب أست آكام بدين تراكم أندوه وين تهاجم غم ... كه هست طاير فكرم هميشه بسته بدام نه حب جاه ومقامم بود كه نيل بوى ... شود مسبب توقير سفله كان لئام نه بيم شيخ ريايم كه مويد ازسر جهل ... كه خون خلق حلالست جام باده حرام دراين مفاوضه بوديم تاسحر زافق ... فراشت خسرو خاور به آسمان أعلام جو بيك صبح سعادت رسيد قاصد فضل ... نمود دعوتم از سوى بيشواى أنام زجاى جستم وجون محرمى بقصد طواف ... جه كعبه بستم وبر طرف محضرش إحرام كشيد قائد بختم بصدر محفل قدس ... خجسته محضر وأستاد فيلسوف إمام

إمام شيخ أبى عبد الله انكه محضرا و ... رواست باشد ومسجود ومعبد إجرام كجاست حضرت ويكتور هو كوكه تاكويد ... كه هست ذاتش باب أرامل وأيتام بجاي شيخ مبارك بيش هميدانست ... مصنف بؤسا بد اكردراين هنكام به بشتبانى دين وبرهنمائى عقل ... نموده فك. قيود خرافة وأوهام مرابكفت كه اى افتاب جرخ أدب ... كه هست فكرت نضرت نمونه الهام من أين حقيقة دانم تورا بحب وطن ... علاقة ايست مقدس تعصبى أست تمام رجوع كشور دارابفر عهد كيان ... تورا بخاطره اندربود خجسته مرام هماره كوئى فرزند خسرو شابور ... زشهد بارس ناب باد شيرين كام ولى نبايد تكذيب سازد عقل سليم ... مآثر عرب اندر ممالك إسلام كذرز صاحب طغرائى وبديع زمان ... كه از جمال أدب بر فكنده أند لثام نزاد خالص ايرانيند ليك أدب ... كرفته رونق ازانان جلوه بدرام بناى آئين تنهانه زيور عرب أست ... زبان حاضر ما هم أزان كرفته قوام كنون ملك عرب طرفه اكهى بزرك ... رسيده أست فرح بخش مثل ذوق مدام براى أهل أدب صاحبان فضل كمال ... بشارتى أست كه هرجهره ميشود بسام بماه آتيه سازند احتفالي عظيم ... بجشن رآداب انستاس كرملي كرام تونيز تهنيت آغاز ساز جانه سراى ... كه زشت باشد وشمشير صيقلى بنيام جواب دادم اى بيشواى أهل هنر ... كه كل كرفته زخلق شريفت عطر بوام من آن شناشم كه بيكرى أست شريف ... كه از شرافت جان دارداز أدب اندام

نشار مطلع دوم كنم جواهر شغر ... مكر كه روحم ازجلوه أش شود آرام صبا زجانب من بادرود با إعظام ... بياك مجمع فضل وهزببر بيغام كه اى كناه جهانز افدائيان نجات ... كرفته مركب توفيق رابد ست زمام مجسته باد مبارك ستوده جشن بزرك ... كة بر كريم هنر ميكنيد أين إكرام جودر آداب انستاس كرملى لغتى أست ... كه ذوق وسعى وشرافت دران بودادغام يعصر باك تكامل بظهر روز سعيد ... بسان غره صبح أست در ممالك شام نه أز مساعى أن راد مرد إنسان دوست ... لسان قوم عرب يافته أست استحكام بفر دانش أو كشته أند شكر كذار ... زبان كلده وأشور وعبرى وعيلام زمن درود بران راد مفلق مفضال ... كه دور كرده زجان لغت بسى إسقام بيارك مجمع وبران رئيس دانمشند ... جميل صدقي شمس الشموس دانش ونام يخه شاعرى كه باسم مقدسش نازند ... فرات ودجلة ونيل مبارك وأهرام من رئيس وجنين مجمع وجنين موضوع ... كه نعت مدح أدب راهمى كنند إلزام جوم معرفتند ونجات نوع بشر ... بيمبران تكامل مبشران سلام سعيد باد جنين روز فرخى كه دراو ... درود كويد وكيهان بجشن شيخ همام ختام رزمشك أست واختتام خوش أست ... جه بهتر أست ازاين اختتام مشك ختام ميرز أبو الفضل كيهاني

قصيدة رائيه (لغة العرب) ودونك الآن قصيدة زينة شعراء إيران في هذا اليوم: سرى كه واجدذوق أست صاحب أفكار ... درون فلسفه ماند بنقطه بركار دماغ شاعر وشعر أست شمع بروانه ... كه بالطبيعة بر اطراف آن شود سيار بجذبه هاى غزيزى كه هست در خورشيد ... زجذب هيئت سيار كان بود ناجار نهال تازه وأنكاه منع أو زنمو ... زبان شاعر وأنكاه وقفه در كفتار جو آب جمع شوددر بحور ناجار أست ... بى خروج ومخزن بدل شود ببخار تخيلى كه مرا همره أست وزان دارم ... تنى معذب وجانى غمين دلى أفكار زنوك خامه اكرروى نامه ننشيند ... شبيه باشد بر حبس نغمه در مزمار جرانكويم كاين كردكرد كنبد خاك ... جو كار خانه تندى بود جنا بار جرانكويم دراين سراجة برشور ... بجز فجايع جانسوز نيست اندر كار جرا خموش نكردد زدوداه شموس ... جرا سقوط نكيرد زسير خود اردار نهاده نام تمدن بشيمه كه توان ... بدان وسيلة برند ازميانه حق صغار همان سياست غرب ومناسبات دول ... مكربه مرصد صيد أست دامكا شكار بى سهولت غصب حقوق سرعت قتل ... رماح شعلة فشان لبين ومر كه طيار يكانه معدون جور أست دهر سر تاسر ... بخيره جون شده نام كرك آدمخوار فقط عناصر باكى أست عذر خواه بشر ... بدين جرائم زشت جهان بد كردار وجود عده أز عالمان إنسان دوست ... الكربنود دراين خاكدان كيه شعار

نه بد بهاى بشيزى حياترا بجهان ... بسان بيكربى روح عشق بى دلدار بدين ذوات مقدس سزد كه كوى زمين ... كند بجشمه تابان مهر استكبار شموس لامع افلاك عقل معرفتند ... كه نور علم بنوع بشر كنند إيثار بوبزه حضرت شمس الشموس عالم قدس ... جهان مجد أبى عبد الله اسمان وقار شعاع شمس بيكسوى أرض ميتابد ... به قسمتى زشب وروز هست آنسوتار ضياء باك ضميرش بهر دقيقة وآن ... كند حيات بشررا مطارح أنوار بزر كوار وجودى كه مهر عاطفة أش ... جوروج ناميه ونوع آدمى أشجار خوشا بدان نظرباك ونيت صافي ... كه التيام دهد بين سبحه وزنار لطف داد رهيرا بخدمتي فرمان ... كه يافت كلشن جانم أزان صفاى بهار بر آي تهنيت جشن محفل أدبى ... زطبع ناسره أين جند بيت كشت نثار نكين حلقه انكشت شرق بحر فخار ... خجسته راد انستاس ستوده أخيار جر فلسفة قطب كمال محور فضل ... كه زتو قطر عرب أست فخربر أقطار به نيم قرن اثر خدمت تو كارى كرد ... كه قرنها زتو باقى بود همين آثار بناي لحن عرب ازتو يافت تعميرى ... كه طاق كنكره أش كشت جالب أنظار لبسان توده يعرب بسان مرءآتى أست ... زدوده كشته أزان باكف توزنك غبار خوشا نزاد عرب خرما ديار عراق ... كه ديده مثل توفرز مهر بان بكنار يكي فراز مشعشع بصفحه تاريخ ... زنام نامى توباز مانده در إعصار فقط نه نسل عرب إذ توميكند تقدير ... تورا رهينه منت بسى نزاد وديار

ثنا كرت نه همان روح امرء القيس إست ... روان سعدى مدح توميكند تكرار زقبر نابغه واز مزار فردوسى ... رزاست بشكفد ازوجد كونه كون أزهار نسيم لطف تو آراست كلشنى كه برآن ... ترانه ساز زهر سو هزار هاست هنزاز هران زبان كه سهيم أست بازبان عرب ... بصد زبان شده نعمت توشكر كذار منت بسلطنة حقه ميكنم تبريك ... كه سلطنة نه بتخت أست وتاج كوهردار مشاعر شعرا وقلوب أهل قلم ... ممالكى أست كه فكرتو كرده استعمار شهان بقوت سرينزه ملك ميكيرند ... بملك خويش تورا كلك داده استقرار نيافت كشورى ازهيج قائدى عادل ... جنانكه كشور فضل ازتو يافت رنك بكار لذا غريو مشد از صميم دل خسرو ... كه يادراد انستاس زه بر خوزبار خسرو

كلمة الشكر للأب المحتفل به يا صاحب الفخامة ويا أصاحب المعالي ويا سادتي الأفاضل، أول كلمة أنطق بها: الشكر لجلالة مولانا سيدنا ملكنا المفدى فيصل الأول، الذي لا يزال يحبب العلم ويرقيه في مملكته، ويبث لغتنا الكريمة بين ظهراني تبعته، ويرغبهم فيها بجميع الوسائل الممكنة. وما هذا الاجتماع إلا من جملة أدلة تشجيعية لمن يعنى بلغتنا الحسناء، وينشرها في طبقات الناس، أن بين الاقربين، وأن بين الأبعدين. والكلمة الثانية التي أفوه بها: شكري لصاحب الفخامة عبد المحسن بك آل سعدون العربي الصميم الذي عرف روح متبوعنا الأعظم وأمنيته لإتقان لساننا فأخذ على نفسه وفي رعايته إقامة هذه الحفلة الدالة على حبه الجم للوطن وقومه ولغته، ولكل من يسعى في نشر هذا الحب بين وطنييه. ولا أنسى فضل أصحاب المعالي الآخرين الكرام، وأعياننا، ونوابنا الأماثل الذين شرفوني بحضورهم هذا، وأخص بالذكر صاحب المعالي البارزة: توفيق بك السويدي، وارث العلم كابرا عن كابر، ونافخ ضرمه في صدور أبنائنا بلا فرق فيهم ولا تمييز. وهذه خطبته البليغة شاهدة على ما أقول، إذ أن كل درة تدل على سامي فكره وتقديره للمنتسبين إلى العلم، وأن لم تكن تلك النسبة مما يليق بهم كانتساب هذا العاجز إليه. ثم أني أشكر حضرة أستاذي المكرم، فيلسوف العراق وشاعره الأكبر جميل صدقي الزهاوي لعنايته بهذا اليوبيل، وأشكر اللجنة التي قامت بتحقيق هذه الفكرة. وأخص منها بالذكر الأستاذ المحبوب، تلميذي المهذب، أحمد حامد أفندي الصراف مدير مطبوعات الحكومة العراقية. وبعد هذا يحق لي أن أقول: يا سادتي الأجلاء. إن أحب امرؤ إنساناً لم ير فيه غير المحاسن، وأن كرهه لم يجد فيه سوى المساوئ وقد احسن أحد شعرائنا في قوله:

وعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساوئا إني وايم الحق لم آت عملا جليلا للغتنا الشريفة، حتى يقام لي هذا المهرجان، وقد سبقني رجال أفاضل إلى خدمتها خدمة أجل وأنفع وأوسع من خدمتي هذه؛ ومع ذلك لم يعترف بفضلهم مثل هذا الاعتراف. وما ذلك إلا لأني وفقت لأن يكون لي أحباب أجلاء ذوو همة عالية بارزة، يرون نفوسهم في غيرهم، فيخيل إليهم أني هم، وأنهم أنا، فانفعوا إلى هذا الصنيع الذي يخلد أسماءهم في سجل الوطن المحبوب، ولغة الضاد الكريمة بحروف من ذهب. ولهذا أني لا أرى هذا الإطراء جديرا بي، بل خليقا بكم، إذ أراكم تجلون العلم والفضل حتى في من ينتسب إليهما انتسابا، وإن لم يكن من أهلهما. فالمجد والشرف لكم يا سادتي لا لي، إذ أراني بعيداً عن كل ما عددتموه لي، ونسبتموه إلي، في حين لا أجده إلا فيكم يا سادتي الصيد الأشاوس. على أن الذي أستطيع أن أقوله وأفتخر به هو أنني أغرمت بهذا اللسان الكريم منذ نعومة أظفاري، وبقيت مولعاً به إلى هذه الساعة من غير أن ينتابني فتور أو وناء. وكثيراً ما تمنيت أن أخدم هذه اللغة وأصحابها خدمة تنفعهم النفع الجم، وبذلت مهجتي في هذا السبيل، إلا أن الحالة التي وجدت فيها منذ حداثتي، عاندتني أشد العناد وقاومتني مقاومة غريبة. فاكتفيت من تلك الخدمة بحسن النية والإخلاص لا غير؛ وهو ما يفرضه علي حب وطني وقومي ولساني؛ فقمت بالواجب المحتوم علي بقدر طاقتي، ومن قام بما عليه، فلا شكر له ولا حمد ولا ثناء ولا إطراء. وفي الختام أشكر جميع الحاضرين. وجميع الذين شاركونا في هذا اليوبيل عن قرب أو عن بعد برسائلهم أو بتهانئهم أو ببرقياتهم أو بندى أياديهم سواء أكانوا من أبناء لغتنا أم من المستشرقين أم المستعربين. وأشكر لهم عنايتهم بهذا اليوبيل من صميم قلبي واحداً بعد واحد، متمنياً لهم طول العمر والهناء والسرور. حيا الله ملك العراق المفدى! حيا الله الأمة العربية ولغتها المحبوبة! حيا الله العلم العراقي!

عم سعدون مغامس المانع والكرملي ما أبهى ما كان يوم الأحد الذي وقع في 7 تشرين الأول 1928 ذلك اليوم التاريخي عند إخوان الأدب العربي ورافعي أعلام التشجيع له من كبراء وعظماء فأن في عصره المشهود أقيمت تلك الحفلة الباهرة لتكريم الأستاذ الكبير الأب انستاس ماري الكرملي في دار صاحب الفخامة عبد المحسن بك آل سعدون لقضاء الأب الفاضل عمره حتى شيخوخته الحاضرة في خدمة لغة الضاد الشريفة ذلك العمر الذي أتى فيه بالكتابات العديدة والمباحث الكثيرة ما قدره علماؤنا وكتابنا وشعراؤنا من عراقيين وسوريين ومصريين وفلسطينيين وغيرهم وفي طليعتهم المجمع العلمي العربي بدمشق الشام وهنئوه ببلوغه هذا اليوم وقد بجاه مع تهانئ حارة كبار من المستشرقين من مختلفي الشعوب الغربية. وقد اجتمعت في هذه الحفلة كلمة هؤلاء الأفاضل جميعهم على تقدير خدماته الجلى لما وقفوا عليه فضلا عما لدى الأب من الآثار غير المنشورة. فليهنأ الأب وليعيش طويلا للمثابرة على أعماله المقدرة! وأني لأستأذن كلا من فخامة ألبك وفضيلة الأب في أن أذهب بهما وبالقراء الكرام إلى حادث تاريخي: لا بد وأن الفكر سائد إنه لم يسبق قبل اليوم أن سعدونياً كرم كرملياً - ولو على غير هذا الوجه - لأتساع الفراغ الفاصل بين الفريقين، فيظن إذ ذاك أن ما أبرزه هذا الاحتفاء لهو مما أولده القرن العشرون لكنا إذا تصفحنا التاريخ رأينا هناك تكريم شيخ من بيت فخامته - يوم كان يدعى بيته شبيبيا قبل أن يكون سعدونيا - لأحد الكرمليين من الجدود المعنويين للمحتفى به. فكأن

التاريخ أراد بهذا الاحتفاء أن يجدد على الستارة صورة صلة بات عهدها نسيا منسيا خالعا عليها ثوبا قشيبا جديدا تميس فيه تيها ودلالا. وقد تجلى في تلك الحفلة في فخامة ابن سعدون الشبيبي ما ورثه من آبائه الأماجد من مكارم الأخلاق مزدانة بحبه لترقية العلوم ولا سيما تنشيطه للأب - وضمنا تشجيعه لحملة الأقلام كافة - على موالاة خدمة لغتنا الجليلة. كان مبدأ إقامة الأباء الكرمليين في بغداد في سنة 1721 أما الصرة فقد دخلوها للإقامة فيها منذ سنة 1623 وقد وجد السر هرمن كولنز سجلاً لمبعثهم في البصرة دون فيه أحد رؤسائهم ما لقيه من أخبارهم منذ سنة دخولهم حتى زمانه الذي كان في سنة 1674 وشرع يضم إلى تلك الأنباء ما كان يحدث في أيامه في البصرة وتبع تلك الخطة الذين خلفوه. وهذه النسخة التي هي اليوم عند السر المذكور تنتهي بأخبار سنة 1733 وهي الأم بنفسها المختلفة الخطوط ولغتها هي اللاتينية إلاّ صحائف قليلة في لغات إفرنجية أخرى مع نصوص عربية وتركية. وقد بعث السر بالطبع هذا السجل من مدفنه مع ترجمته إياه إلى الإنكليزية ووشاه بصورة شمسية لما يحويه من النصوص العربية والتركية. ومما يرويه لنا هذا السجل الوحيد النسخة استيلاء شيخ المنتفق مغامس المانع على البصرة في سنة 1705 (1117هـ) وكانت يوم ذاك سفن هولندية راسية فيها في شط العرب. وإني لأقصر كلامي في هذا المقام على نقل ما جرى للأب حنا (يوحنا) مع الشيخ مغامس معربا كلامه عن الإنكليزية ومورداً النص العربي بحروفه (302: 3 من الأصل): تعريب فقرات الكتاب ونص البراءة (. . . في اليوم السابع من هذا الشهر (تشرين الثاني 1705) حضرنا إمامه (إمام الأمير مغامس) فرحب بنا وبعد أن هنأه الربان الهولندي التمس منه أن يعطيه عقد اتفاق بين الهولنديين والعرب. فكرم عليه مجيبا طلبه بكل

ما يرغب فيه وبعد ذلك أوضح له الهولندي مطلبهم بمذكرة الهولنديين تتعلق بشؤون الشركة فانتهزت هذه الفرصة بتقدمي إليه مذكرة في أمر حماية كنيستنا ودارنا. وفي 9 من الشهر الجاري قدمنا مذكرتينا بواسطة عبد اللطيف إلى الأمير مغامس فدفعهما حالا إلى قاضيه الشيخ سلمان ليصدقهما تصديقا شرعيا. وفي 12 منه أرسل الأمير مغامس بالبراءتين إحداهما إلى الهولندي في الاتفاق وثانيهما إلي في مادة الحماية الواردة في ما يلي: (الحماية التالية هي بالتركية) محل الختم توكلت على الله تعلمون به الواقفون على كتابنا هذا من كافت خدامنا وعمالنا وطباطنا (ضباطنا) بانا أعطينا حامل الورقة النادري حنا على موجب ما بيده من فرمانات أولياء الدولة القاهرة ومن أوامر الوزير العظام والأمراء الكرام. وله منا فوق (ذلك) زيادة الحشمة والرعاية وقد أسقطنا عن خدامه وترجمانه الجزية والخراج وكتبنا له هذا الكتاب سنداً بيده يتمسك به الذي (لدى) الحاجة إليه. وعلى كتابنا هذا غاية الاعتماد والله تعالى شأنه ولي العباد وبه كفا. حرر في ثاني وعشرين من شهر رجب الفرد سنة سبعت عشر وماية وألف. سنة 1117. الفقير مغامس المانع حصلت على براءة الحماية ونلتها بدون أي مصروف وستفيدنا دائما فوائد جمة وسينتفع بها بيتنا في أحوال مماثلة. . .) اهـ وهكذا تمر الأيام والتاريخ يسجل. يعقوب نعوم سركيس

أقوال الصحف

أقوال الصحف كانت الغاية من هذا اليوبيل إقامة الذكرى للسنة الخمسين من ابتداء تدريسنا للغة العربية وكان ذلك في 16 أيلول من سنة 1878 إذ بدأنا ندرس العربية دروسا خصوصية لعدة أناس منهم الأب دميانس الكرملي الحني والسنيور زانغيتا الإيطالي وأربع أوانس: سوسان بنة يوسف رحماني، وتوزة سكمن، ورجينة حبيب شيخا، وأميلية عبد الله مالكم. هذا الأمر لا فضل فيه ولا فخر، إذ من الواجب على كل إنسان أن يجبب لغته لقومه ولغير قومه، إلا أن بعض الأصدقاء - ولا سيما واحد منهم أراد أن يبقى في ظل الخفاء - أحلب أن يشجع الغير على حب العربية وتحبيبها للغير، أخذ على نفسه إقامة ذكرى صدع (أي بين العظيمة والصغيرة). فاستحسنها الأوداء وأستقبحها نفر ومن ثم نشأت أقوال تناسب تلك الآراء. فقد ذكرنا أقوال المحبين، والآن نذكر آراء المحبين والكارهين معا من أصحاب الصحف والمجلات. ونحن لا نتبع في تقديم بعضها على بعض سوى ما يقع منها في أيدينا وقد جاء في بعض الصحف مدح وقدح في جزء واحد أو عدد واحد. فنذكر كل ذلك على علاته. فدونك ما ورد في (النشء الجديد) وهي مجلة كانت تصدر في البصرة واليوم تصدر في بغداد (273: 2) وهذا نصه: يوبيل العلامة الكرملي واجب الحفاوة الكبرى به أعلنت لجنة الاحتفال بيوبيل فضيلة العلامة اللغوي الشهير الأب أنستاس ماري الكرملي أنها ستقيم هذا الاحتفال في بغداد يوم 16 أيلول القادم، وهذا يوافق ذكرى مرور 50 سنة على بدئه بتدريس العربية في مدرسة القديس يوسف في بغداد سنة 1878، وهو ما يزال يدرس فيها حتى الآن. ويقابل هذا التاريخ كذلك انقضاء ما يناهز نصف قرن على خدمته الخالصة للغة الضاد سواء بالقول أو اللسان تحبيرا وتدريسا لتلامذته العديدين ومريديه الكثيرين المنتشرين في العالم العربي، دع عنك العلماء المستعربين في أوربا وأمريكا الذين يراسلونه

بانتظام للاسترشاد بآرائه الصائبة ومباحثه السديدة، وهي ثقة عالية تفرد بها العلامة الكرملي بين أئمة اللغة العربية المعاصرين، ولا تستكثر على عالم جليل مثله متبحر في فقه لغات جمة ما بين شرقية وغربية. إلى جانب تبحره الفذ في علوم العربية. وقد أطلعنا على النداء البليغ الذي وجهه إلى الأدباء عامة الأستاذ الشاعر الفيلسوف الكبير جميل صدقي الزهاوي رئيس لجنة الاحتفال، ولحظنا أن هذه اللجنة قريبة التأليف، ولكن كان بودنا تأجيل الاحتفال حتى مستهل السنة الميلادية الآتية ليوافق هذا أيضاً مستهل المجلد السابع (للغة العرب) فتكون المناسبة أتم. وتتاح بهذا التأجيل فرصة لاشتراك أدباء العربية في جميع الأقطار اشتراكاً محسوساً لأن علم الكرملي أو فضله ليس مما تحصره بغداد حتى ولا العراق بأسره. وقد اغتبطنا لإسناد رئاسة لجنة الاحتفال إلى العلامة الزهاوي فهو قرين صديقه الأب الكرملي في الفضل وذيوع الصيت، كما أنه قرينه في كثرة الحساد له والمتحاملين عليه من أطفال الرجال والمغرورين المفتونين بالشهرة والعظمة على حساب غيرهم!. . . وبديهي أن العلامة الكرملي في غنى كلي عن مظاهر هذه الحفاوة، فهو شيخ وقور متواضع دمث الأخلاق لم يعرف عنه في حياته المباركة أنه حفل مرة بالدعاية لمجهوده القيم. وكم من مرة وافى (المقتطف) وغيره من كبريات المجلات بمباحث لغوية وأدبية شائقة مكتفيا بتذييلها بإمضاء مستعار مثل (فهر الجابري) و (كلدة) ونحو ذلك، بينما جمهور الأدباء كان يكبرها إكبارا غير عالم بشخصية كاتبها الجليل المستتر تواضعا وتفانيا في خدمة العلم والأدب فلا فائدة إذن لمثل الكرملي من احتفال هو في غنى عنه، فمنزلته أسمى مرارا من أي احتفال، وإن لم ننكر أن لمثل هذا الاحتفال فائدة أدبية جليلة تعود على سمعة القطر العراقي. ولكن الفائدة تتحقق أيضاً لفضيلة المحتفل به إذا هي وجهت بالذات نحو أعماله القيمة، فتقدم المساعدات المالية إلى مجلته اللغوية الفريدة التي سدت فراغا عظيما في خدمة فقه اللغة وآدابها، ويعاون فضيلة الأب على نشر

مؤلفاته الخطية النفيسة التي يستفيد منها زائروه ومكاتبوه دون أن يستطيع هو نشرها لأنه ليس من رجال المال والدنيا، بل مثله يعيش في تقشف وزهد عيشه العالم المخلص الذي يضحي بكل نفيس حباً في العلم؛ ولذلك نلح على لجنة الاحتفال أن لا تغفل هذه المسألة الهامة من برنامجها برا يجهد هذا الرجل العظيم. ولسنا في مقام سرد لسيرة فضيلة الأب وأن تكن مشهورة مأثورة، وقد ألمت بها مجلة (الحرية) في عدد آذار سنة 1924م. كما نوهت بها غيرها من المجلات العربية. فحسبنا أن نقول هنا أن الكرملي في آثاره اللغوية الإصلاحية يقابل الإمامين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده المصري في إصلاحاتهما الاجتماعية والفكرية في العالم العربي، كما يقابل العلامة الزهاوي في نهضته التجديدية للشعر العربي. وللكرملي تلاميذ عديدون بين كبار الأدباء، وأصدقاء كثيرون ينتفعون بعلمه وإرشاده، وقد نالت مجلته اللغوية (لغة العرب) أضعاف ما نالته في وقتها مجلة (الضياء) التي كان يصدرها المغفور له الشيخ إبراهيم اليازجي وإطلاع الأب الكرملي غير محصور، كما أن إنتاجه نشرا وخطا وافر عظيم، هذا إلى جانب مجالسه الأدبية المشهورة التي يؤمها صفوة أدباء العاصمة العراقية وأسلوبه في النقد اللغوي أسلوب علمي محكم منقطع النظير، وأين لنا سواه المتضلع من بعض ما يعرفه من لغات وعلوم يطبقها تطبيقا سديدا شائقا في أبحاثه الفريدة؟ وحسبنا أن نشير إلى مساجلته اللغوية مع الأستاذ جبر ضومط، وإلى نقده البديع لمعجم (البستان) و (للأغاني)، وتصحيحه أغلاط المعاجم المشهورة، ناهيك بمؤلفاته الجمة التي يقتبس منها قاصدوه؛ وهي حبيسة ترتقب الناشر الأديب المقتدر، ناهيك بمباحثه اللغوية الموفقة التي كثيراً ما نقلت إلى اللغات الأوربية وتهافت عليها العلماء المستعربون ومحبو التمحيص والتدقيق اللغوي. فالاحتفال بيوبيل الكرملي جدير بأن يكون منقطع النظير تقديراً لمنزلته ومراعاة لهذه المناقب والمآثر على الأخص: 1 - تضحياته الجمة هذا العمر الطويل بالصحة والمال والجهد وبمصلحته الشخصية في سبيل اللغة العدنانية الشريفة رفعا لمكانتها، وصيانة لفرائدها، ودفعا لما يشوه جمالها، وتنقيبا عن حسناتها المستورة.

2 - إنشاؤه (لغة العرب) ومثابرته على إذاعتها سادا بها فراغا لغويا كبيرا، مما يشرف أدباء العرب عامة وأدباء العراق خاصة، والحاجة الحاضرة إلى التعاون على إظهار مخطوطاته النفيسة الكثيرة المودعة في خزانة كتبه. 3 - تفانيه العلمي الذي لا يعرف حياء ولا مواربة في الحق حتى مع أقرب الأصدقاء إليه. مما أدى إلى خلق خصوم كثيرين له بين صغار الأحلام وعباد التصفيق لهم والطنطنة بأسمائهم كما اكسبه احترام العلماء الأجلاء الذين يقدرون هذا الروح النزيه النادر. 4 - تواليفه الجليلة القيمة، وبينها معجمه الكبير، وتصحيحاته اللغوية وابتداعه الموفق لكلمات كثيرة مستحدثة ذائعة تعد بالمئات، ومباحثه المدهشة في أصول الكلمات العربية - تلك المباحث التي لا نعرف أحدا جاراه فيها لا قديما ولا حديثا، ولا عجب في ذلك وأمامنا اللغوي يتقن أشهر اللغات الحية، فضلاً عن معرفته بالأرمية والعبرية والحبشية والفارسية والتركية والصابئية، وهذه مقدرة فائقة تدل على حافظة نادرة وعلى عبقرية فذة مجبولة على حب الإتقان والولوع بالكمال، 5 - خدمته التعليمية الطويلة باللسان والقلم في حاضرة العراق، وبالمراسلة إلى أقطار العالم العربي طول عمره الثمين. 6 - الشعور بضرورة مقابلة تقدير مجامع العلم الأوربية إياه بتقدير خليق بمنزلته من أبناء العربية قولا وعملا. ويحول فراغ (النشء الجديد) دون الاسترسال في التنويه بمنزلة هذا المصلح الكبير الذي يعد بحق إمام أئمة العربية في هذا العصر. فحسبنا هذا التذكير الوجيز لكل من يحترم اللغة القومية والعلم الصراح والفضل الممتاز فيكرم - باشتراكه في تحقيق هذا الواجب - لغته ووطنه ونفسه، وينصف جهد هذا الإمام العلامة الجليل الذي يمثل أرقى ما بلغته ثقافتنا اللغوية!. . . الإسكندرية: المسجل

حول يوبيل الكرملي حقا ما يقول الأستاذ (الزهاوي) أن الغرب قد سبق الشرق وأن الشرق قد أنتبه وسار يحاول اللحاق بالغرب - وهي نبوءة لا بأس بها تقوي الأمل بهذه الحياة وتدعو إلى التفاؤل بالمستقبل وما يضمه بين دفتيه من آمال رهن التحقيق لو صحت هذه الأحلام! وتقدير الرجال العظماء هو نهج الحق الواضح وهو رمز الانبعاث الذي جاء يبشر به الأستاذ؛ ولكن حق لنا أن نتساءل متى كان الكرملي من هؤلاء الرجال الذين يستحقون الإجلال والإكبار؟؟؟؟ عرفت الكرملي عالماً باللغة العربية ضليعا بأصولها مطلعا على غريبها ولكن في مكتبته فقط (كالإبل تحمل أسفارا) وبين كتبها المكدسة؛ أما في خارج جدرانها الأربع (كذا) فلا يعلم من شؤونها إلا ما أعلمه أنا من اللغة الهيروغليفية حرام علينا أن نستهتر بالأدب إلى هذا الحد المشين (كذا) فلقد ابتذلت الألقاب حتى جعلناها على من لا ناقة لهم في الأدب ولا لهم جمل فيه! وما كفانا ما حبوناه للنظام من ألقاب الإعظام حيث أصبح خير ما يقدم به الشاعر الحق في الحفلات والصحف اسمه فقط لأن (الشاعر العبقري) و (الأستاذ الكبير) و (فيلسوف الشعراء) و (شاعر الفلاسفة) أصبحت تخلع على من أصبحوا كلا على الأدب وذويه!! ما كفانا هذا الإسفاف حتى جئنا إلى أجل مقدسات الشعوب الناهضة ذلك هو حفلات للتكريم (اليوبيل) نقيمها لأناس لم يتذوقوا الأدب فضلا عن أن يخدموه ويحسنوا إليه.!. . مناورات تقيمها فئة راغبة في الشهرة الكاذبة على حساب الأدب المحتضر الذي أصبح يتبرأ منهم إلى الله لما ألحقوا به من الإهانة،! هذه كتبهم قلب صفحاتها المتناثرة ما تجد فيها إلا ما تأباه النفس ويعافه الذوق السليم!! متى كان الكرملي أديبا ومتى كان عالما؟ أفي كتابه (تاريخ العلاق) وهو كتاب ملؤه اللحن والركة والخطأ التاريخي الفاضح؛ ناهيك عما فيه من سموم استعمارية ملاها كتابه الذي لم يصدر إلا لظروف خاصة وخدمة لجهة معينة؟؟

أم لمجلته (لغة العرب) وهي لا تحمل من (العرب) و (العربية) إلا أسمها فقط. . . حيث تسترجع الكلمات العربية القحة إلى أصول لاتينية وتيوتونية (كذا) وإن كان في تلك الكلمات ما لهجت بذكره العرب في جاهليتها وردد صداه شعراء صدر الإسلام ومؤلفوه. أم لأنه عضو في المجمع العلمي العربي بدمشق وتلك ليست الغلطة الأولى من نوعها لهذا المجمع الذي سبق أن ضم إلى عضويته كاظم الدجيلي ومن لف لفه ممن حشروا (كذا) بظروف (كذا) لا تخفى على كل لبيب؟ لا أخال الزهاوي نفسه يستطيع أن يدلني على مصادر علم من جاء يطلب إليه التكريم غير هذه الثلاث (كذا) فإذا كان يجد فيها ما يستحق أن تقام له الحفلات وأن تحبوه من الإجلال ما ناله صروف وشوقي؛ فذلك يعني أن العلم والأدب فقيدان في العراق؛ وأنا لا ندري من شؤونهما إلا بقدر ما تعلمه هذه الفئة المهوسة!!. . . (ل. ع: صدقت لا فض فوك!) وتلك سبة لا نرتضيها للعراق الناهض وذلك عابى (كذا) أن تلصقه الشخصيات النازعة إلى الظهور على حساب الأدب الذي وقفنا أنفسنا لنصرته والذود عنه وأنا له لحافظون!! البصرة: فائق السامرائي كلمة تعليق (حول اليوبيل (المرحوم) للأب الكرملي) (عنها) نشرنا في غير هذا المكان. مقالين متناقضين موضوعهما واحد، هو الأب أنستاس ماري الكرملي أولا، وإشاعة الاحتفال بيوبيله (الخمسة والثلاثين) (كذا) ثانيا. . وغايتنا من هذين المقالين، أن نقف (كذا) القراء على مبلغ ما يؤدي بصاحبه التطرف والشذوذ. . (فالمسجل) قد أغرق في مدح الكرملي والإشادة بذكره، حتى أصبح مدحه في نظرنا ذما، وثناؤه إسرافا وشططا وخروجا على حدود الحقيقة والواقع!. .

وتطرف صاحب المقال الثاني فجرد الكرملي من صفات العلم وميزات الإطلاع على فقه اللغة وقواعدها. وذلك ما لا يؤيده فيه أحد، مهما بلغت خصومته للكرملي من الشدة والعنف. فالأب الكرملي في نظرنا من الرجال المعدودين الذين تجب حرمتهم ومراعاة جانبهم في كل من أفراد هذا البلد. ولكن هل هو بالمنزلة التي تؤهله ليوبيل لا ندري هل هو فضي أو ذهبي أو نحاسي أو شيء من هذا القبيل؟! ذلك ما نتردد في الإجابة عنه، ولقد كفانا الأستاذ الزهاوي شر القتال، فأعلن تأجيل اليوبيل إلى أجل غير مسمى، وربما كان شاعرنا رئيس اللجنة ينتظر اليوم الذي يخلو الجو فيه من خصومه وخصوم الكرملي، وذلك يوم نراه بعيدا جدا، اللهم إلا إذا كتب على هذه البلاد أن تجتاز مستقبلا هزله جد وجده هزل والعياذ بالله. . .! المحرر يوبيل الكرملي أحجية من يفسرها للعراق؟ (لغة العرب) قيل لنا إن صاحب هذا المقال التالي نقله هو للشيخ محمد باقر الشبيبي فلا نستبعد هذا الشيء لأنه من عداد الذين أحسنا إليهم وقد قيل: (اتق شر من أحسنت إليه) لكننا مع ذلك لا نجزم بنسبه إلى الشيخ المذكور والمقال جاء في جريدة الاستقلال البغدادية في العدد (1328) الصادر في 15 ت1 (أكتوبر) 1928. وقف عليه الكاتب الضليع مصطفى أفندي جواد فبدأ له بعض ملاحظات في أثناء مطالعته له، ونحن نذيلها في الحواشي ليطلع عليها أدباؤنا ويحكموا على علم الشيخ ومنزلته من كفايته لنقد الغير. وهذا نص المقال: (في العراق حركة فكرية مباركة ونهضة علمية ميمونة وفي هذه البلاد نزوع شريف للأدب الغض وتطلع عجيب للحياة العصرية واستعداد قوي للإقتداء بالأمم الراقية واقتباس أساليب المدنية في القرن العشرين والاتصال بأساليب التطور الاجتماعي والانقلاب الأدبي مما لم يسبق له مثيل اللهم إلا في

عهد الحضارة العربية وفي غضون دولة العرب في (مطلع الشمس). فحق أن نكبر هذه النزعة وأن نشجع فينا هذا النحو من مناحي الحياة الجديدة وأن نقوي الروح الأدبي ونعضده ونتعهد هذا الشعور المبارك بالنمو. ومن بواعث السرور أن الاتجاه لم يكن إلى ناحية واحدة من نواحي النهضة بل إلى كل نواحيها وذلك دليل على أن الثقافة العربية في اطراد وأن هذه الأمة حية لن تموت. وإذا كان حقاً علينا تأييد هذه المظاهر والتنويه بما تحدثه من الآثار الطيبة والنتائج البليغة فحق علينا أن نسترشد بالعقل ونستفيد من الحكمة وأن لا نهرول في مواقف تستدعي تثبيت الخطى واجتناب الزلل والعثار فحاجتنا إلى أن نكون موزونين في الحياة أمس من حاجتنا إلى مظاهر هذه الحياة. فكر الأستاذ الزهاوي في تكريم الكرملي والزهاوي شيخ قليل التجربة كثير الاستعجال كبير الدعوة والخيلاء فإذا رأى رأيا أو سيق إليه فلا يستشير أحداً وليس لأحد - أيا كان - أن ينصحه أو يناقشه على خطل ذلك الرأي وإذا انقدح في ذهنه أمر فقولوا له هذا الوحي إلا فأنتم أغرار وأنتم لا تعلمون. ويكفي الشيخ الزهاوي من كل هذه الفلسفة!! أن يلقى قصيدة أو مقطوعة على شرط أن تستعاد أبياتها وتقاطع بالتصفيق ولكنه لا يكفيه إلا أن يذكر اسمه مقرونا بأفخم الأوصاف وأضخم النعوت. ففيلسوف العرب وشاعر العراق الكبير ورسول الحرية الفكرية والتجدد، أوصاف لا تسد حاجة هذا الشيخ. هي فلتة من الأستاذ، وما دفعه إلى هذه الفلتة وما عرضه إلى هذه

الهفوة إلا حب الشهرة وأن جاءت من طريق إهانة العرب والعراق، والشهرة داء الزهاوي العياء. ويمتاز هذا الشيخ الجليل بتفننه في البحث عن مواطن الشهرة فهو أستاذ في اصطياد الانباز (كذا) والألقاب وخبير بمعرفة استغلال النوادي والحفلات وقد برز على كثير من عبيد الفخفخة وعباد الظهور. يكرمون الكرملي والكرملي أداة خلقها التنطع (كذا) وسهم فوقه التبشير وسيف صدئ جرده الاستشراق على رؤوس العرب الشرقيين والاستشراق سبيل من سبل المستعمرين (كذا) وعين من عيون الطامعين (لله درك!). يكرمون الكرملي وأي شيء في الكرملي يستحق التكريم؟ الكرملي - وأنا من أعرف الناس به - فهرست لأسماء الكتب اللغوية وهيكل منقوش على صدره كل غريب غير مألوف وكل ما لا يستعمل من الألفاظ المعقدة المهجورة وكل حوشي من الكلام الجاف والمفردات المستنفرة،، أمن أجل هذا يستحق التكبير؟ عفى الله عن الأستاذ الزهاوي وسامح الله شركاءه في الاحتفال به وتكريم العلم والأدب بشخصه كما يقولون. ولا أدري أي درب يريدون وأي علم يعنون؟ لقد وصفوه بأنه علامة العرب وأنه المثل الأعلى تجمعت فيه مواهب العلماء وأخلاق الأدباء ومادة المؤلفين العظام، ووصفوه بأنه أكبر من خدم لغة التنزيل وأعظم من كتب في تاريخ هذه اللغة وإحياء آدابها (ل. ع: أين وجدت كل ذلك؟) فتجاوزوا في الغلو والإغراق فما كان انستاس ذلك الرجل وليس لأنستاس فضل على اللغة أكثر من فضل غيره من دارسي المفردات. أما أنه من المتبحرين في تاريخ اللغة - فإذا صح ذلك - فما هو بالأول الذي تناول هذا الطرف من أطراف تاريخ اللغة وما كان من المجودين

في هذا الفرع ولا من المبرزين في التتبع والاستقراء وتفلية المعاجم والموسوعات وهذه أبحاثه في (لغة العرب) تشهد المتخصصين بأن الرجل قد استهدف للغلط والاضطراب مضافاً إلى أن مهمته - التي أستحق عليها التكريم - كانت ولا تزال محصورة في قلب الحقايق (كذا) وتشويه لغة العرب الكريمة وتغلط الأئمة والحجج الذين يعول على اختصاصهم في معرفة الأصول والمصادر، وقد حاول جهد الطاقة أن ينكر استقلال لغتنا التي شهدت كل العصور بأنها حية مستقلة لم يضطرب لها وضع ولا كيان. (ل. ع: لماذا لا تؤيد كلامك بالبرهان؟) وإذا استقرينا أكثر أبحاثه التي تلقنها الأعاجم وأعتد بها علماء المشرقيات فلا نكاد نجد فيها أكثر من إرجاعه اللغة العربية إلى أصول يونانية مما يستوجب الضحك ومما لا يقره على رأيه الفطير أحد حتى من الأجانب الذين تفرغ لخدمتهم وتطوع لتزويدهم بما يهتمون به ويطمئنون (كذا). فالعراق لا يعرف في الكرملي شيئا غير بلاده الإنشاء وسقم العبارة والتكلف في النحت والاشتقاق واستعمال ما لا يصح استعماله من الألفاظ والمفردات وقد وقف نفسه لفائدة المستشرقين وإرشادهم وحبر عدة مقالات في المقتطف والهلال و (المشرق اليسوعية) كلها غرائب وأوهام (كذا) ولا أبالغ إذا قلت إن مهمته كانت ولم تزل سياسية أكثر منها علمية ولغوية (كذا). ولماذا نذهب إلى تلك المجلات فهذه مجلة (الآباء الكرمليين) وحدها أكبر دليل على صحة مذهبنا فيه وما يعمله من درس المباحث والعناوين وحسبنا أن

نكتفي بالتلميح إلى هذه الأمور تاركين التوسع إلى فرصة أخرى. وأما أنه خدم الأدب العربي فأني لا أعرف أحداً يستطيع أن يخدم الأدب وأستحق عليه التكريم. إلا الأديب المتبحر لمعرفة أسراره وتحليل مزاج الأمة العربية وبحث ادواها (كذا) وفحص روحياتها. والكرملي وأن حذق بعض الألفاظ ووعى بعض التراكيب فأنه غريب عن فهم معاني الأدب وهو فقير إلى طرق التفكير في مناحي الأدباء ومعرفة مذاهبهم وأغراضهم وتتبع أحوالهم وخصائهم (كذا). وما ظلم الأدب قديمه وجديده إلا الشيخ الزهاوي (كذا) وحملة رباعيته ودعاة قريضه المفلوج فقد اسمعونا أنهم يكرمون الأدب في العلامة الكرملي!! وما كنت أعلم أن الأدب خلع مذخرة في حقائب الفيلسوف! يكسوها للعراة الحفاة متى شاء وما كنت أظن أن الزهاوي الذي يستقل لنفسه لقب الأديب ويأنف أن يشاركه فيه غيره - وإن كان من أعظم الأركان والأساطين - يندفع للتهكم على الأدب فيصف به الكرملي، ويسخر على الأدباء فيخلع على صديقه في حفلة اليوبيل شعارهم وشعارهم لا يخلع على الجامدين، ولا نعلم لماذا يسف الفيلسوف إلى هذه المقاصد وما هي الغاية من هذا المهرجان؟ لقد خاب الأمل بالزهاوي فيا ضيعة الرجاء وعقيدتي وهي عقيدة جمهرة الأدباء (كذا) أن الزهاوي الذي أقدم على تلفيق حفلة اليوبيل متوسلاً في ذلك بألف وسيلة وألف شفيع قد سجل له في أخريات حياته مثلبة ليس لها نظير بين المثالب المحفوظة في التاريخ وكنت حريصاً أن لا تمس شيخوخته المتوجة بالظرف وأن لا يكون أحدوثة غير حسنة للأجيال المقبلة.

حقا أن الحفلة كانت موقرة ولكن من هو المحتفل به؟ ومن هي تلك اللجنة التي اقترحت هذا التكريم؟ وإذا استنكرنا هذه الحفلة فإنما نستنكر المبالغة والفضول واصطناع المجاملة، وإذا قرعنا أحد فلا نقرع غير الزهاوي المخدوع. فالحفلة تاريخية والتاريخ سيحفظها كما حفظ غيرها، ولكنها لم تكن للعراق والعراق برئ من هذه الأخلاق الضعيفة والشعور الركيك وكنا نريد أن يقدم هؤلاء وعلى رأسهم فيلسوف العرب!! على تكريم العلم والأدب في غير الأب الكرملي وفي آباء عراقيين وأبناء وطنيين لهم أثر في خدمة العرب والعراق ولو كان الأب الكرملي متحليا بتلك الفضيلة لما أنكرنا تكريمه على أيدي هؤلاء وأيدي غيرهم فهل خلت هذه البلاد من أشخاص يستحقون التكريم؟ أما وقد تم للزهاوي ما دبرته الدسائس وما خبأته الحيل والمكايد فأنه لا يبالي بالتأنيب والتبكيت ولا يهتم بغضب الأدب الموتور. وماذا يضره من ذلك؟ ولماذا يهتم بسخط الفضيلة؟ وقد ألقى قصيدته وهي كل ما أعده منذ أمد بعيد - مسلما فيها على المستشرقين محبباً عطفهم على سلائل العرب؟ مشجعا صديقه الكرملي على المضي في سبيل الدعوة وطرق التبشير إلى غير ذلك مما يقتضيه الإيمان بالوطن والشعور بالواجب والقيام بما تفرضه كرامة العلم والعلماء، ويعجبك من الأستاذ أن يطري نفسه ويمدح شعره ويذكر جهاده وجهوده وحريته

وتجديده. ومما يغضب العرب ويقض مضاجع العلماء والأدباء والشعراء وقوف سكرتير لجنة اليوبيل يعدد مزايا الكرملي ويذكر فضله العظيم على لغة الفرقان والانكى من ذلك أن يقابل بين الزهاوي والكرملي وبين الشريف الرضي وأبي إسحاق الصابئ غير مدرك ما في هذه المقارنة من الشذوذ والخروج على الأدب الصحيح، فهل كان الزهاوي مشبها شاعر قريش؟ وأية نسبة بينه وبين نقيب الطالبيين الذي أجمع الأكثرون على أنه أشعر قريش وحسبكم علو كعبه في الشعر والأدب ويكفيكم أنه ما ضم شاعر بين جنبيه نفسا مثل ما ضم الرضي الذي قصر أكابر الشعراء عن اللحاق به وإدراك شأوه ومجاراته في شاعريته العظيمة، أما غيره فأنه ذرة في الهباء وفقاعة على وجه الماء. ويضحكني أنه حاول التشبيه بين شيخ الكتاب والمترسلين أبي إسحاق وبين الأب الكرملي على بعد ما بينهما من أوجه الشبه والتقريب، فما رأيت ولن يرى الناس محاولة أسخف من هذه المحاولة وتخرصا أقبح من هذا التخرص، وهذا دليل آخر على نقص في التربية والغذاء (كذا) في الأخلاق وجهل بضروب المقايسة والتمثيل، ونحن لا ندري كيف يتحقق الشبه بين الصابئ والكرملي

فهل كانا متشابهين في الخلق والطباع في العلم والأدب، فهل كان الكرملي يحفظ القرآن ويقتبس من آيه كما كان أبو اسحق، وهل صام رمضان مع المسلمين كما صامه أبو إسحاق متأدبا بالآداب الإسلامية متحلياً بأخلاق علماء العربية إلى غير ذلك من الخلال الطيبة والصفات الحميدة أو ليس ظلما أن يقال إن أنستاس كالصابي جد أبي الحسن هلال صاحب التاريخ. لنترك ناحية الأخلاق والطباع فلا ينقص الكرملي إنه لم يقتد بالصابي وإن كان قدوة حسنة، ولنأتي (كذا) إلى الناحية الثانية من نواحي القياس، فقد ترك أبو اسحق طائفة من الكتب النافعة لم يترك مثلها أحد وحسبنا أن نأخذ من كتب كل منهما مثالين دلالة على أثر الفضل ومبلغ الثقافة والعلم في كل منهما. لقد ذكروا للكرملي ثلاثين مؤلفا في اللغة والأدب والتاريخ واللاهوت أشهرها كتاب الفوز بالمراد في تاريخ بغداد وكتاب تاريخ العراق، أما الأول فهو رسالة صغيرة جمعها من هنا وهناك (كذا) كما تجمع الأخبار النافية (كذا) والقصص الباهتة (كذا)، ولو وقع هذا التاريخ المنقوص بين يدي غريب من غرباء الأقطار النائية والأمصار البعيدة لم يعرف منزلة بغداد التاريخية في العصور الذهبية لما ظن عاصمة الخلافة وقاعدة الحضارة والثقافة إلا قرية محقرة من قرى العراق، ولو توفر لأحد صغار الطلاب

ما توفر له من المأخذ (كذا) والمصادر والوثائق والمستندات لاستطلاع أن يخرج للناس كتابا شيقاً في تاريخ هذه الحاضرة الإسلامية ومؤلفاً ممتعاً مما لا يستطيع المحتفل به أن يؤلف مثله ولو انفق مثل سنين اليوبيل!! ومع كل هذه الحقايق (كذا) يقف (بطي) مكشوف الرأس يسمي آثار الكرملي واحدا بعد واحد ويعد هذه الرسالة من آثاره الخالدة (كذا. ومتى قال ذلك؟). وأما كتابه الآخر وهو تاريخ العراق فحدث عن الخبط والخلط والحشو والفضول وإذا أرتم أن تعرفوا قيمة هذا الكتاب فاذكروا أن مؤلفه الكرملي واذكروا أن السلطة العسكرية المحتلة هي التي كانت كلفت صاحب اليوبيل كتابة هذا التاريخ الجليل واذكروا أن الميجر بومن ناظر المعارف في ذلك العهد القريب هو المقترح على العلامة الكرملي وضع كتاب على هذا الغرار خدمة للعرب والإسلام!! وحرصا على مآثر الخلفاء في هذه الديار!! وهكذا كان الأمر وعلى هذه الصورة نجز هذا السفر الجليل طبق رغبة الدساسين. هذه هي أهم آثار الكرملي (كذا) وهذه هي التي أهابت بالأستاذ الزهاوي أن يقول في تكريمه: حفلنا بأستاذ تبحر باللغى ... ولا سيما الفصحى سليلة يعرب وأن أنستاسا هو السند الذي ... همى علمه للظامئين كصيب ترهب يرعى العلم خمسين حجة ... فأكرم به من عالم مترهب إلى آخر الأبيات التي أنشدها في الحفلة بل إلى نهاية القصيدة الركيكة (كذا) التي لا يحضرني وصف اصف به ركاكتها أبلغ من أنها قصيدة الأستاذ الزهاوي (كذا). وإليك مثالين من أمثلة أبي اسحق الصابي فهما يكفيانك مشقة البحث في آثاره وعناء الوقوف على كل أفكاره فالأول رسائله المعروفة برسائل الصابي، كتبها لما تقلد (ديوان الرسائل) سنة 349 وهي من أمتع الرسائل وأكثرها فائدة

وأغزرها مادة لا يستغني عنها أبلغ المنشئين وأحذق الكتاب وهي مقسمة إلى أبواب في المراسلات والشفاعات والمكاتبات وما أنفذ إلى العمال والمتصرفين والنواحي وفيها كثير من الرسائل الودية فضلا عن المخابرات السياسية والتقاليد الرسمية والمناشير ونحوها وفيها من الفوائد التاريخية والاجتماعية ما يحتاج إليها الأدباء والحكام والولاة والرؤساء. والمثال الثاني (منشئات الصابي) وهي خزانة أدب وتاريخ وسياسة ومن أبلغ ما كتب في ذلك العصر تشتمل على مراسلات كتبها على لسان ولاة الأمر في عصره من ملوك آل بويه والخلفاء وغيرهم وهي كالمخابرات الرسمية في وصف الوقائع الحربية أو غيرها منها رسالة كتبها إلى ركن الدولة سنة 364 شرح فيها فتح بغداد وانهزام الأتراك منها ووصف الخلاف، ورسالة على لسان عز الدولة إلى عضد الدولة جواب كتاب بفتح جبال (القفص) بين فارس وكرمان، وقهر البلوص (جيل من الأكراد) (كذا. والرجل يدعي الوقوف على التاريخ مع أن البلوص جيل كالأكراد وليسوا منهم) ورسائل أخرى عن حروب بين البويهيين والحمدانيين وغيرهم وكلها تشتمل على حقائق تاريخية رسمية تفسير بعض ما ألتبس في تاريخ ذلك العصر ومنها صورة عهود أو تقليدات رسمية للولاة والعمال والقضاة صادرة من الخليفة كالعهد الذي قلده الطايع (كذا) لله العباسي أبا الحسن علي بن ركن الدولة على الصلات وأعمال الحرب وفيه أمور مهمة عن السياسة والإدارة والاجتماع مما لا أيتيسر الوقوف عليه في كتب التاريخ ونسخة عهد إلى قاضي القضاة وغيرها إلى القواد والفقهاء وأمراء الحج ومنشورات بعثت

إلى الأهلين أو العمال أو القرامطة فضلا عن رسائل خصوصية كتبها الصابي إلى أصدقائه. تلك هي أمثلة الاثنين وذلك هو الكرملي وهذا هو الصابي فأيهما العلامة يا مدير المطبوعات؟ وأيهما خدم العلم والأدب يا فيلسوف العراق؟ وأيهما المثقف والمهذب يا بطي؟ لقد ظلمتم الصابي بهذا القياس وظلمتم هذه البلاد. وبعد ذلك وقف وزير المعارف توفيق السويدي فتكلف أن يخطب في تكريم الكرملي وما الجأه إلى ذلك - على ما أظن إلا كونه وزير معارف فقط!! فمقالة (كلدة) المنشورة في مجلة الهلال هي التي جعلت وزير معارفنا يشهد بفضل الأب أنستاس وهي شهادة عن الوزير!! أليس كذلك؟ ولا بد لي هنا من الاستفهام عن الأسباب التي قلبت شكل الحفلة وصيرتها نصف رسمية - إن لم تكن رسمية - وصبغتها بصبغة سياسية وإلا فلماذا تقام في دار رئيس الوزراء وبإشراف وزير المعارف؟. أما السبب الذي نعرفه - وهو غير تلك الأسباب السياسية - فأنه مكشوف فلولا إقامتها في دار فخامة الرئيس لحبطت كل المساعي المبذولة في سبيل هذا التكريم ومع ذلك فقد قوطعت من قبل كثير من الأدباء والمفكرين وقوبلت بالاستهجان وعدت من قبيل التطويح بالأدب والإهانة للأدباء.

ومن دواعي الفرح أن كثيرا ممن حضروا الحفلة كانوا متفرجين على هذه الرواية حائرين في تفسير العوامل التي أهابت بتمثيلها على هذا الشكل ولا يسعني إلا أقول إن حفلة اليوبيل أحجية من يفسرها للعراق؟ ابن زريق (؟ كذا) يوبيل العلامة الكرملي (عيد اللغة والأدب) (عن جريدة وادي النيل في مصر 25 أكتوبر 1928) يعد الكرملي عن جدارة إمام أئمة العربية في هذا العصر لا لتبحره في علوم اللغة فقط تبحرا منقطع النظير يذكرنا بعهد الإمام الشنقيطي بل لمواهب أخرى فذة. فالرجل راهب متقشف كريم النفس مفروض فيه أنه وهب نفسه للدين ولكن الواقع أنه مفتون فتنة كبرى بعلوم اللغة التي خدمها نصف قرن أجل خدمة وكون بطريقته ونهجه مثلا أعلى لأهل اللغة المحدثين. فهو لم يقصر على استيعاب القديم بل تضلع من لغات شتى غربية وشرقية تضلعا عجيبا. وتذوقها تذوق رجل فنان يستوحي أسرارها. ولهذا السبب تجد فتاويه اللغوية - سواء وافقتها أنت أم خالفتها - دليلاً ناصعاً على تعمقه الكبير في اللغة والأدب بل في لغات وآداب شتى. ومثالا جميلا للأسلوب العلمي النزيه في البحث. وإلى جانب هذا نجد الكرملي ذا شجاعة أدبية نادرة في الشرق العربي على الأخص حيث يؤدي الاستقلال الفكري إلى إيجاد الخصوم الأدعياء ولكن الكرملي لم يكن يبالي بشيء من ذلك في سبيل إعلان ما يعتقده. ويتسع صدره لكل ما يقال أو يكتب

ضده من أهل الطوائف والعصبيات الذين يحاربون العلم والنهضة بسلاح الدين أو بسلاح الجمود. وبذلك أكتسب الكرملي احتراماً لطهارة ذمته ورجاحة ذهنه الذي لا يتأثر بشهرة أو صداقة أو قرابة في الحكم على أي عمل أدبي ينقده. ومن أجل هذا نال الرجل احترام الجامعات والمعاهد اللغوية في الغرب وغبط العالم العربي عليه العلماء المستشرقون. وكان ولا يزال يعد الحجة الكبرى في النقد اللغوي الأدبي - ونقول الأدبي لأن للرجل أسلوباً سهلاً صافياً وذوقاً أدبيا ممتازا بخلاف كثيرين ممن اشتغلوا بعلوم اللغة فتحجر أسلوبهم وأذواقهم معا وأصبحوا عاجزين عن النقد الأدبي الصحيح فلم يخدموا الأدب السامي ولا الثقافة العصرية بل كانوا عقبة في طريقها. هذا هو العلامة الجليل الأب أنستاس ماري الكرملي الذي أحتفل بيوبيله في عاصمة العباسيين في السابع من أكتوبر الجاري احتفالا شائقا بمنزل فخامة رئيس الوزراء محسن بك السعدون وبإشراف وزير المعارف العراقية معالي توفيق بك السويدي وبحضور صفوة أهل العلم والبيان في بغداد ونخبة رجال العراق من وزراء وأعيان ونواب وعلماء وأدباء ووجهاء وصحفيين وكان فخامة رئيس الوزراء يرحب بالقادمين. وقد أفتتح الشاعر الفيلسوف الكبير الأستاذ الزهاوي الحفلة بخطبة وجيزة مناسبة وخطب بعده سكرتير لجنة الاحتفال الأديب المعروف الأستاذ أحمد أفندي حامد الصراف مدير المطبوعات خطبة بليغة ثم تلا ما جاء من المستشرقين من عواصم الغرب في تهنئة الأستاذ الكرملي. ومن مصر وسورية وإيران وغيرها من الأقطار الشرقية من برقيات ورسائل وقصائد عربية وفارسية ومن جملتها قصائد الشعراء المصريين الأساتذة أحمد محرم والدكتور أبي شادي ومحمد الأسمر ورسالة الأستاذ الكاتب المجدد أحمد الشايب ثم تلا الأستاذ الزهاوي رسالة المجمع العلمي العربي بدمشق في تهنئة الأب الكرملي وإطرائه - تلاها بالوكالة عن المجمع بصفته عضوا فيه. ثم قام الصحفي الأديب الأستاذ رفائيل أفندي بطي وقرأ ترجمة المحتفل به ترجمة مفصلة أجاد فيها. ثم قام الأستاذ الزهاوي وأنشد قصيدته العامرة. وأثره أرتجل الأستاذ الصحفي القدير إبراهيم أفندي حلمي خطبة بليغة نفيسة. وكانت الحفلة شائقة فريدة في بابها

وكان التصفيق عجاجا. وفي الختام خطب الأستاذ الكرملي خطبة وجيزة بليغة دلت على سلامة ذوقه ومراعاته الجميلة لمقتضى الحال فقوبلت بإعجاب وافر. و (وادي النيل) يكرر تهنئته لفضيلة المحتفل به وللعراق الشقيق شعبا وحكومة بهذا العيد - عيد اللغة والأدب - ويحمد للحكومة العراقية اشتراكها النبيل في هذا الحفل الجليل. ويرجو أن يتبع في التقدير العملي الصحيح بإخراج بقية آثار هذا العالم الكبير إلى عالم المطبوعات لأن مثل الكرملي ملك للعالم العربي بأسره بل للعلم أين كان وقدر لا للعراق وحده. حفلة تكريم الكرملي عن مجلة (النديم) المصرية في عددها ال 23 من السنة الأولى العلامة الأب أنستاس الكرملي من زعماء الأدب العربي في هذا العصر وهو مشهور بأبحاثه اللغوية التي انتشرت في معظم مجلات الشرق والغرب منذ خمسين عاما ولا يزال دؤوبا على أبحاثه ويصدر مجلته لغة العرب الذائعة الصيت من دون كلل ولا ملل ومن غرائب الاتفاق أن العراق ولبنان تبادلا قطبين من أقطاب اللغة في منتصف القرن الماضي فأن الأب لويس شيخو العلامة المشهور هو من سلالة عراقية أما الأب أنستاس الكرملي فهو من سلالة لبنانية وقد شاءت الظروف والمقادير أن يرأس الكرملي نهضة العراق اللغوية، ويقوم شيخو بنصيبه من الخدمة العلمية والأدبية في لبنان! ولكن شتان بين الرجلين فالأول لغوي يغار على لغة القرآن غير صحيحة ولا شائبة فيها ولا مغمزا منقباً على الأسانيد التاريخية ذائدا عن حياضها ومنابعها الصافية؛ أما الأب شيخو فكان يتخذ العلم والأدب وسيلة لبث دعايته الدينية. ولا أدل على الفرق البارز بين الرجلين من أن الأب أنستاس فند أشد تفنيد كتاب شعراء النصرانية وكتب مقالات شائقة أظهر فيها خطأ الأب لويس شيخو ونقد افتئاته على الحقيقة والتاريخ وكان في جملة ما قاله أن العجز عن تنصير الأحياء حدا بالأب شيخو إلى تنصير الأموات وحقا أن رجلاً كهذا حريصاً على اللغة والأدب وحقائق التاريخ لا يمكن أن تجهل بلاده مكانته أو يتناسى قومه خدمه فقد تألفت لجنة من خيرة أدباء العراق برئاسة الأستاذ الكبير جميل صدقي أفندي الزهاوي لإقامة حفلة أنيقة لمناسبة يوبيله الذهبي تعرب فيه العصبة الأدبية في

العراق عن تقديرها لجهوده العلمية وإعجابها بما قدمه إلى لغة الضاد من جليل المآثر ومما جعل لهذه الحفلة أهمية كبرى هو أن فخامة السعدون بك رئيس الوزراء رضي أن تقام في قصره الفخم كما أن معالي توفيق بك السويدي رضي أن يشملها بأشرافه بصفته وزيرا للمعارف ولقد كانت الحفلة على جانب كبير من الأبهة والعظمة إذ أشترك معظم الوزراء وأكابر رجال الدولة وأقطاب الإنكليز وجمهرة صالحة من أدباء العراق الكبار وخطب فيها كل من الفاضل أحمد حامد الصراف مدير المطبوعات بصفته سكرتيرا للجنة الاحتفال وألقى رفائيل أفندي بطي خطبة ممتعة عن حياة المحتفل به وأعماله في خدمة اللغة وألقى الأستاذ الزهاوي قصيدة عصماء من قصائده المحجلة وارتجل الأستاذ السويدي بك وزير المعارف خطبة شكر لما شهده من عطف بني وطنه عليه ثم الأستاذ إبراهيم حلمي العمر خطبة ارتجالية قيمة، وهكذا أثبت العراق أنه يقدر العلم حق قدره ويكرمه في أشخاص أقطابه ورجاله وبرهن أن العلم لا يعرف دينا ولا مذهبا وأن جميع أبناء العراق على اختلاف نحلهم سواسية في تشييد صرح هذه النهضة الأدبية في ديار الرشيد. (مكاتب النديم الخاص في بغداد) يوبيل الأستاذ الكرملي في بغداد عن (مجلة السيدات والرجال) نقلا عن الجزء السابع من سنتها التاسعة احتفل في هذا الشهر أدباء بغداد وأعيانها وأهل الفضل فيها برئاسة شاعرهم الحكيم الكبير جميل أفندي صدقي الزهاوي احتفالاً شائقا بيوبيل العلامة اللغوي الأب أنستاس ماري الراهب الكرملي منشئ مجلة لغة العرب ومؤلف المعجم اللغوي المقارن بين الألفاظ العربية والرومانية واليونانية والمعلل أصولها. ولحضرة الأب الجليل ضلاعة في اللغة نادرة المثال فضلا عن براعته في اللغتين اليونانية واللاتينية وأهم اللغات الأوربية الحديثة فضلا عن اللغات الشرقية القديمة. وقد خدم اللغة العربية والنهضة الشرقية خدما يستحق لأجلها هذا التكريم وأعظم منه. فنهنئ الأب المحترم بما ناله من حفاوة قومه ونهنئ العراق بوجوده فيه ونشترك معه بتكريمه.

يوبيل الكرملي عنها أيضاً في الجزء التاسع من السنة المذكورة نوهنا في عدد سابق بهذا اليوبيل كأنه حدث قرأنا عنه في إحدى الصحف ثم وردت إلينا نشرة من اللجنة القائمة بالاستعداد له ففهمنا إنه لم يحدث بعد بل أن شاعر العرب الكبير جميل صدقي الزهاوي أفندي نشر في الصحف دعوة يحث بها أهل الأدب والفضل على إقامة احتفال كبير بيوبيل العلامة الشهير اللغوي الأب المحترم انستاس ماري الكرملي صاحب مجلة (لغة العرب) في بغداد فلبى نداءه عدد من الكرام الذين يعرفون قدر الأب وانتخبوا لجنة للاهتمام بهذا الاحتفال الذي تعين موعده 16 أيلول (سبتمبر) فنحن نهنئ الأب الجليل بما لقيه من عناية الفضلاء والعظماء بيوبيله الذي يتوقع أن يكون حافلا أنيقا لائقا بعلم الأب وفضله وخدمته للشرق. الأب انستاس ماري الكرملي نقلاً عن مجلة (فتاة الشرق) في جزئها الأول لسنتها الثالثة والعشرين هو العالم العلامة واللغوي المدقق صاحب (مجلة لغة العرب) قضى خمسين عاماً من حياته باحثا منقبا متوخيا تهذيب اللغة العربية من ادران الشطط عاملا على ضبط ألفاظها فيما يتفق مع أصول قواعدها ويقبله الذوق السليم وقد انتشرت انتقاداته اللغوية في العالم العربي انتشاراً جعل كل ناطق بالضاد يعرف قدره العلمي، ويعترف بمنزلته السامية في عالم الأدب. ورأى أدباء العراق أن الواجب يدعوهم إلى تكريم مواطنهم النابغة اعترافاً بفضله العظيم فتألفت لجنة في بغداد برئاسة الشاعر الكبير جميل أفندي صدقي الزهاوي لتنظيم حفلة شائقة دعوا إليها رجال العلم والأدب من جميع الأقطار العربية ليشتركوا معهم في تكريم الأب الفاضل. وسنأتي على وصف الحفلة في عدد قادم، مرددين مع سائر المحتفلين آيات الثناء على صاحب اليوبيل سائلين المولى أن يمد بأيامه ويقويه على خدمة لغتنا التي هي في أشد حاجة لأمثاله.

اليوبيلات عن مجلة (المورد الصافي) في جزئها الثالث من السنة الثالثة عشرة . . . ومنها يوبيل العلامة الأستاذ الأب أنستاس ماري الكرملي - فإنه خدم اللغة العربية خمسين عاماً. فرأى فضلاء العراق أن الواجب يدعوهم إلى تكريمه وتعينت لجنة لذلك برئاسة العلامة الشاعر جميل صدقي الزهاوي لإقامة الحفلة في 16 أيلول القادم فأذاع منشوراً يطلب فيه إرسال ما تجود قرائح الأدباء في صاحب اليوبيل. حفلة تكريمية فخمة عن (نشرة الأحد) من الجزء 21 من سنتها السابعة في السابع من هذا الشهر (ت1 - أكتوبر) - وكان يوم الأحد - اجتمعت في دار فخامة رئيس الوزراء عبد المحسن بك السعدون في الساعة الرابعة زوالية نخبة من وزراء بغداد ونوابها وعلمائها وأدبائها للاحتفال بيوبيل حضرة الأستاذ اللغوي الأب انستاس ماري الكرملي وحضر هذا الاحتفال الشائق من الرؤساء الروحانيين حضرة الأب غريغوار رئيس الرسالة الكرملية وحضرة المنسنيور عبد الأحد جرجي بالنيابة عن سيادة المطران جرجس دلال وبالأصالة عن نفسه وحضرة الأب نرسيس صائغيان النائب البطريركي. وهيأت هذا الاحتفال المنقطع النظير لجنة شريفة الأعضاء رئيسها شاعر العرب وفيلسوف الأستاذ جميل صدقي أفندي الزهاوي. ولما تم عقد الجمع أفتتح الاحتفال الأستاذ الزهاوي رئيس لجنة اليوبيل بكلمة ترحيب بالقوم الكرام الذين لبوا دعوته تكريماً للعلم في العالم المحتفى به ثم عقبه أحمد حامد أفندي الصراف كتوم (سكرتير) اللجنة ومدير المطبوعات فتلا بيانا طويلاً ختمه بقراءة كل ما بلغ اللجنة من جميع أنحاء العالم شرقاً وغرباً من التقاريظ والتهانئ لحضرة الأب صاحب اليوبيل ومن الاستحسان لفكرة هذا اليوبيل وقام بعده الأستاذ الزهاوي واسمعنا كلمة أخرى في مديح الأب الأستاذ وردت من المجمع العلمي بدمشق ثم تلاه الشاب الأديب والمكاتب التحرير رفائيل

أفندي بطي وسرد لنا في خطاب وجيز فصيح ترجمة المحتفل به، وهب تلوه من كرسيه حضرة الأستاذ الزهاوي شاعر العرب وعندليب العراق وأنشد قصيدة عصماء اهتزت لها الألباب طربا وارتياحا لما جمعت من المعاني الجليلة والمباني البليغة والمبادئ القويمة بحيث أنه اضطر إلى إعادة بعض أبياتها دفعتين أجابه للمعجبين بكلامه والصارخين إليه (أعد أعد) ثم خطب صاحب المعالي توفيق بك السويدي العباسي خطابا شرح فيه فضل الأب أنستاس على اللغة العربية بدقيق أبحاثه. وختم هذا الاحتفال حضرة الأب صاحب اليوبيل المحترم بكلمة شكر وتواضع وجهها إلى جماعة الحاضرين فأحببنا أن نزفها بنصها إلى قراء نشرتنا الكرام في آخر مقالنا هذا. ولي أنا محرر هذه الوضيعة كلمة أقولها في شكر حضرة الأب أنستاس ماري الكرملي المحترم في فرصة يوبيله الذهبي الميمون على ما له علي أيضاً وعلى نشرتي خاصة من الأيادي البيضاء إذ أنه لا يزال يحور بدون ملل وكلال كتاباتي كافة وينزهها بل يعصمها على قدر الإمكان من الأغلاط النحوية واللغوية ويزيح لي الستار عن أغلاط الكتب والكتبة بل عن أغلاط المعاجم عينها. وكل مرة قصدته في حاجة رأيته يرحب بي كل الترحيب تاركاً أشغاله الخاصة ليتفرغ لأشغالي الشاقة التي كثيراً ما أتعبته بكثرة التنقيب والتدقيق والتفتيش إذ لا يريد أن ينص نصاً إلا يتأكد صحته ويتحقق متانته فأضم إذن اليوم صوتي إلى أصوات جميع المقرظين إياه شرقاً وغرباً لأهنئه معهم بما حصل عليه بجده الحثيث واجتهاده الطويل من وسيع المعارف في آداب اللغة العربية ودقائق معانيها وفصيح مبانيها. حفظه المولى وأطال أيامه فخراً للنصرانية وإعلاء لشأن اللغة العربية التي أغرم بحبها واكب على درسها منذ نعومة أظفاره فرفعت منزلته وأذاعت صيته في الخافقين وخلدت اسمه في الصحائف والمجلات وإلينا كلامه بعينه شاهداً صادقاً على صحة قولنا:. . .

يوبيلات!! عن جريدة (الشورى) الصادرة في 20 آب (أوغسطس) 1928 كل عوائد الغرب اللطيفة أصابها المسخ منذ وصلت إلينا، ومن ذلك الاحتفال بالأعياد الخمسينية للعلماء. نفهم أن يحتفل العالم العربي بمرور خمسين سنة على وجود مجلة المقتطف ونفهم أن يحتفل كذلك بالأستاذين عبد الله أفندي البستاني وجبر أفندي ضومط. ولكن لا نستطيع أن نفهم قيام الأستاذ الزهاوي وبعض الذين لا يكاد يعرفهم أحد نشر الدعوة للاحتفال بانستاس الكرملي في بغداد!! ماذا صنع الكرملي للعلم العربي واللغة العربية غير التشويه ودس الألفاظ الملفقة وانتقاص علماء العصر واحداً بعد واحد؟ (كذا بحرفه) إذا لم يجمع أهل المرء وسكان وطنه على أنه يستحق التكريم فهو بلا شك لا يستحق التكريم وما رأيناه دعوة صادفت أعراض الجمهور كدعوة الأستاذ الزهاوي هذه (كذا). ومن شاء أن يتبين الخبر فما عليه إلا مطالعة صحف بغداد. فأي تكريم عمرك الله يوم في بلد لا تعضده الصحف المحلية؟ (كذا) ليت الأستاذ الزهاوي يلم نفسه ولا يعرض اسمه المحترم للقيل والقال، وإلا فهذه صحف بغداد أخذت تتهمه بأنه يريد بهذه الحفلة للكرملي أن يقوم هذا فيدعو إلى حفلة مثلها للزهاوي!! فهل يعجب الأستاذ الزهاوي هذا الصيت اللطيف؟! عدول الأستاذ الزهاوي عن تكريم الكرملي عنها أيضاً في عددها الصادر في 11 أكتوبر 1928 ذكرت صحف العراق أن الأستاذ الزهاوي عدل في آخر لحظة عن رياسة حفلة التكريم هذه التي كنا وجهنا إليه أشد اللوم من أجلها. وتقول العالم العربي الغراء أن رئيس وزارة العراق أقام الحفلة في داره. أما نحن فنعتقد أن الوزير لم يقم بهذا إلا لاعتبارات ظنها صحيحة، ومنها

منع بعض الألسنة من القول أن في الموضوع شيء (كذا) من التعصب الديني! وهو اعتبار غير وجيه لأن العالم العربي كله أشترك في تكريم المقتطف والبستاني وضومط حتى في تكريم الأب شيخو. يوبيل الأستاذ الكرملي عن جريدة (الأوقات البغدادية) الصادرة في 8 تشرين الأول 1928 أحتفل عصر أمس في دار صاحب الفخامة السر عبد المحسن بك السعدون بيوبيل الأستاذ الأب أنستاس ماري الكرملي الذهبي بمناسبة مرور خمسين حجة على خدماته المتوالية للغة العربية. وحضر الحفلة أكثر من مائة من أعيان العراق وسراته بينهم أصحاب الفخامة والمعالي الوزراء الحاليين والسابقين والأسبقين والعلماء الفضلاء والأعيان والنواب وكبار موظفي الحكومة. وأفتتح الحفلة شاعر الفلاسفة الأستاذ جميل صدقي أفندي الزهاوي عضو مجلس الأعيان، بكلمة شكر بها الحاضرين تكرمهم بالحضور. وتكلم بعده حضرة الأديب الفاضل أحمد حامد أفندي الصراف مدير المطبوعات معددا رسائل التهنئة والتقدير الواردة على لجنة اليوبيل. وأعقبه حضرة الأديب الفاضل رفائيل أفندي بطي فألقى خطبة ممتعة للغاية عدد بها مآثر الأستاذ الكرملي. ثم تلا حضرة الأستاذ الزهاوي رسالة تهنئة وتقدير من حضرة الأستاذ رئيس المجمع العلمي بدمشق. وألقى الأستاذ الزهاوي أيضاً قصيدة عصماء استعيدت تلاوة بعض أبياتها بين الهتاف والإعجاب ثم وقف صاحب المعالي توفيق بك السويدي العباسي وزير المعارف فأطنب في مدح المحتفل به ومدح خدماته للغة العربية داعياً له بطول العمر. ورد حضرة الأستاذ الكرملي على حضرات الخطباء فأشاد بفضل حضرة صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم بعنايته بالعلم وتكرمه بتشجيع العلماء شأن الملوك المصلحين العظام، وشكر لفخامة السعدون بك والأستاذ الزهاوي وحضرات أعضاء لجنة اليوبيل تكرمهم بإقامة يوبيله، كما شكر حضرات الجهابذة المستشرقين والمستعربين الذين بعثوا إلى اللجنة برسائل التهنئة والتقدير وقال في تواضع أنه لا يستحق كل هذا التقدير من المحتفلين به. ثم ألقى الأديب الفاضل إبراهيم أفندي العمر كلمة ارتجالية تناسب المقام

أثنى فيها الثناء المستطاب على فخامة السعدون والأستاذ الكرملي والأستاذ الزهاوي وكان ذلك مسك الختام فأنصرف الأستاذ الكرملي شاكراً لفخامة السعدون تخصيصه داره العامرة لإقامة الحفلة فيها. وأنصرف بعده باقي المدعوين متحدثين بأناقة الحفلة وحسن ترتيبها ووفرة عدد الأفاضل الذين حضروها وكرم فخامة السعدون وتقدير الأستاذ الزهاوي وأنصاره الفضلاء للمساعي القيمة التي بذلها حضرة الأب الورع المحتفل به ولا يزال يبذلها لترقية اللغة العربية. وأنا بدورها نهنئ حضرة الأستاذ الكرملي المفضال بيوبيله الذهبي داعين له بطول العمر. ونقدر لفخامة السعدون ولحضرة العين الأستاذ الزهاوي وحضرات أعضاء لجنة اليوبيل ولمعالي وزير المعارف الهمام سعيهم المحمود لإقامة هذه الحفلة الشائقة. ولولا ضيق نطاق القسم العربي من جريدتنا لوفينا الحفلة حقها من الشرح المسهب. تكريم العلم نقلاً عما نشر في صدر جريدة (العالم العربي) البارزة في 9 تشرين الأول (أكتوبر) 1928 وهو من كلام (المتفرج) 1 - كفارة عيب، وأيم الحق، كبير أن يقام في جامعة أوكسفورد مؤتمر عام للبحث في الأمور الشرقية المختصة بالآثار والعادات والتواريخ والآداب والعلوم والفنون. . . وأن يشترك في المؤتمر 700 مستشرق من جميع الشعوب والأجناس والنحل، وأن يكون في جملتهم ترك ومغربيون ومصريون وسوريون ولبنانيون يمثلون بلادهم في مؤتمر (المشرقيات)، وأن لا يكون بينهم من يمثل العراق رسما، في حين أن العراق هو معدن الآثار ومنبع العلوم والآداب والفنون والحضارة الشرقية الغابرة التي هي مدار أبحاث المؤتمر. وقد تألم بعض المستشرقين المؤتمرين الذين يعرفون العراق لرؤياهم أن حكومته حرمته حظ الاشتراك في المؤتمر كما أنها حرمت المؤتمر الاستفادة من وجود خبراء العراقيين فيه. ولم يقدر وزير معارف سوريا وممثلها هناك أن

يتحمل ذلك إلى النهاية فطلب من الشيخ كاظم الدجيلي أن يحضر المؤتمر بصفة غير رسمية ليقال أقله أن العراق موجود وقد اشترك في مؤتمر العلماء ولو اشتراكاً غير رسمي. فعدم اشتراك العراق اشتراكاً رسمياً في المؤتمر العلمي العام المذكور حسب خطيئة كبيرة اقترفت أمام العالم أجمع! ولكن بينا المستشرقون وأرباب التاريخ والآداب والعلم يتحدثون في هذا وينكرون على رجال العراق إهمالهم هذا، إذا بيوبيل أحد علماء العراق قد ظهر في الميدان فاتخذته الحكومة فرصة مناسبة تكفر فيها عن خطيئتها وتحاول بهذا التكفير تصحيح ظن عالم العلم، والاشتراك في تكريم النبوغ العراقي في شخص الأستاذ الكرملي المتفاني في خدمة علم اللغة العربية. فتسهيل أمور لجنة يوبيل الكرملي التي يرأسها الزهاوي، وإقامة الحفلة نهار الأحد في دار السعدون رئيس الوزراء تحت إشراف السويدي وزير المعارف مما يعد نوعا ما كفارة عن خطيئة إهمال أمر العراق، وشرف العراق، وسمعة العراق، ومصلحة العراق في مؤتمر اوكسفورد. 2 - حفلة تكريم العلم حضر حفلة يوبيل الكرملي 95 رجلاً بحيث أن الكراسي (الأنيقة) التي أعدت في صالة دار السعدون بك رئيس الوزراء، وفي البقعة الجميلة من جنينتها، قد امتلأت. ومن الجدير بالذكر أن حضرة السيد أفنان رئيس التشريفات في وزارة الخارجية العراقية كان (يدشن) في فناء الدار - على سبيل التبرع - فنون التشريفات بثغر باسم، وناظر مرفوع وكلام حلو. أما فخامة السعدون بك فكان هو بنفسه قائما باستقبال المدعوين يعاونه حضرة مرافقه جميل روحي بك. وكان الأستاذ الكرملي صاحب اليوبيل في صدر (الطارمة) يكتنفه الشيخان باقر الشبيبي وعلي الشرقي، والسويدي وزير المعارف والزهاوي رئيس لجنة اليوبيل وساطع الحصري، ورئيس الرهبان الكرمليين. . . ثم الوزراء (ما عدا نوري السعيد والحيدري والشيخ أحمد غنيمة فأنهم كانوا غائبين) ثم بعض رجال

الدين والعلم ثم فريق من الأعيان والنواب ورؤساء الدوائر وأرباب الصحافة وحملة الأقلام. وفي الساعة الرابعة والنصف بعد الظهر، وقد انتهى تقديم الدخان والشاي والحلويات وما أشبه، نهض الأستاذ الزهاوي فرحب وسر وشكر. وتلاه سكرتير لجنة اليوبيل أحمد حامد أفندي الصراف مدير المطبوعات فألقى خطبة نفيسة في الموضوع. وختمها بتلاوة بعض برقيات التهانئ والثناء الهابطة من كبار المستشرقين، وأشار أيضا إلى الرسائل والقصائد الواردة من الخارج في هذا الباب، ومن ذلك: برقيات المستشرقين كراتشكوفسكي (روسية) وكافمير (برلين) وماسنيون (فرنسة) ورسالتا كرنكو ومارجليوث (إنكلترة) وقصائد مصر للدكتور أبي شادي ومحمد الأسمر وأحمد محرم وإسماعيل صالح. وقصائد إيران، ورسائل عبد الله مخلص (حيفا) وجميل البحري صاحب الزهور، وعبد العزيز الرشيد (الكويت) والشيخ كاظم الدجيلي (لندن) والعالم عبد الله الزنجاني ومحمد مهدي العلوي وجورج يني صاحب المباحث. . . ثم تلا الأستاذ الزهاوي رسالة العلامة عبد القادر المغربي عن المجمع العلمي بدمشق. وتلا رفائيل بطي ترجمة المحتفل به. وألقى الأستاذ الزهاوي قصيدته الكبيرة المنشورة في غير محل من هذا العدد. وكان في أثناء إنشاده يقعد ويقوم ويثور وهو في كل ذلك يتذوق حلاوة الشعر ويتحسى كأسه حسوة حسوة. ثم فاه السويدي وزير المعارف بكلمة مدح طيبة بين فيها وجوب تكريم العلم في أشخاص ذويه، وأثنى على خدمة الكرملي للغة العربية العزيزة. وعاد الزهاوي فشكر لرئيس الوزارة عطفه وحسن صنعه بإقامة الحفلة في داره وأثنى كذلك على وزير المعارف وجميع الذين اشتركوا في الحفلة. وختم الحفلة الأستاذ الكرملي صاحب اليوبيل الذهبي إذ تلا بإيمان قوي وشعور حي كلمة وجيزة قال فيها كل ما يجب أن يقال. وكلمته منشورة في محل آخر من هذا العدد. وكان مسك الختام لكل خطاب وكلام الهتاف الحار بحياة جلالة ملك العراق الساعي السعي الحثيث إلى تعزيز أسباب العلم ونشره. . .

يوبيل انستاس الكرملي عن جريدة (الموصل) الصادرة في 15 تشرين الأول 1928 الأب انستاس الكرملي راهب بغدادي اشتغل مدة خمسين سنة في نشر لغة الضاد في البلاد العراقية والعالم المستشرق اجمع. ولد في بغداد سنة 1866 وأنكب منذ حداثته على نشر اللغة العربية بالرغم عن احتقار السلطات التركية لها. وبعد أن ترهب في فرنسة قام برحلة في بلاد الأندلس بغية الإطلاع على آثار التفوق العربي ثم عاد إلى عاصمة العباسيين وأخذ يدرس اللغة العربية ويؤلف الكتب ويدبج المقالات الممتعة في أرقى المجلات العربية باسمه الصريح أو تحت أسماء مستعارة طارقا مواضيع مبتكرة لم يبحث عنها أحد غيره وفي إبان الحرب الكبرى أحتمل الأم النفي وتضييقات السلطات التركية لولعه الزائد في نشر لغة القرآن وإحياء آثار وأمجاد العروبة. وزار انستاس الكرملي معظم العواصم الأوربية وتفقد معاهدها التاريخية واللغوية وقد حاز على أوسمة من البلاد الإنكليزية والفرنسية وكان عضوا في مجلس معارف الحكومة العراقية التي عهدت إليه مراقبة إنشاء (جريدة العرب) ومجلة (دار السلام). هذه نبذة وجيزة من حياة خادم العلم واللغة العربية الذي احتفل بيوبيله الذهبي في دار فخامة عبد المحسن بك السعدون رئيس الوزارة العراقية بناء على دعوة معالي العين جميل أفندي صدقي الزهاوي. حضر حفلة اليوبيل 95 رجلا من الوزراء والأعيان والنواب ورجال الصحافة وكبار القوم في بغداد تحت إشراف معالي توفيق بك السويدي وزير المعارف وتكلم في هذه الحفلة كل من الزهاوي وأحمد حامد الصراف مدير المطبوعات ورفائيل بطي وتوفيق السويدي وإبراهيم حلمي العمر وختم الحفلة الأستاذ بكلمات التواضع العميق ناسبا الإطراء والمديح والفضل إلى أصدقائه الأجلاء أصحاب الهمم العالية البارزة الذين أقاموا له هذه الحفلة لتكريم لغة الضاد الشريفة.

يوبيل الكرملي عن (المهذب) في العدد 131 - 132 من سنتها الرابعة أستقر رأي لجنة الاحتفال بيوبيل العلامة الأب الكرملي على اختيار يوم الأحد الموافق 7 أكتوبر سنة 1928 في الساعة الرابعة بعد الظهر في دار فخامة رئيس الوزراء بعد أن أجابت من قبل طلب الأفاضل الغائبين عن العاصمة العراقية فأجلت الحفلة حتى انقضاء العطلة الصيفية حتى يكون الحفل أتم. . . و (المهذب) يكرر أخلص تهانيه بهذا التقدير الحق إلى فضيلة العلامة الجليل الأب الكرملي وإلى الأمة العراقية النبيلة، بل إلى العالم العربي الذي احتفى بإخلاص بإمام اللغة الأكبر في دياره هذا الاحتفاء الجليل. . . (ل. ع) أغفلنا مقالات كثيرين لأنها سرقت منا ولم ندرج بعض المقالات لما فيها من الإطراء الزائد عن حده وأهملنا ما لم يرد إلينا إلا بعد طبع هذا الجزء الهدايا إلى صاحب اليوبيل من أدباء مصر (30 جنيهاً مصريا) أو 400 ربية و8 آناتمن الفاضلة ح. ت. س40 ربيةمن أربع بغداديات60 ربيةمن ثمانية عراقيين128 ربيةمن سوريين (اثنين) 48 ربيةمن فلسطيني21 ربيةمن ثلاثة فرنسيين184 ربيةالمجموع880 ربية و8 آناتمن الخوري منصور عواد البحر صافي تآليفه: 1 - الزوجة الأمينة أمام القضاء - 2 - ماذا عمل الخوري - 3 - بسكنتا وما يجاورها - 4 - راشيا - 5 - هل من جزية على الأكليروس أو خراج؟ 6 - نقطة سوداء. فنشكر جميع الذين احسنوا إلينا بقلمهم أو بلسانهم أو بيدهم طالبين لهم المكافأة في الدارين أضعاف الأضعاف بمنه وكرمه. وربما عدنا فأدرجنا ما وصل إلينا متأخرا

العدد 66

العدد 66 اللغة العربية والتجدد هي اللغات ترى في سيرها غيرا! كثر التسآل والترداد. في هذه الأيام، عن اللغة العربية، وتجددها، وموافقتها لأهواء ذا الزمان، ومقتضياته. الحقيقة هي أن العربية في حاجة إلى التجدد. ولكن ليس إلى ذلك المقدار الذي يتوهمه المجددون المغالون والمتطرفون، بل إلى مقدار معلوم، ومحدود الآن؛ أما في المستقبل. فتحتاج إلى الضروري من التعديل، شأن اللغات الأخرى الحية. وهي ليست كما يتقول ويتشدق عنها الرجعيون المتعنتون، الذين ينعتونها بكل ما وسعته المعاجم من الألقاب الضخمة ويزعمون أنها بغناها، وكثرة مترادفاتها، ومتوارداتها، ومفرداتها، قادرة على أن تقوم بلوازم هذا العصر، فهي وإن كان لها بعض ما يتوهم من الغنى. في كثير من الألفاظ والاصطلاحات والمفردات، وحائزة درجة عظيمة من الرقة والجمال، في عوز من الأوضاع العصرية فعلينا أن لا نغفر كثيراً، ولا نتوهم ما هو مناف للواقع، بعيد عن الحقيقة، بعد الثريا عن الثرى ونؤخذ بقول أحدهم:

إن الذي خلق البرية كلها ... جعل الجمال وسره في الضاد!؟ أهذا تخيل؟ أسفاسف؟ أجهالة؟ - العربية ليست بأكثر جمالا، وأعز مكانا، وأوفر غنى من اليونانية أو اللاتينية أو الفرنسية مثلا. ولكل لغة ميزتها الطبيعية. وكلنا نعلم أن العربية جمدت في مكانها، أربعة قرون، فلم تتحول عما كانت عليه. وليس لدينا من شك، ولولا قرآن تتلى آياته، صباح مساء، بين عرب وعجم، لذهبت اللغة الفصحى إلى سقر، وحلت مكانها اللغة العامية. ولولا تيسير المولى الرحيم بعض نوابغ أخذوا بناصرها، لظننا أن قد قضي عليها. ولذا تقدمت يسيرا. ولكنها لم تزل في سلم التقدم. فإذا لم نعمل لها، وجمدنا حيث نحن، ذهبت تعبهم سدى! انقضى زمن السلف، ودالت دولتهم، وتركوا لنا تراثا: هو لغتهم!، هذه اللغة التي عرفنا كيف نبذ أهلها، يوم كان لا يزال لهم بقية سلطة. فنبغ منهم الأخطل والمعري والمتنبي وغيره. فنافسوا عرب الجاهلية في لغتهم، وأصابوا منها أكاليل المجد والفخار. وما درس ملكهم، وذهبت دولتهم، حتى جمدنا نحن لجمودهم. نعم. إن أكثر اللوم يقع على تلك الجماعة. التي حلت مكانهم، حكومة بني عثمان، والتي وافقها أن تنزع من البلاد. التعليم والثقافة، ليتسع المجال في حكم بلاد رماها سوء الحظ والدهر بين براثنها فريسة باردة. وكم، وكم وضعت من العراقيل في سبيل تقدم الشعوب التي تحت إمرتها! فهؤلاء (التتار) بحكم الطبع الذي فيهم، وحب التملك والسلطة جاروا على البلاد الناطقة بالضاد جورا هائلا. فعفت آثار المدارس، واندرس التعليم، وسقط الشعب في هوة الجهل الفظيع. وأنى له أن ينهض، وعدوه الجاهل بالمرصاد يزرع بذور الفتنة، ويدس سم الجهل والتعصب. غير أن حكمة الله العادلة، ما لبث أن نفخت في الغرب الغيرة على هذا الشرق المسكين فهب بعض أبنائه، ولله درهم! واتخذوا سورية أول هدف لهم، لما يربطهم بها، من الذكريات الدينية، ونزلوا منها على الرحب والسعة، فنتج من ذلك إن تمكن السوريون من أن (لعبوا بدورهم التاريخي)، ويساعدوا الأمم الشرقية على الترقي،

واقتباس التمدن العربي. وعلى يد هؤلاء الفرنجة، انتعشت اللغة العربية اعتناقا، ذلك الانتعاش الذي لا يزال يغاديها. ونرى آثاره بادية إلى الآن. ولكن يا أسفاه! بعد هذه النفخة الغربية، لم يصلها من أبناء الشرق إلا هبات قليلة متقطعة، كأن البلاد عدمت أبناءها! وما أكثر ما نسمع الآن من جعجعة في الجرائد والمجلات بجمال اللغة العربية، وما تحويه من البدائع! فما أشبهنا بذلك المرء يلعب بالدنانير التي بين يديه، ولا يعلم سر استعمالها لفائدته، فإنك تجد بطون المهارق محشوة شدوا بغنى هذه اللغة، وما تضمه من مترادفات، ومتواردات واشتقاقات، ونفوذ القياس واطراده في اغلبها كأن هذه الشقشقة كافية أن تبعثها، وتنفخ فيها روحا جديدة! معاذ الحق! لقد ساء فألنا، وأردنا لها الموت من حيث توهمنا لها الحياة! قلنا إننا ورثة هذه اللغة. ومن آل إليه أمر بالوراثة، تصرف فيه كيفما شاء وأنى أراد، فلم لا نتصرف فيها حسبما نريد، أو ليست اللغة ملكا مشاعا لنا؟ أم نحن ملكا لها! أكان العرب الذين أورثونا إياها، أرقى منا وأكثر تمدنا منا؟ لا! إذن ما الذي يمنعنا من فعل ما فعلوا - وليس هنالك من مانع جوهري - فنغير ما حسن لدينا تغييره، إذا بدا لنا فائدة تجني منه! قد يخال القراء أننا ننعى على العربية، ونذمها، ونتهمها بالفقر، وما هي براء منه. بيد أن الأمر بعكس ذلك كل العكس. نحن لا نتقول عليها مطلقا. ولكننا نعلم حق العلم. إن لا حياة للغة ما لم يحاول أبناؤها التجديد فيها. فإذا وضعوا نصب أعينهم القديم وألهوه، فقل على تلك اللغة ألف سلام! ولكننا نعلم أيضا أن العربية هي الآن على مفترق الطرق، ولا يمكنها أن تصبر كثيرا على زمر الزامرين المتقعرين، وليست في موقف يسمح لها بالانتظار والتمهل. إلى أن تدفعنا النخوة - والله وحده يعلم متى! - فنستعد لننفخ فيها روح التجدد ونضرم فيها هبة الحياة. فإذا - لا سمح الله - وجدنا أنفسنا عاجزين عن القيام بحاجاتها وتأهيلها بمقتضى ضروريات العصر، بالمفردات العلمية، فنحن احرياء بترك هذا التراث والبحث لنا عن لغة تستوفي كل الشروط ويمكنها أن تقوم بمطلبات العصر من أسهل وجه، فلماذا نقبع ونستذل فنرضى أن تكون لغتنا

العزيزة تحت مستوى اللغات الأخرى، وبعد إن كانت سابقة مقلدة، أصبحت لاحقة مقلدة! هاهو ذا تاغور شاعر الهند الأكبر، قد رفع مقام لغته وشأن أمته رفعا عاليا بين الغربيين، وسحرهم ببنات أفكاره. فترجمت تآليفه إلى كثير من اللغات الأجنبية، حتى إلى العربية، وأشتهر شهرة واسعة، وليس من متعلم في أوربة لم يقرأ منه شيئا، لو لم يسمع بصيته على الأقل. وهاهو ذا قد نال جائزة نوبل منذ سنوات عدة. فهل من أديب أو مؤلف في العربية عصري ترجمت مؤلفاه أو بعضها إلى لغة أوروبية واحدة؟ ولا نقول نال بها جائزة نوبل وإنما نود أن نعلم أنال شهرة فيها، ولو طفيفة! لا نسأل عن الجواب، فهو معلوم للجميع. . . وإذن من أولى باللوم وأحق بالتقريع؟ أهذا دليل على عقم العربية، أم على عقم ما تنتجه قرائح الكتبة عندنا؟ لا شك أن أمر اللوم يقع على الكتبة، فليس من يكد نفسه ليستخرج من أعماق روحه شيئا مستقلا عن القديم موسوما بطابعه الخاص، ممتازا عن غيره، ولم يحتذ فيه أسلوب قدماء كتاب العربية في التعابير والوصف وغيرهما، بل يشق له طريقا من جوفها فيخرج ما هو شاعر به، لا ما صاح به الثعالبي والأصبهاني وبديع الزمان والبحتري والحريري والجاحظ وسواهم من الأعلام. على أن من كتابنا الآن، من يسير على الطريقة الأوروبية الصميمة، حتى في التعابير، وهذا ما يضر بلغتنا، بغض النظر عن أن هذه في مواضع كثيرة أبعد عن أن توافق اللغة العدنانية. ونرى الأفضل اتخاذ الوسط بين طرق الإفرنج وتعابيرهم وطرقنا العربية وتعابيرها. وقد قيل (خير الأمور الوسط). ليس في العربية عقم وليست هي دون باقي اللغات المعروفة. فإذا ما كتبنا يوما من الأيام، في العلوم التي أندفع تيارها من أوروبة علينا، ولم نجد لبعض المفردات والاصطلاحات، والتعابير أوصافا لم تعرفها العرب، فلم لا نذهب إلى الاستعارة فنأخذ تلك الكلمة ونكيفها ونصقلها لتوافق العربية، أو نذهب بأن نجعل الاشتقاق فيها فياسياء، وأن نفتح باب التعريب على مصراعيه - ذلك الباب الذي سد في وجوهنا، كما سد باب الاجتهاد في الدين -، وبأن نفهم أن مفردات اللغة إنما تتقرر باستعمال العامة اللهم إلا مصطلحات العلوم والفنون فأنها تتقرر بوضع

الخاصة، واستعمالهم إياها، فيجب إذن أن ندخل في معاجمنا كل ما وقع فيه التفاهم بين العامة من الكلمات الأجنبية التي لا نجد ما يقابلها في الفصحى فنثبتها في المعاجم كما تكلمت بها العامة، أو نتخذها بعد شيء من الصقل والتحوير وإلا أصبحت لغتنا جامدة جمود عقولنا في الأمور الدينية والحقيقة التي لا مراء فيها، أن لغتنا لا تزال جامدة لم يصبها شيء من التجديد إلا النزر اليسير؛ ومما يضحك ويؤلم معا؛ إننا أصبحنا عبيداً للغتنا! ذلك شيء لم يسمع بمثله في الأساطير فكيف بالحقائق المرة؟!. . . أجل! أصبحنا عبيدا لأولئك العرب الذين كتبوا وحوروا في العربية ما شاءت إراداتهم وسولت لا للغتنا فقط!!!! ثم نأتي أمامهم ونقدم لهم بخور التكريم، فلا نخرج عن حدودنا ما كتبوا - ولا نغير من العربية ما نرى أن وقت إلقائه في اليم قد حان وكذلك التخلص من حمل عبئه - كأنهم من طينة غير طينتنا! أو جاز لهم ما لا يجوز لنا؟ أيجوز لهم أن يهدموا العربية ويتلفوها - إذا أرادوا - أما نحن فلا يجوز لنا ترميمها - إذا رأينا مهاوي التلف والتصدع تحتها فاستنقذناها؟! عجيب والله أن نرى هذا التقعر والتخاذل من جانبنا؛ وغريب أن ننقاد لأوامر ونواه طوتها الأحقاب. ومرت عليها الأجيال ونحن لها عبدة وعبدان. . .!! خصت العربية بسلاسة وانسجام وغنى في الألفاظ. وإنما يعوزها الكثير من الاصطلاحات الفنية والعلمية والإدارية وغيرها لتعاصر غيرها فهي سهلة القياد لينة التكييف. . قلنا؛ إنها ليست فقيرة وليس فيها عقم البتة؛ إذا عرفنا كيف نديرها ونستنبط ما نحن في حاجة إليه، وإنما دواعي الكسل والجمود والتعصب الذميم، وما يطبل به من يريدون للشرق التأخر وحبوط العمل، تثبط عزائمنا وتميت هممنا، وتجعلنا لا نرى أبعد من أنوفنا! فإذا ما حاولنا هنيهة أن نرفع هذه الغشاوة قليلاً؛ إذ بهذه الغازات المخدرات تنزل ستارا كثيفا علينا فنعود إلى مضاجعنا ونحن نتثاءب ونهتف بغنى العربية وعصريتها؛ ونردد ما يقوله بعض أبناء الغرب عن كتاب العرب، فنشبه المتنبي بنيتشه. ونقرن ابن خلدون

بمكيافيل. نساوي المعري بدانتي اليجيري الخ. . . وقد قرأت في صحيفة أجنبية مقالا لأحد علماء المشرقيات ينحي باللائمة على بعض المستشرقين الذين لا هم لهم سوى كيل المدح والثناء جزافا. لعلماء وشعراء العربية. فيرفعونهم إلى أسمى مكانة وأرفع منزلة. وذلك ليس حبا لأولئك الفطاحل. بل تبعا لأهواء سياسية. فهم يرجعون للشرق الخمود والجهالة. يعلمون أن مما يثبط همم الشرقي الثناء والفخر. فالشرقي بعكس الغربي إذا ما مدح همدت عزيمته، واعتاض من الماء بالسراب. فلا يعمل ولا يجد! هذا ملخص كلام هذا العالم الجليل - ولا يحضرني الآن أسمه - وأني أرى الحق في جانبه وقد أصاب كبد الحقيقة. فعسى أن لا نغتر إذا ما أطلعنا على بعض عقود ثناء صيغت في الغرب للعربية وإعلامها. وشر ما في الأمر أن هؤلاء الخدعة يستترون وراء أشرف رداء وأجمله فالتردي بلباس الاستشراق واتخاذه درءا تخفى وراءه مقاصدهم الخفية والسياسية دناءة ونذالة فمن المستشرقين الكرام خرجت نفحة العلم الأولى في الشرق - منذ مائة عام تقريبا - وهي تلك النفحة التي ملأ الآن شذا عطرها أرجاء بلادنا العزيزة. وهذي أثارها ظاهرة لكل ذي عينين. فهم قد أسدوا إلى اللغة العربية أجل خدمة. وهاهم أولاء كما كانوا يخدمونها للآن. فلغتنا مدينة لهم بما كشفوه ونبشوه من كنوزها الثمينة. ولولاهم لما وقعنا على شيء منها - وهؤلاء الذين اتخذوا من علم المشرقيات قترة استتروا فيها. يمدحون كل شيء قديم. وإن ثبت لهم عدم صحته للحياة الآن. ويتهمونه بكل جميل وحسن. في الهند والصين مثلا يمدحون البوذية والبرهمية والكنفوشيوسية. كي يظن أتباع هذه وتلك. إنهم أعلى من الأوروبيين بدينهم وأسمى بمعتقداتهم ولغتهم وآدابهم. هم يحاولون جهدهم ليحولوا بينهم وبين أن يروا تأثير التمدين المسيحي الذي أنقذ أوربة من الضلال وحضر شعوبها. يحاولون جهدهم أن يخفوا عنهم ما تفيض به من الاختراعات لئلا تنبهر عيونهم بذلك ويظهر لهم في أي ضلال هم. ففي الهند تعمل الآن المسز بزنت التي أفضت إلى أحط ما أخرجه العقل البشري، وأنتن ما ولده ذهن إنسان من الفلسفة، ونشرت مبدأ سافلا قذرا. زعمت عنه كل

حسن وخلاب. مبدأ الثيوصوفية ووجدت لها اتباعها - وما أكثر ما يجد الشيطان خدما! - وأمثالها الذين يدعون الاستشراق. في الهند يمدحون هذا المبدأ السافل. ويعظمونه ويظهرونه بمظهر الاعتقاد الأسمى. ويفضلونه على المسيحية. وانخداع الأتباع يعود إلى تعصبهم. وقلة تبصرهم فيعتقدون ما طبل به أولئك الخدعة. ويرددون كالببغاء أقوالهم الخرقاء والجوفاء. من أهم الذين تلاعبوا في الآداب العربية. المختلق الكذابة رينان. فهذا والمتأثرة: الدكتور غوستاف لبون وغيرهما. حاولوا في كتاباتهم غش الشرق وذر الرماد في عيون أبنائه. فتركوا صيتا حميدا لهم واختلقوا اختلاقات كثيرة ومما كتبوه عن العرب ليس فيه من الحقيقة والصواب إلا عشرة أجزاء من المائة!!! وأمام هذه الحقيقة لا يسعنا ونحن خلقاء أن لا نتناول أمثال كتابات هؤلاء. وخصوصا حيث يكثر سيل الثناء والمديح. إلا بالتمحيص فلعل بين الدسم سما نقيعا؟ ثم إيانا نجنح إلى الضلال والتعصب السام. فنتهم من يمحضونا النصح ويبينون لنا محامدنا ومثالبنا. بما هم براء منه. ولرب متهم بريء! نرى أن تقدم اللغة الفصحى. وتقريب العامية منها. يرتكز على أمور أهمها أعمدة ثلاثة. هي: المدرسة - الشعراء والأدباء - المجمع العلمي - ونحن نبسط فيما يلي آراءنا فيها. وعسى أن تقع من الأدباء الكرام موقعا حسنا.

أولا: المدرسة المدرسة هي الأساس الذي ترتكز عليه الآداب. بل هي مهبط الوحي. والقلب الذي يدفع دم العلم الجديد في أعضاء الشعب. فإذا أسيء التصرف فيها. وقفت الحركة وأتت بأقبح العلل وأفسد النتائج فمن هذا القبيل يجب على الحكومات أن توجه إليها أقصى انتباهها وعنايتها. فلا تلتفت إلى ما منه يمكنها زيادة دخلها. فهو أمر ثانوي. بل إلى المدرسة التي هي الأمر الأولي فمن وراء نشر العلوم وارتقاء الآداب يحصل تثقيف من ينتج للحكومة أدخلا حسنا (إيرادات حسنة). عناية السلطات في الشرق بالعلم قليلة. فما كان قبل لحرب لا يزال معمولا به إلى الآن. اللهم إلا بعض إصلاح يسير ومما يؤلم أن أنفذ سهم وأضره يصيب العربية وآدابها في الصميم. وليس - ويا للأسف! - من يسعى في تضميد هذا الجريح المثخن. فالطرق التي تدرس بها العربية عقيمة للغاية تجعل الذي يتعلمها كارها لها أشد الكره. وجميع الطلبة في المدارس يكرهون ساعة العربية ويحاولون جهدهم أن يتخلصوا منها. ومنهم من يدرس في أثنائها درسا آخر بالخفية عن المعلم طبعا - ولا يعير أقل انتباه إلقاء الأستاذ وتعليقه. وفضلا عن ذلك أن ما يعطى لهم كمنتخبات من الآداب العربية، لا يظهر منها إلا صحيفة سوداء قاتمة مشوهة تزيد كره المتعلم لهذه اللغة. فما تكاد أيام دراسته تنتهي حتى يقذف بكتبه هذه إلى آتون نار! ناظرا إليها نظر الصحيح إلى الأجرب، وما تكاد تحدثه عنها حتى يبتعد عنك كأن مجرد ذكرها يخدش أذنه وسبب هذا أن من يؤلف هذه الكتب الدراسية عندنا، ليس له أقل إلمام بعلم التربية - وعلم النفسيات أو لا يريد إعنات نفسه أقل عناء ومشقة بينما نرى كل أمثالها في الغرب يعلمها أساطين هذين العلمين، ولا يقبل كتاب للدراسة ما لم يكن مستوفيا جميع الشروط. لا أزال أذكر كيف كنت أنا وكل الطلبة نكره الدروس النحوية، ونشعر بسأم في ساعة درسها. وما كنا لنطيق درس تلك الجداول الكثيرة التعقد والتشويش، القليلة الجدوى. وما يوافي الامتحان. وينقضي حتى يسرع كل منا إلى كتبه العربية فيستل منها كتب النحو والصرف وغيرها، فيطعمها

النار، وبئس القرار! كتبنا الأجرومية ما هي إلا حشو في حشو. بينما نرى أمثالها الأوربية منسقة أتم تنسيق، ومبوبة أبدع تبويب ومرتبة من الأسهل إلى السهل ومن الأصعب إلى الصعب أحسن ترتيب فليس ثم حشو وعجمة كلام دون فائدة وإيجاز بحيث يجب التوسع وبالعكس!. . . . تناول أي كتاب شئت من كتب اللغة الأفرنسية لهذا الفرع للدراسة الثانوية. تجده يضم أصول هذه اللغة وأحكامها بل يتعداها إلى ترجمة حياة كبار أدبائها وشعرائها وفلاسفتها وما كتبوه وألفوه وقد يضم خلاصة تاريخ اللغات الأخرى كاليونانية واللاتينية والألمانية وغيرها مع خلاصة ترجمة حياة لعلماء كل لغة من تلك اللغات وفلاسفتها وشعرائها وأشهر كتبهم. ثم يشرح فيه تاريخ الأفرنسية واشتقاقها من اللاتينية أمها وتطورها فرقيها. هذا الكتاب هو عبارة عن معلمة (دائرة معارف) صغيرة عن اللغات وتطورها ومجموعة آدابها وبلاغتها وعلومها في حين أن أهم كتاب أجرومية ظهر في العربية لا تجد فيه غير أصول هذه اللغة وأحكامها وما قال سيبويه وأبو عبيدة. وابن الإعرابي. وغيرهم من أئمة النحو مكدسة تكديسا دون روية ولا تفهم. وليس من خلاصة نرى فيها ترجمة أو حياة لأحد أولئك الأعلام إلا ما ندر أو كان هفوة قلم. ولا شيء هناك يستفاد من نشأة العربية وتطورها وآدابها. فشتان ما كتبهم وكتبنا!. . قلنا إن ما يعطى في المدارس من آداب العرب أو تاريخها ليس إلا صحيفة سوداء خرقاء بعيدة عن أن تدعى بآداب أو تاريخ وهي عبارة عن شتات (منتخبات) جمعت من هنا وهناك حسبما شاءت المصادفة وضم بعضها إلى بعض دون تعقل وتبصر! وأكثر هذه المنتخبات ليست من طرف العربية ولا من غرر تآليفها - كيف نطلب إذن أن نجد بين المتخرجين في المدارس الأجنبية وسواها من يعشق العربية؟ بل من يشعر بأقل ميل إليها وهذه حالة كتبها وصفتها؟ إنا نرى الحق في جانب من يعشق لغة أجنبية ويهوى آدابها فأنها أجدر من العربية بحبه لما تبعثه في نفسه من الاستهواء بها وما تحويه كتبها المرسية من صورة جذابة لآدابها وتاريخها الرائع! كل ما بين يديه يمتاز عما في

العربية بوجوه عديدة! إن تاريخ آداب العربية لم يظهر إلى الآن بالمعنى المعروف به في الغرب أي ولا سيما ما يوضع منه بين أيدي طلبة المدارس. هاك كتاب تاريخ آداب اللغة الأفرنسية للأبيل كلفه المعمول به في أكثر المدارس الثانوية. وقلبه هنية. فإنه يفيد الطلبة فضلا عن إفادته أي امرئ كان. فهو قد قسم كتابه على طريقة عصرية ابتكرها هو وجعله على جزءين أحدهما تاريخ للآداب الفرنسية منذ أقدم عصورها قبيل شارلمان إلى عصرنا هذا. والثاني حوى منتخبات جليلة تأييدا لكل فصل من فصول الجزء الأول وأحكامه. وفي نهاية كل ترجمة علم من أعلام الفرنسيين وقد وضع قائمة للمستندات التي يعتمد عليها ليقرأها المطالع ويرجع إليها إن شاء أن يتوسع أو يتخصص في هذا الموضوع. هذا الكتاب تحفة من تحف العلم والطرافة، فمتى تجد في العربية شبيها له؟! خذ أيضاً قاموس لاروس تجد قد ضرب في كل فن بسهم جامعا لأشتات الآداب والتاريخ والعلوم جميعها حديثها وقديمها ولآخر الاختراعات، يضم بين دفتيه أيضا طائفة من الخرائط الجغرافية الحديثة ومعلمة (دائرة معارف) صغيرة مفيدة. ولا تضع يدك عليه وتقلبه في أي موضوع تطرقه وتود أن تتفهم عنه شيئا حتى تجده تحت نظرك موضحا جليا - ولكن باختصار - فمثال هذا المعجم معدوم في العربية. وخلاصة ما عندنا منها - من معاجم مدرسية أو غيرها - لا تتعدى أن تكون جامعة لكثير من كلمات غير مستعملة خشنة اللفظ ثقيلة على السمع صعبة المخرج وقعت في صفحات عديدة لتأخر عقلية جامعيها ومنسقيها وتوهمهم أن الطلبة أو عامة الناس في احتياج إليها. بينما هي خالية من كثير من كلمات مستعملة جدا (عربية قحة خالصة استعملها العرب ووردت في كلام فصحاء العرب الإسلاميين. . . وأخرى عربية المادة هي كلمات اصطلاحية فنية أو إدارية. وأخرى عربية المادة ولدها المتأخرون الخ. . . . . . فلو استغنوا عن تلك الكلمات الحوشية. واستبدلوا هذه بها لكفوا الطلبة

والناس مؤونة من التعب عظيمة! معاجم العربية لا تتطرق أبدا إلى غير الكلمات العربية التي نشرها قدماء اللغويين في معاجمهم وتعف عن إدخال كلمات لم يذكرها هؤلاء إلا نادرا. ثم هي لا تحوي شيئاً من أفذاذ اللغة وفلاسفتها وتأبى عليهم بل تضن على من كان السبب في رقيها ببضع وريقات. مع أنهم من الأهمية بمكان عظيم. وعليه نجد نواقص المعاجم في العربية عظيمة وكثيرة جداً تحتاج إلى دروس طويل واف وعسى أن يعنى العلامة البحاثة الأب أنستاس ماري الكرملي بنشر ما يبرد الغليل منها ويفيد الطالب والباحث معا فهو العليم الخبير بعلل وأدواء اللغة الكريمة ومعاجمها. بسطنا أن النقصان عظيم في الكتب المدرسية لا يتمشى والروح العصر الآن ولا سيما بعد أن صار من الضرورة في شرقنا العزيز تعليم اللغات الأجنبية في المدارس. ومن تدرب على تلك الطريقة من التعليم أو ذاق حلاوتها ولو قليلا منها صعب عليه أن يعود إلى طرق بالية ومناهج عقيمة مملة جافة المذاق. سر تفوق الإفرنج علينا في هذا الباب لا يعود إلا إلى عدم نشرهم كتبا للتدريس قبيل الدرس العميق. ثم هم يشيدونها على أساس متين من ذلك أولاً: علم التربية ثانياً: علم النفسيات أما نحن فنأبى أن نمارس طرقهم ونعف عنها لجمودنا وكسلنا وتعلقنا بما أقره قوم لا يعقلون! انقرضوا مع أجيالهم ولم تبق فائدة لأساليبهم في هذا العهد فإن كانوا قد أفادوا في عصرهم فهم لا يفيدوننا اليوم. المدارس هي الروح التي تبعث في التلميذ العلوم وهي الأساس الذي نشيد عليه رقينا وتقدمنا. فإذا أسأنا وضع الأساس فقد استحق البناء الهدم! أو ليس القصير الذي يشيد على الرمل تسقطه الزوابع والأرياح؟ هكذا نحن لا نعلم العربية على أساس متين فإذا ما خرج إلى الميدان من أتقنها وصادمته التجارب وجد أن لغته تحتاج إلى جهد كثير فيدب دبيب الكره إلى قلبه فيقلعها منه ويتحول إلى اللغة الأجنبية التي يميل إليها ويصبو قلبه إلى اجتلاء محاسنها فيذهب جهد الأساتذة هباء باطلاً!! هذه أهم ما في العربية من نقائص وعوج وهي أساس الجميع فلنتحول إلى ما يليها (الباقي للتالي) ميشيل سليم كميد

عند الشاطئ

عند الشاطئ عن ديوان (الشفق الباكي) للدكتور أبي شادي (1) الأصل لصاحب الديوان: مَرِحْنَ والماء أيضاً ... في نشوَِةِ مِنْ مِراحْ عرفْنَ للحُسْنِ فَرْضاً ... إحسانهُنَّ المُباحْ فكان في الماءِ عَوْمي ... تجديَد فَأني الَحياةْ والماء يُغْرِقُ هَمّي ... إذا حُرِمْتُ الشَّفاةْ! قدْ ذابَ فيهِ الَحَنانُ ... ومُسْتَطابُ الضِيّاْء فشَاق منهُ البيانُ ... وراقَ فيهِ الرَّجاْء! وقلتُ للَّصحْبِ: (هذا ... شِعر للُبّي ونفسي! لا تسألوني لماذا ... إحساسُكْم غيرُ حِسّي فكلَّ رُوحٍ أصابَتْ ... مِنْ أُنْسِها ما تَراهْ فإنْ سَلَتْ ما استطابتْ ... مِنْ قَبْلُ وَلَّى سَنَاهْ! و (الشّعْرُ) عندي الشَّعورُ ... وعَطْفُ هذي (الطبيعَةْ) وفي الَّتفاني الحُبورُ ... ومُلْكُ نفي الَوديَعْه!)

مدينته ومنها انتقل إلى تحرير القسم العربي من جريدة (موصل) الرسمية والترجمة في مطبعة الولاية. وعلى أثر إصابته بمرض سافر إلى حلب فنال الشفاء فلما عاد إلى مسقط رأسه وقد توفي والده تسلم أشغاله التجارية واختارته غرفة التجارة الموصلية رئيساً لكتابها براتب 500 غرش عثماني شهريا. وعلى أثر احتلال القوات الإنكليزية لمدينة الموصل سعى علي مع الساعين في تأسيس (النادي العلمي) وهو الجمعية الأدبية في مظهرها والتي كانت تري إلى خدمة الوطن في الأدب والسياسة وانتخب المترجم عضوا في لجنته الإدارية ووكلت إليه اللجنة رئاسة تحرير مجلة النادي (النادي العلمي) وهي مجلة علمية فنية أدبية أخلاقية نصف شهرية صدر جزئها الأول في 15 كانون الثاني سنة 1919 وتوقفت عن الصدور بعد صدور الجزء الثاني. وقد قام الجميل (بشؤون تحريرها) وكتب فيها مقالات عديدة وما لبثت السلطة الاحتلالية أن سدت النادي لما شعرت أنه يشتغل بالقضايا السياسية بنزعة وطنية. فتوظف علي رئيساً لكتاب دائرة الأوقاف. ظل في هذه الوظيفة مدة طويلة ثم اختلف مع بعض رؤسائه فاستعفى. وقد أولع علي بالتحرير فكان يكتب المقالات في جريدة (النجاح) التي أصدرها خير الدين بك الفاروقي نائب الموصل في المجلس النيابي على أثر إعلان الدستور العثماني في الحدباء ونشر بعض آثاره القلمية في مجلة (لسان العرب) و (المنتدى الأدبي) لسان حال الجمعية العربية القومية (للمنتدى الأدبي) في الآستانة. وحرر مدة جريدة (موصل) الرسمية في قسمها العربي. وراسل جريدة (المصباح) التي كان يصدرها الحاج عبد الحسين الأزري الشاعر المجيد في بغداد قبيل الحرب العظمى وراسل بعد الحرب جريدة (العراق) مدة ولم تخل رسائله هذه من نزعة في تأثير الغرض على كتابته شأنه في كل ما كتبه في السياسة والإدارة. وكان يحن أشد الحنين إلى مزاولة الصحافة حتى إذا شام الفرصة سانحة

بعد أن استعفى من وظيفته في دائرة الأوقاف أنشأ جريدة (صدى الجمهور) بالاشتراك مع المحامي عبد الله فائق في الموصل فظهرت في ربيع سنة 1927 وعهد برئاسة تحريرها إلى الفقيد. وكان الأمل أن تظاهر الجريدة الحركة الوطنية في الموصل ولكن سلوكها الصحفي جعلها تلبس لبعض الحالات لبوسها وتمثل سلوك منشئها السياسي وظلت تصدر مرتين في الأسبوع إلى هذه الأيام ولا نعلم مصيرها بعد وفاة صاحبها. وقد ألف في خلال الحرب الكبرى رسالة نزولاً على رغبة الحكومة الاتحادية بعنوان (التحفة السنية في الهدية السنوسية) وطبعها في مطبعة نينوى سنة 1915 وموضوع الرسالة حركة السنوسي السياسية. وكانت حياة الرجل تنطوي على صفحات متنوعة فبينما تراه عربيا قحا إذا هو عامل للاتحاديين يحرر الجريدة الرسمية ويسبغ على حوادث الحرب الثوب الذي يريدونه وتارة تجده حرا في فكره جريئا في أقواله وطورا تراه من أعوان السلطة مستسلما لها صاغرا وأرى أن روحه كانت مضطربة ولم يكن له من القوة النفسية ما يقوى على الثبات في طريق واحدة فقد كتب إلي في كتاب خاص في 11 نيسان سنة 1924 يقول: (أحب الحقائق ولكنني أصبر على أشد من الجمر. وأروم الجهر بالحق ثم أكف لساني فأسكت على مضض. فتراني معذبا أغلب الأحيان. وربما مرت علي ساعات الليالي الطوال فأسكب فيها دموعا على من لا يعرفها تخفيفا لآلامي المختفية بين جوانحي. (يراني الناس في حالة وأرى نفسي في حالة وشتان ما بين الحالتين. لا بد للحجب أن تتمزق للألسنة أن تتفتق وللكلام أن يتدفق وللحقائق أن تلوح. (وكم لي من أشجان مسطورة على صحف منظورة طيها الآلام محفوظة. تنطق بما تذرف له العين ويذوب منه الفؤاد ولئن ضن الزمان بنشرها الآن فسيتلوها قوم آخرون. وهناك ينجلي الصبح لذي عينين ويخرق صوت داعي الحق الأذنين. ولكل أجل (كتاب) ولن أعلم إذا ترك مذكرات أو تآليف عالج فيها حالتنا الاجتماعية حسب

الخطة التي رسمها في السطور الآنفة الذكر أم كانت زفرته نزوة من نزوات الفؤاد وكان الرجل كاتبا مجيدا لا يمتاز بأسلوب خاص إنما ترى فيه نزعة عصرية في ديباجته نظرا إلى المدرسة الأدبية التي تخرج فيها. وولع بالنظم منذ حداثته فحفظ قصائد وأبياتاً كثيرة ونظم بعض مقاطيع وقصائد ولكنه لم يأت فيها بشيء جديد فمن نظمه قوله: يا سراة الحي مالي ... ورعاع جاؤوا غيا نسبوا عشقي لليلي ... ولسلمى ابنة ريا أنا لا أختار ذلا ... بعد ما كنت عليا يا خليلي سلاها ... ما الذي قيل عليا نالت العذال منها ... كلما كان قصيا فاروها الغي رشدا ... واروها الرشيد غيا وقوله: ذكرتني في دياجي الليل ليلي ... وعلامات الحيا في وجنتيها ثم أخفت خيفة العذال وجدا ... وغراما قد بدا من مقلتيها بالذي أجراك يا ريح الخزامي ... بلغيها عظم شوقي إليها ما عليها غير حفظ العهد دوما ... غير حفظ العهد ما عليها ومنها: لست أنسى ما تقتضي من زمانك ... فيه دارت اكؤسي من راحتيها وليال قد قطعناها وغصن ال ... أنس يبدو ساجدا بين يديها وإذا ما هجم النوم علينا ... بحنو وسدتني معصميها وقد أثبت نماذج من نظمه في الجزء الثالث من كتاب (الأدب العصري في العراق) غير المطبوع. وكان قد أصيب بمرض في الكلى في أثناء الحرب العالمية فقصد إلى حلب وتطبب فيها وشفي على نحو ما ذكرت هنا وفي موضع آخر. ثم أصيب في الأشهر الأخيرة بمرض نظنه مرض الكلى أو الزحار فقصد إلى حلب وهناك انطفأ سراج حياته بعد ربط (عملية جراحية) في ليلة الاثنين 1 تشرين الأول 1928 وحمل جثمانه إلى الموصل فوصلها صباح 3 تشرين الأول 1928 فدفن في المقبرة الواقعة قرب جامع النبي شيت مبكيا عليه من أصدقائه ومحبيه. ففي ذمة الله أيها الكاتب الصحفي. رفائيل بطي

رشيد الدين

رشيد الدين صاحب كتاب تاريخ المغول - نقلا عن الجزء الثاني من الدرر الكامنة غير المطبوع: فضل الله بن أبي الخير بن غالي الهمذاني الوزير رشيد الدولة أبو الفضل. كان أبوه عطارا يهوديا فأسلم هو وأتصل بغازان فخدمه وتقدم عنده بالطب إلى أن أستوزره. وكان يناصح المسلمين ويذب عنهم ويسعى في حقن دمائهم، وله في تبريز آثار عظيمة من البر. وكان شديدا على من يعاديه أو ينتقصه يثابر على هلاكه. وكان متواضعا سخيا كثير البذل للعلماء والصلحاء وله تفسير على القرآن على طريقة الفلاسفة فنسب إلى الإلحاد. وقد احترقت تواليفه (كذا) بعد قتله. وكان نسب إلى أن تسبب في قتل خربندا ملك التتار فطلبه جوبان إلى السلطان على البريد فقال له: أنت قتلت القان. فقال: معاذ الله أنا كنت رجلا عطارا ضعيفا بين الناس فصرت في أيامه وأيام أخيه متصرفا في الممالك. ثم أحضر الجلال الطبيب ابن الحزان اليهودي طبيب خربندا فسألوه عن موت خربندا. فقال: أصابته هيضة قوة أنسهل بسببها ثلاث مائة مجلس وتقيأ قيئاً كثيراً فطلبني بحضور الرشيد والأطباء فاتفقنا على أن نعطيه أدوية قابضة مخشنة. فقال الرشيد: هو إلى الآن يحتاج إلى الاستفراغ. فسقيناه برأيه مسهلاً فأنسهل به سبعين مجلساً فسقطت قوته فمات. وصدقه الرشيد على ذلك فقال الجوبان للرشيد: فأنت قتلته. وأمر بقتله فقتل وفصلوا أعضاءه وبعثوا إلى (كل) بلد بعضو وأخروا بقية جسده وحمل رأسه إلى تبريز ونودي عليه: هذا رأس اليهودي الملحد. ويقال إنه وجد له ألف ألف مثقال. وكان موته بعد موت خربندا كما سيأتي في رمضان سنة 716 (ووصل) الخبر بقتله إلى دمشق سنة 718 وفيها أرخه البرزالي وتبعه ابن حبيب والأول أتقن. وقال في ترجمته: كان حسن البراعة وطبيباً صادقاً في القناعة وأستوزره خربندا وغازان تسعف

البعيم

بعلمه وحكمه في الممالك وبنى عدة من الخوانك والمدارس وكان له من الأموال من كل جنس ونوع الكثير سوى مأكله فبصفات معروفة. قال: وعاش نحوا من ثمانين سنة. قال الذهبي: كان له رأي ودهاء وكان الشيخ تاج الدين الأفضلي يذمه ويرميه بدين الأوائل وقدر عليه فصفح عنه. وفي الجملة فكانت له مكارم وشفقة وبذل وتودد لأهل الخير وعاش بعضا وسبعين سنة. بكنهام: ف. كرنكو البعيم ذكر علماء اللغة صنما سموه البعيم لم يصفوه وصفاً يبينه لنا أو يذكر لنا أصله. والذي عندنا أن البعيم تخفيف البعليم ويراد به البعول جمع بعل وكان ألهاً للكنعانيين الذين جاوروا السلف، ثم اندمجت بقاياهم في بعض القبائل العربية التي كانت في عهدهم وهذه الميم في البعليم هي للتعظيم وإن كانت في حد ذاتها للجمع، فهي تشبه قول العبريين (الوهيم) ومعناها بالحرف (الآلهة) وهم لا يريدون به إلا الإله الحق الواحد المفرد. وإن جمعوه للتعظيم، وبهذا المعنى وردت الكلمة في سفر القضاة (11: 2 و7: 3) الخ. وقد ذهب بعضهم إلى أن البعيم أو البعليم تعني صوراً أو هيئات من صور أو هيئات (بعل) الإله الكنعاني. أما رأي أغلب العلماء فالبعليم أو البعيم هو من رموزه ويريدون به ما سماه العبريون الحمانيم (بفتح الحاء وتشديد الميم) والمصبوط (بفتح الميم وتشديد الصاد المفتوحة بعدها باء مبهمة الضم ثم واو ساكنة وفي الآخر طاء) وبهذا المعنى وردت البعليم في سفر الملوك الأول 4: 7 وسفر الأيام 2: 28

لواء الموصل

لواء الموصل يقع هذا اللواء الجسيم في الجهة الشمالية من العراق؛ وأكثر أراضيه جبلي ويحده من الشمال الجمهورية التركية ومن الجنوب لواء بغداد وشيء من لواء الدليم ومن الشرق لواء أربل مع شيء من تركية ومن الغرب سورية وقسم من تركية أيضا. قاعدته مدينة الموصل الخصبة وهي بلدة قديمة قائمة على عدوة نهر دجلة اليمنى ويسكنها زهاء ثمانين ألف سنة. يربط جانبيها جسران: أحدهما حجري قديم ويستعمل أيام هبوط الماء. والآخر خشبي يقوم على قوارب منتظمة وتحف بها من جانبيها سلاسل من حديد مربوطة في كلتا الجهتين إلى خشب مثبتة في الساحل. وللبلدة ربض كبير فيه المباني الجليلة والدور العامرة والمساجد الكثيرة والحمامات العديدة والفنادق والأسواق المنظمة والشوارع الفسيحة الطويلة. وعلى وجه العموم فيها كل ما يرتاح له الإنسان. ومما يحسن ذكره هنا، أن جميع مباني البلدة مبنية بالحجارة الكلسية التي تجعل للمدينة منظرا بديعا ورصانة غير منكورة. والموصل بلدة عربية بحتة شيدها العرب أنفسهم بعد أن أفتتحها خالد بن الوليد عام 20 هجرية وكانت قبل ذلك قصبة صغيرة يسميها بعض كتبة الأرميين بما معناه (الحصن العبوري) أي القلعة القائمة على الضفة الأخرى من دجلة قبالة نينوى. ويرى في الموصل إلى اليوم موضع يسمى (القليعات) وهي نشز من الأرض في شرقي المدينة قد تكون موقع ذلك الحصن القديم لإشرافه على دجلة؛ وهو بلا شك أقدم عمران في الموصل. وكانت الموصل تعرف في عهد الفرس باسم (نوادر شير) فكان شائعا بين العد الأرمي والعربي وهذا ما أجمع عليه المؤرخون من العرب. وقد ذهب البعض إلى أنها دعيت بعد ذلك باسم الموصل نسبة إلى مشيدها. وهذا بعيد عن الصحة لأن الموصل كلمة عربية معناها الالتقاء. ولعلها سميت كذلك لأن جسرها كان

يصل ضفتها الشرقية بضفتها الغربية. وقيل لأنها باب العراق ومفتاح خراسان وقيل لأنها وصلت دجلة بالعراق. وقيل بل لأنها وصلت الجزيرة (جزيرة ابن عمر) بالعراق وهو ما نرجحه. ومن أسمائها (أم الربيعين) وسبب هذه التسمية هو لأن الزروع تنبت في أراضيها الشهيرة بالخصب مرتين. والذي يقصدها في هذين الموسمين، يشاهد على مد البصر أرضاً جميلة خضراء، إذا هب عليها النسيم العليل. عطر سائر الأرجاء بنفحاته. وتعرف أيضا ب (الحدباء)، وربما كان السبب لهذه التسمية أو أرضها تكاد تكون محدبة. والذي يقصد الموصل الآن، يكاد يلمس هذه الحقيقة بيده إذا ما نظر إليها من بعد لأن البيوت فيها غير واقعة على مستوى واحد! بل بعضها على نشز وبعضها على تلاع وبعضها في منخفض من الأرض. وعلى مقربة من المدينة عين كبريت كبيرة يغتسل فيها معظم الموصليين فيبرأ المرضى من أسقامهم الجلدية. وطالما قصدها الناس من سائر الجهات للاستشفاء لهذه الغاية ويقرب منها (حمام علي) الذي يسميه بعضهم خطأ (حمام العليل) وفيه مياه كبريتية غزيرة، حبذا لو اعتنت الحكومة بتنظيفها وتشييد المنازل والفنادق بالقرب منها لتوطيد راحة أولئك الذين يقصدونها في كل صيف بغية الاصطياف والاغتسال في هذا الينبوع الصحي. وللموصل موقع تجاري مهم؛ إذ بواسطتها تربط التجارة العراقية (بماردين وديار بكر ووان وبتليس وغيرها) من البلدان التركية المتاخمة للحدود العراقية. كما أن طريقي (الموصل إلى دير الزور) و (الموصل إلى راوندوز والسليمانية) من الطرق التي لا يستهان بأهميتها. تنظيمات اللواء الإدارية يعد لواء الموصل اليوم أوسع لواء في العراق فيه تسعة أقضية هي: 1 - الموصل 2 - تل أعفر 3 - شيخان 4 - سنجار 5 - العمادية 6 - عقرة 7 - دهوك 8 - زاخو و9 - الزبيار. ولكل من هذه الأقضية تنظيمات خاصة نلخصها في ما يلي:

1 - قضاء الموصل هذا قضاء داخلي. أي أن مركزه داخل في مركز اللواء (الموصل) وهو الوحيد من نوعه في (التشكيلات الإدارية) عندنا في الوقت الحاضر. ويتألف من ست نواح هي: 1 - ناحية الموصل: وهي عبارة عن مجموعة قرى تتجاوز - على ما نقل لي - الخمسين قرية تسكنها زهاء (1940) نسمة. ويقيم مدير الناحية في مدينة الموصل حيث دائرة أشغاله. 2 - ناحية تلكيف: وهي أيضاً مجموعة قرى تبلغ (70) قرية على ما قيل ويسكنها زهاء (14440) نسمة. مركزها تلكيف الواقعة في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة الموصل وتبعد عنها عشرة أميال. وهي عبارة عن مجموع بيوت مبنية بالحجر تسكنها الطائفة المسيحية الكلدانية فقط وأهلها يستقون مياههم من الآبار التي تحفر لهذه الغاية. ولضيق هذه القرية بأهلها، يظعن منها كل سنة مئات من النفوس منحدرة إلى بغداد والبصرة وسائر البلاد. 3 - ناحية قرقوش: وهي كتلكيف من حيث القذارة والبناء. ويبلغ عدد قراها ثمانين قرية ومجموع نفوسها 21470 نسمة. ومركز الناحية قرية قرقوش التي تبعد عن الموصل 16 ميلا في الجهة الشرقية. 4 - ناحية الشورة: يبلغ مجموع سكان هذه الناحية (13880) نسمة ويبلغ عدد قراها ثمانين قرية. ومركزها قرية الشورة القائمة على الشاطئ الأيمن من دجلة وتبعد عن الموصل 28 ميلا. 5 - ناحية شرقاط: يبلغ مجموع قرى هذه الناحية (38) ويبلغ مجموع سكانها (12030) نسمة ومركز الناحية قرية شرقاط وهي تبعد عن الموصل 71 ميلا. وكانت تسمى قديما (قلعة شهر قرد) 6 - ناحية الحميدات: مركز هذه الناحية قرية الحميدات القائمة على أنقاض كنائس قديمة تبعد عن الموصل (11) ميلا وهي مجموعة قرى تبلغ أربعين وعدد نفوسها (7820) نسمة. وكل هذه القرى صغيرة جدا. لا يبلغ أهل الكبرى منها 500 نسمة على الغالب

2 - قضاء تل أعفر تل أعفر ويكتبها بعضهم تلعفر بلدة قديمة تبعد عن الموصل 44 ميلا. مبنية فوق ربوة مرتفعة تبعد عن جبل سنجار بثلاثين ميلا. فيها منبع ماء تشتغل عليه عدة أرح وبينها وبين سنجار عدة ينابيع أشهرها عين الشبابيط ثم عين الحصان ثم عين سينو وغيرها. وتقدر نفوس البلدة حسب الإحصاء الأخير، بزهاء (8530) نسمة. أما نفوس القضاء كله ف (24340) للقضاء ناحيتان هما ناحية تلعفر - وناحية زمار. أما الأولى فمجموعة قرى لا تتجاوز ال (40) وهي كلها مربوطة بمركز الناحية الواقع في مركز القضاء ومجموع نفوسها (7800) نسمة. وأما الناحية الثانية فيبلغ مجموع قراها (42) ومعظمها واقع على ساحل دجلة الأيمن. وتسكنها عشائر (الكركرية وجحيش والجبور). والكركرية (بكافين فارسيتين) قوم يتكلمون بلغة خاصة هي مزيج من اللغات الثلاث التركية والفارسية والكردية. وتبعد زمار عن الموصل 55 ميلا 3 - قضاء شيخان لرئيس اليزيدية لقب هو (مير شيخان) ويسكن قرية باعذري. وقد سمي هذا القضاء بهذا الاسم نسبة إلى رئيس اليزيدية الذين يؤلفون الأكثرية بين سكان القضاء كله. وبالقرب من قوية (باعذري) مزار الشيخ عدي بن مسافر الذي تجله اليزيدية وتحج إلى قبره من جميع الأصقاع في مواسم مخصوصة ومجموع قرى القضاء ثلاثمائة تقريبا قاعدته قرية (عين سفني) التي تبعد عن باعذري خمسة أميال. وبيوتها من حجر وفي القضاء ينابيع غزيرة المياه تسقي المزارع والبساتين ولا سيما الأرز والسمسم والقطن. وله ثلاث نواح هي: - 1 - ناحية عين سفني: وهي داخلية وقد تقدم وصفها. وتبعد عن الموصل 26 ميلا. 2 - ناحية القوش: وهي بليدة قائمة على سفح جبل القوش الذي يمتد إلى عين سفني وباعذري. وتبعد عن الموصل 26 ميلا. وفيها ديران، دير قديم منحوت في جبل القوش ويرتقي تأريخه إلى صدر النصرانية ويسمى (دير ربان هرمز) ودير حديث كبير أسمه دير السيدة وفي القوش أيضا ضريح النبي ناحوم

الذي يظن أنه دفن فيها ويزوره اليهود في كل سنة. 3 - ناحية بحشيقا: تقع أراضيها في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة الموصل وتبعد عنها 16 ميلا وهي مبنية على سفح جبل بحشيقا القريب من جبل مقلوب. وقرى هذه الناحية كثيرة ومتقاربة ومنها قرية أبو جربوعة وبير حلان والشبك وبحزاني وغيرها. و (بحزاني) مقر الرؤسء الروحانيين من اليزيدية. 4 - قضاء سنجار ذكر العلامة الأفرنسي المسيو ماسبيرو في كتابه (التاريخ القديم للشعوب الشرقية) ص 342 و776. إن سنجار بلدة آثورية قديمة وجدت منذ أكثر من ستة آلاف سنة وهي مفتاح الموصل وحصنها الحصين اهـ وقد ظلت هذه المدينة موصلية بحتة وخاضعة للسلطة التي حكمت الموصل، إلى أن تحصن فيها اليزيدية عام 1807م. ورفعوا راية العصيان على الحكومة فحملت الحكومة عليهم حلتها المشهورة وأخضعتهم. وسنجار بلدة جميلة واسعة تبعد عن الموصل 74 ميلا وتستقي مياهها من ينابيع جبلية عديدة تتفجر من جبل سنجار وتخترق البلدة فتشقها شقين يقع الأول فوق الجبل وتسكنه الطائفة اليزيدية فقط. ويقع الثاني على سفحه وتسكنه بقية الطوائف المختلفة المذهب. وبعد أن تسقي هذه المياه مزارع البلدة وبساتينها، تتجمع في واد يدعى وادي الثرثار. ومن جبل سنجار، تمتد عدة كهاريز إلى القرى الملحة بالقضاء. وله ناحيتان الأولى ناحية سنجار: وهي داخلية ومجموع قراها أربعون قرية. ومسكن المدير مع دائرة أشغاله في القسم السفلي من الجبل المذكور. والثانية ناحية الشمال وهي مجموعة قرى يبلغ عدها (40) قرية أيضا ومحل المدير في موضع يدعى قرية (كرسي) الواقعة على جبل سنجار الشمالي وتبعد عن سنجار بعشرين ميلا. 5 - قضاء العمادية قاعدته قصبة العمادية. وهي من أغرب القصبات في العراق. لأنها عبارة عن حجر كبير واحد تحيط به المياه والمزارع، وتعلوه دواوين الحكومة ودور الأهلين. ولا يمكن الدخول إلى هذه القصبة إلا من بابين فقط أحدهما يسمى (باب الزيبار)

لأنه يذهب إلى الزيبار رأسا. والثاني يسمى (باب العمادية) وهو في غربي القصبة. وفي وسط البلدة بئر عميقة في وسط جامع كبير تقام فيه الصلوة. ومن هذه البئر وحدها يأخذ الأهلون مياههم عندما يحاصرون في عقر دارهم. أما في سائر الأيام فيستقي بعضهم مياههم من هذه البئر، ويستقيه البعض الآخر من المياه المحيطة بالحجر الآنف الذكر. أسسها عماد الدين زنكي عام 537 هجرية على عهد الدولة الأتابكية وقد مرت عليها أدوار عكرت صفاء الأمن في ربوع الجزيرة ردحا من الزمن وتقدر نفوسها بألفي نسمة. وعلى بعد خمسة أميال من هذه القصبة، قرية تعرف ب (بيباري) وقد اتخذت مقراً للحركات الحربية العراقية على الحدود. للقضاء ثلاث نواح هي 1 - ناحية العمادية وهي داخلية. - 2 - برواري بالا وقراها (40) قرية تقريباً وكلها متلاصقة. و3 - ناحية نيروه ريكان وهي عبارة عن ثلاثين قرية تقريباً. 6 - قضاء عقرة عقرة بلدة تاريخية قديمة لم يهتد المؤرخون إلى معرفة تأريخها بالضبط حتى الآن. وهي بلدة جميلة واقعة على منحدر الجبل المسمى باسمها. ويتوهم الناظر إليها من بعد أنها بناء شامخ متقوم من عدة طبقات بعضها فوق بعض تطل على واد فسيح فيه الحدائق الغناء المحتوية على أنواع الفواكه والأشجار وهي تبعد عن الموصل 64 ميلا. ومعظم سكانها من الأكراد ولما كان مناخ البلدة شديد الحرارة في الصيف فأن الأهلين يضطرون إلى سكنى الوادي الفسيح. وفي الجهة الشرقية الجنوبية من القصبة، شلال يتدفق فيه الماء بغزارة فينشأ منه عمود يسميه الأهلون (سيبه) وهي كلمة كردية منحوتة من سي أي ثلاثون وبه أي قدم. ولعلهم يقصدون بذلك أن ارتفاع هذا العمود 30 قدماً وهو أحيانا كذلك. للقضاء ناحيتان: الأولى ناحية عقرة وهي داخلية. والثاني ناحية العشائر السبع وقد سميت بهذا الاسم لأن سكنتها سبع عشائر وقد تقدم البحث عنها في

كلامنا عن العشائر. 7 - قضاء دهوك قاعدة هذا القضاء قصبة دهوك. وهي بلدة جميلة قائمة على تل مرتفع يطل على نهر دهوك وتبعد عن الموصل 51 ميلاً ونهر دهوك هذا ينبع من عين تسمى (كرماوه) وبعد أن يمر بالبلد، يصب في دجلة بالقرب من قرية تسمى (باشابي) التابعة لهذا القضاء ويتجاوز مجموع قرى القضاء كله ال (150). نواحي القضاء ثلاث هي ناحية دهوك والمزوري والدوسكي. أما ناحية دهوك فداخلية. وأما المزوري فمجموعة قرى كثيرة جلها جبلية مربوطة بمركز الناحية وهو قرية (اتروش) المحاطة بالكنائس والقرى. وأما ناحية الدوسكي فجملة قرى يبلغ مجموعها 30 ونفوسها خمسة الآلف تقريباً. 8 - قضاء زاخو زاخو بلدة جميلة اشتهرت بالفواكه الأثمار وطيب النسيم العليل وحسن الماء. والذي يقيم بجوارها شهرا أو شهرين. يشعر بنفسه كأنه في جنة غناء فهي في وسط النهر المسمى باسمها وتكتنفها الجبال وفيها الأشجار على اختلاف أنواعها. وزاخو مركز القضاء وتبعد عن الموصل 78 ميلا وتقدر نفوسها ب (3480) وللقضاء ثلاث نواح: هي السليفاني والسندي وكلي. أما ناحية السليفاني فمجموع قراها 109 ومركزها قرية السليفاني القليلة الماء الرديئة الهواء وتبلغ نفوس الناحية (5942) وأما ناحية السندي فمجموعة قرى أيضاً لم أضبط عددها. وأما ناحية كلي فمعظم أراضيها جبلي وتكثر فيها المراعي وينابيع المياه العذبة. 9 - قضاء الزيبار بعد أن يتجاوز المسافر جبال عقرة وبيرس بسبع ساعات، يصل إلى قرية تبعد عن ساحل نهر الزاب الكبير بميلين تقريبا تسمى (بيرة كبرى) فهذه القرية مركز قضاء الزيبار في الوقت الحاضر. غير أنه تقرر نقل المركز إلى قرية (بيلا) القائمة على ضفة الزاب اليسرى لتوسطها ولجمال موقعها ولا سيما وقد بنت الحكومة فيها صرحاً جليلا والذي يلاحظ في هذا القضاء، هو أن معظم أراضيه جبلي تتفجر منها

عوض

المياه العذبة فتسيل في الوديان والغابات التي تكثر فيها أشجار البلوط والكرم والسماق والعفص وغيرها من الغلات التي تنمو في الشمال. للقضاء ثلاث نواح هي: (بيرة كبرى) وقد تقدم البحث عنها. و (شروان) وهي تقع على الطرف الشرقي من مركزها وفيها (85) قرية. و (مزوري) وهي واقعة على طرف القضاء الشمالي وقراها (90). ملحوظة في لواء الموصل أكثر من أربعة آلاف قرية ويصعب على كل باحث تدوين أسمائها بالضبط ولهذا اكتفينا بما قدمناه حذر وقوعنا في غلط مبين. بغداد: عبد الرزاق الحسني (لغة العرب): نحن نرى مبالغات ظاهرة في تعداد القرى. والظاهر أن هذا العدد مأخوذ عن مصادر حكومية كما أفادنا الكاتب. وقد بلغت المبالغة أشدها عند الختام إذ يقول صاحبها أن قرى لواء الموصل تزيد على أربعة آلاف قرية. فلو فرضنا أن في قرية مائة نفس على أقل تقدير فيكون سكان تلك القرى أربعمائة ألف نسمة، ما عدا ما في لواء الموصل نفسه الذي لا يعد قرية. والحال أننا نعلم أن أهالي الموصل - بلوائها وقراها - لا يزيدون على 360 ألف نسمة فأين الحقيقة؟ عوض قال اللغويون ما هذا بعض نصهم: عوض مثلثة الأخر مبنية. . . معناه الدهر أو أسم صنم لبكر بن وائل. . . اهـ ولم يحلوا لنا هذا الصنم لنعرفه. والذي يبدو لنا أنه المسمى في اليونانية أفالسلف أخذوا هذا الاسم عن اليونانيين أم هؤلاء أخذوه عن جدودنا؟ فهذا ما ندع البحث عنه في فرصة أخرى. - وما نسبة اليونان إلى زوس نسبة السلف إلى عوض. وأصل عوض: عبء واصل عبء: ضوء. وجعل الباء واواً أشهر من أن يذكر وقلب الهمزة ضاداً في الأخر لا يجهله لغوي. وكان من لغة الضزاز، والضزاز جمع الأضز هو من يضيق عليه مخرج الكلام حتى يستعين عليه بالضاد أي يتردد بحرف الضاد حتى يسترسل منه إلى الكلام.

الأرملة المرضعة

الأرملة المرضعة القصيدة التي ألقاها الأستاذ الشاعر الكبير معروف الرصافي في حفلة جمعية حماية الأطفال التي أقيمت في صباح 11 كانون الثاني (يناير) سنة 1929: لقيتها ليتني ما كنت ألقاها ... تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها أثوابها رثة والرجل حافية ... والدمع تذرف في الخد عيناها بكت من الفقر فاحمرت مدامعها ... وأصفر كالورس من جوع محياها مات الذي كان يحميها ويسعدها ... فالدهر من بعده بالفقر أشقاها الموت أفجعها والفقر أوجعها ... والهم أنحلها والغم أضناها فمنظر الحزن مشهود بمنظرها ... والبؤس مرآة مقرون بمرآها كر الجديدين قد أبلى عباءتها ... فانشق أسفلها وأنشق أعلاها ومزق الدهر، ويل الدهر، مئزرها ... حتى بدا من شقوق الثوب جنباها تمشي باطمارها والبرد يلسعها ... كأنه عقرب شالت زباناها حتى غدا جسمها بالبرد مرتجفا ... كالغصن في الريح واصطكت ثناياها تمشي وتحمل باليسرى وليدتها ... حملا على الصدر مدعوما بيمناها قد قمطتها باهدام ممزقة ... في العين منشرها سمج ومطواها ما أنس لا أنس أني كنت أسمعها ... تشكو إلى ربها اوصاب دنياها تقول يا رب لا تترك بلا لبن ... هذي الرضيعة وارحمني وإياها ما تصنع الآم في تريب طفلتها ... أن مسها الضر حتى جف ثدياها يا رب ما حيلتي فيها وقد ذبلت ... كزهرة الروض فقد الغيث أظماها ما بالها وهي طول الليل باكية ... والأم ساهرة تبكي لمبكاها يكاد ينقد قلبي حين أنظرها ... تبكي وتفتح لي من جوعها فاها ويلمها طفلة باتت مروعة ... وبت من حولها في الليل أرعاها تبكي لتشكو من داء ألم بها ... ولست أفهم منها كنه شكواها

قد فاتها النطق كالعجماء ارحمها ... ولست أعلم أي السقم آذاها ويح ابنتي أن ريب الدهر روعها ... بالفقر واليتم آها منهما آها كانت مصيبتها بالفقر واحدة ... وموت والدها باليتم ثناها هذا الذي في طريقي كنت أسمعه ... منها فآثر في نفسي وأشجاها حتى دنوت إليها وهي ماشية ... وأدمعي أوسعت في الخد مجراها وقلت يا أخت مهلا أنني رجل ... أشارك الناس طرا في بلاياها سمعت يا أخت شكوى تهمسين بها ... في قالة أوجعت قلبي بفحواها هل تسمح الأخت لي أني أشاطرها ... ما في يدي الآن أسترضي به اللاها ثم اجتذبت لها من جيب ملحفتي ... درهما كنت أستبقي بقاياها وقلت يا أخت أرجو منك تكرمني ... بأخذها دون ما من تغشاها فأرسلت نظرة رعشاء راجفة ... ترمي السهام وقلبي من رماياها وأخرجت زفرات من جوانحها ... كالنار تصعد من أعماق أحشاها وأجهشت ثم قالت وهي باكية ... واها لمثلك من ذي رقة واها أو عم في الناس حس مثل حسك لي ... ما تاه في فلوات الفقر من تاها أو كان في الناس أنصاف ومرحمة ... لم تشك أرملة ضنكا بدنياها هذي حكاية حال جئت أذكرها ... وليس يخفى على الأحرار مغزاها أولى الأنام بعطف الناس أرملة ... وأشرف الناس من في المال واساها (على) في مختار الصحاح جاء في مختار الصحاح (على: حرف خافض يكون اسما وفعلا وحرفا) فأقول إن الحرف لا يكون اسما ولا فعلا. لأن (على) حرف الجر هو غير (علا) الفعل الماضي المتصرف. وقول الشاعر (غدت من عليه تنفض الطل بعد ما) معناه من (فوقه) وهو الصواب ولكن الضرورة ألجأته إلى ذلك. ولو جاز ذلك في النثر لجاز لنا أن نقول (رأينا العدو فهربنا إلى عنه) والسماجة في القول كالح وجهها يسيء الناظرين. مصطفى جواد

يا محب الشرق

يا محب الشرق القصيدة المتقدة ناراً أو المستعرة لهبا للأستاذ الرصافي وقد جهرها في حفلة الحزب الوطني العراقي، تلك الحفلة التي أقيمت في عصر 11 - 1 - 29 لتكريم جناب المستر كراين الأمريكي، محب العرب ووطنهم: يا محب الشرق أهلا ... بك يا مستر كراين مرحباً بالزائر المشهو ... ر في كل المدائن مرحبا بالقادم المشكو ... ر في هذي المواطن فضلكم باد على الشرق ... وشكر الشرق عالن كم لكم من وقفات ... دونه ضد المشاحن أيها المستر كراين ... أنظر الشرق وعاين فهو للغرب أسير ... أسر مديون لدائن إن هذا الشرق والغر ... ب لمغبون وغابن فترى الشرق تجاه الغرب ... يسعى سعي ماهن وترى الغرب عليه ... واقفا موقف خائن منكرا منه المزايا ... موجدا فيه المطاعن غاصبا منه المواني ... شاحنا فيه السفائن حافرا فيه المعادن ... نابشا فيه الدفائن فهو يمتص دماء الشر ... ق من كل الأماكن باذرا من كيده في ... أهله بذر الضغائن حاكما فيه على ... أهليه حكم المتهاون جاعلا في رجله قيد ... الونى والقيد شائن فترى الشرق لهذا ... ماشيا مشية واهن أفهذي يا محب الشرق ... أفعال المهادن؟ أين ما قد قاله ولس ... ن يا مستر كراين لم يكن ولسن فردا ... أن في الدنيا (ولاسن)

فعلام الغرب لا ... ينفك للشرق مضاغن كم يسوم الغرب أهل ... الشرق خسفا ويخاشن وإلى كم ساسة الغرب ... تداحي وتداهن يظهرون النصح في القو ... ل لنا والغش باطن كم وكم نسمع منهم ... قول خداع ومائن إن في الشرق تجاه ال ... غرب نيرانا كوامن سوف ينشق حجاب الد ... هر عنها بالدواخن وإذا قامت حروب ... من بني الشرق طواحن فمن المسؤول عن ذ ... لك يا مستر كراين؟ وإذا تسأل عما هو ... في بغداد كائن؟ فهو حكم مشرقي الضر ... ع غربي الملابن وطني الاسم لكن ... إنكليزي الشناشن عربي أعجمي ... معرب اللهجة راطن فيه للإيعاز من لند ... ن بالأمر مكامن هو ذو وجهين وجه ... ظاهر يتبع باطن قد ملكنا كل شيء ... نحن في الظاهر لكن نحن في الباطن لا نم ... لك تحريكا لساكن أفهذا جائز في الغر ... ب يا مستر كراين؟ متى يستوي المذكر والمؤنث في اسم التفضيل؟ قال ابن أبي الحديد في ال ص 25 الجزء الأول من شرح نهج البلاغة منتقدا ابن الراوندي (كان ينبغي أن يقول، إذا كان منكرا مصحوبا بمن استوى المذكر والمؤنث في لفظ أفعل تقول: زيد أفضل من عمر وهند أحسن من دعد) قلت وهذا ناقص لأن استواء المذكر والمؤنث لا يقتصر على كون اسم التفضيل (منكرا مصحوبا بمن) بل يشمله أيضاً إذا كان (مضافاً إلى نكرة) تقول (زيد أفضل رجل) و (هند أحسن امرأة) ويجوز فيه إذا كان مضافا إلى معرفة مقصوداً به التفضيل تقول: (التلاميذ والتلميذات أحسن الأولاد) و (علي أشجع العرب). مصطفى جواد

قبر الإمام أبي يوسف

قبر الإمام أبي يوسف - وقفت في مجلتكم (754: 6 إلى 757) على مقالة شائقة للكاتب الأديب عبد الحميد أفندي عبادة فوجدت صاحبها يتطلب أوثق المصادر وصولا إلى أمنيته والخلة حسنة ممدوحة إذ قلما نجد رجالا يتحرون المصادر الصادقة، بل يبنون غالباً أحكامهم على (قيل وقال). وقد لاحظت أن حضرة الفاضل لم يعثر على محل قبر الإمام أبي يوسف مع صرف جانب كبير من وقته لهذه الغاية، وفي الآخر أنكر أن يكون قبره في مقابر قريش أي في الكاظمية. ولما كنت ممن انضى رواحل البحث في مثل الموضوع الذي يعالجه الكاتب الألمعي جئت بكلمتي هذه لأدله على تصنيف يحل المعضلة وهو الرحالة البشاري فقد قال في تأليفه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) المطبوع في ليدن سنة 1906 في ص 130 في كلامه عن مشاهد العراق ما هذا حرف: (وببغداد قبر أبي يوسف في مقبرة قريش) وإذا أعترض الكاتب وقال: هذا الكلام يتعلق بأبي يوسف الشاعر قلنا له: لم يتعرض المؤلف لذكر قبور الشعراء والفضلاء والكتاب ومن جرى مجراهم، إنما تكلم على مشاهد الأئمة والصلحاء ومن تزار قبورهم تبركا. ولهذا لم يتعرض في ذلك الفصل إلا لذكر من تستجاب دعوتهم ثم أن تعدادهم مع تسميتهم كاف لإظهار الحقيقة. ولهذا أظن أن المرحوم محمود شكري الآلوسي كان قد أستند إلى هذا المؤلف في كلامه عن محل قبر أبي يوسف وأنه في الكاظمية (مقابر قريش). وأنت تعلم أن البشاري حجة في ما يقول أولا لأنه كان حيا في المائة الرابعة للهجرة (المائة العاشرة للميلاد) ولأن أبا يوسف توفي في أواخر المائة الثانية للهجرة (أي سنة 182هـ أو 708م)، فشهادته إذن من أحسن الشهادات لقدمها ولا سيما حين تعلم أن ابن خلكان هو من أبناء المائة السابعة للهجرة أو الثالثة عشرة للميلاد - ثانيا لأن البشاري كان ثبتا في ما يرويه ولا يلقي الكلام على عواهنه وكتابه خال من ذكر الخرافات والأوهام وأنواع الأضاليل؛ والإفرنج يجلونه

اليوبيل

كل الإجلال ويعرفونه بالمقدسي، أما السلف فلا يعرفونه إلا بالبشاري، وهو محمد بن أحمد بن أبي بكر البناء، أبو عبد الله البشاري المقدسي ومقدمة كتابه تشهد بعلو كعبه إذ قال: (أعلم أني أسندت هذا الكتاب على قواعد محكمة وأسندته بدعائم قوية وتحريت جهدي الصواب. وما استعنت به على تبيانه سؤال ذوي العقول من الناس، ومن لم أعرفهم بالغفلة والالتباس، عن الكور والأعمال في الأطراف التي أبعدت عنها، ولم يتقدر لي الوصول إليها فما وقع عليه اتفاقهم أثبته، وما اختلفوا فيه نبذته. وما لم يكن لي بد من الوصول إليه والوقوف عليه قصدته، وما لم يقر في قلبي ولم يقبله عقلي لسندته إلى الذي ذكره أو قلت: زعموا. . .) اهـ. فأنت ترى من هذا العرض الوجيز أن أحسن التقاسيم من المصنفات الجليلة التي تعقد عليه الخناصر. وحجته من امنع الحجج وكفى. ب. م. م اليوبيل اليوبيل (بضم الياء وإسكان الواو وباء مكسورة يليها ياء سانة فلام) كلمة عبرية معناها آلة ينفخ فيها تبشيرا بيوم التحرير أو الإطلاق أو الخلاص، وهو يوم كبير كان اليهود يحتفلون به كل خمسين سنة ويعفون فيه من الديون على أنواعها، ويعيدون المواريث إلى أصحابها الأقدمين ويحررون جميع العبيد الذين في بيوتهم (راجع سفر اللاويين 10: 25 وما يليها ففيها تفاصيل جمة مفيدة). أما الكاثوليك فيسمون يوبيلا يوم الغفران الكامل العظيم. يقام باحتفال جليل عام في ديار النصرانية جميعها ويمنحه أمام الأحبار في بعض الأزمنة وفي بعض الفرص. وقد أدخله البابا بونيفاطيوس في الكنيسة في سنة 1300 وجعله مرة فغي كل قرن (أو مائة سنة) ثم نقله البابا أقليمس السادس في كل خمسين سنة. وحوله البابا أربانس إلى كل ثلاث وثلاثين سنة. ونقله سكستس الرابع إلى كل 25 سنة ثم توسع فيه القوم فأطلقوه على كل يوم فرح عظيم بلا حصر في المدة.

ثياب الشرق في بلاد الغرب

ثياب الشرق في بلاد الغرب طالعنا في جريدة (الاتحاد) المصرية الصادرة في 25 - 11 - 28 مقالة بعنوان (أثر النفوذ الإسلامي في الفن الأوربي) وهي خلاصة محاضرة المدام ديفونشير حاضرت فيها الجمعية الجغرافية الملكية. وقد قالت فيها: (فالنسيج المعروف حتى اليوم بالموسلين لم يأت إلا من (الموصل). وهذا القماش الإيطالي المسمى (بالداكو) يدل معناه على كلمة الخدر أو المظلة (؟ كذا). أما القماش الذي يسميه الإنجليز (دينيتي) فأصله من مدينة (دمياط). اهـ. قلنا: لقد صح كلامها في الموصلي والدمياطي وبالفرنسية أما في (بلداكوا) وبالفرنسية فلم يصح لأن (البلداكو) مشتقة من (بلداك) وهذه تصحيف قبيح لكلمة (بغداد) فالبلداكو بمعنى المظلة مشتق من الثوب (البغدادي) وكان يجلبه الإفرنج إلى بلادهم ليتخذوا منه المظال. أما توجيه السيدة فلا قائمة له يقوم عليها. وهناك ثياب أخرى أصلها من الشرق ويحسن بنا أن نذكرها على حروف الهجاء الإفرنجي: بعلبكي ومن أهل بعلبك انتقل إلى ديار الهند في بنغال فصنع هناك أيضا. بوقاسي نسبة إلى بوقاس بلدة بين حلب والمصيصة. أو قائم قاليقوطي (كلكتي) نسبة إلى قاليقوط أو كلكتة في كنبائي نسبة إلى (كنباية) في خانقيني

نسبة إلى (خانقين) من نواحي السواد (العراق) سابقا والآن هي في ديار والعراقيون يقولون جيت (بالجيم الفارسية المثلثة وهي أصح). فتر (ككبد) ضرب من الثياب كانت النساء يتخذونه في أول الأمر من الفسطاطي وله طيات كثيرة واسعة ولا يتجاوز طوله الركبتين ثم أتخذه الأورام لباسا خاصا بهم فأصبح ثوبا مميزا لقوميتهم. أما كيف حولت طاء فسطاط نونا فمثله كثير في لغتنا وذلك لإحداث معنى جديد فقد قالوا قرطاط وقرطان، الوهط والوهن إلى غيرهما. وذكر الفسطان صاحب محيط المحيط وقال راجع الفستان وقال في هذا الثوب ما نصه: الفستان من لبس النساء بمنزلة القباء أو القنباز للرجال. فارسي والجمع فساتين. اهـ. وقد رأيت أنه عربية نسبة إلى فسطاط التي يقال فيها أيضاً فستات بتاءين فاصل فستان أو فسطان فستاني أو فسطاني ثم حذفت ياء النسبة كما حذفوها من جهرمي وأجنبي وبلخشي فقالوا: جهرم وأجنب وبلخش إلى غيرها. وقد وردت الفشطان بالشين المعجمة أيضا. قال ابن بطوطة في رحلته: وكنت أراه (قاضي مكة) حين ذلك لابسا جبة بيضاء قصيرة من ثياب القطن المدعوة بالفشطان (وفي بعض النسخ بالفسطان) كان يلبسها في بعض الأوقات. اهـ. نسبة إلى فسطاط مصر وكان يصنع فيها أفخر ثياب الكتان ذات الخمل الدقيق وفيها شيء من القطن. غرناطي نسبة إلى (غرناطة) في نسبة إلى درب الحبش في

لاوندي (أي شرقي) مضام ويعرف في العراق باسم الخورشيدي أيضاً والكلمة مأخوذة من اسم بلدة في الهند اسمها مدابولام. (نسبة إلى ماصوليباتام في الهند). (وهو ضرب من الثياب تتخذ منه القرام للمقاعد) مور (ثوب يتموج تموج ماء البحر) مور (من باب التفعيل) أي جعل ظاهر الثوب يتموج مهاباذي (نسبة إلى مهاباذ قرية شهيرة بين قم وأصبهان) مولتاني أو ملتاني (في الهند) ننكيني نسبة إلى (ننكين) في بكيني نسبة إلى مدينة (بكين) في صاية محرفة عن شاية أو شيه وهذه عن ساج لنوع من الثياب. سيامي أو صيامي نسبة إلى (سيام أو صيام) عتابي (بتشديد التاء نسبة إلى العتابيين وهي مجلة في بغداد كان يصنع فيها هذه الثياب. وقد ذكر العتابيين ياقوت الحموي في مادة جهار سوج ودار القز ولم يذكرها في مظنتها وراجع أيضا دوزي

في كتاب الألبسة ص 10 و436 وراجع كانومير في سفره أخبار المماليك (8: 241: 1 و2: 70: 1 وراجع م. دي. فيانجوس - أخبار الدول الإسلامية في سورية وإسبانية 1، 358 وذكرها النويري في أخبار مصر إلى غيرهم) وممن ذكر الثياب العتابية ابن جبير في رحلته (ص 226 من طبعة الإفرنج): ومن أسماء المحلات (التي في الكرخ أو الجهة الغربية) العتابية وبها تصنع الثياب العتابية وهي حرير وقطن مختلفات الألوان. اهـ. فهذا نص واضح على ما نقوله. وقال دوزي في معجمه: (دونك خبر العتابي: العتابي مجلة من محال بغداد أخذت من اسم عتاب أحد حفدة بني أمية فعرفت بالعتابية. وكان يصنع فيها ضرب من الثياب المخططة المتموجة وهي التي عرفت باسم العتابية والواحد منها عتابي. . .) اهـ وممن ذكر الثياب العتابية الأصطخري وابن حوقل وابن البيطار والإدريسي وكثيرون آخرون. طنجلي (من بلاد الهند) تركي ولا جرم أن هناك ثيابا أخرى لكنها فاتتنا. وأشهر المدن الشرقية التي كانت تصنع فيها أنواع الثياب، فقد كان فيها عدة قرى تعنى بالنسج والحياكة. منها: السبن (كسبب) وكانت تصنع فيها الثياب السبنية وهي أزر سود للنساء وقد تسوى من كتان مخلوط بحرير. - وذكر ابن خلدون في كتابه أخبار الأندلس: الملاحف البغدادية قال: ثمانية وأربعون من الملاحف البغدادية لزينة الخيل من الحرير الذهب - وذكر ياقوت الحموي الحظيرة وقال عنها: قرية كبيرة من أعمال بغداد من جهة تكريت من ناحية دجيل ينسج فيها الثياب الكرباس للصفيق ويحملها التجار إلى البلاد. - وفي المخرم وهي محلة كانت ببغداد بين الرصافة ونهر العلي كانت تصنع فيها الثياب ذات المنافذ مختلفة الأشكال حتى أشتهر اسم المخرم عند جميع الناطقين بالضاد من العوام بمعنى الثوب الممنن النقش أي الدانتيل ثم نقل إلى ما يشبهه

السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي

من الأبنية. وذكر المقدسي في كتابه (ص 128 من طبعة الإفرنج) ما في العراق فقال: ألم تسمع بخز البصرة وبزها وطرائفها. . . وبالأبلة تعمل ثياب الكتان الرفيعة على عمل القصب وبالكوفة عمائم القز والبنفسج في غاية الجودة. وبمدينة السلام الطرائف وألوان ثياب القز وغير ذلك. . . ويصنع بالنعمانية أكسية وثياب صوف عسلية حسنة. وببغداد أزر وعمائم يكانكي رفيعة. ومناديل القصرية والبويبية وصوف تكريت والستور الواسطية. اهـ. قلنا: أما اليوم فقد تلاشت تلك الصناعة ولم يبق منها سوى صنع الأزر الحريرية لأن الثياب الإفرنجية قتلت ما سواها. فعسى أن يأتي يوم تعود صناعتنا إلى ما كانت عليه سابقا. السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي في فهرست المجلد الخامس من لغة العرب: 128: علي الشاه السيد محمد عبد العظيمي والصواب: الشاه عبد العظيمي السيد محمد علي و (الشاه عبد العظيم) بليدة تبعد عن طهران فرسخ دفن فيها السيد عبد العظيم الحسني فسميت به. وبهذه المناسبة نذكر شيئا من ترجمة المرحوم السيد محمد علي فنقول: السيد محمد علي الحسيني الشاه عبد العظيمي: عالم فاضل صالح من أعلام النجف في القرن الرابع عشر، له مؤلفات جليلة وأسفار نفيسة أعرف منها: غرفة المعجزات (جزءان) ط. والإيقاد (في ترجمة النبي وفاطمة والأئمة الاثني عشر) ط. وكتاب (في المواعظ) ط. ورسالة في الرجال أظنها مطبوعة. يروي (بالإجازة) عن الشيخ محمد حسين الكاظمي والملا لطف الله المازندراني ونحن نروي (بالإجازة) عن الشيخ محمد علي الغروي الأوردبادي عنه قدس سره. توفي رحمه الله في النجف ودفن في الإيوان الذهبي بقرب العلامة الحلي. وله عدة أولاد منهم السيد محمد رضا صاحب كتاب اللؤلؤ المرتب في أخبار البرامكة وآل المهلب. ط. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

نظرة في تاريخ مساجد بغداد

نظرة في تاريخ مساجد بغداد وقع نظري على تاريخ مساجد بغداد فبدا لي خطأ أعرضه على القارئ. ذلك أن مهذبه محمد بهجة أفندي الأثري قال حول (مشهد الإمامين في الكاظمية) في ص 117: (وعمر في القرن السابع الهجري عمره البويهيون فيما أظن وبقي على ذلك إلى أيام وزارة ابن العلقمي فعمر القبة. . .) اهـ والذي أعلمه أن دولة البويهيين انقرضت سنة سبع وأربعين بعد الأربعمائة للهجرة (447) أي منتصف القرن الخامس الهجري إلا ثلاث سنين. فالظن في التاريخ شوك وقد قيل (إنك لا تجني من الشوك العنب). أما الذي عمر المشهد في الاحتراق الثاني فهو (أبو نصر محمد الظاهر بأمر الله) وعمره بعده (المستنصر) لأنه أحترق في زمن الظاهر فشرع في عمارته فمات. ثم أتمها المستنصر. وإن المهذب هذا قد ذكر احتراقه الذي حدث سنة (443) فهل من المعقول أن يبقى من منتصف القرن الخامس إلى القرن السابع بلا عمارة؟ وقال المهذب المسطور في ح ص 53: (زعم انستاس هذا أيضا - لغة العرب م3 ص 561 - إن على هذا الباب المسمى اليوم بالباب الوسطاني كتابة مسطورة على جبينه. . . وليس ثمة كتابة وإنما هي على الطلسم الذي أتخذه الأتراك مخزنا للبارود والقنابل ونسفوه ليلة سقوط بغداد بيد البريطانيين. وقد أختلط عليه الأمر فظن ذاك هذا وقال ما قال رجما بالظنون، ولعمري لو كان المؤرخون كلهم على شاكلة هذا الأنبا أو هذا الأب لقلنا على التاريخ العفاء) انتهى بحروفه. قلت إن هذا المهذب أراد بباب الوسطاني (باب الظفرية) الذي سمي باسم محلة الظفرية من محال بغداد. وقصد بالطلسم (باب الحلبة). أما ما ذكره من تكذيبه الأب أنستاس واستجهاله إياه فليس في محله لأن الكتابة التي تكلم عليها الأب المذكور لا تزال مرقومة ثابتة على باب الظفرية (الوسطاني) وترى على الوجهة الجنوبية وقد تبحثتها يوما بعد يوم حتى قرأتها واليكها أيها القارئ فهي

حقيقة تاريخية يجب أن تضطم عليها جوانح التاريخ: (ولا زالت دعوته المباركة للدين قواما وللإسلام نظاما ودولته القاهرة سكينة للأمة واعتصاما ولمدينة السلام بابا وأنوارا) اهـ. والغريب المستنكر أن الأثري نقل ذكره سطورا ما نصه (وافق الفراغ في سنة ثمان وعشرين - ثمان عشر - وستمائة) فذكر العشرة مع أنها مركبة والمعدود مؤنث. فيجب إذن لأن العربية لم تنحط في زمان الناصر لدين الله إلى هذه الدركة السفلى من الغلط. مصطفى جواد نظرة في مقالة: الشيخ فخر الدين الطريحي هذه المقالة كثيرة المنافع تبحث عن ترجمة أحد أعلام النجف فغي القرن الحادي عشر الهجري وفي أثناء مطالعتي لها عثرت على بعض أوهام منها: في هامش ص 725: الشيخ بهاء الدين محمد بن عبد الصمد بن الحسين والصواب الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد (راجع روضات الجنات ص 532 وأمل الآمل طبعه العجم ص 450 ولؤلؤة البحرين ص 15 والكشكول ص 386) وفي ص 727: وكتاب (حاشية على المعتبر للمحقق الحلي) ثم عرف المحقق الحلي في الحاشية بالشيخ الطوسي والصحيح أن المحقق الحلي هو الشيخ جعفر بن الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي الهذلي صاحب المؤلفات العديدة التي منها كتاب الشرائع وكتاب مختصر الشرائع وهو الذي شرحه الطريحي واسماه بالضياء اللامع توفي عام 676هـ (1277م)، فأين هذا من ذاك؟ وفي هامش ص 727: أخذ عن الشيخ المفيد بن النعمان وأخذ عنه علم الهدى السيد المرتضى، والصحيح أن يقال: أخذ عن الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان وعن علم الهدى السيد المرتضى (راجع روضات الجنات ص 581 ولؤلؤة البحرين ص 248)، أما السيد المرتضى الذي أخذ عنه فهو غير علم الهدي بل هو أبو الحسن المطهر ابن أبي القاسم الديباجي (راجع روضات الجنات ص 584) وفي هامش ص 730: السيد نعمة الله الجزائري صاحب الأنوار النعمانية المتوفى سنة 1117هـ. والصواب سنة 1112هـ أي عام 1701م (راجع روضات الجنات ص 222 والهيئة والإسلام ص 16)، محمد مهدي العلوي

خزائن كتب إيران

خزائن كتب إيران خزانة الحاج الملا علي آقا في تبريز الحاج الملا علي آقا ابن عبد العظيم الواعظ التبريزي الخياباني: عالم جليل من أصدقائنا الصميم، له خزانة كتب عامرة حوت فرائد الأسفار وبدائع الآثار ونحن نصف الآن مخطوطاتها مرتبة على حروف الهجاء. الهمزة 1 - الإجازة الكبيرة للسيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الموسوي الجزائري: أشار فيها إلى أحوال جملة من مشايخه وأفاضل عصره وكأنه وضعها تكملة لكتاب أمل الآمل وتداركا لما فاته. 2 - الاختصاص للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان المتوفى سنة 413هـ 3 - آداب الرياضة وطريق السلوك مطابقا للشرع المطهر للملا محمد تقي المجلسي الأصبهاني المتوفى سنة 1070هـ: بالفارسية. 4 - آداب المتقين للملا أحمد ابن الملا محمد الرستاقي: بالفارسية. 5 - الأربعين لأسعد بن إبراهيم بن الحسن بن علي الأربلي: قال في مقدمته: حدثني الشيخ الإمام الحافظ الحسيب النسيب جمال الدين ابن الدحية والحسين المغربي الأندلسي سنة عشر وستمائة. 6 - الأربعين عن الأربعين لأبي سعيد محمد بن أحمد الحسين النيسابوري الخزاعي: قال في مقدمته: أخرجت أربعين حديثاً عن أربعين رجلاً من شيوخي وسميتها الأربعين عن الأربعين في فضائل علي أمير المؤمنين. 7 - الأربعين عن الأربعين من الأربعين للشيخ منتجب الدين علي بن عبد الله ابن الحسن بن الحسين بن بابويه القمي: كتاب جليل يشتمل على أربعين حديثا عن أربعين شيخا عن أربعين صحابيا من أربعين كتابا وألحق بآخره أربع عشرة حكاية في فضائل الإمام علي عليه السلام ومعاجزه. 8 - الأستنصار في النص على الأئمة الأطهار لأبي الفتح محمد بن علي

الكراجكي المتوفى سنة 449. 9 - الاستيعاب في بيان ترجمة الآل والأصحاب للشيخ عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي الأندلسي المالكي المعروف بابن عبد البر المتوفى سنة 463 10 - أصل (من الأصول) في الحديث لبعض القدماء من أصحابنا علماء الشيعة الإمامية ولم نقف على أسمه. 11 - أصول العقائد وجامع الفوائد للملا محمد هادي بن اللوحي الموسوي الحسيني السبزواري، بالفارسية. 12 - الاعتقادات في الكلام للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. 13 - الأعمال المانعة من الجنة لأبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي. 14 - الأمالي للشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان. 15 - الأنوار المضيئة في الحكمة الشرعية للسيد بهاء الدين علي بن عبد الحميد الحسيني النيلي النجفي، كتاب في خمسة مجلدات (أولها) في علم الكلام على طريقة الشيعة الامامية و (ثانيها) في بيان الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والعام والخاص والمطلق والمقيد إلى غير ذلك و (ثالثها) و (رابعها) في فقه آل البيت و (خامسها) في بيان أسرار القرآن والقصص الظريفة والأخلاق والآداب والسنن والأدعية. 16 - إيضاح دفائن النواصب (المعروف بمائة منقبة) لأبي الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن شاذان القمي، أورد فيه مائة منقبة من طريق أهل السنة والجماعة. الباء 17 - بحر العلوم للميرزا حسن الزنوزي (الملقب بشيخ الإسلام وهو من السادة الشرفاء) بالفارسية. التاء 18 - تاريخ الأئمة لأبي محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن الخشاب المتوفى سنة 567هـ لها بقية سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

صدى اليوبيل

صدى اليوبيل لغة العرب عن مجلة (السفير) الصادرة بالإسكندرية في 18 ديسمبر سنة 1928 تبدأ زميلتنا الغراء (لغة العرب) التي تصدر عن بغداد سنتها السابعة في مستهل العام الجديد ولكنها - تلبية لرجاء قرائها - بادرت إلى إصدار عدد ممتاز خاص بيوبيل العلامة الكبير الأب أنستاس الكرملي، فجاء تحفة أدبية شائقة لما تضمنه من نفيس المنثور والمنظوم الذي وجه إلى الأب عن جدارة وأهلية. وإذا ما ذكر الأب الكرملي ذكر التبحر اللغوي العظيم والتضلع النادر من فقه اللغة على أصول علمية صحيحة يكفي للدلالة عليها مقالته الممتعة التي نشرتها زميلتنا مجلة (الهلال) في عدد ديسمبر. فلا غرو إذا عد الحجة الثقة والإمام اللغوي الأكبر في هذا العصر بين أبناء العربية. ونحن من أجل ذلك نرحب بعلمه الغزير ونتمنى لزميلتنا (لغة العرب) التي يرأس هيئة تحريرها العمر الطويل لخدمة الضاد وأبنائها، كما نحث جمهرة الأدباء - المحافظين والمجددين منهم على السواء - أن يقبلوا على فرائدها اللغوية النفيسة. وبدل الاشتراك السنوي جنيه مصري يرسل مقدما إلى إدارة المجلة في بغداد أو يدفع إلى مكتبه العرب بشارع الفجالة بالقاهرة أو إلى المكتبة الإنجليزية بشارع زغلول بالإسكندرية. يوبيل العلامة الكرملي عن مجلة المباحث التي تصدر في طرابلس لبنان لصاحبها الكبير المؤرخ الشهير جرجي ينى في جزئها الصادر في السنة 20 منها ص 308: ذكر من قبل في (المباحث) إذاعة اللجنة الكريمة المؤلفة في بغداد لتكرمة العلامة الكبير الأب أنستاس ماري الكرملي المشهور بجليل بحوثه العلمية واللغوية والأدبية. وقد أنصل بنا أن الحفلة عقدت في دار حضرة صاحب الدولة عبد المحسن

بك السعدون رئيس وزارة العراق وشهدها نائب كريم عن جلالة الملك فيصل المعظم وبعض الوزراء الكرام وجمهرة من العلماء والعظماء حتى غصت بهم الدار على رحبها، وذلك إجابة لدعوة اللجنة المؤلفة من عظماء القوم وفي صدرهم صاحب المعالي يوسف أفندي غنيمة وزير المالية. وقام على رئاستها الفيلسوف الشاعر جميل صدقي أفندي الزهاوي الذائع الصيت. ولما أكتمل الحشد، فتحت الحفلة بالنشيد المنسوب لجلالة ملك العراق فوقف الأستاذ جميل صدقي أفندي لأول مرة بصفته رئيس اللجنة ورحب بالذين لبوا الدعوة ترحابا بليغا ثم تلاه الفاضل أحمد أفندي الصراف كتوم اللجنة فألقى خطبة غراء ذكر بها فضائل المحتفي به وجهوده العلمية ومناقبه وتلا ما ورد على اللجنة من البرقيات والرسائل. وما جلس حتى عاد جميل صدقي أفندي ثانية فوقف بصفته عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق وتلا منه رسالة بتهنئة العلامة ووصف كمالاته وتلاه الفاضل رفائيل أفندي بطي فخطب خطبة شائقة أجاد فيها بوصف المحتفى به. وعاد بعده للمرة الثالثة الأستاذ الشاعر جميل صدقي أفندي فنشف الآذان بسماع قصيدة غراء وصف بها العلامة الكرملي وأعماله وصفا يخلب الألباب كعادته. ولما انتهى وقف صاحب المعالي توفيق بك السويدي وزير المعارف فأثنى على الأب الجليل وكمالات صفاته وآدابه وأعماله العلمية. وعندئذ وقف العلامة المحتفى به وقال قولا جميلا أظهر به ما تجعل به من الوداعة والتواضع منكرا ما شهد له به الملأ من الفضل وإجادة العمل واستحقاقه الاحتفال بتكريمه من أفاضل الناس. أما المباحث فتهنئ أستاذها العلامة الجليل بعيده الذهبي الخمسيني وتدعو له بطول العمر والبقاء معافى نشيطا ليجتاز عيده الألماسي والناس من حوله يجنون فوائد علمه الراسخ وأدبه الجم.

فوائد لغوية

فوائد لغوية إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا كتب من يصعب علي أن أذكر اسمه مقالة في إحدى جرائد بغداد ينتقد بها بعض ما كتبته في (لغة العرب) حسدا ومغالطة. وقد نسب المواضيع التي انتقدها إلى (الأب أنستاس ماري الكرملي) مع أنها موقع فيها بتوقيعي الصريح ورمى الكرملي بكلام أقذع له فيه أي إقذاع!! ولا عجب من ذلك فلسوقنا الأدبية غرار لا درة. وإني لأعظم من أن أسابه وأقرصه بالقوارص لتنزهي عن ذلك ولأن مني هذه المجلة التي أشادت بذكره إحسانا إليه: خدمة اللغة العربية وتخليصها من شوائب الجامدين وعبث العابثين الذين حداهم نقصان تربيتهم على مجازاة مشجعهم جزاء (سنمار). ومثل هؤلاء كمثل (الملاح) الذي أعياه الماء بانحداره على سفينته فأنه يستند إلى لجام السفينة ظانا أنها تشق عباب الماء مع أنه يغش نفسه بنفسه. وذلك يذكرني قول النابغة الذبياني: يظل من خوفه (الملاح) معتمدا ... بالخيزرانة بعد الأين والنجد 1 - قال هذا في أول كلامه (بمناسبة صدور الجزء الأول من المجلد السابع لمجلة لغة العرب الخاص بيوبيل الكرملي. . . أريد أن أقدم) ويرى القارئ أنه ترك المعنى مبهما بعد (مناسبة) إذ لم يذكر (الذي ناسبه صدور الجزء) والجهل ظاهر ولو غطي على شناعته بزخرف القول. فالمعروف أن يقال (ناسب هذا الأمر ذلك الأمر) و (بمناسبة هذا الأمر لذلك الأمر أريد أن أقدم. . .) وكيف لهذا الناقد بهذا التحقيق وهو بعيد عن العربية! 2 - وقال عن الكرملي العلاقة متقولا عليه (أتخذ صومعته بمثابة قلعة لمحاربة لغتنا الشريفة وخرقه - سياج حرمة أئمتنا - الأعلام) وإلى مثل هذا يلجأ ضعفاء الحجج. فكأن العلماء ساروا كلهم على وتيرة واحدة ولم يختلفوا

في تفسير القرآن العزيز ولا نقل الأحاديث ولا تفسيرها ولا مفردات العربية وكأن الدنيا خلت من نقد القاموس للصحاح واستجهال صاحب الجاسوس لصاحب القاموس ومن الفلك الدائر على المثل السائر ومن أشباه ذلك التي لا تحصى. والمستقذر أن قوله (سياج حرمة أئمتنا) هو قلعة حارب فيها (بلاغة العربية) ولكن لا لوم عليه لأن محاربته صدرت عن جهل والجاهل يعلم (بتشديد اللام). قلت ذلك لأنه (تابع الإضافات) في جملته والمطلع على علم البلاغة يستقذر (تتابع الإضافات) مثل (حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي) ومثل (سياج حرمة أئمتنا) فليعلم إنني جاهل مثله فمرحبا بمن يعلمني نزيها. 3 - في ص 661 من لغة العرب ادعيت أن المنادى المعرفة المختص بمثل (يا علي) و (يا أيتها النفس المطمئنة) و (يا جوابان) يجب أن نرفعه فيكون مبنيا محله الرفع. وما ضربت تلك الأمثلة إلا ليخرج المضاف المعرفة من قولي (المنادى المعرفة). وقلت محتجا على العلماء (إن البناء يحذف التنوين فقط) واستدللت على ذلك باسم (لا) النافية للجنس لأنه معرب الأصل يقبل التنوين فلما بني حذف منه التنوين مثل (لا مغالط شريف) فقال هذا الرجل مسندا إلي الضمير (لأن البناء في زعمه هو إسقاط التنوين وكلام هذا الخابط مفند من ثلاثة وجوه) (كذا) اهـ. مع إني لم أقل ذلك وإنما قولي (إن البناء يحذف التنوين فقط) فتأمل يا منصفا وأي عجب تعجب إذا علمت أن قولي ليس بعام بل هو جواب لمن يدعي أن البناء في المنادى المبني يقلب الفتحة ضمة والياء ألفا وواوا لأنه لو جاز ذلك لجاز أن نقول (لا رجل حاضر) بضم الرجل و (لا عاقلان مغالطان) و (لا عاقلون مغالطون) لأن ذلك مبني وهذا مبني ولأن الأول معرب الأصل ولأن الثاني معربه أيضا. أما أنهم جوزوا نصب النعت لذلك المنادي فهو تأييد لقولهم المطعون فيه لغرابته. 4 - وأنظر إلى قوله (ثلاثة وجوه) تعرف مقدار علمه لأنه استعمل (جمع الكثرة) في موضع (جمع القلة) أي (ثلاثة أوجه) وإذا قلت له (هذه بضاعتك يا أيها الفتى) قال لك (قد استعمل جمع القلة مكان جمع الكثرة) وما عليك حينئذ إلا أن تقول له (ذلك سماعي واضطراري فلا تعبث بالقواعد

الثابتة من أجل غلطك البارز). 5 - قلت (أو لم يروا إلى اسم (لا) النافية للجنس فأنه عند بنائه لم يمتنع ظهور علامة النصب عليه) فقال هذا الناقد (فظن هذا الموسوس أن فتحة أسم (لا) فتحة إعراب فأراد أن يقيس عليها ضمة المنادى والحقيقة أنها (فتحة بناء) وأنه يقال: مبني على الفتح في محل نصب لكن الأغبياء تقصر أذهانهم. . .) وبعد تقدمي الأدلة يظهر الغبي المتعسف للقارئ. قال ابن عقيل في شرح الألفية (وذهب الكوفيون والزجاج إلى أن (رجل) في قولك (لا رجل) معرب وأن (فتحته: فتحة إعراب لا فتحة بناء وذهب المبرد إلى أن (مسلمين ومسلمين) معربان اهـ. أفانا الموسوس أم هو؟ فقولنا (لا رجل حاضر) تكون الفتحة فيه للبناء والإعراب فهي علامة نصب قبل البناء وبعده وقولنا (لا مسلمين حاضران) تكون الياء فيه للإعراب والبناء وهي علامة نصب قبل البناء وبعده وقولنا (لا مسلمين حاضرون) تكون الياء فيه للبناء والإعراب وهي علامة نصب قبل البناء وبعده. ورب قائل يقول كيف تجع البناء والإعراب وهما متضادان قلت (هذا محصول قول العلماء فأنهم أجازوا الإعراب والبناء في هذا المحل ولم يذهب العلماء هذين المذهبين إلا لجواز الاشتراك بينهما. فتأمل يا منصفا. 6 - وقال في معرض كلامه (كما يعلم ذلك أقل التلاميذ) ولم أهتد إلى صواب في هذا القول. فالخطأ تركه (أقل) من دون تمييز فأحتمل قوله وجهين الأول (أقل التلاميذ معرفة) والثاني (أقل التلاميذ جهلا) فتطلع أيها القارئ الغيور على العربية إلى لغة هذا الكتاب الضليع!! 7 - كتبت في ص 665 شيئا حول الإقحام وضربت مثلا قول من قال (عطر وريح عمرو) و (كتاب وقلم العالم) وقلت إن الأصل (عطر عمرو وريحه) و (كتاب العالم وقلمه) نقل هذا الناقد الحسن الأخلاق (وهذا غاية في الرعونة وقد ارتكب عدة خطيئات لا تغتفر - 1 - أعتبر المسألة من باب الإقحام ظاناً أن لفظة (العالم) مضاف إليه للفظة (كتاب) فتكون لفظة (قلم) مقحمة بين شيئين متلازمين وليس الأمر كذلك بل كتاب مضاف

إلى العالم المحذوف استغناءا عنه بالمذكور والمسألة مبسوطة في باب النعت قال ابن مالك. . .) ثم قال - 2 - ومثلوا لذلك بقول العرب (قطع الله يد ورجل من قالها) اهـ. قلت إن جهل الرجل دفعه إلى ذلك القول الذي جعله نصا عاما. وما قدمه إلا ناشزة عن هذا العلم لأن البيتين اللذين احتج بهما قد ضمنا (مذهب المبرد) ولم يجد حتى الآن من يعلمه أن المذهب الذي ذكرته هو مذهب سيبويه. قال ابن عقيل في شرح (ومذهب سيبويه أن الأصل (قطع الله يد من قالها ورجل من قالها. فحذف ما أضيف إليه (رجل) فصار (قطع الله يد من قالها ورجل) ثم أقجم قوله (رجل) بين المضاف الذي هو (يد) والمضاف إليه الذي هو (من قالها) فصار (قطع الله يد ورجل من قالها. فعلى هذا يكون الحذف من الثاني لا من الأول) اهـ. فأطلع يا أيها القارئ على علم الرجل وتخطئته ما لم يدرسه في ثلاثين سنة قضاها في درس العربية. أما وضعي الضمير مكان الظاهر فلا يجوز الطعن فيه إذ لا فصيح يقول (كتاب العالم وقلم العالم) من دون اضطرار. 8 - وقلت في ص 595 حول (ولا سيما): (لا حرج علينا في إحلال (ما) محل لام الجر المحذوفة) فقال هذا الرجل (فيقال هنا: لقد قست زائدا على غير زائد لأن ما القائمة مقام كان غير زائدة و (ما) في (لا سيما) زائدة وهذا بعد عن المنطق) اهـ قلت إن (ما) قد عدها العلماء موصولة ونكرة وزائدة ووجهان يرجحان وجها واحدا. وبذلك تبطل دعواه التي قال بصحتها قول المتأكدين المتبحرين فيا عجباه. والمستغرب أنه نسب إلي النطق بأن المصدرية في قوله (أبا خراشة أما أنت ذا نفر) بكسر الهمزة لكون المطبعة قد وضعت الهمزة تحت الألف الخطية. فكيف تجوز مجادلة من يستمسك بالمغالطة والمراوغة ليغلب من هو أنفذ منه بصيرة. وأرسخ قدماً؟ أما ادعائي أن (سي) في قوله (ولا سيما تيم بن مرة) تكون معروفة إذا أضيفت فمبني على (إن المضاف إلى معرفة: معرفة) فإن ثبت ضده فأني مخطئ لا محالة. 9 - لم يغلط السيوطي إلا غلطة واحدة إن جلال الدين السيوطي مثل في باب التنازع لأعمال العامل الثاني (رأيتهما

وأكرمت أبويك. ضرباني وضربت الزيدين) وكنت قد خطأته في ضربه هذين المثلين مع أن الرجل لم يخطئ إلا في المثل الأول لأنه ترك (الهاء) في (رأيتهما) وهي تعود إلى المتنازع مع أن العامل الأول مهمل والثاني معمل، فتخطئتي له في المثل الثاني فلتة مي (ففلتة منه وفلتة مني) والمنتبه لا يعاتب بل يشجع. 10 - ابن عقيل يخطئ القرآن عن غير قصد منه قال ابن عقيل في شرحه (وأما: إن وأن فيجوز حذف حرف الجر معهما قياسا مطردا بشرط أمن اللبس كقولك (عجبت أن يدوا) والأصل: عجبت من أن يدوا. أي من أن يعطوا الدية. ومثال ذلك مع (أن) بالتشديد (عجبت من إنك قائم) فيجوز حذف (من) فتقول (عجبت إنك قائم) فأن حصل لبس لم يجز الحذف نحو (رغبت في أن تقوم أو في أنك قائم) فلا يجوز حذف (في) لاحتمال أن يكون المحذوف (عن) فيحصل اللبس) اهـ. فالقارئ يرى أن ابن عقيل منع أن يأتي (رغب) من غير حرف جر مع أن القرآن العزيز قد ذكر ذلك ففيه (وترغبون أن تنكحوهن) فهو مخطئ للقرآن من دون قصد. أما رد الناقد المذكور علي فهو قوله (فيقال لهذا المتعجرف: إذن ما معنى قول ابن عقيل (فإن حصل لبس؟ أليس معناه: إن لم يحصل لبس جاز حذف) قلت: أنار الله بصيرتك: إن ابن عقيل (جعل اللبس حذف الحرف عن هذا الفعل وجعل زوال اللبس وروده معه) أفلم تقرأ قوله (فلا يجوز حذف - في - لاحتمال أن يكون المحذوف - عن - فيحصل اللبس)؟ فإنه منع الحذف منعا باتا فما هذا النقد البارد الباطل؟ 11 - وفي ص 534 انتقدت (مختار الصحاح) في استعمال العرب (طائلا) وذكرت قول (ابن أبي عيينة) وكتب في المجلة (أبو عيينة) سهوا: فإن ظفرت كفاه منك بطائل ... فما ظفرت كفاك منه بطائل وقد وقع فيه سهو والأصل: فقد ظفرت كفاه منك بطائل ... وما ظفرت كفاك منه بطائل وقلت (فقد جاء طائل غير مجحود مرتين في بيت واحد) فقال هذا الناقد

الجهبذ (احتج بقول عزاه إلى أبي عيينة (ابن أبي عيينة معرضا بعيسى العباسي وهو مولد على ما يظهر واللغة لا تثبت بأقوال المولدين) قلت: إذا كان الأمر كذلك فمن أجاز لك أن تقول (مستلفتا نظر المجمع العلمي)؟ وأي جاهلي أو مخضرم أو مولد ذكر لك (استلفت ومستلفتا). ومن أجاز لك أن تقول في غير هذا النقد (واستشكلوا قولي) فهل غير المولدين المتأخرين جداً ذكروا (استشكل)؟ وكيف يصدق صاحب القاموس وهو يعزو القول إلى علمه إلا قليلا؟ ثم قال (والصواب أنه محجود في الشطر الثاني ومعنى كونه مجحودا وروده في حيز النفي) قلت: إنه غير مجحود في الشطر الثاني لأن النفي واقع على الفعل وإنما يراد بالجحد قولهم (لا طائل فيه وهذا غير طائل) والدليل الناطق على ذلك قبوله الجحد فيقال (وما ظفرت كفاك منه بلا طائل) (أو وما ظفر كفاك منه بغير طائل) فلو كان مجحودا في الشطر الثاني لما قبل الجحد ولا أنقلب معناه فتدبر. 12 - وقلت في ص 534 (حصر الماضي والمضارع بالا) فقال هذا الناقد العلامة (قال في العنوان: حصر الماضي والمضارع بالا. مع أن المحصور لا يأتي بعد (إلا) بل قبلها فصواب العبارة (الحصر في الماضي والمضارع بواسطة إلا) اهـ. قلت: إن أمر هذا الرجل غريب فليقرأ قول ابن عقيل في باب المبتدأ والخبر (الثالث: أن يكون الخبر محصورا بإنما نحو: إنما زيد قائم، أو بالا نحو: ما زيد إلا قائم) اهـ. فليس الخبر إلا (قائما) وقد ذكر بعد (إلا) فقيل (محصور بالا) وكيف ينكر علي قولي من يدعي أنه مطلع. وما قيمة من يجهل ذلك؟ 13 - وفي ص 450 عرفت الإدغام بقولي (الإدغام: إسكان الحرف الأول من الحرفين المتتاليين المتشابهين ونقل حركته إلى الذي قبله الساكن ما عدا حرف اللين إن كان متحركا وإبقاؤه على حاله إن كان ساكنا) فقال هذا الناقد: (لا يخفي أن معنى قوله إسكان الحرف الأول) هو إعدام الحركة فكيف يقول بعد ذلك (ونقل حركته إلى الذي قبله) مع أن المعدوم لا ينقل) اهـ. قلت أراد هذا بالإعدام (الإفناء) وبالمعدوم (المفنى) لجهله لغة العرب

فذلك من أقوال جهلة العربية. ودعواه باطلة لأن الإسكان يستوجب حذف الحركة فإن شاء الحاذق نقلها وإن شاء أهملها ومن ذلك قول الجرجاني (الإدغام في اللغة: إدخال الشيء في الشيء. . . وفي الصناعة: إسكان الحرف الأول وإدراجه في الثاني) اهـ. وقال غير ذلك. فقد قال (إسكان الحرف الأول) مع أن حركته تنقل إلى ما قبله عند اللزوم مثل (رجل مضلل) بسكون الضاد وكسر اللام المخففة ولوجوب الإدغام صارت الكلمة (مضل) بكسر الضاد فالكسرة انتقلت من اللام إلى الضاد. ومن اعتراض هذا الناقد قوله (لدينا من المدغمات ما لا نقل فيه مثل كلمة (صد) فالصاد مفتوح من الأصل) اهـ. قلت هداك الله إلى الحق فما معنى قولي (إلى الذي قبله الساكن) فالصاد متحركة لا ساكنة وما ذنبي وأنت لم تصلح التعريف بالاستدراك الذي نشرته في آخر الجزء السابع وهو إضافة (الساكن) الذي أفلت من القلم. وما فائدة التصويبات؟ ولمن ينشرونها؟ 14 - وقال عن اعتراضي على مختار الصحاح لتفسيره التوت بالفرصاد. (إن اللغويين ولا سيما المتأخرين منهم كانوا يتساهلون في مثل ذلك اعتمادا على القرائن ولم ينفرد صاحب المختار به بل تابعه على ذلك صاحب القاموس) قلت ليس ذلك بحجة لأن له مندوحة عن التجويز والتساهل. وأن رمت الإطلاع على علم صاحب القاموس الذي استشهدته فأشرف على (الجاسوس). والله يعلم أني طالعت مرة في القاموس في مادة (طلع) فوجدته يقول (نعلان مطبقان) فقلت: إن الرجل مخطئ لأن الصواب (مطبقتان) بالتأنيث وراجعت علامتا الكرملي فأراني (الجاسوس) وأطلعني على هذه الغلطة التي سبقتني إليها العلماء الكبار. 15 - قال (يقال الطيب من أنواعه المسك على حسب مقتضى الحال) وهو مخطئ فالصواب أن يقول (بحسب مقتضى الحال) فهذا الفصيح المشهور. 16 - وقال (إن قوله (الجزء لا يشمل الكل) ليس في موضعه إذ ليس هناك جزء ولا كل بل هناك كلي وجزئي وعموم وخصوص) قلت ليس هذا موضع التنطع والثرثرة فليطالع (حصر الكل في أجزائه) في كتاب التعريفات

ففيه (هو الذي لا يصح إطلاق اسم الكل على أجزائه منها حصر الرسالة على الأشياء الخمسة لأنه لا تطلق الرسالة على كل واحد من الخمسة) اهـ. ذكرت ذلك فضلا عن قوله (الكل: في اللغة أسم مجموع المعنى). 17 - وقلت في ص 449 حول الآية (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) ما نصه: (وإن التعليل الذي ورد في مختار الصحاح مضمونه (إن (إلا) موصوف بها) ثم قلت (نقض ما بناه النحويون بتجويزه أن يقال: جاءني القوم إلا زيد بالرفع) فقال هذا المتبحر الغزير الأدب (الثاني: افتراؤه على صاحب الصحاح إذ أسند إليه أن يقال: جاءني القوم إلا زيد بالرفع قياساً على الآية. مع وجود الفرق الواضح بينهما لأن القوم معرفة وآلهة نكرة) اهـ. قلت لو كان الرجل أعمى لما جاز له أن يسند إلي الافتراء على صاحب الصحاح قبل أن يستعين بغيره على التفتيش فكيف وهو بصير؟ والقارئ يرى أنه استبعد من صاحب الصحاح ما نقلته لكون الخطأ ظاهرا وإليك نص المختار (وقد يوصف ب (إلا) فإن وصفت بها جعلتها وما بعدها في موضع (غير) واتبعت الاسم بعدها ما قبلها في الإعراب فقلت: جاءني القوم إلا زيد. كقوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) اهـ. فالقارئ قد علم من المفتري؟ وكيف يبيح هذا لنفسه استجهال العلماء ويقول لي (تجهيله لإمام من الأئمة اللغة وهو صاحب المختار ناقلا عن سلفه فالتجهيل سار إليهم بالطبع) فكيف جاز له أن يقول (مع وجود الفرق الواضح بينهما لأن القوم معرفة وآلهة نكرة) مستجهلاً هذا الإمام الذي مدحه. وما معنى قوله (سار إليهم بالطبع) فالساري مختص بالليل فلم حرم النهار سير التجهيل؟ وكيف يكون (بالطبع) لا بالعادة ولا بالأخلاق (أسرار لغة هذا العالم لا تدرك). وقد قال عني (فجعل كلامه السافل مقابل كلام الأئمة) مع أن نهاية كلامي هي قولي: (وربما كان كلامي عن المستثنى بالا محتاجا إلى التأييد أو التفنيد) فأنظر إلى سخيمته. وأحتج بقلهم (إلا الحماقة أعيت من يداويها) ولم يعلم أن ذلك مثل (وكل أخ مفارقه أخوه، لعمر أبيك إلا الفرقدان). وفقنا الله لخدمة العربية خدمة خالصة طاهرة. الكاظمية: مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة الغا بنتو قرأت في الصفحة 6: 634 من لغة العرب وهما غريبا لكنك معذور فيه. ذكرت أن الغا بنتو رجل والحال أنها امرأة وهي تلميذه صديقي الأستاذ جرجيو ليفي دلافيدا، وكاتبتها مرارا. وقد هيأت للطبع (تملك معاوية) مستلة من كتاب الإشراف للبلاذري. وطلبت إلي أن أذكر لها أين تنشر النص وترجمته إلى الإيطالية وفي أي مجلة. فقلت لها إن الأمر هين لنشر النص العربي وأما الترجمة إلى الإيطالية فأمر آخر. ولهذا لا يمكن أن ينشر النصان إلا في مجلة إيطالية. وذكرت لي أن كتاب البلاذري المذكور جزيل الفائدة من عدة أمور وهذه لا ترى في تاريخ الطبري ولا في سائر كتب الأخبار. بنكهام (إنكلترة) 13 أيلول 1928: ف. كرنكو وجاءتنا رسالة من الآنسة نفسها تقول لنا بتاريخ 28 أيلول (سبتمبر) 1928 أيها الأب المحترم أشكرك على الثناء والأدعية القلبية التي وجهتها إلي في كلامك عن أطروحتي: (الخزائن العربية) كما أشكرك على الجزء الذي تكلمت فيه عني. ولعلك تأذن لي بأن أصلح أمرا بترجمتك إياي، فليس المؤلف من الرجال بل. . . من الإناث، وأن أردت زيادة ففي الإيضاح فأنا صبية. وعسى أن تغير جنسي لا يؤثر على تغيير أمانيك الطيبة بما يتعلق بي وبالخطة التي تفرغت لها وأختم كلماتي هذه ببذل مهجتي تحية وسلاما. الغا بنتو (لغة العرب) نشكر صديقنا الأستاذ (ف كرنكو) على تصحيحه لغلطنا ونزداد إعجابا بالآنسة التي أدهشتنا بتفرغها لدرس لساننا وتضلعها منه في حين أنها لا تجني منه لنفسها ثروة بل يزيدها كذا وجهدا ونفقات. فلمثل ذلك

ليتنافس المتنافسون! اللطفية لا اللطيفية قرأت ما نشرتموه في لغة العرب من النبذة التي كتبتها في شأن مؤتمر المستشرقين (794: 6) وأعجبني ذلك إلا وضعكم علامة الاستفهام على كلمة (لطفية) التي كتبتها سهوا (لطيفية) وأظنكم لم تعرفوا هذه الجمهورية الصغيرة. لطفية من حكومات بحر البلطيك أنشئت هذه الجمهورية في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1918 وهي واقعة في شرقي وجنوبي خليج ريغا. وريغا إحدى مدنها العظمى وسكانها يبلغون زهاء مليوني نسمة وهم خليط من الروس والجرمن والبولنديين والنمسويين والمجر واليهود إلى غيرهم. فإذا رأيتم الفائدة في الإشارة إلى ذلك وتصحيح ما وقع في الجزء السابق ذكره فافعلوه. لندن: كاظم الدجيلي (لغة العرب) نشكر حضرة الشيخ على إفادته ولو ذكر الاسم بصورة (لاتفية) أو (لتفية) لاهتدينا إليها. أما (لطفية) أو (لطيفية) بهذه الصورة العربية المحضة فمما يوهم القارئ. أسلوب سلامه موسى حضرة الأستاذ العلامة صاحب لغة العرب أطلعت على تنويهكم بمجلة (كل شيء) وعلى نقدكم لأسلوب الأستاذ سلامة موسى. فهل تسمحون لي أن أبدي ملاحظة صغيرة خدمة للحقيقة والأدب؟ الواقع أن الأستاذ سلامة موسى له أكثر من أسلوب، كما لأغلب الأدباء البعيدين عن التكلف والتصنع، وذلك حسب مناسبات الكتابة، ولكن الروح الغالب على جميع كتابته هي روح السهل الممتنع والرشاقة الفنية، وهذه تتجلى في أرقى كتاباته بوضوح لا ينكره غير المتعنت. وليس للرجل لذة في استعراض فقه اللغة بكتابته، ولكن لذته الكبرى هي في نشر الثقافة العالية والتهذيب العصري بين الخاصة والجماهير على السواء، ولذلك فهو مضطر إلى التدرج في أساليبه حسب المواقف والمناسبات. ولكنه في رأيي لا يسف بأسلوبه ولا يتحذلق أبدا، بعكس حال معظم ناقديه الذين يرصون المفردات رص الحجارة

ويحسبون ذلك من مختار البيان! وهو بالرغم من ميله إلى الإيجاز شعري اللهجة في غير غموض، كما ترى من وصفه للصور الفنية. وتمثل كتابته زبدة إطلاع جم ولا يعيب ذلك إلا من يعيب على النحل تعدد مصادر شهده فسلامة موسى يقرأ كثيرا ثم يمج ذلك شهدا صافيا لعاشقي أدبه المتعالي عن صغائر الكتاب الشائعة من حقد وحسد وعبث وخصام. . . وإني شخصياً موقن بأن الرجل مخلص في آرائه التي يبثها دائماً بحرارة، وهذا سبب من الأسباب التي تدعوني إلى إكباره، بل السبب العام الذي يدفعني إلى احترام أدباء آخرين قد أخالفهم أو أوافقهم في أكثر نظراتهم وقد يعتبرهم غيري خصوما ولكني أعتبرهم متممين بعضهم لبعض من وجهة الحقيقة والجمال العام، بحيث لا يطيب لي غير التفتيش عن حسناتهم التي توافق نفسيتي وأن تناقضوا بل تناحروا في ميادين شتى! ولذلك أرى أنه من الغبن إنكار أدب سلامة موسى دون أن أكون مضطرا إلى موافقته على جميع آرائه، ولذلك أشكر لكم ما نشرتموه أنصافا لفضل هذا الرجل النابغة، وكل أديب للأديب قريب. الإسكندرية (مصر): أحمد زكي أبو شادي كتاب ثمار القلوب شيء عن مصححه حضرة الإمام اللغوي الجليل صاحب (لغة العرب). بعد التحية والاحترام وشكري لكم على نفائس مجلتكم الثمينة - أطلعت على ما كتبه الأستاذ محمود الملاح نقدا لمصحح كتاب (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) للثعالبي. وإتماما للتاريخ الأدبي أقول: إن مصححه هو الأستاذ محمد حسين الكاتب والصحفي القديم المعروف والموظف بالجمعية الزراعية الملكية بالجزيرة بمصر القاهرة، وهو واضع كتاب (الشعر الجاهلي والرد عليه)، وله مباحث أدبية شتى ممتعة بين قديمه وحديثه. وقد ذكر عنه أحد زملائه إنه كان يعاون المرحوم إسماعيل باشا اباظة في تحرير جريدة (الأهالي) عن نيف وثلاثين سنة خلت، وكانت تصدر مرتين في الأسبوع في أربع صفحات صغيرة وتطبع على آلة بسيطة. ثم أشتغل بتحرير مجلة (الفلاحة المصرية) للمرحوم محمود بك أنيس. ثم بتحرير جريدة (الوطن) لما ابتاعها جندي

بك إبراهيم من المعالم ميخائيل عبد السيد في أواخر سنة 1900م. وتقلب في العمل بالصحف اليومية والأسبوعية، وأشهرها صحيفتا (الظاهر) اليومية و (الإمام) الأسبوعية، وانتهى من الصحافة إلى العمل الكتابي في (الجمعية الزراعية الملكية) مستبقياً صلاته الأدبية المتنوعة واهتمامه الفكري بالصحافة والأدب فهو من جماعة المخضرمين الذين لحقوا الصحافة في أيام أبطالها الأول أمثال المويلحي الكبير وعلي يوسف وميخائيل عبد السيد والشيخين الخيامي والشرباتلي ونصر الدين زغلول ومحمد أبو شادي ولم يبق من معاصريه العاملين في مصر سوى الأساتذة خليل زينيه وفارس نمر ومحمد مسعود وخليل مطران ونجيب هاشم ونجيب فخر وداود بركات وعمر منصور ونجيب شاهين وأحمد حافظ عوض وعوض واصف وأحمد فؤاد وتوفيق حبيب وخليل ثابت. وقد مضى على هؤلاء في التحرير الأدبي ما لا يقل عن ثلاثين سنة، وقد جاوز بعضهم الأربعين سنة في حياته الصحفية. ولم يفت خليل بك مطران أن يشير إلى ذلك في مرثيته لمحمد أبي شادي بك. ولعل الأستاذ محمد حسين لا يفوته الإطلاع على ما نشرته عنه (لغة العرب) بقلم الأستاذ الملاح فيوا فينا بآرائه دفاعاً عن نفسه وخدمة للأدب. مصر: صحفي صغير كتاب الدرر الكامنة قرأت في أعداد لغة العرب السابقة نماذج من (الدرر الكامنة، في أعيان المائة الثامنة) لابن حجر العسقلاني تلك الدرر التي نشرها العلامة المستشرق الألماني فريتس كرنكو عن النسخة المخطوطة لديه من الكتاب المذكور، فسررت جدا، وجذلت لما عرفت أن الرجل العلامة عازم على تمثيله للطبع، وشكرت فضله، وأكبرت همته العالية لإحياء الأثر المنسي وأمثاله، وتصديه لتصحيحه وضبطه بعد البحث والمراجعة، ولما كنت قد شاهدت هذا الكتاب النفيس قبل سنوات في مكتبة البحاثة الكبير العلامة الشيخ علي كاشف الغطاء. نقلت منه في مذكرتي كلمة موجزة من أوله رغبة بإيرادها على صفحات هذه المجلة، عسى أن يكون في ذكرها فائدة للقراء الكرام لكن جاءت عناية العلامة الألماني بنشرة نعمة على نعمة. وتقع النسخة التي شاهدتها في أربع مجلدات وهي

جيدة الخط والورق لكنها سقيمة جدا، من جهة الصحة قال المؤلف في طلعتها، أما بعد فهذا تعليق مفيد جمعت فيه تراجم من كان في المائة الثامنة من الهجرة النبوية من ابتداء سنة إحدى وسبعمائة إلى آخر سنة ثمانمائة من الأعيان من العلماء والملوك والأمراء والكتاب والوزراء والأدباء والشعراء إلى أن قال: وقد استمددت في هذا الكتاب من أعيان العصر لأبي الصفا الصفدي ومجاني العصر للحافظ قطب الدين الحلبي ثم عدد زهاء عشرة كتب مؤلفة في ذلك القرن استمد كتابه منها اهـ. ومن جملة الأغلاط المهمة الموجودة في هذه النسخة أن ذكر المؤلف مرتين في مقامين ترجمة العلامة أبي منصور الحسن بن سديد الدين يوسف بن علي بن المطهر الحلي الشهير صاحب الكتب القيمة التي تنيف على الخمسمائة أنه توفي سنة 726هـ وهو خطأ ظاهر. النجف: عبد المولى الطريحي إعراب مشكل القرآن للجرجاني لا للقيسي طالعت الفهرست المنشور في الجزء التاسع من المجلد السادس من لغة العرب ص 664 عن (الخزانة الرضوية) في خراسان فوجدت الناشر ينسب النسخة المخطوطة من كتاب (إعراب مشكل القرآن) لمكي بن أبي طالب القيسي وأنه توفي سنة 467هـ وهذا خطأ والصواب أنها للإمام عبد القاهر الجرجاني صاحب كتاب دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة المتوفى سنة 366هـ وظني القوي أن الكتاب المذكور طبع قبيل الحرب العامة وقد راجعت إحدى مذكراتي فوجدت أني نسخت بيدي مقدارا من هذا الكتاب ولم أتذكر الخزانة التي وجدته فيها وهو يعزوه إلى أبي عمرو بن العلاء صدر القراء أنه أجاب بهذا الكتاب وما فيه من الأجوبة في المنام، وأول الكتاب ما نصه بعد البسملة: قال الإمام العالم أبو الفرج عبد القاهر الجرجاني بن عبيد الله: أما بعد تكامل المنن والآلاء مبدع الأرض والسماء والصلوة على محمد سيد الأنبياء وآله الطاهرين النجباء. فإني مذ صحبت الزمان. ولله الحمد والامتنان، لا أعرف النوم إلا توهما، ولا تجدني من أخباره إلا مستفهما، ألذ ليالي ما قال الأول:

إني أرقت فبت الليل مرتفعا ... كأن عيني فيها الصاب معصور تستفز عن المنام، إذ لم تكن ... لها منه إلهام ولي مقلة عهدها بالرقاد ... بعيد وبالدمع عهد قريب تحار إذا زار طيف المنام ... كما حار في الحي ضيف غريب والكتاب يحتوي على عشرين صحيفة صغيرة وقد جاء في آخرها قول بعضهم: أيا دهر ويحك كم ذا الغلط ... لئيم علا وكريم هبط وغير يسلب في وجنة ... وطرف بلا علف يرتبط وجهل يسوس وعقل يساس ... وذلك مشغبة مختلط وأهل القرى كلهم ينسبون ... إلى آل كسرى فأين النمط وقائل هذا من قوم لم أشاهدهم، وإن كنت بالضمير لما بيننا أناجيهم (قال عبد القاهر) فتضاعف منه العجب، وقال قد قضينا من الأنس بك غاية الأرب. اهـ النجف: عبد المولى الطريحي نقل رباعيات الخيام في نظر المستشرقين كتب المستشرق فريتس كرنكو في (مجلة الشركة الملكية الآسوية) التي تصدر في لندن ما هذا تعريبه: هذه نخبة من 130 رباعية لعمر الخيام، نقلها مؤلف عربي شهير له سمعة عالية بشعره في العراق وفي الديار العربية اللسان. وقد ذكر لكل رباعية نصها الفارسي وأتبعها بنقلها إلى لغة الضاد نثرا ونظما. وبحر الرباعية يختلف باختلاف المطلب ليؤدي المعنى تأدية دقيقة. وقد دلت ترجمته على علو كعبه في الوقوف على كنه الأمور. على أنني لاحظت في رباعية أن الناقل أبدل معناها مع أنها تدل دلالة صريحة على البدعة والضلالة فقد قال الشاعر الفارسي في رباعيته التاسعة: (ناقص بود آنكه ... باده را نقص كند) ومعناها: كان ضعيف العقل من عاب الخمرة. فلم ينقل هذا المعنى في النظم. وأما في النثر فقد قال: (والذي ينتقصها هو الناقص) وفي ما عدا ذلك فأن المترجم نقل كل نص نقلا بديعا ثم أفرغه في قالب عربي منسجم فصيح جلي بقدر ما تسمح به لغة النثر والنظم في العربية والفارسية.

باب المشارفة والانتقاد

رسالة من المستر هـ. أ. ر. جب أحد مشاهير مستشرقي الإنكليز لندن في 5 سبتمبر سنة 1928 حضرة الأديب العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي المحترم ببغداد. بعد إهداء ما يليق بمقامكم من الاحترام والتحايا، أني أخبرك بأنه لما رجعت من قضاء فسحتي في اسكوتلاند وجدت هنا طردة محتوية على نسخة من (لغة العرب) ومجلدتين من شعر الشاعر الطائر الصيت الغزير المعاني، الأستاذ جميل صدقي الزهاوي، فلا ريب عندي في أن هذه الهدية النفيسة عبارة عن لطفك وحسن ظنك بي. وقد وقعت مني أحسن موقع لا آلوك شكراً عليها. أرجوك أن تبلغ من قبلي حضرة صاحب الديوان المعظم نصيبا وافرا منه وأوكد لك وله أني متشرع في دراسة هذه الآثار دراسة تامة دقيقة بروح أقرب إلى التجلة منه إلى الانتقاد. (انتهى بحروفه) باب المشارفة والانتقاد 1 - شعر طفيل بن عوف الغنوي رواية أبي حاتم السجستاني عن الأصمعي كتاب فيه جميع ديوان الطرماح بن حكيم بن نفر الطائي عني بنشر نصيهما العربيين وترجمتها إلى الإنكليزية فريتس كرنكو، طبع على نفقة شركة ذكرى أ. ج. و. جب في 266 صفحة عربية و78 صفحة إنكليزية بقطع الربع في مطبعة بريل في ليدن (هولندة) ويباع في مكتبة لوزاك وشركائه في لندن شعر طفيل الغنوي من أجل ما يعرف وأمكنه من النفس. وكذا قل عن شعر الطرماح. وقد طبع المتن والشرح بالشكل الكامل فجاء الديوانان من أحسن ما يذخر ومما يزيد نفاستهما أن متولي نشرهما من أوثق المستشرقين إذ هو العلامة

كرنكو الذي أشتهر بتوغله في لساننا وعنايته بنشر كتب السلف. ونحن نستأذن الصديق بإبداء بعض الملاحظات: 1 - إن الحرف المستعمل لطبع هذا المجلد غير حسن ونقط الحروف فيه دقيقة قد لا تظهر بعض الأحيان فيفسد المعنى فقد جاءت خمصانة في بيت الشعر ص 3 س 7 حمصانة بالحاء المهملة؛ 2 - فهارس الأعلام التاريخية والبلدانية غير تامة إذ فيها نواقص. 3 - لا يرى في معجم الألفاظ الغريبة التي وردت في تضاعيف الشعر والنثر طائفة من الكلم التي كنا نود أن نراها بين ما جمعها من هذا القبيل. فقد جاءت مثلا كلمة حدثة كقصبة (ص 5 س 1) مجموعة على أحداث، والأشيب (ص 4 س9) بمعنى الكهل الذي قد نجده مراس الأمور، واستشعر اللون بمعنى أستشرب (ص 7 س 10 و11 و12) إلى غيرها مما لم تذكره كتب اللغة مع أنها جديرة بالتدوين، ومثل هذه الألفاظ التي لا ذكر لها بالمعاني المشروحة في هذا السفر الجليل عشرات عديدة فكان يحسن بالناشر أن يجمعها ويشير إلى محل وجودها من صفحات النص. نعم إنه وضع معجماً للألفاظ الغريبة مشروحة بالإنكليزية لكنها من الطائفة المشروحة في معاجم اللغة. ومع ذلك وجدنا فيها ما لا يوافق معناها الحقيقية أو غير مؤدية المعنى حق التأدية. فقد شرح الحوجلة بما معناه الجرة من الحجر (ص 241 والحرقوص بالفسافس (فيها) واستشعر ص 250 بمعنى أتخذ شيئا تحت الثوب وجعله يلي الجلد) وقد ذكرنا أنها وردت في الديوان المذكور بمعنى استشرب اللون إلى غيرها. أما الحوجلة فهي القارورة الضخمة تكون من الزجاج. والحرقوص دويبة كالبرغوث حمتها كحمة الزنبور أو القراد ومن اسمائها في العربية الهتيك والنهيك والنهيك (بالتصغير) والنهيكة وبالفرنسية 4 - وقع في ضبط الألفاظ حركات وشكلات موهوم فيها. فأنه ضبط الاسم (ص 6) وجميع المصادر المزيد فيها المصدرة بالهمزة مثل الاستشعار والأستشراب (ص 7) والانكباب (ص 9) بهمزة القطع والذي قرره النحاة أنها تضبط بهمزة الوصل، ومن أغلاط الطبع: والنبعة شجر (ص 5 س 12)

وإذا أقورت (فيها س 13) بضم التاء، وهزلت (ص 8 س 17) بصيغة المجهول. ويتكبده كما يتكبد نخلة (ص 11 س 7). وضبط يتكبده الثانية بصيغة المجهول وفيهما ضبطك: إنه من قوله: (معناه أنه بكسر الهمزة. . . والصواب في كل ذلك: والنبعة شجرة، وأقورت بإسكان التاء، وهزلت بصيغة المعلوم في العبارة التي ذكرها وإلا فقد يجيء الفعل بصيغة المجهول في غير هذا المعنى. و (كما تكبده) بصيغة المعلوم. (ومعناه أنه) بفتح الهمزة من (أنه) إلى غير هذه الأوهام. وقد اعتمد الناشر في تصحيح الديوان على تسعة كتب مخطوطة من تصانيف الأدب. وعلى 114 كتابا مطبوعا وعمله هذا عمل خطير كما يشهد له كل منصف ولهذا يبقى سفره من أجل الأسفار التي يعتمد عليها في ديواني طفيل والطرماح. 2 - كتاب نسب الخيل في الجاهلية والإسلام وأخبارها تأليف أبي المنذر هشام بن محمد بن السائب الكلبي ويليه أسماء خيل العرب وفرسانها تأليف أبي عبد الله محمد بن زياد الأعرابي رواية أبي منصور وموهوب بن أحمد الجواليقي، عني بنشرها وتعليق حواشيهما وترتيب فهارسهما جرجس لوي دلا ويدا أستاذ اللغات السامية في جامعة روما العظمى، طبع في مطبعة بريل في مدينة ليدن سنة 1928 في 141 ص عربية و54 ص أفرنسية النص وثلاثة ألواح تمثل النسخة الأصلية تصنيف جليل في موضوعه لمعرفة الخيل ونسبها، وجليل التأليف لأنه يحوي كتابين الأول من وضع ابن الكلبي والثاني من قلم ابن الأعرابي وكلاهما من إثبات العلم اللذين يشار إليهما بالبنان. وقد قدم عليهما الناشر مقدمة من انفس ما يكتب في هذا الموضوع فأنه عرفنا بالنسخة التي طبع عليه سفره وكيف انتقلت من يد إلى يد بحرص دونه كل حرص. فكأنه يتكلم عن أعز ولده ويتتبعه في نشوءه وتنقله من موطن إلى موطن وفي تلك المطاوي صحح أوهام كثيرين تكلموا عن الخيل العراب وفي كل صفحة حاشية ضافية الذيل يقابل فيها موشيها ما جاء في كتب الأقدمين والمحدثين

الذين ذكروا النصوص المأخوذة عن ابن الكلبي أو عن ابن الأعرابي وكذلك فعل بالأبيات الشعرية فأنه عارضها بسائر ما جاء من قبيلها في معاجم اللغة أو دواوين المصنفين وضم هذا المجلد النفيس بثلاثة فهارس أسماء الأفراس، وفهرس أسماء الرجال والقبائل والشعراء والرواة وغيرهم من الأعلام؛ وفهرس أسماء المواضيع والأيام، مما جعل مضامين هذا المجلد على طرف الثمام. وقد وجدنا فيه بعض الأغلاط في الطبع. من ذلك في ص 42 س 7 اللحيين (وضبط اللام بالكسر) والصواب بالفتح. - وفيها س 9 والخز والصواب والخزز بزايين في الآخر. وفي ص 43 س 5 لو كان أعوج نفسه على هذه الحال ما ساوى. وضبط أعوج بالضم أو بالرفع ونفسه بالفتح أو النصب والصواب ضبطهما بالفتح أو النصب. ووقع من (ما ساوى) اللام. والصواب (لما ساوى) وضبط بالكسر لام (لما) في هذه العبارة: (فقال بعض الشعراء (لما) رأى عليه مسلم. . .) والصواب بفتح اللام وتشديد الميم. وكتب (مشائخهم) في ص 45 س 10 بالهمزة والصواب بالياء وفي تلك الصحيفة س 11: يقال له الحموم فبعث إليه فجيء والصواب: يقال لها الحموم أو أن يقول: يقال له الحموم ويقول بعد ذلك فجيء به. ومثل هذه الأوهام لا تحتاج إلى تنبيه لاشتهارها. والذي كنا نود أن نراه هو فهرس للألفاظ التي وردت في هذين الكتابين بمعان لم يذكرها اللغويون في دواوينهم كالعربية الحنيفية (ص 4 س 1) والعرق: السلالة (فيها س 7) إلى غيرها وهي كثيرة. فعسى أن ينظر إلى هذه الملاحظات في طبعة الكتاب الثانية. 3 - العلم والعمران هدية المقتطف السنوية في 339 ص بقطع الثمن كتاب جليل (يشتمل على فصول بسطت فيها قواعد العلوم الطبيعية الحديثة وارتباطها بالمبادئ الفلسفية وما لها من الشأن الخطير في تثقيف العقول وترقية العمران كما جاءت في خطب رؤساء مجمع تقدم العلوم البريطاني (من سنة 1895 إلى 1927)) وبعد هذا الكلام المنقول بحرفه عن هذا السفر الجليل نفسه لا حاجة لنا إلى أن نذكر ما فيه من الفوائد الجليلة والنظرات الفاضحة لبعض

أسرار الطبيعة، وتلك الأمور التي تجب معرفتها في هذا العهد الذي امتدت فيه معارف المرء إلى مسافات شاسعة ولا بد من الوقوف عليها. 4 - رجب أفندي قصة مصرية مزينة بصور عديدة من صنع حسين أفندي فوزي، طبع في المطبعة السلفية في مصر 156 ص بقطع 16 محمود تيمور بك جلى في تصوير الأخلاق المصرية العصرية حتى سبق كل من جرى في هذا الميدان. ولا نظن أننا وجدنا قصة بنيت حالة المجتمع المصري في طبقته الوسطى والحقيرة كما بينتها يراعه الأستاذ محمود بك ولا جرم أن كتابه هذا يفيد إصلاح المجتمع أحسن من كل وسيلة أخرى تتخذ لهذه الغاية. 5 - أناشيد المحبة قصائد مصورة من نظم الأب رفائيل نخلة اليسوعي، طبعت في المطبعة الكاثوليكية في بيروت سنة 1928 في 96 صفحة بقطع 12، هذه أناشيد تقوية تفيد فائدة جزيلة أصحاب الورع والزهد وتسليهم في ساعات هذا المنفى. فنتمنى لها أن تنتشر في المدارس المسيحية والجماعات المتدينة. 6 - تاريخ حوادث الزمان وأنبائه، ووفيات الأعيان من أبنائه، لشمس الدين محمد ابن إبراهيم الجزري الدمشقي، جزء موجود من كتاب مفقود في خزانة باريس، بقلم حبيب الزيات طبع بمطبعة المحامي في زحلة (لبنان) في 42 ص بقطع الثمن. إذا تولى صديقنا المحقق المدقق حبيب أفندي الزيات أمرا، وفاه حقه من البحث والتمحيص وقام به أحسن قيام. فقد وصف حضرته المخطوط المذكور اسمه فويق هذا فكان وصفا من أبدع الأوصاف. ولهذا نطلب إلى كل من يعاني مثل هذه الأمور أن يطالع بروية هذه الصفحات المفيدة ليتعلم كيف يجاري المجلين في هذه الحلبة التي يكثر فيها اللطيم والسكيت.

7 - جدول الأمراض لمؤلفه الدكتور فؤاد غصن طبع في المطبعة الأميركية في 49 ص بقطع الثمن وضع حضرة الطبيب هذا (الجدول) في الأمراض وسماه بالفرنسية ولا نظن أن هذا التعبير جائز في الفرنسية، وكذلك ما نقله إلى الإنكليزية ونظن أنه لو اكتفى بكلمة لكان أحسن أو كان يجدر به أن يجتزئ بكلمة ولا يجمع بينهما. وفي هذا (الجدول) ألفاظ كثيرة لا نوافقه عليها مثل الحبليل فأنه ذكر له مقابلا بالفرنسية والحال أن الحبليل هو أسم ثان للخراطين وأما الفرنسية فيقابلها بالعربية الحرقوص. وذكر بقوله انقلاب أمامي ولو قال القمع (كسب للدلالة على المرض) وجعل مقابلا لقولهم: كلمة الخنث لكان أقصر وأوفى بالمقصود ومثل هذا كثير. وقد وقع بعض أغلاط في الطبع كقوله اللاثدية (بياء واحدة مشددة) والصواب اللاثديية (بياءين والثانية مشددة) وفي ص 16 برد قارص والصواب قارس وفي ص 44 ورم لثي والصواب لثوي، وفي ص 45 دوالي والصواب دوال (بكسرتين) أو الدوالي بلام التعريف وإثبات الياء. إلى غيرها ونتوقع إصلاحها في طبعة ثانية. 8 - التقرير السنوي عن سير المعارف (في العراق) لسنة 1927 - 1928 طبع في مطبعة الحكومة ببغداد في 23 ص بقطع الربع. علمنا من هذا التقرير عدة أمور يجب أن يقف عليها كل من يريد أن يتتبع رقي العرفان في العراق. فقد كانت المدارس الأميرية في آخر هذه السنة الدراسية (268) وأساتذتها (1051) وطلبتها (26706) أما في السنة التي قبلها فكانت المدارس (249) وأساتذتها (909) وتلاميذها (24170) فازدادت المدارس الابتدائية (19) والأساتذة (92) والتلاميذ (2536) ونحن نتوقع أن يطرد هذا الازدياد ليكون سببا حقيقيا لرقي ديارنا المحبوبة.

9 - الراشد (بالفرنسية) للأخ شارل دي جيزو (الأب شارل دي فوكو)، طبع في مطبعة دار الأيتام في أوتويل قرب باريس في 140 ص بقطع 16. كتاب وضعه صاحبه للجمعية التي كان يريد أن ينشئها فلم يتوفق لها. وكان قد بقي مخطوطا عند وفاته فنشره بالطبع صديقنا وصديق المؤلف المسيو لويس ماسنيون فأحسن في عمله هذا إذ أبقى فيه لصاحبه روحه وأفكاره. فنشكر صديقنا على هديته هذه. - 10 - عند نصارى الشرق تأليف جان مليا. طبع في باريس سنة 1929. المسيو جان مليا كان مديرا لدار الاعتماد في سورية ولبنان وحل عدة مدن من ديار الشرق الأدنى وقد عرف جماعات عديدة من النصارى وهو يبحث عن حالتهم في هذا العهد. من ذلك أنه شارف أعمال اللعازريين في عين طورا (لبنان) وأطلع على أعمال الدمنكيين في القدس الشريف. ووقف على مساعي اليسوعيين في بيروت. وجال في المدرسة الأكليركية للأباء البيض في أورشليم وختم كلامه بأن سورية وفلسطين هما فسيفساء أحجارها مختلف الأديان والمذاهب. وقد وصف كل ما شاهده بعبارة طلية فرنسية عصرية ليطلع أبناء وطنه على حالة المسيحيين الذين في سورية وفلسطين. 11 - نماذج خطوط اللغات الشرقية الموجودة في مطبعة المحفى الجمهوري السوفيتي طبع في لننغراد في 73 ص بقطع 16 سنة 1928. في هذا الكتب 65 مثالا من أمثلة الخطوط المستعملة في مطبعة المحفى (الأكادمية) الجمهوري السوفيتي وكلها شرقية وهذا يدل على همة قعساء في الجمهورية السوفييتية وعلى أن سياستها لا تقعدها عن بذل ما في الطاقة لرقيها العلمي.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة كلمات ومناسبات 1 - التربيع بمعنى الاستغلال كلمة مفيدة في لغة الزراعة على الأخص. وقد وردت في شعر البحتري حيث يقول: ولم لا أغالي بالضياع وقد دنا ... علي مداها واستقام اعوجاجها إذا كان لي ترييعها واغتلالها ... وكان عليك كل عام خراجها؟! 2 - العطر هو الطيب مطلقا. وقد ذكر الكلمة أصحاب المعاجم العربية في مقام التمييز باعتبارها عربية الأصل، ولكنها واردة في لغات شتى بنصوص متقاربة كما وردت في معجم (وبستر الأممي) فهي في الإنكليزية وكذلك الخ؛ ونظيرتها في الفارسية وفي الفرنسية وغيرهما. ولم يذكرها صاحب (دليل لغة العرب) ولا ذكرها أحد من المتقدمين فيما أعلم في جدول الألفاظ الدخيلة من الفارسية، بل للكلمة مادة عربية أصيلة، وأذن فهذه إحدى الكلمات التي نقلها الأجانب عن العرب وتصرفوا فيها. وهي من مختار الكلمات بدليل استعمالهم إياها في شعرهم. ومادمنا في سيرة الكلمات العربية المنقولة إلى لغات أجنبية فما رأي فضيلة الأستاذ صاحب (لغة العرب) - وأبحاثه الممتازة في فقه اللغة نفائس مشهورة - في هذه الكلمات التي نذكرها هنا على سبيل المثال فقط: 3 - أب ويقابلها بالإنجليزية وهي بمعناها الديني شائعة في لغات مختلفة كاليونانية والقبطية والحبشية. الخ.

4 - تشرب ويقابلها بالإنجليزية وهذه مشتقة من الكلمة اللاتينية حيث تقابل الفاتحة الحرف (من) وتقابل فعلنا العربي، والشبه بينهما عظيم. وعندنا في لساننا كلمة تسرب (بالسين) بمعنى تملأ. 5 - بذاءة ويقابلها بالإنجليزية وباللاتينية وهما بمعنى أيضاً أي إساءة الاستعمال أو سوء التصرف. وروح هذا المعنى موجود في اللفظ العربي وكذلك معنى الانحطاط. ومن هذا القبيل قول العرب أرض بذيئة أي لا مرعى فيها. 6 - أكمل ويقابلها بالإنجليزية ونظائر هذه الكلمات في اللاتينية وفي الفرنسية القديمة والحديثة. 7 - قمة ويقابلها بالإنجليزية وبالإغريقية بمعنى رأس أو ذروة وقد جاءت في شعر الإنكليز فهي من مختار الكلمات الأدبية. 8 - ضبط ويقابلها بالإنجليزية بمعنى وفق وشبيهاتها في اللاتينية والفرنسية وغيرهما. 9 - إضافة ويقابلها بالإنجليزية وباللاتينية وهي أيضا من الكلمات الشائعة، ونحن لا ننظر للتشابه الصوتي في الكلمات بل لتشابه الأصول وبهذه المناسبة نقول إن عندنا في العربية كلمة الداشن بمعنى الجديد، ولكنها لا تخصنا في هذا المقام برغم التشابه الصوتي. 10 - مزج ويقابلها بالإنجليزية كلمة وبالويلسية كلمة وبالجاليقية كلمة وخوف الإطالة تحاشيت التعليق عليها وذكر ما تنسبه لها المعاجم وكتب

فقه اللغة من أصول معقولة ومردودة. وليست كلمة بمعنى (مزج) بأبعد عن العربية من كلمة التي يقابلها في لغتنا (أمير البحر). الإسكندرية (مصر): أحمد زكي أبو شادي جوابنا 1 - ورد ريع من باب التفعيل لازما ومتعديا وهو رشيق المبنى ويحسن استعماله بمعنى الاغتلال وهو عندنا أصل الأداة الداخلة على الكلم اللاتينية وفروعها أي فأنها أن دخلت على الكلمة أفادت النمو والزكاء والتكرير والرجوع والعود وهذه المعاني وفروعها موجودة في فعل (راع) العربي. 2 - هذه من جملة الألفاظ المأخوذة من العربية ودليلنا على ذلك أنها تكتب بوجهين في الإنكليزية أي وذلك لتصوير العين كما يقع مثل ذلك كثير في ما يؤخذ عن لغتنا. 3 - جميع علماء اللغات الغربية اتفقوا على القول بأن كلمة مأخوذة من سامي من غير خلاف بينهم. 4 - هذه اللاتينية الأصل من نجار عربي وهي الألفاظ المعدودة بالمئات المأخوذة من لساننا وإن لم يسلم بها الغربيون. 5 - لا نوافق حضرة الكاتب على رأيه هنا لأن أصل اللفظة اللاتينية ومعناه الاستعمال واصل معنى الاستعمال عندهم النصب ثم دخلت عليها للدلالة على السوء فصارت أي سوء الاستعمال والذي يقابل الأصل اللاتيني الأول هو (حظ) عندنا. فيكون معنى سوء العادة أو سوء الاستعمال والأصل في المعنى سوء الحظ. 6 - لا نوافق حضرته على هذه اللفظة أيضا فما ذكره هو من باب الاتفاق كما اتفق ورود (الجليد) العربية للاتينية وكل منهما من أصل يختلف عن الأصل الآخر. والذي عندنا هو أن مشتق من ويوافقها عندنا (فلا يفلو فلوا) أي ربى تربية والتربية هي إكمال أو إتمام خلق الغلام أو آدابه. 7 - نوافقه كل الموافقة والكلمة من الألفاظ التي كنا قد انتبهنا إليها منذ القدم.

8 - الضبط وما يقابله في الإنكليزية أو الفرنسية أو اللاتينية من باب الاتفاق وليس من باب الاشتقاق أو التأصيل. وإلا فأن اللفظة الأعجمية من أصل أو ويتفق والعربية في كلمة عبأ فمعنى عباه لا غير في أصل وضعه. وقد تفرع منه في العربية فرع آخر هو عبل الحبل أي فتله وأحكم ربط قواه بعضها ببعض. 9 - الكلمة الغربية مشتقة من فالمشابهة بينها وبين كلمتنا اتفاقية لا غير تقابل طعى الذي هو لغة قديمة في عطى أي أعطى. 10 - نوافقكم عليها وهي من الألفاظ التي دوناها أنها تتفق ولغتنا ومن أصل واحد نظنه عربيا في بدء وضعه. وهذه المباحث لذيذة جدا إلا أن مزالقها جمة لمن يبتدئ فيها. ولهذا يجب على الباحث أن يطالع أصول الوضع قبل الشروع في التوغل فيها. بسلط أو بصلد س - الموصل. ي. ح. أ. أي كلمة تقابل بازلت الإفرنجية؟ ج - بازلت الإفرنجية مأخوذة من اللاتينية والرومان يقولون إن كلمتهم هذه مأخوذة من لغة أفريقية. ونحن نوافقهم على ذلك. وهي مركبة من الباء وهي أداة تعريف في اللغة المصرية القديمة ومن (سلط) أو (صلد) أي الصلب فيكون معنى البسلط أو البصلد (وزان سمند): الحجر الصلب والبازلت هو كذلك. وبلاد السلط سميت كذلك لأن أرضها بسلطية. وقد وهم الذين كتبوا (السلط) بصورة (الصلت). والذين بدءوا يركبون متن هذه العشواء مؤرخو القرون الوسطى من أخباريينا. قال في التاج: السلط موضوع بالشام وهو حصن عظيم وقد نسب إليه جماعة من المحدثين ووهم من كتبه بالصاد والتاء. ويقال له السنط بالنون. اهـ. - قلنا: وقد جاء بصورة الصلت في الكامل لابن الأثير وفي جميع التصانيف التي ألفت قبيل عصره وبعيده. فلينتبه الغافلون. ومن أسماء البسلط في لغتنا: الفتين والقوفوي والشبيثي (راجع لغة العرب 46: 5 و48)

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - كشف كنيسة مطمورة دعانا حضرة الهيرولهلم ليتن قنصل ألمانية ببغداد إلى مشاهدة الكنيسة التي كشفتها البعثة الأثرية الألمانية في طيسفون فذهبنا إليها ناهبين الأرض بالسيارة في الساعة 10 من صباح 16 ك2 (يناير) من هذه السنة. وبعد ساعة كاملة وصلنا إليها. وأول من لاقيناه من علماء الألمان الأثريين كان رئيسهم وهو الأستاذ الدكتور روتر وتحت أمره يشتغل 120 حفارا من أبناء الوطن فاطلعنا على أسس الميدان الذي كان أنشأه الملوك الساسانيون وكانوا يلعبون فيه لعبة الصولجان أو يعرضون فيه السباع. ثم اطلعنا على ما وجدوه في تلك الحفريات من قطع الفسيفساء وقطع الحجارة المختلفة القدر والهيئة وعلى كثير من كسر الكلوي المختلفة الأشكال. ثم اطلعنا أحدهم على بعض قطع من التماثيل ومن جملتها قطعة تمثل شيئا من فرس وقطعة تمثل بعضا من خنزير البر الذي كان يصاد في تلك الأرجاء كما يصاد فيها اليوم. وارانا أيضا تمثالا يكاد يكون بكبره الطبيعي وهو يمثل على ما بدا لنا مطرانا أو بطرير كامرتديا شملة فضفاضة وعلى صدره بطرشيل البطاركة إلا أنه مقطوع الرأس واليدين والرجلين. وكل ما رأيناه كان من الجص. وقل لنا الأثري دليلنا: إن هذا التمثال وجد بهذه الحالة المهشمة على

جرصن في كنسية كشفنا عنها التراب وهي في غربي طيسفون. ولا بد من الذهاب إلى تلك الضفة من دجلة لرويتها ويكون هذا الأمر بعد الظهر. وفي الساعة الثانية عبرنا دجلة في مركب يسيره محرك (موطوربوط) وعند بلوغنا الضفة رأينا على الأرض أربعة مراحل من حديد بهيئة أجراس كبيرة قيل إنها كانت تتخذ في صنع البارود في أيام مدحت باشا. ورأينا غير بعيد عنا سور المدينة القديمة ذاهبا في الشط (في دجلة). وقال لنا الأثري أيضا: إن هذا السور كان عظيماً يحيط بطيسفون في عهد الساسانيين وكان دجلة يجري وراء السور من الغرب ثم تحول مجراه فقفز إلى السور فخرقه وأجرى ماءه من ذلك الشق إلى يومنا هذا. ووصلنا إلى الكنيسة المكشوفة بعد أن سرنا على الأقدام بنحو 27 دقيقة إلى غربي دجلة. فشاهدنا ما كشفوه منها وهو صدرها من جانب المحراب. وقد شاهدنا ثلاث قواعد كانت تقوم عليها عمد ينشأ من جميعها هيكل القربان أي وعلى طول الكنيسة اظآر (جمع ظئر وهي الدنكة عند العراقيين المحدثين أي لتقوية الحيطان وطول البيعة خمسة وعشرون مترا في عرض أحد عشر متراً وهذا عدا طول الهيكل الذي يبلغ تسعة أمتار ويظن العارفون من علماء الآثار الألمان أن طرز الكنيسة يدل على أنها بنيت في عهد بني ساسان أي في أواخر المائة السادسة أو أوائل القرن السابع بناها النساطرة أي الكلدان المشارقة. ولما فتحت طيسفون أتخذ الفاتحون هذه الكنيسة حماما لهم، إذ يرى البناء المخصص بمثل هذا الأمر، أي أنك تشاهد قريبا من هيكل القربان مسالك للبخار الدافئ والحار لنقله إلى أنحاء الحمام وهي تذهب في الطول وتعرف اليوم بالزنابير.

ووجدنا من العملة الحفارين في هذا الجانب سبعين رجلا يشتغلون في تل غير بعيد عن هذه الكنيسة. وبعد أن شاهدنا كل هذه المكشوفات عدنا إلى الحاضرة في الساعة السادسة وطالت عودتنا هذه المرة بالسيارة نفسها خمسين دقيقة. فنحن نشكر حضرة القنصل على إطلاعنا على هذه الحفريات كما نشكر الجماعة الأثرية الألمانية التي تعنى بإظهار كنوز أرضنا فعساهم أن يعثروا على آثار أنفس من هذه ترقية للعلم والتاريخ وتعويضا من المبالغ التي ينفقونها في هذا السبيل. 2 - الأزهر وشيخه الجديد محمد مصطفى المراغي الجامع الأزهر من أشهر جوامع ديار مصر أتم بناءه أبو تميم معد في جمادى الأولى سنة 359هـ وفي رمضان سنة 316 (حزيران وتموز 972) دشن وفتح للناس وابتدأ التدريس لخمسة وثلاثين طالبا أجريت لهم الجرايات وذلك سنة 988م وكان حماة الجامع والمدرسة معا الملوك والأمراء فكانوا يتولون إدارتهما بأنفسهم. وفي المائة الحادية عشرة من التاريخ الهجري عين للأزهر رئيس عام يدير شؤونه ويراقب أموره أطلق عليه أسم (شيخ الأزهر) وينتخب ممن اشتهروا بالفضل والدراية من جلة حضنة العلم بلا شرط أن يكون من مذهب معين من مذاهب الإسلام الأربعة وكان التعليم في هذا الجامع في غاية السماحة (البساطة) يكاد يكون فطريا أساسه التقي وقوامه احترام الدين وأهله ولم يكن فيه شيء من النظم العالية المتبعة في معاهد العلم الراقية والكليات أو الجامعات. وأول مرة وضع له قانون كان في سنة 1871 ثم توالت عليه النظم إلى سنة 1911م وقد عين شيخا له في هذه السنة محمد مصطفى المراغي وهو عالم تخرج في الأزهر منذ عشرين عاما وعين قاضيا شرعيا لمحكمة دنقلة (السودان) ثم قاضيا لمحكمة الخرطوم ولا يزيد عمره اليوم على (49) سنة ولم يقابل كبار علماء الأزهر تعيينه بشيء من الارتياح لصغر سنه ولأن كبارهم كانوا يتوقعون أن يتولى المشيخة أحدهم. على أن الرفيعة التي رفعها إلى أولي الشأن لإصلاح التدريس فيه نم على سعة فكر وحب إصلاح وقوة إرادة لم يشاهد مثلها في من تقدموه في هذه المرتبة وقد اهتمت

بها جرائد مصر ونشرتها، فدل عمله هذا على أن الشيخ الجديد الأكبر رجل عصري منور حتى أن بعض اخصائه وصفه بقوله: (إن تحت هذه العباءة بزة إفرنجية على آخر طرز) وهذا كان نتيجة احتكاكه بالإنكليز في حين إقامته في السودان، إذ تعلم ثم بعضا من الإنكليزية. وقررت وزارة (الحقانية) انتدابه لرياسة اللجنة التي عهد إليها تعديل الأحوال الشخصية للمسلمين. وقد استأجر صرحا كبيرا في حي الدواوين لاستقبال زواره العديدين وإقامته الحفلات الأدبية، والمآدب الأخوية. أما الذين فرحوا بتعيينه فرحا لا يقدر فهم محبو الإصلاح والرقي، إذ باتوا يتوقعون من همته نهضة تجدر باسمه وقدره وليس ذلك ببعيد على همته العالية. 3 - شؤون مصرية يهتم المصرف القومي الشهير المعروف (ببنك مصر) بتأسيس فرع له في فلسطين وقد وعد السيد عبد الحميد شومان من كبار التجار الفلسطينيين في نيويورك بإيداع خمسة وعشرين ألف جنيه مصري فيه. ويقال إن في نية (بنك مصر) إنشاء فرع له في بغداد في العام المقبل توسعا للعلائق التجارية بين الشعبين الشقيقين إذا وجد تعضيدا كافيا من أغنياء العراق. وتعنى الحكومة المصرية بأعمال إنشائية كثيرة واسعة النطاق في جميع مرافق الأمة لتتقرب بذلك إلى الشعب، ومن بين هذه الأعمال إصلاح (الأزهر) إصلاحا عصريا جديا، وتأسيس مجمع لغوي عظيم وإنشاء كلية للطب وأخرى للحقوق بثغر الإسكندرية تمهيد الإنشاء جامعة كبرى في عاصمة القطر الثانية، وتعميم مياه الشرب في القرى بطريقة صحية، والبدء بتنفيذ مشروعات الري الكبرى، وبيع أراضي الحكومة لصغار الفلاحين بأثمان معتدلة مقبولة تدفع أقساطا، وتحسين هندسة القاهرة بإنشاء متنزهات جديدة فيها وبغير ذلك، وإصدار قانون عصري للأحوال الشخصية والسعي الجدي لدى الدول الأوربية للقضاء على الامتيازات الأجنبية، وإنشاء مستشفيات ريفية كثيرة، وتسهيل الهجرة إلى السودان، وتحسين حالة مساكن العمال وردم البرك والمستنقعات، وغير ذلك من أعمال الإنشاء والإصلاح الجليلة التي بدأت فعلا تتكيف غير

مقتصرة على الوعود والأقوال. ومن الأخبار المصرية السارة هبة السيد عبد الرحيم باشا الدمرداش لوطنه بمائة ألف جنيه لإنشاء مستشفى، وباثنين وثلاثين ألفا من الجنيهات ثمن أرض لهذا الغرض. وقد جادت المحسنة الكريمة شقيقة صاحبي السعادة عزيز عوزت باشا وفؤاد عزت باشا بستمائة فدان من أجود أطيانها على إدارة مستشفى عظيم ومدرسة كبيرة ومسجد فخم في محطة التوفيقية من أعمال أيتاي البارود. وهذه الأطيان تساوي مائة وعشرين ألف جنيه، يضم إليها عشرون ألف جنيه قيمة نفقات البناء فيكون مجموع ما تبرعت به مساويا مائة ألف جنيه وأربعين ألف جنيه، وقد بوشر العمل التحقيق ذلك. وفي مثل هذا الإصلاح العظيم والإحسان الخالد فليتنافس المتنافسون! 4 - وفاة ثروت باشا توفي في باريس في الثاني والعشرين من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي داهية مصر السياسي الذي - كثيرا ما شبه بالكونت دي كافور - صاحب الدولة عبد الخالق ثروت باشا. وافانا نعيه بعد إتمام المجلد السادس فلم يكن في وسعنا قبل هذا الجزء أن نشير إلى كارثة مصر السياسية بفقده. فالرجل من أعظم رجالاتها ومن أفذاذها النادرين كسعد زغلول، وحسين رشدي، ومحمد سعيد. ويعرف ثروت باشا بأبي الدستور المصري وواضع حريات مصر ومنظم كيانها السياسي، كما عرف سعد زغلول بمزيني مصر تشبيها له ببطل الوحدة الإيطالية العظيم. لقد كان بنيانا لمصر مبجلا ... كما قد بنى تاريخها الناصع الفخما توفي رحمه الله بعد مرض يوم أو أقل بحمى رثيية (روماتزمية) حادة تبعتها ذبحة صدرية كانت في الخاتمة، فبكته مصر بكاء حارا إذ قلما تجود البيئات السياسية في الشرق العربي بأمثال هذا النابغة السياسي الكبير. يمر زمان قبل جود بمثله ... وقد تورث الأحداث للأمم العقما وكم من عظيم مجده مجد غيره ... وقل الذي يعطي الورى مجده الضخما فنقدم إلى آل الفقيد وإلى الشعب المصري الكريم - الذي روع على اختلاف أحزابه لهذه الفادحة - عزاءنا الخالص.

العدد 67

العدد 67 الشمسية 1 - باب البحث في الجبال المنبثة فوق ماردين، أطواد تعرف باسم (قره جه طاغ) - هي كفل لكاهل جبل الروم المعروف عند السلف ب (جبل) (أي الطورس أو طور، بلا أداة تعرف في جبل وفي وتمتد من الفرات إلى دجلة في الرقعة التي كانت تعرف في غابر الزمن باسم ديار ملطية (كما قالوا ديار مضر وديار ربيعة وديار بكر. وديار ملطية هي في تلك الهضاب مغاور منها طبيعية ومنها من صنع ابن آدم تختلف بين الصغر والكبر، وآبار مختلفة العمق منها ضيقة ومنها واسعة، يتخذها سكان تلك الربوع لمختلف مقاصدهم صهاريج واهراء وسهوات. يروي نصارى تلك الأرجاء أن تلك الكهوف وتلك الجباب حفرها جدودهم الأقدمون، ولا سيما النساك منهم، فاتخذوا الأولى منها مساكن، واتخذوا الثانية آبارا ومخازن. وكان غير النساك منهم يقضون أيامهم موزعين ساعاتهم من الفلاحة والزراعة ورعاية الغنم والحياكة والنجارة والحدادة إلى غيرها

من الأشغال، بينما يرى النساك والحبساء في مناسكهم يعبدون الله ويترضونه بقرباتهم. أما اليوم (في سنة 1897 لأننا كنا اعددنا هذه المقالة في ذلك العام) فيشاهد فيها أناس يدعون النصرانية التي يظهرونها ويعملون بالشمسية التي يبطنونها من باب المتاقاة خوفا على أرواحهم وحرصاً على التمسك بأذيال مذهبهم بل بأسماله. ويتخذون تلك الكهوف لغايات مختلفة: للسكنى ولحفظ مواشيهم ولسجن أعدائهم فيها، إذ يتخذون تلك الجباب أو تلك المغاور سهوات يغيبون فيها أعداءهم (وهم يريدون بهذا الاسم المسلمين) ليعذبوهم فيها شر عذاب من جوع وعطش وعري ورجمهم (أي ورمي حجار عليهم)، فيثأروا قتلاهم أو يتروهم لعداوات سبقت لهم بينهم وبين السجنى أو بين ذوي قرباهم. 2 - وصف خلقهم وخلقهم الشمسيون قوم تدل ملامحهم على أنهم جبليو النجار، يمتازون بطول القوام وخلق مفتول، هامتهم في الغالب كبيرة، وشعرهم أسود فاحم وافر، وانفهم أقنى، وفمهم واسع، وعينهم دعجاء نجلاء، وشاربهم ضخم، ولحيتهم كثة، وذراعهم طويلة عبلة، وكفهم واسعة، وأصابعهم مستطيلة كأنها (أصابع فرعون)، وصدرهم رحب، ومنظرهم جهير، وبطنهم ملموم، وساقهم مملوءة وقدمهم عريضة كبيرة، وفي الجملة تراهم كالجبابرة. وتشاهد نساءهم في غاية الحسن والجمال والروآء. والذي طالع في التواريخ القديمة شيئا عن وصف الماردين (أو المردة أو الماردية لا يشك في أن هذا الجيل من الناس نازل منهم ومن صلبهم. والأخبار العتيقة تؤيد هذا الرأي ولغتهم - التي فيها شيء من الرطانة - تدفعنا إلى قبوله والاعتماد عليه.

هذا من جهة خلقهم وأما خلقهم فيشبه خلق الجبليين فأنهم غليظو الطباع جفاتها، يستسهلون القتل إذا ما رأوا غفلة من أعدائهم، يقطعون الطرق على خصومهم ويباغتونهم شر مباغتة، وإذا قتلوهم مثلوا بهم، ولهم شجاعة عظيمة وأقدام غريب على اقتحام المصائب كأن نفسهم قدت من الجلمود - لو أمكننا هذا التعبير - وهم لا يهابون الموت. ومن شجاعتهم أنهم يهجمون على الذئاب أو الضباع أو خنازير البر أو على نحوها من الضواري بسلاح قليل لا يساعد غيرهم على اتخاذه والتصرف فيه وهم يحبون الضيف ويكرمونه ولا يغدرون به البتة، ويعرفون بالجود والكرم وإباء النفس. يهربون من موبقات أهل الدين ويستفظعون شنائعهم وهم أصحاب جلد لاحتمال البرد والثلج والجوع إلى غير ذلك من الخصال الحميدة. 3 - موطنهم الأصلي الذي عندنا أن هذا القوم طارئ في تلك الهضاب وأصله من الماردين الذين كان وطنهم الأول الديار الشمالية من بحر الخزر أو بحر قزوين. وكان ملوك الروم جلوهم ونقلوهم إلى جبال الجزيرة وسورية ولبنان. ومن اسمهم تسمت مدينة (ماردين) وبقي هناك عدد منهم وكذلك في جوار ديار بكر وجبال شمالي الجزيرة، فحفظوا آدابهم وأخلاقهم وديانتهم وقد اتبعوا المسلمين في غزواتهم فحفظوا آدابهم وأخلاقهم وديانتهم وقد أتبعوا المسلمين في غزواتهم الأولى إذ قاوموهم أشد المقاومة وكابدوا منهم الأمرين. وربما كان منهم أيضا بنو الأحرار والأبناء والأحامرة والأجامرة والأساورة والجراجمة وبعض الجرامقة لا الجرامقة كلهم، لأن الكتلة الكبرى في هؤلاء الأخيرين العنصر السامي وربما كان العنصر العربي. 4 - ديانتهم أول شيء يظهر للعيان عند مشاهدة هؤلاء الناس، أن الشمسين لا يصلون ولا يصومون علنا ولا يأتون عملا دينيا بينما يدل على عبادتهم للإله، أو على اعتقادهم بنبي من الأنبياء. وإذا خالطهم الإنسان عرف أنهم لا يعتقدون بنبوة

موسى ولا عيسى ولا محمد، ولا يسلمون بأوليائهم ولهذا لا يبوحون بمعتقدهم لأحد لئلا يكفرهم من ليس على دينهم فيستدركون الأمر بإخفاء مذهبهم والضن بأسرارهم. والذي يمكن أن يقال بوجه الإجمال أن ديانتهم قرار جميع النحل والملل والمذاهب، فأنك ترى فيها خليطا من المجوسية والصابئية (أي عبادة الأجرام النيرة) والحرنانية والثنوية والمانوية والمزدكية والنصرانية وعبادة المواليد (الحيوان والنبات والجماد). والذي علمته من رجل يعقوبي المذهب (كان في الأصل شمسيا، وكان زارني سنة 1897 ليسألني عن ورود اسم الشمسيين في التاريخ القديم وكان اسمه قبل التنصر هرمزد فروش ولم يبح لي بما باح إلاّ بعد أخذ المواثيق والعهود مني) أن اعتقاد كبار الشمسيين قائم على أن الإله الأعظم الذي تحت أمره سائر الآلهة (لأنهم يعتقدون بكثرتها) هو الشمس، وسائر الآلهة هي القمر والنجوم وسائر الكواكب من متحيرة وثابتة، والشمس (وهي عندهم ذكر لا أنثى) خالق الموجودات كلها من منظورة وغير منظورة، من معروفة ومجهولة، من باطنة في المخلوق وخارجة عنه، ولولا عنايته (أي لولا عنايتها) لفني كل ما على هذه البسيطة من حيوان ونبات وجماد. وهم يسجدون لها (أو له بلسانهم) صبحا وظهرا ومساء بحيث لا يراهم أحد، لكي لا يكفرهم، وهذا السجود غير واجب أداؤه لمن كان خارجا عن داره، فإذا أشرقت أتجه الشمسي إليها ومد ذراعيه أو كفيه كأنه يغترف شيئا من الهواء أو قل شيئا من النور الجديد المنبث في الكون، ومسح وجهه بما توهمه أنه تلقاه منه ودهن به كتفيه وذراعيه وساقه وقدميه وهو في تلك الأثناء يتمتم. وعند الظهر يركع عدة ركعات عند تكبد الشمس السماء. وعند الغروب ينتظرها قائما في مكان عال بحيث يرى مغيبها ليودعها وداع آخر النهار وفي مطاوي تلك الركعات والسجدات يزمزم زمزمة جدوده (أي عبدة الشمس) آفتاب برستان. وهم يؤمنون بالعواقب الأربع ويكرمون مل الإكرام الأسد والببر والنمر ويبجلونها ويكرمون بعض الأشجار ولا سيما الكبيرة الضخمة منها. وبالأخص

الحور ويجلون السوسن والأذريون والبابونج والأقحوان، والهندباء والقطن ولا سيما التنويم (دوار الشمس) وجميع النباتات التي تتأثر من حركة الشمس فتدور أوراقها بدوارنها، ويجلون من الحشرات الوزغة وأبا بريص والحرباء للزومها جميعاً حرارة الشمس، ويعظمون الذهب لأنه لون الشمس ولأنه يقضي جميع حاجاتهم إذا ما كان بأيديهم. ويزعمون أن كل من لا يجل الشمس ويعبدها يهلك لا محالة ونصيبه النار الخالدة. وليس لهم كتب منزلة أي مقدسة ولا يعرفون القراءة والكتابة ويحرمونهما على أبنائهم وبناتهم. ولهم في السنة عدة اجتماعات يعقدونها في الأسراب أو في المغاور. وربما خالفوا بين كهف وكهف في كل مجتمع لكي لا يهتدي أحد إليهم ويفاجئهم وهم في ذلك المعبد المتخذ إلى أجل مسمى لا غير واليهود والنصارى والمسلمون الذين في أنحاء ديارهم يشيعون عنهم أنهم يأتون المنكرات في تلك الحتشدات. والذي يمكن أو أؤكده للقارئ أن هذه الإشاعة من الأراجيف لأن أخلاقهم وأبدانهم وصحتهم تشهد على أنهم لا يعرفون فساد الآداب ولا يطلقون لأنفسهم الأعنة لشهواتهم وأميالهم السيئة. وإذا اجتمعوا كان فيهم الرجال والنساء معا وهم لا يفرقون بين شق وشق فللمرأة حق مثل حق الرجل وهم يساوون بينهما ولا يفضلون الذكور على الإناث على ما يرى عند أصحاب بعض الأديان الأخرى المنتشرة في الشرق ومسألة اتهام أرباب الأديان الخفية بارتكاب المنكرات في مجتمعاتهم ومعابدهم شائع ذائع في بلادنا الشرقية وينسبونها أيضا إلى الشبك واليزيدية والدروز وكلها افتراء محض. وفي تلك المجتمعات يتشاورون ويتباحثون ويلقن كبارهم بالغيهم من ذكور وإناث أسرار ديانتهم ولا يجيزون لواحد أيا كان أن يشهد ذلك الحفل ما لم يكن بالغاً حافظاً للسر وعرف بينهم بحسن السلوك والآداب. وهم يذكرون للريضين منهم الأحداث أن من يفشي السر عقابه الموت أينما يحل أو يرتحل، وإذا أنكر أحدهم دينه وصبأ إلى دين آخر لا يفشي سرا من أسرارهم ولو قطع أربا أربا. وإذا كان صاحبي أفشى بعض ما كان يعلمه فأنه فعل ذلك لأسباب: 1 - لأنه تنصر وهو في عمر 35 سنة وقد ناهز السبعين ومل الحياة ولم

يبق له طمع فيها ولا في حطامها - 2 - لأنه كان صادق النصرانية في الباطن والخارج وكان يتوقع القتل ليكون شهيداً في حب المسيح - 3 - لأن امرأته كانت قد وفيت في الولادة بعد أن رزقها الله أربعة بنين وثلاث بنات وكلهم ماتوا بين العشر سنين والعشرين سنة ولم يبق له من أهل بيته باق، فكان يعد نفسه غريبا في هذه الدنيا. ومع هذا كله ما كان يود أن يعرف أحد دينه القديم لأنه كان يتبرأ منه، وإنما قال لي ما قال لأني استغربت بحثه عن الشمسية وحزرت أنه كان على هذا الدين في صباه. والتقية شائعة عند هؤلاء الناس، في صغارهم كما في كبارهم، فإذا ساقتهم الأحوال إلى التغرب أو إلى أن يكونوا في موطن ليس فيه من شيعتهم أحد قالوا أنهم من أهل دين ذلك الموضع فهم يهود مع اليهود، ونصارى مع النصارى، ومسلمون مع المسلمين، ويزيدية مع اليزيدية إلى غيرهم، وهم يكرهون المسلمين أشد كراهية لأنهم فتكوا بهم فتكات هائلة مرارا لا تحصى واستحلوا دماءهم ونساءهم وبناتهم وسبوا ذراريهم. ولهذا تراهم يكظمون غيظهم وحقدهم في الديار التي يكثر فيها المسلمون، إذا ما نزحوا إليها، خوفا على نفوسهم من القتل. وهم يأتلفون والنصارى ويكثرون الاختلاف إليهم والاختلاط بهم، وكل مرة أجبرهم المسلمون على ترك دينهم والتمسك بدين آخر يكون معروفا في البلاد المسلمة فضلوا النصرانية على سواها، وإن كانوا في بعض الأحيان يبطنون معتقدهم. وإذا تنصروا انضموا إلى الأرمن في أغلب الأحايين، أو إلى اليعقوبية، ولهذا ترى في بعض الأسر من هذين المذهبين أجدادا شمسي الأصل أي أن في أسماء سلفهم فارسية أو كردية أو غريبة من الأرمنية والسريانية. ومن عجب أمر هذا الدين أنه وإن كان خليطا من سائر النخل والملل لا يرى فيه شيء من الموسوية ولا المحمدية، ثم أن معتقداتهم هذه لا تبقى في حالة ثابتة واحدة، بل تتغير بتغير أنسالهم، وسبب ذلك هو ما قلناه أنهم لا يرجعون في مذهبهم إلى سفر مكتوب ولا إلى مصحف منزل أي مقدس فليس لهم ما يصونون فيه آراءهم الدينية من الخلل والخطل، ولا من الزيادة والنقصان.

فيعتورها جميع الشوائب والمعايب في اختلاطهم بمن ليس على مذهبهم، فإذا احتكوا بهم زمنا طويلا وسمعوا منهم ما ليس معروفاً في مذهبهم أضافوه إليه وظنوا أن ما سمعوه من هذا الغريب النحلة سرقة من أقوال جدودهم. وهكذا ترى معتقدهم كالريشة في مهب الريح تسفل وتعلو، وتذهب يمنة ويسرة، فديانتهم تزيد وتنقص بحسب ما يهجم على أفكارهم من مذاهب الغرباء عن دينهم. ولهذا نعتقد كل الاعتقاد أن ما ندونه اليوم غير ما كان يعتقده أسلافهم قبل قرنين أو أكثر، بل يحتمل أن تكون مادة المعتقد أي أصله هي الأساس المهم، وما زيد عليه أو يزداد عليه هو من قبيل البنيان الذي أقيم أو يقام على ذلك الأساس. وهناك معتقدات أخرى نذكرها في باب الموت. وغيرها لم يجز لنا هرمزد فروش أن ننشرها حتى بعد موته ولهذا نبقى محافظين على كتمها قياما بوعدنا له. 5 - ثيابهم وأسلحتهم ثيابهم تشبه ثياب سائر أكراد الجبال أو نساطرة الجبال ومسيحييهم. فالذي يظهر من تلك الملابس: (البشما) بباء فارسية مثلثة مفتوحة، يليها شين فميم فألف وهو سراويل واسعة من صوف ثقيلة تلبس فوق سراويل خفيفة من قطن اسمها (شروالا) ويلبسون على الصدر (زخمة) وعلى الزخمة ما يسمونه (اليلك) (بفتحتين) ويشدون على وسطهم منطقة عريضة من صوف اسمها (حاصا) (وهي عندنا تصحيف حياصة) ويلبسون في أرجلهم جوارب يعرفونها باسم مروى (وتلفظ وفوقها الأحذية التي يسمونها زركوله ولا يسير الرجل منهم بلا أسلحة إذ لا بد منها عندهم وإلاّ عد ذاك الرجل من اللئام، وأول شيء يلبسونه هو (الخنجر) وعلى الجنب (السينا وهو السيف وعلى صدره قلادة من الرصاص يسمونها (رخت) وعلى ذراعه البارودة ويسمونها (تفنتا) 6 - لغتهم لغتهم كدينهم فيها من جميع اللغات والألسنة فهي خليط من الزندية والفارسية والتركية والكردية والعربية والأرمنية والآرمية (السريانية) وتدوينها ودرسها

من أهم الأمور. وهم يسمون (جاه) أو (جه) بجيم مثلثة فارسية مفتوحة، ممدودة أو مقصورة: الكهف الذي يعذبون فيه أعداءهم ولا سيما المسلمون منهم. وبهذا الاسم نفسه يسمون الجب الذي يخفون فيه عدوهم. وأظن أن الاسم التركي لتلك الجبال أي (قرة جه طاغ) مأخوذ من تلك التسمية ولبعض روساء دينهم أسماء نراها فصل (الموت) من مقالنا هذا. 7 - ميلهم إلى بعض العناصر وأصحاب الأديان يميلون إلى الكرد من أصحاب العناصر البشرية، فإلى الفرس فالعرب فالترك. ويميلون أشد الميل إلى النصارى ولا سيما إلى الأرمن منهم فإلى اليعاقبة ثم إلى المسلمين ويفضلون السنة منهم على الشيعة. 8 - عددهم لا يعرف عددهم على التحقيق، فهم على تناقص دائم، فقد كانوا في أوائل القرن السابع عشر نحو عشرة آلاف؛ وأما اليوم فلا يزيدون على ألف بين رجال ونساء وأطفال. وجميعهم يسكنون في هذا العهد قره جه ظاغ ونواحي ماردين. وفي هذه المدينة نفسها محلة تعرف ب (محلة الشمسية) ومذهبهم اليعقوبي في الظاهر لكنهم يبطنون مذهبهم الشمسي. 9 - الولادة العادة الشائعة في الشرق أو ولادة البنت تحزن أهل البيت جميعهم، ولا سيما والدتها. وهذه الكراهة للبنت ترى عند أصحاب جميع الأديان: عند المسلمين والنصارى واليهود. أما عند الشمسيين فليس الأمر كذلك فأن ولادتها تعد من أيمن الطوالع. وهم إذا سمعوا بدخولها في هذا العالم هلهلوا لها وطربوا أشد الطرب وأقاموا لها أنواع الولائم والأفراح ولا سيما إذا كانت البكر؛ أما ولادة الابن فلا تحزن ولا تفرح بل يبقى أهل البيت على حالتهم المألوفة. 10 - الزواج الزواج عندهم مجلبة الأفراح، ولا يجوز للرجل الواحد إلاّ اتخاذ امرأة

واحدة، ولا يعرفون الطلاق ولا الزنى إلا في ما ندر. ومخالطة الرجال للنساء في مجتمعاتهم تحفظ آدابهم من الفساد. ولا يجري بينهم ما يخدش الآذان من أسباب الاضطراب والبلبال وأغلب الأحيان يعيش الزوجان بالاتفاق والوئام. 11 - الموت إذا مات في البيت واحد منه لم يضجوا له ضجة عظيمة كما يفعل أبناء الشرق من يهود ونصارى ومسلمين بل يسلمون أمرهم (للشمس) التي تحيي وتميت وتدعو عبادها إليها في دار الخلد الطيبة. ويزعمون أن الصالح منهم إذا أوشك أن يموت ظهر بين يديه مثال من الخلق مجس جسما تعوزه الروح لتحيا. وهذا الجسم يكاد يشبه خيال الظل ولا يتحرك إلا بعد دخول الروح ويكون ذلك بعد موت المحتضر. ويرى حول ذلك الخيال روحانيون صالحون يسمون الواحد منهم بلسانهم (فري) ومنهم من يسميه (فر رخ - وبيد كل واحد منهم أداة من أدوات الجنة. فيرى في يد الواحد منهم صولجان الملك. وفي يد آخر إكليل جواهر، ويقبض ثالث على عصابة من لآلئ رطبة يعصب بها جبين الصالح إذا لفظ نفسه ويمسك الرابع بيده ثوباً موشى يتألق ضياء ويرى بيد خامس جام مملوء كوثرا وهو مكلل بالدر الرطب والزبرجد الفاخر؛ ويشاهد في كف سادس أثمار غضة طيبة إذا أكل منها الميت الصالح غدا خالداً ولا سيما إذا شرب عليها شيئاً من ذلك الكوثر شراب الآلهة، ولهذا لا يهرم أهل الجنة وإذا شعروا بضعف لتقدمهم في السن أكلوا من تلك الطيبات وكرعوا عليها كرعات من ذبالك السلسبيل. وبازاء جماعة الفري طبقة من الأرواح الخبيثة النجسة يعرف الواحد منهم باسم (ديو)، وكل منهم يرغب المحتضر في أمر من أمور الدنيا، فواحد يرغبه في حسان النساء، وآخر في جميع حطام الدنيا وثالث يطري له المجد والكرامة والعظمة والتسلط على الأنداد. ورابع يزين له الأخذ بالثار وسحق الأعداء وقتل المناوئين له. وخامس يبعثه على التلذذ بأطايب المآكل والمشارب والمفارش إلى غير ذلك. فإذا مال المحتضر إلى الفريان (جمع فري) انتقلت

روحه الحيوانية إلى ذاك الخيال المستعد لأن تحل فيه الروح الحيوانية. وأما النفس أو الروح العقلية أو الروح النورانية فأنها تنتقل مزينة بتلك الملابس والحلي صاعدة إلى عليين يصحبها أولئك الفر رخان لتعود إلى ما كانت عليه سابقا في جنان من الخلد أو جنان النور. وأما الجسد فيبقى ملقى على الأرض فتجتذب منه الشمس والقمر وسائر الأجرام النيرة العناصر التي فيه أي الماء والنار والنسيم فترتفع كلها إلى الرب الأعلى الذي هو الشمس. ويقذف بما بقي من جسده - الذي هو ظلمة كله - إلى جهنم. وأما إذا مال المحتضر إلى الديوان (جمع ديو) فللحال تفوح منه رائحة كريهة وتهرب الفر رخان أو الفريان فيأخذه الديوان ويعذبونه ويرونه الأهوال بألوانها، فيحضر ثانية أولئك الفريان ومعهم أدوات السجينة التي كانت معهم في حضورهم الأول، فيتوهم المحتضر أنهم قد جاؤوا لنصرته وتحريره من أيدي الديوان، وإنما جاؤوه لتعزيزه وتوبيخه وتذكيره مساوئه ومآثمه وإلزامه الحجة في ترك إعانته الأولياء والصلحاء، ثم لا تزال روحه تتردد إليه في الدنيا متعذبة إلى وقت تقمصه في المثال الذي كان يرى بقرب الفريان، ثم يكفى في النار الجاحمة. أما من كانت سيرته وسطا بين سيرة الصالح والطالح فأن روحه المادية تنتقل إلى المثال الجامد المعد لقبولها مع روحه العقلية فتكونان واحدة فيعود الإنسان إلى الحياة إلى أن يكفر عن سيئاته فيكون صالحا أو لا يكفر عنها فيعود شريرا وتكون عاقبته عاقبة من ذكرنا من أمر الصالحين أو الأشرار. ولهذا تراهم يذبحون الذبائح لمن يعتقدون فيه السيرة الوسط ومن بعد أن يقطعوها يوزعونها على الفقراء البؤس. وربما ذهبوا إلى كهنة النصارى وحلوهم ليصلوا على نفوس موتاهم. وكذلك ينفخون رئيسهم الأعلى دراهم أو يهدون إليه هدايا لمثل هذه الغاية. ورئيسهم هذا يسمى (هازربيد) وأظن أن أصل الكلمة هيربد المشتقة من اللغة الزندية آيتثرا بيتي أي كاهن النار. وعندهم أناس يعتبدون في الجاهات أو يتحنثون فيها واسم الواحد منهم (هرتاسب وهم يعتزلون الخلق أكثر من

غيرهم. وهؤلاء أيضا يحلون (أي يهدى إليهم حلوان وهو أجرة الكاهن للصلاة التي يقيمها على روح الميت). ولا جرم أن الكلمة هرتاسب فارسية الأصل منقولة إليهم كابرا عن كابر. وإذا دفنوا موتاهم وضعوا على قبره حجرا محفورا حفرا مستديرا يمثل الشمس في نظرهم، وكأنهم يقولون له: إنك من عباد الشمس الإله العظيم وإليه عدت فلا خوف عليك ولا حزن. وهكذا تتميز قبور الشمسيين من غير الشمسيين. أوهام المنجد 1 - في المنجد (الزهر والزهر: نور النبات الواحدة زهرة وزهرة. الجمع أزهر وأزهار وزهور وجمع الجمع أزاهر) أقول (ليس الأزاهر جمع أزهار بل جمع الأزهر بمعنى النير المشرق وجمع الأزهار: أزاهير طاظافير وأهاويل وأباطيل وأقاويل. وقد جاء هذا الجمع في حديث علي في وصف الطاوس. وإن أحتج بأن الأزهار وردت في الشعر مكان أزاهير فليس ذلك إلاّ لضرورة استوجبت حذف الياء كما استوجبت حذفها في قولهم في الشعر (أظافر). 2 - وفيه (قطع الشعر: حلله إلى أجزائه العروضية) أقول: لم يذكر في باب (حلل) أنها جاءت بمعنى (جزأ) وما الذي أراده بقوله (حلله) إلاّ (جزأه) فلم ينجد المنجد صاحبه؟ ذلك أمر غريب. 3 - وفيه (التحاسين: الأشياء الحسنة يقال ما أبدع تحاسين الطاوس وتزايينه) أقول: هذا تفسير لا يوفى بالمقصود لأن التحاسين جمع (تحسين) من قولك (حسنت تحسينا) ولأن التزايين جمع (تزيين) من قولك (زينت تزينا) وكل مصدر سمى به على وزن (تفعيل) فقياس جمعه على (تفاعيل) كتراتيب وتقاويم وتقارير وتحارير وتصاوير. مصطفى جواد.

صفحة من تاريخ التطعيم

صفحة من تاريخ التطعيم الواقي من الجدري في العراق وإيران تمهيد كان الجدري معروفاً في الشرق منذ عهد عهيد وأما في بلاد الغرب فلم يشعروا به إلاّ في القرن الخامس أو السادس للمسيح وكان الوباء المذكور كثير الغوائل شديد الوطأة على الناس لأن الوسائل الواقية أو الشافية منه كانت مجهولة في أغلب أنحاء المعمور وإن كان في بعض الأقطار شيء منها فأنه ما كان يفي بالمراد دائما وعليه يعود الفضل العظيم لإيجاد وسيلة واقية منه كل الوقاية إلى الطبيب الإنكليزي المدعو أدورد جنر الذي أذاع كشفه الخطير سنة 1796 بعد أن درسه درسا صادقا مدة عشرين سنة. ولا حاجة إلى القول أن ذلك الكشف كان التطعيم بمصل من ضرع البقرة المصابة بمرض وبائي اسمه بالإنكليزية أي جدري البقر وأما المصل فيسمى من الكلمة اللاتينية أي البقرة. التطعيم في بغداد ونواحيها قبل منتصف سنة 1786 قدم بغداد شاب أرمني كاثوليكي من أهل الآستانة اسمه أوانيس وشهرته مراديان للقيام بأمور تجارة آل صوفيالي المقيمين في العاصمة المذكورة وهم أيضا من الأرمن الكاثوليك وكان يومئذ في بغداد واحد منهم يدعى

خواجا ساراغا. فهذا لدى عودته إلى وطنه عهد إلى أوانيس جميع أمور تجارة الصوفياليين ومهامها بعد أن أتخذه شريكا لهم في الأرباح والخسائر. غير أن أوانيس لم يلبث أن أنفصل عنهم فأستقل بتجارته مع أخويه بوغوص وفلبس وكان أحدهما في الآستانة والآخر في مدارس (الهند). فنجحوا ففي أوائل أمرهم نجاحا يذكر لكن ما عتم أن أخذ نجم نجاحهم بالنزول والأفول حتى أضطر أوانيس إلى أن يخدم القنصلية الفرنسية في بغداد ترجمانا ليفوز بحماية فرنسة. وفي سنة 1819 دعاه محمد علي ميرزا نائب الشاهفي كرمنشاه ليكون في بلاطه أول التراجمة وفي تلك السنة عينها نال من فتح علي شاه وسام الأسد والشمس (شير وخورشيد) من الطبقة الثانية وبعد أن قام هناك بوظيفته أحسن قيام مدة تقارب أربع سنوات مات النائب مسموما فغادر حينئذ كرمانشاه وأخذ يجول في بلاد إيران حتى حط الرحال في حلفا وهناك توفاه الله سنة 1832 عن امرأة هي تريزية أبنة خريسطوفور بن انطوان أتري الطبيب الأفرنسي وعن أبنين وهما سيزار وآشيل وليس اليوم بباق من نسله. وكان أوانيس من أدباء زمانه المعدودين يحسن الأرمينية والإيطالية والأفرنسية والتركية والفارسية وشيئا من العربية فضلا عن إلمامه بأغلب علوم عصره ولا سيما التاريخ والسياسة وكان يتعقب عن قرب وعن بعد سير الأمور السياسية شرقا وغربا ويتتبع تقدم العلوم في بلاد الإفرنج وظهور المكشوفات العلمية فيها والاختراعات الفنية ولا غرو من ذلك إذ كان قد ربي منذ حداثته في البندقية ودرس على الآباء المخيتاريين. فعلى يد رجل هذه ترجمته وهذه صفاته دخل بغداد لأول مرة التطعيم الواقي والعام من الجدري طبقا لطريقة جنر لكن الله يعلم بما كابده من الأتعاب وعاناه من المشاق في سبيل الوصول إلى إقناع أهل بغداد بقوله لهم والإقدام عليه وذلك بسبب الأوهام السائدة وقتئذ على العقول ولا سيما لأن التطعيم كان يظن أنه مخالف للقدر وعليه فلا عجب إذا ما حبطت في أول الأمر مساعي أوانيس بالرغم من المعاضدة العظيمة التي عاضده بها الدكتور شارت طبيب القنصلية

الإنكليزية في بغداد. بيد أن أوانيس عاد سنة 1809 فأفرغ قصارى جهده في تذليل العقبات وتشتيت الأوهام التي حالت قبلا دون غايته ففاز أخيرا بأمنيته وتكلل مسعاه بنجاح باهر حتى أن مفتي بغداد الكبير وهو أحمد أفندي الحصيف الرأي رضي بأن يتطعم أولاده وحفدته الستة وذلك بعد أن طعم أوانيس ابنه سيزار بحضور كثير من أرباب الأسر وكان أكبر مؤازر له في مساعيه هذه الثانية الدكتور هين خلف الطبيب شارت المار ذكره. فمثل مفتي بغداد شجع الناس على اختلاف مللهم فدفعهم إلى الإقدام على التطعيم بلا خوف ولا تردد حتى أن أوانيس تمكن من أن يطعم مع امرأته تريزية أكثر من خمسة آلاف وأربعمائة ولد في مدة تسع سنوات دون أن يحدث حادث يقلل ثقة الناس بالتطعيم وكان تطعيم الثلثين من العدد المذكور مجانا. ولم يكتف أوانيس بتعميم التطعيم في بغداد ونواحيها بل رغب كل الرغبة في نقله إلى غيرها من البلدان فأدخله الموصل على يد القس بطرس أخطل الموصلي ابن الأسقف بشارة السرياني وذلك بعد أن علمه في بغداد أصول التطعيم ودربه على طريقة إجرائه مدة بضعة أشهر ولما عاد إلى الموصل زوده كتابه بعدة تعاليم فنية وكان يكاتبه من وقت إلى آخر بالإيطالية لأن الكاهن المومأ إليه كان قد درس حينا من الزمن في المدرسة الأربانية في رومة. وكذلك عرف بالتطعيم أهل اريوان على يد الخوري الأرمني غير الكاثوليكي المدعو ورتانيس وارتابيت الذي أخذ عن أوانيس أصول التطعيم فأتقنها اتقانا لا مزيد عليه. التطعيم في إيران بعد أن أقيم أوانيس ترجمانا في كرمانشاه سعى سعيا حثيثا لنشر التطعيم بين ظهراني الإيرانيين أيضا فكان النجاح رائده حتى طعم في مدة إقامته هناك أكثر من خمسمائة ولد من جملتهم 25 أميرا وأميرة من الأسرة القاجارية المالكة في فارس ولما بارح كرمانشاه طفق يطعم مجانا في البلاد التي كان يمر بها ومنها همذان وطهران وكاشان واصبهان وجلفا وكان يرسل بأسماء المطعمين إلى

الدكتور ماكنل طبيب السفارة البريطانية في طهران إجابة لطلبه. وفي أثناء إقامته في جلفا عاد إليها أحد أهلها وهو مناطا كان (أي باق) ابن دير اسطيفان المطعم الهمام وتلميذ الدكتور ريغ وكان قد قرر إرساله إلى بغداد ليكون مطعما هناك غير أن موانع شتى حالت دون الذهاب إليها ففوض حينئذ إليه أمر التطعيم في جلفا وابتدأ بالعمل حالا بعد أن قدم إليه أوانيس مصلا جديدا من أحسن نوع. هذا في جلفا وأما في بغداد فأن أوانيس قبل سفره إلى كرمانشاه كان قد عهد إلى امرأته بشؤون التطعيم فيها والسهر على حسن إجرائه غير أن البعض من الجهلاء والجاهلات أخذوا يتدخلون في أمر التطعيم وهم ليسوا من رجاله فحدث من جراء ذلك ما حدث من النتائج الوخيمة التي أدت إلى إزالة ثقة الناس به وابتعادهم عنه وظلت الأمور على هذه الحالة إلى أن أرسلت شركة الهند الإنكليزية مطعما على حسابها وهو محمد صالح خادم الدكتور (هين) سابقا ولكن لم يمر زمن طويل حتى ذهب ضحية لتعدد زوجاته فمات قبل أوانه وبموته حرمت بغداد مطعما كفوا. فقامت حينئذ تريزية امرأة أوانيس مراديان وشمرت عن ساعد الجد بمساعدة أبنيها في إعادة ثقة الناس بالتطعيم وإعلاء شأنه ولو أن الأمر كان يكلفها أحيانا تضحيات بما لها. ولما كادت سنة 1847 أنفذ السلطان عبد المجيد أمرا بإرسال راغب بك حاجبه الثالث إلى بغداد وغيرها من الولايات العثمانية ليفقد أموالها وينظر في شؤونها ويهدي في الوقت عينه سيفا لمحمد نجيب باشا والي ولاية بغداد تقديرا لحسن إدارته وحكمه في هذه الولاية فدخل راغب بك الزوراء في 21 آذار من السنة المذكورة ومعه طبيب ارمني اسمه باروناك فروخ خان كان قد رافقه من الآستانة ليداوي المرضى ويطعم الأولاد مجانا في جميع المدن والقرى التي على طريقهما وما وطئت قدماه مدينة السلام حتى أخذ يقو بوظيفته المعهودة إليه بهمة لا تعرف الملل في جهات عديدة من العراق ثم قفل راجعا إلى الآستانة. ومن ذلك اليوم لم ينقطع التطعيم من العراق بل زاد شأنا وانتشارا فكانت

تزاوله عادة وغالبا القوابل وبعض النساء المسنات فضلا عن الرجال وأما طريقة التطعيم المألوفة فكانت قائمة بنقل الطعم من ذراع مطعم إلى ذراع غير مطعم ولم تزل تلك الطريقة جارية إلى يومنا هذا بجنب استعمال المصل البقري الذي كان يبطل سواه. الشهادات كان من عادة أباء الأولاد المطعمين أن يسلموا أحيانا إلى أوانيس مراديان شهادات ناطقة بفضله وشكره وبمنافع التطعيم وعدم مضاره وقد ورد ذكر ثلاث منها: الأولى لمفتي بغداد المتقدم ذكره والثانية لأمراء كرمانشاه القاجاريين والثالثة لقسم من نصارى بغداد لم تزل محفوظة عندي وإليك نصها بالحرف الواحد وبتواقيع أصحابها وقد أضفت إلى هذه الشهادة شيئا بين عضادتين إيضاحا للأمر: نقر ونعترف نحن المحررة أسماينا بذيله ولأجل أننا صرنا مطلعين نشهد أيضا على أن علم تركيب رفع الجدري المسمى بالفرنجي واكسين أدخله في بلدنا هذه فقط الخواجه أوانيس مراديان الإسلامبولي. صحيح من مدة زمان كان أنسمع هاهنا خبر هذه المعرفة المحدثة جديدا في فرنكستان ولكن ولا واحد منا ما كان يتجاسر أن يقدم ولده إلي التجربة بذلك. غايته الخواجه أوانيس المذكور بجهد كلي بالحث والنصائح وثم بتاريخ سنة 1810 مخصوص لأجل ولده جاب أصل مادته وأمامنا ركب لولده وأم ثم باستماعنا فعله التركيب وبالسلامة معافاته من ذلك كل منا عزمنا وتجاسر قبلنا وفعلنا لأولادنا أيضا والآن في بلدنا هذه ممارس هو من جميع الطوايف من مثال ولده وحثه وجهده وهذه الورقة مخصوص لأجل تقدمه الممنونية حررناها وعطيناها له بشهادة الحق بحيث من تاريخ أربعة سنين إلى الآن كلمن استعمله فما عاد ظهر بد جدري الطبيعي أبدا. ربنا يجازيه ولأولاده لأجل هذا الخير الكلي الذي أدخله وعلمه في هذه بلدنا. حرر في بغداد في 30 تشرين الأول سنة 1814.

شهد بما فيه شماس سمعان بطرس ولد الياس غنيمة وكيل الكلدان. وهنا ختمه بالكلداني ويلي ذلك: داود ولد الياس غنيمة: يوسف ابن جبره (وهو المعروف في بغداد بفراني): وعبد الأحد ابن الياس غنيمة: وانطوان بشارة (وهو جد رزوق كيوع): وأنطوان أو في (وهو أخو حنا أوفي من أم أخرى): اندريا ابن يوسف بشارة (وهو جد آل أندريا): ومانويل عبد المسيح (وهو أخو يوسف مسيح): وبولص ابن يوسف كرجي (وهو جد الخواجا يوسف المعروف بأبي الشعر الأحمر): وجرجس ابن عبد الله (وهو على الأرجح والد إبراهيم طبره): ويوسف ابن عبد الله (وهو على الأرجح والد توما لوقا): وتوما ابن يوسف عبد الله (وهو على الأرجح توما لوقا): ونعمان ابن حنا صايغ (وهو من أهل الموصل): ويوسف عبد الله حلبي نمنومي) وهو من أقارب بيت جرجي): وعبد النور حبش: ويوسف حبش: وحنا ولد شماس حبش (وثلاثتهم أخوة ولا نسل اليوم إلاّ لعبد النور أي بيت نوري) وعبد الله ابن الياس ترزي باشي (وهو عبوش عم الياس والد المرحومة سيدي قرينة الكونت جبرائيل أصفر): وكوركيس ابن يوسف فرج: وعبد الأحد ابن توماس (وهو بحوش): وعبد العزيز ابن عبد المسيح (وهو من أقارب بيت قشا)، ونعمان ونمعا: وداود ابن انطوان جوخجي: ويعقوب بن انطوان جوخجي (وهما من أقارب بيت اوساني ولا نسل لهما اليوم). واليوم أيضا بعد أن مر على كتابة هذه الشهادة أكثر من قرن يسجل تاريخ العراق بمزيد الشكر تلك المأثرة الحميدة لاوانيس بن بدروس مراديان وأسرته الكريمة. دير نرسيس صائغيان

اللغة العربية والتجدد

اللغة العربية والتجدد ثانيا: الشعراء والمترسلون يقال إن الشاعر ميزان الأمة ومعيار رقيها وانحطاطها. إذن فما أحرانا أن نندب حظنا العاثر؟ فالشاعر عندنا عبد رقيق للقديم ولا يزال ينسخ الشعر كما نسجه عنترة والنابغة وجرير والفرزدق وغيرهم. ولذا لا نجد عندنا شعرا عصريا بكل ما تتطلبه كلمة (العصر) من معنى وقوة. وإنما عندنا ما يسير على منوال القديم ببعض (معاصرة). ومما يزيد تشويه الشعر العربي العصري، اغترار الشعراء وتعسفهم، واعتدادهم بأنفسهم وحبهم إظهار (شخصياتهم) بمظهر المتضلع من العربية، الملم بدخائلها وشواردها. وكل سعيهم منحصر في تنقية الكلام واستصفاء زخارفه. ولا أذكر أني عثرت على شعر متدفق، حي، مستقل لأحد هؤلاء المعاصرين سوى بعض قصائد لا تتجاوز عدد الأصابع زل بها القلم! إذ نحن لا نزال نجاري شعراء المائة السادسة والسابعة والثامنة في شعرنا في الأفكار والتخيلات. . . فما الشعور الذي يتخلل شعرنا العصري سوى تصنع! وما المخيلة التي تبعث به سوى مقلدة!. . ألا ليت هؤلاء الشعراء تركوا الشعر ونبذوا الخيلاء والتكبر، وكفوا الناس شر ثرثرتهم وبحثوا عما هو أفيد لهم وللعربية!!! هيهات! هيهات! لا بد للعربية من شاعر يخرج عن طور القديم، لا يتقيد بأي قيد من قيود التقاليد العتيقة، بل ينهج مناهج الأوربيين - ولا يتأثر إلاّ في اللازم الضروري من القديم - لأن الشعر عندهم في أعلى درجاته وأرقاها. ومن شروط هذا الشاعر أن تكون عوامل الشاعرية فيه على أتمها، يكون شاعرا (شخصيا) حيا، واقفا على مجرى العلوم الحديثة، ملما بالتاريخ والمدنيات، متمكنا من الآداب الغربية ومطلعاً على دواوين إعلام الشعر الغربي ومتأثرا بها كلامرتين ودي موسه

ودانتي وأمثالهم، مستمدا منهم وحي الشعر الحي الحقيقي، فلا نقنع بدواوين السلف الأقدمين فحسب، ونتأثر بها. وإني لأعجب للشاعر منا لا يلتفت إلى ما هو خارج عن حدود العربية ويزيدني استغرابا أن أجد الكتاب أيضا، إذا ما تناشدوا أخبار التاريخ ذكروا سلفنا العرب، كأن هؤلاء الذين قذفتهم الأرض ولفظتهم البادية الجرداء، سادة الاجتماع وكأن تاريخهم وحده هو تاريخ العالم بأكمله، أو كأن المكان لا يتسع إلاّ لأخبارهم ونوادرهم وخرافاتهم ووقائعهم. نعم لقد أتوا أعمالا عظيمة تستحق الإعجاب والحمد ولكن ليست إلى هذا الحد الذي يجعلنا أن نذكرهم أناء الليل وأطراف النهار وفي معرض كل كلام، حيث لا يكون لذكرهم من لزوم بل لا يتعلق بهم على الإطلاق بأمر. وبلغ ببعض المتهوسين أن لا يتذاكروا ربهم بقدر ما يذكرون العرب من تمجيد وتعظيم. أذكر أني قرأت لأحد الشعراء المعاصرين قصيدة كرر ذكرهم ست مرات في بيتين منها، وفي معرض سخيف جدا. فتأمل! إذن فالشاعر العصري يجب أن يسير على مثال أبناء الغرب. ولا يقتبس من القديم سوى ما كان ضروريا. لئلا يفسد ذلك لغته ونرى أن لا يضع همه الوحيد في العربية فقط، بل يأخذ بما تأثرت به اللغة من اللغات القديمة الأخرى كالسريانية مثلا، فالإفرنج أنفسهم، مع ما بلغته لغاتهم من رقي (ومعاصرة) يأخذون عن اللاتينية والإغريقية ليجيدوا الكتابة في لغتهم، فهذا راسين الذي عاش في القرن السابع عشر يكتب إلى ابنه ناصحا أن لا يعكف على شعراء الفرنسية فقط ولا يجعلهم درسه الوحيد، وها أننا نورد ههنا الفقرة مترجمة إلى العربية حرفا بحرف وهي من كتاب له إلى ولده مؤرخ في الثالث من حزيران (يونيو) عام 1693 (أي قبيل وفاته بسنوات ست):

(إنك تطيب خاطري بما تبينه لي من أمر مطالعاتك، إلاّ أني أحثك على أن لا توجه كل فكرك إلى الشعراء الفرنسيين بل فكر في أنهم لا يجب أن يكونوا لك إلاّ بمنزلة لهو لك، لا لأن تتخذهم غرضا لمباحثك الحقيقية. وعلى هذا أرغب في أن تستطيب بعض الأحيان أن تكلمني عن هوميرس ومكونتليانس وغيرهما من المؤلفين الذين هم من تلك الطبقة). وغير راسين من الفرنسيين كثار قالوا ما يشابه هذا الكلام أي أن لا يكون الإنسان عبدا للقدماء أبناء لغته فقط ويحذو حذوهم بل يشق لنفسه طريقا جديدة ولو أردنا لملأنا صفحات من (لغة العرب) باستشهادات منهم! وقد يقول البعض من ذوي العقول الضيقة أن عند الإفرنج وغيرهم آدابا ليست عندنا، وقد لا توافق أسلوبنا، فلهؤلاء نقول ما قاله بوالو (إن لم تجد الكلمة التي تطلبها فأخترعها) أي أننا إن لم نجد عند الأقدمين ما ينتفع منه، فما علينا سوى أن نستحدث الأسلوب المطلوب وننقله عن أبناء الغرب بعد قليل من التحوير والصقل. والآن فلننظر إلى ما يلي هذا في الأهمية وهو: ثالثا: المعهد العلمي العربي

لندخل في الموضوع المنشود دون مواربة ولا محاباة. فالذي نريده هو مجمع علمي بكل ما في هذه الكلمة من قوة، أي لا نريده مجمعا لغويا بحتا لا يبحث إلاّ عن أصول وقوانين اللغة كما هي الحالة الآن بل نبتغيه مجمعا علميا كما في أوربة يجمع أكاذميات في ضمنه. أكاذمي اللغة أو بلغة أصح الأكاذمية العربية، لا تؤدي في عرفنا مهمة إحياء العربية كما يجب. نحن لا نريد تقدم وتجديد كلمات في الأدب فقط بل في العلوم بأنواعها جميعا، فالعالم الآن يرتكز على العلوم لا على النظم والنثر، والبيان والبديع، فأذن لا مندوحة لنا عن إنشاء المجمع على النمط الأوربي فيحتوي على خمس أكاذميات - (ونظن أن في الإمكان أن نجد في شرقنا العربي أعضاء اختصاصيين في أكثر فروع هذه العلوم، وما لم نجد له اختصاصيا فلا بأس من تركه حتى يتاح لنا) - وسنأتي على ذكرها في وقتها وهي الكفيلة لنا بتجديد نشاط العربية وتقدمها ومضارعتها للغات الأوربية بعد أن تحذف أغلب كتب النحو والصرف والأدب الغليظ وغيرها. هذا المجمع العربي لا ينشأ من سوريين أو لبنانيين فقط أو من مصريين أو عراقيين أو غيرهم من الناطقين بالضاد، كلا! إذ العربية ليست قطر من هذه الأقطار دون آخر منها. وحيث أنه ليس من لغة مصرية أو سورية أو عراقية. بل جميع الشرق الأدنى تقريباً يتفاهم بلغة عدنان. وحيت أنها الملك المشاع للجميع، فلا حرج من أن يكون لكل منها حق التداخل في شؤونها. ولكي لا تختلف الآراء وتتضارب الاقتراحات وتتشابك الأقوال والأعمال. فلا يوافق مجمع على أمر ويأتي بمشروع يناجزه مجمع آخر - إذا ما أنشئ في كل قطر ناطق بالضاد مجمعا، فالأوفق والأقرب إلى الصواب والسلام، تأليف مجمع واحد فقط. يختار الأعضاء من بلاد الشرق العربي أرباب الكفاية والاقتدار. وتكاليفه تتحملها حكومة كل منها بالتعديل. يجب أن يتألف المجمع العربي على النسق الأوربي دون أدنى تبديل، إذا أريد بعث الحياة في لغة السلف. وها أننا نورد فيما يلي الأكاذميات وفروعها التي

يشتمل عليها المجمع الأفرنسي وهو خير مثال، فهو يتألف من خمسة أكاذميات هي: أولا: الأكاذمية الأفرنسية (40) ثانيا: أكاذمية العلوم (72) وتحوي هذه العلوم: الهندسة. الآلات (الميكانيكيات). الفلك. الجغرافية وعلم البحار. الطبيعيات العمومية. الكيمياء. الجوامد والمعادن. النباتات. الاقتصاد الحقلي. التشريح. الحيوانات. الطب. الجراحة. ثالثا: أكاذمية الرقم والأدبيات (الأدب. البيان. الإنشاء) (40) رابعا: أكاذمية علوم الأخلاق والسياسة (40) وتتركب من علوم: الفلسفة. علم الأخلاق. علم الشرائع. الاقتصاد السياسي. التاريخ. خامسا: أكاذمية الفنون الفتانة (40) وتتركب من علوم الرسم. التصوير. الحفر. الريازة (العمارة). النقش. الموسيقى. هذا ما يتأسس منه المجمع العلمي الأفرنسي ومنه نطلع على عدم اختصاصه باللغة أو بعلم آخر فقط بل يطرق كل أبواب العلوم العصرية المعلومة فإذا سير بما فيه - وبذا تتقدم اللغة خير تقدم - نجحنا وأصبحت لغتنا كاملة إذ تدخل فيها كلمات كثيرة هي في أشد الحاجة إليها. اللغات السامية والتورانية وتأثيرها في العربية لا يخفى علينا أن العربية تأثرت بلغات شتى أخصها الفارسية ثم السريانية وتأثرها بالأولى يبتدئ عهده منذ أيام الجاهلية، أولا: حين كان جزء من البلاد العربية يقع تحت سيطرة الأكاسرة. ثانيا: حين انتقال الخلافة إلى أيدي بني العباس، وانتقال الملك والحكم إلى العراق في دار السلام، كان أكثر الحكام والوزراء من المعجم (المجوسيين المسلمين) ومن وطد الحكم للعباسيين في تلك النواحي كان رجل يمت إلى الفارسية بالدم وهو أبو مسلم الخرساني القاتل الظالم صريع المنصور. ومن بعده تناول شؤون الحكم البرامكة وغيرهم. فهذا الاحتكاك بالفارسية أنتج إدخال كثير

من الألفاظ والكلمات الفارسية حتى أن أقدم كتاب عربي عندنا لم يخل من الدخيل الفارسي. يبتدئ تأثير العربية بالسريانية منذ عهد الجاهلية حين كان لبني غسان سلطة من قبل الروم على بعض أنحاء البلاد العربية. ثم كان دخول العرب دمشق وافتتاحهم سورية ومعلوم لدينا أن هذه اللغة كانت لسان اغلب أهل سورية حتى أن بني غسان العرب الصميم كانت السريانية تخالط كلامهم العربي. ثم كان وزراء الأمويين المشهورين وهم كما نعلم من أبناء الشأم كابن سرجون عضد معاوية وغيره. فإن حكومات العرب لم يكن لها في بادئ الأمر من العربية إلاّ أسمها بل كان ذلك في كل أيام حكمهم في دمشق؛ إذ كانت في أيام حكم الأمويين، عربية المظهر سورية الإدارة وفي دولة العباس في بغداد، فارسية عراقية الإدارة وقل كذلك عن باقي البلاد التي افتتحوها. ففي مصر الأقباط (الذين اتخذوا الإسلام دينا) وفي الأندلس المغاربة ولم يلحق العرب بعد مائة عام من ظهور الإسلام سوى العلامات البارزة وظلت السريانية في الديار السورية تغالب العربية وهذه تغالبها حتى تم النصر للأخيرة فلجأت الأولى إلى شمالي لبنان، إلى أن قضي عليها كل القضاء في المائة السابعة عشرة للسيد المسيح، ولا يزال الجائل في لبنان يجد اليوم شيئا من اللهجة السريانية في بعض القرى النائية. كل هذا الاحتكاك، أولد - ولا مراء في ذلك - أثرا، نراه باديا لنا. ولا سيما في لغاتنا أو قل في لهجاتنا العامية فكسبت منه العربية كسبا جزيلا. ولذا نرى من الواجب المحتم أن تلقن في المدارس إحدى هاتين اللغتين، في الفرع الخاص بالعربية، أي أن تكون من مواد درسها. (وإن لا يقبل) في أي أكاذمية من المجمع العلمي العربي، سوى من أتقن إحداهما. أو كليهما - ركن التأثير في العربية ومقلع رخامها - (إذا كان عضوا في الأكاذمية العربية)، فضلا عن تذرعه ببعض لغات أوروبية كي ينقل عن آدابها ما يوافق العربية ويعوزها. الناطق بالضاد من يتعلم إحدى اللغات السامية، ويتعلم العربية أيضا ومن حيث أن لغتنا هي لغة سامية، إذ قد تكون ابنة لإحدى لغاتها. فإن من يتعلم الأم يتعلم ما تسلل فيها منها ويستفيد منها. أنظر إلى اللاتينية فأنها أم الفرنسية، فمن

معجم الشعراء للمزرباني

تعلمها وأتقنها، تفهم الفرنسية احسن تفهم، وتميز بجمال أسلوبه وعلوه وسلاسته وحسن تعبيره، لأن أصول الفرنسية ترى في اللاتينية. وفي الغرب، في الدول اللاتينية الأصل تدرس الأخيرة بين مواد التدريس فما أحرانا نحن أذن بدرس السريانية، شقيقة العربية الكبرى. وجعلها من تدريس أصول اللغة العربية في الصفوف الثانوية. وحبذا لو جعلت أيضا الفارسية بالاختيار لمن يريدها من طلبة الصفوف العليا الذين يوردون حذق العربية وإتقانها كل الإتقان. وكذا تتم الفائدة وتتقدم لغتنا. الخلاصة هذا مجمل رأينا في هذا الموضوع، بسطنا فيه أهم مواطن الضعف والنقصان في العربية، فعسى أن نكون قد أصبنا في التبيان وأتينا بالحق - وما المعصوم من الزلل سوى الله - وقد حدانا إلى كتابة هذه السطور، خوفنا على هذه اللغة الكريمة. أن تنتابها يد الفساد، وتعمل فيها يد الزمان، فتدخل في حكم الطبيعة. . . وكلنا أمل أن نرى في القريب العاجل نهضة في شرقنا العزيز تحيي ميت الرجاء وتبعث العربية من رقدتها. إلى معشر الكتاب، والجمع حافل بسطت رجائي، بعد بسط شكائي والله الموفق أنه السميع المجيب. بركات (السودان): ميشيل سليم كميد معجم الشعراء للمزرباني اقتنت دار التحف في برلين في السنة الأخيرة كتاب خط هو معجم الشعراء للمزرباني وقد أعارتني إياه وأنفذت به إلي في لندن. فوجدته الجزء الثاني والأخير من المعجم المذكور. ويبتدئ أوله بمن أسمه عمرو وعددهم زهاء مائتين وقد نسخ هذا المجلد مغلطاي بن قليج في القاهرة في سنة 734هـ وقد علق على حواشيه فوائد مستلة من مخطوطين من (جمهرة النسب لابن الكلبي) ومن مصادر أخرى. وثمن الكتاب لا يتوقف على شواهد الأبيات الواردة فيه بل على ما حواه من التفاصيل الحجة التاريخية التي لا ترى في سفر آخر. بكنهام (انكلترة): فريتس كرنكو

دار ابن الجوزي وقبره ببغداد

دار ابن الجوزي وقبره ببغداد - اشتهر بالانتساب إلى هذا البيت خمسة رجال - 1 - جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن ابن علي بن الجوزي، ولد محيي الدين يوسف أستاذ الدار - 2 - أولاد هذا جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن، وشرف الدين عبد الله، وتاج الدين عبد الكريم. وكلهم أفاضل من كبار العلماء الأعلام المبرزون في زمانهم. في بغداد خربة بقرب دار القنصلية البريطانية وأمام بابها القديم وباتصال قصر المرحوم السيد عبد الرحمن أفندي النقيب المطل على دجلة. كانت هذه الخربة قبل اليوم حديقة وقفها محمد بك الشهير باغريبوز (أكريبوز) وباتصالها خربة أخرى كانت هذه أيضا حديقة وقفها محمد بن جواد (اوطه باشي) على أولاده سنة 1224 هـ وتنتهي من جهة الغرب بمجسد صغير وباتصال جدارها الشمالي جدار آخر يعلو قامة الرجل بنيت عليه ساقية يأتي ماؤها من الكرد الذي كان منصوبا في قصر النقيب المشار إليه وقد أدخل وحريمه فيه حينما أبطل. فيصب فيها ثم ينعطف فيعبر على طاق صغير كان فوق باب الحديقة المنسوبة إلى عبد الجبار غلام وينتهي إلى جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني (رض) ولما فتح الشارع العام زمن ولاية خليل باشا سنة 1334 هـ دخل جدار الساقية وقسم قليل من حديقة اوطه باشى والمسجد كله في الشارع المذكور، ولو سرنا إلى الخربة المذكورة أعني حديقة (اكريبوز) لوجدنا في الغربي منها غرفة مربعة وعليها سقف معقود بالأجر والجص وأرضها منخفضة عن مستوى أرض الحديقة قدر سبعين (سنتيمترا) وفي وسطها قبر عليه خام أخضر وقد وضع على صدر باب هذه الغرفة رخامة بيضاء مكتوب عليها بعض ما استطعت قراءته وهو (اسند نصر الله ملا سلطان بن ملا إبراهيم إلى موسى باشا في بناء ابن الجوزي وقد أتى تاريخه فتح (كذا) من الله. . .) وموسى باشا هذا كان واليا على بغداد سنة 1055 هـ وباقي الكتابة قد أتلفتها المؤثرات الطبيعية ولما رأى بعض المحققين وغيرهم كلمة ابن الجوزي محررة كما نقلنا اعتقدوا لا بل أيقنوا

فأشاعوا أن صاحب هذا القبر هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي صاحب الشهرة الذائعة والمواعظ الفائقة دون غيره من الجوزيين. ولكنهم باكتفائهم بهذه الوثيقة قد شذوا عن الحقيقة التي أردت تبيانها في مقالي هذا وإليكها: إن هذه الخربة هي دار عبد الرحمن بن علي الجوزي أما القبر فلغيره من الجوزيين ولدي أدلة أراها كافية لتبرير مدعاي: إن جمال الدين أبا الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي قد شاهده. ببغداد ابن جبير حيث قال في رحلته (من طبعة ليدن صحيفة 220 ما نصه) ثم شاهدنا صبيحة يوم السبت بعده أي (12 صفر سنة 580) مجلس الشيخ الفقيه الإمام الأوحد جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي بازاء داره على الشط بالجانب الشرقي وفي آخره على اتصال من قصور الخليفة وبمقربة من باب البصلية آخر أبواب الجانب الشرقي) اهـ. وقال في صحيفة 229 وللشرقية (الجانب الشرقي) أربعة أبواب فأولها وهو من أعلى الشط باب السلطان (باب المعظم الذي هدم سنة 1345 هـ) ثم باب الظفرية (باب الوسطاني لوقوعها أمام محلة الظفرية المعروفة اليوم بمحلة قنبر علي وعزات طويلات (ثم باب الحلبة) وهو الطلسم الذي نسفته الحكومة التركية ليلة تخليها عن بغداد 11 مارت سنة 1917) ثم باب البصلية اهـ (أي الباب الشرقي وكان يسمى أيضا باب كلواذا) فلم يبق هنا شك في أن الحديقة هي دار عبد الرحمن المشار إليه وهي حتى اليوم واقعة على الشط يفصل بينهما قصر النقيب الآنف ذكره. ولم تبق ريبة في أن القصور التي تملكها الخضيريون وما يليها هي قصور الخليفة كما أشار إليها ابن جبير بما نقلناه عنه لقربها من باب البصلية (الباب الشرقي) وخربة ابن الجوزي ثم أن المشار إليه عبد الرحمن بقي في الحياة بعد مشاهدة ابن جبير له أي سنة 597 هـ فمات ودفن بباب حرب بمقبرة الإمام أحمد ابن حنبل رض (ابن خلكان ص 279) ومختصر طبقات الحنابلة ص 41 ومقبرة ابن حنبل هي في الجانب الغربي بعد محلة الحربية وجامع المنصور (وسأعقد فصلا خاصا أتكلم فيه عليها). فبين هذا التحقيق وبين ما قيل أن الذي في حديقة اكريبوز لعبد الرحمن بون شاسع (راجع لغة العرب 455: 5).

ثمار القلوب في المضاف والمنسوب

أما ابنه محيي الدين أستاذ الدار يوسف وأولاده الثلاثة السالف ذكرهم فقد قال عنهم صاحب مختصر طبقات الحنابلة صحيفة 41 وقتل (محيي الدين) سنة ست وخمسين وستمائة هو وأولاده الثلاثة إلى أن قال: قتلوا لما دخل هولاكو ملك التتار بغداد. اهـ. ورأيت في كتاب الحوادث الجامعة (مخطوط الآباء الكرمليين) ثم قتل (هولاكو سنة 656 هـ). . . ومحيي الدين بن الجوزي أستاذ الدار وولده جمال الدين عبد الرحمن وأخوه شرف الدين عبد الله وأخوه تاج الدين عبد الرحمن اهـ. وعلى هذا فأن هذا القبر لا بد أن يكون لأحد هؤلاء الأربعة ولا يمكن تخصيصه بأحدهم غير أني أرجح أن يكون لمحيي الدين يوسف لأنه الأب المحترم والفائق على أولاده علماً ورتبة ولا أزيد على هذا لقربه من الحدس والتخمين وباقي التحقيق عن صحب هذا القبر أحيله لغيري من المحققين أن لم يف تحقيقنا بالمطلوب. عبد الحميد عبادة ثمار القلوب في المضاف والمنسوب كنت أظن أن النسخة المخطوطة من كتاب (ثمار القلوب في المضاف والمنسوب) للثعالبي - وهي النسخة التي شاهدتها قبل سنة - أنها نادرة الوجود وليس لها ثانية وهي من كتب خزانة العلامة الشيخ علي زين العابدين المازندراني الملقب بشيخ العراقين الحائري المتوفى سنة 1346 هـ وقد بيعت في النجف قبل سنة مع أكثر كتب هذه الخزانة المخطوطة وقد أبتاع جملة وافرة منها (نعمان الأعظمي صاحب المكتبة العربية في بغداد) بأثمان بخسة، لكن لما قرأت هذا العنوان في الجزء العاشر من المجلد السادس من لغة العرب تحققت أن الكتاب المذكور قد طبع في مصر. هذا فضلا عن النسخ الخطية الموجودة منه في بغداد وسائر مدن الديار الناطقة بالضاد وفي ديار الغرب. فعسى أن يقوم من يعنى بطبعه طبعه علمية معارضة بنسخ عديدة مزدانة بفهارس كثيرة لمكانة هذا السفر الجليل من الآداب العربية. النجف: عبد المولى الطريحي

خزائن كتب إيران

خزائن كتب إيران تتمة خزائن الحاج الملا علي آقا في تبريز 19 - التبر المذاب في بيان ترتيب الأصحاب لأحمد بن محمد بن أحمد الحافي الحسيني الشافعي. 20 - التحفة السنية قفي شرح النخبة المحسنية (في الفقه): المتن للملا محسن الفيض القاشاني والشرح للسيد عبد الله بن نور الدين بن نعمة الله الموسوي الجزائري. 21 - تحفة المؤمنين للملا سلطان حسين ابن الملا سلطان محمد الأستربادي الواعظ: بالفارسية. 22 - ترجمة الصحيفة السجادية لمحمد صالح بن محمد باقر القزويني بالفارسية. 23 - التعريف بوجوب حق الوالدين لأبي الفتح محمد بن علي الكراجكي. 24 - تفسير القرآن لفرات بن إبراهيم الكوفي. 25 - تفسير القرآن لأبي النضر محمد بن مسعود السلمي المعروف بالعياشي. 26 - تفسير القرآن لأبي الفتوح الحسين بن علي الخزاعي الرازي (في عشرين مجلدة) وقد طبعت عدة منها في طهران، بالفارسية. 27 - تفسير القرآن المسمى بمعالم التنزيل لأبي محمد الحسين بن مسعود البغوي الشافعي. 28 - التمحيص لأبي علي محمد بن همام: مختصر قفي ذكر أخبار ابتلاء المؤمن وأنه تمحيص لذنوبه. 29 - تواريخ الأئمة الأثني عشر لنصر بن علي الجهضمي. الثاء 30 - ثاقب المناقب لعماد الدين أبي جعفر محمد بن علي الطوسي المشهدي المعروف بابن حمزة، جامع لفضائل جمة ومعاجز كثيرة للنبي وفاطمة والأئمة

الأثني عشر. الجيم 31 - جامع المقال في تمييز المشتركة من الرجال للشيخ فخر الدين الطريحي النجفي المتوفى سنة 1085 هـ. 32 - الجعفريات (في الحديث) لمحمد بن الأشعث الكوفي: كتاب يعتمد طبه ويشتمل على ألف حديث بأسانيدها المتصلة كلها بالإمام جعفر الصادق. 33 - جمال الأسبوع بكمال العمل المشروع للسيد رضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي المتوفى سنة 664 هـ. 34 - جوامع الحكايات ولوامع الروايات (المعروف بجامع الحكايات) لجمال الدين محمد العوفي: كتاب طريف (بالفارسية) يشتمل على خمسة أقسام ويبحث عن التوحيد والأنبياء والأولياء والملوك ولطائف كلماتهم وطرائف حكاياتهم وعن الأخلاق ومكارمها والمذموم منها وفيه حكايات لطبقات الناس (على اختلاف اصنافهم) وعجائب البحار وطبائع الحيوانات. تاريخ تأليفه عام 625 هـ الحاء 35 - حوض النهر في شرح روض الزهر: المتن أرجوزة منظومة في مديح آل البيت للسيد محمد البرزنجي قال في أولها: يقول راجي ذي الجلال المنجي ... محمد بن المصطفى البرزنجي أحمدك اللهم واسع الندى ... مصليا على النبي احمدا وآله ذوي الصفاء والوفا ... وأهل بيته الكرام الشرفا وصحبة البررة الأمجاد ... وناهجي مسالك الرشاد فهذه أرجوزتي روض الزهر ... الفتها في آل سيد البشر أنقل عن جهابذ الأحبار ... ما جاء فيهمو من الأخبار جعلتها هدية للسادة ... أرجو بها خاتمة السعادة والشرح للسيد حيدر الحسني. وهذه النسخة كتبت على نسخة الأصل بأمر سليمان باشا والي شهر زور المعروفة ب (كردستان) المتصلة بآذربيجان، والفراغ من كتابتها كان في عام 1248 هـ.

36 - حياة الأرواح وروح الأشباح (في الكلام) للسيد محمد حسين بن أحمد الشريف الحسيني: بالفارسية. الدال 37 - الدر المنثور من المأثور وغير المأثور لعلي بن محمد بن الحسن ابن العوم وشرح فيه أخبارا مجملة ومسائل مشكلة. 38 - الدروع الواقية من الأخطار في ما يعمل مثله كل شهر على التكرار للسيد رضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. 39 - دلائل الإمامة لمحمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي (وهو غير محمد ابن جرير الطبري المؤرخ المشهور). الذال 40 - ذخائر الواعظين للملا سلطان حسين ابن الملا سلطان محمد الأستربادي الواعظ: بالفارسية. الراء 41 - رسائل عشر للملا حيدر علي المجلسي. 42 - روضة الأحباب في سير النبي والآل والأصحاب لجمال الدين عطاء الله بن فضل الله الحسيني الشافعي الشيرازي، بالفارسية. 43 - روضة الأزهار ونزهة النفوس والأبصار، كتاب كبير في الأدب وفنونه لم يذكر المؤلف اسمه في كتابه. 44 - رياض الجنة للميرزا حسن الزنوزي (الملقب بشيخ الإسلام وهو من السادة الشرفاء) بالفارسية. 45 - رياض العلماء للميرزا عبد الله الأصبهاني المعروف بالأفندي، أربعة مجلدات منه مع خاتمة القسم الأول وخاتمة القسم الثاني. والأصل في عشرة مجلدات كلها في أحوال علماء الإسلام من سنة 260 هـ إلى سنة 1119هـ في زمانه. السين 46 - سؤالات الملا خليل القزويني من الملا محمد باقر المجلسي الأصبهاني، بالفارسية.

47 - سعد السعود لرضي الدين علي بن طاوس الحلي. 48 - سلوة الحزين (المعروف بكتاب الدعوات) لأبي الحسن قطب الدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي. الشين 49 - شرح قصيدة الحميري (العينية) للميرزا فضل علي التبريزي. 50 - شرح المناظرات الماموني لمحمد بن الحسين الشهير بإسماعيل المازندراني بالفارسية. 51 - شرح نهج البلاغة لعز الدين الآملي، بالفارسية. 52 - شرعة التسمية لمحمد باقر الداماد الحسيني الأستربادي المتوفى سنة 1041 هـ. الصاد 53 - الصراط المستقيم (في الإمامة) لزين الدين علي بن يونس العاملي البياضي المتوفى سنة 877 هـ، كبير. 54 - صفات الشيعة للصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المتوفى سنة 381 هـ. الضاد 55 - ضياء الشهاب في شرح الشهاب لأبي الحسن قطب الدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي. العين 56 - عجالة الراكب وقناعة الطالب للميرزا محمد حسين بن محمد مهدي الكرهرودي السلطان آبادي، بالفارسية. 57 - العروس (في فضل يوم الجمعة ونبذ من آدابها) لأبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي المعروف بابن الرازي. 58 - عوالم العلوم للشيخ عبد الله بن نور الله البحراني أربعة مجلدات منه وهي: أ - مجلد النبوة ب - مجلد الإمامة ج - مجلد الغيبة د - مجلد أموال أمير المؤمنين. ولا يخفى أن عوالم العلوم يشمل على مجلدات كثيرة وفي الحقيقة أنه بحار

الأنوار لأستاذ مؤلفه إلاّ أنه ألبسه صورة أخرى بترتيب أحسن وشكل أجمل. الغين 59 - الغايات (في الأخبار المشتملة على أفعل التفضيل من نحو أفضل الأعمال كذا وأبغضها إلى الله كذا) لأبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي المعروف بابن الرازي. 60 - الغرر والدرر لعبد الواحد الآمدي: يشتمل على جوامع الكلم المنسوبة إلى أمير المؤمنين علي مرتبا على حروف المعجم. 61 - غوالي اللآلي لمحمد بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي. الفاء 62 - فتح الأبواب (في الاستخارات) لرضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. 63 - فضائل شهر رجب للصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي. 64 - فضائل شهر رمضان له أيضا. 65 - فضائل شهر شعبان له أيضا. 66 - فلاح السائل ونجاح المسائل (في عمل اليوم والليلة) لرضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. القاف 67 - قاموس المعارف للميرزا محمد علي التبريزي: بالفارسية. 68 - قرب الإسناد (في الحديث) لأبي جعفر محمد بن عبد الله الحميري. الكاف 69 - كامل الزيارة لأبي القسام جعفر بن محمد بن قولويه القمي المتوفى سنة 368 هـ. 70 - كشف المحجة لثمرة المهجة لرضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. 71 - الكشكول في ما جرى على آل الرسول لحيدر بن علي الحسيني الآملي. 72 - كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لمحمد بن

يوسف الكنجي الشافعي. 73 - كنز جامع الفوائد للشيخ علم بن سيف بن منصور: هو مختصر كتاب تأويل الآيات الباهرة للسيد شرف الدين علي الحسيني الأستربادي. فرغ مؤلف كنز جامع الفوائد منه سنة 937 هـ. اللام 74 - اللآلئ العبقرية في شرح القصيدة الحميرية لبهاء الدين محمد بن الحسن الأصبهاني المعروف بالفاضل الهندي المتوفى سنة 1131 هـ: شرح فيه القصيدة العينية للسيد إسمعيل الحميري شرحا وافيا. 75 - لجة الأخبار للميرزا هاشم خان التبريزي: بالفارسية الميم 76 - المؤمن للحسين بن سعيد بن جماد بن مهران الأهوازي. 77 - المحاسن لأبي جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي (نسبة إلى برقة من أعمال قم). 78 - مرآة الأحوال للآغا أحمد بن الآغا محمد علي ابن الآغا محمد باقر البهبهاني: بالفارسية. 79 - المسائل التي سألها السيد مهنا بن سنان من العلامة الحلي. 80 - مسلسلات الأخبار لأبي محمد جعفر بن أحمد بن علي القمي المعروف بابن الرازي. 81 - مصابيح القلوب لأبي سعيد الشيخ حسن بن الحسين السبزواري: بالفارسية. 82 - مصادقة الأخوان للصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي. 83 - مصباح الزائر لرضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. 84 - مصباح المتهجد للشيخ محمد بن الحسن الطوسي (المعروف بشيخ الطائفة) المتوفى سنة 460 هـ. 85 - معالم العلماء لرشيد الدين أبي جعفر محمد بن علي بن شهراشوب المازندراني المتوفى سنة 588هـ. 86 - مقامات النجاة للسيد نعمة الله الموسوي الجزائري المتوفى سنة 1112 هـ: كتاب في شرح أسماء الله الحسنى، مرتب على حروف الهجاء إلى آخر حرف الضاد المعجمة. 87 - مقتل أمير المؤمنين لأبي الحسن أحمد بن محمد البكري.

88 - مقتل الحسين لأبي المؤيد موفق بن أحمد الخوارزمي المكي الحنفي (في مجلدين). 89 - منهاج الحق واليقين في تفضيل علي أمير المؤمنين على كافة الأنبياء والمرسلين ما خلا محمد خاتم النبيين للسيد ولي الله بن نعمة الله الحسني الرضوي الحائري. 90 - المواسعة والمضايقة لرضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. النون 91 - نظم الغرر ونضد الدرر (شرح بعض الحكم والمواعظ لأمير المؤمنين علي) لعبد الكريم بن محمد يحيى القزويني: بالفارسية. 92 - نكت البيان للسيد علي خان ابن خلف الموسوي المشعشعي: كتاب جليل يشتمل على ثمانية أبواب: الأول في تفسير الآيات القرآنية وتكلم فيه بما أغفله المفسرون والثاني في شرح الأحاديث المشكلة والثالث في ذكر ما تكلم فيه مع العلماء السابقين والمعاصرين له في مسائل شتى وبقية الأبواب في إيراد كلمات حكيمة للأنبياء والأئمة وأهل الفضل والصوفية وفي اللام على فحول الشعراء والإيراد عليهم (؟) والانتصار لهم ثم أورد أقسام الشعر من غزل ونسيب ومديح وفخر ورثاء إلى غير ذلك من الحكايات المستطرفة، وكانت مدة تأليفه إياه خمسة أشهر من سنة 1084هـ. 93 - نهج الحق وكشف الصدق (في الكلام) لجمال الدين أبي منصور الحسن بن يوسف بن علي بن المطهر المعروف بالعلامة الحلي المتوفى سنة 726 هـ. الواو 94 - وسيلة المآل في عد مناقب الآل لصفي الدين أحمد بن فضل المكي الشافعي. الهاء 95 - الهداية للشيخ عبد الله بن الفرج القطيفي البحراني. 96 - الهداية لأبي عبد الله الحسين بن حمدان الحضيني (بالتصغير والضاد المعجمة): كتاب في تاريخ النبي والأئمة الأثني عشر ومعجزاتهم. الياء 97 - اليقين باختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين لرضي الدين علي بن طاوس الحسني الحلي. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

جامع قمرية والمدرسة العمرية

جامع قمرية والمدرسة العمرية بحث كتاب مساجد بغداد وآثارها (المطبوع) عن هذا الجامع القديم وعن المدرسة العمرية الواقعين في الجانب الغربي أي جانب الكرخ مع ذكر تأريخهما فعن لي أن أزيد على ذلك ما وقفت عليه من أمرهما. وقمرية علم لأسم الأنثى من القمري والناس يسمون الجامع غلطا جامع القمرية (بفتح القاف والميم) كأنه أنشئ في موضع كان فيه قمرية (بفتح الأولين) أو كأن قمرية (كذلك بفتح الأولين) كانت فيه. والقمرية من الألفاظ العامية الحديثة في العراق ويراد بها الظلة أو العريش أي ما يقوم من العيدان التي يلتف عليها أغصان الكروم أو ما ضاهاه من الأشجار. وكتاب المساجد صدر البحث بقوله: (جامع القمرية) وزاد على ذلك أن نبه في الحاشية على ضبط الكلمة بأنه (بفتح القاف والميم) مع أنه نقل عن تاج العروس أنه جامع قمرية (بالضم ثم بالسكون). وممن ضبط هذا الاسم أيضا على هذه الصورة الأخيرة الشيخ عبد الله السويدي في رحلته كما سيجيء. قال كتاب مساجد بغداد (ص 114) ما يلي: (وقال بعض المؤرخين: إن هذا المسجد من أبنية الناصر لدين الله الخليفة العباسي. والوضع والبناء يشهدان له بذلك. وقمرية هذه لعلها من أهل بيته أو إحدى حظاياه من الجواري والله أعلم.) اهـ فيستشف من هذا الكلام ارتياب إلاّ أن ما يأتي يزيل كل شك عن زمن أحداث المسجد في سابق العهد. وما أسند إلى بعض المؤرخين صحيح لا ريب فيه فأنه مؤيد بكلام المخطوط الذي عرفته بالحوادث الجامعة لابن الفوطي فأنه لم يدخل أل التعريف على قمرية وهو ممن عاشوا في القرن الذي بني فيه المسجد. فقد جاء فيه قوله في أخبار سنة 676 (1277):

(وفيها توفي الشيخ مجد الدين عبد الصمد المقرئ إمام مسجد قمرية. وكان زاهدا ورعا يقرئ الأيتام بمسجد قمرية ويصلي إماما من حيث فتح. . . وكان مولده سنة 593 (1196) اهـ. وإذ كانت خلافة الناصر قد ابتدأت في سنة 575 (1179) وامتدت إلى سنة 622 (1225) وكانت ولادة مجد الدين في سنة 593 وكان يصلي في هذا الجامع إماما من حيث أنه فتح على ما رأينا فلا بد أن بناء الجامع كان في أيام الناصر ولا بد من أن إتمامه لم يكن قبل سنة 613 (1216) ليتسنى أن يكون لمجد الدين عشرون عاما من العمر عند فتحه حتى يولى الإمامة إذ من البعيد - على ما أظن - أن تولى الإمامة رجلا قبل أن يبلغ هذه السن على أقل تقدير. وكان الشيخ مجد الدين عبد الصمد أبنا لأبي الجيش فقد جاء في الحوادث الجامعة في أخبار سنة 652 (1254) أن (الخليفة أمر بوقفية دار سوسيان وما يجري معها من الحجر والبساتين وجعلت رباطا للصوفية ورتب الشيخ عبد الصمد بن أبي الجيش إمام مسجد قمرية شيخا للصوفية بها. وجعل ولده موضعه في مسجد قمرية) اهـ. الطوارئ على الجامع وتذكر الحوادث الجامعة غرق بغداد في سنة 653 (1255) ومما قالته: (وتهدمت الجوامع والمساجد كجامع المنصور. . . وبعض مسجد قمرية. . . وتلا هذا الفرق غرق آخر في سنة 654 (1256) وقد أصاب مسناة الجامع دمار عرفنا به هذا الكتاب نفسه قال: (وسقط نصف مسناة مسجد قمرية فعمل له سكر من خشب وطرفاء فما زال على ذلك إلى أن عمره الصاحب علاه الملك الجويني سنة سبع وستين وستمائة) اهـ. وقال في حوادث سنة 668 (1269): (ثم أمر (علاء الدين صاحب الديوان وهو الجويني) بعمارة مسجد قمرية بالجانب الغربي. وكانت قد خربت في زمن الخليفة المستعصم

عند زيادة دجلة وغرق بغداد وعمل سكرا من الخشب وبقي إلى الآن فتقدم بتجديده وعمله كما كان أولا.) اهـ. وذكر كتاب المساجد أنه (جرت على المسجد عمارات من ذلك عمارة السيدة عائشة بنت أحمد باشا والي بغداد سنة 1163 (1719) وكانت زوج عمر باشا الذي كان واليا على بغداد سنة 1177 (1763) كما دل على ذلك مضمون الأبيات المحررة على باب المصلى. ثم أختل البناء. . . سنة 1230 (1814) فتداركه سعيد باشا والي بغداد يومئذ فأعاد عمارته إلى أحسن ما كانت عليه. . .) اهـ. وقد وقفت في كلشن خلفا على إحدى تلك العمارات التي أشير إليها ولم يذكرها. قال كلشن في بحثه عن دلي حسين باشا الذي كان واليا في بغداد خلال بضعة أشهر من سنة 1054 (1644) ما تعريبه ملخصا: (كان الجامع المعروف بجامع قمرية (بدون أل) المقابل للسراي (دار الحكومة وهي لا تزال كذلك إلى الآن) والمزين لشط دجلة قد خرب في أيام الفتن فشيد أركانه (دلي حسين باشا) وعمر قبابه. وحينما أتمه عين له خطيبا وإماما وخداما على أن تعطى رواتبهم من الخزنة العامرة إذ ليس لهذا الجامع وقف خاص به. والآثار الخيرية لهذا الوالي لا تزال باقية إلى هذا اليوم) اهـ. وكانت وفاة صاحب كلشن في العقد الرابع من القرن الثاني عشر للهجرة. فمما مر بنا يتضح أن الجامع اسمه (جامع قمرية) وان أحداثه وإتمامه كان في عهد الناصر في إحدى السنين الواقعة بين سنة 613 وسنة 622 وأن أول من جدده فشيد أركانه بعد خرابه هو دلي حسين باشا الذي كان واليا على بغداد في سنة 1054 هذا ألم يكن قد سبق هذا الخراب خراب غيره فعمارة فخراب. وأما نسبته إلى قمرية التي قال عنها كتاب المساجد لعلها من بيت الخليفة

الناصر لدين الله أو إحدى حظاياه ففي ذلك نظر. والشك الذي داخله يداخلني إذ أن عيون الأنباء لابن أبي اصيبعة (327: 1) تروي ترجمة أبي منصور الحسن بن نوح القمري مؤلف كتاب الغنى والمنى في الطب وفيها أن ابن سينا (وفاته سنة 448 هـ 1056م) عاصر القمري أفكان في موضع هذا الجامع أو بقربه ما كان يسمى قمرية قبل أحداثه؟ أم كان هذا الطبيب منسوبا إلى هذا الموضع وأن ظهر في بلاد العجم؟ إن الأنساب للسمعاني ومقدمة الخطيب البغدادي ومناقب بغداد لابن الجوزي لم تذكر موضعا في بغداد بهذا الاسم. ولو لم يكن كتاب الحوادث ناقصا في أوله لوقفنا فيه على حقيقة نتطلبها أن صح ظني. ومن الغريب أن مناقب بغداد لم تذكر هذا المسجد نع أن مؤلفه كان عائشا في منتصف القرن السابع للهجرة أي بعد بناء المسجد ببضعة عقود من السنين. الوالي أحمد باشا وهنا معرض الكلام على أن هذا الوالي - وهو ابن حسن باشا والي بغداد أيضا - كان قد توفي قبل سنة 1163 وقد ذكر كتاب المساجد أنه كان فيها واليا على بغداد فأني وجدت دوحة الوزراء وسجل عثماني ومختصر حديقة الزوراء متفقات على أن وفاته كانت سنة 1160 (1747) وقد رثاه الشيخ عبد الرحمن السويدي بقصيدة جاء منها في مختصر هذان البيتان وفيهما التاريخ: فما صار حقا إلى حفرة ... ولا حل فيها ولا أقبرا ولكنه منذ تاريخه ... إلى رحمة الله قد صيرا (1160) وفي المختصر أيضا أن الشيخ محمد سعيد السويدي أخا مؤلف الحديقة رثى كذلك أحمد باشا بقصيدة جاء في آخرها تاريخ الوفاة:

فعليه رحمة ربه تتلى إلى ... وقت النشور وبعد يوم الحشر ولدى الجزاء من الكريم مؤرخا ... مأواه عدن لاحقا بالخير (1160) فلا بد أن الخبر الصحيح عن تاريخ وفاة أحمد باشا هو ما وجدته في المصادر التي أوردتها وفي غيرها كمخطوط صغير بالتركية في تاريخ بغداد عن بضع سنين وهو عندي فلم يكن أذن أحمد باشا حيا في سنة 1163. المدرسة العمرية وذكر كتاب المساجد (ص 134) هذه المدرسة وقال: (يقال إن عمر باشا أحد ولاة بغداد ابتناها لرجل من الأفاضل اسمه الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ محمود من أهل وراء النهر) اهـ. فالصراحة في شكه بينة في هذا الكلام ولكن كلشن يوقفنا على جلي الأمر فأنه قال عن منشئها ما تعريبه: (وأنشأ عمر باشا مدرسة منظرها كالجنة بقرب جامع الأنوار (المسمى جامع) قمرية مع غرف لطيفة وعين لها مدرسا ومحدثا وطلابا وبين رواتبهم ووقف عليها بعض الأوقاف فأرخ ذلك كاتب ديوانه المرحوم طيبي (وهنا بيت بالتركية) اهـ. وكانت ولاية عمر باشا على بغداد من سنة 1088 إلى سنة 1092 (1677 - 1681). أما النفحة المسكية في الرحلة المكية للشيخ عبد الله السويدي ففيها (ص 4 - 5 من مخطوطي) في ترجمة المؤلف لنفسه أن الذي بنيت له المدرسة هو الشيخ حسين نوح وهذا ما في الرحلة: (. . . فبعد مجيئه (مجيء عمنا أخي أبينا لأمه الشيخ أحمد بن سويد وكان مجيئه من القسطنطنية في سنة 1109 أو بعيدها بوقت وجيز) بثلاثة (سها الناسخ هنا أن يقول أيام أو أسابيع أو أشهر) إلى الكتاب والشيخ فيه إذ ذاك شيخنا الصالح الورع التقي العالم العامل الشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ محمود من أهل وراء النهر فختمنا عنده القرآن وأقرأنا رسالة في التجويد وتعلمنا عنده

الكتابة. . .) حتى قال: (ثم أنه (يعني عمه المذكور) أرسلنا إلى الشيخ حسين نوح المتقدم ذكره لتعلم العلم. وكان شيخنا هذا يدرس بالمدرسة العمرية نسبة إلى والي بغداد إذ ذاك عمر باشا رحمه الله تعالى. وهو قد بناها لأجل شيخنا المذكور فهو أول من درس بها التدريس العام. وهذه المدرسة على كتف دجلة في الجانب الغربي شرقي جامع القمرية بفتح القاف والميم. ملاصقة له) ثم قال: (وأخذت النحو عن شيخنا الشيخ حسين نوح. قرأت عليه الأجرومية وشرحها للشيخ خالد الأزهري و. . . و. . .) وقد سبق فقال: (حسين نوح المتقدم ذكره) وهذا ما كان قد ناله عنه (أنه العالم النحرير. . . و. . . الشيخ حسين نوح الحديثي الحنفي. . ونوح هذا عمه فنسب إليه لأنه كفله ورباه فعرف به. وكان نوح المذكور من العلماء العاملين والنساك الصالحين) اهـ. ويسعني الآن أن أقول بعد أن أوردت النقول المذكورة أن الذي بنى هذه المدرسة العمرية هو عمر باشا والي بغداد في زمن ولايته التي كانت من سنة 1088 إلى سنة 1092 وأنه بناها للشيخ حسين نوح فكان هذا أول مدرس بها وأن الباشا لم يبنها للشيخ عبد الرحمن ابن الشيخ محمود من أهل وراء النهر. ومن آل نوح يحيى أفندي بن نوح العراقي الذي سأل عبد الغني النابلسي في الدخان فأجابه في سنة 1111 (1699) مخطوطات الموصل ص 34 في مجموعة رسائل تحت رقم 13). هذا ما أردت الإتيان به خدمة للتاريخ. بغداد: يعقوب نعوم سركيس المرعز المرعز (كزبرج مشدد الآخر) والمرعزي (بالألف المقصورة مع تشديد الزاي) ويمد إذا خفف (والميم والعين مكسورتان على كل حال وقد تفتح الميم في الكل وجعل سيبويه المرعزي صفة عنى به اللين من الصوف. اهـ ملخصا عن التاج. ويراد اليوم بالمرعز في العراق نوع من العنز يعرف عند الإفرنج باسم عنز أنقرة كما أنهم يسمون الهر الطويل الشعر بالشيراز وبالفرنسية

عشائر لواء الموصل

عشائر لواء الموصل في لواء الموصل جماعات كبيرة من العشائر المختلفة. منها الرحالة التي تنتقل بأغنامها بين قرية وأخرى ومعظمها لا يعرف لنفسه ولا حكومة معينة ولهذا تراها تارة في حكم الأتراك وطورا في حكم الانتداب الأفرنسي في سورية وأوأنا في أمر الحكومة العراقية. ومن هذه العشائر شمر وطي. ومنها المستوطنة في القرى والتفصيلات الآتية توضح مراكز عشائر اللواء كلا منها بحسب القضاء الذي تسكنه. 1 - العشائر التي تقطن قضاء الموصل هي: - 1 - الجبور - 2 - البو حمد - 3 - الموالي - 4 - الحديديون - 5 - قسم من الشرابيين (وهم من قبيل المعدان عندنا) - 6 - قسم من عشائر الدليم بالتصغير) - 7 - الجحيش (بالتصغير). 2 - العشائر التي تقطن قضاء تل أعفر هي - 1 - اليعافرة (وأصلهم من التركمان) - 2 - قسم من الجبور - 3 - قسم من الحديديين كالحديد (المنسوب المجموع بلا تصغير). 3 - العشائر التي تقطن قضاء سنجار هي - 1 - اليزيدية وهم قسمان قسم يستوطن القرى والجبال ويمتهن الزراعة وقسم يسكن السهول وهم الذين يقومون برعاية الأغنام والمواشي وهم رحالة - 2 - البو متيوت (بالتصغير) - 3 - شمر - 4 - طي. 4 - عشائر قضاء شيخان مؤلفة من خمس فرق هي - 1 - الكلدانيون المسيحيون - 2 - اليزيدية - 3 - العرب المسلمون - 4 - الأكراد - 5 - الشبك (وأصلهم كردي) وشيخان هذه مقر رئاسة اليزيدية. 5 - العشائر التي تقطن قضاء دهوك: - 1 - المروزي (وزان المقول بزيادة ياء النسب) - 2 - قسم من معامرة - 3 - قسم من الشرابيين - 4 - الدوسكي ومن العشيرة الأخيرة قبائل رحالة تعرف بالكوجر - والكوجر لفظة كردية تعني الرحالة ومن أفخاذها كودان وشرفان (كسرطان) وقليان (بكسر الأول) وارتوش (مثل صعفوق) وغيرها.

6 - العشائر التي تقطن قضاء العمادية: - 1 - ارتوش وهم كوجر ينقسمون إلى أفخاذ كثيرة أشهرها: - أ - زيروان - ب - شرفان - ج - مهمدان (من المحتمل أن يكون اسمها الحقيقي محمدان) 2 - برواري بالا (إي بروراي العليا) - 3 - برواري زير (أي برواري السفلى) - 4 - نيروه - 5 - ريكان - 6 - جماعة من الآثورين. 7 - العشائر التي تقطن قضاء زاخو: - 1 - السليفاني - 2 - السندية - 3 - الكلي (بضم الكاف الفارسية وتشديد اللام المكسورة) - 4 الهاجات - 5 - الزيوكية. وكل هذه العشائر رحالة. أما المستوطنة منها فهي: - 6 - اليزيدية - 7 - الخليلان (وهم أكراد). 8 - العشائر التي تقطن قضاء عقرة: - 1 - آشوش (بالمد) - 2 - السورجية ومن أفخاذها (مام سال وستبال ومام أومر (أي إمام عمر) وشيخان وخنديري ومام ساك. - 3 - العشائر السبع (وأفخاذها كيره، وزركري، وشايلو وشيخ تبريني، ولو ماء وخنت بري وشارك.). وكل هذه الأسماء كردية. 9 - العشائر التي تقطن قضاء الزيبار - 1 - الزيباريون و - 2 - البارزانيون فقط. ملحوظة في لواء الموصل أكثر من سبعين مخفرا للشرطة بعضها واقع على الحدود وبعضها على منتصفات الطرق والبعض الآخر في مراكز النواحي والقرى المهمة وللشرطة ثلاث سيارات مصفحة ومجهزة باللاسلكي تجول على الحدود لضبط الأمن بين تركية وسورية والعراق. ويبلغ عدد أفراد الشرطة في هذا اللواء ألفا وعشائر شمر التي يرأسها الشيخ عجيل الياور تبلي بلاء حسنا في سبيل محافظة الجزيرة وتشترك مع الحكومة في ضبط الأمن في هذا اللواء الشاسع الأرجاء. مياه اللواء 1 - دجلة - ينبع هذا النهر العظيم من جبال أرمينية في تركية ويدخل العراق من محل يسمى (فيشخابور) ثم ينحدر نحو الجنوب مارا بناحية (زمار)

ويدخل مدينة الموصل بعد ذلك ثم ينحدر نحو الجنوب وهو يفصل بين قضاء دهوك وزاخو وبين تل اعفر. 2 - الزاب الكبير - يدخل العراق من شمالي (العمادية) ويذهب منها إلى قضاء الزيبار ثم يأتي قضاء عقرة وبعد أن يسقي أراضيها، يتجه نحو الجنوب في قضاء الموصل فيسقي قرية (قره قوش) ويصب في دجلة في ناحية الشورة. 3 - الخازر - تتجمع مياه هذا النهر من عيون كثيرة منتشرة في الجبال في أودية عقرة. ثم يدخل قضاء عقرة ويأتي بعد ذلك إلى قضاء الشيخان. حيث يفصل هذا القضاء عن قضاء عقرة ثم ينحدر نحو الجنوب فيدخل ناحية (العشائر السبع) ويفصل قضاء الموصل عن قضاء عقرة ويصب أخيرا في الزاب الكبير في محل يسمى (داروك). 4 - نهر الخابور - ينبع من جبال تركية ويدخل العراق من محل يسمى (ميركة ونزدور) ثم يفصل قضاء العمادية عن قضاء زاخو ويتجه بعدئذ نحو الشمال فيصب في دجلة في محل يسمى (فيشخابور). 5 - نهر الهبزل - ينبع من جبال تركية ويدخل العراق من محل يسمى (سناط) ثم يفصل حدود تركية عن حدود العراق ويختلط بالخابور في محل يدعى (درنق) وهو مخفر للشرطة يبعد عن زاخو ستة أميال من جهة الشمال. 6 - نهر الصينة - ينبع من جبال العمادية بالعراق ويمر بأودية وجبال برواري بالا وبرواري زير ومن ثم يصب في الخابور في محل يدعى (باصي). 7 - نهر الخوصر - ينبع من جبال الشيخان من محل يدعى (الناوران) ثم يخترق أراضي القضاء ويصب بعدئذ في دجلة في شرقي الموصل. 8 - وهناك نهيرات وجداول عديدة تروي الأراضي والمزارع الكثيرة في سائر جهات اللواء. طرق المواصلات تسير السيارات بين جميع أجزاء اللواء سيرا متصلا فتربط شماليه بجنوبيه وشرقيه بغربيه وتجعله بذلك شبكة متصلة الأجزاء. وتستعمل المواشي على اختلاف أنواعها لنقل البضائع وغيرها. وإذا تحقق ما ترمي إليه الحكومة

العراقية في سياستها الحاضرة من ربط الموصل بالسكة الحديدية يكون لها شأن عظيم في المستقبل القريب. دخل اللواء وخرجه يمتاز لواء الموصل في صادراته عن بقية الألوية العراقية بأنه يصدر مقادير كبيرة من الصوف والجلود والمواشي والعفص واللوز والفستق وغير ذلك من الحاصلات التي تنمو عادة في الشمال أو الجبال أو الأقاليم الباردة يضاف إلى ذلك الحبوب بأنواعها المختلفة مع السمن ونوع من المنسوجات المتخذة من المرعزي (راجع ص 232 من هذا الجزء). أما ما يجلبه هذا اللواء من الأموال فهو كسائر ما تجلبه بقية الألوية العراقية من شاي سكر وبن وتوابل ومشروبات روحية وغيرها. وقد بلغت واردات الحكومة من هذا اللواء في السنة المالية 1927 - 1928 كما يلي: نوع الوارداتربية من المحصولات الزراعية1. 372. 000من الكودة72. 000من المارك والمكوس842. 000من البرق والبريد162. 000من ضريبة الأملاك300. 000من العدلية والطابو300. 0003. 696. 000 ربية على التقريبوهناك واردات مختلفة ولكنها زهيدة ولعل فيما ذكر غني للقارئ عن التتبع الكثير. اليزيدية في اللواء وفي لواء الموصل جماعة يتراوح عدد نفوسها بين سبعة وعشرين ألف نسمة وثلاثين ألف نسمة يدعون اليزيدية ويترضون الشيطان ومقرهم كردستان وأرمينية وبلاد القوقاس. ولهم شعائر دينية غريبة وعادات لم تألفها بقية الأمم والمعروف أن أصلهم من بقايا المجوس وهم يؤدون إلى صنم لهم يدعونه (طاووس

ملك) أنواع العبادات ويتكلمون باللغة الكردية لأنهم يعتقدون بأنها لغة الله ولهم كتابان مقدسان اسم أحدهما (جاوة) واسم الثاني (مصحف رش) وفي كليهما من الخبط والخلط ما فيهما. وقد افرزنا لهم رسالة مطولة أسميناها (اليزيدية) ونشرناها مستقلة وربما جعلناها أحد فصول كتابنا (مباحث في العراق) الذي لا نزال ننشر بعض بحوثه البلدانية. المعارف في اللواء اشتهر العرق في القرون المنصرمة بمعارفه وآدابه وفنونه، شهرة عظيمة وبقيت جنات العلم ورياض الأدب زاهية فيه زمنا طويلا إلى أن دخلت الدولة العباسية في دور الانحطاط والاضمحلال، فتداعت صروح الثقافة والتهذيب وبدأ العراق يسير القهقرى زهاء خمسة قرون لم يشيد فيها مدرسة ولم يقم معهد علمي. ولكن الحرب التي أثارها الجشع الاستعماري في الشرق وفي الغرب معا، نبهت الشعوب الضعيفة من رقدتها وخلقت فيها حركة علمية واسعة كان للعراق منها نصيب لا يستهان به. وإنك لتجدن مثلا في لواء الموصل اليوم (71) مدرسة أميرية فيها (7161) طالبا. وتختلف درجات هذه المدارس باختلاف سعة المدن التابعة للواء المذكور وعدد نفوسها. وهي من حيث العموم 12 مدرسة ابتدائية ذوات خمسة وستة صفوف و56 مدرسة أولية ومدرسة ثانوية واحدة وأخرى للصنائع وثالثة للمعلمات. هذا عدا المدارس الأهلية التي يبلغ مجموعها (19) مدرسة فيها (1598) طالبا فيكون عدد المدارس في اللواء من حيث العموم (90) مدرسة يبلغ مجموع طلابها (8759) بين تلميذ وتلميذة وأساتذتها (343) بين مدرس ومدرسة. وإذا قابلنا نصيب لواء الموصل في المدارس بنصيب بقية الألوية العراقية فيها، لما وجدنا في ذلك نسبة البتة. ففي لواء الحلة مثلا لا يتجاوز عدد المدارس العشرة وهكذا في لواء كربلاء والديوانية والكوت والدليم وغيرها. وإذا حللنا الأعذار التي تبديها السلطات المختصة بتعليل هذا التوزيع غير العادل وجدناها أعذارا واهية لا يصح أن تركن إليها حكومة يتطلب شعبها النشيط المستيقظ نهضة علمية صادقة واسعة ليستعد بها مجده المؤثل. فهل للموضوع الشاذ من حد له نهاية؟ السيد عبد الرزاق الحسني

فوائد لغوية

فوائد لغوية حول نقد محمود الملاح لصناعة الإنشاء إلى علامتنا ومرشدنا الأب أنستاس ماري الكرملي الجليل. كنت قد أخبرتكم أن محمود الملاح قد لبس عليكم الحق بالباطل في إقناعكم بان (استقرى) بمعنى (تتبع وتأثر) مهموز الأخر لا معتلة. وذلك في نقده (صناعة الإنشاء) الذي ألفه عز الدين علم الدين في ص 630 من المجلد الخامس من مجلتكم (لغة العرب) إذ قال (قوله: أستقرى بالنقص بمعنى استقرأ المهموز ذهابا منه إلى أن الهمزة في الاستقراء منقلبة عن حرف علة كالاستخذاء مثلا) اهـ. وقد ذكرتموه خطأه الفظيع وأنا جليسكم فتفصى بأنه أعتمد في ذلك على المنجد، فقلتم له (أعلى المنجد يعتمد من ينقد كتب الناس في لغة العرب الحريصة على العربية والحقيقة حرص الواله على حبيبه؟) ولعل ما ذكرت مضمون قولكم لا نصه بحروفه: وإني أنعمت النظر في النقد الآنف ذكره فوجدت أمارات الزيغ والشطط بادية عليه، لذلك قدمت إليكم نظراتي هذه لأن أربكم خدمة العلم والحقيقة: 1 - إن ادعاءه أن (استقرى) يجب همزه غلط شنيع جهل به غيره مع أنه جاهل صوابه. وأضاف إلى ذلك أنه أرتكب الخطأ بعينه في ص 633 بقوله (وما أدري كيف استقرأ أحوالنا الخلفاء) فالصواب (كيف استقرى أحوال الخلفاء) أي تتبعها أما قولهم (استقرأ الجمل الناقة أي تاركها) فلا يدل على ذلك فالهمزة في الاستقراء إذن منقلبة عن حرف علة على رغم جهل هذا الناقد. 2 - وقال في ص 627 (مع إنا نعلق على معرفة المصادر أهمية كبرى) فساقه وهمه إلى جعل اسم التفضيل (كبرى) موافقا للموصوف في التأنيث والتنكير مع أننا ندرس التلاميذ الأحداث في المدارس الابتدائية أنه يجب ذلك إذا دخلت عليه (أل) مثل (الأهمية الكبرى) ويجوز إذا أضيف إلى معرفة

مثل (معرفة المصادر هي في الفوائد كبراهن) أو معرفة المصادر من كبرى الفوائد) فالفصيح (أهمية كبيرة). 3 - قال في ص 497 (ومتى وجدنا مواقده خامدة فيها فلننفض أيدينا من نجاحها نفض الأنامل من تراب الميت) فالخطأ هو نفضه يديه من النجاح مريدا (يأسه من النجاح) لأن الذي ينفض يديه من النجاح يدعو إلى الشك في سلامة عقله. وإلاّ فكيف ينفض يديه من مراده العزيز وهو الذي قاسى ما قاسى حتى أدركه فأمسكه؟ فقوله خطأ من حيث الحقيقة مقصودة ومن حيث المجاز مراد فالصواب (فلنقنط من النجاح). 4 - وقال في ص 499 (ومن نقص التربية مناصبة أرباب النقد النزيه العداء) والصواب (ومن نقصان التربية) لأن المراد مصدر الفعل اللازم أي (النقصان) لا مصدر المتعدي أي (النقص). قال في مختار الصحاح (النقص مصدر المتعدي والنقصان مصدر اللازم). وقال المبرد في كامله ج 2 ص 191: وكذلك يصغر في آخر الشهر لأن النقصان فيهما واحد) فأستعمل مصدر الفعل اللازم أي (نقص الشهر). وقال في المختار في ل ي ن (ويقال ألانه أيضا على النقصان والتمام) فاستعمل المصدر اللازم وقابله بالتمام المصدر اللازم وقال في القاموس (وليل تمامي أطول ليلي الشتاء أو هي ثلاث لا يستبان نقصانها) فهذه أدلة كافية لدعم ما ذكرنا من الإصلاح. وقال فيها: (إن الانتقاد إذا توفرت شروطه كان خدمة جلى تستحق مناصرة العقلاء). ففي قوله: (خدمة جلى) تكرار للخطأ الذي ذكرناه في المادة الثانية والذي لا يخفى صوابه على تلاميذ المدارس الابتدائية لأنه من دروسهم فالصواب (الخدمة الجلي) مثل (الخدمة العظمى) قال عمران بن حطان يخاطب روح بن زنباع: حتى أردت بي العظمة فأدركني ... ما أدرك الناس من خوف ابن مروان أو (خدمة جلى الخدم) بالإضافة إلى معرفة. 5 - وقال في ص 628 حول قول المؤلف لصناعة الإنشاء (بدا له طريقان فسلك أشدهما ظلمة وترك أوضحهما نورا) ما نصه: (وههنا إشكال وهو أنه

هل يجوز أن يقال: زيد اسخى من عمرو وعمرو أبخل من زيد) فقياس قول المؤلف على قوله وذلك قياس باطل يدل على تكلف قائسه العريض لأن قوله (زيد اسخى من عمرو) وأتباعه قوله (وعمرو أبخل من زيد) متضادان متناقضان أما قول المؤلف (أشدهما ظلمة وأوضحهما نورا) فلا تناقض فيه لأن للنور درجات وللظلام دركات فأشدهما ظلمة هو (أقلهما نورا) وأوضحهما نورا هو (أقلهما ظلمة). فلو قال قائل (بدا له رجلان فتبع أشدهما ظلمة وترك أوضحهما نورا) لما أعترض على قوله معترض. فلو جعلنا قوة النور (20) جزءا وكان مع زيد (16) جزءا لاحتاج إلى (4) أجزاء حتى يتم نوره فقوة الظلام معه إذن (4) أجزاء لأن ضد الضوء هو الظلام. ولو جعلنا لعمرو (18) جزءا من الضوء لاحتاج إلى جزءين فقوة الظلام معه (2) فزيد إذن أشد من عمرو ظلاما وعمرو أوضح من زيد نورا وكلاهما مشترك في النور والظلام. وإنك لو أوقدت (شمعة) قرب جدار ثم أوقدت مصباحا أشد نورا منها ووضعته قبالتها وأبعد منها عن الجدار لرأيت خيال ضوء الشمعة على الجدار وهكذا ترى لو استبدلت بالشمعة المصباح وعوضت من المصباح أشد منه أي ترى خيال ضوء المصباح على الجدار. فالشمعة أقل نورا وأشد ظلمة. والمصباح أشد منها نورا وأقل ظلاما. 6 - وقال في ص 629 (ولم يشعر بأن المقلد بالفتح كان مخطئا لأن الأسف إنما يتعدى بعلى إلى الأمر المحبوب الذي جرى عليه أمر مكروه أما الأمر المكروه فينبغي أن يقرن باللام فتأمل) قلت: يا ويلتا ماذا يتأمل القارئ فأي دليل ضرب؟ وأي تمثيل مثل؟ وكيف يطلق القول بلا دليل فقوله (أما الأمر المكروه فينبغي أن يقرن باللام) خطأ واضح لأن المأسوف له محبوب لا مكروه تقول (أسفت لمحمد على ما فاته) فمحمد غير مكروه فمن أين جاءنا العلامة المتبقر بدليله!! فاللام توضع في موضع (من أجل) قال (عمرو بن ذر) حينما وارى ابنه في القبر (باذر أنه قد شغلنا الحزن لك عن الحزن عليك لأنا لا ندري ما قلت ولا ما قيل لك. والأسف أشد الحزن وفعلاهما متساويان في (على) واللام فكيف يكون (ذر)

مكروها عند أبيه وهو حزين من أجله مشغول عن الحزن على فقدانه؟ فماذا تقول لو علمت أن الناقد درس المعلمين في دار المعلمين؟ 7 - وقال في الصفحة بعينها ناقلا عن المؤلف: (قال الفضل بن سهل للمأمون وهو بدمشق مشرف على غوطتها) وقال من علمه الزاخر (والصواب مشرفا) قلت أنه لم يذكر سبب الإصلاح وذلك ديدنه ولا قيمة لإصلاح بلا دليل والظاهر أنه نصب مشرفا (على) الحالية وليس بشيء. فقول المؤلف كقول أبي العباس المبرد (وجعل لرجل ألف درهم على أن يسأل عمرو بن العاص عن أمه ولم تكن في موضع مرضي فاتاه الرجل (وهو بمصر أمير فقال. . .) ولم يقل (أميرا عليها) فمشرف في قوله (وهو بدمشق مشرف على غوطتها خبر ثان كما أن (أميرا) في قول المبرد خبر ثان فالتقدير (وهو مستقر بدمشق مشرف على غوطتها) و (وهو مستقر بمصر أمير عليها) فتعسا للجهل. 8 - وقال فيها (بأفراد اسم الموصول) والصواب (بأفراد الاسم الموصول) فما قولك في من يعرف الصفة وينكر الموصوف؟ وأي بكاء تبكي على العربية إذا قلت لك أنه قال (وإن خامرك الشك فالصق ركابك بركابي في هذه الحملة المباركة التي يراد بها إعلاء كلمة الأدب وإنقاذه من براثن التصنيع) أفهذه حملة مباركة أم تلك التي ضاع رجالها فهب مكانهم أذناب الأدباء وقتلة العربية؟ 9 - وقال في ص 633 (ومثل هذه الدقائق مما لا ينبغي أن يذهل عنها أو يجهلها والإنشاء) ففي قوله غلطان أولهما نفيه الفعل ينبغي فصار التقدير (لا ينبغي الذهول عنها) وهو أضعف من قولهم (ينبغي أن لا يذهل عنه) أي (ينبغي عدم الذهول عنه) لأن التعبير المنقود يحتمل غير الانبغاء كأن يقال (لا ينبغي الذهول عنها بل يفرض) أما التعبير الثاني فلا صير في الواحة المنضدة. والغلط الثاني نفيه الشيئين لوضعه (أو) والمراد (نفيهما كليهما) فالصواب (ينبغي أن لا يذهل عنها ولا يجهلها معلمو الإنشاء) فتأمل رعاك الله هذا المتبجح الفذ. 10 - وقال في ص 570 (لأن مذهبي التسامح في لغة تدوين الفنون بالنظر إلى وضع الراهن في مدارسنا) فاستعمل (بالنظر إلى) للتعليل ولا يستعملها

إلاّ جهلة الكتاب البعيدين عن العربية فالصواب (من أجل وضع اللغة الراهن في مدارسنا) أو (لانحطاط موضع اللغة الراهن) وهو القائل أيضا (وهو تصحيح إذ بان نظرا إلى حذف النون) فالخطأ عشيرة وسميره والصواب (لحذف النون) لأن النظر لا يفيد التعليل ولا يجوز أن يكون مفعولا لأجله لكونه مصدرا غير قلبي. يقال (لفت جيدي للنظر إليك) لا (نظرا إليك) وشتان ما التعليل والنظر. 11 - وقال فيها (إن المؤلف مع تهجسه في مسالك التعبير واعتياده الدبيب الخفي. . .) وقد أراد بالتهجس (التخوف والتردد) وفي القاموس ما نصه (وخبز متهجس فطير لم يختمر عجينه) فما المعنى من (إن المؤلف مع عدم الاختمار في نفسه في مسالك التعبير)؟ ولعله يريد أن يتبع لغة العامة فأنهم يقولون (فلان يتهجس في مشيه) أي (يتخوف ويتردد) فوا أسفا على لغة العرب ومدخر مجدهم العظيم! 12 - وقال فيها عائبا على عز الدين كتابه (حتى جاء كتابه ناشزا على الفصاحة التي هي من أخص مزايا لغتنا) قلت (وكيف علمت ذلك ومن علمك؟ ومن أجاز لك أن تقول هذا القول وأنت بعيد عن الفصاحة ولغة العرب كلها؟ فانظر إلى قولك (أخص مزايا لغتنا) فالمزايا مضاف إليه ولغة مضاف إليه و (نا) مضاف إليه. وإن المبتدئين بدرس البلاغة العربية لا يتابعون الإضافات هذه المتابعة ولا يغلطون هذا الغلط المستقذر. ألم تدرس أن العلماء عابوا على الشاعر قوله (حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي) للتابع الإضافات فما لكم يرى أحدكم القذاة في عين غيره فيستقذره ولا يرى ما هو أشد منها في دماغه. 13 - وقال في ص 571 (ومادتا الغوص والغطس فاشيتان) فقوله (مادتا الغوص) يدل على أن للغوص مادتين مع أنه أراد نسبة مادة واحدة إليه. أما عطفه بقوله (والغطس) فهو يشرك (الغطس) في المادتين أيضا فهذا خطأ ثان. وإنك لو قلت (بستانا محمد وخالد) لفهم أن لمحمد بستانين شاركه فيهما خالد. فالتركيبان متساويان وما هو إلاّ جد مخطئ. وإن الذي أرتكب هذا الغلط ظن أنه مختصر للفظ متم للمعنى واستوعر أن يقال (مادة الغوص ومادة

الغطس) ومن القدامى الراكبين هذا الشطط (أحمد بن محمد) الفيومي مؤلف المصباح المنير فأنه يقول (من بابي كذا وكذا) مريدا (من باب كذا وكذا). ومن ذلك قوله غفي ر ب ع (وفي لغة من بابي قتل وضرب) مع أنه لو فكر في ما نقله عن العلماء في المادة الآنفة بعينها لوجد نفسه مخطئاً ففيها (وقال الأزهري أيضا: والعرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلاّ شهري ربيع ورمضان) فقوله (شهري ربيع ورمضان) يدل عند أحمد الفيومي على شهرين فقط لأن تركيبه كتركيب (بابي قتل وضرب) وذلك خطأ ظاهر لأنه أراد ثلاثة أشهر (شهر ربيع الأول وربيع الثاني ورمضان) فهذا من تراكيب انحطاط العربية. 14 - وقال فيها (ولكن عسى أن يكون لعز الدين رأي لم نطلع عليه) فقوله (أن يكون) يدل على أن الرأي سيكون في المستقبل لدلالة (أن والمضارع) على ذلك. غير أنه وصف ذلك الرأي المتوقع بقوله (لم نطلع عليه) فنفى الإطلاع في الماضي. وإنك والله تعجب ممن يقول لك (سيكون رأي في الدنيا ما اطلعت عليه أنت) إذ كيف تطلع على رأي لم يخلق ثم تصفه بجملة نافية للإطلاع؟ هذا هو التهاون بالعربية قلت ذلك لأن (لم) إذا دخلت على المضارع جعلت زمنه الماضي لا غير فالصواب (وربما كان لعز الدين رأي لم نطلع عليه) ليستقيم المبنى والمعنى. 15 - وحول قول المؤلف (أن) لنفي الماضي مطلقا و (لما) لنفيه ممتدا إلى ما بعد زمن التكلم و (لن) لنفي الاستقبال) قال الملاح في ص 572 (نعم ولكن ما باله أضاف إلى هذه العبارة. . .) مريدا التصديق مع أن (أجل) تفضيل على (نعم) في التصديق كثيرا فلماذا تركها هذا الذي قال (يا سماء اسقطي كسفا) لأنه رأى غلطة للمؤلف في كتاب صناعة الإنشاء؟ 16 - وقال غير ما ذكرنا فتركناه تفاديا من التطويل واقتصارا على هذه الفوائد المنبهة المؤدبة فرحم الله امرأ عرف قدر نفسه فصانها عن التورط والجهل والغش والمكابرة وعودها تقبل الحق والإذعان لأمره. وفقنا الله لخدمة العربية خدمة خالصة أنه ولي التوفيق. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة دين ابن المقفع حضرة الأب أنستاس ماري الكرملي الآجل سلاما واحتراما: اسمحوا لي أن أبدي رأيي فيما بسطتم في لغة العرب (610: 6) عن دين ابن المقفع، وأنه كان زنديقا. واعتمدتم فينا ذكرتم عن زندقته على ابن خلكان إذ يذكر (في كتابه (150: 1) من طبعة بولاق: أمر (سفيان) بتنور فسجر ثم أمر بابن المقفع فقطعت أطرافه عضواً عضوا وهو يلقيها في التنور؛ وهو ينظر حتى أتى على جميع جسده. ثم أطبق عليه التنور وقال: ليس علي في هذه المثلة بك حرج لأنك (زنديق). . . فما أدرانا أنه أتهمه بهذه التهمة، ليستر أمرا حدث من ابن المقفع به تعريض يمس كرمته، أو إهانة حدت له منه، وكان يبطن ذلك، فأحب التخلص منه بهذه الوسيلة، ويستنتج ذلك من معاملته له بتقطيعه أربا أربا، وزجه بعدها بتنور. أهكذا يفعل بالزنادقة؟؟ وإلى هذا الحد يبلغ بسفيان التوحش الفظيع لو لم يكن وراء الأكمة عار أو فضيحة تستر؟! ثم أعلن سفيان قتله بوصمة الزندقة، فاغتر المسكين ابن خلكان بهذا الأمر، وسجله في كتابه. ونحن نعلم أن في ذلك العهد المظلم كان الخليفة أو أي حاكم كان، أن يفعل ما يشاء ويذيع ما يريد إذاعته، والحقيقة في الصدور!! وأنى للمؤرخين والكتبة أن يعلموا ما تكنه الأفئدة؟ كفى تأييدا لكلامنا، أن كل الخلفاء والوزراء كانوا في اتصال دائم بالروم والإفرنج سواء أكانوا في سورية أم في العراق أم في الأندلس ودليلنا على هذا، المراسلات والهدايا التي تبودلت بين شارلمان وهارون الرشيد ومع غيرهما ولم يذكرها أو لم يذكر إحداها أحد مؤرخي العرب، بل كلهم كانوا يجهلونها جهلا تاما

وعرفناها عن طريق أوربة، إذ ذكرها المؤرخون الأوربيون. وسبب هذا الجهل أنه لم يكن يسمح لأحد قط بنقلها أو شيء منها إلى الخارج وما كان يعلمها إلاّ أرباب السلطة العليا وأصحاب الديوان!! ونحن نقف الآن في حادثة ابن المقفع نفس موقفنا في تلك، فلم لا نشك في حديث ابن خلكان، ونظن أن سفيان أراد قتله لوشاية بلغته عنه، أو تعريض أصاب به واحدا من ذوي قرباه فحفظها له وأخذها عليه فلفق تهمة الزندقة - وما أسهلها في ذلك الزمن! - ولوثه بادرانها، فذهب ضحية الظلم والعدوان كما ألبسوه حلل الرياء والكفر!! أما من جهة دينه فليس بمقدرة أحد الآن إثبات إسلامه أو نصرانيته (كما ارتأى المأسوف عليه الأب لويس شيخو اليسوعي) أو نقض أحدهما، إذ نحتاج إلى براهين كثيرة، هي ليست بإمكان أحد، ولكن من الثابت المؤكد أنه كان دينا موحدا، وأنه لا يبطن المجوسية، وليس من اللازم أن يكون في دينه ورعا متعصبا، حتى يكون خارجا عن الزندقة. وإنما كان حافظا لأصول دينه أيا كان كما تشهد عليه بذلك كتاباته، وهي خير دليل، التي أدلى بها الفاضل محمد مهدي العلوي في لغة العرب (609: 6)، وهذا رأينا في هذه المسألة، عسى أن ينال رضاكم، وما العصمة إلاّ لله جل جلاله. وأقبل يا أبت العلامة فائق الاحترام ومزيد الإكرام. بركات (السودان): ميشيل سليم كميد ملاحظات سيدي العلامة الكبير الأب أنستاس ماري الكرملي المحترم قرأت في الجزء العاشر من المجلد السادس من مجلتكم الغراء مقالا ممتعا بعنوان (الشيخ فخر الدين الطريحي) فراقني ما حواه ذلك المقال من الأبحاث التاريخية الموجزة التي لم يطرقها كاتب غيره، وعند تصفحي للمقال المذكور وجدت فيه أغلاطا لا ينبغي السكوت عنها وأحببت التنبيه عليها، علق الكاتب في صفحة 727 من الجزء المذكور كلمة موجزة عن الشيخ الطوسي على اسم (العلامة المحقق الحلي) ولم يذكر الشيخ الطوسي في المتن، وكم فرق بين الشيخ الطوسي والمحقق أبي القاسم جعفر بن الحسن بن أبي زكريا يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي

الحلي الشهير بالمحقق صاحب الشرائع والمختصر النافع والمعتبر وغيرها من الآثار المتوفى سنة 676 هـ ولعل الاشتباه إنما حصل من حيث كتاب فخر الدين المسمى (عواطف الاستبصار) الذي لم يذكره الكاتب في ضمن كتب المترجم (والاستبصار) هو للشيخ الطوسي وظني أن الكاتب ذكره وسقط حين الطبع لأن هناك أمارة على ذلك وهو وجود تعليق أحوال الشيخ الطوسي على ذلك، وعلق الكاتب أيضا نبذة من أحوال (الشيخ حسام الدين الطريحي) الذي هو ابن أخي المترجم فخر الدين على اسم (الشيخ محمد حسام الدين الجزائري) الذي يروي عنه فخر الدين بواسطة وهو من مشايخ إجازته فكم فرق بين الاسمين، والحسامين المذكورين، وعلق الكاتب على اسم (الشيخ محيي الطريحي) نبذة أيضا من أحواله ولم يذكر تأريخ وفاته شعرا ولا نثرا، وكانت وفاته سنة 1141 هـ وقال النحوي شعرا. والدهر أعلن بالنداء مؤرخا ... المجد مات لموت محيي الدين وقد شاهدت في بعض المجاميع أن للشيخ فخر الدين تأريخا لوفاته منظوما ومطلعه: خطب أصاب حشا الهدى والدين ... مذ فخره أودي بسهم منون وختامه: لا فخر حيث تضيف أصحاب الكسا ... أرخ وطيد بعد فخر الدين ولم أجد الكاتب قد تعرض له في آخر المقال وهناك أغلاط أخر طفيفة أعرضنا عنها لأنها لا تخفى على القارئ اللبيب والسلام عليكم. (منتقد) كتاب التعجب مطبوع ذكرتم في المقال الذي نشرتموه في الجزء الثالث من المجلد السادس تحت عنوان (الكتب الخطية) أن (كتاب التعجب في علم الكلام) - تأليف الشيخ أبي الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي المتوفى سنة 449 هـ أحد مشاهير تلامذة (الشيخ المفيد والسيد المرتضى) وهو من علماء طرابلس الشام - غير مطبوع وبما أن لي العلم بأن الكتاب المذكور مطبوع في إيران مضموما إلى

كتابه (كنز الفوائد) أحببت التنبيه على ذلك ليكون القارئ على بصيرة من أمره. النجف: عبد المولى الطريحي نظرات جاء في لغة العرب (159: 7) ذكر كتاب (الأستنصار في النعي على الأئمة الأطهار لأبي الفتح محمد بن علي الكراجكي المتوفى سنة 449) أنه من المخطوطات أما اليوم فأصبح من المطبوعات والكراجكي صاحب (كنز الفوائد) المطبوع في إيران وغيره من المؤلفات الممتعة البالغ عددها (215) وقد طبع هذا العام في المطبعة العلوية في النجف سنة 1347 هـ سنة 1928م على نفقة (المطبعة) بقطع صغير يبلغ عدد صفحاته 38 وقد ضم إليه كتاب (مقتضب الأثر في النص على الأئمة الأثني عشر) تأليف الإمام العلامة ابن عياش وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن عياش بن إبراهيم بن أيوب أبي عبد الله الجوهري المتوفى سنة 401 هـ وكابن عياش هو وأبوه وجده من وجوه أهل بغداد في أيام آل حماد، والنسخة التي طبع عليها هذان الكتابان كانت من أنفس ذخائر الكتب الموجودة في خزانة العلامة الشهير السيد ميرزا حسن الشيرازي نزيل سامراء المتوفى سنة 1312 هـ ويرجع تأريخ خطها إلى القرن الخامس الهجري وكانت في غاية الصحة وجودة الخط، ومن عيوب هذين الكتابين المطبوعين عدم وجود فهرست في أخرهما يهتدي به المطالع، وجاء في صفحة 156 تحت عنوان (السيد محمد علي الشاه عبد العظيمي) أنه توفي رحمه الله في النجف (كذا) والصواب توفي في الهندية (طويريج) سنة 1335 هـ ونقل إلى النجف فدفن بها. النجف: عبد المولى الطريحي مراسلات أخرى ضاق هذا الجزء عن استيعاب جميع ما وصل إلينا من المكاتبات وقد ارجأنا قسما عظيما منها إلى الأجزاء التالية. فنعتذر إلى أدبائنا عن ذلك، والعفو من شيمهم الكريمة التي عودونا إياها.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الأرمة س - بغداد - سائل: هل الأرمة لفظة عربية وما معناها؟ ج - الأرمة (بإسكان الراء في الغالب وبعضهم يكسرها) كلمة إفرنجية وصلت إلينا في القرن الماضي عن طريق الترك، مع أنه كان لديهم لفظة قديمة بهذا المعنى هي (اونغون). والأرمة يقابلها عندنا (الشعار) والشعار ما يرسم على (الدرقة) والدرقة صورة درقة ترسم ليمثل عليها علامات البيت الشريف تلك العلامات التي اتخذها لنفسه ليتميز بها عن غيره من البيوتات. وإذا كانت الدرقة صغيرة قيل لها دريقة وأما مجموع الشعار والدرقة وما ينقش عليها داخلا فيها وخارجا عنها فيعرف عندنا بالشارات وعند الأفرانج وسمى السلف الأرمة (أمرة) (وزان قصبة). ويحتمل أن تكون الأرمة الإفرنجية منقولة عن لساننا فتوهموا أنها من اللاتينية بمعنى الأسلحة وأنكروا أصلها العربي والناطقون بالضاد هم أول من أتخذ الأمرة في القرون المتوسطة فكانوا يرسمون صورة حيوان أو نبات أو غير ذلك فيتخذونه وسما له، بل كانوا يتخذون ذلك الوسم في الجاهلية ويسمون به حيواناتهم ويعلقون أمثلة على مقتنياتهم ورسموه في العصور المتوسطة على النقود (السكة) والإعلام والآثار. ويذكر التاريخ أن الملك الظاهر بيبرس من ملوك مصر اتخذ صورة الأسد (أمرة) له وجاراه في عمله هذا الملك الظاهر وهو أحد سلاطين المماليك ولم يكن عربي النجار وقد وضع أحدهم كتابا في الوسم (وهو ليس في أيدينا الآن) تعريفا لأنواعه وأصحابه. وربما سمي الوسم بالشية أيضا حينما كان يوشي توشية وكثيرا ما كانوا يسمون به الدرع من أسفلها، حتى إذا سقط المحارب عرف منه، إذ

قد يقطع الرأس ويهرب به ولا يعرف صاحب الجثة. أما الدرع الموسومة بوسم صاحبها فتعرفه به. وعليه ترى اللغويين يقولون: درع موسومة أي مزينة بالشية من أسفلها. وقد ذكر ذلك شمر اللغوي من أبناء المائة الثانية للهجرة فنقلها عنه سائر اللغويين، فهذه شهادة جليلة على قدم وسم الدرع. أما أن الوسم كان الأمرة أو شيء كالأمرة فظاهر من تعريف الغويين له. قال في تاج العروس: (الوسم أثر الكي يكون في الأعضاء. قال شيخنا: هذا هو الاسم المطلق العام. والمحققون يسمون كل سمة باسم خاص. واستوعب ذلك السهيلي في الروض، وذكر بعضه الثعالي في فقه اللغة - قلت الذي ذكر السهيلي في الروض من سمات الإبل: السطاع. والرقمة. والخباط، والكشاح، والعلاط، وقيد الفرس، والشعب، والمشيطفة (كذا) والمعفاة، والمرمة والجرفة، والخطاف، والدلو، والمشط، والفرتاج، الثؤثور، والدماغ، والصداع، واللجام، والهلال، والخراش. هذه ما ذكره. وفاته العراض، واللحاظ، والتلحيظ، والتحجين، والصقاع، والدمع، وقد ذكرهن المصنف كلهن (كذا، والصواب: وقد ذكرها المصنف كلها، لأنها كثيرة) في مواضع من كتابه (أي من القاموس). وقال الليث: الوسم: أثر كية. يقال (موسوم) أي وسم بسمة يعرف بها. أما كيه وأما قطع في أذن، أو قرمة تكون علامة له. وقوله تعالى: سنسمه على الخرطوم تقدم في خرطم) انتهى كلام التاج. وفي أيام المماليك سميت الأمرة (الأرمة) بالرنكك (بالكاف الفارسية) وقد ذكرها صاحب كتاب تاريخ السلاطين المماليك في 1: 1: 1و 1: 2: 153 و2: 1: 14 وجمعت على رنوك مثل رهن ورهون. والكلمة فارسية معناها اللون. وقال المقريزي في رسالته: النقود الإسلامية) ص 15: ضرب (بيبرس دراهم ظاهرية) وجعل رنكه على الدرهم وهو صورة سبع) اهـ.

وقد وضع الإفرنج علما خاصا بالشارات سموه (علم الشارات أو أو وكلمة (بلازن) مأخوذة من العربية (براز) بكسر الباء وهو مصدر بارزه يبارزه أي خرج إليه لمقاتلته. وكان الرجلان إذا عزما على البراز يقوم مناد فينادي في المحلة وقوع الأمر في اليوم الفلاني. ولهذا سمي الفن عندهم بهير الديك أيضا وهو مشتق من (هيرالدس) اللاتينية المولدة أي المنادي للسبب المذكور. فقالوا في (بزار) (ويلفظها عوامنا بإسكان الباء) بلاز وفي حالة الرفع بضمتين أي بلازن وهكذا تفرنجت لفظتنا العربية. ولغويو الإفرنج لم يتفقوا على أصل الكلمة ولا على اللغة التي وردت فيها أولا. وبعد هذا الشرح لا يصعب على القارئ أن يرى أصلها العربي، والمراد من البراز عندهم (أي البلازن) مجموع ما تتقوم منه درقة الشعار. وسمي شعار الشارات شعارا لأنه كان يصور في أول أمره بهيئة الشعار الذي يلبس ولهذا يسميه أصحاب هذا الفن إلى عهدنا هذا بالرداء وبلسانهم أسئلة من أديب سيدي صاحب مجلة لغة العرب المحترم. منزلتكم عندي منزلة سامية في ما يتعلق بآداب اللغة العربية فقد أبنتم عن جدارة أنكم ابن بجدتها إذ قضيتم معظم حياتكم في التنقيبات والتحقيقات وعليه رأيت أن ألقي عليكم الأسئلة التالية راجيا من حضراتكم أن تجاوبوني عنها بجرأتكم الأدبية المشهورة إظهارا للحق وإزهاقا للباطل. بغداد: رزوق عيسى 1 - كلمة نحو هل عثرتم في تنقيباتكم عن مفردات اللغة ما يؤيد قول المقتطف بخصوص لفظة (نحو)؟ فقد جاء في الجزء الأول من المجلد الرابع والسبعين منه ص 6 ما حرفه: (إن كلمة (نحو) أسم بلد في مديرية المنوفية من القطر المصري نسب إليها

(كذا) الأسقف القبطي المؤرخ يوحنا النحوي الذي كان في زمن الفتح فخلط العرب بينه وبين يحيى الغراماطيقي اليوناني الذي كان قبل الفتح بزمن طويل فسحبوهما رجلا واحدا واستنتجوا أن كلمة نحوي مرادفة للكلمة غراماطيقي) ج1 - نعم عثرنا على كلمة (نحو) لأسم المدينة التي ذكرها المرحوم الدكتور يعقوب صروف؛ لكن لا في اللغة العربية بل في اليونانية (ومثلها في القبطية) وهي تلفظ بالحاء المهملة أو الخاء المعجمة على السواء فأن اليونانيين يسمونها نيقوس واللاتين (أو الرومان) يعرفونها باسم أو وقد وصفها أحسن وصف العلامة كانرمير في كتابه مذكرات عن مصر واشبع الكلام عليها وأثبت أنها المدينة المسماة بشاتي ثم عرفت باسم بشادي بعد ذلك ولعل اسم الشاعر المصري العصري الشهير الدكتور النطاسي أحمد زكي بك أبو شادي من تلك المدينة فعرف بها كما أشتهر كثيرون بأسماء محلات ولادتهم. 2 - العربية بالحروف اللاتينية ما رأيكم في تبديل الحروف العربية من الحروف اللاتينية؟ فقد قام نفر من أدباء العراق ومفكريه وأخذوا يجاهرون بآرائهم على صفحات الجرائد والمجلات فمنهم من يذهب إلى أن تبديلها من الحروف اللاتينية يأتي بالفوائد الجمة، ومنهم من يقول بالمحافظة عليها لأنها كنز الآباء وأرث الأسلاف. ولكل فريق حجج وأدلة. وأنا مع القائلين بتبديلها لأنها في نظري عقبة كأداء في سبيل تطورنا الأدبي والاجتماعي. فإذا نقلنا كلامنا بالحرف اللاتيني يسهل حينئذ علينا قبول الإصلاحات العلمية والفنية وزجها على علاتها بين مفردات لغتنا إذ يستحيل علينا تعريبها أو اشتقاق مفردات لها من العربية وقد عددها على خمسمائة ألف أسم في الحيوان والنبات والجماد كما ذهب إلى هذا القول المقتطف في هذا العهد الأخير. ج2 - في تصوير كلامنا العربي بحروف لاتينية منافع ومضار. أما المنافع فمنها - 1 - سرعة تلقي اللغات الأجنبية التي حروفها جميعها الحروف اللاتينية وحينئذ يسهل على أبنائها تعلم لغات الأجانب - 2 - تعميم وحدة الحروف والعالم صائر لا محالة إلى تعميم وحدة الأمور كلها. فإن نشر المكشوفات والمخترعات والمرافق العصرية لا تتيسر لنا إلاّ بهذه الوحدة ولهذا يستفيد أبناء الغرب من المكشوفات

العصرية أكثر ممن يجهلون قراءة كتبهم ومجلاتهم وصحفهم. ألا ترون أن الثياب الإفرنجية عمت الدنيا كلها وكذلك آداب المخالطة والأكل والشرب والزيارة سارت ولا تزال تسير سيرا حثيثا إلى التوحد؟ ونحن نرى أنه يأتي يوم تشيع لغة واحدة في العالم كله وهذه اللغة تكون لسان الأمة القهارة الجبارة. فإن تسلط الألمان على العالم امتدت لغتهم وقتلت سائر اللغات وكذا قل أن عمت سطوة الإنكليز أو الفرنسيين أو الإيطاليين أو الترك. فالعالم سائر إلى تعميم الوحدة في كل شيء. أذن لا بد من كتابة العربية بحروف لاتينية شئنا أم أبينا. وكلما كتبنا لمقاومة هذه الحركة أزداد مخالفوها ودنت أيام اتخاذ الحروف اللاتينية - 3 - هناك أسباب أخرى مبنية على ما في حروفنا من الصعوبات ودواعي إفسادها أكثر فأكثر فيكون من الحسن القضاء عليها. أما المساوئ فهي - 1 - إننا ننفصل عن السلف وعلومه وآدابه وأخلاقه فتقوم بيننا جبال تبعدنا عنهم كل الأبعاد - 2 - يهون على أبنائنا أن يتعلموا لغات الأجانب فيتركوا لغتنا أو إذا حافظوا على لغة آبائهم ويدخلون فيها كلما غريبة لا يحصى عددها إذ لا تختلف صورها الأجنبية عن صور لغتنا فتفسد صيغ كلمنا - 3 - يهون على الأجانب التصرف في لغتنا على ما توحي إليهم أهوائهم - 4 - تقتل حينئذ اللغة العامية اللغة الفصحى إلى غير ذلك من المفاسد. على أنه يحسن بالعاقل أن يزن الحسنات والسيئات ويختار الراجح منها فإذا فعلنا ذلك زادت الأولى على الثانية. وإذا قيل لنا: إن حروفنا تدل على قوميتنا أنكرنا ذلك لأسباب منها: إن لغتنا كانت تكتب في الجاهلية القريبة منا بالمسند في اليمن وبالقلم الصفوي في الحجاز وشماليه وبالنبطي وبغيره في سائر الأنحاء وأما في الجاهلية القصوى فكانت تكتب العربية في عهد حمرب (حمورابي) بالحرف المسماري، وفي عهد الملوك الرعاة بالحرف المصور (أي الهيرغليفي) ومع ذلك لم يفقد السلف من عروبتهم شيئا. وكذلك ترى كل قبيل من الإفرنج باقيا على قوميته وإن كانت حروف لغته لاتينية. وكذلك قل عن أديانهم فأن الكتابة شيء والدين أو القومية أو اللغة شيء آخر. وفي حروفنا مصيبة عظيمة لا تنكر وهي: إنها لا تؤدي النطق بما في لساننا من الحروف المعتدلة وهي الحروف المتوسطة بين الحروف الفخمة والحروف

الرقيقة أن كانت ممدودة وإن كانت مقصورة، فليس في لغتنا ما عند الغربيين ما يصور لنا هذه وإذا قيل لنا: إننا ندخل على حروفنا بعض التعديل، قلنا: هذا التعديل لا يكون إلاّ بزيادة حروف جديدة (وهذا حسن) وبزيادة الحركات لتأدية الأصوات الموجودة في لساننا أو ألسنة الغير وليست موجودة في كتابتنا. قلنا: إننا نضطر حينئذ إلى كتابة سطرين أو ثلاثة في وقت واحد: سطر للحروف وسطر أو سطران للحركات والتنقيط فيذهب الوقت عبثا وتزداد الكتابة نقوشا غريبة وهذا كله لا يمنعنا من تعلم النحو بما فيه من القواعد الكثيرة المملة؟ أما اتخاذ حروف الغربيين فيقصر وقت الكتابة ويسهل علينا قواعد النحو فيحصرها في قواعد قليلة كما هو الأمر في اللغات الغربية من قديمة وحديثة. فيتسع لنا الوقت لتعلم علوم جديدة أو لغات أخرى، بدلا من أن نقضي عقودا من السنين في حفظ ما قاله سيبويه وأنكره السيرافي، وما ذهب غليه البصريون وخالفهم فيه الكوفيون، وما نطقت به القبيلة الفلانية، وسكتت عنه القبيلة الأخرى، وما أيده المحدثون ونفاه الأقدمون، وما استعمله الفصحاء ولم يتخذه العوام وقد يهون تبديل شكلات الضبط فتتغير المعاني. أما رأينا الشخصي فنحن نفصل حروفنا الحالية على سواها، لأنها تضطر أولادنا على تعلم غيرها إذا أرادوا إتقان لغة من لغات أبناء الغرب فتتسع مخيلتهم ولا يفقدون النطق بالحروف السامية الفخمة الخاصة بلغتهم. فقد أتضح للمحققين أن الساميين الذين يجارون الغربيين أو الذين يكتبون لغتهم بالحروف الغربية يفقدون في الوقت عينه النطق بالحروف الحلقية الفخمة فتعظم حينئذ مفاسد اللغة فيختار عليها أبناؤنا لغات الغربيين ومن ثم يحل بلغتنا ما يحل الآن ببلادنا لكون أعاجم في لغتنا كما نرى نفوسنا أجانب ونحن في عقر دارنا. على أننا نقول: إن رغبتنا هذه وتعلقنا بقلمنا العربي الجميل لا يبدل شيئا من القضاء المبرم الذي لا بد من حلوله ذات يوم وهذا القضاء هو: إن العالم سائر إلى (تعميم الوحدة) في كل شيء وسوف يأتي يوم تصبح فيه كتابة لغتنا بالحرف الأجنبي كما يأتي يوم يعم فيه (لسان واحد) في العالم كله فتبقى العربية وحروفها لغة الدين وكتابته لا غير كما وقع للاتينية واليونانية وكانت من أعم لغات الدنيا. فماتتا وقام من رفاتهما اللغات

الشابة العصرية الحية وبقيتا تلكما في مدفنهما. وهكذا يكون من لغتنا ومن كتابتنا، شئنا أم أبينا، وهي سنة الله في خلقه (ولن تجد لسنة الله تبديلا). 3 - كلمة سراسين يطلق جماعة من مؤرخي الإفرنج كلمة سراسين على العرب القدماء ولا سيما الذين دخلوا في ديار الإفرنج. فهل هي تصحيف أو تحريف كلمة شرقيين أو صحراويين؟ ج 3 - الجواب عن هذا السؤال يكون في جزء قادم لطوله. 4 - تنسيق المعاجم العربية ألا ترون أنه قد حان الزمن لتنسيق المعاجم العربية بحسب تهجئة الكلمة لا بحسب تجريدها من الزوائد لأنه كم من وقت ثمين يذهب سدى في وجود معنى كلمة ممن لم يسبر غور اللغة فقد رأيت شبانا كثيرين يقضون أحيانا عشرات من الدقائق بل من الساعات لاستخراج معنى كلمة التوت مسالكها عليهم لأنهم لم يهتدوا إلى أصلها مثل ميعاد في وعد. وترية في رأي ورود في رأد وتترى في وتر وطوبى في طيب واتكأ في وكأ وتؤدة في وأد والربة (بالتخفيف) في ورب وبعضهم ذكرها في صعت إلى غيرها، فلو كانت معاجمنا منظمة كالمعاجم الأوربية لهان على الكلاب الوقوف على أي كلمة بلا مشقة تذكر. ج4 - نحن على رأي اعتبار زوائد الحروف في المعاجم كالأصيلة توفيرا للوقت وجعل في آخر كلمة أصلها أو مادتها الأولى كما يفعل الغربيون. 5 - إصلاح اللغة العربية ألا تذهبون إلى أن إصلاح اللغة العربية من صرفها ونحوها بات محتوما على علمائنا وأدبائنا في هذا العصر عصر العروج إلى العلى والقبض على سنن الطبيعة ولا نغالي بالقشور ونحرص عليها دون اللباب؟ ج5 - نحن نوافقكم على هذا الرأي أي يجب إصلاح قواعد اللغة وزيادة حروف جديدة على حروفها الأصلية واتخاذ حركات جديدة زيادة على ما عندنا. ألم نتخذ الحروف اللاتينية ويجب لذلك وضع محفى ولا يتسنى هذه الأمور كلها اليوم إلاّ للأمة المصرية، فعساها فاعلة إن شاء الله.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 12 - تفسير القرآن الكريم الجزء التاسع، تأليف السيد محمد رشيد رضا منشئ مجلة المنار طبع بمطبعة المنار سنة (1347 هـ - 1928م). هذا التفسير بقطع الثمن مؤلف من (668) صفحة عدا الفهارس. ثمنه 25 قرشا و20 لباعة الكتب وطلبة المدارس ووزارة المعارف. وقد قال مؤلفه في أول غلافه: (تفسير سلفي أثري مدني عصري إرشادي اجتماعي سياسي هذا هو التفسير الوحيد) غير أنه محشر لعلم الكلام الذي قد باد أثره وعفت معالمه ومبعث للأخبار المتعارضة والعقائد المتناقضة لأنك إذا مررت به صادفت عصر الجدل الديني فترى إلى يمينك قائلا: إن الله يرى في الآخرة بلا عين ولا حس عضو ولا لون ولا مكان ولا إدراك غير معين ولا مجسم ولا مدرك. وترى إلى شمالك آخر قائلا: (وكيف يرى الله بهذه الشروط المستحيلة المتناقضة لحصول الرؤية؛ وتصادف ثالثا في غير هذا الكتاب يطعن في من نقل الحديث النبوي في رؤية الله لأن الناقل كان يكره من الخلفاء الراشدين من لا يجوز إبغاضه. وفيه غير ذلك من الأمور الدينية المتعددة المتنوعة والمستغرب أنه نصب نفسه منصب المصلح الهادي وهو يطعن في الطوائف الإسلامية خصوصا الشيعة الأثني عشرية وينسب إليهم ما تلقفه من أفواه الجفلى والدهماء عنهم. وإنك لترين في ص 500 من هذا التفسير ما نصه: (مفاسد الاتكال على المهدي) وهو يندد فيه بمن يعتقد عند ظهوره ملأه الأرض عدلا وهدى. ولكنه ينقض قوله بنفسه في ص 268 إذ نقل فرحا مستبشرا (وسيظهر إن شاء الله المهدي رضي الله عنه من نسله ويكون خليفة الله في الأرض ويكون الدين كله لله في عهده الشريف) اهـ. وفي خلال تصفحنا هذا التفسير وجدنا لمؤلفه هنوات لغوية

عثرنا بها قبل أن نعثر عليها لنشوزها وبروزها وجسامتها. ففي ص 136 (كآية نفي إدراك الأبصار) وفي القول تتابع إضافات ثلاث فالصواب (كآية النفي لأدراك الأبصار) وفي ص 137 (وكذا أهل السليقة أيضا) وأيضا زائدة لأن أهل السليقة لم يتكرر الإسناد إليهم فيستوجبها وفي ص 138 (ليس من المحالات. . . وإلاّ لما وقع. . . ولا بالبراهين وإلاّ لأرتفع) وقد حذف فعل الشرط بعد النفي مريدا به الإثبات وذلك خطأ ظاهر وأدخل اللام على جواب الشرط وتلك غلطة لا تحتاج إلى دليل فالصواب (ولو كان منها. . . لما وقع. . .) و (لو ثبتت بالبراهين لارتفع الخلاف) وفي ص 144 (ولكن تنكير الساق وإسناد كشفه أوسع مجالا للتأويل من إضافته) والصواب (إسناد كشفها. وإضافتها) لأن الساق مؤنثة وليست بمذكر وكيف نسي قوله تعالى) وألتفت الساق بالساق) وقد كرر هذا الخطأ مرات وفي ص 151 (وحرمانهم من هذا التجلي) والصواب أو الأفصح (حرمانهم هذا التجلي) وقد كرر هذا المصدر غالطا في استعماله له ولفعله. وفي ص 172 (في مواضع من إنجيلي لوقا) وليس للوقا إلاّ إنجيل واحد وفي ص 350 (في سورتي النحل) وللنحل سورة واحدة. وفيها (هل يفهم المترجمون هذه. . . فيراعونها) والصواب (فيراعوها) لأن الفعل منصوب بأن المضمرة بعد فاء السببية وجوبا والفاء قد سبقها طلب هو الاستفهام وفيها (مع مقارنات أخرى) يريد بها (معارضات أي مقابلات) مع أن المقارنة هي المصاحبة والاقتران. وفي ص 351 (إن الأصل في شرط (إن) أن يكون مما يجهله المخاطب أو ينكره أو يشك فيه أو ما ينزل هذه المنزلة) وهذه من تقعرات العلماء المتأخرين. فلينظر إلى قوله تعالى (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس) فهل كان هؤلاء جاهلين عدم فعلهم؟ وفي الكتاب مئات من أمثال ما تقدم إلاّ أننا أعرضنا عنه حذر اكتظاظه (لغة العرب) وهي ضيقة الباحة. مصطفى جواد 13 - رسائل الأرواح طبع في مطبعة المقتطف والمقطم في مصر سنة 1928 في 236 ص بقطع الثمن كتاب يشتمل على أحدث المباحث في مناجاة الأرواح، وانتقال الأفكار

وقراءتها وتعليل الأحلام والأنباء بالمستقبل، والشفاء بالاستهواء وما إلى ذلك من المباحث التي تتناول نفس الإنسان قبل الولادة وبعد الموت وآراء العلماء فيها) وكل ذلك بحسب مذاهب (الماديين) من أبناء العصر. والمطالع فيه يرى أن مدارك المرء مهما ارتقت لا تتمكن من حل أمور تتعلق بالنفس التي هي غير مادية بوسائل مادية. والذي يحاول معالجة مثل هذه المباحث على المناحي (المادية) يشبه من يريد أن يرى بأنفه أو يسمع بعينيه أو ينظر بأذنيه أو يعقل برجليه. فهذا الكتاب مع ضخمه يفيدك أنه من المتحتم عليك أن تعتقد أن في الكون نفسا عاقلة حكيمة وأن العلم (المادي) لا يفيد فائدة حسنة لحل ما خفي منها إلاّ باعتقاد ما هناك من الحقائق غير المنكورة التي يشاهد أثرها وهي وراء الطبيعة. ويعوز هذا الكتاب فهارس هجائية للإعلام لكي تتخذ عدة بيد المتحقق. 13 - قصيدة ترحيبية (بالفارسية والإنكليزية) 14 - شبنامهء دارا يا عروسي زيبا ودانا سرايش (بالفارسية) 15 - كفتا رسوم أز سر كذشت زيور خانم (بالفارسية) نكارش ميرزا أحمد دارا خلف مرحوم حاجي حسين كازروني شوشتر هذه ثلاث رسائل للميرزا أحمد دارا، وهي تدل على ما لحضرة هذا الأديب الفاضل من القدم الراسخة في اللغة الفارسية والإنكليزية. وكل من يقف عليها يشهد له بطول الباع. فعسى أن يعنى بكتب كبيرة يجد فيها الناس فوائد عظيمة. 16 - إصلاح حروفه داير مجلس مبعوثانه لايحه محرري: دوقتور موصليلي داود كان الدكتور داود أفندي الجلبي الموصلي سبق جميع المفكرين في بلاد تركية إلى إبدال الحروف التركية العربية الوضع من الحروف اللاتينية وذلك حينم كان مبعوثا عن الموصل في مجلس النواب، فنشر هذه الرسالة في سنة 1326 (1908م) ليحمل الحكومة العثمانية على أن تتخذ الحروف اللاتينية بدلاً من حروفنا، والرسالة في 55 ص بقطع 16 وقد أتى فيها من الأدلة والبراهين ما أهاب بالحكومة التركية الحالية إلى العمل بها. فالعراقيون

يفتخرون بدكتورهم لكون أفكاره سادت في الأخير وتحققت. فنهنئه بهذا الفوز. 17 - قبر الإمام السيوطي وتحقيق موضعه (في 24 ص مع رسوم) 18 - تاريخ العلم العثماني (في 18 ص مع رسوم) 19 - اليزيدية ومنشأ نحلتهم (في 48 ص مع رسوم) ثلاث رسائل لصديقنا المحبوب العلامة أحمد تيمور باشا وهي بقطع الثمن وكلها تنم على فكر صائب، وتحقيق بليغ، وتتبع لا تتبع وراءه. والناطقون بالضاد يعلمون أن تيمور باشا إذا عالج بحثا وفاه حقه من التمحيص. فهذه الرسائل الثلاث على قلة أوراقها تسد مسد عدة أسفار ضخمة تبحث في الموضوعات المذكورة. وقد بلغ التحقيق أقصاه في ما دونه بخصوص منشأ اليزيدية. ولا جرم أن هذه الرسالة تكون مسندا جليلا بيد كل من يعاني هذا البحث إذ قد برز على جميع من ألفوا فيه لسبقه أبناء الغرب والغرب فلله دره من محقق! 20 - دروس عملية في الأمراض الولادية في 82 ص بقطع الثمن الصغير (هي سلسلة محاضرات ألقاها الحكيم لوسر كل، أستاذ السريريات الجراحية حين عهد إليه في القيام بمهام السريريات النسوية سنة 1927. ترجمها الحكيمان مرشد خاطر وشوكة موفق الشطي: الأستاذان في المعهد الطبي العربي) وهذه الدروس محكمة الوضع والتعريب لا يستغني عنها أطباء ديارنا الذين لا يحسنون اللغات الإفرنجية ويودون الوقوف على الحركة العلمية في فن الولادة. 21 - اختلال التوازن العالمي وضعه الدكتور غوستاف لوبون ونقله إلى العربية الدكتور صلاح الدين وصفي، عني بنشره الشيخ يوسف توما البستاني في سنة 1928 في 440 ص بقطع 12. صاحب الكتاب معروف وقد نقلت عدة كتب من قلمه إلى لغتنا وهذا من خيرة تصانيفه، إذ بينما نرى في الشرق ميلا إلى خلع الدين من الرقاب نشاهد الدكتور لوبون المعروف بإلحاده يقول في ص 355 موافقا لرأي أستاذ في السربون معروف هو أيضا بعدم تحزبه لخدم الدين:

(إن الحياة الدينية تكفل تحريك ما كمن في الشخص من القوة التي ترفعه إلى أعلى مما هو. . . إن المؤمن يقوي على الأمور أكثر من الجاحد عادم الإيمان فهذه الاستطاعة والقوة ليست خيالية أبدا بل هي التي مكنت البشرية من الحياة والعيش) اهـ. وقال في الصفحة التالية لها: (وعلى ذلك فلا يوجد اليوم أي مبرر علمي أو فلسفي أو عملي يساعد على استصواب أعمال الاضطهاد والعسف التي تناولت الدراسة الدينية في فرنسة وأوشكت أن تتناولها في الألزاس عندما عادت هذه إلى التظلل بالراية الفرنسية) اهـ. فترى من هذين الشاهدين أن المؤلف لم يبق على فكرته الأولى من استهجان الدين بل عدل عنها، بينما نرى في بلادنا الشرقية من يروجها ليستفيد منها فائدة مادية مالية أو ليقال عنه أنه من علماء هذا العصر!!! 22 - نقد السائس والمسوس طبع بمطبعة العرفان في صيدا في 224 ص بقطع 12 مجموعة من مقطعات الحوماني وضعها في أربعة أبواب. الأول في نقد السائس والثاني في نقد المسوس والثالث في الاجتماع والرابع في الوصايا. وفي هذا الديوان جمع كل ما نظمه في أيام صباه وفي عهده الأخير: وقد قال في صفحة عنوانه (صححه وفسر ألفاظه ناظمه) ولو لم يقل ذلك لفهم الناس أن التصحيح والتفسير له. فالكلمات زائدة في غير موقعها وقد استعمل ألفاظا من المولد المنحط كقوله: وحشى دماغه. . . وأسماكا (صفحة و) ورفاه (ص ز) والروح العصرية (صفحة ح) وترى صورهم في غير هذا المكان (ص 3) إلى غيرها وهي كثيرة. وهو يريد أن يقول: حشا دماغه وسمكا ورفاهية والروح العصري (أما الروح العصرية فهي النفس لا العقل) وترى صورهم في مكان آخر من هذا الكتاب. وفي بعض أقواله ما يجب أن يؤخذ به كذمة لتعدد الزوجات (ص 129) والتعصب الديني (ص 108) ومذهب درون (ص 120) إلى غيرها. على أننا استغربنا ضرورة الطلاق لأن المرأة صارت دردحة (بدينة عريضة أو ثقيلة على

الطبع أو نحو ذلك) (ص 130) ولا نوافقه على قدحه في المجمع العلمي (ص 57) ولا ما قاله في رقي الفتاة المزعوم (ص 90) ففي آرائه حسنات وسيئات وكنا نود أن لا نرى في كتاب الصديق إلاّ آثارا تدل على مكارم الأخلاق. 23 - جب يوسف الصديق وقبره الشريف لعبد الله مخلص رسالة في أربعين صفحة بقطع 16 وهي مفيدة لمن يبحث عن آثار الأباء الأقدمين. وقد قال صديقنا في ص 36: (ولو كانت رفات سيدنا يوسف نقلت حقيقة إلى حبرون لوجب. .) والذي نعلمه أن الرفات ليس جمع رفت إذ لا وجود لهذا اللفظ بالمعنى المطلوب هنا، إنما رفات مفرد كغراب وحطام وكسار وفتات إذن هو مذكر. والرسالة منقحة العبارة يعجب بها القارئ. 24 - مجموعة مقالات كتبت بشأن مرور خمسمائة سنة على ولادة مير علي شير، طبعت في مطبعة المحفى الجمهوري السوفيتي سنة 1928 في 174 ص بقطع 12. أبناء أوربة يقدرون العلم وحضنته أحسن تقدير: مير علي شير شاعر تركستاني ولد قبل خمسة قرون. فسعت الحكومة الروسية إلى إقامة ذكرى له بأن وضعت كتابا باسمه وعهدت بكتابة مقالاته إلى تسعة من العلماء فجاء أبلغ شهادة على أن روسية تقدر العرفان أحسن تقدير فعسى أن نرى في ديارنا من ينحو نحوها، فنشكر القائمين بهذه الذكرى ونشرها أحسن شكر. 25 - غراماطيق (أي أصول) اللغة العربية الفصحى تأليف ن. ف. يومانوف طبع في لننغراد سنة 1928 في ص 144 بقطع الثمن الصغير هذا الكتاب في أصول اللغة العربية بكلام روسي وأمثلة عربية مضبوطة بالشكل الكامل يدل على أن صاحبه واقف أتم الوقوف على أسرار لغتنا الفصحى فجاء من أحسن ما صنف في هذا الموضوع وقد جمع إلى محاسن التأليف جمل الطبع وجودة الورق وضبط التشكيل، فأننا لم نجد فيه غلط طبع واحد أن في الحركات وأن في الحروف. وهو أمر نادر لم نشاهده في تصانيف أدبائنا

التي تطبع في الشرق. فنهنئ المؤلف وأصحاب المطبعة بما فازوا من النجاح في أعمالهم. 26 - المرأة بين الماضي والحاضر بقلم الأستاذ محمود خيرت بسكرتارية مجلس الشيوخ، عنيت بطبعه ونشره إدارة مجلة الإخاء بمصر طبع بمطبعة الشمس بشارع كلوت بك بالقاهرة 1928 في 150 ص بقطع الثمن الصغير. ينسب صاحب هذا الكتاب توسيع ميادين الفساد في العالم إلى تمزيق حجاب المرأة وإلى حريتها ويود أن يرجع ذلك الحجاب ليبقى البيت الشرقي بناء شرقيا ومعملا مستقلا. على أننا رأينا في ديار الغرب بيوتا شريفة أبناؤها كلهم طاهرو الذيل وهم لا يعرفون هذا الحجاب أو هذا النقاب، فالفساد يأتي من سوء التربية وعدم تنشئة الأولاد على حب الفضيلة ومكارم الأخلاق وعلى التبرؤ من الدين لا من الحجاب أو النقاب على ما يبدو لنا. 27 - نظم العقيان في أعيان الأعيان تأليف الإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي وهو يتضمن تراجم مشاهير القرن التاسع للهجرة في مصر وسورية وسائر العالم الإسلامي، حرره الدكتور فيليب حتي سنة 1927. طبع في المطبعة السورية الأمريكية في نيويورك لصاحبها سلوم مكرزل في 196 صفحة بقطع الثمن الصغير بعثت إلينا شركة المنضدة لمرغنثالر في نيويورك (امريكة) 20 - بنسخة من هذا الكتاب ومعه هذا العنوان نظم العقيان في أعيان الأعيان مصبوبا صبا واحدا كأنه حرف واحد. وهو الذي تراه هنا والشركة تخبرنا بأنها تبيع مثال هذه المطابع المنضدة وهي آلة كالصندوق تنضد الحروف وتصبها سطورا ثم يطبع بها وبعد أن ترتب الحروف، ترجع بعد الاستغناء عنها إلى مواطنها إذا ما ضغط المنضد على زر هناك من غير أن يعنى بتفريقها بنفسه إذ هي من ذاتها تقوم بالعمل. وأما الصفحة المرتبة المصبوبة فأنها تماع رصاصا بعد أن تفي

حقها من الطبع. فالآلة وحدها تقوم مقام عدة مرتبين أو منضدين وهي الموزعة للحروف وهي الصابتها بنوع عجيب. وما يخرج منها يبدو متصل حروف الكلمة كأنها كتبت باليد. فحبذا الآلة المنضدة وحبذا الكتاب. ولا سيما إذا علمت أن المعتنى بإبرازه إلى عالم النشور علامة شهير ومحقق لا ينطق بكلمة إلاّ يعرف موقعها ويحتاج إلى هذا التأليف كل من يهمه أمر مشاهير رجالنا ولا سيما مشاهير القرن التاسع للهجرة. فعسى أن يقتنيه كل أديب يحب الوقوف على مزايا المائة المذكورة. 28 - النجم مجلة علمية أدبية للبطريركية الكلدانية، تصدر في الموصل مرة في الشهر في 50 صفحة بقطع الثمن مديرها المسؤول، ورئيس تحريرها القس سليمان صائغ وتطبع في المطبعة الكلدانية في الموصل. أشرقت علينا أشعة هذا (النجم) في 25 ك1 من سنة 1928 فإذا بها بديعة تأخذ بالأبصار، ثم جاء الجزء الثاني في حينه أي في 25 ك2 (يناير) من هذه السنة. ومقالاته مفيدة كل الإفادة وقد ارصدت المجلة صفحات منها لدرس بعض فلاسفة العرب وذكرت في الجزء الأول (أخوان الصفا) وفي الجزء الثاني (الغزالي) وعند تتبعنا أقوال الكاتب رأيناه يعرب أغلبها من (معلمة الإسلام) حتى أنه لينقل عنها أغلاطها من حيث لا يشعر. وكنا نود أن ينسب مآخذه في الحاشية ليعود كل فضل إلى صاحبه. وبعض المقالات مشوهة لما وقع فيها من أوهام أو من سوء سبك العبارة. ولا جرم أن ذلك كله يزول مع المراس. فنتمنى للرصيفة الانتشار والعمر الطويل الهنيء. 29 - تاريخ تكوين الصحف المصرية يحتوي على تاريخ كل جريدة ومجلة عربية ظهرت في القطر المصري من ابتداء تكوينها حتى الآن، بقلم قسطاكي الياس عطاره الحلبي، طبع بمطبعة التقدم في الإسكندرية (في مصر) في 362 ص بقطع الثمن. كان المؤلف قد نشر الجزء الأول من هذا الكتاب الجليل في سنة 1926 (راجع لغة العرب 426: 4) وفي آخر سنة 1928 نشر الجزء الثاني وهو

مرصد للصحافة المصرية. وقد رتبه في ثمانية فصول ومهد عليها تمهيدا من أنفس ما جاء في معناه فوقع في 74 صفحة كلها غرر أو درر، أما ما أودع الفصل الأول فتعريف الصحافة من أقوال مشاهير الرجال وأودع كل فصل من الفصول الباقية ما نشأ من الصحف والمجلات في عهد كل من تولى حكم مصر ثم دون في الفصل الثامن وهو الأخير: (أسماء جرائد ومجلات القطر المصري وأصحابها وأنواعها حسب سني صدورها) فترى من هذا النظر المجمل الموجز منافع هذا المصنف لأرباب الأدب وللمنتمين إليه ولحاجة خزائن الكتب إليه. ولا سيما ندرة هذا المصنف من التأليف. والذي نأسف عليه أن المؤلف لم يضع فهرسا عاما لإعلام الكتاب وجرائده ومجلاته ولو فعل لكان سفره هذا سمير الكبير والصغير فعسى أنه يفعل ليكون فغي هذه القلادة فريدة. وليس ذلك ببعيد على همة صاحبه المفضال. 30 - رابعة العدوية تأليف مرغريت سميث (باللغة الإنكليزية) قيمة الكتاب عشرة شلنات ونصف لله در الإفرنج! إنهم لم يكتفوا بتعلم لغتنا والأخذ من كتبنا ونشر ما كاد يدفن دفنا لا حياة يرجى من بعده بل أقدمت نساؤهم وبناتهم على مجاراة رجالهم في إتقان لغتنا العربية وتأليف الكتب في أصعب المسائل التي نراها عندنا وأدقها موضوعا. كلنا يعلم من هي رابعة العدوية تلك المرأة القيسية البصرية التي اشتهرت بصلاحها. عاشت في البصرة وماتت سنة 185 هـ (801 م) ودفنت فيها؛ - ومن الغريب أننا نرى كاتبة عربية عصرية اسمها زينب ابنة فواز العاملي وضعت كتابا سمته: (الدر المنثور في طبقات ربات الخدور) تذكر رابعة العدوية في ص 302 من كتابها وتقول: كانت وفاتها في سنة 135 ذكره (كذا) ابن الجوزي في شذور العقود. وقال غيره سنة 185. رحمها الله تعالى. وقبرها يزار وهو بظاهر القدس من شرقيه على رأس جبل يسمى الطور (كذا) اهـ. فأين هذا القول وأشباهه إذ يرى في هذا الكتاب الضخم المحشو روايات ضعيفة من قول الآنسة الإنكليزية مرغريت سميث التي ألفت هذا السفر الجليل

وأودعته من نفائس التحقيق والتدقيق ما لا نراه في مصنفات علمائنا الأعلام. إن الآنسة سميث ألفت كتابها ودونت فيه ما لرابعة العدوية من المنزلة وحياتها وتفاصيل عيشتها ومنزلة المرأة في الإسلام ومقامها من المجتمع البشري وذكرت المشهورات الصالحات في الدين الحنيف. والكتاب المذكور هو أجل ما صنف في هذا الموضوع لأنه يحوي ترجمة واسعة للصالحة العدوية. وقد قسمته مؤلفته إلى ثلاثة أقسام: أودعت القسم الأول منها ما يتعلق بحياة رابعة وتكلمت في الباب الثاني منها عما يمس التعلم والكتابة عند المسلمات. ودونت في الجزء الثالث منها منزلة المرأة في الدين الحنيف وذكر المشتهرات فيه بتقاهن. وقد اعتمدت في كتابة هذا البحث على مائة وأربعة مصنفات منها: 46 عربيا و9 فارسيا وواحد اردوي وواحد تركي و49 إفرنجيا مع ذكر أسمائها وأصحابها وضمت إلى هذا كله فهرسا بديعا على حروف المعجم، على أنه فاتها من أسماء الكتب العربية شيء كثير ولعلها استغنت بالمطولات عن المختصرات وعن العصريين بالأقدمين. وقد وجدنا الكتابة تتوخى أصدق الروايات وأقربها للحق. تجد من ذلك مثالا مما أوردناه فويق هذا فأن السيدة زينب فواز ذكرت روايتين لسنة وفاة رابعة وذكرت أن قبرها بجوار القدس (؟). أما السيدة مرغريت سميث فأنها لم ترو لوفاتها إلاّ سنة 185 هـ وأنها دفنت في البصرة لأن هذه الرواية هي الرواية الصادقة وما عداها فمن الأقوال الباطلة الواهنة التي لا تحتمل النقد بريهة. فنحن نهنئ السيدة مرغريت بكتابها هذا البديع ونهنئها بلقب (دكتورة في الفلسفة من جامعة لندن) وقد نالته عن جدارة. 31 - معجم المطبوعات العربية والمعربة جمعه ورتبه يوسف اليان سركيس وصل إلينا الجزء الخامس من هذا السفر البديع الذي يحتاج إليه كل ناطق بالضاد كما تحتاج إليه خزائن الكتب والمدارس ودور العلم على اختلاف ضروبها وأنواعها. وقد بلغت صفحات هذا الكتاب إلى 761 وهو يبتدئ بذكر حسن باشا زاده الشيخ محمد وينتهي في الصفحة 960 باسم رينو أو رينود، وفي هذا السفر

ما لا يرى في أي مطبوع من المطبوعات الواصفة للمؤلفات فهو خزانة علم وعرفان ودراية لا يستغني عنها. وراجع أيضا ما ذكرناه عنه في مجلتنا (301: 6 و702). 32 - كتاب السريريات والمداواة الطبية لمؤلفيه الحكماء ترابو ومرشد خاطر وشوكة موفق الشطي. طبع في دمشق في سنة 1927 في 1143 ص عربية و25 ص فرنسية وهذه تحوي الألفاظ الطبية مرتبة على حروف الهجاء والكتاب بقطع الثمن الكبير. يظهر حسن هذا الكتاب بيم ما صنف من الأسفار الطبية ظهور الكواكب النيرة الكبرى بين نجوم السماء الصغيرة ومن مزاياه أن المؤلف راسخ القدم في الطب وأن الطبيبين اللذين نقلاه إلى لغتنا الفصحى من أبلغ كتابنا في هذا العصر وأطولهم باعا في معرفة دقائق الألفاظ ومعانيا العلمية ولهذا لا نعجب أن سمعنا بإقبال الناس على شراء هذا الكنز العظيم، فلا جرم أنهم يقفون فيه على آخر كلمة نطق الطب في هذا العهد، وبعبارة تطرب الأسماع وتلذ للذوق. فعسى أن أبناء وطننا لا يحرمون أنفسهم اقتناءه (وراجع أيضاً مجلتنا 300: 6). 33 - وثائق تاريخية للكرسي الملكي الأنطاكي عني بنشرها وتعليق الحواشي عليها الأب الياس اندراوس البولسي، في 221 ص بقطع الثمن. هذه الوثائق هي من هدايا مجلة المسرة التي تبرز في حريصا (لبنان) وكلها تروي حقائق تاريخية جرت للبطريرك مكسيموس الثالث مظلوم رأس الطائفة الملكية الانطاكية من سنة 1348 إلى سنة 1855 وقد دونها ابن أخيه الشماس توما مظلوم. وفي آخر هذه الوثائق فهارس على حروف الهجاء تجعل محتوياتها على طرف الثمام فهي إذن من الدواوين التي تفيد مؤرخي أخبار الطائفة الملكية بل أخبار النصرانية في الشرق الأدنى. 34 - تدابير المنازل أو السياسات الأهلية لابن سينا نشره الشيخ جعفر نقدي أهدت إلينا مجلة (المرشد) البغدادية هذا الكتيب النفيس فوقع في 48 ص يقطع 22 وعلق عليه الشيخ المذكور فوائد كثيرة.

35 - التطرف والإصلاح تأليف أمين الريحاني طبع على نفقة إدارة مجلة مينرفا حسنا عمل أمين الريحاني في جعل حقوق طبع هذا الكتاب وترجمته محفوظة للمؤلف ليمنع نشروبائه بين عموم الناس، ونحن نعجب من أولئك (الذين يعدونه) من مبرزي كتبة هذا العصر. والرجل ناقم من كل أمر يراه ثائرا أبد الدهر على كل موجود على هذه الكرة الأرضية فهو يقول (ص 16)، أن فترة من الفوضى يتبعها نظام جديد قويم عادل لخير من المظالم المستمرة) ولو كان قول إزالة المظالم وإجراء العدل خير من نظام جديد لا تعلم نتائجه لكان أصوب. وأما من جهة لغته فالكاتب من مفسديها بلا ريب. فقد قال مثلا في ص 12: فقام أحدهم يطلب من سيد الأرض زيادة في الأجور ليتمكن من إصلاح حالهم. . . وفي ص 13: وإني أكون مسرورا. . . وفي ص 16: من أن يسيروا عماوة في شعاب الزمان. . . إلى آخر ما هناك من العجز والبجر. ولو قال: فقام أحدهم يطلب (إلى) سيد الأرض زيادة في الأجور ليتمكن (أصحابه) من إصلاح حالهم. . . وأني أسر. . . من أن يخبطوا في شعاب الزمان. لكان أصح. وإلاّ فالعماوة غير معروفة بمعنى العمى في لغتنا. فكم من غلط في قوله العماوة: أولا إن الفعل عمي هو يائي لا واوي. فكان يحسن به أن يقول عماية. ثانيا إن العمى غير العماية فالعماية هي الغواية واللجاج وهو يريد هنا العمى أو العمه. ثالثا إن استعمال كلمة تؤدي المعنى خير من استعمال عبارة تافهة فالخبط هو المعنى المطلوب في هذا التعبير وما سواه تافه ينبذه الذوق السليم فليحفظ. 36 - من تاريخ الحركات الفكرية في الإسلام الجزء الأول تاريخ الحركات الاجتماعية، تأليف بندلي جوزي أستاذ في جامعة باكو ودكتور في الآداب العربية وقف على طبعه الأستاذ خليل سكاكيني. تأليف مفيد للوقوف على حركة روح الثورة والاشتراكية في الدول الإسلامية وقد أظهر صاحبه من الوقوف على تاريخ الإسلام الذي كتبه الناطقون بالضاد والذي

حرره أبناء الغرب ما يشهد له بسعة الإطلاع كل منصف. وقد وقع هذا الجزء في 182 ص بقطع الثمن الصغير. ولا شك في أن هذا التأليف يلاقي إقبالا عظيما ممن يعنى بهذه المسائل. 37 - عوائد العرب بقلم المرحوم الخوري بولس سيور البولسي، نشرته تباعا مجلة المسرة ثم أبرزته على حدة في 169 ص بقطع الثمن. المسرة من خيرة المجلات السورية فهي لا تنقل إلى القراء إلاّ ما يفيدهم من صحيح روايات التاريخ ومن أخبار العلم الموثوق بها وهذا الكتاب من أحسن ما جاء في هذا الموضوع فأن مؤلفه يقابل بين عادات الأعراب العصريين الذين يعيشون في البوادي وبعض المدن وبين أخلاق اليهود بل أخلاق الساميين جميعهم في العصور القديمة. ولهذا يعتبر هذا التصنيف مصدراً يعتمد عليه في المقابلة بين أخلاق الأقدمين وبين أخلاق الناطقين بالضاد في هذا العصر. 38 - دروس قواعد العربية لتلاميذ صفوف الرابعة الابتدائية، لرفائيل بابو اسحق وخضوري بهنام فرجو. كتاب في أصول العربية وقد قررت وزارة معارف العراق تدريسه في الصفوف المذكورة وهو مطبوع في دار الطباعة الحديثة في 240 ص بقطع 16 وهو حسن التبويب وفي آخر كل فصل أمثلة وتدريبات تعين المتعلم على إتقان ما يدرسه. 39 - اليزيدية أو عبدة الشيطان نبذة للسيد عبد الرزاق الحسني نشرتها مجلة (المرشد) المذكورة فوقعت في 44 ص بقطع 32 وهي من هدايا مجلة المرشد البغدادية ولا تخلو من فائدة. 40 - المهذب وصل إلينا الجزء الممتاز من هذه الجريدة الإسكندرية فوجدناه حافلا بمقالات كبار الكتبة فنتمنى لهذه المجلة الرقي الدائم.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - مضمون مذكرة فخامة السعدوني لدار الاعتماد السامي بما يتعلق بمطالب العراقيين. انكشف الغطاء عن المطالب العراقية التي تضمنتها مذكرة السعدوني رئيس الوزراء وقد بعث بها إلى دار الاعتماد السامي وثبت أن الحكومة العراقية قد طلبت ما يأتي تفصيله: 1 - إن تكون قيادة الجيش العامة للعراق حتى في حالة اشتراكه مع الجيش البريطاني أو القوة الجوية. 2 - إن يكون إعلان الإدارة العرفية من حق العراق فقط. 3 - إن يملك العراق السكك الحديدية مجاناً وأن يسجل ميناء البصرة باسم الحكومة العراقية. 4 - فرض التجنيد الإجباري. 5 - رفض دفع نفقات دار الاعتماد البريطاني. 6 - قيام السفارات العراقية بحماية الرعايا العراقية في الخارج. 7 - إلغاء الاتفاقية العدلية. 8 - حرية التمثيل الخارجي بلا قيد ولا شرط. 9 - رفع الرقابة المالية التي فرضتها الاتفاقية المعمول بها الآن. أما جريدة (الأهرام) المصرية فقد ذكرت مطلب العراق الرئيسية التي رفضتها الحكومة البريطانية كما يأتي: 1 - رفع الرقابة الملكية والعسكرية والسيطرة على الكمارك. 2 - وجوب تطبيق قانون الخدمة الإجبارية في الجيش العراقي. 3 - تأليف جيش قوي تسلم قيادته إلى ضباط عراقيين. 4 - حل قضية ميناء البصرة والسكك الحديدية. 5 - وجوب تمثيل العراق في الخارج تمثيلا صحيحا. 6 - وضع حد للاستشارة وجعل الكلمة الأخيرة للوزير. 7 - عدم اعتراف بفرق نفقات القوى البريطانية في العراق.

8 - عدم دفع مخصصات المعتمد السامي من أموال الخزينة العراقية. 2 - استعفاء الوزارة السعدونية استعفى صاحب الفخامة عبد المحسن بك آل سعدون رئيس الوزارة العراقية من منصبه وقدم استعفاءه إلى صاحب الجلالة ملكنا المعظم في 20 ك2 (يناير) وقد قبل جلالته تلك الاستقالة لكنه أمر بأن تستمر الوزارة عاملة إلى أن يتم تأليف الوزارة الجديدة عند قدوم السر جلبرت كليتن المعتمد السامي الجديد وذلك بسبب رفض مطاليبه. 3 - في البلاط الملكي أدب في 1 ش جلالة ملكنا المعظم مأدبة في بلاطه العامر لتوديع السر هنري دوبس المعتمد السامي البريطاني قبل براحه العراق الذي وقع في 3 - 2 صباحا. وقبل العشاء علق مليكنا المحبوب (وسام الرافدين من أعلى درجة) على صدر صاحب الفخامة وهو أول وسام ينعم به جلالته ومع الوسام صورة المنعم في إطار من ذهب. وبعد الطعام ألقى كل من صاحب الجلالة وصاحب الفخامة خطبة سياسية تشير إلى ما في الصدور من الأماني والرغائب. 4 - سفر المعتمد السامي سافر السر هنري دوبس صباح الأحد 3 شباط (فبراير) فشيعه الوزراء والأعيان والنواب ووجوه المدينة والجالية الإنكليزية وقناصل الدول والجيش العراقي والإنكليزي ولما ركب الطيارة مع قرينيه أطلقت المدافع 17 نارا وداعا له وشيعته عدة من طيارات. 5 - المستر كرين قدم مساء 3 ك2 (يناير) راكبا الطيارة المستر جارلس كرين الأمريكي صديق العرب وقد خف لاستقباله في محطة الطيران رجال العاصمة الممتازون وممثلو الأحزاب السياسية والصحف والشباب الناهض. وكان جلالة الملك قد بعث إليه سيارته الخاصة به لتأخذه إلى فندق كارلتن. وقد أقام البغداديون عدة مآدب وحفلات إكراما له وأنشدت القصائد وألقيت الخطب. وسافر إلى الموصل في 6 من الشهر المذكور ثم عاد إلى بغداد فكانت الحفلات آخذة بعضها برقاب بعض ويوما بعد يوم ثم سافر إلى البصرة فوصل إليها في 9 من الشهر المذكور وفي 13 منه أراد السفر إلى الكويت فباغتته جماعة من الأخوان (أو الوهابيين) بالقرب (صفوان) الذي يبعد عن الزبير زهاء 20 كيلو مترا وكان مع المستر كرين نجله جون

والمستر اوسطن مرافقه والمستر هنري بلكرات أحد أعضاء التبشير البروتستاني الأمريكي في البصرة وكان الجميع راكبين السيارات. فأمطر الأخوان على المسافرين وابلا من الرصاص فأصابت رصاصة المستر بلكرت فتوفي بعد سويعات وشيعت جنازته في البصرة تشييعا لائقا به ودفن في مقبرة الإنكليز في (الحكيمة) في 15 من يناير وفي 25 منه أقام الشبان البصريون في العشار حفلة لتأبين الفقيد فحضرها جم غفير من الأدباء وكان من جماعة الحضور المستر جارلس كرين وابنه وبعض الجالية الأمريكية في البصرة وزرافات من السيدات والأوانس رحم الله الفقيد. 6 - السر دنيسن روس السر دنيسن روس مستشرق إنكليزي مدير مدرسة الشرقيات في لندن، وثبت في التاريخ الإسلامي وقد برح عاصمة بلاده لدرس الشؤون الشرقية وتطور الفكرة الإسلامية بعد الحرب العظمى. فمر بمصر وألقى فيها محاضرة وجهت إليها أنظار علماء وادي النيل. وقد هبط بغداد نهار السبت 26 ك2 (يناير) ومعه عقيلته، فأنتهز صاحب المعالي مزاحم بك الباجه جبي فرصة وجود صديقه في حاضرتنا ليدعوه إلى شرب الشاي مع أدباء بغداد، حملة الأقلام، وحضنة العلوم فلبى الدعوة جميع الفضلاء في 28 من الشهر المذكور من الساعة الخامسة بعد الظهر إلى الساعة التاسعة وحضرة السر ينتقل من حلقة إلى حلقة ويكلم كل واحد من المحتفين به باللسان الذي ينطق به. وعلى هذا الوجه تيسر للضيف الشهير بعلمه أن يتفوه بالإنكليزية والفرنسية والعربية والتركية والفارسية والألمانية. وربما تكلم بألسن أخرى لم نسمعها نحن وسمعها غيرنا. وقد أظهر في محاوراته هذه من سعة الإطلاع وحسن الأخلاق والأدب الرائق ما أعجب به كل من خاطبه. ولما سئل عن إبدال الحروف العربية من الحروف الرومانية لم يوافق. وقال: لعل تلك الأشكال توافق اللغة العامية. أما اللغة الفصحى فأنه لا يجوز للناطقين بالضاد إلاّ أن يكتبوها بالحرف الذي وضعه لهم أجدادهم. وكان معه رفيق لا يفارقه ويحسن الفارسية والتركية هو المستر بيشبس وحضرة الضيف زايل بغداد في أول شباط (فبراير) متوجها إلى البصرة ففارس فالهند.

7 - الدكتور ارنست هرتسفلد جاء من طهران إلى بغداد حضرة الأستاذ الكبير والعلامة الشهير الدكتور ارنست هرتسفلد ليذهب إلى سجستان (اليوم سيستان) لبعض الحفريات هناك وكان وصوله إلى حاضرتنا في 15 فبراير (شباط) وقد زارنا في 19 منه فسألناه عن رأيه بخصوص اتخاذ الحرف اللاتيني للغة العربية فقبح هذا الرأي وسفه وقال هذه فكرة استعمارية ويجب على كل غربي غيور على قوميته ولسانه وآدابه أن يمقتها ويقاومها بما في مكنته من الوسائل. وختم قوله: (إن اتخاذ هذه الحروف سائر بوجه إلى الوقوع وهو مما يؤسف عليه). ثم سألناه عن زرادشت وهل كان رجلا وهميا اخترعته مخيلة أهالي البلاد الفارسية. فقال: هذا رأي بعض المعاصرين من المغالين في النقد فأن الرجل وجد وعاش في نيسابور في سجستان وسفره الديني يشهد له بذلك، هذا ولحضرة الأستاذ العلامة أدلة تاريخية كثيرة لا يمكن نقضها. ثم قال: سمعت العوام يكلمونني بعربية قبيحة مخلوطة بألفاظ هندية وإنكليزية، وهذا الأمر ما كان معروفا في سنة 1913 ويجب على الأدباء والوطنيين الصادقين في وطنيتهم أن يقاوموا هذه الحركة المفسدة للغة العراقية التي كانت سابقا بعيدة عن هذه الرطيني الشائنة. فشكرنا على افاداته كلها. ثم سافر إلى شقته بعد يومين. 8 - قنصل مصر الأول قدم إلى بغداد سعادة مصطفى بك مخلوف قنصل مصر الأول مرة في 21 يناير فنزل في أول أيامه في فندق كارلتن، وقد أدب البغداديون عدة مآدب لسعادته ترحيبا به وتوثيقا لعرى الصداقة بين البلادين المتحابتين مصر والعراق. 9 - السير عن اليمين كان السر في الطرق في العهد العثماني عن اليمين، فلما حل البريطانيون العراق أدخل السير عن اليسار والسير على هذه الصورة خاص بالإنكليز ولما كنا نجاور الإيرانيين والسوريين والترك وسكان جزيرة العرب والسير عندهم عن اليمن رأت الحكومة العراقية أن تعود إلى الطريقة الأولى حذر وقوع ما يضر بالنفوس حينما يذهب العراقيون إلى غير بلادهم أو حينما يأتي الأجانب

إلى ديارنا. أما الآن فقد اتخذت الطريقة الأولى منذ أول شباط من هذه السنة في الساعة الخامسة حسابا زواليا ولم يقع ما يكدر الخواطر لأن الشرطة كانت مبثوثة عند مفارق الطرق وفي الشوارع وهكذا تيسر للعراقيين أن يساووا بقية خلق الله في سيرهم عن اليمين. 10 - تحقيقات بخصوص المستر بلكرت أرسلت حكومة الولايات المتحدة رجلا ليحقق حادثة مقتل المستر هنري بلكرت وعن المسؤول فيها وقد وصل المندوب المذكور إلى الكويت في أوائل شباط (فبراير) واجتمع بسمو حاكم الكويت وحقق القضية ورفع عنها رفيعة إلى حكومته وسوف تظهر النتيجة من البلاغ الذي توجه حكومة أميركة إلى من يهمه الأمر. 11 - حالة الحيوانات في الحلة عولج في شهر واحد في المستوصف البيطري 749 حيوانا من الحيوانات التي كانت مصابة بأمراض مختلفة.

العدد 68

العدد 68 - بتاريخ: 01 - 04 - 1929 حضارة الإسلام ومفكروه (لغة العرب) عرف قراء هذه المجلة حضرة الأديب الفاضل ميشيل سليم كميد، إذ جذب إليه قلوب كثيرين من ديارنا، فتعلقوا به كل التعلق، فلقد رأوا فيه رجلا مفكرا قديرا واقفا أحسن الوقوف على آدابنا وآداب الغربيين: ووجدوا فيه أنه يتبع من الآراء أصلبها وأبينها محجة. وهذه المقالة التي نعرضها اليوم على أنظارهم تبين أن رأيهم لم يكذب، وهي توضح لنا منزلة تصنيف شاع في ديار الغرب فأقبلوا على مطالعته واسمه (مفكرو الإسلام) وصاحب هذا المقال يشير هنا إلى ما فيه من المحاسن وبعض المساوئ ويطلعنا على محتوياته بعبارة جلية فنشكره على هديته هذه الحسناء ونستزيده من اشتباهها. توطئة فضل المستشرقين هو جد الأوربيين غريب، وعجيب دأبهم على استخلاص حقائق الأمور وغوامض السفور! والله هم، إذ ينصبون على تفسير واستطلاع واستكشاف

الدفائن! لا كلال يعتورهم، ولا ملل يتطرق إليهم!. . تراهم إذا بحثوا عن قصد ثبتوا في البحث ثبوت الراسيات إلى النهاية حتى الفوز بالمراد؛ مهما كلفهم من عناء ووصب. لهذا ترى دواما التفوق في جانبهم والابتكار في حقائبهم فهم يختلفون عنا الشرقيين قلبا وقالبا، فأننا إذا ما حاولنا أعمالا خطيرة وأنسنا التعب والبرح تخللنا اليأس، وتطايرت منا تلك الأحلام الذهبية الوهاجة، تلك الأحلام التي كان يمكن أن تتحقق لو دئبنا في العمل. إلاّ أننا قذفناها غير آسفين أو لفقناها وأبرزناها لضوء الحياة، صفحة تعسة بائسة، عليها سماوة العجلة والاضطراب. والأصعب أن ننتشل فردا ثار على هذه النقائص الشائنة. أنظر إلى الغربيين ولله درهم! وأدر الطرف النزيه في مخلفات القرائح، ومولدات الأذهان ونتائج الأدمغة؛ سواء أكانت اختراعات صناعية هائلة أم كتبا زاخرة بالأفكار والآراء تجد صورة الوجدان الحي والاعتناء والجلد والدرس العميق البعيد المدى، تتخلل أدق دقائقها! وقد أراد المولى الكريم بالشرق خيرا وعونا، فتخصصت فئة كريمة من هؤلاء الغربيين الفطاحل المدققين؛ هي فئة المستشرقين الأكارم وتطوعوا كرما ولطفا لدرس آثاره الثمينة والوقوف على مخلفاته الخالدة. فهم لم يجبروا وليس عليهم الزام؛ إنما حب إيقاظ الشعوب الحالمة، وشعورهم الحي في إظهار الحقائق وبسط المطويات، دفعاهم إلى القيام بهذا المجهود الهائل الذي كان أثره في الشرق - كما نجده عظيما - وعظيما جدا، فإليهم يعزى فضل عظيم في نهضتنا الأدبية الحديثة - دون غمط لفضل البعثات الأجنبية الدينية التي يمكننا وضعها ضمن دائرة الاستشراق فلهم بها أيد كريمة!. . أجيالاً يعلمونها ونحن رقود صموت. ومن المحتم أننا أولاهم لبقينا إلى يومنا هذا، كعهدنا السالف أو كما في بدء تنبهنا - إذا أتيحت لنا الفرص - ولاستلزم بلوغنا حالتنا الأخيرة عناء وجهدا وأعواما أخرى كثيرة؛ ومن المحتم أيضا، فقدنا لكثير من المؤلفات والآثار القديمة. مما هو عوز الماضي وفخر اليوم، وعلى الأخص ما نبشوه من نوادر المخطوطات النوادر واستنقذوه من عبث الزمان وجهالة الإنسان، وقد غدت الآن من غرر الآثار في الآداب العربية وغيرها ودرر تأليفها وحسبنا أن نلقي من نظرنا لمحة للغابر ونستفسر دور

الآثار وخزائن الكتب ولنحكم بعدئذ! لنحكم لمن الفضل في جمع وترتيب الآثار وطبع المؤلفات والقيام بجميع ذلك خير قيام! لست أحاول البحث وإطالة الشروح فكل لبيب أديب يعرفها ويقدر الخدمات الجمة والمشاق العديدة التي قاموا بها. فحيا الله تلك الشهامة الشماء والهمم القعس! لا يخلو أمر من فساد ولا حسن من شائبة، والوجود يحتم الضلال تناول أي موضوع شئت في هذا الكون الواسع المنبسط تحت أنظارك فأبحث دواخله وخوارجه، فلا شك أنك تصطدم بالمساوئ بين حنايا المحاسن، وحيث أن هذه الطبيعة المفسدة من سنة الكون، لا نعدم الوقوع على أقوام مفسدين، إذ نقصد استفادة فائدة من كتب المستشرقين الجليلة، والارتطام العنيف بأفكار الطفيليين الخلابة المضللة. هم قوم شيمتهم الأندساس تحت لباس علم المشرقيات، وما هم منه بشيء؛ والتردي بردائه الشريف. وأظن أنه ليس في الشرق من لم يسمع بهذه الأسماء المرددة ألوف المرار على صفحات جرائدنا ومجلاتنا الممتازة أيضا: رينان، غوستاف لوبون، أدوار مونته، وأمثالهم. وأهمها ترديدا على شفاه الشرقيين: رينان ولوبون. فأي شرقي مطلع على الحركة الأدبية عندنا ولا يعرفهما؟ اسمان يتلألأن زهوا ولمعانا على كل شفة ولسان؟! لعمري! لقد ساء فألنا. ونسبنا الفضل إلى من لا فضل له ولا فائدة؛ وغمطنا أصحاب الفضل حقهم، وسلبناهم عنوة وزورا تعبهم وجهدهم، وسحقنا بتصلف وعجرفة - كدت الفظ بلؤم - نتيجة قرائحهم الوقادة المتدفقة! ولعمري ماذا فعل هؤلاء - وشاكلتهم والحمد لله نزرة - حتى نمجدهم ذا التمجيد؟ أكفأهم أن يحمدونا ويطرونا - وداؤنا العياء الإطراء - حتى نسجد لهم سجودا، ونلتقط كلامهم منزلا لا مرد له وهم لم يقدموا إلينا جديدا مبتكرا! يا للمعرة!. . فلا يغرننا ذهبي الكلام ومنمق الألفاظ، فلنبحث الحقيقة ولنقدر الرجال، فلقد أمرضنا بخس الأقدار، واحتقار الأعمال الجسام! يكاد الفرنسيون يحتكرون الاستشراق، فمنذ قرون عدة وهم المقدمون المشار إليهم بالبنان. هم يبدءون العمل ويفكون الألغاز ويتفهمون الرموز ويحلون الطلاسم، ثم يأتي بعدهم من ينسج على منوالهم، ولكنه لا يبذهم ولن يبذهم أحد، أمامك الأمثال شواهد. فهل من مماثل لهم أو قرين؟

كانوا على الدوام، ولا يزالون محور الابتكار ومركز الاستشراق التام فمن كتبهم خاصة نال الشرق إلهام نهضته الحديثة، وبمساعدتهم وهب الشرقيون حظ حياة جديدة لامعة؛ لكنها لا تخلو من بقع سود تذهب برونق كثير من بهجتها. وكما سبقنا فقلنا: من عدم تقديرنا للأعمال الخطيرة، ولا ندري توجيه خطانا المتقلقلة، فنحن نحب التشدق بمفاخرنا. فمن الكوخ الحقير نبتعث قصرا بل قصورا! كلما أثنى علينا أحد ولو كذبا ونفاقا لاستجلابنا، آمنا بكلامه ورفعناه سماء ورددنا صيته كالببغاء كائنا من كان دون فقه ولا بحث، أيتكلم عن جدارة وحق أم هو ينقل ما قاله هذا وكشفه ذلك وأتى به لينال شهرة عندنا أو ربحا ماديا أو أدبيا، ولم يأت بالشيء المبتكر منه، بل هو ذاته عالة على سواه وأن تقول أمرا كان من الأهمية بلا الكثير وليس في حد نفسه يفيد التاريخ ولا يجلو غامضة حالكة. إذن، سادتي، ما الفائدة لنا من أمثاله؟ لا شيء سوى البرهان على ضعف عقليتنا وسوء تقديرنا! هاءاناذا أراك تؤنبني قائلا: إنك لا تراني فيما أكتبه إلاّ عابسا مكشرا ناعيا على الشرق تأخره حظه التعس في العلوم. . . أجل! إني لكذلك فقد انقضى عهد كان مدح الشرق فيه واجبا على الشرقيين. لقد آن لنا أن نرفع رؤوسنا المطأطئة ونبصر ما كانت تحجبه حواجب الظلام والجهل. مضى ذلك العهد البائد التعس، وحق للشرقيين استفادة فائدة من حوادث الماضي فاجتناء المفيد واجتناب الباطل. فإن ترني مشمئزا كارها نادبا فما أراه من مواطن الضعف وانحطاط التقدير تجبرني أن أكونه. . . إذا أردت مثلا فلأضربنه لك وألمس به الحقيقة القاتلة ظاهرة محسوساً بها تشق القلوب. . . غوستاف لوبون! يا له من اسم يفلق أصمخة المسامع في الشرق! أكبر مستشرق عالم في الغرب وفي العالم كله طرا (؟؟؟). . . هذا بعض ما يتحدث عنه أكثر الجرائد والمجلات عندنا. وهل من اسم غربي في الشرق أكثر شهرة وأذيع صيتا من اسمه؟ لا مراء أنه الاسم الغربي الوحيد الذي حاز قصب السبق على شفاه قرائها! ولكنه أيستحق كل هذا الفخر وهذا الإكبار؟ إن كتابه (مدنية العرب) الذي سبب له رفعة الشأن هذه ليس من الأهمية بمكان. فالذي تطرق

إليه، غدا اليوم عند المستشرقين في حكم المهملات لذيوعه وانتشاره إلاّ القليل منه التافه. وهو ليس منها بمكان كريم. إنك ترى الآن أن وضعه وأمثاله في مصاف المستشرقين والمستعربين فضلا عن عدهم ثقة وحجة بينهم وصمة عار وخيانة منا تجاه المستشرقين. . ويندر أن تقرأ في الشرق أسماء: دوسو وماسنيون، ولامنس، وكرا دي فو، وفران، وبرو كلمن وغيرهم من إجلاء العلماء في هذا العلم - هؤلاء من أفادوا الشرق حقيقة وتاريخه فائدة جليلة لا تقدر ولا يحصرها حصر - بجانب ما تقرأه عن رينان ولوبون ولا سيما الثاني فبهما تطفح صفحات النشرات وتغطي الزبى وتلتهم مفاخر غيرها. وبذا تجد أيها القارئ العزيز أن قد شططنا عن معقل العدل وواجب العرفان وأسأنا استعمال الشك؛ فحبذا لو وعينا ورددنا إلى كل حق حقه! (مفكرو الإسلام) لكرا دي فو - أما الآن بعد تبسطنا، فقد آن لنا، أن نأتي على ذكر كتاب له اليوم مركزه العظيم، في عالم الاستشراق، إلا وهو كتاب (مفكرو الاسم) للمستشرق العلامة البارون برنار كرا دي فو. هذا الكتاب، عظيم بمحتوياته عظيم باستنتاجاته عظيم بجميع مباحثه، أن نذكر عملا خطيرا في عالم المشرقيات يمكننا بكل طمأنينة وثبات، أن نضع في المقدمة هذا التأليف؛ وهو مع أنه عمل للشعب الأوروبي عامة، والأفرنسي خاصة، وكما يقول المؤلف الكريم، ليعطي فكرة الأفرنسي عن الإسلام، وماضيه واعتقاده. وعزه الغابر، وجهده، وبذله. فقد أحله المستشرقون أكرم موضع، ولحظ في سائر منتديات العلوم في الغرب، بعين الاعتبار والإجلال، فما أحرانا نحن باقتفاء أثرهم، وما أحرانا بالاستمتاع واستفادة فائدة من نواضر هذه الأفكار، الفذة التي لا شبيه لها. لغة هذا الكتاب عامة، سهلة، قريبة المأخذ، دانية التفهم من الفراء حتى من ضعيفي الملكة في الفرنسية من دون تعب ذهن ولا وصب عين. أما المؤلف فهو دون معارضة أحد أئمة هذا العلم في الغرب أجمعه، وإن كان غير معروف لدينا فهو اشهر من أن يذكر لدى علماء المشرقيات.

كلمة عن التأليف يتركب الكتاب الآنف الذكر، من خمسة أجزاء، بقطع 12 الضخم، ولا تقل مجموع صفحاته عن نيف وألفين، وهو يبحث عن كل ما يختص بأعمال الإسلام، واحتك به، عن شيعه وصوفيته، حكامه ومؤرخيه: قوانينه وشرائعه فلسفته الدينية والسياسية، وعلومه الطبيعية حتى عن موسيقاه. أي أنه وعى كل فعل له أثر بارز في تاريخه. ومع أن الآداب العربية، غير داخلة تحت بحثه يستدل من عنوانه. قد خصص فصلا لها ليس بالكبير ولا بالصغير، أدلى برأيه فيها. فإذا أنت تراه دون مبالغة عملا رائعا حقا، جديرا بالشكر والاحترام فهو بحار علوم إسلامية زاخرة، أو بكلمة أعم: معلمة إسلامية وفية، ومما يزيده قيمة، ويكسبه فخرا، اتصافه بالعلم، وعدم الجنوح، فقد أعطى (ما لقيصر قيصرا، وما لله الله) وقد أتى بتراجم الخلفاء والفلاسفة، والعلماء، وسواهم. ذوي الأثر في تاريخ الإسلام، ولا تظنه قد أتى عليها دون تعليق، كلا! بل أودعه من بنات أفكاره؛ وآرائه فيهم، وحكمه عليهم، مما له الدرجة الأولى في نوعه، ونحن إذ نذكر شيئا عن هؤلاء لا نأتي بفكرته المبتكرة ذات الأثر، إذ ما الفائدة من الكتاب لو سلبناه زبدته وروحه بل حياته، ونشرناها وإنما سنتكلم كلاما مجملا، لنعطي القارئ بعض الفكرة - وحبذا النجاح! - عن محتوياته، وعليه مراجعة الكتاب، لاجتناء فوائده؛ وحسبنا في هذه الكلمة، أن ننبهه على قصدنا، فنزيل ليل الشكوك ونبعد عثرات سوء التفاهم. وقد نعلق في بعض المواضع، بكلمة منه أو منا، لننقذ الأسلوب من الجفاوة والاملال؛ فلا يسأم من ذلك القارئ. قد يساعدنا على إعطاء فكرة عنه؛ إن نذكر ما جاء في مقدمته ففيه يبين المؤلف العظيم غايته في نشره وبسط تقاسيمه ومقاطعه وحبذا هي خير مرشد وأفصح دليل للقارئ العزيز عن جلالة العمل النفيس: (إن اهتمام الشعب يزداد تحولا شيئا فشيئا نحو الشرق، وعلائق الدول الأوربية وشعوب الإسلام التي اشتدت عراها أيضا في ساحات القتال إبان الحرب الأخيرة تزداد توثقا. ففرنسة تملك الآن إمبراطورية إسلامية

عظيمة. ولذا يجب عليها أن تطلع جيدا على أحوال الشعوب التي تمد ظل سلطتها أو نفوذها ومن الواجب أيضا أن تعلم نفسيتها وماضيهم واعتقاداتهم واميالهم ومجدهم الغابر. لغة كان للاستشراق العميق نصيب وافر في السنين الأخيرة - ولا يخفى أن بلادنا احتلت المكان الذي هي جديرة به منذ قرون ثلاثة - وقد عرفت أعمال المستشرقين الآداب الواسعة الرفيعة المختلفة والفائضة أخبارا وأعمالا وأفكارا. وقد نشر الشرقيون أنفسهم كثيرا من تأليفهم القديمة. والكمية المنشورة الآن - في الآداب الإسلامية الثلاثة الكبرى: العربية والتركية والفارسية - هائلة دون إشارة إلى الملحقات. فالصعوبة الآن بذلك تزداد في وجه المستجد في انتقاء طريقه في هذه (البحار) كما يقول العرب ولذا فالتأليف الجامعة هي مما لا غنى عنه اليوم والتي تحوي بيانات وإرشادات عامة عن المادة المبتغاة. لا نريد أن نعطي هنا فهرسا بل منتخبات. وليست غايتنا أن نقول كل شيء بل أن نبسط البارز وأن نعرف التأليف الرئيسة وبيان بعض الأفكار الجليلة وجلاء بعض القاتم. إذن ليس ما نقدمه للقارئ أسماء ولا عناوين كتب بل هو شيء حي عن أشخاص وصور وأفكار وسمات. جميع هذه الآداب تزخر بالأفكار؛ وكل مؤلفاتها تكاد تفيض بشعور غريزي حق وحسن أخلاق وتصوف. والأميال الذهنية الصادقة قد تسلطت على حياة أشد الغزاة المتوحشة مع نوع من غريزة ممتازة من أداة حسنة وعقل وحكمة. (يتألف هذا التأليف من خمسة أجزاء: (فالأول عن (الملوك والمؤرخين والفلسفة السياسية). (والثاني عن (الجغرافية والعلوم) لأن جغرافيتي العرب عرفوا في أوربة منذ عهد بعيد وعلماء هذه الأمة، علماء الفلك والجبر والكيمياء والطب. كانوا ذوي شهرة في القرون الوسطى وهانحن أولاء في هذا الكتاب نعد للأفكار الذكرى ونختصر شيئا مما بذلوه في سبيل العلم. (والجزء الثالث يبحث عن (التفسير والفقه). فتاريخ أصول الإسلام غدا في هذه الأوقات هدف أعمال جليلة من فطاحل المستشرقين كافة من جميع

الجنسيات وهي تكاد تتخذ اليوم ذاتها فرعا طريفا بين علم المشرقيات وسنبحث عنا الشيء العميم. (وينشر الرابع تحت هذا العنوان (الفلسفة (المدرسية) وعلم الكلام والتصوف) وهو أمر قد أفضنا عنه قبلا. (والخامس يكون تحت (الشيع والإباحية العصرية). إلى هنا ينتهي كلام البارون الفاضل عن علمه العظيم ويقف به وقد أتى في بضعة سطور على أهم دوافعه إلى القيام بالأثر الخالد، فهو كما تراه ألم بجميع المواضيع وبحث فيه مختصرا لكنه جدير بالاحترام والاسترشاد. فهيا بنا إذن نستطلع بوضوح وجلاء أكثر ماذا كتب ونستفسر أفكاره في بعض أهمها. ولعلنا نتوفق فنتمكن من إعطاء صورة فياضة جليلة مضطربة تهدي القارئ وتكشف له عما يستحقه هذا المؤلف من التفات وعناية وإجلال. وصف محتوياته: الجزء الأول هاهو ذا في الجزء الأول يحدثنا بادئا بالمنصور صاحب دار السلام ويتلوه بهارون الرشيد وما بذله في سبيل إعلاء دولته ويحدثنا عن نيته في افتتاح قناة تشق الصحراء، بين البحرين الرومي والقلزم (الأحمر) وهي الفكرة نفسها التي خطرت فيما بعد لنابليون في أثناء اكتساحه مصر، ولغيره حتى قيضت العناية

الإلهية لها (فرديناند دلسبس) فأفتتح قناة السويس. لكن منعت الرشيد موانع دينية فنفض يده منها كما نفضها منها قبله عمرو بن العاص للسبب عينه. ومما يشين عهد هذا المولى العظيم قساوته ولا سيما قتله البرامكة الرائع، فلولاها لكان عهده الزاهر لأحسن آونة مرت بها دولة العرب. . . ونصوب نظرنا فإذا المأمون والأمين، حب الرشيد وزبيدة يعترضاننا وإذا قصتهما الفاجعة تنتحي بين طيات الصفحات وإذا تحكم المأمون يتلوها زاهيا. ففي أيامه ازدهرت الفلسفة اليونانية عند العرب وافتتحت المعالم (المدارس) لتعليمها وازدهرت سائر العلوم والفنون الراقية وكان موت هذا (الأمير العظيم الحكيم) ضربة صماء على العرب. ثم ينتقل كرادي فو إلى صلاح الدين وأعماله الكبيرة وانتصاره العظيم في موقعة طبرية الشهيرة، بمساعدة الأقدار وعن صداقته مع ريكاردس قلب الأسد وعن حكمته وكرمه حتى أن أعداءه كانوا يميلون إليه (وكادت تكون بينه وبين زعماء الإفرنجة شبه صداقة) فلقد كان عظيما في حكمه عظيما في أعماله عظيما في حروبه. نمر في هذا الجزء بتاريخ كثير من كبار الحكام في الإسلام أمثال هولاكو الذي ثار على غرب بلاده أو كما نعرفه اليوم على (الشرق الأدنى) وترك بغداد قاعا صفصفا ينعق فيها البوم وتتصايح على جثث أولادها الوحوش وتحوم حولها النسور. فمحمد الثاني فاتح القسطنطينية ومؤسس دولة الأتراك فيها. فسليمان وتيمورلنك ونتدرج بعد ذلك إلى غيرهم فيقع اختيارنا على (أكبر) أحد عظماء حكام المغول في الهند الذي كان عالما فيلسوفا. وكانت بلاده تضم من الأديان

جميعها وأشتاتها. فأمام هذا السيل الجارف من المعتقدات خطر له أن يوحد دينا يتألف من جميعها. فأتى بكثير من رجال الأديان حتى من اليسوعيين للتجادل أمامه وسمح لكل بإنشاء معبده الخاص به وكان هذا المكان يدعى (عبادت خانه) أي بيت العبادة. فكانوا يخطبون فيه بكل حرية. وبلغت به فلسفة أن أنشأ على رغم تحريم الإسلام لصورة الحيوان معبدا ضم فيه إلى صور المسيح صور بوذا. ولقد كانت له حقا من فلسفته هذه - بل عدم إيمانه إذ أمكن (كما وصفه أحد مؤرخيه) تجاوزا عظيما عن كل ما يقتضيه الشرع الإسلامي. أجل أنها لثورة فلسفية ساكنة هادئة تحميها السلطة وتوطدها السلطة فالخوف. ولا تزال قاعة تلك المحاضرات المتعددة الأغراض المتباينة المذاهب والأديان تقوم في عاصمته (فتح بور سيكري). . . وفي حكمه ارتقى الفن في الهند ارتقاء عظيما، فقلعة (اكرا) الشهيرة هي من مبتكراته. فهو لم يكن فيلسوفا فحسب بل كان حاكما عالما يحب الرقي والفن في كل شيء حتى قيل أنه حسن الآلات الحربية واختراع طراز عجلات (عربات) وهلم جرا. وإذا انتهينا من أمر الملوك والحكام نر إنا أمام المؤرخين وإذا البارون الكريم يحدثنا عن سبب جهلهم في أوروبة. لأن العرب لم تعرف قط معنى كلمة (تاريخ) كما نعرفها وكما كانت تفهم في أوروبة منذ عهود. فنحن إذا قرأنا تواريخ بلوطرخس المؤرخ اليوناني الشهير وقابلناها بما لدينا من كتب العرب المسماة (تواريخ) أطلعنا على الفرق العظيم الشاسع فتواريخ العرب عبارة عن قصص وأخبار مضطربة غير منسقة تختلف طولا وقصرا دون فكر إذ لا تمحص ما يقع تحت يدها بل تلقيها على القراء جزافا وقد نعت دي فو المؤرخ العربي وأصاب بكونه (جامع أخبار وأنباء) (ومعلومات) ولم يكن قصده الاهتداء للحقيقة بل جمع الأحاديث وضمها بعضها إلى بعض وعلى القارئ أن يحكم وعليه أيضا أن ينقد. فالمؤرخ مخبر أنباء (معلومات) لا غير. . . ويزيد التاريخ العري تعقيدا ما يعتور لغة من جفاوة الأسلوب وقصر المقاطع مما يلبسه صبغة مملة. وقد تكون في بعض الأحيان أو في أحد الفصول ما ينفر القارئ نفورا كريها. هانحن أولاء نتعرف بالطبري وابن مسكويه (ل. ع. صوابه مسكويه

(والفخري وعن أشهر تأليفهم المفيدة ثم نتوصل إلى مؤسس الهلال المرحوم جرجي زيدان فنقف هنية أمامه نقلب النظر. فدي فو ينظر إليه كمؤرخ شرقي يتمشى على الروح الأوربي العصري فيبحث عن طريقة زيدان في درس العصور الإسلامية على الإجمال ثم اختصاصه بعهد العباسيين. فبحثه عن سياستهم وإدارتهم وأحوالهم في رواياته المعروفة في الشرق. كالعباسة أخت الرشيد والأمين والمأمون وعروس فرغانة وغيرها. فبحث زيدان عن المنافسة الهائلة التي كانت تجري بين الفرس (العجم) والعرب وما كانت تتستر به في كثير الأحيان فتختفي الأغراض المزمجرة وتظهر المقاصد التافهة؛ ونحن نرى في عروس فرغانة بعض تلك المثل ظاهرة رائعة وذلك حقيقة كما ينعته دي فو أنه درس تاريخ العباسيين (بروح فلسفي يدعمه نظر ثاقب). وننتقل فإذا ابن الأثير وكامله الذي خصص للصليبية مكانا معتبرا فيه. . . من أغرب صفحات التاريخ العربي أن أحد أمراء السوريين أسامة بن منقذ الذي كان في شيزر كتب ما نسميه اليوم (بالمذكرات) فهذه غير معروفة في الشرق ولم نعرفها نحن إلاّ منذ عهد ليس ببعيد بينما كانت منتشرة في الغرب منذ عصور بعيدة فأسامة شذ عن جميع المؤرخين في العربية بانتقائه هذه الطريقة الفريدة وسار عليها ونشر تاريخ حياته وأعمال والده الأمير وتدخلت بين تضاعيفها أخبار الحروب الصليبية فلذا تعد مرجعا مفيدا لا بأس به في نواحي ذلك التاريخ. ويمتاز أسامة أيضا بشخصية غريبة جدا. . . ونمر سراعا على المؤرخين العرب والفرس والمغول والترك أمثال المقريزي والفردوسي وناصر خسرو وأبو الغزي وسعد الدين وجاويد بك وسواهم. ونحط رحالنا أو إنا لننظر إلى (الاجتماعي العري العظيم ابن خلدون) من لا يخفى على أحد شهرة مقدمته التي طارت في الخانقين؛ فههنا بحث كرادي فو من جهة فلسفته التاريخية. فابن خلدون بحث فيها عن نفسيات الشعوب وأسباب الفروق التي بينها من قيام الدول وسقوطها والمدنيات وتقلب الأحكام وهلم جرا. لذا أضطر دي فو التوسع في بحثه ودرسه وأفاض كثيرا مع ازدحام كثرة مواد الكتاب وختم كلامه بوضعه في مصاف كتاب أوربة العصريين كما أن غوتيه عده أحد الثلاثة العظام الذين أنجبهم شمال

أفريقية أي وضعه إلى جانب (حنيبعل والقديس اغسطينس) وقد تعمق هذا الكاتب أيضا في درسه وخصص له مكانا رحبا في كتابه الفريد (عصور المغرب المظلمة). . . أجل! إذن فالبارون الفاضل لم يهضمه حقه بل وفاه إياه كاملا ولا نبالغ نحن إذا قلنا عنه أنه أحد الأدمغة العظيمة التي أنجبتها العرب في ميدان الإنسانية المفكرة الشاسع. ونعبر إلى الجاحظ ونظام الملك وأمثالهما الفطاحل وإذا نحن نقف فجأة أمام مطلع فصل (الأمثال والقصص) فنراه يتحدث لنا عن الآداب العربية. . . ما هذا؟ ليس هذا من موضع الكتاب كما يومئ اسمه! نعم! فالبارون الفاضل يحدثنا أن ليس هذا من اختصاصه ولكنه يجب أن يدلي ببعض الرأي وحسنا فعل؛ فبذا يعطي القارئ على الأقل فكرة عن الآداب العربية مصغرة تصغيرا حسنا. ويقف من ناحية الشعر موقف الكثير من المستشرقين. فهم جميعا يرون في الشعر الفارسي وفي التركي المعاصر تفوقا عليه في الرخامة والتصوير والإبداع والرقة ولعلهم مصيبون؟ ويتحدث عن بعض فطاحل الشعراء الجاهليين والإسلاميين كعنترة والنابغة والأخطل وجرير والمتنبي ويقتطف قطعة من ديوان الذبياني - المنقول إلى الفرنسية بعناية ديرانبور - ويمتدح الأمثال في العربية ويقول أنها مما تكسب العرب فخرا حميدا. ويصف كتب جوامع الأمثال كالزمخشري والميداني ومن هوى مهواهم وتنتهي فإذا هو يتحدث إلينا عن لقمان الحكيم وكتاب كليلة ودمنة. ولا نتعجب ونذهل أن وجدناه خصص حصة من بحثه الطريق بحكايات ألف ليلة وليلة؛ فلها في أوربة حرمة وبين المستشرقين الكرام مكان معتبر - حتى أن أحد الأمريكيين خصص لها اليوم نور حياته للوقوف على منشأها وأصلها وكيفية دخولها في هذه المجموعة اللذيذة - وعليه نراه يتحدث معنا عنها ويبحث في بعض قصصها المشهورة. وهكذا ينتهي الجزء الأول. الجزء الثاني والآن نتناول الجزء الثاني فهذا يصوب بحثه نحو مواضيع كان للعرب في بعضها جزء من الفخر جميل ولهم بها يد كريمة فيتلخص البحث عن أرباب الجغرافية وعلماء الرياضيات والطبيعيات. في هذه يختلف تأثير مواهبهم حسبما

رافقهم الحظ بها. يستهل هذا الجزء بالحفريات وإذا باليعقوبي يواجهنا وهو أحد أوائل العلماء العرب في هذا العلم شهده الشرق في القرن الثالث للهجرة مع قريتنه ابن خرداذبه الذي سبقه هنيهة إنما يمتاز عنه (برزانته وإفلاته من الخرافات فتلك شأن الكثير من الجغرافيين الشرقيين) ثم يتلو هذا بعلم هذا العلم الشريف الإدريسي صاحب (نزهة المشتاق) وهذه (في مجملها تضاهي مجموعة استرابون) وإنما يؤخذ عليه ما يشوه خرائطه العديدة من الأغلاط الجمة. . . ونقلب الصفحات فإذا أبو الفداء صاحب (تقويم البلدان) فياقوت الرحالة المعروف وكتابه العظيم الخالد أحد الأعمال التي تزيد الإسلام شرفا عظيما. ثم يتحدث كرادي فو عن الجغرافية العامة في البحث عن الخسوف والكسوف ونجم القطب وخطوط الطول والعرض وفصول السنة وخلافها مما يدخل ضمن حكم هذا العلم الضخم مع بعض عرض لأفكار فطاحل الإغريق القدماء كفيثاغورس وبطليموس وأمثالهما. ويتوسع في هذا البحث العميم فيتخذ الفصل الثاني من كتابه في الكلام عن جوابه البحار والابحاريات (علوم البحار). ويذكر لنا بعد استهلال مطول ابن ماجد النجدي الذي كان ربان سفينة فاسكودي غاما الكاشف البرتغالي العظيم وهو الذي قادهم إلى جهات الهند ودلهم على سواء الطريق ومأمنه. ثم نعكف فإذا الفصل الثالث يلاحق أخويه ويتصل بالعلم المذكور وفيه نمر بفطاحل المسافرين طول عهد الإسلام الغابر كالبيروني أحد أولئك العلماء النادرين الذين اختصوا بينهم العرب بالأمور الهندية فقد كتب عن تاريخ الهند ومفكريها الشيء إلهام باحثا عن علومهم وفلسفتهم وأفكارهم وآرائهم في الوجود والكون موازنا بينهم وبين سواهم النصارى والأميين ولا سيما الإغريق ثم كتابه عن مختلف الشعوب والأديان الذي لم يسبقه إليه أحد من العرب ويزيد هذه الكتب قيمة ما تمتاز به عن أمثالها من جليل الفوائد الجمة. لكنها تحتاج إلى جهد عظيم في تفهمها لصعوبتها ونجد بعد ذلك ابن جبير صاحب الرحلة الشهيرة فابن بطوطة أكبر رحالة في تاريخ الإسلام على الإطلاق إذا ما نظرنا إلى المسافات الشاسعة والبلدان الكثيرة النائية التي اخترقها وجاب أطرافها ونجودها وأغوارها من مراكش إلى تخوم الصين ومن الأندلس إلى

جوف أفريقية في السودان. كلها قطعها غير عابئ بالأتعاب مستهترا بالأخطار التي استهدف لها عديد المرار وقضى شطرا عزيزا من حياته متنقلا كالفراشة من بلدة إلى أخرى ورحلته ذات طلاوة وإفادة وعليها مسحة سذاجة خير إشارة إلى صدق الرحالة ونزاهته ولين عريكته إذ كان يرقم كل ما كان يسمعه ويراه بسذاجة الطفل تلاعبه الألوان الوهاجة من دون نقد عميق ولا اعتراض فهو من هذا القبيل شبيه بهيرودوتس الجوابة الإغريقي الشهير وجوانفيل مؤرخ الصليبية السابعة. ويختم كرادي فو كلامه في الجغرافيات أنها على الإجمال ذات فائدة عظيمة لما حوته من دقيق الأخبار ومختلف الحوادث ومتباين الأبحاث في ذلك العهد إذ ليس لها قرين (وهي تكسب شرفا وذكاء وجدا وشجاعة أولئك الرجال الذين تعاملوا بها وهي مأخذ أسانيد ذات قيمة لا تقدر لو تشرب استعمالها قليلا من سلسبيل روح نقاد). يتحول البحث الطريف المفيد بعدئذ نحو الحساب والجبر مما كان للعرب والإسلام الباع الطويل فيه. فيحدثنا عن أصل الأرقام الني نسميها نحن (بالهندية) بينما تدعى في أوروبة (بالعربية) وكيف دخلت عند العرب مما يعارض المألوف وهذا ما فسره أحد المستشرقين ويبكه ثم ينتهي إلى تفصيل أعمال الخوارزمي فعمر الخيام فالكرخي وأمثالهم ويكثر من البحث وإيراد الأدلة والشواهد مما نضرب صفحا عن ذكره ويتلو ذلك بفصل في المساحيات (الهندسية) وأصلها عند الإغريق. ثم مقابلة ما أخذه العرب عنهم وعرض بعض مسائل وأمثلة وتفسيرها وهلم جرا. . . ثم ننصرف فإذا الآليات (علم الحيل) فعلم الفلك

والطب وما إليها من تضارب العلوم. وفي كل هذه يرجع إلى أصلها اليوناني باحثا مبينا الفروق والمتشابهات مع أعمال الكبار من رجال العرب والإسلام وما اختصوا به من هذه المباحث العمرانية وتدخل الخلفاء فيها وحضهم أربابها عليها وإكرامهم لهم. ثم تراه يبحث في علم المواليد عند العرب فيحدثنا عن مركز الحيوانات في عرف العرب؛ عن الخيل والبزدرة أي الصيد بالصقور والبزاة والفهود ويتكلم عن مؤلفات ابن العوام في الزراعة والدميري في حياة الحيوان ثم يتدرج بعد ذلك إلى الهلكيات (الجيولوجية) فأبحاث استكشاف مناجم المعادن ومواضيعهم في علم المعدنيات والأمكنة التي كانوا يستخرجون منها ذهبهم وفضتهم ونحاسهم ويستنبطون سائر حاجاتهم المعدنية. ثم يتوصل إلى معرفة كيفية استكشاف إبرة الإبحار (البوصلة) وكما يحدثنا أنه يعزى إلى الصينيين أنهم أول من استنبطها. واستعملوها حوالي القرن الثاني للمسيح. وتوصل العرب إليها وأخذها عنهم الغرب إبان الحرب الصليبية ومن ثم عم شيوعها أنحاء البسيطة ثم يحدثنا عن الكيمياء وانتشارها بين العرب وكيف أن مقصدهم كان العثور على حجر الفلاسفة ويتوسع في هذه المادة آونة ذاكرا من بحث وأختص فيها من العرب والشعوب الإسلامية. وهكذا يختم هذا الجزء الثاني بعد أن يعطي قارئه رأيا مجملا عن جميع ما اختص به العرب وابتدعت فيه وتعاملت به الشعوب التي دانت بالإسلام منذ فجر الخلافة في شعبة هذه العلوم الفياضة. وهو في هذه الموضوعات مرجع له القيمة الغالية. (لها بقية) بركات (السودان): ميشيل سليم كميد

قبر الإمام أحمد بن حنبل

قبر الإمام أحمد بن حنبل ثبت لدى كل المؤرخين أن قبر الإمام أحمد بن حنبل (رض) كان في مقبرة باب حرب وقد سقطت قبته مرارا وغمر ماء دجلة جامعه فابتلعه ولم يبق منه إلاّ شيء ثم غمرته المياه ثانية فأزال ما كان قد بقي منه وأصبح أثرا بعد عين. ولا حاجة لنا إلى ذكر المؤرخين الذين رووا هذه الحادثة لشيوعها شيوعا عاما ولكن لم أر أحدا من المؤرخين أو السياح ذكر أن الإمام المشار إليه نقل إلى داخل بغداد ودفن في أحد مساجدها. ومع ذلك إذا ذهب أحدنا إلى المسجد الواقع في محلة كوك نظر المعروف بمسجد (حاج أفندي أو مسجد اللالات) يرى في الجدار الذي يلي الباب رخامة كبيرة عليها كتابة هذا النص: (هذا قبر المرحوم المغفور له الدارج إلى رحمة الله تعالى الشيخ المجتهد السيد أحمد من الأربعة المجتهدين، رضوان الله عليهم أجمعين. رحم الله والدي من زازه وسعى في عمارة مسجده في الخير كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الساعي بالخير كفاعله للجنة وذلك 12 ربيع الأول سنة 562) وعند منتهى هذا الجدار غرفة فيها قبر صندوق من خشب مغشى بقماش أخضر. وقد فكرت في هذه الكتابة وفحواها فتوارد إلى خاطري أنه قبر الإمام المشار إليه لقوله (المجتهد أحمد من الأربعة المجتهدين) إذ لا يبعد أن نقل إلى محله الحالي لسبب غرق بغداد الذي وقع سنة 544 هـ (1149م) الموصوف في التاريخ ثم رجعت وقلت لو كان نقله لو وقع حينما أحس بحدوث الغرق لكان ذلك قبل تاريخ سنة 544 هـ والحال أن التاريخ المحرر في الرخامة هو بعد الغرق بثماني عشرة سنة ذلك الغرق الذي جعلها كالجزيرة في وسط الماء.

ومن هذه الملاحظات يظهر أن هذا التاريخ هو تاريخ النقل لكن تحرير التاريخ على الرخامة بهذه العبارات أضاع قضية تاريخية يقام لها ويقعد. فقبح الله الجهل وأباد أهله وذوي قرباه. وبما أن هذه القضية التاريخية تهم الكثير من المسلمين ما لا مزيد عليه راجعت كل ما لدي مكن كتب التراجم والتواريخ فلم أعثر على رجل من العلماء المعروفين توفي في بغداد بهذا الاسم وفي اليوم والسنة المذكورين فويق هذا. فأرجو ممن له إطلاع على هذه الحادثة التاريخية أن ينشرها على صفحات إحدى المجلات أو الجرائد العراقية إظهارا للحقيقة وإزالة للشك الحاصل في صاحب هذا القبر المذكور ليقام له بالواجب حسب قدره إذ أداء أمور الاحترام حتم على الرجال الكرام. بغداد: عبد الحميد عبادة (لغة العرب) في كتاب تراجم الوجوه والأعيان المدفونين في بغداد وما يليها من البلدان للبندنيجي ص 169 من نسختنا الخطية ما نصه: (توفي (أحمد بن حنبل) في بغداد ودفن بمقبرة باب حرب على بعد فرسخ من بغداد في الجانب الغربي منها، وكان قبره فيها مشهورا يزار، ثم بمرور الأزمنة ومضي القرون أخذت دجلة مرقده وغمرته، فصار لا يرى له أثر ولا طلل) اهـ. إذ ما: اسم لا حرف من الغريب أن تعد (إذ ما) (حرفا) وهي اسم لا شك فيه، إذ لو جردناها من (ما) الزائدة لما بقي شك في أنها اسم من ظروف الزمان. فما الذي مسخها إذن؟ فإن كان الماسخ (ما) فالقول بذلك مردود لأن (ما) دخلت على (إذ) كما دخلت على (حيث وكيف وأين) التي بقيت محافظة على أسميتها ولم تتقمص روح الحروف فالخلاصة أن (إذ ما) ظرف زمان ومن رام غير هذا فليدل بحجته فقد كفانا ما مضى من الفوضى. قال الشاعر: وإنك (إذ ما) تأت ما أنت آمر ... به تلف من إياه تأمر آتيا والقارئ البصير المنصف يرى (الظرفية) فيها ظاهرة سجحاء مصطفى جواد

أسماء القبائل وأنسابهم

أسماء القبائل وأنسابهم أثر مخطوط من الآثار المخطوطة التي حوتها خزانة العلامة الشهير الشيخ نعمة الطريحي المتوفى سنة 1293 هـ كتاب (أسماء القبائل وأنسابهم) وهو تأليف العلامة المؤلف الشهير في القرن الثالث عشر الهجري السيد معز الدين مهدي القزويني الحسيني المتوفى سنة 1300 هـ صاحب الآثار الثمينة في النحو والصرف والبلاغة والأدب والتأريخ والحكمة والكلام والأصول والفقه وغير ذلك وآثاره المخطوطة أكثرها من أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر، وهو من سلالة الأسرة العلوية القزوينية المنتشرة اليوم فروعها في النجف والهندية والحلة الفيحاء تلك الأسرة التي خدمت العلم والأدب خدمات جليلة خلدت ذكرها في بطون التاريخ. وكان لهذه الأسرة الشريفة خزانة حافلة بالكتب الجليلة والآثار النفيسة تفرق أكثرها من عهد غير بعيد. ولد السيد معز الدين مهدي في النجف سنة 1222 هـ وبها نشأ وحصل ما حصل فيها من العلوم والآداب، وقد أخذ العلم فيها من فطاحل العلماء وكبار أساتذة عصره من عرب وعجم، ونال مرتبة الاجتهاد وهو ابن ثلاث عشرة سنة وتخرج عليه فريق من فضلاء النجف وأدبائها وابتداء بالتصنيف والتأليف وهو ابن عشر سنوات وآثاره المخطوطة مع ديوان شعره وما قيل فيه ن تهنئة وثناء ومديح ورثاء. وجال في أواخر أيامه في العراق جولة المعتبر المستفيد الذي يحب ويرغب أن يكتب عن مشاهدة حسية وأحيا بتجواله كثيرا من آثار العلويين المندرسة في الفرات، وأحيا ذكرها وأشاد البناء عليها ورحل إلى الحجاز وإيران فاستفاد فوائد طيبة لا تحصى. والكتاب الذي نحن بصدد وصفة اسماه (أسماء القبائل وأنسابهم) وألفه في أثناء سياحته وتجواله في العراق وقد رتبه على الحروف الهجائية وهو يحتوي على 90 صحيفة صغيرة

لكنه محشو بالأغلاط اللغوية والمعنوية. وكنت أظن قبل أن أطالعه أن السيد مهديا المذكور لم يترك شاردة ولا واردة تخص هذا الموضوع إلاّ أثبتها في كتابه هذا لكن الذي يطالعه يجده ناقصا من وجوه عديدة: أحدها أنه أهمل الضبط والتشكيل وهذا عيب كبير لا يدركه إلاّ من له إطلاع وخبرة بأسماء بعض القبائل الشهيرة على الأفواه والألسنة. ثانيها إنه يذكر بعض القبائل في موادها المخصوصة بها ولم يذكر فروعها ووشائجها كي يتمكن القارئ من وصل القبائل بعضها ببعض وإرجاع كل إلى أصله الأصيل ومعرفة ما فيها من الدخيل. ثالثها لم يذكر وطن القبيلة التي نشأت فيه أولا، وكان عزمنا أن نتصرف في تصحيح بعض الأسماء المغلوط فيها وضبطها بعد مراجعة الكتب المؤلفة في هذا الشأن على وجه يرضي المؤلف حتى لا يقض عليه في مضجعه لكن كثرة المشاغل وعدم سنوح الفرصة منعتنا عن ذلك الآن ولعلنا نتوفق لذلك بعد حين، وقد نقل السيد مهدي في كتابه هذا كثير من المؤلفات المخطوطة لابن الكلبي النسابة وأثبتها في غضون كتابه هذا. قال المؤلف بعد البسملة: الحمد لله الذي أنشأ الأنس من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها ثم جعلهم شعوبا وقبائل وصلى الله على محمد وآله الطاهرين أهل الوسائل وبعد فهذا كتاب يجمع أسماء القبائل وأنسابهم وقد رتبته على حروف المعجم ليسهل التناول. . . وقال في أول مادة من (حرف الألف) (أعاجيب) قبيلة في العراق من المعادن. (آد) أبو قبيلة وهو آد بن طابخة بن اليأس بن مضر بن نزار بن عدنان. (ادد) أبو قبيلة من اليمن وهو ادد بن زيد بن كهلان بن سبأ ابن حمير وادد أبو عدنان، وفي حديث الباقر (ع) لم يزل بنو إسماعيل ولاة البيت يقيمون للناس حجهم، وأمر دينهم يتوارثونه كابرا عن كابر حتى كان زمن

عدنان بن ادد فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم، وأفسدوا وأحدثوا في دينهم، وأرج بعضهم بعضا، فمنهم من خرج في طب المعيشة، ومنهم من خرج كراهية القتال، وفي أيديهم أشياء من الحنفية يعني سنة إبراهيم (ع) من تحريم الأمهات والبنات وما حرم الله في النكاح إلاّ أنهم كانوا يستحلون امرأة الأب وابنه الأخ والجمع بين الأختين وكان فيما بين إسماعيل وعدنان وموسى (ع) وهو من أولاد قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم (الأزذ) أزد أبو حي من اليمن وهو أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن كهلان بن سبأ وهو بالسين أفصح قاله الجوهري في (الصحاح وصاحب القاموس) ويقال أزد شنوءة، وأزد عدنان وأزد السراة قال الشاعر: وكنت كذي رجلين رجل صحيحة ... ورجل بها ريب من الحدثان فأما الذي صحت فأزد شنوءة ... وأما التي شلت فأزد عمان وفي الحديث: لما دخل الناس في الدين أفواجاً أتتهم (الأزد) أرقها قلوبا وأعذبها أفواها ومن أولاده الأنصار كلهم الخ. وقال في آخر الكتاب ما نصه: هذا ما أردنا بيانه من أسماء القبائل والعشائر وبعض الملوك والحمد لله تعالى أولا وأخرا وكان الفراغ منه بيد مؤلفه الراجي عفو ربه محمد بن الحسن المدعو بمهدي الحسيني الشهير بالقزويني في بلد الحلة الفيحاء يوم السبت سادس شهر جمادي الآخرة من شهور السنة الثامنة والثمانين بعد الألف والمائتين هجرية على مهاجرها ألف صلوة وتحية اهـ. وهذا الكتاب لو نقح وهذب وصحح لأتى بفوائد جمة خصوصا أن أكثر المواد المذكورة فيه تخص القبائل العراقية القانطة في أنحاء سقي الرافدين (الفرات ودجلة). النجف: عبد المولى الطريحي

السرحيون أو الشرويون

السرحيون أو الشرويون الفرنسيون يسمون العرب الذين دخلوا ديار الأندلس وديارهم بالسرازين والإنكليز يكتبونها والرومان واليونانيين وقد أختلف لغويوهم في أصل هذه الكلمة وذهب أغلبهم إلى أنها محرفة عن (شرقيين) هذا ما نص عليه لغويو الفرنسيين والإنكليز والإيطاليين والأسبانيين وغيرهم. وهذا لا يمكن أن يكون، إذ لا يبعد أن يكون أول من أتخذ هذا الاسم الأجانب أو المسلمين. فإن كان الأجانب فلا يمكن لهم ذلك إذ لا يسمونهم باسم عربي وهم لا يعرفون العربية والعرب لا يعرفونه ولا ترى في كتبهم ولفظ الشرقي يشمل كل من كان في ديار الشرق الأدنى ولا يدل على المسلم وحده دون غيره، أو أنه لم يدل على هذا المعنى في أول وضعه، وأما المسلمون فأنهم فضلوا أسم المسلم على كل أسم سواه. إذن من المحال أن يكون السرازين أو السراسين تصحيف (شرقي) ثم جاء صاحب الهلال وأثبت هذا الرأي واستحسنه فكتبنا عليه ردا قبل 25 سنة (أي في سنة 1904) في مجلة المشرق أوضحنا رأينا في أصل هذه الكلمة ولم نوافق على رأي البحاثة جرجي زيدان وهذا نصه بحرفه بعنوان (العرب أو السرحيون): (طالعت في الهلال (297: 6) نبذة في أصل لفظة الإفرنجية فرأيته يقول: (إن الإفرنج قد صفحوا لفظة الشرقيين إلى لفظة وأرادوا بها العرب، وهذا رأي السواد الأعظم من المستشرقين؛ ولكنه تعليل ضعيف لأن اليونان والرومان إذا سموا العرب باسم، لا يسمونهم بلفظ من لغة العرب، بل من لغتهم هم (كذا)، ويلوح لنا أنه الأقرب إلى الصواب لأن بلاد العرب ما برحت معروفة منذ القديم ببلاد المشرق وأهلها بنوا المشرق. وحيثما ورد ذكرها في التوراة سميت (قدم) أي المشرق وأهلها (بني قدم) أي بنو المشرق. والغالب أن يراد بهذا الاسم الأقسام الشمالية من جزيرة العرب. وأما

أقسامها الجنوبية فيسمونها أرض الجنوب (تيمن) وفي القاموس: التيمن الجنوب ومنها اليمن وتدل هذه اللفظة في أصل اللغات الشرقية على اليمين أو اليد اليمنى. والسبب في إطلاقها على بلاد العرب أن من يستقبل المشرق بوجهه كان الجنوب إلى يمينه. وكان العبرانيون يقيمون في شمالي جزيرة العرب وهم هناك إذا استقبلوا مشرق الشمس كانت بلاد العرب إلى يمينهم. فسموها التيمن أي اليمن ثم تشابه المعنيان اليمين والجنوب) انتهى كلام الهلال. ثم نقرنا عن أصل هذه الكلمة في معاجم لغويي الفرنسيين وفي كتاب حضرة الأب لامنس عن الألفاظ الفرنسية المأخوذة من العرب، فألفيناهم جميعهم يقولون مثل هذا القول، أي أن كلمة من تصحيف الكلمة العربية (شرقيين) ومع هذا كله فأننا نستبعد هذا الاشتقاق لأن الأعاجم إذا أرادوا أن يسموا قوما أجنبي الجنس أطلقوا عليه اسما مأخوذا عنهم أو عن بلادهم أو اسما يضعونه لهم أخذا عن لغتهم. والحال أن العرب لم يتسموا بالشرقيين. كما أنه يستحيل على الإفرنج أن يسموا الناطقين بالضاد باسم غير موجود في لغتهم. ولهذا إننا نوافق صاحب الهلال في كلامه الأول ونخالفه في كلامه الثاني. ولفظة (سرزين أو سراسين قديمة الاستعمال عند الإفرنج. فقد قال ابن بطوطة في رحلته (وكانت في سنة 1333م) إلى بلاد الروم عند دخوله القسطنطينية ما نصه: (سمعتهم يقولون سراكنو، سراكنو، ومعناها المسلمون. (رحلة ابن بطوطة طبع باريس 425: 2) - وقد أشار ابن الأثير إلى أصل هذه اللفظة في الكامل (117: 1 من طبعة القاهرة) إذ قال: (وكانت الروم تسمي العرب سارقيوس) يعني عبيد سارة بسبب هاجر أم إسماعيل) اهـ. وهذا الرأي عندي أصح من قول من تقدمت الإشارة إلى ذكرهم. وليس من البعيد أن تكون اللفظة منسوبة إلى سارة وهي مما يعرفونه وموجود في لغتهم. فقالوا إذن (ساريون) أو على طريق النسبة في لسانهم (سراكينو أو سراكينوي) إشارة إلى أنهم عبيد لسارة كما تنسب إلى من يكون في خدمة الملك أو السلطان أو القيصر فتقول فيه: ملكي أو سلطاني وقيصري لأن بعض الأسماء قد يضاف إليها أو ينسب إليها لأدنى علاقة بينها وبين الأصل. إلاّ أني أرى رأيا آخر وهو: إن لفظة سرزين منسوبة إلى (سرحة) قال

ياقوت: (سرحة بلفظ واحد السرح. . . مخلاف باليمن وهو أحد مراسي البحر هناك وهو موضع بعينه) اهـ. وهذا يوافق ما نقله بعض الإفرنج عن قدماء وطنييهم كما جاء في المعجم اليوناني الفرنسي لالكسندر قال: أهلها) اهـ. وقال كيشرا وأ. دافلوي في معجمهما اللاتيني الفرنسي نقلا عن اميناس مرشلينس ويونيور أن أل أو جيل من عرب اليمن. وقال بواست في معجمه العام: قطر قديم في جنوبي اليمن). فهذا القطر أو هذا المخلاف هو (سرحة) وكان فيه قبيلة من العرب تعرف باسم (بني جرم) وقد فتحوا الفتوحات الجليلة في صدر النصرانية وخافهم الرومان والفرس وسوف نرصد لهم مقالة خصوصية مسندة الروايات إلى مؤرخي الإفرنج والعرب مما يقضي منه العجب إن شاء الله. هذا ولما كانت الحاء غير موجودة عند الإفرنج من أقدمين ومحدثين أبدلوهما من الكاف في اليونانية أي ومن في اللاتينية ومن السين أو الزاي في الفرنسية فتنقلت بهذه الصور المختلفة فتنكرت ومما يعين المتثبت على قبول هذا الرأي الجديد: 1 - تتبع هذه اللفظة في فروع اللغة اللاتينية أو في لغياتها، فهي في الأندلسية والبرتوغالية وفي القطلونية (وهذه تقرب كثيرا من الأصل العربي) وفي البلنسية إلى غيرها. 2 - استبعاد تسمية شعب أو أمة أو قبيلة باسم غير اسمها الذي تسمي بها نفسها أو بغير مسمى بلادها، أو باسم غير مشتق من لغة القوم الذين يطلقون على الأجانب هذه التسمية الجديدة. 3 - لو قلنا مأخوذة من لفظ (شرقيين) فكيف نفسر قول الأقدمين من يونانيين ورومان أو أو قطر من بلاد العرب وأن أو قوم مكن عرب اليمن أو من أهل بلاد اليمن؟ 4 - يعسر قبول رأي ابن الأثير أن (سراكيوس) (كذا في الأصل المطبوع في القاهرة والأصح سراكنو كما ذكرها ابن بطوطة أو (سراكنوي) تبعا للأصل

اليوناني) أن يكون من سارة أمة (جارية) إبراهيم الخليل ثم امرأته لأن اغلب عرب اليمن من قحطان (أو يقطان كما في التوارة) لا من عدنان؛ وأولئك أقدم عبدا في اليمن من هؤلاء. ثم أن في هذا النسب مما يخالف مطرد النسب عندهم، فلو كانت اللفظة منسوبة صحيحة إلى (سارة) لقيل مثلا أو لا لأن هذه مضافة (أي سرحة) التي ذكرناها. وبهذا القدر كفاية لمن يريد أن يسمع الحق ويراه، ويقر به، ولا يحتج بقوله أن الإفرنج لم تقل به لأن المستشرقين أو لغويي الغرب لم يوهبوا فصل الخطاب ولم يؤتوه في كل باب؛ والله أعلم بالصواب) انتهى ما كنا كتبناه في مجلة المشرق. أما اليوم فنزيد على ما تقدم رأيا آخر نظنه أمتن من مذهبنا الأول. وإن كان ذاك حسنا في حد نفسه، ودونك إياه: إن كلمة منسوبة إلى السراة وفي الوقف تلفظ وهو يوافق كل الموافقة لما نطق به الأقدمون من أبناء الغرب، فقد قال الأصمعي: (السراة: الجبل الذي فيه طرف الطائف إلى بلاد أرمينية. وفي كتاب الحازمي: السراة: الجبال والأرض الحاجزة بين تهامة واليمن، ولها سعة وهي باليمن أخص. وقال الحسن بن علي بن أحمد بن يعقوب اليمني الهمداني: أما جبل السراة الذي يصل ما بين أقصى اليمن والشام، فأنه ليس بجبل واحد وإنما هي جبال متصلة على شق واحد من أقصى اليمن إلى الشام في أرض أربعة أيام في جميع طول السراة. . . اهـ. وقال أبو عمرو بن العلاء: أفصح الناس أهل السروات، وهي ثلاث، وهي الجبال المطلة على تهامة مما يلي اليمن، أولها هذيل وهي تلي السهل من تهامة، ثم بجلية وهي السراة الوسطى، وقد شركتهم ثقيف في ناحية منها، ثم سراة الأزد، أزد شنوءة، وهم بنو كعب بن الحرث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد اهـ. فلا عجب بعد هذا الشرح أن يسمى العرب سرويين إذ يشمل هذا الاسم اليمانيين أي القحطانيين والحجازيين أي العدنانيين. على أن الظاهر من نقل الرومان

واليونانيين للفظة أنها كانت في أول الأمر (سراهيين) لا (سرويين) أي أنهم اعتبروا السراة اسم جمع يشمل تلك الجبال المنقادة من اليمن إلى الشام، ولما نسبوا إليها اعتبروا الهاء الأخيرة هاء مصرفة كما في سنة، فأنهم قالوا في النسبة إليها سنوي على الأصل وسنهي على اللفظ. وهكذا قالوا في السراة: سروي على الأصل وسراهي على اللفظ. وعندنا أن هذا الرأي أرجح وأن كان ذاك حسنا أيضاً في حد نفسه فليختر القارئ ما يشاء. أما القول بأن الأصل هو شرقيون أو كما قال آخرون سراقون جمع سراق بمعنى السارق أي كثير السرقة أي الغزاة فليس فيه شيء من الحقيقة وكذلك القول أن الأصل هو صحراويون فكل ذلك غير صحيح ومبني على الوهم. ومن الغريب أن بعض الكتبة المسيحيين في القرنين الأخيرين جهلوا أصل هذه اللفظة كل الجهل، فأخذوا يعربون الكلمة عن الغربيين بلا فكر ولا هدى. وذكروها بصورة: سراكنة وهي واردة في تراجم القديسين مثلا في سيرة القديس صفرونيوس بطريرك أورشليم. وجرى في أثرهم الخوري يوسف داود زبوني الذي أشتهر بعد ذلك باسم المطران أقليميس داود فأنه ذكر مسلمي العرب باسم السراكسة (راجع كتاب مختصر تاريخ الكنيسة للمعلم لومون ص 322) وبعضهم ذكرهم باسم الشراكسة مع أن هؤلاء هم الشركس أو الجركس وقد نبه على هذا الغلط البطرك بولس مسعد فقد جاء في كتابه الدر المنظوم (تسمت دول العرب عموما بدول السراكسة نسبة إلى محل بين مكة ويثرب (المدينة) أو في الطريق التي تؤدي من مكة إلى القدس يدعى سوراقية أو سرقة ومسرقة وسرقا ومسريقا والشرق وهو غير اسم الشراكسة المطلق على دولة الأتراك الجركسية) اهـ. ولكن لم يقل لنا المؤلف كيف أن سوراقية وأخواتها تنقلب سراكسة. ولا أين وجد تلك الأسماء التي في بعضها من الغرابة ما يطرد خبثاء الجن ولا جرم أن الباحث يحتاج إلى صرف جانب عظيم من مخيلته ليصل غليها والعلم لا يسلم به هذا فضلا عن أن هذه المواضع لا وجود لها في كتب البلدان ولا في الرحلات فلا ندري من أين أتى بها. والذي عندنا أنه نقلها عن الأجانب والله أعلم.

المخطوطات العراقية في المتحفة البريطانية (لغة العرب): طلبنا إلى صديقنا الكريم العلامة فرينسس كرنكو أن يذكر لنا أسماء الكتب الخطية التي اقتنتها المتحفة البريطانية في السنن التي تلت الحرب العظمى فكتبت لنا ما يأتي: نسخة خطية رقم 8073 كتب في الفهرسة: تاريخ العراق تحت حكومة مراد بك. هذا خطأ واضح لأن النسخة تشتمل على وقائع حدثت في اليمن من سنة 1047 إلى 1080 وعنوان الكتاب: (طبق الحلوى وصحائف المن والبلوى). ومؤلفه العلامة عبد الله بن علي الوزير. هذه النسخة ناقصة من الأول وهي في القطع الربع وتحتوي 51 صحيفة فقط والمؤلف شافعي المذهب ومعاصر للوقائع. نسخة خطية 8863 في القطع الربع 84 صحيفة تاريخ أولياء بغداد قال المؤلف في المقدمة ما نصه بحرفه: فهذه رسالة لطيفة ونسخة مشتملة على مناقب عدة أنبياء، وجملة أولياء وفرقة مشائخ أنقباء (كذا لعلها أتقياء أو أنقياء أو نقباء) وزمرة علماء عالمين وصلحاء واصلين الذين هم في داخل بغداد وخارجها وملحقاتها ظاهرين (كذا) المراقد والآثار، باهرين (كذا) الفيض والأنوار. كانت هذه الرسالة من قبل مؤلفها تأليفا لطيفا بلسان (كذا) التركي، بعبارة فائقة، ونكت رائقة. المنشئ لها رجل من أعزة بغداد فاضل كامل العرفان والاستعداد المعروف بزمانه بين أقرانه بحسن العبارة والإنشاء كاتب بارع لطيف التأليف عذب الأداء (مرتضى أفندي الشهير بنظمي زاده) رحمه الله. قد ذكر عن سبب تأليفه وترجمته هؤلاء الرجال الكمل

الأولياء رضي الله عنهم ونفعنا بهم بأنه قد قدم بغداد واليا عليها في تاريخ اثنين وتسعين وألف وزير دولت (كذا) العثمانية حضرت (كذا) إبراهيم باشا المرحوم وكان وزيرا فاضلا كيسا عاقلا محبا للصلحاء راغبا غاية الرغبة لسماع (كذا) مناقب الأولياء زائرا مراقدهم مترددا لمشاهدهم فأمر منشئ النسخة التوركية (كذا) بهذه (كذا) التأليف والترتيب ورتب على نمط ما سنترجمه بالعربي شكر الله تعالى سعيه. ثم وصلت النسخة التركية ما نظر الأمير الكبير (وهاهنا طوفان من الألقاب الدالة على سوء ذوق) أعني به سعد الله بيك (كذا) المحترم سعد جده، وجد سعده، فهو نجل الوزير الشهير (سيل آخر من الألقاب) حضرت (كذا) المرحوم المغفور له الحاج حسين باشا رحمة الله. . . فرغب المشار إليه البك المكرم لترجمة النسخة المذكورة بالعربية حيث كانت (كذا) أشرف الألسن. . . وأشار لهذا المخلص الداعي أحمد ابن السيد حامد فخري زاده الموصلي بالترجمة فأنتهز الفقير الفرصة وشرع في المقصود مستعينا بالله تعالى الودود فقال مترجما) الخ. . . بعد هذه الترجمة يجيء المؤلف بتراجم مختصرة لأولياء عديدين مع إشارة في الترجمة إلى موضع المزارات في بغداد ونواحيها ولكن نادرا ما تجد تواريخ وفيات أصحاب التراجم وكل ترجمة تبتدئ بلفظ (مبحث) وفي أول الكتاب تراجم بعض المشاهير الذين ليس مرقدهم في بغداد مثلا: - 1 - مبحث في ذكر مرقد آدم ونوح - 2 - مبحث نبي الله يوشع - 3 - مبحث حضرت ذو الكفل (كذا) - 4 - مبحث رابع الخلفاء علي المرتضى رضي الله عنه - 5 - مبحث سيد الشهداء الإمام حسين رضي الله عنه - 6 - مبحث سلمان الفارسي رضي الله عنه الخ. . ظني أن أكثر الفائدة من هذا التأليف ضبط الأماكن لمراقد الأولياء في بغداد ونواحيها حيث ذكر المؤلف عدة من القرى وغيرها في أثناء التراجم ومع هذا أخاف أنه كان رجلا صالحا أكثر منه عالما مؤرخا. والنسخة جيدة في حد نفسها ولكن لا يخفى على القارئ أن الكاتب أو المؤلف كان جاهلا وليس له معرفة بقواعد العربية. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو

على يفعول

على يفعول كنت نشرت في مجلتكم الزاهرة (م 4 ص 351) تعليقا على كتاب يفعول للصغاني الذي عني بنشره وإضافة بعض الأعلام والأسماء إليه صديقنا العلامة التونسي الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب والذي زدتم عليه بعض ما جاء على وزن يفعول مما أهمله المؤلف والناشر وفصلت ما أجمل في الأصل والتعاليق عن الأعلام الفلسطينية. وقد عثرت في مطالعاتي بعد ذلك على طائفة من الأعلام الواردة على ذلك الوزن فعلقتها لأنني كثير الولع باستقصاء ما أكتب عنه وبعثت بها إليكم لتروا رأيكم في نشرها. الهمزة يأرون: قرية مأهولة في ناحية الحولة كانت من عمل لبنان فأضيفت أخيرا إلى فلسطين وهي على نحو عشرة أميال من صفد وذكرت في التوراة باسم يرأون. يأغوش: الياغوشي لقب لعبد الغني بن محمد بن إبراهيم بن صالح بن عمر باشا بن حسن باشا المترجم له في سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للمرادي (ج 2 ض 39). يألوش علم لحصن متهدم في جبل عاملة من لبنان نسب إلى رجل عرف بهذا اللقب. يألون: خربة على بعد ستة ميلا شرقي مدينة عكا ويظن أنها أيلون المذكورة في التوراة. الثاء يثبور: اسم من أسماء المدينة المنورة (يثرب) ذكره ابن رستة في الأعلاق النفسية (ص 78). الحاء يحطون: اسم أحد أبناء نوح الأربعة ذكره ابن عبد الحكم في فتوح مصر وأخبارها طبع المعهد العلمي الفرنسي في القاهرة (ج 1 ص 6).

يحفوف: يحفوفة قرية من عمل بعلبك تبعد عنها 28 كيلو مترا بالقرب من الخط الحديدي الممتد بين بيروت والشام وهي على تسعة كيلو مترات من محطة رياق. يحمور: ذكرت في الأصل أنها دويبة من دواب البر. ويحمور قرية من عمل صافيتا بالقرب من اللاذقية وفيها قلعة بهذا الاسم. وذكروا لابن حيان الغرناطي المتوفى سنة 745 هـ (1344م) كتاب المخبور في لسان اليحمور فهل نفهم من هذا وجود جيل من الناس أو لغة من اللغات بهذا الاسم؟ الراء يرقون: من المياه التي جاء ذكرها في ترجمة التوراة العربية وهو الآن نهر العوجاء مخرجه عند قلعة رأس العين بجوار محطتها على السكة الحديدية بين حيفا ويافا ومصب هذا النهر شمالي يافا. يرموت ويرموث: من المدن المذكورة في ترجمة التوراة العربية وهي اليوم قرية على بعد أربعة أميال جنوبي بيت شمس وسبعة أميال من تل الصافي وتعرف اليوم بيرموك، وهي بالقرب من بيت جبرين غربي حبرون (خليل الرحمن). السين ياسور: خربة واقعة غربي أشدود من قرى مقاطعة غزة وقد ذكرت في التوراة باسم حاصور التي جاء ذكرها ثلاث مرات ويقال أن إحداها ياسور هذه. يسعون: ذكر السيوطي في بغية الوعاة (ص 435) ابن يسعون يوسف بيقي. بسنوم: ذكره في الأصل وقال عنه موضع وكذلك قال البكري وياقوت كما حشى على ذلك الأستاذ عبد الوهاب ناشر الكتاب والذي في كتاب الجبال والأمكنة والمياه للزمخشري (ص 162) موضع باليمن. العين يعفور: ذكر في الأصل أنه من تيوس الظباء، والخشف وولد البقرة الوحشية

من أوهام المنجد

ويعفور قرية آهلة بالسكان بالقرب من ميسلون التي وقعت فيها الوقعة بين الدمشقيين والفرنسيين. وقد ذكرها ابن شيخ الربوة المتوفى سنة 727هـ 1326م في كتابه نخبة الدهر في عجائب البر والبحر ص 84 فقال: قرية بالشام كان بها معدن حجر المرقشيئا الفضية. الغين يغمور: أسم أمير من أمراء الدولة الأيوبية وقد بنى ابنه موسى الياروقي مدرسة في الشام سنة 663 هـ 1264م. وترون أن يغمور هذا من مماليك ياروق الذي أضافه الأب الكرملي إلى ما جاء على يفعول (م 4 ص 102) على أن العلمين هما من الأعلام التركية التي تعربت. القاف يقدور: ملك من ملوك الفرس كان في سنة 509 هـ 1115م ذكره ياقوت في معجم البلدان في مادة الشوبك. يقسوم: هو ابن أبرهة الذي ملك الحبشة في اليمن. جاء ذكره في كتاب التيجان الذي نُشر بعض صحفه الأستاذ عبد العزيز الميمني الراجكوتي في مجلة الزهراء (م 3 ص 304). وقد ذكره الصغاني في الأصل باسم يكسوم بالكاف وكذلك ذكره غيره بالكاف. الهاء جوع يهقوع: قال في الأصل (جوع يرقوع أي شديد وقال أبو الغوث هو جوع ديقوع ولم يعرف جوع يزقوع وأثبته ابن دريد). وجاء في كتاب الأتباع والمزاوجة لابن فارس (ص 16) جوع يرقوع يهقوع ديقوع. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص من أوهام المنجد قال في حوج (الحوجاء: الحاجة) ولم يذكر جمعها فأين انجاده؟ جاء في أول الكامل (ويقال في قلبي منك حوجاء أي حاجة ولو جمع على ذا لكان الجمع (حواج) يا فتى وأصله (حواجي) يا فتى ولكن مثل هذا يخفف كما تقول في صحراء صحار يا فتى وأصله صحاري. مصطفى جواد

الحامض وأنواعه

الحامض وأنواعه عند الفرنسيين ثلاثة ألفاظ مختلفة تدل على الحامض وهي آسيد واكسيد واغر وهذه الألفاظ الثلاثة يحسن بنا أن نشرحها قبل أن نذكر لها ما يقابلها في لساننا. (فالأسيد) في اصطلاح علمائهم: مركب يتقوم من المميه (الهيدروجين) ومن خاصيته أنه يحمر زرقة التنوم (دوار الشمس) ويولد أملاحا ومبدلا المعدن بالمميه الداخل في تركيبه. و (الأكسيد) في مصطلحهم: مركب ينشأ من اختلاط جسم بسيط بالمحذي (الأكسجين). و (الأغر) كلمة عامة المعنى تشمل كل ما يلذع اللسان. أما في لغتنا العربية فلا نجد لهذه الأحرف الثلاثة في معاجمنا الإفرنجية العربية إلاّ كلمة واحدة: (الحامض) وقد أدخل بعض المعربين من أهل سورية ومصر وبعض الديار العربية الأخرى كلمة (الأكسيد) الدخيلة. وأبدلها آخرون ب (الحمض) كما فعل الترك وبعض المعربن الذين نقلوا عملهم عن الترك، - وأما (الأسيد) فأتفقوا على وضع كلمة (حامض) في ما يقابلها عندنا. وكذلك ترجموا كلمة (أغر). ورأينا أن يتخذ لكل كلمة إفرنجية كلمة عربية تميز إحداها عن صاحبتها فالأسيد الأفرنسية من أصل لاتيني هو وهذه منقولة عن لغتنا في العصور المترامية في القدم. فإنك أن حذفت من آخرها علامة الرفع أي يبقى عندك التي ليست شيئاً آخر سوى (آخذ) العربية بمعنى حامض وذلك أن الخاء كثيرا ما يختلف في نقلها إلى اللغات الغربية ومن جملتها إلى فقد قال الفرنسيون يريدون الخلاف (الشجرة) والخليفة والخروب (الشجرة) ولهذا نفضل أن نضع في العربية الآخذ. وأكسيد الفرنسية مشتقة من اليونانية وهي نفس (الأخذ)

إلاّ أنها موضوعة على الوجه اليوناني بعد حذف أداة الأعراب من آخرها. والحرف خ يصور بحرف اليوناني في بعض الأحيان. لكن لما كان (الأخذ) محولا عن (الحاذي) من باب القلب المكاني فيحسن بنا أن نجعل (الحاذي) مقابلا للأكسيد فيقال حذاه يحذيه بمعنى أكسده يؤكسده الحديثة الوضع. والمحذي (من باب التفعيل) (الأكسجين) لأن التفعيل للكثرة. والجسم المولد للحذي يجدر به أن يكون من باب التفعيل لكثرة فعله في الأجسام واصل اشتقاق الحذي وما يقابله عند أبناء الغرب بحث طويل. أما الحامض فيبقى للغر وهكذا يكون عندنا ألفاظ عربية محضة أداء أمان حديثة الوضع متخذة من ألفاظ عربية قديمة. ف (ترد بضاعتنا إلينا). نسب كبش ابن منصور هو كبش ابن الأمير منصور ابن الأمير أبي سند جماز (أمير المدينة) ابن الأمير شجة ابن الأمير هاشم ابن الأمير أبي فليتة قاسم بن المهنأ الأعرج (أمير المدينة) ابن شهاب الدين الحسين (أمير المدينة) ابن الأمير أبي عمارة المهنأ حمزة ابن أبي القاسم داود ابن الأمير أبي أحمد القاسم ابن الأمير أبي علي عبيد الله ابن أبي القاسم طاهر ابن أبي الحسين يحيى النسابة (يقال أنه أول من جمع كتابا في نسب آل أبي طالب) ابن الحسن بن جعفر الحجة (من أئمة الزيدية) ابن عبيد الله الأعرج ابن أبي عبد الله الحسين الأصغر بن الإمام زين العابدين علي ابن الحسين ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام). سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي من أغلاط صاحب المنجد قال صاحب المنجد في باب النسبة: (فيقال في (عصا) و (دلو) و (عجوز) و (كتاب): عصي ودلي الخ) فأقول أنه قال من قبل هذا: (وأعلم أن المؤنث المعنوي الثلاثي تظهر في تصغيره تاء التأنيث المقدرة وجوبا نحو شمسية وأريضة) فلم لم يطبق القاعدة على قوله المذكور آنفاً؟ إنه كان حرى أن يقول: (عصبة ودلية) أما الدلو فقد جاء تذكيرها قليلا. مصطفى جواد

نصرة الحق واجبة

نصرة الحق واجبة ألا يا قومنا اتخذوا الجهودا ... وسائل تبلغ الشعب السعودا وكونوا راكنين إلى اتحاد ... يكون لجمعكم ركنا وطيدا ولا يستضعفن المرء منكم ... فأن عليه أن يبقى شديدا إذا لاقته معضلة طواها ... كما تطوي سراع الطير بيدا فيا من حقه أضحى مضاعا ... دع اليأس المميت وكن حديدا ولا تجزع من الموت الموافي ... فأن الموت لا يدع الطريدا وكن في الحرب كرارا شجاعا ... فمن جبنوا فقد صاروا عبيدا وحارب شطر (رشاش) مبيد ... فليس لمجدك الباقي مبيدا وقابل مدفعا أفنى حقوقا ... فصون الحق يكسبك الخلودا فما العرب الأولى حاطوا حماهم ... سوى قوم بدوا قبلا أسودا فيا عربي شبل العرب جاهد ... لهم وأرفع لعزهم البنودا وصل واهجم وحارب كل ظلم ... ودافع مخلصا واحفظ عهودا وأخرج بالحراب حقوق قوم ... عطاشى الحق قد أرووا الوعودا فما للحق في الدنيا وجود ... إذا لم يظهر البأس الوجودا ولا تأمن على وطن غريبا ... فأن السيد أغتال المسودا وناضل للبلاد نضال حر ... بئيس رام في العليا صعودا فأنا في زمان ليس يحيا ... به إلاّ القوي فخذ حدودا فدباباتهم في الأرض تسعى ... تهد الحصن والسور المشيدا وطياراتهم في الجو عامت ... تنث الموت والظلم العديدا وطراداتهم جابت بحورا ... تبيد الشيخ والطفل الوليدا وغواصاتهم غاصت فشقت ... بوارج لا تطيق (الطوربيدا) ولسنا منكرين لما أروه ... من التقديم فاكتسبوا السعودا وأوروا للأنام منار علم ... له الأعمال قد صارت شهودا

وساروا للرقي بكل نهج ... فأمسى الجهل عندهم وئيدا ولكن لم يزالوا في تعاد ... مع الأحرار فاغتالوا الوحيدا وباستعمارهم أوهوا بلادا ... لمن قد ود أن يحيا سعيدا قد اتخذوا العلوم وسيل فتك ... بمعتزلين ما داموا رقودا ولو رنت العلوم إلى مناهم ... لولت عن مفاهمهم بعيدا ولو ساءلت أهل الأرض حينا ... عن استعبادهم أمدا مديدا لقالوا: ويلنا من ظلم قوم ... أرونا العيش مكروها مكيدا إذا قلنا: دعونا نسترح من ... قيود أحكموا فينا القيودا عتيدا من مرافقنا انتقوه ... ولما يصلحوا عيبا عتيدا وقد ساروا على نهج ذميم ... فأما طولبوا صدوا صدودا قيام أن أرادوا سلب شيء ... وعن إصلاحنا ظلوا قعودا فدع أقوالهم إذ تلك بحر ... من الإيهام يورثنا الجمودا عهودا أو وعودا أو قيودا ... نرى أم كان ثورتهم مودا؟ حياة أم ممات أم سبات ... تلاقينا فتجعلنا همودا؟ الكاظمية: مصطفى جواد (لغة العرب) كل من يطالع مقالات الأستاذ مصطفى أفندي جواد يحكم بأنه راسخ القدم في القواعد العربية وقابض على أعنتها بنوع يدهش من يقف على كلامه المتين المنقح. وكذا يقال عن حسن نظره في النقد إذ يراه كل فاضل بعيداً عن الطعن بآداب المنتقد الشخصية ولا يتعرض إلاّ لما يقول. وما كنا نظن أن ممالئنا في تحرير هذه المجلة يتقن الشعر من جهة الخيال. فجاءت هذه القصيدة العامرة الأبيات تشهد له بعلو الكعب في الضرب على أوتار العود العربي فنحن نهنئه بهذا الفوز العظيم ونتوقع أن يتحفنا بمثل هذه القصيدة العصرية الدالة على شعر وشعور عاليين، ونرجو منه أن لا يترك ما كان يجود به علينا من قريحة نثره المسبوك في قالب البلاغة المنيعة.

اليزيدية

اليزيدية 1 - إذا طرق العلامة أحمد تيمور باشا موضوعا تاريخيا لا يكتفي بما يسهل الحصول عليه من المصادر بل يرجع إلى ما هو عزيز المنال في خزانته العامرة الشيء الوافر. ثم يشجع البحث تدقيقا وتمحيصا ويوفيه حقه. ومما نشرته له أخيرا المطبعة السلفية بمصر رسالة في (اليزيدية ومنشأ نحلتهم) جمع فيها المؤلف شوارد عنهم لا يأتي بها إلاّ من تجشم عرق القربة فأبان أنهم كانوا في مبدأ أمرهم مسلمين من الصوفية يسمون عدوية ثم ضلوا عن الإسلام. وإذ كان من الأخبار ما هو في مواطن قد لا تظن فيها أو لاتصل إليها اليد أو غير ذلك فالعالم المتروي لا يرى أنه قد استقصى كل نبأ فيديم النشدة والتطلب. ولا شك أن سعادة الباشا في طليعة هذه الطبقة الفاضلة. وكفانا شاهدا رغبته في الاستمرار على التنقيب إذ يقول في رسالته (ص 43): ولعل موالاة البحث تكشف عنها (عن تسمية العدوية باليزيدية) فيما بعد) اهـ. ومما ذكرته الرسالة (ص 43) قوله: (أما تسميتها (تسمية العدوية) بعد ذلك باليزيدية فلم نقف على زمنها والظاهر أنها حدثت في القرون الخيرة. . .) اهـ. وذكرت الرسالة أيضا شرف الدين محمد (ص 22) وقالت عنه: ولم تعلم من خبره إلاّ ما رواه ابن العبري في تاريخ مختصر الدول فقد ذكره عرضا باسم شرف الدين محمد ابن الشيخ عدي في حوادث سنة 655) اهـ. (1257م) ورجحت أنه شرف الدين محمد الذي جاء اسمه في نسب زين الدين يوسف دفين مصر. وقبل الشروع في الموضوع أستأذن سعادته في الرد على قوله (ص 4) بوجود طائفة من اليزيدية في نواحي بغداد فأنهم ليسوا فيها ويبتدئ وجودهم في شمال

الموصل ثم أتصدى لتحديد قوله: (القرون الأخيرة) التي أطلقت بدون تقييد فأبدي أن تسميتهم باليزيدية كانت معروفة في الربع الأول من القرن العاشر للهجرة بل على الظاهر في النصف الأول من القرن التاسع على أقل تقدير. وأبين أن لشرف الدين محمد ذكرا غير ما ذكره في تاريخ ابن العبري وفي غير نسب زين الدين يوسف. ومع هذا لا يبعد من أن الذكر الذي أريد إيراده أن يكون مصدره ابن العبري وعلى كل حال فإيراده لا يخلو من الفائدة. وبعد البحث عن اسم اليزيدية وعن شرف الدين محمد سأخرج عن الخطة المرسومة في الرسالة قليلا متوخيا بعض الزيادة في النفع على فرض الحصول عليه في ما أكتبه. ومما ساقني إلى هذا البحث مقالتان لأديبين فاضلين مقالة السهروردي ومقالة الدملوجي اللتان نشرتا في الأشهر القريبة جريدة (العراق) ومقالة الفاضل الأديب الحسني تلك المقالة التي جاءت في أثرهما وقد نشرها في مجلة المرشد (البغدادية) ثم أبرزها في كراسة وكتب منها نبذا في مجلة الهلال مع تصاوير وكثيرا ما استقى بعض هؤلاء الأفاضل عن أصل اليزيدية من كراسة سعادة الباشا. اسم اليزيدية في النصف الأول من القرن التاسع للهجرة إن بضاعتي بشأن تسمية هذه النحاة في الربع الأول من القرن العاشر للهجرة بل في النصف الأول من القرن التاسع هي استشهادي ثلاثة مصادر منبعها مختلفة أولها درر الحبب وثانيها (شرفنامه) وثالثها صورة مخطوط بالآرامية لراميشوع الراهب نشره المستشرق نو (بفتح النون) ونشرت بعضه وطبعته دار السلام.

المصدر الأول قال الأستاذ الطباخ في تاريخه إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء (525: 5) نقلا عن درر الحبب للرضي الحنبلي (الطباخ 355: 5 ح) وهو من رجال منتصف ذلك القرن العاشر. عز الدين بن يوسف الكردي المتوفى سنة 948 (عز الدين بن يوسف الكردي العدوي أمير لواء حلب في آخر الدولة الجركسية وأوائل الدولة العثمانية - كان من طائفة ينتسبون إلى الشيخ عدي ابن مسافر رضي الله عنه ويعرفون ببيت الشيخ مند - الذي كان يأتيه من لدغته الحية فيطعمه من خبز رقي عليه ونفث فيه فيأكله فيبرأ بأذن الله تعالى. وكان الأمير عز الدين شهيرا بهذه الخاصية بين الأكراد مع إدمانه على شرب الخمر وقتل النفوس سياسة وكان لهم غلو زائد فيه حتى كانوا يلقبونه بالشيخ عز الدين. وربما قيل للواحد منهم: أنت من أكراد ربنا أو من أكراد عز الدين؟ فيقول: من أكراد عز الدين. وكان شيخا معمرا يصبغ لحيته بالسواد وله شهامة ووصلة أكيدة بخير بك كافل حلب في آخر الدولة الجركسية. (وفي أيامه كان صلب الأمير حبيب بن عربو تحت قلعة حلب وذلك أنه كان بين الأمير عز الدين وبين أولاد عربو - طائفة معتبرة من أمراء القصير - عداوة بينه من جهة الدنيا وكذا من جهة الدين لأن بيت عربو كانوا من أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم وبيت الشيخ مند كانوا يزيدية فكان (عز الدين) يغدر بهم (ببيت عربو) حتى سعى في قتل جماعة منهم كالأمير حبيب وكأخيه الأمير قاسم. وكان قتله (قتل قاسم) بالباب العالي السليمي عن عرض عرضه أحمد باشا المشهور بقراجا (قره جه - الأسيود) باشا أول من كان باشا بحلب في الدولة العثمانية السليمية. وذكر فيه أنه جمع بين تسع نسوة في زمن واحد بمكر عز الدين به عنده وهذا الحوض الكبير داخل آغيول (آق يول - الطريق الأبيض) من إنشاء الأمير عز الدين. وكان يزعم أنه عمره من حلال مال والده. توفي الأمير عز الدين سنة ثمان وأربعين) (بعد الألف الهجري -

1541 م) اهـ. وقال الطباخ (87: 6) ما بعضه: جان بلاط بن عربو المتوفى في أواخر هذا القرن (العاشر) (جان بلاط ك ابن الأمير قاسم الكردي القصيري المشهور بابن عربو أمير أكراد حلب. كان منصبه هذا أولا بيد الأمير عز الدين ابن الشيخ مند ثم بيد واحد من ذرية الملك خليل ثم كان بيده وذلك أنه لما غدر الأمير عز الدين بأبيه (بوالد جان بلاط الأمير قاسم) عند قراجا باشا أول من كان باشا حلب في الدولة العثمانية السليمية - على ما ذكر في ترجمة عز الدين - رفعه الباشا إلى جن قلعة حلب. . .) حتى قال: فسفك (جان بلاط) دماء جمع جم من الأكراد اليزيدية من قطاع الطريق اللصوص وجعل لهؤلاء سجنا هو بئر عميقة وأشبعهم بلاء حتى حسم مادة المفسدين منهم. . . وتمكن (جان بلاط) من منصب الأمير عز الدين عدو أبيه ومن شيعته اليزيدية ودوره التي بناها بكلز (بكلس) وحلب ومن زوجته. . .) اهـ. المصدر الثاني وثاني المصدرين - كما قلت - كتاب شرفنامه فأنه ذكر الشيخ عز الدين وقال عنه - كما قال الرضي الحنبلي - أنه كان يزيديا. وهذا تعريب ما في شرفنامه (ص 220 - 223) عن الشيخ عز الدين وبيت مند ببعض التصرف: في ذكر حكام كلس (أوكلز) غير خفي على ذوي الفطنة الواقفين على السلالة الهاشمية أن سلسلة حكام كلس - على ما يزعمون - تنتهي بأحد أولاد العباس رضي الله عنه. ويروون رواية صحيحة أنهم هم وحكام حكاري (هكاري) وحكام العمادية أبناء عم بعضهم لبعض. ويقولون في هذا الصدد أن شمس الدين وبهاء الدين ومنتشا، هم أخوة ثلاثة وأن حكام حكاري - وهم من نسل شمس الدين - يسمون باصطلاح الأكراد (شمو) وحكام العمادية (بهدين) وهم من نسل بهاء الدين وحكام كلس (مندا) وهم من نسل منتشا. وعلى كل تقدير فقد أجتمع في بادئ أمر مند تحت أوائه جماعة من طائفة الأكراد فذهب إلى جهة مصر والشام وأختار هناك ملازمة السلاطين الأيوبية.

فعين للواء مند هؤلاء السلاطين العادلون ناحية القصير القريبة من ولاية إنطاكية فأضحت مشتى لأتباع مند وأنضم إلى لوائه جماعة اليزيدية من الأكراد المتوطنين هذه الديار. وكانت تظهر في مند يوما فيوما آثار المقدرة والسداد وتتزايد فيه علامة الشهامة والرشاد فقصده أكراد (حوم) و (كلس) جميعهم وشملته عناية السلاطين الأيوبية وكفلت آماله وافتخرت به إمارات أكراد الشام وحلب امتدت يده في القبض والبسط والرتق والفتق فظهرت حكومة هذه الجماعة قوية فرفعت (مند) إلى مرتبة عالية ممتازة بين الأقران. وفي أول الأمر نازع مند على سرير حكومة الأكراد بعض شيوخ اليزيدية الساكنين ما بين حماة ومرعش، فكان يقع بعض الأحيان جدال يسبب الحرب والقتال. وفي آخر الأمر أطلع هؤلاء مند وانقادوا إليه يقهره وتعنيفه إياهم ولطفه بهم وإحسانه عليهم فأدخل جميع أكراد هذه الديار رقابهم في رباق طاعة مند. وحينما توفي مند تصدى لأمر الحكم ابنه عرب بك ولما وفي هذا قام مقامه ابنه جمال بك ثم خلفه أحمد بك وفي عهد حكومته طوت يد القضاء بساط حكومة آل أيوب وانتقلت دولتهم إلى الغلمان الجراكسة الذين لم يطعمهم أحمد بك فقام حبيب بك مقام أبيه فاستمالته السلاطين الجراكسة بالخدمة فدعوه إلى حلب وقتلوه. ثم ضبط وحكم قاسم بك الأكراد بحسب الإرث وبمقدرته إلاّ أن السلاطين الجراكسة فوضوا حكومة الأكراد إلى المدعو عز الدين من أولاد شيوخ اليزيدية فتبعه بعض هؤلاء. ووجه شهريار بك رمضانلو قائدا ومعه متجندة

حلب لدفع قاسم بك فتحصن هذا وعشائره وقبائله في جبل صهيون. وأرسل من جهة أخرى السلطان غوري ابن أخته مع جمع غفير من متجندة حلب لمقاتلة قاسم بك الذي قابلهم عدة دفعات وفي كل منها كانت الخيبة نصيب جنود الجراكسة. وحينما عزم السلطان سليم خان على تسخير عربستان وولاية مصر والشام ودفع الجراكسة وعطف عنان سفره إلى هذه الجهات، سار إذ ذاك قاسم بك وخيري بك الجركسي إلى تقديم طاعتهما إلى السلطان وفازا بشرف المثول بين يديه وبعد أن فتح السلطان ديار مصر والشام وحلب توجه قاسم بك إلى الآستانة مع ابنه جان فولاد البالغ من العمر اثنتي عشرة سنة من الركاب الملكي المظفر. أما الشيخ عز الدين اليزيدي بادر للحضور خدمة قراجه باشا ميرميران حلب وبإغواء بعض المفسدين وبكلماته ذات الأغراض أبان للباشا خيانة قاسم بك وعصيانه فعرف الباشا بعض ملازمي سرير الخلافة بالخبر مبالغا فيه. من ذلك قوله: إن عودة قاسم بك إلى حلب تبعث الفساد فأصدر السلطان أمره بقتل قاسم بك ونفذ الأمر فورا وجعل ابنه جان فولاد في السراي العامر مع غلمان الخزينة وكفلت بتربيته وحفظه. وفوضت إمارة الأكراد إلى الشيخ عز الدين اعتمادا على طلب قراجه باشا من ديوان السلطان سليم خان) اهـ.

ولليزيدية ذكر أيضا في هذا المجلد من شرفنامه في الصحائف الآتية: 14 و117 و307 و310. المصدر الثالث هو مستند بالآرامية نشرته بحروفه مجموعة نو وقد أخبرنا فيه أنه منقول عن أصل قديم كان قد وضعه كاتبه في سنة 1452م (855 هـ). وهذا تعريب لجزء من هذا المستند عن الترجمة الفرنسية حيث ذكر اليزيدية. وإني لأكتفي بهذا القسم دون غيره وإليك المطلوب: وكان اسم الوالد الطبيعي لعادي مسافرا بن أحمد وهو من الأكراد التيراهية الذي كانوا يقضون اعتياديا فصل الصيف في زوزان وينزلون منه شتاء إلى ضواحي الموصل. وكان في ذلك العهد عشيرة اليزيدية جدوده (جدود عادي) سكنة زوزان - تبع أقارب عادي في ذهابهم إلى جبال زوزان وإيابهم منها وكان النظر إليهم كخدمة لهذه الأسرة الكبيرة. وحينما كان يرجع اليزيدية من زوزان في أول تشرين الثاني كانوا في طريقهم يجتازون بعادي ابن أميرهم ومعهم هدايا وعطايا ثمينة فكان عادي يكافئهم عنها بالضيافة من ماكول ومشروب مع أفراح على ضروب كثيرة. وكان هؤلاء يحبون الشرب (أي الخمر) وكان عددهم 650 بيتا (أسرة). أما رجال عادي الذين كانوا مسلمين وهم أكراد تيراهية فكان عدد خيامهم (أسرهم) يتجاوز الألف) اهـ. وكانت قد جاءتنا وضيعة دار السلام (3 (1920): 321) التي كانت تصدر في مدينتنا دار السلام بأن عند القس ماروثا مخطوطا نفيسا قديما باللغة الآرامية مقطوعا من كتاب كبير ترجمة لها القس إلى الفرنسية فعربته للقراء وهو القسم العظم لما نشره نو وفيه نقص في الوسط. وقد وجدت باستعانة من

يعرف الآرامية أن ترجمة نو مقاربة كل المقاربة للأصل الآرامي إلا قوله (الوالد الطبيعي) فأن كلمة: (طبيعي) ليست في الأصل. أما الترجمة الفرنسية التي عربتها دار السلام فالظاهر فيها أن للمترجم إلى الفرنسية غلطات واضحة من ذلك أنه قال: (مسافر من أولاد أومية (وفي الأصل من بني أومية) وقال (قبيلة زدنايا). ويبين أنه كان في نصه كلمتا (اومثة) و (يزيدنايا) (والألف الأخيرة بالإمالة) - وهما في نص نو - فقرأهما (أومية) و (زدنايا) وأعتبر (اومثة) علماً مع أنها نكرة ومعناها (أمة) وقد ترجمت في مجموعة نو بكلمة أي عشيرة. وحذف مترجم دار السلام الياء الأولى من (يزيدنايا) (أي اليزيديين بالنسبة والجمع) فقال (زدنايا). والذي أوجب هذا التنبيه على ما في دار السلام هو ملاحظتي أنه قد يصعب على بعض الكتاب الوقوف على ما نشره نو فيرجع إلى دار السلام ويبني كلامه على ترجمة القس ماروثا فيزيد الإشكال في معرفة الحقائق. والفرصة سانحة لأن أذكر أن كتاب مخطوطات الموصل للأديب البارع الدكتور داود الجلبي عرفنا (في ص 264) (بفتوى بالتركية وترجمتها بالعربية في تحليل قتل اليزيدية أصدرها أبو السعود بأمر السلطان سليمان). وكانت وفاة السلطان في سنة 974 هـ (1596م). وفيه (ص 139) ذكر كتاب يبحث عن اليزيدية لأحمد أفندي الخياط من رجال الثلث الأخير من القرن الثالث عشر للهجرة. وفيه أيضا (ص 274) أن في مجموعة من المجاميع رسالة في بيان مذهب الطائفة اليزيدية وحكم أموالهم للشيخ حسن الشفكي الموصلي. شرف الدين محمد في مستند قديم وإذ انتهيت من الكلام عن تسمية اليزيدية وجب علي أن أبين أن لشرف الدين محمد ذكرا في غير تاريخ ابن العبري وفي غير نسب زين الدين يوسف دفين مصر فهو مذكور في المستند الذي نشره نو ودار السلام. ومما رواه

هذا المستند أن شرف الدين محمدا هو ابن لعدي بن مسافر وذكره منتصرا لعز الدين صاحب أيقونية كما قال ابن العبري. ولعل ذلك منقول عن ابن العبري نفسه مع إلحاق المستند بنوة عدي بمسافر، ثم ذكر مستندنا قتله شرف الدين محمد في موضع اسمه (قماح) وإذ كانت كتابة المستند المنوه به في سنة 855 هـ (1452م) كانت تلك الكتابة بعد وفاة عدي بن مسافر بثلاثة قرون فجاء واضعها يخبط خبط عشواء من تقديم وتأخير وغير ذلك ما شوه تاريخ وقائع لا جدال فيها. ومن تلك الحوادث أنه رأى عدي بن مسافر وشرف الدين محمد معاصرين لعز الدين صاحب أيقونية في حادثة وقعت يوم ذاك. وكانت هذه الحادثة في سنة 655 هـ (1257م) على ما أطلعنا عليه ابن العبري. وإذ كان قد مر عامئذ على وفاة عدي بن مسافر قرن كامل فمن البعيد أن يكون (شرف الدين محمد) أبنا صلبيا لعدي بن مسافر فضلا عن أن عديا هذا لم يكن له ابن فشرف الدين محمد المذكور في ابن العبري وفي المستند يوافق عصره شرف الدين محمد بن شمس الدين حسن بن شرف الدين عدي ابن أبي البركات الخ الذي ذكرته الرسالة (ص 23 و32) في نسب زين الدين يوسف دفين مصر في عام 697 هـ (1297م). ولقد أحسن سعادة الباشا بأن رجح أن شرف الدين محمد المنوه به في ابن العبري هو الذي ورد أسمه في نسب زين الدين. وعندي على ذلك دليل آخر سيأتي. ولي كلمة حول شرف الدين عدي أنقلها من تاريخ الموصل للقس الفاضل سليمان الصائغ (300: 1) تلخيصا عن قلائد الجواهر للشيخ محمد الحنبلي قال القس: (بعد وفاة الشيخ عدي بن مسافر الأموي خلفه ابن أخيه الشيخ أبو البركات بن صخر بن مسافر الأموي. وكان هذا الرجل أيضا من المشايخ الكمل العظام وصحب عمه استفاد من يمن أنفاسه. وخلفه بعده ولده أبو المفاخر

عدي بن أبي البركات بن صخر بن مسافر الأموي الشامي الأصل الهكاري المولود والدار. وكان له اعتبار وقدر زائد) اهـ. وإذ قد رأينا هنا أبا المفاخر عديا فلا يبعد أن ابن العبري عند كلامه عن شرف الدين محمد ابن الشيخ عدي أراد بابن الشيخ عدي - ولم يقل ابن الشيخ عدي بن مسافر - ابن أبي المفاخر عدي وهو شرف الدين عدي الوارد اسمه في ترجمة ابنه الحسن (شمس الدين) في ابن شاكر (الرسالة ص 18) وفي كلام السخاوي عن زين الدين (الرسالة ص 24). وهذا الدليل الثاني الذي أشرت إليه في ما تقدم. وقد لا يدحض دليلي بالقول أن شرف الدين محمدا كان أبنا لشمس الدين حسن فلم يكن صلبيا لأبي المفاخر شرف الدين عدي بل حفيدا له فقد يجوز أن الحفيد أشتهر ببنوته لجده دون أبيه. ويجوز أيضا أنه تغلبت على شرف الدين محمد البنوة لعدي بن مسافر لصلته به قرابة وطريقة فأطلق عليه ابن العبري شرف الدين محمدا ابن الشيخ عدي من باب التوسع وكل حفيد هو ابن. النتيجة يبين مما مررنا به عن هذه النحلة التي قيل عنها في الرسالة (ص 43) أنها سميت على الظاهر يزيدية في القرون الخيرة أنها كانت تسمى بهذا الاسم في عهد السلطان سليم الأول وهو المتوفى في سنة 926هـ (1519م) فأننا رأينا في الطباخ في عصر هذا السلطان أن عز الدين بن يوسف الكردي العدوي كان يزيديا بل كان اسم اليزيدية شائعا على أقل تقدير في سنة 850 هـ (1446م) إذا صح ترجيحي أن حبيب بن عربو المذكور في الطباخ هو حبيب بك ابن جمال بك ابن عرب بك (وعلى لهجة الأكراد عربو) ابن مند وعندئذ يكون مند من رجال النصف الأول من القرن التاسع وقد رأينا أيضا في شرفنامه أن أسم اليزيدية كان معروفا في أيام مند. وفضلا عن ذلك أن المستند الآرامي - على فرض صحة كتابته في سنة 855 يسميهم (يزيدناييا) (بالإمالة) (اليزيدين بالنسبة والجمع) - حتى أنه يرقي هذا الاسم إلى زمن عدي بن مسافر وهو الأمر الذي لا يمكن التسليم به لمجرد قوله لبعده عن زمن عدي بن مسافر.

هذا ما كان من أمر تسمية اليزيدية أما ذكر شرف الدين محمد الذي لم تقف الرسالة (ص 22) على ترجمة له في كتب التراجم إلا ما رواه ابن العبري في تاريخ مختصر الدول فأننا رأيناه في المستند الآرامي ولعل هذا المصدر أخذ شيئا عن ابن العبري. بغداد: يعقوب نعوم سركيس (لغة العرب) حضرة صديقنا الكريم يعقوب نعوم سركيس مغرم بمطالعة ما يكتبه سعادة المحقق الكبير أحمد تيمور باشا. ونحن مولعون بمطالعة ما يكتبه الصديقان العزيزان اللذان هما فرسا رهان. وللأديب ناشر هذه المقالة النفيسة مقالات ظهر وشيها في هذه المجلة وفي غيرها تدل على علة كعبه في تفلية الأحداث والوقائع ولا يتكلم إلاّ عن إمعان في التحقيق والتدقيق ونحن نشكره على ما أتحفنا به من المباحث الجليلة والتدقيقات البديعة التي دفعت جماعة من أدباء أوربة ومستشرقيها إلى أن يعرفوا شيئا من ترجمته ومحل تلقيه العلوم. والذي نستطيع أن نقوله الآن أن حضرته منعنا إلى الآن من نشر شيء عنه. فعسى أن تكون هذه المباحث الدقيقة كافية للدلالة على رفيع منزلته من أدب العراق وتاريخه والتنقيب عن بلدانه وآثاره ورجاله. إذ كل ذلك يبين من خلال السطور التي تخطها بنانه. متعنا الله بعمره طويلا! والذي يشكر عليه حضرة صديقنا أنه جمع لنفسه خزانة من أفخر خزائن الكتب وذلك أنه خزن فيها جميع التصانيف التي تبحث عن العراق وتاريخه وبلدانه ورجاله من مطبوعة ومخطوطة من حديثة وقديمة من أي لسان كان، فأنك ترى فيها مؤلفات بالعربية والفارسية والتركية والفرنسية والإيطالية والأسبانية والبرتغالية واللاتينية والإنكليزية والألمانية والفلمنكية إلى غيرها مما نجهله. ولا جرم أن بين مخطوطاته مؤلفات لا نظير لها في خزائن أوربة وديار الناطقين بالضاد إلاّ أن هذه ليست بكثيرة لعز أمثالها ومناعتها وأحسن شاهد على ما نقول تلك المقالات المطبوعة بطابع التحقيق الموشاة بالشواهد المختلفة والحواشي البديعة فعسى أن لا يحرم قراء هذه المجلة فوائد تلك الدواوين والأسفار الجليلة التي بيده.

صدى اليوبيل

صدى اليوبيل كلمة رسالة قلب يسوع (العراق). في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 1928 أجتمع في دار رئيس الوزارة جمهور من الوزراء والنواب والأعيان والأدباء للاحتفال بيوبيل الأب أنستاس ماري الكرملي، اللغوي الشهير؛ إقرارا بفضله على اللغة العربية. عن رسالة قلب اليسوع السنة 10 (ك2 سنة 1929) ص 23. يوبيل الأب انستاس الكرملي أقام فريق من أدباء العراق، وفي مقدمتهم الشاعر البغدادي جميل صدقي الزهاوي، حفلة يوبيل للأستاذ المعروف الأب أنستاس (ماري) الكرملي الذي خدم اللغة العربية زهاء ربع (أقرها: نصف) قرن في ذلك القطر. وقد أقيمت الحفلة في دار عبد المحسن بك السعدون، رئيس الوزراء، واشترك فيها الكثيرون معترفين بفضل الأب المذكور على اللغة وعلومها في عصرنا. فمجلة (المشرق) تضم صوتها إلى أصوات مكرمي العلم، وتهنئ من كان يتحفها بمقالاته النفيسة في اللغة والآداب، بيوبيله متمنية له سنين مديدة يواصل فيها بتقدم ونجاح أبحاثه المفيدة. (عن المشرق 950: 26) يوبيل الأب أنستاس ماري الكرملي يسرنا أن نرفع إلى حضرة الكاتب الفاضل الأب أنستاس ماريا (كذا والصواب ماري بتشديد الياء، إذ هكذا نريد أن يكون أسمنا) الكرملي التهاني الحميمة بيوبيله الذهبي. فقد خدم اللغة العربية خدمة تذكر فتشكر في العراق وفي جميع البلاد الناطقة بالضاد. وقد طالعنا بلذة العدد الأول من (مجلة لغة العرب) لسنتها السابعة وهو مشحون كله بما جادت به قرائح الشعراء والكتبة على اختلاف مذاهبهم في وصف جهود هذا الأب الغيور. فنسال الله جل وعز أن يمتعه بالصحة ليواصل هذه الخدم الجليلة تعزيزا للدين والوطن واللغة العربية. عن مجلة الآثار الشرقية 417: 3

تهنئة المقتطف (لغة العرب) أدرجنا مقالة في المقتطف بعنوان: (أداة التعريف في التاريخ) فكتب صاحبه هذه الكلمات ليعرف قراءه بصاحب المقال فكتب هذه الكلم: (العلامة الأب أنستاس ماري الكرملي، صاحب هذا المقال الفريد في بابه - نابغة في العلوم العربية، وقد خدم اللغة وتاريخها وفلسفتها وفيلولوجيتها خمسين سنة خدمة صحيحة لا يشوبها رغبة في منصب أو نشب. فأجمع أفاضل العراق ووزراؤه وعلماؤه وأدباؤه وجمهور كبير من مستشرقي الإفرنجة ومريدي العلامة من علماء مصر وسورية وفلسطين وغيرها من الأقطار على تكريمه في حفلة في 7 أكتوبر الماضي في دار رئيس الوزارة العراقية وبرآسة وزير معارفها الهمام. فنهنئ الأب العلامة - ويسرنا أن ننشر لأبناء العربية والمشتغلين بعلومها هذا المقال النفيس من قلمه في نشوء أداة التعريف مثالا لمباحث الأب المحتفل به وإذاعة (لفضله) انتهى بحرفه. أتيتك متأخرا كتب إلينا أحد علماء البندكتيين الألمانيين في مونيخ بتاريخ 27 ك2 سنة 1929 ما هذا حرفه العربي ما عدا ما حذفناه من عبارات التبجيل والتعظيم: إلى حضرة الفاضل الأعلم ذي المجد الظاهر الأب أنستاس ماري الكرملي المحترم أطال الله بقاءه . . . قرأت في صحيفة ألمانية مقالة تذكر شيئا غير يسير عن اشتغالكم بالعلوم العربية وتوغلكم في أد بياتها ولغوياتها، وتروي المفاخر والمآثر التي امتزتم بها، والتكريمات والتعظيمات التي حظيتم بها في 7 ت 1 من السنة الماضية في بغداد المحروسة إذ قرأنا في الجريدة المذكورة أن رجال الحومة وأبناء العلم وأصحاب الفنون الفتانة أجمعوا على الإقرار بفضلكم الذي لا ينكره كل ذي فضل خال من عمى الغرض. والآن أتيتكم - ولو متأخرا - لأقدم إليكم التبريكات اللائقة بشخصكم الكريم وأني أسر بمكارم أخلاق العراقيين لأتفاقهم على تكريم من هو أهل للفضل والفخر (وهنا عبارات وألقاب ضخمة) وقد سمعت هنا عن حضرتكم

من الدكتور بركشتسر الأستاذ الشهير في كلية مدينتنا مونيخ أنه يعجب بعلمكم الزاخر وآرائكم اللغوية الطريفة لأنه يطالع (لغة العرب) بكل حرص ولذة، وهو من أشهر عارفي العربية والألسن السامية في عصرنا وقد قرأت عليه شيئا كثيرا من كتب فلاسفة العرب ونحاتهم وأخذت عنه أصول السريانية. . . ومن الذين يعترفون بعلمكم وتضلعكم من اللغة العربية الدكتور كراف وهو قسيس كاثوليكي من أحسن عارفي الأدبيات العربية النصرانية في ديار الإفرنج. وقد ألف كتابا بالألمانية عن لغة العرب النصارى ولا سيما، لهجتهم ودفع إلي نسخة من كتاب خطي موضوعه: (مجادلة أو محاورة بين الراهب سمعان وثلاثة من المسلمين) وطلب إلي أن أنقله إلى الألمانية وانشره وإذا وفقت لإتمام نقله أعرضه على حضراتكم لتروا رأيكم فيه لأن ما تقولونه فيه يكون حجة لا تنكر. كل ذلك لأن أساتذتي قد طبعوا في نفسي تقدير علمكم ورسوخ قدمكم في لغة الضاد المحبوبة الواسعة في بحار مبانيها ومعانيها وأرجوكم في الختام أن تقبلوا عذري وتغفروا لي تقصيري وحفظكم الله منارا وهدى لمن أستهدي بكم. الأخ تيلو بنرث البندكتي كتاب يوبيل الكرملي لا مشاحة في أن اتفاق العلماء ورجال الحكومة والسياسة من كل المذاهب والأحزاب على تكريم أحد رجال العلم الذين خدموا وطنهم هو البرهان الساطع على أهلية واستحقاق النائل الإكرام ودليل واضح على النهوض والرقي في تلك البلاد. وما الاحتفال الشائق باليوبيل الذهبي للأب أنستاس الكرملي الذي عني بإقامته في 7 ت1 سنة 1928 أدباء بغداد وعلماؤها ووزراؤها اعترافا بالخدمات الجلي للغة العربية الذي قام بها هذا الكاتب المعروف واللغوي المدقق نصف قرن إلاّ دليل حسي على النهضة الحديثة المباركة في العراق وعلى أهلية المحتفى به ورفيع مقامه في عالم العلم والأدب فالأب الكرملي درس وبحث ونقب وكتب وعلم وألف بنشاط

وأمانة هذه السنين الطوال في اللغة العربية فأستحق ثقة وثناء أبناء هذه اللغة الشريفة. أهدي إلينا مؤخرا جزء اليوبيل الذي أصدرته مجلة لغة العرب وتصفحناه فوجدنا في ما جاء فيه من بليغ المنظوم والمنثور تقديرا جميلا لمواهب الأب الكرملي وعبقريته وغيرته على لغة العرب. ويسرنا أن نرى أنه قد اشترك في إكرام هذا العالم أما خطابة في حفلة اليوبيل أو كتابة إلى المحتفى به أو على صفحات المجلات والجرائد أدباء العرب والفرس من العراق ومصر وسورية وإيران. فمجلة الكلية تضم صوتها إلى أصوات هؤلاء الأدباء بالثناء الصادق على الزميل الكريم الأب الكرملي محبذة ما جاء في الكتاب من آيات الاعتراف بخدماته الثمينة وتسال الله أن يطيل عمره ليستمر نفعه بعلمه وأدبه وفضله لبلاده الناهضة ولسائر الأقطار العربية. عن مجلة الكلية 237: 15 يوبيل الكرملي والنهضة اللغوية الحديثة كان وقت لم يحفل فيه أحد بتكريم نوابغ الرجال بيننا إلى أن أخذ الاستيقاظ الفكري يتمشى في بيئاتنا المتعلمة، فبدأنا حينئذ نلتفت إلى هذا الواجب الاجتماعي فأهتم عظماؤنا بتكريم المرحوم العلامة سليمان البستاني معرب (الإلياذة) وتبعث ذلك حفلات للتكريم مناسبة وجديرة بالاعتبار. ثم جاء وقت أصبحت فيه حفلات التكريم مذالة تقام بمناسبة وبغير مناسبة لكل من خدمته الظروف، سواء كان أو لم يكن على جانب من المواهب المذكورة وأخيرا في عهدنا الحاضر - عهد التيقظ الآثم - أخذنا نعنى بتكريم نوابغنا في مصر خاصة وفي العالم العربي عامة ولكن بميزان. ولعل من أصدق المظاهر لهذا التنبه المحمود حفلة اليوبيل الكبرى التي أقيمت حديثا في بغداد لإمام اللغة الشعير الأب أنستاس ماري الكرملي، وقد اشتركت في إقامتها الحكومة العراقية ورجال الأدب في العالم العربي ومشاهير المستشرقين ولو كانت الحفلة في مدينة سهلة المواصلات لحضرها الجم الغفير من أهل العلم والأدب من مختلف الأقطار ولكانت مؤتمرا أدبيا عظيما، ولما اكتفى الكثيرون اضطرارا

بإهداء تمنياتهم الطيبة عن بعد. على أننا نرجو أن يكون لمصر حظ خاص في تكريم حضرة الأب الجليل بين ربوعها في المستقبل. ولكن لماذا نعلق أهمية خاصة على هذا اليوبيل؟ ليس ذلك لمنزلة فضيلة الأب المحتفل به فقط، ولكن لظروفه الاجتماعية أيضاً. فالأب الكرملي راهب متقشف يعيش في بيئة منقسمة إلى شيع وطوائف دينية شديدة التعصب، تنفر كل منها من الاعتراف بفضل من ينتسب إليها، وكثيرا ما تستحل الطعن في أخيار الرجال مدفوعة بعامل التعصب المذهبي الذمي!!! ولكن برغم كل ذلك لاقى الأب الكرملي من الحفاوة البالغة به ما دل دلالة صريحة على التيقظ الفكري السليم في العراق بل في العالم العربي بأسره وكان ذلك في دار فخامة رئيس الحكومة العراقية برعاية معالي وزير معارفها، وبأشراف كثيرين من الوجهاء والأدباء وصفوة أبناء العراق على اختلاف مشاربهم وعقائدهم الدينية والسياسية. ولد الأب أنستاس في بغداد 5 آب (أغسطس) سنة 1866، فهو الآن شيخ جليل يناهز السبعين من سني حياته المباركة ولكنه ما يزال فتى في نشاطه وهمته وصفاء تفكيره وجلده العظيم وفي حبه للعمل المنتج، واهبا نفسه هبة صادقة للغة والأدب، مستبقيا عهده الديني في تقشفه الدائم. وقد أنفق الأب الفاضل نحو خمسين عاما في تدريس العربية وآدابها؛ فقد ظهرت علامات نبوغه المبكر وهو ابن ست عشرة سنة وحينئذ تولى التدريس في مدرسة الكرمليين ببغداد، وكان قبل ذلك يقوم بالتدريس الخاص، وهذا نبوغ مبكر حقا، ولم يكن نشاطه قاصرا على التدريس بل كان يكاتب طائفة من كبريات الصحف والمجلات في ذلك العهد (كالبشير) و (الصفا) و (الجوائب) مهتما بالأبحاث اللغوية والأدبية. وفي سنة 1886 م قصد المدرسة اليسوعية الأكليريكية في بيروت لتدريس العربية وفي الوقت ذاته كان يدرس اليونانية واللاتينية. وقد أتم فضيلة الأب الكرملي دراسته الدينية ورهبنته في بلجيكة وفرنسا وبعد أن قسس غادر فرنسة إلى الأندلس ليطلع على مخالفا الحضارة العربية.

ثم عاد إلى بغداد فتولى إدارة المدرسة الكرملية وتعلم العربية والفرنسية فيها إلى أن تفرغ أخيرا لأبحاثه المستقلة العظيمة ولمجلته الشهرة (لغة العرب). وقد زار المترجم مصر كما زار أوربة مرارا، وكذلك تجول في كثير من أقطار الشرق، فأكتسب بذلك معارف شتى وخبرة واسعة بطباع الناس وأخلاقهم وميولهم. ولفضيلته من الأبحاث المبتكرة في كبريات المجلات (المقتطف) و (الهلال) و (المشرق) و (الزهور) و (المقتبس) و (المباحث) و (المنهل) و (الزهراء) و (فتاة الشرق) وغيرها ما كان ولا يزال موضع العناية والإجلال سواء كان بإمضائه الصريح أو بإمضاء مستعار كما كان يفعل كثيرا زهدا في الشهرة، وحبا في خدمة اللغة والأدب والتاريخ لذاتها. ويعد الأب الكرملي عن جدارة الحجة الثقة في فلسفة اللغة العربية وشيخ أئمتها وما كان ذلك عن إطلاع كبير أو عن ذاكرة نادرة فقط بل كان أولا لعبقريته المبتكرة الفذة، فإذا أردت دليلا عليها في مجال البحث المستقصى المشبع بالتحليل والذكاء والاستنتاج العميق فحسبك ان تقرأ ما كتبه عن (أداة التعريف في التاريخ) كمثال لمباحثه الجليلة التي لم يسبقه إليها باحث ولم يلحقه فيه مجتهد: وإذا أردت نموذجا لنقده اللغوي الدقيق الممتلئ بالإنصاف والأحكام فحسبك أن تقرأ ما كتبه في نقد معجم (البستان). وهذه مجلته (لغة العرب) مفعمة دائما بالكثير من مباحثه النقدية الثمينة. وقد أدى تخصص الأب الكرملي في فقه اللغة العربية إلى اهتمامه بلغات شرقية قديمة وحديثة وتضلعه منها كاللغات الآرامية والعبرية والحبشية والفارسية والتركية والصابئية، دع عنك اللغات الأوروبية القديم منها والحديث على السواء فأصبح دائرة معارف لغوية مدهشة، وصار علما لا يسامى في منزلته ومعارفه الفذة الممتازة التي يستثمرها خير استثمار في جميع كتاباته ومباحثه. وقد نكب الأب الكرملي أثناء الحرب العظمة بتبديد مكتبته الكبيرة على أيدي الأتراك وبنفيه زمناً إلى قيصري حيث لاقى صنوفا من الهوان والعذاب حتى إذا ما عاد إلى وطنه أنكب غير يائس على إصلاح ما أتلفت ظروف الحرب والسياسة

مجددا قدر الطاقة مكتبته، ومضاعفا جهوده لخدمة اللغة العدنانية. ورغم مكانته العالية في جميع المحافل الأدبية واللغوية وفي دوائر المستشرقين التي كثيرا ما ترجمت مقالاته إلى الفرنسية والإنكليزية والألمانية والروسية والإيطالية والأسبانية فأنه لم يقو على نشر تأليفه وهي كثيرة حتى إذا استثنينا منها ما عبث به أيدي الغزاة أثناء الحرب العظمى حين تبديد مكتبته ونفيه مع من نفي من كرام العراقيين ومن أهم تأليفه (غير تصحيح المعاجم الكبرى وغير اشتراكه في تهذيب تأليف جمة تنشر ونشرت في الشرق العربي وفي أوربة) هذه الأسفار القيمة: (جمهرة اللغات) و (كتاب الجموع) و (كتاب السحائب) و (الغرر النواضر) و (العرب قبل الإسلام) و (شعراء بغداد وكتابها) وكلها تتناول من مباحث اللغة والأدب ومسائل التاريخ ما يمتاز بالابتكار والتعمق والاستقصاء بحيث تسد فراغا عظيما في ثقافتنا اللغوية والتاريخية، ويبلغ مجموع مؤلفاته نحو ثلاثين كتابا جديرة كلها بالذيوع والإجلال. ولعل أهم ما يعنينا منها معجمه الكبير الذي ضمنه ما ذكرته المعاجم القديمة وما أغفلته ويجب أن لا ننسى أيضا فضله العظيم في وضع ألفاظ جديدة لكثير من المسميات الحديثة، نستعملها تكرارا دون أن نعرف مبدعها المتواضع المتواري ولعل أشهرها لفظ (برقية) لكلمة (تلغراف). ولفظ معلمة لكلمة (انسيكلوبيديا). ومن المصريين الذين كتبوا عن الأب الكرملي كتابة تاريخية ذات تحليل فلسفي الأستاذ أحمد الشايب الذي عد الكرملي في العراق بل في الشرق العربي مدرسة قائمة في شخصه يقابلها في مصر دار العلوم. وعندنا أن الأب الجليل أسمى من ذلك. وحسبك أن تطلع على آثار المستشرقين ومجلاتهم وعلى جميع الكتب العربية المحققة الهامة التي صدرت في أواخر القرن الماضي وفي هذا القرن لترى النفوذ اللغوي والأدبي للعلامة الكرملي منبثا فيها. حينما لا تجد شيئا من هذا لأساتذة دار العلوم. . . فلا عجب بعد ذلك إذا كانت سيرة هذا اللغوي الكبير مبجلة في الغرب وموضوع كتابه أمثال كراتشكوفسكي المستشرق الروسي. وغريفيني المستشرق الإيطالي، كما أنها موضوع إجلال كل عربي يبجل العلم النزيه غير متأثر بالتعصب الأعمى لجنس أو دين أو مذهب.

وبعد هذا، فما هو أثر الكرملي في نهضتنا اللغوية الحاضرة ولماذا يكون ليوبيله ميزة خاصة؟ وعندنا أن الإجابة على هذا السؤال الوجيه ميسورة وخليقة بالاهتمام بها؛ فلنجملها في النقط الآتية: (1) الأب الكرملي مثال لرجل العلم اللغوي الصادق الذي يقدس النزاهة العلمية غاية التقديس: وحسبنا أن نذكر مناقشته التاريخية الحادة للأب لويس شيخو اليسوعي حينما نسب النصرانية خطأ إلى بعض شعراء العرب وأدبائهم. فأبت ذمة الألب الكرملي النصراني أن يقبل ذلك إنصافا للعلم والتاريخ. وهذه الصفة النزيهة متجلية في جميع كتاباته بحيث أنه يتساوى أمامه في مجال النقد الأصدقاء وغيرهم على السواء. وهذا ما جعل الكرملي قدوة صالحة في النقد وكون لارائه المستقلة قيمة ثمينة في عالم الأدب كما خلق كثيرين من الخصوم بين الجهلة والمغرضين وأهل الإدعاء الكاذب. (2) للرجل فضل لا ينكر في حركة النشر اللغوي والأدبي الصحيح شرقا وغربا ونظن الأستاذة أحمد زكي باشا وأحمد تيمور باشا والدكتور محمد شرف بك وأمثالهم في مقدمة من يشهدون بذلك وهذا ما يجعل العالم العربي بأسره مدينا لفضله العميم. (3) وضع الأب الكرملي قواعد جديدة للبحث والنقد اللغوي ولدراسة فقه العربية تنم عن ذكاء عظيم ومقدرة فائقة. فشجع الابتكار في الدرس والبحث وقضى على أساليب القدامى النقلية التي جنت شر جناية على ثقافتنا اللغوية وأطالت أسرها في سلاسل التقليد. (4) قضى الأب الكرملي على التقطع اللغوي وبرهن برهانا عمليا على أن العالم اللغوي يجب أن لا يتجرد من صفات الكاتب الأديب العصري وهذا ما يمتاز به أسلوبه دون غيره من اللغويين المتحذلقين وإن لم يدانوه معرفة وذكاء. (5) عاش الرجل طول حياته الثمينة العامرة مثال النزاهة والشمم والإخلاص الكلي لما وهب نفسه له، فأستحق بتضحياته المتنوعة المتواصلة إكبارنا الأوفى. عن مجلة (العصور) جزء مارس 1929 ص 319

فوائد لغوية

فوائد لغوية عثرات إبراهيم اليازجي وجرجي جنن البولسي في مغالط الكتاب ومناهج الصواب (مغالط الكتاب ومناهج الصواب): أسم كتيب محتو على إصلاحات لغوية جمعها الأب (جرجي جنن البولسي) مما كتبه المرحوم الشيخ إبراهيم اليازجي ومما كتبه هو نفسه. وقد ألفيت آثار عثرات في هذه المناهج فوجب علي أماطة العواثير عنها والإشارة إلى المعاثر خدمة للغتنا الضادية وتنبيهاً لكتاب العربية الكرام على أشياء يستحسن الوقوف عليها وإليك ذلك: 1 - نقل الأب جرجي في ص 131 عن الشيخ إبراهيم اليازجي قوله (وغلط أفظع قولهم: أولد عمرو كذا بنين) ثم ذكر عنه أن الصواب (ولد عمرو كذا بنين) ولم يذكر سبب التغليط غير أني حسبته (كون الثلاثي متعديا فلا حاجة لنا إلى استعمال الرباعي). واليازجي لم يصب في تخطئته لأن العرب تستعمل أحيانا أفعالا متعدية إلى مفعولين فتهمل أحدهما وتذكر الأخر وأن هنالك من لم يذكرهما كليهما ومن الأدلة الناطقة قول الرسل عليه السلام لعلي (ك) (أما إنك ستسام مثلها فتعطي) يريد (فتعطي منازعيك مثلها) ولكنه حذف المفعولين. فقولهم (أولد عمرو كذا بنين) قد حذف منه مفعول واحد فقط وذلك شيء مألوف كقولهم (أعطى درهما) و (ألبس ثوبا) لأن المعطي منوي وكذلك الملبس. فأصل قولهم إذن (أولد عمرو زوجه كذا بنين) ولكنهم حذفوا (زوجا) وما بقي فدال على المحذوف فالقول المذكور فصيح لا يستوجب الطعن ولا الاستنكار. 2 - وقال الأب نفسه في ص 121 ناقلا عن اليازجي مسندا غليه (النيف الزيادة أو ما زاد على العقد إلى أن يبلغ العقد الثاني. ولا يأتي إلاّ بعد عقد.

غلط قولهم: (نيف وعشرون دينارا. صوابه: عشرون دينارا ونيف) قلت: إن تغليط اليازجي المرحوم من غريب الغلط لأنه أنكر تقدم النيف للعقد مع أن الفصحاء الكبار قدموه. ومن ذلك قول (الحسن بن رجاء) في الكامل (ج 1 ص 216) (ونحن إذ ذاك نجري على نيف وسبعين) وقول أبي العباس المبرد فيه ج 2 ص 54 (قد ولدت في العرب نيف وعشرين حيا) وهذا نص صريح على خطأ اليازجي. فالقائل (نيف وعشرون دينارا) مصيب كل الإصابة ومستعمل للفصيح من الكلام. 3 - وقال الجامع في ص2، 1 (غلط: لا يفنيه كر الأيام. صوابه: كرور الأيام) ثم عرض السبب وهو أن معنى الكر والكرور والتكرار لا تقتضيه الحال لأنه من (كر) بمعنى عطف وحمل وهجم وأن الموافق لمقتضى الحال (الكرور) بمعنى الرجوع) قلت: وليس الرجل مستندا إلى دعوى رصينة لأن هجوم الأيام أشد إفناءا من رجوعها فهو يحتمل الشدة والتكرار معا. ففي قولهم إذن معنى كبير. قلت ذلك فضلاً عن أن تعبيرهم من تعابير السلف الفصيح. فقد قال أبو الأسود الدؤلي: أفنى الشباب الذي أفنيت جدته ... (كر الجديدين) من آت ومنطلق فلقد رأيت قوله (كر الجديدين) أي الليل والنهار فما وجه التخطئة وللقائل أسوة حسنة في أول جامع للنحو وهو من أشهر الفصحاء؟ وقال الصلتان العبدي: أشاب الصغير وأفنى الكبير ... مرور الليالي و (كر العشي) 4 - وقال في كلامه على مهما (وتاتي ظرفا بمعنى (كل مرة) نحو: مهما يزرني زيد أكرمه. أي كل مرة يزورني) قلت أن المشهور عن (مهما) كونها لغير العاقل وتستعمل في الاشتراط. وإن كلامه فيه ارتباك عبارة فقد قال (أي كل مرة يزورني) والصواب (كل مرة يزورني فيها) أو (كلما زارني) فهو استعمل (كل مرة) بدلا من (كلما) وشتان ما هذان التعبيران وما أضعف (كل مرة) أمام (كلما)!! 5 - وذكر في ص 101 قول اليازجي (ويقولون: رأيته أكثر من مرة وجاءني أكثر من واحد. ومقتضاه: إثبات الكثرة للمرة وللواحد لأن المفضل

عليه في معنى من المعاني لا بد أن يشارك المفضل في ذلك المعنى فقولك: بكر أشرف من خالد يتضمن إثبات الشرف لخالد مع زيادة بكر عليه فيه) اهـ. قلت أن اليازجي قد ألتبس عليه استعمال (أفعل التفضيل) فعده ذلك العد. ألا ترى أن الجملتين اللتين عدهما خطأ فيهما اسما تفضيل قد تقدمهما فعلان مختلفا الاستعمال. فالأول ذكر معه فاعله فصار أسم التفضيل (مفعولا مطلقا) وهي في الأصل صفة للمفعول المطلق) المحذوف. والتقدير (رأيته رؤية أكثر من مرة) فليس في الكرم إثبات الكثرة للمرة. أي كما ادعى اليازجي وإنما الكثرة للرؤية. فالمصدر مفضل والمرة مفضل عليه ولا خطأ في الكلام لأن الرؤية التي هي أكثر من مرة تشمل المرتين وأكثر منهما. وكذلك قولهم (جاءني أكثر من واحد) لأن الذي هو أكثر من واحد (اثنان فأكثر منهما) وتقديره (جاءني بشر أكثر من واحد) أما ضرب اليازجي (بكر أشرف من خالد) مثلا للاستدلال فمرغوب عنه لأن ما قبل أسم التفضيل في المثل (أسم هو بكر) وقد ارتبط اسم التفضيل بالدلالة على التفضيل صريحا. فلو كان قد قال (جاءني أشرف من خالد لأصاب حقا. وتقدير قوله (جاءني إنسان أشرف من خالد). ولكن حذف الموصوف فنابت الصفة منابه فليس من خطأ ثم. 6 - وقال في ص 123 ناقلا عن اليازجي (أما هاته فلم ترد في شيء من كتب المتقدمين وما هي بالفصحى ولا الفصيحة) قلت ذلك جزم يدل على أن اليازجي قد قتل كل كتب اللغة بحثا وتفتيشا فلم يجدها ولكن الحقيقة غير ذلك فقد وردت في كتب المتقدمين بنص صريح. قال أبو العباس المبرد (ذي: معناه ذه. يقال: ذا عبد الله وذي أمة الله وذه أمة الله و (ته) أمة الله ثم قال: وتقول (هاته هند وهاتي هند) وذلك في الجزء الثالث من الكامل. الكلام في ص 59 و60 وفي مختار الصحاح (تا اسم يشار إلى المؤنث مثل ذا الذكر و (ته) مثل (ذه) فاليازجي مخطئ في ما ذهب إليه لا محالة لن المبرد ذكر (ته) وأدخل عليها (ها) التنبيه والمختار ذكرها من غير (ها). (لها بقية) مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة أألمذمر أم السماوة؟ قرأنا في مجلة المعهد الطبي العربي (194: 6) مقالة هذا نصها: موازنة بين كلمتين (مذمر) و (سماوة) جاءتنا المقالة الآتية من حضرة اللغوي الكبير الشيخ عبد القادر المغربي عضو المجمع العلمي تعليقا على كلمة مذمر فنشرناها شاكرين له غيرته على اللغة. حضرة الفاضل رئيس إنشاء الطب العربي. قلتم في الجزء الأول الصادر في هذه السنة من مجلتكم تعليقا على كلمة (مذمر) أن العلامة الأب أنستاس الكرملي هو الذي وضع هذه الكلمة لتقوم مقام كلمة الأفرنسية التي يراد بها الصورة النصفية وأن (المغربي) وضع كلمة (سماوة) للدلالة على ذلك المعنى. وكنتم قبل هذا التعليق سألتموني لماذا لم ارتض كلمة (مذمر) وعدلت عنها إلى (سماوة) مع أن مذمر تفيد معنى كل الإفادة هكذا قلتم وهاأنا أملي رأيي عليكم. أول من أشار بوضع كلمة (سماوة) للصورة النصفية هو الشيخ مكي الخضر التونسي. وقد نشر ذلك في مجلة (الزهراء). فلما أطلع على قوله الأب أنستاس ذكر في مجلة (لغة العرب) ما قاله الشيخ مكي ثم عقبه بأن كلمة سماوة غير موافقة للكلمة الافرنسية وأن كلمة (مذمر) أصلح منها للاستعمال. ولما قرأت قولهما راجعت كلمة (مذمر) وتأملت في معناها وطرائق

استعمالها فلم أجدها تفضل على كلمة (سماوة) لا من جهة دقة المعنى ومطابقته للمراد من كلمة ولا من جهة رشاقة اللفظ وعذوبته. ولذا عولت على اختيار كلمة (السماوة) فذكرتها في جملة (الكلمات الجديدة) التي أشير على الكتاب والمحررين باستعمالها في كتاباتهم وأنشر هذه (الكلمات الجديدة) في جريدة (ألف باء). وقد قلت عند الكلام على (سماوة) ما نصه: (أستحسن بعض الفضلاء أن نستعمل كلمة (سمامة) للصورة الكاملة: ففي كتب اللغة أن (السمامة) تطلق على شخص الرجل بتمامه إذ يقال (فلان بهي السمامة. ظاهر الوسامة) كما نقول بهي الطلعة. ولا نريد إلا شخصه كله أما الصورة النصفية فنستعمل لها كلمة (سماوة) بالواو: ففي كتاب الأماني لأبي علي القالي (جزء 1 ص 25) أنه يقال لا على شخص الإنسان (السماوة). وفي القاموس وشرحه: (سماوة كل شيء شخصه العالي اهـ). هذا ما قلته استنادا إلى نصوص علماء اللغة. وعباراتهم واضحة جلية تشف عن المعنى الذي نريده لكلمة كما يشف البلور الصافي عما أشتمل عليه. أما عبارات علماء اللغة في تفسير كلمة (المذمر) فلا تشف عن المعنى الذي نريده لكلمة إلاّ بتكلف: ففي القاموس وشرحه أن المذمر كمعظم القفا. وقيل المذمر أسم لعظمين في أصل القفا. وهذان العظمان كما يسميان (المذمر) يسميان أيضا (الذفرى وقيل (المذمر هو الكاهل. وقد جمع الأصمعي بين هذه المعاني في تفسير (المذمر) فقال المذمر الكاهل والعنق وما حوله إلى (الذفرى) و (الذفري) كما مر هي العظمان في أصل القفا أو العظم خلف الأذن. وإنما سمي هذا المكان ن القفا (مذمرا) بفتح الميم المشدودة لتعلق فعل (التذمير) به. و (التذمير) أن يدخل الرجل (المذمر) بكسر الميم المشدودة (والمذمر للإبل كالقابلة للناس) - يده في حياء الناقة فيلمس مذمر جنينها الذي في بطنها (أي يلمس قفاه أو العظمين اللذين في قفاه أو العظم الناتئ خلف أذنه أو كاهله) - فيعلم إذ ذاك أن كان جنين الناقة ذكرا أو أنثى. وقال بعضهم في تفسير (التذمير) هو أن (المذمر يلمس المذمر أي لحيي الجنين: فإن كانا غليظين كان الجنين فحلا. وإن كانا رقيقين كان ناقة. وهذا التفسير زادنا في معاني (المذمر) أن يكون بمعنى (اللحي) وهو عظم الفك.

فنلخص من هذا جميعه أن (المذمر) في لغة العرب هو عضو من أعضاء الجسم لا يعدو أن يكون (القفا) أو (العظمين في القفا) أو (العظم خلف الأذن) أو (الكاهل) أو (اللحي). هذه هي المعاني التي يتعاورها لفظ (المذمر). وعبارة التاج التي نقلها الأصمعي وهي قوله (المذمر الكاهل والعنق وما حوله إلى الذفرى) وهي التي أستند إليها الأب أنستاس - موجزة فسرها الأصمعي نفسه وأوضحها بأكمل إيضاح. ففي شرح نقائض جرير والفرزدق (جزء 1 ص 352) طبعة أوربا عند قول الفرزدق: (كيف التعذر بعد ما ذمرتم ... سقبا لمعضلة النتاج نوار ما نصه: (ذمرتم أي مسستم مذمرة عند نتاجه، وقال الأصمعي) للمذمر مكانان يمسهما المذمر: فأحدهما ما بين الأذنين إذا وجده غليظا تحت يده علم أنه ذكر. وإذا رآه يموج تحت يده علم أنثى. والمكان الآخر: أن يمس طرف اللحي فأن وجده لطيفاً علم أنه أنثى وأن وجده جاسئا (قاسيا صلبا) علم أنه ذكر اهـ) فبعد هذه النقول كلها لا يصح القول بأن (المذمر) له معنى لغوي باعتباره يصح إطلاقه على الصورة النصفية للإنسان. وإنما (المذمر) مكان خاص أو عضو خاص من النصف الأعلى للإنسان بل ربما كان أكثر استعماله في الإبل كما مر صراحة وهو لعمري لا يعدو المكان الواقع بين الكتف والرأس في العنق كما قال الزمخشري في الأساس. فالمذمر إذا مما يحسن أن يهديه صديقنا العلامة الكرملي إلى علماء التشريح عامة. أو علماء البيطرة خاصة. إلاّ أن يكون لدى الأب المحترم علم أو قول لعلماء اللغة في تفسير (المذمر) لم نهتد بعد إليه. والسلام عليك وعليه. المغربي فنجيب حضرة الأستاذ المغربي صديقنا المحبوب عن كلامه النفيس بما يأتي: (يعلم القوم أننا هيأنا معجما من الفرنسية إلى العربية كما أعددنا دواوين لغوية أخرى. وكنا قد وضعنا منذ نحو ثلاثين سنة لفظة (المذمر) لما يسميه الإفرنج وذلك بعد أن وقفنا عل كل ما جاء من الألفاظ التي تقارب

المعنى المطلوب له وضع ما يقابله في لغتنا، فلم نجد أحسن منها ولا نرى غيرها في لساننا يؤدي مؤداها. والذي زادنا تمسكا بها ما قرأناه في المخصص (52: 1) (قال) ثابت: السمامة والآل: الشخص. . . وقد يكون الشبح والسمامة والسماوة شخوص غير الآدميين. وأنشد في الشبح. . . وفي السمامة. . . وفي السماوة: سماوته أسمال برد محبر ... وصهوته من أتحمى معصب يعني (بيتا) تظلل فيه في قائلة في فلاة من الأرض) اهـ. وهذا ما يسمى بالفرنسية كما هو مدون في معجمنا، ومن أسمائه في لغتنا المبينة: السواد، والجماء، والسدف (وجمعها سدوف)، والشدف (وجمعها شدوف)، والزول واللام، إلى غيرها وهي كثيرة، فإذا كانت السماوة هي فما عسى أن تكون ولا جرم أن الصديق المغربي لو علم أن في لغة الفرنسيين لفظة أخرى تقابل كل المقابلة كلمة سماوة لما رضي أن تكون هذه الأخيرة مقابلة للإفرنجية والذي يزيدنا تمسكا بالمذمر ما جاء عن ابن مسعود، فقد قال: انتهيت يوم بدر إلى أبي جهل وهو صريع فوضعت رجلي في مذمرة فقال: يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا. قال: فاحترزت رأسه. قال الأصمعي: المذمر هو الكاهل والعنق وما حوله إلى الذفرى. انتهى عن التاج وكذلك شرحه ابن الأثير في النهاية. فهل يعقل أن يكون المذمر هنا القفا وحده أو العظمين في أصل القفا أو الذفرى؟ - أم مجموع كل ذلك إلى الكاهل حتى استطاع ابن مسعود أن يضع عليه رجليه الاثنتين؟ - فليصدقنا القارئ. والفرنسيون لا إلاّ إذا كان إلى الكاهل أي ولهذا أخطأ كل من نقل إلى لغتنا هذه اللفظة ب (صورة نصفية) إذ ليست كذلك، ويخطئ من ينقلها إلى قوله (السماوة) لأننا لو سلمنا أنها بمعنى أعلى الشخص أو أعلى الإنسان فهذا يفيدنا نصفه الأعلى وهذا خطأ كالسابق. دع عنك من قال: أن اللغويين جميعهم اتفقوا على أن السماوة والسمامة بمعنى واحد، وكلتاهما لا تفيد الصورة الواضحة المبينة للإنسان بل تفيد الشخص لا غير، والشخص هو كل شيء يرى غير واضح عن بعد، بل يرى كأنه خيال، بل (الخيال) نفسه هو من أسماء

السماوة ومرادفاتها وكذلك الظل والطيف وكل ذلك إذا لم يكن واضحا، فأن كان بينا واضحا فلا يسمى بتلك الأسماء. إذن لا يحسن بنا أن نوجه كلام السلف إلى غير معانيه كما لا يليق بنا أن نضع للألفاظ الإفرنجية ألفاظا لا تقابلها كل المقابلة إذا دققنا النظر فيها تدقيق ناقد. أما إذا نظرنا إليها نظرا مجملا بلا روية فهذه أمر آخر ولسنا من الذين يذهبون إلى الأخذ به. وبعد هذا القول الواضح الجلي ليتبع الإنسان ما يهوى فهو حر في ما يتبع. مجمل اللغة لابن فارس سألني أحد أدباء بغداد عن كتاب (مجمل اللغة) المخطوط لأحمد بن فارس المتوفى سنة 395 هـ أتوجد منه نسخ مخطوطة عندكم في (النجف فأجبته أن في النجف على ما أعلم من هذا الكتاب ثلاث نسخ (إحداها) كانت في خزانة العلامة السيد محمد اليزدي الطباطبائي المتوفى سنة 1334 هـ وقد بيعت مع جميع الكتب (المطبوعة والمخطوطة) الراجعة إلى السيد المذكور في العام الماضي ولم أعلم من ابتاعها و (ثانيتها) أبتاعها الصديق الشيخ كاظم الدجيلي نزيل لندن حين زيارته النجف في صفر سنة 1346 هـ سنة 1927 م من (أحد الكتبيين) مع كتابين مخطوطين نفيسين لا يعلم مؤلفاهما (الأول) في (علم الحيوان) وقد انخرم مقدار من أوله وآخره (والثاني) في (علم التفسير). وكانت نسخة (مجمل اللغة) التي ابتاعها الشيخ المذكور قديمة الخط كاملة الأول والآخر عليها خطوط بعض العلماء، و (ثالثها) في خزانة العلامة الشيخ علي كاشف الغطاء وهذه النسخة في غاية الحسن والنفاسة وفي أعلى مراتب جودة الخط والإعراب. وفي هذه الخزانة أيضا نسخة من (مقاييس اللغة) لأحمد بن فارس المذكور الموجودة لديكم نسخة منه. وحبذا لو تسنى لأحد عشاق الفضل وخدام اللغة العربية أحياء هذين الكتابين (المجمل والمقاييس) اللغويين بعد التصحيح والتنقيح والضبط والتشكيل ليسدي للغة العربية خالد الذكر، ويستحق بذلك جميل الشكر. النجف: عبد المولى الطريحي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة أصل كلمة بارياء س - بغداد: ب. م. م - ذكرتم في لغة العرب 782: 6 أن (البارية أو البورية فارسية لا تحتمل شكا) ثم قرأنا في إحدى مجلات بيروت مقالة لأحد الأدباء يذهب فيها إلى أن اللفظة أكدية من أو وكتب لتأييد رأيه مقالة في نحو عشر صفحات فما رأيكم؟ ج - أضحكتنا هذه المقالة كثيراً لأسباب منها: إن صاحبها أراد أن يفهمنا بأنه واقف على لغات الأقدمين والمحدثين من مسمارية الكتابة وزنديتها وارميتها إلى غيرها - 2 - ذكر وجود الأقدمين في سقي الرافدين ولم يذكر للفرس الأقدمين فيها وجوداً - 3 - ذكر فيها قوله ساخرا من علمائنا ولغويينا بهذه العبارة (أما أهل المعاجم العربية، فلعدم معرفتهم كل هذا (إنها من الأكدية وفروعها) ولوجودهم الكلمة في الفارسية. سقطوا في وهدة الضلال (كذا سامحك الله على هذه الإهانة) بادعائهم أنها فارسية فورطوا في ورطتهم حتى أئمة عصرنا الممحصين، المنتقدين، المغربلين، القائلين القول الفصل!! (كذا بنصه ونقشه على ما به من التبجح والتكبر والتصلف والتعجرف فالمسألة صغيرة تافهة لا تتحمل كل ذلك) (راجع المشرق 89: 27) - 4 - رأينا من كلام الأديب (المهذب) إنه حديث العهد بالوقوف على علم أصول الكلم. لأننا إذا أخذنا الآن لفظة من الفرنسيين أو الإنكليز أو الإيطاليين فلا نقول أننا أخذناها من القوم الذين أخذها منهم هؤلاء الفرنسيون أو الإنكليز أو الإيطاليون بل نقول: أخذناها من الفرنسيين إذا كنا تلقيناها منهم أو من الإنكليز أو الإيطاليين إذا أخذناها من أحد هذين القومين. والدليل على ذلك أننا نعرض على الكاتب مثالا من عدة أمثلة: ما تقول يا هذا

في أصل كرتون ومتر وبكلة وبولس التي اقتبسناها من الفرنسيين في المائة الأخيرة من تاريخنا؟ فإن قلت أن الكرتون من الإيطالية والمتر وبوليس من اليونانية والبكلة من اللاتينية. قلنا لك لا يوافقك على هذا التقعر أحد من اللغويين المحدثين من إفرنج وعرب لأننا أخذناها من الفرنسيين ولهذا رويناها رواية الفرنسيين وإلاّ فأن أصول تلك الكلمات الفرنسية هي كما يأتي: الكرتون الكرتون من كرتونه الإيطالية وهي من اليونانية خرطاس. والمتر من مترون اليونانية والبكلة من اللاتينية والبوليس من بوليتييا اليونانية. ولهذا لم يجز القول عندنا أننا أخذناها من هؤلاء القوام بل من السلف في كتب المعربات وحديثة نأخذها كل يوم من فرنجة هذا العصر كتلفون وفونغراف وغرامفون وغيرها بالمئات فأننا لا نأخذها من الروم أو اليونانيين بل من الفرنجة. أما أن البارية هي (بورو) بالأكدية فنحن لا ننكره. وكنا قد رأينا ذلك في شرح الألفاظ الآشورية الفرنسية لصاحبه أنط. سوبين - ص 49 في السطر 6 من العمود الثاني، لكننا لم نقبلها لأن العرب أخذوها عن الفرس الذين طووا أيامهم في سقي الرافدين مئات من السنين من آخر المائة الثالثة قبل المسيح إلى منتصف المائة السابعة بعد المسيح. لأن بلادنا حكمها آشوريون وبابليون وفرس ومكدونيون وسلوقيون وفرثيون ورومانيون والسلف والترك. وبين الفرس والأكديين كان مئات من السنين ولا جرم أنه لم يبق من اللغة الأكدية شيء بعد عهد الساسانيين وانهدام مملكتهم. ثم إن الأكديين أو الشمريين لم يعرفهم السلف في تاريخهم والاسم حديث العهد في اللغات الغربية نفسها فكيف يمكن أن يقال أن العربية من الأكدية. نعم أن أجدادنا الناطقين بالضاد اتصلوا بالفرس والفرس بمن سبقهم من البابليين والآشوريين بيد أن الألفاظ التي اقتبسوها منهم أفرغوها في قوالب لغتهم (فتفرست) ولم

تبق أكدية أو شمرية. ثم من قال له أن الأكديين هم الذين وضعوا هذه اللفظة. فقد يحتمل أن جيلا آخر سبق الأكديين في ديار الرافدين وهم الذين نقلوها عن غيرهم أو وضعوها هم بأنفسهم إلى غير ذلك من الاحتمالات. ومهما يكن من أمرها فأنها نقلت إلى (صيغة فارسية) أي إلى بوريا ولم تبق بورو؛ فهي في لغتنا (فارسية الأصل لا تحتمل شكا) مهما حاول الخلاف حضرة الشيخ شارح الخنفشار الذي يعارض بعلمه بيك الميراندولي الذي قيل عنه أنه كان يتقن كل ما يعرف وما وراء ذلك - ولهذا إذا وضعت معجما عربيا وأردت أن تذكر فيه أصل كلمة برياء يجب عليك أن تقول أنها من الفارسية (بوريا) ولا يجوز أن تتعدى في أصلها إلى ما وراء ذلك فهذا عائد إلى الباحث عن أصلها في الفارسية فتأمل ترعو. وهناك أدلة أخرى على ما نقول مأخوذة من ألفاظ العراقيين أنفسهم في عصرنا هذا. فأنهم يسمون مستودع البضائع ومحل بيعها بالمغازة وهي تركية بلا أدنى ريب وجميع المعاجم التركية العربية تذكر أنها من الفرنسية أي مأخوذة من (مغازين أو مغازن) إلاّ أن هذه الفرنسية هي من العربية مخازن جمع مخزن فإذا سألك سائل: من أين أتى العراقيين أسم (المغازة) فلا يمكنك أن تقول إلاّ من التركية. وإذا أردت أن تتعمق في ذكر الأصل تقول: والتركية من الفرنسية والفرنسية من العربية. ومثل هذه الكلمة (همائل وهلال) فأن الأولى هي حمائل والثانية هي الخلال لما ينظف به الأسنان. فهل فهمت الآن يا حضرة (المتبحر المتبقر المتقعر) ولهذا يجدر بك أن لا تتعرض لما لا يعنيك وتهرف بما لا تعرف - ليس هذا بعشك فأدرجي) والسلام على من لا يسوقه الهوى. كذبة نيسان س - بغداد - السيد ع. ر ح - ما أصل كذبة نيسان (أبريل)؟

ج - كذبة نيسان ويسميها الإفرنج أي سمكة نيسان كذب اعتاده بعض المازحين ليخدعوا به السذج أو البله فإذا خدع قيل له (سمكة نيسان). ولم يتفق العلماء على تعيين أصلها. فمن قائل أنها ابتدأت في أواخر المائة السادسة عشرة للمسيح في حين انقطاع رأس السنة من أن تكون في أول نيسان لأنها كانت تبتدئ في هذا الشهر في الأزمن السابقة فاتفق أن ملك فرنسة وكان يومئذ شارل التاسع يقيم في قصر روسليون في دوفينة من أعمال فرنسية في سنة 1564 وأصدر مرسوما يقول فيه أنه ينقل رأس السنة الميلادية إلى شهر يناير (ك2) بدلا من أول نيسان (أبريل) ولما وقع هذا التغيير لم تعط هدايا العيد إلاّ في اليوم الأول من رأس السنة المحولة ولم يبق في أول نيسان إلا تبادل التهانئ تهانئ المزاح - للذين بقوا محافظين على رأس السنة القديم واستصعبوا بدءها في أول يناير (ك2) -، بل زادوا الطين بلة أنهم أخذوا يشيرون إلى عقليتهم التي لم تنطو على التغيير الجديد بأن يهدوا إليهم هدايا فارغة أو بأن يرسلوا إليهم رسلا كذبة. ولما كان هذا المزاج يقع في شهر نيسان (أبريل) وفي هذا الشهر تنتقل الشمس من برج السمك سمى الإفرنج هذه الكذبة بسمكة نيسان (أبريل). والإنكليز يسمون كذبة نيسان يوم أحمق نيسان وعادة إرسال أناس لقضاء أمور تافهة أو لحمل هدايا فارغة معروفة في ربوع أوربة كلها وقد امتدت إلى أميركة وأسترالية وغلى جميع الديار التي دخلها الإفرنج وتكاد تكون في أصقاع الشرق كله، ولا سيما البلاد التي يكثر فيها الغربيون. ومن الآراء في أصل هذه العادة المكروهة أن الإفرنج أخذوها من عيد هومي في الهند وفي ذلك اليوم يباح الكذب المحتفلون وقيل هي ذكرى لإرسال هيرودس المسيح إلى بلاطس وهذا إلى قيافا. وهناك غير هذه الآراء وكلها لا تقوم قيام الرأي الأول الذي أثبتناه في رأس الجواب. وقد ألقي هذا السؤال على جرائد ومجلات عربية مختلفة في سورية وديار مصر وكلها أجابت أجوبة ناقلة إياها من كتب الإفرنج إذ العادة إفرنجية: أما سلفنا فأنهم كانوا يجهلونها. والرأي الذي أوردناه لم تذكره صحيفة من صحفنا المذكورة.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد موادنا النقدية سألنا بعض القراء عن تتمة مقال الأستاذ العلامة أحمد أفندي الشايب عن (الأخطل) فنجيبهم بأننا لم نتلقه بعد بسبب انهماك صديقنا الأستاذ في واجبات التدريس، ومتى سمح له وقته ووافانا به أحللناه منزلة الاعتبار الواجبة لعلمه وأدبه. وسألنا غيرهم عن إتمام نقدنا لديوان العقاد ولديوان الحوماني وللبستان (معجم البستاني الحديث) باعتبار أن مثل هذا النقد الأدبي جامع لفوائد شتى حقيقة بالعناية والدرس. فجوابنا أنه لم يعقنا عن ذلك سوى كثرة المواد الأخرى كثرة غالبة، ولا مانع عندنا غير هذا العذر الاضطراري. وربما كان في ما نشرناه نماذج كافية تغني عن بقية النقد. ولا غرض لنا على أي حال سوى خدمة اللغة وآدابها. 41 - محمد والمرأة ابن خلدون في المدرسة العادلية - محاكمة وزيرين في أمرين خطيرين هذا الكتيب بقطع الثمن الصغير قوامه (83) صفحة مطبوعة بالحرف الأوسط بمطابع (قوزما) وقد ضمنه مؤلفه (الشيخ عبد القادر المغربي الأستاذ) ثلاث محاضرات له وجعله هدية الكشاف الثانية لعام 1928م وعناوين هذه المقالات هي عناوين هذا النقد بعينه. ففي الأولى تكلم على بعض الأحاديث النبوية الشريفة في سعادة المرأة وعلى الحجاب وتعدد الأزواج والطلاق وعلى يد المرأة المسلمة العاملة في نهضة المسلمين وفي الثانية تكلم على محاكمات الدولة العباسية وأن القضاء في أواسط زمنها أمسى قضاءا على الحق وإجهازا على العدل المثخن بالجروح وفي الثالثة تكلم على صفات ابن خلدون ومراوضته أعداءه

وفضله على طلاب العلم، فهذا الكتيب جدير بالمطالعة، خليق بالتصفح حري بالمدح ولنا فيه لحظات: 1 - قال الشيخ في ص 24 منه حول الأفشين ابن أبي الساج (تارة يكون عاملا من قبل خمارويه. . . وطورا من قبل الموفق الخليفة العباسي) وهذا وهم منه لأن (الموفق) لم يكن خليفة وإنما كان أخا المعتمد الخليفة العباسي (256 - 289) هـ غير أنه كان الآمر الناهي في الخلافة. 2 - وقال في ص 54 حول ابن خلدون (وهبط مصر سنة (874) للهجرة) والصواب (784) لأنه لم يحي بعد موته (66) سنة ولأنه توفي سنة (808) للهجرة أي سنة وفاة (تيمور) الأعرج مجادل ابن خلدون في هذه المحاضرة والبطل الثاني فيها. 3 - وقال في 62 (وكان الأجدر أن يمدح ابن خلدون لا أن يذم وذلك لاختراعه طريقة (ترجمة النفس) بشكل مفكرات أو مذكرات) وليس الأمر على ما قال الشيخ فأن (الرئيس ابن سينا) 370 - 428 هـ) أملى ترجمة نفسه بهذه الطريقة والفرق بين زمنيهما أربعة قرون فكيف يكون ابن خلدون (المخترع لهذه الطريقة)؟!! 4 - كثرة الأغلاط المطبعية نقصت من محاسن الكتيب ففي ص 4 (جمعية التهذيب) وفي ص 8 (وكل امرأة أم إن لم يكن بالفعل فبالقوة) ولعل الأصل (فبالقول) وفي ص 10 (لمغيت) وفي ص 13 (نفيسة المرأة وغرائزها) وفي ص 17 (ملكات الحجبان) والأصل (لمغيث، نفسية، الحجاب) وفي ص 35 (أخبرني بها القاضي) والأصل (أيها) وفي ص 17 أيضا (نصف أرت أخيها)

والأصل (أرث) وفي ص 3 (أحاديث) أي أحاديث. 5 - الكتاب (مشحون غلطا لغويا ففي ص 3 (حقا أن مراعاة التناسب. . . هو موضع صعوبة) وفي ص 21 (فإباحة الزوجة الثالثة في شرع محمد إذن إنما هو سد لحاجة الطبيعة) والصواب (هي موضع) و (هي سد) لرجوعهما إلى المراعاة والإباحة. 6 - وقال في ص 4 - 5 (كانوا يرون في المرأة سببا لمذلتهم ولحوق العار بهم فتشاءموا بها إلى حد أن وأدوها) وكأني بالشيخ قد أغضى عينه عن قوله تعالى (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق) وقوله (ولا يقتلن أولادهن) فأي تشاؤم وعار سوى حاجتهم وكيف أشترى (صعصعة بن ناجية (280) بنتا الكامل ج 2 ص 73)؟ إن كان قتلهن خوف العار. 7 - في ص 5 (بل والتبشير) وفي ص 6 (بل وعلى قلبها) والصواب حذف الواو المفسدة للتركيب، وفي ص 8 (بل وتلميذه) وفي ص 17 (والجواب عليه) والصواب (عنه) وفي ص 18 (مهما تحرينا. . . لا بد أن يقع) وفي ص 62 (ومهما توفرت. . . لا بد أن) والصواب (فلا بد) لربط جواب الشرط وفي ص 71 (التثبت من الأمر) والصواب (في الأمر) وفي ص 20 (التي يبيح لها محمد) والصواب (يبيحها محمد) وفي ص 82 (فهو وإن كان قد رأى. . لكنه رأى) والصواب (رأى) أو (فأنه رأى) على توهم الشرط أفلم يلتفت الشيخ إلى ما نقله عن القاضي البهلول في ص 27 (إن هذا الجندي وإن كان قد جهل فأنه قد غمني) وفي ص 27 (دون العشرة مقارع) والصواب (دون العشر المقارع) أو (العشر مقارع وفي ص 30 (في آن واحد) وكذلك في ص 41 وقد أنكر الأب أنستاس ماري الكرملي (آنا) فالصواب (أوان) وفي ص 31 (ضجة عظمى. . . ثورة شؤمى) والصواب (الضجة العظمى والثورة الشؤمى) وإن كان لقومه هذا وجه ضعيف هو غير التفضيل هنا إلاّ أن الفصحاء لا يجوزون مثل هذا التعبير. وفي ص 39 (العاشر من ربيع الثاني) والصواب (من شهر ربيع. .) راجع (ربع) من المصباح المنير وفي ص 45 (تأمل فيها) والصواب (تأملها)

وفي ص 39 (زحف على بلاد الشام) والصواب (زحف إلى. . . وفي الكتيب ما فوق الثلاثين غلطة ما عدا ما ذكرنا وقد أعرضنا عن ذكرها خشية الإطالة. الكاظمية: مصطفى جواد 42 - الشفق الباكي نظيم من شؤون وعواطف، بقلم، لدكتور أحمد زكي أبي شادي عني بنشره، حسن صالح الجداوي، طبع بالمطبعة السلفية بمصر سنة (1345 هـ - 1926 م) وقوامه 1314 صفحة، بقطع الثمن الغير. 1 - الشعر الخاص بصاحب الديوان نيف وستون وسبعمائة وثمانية آلاف من الأبيات - على ما ذكر ناشره - وقد تضمنتها ثمان وسبعون وأربعمائة قصيدة ومقطوعة. الدكتور أبو شادي حامل علم التجديد والتطوير في مصر الناهضة وقائدة الأقطار العربية ومبدع أسلوب (النظم الحر أي الشعر المرسل) وأنك لتبصرن على حياته الفلسفية والخيالية والحقيقية في ما اضطرمت عليه دفتا هذا الديوان من الشهر السامي الكامل اللذيذ الطعم الوثير الشريعة المطفئ أوام العربية، ففيه (الحقائق النيرة والخيال البديع والغزل الشريف والتشبيه الجميل والصراحة الناضجة والفلسفة العليا والوصف المعجب والقصص الحق والتنبؤ الصادق والمناظرة العادلة والرثاء الخالد والحكم الرصيفة والتاريخ الوعظي والمداعبة الجليلة والملاعبة الحنون والأبعاد المهلع والتصوف النزيه والإيمان بوجوب خدمة الوطن) وغير ذلك من شؤون ذات شجون (ومن يلم بهذا الديوان القيم الثمين يجد عذوبة اللفظ وسوغ التعبير والكلم المستأنس الأنيس والإبداع المستحق للاستبداع، فهو ينبوع أدب عال مزيج من العربي والغربي لا يستغني عنه الشاعر في خلوته ولا الأديب في مطالعته ولا العطار في دكانه ولا الفلاح في مزرعته. وكيف يستغني عن غذاء الروح ورقوه الجروح وموقظ النفوس؟

أجل أن الدكتور أبا شادي آس للجسوم كما أن شعره آس للنفوس أضيف إلى ذلك دماثة أخلاقه الشهيرة ورقة طباعه الكريمة، وحنان نفسه وإيلاعه بحب الحق، وبساطة يديه، ولباقته الوافرة، وأن امرأ هذا صفاته لقمن بالتعظيم والقدر والاعتداد وأن شعره لخليق بالتبجيل والإجلال والاستعظام لأنه فيض نفس عالية طاهرة ماهرة، وشآبيب قلب طافح بالحق والسلامة والرأفة رأيت لمحا باصرا أن ناسا في مصر نعوا على الدكتور المبدع (طريقته المرسلة المبدعة) بأنها تشذ عن القوافي وتزور عن الوزن وهم ينسون أو يتناسون أن الشعر الحي هو ما كان ملاكه (المعنى الواضح والتعبير السجيح والإرب السامي) فليس الوزن والقافية إلا جلبابين من جلابيب الشعر يلبسهما إياه من أحب ويعريه منهما من لم يحب، أو لم يروا إلى (عبد الرحمن بن حسان بن ثابت) حينما لسعه زنبور وهو صبي فجاء أباه يبكي فقال له حسان: مالك؟ فقال: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة) فقال حسان (قلت والله الشعر) فهذا شاعر الإسلام المخضرم قد أيد أن الشعر شعر من حيث المعنى لا الوزن، ومن حيث الإبداع لا القافية، بل ألم ينظروا إلى (ابنة لبيد بن ربيعة الصبية) لما مدحت الوليد بن عقبة بالأدبيات التي آخرها: فعد إن الكريم له معاد ... وظني بابن أروى أن يعودا فقد قال لها لبيد أبوها (أحسنت يا بنيتي لولا أنك سألت) فقالت له (إن الملوك لا يستحى من مسألتهم) فقال لها (يا بنيتي وأنت في هذا أشعر) فهذه الصبية النابغة لم تأت بوزن في قولها الأخير ولا قافية وإنما أرسلته حكمة وجوابا رصيفا فعدها أبوها في النثر أشعر منها في الشعر المتعارف. فالأديب يدرك من هاتين القصتين مراد العرب بالشعر وهم في ذلك الزمن أي غرة القرن الأول للهجرة ويعلم أن هذا دليل لا يسيخ ولا يتداعى. في الفرنسية استعارة (أصلية مجردة) تستعمل للكتاب المفيد فائدة عظيمة ونصها الإنكليزي (أي عرق الفائدة المثرية ينبض) ولعمري أن عرق الفائدة الفنية لينبضن

كثيرا حينما يقرأ الإنسان في هذا السفر الفريد الفوائد الكثير الفرائد لأن صاحبه (عفيف النفس) بإجماع أدباء مصر على ذلك والعفة خير ما يزين به الإنسان في الحياة وخير زاد لمن يؤمن بما بعد الممات ولا يزال الغربيون ينقلون معجبين عن العرب: أي (إن العفة شجرة جذورها القناعة وثمرها السلامة) وهذا الدكتور الفاضل يعد السعادة (طهارة القلب وصفاءه) على غرار قول الغربيين وهو مشهور بإحسانه إلى المسيئين إليه وتجاوزه عن المخذلين عنه وحبه للناس وحسن ظنه بهم وما أحسن ما نقله الفرنجة عنا: أي (دعنا نكن كالأشجار تنتج ثمرها للذين يرمونها بالحجارة) وهو دؤوب على التصريح بالحقيقة خصوصا (وجوب العطف على الإنسانية المعذبة وبيانا عن الخلافة الإسلامية وتمجيد عظماء التاريخ) والصراحة من صفات الكمال الإنساني وقد أعجب الغربيون بقولنا فيها وترجموه فقالوا أي (لا تكتم الحقيقة إذا تبينتها ولا تلبسها ثوب الزور) والدكتور أيضا مشهور بانتباذه عن التعصب المردي يمدح (الطيب) لأنه طيب غير ملتفت إلى كونه من (خبيث أو طيب لأن الأصل غير الفرع، ألا ترى أنك إذا ركبت (برعوما) لشجرة مثمرة على غصن شجرة عقيمة أتى أكله وافرا لذيذا وأصله عقيم لئيم؟ يقول الغربيون وينسبون هذه الحكمة إلى العرب ومضمونها (عاشر الذين يشعرون بفرق بينك وبينهم أيا كان دينك، فإذا اختلطت بهم مختارا ولم تغضب حين سماعك إياهم فقد بلغت السلام وكنت أستاذا في التأديب والتهذيب) وأنها لحكمة

سامية قل من احتذاها في حياته فنحن أحرياء أن نتبع ما عزي إلينا من هذا الأدب الحي. وإن الدكتور أبا شادي شاعر فحل وكمي مدجج بالسلاح في ميدان الشعر فلا بدعة في أن استنتل من صفة يصاول ويتحمس ويقبل ويدبر فالاسنتال المحكم من صف الشعراء فن برأسه ودال على الإبداع وزيادة الإتقان، وبأي حق يعاب من قطف ثماره اليانعة بيديه وكيف يجبر على اتخاذ سلم أو غيره والقطوف دانية؟ أما حبه لمصره العزيزة فلا يؤثر فيه المدح ولا الذم لكونه قد أستحوذ عليه منذ طفولته فصار كالغرائز أي الانطباعات النفسية التي توجد بوجود صاحبها في الدنيا وأنك لتجدنه يقول في قصيدة (حامد القار ص 258): إن العروبة والكنانة ملتي ... دين يوحده الوفي العابد فلوطني روحي وكل جوارحي ... ولكم حنيني والشعور الماجد يكفي لنا النسب العتيد مجمعا ... فجميعنا صيد رماه الصائد فلا تنشب أن تجل هذا الشعور المبارك النير والاعتراف بحق العروبة وكل من ينتسب إليها وهم الآن فرائس بين الشدوق وأنظر إليه في قصيدة (بعد الفراق ص 678) يقول: نزحت عيوفا عن بلاد أحبها ... تساق بها الأحرار للخسف والضيم أقمت بها عمرا على الوجد صابرا ... وخلفتها بين التلفت وألام ذكرت بها بدرا ضللنا لبعده ... فأرسلت توديع الفؤاد على أليم ولقد صدق القول المأثور (لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه خير من أن يمتلئ شعرا) فأنت ترى نفس شاعرنا الفحل مضطربة حيرى تغذت بالحب وشربت الإخلاص، وتحلت بالوفاء والهمة فلم تتمكن بيئتها من تحملها. ثم الحظه في ص 914 وهو يقول (أيها المصريون اعرفوا واجبكم) فينشد (اعرفوه، اعرفوه يا رجال: اعرفوه). له بقية مصطفى جواد

43 - معجم إنجليزي عربي تأليف الدكتور محمد شرف وهو معجم في العلوم الطبية والطبيعية (مبني على المعارف الحديثة) للاصطلاحات والمفردات المستعملة في الطب، التشريح، علم وظائف الأعضاء، الجراحة، القبالة، المادة الطبية، أمراض النساء، الأطفال، العيون، الأعصاب، الجلد، الطب الشرعي، علوم النبات، الحيوان، الكيمياء، الطبيعيات، الكهربائية، علم حفظ الصحة، الصيدلة الخ. وصاحب هذا التأليف من أشهر الأطباء علما الدكتور محمد شرف بك، عضو كلية الجراحين الملكية بإنجلترا ومجاز الطب من كلية الأطباء الملكية بلندن وجراح بمستشفى الملك وهذه هي الطبعة الثانية بعد التنقيح والإضافة. حقوق إعادة الطبع والنشر محفوظة للمؤلف. طبع بالمطبعة الأميرية بالقاهرة سنة 1928 في 971 صفحة بقطع الربع. وفيه 12 ص للتصويبات و42 للمقدمة وقيمته 150 قرشا مصريا. كل ما ذكرناه إلى هنا نقلناه عن هذا المعجم النفيس الذي يحقر بجانبه كل معجم من جنسه. والمقدمة وحدها تقع في كتاب قائم بنفسه ذي منافع جليلة لكل من يزاول النقل عن اللغات الأجنبية، أو يعالج تعريب الألفاظ، فأن مصنفة وقف على أسرار الوضع والترجمة والتعريب وأجاد في ما أفاد. ونكاد نوافقه في كل ما أثبته في مقدمته هذه النفيسة. وفي صدر هذه المقدمة الجليلة يذكر المؤلف ما عاناه من التعب في تحقيق ما وضعه. وهذا بعض ما ورد في ص 7 و8: انتهيت في ختام سنة 1914 إلى اقتباس طريقة شنون من الطرق الحديثة لتنظيم القيد والمراجعة وتوفير الزمن والجهد، وأخذت في تقييد كل لفظ أو مفرد عربي على تذكرة خاصة وإمامه ما يقابله بالإنجليزية أو اللاتينية أو الفرنسية. وكنت كلما طالعت كتابا أو ديوانا أو معجما من معاجم العربية المختلفة المؤلفة قديما أو حديثا استخرجت منه المفردات والألفاظ معاجم العربية المختلفة المؤلفة قديما أو حديثا استخرجت منه المفردات والألفاظ المطلوبة، مثبتا أمام كل لفظ مرجعه وأسانيده ومواضع نقله ومواطن أخذه بالأرقام والاختزالات احتياطا للدقة العلمية واستظهارا على كل معترض. ولما استنفدت قراءة دواوين اللغة والشعر والمعاجم والموسوعات العربية.

وأخذت بغيتي وما عرب أو ألف في علوم الطب والطبيعيات قديما وحديثا ولم يبق بين كتب الأدب والشعر والعلوم مما تتناوله الأيدي، أو كان مكنوزا في الخزائن العمومية إلا وأجلت فيه نظري؛ تجمع لدي زهاء 45000 تذكرة، بدأت في ترتيبها على حروف المعجم الأجنبية واضعا كل حرف في صندوق خاص مرقوم به. وأخذت في الاستمرار على هويتي وملهاتي، أقضي بها جميع أوقات العطلة والفراغ، وأعمل على إحسانها في صمت واحتشام، واستعنت بكاتبين للنسخ على الآلة الكاتبة ومراعاة الترتيب الهجائي. وإذا علمت ما بذلته من الجهد وكيف كنت مكبا على عمل لا أفارقه، ناسيا في خدمته الشهوات حريصا على ادخار كل ما يعاونني وتدوينه أولا بأول ثم مبلغ جهدي في ضبط الألفاظ والمفردات، والنظر في كل كلمة من كلمة حتى إذا رأيت مفردا أو معنى ناقصا أو مفقودا ظللت أبحث عنه حتى أجده والتمسه من مظانه. . .) له بقية 44 - برنامج سيدة النجاة الخيرية السريانية المؤسسة في بغداد سنة 1913م بلغ دخل هذه الجمعية الخيرية ونفقاتها من شهر أيلول سنة 1926 إلى نهاية كانون الثاني 1929 9632 ربية ونصفا. ووجدنا في آخر صفحة كلمة (جمعيكون) فلم نفهم في أي فرع من فروع اللغة الهندية هي هذه الكلمة ولعلها بمعنى (المجموع). 45 - الطلائع صور وأحاديث موجزة عراقية وغيرها لمحمود أحمد، طبعت بمطبعة الآداب ببغداد سنة 1929 في 128 ص بقطع الثمن الصغير. محمود أحمد من كتابنا العراقيين المعروفين برشاقة الأسلوب العصري، وهو إذا وصف لك واقعة صورها لك تصويرا بديعا. وهذه (الطلائع) شاهدة على ذلك. وقد جعل ثمنها ربية واحدة وخصص نصف ربحها بجمعية حماية الأطفال. ونتوقع أن يبرز لنا بقية ما وعدنا به من قصصه.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - ابن سعود وجيرانه نشرت (أم القرى) الجريدة الرسمية للدولة السعودية في افتتاحية لها أن بين نجد والعراق ما يشم منه رائحة التحامل ونفت نفيا باتا قول القائلين أن نجدا وملكها يمالتان الأجنبي على العراق بشن الغارات على ديار سقي الرافدين في مطاوي اشتداد الأزمة بين بريطانية العظمى وربوع الفراتين لغاية أن تغصب الدولة الأجنبية دولة العراق حتى تنقاد هذه لتلك. وزادت على ما تقدم أنها قالت أن نجدا لم تكن يوما من الأيام إلا الحافظة لعهد العروبة وأنها لن تكون آلة مسخرة بيد الأجنبي مهما اختلفت أسماؤه وألقابه ولا سيما غايته القضاء على أنفاس العرب الحرة. 2 - حكومة نجد وحادثة المستر كرين أنفذت حكومة نجد إلى المستر كرين كتابا أظهرت فيه أسفها على الحادث الذي وقع له على طريق الكويت (راجع لغة العرب 7: 269) فقتل فيه رفيقه المستر هنري بلكرت ونفت أن يكون القاتل من أبناء رعيتها. 3 - نبذة تاريخية في الحركة الانفصالية في البصرة لما رجع السر برسي كوكس المعتمد السامي البريطاني السابق في العراق من مؤتمر القاهرة إلى مقامه في سنة 1921 وكان قد حضر المؤتمر المستر جرجل (تشرشل) وممثلان للعراق جعفر باشا العسكري والسر ساسون حسقيل أخبر المعتمد جماعة من البصريين بأن الحكومة البريطانية تنوي تأسيس مملكة عراقية على رأسها جلالة الملك فيصل الأول، فلم ترق هذه الفكرة بعض البصريين محبي الانفصال ممن يهمهم جمع المال وحب النعيم والتلذذ بالراحة وتفضيلها على القومية الصادقة فذهب اثنان منهم إلى السر برسي وأشعراه بأنهما وجماعة من البصريين يخالفون هذه الفكرة ويودون أن تنفصل البصرة عن جسم العراق فتبقى في ظل الصولجان البريطاني متمتعة بنفسها ووحدتها دون أن تتصل بغيرها، فلم يستقبح المعتمد السامي هذه الخطة، لكن البصريين الصميم

أثاروا العواصف في وجوه المخالفين فعميت أبصارهم وولت الأدبار أحلامهم السيئة. 4 - قطعة ثوب من عهد الفاطميين اقتنت دار التحف في الحاضرة في ك2 (يناير) كسفة قصبي (والقصبي ثوب من كتان ابيض مقصب كان يعمل في ديار مصر) وفيه ثلاثة خطوط منسوجة بالحرير الأحمر والأزرق وفي أعلاها نقوش مصورة فيها طيور موشاة متقنة الصنع يقابل فيها الطائران الطائرين وفي أعلى هذه الطيور وأسفلها كتابة بالخط الكوفي محكمة التنميق لونها ابيض على بساط أحمر هذا نصها (بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلاّ الله. . . لا شريك له محمد رسول. . . عليه. . . الله عليه نصر من الله. . . لعبد الله ووليه المنصور أبو علي الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين الإمام العزيز بالله. . . المؤمنين وولي عهد المسلمين وخليفة أمير المؤمنين أبو القاسم عبد الرحيم بن الياس بن أحمد بن المهدي بالله أمير المؤمنين. . . سلام. . . لعبد الله ووليه المنصور أبو علي الحاكم بأمر. . . الإمام. . . العزيز بالله أمير المؤمنين. . . والعلم الثاني (الشريط الثاني) مثل الأول ولكنه أبين منه. والكتابة الكوفية التي عليه (الملك لله) مكررة مرارا عديدة. والعلم الثالث أصغر من السابقين. وهو منطقة زرقاء في أعلاها وأسفلها منطقتان حمراوان عليهما شيء دقيق مستدير أبيض اللون. والأسماء الواردة في الكتابة الكوفية تذكرنا بعهد الحاكم بأمر الله (الذي سمى نفسه بعد ذلك الحاكم بأمره) وبولي عهده عبد الرحيم بن الياس وكان هذا حفيد المهدي أول الخلفاء الفاطميين في أفريقية وابن عم الحاكم بأمر الله وهذا الحاكم بأمر الله هو الذي أشتهر عصره بالحوادث الغريبة الخطيرة فأمر بقتل ونفي وتعذيب وإرهاق عظماء وعلماء وأدى به الأمر في آخر عهده إلى أن أدعى الألوهية ثم قتل حين كان خارجا يتنزه ويظن أنه سم، وأما عبد الرحيم بن الياس فنصب أولا حاكما على دمشق ثم أتى به إلى مصر بحيلة فمات مسموما في السن. 5 - الآثار العادية في أور دعا المستر (سندي سميث) مدير دار التحف العراقية المعين حديثا لها جماعة من أصحاب الصحف والمجلات

إلى مشاهدة العاديات التي كشفت في أور (المقير) والتي ترتقي في قدمها إلى خمسة آلاف سنة. فإذا تلك الآثار نفيسة جدا. ولا بد من أن نصف شيئا منها في فرصة أخرى لاكتظاظ هذا الجزء بموضوعاته. 6 - القوارب الطيارة في البصرة كذبت حكومتنا تكذيبا رسميا النبأ الذي نقله رويتر عن إنشاء قاعدة بحرية بريطانية في البصرة للقوارب الطيارة الإنكليزية ومما جاء في البلاغ المذكور أن الحكومة البريطانية أعربت في شهر ت2 (نوفمبر) 1928 عن رغبتها في إنفاذ أربعة قوارب طيارة في سنة 1929 إلى خليج البصرة اختبارا لفوائدها لمقاصد شتى في الحالات الجوية المرتبكة في خليج فارس، على أن تكون البصرة مركزا لها إلى أجل مسمى وذلك خلال مدة الاختبار التي تمتد إلى 18 شهرا أو إلى سنتين وكل ذلك برضا الدولة العراقية وقد وصلت ثلاثة من هذه القوارب إلى بغداد في 13 مارت ونزلت في دجلة أمام المستشفى العسكري في الهنيدي. وكان مسير هذه الطيارات من لندن إلى مرسيلية إلى مالطة إلى نابولي إلى أبو قير إلى الإسكندرية ثم طارت صباح الأربعاء 13 مارت من هذا الثغر متجهة شطر حلب واستمرت في سيرها فوق الفرات حتى الفلوجة فاتجهت إلى عاصمتنا فمرت فوقها عند الساعة 3 والدقيقة 15 وطالت رحلتها من الإسكندرية إلى حاضرتنا (والمسافة زهاء 750 ميلا) يبع ساعات ونصفا. ثم طارت في الساعة العاشرة من صباح 14 مارت إلى مقرها في البصرة. 7 - طلبة الطيران عندنا اختارت وزارة الدفاع ستة شبان لتدريبهم على الطيران واتخاذهم في جملة القوة الجوية العراقية المنوي إنشاؤها في السنة القادمة. وبلغ عدد الذين يدرسون في الآليات في الطيران أربعة وعشرين شابا. 8 - حديقة الأطفال في باب المعظم همة الحكومة العراقية بعناية صحة الأطفال عظيمة لا تجارى. وقد أنشأت في هذه السنة حديقة بديعة لهم ليلعبوا فيها ويمرحوا ويرضوا فيها أبدانهم الغضة وفتحت أول مرة في 12 مارت (آذار) فذهب إليها تلاميذ المدارس من البنين والبنات الذين دون العاشرة من سنهم والدخول فيها مجانا كما هو الأمر في حدائق البلاد الراقية، وفي هذه الحديقة الجديدة من أنواع الألاعيب

ما يجذب كل طفل وطفلة إلى قضاء الوقت فيها والى الانتفاع بما فيها من أدوات الراحة والترويض وتربية صحة الجسم والمحافظة عليها. بارك الله في سعي المحسنين إلى الوطن. توحيد المصطلحات العلمية في الطب والعلوم المتصلة به منشور (الجمعية الطبية المصرية) للعالم العربي رأت (الجمعية الطبية المصرية) أن المؤلفات والتراجم في الطب والعلوم المتصلة به قد زادت كثيرا في اللغة العربية بما يظهر في مصر وغيرها من البلاد العربية من وقت لآخر، وقد لوحظ بعين القلق تفنن الكاتبين في العلم الواحد في نحت وتعريب المصطلحات العلمية وكثيرا ما يروق لكل كاتب ألفاظ تغاير ما يختاره الآخر ولذلك تعددت المصطلحات لغرض واحد. ولما كان أساس العلم الاتفاق على لفظ واحد ينصرف إلى معنى خاص لا يتعداه إلى غيره ولا ينصرف ذهن قارئه إلى غير ما وضع له اللفظ مما دعا الأمم الأوربية إلى نحت مصطلحاتهم العلمية من اللغات القديمة كاللاتينية واليونانية حتى لا يكون لدى القارئ أي معنى غير ما اتفق عليه وتستعمل هذه المصطلحات في كل اللغات الأوربية الحديثة حتى سهل على المعلمين بكل علم مراجعة الكتب الموضوعة فيه بأي لغة من اللغات. لهذا تناشد (الجمعية الطبية المصرية) جميع الكاتبين باللغة العربية في المواضيع الطبية أن يأخذوا بالمصطلحات التي جمعت في معجم الدكتور محمد شرف، على أن الجمعية ترحب بكل اقتراح أو تصحيح لأي لفظ وارد بالمعجم المذكور أو وضع ألفاظ جديدة لم ترد به وقد شكلت لجنة من حضرات المذكورين بعد وبينهم المؤلف لفحص جميع ما يصل للجمعية من الاقتراحات في هذا الشأن وإقرار الصالح منها وإدخاله بالطبعات التالية للمعجم كتعهد المؤلف بذلك: سعادة أحمد تيمور باشا وحضرات الشيخ أحمد السكندري وخليل بك مطران والدكتور أحمد عيسى بك والدكتور نجيب بك محفوظ والدكتور محمد بك عبد الحميد والأستاذ أحمد أمين والدكتور أحمد زكي بك أبو شادي ومحمد أحمد الغمراوي أفندي وعازر أرمنيوس أفندي والدكتور محمد شرف بك والدكتور محمد خليل عبد الخالق. وترى الجمعية في حضرات من ضمتهم هذه اللجنة من الأعضاء خير

ضمان لبذل الجهد الصادق في تحقيق أماني المتكلمين بالعربية إزاء هذا الموضوع الخطير كما أنها تأمل معاونة جميع الكتاب وإرسال اقتراحاتهم إلى سكرتيرية (الجمعية الطبية المصرية) رقم 5 بشارع الصنافيري بالقاهرة. 10 - قدوم السر جلبرت كليتن قدم إلينا السر جلبرت كليتن ومعه عقيلته راكبين الطيارة فاستقبلهما في المحطة في صباح السبت الثاني من آذار (مارت) جم غفير من كبار القوم. 11 - عطاء الخطيب توفي فجأة في 22 ك 2 (يناير) بالسكتة القلبية حين كان في دار طبيبه وكان قد ذهب إليه ليستشيره في أمر ما شعر به. وكان نائب لواء كوت العمارة وله وقوف على صناعة الترسل ونظم الشعر. ولد في شهرابان في سنة 1885 ثم نقله والده إلى بغداد فأدخله المدرسة الإعدادية الملكية ثم تنقل في المدارس حتى رسا فكره في الانقطاع إلى الدرس بملازمة شيوخ مدرسة الفضل ومنها بعد حين تلقى الحقوق في بغداد وفي سنة دراسته الأخيرة لها نشبت نيران الحرب (1914) فلم يتمكن من الحصول على الشهادة. وكان يتقن التركية والفارسية والكردية وشدا الهندية حين نفاه الإنكليز إلى ديار الهند. 12 - الطاعون في بغداد وقعت ثلاث إصابات من الطاعون في جانب الرصافة في بغداد في الأسبوع المنتهي في 9 آذار ووجدت سبعة جرذان مصابة بالداء المذكور (5) منها في محلة قهوة شكر وجرذان في صبابيغ الآل والحكومة تبذل وسعها لقطع دابر هذا الوباء. 13 - الإخوان في أنحاء الكويت نزل (ابن حميد) رئيس عشيرة عتيبة المخلوع من إمارة (عيينة) بجوار الكويت في موضع اسمه (الطرفية) ومعه جماهير من الخلق ونزل (ابن ربيعان) في موطن آخر اسمه (المستوى) بالقرب من الكويت أيضا ومعه جماعات من الغزاة. وفي 3 آذار (مارت) هجم هؤلاء الغزاة على العراقيين الذين في تلك الأنحاء فنهضت طيارات العراق قبيل الظهر من (الشعيبة) فحاصرت الغزاة في موطن يبعد عن جنوبي الكويت نحو عشرين ميلا. وكان عدد الغزاة نحو ستمائة مقاتل راكبين ثلثمائة بعير وهم يسوقون قطيعا جرارا من الشاء وحالما لمحوا الطيارات تحوم فوق رؤوسهم ابتدروها

بإطلاق الرصاص فقابلتهم بوابل من القنابل وأغرقتهم برشاش مدافعهم فولوا الأدبار لا يلوون على شيء ويظن أن الغزاة كانوا من عشيرة (مطير) والمغزوين كانوا عشائر عراقية مختلفة بينها عشائر بني مالك. وقد نالت رصاصة من رصاص الغزاة طيارة فأصابت العامل في اللاسلكي الطيار فقتلته في أثناء عمله وأودع مقره الأخير بعد ظهر 4 (مارس) آذار. وبعد يومين أي في (6 منه) هجم أخوان آخرون على القبائل العراقية والشائع أن ابن حميد المذكور أغار عليها ومعه 3000 مقاتل وكان المغزوون من البدو وزياد وشمر ويبلغ عدد خيمها جميعا ألفين فوقع بين الفريقين معركة شديدة لم تتحقق خسائرها. ويقال إن بين العشائر المنكوبة قبيلة العقيلات وأن خسارتها لا تقل عن ثمانمائة بعير وفقدت عشائرنا أكثر مواشيها وغنمها.

العدد 69

العدد 69 - بتاريخ: 01 - 05 - 1929 حضارة الإسلام ومفكروه (مفكرو الإسلام) لكرا دى فو الجزء الثالث تتمة حقا إن جزءه الثالث يستحق مركزا لا شك في كونه عظيما، ولا سيما بين قرائه الشرقيين، لما يجمعه الدرس من المسائل التي تهم الكثير منهم فمن بحوث عن بلاد فارس قبيل الإسلام وكذلك عن البلاد العربية، إلى بسط حياة نبي الإسلام، فقيام الدعوة إلى الافتتاح العربي الهائل، إلى أخبار معاوية وقيامه بالحرب ثم بأعباء الخلافة الأموية، إلى غير هذه مما يسد فراغا عظيما، ويؤدي إلى القارئ خدمة واسعة. وقد أحسن البارون العلامة كل الإحسان، أن أتى بطرفة: كافية ولو أنها وجيزة، مناسبة لحالة الكتاب وضخامة موارده الثمينة من تاريخ الفرس قبيل الإسلام وأحسن أيضا، إذ جعلها فاتحة هذا الجزء، ولا سيما أننا في عهد من مستلزماته التفسير الوافي والإيضاح الكافي، الذي لا غنى فيه عن سبق البحث، بنظرة سالفة وجيزة، فالمرء يتنقل هكذا، من الابتداء إلى الانتهاء، فيقف على تطور الحوادث، وتقلبها السريع والبطيء والعوامل التي

أدت إليها وهلم جرا، وبذا يلم بأطراف الموضوع جميعه، ومن ثم يلج إلى النتيجة المنشودة. . . وقبل أن أصف شيئا، أبدي تألمي، لما خصني به الطابع والناشر، في هذا الجزء، من سوء التجليد، فأن شطره الأول ويا أسفا قد تداخلت صفحاته الأولى في الأخيرة. واستهلت هذه مكان تلك واستبدت وتعدت باغتصاب مركز غيرها. فأكسبتني تعبا، وأضاعت مني وقتا، فيا لسوء الحظ!! والآن فلنهرول ولنتشل من بين اضطراب الصفحات، وتعانق الأوراق المتباينة المواضيع، شيئا عن دولة الأكاسرة في سلطتها، وعنفوان مجدها حتى القليل قبيل انحلالها فسقوطها في قبضة العرب. . . يحدثنا المؤلف عن كسرى انوشروان وحربه ليستنيانس ثم عن اهتمامه بأمور مملكته الواسعة، وترقيتها وتحصينها في كافة الجهات خوف غارة الأعداء المرتقبة دواما من جانب أعدائه الزرق من نواحي قاف (القوقاس) وسورية، وفي أيامه رتعت فارس في بحبوحة العيش إذ بملكه الطويل الأجل الذي قارب نصف قرن تقدمت الزراعة وتحسنت طرق القوافل وأنشئت سبل التواصل، فاستحق لقب (العادل) الذي وصفه به نبي الإسلام (مع أنه كان يكره الأعاجم). وأتى هرمز ولده فعكس سياسة والده الرشيدة، ففي أيامه هوجمت بلاد العجم من نواحيها جمعاء. فخان الأتراك هاجمها في ثلثمائة ألف راجل وفارس، وانبراطور الإغريق في ثمانين ألفا. وكذلك شعوب بحر جرجان والعرب أيضا. فترى أن الإمبراطورية الهائلة أحيط بها من جهاتها الأربع: ولكنه أرسل إلى الأتراك قائدا لبيبا شجاعا يدعى بهرام، الذي بسهم منه أزهق روح خان الأتراك، ومن ثم تفككت عرا هؤلاء، فولوا وتفرقوا جذع مذع ولكن حيث أن هرمز كان طاغية مستبدا بالعظماء والأشراف. وقد أطار من رؤوسهم الشريفة العدد العديد ثاروا عليه بقيادة بهرام هذا فأجبروه على التنازل وبعد مشاحنات بين ولده خسروا أبرويز وبين بهرام الخارج، سافر الأول إلى بوزنطية وحل ضيفا كريما على إنبراطورها، وتزوج أبنته الأميرة مارية، ثم خنق أتباعه أباه الضرير دون أدنى معارضة من لدنه. وأعطاه انبراطور البوزنطيين جيشا مؤلفا من ستين ألف محارب وبه تمكن من الاستيلاء على دياره

المفقودة؛ وفر بهرام إلى بلاد الأتراك جيرانه. وأجاز ابرويز رجوع الجيش البوزنطي بعد مكافأتهم خير مكافأة، ودخل عاصمته المدائن ظافرا. وقد حاول أن ينتقم من بهرام الخائن فتمكن من رشوة زوج الخان، وهكذا قتل المغتصب. أما زوجته أو بالحقيقة أخته إذ يجوز في شريعة الفرس زواج الاخوة فسافرت إلى بلادها بعيد قتلها أخا الخان الذي رامها حليلة. وهناك شكرها أبرويز على نصحها بهرام ولومه في ثورته. وتزوجها وتزوج أيضا شيرين الجميلة التي كادت تجلب على رأسه من سخط الشعب ثورة نارية رائعة، لأن زوجته الجديدة كانت وضيعة الأصل غير جديرة - على زعمهم - بهذا المركز السامي. . . واتفق أن هاج الشعب البوزنطي على موريق والد زوجة مارية وأتى ولده مستنجدا العجم. فأرسل ابرويز على الفور جيشا لجبا لرد العرش إلى أهله ومعاقبة المغتصب. . . وتمكنت إحدى فرقه من الاستيلاء على أورشليم، وتوصلت إلى الاهتداء إلى الصليب الأقدس في حقه الذهبي. فدفنه في حديقته. ثم تولى بعد ذلك ملك بوزنطية هرقل - الذي تم في أيامه افتتاح العرب سورية - وفي حكم ابرويز تمت واقعة (ذي قار) التي يهللها العرب. وكان في نفسه نزعه شائنة، إلى سفك الدماء، وإزهاق أرواح العباد فكان حكمه قاسيا جدا، حتى قال هو نفسه، إنه منذ السنة السادسة والعشرين من حكمه إلى الثامنة والثلاثين، (لم تكن السماء تتحرك إلا بحسب إرادته) أي لم يكن أمر يحصل إلا بموافقته فأمام هذا الاستبداد الوحشي، ثار الشعب وولى أبنه، من الأميرة مارية، مكانه. ثم أجبر هذا الابن المسكين، الذي كان ألعوبة في أيدي كبار الدولة، على الأمر بقتل والده، فأزهقت روحه بالفأس وقد سر موته البلاد العربية، وعلى الأخص نبي الإسلام، الذي كان وقتئذ في المدينة. فقد علم أن موت هذا الملك الصنديد، يجعل بلاد العجم بأسرها فريسة باردة؛ لأي مهاجم فاتح، واستنتج، ما تحقق بعدئذ على أيدي الصحابة ووطنييه. . . وانتحرت شيرين على قبر خسرو بعد أن ندبته مر الندبة. وبعد أن أكمل ابن خسرو ابرويز عقوقه، بقتله أخوته السبعة عشر، كما طلب إليه الكبراء والأشراف، تملكته السوداء، ومات بعد حكم ثمانية أشهر،

ملعونة من السماء والأرض، ومنذ ذاك الوقت أسرعت فارس في خطاها الواسعة نحو الهوة والخراب، وفي زهاء ست سنوات، تعاقب على حكمها ستة ملوك، بينهم امرأتان، من بنات ابرويز، فالأولى، كانت ذات مقاصد حسنة، وقد أرجعت إلى انبراطور الإغريق الصليب المقدس. وبعد هذا التدفق الملوكي على العرش الفارسي، ارتقى آخر ملك من بني ساسان، المدعو يزدجرد، وكانت دولته إذ ذاك، في غاية من التضعضع، وسوء الإدارة، والارتباك، فما كانت السنة التالية لحكمه القصير، إلا والفتح الإسلامي يمد يده المسلحة نحو بلاده المرتبكة. فحارب بشدة وبطولة. لكن عبثا. وبعد أن كان لفارس أعز مكان، وأرهب ذكر، سقطت هذا السقوط المنكمش واستولت العرب عليها وأمحقت دولة الساسانيين، بعد أن عاث آخرو ملوكها فسادا وزرعوا الشر فيها فحصدوا ما زرعوا. وننتهي إلى بلاد العرب في الجاهلية، فنرى بعض بحث ونقد عما يشاع عن الجاهلية، ونجد تاريخ اليمن وهذه كما نعلم لها مركزها الحقيقي، في عهد الأعاجم والأحباش، فلا جرم أن تلاسنتها العرب بعد إسلامها، وللمجد آثار، قد تؤدي إلى الخرافيات، كما حدث. وإذا بذي نواس يهاجم نجران المسيحية، فيهدمها ويدعو إلى اليهودية، ويعمل السيف في أهلها. فيمحقهم، وترقص في الهواء رؤوس عشرين ألفا! وترشد المصادفات وسائل الهرب من هذه الجحيم الإنسانية، لأحد أبنائها التاعسين، مستنجدا شهامة قيصر الروم، وهذا يبعثه إلى الأحباش؛ وهاهي ذه الجيوش تخترق العباب لمعاقبة الجاحد الظالم. وها نحن أولاء وقد انتهى كل شيء، واستولى أبرهة على اليمن فيا للإجارة من الرمضاء بالنار! فاستجاروا بالفرس، فأنفذوا إليهم جيشا، أنقذهم من وبال الحبشة، ولم تطل هذه، حتى ظهرت الدعوة الإسلامية، وكان من أمرها المعروف أن انضمت اليمن تحت اللواء الموحد. إن نأخذ على كرا دي فو أمرا في هذا الموضع؛ فنحن نستغرب منه أشد الاستغراب، أن أهمل كل الإهمال، الأب المأسوف عليه لويس شيخو، فهو

كما نعلمه نحن وكل شرقي، قد كان مختصا بالجاهلية، وتآليفه عنها في غاية الأهمية، ولها مركزها الجدير بعناية المستشرقين، ولا نعلم المقصد من عدم ذكره في قائمة الكتب القيمة الثمينة التي ذكرها؛ في مذكرته عند الاستهلال ولعله يتداركها في طبعة تالية. يحدثنا كرا دي فو عن أديان العرب في الجاهلية غير المسيحية ولا المتأثرة بتعاليمها وبتعاليم اليهودية فيخبرنا مثلا عن الصابئة وما يظن عنها وأنها دين إبراهيم الخليل وحيث أن هذه أقرب إلى الوثنية فلعل العرب عكست اسم إبراهيم عن بهرام الفارسية وبرهما الهندية وقصة النار التي يلصقها العرب بإبراهيم وإلقاء نمرود الطاغية له فيها فنجاته بمعونة العلي تروى عند المزديين أي المجوس وتنسب إلى بهرام الخ. ثم عن تحطيم النبي لأصنام الكعبة الستين والثلاثمائة. ونمر فإذا أخبار قس بن ساعدة وزيد بن عم عمر بن الخطاب فورقة بن نوفل فأمية بن أبي الصلت وقد أطال البحث عن الأخير خاصة إذ ليس من باحث في أخبار الجاهلية لا يعبأ بهذا الشاعر الفرد فلامية شذوذ عن سائر شعراء ذلك العهد إذ طالما أتى بأفكار قلما ذكرت وأقول بل لم تذكر قبلا عن أحد الشعراء في زمنه (وهذا مما يزيد شعره قيمة ويكسبه حلة أنقى ويجعله إلى عواطفنا أقرب دون أكثرية الشعر الجاهلي. . . ونجده أقرب إلى مزاجنا وأوفى إلى طبيعتنا من أشعار الشنفرى والنابغة وغيرهما). أما دي فو فأدار سكان بحثه تجاه فلسفته الدينية واشتقاقها - فإنه يعزى إلى أمية الحنيفية كما يعزى دين الصابئة إلى إبراهيم الخليل وفي ذلك من الخلط الفاحش ما فيه - ويقدم لنا بعض شواهد من شعره، والآن فإذا نحن بحياة صاحب الحركة الهائلة النبي محمد. فيحدثنا عن نشأته وتجارته في سورية والحجاز فزواجه بخديجة فنشره الدعوة إلى الإسلام ومهاجرته إلى المدينة حين أبى المكيون قبولها وناهضوه حيث لقي إذنا صاغية سميعة. . . فحروب بدر وأحد وغيرها إلى تمام تغلبه على الأكثرية وسحقه معارضيه. وانتشار الإسلام دينا قويا في بلاد العرب وموت النبي ومن ثم نشأت من بعده حب

الاكتساح وتدويخ الأمصار وإذا بالأهبة تتناول محلها في صدور العرب الجائشة فتخرج عن عزلتها. وتتناول من جهة الشمال سورية فواقعة اليرموك الشهيرة واندحار الروم والسوريين. ثم استيلاء العرب على دمشق الشام درة المشرق، فالانتصار الرائع واعتزاز الإسلام بعد وقوع جميع هذه البلاد التي تلاطم منبعه وما كان بينها من الصلات. ثم نرى فإذا أمر ينبثق فجره من سجوف المعارك والملاحم الشعبية وينكشف الستار عن ملك حكيم وملك عظيم. وإذا الخليفة المقدام معاوية الأول ودولته الأموية ففي هذا الخليفة وهذه الخلافة قويت شوكة الإسلام وامتدت سلطته إلى أقاصي البلدان وهو من علم العرب - أو كان العامل الأول في رزقهم - فنون البحرية. وهو كان ينهض فيهم الهمم والاهتمام بجميع الأمور. كما كان يود تقدمهم ورقيهم ويتخذ لذلك أمره وكما يقول العلامة الأب لامنس (يريد تثقيفهم وتدريبهم على احترام السلطة الحاكمة بادئا بعائلته الخاصة. . لأننا نعلم عادة العرب وثورتها إذ كانت في بحر جاهليتها على السلطات الحاكمة ونقضها كل حكم فمعاوية ود من الصميم إرشادهم إلى طرق الحياة المثلى وكان كما يقول عنه البارون (ملكا عاملا) وقد ترك من الذكر الحسن هالة لامعة حول ذكرى بني أمية وكان له من مشاعره الحية ورقة إحساسه وكرمه وحلمه على الغير ما حببه إلى القلوب وجذب إليه العواطف التي هي أشد جموحا وصدودا. وقد تبسط عنه دي فو في هذا الجزء كثيرا وبسط آيات حكمه وحللها من جميع جهاتها وأثنى عليه وعلى اقتداره في القيام بأعباء الملك. والحق يقال أنه لو أرادت سورية أن تعطف على من تناوبوا الحكم على كرسيها منذ عهد حيرام وايتوبعل الزاهر إلى يومنا هذا من ملوك وحكام ذوي صولة وهيبة نظروا إليها بعين البنوة - فلا مشاحة أن معاوية له بينهم مركز سام فالإسلام قد وجد فيه خير خليفة وحاكم عادل إذ هو الرمز المنير والقدوة اللامعة في تاريخه.

وبلغت دولة بني أمية علاها وذراها في أبهة وعز عبد الملك - وولده يزيد - إنما كانت بلاد العرب وفارس والعراق تلتهب ثورات وانتفاضات، ولا يخفى على القارئ ابن الزبير. فكان والحالة الخطيرة هذه لابد لدعم وتثبيت السلطان من وال صخري الفؤاد فولاذي الإرادة وكان واجبا أن تقذف الصحراء العربية هذا المثال - وكان أن لفظته، وإذا شبح الحجاج المرعب ينكشف عنه الستار فيرسل صاعقة غضب ونقمة. وجال هذا جولاته الدموية ما بين مكة والعراق فأباد الثوار والخوارج ومحقهم محقا وأجرى من الدماء أنهارا وطفحت المحابس والمطابق بما لا يقل عن خمسين ألف رجل وثلاثين ألف امرأة حسبما وجد فيها عقب وفاته. وعليه قويت شوكة هذه الدولة واشتد ساعدها وامتدت أصولها من الشرق إلى الغرب إلى أن ظهر السفاح والمنصور وقد ابتدأ الخمول والانحلال يدبان فيها فلاشياها فتأسست على الأنقاض الدولة الجديدة: دولة بني العباس. ثم نلاعب صفحات فنحن نقرأ عن الحديث الكريم وعن أوائل رواته كابن عباس وعائشة وأبي هريرة وسواهم من أصحاب الإسناد. ثم نجد بعد ذلك جماعة كالبخاري ومسلم كما يتلوه فصل واسع في الفقه وفي المذاهب الأربعة وأئمتها العظام ففصل في تحليل المؤلفات الذائعة الصيت في الشريعة والفقه الإسلاميين ثم يختم الجزء عن مفسري القرآن. الجزء الرابع إن هذا الجزء الرابع لا يقل أهمية وتقديرا عن سالفه فهو بما حواه عن الفلسفة (المدرسية) وعلم اللاهوت والتصوف والموسيقي لغاية في الفوائد ويبتدئ فيحدثنا عن الحكماء؛ ونحن نعلم أن معالم (مدارس) الحكمة العربية منقسمة إلى قسمين أحدهما: المدرسة الشرقية؛ والثاني: المدرسة الغربية. ولهذا بدئ الكلام أولا عن الشرقية وأركانها الفحول: الكندي والفارابي والرئيس ابن سينا، ثم تلتها الغربية وإسنادها: ابن رشد وابن الطفيل. لما كان مرجع الفلسفة العربية - وبكلمة أوضح (الإسلامية) - الفلسفة

الإغريقية: السند والمأخذ للفلسفات جميعها، كان لا بد من مترجمين لها، فبرز حنين بن اسحق فأبنه اسحق فأبو بشر متى، فأتحفوا العربية بمعربات كتب ارسطوطاليس وأفلاطون وكان لابد لهذه من مفسر عبقري كي لا تتبعثر فوائدها فتضمحل. فأهدته كندة إلى العربية وخرج فيلسوف العرب راس الزاوية في فلسفتهم: الكندي الشهير فتناول وبحث وشرح وألف ما يربو على المائة والخمسين رسالة في سائر العلوم ومختلف المباحث وتلاه الفارابي أي (المعلم الثاني) كما أرادت العرب ولقبته أي الثاني بعد أرسطو ثم الرئيس ابن سينا، وقد بحث دي فو عن أعمالهم وشرح فلسفتهم شرحا وافيا. أما المدرسية الغربية فتستهل بابن طفيل وقصته الفلسفية الشهيرة المسماة (حي بن يقظان) ترجمت مرات عدة إلى الفرنسية والإنجليزية واللاتينية ويظن العلامة كرا دى فو أنها تشبه قصة روبنسن كروسو الإنجليزية المعروفة في الشرق من حيث وجود رجل منذ ولادته في جزيرة نائية عن سطح البسيطة ثم قيامه بحسب إرشاد عقله وتجاربه العملية أن يصل إلى مستوى سائر البشر في إدارة دفة حياته، وترتيبها وتغذيتها بالعلوم والأصول الفلسفية والصوفية. إنما نحن نعرف أن (حي بن يقظان) يخالف قصة روبنسن كروسو من حيث أن الأخير ألجأته الطوارئ وهو شاب إلى تجشم هذه المشاق. ويظن دى فو أن بين هاتين القصتين اتصالا عميقا أي أن قصة ابن طفيل كانت الإلهام الذي أوحى إلى (دانيال ديفو) بتصنيف روايته الخالدة. وهذا قريب الاحتمال سهل الحصول! ثم يحدثنا عن ابن رشد ومؤلفيه الشهيرين تهافت التهافت وكتاب الفلسفة وسواهما ثم نتعرف كيفية دخول الحكمة العربية في المدارس اليهودية والمسيحية ومبلغ تأثيرها السالف، ومن تأثر وتفقه بها من أبناء الغرب في القرون الوسطى، ونرى فإذا أمامنا أيضا تتهادى في تؤدة ورفق الجمعيات السرية من قرامطة وإخوان الصفا والصابئة. مما كان لها وجود فلسفي وذات أثر في تاريخ الإسلام فنتدرج إلى سبب انتشائها وفلسفتها وأعمالها وكيفية اتحاد

الأعضاء بعضهم ببعض. وقس على ذلك وهو يأتي بمقتطفات من كتبها الشهيرة أو رسائلها أو تعاليمها. ويأخذنا دى فو إلى علم اللاهوت فيأتينا ببحث في علم الكلام - كما يقول العرب - والمتكلمة والمعتزلة في الإسلام، ويستفيض فيها وكذلك عن ابن حنبل والغزالي وكتبه الشهيرة كتهافت الفلاسفة والمقاصد ثم أفكاره الفلسفية وينتقل إلى غيره مما نحيل عليه القراء الكرام. أمامنا الآن أحد ألذ البحوث وأعمقها تأثيرا في الإسلام: الصوفية. ويحسن بنا قبل أن نتعمق فيه أن نقول هنا أن هذه الصوفية هي غير الثيوصوفية الهندية التي تنفث سمها الزعاف المموه بألوان الذهب وعميدتها اليوم المسز بزانت فتسم الأفكار وتذل النفوس الظمأى إلى (العجائب والألغاز)!!! يبتدئ دى فو بالتحدث عن الصوفية وانتشارها إلى أن يوصلنا إلى ابن منصور الحلاج ضحيتها وأحد كبار المتصوفة الإسلاميين وعن التأليف الضخم عن حياته وتصوفه واستشهاده الذي أبرزه المستشرق المعروف ماسنيون منذ عهد غير بعيد. واشتهر الحلاج أينما سار وحيثما توجه في الهند وتركستان وخراسان وخوزستان والبصرة وبغداد. وأهميت عليه الألقاب الحكمية الرنانة ونسب إليه أن اتحاده بالله هو أوثق عرا من أسلافه لما توهم عنه من المعجزات المدهشات؟! قيل أن أحد أعدائه لطمه ذات مرة فناشده الحلاج الله أن يثني لطمته فلما أراد شلت يده! وظلت الشهرة والخصومة تتناوبانه حتى أمر بقتله المقتدر ففاظ عام 922 م. ثم نجد محيي الدين بن عربي الصوفي الأندلسي الشهير، فأخباره العجيبة ثم نجد الشاعر المتصوف ابن الفارض ومن لا يعرفه؟ قد شبهه أحد المستشرقين فالرحا (في أشعاره القصيرة) بترارك الشاعر الإيطالي. وإذ ننتهي بكلمة مستفيضة عن تراجم الأولياء في الإسلام نصل إلى فصل يتناول موضوعا ليس دون غيره خطورة ولا أدنى أثرا من صاحبه في الإسلام: الارتياب أي السوفسطائية. . . كيف لا وأكثر نوابغ الشعراء فيه. أصابهم ولو جانب من الداء المريب. فممن ناله بعض التلوث: أبو دلامة وأبو نواس وأبو العتاهية حتى المتنبي نفسه علق

به بعض الشيء (إنما الشخص الذي يذكر عادة كأبرز ممثل للذهن الشكوك في الآداب الإسلامية القديمة لهو الشاعر الضرير: المعري) صاحب اللزوميات ورسالة الغفران وسقط الزند وما إليها من بدائع الكتب، وقد داخله الشك أولا في دينه ثم عقبه في غيره من المعتقدات والأديان بما ولده في نفسه العكوف على درس الديانات الأخرى وفلسفتها ولا ريب أن المحن والمصائب التي حلت بساحته كان لها اليد الطولى في تحويل دفة ذلك الخيال المتدفق العظيم وسوقه في بحار الشك واليقين المتعاركة المتلاطمة فرجحان الأولى في غالب أعماله. فمن فقدان نعمة البصر فرأفة الوالد فحنو الأم الحنون إلى عبث الأيام وسخر الأنام كل هذه أفاضت عليه من التشاؤم المحزن والشك الرائع حلة فضفاضة خلابة أثرت في أيامها ومن بعدها أثرا عظيما في النفوس الكثيرة. ونعثر بعدئذ على الخيام مرسل الرباعيات الشهيرة وصديق حسن بن الصباح الذي صار فيما بعد شيخ الجبل ورئيس طائفة الحشاشين وصديق نظام الملك أيضا الذي غدا وزيرا لملك شاه - وتتمثل لنا حياته وصوفيته ووجهة نظره في الحياة وشكوكه في الآخرة فوصفه الخمرة. . . ثم نصل إلى حافظ وهذا أيضا من أصحاب الرباعيات؛ فسعدي وأمثالهما من فطاحل الشعراء الفرس الذين لهم في نفوس مواطنيهم وشعوب كثيرة حرمة عظيمة لما يكتنف أشعارهم من الجاذبية والجمال والسحر الحلال. مما لا شك فيه أن عشاق الموسيقى الشرقية يهمهم هذا الفصل الذي يختم به الجزء الرابع ويجري موضوعه في هذا المسلك من الفن غذاء النفوس الساكنة الثائرة، ولا نظن أن لا نجد فيه شيئا طريفا. كلا! بل هو كسائر بدائع هذا الصرح تستنبطه آراء جديدة ونظريات لها ماهيتها عند أربابه مع كلمة عن جميع الكتب التي اختصت بالغناء والآلات الوترية. الجزء الخامس والآن هاهو ذا الجزء الخامس والأخير من العمل العظيم وبه تختم هذه السلسلة الملأى بالآراء والزاخرة بالفوائد التي تتدفق فيه تدفقا ويمتاز عن اخوته بما يتخلله من العصريات، فقد خصص معظمه بالبلاد الشرقية التي تلهبها النهضة

الحديثة أو تكاد. ونمر في هرولة وتعجل؛ فإذا الطوائف والنحل والشيع تتراءى أمامنا على هذه الصفحات وأخبار منابذتها واضطراباتها تتخيل لنا ما بين حين وآخر فنجد الإمام عليا وتحزب بعض أفراد ونشوء أشياعه تليها أخبار الإسماعيلية والقرامطة فالحشاشين وهي فرع من الإسماعيلية - الطائفة التي كان ديدنها سحق من يخالف مبادئها السياسية - وقصدها فقتلت وأبادت الكثير من الفرنجة والعرب وأجبرت صلاح الدين الأيوبي نفسه مع عظمته وجبروته على فداء حياته بإتاوة وصونها بالمال الوفير. . . ونجد أيضا الدروز الذين يتملكون اليوم حوران وجزءا من لبنان. فنعرف كيف سبب جنون الحاكم ودعواه الإلهية نشوء هذه الشيعة ولما لهذه الطائفة من حوادث ومواقع جمة في لبنان في بطون التاريخ تبسط كرا دى فو عنها وتحدث أيضا عن الموارنة وهما - كما نعرف كلنا - في بعض صفحات التاريخ الأعداء الزرق وفي صفحات أخرى، الأصدقاء الأحباء مراعاة لما تقتضيه السياسة والمصالح. ثم نمر بحياة أكبر أمراء لبنان، وهما اثنان. أولهما: فخر الدين المعني الملقب بالكبير ونرى حبه لتقدم بلاده العزيزة في أثر رجوعه من بلاط آل مديشس بفلورنسة إلى أن سلق له الحظ الوقوع بين أظفار آل عثمان الحادة - ويا لها من أظفار تنزف الموت الزؤام - فقضى ضحية زكية. ونجد الأمير بشيرا فخر لبنان يتلوه. فعن حوادث ملكه العنيفة وصعوده وهبوطه حتى قيض الله له أن تسعى به الأعداء فيسقط من رفعة مجده بعد مجاهدة الأبطال فذهب إلى الآستانة منفيا حيث عاش إلى أن حلت به نائبة الموت فودع نور الحياة وكله حسرات وآلام. نصل بعد ذلك إلى البابية فالبهائية وليدتها وقد أخذت مكانا في الكتاب جليلا لأهميتها وبدئها وانتشارها كان تابعوها مضطهدين يشدد عليهم النكير جميع من في بلاد العجم. وكم من مذابح وكم من لعنات أرسلت عليهم ولكنهم صبروا وقاوموا حتى كان للبهائية من أبناء سورية (ويا أسفا) دعاة في أميركة حيث نالت بعض النجاح عند الشعب الأميركي وكيف لا، وهو ذو الداء العشقي للأديان والشيع الجديدة. هنا نستقبل القسم الثاني من هذا الجزء الأخير، وهو مما يهم كل شرقي من مراكش غربا إلى أنجاد الهند ومغاور بلاد التتار وهضابها دون استثناء إذ هي

تبحث عن كل من له علاقة بالحالة الحاضرة منذ ابتداء دبيب النهضة في جميع هذه الجهات. إنما تركية ومصر تحتلان الجزء الأكبر منه، ولا غرو فلتركية نهضة بل نهضات أهمها منذ عهد مدحت باشا إلى اليوم. وكذلك مصر فلها مكانها الزاهر في فجر النهضة الشرقية، منذ تلك البرهة السعيدة التي تسلط فيها محمد علي عليها فانبثق من النهضة ينبوعها الأول. فالبارون يحدثنا عن تركية عن أولى علائقها بأوربة عموما وفرنسة خصوصا فعن حوادث التجدد التي كان مصطفى الثالث أول مضرم لها. فسليم الثالث فالسلطان محمود الثاني ثم عن رشيد باشا الذي بذل جهدا في تحديد بلاده وإنهاضها وهو ممن لا بأس به. أما الشخصيات البارزة اليوم في نهضة تركية على العموم فثلاث: مدحت باشا وأحمد رضا ومصطفى كمال. فهؤلاء تعاقبوا بالتتالي واحدا تلو الآخر. فكان مدحت وكان أن جد وأبلى وأسقط عبد العزيز وأجلس مرادا وخلعه وملك عبد الحميد طلبا للحصول على فائدة للبلاد. ولكن الأخير لم يدعه يبحث عما هو أفضل لإنعاش البلاد، فنفاه إلى الطائف حيث قتل على الأرجح. وتلاه أحمد رضا صاحب الأفكار المطلقة وأتى بأعمال عظيمة أهمها إسقاط صولة وجبروت عبد الحميد مع طغمته وإجلاس رشاد. ويأتي بعد ذلك الغازي مصطفى كمال من يعزى إليه الفضل الأكبر في إنهاض تركية من كبوتها بعد أن كادت أيدي التفرقة والخراب والظلم تعمل بها عملها المعلوم. فنعرف حقيقة ما قام به لا كما يتحدث أصحاب الغايات بل كما يدل عليها الدرس والبحث النزيه. ثم يختم كلامه عن تركية بلمحة عن آداب أهلها العصرية والتعليم العالي بها. وعن بعض مؤلفاتهم العصرية الشهيرة الفلسفية وسواها. ونأتي إلى مصر فنهضتها تأخذ شرارتها منذ عهد رأس الأسرة العلوية المالكة محمد علي الكبير فأعمال الإصلاح (والترميم) وإرسال البعثات إلى أوربة وقدوم الأساتذة الأجانب إلى مصر ككلوت بك للطب وسيف (أو سليمان باشا الفرنساوي كما يعرف اليوم) للحربيات وفتح قناة السويس في عهد إسماعيل ثم عن الجامع الأزهر فالشيخ عبده والشيخ الطنطاوي فيقظة الإسلام في مصر وعقد المؤتمر في مكة

كل هذه تتردد بين الصفحات وهي التي كان لها رد فعلها الحسن اليوم في النهضة الجديدة. لا نود أن نتوسع أكثر عن الحوادث المصرية وإيرادها فهي معروفة لدينا كما أنه لا يمكننا أن نأتي بتعليقات البارون عن مختلف حوادثها وإنما نحبذ لو يسعى من يقرأ كلمتنا هذه من المصريين الكرام بنشر هذا الكتاب بين أبناء وطنه لما تضمنه عن بلادهم وعما أخرجته من قادة الأفكار لأنها اليوم مديرة الحركة الإسلامية. ولذا نكتفي بما أوردناه وكفى بذا خير إشارة. ثم تحدث عن بلاد العرب وأفريقية عن دعوة الوهابيين منذ أن نبضت حركتها فتسلطها وكسر محمد علي لشوكتها إلى نهوضها فتربعها في دست الحكم اليوم. وكذلك حدثنا عن الإسلام في أفريقية وتطوره إلى اليوم. في الهند أيضا للإسلام مظاهر وأفكار. فوجب تخصيص فصل ببعض توسع عن حركاته وسكناته وكذلك قل عن بلاد فارس وبلاد التتار ثم يختم الكتاب بفصل عن المرأة المسلمة وعن النساء ذوات الأثر فيه حديثا. وينتهي هذا الجزء بل هذا العمل الرائع بملحوظات وكلمة شبه ختامية يفسر فيها بيان مقصده من الكتاب إلى ما هنالك من فوائد ومذكرات. كلمة ختامية هذه هي شبه خلاصة عن سائر محتويات هذا العمل المجيد وأنى لي أن أصف بما أوردته ما تضمنته خمسة أجزاء ضخمة أو ما ينيف على ألفي صفحة من جلائل الفوائد ولم يقتصر الأمر بها على إيراد النتائج والوقائع بل تعداه إلى إتباع كل جزء فوائد وملحوظات تختلف من أربع صفحات إلى ست وسبع مدونا فيها كل ما ظنه - بل وجده ذا فائدة عظيمة - يستمد منها الطالب دررا وقد رتبها بحسب المواضيع وتخاصيص كل جزء، داعيك مما قد جمعته رؤوس الأقلام والمذاكرات في أثناء تعاريج تلك البحوث مما يطفح إناء القارئ وكما قلت في مقدمة بحثي إني لن آتي بثاقب فكره في مواقع الكتاب بل سأكتفي ببسط مضامينه لأبثها على صفحات (لغة العرب) النيرة ولست فيها غير محدث مخبر ومع ذلك لم اقدر أن أذكر سوى أهم الحوادث وأهم مضامينه وعبرت عن الشيء الكثير

وما قصدي من وراء هذا البحث سوى أن نتمكن من القيام بواجب الشكر لأحد جلائل أعمال المستشرقين الكبار الخالدة. أما طبع وتجليد هذا الكتاب فهما غاية في الجودة والإبداع - على الرغم مما نالني في جزئه الثالث من حظ عاثر شأنه معي في اقتناء الكتب على الدوام - والكتاب من كافة جهاته هو بغية الشرقيين ومطلبهم. وإني أرجو بذا وكلي أمل أن أكون قد قربت إلى الإفهام قيمة هذا الأثر الخالد الذي قلت أشباهه وندرت أمثاله وفاضت فوائده. مسك الختام والآن أمام هذا لا يسعنا إلا إبداء شكرنا للبارون الفاضل على ما جاد به من جهد وعناء صرفهما في القيام بإعداد عمله المذكور وإبرازه تحفة أنيقة مفيدة في حلته القشيبة. فحبذا من جانب الشرقيين الالتفات والشكر وحبذا من الشرق معرفته وإقراره بالجميل! وحي على الفلاح!!! بركات (السودان): مشيل سليم كميد طبع الدرر الكامنة أبللت بعد أن لازمت حجرتي ستة أسابيع وهاأنا ذا أذهب إلى خزانة لندن لأشتغل فيها. وإقامتي طول هذه المدة بين جدران غرفتي مكنتني من أن أنهي (الدرر الكامنة) وقد أرسلت إلى الهند بالأوراق الأخيرة ليتم طبعها. وقد بلغ عدد التراجم 5444 وسوف أضع فهرسا في الآخر أذكر فيه الأسماء المنسوبة التي يعرفها بها أصحابها دون غيرها وهي لا توجد في النسخة الآن إلا أن معرفتها من الضرورة بمكان عزيز وإلا فما أمكن الاهتداء إلى وجود أصحابها بالأسماء المذكورة دون المشهورة. وفي هذا السفر نواقص لا تنكر ولا سيما أن المؤلف نفسه لم يكن بيده إلا مستندات سقيمة الخط وذلك ما يتحققه كل باحث مما يراه مكتوبا على الحواشي التي تطرز المخطوط الذي بيدي. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو

في ظلال الحب الشريف

في ظلال الحب الشريف الصب مرقده من الأقلاق ... وحليفه الشوق الممض الباقي وأنيسه ذكر الحبيبة وحدها ... وجليسه أمل لنيل تلاقي والحب (لاسلكي) اكتظت به ... ساح القلوب بسائر الآفاق قد جاء (مركوني) بلاسلكيه ... والحب قدوته على الإحقاق للحب جذب قاهر متناثر ... يدني القلوب بقوة الأشواق و (نيوتن) بالجذب جاء ولم يقل: ... جذب الغرام لأنفس العشاق فالحب يغزو والسلاح ملاحة ... والصب مغزو قريح مآقي والحسن يطوى والعيون دليله ... والقلب ميدان لشد وثاق قالت فبان الثغر ذا إشراق ... وتبسمت كتبسم العشاق قالت فأشرق ثغرها ببياضه ... والوجه منها دائم الإشراق: يا من توغل في الهوى فهوى به ... ما لي أراك تنوء بالتعشاق فكأن أشجار الحديقة دمدمت ... بحفيفها وتساقط الأوراق ورنت إلي بحسرة وتحنن ... فبكت لقلبي المولع الخفاق ذرف الدموع لدى الحبيب مترجم ... ودليله الإيماء بالأحداق باحت بشكواها فزاد حنينها ... واستأذنت للحب في الإطلاق لبست من الأخلاق ثوبا طاهرا ... لا سيئا دنسا من الأخلاق إن لم يكن فيها الجمال محسنا ... فلقد سمت بدماثة الأخلاق مأسورة للحب مثل حمائم ... سجنت بأقفاص من الإرهاق وقفت فكان وقوفها لي نعمة ... يا ليتها دامت مع الإغداق وبدت لها في الوجنتين أشعة ... حمر فكانت بهجة المشتاق أوهت بعينيها الدماغ تكهربا ... فأشرت للعينين بالإطباق فالحب ينمو بالوصال كأنه ... خوط تعهده الخبير الساقي وكأن قرأت علي بياض جسيما ... آيا من الحب الشريف الراقي

حب يموج بقلبها متصادما ... في بحره المتلاطم الدفاق لو صار في الحسن السباق لحصلت ... بعلا الجمال وسام الاستحقاق ذاقت تعاذيب الغرام وأزمعت ... كتم الهوى بالصبر والإطراق وحنت علي بنظرة مملوءة ... لطفا يبين غزارة الإشفاق قلت: أرفقي بي يا (رباب) وانصفي ... فالروح قد بلغت حدود تراقي قالت: فصفني إن عرفت محاسني ... فارتج قلبي خشية الإخفاق: فمن الجمال لك العظيم فما الذي ... أنا من أذاه المستطير ملاقى؟ وجه يشع كأنه متأجج ... شكلاء طلعته وذو آلاق خدان كالشفقين في أفقيهما ... بانا بأفقي وجهك البراق عيناء تنبثق الوداعة من سنا ... عينيك فاعتمدي على الإنفاق فمشت كما هب النسيم تحذرا ... ولكي يدوم السر في الإغلاق وتغلغلت بين (الورود) ودمعها ... متناثر كتناثر الأوداق قالت إلى آتي اللقاء وودعت ... قلبي الذي لم يصطبر لفراق ذهبت وأبقت لي خيالا ثابتا ... فرسا بقلبي الحزن في الأعماق الكاظمية: مصطفى جواد شبهة هبة الله بن كمونة اليهودي جاء في لغة العرب (6: 421): (وإلى الآن لم يرد الفقهاء اعتراضاته على الدين حتى إنها عرفت عندهم بالشبهات). اهـ. فأقول: لم يقف العلماء على سوى شبهة واحدة له وهي المعروفة في كتب الكلام والفلسفة بشبهة ابن كمونة وهذا تقريرها: (لم لا يجوز أن يكون هناك هويتان بسيطتان مجهولتا الكنه مختلفتان بتمام الماهية يكون كل منهما واجب الوجود بذاته ويكون مفهوم واجب الوجود منتزعا منهما مقولا عليهما قولا عرضيا). وهذه الشبهة قد ردها العلماء في كتبهم (راجعوا كتب الكلام والفلسفة في مبحث الإلهيات عند بيان: إن واجب الوجود أحدي الذات من جميع الجهات تروا فيها ردا وافيا). سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

الشعر المنثور ويسمى الشعر الحر أو المطلق أيضا، وهذا النوع من الشعر لا يشترط فيه أن يأتي من وزن واحد وقافية واحدة، بل أن يأتي من مختلف الأوزان، أما الذي يشترط فيه فهو صوغ الجمل من الألفاظ تلك الألفاظ التي يأتلف بعضها إلى بعض في الأوزان الشعرية حتى تكون الجملة منسجمة فتبرز الحقائق مصورة في قوالب شعرية، وبعبارة أخرى لا يكتفى بجمال النغمات الشعرية فقط بل بكمال جماله وروعة حسنه بوجود الفلسفة العالية وحقائق الحياة فيه فيثير العواطف الشريفة من رقادها لتتناول الفضيلة بأسهل متناول فهو لا يقل تأثيرا عن قسيمه الشعر المنظوم. ويجب أن تراعى فيه فواصل الجمل - صغرت تلك الجمل أو كبرت أي أن تكون الجملة مستقلة في رسم الخط، ويستحسن فيه ربط الجمل بأن يؤتى بعد كل جملة أو جملتين أو ثلاث - حسبما يطلبه المقام - بجملة صغيرة متكررة لتجلب الأذهان فتكون بمثابة البيت الأخير في بعض الموشحات. هل الشرقيون أسبق من الغربيين فيه لو رجعنا إلى تاريخه لوجدناه منتشرا بين الأمم الشرقية قبل أن يتفشى بين الأمم الغربية نخص بالذكر منهم العبرانيين فإن أدبهم قد امتلأ منه حتى إنه من كثرة تعاطيهم إياه أتتنا كتب الدين متضمنة شطرا كبيرا منه، ولو حفظ لنا تاريخ الأدب العبري كما كان مفصلا لرأينا الشعر المنثور قد ملأ أسفارا ضخمة ولم تذهب أشعار بقية شعرائهم كإضراب داود وآساف وسليمان وإرميا فإن الذي وصلنا من هذا الشعر المنثور اتصل إلينا بواسطة كتب الدين كسفر المزامير وسفر الجامعة وسفر نشيد الأنشاد وسفر إشعيا وسفر إرميا وسفر مراثيه وغيرها من أسفار التوراة فالذي يقرأها يحكم في الحال - على رغم تشويش الترجمة التي لم تفرغ في قوالب كما يرام - إنها شعر منثور ويعترف بالروح الشعري الطافح المترقرق في ديباجتها، وأنا لو حذفنا من سفر نشيد

الأنشاد أو سفر الجامعة بعض الجمل وأبدلنا ببعض الكلمات كلمات توافق روح عصرنا هذا ووقعناها باسم أحد أدبائنا ما استبعد أن يقال أنها لهذا الأديب صاحب التوقيع. ومن يرى أسلوب سفر نشيد الأنشاد وتوقيع نغماته يحكم بلا تردد أن ما يأتيه أدباء عصرنا (كجبران) و (مفرج) و (مي) وغيرهم منسوج على منواله ومفرغ في قوالبه ومضروب على غراره. ورد في قاموس الكتاب المقدس في مادة شعر: (ولا تعتبر القوافي في الأشعار العبرانية ولم تنقسم إلى أوزان كالشعر العربي (المنظوم) ومع أنها قد نظمت أحيانا على الحروف الأبجدية لم يكن في شطري أبياتها عدد مرتب من التهجئات وإنما نظمت على مقابلة الأفكار) الخ. الأوربيون اقتبسوه من الشرقيين لما تمكنت النصرانية في القرون الوسطى من أوربة وخمد صوت الفلسفة اليونانية وأرتفع صوت الديانة النصرانية أدخلت بالطبع هذه الطريقة الشعرية الإسرائيلية في كلام الدين بل جعلت جزءا من الدين إذ لا تتم الطقوس النصرانية على وجهها المناسب ما لم ترتل هذه الأشعار كمزامير داود في المجامع والهياكل. ولا يعقل أن هناك متنصرا ما لم يتل هذه الأسفار، فتذوق الأوربيون هذا الشعر المنثور العبري من هذه الأسفار بلذاذة فنشأ روح الشعر المنثور في بلاد الغرب. ولما أتت القرون الحديثة بإصلاحها وجد الروح الشعري الشرقي مادا إطنابه في الأدب الأوربي، فتحور وتهذب عندهم من باب الضرورة وتصرف أولئك الناس فيه لشؤون شتى في الحياة الاجتماعية والأدبية ترى ذلك ظاهرا في أسلوب شعرائهم وهاك مثلا كتاب (بلاغة العرب) الذي يضم بين دفتيه طائفة من آثار شعرائهم (كفيكتور هوغو) و (لا مارتين) و (بيير كوريني) وغيرهم وما تنشره المجلات العربية لشعرائهم. وجوده عند العرب وقد وجد عند العرب وتراه في مجاميع الأدب داخلا في زمرة الكلام المنثور

كنثر بعض عرب الجاهلية وفي القرآن الكريم كثير منه فهاك مثلا (سورة الدهر) و (سورة المرسلات) واقرأهما تر أنه ينطبق عليهما كل الانطباق وأغلب الآيات القرآنية أعتبرها العرب شعرا بدليل ما حكاه القرآن عنهم من قولهم في النبي - - صلى الله عليه وسلم - - والقرآن (إنه قول شاعر) مع إنهم يرونه غير موحد في الوزن ولا مقفى ومع ذلك اعتبروه شعرا فترى أنه وإن كان غير منظوم فإنهم اعتبروه شعرا فهو إذن شعر منثور. وقد ورد منه شيء كثير عند المولدين كنثر أبي طيب المتنبي في أوائل ادعائه بالنبوة ونثر المعري في (الأيك والغصون) و (ملقى السبيل) وغيره حتى لو تطرفنا في البحث لوجدنا (الحل) والنثر قبل (العقد) الذي هو نوع من فنون البديع وهو شعر منثور. وفي القرن الرابع عشر للميلاد أي وقت جمود الأدب العربي وجد شيء منه مثل (بند) ابن الخلفة وقد عارض تلك القصيدة النثرية أدباء عصره. الشعر المنثور عندنا في العصر الحاضر لقد تركه الشرقيون فالإسرائيليون غادروه وغادروا عالم الأدب كله لينصرفوا إلى عالم التجارة والكسب وذلك بعد موت الروح القومي منهم فضل كل فرد منهم ولم يبق فيه شيء يهمه سوى أمر شخصه وشأن حياته القائم بها. وأما العرب فلم يكثروا منه ولم يستخدموه في عالم الأدب إلا لكونه نثرا فاكتفوا عنه بقسيمه الشعر المنظوم فكان ذلك منهم إغفالا مع وجود نماذج عالية عندهم واعترف المتقدمين به كما سبق بيانه. ولما سرى روح الإصلاح والنهوض في الأمة العربية في العصر الحديث وأدخلت المدنية والعلوم والآداب العصرية الغربية فيها دخل معها في جملة ما دخلها من أنواع الآداب. وأول من تعاطاه الريحاني فانهال أدباء العصر على اتخاذه وهكذا ردت بضاعتنا إلينا. الشطرة: رشيد الشعرباف

قبر ابن الجوزي وقصور الخليفة

قبر ابن الجوزي وقصور الخليفة من المولعين بالتحقيق عن آثار بغداد والمشغوفين بتاريخها الفاضل عبد الحميد عبادة وقد نشر عنها المقالات المفيدة في هذه المجلة الزاهرة. من ذلك مقالته الواردة في الجزء 3 ص 217 من هذه السنة وهي عن دار ابن الجوزي وقبره. وقد أبان فيها غلط من يقول أن المرقد الذي في حديقة اكريبوز هو لابن الجوزي المتوفى في سنه 597 (1200) وأحال القراء على الصفحة التي رجحت فيها أن هذا القبر هو لابن جوزي الذي أشير إليه. وإني لأشكر عبادة على نقده النزيه وعلى تخطئته إياي. وكان سبب غلطي إني اعتمدت على (سالنامه) بغداد وعلى ما رأيته في أول مخطوط قديم ذكرته هناك. وكان الواجب علي أن أرجع إلى ابن خلكان. وليس بين المترجم والمترجم إلا قرن واحد فضلا عن ابن خلكان من الثقات المعلومين. أما ما قاله عبادة أن القبر لا بد أن يكون لمحيي الدين بن الجوزي أو لأبنه جمال الدين عبد الرحمن أو لأخيه شرف الدين عبد الله أو لأخيه الآخر تاج الدين عبد الكريم وما رجحه أن القبر لمحيي الدين منهم لأبوته ولتفوقه على أولاده في العلم والرتبة ففي ذلك نظر. فإن قتل هؤلاء الأربعة - على ما قاله كتاب الحوادث وعلى ما نقله عبادة من مختصر تاريخ الحنابلة - كان في دخول هولاكو بغداد. وكانت الدماء تجري فيها والناس في ويل وثبور أفلم يكن عندهم ما يمنعهم من الوقوف على مدفن فلان ومدفن فلان؟ ويجوز أنهم وقفوا على دفين هذا القبر، أما سبب الترجيح الذي أورده عبادة فلا يمكن أن يكون

حجة في ما ذهب إليه إذ كم من القبور للمشاهير من العلماء وغيرهم درست وبقيت قبور غيرهم من الذين هم أقل شهرة ومقاما! هذا ويجوز أن يكون المرقد لأحد الجوزيين غير الذين ذكرهم كأبي الحسن علي والد المتوفى في سنة 597. وفي ترجمة الابن في ابن خلكان أن وفاة الوالد كانت في سنة 415 (1120). قصور الخليفة وإذا انتقلنا إلى قول عبادة القائل: (ولم تبق ريبة في أن القصور التي تملكها الخضيريون وما يليها هي قصور الخليفة كما أشار ابن جبير لقربها من باب البصلية (الباب الشرقي) وخربة ابن الجوزي) وجدنا أن السند الذي تمسك به الكاتب لا يحمله على هذا القول الحاسم. وهذا ما نقله عن مستنده ابن جبير الذي قال: (ثم شاهدنا. . . مجلس الشيخ. . . جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي بازاء داره على الشط بالجانب الشرقي و (الدار) في آخره (يعني في أخر الجانب الشرقي) على اتصال من قصور الخليفة و (هي أعني الدار) بمقربة من باب البصلية آخر أبواب الجانب الشرقي.) اهـ.

وإذ رأينا إن دار ابن الجوزي هي في آخر الجانب الشرقي وبمقربة من باب البصلية وأن هذه الدار على اتصال من قصور الخليفة فلا وجه لقبول عبادة أن قصور الخليفة كانت في موضع قصور الخظيريين وما يليها إذ يحتمل أن تكون قصور الخليفة فوق دار ابن الجوزي أو تحتها. ولعل الأرجح أن تكون تلك القصور فوق الدار إذ أن المقربة من باب البصلية قد نسبت إلى الدار وليس إلى القصور. ومن يراجع مقالتي المعنونة (حريم دار الخلافة) (هذه المجلة 5: 449) يقل أن الجبهة المطلة على دجلة لحريم دار الخلافة كانت بين شريعة المربعة أو نحوها وبين شريعة المصبغة التي كانت تسمى باب الغربة ومما يؤيد ذلك قول ياقوت عن القرية (وهي اليوم محلة رأس القرية على الغالب كما سيبين) أنها محلة في حريم دار الخلافة بل قال في مادة باقداري أنها بدار الخلافة وفضلا عن ذلك فقد قال ابن الساعي في كتابه مختصر أخبار الخلفاء ص 91 و112 أن السيد سلطان علي هو دفين رأس القرية ببغداد، وإذ كان جامع السيد السلطان علي - ومرقده فيه - بمحلة طرفها يقرب من طرف ما نسميه اليوم بمحلة رأس القرية (وأن تفصل المحلتين إحداهما عن ثانيتهما محلة أخرى) وكانت

محلة القرية في حريم دار الخلافة بل بدار الخلافة نفسها على ما رأيناه في ياقوت جاء ذلك مؤيدا إن حريم دار الخلافة وضمنه دور الخلافة كانت جبهته ممتدة بين شريعة المصبغة وشريعة المربعة أو نحوها ولا تتجاوز ذلك. قصور الخظيريين ليست بموضع قصور الخليفة يؤخذ من كلام ياقوت وكلام أبي الفداء اللذين نقلتهما في (حريم دار الخلافة) أن مبدأ هذا الحريم من جهة الغرب (الشمال الغربي) باب الغربة وهو الآن شريعة المصبغة ولا جدال في ذلك. وإذ كان الحريم بمقدار ثلث بغداد وفي وسطها ولا سيما دور العامة محيطة بالحريم فلا يتصل الحريم بسور المدينة في آخرها. وإن قيل عن الإحاطة أن ياقوت قالها من باب التوسع وليس بكل معنى الكلمة وحصره قلت ذلك جائز ولكن لا يمكن اتصال الحريم بسور المدينة عند آخرها لقوله أن الحريم في وسط بغداد الخ. وإذ كانت قصور (الخظيريين) في منتهى المدينة على ما بسطته قبيل هذا في الحاشية فقصور الخليفة - ودور الخلافة كما سماها ياقوت - لم تكن في موضع قصور (الخظيريين). أبستان اكريبوز هي دار ابن الجوزي؟ لا يبعد أن يكون ذلك وكنت قد قلته. أما عبادة فقد رأى أن يبت ويجزم بالأمر بعد إيراده نص ابن جبير عن أبواب بغداد وعن دار ابن الجوزي ومجلسه وبعد كلامه عن القبر الذي في بستان اكريبوز، قال عبادة: (فلم يبق شك في أن الحديقة (حديقة اكريبوز) هي دار عبد الرحمن المشار إليه (ابن الجوزي)) اهـ فالظن بما كنت قد قلته وقاله قوي لكنه لا يصل إلى درجة الحكم القاطع مع وجود دليلين آخرين لم يذكرهما. وهما: أولا كلام ياقوت وفيه أن (حريم دار الخلافة يكون بمقدار ثلث بغداد وهو في وسطها الخ وثانيا وجود شريعة المربعة على بعد نحو مائة متر فقط فوق بستان اكريبوز. وإذا لاحظنا موقع هذه البستان وجدناه في مبدأ نحو الثلث الأخير من بغداد وهو يوافق وصف ياقوت فيكون موقع هذا البستان على اتصال من دور الخلافة الواقع في وسط

بغداد، وسبب تعرضنا لذكر شريعة المربعة فضلا عن وجود القبر الذي في بستان اكريبوز هو لقول ياقوت أيضا أن الدار المربعة هي بدار الخلافة فيمكن أن تكون هذه الدار آخر دور الخلافة وأن دار ابن الجوزي كانت باتصال منها فالقول أن بستان اكريبوز كان دار ابن الجوزي حري بأن يؤخذ بنظر الاعتبار ولكن - على ما أظن - يجب ألا يتجاوز ذلك حتى يقوم برهان ليؤيده. ومما ذكره عبادة حديقة نسبها إلى عبد الجبار غلام وكانت صفته فيها صفة مستأجر. والأحرى في مثل هذه المواضيع أن يذكر الملك باسم مالكه لأن المالك - على الغالب - يكون قابضا على زمام الملك مدة أطول من مدة الإيجار ولا سيما إذا كان الملك وقفا فإن اسمه يعمر دهرا. وإرجاع نسبة الملك إلى مالكه يفيد الخلف على تعيين المواضع، هذا وإن اشتهرت هذه الحديقة في عهدنا وقتا بعبد الجبار غلام أما الآن فلا أحد يعرفها بهذا الاسم. والذي اعرفه عنها أنها وقف للكيلانيين أو للنقباء منهم. وهي اليوم عرصة خالية وجبهتها على الشارع العام طولها على الشارع الممتد إلى الشيخ عبد القادر الكيلاني فآخر المدينة من جهة الشمال الشرقي. وقد شرع الآن بعمارتها. وقال عبادة (وهي (أي دار ابن الجوزي التي قال إنها حديقة اكريبوز) حتى اليوم واقعة على دجلة على الشط يفصل بينهما قصر النقيب الآنف ذكره) اهـ ولا أدري ضمير (بينهما) إلام يعود ولا اسمين في الجملة أما ما جعله فاصلا فلا يبين لي. والذي نعرفه أن لا فاصل بين قصر النقيب وحديقة اكريبوز وهما متصلان أحدهما بالآخر. والآن ألخص كلامي بما يأتي: 1 - ليس بأيدينا مستند يرجح أن القبر الذي في بستان اكريبوز هو لمحيي الدين يوسف بن الجوزي. 2 - من المحتمل كل الاحتمال أن يكون بستان اكريبوز دار ابن الجوزي دون البت في ذلك. 3 - ليست قصور (الخظيريين) في موقع قصور الخليفة.

معجم المرزباني

4 - كانت قصور الخليفة كما سماها ابن جبير - وكما سماها ياقوت دور الخلافة - بين شريعة المربعة أو نحوها إن فوقها وإن تحتها وبين شريعة المصبغة. هذا ما عن لي بيانه عن الماضي وتدوينه في المستقبل. بغداد: يعقوب نعوم سركيس معجم المرزباني بيدي نسخة من هذا الكتاب البديع النفيس وقد تكلمت عن هذه النسخة في مجلة لغة العرب 7: 216 وعند مطالعتي إياه وجدت فيه فوائد تاريخية جريلة لا تقدر. ولما رأيت ما فيه من المنزلية الرفيعة في إيراد الأخبار التي وقعت في عصر المؤلف أسرعت في نسخه ومما يؤسف عليه أن النسخة التي بيدي غير تامة إذ ينقص منها عدة أوراق، وضبط الأعلام الواردة فيه من اشق الأمور غير أن الناسخ وهو مغلطاي الشهير كان من العلماء الذين يفوقون حضنة العلم الذي في عصره. ولو كان ناسخه غير هذا الثبت لجاءت النسخة من أسقم النسخ. وفي نظري أن هذا التأليف أهم من تأليف كتاب المعاني لأبن قتيبة. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو (لغة العرب) نود أن نعلم هذا الأمر وهو: أترى نسخة تامة من معجم المرزباني عند بعض القراء أو يمكن أن يذكر لنا صاحبها تاريخ نسخها واسم ناسخها وللأديب الفضل على أبناء العربية جميعهم. معجم الشعراء المذكور ومختصره علمت أن لدى العلامة المستشرق الألماني فريتس كرنكو نسخة مخطوطة من

(معجم الشعراء) لأبي عبد الله محمد بن عمران بن موسى بن سعيد بن عبد الله المرزباني من رجال القرن الرابع الهجري المولود سنة 297 هـ والمتوفى 388 هـ وقد رجح المرزباني (ياقوت الحموي صاحب معجم البلدان) في كتابه (معجم الأدباء) على كثير من رجال العلم والتأليف الممتازين في ذلك العصر (كالجاحظ) وأشباهه وقال عنه ما ملخصه: إنه (صنف كتبا كثيرة في أخبار الشعراء والأمم والرجال والنوادر وكان حسن الترتيب لما يصنفه يقال أنه أحسن تصنيفا من (الجاحظ) ثم عد كتبه منها (المفيد) في أخبار الشعراء وأحوالهم في الجاهلية والإسلام ودياناتهم ونحلهم، ومنها (المعجم) الذي رتبه على حروف المعجم واثبت فيه زهاء خمسة آلاف اسم من أسماء الشعراء المشهورين وغيرهم واستغرق ألف ورقة، ونص الحاج خلفة في كتابه (كشف الظنون) على هذا الكتاب فقال ما ملخصه: (معجم الشعراء) لأبي عبد الله المرزباني. وقد سبق في العام الماضي أن عثر العلامة العاملي السيد محسن الأمين الحسيني الشهير نزيل دمشق في إحدى خزائن (جبل عامل) على كتاب مخطوط (تلخيص أخبار شعراء الشيعة) للمرزباني وضعه بقوله (ذكر فيها ترجمة سبعة وعشرين شاعرا وفيهم جماعة من المشهورين وذكر من مستحسن أخبار جملة منهم ما يندر وجوده في كتاب مما دل على سعة باع المرزباني وكثرة اطلاعه اهـ). ولا يبعد أن يكون (تلخيص أخبار الشعراء) مختارا من (معجم الشعراء) ويمكن أن يكون (التلخيص) كتابا مؤلفا برأسه مستقلا ليس له ربط (بالمعجم). وقد نشر السيد العاملي نماذج من (تلخيص الشعراء) المخطوط في المجلد الرابع عشر من مجلة العرفان السورية والخامس عشر واليك أسماء المنشورين في المجلدين من العرفان على الترتيب (1) أبو طفيل الكناني (2) أبو الأسود الدؤلي (3) عبد الله بن العباس بن عبد المطلب (4) المرقال هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري (5) خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين (6) قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري (7) ثابت بن العجلان الأنصاري (8) عدي بن حاتم الطائي (9) حجر بن عدي ابن الأوبر الكندي (10) الأحنف بن قيس التميمي (11) شريك بن الأعور الحارثي

صفحة منسية من تاريخ نادر شاه

(12) قيس بن فهدان الكندي (13) الفرزدق بن همام المجاشعي (14) كثير عزة (15) الكميت بن زيد الأسدي. وقد أخبرني بعض الثقات بوجود نسخ مخطوطة من كتاب (المعجم) في بعض خزائن العراق وسأبحث عن ذلك. وأوافيكم بالمعلومات المفيدة عنه. النجف: عبد المولى الطريحي صفحة منسية من تاريخ نادر شاه في اليوم السابع من شهر نيسان سنة 1926 إذ كنت أتصفح المخطوطات الآرمية المحفوظة في خزانة كتب مطرانية كركوك الكلدانية عثرت على نبذة تاريخية كتبها بتلك اللغة أحد نصارى كركوك المعاصرين لطهماز قولي خان المشهور بنادر شاه وقد كتبها في الصحيفة الثانية من كتاب رسائل بولس الرسول الكلدانية المقسمة على مدار السنة طبقا لطقس الكنيسة السريانية الشرقية وقد خط الكتاب القس هرمز بن عبد الأحد الصائغ في مدينة كركوك في كنيسة دانيال النبي (وهي اليوم جامع) في سنة 2045 يونانية (1734). والأرجح أن كاتب تلك النبذة هو أيضا القس هرمز عينه ويظهر من إنشائه أنه كان قصير الباع في فن الكتابة وقليل الإلمام باللغة التي يكتب بها فإن كلامه معقد وكثير الأغلاط ولا يفهم غالبا معنى كلامه إلا من قراءته فضلا عن أنه أفرغ عباراته بقالب اللغة التركية كما أفادني بذلك السيد اسطيفان جبري رئيس أساقفة كركوك وسليمانية الجزيل الاحترام في رسالته المؤرخة في 5 أيار من السنة المتقدم ذكرها وهو ناقل تلك النبذة إلى العربية إجابة لالتماسي إذا

أني لم أتمكن يومئذ من نقلها لضيق الوقت واليوم قد أحببت أن أنشرها حفظا لها واليك ترجمتها على علاتها: دير نرسيس صائغيان (نبتدئ بعون سيدنا يسوع المسيح ونكتب خبر طهماز خان الفارسي. اعلموا أيها القراء الأعزاء إنه في سنة ألفين وخمس وأربعين يونانية الموافقة سنة ألف ومائة وخمس وأربعين هجرية في السنة التي أثار فيها الفرس اضطهادا على بابل وأطرافها. جاءت عساكر كثيرة من المجوس من المشرق فهجموا أولا على قرية اسمها زهاب وذلك قبل شروق الشمس يوم الخميس الواقع في 28 ت 2 وأعملوا السيف في أهاليها فقتلوهم جميعا وكان مع المقتولين كثيرون من الروم وأسروا أميرا اسمه أحمد بك واستاقوه إلى خراسان. وارتكبوا منكرات كثيرة ونهبوا أموالا جزيلة ولم يمكن إحصاء عدد الرجال والنساء والأطفال الذين قتلهم الرجل المشهور بالمجوسية المدعو طهماز خان وعساكره سفاكو الدماء في حوالي بابل (بغداد). هذا جاء من بابل مع فيالقه الأربعة فوجه فيلقا إلى قره تبه وفيلقا إلى كفري وآخر إلى خورماتي وآخر إلى دقوقاء فعذبوا وقتلوا وارتكبوا المنكرات وسبوا الرجال والنساء والصبيان واغتنموا غنائم وافرة. وجاء إلى مدينة كركوك ليلة السبت الواقع في السادس عشر من كانون الأول فضرب أولا اليهود وقتل منهم جانبا وأسر منهم عددا غير يسير وكان مقره بعيدا عن المدينة بمسافة ميل. فثار أهل المدينة وخرجوا إليه شبانا ورجالا وقاتلوه قتالا شديدا نحو ثلاث ساعات وقتل من الطرفين جم غفير. حينئذ ترك المدينة وتوجه إلى القوريا (القرية) وهي قرية تبعد عن المدينة نحو ساعة وأعمل السيف في أهاليها وارتعبت المدينة كلها. ونزلت عساكره خارج المدينة وقتل كثيرا من الرجال وسبى خلقا عديدا من الرجال والنساء والأولاد. ومن هنالك توجه إلى قرية (بشير) وهجم على أهاليها وكانوا نحو ألفي نسمة فمنهم من قتل ومنهم من هرب. حينئذ سار إلى القفر المدعو (براوون) لأن إلى ذلك القفر كان قد هرب كثير من أهل كركوك بنسائهم وأموالهم وذلك المحل يبعد عن المدينة نحو ست ساعات فهجم عليهم وأعمل السيف بهم وقتل وسبى كثيرين منهم وعساكره ارتكبوا فظائع عظيمة واغتنموا غنائم ثمينة جدا.

في مجيء الفرس مرات أخرى يوم الجمعة الواقعة في الثلاثين من كانون الأول جاءت عساكر الفرس ومقدارها اثنا عشر ألفا مع قائد برتبة بكلربكي فاضطربت المدينة وأخذها الرعب ففتحوا أبوابها وخرجت العساكر والوجوه والأمراء والرؤساء وحدثت مقاتلة عنيفة بين الطرفين مدة أربع ساعات وأنتصف النهار والحرب قائمة فلم يقم المسلمون صلوة الجمعة ذلك اليوم، وبعد ذلك توجهت عساكر الفرس إلى القوريا (القرية) البعيدة عن المدينة نحو ساعة وبنوا حواليها سورا وأبراجا (قللا) عديدة صفوا عليها المدافع وكانت المحاربة بالمدافع والبندقيات شديدة جدا وتبدأ صباحا كل يوم ولا تبطل حتى غروب الشمس وذلك مدة عشرة أيام ومن بعد عشرة أيام أنتقل الفرس إلى (يوقارى زيوا) وهي محلة أو قرية مقابل المدينة تبعد عنها نحو ميل وبنوا حواليها سورا عاليا وأبراجا (قللا) ورتبوا عليها المدافع وكانوا يحاربون كل يوم ودامت محاربتهم عشرة أيام دون انقطاع ومن بعد عشرة أيام تركوا كركوك وارتحلوا وكان ارتحالهم يوم أربعاء الباعوثة. وفي سيرهم لم يزالوا يخربون القرى التي عن يمينهم وشمالهم حتى بلغوا بغداد (بابل) وجمع طهماز خان على بغداد عساكر كثيرة لا تحصى وأقامها مقابلها وبنى الأسوار العالية وركب عليها المدافع وكان الحاكم في المدينة أحمد باشا ابن حسن باشا. والسكان في بغداد (بابل) وفي ضواحيها اعتراهم خوف شديد. وكانت عساكر طهماز خان تحارب أهل بابل كل يوم من الصباح إلى غروب الشمس دون انقطاع ومن عساكر الفرس ورد إلى كركوك نحو اثني عشر ألفا وهذه المرة الثالثة التي جاءوا فيها إلى كركوك وكان وصولهم في يوم الأحد الواقع في الثالث من أيار ودامت المقاتلة بينهم وبين أهل كركوك نحو أربع ساعات وقتل جم غفير من الطرفين وباتت العساكر مقابل المدينة وقامت صباحا وسارت إلى طهماز خان في بغداد (بابل) وشدد طهماز خان الحصار على بغداد وعمر على النهر جسرا عبر به إلى الجهة الأخرى مقابل بغداد وشرع من هناك يحارب الأهالي وأقتتل الطرفان ووقع عدد غفير من القتلى ودامت المحاربة على هذه الصورة أياما دون انقطاع وغدت المدينة تحت الحصار فلم يكن يأتيها القوت من مكان

فصار فيها جوع عظيم وسمع بذلك ملك الروم (الترك) فاحتدم غيظا وأرسل سريعا نحو اثني عشر ألف نفر من العسكر ومعهم القواد والأمراء والوزراء تحت قيادة ماموش باشا فوصلوا كركوك في الحادي عشر من أيار الواقع يوم الأحد ونزلوا في خارج المدينة. ومن بعد عدة أيام وصل أيضا إلى كركوك السر عسكر عثمان باشا ومعه أربعمائة ألف جندي (كذا) وأربعة وعشرون قائدا وكان وصولهم في الخامس عشر من حزيران وبعد أن مكثوا مقابل كركوك أياما يسيرة توجهوا إلى بغداد وكانت القرى على طريقهم خالية من السكان وساروا إلى بغداد على ضفة النهر وسمع طهماز خان بقدومهم فثار بعساكره وجاء لمقاتلته السر عسكر فالتحم القتال بين الطرفين وكان الروم على ضفة النهر والفرس بعيدين عنها واشتدت الحرب بالمدافع والبندقيات والسيوف وقتل من الطرفين خلق كثير ومات بالعطش كثيرون من الفرس ودام القتال سبع ساعات وانتهى بهزيمة طهماز خان. وقبل هزيمته كانت بغداد قد بقيت محاصرة تسعة أشهر وما كان يأتيها قوت من الخارج فوقع أهاليها في جوع عظيم وأصبحت وزنة الحنطة التي هي أربع وعشرون حقة بمائة وخمسين غرشا ولم تكن لتوجد. وصارت حقة اللحم بذهب وحقة الدهن بذهب وحقة لحم الجمل باثني عشر عباسيا وقيمة دمه ثمانية عباسيات وحقة لحم الفرس بعشرة عباسيات ودمه بثمانية عباسيات وبيع الكلب بخمسة عشر عباسيا والسنور بذهب والدجاجة بذهب وحمامتان بذهب وقيمة رغيف الخبز أربعة عباسيات ومات كثيرون جوعا ولم يكن لهم من يدفنهم لذلك أنتنت البيوت والأسواق والدور (الأحواش) وفسد الهواء بنتانتهم وكذلك الماء لأن كثيرين ماتوا فيه ومن بعد هذا سمع صوت في المدينة أن طهماز خان قد هرب فاهتزت المدينة فرحا وانتعش الرجال والنساء والفتيان سرورا وسبحوا الله جميعا وفتحوا أبواب المدينة وذهب كثير منهم إلى المحل الذي كان فيه طهماز فأخذوا ما ترك من حنطة وشعير وسمن وغير ذلك وعادوا إلى المدينة. ومن بعد هزيمة طهماز خان قام سر العسكر عثمان باشا مع عساكره الكثيرة من البرية ودخلوا المدينة لدى أحمد باشا وبقوا في بغداد ثلاثة أيام ثم سافروا

المدرسة البشيرية

وكانوا ينتقلون من قرية إلى قرية وكلها خراب حتى وصلوا كركوك وكان وصولهم في الخامس عشر من تموز. واشتد العويل والنحيب في المدينة لأن محاربة شديدة جرت بين عساكر السر عسكر وبين عساكر الفرس التي كانت باقية في كركوك وكثر الخوف في القلعة والتحم القتال شديدا بين الطرفين بالمدافع والبندقيات اليوم كله حتى غروب الشمس ومات من الطرفين عدد كثير. وهرب الفرس في تلك الليلة إلى قرية (ليلان) التي تبعد عن المدينة أربع ساعات وكانت خرابا خالية من السكان. وتلف أيضا كثير من عساكر الفرس جوعا. المدرسة البشيرية يقال: إن المؤرخ كحاطب ليل، فكنت أفسر هذا القول: أن المؤرخ يجمع بين الغث والسمين والموثوق به والضعيف، وما كنت أفكر يوما بأن له معنى آخر وهو الخبط والتلفيق وتغيير الحقائق وتشويه الوقائع إلا بعد اطلاعي على مقالة كانت قد نشرتها مجلة (المرشد) الغراء في جزءها السادس بعنوان (المدرسة البشيرية وكيف صارت سيفا)؟ أقول (مع احترامي لشخص كاتبها) إنها تحتوي على أمور بعيدة عن الهدف الذي أراد، وعلى مباحث مخالفة للأمر والواقع فهلا فكر حضرة مدبج سطورها (قبل التسرع بنشرها) بأن هناك رجالا يغارون على التاريخ وانهم يضعون ما كتبه في ميزان التحقيق فيرمون ما كان منه موضوعا: أو يصهرونه في بوتقة التدقيق ليطيروا كل ما يجدون فيه من المواد الزائفة والعناصر الغريبة: قرأت المقال المذكور بكل دقة وإنعام نظر مرارا عديدة فوجدته قد احتوى على مواضيع شتى يمكن حصرها في ستة أبحاث: - 1 - البشيرية - 2 - بيوت بغداد الشهيرة - 3 - حوادث الغرق والبرد في سنتي 454 و466 - 4 - قبر الأشعري - 5 - السيف ومسجده - 6 - الصالحية. وقد ذكر الكاتب إن نقل بحثه هذا من كتاب لمحمد أمين السهروردي

(عمه) ولكن لم يفصل قول عمه عن قوله الخاص به بل أدمج قوله في ما نقله حتى اصبح لا يعرف النص من الزيادة، وقد جئت هنا مبينا حقيقة هذه المباحث حسبما جاءت في كتب التاريخ. البشيرية مدرسة واقعة في مقبرة معروف الكرخي (رض) بنتها حظية المستعصم بالله العباسي المعروفة بباب بشير واليك ما جاء في هذا الصدد من النصوص: قال ابن الفوطي في كتابه الحوادث الجامعة للمائة السابعة ما نصه: وفيها أي في سنة 649 شرع ببناء المدرسة البشيرية. وقال: وفي سلخ شعبان سنة 652 ختمت دار القرآن التي أمرت بعمارتها والدة الأمير أبي نصر محمد بن الخليفة المستعصم المعروفة بباب بشير التي بنت المدرسة البشيرية. وقال: وفي 9 شوال سنة 652 توفيت البشيرية ودفنت تحت القبة التي أعدتها بجانب المدرسة المذكورة،، وتوفي بعدها ولدها أبو نصر محمد في 12 ذي القعدة سنة 652 ودفن عندها. وقال: وفيها أي في سنة 653 فتحت المدرسة البشيرية بالجانب الغربي من بغداد تجاه قطفتا التي أمرت ببنائها حظية الخليفة المستعصم أم ولده أبي نصر المعروفة بباب بشير، وجعلتها وقفا على المذاهب الأربعة على قاعدة المدرسة المستنصرية، ووقفت عليها وقوفا كثيرة قبل فراغها وكان فتحها يوم الخميس ثالث عشري جمادى الآخرة، وحضر الخليفة وأولاده فجلسوا في وسطها وحضر الوزير وأرباب المناصب ومشايخ الربط والمدرسون وكان المدرس بها سراج الدين النهرقلي أقضى القضاة وشرف الدين عبد الله ابن أستاذ الدار محيي الدين بن الجوزي ونور الدين محمد بن الغربي الخوارزمي الحنفي وعلم الدين أحمد بن الشرمساحي المالكي وعمل وليمة عظيمة، وخلع على المدرسين المذكورين والناظرين بها ونواب الإمارة والفراشين وخدم القبة وأنشدت الأشعار وكان يوما مشهودا وكانت وفاة البشيرية في السنة الماضية على ما ذكرناه: أما قطفتا: فقد قال ياقوت عنها في معجمه: قطفتا محلة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد مجاورة لمقبرة الدير التي فيها قبر الشيخ معروف الكرخي (رض) بينها وبين دجلة أقل من ميل وهي مشرفة على نهر عيسى إلا أن

العمارة بها متصلة إلى دجلة بينهما (القرية) محلة معروفة اهـ. فأين هذا من قول الكاتب: بناها بشير الدولة وساحتها كبيرة حتى السوق المتصل بالجسر والمسجد الواقع بفوهته كان من متممات المدرسة المذكورة!!! وكيف التوفيق بين قوله: أفل نجم المعهد بسبب غرق بغداد سنة 454 هـ وأذهب بجمالها (كذا) البرد الكبير الحجم الذي سقط سنة 466 هـ وقوله أيضا أن أحد معيدي الدرس فيها كان ابن عكبر المولود سنة 640 هـ وبين ما قاله ابن الفوطي إنه شرع ببنائها سنة 649 هـ. إن ذلك كله لأمر غريب. أما مدرسو البشيرية فقد ذكرهم ابن الفوطي أيضا بقوله: وفي سنة 665 هـ درس بها نظام الدين عبد المنعم البندنيجي. وفي سنة 668 هـ. . . ثم تقدم بترتيب الشيخ نور الدين علي الاطلبي الحنفي مدرسا بالبشيرية عوضا عن فخر الدين الطهراني المتوفى في السنة الماضية. وقال: وفي سنة 677 أعيد صدر الدين محمد بن شيخ الإسلام الهروي إلى القضاء في الجانب الغربي من بغداد وتدريس المدرسة البشيرية فبقي على ذلك مدة شهرين وأصبح ميتا. وفي سنة 682 نقل مجد الدين علي بن جعفر من التدريس بالمدرسة النظامية إلى المدرسة البشيرية: وقال الصفدي في نكت الهميان ص 101: أحمد بن عبد السلام بن تميم بن عكبر. . . الشيخ الإمام العالم الكامل الخير الناسك الورع التقي المعمر نصير الدين أبو العباس البغدادي الحنبلي أحد المعيدين لطائفة مذهبه بالمدرسة البشيرية بالجانب الغربي من بغداد إلى آخر ما ذكره الكاتب وقد ظن الكاتب حفظه الله: إن عكبر بيت من بيوتات بغداد الشهيرة وهو أبو المعيد المذكور فقال: إنه من أشهر بوتيات (كذا) بغداد ولم يعلم أن عكبر: بليدة من نواحي دجيل قرب صريفين وأوانا بينها وبين بغداد عشرة فراسخ والنسبة إليها عكبري وعكبراوي (معجم ياقوت) أما قبره فليس له أثر اليوم ليزار. وقد نسب غير هذا المعيد كهذه النسبة. أما تقاضي الخدم والإمام رواتبهم من دائرة الأوقاف فغريب في بابه إذ أن الدوائر التي يراها الكاتب اليوم لم تكن في ذلك العصر حتى قبل سنة 1285 هـ. بل لم تكن إلا المحكمة الشرعية وفيها يرى كل ما يتعلق بالأحكام وبيع الأملاك وشرائها ووقف الأملاك والصرف عليها إذ أن المحكمة المشار إليها كانت الدائرة

الوحيدة في بغداد يرى فيها كل ذلك كما يفهم مما في سجلاتها من المعاملات، وقد رأيت فيها الوصولات التي تعطى مقابل الرواتب المخصصة بالأئمة والخطباء وكان يعضد هذه المحكمة مجلس يدعى (بمجلس التمييز) وبقي هذا إلى تنظيم العدلية سنة 1285 أي عند مجيء مدحت باشا وتوليته ولاية بغداد وعندئذ عرفت هذه الدوائر ونظمت هذه المجالس والمحاكم فلم أدر من أي دائرة أوقاف كان يتقاضى خدام مسجد داود باشا؟ أما نظارة جد الكاتب (محسن أفندي) على الأوقاف فإنها كانت على مجلس الأوقاف الذي تديره المحكمة الشرعية بصرف المبالغ للتعمير ودفع رواتب الخدم وغيرها، وإن لم يصدق ما أقول فعليه بمراجعة سجلات المحكمة: ثم إن داود باشا أمر بتعمير السيف المذكور سنة 1236 كما يفهم ذلك من التاريخ المحرر في صدر بابه الشرقي وكمل بناؤه سنة 1240 وكان يعرف قبل تعميره ب (العلوة) كما تنطق بذلك الحجة الوقفية: أما المسجد الذي يليه فقد أخرج من السيف ولكن لا كما قال إن داود باشا باشر بناءه بنفسه: إذ إن سطوة الباشا وجبروته في ذلك اليوم، واستقلاله بالحكم مشهورة ومسطورة في التاريخ ولم يسمع إنه لما بنى مسجده الجامع ومدرسته التي طاولت قببه السماء وناطحت مئذنته القبة الزرقاء باشر بناءه بنفسه ولم يسمع أيضا إنه وضع الحجر الأساس له بنفسه كما جرت العادة في تشييد الأماكن الفخمة الضخمة فضلا عن أن البناء هو حجرة صغيرة من حجر السيف!!! وقد اشتبه الأمر على الكاتب فعرف الصالحية بالبستان الذي أوقفه عبد القادر أبن الحاج صالح على أولاده حوالي سنة 1270 هـ ولم يدر أن هذا البستان لم يشتهر أسمه بين البغداديين إلا بعد الاحتلال البريطاني لبغداد بعد أن فتحت الجادة التي تحاذيه وعقد الجسر الذي سموه باسم الفاتح (مود). أما محلة الصالحية التي ذكرها ياقوت في معجمه وقال عنها إنها محلة ببغداد وتنسب إلى صالح بن منصور المعروف بالمسكين. فلم يعين محلها ولم يدر هو أيضا أهي بالجانب الشرقي أو بالغربي من بغداد ولم أدر أنا أيضا ما أراد الكاتب بقوله ولا بد من ذكر الصالحية ووصفها بما كانت عليه سنة 446 هـ وخص لصم هذه

لواء الدليم

السنة التي فيها انحل أمر الدولة السلجوقية ببغداد وبها سادت الفتن والفوضى. أكان يريد وصف الصالحية مع هذه الحوادث والقلاقل؟ وظن الكاتب أن الأثر الباقي من الأبنية القديمة الواقعة على ضفة دجلة والمعروفة اليوم (بالسن) هو من بقايا قصور (جعفر بن برمك) يريد قصور جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك. بل هو من بقايا قصر عيسى المنسوب إلى علي بن عيسى كما جاء في معجم ياقوت. وقال في الحوادث الجامعة: أمر الخليفة (المستعصم) ببناء سكر على فم نهر عيسى مما يلي دجلة ليزداد ماء النهر بحيث تعبر شبارته إلى القصر المستجد بجوار قنطرة الشوك. أما قصور أبن برمك فهي في غير هذا المحل من بغداد. وبالختام أرجو من حضرة الكاتب أن لا يتسرع بنشر ما لم يتحقق لديه من كتب رجال التاريخ لئلا يقع في أمثال هذه الهفوات التي لا يمكن رجال التاريخ أن يمروا عليها مرور المتفرج. عبد الحميد عبادة لواء الدليم مدخل البحث لواء الدليم من أوسع الألوية العراقية وأشهرها وإن كانت حاصلاته الزراعية لا تذكر بجانب حاصلات بقية الألوية. وهو منحصر بين ألوية بغداد والحلة وكربلاء وتحده من جهة الشمال ولاية الموصل ومن جهة الشرق بغداد وأطرافها ومن الجنوب لواء كربلاء وبادية الشام ومن الغرب بادية الشام وتقع أراضيه على ساحلي الفرات الأعلى من شمالي قناة (أبو غريب) حتى (القائم) التي هي آخر حد للملكة العراقية وتسود حاكمية الشيخ علي السليمان في معظم قبائل اللواء التي ترجع إلى قبيلة واحدة هي (الدليم). مركزه مركز لواء الدليم قصبة الرمادي القائمة على عدوة الفرات اليمنى في محل يبعد عنه كيلومترا واحدا عن بغداد 67 ميلا. وهي قصبة جميلة المر عليلة النسيم

تمر بها جميع السيارات في طريقها إلى سورية وما جاورها من الممالك والبلدان وهذا علة تفاؤل الناس لها بمستقبل عظيم. ونفوس القصبة لا تتجاوز الخمسة آلاف نسمة وفيها أبنية ضخمة وقصور حسنة وعمارات كثيرة لم يكن لها أثر قبيل افتتاح طريق السيارات من بغداد إلى سورية وفيها أيضا مستشفى ملكي ودائرة مكس (كمرك) واسعة مع عدة منازل صحية مبنية على أحدث طرز يسكنها كبار الموظفين. نواحي مركز اللواء وتربط بمركز اللواء ارتباطا إداريا: ناحيتان واسعتان هما الرحالية وهيت أما الرحالية فمركزها قرية الرحالية التي تبعد عن جنوبي الرمادي 60 ميلا وتكثر فيها التمور بأنواعها المختلفة وأكثر نخيلها مغروس على ينابيع مياه كافية لإرواء البساتين. ويقدر سكانها بأربعة آلاف نسمة فقط. وهي أقرب إلى شفاثة (من أعمال لواء كربلاء) منها إلى الرمادي. وأما ناحية هيت فمركزها قصبة هيت المحوطة ببساتين وجنائن كثيرة فيها أنواع الفواكه والأثمار وهي تبعد عن مركز اللواء 42 ميلا وتقع على عدوة الفرات اليمنى. ويزعم بعضهم إن الذي أسسها هو (هيت بن السبندي) وهو من الخرافات وكان البابليون يطلون أرض (بابلهم) بقار يؤتى به منها. وهيت هذه من مدن العالم الغنية: يكثر فيها الزفت والقار والملح والكبريت والفحم الحجري والكلس والنفط الأسود وغيرها من المعادن الثمينة التي لم تستثمر حتى الآن والذي يؤسف عليه كثيرا فقدان المباني الجليلة والعمارات الكثيرة المنظمة ومعظم بيوتها مبني بالحجارة العادية الصلبة ومعظمها مطلي بالقار مما يجعل لها منظرا أسود حالكا. ومياهها ثقيلة لكثرة المعادن التي فيها وهواؤها رديء وتقدر نفوسها بنحو ثلاثة آلاف نسمة. وعلى مقربة منها عين ماء معدني يقال لها (العين الجرباء) يقصدها المصابون بالجرب فيبرأون منه بعد اغتسالهم فيها مرارا. وعلى بعد عشرة أميال من غربيها قرية كبيسة (بالتصغير) المشهورة بعذوبة

الهواء وكثرة المياه المعدنية وقد كانت ناحية ملحقة بمركز اللواء ولكن الحكومة ألغتها حديثا. تنظيمات اللواء للواء الدليم قضاءان هما قضاء الفلوجة وقضاء عانة. قضاء الفلوجة مركزه قصبة الفلوجة الواقعة على ضفة الفرات اليسرى في محل يبعد عن بغداد 47 ميلا ويربط جانبيها جسران أحدهما خشبي والثاني حديدي ومدت الحديدي شركة (جكسن) ولكنه لم يقو على مقاومة تيار الفرات الجارف فأغرقه عام 1928 فكبد الشركة بذلك خسارة طائلة. وتمر جميع السيارات بقصبة الفلوجة في طريقها إلى سورية كما تمر بالرمادي وهذه الفلوجة ليست بالتي ذكرها الحموي في معجمه فأن هذه أصبحت آثارا مندرسة لا يشاهد منها اليوم غير الطلول والأتربة مع الأنهار المندرسة. أما (فلوجة) اليوم فقد شيدت قبل نصف قرن على وجه التقريب وهي عبارة عن مبان قليلة من اللبن وبعضها مبني بالآجر وعلى النهر بضعة قصور للأغنياء وكان يربطها بالعاصمة خط حديدي أنشأته الحكومة الاحتلالية لأشغال عسكرية، ولكنها ما لبثت أن رفعته جملة خطوط من عدة أماكن. وللقضاء ناحية واحدة يقال لها ناحية الدليمية ومركزها قرية الدليمية الراكبة نهير القرمة الذي يتشعب من الفرات بالقرب من الفلوجة وينتهي بالقرب من الكاظمية. قضاء عانة لعل عانة من أقدم مدن العراق. فقد جاء في معجم البلدان أنها كانت إحدى قرى هيت مضافة طسوج الأنبار، فلما ملكها انوشروان بلغه أن جماعة من الأعراب يغيرون على ما قرب من السواد إلى البادية، فأمر بتحديد سور قرية (آلوس) التي كانت قد بنيت وسلحت لحفظ ما قرب من البادية فخرجت هيت وعانة بسبب ذلك السور عن طسوج الأنبار وكانت (عانات) قرى عديدة مضمومة إلى هيت.

وكما أن عانة من اقدم المدن في العراق؛ هي أيضا أطول مدينة فيه لأنها ممتدة على ساحل الفرات الأيمن إلى مسافة نحو ثلاث ساعات. أما عرضها فلا يتجاوز بناية بيتين في معظم الأماكن وهي مركز قضاء عانة، نقية الهواء حسنة الموقع جميلة المنظر تكتنفها طلول طويلة وقليلة الارتفاع وهي منحصرة بين هذه الطلول وبين النهر وتقدر نفوسها بنحو 9500 نسمة. ويقابل قصبة عانة على ضفة الفرات اليسرى، قرية راوة الشهيرة وهي اعرض من عانة بكثير وبين أهل البلدين أحقاد قديمة كثيرا ما أدت إلى نشوب مصادمات بين الطرفين المتخاصمين فتذهب بعشرات النفوس وقد قلت هذه الحركات والفتن في عهد الحكومة الحاضرة بل يتوقع إنها تزول. وللقضاء ناحيتان هما الحديثة والقائم أما الحديثة، فمركزها قرية الحديثة القائمة في جزيرة وسط الفرات فيها نحو مائتي دار يسكنها زهاء ألف نسمة. ويرى محل الحكومة في موضع يقابل هذه القرية على ضفة الفرات اليمنى. وهي تنسب إلى أبي مدلاج التميمي كما روى الحموي ذلك. وتتبعها قريتان مشهورتان في التاريخ: الأولى (آلوس) وقد كانت موطنا لبيت علم اشتهر في العراق وينسب إليها جماعة من فطاحل العلماء. واسم الثانية (جبة) وهي أيضا قرية قديمة وكلتاهما جزيرة في شرقي مركز الناحية. أما ناحية القائم فمركزها خان (القائم) وهو عبارة عن مخفر للشرطة، يقع على ضفة الفرات اليمنى في آخر حدود المملكة العراقية. وتجاوره عشائر السلمان الرابضة في هاتيك الجهات. وتقرب منها مبان قديمة يتخذها قطاع الطرق مكامن لهم عندما يسلبون القوافل بين بغداد وسورية. خرج اللواء ودخله يصدر لواء الدليم كمية من الحنطة والشعير ومقدارا عظيما من الزفت والملح والقار والصوف والسمن والخيل الأصيلة. ويجلب ما تجلبه بقية الألوية من سائر المنسوجات والبقالية والعطارية وكذلك يجلب التمور والأرز من قضاء الهندية. ويقدر دخل اللواء بنصف مليون ربية فقط وذلك تقديرا عاما على

جسامة أراضيه الشاسعة الأطراف ومعظمها من قضاء الفلوجة لأن دخل قضاء عانة لا يتجاوز الخمسين ألف روبية. عشائر اللواء معظم سكان لواء الدليم من العشائر. أما سكان المدن والقرى فقليلون جدا. وتنتمي معظم هذه العشائر إلى الدليم التي يرأسها الشيخ علي السليمان، وهي تنقسم إلى قسمين البو خلف والبورديني. ولكل منهما أفخاذ عديدة وأشهر أفخاذ (البو خلف) - 1 - البو ذياب - 2 - البو عساف - 3 - البو مرعي - 4 - البو هزيم وغيرها. أما أشهر أفخاذ (البورديني) فهي - 1 - البو فهد - 2 - البو علوان - 3 - البو كليب وغيرها (والبو منحوتة من آل أبو). وفي اللواء عشائر أخرى من الدليم أشهرها البو عيسى والمحامدة. ومن غير الدليم عشائر يقال لها الزوبع ويرأسها الآن الشيخ درع المحمود شقيق المرحوم الشيخ ضاري المشهور. المعارف في اللواء جاء في التقرير الرسمي الذي أصدرته وزارة المعارف العراقية حديثا؛ أن مدارس لواء الدليم خلال عام 1928 كانت إحدى عشرة. ويظهر أن رغبة سكان اللواء في التعليم عظيمة جدا. لأن نسبة المدارس فيه إلى بعض الألوية كالكوت وكربلاء والحلة والسليمانية. لا تذكر مع أن جل سكان لواء الدليم من العشائر وهؤلاء بالطبع لا يرسلون أولادهم إلى المدارس إلا القليل منهم. بينما تغص بقية مدن الألوية المذكورة بالسكان من الآهلين. ولو فتحت الوزارة المشار إليها. مدرسة للبنات في هذا اللواء بدلا من بعض مدارسها في الأرباض والقرى، لخدمت الحركة العلمية فيه أجل خدمة وعساها أن تفعل!. مياه اللواء ليس في هذا اللواء من المياه لسقي أراضيه ومزارعه وإرواء سكانه غير (الفرات) الكثير البركات والخيرات فهو يدخله من قرية القائم القائمة على ضفته

اليمنى ثم ينحدر نحو عانة فيسقي مزارعها ويحيط (بالحديثة) التي ترى في وسطه. وبعد أن يمر بآلوس وجبة يأتي إلى ناحية (هيت) فيخترقها ويسير نحو قصبة الرمادي (ثم الفلوجة ومن ثم يفارق أراضي هذا اللواء متجها نحو (المسيب). وقبيل دخوله قصبة الفلوجة، يتشعب منه جدول يسمى (القرمة) وهذا الجدول يسقي مزارع ناحية الدليمية وينتهي بالقرب من الكاظمية. وهناك بعض جداول صغيرة قائمة على عدوتيه لسقي المزارع البعيدة عن النهر وهي قليلة. وواسطة الإسقاء في لواء الدليم (الكرود) (الآبار أو السواني) إلا (الدليمية) فإن مزارعها تسقى سيحا، كما أن في قضاء الفلوجة نحوا من 35 مضخة لإرواء المزارع التي يصعب إرواؤها بالكرود لعظم ارتفاعها. السيد عبد الرزاق الحسني ملاحظة في الشعر المنثور ذكر رشيد أفندي الشعرباف في ص 371 من هذا الجزء أن أول من تعاطى الشعر المنثور في عصرنا هذا هو الريحاني. وهذا الرأي خاص بحضرة الكاتب. والذي يجب أن نذكره هنا هو: أن كثيرا من الناس لا يفرقون بين (الشعر المنثور) و (الشعر المرسل) فالشعر المنثور هو ما تلتزم فيه القافية ولا يلتزم فيه الوزن. أما الشعر المرسل فهو ما يلتزم فيه الأوزان ولا تلتزم فيه القافية. وأول من أبدع الشعر المرسل عندنا هو الأستاذ الكبير والفيلسوف الشهير جميل صدقي الزهاوي فقد نشر قصيدة منه في المؤيد (جريدة كانت تصدر في مصر القاهرة) قبل زهاء 28 سنة وله قصيدة من هذا الطرز في ديوانه (الكلم المنظوم) نشرت في أول سنة الدستور العثماني (سنة 1908) ونشر قصيدة منه أيضا في جريدة (العراق). وخالفه فيه جماعة من الأدباء وحاولوا أن يزيفوا طريقته فألقمهم الحجر واحدا بعد واحد وقال: إنه طريقة الشعر في المستقبل. ثم نشر قبل ثلاث سنوات أو أكثر قصيدة من هذا الأسلوب في مجلة الهلال وسماها: بعد ألف عام وهذا لا يجهله من يمت إلى الأدب العصري العربي ولو بطرف من النسب. إذن ثبت أن لم يسبق أحد من الشعراء العرب وأدبائهم الأستاذ الزهاوي في إبداع الشعر المرسل وإن كان بعضهم حاول أن يسلبه هذه الدرة وينزعها من تاجه المزين به جبينه الوقور منذ أمد بعيد.

العظيمة التي اشتهر بها في العالم العربي بل وفي مجامع العلم الغربية اشتهارا ذائعا. ونقول اليوم أن نجاح هذا الحفل الأدبي الفخم في عاصمة العباسيين وتضافر أعلام الأدباء على تقديره برغم الفروق السياسية والجنسية والدينية دليل كاف على أننا معاشر العرب قد بدأنا ننفض عنا غبار التعصب الذميم ونقدر الفضل لصاحب الفضل أينما كان وكيفما كانت صبغته الشخصية الخاصة به كما هو شأن الأمم الحية. وقد نبه هذا اليوبيل أذهان ذوي العقول الراجحة في مصر وسورية والحجاز وتونس والهند فضلا عن العراق وبقية أقطار العالم العربي إلى المزايا الفذة التي يتحلى بها فضيلة الأب الجليل المحتفل به وشعر الكل بأن لنا في هذا الرجل العبقري الإمام الضليع الأوحد البصير بفلسفة العربية وفقهها بدرجة لم تعهد بعد في عصر من عصورها السالفة حتى في العهدين العباسي والأموي، إذ لم يكن بين اللغويين في ذلك الوقت ما للأب المحترم من تضلع وافر من علم مقارنة اللغات فضلا عن بصره النافذ إلى أسرار العربية ومعرفته بلغات شتى قديمة وحديثة. ونحن نعلم أن وزارة المعارف المصرية اهتمت جد الاهتمام بآثار الأب الجليل ووجهت أولى عنايتها إلى مجلته النفيسة (لغة العرب) التي هي مرجع محبي العربية لما فيها من مباحث لغوية مبتكرة لا ينضب لها معين، ومن فتاوي قيمة لا يستغنى عنها ومن نقد أبي ممتع كله نزاهة وصدق وفائدة. ونعرف أيضا أن إدارات التعليم في الحكومات العربية الأخرى لم يفتها التفكير في الاستفادة من علم فضيلة الأب المحترم، كما نعلم أنه في مقدمة الأعضاء المراسلين المرشحين للمجمع اللغوي المراد تأليفه قريبا. ولكننا نرى أنه يجب أن يكون الانتفاع من مواهب الأب الكرملي أعظم من ذلك، فمثل هذا الرجل لا يجود به الدهر إلا مرة في عصور وينبغي أن تعد مواهبه ملكا للعالم العربي بأسره، وأن تتضافر حكوماته على استغلالها وعلى إخراج تآليفه الجليلة العديمة النظير. وما نشك في أن وزارة المعارف المصرية وحدها قادرة على تحقيق ذلك إذا قصرت الحكومات العربية الأخرى في هذا الواجب. وعيب وحرام أن نبقى مشغوفين بالفرنجة وننسى مواهب الأعلام من رجال العرب فلا نعرف كيف نستفيد منها.

ليس الأب الكرملي في مواهبه وآثاره فردا بل هو أعظم من مدرسة وبنسبة منزلته الممتازة يجب أن تكون الجهود الموجهة إلى استثمار معارفه الغزيرة. فهذا وحده هو التقدير العملي الصحيح الجدير بالرجل في حياته المباركة، ولا خير في تقدير متأخر بعد حياته إذا لم نعرف كيف نستفيد منها الفائدة الواجبة. ويسرنا في هذا المقام أن نكرر لفضيلة الأب العلامة تهنئتنا القلبية بما أحرزه من منزلة سامية في قلوب أبناء العربية وفي عيون المستشرقين الأعلام عن جدارة حقة بعلمه وأخلاقه وأدبه. ولا سيما بنزاهته العالية وحبه الحقيقة بل تقديسه إياها فوق كل اعتبار، ونتمنى له العمر الطويل والصحة والسعادة، وأن يبقيه الله ذخرا لأبناء الضاد المعامرة لا معاملا ورد ذكر هاتين الكلمتين (معاملا ومعامرا) في ص 229 من المجلد السابع عشر من مجلة العرفان السورية، فرأيتكم قد أصبتم في قولكم وظنكم وجود (معامرة) في العراق، وإنكاركم ونفيكم وجود (معاملا) كما أني رأيت الأديب الحسني قد أخطأ بنفيه وجود كلتا الكلمتين بقوله: (ليس في لواء الموصل لا معملا ولا معامرة). أما (المعامرة) فهم كثيرون منتشرون في (قرى دجلة والفرات) ومنهم طائفة في (النجف) قطنتها منذ قرنين، ومهنتهم رعاية الماشية (الجاموس) والاكتساب من ألبانها إذ يبيعونها في الأسواق، ويلقبون (بآل عامر) ويؤيد قولكم أيضا وجود مادة (معامرة) في الكتاب المخطوط تأليف السيد مهدي القزويني الموسوم (بأسماء القبائل وأنسابهم) الذي وصفته في (لغة العرب) 7: 290 فقد نص على مادة (المعامرة) في باب الميم فقال (المعامرة قبيلة من زبيد في العراق) وكررها حرفيا في (باب العين) من الكتاب عينه وذكر بعدها مادة (العماريين) بالنصب فقال (قبيلة من زبيد في العراق من أحلاف خزاعة يحرثون الأرض) ثم قال بعدها في مادة (العامران) (عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة وهو أبو براء ملاعب الأسنة، وعامر بن طفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب وهو أبو علي) ورجائي أن تجلوا البحث عن هاتين (اللفظتين) ليزول الاشتباه في هذا الموضوع. النجف: عبد المولى الطريحي

فوائد لغوية

فوائد لغوية عثرات إبراهيم اليازجي وجرجي جنن البولسي في مغالط الكتاب ومناهج الصواب: 7 - وقال في ص 99 ناقلا عن اليازجي (والقوت جمع أقوات) ولعله يريد (الأقوات جمع قوت) كقفل وأقفال وقطر وأقطار وصقع وأصقاع. 8 - وقال في ص 116 ناقلا عن اليازجي (أوعز إلى المنصبين بعدم إفشاء الأخبار) وفي قوله خطأ هو استعمال الباء مكان (في) فالصواب (أوعز إلى المنصبين في عدم إفشاء الأخبار) إذ يقال (أوعز إلى فلان في ذلك الأمر إذا تقدم إليه به). 9 - ونقل عن اليازجي في ص 129 تخطئة من قال: (فعل هذا بصفته رئيس المجلس) وذكر أن الصواب (بصفة كونه رئيس المجلس) وفي كلام اليازجي خطأ بارز لأنه جعل الاستعانة بصفة الكون مع إنها بالكون نفسه. واليازجي هو الذي خطأ في ص 125 من قال (هنأته بسلامة الوصول) محتجا بأنهم يثبتون السلامة للوصول. ومثل هذا اعتراضي على قوله السابق فإن الاستعانة فيه تكون (بصفة كونه رئيس المجلس) والصواب أن تكون (بكونه رئيس المجلس) ولهذه الجملة وجهان ما خلا الوجه المذكور فالأول (فعل هذا بأنه رئيس المجلس) والثاني (فعل هذا رئيسا للمجلس). 10 - ونقل في ص 78 عن اليازجي (أعرابي جمعه أعراب وجمع الجمع أعاريب) قلت: وليس ذلك على الشيء من الصواب لأن الأعراب (اسم جنس جمعي) قال في المختار (والأعراب منهم سكان البادية خاصة والنسبة إليهم أعرابي) فالأعرابي منسوب إلى الأعراب لا مفردها اللفظي. وقال أيضا وليس الأعراب جمعا لعرب بل هو اسم جنس). وقال في القاموس (والأعراب منهم

سكان البادية لا واحد له ويجمع أعاريب) وقد عده في الكامل (اسم جمع) كذلك إذ قال في ج 1 ص 70 (تقول في قوم أقوام فتجمع (الاسم الذي هو للجمع) وكذلك أعراب وأعاريب وأنعام وأناعيم) اهـ. 11 - ونقل الأب عنه في ص 77 في كلامه عن العدد (يعرف بإدخال أل التعريف على العدد وحده أو على المعدود وحده أو على كليهما) ثم ضرب مثلا للحالتين المتقدمتين فقال) وفي الثالث يكون تابعا نحو أين الأربعة الرجال). قلت: يجوز أن يكون (مضافا) إليه. وليس إلزام اليازجي إياه الاتباع ولا اختصاصه به مقبولين. والدليل على قولي ما جاء في مختار الصحاح وهو: (وتقول: هذه الخمسة الدراهم بجر الدراهم وإن شئت رفعتها وأجريتها مجرى النعت وكذا إلى العشرة) فهذا دال على إن الإضافة راجحة على الاتباع عند الجوهري لتقدمها. 12 - وقال الأب جرجي جنن في ص 69 (غلط: ضرع إلى الله - أبتهل إليه) صوابه (تضرع إليه أو استضرع له - أبتهل إليه بتذلل. وإنما جاء ضرع ضراعة بمعنى خشع وذل واستكان وتصاغر ولم يأت المجرد من هذا الفعل بمعنى الابتهال) اهـ. قلت: إن الرجل قد أخطأ ثلاثة أخطاء في كلامه. أولها إنكاره ضرع بمعنى استضرع بإصلاحه (ضرع) ب (استضرع). وفي القاموس (والمستضرع الضارع) وثانيها إنه لم ينتبه إلى أن الاستكانة تدل على التضرع أي الابتهال وكذلك الضراعة لأنها عامة. فالتذلل يكون لحاجة أو غيرها من الأسباب المضرعة وثالثها أن (ضرع إليه) مستعمل وفصيح. قال في مقدمة القاموس (ضارعا إلى من ينظر من عالم في عملي أن يستر عثاري وزللي) فمعناه (متضرعا إليه أي مبتهلا إليه وراغبا إليه). وقد رأيت أن الدليل على خطئه قد استخرجته من كلامه أولا ثم ذكرت غيره مني. 13 - وقال في ص 73 ناقلا عن اليازجي (طالما مركبة من (طال) و (ما) الكافة عن اقتضاء العمل نحو: طالما أيقظك الدهر فتناعست. أي طال إيقاظ الدهر لك فتقاعست) قلت ليست (ما) كافة كما قال بعض العلماء بل هي مصدرية حقا والذي ينكرها في الاحتجاج لا يتمكن من إنكارها حين التفسير.

ألم تر إلى اليازجي كيف قال في التفسير (طال إيقاظ الدهر) والمعلوم أن (ما) تكف الحروف لا الأفعال وقد تزيل اختصاصها (فكثر ما اجتهدت وطالما ربحت وقلما خسرت وشد ما سعيت) أفعال كثيرة الاستعمال وفواعلها المصادر المؤولة الأربعة. ولو لم تكن (ما) مصدرية لجاز دخول (طال) على الاسم فيكون مبتدأ مثل (طالما محمد قائم) قلت ذلك لأن الكف عن العمل يستوجب فائدة ألا ترى أن (رب) تدخل على الأسماء فإذا التصقت بها (ما) دخلت على الأفعال وأن (إنما) وغيرها تدخل على الأفعال والأسماء. 14 - ونقل الأب في ص 66 عن اليازجي (غلط: حكم صارم. .: بمعنى عنيف) ثم قال (إنما يقال: رجل صارم أي ماض شجاع وسيف صارم أي قاطع) قلت هذا من عجائب النقد لأن (صارما) اسم فاعل يستعمل لكل ما يصرم أي يقطع، أفلم يقل اليازجي (رجل صارم أي ماض) فالمضي ليس مقصورا على شيء إذ يقال (زمن ماض وسيف ماض ورجل ماض) فكيف لا يقال (حكم صارم وسيف صارم وسكين صارم فالحكم الصارم من المجاز بمعنى يقطع الحق أما قوله (رجل صارم) فليس من هذا الباب بل من (صرم صرامة) وباب الأول (صرم صرما) مثل ضرب ضربا وشتان ما المراد من الأول والمراد من الثاني. 15 - وقال الأب نفسه في الصفحة نفسها (غلط: صرف هذا المبلغ في مشترى الكسوة. وهذا مصروف كبير. صوابه: أنفق هذا المبلغ وهذه نفقة كبيرة.) ثم قال (إنما يقال: صرف زيدا عن كذا - رده عنه. وصرف الدراهم بدلها بغيرها) قلت جاء في المصباح المنير (وصرفت المال أنفقته) فما على الأب إلا أن يتحقق ذلك بعينه فيرى أنه مخطئ لا محالة وأن القول المنقود صواب صراح. 16 - وقال في ص 67 ناقلا عن اليازجي (اصطلح الخصمان: تصالحا) وأنكر أن يكون لاصطلح معنى ثان. مع إنه قال بعد سطور (ولرسم القرآن اصطلاح مخصوص) فما أراد بالاصطلاح؟ أتصالحا أراد أم غيره؟ فالصواب أن يقول (واصطلحوا على الشيء: اتفقوا عليه) إذ ليس لقوله (وللقرآن

تصالح مخصوص) معنى ما لم تضف هذا التعبير إلى كتب اللغة العربية. 17 - وقال في ص 64 ناقلا عن اليازجي في كلامه على المصدر (فيثنى ويجمع باعتبار ما يقارنه في الخارج) ومعنى (يقارنه: يصاحبه ويقترن به) ولا معنى له هنا لأن استعماله مغلوط فيه فالصواب أن يقول (يقابله أو يساويه أو يكافئه) فهو المراد. 18 - وقال في ص 60 ناقلا عن اليازجي (غلط: رجل شفوق، صوابه شفيق - ذو شفقة أي ذو حنو وانعطاف) قلت أن وضعه الانعطاف في موضع العطف غلط بين لأن الانعطاف الانثناء والميل ومنه (عطف العود فانعطف) ومنعطف الوادي منعرجه ومنحناه فالصواب أن يقول (ذو حنو وعطف) ليستقيم الكلام ويزول الاشتباه. 19 - وقال الأب جرجي نفسه في ص 57 (على أن (ما) تامة وعبرة بدلا منها (قلت الصواب (بدلا منها) لأن هذه الجملة إذا عدت معطوفة على الجملة المتقدمة وجب (رفع (بدل) بكونها خبرا للمعطوف على اسم (أن) وإن لم تعدد كذلك وجب رفعها على أنها خبر للمبتدأ (عبرة الذي سبقته واو الاستئناف أو الحال. 20 - وقال في ص 50 (الخيزلى: مشية فيها تثاقل وتراجع فلا يصح أن تكون في مقابلة القهقرى فهي أن تكون موافقة للقهقرى أقرب من أن تكون مضادة لها) ذلك ما قاله اليازجي وليس بشيء فإنه أضاف من عندياته (التراجع) إلى الخيزلى وليس فيها تراجع البتة فهي ضد القهقرى لا محالة لأن القهقرى رجوع. وروي في الكامل عن الأصمعي إنه رأى رجلا يختال في أزير (مصغر أزار) في يوم قر في مشيته فقال له الأصمعي (ممن أنت يا مقرور)؟ فقال (أنا ابن الوحيد أمشي (الخيزلى) ويدفئني حسبي) فيظهر لك أن الخيزلى تقدم لا تراجع أي مشي باختيال لا قهقرى. وقد يقال: فلان بطيء في سيره فكأنه يتراجع إذا سار. وهذا لا يقتضي إنه يتراجع على الحقيقة لأنه تشبيه. له بقية الكاظمية: مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة كتاب الخراج لجعفر بن قدامة نشر المستشرق دي خوي الهولندي في سنة 1889 جانبا من هذا الكتاب في الجزء السادس من الأسفار التي أطلق عليها العلامة الذكور اسم (خزانة جغرافيي العرب) وذلك من الصفحة 186 إلى ص 266 وما وشاه بالطبع لا يحوي إلا الباب السادس من اصل التصنيف والمخطوط الذي انتفع به الناشر يرى في خزانة كتب كوبريلي في استانبول. ومن هذا التأليف نسخة في مجموعة شفر في باريس وقد ذكر دي خوي في مقدمة النص الذي أبرزه للوجود أن الأعلام في هذه النسخة مشوهة تشويها يعسر على الباحث أن يعرف حقيقتها. هذا فضلا عن أن النص مهشم تهشيما وكثير الأغلاط والأوهام والبياض. وبعد معارضته بنسخة استانبول ظهر أن اغلب تلك الهفوات ترى في النسخة الأم، وليس لي علم بنسخة ثالثة من هذا الكتاب الجليل الفوائد. والذي منع العلامة دي خوي من نشره بحذافيره سقم النسختين لا غير. فإذا كان عند أحد الأدباء نسخة حسنة فليحسن إلينا بتعريفها للقراء وله الفضل والمنة. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو قبر الإمام أبي يوسف في مقبرة قريش كنت تصفحت في لغة العرب المحبوبة ما كتبه السيد عبد الحميد عبادة عن الشك الذي خامره في موضع قبر الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ولم آبه كثيرا للتعليق على ما كتبه حتى جاء السيد ب. م. م فكتب في الصفحة 150 من مجلد السنة الحاضرة يثبت بشهادة البشاري المقدسي صاحب أحسن التقاسيم

في معرفة الأقاليم وجود قبر أبي يوسف في مقبرة قريش. فتنبهت إلى التثبت من ذلك ورجعت إلى نسختين مخطوطتين من رحلة أبي الحسن الهروي المعروفة ب (الإشارات إلى أماكن الزيارات) كان تفضل فأستنسخهما لي بالتصوير الشمسي العلامة الجليل الأستاذ أحمد تيمور باشا من الأصلين المحفوظين في خزانة كتبه العامرة الحافلة بالنوادر وأهداهما إلي فوجدت الهروي يقول ما نصه بالحرف: بغداد دار السلام وقبة الإسلام ومقر الإمام عليه السلام بها الإمام موسى ابن جعفر الكاظم عليهما السلام عمره اثنان وثمانون سنة وبها الإمام محمد ابن علي بن موسى الجواد ولد بالمدينة عاش سبعا وعشرين سنة وبها الإمام الأمين محمد بن الرشيد رضي الله عنهم وجماعة من الأشراف في مقابر قريش وقبر أبي يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنهما. ثم تذكر بعد ذلك محلة الرصافة ومن دفن بها من الخلفاء. ولا يخفى أن أبا الحسن الهروي توفي سنة 611 هـ 1214 م بعد أن طوف بالبلدان وبحث وتقصى فشهادته تعتبر شهادة عيان بعد شهادة المقدسي الذي عده السيد ب. م. م شاهد عدل وهو كما قال. أما عناية ملوك آل عثمان بمرقد الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وصاحبه فيرجع إلى انهم كانوا يقلدون مذهبه الحنفي ويرون تلك العناية من لوازم الخلافة كما جاء في كتاب وقف للسلطان سليمان القانوني حبس به بعض القرى والدساكر على تكية زوجه في بيت المقدس والى القارئ جملة من ذلك الكتاب المدون في سجلات المحكمة الشرعية فيها: (هو الذي شرفه الله الملك السلام بتعهد لوازم بيته الحرام ومراسم روضة النبي عليه الصلاة والسلام ويسر له نظم مناظم المشهدين بأحسن نظام وعمر

مرقد الإمام الأعظم بالتوسيع والإملاء والإعظام فحق أن يقال له انه أتم حق الخلافة حق الإتمام وأظهر قواعد الدين القويم بالإظهار التام أعقل الخواقين الفضل وأعدل السلاطين الكمل الخ. وتاريخ هذا الكتاب أواخر شوال المبارك 967هـ 1560م وهو ملحق بوقف للسيدة خاصكي سلطان تاريخ كتابه أواسط شعبان سنة 964 (1557). حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص منية المريد ومسكن الفؤاد مطبوعان جاء ذكر هذين الكتابين في الجزء الثامن من المجلد السادس للغة العرب (ص 563) تحت عنوان (خزائن إيران) وكأن الناشر قد اعتبرهما (مخطوطين) أما أنا فلا اعتبرهما كذلك لعلمي انهما مطبوعان ومؤلفهما العلامة الشهير الشيخ زين الدين (كما يقول صاحب الروضات نور الدين) بن أحمد بن جمال الدين بن تقي الدين صالح بن مشرف الشاملي العاملي أحد رجال القرن العاشر الهجري المتوفى سنة 966هـ وقد اشتهر عند الخاصة والعامة (بالشهيد الثاني) وهو أول من ألف في (التربية والتعليم) من علماء الإمامية أما كتابه (منية المريد، في آداب المفيد والمستفيد) فقد طبع مرتين مرة في إيران ومرة في هندستان وكلتا الطبعتين سقيمة. وقد نظم هذا الكتاب كله على (بحر الرجز) أحد علماء النجف المشاهير المنسيين هو الشيخ عبد الرحيم (المتوفى سنة 1313هـ) بن محمد حسين بن عبد الكريم بن محمد بن محمد رضا بن محمد تقي بن المحدث المجلسي الشهير الشيخ محمد باقر صاحب كتاب (بحار الأنوار) والمتوفى سنة 1111هـ وسماها (محاسن الآداب) كما قال الناظم: سميتها (محاسن الآداب) ... للطالبين من أولى الألباب حوت لباب (منية المريد) ... وهو كتاب شيخنا الشهيد وهذه الأرجوزة مخطوطة ومنها في (النجف) ثلاث نسخ إحداها في خزانة كتب العلامة الشهير الشيخ نعمة الطريحي المتوفى سنة 1293هـ وتحتوي على 700 بيت تقريبا رتبها ناظمها على (مقدمة وفصول وخاتمة) وجعل لكل فصل عنوانا خاصا به؛ وليست كلها على نمط واحد من حيث أسلوب بلاغتها وسبك

ألفاظها لذا يجد كل من أنعم النظر فيها (الغث والسمين) بل يجد في بعض أبياتها ركاكة شعرية لا تغتفر في نظر أهل (الفن والصناعة) وألفاظا غير صحيحة الاستعمال عند أهل اللغة. قال الناظم في مطلعها: أعوذ بالله من الشيطان ... ومن شقاء النفس والطغيان وقال في ختامها: وهاهنا قد تمت الرساله ... في غاية السرعة والعجاله في مائتين بعد ألف ومعا ... بعدهما تسعون حيث اجتمعا وأما كتاب (مسكن الفؤاد في فقد الأحبة والأولاد) فطبع أيضا طبعا سقيما في (النجف) سنة 1342 هـ سنة 1924 م في (المطبعة الحيدرية) على نفقة أصحابها الضنينين به وبغيره من (المطبوعات) على الصحف والمجلات، فجاءت في (84) صحيفة بقطع الربع، وهذا الكتاب مرتب على فصول تضمن أخبارا وطرفا ونوادر وحكايات فيما يختص بالتسلية كما يظهر من (أسم الكاتب) وقد جرده طابعوه من الفهرست شأنهم في أكثر الكتب التي يطبعونها على نفقتهم ويبقونها على علاتها. النجف: عبد المولى الطريحي عوض أخاف أن العلامة صديقنا الأب أنستاس ماري الكرملي في عصبيته العربية جاوز الحد لما قال أن عوض هو الإله اليوناني زيوس. فأن هذه الكلمة كلمة آرية محضة والزاي في أولها تبدل من الدال في اللغة اللاتينية يعني وهذه الكلمة تكرر في اللغات الآرية فتجد في اللغة الليتوانية ملفوظة ثيووس وكذا في لغات أخر آرية محضة. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو (لغة العرب): لما كتبنا أن عوض هو زيوس اليوناني عرفنا أننا نستهدف لنقد المستشرقين بلا أدنى ريب على أننا لا نخشى منه. إذ قد وطنا نفسنا عليه. إن حضرة صديقنا العلامة المتضلع من لغتنا ومن لغات عديدة يقربان (زيؤس) اليونانية و (ديؤس) اللاتينية من صلب واحد. وهذا كان رأينا منذ القديم

فقد كنا نشرنا في مجلة (المشرق) البيروتية (3: 681 وما يليها) في سنة 1900 إن كلا الحرفين مشتق من العربية (ضوء) لأنك إذا حذفت من آخر اللفظين الأجنبيين الكاسعة بقي عندك (زيوء) أو (ديوء) فهما بلا أدنى شك لفظ (ضوء) بحروف الأعاجم وهم يقرون أن معناهما الضوء كما نعترف لهذا اللفظ بمعنى النور. بقي هناك أمر وهو كيف صارت (ضوء): (عوض)؟ - قلنا: إن الحرف الضاد في اللغة العربية يأتي بصورة عين. فإن الآرميين يسمون مثلا الأرض (أرعا) أو (أرع) بعد حذف الألف. والضال: (عالا) والضب: (عبا) إلى غيرها وهي كثيرة. فلو أنطقنا إرميا بكلمتنا (ضوء) لصارت (عوء) بلسانه بل أيضا بلسان بعض القبائل من قومنا الأقدمين الذين كانوا يجاورون الآرميين ويجارونهم في ألفاظهم وأوضاعهم وتعابيرهم. ففي لغتنا مثلا يقال بلا فرق: ضج وعج. الضمد والعمد. جرض وجرع. الضب والعلب (وهنا أقحموا اللام تفننا وزيادة في المعنى كما قال سيبويه). زد على ذلك أن بعض السلف منا (كان يضيق عليه مخرج الكلام في الآخر فكان يستعين عليه بالضاد وهؤلاء هم الضزاز) (التاج في ض ز ز). وهكذا قالوا في (عوء): (عوض). هذا فضلا عن كثيرين من قدمائنا كانوا يجعلون الهمزة ضادا أينما وقعت، وكما أنهم قالوا في عوء: عوض، قالوا في أوى إليه: ضوى إليه. وبعد هذا الشرح الموجز المنخول لا نحتاج إلى تأييد القول بطريق المعنى إذ هو أيضا واحد في (عوض) العربي، و (زيؤس) اليوناني و (ديؤس) اللاتيني. أما أن (زيؤس) آرية محضة فهذا لم ننكره إلا أننا نقول أنه يمت إلى لغتنا بنسب قديم وعندنا من الأدلة شيء لا يحصى إذ رأينا كثيرا من الألفاظ الآرية ترجع في أصلها إلى النجار السامي - وإن شئت منا صراحة - قلنا لك: (إلى أصلها العربي) وقد أحصينا منها مئات لا عشرات. وهكذا لا نرضى بقول لغويي الغرب أن لا صلة بين الآرية والسامية؛ إذ بيدنا المعاول العلمية ما ينسف تلك الصروح عن آخرها ولا بد من أن نأتي بها يوما.

ديانا ابن المقفع قلتم في (6: 61): في كل ما أوردتموه ليس دليل على تدين الرجل. . . وهذا لا يثبت أن القائل بها متدين بل أن الرجل كان دينا مع الدينين وخبيثا مع الخبثاء. . . وهل تنسون الآية. . . فأقول: لم نجد دليلا للإيمان أعظم من إقرار المرء بإيمانه فاعترافه يثبت تدينه اللهم إلا إذا فهمنا من الخارج أو من كلام له ما يدل على كفره وإلحاده. أما الآية التي أوردتموها فقد نزلت في المنافقين ومن أين ثبت أن ابن المقفع كان دينا مع الدينين وخبيثا مع الخبثاء حتى تشمله الآية؟ الأبرياء من الزنادقة: لا يخفى أن الأبرياء الذين رموا بالزنادقة أما أن كان الرمي من قبل الجاهلين الذين يجهلون كلام الرجال ولا يفهمون مقاله فيحملونه على محمل سيء كالفيلسوف عمر الخيام النيسابوري فالجاهل لا يستطيع فهم بعض رباعياته فيأخذها على غير المعنى المطلوب. وأما إن كان الرمي من قبل الأعداء كأبي العلاء المعري الشاعر الدين الذي رماه أعداؤه بالمروق من الدين ووضع غواة تلاميذه وأهل عداوته أشعارا نسبوها إليه قصدا لإهلاكه وإيثارا لإزهاق روحه ولذا فقد ألف الشيخ كمال الدين بن العديم كتابا أسماه (دفع التجري على أبي العلاء المعري)؛ وصحة عقيدته ظاهرة من معظم أشعاره وجميع أعماله. وكذلك الحكيم البليغ ابن المقفع فلم يرمه أحد بالزندقة سوى عدوه سفيان ابن معاوية أمير البصرة وترى المؤرخين يقولون: إن ابن المقفع كان كثير الاستخفاف بسفيان بن معاوية فقتله سنة 143 هـ - 761 م فسبب قتل سفيان لابن المقفع هو حقده الناشئ من كثرة استخفافه به لا كما ادعاه هو نفسه من أن قتله إياه لزندقته. هذا فضلا عن أن الرجل المقر بالإيمان والتوحيد لا يقال له زنديق بمجرد أن رماه حاكم فاسق بالزندقة علاوة على أن العلماء الذين ترجموا الرجل وتعرضوا لذكر أحواله لم يذكروا إلحاده ومروقه. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (لغة العرب) جاءنا هذا الرد منذ نحو سنة فلم يتهيأ لنا نشره سوى الآن لكثرة ما عندنا من المقالات فنعتذر إلى حضرة صاحبه.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة تحرف وترسم س - بغداد - ب. م. م: قرأنا لأحدهم مقالة أدرجها في مجلة نيروتية يبين فيها أن أحسن لفظ يؤدي بها معنى أو هو (فعل (كرشن) والاسم (؟) (كرشنة) ومأخذ الفعل من كلمة (كرشوني) المطلقة على الخط السرياني المكتوب به كلام منطوقه عربي أي كلام لغة ذات أبجدية خاصة مصور بأبجدية غريبة عنها. ومن باب التوسع يسوغ أن نطلق اللفظة على كل لغة تكتب بغير أبجديتها) فما رأيكم في ذلك؟ ج - أول شيء يحسن بنا أن نعلم أن الفعل الأول الإفرنجي حديث والفعل الثاني أقدم منه بمعنى كتب كتابة بحرف غير الحرف الذي وضع لها. أما اليوم فإنهم يميزون بين الفعلين كل التمييز. والأمر الثاني أن (الكرشنة) ليست اسما إنما هي مصدر. وعلماؤنا يفرقون بين المصدر واسمه. وهذا أمر لا يجهله أحداث المدارس فكيف يجهله (بيك الميراندولي). وأما الكرشوني فقد وضعها السريان المتعربون ناقليها من الآرمية، لكن العرب لم يقبلوها ونفضوها على نفاية الكلم التي يمجها ذوقهم فلم يستعملوها البتة. وهي لا ترى إلا في (لغة من فسد ذوقهم العدناني). وأما معنى أي رسم ألفاظ لغة بحروف لغة أخرى أو بعبارة ثانية: مال عن حرفه إلى حرف دخيل، فعندنا فعل (تحرف) يؤدي هذا المعنى قال اللغويون: تحرف عنه: مال إلى حرف أي جانب وعدل عنه. وفي صيغة تفعل ما يؤدي معنى أي العبور الذي يكون شيئا فشيئا أو يكون دفعة واحدة. ومنه: تحول وتنقل وتطور وترشح وتنضح وتعرج وتمعج وتخلى وتعلى إلى ما لا يحصى عده. فمعنى تحرف إذن: تحول أو مال

إلى حرف آخر. يقال حرفه تحريفا فتحرف تحرفا كما تقول عرفه تعريفا فتعرف تعرفا: أي جعله يعرف الأمر شيئا بعد شيء. وأحسن لفظ لقولهم ومعناه الحقيقي نقل أو نسخ ما هو مكتوب فهو (ترسم) قال في اللسان: (ترسمت المنزل: تأملت رسمه وتفرسته. . . وكذلك إذا نظرت وتفرست أين تحفر وتبني) اهـ. قلنا: وهكذا يفعل من يريد أن ينقل كتابا أو ينسخه أو يرسم علامات الغناء فإنه يتأمل موطن النقل أو النسخ ثم يخط ما يريده. وهكذا وإنك تعلم أن في هذه المادة: (الروسم) وهو خشبة فيها كتاب منقوش يختم بها الطعام وهو بالشين المعجمة أيضا) (اللسان) فكل هذه المعاني تحملنا على اتخاذ فعل ترسم في معنى اللفظة الإفرنجية. وهكذا نتخذ لفظين عربيين صميما لفعلين إفرنجيين يختلف معنى الواحد عن صاحبه. وبعد هذا إذا أردت الإمعان في التحقيق فأعلم أن عوام الأندلس عرفوا (الكرشنة والتكرشن) بمعنى القشعرة والاقشعرار كما نقلها دوزي في معجمه، وعليه إذا حاولت أحد الأمرين فأبق محافظا على اللفظين. فإنك مخير بمنه وكرمه. كلمة كروكي س - مصر - م. أ. ط: للإفرنج كلمة تدل على الصورة المرسومة رسما مجملا وهي بالفرنسية كروكي وبالإنكليزية سكتش فهل وجدتم كلمة عربية تقابلهما فقد بحثت في المعاجم الإفرنجية العربية فلم أعثر على كلمة ترضيني ولهذا جئت أسألكم عن مقابل لإحدى اللفظتين اللتين ذكرتهما لكم. ج - الكلمة المقابلة لكروكي هي التحطيط بالحاء المهملة في المخصص (1: 53) التحطيط: الصورة وليست بتلك الفاشية وأراها عراقية اهـ. قلنا: الكلمة من مادة ح ط ط الموافقة لمادة خ ط ط إلا أن الأولى ترى في اللغة الآرمية والثانية في لغتنا الضادية وإذا كانت غير فاشية في العهد السابق فلعدم احتياج الأدباء الأوائل إليها أما الآن فإننا في حاجة إليها لأنها تمتاز عن (الصورة) بأن التحطيط صورة غير محكمة الصنع ويقابلها عند الفرنسيين أيضا

أو أما صورة فهي أو وإذا كان المصدر عندنا معروفا فلا يشق علينا اشتقاق الفعل منه وما ينشأ من الفعل من المشتقات. برهان قاطع لا برهان كيتي س - العمارة - س. ب: قرأنا في مجلة (الكويت) مقالة بعنوان: (هل كان العرب يعرفون اليابان وبماذا كانوا يسمونها؟) لصاحبها العلامة الكبير الأستاذ عبد القادر المغربي. وقد قال في الصفحة 446 من السنة الأولى (وفي المعجم الفارسي المسمى (برهان كيتي) أن في بلاد واق الواق (كذا) قرودا مدربة على تكنيس البيوت وجلب الحطب من الغابات وغير ذلك من الأعمال. .) فهل لكم أن تذكروا لنا صاحب هذا القاموس ومحل طبعه لنقتنيه؟ ج - عندنا أغلب المعاجم الفارسية وليس فيها واحد أسمه (برهان كيتي) إذ لا وجود لهذا الديوان في اللغة الفارسية ولعل الاسم الصحيح هو (برهان قاطع) وهو معجم فارسي شهير طبع مرارا عديدة في ديار الهند وإيران والآستانة ووادي النيل. وقد نقل إلى التركية وطبع في استنبول. وعندنا عدة نسخ من النص الفارسي ومن ترجمته إلى التركية. وصاحبه محمد حسين بن خلف التبريزي الحيدر آبادي. وقد اشتمل على تسع قواعد وتسعة وعشرين مقالا. والاستخراج فيه مبني على الحرف الأول والثاني والثالث والرابع وقال في تاريخه: (برهان قاطع كتاب نافع) يعني سنة1061 هـ. وقد انتقده أسد الله الغالب الدهاوي وسماه: (قاطع برهان) ورد عليه الشيخ رحيم وسماه (ساطع برهان) وتعقبه نجف علي خان الججري الهندي وسماه (دافع هذيان) أما ترجمته إلى التركية فهي لأحمد عاصم أفندي وسماها: تبيان نافع لكتاب برهان قاطع وطبع في الآستانة سنة 1212 وهي من أحسن النسخ من جهة الطبع والترجمة وهي بقطع الربع الكبير في 642 صفحة. وطبع في الهند بنصه الفارسي فقط مرارا عديدة وأغلبها على الحجر وأحسن هذه الطبعات هي التي برزت في سنة 1888 في شهر آذار في مجلدين بقطع الربع الصغير. أما أن صاحب (برهان قاطع) ذكر إن هناك قرودا مدربة على كنس

البيوت وجلب الحطب من الغابات فلم نجده فيه. والظاهر من تحريف أسم الكتاب وأسلوب الكتابة في هذه المقالة إن أغلب ما جاء فيها معرب عن الفرنسية أو عن لغة أخرى أوربية ولهذا جاءت العبارات على غير الوجه الذي ذكره أصحاب التصانيف البلدانية. وللمعرب عذر في ذلك إذ لم يتسن له - على ما يظهر - الوقوف على النصوص في مظانها. المعامرة لا معاملا النجف - الشيخ عبد المولى الطريحي - سألنا حضرته في ص 400 من هذا الجزء عن رأينا في (المعامرة لا المعاملا) فنقول: ج - بعد هذا الإفصاح الذي أتيتم به لا نرى أن هناك قرية أو فرقة باسم (معاملا) بل (معامرة) وهم أعراب أصحاب زرع وضرع ومنهم جماعة تسكن قريتي (عدايا) و (رحمانية) - وعدايا بفتح العين والدال المهملة بعد ألف وياء وألف. أما رحمانية فكأنها منسوبة إلى رحمان - وكلتا القريتين بجوار الموصل والمعامرة سادة سنة وعدد نفوسهم مائة بيت. نقد الكتب المطبوعة في العراق س - الزقازيق (بلاد مصر) - م. س. م: لماذا نراكم لا تنقدون المؤلفات العراقية وتنقدون سواها. نحن لا نعلم من الكتب المطبوعة في مدن الرافدين إلا الشيء النزر؟ ج - إن العراقيين حديثو العهد في التأليف وهم يخافون أن يهدوا إلينا تصانيفهم لئلا ننقدها. ويظنون أن نقدنا للكتاب يسقطه من عيون القراء أو المشترين ويجهلون أن نقده يشيعه بين الناس الذين يودون أن يطالعوه ليروا أصح رأي ناقده أم أخطأ. وقد رأينا في ديار الإفرنج مصنفات كثيرة كانت منسية فدفعها أصحابها إلى النقاد فشهروها بذلك وراجت سوقها. وعلى كل حال إننا قد نتعرض لنقد بعض المصنفات إذا رأينا في أصحابها سعة صدر. ولهذا ندرج في هذا الجزء طرفا من نقد (المجمل) وإن كان صاحبه لم يهد إلينا منه نسخة والنقد للأستاذ مصطفى جواد. والمجمل للأثري لأننا نرى في الكاتبين سعة: في الأول سعة في حسن نظره وفي الثاني سعة في حسن تلقيه لما يوجه إليه بحسن النية.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 46 - المجمل في تاريخ الأدب العربي الجزء الأول تأليف محمد بهجة الشيخ المعلم في ثانوية بغداد المركزية سنة 1347هـ و1929 م هذا الكتاب بقطع الثمن وعدة صفحاته ثلاثمائة وثمان وعنوانه يغني عن إعلانه والإيماء إلى ما فيه: ولكنه رديء الوضع سيئ الطبع مدخول المضامين ولذلك تراه بين كتب الأدب لهذا العصر سكيتا في السباق لا مجليا ولا مصليا ونعم أجر العاملين بإخلاص. ويغني المؤلف عن التعريف (تهذيبه (؟) لتاريخ مساجد بغداد) وغيره من آثار الأدب الدالة على عقل نضيج واستقراء غير مألوف، وحينما نشرت وزارة المعارف العراقية أسماء الكتب المدرسية في الجرائد ألفينا هذا الكتاب (في دور التمحيص) والظاهر إن الوزارة لم تلفه كتاب أدب بحسب ما تتطلبه من الشروط: بيد أنه لا يخلو من الفوائد المجموعة والأساليب المرجوعة فلكل جديد لذة واستلفات ولو قليلين على إننا استغربنا من الشيخ الأديب قوله في أول الكتاب (وأرجو إني كنت موفقا. . . ومسددا في ما أبرمت من آراء أنتجها الفكر المستقل (!) ومحصها البحث العميق (!)) لأن فيه رمزا إلى التبجح وكناية عن التمدح وأغرب ما جاء به المؤلف إنكاره تشيع الفرزدق وتخطئته من يجعل قصيدته الميمية مدحا لعلي بن الحسين عليهما السلام فقد قال في ص 269 (والتحقيق أن هذه القصيدة محمولة عليه وليست منه في ورد ولا صدر وقائلها إنما هو الحزين الكناني من فحول شعراء الأمويين قالها في عبد الله بن مروان، ومن الناس من يرويها لغيره أيضا، إذن فدعوى أن الفرزدق علوي المذهب في سياسته ساقطة) اهـ فأقول إني لأعجب أيما عجب من قوله (والتحقيق أن. . . وقائلها إنما هو

الحزين) بوضع إنما للحصر والتأكيد وتعقبه ذلك بقوله (ومن الناس من يرويها لغيره) هذا فضلا عن أنه لم يأت بالدليل بل أرجأه إلى جزء غير هذا، أما دليلنا على نقض ما جاء به فهو ما ورد في (أمالي السيد المرتضى في ص 48 من الجزء الأول بمطبعة السعادة حول إنشاد الكميت للفرزدق قصيدة ونصه (فقال الكميت: بني هاشم رهط النبي فإنني ... بهم ولهم أرضى مرارا وأغضب فقال له الفرزدق والله لو جزتهم إلى سواهم لذهب قولك باطلا) وقال السيد المرتضى في ص 45 واسمه همام بن غالب وكنيته أبو فراس. . . وكان شيعيا مائلا إلى بني هاشم) وقال في ص 48 أيضا (ومما يشهد أيضا بذلك ما أخبرنا به أبو عبيد الله المرزباني، قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا جدي يحيى بن الحسن العلوي قال حدثنا الحسين بن محمد بن طالب قال حدثني غير واحد من أهل الأدب أن علي بن الحسين عليه السلام حج فاستجهر الناس جماله وتشوفوا له وجعلوا يقولون من هذا؟ فقال الفرزدق (هذا ابن خير عباد الله كلهم الخ. . . ثم قال السيد رحمه الله (وفي رواية الغلابي أن هشام ابن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك أو الوليد وهو حدث السن فأراد أن يستلم الحجر فلم يتمكن من ذلك لتزاحم الناس عليه فجلس ينظر خلوة فأقبل علي بن الحسين عليه السلام. . . فإذا بلغ الحجر تنحى الناس له عنه حتى يستلمه هيبة له وإجلالا فغاظ ذلك هشاما فقال له رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فقال هشام لا أعرفه - لئلا يرغب فيه أهل الشام - فقال الفرزدق وكان هناك حاضرا لكني أعرفه وذكر الأبيات) اهـ. وقال ابن خلكان في تاريخه وفيات الأعيان في باب همام (وتنسب إليه مكرمة يرجى له بها الجنة وهي إنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه فطاف وجهد أن يصل إلى الحجر ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة الزحام فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان أهل الشام فبينما هو كذلك إذ اقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وقد تقدم ذكره وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا فطاف بالبيت فلما

فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فقال هشام: لا أعرفه - مخافة أن يرغب فيه أهل الشام فيملكوه وكان الفرزدق حاضرا فقال أنا أعرفه فقال الشامي من هو يا أبا فراس فقال: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته. . . الخ) اهـ. ثم ذكر القصة كلها وكذلك ما نقله ابن (الطقطقى) في الفخري ص 85 مطبوعا بالمطبعة الرحمانية ونصه: (ثم أحضر مسلم بن عقيل رضي الله عنهما فضربت عنقه فوق القصر فهوى رأسه واتبع جثته رأسه، وأما هانئ فأخرج إلى السوق فضربت عنقه وفي ذلك يقول الفرزدق: وإن كنت لا تدرين ما الموت فأنظري ... إلى (هانئ) في السوق وابن عقيل إلى بطل قد هشم السيف وجهه ... وآخر يهوي من طمار قتيل فاستئمان الكميت الشيعي إلى الفرزدق وإنشاده له شعره لآل النبي (ص) وإسناد السيد المرتضى الشيعية إلى الفرزدق ورواية ابن خلكان والمرتضى للقصيدة منشدة في مدح زين العابدين وأن الفرزدق سينال بهذه المكرمة الجنة تحملنا على تكذيب ما ادعاه محمد بهجة حتى يأتي بدليله الناطق وأما رثاء الفرزدق لمسلم بن عقيل وهانئ بن عروة فدليل مستقل على تأييده العلويين وتشيعه. (له بقية ذات أعاجيب) مصطفى جواد 47 - الحولية الخلدونية لسنة 1929 هي تقويم سنوي تنشره مجلة التربية والتعليم. وهو بقطع 16 في 152 صفحة محلى بالصور المختلفة. وصاحبه ساطع بك الحصري بديع في ذوقه وبتعميمه للمعارف والفنون وهذا التقويم من أحسن الذرائع للبلوغ إلى أمنيته. إن الذي يشوهه كثرة الأغلاط في ضبط الألفاظ الإفرنجية وهذا لا ينفي أوهام الطبع في العربية نفسها فهي أيضا متراصة فيه. وفي بعض الآراء غرائب لم يذكرها سواه كقوله في ص 56: (ايغناجه لوايولا 1291 (كذا) - 1559) راهب افرنسي. سعى لمقاومة الإصلاح الديني عن طريق التعليم وأسس لذلك طريقة جديدة ومدارس خاصة اشتهرت باسم (جماعة اليسوعيين) و

(مدارس الفرير) اهـ. ونحن نكاد نرى في كل كلمة غلطة - 1 - اسمه اغناطيوس بالعربية لا ايغناجه 2 - هو من لويولا لا لوايولا - 3 - ولد في سنة 1491 لا في سنة 1291 - 4 - مات في عام 1556 لا في 1559 - 5 - هو راهب إسباني أو بشكي لا إفرنسي. - 6 - لم يسع لمقاومة الإصلاح الديني بل سعى في تعميمه إنما قاوم مذهب البروتستان - 7 - لم ينشئ طريقة جديدة بل أسس فرقة - 8 - لم ينشئ مدرسة واحدة فمن أين جاءت المدارس؟ 9 - أما مدارس الفرير فلم يفكر بها اغناطيوس تفكيرا بل لم تخطر بباله البتة. - 10 - أما مؤسسها فهو لاسال أو جان باتست دلاسال أو يوحنا المعمدان السالي - وكان راسخ القدم في التهذيب والتربية ومن العجب أن لا نرى له ذكرا في هذه (الحولية) المفيدة. ونتوقع أن يتلافى كل ذلك في (الخلدونية) الثانية وأن يزاد على المربين اسم منصور البولسي الذي عني بتربية اللقطاء واسمه بالفرنسية 48 - كتاب إيضاح السبيل في ديجور البدع والأضاليل بقلم المنسنيور عبد الأحد جرجي لقب يسوع الأقدس، طبع بالمطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1926 في 444 بقطع الثمن الصغير. المنسنيور عبد الأحد جرجي من الرجال العاملين الدائبين ليل نهار ومن الذين لا يعرفون النصب وهذا التصنيف يشمل جميع البدع الدينية منذ نشوء النصرانية إلى هذا اليوم. وهو فريد في بابه لأننا لم نر في لغتنا العربية من تعرض لهذه البحوث وبهذه السعة ومما نستحسنه فيه صحة الأخبار بعبارة منقحة وهو يكاد يكون خاليا من كل غلط في الطبع. ولا نظن إننا وقفنا على كتاب في لغتنا توفرت فيه كل هذه الحسنات، ولا بدع بعد هذا من أن نسمع بإقبال القراء على اقتنائه. على أننا كنا نتمنى له أن يكون له فهارس لأعلام الرجال والمدن والفرق ليكون الانتفاع به أعم وأشمل ويقرب ورده من كل ناهل ولعل المؤلف يصدرها بعد حين فتباع على حدة.

49 - ثورة عواطف رواية حب يعلم الأدب بقلم نقولا الحداد مصر سنة 1928 في 147 صفحة. روايات العصر العفيفة النزيهة المهذبة الأخلاق قليلة جدا إذا لا توافق ذوق المستهترين بالأدب. أما هذه فإنها من الطرز السليم من هذه الأدواء المهلكة. إلا إننا رأينا صاحبها يتساهل في تعبيره حتى يكاد يخرج عن المشذب من الكلام ففي ص 39: (وقد أخذت الريشة لصنعها من جانح الملاك وألوانها من أزاهر الفردوس. . . وبعد سكوت هنيهته) ولعله يريد أن يقول: من جناح أو جناحي الملك وألوانها من أزاهير (بالياء ولا يقال أزاهر إلا في الشعر). . . وبعد سكوت هنيهة. . . وقوله سكوت هنيهته ورد كثيرا في الرواية مما يدل على أنه ليس من خطأ الطبع فعسى أن تفلى هذه الرواية مما يذهب ببعض محاسنها. 50 - اللغة العربية وهو (خطاب) ألقاه الأستاذ جبر ضومط م ع، في شهر تشرين سنة 1911. سمى حضرة الأستاذ الكبير خطبته (خطابا) ثم قال: (ألقاه) ولا ندري أورد الخطاب بمعنى الخطبة؟ ثم لا ندري لماذا لم يقل: خاطب به). . . وكنا نود أن نعلم حقيقة كل هذا الاستعمال. وكل هذا لا يمنع ما في هذه الخطبة من الآراء المعززة بالأدلة والشواهد مما يدل على علو علم الصديق المحبوب. 51 - المسلمون والنصارى محاضرة تاريخية ألقاها في نادي الشبيبة الإنجيلية بحيفا السيد عبد الله مخلص في سنة 1927. من يجهل تحقيق السيد عبد الله مخلص؟ فإنه لا يعالج بحثا إلا يمحصه ويؤدي إليه حقه من الجلاء والبيان. وهذه المحاضرة دليل جديد يضاف إلى ما كتبه من الأمور التاريخية وحسنا فعل بأنه سكت عن أمور وجاهر بشؤون تأليفا للقلوب وتقريبا للناصر وهو نعم العمل.

52 - الألف باء (باللغة الإسبانية) وهو كتاب يحلل فيه صاحبه دعوى نشوء اللسان العام، تأليف أنطون ألياس وطبع في بوينوس آيرس سنة 1925 في 256 صفحة. صاحب هذا الكتاب سوري الأصل على ما نرى من اسمه ووقوفه على العربية. وقد كسر كتابه على ستة مطاو. أودع الفصل الأول منها البحث عن أصل الأصوات في حروف الهجاء وتكلم في الثاني عن أصول الكلم وجعل موضوع الفصل الثالث فقه اللغة. ومدار الفصل الرابع تفلية الضمائر والصفات وترك الفصل الخامس للبحث عن وحدة الألسنة وحصر الفصل الأخير بالعرب وأصلهم والتمييز بينهم وبين العبريين وسائر فروع الساميين. وعبارة الرجل الإسبانية مهذبة سلسة فتتوهم أنك تقرأ تأليف رجل من أبناء تلك البلاد. والمؤلف يدعي أن اللغات كلها ترجع في أصلها إلى لغة واحدة هي العربية ثم يذكر لنا شواهد مأخوذة من اليونانية واللاتينية والإسبانية ويذكر أصلها العدناني. إلا أننا نراه مجازفا في أغلب أقواله إذ يبني أغلب آرائه على مجانسة لفظية بين اللغة الآرية واللغة السامية أو العربية. وقد تكون تلك المجانسة وهمية ولدتها مخيلته الشرقية المبدعة. ونحن نضرب لك مثلا: إنه يدعي أن الكلمة (سنسكريت) بمعنى اللغة القديمة الهندية الفصحى مصحفة عن المنحوتة من العربية (سام) و (خطوط أو خروت) ص 43 فيكون معناها (السامية الخطوط أو الخروت) والخروت جمع خرت وهو الثقب لأن الحروف كانت تحفر حفرا في المواد الصلبة. وهو لم يذكر لنا كيف وصلت هذه الكلمة إلى ديار الهند ولا بأي وسيلة وأمثال هذه الكلمة كثيرة في هذا التأليف الغريب الجريء. بيد إنه يدل على قوة في الابتداع عجيبة جدا. ولو أفرغها المؤلف في قالب علمي يستند إلى الأدلة لأدهش العلماء. فإننا رأيناه أصاب كل الإصابة في بعض الألفاظ فالكلمة اللاتينية هي في نظره من مادة (نشأ) العربية ص 119 وهي كذلك في نظرنا والأدلة متضافرة على ذلك وليس المقام محلا لإيرادها. وفي هذا الكتاب خطأ كثير في الطبع من ذلك إنه ضبط ص 38 هذيل وطيء وجذام وقضاعة وتغلب

وأزد عمان هكذا: هزيل (بالزاي) وطايه وبكسر جيم جذام وكسر قاف قضاعه وفتح لام تغلب وتشديد الميم في عمان. وأملنا أن يعاد موضوع الكتاب على أسلوب علمي ويهمل ما فيه من نتاج الخيال ليقنع بآرائه من يتمسك بالأدلة لا غير. 53 - رفيق المسافر مجلة أسبوعية تاريخية أدبية فكاهية جاءتنا بعض أجزاء من هذه المجلة الأسبوعية فوجدناها محلاة بالصور والملح الظريفة وهي كاسمها تستحق أن تكون رفيق المسافر وتنشر في مصر في 34 صفحة بقطع الثمن الكبير فنتمنى لها الرواج. 54 - ترجمة الأب مارية يوسف رئيس الرسالة الكرملية في بغداد من سنة 1858 إلى 1898، طبعت بالمطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1928 في 119 ص بقطع 12. هذه فصول الكتاب: (مولد الراهب الرئيس - في الدير - سفره إلى الرسالة - جبل الكرمل - الجزيرة والعراق - بغداد والبصرة - رسالة الكرمليين الحفاة في بلاد فارس والجزيرة - مبادئ المرسلين الجدد - نصارى بغداد - البصرة والعمارة - رحلته إلى أوربة - الأعراب في البادية - الصليب - صدقة ابنة فقيرة - العودة إلى بغداد - بناية كنيسة بغداد للآباء الكرمليين المرسلين - تعيين الأب يوسف رئيسا للرسالة - مميزات أخلاق الأب الرئيس - وقائع مختلفة وقعت في الرسالة - مبرات الأب الرئيس الأخيرة - حفلة شائقة تكريمية - وفاة الأب يوسف). يرى من عناوين هذه الفصول مباحث الكتاب وقد نقلناه من الفرنسية إلى العربية. ومؤلفه الرئيس الذي خلف المترجم وهو الأب بطرس الإسباني. وثمن النسخة ربية واحدة أو ثمانية قروش مصرية. 55 - مجلة النهضة النسائية بلغت هذه المجلة النسوية المصرية سنتها السابعة وهي تسير سيرا حثيثا في

الشفق الباكي

خطتها التي يستحسنها كل من له ذوق عربي سليم فنتمنى لها العمر الطويل والمنفعة العامة واطراد رقيها. الشفق الباكي - 2 - لا تهابوا من خطوب لا تهابوا ... إن موت الشعب في عيش الخنوع كل فرد فرضه ما عنه يدري ... فليقم كل بإرضاء الضمير إنما الذمة تاج الفرد حقا ... ثم تاج لعلى الشعب الكبير فليؤد الفرد ما يرجى لديه ... فاعتزاز الفرد إعزاز الكثير تره قد شجع ودرب وضرب المثل الأسمى ووزع الواجبات وحبذ العاقبة وأهاب بالمتقاعسين ولوح لهم بطرف العزازة الطاهر، أما شعره الخاص بالإنسانية فلا يكاد يحصى لاستفاضته فأنظر إلى قصيدته (الأبوة رحمة الوجدان) في ص 555 تجده ينشد: والمرء إن رزق الأبو ... ة عن صواب لا يهون كل عواطف شاعر ... فاضت عن القلب الحزين إن الأبوة رحمة ال ... وجدان إن قست السنون وعذابها الشجو الجمي ... ع وشدوها ملء الشجون وأنظر إليه في ص 279 يقول فرحا بمبدئه رافعا عقيرته الشاجية الداعية: سألته رحمة بالناس في زمن ... ليس الشريف هو المنسوب واللاهي أنا بعهد غدا نفع الأنام به ... أدنى من الفخر والأنساب لله وأطل عليه من شرفة ص 746 رادا على كبلنج الشاعر الإنجليزي الاستعماري ذي فكرة. الشرق شرق والغرب غرب الخ) تجده ينادي. وأي قدر لأي فن ... مبشر بالعداء فينا فكلنا وحدة وفينا ... جميعنا الجد والصغار وما افترقنا بغير جهل ... وما اتحدنا بغير علم وكان أحرى بمن يباهي ... بشعره أن يرى نبيا

يحبب الناس في السلام ... وفي الجمال وفي السمو فما رجاء الحياة إلاَّ ... بنهضة وحدت بنيها وإن رجلا هذا مبدؤه لا توافقه هذه الحياة بل يلائمه قول من قال: ليتني قد خلقت في غير عصري ... أو فؤادي يكون غير فؤادي ومع كونه لين العريكة بعيد الأناة لا يتحاشى عن التهديد الرشيد ولا التحضيض والتنديد ففي ص 92 يقول مخاطبا أولي الأمر: يا فاتحين بلا عقل ولا رشد ... دار السفارة في أرض البرازيل كأنما قد غدونا دولة حكمت ... في العالمين وسادات البهاليل هلا اجترأتم فأعلنتم تملككم ... لما بها دون تفسير وتعليل فهو سائر على مهيع التشنيع على الخونة والاجلاب عليهم والنعي على قصار الأبصار فأنظر إلى ص 915 تجده يقول: مرحبا بالعسف منكم مرحبا ... علمونا يا طغاة الأدبا أرهقونا جهدكم حتى نرى ... أصلح الخلق ينال الغلبا نحن شعب قد مرضنا كرما ... نحن قوم قد سقمنا لعبا نحسن الظن بمن سخرنا ... ننشد الذمة ممن غصبا فهو يكاد يقول: (لجأنا إليه مثلما لاذ خائف ... من الأسد بالأنمار والموت في الشدق) وإن القارئ ليعجب بصراحته ففي ص 89 يقول: باسم السياسة حلل ال ... أجرام والعيش القبيح حتى تبرأ كل ذي ... فضل من الفضل الصريح أسفي على عهد به ... إنكار بطرس للمسيح وأي صراحة ترى في ص 259 حيث يقول: (تخذوا الخلافة سيرة لوساوس ... ولكل وهم عابث ومعاند) وفي ص 223 حول (الدين والعلم) يقول: كم سخر الدين الشريف لتهمة ... الجاهلوه وخيرهم أغرار وتوهموا العلم الأدبي يهابهم ... والعلم في ملكوته جبار

ما نال منه وإن تهجم طائش ... كلا ولا أودى به الثرثار العلم عون الدين في نور الحجا ... أهلوه أطهار به أبرار وفي ص 201 يصف العلم بالشعر ويبين أن اللذة العلمية فوق كل مراد لمن يطلب السمو لأنه سمو لا لأنه مسبب للغلو فهو يقول: مهنة الطب قد عشقناك لكن ... قد غنمنا جزاء غر عشيق لم تنل غير لولؤ من صديد ... يورث الخوف أو دماء العقيق ورضينا الجزاء في النفس للنف ... س شعورا من السمو الحقيقي ويناظر لاحيه على استبداعه الشعر وإيلاعه به بقصيدة (الطب والشعر) ص 297 حيث يقول: يا زاجري عن شعري الحسي ... من أنت في حكم على نفسي طبي وعلمي ماثلا أدبي ... متنظرين حقائق الحس أتلوم إبداعي ولا من ... للعقل والآداب والطرس؟ هل كان قرض الشعر موهبة ... للجهل أو للهو والكأس؟ ومحرما أبدا على نفر ... علموا وجوه العلم والحدس فحصوا الوجود ومزقوا حجبا ... عن أبعد المجهول للأمس مستوقفين العلم دون ونى ... بمنوع التمحيص والدرس وهو فياض الشعور بمنزلة الشعر الرفيعة متخذ إياه سلوانا وغاية شريفة وسببا قويا للإصلاح وتهذيب النفوس خصوصا شعر الحب الشريف لذلك تراه يقول في مقطعة (شعر الحب ص 144): ردده لي فهو السلاف بعينها ... أذكت ولم تتلف جنان الصاحي ردده لا شعر يسر بلا هوى ... مهما تقادم فهو مثل الراح له بقية الكاظمية: مصطفى جواد معجم إنجليزي عربي 2 - والمقدمة كلها فوائد يتعلم منها القارئ منحى التأليف والسعي والكد. ولقد

طالع حضرته أغلب الكتب التي يستفاد منها فائدة تزيد ثروته العلمية الإصلاحية وفي كل لغة ولسان. وأنا لنقدر هذه المساعي الدالة على أن المؤلف من الجبابرة في الهمة والإقدام. ولهذا لا يقف عليه مطالع إلا يشكره على ما أهدى إلى اللغة تلك الهدية التي تجعل للغتنا مقاما رفيعا في عيون العلماء واللغويين وأصحاب الفنون والعرفان على اختلاف طبقاتهم. وإذا كنا لا نستطيع أن نورد في مجلتنا ما في هذه المقدمة من العوائد الجليلة فإننا نذكر ما هناك من العناوين ليقف المطالع على ما بذل (المؤلف الجبار) من النصب آناء الليل وأطراف النهار. ودونكها: مقدمة. - مقدمة الطبعة الثانية وفيها: بيان الطريقة العامة في التأليف (وذكر فيها أنواع الكتب التي طالعها لوضع سفره النفيس) - مناهج العرب في نقل الكتب الفرنجية وتعريب الألفاظ الأعجمية - مناهج التعريب في العصر الحاضر - المقابلة بين القديم والحديث - النهضة الحديثة ومستقبل اللغة - أسلوب المعجم في التعريب - في تصوير المفردات والأعلام الفرنجية بحروف عربية (فذكر هنا): حروف العلة - والحروف الفرنجية السالمة بالعربية (ثم جاء على ذكر كل حرف من حروفهم) - تعريب الكلمات الفرنجية المبتدئة بساكن - الانتهاء بألف أو تاء - الاشتقاق في العربية ونهج العرب في التوسع في اللغة والاصطلاح - الألفاظ المأخوذة بالقياس - في ذكر الأصيل والدخيل من الألفاظ العربية في الألفاظ الفصيحة التي وردت في المعاجم القديمة ويصبح إهمالها والاكتفاء بما شاع استعماله وكان قويما لعدم الإثقال على ذهن الطالب - في اختلاف أسماء الحيوان والنبات باختلاف الأصقاع - في أن يكون مرادف اللفظ الفرنجي لفظا واحدا بسيطا - في المذكر والمؤنث من الألفاظ العربية - الخاتمة. ثم تأتي التصويبات. فأنت ترى مما بسطناه المقام الرفيع الذي وصل إليه هذا المعجم الذي لا يكون له مثيل إلا إذا تضافرت جماعة من العلماء على وضع ند له. على إننا نقول: إن العمل البشري مهما كان متقنا فإنه يحتاج إلى تحسين، لأن الإنسان محل النسيان. وقد يفوته أشياء قد يراها غيره. ولهذا نستأذن حضرة الصديق الحميم في أن نبدي له بعض النظرات. ولا ندعي أننا نصيب في

ما نرمي إليه، بل نقول: لربما ينتج مما نبينه شرارة نور تنقدح منه. فنقول: 1 - نظراتنا في التمييز وغيره لم يفرز حضرة الدكتور الألفاظ الفصيحة من الألفاظ العامية أو المولدة أو المحدثة أو المستحدثة أو التي وضعها هو بنفسه. واللغويون يحرصون على مثل هذه الفروق وكذلك يفعل كتبة العصر ممن يهمه رقي اللغة أو تمحيصها من الشوائب - ولعل قائلا يقول: لم يوضع هذا المعجم للغة بل للعلم، والعلم لا يهمه أن تكون اللفظة من الطبقة الفلانية أو من العهد الفلاني، إنما المهم التعبير عن الأفكار ليس إلا. قلنا: إن الغربيين مع رقيهم وإمعانهم في الحضارة العصرية وتفننهم في المخترعات والمكشوفات يحرصون كل الحرص على تقييد كل شاردة وواردة ووضعها في محلها من الفصاحة والبيان. وهذا لا يمنعهم من اتخاذ أي لفظة كانت للتوصل إلى التعبير عن أفكارهم. وحسب المؤلف أن يضع لكل طبقة من المفردات علامة أو حرفا لتعرف منزلة اللفظة. وفي كل صفحة من صفحات هذا المعجم النفيس يرى القارئ اختلاط الكلمة الواحدة بالأخرى، أو إن شئت التشبيه: اختلاط الحجارة الكريمة بالحجارة اللئيمة، أو اختلاط الأمير بالمأمور، أو السيد بالعبد، إلى ما تحب وتهوى من التشبيهات. وأنا أضرب لك مثلا واحدا لا غير يقاس عليه غيره. فقد وضع حضرته بازاء هذه الكلمات ونحن ننقلها بحرفها: (طرخشون (أ. ب) - طرخسفري - أسنان الأسد (ابن البيطار) هندباء البر - اليعضيد. ومن اللغات التي وردت في كتب العرب: طرخشقوق (أ. ب) طرخشقوق (لسان العرب) طرخجقوق (التاج وأبو حنيفة) طلخشقون (مفاتيح العلوم للخوارزمي) طلشقوق. طرشقون. تلخشكوك. تلحسكوك. طرخشقون. طلحشقون. طرحشقوق. (أ. س) طرشقون). فليست كل هذه المفردات تعامل معاملة واحدة في الفصاحة والعروبة والمحوضة فاليعضيد أحسنها. ثم يليها هندباء البر، فطرخشقون فلغاتها المختلفة. وفي الآخر تلخشكوك وتلحسكوك لأنهما أبعد أخواتهما عن المعرب الحقيقي. ثم أن

حضرته لم يذكر إلا بعض ما ورد منها. وكنا نحن قد ذكرنا في لغة العرب 3: 683 أكثر مما جاء به حضرته ودونك ما تراه هناك: طرخشقون. هندباء البر. يعضيد. طرخشقوق. طرخجقوق. طلخشقوق. طلشقوق. طرشقوق. بلخشكوك. بلحشكوك. بلحسكوك. طرخشقوقى. طرحشقوق. طرحشوق. طلحشقوق. طرشقون. تلخ جكوك. تلح جكوك. تلخ جوك. طرخشم. طليخم. طركسيتا. طرسيما. طرقسيما. طرخسقوق. طرسقوس. طرحشقون. طلحشوش. طرقسقوس. بلحسلوك. طرخجقوق. أما الفائدة من ذكرها فهي أن نعلم كيف كان السلف يتصرف في اللفظة الواحدة الأعجمية وكيف أن حروف الكلمة الواحدة تنتقل من حرف إلى حرف حتى أن القارئ ليحار في توجيه كل منها. والفائدة الثانية أن إحدى هذه اللغات أو اللغيات واللثغات قد ترد في أحد المصنفات ولا ترد بوجه آخر، فإذا كان المطالع لا يعرفها تاه في بيداء البحث والتنقير وأضاع قسما ثمينا من وقته ليهتدي إليها. 2 - نسيان ألفاظ إن حضرة الصديق نسي بعض الألفاظ التي كان يتوقع أن ترى في معجمه فإنك لا تجد مثلا أثرا للنبات المسمى - المعروف عند العلماء باسم والسلف: البروق (وزان فوفل) وهو من العقاقير المعروفة قديما وحديثا. والكلمة العربية من أصل لاتيني قديم هو حذف صدرها واحتفظ بعجزها طلبا للخفة. ومن هذا القبيل الحية التي يظن إنها خرافية وهي المعروفة عند الإنكليز باسم وعرفها الأقدمون منا ومن اليونانيين والرومان. وكان السلف يسميها الباسليق ذكرها البستاني في دائرة المعارف (5: 106) وقال في آخر الموضوع: وقد تصور الشعراء القدماء من الإفرنج حيوانا سموه باسيليسكوس كان نفسه يسم الهواء ونظرته تميت وحضوره مشؤوما لجميع المخلوقات حتى الإنسان وزعموا أنه بشكل حية يتكون من بيضة ديك تفقسها حية والعرب تسميه ملكة (بكسر اللام) اهـ. قلنا: وهذا النوع من الحيات الخرافية يسميه الإنكليز له بقية

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - قدوم بعض الأثريين الفرنسيين جاء في العقد الثالث من آذار (مارت) بعض الأثريين الفرنسيين الذين يحفرون في الصالحية على الفرات. كان منهم العلامة رنه دوسو وعقيلته والأثري المسيو بيله الذي يرأس أشغال التنقيب في الصالحية. وقد زارنا في 27 و28 مارت وقال أن البعثة الفرنسية الأميركية التي تتولى الحفر في الصالحية قد توفقت في ما عثرت عليه من الآثار القديمة وقال: كان علماء التاريخ يجهلون أمر المدينة القديمة المعروفة باسم دورا اوروبس - أما اليوم فقد عرفنا من أمرها فوق ما كان ينتظر لأننا وجدنا في الصالحية الواقعة على الفرات وهي على طريق دير الزور أنصابا عديدة مكتوبة باليونانية تذكر أنها المدينة دورا وأن الزلازل التي تتابعت في سنة 161 بعد الميلاد هدمتها ووجد في خلال الحفر عقود ثمينة وفسيفساء وأدوات حرب إلى غير ذلك مما يوضح مظلمات تلك العصور ويعز العثور على أمثالها في غير تلك الأراضي. 2 - مستشرق إنكليزي وصل إلى حاضرتنا في صباح 14 نيسان الأب سبريان رايس الإنكليزي من رهبانية الأخوة الواعظين وهو يعرف من اللغات الشرقية العربية والفارسية والتركية. ويحسن من لغات الغرب الفرنسية والألمانية واللاتينية واليونانية إلى غيرها وقد جاء إلى هذه الديار الشرقية ليتقن اللهجة العربية العراقية ثم سافر إلى الموصل في 16 منه. 3 - تمديد الأجل لمجلس الأمة قرئت الإرادة الملكية في مجلس الأمة في 14 نيسان لتمديد أجل المجلس إلى شهرين للأعمال التي لم تنته إلى الآن. 4 - استئناف الصلات السياسية بين إيران والعراق وبالعكس عزمت الحكومة الإيرانية على إيفاد مهدي فروغي خان إلى العراق بمهمة سياسية فوق العادة لتسوية المشاكل المعلقة بين الجارتين بعد اعتراف إيران

بالعراق اعترافا رسميا. وكان فروغي خان وزيرا مفوضا لحكومته في أفغانستان. وحكومتنا نظمت وفدا قوامه صاحب السعادة رستم بك حيدر كتوم جلالة الملك الخاص ورئيس الديوان الملكي وحضرة أحمد حامد أفندي الصرف مدير المطبوعات وحضرة السيد باقر أفندي أحد أمناء البلاط الملكي وسافر الوفد في 20 نيسان فحضر تتويج جلالة بهلوي شاه إيران الذي وقع في 23 منه وعاد إلى حاضرتنا ومعه اعتراف الحكومة الفارسية بالحكومة العراقية وهكذا عادت صلات الجارتين إلى ما كانت عليه في سابق العهد كما تقتضيه الأحوال. 5 - مهد الحضارة الأولى ذكر الأستاذ اليوث سمث لمندوب جريدة (مورننك بوست) إن الأدلة مثضافرة على إثبات الحضارة ووجودها قبل زمن الطوفان، وإن ما قرره الدكتور لانكدن والمستر وولي من أن الحضارة الشمرية هي أقدم الحضارات ليس صحيحا والذي هو أصح ما أيده الأستاذ برستد وزملاؤه ودعموه بما شاهدوه من الآثار العادية في جميع المواطن التي تكثر فيها العتائق أي في مصر والعراق فأجمع رأيهم على أن شمس الحضارة بزغت في وادي النيل ومنها امتدت بعد قرون إلى وادي الرافدين. 6 - ابن سعود والعصاة لما لم يصغ فيصل الدويش وابن حميد ومن ألتف حولهما إلى نصائح جلالة ابن سعود الراشدة ورفضوا تحكيم الشريعة في أعمالهم الأخيرة أرسل عليهم جلالته جيشا قويا يقوده الأمير سعود ودارت رحى القتال بين القبيلين في سهل الشبكة قرب الارطاوية فأسفرت المعركة عن جرح فيصل الدويش وقتل ولده وفرار ابن حميد واستسلام من بقي حيا من قبائل مطير وعتيبة. وقد نظمت المحاكم الشرعية والجزائية لمحاكمة المخالفين لأوامر صاحب الجلالة السعودية. أما ابن حثلين فقد استسلم قبل بدء المعركة. والأحوال في نجد هادئة جارية مجراها المألوف. 7 - ابن سعود وابن صباح تلقى أمير الكويت من ملك نجد والحجاز كتابا مفعما ودا وولاء وقد وعده بأن يزور ثغر الكويت ليؤمنه من الغارات بعد تأديب الذين نكثوا العهد من رعاياه.

8 - من أخبار عربستان (خوزستان) عادت الحكومة الإيرانية على إجبار أبناء عدنان على لبس العمرة البهلوية وذلك ابتداء من النيروز ولا يستثنى من اتخاذها أحد البتة. وقد أخذت شرطتهم (أو كما يسمونها نظيمتهم) في تنفيذ هذا الأمر على أهالي الأرياف والضواحي العربية وهذا ما نبه الشعور في العرب إلى القيام على ذاك الإكراه الذي ليس في محله. 9 - ديار البحرين تعن على بال إيران يعلم الناس أن جزيرة البحرين كانت من أملاك العباسيين وفي سنة 1507 إلى سنة 1622 استحوذ عليها البرتغاليون وفي سنة 1835 إلى سنة 1774 كان الحكم فيها للإيرانيين ثم نهضت بنفسها فحكمها شيوخ من أبنائها وفي سنة 1861 تسلل إليها البريطانيون فأخذوها تحت أجنحتهم والآن عن في بال الإيرانيين أن يطالبوا الإنكليز بها. وفي أواخر شباط (فبراير) من هذه السنة وزعت صورة المذكرة - التي قدمها سفير بريطانية في طهران على أعضاء عصبة الأمم وفند مطالب الإيرانيين عبارة عبارة ومن جملة ذلك التفنيد أن في سنة 1880 و1892 أخذت بريطانية على نفسها تبعة القيام بصلات البحرين الخارجية. وهذا ما دعا شيخ البحرين الآن إلى طلب مساعدة الإنكليز ودفع عادية الإيرانيين عنه. ويظن أن الإيرانيين لا يعودون إلى قرع هذا الباب. 10 - وفاة قاصد العراق انتابت (خنقة الصدر) سيادة رئيس أساقفة بغداد على اللاتين والقاصد الرسولي في العراق في 22 آذار فكادت تقضي عليه. ثم استراح منها. وفي مساء 5 نيسان عاودته فجأة فلم تشفق به. ولد فرنسوا دمنك بيره في سان اتران من أبرشية رين (بريطانية الصغرى) في 15 أيلول عام 1857 وانتخب رئيسا لأساقفة بغداد في 9 آب 1921 وسقف في 9 آذار 1922 وكان قبل هذا قد أتخذ طريقة القديس عبد الأحد فجاء إلى الموصل في سنة 1885 وأخرج شبانا كملا للكهنوت وكان يعلم في المدرسة الأكليركية شرح الكتاب المقدس والموسيقى وكان حاذقا لهما وتنقل في وظائف عالية قام بها أحسن قيام وكان يحب وطنا أشد المحبة حتى كاد ينسى مسقط رأسه وكان في نيته أن ينشئ ثلاث مدارس

ثانوية في كل من بغداد والبصرة والموصل ويدفع إدارتها إلى أخوة المدارس (الفرير) فاستحسن الكرسي الرسولي مشروعه وشجعه على إخراجه إلى حيز الحقيقة لكن المنون حالت دونه رحمه الله رحمة واسعة! 11 - حبا لملك أور منذ خمسة آلاف سنة، قتل في مقبرة ملك أور (المقير) إحدى عشرة امرأة من نساء الملك وحظاياه، مثقلات بالحلى والتمائم وستة جنود صناديد مدججون بالأسلحة، واثنان وأربعون عبدا وآمة، كل ذلك قياما بخدمة ملكهم الميت حينما يبعث للحياة الأخرى. وقد حملت آثار هذه المقتلة الفظيعة إلى لندن في هذه الأيام وأودعت دار تحفها، فأقبل الناس على مشاهدتها إقبالا غريبا. ومكتشف هذه المقبرة المستر ليونرد وولي كبير منقبي الآثار في أو الكلدان وهذه الآثار يرجع عهدها إلى زمن إبراهيم الخليل. ولما فتح المستر وولي ذلك المدفن رأى جثث القتلى مطروحة على الأرض كما سقطت حين قتلت. وقد صدئت خوذ الجنود النحاسية وما زالت الحلى والجواهر فوق عظام الحظايا وهي مكدسة حول تابوت الملك وبجوارها جون فيها أدوات الزينة والخضاب والطلاء. وبين الضحايا التي ضحي بها في المقبرة ستة ثيران كانت تجر عجلة تابوت الملك، وبقيت أصقالها مطروحة على الصعيد بين بقايا أطواقها الفضية وأعنتها الملبسة بالذهب وعلى مقربة من رؤوس الثيران أصقال السواس وعلى مقاعد العجلة جثث سائقيها. وقد نقلت هذه الأصقال إلى متحفة لندن فيشاهد فيها المتفرجون آثار تلك القتلة القاسية، فمن جماجم جنود غائصة في خوذهم، إلى عقود الفضة والذهب والدمالج والخلاخيل، إلى أقراط وشنوف كانت الحظايا يتزين بها. وقد نظفت تلك الحلى على أحسن ما يكون، فبدت لماعة براقة كأنها خرجت الآن من أيدي صانعيها مع أنه مر عليها خمسة آلاف سنة. وأجمل هذه العاديات وأكثرها إثارة للخواطر ذاك التاج الذي كانت تلبسه الملكة (شبعاد) وقد دفنت جثتها بعد دفن زوجها لترافقه في الدار الآخرة. والتاج عجيب الشكل، بهي المنظر متخذ من أسلاك الذهب. وفي موقعه

على الجبين عقد حباته من اللازورد تتدلى منه حلقات من الذهب الإبريز. وقد صنع التاج بشكل إكليلين ذهبيين من أكاليل الغار أحدهما بهيئة أوراق شجرة التوت والآخر على خلقة أوراق الصفصاف. وفي قمة الإكليلين مشط له سبعة أسنان وقد نشبت في كل سن منها أزهار من ذهب تتدلى وتتجلجل كلما حركت لابسته رأسها. ولعل سائلا يسأل: كيف وقعت هذه المذبحة؟ وهل قتل أولئك الناس على حدة وعددهم تسعة وخمسون بين رجال ونساء ثم حملت جثثهم إلى قصر مولاهم؟ أو سير بهم إلى ذلك المدفن المظلم وعلى إشارة صدرت من أحد الجلادين قتلوا في ساعة واحدة؟. فجواب المستر وولي هو: إن تلك الضحايا سقطت في المقبرة في ساعة معينة وكان قتلهم من فروض تشييع الجنازة إلى الآخرة. (عن العروسة بتصرف في تصحيح العبارة) 12 - أشغال دائرة الري في الحلة قامت دائرة الري بإنشاء صدور الجداول الآتية أسماؤها: العثمانية وأم الفلفل، والفارسية، وزبار، وبازول قوجان وبزل بريذل، والابيخر والفياضة ولم يبق سوى نهر الطليعة والعمال يشتغلون ببناء صدره. والآن يجري تقسيم المياه على الزراع بصورة عادلة متساوية. والزراع مرتاحون من جهة وفرة المياه لحاجاتهم. 13 - الإيرانيون في العراق ذكرت (إيران) وهي من الصحف الفارسية أن مصالح رعايا إيران في العراق تزيد على مصالح سائر الدول ولا نبالغ إن قلنا أن عدد رعايانا في ديار الرافدين يبلغ أربعمائة وخمسين ألف نسمة وهذا العدد يقارب ثلث نفوس العراقيين أو ربعها. وفي كل سنة يسافر إلى ربوع الفراتين ما يزيد على مائة وخمسين ألف زائر للعتبات. اهـ. قلنا: لا نعلم على أي شيء يستند صاحب الجريدة في ما ذكر من الأرقام التي جاءنا بها فسكان العراق في عهدنا هذا يبلغون ثلاثة ملايين فالثلث يكون مليونا وقد قال أن الإيرانيين يبلغون 450000 نسمة. وإذا كان الربع فيكونون 750000 ثم لا نعلم إلى أي إحصاء استند الكاتب في قوله أن رعايا إيران أربعمائة وخمسين ألفا. ونحن نرى في هذا الرقم الضخم مبالغة ظاهرة. أما أن عدد الزوار يبلغ 150000 فمن المحتمل في بعض السنين وليس في جميعها بنوع مطرد.

العدد 70

العدد 70 اليزيدية 2 - مقام الشيخ عادي هو دير يوحنان عسبران بعد كلامي عن زمن تسمية اليزيدية وعن شرف الدين محمد يجدر بي أن انتقل إلى مقام (الشيخ عادي) (على ما يلفظ اليوم) الذي هو معبد اليزيدية ومحجهم الأكبر. فقد جاء عنه في المستند إنه كان دير مار يوحنان ومار يشوعسبران ويفهم من المستند إنه كان احتلال هذه النحلة له قبل سنة 619 (1222) بثلاث سنوات وإن ذلك الزمن كان زمن الخليفتين العباسيين الظاهر (خلافته 3 -

622 - 6 - 1225) والمستنصر (مبدأ خلافته سنة 623هـ - 1226م) ويبين لي أن صاحب المستند لم يكن واقفا على خليفة ذلك الزمن فادمج في كلامه اسم كل من هذين الخليفتين اللذين كانا قريبين من ذلك العهد (كانت السنون الواقعة بين 9 - 616) من سني الناصر) أو أن المستند أخطأ في عدد السنين فكانت النتيجة أن الاستيلاء في عهد الظاهر أو المستنصر. ولقد استطرد تاريخ الموصل (295: 1) في بحثه إلى هذا الموضوع وحدثنا عنه ومما استند إليه مخطوطة راميشوع ومنظومة لايشو عياب بن المقدم واسترشد هذا التاريخ رأي (نو) (مجموعته ص 4) المنقول عن فرنك القائل لا بد من إنه كان عديان فجاءنا القس بما لم يعرفه المستشرقان فأوضح أن عديا - هو غير عدي بن مسافر بل هو (أبو المفاخر شرف الدين) عدي بن أبي البركات وقال (300: 1): (فلعل عدي الذي احتل دير يوحنان ويشوعسبران هو عدي أبو البركات (يريد أن يقول: عدي بن أبي البركات كما ذكره أيضا) لقربه من التاريخ الذي يعينه صاحب المخطوطة إذا سلمنا بصحة روايتها) اهـ.

وجاء في المستند (نو ص 64) أن المغول أخذوا عديا الكردي (شرف الدين عديا) إلى مراغة وقضي عليه بالقتل لاستيلائه على الدير. أما قلائد الجواهر في مناقب الشيخ عبد القادر (ص 110) فإنه يذكر جهله تاريخ وفاته ولعل السبب قتلته في بلاد قاصية إذا صح قول المستند. ولا بد أن يكون عدي هذا هو الذي استولى على الدير - على ما ظنه القس - وأن مر بين الاستيلاء وأخذ عدي إلى مراغة نحو أربعين سنة. وعلى ذكر مراغة أقول: إن لليزيدية في كلامهم عن أخبار عدي ذكرا لهذه المدينة على ما سمعه منهم المسيو سيوفي (مجموعة نو ص 80) وإن قالوا عن قطرها غير ما نعرفه عنه. ولعل ذلك أثر طامس لما حكاه المستند عن إيفاد (شرف الدين) عادي إليها. رأينا أن الاستيلاء على الدير كان قبل سنة 619 بثلاث سنوات أو نحو تلك السنين ونرى هنا ذكر عادي (شرف الدين عدي) في زمن المغول وقد كان ذلك بعد أخذ الدير بنحو أربعين سنة وسنرى ما قالته رسالة الباشا (ص20 - 18) نقلا عن ابن شاكر أن شمس الدين الحسن قتل في سنة 644هـ (1246م) وله من العمر ثلاثة وخمسون عاما. فكانت إذن ولادته في سنة 591هـ (1194م) فمن المحتمل أن والده شرف الدين عدياً كان شاباً حين ولادة ابنه وأنه استولى على الدير وهو كهل وكان شيخا معمرا حين قتل. ويتضح من ذلك كله أن المستولي على الدير هو شرف الدين أبو المفاخر عدي بن أبي البركات. وهنا تعترضنا مسألة عن زمن الاستيلاء على هذا الدير وهذه المسألة هي أن الشيخ عدي بن مسافر كان على ما رواه المؤرخون يسكن (لالش) التي قيل فيها أيضا ليلش وأنه دفن في زاويتها على ما جاء في قلائد الجواهر (ص 90) وأن

المضيق الذي فيه (معبد الشيخ عادي) لا يزال الأكراد واليزيدية يسمونه مضيق لالش (تاريخ الموصل 301: 1) فيكون قبره في هذا الموضع إذا كان الموضع زاويته. وفي رسالة الحسني (ص 40) ما يأتي: (أما اليزيدية أنفسهم فلا يقولون بأن هذا القبر هو قبر الشيخ عدي (بن مسافر) نفسه لأنهم يعتقدون بأنه تصور بعد موته بصورة مباركة عرج على أثرها إلى السماء. . . وأنه ظهر بعد ذلك ملك صالح قال لهم: هذا قبره فصاروا يحجون إليه) اهـ. فإذا صح ما نقل إلى الحسني يكون اليزيدية قد لفقوا حكاية العروج ليوجدوا لهم منفذا للتأويل لعدم وجود الرفات في محله إذ قد ورد عن ذلك (رسالة الباشا ص 19) نقلا عن جزء مخطوط قديم في التاريخ أن بدر الدين لؤلؤ نبش ضريح الشيخ عدي بن مسافر وحرق عظامه في سنة 652هـ (1252م). وإن فرض أن عدي بن مسافر كان مدفونا في المعبد الذي في لالش فإنه يترتب هذا السؤال: هل تعاقب استيلاءان على الدير فكان أحدهما في زمن عدي بن مسافر ثم أعيد إلى أصحابه وكان استيلاء آخر في زمن شرف الدين عدي بن أبي البركات؟ أو أن زاوية عدي بن مسافر كانت في غير هذا الموضع - وقد تصرف في رفاته على ما رأيناه - فجاء شرف الدين عدي أو غيره بعده فوضع لأصحابه حكاية الدفن في هذا الموضع ليزدادوا تمسكا بوضع اليد عليه؟

عدي بن مسافر وأبو المفاخر شرف الدين عدي بن أبي البركات من يطالع مستند راميشوع ير ذكر عدي بن مسافر بن أحمد من الأكراد المدعوين ترهايا وير عديا الكردي فيخيل إليه لأول وهلة أنه يريد بهما رجلين إلا أن متدبر كلامه يقول إنه يقصد بهما رجلا واحدا فالمستند مصيب من ناحية ومخطئ من ناحية أخرى. وغلطه هو في تسميته لعدي - الذي أراد به - عدي بن مسافر - فضلا عن قوله إن مسافرا هو ابن أحمد. والحوادث والوقائع التي أوردها تثبت أن زمن عدي الذي تكلم عنه لم يكن زمن عدي بن مسافر إذن لم يكن من زمن مسافر ولا زمن أبيه بل تدل على أنها كانت في عهد شرف الدين عدي بن أبي البركات. وهذه بعض البراهين أقتطفها من كلامه ضاربا صفحا عن غيرها: 1 - قوله كما رأينا: (اليزيدية جدوده (جدود عادي بن مسافر بن أحمد) سكنة زوزان) ولا يذكر التاريخ اسم اليزيدية في زمن عدي بن مسافر وليس فيه أثر أن جدوده كانوا في زوزان. 2 - قوله كما سبق: (عادي ابن أميرهم) (أي أمير اليزيدية) وليس في ترجمة عدي أن أباه مسافرا كان أميرا ولم يكن في زمنه اسم (اليزيدية) معروفا بالمعنى الخاص بهذه النحلة. 3 - قوله (ص 58): (إن لعادي ابنين: شرف الدين محمد وشمس الدين اللذان تزوجا مثل أبيهما نساء مغوليات تتريات) وحسبنا قول الرسالة (ص 27) عن السخاوي وغيره أن عدي بن مسافر كان أعزب. 4 - ذكره كما رأينا: (عز الدين صاحب أيقونية) وكان من رجال القرن السابع للهجرة على ما ذكره ابن العبري فلم يكن ذلك الزمن زمن عدي بن مسافر.

5 - ذكره في تلك الحوادث (ص 63) (باجو نوين) وهو مذكور في ابن العبري في حوادث سنة 653هـ (1255م) وغيرها بصورة (بايجونوين) وفي الحوادث الجامعة بصورة (بانجو) في سنة 6 - 655هـ (8 - 1257م) وفي مجموعة (نو) (ص 63 ح) أنه مذكور أيضا في التاريخ السرياني لابن العبري سنة 1254م. وإذ كانت الأيام التي يعيش فيها تلك التي رأيناها كانت وفاته بعد وفاة عدي بن مسافر بمائة سنة فعدي الذي عاصر بايجونون هو غير عدي بن مسافر. 6 - ذكره في هذه الأخبار (ص 64) (للملك الصالح بن بدر الدين) (بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل) وهو الذي خلف أباه بعد سنة 656هـ (1258م) فكان ذلك بعد وفاة عدي بن مسافر بقرن إلى غير ذلك من الأدلة والبراهين التي تؤيد أن عديا الذي تكلم عنه مستندنا في واقعة استيلاء الدير هو أبو المفاخر شرف الدين عدي بن أبي البركات وأنه ليس بعدي بن مسافر. والذي يظهر لي أن قوله (أميرهم) في جملة (عادي ابن أميرهم) كما مر يجب عزوه إلى أبي البركات الذي قال عنه قلائد الجواهر (ص 109) أنه هاجر إليه (أي إلى عمه عدي بن مسافر) من البقاع. . . إلى أن مات مسنا ودفن عند عمه الشيخ عدي بن مسافر. وقبره بها ظاهر يزار.) اهـ. ومن البديهي أن من يخلف الشيخ عدياً يكون مسموع الكلمة مطاعا فليس المستند بمغال إذا نعته بأمير. ولم أقف على ذكر قبره في بحوث اليزيدية. ولا بد أن اسم عدي (شرف الدين) بن أبي البركات كان شائعا في زمن كتابة راميشوع لحكاية الدير وكذلك اسم عدي بن مسافر فالتبس على كاتب المستند الأمر وضاع حتى قال إن عادي - وهو عدي بن مسافر على رأيه - كان مسلما بالاسم وأنه على الصحيح كان يدين بدين (ترهايا) الذي أخذوه عن يزيد ما يرده التاريخ. ولا شك أن جهله للتاريخ جعله يحل كلمة (يزيد) محل (يزد) حاضرة دين المجوس أتباع زرادشت وما ذلك إلا لأن الكلمتين مؤلفتان من الأحرف نفسها ولأن هذه النحلة ليست بخالية من رابطة تربطها بيزد إذ أن في معتقدها ما يمت إلى دين المجوس أو فرع منه ومن جهة أخرى (بيزيد) وقد بينت

رسالة الباشا (ص 44) منشأ اعتقادهم نحلته. وما قول المستند عن اعتقاد يزيد إلا لصقا به وهو بريء منه. وإذا كانت صحة لكلام المستند عن زيغ هذه النحلة فإنه يجب نسبته إلى زمن شرف الدين عدي فإن ذلك يوافق ما قالته رسالة الباشا (ص 3 - 42) (إنما بدأ الزيغ بعد موته (موت عدي بن مسافر) في رئاسة الشيخ حسن (شمس الدين) أو قبله بقليل) اهـ وإذا صعدنا إلى ما قبل شمس الدين نجد غير زمن أبيه شرف الدين عدي؟ لكن قلائد الجواهر (ص 110) - الذي ترجم عديا هذا ابن أبي البركات - لم يرو لنا زيغا في معتقده بل يثني عليه. والظاهر أن قتل بدر الدين لؤلؤ للشيخ حسن شمس الدين في سنة 644 (الرسالة ص 19) لم يردع أصحابه عن الانقياد لتعاليمه بل زادهم غلوا في الاعتقاد له وبالشيخ عدي بن مسافر مما جرأ بدر الدين لؤلؤ على نبش ضريح الشيخ عدي بن مسافر وحرق عظامه في سنة 652هـ (1254م) على ما روته الرسالة ص 17) إذ أن دفاع العدوية عن نفوسهم في المقاتلة التي قام بها عليهم بدر الدين لؤلؤ لإطلاق لسانهم فيه على ما ذكره المخطوط لا تستلزم وحدها هذا العمل بالضريح. والظاهر أيضا أن بعد ذلك رجعت العدوية عن ضلالهم. فإن ابن خلكان (وفاته سنة 681هـ) يذكر أنهم (على جميل الاعتقاد). ومما رواه المستند (ص 67) قال: (وقعت مذبحة في دمشق في زمن خلف يزيد ونفي منها من كان يوالي يزيد إلى جبال زوزان وبلاد فارس وقتل ألوف وكان ينظر إلى من بقي من هؤلاء كما ينظر إلى المكروهين حتى ظهر في سنة 1190 لليونانيين (879م - 266هـ) أحمد جد الشيخ عادي فرأسهم ثم كان بعده ابنه مسافر ثم ابن مسافر الشيخ عادي فهداهم عادي إلى التوحيد. لكنه فرض عليهم أن يؤمنوا بأن يزيد كان إلها وأنه هو أيضا كذلك إلها ثم أضاف شرف الدين وشمس الدين ابنا عادي اعتقادات شتى إلى معتقداتهم كما يرويه تاريخهم) انتهى كلامه معربا عن الفرنسية بتلخيص. فإرجاعه عاديا وأباه مسافرا وجده إلى زمن يقرب من الخليفة يزيد الأموي غلط بين وتسميته

جد عدي (أحمد) هو ضرب من التلفيق إذ ليس بين جدود عدي من اسمه أحمد ونسبه مذكور في ابن خلكان، ولا أدري إلى أي من الوقائع يرمي في كلامه هذا. وأخال أن المستند أراد أن ينقل خبر هجرة أبي البركات والد شرف الدين عدي من البقاع إلى (جبل الهكار) - كما رأينا في قلائد الجواهر - فشطح إلى زمن خلف يزيد. أما لصق المستند بعادي الكردية وترهايا (التيراهية) فله وجه هو أن أبا البركات كان قد هاجر إلى هذه الأصقاع الكردية فلا بد أن ابنه شرف الدين عديا نشأ بين ظهراني الأكراد فكان يتكلم لسانهم فعده المستند من (ترهايا). وقد رجع المستند بعض الرجوع فقال: (ومن الناس من يقول إن أسرته (أسرة عادي) أموية النسب) اهـ. رأينا قبيل هذا أن الشيخ عادي هدى اليزيدية إلى التوحيد وأنه فرض عليهم اعتقاده ويزيد ما فرضه، ولعل هذا التعليم كان لشرف الدين عدي إذ لعله كان يقول بالحلول إلا أننا ننفي كل ذلك عن عدي بن مسافر كما يرينا ابن خلكان وغيره. وبالنتيجة أن الذي يلوح لي هو أن جدود اليزيدية كانوا على دين مخالف للتوحيد ثم اسلموا في زمن عدي بن مسافر وفيهم القوم المسمى ترهايا (أي التيراهية) وأنهم من الأكراد كانوا مسلمين في زمن شرف الدين أبي المفاخر عدي ويداخل اعتقادهم الحلول ثم كانوا على جميل الاعتقاد في زمن ابن خلكان بشهادته - ولا يسعني إلا الأخذ بها - وأخيرا ارتدت (ترهايا) إلى دينهم القديم دين المانوية ذي المبدأين أو إلى بدعة منه ومزجت بذلك أقوالا شوهتها فأبعدتها عن اليهودية والنصرانية والإسلام مع تعظيم لعدي بن مسافر وغيره تعظيما لا يليق بمخلوق ويضاف إلى ذلك ما استنبطته قرائحهم من الأوهام والخيالات فتطورت ديانتهم طورا بعد طور. وخلاصة القول إن الشيخ الأقدم لهذه النحلة قبل زيغ أربابها كان عدي بن مسافر فلم يكن عاديا أو هاديا أو أدي (بفتحتين مع تشديد الدال) وما شاكل ذلك من الأسماء التي لاحت لكثيرين من الذين كتبوا عن اليزيدية فراحوا إلى

حيث لا يعلمون وذهبوا إلى أن جدود اليزيدية الحاليين لم يكونوا مسلمين وقتا من الأوقات. ويشبه بطريقة معكوسة هذا القول المردود الذي غدا الكتاب يرجعون عنه قول من كان يرجع الصابئية (ديانة الصبا أي المندائية) إلى النصرانية ويقول عن أصحابها أنهم فرقة من النصارى تاهت في غياهب الضلال فيجوز لنفسه تسميتهم (نصارى القديس يوحنا (المعمدان)). ولا ينكر اليوم أحد أن تلك التسمية كانت غلطا فضيحا. قلت إن اليزيدية كانوا قديما على معتقد مخالف للتوحيد فهل كانوا على دين القوم المسمى ترهايا (التيراهية) أو على بدعة من هذا الدين؟ قال تاريخ الموصل (299: 1 ح) نقلا عن كتاب التاريخ السرياني (يريد به تاريخ ابن العبري بالسريانية ص420: إن التيراهية هي الوثنية القديمة أي ديانة زرادشت) أما الذي نراه في مجموعة (نو) (ص 58 ح) ترجمة عن ابن العبري والذي سمعته ممن عرب لي كلام ابن العبري بالسريانية أن ترهايا (التيراهية) كانوا على وثنيتهم القديمة وأنها المجوسية (وفي ترجمة (نو) ديانة زرادشت. والكل واحد). ولخص تاريخ الموصل أيضا كلام ابن الأثير (82: 12 في حوادث سنة 602هـ - 1205م) عن التيراهية من ذلك نقله ما يلي: (وكانوا (وكان التيراهية) كفارا لا دين لهم يرجعون إليه ولا مذهب يعتمدون عليه) والظاهر من كلم ابن العبري وابن الأثير والمستند أن ترهايا (التيراهية) لم يكن اسم ديانة بل اسم قوم فيصح أن يرتأى أنهم كانوا على دين المانوية القائل بمبدأ الخير ومبدأ الشر - وكان مركز أهل هذا الدين مدينة يزد - أو على بدعة من هذا الدين وأن جدود اليزيدية كانوا قديما على هذا الاعتقاد ثم كان من أمرهم ما رويته. ولا يزال اليزيدية يعتقدون مبدأين هما مبدأ الخير ومبدأ الشر. ويخافون مبدأ الشر خوفاً لا فوقه خوف ولا مزيد عليه. النتيجة 1 - كان مقام (الشيخ عادي) الدير المصطلح عليه بدير مار يوحنان ومار يشوعسبران وكان الاستيلاء عليه 619هـ (1222م) أو نحوها والمستولي عليه

هو أبو المفاخر شرف الدين عدي بن أبي البركات ولعل كان استيلاء آخر سبق هذا الاستيلاء في زمن عدي بن مسافر. 2 - كان مبدأ زيغ اليزيدية عن الإسلام في زمن الشيخ حسن (شمس الدين) أو قبله بقليل كما قالت رسالة الباشا والظاهر أن ذلك كان في زمن شرف الدين عدي بن أبي البركات والد الشيخ حسن شمس الدين وهذا شرف الدين عدي غير عدي بن مسافر. 3 - كان جدود اليزيدية على دين مخالف للتوحيد. وهو الدين الذي كان يعتقده القوم المسمى (ترهايا) (التيراهية) ثم أسلموا على يد عدي بن مسافر ثم زاغوا وبعده كانوا على جميل الاعتقاد في زمن ابن خلكان ثم ارتدوا إلى دين المانوية ذي المبدأين أو إلى بدعة منه ومزجوا بذلك أقوالا شوهوها عن اليهودية والنصرانية والإسلام مع أوهام وضعوها فكان له دينا جديدا. أجمال الدين الشافعي العدوي هو أخو عز الدين اليزيدي؟ والآن أحب أن أقتدي بسادة الباشا الذي ترجم بعض العدوية المسلمين فأشير إلى أخ مسلم لأحد اليزيدية. بين مخطوطاتي كتاب الدر النضيد في أدب المفيد والمستفيد لرضي الدين بن (؟) الغزي العامري جاء في مقدمته أنه جمع هذه الرسالة من مقدمة شرح. . . (هنا شيء لا يقرأ) للشيخ الإمام محيي الدين النووي ومن غيرها. وفي آخر النسخة قال كاتبها أنه علي بن أحمد بن علي البغدادي وأنه فرغ من نقلها من خط مؤلفها في رجب سنة 932 (1525م) ويتلو ذلك في ظهر الصحيفة كلام للمؤلف فحواه إن كانت النسخة (الشيخ الفاضل العالم علاء الدين ابن الشيخ الإمام العلامة المحقق الأوحد القاضي شهاب الدين أحمد بن علي البغدادي) قرأ نسخته عليه في مجالس آخرها في السابع والعشرين من شهر رمضان من سنة 935 (1528م). ومن الاتفاق الغريب - وهو بيت القصيد - إن في الورقة الأولى من النسخة كتابة نصها: (ملك الفقير الحقير جمال الدين بن يوسف البابلي الشافعي القادري العدوي عفا الله عنهما) اهـ فالعصر واسم الأب

والنسبة العدوية تدل في الظاهر أن مالك النسخة كان أخا لعز الدين المتوفى في سنة 948هـ الذي سبق الكلام عنه في ص 309 مع ترجمته وفي ذلك إنه كان يزيديا وأن جمال الدين هذا لم تكن قد زلت قدمه بل بقي مسلما أو إنه كان قد رجع عن اعتقاد اليزيدية. اليزيدية في كتب تركية وفارسية وفي ما اطلعت عليه من البحوث حول اليزيدية لم أصادف نقل شيء عنهم عن كتاب تركي وفارسي وقد نقلت في ما مر بعض ما جاء عنهم في كتاب (شرفنامه) والآن أنقل إلى لغتنا ما ورد في ذلك الكتاب وغيره من معتقدهم. فقد جاء في شرفنامه (14: 1) أنهم يؤمنون أن عديا بن مسافر هو أحد تابعي الخلفاء المروانية. . . ومعتقدهم الفاسد هو أن الشيخ عديا قد كفل لهم بالصوم والصلاة وأنه هو المخاطب (المسؤول) عن ذلك. ولهم بغض وعداوة لعلماء الظاهر) اهـ. وممن ذكر اليزيدية كتاب تركي في الجغرافية اسمه جهاننما لكاتب جلبي (ص 438 و543 و601) جاء فيه (ص 449) عن معتقدهم: (إنهم يحسبون أنفسهم من مريدي الشيخ هادي (كذا) وهو من الخلفاء المروانية. وقد زاغ اليزيدية عن مسلك الصوفية وهووا في طريق الضلال فهم زنادقة ملحدون وأكثرهم جهلة. ومن يكون شيخا عندهم يعتم بعمامة سوداء ولذلك يسمى (قره باش) (الأسود الرأس) وهم لا يدعون نساء نحلتهم يفلتن من أيديهم ويشترون مواضع من الجنة ويجتنبون لعنة الشيطان ويزيد ولعنة كل شيء ويقولون إن الشيطان ملك مقرب وأن الشيخ هادي (كذا) قد كفل بصومنا

وصلاتنا ودخولنا الجنة يوم القيامة بدون حساب. ولهم عداوة شديدة لعلماء الظاهر.) وصيغة هذا الكلام تدلنا على أنه منقول من (شرفنامه) مع بعض إضافات. وفي (جهاننما أيضا (ص 418) ما تعريبه: (سكمان آباد. ناحية قريبة من خوي. والمتمكن فيها عشيرة دنبلي التي يقول شرف خان عن نسبها أنه يتصل برجل اسمه عيسى من أمراء الشام وأن عيسى هذا كان قد جاء من ديار الشام فالتحق بخدمة ملوك إيران فأعطوه بطريق ال (أو جاقلق) ناحية سكمان آباد من أعمال خوي فجمع يوما بعد يوم العشائر والقبائل فاشتهرت باسم دنبلي وكانت هذه العشيرة في مبدأ أمرها يزيدية ثم صار من أبناء السنة بعض أمراء العشائر وكبرائها ونبذوا الكفر والبدعة فاهتدى أغلب القوم إلا أن كثيرا منهم بقي على ضلاله) اهـ والظاهر أن هذه القطعة منقولة من شرفنامه أيضا (310: 1) وفيه أن عيسى كان من أعراب الشام. ومن الذين ذكروا اليزيدية في القرن الحادي عشر من كتبة الأتراك أوليا جلبي في رحلته (226: 3 و230: 4) وذكر معتقدهم (705 - 8) واعتبر الشيخ هادي (كذا) من الصحابة مما يغلطه التاريخ بصورة باتة. التنكيل باليزيدية ومما قاله عن اليزيدية أوليا جلبي (142: 6) - في ترجمة ملك أحمد باشا والي بغداد وكان إذ ذاك واليا في ديار بكران في عهد السلطان إبراهيم (سلطنته من سنة 1049 إلى سنة 1058هـ - 48 - 1639م) جمع جيشا مؤلفا من ثمانين ألفا فضرب بهم اليزيدية العصاة في جبل سنجار فقتل منهم ثلاثة عشر ألفا ورجع سالما إلى ديار بكر وقد أسر اثني عشر ألفا. وجاء في كتاب الآثار الجلية في الحوادث الارضية لياسين العمري ابن خير

الله العمري (مخطوطي ص 75) ما يلي حرفه بدون تغيير: (سنة 1057 وسنة 1058 (8 - 1647م) سافر إلى اسلامبول رجل من اليزيدية من بعض قرى الموصل واسمه ميرزا بك ودخل إلى السراي وتوصل إلى رجال الدولة وطلب له منصب الموصل أو غيره فلم يتيسر له ذلك وخرج إلى (من) اسلامبول مغاضبا وحرضه الشيطان على العصيان فجمع الأشرار وجعل يقطع الطريق وينهب القوافل. فجمع العساكر والي وأن شمسي باشا وخرج من (وان) إلى قتال اليزيدي (اليزيدية) وكانوا آمنين وقد أطلقوا خيولهم ترعى فكبسهم شمسي باشا بمن معه وقتل أكثرهم وقبض (على) ميرزا بك بعدما أظهر شجاعته. وكان راكبا فرس بغير سرج ولجام وأثخنوه بالجراح وقيدوه وحملوه إلى اسلامبول لعند السلطان فأمر بقتله. وقيل كان قتله في أيام السلطان محمد بن إبراهيم في أول سلطنته) اهـ. وفي كتاب غرائب الأثر في حوادث ربع القرن الثالث عشر تجد أيضا أخبارا بالتنكيل بهم وكذلك في غيره من المصنفات التي يطول بنا ذكرها ولربما عدت إلى جمعها. حاشية على حاشية دار السلام وسياق التتبع يدفعني إلى ذكر الحاشية التي علقتها دار السلام على أنباء المستند الذي دار بعض بحثي عليه. ومضمون ما قالته هو الاعتماد على ما جاء فيه لعلمها أن كتابته كانت سنة 856هـ (1452م) ولتصورها (أن الشيخ عديا قتل سنة 855 فتكون كتابتها (كتابة هذه الأنباء) بعد سنة من وفاته). وقد رأينا في ما سبق ما حواه المستند فليس له تلك المنزلة التي راقت دار السلام لكنه أوضح لنا شيئا هاما عن زمن الاستيلاء على الدير. ولم تكن كتابة المستند سنة وفاة الشيخ عدي (كما قالت الوضيعة وهي تريد بالشيخ عدي عدي بن مسافر (فإن وفاة هذا الشيخ كانت في إحدى سني العقد السادس

من القرن السادس للهجرة. فتكون كتابة المستند بعد وفاة عدي بن مسافر بثلاثة قرون وبعد قتلة شرف الدين عدي بن أبي البركات بقرنين. لا عمرة لرسم (اليزيدية) بصورة (اليازيدية) كنت أود أن الحسني لا يأبه كثيرا لرسم اسم هذه النحلة في مصوري الشمسي (وقد ذكره ص 15) المخطوط بصورة (يازيدية) ذلك الرسم الذي دفعه - على ما أظن - إلى أن يبني ما بناه (ص 8) بقوله إن اسمهم منحوت من يزدان مع تحريف، مع أنه اطلع على رسالة الباشا الذي فند فيها سعادته قول من يرى أن اليزيدية هي نسبة إلى غير يزيد وحصر النسبة إلى الخليفة يزيد. وما أكثر غلطات هذا المخطوط في الكتابة فضلا عن غيره فأنه كتب في سطور (ص 1) الانبية بمعنى (الأنبياء) والأولية (للأولياء) وتخاصمه (عند كلامه عن آدم وحواء) في تخاصما) فمن كان على هذا الجهل له أن يكتب يازيدية عوضا عن يزيدية. وقد نقل الحسني قطعة في رسالته (ص 32) قال إنها من مقدمة لكتاب الجلوة وقد وردت في رسالة الباشا (ص 12) الذي قال إنها جاءت قبل كتاب الجلوة كمقدمة في النسخة الأميركية وإذ وردت في مصوري أيضا فيستدل من ذلك أن الذي في المصور ليس بشيء غير معروف بل هو الصحائف التي عرفها سعادة الباشا أنها كمقدمة لكتاب الجلوة حتى أن التأليف ليس بقديم كما نعته الحسني فقد جاء في موطن منه (ص 26) بعد أن عد الفرائض الدينية التي يجب على اليزيدي أن يؤديها قوله: (جل هذه الأسباب وغيرها لا يمكن (يازيدي) يكون عسكري (جنديا) فلما قدموا (أي اليزيدية) عريضحال (عرضحال) بهذه الصورة وأعطوا مبلغ دراهم للحكومة رضى طاهر بك وإن كان أركان حرب يصير يعطون بدل أي كل واحد يقع عليهم. وبقوا على هذه الحال ليومنا هذا في سنة 1305) اهـ (1889م). وفي الصفحة الأخيرة من الصورة الشمسية شيء ممحو وتحته أسطر لا تقرأ كلماتها جميعها. والذي استخرجته من ذلك

أن المخطوط مكتوب في سنة تصنيفه. وهناك كلمات تمكنت من قراءتها هي: (بطرس وملة السريان. ودير الزعفران. وماردين) اهـ. ومن المعلوم أن دير الزعفران هو مر بطريرك السريان اليعاقبة بقرب ماردين ومن المصور نسخة في خزان الكرمليين في بغداد وأخرى عند الشيخ كاظم الدجيلي والأصل عند إسمعيل بك اليزيدي. الشيخ مند كنت ذكرت في ما سبق كلاما عن مند ولم أكن قد عثرت أن اليزيدية لا يزالون يعرفون (مند) ويعظمونه حتى وقع بيدي أخيرا كتاب بالإنكليزية اسمه (عبادة الملك طاووس تصنيف إمبسن الذي طبعه في سنة 1928 وفيه ذكر مند وذكر عين ماء تنسب إليه وهي في بحزاني ولعل مند هذا هو الذي تكلمت عنه. إن ما أوردته ليس ببحث قائم بنفسه لكنه فكرة للبحث عن معتقد هذه النحلة وتاريخها وديارها والأمل أن تنقيب المتتبعين يزيدنا علما بما بحثنا فيه. ويستحب التنقيب عن أخبار هذه النحلة في الكتب التركية والفارسية ولا سيما الأرمنية لما كان للأرمن ولها من وحدة الديار في بعض تلك الأصقاع ومن جوار بعضها للبعض الآخر وبالختام أردد لنفسي أني عرفت شيئا وغابت عن أشياء والتنقيب والتحقيق كفيلان بالكشف. يعقوب نعوم سركيس (لغة العرب) هذا بحث دقيق طافح بالتمحيص لا يعرف قدره إلا من وهب له الله حظا وافرا من روح التحقيق والأحفاء في الموضوع لا يتمكن منه كل امرئ بل هو قسمة بعض الرجال الأفذاذ. ونقول بعد هذا: لا يمكن الباحث عن اليزيدية أن يقرع باب الموضوع ما لم يطالع ما كتبه الأستاذ الكبير سعادة أحمد تيمور باشا وما جادت به قريحة البحاثة البعيد السمعة صديقنا صاحب هذا المقال. فنشكره على ما جاد به على هذه المجلة إلى هذا اليوم وما يجود به عليها طالبين منه أن يوالي هذه البحوث لأن القراء جميعهم يطالعون بلذة لا توصف ما توشيه يراعته البديعة.

زواجنا من شقائنا (لغة العرب): هذه القصيدة تصور للقارئ حالة الزواج في العراق: يعهد إلى (سمسارة) أن تختار البنت التي تراها مناسبة للشباب فتذهب من دار إلى دار ومن موطن إلى موطن لتبحث عن ضالتها على ما تراها في نظرها. فإذا وقع بصرها عليها واستحسنتها أخذت في مدح الشاب وأعارته محاسن قد لا تكون فيه. واظهر أهل البنت للسمسارة حالة غير حالتهم المألوفة من جهة الثروة وصوروا لها أخلاقا في البنت قد لا يكون فيها ظلها. ثم تذهب السمسارة إلى بيت الشاب وتطري البنت حتى تجعلها من حور الجنان، وكل من الخطيبين لم ير صاحبه. وعلى هذا الوجه يجري الزواج فيتفق أن تتلاءم أذواق العروسين فيبقيا عائشين في الحب والائتلاف وهو قليل. أما في غالب الأحيان فإن التنابذ يبدو حين تلاقي العينُ العين ثم يستحكم القلى في القلبين كلما عرف الواحد صاحبه ولا تكون الراحة إلا بالافتراق وهذا ما يصوره لنا الأستاذ بقلمه العسال. على أننا نقول: إن هذه العادة عادة الوساطة لا ترى عند النصارى. وكانت جارية قبل نحو خمسين سنة عندهم وهي موجودة إلى اليوم عند بعض اليهود: 1 - الخطبة ذهبت تجوب مساكن الأحياء ... وتسير بالأوصاف والأنباء ذهبت ترود لغيرها بتثاقل ... والزاد أحمال من الإيلاء ومطيها كذب شموس مهلك ... تطوي به دوا من الإطراء ذهبت تبحث زوجة مأمونة ... وجميلة وكريمة الآباء

دخلت بيوت الناس تظهر حاجة ... تفهى الحوائج شأن كل مرائي حتى استقرت في بيت مؤنس ... ظهرت عليه أمائر الأنداء شعروا بمأربها فزادوا قدرها ... وبدوا لها في قمة العلياء كذب إلى كذب ودعوى رثة ... وتفاخر بتقادم الأصداء فكأنهم في حلبة كذبية ... يتسابقون بكاذب الإثراء هذي الخطوب تقدمت فخيرة ... مداحة لقريبها المتنائي عدته في أخلاقه وطباعه ... ملكا يعوم لطهره بسماء مالت إلى أعماله مياسة ... فارتهموه برتبة الأمراء ملك المشارق والمغارب ملكه ... والخادمون له من العظماء ثم انثنت بلسانها ثرثارة ... كي يعلموا بمبذر معطاء جنحت إلى وصف الشجاعة عنده ... جعلته ليثا هاج في الظلماء فإذا جمعت خصاله وصلاحه ... تلفيه يقرب ساحة النباء لو كان في ذا اللغو مكس أحجمت ... حتى يقال: شبيهة الخرساء ثم انبرت تحفي عن البنت التي ... قد نال أهلوها جديد رجاء فتوثبوا والمين خير مؤيد ... لكلامهم ذي الخبث والأدواء متذائبين على المديح بهمة ... كرارة وبنية خشناء مستعظمين جمال بنتهم التي ... لم تقتبس قبساً من الإعلاء يطوون نهج الوصف دون تعثر ... طي البراق بليلة الإسراء نعم الصناع بدت وخير فتية ... أم الجمال ومصدر اللألاء بين الصواب وضده كف ولم ... تزل العيون عدوة الكذباء 2 - الملاك فتعاهدوا وجرى الملاك بسرعة ... وتآدبوا كتآدب النبلاء ومشوا بأمتعة الجهاز بأطرق ... مشهورة لإذاعة الأشياء ولطالما صدحت لذاك (مزيقة) ... لبيان أبهة وعرض ثراء أما الخطيب فلا يزال مسائلا ... عن ذات خطبته بكل دهاء

يتسمع الأخبار كل هنيهة ... يتشمم الأوصاف من قرباء فكأنه صياد اسماك رأى ... حبل الشباك مجررا في الماء فبدا له أمل النجاح فجره ... مستبشرا أو ظاهر اللاؤاء قد أنبئوه بحزمها وجمالها ... لكنما الأذواق غير سواء بئس الزواج زواجنا ولنعم ما ... سارت عليه عوائد الغرباء ما ضر أن يتعارف الخلان في ... زمن اللقاء ومجمع الآراء؟ الشرع حلله لنفع مآله ... ولكي يعاش بألفة وصفاء 3 - الزفاف زفوا العروس إلى الحليل وإنها ... دخلت فجوج حياتها العمياء وكذاك زفوه إليها حائرا ... لا آملا لمعيشة السعداء يلقي حليلته بوجه كالح ... ويغير حب سابق بلقاء زوجان قسرا لا صداقة إدراكا ... بتا ولا ذهبا بروح الداء والزوج شق النفس عند أولي الحجا ... في حالة السراء والضراء كيف التلاؤم والتباين ظاهر ... بين الحليلين بكل جلاء؟ أم كيف يتفق التوافق بين من ... لم يحظ بالتعريف والإغراء والحب لم يثبت بلقية فجأة ... بل لا يكون بخرقة وغراء وهو الذي يغزو القلوب بقوة ... لم تكتشفها حيلة العلماء فيعيش فيها إن رآها رحبة ... أو يعتليها خشية الإيذاء جاءت مصافحة اليدين بخفة ... فتناولت كفيهما بعناء فتصافحا بالليل أي تصافح ... مستبطن بتقية ورياء هذا الزواج من الخلاف ملاكه ... ومن التباعد فاعتبر يا رائي يا ليلة تبني الحياة بما بها ... فيك الهناء وفيك كل شقاء نظر الخطيب إلى عروس لم يزل ... يرنو إليها من ورا الأنباء إن أعجبته فظل محتاجا إلى ... نسج التوافق من خيوط صفاء وإذا بدت صدافة عن ذوقه ... كان الزواج مسببا لفناء ولطالما كتموا العروس واظهروا ... من أهلها حوراء ذات رواء

كحل الإخفاء

حتى يصيد الزوج صيدة ناجش ... إن التناجش ديدن السفلاء تلكم مصيبتنا وذاكم داؤنا ... والشعب محتاج إلى صلحاء أيان نحسم داءنا بدوائنا ... فنضر بالفتيات والأبناء ويح ابن آدم أن عرته مصيبة ... طول الحياة تثور بالإيراء ويح ابن آدم إن تكن منجاته ... مهواته ومصادر البرحاء فرم الزواج إذا أردت سعادة ... وصن الزواج بصائن العقلاء بغداد: مصطفى جواد كحل الإخفاء من المسائل الخرافية الشائعة بين عامة الناس المأخوذة من (السحر والشعبذة) مسألة (كحل الإخفاء) والكلمة مركبة من (الكحل) بضم الكاف وإسكان الحاء والآخر معرب وهو اسم للدواء الذي يضعه الناس في عيونهم للزينة والتحسين، أو لتخفيف شدة الألم والوجع العارض في (العيون) ومن (الإخفاء) مصدر أخفى الشيء إذا غيبه ويزعم العامة أن الإنسان إذا اكتحل به اختفى عن العيون والأبصار ولا يمكن أحدا أن يراه فهو (يرى ولا يرى)؟ وكأنه خالق السماوات يأكل مع الناس ولا يرون إلا أثر المأكول فارغا ويحدثهم في (الخلوة) ولا يحدثونه خوفا منه وإجلالا لهيبته ويسمعهم كلامه ونغماته ويتعجبون إذا سمعوا صوته ولا يرون شخصه المتحجب عنهم ويخافون منه خوفا شديدا ويخوفون أبناءهم الصغار به كما أنه إذا جن عليهم الليل يقسمون به على السارق الذي يطرق بيوتهم أن لا يمسهم بأذى وإذا طرقها وأحسوا به يهددونه (بصاحب الكحل) فإذا سمع السارق بصاحب الكحل ولى الأدبار من دون أن يتناول شيئا من البيت. ولم نعلم حقيقة الشيء الذي يكتحل به ويقال إن هذه المسألة كان يتقنها فريق من العلماء المتقدمين ويعلمونها تلاميذهم منهم العلامة الشهير الشيخ بهاء الدين العاملي محمد بن الحسين بن عبد الصمد المتوفى سنة 1037هـ وأظن أن هذه الوسيلة تلاشت معرفتها في هذا القرن لانا لم نسمع أحدا من علماء هذا العهد في العراق تعلم هذه (الشعبذة) من أستاذ أو علمها غيره. النجف: عبد المولى الطريحي

إلياس صالح اللاذقي

إلياس صالح اللاذقي 1839 - 1885م تبكي عليك اللاذقية كلما ... أخنى عليها الدهر في حدثانه يبكيك تاريخ لها الفته ... بمدامع كالودق في هميانه ترثيك ما افتقرت أهاليها إلى ... ركن أساس الشرع من أركانه أسعد خليل داغر نسب الرجل هو الياس بن موسى بن سمعان بن صالح. ولد جده الأعلى في غزة، وشب فيها، واتخذ خدمة الحكومة مهنة ونهج على منواله ولده سمعان ونال مركزا ساميا، وحاز صيتا بعيدا واسما حميدا. فطلبه والي فلسطين وهو إذ ذاك محمد باشا أبو مرق فلباه وشخص إلى يافا مقر الولاة أيامئذ. وهناك زاد شأنه وعلت مرتبته. فصار رئيسا لكاتب الحكومة، واتفق أن توجهت زوجة حنا كبة، (ملتزم أموال) لواء اللاذقية، إلى يافا، أثر تحريض الطاغية الجزار، عدرة آغا صاحب قلعة المرقب على زوجها، فالانتهاء بالعصيان عليه وقتله. فأكرمها محمد باشا أبو مرق وأحسن وفادتها واحلها أجل منزل وفاء لصنيع أتاه زوجها حين فر إلى اللاذقية من وجه الجزار أيضا - ثم سعى فزوج ابنتها سمعان صالح جد المترجم، فرزق منها ذكرين وثلث بنات وبينما هم في نعيم ناعمي البال، إذ دار الزمان دورته، فبغى على سمعان وقتل بأمر حسن باشا والي دمشق الشام، واستولت الحكومة على مقتنياته وأملاكه في يافا والقدس. ولم يبق لدى أسرته سوى ما أخفي عن أعين الطغاة. ورجعت أرملته مع والدتها وأولادها وأخيها جرجس كبة إلى اللاذقية، حيث تزوج موسى ولدها، ورزق خمسة أولاد ذكور بكرهم صاحب الترجمة. نشأته ولد في 26 كانون الثاني عام 1839، فلما ترعرع أظهر ميلا عظيما إلى العلم.

فأخذ يدرس مبادئ العربية والافرنسية والإيطالية، وما كاد يشب، حتى أتقن هذه اللغات، وبرع في العربية أيما براعة، ونبغ فيها على صغر سنه: واتخذها وسيلة للدخول بها في ميدان العمل والكسب شدا لأزر والدته وإسعافا لأخوته. وفي عام 1859، أنشأ المرسلون الأميركيون مدرسة في اللاذقية فقرأ فيها زمنا يسيرا، على أحد معلميها ليتقن أصول العربية وقواعدها على طريقة علمية وذلك كلما سمحت الفرص. ثم انقطع يشتغل بنفسه فعكف على دراسة كتب أئمة اللغة والتفقه بها (لا يرشده في ترهات الإبهام سوى مشكاة عزيمته المتلألئة بنور الهدى ولا يؤنسه في وحشة السآمة والملل إلا جليس الجد والاجتهاد) حتى لم تفته شاردة ولا واردة وعرف مداخل اللغة وخارجها ووقف على دقائقها وأسرارها وبلغ فيها شأوا بعيدا. المهن والوظائف التي احترفها في سنة 1866م تعين ترجمانا لقنصلية أميركة في اللاذقية وامتهن التجارة مع الخواجات الياس وجبران صوايا. لكنه لم يلق فيها نجاحا وإنما حاز نجاحا في اشتراكه في التزام أعشار قضائي جبلة واللاذقية. وفي عام 1872 تولى إدارة قنصلية اميركة لداعي رجوع القيس قنصل الدكتور متيني إلى وطنه. ولكنه ما لبث أن استعفى منها عام 1875. وانخرط في سلك رجال الحكومة عضوا في المحكمة الابتدائية وظل فيها إلى آخر أيامه. معرباته وتآليفه في عام 1869 طلبت إليه الرسالة الأمريكية نظم المزامير مع إبقاء المعنى الأصلي وتلحينه فأتمه سنة 1874 ثم اضطر إلى السفر إلى مصر على طلب الرسالة ليشرف على طبعه حيث بقي عاما كاملا. وشرع في تأليف تاريخ نفيس مطول لموطنه اللاذقية عام 1873 فبقي مخطوطا إلى الآن في ثلاثة مجلدات وقد حوى تاريخ هذه البلدة منذ إنشائها إلى أيامه ودعاه (آثار الحقب في لاذقية العرب) ولما كان من أرباب القانون ومن المتضلعين منه قد عرب عن التركية والفرنسية كتبا قانونية وتاريخية كالدستور الهمايوني وقوانين الدولة وغيرها ولكها لا تزال خطية ولم يطبع من مؤلفات سوى خطبة له في حقيقة التهذيب نشرت في المطبعة العمومية

ببيروت سنة 1866 وديوان شعر عني بطبعه ولده. رفيق أفندي عام 1910 في اللاذقية. شعره شعر الياس صالح كأكثر شعر القرن الماضي لا يخرج عن حدود القديم المعلوم من مديح ورثاء وغيره مما هو ليس شعرا موضوعيا كما يجب أن يكون الشعر العصري ولا يخفى علينا أن من واجبات الناقد أن يراعي في نظره الشاعر وزمانه ومحيطه وعليه كان الياس صالح في محيط لا يخرج كله عن الطور القديم وكثيرا ما نراه لا يطرق الشعر إلا لدى طلب منه في مديح وتهاني. ورثاء وتأريخ لمولود وسواه وقد وصفه محمد بك بهجت - (المدير الثاني للمدرسة السلطانية في بيروت المنتدب مع رفيق بك التميمي مدير مدرسة التجارة فيها في أثناء الحرب وقد انتدبهما عزمي بك والي بيروت حين ذاك لوضع تقويم طويل عن ولاية بيروت وملحقاتها) - وصفا يستدل من ورائه أنه لو لم يكن في ذلك المحيط بل في محيط آخر لكان له شأن يذكر قال: (وقصارى القول إن الياس صالح شعر في حياته بكثير من الهياج وحلول جهده أن يبثنا إياه ويطلعنا عليه ولهذا يجب على اللاذقيين عامة والمسجيين منهم خاصة أن لا ينسوا اسمه لأنه استطاع تحريك الاحساسات التي تخفق لها قلوبهم وتقريرها. وقدر على نقل حالتهم الروحية وتثبيتها.) هذا مجمل ما وصفه به محمد بك بهجت وزميله وها أننا نأتي بأمثلة من شعره فيما يلي لمختلف الأغراض ومتباين الغايات وللقراء الكرام الحكم. كان الشاعر متصلا بأكثر أدباء وشعراء عصره بالمراسلات الشعرية ومن أصدقائه فرنسيس مراش الحلبي شاعر حلب والسيد أحمد وهبي ونقولا بك نوفل وسواهم وأكثر مراسلاته كانت مع المراش ودونك قطعة من رسالة أو استهلها بالنسيب كعادة الكثير من شعراء العربية قال: حتام تصبو يا فؤاد وتكلف! ... وتكلف العين البكاء فتذرف؟ وتميل نحو الغانيات فتنثني ... عنها وأنت من المعاطب متلف؟

فدتك من تلك القدود ذوابل! ... وتناهبتك من العيون الأسيف؟ وتجاذبتك الغيد حتى قد غدت ... بك كل خود في الهوى تتصرف؟ واختط على هذا المنوال قدرا تطرق بعد ذلك إلى ذكر شمائل مراسله: رب الفصاحة! من بسحر بيانه ... بهر النهى البدر الذي لا يخسف! فرد، إذا لمس اليراع بنانه ... نلقاه، وهو لنا حسام مرهف بحر خضم، قد غدت أمواجه ... كرما، لنا الدرر اليتامى تقذف وذهب بعدئذ إلى الثناء والمديح: لك طيب ذكر يا ابن مراش غدت ... أرجاؤنا من عرفه تتعرف نثرت علينا من صفاتك حلية ... آذاننا أضحت بها تتشنف! ثم اتفق أن نشر المراش ديوانه المعروف (بوق المحبة) فنقده أحمد العمري الموصلي، واعترض عليه، فرد عليه صالح، بقصيدة عصماء لم ينهج فيها منحى الابتذال والسقط في الكلام، بل انتقد العمري وأبان فيها أغراضه وضعف انتقاده، وافتتحها بحكم مليحة ذات روعة، قال: زنة الكلام، لدى وجوب مقال ... قبل التكلم من صفات كمال وأخو النهى، من لا يجرد أبيضا ... قبل التفكر في انتهاء قتال فلربما قصد الوبال لغيره ... رجل، فألقى نفسه بوبال! ما الحزم إلا بالتأمل، إنما ... عدم التأمل، خيبة الآمال! والعلم ليس بصادق إن لم يكن ... متقارن الأقوال، والأفعال فلعل قول المرء قول أخي حجا ... والفعل فعل أعاظم الجهال! للناس أطباع! بكل يقتفي ... ضربا من الأهواء والأميال وانتقل إلى ذكر مراش وبوقه: فرد غدا بذكائه عسرا على ... الأيام أن تأتي له بمثال؟ متوقد الأفكار يمحو نورها ... في كل خطبة ظلمة الأشكال صاغ القريض فرائد منظومة ... جيد الزمان، بها تبدى حالي أو ما سمعت له دويا من صدى؟ ... (بوق المحبة) للبرية مال!

بوق له صوت ينادي في الملا ... بالحب، يفصح عن بديع مقال في شطرها الباقي، انتحى الرد على العمري: قل للمعاند من أتى متعرضا ... جهلا له، ابشر بشر نكال عرضت نفسك للمهالك، عندما ... وافيت تقحم غابة الرئبال جردت هندي الخصام محاولا ... حربا ولست ترى من الأبطال وبرزت تدعو للنزال ولم تكن ... لتطيق يوما، حملة بنزال! فبم اغتررت بلا ارتئاه تاركا ... سبل الفطانة، حابط الأعمال؟ إني أراك فقدت حزمك حيثما ... غرتك غيبته، عن الأطلال أفما دريت؟ بأن رشق سهامه ... يصمي ببعد مثل قرب محال! وبأنه إن غاب عنك فكم له ... من صاحب حامي الذمار موالي! لا غرو إن لم ينجلي لك صافيا ... نظم له أشهى من السلسال! فلقد بدوت لنا مقرا شاهدا ... بفساد ذوقك في صريح مقال وختمها بهذه الأبيات: عار عليك بما أتيت لنا به ... في مدح نفسك من سنى الأقوال! ليس الفتى من بات يحسب نفسه ... متسامياً بالعلم والأفضال بل من يبيت القوم يشهر فضله ... فيذاع في الأسحار والآصال وإذا رأيت فتى تصلف معجبا ... بالتيه فاحسبه من الجهال! فالعالم السامي الحجا من لم يكن ... عن عجزه يا صاح في إغفال فاعلم وذو الدعوى يؤوب بخيبة ... وبصفع وجه لا بصفع قذال! واتفق أنه حين كان في مصر، اقترحت عليه (جمعية بطركخانة الروم الأرثوذكس) مدح خديوي مصر. إسماعيل باشا، لمكرمة أسداها إليها، فلبى الطلب ونظم قصيدة ذكر فيها أفضال الخديوي وقدمها إليه، قال: البشر في قطر مصر فاح عاطره ... واليمن قد نورت فيه أزاهره والسعد غرد في روض النجاح على ... أفنان أيك الهوى والصفو طائره

قطر رعته فأضحى السعد يخدمه ... عين الخديوي وأحيته مآثره مولى علي أثيل المجد باذخه ... شديد عزم سديد الرأي باهره بظله عم مصر الخير منتشرا ... وكل شأو به قرت نواظره وذكر فضل الخديوي وما أنشأه من المدارس، وعدل فذكر فضله على الأرثوذكس والمدرسة التي أنشأها لهم قال: قد عم إحسانه كل الأنام وقد ... جرى على فقراء الروم وافره قامت بآلائه الغراء مدرسة ... لهم بها شكره رنت مزاهره لا يحصر الوصف أفضلا له عزرت ... ولا يقوم بحق الشكر شاكره! ولما توفي المرحوم العلامة سليم البستاني، وكان من معارفه، رثاه بهذه المرثية الحكمية، قال: يبدي لنا الدهر من أحكامه عبرا ... في كل يوم وكم يجري لنا عبرا! ونحن نغتر بالدنيا وزخرفها ... دوماً ونلهو ولسنا نذكر الخطرا! كأننا لسنا ندري أننا بشر ... عقباهم الموت طال العمر أو قصرا؟ لا المال! كلا! ولا المجد الرفيع! ولا ... شرخ الشباب نراه يدفع القدرا! كم سيد ماجد تحت التراب ثوى؟ ... وكم فتى أروع يحويه جوف ثرى؟ لا كان يوم، به الناعي نعى أسفا ... لنا سليما! فأجرى دمعنا مطرا غالته أيدي الردى نورا مباغتة ... وعفرت في الثرى جثمانه النصرا تبكي عليك بنو الآداب قاطبة ... أسى وترثيه أهل الفضل والشعرا كذا الطروس تردت بالحداد على ... من كان يلبسها من نسجه حيرا والنثر والنظم والإنشاء قد حزنت ... عليه إذ كان يجلوها لنا غررا ناحت عليه المعاني! فهو مبرزها ... نفائسا تدهش الألباب مبتكرا وقد بكته زواهي اللفظ نادبة! ... إذ طالما فاخرت في نطقه الدررا ولوع الموت عرب الناس مع عجم ... لما طواه وأبكى البدو والحضرا

لئن يكن قد قضى نحبا فما برحت ... آثاره الغر تحيي ذكره العطرا فكم له في فنون العلم من أثر! ... ما مات من في الورى أبقى له أثرا! ومن الخطبة التي أنشأها وطبعها في بيروت في التهذيب هذه الأبيات أختمها بها وكلها حض على التعلم الذي دعا إليه كثيرا، قال رحمه الله: فجر العلوم على أرجائكم طلعا ... فنبهوا منكم الطرف الذي هجعا! وشاهدوا الكون في هذا الزمان تروا ... نور التهذب في أقطاره سطعا لا يقطن المرء إذ قد جاز سن صبا ... فالعلم يفتح أبوابا لمن قرعا وليس للمرء من فضل يزان به ... إن لم يكن في نهاه للعلوم وعى فالعلم للعقل مثل الحد في عمل ... للسيف والسيف لولا الحد ما قطعا ليس التهذب في تقليد من نسبوا ... إليه إن لم يكن بالعلم قد شفعا وكان متدينا ورعا تقيا وقد اقترحت عليه كثير من كرائم سيدات موطنه أناشيد في مدح السيدة العذراء (عليها السلام) فأجاب الاقتراح ولباهن في ما طلبن فنظم لهن عدة أناشيد تسامح فيها من جهة اللغة والإعراب ووقعها على وزن أغاني شائعة موسيقيا وفاته وتأبينه - رثاؤه عبث المرض بجسمه النحيل، وتعلب به الداء، وما كان ليحتمله، فسقط عياءا وإذا الموت يوافيه صباح الثلاثاء لمنتصف أيلول سنة 1895م فأودع الروح بارئها بعد جهاد طويل قضاه يعارك الزمان، ويطلب لوطنه الفلاح. وفي عصر ذلك اليوم بعد أن صلي عليه، وقف المرحوم الدكتور سليم الجريديني وابنه فالشاعر الثائر أسعد خليل داغر. فالمرحوم سامي كومين تأبينا مؤثرا بليغا ومن ثم أودع الثرى. يسقي ثراه الغيث ما جن الدجى ... والشمس ما طلعت وما سفر القمر رحمه الله رحمة واسعة. بركات (السودان): ميشيل سليم كميد

نسخ كتاب الدرر الكامنة

نسخ كتاب الدرر الكامنة التي قابلتها لتحرير ما أطبعه - 1 - نسخة قديمة هي لي وتشتمل على الجزء الأول بكماله ومختصر الجزء الثاني والجزء الأول مكتوب في عهد المؤلف وفيه بعض التصحيحات بخط ابن حجر نفسه والذي يزيد فائدتها أن فيها حواشي كثيرة بخط العلامة السخاوي تحتوي على نحو مائتي ترجمة لا وجود لها في الأصل للمؤلف ونبه في أماكن عديدة على أوهام ابن حجر. وأما المختصر فهو مأخوذ أيضا من أصل جيد إلا أن الكتب حذف تراجم الملوك والأمراء وتراجم الأندلسيين. 2 - نسخة جديدة قديمة محفوظة في خزانة المتحفة البريطانية في مجلدين فرغ الكاتب من المجلد الأول في 29 شهر ربيع الأول سنة 876 ومن المجلد الثاني في 24 جمادى الآخرة من السنة نفسها ومن خصوصية هذه النسخة أن الكاتب أشار إلى الألفاظ المبهمة بالعلامة ط (يعني غلط) في الحواشي وكتب شيخ الكاتب وهو محمد بن بهادر الطرابلسي في آخر النسخة ما نصه: قال مؤلفه الحافظ الإمام ابن حجر: فرغ منه جامعه سوى ما ألحقه بعد تاريخ فراغه في شهور سنة ثلاثين وثماني مائة وألحقت فيه إلى سنة 37 ولم يكمل الغرض من الإلحاق للبقايا من التراجم في الزوايا لم استوعبها بعد أن أعلن الله تعالى على استكمال ذلك بمنه وكرمه آمين. وفي هذه النسخة خرم قدر كراسة كاملة في الجلد الثاني. وهذه النسخة أصل النسخة التي في خزانة دار الكتب بالقاهرة ولهذه السبب لا فائدة في مقابلة النسخة المصرية لأن أصلها بين يدي. 3 - نسخة كاملة في 3 مجلدات محفوظة في وينا (النمسة) حديثة العهد كثيرة الخطأ لكن فيها ما نقص في النسخة اللندنية كتبت بيد تركي في القسطنطينية ولكن كان الكاتب خائنا ومل من الكتابة في آخر الجلد الثالث فحذف أكثر التراجم وأدخل بعضا في بعض إذ لعله كان له راتب في نسخ

النسخة التي أخذ عنها. وهذه النسخة هي المتداولة بين علماء أوروبة وهي السبب في كثرة الأوهام التاريخية عندهم. 4 - نسخة في مجلدين في خزانة دار حكومة الهند مكتوبة في الهند تحتوي الجلد الأول من النسختين الأوليين ولا تجد نسخة أكثر خطأ من هذه النسخة ولو بحثت في العالم كله عن نظيرة لها! إذ ليس فيها سطر إلا ترى فيه ثلاثة أوهام أو أكثر من ذلك. أما أصول ابن حجر فلا شك أنه أخذها من كتب كثيرة ولا سيما من المشيخات وقد قابلت بعضها ببعض فاتضح لي كما يتضح لمن له بعض معرفة بهذا النوع من الفن أن أكثرها مكتوبة بسرعة عظيمة. وإذا كانت صحيحة النقل فرداءة خطوط الكتاب تحول دون تحقيق قراءتها في مواضع كثيرة فكانت آفة لابن حجر نفسه. مثلا قد ورد في أثناء التراجم بين الشيوخ المذكورة محدث بغدادي لا أدري إلى الآن صحة اسمه فأنه مكتوب ابن الدنية وابن الدينة وفي أكثر المواضع بحذف نقط الياء أو النون فلعل أحد علماء العراق يعرفه باسمه الصحيح إذ الظاهر أنه توفي في بغداد في النصف الثاني من القرن السابع للهجرة وإنه لم يبق إلى القرن الثامن. ومما نحمد عليه ابن حجر أنه ليس له عصبية شديدة إلا على الحنفية وهو يذكر أهل السنة والشيعة بلا فرق وتعلم من كتابه أن أتباع الشيعة كانوا في زمانه قليلين في مصر والشام ولكن في المدينة المنورة كانوا أرباب الدولة. بكنهام (انكلترة): فريتس كرنكو تعبيرهم العسير عن المضارع المبني المؤكد وتراهم يقولون إن المضارع يبنى إذا اتصلت به نون التوكيد ثم يقولون إذا اتصلت مباشرة ويفسرون عدم المباشرة بحيلولة حائل لفظي هو (ألف الاثنين وواو الجماعة وياء المخاطبة أو تقديري هو (ياء الخاطبة وواو الجماعة) ولو قالوا (إنه يكون مبنيا إذا أسند إلى الاسم الظاهر أو ضمير المفرد أو المتكلم عموما) لأراحوا طلاب العربية واستراحوا فالمسند إلى الظاهر نحو (ليجتهدن الرجل وليجتهدن الرجلان وليجتهدن الرجال ولتجتهدن المرأة ولتجتهدن المرأتان ولتجتهدن السناء) والمسند إلى ضمير المفرد نحو (ليجتهدن هو ولتجتهدن أنت) بفتح التاء. (مصطفى جواد)

أرجوزة الظاء والضاد

أرجوزة الظاء والضاد وجدت في إحدى المجاميع القديمة في خزانة كتب مدرسة الحجيات في الموصل (وهي المجموعة المذكورة في كتابي مخطوطات الموصل في الصفحة 100 تحت الرقم 24) أرجوزة لابن قتيبة في الألفاظ أتت بالظاء وبالضاد وبمعان مختلفة فأحببت نقلها لمجلتكم الغراء. فإن وجدتموها معروفة وقد درجت قبلا في إحدى المجلات فأهملوها. وإلا فلا أظنكم إلا دارجيها. هذا ولا بد من القول إن وجدت فيها ألفاظا لا وجود لها في التاج وكلما أخرى ذكرت فيه ولكن بمعان غير المعاني التي نسبها إليها ابن قتيبة كلفظة (الفيظ) و (الحنظل) و (الظب) و (المرظ) و (الظد) و (الضجة) و (الفظة) وغيرها. فلو لم يأت بها ابن قتيبة لشككنا فيها ولكن الرجل حجة. فهل يلزمنا يا ترى ضم هذه الألفاظ والمعاني إلى كتبنا اللغوية؟ بغداد: الدكتور داود الجلبي الموصلي قال ابن قتيبة أرجوزة في الظاء والضاد اللفظ واحد والمعنى مختلف أفضل ما فاه به الإنسان ... وخير ما جرى به اللسان حمد الإله والصلاة بعده ... على النبي فهو أسنى عنده محمد وآله الأبرار ... وصحبه الأفاضل الأخيار وكل ما ينظم للإفادة ... فذاك معدود من العبادة وقد نظمت عدة من الكلم ... في الظاء والضاد وجميعاً فافتهم فإنها مختلفات المعنى ... يعرفها من بالعلوم يعنى فاسمع بني من أبيك سردها ... واعرف هديت حصرها وعدها فابدأ إذا قرأتها بالظاء ... وثن بالضاد على استواء فالغيظ ما يعرض للإنسان ... والغيض غيض الماء في النقصان واعلم بأن الظهر ظهر الرجل ... والضهر أيضا صخرة في الجبل والظن في الإنسان إحدى التهم ... وهكذا الضن البخيل فافهم

والفيظ فيظ النفس وهو النفق ... والفيض فيض الماء لا يختلق وحنظل نبت كثير معترف ... والحنضل الظل المديد المؤتلف والحظ منسوب إلى الإقبال ... وبعده الحض على الأفعال والظب وصف الرجل الهذاء ... والضب معروف لذي البيداء واعلم بأن البيظ بيظ الفحل ... والبيض لا يجهله ذو عقل وهكذا بالظاء بيظ النمل ... وما سواه فبضاء أمل والمرظ الجوع الشديد فافهم ... والمرض الداء الدوي فاعلم والقيظ حر في الزمان ثائر ... والقيض في البيضة قشر ظاهر والمطرب المحسن بظ الوترا ... وبض سال الحسن حتى بهرا وعظت الحرب إذا ما اشتدت ... ثم السباع والذئاب عضت وبات زيد مرض وظلا ... وحاد عن طريقه وضلا وموضع الحجارة الظرير ... فيه يضيع الرجل الضرير والفيء من بعد الزوال ظل ... والجهل ما بين الأنام ضل وفي الحشيش ما يسمى ظربا ... وقد ضربت بالحسام ضربا والمنطق العذب الشهي ظرف ... وناعم العيش الرخي ضرف وهكذا المماثل النظير ... والمذهب النضار والنضير وكل ذي وجه قبيح ظد ... والخصم في كل الأمور ضد وهكذا الحجارة الظراب ... والنزو في البهائم الضراب والضربة النجلا تسمى ظمه ... وكثرة الأصوات أيضا ضجة وزوجة المر هي الظعينة ... والحقد في الصدر هو الضغينة وعلة القوم تسمى ظفره ... والجذب في الشعر أيضا ضفره ثم سواد الليل يدعى ظلمة ... والسهر العظيم أيضا ضلمه وورم الأحشا يسمى فظة ... والمعدن المحبوب يسمى فضة وكل ما يفسد فهو ظر ... وصخرة تعي الرجال ضر والظعف نبت في الرجال خمل ... والضعف نقص في القوي وهزل والوحوش والأنام عظيم ... ومقبض القوس ففيه هضم

والزرب حول الغنم الحظيرة ... ومجمع القوم فهم حضيرة والخيل في حافرها وظيف ... وكل شيء لازم وضيف ثم الفظا ضرب من الصنوبر ... وهكذا بالضاد بعض الشجر وحرم الله الربا وحظرا ... وغاب بدر وزهير حضرا والفظ في الإغلاظ قولا حتما ... وانفضت القوم وفضوا الختما والمظ رمان الجبال فاعلم ... ومضه بالشتم زيد فافهم وناظر إلى العيون الناظره ... كرامق إلى الوجوه الناضره وللرجال والسباع ظفر ... والرجل القصير فهو ضفر ما يقابل كحل الإخفاء عند الأقدمين كحل الإخفاء المذكور هنا في ص 451 يذكرنا بحكاية أحد الأقدمين المسمى جيجس أو جوجس وكان راعي غنم في لوذية والقول عنه في أساطير اليونانيين كان له خاتم فإذا لبسه اختفى عن عيون الناس. فذهب إلى بلاط ملك كدولية فتمكن من أن يكون وزيره الأكبر ثم قتل مولاه ليعقبه على عرش المملكة فأسس دولة المرمنادة (في المائة 57. ب م) العمران أبو بكر وعمر جاء في المختار: (والعمران أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وقال قتادة هما عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز) اهـ. قلت إن وقوف القائل في هذا الحد لا يفيد القراء لأن القولين قد تناطحا فوقع بينهما الصواب. وعندي أن العمرين (أبو بكر وعمر: رض) فقال قال أبو العباس المبرد في كامله (ج 1 ص 98) ما نصه: (وقالوا العمران لأبي بكر وعمر. فإن قال قائل إنما هو عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز فلم يصل لأن أهل الجمل نادوا بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أعطنا بينة العمرين) اهـ. وقد أراد أبو العباس أن وقعة الجمل حدثت وعمر بن عبد العزيز غير مولود وإنما ولد بعد أكثر من عشرين سنة مرت عليها فكيف يطلبون سنته وهو غير مولود؟ مصطفى جواد

المطبوعات الحديثة في النجف

المطبوعات الحديثة في النجف المطبعة العلوية تمهيد لما انبثق فجر النهضة الأدبية في العراق على عهد الدستور العثماني، وسطع جبينها وانبلج صبح محياها الذي كان محجوبا المغشى ببراقع الجهل والكسل والخمول والرقدة في هذه الربوع، وتنفس أبناء الرافدين تنفسا ما كانت النجف في طليعة المدن العراقية التي أخذ أبناؤها يرحبون بتلك النهضة الطيبة فدب في قلوبهم روح النشاط وأماطوا عنها تمائم الجهل، وتتحفزوا للوثوب لما فيهم من نضج الفكر والاستعداد الطبيعي والشغف والميل الغريزي إلى ترقي العلوم والمعارف والآداب، وأخذوا يتمسكون بأسباب التقدم والنهوض وسلم الارتقاء، وبكل الوسائل التي تمكنهم من بلوغ أمانيهم. ففكر يوما لفيف من أدباء النجف وأعيانها وأشرافها بعد إن كانوا مجتمعين في دار أحدهم، وتفاوضوا على أن يقوموا بعقد شركة تجارية لإنشاء مطبعة في النجف كاملة مجهزة بجميع لوازمها ومعداتها، وأخرى صغيرة تنضم إليها لتكون عونا لها لدى الحاجة واللزوم، والعوارض الطارئة عليها، الموجبة لتوقيفها خدمة للعلم والآداب العربية وإحياءا لآثار السلف الماضيين على اختلاف موضوعاتها وأساليبها، تلك الآثار التي ملأت القماطر وغصبت بها خزائن الشرق والغرب على رحبها دع عنك التي ذهب أكثرها أدراج الرياح لعدم المحافظة عليها. ولما اتفقت آراء الجمعية على هذا المشروع الحيوي عقدوا في الحين تلك الشركة، جعلوها حصصا وقسطوها اسهما كل سهم بجنيه واحد، ليسهل الأمر على من يريد أن ينخرط في سلك الجمعية من الرجال غير المثرين كل الثراء ولهذا دخل فيها أعضاء متبرعون فخريون يتجاوز عددهم العشرة، فقبلت الجمعية دخولهم، وشكرتهم على فعلم الجميل، وما مضى على تاريخ الجمعية شهر واحد إلا أرسلت من قبلها إلى بغداد مندوبا خاصا لشرائها من (شركة ألمانية وزودته

بمقدار من الدراهم. فابتاع المندوب آنئذ مطبعتين إحداهما كبيرة والأخرى صغيرة بمبلغ ليس لي اطلاع عليه فأنفذ المندوب إلى النجف بعض الأدوات وأوشك أن يتم هذا المشروع لو لم تفاجئنا تلك الداهية الكبرى والكارثة العظمى أعني بها (الحرب العامة) التي انفجر بركانها، واستعرت نيرانها وعمت ببلائها أقطار الشرق والغرب فكانت سببا لإخفاق كل مشروع وتعطيل المعامل والصنائع. وقد تفرقت هذه الجمعية وباع بعض المحتاجين حصصهم لآخرين وعلى أثر سكون الثورة العراقية وهدوء تلك الثورة التي وقعت بين الإنكليز والعراقيين سنة 1338 ونودي عقيبها باستقلال العراق، قام بعض أعضاء الجمعية لإكمال ذلك المشروع بعد البناء والتركيب فأكملت في رجب سنة 1340هـ الموافق لآذار سنة 1922م وعينت لها مديرا فارسي الأميال والذوق والنزعة والمعرفة، ولذلك بقيت المطبعة على علاتها فلم تتطور تطور المطابع اليوم في بغداد ومع ذلك كله فقد نشرت فيها أسفار كثيرة من قديمة وحديثة لا يستهان بها وكان عزمي أن أرتب مطبوعاتها على حروف المعجم لكن عدم انتظام سير (المطبعة العلوية) المجعول لها هذا الاسم لمناسبة قربها (للمشهد العلوي) حملني على أن أهمل هذا الأمر فأذكر منها ما اتصل بي وما وصلت إليه يد البحث والتنقيب عنه بالمشاهدة وأول كتاب طبع فيها هو: 1 - الجامعة الجامعة هي زيارة مطلقة للإمام علي عليه السلام ولسائر الأئمة من بعده ولشهرتها طبعت عدة طبعات في إيران وهندستان في ضمن كتب الأدعية والزيارات وقد استلها وحدها من تلك الكتب السادن الحالي (للروضة الحيدرية) السيد عباس الرفيعي وطبعها على نفقته سنة 1340هـ فجاءت في (32 ص) وأوقفها على الروضة، وفيها عيب كبير هو أنها مجردة عن (التشكيل) والجامعة لم يعرف من أنشأها قيل الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع)، وقيل (جابر الأنصاري) وقيل بعض المغالين للأئمة من العلماء الذين عاشوا في القرن الثاني للهجرة وهي تحتوي على كلمات وجمل مسجعة، وفي بعض جملها مغالاة كثيرة في حق الإمام بحيث تخرجه عن كونه من البشر. ولهذا شغف بها (الكشفيون)،

و (الشيخون) أتباع الشيخ أحمد الاحسائي المعروف المتوفى سنة 1242هـ الذي ادعى النيابة الخاصة عن الإمام الغائب وأتى بآراء مستحدثة في الدين وشرحت عدة شروح وممن شرحها السيد كاظم الرشتي الحائري تلميذ الشيخ أحمد المذكور. 2 - إتقان المقال في أحوال الرجال مؤلف هذا الكتاب العلامة المرحوم الشيخ محمد طه نجف من مشاهير علماء العراق في القرن الحاضر المتوفى سنة 1323هـ تخرج على يده خلق كثير من العلماء والفضلاء، وقد جمع في هذا الكتاب رجال الرواية من الشيعة (الثقات والحسان والضعفاء) ليعلم من يأخذ الحديث عنهم مبلغه من الصحة (وإهمال علمي الرجال والحديث من سيئات العصر الحاضر) وقد طبع سنة 1340هـ على نفقة الشركة العلمية في النجف وورقه وطبعه جيدان إلا أن فيه من المعايب خلوه من (الفهارس) وعدد صفحاته (398). 3 - أنوار الهدى يتضمن هذا الكتاب ردودا على المذاهب الباطلة في نظر مؤلفه المستتر الشهير بكاتب الهدى النجفي كمذهب الماديين والطبيعيين طبع سنة 1340هـ فجاء في (120) صفحة صغيرة. 4 - حلبة الأدب هي عدة قصائد مختارة للشاعر الشهير الشيخ محمد مهدي الجوهري النجفي جارى بها قصائد منتخبة لشعراء كبار من عصريين ومتقدمين كشوقي وإيليا أبي ماضي، وعلي الشرقي ومحمد الرضا الشبيبي وابن التعاويذي. ولسان الدين الأندلسي. شرع بطبعها سنة 1340هـ على نفقة مدير مدرسة الغري الأهلية (يحيى قاف) وقبل أن يكمل طبعها صادرها أحد الشعراء النجفيين المتقدم الذكر لكون صاحب (الحلية) قد عرض به تعريضا مرا، وقد أعاد طبعها (الجواهري) سنة 1341هـ (بمطبعة دار السلام) ببغداد. 5 - أحسن الحديث في أحكام الوصايا والمواريث هذه الرسالة تأليف العلامة الشهير الشيخ أحمد آل كاشف الغطاء النجفي المتوفى سنة 1344هـ وموضوعها يعلم من اسمها ومن يطالع هذه الرسالة ويطالع ما كتبه (البراقي) صاحب (جامع السعادات) لم ير فرقا بين الرسالتين ومع ذلك

فهي من الرسائل النافعة، وقد طبعت سنة 1341هـ على نفقة صاحبها فجاءت في 108 صفحات بطبع وورق حسنين. 6 - وسيلة النجاة رسالة عملية في الفقه لأحد مقلدي الشيعة اليوم العلامة السيد أبو الحسن الأصبهاني، وهي حاوية (للعبادات والمعاملات) وقد ملئ ظهر غلافها بالألقاب الضخمة القديمة والآيات. طبعت سنة 1341هـ فجاءت في 261 ص متوسطة بورق وطبع جيدين وفيها مع ذلك بعض الأغلاط الطبعية. 7 - منتخب الرسائل هي رسالة أيضاً بالفارسية للعلامة المتقدم الذكر وهي نقل الرسالة العربية السابقة وقد طبعت أيضا سنة 1341هـ فجاءت بمقدار صفحاتها. 8 - التعساء واضع هذه الرواية الميرزا جعفر الخليلي نسبة إلى (الميرزا خليل) الطبيب المعروف في القرن الماضي وإليه تنتمي الأسرة الخليلية اليوم في النجف وهي رواية تبحث عن التعس والتعساء واسمها أكبر من موضوعها في نظرنا طبعت سنة 1341 فجاءت في 40 ص وقد صدرت بهذين البيتين للشاعر الجواهري: لا تذكرني الهنا يشجي الحشا ... ذكره أني ألفت الشجنا إنما أشكو حياة كلها ... تبعات كنت عنها في غنى 9 - منهج اليقين منظومة جاءت في 48 ص متوسطة وقد طبعت سنة 1341هـ لناظمها السيد أحمد الجزائري النجفي والناظم من أحفاد السيد نعمة الله الجزائري من علما القرن الثاني عشر الهجري وهي في فضائل أهل البيت عليهم السلام وإثبات إمامتهم. والمنظومة غير خالية من الحشو والأغلاط الطفيفة وقد نقلت من منظومة الشيخ الحر العاملي المتوفى سنة 1104هـ ولم يقوس الذي ضمنه ولم يجعله بين عضادتين فيعد على هذا منتحلا لبعض الأشعار. 10 - مضار حلق اللحى طبعت هذه الرسالة سنة 1340هـ فجاءت في 36 ص صغيرة وموضوعها يعلم من اسمها وهي لا توافق الذوق الحاضر لأنه أصبح حلق اللحية عاما وقد

أصدرها مؤلفها السيد هبة الدين الشهرستاني رئيس مجلس التمييز الجعفري باللغة الفارسية ولم ندر سر ذلك. 11 - مصباح الميزان كتاب صغير في علم المنطق لمؤلفه الشيخ حسن الطهراني السنكلجي نزيل النجف طبع سنة 1341 فجاء في 39 ص بقطع متوسط والكتاب مرتب على (مصابيح) وعليه تقريظ لأحد علماء النجف السيد محمد الفيروزبادي المتوفى سنة 1345هـ 12 - كفتار خوش (كفتار خوش) معناه (الكلام الطيب) وقد صدر باللغة الفارسية لمؤلفه المرحوم الشيخ محمد صاحب (مجلة الغري) التي كانت تصدر في النجف باللغة الفارسية قبل الحرب نجل العلامة المرحوم الشيخ إسماعيل المحلاتي والجزءان جامعان لعدة مسائل متفرقة. وأكثرهما حوى نكتا لطيفة وفوائد ظريفة طبعا سنة 1341هـ فجاء كل جزء في 142ص) وقد جددت طبعهما المطبعة وأعادته مرة ثانية سنة 1345 والفرس يتهافتون على اقتنائه تهافت الفراش على النار. 13 - نفحات الإعجاز كتب على ظهر الكتاب أن مؤلفه العلوي الخوئي والذي نعلمه أن الخوئي لا يجيد اللغة العربية حتى استطاع أن يكتب فيها هذا الكتاب لكن المشهور أنه لصاحب الهدى المتستر حفظه الله وهو رد على كتاب اسمه (حسن الإيجاز) تعرض به للقرآن الكريم والكتاب طبع سنة 1342هـ فجاء في (50 ص) متوسطة وطبعه جيد. 14 - الشعر المقبول في رثاء الرسول وآل الرسول صدر الجزء الأول من هذا الديوان لناظم عقده الشيخ قاسم الشيخ حسن محيي الدين وهو نجفي المولد والموطن عاملي الأصل وأسرة آل محيي الدين تعد من الأسر النجفية لا العاملية وقد وجدنا في هذا الديوان سرقات شعرية كثيرة من ديوان السيد صالح القزويني البغدادي المتوفى سنة 1293هـ كان الأولى أن يشير إليها الناظم لئلا يقع في هذه الورطة من الانتقاد وقد جمع فيه عدة قصائد ومراثي في النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته وأصحابهم وطبع سنة 1342هـ طبعا حسنا على ورق جيد في 120 ص وصدر الديوان بمقطوعتين لشاعرين

نجفيين مقرظين بهما عليه إحداهما للشيخ عبد الحسين الحياوي المتوفى سنة 1345هـ ومطلعها: عقبى أمري أني أحشر ... وأرى عملي خيرا أو شر وثانيهما للشيخ محمد رضا الشبيبي، ومطلعها: يا قاسم يا بن أبي جامع ... يا ناظم الأشعار مرويه 15 - هدية المتقدين إلى شريعة سيد المرسلين هذا الكتاب هو ملخص من كتاب (هداية الإمام) للعلامة المرحوم الشيخ محمد حسين الكاظمي المتوفى سنة 1308هـ و (هدى المتقين) رسالة عملية تأليف الشيخ هادي كاشف الغطاء وهي في (العبادات) وطبع سنة 1342هـ فجاء في زهاء 340 ص وقد حشي غلافه بالألقاب الضخمة والأسجاع الباردة. 16 - فتح الباب إلى الحق والصواب مؤلف هذا الكتاب الميرزا محمد الأخباري صاحب كتاب (الرجال) المتوفى سنة 1232هـ وقد جمع مسائل متفرقة بعضها مفيدة وبعضها مضرة في نظر الأصوليين غير مقبولة عندهم وطب على نفقة الشيخ سالم آل خيون رئيس بني أسد سنة 1342 فجاء في 170 ص متوسطة وفيه من الأغلاط ما الله بها عليم. 17 - شرح ألفية ابن مالك قد اشتهرت ألفية ابن مالك في النحو والصرف اشتهارا عظيما ولذلك شرحت عدة شروح وأحسنها شرح ابن الناظم (بدر الدين) إذ هو أعرف من غيره بمقاصد أبيه ومناحيه ولما قلت نسخها من طبع بيروت وكادت تفقد جدد السيد محمد العاملي الكتبي في النجف طبعها سنة 1342هـ وهي كالنسخة البيروتية ما عدا تشكيل النظم وقد أسا بذلك الناشر أي إساءة لإهماله تشكيلها وتعريبها وتصحيحها على الدقة كما يطلب ويرام. 18 - مصادر الأنوار مؤلف هذا الكتاب جمال الدين أبي أحمد الميرزا محمد الأخباري وعدد صفحاته 319 وهو في تحقيق الاجتهاد والأخبار وصاحبه أخباري كما ذكرنا عن كتابه المتقدم ذكره (فتح الباب) بمعنى أنه لا يعمل بالاجتهاد بل بالأخبار والحديث وهو

من الكتب التي يحسن الاطلاع على ورقه وطبعه وجدول خطئه وصوابه وقع في عدة صفحات طبع سنة 1342هـ 19 - اللؤلؤ المنثور في رثاء النبي وآله البدور يحتوي هذا الكتاب على قصائد باللغة العامية للشاعر العامي الشيخ باقر ابن الشيخ حبيب الحلي طبع سنة 1342هـ فجاء في 64 ص وقد قرظه على غلافه الحاج مجيد الحلي بقوله: هذا كتاب سمي ... باللؤلؤ المنثور فيه رثاء المصطفى ... وآله البدور لباقر يرجو به العت ... ق من السعير والفوز في يوم الجزا ... بالحور والقصور 20 - وسيلة النجاة في العبادات والمعاملات طبع هذه الرسالة العملية سنة 1342هـ فجاءت في 176 ص وهي للشيخ ميرزا حسين النائيني أحد مشاهير العلماء وقد كتب على ظهره من الألقاب الضخمة ما يمجها السمع وينفر منها الطبع. 21 - الشهاب الثاقب طبعت هذه (المنظومة) قبل 15 عاما في إيران طبعا مغلطا بدون شرح ولما نفدت نسخها عني الشيخ محسن الجواهري بشرحها وطبعها طبعا جيدا سنة 1342هـ على نفقة بعض التجار فجاءت في 89 ص متوسطة وفي آخرها بعض التقاريظ لبعض شعراء النجف المتوفين. أما المنظومة فهي لناظمها السيد محمد باقر الحجة الطباطبائي الحسني الذي ولد سنة 1272هـ وتوفي سنة 1331هـ 22 - ملحقات وسيلة الدارين هي مجموعة تتضمن كلها قصائد شعرية رثائية باللغة العامية يصف الشعراء العاميون فيها واقعة الطف طبع سنة 1342هـ طبعا حسنا على ورق جيد صقيل على نفقة السيد محمد العاملي الكتبي فجاءت في 88 ص وليست القصائد جميعها لواحد بل هي لفريق من مشاهير شعراء اللغة العامية النجفيين وبعضهم من جمع بين (الفصحى والعامية) كالسيد باقر الهندي والسيد ميرزا الحلي وعبود

غفلة والشيخ جوا انواس والشيخ محمود سبتي وعبد الرضا الحجار، وقد أهمل هؤلاء الشعراء تصحيح قصائدهم قبل النشر فجاءت فيها تحريفات وزيادة حروف حين الطبع فشوهتها وهذه المجموعة ملحقة (بوسيلة الدارين) المجموعة العشرية الصادرة باللغة العامية والمنشورة سنة 1339 في مطبعة غير هذه المطبعة وتتضمن أيضا عدة قصائد في الشعر العامي لمشاهير شعراء النجف المعروفين بالقريض كالشيخ كاظم سبتي المتوفى سنة 1341هـ والشيخ محمد نصار المتوفى سنة 1212 والشيخ محمد حسن سميسم المتوفى سنة 1343هـ والشيخ حسن سبتي وغيرهم. 23 - الجزء الثالث من وسيلة الدارين يشتمل هذا الجزء على جميع شعر الشيخ علي بازي النجفي في اللغة العامية ويظهر على أكثر شعر هذا الجزء الركاكة ما عدا قصيدتين وكل ما فيه من القصائد هو في رثاء الإمام الحسين (ع) طبع سنة 1342هـ فجاء في 124 صفحة متوسطة. 24 - جريدة النجف أنشئت جريدة النجف سنة 1323هـ وكان مديرها المسؤول ورئيس تحريرها يوسف أفندي رجيب وهي جريدة أدبية اجتماعية انتقادية كانت تصدر مرة في الأسبوع وقتيا وكنت آزرها كثيرا ونشرت فيها عدة مقالات مهمة في الأدب والأخلاق وأول عدد صدر منها كان في يوم الجمعة 23 رمضان سنة 1343هـ 17 نيسان 1925م وعاشت سنتين وكانت تطبع بالمطبعة العلوية وقد أوقفها صاحبها لأسباب مادية في 23 من المحرم الحرام سنة 1346هـ 23 تموز سنة 1927م بعد أن أصدر عددا ممتازا وانتقل إلى بغداد فعين محررا في جريدة (النهضة العراقية) الحالية، وقد ثقفت جريدة النجف كثيرا من شبان مدينتنا الذين طمحوا إلى التجدد ونشرت شيئا كثيرا من بنات أفكارهم من نظم ونثر، والبلاد اليوم بحاجة ماسة إلى صحافة راقية فيها لتظهر للملأ قلمها العلمي والأدبي وفضلها على النهضة العراقية الفنية والسياسية. لها بقية. النجف: عبد المولى الطريخي

اللباب ورباعيات الخيام

اللباب ورباعيات الخيام في نظر المستشرقين نشر العلامة المستشرق الكبير الألماني الأستاذ: ج. كامبفماير مقالة في مجلة (أخبار مدرسة اللغات الشرقية في برلين) السنة 31 (القسم الثاني - مباحث عن آسية الغربية) طبعة خاصة - برلين سنة 1928 بالمطبعة الانبراطورية - يذكر فيها رأيه في اللباب ورباعيات الخيام للأستاذ الفيلسوف الزهاوي. معرض الأفكار الشرقية 1 - اللباب - (وهو المختار مما قرضه جميل صدقي الزهاوي من الشعر في أدوار حياته) - يصعب علي أن أقدم هذا الديوان الجديد للشاعر جميل صدقي الزهاوي إلى القارئ بأحسن مما قدمه المؤلف نفسه وذلك في المقدمة التي أورد في ما يلي ترجمتها بتمامها (هنا المقدمة من أولها إلى آخرها مترجمة إلى الألمانية مع ترجمة الأبيات التالية نظما): لقد أظهرت مقتا لها عند نقدها ... لشعري ناس كان يمقتها شعري ولست أبالي بالذين يرونه ... بعيدا عن المألوف من صور الفكر وما كنت في شعري لغير مقلدا ... وما أبعد التقليد عن شاعر حر تصوره عقلي وأبرز لونه ... خيالي إلى حد وجاش به صدري يجد القارئ نموذجا من شعر الزهاوي في الأبيات المدمجة في متن المقدمة وفي مرثية سعد زغلول باشا التي أثبتناها في ص 122 (ف). إن الطريق الجديدة التي ينتهجها الشاعر وبلاغته التي تزينها البساطة والوضوح لمما يطبع في نفوسنا نحن معشر الغربيين أثرا بليغا جديرا بالاحترام والإعجاب. وإن ذلك النفر القليل في الشرق الذي يستهل الشاعر المقدمة بالتنويه بذكره لفي نمو مستمر وفضلا عن ذلك فإن شعر الزهاوي أينما حل ترحب به الصحافة العربية بالتفات عظيم. ومما هو جدير بالإطراء في هذا الصدد - تجاه ما نقلناه في ص 172

عن رأي الأب اليسوعي لويس شيخو - إن الزهاوي (كشاعر مسلم كما يذكر شيخو) هو الذي ترأس اللجنة التي هيأت الاحتفال بعيد يوبيل الأستاذ الأب أنستاس ماري الكرملي في خريف 1928. رباعيات الخيام (ترجمها عن الفارسية نثرا ونظما جميل صدقي الزهاوي) يورد الزهاوي في هذا الكتيب برهانا ثانيا جديرا بكل اعتبار عن الطريق الجديد الذي يسير عليه. إن رباعيات الخيام لم ينقل منها إلى العربية إلى يومنا هذا إلا القسم القليل؛ بعضها مترجم عن الإنكليزية ففقد الأصل روعته إذ أفرغ في قالب غير قالبه فضاع فيه معناه والبعض الآخر وإن كان مأخوذا مباشرة عن الفارسية إلا أنه - كما شعر الزهاوي - لم يؤد ذلك الجمال الرائع وتلك الأنغام الشعرية التي امتازت بها الرباعيات. أخذ الزهاوي على عهدته القيام بهذا العمل فأتقنه بأسلوب من شأنه أن يمهد لأبناء العربية التقرب من نفسية الشاعر الفارسي ودخائلها وحقا أنه لقد أجاد كل الإجادة في ذلك. أورد الزهاوي رباعيات الخيام - ليس كلها بل 130 رباعية انتقاها لجمالها ولأنها تنم على فلسفته في الحياة ومسلكه في الاجتماع - بالأصل الفارسي أولا ثم مترجمة إلى العربية نثرا ونظما بصورة صحيحة متقنة وفي نهاية المقدمة التي تشيد بذكر الشاعر الفارسي ورباعياته - يلهج الزهاوي بالثناء على ملك العراق الجليل فيصل ركن النهضة العربية ويختمها بالعبارة التالية التي تنم على الآمال التي يضمرها هو وأبناء شعبه لتحقيق تلك الأماني: (حقق الله به آمال الأمة العراقية وسهل لها أن تتقدم في ظل عرشه الوارف حتى تعيد مجدها الغابر ومنزلتها الرفيعة بين الأمم وجعل للأدب العربي في أيام شوكته دولة تضاهي في رفعتها دولة الأدب في الغرب فتزهر في العراق الآثار الثمينة بتنشيطه وتبقى خالدة في طيات الدهر ترتلها الأجيال المقبلة مقرونة إلى اسمه العظيم) فنحن نسدي إلى فيلسوف الشعراء التهنئة على فوزه الأدبي المبين هذا لأنه جاءه بشيء جديد في عالم الأدب الشرقي لم يسبقه إليه أحد. ج. كامبفماير

صدى اليوبيل

صدى اليوبيل حضرة الأب انستاس الجزيل الاحترام: ناخ لساني في ساقته عن تمثيل اختيال نفسي تيهاً واعتزازاً بما انهال على مواهبكم العلمية من الثناء الخالد في يومكم اليوبيلي الزاهر الذي حفل به المتأدبون وأرباب الفضل والألمعية، تقديرا للمؤونة الشاقة التي عانيتموها بأرصادكم كل مطامعكم النفيسة لما طالما حامت عليه أماني الخاصة من الجهابذة وتخاذلت عن خواطرهم. من مزاولة أخشن المباحث اللغوية مركبا، وأبعدها مطلبا وأخفاها مدبا. قصد تعهد بزتها وسائر ما ترفل به من متبرجاتها بالإحياء والتجديد، حتى استبطنتم من آثار متشوفات الحقائق، ما يعد في حد الخوارق، على ما ألمعت إليه في خطابي السابق؛ ليشف ذلك عن ترنح وجداناتي الخفية، بنشوة هذه النهضة العلمية العراقية! وإلا فإن محاولتي الإيماء إلى ما أدركني من مثل هذه الحال على ذلك الأثر، أتخيلها كافية لتنم لكم عن العوامل الخلابة التي بدهت بها نفسي لدى إطلاقي لرائد طرفي، التبسط في مناحي ما اكتظ به الجزء الأول من السنة السابعة من مجلتكم المتيمة، (وهو الجزء الذي سيخلد لعراقنا ذكرى هذه المأثرة الجلى) من تصوير محيا ذلك الحفل الحافل، وشأوه من الترتيب والنظام البالغ، وما أجلى علينا من مجالي غرر التقاريظ المنثورة والمنظومة ذات الصناعة الرشيقة، والفرائد المختارة المتناسقة، التي تدفق سيل طلاوتها في ذلك المرج الأدبي النضير، مرج هيفائنا اليعربية من تفضح في حسنها بد السماء المنيرة من مناضح القرائح التي تضافرت من كبد العراق، وعيون الآفاق من مشارقة ومستشرقين، حول المغالاة والاحتفاء بمن قد استهواه جمالها واستأسره

دلالها وجلالها؛ إذ لم يكن من عاقبة شأنه وإياها إلا أن أفضت إليه بمقاليد كنوزها وكاشفته بأسرار نشوئها وتحليل آثارها ورموزها؛ فطفق يبسط لعين الفكر من بدائهها، ما لا تكاد تبصره عين الحس من مرتجلاتها ومطارفها. حتى أضاء علينا من أنوار تفننه بأساليبها اللفظية والمعنوية الفذة، ما وجدنا على ذلك الضياء أنوار الهدى؛ ولا سيما في منبلج صبح هذا الدور الذي فيه ذر قرن الغزالة العربية على أهم أقطارها التاريخية، وخصوصا عاصمتنا الأثيلة العباسية بعد أن توالت عليها مدلهمات الطوراق، فتركتها متسكعة في ظلام غير مفارق استمر قرونا غير يسيرة لا يكاد يرى فيه ضوء الشفق العلمي البارق. وذلك - ولا جرم - أنطق دليل بأن عنصر سلالتها الممتازة بطيب محتدها المتفردة بمحاسن أخلاقها وصفاتها وبديع تكوينها، إذ أجمع الباحثون في الطبائع على أن لا ند لها في جميع الأجيال البشرية؛ لم يفنأ متسلسلا في دماء أعقابها، يستفزهم للإتمام بمعالم حضارتهم المقطعة الأوصال والنياط ويستحثهم لأن يقطعوا في الكر عليها أضعاف ما قطع الأسلاف في سبيلها من الأشواط. بل إن ما زاد الاحتفال إجلالا وإكبارا فرن صداه في صدور الأندية إعجابا واستبشارا؛ انتداب فخامة رئيس الوزراء آيته الغراء، للاضطلاع بأعباء هذا الحفل وتأليفه في باحة داره الغناء؛ وهل من عجب أن غدت هذه الباحة؛ باحة إلى الفصاحة لأن الشيء لا يستغرب من معدنه. على أنه حري بي ههنا أن أجتزئ عما توخيت بيانه من الكلام - في موضوع هذا الاحتفال وما ينجم عنه من المؤثرات المعنوية. والمقومات الأدبية - بالإلماع إلى الأمر الخطير الذي استشف من غضون ترجمتكم لدى تفصيلها لنا تعداد ما وفقتم لوضعه من التآليف النفيسة المختلفة المواضيع. وما يتخلل بعضها من المباحث المبتكرة التي لم يسبقكم إليها مسابق. ولم يمر طيفها بمخيلة عالم محقق

فجاءت مؤيدة لما أقره عالم العلم والأدب من سمو فضائلكم في المراتب العلمية وبعد غوركم في البحث فيها قصد استبطان دقائق مغيباتها. فعسى أن تدب روح (الحمية العربية الحقة) في بعض ذويه فتتألف منهم جمعية وطنية تهتم بإبراز مكنونات هذه الدرر السنية من وراء سجفها توسيعا لنطاق العلم وتعميما للنفع، وذلك اقتداء بالأمم التي لاحت شمس العلم لامعة في كبد سمائها، فتفشت عوامل الحياة الحقيقية في أوطانها فأثرت في بنائها وأخلاقها وطباعها وعوائدها لاستمرار فعلها وثبوت أثرها فيها بحيث أمست لا تكاد توقع ظهور مصنف نافع إلا تضافرت متنافسة على عقد الاتفاقات مع مؤلفه على طبعه فيتهافت القوم على اقتنائه، وتتبارى الصحف والمجلات في نشر ألوية الإطراء على ما ضم من جلائل الأغراض بين دفتيه؛ إذ هي إنما تخدم بذلك نفسها أولا وبالتالي تكون ذريعة إلى إضرام نار التفاضل في صدور علمائها للإقدام على موالاة الأكباب على التآليف الرافعة لشأن العلوم، والمنيرة لقوى النفوس؛ وإلا فما أخلق وأبر بحكومتنا الحكيمة التي لم يبق من لم يشعر بدبيب عناصر الحياة الفتية في كيانها على أثر تضافرها على ضرب أطناب العلم والمعارف في أنحاء القطر كافة، وتوفرها على الدأب في تنظيم خطة شؤونها على مثال الحكومات المتمدنة توصلا إلى الإتقان والكمال، من أن تنشط بنفسها لمبادرة هذا المطلب الحيوي المحض بالإنفاق عليه من أموال البلاد (إلى أجل) بما يتسنى لها رده على خزينة البلاد شيئاً فشيئا، وذلك تعزيزاً لأقطابها في عيون الأوطان وسائر البلاد، لما أن هذه التآليف القيمة لم تكن في شيء من مزيد المؤلفات المتناولة بالنقل والانتحال، بل هي ثمرة الإخلاد والانقطاع إلى المطالعة واستقراء دواوين علوم وآداب الألسنة وأسفار التواريخ على تفاوت موضوعاتها وما يليها من متفرقات سائر العلوم والفنون جليلها ودقيقها وتمحيص حقائقها من مشتبهاتها وإقرار كل فرع منها في نصابه. وبديه أن هذا مما لا يستعان على إدراكه إلا بترشيح السجية له منذ أول أدوار حياة الإنسان الأدبية فينشأ عليه ويعتاده وينمو فيه بنموه حتى تنفعل به المواد المركب منها جسمه فيصبح كأنه قد فطر عليه ما هو شأن سائر الملكات المكتسبة للنفس، وهذا أيضا مما لا يتم إلا على تمادي الزمن وتطاول

الاجتهاد، وإفناء أشعة الأبصار بالسهاد. وعلى ذلك فإنني لم يبق لي التوسع في هذا الشأن الذي هو ولا ريب رأس شؤون الممالك التي بزغ عليها فجر التمدن العصري إلا من باب تحصيل الحاصل، لما يتخيل للخاطر من أن حكومتنا العزيزة الناهضة لمحاولة (الطفرة) تعمل لا محالة على الأخذ بمثل هذه الذرائع التي ترتفع بها مكانتها بين سائر الحكومات اليقظة النافذة الشوكة. الثابتة السطوة، ربة البصائر الضاربة في مذاهب العلم والاختراع إلى ما وراء المدارك العقلية؛ بل إنها بهذا (تؤيد) ما أجهرت به في مستهل تأسيس عرشها، من تأهبها لاستعادة عصور عز بلادنا وحضارتها المندرسة، ألا وهي تلك الحضارة العباسية الوهاجة التي تقلصت أشع سناها عن ربوعنا الشرقية، فكان الغرب مجتمع أنوارها، فاستصبحت أممه بتلك الأنوار فدهشت العقول والإفهام بما كان من وراء انبثاقها من المكشوفات والاستنباطات التي تفوت الحصر لما بذل القوم من الجهد والمثابرة في البلوغ إلى كل ما يتمثل للذهن ويمر في الخاطر من الغايات التي قد تظهر لطالبها في حد المستحيلات مما نهض بهم إلى أسمى ذرا الفخر وعلى أثره أخذ يعمل العاملون، غير أن الخواطر إذا طمحت إلى استطلاع منشأ المؤثرات التي حملت في بادي الرأي أنصار هذه المدنية على التنبه لبث طلائعها بين ظهرانيهم، لم يكن لها محيد عن ضرورة الحكم بأن مصدره لم يكن إلا التقليد والانتحال تحديا بما يؤثر عن المأمون الخليفة العباسي من أنه لما تراءى لعين حكمته أن قوام كل مملكة برجالها، ولا رجال إلا بالعلم، لأنه هو الذي يرهف أذهانها في سداد، ويقوم خطاها في رشاد، ويكسبها من صفات الرجولية ما يؤهلها في سداد، ويقوم خطاها في رشاد، ويكسبها من صفات الرجولية ما يؤهلها لأن تكون أمة حية ذات بأس ونجدة تستطيع الدفاع عن نفسها في معترك الحياة صيانة لاستقلالها، وذودوا عن حوزتها، - ما عتم أن هب هارعا إلى إبراز هذه الفكرة من حيز القوة إلى عالم الفعل، فشد لها مئزر الإخلاص واندفع بعوامل قلما يحلم الدهر بمثلها إذ جمع أهم الطوائف العزيزة القدر من كتب اليونانيين والكلدان والفرس في الطب والحكمة والعلوم

الطبية والرياضية وغيرها وعهد بترجمتها لها قوم من النساطرة الذين استدعاهم من أصقاعهم لهذه الغاية، لأنه لم يكن إذ ذاك في الأمة من يضطلع باستخراج هذه الكتب إلى العربية، وأفرد لهم مكانا في بلاطه ووزع تلك الأعمال بينهم على ما يحسنه كل فريق منهم إلى آخر الحكاية المروية في موطنها من كتب الأخبار. إلا أن حكومتنا النبيهة هي اليوم في غنى عن القيام بمثل هذه الشؤون الشاقة لأنها كلها ميسرة ومعدة لها بلا تكلف ولا تعمل، ولم يبق لها إلا أن تقضي بما حتمت به على ما قدمناه قريبا. فهذا الحتم يدعوها اليوم إلى الاعتداد والنزوع إلى ما نحن بصدده ليستتب نفعه وتتحقق ثمرته. ولا يخفى ما يترتب على ذلك من الاعتبارات السنية في نظر المدنية العصرية وفي نظر التاريخ الذي سيسجل بمداد الفخر هذه المأثرة لحكومة البلاد على حد تسجيله المأثرة المأمونية الآنفة الذكر، فسيسفر الأمر عن حقيقة توثق صلة القطر العزيز بين زمنه الحاضر، وتاريخه الغابر، والله سبحانه ولي الإعانة والتوفيق. مرسيلية في 8 شباط 1929: (ي. م.) حذف (من) بعد أفعل التفضيل قال الجوهري في باب (كبر) من مختار الصحاح (لا تقول هذا رجل أكبر حتى تصله بمن أو تدخل عليه الألف واللام) قلت يجوز حذف (من) بعد (أفعل) هي ومجرورها فتقول (هذا رجل عظيم وذلك رجل أعظم) و (أنت كبير ومحمد أكبر). قال أبو العباس في كامله (ج 2 ص 233) حول تفسير قوله تعالى (يعلم السر وأخفى) ما نصه (وتقديره في العربية: وأخفى منه. والعرب تحذف مثل هذا فيقول القائل (مررت بالفيل أو أعظم) و (إنه لكالبقة أو أصغر) ولذلك جعل لقول الفرزدق: إن الذي سمك السماء بنى لنا ... بيتا دعائمه أعز وأطول وجهين أحدهما أنه أراد (بيتا دعائمه أعز وأطول من بيتك يا من أخاطبه. وهذا لعمر الفصاحة خير من تكلف النحويين أن معناه (عزيزة طويلة) لغرابته وطعنه القياس في صميم فؤاد. مصطفى جواد

فوائد لغوية

فوائد لغوية عثرات إبراهيم اليازجي وجرجي جنن البولسي في مغالط الكتاب ومناهج الصواب 21 - وقال في ص 50 ناقلا عن اليازجي (تقول: تراوح الرجلان العمل: تعاقباه) قلت: يقال: عاقبه في العمل فتعاقبا فيه أي تتابعا واليازجي قد عداه بنفسه فالصواب أن يقال: (تراوح الرجلان العمل: تعاقبا فيه أو عليه) وإذا قال معترض إن هذا من باب حذف حرف الجر وتعدية الفعل بنفسه قلنا ذلك سماعي ولا يطرد إلا قبل (أن) وإن استثقالا للنطق بحرف الجر واستسهالاً للتعبير. 22 - وقال في ص 48 ناقلاً عن اليازجي (غلط: رغب الشيء وشيء مرغوب. صوابه: رغب في الشيء - أراده وأحبه. وشيء مرغوب فيه) قلت: قد استبان لي أن اليازجي لم يطالع كثيرا من كتب اللغة لأن تعدية (رغب) بنفسه قد ذكرها العلماء ولا حق لليازجي في تخطئة من عداه بنفسه ففي المصباح المنير (رغبت في الشيء ورغبته يتعدى بنفسه أيضا إذا أردته) فالشيء إذن (مرغوب). وقد كان الواجب على اليازجي أن يقول (الفصيح: رغب في الشيء) لأن تعديته بنفسه قد اقتبسها العلماء من قوله تعالى: (وفي يتامى النساء اللاتي لا تؤتوهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن) غير عالمين أن حرف الجر قد حذف وفي الآية دليل على أنه (عن) والدليل قرينة متقدمة. 23 - وغلط اليازجب في ص 49 من قال (هذا من أسباب حضارة الأمم ورفاها) محتجا بأن الصواب (الرقي والأحسن الترقي أو الارتقاء) قلت إن القائل (رقى الأمم) مصيب كل الإصابة لأن الرقي جمع (رقية) بكسر الراء وهي مصدر الهيئة للفعل (رقى) و (فعلة) بكسر فسكون ففتح تجمع قياسا

على (فعل) كعنب مثل (لحية ولحى) و (حلية وحلى) و (جزية وجزى) و (بنية وبنى) و (كسرة وكسر) و (قصدة وقصد) و (قطعة وقطع) وما لا يستقصى. 24 - وقال في ص 47 نقلا عن اليازجي (غلط: فعل هذا بغير رضائي صوابه: رضاي - اختياري) ثم احتج بأن (راضاه رضاءا ومراضاة - طلب رضاه وتوخاه) قلت: هذا النقد من غريب نقد اليازجي فإن دليله ينقض نقده وذلك أنه فسر (راضاه) (طلب رضاه) فكيف يخطأ من يقول (فعل هذا بغير أن يطلب رضاي أي من دون موافقتي؟) والذي استدرج اليازجي إلى هذا الخطأ إضافة المصدر إلى الياء إذ حسب أنه مضاف إلى فاعله. على أنه مضاف إلى مفعوله. والتقدير (بغير مراضاته إياي) فلك أن تقول (فعل هذا بغير ترضيتي) والتقدير (بغير ترضيته إياي) فلما حذف ضمير الفاعل حل محله ضمير المفعول متصلا. 25 - وقال في ص 47 ناقلا عن اليازجي (رشاه يرشوه رشوا - أعطاه الرشوة ج رشى) ثم قال (غلط ارشاه) قلت ليست دعواه في شيء من الصواب لأنه يغلط من دون أن يستقصي البحث ففي مختار الصحاح (واسترشى في حكمه طلب الرشوة عليه. وأرشاه: أعطاه الرشوة) فهذا نص صريح فصيح وما اليازجي إلا مخطئ. ولعل معترضا يقول: قد يكون هذا ثلاثيا. فأقول له (إنه ذكر قبل هذا (وقد رشاه من باب عدا) فلا موضع للالتباس ولا موطن للاشتباه. فقوله دليل ناطق ولو لم يذكره غيره. 26 - قال في باب (رشا): ما يعطيه الرجل للحاكم ليحكم له. فعدي (يعطي) إلى مفعوله الثاني بلام التقوية وليس ذلك صوابا لأن هذا الفعل متعد بنفسه إلى مفعوليه ولأن لام التقوية لا تطرد في معمول الفعل دائماً بل في معمول اسم الفاعل واسم المفعول والمصدر. 27 - وقال الأبد جورج جنن في ص 46 (غلط: مربي السفرجل. صوابه: مربب السفرجل وهو المعمول بالرب) قلت إن الأب مثل اليازجي في التخطئة السريعة التي تسوق الإنسان إلى الاستجهال مع أنه جاهل لما استجهل غيره من أجله. قال في مختار الصحاح (والرب: الطلاء الخاثر، وزنجبيل

مربب معمول بالرب كالمعسل ما عمل بالعسل ومربى أيضا من التربية) فما الفرق بين أن يقول القائل (وزنجبيل مربى) و (مربى السفرجل) من حيث معنى (مربى) فالأب مخطئ للصواب في ما اعتمد عليه فكره والدليل قد أقر بذلك. 28 - وقال في ص 45 ناقلا عن اليازجي (لأن النظر هنا يدل على الفحص والتدبر بخلاف الرؤية التي لا تكون إلا بالعين) قلت إن اختصاص اليازجي الرؤية بالعين مرغوب عنه لأن الرؤية تكون بالعين والعقل الذين سموه من قبل (قلبا) وقد نص على ذلك القاموس. 29 - وقال الأب جروجي جنن نفسه في ص 43 (غلط: ذريت الملح، صوابه: ذررت الملح) ثم قال (وأما ذرى (بالتشديد) فيستعمل للحنطة والتراب ونحوه) ولكنه وقع في السطر الثاني في الخطأ نفسه فقد قال (وذررت أنا الحنطة: أطرتها قليلا في الهواء بالمذرى لكي أنقيها من التبن) وذلك باستعماله (ذر) للحنطة مع إرشاده الناس إلى أن الصواب (ذريت الحنطة) وهذا هو العلم المتكلف. 30 - وقال الأب أيضاً في الصفحة بعينها (غلط: ابنه بالذخيرة صوابه ابنه بالتبني فالابن متبنى ومتخذ ابنا. والأب كفيله لأنه يكفله ويعوله ويقوم بأمره) وقد غلط الأب غلطين أولهما قوله (كفيله) والصواب أن يقول (كافله) لأن الكفيل هو الضامن في الدين وفي ما أشبهه. أما الكافل فهو الذي يكفل إنساناً أي يربيه ويعوله ومنه قوله تعالى عن مريم عليها السلام (وكفلها زكريا) والكفيل من (كفل به) والغلط الآخر قوله (متبنى ومتخذ ابنا) بوضع الواو مع أن معنى الجملتين واحد فالصواب (أي متخذ. . .) 31 - وقال في ص 40 ناقلا عن اليازجي (غلط: أدليت الأحكام إليه صوابه أسندت إليه ولم يسمع استعمال (أدلى) بهذا المعنى) قلت إن ذلك عجيب لأن العرب إن كانوا لم يستعلموا (أدلى) بهذا المعنى فإنهم لم يغلقوا أمامنا باب الاستعارة ولا باب الكناية ولا غيرهما من الأبواب المباح دخولها. فقد استعيرت البئر للرجل واستعير الماء العذب للحق واستعيرت الدلو للأحكام فهي تمتلئ من الحق وتعود بأدنا مكتظة ليرتوي طلاب الحق منها. له بقية مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة مؤلف مشكل إعراب القرآن وردت كلمة في لغة العرب (175: 7) تتعلق بفهرست خزانة خراسان المنشور في (664: 6) تفيد أن نسبة كتاب (مشكل إعراب القرآن) لمكي بن أبي طالب القيسي خطأ والصواب أنه للإمام عبد القاهر الجرجاني مؤلف كتاب دلائل الإعجاز وكتاب أسرار البلاغة ولم يأت القائل بدليل الخطأ. والصواب كما اخترناه أن الكتاب لأبي محمد مكي بن أبي طالب لأسباب منها: إن ابن خلكان عده من مصنفات مكي بن أبي طالب وهذا نصه في الجزء 2 ص 243 طبع إيران: (له كتاب مشكل غريب القرآن ثلاثة أجزاء). ومنها قول الإمام السيوطي في الجزء الأول ص 180 من الإتقان وهذا نصه: (النوع الحادي والأربعون في معرفة إعرابه أفرده بالتصنيف خلائق منهم مكي وكتابه في المشكل خاصة والحوفي وهو أوضحها وأبو البقاء العكبري وهو أشهرها والسمين وهو أجلها على ما فيه من حشو وتطويل. ومنها أن صاحب المقال ذكر أول الكتاب بنصه وهو يخالف نص أول كتاب مكي فإن أوله بعد ذكر اسم المصنف على عادة القدماء والحمد والثناء: (فإني رأيت افضل علم صرفت إليه الهمم) وآخر النسخة: (فلما استحال المعنى حملته على العطف على الوسواس). أما أنه توفي سنة 467 فهو خطأ وصوابه كما ذكرناه في الفهرست واختاره ابن خلكان أنه توفي سنة سبع وثلاثين وأربعمائة 437 بقرطبة. إلا أنه وقع في الفهرست غلط طبع واشتبه رقم 3 ب 2 والشيخ الكاتب اعتمد على مذكرته أكثر من اعتماده على مفكرته. وكان يحسن به أن يحكم بالخطأ بعد التأمل وإنعام النظر فيه وقد نبهنا على

ذلك ليعلم أن النقد يحتاج قبل كل شيء إلى التدبر والإحاطة والفكر العميق. وإلا فأهل العلم يعلمون أن الكتاب لمكي بن أبي طالب. وفي الختام أني معترف بالقصور والنسيان كما هو شأن الإنسان. زنجان: أبو عبد الله الزنجاني نظرة في نادر شاه بينما كنت ممعنا نظري (؟ كذا) ومسرحا رائد فكري في المقال المنشور ص 379 تحت عنوان (صفحة منسية من تاريخ نادر شاه) إذ وجدت غلطا ظاهرا واشتباها غريبا وبادرت لتصحيحه (؟ كذا) وإليك بيانه: قال الناشر: (عثرت على نبذة تاريخية كتبها بتلك اللغة أحد نصارى كركوك المعاصرين لطهماز قلي خان، المشهور بنادر شاه). فأقول لم ينص أحد من المؤرخين للدول التي تعاقبت على حكم إيران والعراق (إن نادر شاه الإفشاري الذي ولد سنة 1687م وقتل سنة 1747م كان يلقب (بطهماز قلي خان) (؟ كذا) وهذا اللقب مختص بالملوك الصفوية) (؟ كذا). وقد سمي به بعضهم ولقب به منهم آخرون، وأول ملك منهم سمي بهذا الاسم (الشاه طهماسب بن إسماعيل الذي ولد سنة 905 وجلس على أريكة الملك سنة 930 وكانت مدة ملكه 54 وتوفى سنة 984هـ والشاه طهماسب الثاني بن الشاه حسين وهو الملك العاشر (؟ كذا) من (الدولة الصفوية) ولد سنة 1103هـ وملك سنة 1135هـ وكانت مدة ملكه 10 سنوات (؟ كذا) حتى انتزع الملوكية منه (نادر شاه) الافشاري الذي ولد من أصل وضيع في بلاد خراسان (كذا) وكان معدودا من ملوك الفرس الناهضين، وكان كثير الشبه (برضا على الشاه البهلوي الحالي) أي بتوليه الملك وأعملاه الجسام (؟ كذا). وكان (نادر شاه) يلقب قبل السلطنة (بنادر قلي افشاري) كما هو المشهور عند كثير من المؤرخين المشرقين (؟ كذا) والمستشرقين (؟ كذا) لا كما يقول الناشر (ملهماز قلي) (؟ كذا) ولنادر شاه في العراق عدة مآثر خصوصا في (؟ كذا) (النجف الأشرف) منها (الجوهرة الثمينة) الموجودة الآن في (الحضرة

العلوية) ومنها تذهيبه (للقبة العلوية) وتبليطه للمنارتين أيضا بالذهب الأبريز سنة 1155هـ وقد أرخه الشاعر الشهير بعصره (السيد حسين مير رشيد الرضوي النجفي) بقوله من قصيدة يمدحه بها ويؤرخ عام البناء في ختامها: أمطلع الشمس قد راق النواظر أم ... نار الكليم بدت من جانب الطور أم قبة المرتضى الهادي بجانبها ... منارتا ذكر تقديس وتكبير وصدر إيوان عز راح منشرحا ... صدر الوجود به في حسن تصدير بشائر السعد أبدت من كتابتها ... آي الهدى ضمن تسطير وتحرير قد بان تذهيبها من أمر معتضد ... بالنصر للحق سامي القدر (منصور) وقال في ختامها: غوث البرايا شهنشاه الزمان علا ... (النادر) الملك مغوار المغاوير يا طالبا عام إبداء البناء لها ... أرخ تجلي لكم نور على نور 1155 النجف: عبد المولى الطريحي جوابنا لا نرى حاجة إلى إظهار ما في هذه النبذة من الأوهام اللغوية والتاريخية فأما أوهامه اللغوية فكقوله: ممعنا نظري والمشهور منعما نظري. وقوله: وبادرت لتصحيحه والصحيح إلى تصحيحه أو (لتصحيحه بادرت) بتقديم المعمول على العامل وهو المشهور. وقوله: طال المطال من الكلام الذي لا معنى له إلا أن إذا تكلف لتأويله. وقوله: خصوصا في النجف والصواب خصوصا النجف. وأما إنكاره اسم نادر شاه قبل اعتلائه عرش إيران باسم طهماز قلي خان فهو أشهر من أن يذكر وقد ذكره المشارقة والمغاربة والمستشرقون والمستعربون فليراجع السفر الجليل الذي صنفه أ. دي. زنباور - في ص261 و264 و275 و300 و304 و306 ير ما في نقده من الأوهام العديدة ليراجع كذلك معجم م. ن. بويه ص 326 فهو يسميه نادر شاه أو طهماسب قلي خان. وما كان في نيتنا أن ننشر هذه النظرة لكن أردنا أن نبين لحضرة الشيخ الجليل أن لا يتسرع في الرد على الكتاب ولا سيما على مثل الشيخ المجتهد أبي عبد الله الزنجاني والأبيل الفاضل نرسيس صائغيان فإنهما ليسا ممن تزل أقلامهم بسهولة،

ولهذا نطلب إلى حرة الصديق الطريحي وأمثاله أن يعذرونا عن نشر هذه الردود وأشباهها وكذلك النظرات أو الملاحظات أو ما ينطوي تحت أثناء هذه المرقعات. وأما الأغلاط التاريخية فقد أشرنا إليها بأداة الاستفهام فإنها لا توافق ما ذكره المحققون في هذا الصد فليراجع حضرته ما جاء في التاريخ المذكور ليرى المهاوي السحيقة القعر التي وقع فيها. وهكذا يقع من لم يقف على أحداث السنين. فقوله: (لم يلقب بطهماز قلي خان غير الملوك الصفوية) غريب فلا نعلم أنزل بذلك وحي من السماء أم نص عليه أحد كبار (لا صغار) المؤرخين. ثم أن المذكور في التاريخ أن طهماسب الأول (والعامة تقول طهماز) لم يلقب بقلي خان (راج تاريخ زنباور ص 261). والشاه طهماسب الثاني هو الملك الحادي عشر لا العاشر. وملك إحدى عشرة سنة لا عشر سنوات وخلع سنة 1144 لا سنة 1149 ولو خلع في هذه السنة على ما يقول الكاتب لكانت سنو ملكه 14 سنة لا 10 كما قال. ثم أن ملكه مدة 11 سنة ليس بقليل فلا يحق للمكاتب أن يقول: لم يطل على ملكه المطال (؟ كذا) وقال: ولد من أصل وضيع في بلاد خراسان والإنسان لا يولد في بلاد بل في بلدة أو قرية أو موطن من البلاد. إذن تعبيره خطأ والصواب أنه ولد في المشهد من أعمال خراسان. ثم في تشبيهه نادر شاه الأفشاري برضا خان بهلوي حط من قدر الشاه البهلوي العظيم الحالي لأن نادر شاه كان في أول أمره جمالا فقاطع طرق فقائد عصابة حتى صار ملكا فكيف يعارض بشاه بهلوي؟. وقال حضرته إن (نادر شاه كان يلقب قبل السلطنة (بنادر قلي أفشاري) كما هو المشهور عن كثير من المؤرخين المشرقين (كذا بمعنى المشرقيين أو المشارقة أو الشرقيين) والمستشرقين). فنرجو منه الآن أن يذكر لنا أسماء الشرقيين من المؤرخين لنعرف منزلتهم من التحقيق. واسما واحدا لا غير من المستشرقين لنعرف منزلة هذا الكاتب من وقوفه على ما يكتبه المستشرقون إخوانه وإلى أي قوم ينتمي. فلعل ذلك المستشرق هو من قبائل الزولو أو الهتنتوت أو قبائل الوحشيين في قلب أفريقية؟. أما ما قاله حضرته عن مآثر نادر شاه أو طهماسب قلي خان في العراق فهذا مما نسلم له به فقط ولا نزيد على هذا القدر.

حول مقالة (قبر ابن الجوزي) و (قصور الخليفة) إني من المعجبين بالبحاثة الجليل (يعقوب أفندي نعوم سركيس) المطرين له في غيبته إطراءا دونه إطراء الأخ لأخيه اللهم إلا عند مجادلية لأن ذلك يفسخ عزمهم ويدعوهم إلى القول بتحزبي بل ربما شجعتهم على نقده لتمحيص الحقائق وشحذ الأذهان. ومما يمتاز به البحاثة الفاضل أنه لا يقول إلا إذا استند أو اعتمد لا كما يفعل الطاشة من كتاب التاريخ من عدم ذكر المساند فكأن التاريخ أشعار تنظم وخيال يبتدع وكل ما ذكرت مما يدعني أتحرج في طلب الحقيقة لأن طالبها متأثم نزيه بلا خلاف ذكر صديقي الفاضل في لغة العرب (373: 7) ما كتبه الرحال ابن جبير عن (جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي) الحنبلي ليستدل به على موضع (دور الخلافة) أي قصور الخليفة مضيفاً إلى ذلك (كلمات) لشرح ما أبهم من الأسماء والمقاصد واضعا لها بين عضائد ونص الجميع (ثم شاهدنا. . . مجلس الشيخ. . . جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي بازاء داره على الشط بالجانب الشرقي و (الدار) في آخره (يعني في آخر الجانب الشرقي) على اتصال من قصور الخليفة و (هي أعني الدار) بمقربة من باب البصلية آخر أبواب الجانب الشرقي) اهـ فأقول: إن قوله (والدار) قبل قول ابن جبير (بالجانب الشرقي) مغلوط فيه وقوله (هي أعني الدار) قبل قول ابن جبير (بمقربة من باب البصلية) كذلك لأن الأخبار عن (مجلس الشيخ لا داره بل الوصف لمجلسه لا داره ألا يراه قد قال بلصق قوله المذكور (وهو يجلس به كل يوم سبت)؟ (فشاهدنا مجلس رجل. . .) وأضيف إلى ذلك قوله في ص 203 من الرحلة بمطبعة السعادة سنة (1226 - 1908) ما نصه (وحضرنا له مجلسا ثالثا يوم السبت الثالث عشر لصفر بالموضع المذكور بازاء داره على الشط الشرقي اهـ. أما قول الصديق الفاضل (يعني في آخر الجانب الشرقي بعد قول ابن جبير) وفي آخره فأرى أن صوابه (في آخر الشط) لأنه قال رحمه الله (بازاء داره على الشط وفي آخر) وإسناد الضمير إلى الجانب لا طائل فيه لأن للجانب الشرقي آخرا شماليا وآخرا جنوبيا وآخرا شرقيا وآخرا غربيا بل له آخر في كل نقطة من محيطه

وليس لدى صديقي الفاضل نص على أن الآخر بمعنى الجنوب اطرادا لا مصادفة. وهنا يحتج علي الصديق الوديع قائلا (وما دليلك على أن الضمير يعود على الشط وما الشط إلا جانب النهر مطلقا؟ فأقول: إن إطلاق ابن جبير لفظ (الشط) يراد به شط بغداد خاصة وإلا كان الكلام لغوا لأن الوصف لها والخبر عنها وإذ لا يقنع الصديق بهذا أحيله على ص 208 من الرحلة فيرى (ثم باب البصلية، هذه الأبواب التي هي في السور المحيط بها من أعلى الشط إلى أسفله) اهـ. فالمراد بالشط إذن شط بغداد الشرقي الذي له اسفل وأعلى وبالاعتماد على ما لخصت يكون قول الأستاذ في ص 374 (إذ أن المقربة من باب البصلية قد نسبت إلى الدار وليس إلى القصور) غير صحيح لاستبداله الدار بالمجلس وهنالك اضطراب ظاهر في قوله (يحتمل أن تكون قصور الخليفة فوق دار ابن الجوزي أو تحتها) ثم قوله (ولعل الأرجح أن تكون تلك القصور فوق الدار فإني أرح الأرجح وانبذ ما فيه (أو) الشكية لأن مجلس ابن الجوزي المذكور في آخر الشط الجنوبي ولأن داره بحذاء مجلسه أي بازائه واستعمال لفظ (إزاء) يدل صراحة على أن الدار على الشط وعلى غرار المجلس مع فاصل بينهما سواء أكان جدارا أم طريقا ينفذ إلى (دجلة) والازاء لا يحتمل الصدد أي الأمام ولا الخلف بل اليمين أو الشمال. وبعد علمك بالفاضل تجزم أن (قصور الخليفة) فوق دار ابن الجوزي الحنبلي لا تحتها فيصح الترجيح هو الصحيح وذلك لأن المجلس يأتي بعد الدار كما رأينا وقال في ص 374 أيضا (ومما يؤيد ذلك قول ياقوت عن القرية: إنها محلة في حريم دار الخلافة بل قال في مادة باقداري أنها بدار الخلافة) أما ابن جبير فقد قال في ص 203 (وأكبرها القرية وهي التي نزلنا فيها بربض منها يعرف بالمربعة على شط دجلة بمقربة من الجسر) ثم قال (والعادة أن يكون لها جسران أحدهما مما يقرب من دور الخليفة والآخر فوقه) فالظاهر من قوله أن المربعة من أرباضها بمقربة من الجسر

وأن الجسر الجنوبي مما يقرب من دور الخليفة). وإذا كانت قصور الخليفة بين شريعة المربعة أو نحوها وشريعة المصبغة أي على ما ادعى الصديق الكريم فكيف يتفق الأمر وقول ابن جبير ص 206 عن الناصر لدين الله (وقد انحدر عنها صاعدا في الزورق إلى قصره بأعلى الجانب الشرقي على الشط) اهـ. فهل كان أعلى الجانب الشرقي المصبغة؟ مصطفى جواد لا قرية باسم معاملة ولا معامرة اطلعت على ما نشره (الطريحي) الفاضل في الجزء الخامس من المجلد السابع من مجلتكم الزاهية حول كلمة (معامرة) التي تكلمت معكم بشأنها الشيء الكثير فلاحظت أن الكاتب المحترم يرميني بالخطأ لنفيي وجود (معاملة أو معامرة في لواء الموصل). ولا بد من أنكم تتذكرون أن مذاكراتنا ومكاتباتنا لصاحب (العرفان) كانت تدور حول وجود قرية بهذا الاسم (أو بما يقاربه في اللفظ) في قضاء تلعفر من أعمال لواء الموصل (يسكنها جماعة من الشيعيين ولهم فيها مزار يقدسونه ويحترمونه كثيرا). ولم يدر البحث حول وجود (عشيرة) بهذا الاسم قائمة على ضفاف دجلة أو الفرات أو على كليهما. فعليه ودفعا للالتباس الذي قد يخامر الباب البعض؛ أعمد الآن فأنفي وجود أية قرية في لواء الموصل بهذا الاسم ولدي من الدلائل الملموسة والتحارير الرسمية ما يؤيد مدعاي. أما وجود عشيرة باسم (معامرة) في لواء الموصل كما ذهب إليه الطريحي الفاضل فليس في ذلك ما يتعلق بهذا الرد الوجيز. الحسني السرحيون أو الشرويون أو السرويون وصل إلي الجزء 4 من لغة العرب وفيه الكلام عن السرحيين أو الشرويين ص 293 وأنا لا أوافقكم على رأيكم في أصل الكلمة والذي يجب النظر إليه هو أن الرومان وبعدهم جميع الأقوام الأوربية اشتقوا الاسم المستعمل عندهم من اللفظ اليوناني، ولا سيما إلى المائة الرابعة أن الحرف اللاتيني

كان يلفظ مثل وإني متأكد لما يتعلق بهذا الحرف الأخير وليس للغة اليونانية - كما تعلم - الشين المعجمة وكذلك قل عن اللاتينية. ولهذا قال الغربيون إلى غيرهما على ما في توراتنا، إن في اللاتينية وأن في أي لغة أوربية. إذن كانت الكلمة في الأصل أو ما يشبهها. وليس لنا أقل فكرة بخصوص صفة الحروف الصائتة من طويلة وقصيرة وكذلك قل عن صوت الحرف الأول أي فقد يكون سينا كما قد يكون شينا. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو قلنا: إن كان أصل الحرف الأول السين فيكون اللفظ الأصلي عندنا (سرويين أو سرحيين) وإن كان الشين فالأصل الشرويون وكلاهما لم ننكره والحرف جاء عند اليونانيين والرومان بازاء الكاف والقاف والحاء. فمثال الحاء قديما وحديثا حيفا وحبل ومثل القاف قوطولي وقراميد ومثال الكاف كاثوليك وكركند أما الحرف اللاتيني كان يلفظ في زمن من الأزمان كالحرف فهذا لم ننكره. إذن نرى حضرة المعترض يسلم بما قلنا وبما نقول فلماذا تكون اللفظة من شرقيين (وهذا لا يمكننا أن نسلم به للأسباب التي ذكرناها 295: 7) (ولا تكون من سرحيين أو شرويين؟ فنطلب من حضرته أن يأتينا بالبرهان الواضح لا بما تلقاه في صغره من الأقوال، أو بما جاء في كتب اللغة الإفرنجية التي في الأيدي. كبيش لا كبش إني أخاف أن كاتب الحروف في نسب كبش 304: 7 سقط في عدة أوهام. . . فالأمير المشار إليه هو (كبيش) بالتصغير وجده هو (شيحة) بكسر الشين وإسكان الياء المثناة وفتح الحاء المهملة وجده الأخير (أبو فليتة) بالتصغير أيضا وأخبارهم في كتاب الدرر الكامنة مع أخبار أخوتهم. ولو أسرع الطباع طبع هذا الأثر المهم لكان اليوم في أيدي الناس وأزال عنهم بعض الأوهام. ف. كرنكو

مسألة قرأت في 328: 7 في السطر 19: قد قتل كل كتب اللغة. . . ولو كنت أنا الكاتب لقلت: قد قتل كتب اللغة كلها. ف. كرنكو (ل. ع) نعم هذا التعبير الأخير أخف وأرق وأوثق من الأول، لكن لا غبار على فصاحة الأول. تنبيهات يقول أحد الكتبة (في هذه المجلة 246: 8): ذكرتم في المقال الذي نشرتموه في الجزء الثالث من المجلد السادس تحت عنوان (الكتب الخطية) أن (كتاب التعجب في علم الكلام). . . غير مطبوع اهـ. فإن كان خطابه إلينا قلنا: لم نقل بأن الكتاب المذكور غير مطبوع (على سبيل العلم بل قلنا إننا نظن أنه غير مطبوع والظن غير العلم والفرق بينهما بين ظاهر فلا حاجة إلى إحالة الكاتب على كتب الأصول (ليرى هناك البحث عن القطع وحجيته والظن وعدم حجيته (إلا في الركعات) فالظن في الركعات في حكم القطع لأن حضرته مطلع (والحمد لله). ونشكر الكاتب على تنبيهيه (247: 7) شكراً جزيلاً. ونستغرب من حضرته قوله في (407: 7) جاء ذكر هذين الكتابين (أي منية المريد ومسكن الفؤاد) في الجزء الثامن من المجلد السادس للغة العرب (س 563. كذا ولعله يريد 593) تحت عنوان (خزائن إيران) وكأن الناشر (كذا ولعله الكاتب) قد اعتبرهما مخطوطين أما أنا فلا اعتبرهما كذلك أمامي إنهما مطبوعان ومؤلفهما العلامة الشهير الشيخ زين الدين (لا كما يقول صاحب الروضات نور الدين) اهـ. لم اعتبر الكتابين مخطوطين وهذه عبارتي (51: 6): ودونك وصفنا لكتبها الخطية والكتاب الخطي غير الكتاب المخطوط كما لا يخفى وهل نسي الكاتب أن في ذلك المقال أسماء كتب كثيرة مطبوعة ثم أن عبارته (أما أنا فلا أعتبرهما كذلك الخ) عبارة مضحكة فإن أمثالها تستعمل في الجدل فيقول إن فلانا يقول كذا أما أنا فلا أقول ذلك بل أقول الخ أو أن فلانا يعتقد كذا أما أنا فلا أعتقد ذلك بل اعتقد الخ؛ فالأحسن أن يقول: وكأن الكاتب

قد اعتبرهما مخطوطين وهما مطبوعان، وخير الكلام ما قل ودل. أما قوله لا كما يقول صاحب الروضات فإن كان يريد بالروضات ذكر اسم زين الدين في باب الزاء (288: 1) وذكر في ص 295 اسم الكتابين عند بيان تصانيفه وقد نقل ذلك عن رسالة ابن العودي تلميذه ولم يقل إنهما لغيره. جاء في مقالة الشعر المنثور لغة العرب (371: 7): وفي القرن الرابع عشر للميلاد أي وقت جمود الأدب العربي وجد شيء منه مثل (بند) ابن الخلفة. اهـ. أما البند فقد وجد قبل ذلك القرن بعدة قرون، ولم نعثر على بند أقدم من بند ابن دريد وقد نقله صاحب مجلة اليقين البغدادية (20: 1) عن المجموعة (166 م مجاميع) المحفوظة في دار الكتب الخديوية في القاهرة وهو مكتوب في آخر صحيفة من كتاب الشاه للأصمعي وهذا أوله: رب أخ كنت به مغتبطا، أشد كفي بعرى صحبته، تمسكا مني بالود، ولا أحسبه يغير العهد، ولا يحول عنه أبدا، ما حل روحي جسدي الخ. فكان على حضرة الكاتب أن يقول: وفي القرن العاشر للميلاد أي وقت رقي أدب العربي وجد شيء منه مثل (بند) ابن دريد. جاء في مقالة اليزيدية لغة العرب (308: 7): ومقالة الفاضل الأديب الحسني تلك المقالة التي جاءت في أثرهما وقد نشرها في مجلة المرشد (البغدادية) ثم أبرزها في كراسة. لم ينشر الأديب الحسني مقالة عن اليزيدية في المرشد والذي نعلمه هو أن مجلة المرشد الأغر نشرت رسالته (اليزيدية) هدية لمشتركيها في السنة الثالثة. جاء في لغة العرب (245: 7): أما من جهة دينه (أي دين ابن المقفع) فليس بمقدرة أحد الآن إثبات إسلامه أو نصرانيته اهـ. قلنا إن المؤرخين يقولون كان ابن المقفع مجوسيا فأسلم على يد عيسى بن علي (عم السفاح)، وإن لم يصدق الكاتب فليراجع بنفسه كتب التاريخ والتراجم ليجد هناك الحقيقة ولا ينكر إسلامه الثابت عند المؤرخين. سبزوار: العلوي حول آثار أو الكلدانيين نشرتم في هذا العام في باب (أخبار الشهر) كلمتين موجزتين عن الآثار

التي وجدها المنقبون في (مدينة أور الكلدانيين والشمريين وهي المدينة التي نشأ فيها إبراهيم الخليل (ع) المشهورة اليوم (بالقير) الواقع غربي لواء مركز (الناصرية) وعلى مقربة منها وبعد مطالعتي لها وجدتكم قد تسامحتم في عدم ذكر بقية الآثار التي عثر عليها في تلك (المدينة التاريخية) المهمة مع أن مجلتكم (لغة العرب) هي أجدر بنشر آثار بلادها من غيرها. أما الآثار التي لم تذكروها فهي (الأثران) النفيسان اللذان أحدهما إناء مصنوع من الذهب الأبريز منقوش نقشا جميلا وإن يكن (كذا) بسيطا والثاني (رأس ثور) مصنوع أيضا من الذهب وهو آية من آيات الفن بدقته وجماله وشدة مطابقته للأصل الطبيعي وهكذا تذهب آثارنا إلى (البلاد الغربية) ولا نستفيد منها شيئا وصرنا محرومين حتى من (كذا) مشاهدتها. النجف: عبد المولى الطريحي (لغة العرب) تستعجلون في ما تكتبون. إننا كنا قد وعدنا بأن نذكر تلك العاديات عند سنوح الفرصة (راجع 249: 7) لكن أجزاء المجلة مكتظة بالمقالات وأصحابها يعاتبوننا في كل بريد على عدم إدراجها فنضطر إلى الإرسال بما عندنا إلى الخارج ونؤخر بعض ما هو لنا إلى أجزاء تالية والأمر لا يتيسر لنا كلما حاولنا تحقيق الأمنية. أما أن هذين الأثرين اللذين يذكرهما الشيخ الطريحي بأنهما نقلا إلى ديار الغرب فلم نسمع بهذا الخبر بل إننا شاهدناهما ويشاهدهما كل تائق - متحفتنا البغدادية. الوجود الفاني إن كان للموت كل حي ... ففيم إيجاده ورزقه؟! كان رقيق الهلاك قبلا ... يا ليت ما انفك عنه رقه ما كان أحراه وهو شيء ... للموت أن لا يتم خلقه! لكن هو الله دق عنا ... في ملكه فتقه ورقته الشاعر المجهول القاهرة (ل. ع.) يدلع الشاعر الطبيعة إلى التكلم بلسان حال الظواهر ثم يستدرك اعتراضه على الله بقوله بما معناه: إنه دق عنا في أعماله فلا يمكننا الوصول إلى كنه أسراره.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة السبورة س - مندلي (العراق) - م. ت: ما أصل كلمة (سبورة) المستعملة في العربية بمعنى اللوح الأسود للكتابة وهل الكلمة عربية؟ ج - السبورة لغة في السفورة وهي مشتقة من فعل سفر يسفر الممات في لغتنا ومعناه: كتب يكتب ومنه السافر أي الكاتب والسفر أي الكتاب واللفظة سامية الأصل فهي بالآرمية والعبرية (سفر) لا (سبر) ومعناها في الأصل شفر وحفر وجز وقص ثم انتقل إلى معنى درس وبحث وكتب إلى غيرها من المعاني. إذن يقال السفورة والسبورة وهذه وردت في الحديث والمعنى: ما يكتب فيه. أصل كلمة هيكل س - بغداد - م. ع. م - هل كلمة (هيكل) بمعنى معبد أو غيره عربية النجار؟ وإن لم تكن عربية فمن أي لغة أصلها في القديم؟ ج - كلمة هيكل سامية الأصل وهي كذلك أو ما يقاربها لفظا ومعنى في الأرمية والعبرية والحبشية والآشورية. وهي منحوتة من (هي أي بيت أو دار وماء و (كل) أي ضخم وكبير وجليل. فيكون معناها البيت الكبير الضخم وذلك في اللغة الآشورية والشمرية. ألفاظ طبية س - دمشق - م. خ: ما هي الألفاظ العربية المقابل للكلم الفرنسية الآتي: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - ج - 1 - معنى الإفرنجية: تحرير الكلية من محفوظاتها في بعض حالات الالتهاب (كلام السائل) قلنا: الموافق لها هو الفصع عندنا. قال اللغويون: فصع

فلان الرطبة عصرها فأخرجها من قشرها. اهـ. 2 - معنى اللفظة الإفرنجية: توجيه الشرارات الكهربية إلى بعض الأورام بقصد معالجتها (كلام السائل) ولهذا المعنى نشتق فعلا من الشرارة فنقول: أشر كما فعل الإفرنج فقد قال السلف أشره: أظهره. قلنا: ولم يظهره إلا بتوجيه النور أو أشعة النور إليه. فهو من الاشتقاق السائغ الموافق لمصطلح السلف. 3 - معناها في الفرنجية: تخثير السائل بالكهرباء وهي طريقة مستعملة في معالجة بعض الأورام تقوم بتسديد مجرى كهربي إلى الورم يخثر فيه المواد نظيره الأخ فتظهر خشكريشة فيه ولا تلبث أن تسقط بعد حين ويشفى الورم. (السائل) يقابله عندنا الترويب أو التدوية من دوى اللبن (من باب التفعيل) ركبته الدواية وهي جليدة تعلوه وتعلو الهريسة (وكل سائل أو مائع) إذا ضربته الريح كغرقئ البيض اهـ. فالتدوية هنا تدل على اللزوم ولا بأس من تعديتها. إذ مثل هذا كثير في لغتنا أي أن الوزن الواحد يستعمل للزوم وللتعدية معا. 4 - معنى اللفظة الافرنسية: إضاءة المثانة أو تنويرها لرؤية ما فيها (السائل). قلنا: هذا يوافقه تنظر المثانة (وزان تعلم) والآلة التي تتخذ لهذه الغاية هي منظار المثانة أما (المنظار) فيدل دلالة واضحة على الآلة وأما (التنظر) فلأنه غير النظر إذ تنظره معناه تأمله بعينه (مهما كانت تلك العين عليها منظار أم لم يكن، إنما المهم في المعنى تأمل الشيء بالعين) وهذا معنى اللفظ الإفرنجي ويقاس على هذين الحرفين سائر الحروف الإفرنجية المنحوتة هذا النحت. أما إذا جعلت المرآة بدل المنظار والرؤية بدل التنظر فليس فيهما من دقة المعنى ما ذكرناه لك! 5 - تنظر الاحليل على ما سبقت إليه الإشارة لمثل هذا اللفظ المنحوت. 6 - الورم الذي لا ذنب له بل يرتكز على النسج بقاعدة عريضة (السائل) هذا مأخوذ من اصطلاح النباتيين عن الورق والزهر فهو (اللاطي) في لغتنا وبضده أي المعنق (من باب التفعيل). له بقية

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 56 - ديوان بين الشعور والعواطف لصاحبه محمد مهدي الجواهري طبع بمطبعة النجاح في بغداد في 142 ص بقطع الثمن الصغير يرى من شعر محمد مهدي الجواهري أنه تلميذ للزهاوي الكبير؛ فإن لم يكنه لتلقي أصول القريض عنه، فهو خريجه في الأسلوب والفكر وقد صدق في تسمية منظمه بديوان بين الشعور والعاطفة إذ نرى تلك الأبيات منبعثة عن نفس متأثرة بما ينزل فيها فينعقد دررا مصوغا بأبدع الحلي وأزهى الألوان حتى أنك لا تقف على قصيدة من قصائده إلا كأنك تشعر بما يختلج في نفسه من العوامل والمؤثرات. ولا يستبعد القارئ لو قلنا: إن مهدينا يكون الهادي إلى أسمى الأفكار وأبدع المعاني بعد قليل من السنين حتى يبرز على جم غفير ممن يدعون الشعر وهم أبعد عنه بعد الثريا عن الثرى ولو سألنا سائل: ما أحسن قصيدة وقفتم عليها في هذا الديوان لحرنا في الجواب لأننا لم نر إلا لآلي ودررا وجواهر؟ فليطالع السائل الشاعر في ص 75 والروضة الغناء 81 وسجين قبرص 83 وعلى دمشق 199 ودمعة على بغداد 123 والربيع 132 وفي سبيل الأخوين 133 بل قد أخطأنا في الإشارة إلى هذه الغرر لأننا قلنا إنه كله لآلي رطبة. 57 - آثار الشيعة الإمامية من تأليف عبد العزيز جواهر الكلام (باللغة الفارسية) الجزء الرابع في 242 صفحة بقطع الثمن الكبير كان الشاعر المفطور محمد مهدي الجواهري أصدر ديوانه في بغداد قبل نحو ثمانية أشهر ولم يهد إلينا منه نسخة إلا في 18 نيسان وفي اليوم عينه جاءنا هذا الجزء (آثار الشيعة الإمامية) من طهران من أخيه عبد العزيز. وكان هذا الأخ قد صنف

بالعربية كتابا ضخما في عدة أجزاء لم يتمكن من أي يطبعه في العراق. فتوفق في طهران لأن تطبع حكومة إيران الجزء الرابع منه وهو الجزء الذي بأيدينا بعد أن نقله إلى الفارسية ابن عمه (علي جواهر الكلام) فجاء تحفة من التحف. وهذا الجزء يحوي تراجم الرجال الفارسيي الأصل الذين صنفوا أسفارهم في لغتنا العربية فأصبح هذا المجلد ذا فائدتين كما ترى. إن هذا الجزء مع حسن كاغده وطبعه وجلاء حروفه فيه عيبان: الأول: إنك لا تجد بيتا واحدا من الشعر مضبوطا بالشكل الكامل إلا والضبط مخطوء فيه. فقد عددنا 35 بيتا وردت إلى ص 84 ولم نلف فيها واحدا صحيح الضبط. وما ذلك إلا لأن المنضدين أجانب ولا يهمهم وضع الشكلات على وجهها الذي وضعت عليه. والعيب الثاني هو أن الأعلام المكتوبة بالحرف اللاتيني غير صحيحة الكتابة فإن الواضع لها تلك الحروف لم يتخذها على وجه سوي. وهذا مما يؤسف له. وما عدا ذلك فإن هذا الجزء يدل على تمكن عظيم في صاحبه من الأخبار والتواريخ. فإنه راجع 19 كتابا خطيا و48 سفرا مطبوعا من عربي وفارسي واغلبها من الكتب التي لا تقع في الأيدي بسهولة فإن المؤلف حفظه الله وعمره توصل إلى مؤلفات لم يعرفها كثيرون لكثرة رحلاته وتعدد أصدقائه وحسن أخلاقه مما أظفره بما لم يظفر به قبله أحد. ورجاؤنا أن يصدر بقية الأجزاء بلغتها الأصلية العربية لينتفع بها أبناء عدنان وليس ذلك بعيدا على همته الشماء. 58 - مكتبة العرب لصاحبها الشيخ يوسف توما البستاني عن سنتها الخامسة والعشرين في هذه القائمة 182 صفحة وفي كل صفحة ذكر نحو عشرين كتابا مطبوعا للبيع. فيكون عدد التآليف التي يعرضها الشيخ البستاني 3640 ولعلها أربعة آلاف أو أكثر ولذا يرى فيها الراغب في المشترى جميع ما يشتهيه من الأسفار والمصنفات وإن لم يجد ضالته في تلك القائمة فيحسن به أن يذكر اسم ما يريد لصاحب المكتبة فهو يكفل تحصيله له بأحسن معاملة.

59 - الفصول المهمة في تأليف الأمة لمؤلفها السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي الطبعة الثانية (في 192 ص بقطع الثمن الكبير) 60 - الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء لمؤلفه أيضاً في 40 ص بالقطع المذكور، وكلا التصنيفين طبع في مطبعة العرفان بصيدا سنة 1347. أدلة هذين التصنيفين كالبواتر لمن يخالف رأي صاحبهما، بل هي صواعق مواحق تلاشي من يقاومه. وإذا علمت ذلك وأن عبارة السيد الموسوي متينة صقيلة لا غبار عليها. تحقق لديك أن هذا التأليف مفتول الرأي. معصوب الفكرة، باطش الحجة ومع هذا كله كنا نود أن لا نرى السباب والشتم في كتب فضلائنا وعلمائنا وأدبائنا، بل أن يكثر فيها التسامح وحسن التعامل لتجتمع الكلمة على الوحدة ولا تشق عصا الوئام، وعسى أن تكون هذه الفصول آخر ما يكتب في هذا المعنى لئلا يستشري العداء إلى ما لا حد له فيعسر الرتق على الراقع. 61 - في سبيل الاتحاد (من هدايا المسرة) بقلم الأب الياس أندراوس البولسي، طبع بمطبعة القديس بولس في حريصا (لبنان) في 232 ص بقطع 12. يتضمن هذا الكتاب (المحاضرات التي ألقيت في غضون أسبوع الاتحاد المقام في كاندرائية الروم الكاثوليك في مصر القاهرة في سنة 1927) وقد وجدناها طافحة بالعبارات الأخوية، والآراء الصائبة، والأدلة المنيعة وكل ذلك بكلام خال من التعقيد وعويص الألفاظ فجاءت تحفة في بابها. فعسى أن تنتشر الانتشار اللائق بها وبأمثالها. 26 - مصطفى كمال أو تجدد تركية (بالفرنسية) - ظهر هذا التصنيف في باريس عند أوجين الناشر للكتب وهو بقطع 16 في 240 ص وقد جاء في أوانه لأنه يروي لنا أعمال رجل رأى

بلاده على حافة الهوة الهاوية فأسرع وأبعدها عنها ونفخ فيها نسمة روح التجدد فإذا هي بلاد عصرية سائرة بخطا واسعة بجانب الأمم الحية الراقية المتمتعة بالعلوم والفنون والصنائع المنعشة وقد أصبحت اليوم تركية من الأمم التي يجب أن تراعى حقوقها كل المراعاة بلا فرق بينها وبين أقواها بأسا ومراسا. وبعد أن بعث مصطفى كمال روح الحياة في الجيش التركي أخذ على نفسه رفع مستوى قومه إلى مستوى أعظم الأجيال رقيا في الحضارة والعمران فأفلح لأنه أصلح اليوم في بلاده كل ما يتعلق بالسياسة والألفة والاقتصاد بل اندفع إلى ترقية الآداب والوسائل التي تؤدي إليها كالكتابة والكتب ومعاجم اللغة. وهذا ما يرويه لنا المسيو جان مليا بعبارة بديعة جلية ودراية وكفاية تشهدان له بعلو الكعب. فكتابه هذا لا يستغني عنه من يود الوقوف على ما جرى في تركية بعد الحرب وما يجري فيها إلى اليوم. المجمل في تاريخ الأدب العربية 2 - ولكون النقد الشريف قائما على دعائم الإنصاف نقول: إن البيتين اللذين نسبهما صاحب الفخري إلى (الفرزدق) قد عزاهما (أبو الفرج الاصفهاني) في كتباه (مقاتل الطالبيين) إلى (عبد الله بن الزبير الأسدي) وليس لنا فيهما إلا نصف حجة. ومما يحمد عليه هذا الجامع الفاضل تجنبه التفضيل بين الشعراء وربما اعتمد في ذلك على أن الأذواق متباينة فما يستمرئه أحد الناس قد يستمرئه أو لا يستمرئه غيره. أما الكلمة التي بدرت منا نحوه للتعريض بتهذيبه لتاريخ مساجد بغداد فقد أردنا بها أن يتجافى عن الأسلوب الظني في الأمور التاريخية الثابتة ويتحاشى عن سلق الناس بلسانه المعروف المألوف. فالمشهور بين الناس أنه صاحب توقيع (حاصد) وحاصد هو القائل في إحدى الجرائد (خادم العرب ولغتهم أو البائس أو مصطفى جواد مخلوق كثير عليه أن اذكر اسمه فضلا عن

أن أتناوله بالقلم) فهذا من أدبه العالي وفقه الله لما يحب ويرضى، ولكي نحسن إليه صدد هذه الإساءة نعلمه: إن (أو) لا تكون بين الأشياء المتشاكلة بل تكون بين المتباينة فمن الغلط الفظيع قوله (خادم العرب ولغتهم أو البائس أو. . .) والصواب (أي) فهي المفسرة للمتشابهات وله في هذا الأمر أسوة حسنة في (عبد الرحيم محمود) المعلم الثانوي في مصر فقد نبهناه في مجلة (المقتطف) على هذا الوهم فقال لنا (أو ما علم الأستاذ أن من معاني (أو) التخبيير نحو تزوج هندا أو أختها ولك أن تقول: كتبت بالقلم أو زبرت بالمزبرة) ولما أدر أجهل أن (المزبرة هي القلم وأن هندا غير أختها) أم تغافل عنه فالأولان متشابهان والأخريان متباينتان، ولذلك اعترض بعض العلماء على قول الغزالي (حانوت أو دكان) فقال: (الصواب حذف إحدى اللفظتين فأن الحانوت هي الدكان) ولما رأى صاحب المصباح أن اعتراضه مبني على فقدان التباين في قول الغزالي، قال (ولا وجه لهذا الاعتراض لما تقدم أن الدكان يطلق على الحانوت وعلى الدكة) فحكم بوجود التباين وقولنا إذن من صميم الحق لاعتماده على فقدان التباين أبدا. 2 - ومن نقائض الكتاب عدم ضبط الأعلام والمصادر فضبط الأعلام يعوز التلاميذ فضلا عن القراء عامة وعدم ذكر المصادر قد جعل الكتاب بخس القدر جدا يعافه المحقق ويعرض عنه المدقق ولا يذكر في عالم الأدب. 3 - وقال المؤلف المحترم محمد بهجة في الصفحة الأولى من مجمله (ثم بعد أن دونت علوم العربية سلب هذا الوصف من هؤلاء) والفعل (سلب) يتعدى إلى مفعوليه بنفسه فإذا صار أحدهما نائبا عن الفاعل بقي الآخر منصوبا فالصواب (سلب هؤلاء هذا الوصف) عن المختار والمصباح. له بقية مصطفى جواد الشفق الباكي 3 - ثم أرجع البصر إليه في ص 178 حيث يقول مبينا واجب الفن وموجبا

مراعاته وذلك بعنوان (واجب الفن): من واجب الفن تصوير الحياة كما ... ترى الحياة بآمال وآلام لا يترك الشر منبوذا لخشيته ... أو يرسم الخير سلطانا بأحكام بل يرسم الدين والدنيا كما ظهرا ... في مظهر ساقط أو مظهر سام وفي تضاعيفه للحق منزلة ... هي الحياة تناجي عطفك النامي كذلك من واجب الفن الصحيح هدى ... هذي النفوس وإرواء الهوى الظامي وإن سألت عن مجمع فنون الشعر الذي جل عن التقدير والاختبار فهو في قصيدته (مجمع الفنون ص 703) يريد به الشعر إذ قال: عزفت ملء رنين القلب أشعاري ... وكان لي منه أصدائي وأوتاري قيثارة صدحت باللحن ضاحكة ... حينا وآنا بكت في وجدي الناري كم بين جنبي من شعر ومن نغم ... أحبه لم يزل سري وإضماري فإن سمعتم أناشيدي مرتلة ... فما سمعتم مزاميري وأسراري لكن كفتكم أغاني مهجتي نخبا ... من كل لحن عجيب الروح سيار والشعر يحيي الأغاني في النفوس كما ... يحيي النسيم أغاني الجدول الجاري كأنما جمعت فيه الفنون كما ... يؤلف الروض أطيارا بأزهار فلا تعيبوا جمال الشعر عن خطل ... جماله روح أرواح وأفكار وفي ص 553 قصيدة عنوانها (ضمير الخالق) يعترف فيها بأنه قطعة من المجدد المعيد فلذلك يقول: وأنا المقر بأن كلي قطعة ... مما أراه مجددا ومعيدا وتراه يتطرق غالبا إلى عظماء التاريخ فيبحثهم ويوفي بحق كل منهم ففي ص 158 يقول للفردوسي ناظم الشاهنامة: شاب الزمان وماتت الأعوام ... وحجاك حي لم يرعه حمام يا فيلسوف الشرق غير مدافع ... هومير إن يكرم فأنت إمام

وفي ص 213 يقول محييا (الجامعة المصرية) حانا إلى مجد العرب القديم الذي ألوى به الطيش والغرور والفجور: حييت جامعة أساس بنائها ... شمم على مجد القرون يغار وكأنما المستنصرية جددت ... ومواهب الأمس السري تثار أو أن بغداد العظيمة أشرقت ... وبها نظام الملك والأنصار وفي ص 248 يقول: وفي وثوب كأن الصقر قائده ... وطارقا مسعف يتلوه فرسان وبربروسا على الغارات محتكم ... في البحر يزعج من ذكراه أسبان يريد بالصقر (عبد الرحمن الداخل الأموي) وبطارق بن طارق زياد وببربروسا (خير الدين باشا) القائد الأبحاري للدولة العثمانية في القرن التاسع للهجرة وقد ذكر الناشر في الحاشية شيئا عن هذا القائد. وإنه ليعمد كثيرا إلى قضايا التاريخ بالذكر والتمحيص ليستنتج منها عبرة ومثلا ففي ص 744 يقول: فصدك قوم كالخوارج قادهم ... قرين أبي جهل وقد طفحوا جهلا على أن الخوارج كانوا متبايتين فمنهم المحق والمبطل فأي فريق قصد شاعرنا الفحل؟ وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (م 1 ص 447) قول علي بن أبي طالب (ع) في الخوارج: (لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطئه كمن طلب الباطل فأدركه). وهو يمجد العظيم لأن عمله عظيم غير ران إلى دينه ولا إلى مذهبه وفي ص 942 يمدح (فرديناند دلسبس) بقوله: تمثال دلسبس العظيم يشير في ... ظفر الأبي بعزمة ومضاء وفي ص 990 يقول، (فتلق وفاد المحبة كالوفود أمام كسرى) وتجده في أكثر ديوانه مشيرا إلى عظماء التاريخ للتعظيم والتعليم وهو في الوصف مبدع خلاب رقيق مرقق سواء أكان الوصف حقيقة أم تشبيها ففي ص 559 تحت عنوان (خالان) يقول: خالان خال يستعز بوجنة ... وأخوه بالشفة الجميلة ضاح

متوشحان من السواد بحلية ... ضحكت من الأصباغ والأوضاح وفي ص 946 يقول واصفا (همس الأقدام) ومستلزماته بهذا العنوان: يهمس بالأقدام كال ... ألحان في نجوى القلوب وكان وقع حفيفها ... شوق الربيع لها الطروب أو صوتهن وقد هرب ... ن من الجنان بلا رقيب كل يخاصرها حبي ... ب والوجود لها حبيب وفي ص 960 يصف راقصة في ثوب أحمر وفي فمها وردة حمراء قد عضت عليها والوصف عنوانه (ورد ونار) فهو يقول: رقصت وفي فمها المورد وردة ... عكست لهيب الشمس من برديها فوددت لو عضت علي وأشفقت ... من نار ورديها ومن شفتيها وشاعرنا الدكتور مولع بتفقد الطبيعة له فيها نشيد وحيد وشوق مديد فتحت (رسم الطبيعة) من ص 181 يقول: لا تنهروني لتصوير محاسنها ... إن الطبيعة إلهامي وأستاذي أو تنكروا صوتها الوافي إلى أذني ... فربما لم تبح إلا لأفذاذ جعلت شعري صفات من بدائعها ... فإنما لسناها يحتذي الحاذي وفي ص 985 يقول: والزهر في قربه يهتز مبتهجا ... شوقا ويرشف راح الماء جذلانا والغابة الحرة المزهو رونقها ... تردد الشعر أضواء وألحانا والعشب في مرح والترب في فرح ... وعالم الجو حاكى الأرض أحيانا وإذا مررت بديوانه (بستان الأدب النضيج) حفت بك الحكم النافذة في خلال أشعاره الغر الحسان ففي ص 675 يقول: يشقى الغني بماله ... وينوء بالفقر الفقير وكلاهما صنو الحقير ... العبد أو مثل الأجير وكلاهما يشكو الحيل ... ة ويستغيث ويستجير يا ليت شعري من سوء ال ... مال المسخر والأمير له بقية مصطفى جواد

معجم إنجليزي عربي 3 - وقد قال في صاحب (قاموس سعادة) في مادة ما حرفه: ملك التعابين (كذا بتاء مثناة وهذا المعجم مشحون أغلاطا) وهو حيوان خرافي قال الأقدمون إنه إذا نظر إلى شخص أو نفخ فيه قتله ثم زادوا فقالوا هو ثعبان هائل ذو رأسين واحد من كل طرف إذا فح ذعرت منه سائر التعابين (كذا. تراه يكتب الثعبان بالثاء المثلثة إذا جاء مفردا وإذا جمعه كتبه بالتاء المثناة وهو غريب) وهربت. وكتب في مادة ما ننقله بعبارته: أفعى خرافية زعم الأقدمون أنها تولدت من بيضة ديك حضنتها أفعى. اهـ فقوله في الأول (أي عن الباسيليق) رئيس الثعابين مأخوذ من معجم بادجر الإنكليزي العربي حيث قال صاحبه: رئيس الثعابين أما في الثاني فلم ينقل كلمة بادجر وهي صل. أما رأينا فهو أن يذكر بازاء الباسيليق الملكة لأن كلمة باسيليق يونانية معناها الملكي. كأنه يشير إلى أنه ملك الحيات وسماها العرب أيضا (المكللة) لأن كل ملك لا بد من أن يكلل ولأن بعض هذه الثعابين مكانة إكليلا تكلم عنه العلماء. ومن مرادفاتها (الأصلة) لأن السلف عربوا اللفظة في بادئ الأمر على ما أظن بصورة باصلة ثم توهموا أن الباء زائدة وأنها للجر فقالوا (أصلة) وكنا قد كتبنا مقالة قبل نحو ثلاثين سنة أو أكثر في مجلة (المنهل) وبعثنا فيها عن أسماء هذه الأفعى ثم نقلت الأصلة إلى أخصر منها وهي صلة أو صل. وقد ذكر الصل والمكللة الدميري في باب الحية. وأما فقد سماها السلف (الناظر) وسماها أيضا (الأصلة) قال الدميري في باب الحية: وهو عظيم جدا له وجه كوجه الإنسان ويقال إنه يصير كذلك إذا مرت عليه ألوف من السنين ومن خاصية هذا أن يقتل بالنظر أيضا. اهـ.

والمؤلف صديقنا ذكر بازاء الناظر. الرقيب (الدميري). فنقول: إننا لم نجد الرقيب في كتاب الدميري كله - والناظر هو ما ذكرناه - وقد ضبط حضرته الدميري بضم الدال وزان زبير وبياء النسبة وهو ما ينطق به العوام، والصواب دميري كجليلي أي بفتح فسكون. أما الكلمة التي يحسن أن توضع بدلا من الناظر والرقيب فهي الأصم. وقد ذكرها الدميري في باب الحية. والكلمة العملية تعين ذلك. أما فقد وضع لها الصديق مقابلا: الثعبان أبو العيون. وعندنا أن الثعبان الجاحظ هو أوفق وأشبه. وجعل بازاء ثعبان عيون. ضرة. والذي أثبتناه نحن في مجلة المشرق 347: 2 (في سنة 1899 أي قبل ثلاثين سنة) هو الدساس. وما هذه الكلمة إلا تصحيف الدبساس وقد قرأت كذلك لإهمال الأعجام. وأما ضرة (وقد ضبطها ضبط مرة) فليست كتابتها كذلك بل ضراء (كسماء) كأنك تقول: ثعبان الضراء فحذفت المضاف وأبقيت المضاف إليه وهو كثير الأمثلة في لغتنا. والضراء هو الشجر المتلف في الوادي أو أرض مستوية تأويها السباع والحيات وبها نبذ من الشجر. ولا نريد أن نمتد في هذا الموضوع أكثر مما أتينا عليه. إذ غايتنا إيراد أمثلة وشواهد لا ذكر كل ما هناك من هذا القبيل. 3 - غنى لغتنا ذكر حضرة صديقنا الودود بعض الألفاظ الإنكليزية ولم يقابلها بما عندنا مما يؤدي معناها أحسن تأدية بكلام أو لفظ موجز مثال ذلك كلمة فقد وضع بازائها في لساننا: - 1 - فضلة في الفم - 2 - الفطر - رتبة من النباتات بدون سوق أو جذور أو أوراق وليس فيها كلوروفيل وتتكاثر بالبذور - عرهون - فطرة (ج فطر) كمأة - عرجون - عيش الغراب - فقاع - شحم الأرض - عسقل (ج عساقل) اهـ. فنقول إن اللفظة اللاتينية التي اتخذها الإنكليز وعلماء سائر اللغات هي

عربية الأصل في نظرنا وهي الفقع (بفتح الأول وكسره) فالفاء في اللغتين العربية والغربية واحدة وأما النون الإفرنجية فمن وضع الغربيين وهم كثيرا ما يقحمونها كلما وجدوا متحركا فساكنا عندنا. مثال ذلك وبالإضافة أي ينبوع أو عين. فأصلها (بض) واصل البض: السيلان قليلا من شق صغير في الأرض. وفيه لغات بط ونبض إلى غيرها. وكذلك القول في أي الجبل فإن أصله (مد) أو مط لامتداده في السماء أو الجو، إلى غير ذلك وهو كثير. والفقع بالمعنى الذي يريده الغربيون مذكور أيضا في كتب السلف منا. قال في اللسان: (الفقع والفقع بالفتح والكسر: الأبيض الرخو من الكمأة وهو أردأها. قال الراعي: بلاد يبز الفقع فيها قناعه ... كما ابيض شيخ من رفاعة أجلح وجمع الفقع بالفتح فقعة (كقردة) مثل جبء وجبأة. وجمع الفقع بالكسر فقعة أيضا مثل قرد وقردة. وفي حديث عاتكة: (قالت لابن جرموز: يا ابن فقع القردد) قال ابن الأثير: الفقع ضرب من أردأ الكمأة. والقردد أرض مرتفعة إلى جنب وهدة وقال أبو حنيفة: الفقع يطلع من الأرض فيظهر أبيض وهو رديء. والجيد ما حفر عنه لو استخرج. والجمع أفقع وفقوع وفقعة. قال: ومن جني الأرض ما تأتي الرعاء به ... من ابن أوبر والمغرود والفقعة ويشبه به الرجل الذليل فيقال: (هو فقع قرقر ويقال أيضا: (أذل من فقع بقرقر) لأن الدواب تنجله بأرجلها. قال النابغة يهجو النعمان بن المنذر: حدثوني بني الشقيقة ما يم ... نع فقعا بقرقر أن يزولا الليث: الفقع. كم يخرج من أصل الأجرد: وهو نبت قال: وهو من أردأ الكمأة وأسرعها فسادا. انتهى كلام صاحب اللسان. فأنت ترى من هذا النص البديع التفصيل (وقد أوردناه برمته ليعلم فضل السلف العرب من ينكره عليهم) إن ما سماه الغربيون هو الفقع نفسه. له بقية

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سرقة كتب مخطوطة من خزانتنا في أيام الشتاء سرقت من خزانتنا ثلاثة كتب مخطوطة، لكننا لم ننتبه إلى فقدها إلا في أول أيار من هذه السنة، حين احتجنا إلى مراجعة اثنين منها، أما أننا فقدناها في أيام الشتاء فلأننا رأينا مكانها فارغا في ذلك الحين. وكنا نظن أننا وضعناها تحت يدنا لاحتياجنا إليها ولم يخطر في بالنا أنها سرقت ولما أردنا رؤيتها وطلبناها في مظنتها لم نجدها. وأول هذه المخطوطات مصحف مخطوط بقلم (ياقوت) كما هو منصوص في آخره بعبارة تركية تقع في أكثر من صحيفة. وكل صفحة منه مقسومة إلى كتابة الآية في أعلاها بقلم ثلثي ثم يليها كتابة الآيات التي تليها بقلم نسخي فبقلم ثلثي فبقلم نسخي فبقلم ثلثي أي أن متصفح المصحف يرى في الصفحة الواحدة كتابة بالقلم الثلثي في أعلاها ووسطها وآخرها وبين سطور الثلثي سطور بالنسخي والخط من أبدع ما يمكن وهو محلى ومطلى وكنا قد أخذناه إلى لندن في سنة 1921 فأهدى إلينا أحد الأميركيين بدلا منه خمسمائة ليرة إنكليزية فأبينا. وهو مجلد بجلد أسود وكان قد أهداه السلطان محمود خان إلى داود باشا الكرجي الأصل والي بغداد في نحو سنة 1829م ولما توفي الوزير المذكور في المدينة وضع وارثوه أيديهم على كتبه ومقتنياته فانتقل المصحف المذكور من واحد إلى واحد حتى صار بيدنا، ثم سرق منا. ومن عادتنا أن نسم كتبنا بخاتم خاص بنا ونطبع به الصفحة الأولى والأخيرة من كل كتاب ثم الصفحة ال 50 فصفحات المئات مثل 100 و200 و300 إلى آخر ما هناك من المئات. وكان نقش الخاتم قبل الحرب الكبرى باللغة اللاتينية وبحروفها، حتى إذا أخذها أحدهم لا يهتدي إلى قراءة صاحبها الشرعي وهكذا نجد فيها سمتنا عليها. أما بعد الحرب فكنا قد وضعنا على كتبنا ومخطوطاتنا نقش خاتم حفرناه في النجف في سنة 1918 وهذا ما عليه: (المكتبة الشرقية العراقية للآباء المرسلين

الكرمليين في 18 بغداد 19). ونختم الصفحات كما ذكرنا بحبر لا يمحى والناس يعلمون هذا الأمر ولهذا كان السارقون يقصون بالمقص الصفحات المذكورة. لكن يجهلون أنهم بمحوهم أو بقصهم تلك الوجوه يثبتون أن الكتاب مسروق من خزانتنا بدليل عملهم هذا. وليس في بلاد الله كلها من يختم صفحات كتبه بالنظام الذي سردنا تفصيله. على إننا لم نختم المصحف المذكور بخاتمنا لأسباب يطول شرحها. أهمها أن ليس في صفحاته أرقام ولأننا لم نرد أن نشوه محاسنه بخاتمنا الكبير الضخم الذي في حبره أجزاء تجعلها لا يمحى البتة. أما الكتابان الآخران فلم يتيسر لنا ختمهما أيضا لأننا أردنا أن نختمهما مع سائر الكتب التي كنا أجلنا وسمهما إلى سنوح الفرصة، إذ الوقت الفارغ قليل عندنا غاية ما يكون، فكنا لا نختم من الكتب إلا إذا اجتمع عندنا منها مقدار مائة أو مائتين حرصا على الوقت فذهب هذان المخطوطان غفلين من كل سمة من سماتنا. سوى أننا كتبنا بالإفرنجية في الصفحة الأولى منهما بما معناه: اشترى هذا الكتاب الأب أنستاس ماري الكرملي بكذا من المال في اليوم والشهر والسنة الفلانية) ومحو هذا السطر هين بإمرار حبر أسود فاحم عليه أو بوسيلة أخرى لا تصعب على من يسرقه. والكتاب الثاني المسروق لم نهتد إلى اسمه إلى الآن إلا أننا نرى فراغ مكانه بين المخطوطات النفيسة ودونك الآن وصف الكتاب الخطي الثالث وهو (دمية القصر) للباخرزي: في نحو أواخر شهر نيسان سنة 1928 اشترينا هذا الديوان من أحمد حامد أفندي الصراف بمائة وعشرين ربية. وفي ورقته الأولى ترجمة المؤلف منقولة عن المولى طاشكبري زاده وفيها أيضا اسم أجد أصحابها وقد محي أكثره ومما يتبين للمتبحر فيها أنه الحاج محمد جواد ابن الحاج عبد ال. . . في سنة 1145 وفيها أيضا: (مما انتظم في سلك ملك أحقر العباد عيسى بن (كذا) المرحوم السيد مصطفى الحسني الشهير بالعطار سنة 1205) وفي آخر السفر ما هذا بعض نصه بحرفه: (وهذا آخر الكتاب. . . ونجزت بعونه تعالى هذه النسخة المباركة على يد

المذنب. . . مصطفى بن أحمد البغدادي بمدينة دار السلم بغداد. . . في أواسط شهر ذي الحجة الشريفة من شهور سنة أربع وستين بعد الألف من الهجرة النبوية. . .) وجاء بعدها متن القصيدة القطميرية ويليها رسالة عنوانها: (روح الجنان وروح الجنان لأبي الحسين علي بن المقرئ. ويعقبها قصيدة الفرزدق التي يمدح بها علي بن الحسين: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته ... والبيت يعرفه والحل والحرم ثم يأتي بعدها (كتاب التيسير في علم القراءة السبع) جمع الإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان سعيد. وفي آخر ذلك كله أنه فرغ من كتبه في أواسط رمضان سنة 1064 مصطفى ابن أحمد. ويتلو ذلك قصيدة بانت سعاد وأخرى مطلعها: كيف ترقى رقيك الأنبياء ... يا سماء ما طاولتها سماء ثم شيء عن تبالة في اليمن وقد نقلها أحد الأدباء ليدرجها في (لغة العرب) وهي لعبد الحميد البغدادي الشهير بالحكيم زاده. ويتلو تلك الأوراق فوائد أخرى له أيضا. والمجلد كله بخط كاتب واحد جلي القراءة فصيح الحروف التي تكاد تكون بحجم 24 من مجلة لغة العرب. وكان قد استعار منا أحد الفضلاء هذه الدمية فنقل منها قصائد وفوائد لعلنا ننشر منها شيئا إذا سنحت لنا الفرصة. 2 - عمر الحضارة أخذ تاريخ الحضارة يزداد اتضاحا عند كل اكتشاف أثري جديد فقد ظهر أن الزمن الذي بدت فيه الاكتشافات التي أزاحت أستار الغموض عن الحقائق الكبرى والتي انتشلت الجنس البشري من أعماق البربرية يرتقي تاريخه إلى عهد بعيد جدا ففي القرن الغابر كانت التعاليم تفرض أن العالم لم يخلق إلا قبل 6000 سنة وكانت هذه التعاليم تدرس عموما في جميع المعاهد لكن الواجب يحتم علينا الآن تعديل نظرياتنا عن سير تقدم البشر استنادا إلى ما اتضح من أن أناسا عاشوا قبل 6000 أو 7000 سنة أو ربما قبل ذلك بكثير لأنهم كانوا قد بلغوا شأوهم من الحضارة والمدنية إذ استطاعوا أن يبنوا بالحجارة والآجر واتخذوا الآنية الخزفية مخروطة واستعملوا الكتابة لتدوين أفكارهم وقد أذاع الدكتور ا. س. أ. ج. لكندن في

السنة الماضية آراءه على صفحات (الديلي تلغراف) مبينا الأعمال التي تنويها بعثة جامعة أكسفورد وبعثة متحفة شيكاغو للقيام بها في الشتاء المقبل. وقد تواردت علينا الأنباء الرسمية عن شيكاغو مفيدة أن البعثة قد عثرت على بعض العاديات مما يرتقي تاريخه إلى 4000 سنة قبل المسيح أو أكثر وليس ذلك بالأمر العجيب لأن هناك من الأسباب الموثوق بها ما يحملنا على الاعتقاد بأن سكان بلاد الرافدين استعملوا النحاس قبل المسيح بأربعة آلاف سنة فعلية أن الحضارة التي نهضت بأصحابها إلى درجة تمكنوا فيها من اتخاذ المعادن لا بد أن يكون قد مضى على بزوغها في فجر التاريخ زمن طويل. ولكن أين نشأت تلك الحضارة ومن الذين أنشئوها؟ - ذلك لا يزال من الأسئلة المعقدة أجوبتها. قد يصح تطبيق المأثورة القديمة والنظرية الحديثة التي اتخذت من مصر أما لجميع العلوم لأن هناك احتمالا أن الأمة التي نشرت الحضارة المصرية العظمى ظهرت لأول مرة في مصر (5000) سنة قبل المسيح ولم يمض على ظهورها زمن طويل حتى شرعت البلاد في اتخاذ النحاس على إنه لم يتحقق حتى الآن هل كانت مصر أو بابل هي المكتشفة لطريقة استعمال النحاس وقد يصح أن كلتيهما تلقت هذا الفن مع فنون أخرى أوسع نطاقا من أحد مصادر العلم والثقافة القريبة من آسية الوسطى. فقد اكتشف في بلاد تركستان النائية كنز ذهبي تدل علائمه على أنه من عهد الحضارة البابلية القديمة وتوصل الدكتور لنكدن إلى تمييز بعض العلاقات بين العاديات المستخرجة من كيش وتلك التي جيء بها من بلاد فارس في عهدها السابق للتاريخ أن هيئة الناس الذين قطنوا ديار الرافدين معلومة لدينا ولنا من المذمرات (التماثيل النصفية) ما يبلغ 5000 سنة في القدم وليس في الوجه من الملامح ما يدل على أنه من أصل سامي بل فيه شيء من السيماء المغولية وفي الإمكان مشاهدة أمثال هذه الوجوه في مختلف أنحاء أوربة في يومنا هذا ومن أغرب ما يذكر عن هؤلاء الناس أنه كلما توغلنا في البحث عن أديانهم نجدها تزداد بساطة فمن دين تتعدد فيه الآلهة وإذا أوغلنا في التنقيب عنه نجد أقصى تاريخه قائما على ثلاثة آلهة يجمعهم ثالوث واحد وفي رأي الدكتور

لنكدن أن ما كان من الآلهة قبل ذلك لم يتعد عدد الواحد وهذا الواحد هو الإله (آن) والد الآلهة كلها جمعاء فإذا كان لرأيه نصيب من الصحة وجاءت الحفريات الجارية في كيش مؤكدة أن أو دين دان به الإنسان المتمدن كان قائما على عبادة إله واحد فلا بد أن يكون لهذا الأمر الخطورة العظمى في ما نعهده من النظريات عن الحياة البشرية (عن الديلي تلغراف في 31 ك2 سنة 1929) تعريب أميل لورنس 3 - الوزارة السويدية صدرت الإرادة الملكية بإسناد كرسي رئاسة الوزراء إلى صاحب الفخامة توفيق بك السويدي ودونك صورة كتاب صاحب الجلالة وإرادته المطاعة: وزيري الأفخم توفيق السويدي بناء على استقالة فخامة عبد المحسن السعدون من منصب رئاسة الوزراء ونظرا إلى اعتمادنا على درايتكم وإخلاصكم فقد عهدنا إليكم برئاسة الوزارة الجديدة على أن تنتخبوا زملائكم وتعرضوا أسماءهم علينا والله ولي التوفيق. صدر عن قصرنا الملكي في اليوم التاسع عشر من شهر ذي القعدة لسنة ألف وثلاثمائة وسبع وأربعين هجرية الموافق لليوم الثامن والعشرين من شهر نيسان لسنة ألف وتسعمائة وتسع وعشرين ميلادية. فيصل صدرت الإرادة الملكية بناء على ما عرضه رئيس الوزراء بتعيين: توفيق السويدي وزيرا للخارجية والأوقاف عبد العزيز القصاب: وزيرا للداخلية يوسف غنيمة: وزيرا للمالية داود الحيدري: وزيرا للعدلية محمد أمين زكي: وزيرا للدفاع الحاج عبد المحسن الشلاش وزيرا للمواصلات والأشغال سلمان البراك: وزيرا للري والزراعة وخالد سليمان: وزيرا للمعارف على رئيس الوزراء تنفيذ هذه الإرادة كتب ببغداد في اليوم الثامن والعشرين من شهر نيسان سنة 1929 واليوم التاسع عشر من شهر ذي القعدة سنة 1347. فيصل توفيق السويدي رئيس الوزراء 4 - رئاسة المجلس النيابي فاز فخامة عبد المحسن بك السعدون رئيس حزب التقدم برئاسة المجلس النيابي بعد أن شغر كرسيها بإسناد وزارة

الداخلية إلى معالي عبد العزيز القصاب. 5 - البطريرك أغناطيوس افرام الثاني رحماني نعى البرق من القاهرة البطريرك أغناطيوس أفرام الثاني رحماني كبير الطائفة السريانية الكاثوليكية وقد ذهب إلى حلوان ليستشفي بمائها لداء ألم به فتوفي فيها في 7 أيار تاركا له أثرا بل آثارا لا تمحى في العلم والفضيلة. ولد المرحوم في الموصل في 7 نوفنبر (ت2) سنة 1848 ودرس في مدرسة الدمنكيين ثم ذهب إلى رومة وسقف على الرها (اذسا) في 2 ت1 (أكتوبر) سنة 1887 ونقل إلى أبرشية بغداد في 20 أيلول 1890 سنة فحول إلى حلب في أول أيار (مايو) من السنة المذكورة وأقيم بطريركا على السريان في 9 ت1 (أكتوبر) 1898 وأثبت في مقامه في مجمع الكرادنة في 28 ت2 (نوفنبر) من السنة المذكورة نفسها متخذا لنفسه اسم أغناطيوس وكان اسمه لويس حين كان قسيسا وأفرام حين كان أسقفا وكان مقام البطاركة السريان في ماردين فسعى في جعله في بيروت. وكان يحسن من اللغات الشرقية: العربية والأرمية والعبرية والفارسية وشيئا من التركية ومن الألسنة اللاتينية واليونانية والإيطالية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية وربما كان يعرف غيرها وكان له أجل وقوف على آداب الشرق وتواريخه وعلومه وله تآليف عديدة بألسنة شتى تشهد له بمعارفه الوافرة وعلو مداركه فكان من أعلم أعلام الشرق ومن أبر أبنائه رحمه الله رحمة واسعة. 6 - طغيان الفرات ندرج هنا البلاغ الرسمي الذي أذاعته إدارة المطبوعات بحرفه وعلاته: (لقد طغى نهر الفرات في الآونة الأخيرة طغيانا عظيما لم يسبق له مثيل منذ عشرات من السنين؛ وبالرغم من اعتناء الحكومة واهتمامها في تحكيم السداد فإن قوة المياه الفائقة للعادة قد تغلبت على السداد وكسرت معظمها وأضرت إضرارا لا يستهان بها. وقد منيت بعض ألوي الفرات: (الدليم والحلة والديوانية) بخسائر زراعية وقد اتخذت الحكومة الترتيبات المستعجلة الآتية: 1 - جلبت الألوف من العمال والفعلة لتشغيلهم في تحكيم الكسرات ومراقبة السداد ووقايتها من الخطر المحدق بها.

2 - قررت الحكومة بصورة مستعجلة إسعاف المنكوبين بالأرزاق والسكنى لتامين راحتهم وأصدرت الأوامر اللازمة للملحقات لتشكيل لجان خاصة لإيواء وإطعام المنكوبين. 3 - أما الموظفون الإداريون والمهندسون فإنهم مهتمون في تحديد الأضرار، والحكومة باذلة أقصى جهدها في سبيل إيقاف الضرر والخطر المحدقين في الألوية المار ذكرها. 4 - لم يحصل ضرر ما في النفوس 5 - وسنوافيكم بأخبار الفيضان عند حصولنا على معلومات جديدة. 7 - ضحايا فيضان الفرات يظن أن ضحايا فيضان الفرات جاوزت ألف نسمة أكثرها من الأطفال. وخلت عدة قرى ودساكر من سكانها الذين فروا منها مذعورين. وأغلبهم لجئوا إلى كربلاء فمد أهل هذه المدينة أيديهم إلى المنكوبين وساعدوهم بكل ما كان في طاقتهم. 8 - يوبيل الرافعي نقلت إلينا أخبار لبنان أن احتفل العلماء والشعراء بيوبيل الشاعر الكبير عبد الحميد بك الرافعي وذلك في 7 نيسان فازدان المجلس بأعاظم الرجال وأفاضلهم وتليت الخطب وأنشدت القصائد ونحن نهنئ الرافعي بيوبيله الخمسيني ونتمنى له اليوبيل الألماسي وما وراءه.

العدد 71

العدد 71 - بتاريخ: 01 - 07 - 1929 القلم حاجية

المترجم (أي المعرب) اهـ. وأخال أن لا غناء عن التنويه بأن مرتضى أفندي نظمي زاده لم يكن واليا بل كان كاتبا وشاعرا ومؤرخا وهو مؤلف (كلشن خلفا) الذي مر بنا اسمه مرارا في هذه المجلة. وأوسع ما عرفته عن هذا المصنف هو ما جاء به هوار وفي ذلك ترجمة والده وستأتي بعيد ذلك. والمعرب الثاني لتصنيف مرتضى أفندي عن الأصل هو عيسى صفاء الدين البندنيجي. وها أنقل عن مقدمة تعريبه ما دعاه إلى ذلك نقلا عن مخطوط مبعث الآباء الكرمليين لما في ذلك من اللذة والفائدة. قال ص 7: (أما بعد فيقول - صفاء الدين عيسى القادري المقشبندي البندنيجي - أن علم التاريخ والأخبار مما ينشر بساطه في مقاعد أولي السعادة الأخيار - ولا سيما تاريخ الأنبياء الكرام وورثتهم من الأئمة الأعلام وسائر العلماء العاملين والأولياء والصالحين - ومن يسرح طرف الطرف في حدائق أسطاره - من زكت أعراقه - ذو الأيادي الحاتمية - السيد - الشريف - الحسيب - الكريم - القادري الحسب والنسب - رئيس عترة الكيلاني - نقيب الأشراف السيد محمود أفندي - وبينما أنا في غصص الزمان أتجرع مرائرها فيه آنا فإن - لما أنا في زمان أندرست في (كذا لعلها فيه) المعالم - وإذا بطارق يطرق الباب - فقلت من هذا؟ فقال خادم سلالة الأطياب - النقيب - أرسلني يدعوك - فأجبت - وسرت - فتشرفت بناديه - ثم بعد استقراري - ناولني كتابا - وقال أن هذا الكتاب في بابه أعجب من العجاب حوى تراجم الوجوه والأعيان وحاز مآثر غرر نواحي الأزمان من الأصفياء والأولياء المقبورين في بغداد وما يتبع قضائها (كذا) من البلدان. إلا أنه تركي البيان - فالمأمول أن تترجمه بلسان العرب - ولما انتهى كلامه - أطرقت مليا وقلت في نفسي خفيا هو مني مناط الثريا. وما للبندنيجي والبيان فإنه عجمي الطبع واللسان - فرفعت رأسي، وأظهرت ما في نفسي معتذرا - فكلما اعتذرت إليه - لم يفد الاعتذار إلا تكرار الطلب والإصرار. فلم يسعني إلا المسارعة والبدار إلى الامتثال والائتمار. على

إني مولع بخدمة هؤلاء الفحول - معتقدا فيهم علو الشأن والرتبة. . . وكان الإشارة إلي في ذلك - من الأخ الصفي (وقد نعته الصرفي - النحوي العروضي اللغوي الأديب المناظر البياني المحدث المفسر الكلامي الأصولي الفقهي المنطقي المدرس المحرر الواعظ) أحب أحبائي شهاب الدين السيد محمود أفندي الآلوسي - ووافقه في تلك الإشارة الورع الزاهد - السيد - الشريف - إمام العصبة الحنيفية في الحضرة القادرية وخطيب أهل السنة السنية - السيد عبد الوهاب - وحثني عليه - من هو من جسدي بمنزلة الروح - نخبة أولي النباهة - كمالاته تتنافس فيها الأشراف - ضم إلى حسن الأخلاق. ظرافة تضحك له مباسم الأوراق - يرتاح بطيب حديثه من جالسه وحادثه - عارف للناس وزمانه - ولي الإمامة في سدة إمامنا أبي حنيفة النعمان. زمن الوزير داود باشا مدة من الزمان - وولي توليتها سنة زمن وزير الوقت علي باشا. ثم عزل لأمر أراده الله وشا - قسي الفصاحة. حاتمي السماحة - عبد الرحمن أفندي - فلا جرم شمرت عن ساعد الاجتهاد - فلازمت ترتيب المؤلف في التقديم والتأخير والتزمت إضافة زيادات بعد التهذيب والتحرير - والمرجو من فضلاء الزمان أن يصلحوا بقلم فضلهم ما فيه من الفساد. . .) اهـ. وعقب ذلك تعريب مقدمة الأصل التركي ومما فيه: (أما بعد فإن سلطان السلاطين - أبا الفتوح السلطان محمد خان - لما ولى - إبراهيم باشا ايالة بغداد - سنة سبع وسبعين وألف (1666) دخلها وصار لسكانها الغيث والكهف. ولم يزل يتذاكر (كذا) في مناقب الأولياء - فسئل (كذا) هذا الحقير عن كتاب حافل لذكر مناقبهم المنيفة - فلم أظفر بكتاب مختص بالبحث عن المقبورين في الزوراء فنهضت متشبثا بأذيال المصنفين الفضلاء ونظمت دور مآثر مختصة بأولئك الأجلاء جامعا إياها من كتابي شواهد النبوة ونفحات الإنس المنسوبين إلى - مولانا عبد الرحمن الجامعي - والبهجة وشرح

الهمزية وروضة الصفا وتاريخ ابن خلكان وغيرها وسميتها: جامع الأنوار في مناقب الأخيار إلا أنه لاستعجالي في تصنيفه - كان محتاجا إلى التكميل - ولم يساعد التقدير - إلى أن تولى بغداد - إبراهيم باشا الثاني - سنة ألف واثنتين وتسعين (1681 م) فدخلها - أثناء جمادى الأخرى (كذا) ولم يزل كسلفه مولعا بتدبر مناقب الأولياء وتتبع مآثر الصلحاء فأخبر بالكتاب المؤلف المذكور - فطلبه - فشرعت في تكميله والزيادة عليه - ثم أهديته وقدمته بين يديه. . .) اهـ. ثم قال المعرب: انتهت الديباجة ولنشرع في المقصود - من تعريب تراجم الوجوه والأعيان المدفونين في بغداد وما يليها من البلدان. . .) اهـ. تراجم المؤلف والمعربين المؤلف نظمي زاده مرتضى أفندي لم يقصر مؤلفنا مرتضى أفندي على تأليف الكتاب الذي عقدنا له هذا الكلام بل له غير ذلك من المصنفات وفيها كلشن خلفا وهو تاريخ لبغداد. وقد توسع فيه المؤلف في أخبارها في العصر العثماني بالنظر إلى حجم الكتاب وهو من جل مآخذ هوار الذي رأى أن يأتينا بترجمة المؤلف مع ترجمة والده في مدخل (تاريخ بغداد في الأعصر الحديثة). وإليك الآن ما قاله هوار معربا: (كان مرتضى تركيا وهو ابن الشاعر نظمي، وقد هاجر الوالد مع أغلب الأتراك من بغداد حينما استولى عليها الشاه عباس وكان نظمي قد اختفى أياما ثم تنكر بزي درويش وأخذ معه والدته وهو مكشوف الرأس حافي القدمين لا زاد له ووجهته آسية الصغرى (الأناضول) واجتاز بالحلة وكربلاء فأقام فيهما مدة للراحة ثم سار نحو حافظ أحمد باشا وكان الباشا بطريقه إلى العراق عائدا إليه ليحاول استرداد بغداد ممن أخذها الأمر الذي لم يفلح فيه. وكانت بين نظمي وبين القائد (حافظ أحمد باشا) معرفة سابقة فتبع نظمي أحمد باشا إلى آسية

الصغرى وتسلى عن بعده من وطنه بتردده إلى كبار الموظفين من هم برتبة وزير و (ميرميران) وبإثرائه من رفقتهم. والمحتمل أن ثروته جمعت مما كانوا يهدونه إليه لقاء قصائده بمديحهم. وتجد من نظمه ما نقله ابنه مؤلفنا (مؤلف كلشن خلفا) عن ديوانه أو عن مجموعة من قصائده من ذلك بيتان من قصيدة أنشدها حينما قدم السلطان مراد إلى أورفة وهو يسير إلى بغداد (1048 - 1638) وقد عاد هذا الشاعر إلى وطنه (بغداد) بعد أن استرجعها الأتراك. وكانت عودته عقيب علمه بموت الشاه صفي ملك فارس في 14 صفر 1052 (14 أيار 1642) وكان برفقة نظمي أولاده وحفدته وظل عائشا بعد ذلك فإنه نظم في سنة 1069 (9 - 1658) تاريخا لبناء جامع السلاحدار محمد باشا ذلك الجامع الذي لم يتم إلا بعد خمسة وعشرين عاما أي في سنة 1094 (1683). هذا ما كان من أمر نظمي. أما مرتضى فإنه تعرف برجال نقلوا حكاية استعداد المحاصرة لبغداد في سنة 1035 (6 - 1625) وكانت بغداد إذ ذاك بقبضة صفي قولي خان الذي ولاه الإيرانيون عليها. وشهد مرتضى (ملك أحمد باشا) (والي بغداد) - المشتهر بهذا الاسم لفضائله - يصلي صلاة الميت على عامل مات تحت ردم جدار. وقد قال الباشا أن من يموت وهو يسعى في كسب رزقه يعد شهيدا. وعرف مرتضى سميه مرتضى باشا الذي كان حظيا في أعماله يتفاءل لصيادي السمك في دجلة. وروى ملحتين ونظم عدة تواريخ في استرداد قبرص في سنة 1081 وفي مولد السلطان أحمد الثالث في سنة 1084 (1673) وفي ترميم بغداد معروف الكرخي في زمن عبد الرحمن باشا الذي كان (واليا في بغداد) من سنة 1085 إلى سنة 1087 (6 - 1674 وفي إتمام السلا حشور

محمد بك لجامع السلاحدار في سنة 1094 (1683). فكان مرتضى شاهد عيان للوقائع التي يرويها في القسم الأخير من كتابه وكانت وفاته في سنة 1133 (1720) على رواية أحمد حنيف زاده نقلا عما هو ملحق بكشف الظنون المجلد 6: 574 و578 و606 من طبعة فلو كل وفي سنة 1136 على رواية هامر) اهـ. وحاشية هوار ترجعنا إلى كتاب بالألمانية ذكر اسمه، وإلى فهرس المخطوطات التركية للمتحفة البريطانية. ويؤيد سجل عثماني (4: 560) رواية أحمد حنيف زاده في أمر سنة الوفاة فإنه قال ما تعريبه: (نظمي مرتضى أفندي: رجل بغدادي وهو ابن السيد علي البغدادي ولد في بغداد ثم قدم إلى الآستانة وتوفي فيها في سنة 1136 (1723) وهو شاعر ماهر. وله من التآليف كلشن خلفا وذيل سير نابي وتيمور نامه وترجمة تاريخ وصاف. وفي قائمة المخطوطات العربية والفارسية والتركية التي أهداها دى كردمانش إلى الخزانة الأهلية في باريس (ص 89) أن نظمي زاده البغدادي مرتضى أفندي هو ابن السيد علي أفندي نظمي البغدادي. وذكر له شرحا لشواهد مغني الليب وعد تصانيفه بالتركية ونسب إليه الديوان الذي ذكره هوار لوالده كما رأينا. وقال أيضا أن كشف الظنون (6: 544) ينسب إليه ترجمة تاريخ ابن عربشاه إلى الفارسية ومعجم تاريخ وصاف الحضرة (6: 566). قلت والذي أراه في فهرس المخطوطات العربية والفارسية والتركية المحفوظة في خزانة ويانة (فلو كل 1: 109 و2: 185) أن كتاب (لغت وصاف) هو لحسين أفندي ابن السيد علي نظمي زاده وأن له شرح وصاف. ويؤيد ذلك ما جاء في مخطوطات الموصل (ص 31 عدد 125) أن للسيد عبد الأمين كتابا تركيا ينتقد به شرح نظمي زاده حسين أفندي لديوان (كذا) وصاف. حسين أفندي نظمي زاده ليس من عادتي في مثل هذا المعرض الصمت عن التنويه بفاضل كهذا الذي كان شيخا للشيخ عبد الله السويدي الذي قال في رحلته (مخطوطي ص 13 و14): (وأخذت علم التفسير عن شيخنا الشيخ حسين نظمي زاده. قرأت عليه تفسير

جزؤ عم للقاضي البيضاوي وقرأت على ذلك (؟) درسا حاشية المولى عصام الدين مع ما كنت عليها (؟). . . وأخذت المعاني والبيان والبديع على شيخنا حسين نظمي زاده. قرأت عليه الشرح المختصر على التلخيص مع مراجعة الشرح المطول. . .) اهـ. ولحسين أفندي ترجمة بالتركية لرسالة في الهيئة جاء في مقدمة الترجمة أن مؤلفها هو إبراهيم القرماني ثم الأمدي وقد كتبها للسلطان إبراهيم (وفاته في سنة 1058 هـ - 1648) ويقول المترجم أنه قد رفع تأليفه إلى والي بغداد حسن باشا. وعندي نسخة قديمة من الترجمة. المعرب الأول السيد أحمد ابن السيد حامد فخر (فخري) زاده مفتي الحدباء (الموصل) جاء ذكر ترجمته في غاية المرام في تاريخ محاسن بغداد جار السلام لياسين ابن خير الله العمري الموصلي (مخطوطي ص 399) قال: هو غرة جبهة الفضلاء. وعنوان صحيفة العلماء المقدم في كل فن من العلوم سافر إلى بغداد في أيام عمه ذو (كذا) الرشاد وزار قبر جده الإمام علي البطل الضرغام، ومدحه بقصيدة طنانة فريدة وسيرد عليك ما رق وراق. وعاد إلى الموصل وولي الإفتاء سنة ألف ومائتين وثلاثة (كذا) (1788) فأقام بهذه الرتبة السنية والخدمة المرضية، وأرضى جميع البرية إلى أن أدركه الحمام فقضى نحبه ولقي ربه سنة ألف ومائتين وتسعة عشر (كذا) (1804 م) (وهنا أورد أبياتا من القصيدة التي نوه بها ومطلعها): أتينا نجوب البيد حثا على السير ... نأم (كذا) اغتراف الفضل من ذلك البحر وفي ص 249 من هذا المخطوط في الكلام عن شهداء كربلاء قول مؤلفه: (ورأيت في نسخة ألفها الفاضل مرتضى أفندي الشهير بنظمي زاده ألفها سنة ألف واثنين (كذا) وتسعين باسم الوزير إبراهيم باشا والي بغداد. ألفها باللسان التركي فنقلها إلى العربية مفتي الموصل السيد أحمد فخر (كذا) زاده. . .) المعرب الثاني عيسى صفاء الدين البندنيجي قالت جريدة (العرب) البغدادية في عددها المرقم 13 المؤرخ بتاريخ 31

تموز 1917 أنها وجدت عند أحد الأصدقاء الأخصاء كتابا خطيا صغيرا سماه صاحبه: شعراء بغداد في أيام وزارة المرحوم داود باشا والي بغداد من سنة 1200 إلى سنة 1246هـ (1830م) تأليف الفاضل عبد القادر الخطيبي الشهرباني وأن فيه ترجمته نقلا عن لسانه. وفيه تراجم من كان في عهده من الشعراء والعلماء والفضلاء. وقد وجدت فيه ترجمة عيسى صفاء الدين وترجمة أبيه اللتين سأنقلهما إلا أن الذي ظهر لي من مطالعة ترجمة (الخطيبي) أن كاتب ترجمته هو غيره فإنها تذكره بصيغة الغائب ثم تذكر وفاته فلا يكون الخطيبي قد ترجم نفسه ويكون المخطوط تأليفا لغيره وهو يحوي أربعا وثلاثين ترجمة على ما في جريدة (العرب). وهذه ترجمة السيد عبد الله البندنيجي وابنه عيسى صفاء الدين أو صفائي وقد وردت في العدد المرقم 57 المؤرخ بتاريخ 6 تشرين الأول سنة 1917: السيد عبد الله البندنيجي أصله من البندنيجين (مندلي الحالية) جاء أبوه بغداد وأخذ الطريقة عن الشيخ خالد وتخلف في الطريقة النقشبندية. وأوفده شيخه إلى البندنيجين بمنزلة خليفة فأقام هناك إلى وزارة داود باشا فقربه هذا منه وأدناه. وكان ذلك بالمكاتبة إلى أن صارت واقعة العجم فجهزوا عساكر ليزحفوا على بغداد. وكان داود باشا يستنشق أخبارهم من الشيخ الموما إليه فكان يطلعه على ما كان يقع في عسكر الأعجام. واتفق أن هؤلاء الأعجام قبضوا على مكاتبات الشيخ وكان يتكلم فيها عليهم بلهجة شديدة فجاء الإيرانيون وحاصروا البندنيجين فأخذوها قهرا وقبضوا على الشيخ المذكور وأحرقوه في النار فاستشهد رحمة الله عليه. نجله صفائي أفندي أو عيسى صفاء الدين كان نجله (أي نجل السيد عبد الله) هذا ذكيا منذ صغر سنه وكانت تظهر عليه إمارات الفطنة والزكانة قرأ العلم على الأصول المتعارفة وجاهد كل المجاهدة

في ميدانه حتى برز فيه وعرف بتفوقه به على غيره وبعد أن أتم دروسه على شيخه عبد الرحمن الكردي في بغداد أخذ منه الإجازة بها وكان المرحوم داود باشا يلاحظه وكان يمدح علمه وذكاءه فلما عمر الوزير المذكور جامعا كبيرا وأنشأ فيه مدرسة وخزانة كتب أقامه مدرسا فيها وهو اليوم يدرس العلوم صباح كل نهار ويرضع أفاويقها للمترددين عليه. وهو أيضا صاحب طريقة يجلس في تكية السيد علي البندنيجي قدس سره. وقد تزوج كريمة حفيد السيد علي البندنيجي. وهو الآن مقيم في تكيته المذكورة ويذهب كل يوم صباحا إلى المدرسة الداودية وبعد الظهر يرجع إلى التكية. أجزل الله سعيه! وجاءت ترجمته في أول كتابه في التراجم وهو الكاتب الذي نحن بصدده وذلك في نسخة مبعث الآباء الكرمليين أنقلها بنصها: (توفي ليلة الأحد لسبع عشرة ليلة خلت من رجب الفرد من شهور السنة الثالثة والثمانين بعد المائتين والألف من الهجرة وفي 14 من تشرين الثاني ودفن صباح الأحد في تكية البندنيجي في حجرة قرب قبة السيد علي. رحمهم الله تعالى. كان، عليه الرحمة، متوسطا في الطول والضخم، قوي البنية، متوسط الكف والقدم، بهي المنظر، حسن الصورة، بين البياض والسمرة، أحمر، واسع العينين، عريض الجبين، خفيف الدم، أحمر الشفتين، صغير الفم، لطيف الأسنان، أسود الشعر، لا بالسبط ولا بالقطط، لا بالكثير ولا بالقليل، عريض الزندين، والساقين، طويل العنق مهدل الأكتاف، واسع الصدر، معتدل القامة، فصيح الكلام، عذبه ذكيا، جيد الفطنة والإدراك، والانتقاد والفهم حاضر الجواب، خفيف الروح، جسرا، عاقلا، مدبرا، ذا أخلاق أرق من النسيم الوفا ودودا مصغيا منصتا، مكرما، متواضعا وقورا فروحا بوقار أديبا نجيبا محبوبا، ذا حافظة قوية، ونظم لطيف، ونثر عال وإنشاء في الألسن

الغربية، ومعرفة للألسن مثل العربي، والفارسي، والتركي، والكردي، (والفرانساوي). وخط بديع في جميع ذلك وغيره. شفاف الطبع، مرتب الهيئة. عالما بالنحو الصرف والمنطق والفقه والأصول والكلام والجدل والحديث والتفسير والتاريخ وغيرها من العلوم العقلية والنقلية حافظا للمتون والشعر كريما صالحا دينا متقيا ذا طريقة وعبادة، وعشق وفراسة وخيال وجمال. لا يكدر أحدا ولا يسب ولا يعبس قليل الغضب حليما بشوشا صفوحا سليم القلب، يتصدق سرا لا يترك الجماعة والقرآن والأوراد والصلوات والاستغفار والتسبيح والتهجد. ميسرا له ذا خدم وحشم وزروع وأملاك غالبا على نفسه قليل الضحك والمجون والهزل منعم نفسه بالركوب والتنزه وغير ذلك. ذا دقة في الأمور وحسن توقيع لها حسن الرمي والسباحة مهيء الأسباب لكل أمر عارفا بالطب والرمل ونحو ذلك تغمده الله برحمته وجميع المسلمين آمين) اهـ. والترجمة غفل من اسم كاتبها. وكان يسكن محلة القرية فقد قال عند كلامه عن الشيخ محمد الأزهري (مخطوط الآباء الكرمليين ص 592 قال المؤلف (نظمي زاده) هو أحد الأولياء. . . وكان والده من أصحاب الشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني فكان هو أيضا من جملة المنسوبين إلى تلك الطريقة السنية. . . توفي (الشيخ محمد) في بغداد ودفن بها في الجامع الشهير بجامع الخاصكي الواقع في محلة القرية من محلات بغداد انتهى. قد أنعم الله علي بجواري له محلة (ودارا.) اهـ. وقد رأينا تاريخ بناء هذا الجامع في ما تقدم بعد النصف من القرن الثاني عشر للهجرة وسبب إحداثه بعد عدة قرون من وفاة الأزهري هو وجود مرقده في هذا الموضع (راجع كلشن خلفا). وحبذا لو عني الأدباء بجمع تاريخ بلادنا وتراجم رجالنا! بغداد: يعقوب نعوم سركيس (جوائز سنية) نهدي إلى من يعيد إلينا (دمية القصر) الديوان المسروق 20 ربية وإلى من يعيد إلينا المصحف المسروق منا مائة ربية.

الكشافة

الكشافة ضربوا الطبول واصدحوا الأبواقا ... ومشوا على نهج الحياة رفاقا متهيئين لدفع كل ملمة ... ومعارضين لمن يثير شقاقا الصدق ديدنهم وكل فضيلة ... كي ينشروا بين الشعوب وفاقا قد دربوا في المعضلات لحلها ... في حين أن جعلوا الطباع رقاقا يتسابقون إلى الصلاح لأنهم ... طبعوا عليه فنوروا الآفاقا ألفوا المعونة والطموح مع الحجا ... طلبوا النجاة وهذبوا الأخلاقا نشروا السلام على الأنام ولم يزل ... إصلاحهم يبدو لنا مصداقا هم صفوة الناس الكرام لفضلهم ... وهم الذين تعودوا الإحقاقا هم أخوة في المعضلات وفي الهنا ... وبهم طريق أولي الرذائل ضاقا لا فرق بين قريبهم وغريبهم ... فلقد سقوا كأس الوفاق دهاقا درسوا العلوم مع الفنون وكلهم ... أضحى إلى نيل العلى مشتاقا حسنت مآثرهم وراق مرادهم ... وشموس مسعاهم رأت إشراقا بعثوا نفوسهم لأفضل مأرب ... والشهم من نحو الفضائل تاقا وقفوا تجاه الخطب بغية صده ... والخطب لولا البأس ليس يلاقى فشعارهم (أن يستعدوا دائما) ... ويثابروا كيلا يروا إخفاقا تخذوا الإشارات الخفية مرشدا ... فتجنبوا الأوهام والأعماقا واستخدموا شتى الرموز وسيلة ... لنجاحهم فبدوا بها حذاقا لو كان جيد للصلاح لأصبحت ... أعمالهم حقا له أطواقا من هؤلاء الشوس فينا ثلة ... لبلادهم قد أرخصوا الأعناقا تركوا المقال وباشروا أعمالهم ... سرا ليحيوا بالجهود (عراقا) فهم الحصون لدى الدفاع ومطلق ... لمقيد يرجو بهم إطلاقا إن كان قولي في الخيال فيالها ... من جنة ضربت علي نطاقا أو كان قولي للظنون مباءة ... فجميل ظني يورث الأشواقا بغداد: مصطفى جواد

نكبة الفلاح

نكبة الفلاح قصيدة من أبدع قصائد فيلسوف الشعراء وشاعر الفلاسفة الأستاذ الكبير جميل صدقي الزهاوي وقد صور فيها أفصح تصوير نكبة الفلاح العراقي، تلك النكية التي نزلت به في هذه السنة بفيضان الفرات وقد أنشدها في حفلة تمثيل رواية (الوطن) التي قامت بها فرقة السيدة فاطمة رشدي في ليل 5 حزيران سنة 1929 إسعافا لمرزوءي الفيضان. - 1 - قد طغى يطفح الفرات وعبا ... يملأ الأنفس الجريئة رعبا ساعة ثم طبق الأرض ماء ... فكأن الآتي قد جاء وثبا إن ذاك الذي عهدناه نهرا ... ضيقا أمسى اليوم كالبحر رحبا غمر الجانبين منه وأنحى ... يتسامى إلى التلاع فأربى أغرق الزرع والمساكن والش ... اء مطافيل والبساتين غليا إن يوما أنحى الفرات على الف ... لاح فيه يشله كان صعبا لم يكن هكذا يشد عليه ... مستبدا لو كان يملك قلبا كذبتنا الحياة في كل شيء ... ولعل الآمال أكثر كذبا - 2 - جاء غضبان بادي الأزباد ... عابئا بالأسداد والأرصاد وإذا كان السيل قد عب يجت ... اح فماذا مناعة الأسداد إن من كان في الجبلة حرا ... كلسرا للأغلال والأقياد ولقد مدته على ما أتاه ... كثرة للثلوج في الأطواد دهم السيل آمنين فريع ... القوم يستصرخون للإنجاد هبت الأمهات في الذعر ليلا ... يتعثرن فيه بالأولاد يا لها نكبة ألمت بناس ... فأضاعوا ما عندهم من رشاد

كابدوا الجوع بعد ذلك حتى ... نال منهم، وفت في الأعضاد فوجوه تكلحت وعيون ... خضلات غارت لطول السهاد هكذا الحادثات تبدو وتخفى ... في صدام الأزل بالآباد - 3 - قد تمادى الفرات في طغيانه ... وأبى إلا قسوة في افتتانه فاض حتى حسبته وهو يسطو ... ملكا يستبد في سلطانه غمر القاع ثم عب فأنحى ... يعتدي مزبدا على كثبانه أتراه مصارعا يتحدى ... أم تراه قد هاج من أشجانه ذاهبا بالشياه يجرفها ج ... رفا وبالزرع وهو في ريعانه جاء كالنمر الوحش يهلك ناسا ... رضعوا ما أدره من لبانه كم فتاة أودى بها في صباها ... وفتى قد أرداه في عنفوانه إنه في اكتساحه الزرع يعثو ... سل روح الفلاح من جثمانه لعظيم طوفانه وعظيم ... ما تلقى الفلاح من طوفانه ولقد كان قبل ذلك يأتي ... حاملا للسلام في أردانه - 4 - قد طحا بالفلاح يقسو الفرات ... وله كانت منه تأتي الحياة أذهب الزرع والمراعي جمع ... اء فجاعت أبناؤه والبنات قد أصابته في النهاية منه ... نكبات وراءها نكبات أمهات لهن تدعو صغار ... وصغار تدعوهم الأمهات ولقد أصبحوا جميعا بلا م ... أوى وباتوا وهم جياع عراة ذهب الزرع عند إدراكه والبي ... ت ثم الشياه والبقرات كل هذا في ليلة عصفت فيه ... االسوافي واشتدت الظلمات رب قوم باتوا جميعا فلما ... أصبحوا ألفوا إنهم أشتات إنما هذه الطبيعة قيد ... والنواميس كلها حلقات - 5 - القرى قد تهدمت والبيوت ... ثم عز المأوى وعز القوت

فتيات يعولن خوف المنايا ... ومنايا تطوف وهي سكوت بالآتي الفلاح فوجئ ليلا ... فهو في ظهر ربوة مبهوت ينظر السيل وهو ضخم مخيف ... يتنزى كأنه عفريت أمل ذاهب وجهد مضاع ... وشياه غرقى وشمل شتيت ليت شعري هل الطبيعة غضبى ... قد قضت في أبنائها أن يموتوا أين أين المفر والقدر الغ ... لاب قد سل سيفه الأصليت إنما في السماء قد رفعت والأ ... رض لله وحده الملكوت - 6 - جلل ما ألم بالفلاح ... جاءه السيل بغتة وهو طاحي إنه في ليل من الهم داج ... قد خلا صبحه من الأوضاح من حشاشاته رحى الهم نالت ... أقس بالهم من رحى ملحاح ظل في بهرة الشقاء مقيما ... ماله عنها ساعة من براح أفسدت عيشه صروف الليالي ... هل لما أفسدته من إصلاح كلما ازداد الفقر في بلد قلت م ... ن اليأس قيمة الأرواح أي نفع لبائس من حياة ... قد خلت حقبة من الأفراح هل لهذا الليل البهيم انتهاء ... فأرى النور فائضا في الصباح - 7 - ارأفي يا سماء بالمفجوع ... بضراعاته وتلك الدموع ارحمي أدمعا له قد تحل ... بن تؤاما من قلبه المصدوع بائس ينخز الأسى قلبه كل ... لياليه ليلة الملسوع مرسل عند غبسة الليل منه ... شهقات إلى الفضاء الوسيع وله صرخة إذا النفس جاشت ... تترقى في الليل بعد هزيع انظري هذه الجموع فهل من ... نضرة في وجوه هذي الجموع كلهم قد أضاع زرعا وضرعا ... ليس فيهم من لم يكن بمضيع قد خلا الروض من خزامى ورند ... فكأن الربيع غير ربيع

- 8 - تسعد الأرض بالرجال وتشقى ... وبأعمالهم تغور وترقى أثر المرء بعده ذو بقاء ... غير أن المآثر الغر أبقى ومن الناس من يرى الحمق حذقا ... ويرى الحذق بعد ذلك حمقا أي رشد ترجوه في ثلة قد ... تخذت باطلا من الأمر حقا كل يوم يسدد الدهر سهما ... غير أن الإنسان لا يتوقى قد شقينا بما حيينا فسحقا ... لحياة نشقى بها ثم سحقا وأرى مهجرين في البر عطشى ... وأرى واغلين في اليم غرقى ما أطقنا احتمال ما قد لقينا ... فعسى أن نطيق ما سوف نلقى ليس عبء عن العواتق يرمى ... مثل عبء على العواتق يلقى اغتنم صفوها فإنك في ي ... وم وشيك يجيء تشرب رنقا من تروى أن الفناء محال ... لا يرى بين الحي والميت فرقا غير أن الحياة محبوبة لي ... فبودي إني أعيش وأبقى ولقد يعقب النعيم عذابا ... رب مثر من السعادة يشقى - 9 - يرتجي للشدائد السود فيصل ... إنه راحم عليه المعول ملك جامع لغر السجايا ... فهو فيهن آخر وهو أول رأسه للسلام بالتاج والت ... اج جديرا برأسه قد تكلل ما أصاب الفرات غر بنيه ... ساءه فهو اليوم بالهم مثقل قد طغى فوق كل ما نتظنى ... وطما فوق كل ما نتخيل ما رد الناس في المساكن ي ... طو مثلما طارد الفريسة أجدل جميل صدقي الزهاوي

لواء ديالي

لواء ديالي (لغة العرب) لكاتب المقالات البلدانية السيد عبد الرزاق أفندي الحسني فضل على من كتب في هذا الموضوع العراقي لأنه لا يدون شيئا إلا من بعد أن يذهب بنفسه إلى المواطن المهمة التي يذكرها ويسأل أصحابها عما هناك مما يجدر تسجيله من أراض ومياه وعشائر إلى غمرها ولهذا نشكره عما يتكبده من الأتعاب والنفقات في سبيل التدقيق ونشر الحقائق التي لا غنى لأحد عنها. 1 - توطئة لعبت إيران في العراق أدوارا مهمة واستولت عليه مرارا عديدة، وبقي جزءه المجاور لها في سيطرتها ردحا من الزمن. وأكثر أراضي العراق المتاخمة لحدود إيران واقع في لواء ديالى. ولهذا ترى معظم القصبات والقرى فيه تسمى بأسماء فارسية تحرف بعضها وبقي البعض الآخر على تسميته الأصلية. وهذا اللواء صخري الأرض تخترقه جبال (حمرين) الشهيرة وتجاوز بعض مدنه جبال (بشت كوه) الإيرانية. وهو من الألوية المهمة في العراق، والتي تدر على الخزينة مالا وفيرا. ولجلالة عاهل البلاد مزارع وأملاك فيه مهمة. كما لبعض المتمولين من أبناء بغداد. وأكثر حاصلاته الفواكه بأنواعها المختلفة ومياهه ملك لأرباب المزارع والبساتين كما سيجيء التعريف. 2 - مركز اللواء مركزه؛ قصبة بعقوبا (ويكتبها بعضهم باعقوبة أو بعقوبة) الواقعة على بعد 36 ميلا عن بغداد في الشمال الشرقي منها وبعقوبا بليدة جميلة واقعة على فرع (خراسهان) المتشعب من ديالى. لها منظر بديع وفيها نسيم عليل ويربطها بالعاصمة فعل حديدي، كما أن بينهما جادة مستقيمة لسير السيارات، ونفوس بعقوبا 9500 وتكتنفها البساتين. وأبنيتها من حيث العموم لا بأس بها ولا سيما دور الحكومة ونادي الموظفين.

3 - تنظيمات اللواء ليس لمركز لواء ديالى ناحية مرتبطة به. واللواء أربعة أقضية مهمة وهي 1 - قضاء شهرابان - 2 - قضاء خانقين - 3 - قضاء دلتاوه - 4 - قضاء مندلي. وفيما يلي وصف لهذه الأقضية ونواحيها: أ - قضاء شهرابان شهرابان (وبعضهم يكتبها خطأ شهربان) كلمة فارسية مركبة من (شهر) أي مدينة و (ابان) اسم رجل قرشي نسبت إليه تبركا. وهي اليوم اسم لمدينة لطيفة واقعة على ضفتي ترعة شهرابان، تحيط بها البساتين النضرة والجنائن الغن. وتبعد عن بعقوبا 27 ميلا وتمر بها السكة الحديدية (بغداد - خانقين) وهي مركز قضاء شهرابان وعدد نفوس هذا القضاء 17340 وتكثر فيها الفواكه اللذيذة ولا سيما الرمان الذي ينمو فيها نموا حسنا إلى درجة أنه اشتهر بكونه أفخر رمان في العراق. للقضاء ثلاث نواح وهي شهرابان ومهروت وبلدروز. أما ناحية شهرابان فداخلية. وأما ناحية مهروت فمركزها مخفر للشرطة قائم على ترعة مهروت في موضع يبعد عن بعقوبا عشرة أميال. وهذه الناحية جسيمة جدا لأنها من أعظم المقاطعات في لواء ديالى ولأن الأراضي المزروعة فيها لا تقل عن أربعة آلاف فدان. وأما ناحية بلدروز فمركزها قرية بلدروز المعروفة ب (براز الروز) في التاريخ. وهي تبعد عن بعقوبا 29 ميلا وقائمة على ضفتي الترعة المسماة باسمها والتي يتشعب منها نحو 220 نهيرا لإرواء البساتين والأراضي الخصبة الكثيرة. ب - قضاء خانقين خانقين بلدة قديمة معروفة بهذا الاسم في التاريخ مجاورة لبلاد إيران. تبعد عن العاصمة 111 ميلا ويربطها بها سكة حديدية لها الأثر المحمود في نقل البضائع والزوار الإيرانيين. هواؤها نقي وماؤها ثقيل لجريانه على أرض صخرية في

مسافة طويلة. فيها فواكه جليلة وتقرب منها منابع للنفط تستغلها شركة النفط الإنكليزية الفارسية ولها في القضاء أبنية ضخمة. ومن بعض هذه العيون يستخرج النفط ويصفى في موضع آخر ثم يوضع في علب من الصفيح (التنك) ليبعث بها إلى الخارج. والبلدة من حيث العمران تنقسم إلى قسمين. أولهما يمتد على الساحل الغربي من نهر الوند (الذي يأتي من إيران) ويسمى (خانقين) ويمتد ثانيهما على الساحل الشرقي من النهر المذكور ويسمى (حاجي قره) ومعناها في الكردية قرية الحاج وقد أسست سنة 1142هـ. ويربط الجانبين قنطرة قديمة يرتقي تاريخها إلى عهد الساسانيين - على ما يقال - وعلى مقربة من البلدة آثار قلعة قديمة جدا ذكرت المعلمة الإسلامية أن تاريخها يرتقي إلى عهد الساسانيين أيضا وكان كسرى الثاني قد سجن فيها النعمان الخامس أحد ملوك الحيرة. وتروج التجارة في خانقين (التي هي مركز القضاء) رواجا حسنا ومعظم سكان القضاء من القبائل الكردية وبينهم عشائر من الفرس والترك ولهذا ترى معظم السكان يتكلمون باللغة الكردية كما هو الحال عند سكان قضاء مندلي. ونحو ثلاثة أرباع الأراضي المزروعة من هذا القضاء لجلالة الملك المعظم فيصل الأول. ولجلالته قصر فخم في قرية تسمى علياوة والقصر مؤثث وفيها الكهربية لإنارتها وتحركه رحى تدور بقوة الماء. للقضاء ثلاث نواح وهي قزلرباط، وهورين شيخان، وقره تو. أما ناحية (قزلرباط) فمركزها قرية قزلرباط الواقعة على بعد 14 ميلا من جنوب خانقين وتمر بها السكة الحديدية البغدادية إلى خانقين وتقدر نفوسها بألف. والظاهر أن اسمها الحالي محرف عن لفظتي قزل أي أحمر ورباط ومن المحتمل أن أهاليها يقصدون بهذه التسمية الرباط الأحمر. وأما ناحية (هورين شيخان) فمركزها قرية (بيلولة) التي تبعد عن شمال خانقين 52 ميلا والطريق بين هذه القرية إلى خانقين وعر جدا. وأما ناحية (قره تو) فهي تبعد عن خانقين شمالا 35 ميلا ومركزها قرية

تسمى (جياخنج) وهي لفظة كردية يراد بها الجبل الأحمر. وقد كانت سكة حديد بغداد إلى خانقين متصلة بهذه الناحية ولكنها رفعت قبل حين. ج - قضاء دلتاوة قاعدة هذا القضاء قصبة دلتاوة التي كانت تسمى قديما (دولتآباد) وهي الآن بلدة متوسطة السعة والعمران فيها نحو خمسة آلاف نسمة. شوارعها ضيقة وأسواقها بالية وللحكومة فيها مبان عامرة وقد شرعت تفتح فيها الجادات المنظمة. وتبعد هذه البلدة عن بغداد 40 ميلا وتصلها بها جادة مستقيمة للسيارات وهي مشهورة بكثرة النخيل ووخومة الهواء لأنها محاط بها بعدة بساتين. للقضاء ناحيتان هما: دلي عباس وخان بني سعد، أما ناحية (دلي عباس) فمركزها قرية دلي عباس أي (عباس المجنون) الجميلة والقائمة على نهر الخالص الغربي وهي مشهورة بكثرة الأرز الأحمر وتقرب منها جملة ممالح (مواضع فيها ملح) وتحيط بها عدة بساتين وليس فيها أي أثر للأبنية الجليلة. وأما ناحية (خان بني سعد) فمركزها قرية واقعة في طريق بغداد إلى بعقوبا. وتمر بها جميع السيارات التي تغادر بغداد في طريقها إلى أحد أجزاء اللواء وتقدر نفوسها بنحو 500 وليس فيها منازل جليلة ولا أبنية فخمة. د - قضاء مندلي تمتد أراضي هذا القضاء إلى سفح جبال بشت كوه الإيرانية المتاخمة للعراق وأغلب سكانه يتكلمون الكردية وبعضهم التركية وليس فيه أثر للعمران والمدنية إذا استثنينا منه دور النقيب وجنائنه الواقعة في مركز القضاء. مركزه قصبة مندلي (البندنيجين القديمة) وهي بليدة مشهورة بجودة الهواء والتمور وكثرة البرتقال والليمون وتبعد عن مركز اللواء 58 ميلا ويكثر فيها نوع من العقارب السامة اسمها الجرار إذا لسع طفلا فربما قتله. وليس في هذه القصبة ماء للشرب، إنما يأتيها الماء من الجبل المذكور ولهذا تتوقف كثرته وقلته على الصلات السياسية بين العراق وإيران فإذا كانت حسنة فالماء غزير وإلا فالظمأ والهلاك. للقضاء ناحية واحدة يقال لها (قزانية) ومركزها قرية قزانية التي تبلغ

نفوسها نحو 500 وهي واقعة على بعد ثمانية أميال من جنوبي مندلي. 4 - قرى اللواء في لواء ديالى قرى عديدة يتراوح أعداد سكان كل منها بين الثلاثمائة والخمسمائة وهم مشهورون بكرم الأخلاق وحسن الوفادة حتى أن الذي يجول هناك ليشعر بنفسه كأنه في بيته وبين أهله وخلانه. وشغلهم يتوقف على العناية بأشجار الفواكه التي تكثر في هذا اللواء بأنواعها المختلفة. ومعظم دورهم مبنية باللبن ومن أهلها يتقوم معظم سكان اللواء وفي ما يلي قائمة بأسماء هذه القرى موزعة على الأقضية المربوطة بها. 5 - القرى الملحقة بمركز اللواء 1 - هويدر - 2 - خرنابات (خرم آباد) - 3 - بهرز - 4 - شفتة - 5 - العبارة - 6 - زاغنية الكبيرة - 7 - زاغنية الصغيرة - 8 - دورة - 9 - السادة - 10 - مخيسة - 11 - جلبي - 12 - سقبة - 13 - محولة - 14 - أبو سباع - 15 - زهرة - 16 - أبو خنازير - 17 - بودجة - 18 - جيزاني النقيب - 19 - قرية - 20 - منصورية الحكيم - 21 - نهر الشيخ - 22 - حد الأخضر. 6 - قرى قضاء شهرابان 1 - أبو صيدا الصغيرة - 2 - أبو صيدا الكبيرة - 3 - العواشق - الزهيرات (بالتصغير) - 5 - الضباب - 6 - عزية - 7 - بروانة - 8 - جلالي - 9 - أبو جسرة - 10 - حنبس وارسيود - 11 - وجيهية (بالتصغير والنسبة) - 12 - عمرانية - 13 - إمام عسكري - 14 - إمام منصور. 7 - قرى قضاء دلتاوة 1 - نبي شيت - 2 - سراجق - 3 - أعجمي - 4 - قليعة القصاب (تصغير قلعة) - 5 - الماجدية - 6 - حميرة (بالتصغير) - 7 - وندية - 8 - الأسود - 9 - أبو نخل 10 - أبو تمر 11 - فليعة المهردار 12 - الكوبات 13 - الخويلص (تصغير خالص) 14 - هبهب 15 - حديث (بالتصغير) 16 - منصورية الشط 17 - منصورية الجبل - 18 - سعدية - 19 - سندية - 20 - جيزاني الجول - 21 - جيزاني الإمام 22 - جيزاني الثعيلب (تصغير ثعلب) 23 - الجديدة (بالتصغير) 24 - جديدة الأغوات 25 - دوخلة 26 - راشدية (وفوقها مقام يؤمه العوام ويعرف باسم الشيخ سكران).

8 - قرى قضاء مندلي 1 - جيزاني - 2 - إمام كرز الدين - 3 - نقيب (تصغير نقيب). 9 - ملحوظة ليس في قضاء خانقين قرى تذكر. وترى معظم هذه القرى واقعة في قضائي دلتاوة وشهرابان وبعضها (وهو الأكثر عمرانا) مربوط بمركز اللواء رأسا، والظاهر أن عددا لا يستهان به من هذه القرى كان بلادا قديمة في التاريخ وبعضها لا يزال فيه مزارات تقصد وفي معجم البلدان لياقوت الحموي تفاصيل نفيسة عن بعضها فليرجع إليه من أحب التوسع في البحث أو المزيد منه. 10 - مياه اللواء أهم ما في هذا اللواء نهر ديالى الشهير الذي تتجمع مياهه من ينابيع تتفجر في جبال إيران ومن بعض النهيرات والثلوج. وهو من الأنهار المملوكة لأن مياهه توزع في جداول عديدة تنتهي في المزارع والبساتين الكثيرة تبعا لما نظمته الحكومة وتقوم بتنفيذه دائرة الري. فإذا كان الماء قليلا يقسم عندئذ إلى ثلاثة عشر سهما لكل ألف فدان سهم واحد وتكون هذه القسمة بين الأقضية لا بين الجداول. أما إذا كان الماء غزيرا والثلوج كثيرة، فلا تبقى ثمة حاجة إلى تدخل سلطة الري في توزيعها بل تأخذ الجداول حاجتها منه وتنتهي الفضلة في دجلة بالقرب من بغداد. وتتشعب من ديالى في مواضع مختلفة ثمانية أنهر مهمة وهي خراسان والخالص ومهروت وبلدروز والهارونية وشهرابان وشروين ومنصورية الجبل وعلى ضفاف هذه الأنهر المشهورة جداول ونهيرات عديدة تسقي مياهها المقاطعات الجسيمة والمزارع الكثيرة وتروي معظم أهالي اللواء ولو أردنا تفصيل طرق الإرواء بواسطة نهر ديالى لاحتجنا إلى تحبير عدة صفحات أما قضاء مندلي فهو بعيد عن نهر ديالى ومجاور لجبال بشت كوه وتتجمع مياهه من الينابيع في الجبل المذكور وتضاف إليها مياه الأمطار في فصل الشتاء فتنشئ نهرا يسمى (القلال) وينتهي في جنوب مندلي في هور يسمونه (سيكة) (بالتصغير والنسبة) ويسمي أهالي مندلي هذا النهر الذي يخترق بلدهم (ككبر) أما العرب منهم فيسمونه (حران).

ولما كان أمر انحدار هذه المياه نحو مندلي وانقطاعها عنها منوطا بسكان الجبل، فكثيرا ما تتعرض هذه البلدة للعطش فتموت بساتينها النضرة ولهذا تدرس الحكومة الآن مشروع حفر آبار ارتوازية فيها لتعوض الآهلين ومزارعهم عن هذه المياه التي يتوقف أمر جريها على الصلات السياسية بين العراق وإيران. وأما قضاء خانقين فيأخذ مياهه من نهر الوند الذي يأتي من جبال إيران أيضا وهذا النهر بعد أن يعبر القنطرة التي فيها أحد عشر عقدا تجري المياه التي تخرج من التسعة العقود الأخرى فتسيل في متجه مستقيم واحد فتصب في نهر ديالى في موضع يسمى المخلط أو الدكة الذي يبعد عن غرب خانقين ثمانية أميال وأما الماء الخارج من العقد الأول فإنه محصور من الجانبين بجدار قائم على طول مجراه ويتجه نحو مزارع الملك فقط ثم يدفع ما بقي منه في البرائز. والعقد الحادي عشر محصور أيضا ماؤه بين جدارين منتظمين فيسيل الماء نهرا ويخترق القسم الشرقي من القصبة ذلك القسم المسمى (حاجي قره) وبعد أن يسد حاجة الآهلين يسقي بعض المزارع ويدفع ما بقي منه في البرائز. 11 - العشائر في اللواء ندون هنا أسماء العشائر القاطنة في لواء ديالى موزعة على أقضيتها ففي مركز اللواء عشائر المجمع وبني زيد وبني عز والخيلانية وخسرج. وفي قضاء شهرابان عشائر الكرخية والزقوت والزهيرية (بالتصغير والنسبة) والباوية، وبني تميم وقسم من بني زيد، والبو موسى، والجبور وقسم من المجمع، وعتبة، وشمر والكراد وهم جماعة عنتر (السبرملية). وفي قضاء دلتاوة: عشائر الصائح (وهم يتنقلون على الدوام) والعزة والبو هيازع، والبو علقة وبني تميم، والبو مفرج، ومقادمة، والبو عامر، وقسم من الدليم، والعنبقية وقسم من الجبائلة. أما عشائر قضاء خانقين فكلها كردية عدا بني ويس وربيعة أما الزركش ودلو وباجلان والطالبين والجبور (وهذه عشيرة كردية يلوح لي أن أصلها من عشائر الجبور العربية المشهورة) وشرف بيان وكلها كردية ولا تعرف من اللغة العربية شيئا. وأما عشائر قضاء مندلي فبعضها كردي وبعضها (وهو القليل) عربي وإليك أسماءها بالترتيب:

1 - السردينية 2 - ساعدة 3 - البو جواري 4 - الندى 5 - الحريث (كزبير) 6 - المعلة 7 - البو فرج 8 - الحمد 9 - بني عتبة 10 الدلفية 11 - الفراولوس وهذه كردية بحتة. 12 - المعارف في اللواء نصيب لواء ديالى من المعارف في المملكة حسن جدا إذ فيه الآن 22 مدرسة للبنين ومدرسة واحدة للبنات مع أن واردات اللواء وعدد سكانه بالنسبة إلى نصيبه من المعارف أقل بكثير من واردات وعدد السكان في بقية الألوية كالحلة والديوانية والمنتفق والعمارة والكوت وغيرها. وهذه المدارس موزعة على قصبات اللواء وبعض قراه المهمة. ولا حاجة لنا للتوسع في الكلام عن المعارف بعد أن أثبتنا هذا المجمل منه. 13 - طرق المواصلات تربط شمال اللواء بجنوبه، وشرقه بغربه، جادات مستقيمة جيدة تسير عليها السيارات سيرا مطردا. وهو لا يخلو من بعض وسائط النقل القديمة كالعجلات والقوافل (الكروانات) لحمل الأثقال والبضائع. أما السكة الحديدية فلا تمر بجميع أجزاء اللواء، بل تمتد من بغداد إلى خانقين مارة بناحية خان بني سعد فبعقوبا فشهرابان فقزلرباط فخانقين. 14 - أنباء عامة عن اللواء يصدر لواء ديالى من الفواكه على اختلاف أنواعها، ما لا يصدره أي لواء آخر. وفي استطاعتنا أن نجزم بأن معظم واردات اللواء هو من الفواكه فقط إذ يعتنى بها هناك اعتناء لا مزيد عليه. وتقدر حصة الخزينة من المحصولات الزراعية والكودة فيه فقط بمليون ومائة وتسعة وسبعين ألف ربية فدخل المركز وتوابعه (192400) ربية ودخل قضاء شهرابان (265800) ربية ودخل قضاء دلتاوة (327000) ودخل قضاء خانقين (132300) ربية ودخل قضاء مندلي (262200) ربية. ويجب أن لا يعزب عن البال أن لواء ديالى يصدر من التمور والحبوب بأنواعها الشيء الكثير ويجلب ما يحتاج إليه كبقية الألوية العراقية. بغداد: السيد عبد الرزاق الحسني

قبر رابعة

قبر رابعة نوهتم في لغتنا المحبوبة (م 7 ص 263) بالكتاب الذي وضعته الآنسة سميث الإنكليزية عن رابعة العدوية المتوفاة بالبصرة بذلك التحقيق الدقيق وعرضتم بالسيدة زينب فواز العربية التي ذكرت من غير تمحيص في كتاب الدر المنثور في طبقات ربات الخدور (ص 202) أن وفاة رابعة كانت ببيت المقدس وأنها دفنت على رأس جبل يسمى (الطور) (كذا) وكأني بكم قد ظننتم أن هذه السيدة العاملية العاملة قد انفردت بهذا الوهم فسددتم إليها سهام لومكم في حين أن بعض العلماء قد سبقها إليه وكانت هي ناقلة عنهم (وناقل الكفر ليس بكافر). فانتصارا لامرأة شرقية عجلت إلى جوار ربها بعد أن خلفت لنا مثل ذلك الكتاب - ولو جاءت فيه أمثال هذه الأغلاط ولو أنها أهملت تراجم الكثيرات من بنات جنسها - جئت بكلمتي هذه اعتذر لكم عن خطئها بخطأ غيرها ممن تقدمها وكانوا أحق بالتقصي منها. قال السائح الهروي المتوفى سنة 611هـ 1214 م في باب زيارات القدس وما حوله: (وبالجبل مقام رابعة العدوية وقبرها والصحيح أن قبر رابعة بالبصرة وسيأتي ذكره في رحلة العراق. وإنما هذه التي في الجبل هي رابعة زوجة أحمد ابن أبي الحواري. وبه مواضع مباركة وقبور كثيرة من الصالحين والتابعين رضي الله تعالى عنهم إلا أنها لا تعرف لاستيلاء الفرنج على البلاد). وقال في زيارات البصرة: (وبها رابعة العدوية وكريمة ابنة سيرين وحفصة ومعادة

وحبيبة العدوية ومريم البصرية وبها عبد الله بن معقل وليس هذا معقل الذي ينسب إليه نهر معقل بن يسار وبها شعبة وسفيان الثوري والعلاء بن الحضرمي والصحيح أن العلاء بن الحضرمي مات بين البحرين والبصرة وبها خالد بن صفوان وقبر صاحب أبي حنيفة وأبو عوانة وجماعة من الصحابة لا تعرف قبورهم مثل أبي عثمان النهدي وصفوان بن محرز المازني ويزيد بن عبد الله بن الحره (هكذا) وأيوب السختياني وأبي المعتمر

التيمي وعبد الله بن عون وسعيد بن الحجاج ويزيد بن زريع ويحيى بن سعد العنبري وأبي داود السختياني وعبد الملك الأصمعي والفرزدق الشاعر وأبي الأسود الدؤلي. وقال مجير الدين الحنبلي المتوفى سنة 927 هـ 1521م في باب (ذكر جماعة من أعيان التابعين والعلماء والزهاد ممن دخلوا بين المقدس). (أم الخير رابعة بنت إسمعيل العدوية البصرية مولاة آل عقيل الصالحة المشهورة كانت من أعيان عصرها وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة. . . توفيت سنة خمس وثلاثين وقيل وثمانين ومائة وقبرها على رأس جبل طور زيتا شرقي بيت المقدس بجوار مصعد السيد عيسى عليه السلام من جهة القبلة وهو في زاوية ينزل إليها من درج وهو مكان مأنوس يقصد للزيارة.

وقال الشيخ عبد الغني النابلسي المتوفى سنة 1143 هـ 1730 م ثم صعدنا فزرنا قبر السيدة رابعة العدوية البصرية مولاة آل عقيل الصالحة المشهورة كانت من أعيان عصرها في الصلاح والعبادة ولها كلام في الحقائق والمعارف توفيت سنة 135 وقيل 185 وقبرها على رأس جبل الطور في زاوية ينزل إليها بدرج معمور تقصد للزيارة. كذا ذكر الحنبلي في التاريخ. فوقفنا هناك ودعونا الله تعالى وقرأنا الفاتحة. وقفى النابلسي على ذلك بقوله! قال الهروي في الزيارات وبالجبل يعني جبل الطور مقام رابعة العدوية وقبرها والصحيح أن قبر رابعة في البصرة وإنما رابعة هذه التي بالجبل هي رابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري إلى آخر عبارة الهروي.) وعلى ذكر رابعة العدوية ورابعة الأخرى ننقل عبارة كتبها صاحب نسخة الإشارات إلى أماكن الزيارات المحفوظة في الخزانة التيمورية بالقاهرة على هامشها وقد حققنا أنه محمد أكمل الدين بن إبراهيم بن عمر المشهور بابن مفلح الدمشقي المتوفى سنة 1011هـ 1063 بمبحث كتبناه في مجلة المجمع العلمي العربي (م 8 ص 121) فإن فيها ما يخالف ذهاب الهروي أيضا إذ يجعل اسمها رايعة بالياء المثناة التحتية وأنها مدفونة في دمشق الشام وإليك نص الحاشية بالحرف: (الصحيح أن زوجة ابن أبي الحواري اسمها رايعة (بياء مثناة تحتية) وهي التي قبرها عند المدرسة القيمرية الجوانية). وعلى هذا فتكون رابعة المدفونة في جبل طور زيتا تحت الزاوية الأسعدية والتي ما زال ضريحها مقصد الزوار لا هي بالعدوية ولا هي زوج أحمد بن أبي الحواري. فلعلها رابعة أخرى ذهبت الأيام بأخبارها وإن لم تستطع محو آثارها. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص

الشيخ سكران

الشيخ سكران ذكر الكاتب المتفنن السيد عبد الرزاق الحسني مقاما فوق الراشدية باسم (الشيخ سكران) في آخر سطر من ص 537 وقد سألنا عنه كثيرين فكانت الأجوبة مختلفة لا يشبه الواحد الآخر. فقال لنا أحدهم: كان سكران من زعماء الأعراب وليس من البعيدي العهد في التاريخ. وقال آخر: ليس سكران من شيوخ العرب وسكران ليس اسمه بل لقبه وأما اسمه فكان محمدا وهو ابن بكران. ثم قال: ويزعم أبناء السنة أنه من أولاد الكاظم. ويذهب الشيعة الجعفرية إلى أنه ليس من أولاد الكاظم ولا من صلبه. إنما هو من قبيلة بني زيد. وكان من الصوفية ولقب بسكران لأنه كان يتمايل في صلاته كما يتمايل السكران. وقال: وفي شرقيه مقامان: أحدهما للقمان الحكيم والآخر لتلميذه كمون والمقامان واقعان على فرع من نهر المشيرية. انتهى كلامه. وسألنا آخر عن (مقام سكران) فقال: الذي سمعته من جدي أنه كان يقول كان مقام سكران في صدر النصرانية معبدا صغيرا موقوفا على اسمه وكان (السكران) بعل سودة التي تزوجها النبي (ص) والسكران كان اسمه لا لقبه وكان ابن عمرو بن عبد شمس ومن مهاجرة الحبشة فتنصر ومات بها. وقيل: لم يمت في الحبشة بل قدم في الهجرة الثانية من تلك الديار ومعه امرأته سودة بنت زمعة فتوفي عنها بمكة. اهـ. وقد بحثنا في كتب التاريخ والأخبار عن سكران فوجدنا ابن الأثير يقول (2: 117 من طبعة مصر) ما هذا نصه: (. . . فلما توفيت (خديجة) نكح (النبي) بعدها سودة بنت زمعة. وقبل عائشة. فأما عائشة فكانت يوم تزوجها صغيرة بنت ست سنين. وأما سودة فكانت امرأة ثيبا وكانت قبله عند السكران ابن عمرو بن عبد شمس أخي سهيل بن عمرو وكان من مهاجرة الحبشة فتنصر بها ومات فخلف عليها رسول الله (سلعم) وهو بمكة وكان الذي خطبها عليه

هولاكو في بغداد

خولة بنت حكيم زوجة عثمان بن مطعون فدخل بسودة بمكة. زوجها منه أبوها زمعة بن قيس فلما تزوجها كان أخوها عبد بن زمعة غائبا، فلما قدم جعل يحثي التراب على رأسه. فلما أسلم قال: إني سفيه حيث فعلت ذلك وندم على ما كان منه) اهـ. فهل من أديب يهدينا إلى صحيح الرواية من هذه المأثورات المختلفة؟ فنحن نشكر له صنيعه سلفا. هولاكو في بغداد وجدت ورقتين تائهتين في الكتاب المخطوط الملحق بالرقم 23. 322 وهو المجلد الرابع من أخبار بغداد للخطيب وهذا نص ما جاء فيهما: وذكر المعز حسن الأربلي في تاريخه: قال جلست مع عبد المؤمن بالمدرسة المستنصرية وجرى ذكر واقعة بغداد، فأخبرني أن هولاكو طلب رؤساء البلد وعرفاءه وطلب منهم أن يقسموا دروب بغداد ومحالها وبيوت ذوي يسارها على أمراء دولته، فقسموها وجعلوا كل محلة أو محلتين أو سوقين باسم

أمير كبير، فوقع الدرب الذي كنت أسكنه في حصة أمير مقدم عشرة آلاف فارس اسمه بانو نوين. وكان هولاكو قد رسم لبعض الأمراء أن يقتل ويأسر وينهب مدة ثلاثة أيام، ولبعضهم يومين ولبعضهم يوما واحدا على حسب طبقاتهم. فلما دخل الأمراء إلى بغداد أول درب جاؤوا إليه الدرب الذي أنا ساكنه، وكان قد اجتمع فيه خلق كثير من ذوي اليسار واجتمع عندي نحو خمسين جوقة من أعيان المغاني من ذوي الكمال والجمال. فوقف بانو نوين على باب الدرب وهو مترس بالأخشاب والتراب وطرقوا الباب وقالوا: افتحوا لنا وادخلوا في الطاعة ولكم الأمان، وإلا أحرقنا الباب، وقتلناكم ومعه الزرافون والنجارون وأصحابه بالسلاح. قال عبد المؤمن: فقلت السمع والطاعة، أنا أخرج إليه ففتحت الباب وخرجت إليه وحدي وعلي أثواب وسخة، وأنا أنتظر الموت، فقبلت الأرض بين يديه. فقال للترجمان: قل له: أنت كبير هذا الدرب؟ فقلت: نعم. فقال: إن أردتم السلامة من الموت فاحملوا لنا كذا وكذا. وطلب شيئا كثيرا. فقبلت الأرض مرة ثانية وقلت: كل ما طلبه الأمير يحضر وقد صار كل ما في هذا الدرب بحكمك فمر جيوشك ينهبون ما في الدروب المعينة لهم، وانزل حتى أضيفك ومن تريد من خواصك واجمع لك كل ما طلبت. فشاور أصحابه ونزل في نحو ثلاثين رجلا من خواصه فأتيت به داري وفرشت له الفرش الخليفية الفاخرة والستور المطرزة بالزركش، وأحضرت له في الحال أطعمة قلايا وشوايا وحلوى وأكلت بين يديه شستي (؟). فلما

من مشاهير رجال المائة السابعة للهجرة

فرغ من الأكل عملت له مجلس ملوكي (؟ كذا) وأحضرت. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو وفي الورق الثانية ما هذا نصه: من مشاهير رجال المائة السابعة للهجرة من تاريخ الإسلام (الخطي) لشمس الدين الذهبي المحفوظ في دار التحف البريطانية في لندن: عطاء ملك الصاحب علاء الدين الجويني ابن محمد بن محمد الأجل صاحب الديوان بن الصاحب بهاء الدين الخراساني أخو الصاحب الكبير الوزير شمس الدين كان إليهما الحل والعقد في دولة أبغا ونالا من الجاه والحشمة ما يتجاوز الوصف. وفي سنة ثمانين (وستمائة) قدم بغداد مجد الملك العجمي فأخذ صاحب الديوان علاء الدين وغله وعاقبه وأخذ أمواله وأملاكه وعاقب سائر خواصه. فلما عاد منكوتمر من الشام مكسورا حمل علاء الدين معهم إلى همذان وهناك مات أبغا ومنكوتمر. فلما ملك أرغون بن أبغا طلب الأخوين فاختفيا فتوفي علاء الدين في الاختفاء بعد شهر، ثم أخذ ملك اللور يوسف أمانا من أرغون للصاحب شمس الدين وأحضره إليه فغدر به أرغون، فقتله بعد موت أخيه بقليل؛ ثم فوض أرغون أمر العراق إلى سعد الدين العجمي والمجد بن الأثير والأمير علي حكبيان

ثم قتل آرق وزير أرغون الثلاثة بعد عام. وكان علاء الدين وأخوه فيهما كرم وسؤدد وخبرة بالأمور وفيهما عدل ورفق بالرعية وعمارة البلاد. (ولي علاء الدين نظر العراق سنة نيف وستين بعد العماد القزويني فأخذ في عمارة القرى، وأسقط عن الفلاحين مغارم كثيرة إلى أن تضاعف دخل العراق وعمر سوادها وحفر نهرا من الفرات مبدأه من الأنبار ومنتهاه إلى مشهد علي (رضي الله عنه) فأنشأ عليه مائة وخمسين قرية). ولقد بالغ بعض الناس وقال: عمر صاحب الديوان بغداد حتى كانت أجود من أيام الخليفة، ووجد أهل بغداد به راحة. وحكى غير واحد أن أبغا قدم العراق فاجتمع العيد الصاحب شمس الدين (لعلها وشمس الدين) ببغداد فأحصيت الجوائز والصلات التي فرقها فكانت أكثر من ألف جائزة. وكان الرجل الفاضل إذا صنف كتابا ونسبه إليهما تكون جائزته ألف دينار. وقد صنف شمس الدين محمد بن الصقيل الجزري خمسين مقامة وقدمها فأعطي ألف دينار وكان لهما إحسان إلى العلماء والصلحاء وفيهما إسلام ولهما نظر في العلوم الأدبية والعقلية. وفي وقتنا هذا الإمام المؤرخ العلامة أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد بن الفوطي مؤرخ بمصر (كذا) وقد أورد في تاريخه الذي على الألقاب ترجمة علاء الدين مستوفاة: هو الصدر المعظم الصاحب علاء الدين أبو المظفر عطاء ملك بن الصاحب بهاء الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن إسحق بن أيوب بن الفضل بن الربيع الجويني أخو الوزير شمس الدين. قرأت بخط الفوطي كان جليل الشأن تأدب بخراسان وكتب بين يدي والده وتنقل في المناصب إلى أن ولي العراق بعد قتل عماد الدين

تتمة عن اليزيدية

الدوبني (كذا لعلها الدويني) فاستوطنها وعمر النواحي وسد البثوق ووفد (كذا لعلها ووفر) الأموال وساق الماء من الفرات إلى النجف وعمل رباطا بالمشهد ولم يزل مطاع الأمور رفيع القدر إلى أن بلي بمجد الملك في آخر أيام أباقا بن هولاكو وكان موعودا من السلطان أحمد أن يعيده إلى العراق فحالت المنية دون الأمنية وسقط عن فرسه فمات ونقل إلى تبريز فدفن بها. وله رسائل ونظم وكتب لي منشورا بولاية كتابة التاريخ بعد شيخنا تاج الدين علي بن أنجب. وكان مولده سنة ثلاث وعشرين وستمائة ومدة ولايته على بغداد إحدى وعشرين سنة وعشرة أشهر. وقرأت بخطه: وفاة علاء الدين في رابع ذي الحجة سنة 681هـ (1282 م). ف. كرنكو تتمة عن اليزيدية (ل ع) بعد أن أدرجنا مقال الأديب المعروف يعقوب أفندي نعوم سركيس، جاءتنا من حضرة الكاتب المتفنن السيد محمد مهدي العلوي من سبزوار في إيران مقالة عنوانها (اليزيديون) ولم نر فيها شيئا جديدا لم يقله من تقدمه سوى ما نصه: اسم اليزيديين (يسكن قسم عظيم من اليزيدية في حوالي شروان (من أعمال باب الأبواب بقرب الدربند) وهم تابعون لحكومة أروان الأرمنية. وغير خفي أن اسم شروان: (اليزيدية) كما في القاموس مادة (زيد). ولما كانت طائفة من أبناء هذه الفرقة تقيم حواليها نسبت إليها فقيل لهم (اليزيديون) ثم غلب هذا الاسم على باقيهم من باب تسمية الكل باسم الجزء أو من باب التعميم. ولعل جميع أبناء هذه النحلة كانوا يسكنون تلك الديار، ثم نزح قسم منهم إلى أطراف الموصل. هذا هو رأيي في سبب تسميته هؤلاء القوم باليزيديين ولم يسبقني إليه

أحد) اهـ. الكتب التي تبحث عنهم (1): كتاب يبحث عن اليزيدية تأليف أحمد بن محمد الخياط (مخطوط، منه نسخة عند رؤوف أفندي حفيد المصنف في الموصل). (2): رسالة في بيان مذهب الطائفة اليزيدية وحكم أموالهم للشيخ حسين الشفكي الموصلي (مخطوطة، منها نسخة في خزانة الدكتور داود الجلبي الموصلي). وقد نقل الصديق الحسني في خاتمة تأليفه نبذة مبتورة كانت ملحقة بنسخة من كتاب (حسن التصرف) في الخزانة التيمورية وظني أن تلك النبذة الناقصة الآخر منقولة من رسالة الشيخ حسين الشفكي الموصلي فأرجو من الأديب البحاثة الدكتور داود جلبي أن يقابل بينهما ويفيدنا عنها ويوقفنا على الحقيقة. (3): رسالة عن اليزيدية تأليف الشيخ كاظم الدجيلي (مخطوطة). (4): كتاب بالإنكليزية عن اليزيديين (مطبوع) (5): كتاب بالفرنسية اسمه (مطبوع). (6): رسالة بالتركية: وصف فيها مؤلفها الوالي نوري باشا دين اليزيديين (مطبوعة). وقد جعل لها ترجمة في الفرنسية وطبعها سنة 1910 7 - (ل. ع) رسالة صغيرة أملاها السيد بهنام - أحد مطارنة الكلدان في العشر الأول من المائة التاسعة عشرة للمسيح - على أحد علماء الألمان وطبعت في ليدن بالعربية واللاتينية سنة 1808 م وعبارتها ركيكة جدا عامية، وهذا مبدأها بما فيها من الأغلاط: (فيش جنس أكراد الذين ما هم مسلمين ولا نصارى ولا ملة من أملال ولكن يأخذوا ابتداهم من مار تداوس تلميد المسيح الذي يسموه شيخ عادي. . .) وفي خزانتنا نسخة منها) اهـ. وقد نشر الأب أنستاس ماري الكرملي صاحب هذه المجلة مقالا باللغة الفرنسية في مجلة النمسية بحث فيه عن جلوه ومصحف رش (الكتابين

المقدسين عند اليزيديين) ونشر مقالا آخر عنهم في مجلة المشرق البيروتية. نفوسهم ومحالهم ذكرت لغة العرب (4: 50) شيئا عن هذه الفرقة قالت: وقد روى إسماعيل بك اليزيدي أحد رؤسائهم الدينيين: أن اليزيديين في العراق ثلاثون ألفا لهم في جبل سنجار (60) قرية (45) قرية في الشيخان ودهوك وزاخو، ونصف اليزيديين يسكنون جبل سنجار ومعظمهم من الأميين والأهالي يتكلمون الكردية وليس بينهم من يتقن العربية كتابة وقراءة وتكلما في الوقت الحاضر في العراق. ورئيس اليزيديين في جهات الشيخان ودهوك وزاخو هو سعيد بك ويقال أن وارداته السنوية تربو على (60) ألف ربية. وعدد اليزيديين التابعين لحكومة أروان الأرمنية في جهات أروان وكمري (الكسندروبول) (5) آلاف بيت أي (25) ألف نسمة على وجه التقريب. وقد فتحت لهم الحكومة هناك 11 مكتبا ابتدائيا. انتهى. وترى اختلافا بين ما رواه إسماعيل بك اليزيدي عن عدد نفوسهم وما جاء في مقدمة الحسني العزيز إذ أن إسماعيل بك يقول أن اليزيديين في العراق ثلاثون ألفا نصفهم في جبل سنجار (فيبقى (15) ألفا وهم في بقية الأمكنة أي في قضاء الشيخان وقضاء دهوك وقضاء زاخو وغيرها) والصديق العزيز يقدر عدد نفوس اليزيدية في قضاء الشيخان فقط بين (27) ألفا و (30) ألفا، والفرق بين. ويقول المؤلف (ص 22): ولليزيدية مشايخ ولكل منهم محبون ومريدون ومرجع الطائفة كلها أمير يدعى (مير شيخان) وهو اليوم سعيد بك اهـ. وقد عرفت كلام لغة العرب القائلة أن رئيس اليزيديين في جهات الشيخان ودهوك وزاخو هو سعيد بك. وبين القولين اختلاف ظاهر فالأول يقول أن رئيس اليزيديين كافة هو سعيد بك والثاني يقول أن رئيسهم في بعض الجهات هو سعيد بك. اليزيديون والدولة العثمانية وقعت لليزيديين مع الدولة العثمانية وقائع عديدة نذكر أهمها:

في عام 1127 هـ 1715 م قتل اليزيديون بعض المعتدين عليهم من المسلمين فاتخذ الوزير حسن باشا (والي بغداد - المتوفى سنة 1136 هـ 1723 م) ذلك القتل حجة لينكل بأهل سنجار فسار إليهم وقتل خلقا عديدا منهم ونهب أموالهم وسلب ما عندهم ودمر قراهم فلم يبق فيهم غنيا. وأرخ بعضهم ذلك بقوله (غزاء حسن) وفيه عيب وهو أن الغزاء لم يعرف بمعنى الغزو. وفي عام 1222هـ - 1807م تحصن اليزيديون في مدينة سنجار ورفعوا راية العصيان على الحكومة فزحفت إليهم بحملة أخضعتهم. وفي عام 1224هـ - 1809م اتفق اليزيديون مع أعراب الضفير على شن الغارات على من جاورهم فحمل عليهم سليمان باشا (والي بغداد - المقتول في سنة 1225هـ - 1810م ولكنه لم يفز بطائل فإن اليزيديين امتنعوا في إحدى ثنايا سنجار. لم يكن اليزيديون يخدمون في الجيش لأمور دينية تمنعهم من ذلك على اعتقادهم فكانوا يدفعون بدلا نقديا كاليهود والنصارى ولكن الحكومة العثمانية في العهد الحميدي أرادت أن تجبرهم على التجنيد الفعلي كما كانت تفعل مع الفرق الإسلامية كالنصيرية والدروز والإسماعيلية لتحققها أنهم أيضا طائفة من المسلمين كانوا على الدين القويم ثم ضلوا بإغواء بعض المضلين، وأوفدت لإرشادهم الحاج مسعود بك نقيب ديار بكر فلم يفلح، وصادف أن كتب من الموصل في ولاية عبد القادر كمالي باشا بلزوم إرسال قائد عسكري يخول صلاحية فوق العادة لقمع العصاة وردع أرباب السلب والنهب وإصلاح ما يجب إصلاحه فأجابت الآستانة إلى ذلك وانتدبت في سنة 1310هـ - 1893م الفريق عمر وهبي باشا لهذا الغرض وضمت إلى مهمته الأصلية جلب اليزيديين إلى الإسلام البحت بأسلوب حسن غير أن الباشا المذكور لم يحسن العمل في هذا الخصوص فاستعمل الفضاضة وأراق الدماء، وفي تلك الأثناء أرسل الشيخ أمين أفندي القره طاغي إلى مزار الشيخ عدي (الواقع في قضاء الشيخان في الشمال الشرقي من الموصل في واد بين

جبلين يدعى بوادي لالش) وعين له وللطلاب رواتب وأمره بالتدريس والإرشاد فقرأ على هذا المدرس بعض الأكراد المسلمين من القرى المجاورة وبعض فقراء طلبة الموصل إلى سنة 1322هـ 1904م حيث أقنع الوالي نوري باشا الباب العالي (المقر الملوكي) بترك الحكومة إياهم وقبول البدل النقدي منهم كالسابق عوض الخدمة في الجيش وأغلق المدرسة التي قام بأعبائها الشيخ القره طاغي المذكور آنفا. أعاد الوالي سليمان نظيف بك الكاتب التركي (والي الموصل زمن إعلان الحرب الكبرى وقبله بقليل - المتوفى سنة 1345هـ - 1927م) إليهم شاراتهم الدينية وكان الفريق عمر وهبي باشا انتزعها منهم، ومن جملتها (طاووس ملك) وهو تمثال من نحاس على هيئة الديك. الفتوى بتحليل قتلهم أصدر شيخ الإسلام أبو السعود بن محمد العمادي (صاحب التفسير المشهور المسمى بإرشاد العقل السليم المتوفى سنة 982هـ 1575 م) فتوى بتحليل قتل اليزيديين بأمر السلطان سليمان القانوني (من سلاطين آل عثمان) (ترى نسخة من هذه الفتوى التي هي بالتركية مع ترجمتها إلى العربية في خزانة أمين بك ابن أيوب بك الجليلي في الموصل). محمد مهدي العلوي المحكم لابن سيده في الخزانة البريطانية في لندن نسخة من جزء من المحكم لابن سيده متقنة الكتابة، وكنت قد استشرتها حين نشرت (الجمهرة) ومن هذا المعجم نسخ عديدة في الآستانة والقاهرة وقد قرأت في فهرس الكتب لخزانة جامع القرويين في فأس نسخة تامة من المحكم في عدة مجلدات وابن سيده في معجمه هذا يتبع الجمهرة في ترتيب المواد ونظام الجمهرة يختلف قليلا عن نظام كتاب العين. والمحكم من أجل الدواوين التي اعتمد عليها ابن مكرم في اللسان والأزهري في التهذيب. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو (لغة العرب) وفي خزانتنا جزء من المحكم قديم متقن الخط ومضبوط الشكل الكامل يبتدئ بمادة (ضرب) وينتهي بمادة (لسن) وقد نزع السارق الورقة الأخيرة منه حين سرقته إياه ولا جرم أنه من المادة السادسة للهجرة.

فوائد لغوية

فوائد لغوية عثرات إبراهيم اليازجي وجرجي جنن البولسي في مغالط الكتاب ومناهج الصواب. 32 - وقال في ص 38 ناقلا عن اليازجي (فعله في العاشر من نيسان أو ما أشبه) قلت: إن الأسلاف الفصحاء لا يحذفون مفعول (أشبه) البتة خوف اللبس. ومن الأدلة على ذلك قوله في باب (دخل) من مختار الصحاح (فهذا وما أشبهه يكون ظرفا) وقوله في (ج 3 ص 267) من الكامل للمبرد وأصله في السيف وما أشبهه) وفي ص 271 قول الأخفش (مثل راض وقاض وما أشبههما) وفي ص 310 قيل (وكذلك الذئب والعقرب والحية وما أشبه ذلك). ومن أنعم النظر في لغة العرب ألفانا مصيبين كل الإصابة في هذه القضية العجيبة. 33 - وقال الأب جرجي جنن في ص 70 ناقلا عن اليازجي (غلط: مما خلاف فيه هو أن الأمر كذا وكذا. لأن ما قبل (هو) لا يصلح لعود هذا الضمير إليه) قلت أن الأب الذي جمع هذه الفوائد كان أرأى من غيره بأن يرتسم هذا الإرشاد فلا يرتكب ضده. فهو القائل في ص 3 من كتيبه (فما هي علة ذلك يا ترى؟) وهو القائل في ص 106 (ما هو حكمه) و (ما هو حكم المسند إليه) فالضميران (هي وهو) لا يصلح ما قبل كل واحد منهما لأن يعود إليه ضمير أبدا. وذلك هو الإضمار قبل الذكر القاتل للفصاحة. وأن أغلب الكتاب في العالم العربي يضعون الضمير بين أداة الاستفهام والمستفهم وهذا من علائم انحطاط اللغة، فالصواب أن يقول (ما علة ذلك. . .) و (ما حكمه) و (ما حكم المسند إليه) لأن الظاهر لم يتقدم فيستوجب الإضمار. وإنما يصح الإضمار في قول من قال (المسند في الكلام فأين هو؟) و (هذا رجل قادم فمن هو؟) و (حق عليه عقاب فما هو؟).

34 - وقال في ص 32 ناقلا عن اليازجي (تحامل فيه وبه: تكلفه على مشقة وإعياء. وتحامل الرجل على نفسه: تكلف الشيء على مشقة قلت: إن الذي يقرأ هذا القول يظن أن التكلف يكون بمشقة وإعياء وبغيرهما. ألم تر أنه قيد كلامه بقوله (على مشقة وإعياء (دفعا للاشتباه مع أن التكلف بعينه يدل على المشقة والإعياء ولو لم يدل عليهما لما سمى تكلفا. وخير دليل على خطأ الشيخ إبراهيم اليازجي قوله في ص 105) كلفته الأمر: حملته إياه على مشقة فتكلف الأمر: تجشمه وتحمله على مشقة وعرة) وانه لم يقل (فتكلف الأمر على مشقة وإعياء) ولا (كلفته الأمر على مشقة) لأن المراد مستفاد من اللفظ وذكره لغو. 35 - وقال في ص 29 (غلط: حدا به إليه) ناقلا ذلك عن اليازجي قلت: أن تعدية (حدا) بالباء مشهورة مسطورة ففي القاموس (حدا الإبل وبها) وفي المصباح (حدوت بالإبل). وقد جاء في المجلد الأول من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ما نصه (ومن الكنايات المستحسنة قوله عليه السلام للحادي بالنساء: رفقا بالقوارير، ص 442) بإدخال الباء على (النساء) بعد (الحادي) والكلام المنقود صواب من وجهين الأول ما ذكرناه والآخر تقديره (حدا عقله به إلى ذلك الأمر) فصار العقل كالجمل الذاول. 36 - وقال في ص 18 ناقلا عن اليازجي (غلط: فعله في بادئ الأمر أي في أوله وبدئه. ولا معنى للبادئ هنا لأنه اسم فاعل والمقام يقتضي المصدر أو الظرف) قلت إن هذا من باب تقديم الصفة على الموصوف كقوله (عظيم فائدة) أي (فائدة عظيمة) فالأصل في القول المنقود (فعلته في الأمر البادئ) والتقدير (فعلته في الأمر البادئ لأموري أي في أولها. وذلك كقولهم (فعلته بادئ الرأي) أي في الرأي البادئ للآراء. قال ابن أبي الحديد في الجزء الأول من شرحه ص 2 وشرع فيه بادئ الرأي شروع مختصر) اهـ. ومن ذا الذي يشفع لليازجي بعد قول مختار الصحاح في (بدا) ما نصه: بدا الأمر من باب سما أي ظهر وقرئ (الذين هم أراذلنا بادي الرأي) أي من ظاهر الرأي ومن همزه جعله من (بدأت) ومعناه: أول الرأي اهـ. فقول الناس (فعله في بادئ الأمر) معناه (أول الأمر) كما قلنا وقال مختار الصحاح. م. جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة مدفن رأس الحسين قال المحقق البحاثة الشيخ عبد الله مخلص (ل. ع 6: 583): والأثر الخالد في عسقلان هو المشهد الحسيني الذي يزعم أن رأس سيدنا الحسين بن علي كان دفينا فيه فنقله الفاطميون في أوائل الحروب الصليبية إلى القاهرة ودفن في المشهد المعروف الآن فيها وذلك سنة 548 هـ 1153 م. اهـ. فبهذا الصدد وددت أن أذكر نبذة عن مدفن رأس الإمام الحسين واختلاف العلماء في ذلك فأقول: اختلف العلماء والمؤرخون في مدفن رأس الإمام الحسين بن علي (شهيد الطف) على أقوال: منها: أنه مدفون في دمشق الشام في الجامع الأموي وقد وصف السيد محسن أبو طبيخ مشهد رأس الحسين في دمشق بقوله: وفي رواق الجهة الشرقية من الجامع قرب (باب الفراديس) قبة طولها 14 قدما في عرض 7 أقدام فيها شباك من النحاس الأصفر بديع الصنع داخله قبر يزعم الدمشقيون أنه مدفن رأس الإمام الشهيد أبي عبد الله الحسين عليه السلام (راجع الرحلة المحسنية المطبوعة بصيدا ص 41). وضعف هذا القول ظاهر من كلام ابن بطوطة السائح الشهير (من أبناء المائة الثامنة) فإنه يقول عند وصفه للجامع الأموي: وباب شرقي وهو أعظم أبواب المسجد ويسمى بباب جيرون وله دهليز عظيم يخرج منه إلى بلاط عظيم طويل أمامه خمسة أبواب لها ستة أعمدة طوال وفي جهة اليسار منه مشهد عظيم كان فيه رأس الحسين رضي الله عنه (راجع أدبيات اللغة العربية ص 328) والظاهر من هذا المقال أن هذا المشهد كان فيه رأس الحسين لا أنه مدفنه.

ويعتمد بعض القائلين بدفنه بدمشق على ما روي عن سليمان بن عبد الملك بن مروان أنه رأى النبي (ص) ليلة في منامه وهو يلاطفه فلما استيقظ في صبيحتها دعا بالحسن البصري وحكى له رؤياه فقال له الحسن لقد صنعت لآل البيت معروفا فقال سليمان وجدت في خزانة يزيد رأس الحسين فألبستنه الديباج وصليت عليه مع جمع من أصحابي ودفنته فقال الحسن أرضيت بهذا الصنيع عنك النبي فاستحسن سليمان تعبيره وأمر له بعطايا. إلا أن هذه الحكاية لم تثبت في كتاب معتبر كما لم ترو عن رجال ثقات يعتد بهم. ومنها: إنه مدفون في القاهرة بمصر وإليك بيان ما يقوله أصحاب هذا القول: نقل الرأس الشريف على عهد بني العباس من الشام إلى عسقلان فدفنوه فيها فلما جاء إليها الملك الأفضل عام 491هـ 1099م نبش ذلك المكان وأخرج منه الرأس وعطره بالغوالي ووضعه في صندوق وبنى مشهدا ليدفن فيه فلما تم البناء أخذ الرأس واضعا إياه على صدره وأتى به راجلا إلى المشهد الجديد ودفنه فيه، وفي سنة 548هـ - 1153م نقله (طلائع بن رزيك) من وزراء الفاطميين إلى مصر وبذل في سبيل ذلك أموالا طائلة واحتفل باستقبال الرأس أعظم احتفال ودفنه في الموضع المعروف الآن في القاهرة بمشهد رأس الحسين. هذا ويمكن أن يكون الرأس المدفون في عسقلان والمنقول إلى مصر رأس علوي آخر أو رأس أحد أصحاب الحسين الذين استشهدوا معه في واقعة الطف أو رأس أحد أهل بيته وسيأتي ما يفيدك أن رأس الحسين عليه السلام لم يدفن في عسقلان ولم يحمل إلى مصر. وقد وصف السيد محسن أبو طبيخ المشهد الذي في القاهرة بقوله: وأما مشهد الرأس الشريف فعلى جانب عظيم من إتقان العمارة وفخامة البناء. . . وطول المشهد نفسه 23 قدما وداخله شباك من البرنج الأصفر متقن الصناعة وداخل الشباك دكة عليها بردة حريرية سوداء مقصبة وفيه أيضا طرائف من المعلقات وأفرشة نفيسة وعليه قبة كبيرة لها مأذنتان (راجع الرحلة المحسنية ص 97).

ومنها: إنه مدفون بالحنانة وهي موضع بين النجف والكوفة. وهذا القول ضعيف ولاسيما لم يعرف قائله. ومنها: إنه مدفون بالمدينة عند قبر أمه فاطمة وينقلون عن الحافظ أبي العلاء أن رأس الحسين لما جيء به إلى يزيد وبعث الأسارى إلى المدينة أرسله مع جماعة من أشياع بني هاشم وعدوا لهم من موالي آل أبي سفيان إلى عمرو بن سعيد بن العاص حاكم المدينة فدفنه عمرو بن سعيد بالبقيع بجنب قبر أمه فاطمة. ويؤيد القول بأنه مدفون في المدينة ما نقل عن الواقدي أنه قال: لما وصلت السبايا بالرأس الشريف للحسين رضي الله عنهم المدينة لم يبق بها أحد وخرجوا يضجون بالبكاء وخرجت زينب بنت عقيل بن أبي طالب الخ (راجع ينابيع المودة طبعة الآستانة ص 331) فالظاهر من كلامه أن رأس الحسين قد حمل إلى المدينة وهو الظاهر من كلام الشيخ محمد بن الشيخ طاهر السماوي فإنه يقول: وجاء شمر فاحتز رأسه. . . وذهبوا بالرؤوس والسبايا إلى الكوفة ومنها إلى الشام، ومنها إلى المدينة وطن جدهم عليه وعليهم السلام اهـ (راجع كتابه إبصار العين في أنصار الحسين المطبوع بالنجف ص 14). على أن المشهور بين المؤرخين والمحققين أن الرؤوس لم تحمل إلى المدينة وهو الصحيح إذ لا شك في أن طريق السبايا إلى المدينة كانت من كربلاء وإذا كانت الرؤوس قد حملت مع السبايا كما يقول الواقدي والسماوي فمن البعيد أن نمر بكربلاء حيث أجسادها ولا تدفن هناك وتحمل إلى المدينة (القاصية)! ومنها: أنه مدفون في النجف بجنب أمير المؤمنين؛ والى هذا القول ذهب بعض علماء الشيعة وقد عقد الكليني في كتابه الكافي (في باب المزار) بابا عنونه بباب موضع رأس الحسين وذكر فيه خبرين وردا عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام يدلان على أنه مدفون بجنب أمير المؤمنين وإليك نص الخبرين: بالإسناد عن بريد بن عمر بن طلحة قال قال لي أبو عبد الله وهو بالحيرة

أما تريد ما وعدتك قلت بلى يعني الذهاب إلى قبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال فركب وركب إسماعيل وركبت معهما حتى إذا جاز الثوية وكان بين الحيرة والنجف عند ذكوات بيض فنزل ونزل إسماعيل ونزلت معهما فصلى وصلى إسمعيل وصليت فقال لإسماعيل قم فسلم على جدك الحسين فقلت جعلت فداك أليس الحسين بكربلا فقال نعم ولكن لما حمل رأسه إلى الشام سرقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنين. وبالإسناد عن أبان بن تغلب قال كنت مع أبي عبد الله فمر بظهر الكوفة فنزل فصلى ركعتين ثم تقدم قليلا فصلى ركعتين ثم سار قليلا فنزل فصلى ركعتين ثم قال هذا موضع قبر أمير المؤمنين قلت جعلت فداك والموضعين اللذين صليت فيهما قال موضع رأس الحسين وموضع منزل القائم. اهـ (راجع فروع الكافي المطبوع بطهران - إيران - ص 321). لكن المحدث المجلسي يقول عن الخبر الأول بأنه مجهول وعن الثاني بأنه ضعيف على المشهور (راجع كتابه مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول 3: 360) وقد روى الشيخ محمد بن الحسن الطوسي في كتابه التهذيب خبرين بالإسناد عن الإمام الصادق مثل ما ذكر إلا أن بينهما فرق يسير (راجع التهذيب المطبوع بإيران 2: 12) وروى جعفر بن محمد بن قولويه في المزار بالإسناد عن الصادق أبي عبد الله

أنه قال: إنك إذا أتيت الغري رأيت قبرين قبرا كبيرا وقبرا صغيرا وأما الكبير فقبر أمير المؤمنين وأما الصغير فرأس الحسين (راجع الوسائل المطبوع بإيران 2: 388). ولو راجعت الوسائل لوجدت فيه أخبارا عديدة غير ما ذكر تدل على أن رأس الحسين عليه السلام مدفون بجنب أمير المؤمنين عليه السلام. ومنها: أنه أعيد إلى كربلا ودفن مع جسده؛ وهو القول المشهور بين أصحابنا علماء الشيعة الإمامية. قال الحر العاملي في كتابه الوسائل (2: 388) بعد نقل الأخبار الواردة حول دفن الرأس بالنجف ما نصه: وقد روى رضي الدين علي ابن طاوس في كتابه الملهوف وغيره أن رأس الحسين أعيد فدفن مع بدنه بكربلا وذكر أن عمل العصابة على ذلك ولا منافاة بينهما. اهـ كلام الحر العاملي وغرضه رحمه الله أن لا منافاة بين الأخبار الواردة عن دفنه بالنجف وبين ما ورد عن إعادته إلى كربلاء إذ من الممكن أن ينقل الرأس من النجف إلى كربلاء ولعله الصحيح. أما ما يقوله البعض من أن الإمام عليا زين العابدين هو الذي جاء بالرأس إلى كربلا وألحقه ببدنه فهو قول مردود فقد فهمت أن الرأس قد حمل من الشام إلى النجف ودفن فيها وقد كان دفينا (أيام حفيده الإمام جعفر الصادق) هناك كما أخبر هو عليه السلام عن ذلك (وقد مر تفصيله) وفي هذا المقدار كفاية للباحثين. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي ملاحظات في كتاب خلاصة تاريخ العراق كنت أطالع كتابكم القيم (خلاصة تاريخ العراق) فعثرت على قولكم (ص 76): محمد ابن عبد الله بن الحسن الحسين بن علي بن أبي طالب ولعله: محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. (ل. ع) روايتكم هي الصحيحة وكنا قد نبهنا حكومة الاحتلال على هذا الغلط وعلى غيره من الأوهام وكانت قد جاوزت المائتين فلم تلتفت إلى كلامنا ولا إلى تصحيحاتنا والكتاب مشحون خطأ وخطلا. وفي ص 86 علي الرضى (وهكذا رسم الأثري في أعلام العراق ص 10

والشيخ الراوي في بلوغ الإرب في ترجمة السيد الشيخ رجب وذريته أهل الجسب ص 36) ولعلكم توافقونني في أن السلف الصالح يكتبون الرضا بالألف لا بالياء. (ل. ع) رضا تكتب بالألف القائمة وبصورة الياء أيضا قال في لسان العرب في مادة (رضي): تثنية الرضا رضوان ورضيان. الأولى على الأصل والأخرى على المعاقبة وكأن هذا إنما ثني على إرادة الجنس (لأن المصدر لا يثنى ولا يجمع) ثم قال: ورضيت عنك وعليك رضى (هكذا كتبها بالياء المهملة) مقصور مصدر محض. والاسم الرضاء ممدود عن الأخفش. اهـ. وأصحاب المعاجم اللغوية يكتبونها تارة بالألف القائمة وطورا بالياء. وعندنا كتب خطية قديمة وكلمة (رضا) مرسومة فيها مرة بالألف ومرة بالياء، ولا نشك في أن الأصح في رسمها الألف القائمة لأنها مقلوبة عن واو (رضوان). اهـ وفي ص 113: ابن حبان صاحب الصحيح ولعله ابن حيان وهو محمد بن جعفر بن حيان (ذكره صاحب القاموس في مادة ح ي ن) ولم نغرف كتابا يعرف بالصحيح عدا الصحاح الستة وهي للبخاري ومسلم والنسائي والترمذي وابن ماجه والسجستاني. فعسى أن تكشفوا لنا عن هذا الأمر. (ل. ع) لم تصيبوا هذه المرة في ملاحظتكم. وروايتنا هي الصحيحة إلا أن الغلط وقع في اسم كتابه والصواب صاحب التصحيح في الجرح والتعديل) الذي مؤلفه أبو حامد محمد بن أحمد بن حبان (بكسر الأول وبباء موحدة تحتية مشددة) التميمي الحافظ الفقيه الشافعي. توفي في شوال سنة 354هـ (965 م). اهـ. وفي نفس الصفحة: ورأس الشيعة الشيخ المقتدر والصواب الشيخ المفيد وهو محمد بن محمد بن النعمان توفي سنة 413هـ 1023م (ل. ع) كان الأصل الشيخ المقتدر المعروف بالمفيد فأسقط الواقف على طبعه الكلمتين الأخيرتين ولم نعرف السبب. اهـ. هذا ما أردت ذكره والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. (ل. ع) نشكركم على تنبيهاتكم كل الشكر. ولو أطلتم النظر في الفصول

الأخرى لوجدتم أوهاما أخرى فنرجو منكم أن تعيدوا نظركم فيها. اهـ. سبزوار (إيران) في 25 شهر ربيع الأول 1347 محمد مهدي العلوي (ل. ع) هذه الملاحظات مع ردود ومقالات عديدة كانت عندنا إلى الآن ولم يتسع لنا المجال إلا هذه الساعة. وعندنا غيرها منذ نحو ثلاثة أعوام أو أكثر. فنطلب من الكتاب أن يمهلونا إذ لا يتيسر لنا درج ما يرد إلينا في حين وصوله بل ننتظر الفرصة. إعادة النظر في المذمر صديقي العلامة: أخاف إنك لم تستقص في البحث عند ترجمتك كلمة بالمذمر فلو كنت سألتني عنها قبل معرفتي تعبيرك لكتبت لك: (دمية صدرية) أو إن شئت (تصوير صدري) وأما براهيني في رد ترجمتك فإني لم أجد لفظ (المذمر) إلا في معنى قبيح، كما يظهر من الأبيات التي نقلتها من أشعار القدماء وتفاسير أئمة اللغة؛ وترى من تفسيرهم أن المذمر عندهم لم يشمل الصدر ومقدم الرأس والسبب الثالث أن الكلمة الفرنسية تفضل الصدر على سائر الجسم، وأنت تفضل مؤخر الرأس على سواه وفي الختام أقول: إني لست إلا أحد الطالبين، وأنت أعرف مني في هذه الأشياء وقد سبقتني إليها حتى بلغت منها أقصى الغاية ولا أطمع في أن ألحقك فيها أبد الدهر. (تذييل): إني لم أطالع المعاجم اللغوية عمدا ليكون تنبيهي منقولا عن الآثار القديمة فقط. قال عتيبة بن مرداس وهو ابن فسوة: تطالع أهل السوق والناب دونها ... بمستفلك الذفرى أسيل المذمر التذمير أن يدخل إنسان يده في رحم الناقة، فيعرف

أذكر هو أم أنثى عند ولادتها، يعني جنينها والمذمر (بكسر الميم) الذي يفعل ذلك. عن كتاب الاختيارين. وقال القطران السعدي: متى ما تذمرها تجدها كريهة ... إذا أحضرت شنعد بلقا حجولها التذمير أن يمس ذفرى الحوار ولحييه إذا خرج رأسه عند النتاج فيعرف أذكر أن أنثى، ويقال لذلك الموضع المذمر. (عن المذكور أيضا) وقال الكميت: وقال المذمر للناتجين ... متى ذمرت قبلي الأرجل المذمر: الذي يدخل يده في رحم الناقة ليعلم ما الجنين. سمي بذلك لأن يده تقع على مذمر الجنين والمذمر الذفرى وما يليها. وقال الجعدي: وحي أبي بكر ولا حي مثلهم ... إذا بلغ الأمر العماس المذمرا العماس الذي لا تعرف جهته. بلغ الأمر المذمر كما تقول: بلغ الأمر المخنق. وقال الفرزدق: كيف التعذر بعد ما ذمرتم ... صقبا لمعضلة النتاج نوار ذمرتم مسستم المذمر، والمذمر مكانان يمسهما المذمر، أحدهما ما بين الإذنين فإذا وجده غليظا تحت يده علم أنه ذكر، وإن وجده لينا علم أنها أنثى. والآخر طرف اللحي إذا وجده لطيفا علم أنها أنثى وإذا وجده غليظا علم أنه ذكر. وقال في الجمهرة: وذمر الفصيل: غمز قفاه إذا خرج من رحم أمه ليعرف أذكر أم أنثى. وفيها أيضا: المذمر الفاعل من ذمر والمذمر المفعول. والمذمر القفا. وقال الكميت: وأنسى في الحروب مذمريكم ... نتاج اليتن ما صفة السليل المذمر الذي يدخل يده في رحم الناقة لينظر ما الولد. وقال علقمة بن عبدة: عمدتم إلى شلو تنوذر قبلكم ... كثير عظام الرأس ضخم المذمر وفي رواية: كبير عظام الرأس. . . . وقال أبو اللحام التغلبي: يقص السباع كأن حلا فوقه ... ضخم مذمره شديد الأنحس المذمر أسفل من الذفرى.

وأنظر أيضا كتاب الإبل للأصمعي ص 72 والنقائض في فهارسها. بكنهام (إنكلترة): المخلص: ف. كرنكو (لغة العرب) لما وضعنا كلمة (المذمر) ترجمة لكلمة الإفرنجية لم نرد أن نقول: إن العربية وردت بمعنى الإفرنجية رأسا برأس لكننا أردنا أن نقول أنها أقرب لفظة في لغتنا إلى الغربية، وكل كلمة سواها بعيد عن المطلوب كل البعد. فقد بينا أن السماوة لا تؤدي المطلوب - بل هيهات - لأن اللغويين اتفقوا اتفاقا واحدا على أنها شخص الرجل أي سواده وهو ما يعرف عندهم بسيلويت كما ذكرنا (راجع لغة العرب 7: 329) ولا يمكن مخالفة رأي الأقدمين بأي وجه كان. وأما ما يذكره لنا حضرة صديقنا فريتس كرنكو فلا يؤدي المطلوب. لأسباب منها: إننا أردنا كلمة واحدة لا كلمتين - 2 - قوله دمية صدرية هي صورة الصدر وكذلك قوله: تصوير صدري. فأين هذا من المطلوب تأديته. فالكلمة الإفرنجية تعني الرأس مع أعالي الكتفين وما عليه إلا أن يبحث المعنى في دواوين اللغات الإفرنجية على اختلافها. إذن نرى أن أحسن لفظة وأقربها إلى المطلوب هي (المذمر) لأن اللغويين الأقدمين والشعراء الأولين أرادوا بها (الذفرى وما يليها مثل ما بين الإذنين، وطرف اللحي، والقفا، وأسفل من الذفرى) فإذا كان كل ذلك، كان أقرب ما يكون إليه هو (البست) الإفرنجية من باب التوسع قليلا والتساهل. لا من باب وضع اللفظ وضعا محكما لما يقابله عن الغربيين. وبعد هذا لا نعود إلى هذا البحث، مهما كتب فيه. على وزن يفعول يا نوح اسم بلد في ناحية بنت جبيل من أعمال صور بقدر ما أتذكر أو اسم بئر في تلك الجهات عند ملتقى الطرق. يحمور (أو يحمر اسم قرية من أعمال الشقيف تقع

بجانب القلعة الشهيرة بقلعة (بوفور) بجانب أرنون والحمى. يحشوش اسم قرية من بلاد كسروان. نعفول وقال غيرهم بنعفول بسكون الباء في الأول اسم قرية بجوار صيدا على نهر الزهراني. يحفوف اسم بلد في لبنان الشمالي. القاهرة: (ابن الملطي) معجم المرزباني إني أبذل كل ما في وسعي لأنسخ بيدي (معجم الشعراء للمرزباني). فقد جادت علي خزانة برلين بالنسخة التي فيها على أن أعيدها إليها في آخر شهر نيسان ولم يبق علي إلا نقل أربعين ورقة. وهذه النسخة قد أضر بها الماء في عدة مواطن. ولقد غادر مغلطاي عدة أمكنة تتقاذفها أمواج الظنون وتلعب بها أرياح التخرصات. ومما أمتاز به أنه عني عناية ما وراءها عناية بضبط الأعلام على أنواعها. أما في شواهد الشعراء فقد أرى بعض النقص من إهمال كلمة في البيت الواحد وربما أهمل كلمتين أو أكثر وإني لا أشك في أنه أسرع كل السرعة في تسويد نسخته وكان بيده قلم من أسوأ الأقلام. وقد لا يرى فرق بين صورة الفاء وصورة النون. ولا يستطيع أن يفرق بينهما إلا الضليع من شعر الأقدمين. فعسى أن أوفق لما أعنى به. بكنهام (إنكلترة) في 24 نيسان 1929 فريتس كرنكو (ل. ع) تأخر نشره لازدحام ما عندنا من عتاد الأدب. وهذا ما نضطر إلى العمل به إذ عندنا من المواد ما قد تكدس منذ إنشاء المجلة أي منذ سنتها الأولى، ولهذا نطلب كما قلنا سابقا أن يعذرنا الكتاب عن عدم نشر مقالاتهم في وقت وصولها إلينا حتى نتمكن من الفرصة.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة ألفاظ طبية (تتمة لما في الجزء 6) 7 - اللفظة الإفرنجية مركبة من أي عصب ومن أي وجع أو ألم. والسلف إذا أرادوا هذا المعنى استعملوا وزن فعال (بالضم) للدلالة على هذا المعنى. ومنه القلاب والكباد والصداع. إذا لنقل: العصاب بضم الأول على قياس قدمائنا. 8 - هو المدك وهو القطعة التي تروح وتجيء في المضخة أو الحقنة لتفريغ الهواء ورفع السوائل (السائل). قلنا: الأقدمون استعملوا لهذا المعنى (المدفع) قيل في الآلات الروحانية (ص 190) ويتخذ باب منشف في أسفله ويتخذ له مدفع) أما العصريون من العوام فقد سموه المدك والمكباس وكلاهما مخالف لما يراد من معناهما. والأحسن عندنا أن يقال (مدحم) (وزان منبر) لأن المدفع وإن كان صحيحا انصرف اليوم إلى الآلة الكبيرة التي تقذف القنابل وما ضاهاها. ولهذا يحسن أن نستعمل لفظة أخرى تفيد مفادها وهي المدحم. 9 - معناها: خياطة جدار كيس لا يستطاع استئصاله بالجلد ريثما تلقيه الطبيعة فيعود هذا الجيب المخيط بالجلد شبيها بجيب الحيوانات ذوات الجيب (السائل). قلنا: أحسن لفظة تقابل هذه الإفرنجية هي التوخف وهي مشتقة من الوخفة والوخفة (بفتح الأول): شبه خريطة من آدم. (القاموس) ففي هذه اللفظة معنى الكيس أو الجيب وهي الخريطة ومعنى الجلد وهو آدم. وهو أصح وضعا من الإفرنجية. 10 - محدب. 11 - معناها: الخصي، ولكن هل لك كلمة أخرى لكي نبقي الخصي ل (السائل).

ج - إزالة الفحولة من الحيوان يكون على طرق شتى فمنها العصب والوجأ والوهص والجب والبصي والشظف والملس والمتن والمعل والذي يوافق مطلوبكم هنا هو المعل. 12 - معناها عدم التمثل ولكن ألديكم كلمة واحدة لا تقترن بعدم (السائل). ج - النقيض هو عكس المثيل فيكون النقض والأحسن النكث هو المطلوب هنا. إلا أننا لو حملنا هذا الوزن على ما يقابله من باب حمل الشيء على نقيضه لم نكن من مخالفي مناحي السلف. ولهذا نستحسن كلمة التنكيث في معنى اللفظة الإفرنجية. (الوذمة) و (الصقل) و (المجوب) و (الوشاح) س - ومنه - كنتم عربتم كلمة بوذمة. والوذمة في اللغة المعى. وقلتم: أن اللفظة الإفرنجية عربية الأصل فهل تتكرمون علينا بإيراد البراهين على هذه الترجمة، لأنني بعد أن قبلتها أتاني نقد عنها فأرغب في أن أورد الأسباب التي دعتكم إلى هذه الترجمة فأسندها إلى حضرتكم - 2 - وكذلك الأمر عن كلمة الصقل ل فإن بعضهم يقترح ترجمتها بمنشزة أو نشيزة فما رأيكم؟ - 3 - وما فكركم في ترجمة - بقارمة. وأظن أن المجوب أفضل منها - 4 - وهل تصح ترجمة بوشاح وإلا فماذا؟ ج - ليس للوذمة معنى واحد حتى يقال أنها المعى، بل لها عدة معان وقال في التاج: في الصحاح لحمات زوائد أمثال الثآليل تكون في رحم الناقة. زاد غيره والشاة تمنعها من الولادة. . . إلى آخر ما قال. وقد ذكر بواسيك في معجمه الإغريقي الفرنسي أن أصل هذه المادة مأخوذة من معنى الورم والانتفاخ ثم ذكر لها مقابلا في اللغة الألمانية القديمة العالية كلمة وقال معناها الخراجة والدملة والثولول وما الوذم عندنا إلا لغة في الورم. وقد نقل الغربيون أي الإغريق لفظتهم عن العرب في العصور القديمة حينما كانوا على صعيد واحد في سقي بحر الروم ولا نقول أخذها السلف عن الإغريق لأن كل لفظة يتوفر ورود مدلولها في الطبيعة وضعها الأجداد وكل كلمة مركبة أو

غير مركبة إلا أنها تدل علي توغل في الحضارة والعمران فإن السلف أخذها عن مجاوريهم. وواحدة الوذم وذمة. 2 - كنا نحن وضعنا كلمة منشزة أو نشيزة للإفرنجية المذكورة لكن لما وجدنا في بواساك (872) أن الكلمة الإفرنجية مشتقة في الأصل من نعت يدل على القليل لحم المتنين أو المنهضم الخاصرتين. قلنا: هذه كلمتنا الصقل لا غير ولهذا اتخذناها. هذا فضلا عن أن بين الصقل واللفظة الإفرنجية مشابهة لا تخفى على الجاهل فكيف على العاقل؟ 3 - المشهور في معاجم اللغة المجوب في هذا المعنى وأما القارمة فليست معروفة ومن الوضع الجديد الذي لا يقارب في حسنه وتأدية المعنى مثل المجوب. 4 - الوشاح حسنة. وأهل العراق يستعملون في هذا المعنى الحمالة ولها وجه صحيح في اللغة. قال أبو حنيفة: الحمالة القوس بمنزلتها للسيف يلقيها المتنكب في منكبه الأيمن ويخرج يده اليسرى منها فتكون القوس في ظهره. اهـ وهذا يشبه ما يتخذه المصاب بضرر في يده أو ذراعه فيضعها في رباط يأمن به حالتها بلا أذى. أصل كلمة الواغش س - دير القمر - ب. ب. ما أصل كلمة واغش المستعملة في ديار لبنان كلها بمعنى الطاعون. وهل الكلمة المذكورة معروفة في العراق وفي مصر وبأي معنى؟ ج - يراد بالواغش في العراق الهمس والنبأة أي الصوت الخفي إلا أنهم يخصونه بما يتوقع منه أمر مكروه، وقد يطلق على كل مكروه وعلى كل مخافة. أما الواغش عند المصريين فمعناه الهامة أو الهوام. والجامع بين هذه المعاني اللبنانية والعراقية والمصرية الخفة والخفاء والاختلاط فالطاعون سريع الانتشار كان سببه خفيا مدة قرون وهو أمر مكروه لا محالة. وفي الهمس والنبأة صوت خفي وفي الهامة أو الهوام دبيب خفي. وعندنا أن الواغش من الوغش لغة في الوش. والوش الهمس عراقية غير معروفة عند الفصحاء إلا أن مضاعفها معروف وهو الوشوشة. وعندنا أن المضاعف الرباعي فرع للمضاعف الثلاثي فلا رباعي

بغير ثلاثي. ولهذا نظن أن الفصحاء لم يدونوه نسيانا منهم، إذ قد ثبت من استقراء الأفعال المضاعفة الرباعية أنها لا توجد في الغالب إلا بعد وجود ثلاثيها. أما أن الوشوشة فصيحة فقد جاء في اللسان: الوشوشة كلام مختلط حتى لا يكاد يفهم. ورواه بعضهم بالسين المهملة ويريد به الكلام الخفي. والوشوشة الكلمة الخفية وكلام في اختلاط اهـ. ثم إن كانت الوغش مشتقة من الوش فمن أين جاءت الغين؟ قلنا: إن الغين تقحم بعض الأحيان في المضاعف الثلاثي. فقد قالوا مسه بيده ومغسه ومط الشيء ومغطه أي مده. ومر في الأرض ومغر بها أي ذهب فيها وأسرع إلى غيرها وهي كثيرة في لساننا. والغين في وسط الكلمة تدل على الإيغال والإمعان في الشيء. ثم أن العراقيين يسمون الطاعون أيضا واغشا. ومن قبيل الواغش التي تدل على الطاعون عند عوام لبنان الوهم (بفتحتين) عند العراقيين وتدل على المرض المذكور. كأن صريح لفظ الطاعون يخيف الناس على اختلاف طبقاتهم فيتلمسون لفظا أخف وقعا على القلوب من ذاك فيلطفونه بقولهم الواغش والوهم ولعل هناك غيرهما على هذا المنحى. طبع الجمهرة س - غزة (فلسطين) م. ي. ج. هل طبعت الجمهرة لابن دريد؟ ج - نعم في حيدر آباد الدكن والذي عني بنشرها العلامة الألماني فريتس كرنكو فجاءت في ثلاثة مجلدات كبيرة. وقد وقع بيدينا طائفة من أوراقها المطبوعة فرأينا في ضبط كثير من ألفاظها أغلاط طبع جمة فسألنا عن السبب فقيل لنا: إن الشكلات غير محكمة الوضع في مواطنها على الحروف التي يطبع بها فحدث فيها تقديم وتأخير. وكان قد علق المستشرق الجليل حواشي عليها بلغ عددها 17. 000 وهذا القدر يدل على نبالة محققها وكان أغلبها مقتبسا من السيرافي الذي منه نسخة خطية نفيسة في ليدن (هولندة) وكان العلامة قد أشار إليها بعلامة وميزها عن حواشي النسخة الباريسية بحرف (ف) فخلط الطباعون الغث بالسمين فذهبت أتعاب الصديق العزيز أدراج الرياح. زد على ذلك أن الطباعين أهملوا ضبط مئات من الكلم لا ترى في لسان العرب ولا في تاج العروس. وربما صحف بعض ما ورد في نص الجمهرة جهلا من المنضدين فقد جاءت مثلا كلمة (جنثي)

بصورة (جنشى) حتى في بيت لبيد وهكذا أفسد قوم في ساعة ما قام بإصلاحه رجل في مدة أشهر بل سنين. فأنا لله وإنا إليه راجعون. حج وأصلها بغداد - ب. م. م. أصحيح أن كلمة (حج) مأخوذة في أصل وضعها من صوت يسمع من أفواه الراقصين في أيام حجهم ويحكي قولك: (حكك. حكك) ثم انتقل معناه إلى الرقص نفسه ومنه إلى الحج؟ ج. نعم، في نظر المحموم الذي يهذي حين تساوره الحمى. وإلا فإن (الحج) حكاية صوت العامل في عمله، مهما كان ذلك العمل: حقيقيا أو وهميا ظاهرا أو خفيا، متعبا أو مريحا. وتكاد تكون الكلمة واحدة في جميع لغات العالم. فهي تنظر إلى اليونانية واللاتينية والفرنسية والإنكليزية ومعناها السوق والعمل. ومن هذه الألفاظ المذكورة تنشأ عشرات من الكلم لا محل لاستقصائها هنا. أما في العربية فالإبدال والقلب والاشتقاق وسعت أصلها الثنائي: وفخمته (اج) بصور شتى فصارت حج وعج وضج وشج إلى غيرها وكلها تدل على الصوت الخارج من الإنسان والحيوان دلالة على عمله. وكما أن العمل يختلف في صاحبه، كذلك الأصوات تختلف في حروفها لتصورها لنا تصويرا مقاربا لها إن لم تبينها تبيانا صادقا. ومن حج نشأ حجا يحجو (راجع لغة العرب 6: 47 و48) وحدا يحدو وحجن يحجن إلى غيرها وهي لا تحصى. ونقف عند هذا الحد من تقلبها وتغولها لئلا يمتد بنا النفس إلى ما لا موقف عنده. الليط س - الله آباد (الهند) - السيد أ. ع: هل في لغتنا العربية كلمة علمية تفيد الكلمة الإنكليزية اللاتينية الأصل ج - معنى الكلمة الإنكليزية قشر الجعل وما شاكله وهو الليط في لغتنا بكسر اللام ونحن نظن أن اللاتينية بل الصحيح اليونانية مأخوذة من لغتنا وعلى كل فكلاهما واحد مبنى ومعنى.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 63 - الكلمات دين ونقد وأدب وهي خمسون كلمة طبعت بالمطبعة الرحمانية بمصر سنة 1344هـ 1926م، بقلم محمود مصطفى الأستاذ الفاضل مدير مدرسة المعلمين بميت غمر في مصر. هذا الكتاب بقطع الثمن الكبير وقوامه مائة واثنتان وثلاثون صفحة وورقه صقيل ثخين أبيض وإذا قرأته ألفيته يتفجر الإصلاح من تضاعيفه فتطفو عليه سلامة النية بيعاليلها اللطيفة الخفيفة. على أننا لا نوافقه على كل آرائه وهذا بعض نظراتنا: 1 - قال في ص 1 (كيف أدت بهم سبلهم. . . إلى حظيرة الله) والذي نعلمه أن (أدى) متعد إلى (المؤدى) بنفسه وإلى (المؤدى إليه) بالى ونحفظ قول (اسحق بن خلف) رواه له المبرد في الكامل: إن هبت الريح (أدته إلى عدن) ... إن كان ما لف منها غير معقود 2 - وفي ص 7 (مثل السكر والأملاح والحمض في البول والسمن) وقد أراد ب (الحمض) ما يسمى (أكسيدا) وقد عده الأب أنستاس ماري الكرملي تصحيف (آخذ) العربي أي الحامض أما الحمض فهو من اصطلاح الأتراك ولم تحتمله العربية سماعا ولا قياسا ولا مجازا. وتعريفه عند الكيمياويين: أنه جسم ناشئ من تبادل (كذا) معدن ما من المعادن بجزئي مولد الماء من ذرة الماء، أو من اتحاد مقدار من مولد الحموضة وجسم بسيط من أشباه المعادن ولا يحمر زرقة التنوم (دوار الشمس) فالصواب (الآخذ) فراجع لغة العرب (7: 303) 3 - وقال في ص 10 (فيأيها المتحرجون الموسوسون) وفي ص 28 (حنبلي: من منا لا يذكر بجانب هذا الاسم شدة التحرج والتأثم والتضييق الآخذ بالخناق فاستعمل المتحرج والتحرج والتأثم مخالفة للمراد بهن لأن هذه الكلمات ورد معناها

مخالفا للفظها فالمتحرج الخارج عن الحرج والمتأثم المتجنب للإثم كالمتحوب والتأثم الخروج عن الإثم. فهي إذن للمدح لا للذم وقد رأينا في الأخبار قولهم (تحرج موقف أمان الله خان) ولم يريدوا إلا الحرج وما هم ببالغيه ولو تكلفوا. 4 - وقال في ص 17 (ولا يجمل بوزارة الأوقاف أن تبيح لهؤلاء الوادعين. . . أن يملئوا) فعدى أباح إلى أحد المفعولين باللام والصواب أن يعدى بنفسه فقد جاء في المختار (أباحه الشيء أحله له) وفي القاموس (أبحتك الشيء أحللته لك) والعجب أن يخفى هذا على (عبد الرحيم محمود) الأستاذ المدرس في الثانوية السعيدية بالجيزة فقد عد قولنا (فكيف نباح أن نريد من أسلافنا؟) سبق قلم وإنما سبق حكمه خلق لنا سبق قلم وإن تعجب فعجب قوله (والصواب: فكيف يباح) فالخبير يقول (فكيف نباح الإرادة) على غرار (فكيف نعطاها) فتأمل. 5 - وقال في ص 20 (وكفا يرتفع وينخفض) والصواب (ترتفع وتنخفض) لأنها مؤنثة. 6 - وقال في ص 26 (والفتن العمياء) وفي ص 91 (المظاهر الجوفاء) وفي ص 131 (من أيد خرقاء) والصواب (العمي) و (الجوف) و (الخرق) بالجمع لا الإفراد لأن (أفعل وفعلاء) من الصفات إذا وصف بهما جمع وجب جمعهما. ولذلك خطأنا قول عبد الرحيم محمود الأستاذ المذكور (مروج الأندلس الخضراء في أيامها البيضاء) وذكرنا له النص من كامل المبرد فالتجأ إلى كفاية الطالب وبغية الراغب (لأنها لم تذكر ذلك وهذا الكتاب وغيره محجوجان بحكاية المبرد الضليع ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. وأغرب من هذا أن الذي نبه على غلط كتابنا المذكور رجل ألماني هو العلامة الجليل (فريتس كرنكو) وما كنا نحسب أن يمتد بنا زمننا فنرى علماء العرب أجهل من غيرهم للغتهم وأشد إصرارا على الخطأ. 7 - وقبل في ص 29 (وسن الفيل وهو نجس) والصواب (وهي نجسة) لأنها مؤنثة.

8 - وقال في ص 30 (لقد ساء فهمنا لكلمات جاء بها الإسلام كالتوكل والإيمان بالقضاء والقدر) وهذا ينقض ما قاله في ص 86 وهو (وقصارى القول أنهم أرادوا بأموالهم خيرا فأبى الله إلا الشر) إذ فيه تموت الهمم وتحيا الجبرية ومن المستحسن أن يبنى الفعل للمجهول في مثل هذا الموضع كما جاء في القرآن المجيد (وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا)؟ 9 - وفي ص 37 (والخير المتواصل) والصواب (المتصل) والمتواصل (ضد المتقاطع والمتهاجر) فلا محل له هنا. 10 - وفي ص 60 خطأ قول شاعر النيل (لو كنت في عهد الفتوة لم أزل) بقوله (لأن خبر الفعل الناقص لا يتقدم حرف النفي على أن حافظا لو شاء أن يتمحل له أنصار الركة وجه صحة لوجدوا ابن كيسان يجيز ذلك) فنقول أنهم منعوا المنفي ب (ما) وأجاز ذلك ابن كيسان والنحاس أما المنفي بغير (ما) فقال فيه ابن عقيل (يجوز التقديم فنقول: قائما لم يزل زيد، ومنطلقا لم يكن عمرو ومنعهما بعضهم) وقول الحافظ منفي ب (لم). 11 - وفي ص 61 (وفقني إلى رضائه) وفي ص 82 (أن أوفق إلى كتاب أستعيره) والصواب باللام. 12 - وفي ص 76 (وكلا التصحيف والتحريف) والصواب (والتصحيف والتحريف كلاهما) لأن (كلا) لا تضاف إلى المفرد اللفظي والمعنوي معا، قال ابن مالك: لمفهم اثنين معرف بلا ... تفرق أضيف كلتا وكلا قال ابن عقيل (فلا نقول: كلا زيد وعمر وقد جاء شاذا كقوله: كلا أخي وخليلي واجدي عضدا ... في النائبات وإلمام الملمات وقد أسهبنا حيث لا محل للإسهاب فكيف الأمر لو تقصصنا كل الكتاب؟ ونعتذر لعلامتنا الكرملي من هذا التطويل المحرج للغة العرب. مصطفى جواد

64 - العواطف الثائرة الحماسة والسياسة من ديوان فتى الجبل السيد عبد الرؤوف الأمين. الجزء الأول، طبع بمطبعة العرفان بصيدا سنة 1347هـ 1929م. إن هذا الديوان الثائر بقطع الثمن الصغير وملاكه مائة وثمانون صفحة وفيه مائة وخمسة وستون تصويرا لملوك وأمراء وعلماء دين وأدب وسياسة ووطنية ولأبطال أحياء وشهداء وكل ما في الديوان عواطف ثائرة كما سماه ناظمه إلا أنها متناثرة وثورة العواطف كثورة الإنسان تضيع إذا لم تكن منظمة محكمة مبنية على رأي نضيج. ويظهر لنا أن فتى الجبل لم يتقن النحو لأنه قال في ص 122 ونحت الشعر من معدنه ... طائعا جاء وما احتجت النحاة فأقول: إن عدم احتياجه إلى النحاة جعله يعدي (احتاج) بنفسه فيرتكب ضرورة شعرية وهو الذي جعله يرفع البدل في ص 189 إذ قال (إن الخليفة الأول أبو بكر بعد أن. . .) ويرفع المعطوف المجرور في ص 92 إذ قال زهاء مائتي ألف محارب وثلاثة وثلاثون) ويفك جواب الشرط من الفاء في ص 111 إذ يقول (وإن شئت إكثارا سأملي) فما ضره لو قال (فأملي). وسائر شعر هذا الفاضل مألوف مكرر ليس فيه ابتكار ففي ص 95 (تطير نفسي شعاعا) وهو كقول (قطرى بن الفجاءة) قبل ثلاثة عشر قرنا (أقول لها وقد طارت شعاعا) وقال في ص 95 أيضا. فهل الأم إذا ما ... خلعت فيك عذاري مع أنه يقول في ص 172. ورفاق رزقتهم ليس فيهم ... غير مستأنس بخلع عذاره فنقول له (إن الطيور على أشكالها تقع) وفي الديوان قصيدات جديرات بالإطراء والإعجاب سدد الله خطاه وزاده حماسة. بغداد: مصطفى جواد

المجمل في تاريخ الأدب العربي - 3 - 4 - وقال في الصفحة الأولى أيضا قاتلها الله (ولكن القوم قد أسرفوا وأسفوا حتى وصفوا به - أي الأديب - كل من حفظ أبياتا أو سود صحيفة. . . ولم يعودوا يميزون بين الحق والباطل ولكن لكل فوضى نظاما) وقد أصاب الحقيقة بكلامه الأول أفلا تراه قال (لم يعودوا يميزون) مع أن الأدباء والخبراء بأساليب العرب ينفون خبر عاد) فيقولون (وعادوا لا يميزون) وقوله (ولكن لكل فوضى نظاما) كقولهم (ولكن لكل حي مخلوق موتا) فما أدخل هذه التوافه في أول تاريخ الأدب!؟ 5 - وقال في ص 2 (فلما وجد أن ذلك قد قام بإفهام مراده مضى في استعماله عند الحاجة إليه) غير عالم بأن جواب (لما) الظرفية الشرطية يكون في زمانها، ولجهله ذلك قال (عند الحاجة إليه) فتدافع طرفا الكلام بهذا الظرف العريض. 6 - وقال في ص 3 (لأنه يستعرض لغة الأمة في أجمل قوالبها وأبدع أساليبها) يريد (يعرض) كقولهم (عرض الجند إذا أمرهم عليه ونظر ما حالهم.) أما (استعرضه) فمعناه (قال له أعرض علي ما عندك) وشتان هما عند الأدباء. 7 - وقال في ص 4 (قامت هنالك ثلاث دول كبرى) والفصيح: (الثلاث الدول الكبرى) أو (ثلاث دول هي كبرى الدول) بتعريف اسم التفضيل بأل أو الإضافة لأن (الكبرى) مؤنث (الأكبر) فكما أن (الأكبر) لا يسمى هذا الاسم إلا إذا كان معرفة لا تسمى (الكبرى) هذا الاسم إلا عند التعرف وكيف لم ينتبه الأثري إلى أن اسم التفضيل لا يطابق موصوفه إلا إذا عرف بأل أو أضيف إلى معرفة ولما شذت من ذلك (أخرى) وجمعها (آخر) قال النحويون أنها صفة معدول بها عن أصلها فيجب منع الجمع من الصرف.

8 - وقال في ص 7 (توطنت الجزيرة في أدهار متطاولة) فقوله (أدهار) يضاد (متطاولة) لأنه جمع قلة ل (دهر) فأنا آسف على إسراف الأثري في استعمال الكلمات العربية البائسة في غير مواضعها كما أسرفوا في التسمية بالأديب!!! فالصواب (دهور متطاولة). 9 - وقال في ص 8 (فإنهم يتوافونها من كل جهة) ولعله يريد (يوافونها من كل جهة). 10 - وقال في ص 10 (سلسلة اندماج لغات القبائل) فيا له تتابعا في الإضافات منكرا. 11 - وقال في هذه الصفحة (طمطمانية حمير: وهي إبدال أل بأم) مع أن الطمطمانية أيضا في كلام (طيء) على ما جاء في ص 449 من شرح الطارة. 12 - وقال في ص 11 (وغمغمة قضاعة تشبيها بأصوات الثيران عند الرعي) قلت جاء في شرح الطرة ص 450 (وهي ترك تبيين الكلام ويقال لأصوات الثيران عند الرعي: غماغم) وقال المبرد في كامله ج 2 ص 171 (وتكون من الكلام وغيره لأنه صوت لا يفهم تقطيع حروفه) وكل دارس محتاج إلى هذا التلخيص. 13 - وأسند الكسكسة في هذه الصفحة إلى (تميم) والكشكشة إلى (ربيعة) كما في شرح الطرة إلا أن المبرد قال في صفحة كامله المذكورة (قوله: تيامنوا عن كشكشة تميم فإن بني عمروا بن تميم إذا ذكرت كاف المؤنث فوقفت عليها أبدلت منها شينا لقرب الشين من الكاف في المخرج وأنها مهموسة مثلها فأرادوا البيان في الوقف لأن في الشين تفشيا) فيقولون للمرأة: جعل الله لك البركة في دارش (ك)، ويحك مالش؟ (ك). 14 - وقال في ص 12 (ومن التمايز العام. . . مما لم يستطع) فجعل الجار والمجرور مبتدأ مؤخرا وذلك لحن قبيح فالصواب (ما لم يستطع). 15 - وفي ص 13 (والعجمضى لضرب من التمر) وقد ذكر الكاتب أنه منحوت من (عجم) و (ضاجم) غير أن الكرملي حينما سمع ذلك منا لم يتصوبه فليذكر لنا إذن رأيه) مصطفى جواد

(ل. ع) اعتمد الأثري في قوله هذا على صاحب المزهر - إن صح ظننا - فقد قال السيوطي (في المزهر 1: 234 من طبعة بولاق) نقلا عن الجمهرة ما هذا حرفه: العجمى ضرب من التمر وهما اسمان جعلا اسما واحدا (عجم) هو النوى. و (ضاجم) واد معروف. اهـ. والذي نعرفه أن ليس واد معروف باسم ضاجم بل ضاجع بعين في الآخر كما جاء في معجم البلدان وتاج العروس وغيرهما - ومع كل هذا التصريح الظاهر نرى أن الكلمة منحوتة من عجم كما قال ابن دريد وضاو أي هزيل أو ضعيف أي التمر الدقيق النوى كما هي حالته. 65 - كتب تراجم علماء طرابلس الفيحاء وأدبائها تأليف عبد الله حبيب نوفل، طبع بمطبعة الحضارة بطرابلس (لبنان) سنة 1929 وهو في 300 ص بقطع الثمن. أعجبنا هذا السفر الجليل غاية الإعجاب والسبب أن صاحبه وهو من بيت علم شهير قديم - جرى على وجه التحقيق في كل ما خطه ودونه. وكل ذلك بعبارة صحيحة فصيحة لا تعقد فيها ولا غموض. ولا جرم أن كثيرين يحبون أن يقفوا على ما في هذا السفر من التراجم لأن علماء طرابلس منبثون في جميع الربوع الناطقة بالضاد. ونحن نستأذن حضرة الأستاذ البك في إبداء بعض الملاحظات: 1 - كنا نحب أن يتقدم كل ترجمة عددها في الترتيب تيسيرا للاهتداء إلى صاحبها. 2 - أن يطبع عنوان كل ترجمة بحرف يميزه عن النص. 3 - أن يكون الفهرس أوسع حتى يرى فيه ما جاء من التراجم المختصرة التي وردت في الحواشي فقد وجدنا فيها تراجم غير الطرابلسيين ممن يحتاج إلى معرفتهم أبناء هذا العصر. 4 - أن تصحح أغلاط الطبع كلها في آخر التصنيف لأن المصوب منها قليل فقد جاء مثلا في ص 39: من مشائخ تلك البقعة: وفي ص 40 في سنة اثنين. . .

ربيع ثاني. . . وفي ص 143 وسنة 1844. . . انصب. . . وفي ص 145 بطفلتين توأمين. . . بكل لياقة. . . ولعل الصواب: مشايخ. . . وسنة اثنتين. . . ربيع الثاني. . . وفي سنة 1744. . . اكب. . . بطفلتين توأمتين. . . بكل لباقة - لأن اللياقة بالياء المثناة غير فصيحة. على أن هذه الهنات كلها لا تحط شيئا من نفاسة هذا الكتاب ونؤمل سرعة انتشاره والنسج على منواله. 66 - الشعر النسائي العصري وشهيرات نجومه عنيت بجمعه ونشره مكتبة الوفد لصاحبها محمد محمود بباب اللوق بالقاهرة، طبع بمطبعة الترقي بشارع الساحة بمصر في 56 ص بقطع 16 وثمنه 30 مليما. الأشعار الواردة في هذه المجموعة مقتبسة من ديوان وردة اليازجي، وعائشة عصمت تيمور وأمينة نجيب وملك حفني ناصف وفي صدر كل من هذه المختارات ترجمة الشاعرة والطبع حسن وقد أحسن الجامع في انتقاء القصائد الواردة في هذه المجموعة ولاشك في أنها من أبلغ المقاطيع التي يتحتم حفظها على طالبات المدارس في جميع الديار التي يتكلم أبناؤها بلغة الضاد، فنحث بنات بلادنا على اقتنائها وحفظ ما فيها. 67 - المراثي (الحسينية) باللغة الفارسية جمعها وقدم عليها مقدمة ولهلم ليتن قنصل ألمانية في بغداد. هذه المراثي الحسينية جمعها وبوبها ورتبها قنصل ألمانية صاحب السعادة صديقنا الهرولهلم ليتن. وهو من المتضلعين من اللغة الفارسية والواقفين على غوامض أسرارها. وقد جمع هذه المراثي حينما كان قنصلا في طهران وطبعها على الحجر بعد أن صورها تصويرا حسنا. فجاءت في 271 ص بقطع الثمن الكبير وجلدها بثوب أخضر ورسم عليها عنوانها بالألمانية بحروف مذهبة ألمانية. وهي مصدرة بمقالة بديعة للعلامة الألماني فريدريك روزن بين فيها مزايا هذه القصائد أو المراثي وكلها منظومة باللغة الفارسية ويعقب هذا الاستهلال الدال على علو مقام صاحبه مقدمة للمؤلف نفسه أظهر فيها كيف حصل تلك المنظومات

ومنزلتها من التاريخ والقريض إلى غير ذلك من الفوائد والإشارات. فجاء النص الألماني في 19 ص بالقطع المذكور وقد خدم بذلك حضرة الصديق العلامة أحسن خدمة الأدب الفارسي القديم والحديث. فنهنئه بما حازه من الفضل والدرجة الرفيعة في هذا اللسان الذي هو أطيب لسان في الشرق على المسامع والذوق. 68 - سفر التكوين بحث نظري فلسفي تشريحي لبيان من هو كاتب هذا السفر الذي هو أقدم سفر تاريخي في العالم والغاية من كتابته، تأليف الأستاذ جبر ضومط ب. ع. م. ع بالجامعة الأميركانية (كذا) في بيروت مطابع قوزما في 64 ص بقطع الثمن. صاحب هذا الكتاب معروف عند الناطقين بالضاد أجمعين بل عند أبناء الغرب أيضا. والظاهر من مطالعة هذا التصنيف أن الأستاذ العلامة لم يدون أفكاره فيه إلا من بعد أن استعد لهذا العمل الخطير (نحوا من عشرين سنة) (ص ج من المقدمة) ولا عجب من ذلك، فإن ما أظهره من تفلية السفر، (سفر الخلق أو التكوين كما يقول) يدل على أنه أمعن في البحث كل الإمعان. وقد قادته نتيجة بحثه إلى أن كاتب السفر هو يوسف بن يعقوب وراحيل المشهور بيوسف الحسن، وليس موسى كما يظنه اليهود والنصارى والمسلمون. ومن أعظم أدلته على قوله هذا - ما عدا سائر ما أورده من الحجج - ذكر (أمور في السفر يصعب تفسيرها والتعليل عنها (كذا بحرفه أي وتعليلها) إلا إذا كان السفر تاريخيا (كذا أي إخباريا) لا رواية خيالية. وكان الكاتب هو يوسف أيضا (كذا وهو تعبير ضعيف بمعنى: وكان كاتبها يوسف أيضا) (ص 25) ومن جملتها: (اعتقاد الكاتب بالأحلام (كذا أي اعتقاد الكاتب (الأحلام)) يدل على أنه يوسف) ص 57 فنقول عن بناية هذا الصرح الذي هو من القوارير أن لوقا يذكر في إنجيله بصدد الرجلين اللذين كانا منطلقين إلى عمواس: (أما كان ينبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده ثم ابتدأ من (موسى) ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب (راجع الترجمة البروتستانية المطبوعة في بيروت

وتاريخ رخصة طبعها 17 ذي الحجة 312هـ في ص 118 من العهد الجديد. وهذه الطبعة تشير إلى أن قوله من (موسى) أي من سفر التكوين 3: 15 و22: 18 و26: 4 و49: 10 فهذا نص صريح على أن كاتب سفر الخلق - بشهادة القديس لوقا إن لم نقل بشهادة المسيح - موسى الكليم كما يعتقده اليهود والنصارى والمسلمون. وهناك عدة أدلة تنقض ما جاء في هذا الكتاب لا محل لذكرها هنا إذ ليس هذا البحث من موضوعات مجلتنا، فنطلب من حضرة الأستاذ المعذرة. أما عبارة هذا التصنيف فركيكة وما كنا نتصور أنها تصدر من قلم الصديق لكثرة ما فيها من الأوهام وقد لا يرتكبها الطلبة فكيف به وهو أستاذ الأساتذة! 69 - مكتبة يوسف أليان سركيس وأولاده في شارع الفجالة رقم 53 بمصر تلقينا قائمة ما في هذه المكتبة من الكتب المطبوعة في ديار العرب وغيرها فوجدنا فيها كل ما يتوق إليه الأديب من أصناف المؤلفات. والمعاملة فيها من أحسن ما يكون. 70 - أزمنة الفصح الغريبة في التقويم الغريغوري وخطورتها لإصلاح التقويم الحديث (باللغة الألمانية)، بقلم لدويغ لانج، طبع في منيخ في 1928 في 85 ص بقطع الثمن الصغير. الإفرنج على اختلاف قومياتهم يعترفون بفضل من يفيدهم في تآلفيهم أو مقالاتهم ولا يبخسونه حقه. كان المؤلف صاحب هذا الكتاب الفاخر طلب إلينا أن نذكر له ما نعلم من أمر زمن الفصح عند النساطرة وبعض النصارى المشارقة فأجبناه عن أسئلته واليوم أهدى إلينا كتابه فوجدناه ينوه في ص 60 بما كنا قد بيناه له مع الشكر لنا فنحن في نوبتنا نقدم إليه عبارات التهنئة بحسن ما قام به من الإفادات الجليلة ونشكره على أداء الحق لذويه ونتمنى له النجاح والرقي في معارج التحقيق والإصلاح.

71 - رواية الحق والعدالة (نظما) للدكتور سليمان غزالة نائب البصرة في المجلس النيابي سابقا، طبعت في دار الطباعة الحديثة. بغداد سنة 1929 في 64 ص بقطع 16. حضرة الدكتور سليمان بك غزالة ممن لا يعرفون الراحة ولو في الشيخوخة وهذه روايته المنظومة تشهد له بحسن تصوير الأحداث أحسن تصوير وعسى أن يستفيد من مطالعتها كل من يريد إحقاق الحق وإزهاق الباطل. 72 - حياتي الشخصية والوظائفية للدكتور سليمان المشار إليه، طبع في المطبعة المذكورة في 1929 في 114 ص بالحجم السابق. هذه ترجمة الدكتور لنفسه وبقلمه، وهي لذيذة المطالعة لأنه - حرسه الله - يزيح لنا الحجاب عن زاوية مظلمة من تاريخ الدولة العثمانية في مدة تناهز نصف قرن من هذا القرن وخلاصة الترجمة أن الدكتور صاحب الكتاب رجل عصامي وصل إلى ما وصل إليه بسعيه واجتهاده وفي مثله فليتنافس المتنافسون. على أننا كنا نود أن يكون لكل من هذين الكتابين فهرس في الآخر لسهولة الوقوف على مضامينهما. 73 - خير التحف في جواز السجود على الأجر والخزف بقلم خادم الشرع الشريف محمد مهدي العلوي الإمام في الجامع الكبير بسبزوار، طبع بمطبعة الآداب ببغداد في 13 ص بقطع 32. رسالة دينية يدل عنوانها على مضمونها وهي حسنة الأدلة، صحيحة العبارة، متقنة الطبع تغني عن الكتب المطولة في هذا الموضوع. 74 - اتهام أبن العلقمي بما هو بريء منه بقلم الإمام المذكور وهي في 5 ص بذاك القطع نفسه أنصف السيد العلوي هذا الوزير وأبان بأحسن الأدلة أن العلقمي لم يخن وطنه وما نسب إليه ظلم محض. ونحن نوافق الكاتب على ما ذهب إليه. وهو أيضا رأي المستشرقين في عهدنا هذا.

75 - معجم المطبوعات العربية والمعربة وصل إلينا الجزء الثامن من هذا البديع في بابه وهو يبتدئ باسم (العطار) وينتهي (بالقناوي) ونتوقع أن نختم هذه الأجزاء كلها بفهرس يحوي أسماء الكتب التي ورد ذكرها في تضاعيف كتابه هذا المفيد لتتضاعف الفائدة ويكون بيد كل أديب. 76 - الدليل جريدة اقتصادية أدبية للإعلان تصدر في الأسبوع مرة وتوزع مجانا. صحيفة في 8 صفحات مشحونة إعلانات وتعنى بنشرها بلغتنا العربية أو بأي لغة أجنبية كانت وتطبع بمطبعة دار السلام في الحاضرة. 77 - النور بدل الأخلاق أبدل الشاعر الاستقلالي عبد الرحمن البناء اسم جريدته (الأخلاق) من (النور) وجعل (أجل غايتها ردع المنافقين) وظهر عددها الأول (وهو 121 من الأخلاق) في 23 حزيران 1929 بحجم أكبر. فنتمنى لها سرعة الانتشار على مثال المسمى الذي اتخذت اسمه. الشفق الباكي تتمة وفي ص 730 يقول ناصحا هاديا لمن ينقدون الشيء بعواطفهم لا عقولهم ويلتفتون إلى صاحب الشيء لا إلى الشيء نفسه: إن تطلب النقد السليم فلا تكن ... متحاملا أو جاهلا وعجولا ابدأ بنفسك مرشدا ومهذبا ... وتلق من درس البيان أصولا وإنك إذا تأملت المغزى من تسميته الديوان (الشفق الباكي) علمت قدرته على رثاء الأحياء فكيف الأموات وإذا التمست إبداعه فاقرأ (الحاكمة في ص 698) و (الطبيعة والأدب في ص 938) وأبو الهول في ص 194) و (ليلة صيف في 145) و (إخاء الورود في ص 277) و (أم كلثوم في ص 284)

و (جنة النحل في ص 106) فهي من مظان الإبداع التي لا تحصى خصوصا (جنة النحل التي قوامها 137 بيتا). وكثيرا ما يرمي بشعره إلى غرض فلسفي ففي ص 300 يقول ما عنوانه: (أقصى الظنون): أقصى الظنون وجودي أصله العدم ... ومن عجيب وجودي ليس ينعدم أحس أني قرين للوجود وهل ... يفني الوجود قرينا ليس ينفصم أما شعره المرسل فكثير ومنه قصيدة (الفنان في ص 535) وقصيدة (الرؤيا العجيبة البديعة في ص 658) وقصيدة اذاء في ص 923) مترجمة عن الإنجليزية وقصيدة (ترنيمة أتون في 963). وهو كثير الغزل عشاق للجمال أي عشق؟ وشواظ من نار في قصائده الوطنيات وفنان في مراسلته ومداعبته الشعريتين وذو إرهاص في وصفه القصصي وكيف لنا أن نصف نبوغه وحصافته وبراعته بهذه السطور وهذا العقل الضيق المظلم؟ وما الذي يستوجب التمحيص؟ 1 - اللغة والنحو: في ص 182 (الخطاب موجه إلى أحد الأدباء الغيورين) والغيور صفة يستوي فيها المذكر والمؤنث مثل صبور وشكور وفخور فلا تجمع جمع مذكر سالما فالصواب (الأدباء الغير) على وزن كتب والظاهر أن هذا القول للأستاذ الناشر. 2 - وفي ص 29 (والمرء أصغر من إحاطة عقله) والإحاطة تعدى بالباء لا بنفسها غير أن الشاعر مضطر غالبا ولا غرابة. 3 - وفي ص 44 (وبدهي أن الطبع) و (فخليق بالشاعر أن يكون) و (إنه لفقير ومسكين ذلك المجتمع) والصواب: (بديهي) وهو المسموع لا المقيس و (فالشاعر خليق أن يكون) لأن المراد جدارته بالكون لا جدارة الكون به و (إن ذلك المجتمع لفقير) خوفا من (ضعف تأليف الكلام) الناشئ من (الإضمار قبل الذكر).

4 - وفي ص 47 (ليس من مستلزمات التطور أو التجديد) والصواب: التطور ولا التجدد) أو (التطوير ولا التجديد) لحصول المقابلة وإثبات النفي لكليهما. 5 - وفي ص 48 (يجنى عفوا أو عمدا على رابطتها الدينية طالما حافظنا على الأساس) وطالما لا تؤدي معنى (ما دام) لأنها مختصة بالماضي مثل (طالما زرتنا) و (طالما تزورنا) أي طالت زيارتك إيانا فلا استمرار زمنيا فيها فالصواب: (ما دمنا) أو ما حافظنا. 6 - وفي ص 45 (الإساءة للأدب نفسه) والصواب (إلى الأدب نفسه) من (أساء إليه) لا (له). 7 - وفي ص 50 (مذهبي الذي أأتم به) والصواب (آنم) بجعل الهمزة الثانية مدا مجانسا لحركة الهمزة الأولى ولابد من ذلك. 8 - وفي ص 161 (وفي الغد سوف لا يبقى بناء) و (سوف) حرف استقبال للإثبات لا للنفي ولا يفصل بينها وبين الفعل بلا غيرها. 9 - وفي ص 190 (وتعيد للبؤساء صفو حياتهم) يريد بالبؤساء التاعسين مع أن معناه (الأقوياء) جمع (بئيس) أما جمع بائس فبائسون قياسا وبؤس سماعا. 10 - وفي ص 119 (تمضي الدقائق بل وساعات ولا) و (بل) حرف عطف والواو حرف عطف فأما الجمع وأما الإضراب فالأحسن (تمضي الدقائق بل سويعات ولا). 11 - كثيرا ما يستعمل شاعرنا (رغما) من دون (الباء) و (على) وآية ذلك قوله في ص 38: (أو فاتخذ من جرأتي وتفنني ... رغم اشتراك اللفظ علم خبير) والصواب (على رغم) أو (برغم) على ضعف أو (على الرغم من) وفي الكامل ج 3 ص 36 قول الشاعر: وما هي إلا كالعروس تنقلت ... على رغمها من هاشم في محارب 12 - وفي ص 441 (وإذا خشيت من افتتاني لا تخف) والصواب (فلا تخف)

لأن جواب الشرط جملة طلبية يجب ربطها بالفاء. 13 - وفي ص 500 (فنسيت عمرا بالتعاسة مرهقا) والتعاسة غير فصيحة ولا يحتملها القياس فالصواب (التعس) وقد كرر هذا المصدر في مواضع أخرى من هذا الديوان والنجاة من الضرورة أن يقول (فنسيت عمرا بالتعوس مرهقا). 14 - وفي ص 939 (تركوه لا حرس عليه كأنما حرسته آمال صباح مساء) بجر المساء لفظا والمعروف بناؤها على الفتح لأنها أحد الظرفين المركبين ولعل للشاعر الكريم وجها لم نتنبه عليه. 15 - وفي ص 961 (وصف الزهر الذابل طي كتاب الحبيبة) والصواب (في طي) لأن (طيا) مصدر لا يقبل الظرفية المكانية بلا حرف جر وفي (ضمن) من مختار الصحاح (وأنفذته في ضمن كتابي أي في طيه). 16 - وفي ص 755 (تحالفت وأبو الدهر عن شرف) برفع (أبود) على العطف على الضمير المستتر في (تحالفت) وقد قال المبرد النحوي في الكامل (ج 3 ص 7) ما نصه (وليس بالوجه أن يعطف المظهر المرفوع على المضمر حتى يؤكد نحو اذهب أنت وربك فقاتلا، وأسكن أنت وزوجك الجنة - ثم قال - وهذا على قبحه جائز أعني: ذهبت وزيد واذهب وعمرو) فما المسوغ للقبح إذن؟ 17 - وفي ص 755 (وكلها حجج غراء شماء) والفصيح (غر، شم) بالجمع لأن (افعل ومؤنثه فعلاء إذا وصف بهما جمع وجب جمعهما قال أبو العباس المبرد في الكامل (ج 1 ص 39) ما نصه (فإن أردت نعتا محضا يتبع المنعوت قلت: مررت بثياب سود وبخيل دهم وكل ما أشبه هذا فهذا مجراه) اهـ وقال في (ج 2 ص 250 (ما نصه (وإن أردت أدهم الذي هو نعت محض قلت: دهم) اهـ. 18 - وفي ص 759 (معروف عادة بأن نيسان (مايو) أبهج الشهور) والصواب (إن أيار) لأن الباء لا تجر المبتدأ قياسا بل سماعا شاذا جدا مثل (بحسبك درهم) وربما) جعلوا (درهما) مبتدأ ولأن مايو هو أيار. 19 - وفي ص 758:

(تعالي، تعالي، حبيبة قلبي ... فإن الصباح الجميل انتظر) وهو ترجمة بيت في ص 760 ونصه: فقد زاد في الترجمة العربية صفة هي (الجميل) لأن النص الإنجليزي مجرد منها ومعنى ينتظر ولكن الدكتور الحاسم ترجمها ب (انتظر) وهذا يجوز على ضعف لولا أنه وكد المضي بذكره (إن) الموكدة والتأكيد يزيل الاحتمال والتأويل. 20 - وفي ص 762 (كأن به جاريات الحياة) برفع (جاريات) والصواب نصبها لأنها اسم ل (كأن). 21 - الأغلاط المطبعية: في ص 6 (المغ) وفي ص 24 (اي فكرة) وفي ص 26 (بل بتعين وفي ص 50 (مذهي) وفي ص 58 (البكتريولوحيين) وفي ص 62 (أقل ما يقال فيه إنه هذيان) وفي ص 94 (للدكتور المفصال) وفي ص 657 (تأمل الكسر) بسكون اللام من (تأمل) وفي ص 198 (لم أنثر الشعر) بسكون الراء من (أنثر) وفي ص 682 (وفي تلك الجنة الفيحاء نحب من أجمل المناظر) وفي ص 1137 (بالنحلة التي) وفي ص 1144 (محفوطة) وفي ص 1146 (تسائلي) وفي ص 1251 (لثروت) وفي ص 1261 (فهو في عفه) وأصولها (أبلغ وأي ويتعين ومذهبي والبكتريو لوجيين وأنه والمفضال وتأمل الكسر - بكسر اللام - وانثر الشعر بكسر الراء الأولى ونخب والتي ومحفوظة وتسائلني ولثروته وفي عرفه). وفي الديوان أغلاط لغوية كثيرة للكتاب لا محل لبسطها. الخاتمة: هي قولنا أن الأدب العربي قد تناوله التطوير العظيم بإضافة هذا الديوان الجليل القيم إليه لأنه من خيرة الشعر العربي ومن صفوة الأدب الإنجليزي وكيف نتمكن من وصف بحر زخار موار قد قمرت العيون بسنا لؤلؤه؟ أطال الله حياة شاعرنا الدكتور المفضال وأمتعنا بأدبه الرائق في الأفواه والرائق للعقول إنه رؤوف رحيم. مصطفى جواد

معجم إنجليزي عربي - 4 - ومن غريب الأمر أن الرومانيين يستعملون كلمة الفقع للذليل وهي من ألفاظ الشتم عندهم. ذكر ذلك بلوتس وهو من الشعراء المضحكين. توفي سنة 184 ق م. وأما إطلاق هذا الاسم على المرض الذي يكون في الفم وغيره فمن باب المشابهة كما فعل الغربيون. وليسمح لنا الصديق أن نقول له: حسن لنا أن نكتفي هنا بكلمة واحدة هي الفقع لما ذكره بالإفرنجية وأن نترك الفطرة لما يقابله عند الإنكليز لفظ والعرهون لما يسمى والكمأه لما يدعى والعرجون هو المسمى بالإفرنسية لهيئته إذ يشبه القنقن أو القنع أو عود الكباسة المعوج. أما عيش الغراب فهو اسم أي فطر كان عند العوام. والفقاع التي ذكرها سعادته هي فطر المروج (راجع دوزي) وشحمة الأرض هي اسم عام لكل كمأة. أما العسقل فهو معروف بالإفرنجية باسم ويجمع على عساقل. ويقال في العسقل عسقول ويجمع على عساقيل وهو يشمل عدة فصائل. وقول حضرة الصديق عسقل جمعه عساقيل مخالف لنصوص فصحاء النحاة واللغويين لأن فعلول لا يكسر على فعالل كما أن فعلل لا يجمع على فعاليل. نعم قد يخالف بينهما وذلك في الشعر فقط من باب الضرورة وإلا فالقياس يأباه. ونلاحظ في كلام سعادة البك أنه يترجم اللفظة الإفرنجية الطبية المفردة بألفاظ عربية تارة مفردة وطورا مجموعة. والذي نستحسنه أن ينقل المفرد إلى المفرد والجمع إلى الجمع. ثم إن شاء أن يذكر في لغتنا مفرد اللفظة المجموعة (إذا كانت الإفرنجية كلمة مجموعة) فلا مانع من ذلك وكذلك يذكر في لغتنا جمع الكلمة المفردة (إذا كانت الإفرنجية كلمة مفردة) ففي مادة ذكر ألفاظا مرة مفردة كقوله فطرة وعرهون وعرجون وعيش الغراب وعسقل وأخرى يذكر في المادة عينها الجمع كقوله فطر وكمأة وفقاع وشحم الأرض ولو جعل كلها بصيغة المفرد (ووضع بين هلالين صيغها المجموعة) لكان أوفى بالمقصود وأصح في النقل.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سرقة كتب من خزانتنا أشرنا في الجزء الأخير (7: 506) إلى سرقة كتب خطية من خزانتنا وقد تحققنا الآن أن يد السارق امتدت إلى المؤلفات المطبوعة أيضا فقد أخذ منا كتاب الفرق بين الفرق وكنا قد جلبناه من أوربة - وديوان ابن حمديس المطبوع في رومة وكان قد أهداه إلينا صديقنا الإيطالي السنيور جورجيو ليفي دلافيدا وهناك غير هذين الكتابين ولا نهتدي إلى المفقود إلا عند احتياجنا إليه. والكتاب الخطي الثالث الذي سرق منا ولم نكن نعرفه في الشهر الماضي هو ديوان (الباخرزي) ودونك وصفه: كنا اشترينا هذا الديوان من أحمد حامد أفندي الصراف بمائة وعشر ربيات وكنا قد كتبنا عليه بقلم الثلث (ديوان الباخرزي) وتحت الكلمتين ما هذا نصه: (هو المالك الحقيقي) وتحتها (من جملة ممتلكات أحقر العباد عيسى ابن مصطفى الحسني العطار 1210) وكتبنا نحن بجانب التاريخ: (وقد صار بالمشترى الشرعي إلى الأب أنستاس ماري الكرملي وقد اشتراه من أحمد حامد الصراف في 9 ك 2 من سنة 1928) وبالفرنسية ما كتبناه بالعربية وإذا قلبت الصفحة وجدت بخطنا الثلثي في أول سطر: (ديوان الباخرزي) وتحته: (بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لوليه. قال الشيخ الإمام الشهيد أبو القسم علي بن الحسن ابن أبي الطيب الباخرزي (ثم بالحمرة ما يأتي:) يمدح الخليفة القائم بأمر الله وأنشدها في المحرم سنة خمس وأربعين وأربعمائة (ثم بالسواد البائية التي مستهلها): عشنا إلى أن رأينا في الهوى عجبا كل الشهور وفي الأمثال عش رجبا وهي في 48 بيتا وعدد صفحات الديوان 382 وقد كتبناها بقلمنا وفي أسفل الصحيفة الأخيرة ما هذا نصه: (تم الديوان بحمد الله وعونه وحسن توفيقه والحمد لله رب العالمين) وفي زاوية الصفحة بقلم دقيق (صاحبه عبد الكريم) وقد كشط أحد الأئمة

بمدية تاريخ نسخ الديوان. على أن الورق والكتابة والحبر وضبط الأبيات وما يتخللها من النثر والإشارات يدل على أنه يرتقي إلى خمسة قرون على أقل تقدير وطول الكتاب 23 سنتيمترا في عرض 15 سنتيمترا. وفي كل صفحة 21 سطرا وطول السطر المكتوب 11 سنتيمترا ونصف سنتيمتر. وكان الناسخ قد كتب بالحمرة عنوان كل قصيدة أو كل قطعة إلى ص 179 وبعد ذلك ترك ما بقي من تلك القصائد الغر بلا عنوان وهو مما يبخس حق تلك القصائد إذ تضيع فوائدها التاريخية وكنا شرعنا ننسخ هذا الديوان فوصلنا إلى نحو من نصفه أو أكثر، لكن السارق لم يشفق علينا فأخذه ولم نقف له على أثر. وربما أدرجنا في مجلتنا بعض تلك القصائد حرصا عليها من الضياع والتلف وقد بعثنا بها الآن إلى أحد المستشرقين ليدرس فكرة ناظمها، فإذا أعادها إلينا قدمنا إلى قرائنا بعض أمثلة منها. ونحن نهدي إلى من يأتينا بالنسخة الأصلية المسروقة ثلاثين ربية وخمس عشرة ربية إلى من يدلنا على آخذ هذه النسخة وعسى أن لا يخيب أملنا. 2 - الإرادة الملكية بفض مجلس النواب أعلن فخامة رئيس المجلس أن هذه الجلسة (الخمسين) هي آخر جلسة للمجلس النيابي من هذه الدورة ولذلك يتلى محضرها فتلي (في 13 حزيران) وقبل. 3 - الاقتراع في مجلس الأعيان في الساعة الحادية عشرة من صباح 13 حزيران شرف جلالة الملك دار الندوة (البرلمان) فاستقبله فخامة رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب ودخلوا جميعا ردهة جلالته الخاصة به فاقترع لإخراج عشرة أعضاء من الأعيان من العشرين عضوا لانتهاء الزمن القانوني لعضويتهم في هذا المجلس. ففاز عشرة - طبعا - ودونك أسماء الفائزين: 1 - السيد محمد الصدر 2 - الشيخ عداي الجريان 3 - آصف أفندي آغا 4 - السيد عبد الله النقيب 5 - فخر الدين جميل 6 - غبطة البطريرك يوسف عمانوئيل 7 - الحاج حسن شبوط 8 - عبد الكريم السعدون 9 - مولود مخلص باشا 10 - محمود الاسترابادي ودونك الآن أسماء غير الفائزين:

1 - جميل صدقي الزهاوي 2 - يوسف السويدي. الرئيس 3 - الحاج سعيد معروف آغا 4 - مناحيم دانيال 5 - السيد عبد الحسين الكليدار 6 - الحاج عبد الغني كبة 7 - إبراهيم الحيدري 8 - محمد علي فاضل 9 - صالح باش أعيان 10 - عبد الله صافي 4 - الشكوى من البريد العراقي تجيئنا تشكيات من مدن وبلاد مختلفة من عدم وصول المجلة إلى المرسل بها إليهم وقد تصل إلى بعضهم لكن بغير انتظام مع إننا نبعث بها إلى الجميع وفي يوم واحد. وآخر شكوى جاءتنا كانت من وزارة المعارف العمومية المصرية فقد كتبت إلينا تقول ما هذا نصه: (بما أن أعداد المجلة لا ترد إلى مدرسة المعلمات الأولية بالمنيا فالرجاء اتخاذ الإجراءات الفعالة لإرسالها عند صدورها حتى تصل في الوقت المناسب) فنطلب إلى إدارة البريد في حاضرتنا أن تنظر بعين السهر إلى إيفاد المبعوثات إلى أصحابها بأوقاتها المعينة لكي لا يحط من قدر بريدنا العراقي عند غيرنا. وأملنا أن لا تخيب اعتمادنا عليها. 5 - وفاة السيد طالب النقيب نعت برقية من البصرة السيد طالب باشا النقيب ذاكرة أنه توفي في منيخ (بفارية) وكان قد سافر إليها قبل مدة وجيزة لمعالجة كبده فتوفي هناك على إثر بضعها. رحمه الله. 6 - قانون تنفيذ أحكام المحاكم الأجنبية في العراق وافق جلالة الملك المعظم على النظام الذي أقره مجلس الوزراء والقاضي بشمول قانون تنفيذ أحكام المحاكم الأهلية والمختلطة المصرية. 7 - مساعدة المنكوبين خصصت الحكومة العراقية مائتي ألف ربية بمساعدة المنكوبين بالغرق وهم أصحاب الزرع في لواء الدليم والحلة والديوانية وبغداد والناصرية. ويقال أن هذا المبلغ غير كاف للغاية المتوخاة وإذا استوجب الأمر جاءت حكومتنا إليهم بمساعدة ثانية. ويؤمل أن يعفى عن الضرائب من ينجح زرعه الصيفي لينتعش الفلاح من عثرته. 8 - انضمام العراق إلى اتفاقية البريد الدولية انضم العراق إلى اتفاقية البريد الدولية الموقع عليها في استكهلم في 28 آب (أوغسطس) سنة 1924 نافذا منذ 22 نيسان (إبريل) سنة 1929

9 - تبادل المجرمين بين العراق وبريطانية العظمى تمت المفاوضات بخصوص الاتفاق على تبادل المجرمين بين العراق وبريطانية العظمى وفوضت حكومتنا إلى ممثلها في لندن فخامة جعفر باشا العسكري أمر توقيعها باسم الدولة العراقية. 10 - لإصلاح السكة الحديدية لما فاض الفرات أتلف السكة الحديدية في أهم أقسامها والآن أصدرت الحكومة أمرا بمبلغ 168 ألف ربية لإصلاح الخط في المواطن التي أضر بها الفيضان. 11 - الحاصد تعرضت هذه الجريدة الأسبوعية البغدادية لموضوع يغاير خطتها فمنعتها إدارة المطبوعات من متابعة نشرها فنتمنى لها العودة إلى الحياة. 12 - الصباح خالفت هذه الجريدة الأسبوعية الأدبية منهجها فكان نصيبها نصيب أختها فعسى أن لا تحتجب عنا كثيرا. 13 - الناقد عطلت مديرية المطبوعات جريدة (الناقد) الأدبية لتجاوزها الخطة المعينة للجرائد الأدبية وكان صدور أول عدد منها في 13 حزيران وعطلت في 14 منه فلم تعش إلا يوما أو بعض يوم! 14 - انضمام العراق إلى الاتفاقية والنظام الخاصين بالأصول الدولية للمواني البحرية ينفذ العمل بهذه الاتفاقية منذ 30 تموز (يوليو) سنة 1929 وكان التوقيع على هذا الانضمام من قبل الدول في جنيف في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1923. 15 - سيارة إسعاف في العاصمة اشترت أمانة العاصمة سيارة نقل وخصصتها بإسعاف الناس ومن وظائفها أنها تنقل في أحداث الحريق من يصاب من موظفي الإطفاء وغيرهم بشيء في أثناء الحريق والإطفاء. وتنقل كذلك من يقع تحت الأنقاض ويصاب بأذى في مصاب الانهدام والانهيار.

العدد 72

العدد 72 - بتاريخ: 01 - 08 - 1929 فضل العربية على سائر اللغات 1 - توطئة لم يبق شك في أن ألفاظ جمة من إغريقية ورومانية تشابه كل المشابهة حروفا سامية عديدة. ولا سيما حروفا عربية. لأنه إذا كان ثم عشر كلمات من اللغتين المؤتمتين تضارع كلمات عبرية أو ارمية، فهناك مئات من الألفاظ الضادية تنظر إلى اللغتين المذكورتين. فهذه المجانسة البينة لكل ذي عينين لم تأت من باب الاتفاق والمصادفة ولا هي وليدة توارد الخواطر، لأنه لو وقع شيء من هذا القبيل، لكان في بضعة حروف، وليس في عشرات ومئات. إذن هناك اصل هو أبو الجميع، ومن هذا الأب نشأت سائر الفروع. وهذا الأصل الوالد الكبير هو في نظرنا لغتنا

العربية ومزاياها، والذي يدفعنا إلى هذا القول أسباب جمة: 2 - أدلتنا على فضل لغتنا أول هذه الأدلة اختلاط سلفنا العرب بالأمم القديمة أصحاب اللغات التي كانت مبثوثة في سقي البحر المتوسط أي بالأمم الهندية الأوربية وبسواها. والهنود الأوربيون في مختلف لغاتهم غير متصلين بعضهم ببعض على طراز الساميين إذ هؤلاء تستحكم بينهم عرا النسب وتشج وشجا وثيقا، ولا يمكنك أن تنكر ما عند القبيلين من المنازل التي تدل على أصلهم منذ القدم. ومن هذين القبيلين نشأ العمران الأكبر، عمران العالم الحديث. وأصل هذين القبيلين البشريين وتطورهما أو تكاملهما هما المسألتان الرئيستان اللتان تهمان التاريخ. على أن بعض متعصبة الإفرنج وشعوبيتهم يحاولون أن ينكروا كل ممالأة جاءت من قبل الساميين. وينسبون كل تبحر في الحضارة إلى العنصر غير السامي بيد أن مكشوفات العراق وسورية وفلسطين وديار مصر والهند هبت من قبورها ودفائنها لتفند هذا الزعم الفائل، وتكذب أولئك المتقولين والمغرضين. ولهذا صار مما نرغب فيه اليوم ويفيد المؤرخين والباحثين أن يتقصى الحفي في الآثار، ليطلع على أقدم الطوارئ الآرية التي هبطت على آسية المتقدمة، ويحاكم أحداث تلك الأجيال محاكمة مجردة من كل غرض. إننا نعلم أن الفريجيين والأرمن وبعض أقوام آسية الصغرى الواغلة في القدم كانوا ينتمون إلى العشيرة الهندية الأوربية. والآن جاءت الأنبياء لتروي لنا أن هناك آريين أسبقين بدوا لنا اليوم لينضموا إلى العشيرة المذكورة. فانبثاق هذا الفجر الجديد يطلعنا على أمور كان علماء الإفرنج أنكروها قبل نحو بضعة قرون وهي الآن تزداد جلاء ووضوحا، إذ يبدو لنا الآريون، بل قل: الآريون الأسبقون بمظهر العائشين في الشرق المتقدم، عيشة تدل على أنهم كانوا يخالطون الساميين منذ الأزمان الضاربة بعرق في القدم. فإلى ذلك العهد تنسب الألفاظ اليونانية والرومانية التي تشبه في تركيبها وبنيتها وبساطتها الألفاظ السامية، أو

قل للأوضاع العربية. 2 - في اللغتين المؤتمتين ألفاظ لا ترجع أصولها إلى مواد معروفة فيهما، وهذا ما أقر به جميع لغوييهم العصريين من ألمان وإنكليز وفرنسيين وإيطاليين وغيرهم ولما عارضناها بالأوضاع العربية: وجدنا مفتاحها فيها فهي إذن من أصل عربي صريح، إذ لغتنا وحدها تحل مغلقها وتؤيد معناها وتطلعنا على سر وجودها في تلك الألسنة. ورب معترض يقول: إن العربية العصرية أو العربية التي استحكمت أصولها قبيل الإسلام غير العربية القديمة التي كانت في تلك العصور الواغلة في القدم. فعربيتنا في هذا العهد حديثة بالنظر إلى اللغتين المؤتمتين، ولا سيما مدوناتهما، فأنها أعتق من مدونات عدنانيتنا بعدة قرون. فكيف يسوغ لك أن تذهب إلى رأيك هذا؟ قلنا: إننا لا ننكر من هذه الحقائق إلا بعضا منها. نعم إن الصيغ والتراكيب والمباني في لساننا قد تختلف عما كانت عليه في الأزمان البعيدة العهد إلا أن (مادتها الأصلية واحدة) وإن اختلفت صورها وصيغها. وأكثر هذه المواد تعرف عروبتها لأنها أحادية الهجاء. ثنائية الحرف، أي أنها في أبسط حالة يمكن أن تكون عليها الكلمة في أول وضعها ونشوءها. فالمضاعف الثلاثي عندنا ما هو في الحقيقة إلا أحادي الهجاء ثنائي الحرف. أما أنه ثنائي الهجاء ثلاثي الحروف فهو من ابتداع النحاة ومن نتاج مخيلتهم ليلحقوه بسائر الأوضاع الثلاثية التركيب. وإلا فأصل (فر) مثلا هو بفاء مفتوحة وراء ساكنة حكاية لصوت الفرار والذهاب أو الطيران. ولما شددوا الراء وفتحوها أرادوا تحقيق الراء - وهو الحرف الأخير - لكي لا يخلط بحرف آخر ويتضح أنه راء محضة لا حرف آخر. والإفرنج لا يريدون أن يقروا بهذا الأصل العربي فهم ينسبون تلك الأوضاع إلى لغات كانت معروفة عند سكان آسية المتقدمة، وهم غير الأمم اليونانية المعهودة عندنا. وقد اخترعوا لهم اسما يدلون به عليهم، وهو (الأقوام الاسيانية) وسموا لسانهم (الاسياني). 3 - مما لا ينكر أن أناسا من الحثيين كانوا في عداد الترواديين وكانت

صلاتهم باليونانيين الأقدمين الأبطال من أوثق الصلات وأقواها: وقد أثبتت الأخبار أن أكابر الحثيين كانوا يصاهرون أماثل اليونانيين. ووجد اليوم من الأنباء القديمة أن الدولة الأخانية الكبرى - التي ترتقي إلى النصف الثاني من الألف الثاني قبل المسيح - كانت تراسل عظماء الديار التي نسميها اليوم بالأناضول القباذقية وتواصلهم وصالا مهما يدل على ارتباط قلوب بعضها ببعض. 4 - زد على ذلك أن أخبار التوراة تفيدنا أن أبناء (حث) كانوا ينزاون ربوع كنعان من شماليها إلى جنوبيها. وكان من الحثيين فرع ثالث يقيم في قيليقية وكانوا مرتبطين بالحثيين الكنعانيين - شماليين كانوا أم جنوبيين - ارتباطا وثيقا وعززت هذه الحقيقة مكشوفات فجر هذا العصر. 5 - من الأدلة الجديدة العهد المراسلة التي عثر عليها في (تل العمارنة)، فإن أغلب ما فيها يبحث عن شؤون كنعان، ولغتها الرسمية المألوفة هي السامية وفيها أمثلة من رسائل أخرى عبارتها ميتنية وحثية. وهذا ما يدل دلالة صريحة على أن ارتباط الساميين بالاسيانيين كان ارتباطا وثيقا ومحكما فهو إذن دليل تاريخي منيع لا يتيسر نقضه. هذه أهم ما عندنا من الأدلة، ومن كان له رأي يخالف رأينا فليأتنا بما عنده لنرى مكانته من الحقيقة والمناعة، إذ لا ندعي العصمة في ما نقول، بل ننزل عن فكرنا حالما نرى من ينسفه نسفا بالطريقة العلمية الصحيحة. 3 - ميدان اجتهادنا إننا لا ندعي أن جميع الألفاظ الإغريقية والرومانية عربية الأصل كما لا ندعي أن ليس في لغتنا من ألفاظ الأقوام التي جاورهم أجدادنا، فإن كل جيل أعار الجيل الآخر جاره شيئا من مصطلحاته وأوضاعه الخاصة به، حتى أن أجدادنا اقتبسوا بعض الألفاظ التي كانوا في غنى عنها. قال محمد الرازي: (وهم (العرب) ربما استعملوا بعض كلام العجم

باتفاق وقع بين اللغتين كما قالوا للمسح بوزن الملح: بلاس وللصحراء: دشت) اهـ. واقتباس السلف كلما من جيرانهم مع استغنائهم عنها أكثر من أن يسمى فهذا الهلام أشهر من أن يذكر ومع ذلك أنهم أخذوا عن الأعاجم الخاميز. قال الليث: الخاميز اسم أعجمي إعرابه (عامص وآمص). وزاد في التاج: وبعضهم يقول: عاميص وآميص. وقال ابن الإعرابي: العاميص الهلام. وقال الليث: طعام يتخذ من لحم عجل بجلده. وقال الأطباء: الهلام هو مرق السكباج المبرد المصفى من الدهن. قلنا: هو المسمى بالفرنسية وقال ابن سيده: الخاميز أعجمي حكاه صاحب العين ولم يفسره قال: وأراه ضربا من الطعام. كذا في اللسان والتكملة. وجميع اللغويين صرحوا في عدة مواطن من تآليفهم أن السلف اقتبسوا ألفاظا جمة من الأعاجم وكانوا في مندوحة عنها. قال ابن المكرم صاحب لسان العرب في كتابه (نثار الأزهار في الليل والنهار) معددا أسماء القمر فأوصلها إلى تسعة عشر ثم ذكر العشرين فقال: (والسلني وهو اسمه باليونانية وقد تكلموا به - وذكر من أسماء الشمس تسعة وعشرين أما الثلاثون فهو ايليوس. قال: (وايليوس وهو اسمها باليونانية وقد تكلموا به إذن وجود الشيء عند السلف لا يعني أنهم لم يضعوا له اسما في لغتهم ولا معناه أنهم في غنى عن اقتباسهم أوضاعا من جيرانهم لتأدية ذلك المعنى عينه والذي قد وضعوا له مسمى من سابق العهد بل معناه الإكثار من الأوضاع لا غير. وعدم إدراك هذه الحقيقة دفع كثيرين إلى كتابة أمور يضحك منها الواقف على سر هذا الاقتباس على أن هذا الإنكار لم يرد في أقوال الأقدمين من لغويينا بل في بعض الكتاب المعاصرين الذين عرفوا شيئا وغابت عنهم أشياء فهم معذورون لأن الدافع إلى مقالهم هذا غيرتهم على تراث الأقدمين لا اجتهاد ولا تثبت في الحقائق.

وعندنا من أقوال اللغويين الأقدمين لإثبات هذه الحقيقة ما لو تجسم لغدا كمامة تسد بها أفواه أولئك المتشدقين الذين ليس لهم من الاشتغال باللغة إلا الإدعاء الفارغ. أما الألفاظ اليونانية والرومانية التي تمت إلى لغتنا بصلة النسب فهي تلك الألفاظ التي يكثر فيها الهجاء الواحد أو الهجاءان ومدلولها أمر طبيعي أو محاكاة الطبيعة وأما ما يدل منها على الإمعان في الحضارة أو التوغل في الفكريات والنظريات أو على شؤون لا تعرفها العرب، أو ما كان من هذا القبيل فإنها خاصة بتلك الأمم وقد اقتبسها السلف حين مخالطتهم إياهم. والذي عندنا أن ما اقتبسه الإغريق والرومان ما آبائنا أوفر مما استعاره أجدادنا من تلك الحمراء والصفراء. وما حدث في العهد القديم من تحول الألفاظ وتنقلها من قوم إلى قوم واقتباس بعضهم ألفاظ البعض الآخر كل هذا يقع في عصرنا لأن العوامل الفعالة واحدة في البشر فهي لا تتغير ولا تتحول. ألم يقتبس بعضنا كلمة فاميلية ومرسي وربل ومثلها مئات ومئات مع أنه عندنا الأسرة أو الأهل وشكرا والقطار أو السكة الحديدية وبيننا من يتحزب للإفرنج وأوضاعهم فيستعمل ما يستعمله هؤلاء العلوج كما يرى بيننا من يسير على نهج العرب المخلصين وإن أصبحوا هزءا في عيون أولئك الشعوبية الممقوتين. فما يجري اليوم قد وقع أمس والشواهد أكثر من أن تحصى. ولما ننسب إلى السلف وضع الحروف الأحادية الهجاء أو الثائيته، لا نريد أن نقول: أن كل ما كان على ذينك المبنيين يعود إلى قدمائنا، بل نريد أن نشير إلى الكثرة التي سادت في تلك الأوضاع؛ وإلا فللإغريق والرومان ألفاظ على طراز الوضع العربي بيد أنها من أقل مما ورد من جنسها أخذا عن الناطقين بالضاد. 4 - اقتباسنا الغريب من غريب من استقريناه في هذا الموضوع أننا رأينا كلما عديدة وضعها الساميون ولا سيما أجدادنا العرب في عهد اختلاط الأمم بعضها ببعض على صعيد سقي البحر

المعروف بالبحر المتوسط أو بحر الروم في نحو الألف الثالث أو الثاني قبل المسيح فنقلها عنهم من ليس من الرس السامي فزادوا فيها حرفا أو حرفين أو أكثر فاقتبسها منهم بتلك الصورة الجديدة من عاصر أولئك الأقوام من الناطقين بالضاد غير معتبرين أن أصلها يعربي محض وقد ألبس ثوبا أحمر أو أصفر. ولا نريد أن نعرض على القارئ كل ما جاء في هذا الموضوع فإنه يحتاج إلى وضع سفر جليل قائم برأسه؛ غير أننا نذكر شاهدين للإشارة إلى ما نذهب إليه: إننا نعلم أن لفظة (سلني) كلمة يونانية تعني القمر. وقد ذهب فقهاء لغتهم إلى أن الكلمة مشتقة من سلاس أي ضياء. وعندنا أن كلا من سلني وسلا (أي سلاس والسين الأخيرة من علامات الإعراب عندهم) مأخوذة من السنى أي الضياء في لغتنا أو من (سين) الآرمية بمعنى القمر. وسين كانت تعني في لغة أقدمينا القمر ومنه السنمار للمعنى المذكور فهو مركب من (سن) أو (سين) السامية و (مار) الذي أصله (ماه) أي قمر وذلك باللغة الآرية، فكأن المتكلم يخاطب أناسا يعرفون الفارسية وقد نسوا الكلمة السامية، أو يخاطب أناسا محبين للإيرانيين ولا يحبون سماع الساميات إلا للذكرى ومثل هذه الألفاظ المركبة من شقين أو من جزءين مختلفين قدر لا يستهان. والذي يعزز رأينا في هذا الموضوع قولهم أسنى البرق أسناء: دخل ضوءه البيت أو وقع على الأرض أو طار في السحاب. وأسنى النار: رفع سناها - ومن هذا القبيل قولهم ليلة قمراء صناجة أي مضيئة - والسنيج: السراج - والحاسن القمر وظنوها من مادة حسن ونحن نظنها منحوتة من (حي سن) أي الإله القمر الحي. لأنهم كانوا يزعمون أنه إله حي. وهناك حروف كثيرة مركبة من سن أو سين ومن اسم ثان مثل سنداد وسيناء وسنيق وكان هذا الإله

(أي السن بمعنى القمر) يصورونه بهيئة ثور ومنه في لغتنا: السن: الثور. والذي يزيدنا رسوخا في هذا القول أن هذه المادة، مادة (س ي ن) أو (س ن ي) أو (س ن) في جميع اللغات السامية، فهو أعظم دليل على أن أجدادنا الأقدمين سبقوا غيرهم إلى وضعها. هذا أصل السلني في نظرنا، وأما ايليوس الذي معناه الشمس في اليونانية، فصحيح لفظه بتفخيم الهمزة، أي يجعل الهمزة هاء أو حاء أو عينا في لساننا مما يحملنا على القول بأن أصلها كان (هيل) أو (حيل) أو (عيل) بعد حذف أداة الإعراب وبعد اعتبار القلب والإبدال فيها كلها. هذا فضلا عن أنه يسوغ لنا أن نعتبر الهمزة أصلية على لغة من لغاتهم. إذ لكل لفظة من تلك الألفاظ وجه في لغتنا وهو أمر عجيب. فإن اعتبرت الأصل (إيل) فمعناها الإله وسميت كذلك لأن الأقدمين عبدوها كما يعبد الإله. وإن ذهبت إلى أن الأصل هو (هيل) قلنا لك: أن هذه المادة معناها الدائرة النيرة. ومنها (الهالة) للدارة حول القمر. والهولة: نار التهويل. وإن قلت أن الأصل هو (عيل) قلنا لك: أما أنه مقلوب العول مصدر عال عياله أي كفاهم معاشهم ومأنهم والشمس كما تعلم سبب معاش الخلائق كلها. وأما أنه مقلوب العلو لأن الشمس من أكبر الأجرام العلوية في نظر العوام من الناس. أما إذا ارتأيت أن الأصل هو (حيل) قلنا لك: أما أنك تعتبر هذا اللفظ على وجهه الظاهر والحيل هو القوة كالحول والشمس هي سبب قوة المبروءات كلها. وأما أن تعتبرها مقلوبة (حول) والحول كالحيل القوة. بل حول نفسها (بلا لام التعريف وبضم الحاء غير المعجمة) علم للشمس. وقد ذكرها ابن منظور في نثار الأزهار ص 102 وهي التي نقلها اللاتين إلى صورة والفرنسيون إلى والإنكليز إلى وهكذا تراها في جميع اللغات واللغيات الصكصونية بفرق زهيد والأصل هو حول. ومن الغريب أننا لم نجدها في كتب اللغة القديمة ولا في المعاجم الحديثة وهي من الحروف التي

لا بد لما فيها من الصلة بالألفاظ الآرية الأصل. ومن غريب الأمر أن مثل هذا التغيير وقع بعد الإسلام وفي أبان ازدهار الآداب العربية فأخذ السلف عن الأندلسيين الأجانب ألفاظا بصورتها الأعجمية في حين كانوا في غنى عنها لأن ما اقتبسوه من أولئك الأقوام من المفردات هو عربي النجار ونحن نضرب لذلك مثلا واحدا تقيس عليه ما جاء من هذا القبيل. بين أدباء المائة السادسة للهجرة رجل عربي محض الدم هو أبو القاسم خلف ابن عبد الملك بن مسعود بن موسى بن بشكوال بن يوسف بن داحة بن داكة بن نصر بن عبد الكريم بن واقد الخزرجي الأنصاري القرطبي كان من علماء الأندلس الكبار وله التآليف الجليلة المفيدة. وهو معروف عند الكتاب والمؤرخين باسم (ابن بشكوال) ولم أجد من بحث عن أصل هذه الكلمة. والذي عندي أن اللفظة بهذه الصورة إسبانية أي أندلسية أعجمية وهي تصحيف (الفصحي). وبين الاسمين فرق في اللفظ لا يمكن أن ينكر. أما أنه كيف صار (الفصمعي) بشكوال فنقول: أن الإفرنج نقلوا الكلمة إلى لسانهم بعدة صور منها فنقلت الفاء العربية إلى حرف والصاد إلى والحاء إلى أو ولما نسبوا إلى الفصح الإفرنجية قالوا والإسبانيون قالوا ولما كان الإسبانيون والعرب الأندلسيون في العصور الوسطى يلفظون بعض الأحيان السين شينا صارت (الفصحي) (بشكوال) وهو أمر في منتهى الغرابة لعدم وجود أدنى مجانسة بين الكلمتين ومع ذلك لا يمكن لأي كان أن ينكر هذه الحقيقة لوضوحها. هذا ولم نر أحدا صارح بهذا الأصل سواء أكان من أبناء لغتنا أم من أبناء الغرب. والنصارى يسمون (بشكوال) أو أن شئت فقل (فصحي) من يولد من أبنائهم في زمن الفصح. وهكذا اشتهر عندنا كثير من الأئمة باسم (بشكوال) أي الفصحي. منهم القديس بشكوال الأول البابا المتوفى في سنة 824م (1109هـ) والقديس بشكوال بيلون المولود في سنة 1540 م (947هـ) والمتوفى سنة 1592م (1001هـ) فبشكوال اسم نصراني بحت. وابن بشكوال مسلم عربي. فكيف تسمى مسلم باسم مسيحي صرف؟

نظن أن الاسم شاع في الأندلس شيوعا عظيما فسمعه المسلمون وسموا به أولادهم من غير أن ينظروا إلى معناه ومثل هذه التسمية كثير. فمن كان يظن أن اسم بشكوال معناه ابن الفصحي؟ وإذا علمت أن نظائر هذه التغييرات جمة لا تحصى وورد مثلها قبل الإسلام وبعده تحققت أن أسرار اللغات من أدق الأمور بحثا واستقصاء. الباء بعد إذا الفجائية ذكر النحويون أن الباء الداخلة على الاسم الذي يلي (إذا) الفجائية لفظا هي زائدة وأن الاسم مبتدأ في الأصل وذلك في مثل قول الأصمعي في ص35 من الجزء الأول من الكامل (فإذا به في شملة) فتأويله عندهم (فإذا هو في شملة) فأقول: إن الذي أطلع على كلام أسلافنا الكرام وجد أن (إذا) الفجائية يليها ضمير رفع أو اسم ظاهر غالبا ولم أر في القرآن الكريم غير ذلك. أفعند دخول الباء شاذا أم نفتش عن سر هذه القضية النحوية فنؤيد من ادعى أن الباء قياسية الدخول بعد إذا. التفتيش عن السر أولى فالكيه (إن الضمير الذي يلي إذا أما يكون ضمير المفاجئ مثل (بحثت عنهم فإذا هم جالسون) وأما يكون ضمير المفاجأ مثل (بحثت عنهم فإذا أنا بهم جالسين) ولكن العرب استجازوا حذف ضمير المفاجئ على ما ظهر لي فالقول (فإذا به في شملة) أصله (فإذا أنا به في شملة) ومن ذلك يظهر لنا أن (إذا) لا تدخل على الضمير المجرور إلا بتقدير ضمير رفع بينهما يستقيم به الكلام. قال رجل من ثقيف في (144: 3) من الكامل (ثم أصبحت والناس يقولون: قتل أمير المؤمنين الليلة فأتيت الحسن (وإذا به) في دار علي عليه السلام) فالأصل) وإذا أنا به في دار علي) والذي يؤيد دعواي قول رجل من أصحاب عبيد الله بن زياد في (149: 5) من الكامل (خرجنا من جيش زيد خراسان فمررنا بآسك (فإذا نحن بهم ستة وثلاثين رجلا) فانظر إلى قوله (فإذا نحن بهم) لأنه يبطل دعوى من يقول إن الهاء في (بهم) مبتدأ في الأصل ويؤيد تعليلنا تأييدا شديدا فلو قال هذا (فإذا بهم ستة وثلاثين رجلا) ما أخطأ بل جعل كلامه عرضة للالتباس ويأبى ذلك ذوقه العربي. مصطفى جواد

بسمى أو أدب

بسمى أو أدب كنا نشرنا مقالة بهذا العنوان في (5: 65 إلى 70) وطلبنا إلى حضرة صديقنا الوفي يوسف أفندي رزق الله غنيمة أن ينقل إلى لغتنا ما قاله عنها أبناء الغرب في أسفارهم بعد التنقيبات التي قاموا بها في الأرض التي تعرف باسم (بسمايا) إلا أن حضرة الكاتب الألمعي عين وزيرا لمالية العراق فلم يبق له متسع في الوقت ليفيد قراء لغة العرب بمقالاته إذ انتقلت فائدته اليوم إلى فريق أعظم عددا من فريق قراء مجلتنا فكان العذر واضحا فطلبنا إلى حضرة صديقنا الآخر وهو رزوق أفندي عيسى أحد كتبة المجلة السابقين أن يقوم بهذا السعي فحبر لنا المقالة الآتية: (ل. ع) وقفت مؤخرا على المقالة المدرجة في الجزء الثاني من السنة الخامسة من (لغة العرب) الصحيفة ال 65 بعنوان بسمى أو أدب لا بسمايا أو مسماة أو بسماة فشكرت لمنشئ هذه المجلة عنايته بطرق المواضيع المفيدة لنا نحن العرب والمستشرقين عموما وما لفت نظري إلى كتابة هذا المقال هو رد الكاتب المحقق والمؤرخ المدقق على م. ج. دي خويه بقوله (ومع ذلك نراه قد وهم هو أيضا في هذه القرية أو المدينة أو ما شئت أن تسميها وذلك أنه فرز في فهرس الإعلام بسما عن بسمى فذكر للأولى أي (بسما) مواقع وجودها من تاريخ الطبري. وذكر الثانية بقوله: (بسمى) بالبطيحة وبين محل وجودها وورودها في التاريخ المذكور مع أن الحقيقة هي أن الاسمين لمسمى واحد لا غير. ولو أمعن بنظره في البحث لوجد أن ما ظنه قريتين إحداهما قريبة من بانقيا والثانية في البطيحة هما واحدة إذ كلتاهما بالبطيحة أو البطائح حتى بانقيا نفسها ولم يهف علامتنا هذه الهفوة إلا لأنه لم يعرف حدود البطائح). وقبل الخوض في بيان ما نحن بصدده أقول: أن بطائح العراق هي مجمع سيب الفرات ودجلة وكلما تحول مجرى دجلة تحول موقع البطائح ذلك التحول. هذا ولم يذكر مخطط العرب البطائح ذكرا تاما، إذ لم تستقم على حال واحدة

وإنما كانت على ما يشاء لها الاتفاق والحوادث. إني أذهب اليوم مذهب العلاقة دي خويه إلى أن في العراق موضعين يعرفان بهذا الاسم (بسما وبسمى) وأحدهما معروف وهو التل الذي نقب فيه الدكتور بدجر جمس بانكس الأثري الأميركي عام 1903 وموقعه بين فرات الحلة والغراف وسندرج في جزء مقبل مقالة مسهبا فيها عن هذه المدينة المطمورة منذ أجيال وقد كشفت معاول النقابين عنها النقاب بمشارفة الدكتور المشار إليه فويق هذا. أما الموضع الثاني المعروف بهذا الاسم فقد بحث عنه في أسفار الرحالين والنقابين والرواد التي بحوزتي فعثرت على ضالتي في أحدها ولم أكتف بذلك بل استطلعت جماعة من الشيوخ الخبيرين بمواطن العراق القديمة والحديثة والملمين بأسماء الروابي والأطلال المنبثة في أطراف الديوانية والغراف وكوت العمارة وفي غيرها وجلهم من المكارين الذين قضوا معظم حياتهم في التنقل من بلدة إلى أخرى فذكر لي بعضهم أن بسمايا تل يبعد عن بلد الكوت نحو ثلاث أو أربع ساعات وذكر آخرون الأنقاض المشهورة الواقعة في شرق الديوانية وقد أجمعت كلمتهم أخيرا على أن في العراق موضعين يعرفان بهذا الاسم، وتأييدا لما نحن بصدده أنقل للمطالع ما جاء في كتاب (بسمايا) أو أدب المفقودة لمؤلفه الدكتور بنكس المطبوع عام 1912 م ص 384 قال المؤلف: (لم تكن بسمى التي نقبنا فيها الأنقاض الوحيدة في ديار بابل تعرف بهذا الاسم بل هناك بسمى أخرى واقعة في الجهة اليمنى من دجلة قائمة فوق بلدة الكوت تبعد عنها نحو أربع ساعات، وكثيرا ما رغبت في تفقد معالمها فأتاح لي الحظ يوما أن أقضي طول نهاري باحثا منقبا في أطلالها، بينما كنت أنتظر ورود باخرة لتنقلني، فانتهزت فرصة تأخرها ونلت مبتغاي). (تحتوي الأنقاض على تل واحد طوله نحو نصف ميل في عرض ربع ميل وعلوه خمسون قدما وتكاد تكون قمته مستوية بيد أن أطرافه قائمة متحدرة وقد أثرت فيها سيول الأمطار تأثيرا عظيما فجرفت قسما منها وأصبحت أخاديد عميقة تشبه السواقي وهناك كثير من قطع الخزف المدهونة

بدهان أزرق والأجر المشوي وفي الطرف الجنوبي وجدنا احدورا فيه تابوت من الطين فيه سكة من عهد الفرثيين وهم الارشكيون وقد نخرها التراب ثم عثرنا على عدد كبير من النقود مبعثرة في كل مكان من التل غير أنها كانت منخورة جدا حتى أننا لم نهتد إلى معرفة اسم ضاربها ولا إلى تحقيق ما عليها من الكتابة وقد استفدت فائدة كثيرة من الرسوم المنقوشة على الأجر وفي بعضها وجدنا كتابة تشتمل على ثلاثة أسطر منقوش فيها اسم نبو كد نصر ولكن لم نر فيها أثرا لاسم المدينة ومن الأجر ما هو مطبوع عليه رسم مربع صغير غير أن معظم الأجر مكتوب عليه كلمة واحدة بحروف عبرية أو أرمية وقد انتقيت أحسنها وحفظتها معي لكي أقف منها على اسم ذلك الموضع القديم وبعثت بنسخة من تلك الكتابة إلى الأستاذ توري من جامعة بل فأجابني أن الحروف إرمية قديمة وتلفظ كرنبو ويعقب هذا الاسم إشارة تمثل برجين وتدل على أن تلك الكلمة كانت اسم المدينة وقد وردت لفظة (كرنبو) في الكتابات الآشورية وكانت لها علاقة بكوثى (تل إبراهيم) ويذهب جمهور من الأثريين إلى أنها من أقدم المدن في تلك الناحية وقد أورد ياقوت اسم كرنبو نقلا عن كتبة اليهود أنه كان ابن كوثى بن ارفكشاد بن سام بن نوح ويقال أيضا أن كرنبو كان والد زوجة إبراهيم ويظهر من التقاليد أيضا أن بسمى هذه تمثل موضع إحدى مدن بلاد بابل الواغلة في القدم، هذا وسطح الأنقاض يرشدنا إلى العصور الأخيرة من دولتي بابل وفرثية فإن ذلك التل عال جدا ومن المحتمل أن في ثناياه وطبقاته آثار أمم قديمة والتنقيب فيه سهل ومضمون النجاح). (إن شظايا الخزف لم تكن خالية من فائدة لأنها كانت مدهونة بدهان أزرق وأحمر وأبيض وبعضها كانت مطبوعة بطابع ومن الطوابع رسم دائرة وضمنها رمز قديم بهيئة صليب يوناني من ذراعين معقوفتين ومنها تصميم يدل على شعار كشعار الدولة العثمانية أي يلمح إلى راية الهلال ولا يبعد أن النجم المستدير يمثل الشمس ومهما يكن من الأمر فإن الواقع يحملني على أن أبحث عن أصل ذلك الرمز المعدود عند العموم كرمز تركي المنشأ لأنه ظهر أولا على الراية العثمانية في هذا العصر فقد جاء في روايات الأقدمين أن ذلك الرمز منشأه الملك

فيليب والد إسكندر الكبير فإنه في إحدى غزواته باغت سكان بوزنطية ليلا فكان النجم المتألق في السماء القائم بالقرب من القمر سببا في إثارة كلاب الأزقة وأخذت تنح نباحا شديدا فهب الأهالي وأدركوا الخطر المحدق بهم فقاموا في الحال وأخذوا يذودون عن حياض المدينة حتى أنقذوها من ضربة العدو واستيلائه عليها، بيد أن الاكتشافات في هذه البقعة تحملنا على أن نعتقد أن ذلك الرمز قديم جدا ويتجاوز في القدم عصر فيليب إذ كان في زمن الشمريين ذلك الرمز كسمة تمثل كلمة رقية ومن المؤكد كون أصل ذلك الشعار تعويذة لطرد الأرواح الخبيثة وتقليص ظل الأمراض والنكبات ولجلب اليمن والسعادة وقد اتخذ أهالي المشرق قاطبة هذا الرمز حرزا حريزا بيد أن الفرس والفرثيين انفردوا به دون سواهم حتى طبعوا رسمه على مسكوكاتهم). هذا ومن العراقيين من يذهب إلى وجود موضع ثالث يعرف باسم بسمايا وذلك نقلا عن شيوخ بوادي العراق حتى أن أحد الأعراب أتى يوما إلى النقاب الأميركي في بسمى وأكد للعريف الذي برفقته أن التلال التي ينقب فيها لم تكن التلال الواقعة في بسمايا الأصلية فحمله قوله هذا أن يرافقه مع جماعة من الفعلة إلى المحل الذي أشار إليه وقد ذكر ذلك بنكس في كتابه المذكور في صدر هذا المقال ص 154 - 155 قال ما ترجمته: (بعد أن أسفرت التنقيبات عن نتيجة حسنة أتاني (الاونباشي) ذات يوم بخبر مفزع مآله أن التنقيبات لم تكن جارية في أنقاض بسمايا الأصلية وأن بسمايا الحقيقية التي هي مطمح أنظارنا واقعة على مسافة ميلين أو ثلاثة أميال من هنا إلى الجنوب وراء تلك الجبال (الروابي الرملية) حتى قال حقا لقد أضعنا وقتنا وذهبت أتعابنا سدى واستمر مصرا على قوله هذا أننا لم نظفر بعد بضالتنا المنشودة فاعتمادا على ما فاه به أعددت عدتي وغادرت محلي قاصدا الموضع الذي أشار إليه ولما بلغناه ألفينا أعالي التلال مغطاة بشظايا من الخزف غير المصقول وشاهدنا في أماكن كثيرة آثار جدران مبنية بالأجر المسنم المشوي وبعد أن نبشنا الأرض خرقنا بضعة خروق لم نعثر على شئ مهم يستحق الذكر سوى سطح صهريج معد للماء مصنوع من الأجر الخزفي الصلب وقدر قطره نحو متر وعمقه متساوي

جامع قمرية

جامع قمرية استدراك كنت ظننت في (ص230 من هذه المجلة) أن في النقص الذي طرأ على كتاب الحوادث الجامعة بحثا يعرفنا بما نتطلبه من أمر جامع قمرية. وقلت أن باني هذا الجامع هو الخليفة الناصر. وكان قولي هذا لسببين أولهما أن من صلى في هذا الجامع إماما بالناس حين فتحه كان مجد الدين عبد الصمد وإذ كانت ولادته في سنة 593هـ (1196م) على ما كنا رأينا كان من مواليد زمن الناصر فلا يمكن أن يكون الجامع من بناء من تقدمه من الخلفاء أو غيرهم. وثاني السبيين أن كتاب الحوادث المنوه به - والمحفوظة نسخة بحالها الحاضرة يبتدئ من قسم من سنة 626هـ (1228م) كما كنت قد أشرت إليه - لا يذكر بناء جامع قمرية فارتأيت أن تشييده كان قبل ذلك ولا سيما كتاب المساجد ذكر لنا نقلا عن بعض المؤرخين - ولم بسمهم - أن هذا الجامع من أبنية الناصر فقلت قول كتاب المساجد مؤيد إياه. وكل ما كنت نقلته في كتابتي من الحوادث الجامعة - عن الجامع الذي نحن بصدده - منقول من نسختي المكتوبة على النسخة المخطوطة العائدة إلى صاحب هذه المجلة وهي منقولة عن الأم الوحيدة وقد عرفتها في ما سبق. ولم أكن أدري أن النسخة المصورة لهذا المخطوط المحفوظة في دار الكتب العائدة إلى وزارة الأوقاف تحل لنا المشكل إذ تطلعنا على تكامل بناء الجامع في سنة 626 هـ وهي من سني خلافة المستنصر. والذي أوقفني على ذلك كلمتان - بقلم لا يختلف عن قلم الكتاب - وردتا في حاشية النسخة المصورة دون المخطوطة وقد أغفلهما الكتاب. قالت النسخة المخطوطة: (وفي شعبان (626 - 1228) تكامل بناء المسجد المستجد بالجانب الغربي على شاطئ دجلة المقابل لرباط البسطامي ونقل إليه الفرش والآلات وقناديل

الذهب والفضة والشموع وغير ذلك وفتح في شهر رمضان ورتب فيه مصليا الشيخ عبد الصمد بن أحمد بن أبي الجيش وأثبت فيه ثلثون صبيا يتلقنون القرآن عليه. ورتب فيه معبد يحفظهم التلاقين ورتب أيضا فيه الشيخ حسن بن الزبيدي محدثا يقرئ (كذا) عليه الحديث النبوي في كل يوم اثنين وخميس. ورتب أيضا قارئ للحديث. وجعل في المسجد خزانة للكتب وحمل إليها كتب كثيرة). اهـ فلم يكن بوسعي أن أتكهن بأن هذا المسجد هو جامع قمرية ولكني لما وقفت على النسخة المصورة رأيت فيها إشارة بعد كلمة (البسطامي) تهدي إلى الحاشية وفي الحاشية ما يأتي: (المعروف بقمرية) فلم يبق لي شك في أن جامع قمرية تكامل بناؤه في سنة 626 هـ وكانت تلك السنة في خلافة المستنصر التي بدأت في سنة 623 (1226). وجاء في الحاشية قوله: (حاشية. حكي أنه قيل للشيخ عبد الصمد أن هذا الموضع رسم أن يكون إمامه شافعيا. . . (هنا كلمات لم أستطع قراءتها) الانتقال عن مذهب الإمام أحمد. فقال: ما وجدت في مذهبه ما يوجب انتقالي عنه. فأنهي ذلك إلى الخليفة فقال: نحن نغير. . . كذلك كلمات لم أستطع قراءتها) اهـ. وقد جاء في كلشن خلفاء في أخبار والي بغداد إبراهيم باشا أنه جدد في سنة 1903 (1683) عمارة الجامع المقابل لدار الإمارة (هي ما نعرفه اليوم بالسراي) وأن يحيى دده شيخ الدراويش المولوية أرخ البناء ببيت من الشعر بالتركية ذكره. قلت ولعل هذا الجامع هو جامع قمرية أيضا. وبعد هذا كله أقول من هي قمرية؟ أأمرأة كما قال كتاب المساجد أم غير ذلك؟ والاسم جديد نسب إليه الجامع حين إنشائه أم اسم قديم للموضع الذي بني عليه؟ هذا ما تساءلت عنه قبلا وأكرر السؤال عنه اليوم. يعقوب نعوم سركيس

ما فوق باب اورتمه من الكتابة

ما فوق باب اورتمه من الكتابة وما في داخله منها لما ألف العلامة (لويس ماسنيون) كتاب (بعثة في العراق من سنة 1907 نقل في الجزء الثاني الكتابة التي فوق الباب الشمالي (لخان اورتمه) وذلك في ص 24 من بعثته. وقد ظهر لنا أنه نقلها عن مؤلف تاريخ مساجد بغداد. ويؤيد ذلك أيضا مناسبة ما في هذا التاريخ لما نقله العلامة المذكور. وإننا قد استغربنا أوهام هذا النقل لما أن الكتابة مرموقة على الحجارة لا في الأدمغة ولا في القرطاس ولأن أمور التاريخ يجب أن يستثبتها مسطرها قبل تسطيرها خشية أن تتيه القرون التي تأتي في مجهل الارتباك والاضطراب ولا ينتفع الإنسان من حيث يضر، فلخدمة التاريخ النزيه قصدنا إلى باب ذلك الخان أكثر من خمسين قصدة وتحملنا وصب الوقوف والنظر الحديد بين مشاة ساخرة ونظارة حاقرة وعابري سبيل غير ملتفتين، فتوصلنا إلى عرفان ما نذكره أسفل هذا معارضيه بما نقله العلامة ماسنيون لينبلج فجر الحق بعد أن أغطش ليل الالتباس والأرقام لتعداد الأسطر. ما نقله ماسنيون 1 - بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على خير خلقه محمد النبي وآله أجمعين هذه الخان من إنشاء ذي العمل المبرور والسعي المشكور مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن السلطاني 2 - الاولجايتي وقفها على المدرسة المرجانية ودار الشفاء بباب الغربة. 3 - والنصف للقائمة وتل دحيم ومزرعة بالصراة وبساتين بالمخربية وبساتين بقرية البزل والراذمار وخرم أباد. 4 - رباط جلولا المعروف بقزرباط ورزين حوى ونصف دوري وبساتين ببعقوبا وبوهريز وبالبندنيجين وخان ودكاكين. 5 - بالحلبة وأربع خانات ودكاكين بالجوهرية وخان بالجانب الغربي ودكان كاغد بالحريم كما هو. 6 - محدود ومشروح في الوقفية وقفا صحيحا شرعيا تقبل الله منه الطاعات في الدارين. . . وكان الفراغ منه سنة ستين وسبعمائة والحمد لله وحده. 7 - وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي العربي الصادق وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلم كتبه الفقير إلى رحمة ربه أحمد شاه النقاش المعروف برزين قلم. غفر الله ذنوبه. ما نقلته أنا 1 - بسم الله الرحمن الرحيم. 2 - أمر بإنشاء هذا النيم والمنازل والدكاكين المولى المخدوم الآمر الصاحب الأعظم. 3 - الأعدل ملك ملوك الأمر في العالم. صاحب العدل الموفور، عضد السلطنة والإمارة حاوي مرتبة الإمارة

والوزارة. 4 - افتخار شهد الأوان المخصوص بعناية الرحمن أمين الدين مرجان الأولافايتي وقفها على المدرسة المرجانية ودار الشفاء بباب الغربة كذلك عقرقوف 5 - والنصف من القائمية وتل دحيم ومزرعة بالصراة وبساتين بالمخرمية وبساتين بقرية الترك والزادمار وخرماباد. 6 - ورباط جلولا المعروف بقزل رباط وزرين جوي ونصف دوري وبساتين ببعقوبا وبوهريز وبالبندنيجين وخان ودكاكين. 7 - بالحلبة وأربع خانات ودكاكين بالجوهريين وخان بالجانب الغربي ودكان كاغد بالحريم كما هو. 8 - محدود مشروح في الوقفية وقفا صحيحا شرعيا تقبل الله تعالى منه الطاعات في الدارين وبلغه نهاية المراد وكان الفراغ من سنة ستين وسبعمائة والحمد

لله وحده. 9 - وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي العربي الصادق وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلم كتبه الفقير إلى رحمة ربه أحمد شاه النقاش المعروف برزين قلم غفر الله ذنوبه. ولزيادة الفائدة نذكر إعلانا أعلن في زمن (إسماعيل شاه الصفوي) وهو مرقوم على الجانب الشرقي من جدران الباب الشمالي للخان الاورتمه داخلا لا خارجا في صخرة لوبية طولها (82) سنتمترا على التقريب وعرضها (22) سنتمترا على التقريب أيضا لأننا قسمنا بالشبر والفتر والإصبع ثم نقلنا ذلك إلى السنتمترات فدونك الإعلان بحروفه: بسم الله الرحمن الرحيم في أيام حضرة السلطان الولي الدال على المذهب الإمامي شاه إسماعيل بن حيدر الصفوي الحسني أيدت دولته ووقف عاليجناب الأمير الكبير المخصوص من الله بالعناية والإحسان الأمير العادل (قنغرار) سلطان على قول الله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) وأعلم أن عواقب الظلم ذميمة وموارده وخيمة فصدر أمر العالي بألا يؤخذ من دلالي الابريسم ومن عزة (كذا) الأقمشة شيء بعلة الضمان ومطامع الديوان وألا يؤخذ من جند حاكم بغداد وغلمانه وأرباب ديوانه شيء بعلة التمغا ومن غير ذلك أو شيئا منه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين؛ وكتبه في ذي الحجة سنة (921) والحمد لله وحده) اهـ. وليعلم القراء الكرام أن نقدنا لما نقله العلامة لويس ماسنيون هو نقد لتاريخ مساجد بغداد الذي لم يهتم مهذبه - أي محمد بهجة الأثري - بمقابلة بعضه بما هو مرقوم على الأجر ولا يمكن إفساده ولا العبث به. بغداد: مصطفى جواد

رسالة في تراجم أحوال الرجال

رسالة في تراجم أحوال الرجال للشيخ (كذا) البقاعي نسخة خطية محفوظة في المتحفة البريطانية بلندن تحت رقم 57 - 8655. هو بالقطع الصغير وهو أوراق فقط، قال المؤلف في المقدمة: قال أحوج خلق الله إلى عفو الحق أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن بكر البقاعي الشافعي نزيل القاهرة هذه (الكراسة؟) التي خفيت أحوال منتخباتها على الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم فسأل عنها شيخه الحافظ أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني فعلق بخطه تحت أساميهم ما صح له من أقوالهم وقال: ثم سألته فشافهني بها وكلهم من أهل العراق وقد رتبتها ليسهل الكشف منها وبالله التوفيق. وبعد هذا يجيء بأسماء الرجال على ترتيب حروف الهجاء ولكن لم يذكر من أحوالهم شيئا إلا نادرا وليس لأكثر الرجال إلا سطر واحد وليظهر صحة ما قلت نقلت السطرين الأولين: أحمد بن إبراهيم بن ملحان أبو عبد الله ثقة. أحمد بن إسحق بن صالح الوران لا بأس به الخ إلى آخر الحروف. ثم في الورقة السابعة يجيء ترتيب جديد، قال في أوله: وسأله مشافهة عن رجال أثبتهم أيضا مرتبا من أسمائهم وأسماء آبائهم على الحروف وأول سطر: إبراهيم بن زياد سيلان فقال ما أعرف في سيلان إلا خيرا. وفي آخر الكتاب: فرغ من ترتيبه. . . أحوج الخلق إلى عفو الحق أبو الحسن إبراهيم بن عمر بن حسن الرباط بن علي بن أبي بكر البقاعي الشافعي يوم الأحد خامس عشرين (كذا) شوال من شهور سنة أثنين (كذا) وخمسين وثماني مائة بمسجده من رحبة العيد بالقاهرة المعزية حفظها الله الخ. كأنها نسخة بخط المؤلف نفسه. بكنهام (إنكلترة): ف. كرنكو

الحاج الميرزا معصوم العلوي

الحاج الميرزا معصوم العلوي هو الحاج الميرزا معصوم بن إبراهيم العلوي وهو الجد الأدنى للسيد محمد مهدي العلوي ينتهي نسبه إلى علي العريضي بن جعفر الصادق. ولد في كيذقان (قرية تبعد عن سبزوار ستة فراسخ) وبعد بلوغه الحلم انتقل إلى سبزوار وتزوج بها. اشتغل بتحصيل العلوم برهة من الزمن فقرأ الصرف والنحو على بعض الفضلاء وانتهت دورة تحصيله بإنهائه كتاب شرح الألفية لجلال الدين السيوطي ثم اشتغل بالتجارة ولم يزل كذلك حتى وافته المنية. زار العراق مرتين وحج مكة والمدينة. وكان قصير القامة أبيض اللون طيب الأخلاق. أجاب داعي المنون في سنة 1315هـ (1897م) وقد أرخ وفاته أديب مصره وأحد شعراء عصره الميرزا سليمان بقوله: وفات حاج مير معصوم كه بودا ومؤمن كامل ... بهمراه براد جون برحمت كشت وي واصل سؤال سأل تاريخش نمودم ازخرد كفتا ... كه تاريخ وفاتش دان مطابق لفظ (فارغ دل) 1315

مندلي الحالية

مندلي الحالية كان حضرة الكاتب السيد عبد الرزاق أفندي الحسني كتب مقالا في لواء ديالى وذكر مندلي من أقضيتها (7: 537) ولما كان لهذا القضاء شأن في التاريخ طلبنا إلى حضرة المعلم ميخائيل توماس وهو مدرس اللغة الإنكليزية - في مدرسة الحكومة أن يصفها وصفا وافيا يصور لنا هذا القضاء تصويرا يمكننا من أن نقف على أمرها كما هي عليه اليوم فكتب لنا ما يأتي. 1 - موقعها مندلي أحد الأقضية التابعة للواء ديالى في العراق العربي. وهي تبعد عن بغداد بالسيارة نحو ست ساعات وبالقافلة زهاء ثلاثة أيام أو 24 ساعة أو 58 ميلا. 2 - اسمها الأصلي يقال أن الفرس لما اكتسحوا بعض جهات العراق في أيام السلطان مراد اجتاحوا هذا المحل وسموه باسم فارسي (بندنيك) ثم استخلصها الترك من أيديهم فحرفوا اسمها وصار (بندنيج). ثم أن اسم بندنيج تحرف مرة أخرى إلى مندليج ولا يزال هذا الاسم الأخير مستعملا حتى الآن عند الفرس، والرسائل الواردة من إيران إلى مندلي تكتب عناوينها (مندليج) وفي الأخير خفف العراقيون المعاصرون هذا اللفظ بحذف الجيم فصارت (مندلي).

3 - نفوس القضاء إني تحققت من كاتب النفوس في مندلي حسب الإحصاء الذي أجراه سنة 1928 أن عدد أهاليها مع أهالي ناحية قزانية وقرية دو شيخ بلغ (12. 141) ولكن لم تسجل أسماء نفوس مقاطعات القضاء لأنهم عشائر فلو أردنا إضافة عددهم إلى نفوس القضاء لبلغ خمسة عشر ألفا ومن جملة السكان نحو 200 إسرائيلي ساكنين في 40 بيتا وهم في نفس القضاء وحده لا في ملحقاته. وليس في القضاء أحد من النصارى. وفيهم قلم حاجية. 4 - ناحية قزانية لمندلي ناحية واحدة لا غير وهي قزانية وتسمى عندهم (جيزاني) وهي واقعة في جنوبي مندلي على بعد ساعة ونصف منها سيرا على الأقدام وفيها مدرسة أولية ذات صفين مبنية على الطرز الحديث وتقابل دار الحكومة وقد شيدت هذه المدرسة سنة 1924 ويبلغ عدد تلاميذها نحو 30 تلميذا. وفيها محلتان وهما: (جاي محله سى) و (قلعة محله سى) وتبلغ دورها 700 وخاناتها ثلاثة وعدد نفوسها نحو 3. 600 ويتكلم أهاليها الكردية والفارسية وقليلا من العربية. 5 - قراها من قراها (نقيب) وهي واقعة في غربي مندلي على بعد ساعة واحدة منها. وقرية (دو شيخ) وهي واقعة في شرقي مندلي على بعد ساعتين منها سيرا على

الأقدام وفيها 200 بيت. وفي هذه القرية تصنع الكوافي (جمع كوفية وهي غطاء الرأس). 6 - مقاطعاتها (نفت) وتبعد عن مندلي 3 ساعات سيرا وفيها 300 بيت و (طحماية) وتبعد عن مندلي 3 ساعات وفيها 310 بيوت. و (دحلة) وهي على بعد 4 ساعات من مندلي وفيها 300 بيت. و (العمريات) على بعد 3 ساعات من مندلي وفيها 100 بيت. و (ترساق) على بعد خمس ساعات من مندلي وفيها 150 بيتا وفي جميع هذه المقاطعات عشائر من الأعراب وبيوتهم كلها من الشعر. 7 - عشائرها في مندلي طائفة من عشائر الأعراب والأكراد منهم: (قره آلوس) و (زهيري) و (البو جواري) و (الحامدة) و (العوادل) و (بنو عكبة) و (البو فرج) و (البو حريت) و (رديني). 8 - معادنها على مسافة ثلاث ساعات من قصبة مندلي ينابيع نفط وعيون قير وفيها ممالح مشهورة بجودة ملحها. 9 - مبانيها لا تزال المباني الموجودة في مندلي على حالها السابق من غير أن يحدث فيها إصلاحات عصرية كما حدث في أقضية أخرى. وإليك أسماء المباني التي فيها: سراي الحكومة - دائرة البلدية - دائرة البرق والبريد (وقد أقيم فيها تلفون في هذه السنة 1929) - دار الكمرك والمكوس - المدرسة الابتدائية الأميرية - المستشفى الملكي - سيشيد فيها عن قريب دائرة للبيطرية - 3 حمامات - جامعان - 3 مساجد - سوقان - خانان أحسنهما المسمى خان هرون وهو منظم وفيه أمتعة التجار وبضعة حوانيت للباعة وجايخانة (مشرب للشاي) وفي هذا الخان ينزل المسافرون القادمون للتجارة - 1700 دار - مطحنة بخارية (مكينة للطحين) - مثلجة (آلة لصنع الثلج) - كنيس لليهود - محل شركة لمكائن خياطة سنجر - 200 دكان للبدالين والبزازين وغيرهم - 7 زوايا - 10 مقاه كبيرة

أحسنها قهوة هرون بازاء دائرة لكمرك وإليها يذهب أكثر الأشراف والموظفين ثم يليها في الجودة قهوة روبين الإسرائيلي - 30 مشرب شاي (جايخانات) - 4 كتاتيب لتدريس أصول القرآن ومبادئ الديانة ومبادئ اللغتين الفارسية والتركية - 3 مقرات (كراجات أي مستودعات للسيارات). 10 - مساكن مندلي والإيجار يبني الأهلون أساس بيوتهم بحجارة صخرية تجلب من جبال الحدود ثم يقيمون عليها الجدران باللبن ويسقفونها بالجريد فيرص على جذوع النخل وشوارع المدينة وأزقتها قذرة لا أثر للعناية بها. والمياه على قلتها ملحة ومرة. وحركة النقل بالسيارات دائمة بينها وبين العاصمة وقد اكتسبت المياه ملوحتها من مرورها في أراضي الزرع وذلك لأن مؤسسي المدينة شيدوها في أسفل المنحدر وزرعوا بساتينهم ونخيلهم أعلى من منازلهم. أما المياه التي فوق البساتين وعلى مقربة من الحدود فأقل منها ملوحة وأحسن طعما. وأجرة المساكن والدكاكين هناك أرخص مما في بغداد كثيرا إذ يمكن استئجار أحسن دار بمبلغ عشر ربيات شهريا أو ما دون ذلك أي بخمس أو ست وهكذا قل عن أجرة الدكاكين - وأما لوازم المعيشة فأكثرها تجلب من العاصمة. 11 - محلات البلدة تنقسم المدينة إلى ست محلات كبيرة أكبرها محلة (قلعة جميل بك) الواقعة في الجزء الشمالي من المدينة وأكثر أهلها فرس ولغتهم فارسية وهي تختلف في اللهجة عن الإيرانية ويتكلمون بعض التركية والعربية وقليلا من الكردية وأهلها مسلمون سنة وشيعة وأغلبهم شيعة. ومحلة (بوياقي) وهي واقعة في الشمال الغربي وأكثرهم ترك ويتكلمون اللغتين التركية والعربية وكلهم سنة. ومحلة (قلعة بالي) وهي واقعة في شرقي المدينة وأكثر سكانها أكراد يتكلمون الكردية والتركية وأهلها سنة وشيعة وأكثرهم شيعة. ومحلة (قلم حاج) أو قلعة الأمير حاج، وهي واقعة في الجنوب ويتكلم سكانها الكردية والتركية وهؤلاء على مذهب ال (علي اللهية) وهم القلم حاجية (راجع لغة العرب 7: 513) ومحلة (نقيب) وهي واقعة جنوبا وسكانها يتكلمون العربية وقليلا من

التركية وكلهم سنة. ومحلة (السوق الكبير) واقعة في وسط المدينة وبها السوق الكبيرة. وكل أهلها يتكلمون العربية والتركية. ومحلة (السوق الصغير) واقعة في (شمال) وفيها السوق الصغيرة وأهلها كلهم شيعة ويتكلمون الفارسية وقليلا من الكردية. 12 - أنهارها أنهارها الأربعة (فلشت) ويخرج من نهر (جني) وهما في الشمال وفيها ثلث ماء الأهالي ونهر (السوق) في وسط المدينة وفي الجهة الشرقية نهر (باغ) و (قزانية). 13 - مياه مندلي تقع مياه مندلي (المالحة المرة) التي تشبه مياه تلعفر من أراضي (هيوان) على مسافة خمسة أيام للمسافر المجد (كما يقدر أهالي مندلي بعد البلاد بعضها عن بعض) وكانت حدود مندلي في عهد الأتراك تمتد إلى مقربة من منابع المياه وكانت أراضي (سنبار) داخلة في الحدود التركية ولذلك كان يسهل عليهم في ذلك العهد أخذ كمية وافرة من سنبار وكانت المنازعات تدور حول امتلاك المنابع نفسها. وكانت الحكومة تساعد الأهالي على الخصام والمعاداة عند انقطاع المياه عنهم بل كانت تمدهم بالسلاح والذخيرة والجند فيذهبون إلى ديار الفرس فيستخلصونها من أيد أولئك الفرس وتبقى في أيدي المندليين بضع سنين ثم ترد إلى أهلها وهكذا دواليك. وقبل الحرب العامة جاءت لجنة تحكيم المياه إلى مندلي أعضاؤها أجانب بين فرنسي وإنكليزي وروسي وإيراني وبينهم القائد التركي عزيز بك من قبل الأتراك فقررت هذه اللجنة أن تكون نصف مياه سنبار لمندلي وبقيت حالة المياه على هذا الحكم مدة الحرب العامة وأيام الاحتلال حتى بدء الحكومة العراقية. ثم تبدلت الحال فحجز جزء كبير من المياه عن مندلي منذ ذلك الحين فقام المندليون بتقديم عدة شكاو وعرائض إلى المقامات العالية وأولياء الأمور لكن الحالة ازدادت شدة في كل سنه حتى أدى الأمر إلى انقطاع المياه في هذا العام. والماء الذي يتخلل البلدة قذر جدا ولا يقوم بحاجة الأهالي الضرورية إلا بشق النفس هذا فضلا عن إسقاء البساتين التي تحتوي على نحو مليون نخلة

ويزرع من الشتوي ما يقرب 3500 فدان داخل القضاء. إني رأيت بعد التحقيق أن هذا الماء لا يأتي من سنبار ببلاد إيران أي من المنابع وإنما يأتي من الكهاريز التي حفرها الأهالي قبل زهاء عشرين سنة وصرفوا عليها ما يقرب 2500 ليرة عثمانية. وهذه الكهاريز في سفح جبل واقع في المنطقة الإيرانية وتتصل مياه الكهاريز (أي المنابع الصغيرة الصناعية) بالنهر الذي يخترق مندلي، وحسبما سمعت أن الفرس عزموا على سد تلك الكهاريز ولا أدري مقدار صحة هذا الخبر، وكيف تكون حالة سكان المدينة وما يؤول إليه أمرهم إذا سدت البقية الباقية من الماء عنهم. على أني أتوقع خلاف ما يتوقعه أهل مندلي إذ أن الصلات بين إيران وحكومتنا توثقت عراها وتجتهد كل دولة لأن ترضي الدولة الأخرى بأحسن وجه 14 - الدعاية الفارسية الدعاية الفارسية سائرة في المدينة سيرا بطيئا لكنها بصورة منتظمة ومدبرة وأقراص الحواكي (القوانات) الفارسية تدار في المقاهي وقد سمعت ذلك بنفسي. وضع صاحب القهوة اسطوانات فارسية للحاكي وأداره لكن شباب العرب المنورين أنكروا هذا الأمر وقام أحد طلبة الكلية الأعظمية ونادى صاحب القهوة وأمره بتبديلها باسطوانة عربية فانقاد للأمر وغيرها. وهكذا الحق لا يعدم أنصارا في أي مكان وفي سنة 1927 أتى إلى مندلي رجل فارسي الأصل من كرمانشاه اسمه (علي نقاش كرمنشاهي) وصور على جدران أكثر مقاهي البلدة رسوما عجيبة ومدهشة تمثل رجال الفرس وأبطالهم القدماء ومن هذه الرسوم أذكر ما يأتي: رستم زاد - قهرمان - توز - أفراسياب - زال والد رستم - سهراب ابن رستم - محمد شير زاد - أمير خان الونكوهي - عبد الحميد ابن اسكندر - فرهان بن سلطان الصين - شاه عباس جنة مكان - حسين الكرد - بابا نسيم - أمير أرسلان الرومي - كيسسيا بانو ابنة رستم - فلا مرزو بن سهراب - وغيرهم. ويقول أهالي مندلي عن هؤلاء الرجال أنهم بهلوانية. والذين لهم اطلاع تام على الفارسية يقولون أن لهؤلاء الأبطال كتبا مطبوعة بالفارسية تبين سيرة كل منهم وأعماله وما أتاه من الشجاعة وذلك بتفصيل

ومبالغات لا وجود لها في اللغات الأخرى. ويسمون الكتب التي فيها تواريخ هؤلاء الأبطال (شاهنامه) باسم الكتاب الذي ألفه فردوسي وهي على نسق كتاب ألف ليلة وليلة هذا وقد كلفت الأصباغ والنقوش كل قهوة زهاء خمسين ربية ولكن لا أظن أن هذه الرسوم يبقى أثرها مدة طويلة إذ أن بعضها على وشك الامحاء ولعل السبب في ذلك عدم ثبوت الأصباغ لأنها تحل في الماء وتنقش بها الحيطان المطلية بالبورق. 15 - أقوال بعض الناس عن نواب الأمة يقال في مندلي أن نواب الأمة يتذاكرون كثيرا ويحتدم الجدال بينهم في المسائل التافهة كقضية الصحف المعطلة ويصرفون وقتا جليلا فيها ويتركون مسائل القطر الحيوية بلا بت فيها ويدعونها معلقة من أن الواجب يقضي عليهم بفض القضايا الكبيرة لتنتفع البلاد بنتائجها ولا يتأخر تقدمها ورقيها ويعدون مسألة مياه مندلي من أكبر القضايا التي يلزم البت فيها بسرعة. 16 - اقتراحاتهم يقترحون استبدال أراضي سنبار التي هي للإيرانيين من أراض أخرى أقل أهمية منها لتكون أراضي سنبار من المنطقة العراقية أو داخل الحدود العراقية وإن لم يمكن حفر آبار ارتوازية تكفي مياهها لري المزروعات والبساتين وسد حاجة الأهالي أو عقد معاهدة مع الفرس لأخذ نصف المياه مع تنظيف الكهريز التي أنشأها الأهالي ووضع شروط تكفل تنفيذ المعاهدة على الدوام وبينما يشتكي أهالي مندلي من العطش تجد الإيرانيين يزرعون خضراواتهم في أراضي سنبار ويبددون هذه المياه في السهول الفارسية الواسعة ولقلة المياه في مندلي نقص محصول التمور إلى الخمس ويبست الأشجار المثمرة في بساتينهم إلا البرتقال وبدأ الجفاف يدب فيه أيضا أما النخيل فيجف وييبس شيئا بعد شيء بنسبة 20 في المائة سنويا ودليلهم على ذلك أن مندلي تقدم إلى بغداد الخضراوات والفاكهة فأصبحت اليوم تستجلبها هي من العاصمة والأقضية المجاورة لها بالسيارات وعلى ظهور الدواب. ميخائيل توماس أحد المدرسين في وزارة المعارف العراقية

الشعر في مصر

الشعر في مصر 1 - توطئة يعلم الناطقون بالضاد الرقي الذي بلغ إليه المصريون في هذا العصر، حتى ليظن القارئ أن الحضارة العصرية العربية في مصر ساوت أرقى عصور لغتنا في صدر الإسلام، وربما سبقتها في بعض الفنون الفتانة. فالرسم والحفر والنقش والغناء والضرب على آلات الطرب وتمثيل الوقائع على المسارح، كل ذلك بلغ شأوا بعيدا في الإتقان جاوز ما كان يماثله عند السلف في عهد الخلفاء العباسيين وأما الشعر فحدث عنه ولا حرج. كان القريض في عهد العباسيين متاع أدب، يباع ويشترى. وأغلب معانيه لا تتجاوز المدح والقدح، التهنئة والرثاء، الغزل والتشبيب إلى ما ضارع هذه الأبواب. وأما وصف الطبيعة وما يتجدد فيها من الأحداث والوقائع، ووصف الحقائق التاريخية وتصوير أخلاق الإنسان والحيوان والنبات والجماد ومحادثة النفس نفسها أو نفوس الغير وابتداع المعاني إلى ما دخل في هذه الموضوعات فلم يقل فيه الأقدمون شيئا كثيرا. والذي قالوه لا يجاري ما ينشئه اليوم شعراؤنا. فإن معاصرينا أجادوا أي إجادة حتى أنهم ولجوا كل باب وأمعنوا في باطنه فلم يبقوا ولم يذروا وأصبحوا أساتذة وجاروا أبلغ شعراء الإفرنج المعاصرين. ونحن لا نريد أن نتعرض لذكر ما امتاز به كل شاعر من شعراء وادي النيل إذ هذا يطول. وإنما نريد أن نشير هنا إلى ما امتاز به أحد نوابغهم الذي جاء بكل طريف تليد، وعالج كل باب من أبواب المعاني العصرية، فبرز على كل من حاول أن يجاريه بل جاوزه حتى بلغ أبعد مدى في المعنى والمبنى. وإنما نتعرض لذكر هذا العبقري، لأنه أهدى إلينا عدة منظومات من آيات شعره فتمكنا من التفرغ لمطالعتها ودرسها ومعارضتها بغيرها من وشي أبناء لغتنا في ربوع الفراعنة ولغات الأجانب فوجدناه ممن يفتخر بهم العصر والمصر. وهذا الرجل النابه والأستاذ الكبير أحمد زكي أبو شادي صاحب المنظومات

العديدة التي ألبسها من مخترعات براعته غلالة كلها لآلئ ودرر رطبة. ولعل معترضا يقول: (إن لغة العرب) تعرضت لهذا الموضوع، إذ أظهر مصطفى أفندي جواد ما في (الشفق الباكي) من المحاسن الفتانة والجواهر الغوالي فما معنى هذا العود إلى الموضوع؟). قلنا: إن الأستاذ النقادة مصطفى أفندي أشار إلى ما في ذلك الكنز الثمين من الفرائد الأبكار. لكنه لم يتعرض لمنزلة صاحبها ومحله من جماعة الشعراء العصريين إخوانه، ولعله فعل ذلك ليوسع لنا مجالا في هذا الميدان غير المجال الذي أظهر فيه مقدرة الأستاذ أبو شادي في ابتداع المعاني وإفراغها في أجمل الصيغ وأشهى النغمات المطربة للأذان والأذهان. 2 - نظرة عامة في طبقات شعراء مصر العصريين كان الشعر في مصر انحط انحطاطا عظيما حتى بلغ أدنى دركاته في عهد المماليك وعهد الترك ثم أخذ بالنهوض في عهد محمود سامي باشا البارودي (1840 - 1904) حتى قال فيه المنفلوطي: (شيخ شعراء هذا العصر وأول من أحيا سنة الشعر العربي بعد ما دارت الأيام دورتها.) ومن تلاميذه: حافظ إبراهيم وشوقي ومن طرس على آثار البارودي في رأس النهضة الأولى من النهضات الثلاث المعروفة في عهدنا هذا وأصحاب هذه الطبقة استعادوا الديباجة العربية الصافية والمعاني البديعة السامية التي اخترعها السلف في صدر ازدهار العربية. وأما النهضة الثانية فكان ابتداؤها على يد خليل بك مطران إذ أخذ يعاني طرزا جديدا يحاكي به أسلوب الغربيين على اختلاف قومياتهم فاندفع وراءه أبو شادي وشكري (عبد الرحمن) والعقاد (عباس محمود) والمازني وغيرهم فكانوا يصوغون الأشعار الإفرنجية فيفرغونها بقوالب عربية بديعة وكان الفضل لأصحاب هذه النهضة إحياء الشعر حياة عصرية يتدفق فيها ماء الشباب والتجدد ثم نهض الشعر النهضة الأخيرة في شخص رئيسها ورافع لوائها العجيب الأستاذ أبو شادي فانتهت إليه الرئاسة إذ استقل في السنوات الأخيرة من جهة التفنن بابتكار ميادين جديدة واسعة ليجول فيها الشعر العصري فضلا عن التعابير الحرة والمعاني الحديثة والاستعارات البديعة والتشابيه المنتزعة من البيئة الراقية العصرية فأخضع

النظم للشعر عوضا من أن يخضع الشعر للنظم كما فعله بعضهم ولا يزالون يفعلونه لأنهم من الطائفة المقلدة تقليدا أعمى وليس من هؤلاء الفرط المجددين المجتهدين. وهذا ما وسع أفق الشعر العربي كثيرا حتى مده إلى ما لا نهاية له وحفظ للغة كرامتها أمام سيل العامية الجارف وأمام جلاميد التنطع التي يأتي بها الجامدون ويعترضون بها نهج التقدم الضروري لمن أراد هذه الحياة ومقارعة الأمم التي تحاول قهرنا في عقر دارنا. 3 - شهادات المجلات الكبرى لعل أحد القراء يتهمنا بالتحزب لحضرة صاحب السعادة أبو شادي، إلا أنه إذا أطلع على شهادات أصحاب المجلات الكبرى التي تصدر في مصر القاهرة يرانا قد قصرنا في ما سجلناه لفضله على اللغة والناطقين بها، وعلى الوطن العربي وسكانه. فدونك الآن شهادة العصور، فقد قالت: الشفق الباكي والشفق الباكي عنوان قصيدة من ديوان إليك بعض أبياتها: لا الشعر شعر ولا الأوزان أوزان ... إن فاته من شعور الكون ميزان. هذا هو الشفق الباكي بحرقته ... وهذه السحب فيها الدمع نيران. باتت عن الشمس فارتاعت لفرقتها ... كما يراع لدفن الحسن هيمان. وذلك الهيكل المصدوع يماؤه ... حزن، وتطفو على مرآه أحزان. وهذه العمد - اللاتي يشققها ... ذكر ووجد - براها الآن تحنان. وهذه الشمس في الأجيال تحرسها ... كأنما هي بعد الله رحمن! ثم يذهب بك في القصيدة من جمال الفن إلى جري الغرير ومن التمثال الساكن إلى السحب في عليائها ومن البلاد إلى القرية ومن التل يموت عند تنفس الصباح موت تشريد، إلى أن يرجع إلى نفسه فيقول: أما أنا فأنا الباكي الصبا حرقا ... ولن تعيد مضاع الإنس أشجان والنادب الحب، والحب الغزير إذا ... ولى فما لشهيد الحب سلوان كأنما الشفق الباكي يمثلني ... لكن حزني أصناف وألوان الأرض تشجى التياعا للفراق وإن ... جاء الصباح بوصل منه تزدان فكيف بي وأنا المحروم في زمني ... وكل عمري تباريح وحدثان؟!

هذا هو الشفق الباكي. ولا شك في أنه بكاء كثير الألوان مثير للنفس يبعث فيها من المعاني ويصبغها بألوان قل أن يبعثها في النفس غير شفق باك كشفق أبي شادي. ولولا أنه أصبح لكل شاعر (لزمة) أصبحت لاسمه بمثابة إضافة إلى مضاف إليه كما يقال شوقي أمير الشعراء وحافظ شاعر النيل ورامي شاعر الشباب، لقلنا بحق أن أبا شادي شاعر الوجدان. على أن لأبي شادي عندي بعض الهنات التي لا أظن أن كثيرا من الناس يراها فيه. وإحدى هذه الهنات تصريفه المعنى في ألفاظ أضيق من أن تحمل المعنى الذي يجول في مناحي خياله الخصب الوسيع. لذلك قد تقف أمام بيت من أبياته حائرا كيف تستشف مجمل ما قام في خياله من ألفاظ يظهر فيها جليا أنها أضيق من أن تعبر عن المعنى تعبيرا تاما. ولست أدري أهذه من الشاعر منحى من مناحي الكمال أم أنها هنة تؤخذ عليه، على أن هذا في شعره قليل. على إنني لا أستطيع أن ألم في صفحات قليلة كهذه ببعض ما في الشفق الباكي من مناحي الابتكار وحسن الوضع وجمال النسق وقوة الشاعرية. فإني ولا شك أعتقد أن أبا شادي مطبوع على الشعر. وقد تنقلت هذه الفكرة عندي مذ كنت في المدرسة الابتدائية فكنت أسمع أن شابا اسمه أبو شادي ينظم الشعر ويقول مقطوعات كانت تستهوي من عواطفي بقدر ما في الشباب من عواطف وكنت أحفظ وفريقا من صحبي بعض ما يقول من أبيات قليلة من الشعر. ولقد طاوعته هذه السليقة طوال أيام عمره فنمت معه وشبت فتية مشبوهة فهو الآن من أكثر الشعراء شعرا وفي الوقت ذاته من أجودهم وأطبعهم على نظم القريض. وإني إن أرسلت هذه الكلمات فإنما أرسلها على سجيتها لا أقصد بها تحليلا أدبيا ولا تقريرا لقواعد يصح أن يقوم عليها النقد إذا ما أردت أن يكون موضوعه شعر صديق أجل فيه الخلق الكريم وصفاء النفس من خبائث علقت بنفوس غيره من شعراء هذا الجيل فبدلت حسنات ما يقولون بسيئات ما تعمل فيهم البيئة والوراثة إنما أصف صورة ما استحالت إليه نفسي وأنا أقلب ديوان الشفق الباكي ولعلك لا تجد في الشفق الباكي من بكاء أمر ولا رثاء أبلغ من رثاء ناظمه للأخلاق وفي ظني أن ما أصابه من أخلاق الناس كان بالغا فصدر عنه في شعر طلي واضح

السريطاء أو السويطاء

المعاني بكاء هو خير ما ترثى به الفضيلة في عصر نحن أحوج فيه إلى الأخلاق منا إلى العلم والفلسفة وإني لأحسب أنه يخلق بنا أن نكون في تواضعنا على ضعف، من أن نكون أمة من العباقرة يأخذ بتلابيب أفرادها الغرور، الذي لا أرى له من سبب إلا الجهل بالأشياء والجهل بالأقدار، والجهل بالمقاييس. إني وإن أكبرت في ديوان أبي شادي من شيء فإنما أكبر فيه تواضع الأدب المرضي والموعظة الحسنة يسوقها في غير تكلف وفي حسن من الأداء. وإن أكبرت فيه خلقا فإنما أكبر فيه الحلم وكرم الأخلاق والتسامح، تلك الصفات التي قد يراها البعض ضعفا ولكنها لن تكون كذلك إلا عند اللئيم ولا تكون إلا قوة. ولكن في نفس الأبي الكريم. هذه نظرة عجلى في الديوان وفي ناظمه. وما أظن الشعر إلا صورة النفس. وما أظن أن نقدا يساق في الشعر من غير أن يتناول شخصية الشاعر يكون كاملا غير أن هذه النظرة العجلى سوف تتبعها نظرات نحلل فيها بعض القصائد والمقطوعات التي تنضوي عليها دفتا الديوان الكبير. السريطاء أو السويطاء وقع جدال بيننا وبين أحد الأدباء الوطنيين المتحزبين للأجانب إذ يزعم أنه لا يحسن بنا أن ننقل إلى لساننا الألفاظ الغريبة، بما يقابلها عندنا من الحروف بل أن تؤخذ بصورها بلا تغيير البتة وتدخل في لغتنا. وسبب زعمه هو أن العربية بعيدة عن أن تؤدي ما عندهم من الأوضاع المختلفة المعاني والمباني. ثم قال ومن جملة ما عندهم أن لهم نوعا من المرقة يكثرون فيها الحبوب أو الخضراوات فيجعلون فيها بصلا وحمصا وكراثا وغيرها أي حشائش وبقولا مختلفة ويسمونها ولم تكن العرب تعرف ذلك فمن الواجب أن نسميها نحن أيضا جوليانة: فقلت له: يا سيدي إن سلفنا العرب قد سبقوا الإفرنج بمئات من السنين في صنع هذه المرقة ويسمونها (سريطاء أو سويطاء) فكيف تنعي على السلف أمور! هم أبرياء منها. قال في تاج العروس في مادة سوط. السويطاء مرقة كثر ماؤها وثمرها أي بصلها وحمصها وسائر الحبوب سميت لأنها تساط أي تخلط وتضرب. وقال ابن دريد. هي السريطاء بالراء وقد مر ذكره. اهـ.

فوائد لغوية

فوائد لغوية عثرات إبراهيم اليازجي وجرجي جنن البولسي في مغالط الكتاب ومناهج الصواب 38 - وقال الأب في ص 63 (غلط أنصب على درس العلم أو إليه - أقبل عليه ولزمه، صوابه: أكب عليه، إنما يقال: انصب الماء) قلت في (بعق) من المختار ما نصه (إن الله يكره الانبعاق في الكلام. . . وهو (والانصباب فيه بشدة) ومعنى الانصباب هو (الاكباب) فلا وجه للتغليط والتقدير (انصباب المرء فيه). 39 - وقال في ص 14 ناقلا عن اليازجي (نظر فيه مليا وتثبته بالفكر) فاليازجي قد عدى (تثبت) بنفسه فأخطأ لأنه يتعدى ب (في). قال في المصباح المنير (ورجل ثبت ساكن الباء: متثبت في أموره) وقال في المختار (وتثبت في الأمر واستثبت بمعنى) ولم يقل ذلك (متثبت أموره أو لأموره) ولا قال هذا (تثبت الأمر. . .). 40 - وقال في ص 12 ناقلا عن اليازجي (غلط: أشر على الصك تأشيرا - رسم عليه علامة تفيد التوقيع. صوابه: وقع على الصك) قلت: وليس هذا الصواب وحده لأن من الفصيح (وقع في الصك) قال في القاموس (والتوقيع ما يوقع في الكتاب) وفي المختار (والتوقيع ما يوقع في الكتاب) وفي (ضعف) من المختار أيضا (وقولهم: وقع فلان في أضعاف كتابه يراد به توقيعه في أثناء السطور أو الحاشية) وإني لم أعثر على (وقع عليه) كما أدعى اليازجي فربما كان في التاج أو اللسان أو غيرهما. 41 - وقال في ص 10 ناقلا عن اليازجي حين كلامه على الهمزة (وتخرج عن

الاستفهام فتأتي لغير معان كالتسوية والإنكار والتهكم والتقرير) وقد أخطأ في قوله (لغير معان) لأن معنى الجملة صار (فتأتي من دون معنى أي لغوا وغلطا وحشوا. قلت ذلك لأنه أضاف (غيرا) إلى نكرة وذلك يستلزم فقدان ما بعدها لا تغييره. إذ يقال (جاء بغير أمر ومن دون أمر) فالصواب أن يقول (فتأتي لغير هذه المعاني أو لمعان غير هذه أو لمعان أخرى) ليستقيم الكلام. 42 - وقال الأب جرجي في ص 8 (فضلا عما يرتسم في ملكاتهم) والصواب (يثبت) لأن الارتسام هو الامتثال والإطاعة والتوسم عند العلماء المتبحرين. 43 - وقال هو في الصفحة بعينها (أجاب الضياء على ذلك) والصواب (أجاب عن ذلك) لأن (أجاب عليه) ليست من الفصاحة في شيء. 44 - وقال في ص 6 قد ورد في الضياء. . . ألفاظا) والصواب (ألفاظ) بالرفع لأن الوارد هو (الألفاظ) أي الفاعل ل (ورد). 45 - وقال الأب نفسه في ص 4 (وناهيك إلى آخر ما هنالك) والصواب (وناهيك من غير ذلك) أو (وناهيك بهذا مفيدا فائدة). 46 - وقال فيها (ورد في بقية السنين من الضياء وخصوصا في السنة السابعة) والصواب حذف (في) لأن السنة مفعول الفعل خصوصا. 47 - وقال فيها (عمدنا إلى جمع أشتاتها في كتاب كهذا خفيف الحمل) والصواب (إلى جمع أشتاتها في هذا الكتاب) لأن المراد هو لا شبهه. 48 - وقال في ص 2 (الخط الأسود التي تحت السطر يدل.) والصواب (السطر الأسود الذي) لأن السطر مذكر ولعل هذه غلطة طبع. والآن أمسك القلم عن الإمعان في تبحث الأغلاط الخفيفة المنبثة الكثيرة في هذا الكتيب تفاديا من التطويل الممل. وإني مستعد لأن أتقبل انتقاد بعض ما ذكرته أو كله بقبول حسن. وليعلم القارئ الكريم إني عثرت على هذه الأغلاط على قلة علمي أو تبحري فإن إيلاعي بالعربية لا تجاوز مدته سنتين وإن من هذه مدة ولوعه لقليلة بضاعته وليتني سلمت من جور الكذبة وفقني الله لخدمة لغتنا العربية. إنه على ذلك قدير. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نظرات في لغة العرب 1 - جاء في لغة العرب (5: 455) ما نصه (فالشرقي هو المقر العام للجيش البريطاني والغربي هو دائرة البرق والبريد ومسكن لضباط بريطانيين) والصواب (استبدل فالغربي) ب (فالشرقي) واستبدال (والشرقي) ب (والغربي). (ل. ع) جاءنا هذا النقد قبل أن يصلح الغلط. 2 - وفيها (147) ما نصه: (إن التهتفش كانوا يسكنون البنجاب حينما تغلب عليهم دارا وكورش العظيم وأضافاها إلى مملكة الفرس في منتصف القرن السادس بعد المسيح) والصواب (قبل المسيح). في لواء الموصل لعبد الرزاق أفندي الحسني 1 - جاء في (7: 139) ما نصه: (وطالما قصدها الناس من سائر الجهات للاستشفاء لهذه الغاية) والصواب (للاستشفاء) وحدها أو (لهذه الغاية) وحدها. لأن الغاية هي الشفاء والاستشفاء يدل على معنى قوله (قصدها الناس لهذه الغاية) اهـ. - (ل. ع) لا نوافق حضرة النقادة على ما يقوله لأن تعبير السيد الكاتب هو من باب التوكيد، والتوكيد غير ممنوع في لغتنا ولا في لغات الأجانب، فقد قال السلف: قال في التاج أشبه الله وأشب الله قرنه بمعنى والأخير مجاز والقرن زيادة في الكلام. وفي حديث الميراث (لأولى رجل ذكر) مع أن الرجل لا يكون إلا ذكرا - وقد سماه بعضهم التطويل. كقول عدي: وألفى قولها كذبا ومينا فإن الكذب هو المين - وفي سورة الإسراء: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى) والإسراء لا يكون إلا ليلا وأمثال هذه التطويلات كثيرة في لغتنا -

2 - وفي الصفحة نفسها (كما أن طريقي الموصل إلى دير الزور والموصل إلى راوندوز والسليمانية) والصواب (كما إن الطريق الذي من الموصل إلى دير الزور والذي منها إلى راوندوز والسليمانية) لأن إضافة المثنى (طريقين) إلى الموصل مرادا به طريق واحد خطأ اهـ. - (ل. ع) استعمل الكتبة الأقدمون والمولدون والعصريون التعبير الذي عبر به السيد الكاتب عن فكره. فقد قال الشاعر منذ القدم: حمامة بطن (الواديين) ترنمي ... ظهراهما مثل ظهور الترسين والمراد بطن الوادي، وقال سويد بن كراع العكلي: وإن تزجرني يا ابن عفان أنزجر ... وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا فإذا جاز للمفرد أن يعامل معاملة المثنى فكيف إذا عطف عليه اسم آخر؟ وجاء في تاج العروس في ر م م: رم من حدي ضرب ونصر. إلى غير ذلك وهو كثير على أن الأفصح العمل بما يشير إليه الناقد الخبير - 3 - وفي ص 141 (وتقدر نفوس البلدة حسب الإحصاء الأخير) والفصيح المشهور (بحسب الإحصاء) بإدخال الباء على حسب اهـ. - (ل. ع) لم نعثر على من صرح بذلك. فقد قالوا على حسب وبحسب وحسب. فقد قالوا: الأجر بحسب عملك. وفي الأساس: الأجر على حسب المصيبة. وفي المغرب للمطرزي: أحسنت إليه حسب الطاقة وعلى حسبها أي قدرها - 4 - وفي ص 143 (وقراها 40 قرية تقريبا والصواب (وقراها 40 قرية على التكثير لا التقليل) لأن (تقريبا) لا وجه إعرابيا له فضلا عن إنه لا يستوجب العد على التكثير فالتقريب يشمل تقريب المعدود إلى أعلى العدد وأدناه اهـ. - (ل. ع) قولهم تقريبا فيه تقدير: أي والعدد فيه مقرب تقريبا - 5 - وفيها (ناحية نيروه ريكان وهي عبارة عن ثلاثين قرية تقريبا) والصواب (وهي تشمل ثلاثين قرية. . .) لأن العبارة اسم للتعبير فيجب ألا تستعمل لأن المقصود (عد قرى ريكان) لا تفسير معناها. والعبارة إذن تستعمل للمحسات من حيث المعنى لا الجسمية. فقولنا (الفيل

عبارة عن الحيوان المعروف) خطأ إذا أريد به جسمه وصواب إذا أريد به لفظه) اهـ. - (ل. ع) عبارة عن. . .) تقال للأشياء الجسيمة كما تقال للأشياء المعنوية. فقد جاء في الكليات: التنضيد عبارة عن وقوع بعضها (بعض الأجسام) فوق بعض. وقال في التصديق عبارة عن ربط قلبه على شيء. . . 6 - وفيها (ولما كان مناخ البلدة. . . فإن الآهلين يضطرون إلى سكنى الوادي) وجواب (لما) لا يصدر بالفاء ولا جملة اسمية والصواب (ولما كان مناخ البلدة. . . أضطر الآهلون إلى. .) 7 - وفيها (وهي كلمة كردية منحوتة من سي أي ثلاثون) والصواب (أي ثلاثين) لأنها عطف بيان يتبع المعطوف عليه أو بدل مطابق يتبع المبدل منه المجرور. وسي مجرور المحل. في مقالة علي الجميل لرفائيل بطي 1 - قال في ص 132 (وكان جد ولوع بالدرس على صغر سنه حتى لتروي أمه إنه طفق) فحتى ههنا حرف ابتداء واللام حرف ابتداء وقد تناطحا فالصواب (حتى إن أمه لتروي) بإدخال اللام على الفعل الذي صار هو وفاعله خبرا لأن. - (ل. ع) قدر الكاتب: حتى إنه لتروي أمه. ثم حذف وهو ما يظهر من تركيب كلامه، وهو غير ممنوع - 2 - وفيها (عين لأبنه مدرسين خاصين برواتب يعلمونه اللغات) والصواب (ليعلموه اللغات) لأن جملة (يعلمونه) في قوله المذكور صفة للمدرسين إذ الجمل بعد النكرات صفات وهذا يستوجب تعيينهم وهم يعلمونه مع إن التعليم يجب أن يتأخر عن التعليين اهـ. - (ل. ع) قدر الكاتب: وكانوا يعلمونه فحذف وهو غير محظور - 3 - وفي ص 133 (براتب 500 غرش عثماني شهريا) والصواب (شهري) بالجر لأنه صفة للراتب المجرور اهـ. (ل. ع) هذا التعبير كثير في كلامهم وهو منصوب على الظرفية كقولك

عاملته معاملة شهرية. 4 - وفيها (ولم تخل رسائله هذه من نزعة في تأثير الغرض على كتابته) والصواب (تأثير الغرض في كتابته) إذ يقال (أثر فيه) لا (أثر عليه) فضلا على أن (على) تستوجب الاستعلاء لا التوغل و (في) تستوجب الإيغال والاستعلاء والمراد هنا الإيغال أي الدخول. وتداول حروف الجر بعضها لمكان بعض سماعي لا قياسي. وما الداعي والناثر حر مختار. - (ل. ع) لم يأتنا حضرة الناقد بشاهد من الأقدمين ينكر هذا الاستعمال أو يحضره. فقد قال الطبري في (2: 1318: 11) ما رأى من حسن أثرهم على ابني زحر: جهم وجمال. اهـ. 5 - وفي ص134 (وطبعها في مطبعة نينوى) والفصيح (بمطبعة) لأن الباء ذات الأصالة في الاستعانة اهـ. - (ل. ع) الكاتب أراد وطبعها في محل الطبع المعروف بمحل طبع نينوى وبين التعبيرين فرق ظاهر والواحد غير الأخر - 6 - وفي مقالته (ولن اعلم إذا ترك مذكرات أو تآليف. . حسب الخطة التي. . أم كانت زفرته. . .) وفي قوله ثلاث غلطات أولاها (نفيه العلم عن نفسه في المستقبل وليس من الإنصاف أن يحكم على نفسه بالجهل وهو لم يقترفه ولا مر به زمان العلم فكسل، والدليل على استعماله (لن) وهي حرف نفي للاستقبال وثانيتها استعماله (إذا) في موضع (الهمزة) إذ يقال (ما علمت أحضر محمد أم لم يحضر) ولا يقال (إذا حضر) لأن معناها (ما علمت عند حضوره) وثالثها قوله (حسب والفصيح (بحسب) وقد قلناه أنفا اهـ. - (ل. ع) ليس هناك غلطة أولى لأن الكاتب أراد التواضع في كلامه. وبالتالي لم يبق غلط ثان فيها أما الثالث فقد اكثر منه المولدون فلا عجب من الكاتب أن يقتفي آثارهم وأما قوله حسب الخطة فلا غبار عليه لأنه من فصيح الكلام وقد أشرنا إليه قبيل هذا - 7 - وفي 135 (إنما ترى فيه نزعة عصرية في ديباجته نظرا إلى المدرسة الأدبية) والصواب (لاتباعه المدرسة الأدبية) لأن (نظرا إلى) لا تستعمل للتعليل (الحظ قول علامتنا الكرملي في ص 616 من السنة السادسة) فضلا عن إن

المفعول لأجله (نظرا) يلزم أن يكون مصدرا قلبيا (وهو مصدر حاسي ههنا) ومشاركا للفعل في الفاعل (وفاعله الفاعل هنا: أنت) لقوله (ترى) مع إن (نظرا) مسند إلى غير هذا الفاعل أي (المترجم له). وقد يجوز أن يكون النظر بمعنى المراعاة في غير هذا الموضع اهـ. - (ل. ع) قولهم نظرا إلى أو بالنظر إلى لا غبار عليه أي ملاحظة واعتبارا له وقد ورد في كلام المقري 1: 297: 13 و15 فقولك لأفعل نظرا إلى كذا أي في حال نظري إليه. وقد سبقنا ابن الأثير في النهاية إذ قال في مادة كلب: (ويقال للشعر الذي يخرز به الاسكاف كلبة. قال: وفسرها بالمخالب نظرا إلى) مجيء الكلاليب في مخالب البازي فقد أبعد. اهـ. وابن الأثير هنا ينقل كلام الزمخشري وكل من هذين الإمامين حجة في اللغة. 8 - وفيها أيضا (وكان أصيب بمرض في الكلى في أثناء الحرب) والصواب (بمرض في إحدى كليتيه) أو (في كليتيه كلتيهما) إن سنة الله تعالى في الإنسان أن يخلق له كليتين لا (كلى) ولو كان قد قال (في مرض الكلى لنجا بهذا العموم. - (ل. ع) مرض الكلى لا غبار عليه لأنه من باب جمع المثنى. قال في لسان العرب في مادة ر اس: (قوله: رؤس كبيريهن ينتطحان، أراد بالرؤس: الرأسين فجعل كل جزء منها رأسا ثم قال ينتطحان فراجع المعنى، وروى الثعالبي عن الشعبي ما هذا حرفه: قال الشعبي في كلام له في مجلس عبد الملك بن مروان: رجلان جاؤوني فقال عبد الملك: لحنت يا شعبي. قال: يا أمير المؤمنين: لم ألحن مع قول الله عز وجل: هذان خصمان اختصموا في ربهم. قال عبد الملك: لله درك يا فقيه العراقين قد شفيت وكفيت - 9 - وفيها فدفن في المقبرة. . . . مبكيا عليه من أصدقائه) وهذا تركيب مغلوط فيه لأنه صاغ اسم المفعول مع وجود الفاعل فالصواب (باكيا عليه أصدقاؤه) والأفصح (فدفن وأصدقاؤه يبكونه) فمن الغريب أن يقال (أنت

مدعو من قاسم) و (الكتاب مكتوب منك) بدلا من (قاسم داع لك) و (أنت كاتب الكتاب) اهـ. - (ل. ع) هذا التركيب معروف في كلام الأقدمين ومنه قوله: أوحي من ربك بمعنى أوحى ربك. ومثله في قوله: فمن عفي له من أخيه شيء، وأوتي من ربهم ومرسل من ربه إلى غيرها من أجزل الكلام وأفخمه وأصحه - في باب المشارفة والانتقاد 1 قال علامتنا الكرملي ومرشدنا الجليل في ص 178 (مثلا كلمة حدثة كقصبة مجموعة على أحداث) وقد أراد إنها يجب استدراكها في مستدرك. وعندي أنها قياسية لا تستحق الاستدراك مثل (أجمة وآجام) و (حدقة وأحداق) و (أكمة وآكام) وهذا الوزن يستوي هو وأخوه المجرد من الهاء لأنهم يعدون الهاء زائدة كما عدوها زائدة في أشباه (طلحة وطلاح) و (جفنة وجفان) و (صحفة وصحاف وقصعة وقصاع) فقابلت ما شابه (كلبا وكلابا) و (كعبا وكعابا) و (فرخا وفراخا) و (عبدا وعبادا) وقد قال ابن عقيل في شرحه (وذكر هنا إن ما لم يطرد فيه من الثلاثي أفعل يجمع على أفعال وذلك (كثوب وأثواب وجمل وأجمال وعضد وأعضاد) و (عنب وأعناب وإبل وآبال) فالوزن مطرد والتاء زائدة اهـ. - (ل. ع) إنما اعتبرنا حدثة مجموعة على أحداث من قبيل المستدرك لأن كتب اللغة لم تذكرها. أما أنها قياسية فهذا لا ينكر، لكن ما كل قياسي يقال فالخبز وزان قفل لا يجمع على أخباز ولا على خبوز ولا على غيره مع إن جمعه عليهما قياسي. قال في تاج العروس في مادة حل: أحل خرج منه (أي من أحرامه) فهو حلال لا حال وهو القياس، لكنه غير وارد في كلامهم بعد الاستقراء فلا ينافي أن القياس يقتضيه لأنه ليس كل ما يقتضيه القياس يجوز النطق به

واستعماله، كما علم في أصول النحو. اهـ. - 2 - وقال حول (لو كان أعوج نفسه على هذه الحال ما ساوى) ما نصه: (والصواب (لما ساوى) فقلت: إن حذف (اللام) جائز ومنه قول المستورد الخارجي في (ج 1 ص 453) من شرح النهج الحديدي وفي (ج 3 ص 142) من كامل المبرد (لو ملكت الدنيا بحذافيرها ثم دعيت إلى أن استفيد بها خطيئة ما فعلت) وفي (ج 1 ص 196) من الكامل قول المتلمس: ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي ... جعلت لهم فوق العرانين ميسما وقول جرير: لو غيركم علق الزبير بحبله ... أدى الجور إلى نبي العوام مصطفى جواد كبش لا كبيش قال المستشرق ف. كرنكو في لغة العرب (7: 489): إني أخاف أن كاتب الحروف في نسب كبش 7: 304 سقط في عدة أوهام. . . فالأمير المشار إليه هو (كبيش) بالتصغير وجده هو (شيحة) بكسر الشين وإسكان الياء المثناة وفتح الحاء المهملة وجده الأخير (أبو فليتة) بالتصغير أيضا. أقول: ياليت حضرة المستشرق نقر كتب الأنساب قبل أن ينبري للرد علينا فالرجل الذي ذكرنا نسبه هو كبش وقد ذكره علماء الأنساب وكبيش هو أخوه، وقد كان الأمير منصور (والد كبش) قد أعقب من عشرة رجال فيهم كبش وكبيش (راجع كتب الأنساب). ونحن لم نقل أبو فلتة ليقول: (أبو فليتة) بالتصغير ولعل كلام حضرته للتوضيح لا للنقد. أما أن جد كبش شيحة (لا شجة) فلعلنا مخطئون ومن الممكن أن صحف الاسم؛ واسم شجة جاء في عمدة الطالب للداوودي (ص 330 طبعة لكنهو). فنرجو من حضرة المستشرق المحقق أن لا يتسرع في النقد قبل أن يطلع على ما في كتب العلماء. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة عدد الأطباء في عهد العباسيين س - بيروت - أ. س: كم كان عدد الأطباء في بغداد في عهد العباسيين؟ ج - لم يكن إحصاء رسمي في ذلك العهد كما هو الأمير في عهدنا هذا إنما قرأنا في تاريخ الحكماء لابن القفطي في ترجمة سنان بن ثابت بن قرة الحراني ص 191 من طبعة الإفرنج ما هذا نصه: (وفي سنة 319هـ (931م) أتصل بالمقتدران رجلا من الأطباء غلط على رجل فمات، فأمر أبا بطيحة محتسبه بمنع جميع الأطباء إلا من أمتحنه سنان، وكتب له رقعة بما يطلق له التصرف فيه من الصناعة (أي أن يعين المتخصصين بما تفرغوا له من فروع الطب) وبلغ عددهم في الجانبين من بغداد ثمانمائة ونيفا وستين رجلا سوى من استغني عن امتحانه باشتهاره بالتقدم في الصناعة وسوى من كان في خدمة السلطان. (قلنا فيكون عددهم في ذلك العهد نحو ألف طبيب) ثم سرد حكاية ظريفة لا بأس من إيرادها فقال: ومن ظريف ما جرى في امتحان الأطباء إنه أحضر إلى سنان رجل مليح البزة والهيئة، ذو هيبة ووقار، فأكرمه سنان على موجب منظره، ورفعه وصار إذا جرى أمر ألتفت إليه سنان فقال: قد اشتهيت أن أسمع من الشيخ شيئا احفظ عنه وأن يذكر شيخه في الصناعة. فأخرج الشيخ من كمه قرطاسا فيه دنانير صالحة ووضعها بين يدي سنان. وقال: ما أحسن أن أكتب ولا أقرأ، ولا قرأت شيئا جملة، ولي عيال ومعاشي دار دائرة وأسألك أن لا تقطعه عني فضحك سنان وقال: على شريطة إنك لا تهجم على مريض بما لم تعلم ولا تشير بفصد ولا بدواء مسهل إلا لما قرب من الأمراض. قال الشيخ: هذا مذهبي منذ كنت، ما تعديت السكنجين والجلاب، وأنصرف.

فلما كان من غد أحضر إليه غلام شاب حسن البزة. مليح الوجه، ذكي فنظر إليه سنان وقال له: على من قرأت؟ قال: على أبي. قال: ومن أبوك؟ قال: الشيخ الذي كان عندك بالأمس قال: نعم الشيخ. وأنت على مذهبه؟ قال: نعم. قال: لا تتجاوزه وأنصرف مصاحبا. كلمة جبسي س - الإسكندرية (مصر) - م. م: أصحيح أن كلمة جبسي الإنكليزية أو بمعنى النور أو الكاولية مأخوذة من كلمة المصحفة بمعنى مصر؟ ج - هذا رأي لغويي الإنكليز الأميركيين وغيرهم من علماء الصكصونية ونحن لا نوافقهم. والصحيح الذي عندنا إن الكلمة من العربية قفصي أو قفسي. وقد ذكر العرب القفس أو القفص في أسفارهم ووصفوهم وصفا يوافق من نسميهم اليوم بالكاولية في العراق وبالنور عند أهل سورية ومصر. وأول من ذكرهم البلاذري. قال في فتوح البلدان في أحداث خلافة عمر بن الخطاب (ص 391) وقد كان أبو موسى الأشعري وجه الربيع بن زياد ففتح ما حول الشيرجان وصالح أهل بم والإندغار فكفر أهلها ونكثوا، ففتحها مجاشع بن مسعود وفتح جيرفت عنوة وسار في كرمان فدوخها، وأتى القفس وتجمع له بهرموز خلق ممن جلا من الأعاجم فقاتلهم فظفر بهم وظهر عليهم. . إلى آخر ما قال وأحسن من ذكرهم ياقوت في معجمه ونحن نذكر نصه على طوله ليحكم القارئ على صحة ما نذهب إليه ويقف عليه من لا يملك الكتاب قال الحموي (القفس بالضم ثم السكون والسين المهملة وأكثر ما يتلفظ به غير أهله بالصاد وهو أسم عجمي وهو بالعربية جمع أقفس وهو اللئيم مثل أشهل وشهل قال الليث القفس جيل بكرمان في جبالها كالأكراد يقال لهم القفس والبلوص قال الراجز يذكره والمشتق منه: وكم قطعنا من عدو شرس ... زط وأكراد وقفس قفس له بقية

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد اللباب في نظر عربي متأمرك اللباب هو اسم لديوان جمع بين دفتيه مختارات مما نظمه الشاعر العراقي الطائر الصيت البعيد الغاية الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي وقد أهدى إلينا نسخة منه وكتب عليها بخط يده. . . ولما كان للزهاوي عندنا مقام سام ومنزلة رفيعة وكنا من وقت إلى آخر ننقل للقراء مقاطع من شعره البليغ أحببنا أن ينظر في ديوانه جناب الأستاذ البارع داود أفندي جرجس الخوري صاحب الكلية الشرقية في الحاضرة سابقا. ومن كبار حملة الأقلام في المهجر ويقرظه خصوصا وقد وصلنا الديوان وجنابه في مكتب (الرائد) فتصفحه وأعجب بما فيه وها ما قاله تقريظا له: دفع إلي صديقي الأديب صاحب الرائد ديوان النابغة والشاعر المجيد جميل صدقي الزهاوي فيلسوف العراق المشهور وطلب إلي أن أتصفحه وأقول كلمتي فيه. على إن اسم هذا الشاعر ليس جديدا على مسمعي فللزهاوي شهرة واسعة في العالم العربي وليس بين الطبقة النابهة من الناطقين بالضاد من لم يقرأ له كثيرا أو قليلا من المنظومات في مواضيع شتى فقد رنت قصائده في مصر وسوريا ولبنان فضلا عن العراق مسقط رأسه ونالت إعجاب الناس ولا نزال نذكر الحفلات الإكرامية التي أقيمت له في بيروت وسواها إجلالا لعلمه واعترافا بمقامه السامي كشاعر مبرز. تصفحت الديوان ولم يكن ما قرأته فيه إلا ليزيدني رسوخا في اعتقادي بأن الزهاوي ليس شاعرا فحسب بل هو شاعر وفيلسوف وعالم ومصلح والقارئ اللبيب يستطيع أن يشاهد ما يثبت للزهاوي هذه الصفات الأربع في كل قصيدة من قصائده وإذا صح قول القائلين (إن الإنشاء هو الرجل) فقد ظهرت عظمة الزهاوي في ديوانه بأجلى مظاهرها فهو رجل شديد الثقة بنفسه فخور بها مغرق

في حب قومه ووطنه ميال بكليته إلى هجر القديم واعتناق الجديد يحبذ الفضيلة ويقبح الرذيلة دون أدنى مجاملة أو مداهنة ويريد أن ينهض بالشرق عموما وبالإسلام خصوصا إلى مستوى الأمم الراقية ولكنه يرى إن الإسلام لا يسير في طريق الإصلاح إلا إذا تخلى عن عاداته القديمة المستهجنة وجارى الشعوب المتمدنة وليس من يجهل المصاعب التي تعترض طريق المصلحين خصوصا بين الشرقيين الذين يقدسون كل قديم ويرون إن الأرض يجب أن تظل كما خلقها الله دون أن تمسها يد إنسان غير أن الزهاوي برز إلى ميدان الجهاد بقلب كبير وثقة راسخة بالنفس مستخفا بالتضحية في سبيل بلوغ الغاية بدليل قوله: وإن الذي يسعى لتحرير أمة ... يهون عليه النفي والسجن والشنق وليس من يشك في أن ركوبه هذا المركب الخشن وانتقاده عادات هي في نظر القوم مقدسة لا يجوز مسها أو ذكرها بسوء قد أثار عليه حق الجمهور وعدوا عمله خروجا على الإسلام فحاولوا خنق صوته لكنهم أخفقوا وقد قال بهذا المعنى: على نزعاتي كان أكبر سخطهم ... وماذا يريد القوم من نزعاتي فلما رأوا بطشي شديدا تأخروا ... وقد تركوا الأقلام منكسرات ولكن نزعات الزهاوي لم تكن نزعات ملتوية ولا هو دعا الناس إلى ارتكاب الموبقات، إنه نادى بالسفور وندد بالحجاب ومن لا يرى صوابية هذه المناداة وصوابية هذا التنديد قال لأفض فوه:. . . ومنظومات شاعرنا الفيلسوف كلها على هذا النمط من الشعر الممتاز خالية من التعقيد والشبهات مجبولة بالسلاسة والرواء خالية من الحشو والألفاظ غير المأنوسة ولا نغالي إذا قلنا إن للزهاوي أسلوبا خاصا في قرض الشعر لم نألف له مثيلا بين شعراء العصر. والديوان حافل بالقصائد الأخلاقية والوطنية والإصلاحية وكلها تستأهل أن تكتب بماء الذهب. وبهذه المناسبة نلفت أنظار أصحاب المدارس العربية إلى وجوب مشترى هذا الديوان من صاحبه وحمل التلامذة على استظهار قصائده فإنه يربي في الناشئة روحا

وطنيا ساميا ويرقي أخلاقهم بحسب مقتضيات العصر الحاضر. وإني أطمئن شاعرنا الفيلسوف إن قصائده النادرة المثيل إذا لم ير لها تأثيرها المطلوب في الوقت الحاضر فسيكون لها عملها في المستقبل القريب وستفعل فعل الديناميت في أسس الجهل الذي استحكمت حلقاته من رقاب الشرقيين والمرأة التي ترسف اليوم في قيود ظلم واستبداد الرجل ستذكر بالشكر الجهد الذي بذله الزهاوي في سبيل تحريرها ولا تتردد في وضع اسمه في مصاف كبار المصلحين مثل قاسم أمين وغيره. وربما كانت التظاهرات النسائية ضد الحجاب في دمشق وغيرها من مدن الشرق من طلائع هذا الانقلاب وقد قيل أول النار شرارة. سان باولو في 20 نيسان سنة 1929 داود جرجس الخوري 78 - حياة محمد لأميل درمنجهيم في 382 ص بقطع 16 وثمنه 15 فرنكا هاهو ذا كتاب جديد أبرزته مطابع الغرب عن حياة رسول الإسلام. ليس المؤلف من زمرة علماء المشرقيات. وإنما هو أحد المجيدين من كتاب الشباب في فرنسة، والذين يؤمل لهم في المستقبل لمعان حظ سعيد. ثم إنه ممن أتقن العربية إلى حد ما ووقف على حوادث التاريخ من مظانها الزاخرة. كما ينبئنا أثره هذا. . . وقد تلجلج بذهنه أن يتذوق حظه في معترك الكتابة عن الشؤون الشرقية ولا سيما الإسلامية منها. إذ في الغرب يسري داء غريب، ندر من افلت منه، وقد وجد بين عشاق قلمه مرتعا خصبا. وهو ما نسميه بحق (داء المباحث الشرقية) ثم إن للقراء الغربيين ولعا خاصا في الهام ما يلقمهم أولئك. لقد أصاب درمنجهيم في وضع كتابه بين مجموعة (روايات الحياة العظيمة) فالروح التي تملاه تشدو منها رائحة القصص والروايات والطريقة التي يتمشى عليها روائية فنية يكسوها حلة فضفاضة أسلوبه المغري. لكنه مع هذا كله،

ليس له حظ كبير من الفائدة لأبناء الاطلاع، غير انه يصور للغربيين صورة حسنة عن حياة صاحب الحركة الإسلامية العظيمة حسبما يؤمن بها المسلمون، وقد قسم كتابه قسمين أحدهما (مكة) في عشرة فصول، يبحث فيها منذ عهد الجاهلية وحين مولد النبي، إلى زمن هجرته، والثاني (المدينة) في أربعة عشر فصلا يتناول زمن الهجرة فما تلاه من الحوادث ذات التأثير الحاسم في تاريخ الإسلام البدئي، إلى وفاة الرسول، ومما يستحسن تتويجه لكل فصل من أثره بترجمة آية قرآنية أو نتفة من الحديث أو بيت شعر وغيره من بواعث الحكمة. إنما ينكر عليه في معرض بحثه تعلقه بأدران بعض الأوهام الشائعة، وتمسكه بآراء صدئت فبليت تحيط به هالة بذله وجهده العظيم، في ميدانه الجديد. ثم أن به بعض الخلط والتبجح. يشعر بهما القارئ منذ المقدمة وكنا نود أن يعرض عنها وذلك كما في ادعائه على (الفن العربي) (ص 139) وهو كما نعلم المحور أصلا عن البوزنطي - ادعاء والسوري أصلا ومنبتا - إذ لنا بقية اجيا صوفا (كنيسة الحكمة المقدسة سابقا) بالآستانة أصدق شاهد وأفصح دليل على منبع (الفن العربي) ومحيط اشتقاقه. . . ثم يدعي أن الأوس والخزرج، كانوا أوان الهجرة من المشركين (171) والحقيقة أن الأوس كانوا وثنيين والخزرج يهودا، وإن رجع أصل دينهم إلى جذور صابئية ووثنية كما هو معلوم عند الجميع، إن يثرب حين الهجرة كانت إذ ذاك شطرين قسم لقريظة والنظير وبهدل، والآخر للأوس والخزرج ومن إليهم، وجميعهم كما ينعتهم العرب (أهل الكتاب). . . ومثل هذا لا يخفى على القارئ الشرقي، ولا الإفرنجي المطلع على شيء من التاريخ الإسلامي عامة والعربي خاصة. . . والكتاب يتضمن شيء ليس بالقليل. . يحتاج إلى ملاحظة وتدقيق نظر. وعليه إن هذا الكتاب هو المجهود الثاني لهذا الكاتب في دائرة المباحث الشرقية بعد كتابه (القصص الفاسية) (الذي نشره بمعاونة محمد الفلسي) وقد نشره مسايرة لنرى الكتابة عن الشرق. فلذا لم نجد فيه أمرا إذ لم تكن

لنا حاجة إلى أن نذكر إن لنا في غيره من كتب المستشرقين الكرام. اعز مورد وأصفى منهل، وأنفع حجة وإن كان في حد ذاته يفيد أبناء الغرب. . ومن سلك الجدد أمن العثار! بركات (السودان): م س. كميد 79 - العيد المئوي للعازريين في دمشق في 78 ص بقطع الثمن بالفرنسية والعربية 1827 إلى 1927 جاءتنا كراسة نفيسة بهذا العنوان لتطلعنا على الأعياد التي جرت في دمشق منذ عودة اللعازريين إلى مثواهم في تلك الحاضرة الشهيرة ونحن نعرف بشخصنا المدرسة التي أقيمت لها تلك المواسم البهجة فهي فسيحة الأرجاء كثيرة الأشجار فيها شاذروانات تقر العين وتثلج الصدر. وقد أخرجت هذه الدار العلمية نخبة رجال دمشق وكتابها الأعظمين وكثيرين من نبهاء سورية وفلسطين ومصر كالسيد محمد كرد علي والأمير خالد الحسني والدكتور أسعد الحكيم وسعادة حقي بك العظم وغيرهم الذين يعدون بالمئات بل بالألوف. وموقع دمشق وحالتها الطبيعية وحسن متنزهاتها ولا سيما رقى التعليم في هذه المدرسة التي يديرها أناس مخصصون للتعليم جلبت الطلبة إليها من كل حدب وصوب. ولهذا نتوقع أن الأولاد العراقيين الذين يسعون وراء اكتساب العلم من أحسن مصادره ينتجعون مساقط غيث العرفان والحكمة في هذه الدار العامرة التي أنجبت مشاهير شرقنا. 80 - ترجمة الفيلسوف السرياني الشهير مار يعقوب الرهاوي من سنة 633 إلى سنة 708 م في 18 ص بقطع الثمن نشرها مراد فؤاد جقي رئيس تحرير (الحكمة) ومدير مدرسة السريان الأرثوذكس الثانوية في القدس. وهي مفيدة جدا للاطلاع أفذاذ الشرق المشاهير.

81 - خريطة تاريخية للممالك الإسلامية الفتوحات العربية لواضعها محمد أمين بك واصف. بتحيق الأستاذ أحمد زكي باشا خريطة بديعة بألوان ثابتة مختلفة طولها ثمانون سنتيمترا في عرض 57 سنتمترا وقد طالعنا ما فيها من أعلام المواطن فإذا هي مضبوطة. ما عدا ألفاظا قليلة. فإنها لا توافق ما عرفناه عنها. فقد ضبط (عمان) التي على خليج فارس بتشديد الميم. والصواب بلا تشديد فهي كغراب. وكتب قلهاة بالتاء المبسوطة (من بلاد عمان) والصواب بالمربوطة. وذكر الحفوف لموطن بين البحرين والإحساء والصواب الهفوف. وذكر الطائف بالياء وهي بالهمزة وكذلك المدائن فهي بالهمزة لا بالياء. وقال الكردستان وهو غير جائز لأن كل كلمة تضاف إلى ستان (أي استان) لا تدخل أداة التعريف عليها. فيقال كردستان وقهستان وسجستان إلى مثلها لا الكردستان والقهستان والسجستان. وقد سقطت النقطة من ديار بكر فصارت ديار مصر فاختل المعنى. وبجوار نينوى أطلال تعرف باسم خرساباد أو خرستاباذ فكتبت خطأ خرزاباد التي لا وجود لها في لسان العوام ولا في لسان الفصحاء. وجاءت أربيل وهي في لغة العوام والصواب أربل. ولا يقال نجف بل النجف ولم تذكر كربلاء وهي مهمة ولها موقع عظيم في التاريخ. وجاءت كلمة سربزة بصورة السرير وهي من تصحيفات النساخ المساخ والصواب ما ذكرناه. وأملنا أن هذه الأغلاط تصحح في طبعة ثانية وإن كان هناك غيرها يطول ذكرها. 82 - النشرة الدورية القسم العربي من دار الكتب المصرية، السنة الأولى سنة 1928 العدد الأول طبعة بمطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، 1928 في 178 ص بقطع 12. هذه نشرة تذكر ما ورد إلى الخزانة المصرية من الكتب العربية والشرقية في شهر يناير سنة 1928 وقد عني مديرها صاحب العزة محمد أسعد براده بإصدارها على أحدث الأساليب الجارية في الديار الراقية فجاءت هذه النشرة في أبدع حلة

وأحسن طراز ولو طبعت فهارس دار تلك الكتب على هذا النهج الجديد لأصبحت تلك المصنفات على طرف الثمام لمن يريد الانتفاع بمراجعتها إن على بعد وإن على قرب، فأملنا في براده بك عظيم لتحقيق هذه الأمنية. 3. نشرة للملحقات (بالفرنسية) 4. مثلها بالإنكليزية النشرة الفرنسية تحوي 116 ص والإنكليزية 118 وهما مفرغتان في القالب الذي أفرغ فيه النشرة العربية وكل من هاتين النشرتين تذكر ما دخل في دار الكتب المصرية من المؤلفات والأسفار في يناير وكل ذلك مطبوع أحسن طبع على أبدع ورق ولا تكاد تقع في غلط أيا كان في هذه النشرات لما بذل من العناية في تصحيحها ولا غرو من ذلك فإن مطبعة دار الكتب المصرية هي أرقى الدور في ربوع الشرق بل يمكنها أن تتحدى مطابع أوربة في حسن ما تخرجه وصحته فنتمنى لمطبوعاتها الرواج الذي تستحقه. 83 - دروس في اللغة العصرية الآداب تأليف هـ. ا. ر. جب مقالة في 12 صفحة بقع الثمن الصغير وقد أظهر صاحبها من البراعة في الوقوف على الآداب العصرية ما أدهشنا. وقد حلل المنفلوطي أحسن تحليل وذكر عنه أنه صاحب (الإنشاء الجديد) فما علينا إلا أن نحمده على توغله في أدبنا العصري. 84 - نهاية الإرب في فنون الأدب للنويري السفر السابع، طبع في مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1929. نفتخر بمطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة الأربعة أسباب: 1 - لأنها إذا طبعت كتابا لم تبق في النفس حاجة إلى أن تحصل على أحسن منه طبعا. 2 - لأن حروف هذه المطبعة من أبدع الحروف وأحسنها رسما وسبكا وشكلا. 3 - لأنها

تعنى عناية عظيمة بتصحيح النص فيكون القارئ مطمئن البال عند مطالعته الكتاب 4 - لأنها لا تطبع من الأسفار إلا عيونها فتكون فخرا للعرب وسبب مباهاة بين الأمم الواغلة في الحضارة والعمران والتأليف. على أن في مصنفات الأقدمين ألفاظا إصلاحية جمة تحتاج إلى تقليب النظر فيها ليقع القارئ على صحيحها ولا يعثر بما أفسده النساخ. فيغتر به أعظم اغترار ولهذا راجع مصححو هذا السفر الجليل طائفة من الكتب الأدبية فكانت تلك التصويبات من أجل مزايا هذه الطبعة حتى إنه لو أتيح للمؤلف أن ينبعث لشكر جميع الذين قاموا بإبراز هذه الدرة الرطبة بالمحاسن التي تتلألأ بها. وهناك حسنة أخرى هي أن الحواشي مزدانة بشروح جليلة تغني المطالع عن مراجعة معاجم اللغة. بقي على المعتنين بإلباس هذا الكتاب هذه الحلة الحسناء - 1 أن يضموا إلى آخره فهارس على مثال فهارس الأغاني. 2 - أن يضعوا ملحقا له ويذكروا فيه الألفاظ التي وردت في هذا التصنيف الجليل ولم ترد في كتب اللغة ونحن في حاجة إليها في هذا العصر وهذا ما يفعله المستشرقون في طبع كتب أقدمينا فإنهم يفرزون لها أوراقا في آخرها يرتبون فيها على حروف الهجاء جميع الكلم الخاصة بالمؤلف. وبعد أن تصفحنا شيئا كثيرا من هذا السفر الجليل وجدنا فيه بعض مغامز كنا نود أن لا تكون فيه. فقد ذكر مثلا في حاشية 216: (المسبار فتيل يدخل في الجرح ليعرف كم عمقه) قلنا: وليس الفتيل من الأمور الخاصة بالمسبار. ولو قيل: ما يسبر به غور الجرح لكان أصح وأبين وأشمل. وجاء في ص 280 س 7 (ورجح بين مذهبي ماني وغيلان) ونظن أن الصواب: (ورجح بين مذهب ماني ومذهب غيلان لأن قوله بين مذهبي ماني وغيلان) يدل على أن لماني ولغيلان مذهبين مشتركين وليس الأمر كذلك إنما المراد أن لكل من هذين الرجلين مذهبا منفردا. فإذا كان الأمر على هذا الوجه لم يجز لنا إلا أن نقول مذهب (بالإفراد) حتى نأمن اللبس. نعم إن مثل هذا التعبير ورد في كلام بعض المولدين. لكن التدقيق في المعنى يدفعنا إلى أن نسلك آمن الطريق لنسلم من العثار.

وكنا نود أن لا نرى في الحواشي شروحا لا توافق روح العصر. فقد جاء مثلا في الحاشية 3 من ص 280 (ماني. . . ظهر في أيام سابور بن اردشير. . . وقتل في زمن بهرام بن سابور. اهـ فهذا لا يدلنا على سنة ظهوره ولا على سنة قتله - والذي ذكره البيروني في الآثار الباقية (ص 208 من طبع الإفرنج) إن ولادته كانت في قرية تدعى مردينو من نهر كوثى الأعلى. . . في سنة 527 من سني منجمي بابل يعني تاريخ الإسكندر ولأربع سنين خلون من سني اذربان الملك (أي سنة 215 و216 للميلاد). . . وقتله بهرام بن هرمز. . . (سنة 276 إلى 277م) ورواية أبن النديم وغيره ليست صحيحة وجاء في الحاشية الأولى من ص 224 عن الوحرة إنها. . . لا تطأ طعاما ولا شرابا إلا شمته (كذا بالشين المعجمة) ولا يأكله أحد إلا دقي بطنه. وربما هلك اهـ. قلنا: والصواب سمته بالسين المهملة. ولو قال في مكان دقي بطنه: مثنى بطنه لكان أحسن لأن الدقي خاص بفساد البطن من شرب اللبن. ثم إن علماء الحيوان أثبتوا اليوم أن ليس في الوزغ وأشباهها سم وهي لا تهلك أحدا وإذا وجد عند الأقدمين من سم بوط العظاء للطعام فكان ذلك لسبب آخر أو لا أقل من إنه كان لأن العظاءة وطئت مادة فاسدة مهلكة ثم وطئت الطعام ففسد وأهلك. أما العظاء والوزغ وأشباهها فليست سامات البتة وإن أشبه رأسها رأس الأفاعي والثعابين. على أن أمثال هذه الهفوات قليلة ولا تضر الكتاب أبدا فهو إذن من أهم الأسفار التي يجب أن يذخرها الأديب الذي يغار على كنوز السلف ويفاخر بها ويستفيد من مطالعتها واستشارتها. 85 - جراحة أنبوب الهضم والغدد الملحقة به تأليف الحكيم لوسركل أستاذ السريريات الجراحية، ترجمها الحكيم مرشد خاطر أستاذ الأمراض الجراحية وسريرياتها، طبع في دمشق بالمطبعة البطريركية الأثوذكسية في 106 ص بقطع 12. مسألة الهضم من أهم مسائل حياة الإنسان. والوقوف على ما في أنبوب الهضم من الأمراض وما يصيبه من العلل يهم كل حي على الأرض. ولهذا كان اكتساب

هذه الرسالة بمنزلة الواجب أو كالواجب. وإذا زدت على ذلك إن صاحبها من العلماء المتخصصين وناقلها إلى لغتنا من أبرع المترجمين علمت فائدة ما تشتري وإنك تضع دراهمك في موضعها. 86 - جزيرة رودس جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجه، تأليف حبيب غزالة بك وكيل إدارة مصلحة الصحة سابقا، وعضو بالجمعية الجغرافية الملكية المصرية، طبع بمطبعة الاعتماد بشارع حسن الأكبر بمصر سنة 1929، في 91 ص بقطع الثمن ومحلى بثلاث وعشرين صورة. كتاب حسن الطبع يباع بعشرة قروش مصرية والذي يقف عليه يتعجب مما حوى من التصاوير البديعة والمتاعب التي كابدها المؤلف لتحقيق ما دونه من الأخبار والأحداث. والذي نأخذه على سعادته إنه لم يذكر دائما في أسفل الصفحة الأسانيد التي يعتمد عليها حين يروي بعض الأمور. وكنا نود أيضا أن ينزه قلمه عن بعض الأغلاط كقوله: ولما كان أهم ما وقع. . . فقد ذكرت (ص 4) وفيها: وذكر أشهر معبوداتهم ومقارنتها بما يماثلها. وكقوله (ص 9 28 درجة مئينية وقد تكرر هذا الغلط وفي ص 11 أصله (رودو دفنه) (نوع من الغار) وفي ص 17 أيام مثريدات إلى غيرها. والصواب: ولما كان أهم ما وقع. . . ذكرت. ومقابلتها بما يماثلها. 28 درجة مئوية (أي دفلى وهو نوع من الغار) أيام مهرداد. إذ لا يجوز أن نتمسك بعلم إفرنجي وعندنا اسمه في اللغات الشرقية. وكل هذه الهفوات لا تقلل شيئا من محاسن هذا الكتاب البديع. 87 - كتاب الألبان وهو يبحث في (كذا) الألبان ونتائجها وفي (؟) صناعتي (كذا) الزبد والجبن، تأليف عمر الترمانيني، بالمطبعة الحديثة بدمشق عام 1929 في 255 ص بقطع الثمن ومحلى بصور عديدة. أحسن كتاب يجعل في أيدي أبناء سورية والعراق وسائر الأصقاع الشرقية

التي لم تعرف إلى الآن اتخاذ الآلات لصنع ما يعمل من اللبن وهو كثير وكل هذه الآلات مصورة مع ذكر ما يجب للاشتغال بها والانتفاع بما تدره على صاحبها من المنافع. والمؤلف من خريجي مدرسة كنتال الزراعية في فرنسة والذي يطالع تصنيفه يتحقق إنه متضلع من فنه كل التضلع. والأمر الوحيد الذي نأخذه عليه ركاكة بعض التعبيرات فأول سطر بعد العنوان يحتاج إلى إصلاح فكان يجب أن يقول: يبحث عن الألبان وأما قوله يبحث في الألبان فمعناه يفتش فيها بأن يضع يده في سائلها ليطلب فيها شيئا أضاعه. وقوله في صناعتي الزبد والجبن يدل على أن للزبد وللجبن صناعتين مشتركتين مع أن فكر المؤلف هو: في صناعة الزبد وفي صناعة الجبن ولهذا كان يجب أن يقال: في صناعة الزبد وصناعة الجبن. وتعبير المؤلف عن فكره قد لا يصح في بعض الأحيان إلا أن ذلك لا يقدح في علم الرجل وصدق اختباره. فعسى أن تكون الطبعة الثانية أتقن من الأولى وإن كنا لم نذكر إلا ما في السطر الأول من الكتاب (إن اللبيب من الإشارة يفهم). 88 - قصص روسية ترجمها عن اللغة الروسية سليم قبعين صاحب مجلة الإخاء، مطبعة الشمس بشارع كلوت بك لصاحبها رزق الله في 96 ص بقطع 12 الصغير. صاحب مجلة الإخاء هو الكاتب الشهير سليم قبعين وهو وحده ينقل إلى لغتنا المبينة أفكار كتبة الروس ولولاه لما عرفنا شيئا من حملة العلم واليراعة من ذلك القوم. فنحن نشكر للسليم السالم الذوق في اللغتين هداياه متمنين له النجاح الدائم لما يفيد به قراء لغتنا العربية. 89 - حبوب الاستقلال الجزء الأول، طبع في النجف بالمطبعة العلوية سنة 1348هـ في 56 ص بقطع 12. أتحب أيها القارئ أن تستفيد من قراءتك وتقضي وقتك مستطيبا من المطالعة من غير أن تكره نفسك على تفهم أفكار لا تجديك نفعا؟ طالع هذه الرسالة فإنها في الوقت الذي تضحكك بما تجد فيها من الرموز والإشارات تجد

فيها علاجا لمداواة العلل التي تدب في جسم العراق الأدبي والسياسي. إذن بين يديك رسالة مضحكة مسلية مهذبة مؤدبة فأسرع في اقتنائها. 90 - كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني - الجزء الثاني، طبع في مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1928. ما زالت هذه الدار المباركة تخرج من الأسفار العلمية والأدبية ما يكون الأحكام والتحقيق والاستقراء والتأنق والذوق الجميل من بعض نعوته المتوافرة فها هو ذا الجزء الثاني بين يدي معلنا فضل هذه الدار ومشجعيها مذيعا خدمة علمائنا الغير تلك الخدمة التي لم يوفق لها إلا أولو الحصافة وإخلاص العمل للعرب ومن والاها والله لا يضيع أجر من أحسن عملا. صفحاته 523 بكاغد صقيل وطبع جليل وتحقيق نبيل وتوضيح كالسلسبيل فلمثل ذلك فليعمل العاملون وفي نظائره فليتنافس المتنافسون وقد صدق من قال: إذا لم أكن في ما أزاول محكما ... فلست قمينا أن أعيش مع الناس ومما يستبدع من أصاليح هذا الكتاب البديع تعدد الفهارس لما فيه من متباين الأمور ومختلف المضامين إلا فهرس الشوارد أي الكلمات النادرة عن كتب اللغة - وكتب اللغة لعمر الحق ناقصة - وقد أشار إلي إعواز هذا الفهرس للكتاب الكرملي في نقده الجزء الأول (لغة العرب 5: 244 و245) ومما يؤخذ على القائمين بهذا الأمر إهمالهم ضبط الأعلام في الفهارس بالشكل وضبطها مما لا يمكن الاستغناء عنه ولطالما عملته الفرنجة فإذا تبين القارئ العلم في الفهرست لم يحتج إلى معارضته بنفسه في أثناء الكتاب ليصح نطقه به والأعلام من أشد الكلمات استغلاقا على القراء. وقد لحظنا إن مطبعة الدار يعوزها اللام الأخيرة المستقلة لأن كثير منها محطوم ومثلوم، ولنا في الكتاب نظرات هي: 1 - في ص د (وليس بهوامشه سوى بعض كلمات) ونحن لا نرى في إضافة (بعض) إلى الجمع النكرة تركيبا عربيا فكما لا يقال (كل كلمات) لا يقال (بعض كلمات) فالصواب (كلمات قليلة). 2 - وردت (البهم) في ص 11 مرتين غير مفسرة ولكنهم فسروها في ص

12 وهذا خلاف المألوف المفيد فنرجو منهم أن يجتنبوا أشباهه. 3 - وفي ص 15 (وحوله اخوة للمجنون مع أبيهم رجالا) والصواب: (رجال لأنها صفة لاخوة ويؤيدنا قول المؤلف في ص 88 (فإذا أبوه شيخ كبير واخوة له رجال). 4 - وجاء في ص 20 (بخيف منى ترمى جمار المحصب) فلم يشيروا إلى أن في الكامل للمبرد ج 1 ص 206 بالمطبعة الأزهرية (ببطن منى) ولو لم يكن هذا دأبهم لما اعترضناهم. 5 - وضبطوا (غير) في قوله في ص 22 دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار بليلى طائرا كان في صدري بالنصب على المفعولية وبالجر على النعتية نحن لا نرى للنعتية وجها لأن الشاعر لم يردها وأقوى ما يدل على ذلك قوله: دعا باسم ليلى ضلل الله سعيه ... وليلى بأرض عنه نازحة فكأنه ينكر بل يحرم أن يكون (اسم ليلى) لغيرها كما أبانه في البيت وعدم اعترافه يؤيد النصب. 6 - وجاء في ص 25 (ووافقه ابن نصر وابن حبيب قالوا) ولم نجد في فهرس رجال الأسانيد (ابن نصر) وإنما هو (أبو نصر) ونزيد على ذلك إنه ورد في ص 26 (وذكر هذه الأبيات ابن حبيب وأبو نصر له بغير خبر) فقد جاء أبو نصر مقرونا إلى ابن حبيب كما في ص 25. 7 - وقالوا في الهامش من ص 24 (سؤاله زواج ليلى عن عشرته معها) والصواب (عن عشرته إياها) لأن العشرة اسم مصدر المعاشرة وتعمل عمله فكما لا يقال (معاشرته معها) لا يقال (عشرته معها) وقال الشاهر (بعشرتك الكرام تعد منهم). 8 - وفي ص 26 (فلما علموا بذلك وعرفوا إنه لا يزال يطلب غرة منهم حتى إذا تفرقوا دخل دورهم، فارتحلوا عنها وابعدوا) والصواب (ارتحلوا) بنزع الفاء لأنه جواب (لما) وموافق لأسلوب العرب. 9 - وفي ص 29 (ونظيره؛ مكلى إذا أصبت كليته، ومكبود إذا أصبت

كبده) وإنا لا نرى وجها لإسناد الفعل إلى المخاطب فالصواب (إذا أصيبت كليتيه) و (إذا أصيبت كبده) ليكون الشرط عاما فيعم الحكم. 10 - وفي ص 30 (وفعل فعلته بالأمس) بفتح الفاء من (فعلته) والصواب كسرها للنوعية. 11 - وفي هذه الصفحة جاء (وشغفه) فعلقوا بها (أن في نسخة ت (وشغفته) فنقول في ص 14 (وشغفته) فكيف لم يشيروا إلى هذا الوجه. 12 - وفي ص 32 (ببرد ثنايا أم حسان شائق) بمنع حسان من الصرف وجوبا والصواب الجواز لأن العلماء لو يعرفوا أهو من (حسن) فيصرفوه أم من (حس) فيمنعوه الصرف. 13 - وفي ص 41 (فأتاه إخوان من إخوانه يلومونه على ما يصنع بنفسه) بجعل (إخوان) الأولى جمعا والصواب أن يكون مثنى ويقال (يلومانه) ويؤكد ما قلنا قوله لهما (يا صاحبي ألما بي بمنزلة) وما جاء في ص 28 ونصه (وكان للمجنون ابنا عم يأتيانه فيحدثانه ويسليانه ويؤانسانه). 14 - وجاء في ص 42 (على غريم ملئ غير ذي عدم) فعلقوا به ما نصه (عدم أي فقر ومثله العدم بضم العين وسكون الدال، قال صاحب اللسان: إذا ضمت أوله خففت فقلت العدم وإذا فتحت أوله ثقلت فقلت: العدم) قلت: إن الوارد في المصراع غير المفسر وكلام صاحب اللسان لا تسويغ فيه لما ورد فكان عليهم أن يشيروا إلى ما نقلوه عنه في ص 28 من مادة (عسر) ونصه (قال عيسى بن علي: كل اسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم وأوسطه ساكن فمن العرب من يثقله ومنهم من يخففه مثل عسر وعسر وحلم وحلم) وفي مادة (عسر) من مختار الصحاح (أنه عيسى بن عمر) والظاهر إنهم نسوا ما نقلوه ولا دليل أنطق على نسيانهم من قولهم في الجزء الثالث (ص 16) التعليق ب (كبر) بضم الكاف والباء ما نصه (وقد حركت الباء هنا لضرورة الشعر إذ للشاعر أن يحرك الساكن فيما قبل القافية بحركة ما قبله) فتأمل جعلهم اللغة ضرورة. 15 - وورد في ص 46 (ولا أحد أفضى إليه وصيتي) فعلقوا به (كذا في جميع الأصول ولم نجد في كتب اللغة التي بين أيدينا أفضى متعديا بنفسه)

قلت ولكن انظروا إلى ص 6 من الجزء الثالث تجدوا قيس بن الخطيم يقول: ومثلك قد أصيبت ليست بكنة ... ولا جارة أفضت إلي خباءها وقال علي عليه السلام (ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك (شرح النهج لابن أبي الحديد 2 ص 507، طبعة مصر) وفي رواية (حياءها) وقيس بن الخطيم أقوى من المجنون وفي مثل هذا تستبين الفائدة من (فهرس الشوارد) الذي مضى ذكره. 16 - وفي ص 48 (تجاذبه وقد علق الجناح) وفي الكامل هذه الرواية ج 3 ص 6 بالمطبعة الأزهرية ولكنه أتبع ذلك قوله (ويروي تجاذبه) ومن دأبهم أن يقابلوا بالكامل وغيره فلم اغفلوا ذلك؟ 17 - وفي ص 50 رقم (2) من التعاليق (الهجائن: الإبل البيضاء) والصواب (البيض) وفاقا لكل أساليب العرب ولنا في لغة العرب (7: 573) وص 586 منها فضل شرح لذلك. 18 - وفي ص 88 (فجعل يعض لسانه وشفتيه حتى خفنا عليه أن يقطعها) وعلقوا به كذا في أغلب الأصول وفي ت: يقطعهما) فنقول إن الصواب (شفته) ولا يكاد الإنسان يتصور عاضا على شفتيه ويؤيدنا ما في ص 16 ونصه (فيعض لسانه وشفته) وما في ص 25 وهو (وعض على شفته فقطعها) 19 - وقالوا في ص 93 بالهامش (التقاؤه بقيس بن ذريح وطلبه منه إبلاغ سلامه لليلى) والصواب (التقاؤه لقيس) من (التقاه) على ما في القاموس و (طلبه إليه) لأنه موافق لمقتضى الحال والمرجح في الأول (التقاؤه هو وقيس) من (التقيا) 20 - وورد في ص 99 (ثم إن الأعرابي اغتفل زيد بن أيوب) فعلقوا به (كذا في أغلب الأصول ولم نجد في معاجم اللغة التي بين أيدينا (اغتفل فلانا) بمعنى تغفله وأستغفله) فنقول ورد في الكامل في جزء 2: 218 من طبعة التقدم في مصر. 21 - وفي ص 111 بالهامش (والعسيب: جريد النخل إذا نحي عنه خوصه) والشرط ههنا لا محل له خلافا لشك صاحب القاموس، فقد جاء في مختار الصحاح

(الجريد الذي يجرد عنه الخوص الواحدة جريدة ولا يسمى جريدا ما دام عليه الخوص وإنما يسمى سعفا). 22 - (لغة العرب) وقال في حاشية ص 129 في التعليق على قول أبي الفرج: في خميس الفصح ما نصه: كذا في الأصول: والمعروف في أعياد النصارى (خميس العهد) اهـ قلنا: إن خميس الفصح من اصطلاح نصارى العرب في العراق إلى عهدنا هذا. وهند كانت عراقية. أما (خميس العهد) فمن اصطلاح نصارى القبط في مصر. ثم زادوا في الحاشية قولهم (المشهور الشعانين بالشين المعجمة) قلنا: نحن العراقيين لا نعرف إلا السعانين بالسين المهملة. (لغة العرب) 23 - وفي ص 132 (الاكتحال بالأثد) والصواب (بالأثمد) ومثل هذا كثير جدا ففي ص 148 (خك) والصواب (ضحك). 24 وفي ص 134 ورد (كما أنتم كنا) فعلقوا به (ومن المحتمل أن يكون معطوفا بالواو على بيت قبله سقط حتى يصح الوزن) قلنا: ولا كل هذا التكلف الطويل فارجعوا إلى ص 96 من الكتاب تجدوا (فكما أنتم كنا) فالساقط الفاء لا بيت مع واو. 25 - ومن أرقام التعاليق في ص 139 بالحاشية السفلى (9) ولا متعلق له في المتن. 26 - وفي ص 157 قول الحطيئة: أطعنا رسول الله إذ كان بيننا ... فيا لعباد الله ما لأبي بكر وفي الكامل للمبرد ج 1 ص 282 (فيا لهفتا ما بال دين أبي بكر). 27 - وقالوا في ص 172 (ونحن وإن كنا لا نخليه من معنى. . . إلا إننا نرى) بتركهم (نحن) من دون خبر واستثنوا بل استدركوا قبل ورود الحكم فالصواب (حذف (إلا إننا) أو وضع (فإننا) أو (لنرى) فالأول مثل قول (طخيم بن أبي الطخماء: (وإني وإن كانوا نصارى أحبهم) والثاني مثل قول المبرد في الكامل ج 3 ص 75 (والراجز وإن كان لحن فقد أحسن التشبيه) ومثل قول علي عليه السلام (والعرب اليوم وإن كانوا قليلا فإنهم كثير عزيز بالإسلام) والثالث مثل قول إبراهيم بن المهدي العباسي (وإني وإن غيبت عني لعالم) وقد بين

الصبح لذي عينين. 28 - ونقلوا في ص 177 عن اللسان قوله (تقول للشيء الزائل عن موضعه: قد أضللته، وللشيء الثابت في موضعه إلا إنك لم تهتد إليه (: ضللته) ولم يلتفتوا إلى قول الحطيئة في ص 160 من هذا الجزء: وأنت امرؤ تبغي أبا قد ضللته ... هبلت ألما تستفيق من ضلالكا 29 - وفي جدول تصاويبهم ذكروا أن في ص 185 مادة (نكث) فأنا أصلح تصويبهم وأقول (مادة نكس) بالسين. 30 - وورد في ص 186: (لم يؤثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بك الأثر) وفي الكامل ج 2 ص 151: ما آثروك بها إذ قدموك لها ... لكن بك استأثروا إذ كانت الأثر 31 - وذكروا في جدول التصاويب أن (الأسقف) في ص (15) مع إنه في ص (115). مصطفى جواد 91 - كتاب عيون الأخبار تأليف أبي محمد عبد الله بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276، المجلد الثاني في 376 ص بقطع الثمن الكبير، الطبعة الأولى - مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1928. هذا السفر الجليل من درر البحر بحر دار الكتب المصرية التي أدهشت العالم كله بحسن مطبوعاتها وتحري نشر أفيد مصنفات السلف. وهذا المجلد حوى كتاب الطبائع والأخلاق المذمومة، وكتاب العلم والبيان، وكتاب الزهد وكل يعلم منزلة الدينوري من التحقيق والإمعان في علوم العربية ولو لم يكن لصاحبه إلا هذا الكتاب لكفى دليلا على غور بحره ووقوفه على تراث الأقدمين وكنا نود أن يتولى إصلاح المسودات أديب واقف على مطبوعات الأقدمين فقد جاء مثلا في ص 91 في الكلام على زق فرخ الحمامة: (ثم زقاه (أي والداه) سورج أصول الحيطان) فجاء في الحاشية. كذا بالأصلين

ولعله الصاروج وهو الكلس تبنى وتطلى به حيطان البيت. وفي (كتاب الحيوان) للجاحظ (ج 3 ص 47) (فيأكلان من صروح الحيطان وهي شيء بين الملح والحمض وبين التراب الخالص فيزقان الفرخ. . . الخ، فنقول: السورج كلمة فارسية الأصل أي شوره (وزان كوره) وعربت شورج بالشين المعجمة وسورج بالسين المهملة وصحفت بصورة صورج بالصاد. والمشهور عند العراقيين شورة كما في الفارسية وبالفرنسية وهو ملح يكون في أصول الحيطان. والكلمة معروفة في العراق منذ عهد العباسيين وربما قبل ذلك العهد. وقد ذكره ابن البيطار باسم السورج قال: ديسقوريدس في الخامسة هو شيء يتولد من البحر وهو جنس من الزبد ويتولد في المواضع الصخرية القريبة من البحر وله مثل قوة الملح. جالينوس في 11 هذا إنما هو شبيه بالزهرة أو بالزبد مرتفع فوق الملح وهو ألطف من الملح بكثير. . .) قلنا: ومن أسمائها في العربية: فقاح الملح، ورغوة الملح، وزبد الملح وملح الدباغين وقد وردت هذه الألفاظ في معجم بربهلول السرياني العربي. ولهذا لم يبق محل للمحشي أن يقول: هو الصاروج إذ هذا شيء آخر. وأما رواية الجاحظ فمن أغلاط طبع الكتاب إذ لا تحصى والصواب صورج الحيطان وأحسن منها سورج الحيطان بالسين المهملة. وقال في ص 92: (ومنه (أي من البيض) شيء يعتري الحجل وما شاكله في الطبيعة، فإن الأنثى منه ربما كانت على سفالة الريح التي تهب من شق الذكر في بعض الزمان فتحتشي من ذلك بيضا والحال إننا نعلم أن هذا لا يجري في الحجل، وإنما الخرافة تروى عن نوع من اليعاسيب إلى يومنا هذا عند أعراب البطائح ولهذا كان صحيح الرواية: الجحل بتقديم الجيم على الحاء. قال في اللسان: الجحل اليعسوب العظيم وهو في خلق الجرادة إذا سقط لم يضم جناحيه اهـ وهو في الفرنسية وفي هذا السفر أيضا حواش تدل على قلة تدقيق في الأمور فقد جاء في الحاشية 4 من ص 97 (ويتولد (الجعل) غالبا من اخثاء البقر) ولا نظن أن واحدا من الناس في هذا العصر يقول بهذا القول، إنما الصحيح إنه يتولد

غالبا في اخثاء البقر وذلك أن أنثاه تضع بيضها فيها وهي أحسن بيئة لها فتفقص وتنشأ فيها. وفي حاشية 6 من ص 99: (ذو فكين (أي السرطان) ومخاليب (كذا بياء بعد اللام) وأظفار مداد) والمعروف أن المخلب لا يجمع إلا على مخالب. بلا ياء بعد اللام ثم أن المخالب والأظفار شيء واحد في مدلولاتها إنما الفرق في أن المخالب لما يصيد من الطير وسباع الحيوان والأظفار لما لا يصيد من الطير. ولو قال: ذو فكين ومقابض ومخالب لكان أوفق لمصطلح العلم الحديث. وجاء في ص 40 قوله: (جلنجبين) وضبطت بفتح الأول والثاني والرابع ثم قيل في الحاشية: (وفي أقرب الموارد إنه معجون يعمل من الورد والعسل فارسي معرب عن (كل) ومعناه ورد و (انكنبين) (كذا) ومعناه عسل. انتهى. قلنا: نتعجب من أن ناشري هذا الكتاب يعتمدون في كلامهم وضبط بعض الألفاظ على أقرب الموارد وهذا المعجم نسخة ممسوخة من محيط المحيط وكذلك قل عن (البستان)، وجميع معاجم اللغة التي وضعت للمدارس وكان أساسها هذه الدواوين اللغوية الثلاثة. أما صاحب البستان فقد ضبط الجلنجبين على نحو ما ضبطها أقرب الموارد ومحيط المحيط إلا إنه زادهما غلطا في ذكر الأصل فقال: (وانثلبين) عسل والخطأ واضح لأن الكلمة الفارسية هي (انكبين) بكاف فارسية. وقول هذه المعاجم أن الجلنجبين معجون قول غير صحيح. وكلام ابن البيطار هو الصحيح أي ورد مربى بالعسل أو السكر. وأما ضبط الكلمة فهو بضم الجيم وفتح اللام وإسكان النون وضم الجيم الثانية كما هي مضبوطة في الفارسية وكما وردت في مفردات ابن البيطار طبع باريس. وجميع الدواوين الفارسية لا تضبطها إلا على الوجه الذي ذكرناه. والآرميون يلفظونها ويكتبونها هكذا: (جولانجبين) (راجع معجم باين سميث العمود 679) أما سبب ضبط هذه المعاجم الحديثة بالفتحات فناشئ من الأصل الذي نقل عنه محيط المحيط أي معجم فريتغ فإنه ضبطها بالفتحات فجاء صاحب المحيط ونقل الضبط

المذكور بلا تدقيق ثم عثر صاحب أقرب الموارد والبستان تلك العثرة نفسها لأن هؤلاء النقلة لم يتعبوا أنفسهم لتحقيق الضبط ومراجعة الأصول والأمهات. أما أن الجلنجبين ليس بمعجون فظاهر من أن المعجون في عرف الأطباء دواء قوامه أمتن من قوام العسل والحال أن الجلنجبين ليس بدواء بل هو من قبيل الحلوى يؤخذ بعد الطعام أو بين طعام وطعام. وكنا نود أن نرى في الحواشي بعض التحقيقات التي تنفي بعض المزاعم القديمة القائلة وتدعم بالآراء العصرية العلمية. مثل ذلك ما جاء في ص 107 فقد جاء قول المؤلف: إذا أخذ بزر السذاب البري وزرع وطال به ذلك تحول حرملا. والنمام إذا عتق تحول حبقا. . . إلى غير ذلك. فلا جرم أن هذه الأقوال ينكرها علماء البحث في هذا العصر ولا يقولون بها بل ينكرونها إنكارا. وفي الختام نقول عن هذا السفر كما قلنا عن سائر ما يطبع من مصنفات الأقدمين إنها تحتاج إلى معجم يلحق في آخر المجلد تذكر فيه الألفاظ التي وردت فيه ولم تذكر في دواوين اللغة. كتقييد كلمة السورج أو الشورج التي جاءت في ص 91. والتحول التي وردت بمعنى في ص 107 وورد في تلك الصفحة أيضا الترية بمعنى نبت من الحشيش يكون بالسند فهذه الكلمات وغيرها وتعد بالعشرات مما يحتاج إلى تقييده وتدوين صفحاته حتى ينتفع به عند المراجعة. فيرى من هذا البسط الموجز محاسن ما في هذا السفر الجليل وحاجة كل أديب إلى اقتنائه فنحن نشكر القائمين بطبعه على هديتهم هذه ونتمنى لهم المضي إلى الأمام في مهمتهم الجليلة. 92 - دروس علمية في أمراض جهاز البول تأليف الحكيم لوسر كل أستاذ السريريات الجراحية، ترجمها الحكيم مرشد خاطر أستاذ الأمراض الجراحية وسريرياتها، طبعت بالمطبعة البطريركية الأرثوذكسية بدمشق سنة 1929 في 134 ص بقطع الثمن الصغير. أمتاز الدكتور لوسر كل بالتحقيق والتدقيق في الأمور الطبية. وأمتاز الدكتور مرشد خاطر بما امتاز به صديقه ويزاد على ذلك تفهم العبارة الفرنسية تفهما

صادقا وإفراغها في قالب عربي بحت فيه رونق وحسن ديباجة يعز وجود مثلها في كلام سائر الكتاب من طبقة الأطباء. ويضاف إلى ذلك أن الدكتور مرشد خاطر كثير الاشتغال لا يعرف الراحة ساعة واحدة إذ آلى على نفسه أن يفيد أبناء الوطن ويذهب ضحية في سبيل إفادتهم. وهذا الكتاب هو الثالث الذي أهداه إلينا وطبعه في هذه السنة. وهو كسائر اخوته حسن التبويب والسبك وقد قسمه المؤلف اثني عشر قسما ذكر فيها كل ما يمكن أن يقال في الموضوع الذي عالجه فوفاه من التحقيق والتدقيق. وليسمح لنا حضرة الصديق أن لا نوافقه في نقل بعض الألفاظ فقول الإفرنج (ص 24) هو جوهري لا أساسي. وجاء ذكر الحويضة (ص 64 وما يليها) ونحن لم نجد من صغر حوضا على حويضة بل على حويض وكثيرا ما يصور حرف الإفرنجي بالياء فيقول مثلا برينو ونحن لا نوافقه على ذلك والصواب برونو وقال في ص 87 الملودنة والصواب الملوذنة بالذال المعجمة ويصور الإمالة بالألف على الطريقة السورية فيقول مثلا مازوثوريوم (ص 104) والأحسن أن يقال ميزوثوريوم كما قالوا هابيل وشيث وروبين ولم يقولوا هابال وشاث وروبان. تلك هي بعض الهنيات التي لا تشين عبارة الكاتب المترجم وهذا ما يشهد له بعلو الكعب نفعنا الله بعلومه. 93 - فن التمريض لمؤلفه الحكيم مرشد خاطر، أستاذ الأمراض الجراحية وسريرياتها في معهد الطب بدمشق، وعضو المجمع العلمي العربي، طبع في دمشق سنة 1929 في المطبعة البطريركية الأرثوذكسية في 416 ص بقطع الثمن. فن التمريض حديث في ديار الشرق وليس لنا كتب تبحث عنه. نعم نشر وينشر في بعض المجلات مقالات في هذا الموضوع، لكنها غير وافية بجميع المواضيع والكلام عليها مقتضب وغير جار على سنن العلم ولهذا أصبح وضع تأليف علمي بعبارة واضحة خالية من التعقيد وفي الوقت عينه فصيحة متوفرة فيها

شروط القواعد العربية أهم ما نحتاج إليه في شرقنا على اختلاف ديار لهويته وقد ألفينا هذا السفر من أنفع ما يمكن أن يحلم به الممرض والممرضة. ونحن نتمنى أن تجلب منه حكومتنا العراقية مقدارا وافيا لتنشره بين الممرضين الذين في ديارها. ومما نوجه إليه الأنظار إن وضع هذا التصنيف الجليل هو من أهل الخبرة في الفن ومن محسني إجالة اليراعة في ميدان الكتابة. وعندنا هنا كتب ومجلات طبية فإذا ما وقفت على ما تكتبه تسائل: بأي لسان اقرأ هذه الصفحات وما المراد من كلام المؤلف؟ وهكذا يتأسف القارئ على إضاعة وقته في مطالعة كتب عربية الحروف أعجمية الكلام مغلقة المعاني حتى على أذكى الناس وأثبتهم علما في العربية. وهذا كله لا ترى له ظلا في ما ينشئه الطبيب النطاسي والكاتب التحرير صديقنا العزيز (الدكتور) مرشد بك خاطر. على إننا نأخذ عليه أشياء لا دخل لها في فن التمريض بل تتعلق بتخليص العبارة من بعض الهنوات الهينات. وأول تلك الأمور إنه يلقب نفسه بالحكيم في مكان (الدكتور) ونحن لا نوافقه على ذلك والسبب هو أن معنى الحكيم أنصرف إلى من يعالج الحكمة وبالفرنسية أما الدكتور فعلم لقب وضعته جامعات ديار الغرب للدلالة على من حاز الدرجة القصوى في متقن من متاقنها. ومعناه (المعلم) ولما كان للمعلم لفظة أخرى إفرنجية لنتركها لمدلولها. وقد وضع للدكتور بعض الأدباء كلمة (علامة) وكل ذلك لا يفيد المطلوب والأحسن أن يؤخذ اللفظ بصورته لأن الألقاب لا تنقل إلى ما يقابلها في لغتنا بل تؤخذ بصورتها، وافقت أوزاننا أو لم توافقها. وقد جرى السلف على هذا الأسلوب في عهد الجاهلية نفسها فقالوا: القس والسرسور والسفسير والقسطار والأطربون والشاه والشاهنشاه والقان والخان والنجاشي والقيصر والموبذ والأسقف والمطران والبابا إلى غيرها وتعد بالمئات. ويسهل اتخاذ اللفظ الأعجمي إذا كانت مادة الكلمة تشبه المادة العربية وكان وزنها يشبه الوزن العربي (فالدكتور) جمعت فيها الشرطين المذكورين فلا بد من اتخاذها بصيغتها ولفظها. وقد وقع في الكتاب أغلاط طبع لم تصلح في باب التصويبات من ذلك ما في

أول صفحة من المقدمة في السطر الذي يسبق الأخير: (وإن تكون ذكية ربطة الجنان) وفي الصفحة الثانية من المقدمة المذكورة (بما يستدعيه مرضهم من العناية) وفيها: (أجمع فيه ما يحتاج إليه المريض مهما كان نوع دائه. . .) وقد تكررت (مهما) في هذه الصفحة لغير معنى الشرط - وفي تلك الصفحة عينها قال. (أم مرأة - وفيها أيضا: فعسى أن أكون عند ظني.) والصواب: رابطة الجنان. . . من العناية بهم. . . أيا كان نوع دائه. . . أم امرأة. . . فعسى أن أكون مصيبا في ظني. ومما يسرنا إننا نرى المؤلف يتوخى الصحة في ما يكتب فيقول مثلا: الأشعة الكهربية ولا يقول الكهربائية (الثقيلة على اللفظ والسمع والمخالفة للأصول العربية كل المخالفة) - ويقول الوذمة (ص 25) لا الأيديما أو الأوديما ويقول عراقيل الجروح وهي الكلمة التي استعملها أطباؤنا الأقدمون ولا يقول المضاعفات أو التضاعفات أو الاختلاطات أو التشويشات أو غيرها من الألفاظ التي لا تفيد فائدة الأقدمين ولا مصطلحاتهم ولا تقوم مقامها. والخلاصة إننا نرى فرقا عظيما بين ما يتولى الدكتور مرشد بك خاطر طبعه من الكتب التي ينشرها أو يصححها أو يعربها وبين ما يصدر مثلها في بيروت أو بغداد أو لبنان فإن أصحاب هذه المطبوعات الأخيرة مغلقة العبارة سقيمة التأليف كثيرة الألفاظ الأعجمية الثقيلة على السمع واللسان والذوق، قلقة الوضع لا تكاد تجني منها ما تنتظر منها. ولهذا نوصي بتآليف الدكتور مرشد خاطر كل التوصية ونرغب الأطباء في النسج على منواله ليخلدوا لهم آثارهم ويفيدوا بها من يقرأها. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 4 - 16 - وقال في ص 14 (المعرب وهو اللفظ العجمي الذي يستعار لما يجد من المسميات والمعاني حينما لا يوجد في أصل اللغة ما يرادفه أو لا يمكن صوغ مثله) وهذا رأي باطل ومزلة حكم مسلوفة وقى الله مجتازها شرها، وقد

تورط فيه من قبل هذا الشيخ إبراهيم اليازجي بقوله في كتاب (لغة الجرائد) ص 107 (على أنا لا ندري الموجب لاستعمال اللفظين - أراد الأورطة والكوبري - مع وجود ما يرادفهما في العربية) والقائلون بهذا الرأي كأنهم لم يتدبروا كلام العرب ولم يتأملوا ما استعملته معربا وعندها مرادفه، ولاستجازة ذلك قال الجوهري عن أبي الحسن اللحياني في مادة (سخت) من المختار (السخت بسكون الخاء الشديد وهو معروف في كلام العرب وهم ربما استعملوا بعض كلام العجم باتفاق وقع بين اللغتين كما قالوا للمسح بوزن الملح: بلاس، وللصحراء دشت) اهـ (وراجع هذا الجزء من لغة العرب ص 592 إلى آخر البحث). وجاء في الكامل للمبرد ج 3 ص 221 (فقال المهلب لأبي علقمة العبدي - وكان شجاعا عاتيا -: أمدد بخيل اليحمد وقل لهم فليعيرونا جماجمهم ساعة فقال لهم: إن جماجم القوم ليست بفخار فتعار وليست أعناقهم كرادي فتنبت، قال أبو الحسن الأخفش تقول العرب لأعذاق النخل: كراد وهو فارسي معرب) وهذا يدل على إنهم كانوا يزينون كلامهم بالمعرب ويتركون مرادفه ولكل جديد لذة. 17 - وضرب في ص 19 المثل (أريها السها وتريني القمر) وهو مثل تتقزز منه النفوس لأنه عاقبة حكاية فجورية أولها فحش وآخرها زنى وفي ما بينهما سيء من القول فينبغي للعاقل أن يهمل ما هذا أمره وما سواه فما بمعناه كثير 18 - ونقل في ص 27 خطبة أبي طالب ومنها (الحمد لله الذي جعلنا من زرع إبراهيم وذرية إسماعيل) وفي الكامل ج 3 ص 242 (جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل) ومنها (من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح به برا وفضلا وعدلا ومجدا ونبلا) وفي الكامل (إلا رجح عليه به برا وفضلا وكرما وعقلا ومجدا ونبلا) ومنها (وما أردتم من الصداق فعلى) وفي الكامل

(وما أحببتم من. . .) 19 - وقال لتفسير شماتة (اسم من شمت به يشمت إذا فرح بمصيبة نزلت بعدوه) ولم نعلم سبب قوله (به) قبل قوله (بعدوه) لأنه مخالف لما (يجري عليه الأدباء فهم يذكرون الظاهر ثم يكنون عنه بالضمير فالصواب (من شمت بعدوه إذا فرح بمصيبة نزلت به) 20 - وقال في ص 28 لتفسير مدحاة (مدحوة أي مبسوطة) وذلك تفسير ما لم يقل فتأمل 21 - وقال في تلك الصفحة في الفنون الجميلة (والشعر يصورها بالخيال البديع) فجعل الخيال من لوازم الشعر ولكنه في ص 38 يصف الشعر الجاهلي ويستحسنه بقوله: (لا يعدو الحقيقة ولا يتجاوز ظواهر المشاهد). 22 - وقال في ص 33 (وشتان بينها) وفي ص 218 (وشتان بين هذا الصبر) وليس ذلك صوابا لأن (بين) الظرفية لا تقبل الفاعلية ولأن (شتان) يستوجب الاشتراك فلا يجوز أن يكون فاعله مفردا لفظا ومعنى فالصواب (وشتان هما) أو (شتان ما بين. . .) 23 - وقال في ص 34 (وقد حاول غير واحد من الباحثين أن يبحثوا في أصله - أراد الشعر - ويعينوا زمنه) والصواب (عن أصله) لأن المجهول هو الأصل والبحث في الشيء يستوجب جهله ويؤذن بالتفتيش عنه. 24 وقال في ص 38 في الشعر الجاهلي (وندرت فيه المبالغة وقل استعمال المجاز والكناية) ونحن لا نرى هذا الرأي لأن المجاز والكناية من بدائع الشعر العربي خصوصا الجاهلي ألا ترى قول (زهير بن أبي سلمى (تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم) وقول النابغة الذبياني (رقاق النعال طيب حجراتهم) وقول زهير: يمينا لنعم السيدان وجدتما ... على كل حال من سحيل ومبرم نضيف إلى ذلك أن الأثري مدح امرأ القيس في ص 60 بقوله (وحسن الاستعارة) وقال في زهير ص 74 (ويتعمد التفنن في تنويع الصور البيانية). مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - صبيح نشأت بك توفي صبيح نشأت بك الوزير المفوض لحكومة العراق لدى الجمهورية التركية في أنقرة. وقد توفاه الله في الآستانة في 19 تموز من هذه السنة فخسر الوطن والحكومة بوفاته رجلا من خيرة أبناء البلاد. وكانت وفاته بخنقة الصدر. وكان رحمه الله حاضر البديهة ومما يحسن ذكره هنا إنه لما أصلحت الأمور بين حكومتنا وحكومة نجد على الحدود كانت قطعة أرض محايدة بين البلادين. فسأل السر برسي كوكس ما نسميها بعد هذا الصلح والاتفاق. فقال صبيح بك نسميها (بقلاوة) فسأل السر برسي ما معنى هذه الكلمة فشرحت له. ولما كان شكل الأرض قريبا من هيئة قطعة البقلاوة قال السر برسي: هذا أحسن ما يمكن أن تسمى به هذه الأرض. فكتبت على الخرائط (بقلاوة) وهي تعرف إلى اليوم بهذا الاسم الطيب. 2 - سميعي خان قدم إلى العاصمة صاحب المعالي سميعي خان الوزير المفوض لحكومة إيران في صباح 15 تموز (يوليو) وأملنا في حنكته وثاقب نظره أنه يكون رسول خير وصلاح بين دياره وديارنا. 3 - تبرع معاليه تبرع معاليه بمبلغ 5000 ربية لمنكوبي الفيضان وقد أجابه فخامة رئيس الوزارة ووزير الخارجية بكتاب رقيق ماؤه الشكر والثناء على عواطفه النبيلة. 4 - سفر عناية الله غادر جلالة الملك عناية الله خان ومن معه مدينة بغداد في مساء السبت 20 تموز ووجهتهم إيران للإقامة فيها. وكانوا قد وصلوا إليها عصر 12 تموز (يوليو) محفوفا بالعز والإكرام. 5 - القس حنا مقصود جاقر فاجأت المنية القس حنا مقصود جاقر مساء 18 تموز في بيت أخته في كرادة مريم الشرقية ودفن مساء 19 في كنيسة الكلدان في بغداد وحضر الموكب خدمة

الدين المسيحي على اختلاف طوائفهم وكثير من الناس. وكان عمره في ال 58 6 - قلة مياه ديالى هبطت مياه (ديالى) هبوطا غير مألوف في هذا الصيف ولا سيما قسمه الجنوبي وظهر من مقدار المياه التي قيست في الغربي من صدر (الخالص) في اليوم ال 15 من شهر تموز أن المياه هبطت إلى أحط ما سجل في مثل هذا التاريخ وإن هذا المقدار يعادل زهاء سبعة أثمان مقدار المياه في مثل هذا التاريخ أثناء سنة 1925. 7 - في أنحاء الكويت لم يرحل فيصل الدويش إلى الكويت بل إلى (القرية) وقد قبضت قبيلة مطير على رسول الملك ابن سعود وكان يحمل كتابا إلى أمير حائل يأمره فيه بأن يجرد حملة قوية لمهاجمة الارطوية حاضرة مطير وبعث فيصل الدويش على أثر ذلك بكتاب إلى أمير الكويت يرجو منه العون والمساعدة في حركاته الجديدة. 8 - تلاميذ نالوا شهادات نال 14 تلميذا الشهادة من متقن الزراعة و21 تلميذا الشهادة من متقن الحقوق وسيذهب فريق منهم إلى ألمانية ومنهم إلى فرنسة وآخرون إلى إنكلترة لإكمال دروسهم. 9 - أول محلجة قطن في العراق جلب صاحب الفخامة يس باشا الهاشمي محلجة القطن الأولى في العراق وباشر نصبها في الصرافية ونظم مجلس إدارة لهذه الشركة وحاز الأعضاء الآنية أسماؤهم أغلب الآراء وهم: يس باشا الهاشمي. رشيد عالي بك الكيلاني. الحاج يس جلبي الخضيري. زكي بك قدري. جعفر جلبي أبو التمن. نوري فتاح. وحصص الشركة ألف وقدر كل حصة عشر ليرات إنكليزية فبيعت جميعها. 10 - شقاق في الطائفة الإسرائيلية وقع شقاق بين الطائفة الإسرائيلية في بغداد بخصوص وكيل رئيس الحاخامين فمن الطائفة من يوافقه ويستحسن أعماله وفيها من يسوئ محاسنه نفسها فانقسمت الطائفة ثلاث فرق والفرقة الثالثة هي المحايدة. فقدم الوكيل المذكور عريضة إلى فخامة رئيس الوزراء يطلب منه إجراء محاكمته في مجلس مختلط وتاريخ العريضة 17 تموز من هذه السنة. 11 - مديرية الأوقاف أعلنت الحكومة أن منذ اليوم الثاني من

تموز تعتبر وزارة الأوقاف (مديرية عامة للأوقاف). وعين مديرا لها جميل بك الوادي 12 - توزيع شهادات في المدرسة الزراعية في بغداد وزعت هذه المدرسة التي في الرستمية صباح 2 تموز الشهادات على مستحقيها فكانوا 14 تلميذا. 13 - موضع المدارس افتتح جلالة الملك المعظم في صباح 1 تموز معرض أشغال اليد والرسم لمدارس بغداد فأمه بعد ذلك كثير من الناس رجالا ونساء. 14 - شمريون يهاجمون كويتيين هجم في الأسبوع الأول من حزيران (يونيو) طائفة من شمر نجد وعدد رجالها زهاء 60 هجانا يقودهم ابن طولة على عشيرة عريبدار الكويتية المخيمة بالقرب من الجهرة فرد الغزاة وخسروا ستة رجال وأسر بعض منهم. 15 - المتقن الزراعي العراقي فصل هذا المتقن عن دائرة الزراعة العامة وألحق بوزارة المعارف منذ 15 تموز من هذه السنة 1929. 16 - جريدة الناضرة حظرت نشرها إدارة المطبوعات بأمر أصدرته في 7 تموز (يونيو) من هذه السنة لمخالفتها خطتها. 17 - صحف سورية تمنع من دخول العراق اتصل بنا أن الحكومة قد منعت بعض الصحف السورية من دخول العراق وهي (أبو العلا) و (الدبور) و (الاستقلال) و (الحقيقة) و (العهد الجديد). 18 - مدرسة البنات في النجف والضجة التي حولها (عن النهضة) اعتزمت وزارة المعارف فتح مدرسة إناث ذات صفين في النجف هذه السنة المقبلة، وقد اشترطت على الراغبين بفتحها قيامهم بنفقات الدار للسنة الأولى وهؤلاء قبلوا الشرط وهيئوا المال الكافي لأجرة الدار اللائقة بهذه المدرسة الجديدة. ولكن لم يذع خبر إنشاء مدرسة البنات بين الطبقات الأخرى وبينها من المحافظين عدد كبير حتى قامت قيامتهم ضد هذه الفكرة وتوسلوا بتقديم عدة مضابط إلى المراجع المختصة يطلبون صرف النظر عن إنشاء هذه المدرسة!!! وقام الراغبون بهذه المدرسة بدورهم ينظمون المضابط وبالفعل قدموها طالبين فتح المدرسة مع تعهدهم بالدار وبطائفة كبيرة من بناتهم يدخلوهن هذه الدار العلمية، وهكذا نجد النجف اليوم في سلب وإيجاب وقد لا يخطئ من يحبذ فكرة إنشاء

المدارس الإناثية في سائر أنحاء العراق ومن الطبيعي أن يكون غير المألوف مرتابا فيه لأول وهلة! ولكن سير العلم قد جرف أمامه كل معارض في غرسه وتعميمه ولو التجأ المعارضون في تشكيل مدرسة البنات في النجف إلى حصن منيع يقيهم تهمة المحافظة على القديم وكراهية التجدد حتى في العلوم لانتحلنا لهم عذرا في مقاومتهم العنيفة العتيدة؛ ولكنهم يزعمون أن الراغبين بفتح مدرسة البنات تحوم الشكوك حول بعض أفرادهم وهذه الشكوك التي تنتهي بهم إلى وجوب المحافظة على الأخلاق العامة هي التي تدفعهم إلى خنق مدرسة البنات وهي في مهدها! وهذا منتهى الضعف في التفكير ولا يقرهم عليه أحد ينزع إلى انتشار العلم وتساوي الفتاة بالفتى معلومات وثقافة، ولو إنهم طلبوا المراقبة من قبلهم على هذا المشروع أو إنهم سعوا لفتح أمثاله من ذي قبل لقلنا أنهم محقون في دعواهم، أما أنهم يعارضون كل فكرة جديدة وينقمون على المدارس دون أن يتكلفوا عناء الإصلاح ومشقة التهذيب فذاك نتيجته خسران صفقتهم ومضاعفة النشاط للإقبال على هذه المشاريع العلمية الضرورية لحياة عصر الكهرباء واللاسلكي. نحن نؤيد القائلين بوجوب المحافظة على الأخلاق بصورة عامة - وخاصة أخلاق الفتيات وتعاضد الساعين إلى الضرب على أيدي المفسدين أيا كانت صفاتهم ومنزلتهم - ولكنا في الوقت نفسه نريد من هؤلاء عملا يفيد الصالح العام وماذا يفيد (الصياح) داخل الزوايا والغرف؟؟ وهل كل شيء في الحياة هو المقاومة السلبية لكل مشروع، وهل الأحسن أن تبقى فتاة النجف محرومة من نمير العلوم لأن فلانا وفلانا وغيرهما من الذين يسعون لفتح مدرسة البنات لا يثق بأخلاقهم ولذلك وجب تحريم الدخول إلى قاعة المدرسة؟ ليس هذا كل شيء من المنطق، قولوا نريد هيئة نزيهة ومراقبة شديدة من الأهلين الموثوق بسلامة ضمائرهم للإشراف على هذه المؤسسة الجديدة، ونريد مدرسات فاضلات، ونريد تربية أخلاقية متينة. ونريد وضع برنامج يصون فتياتنا من منازع الأهواء ومن كل عابث يتصدى لهم و. . . الخ فتكون المعارضة وجيهة ومقبولة ونحن أول القائلين بهذا والحاثين عليه ولا نرضى بغيره بديلا أبدا. إن الزمان اليوم (يا أيها السادة) لا يتسع لما كان يتسع له من ذي قبل جمودا على القديم ومناهضة لكل جديد،

إلى الاستقلال، ولقد أصبح من الواجب على الأفاضل والعلماء تعزيز النهضة العلمية النسائية وبث الدعوة لها في مختلف الطبقات، وإلا فليس من جدوى وراء المقاولة السلبية (على طول الخط:) (عن النهضة العراقية العدد 435) 19 - لماذا اندلعت الثورة في إيران أسباب الثورة في شهر نيسان الماضي أصدرت الحكومة الإيرانية أمرا بمنع زراعة الأفيون في منطقة شيراز عملا بقرار جمعية الأمم القاضي بتحديد زراعة المخدرات فاستاءت من هذا المنع عشيرة (بابور لو) العربية المقيمة في الأراضي الواقعة شرق شيراز وطلبت من الحكومة إلغاء هذا المنع لأن زراعة الأفيون سبب معيشتها فرفضت الحكومة ذلك وأرسلت قوة من الجند لتأييد المنع بالقوة ولكن رجال العشيرة لم يخضعوا لها بل قاوموا الجند وقتلوا عشرة منهم ونزعوا سلاح الباقين وأطلقوا سبيلهم ليخبروا الحكومة بما وقع لهم. 20 - تدابير الحكومة فلما علمت الحكومة بالأمر اعتزمت أن توطد نفوذها بالقوة فقررت استبدال الحكام الإداريين في مقاطعة شيراز وبو شهر وخوزستان ولو رستان بولاة عسكريين وخولتهم الصلاحية التامة لتأديب كل العصاة والخارجين على إدارة الحكومة وتجريد القبائل من سلاحها. ولكن هذه التدابير الجديدة لم تأت بالفائدة المطلوبة بل دعت الأشقياء واللصوص وقطاعي الطرق إلى الانضمام إلى القبيلة العاصية فتألفت منهم قوة تقدر بثلاثة آلاف رجل ثم ضوعف هذا العدد بانضمام قبيلة (قاشقار) القوية إليهم لأن الحكومة منعتها من ارتياد مراعي الشمال كما هي عادتها في الصيف ثم انضم إلى العصاة ثلاث قبائل صغيرات فألفوا جيشا ثائرا لا يستهان بقوته. في الأخير توفقت الجيوش في مطاردة العصاة الثائرين والانتصار عليهم وسلم علي خان شقيق صولة الدولة رئيس قبيلة القشقار نفسه وكذلك عشيرته إلى السلطة العسكرية الإيرانية بلا قيد ولا شرط وانصرف جهد الحكومة الآن إلى جمع السلاح من العشائر المتمردة وهكذا فاز الشاه بهلوي الكبير على من دس الدسائس وعكر مياه السلم وكل ذلك بفضل حكمته العجيبة وخبرته العسكرية فنتمنى لجارتنا العزيزة التوفيق في جميع أمورها. (عن النهضة)

العدد 73

العدد 73 - بتاريخ: 01 - 09 - 1929 الحالة الاجتماعية للعشائر العراقية

حرف الضاد واللغة المالطية

حرف الضاد واللغة المالطية

ثقيلة. . . كما يلفظها بعض أهل لبنان فيقولون: ذم الحصيد أي (الحصاد) وذم الثور وذم السيرة الخبيثة تقريبا بلفظ واحد. وبعكس هؤلاء ترى معظم السوريين وأخص منهم المعروفين بأهل الساحل يحولون الذال دالا فيقولون: الدهب في الذهب ودرأ في ذرأ. والظاء ضادا (ولعله من قبيل التمسك بالضاد؟) فيقولون: ضهر ولحض وحض وعضم وضاهر في ظهر ولحظ وحظ وعظم وظاهر. قلنا: إن حرف الضاد وقف على لغة العرب أو احتكار للسلف دون سواهم. أما الأمم التي تجد في مفرداتها كلمات فيها حرف الضاد وهي ثماني كلمات دخيلة من اللغة العربية بلا ريب، فإنها تلفظ هذا الحرف كأنه (ظ) خفيفة أو زاي مفخمة فالمتكلم بالتركي يلفظ (فاظل) و (رظا) و (ظابط) ويكتبها فاضل ورضا وضابط ومثله المتكلم باللسان الفارسي. . . ولعل بضاعتنا تعود إلينا مشوهة في بعض الأحيان فنقبل عليها على علاتها. . . فنقول بدورنا (ظابط)

وعريظة وكلام مظبوط وفي الغالب نكتبها كما نلفظها بحرف الظاء. بل ربما تجاوزنا هذه الحدود إلى ألفاظ أخرى حتى إنك لتسمع بعضا منا يقول: (خزمتشي) تخفيفا لكلمة (خذمتجي) للخادم وحرف (الدال) يقلب (ذالا) في بعض المواقع في اللغة التركية ولكن ما الحيلة وحرف الضاد يبقى على حاله عند المالطيين ويلفظ دالا مشددة أو كما يلفظ الإنكليز حرف الدال أفيجوز أن ندعو المالطيين من الناطقين بالضاد؟ فإنهم يقولون مثلا (مريض) بسكون الميم والراء شأنهم في لفظ الحروف العربية الساكنة الصامتة من وزن فعيل وفعول وفعال ويقولون ضمير وفي بعض الأحيان يقلبون الظاء ضادا فيقولون مثلا: ظهر له ملك السنيور (أي ظهر له ملك الرب) (أو بالأحرى وضلام للظلام وضول (باللام في الآخر) للضوء الخ. . . كما يقولون دنب للذنب. ورأينا في وجود الضاد في أبجدية المالطيين أو بالأحرى وجود هذا الحرف في كلماتهم وانقلاب الظاء ضادا والذال دالا كما تقدم وهو أن اللغة المالطية متأثرة ومشبعة من لغة أهل كسروان في لبنان منذ هاجر بعض الألوف من هؤلاء إلى تلك الجزيرة وليس من عربية أهل الغرب. ولنا شواهد عديدة تجيز هذا الرأي دون الجزم به. 1 - انقلاب الظاء والذال ضادا ودالا كما تقدم وهذا شائع عند المالطيين والسوريين واللبنانيين

2 - ترى المالطيين يقولون هون (أي هنا) بفتح الهاء وسكون الواو ولا تستعمل هذه اللفظة بهذا التحريك إلا في لبنان إذ لا تقال في الغرب. والسوريون يلفظون كأنها ألف مفخمة وأهل الجليل يقولون هين بالإمالة والمالطي كاللبناني يقول هك بمعنى هكذا. وكذا شيطان بفتح الحرف الأول بعكس أهل المغرب فإنهم يلفظون الشين بالكسر والياء ساكنة أي بينما نرى لبناني الشمال والمالطي يلفظانها ثم أن أهل كسروان وشمالي لبنان كانوا ولا يزالون يلفظون طائفة من الحروف بإسكان الأول كلما أمكن ذلك وهو ناشئ من السريانية فيقولون طريق ومليح بينما نسمع أهل الجنوب كالمتأولة (الشيعيين) يلفظون هذه الكلمات بتحريك الأول أي نعم، إن أهل المغرب يلفظون أيضا مثل تلك الحروف بإسكان الأول ولكن هذه المشابهة هي الوحيدة بين لهجة المغربي والمالطي وبالرغم عن هذه المشابهة لا يتأثر رأينا في أن اللغة المالطية مدينة بعربيتها كما هي اليوم لأهل لبنان وليس لأهل المغرب في شمالي أفريقية. 3 - لفظ القاف مقفقف كما يجب أن تلفظ وهذا أيضا مشترك بين لبناني الشمال والمالطي، بينما نسمع القاف تلفظ كالهمزة في سائر اللغات العربية العامية والمالطي إن لم يلفظ القاف مقفقفة حلقية يلفظها ويكتبها كافا مخففة. 4 - شين الكشكشة للنفي المؤكد فأن المالطي كاللبناني والمصري حريص على استعمالها بصورة دائمة فتسمعه يقول لا (تنظرش)

ومما هو جدير بالذكر أن الكسرواني لشدة حرصه على النفي المشددة فيه قد يضع حرف الشين في آخر الجملة ولا ينساها فيقول: كل القديسين عليهم السلام: (لكن مش مثل مار أفرام) أو (ما مثل مار أفرامش) و (يا ولد لا ترحش على الكروم) أو (يا ولد لا تروح على الكرومش) أو بالأحرى (أترحش) بدلا من لا ترحش. 5 - شيوع بعض الكلمات بين الكسرواني والمالطي بمعنى غير معناها الأصلي أو اللغوي وهي عديدة وليس لي في ذاكرتي منها الآن سوى كلمتين: (يانا) بمعنى أنا وتلفظ أو وحزين بمعنى الشيء الرديء فإن المالطي لا يعرف كلمة تجيء بمعنى الرديء أو الخبيث سوى كلمة حزين وقد كنت اسأل نفسي عن غرابة هذا الأمر حتى توفقت لفهمه مصادفة كما يأتي: كنت أتجول في ربوع لبنان الشمالي ولما عييت من تسنم الجبال ألقيت عصا الترحال في ظل كرمة تدلت عناقيدها وقد صفت ماءها الشمس فكانت كحبات البلور النقي، فطلبت من صاحبة الكرمة أن تبيعني عنبا فأبت بقولها: أهلا وسهلا فيك نحنا انبيعش (أي لا نبيع) قد أبدك (ما بدك) (بقدر ما بودك أو ما تود): صحتين! ثم إنها نادت ابنتها وأعطتها سلة وأوصتها بأن تقطف لنا عنبا ناضجا. وإذ كانت تلاحظها رأت أن الابنة تقطع الحصرم مع العنب فقاطعتها: (ولك يا سعدا!) (أي ويلك) (اتقطعيش) (أي لا تقطعي) المليح - مع (الحزين) - ففهمت أن كلمة حزين بمعنى الشيء الخبيث هي أيضا معروفة عندهم. ومن هذا القبيل ما يقوله المالطي واللبناني سواء. و (الكل) بمعنى أيضا. فاللبناني يقول مثلا: راح معهم ابني والكل (أي أيضا) أو كقوله: ويش! (وايش - أي شيء) - (ويش! سخرت حمارتي. . . بدك تسخرني والكل!) (أي أتريد أن تسخرني أنا أيضا) وفي المالطي مثلا

(يسوع قال له: هو مكتوب وكل: لا تجربش السنيور الله تيعك) بمعنى هو مكتوب أيضا: لا تجرب الله ألهك - 6 - استعمال حرف الشين بمعنى الشيء بلا معنى النفي. فاللبناني أكثر من السوري يستعمل حرف الشين للدلالة على الشيء فيقول: أيش وليش ويش، بمعنى: أي شيء ولأي شيء وبأي شيء وإن كانت الكلمة مقصورة على التعبير بالشيء وحدها أضاف إليها الواو فيقول (شو) أي: أي شيء هو؟ والمالطي يقول: عليش بمعنى (لأنه) (أي على أن الشيء) بيش (بالشيء) بداعي الشيء (سببية) بمعنى لأجل أيضا كما جاء في إنجيل متى بالمالطي 2 - 8: قال هيرودوس: ومتى تكونوا صبتوه (أصبتموه) عرفوني بيش أنا وكل (أيضا) نجي (أجيء) ندوره (كلمة لاتينية معناها نعبده). 7 - وتأتي (انشطح) بمعنى سجد وانطرح وتمدد. وأهل لبنان يقولون انشطح بمعنى تمدد على الأرض ولعلها تحريف من تسطح أي نام سطحيا أو تمدد سطحيا. (ل. ع) ويستعملها أهل بغداد بهذا المعنى أيضا. 8 - (عدى) بمعنى دخل وهي بهذا المعنى تستعمل في المالطي والعربي واللبناني الدارج. 9 - (احدعش) واثنعش وثلاثتعش واربعتعش وخمستعش الخ. بدلا من أحد عشر وإثني عشر الخ مشتركة بينهما. (ل. ع) وكذلك يستعملها بهذا اللفظ وهذا المعنى عوام العراق. 10 - (أسأ) بمعنى الآن أو في هذه الساعة. (ل. ع) مستعملة في العراق أيضا. 11 - (مرتو) بمعنى امرأته. (ل. ع) وكذا نصارى العراق من العوام. 12 - ومثلها (بنتو) بمعنى ابنته. (ل. ع) وكذا عوام نصارى العراق. وحذف الألف هذا كثير جدا فالمالطي يقول مثلا: زوج أخوة شمعون

واندريا خو بدلا من أخوه. ومن هذا القبيل قولهم مثلا: المجوس وصلوا في بيت لحم وأعطوا إلى يسوع 13 - (بس) بمعنى فقط أو فحسب. (ل. ع) وكذا يقول العراقيون جميعهم والكلمة فارسية الأصل. 14 - (خا) أو خ أو خو بمعنى خذ والمالطي في معظم الأحيان يحذف الذال والألف من أخذ كما تقدم في أخ. واللبناني كثيرا ما يقول خو ويلفظ بدلا من خذ أو خود على وزن عود. 15 - أما (الشين) بمعنى الشيء وهو شهير في لبنان في كلمتي ايش (أي شيء) وشو (أي ما هذا الشيء) فإنك ترى آثارها عديدة كقولهم: ايش تريد أي أي شيء تريد. ونحن نسمع هنا في كل يوم كلمة شو تريد بالمعنى المذكور. وكقولهم أيضا شعاد ينقصني ايش بمعنى (أي شيء) عاد ينقصني (ل. ع) وكذلك العراقيون يلفظونها بهذا المعنى. والشين السابقة لفعل الاستفهام تتكرر كثيرا هنا والمصري يستعملها في موضع واحد بقوله شمعني ايش المعنى أي شيء هو المعنى أي لم للاستفهام. (ل. ع) وهذه الكلمة يستعملها العراقيون أيضا. وأخيرا كلمة شي بسكون الياء المشدودة بمعنى (أيا كان) فاللبناني يقول مثلا: عندك شي جواب؟ عندك شي رأي؟ عندك شي غطاء؟ بمعنى أعندك من جواب؟ أعندك رأي من الآراء؟ أعندك غطاء؟ والمالطي يقول مثله: متى تدخلوا ف شي دار سلمولها. أي متى دخلتم (تدخلوا) في أي بيت كان سلموا عليه أي على أهله. هذه ملحوظات جمعتها بين وقت وآخر وهي من قبيل الادلال على الشيء لا الجزم بنتائجه وأسبابه تاركا ذلك لغيري. ولكن قبل ختم هذه العجالة أرى من العدل الإعراب عن ريب يخالجني

إذا كانت الضاد لم تزل في اللغة المالطية، فلماذا تأتي بعض الأحيان كأنها ذال أو ظاء؟ فلقد سمعت مرة أولادا يلعبون وكان أحدهم يستدرجهم بقوله: طفلة معا (أي معها). أنت تزوما (أي تضمها) وأنا نطمعا (نطمعها مقلوبة عن نطعمها). فإن الضاد هنا تلفظ ظاء أو دالا بلا التباس. لاحظ إن المالطي قد لا يلفظ الضمير المؤنث في آخر الكلام ولا يكتبه فهو كاللبناني الذي يلفظ يضربا أو بدلا من والمالطي يكتب كما يلفظ فقط. لم أعثر على كلمة أخرى مالطية بها حرف الضاد وتلفظ كأنها ظاء بالرغم من بحثي وسؤالي. ولكن وجدت الضاد قد تلفظ تاء كما في أرض فإن لفظها أرت والآن نتساءل كيف دخلت العربية مالطة وتدخلت في لغتها الإيطالية الأصلية ولم تقم بجميع حوائجها حتى في الكلمات السائرة؟ ولماذا المالطي يقول مثلا بدلا من رب مثلا للنبي للتهليل مع إنه يتخذ كلمات بليغة عديدة لا يمكن حصرها ولا يتخذها إلا اللغويون كقولهم: رجل سواء للرجل الطيب وأصاب بمعنى رأى واستقصى بمعنى أمعن في السؤال وأقصى بمعنى أبتعد وترى المالطي ينصح أخاه بقوله: قيص البنيادم الحزبن أي أقص أو أبتعد عن أبن آدم (الإنسان) الشرير. 2 - لماذا المالطي لا يكتب بالحروف العربية؟ لعله كاللبناني الذي كان يؤثر الكتابة بالحروف السريانية (الكرشوني) على الكتابة بالحرف العربي بعد أن شاعت العربية في تلك الربوع. هذا باب مفتوح على مصراعيه لعل غيرنا يلجه فيوفي الموضوع حقه. (تذييل) بعد كتابة ما تقدم أذكر شيئا يدعم مذهبي في تأثير الجالية

الكتابة التي فوق باب جامع مرجان

الكسروانية في أهل مالطة، ما قولكم في (مار مارون) عليه السلام وهو مكرم في مالطة من قرون عديدة وفيها كنائس تدعى باسمه وصوره يتداولها القوم بهيئته النسكية؟ إن العارفين بالتاريخ الكنسي الشرقي يؤكدون إن تكريم ما مارون لم يتجاوز جبل لبنان والبلاد المجاورة له في سورية التي نزح إليها اللبنانيون بعباداتهم إلى غاية القرن الثاني عشر تقريبا. فكيف تفسير تكريمه في مالطة - وهي بقعة من أوربة في الأجيال النائية - تكريما خصوصيا كشفيع محلي أو قومي (كما نقول اليوم) إن لم يدخل مار مارون في مالطة مع الجالية الكسروانية! مصر القاهرة: فردينان أبيلا الكتابة التي فوق باب جامع مرجان كنا قد وقفنا القراء على ما فوق باب خان (اورتمة) من الكتابة ووعدناهم في التعليق أن نرقم ما فوق باب جامع مرجان من الكتابة التاريخية لإبانة التشابه بينهما ولكشف التباين بين ما نقلنا وما نقله العلامة الجليل (لويس ماسنيون) في بعثته في العراق التي نوهنا بها في لغة العرب وذلك المنقول في (ج 2: ص 22) من البعثة، ومما يحسن التنبيه عليه أن وزارة الأوقاف العراقية رأت إن هذا الجامع قد أسترم فرممته في الباب والقباب والمحراب ولكن الكتابة حرمت الإصلاح والجلاء إذ لا مضطلع في البناءين بهذا الأمر ولا متضلع فيهم من فن استثبات الكتابة بعد توسمها وترسمها، بل إن بعض الكتابة قد أنطمس ورمج وكشط مع إنه محتاج إلى الجندرة والإيضاح وقد ظفرنا بأن أول أمر بتعمير هذا المسجد (أم أويس) وسيستبين ذلك. هذا ما أردنا تقدمته وفي ما يلي، الكتابة مقابلة بما نقله العلامة لويس ماسنيون:

ما نقله ماسنيون 1 - بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يخشى الله من عباده العلماء 2 - إن الله عزيز غفور. هذه مدرسة رصينة البناء مشيدة الأرجاء أنشأها المفتقر إلى الملك المنان مرجان بن عبد الله بن عبد الرحمن ابتدأها 3 - في أيام دولة المخدوم المكرم والنويان الأعظم السلطان حسن خان أنار الله برهانه 4 - وكملت في أيام أيالة ولده النويان الأعظم ناشر العدل في العالمين سلطان السلاطين غياث الدنيا والدين ومغيث 5 - الإسلام والمسلمين شيخ أويس نويان لا زال هذا الملك الأعظم ملجأ للأمم وملاذا للذمم. 6 - على أن يدرس فيها مذهبي الإمامين الهمامين والمجتهدين الأعظمين الإمام أبو حنيفة النعمان والإمام محمد بن إدريس الشافعي عليهما الرحمة والرضوان وذلك في سنة ثمان وخمسين وسبعمائة والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، بقلم المفتقر إليه تعالى أحمد شاه النقاش التبريزي عفا الله عن تقصيره. ما نقلناه نحن 1 - بسم الله الرحمن الرحيم، إنما يخشى الله من عباده العلماء 2 - أنشأ هذه المدرسة المباركة والمصلى من صدقات. . . السعيد. . . أنار الله 3 - برهانها في دولة ولدها النويان الأعظم ال. . . السعيد شيخ حسن. . . الله 4 - وكملت في أيالة ولده النويان الأعظم ناشر العدل في العالم سلطان السلاطين غياث الدنيا والدين ومغيث 5 - الإسلام والمسلمين شيخ أويس نويان. . . الله دولته مولاهم الصاحب الأعظم ملجأ وملاذ الأمم 6 - مربي الملوك وعضد السلاطين وكهف الضعفاء. . . المخصوص بعناية الرحمن أمين الدين مرجان 7 - أسبغ الله عليه نعمه الجز. . .

ن هو الكريم المنان ابتدأ عمارة 8 - هذا المكان في تاسع جمادى (. . .) وصلى الله على سيدنا ومولانا 9 - نبي الرحمة وشفيع الأمة ومجلي الغمة محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين 10 - والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين كتبه العبد الضعيف المحتاج إلى رحمة 11 - الله تعالى أحمد شاه النقاش المعروف برزين قلم التبريزي غفر الله ذنوبه وستر عيوبه. ولزيادة الفائدة نتم البحث بما نقش على الباب الجنوبي الغربي من مرقد الإمامين موسى بن جعفر وابن ابنه محمد الجواد عليهما السلام وهو المسمى (باب القبلة) ونصه: بسم الله الرحمن الرحيم لما انقضى سبع وتسعون على حكم الأحد ... بعد اثنتي عشر من الثامن من بين العدد من هجرة الرسول خير الرسل لله الصمد ... قد شيد الملك السميدع والقرم السند ذاك البناء وقد سعى طلبا لمرضاة وجد ... يهدي إلى الجنة والغفران باب المعتمد فرهاد من ملك تولى بالأئمة وأعتقد ... كهف الوفا ومجاهد الإسلام مرضي الولد مصطفى جواد

بسمى أو أدب القديمة

بسمى أو أدب القديمة 1 - مدخل البحث في عام 1820 أي منذ أكثر من قرن شرعت إنكلترة وفرنسة ثم عقبتهما أميركة وألمانية في ارتياد ديار بابل وآشور ونبش مدنها المدفونة وكانت نتيجة إقدام هذه الدول ومجازفتها بأموالها ومخاطرة علمائها بحياتهم ملء دور التحف في أوربة وأميركة بآثار هذه البلاد وعتائقها وركازها فإن الجهود التي بذلها كل من لايرد وسمث في نينوى وبلاص في خرستاباذ (خورسباد) ودي سرزك في تلو ورتش ورولنصن ورسام وكلدواي في بابل وكمبل ووولي في أور ووارد وبترس وهينس وهلبرخت في نفر، وبنكس في بسمى (أدب)، ولفتس في الوركاء وسنكرة وتل سفر، وتيلر في أريدو (أبو شهرين) أثمرت ثمارا لذيذة جناها عارفو قدرها. 2 - البعثات الأميركية إلى ديار العراق قبل الحرب العظمى سارت البعثات البابلية على نفقة الولايات المتحدة من ربوع العالم الجديد وألقت عصا ترحالها في وادي الفراتين فتكللت مشاريعها بالنجاح وكانت البعثة البابلية على نفقة جامعة شيكاغو الثالثة من نوعها فقد غادرت ربوع أميركة وحلت في القطر العراقي وقامت بتحريات وتنقيبات دقيقة فاقت من تقدمها في هذا المضمار. وأول بعثة نزحت من العالم الجديد ويممت ديار العراق كانت بإيعاز الآنسة كاترينة د. وولف فقد أمدتها بأموالها وجهزتها بكل ما يلزمها من وسائل النجاح وكانت تلك الغادة من بنات نيويرك العاملات في اكتشاف دفائن الكنوز الأثرية والوقوف على محتوياتها. وقد ترأس تلك البعثة وأشرف عليها الدكتور وليم هيس وارد فقضى عام 1884 - 1885 في تفقد أطلال بابل والبحث عن أنقاضها وقد أتاح له الحظ أن يبتاع مقدارا وافرا من الرقم المسمارية والختوم المحفورة.

هذا ولو إن بعثة وولف لم تجر تنقيبات ولم تحاول الحفر في بعض المدن القديمة إلا إنها مهدت الطريق لجامعة بنسلفانية الشهيرة في أطلال نفر ودرست أساليب النبش بصورة علمية فنية فأمدتها بأنباء سهلت عليها الشروع في العمل. استمرت البعثتان الأوليان في الحفر والتنقيب مدة ثلاث سنوات أي من سنة 1888 إلى 1891 بإشراف الدكتور جون ب. بيترس وقد وصف هذا النقابة وصفا دقيقا كل ما قام به من الأعمال في كتابه المسمى نفر ثم استؤنف الحفر في البعثة الثالثة ودام نحو ثلاث سنوات أخرى أي من عام 1893 إلى 1896 برئاسة ومشارفة الدكتور ج. هـ. هينس أما البعثة الرابعة فترأسها بصورة رسمية الدكتور هـ. ف. هلبرخت بيد أن التنقيب ظل في عهدة الدكتور هينس فأسفر عن اكتشاف عظيم من صفائح الآجر، وقد استدل علماء الآثار من تلك الكنوز الأدبية على أحقاب تاريخ بابل تقريبا ومعظم تلك الرقم محفوظة اليوم في متحفة جامعة بنسلفانية. إن البعثة الثالثة كانت فكرة فكرها في بادئ الأمر الدكتور إدجر بنكس الذي غادر مرسيلية في تموز من سنة 1898 قاصدا خليج فارس فثغر البصرة وقد دام سفره نحو عشرين يوما عانى في أثنائها من شدة الحر ومشقة التنقل من بلد إلى آخر ما لا يوصف وقضى ما عدا ذلك عشرة أيام في المحجر الصحي في البصرة لأنه كان قد فشا في تلك السنة داء الهيضة في العراق وبعد ذلك تسنى له القدوم إلى مدينتنا التي سماها بغداد المجيدة في فصل عقده في كتابه (بسمايا أو أدب المفقودة) وقبل أن يشرع في عمله الذي قدم من أجله في العراق قام في طريقه عراقيل جمة حالت دون البلوغ إلى أمنيته وقد نشأت تلك العراقيل من القانون الذي نشر في تركية عام 1887 وهذا القانون كان قد اقتبس من قانون الآثار العتيقة في بلاد اليونانيين وورد فيه منع استخراج الآثار من بطون الأطلال المنبثة في أطراف البلاد القديمة فذهبت أتعابه أدراج الرياح في محاولته إقناع والي بغداد ليسمح له بالشروع في العمل واضطر أخيرا أن يقفل راجعا في تلك السنة نفسها إلى نيويرك في باخرة كان حملها التمر البصري

بعد سفر طال مدة 42 يوما. وفي صيف عام 1899 تألفت لجنة باسم بعثة أور انتخبت لها رئيسا و. ر هربر من جامعة شيكاغو ومن أعضائها الرئيس هنري مورتن من معهد استيفنس والمطران بوتر وس. ن. بلس وو. أي. دودج وايسيدور ستروس وغيرهم من أساطين علم الآثار من الأميركيين ومنهم الدكتوران بترس ووارد وقد عهدت مشارفة تلك البعثة إلى الدكتور ادجر جمس بنكس وتعين المستر جورج فوستر أمينا للصندوق والدكتور و. هـ. هزرد كتوما لتلك البعثة. وبعد أن تألف أعضاء تلك البعثة قامت جامعة شيكاغو وتبرعت بدفع المبالغ المطلوبة من الهبة التي نالتها من رجل البر والإحسان جون د. روكفلر المثري الأميركي الشهير فقد كان في أحد الأيام جالسا يحادث وليم ر. هربر رئيس جامعة شيكاغو فأفضى بهما الحديث إلى الفوائد العظمى التي تنجم من التنقيبات في مدن الشرق القديمة المطمورة والنور الوحيد الذي يزيل الظلمات التي تغشي أسفار التوراة بل المرشد الأمين في فك معضلات تاريخ العالم القديم وبعد تلك المحاورة أنصرف روكفلر عن داره وأخذ يفكر في هذا الأمر وفي اليوم التالي هزته الأريحية فمنح هبة مقدارها مئة ألف دولار تنفق مدة عشر سنوات على أعمال الحفر في أطلال مدن الممالك الشرقية القديمة وبهذه الوسيلة أصبح بحوزة جامعة شيكاغو مال كاف للشروع في عمل يستغرق بضع بعثات أثرية وقد بات ذلك المال بنظارة رئيس الجامعة المستر هربر وعين أخوه الأستاذ ر. ف. هربر مديرا للبعثات في بابل وآشور وعهد إلى الأستاذ برستد التنقيب في مصر وألقي على عاتق الأستاذ جويت مهمة الحفر في سورية وفلسطين وقد عقد أعضاء هذه اللجنة اجتماعا في ديوان المستر ستروس وذلك في 3 كانون الأول 1899 وبعد التداول قر رأيهم على أن الدكتور بنكس يشارف تلك البعثة ويكون عميدها. وأقام الرئيس مورتن عشاء لأفراد تلك البعثة أطلق عليها اسم

المأدبة البابلية وكانت فريدة في بابها غريبة في صورتها بديعة في شكلها فإن بطاقات الدعوة كانت مكتوبة بلغة نبوكد نصر الملك الكلداني العظيم وموضوعة في صحون أمام المدعوين والخبز الذي تناولوه كان على هيئة الآجر البابلي وكان لون صحيفة المرطبات الواسعة يشبه لون رمل الصحراء وكانت هناك أبل متخذة من الحلواء قائمة في تلك الصحفة وعليها قطع من المرطبات وأغرب من كل ما تقدم الكعك العالي الضخم الذي يمثل برج بابل بشكله وحوله جماعة من الأعراب بأزيائهم البدوية وبأيديهم المعاول وهم يحاولون الحفر وكان ضمن طبقاته العديدة كنوز جميلة لكل من المدعوين. ثم شرع مدير تلك البعثة وهو الدكتور جمس بنكس ينبش بمعوله أطراف ذلك الكعك العظيم ويستخرج من أنقاضه الركاز أي الكنوز المدفونة والعاديات ويوزعها على الحضور وفي الختام شربوا نخب تلك البعثة وانفض الاجتماع على أمل الشروع في تلك المهمة وأخذ يهيئ كل ما يلزم للسفر قبل مغادرته مسقط رأسه وقصد قبل ذلك إلى المتحفة البريطانية واللوفرية ليتروى في الآثار البابلية قبل الشروع في المهمة الملقاة على عاتقه وقد نجح في ذلك نجاحا باهرا وبعد أن تم له ما أراد يمم الآستانة للحصول على فرمان (إجازة) تخول له التنقيب في المقير (أور الكلدان) ووصل القسطنطينية في الخامس عشر من كانون الثاني عام 1900 وقد قامت عراقيل كثيرة في وجه القائمين بهذه البعثة حالت دون سيرها فلم تحصل على طائل مع كل الجهود التي بذلها كبار سياسيي أميركة في الآستانة بحجة إن القبائل النازلة في أطراف أور (المقير) ثائرة على السلطة المحلية في العراق وعليه لا يسمح للأجانب أن يرتادوا تلك البقعة أو يحفروا في أنقاضها لئلا يقع ما لا تحمد عقباه. ولما أخفقت تلك المساعي تحولت الأنظار إلى التنقيب في تل إبراهيم وهو كوثى ربى القديمة غير أن الباب العالي في الآستانة رفض ذلك الطلب أيضا بدعوى أن قائم على تلك الرابية قبور أئمة وفيه مزار إبراهيم الخليل وهو موضع مقدس عند سكان تلك الناحية وأخيرا رأى الدكتور بنكس أن يبلغ المستر ليشمان القائم بأعمال السفارة الأميركية في دار الخلافة في ذلك الحين أن ينقب في أطلال بسمى (بسمايا) وعلى هذه الصورة استؤنفت

المفاوضات لنيل إجازة الحفر فيها وبعد جهد جهاد دام ثلاث سنوات صدرت الإرادة الملكية بمنح إجازة التنقيب للدكتور ادجر بنكس الأميركي في أنقاض بسمايا (بسمى) الواقعة في لواء الديوانية وقد اشترطت على المنقب بضعة شروط منها إيداع العاديات المكتشفة في المتحفة العثمانية وكان صدور الإجازة في 4 رجب 1321 هـ 13 أيلول 1319 مالية و26 أيلول 1903 م. غادر الموما إليه الآستانة في الثالث والعشرين من تشرين الأول من تلك السنة قاصدا بيروت وبرفقته حيدر بك وأحمد القواس وبعد رحيل دام أكثر من شهر حط رحاله في الفلوجة ومن ثم يمم مدينة السلام فوصلها في الثلاثين من تشرين الثاني في الساعة الثانية زوالية ونزل في أحد فنادقها فاستراح فيه بعد وعثاء الطريق وبدأ في نبش أطلال بسمى في اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول الموافق صباح عيد الميلاد تبركا بذلك اليوم الميمون في فاتحة عمل أستمر بضعة أشهر من سنة 1904 3 - موقع بسمى إن أنقاض بسمى قائمة في سهل واسع بالقرب من مضارب البدير إحدى قبائل الفرات النازلة في أراضي عفك وتلك الأطلال واقعة في قلب الصحراء الممتدة في أصقاع بابل الجنوبية وهي تبعد عن شرقي الديوانية 35 إلى 40 ميلا. طاف سياح كثيرون في أنحاء بسمى وتفقدوا معالمها وأول رحالة - بل نقابة على ما نعهده - وصف أنقاضها وصفا دقيقا علميا كان الدكتورين وارد وبترس ثم تأثرهما الدكتور بنكس ونبش فيها وألف كتابا نفيسا بحث فيه بحثا وافيا عن ركامها ودون ما اكتشفه فيها من الآثار كما سنصف بعضها في هذا المقال والى المطالع ما كتبه الدكتور وارد في تاريخ 28 ك 2 عام 1885 انبلج الصبح بعد أن هدأت العاصفة فألقت الغزالة لعابها وكان أديم الجو صافيا والريح تهب هبوبا عاليا فانتهزت تلك الفرصة وسرت ونفرا من رجال نوريان فرحان قبل أن أفطر وذلك رغبة في مشاهدة أطلال بسمى على قدر ما تسمح به الأحوال وقد هرول رجالنا مسرعين من مضارب الأعراب وبعد أن سرنا

قليلا لمحنا طرفا من زاوية السور المحيط بتلك الأنقاض ولم يمض على سيرنا خمس دقائق حتى بلغنا الرابية التي دونت فيها ملاحظاتي وفتشت فيها تفتيشا دقيقا لعلي أعثر على آثار مهمة عفوا بيد إني لم أجد سوى آجر خال من الكتابة وخزف مدهون بعضه بدهان أزرق وقطع من الحجر الأسود الصلد ولعل هذه الأنقاض كانت آثار مدينة عظيمة أو معقل كورة مغمورة بالمياه. ثم عبرنا في نهار الثلاثاء مستنقعا واسع الأطراف قيل لنا عنه قبيل أن بلغناه أن اسمه خور العيلة - وكان منذ خمس أو ست سنوات غائرا بيد أن تلك المياه انصرفت بانحدارها في ثغر سد الهندية ومنهم من أخبرنا إن نحو ثلاثة أرباع بسمى محاط بها بالماء. كانت أسوار بسمى خالية من أثر الجمال وهي تكاد تكون شاذة عن غيرها بهندسة البناء وهيئتها إن نظرنا إليها نظرا عاما. وهي - على ما ترى - مربعة الأضلاع ولكن شكلها هذا وزواياها مائلة إلى الجهات الأصلية الأربع. وكانت من أكبر التلول القائمة هناك ولم يكن لدي وقت فأطوف حولها كما كنت أرغب وكان في الزاوية الغربية مربع جسيم مرتفع ارتفاعا في أصل وضعه ويظهر إنه متقوم من مربعين كبيرين أحدهما واسع جدا ومتصل به طرف من مربع ثالث قائم إلى الجنوب وفي المربع الثاني رابية بهيئة برج (أي زقورة) وقد اتخذت مقبرة). وقد وصف هذه الأنقاض أيضا الدكتور بترس قال: في الساعة الخامسة من اليوم الثاني (بعد وصولنا) ذهبنا إلى أنقاض بسمى ونقبنا فيها بلا كلال حتى الساعة العاشرة، ولم تفارق يداي البندقية لأن تلك المنطقة كانت مكمنا لقطاع الطرق وكان المسمى عبدان مضطرب البال قلقا يحثنا على مغادرة تلك البقعة وقد رأى رأيه المكارون وكانوا من قبيلة عفج (عفك) إذ جزموا أن جماعة من الأعراب القبيحي المنظر أقبلوا من مكان وفي نيتهم نهبنا والإيقاع بنا فمنعهم من تنفيذ مأربهم مشاهدة البندقيتين اللتين كانتا بيدي وبيد نوريان. تصور أن هناك ردما من الطين عديم الهيئة المقبولة والنظام ومحيط أخربته ثلاثة

أرباع الميل أو ما يزيد وارتفاع أعلى ما فيه يبلغ من ثلاثين إلى أربعين قدما وفيه قطع من الآجر مبعثرة وهناك طرف من سور معقود بالآجر تبرز تضاريسه هنا وهناك بصورة متقطعة وهذا المنظر لا تفرد به بسمى بل يكاد يكون شاملا لعدد كبير من أنقاض المدن القديمة المنبثة على سطح تلك الديار. إن الفحص الذي يستغرق خمس ساعات لا يسفر طبعا عن اكتشافات عظيمة الأهمية وكل ما أمكننا العثور عليه كان بقايا بناء واسع من الآجر واللبن (واللبن هو الطابوق المجفف بالشمس) ووجدنا في مجرى قناة بالقرب من سطح الأرض قطعا عديدة من الصفائح وبينها صفيحة كاملة غير إنها لسوء الطالع لم يكن منقوشا عليها اسم المدينة التي نبحث عنها والظاهر إنها كانت قديمة العهد وذات شأن كبير إذ كانت تصلها ببلدة نفر ترعة تجري فيها السفن فإن نهر النيل كان يجمع بين هاتين المدينتين إذ على طول مجراه تمتد سلسلة رواب صغار هي أطلال بلاد قديمة. وإن صح إن موقع بسمى يمثل مدينة اسين فسوف يتيح الحظ لأحد النقابين أن ينبش بمعوله هذه البقعة ويعثر على آثار ذات قيمة ثمينة ويتوقع إنها تظهر مدافنها. وقد كتب الدكتور بنكس عن هذه الأطلال قائلا: طفت حول بسمى والهواجس تتقاذفني لأني لم أكن أدري أكانت هذه الأنقاض تضم بقايا آثار من عهد العرب القدماء أم من عصر الفرثيين أم الفرس أم من زمن نبوكد نصر. فهذه التخيلات باتت تنتابني ولم أهتد إلى الإجابة عنها حتى لفت نظري قطع من الخزف الملقاة هنا وهناك فعلمت من هيئتها إنها قديمة العهد ثم عثرت على منشار من حجر الصوان وعلى قطعة من إناء جزع (ضرب من الحجارة الكريمة) وعلى مسافة قليلة وجدت قطعة من الآجر ذات هيئة مسنمة - فحينئذ علمت بل تحققت إن أطلال بسمى ضمنها آثار قديمة العهد ترتقي إلى أوائل حضارة بابل. وقد وصف أيضا الدكتور المشار إليه أنقاض بسمى فقال ما معناه: كنت

أطوف حول الردم بضع ساعات كل يوم فاحصا باحثا فألفيت منظر الروابي غير منتظم ولا جلي حتى يخيل إلى الناظر إنها آخذ بعضها برقاب البعض وتؤلف بصورة غير مستوفية للترتيب ولا محكمة شكلا مربع الأضلاع ويقرب من المستطيل. وأما زواياه فمتجهة نحو الخوافق. لقد قست تلك الآكام ما عدا بعض المنخفضات منها القائمة في ظاهر المدينة فألفيت طولها 1695 مترا في عرض 840 مترا وبعبارة أخرى يقدر طول أطلال بسمى بميل وعرضها بنصف ميل ومحيطها بثلاثة أميال يخترقها من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي عقيق ترعة تشطرها شطرين غير مستويين وهذا العقيق يمثل مسيل بدعة (ترعة) من شطر النيل كانت تجري قاطعة (نفر) و (دريهم) حتى (بسمى) ومن ثم تواصل مجراها وتنساب في بعض مدن صغيرة فتخرقها وفي الآخر تتحد مع شط الحي. والكورة المحيطة ببسمى قاحلة اليوم ولا أثر فيها للمياه بيد إنها كانت بعد زوال حضارة البابليين مغمورة بالمياه بفضل الترع التي كانت تحمل مياه الفرات إلى السهول الشاسعة فتحولها مستنقعات. إن الأعراب النازلين في تلك الناحية يذهبون إلى أن المياه كانت غزيرة في أطراف بسمى في أيام آبائهم ويؤيد قولهم ما يشاهده المرء من المستنقعات الواقعة اليوم إلى الشمال والشمال الغربي من ذلك القطر وكان يجري نهر بالقرب من بسمى منذ نحو قرن ولكن بدلا من أن يجري في وسط أنقاضها القائمة على عقيق الترعة القديمة أخذ ينساب إلى الجنوب الغربي متجها نحو (فارة) على بعد أربع ساعات ليقترن بنهر هناك، وقد جفت ترع بسمى وأصبحت خالية من المياه على أثر انكسار سد الهندية الواقعة على الفرات فوق الحلة 4 - معنى كلمة بسمى كانت بسمى تعرف عند الأقدمين من سكان هذه الديار باسم أدب كما حققت ذلك جماعة من الأثريين والمنقبين وفي مقدمتهم الدكتور ادجر جمس بنكس الأميركي وقد جاءت في تاريخ العرب بعد الإسلام باسم بسمى وباروسما ولا

يخفى إن هذين الاسمين لمسمى واحد فإن باروسما لفظة آرمية النجار وأراها مصحفة عن بسمى (بسمايا) المقتضبة من بيت شمايا ومعناها دار السماء وسميت بهذا الاسم لكثرة المعابد والمذابح التي كانت منتشرة في أطرافها غير أن عرب العراق صحفوها فقالوا أولا بسمى ثم بسمايا وهي معروفة إلى اليوم بهذا الاسم عند البدو والحضر وقد أطلقوها على مدينتين كما أشرنا إلى ذلك في مقالنا السابق. (لغة العرب) نستبعد كون بسمى وباروسما شيئا واحدا. 5 - التنقيب في بسمى أسفر البحث والتنقيب في أطلال بسمى عن اكتشافات عظيمة ذات منزلة تاريخية سامية، فقد عثر النقابون على كنوز أثرية ثمينة في أنقاض هذه المدينة المطمورة منذ أجيال عديدة ففي ردمها وخرائبها الدوارس وجدوا جملة صالحة من الآثار وكشفوا عن تمثال كامل من الرخام وتماثيل أخرى مبتورة الأعضاء ومئات من شظايا الأواني الحجرية المحفورة والمرصعة بأحجار كريمة ومنزل فيها العاج والذهب والنحاس ووقفوا على بضعة آلاف من صفائح الآجر المسمارية الخط وعثروا أيضا على مدافن وتوابيت وهياكل وقصور ودور ومنازل واسعة للجنود تشبه الثكنات وسلاح وأوان ودمى وداح وغير ذلك من الأثاث والرياش فكل من هذه الأشياء يمثل ويصور أمام مخيلتنا صورة تامة لحياة البابليين وحضارتهم قبل خمسة آلاف سنة على أقل تقدير. وجدت هذه المدينة المفقودة بعد احتجابها عدة قرون وبعثت من عالم الدثور والنسيان فأبصرت نور الشمس من جديد وتمتعت بمنظر أبناء آدم الذين يحاولون هتك أسرارها ليتسنى لهم الوقوف على ما خفي من أمرهم. إن اكتشاف معالم هذه المدينة المطمورة أعاد مجد الشمريين والبابليين الأولين وكشف النقاب عن أقدم حضارة عرفت في ديار العراق منذ مئات من السنين فأسماء ملوكها الأشداء وحكامها العقلاء وساستها المحنكين وقوادها المدربين دونت في سلسلة تواريخها التي لم تزل ناقصة مع كل الجهود التي بذلها المنقبون في الوقوف على ما طمس من أبناء تلك المدينة العريقة في القدم.

6 - تاريخ مدينة أدب وقفنا على تاريخ مدينة أدب من آثارها القديمة المطمورة في أنقاضها منذ قرون عديدة بيد إننا لا نستطيع اليوم أن نلم بتاريخها إلماما وافيا وليس في وسعنا أن نحيط علما بأخبار ملوكها وأمرائها كل الإحاطة لأنه لم يتسن للنقابين الأميركيين نبش كل روابيها. وعليه عزمنا على أن ندون ما تيسر لنا من تاريخها حتى يتيح الحظ لأحد الأثريين استئناف الحفر والتنقيب فحينئذ نستوفي البحث عنها بصورة مستفيضة. لم تكن بابل دولة عظيمة الشأن في أول عهدها أي قبل اتحاد إماراتها بعضها ببعض فقد كانت دويلات مستقلة الواحدة عن الأخرى كل الاستقلال وكان لكل مدينة منها ملك وآلهة خاصة بها وكان سكان كل قطر من أقطارها يقاتلون قتال المستميتين ويضحون بأعز ما يملكون في الذود عن حياض استقلالهم وكانت أدب في ذلك الزمن إحدى تلك المدن التي نازلت من ناوأها وثارت في وجه من هم بالسيطرة عليها وإذلالها وقد ارتقت إلى أعلى منزلة في الحضارة والعمران في صدر تاريخ بابل القديم. وإذا ألقينا نظرة على الأزمنة المتوغلة في القدم أي قبل نحو عشرة آلاف سنة حينما أخذ البابليون الأولون يشقون أسس مدينة أدب ليستوطنوها نجد (نار مراتو) كان يغمر في ذلك العهد معظم أطراف بلاد بابل ولا يبعد أن هذه المدينة كانت واقعة على ضفة خليج فارس أو بالقرب منه. هذا ومعرفتنا لسكانها الأصليين قليل جدا إذ ليس في استطاعة أحد الأثريين أن يجاهر باسمهم جليا ولا بما كانت عليه لغتهم وديانتهم وعنصرهم وجنسهم ولون بشرتهم إلى آخر ما هنالك من المسائل الغامضة بل لا يعرف مؤرخ معرفة صادقة القطر الذي نزحوا منه ولا كم من الزمن مكثوا في هذه الربوع. وكل ما يمكننا قوله إن آثارهم التي خلفوها تدل دلالة ساطعة على إنهم كانوا شعبا متمدنا

وتشهد شهادة جلية على تسنمهم غارب المعارف والعلوم القديمة ولعل الأمور التي نجهلها اليوم تحل معضلتها التنقيبات المقبلة. وقد ظهر من التحريات الدقيقة إن شعبا غريبا أجتاح قاعدة بلادهم وحل محلهم وهذا الشعب الفاتح لم يستتب له الأمر زمنا طويلا إذ غلب على أمره ودحر كما دحر السكان الأصليون قبله وقد كشفت لنا آثار الأنقاض إن كل أمة احتلت هذه المدينة وقوضت أركان من سبقها من الفاتحين شيدت لها مساكن على أطلال المباني الأولى فأصبحت هذه البقعة طبقات من المنازل موضونة الواحدة فوق الأخرى حتى أن المنقبين عثروا في تنقيباتهم على طبقات رقيقة دقيقة من الرماد أظهرت لهم إن غرف تلك البيوت كانت من الخشب وإن نارا عظيمة التهمتها فلم تبق منها ولم تذر ووقفوا أيضا على مدينة من طين وأخرى من صخر الخ وقد حفر الدكتور بنكس النقابة الأميركي بئرا عمقها نحو خمسين قدما في إحدى الروابي حتى بلغ أرض الردم على حقيقتها فوجد تحت الهيكل القائم على مسطح معقود بالآجر المسنم بناءا قديما جدا ولو تيسر له الأمر لحفر تحت ذلك البناء ولوجد مباني أخرى أقدم من المباني التي كشفها ووقف على عروضها فهذا ما تحققه وأقر به المؤرخون المدققون عن هذه المدينة قبل بضعة آلاف سنة من تاريخها. ظهر الشمريون لأول مرة في العراق قبل المسيح بنحو أربعة آلاف سنة ولا نعرف على التحقيق متى حلوا في هذه الربوع لأن الآثار التي بين أيدينا لا تهدينا إلى بغيتنا بيد أن هذا الشعب كان أرقى الشعوب التي سبقته فاستوطنت بين النهرين وليس لدينا أنباء صحيحة عن الديار التي غادروها قبل أن ألقوا عصا ترحالهم في هذا القطر وكم من الأحقاب قضوا في التنقل من بلاد إلى بلاد أخرى تنقل أمة متحضرة وقد ذهب بعض علماء الآثار إلى إنهم أقبلوا من آسية الوسطى وكانوا أول من اتخذ الكتابة في مراسلاته ولأغراضه السياسية وأول من شوى الآجر وأتخذه مادة للبناء وقد حصنوا مدينة أدب بأبراج لما احتلوها وسوروها بسور عظيم متين من الآجر المسنم وبنوا فيها هيكلا وزينوه بتماثيل ملوكهم. كان الشمريون منتشرين في كل صقع من أصقاع جنوبي العراق وكانت بسمى إحدى حواضرهم فبقايا آثار مدينتهم وجدت في أنقاض مدن كبيرة حتى

إن كلمة شمر أطلقت على الطرف الجنوبي من بابل فالعروض البديعة والتحف النفيسة التي عثر عليها النقابون في تلو وأور كانت من آثارهم الخالدة ففي بسمى عاشوا قرونا عديدة وأداروا سكان سياستها بحنكة ودراية وطوت جماعة من ملوكهم وأمرائهم بساط أيامهم فيها وأودعت جثثهم مقابر الأسر المالكة حتى ظهر سرجون الأول (2750 ق. م) ذلك الفاتح العظيم فدوخ ديار شمر واحتل أدب. والأمر الذي حير علماء التاريخ القديم ولم يقفوا له على أثر جلي هو جهلهم عدد الملوك الذين تربعوا على دست إمارة هذه المدينة في خلال تلك القرون المديدة بيد إن الآثار المكشوفة دلتهم على أن خمسة عشر ملكا منهم أقاموا في أدب مباني من الآجر مطبوع عليها أسماؤهم أما باقي ملوكها فلم يهتد أحد حتى اليوم إلى ما قاموا به من الأعمال وما شيدوه من الهياكل والدور. وقد عثر المنقبون في بسمى على تمثال لأحد ملوكها واسمه لوجل داودو - وعلى ملك آخر أسمه بركي - كان حاكما على مدينة كيش أيضا ويهظر إن هذا الملك قدم إلى هيكل اسار نذورا وبينها أوان منقوش عليها اسمه وقد تحقق الأثريون إن في هذا الهيكل كان يعبد إلهان إحداهما دنجرماك - أي الإله الأعظم وأسم الآخر نين خرسج ومعناه آلهة الجبل وكان يتخذ في ذلك الهيكل للعبادة أوان بديعة جدا منحوتة من الحجر. كان الشمريون كما أشرنا قبيل هذا قد اجتاحوا مدينة أدب وطردوا سكانها

الأولين ثم هاجمهم بعد ذلك بأجيال شعب غريب واستولى على المدينة فأقصاهم عنها صاغرين. وهذا الشعب المهاجم أقبل من بلاد نائية مجهولة وربما كان قد وافى من أواسط بلاد العرب فباغتهم على حين غرة وأنتزع المدينة من سلطتهم. نزل الساميون القطر العراقي منذ زمن بعيد واحتلوا الطرف الشمالي منه وقد اشتهرت تلك الربوع بديار (أكد) وكان أول ملوكهم العظام سرجون الأول الذي استولى على مدينة أدب بعد حروب عنيفة سالت على أثرها الدماء كالأنهار لمناعة حصونها فإن جيوشه الجرارة التي بأيديها المقاليع دكت أسوار المدينة واحتلتها وباتت تابعة للملك القاهر وقد أمر جنوده بنهب هياكلها ونزع تماثيل ملوكها من مواطنها ولا يعرف معرفة جلية ما حل بالسكان ولا بد أن الكثيرين منهم قتلوا واسروا ومثل بقوادهم وزعمائهم شر تمثيل والبقية الناجية من بطشهم وفتكهم الذريع خضعت صاغرة للعدو ومنهم من لاذوا بالفرار وانضموا إلى أعداء الفاتحين وقد سمح لجماعات من سكان أدب بالإقامة في محلات معينة بعد أن شطرت المدينة شطرين فكان يقطن في الجهة الواحدة الشمريون وفي الجهة الأخرى الساميون وكانت إحدى محلات الساميين واقعة بالقرب من باب المدينة إلى الطرف الغربي منها حيث كانت تقيم حاشية الملك وكبار رؤسائه وممثليه وأعيانه والمقربين منه وقد عثر النقابون على أسمي حاكمين من حكام سرجون يمتثلان أمر ملكهم ونواهيه. إن الحكم ولو أنتزع حينا من يد الشمريين على أثر اندحارهم الرائع فأن حضارتهم استمرت زاهية مدة خضوعهم للفاتحين الأشداء ولم يطل زمن استيلاء الساميين على هذه المدينة إذ انتهى بموت نرأم سين بن سرجون الأول وقد عثر الدكتور بنكس على شذرة من الذهب مكتوب فيها أخباره ومعاركه (2700 ق. م). عاد الشمريون وقبضوا على صولجان الحكم بعد أن دحر الأكديون وتشتت شملهم من أدب غير إن هذه المدينة أصبحت بعد ذلك تابعة لملوك أور ومنهم أور أنجور ودنجي وجميل سين (2450 ق. م) وقد وسع هؤلاء الملوك الهيكل وأعادوا

بناء سور المدينة وشقوا الترع وحفروا الآبار وبنوا دورا لممثليهم فنهضت أدب من كبوتها ونالت استقلالها ونصبت عليها ملكا باسم (أي شي أول باأودو) - وقد وجد أسم هذا الملك محفورا على صفائح من الحجر والنحاس غير إنه لم يعمر ويظهر من التحريات إنه ملك قبل احتلال ملوك أور هذه المدينة العظيمة في قطرها والراقية في عصرها. ومن الملوك الذين أعادوا بناء أدب ورمموا هياكلها وزينوا معابدها حمرب (حموربي) ملك بابل (2000 ق. م) إذ وجد المنقبون في أنقاض بسمى صفائح تنبئ عن حكمه فيها وعثروا أيضا على آجر مكتوب فيه اسم كوريجلزو (1400 ق. م) وهو أحد ملوك بابل ويظهر إنه آخر من رمم هذه المدينة وشيد المباني فيها. احتل مدينة أدب بعد ذلك بزمن قوم من سلالة آرمية واستعملوا كتابتهم وسطروها على الآجر الذي اتخذوه في عماراتهم التي أقاموها فوق المباني القديمة واتخذوا كثيرا من العروض المبعثرة في أطراف المدينة وبنوا بها (دورا جديدة) وتدل الآثار المكشوفة على إن أدب أصبحت ردما من الأنقاض واندثرت معالمها حتى محي اسمها من أذهان البابليين منذ مئات من السنين أي قبل الميلاد المسيحي وقبل نفي اليهود وتشتتهم في أطراف بلاد بابل وقبل أن أعاد ملوك آشور من سلالة سرجون بناء مدينة نفر وغيرها من المدن القديمة المندثرة فمن هنا يستدل بأجلى بيان على أن أدب تعد من أقدم مدن المعمور فقد أتخذ ملوك فارس وماذي والبرثيون والساسانيون والروم والعرب والعراق موطنا لهم لكنهم لم يعرفوا هذه المدينة ولم تطأها أقدامهم فلا أثر لهؤلاء الأقوام هناك فهي خالية من توابيتهم المدهونة بدهان خزفي تلك التوابيت التي كانوا يستعملونها في دفن موتاهم بل لا أثر لنقودهم النحاسية المنخورة لطول عهدها لتنبئ عن وجودهم في تلك البقعة من الأرض غير أن آثارهم وبقايا مدينتهم اكتشفت في مدن مجاورة لها قد احتلوها وأقاموا فيها بعد أن رمموها أو أعادوا بناءها بصورة تخالف طراز البناء القديم إن العرب الذين عاصروا خلفاء بغداد هجروا موضع أدب ولم يجرؤ أحدهم على التوغل في تلك الصحراء القاحلة لأنهم كانوا يعتقدون إن الجان والعفاريت والمردة احتلت أخربتها ولهذا نراهم قد ابتعدوا عنها ابتعاد السليم عن الأجرب

وزن الفعل الثلاثي بتداخل اللغتين

ولم يخطر ببالهم إن في قلبها كنوزا لا نظير لها في عالم العلم والتاريخ. لقد محيت أدب من صحيفة الوجود قبل بضعة آلاف سنة وأصبحت قفرا جرداء فتحولت عنها مجاري الأنهار وسدت الترع فهلك الزرع والضرع وتعطلت فيها أسباب الرخاء والسعادة ولم يسمع في أبنيتها ومنازلها صوت آلات الطرب فتخلى عنها أهلها وهجرها محبوها وباتت تلك الغادة الحسناء كأرملة جالسة على مفارق الطرق تندب حظها وتستعطف المارين بها لإعادة مجدها وإحياء معالم الحضارة في ربوعها ولكن كان ذلك كله عبثا فقد قضى الزمان الخؤون بأن تستأصل شأفة المدنية منها فتصبح مأوى للهوى وبنات آوى ومجثما للبوم تنعق في آكلها وتمسي مكمنا للسفاكين الهاربين من وجه العدل ومرصدا لقطاع الطرق الذين يعيثون في الأرض فسادا. هذا ولم يقم لها أحد المؤرخين ذكرا حتى وفدت على ديار العراق بعثة جامعة شيكاغو وقامت بأعمال الحفر والتنقيب فكشفت النقاب عما حوته من الآثار النفيسة والتحف المستظرفة وأنبأت عشاق التاريخ بعلو منزلتها في الحضارة منذ بزوغ فجر التاريخ في سماء المدنية والعمران. بغداد: رزوق عيسى وزن الفعل الثلاثي بتداخل اللغتين قال في مختار الصحاح (فضل بالكسر يفضل بالضم وهو شاذ لا نظير له) قلت إن (فضل يفعل) بكسر العين في الماضي وضمها في المضارع هو الوزن السابع المجرد الثلاثي الحاصل من تداخل لغتين هما اللغة الرابعة والخامسة، أما قوله (لا نظير له) فيكذبه هو نفسه فقد قال في مادة (نعم) ما نصه (وفيه لغة ثالثة مركبة منهما وهي نعم ينعم مثل فضل يفضل) فالشاهد على وهمه قوله الذي في كتابه. قلت ذلك فضلا عن إنه نقل في كتابه (حضر يحضر) و (نكل ينكل) على ذلك الوزن. ومن العلماء من جعل ل (مت تموت) و (دمت تدوم) اشتركا في ذلك الوزن. مصطفى جواد

تكلم جبر ضومط

تكلم جبر ضومط كنا قد كتبنا مقالة في المقتطف في جزء شباط (فبراير) من هذه السنة موضوعها (أداة التعريف في التاريخ) فلم يستحسنها حضرة الأستاذ جبر ضومط فكتب رأيه في مقتطف يوليو (تموز) مبينا خطأنا في نظره، ولما وقفنا عليها وجدناها من نسيج ما حاكه في هذه السنين الثلاث من المذاهب اللغوية وبثه في مجلات سورية ومصر، أي إنه حبر مقالات ليقال عنه (تكلم الأستاذ جبر ضومط). أما أن هناك آراء مفتولة وأدلة منطقية معقولة فلا أثر له وما كنا نود أن نجيب عنها لجمودها بل قل لهمودها: إذ إنها واهية الأركان من جهاتها الأربع لولا إن أحد الأعزاء علينا ألح على أن نقول كلامنا الأخير في صدد ما يكتبه حضرة (خصمنا) فنقول: إن صديقنا لا يكتب ما يكتب توخيا للحقيقة، بل يحبر مقالاته ليقال عنه (تكلم) ولا يهمه أن يكون ذيالك الكلام صحيحا أو خطأ، إذ غايته الكلام لا غير كما قلنا آنفا. وأول شيء نأخذه عليه إنه لم يهتد حتى الآن إلى كتابة اسمنا الذي هو انستاس لا (انسطاس) لأننا هكذا اخترنا أن يكون لا غيره كما اختاره هو 2 - لا يرى في كلامنا (بلاغة) ولم نفهم ما يريد بهذه الكلمة والعاقل لا ينطق بكلمة إلا يؤيدها بالدليل. وكلامه هذا بلا دليل. 3 - من غريب ما كتبه في رده هذا إنه لم يفهم معنى (الخصم) فقد ظن إن معناه (العدو) ولهذا قال: (ولكننا ننكر عليه أن يحسب من يناقشه آراءه خصما له. نعم إن بعض من يردون علينا أقوالنا يردونها لأنهم أخصامنا ولكن بعضهم قد يكونون من أحب أحبائنا وأخلص أصدقائنا. . .) وهذا كلام واضح على أن حضرته لم يفهم حتى الآن ما يراد بالخصم فالخصم يا سيدي قد يكون (عدوا) وقد يكون (أحب أحبائنا وأخلص أصدقائنا) فما عليك إلا أن تراجع أي كتاب لغوي

شئت لتتحقق أن (الخصم) هو المجادل لا غير بغض النظر عن صداقته أو عداوته لك. فلو رجعت إلى كتاب صديقنا صاحب (البستان) لثبت لك الأمر، هذا إن لم يكن بين يديك معجم آخر. إذن سقطت جميع أوهامك فينا إذ ليس هناك استخفاف برأي من يخالفنا ولا اعتداد بعلمنا دون علم غيرنا. 4 - يعارضنا حضرته في إن (ها) التعريف مقتطعة من فعل الوجود العبري وهو (هوه يهوه) بحجة إن الأقدمين لم يقولوا بقولنا كما لم يذهب إليه أحد من المستشرقين. فيا له من كلام يزري بالجمان! فلو كان لمثل هذه الأدلة قوة لما اشتغل أحد في أمر ولما كان رقي هذا العصر. فيا حضرة الأستاذ إن المسألة مسألة اجتهاد، ولا ينظر فيها أكان الأقدمون قالوا بها أو لم يوافقوا عليها. وعقلاء عهدنا هذا يأخذون بما يقبله العقل من الحجج والبراهين لا ما تحتقره أو لا تقنع به. فقد مضى زمان هذا الرأي الفطير مع أصحابه والنازعين إليه. فكيف تقول به حتى الآن؟ 5 - ذكر لنا حضرته مذهبي اللغويين: مذهب التوقيف ومذهب الاصطلاح أي مذهب النشوء والارتقاء في وضع الألفاظ وهو أمر قد أكل عليه الدهر وشرب والذي لم يحسن إيراده إنه جهل أن هذين المذهبين قد يعودان إلى مذهب واحد أي إلى أن الواضع الأول للألفاظ قد وقف على أسرار الطبيعة فوضع لها الكلم جريا على محاكاة ما فيها لا على ما يعن له من الكلم التي تخالف أوضاع محاكاتها فلا جرم إن الأسماء سابقة للأفعال في المعنى والوجود لكن ليس في هذا السبق مئات أو ألوف من السنين بل (سبق معنوي) لا غير ولهذا أصبح ما بنيته من القصور والعلالي أوهى من خيط العنكبوت. 6 - رجح حضرته إننا أطلعنا على كتاب محاضرات العلامة جويدي وأنا اقتبسنا منه رأيه في أصل الهمزة. ويعلم الله أنا لم نقتن هذا الكتاب ولم نطالعه والأستاذ كثير الظنون الواهية المعتمد. وكان أيضا قد نسب إلينا أنا طالعنا مقالاته في أصل (الخليفة وقريش والأديب) ردا علينا مع أنا لم نطالعها حتى مذ أن أشار إلى ورودها في المقتطف، ما خلا مقاله الأخير الذي أدرجه في

الهلال وبينا فساد أدلته ووهنها في مقتطف يوليو (تموز). 7 - كلما تصفحنا صفحة مما دونه في المقتطف رأينا فيه فسادا جديدا خاصا به دون غيره مما يدل على إن قواه العقلية منهوكة لجهده إياها حين كان معلما في الكلية السورية. فقد قال مثلا في ص 205 (وحروف اللغة ثلاثة اللام والميم والنون. ومعنى الوقوف عليها أنا نقلب حرف المد إلى حرف غنة) أفهذا كلام رجل يعي ما يقول أو قد وقف على مصطلح السلف؟ مع إن الكل يعلم إن ليس للام دخل في حروف الغنة التي هي: التنوين والنون والميم (راجع ص 299 من شرح العلامة ابن القاصح على الشاطبية المسمى بسراج القارئ المبتدي وتذكار المقرئ المنتهي) وأغرب من قوله هذا قوله الآخر وهو تحديده لمعنى الوقف إنه (قلب حرف المد إلى حرف غنة) فإذا كانت هذه بضاعته من العلم فكيف يريد أن نجادله وكيف درس في الكلية تلك المدة الطويلة وكيف يجرؤ على أن يكتب ما يكتب قبل أن يتثبت في ما تخطه أنامله؟ ولهذا نطلب منه العذر في إننا لا نعود إلى الرد على ما يوجهه إلينا لأننا نراه يخالف المحققين من الأقدمين والمحدثين في الأمور الثابتة لكي يقال عنه (تكلم الأستاذ جبر ضومط) ونحن نرى أن سكوته أشرف له وأستر لخفاياه ومعايبه. أما إذا كان قد عرف الحقائق سابقا وقد نسيها الآن فهذا أمر آخر. 8 - ومن قبيل هذا الجهل اعتباره لقول العوام (هل بحر وهل كتاب) بمعنى (ال بحر وال كتاب) وهذا سخف في المدارك ما وراءه سخف لأنه ليس من يجهل اليوم إن معنى قولهم (هل بحر وهل كتاب) (هذا البحر وهذا الكتاب) فكيف يريد أن ينكر أمورا تفقأ في العين حصرما؟ ثم زاد على ذلك سخفا آخر وهو قوله: (فوقف المضريون على اللام ووقفت حمير على الميم. وخفقت الهاء إلى (؟ كذا): الهمزة ولكنها بقيت على الألسنة لحد هذه الساعة عند كثيرين ومن جملتهم فيما أرجح الأب أنسطاس (كذا) وإن لم يفطن لذلك من لم يقل منا (كذا): (أعطني هل كتاب). . . اهـ إلى آخر ما خلط وخبط مع إننا إن كنا نقول كما يقول الغير (أعطني هل كتاب) نريد: (أعطني هذا الكتاب) لا (أعطني الكتاب)، وبين المعنيين فرق كالفرق الذي بين الثرى

والثريا وقولهم (أعطني هل كتاب) تخفيف واضح للكلام المألوف أعطني هذا الكتاب وهو أشهر من أن يؤول. فكيف خفي عليه وهو حلال المعضلات؟! 9 - إننا في عجب مما يكتب حضرة الصديق، فبينما نراه يقول عنا في أول مقالة (ص 202): (ولو إن الأب المحترم عدل من حدته فيمن (كذا) تصوره يرد عليه بعض ما جاء في مقالته هذه النفيسة في موضوعها لكان أجدر بعلمه وفضله ومكانته الأدبية الرفيعة بل كان أجدر بفضله لو استغنى عن هذه الخاتمة بما جاء به في مقدمة المقالة مما يقع في أسماعنا وقلوبنا موقعا خليقا بعلم الأدب وفضله. . .) نجده يقول في ص 206: (واعذرني إذا قلت هذا التخبط الذي توصلت به اكتشافك (؟) الغريب الذي صرحت إنه لم يسبقك إليه أحد ونحن نسلم لك بحق هذه السابقية ونعتقد إنك ستبقى فيها سابقا ومبتكرا معا. . . ولكن ما هو الرابط بين ما كنت فيه وبين ما وثبت إليه في هذه الترويسة (؟ كذا) اهـ قلنا: كنا نود أن نجاوبك عن كلامك هذا لكنا لا نفهم كيف تمدح في بدء مقالك شخصا وحين تبلغ إلى وسطه تنسى كلامك فتقول: التخبط والترويسة وغيرهما من الألفاظ. فكان الأحجى بك يا سيدي أن لا تنعته بنعوت العظمة في أول كلامك لكي يتم لك أن تفرغ عليه من هرائك ما أفرغت أو ما شئت ونحن نعلم إن الخصم أو المجادل يتخذ الأدب وسيلة له لا ما ألفه من عبارات الهزء والشتيمة التي هي سلاح كل عاجز عن الإتيان بالدليل المقنع. ولو أجلت طرفك قليلا في ما كتبناه وأزلت السخيمة من صدرك لوجدت الرابط بين ما كنا فيه وبين ما وثبنا إليه من (الترويسة) التي لا نفهم معناها ولم نجدها في كلام بليغ عاقل مما لم نجد كثيرا من مصطلحاتك كتمعن (ص 204) وعلماء الفرنساويين (فيها أيضا) ولم تكتفي ص 207 (كذا وأنت تخاطب مذكرا) إلى غير ذلك من التعابير المكسرة التي لا ترد على قلم أديب يحترم نفسه أو يضعها في منزلة للكتاب والمؤلفين. 10 - أثبتنا بأدلة تاريخية ولغوية إن الهمزة أداة التعريف عندنا نشأت بعد الهاء. وقلنا إنه كان في لساننا أيضا التاء والثاء من أدوات التعريف في سابق العهد وحللنا لذلك ألفاظا مستشهدين كلام الأئمة وكان على (الخصم) أن يفند تلك

الآراء جزءا فجزءا بدليل بعد دليل ليتبين فضله ويظهر علمه فتتجلى الحقيقة فإذا بصاحبنا يذكر عناوين فصولنا ويحشو عبارته هراء وخرفا ولا تكاد تستخلص منهما شيئا يذكر. فيقول مثلا ص 208: (لا أيها الأب العلامة ليس العربية هي التي هتكت أستار هذه الأسرار (قلنا: هذه عبارته ولم نغير منها حرفا فمن أراد أن يفهم فليفهم) بل أنت الذي هتكتها. وهنا أقول (هذا كلام الأستاذ جبر ضومط) إني استغربت منك إنك اكتشفت أن التاءات الزائدة في تمساح وترمس وتنضب وتذرج وترنموت هي أداة التعريف وغفلت عن أن تحسب الياءات الزائدة في يربوع ويعفور ويعبوب ويرقود ويعسوب الخ أداة تعريف مع إن ردها جميعها إلى تلك الأداة (أي إلى الياء) أسهل على الذهن وأقرب إلى القبول من رد تاء تمساح وترمس وثاء ثرملة) انتهى كلام الخصم. أفهذا كلام رجل متمتع بجميع قوى عقله؟ أفليس الأحسن له أن يكسر قلمه ويلقيه في النار فيصون بذلك عرضه وسمعته وثمالة عقله وعلمه ولا ينطق بمثل هذه السفاسف التي ليس فيها إلا المهاترة والمعاندة وحب الهزء من الناس والنيل منهم عوضا من أن يأتي بالبرهان السديد لينقض أدلتنا بأدلته فيصدق أن يقال عنه: نقض أدلة بأدلة؟ لكن أعلم يا صاح إن أربعة من العلماء الراسخي القدم في اللغة والنقد كتبوا إلينا يمدحوننا على ما بيناه ويشكروننا على ما حللناه من أدوات التعريف ثم يقول أحدهم وهو من المستشرقين الإثبات (قد سبقكم إلى اعتبار التاء في تمساح ونحوها من الألفاظ أداة تعريف وقد أخذها العرب من المصريين الأقدمين فهي عندهم أداة تعريف للمؤنث كما أن الباء في مثل بامياء وبطيخ وبطارخ وبطلينوس أداة تعريف للمذكر عندهم أيضا وقد نقلها العرب عنهم بلفظها وبأداة تعريفها معا. اهـ فهذا كلام رجل عاقل محقق لا ما يكتبه جبر ضومط عن موجدة وضغينة ملفقا أقوالا تشبه تلفيق (الخنفشار) إذ مقاله كله على هذا القياس من الخبط والخلط والهذر والخرف والهراء حتى إنه لا يمكنك أن تجمع شتاته لترده إلى فكر معقول. فالكلام الموزون بمعيار الفطنة والأسلوب المؤدب الذي يجري عليه أهل النقد. كل هذا وما أشبهه بعيد عنه لأنه متشبع من نفسه ومن آرائه ولا يريد أن يرى

بجانبه من يعنى بأسرار اللغة. فلله دره من محقق! 11 - من غريب أعمال (الخصم) إنه إذا رأى مذهبا في لغتنا ينسب إلى غير المستشرقين لم يقبله فيقول: (أسألك هل وجدت أحدا من المشتغلين بمثل بحثك بين علماء الفرنساويين (هكذا ينسب إلى فرنسة أو فرنسا) أو الإنكليز أو الألمان أو الإيطاليان (كذا ينسب إلى إيطالية أو إيطاليا) يقول بقولك هذا؟) (ص 204) أما هو، فإذا جاءنا برأي من عنده لا يريد منه أن نذكره بسؤاله هذا فإنك تراه يقول مثلا بعد نقل رقيم امرئ القيس: (لي رأيي الخاص (أنا الرجل العبقري) في قراءة اللفظة التي صورها العلامة جويدي هكذا (فراس) وإليك هو. . .) فيا حضرة الأستاذ النجيب والعبقري الداهية والباقعة الفريد دعنا نسألك (هل وجدت أحدا من المشتغلين. . . إلى آخر ما قلت. الختام إن الرجل لا يكتب عن نية صافية فهو يبوح بما فيها من السيئات في كل عبارة ينطق بها أو يكتبها فقد نقل مثلا ما كنا أدرجناه في المقتطف مأخوذا عن جرجي زيدان في كتابه (العرب قبل الإسلام) (ص 202 و203) ولم نزد عليه حرفا. فقال حضرته ما هذا نقله (يظهر أيها الأب إن قراءة جويدي لا تتفق مع قراءتك في إدخال اللام على (فرس) وتكتبها (فراس) ومن الفعل (وكلهم) أي جعلهم قبلها يظهر إن اللام في (للروم) هي حرف الجر المعروف لا أداة التعريف والذي أراه أنا (العلامة الذي لا يشق له غبار وأنا أنا من عرفاني يفوق كل عرفان بشري) 1 - إن قراءة العلامة جويدي أتم من قراءتك وأخلص من شائبة الغرض الظاهرة اظلاله في قرائتك أو نقلك (كذا بحروفه). . .) اهـ. أفرأيتم أيها القراء كيف أن هذا الرجل يسيء بي الظن وكيف إنه يبوح بما في صدره من السخيمة والحقد وتسويد كل أمر أغر آتي به؟ فلعن الله الغايات وما أسوأ نتائجها إذا داخلت صدور حملة العلم! إن الرقيم الذي نقلنا صورته مأخوذ بحرفه عن كتاب جرجي زيدان في الموطن الذي ذكرناه آنفا. فما معنى هذه التقولات التي يتقولها علينا وما معنى هذه الافتراءات المتلونة؟ فإنا لله وإنا إليه راجعون. ولنتركه في شأنه يتخبط في وخزات ضميره قائلين: سكت ألفا ونطق خلفا أو خرفا) هداه الله إلى سواء السبيل. وهذا آخر كلامنا لهذا الصديق.

فوائد لغوية

فوائد لغوية الأوهام الشائعة 15 - قال قائل (فجاء عملهم السريع هذا مكينيا) بريد النسبة إلى (مكينة) وهو مخطئ لأن المكينة على وزن (فعيلة) وهذه يجب حذف الياء منها عند النسبة إليها بشرط أن لا تكون مضعفة مثل دقيقة ولا (واوية العين) مثل طويلة. فالصواب (فجاء عملهم السريع هذا مكنيا) وفيه فائدة أخرى هي عدم التباس هذا المنسوب (بالمكيني) نسبة إلى (مكين) على إن كل هذا لا ينطق به إلا ذوو الهجنة فما ضره لو قال (بلا ترو). 16 - وقال أحدهم مدعيا إن الإنشاء يصلح ويروق بأن يهجر المنشئ (الجمل (المغلوطة) التي تخالف قواعد الصرف والنحو) فأقول (قوله مغلوطة) مخالف لقواعد الصرف لأن هذا مصوغ من الفعل اللازم (غلط) ولا يصاغ منه اسم مفعول إلا مع حرف الجر. وإذا أجزنا ذلك قال الناس (مفروح ومخروج ومطروب ومعروج ومجلوس) وبذلك تعم الفوضى وتموت اللغة العربية. وليس من الإنصاف أن نضحي بلغة من أجل (كلمة واحدة) والصواب (المغلوط فيها). 17 - وقال مدع (ومنها (المسببية) في قولك: غليت القهوة وأنت لم تغل إلا الماء) وهو مخطئ في موضعين الأول قوله (غليت القهوة) لأن الفعل هذا لازم فالصواب (أغليت القهوة) بجعل الفعل متعديا بالهمزة. والثاني: إرادته بهذا المثل (المجاز المرسل) الذي علاقته (المسببية) وهو لا يصلح لذلك أبدا لأن (أغلا الماء لا يستلزم نشوء القهوة منه) إلا بإضافة البن المدقوق. أما المثل الصحيح لذلك فهو أن يقال (أمطرت السماء نباتا) لأن المطر يستلزم نشوء النبات ولإن الكلام خاص لا عام. وقول هذا القائل يشبه قول أحدهم (سار القطار) ولم يضغط إلا البخار فالمستبعد لا يكون مجازا. 18 - وقال ناقل (السببية: من قولك: لك عندي يد بيضاء أي نعمة لأن

سبب النعمة هي اليد التي تسديها) فقوله (تسديها) غير ظاهر لأن معنى الفعل (تهملها) والفرق الكبير ظاهر ولا ينصرف هذا الفعل إلى معنى (الإحسان) إلا بأن تليه (إلى) والضمير فالصواب (لأن سبب النعمة اليد التي أسدتها إليك) وقد حذفت أنا (هي) لأن اسم أن (مذكر) ولا يصح هذا الضمير أن يكون مبتدأ ثانيا مفسرا له ولأننا لو وضعنا (هي) لعاد الضمير إلى متأخر عنه لفظا ورتبة عودا ممنوعا لا جائزا. 19 - وقال واحد (وكنت فيها (أتردد على) المكتب العربي) والصواب الشهير (أتردد إلى المكتب العربي) لأن التعبير الأول عامي. 20 - وادعى أحد العابثين إن أحسن قول بلاغة وإمتاعا وتنوعا وانطباقا على مقتضى الحال هو قول الشاعر: الطير تقرأ والغدير صحيفة ... والريح تكتب والسحاب ينقط ولو كان للشاعر ذوق حساس جميل لما قال هذا البيت ولو كان للكويتب إحساس لطيف لما أستحسن قول الشاعر ذلك لأن الطير تصمت وتختفي عند تهطال المطر وهبوب الريح. حتى إن الغربيين أخذوا يستكشفون أحوال الجو من سكوت الطير وانزوائها. 21 - وقال مدع (إنه ليعطي جزءا كبيرا من ثروته التي جمعها بشق الأنفس (إلى الفقراء) والصواب (ليعطي الفقراء جزءا. . .) لأن (يعطي) متعدي إلى مفعولين. والفقراء مفعول ثان. 22 - وقال أحد الغفلة (يحذف المسند إليه. . . لإخفاء الأمر عن المخاطب كقولك: انشأ مقالة (وأنت تريد قيسا مثلا) فأقول لو كان المتكلم يحذف المسند إليه ليخفي الأمر عن المتكلم معه لصار كلامه جنونا وهو معتوها فالصواب الذي لا منتدح عنه (لإخفاء الأمر (عن غير) المخاطب. وهكذا قال العلماء صغيرهم وكبيرهم ودل عليه الواقع. 23 - وقال أحد الذين لم يتعلموا العربية (للاستفهام لفظتان الهمزة وهل) فلذلك يجب أن نعلمه أن في العربية (ألفاظ استفهام) غير هتين هي (من وما ومتى وأيان وأين وكيف وأنى وكم وأي ومهيم) فلينتبه

24 - وقال (والوجه الصحيح أن تستعمل (إن) الشرطية في الأحوال التي يندر وقوعها ويتلوها المضارع لاحتمال وقوعه) فأقول يا أسفا من هذا ألم ير إلى قوله تعالى (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) و (إن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله) وقوله في العاجزين عن محاكاة القرآن (فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار. . .) فهذا وجه غير صحيح؟ إنه كان حرى أن يقول (فالوجه الغالب) تجنبا لذلك الخبط والخلط. 25 - وقال (لو كان فيها آلهة إلا الله لفسدتا) والأصل في القرآن العظيم (لو كان فيهما) وذلك ظاهر أيضا لكل واحد حتى لغلف القلوب من قوله (لفسدتا) بإسناد الفعل إلى (ألف الاثنتين). 26 - وقال (لم لنفي الماضي مطلقا، (ولما) لنفيه ممتدا إلى ما بعد زمن التكلم) فأقول إذا كان نفي (لما) ممتدا إلى الزمن الذي بعد التكلم فهو ممتد إلى الاستقبال إذن. وهذا جهل لا يرتكبه التلامذة الصغار فالصواب (ممتدا إلى زمن التكلم أي الحال) كما قال المطلعون. 27 - وتفيهق فقال (من المضحكات إدخال ضعاف الطلاب (لم) على الماضي فيكتبون (لم فهمت الدرس (لم يأتني) منك كتاب) أقول: إن قول هذا الكويتب سيكون ضحكة للطلاب لأن صاحبه لم يعرف أن (يأتني) فعل مضارع وإن (لم يأتني منك كتاب) من الكلام الفصيح المليح. اللهم لا تجعلنا من هؤلاء المغرورين بجهلهم. 28 - وقال (فلا يصح أن تكتب. . . أنا قوال بل فعال) قلت وهذا جهل مخز لأن (بل) تعطف على النفي والإثبات لا النفي وحده كما غلط الكويتب قال ابن مالك عن (بل): وأنقل بها للثاني حكم الأول ... في الخبر المثبت والأمر الجلي فالكلام الذي عده غلطا هو من فصيح الكلام لأن (بل) إذا عطف بها على الجملة الخبرية المثبتة صارت هذه الجملة كأنها مسكوت عنها ومثل ذلك العطف على فعل الأمر بها. تقول: أنا أقول بل فعال. وكن قوالا بل فعالا. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة تتبعات تاريخية 1 - قبر الإمام أحمد بن حنبل 2 - قبر الإمام أبي يوسف 3 - سامراء مدفن الطاهر أبي الشريف الرضي 4 - الحدباء حدباي حديبة 1 - قال عبد الحميد أفندي عبادة في لغة العرب (7: 288) ما نصه (ثبت لدى كل المؤرخين أن قبر الإمام أحمد بن حنبل (رض) كان في مقبرة باب حرب) وإطلاقه (الكل) دعاني إلى تنبيه حضرته على أن (ابن جبير الرحالة) ذكر قبر الإمام أحمد في الجانب الشرقي وذلك بقوله في رحلته ص 205 بمطبعة السعادة وبالرصافة كان باب الطاق المشهور على الشط وفي تلك المحلة مشهد. . . فيه قبر الإمام أبي حنيفة (رض) وبه تعرف المحلة وبالقرب من تلك المحلة قبر الإمام (أحمد بن حنبل) رضي الله عنه) اهـ فقول الكاتب الفاضل (كل المؤرخين) فيه نظر قد بدر. 2 - ونقل الكاتب المذكور في لغة العرب (6: 755) عن المرحوم مصطفى نجيب بك المصري في كلامه على مدفن أبي يوسف ما بعضه (ودفنه في مقبرة أهله بمقابر قريش بكرخ بغداد) واتبعه قوله للتعليق والنقد (ففي قوله هذا خبط وخلط في التاريخ) واحتج بأن بين مقابر قريش اليوم وكرخ بغداد مسافة ساعة ونصف للراجل فلا يجوز أن تكون مقابر قريش من الكرخ واستنتج من ذلك الشك في مدفن الإمام أبي يوسف المتعارف اليوم. وإن شكه قد أزاله كاتبان فاضلان في لغة العرب وبقي علينا أن نثبت له أن مقابر قريش من الكرخ عند المتأخرين ودليلنا أن (الشريف الرضي) (رض) دفن في بيته بالكرخ وليس بينه اليوم وبين مشهد الإمامين موسى ومحمد (ع) إلا مسافة دقيقتين للراجل ولذلك قال ابن أبي الحديد في ترجمة الرضي قبل شرحه نهج البلاغة (توفي

الرضي رضي الله عنه في المحرم من سنة أربع وأربعمائة وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه. ودفن بمسجد الأنباريين بالكرخ ومضى أخوه المرتضى من جزعه عليه إلى مشهد موسى بن جعفر عليهما السلام لأنه لم يستطع أن ينظر إلى تابوته) اهـ وقال الطريحي في كتابه (مجمع البحرين ومطلع النيرين) ما نصه (وأما أخوه السيد الرضي فإنه توفي في المحرم من سنة أربع وأربعمائة وحضر الوزير فخر الملك وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه، ودفن في داره بمسجد الأنباريين بالكرخ ومضى أخوه المرتضى (رض) من جزعه عليه إلى مشهد موسى بن جعفر لأنه لم يستطع أن ينظر إلى جنازته) وهي عبارات ابن أبي الحديد بنفسها ولم يتعب الطريحي رحمه الله إلا بالنقل والتغاضي عن ذكر المصدر. وقال ابن خلكان في ترجمة الرضي (ودفن في داره بخط مسجد الأنباريين بالكرخ) قلت والظاهر أنها الدار التي نحله إياها أستاذه الطبري الفقيه بقوله (قد نحلتك داري بالكرخ المعروفة بدار البركة. وقال في (شرح الطرة) ما نصه (ويضارع هذه الحكاية ما حكي عن بعض الأدباء أنه أجتاز بدار الشريف الرضي هذا ببغداد قريبا من مرقد جده الإمام موسى الكاظم رضي الله عنه فرأى دارا ذهبت بهجتها وأخلقت ديباجتها (وهذا دليل مستقل على أن دار الشريف الرضي من بغداد فكيف لا تكون من الكرخ وهو جزء من بغداد؟ فنرجو من الصديق الفاضل أن يعتقد ذلك أو يفنده. قال ابن خلكان في تاريخه عن ترجمة الرضي (وكانت ولادة والده الطاهر ذي المناقب أبي أحمد الحسين سنة سبع وثلثمائة وتوفي في جمادى الأولى سنة أربعمائة وقيل توفي سنة ثلث وأربعمائة ببغداد ودفن في مقابر قريش بمشهد باب التبن ورثاه ولده الشريف الرضي) قلت والصواب ما ذكر ابن أبي الحديد فقد قال في شرحه (م 1 ص 10) ما نصه (ودفن النقيب أبو أحمد أولا في

داره ثم نقل إلى مشهد الحسين عليه السلام) ونستخلص من كلا القولين أن داره في مقابر قريش ومقابر قريش من الكرخ لأنه توفي في بغداد على ما ذكره ابن خلكان. 3 - وقال عبد الرزاق أفندي الحسني في لغة العرب (6: 750) ما نصه (واسم سامراء الحقيقي - على قول بعض المؤرخين - سر من رأى ثم ساء من لما تهدمت وتقوضت فخففها الناس وقالوا فيها سامراء) فقال علامتنا الكرملي في الحاشيه) راجع الجزء ص 721 فإننا لا نرضى به) أي بقول الحسني وإن الأب قد أطفأ الأوام بما ذكره عن سامراء إلا أننا رأينا تناقضا في قول عبد الرزاق أفندي (واسم سامراء الحقيقي) وأتباعه (على قول بعض المؤرخين) لأن الحقيقي يظهر بأكثرية المؤرخين ومهما يكن البعض لا يدل على الأكثرية معنى ولا اصطلاحا. أما أنها لما تهدمت وتقوضت (كذا) خففها الناس وقالوا فيها سامراء فليس بصواب فهذا أبو عبادة البحتري شاعر المتوكل قد قال في صلب بابك في زمن المعتصم: أخليت منه البذ وهي قراره ... ونصبته علما بسامراء فقد قال (سامراء) في زمن بانيها وعهد أبهتها وجدتها؟ وأما قدم اسمها عند العرب فثابت، قال في (شرح الطرة) ص 288 ما نصه (قال ابن بري عن ثعلب وابن الأعرابي وأهل الأثر يقولون كما قال أيضا: اسمها القديم (ساميرا) سميت بسامير بن نوح عليه السلام لأنه أقطعه إياها فكره المعتصم ذلك فغيرها والأقرب عليه أن يكون التغير إلى (سامرا). . . ويعلم مما ذكر أن حديث استحداثه إياها غير مجمع عليه) اهـ. ومن الفوائد التي لم يذكرها الحسني وقد جاءت في شرح الطرة قوله (وكانت عامرة جدا إلى زمن التتر وحادثة بغداد واضمحلال الخليفة إذ ذاك المستعصم بالله، ويحكي أن امتدادها يومئذ يزيد على خمس ساعات واليوم هي بليدة صغيرة وقد سورها في عصرنا بعض ملوك الهند بسور جيد).

4 - وقال عبد الرزاق أفندي أيضا في لغة العرب (7: 138) ما نصه (والموصل بلدة عربية بحتة شيدها العرب أنفسهم بعد أن افتتحها خالد بن الوليد عام 20 هجرية) ثم قال (وتعرف أيضا بالحدباء وربما كان السبب لهذه التسمية أن أرضها تكاد تكون محدبة) فقال علامتنا الكرملي في الحاشية (عندنا أن الحدباء منقولة عن (حدياب) وهو اسم لناحية كانت هناك فقيل حدباي ثم حدباء) فأقول والحق الصريح مع الأدب العلامة إلا أن تطورها هكذا (حدياب - حديبة - حدباء) فقد روى ابن أبي الحديد في شرح النهج (م 1 ص 289) ما نصه (إن عليا عليه السلام بعث من (المدائن) معقل بن قيس الرياحي في ثلاثة آلاف وقال خذ على (الموصل) ثم (نصيبين) ثم القني (بالرقة) فإني موافيها وسكن الناس وأمنهم ولا تقاتل إلا من قاتلك وسر البردين وغور بالناس أقم الليل ورفه في السير ولا تسر أول الليل فإن الله جعله سكنا أرح فيه أنت وجندك وظهرك فإذا كان السحر أو حين ينبلج الفجر فسر، فسار حتى أتى (الحديبة) وهي إذ ذاك منزل الناس وإنما بنى مدينة الموصل بعد ذلك محمد بن مروان. فقول الحسني فيه اقتضاب مخل وطفرة عسيرة. أما صاحب تاريخ (الفخري) وهو في عصر ابن أبى الحديد فقد ذكرها في أول الكتاب بقوله (وذلك إني حين أحلني حكم القضاء بالموصل الحدباء) وقال في آخره (فرغ من تأليفه. . . بالموصل الحدباء وهذا خط يده) فاستبان لنا أن (الحدباء شائع في القرن السابع للهجرة. مصطفى جواد حول الشعر المنثور قرأت بكل شوق وإعجاب مقال فاضل الشطراوي (كذا) المنثور تحت عنوان (الشعر المنثور) في الجزء الخامس من هذه السنة من لغة العرب (371 ص) فراقني ذلك المقال مما حواه من الرقة والرصافة ومن جزالة وعاطفة شريفة شرقية تكاد تسيل رقة وظرفا، ولما وصلت بمطالعتي إلى (الصفحة التالية) وقبل أن أنهيها مطالعة وأكملها توقفت عن ذلك وأحجمت حيث وجدت في تلك الصفحة أغلاطا واشتباهات من الكاتب فاستغربت وقوعها منه و (لا غرابة) لأن الإنسان

معرض للخطأ والنسيان فأحببت أن أنبه على ما زاغ به قلمه (دام عزه) بعد ذكر عبارته وإيرادها حرفيا، قال: (وفي القرن الرابع عشر الميلادي أي وقت جمود الأدب العربي. وجد شيء منه مثل (بند) ابن الخلفة وقد عارض تلك القصيدة النثرية أدباء عصره). فأقول لم يرو لنا المؤرخون في كتبهم ولا شاع على الأفواه مما اتصل بالخلف عن السلف بطريقة (الرواية) أن (الأدب العربي) قد جمد وجفت قريحته في ذلك (القرن) وصار ساكنا بعد أن كان متحركا، وجمادا بعد أن كان حساسا، ولا في غيره من القرون السابقة له واللاحقة به (نعم) رووا أن للأدب العربي أدوارا وأطوارا في جميع الأقطار والأمصار تارة تراه يعلو فيها، وأخرى تجد يهبط وينحط بها، وطورا تشاهده يرتفع، أوانا تنظره يقع حتى آل أمره إلى عصرنا الحاضر ولا يقولون (جمد) لأن الجمود يوجب قطع سلسلة الحركة للأدب العربي تلك السلسلة التي اتصلت بنا واستمرت إلى هذا القرن العشرين. وأما (ابن الخلفة) محمد الأديب المعروف الحلي الأصل والمولد والنشأة والتربية مخترع طريقة (البند) في عصره وغيرها من الطرق البديعية والمناهج المبتكرة الرائقة في (الأدب العربي) صاحب (البند) المشهور الذي مطلعه (أيها اللائم في الحب، دع اللوم عن الصب فلو كنت ترى حاجبي الزج (كذا) فويق الأعين الدعج، أو الخد الشقيقي أو (الريق الرصيق) الخ فلم يوجد في (القرن الرابع عشر الميلادي عصر الجمود) كما قال الكاتب كلا بل وجد متأخرا في عصر حركة الآداب العربية على عهد منشطها وباعث دواعي تطورها وتقدمها (داود باشا) والي العراق أوانئذ من قبل (حكومة آل عثمان) المتوفى سنة 1241 هـ ذلك الرجل الذي كان إناء أدب وفضل وحزم وعزم وكرم وسخاء اتصل به فريق من شعراء العراق وخطبائه بعصره فأدر عليهم الأموال الجزيلة وتكفل بحاجات كثير منهم وعلى الأخص (الشيخ صالح التميمي الشاعر الحلي المتوفى سنة 1261هـ) الذي جعله (داود باشا) همزة وصل بينه وبين أدباء العراق وبواسطته كانوا يتصلون به، ويزدلفون إليه، وتحبب كثيرا إليهم

وصار يغشى نواديهم ويحضر مجتمعاتهم، وهم يختلفون إليه بكرة وعشيا وممن تقرب إليه يومئذ (ابن الخلفة) وله فيه مدائح كثيرة ومنها (الروضة الغناء) التي سار ذكرها بين الشعراء (الأدب العامي) مسير الشمس في كبد السماء وطالما تمثلوا بأبياتها واستشهدوا بها وقد أبدع فيها أيما إبداع ورتبها على (حروف المعجم) وتجد في كل بيت منها أربعة عشر حرفا في أوائل الأشطر وأواخرها قال في مطلعها في حرف همزة. أحواسي الخمس مع كبدي وآرائي ... أمسن يجلب لهن فكري وآرائي أقبل بها الشوق وادعى الخلق وآرائي إليك منحيث مثلك ما أجد مرأه ... أي والجعلي أقلوب أودادنا مرأه احجيلك الصدق كم بحماك من مرأه ... أمشت عفه ما تقول الزيغ وآرائي وله شعر بديع غيرها في (الركباني) أما شعره القريض المقيد بالأوزان المعلومة فليس بالجيد وتظهر عليه الركة وسنكتب عنه وعن شعره بجميع أقسامه مفصلا في هذه (المجلة) لدى الفرصة السانحة. النجف: عبد المولى الطريحي تصويب في لغة العرب (7: 451): الشيخ بهاء الدين العاملي المتوفى سنة 1037 هـ والصواب سنة 1031 هـ (راجع روضات الجنات للميرزا محمد باقر الخونساري 534 - 535) والمصنوع في نقد اكتفاء القنوع للسيد هبة الدين الشهرستاني وسلافة العصر للسيد علي خان والكشكول ص 390) وقيل أن وفاته كانت في عام 1030 هـ إلا أن الصحيح ما قدمناه. محمد مهدي العلوي (لغة العرب) غلط الطبع واضح في ما جاء في مجلتنا. والصواب ما ذكره حضرة الشيخ العلوي وكذا ورد في خلاصة الأثر للمحبي 3: 454 وما جاء في معلمة الإسلام أنه توفي سنة 1030 خطأ راجعها في 1: 331 في مادة العاملي.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة كلمة جبسي وأصلها (تتمة لما في الجزء السابق) قال الرهني: القفس جبل من جبال كرمان مما يلي البحر وسكانه من اليمانية ثم من الأزد بن الغوث، ثم من ولد سليمة بن مالك بن فهم وولده، لم يكونوا في جزيرة العرب على دين العرب للاعتراف بالمعاد والإقرار بالبعث، ولا كانوا مع ذلك على دينهم في عبادة طواغيتهم التي كانوا يعبدونها من الأوثان والأصنام ثم انتقلوا إلى عبادة النيران فلم يعبدوها أيضا عندهم وفي قدرتهم. ثم فتحت كرمان على عهد عثمان بن عفان (رض) فلم يظهر لأحد منهم ذلك من ذلك الزمان إلى هذا الزمان ما يوجب لهم اسم نحلة وعقد ولا اسم ذمة وعهد ولم يكن في جبالهم التي هي مأواهم بيت نار ولا فهر يهود ولا بيعة نصارى ولا مصلى مسلم إلا ما عساه بناه في جبالهم الغزاة لهم وأخبرني مخبر أنه أخرج من جبالهم الأصنام الكثيرة ولم أتحققه. قال الرهني: وإني وجدت الرحمة في الإنسان وإن تفاوت أهلها فيها فليس أحد منهم يغار من شي منها فكأنها خارجة من الحدود التي يميز بها الإنسان من جميع الحيوان كالعقل والنطق الذي جعلا سببا للأمر والزجر ولأن الرحمة وإن كانت من نتائج قلب ذي الرحمة (كذا) ولذلك في هذه الخلة التي كأنها في الإنسان صفة لازمة كالضحك فلم أجد في القفس منها قليلا ولا كثيرا فلو أخرجناهم بذلك عن حد من حدود الإنسان لكان جائزا ولو جعلناهم من جنس ما يصاد ويرمى لا من جنس ما يغزى ويدعى ويؤمر وينهى إذن ما كان على ما بان لنا وظهر وانكشف وشهر أنه لم يصلح على سياسة سائس ولا دعوة داع وهداية هاد ولم يعلق بقلوبهم ما يعبق بقلوب من هو مختار للخير والشر والإيمان والكفر كان السبع الذي يقتل في الحرم والحل وفي السرق والأمر ولا يستبقى للاستصلاح والاستحياء للإصلاح أشبه منه بالإنسان الذي يرجى منه الأرعواء

عن الجهالة والنزوع من البطالة والانتقال من حالة إلى حالة. قال وولد مالك بن فهر ثمانية: (فراهيد، والخمام،) والهناءة، ونوى، والحارث، ومعن، وسليمة بنو مالك بن فهم بن غنم بن دوس بن عدثان بن عبد الله بن زهران بن الكعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد قال والتمرد من ولد عمرو أبن عامر بوادي سبا هو جد القفس وذلك أن سليمة بن مالك هو قاتل أبيه مالك بن فهم وهو الفار من اخوته بولده وأهله من ساحل العرب إلى ساحل العجم مما يلي مكران والقاطن بعد في تلك الجبال، قال الرهني وأردنا بذكر هذه الأمور التي بيناها من القفص لندل على أنهم لم يكن لهم قط في جاهلية ولا إسلام ديانة يعتمدونها وليعلم الناس أنهم مع هذه الأحوال يعظمون من بين جميع الناس علي بن أبي طالب (رض) لا لعقد ديانة ولكن لأمر غلب على فطرتهم من تعظيم قدره واستبشارهم عند وصفه، قال البشاري الجبال المذكورة يكرمان جبال القفص والبلوص والقارن ومعدن الفضة وجبال القفص شمالي البحر من خلفها جروم جيرفت والروذبار وشرقيها الأخوس ومفازا بين القفص ومكران وغربيها البلوص ونواحي هرمز ويقال أنها سبعة أجبل وأن بها نخلا كثيرا وخصبا ومزارع وأنها منيعة جدا والغالب عليهم النحافة والسمرة وتمام الخلقة يزعمون أنهم عرب وهم مفسدون في الأرض وبين أقاليم الأعاجم مفازة وجبال ليس بها نهر يجري ولا رستاق ولا مدينة مشهورة يسكنها الذعار صعبة المسلك وفيها طرق تسلك من بعض النواحي إلى بعض فلذلك قد عمل فيها حياض ومصانع أكثرها من خراسان وبعضها من كرمان وفارس والجبال والسد وسجستان والذعار بها كثير لأنهم إذا قطعوا في عمل هربوا إلى الآخر وكمنوا في كركس كوه وسياه كوه لا يقدر عليهم وليس بها من المدن المعروفة إلا سقه وهي من حدود سجستان ويحيط بهذه الجبال والمفاوز الموحشة من المدن المعروفة من كرمان خبيص ونرماسير ومن فارس يزد وزرند ومن أصبهان إلى اردسان والجبال قم وقاشان ومن قوهستان طبس وقاين ومن قومس بيار قال ومثلها مثل البحر كيف ما شئت فسر إذا عرفت السمت لأن طرقها مشتهرة مطروقة بل وقد خرجنا من طبس نريد فارس فمكثنا فيها سبعين يوما نعدل من ناحية إلى

ناحية نقع مرة في طريق كرمان وتارة نقرب من أصبهان فرأيت من الطرق والمعارج مالا أحصيه وفي هذه الجبال صرود وجروم ونخيل وزروع ورأيت أسهلها وأعمرها طريق الري وأصعبها طريق فارس وأقربها طريق كرمان وكلها مخيفة من قوم يقال لهم القفص يسيرون إليها من جبال لهم بكرمان وهم قوم لا خلاق لهم وجوههم وحشة وقلوبهم قاسية وفيهم بأس وجلادة لا يبقون على أحد ولا يقنعون بأخذ المال حتى يقتلون صاحبه وكل من ظفروا به قتلوه بالأحجار كما تقتل الحيات يمسكون رأس الرجل ويضعونه على بلاطة ويضربونه بالحجارة حتى يتفدغ وسألتهم لم تفعلون ذلك فقالوا حتى لا تفسد سيوفنا فلا يفلت منهم أحد إلا نادرا ولهم مكامن وجبال يمتنعون بها وقتالهم بالنشاب ومعهم سيوف، وكان البلوص شرا منهم فتتبعهم عضد الدولة حتى أفناهم وصمد لهؤلاء فقتل منهم كثيرا وشردهم ولا يزال أبدا عند المتملك على فارس رهائن منهم كلما ذهب قوم أستعاد قوم وهم أصبر خلق الله على الجوع والعطش وأكثر زادهم شيء يتخذونه من النبق ويجعلونه مثل الجوز يتقوتون به ويدعون الإسلام وهم أشد على المسلمين من الروم والترك ومن رسمهم أنهم إذا أسروا رجلا حملوه على العدو معهم عشرين فرسخا حافي القدم جائع الكبد وهم مع ذلك رجالة لا رغبة لهم في الدواب والركوب وربما ركبوا الجمازات، وحدثني رجل من أهل القرآن وقع في أيديهم قال أخذوا مرة فيما أخذوا من المسلمين كتبا فطلبوا في الأسرى رجلا يقرأ لهم فقلت أنا فحملوني إلى رئيسهم فلما قرأت الكتب قربني وجعل يسألني عن أشياء إلى أن قال لي ما تقول فيما نحن منه من قطع الطرق وقتل النفس فقلت من فعل ذلك استوجب من الله المقت والعذاب الأليم في الآخرة فتنفس نفسا عاليا وأنقلب إلى الأرض وأصفر وجهه ثم أعتقني مع جماعة، وسمعت بعض التجار يقول إنهم يستحلون أخذ ما يأخذونه بتأويل أنها أموال غير مزكاة وإنهم محتاجون إليه فأخذها واجب عليهم وحق لهم. انتهى كلامه. وقال أيضا في مادة قفص: القفص بالضم ثم السكون وآخره صاد مهملة جبال القفص لغة في القفس

المذكور قبل هذا أبو الطيب: (ساقي كؤوس الموت والجريال) ... لما أصار القفص أمس الخالي وكان عضد الدولة قد غزا أهل القفص ونكى فيهم نكاية لم ينكها أحد فيهم وأفنى أكثرهم، والقفص أيضا قرية مشهورة بين بغداد وعكبرا قريب من بغداد وكانت من مواطن اللهو ومعاهد النزه ومجالس الفرح ينسب إليها الخمور الجيدة والحانات الكثيرة وقد أكثر الشعراء من ذكرها فقال أبو نواس: رددتني في الصبى على عقبي ... وسمعت أهل الرجوع في أدبي لولا هواؤك ما اغتربت ولا ... حطت ركابي بأرض مغرب ولا تركت المدام بين قرى ... الكرخ فبورى فالجوسق الخرب وباطرنجى فالقفص ثم إلى ... قطربل مرجعي ومنقلبي ولا تخطيت في الصلوة إلى ... تبت يدا شيخنا أبي لهب كان قد هوى غلاما من بني أبي لهب لما حج فقال هذه الأبيات، ونسب إليها أبو سعد أبا العباس أحمد بن الحسن بن أحمد بن سلمان القفصي الشيخ الصالح سكن بغداد وسمع الحسن بن طلحة النعالي وغيره وذكره في شيوخه قال ومولده، سنة 466 (ل. ع) ولعل هذه القرية سميت بهذا الاسم لسكنى القفص إياها الرحلة بمعنى التخت س - البندنيجين. م. ت. ما أصل كلمة رحلة وجمعها رحلات المستعملة في المدارس العراقية والمراد بها التخت والمقعد الذي يجلس عليه التلاميذ. وهل هذه الكلمة عربية؟ - وإذا كانت كذلك فلماذا لا نراها في (المنجد) بالمعنى المذكور؟ ج - (المنجد) ديوان لغة صغير لا يحوي جميع المصطلحات، واستعمال الرحلة بمعنى مقعد التلاميذ من سوء التصرف في الألفاظ وإخراجها عن مبانيها ومعانيها، والأصل الرحل بفتح الأول. قال في شفاء الغليل: الرحل أيضا كرسى يوضع عليه المصحف كما وقع في حديث وليس مولدا وكأنه على التشبيه وبعض العوام يقول: (رحلة) وأما أهل مصر وغيرهم فيقولون له (كرسي) اهـ بحروفه. قلنا: فالرحل إذن يقابله بالإفرنجية وأما مقعد أبناء

المدارس فيسمى مقعدا أو تختا وبالفرنسية وأهل سورية اتخذوا الكلمة الأجنبية نفسها فقالوا: (بنك) والأحسن أن نعود إلى اللفظة التي اتخذها السلف وهي الفارسية الأصل أي التخت وقد وردت في أقدم كلامهم. ومنها (صرير التخت) ومنها تخت المملكة لعرشها وكرسيها أو سريرها، ومن الغريب أن أصحاب المعاجم القديمة لم يذكروها إلا بمعنى الوعاء تصان فيه الثياب. ولهذا قال مصحح التاج (التخت وزان بخت سرير أيضا معمول من الخشب ولا اختصاص له في معناه الأصلي بسرير السلطان إنما صار من الأعلام الغالبة فيه لكثرة استعماله فعلى هذا يتعجب من السيد مرتضى كيف حرم تاجه عن (كذا) التخت وبتركه ارتضى) اهـ اللغة الفرنسية عوض اللغة الإنكليزية س - سبزوار. م. م ع. عندنا أن اللغة الفرنسية أنفع من سائر لغات الغربيين وقد أصبحت اللغة الرسمية في العالم وربما كانت أسهل تناولا من غيرها. فلهذا نحبذ لوزارة المعارف العراقية الجليلة أن تبدل تدريس اللغة الإنكليزية في مدارسها من اللغة الفرنسية فما رأيكم؟ ج - اللغة الإنكليزية أسهل من الفرنسية وهي أكثر منها انتشارا والصعوبة في لفظها وكتابتها فقط وهذان يسهلان بالممارسة والسماع. أحسن وزارات العراق سزوار (إيران) محمد مهدي العلوي: نرى أن أهم الوزارات التي نشأت من يوم تربع جلالة الملك فيصل على دست ملوكية العراق هي الوزارة النقيبية وهي أول وزارة أسست على عهد صاحب الجلالة الهاشمية وقد كان فيها العلامة الكبير السيد هبة الدين وزيرا للمعارف والمغفور له توفيق بك الخالدي وزيرا للداخلية وداود ساسون وزيرا للمالية إلى غيرهم من الوزراء الدهاة الذين قاموا بإصلاحات جليلة تخلد أسماءهم في التاريخ وقد يرى البعض ما لا نراه نحن فما رأيكم؟ ج - رأينان لكل وزارة مزية خاصة بها وكلها سعت لخير العراق أما نتائج المساعي فمرهونة بأوقاتها ولكل واحدة من هذه الوزارات أعمال لا تنكر.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 94 - فلسفة اللغة العربية وتطورها وهي مقالات أنشأها الأستاذ جبر ضومط في تاريخ اللغة العربية ونهضة الأقوام المتكلمين بها وفلسفة نشوئها وتطورها ووسائل ترقيتها - ونشرها في مجلتي المقتطف والهلال (كذا) بين سنة 1888 وسنة 1928 تأليف جبر ضومط أستاذ اللغة العربية وآدابها سابقا في جامعة بيروت الأميركانية (كذا)، طبع بمطبعة المقتطف والمقطم بمصر سنة 1929 في 215 ص بقطع الثمن. نقلنا العنوان بطوله وعرضه عن الكتاب الذي أهدي إلينا ولما وقفنا على فصوله المذكورة في الفهرس لم نجد تحقيق ما صدر به تأليفه ولو سماه (مخلوطة أو خليطى) لكان أصدق له إذ وجدنا فيه المباحث الآتية: الأستاذ جبر ضومط - قوة العلم والعلماء - إلى ماذا نحن صائرون وكيف نتلافى أمرنا - انتقاد فتاة مصر (رواية) - مهد الجنس السامي - أصل النبط والبتراء - قيدار وممالك حصور - نحن والدستور - البلدان العربية وأهمية اللغة العربية فيها - خاتم المارد وبساط الريح - الحثيون - الدكتور غراهم - الدكتور صروف معلما - نهضة الشرق العربي - المرأة الشرقية - قرطاجة وقرطاجنة - فهذه كلها موضوعات لا تتصل بفلسفة اللغة العربية إلا كما يتصل صديقنا جبر ضومط بأبينا آدم وأمنا حواء إن كان يسلم بوجودهما. وأما المباحث التي تتصل بلغتنا فهي هذه: ترتيب الفعل ومتعلقاته - اللغة العربية ما أخذت وما أعطت - أهمية العربية في الممالك العثمانية - مواد كلية في النحو والإعراب - أميركي وأميركاني - عود إلى النسبة - ارتقاء اللغة العربية - اللغة العربية الأوربية - هذه ثمانية مباحث تتعلق باللغة العربية والخمسة عشر مبحثا السابقة لهن متنوعة الغايات والأغراض والمرامي فإن

بقيت فلسفة اللغة؟ - فكل قارئ يرى أن هذا العنوان لا يناسب محتوى السفر اللهم إلا أن يقال: أن البيت سمي آجرا من باب تسمية الكل باسم الجزء. وفي الكتاب سقطات ومزالق هائلة لا تكاد تصدق لولا إنها مطبوعة بحرف جلي وعبارة ظاهرة المعنى. فقد قال مثلا في ص 80 ما هذه إعادة نقله: (ولايتا بغداد والبصرة وهما من أمهات الديار العربية قبل الإسلام وبعده أما قبل الإسلام فلأن الحلة كانت دارا لملوك العرب من أيام جذيمة الأبرش. . وأما في الإسلام فاختطت البصرة والكوفة في أيام عمر بن الخطاب. . وبقيت (بغداد دارا للخلافة العربية إلى أن قدم هلاكو إليها سنة 656 هجرية وقتل الخليفة المستعصم بالله واستباح المدينة أربعين يوما. قيل: فبلغ القتلى أكثر من مليون نفس. ولم يسلم إلا من اختفى في بئر أو في قناة.) اهـ. فكم من غلط في هذه العبارة! وأول شيء كان يجب أن يقال ولاية بغداد وولاية البصرة. أما قوله ولايتا بغداد فضعيف إذ ليس في بغداد إلا ولاية واحدة لا ولايتان وكذلك قل في البصرة. والغلط الثاني أن الحلة لم تكن في الجاهلية بل أنشئت في القرن الخامس للهجرة وكان أول من عمرها ونزلها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي. . . في محرم سنة 495 (ياقوت في الحلة) أما منازل المناذرة فكانت الحيرة لا الحلة كما لا يخفى على أحد. وقوله: وأما في الإسلام فاختطت البصرة. . . كان عليه أن يقول فيه: وأما في الإسلام فلأن البصرة والكوفة اختطتا. . . ليكون تكافؤ وتجانس في العبارتين. وقوله فاستباح المدينة أربعين يوما، حديث خرافة إنما استباح المدينة سبعة أيام على ما صرح به المحققون كالطوسي وأبن العبري من الأقدمين وكليمان هوار من المحدثين. والخرافة تظهر بغرابتها حينما يقول الأستاذ: (قيل فبلغ القتلى أكثر من مليون نفس، فهل يفهم حضرته قدر هذا المبلغ وهو يتكلم عن مدينة واحدة في القرون الوسطى؟ ومن خرافته قوله في تلك الصفحة، وربما بلغ طول ساق النخلة في بساتين

بغداد والبصرة نحوا من ثمانين قدما، وطول سعوفها اثنتي عشرة قدما. - قلنا: ونحن لم نجد إلى اليوم نخلة واحدة بهذا الارتفاع الغريب ولا سعفة بطول 12 قدما. فلا نفهم كيف يكتب الرجل مثل هذه الرطازات ولا يسأل عنها أحد البغداديين أو البصريين الذين كانوا تلاميذه في عهده ليتثبت في صحة ما يرويه. ثم إن العرب لا تقول ساق النخلة بل جذعها. والسلف أيضا لا تجمع السعفة على سعوف بل على سعفات وسعف كما نص عليه صاحب لسان العرب أما السعوف فجمع سعف وسعوف البيت فرشه وأمتعته والسعوف جهاز العروس. ولعل الذي أستدرجه إلى هذا الوهم ما قرأه في (البستان) معجم صديقه البستاني، لكنه لم يتدبر أن الذي ذكره الشيخ عبد الله هو أن السعوف جمع للسعف بالتحريك لجهاز العروس، فاختلط عليه الحابل بالنابل وكان يحسن بأستاذ اللغة العربية (؟ أو الهندية) وآدابها (؟) سابقا في جامعة بيروت الأميركانية (؟) أن يعرف هذه الأوائل التي لا تخفى على أصغر الطلبة فكيف خفيت عليه؟ وفي ص 18 ذكر (بساتين التمر) وهذا الاصطلاح خاص بالأستاذ أما العرب سلفنا فقالت: الصور والحائش والحائط ولا يضيفون ذلك إلى النخل فكيف إلى التمر كما فعلت يا أستاذ فهذا دليل على إنك نسيت ما علمت خريجيك حين كنت (أستاذ اللغة العربية (؟ أو الهندية) وآدابها (؟) سابقا في جامعة بيروت الأميركانية (؟). ومن غريب ما نطق به حضرته قوله في تلك الصفحة: (أن لشجرة النخل ألف منفعة. . . ثم سرد لذلك خرافة تضحك الثكلى نقلها عن زويمر (أشهر الناس) تلفيقا للحكايات على ألسنة العرب وكيف جاز للأستاذ أن يكتب شجرة النخل فيا حضرة المعلم غيره إن النخل أشجار وواحدتها نخلة ولا يقال شجرة النخل ولا شجرة النخلة بل (النخلة) فهل يجوز لتلميذك الصغير أن يشرح لك أمورا لا تخطر على بال أمرئ؟ وذكرت في تلك الصفحة أن بلاد العراق بلاد (رب سوس) والناس لا تعرف هذا الرب ولم تسمع باسمه. الرب يتخذ في بلاد الغرب أما العراق ففيه السوس لا ربه، أفهمت يا أستاذي؟ وذكرت في تلك الصفحة (أكتزيفون). والسلف لا تعرف إلا (طيسفون)

فأين تعيش؟ وفي أي البلاد مقرك يا حضرة الأستاذ النابغة حتى تقول ما تقول؟ وذكرت في تلك الصفحة (أفريقيا) ولو فتحت معجم ياقوت أو معجم الفيروز أبادي أو غيرهما لوجدت أنها أفريقية لا (أفريقيا) كما تصر في قولك معاندا الكبار والصغار. الأقدمين والمحدثين وذلك كله بلا دليل. وذكرت في تلك الصفحة (ارك) وهي الوركاء. كما وردت في ياقوت. وتكتب داريوس في تلك الصفحة نفسها والعرب لا تعرف غير دارا. وقلت في تلك الصفحة: (وقد فاقت عليها كلها بغداد) والصواب (وقد فاقتها كلها بغداد) لأنك تقول فاق فلان أصحابه لا فاق عليهم. فأين أنت يا عزيزي؟ وفي أي عالم عربي تعيش؟ وبأي لسان تكلم أصحابك؟ وبأي لغة كنت تدرس تلاميذك - لا، لا، لا يا حضرة الأستاذ: أستاذ اللغة العربية (؟ أو الهندية) وآدابها (؟) سابقا في جامعة بيروت الأميركانية (؟) هذا لم نتوقعه منك بل يتوقعه الناس مني أنا أصغر تلاميذك. وذكرت لنا في تلك الصفحة (إذ لم نخرج منها إلى الآن) (شوشن القصر وهي عاصمة فارسية في أيام داريوس الكبير) ونحن لا نعرف عاصمة ولم نعرف عاصمة فارسية بهذا الاسم. فمن أين تأتينا بهذه الأسماء المكسرة المشوهة المهشمة؟ وكيف تريد أن نفهم ما تذكره عن بلادنا العربية وأنت تجهل ما تقول وما تنقل؟ فلعلك تريد أن تتكلم عن السوس (بسينين مهملتين) لكن ما الذي دهاك حتى تضيفها إلى القصر؟ وأظن أن كل هذا ناشئ عن أخذك أنباء البلاد عن الإفرنج بلا فكر ولا روية. فالسوس بلدة كانت شهيرة بخوزستان وكانت عاصمة الدولة الفارسية على ما نقلت. امتد بنا النفس ونحن لم نخرج عن نصف صفحة من صفحات كتابه ولو مضينا في سبيلنا إلى آخر ما جاء فيها لأحرجنا القراء وأخرجناهم عن موقفهم. فترى من هذه النظرة السريعة أن الكتاب كثير المزالق مشوه الكلام كثير أغلاط التاريخ والمدن. وأرى من اللائق أن أنصح للصديق بأن يحرقه فيجعل مثواه النار وبذلك يحفظ شرف أدبه من كل شائبة!

95 - خمس مقالات في التهجين (تحسين النسل) هي مقالات لصديقنا الأميركي بولس بوبنوى تبحث عن الوسائل التي يجب اتخاذها لتحسين النسل وقد نشرها سابقا في مجلات أميركية فاستحسنها أصحابها كما استحسناها نحن فنتمنى لها الرواج والانتشار. 96 - الصبح المنير في شعر أبي بصير ميمون بن قيس بن جندل الأعشى والأعشين الآخرين مع شرح أبي العباس ثعلب، طبع في مطبعة أدلف هلزهوسن بيانة 1927. مضى أكثر من سنة على إتحاف شركة ذكرى جب إيانا هذا الديوان البديع وكنا نؤخر الكلام عنه ليتيسر لنا الوقت فنوفي حقه من النقد. وما زالت الهدايا تأتينا من كل حدب وصوب ونحن نمني النفس بما منيناها في الأول حتى حال الحول ونحن لا نزال في أحلام الأماني والآن اضطررنا إلى الكلام عليه حتى إذا أتسع لنا المجال مرة أخرى عدنا إلى الموضوع. واليوم نجتزى. بما يأتي: هذا السفر الجليل بديع الطع والورق والحرف والشكل وقد بلغت العناية بخدمته أقصى غاية حتى أن ناشره لم يبق في صدر الواقف عليه أدنى أمنية والديوان مع شرحه وقع في 359 صفحة بقطع الثمن الكبير العريض والحق به 378 صفحة أخر بذاك القطع في اختلاف الروايات التي وردت في الكتب المطبوعة وغير المطبوعة فجاء كنزا حافلا بجميع الفوائد. وأنت ترى من عنوان الديوان إنك لا تطالع في هذا السفر ما نطق به الأعشى ميمون وحده من الشعر بل ما قاله أيضا أعشى أسد وأعشى باهلة وأعشى بجرة وأعشى تغلب وأعشى تميم وأعشى ثعلب وأعشى جرم وأعشى جلان وأعشى أبي ربيعة وأعشى سليم وأعشى طرود وأعشى عجل وأعشى عكل وأعشى عوف بن همام وأعشى مازن والأعشى المغزلي وأعشى نجوان وأعشى نعامة وأعشى نهشل وأعشى هزان وأعشى همدان ويلي ذلك: (مجموعة ما أنشد للمسيب بن علس وهو خال الأعشى والأعشى راويته).

ومن الغريب أن ليس لهذا الديوان الواسع إلا فهرس واحد صغير للأعلام في أقل من صفحتين فالنقص فيه عظيم. وليس فيه فهرس القصائد ولا فهرس الأعلام من رجال ونساء وقبائل وأمم ولا فهرس الأماكن ولا فهرس الألفاظ الغريبة التي وردت في مطاوي الصفحات. فالنقص إذن عظيم من هذه الأوجه ولو توفرت فيه هذه الأمور لكانت منافعه لا تعد ولا تحصى. فما على ناشره إلا أن يعود إلى استئناف العمل ليكون الكتاب ديوانا يتصفحه أبناء هذا العصر وإلا فأن الأتعاب التي صرفها في سائر الوجوه ضاعت أو كادت تضيع في إهماله هذه الأمور الجليلة التي هي من مزايا عصرنا هذا. ومع كل ما بذل من العناية بضبط الكلم وقع غلط غير قليل بل ربما وقعت عدة غلطات في الصفحة الواحدة. فقد جاء مثلا في ص 342: فالبندنيجين (بضم الدال والصواب بفتحها) - وثقيف همدان (بتنوين الفاء المكسورة والصواب بلا تنوين) وفيها قد أتى ابن عدنان (بكسر نون ابن والصواب بفتحها على أنه مفعول به) وقال في تلك الصفحة لا يبعدن (بفتح العين والدال والصواب بضم العين وفتح الدال) وهكذا وجدنا مثل هذه الأغلاط شيئا كثيرا مع أن الواقف على نشره من أثبت المستشرقين قدما في لغتنا الضادية وهو رودلف جير الألماني. وقد راجع لطبع هذا الديوان البديع خمسمائة وثمانية وثمانين كتابا مع رموزها المختزلة إذ كثيرا ما ترد تلك المؤلفات في أثناء الاستشهاد بها. وقد لاحظنا أن العلامة ذكر مجلتنا في مواطن عديدة من طبعته ولم نجد مجلة عربية غيرها. ولعل سبب ذلك تثبته وإيمانه في أن ما يدرج في مجلتنا موسوم بوسم التحقيق والتدقيق فيه. ومن غريب ما عثرنا عليه سوء نقل أسماء الكتب وأعلامها فقد ذكر مثلا محيط المحيط بقوله: تأليف بطروس البسطاني والصواب بطرس البستاني وذكر مجموعة المعاني (في الصفحة المذكورة) بقوله قسطنطنية والصواب قسطنطينية وقال عن كتاب جمهرة أشعار العرب تأليف أبي زيد القرشي: كتاب جمهرة تأليف أبي زيد وهو عنوان غير واف ومخطأ فيه. ونسب كتاب كفاية المتحفظ للأجدبي والصواب للأجدابي. ونسب إلى الشرتوني معجمه بهذا

العنوان: (اقراب (كذا) الموارد للحوري (كذا) الشرتوني فيظهر من هذا وأمثاله أن مسودات الطبع لم يعتن بتصحيحها كل الاعتناء وأما ما جاء من هذه مطبوعة بالحرف الإفرنجي فإنه صحيح الطبع. وكل ما عددناه لا شأن له ولا خطورة بجانب النقص الذي يرى في هذا الديوان وهذا النقص هو خلوه من الفهارس التي ذكرناها في بدء كلامنا. فعسى أن يعود المعتني بطبعه إلى إعادة النظر فيه مرة ثانية كما قلنا ليستخرج من صفحاته جميع ما أشرنا إليه وإلا فالديوان يخسر شيئا كثيرا من قيمته الثمينة. 97 - كتاب عيون الأخبار تأليف أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المجلد الأول كتاب السلطان - كتاب الحرب - كتاب السودد مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1343 هـ - 1925 م في 344 ص بقطع الثمن الكبير. كانت دار الكتب المصرية أهدت إلينا الجزء الثاني من هذا المصنف الجليل (راجع لغة العرب 7: 659) فتكلمنا عليه ووفينا حقه من المديح الذي هو أهل له، ولما علم صاحب العزة محمد أسعد براده بك أن الدار المذكورة لم تتحفنا المجلد الأول أسرع إلى إهدائه إلينا فوجدناه كسائر الكتب التي نشرت في عهد توليه إدارة الدار المذكورة وفي غضون مطالعتنا لهذا السفر الجليل بأن لنا بعض الأمور نعرضها على نظره الثاقب لعله يجد فيها بعض الصحة فينبه عليها في الجزء الأخير من هذا الكنز الدفين الذي لا يفنى وإن اغترف منه الأدباء على مدى السنين وأول شيء نلاحظه أن المستشرقين في هذا العهد لا يتولون طبع كتاب من كتب السلف إلا يصفون النسخة التي اتخذوها سندا لهم في طبعهم إياه. ثم يصفون سائر النسخ التي تداولتها أيديهم في أثناء بحثهم واستشارتهم لها وكثيرا ما نرى ناشري هذا الكتاب يذكرون في الحاشية: (النسخة الفتوغرافية) ونحن لا نعلم من أمرها شيئا. ويشيرون إلى النسخة الألمانية. وهم لم يعرفوها

في كتابهم هذا. 2 القراء في حاجة إلى معرفة صاحب الكتاب وزمنه ومكانته من العلم. نعم إننا لا ننكر أن أغلب الفضلاء الذين يطالعون هذا التصنيف الجليل وأمثاله يعرفون من ابن قتيبة الدينوري لكن لا يغني ناشريه عن ذكر ما يهم المطالع الغريب معرفته ليزداد التصنيف ثمنا في عينيه. 3 - جاء في ص 25 في السطر الأول منها: (فخذ ماء رمانين فدقهما باهليلجة) ونحن نظن أن هناك خطأ في الطبع والصواب (رمانتين) أما الرمانان فمثنى جمع لرمان ورمان من اسم الجمع الذي يعرف واحده بالتاء. وفي حاشية ص 64 فسروا الجاثليق نقلا عن القاموس بقولهم: الجاثليق بفتح الثاء المثلثة رئيس للنصارى في بلاد الإسلام بمدينة السلام قال صاحب التاج وهو المعروف الآن بالقنثل كقنفذ. اهـ قلنا: تعريف صاحب القاموس لا يصور لنا حقيقة الجاثليق، لأن رؤساء النصارى طبقات فمن أي الطبقات هو الجاثليق؟ وقوله (في بلاد الإسلام) لا موطن له هنا إذ قد يكون في غير البلاد المذكورة وفي غير دار السلام. وأما قول صاحب التاج وهو المعروف الآن بالقنثل فغير صحيح والصواب القنصل أو القنسل وبالإفرنجية ثم أن القنصل موكل بأمور النصارى الدنيوية أما الجاثليق فأكبر رؤساء الدين في الشرق وهو بالإفرنجية (راجع لغة العرب 5: 173) وجاء في حاشية ص 81 في السطر الأخير: (ولم نجد التضعيف (لفعل سجن) لا في القاموس ولا في اللسان) اهـ. - قلنا: الذي ورد في كتب اللغة سجنه بتضعيف الجيم للنخل قالوا: سجن النخلة جعل لها سلتينا (أو سجينا) وهو الحفرة تحفر في أصولها ليجذب الماء إليها إذا كان الماء لا يصل إليها. اهـ. ومن هذا يتضح أن سجن بالتضعيف وارد والذي يقال عن النخلة هو من باب المجاز. كأن الفلاح يسجن الماء في الحفرة ليمنعه الخروج عنها. وقول المحشي ولم نجد التضعيف لا في القاموس) صوابه: لم نجد التضعيف في القاموس بحذف (لا) المتقدمة على (في) فقد قال المبرد وثعلب: العرب إذا جاءت بين كلامين

بجحدين كان الكلام إخبارا اهـ. إذن معنى قول المحشي: (ولم نجد التضعيف لا في القاموس): وجدناه في القاموس كما يظهر لأدنى تأمل. وجاء في حاشية ص 88: (كل ما بين هذين القوسين المربعين. . . قلنا المشهور في القوس التأنيث وإن جاء تذكيرها أيضا. وقوله قوس مربع لا يمكن أن يكون فالمربع لا يكون قوسا والقوس لا تكون مربعة. ولو قال بين عضادتين أو بين عقافتين لكان الأمر أهون. وفي حاشية ص 104 رجح المحشي الغي على العي والمعنى يوجب أن يكون هناك العي بالعين المهملة. وفي ص 112 جاء ذكر الماذيان في هذه العبارة من كلام المؤلف: (وإن زالتا (أي زالت الميمنة والميسرة) بعض الزوال ما ثبت المادتان فإن زالت المادتان لم ينتفع بثبات الميمنة والميسرة). ثم قال في الحاشية عن (المادتان) كذا بالنسخة الألمانية وفي الفتوغرافية هكذا الماذيان ولم نوفق إلى تصويبها (كذا أي لتصويبها) - قلنا الصواب الكلمة هنا: (الماذيان) ومعناها الحجر أو الرمكة أي الفرس الأنثى. وكان من عادة أهل الفرس أن يضعوا في قلب الجيش المحارب راكب فرس أنثى. فيسمى القلب (ماذيانا) أي فرسا أو رمكة والكلمة فارسية يقال فيها ماذيان وماذيانه بالها أما (المادتان) فلان معنى لها هنا في العبارة وتثنى ماذيان على ماذيانين وماذيانة على ماذيانتين بحسب المفرد الذي ينظر إليه. وفي ص 312 س 7 وناحية الدبور وناحية المغرب يوصفان بالفضيلة والانخفاض. فقال في الحاشية (وردت هذه الكلمة هكذا بالأصلين ولم يظهر لها معنى) اهـ. والصواب الذي عندنا: بالسفالة والانخفاض وسفالة كل شيء أسفل وسفالة الريح نقيض علاوتها وعلاوتها حيث تهب. وفي ص 313 س 13 وكواوها وضبطت كاف الكواء بالكسر والمعروف الشائع الكواء بضم الأول كغراب كما صرح بها أصحاب المعاجم وإذا قصرت قيل كوى بضم الكاف أيضا. وهناك غير هذه الهفوات التي لا يخلو منها كتاب. وقد اجتزأنا بما ذكرنا للدلالة على أن الكمال لله وحده.

والذي نتمناه لهذا التأليف الجليل الفهارس على اختلاف أنواعها ومعجم تذكر فيه الألفاظ الغريبة التي وردت في تضاعيف المباحث ولا سيما تلك التي لا وجود لها في دواويننا اللغوية مثل ماذيان وماذيانة والأطربون المذكور في ص 193 في السطر الثاني والثالث وهو المعروف عند الروم (اللاتين) إلى غير ذلك وهو كثير، فعسى أن تخرج هذه الأمنية إلى عالم التحقيق وهو الميسر. 98 - فهرس الكتب العربية الموجودة بالدار لغاية شهر سبتمبر سنة 1925 وملحق بالكتب العربية الواردة لغاية مايو سنة 1926 الجزء الثاني في 260 ص ويشتمل على علوم اللغة والوضع والصرف والنحو والبلاغة والعروض والقوافي، والجزء الثالث في 439 ص ويشتمل على القسم الأول من فهرس آداب اللغة العربية طبع الجزء الثاني في سنة 1926 والثالث في سنة 1927 وكلاهما برز من مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة بقطع الثمن الكبير. منذ أن صارت إدارة دار الكتب بيد صاحب العزة محمد أسعد براده بك نهض بها إلى أعلى ذروة من الإصلاح والتحسين والرقي وتتحقق هذا الأمر من الكتب التي نشرت في عهده فإنها درر ثمينة وكنوز لا تقدر وقد جمعت إلى حسن الطبع الغاية القصوى من الإتقان والتدقيق. كانت مطبعة بولاق قد طبعت فهارس أصبحت اليوم بلا فائدة لأن النظام غير معروف فيها وإذا أراد المطالع أن يفتش فيها عن ضالته لا يجدها إلا نبها وبعد أن يضيع الساعات الطوال في طلبها. أما اليوم فإن الفهارس التي نشرت في هذا العهد عهد المدير الكبير محمد أسعد برادة بك قد جاءت من أبدع ما يرى من نوعها. وإذا طلبت لها مشابهات في ديار الفرنجة فإنك لا تجدها. وإذا أردت أن تبحث في هذه الأسفار عن كتاب تريده، فأطلبه في العلم الذي يرجع إليه. ثم ابحث عن اسمه بحسب حروف المعجم تجده بسهولة عظيمة. وعنوان الكتاب مطبوع بحرف يميزه عن الشرح الذي يبين مزاياه وخصائصه. وربما وجدت في هذا الشرح ترجمة صغيرة تذكرك سنة مولد

المؤلف ووفاته - أن كان قد مات - إلى غير هذه الإشارات المفيدة للمطالع. فغدا هذا الكتاب رفيق الأديب أينما كان وايا كان تخصصه في الأدب، دع عنك حاجة كل كتبي إليه وكل ذي خزانة لأنك ترى في هذا الكنز الدفين أسماء التآليف على أنواعها مطبوعة كانت أو مخطوطة. ووجدنا في أثناء تصفح هذين السفرين بعض هنات لا تنزع شيئا من محاسنهما من ذلك ما جاء مثلا في ص 2 من الجزء الثاني فقد ذكر اسم (الاشتقاق والتعريب) باسم الاشتقاق والتعريف وفي ص 3 ذكر أن اقرب الموارد تأليف القس سعيد والصواب الشيخ سعيد ولم يكن قسا وقال عن ذيل أقرب الموارد أنه يحوي ما وجده من الخطإ الذي نقله من كتب اللغة مع أنه يحوي أيضا مستدركات كثيرة جمعها المؤلف من معاجم عديدة. وقال في ص 11 أن أحمد فارس الشدياق كان صاحب مجلة الجوائب والجوائب لم تكن مجلة بل جريدة. وفي ص 4 ذكر الألفاظ الفارسية المعربة وأنها تأليف القس أدي شير رئيس أساقفة سعرد الكلداني. والصواب السيد أدي شير لأنه لا يقال عن رئيس الأساقفة (قس) بل سيد على اصطلاح النصارى. وقد تكرر أسم هذا الكتاب في ص 47 ولم نفهم سبب ذكره في موضعين مختلفين وكان يمكن أن يستغنى عن هذه الإعادة التي لا فائدة فيها. وورد في الجزء الثالث في ص 182 سجع الحمامة أو ديوان بطرس كرامة ولم يذكر عن هذا الشاعر شيئا بخلاف مألوف عادته. فقد كان من حمص وولد فيها في سنة 1774 وتوفي سنة 1851 99 - بيان حاخامي بغداد حول قضية وكيل الحاخامباشي 26 تموز سنة 1929 بمطبعة الآداب في 24 ص بقطع 16 بيان أصدره المجلس الروحاني الإسرائيلي في بغداد لإطلاع الناس على قضية ساسون خضوري وكيل حاخامباشي بغداد وكنا نود أن لا يكتب شيء في هذا النزاع مما يخدش الأذهان وعسى أن تصلح الأمور على أحسن وجه ولا يعاد حدوث مثله.

100 - رد وكيل الحاخامباشي على بيان حاخامي بغداد مطبعة العراق في بغداد في 24 ص بقطع 16 ما كنا نود أن نرى هذا النزاع بين الأخوة في بيت واحد وكلما طال الجدال زادت المساوئ وساسون خضوري يدافع عن نفسه وما نسب إليه فعسى أن يزول بهذا الرد سوء التفاهم بينه وبين خصومه وأن يستعفي من وظيفته فيريح ويستريح وبهذه الصورة يتم الوفاق. 101 - مريم المجدلية (بالفرنسية) تأليف غي دافلين (عقيلة غزالة بك)، طبع في أفنيون بمطبعة أوبانل أخوان في سنة 1927. غي دافلين هو اسم السيدة جان عقيلة الدكتور سليمان بك غزالة ولها عدة مؤلفات ألفتها بالفرنسية. منها عشرة في الروايات التاريخية وخمسة في الروايات الحديثة وأربعة في روايات المسارح وأربعة في مختلف القصائد واثنان في القصص واثنان يطبعان الآن إذن لها 27 مصنفا وقد راجت كتبها كلها أي رواج. حتى إنها استحقت النوط الذهبي من الجمعية القومية لتشجيع الناس على الخير. وهذا الكتاب كسائر مصنفاتها مطبوع بطابع الخيال البديع والعبارة الفرنسية محكمة رصينة تدفع القارئ إلى توخي الخير في ما يعمل وقد زين أخوها بتسع صور تلك الرواية البديعة فجاءت من أحسن ما يطالع في لغة بسوة وباسكال. 102 - الرحيق المختوم في المنظوم والمنثور من نظم وإنشاء العلامة السيد محسن الأمين الحسيني العاملي. (القسم الثاني) طبع في دمشق في مطبعة ابن زيدون سنة 1348 هـ في 272 ص بقطع الثمن وقيمته 12 آنة في العراق لهذا الكتاب أربعة عشر بابا من مديح وغزل ونسيب وتهنئة وتعزية وهجاء إلى أشباهها أي أنه حافل بالأبواب على النمط القديم الذي لا تستسيغ مواضيعه أذواق هذا العصر، وكما نود أن يطرق فضيلته معاني مبتكرة وإلا فأن الأقدمين أجادوا كل الإجادة في المباحث التي عالجها فلا حاجة لنا إلى تكرار ما قذفت به

خواطر الأقدمين ونحن في عصر يرحب بالغض الرطب ويكره اليابس الناشف. وقد لحظنا أن المؤلف طالع في 15 كتابا في الصرف والنحو أو أكثر وتلك المؤلفات من أحسن ما يعرف في صنفها. ومع ذلك وجدناه يقول في ص 141: معسرا كان أو مؤسرا (بهمزة الواو) وهيء ومكتبة وفي ص 142 في ربيع الأول. . . ذاهبا وآيبا. . . لتعليم الإناث من أطفال الشيعة. . . ولو قال: موسرا وهيأ وخزانة وشهر ربيع الأول وآئبا لتعليم طفلات الشيعة لكان أصوب. وهذا يدلنا على عقم التصانيف التي صنفها الأقدمون في القواعد العربية لأن أسلوبهم يخالف روح العصر والأساليب الحديثة مع اختصارها أوفى بالمقصود، فعسى أن يكون الجزء الثالث من كتابه أحسن من هذا. 103 - مصح القديس منصور دي بول في بحنس (قرب بيروت) لبنان الكبير جاءتنا كراسة مصورة تصف لنا هذا المصح الذي اشتهر كل الاشتهار في الشرق مع حداثة عهده ودونك شيئا عنه: لما كانت أمراض السل تزداد انتشارا في ديار الشرق ولم يكن لشفاء المصاب بها وقاية السليم منها، وكان لابد من الإقامة في موضع تتوفر فيه أسباب الراحة والتطبيب حبا لخدمة الإنسانية المتألمة، رأت الراهبات اللعازريات أن يقمن دار شفاء تضم فيها المسلولات، تسهيلا لشفائهن ووقاية لعيالهن، فأقمنها في قرية بحنس في جبل لبنان، وبحنس ترتفع فوق سطح البحر زهاء ألف متر ومناخها في منتهى الجودة صيفها جميل وشتاؤها معتدل وهواؤها نشف وشمسها متلألئة ومواصلاتها سهلة، إذ تبعد عن بيروت ما يقارب الساعة في السيارة. ونحن لا نشك في أن المسلولات العراقيات يذهبن بعد هذا اليوم إلى هذا المصح المذكور لما فيه من حسن المداراة وقلة النفقة. فالنفقة لمن يكون في المرتبة الأولى 15 ليرة عثمانية في الشهر في المرتبة الثانية 10 ليرة عثمانية في الشهر في المرتبة الثالثة 7 ليرة عثمانية في الشهر.

المجمل في تاريخ الأدب العربي - 5 - 25 - وقال في ص 38 عن الجاهلي (وإذا وصف أمرا استجلاه على صورته وطبيعته ومثله تمثيلا ناطقا بلفظ يندر فيه زخرف المحسنات البديعية وإذ لذعه الحب بأوراره أطلعك من قبله على موضع ناره وأسمعك منه رنين أوتاره) فإذا نظرت إلى ص 189 - 190 استغربت في الضحك من التناقض فإنه يصف الشعر الإسلامي ويعرض بالجاهلي بقوله (وكل ما نعرفه للجاهليين من الغزل والتشبيب ووصف النساء إنما كان يتخذ وسيلة إلى غيره!!! من فنون الشعر!! لا فنا يصورون به عواطفهم وأهواءهم وميولهم!! ويصفون به ألم الحب ولذاته!!) أين أوار الجاهلي وناره وأوتاره التي أعرته إياهن في ص 38؟؟ ثم قال (وما يستتبع ذلك من مسرات الحياة، لذلك نعد هذا النوع من الشعر فنا جديدا ولا نذهب إلى أن الجاهليين قد عرفوه أو فهموه) وكان الله أحسن الخالقين. 26 - وقال في ص 39 (وقد كان الجاهليون يؤثرون جزالة اللفظ ووضوح المعنى ولا يمعنون في النظر في أعطاف الشعر بأن يتحيلوا في التخلص) قلنا: ما ضره لو ثبت على قوله هذا فلم يقل في ص 73 عن زهير بن أبي سلمى (وهو يمضي على هذا الأسلوب من ذكر الديار والتشبيب ووصف النساء اللائي كن فيها والطريق التي سلكنها والماء الذي نزلن عليه حتى يتخلص إلى مدح صاحبيه ووصف سعيهما في الصلح) ولم يقل في ص 81 عن أعشى قيس (وقد أشار إلى ناقته وتخلص إلى المدح على طريقة شعراء العرب) فهو قد نفى عن الجاهليين ترتيب الشعر على حسب مضامينه ثم أثبت لهم الترتيب والتخلص المحكم على على طريقة شعراء العرب، فما يصنع الدارس بهذا التناقض السريع؟ 27 - وقال في ص 40 (فلم يحتاجوا مثلنا إلى المدارسة والمران عهدا طويلا لنحاكي لغتهم) فيصعب على القارئ أن يعتقد أن هذه العبارة من مسابيك الأديب الأثري لاضطرابها فالصواب (فلم يحتاجوا احتياجنا إلى. . .) ليصح

التعليل المتأخر أو (فلم يحتاجوا مثل احتياجنا إلى. . .) 28 - وقال الشاعر في ص 41 (وهل أنا إلا من غزية إن غوت) فعلق به (هل للنفي) والمسموع أنها هنا (لشبه النفي) ذلك لئلا يناقض أصلها اللفظي المعنوي مما فتشتبه أحوالها على القارئ والسامع. 29 - وجاء في ص 59 (وجستنيان) وإنما هو يوسطنيانوس بالياء لا الجيم 30 - وقال فيها أيضا (حتى بدا لقيصر فاسترجعه) ولم يذكر الفاعل البادي!!! وقال في ص 65 (ومهما يكن فأن الأصل) فأين الكائن؟؟ 31 - وقال في ص 65 (قام بها عدو للنابغة نكاية به) والصواب ههنا (نكاية فيه) لأنه يتعدى بنفسه وبفي لا بالباء. 32 - وجاء في ص 67 (لا تلمه: لا نجمعه وتصلحه) والصواب (لا تجمعه ولا تصلحه) بتكرير أداة النفي مع الفعل الثاني الملتبس بالإثبات، ألا ترى قول زيد بن علي أبن الحسين (ع) لهشام بن عبد الملك في ص 15 من جمهرة الأمثال (هذه هاجر قد ولدت إسماعيل فما وضعه ذلك وصلح للنبوة وكان عند ربه مرضيا) فعلى أسلوب الأثري المتجر يكون المعنى (ما صلح إسماعيل للنبوة ولا كان عند ربه مرضيا) وهو تعبير فاسد، ومن الأدلة على وجود الالتباس قول الشاعر في 1: ص 60 من الأغاني (وأوصى به إلا يهان ويكرما) فليس معناه (ولا يكرم) ويحسن بنا أن نورد شاهدا لتكرير النفي من قول علي عليه السلام ففي 2: 489 من شرح نهج البلاغة الحديدي (أيها الناس لو لم تتخاذلوا عن نصر الحق ولم تهنوا عن توهين الباطل لم يطمع فيكم من ليس مثلكم ولم يقومن قوي عليكم). 33 - وقال في ص 66 (حتى اخترم وقد عمر طويلا في السنة التي قتل فيها نعمان) وهو تركيب مضطرب من المضاد للبلاغة فالصواب (وقد عمر طويلا حتى اخترم في السنة. . .) 34 - وقال في ص 70 (كتيبة وهي القطعة من الجيش وجماعة الفرسان إلى نحو الألف) فقال في ص 95 (الكتيبة: الطائفة من الحيش) وهذا ضد قانون النشوء والارتقاء فأن التفسير قد تقلص إلى ما ترى ولم ترى ولم يلخص فما فائدته إذن وقد شاخ؟؟

35 - وجاء في ص 80 (إذا اشهدوا العظام لو يليموا) ففسره بقوله (لم يليموا: لم يلمهم الناس من المته بمعنى لمته) قلنا: إذا كان الأمر على ذلك وجب بناء الفعل الرباعي للمجهول فيكون (لم يلاموا (كالثلاثي فالتفسير غلط ظاهر والصواب أنه من (الأم الرجل يليم إذا أتى بما يلام عليه). 36 - وقال في ص 81 (ولم يسف إليه من إرعاب الناس) ففي مختار الصحاح (رعبه يرعبه كقطعه يقطعه، رعبا بالضم: أفزعه ولا تقل: أرعبه). 37 - وقال في ص 83 (وإن كنا لا نرتاب في شاعرية الأعشى) والصواب (لا نرتاب بشاعرية. . .) لأنه يتعدى هنا بالباء لا بفي ومن ذلك ما في 3: 256 من الأغاني ونصه (وأرتاب به) وقال مسلم بن الوليد: وضعته حيث ترتاب الرياح به ... ويحسد الطير فيه أضبع البلد بغداد: مصطفى جواد معجم إنجليزي عربي - 5 - ومن ثروة لغتنا وغناها الجاعم وهو آكل العظام. فقد ذكر حضرة الصديق العلامة وذكر لها في الإفرنجية مرادفتين أخريين ونقلهما إلى لغتنا بقوله: خلية تعظمية ماصة - خلية تمتص العظم اهـ. وكل ذلك حسن لكنه ليس لفظا واحدا. ونحن نفضل توحيد الحرف ليكون أخف مؤونة على المتكلم وأوفى بالمقصود. نعم ليس في لغتنا بعض الأحيان ما يمكن أن يسد مسد اللفظ الإفرنجي إلا أن التوسع في الوضع والاستعمال وتعميم المخصص أو تخصيص المعمم قد يفي ببعض الغرض. ولهذا نرى هنا لفظة (الجاعم) تقوم مقام الإفرنجية. قال اللغويون: جعمت الإبل جعما: قضمت العظام وخرء الكلاب. وذلك إذا لم تجد حمضا ولا عضاها لشبه قرم بها. اهـ. على أننا لو تتبعنا كل ما ورد في هذه المادة من المباني والمعاني المتفرعة لتحققنا أن المادة الأصلية في هذه المادة الثلاثية هي ثنائية، أصلها (ج ع) والميم للمبالغة في معنى التركيب كما هو كثير الورود في لغتنا. فمعنى (جعم) جاع جوعا شديدا

فأكل ما تيسر له. فلو انتقلنا إلى الخلية المذكورة لعلمنا أنها تلتهم كل مادة تنتفع بها لتستخلص منها المادة التي تبني منها العظم. إذن لو قلنا (جاعمة لتوفقنا في الوضع واستغنينا بلفظة واحدة عن ثلاثة ألفاظ على ما ذكرها حضرة اللغوي الكبير. ومن هذا القبيل قوله في أمفيبيا - ذوات الحياتين - قسم من مملكة الحيوانات الفقرية التي تعيش في البر والبحر مثل الضفادع. قلنا: سماها بعضهم برمائية ناحتا إياها من البر والماء. وعندنا أن القوازب هي أحسن لفظة تؤدي المعنى المطلوب لأنك تعلم أن الحيوانات التي تعيش في البر والماء تسعى لرزقها في كل من هذين العنصرين على حد ما يفعله التاجر تاجر البر والبحر فإنه يطلب رزقه في الموطنين. فإذا كان الأمر بهذه الصورة كانت القوازب هي اللفظة المطلوبة. قال في التاج قال ابن الأعرابي: القازب: التاجر الحريص مرة في البر ومرة في البحر. ومثله في لسان العرب اهـ. وعندي أن الأصل هو الكاسب، إنما غيروا مخرجي حرفين من الكلمة ليبرزوا معنى جديدا. وهذا ما أشار إليه سيبويه في كتابه ونقله جميع اللغويين. قال في المخصص (9: 42) قال سيبويه: قد يكون الاسمان مشتقين من شيء ومعناهما واحد وبناؤهما واحد فيكون أحد البناءين مختصا به شيء دون شيء كهذه النجوم، ويعني الدبران والسماك والعيوق. قال: وبمنزلة هذه النجوم: الثلاثاء والأربعاء أي أنه إنما كان حكمها (كذا. ولعل الصواب حكمهما) الثالث والرابع فأفرد اليومان بهذين البناءين. قال: ولا تصغر الثلاثاء والأربعاء. انتهى كلامه. وعندي أن أصل مادة قزب وكسب هو (قصد) لأن الكاسب يطلب الطريق القاصد للحصول على رزقه. يشهد على ذلك ورود هذه المادة في اللاتينية راجع في المعجم اللاتيني لصاحبه أ. ولد ثم عارض رأي هذا اللغوي الألماني بلغوينا العربي ابن جني فإنه قد سبقه بمئات من السنين إذ قال (أصل ق ص د وموقعها في كلام العرب: الاعتزام والتوجه) والنهود والنهوض نحو الشيء على اعتدال كان ذلك أو جور. هذا أصله في الحقيقة وإن كان قد يخص في بعض المواضع بقصد الاستقامة دون الميل. ألا ترى إنك

تقصد الجور تارة كما تقصد العدل أخرى. فالاعتزام والتوجه شامل لهما جميعاً). اهـ. راجع اللسان في قصد. ومما يجري في وادي هذا المعنى قوله في مادة الزاغ ذو المنقار. غراب الزيتون نوع من الغربان أرجله حمراء اهـ. ونحن نرى في هذه العبارة عدة أمور منها: إن الزاغ غير الغراب ولا يجوز عند العلماء وضع الواحد موضع الآخر. والعوام أنفسهم لا يفعلون ذلك. أقول ذلك عن العراقيين إذ قد يتفق لغيرهم أن لا يميزوا بين الطائرين - 2 - قوله ذو المنقار بعد قوله الزاغ غريب فهذا كلام يشعر بوجود زيغان بلا مناقير ونظن أن مثل هذا الخلق لا يرى في أرض من الأراضي - 3 - قوله (أرجله) بعد قوله نوع من الغربان غريب أيضا. ولو قال: رجلاه حمراوان لكان أوضح وأصح. لأنه وجد من الناس من أعتقد أن لطائر ست أرجل أو ست قوائم قال في التاج في مادة برقش: قال ابن خالويه: أبو براقش طائر يكون في العضاه لونه بين السواد والبياض وبه ست قوائم: ثلاث من جانب وثلاث من جانب وهو ثقيل العجز تسمع له حفيفا إذا طار وهو يتلون ألوانا. اهـ. فقول الصديق هذا ذكرنا بكلام ابن خالويه. 4 - قوله: أرجله حمراء لا ينطق به الفصحاء لأنهم يقولون: إذا كان أفعل يدل على عيب أو لون أو حلية يجمع على فعل إذا أريد به نعت المذكر أو المؤنث المجموع ثم إنه وإن جاز لنا أن نقول: أرجله من باب إطلاق الجمع على المثنى إذ هذا من قبيل ذاك. فلم يجز أن نقول (حمراء) بل حمر - 5 - مالنا وكل هذه التآويل والتخاريج والسلف قد عرف هذا الغراب وسماه الغراب الأعصم. قال في القاموس الأعصم: الأحمر الرجلين والمنقار. اهـ. وقوع أغلاط طبع غير مصححة وقع في طبع هذا المعجم النفيس أغلاط طبع ظاهرة. فإن المؤلف حرسه الله نبه في المقدمة ص إن الصواب في كتابة الألفاظ المختتمة بأداة الملح (اة) أن تكون بالألف والهاء والحق معه لأنه ليس في لغتنا أسم مفرد زائد على ثلاثة أحرف ينتهي بألف وتاء بل بألف وهاء فقد قالوا وفاة وفتاة وفلاة وسعلاة ومرآة أما الألف والتاء فقد خصوهما بالجمع فقالوا بنات وفتيات وفلرات

ومتمكنات وموجودات ومخلوقات. وكتابة أسماء الأملاح بألف وهاء واجبة لا سيما مثل رصاصاة وكبريتاة وغيرهما. فلو كتبنا رصاصات وكبريتات إلى نحوهما فهم القارئ إنها جمع رصاصة وكبريتة والحال أننا لا نريد هذا الجمع بل نريد مفردا يدل على ملح. وهناك صعوبة أخرى فإنك لو أردت أن تجمع رصاصات وكبريتات لم يتيسر لك إلا أن تقول: رصاصاتات وكبريتاتات إلى ما يشابههما فترى من ذلك وجوب كتابة رصاصاة وكبريتاة بهاء في الآخر للمعنى المطلوب ولا يمكن أن تكتب بالتاء المبسوطة. وجاء في ص 159 شعبتا القصبة. إن كلمة (شعبتا) وإن كانت سائغة، لا يعرفها السلف منا والمشهور عندهم: أنابيب الرئة أو أنبوبا الرئة (راجع لسان العرب في ن ب ب) فإذا أردت تصغيرها قلت: أنيبيب لما سماه الإنكليز وأما قول المؤلف شعيب ففيه تساهل إذ الصواب شعيبة لأن المفرد - على ما ذكره لنا - شعبة لا شعب، وقال في تلك الصفحة في ترجمة مختص بمجاري الرياء) (كذا بهمزة في الآخر) ونحن لم نجد رئة مجموعة على رئاء بل على رئات أو رئين. ثم قوله: (مختص بمجاري الرئاء) طويل وهو من باب التفسير المعنوي ولو قال: أنابيبي أو أنبوبي) لكان أخف لفظا وأقل حروفا. وذكر في الصفحة بازاء جوتر (بضم ففتح فسكون) ورم الغدة الدرقية - النوظة (كذا بظاء معجمة) (الأصمعي) وفي ص 344 ذكر بازاء جوتر - نوطة (كذا بطاء مهملة) غددة العنق - سلعة العنق - تضخم الغدة الدرقية) اهـ. قلنا: الجوتر كلمة حديثة التعريب لا وجود لها في الكتب القديمة. وقوله: ورم الغدة الدرقية شرح كان يجب أن يوضع في آخر الكلمات لتفسيرهن والنوظة بالظاء المعجمة خطأ طبع في النوطة. والأصمعي لم ينفرد بذكرها حتى يستشهد بكلامه دون غيره. والأحسن حذف اسمه إذ ذكرها اللغويون جميعهم. وأحسن هذه الألفاظ ترجمة للإنكليزية هي (الجدر) كسبب كما هو مشهور عندنا. وقد ورد ذكر اللنفى مكتوبة هكذا (ليمفا) (ص 459) أو لمفا (ص 457) وهذه أصح من تلك كتابة وإن كنا لا نستحسنها لأسباب: 1 إن العرب سلفنا يستبشعون غالبا مجاورة ساكنين أولهما حرف علة وثانيها صحيح. ولهذا نخير

لمفا على ليمفا - 2 - إذا سكنت الميم وجاء بعدها باء أو فاء قلبوا الميم نونا ولهذا نفضل لنفا على لمفا - 3 - من المقرر أن الألف غير ممدودة إذا جاءت رابعة أو خامسة أو سادسة أو سابعة كتبت بصورة الياء فيقولون أرطى وجمادى وقبعثرى وحندقوقى ولهذا نقدم كتابة لنفى على لنفا كما قالوا ظربى وحجلى. 4 - قد يمكننا أن نستغني عن اللنفى بالرواء بضم الراء الذي هو ماء الوجه وحسن المنظر وهذان الأمران أو أحد هذين الأمرين لا يكون أن لم تكن اللنفى في الإنسان فاللنفى سبب والرواء مسببة وتسمية المسبب باسم السبب أكثر من أن يحصى في لغتنا وفي سائر اللغات. وجاء في ص 323 مقابلا للإنكليزية (فوفيلا - المادة الملقحة في الطلع - الحروق - الكش الذي يلقح به.) اهـ. قلنا: إن الحروق والكش أو الجش عناقيد زهر تؤخذ من فحال النخل فتثبت في عناقيد الأنثى فتلقح. أما المادة الملقحة فاسمها (اللقاح) كسحاب وسموا بها تلك العناقيد المذكورة. وجاء بازاء قوله: (دجاجة - فرخة الشامري (بالفارسية - ومعناها شاه مرج ومنها العربية المحرفة شامرت) اهـ. قلنا، الكلمة الإنكليزية لا تعني الدجاجة فقط بل جميع الطير الذي يقيم في البيت أو الطير الذي لا يفارق البلد لأنه لا يحسن التحليق في الهواء ومغادرة محل إقامته أي أن الكلمة الإنكليزية تقابل ما يسميه الإفرنج: - أو وهذا ما يقابله عندنا الأوابد ومفردها الآبد (بالمد) إن أردت الذكر منها، والآبدة الأنثى منها. أما الشامري فليست بالفارسية بل شاه مرغ وكذلك يقول الفرس شاه مرج بالجيم. أما شامرت فليست في العربية الفصحى فلعلها في العامية المصرية. أما نحن فلا نعرفها. وفي تلك الصفحة يقول: (الثعلب الأسود في القطب المنجمد الشمالي) ونحن لا نرى وجها للقول: منجمد لأن فعله الثلاثي لازم وهو جمد فكيف يبنى منه مطاوع وهذا لا يكون إلا في الأفعال المتعدية أو الشاذة حتى تتحقق فيها المطاوعة مثل كسره فانكسر ولهذا نظن أن الصحيح كان (القطب الجامد الشمالي) لا غير.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - نص الاتفاق العراقي الإيراني حضر معالي سميعي خان المندوب فوق العادة لدولة إيران ببغداد في ديوان فخامة رئيس الوزراء ووزير الخارجية في 11 آب الساعة التاسعة صباحا فوقع كل منهما بالمراسم المعتادة الاتفاق الوقتي الذي حصل الاتفاق على عقده بين العراق وإيران. صورة الاتفاق أما الاتفاق المذكور فهو عبارة عن كتابين متفقين في العبارة والمعنى وقع أحدهما وزير الخارجية والآخر سميعي خان بعد تبديل كلمة (إيران) ب (العراق) والعكس بالعكس ثم جرى تبادل الكتابين. وقد حرر الاتفاق باللغة الأفرنسية. وهذا نص ترجمته كما جاء من إدارة المطبوعات (ويقال إنه مكتوب بالعربية) وزارة الخارجية بغداد في 11 آب 1929 صاحب المعالي عناية الله خان سميعي المندوب فوق العادة لصاحب الجلالة الإمبراطورية شاه إيران في العراق - بغداد سيدي الوزير لي الشرف بأن أحيط معاليكم علما أنه لما كانت حكومتي متشبعة برغبة صادقة في أن تنتهي بأقصر وقت ممكن المفاوضات الجارية مع الحكومة الإيرانية بشأن عقد معاهدة صداقة واتفاقيات للإقامة والتجارة والملاحة وكذلك اتفاقات خاصة لتنظيم المسائل التي يجب تنظيمها بين الفريقين اللذين يخصهما الأمر فقد كلفتني أن أبلغ إليكم باسمها الأحكام الآتية لتكون قاعدة موقتة للعلاقات بين بلدينا: 1 - إن ممثلي إيران السياسيين والقنصليين في العراق يتمتعون على شرط المعاملة المتقابلة بالحقوق والامتيازات والصيانات والاستثناءات المقررة بمبادئ وتعامل القانون الدولي العام والتي لن تكون بأي حال من الأحوال أقل من الحقوق والامتيازات والصيانات والاستثناءات الممنوحة إلى الممثلين

السياسيين والقنصليين التابعين لأكثر الأمم حظوة. 2 - للحكومة الإيرانية بشرط المعاملة المتقابلة أن تعين في الأراضي العراقية ممثليها القنصليين الذين يمكنكم أن يقيموا في أي مكان فيها حيث منافعها من وجهتي الاقتصاد والثقافة تسوغ إقامتهم ومع ذلك لا يمكنهم أن يمارسوا وظائفهم إلا بعد أن يتلقوا (الاكسكواتر) المعتاد. 3 - يقبل الرعايا الإيرانيون إلى الأراضي العراقية ويعاملون وفقا لقواعد الحقوق الدولية ويجب أن لا يعاملوا بأي حال من الأحوال بشرط المقابلة بمعاملة أقل شأنا من المعاملة التي يعامل بها رعايا أكثر الأمم حظوة. لما كانت صلاحية السلطات على النظر في أمور الأحوال الشخصية ستنظم فيما بعد بين الدولتين فإن رعايا إحداهما الموجدين في أراضي الأخرى يبقون موقتا خاضعين في هذه الأمور إلى محاكم البلد المقيمين فيه. 4 - تستفيد بشرط المعاملة المتقابلة المحصولات الأرضية والصناعية الإيرانية المستوردة إلى العراق في جميع الخصوصات من النظام الذي تعامل به محصولات أكثر الأمم حظوة التي هي من هذا النوع. 5 - تدخل الأحكام المذكورة أعلاه في حيز التنفيذ ابتداء من اليوم وتبقى معمولا بها إلى أن تعقد المعاهدات والاتفاقيات والاتفاقات المفكر بها في أعلاه أو لمدة سنة على الأكثر. تفضلوا يا سيدي الوزير بقبول فائق احتراماتي. (التوقيع) توفيق السويدي وزير الخارجية لحكومة العراق 2 - بيان الممثل فوق العادة لدولة إيران الإمبراطورية كتب معاليه إلى مدير جريدة العالم العربي ما هذا حرفه. إن الذوات المحترمين الذين يشرفونني، يسألني الأغلب منهم عن الحالة في فارس وهم قلقون لأجلها، وقد ظهر من ذلك إن الحوادث المحلية هناك قد رسخت في أذهانهم بصورة غير صورتها الأصلية. أو أن أرباب الغرض والمرض يتعمدون في نشر بعض الأكاذيب حول هذه الحوادث التي لم تكن من الأهمية بمكان. وحقيقة هذه الحوادث هي كما يأتي: إن دولة إيران العلية قد منعت بصورة قوية مبايعة الأسلحة والأفيون خلسة. وسدت هذه الطريق العوجاء على القشقائيين سدا محكما. ومن جراء ذلك قد أصاب بعض رؤساء القشقائيين

أضرار لا يستهان بها وقاموا بالثورة ضد الحكومة وقد حذا حذوهم بعدهم بعد مدة قليلة ثلة من عشائر البختيارية وأخلوا بالأمن في حدودهم. ولكن السلطات الإيرانية قد شتتوا شملهم بأسرع وقت وأن رئيسين مهمين من الرؤساء القشقائية وهما علي مراد وعلي جوهر قد ألقي القبض على أحد منهما وتسلم الآخر (كذا). وقد احتلت (دهكرد) التي هي مركز البختياريين من قبل السلطات الإيرانية وأوقف رؤساء المشاغبين منهم وفي الحالة هذه يمكن أن تعد هذه ثورة القشقائية والبختيارية قد انتهت بتاتا وإن السلطات العسكرية والملكية يعملون في قلع هذه الفتن والمشاغبات من أصلها وإقرار الأمن والنظام والتأمين في تلك الأنحاء. الممثل الفوق العادة لدولة إيران الإمبراطورية عنايت الله سميعي 3 - إنشاء مستوصف في دار الممثلية الإيرانية فوق العادة ببغداد على أثر تحسن العلائق الودية بين العراق وإيران قامت الدولة الإيرانية الإمبراطورية بإنشاء (مستوصف) بدار ممثلها فوق العادة في بغداد وشرعت في تهيئة المعدات والأسباب اللازمة له. واتصل بنا أن المستوصف المذكور سيكون مرجعا طبيا لجميع المرضى الذين يقصدونه، فيقدم فيه أنواع الأدوية والعقاقير إلى المرضى الإيرانيين والعراقيين مجانا إذا كانوا من طبقة الفقراء والمعوزين. وقد اختارت الحكومة الإيرانية حضرت الدكتور الفاضل موسى فيض خان طبيب الممثلية الإيرانية ببغداد لمعاينة المرضى في المستوصف المذكور. ولا يخفى أن الطبيب المومأ إليه قد تلقى علومه الطبية بكلية الطب في باريس، واشتغل مدة بتعليم الطب والتشريح في مدرسة الطب العليا بطهران. ثم تعين مديرا للصحة في المقاطعات الشمالية أي ولايات كيلان ومازندران واستراباد. ثم عزمت الحكومة الإيرانية على إيفاده بعنوان (طبيب سفارة إيران) إلى كابل ولكن نظرا للثورة والقلاقل التي قامت في أفغانستان أوفدته إلى بغداد. ومن المعلوم إن لمعالي سميعي خان الوزير الإيراني المفوض الذي اشتهر بمواقفه الولائية تجاه العراق، اليد البيضاء في إنشاء المستوصف واصطحابه الطبيب المذكور إلى العراق. 4 - الإيطاليون في دوائر الإيرانيين في أوائل آب عقدت الحكومة

الإيرانية اتفاقا مع ثمانية من الاختصاصيين الإيطاليين لاستخدامهم في إدارة المحطات اللاسلكية التي أنشأتها حديثا في الولايات الجنوبية وستوفد بعثة إلى أوربة مؤلفة من 14 تلميذا لدرس التلغراف اللاسلكي. 5 - يوسف السويدي انتقل إلى دار الخلد صاحب السماحة يوسف أفندي السويدي في صباح 38 آب (أوغسطس) على أثر خزع أجري له في المستشفى الملكي وقد ترجمناه في لغة العرب (2: 219 و438 و439) ودفن في مقبرة الشيخ معروف بجانب الكرخ فنعزي أشباله بهذا المصاب الجليل. 6 - وفد الكويت في الرياض وصل الرياض في أوائل آب الوفد الذي أوفده حاكم الكويت إلى الملك ابن السعود لتهنئته بالوصول وتنفي المحافل الكويتية إن للكويت ضلعا في غارة العجمان على العوازم في القلاقل الأخيرة التي وقعت في بلاد الاحساء. ويقيم فيصل الدويش في موقع يقال له (الشظف) على بعد 30 ميلا من الكويت. 7 - تمديد خطوط التلفون قد مد التلفون إلى أربل وأصبحت المواطن الآتية موصلة بالخطوط التلفونية: التون كوبري - بغداد - براز الروز - الحلة - بعقوبا - جمجمال - أربل - الفلوجة - دلتاوة - سدة الهندية - كجل كجل - خانقين - كركوك - كوي سنجق - مندلي (البندنيجين) - نفط خانة (شركة نفط خانقين) - رانية شقلاوة - شهرابان - السليمانية - طوز خورماتي (شركة النفط العراقية). 8 - بريد طيار بين بغداد وطهران أنشئ بريد طيار بين حاضرتنا وحاضرة إيران ويكون الإيراد به نهار الاثنين من كل أسبوع ويبتدئ في 2 أيلول (سبتمبر) من هذه السنة. 9 - الشكاوي من بريد العراق لا يأتي بريد إلينا إلا وفيه شكوى من بريدنا فقد جاءتنا شكوى من شيكاغو (أميركة) وغلاسكو (إنكلترة) ومصر (من ثلاثة مشتركين) والمنيا (ديار مصر) ومرسيلية (فرنسة)، فنرجو من الإدارة أن تعاقب الجاني في البريد لكي لا تتكرر تلك الشكاوي 10 - الحمى المحرقة في الحاضرة جاء في النشرة الأسبوعية الطبية الرسمية المنتهية في 17 آب الحالي (أوغسطس) إحصاء لهذه الحمى المحرقة (التيفوئيدية) إن وقع سبع إصابات في بغداد ووفاة واحدة ولهذا أخذ بعضهم يلقحون لمقاومتها. 11 - سيارة لتنظيف القني جلبت أمانة العاصمة سيارة لتنظيف المجاري والبلاليع. وهذه السيارة تمتص

الأقذار من مسافة بعيدة بواسطة أنابيب تتخذها لهذه الغاية وتجر الأوحال الناشئة من تساقط الأمطار. 12 - طفل يقتل طفلا تخاصم طفلان في الكاظمية في (باب الدروازة) عمر الواحد خمس سنوات وعمر الثاني سبع، فلما غضب الأول على الثاني أشد الغضب أتى بسكين وطعنه به فأرداه قتيلا. 13 - ميزانية العراق المالية عن سنة 1929 أخذ مجلس النواب في 28 أيار 1929 يدقق النظر في ميزانية الدولة العراقية لسنة 1929 - 1930 وقد خمنت النفقات بمبلغ 60247490 ربية (وكانت عن السنة الماضية: 57529721 ربية) والدخل بمبلغ 60303090 ربية (وعن السنة المنصرمة: 57965470 ربية) فتبلغ الفضلة 55600 ربية (وفي السنة الماضية: 435749 ربية). 14 - لجنة إسعاف منكوبي الفيضان تألف في العاصمة لجنة برئاسة سعادة متصرف بغداد لإسعاف منكوبي فيضان الفرات. 15 - تنفيذ حكم الإعدام نفذ حكم الإعدام في أحمد محمود لاغتياله الأخوين عمر وبكر أبان انتخابات السنة الماضية (راجع مجلتنا 6: 319). 16 - اجتماع لجنة الحدود العتيدة كان الاجتماع السادس للجنة الحدود العراقية التركية العتيدة في ماردين. وتألف الوفد العراقي من المفتش الإداري للواء الموصل ومدير تحريراته وقائم مقام زاخو مصطفى بك العمري وكاتبين وبرئاسة سعادة متصرف الموصل عبد الله بك الصانع. 17 - فهرس السنة 7 في جزء واحد طلب منا كثيرون أن نجعل الفهارس في الجزء الثاني عشر فقط وأن يكتفى بالفهارس السبعة الأولى فلبينا طلبهم ولهذا ننشر جزءا حادي عشر هذه السنة ويكون الجزء 12 خاصا بالفهارس لا غير.

العدد 74

العدد 74 - بتاريخ: 01 - 10 - 1929 ترجمة فنان عراقي لما كان واجب الوطنية الصادقة يحتم على الكاتب أو المؤرخ أن يخلد ذكر من برز من أبناء الوطن في فضل أو فضيلة أو نبغ في علم من العلوم أو فن من الفنون، رأيت أن لا مندوحة لي عن أن آتي بترجمة فنان عراقي توفاه الله قبل مدة قصيرة من الزمن ألا وهو المأسوف عليه يوسف بن أنطون يغيا. 1 - منشأ أسرته ونسبه في غضون الربع الأخير من القرن الثامن عشر قدم إلى بغداد من ديار بكر شاب أرمني كاثوليكي اسمه يغيا (أي إيليا) بن بدروس أصلان (أرسلان) وكانت مهنته البيع والشراء، فضلا عن قيامه بأشغال تجار بغداد الكبار وأمور تجارتهم في طوقاة والآستانة وغيرهما من البلدان وذلك لحسن شهرته في النزاهة

والصدق والاستقامة والهمة العالية. وقد أتى ذكره بمديح وثناء في الرسائل القديمة التجارية. وتأهل في بغداد بلوسية ابنة قسطنطين بن حنا دانا الآمدي الكلداني وكان قسطنطين من كبار تجار الزوراء المعدودين حتى كان يضرب المثل بثروته. وتوفي يغيا في أحد أسفاره إلى الآستانة مخلفاً ثلاثة بنين وهم يوسف جان وبتراك وأنطون وابنة أو ابنتين وهما سيدي وكترينة وإحداهما ترهبت في دير الروميات الكاثولكيات في جبل لبنان. فيوسف جان توفي في بلاد فارس بلا عقب والأرجح أن بتراك أيضا توفي هناك عن امرأته كترينة ابنة نعمان بن دنحا وابنته لوسي التي تزوجها بشوري ابن فرنسيس تيسي وبعد وفاة بتراك صارت كترينة امرأته لسليمان بن داود الجوخجي وذلك في 4 أيار 1835. وأما أنطون فتزوج أولا بمدولة الحلبية وبعد وفاتها تزوج سنة 1836 بسارة ابنة يوسف حبش التاجر الكلداني ورزق منها تاكوهي سنة 1840 ويوسف الذي نحن بصدده وقد اعتمد في 19 آذار سنة 1844 وتزوج يوسف هذا في 7 ك1 سنة 1873 بريجينة بنت يوسف غنيمة المعروف بالشاهبندر. وبعد أن رزق منها ابنين وهما منيرة (التي هي اليوم عقيلة الخواجا نعمة الله بن شمعون نازو) توفي في 25 نيسان عن السنة الحالية 1929 وكانت وفاة والده في 6 أيار سنة 1870 وتريزية التي اختضرت. مواهب يوسف وصفاته اشتهر يوسف بثلاثة أمور وهي الموسيقى العراقية والصياغة والنزاهة أو الاستقامة. أما الموسيقى فأنه أتقنها منذ صغره من نفسه وبالنظر إلى كبار أساتذتها وقد أولع بالضرب على الكمانة (أي الكمنجة العراقية) فأخذ يتعلمها أولا على وتر واحد ممدود على قرعة حتى امتاز بها على من كان يضرب على مثلها من الآلات المتقنة صنعاً بل إن البارعين بها كانوا يقولون عنه: (إن إصبعه لا تخطأ)

وكل إذا عزف عليها أنطقها نطقا كأن إنسانا يتكلم بلسانه الفصيح فكان يثير في صدور السامعين مرة الحزن وأخرى الفرح وتارة البكاء وطورا الضحك والأنس. وقد جالس مجلس رجل كبار كانوا يطربون بسماع ضربه على الآلة حتى أنهم ما كانوا يودون سماع آلات غيره والطاعنون في السن يتذكرون ما كان يهيج في صدورهم حينما كان يضرب على الكمانة في الكنائس الشرقية وكل يرافقه فيها أحد الضاربين على الأرغن والسنطور أو القانون فقال أحد السامعين كنت أود أن أصم أذني حتى يبقى ما سمعته بهما ولا يخرج منهما إلى أبد الدهر، وكثيرا ما كان السامعون يظهرون إعجابهم بما كانوا يسمعون له بإمارات ظاهرة حسية حتى أنهم كانوا ينسون أنفسهم وأنهم في الكنيسة حيث يجب أن يراعوا المقام وقياسته ومع ذلك كانت تغلبهم العاطفة وتأخذهم نشوة الطرب وكل يصدر منهم كل تلك الإشارات والإمارات الدالة على الإعجاب بما كانوا يسمعون. وكل من عادة القسس في العهد التركي أن يجولوا في الطرق محافظة على الأمن العام فكانوا إذ جاءوا إلى شباك دار يوسف قرعوا له بعصاهم فيفتح لهم النافذة ويسمعهم لحنين أو ثلاثة ثم يشكرونه ويقولون له: أحسنت وبارك الله فيك ونم بسلام آمنا فأننا نحافظ على بيتك كل المحافظة لما زينك لله به من موهبة لإطراب هذا فضلا عن حسن صوته فأنه كان رجيما كما كان صوت والده. ومن الآلات الموسيقية التي كل يتقن النقر عليها السنطور العراقي والقانون والجنبر (وهو نوع من الطنبور) وأصول الإيقاع على الدق والدنبك (والدربكة) والطبل. وكان يجيد أصول المقامات العراقية المعروفة بالقراءة وجالس كثيرا كبار القراء (المغنين) كشنتاغ وأبو أحمد وإسرائيل وأحمد زيدان وغيرهم وكان يتأسف على أن القراءة العراقية (الغناء العراقي) ماتت بموت أحمد زيدان وغيرهم إذ لم يبق لها ذلك الرونق البديع، وكل يحسن بعض المقامات التي ربما لا يتقيا اليوم المغنون من جملتها الحسيني الذي كان يأخذ بمجامع القلوب إذا ما قرعه على مكاننه وكل يسميها (ابنته) لحبه لها. ولم يكن يطرب للألحان السورية والمصرية بل أعظم طربه للألحان العراقية القديمة الحقيقية والحق يقال إن أغلب المقامات العراقية إن لم نقل كلها - إذا ما أحسن

غناؤها وعدل بحسب الأصول الفنية العصرية يكون تأثيرها في النفوس أكثر من تأثير غيرها فيها لأن فيها تنوعاً متعدداً لا يرى في غيرها وخالياً من وحدة السياق إذ يجد فيها الفنان بعض محاسن الموسيقى الفارسية والتركية. ومما اشتهر به أيضا الصياغة فقد أولع بها منذ صغره كما أولع بالموسيقى وتلقى هذا الفن من حنا بن توما هندي الكركوكي كان أستاذه هذا يعجب بذكاء تلميذه ومن جملة ما يحكى عنه أن أستاذه عجز مرة عن إكمال حاجة فلما ضاق صدر منها ألقاها في الدكان ومضى إلى الخارج ليروح نفسه ولما عاد إلى محله وجد الحاجة قد تم صنعها على أحسن وجه كان يتمنى أن تكون عليه. فلما سأل تلميذه عن ذلك قال إنه أتمها بنفسه على ما أوحى إليه الفن ومنذ ذلك الحين أيقن أن هذا الحدث يكون داهية في الصناعة وكان كذلك ولما أتقن الصناعة وأخذ يشتغل على حسابه أهدى باكورة مكسبه إلى والده الذي كان طريح الفراش يومئذ. وكان إذا طلب منه أحد صياغة شيء أتقن عمله حتى أنه لا يمر في خاطره أن يذهب إلى غيره وقد شوهد أناس اتخذوه صائغا لبيوتهم طول حياتهم ولا سيما كبار الحاضرة من مسلمين وغيرهم كآل الباجه جي وكان يضرب المثل بحسن صياغته فيقولون: صياغة هذا الشيء تشبه صياغة يوسف جوجو (وجوجو اسم تحبيب ليوسف) وقد جلبت هذه الشهرة إليه جماعة من شبان النصارى الذين تعلموا منه هذا الفن أو بقوا عنده مدة ثم فارقوه. ومما يزيده قدرا فوق فنية الموسيقى والصياغة نزاهته واستقامته في جميع أعمال حياته. فقد كان رجلا (إسرائيليا لا غش عنده) وأكد مرارا عديدة أنه في حياته الطويلة لم يخدع أحدا بالذهب الذي يصوغه حتى أنه ما كان يضع فيه ذرة من البهرج أو ما يخالف الأصول المرعية عند الصاغة وإثباتا لذلك

كان يقول لهم هذه المصوغة الذهبية التي صغتها لكم إذا أحببتم أن تعيدوها إلي بعد مدة قصيرة أو طويلة فأني أشتريها بثمن الذهب الذي كلفكم وبالحقيقة كان يجري قوله بعمله. ومن مزاياه التي خص به دون غيره من صاغة بغداد أنه إذا عين يوما لإنهاء ما يطلب منه من المصوغات دفعه إلى صاحبه أو صاحبته في اليوم وفي الساعة إذا كان قد عين لهما الساعة ولم يخل بهذا الأمر مرة واحدة في حياته كلها. اللهم إلا إذا وقع عارض لم يكن يتوقعه. ولهذا السبب كان الشغل يتراكم عليه فكان يصوغ طول النهار وربما إلى نصف الليل ولا وقت له للراحة سوى وقت الطعام والنوم. ولم يحد عن هذه المبادئ أبدا وكان قد تلقاها وراثة عن والده وجده. وينقل عن والده أنطون إنه لم يوجد في عهده رجل حسن السيرة والسريرة والأخلاق المهذبة كما كان هو عليها. وقد اقتدى يوسف بوالده فكان متمسكا بدينه ومتمما واجباته ببساطة وحسن نية وتقوى ويؤكد إنه لم يحد عن الطريق المستقيم في إبان شبابه ولا في حياته كلها إذ امتاز بالشغل والجد والسعي إلى أن خانته قواه في آخر أيام صباه ولهذا كسب ثروة طائلة فضلا عما ورثه من أبويه. وقبل أن يغادر هذه الحياة كان مواظبا كل المواظبة على مراعاة أصول ديانته متشوقا إلى رحيله إلى الآخرة حتى أنه قبل وفاته بقليل طلب من نفسه الزاد الأخير ليواجه ربه. وطلب أن يدفن في فناء الكنيسة حتى يجلب مدفنه انتباه المارين به ليصلوا من أجله. ووقف عن نفسه ونفوس أقاربه وآله وقفا مؤبدا لصنع الخيرات. رحمه الله وأبقى لنا في أولاده أحسن ذخر.

مندلي الحالية

مندلي الحالية (تتمة ما سبق) 20 - وصف خلقهم يقول إنه كانوا في زمن الأتراك في غاية الشراسة والتوحش حتى أن أحدهم حكى لي أن الواحد منهم كان يقتل رفيقه لأدنى شيء مثلا (على قطعة لحكم من الجزار) إذا أرادها أحد المشترين ولم يدفعها إليه الثاني فيطعنه حالا بسكين في بطنه ويميته ويقال إنه وجد يوما في الأزقة نحو 30 جثة على الحضيض وملطخة دمائها وذلك لبعض كلمات مهينة للشرف جرت بينهم وهكذا كان يخاف الناس عموماً من الخروج ليلا من منازلهم لسبب هذه الأعمال الفظيعة. ولم تتمكن الحكومة العثمانية من إصلاح شؤونهم وتأدبهم كما ينبغي حتى الاحتلال البريطاني فشرع الإنكليز لأول دخولهم مندلي يشددون على الأهالي بأنواع الصلب والغرامات الثقيلة والعقوبات والجلد القاسي فحينئذ صلحت أمورهم وشرعت المدنية تظهر فيهم ولم يبق من المتوحشين إلا نفر قليل دأبهم الفساد. 21 - صنائعهم إن معظم أهالي القضاء في ضنك شديد وفقر مدقع لقلة الأشغال فتراهم طول النهار يتنقلون من مقهى إلى آخر. وهذا دأبهم والقسم القليل منهم يسمونهم (فلاليح) وهم أهل الزراعة. ويكدون طول النهار في البساتين بعزقها وتمهيدها، وذلك للقاء أجرة زهيدة قدرها ثماني آنات يومياً ويكاد تسد عزوهم أما الذين يعتبرون أصحاب ثروة فلا يتجاوزون المائة ويسمونهم (ملاكين) لأنهم يملكون بعض البيوت والحدائق والمقاهي والدكاكين ومن هؤلاء السيد عبد القادر آغا والسيد عز الدين آغا رئيس بلدية مندلي سابقاً وقد أصبح في سنة 1928 نائبا عن لواء ديالى ونقيب البلدة السيد الياس آغا أخو النائب المذكور وغيرهم ومن الصنائع المعروفة في مندلي الآن - عمل الجاجيم (الجاجيم بساط لفراش النوم) الاحرامات الفاخرة - حياكة جوارب - الغزل على

أحسن طرز - مناديل فاخرة من حرير - كلاش (مداس الليل) من حرير ومن قطن - عمل ثياب صوف (فلانيلات) تصنعها النساء - حبال شعر للشباك - أعبئة صوف - عقل (جمع عقال لشد الرأس) - حصران - أطباق مختلفة من الخوص - عمل سدائر وطنية (السدائر جمع سيدارة وهي قبعة الرأس التي يستعملها العراقيون حديثا). معيشتهم يعيشون على أنواع التمور المختلفة التي يبلغ ضروبها نحوا من تسعين ودونك أسامي أشهر التمور المعروفة فيها مرتبة على حروف الهجاء: 1 - (أزرق - 2 أزرق الأزرق - 3 أزرقاني - 4 أشرصي (أي أكرصي ويقال له أيضاً أشرسي خطأ) - 5 أمير حاج - 6 بادمي (من بادم وهو اللوز في الفارسية أي لوزي الطعم) 7 - بدمجاني - 8 بربند - 9 بربندلكي - 10 برني - 11 بصراوي - 12 بطة - 13 بمركي - 14 بنوش (أي بنفسج) - 15 بهراب - 16 بيراغ دار (أي ببرقدار) - 17 تبرزن (أي طبرزذ) - 18 - ترشاشي - 19 جعفري - 20 جمكة - 21 جوبان - 22 جوزي - 23 خاتوني - 24 خستاوي - 25 خضراوي 26 - خوافروش - 27 دقل أفندي - 28 دقل بقون - 29 دقل عماد - 30 زهدي (ازاذ) - 31 سعادة - 32 سماوي - 33 سكوتي - 34 سيلاني 35 - عرب سيكي - 36 قرنفلي - 37 قره دقل - 38 قسب (قصب) - 39 كلكنة - 40 كلمين - 41 كند كاوي - 42 لقيتوني - 43 مكتوم (مكدوم) 44 - مير علي. ورأيت في هذه السنة (1929) بعض الأميركيين أتوا إلى مندلي فأخذوا من جميع النخل تالات ليغرسوها في أميركة. ويعيش الأهالي أيضا على أنواع الخضراوات والفواكه التي تجلب من بغداد في السيارات وليس في البلدة سوى مطعم واحد (لوقنطة واحدة) صغير يأكل فيه الغرباء وبعض الناس. وفي مندلي خمس كبابخانات (محل لعمل الكباب) وحركة التجارة بطيئة جدا والبزازون الذين فيها لا يتجاوز عددهم الثلاثين ويليهم في العدد بائعو المأكولات (البدالون) ولوازم المعيشة.

وأهم صادرات مندلي الآن أنواع التمور فترى الناس يقصدونها من أنحاء العراق لشراء هذه التمور التي قل مثلها في سائر الربوع. وفي القصبة نوع من العقارب أصفر سام اسمه (الجرار) وهو وإن كان في سائر مدن العراق قليلا، كثير الوجود في (محلة بوياقي ومحلة قلم حاج) وسمي جرارا لأن له ذنبا طويلا يسحبه سحبا ولا يلتوي على ظهره التواء وهذه الجرارات تخرج حالاً من أجحارها إذا سكب ماء فيها وإذا لدغت إنساناً شعر الملدوغ كأنه وخز وخزاً بالإبرة ولا يسري سمها في جسم الملدوغ إلا بعد أربع وعشرين ساعة فإذا عولج المصاب بعد هذه المدة لا يبرأ بل قد يموت وعلاجه يكون بكي المكان الملدوغ فعليه يجب المعالجة حالما يشعر باللدغة. وسم بعضها زعاف فتميت في أول لدغها وقد جربنا أن وضعنا في قنينة واحدة جرارا وعقربا وبعد نصف ساعة رأينا الجرار قد أمات العقرب بسمه. 23 - العلم فيها إن الذين يحسنون القراءة والكتابة في لغتنا لا يتجاوزون المائة (هذا ما عدا تلامذة المدرسة الأميرية الحالية وموظفي الحكومة) أما الذين يحسنون التكلم والكتابة بالفارسية والتركية فيمكنني القول إنهم 20 في المائة وذلك لأن في البلدة كتاتيب يدرس فيها الملالي أصول القرآن واللغتين الفارسية والتركية للقاء أجرة زهيدة تدفع للملا شهريا قدرها ربية. ولهذا أرى رغبة الأهالي في العربية قليلة ومحبذي العلم والتهذيب الحقيقي قليلين. ولكن المدرسة الأميرية الحالية أمكنها أن تخرج بعض الشبان المنورين وبعد أن دخلوا مدارس أخرى في العاصمة أرقى من هذه المدرسة. أخص من هؤلاء بالذكر محمد صالح آل ناصر آغا من الأشراف ثم زينل خماس وكلاهما من خريجي دار المعلمين الأولية ببغداد. وأصبحا الآن مدرسين في مدرسة مندلي. وآخر أخرج ضابطا من المدرسة الحربية اسمه نجم الدين ابن السيد خضر آغا. وآخرين خرجا من الكلية الأعظمية وهما جليل وعمران أولاد موسى أفندي من الأشراف وآخر من الثانوية اسمه محمود مظفر وهكذا شعرت مندلي بحاجة إلى العلم وأخذ أبناؤها يجدون للحصول عليه وبسبب تمدنهم هذا أنهم ينظرون إلى ما جاورهم من أبناء

البلاد الأخرى فيرغبون في الاقتداء بهم ولا سيما أكثر الأهالي يسافرون إلى العاصمة وحينما يتحققون سير العلم وأهميته فيها وانتشاره العجيب وكثرة المدارس واكباب جميع الناس على تحصيل الآداب والعلوم يرجعون إلى بلدتهم متدفقين غيرة ونشاطا فيبعثون هذه الفكرة بين ظهرانيهم بالكلام والتشجيع والنصائح وغير ذلك وسوف نرى مندلي بعد سنين قليلة في عداد المدن المتمدنة. والبلدة تشتمل الآن على مدرسة ابتدائية أميرية تامة العدة ذات ستة صفوف وهي قريبة من صرح الحكومة ونظم فيها الصف السادس في أيلول من سنة 1927 وما زالت في تقدم يوما فيوما يسعى رئيسها المفضال (نظيف أفندي) مدير مدرسة بعقوبا سابقا. ومعلميها الكرام الذين يبذلون كل مجهودهم لإعلاء شأنها وترقيتها بجميع الوسائل الممكنة وقد بلغ مجموع تلامذتها نحو المائة والعشرين ونؤمل أن يزداد هذا العدد أضعافه لأنه قليل بالنسبة إلى سكان البلدة وهذه المدرسة قديمة يرتقي عهدها إلى نحو 30 سنة وقد كان في بناء هذه المدرسة نواقص كثيرة فأتمت وأصلحت منذ سنة 1926 إلى سنة 1929 وذلك لقدم البناء وميلان أكثر جذوع السقف ولا نزال تجري الإصلاحات فيها وبنى فيها غرفتان جديدتان في سنة 1928 بسعي مدير المدرسة السابق (أحمد حمدي) فبلغ ما أنفق على تعميرها وإصلاحها في هذه السنين ما ينيف على 3000 ربية فصار عدد غرفها الآن تسعا: غرفتان للمدير والمعلمين وواحدة لأدوات الكشافة والست الباقيات للصفوف الستة والمدرسة ذات طبقة واحدة فقط. وفي عهد الأتراك كان عدا المدرسة المذكورة مدرستان أخريان الواحدة رشدية أرقى من الحالية وقد تخرج فيها أكثر أدباء مندلي وأشرافها أذكر منهم السيد عز الدين آغا النقيب وأخاه الياس آغا. والسيد محمود آغا رئيس البلدية في سنة 1929 والسيد ظاهر البندنيجي وغيرهم أما الآن فقد أصبحت مقرا للسيارات (كراج) والمدرسة الأخرى أولية كان فيها 3 صفوف والآن هي بيت كسائر البيوت. فكانت المدارس الرسمية إذاً ثلاثا في زمن الأتراك والآن ليس فيها إلا واحدة وفي المدينة مدرسة صغيرة للإسرائيليين يدرسون فيها أصول ديانتهم واللغة العبرية ولا يتجاوز عدد تلاميذها الثلاثين. (ميخائيل توماس أحد المدرسين في وزارة المعارف العراقية)

عبرة أولي الأبصار في ملوك الأمصار

نبذة من كتاب عبرة أولي الأبصار في ملوك الأمصار أبعث إليك بفصل من كتاب خطي نفيس اسمه (عبرة أولي الأبصار في ملوك الأمصار) لمؤلفه اسمعيل بن أحمد بن سعيد بن الأثير الحلبي الشافعي والمؤلف فقد بعد واقعة غازان في ربيع الأول سنة 699 والتفاصيل تبين جليا أن ما أبداه بروكلمن من الملحوظات في كتابه (تاريخ الآداب العربية) في 341: 1 غير صائب إذ نرى المؤلف ووالده كانا شاهدي عيان للحوادث التي يرويها الكاتب. ومن نكد الحظ أن النسخة المكتوبة في سنة 730 للهجرة أي في حياة ولد المؤلف نجم الدين أحمد بن اسمعيل العلامة المشهور المتوفى سنة 737هـ لا تحوي إلا الجزء الثاني أما الفصول التي تروي الأخبار الخاصة بالمغول والتي وعد بذكرها صاحب الكتاب فناقصة منه ولا أعلم السبب وفي سنة 667 من الهجرة وهي سنة وفاة هولاكو لا يذكر المؤلف كلمة عن هذا الحادث المهم. فإن كنت ترى في هذا الفصل فائدة لقراء (لغة العرب) فوافهم به. وإلا فألقه في سلة المهملات. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو 76) وفي سنة خمسين (وستمائة) أرسل علاء الدين صاحب (الموت رسولاً) إلى الملك الناصر (صاحب حلب) وعلى يده كتابان أحدهما أعجمي والآخر مترجم وكان مضمون المترجم: إنه اتصل بي أن للسلطان قد شغل نفسه وعساكره بفتح مصر ومولانا يعلم أن هولاكو أخا منكوقان قد خرج من قراقرم وهو واصل إلى والي الخليفة وإلى الروم وإليك وإلى مصر وهذا الخليفة غافل عن نفسه وأنا أعلم أنه متى قصدوه أخذوه لسوء تدبيره وتفرق عساكره وقلة الجند عنده وهمته مصروفة إلى تحصيل الجواري المطربات وقد تحقق العدو المخذول عجزه وعجز صاحب الروم وباقي الملوك شغلوا

نفوسهم بحرب بعضهم بعضا والنار من ورائهم محرقة، وهم لا يعلمون فيقوم قيام مثله ويجهد في جمع كلمة ملوك الإسلام ليهتموا بلقاء العدو الذي لا يبقى ولا يذر ولا تهولنكم ما سمعته فإن هولاكو قد خرج ومعه من المغل عشرة آلاف لا غير ويكون مع أبجي نوبن مسانو عشرون ألف أخرى ومتى اهتممتم بأمره وأعلم أنكم تلاقوه عدل (كذا) عن لقائكم وقد أعذر من أنذر. وحكى لي والدي رحمه الله أن الملك الناصر لما اتصلت به هذه الحكاية من كتاب علاء الدين المشار إليه قال: كنا بدمشق فأرسل إلي ليلا وأمرني بالكتابة بهذه الصورة إلى صاحب مصر الملك المعز وأمر نظام الدين بن المولى أحمد كاتب الإنشاء بالمكاتبة إلى الخليفة بالصورة فلم تتم تلك الليلة إلى أن جهز كتاب الخليفة وكتاب الملك المعز صحبة البحاثين كل لهذا الأمر في غاية 77) التيقظ والتحفظ والاهتمام بحسم المادة فيها فلا برح حاله يتقهقر وأصحابه يخونونه والأقدار تسوقه إلى أن أخذت البلاد منه ومن بقية الملوك وهو لا ينجي بنفسه ومن جملة أنه ورد عليه الخبر بأخذ حلب واستيلاء العدو على حريمه وهو منشغل عن ذلك بإملاء ما على خطره من الشعر وكان ذلك في معرض أن الله تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه وإذا أراد نقض دولة لا يقدر واحد على إبرام أمره ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. 792 سنة 654 وفيها هلك آتو خان أحد ملوك التتار ووردت الأخبار إلى الشام بهلاكه في سنة خمس وخمسين. وقيل إن امرأته سحرته فمات من سحرها فقتلوها. وفي سنة أربع وخمسين وستمائة وصل رسول من هولاكو إلى دمشق وهو أول رسول وصل منه إلى الملك الناصر ومضمون رسالته بأخذ قلاع الاسمعيلية لنفسه. فلم يوافق الملك الناصر على ذلك. 802 وفي سنة خمس وخمسين أرسل بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل رسولا إلى الملك المعز صاحب مصر يقول له: إنني قد أضعفت لك قلب الملك الناصر بتهويل أمر التتار والتخويف منهم وأحضه على الاهتمام بمن وراءه ولم يكفني ذلك حتى أوهمته من التجربة لئلا يأمر إليهم ولا يثق بهم. وأشرت على التتار أن يكرروا عليه الرسل بالحوالات والأفراحات حتى يفنوا خزائنه وأمواله

وأوقفت في نفوسهم الخوف منك وحذرتهم من قصدك والتعرض لك ويحذره من شجر الدر زوجته ويعرفه أن لها باطنا مع الملك الناصر. 812 وفي هذه السنة أرسل إلى الملك الناصر رسولا يطلبه إليه فلم يقدر على ذلك وجهز إليه الملك المفضل بهدية سنية. وحكى عز الدين بن شداد في تاريخه قال: أرسلني السلطان إلى هولاكو مع المفضل صلاح الدين بن الملك المفضل قطب الدين موسى بن صلاح الدين يوسف فلما وصلت إلى حلب اجتمعت بالشيخ شرف الدين الحوراني واستشرته في سفري فقال: لا تتم سفرك لأن بغداد تؤخذ في أوائل السنة الآتية: ويقتل الخليفة ثم سبه سباً فظيعاً على عدم اهتمامه بملاقاة التتار وتفريطه في حق المسلمين. ثم قال لي: عزمت على خلاص بغداد فقيل لي: إن هؤلاء قوم لو تكررت عليهم الحدود فدوخت عليهم القتل فلا يدخل بيننا وبينهم. وأخذت بغداد في سنة ست وخمسين وقتل الخليفة وكان الأمر كما قال. وبطل عز الدين بن شداد الرسالة وعاد الزين الحافظي إلى حلب من عند منكوقان في العشر الأوسط من ذي الحجة وأخبر بوفاة الملك الجواد نجم الدين أيوب بن تاج الملوك ناصر الدين محمد بن المعظم (وقد كان سافر إلى أردو منكوقان) ووصل مع الزين الحافظي من التتر رسولان أحدهما كاكو أغا والآخر تتلمش فأخذوا في استفساد الرعايا واستمالتهم إلى العدو وفي سنة ست وخمسين أخذت بغداد وقتل الخليفة على تفصيل أخباره في شرح أحوال التتر. (أتأسف أن هذا التفصيل لا وجود له في النسخة) وفيها سافر الملك العزيز ابن الناصر رسولا إلى هولاكو وصحبه الزين الحافظين واخذوا ما كان قد سيروه مع الملك المفضل من الهدية واستصحبه الملك العزيز والزين الحافظي فساروا حتى اجتمعوا بهولاكو في بيلقان 81) فلما اجتمعوا به أكرم الملك العزيز وقبل هديته وأحضر له أبا بكر ابن الخليفة فقال للملك العزيز: لو كان أبي في خدمة منكوقان وطوعه ما جرى عليه ما سمعت به ولا أخذت منه بلاده. ثم قال هولاكو للملك العزيز: لا بد أن يحضر إلي أبوك فأن في حضوره مصلحة له، ولا يتعذر بعذر، وادعى عليهم بمن كان هرب إليهم من بغداد وقال: إنا على عزم قصده فنهتني العلوفة لعسكري. ثم

رحلوا عنه بعد أن أقاموا عنده شهرين في تخويف وترغيب فالتقوا بها ركن الدين صاحب الروم متوجها إلى هولاكو شاكيا لأخيه عز الدين فبعث معه رسولا إلى عز الدين فوفق بينهما أن اقتسما بلاد الروم. 84 وفي هذه السنة (يعني سنة 658) استولى هولاكو على حلب وكان نزوله عليها ثالث صفر ولما وصل خبره إلى دمشق بعث الملك الناصر جمال الدين أيدغدي أحد مماليكه لكشف الأخبار فلما وصل إلى حلب وقع عليه (كذا) التتار فقبض جمال المذكور وأحضر بين يدي هولاكو وسأله عما جاء فيه فأقر فخلع عليه وقال: (لا تخف من يرى وجهي ما يموت). ثم أمر بأن يطاف به على العساكر التي له فلما رآها قال له: سر إلى الملك الناصر وعرفه ما رأيت وقل له عني: أنا ما جئت إلا بكلامك وكلام رسولك الحافظي لأنك قلت إن أكثر عساكرك لا يوافقونك على طاعتي وأنهم يمنعونك من الوصول إلي وأني جئت لأقتلهم فإن قدرت أن تجيء فتعال وأنا أعطيك البلاد وإن لم تقدر فخذ من يوافقك على طاعتي واهرب بمن بدا وانحاز إلى بعض القلاع لا تحقق طاعتك فأكافئك. ثم شرعوا في الحصار وحفروا خندقا حول البلد ونصبوا المجانيق وبنوا سورا أبوابها تجاه أبواب البلد وجدوا في القتال إلى أن ملكوها يوم الاثنين تاسع شهر ربيع الأول. . . فأقام هولاكو بحلب بعد أخذها ستة عشر يوما بترتيب أحوالها ثم رحل عنها إلى حارم وأمر بخراب الأسوار. فلما اتصل بالملك الناصر استيلاء هولاكو على حلب خرج من دمشق وصحبته عساكره وبقي في دمشق الزين الحافظي ونجم الدين أمير حاجب فلما وصل إلى الكسوة لامه الأمراء على استبقاء الزين الحافظي ولم يقتله. فأرسل إليه يطلبه فغلق أبواب دمشق وسيره إلى التتار يطلبهم لتسليم دمشق فوصلت جماعة من نواب هولاكو فدخلوا المدينة وأنزلوا في دار الحقيقي وحكموا أياما قلائل وحصر بدر الدين قريجا النائب في دمشق فلم يسلم القلعة ونصبت المجانيق لمحاصرتها وافتاه محيي الدين بن الزكي وكمال الدين التفليسي بأنه لا يحل له القتال فلم يلتفت إليه (كذا) وأمر عليه إلى أن وصل كتبغانوين وكان هولاكو قد بعثه في عسكر إلى الساحل وديار مصر فنزل على القلعة وحاصرها فلما اتصل ببدر الدين توجه الملك الناصر إلى الشوبك وتفرق عساكره أيس

منها فسلمها وما كان فيها لنواب هولاكو. ولما تسلموها كتب الحافظي إليه كتاباً يعرفه بذلك وينهى إليه عصيان وإليها فوصل الجواب إلى كتغانوين بقتل الجميع. فحضر الملك الأشرف ابن صاحب حمص ولك هولاكو قد ملكه على الشأم والزين الحافظي وقال له كتبغان هؤلاء ما لهم عندي ذنب فإن كنت تعرف لهم ذنباً فاقتلهم أنت بديك، فضرب الزين الحافظي رقبة بدر الدين بن قريجا والنقيب وقتل شجاع الدين وابن أخته. وفيها أخذت ميافارقين عند عود هولاكو من الشام وقتل الملك الكامل صاحب ميافارقين بعد محاصرتها مدة وبلغ السعر فيها مكرك القمح لكيل ميافارقين خمسة وأربعين ألف درهم ورطل الخبز وهو سبع مائة وعشرون درهما وستمايهم (كذا) واللحم ستمائة الرطل واللبن فسبع مائة الرطل والعسل سمايهم (كذا) الأوقية والبصلة بثلثة وخمسين درهما وبيع رأس كلب بستين درهما وبيعت بقرة لنجم الدين مختيار (كذا لعله بختيار) بسبعين ألف درهم فاشترى الملك الأشرف رأسها وكوارعها بستة آلاف درهم وخمس مائة ومن ذلك وأشباهه. ولما قتل الملك الأشرف سير برأسه إلى الشام وطيف به في دمشق وعلق على باب الفراديس بدمشق. ثم أخذه مجد الدين أمام مسجد رقية ودفنه في طبق إلى جانب محراب المسجد رحمه الله. وفي هذه السنة سير هولاكو رسله إلى الملك المظفر قطز صاحب الديار المصرية فوسطهم على باب زويلية وأسلم واحد منهم. وفي شهر رمضان سنة ثمان وخمسين كانت كسرة التتار على عين جالوت وقتل كتبغانوين وهرب الزين الحافظي والأشرف صاحب حمص فلما وصلوا إلى قارا عرج الملك الأشرف وتوجه إلى. . . وسير لطلب أمانا من المظفر وطلب منه الوفاء بما كان وعده فأجابه إلى ذلك فوصل إليه في شوال فأعطاه حمص والرحبة وتدمر وأجرى البأس على عوائدهم في الأيام الناصرية وأمر بنهب النصارى وأرسل إلى القاهرة في إطلاق الأمراء المعتقلين فخرجوا والتقوه في الطرائق عند عودة إلى القصير واستناب في دمشق علم الدين سنجر الحلبي واستناب في حلب علاء الدين علي ابن صاحب الموصل وخوطب بالملك السعيد

فوصل إليها وصادر جماعة من أهلها وجعل ذويهم كونهم لم يقدموا له شيئا عند وصوله وحصل منهم مالا كثيرا. ثم عاد الملك المظفر إلى الديار المصرية فقتل بجانب القصير وهو في الصيد وكان المباشر لقتله ركن الدين بيبرس البندقداري أما ما كان من أمر الملك الناصر فإنه ما برح يخادع ويساق إلى التتار إلى أن وصل إلى هولاكو وقعد عنده أياما يسيرة فلما بلغ هولاكو كسر عسكره على عين جالوت وقتل كتبغانوين مقدم عسكره الذي له أمر بضرب عنق الملك الناصر وأعناق من كان معه وكانوا مائة وخمسين نفرا وكل قتله في ثامن عشر شوال من سنة ثمان (وخمسين) بمكان يعرف بقطر ذراع من أعمال سلماس وله من العمر إحدى وثلاثين سنة (كذا). ثم استهلت سنة سبع وستين وستمائة. . . وفيها وصل رسول أبغا ولد هولاكو إلى الملك الظاهر يطلب الصلح. (ونسي المؤلف ذكر هلاك هولاكو لعله في جزء فيه أخبار التتار ولكن هذا الجزء مفقود إلى الآن). وقال الناسخ في آخر النسخة المنقول منها هذه الأخبار. تم الجزء الثاني من كتاب عبرة أولي الأبصار في ملوك الأمصار والله الموفق للصواب ذلك في العشر الأخير من المحرم سنة ثلثين وسبع مائة على يد الفقير إلى رحمة ربه أحمد بن علي المعروف بالظهر الناسخ الخ. عيره كذا وعيره بكذا قال في مختار الصحاح (عيره كذا: من التعيير أي التوبيخ والعامة تقول: عيره بكذا) فأقول ليس ذلك كلام العامة وحدهم بل كلام الفصحاء أيضاً ففي (25: 1) من الكامل (فقال خالد أطعموني ماءا وهو على المنبر (فعير بذلك) وفي ص 117 منه (ولذلك عيرت بنو تميم بحب الطعام) والذي عندي أن (عير بكذا) أفصح من (عيره كذا) لأن معنى التعيير هو التوبيخ ولا وجه لنصبه مفعولين ولأن الفعل محتاج إلى (باء السببية) فنقول (وبخه بعجزه عن الكلام وعيره بحبه للطعام انظر نقدنا للأغاني في هذه الجزء) مصطفى جواد

مشاهير جمع مشهور

مشاهير جمع مشهور والمسوع من جمع مفعول على مفاعيل في مجامعنا العلمية اليوم قوم أولعوا بالتنطس في اللغة وتضييق الخناق على المتأدبين حتى في الشائع المأثور الذي ألفته الأقلام وتداوله الخاص والعام فقد دفع أخيراً حب التقليد أحد شيوخ مجمع بيروت الآن إلى تكرار ما طال ترداده من إنكار جمع حاجة على حوائج ووضع الباقة للزهر موضع الطاقة. وقد سبق لنا في مجلة الآثار (1927 ص 425 - 429) تعداد جملة صالحة من الأمثال في النثر والنظم شاهدة بصحة استعمال الباقة بلا مراء. وأما الحوائج فقد مضى الحكم فيها منذ دهر ولم تبق حاجة إلى الحذلقة في معناها بعد شيوعها كل هذه القرون في دواوين الشعراء وكتب الأدب والفقه والتاريخ والسير فضلا عن المخاطبات الرسمية من العهود والتواقيع والمراسيم والتقاليد بحيث قطعت جهيزة فيها قول كل خطيب ولم يبق بعده أقل حق لمتأخر أن يهدم منها لغير داع ما بناه المتقدمون وأهم مزيتهم في العلم وسابقتهم في اللغة وكلمتهم فيها الكلمة العليا. ومن جملة هذه الألفاظ التي يحاول اليوم بعض الخلق إماتة ما أنشأه منها السلف جمع مشاهير المشهور فقد عده أحد رجال مجمع دمشق (خطيئة) لا تغتفر (مجلة المجمع 1927 ص 383) وتابعه عليها بعض أساتذة مصر (المقتطف 1928 ص 457) بدعوى إنه لم ينقله أحد من أئمة اللغة. كأن كتب اللغة التي انتهت إلينا تشتمل على كل ما نطقت به العرب وكل ما ينتظم في سلك كلامهم من طريق القياس والسماع. أو كأنها نقلت لنا كل ما أحدثه عصر التمدن والحضارة في اللغة منذ الخلافتين الأموية والفاطمية إلى انقراض العباسيين بمصر من الأبنية والصفات والأفعال التي صاغها جلة الكتاب والمترسلين لتفريع بعض المعاني عليها ونحوا فيها منحى العرب في الوضع والاشتقاق. ولو شاء اليوم أحد مجامعا العلمية أن يخصص بعض الكفاة من رجاله لتتبع هذه الألفاظ الطارئة على اللغة

في دواوين البلغاء ولا سيما الذين تولوا منهم رئاسة دواوين الإنشاء في القرون الأولى في ما حفظ من مخاطباتهم الرسمية وبينهم الملوك والوزراء أرباب الأقلام وأمراء الكلام لوقفوا منها على ما لا تبلغه الظنون كثرة وتنوعا. فهل ينبغي اليوم أن تطرح كل هذه الألفاظ ويحكم على مبتدعيها وهم هم بالوهم واللحن وعلى مقتفيهم بالخطأ والزلل بحجة أن المعاجم لم تنبه عليها أو لم تنص على كل صيغها ومشتقاتها. ولا بأس أن نتوسع هنا قليلاً في نقل ما يحضرنا من الشواهد على كثرة ورود جمع مشاهير في كلام بعض الأئمة وأكابر الكتاب والمؤلفين من السلف وأول ما نبدأ منها بقول الزمخشري صاحب معجم أساس البلاغة ومكانه معروف في الحفظ واللغة في ما كتبه إلى أبي طاهر السلفي بالإسكندرية (أما الرواية فحديثة الميلاد قريبة الإسناد لم تستند إلى علماء نحارير ولا إلى أعلام مشاهير (إرشاد الأريب لياقوت ج 7 ص 150). ومثله للحريري في درة الغواص في كلامه على إدخال ال على غير (ولهذا السبب لم تدخل الألف واللام على المشاهير من المعارف (ص 43 من طبعة ليبسيك) وقبلهما في أدب الكاتب لابن قتيبة (ومنازل القمر مشاهير الكواكب التي تذكرها العرب في أشعارها) (ص 97) وللحافظ أبي سعد السمعاني في ترجمته لمحمد بن منصور المعروف بعميد خراسان وكان في أول أمره من السوقة ثم بجده وكفايته ارتفعت درجته إلى أن صار من مشاهير خراسان والعراق) (تاريخ بغداد للبنداري باريس رقم 6152 ص 77) ولابن حوقل في المسالك والممالك (ابن سيرين والمشاهير من علماء البصرة (ص 16) وفي الصفحة نفسها من مشاهير أنهارها الأبلة) وللاصطخري في مسالك الممالك (والمشاهير من ديار العرب) (ص 15) ومن مشاهير مدن الأندلس جيان (ص 41) ولياقوت الرومي في إرشاد الأريب (ليس فيهم عشرة ضعفاء وسائرهم أعلام مشاهير) (ج 2 ص 296) وفي ترجمة دعبل بن علي (كان من مشاهير الشيعة) (ج 4 ص 164) ومثله في المجلد الخامس ص 229 والسادس من 18 إلى غير ذلك مما لا حاجة إلى استقصائه. هذا في المشرق. وأما في المغرب فلابن خلدون في كتاب العبر (وإن وجد

لمشاهير العلماء تأليف) (ج 2 ص 18) وللشريشي في شرحه مقامات الحريري (سارت مسير النيرين بين مشاهير الجماهير (ج 1 ص 3) وللسان الدين بن الخطيب في الإحاطة بأخبار غرناطة (شلبر جبل الثلج أحد مشاهير جبال الأرض (ص 14) ولابن لقيط الرازي الأندلسي (كتاب مشاهير الأندلس في خمسة أسفار (إرشاد الأريب ج 2 ص 77) ولمحمد بن عبد الملك بن زهر الاشبيلي المتوفى سنة 595 من موشح له: قصرت عنه مشاهير الصفاح ... وانثنت بالذعر أغصان الرماح (إرشاد الأريب ج 7 ص 24) وهذا القدر كاف للدلالة على شيوع استعمال هذا الجمع في كل عصر وقطر دون أن يتصدى أحد لتخطئته وإنكاره وهذا الخفاجي تعقب الحريري حرفاً حرفا في تعليقاته على درة الغواص ولم يستدرك هذه اللفظة عليه ولنا في إجماع مثل هؤلاء العلماء على قبول هذا الجمع وتسويغه حكم لا يرد ومثال يجب أن لا يتخلف عن احتذائه أحد. ومن الغريب أن كل من تكلم عن جمع مفاعيل لمفعول اقتصر منه على سرد بضعة ألفاظ أوصلها المكثر منها إلى سبعة عشر. وقد تتبعتها في كل مظانها من فصيح ومولد وعامي فاجتمع لي منها - ولم أبلغ الغاية من الاستقراء والمطالعة - 66 حرفا رأيت من الفائدة أن أنقلها هنا مرتبة على حروف المعجم ب مباريم جمع مبروم لنوع من الأسورة عامي. ج مجابيب جمع مجبوب للخصي استعملها ابن جبير في رحلته في كلامه عن ملك صقلية قال: (وشأن ملكهم هذا عجيب في حسن السيرة واستعمال المسلمين واتخاذ الفتيان المجابيب) - مجاذيب ومجذوب في اصطلاح الصوفية وعند العامة بمعنى الأبله قال المحبي في ترجمة الشيخ أحمد المعروف بالقارئ (لامه شيخ الإسلام المولى أسعد لما مر على حلب على كونه يحلق لحيته مع كون ذلك بدعة. قال هكذا وجدنا أستاذنا قال أستاذكم كان مجذوبا وأنتم عقلاء (خلاصة الأثر ج 1 ص 210). - مجاميع جمع مجموع أو مجموعة

- مجانين ومجنون. - مجاهيل ومجهول. قال ابن العديم (وصالح المسلمون الفرنج على تسليم البلد وجميع ما فيه. . . وعلى خمس مائة أسير مجاهيل الأحوال) (زبدة الحلب ص220) وفي لسان العرب أرض مجهولة وأراض مجاهيل. ح محابيس جمع محبوس. قال ابن شاكر الكتبي في ترجمته محمد بن بدر المعروف بالأكال (جميع ما يتحصل له يتفقد به المحابيس والمحاويج) (فوات الوفيات ج 2 ص 25) ووردت أيضاً في كتاب الكردان وغيره من كتب التاريخ والتراجم - محاذير جمع محذور. - محاصيل ومحصول بمعنى الغلة والدخل. - محاسيب جمع محسوب (طالع ما ورد في تفسير هذه اللفظة في مجلة الضياء السنة الأولى ص 659). خ مخاتيم جمع مختوم بمعنى الصاع. - مخاديم جمع مخدوم بمعنى السيد والمولى في مقابلة الخادم. قال الكتبي في ترجمة القاضي عبد الوهاب بن فضل الله العمري (كان مخاديمه يحترمونه ويعظمونه) (فوات الوفيات ج 2 ص 28). - مخازيم جمع مخزوم أو مخزومة لنوع من الأوراق والحسبانات في مصطلح الدواوين. قال ابن مماتي (الجهبذ كاتب برسم الاستخراج والقبض وكتب الوصولات وعمل المخازيم والختمات (قوانين الدواوين ص 9). - مخاليق جمع مخلوق في كلام العامة. - مداخيل جمع مدخول بمعنى الدخل. - المداعي جمع مدعو أو مدعي في اصطلاح العامة. - مراجيع جمع مرجوع للوشم المجدد مرة بعد أخرى. ومنه قول زهير: ودار لها بالرقمتين كأنها ... مراجيع وشم في نواشر معصم - مراسيم ومرسوم للكتب السلطانية. - مراكيب جمع مركوب بمعنى الحذاء عند العامة. - مزامير جمع مزمور ومزمار

س مساتير جمع مستور من لا يملك فوق حاجته. قال عبد اللطيف البغدادي (ثم نشأ فيهم أكل بعضهم بعضاً حتى تفانى أكثرهم ودخل في ذلك جماعة من المياسير والمساتير (الإفادة والاعتبار ص 50). - مساطيل جمع مسطول لآكل الحشيش والبنج ولابن عفيف الدين التلمساني (فوات الوفيات ج 2 ص 265): وقعت بالرشف على ثغره ... وقع المساطيل على الحلوى والمسطول عند العامة الأبله. - مساليخ جمع مسلوخة زادها الرضي في شرح الكافية. - مساميح جمع مسموح لنوع من الكتب السلطانية في المسامحة بالبواقي من المكوس والضرائب. جاء في المخطوط الموسوم بديوان الإنشاء في خزانة باريس رقم 4439 ما نصه: (قطع العادة فيه تكتب التواقيع والمراسيم الصغار. . . وبعض المساميح والأمانات (ص 178) ش مشائيم ومشؤوم. - مشاحيف جمع مشحوف لضرب من القوارب في العراق (المشرق 1929 ص 85) - مشاريع ومشروع. - مشاغيل جمع مشغول ومشغولة. استعملها الجاحظ في رسالة القيان في قوله (لأن فكرها وقلبها ولسانها وبدنها مشاغيل بما هي فيه (73). ص مصاريف ومصروف بمعنى النفقة عند المولدين ومنه قول البدري في كتابه نزهة الأنام في محاسن الشام في كلامه عن قبتي الجامع الأموي (أودع بهما الوليد كتب أوقاف هذا الجامع ومصاريفه (ص 42). ض مضامين جمع مضمون في كلام النحاة. والمضامين أيضا ما في أصلاب الفحول وقد نهي عن بيع المضامين والملاقيح. ط مطاعيم جمع مطعوم في اصطلاح الأطباء يعنون به المادة التي يطعم بها الإنسان لاتقاء الأمراض. مطاليب ومطلوب. مطامير جمع مطمورة للحفيرة تحت الأرض.

ظ مظاريف جمع مظروف معصرة للزيت يديرها الماء. مولدة (محيط المحيط). غ معاجين جمع معجون وهو في عرف الأطباء كل دواء مركب مدقوق. - معاريض ومعروض لما يعرض من القصص وغيرها. - معازيم جمع معزوم وهو عند العامة كل مدعو لفرح أو وليمة. - معاليم جمع معلوم بمعنى الراتب والأجرة عند المولدين. غ مغاضيب جمع مغضوب للداعر المتلصص عند العامة. ف مفاتيل جمع مفتول وهو عند العراقيين برج مستدير يصعد إليه بدرج لولبية من داخل (لغة العرب 1982 ص 444 من الحاشية). - مفاعيل ومفعول في كلام النحاة والعروضيين والمولدين. - مفاقيع جمع مفقوع بمعنى المجنون في عرف العامة. - مفاليج جمع مفلوج للمصاب بداء الفالج. ق مقادير جمع مقدور للأمر المحتوم. - مقاصير جمع مقصورة. - مقاطيع جمع مقطوع أو مقطوعة في اصطلاح العروضيين والشعراء. وفي لسان العرب سواء كان النصل مركباً في السهم أو لم يكن مركباً سمي قطعاً لأنه مقطوع من الحديد. وربما سموه مقطوعا والجمع مقاطيع. ك مكابيس جمع مكبوس ويطلق في عرف العامة على كل ما يحفظ في الخل ونحوه من الثمار والخضراوات. - مكاتيب ومكتوب. - مكاسير ومكسور زادها الرضي في شرح الشافية. - مكافيف جمع مكفوف للضرير. ل ملابيس جمع ملبوس. - ملاعيب جمع ملعوب في عهد المماليك على بابات الخفاء والشعوذة والخفة وحركات أرباب المصارعة والمعالجة والمثاقفة والملاكمة والمناطحة بالكباش والمناقرة بالديوك. استعملها المقريزي مرارا في تاريخه السلوك لمعرفة دول الملوك (ج 1 ص 536 و540 باريس 1726) وابن تغري بردي في المنهل

الصافي (ج 3 ص 3 باريس 2070) والبدري في نزهة الأنام (63). - ملاقيح وهي الأمهات وما في بطونها من الأجنة جمع ملقوحة. - ملاعين وملعون. - مماليك ومملوك. م مماسيخ جمع ممسوخ تقوله العامة لمن كان دميما غير تام الخلق. ن مناحيس جمع منحوس وردت في تاج العروس واستعملها المحبي في خلاصة الأثر (ج 2 ص 26) وابن ميسر في تاريخه (81) - مناسيب جمع منسوب لما كان معروف النسب من الخيل والطير. - مناشير جمع منشور وفي تاج العروس هو ما كان غير مختوم من الكتب السلطانية. - مناكيد كأنه جمع منكود ولم يصرح بمفرده. هـ مهابيل جمع مهبول للأبله في كلام العامة. - مهازيل جمع مهزول للمصاب بالهزال. ومواضيع جمع موضوع. - مواليد جمع مولود ومنها المواليد الثلاثة عند الحكماء المعدن والنبات والحيوان. ي مياسير جمع ميسور خلاف المعسور وقد سبق شاهده من كلام عبد اللطيف البغدادي. - ميامين جمع ميمون. وللسان الدين بن الخطيب (في اللمحة البدرية في الدولة النصرية ص75). سلطان عدل وبأس غالب وندى ... وفضل تقوى وأخلاق ميامين وهذه الجموع على كثرتها وشيوعها على ألسنة الكتاب والمتكلمين في كل عصر يصح أن يحتج بها على عدم الشذوذ. ولا ريب أن هنالك اعتبارا كافيا حدا الخاصة والعامة على اتخاذ هذا الجمع قياساً كلما دعت الحاجة إليه. ولعل أحسن ما قيل في توجيهه ما ذكرته مجلة الضياء في سنتها الرابعة (1902 - 1903 ص 329 - 340) قالت: (والذي عندنا أن صيغة مفعول لا تجمع إلا بعد سلخها عن معنى الحدوث وإلحاقها بالأسماء كما أن نحو القاضي لا يجمع على

قضاة إلا بالشرط المذكور. فقول هؤلاء قضاة البلد وقد حكموا على فلان قاضين عليه بكذا. وإذا استقريت الألفاظ المذكورة (من جمع مفاعيل لمفعول) وجدت بعضها على ما ذكرناه وبعضها لا يمتنع ذلك فيه. فإن صح هذا لا يبعد أن يكون جمعها كذلك قياسيا والله أعلم. أفالون (فرنسة): حبيب الزيات لغة العرب كنا قد جمعنا نحن أيضاً ما جاء من مفعول على مفاعيل فإذا كل ما عثرنا عليه وجده حضرة صديقنا المحقق السيد حبيب الزيات، وفاته ما يأتي مرتبا على حروف الهجاء أيضا: مثقوب ومثاقيب. وردت في التاج في مادة ثقب. مخلوف ومخاليف. التاج في خلف. يقال بعير مخلوف وإبل مخاليف. مرجوحة ومراجيح. ذكرها اللغويون. مسحوق ومساحيق. مولدة مذكورة في كتب الطب ومفردات ابن البيطار وتذكرة داود الأنطاكي البصير. مسعود ومساعيد. التاج في سعد. مسلوب ومساليب. قال سيبويه (210: 2 من طبعة مصر) وقد قالوا على غير القياس مشادين ومطافيل. شبهوه في التكسير بالمصعود والمسلوب فلم يجز فيهما إلا ما جاز في الأسماء إذ لم يجمعا بالتاء. اهـ. مشبوب ومشابيب. التاج واللسان والنهاية لابن الأثير. مشطور ومشاطير. كتب اللغة والنحو والعروض وراجع التاج في خضع. مصروع ومصاريع. قال لبيد: محفوفة وسط اليراع يظلها ... منها مصارع غابة وقيامها قيل المصارع جمع مصروع من القضب. يقول منها مصروع ومنها قائم. والقياس مصاريع كما في اللسان ورواه الصغاني منها مصرع غابة (التاج). مصعود ومصاعيد. راجع ما نقلناه عن سيبويه في ما قلناه عن مسلوب. مصنوع ومصانيع. قال في اللسان في قوله: لا أحب المثدنات اللواتي ... في المصانيع لا ينين اطلاعا

ويجوز أن يكون جمع مصنوع ومصنوعة كمشؤوم ومشائيم ومكسور ومكاسير (اللسان). مضروب ومضاريب. في اللسان في مادة منجن وكذا في التاج ما هذا نصه: (وقول الجوهر: والميم (في منجنون) من نفس الحرف. لما قلناه في منجنيق لأنه يجمع على مناجيق يحتاج إلى بيان. ألا ترى أنك تقول في جمع مضروب مضاريب. فليس ثبات الميم في مضاريب مما يكونها أصلا في مضروب) اهـ. فالظاهر من كلام ابن السكيت وهو المعترض على الجهوري أن جمع مفعول على مفاعيل قياسي مطرد خلافا لما شاع عند النحاة. مطحول ومطاحيل. ذكره الزمخشري في الأساس في مادة بحر. مظرور ومظارير، بمعنى الحجر المدور المحدد. اللسان والتاج والقاموس. مغضور ومغاضير. التاج في مادة غضر. منخوب ومناخيب. ابن الأثير في النهاية في مادة نخب. منكور ومناكير، اللسان في نكر وكذا في التاج. مهقوع ومهاقيع. المهقوع من الخيل الذي تكون فيه الهقعة. اللسان والتاج موعود ومواعيد. التاج واللسان. فأنت ترى من هذه الألفاظ العديدة - وقد ذكر منها الأستاذ ستة وستين حرفاً. وزدنا عليها تسعة عشر حرفاً - أن لا مانع من اتباع القاعدة أن ما جاء من الأسماء على مفعول يكسر على مفاعيل ومن الجملة مشهور على مشاهير فصار المجموع 85 كلمة. ولعل الذي لم نعثر عليه أكثر مما وقفنا عليه. هذا وإننا لواثقون أن بين قراءة هذه المجلة من يجد في محفوظه ألفاظا أخرى حتى يبلغها إلى مائة لفظة. وعلى كل حال فأن القدر الذي ذكر هنا يدل دلالة كافية على أن قاعدة النحاة لا تقوم قياما صادقا في ذاتها ولهذا لا نلتفت إليها بعد ذلك. وليقل الجامدون ما يشاؤون!

الأغاني

الأغاني - الجزء الثالث بمطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة، قوامه 463 صفحة، 1347هـ - 1929م. نوهنا في نقدنا للجزء الثاني بفضل هذه الدار على العربية والعرب ولا شك في أن مسعاها قمر المساعي في ظلام العرب الراهن حتى الآن فلم يبق لنا إلا أن نلفت أنظارهم إلى ما يأتي من الآراء التي رأيناها فبسطناها وليعلم القارئ أن (ت) رمز إلى تعليق. 1 - قالوا في ص12 ت4 (أوحشت أذناي من الغناء لطول عهدها به) والصواب (عهدهما). 2 - وقال في ص27 ت1 (إن نترك الترجمتين. . . كما وضعهما مؤلفهما أو كما وردا كذلك في نسخ الأغاني) وليس ل (كذلك) موضع ههنا فالصواب (أو كما وردا في نسخ الأغاني). 3 - ورود في ص37 قول (عروة بن الورد): سقوني الخمر ثم تكنفوني ... عداة الله من كذب وزور ورفعوا (عداة) وكذلك فعلوا في ص 37. ونحن لم نعهد فيها إلا النصب على الذم ولما أنشد المبرد قول الشاعر: طليق الله لم يمنن عليه ... أبو داود وبان أبي كثير ولا الحجاج عيني بنت ماء ... تقلب طرفها حذر الصقور قال (. . . ونصب: عيني بنت ماء) على الذم وتأويله إنه إذا قال: جاءني عبد الله الفاسق الخبيث. فليس يقول إلا وقد عرفه بالخبث والفسق فنصبه بأعني وما أشبهه من الأفعال نحو. اذكر. وهذا أبلغ في الذم أن يقيم الصفة مقام الاسم) ثم قال (ومما ينصب على الذم قول النابغة:

أقارع عوف لا أحاول غيرها ... وجوه قرود تبتغي من تخادع وقال عروة بن الورد العبسي: سقوني الخمر ثم تكنفوني ... عداة الله من كذب وزور اهـ وقد جعل (عداة) منصوبة على الذم كما رأيت فعلمت. وقال الشريف المرتضى علم الهدى في أماليه ج1 ص 147: ومما ينصب على الذم قوله: سقوني الخمر ثم تكنفوني ... عداة الله من كذب وزور 4 - ورود في ص 60 ما ناظرنا بك القتل من ساعتنا) ففسروه بقولهم (ما أخرناه ولم نجد هذه الصيغة بهذا المعنى في كتب اللغة التي بين أيدينا) اهـ قلنا: إننا نحسبه محرفا عن (انظرنا) بمعنى (أخرنا) لتشاكلهما ولأن تلك لا تحتمل ذاك المعنى البعيد عنها. 5 - وجاء في ص 73 (وكان يلقب عروة الصعاليك) فعلقوا به (يقال: لقب بكذا وقد اعتاد أبو الفرج إسقاط هذه الباء في أسلوبه) قلنا: إن كنتم تعلمون ذلك فلماذا قلتم في الأغاني (370: 2) ما نصه (إذ هو علي بن صالح ابن الهيثم الملقب: كيلجة) من دون باء؟ وإن كان أبو الفرج اعتاد إسقاط الباء فلم قال في ص 139 من هذا الجزء المنقود (ويكنى بشار أبا معاذ ويلقب بالمرعث)؟ وفي ص 345 (يلقب بالحسحاس) وفي ص 257 منه (فلقبوا بذلك وصاروا في جملة العرب)؟ وكلتا اللغتين فصيحة وليس أبو الفرج فارسها الأول فقد جاء في الكامل (111: 1) قول الأصمعي (وكان عامر بن الطفيل يلقب محبرا لحسن شعره) وفي ص 218 منه قال المبرد (فكان يلقب الحرون وفي (310: 3) من الكامل أيضا: (لو لقبتها ألقابا تعرف بها كزيد وعمرو) وفي جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري ص 139 (وزعموا أن المثل لبيهس وكان يلقب نعامة) وفي أمالي المرتضى ج 2 ص 169 (وإذا عظمت عين الإنسان لقبوه أبا عيينة وأبا العيناء) وما أدري لم أخروا التعليق على هذا الأمر إلى الجزء الثالث وقد ورد في ص64 من الجزء الأول ونصه (وكانت قريش تلقبه العدل)؟ وفي ص 110 منه (وإنما لقب القباع لأن. . .) وفي ص120 منه (الكاتب

الملقب كيلجة) وجاء في ج 2 ص 203 (ويلقبه من عاداه أو أراد سبه: ابن عاهة الدار) فكيف لم تبادر إليه بوادر أفكارهم؟ 6 - وقالوا في ص 81 (أنكر صاحب القاموس استعمال عير، متعدياً بالباء وقال: وعيره الأمر ولا تقل بالأمر. وقال صاحب اللسان والعامة تقول عيره بكذا. ولكن المرزوقي في شرح الحماسة صرح بأنه يتعدى بالباء قال: والمختار تعديته بنفسه) قلنا: وفي مختار الصحاح: (والعامة تقول عيره (بكذا) قول عامي فمردود أشد الرد ومؤذن بتنطع كتنطع الحريري في درته بل لعله منه. فهذا علي بن أبي طالب عليه السلام قد قال (وإن كان الرجل ليتناول المرأة في الجاهلية بالفهر أو الهراوة فيعير بها وعقبه من بعده) وقال عثمان (رضي) ما نصه (فعيرتني بذنب غفره الله لي) وفي جمهرة الأمثال ص 135 (فعيرت فزارة باكل. . .) وجاء في الكامل للمبرد (25: 1) ما نصه (فقال خالد: أطعموني ماءا وهو على المنبر فعير بذلك) وفي ص117 منه ولذلك عيرت بنو تميم بحب الطعام) وفي جمهرة الأمثال ص 31 (عيرت بنو تميم بحب الطعام) وفي ص 178 منه قول المقنع: يعيرني بالدين قومي وإنما ... تدينت في أشياء تكسبهم حمدا وفي أمالي المرتضى ج 1 ص 93 (روى ابن شبة عن أبي عبيدة قال كان حماد عجرد يعير بشارا بالقبح) فقول أمير المؤمنين تقويض لما قالوه وكلام هؤلاء مقتد به وما خاب من اقتداه وفي (69: 2) من الكامل أيضا (يعير الفرزدق وقومه بذلك). ولم ادر علة إرجائهم هذا التعليق وقد مر في الجزء الأول ما يستوجبه ويكون حكما عادلا ففي ص 16 منه (فقال ابن الزبير لما بلغه هذا الشعر: علم أنها شر أمهاتي فعيرني بها وهي خير عماته) وفي ص 102 منه قول عمر ابن أبي ربيعة: أيها الكاشح المعير بالصر ... م تزحزح فما لها الهجران وفي ص 34 منه (والزرقاء إحدى أمهاته من كندة وكان يعير بها) والقائل

ابن الكلبي وفي ص 231 منه قول أبي الحسن المدائني فقال الحزين الكناني يعيره بذلك). وإن غضضنا النظر عن ذلك الجزء فلم تفصى منهم في الجزء الثاني؟ ففي ص 414 منه (ووجده أبوه مع أمة له فكان يعير بذلك) ولكي نكفي القراء عناء التقصي نذكر أنه ورد في الجزء الثالث أيضا ص 180 قول بشار بن برد (من الذي يقرعنا بأشياء كنا نعبث بها في الحداثة فهو يعيرنا بها؟) وفي ص 138 منه قول عدي بن زيد: أيها الشامت المعير بالده. . . ... ر أأنت المبرأ الموفور؟ هذا ما استفرغنا له جهدنا الآن ولعل فيه كفاية للاستدلال. 7 - وورد في ص 84 (أي ريح رجل تجده في إنائك غير ريحك) ونحن نراه محرفا عن (ريح أي رجل تجده. . .) وهو أسلوب العرب لأن الاسم الظاهر المضاف يتقدم على اسم الاستفهام إذا كان مسؤولا عنه ويضاف إلى أداة الاستفهام قال المبرد في كامله ج 1 ص 9) وكذلك ما أضيف إلى اسم من هذه الأسماء المستفهم بها نحو: قد علمت غلام أيهم في الدار. وقد عرفت غلام من في الدار. وقد علم غلام من ضربت) اهـ. ورأيناهم قد رفعوا (أيا) والمرجح في هذا الاشتغال النصب لأن الفعل لو سلط على المشتغل عنه لنصبه حتما مثل (ريح أي رجل تجد؟). 8 - وقالوا في هامش ص91 (استعراض عبد الملك بن مروان أحياء العرب) ولم نعرف الاستعراض بمعنى العرض إلا أن ابن أبي الحديد روى في (82: 1) من شرحه قول الأصبغ بن نباتة عن علي (ع) (سار في القتلى يستعرضهم فمر بكعب بن سور قاضي البصرة وهو قتيل) فالاستعراض هنا بمعنى العرض. 9 - وورد في ص 94 (فقلن: تعالين نتمنى (كذا بالرفع والجزم واجب) ولنصدق) وفي الكامل للبرد (119: 2) ما نصه (فقال قائلة: لنقل كل واحدة منكن ما في نفسها ولنصدق جميعا) وهو أليق بالسياق من ذلك. 10 - وورد فيها:

ألا ليت زوجي من أناس ذوي غنى ... حديث الشباب طيب الريح والعطر وفي أمالي المرتضى ج1 ص177: ألا ليت زوجي من أناس أولي عدا ... حديث الشباب طيب الثوب والعطر وفي تلك الصفحة من الكامل (طيب النشر والذكر) وفي هذه الصفحة من الأغاني: طبيب بأدواء النساء كأنه ... خليفة جان لا ينام على وتر وفي تلك الصفحة من الكامل: لصوق بأكباد النساء كأنه ... خليفة جان لا يقيم على هجر وفي جمهرة الأمثال ص 113: ألا ليت زوجي من أناس أولي عدا ... حديث الشباب طيب الثوب والعطر لصوق بأكباد النساء كأنه ... خليفة جان لا ينام على هجر 11 - وورد في ص 94 من الأغاني أيضا: ألا هل أراها ليلة وضجيعها ... أشم كنصل السيف غير مبلد لصوق بأكباد النساء وأصله ... إذا ما انتمى من سر أهلي ومحتدي وفي الكامل 120: 2: ألا هل تراها ليلة وخليلها ... أشم كنصل السيف عين مهند عليما بأدواء النساء ورهطه ... إذا ما انتمى من أهل بيتي ومحتدي وفي جمهرة الأمثال طبع الهند ص 113: ألا هل تراها مرة وضجيعها ... أشم كنصل السيف غير حقلد بصير بأدواء النساء وأصله ... إذا ما انتمى من أهل بيتي ومحتدي وفي أمالي المرتضى ج1: ص 177: (أشم كنصل السيف عين مهند) (عليم بأدواء النساء واصله) ... (إذا ما انتمى من أهل سري ومحتدي) ثم قال المرتضى (ويروي: من سر أهلي ومن أصل سري ومحتدي): 12 - وورد فيها: ألا ليته يملأ الجفان لضيفه ... له جفنة يشقى بها النيب والجزر

له حكمات الدهر من غير كبرة ... تشين ولا الفاني ولا الضرع الغمر وفي جمهرة الأمثال ص 113 (ألا ليته يكسى الجمال بزيه) وفي الكامل (ألا ليته يعطي الجمال بديئة) وفي الأمالي (ألا ليته يكسي الجمال نديه) وفي الكامل وجمهرة الأمثال ص 113 وفيهن (تشين ولا فان ولا ضرع غمر) أي بتجردهما من ال. 13 - وجاء في ص 95 (فلما سمع ذلك أبوهن زوجهن أربعتهن) وفي أمال المرتضى ج 1 ص 177 (فزوجهن أربعهن) بحذف التاء وهو الصواب. وفيها (لا بأس بها نولدها فطما ونسلخها آدما) وفي الكامل ص 120 وجمهرة الأمثال ص 113 - 114 (لو كنا نولدها فطماً ونسلخها آدما لم نبغ بها نعما) وفي الأمالي (لو إنا نولدها فطما ونسلخها آدما - ويروى آدما بالفتح - لم نبغ بها نعما). 14 - وقالوا في ص 98 (ولم نعثر على نص خاص في هذا الاسم) والمسموع أن يقال (خاص له) أو (خاص به) ففي الأغاني 244: 2) وخصوصه بالوليد) وقال الأخفش في (253: 3) من الكامل (حق النعت أن يأتي بعد المنعوت ولا يقع في موقعه حتى يدل عليه فيكون خاصا له دون غيره) وفي (2 ص 45) منه (وكانت له صحبة وكان خاصا بعمر بن الخطاب). 15 - وورد في ص 99 (وأسرع النهضة في الصريخ) فعلقوا به (استعمل ابن جني أسرع متعديا فقال: ويسرع قبوله ما يسمعه. قال صاحب اللسان: فهذا أما أن يكون يتعدى بحرف وبغير حرف وإما أن يكون أراد إلى قبول فحذف وأوصل اهـ. قلنا: ليس ما قاله صاحب اللسان بشيء لأن (أسرع) في الأصل متعد والتقدير (أسرع المشي أو السير أو الأمر أو ما في حكمها) ولذلك قال الجوهري في مختار الصحاح (وأسرع في السير وهو في الأصل متعد) والعجيب أن الجوهري لم يتبع ما قاله فقد قال في (وشك) ما نصه (وأوشك الرجل يوشك ايشاكا: أسرع السير) ولا ريب في أنه مصيب غير إنه لم يلتفت إلى ما نقله في مادة (هود) ونصه (وفي الحديث: أسرعوا المشي في الجنازة ولا تهودوا كما تهود اليهود والنصارى) وقد ورد في ص 161 من هذا

الجزء من الأغاني (حدثني قدامة بن نوح قال: مر بشار. . . وقال: ومر به قوم يحملون جنازة وهم يسرعون المشي بها) وبذلك ظهر لك وهم صاحب اللسان. 16 - وقالوا في ص 167 في الهامش (فأذن له سليمان بالدخول) والذي علمناه أن يقال (أذن له فيه) لئلا يلتبس ب (أذن به) بمعنى (علم به) ومنه قوله تعالى (فأذنوا بحرب من الله ورسوله). ولماذا لم يلتفتوا إلى ما جاء في الأغاني (348: 2) ونصه (ثم أذن للناس يوما في الدخول عليه) وفي (309: 3) منه (أن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في تقبيل يده) ولنا على ذلك أدلة لا تحصى. 17 - المشهور أن أبا الفرج الاصفهاني كان شديد الحافظة غير أنه روي في ص 178 من هذا الجزء بيتين لبشار ثم رواهما في ص 289 منه لابن المولى ولم يفطن لذلك فجل من لا تفوته فائتة. 18 - وقالوا في ص 192 (فماله دائما لذلك يعتوره النقص) والصواب (يعروه) لأن الاعتوار كالتعاور فلا يصدر فعلها عن اثنين فأكثر فهو بمعنى التداول. قال الجوهري في مختار الصحاح (واعتوروا الشيء تداولوه فيما بينهم) وورد في (115: 3) من الكامل للمبرد ما نصه (خرج ابن ملجم وشبيب الأشجعي فاعتورا الباب الذي يدخل منه علي رضي الله عنه) وفي (185: 2) منه (قوله: قلت وجدي بها كوجدك بالماء. معنى صحيح. وقد اعتوره الشعراء وكلهم أجاد فيه) ومن يستقر كلام العرب يلفنا في صميم الصواب. 19 - وفي ص 200 ورد (لو كنت تلقين ما نلقى قسمت لنا) بكسر القاف من (تلقين) والصواب فتحها مثل (تخشين وترضين وتنسين). 20 - وقالوا في 207 (الطيار: لقب جعفر بن أبي طالب وسبب هذا اللقب أنه أخذ الراية في غزوة مؤتة بعد زيد بن حارثة فقاتل حتى قطعت يداه ومات) ونحن نذهب مذهب من قال بأن الطيار رحمه الله تعالى كان صاحب الراية قبل (زيد بن حارثة) فقد روى ابن أبي الحديد عن كتاب المغازي لمحمد بن اسحق قول حسان بن ثابت رحمه الله:

رأيت خيار المؤمنين تواردوا ... شعوب وخلق بعدهم يتأخر غداة غدوا بالمؤمنين يقوهم ... إلى الموت ميمون النقيبة أزهر أغر كضوء البدر من آل هاشم ... أبي إذا سيم الظلامة أصعر فطاعن حتى مال غير موسد ... بمعترك فيه القنا متكسر وكنا نرى في جعفر من محمد ... وقارا وأمرا حازما حين يأمر ومن ذلك قول كعب بن مالك الأنصاري: ساروا أمام المسلمين كأنهم ... طود يقودهم الهزبر المشبل إذ يهتدون بجعفر ولواؤه ... قدام أولهم ونعم الأول 21 - وقالوا في هامش ص 209 (ثم صار بعد ذلك يستشهد به لما بلغه أنه هم بهجوه) فجعلوا (يستشهد) خاصا بوقتين هما (بعد ذلك) و (لما هم) والصواب حذف أحدهما لئلا يتناقض طرفا الكلام. 22 - وورد في ص 214 (أبا جعفر ما طيب عيش) وقد ورد في ص 156 (ما طول عيش) فلم يشيروا إليه. وفيها (بعزم نصيح أو بتأييد حازم) وقد جاء في ص 157 برأي نصيح أو نصيحة حازم) ولم يومئوا إليه. وفيها (مكان الخوافي قوة للقوادم) وفي ص 157 (فإن الخوافي قوة للقوادم) غير أنهم لم يرمزوا إليه. 23 - وورد في ص 220 قول جرير: أودى سوادة يجلو مقتلي لحم ... باز يصرصر فوق المربأ العالي وفي الكامل للمبرد (153: 1) وردت (هذا) و (المرقب) بدلاً من (أودى) و (المربأ). 24 - وقالوا في ص 221 (والمعروف أن الفاء لا تقع في جواب لما. قلنا: إن التركيب الذي علقوا عليه هذا قد ورد مثله في ص 26 من الجزء الأول فلم يفطنوا وقد أشرنا سابقا إلى خطأه بأن حذف الفاء موافق لأسلوب العرب أما أن الفاء لا تقع في جواب (لما) البتة فقول مرغوب عنه فلينظروا إلى

تعليق العلامة السجاعي على شرح القطر ص 18 طبعة مصطفى البابي بمصر ففيها: لما على ثلاثة أقسام ... نفي مضارع مع انجزام ثم قال (وقد تأتي بفا لكن هذا منتقد). 25 - وقالوا في ص 229 (الأغرل: ذو الغرلة أي لم يختن) والصواب (أي الذي لم يختن) لكي يتعادل التفسير والمفسر ويتقابل البدل والمبدل منه أو المعطوف والمعطوف عليه عطفا بيانيا. 26 - وقالوا في ص 236 (نفستهم: حسدتهم علي) للتعليق على قول الشاعر (نفستهم علي أم المنايا) والصواب (حسدتني عليهم) أو (حسدتني إياهم) قال في مختار الصحاح (وحسده على الشيء وحسده الشيء بمعنى) وكيف لم يلتفتوا إلى ما جاء في هذا الجزء ص 251 ونصه (بلغه أن إبراهيم الموصلي حسده على شمائله وإشارته في الغناء)؟ 27 - وجاء في ص290 (والله لو أن في ملكي أكثر لما احتجبتها عنك) فعلقوا عليه (كذا في الأصول. ولم نجد في كتب اللغة التي بين أيدينا احتجب متعديا بنفسه ولعلها: حجبتها) اهـ. قلت ليس أصل هذه الكلمة (احتجب ولا حجب) وإنما هو محرف عن احتجن) أي كنز ومنه قوله في الكامل 256: 1 (والمغسل الذي عنده غلول وهو ما يختان ويحتجن) وفي (138: 3) منه (ثم يكون منك رجل شراب للخمر سفاك للدماء يحتجن الأموال ويصطنع الرجال) قاله رجل من أهل الكتاب لعبد الملك بن مروان. وفي ص 149 منه قول أبي هلال (اتق الله يا أسلم فإنا لا نريد قتالا ولا نحتجن فيئا). 28 - وورد في ص315 (يا أبا صخر ما يستطيع أحد أن يقول مثل هذا، فقال: بلى، الحرث بن خالد حيث يقول) ومن تعليقهم بذلك (يحتم أن يكون. ما يستطيع، نفيا محضا وأن التحريف في، بلى، وأن أصلها، بل الاضرابية) قلنا: إن الهمزة لازمة لهذا التركيب ألا ترى قول القائل في ص 305 من هذا الجزء ورد هكذا (يا إبراهيم أتبيع هذا البغل؟: لا بل أحملك عليه) وفي

الكامل 246: 2 (فقال الحارثي الأمير أعظم أم الخليفة فقلت: بل الخليفة قال: أفالخليفة أعظم أم النبي؟ قلت: بل النبي) وفي (103: 3) منه (فقال: صف لي أموره، فقلت أأطنب أم أختصر؟ فقال: بل اختصر) والسائل زياد بن أبيه، أما نقلهم قبل هذا أن همزة الاستفهام يجوز حذفها فلا يقبل إلا بشرط فقد قال المبرد في كامله 101: 3 (ويجوز في الشعر حذف ألف الاستفهام لأن أم التي جاءت بعدها تدل عليها) فالشرط أن تليها (أم) المؤذنة بالاستفهام وليس في هذه الجملة ما يجوز حذف الهمزة. 29 - وقالوا فيها (ولكن الجواب بكلمة بلى يدل على أن القصد من الجملة الاستفهام. قلنا انظروا إلى ص 356 من هذا الجزء ففيه أن سليما بن عبد الملك لما أنشده موسى شهوات شعره وقال له (اتفق أسماهما وأسماء أبويهما فتخوفت أن يذهب شعري باطلا ففرقت بينهما بأمهما فأغضبه إن مدحت ابن عمه) قال لموسى (بلى والله لقد هجرته) فأين الاستفهام؟ وهذا كثيرة 30 - وورد في ص 338: بالخيف هاجت شؤونا غير جامدة ... فانهلت العين تذري واكفا سجما ففسروا الشجون بالدموع فلم نر التفسير موافقا للحال والصواب أنها ههنا منبثقات الدموع ففي الكامل 232: 1 (وزعم الأصمعي قال: يقال: إن مجاري الدموع منها فلذلك يقال: استهلت شؤونه. وانشد قول أوس بن حجر: لا تحزنيني بالفراق فإنني ... لا تستهل من الفراق شؤوني قلت ومن ذلك قول أبي عمرو بن أراكة الثقفي لما استشهد عمرو بسيف الفئة الباغية: لعمري لئن اتبعت عينك ما مضى ... به الدهر أو ساق الحمام إلى القبر لتستفدن ماء الشؤون بأسره ... ولو كنت تمريهن من ثبج البحر 31 - وورد في ص 350 (وإذا ما سنة مجدبة) وفي الكامل 357: 2 (مجحفة) وكذلك في ص 357 من هذا الجزء ولم يشيروا إليه وفيها أيضاً: نور شرق بين في وجهه ... لم يصب أثوابه لون الدرن

وفي الكامل: حسرت عنه نقيا لونه ... طاهر الأخلاق ما فيه درن وفي ص 357 من هذا المنقود (نور صدق) و (لم يدنس ثوبه) ولم يشيروا إلى هذا ولا إلى ذاك. 32 - وورد في ص 352 عقيد الندى ما عاش يرضى به الندى) ففسروا عقيد الندى ب (الكريم بطبعه) مع أنه لقب للممدوح ومعناه المعاهد أما الملقب فهو (سعيد بن خالد بن عبد الله أسيد) ولذلك ترى في ص 356 من هذا الجزء ما نصه (وعائشة: أم عقيد الندى. . . وأم أبي عقيد الندى رملة. . .) 33 - وفي ص 356 (قال موسى شهوات لمعبد: أأمدح حمزة بن عبد الله بن الزبير بأبيات وتغنى فيها ويكون ما يعطينا بيني وبينك؟) وفي (207: 2) من الكامل المبرد (أأقول شعراً في حمزة وتغني أنت به وما أعطاك من شيء فهو بيننا؟). 34 - وورد في 359 (فدع عنك ما شيدته ذات فرخة) وهو المصراع الأول فلم يجدوا له معنى ولعله (شيدت ذات فرخة) أو ذات رخمة) بمعنى غنت. 35 - وورد في ص 362 (يجود أحيانا حتى لا يدع - بنصب يدع - شيئا يمكنه إلا وهبه ويمنع أحيانا ما لا يمنع من مثله) ولا يجوز (نصب بعد حتى هنا لأنها ليست بمعنى (إلى) ولا (لام التعليل) ولا خاصة بالاستقبال ومن أمثال ذلك قول علي عليه السلام في الحديدي (83: 1) ما نصه (كأني أنظر إلى قريتكم هذه قد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد). 36 - وفي ص 103 (لو كنت ماء كنت غير عذب) وفي الكامل 28: 3 (لو كنت ماء لم تكن بعذب). 37 - وفي ص 117: قالوا من العقد الفريد لابن عبد ربه صحيفة 119) والصواب (صفحة) كما ذكرنا. 38 - وورد في ص 118: فرج الرباب فليس يؤدي فرجه ... لا حاجة قضى ولا ماء بغى

فعلقوا عليه (هذا البيت ساقط في ل. ط وقد ورد هكذا في باقي النسخ وهو غير واضح) قلنا إن قوله (فرج) يحتمل وجهين فهو أما مصدر (فرج) أي كشف لأن الرباب مفروج عن السحاب مطرد تحته كالمتعلق به أنشد المازني: كأن الرباب دوين السحاب ... نعام يعلق بالأرجل وأما (فرج) الماضي المبني للمجهول أو المعلوم. أما قوله (فليس يؤدي فرجه) فيحتمل أن يكون (يودي) فيه: غير مهموز فيكون معناه (يقوي ويجد) قال المبرد في الكامل 177: 1 (وللمودي موضع آخر يكون فيه: القوي الجاد. حدثني بذلك التوزي في كتاب الأضداد وأنشدني: مودون يحمون السبيل السابلا) اهـ. ويحتمل أن يكون (يؤدي) محرفا عن (يودق) أي يمطر ويصبح معنى البيت (إن بعض الناس قد قال الشاعر فيه: فسائل بعضهم ماذا قضى؟ يشبه انفراج الرباب عن السحاب مع أنه لا يسرع الانجياب والانتقال أولا يمطر. لذلك تراه لا يقضي حاجة مستسق ولا ينجاب سريعا إلى البحر ليغترف منه على زعم الإعراب. ولا مانع من أنه تحريف (يجدي) وهذا ما توصل إليه عقلنا القاصر. 39 وقالوا في ص 125 (وطسم من القبائل البائدة فلم يكن لها في عهد زيد ابن عمرو أصنام يهجرها) ولعل أصل (يهجرها) هو (يهجوها) وفي قولهم خطأ هو تركهم (يهجوها) بلا فصل بفاء السببية فصارت الجملة صفة لأصنام فإن لم يكن عندهم أصنام يهجوها فقد يكون لهم أصنام لا يهجوها. ألا ترى أنك لو قلت (ليست في السوق بضاعة أشتريها) لفهم أن ليس في السوق بضاعة موافقة لك مستحقة لاشترائك. ولو قلت (ليس في السوق بضاعة فأشتريها) لسببت نفي البضاعة عن السوق بفاء السببية وليس. فلينظر المصلحون الكرام إلى ص 116 منه ففيها (ولم أجد لهم نسبا فأذكره، لأنهم ليسوا من العرب فتدون العرب أنسابهم) يجدونا مصيبين. 40 - لا شك في أن الباحث يسترشد فهرس القوافي على البيوت المحتاج إلى معرفتها أو استشهادها. غير أن فهرس القوافي في الأغاني لا يتم الفائدة فقافية (الفقير مثلا خصوها بصفحة 75 وحدها إذ فيها البيت:

دعيني للغنى أسعى فإني ... رأيت الناس شرهم الفقير ولكنها وردت في ص 178 في البيت: لو كان مثلك آخر ... ما كان في الدنيا فقير وهذا البيت الأخير ورد في ص 289 أيضا، ولولا حافظتنا لما عرفنا أنه روي تارة لبشار وأخرى لابن المولى. فيجب أن يقوم الفهرس مقام الحافظة الخائنة وتتم به الفائدة. وذلك باتباع أسلوب الفهرس الفرنجي للكامل المبردي والله الموفق للصواب وللعمل الرصيف. مصطفى جواد (لغة العرب) ليس لنا ما نزيد على كلام حضرة الأستاذ مصطفى أفندي جواد إذ قد وفى النقد حقه. والقراء يشهدون له بهذه المزية. إلا أننا نقول: إن بعض الأنساب في حاجة إلى نظر أدق وتحقيق أغور. ونحن نذكر مثالا لذلك نسب السموءل الوارد في ص 116 فقد اختلف فيه فقيل السموءل بن غريض بن عاديا بن حباء الكاهن اليهودي. وقيل: السموءل بن حيان بن عادياء وقيل: السموءل بن أوفى (راجع شرح المضنون به على غير أهله ص (و)) فنقول: أما غريض (بالغين المعجمة وخطأ المهملة كما ذكره بعضهم) فهو وحنان (بحاء مهملة ثم نون مشددة موحدة فوقية فألف فنون) شيء واحد. وذلك أن حنان علم عبري المادة معناه طري وغض وناعم وغريض. ف (الغريض) عربي و (حنان) عبري والمعنى واحد. أما حيان بالياء المثناة التحتية فخطأ آخر. وكذلك حباء. فصواب الأول حنان كما ذكرناه وصواب الثاني (حنا) وهو تخفيف حنان. ولما كان الأقدمون يجهلون معاني هذه الألفاظ قربوها من مواد عربية مألوفة على أسماعهم فحرفوها وصحفوها. أما عادياء فأصله بالعبرية (عدايا) فوقع فيه القلب وعدايا وارد ذكره في التوراة في سفر زكرياء 71: 1 وأما ابن أوفى فمعناه الأمين الوفي فتأمل. والسموأل كلمة عبرية لا سريانية كما جاء في تاج العروس وهي في العبرية شموئيل أي الذي سمعه الله أو المسموع من الله.

الشعر في مصر

الشعر في مصر كنا قد ذكرنا في ص 627 وما يليها أنبغ شعراء مصر وما امتاز به على نظرائه بحسن الديباجة وطلاوة العبارة ومختلف التصاوير الفكرية الآخذة بالقلوب وكيف فاق من تقدمه في اختراع المواضيع المختلفة من غير أن يطرق بحثا أو بابا من أبواب الأوائل. تلك الأبواب التي أكل عليها الدهر وشرب وتحطمت ولم يبق من يفكر في وجودها فضلا عن الاحتذاء بها. فلما وقف على مقالنا ذاك بعض الأدباء انقسموا شطرين: شطر وافقنا في رأينا وهم الأدباء الخالون من كل غرض، وفريق سلقنا بلسانه الحاد ناسباً إلينا التزلف من أمام الشعراء المجددين العصريين (الأستاذ الكبير صاحب السعادة الدكتور أحمد زكي بك أبو شادي) ولما كان كثيرون قد ألحوا علينا أن نذكر لهم ما قاله المقتطف والهلال في هذا النابغة الفذ تنقل إليهم ما قالته فيه شيخة المجلات العربية. الشفق الباكي (عن المقتطف 346: 74) يحار من يلقي نظره على هذا الديوان الحافل في تعليل ما يبدو في كل صفحة من صفحاته من آثار القريحة الفياضة والعقل الجامع لشوارد العلم والتاريخ والنفس الغنية الحساسة بطيوف الألوان والأصوات والشعور، فيقف من هذه الآثار موقف الدهشة أولا حتى يكاد يغري بالقول إن صاحبا يفكر شعرا ويتكلم شعرا (فإذا تصفحها وتفهم مغازيها تحولت دهشته إعجابا. فبين تراه يصف (حديقة النحل) ويجيد وصفها إذا هو ينتقل إلى عالم المكرسكوب والأحياء الدقيقة فيصف ما في معمل البكتريولوجي من الغرائب التي تفتن لب الشاعر كما يفتنه الربيع أو كما تسحره الأنغام.

وعندنا أن هذه القصيدة هي فريدة الديوان ولو لم يكن الدكتور أبو شادي قد تربى تربية علمية وحذق البكتريولوجية وقرن إلى ذلك نظرا شعريا وشاعرية فياضة لما أتيح لنا أن نقرأ هذه القصيدة. ومن أقواله فيها ردا على فقيه يعترض عليه بأن علم الجراثيم لا يتفق مع الشعر والفن (فدعني إذن والعلم فالفن طيه) وعندنا أن هذه نظرة صحيحة إلى علاقة الشعر بالعلم فإن العلماء كشفوا لنا عن عجائب وغرائب إذا اتخذ منها الشاعر مصدراً للوحي أتانا بالمعجزات. العلم لا يناقض الشعر بل هو معوان له لأنه يوسع الخيال ويزيد ثروته ويجعل الشعر أوثق اتصالا بالحياة العصرية التي تقوم على ركنين من العلم النظري والعلم العلمي: ومن كان هذا طبعه وشعوره ... فلا حسه يخبو ولا عينه تكرى تحرر من قيد الجسوم وروحه ... ترى الشعر فيما أنت تحسبه قفرا ويا ربما هذي الجراثيم قد حكت ... بروعتها الروض المجمل لا العفرا ولولا حجى الفنان ما كان فارق ... وساوى رهيف السمع من يشتكي الوقرا وما رجعت إلا المظاهر وحدها ... ولم ندر من خافي بدائعها أمرا!) وقد ختم الشاعر قصيدته هذه ببيتين في نهايتهما تشبيه مبتكر. قال يصف عقل الذي كان يناقشه في موضوع المكروبات والشعر وهو يعرض عن كل حجة وبرهان: ومن نكد الدنيا أناس تصدروا ... لفلسفة في النقد تركبهم وعرا نواظرهم شبه الزجاج ومثلها ... عقول لهم إن نوقشت محقت كسرا أما قصيدته (حديقة النحل) فلا يستطيع نظمها إلا من كان مثله قد عني بدرس حياة النحل نظرا وعملا وعرف ما في تلك المملكة من أسرار الجمال والنظام. وإليك بعض أبياتها وهي طويلة: لا تصغرن إذا حكمت صغيرها ... فلربما ملكت مال كبار خلقت من الإتقان في تكوينها ... وتسلطت بجهادها الجبار هي كلها للجمع تدأب لا تني ... لا سخرة للسيد الأمار قل للمصغر قدرها لغروره ... من أنت في الأقدار والأوطار

البأس والجبروت من أعوانها ... ولو أن للشورى سني منار ومنها وصف ملك النحل: يحرسنها في هالة فكأنها ... في عزها قمر من الأقمار وهي الأسيرة لو بحثت محققا ... ولربما شعرت بطوق أسار وقف عليهن الغذاء وأنه ... من روحهن لها بغير حذار فتكافئ المجموع من إذعانها ... وتبيض مسرفة بلا استعبار ولا يستطيع الصحافي أن يفي هذا الديوان حقه من البحث والتحليل في نظرة عجلى كالتي تقدمت ولكننا نظنها كافية لأن نبين للقارئ أن وراءه شاعرا (يرى الشعر في القفر) ولذلك فهو جدير بالعناية والدرس) انتهى كلام المقتطف. ودونك الآن ما قاله الهلال في 625: 37: يعرف القراء الدكتور زكي أبو شادي بمقطوعاته الشعرية الجميلة التي تظهر بين حين وآخر في المجلات والصحف. . . ونحن ننقل هذه المقطوعة الصغيرة من (الشفق الباكي) وقد وضع لها عنوانا (العطف الإلهي): وأحس أني في اندماج دائم ... بالكون والكون العظيم حياتي أتأمل الساعات في أجرامه ... وكأنني متأمل مرآتي وأنال عطفا من جميل حنانه ... يسري إلى روحي بغير فوات حس خفي لست أدرك كنهه ... وكأنما هو معجز الآيات بلغ الضمير وكان خير مؤذن ... بالله في ملكوته لحياتي فهذه المعاني السامية لو ألبست ثوباً من اللفظ أروع وآنق لكان الأثر في نفس القارئ أبعد وأعمق. ولكن الشاعر لا يبارى في المعاني المبتكرة والنزعات الشريف. والإنسان يقرأه فيشعر كأنه بحضرة شاعر من شعراء أوربا مهموم بمصالح الناس والمثل العليا فهو يكتب عن فتاة الريف بعطف وفهم، وكذلك يصف الموسيقى بروح الرجل الذي يلتذها ويحبها وينظر للدنيا نظرة ابن الدنيا لا ابن الوطن الجغرافي. وللناس نظرة الإنسان لا نظرة الشرقي أو الغربي ويسمى الفلاح المصري (أميرنا الصعلوك).

شرح لسقط الزند

وبالكتاب نحو 300 قصة كتبها معروفون في قيمة الشعر والنثر ومعنى النقد والتجديد. وهذا غير مقدمة وافية في النقد والأدب الجديد للأستاذ حسن صالح الجداوي. والخلاصة أن هذا المجلد ليس برهانا على نبوغ المؤلف فقط بل هو أيضا برهان على أن النهضة المصرية الحاضرة تؤاتي الأديب على أن ينبغ. شرح لسقط الزند - في خزانتنا كتاب مطبوع في تبريز (إيران) عام 1276هـ وهو شرح على سقط الزند لأبي العلاء المعري يقع في 372 صفحة بقطع متوسط، وقد طبع في هامش هذا الشرح شرح أبي الفضل القاسم بن الحسين الخوارزمي المسمى بضرام السقط. ليس في هذا الشرح الجزيل الفائدة اسم مؤلفه كما ليس فيه تاريخ فراغ المؤلف منه ليعلم أنه في أي قرن كان؟ لكن المعلوم إجمالا أن المؤلف معاصر للميداني أو متأخر عنه لأنه قد ينقل في هذا الشرح عن خط الميداني؛ يقول في أحد مواضع الشرح: وقد كتب الإمام أحمد الميداني على حاشية نسخته من هذا الديوان الثغب بالتحريك الغدير الذي يكون في ظل جبل فسكن الغين للضرورة الخ وقال في موضع آخر: ورأيت بخط الميداني ره يقول الخ. الشارح شافعي المذهب كما يظهر من كلامه في شرح البيت: لغاسل الكف من أعراضها مائة ... وما يجاوز سبعا غاسل النجس إذ يقول في ضمن شرحه لهذا البيت: يعني يغسل كفه من متاع الدنيا وحطامها مائة مرة تنزها أن يتدنس بها أي يغسل كفه عنها مائة مرة وإن كان الذي يغسل الشيء النجس تطهيرا لا يجاوز في الغسل سبع مرات يعني النجاسة المغلظة في الشرع وهو لعاب الكلب فإنه إذا أصاب عينا من الأعيان وجب غسله سبع مرات مع

تعفير بالتراب جمعاً بين الطهورين تغليظاً لأمر هذه النجاسة تأكيداً للفطام عن مخالطة الكلب لما كان العرب تألفها اهـ. فالشارح قد أوجب الغسل سبع مرات مع التعفير مؤكدا ذلك. وهذا على مذهب الإمام الشافعي ولو كان الشارح على غير مذهبه لما بالغ في التأكيد. أول هذا الشرح: قال الشارح: القول في الأوزان والقوافي التي تعرض في رؤوس القصائد: القوافي تنقسم إلى خمسة أضرب: المتواتر، المترادف، المتدارك، المتكارس: فالمتواتر ما في آخره سبب خفيف الخ. وقال في شرح أول بيت ورد في سقط الزند ما حرفه: أعن وخد القلاص كشف حالا ... ومن عند الظلام طلبت مالا الوخد ضرب من السير سريع يقال وخدت الناقة تخد وخدا ووخدا ووخدانا والقلوص الناقة الفتية وهي اسم للانثى خاصة وهي من الإبل كالفتاة من جنس الإنس والجمع قلاص وقلص وقلص النعام فراخها يخاطب نفسه منكرا عليها في آداب السير ومواترة الأسفار وطي المراحل بحث المطي طلبا للغنى والمال ظانة أن الاجتهاد يزيد في الرزق أو يبدل سابق التقدير كلاما يبدل القول لدي وقد جف القلم بما هو كائن وفرغ الله إلى كل عبد من خمس من عمله وأجله وأثره ومضجعه ورزقه لا يتعداهن عبد كما أشار إليه لسان النبوة اهـ. من آراء الشارح أن الاسكندر المكدوني هو ذو القرنين المذكور في القران الكريم كما يرى العلامة الكرملي صاحب هذه المجلة. ليس هذا الشرح بضرام السقط لأنه مطبوع في الهامش (كما ذكرنا). وليس بشرح الخطيب أبي زكرياء التبريزي لأن هذا الشرح ينقل عنه في عدة مواضع منها في شرح البيت: سطوت ففي وظيف الصعب قيد ... بذاك وفي وتيرته عران

فوائد لغوية

فوائد لغوية 1 - غلط النحويين في التسوية بين العامل وعلامة الإعراب قال السيوطي في شرح الألفية مبتدئا (لكن سيأتي أن مذهبه أن المضاف إليه مجرور بالحرف المقدر) وهذا رد منه على من يدعي أن المضاف إليه مجرور بالإضافة بعينها أو إسناد إلى صاحب المذهب الذي يعتبر المضاف إليه مجروراً بحرف جر مقدر. فأقول: أجل إن المضاف إليه مجرور بجاره أي مخفوض بخافضه سواء أكان الجار حرفاً مقدراً أم كانت الإضافة نفسها، فما باله قد لبس قوله بعد ذلك باستصوابه (وأجرر بياء ما من الأسماء أصف) كما قال ابن مالك؟ وقال (يعرب بهذا الإعراب) و (إنه يعرب بالحركات عليه) فقوله خطأ واضح لأن الياء لا تجر ولأن الكلمات لا تعرب بالحركات. فالياء علامة جر والحركات علامات إعراب. وعلامات الإعراب هي غير العوامل الموجبة للإعراب كما أن المسبب (بفتح الباء) هو غير المسبب (بكسرها) أما قول ابن مالك: وارفع بواو وانصبن بالألف ... واجرر بياء ما من الأسما اصف فضرورة شعرية لأن الواو لا ترفع والألف لا تنصب والياء لا تجر وإنما هي علامات إعراب ألا ترى أنه ينقض ذلك بقوله: وارفعوا مبتدأ بالابتدا ... كذاك رفع خبر بالمبتدأ فمن المضحك في إعراب قولنا (الشاعر مضطر) أن نقول (الشاعر: مبتدأ مرفوع بالابتداء بالضمة. ومضطر: خبر مرفوع بالمبتدأ بالضمة لأن الضمة علامة الرفع. فانحطاط العربية في الأعصار الأخيرة جعل النحويين يتهافتون على خطأ (ابن مالك المضطر) وغيره حتى أن ابن عقيل قال (الأسماء الستة وهي أب وأخ وحم وهن وفوه وذو مال فهذه ترفع بالواو. . . وتنصب بالألف. . . وتجر بالياء) إلا أنه نقض تعبيره بعد ذلك بقوله (فعلامة الرفع والنصب والجر حركة مقدرة على الألف) فاستوى عنده العامل والعلامة وهما منه فالكلمة مرفوعة برافعها ومنصوبة بناصبها ومجرورة بجارها. ومن قال غير هذا فقد أخطأ.

2 - منع والأفعال التي تنصب مفعولين إن الأفعال التي تنصب مفعولين (أصل أولهما مبتدأ وأصل الثاني خبر) كثيرة ولذلك اقتصر النحويون على ذكر المشاهير منها ولكنهم لم يفيدوا فائدة ثابتة بوضعهم (منع) في الأفعال الناصبة مفعولين لأن السلف استعمل هذا الفعل متعديا إلى مفعول واحد أيضا فقد قيل (منع فلان فلانا عن الشيء ومنه) و (منع فلان فلانا الشيء) فالواجب أن يحذف هذا الفعل في الكتب الحديثة وأن يحل محله الأفعال المفيدة الكثيرة الاستعمال في هذا العصر مثل (حرم) كقولنا (حرمت السارق سرقته) ومثل (ألا. يألو) كقولنا (ما ألوت خالدا نصيحة) والمخلص لا يألو شعبه خيرا. ومثل (استأدى كقولنا (استأدى علي خالداً حقه) ومثل (استدفع) كأن يقال (استدفعني قومي العدو) أي طلبوا مني أن أدفعه عنهم ومثل (ألت يألت) نحو (لا يألت المنصف أحدا حقه) أي لا يبخسه ولا يتره. ونحو (سلب اللص القافلة تجارتها) و (بز السارق محمودا ثيابه) وإحصاء ما لا يحصى مهلكة للوقت. 3 - نقل ابن عقيل عن العلماء قال ابن عقيل في باب الحال من شرح الألفية (وقد كثر مجيء الحال مصدرا نكرة ولكنه ليس بمقيس لمجيئه على خلاف الأصل ومنه (زيد طلع بغتة) فبغتة مصدر نكرة وهو منصوب على الحال والتقدير (زيد طلع باغتا) هذا مذهب سيبويه والجمهور وذهب الأخفش والمبرد إلى أنه منصوب على المصدرية والعامل فيه محذوف. والتقدير (طلع زيد يبغت بغتة) فيبغت عندهما هو الحال لا بغتة اهـ قلت إن هذه الرواية المشكوك فيها أوجب علي أن أمحص ما ينقله (ابن عقيل) عن العلماء لأنه نسب إلى المبرد ضد ما أقر المبرد به. فلينظر المنصف الأمين المحقق إلى ص 217 في الكامل من الجزء الثاني يجد المبرد قد قال (وكذلك له حنين حنين ثكلى وله صريف صريف القعو بالمسداي يصرف صريفا، فما كل من هذا نكرة فنصبه على وجهين: على المصدر وتقديره (يصرف صريفا مثل صريف جمل) وإن شئت (جعلته حالا وتقديره: يخرجه في هذه الحال فأنت ترى أن المبرد نصب المصدر بالحالية وأن رواية ابن عقيل هذه لا تستحق الثقة ولا الاعتداد بها فتدبر أوحيدة هذه أم لها أشباه وأخوات؟ مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة أغلاط عامية ومطبعية 1 - ورد في لغة العرب (354: 7) ما نصه: (فاستحق لقب العادل الذي وصفه نبي الإسلام مع إنه كان يكره الأعاجم) وليس ذلك بصواب لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكره أعداء الله والإسلام فقط. 2 - خطأت في ص 340 خطأت قول الشيخ الغربي (التثبت من الأمر) بقولي (والصواب: في الأمر) مع أن الصواب هو الفصيح لأن المصادفة أعثرتني وإياكم على قول المولدين (تثبت من الأمر) فجل وعلا من أحاط باللغات. 3 - في الصفحة نفسها (دون العشر المقارع أو العشر مقارع) واللازم أن يضاف إليها (أو عشر المقارع). 4 - ولما قرأت قول العلامة فريتس كرنكو (في 29 ربيع الأول) في (لغة العرب 459: 7) لتصحيح الأغلاط المطبعية (أضفت إليه لفظ (شهر) على حسب ما نص عليه العلماء أفمخطئ أنا أم مصيب؟ (لغة العرب) إنكم مصيبون ولا يقال الخلاف. 5 - وقال العلامة ف. كرنكو في ص490 (ولو كنت أنا الكاتب لقلت: قد قتل كتب اللغة كلها) ترجيحا لهذا على قولي (قد قتل كل كتب اللغة) وإني لا أقبل ترجيحا بلا سبب ومن ذلك الاستعمال قوله تعالى: (فلا تميلوا كل الميل) وقول عبد الله بن أبي عيينة: كل المصائب قد تمر على الفتى ... فتهون غير شماتة الحساد وقوله: بارت مسارعتي إليك بطاعتي ... كل البوار وآذنت بكساد

وفي (قشع) من المختار (وفي حديث أبي هريرة. . . لو حدثتكم بكل ما أعلم لرميتموني بالقشع) فقول علامتنا الكرملي (هذا أخف وأرشق) أحمله على العاطفة الصميم كما حملوا نقدي لديوان الدكتور أبي شادي عليها. (لغة العرب) في قول الصدق: قتل كل كتب اللغة بالإضافات ثقل ظاهر وأثقل من قول الأستاذ كرنكو. وهذا يتبع الذوق فخفة الذوق أطيب للنفس من خلافه. اهـ كلامنا. أما قول العلامة الجليل (قتل كتب اللغة كلها) فيورث القارئ الالتباس لأن التوكيد يجوز إسناده إلى (كتب) المنصوب وإلى (اللغة) المجرور والكتابة غير مشكلة. وظاهر أن (الكتب كلها) لا تشمل (كل اللغة) حتى يزول الالتباس. 6 - وورد في لغة العرب (329: 7) قول المغربي الأستاذ (تأملت في معناها) والصواب (تأملت معناها) لأن الفعل متعد بنفسه. 7 - وقوله في ص 330 (ولذا عولت على اختيار كلمة: السماوة) ولم تجيء (عول) بمعنى (عزم) فالصواب ما قلناه. 8 - وفيها (كتاب الأماني لأبي علي القالي) والأصل (الأمالي). 9 - وفي الصفحة 331 قول المغربي (هذه هي المعاني التي يتعاوزها لفظ المذمر) والتعاور هو التداول وهذا التفاعل لا يكون إلا من اثنين فأكثر فيكيف يتعاور اللفظ وحده؟ فالصواب (التي تتعاور لفظ المذمر). مصطفى جواد الأرجوزة المنسوب إلى ابن قتيبة وقفت على القصيدة في الضاد والظاء المنسوبة إلى ابن قتيبة (لغة العرب 461: 7) وأنا لا أرى رأي ناشرها أنها للعلامة البغدادي المذكور. وأظن أن هذا النوع من النظم الخاص بالتعليم لا يرى في الأدب العربي يقبل المائة الرابعة للهجرة وقد نشأ في الأندلس. ولعل نشوءه لم يكن إلا بعد تلك المائة. وعلى ذلك أقول إن (مثلثات) قطرب ليست له في نظري إنما هي منسوبة إليه وصاحبها جاء بعد قطرب فنسبها إلى هذا العلامة الشهير ترويجا لها وهي غير معروف. ولنا من مؤلفات ابن قتيبة شيء كثير وكلها ينم عن قدم راسخة في العلم ولم يخطر في

باله أن يقصد القصائد أو ينظم الأراجيز. وكذا قل عن جميع ما ألف وصنف في عهده أو في العهد السابق له فأن لتلك الموشيات طرازا خاصا بها هو طراز السماحة والسذاجة المحمودتين وليس عليها أدنى مسحة من التكلف والتصنع. وقد نظم كثيرون أراجيز في الفرق بين الضاد والظاء فإذا تيسر لناقد أن يعارض بعضها ببعض يتوفق لأن يعرف صاحب الأرجوزة المنسوبة إلى ابن قتيبة ظلما. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو (لغة العرب) وقع في أثناء طبع الأرجوزة المذكورة عدة أغلاط نسينا أن ننبه عليها في وقتها. منها: ص 461 س 19 وجميعا: جميعا - ص 462 س 21 الجذب: الجدل - ص 462 س 25 الرجال: الرمال - ص 462 عظيم س 26 عظيم: عظم - ص 463 س 3 العظا: الغضا أبو سعيد الناري في مجلة لغة العرب الزهراء (437: 7 ح): رأيت في رحلة أوليا جلبي (596: 1) أن أبا سعيد الناري استشهد مع الإمام الحسين وأنه مدفون بكربلاء اهـ. أقول: وضع الشيخ محمد ابن الشيخ طاهر السماوي من أفاضل المعاصرين) سفرا لترجمة أصحاب الحسين المقتولين معه في واقعة الطف أسماه (إبصار العين في أنصار الحسين) وقد طبع عام 1341هـ في المطبعة الحيدرية بالنجف فجاء في 140 ص بالقطع المتوسط. وهذا الكتاب فريد في بابه بل لم يؤلف أحد قبله (على ما نعهده) كتابا جامعا لتراجم أصحاب الحسين كهذا التأليف البديع. ليس في هذا الكتاب الجامع لتراجم أصحاب الحسين ذكر لأبي سعيد الناري كما لم نجد اسمه في كتب أخرى الفت في مقتل الحسين ولعل اسم (أبى سعيد الناري) تصحيف (سويد الأنماري) المذكورة ترجمته في الصفحة الواحدة والمائة من كتاب أبصار العين. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (لغة العرب) لم نجد هذا العلم في كتب الأخبار المطولة. ويجب في مثل هذا الأمر أن يسند الخبر أو الاسم إلى كتاب قديم. وأولياء جلبي أقدم عهدا من السماوي.

حول إذما أطلعت على كلمة الأديب المصطفى التي أوردها في الجزء الرابع من المجلد السابع للغة العرب ص 289 حول (إذ ما) فوجدته مستغربا كون (إذما) حرفا وقد اشتبه عليه (إذ) الاسمية (بإذما) الحرفية. أما (إذ) فلا شك ولا ريب في كونها ظرفا واسما إذا وردت مجردة. وأما لو ضمت إليها (ما) خرجت عن الاسمية إلى الحرفية. لأن معناها تغير وهيئتها تبدلت وانقلبت حيث أن معناها كان قبل دخول (ما) للماضي وبعدها صار للمستقبل فدل على أن ذلك المعنى الأول قد سلب منها وجرد عنها قطعا واتخذت المعنى الثاني كما نص على ذلك (ابن هشام في القطر) واستدل هو على حرفيتها بقول (سيبويه) ومن تبعه من جمهور النحويين وجعلها بمنزلة (إن الشرطية) الجازمة لفعلين فإذا قلت (إذما تقم أقم) فمعناه أن تقم أقم وادعى (المصطفى) بكونها ظرفا زمانيا قبل دخول (ما) وبعدها مع أن هذه الدعوى قد قالها قبله بقرون عديدة جمع من النحويين (كالمبرد وابن السراج والفارسي) كما نص على ذلك (ابن هشام في القطر) وادعى بقولهم إنها ظرف زمان بمعنى (متى) فإذا قلت (إذما تقم أقم) فمعناه (متى تقم أقم) وأنها قبل دخول (ما) كانت اسما والأصل عدم التغيير ونحن نستدل على حرفيتها بأقوال النحويين الذين يعتمد على قولهم منهم (ابن مالك في ألفيته في باب عوام الجزم ص 372) فإنه قال: واجزم بأن ومن وما ومهما ... أي متى أيان أين إذما وحيثما أنى وحرف إذما ... كأن وباقي الأدوات اسما ثم استشهد ولد الناظم (بدر الدين) في (الشرح) على حرفية (إذما) تأكيدا لقول أبيه بقوله (ويساوي أن في ذلك الأدوات التي في معناها وهي (من وما ومهما وأي ومتى وإيان وأين وإذما وحيثما وأنى) وورد شاهداً على حرفية (إذما البيت الذي أورده المصطفى في كلمته على الظرفية) وهو: وإنك إذما تأت ما أنت آمر ... به تلف من إياه تأمر آنيا قم قال وعند النحويين أن (إذ) في (إذما) مسلوب الأدلة على معناه الأصلي يستعمل مع (ما الزائدة) حرفا بمعنى (إن الشرطية) وما سوى (إذا) من

الأدوات المذكورة فأسماء متضمنة معنى (إن) معمولة لفعل الشرط والابتداء لا غير ويؤيد قولنا بالحرفية كلام (صاحب المغني) فأنه ذكر في (حرف الألف) (إذما) وقال إنها (أداة) تجزم فعلين وهي حرف عند سيبويه بمنزلة (إن الشرطية) وقال صاحب كتاب (شذور الذهب في معرفة كلام العرب) ص 760 في (باب المجزومات) كأن وإذما: أما إذما فهي لمجرد التعليق وجازمة لفعلين وغيرها لفعل واحد، وما يجزم فعلين هو الأحد عشر الباقية وقد قسمتها إلى ستة أقسام أحدها ما وضع للدلالة على مجرد تعليق الجواب على الشرط وهو (إن وإذما) قال الله تعالى (وإن تعودوا نعد) وتقول (إذما تقم أقم) وهما حرفان أما (إن) فبالإجماع وأما (إذما) فعند (سيبويه والجمهور) الخ وقال الشيخ خالد بن عبد الله الأزهري في كتابه (التصريح) على شرح الألفية (طبعة إيران) في باب (إعراب الفعل المضارع) في (النوع الثاني من الفصل الرابع) والنوع الثاني جازم لفعلين وهو إحدى عشرة كلمة وهي بالنظر إلى الخلاف في حقيقتها وعدمه (أربعة أنواع) حرف باتفاق وهو (إن) بكسر الهمزة وسكون النون وهي أم الباب وحرف على الأصح وهو (إذما) فقال سيبويه إنها حرف بمنزلة (إن) الشرطية الخ، وقد نظر الأديب (بحيث وكيف وأين) بأنها دخلت عليهن (ما) ولم تصيرهن حروفا نقول إن (ما) دخلت عليهن ولكن معناهن بقي مثل ما كان قبل دخولها عليهن بخلاف (إذ) ولو كانت اسمية (إذما لظهرت جلية عند النحويين ولما بينوا هذه التبيينات وفصلوا تلك التفصيلات وهذا دليل على أنها مختلف فيها ولا يمكن أن يرجح أحد القولين على الآخر بعد إن كانت القوة في جانب من يقول بحرفيتها لا باسميتها فضلا عن كون اللغة العربية أكثر مفرداتها سماعية لا قياسية وليس فيها اجتهاد ولا اشتقاق إلا ما ورد عن العرب مما دون في كتب أئمة النحو وإذا لم نعتمد ما قاله النحويون في كتبهم ونصوا عليه وأثبتوه فيها فأذن على من نعتمد؟ النجف: عبد المولى الطريحي نظرة في أقدم كتابة كوفية طالعت ما جاء في لغة العرب (11: 7) عن أقدم كتابة كوفية وراقني

بحثها لكني أشك كل الشك في صحة ذيالك التاريخ وكنت أود أن أرى الأصل أو صورة الأصل. ورأيي أن الحفار أهمل ذكر المائة لأن الخط الكوفي الذي كانت تخطب به المصاحف كان متخذا في العراق على ما أظن. ولعل في ديار الشام أيضا. أما في ربوع مصر فكان شائعاً الخط المكي القديم أي النسخي وعندنا في لندن مخطوطات على البردي وكلها بالنسخي البديع ومؤرخة في سنة 90 و91 من الهجرة وأقدم هذه الأنباء هو ما نشره الدكتور بيكر وتاريخه. إن لم تخني ذاكرتي - من سنة 25 للهجرة. هذا وعندنا عدد وافر من النقود الساسانية واليونانية وعليها كتابات عربية وطرزها وسط بين النسخي والكوفي. وهذه النقود تاريخها من العهد السابق للإصلاح لعبد الملك وعلى بعض هذه النقود صورة مريم العذراء وحولها شهادة لا إله إلا الله. ومن جزيل الفائدة أن يعاد نشر ما على هذه النقود لأنها توحي إلى نفوس الباحثين من أبناء العرب وحيا كله منافع. بكنهام (انكلترة): ف. كرنكو (لغة العرب) إن صاحب هذه النظرة علامة راسخ القدم في الآداب العربية وعلومها ولغتها وما نشره من ضروب الكتب والمؤلفات تشهد له شهادة صادقة على أنه ابن بجدتها. وما قاله عن المخطوطات بالقلم الكوفي وبالقلم النسخي لما كان يكتب في العراق ويخط في ديار مصر. أمر لا ينكر لأن ما وصل إلينا من هذا القبيل أكثر من أن يحصى ولهذا نرى أن رأيه مما يجب أن يوضع في الميزان لدرس مسألة كتابة الرقيم الذي جاء ذكره في (لغة العرب) وعليه ننصح لقارئه أن يبعث بصورة مصورة بالشمس إلى الأستاذ الألماني المذكور الموجود في انكلترة ليجيل النظر فيه. وهذا عنوان الأديب باللغة الإنكليزية: 50

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة مصطلحات الأمير شكيب أرسلان س - بغداد - ر ب: ما رأي لغة العرب في الألفاظ الفرنسية وما يقابلها في العربية التي وردت في تعريب كتاب أناطول فراس الذي نقله الأمير شكيب أرسلان؟ ج - تقسم الألفاظ التي عربها الأمير قسمين كبيرين، قسم عربت ألفاظه منذ القديم. وقسم عربت ألفاظه حديثا. وهذا القسم الثاني يتفرع إلى ثلاثة فروع: فرع صح فيه التعريب وفرع لم يصح فيه وفرع ينظر فيه. فأما الكلم المعربة من سابق العهد فهي: رعادة ص 72 وإقليمي ص 96 وعقيلة ص 116، وفش ص 152، وصخابة ص 196، وحمص ص 218، وقرقرة البطن ص 223، وبطائق بريدية ص 256، وعسبر ص 264، ومعمل ص 270، وقنبرة ص 277، ونعمة ص 305، وتسعية أو تساعية ص 305 والكلم التي صح تعريبها وهي من وضع الأمير الآتي ذكرها: الكسع ص 44 المجمجة وهي التخليط في الخط ص 110 الخرمشة ص 110 والسهوان ص 133 والكاتب المشدوه والمدهوش ص 135 والثبت 148 والتمتام ص 138 والغانية اللبة ص 153 والشعر الناقص ص 159 وعفص القارورة ص 126 والعانس ص 179 وثبج ص 182 والطياش 187 والخباص أو المخرفش ص 191 فدعته ص 204 -

زرف الحديد أو زخرفه ص 219 الوثيرة ص 222 وقشرة البيض (جمع قاشر) ص 224 والإغراب في الشعر ص 223 والمشيعة (وهي القفة التي تجعل فيها المرأة قطنها ونحو ذلك ص 278 والغرفة المحردة ص 278 والبلاهة ص 272 والتفاهة (فيها) والعهرة ص 300 وتفخل والأوضاع التي لا نوافقه على وضعها هي: الغلمة وقال عنها: هي تغلب الإنسان على شهوته. ص 63 والتعريف غير صحيح، إنما الغلمة هيجان شهوة النكاح من المرأة والرجل وغيرهما (اللسان) ولا يقابله بالفرنسية بل أما الكلمة الفرنسية فيقابلها في العربية التلذذ، والمسلوفة ص 78 من الأرض ليست إنما المسلوفة من الأرضين: المسواة بالمسلفة أي والمسلفة وأما فمعناها المدكوكة. قال في اللسان: الدكة ما استوى من الرمال وسهل ومكان دك: مستو. . . ودك الأرض دكا: سوى صعودها وهبوطها وقد اندك المكان ودك التراب يدكه دكا كبسه وسواه. وهذه المعاني هي المطلوبة من الكلمة الإفرنجية. امرأة مفننة ص 133 (بصيغة المفعول) لا تقابل الفرنسية لأن المفننة من النساء الكبيرة السيئة الخلق (اللسان) وأما الفرنسية فتعني الثرثارة ص 133 لا تعني مدنقة بل مسفة (بالتضعيف والفاعلية) أما المدنقة فهي ص 133 تعني الصخبة والصخوب والصخبة (بتشديد الباء) لا السعلاة التي هي والدراعة ص 134 لا تعني بل أما الافرنسية فيقابلها الطاق. والصوف الهفهاف ص 134 لا يعني فهذه هي السمط (كقفل) أما الهفاف فهو الرقيق الشفاف والبراق من القمص أي ليس النقريس أو الممراق. لأن النقريس: الداهية الفطن والحاذق والممراق هو الدخال في الأمور والمارق العلم النافذ في كل شيء لا يتعوج فيه (كلاهما عن اللسان) والكلمة الإفرنجية تعني الخداع الخبيث المنكر وهو بالعربية الخب (بالكسر وبالفتح) واستعمل السلف أيضاً بهذا المعنى الجربز (كقنفذ) والكلمة من أصل فارسي. (الباقي للآتي)

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 104 - الأغاني الشعبية الجزء الأول، بمطبعة النجاح بغداد سنة 1929. جمهرة من بعض الأشعار العامية المغناة وغير المغناة وقوام هذا الجزء 128 ص بقطع الثمن الصغير وقد رقم في مبدأه ما نصه: (مجموعة من الشعر العامي الطريف الذي ينظمه سكان الأرياف في العراق، ويمكن لقارئها أن يدرس منها حياة الأعراب الاجتماعية والأدبية والسياسية والأخلاقية) فهو إذن مما يستحق الاستحسان ولو لم يبلغ مدى الاستبداع وجامعه السيد عبد الرزاق الحسني في غنية عن التعريف وهو ولوع حق الولوع بالبحوث الجغرافية والتاريخية والاجتماعية غير إنه لم يكن المجلي في هذا الموضوع بل هو مصل بعد مجل لأن (الشيخ عبد المولى الطريحي) قد سبقه إلى هذا البحث في لغة العرب (513: 5 إلى 519) وآذن بتأليفه كتابا في الأغاني الفراتية. وكتاب الحسني على قيامه بالحاجة الشعبية في الشعر العامي لم تستفرغ الطاقة في تهذيبه ولا في ترتيبه ولا في طبعه. فلول نقصان فيه - إرساله من دون شكل ولا ضبط والشعر العامي إذا لم يشكل كان من الطلاسم المستعجمة لكثرة ما فيه من الطي والتمديد والتحريك والتسكين العارضين وغير ذلك من الضرائر الشعرية التي تجعل الشعر من كلام أهل الصين - والنقص الثاني كثرة اللحن والزلل اللغوي - والثالث اضطراب بعض التفاسير واختلال الشعر الفصيح المقتدى - والرابع خلو الكتاب من فهرس لاسماء المغنين والمغنيات والناظمين والناظمات - والخامس الغلط في كتابة العامي والفصيح فمن كثرة اللحن قوله في الغلاف (وعلق عليه حواش) بالجر أو الرفع والصواب (حواشي) بالنصب ومثله قوله في ص 6 (راكبة أراض) وقوله في ص 7 (والشاعر هنا ينعتهم بالبواسل) والصواب

(بالبسلاء) أو (الباسلين) أو (البسل) لأن البواسل جمع (باسلة) للعاقل وغيرها وجمع (باسل) لغير العاقل. وفي ص 64 لو بات من أهواه وسط حشاشتي ... لقلت أدنو (كذا) مني أيها المتباعد والصواب الذي نراه (قلت ادن مني أيها المتباعد). وفيها: ذلولي ما يجد السير ضلعاي ... انتحو عني ومد البصر ضلعاي فقال السيد (ومعناه: بعيري لا يحسن السير لأنه يضلع (كذا) بعدوا عني ولم يبق غير شبحهم) ولم نعرف اللفظة العامية التي دلت على (الشبح) والصواب (إن الجمل ظل عييا مسافة مد البصر عن الركب أو ظل العجاج بطول مد البصر ومنها (شبه كسر الزجاج انكسر ضلعاي) ولم يشر السيد إلى أن هذا التشبيه منتزع من قول ابن عبد القدوس: إن القلوب إذا تنافر ودها ... مثل الزجاجة كسرها لا يشعب ونحن مع هذا نشكر للأديب الحسني هذه المأثرة ونستحسن منه هذا المجموع. وفقه الله للعمل الرصيف في الكتابة والتأليف. مصطفى جواد 105 - المكتبة البلدية أي فهرس المطبوعات والمخطوطات التي في خزانة كتب البلدية في الإسكندرية (فهرس الإلهيات) وما يندرج تحتها ويتضمن التوحيد في 48 ص - التصوف في 52 ص - الفوائد والأدعية في 3 ص - الحروف والأسماء في 19 ص - الفرق الإسلامية في 19 ص - الأديان والمعتقدات في 36 ص بقلم أحمد أبو علي الأمين الوطني، سنة 1347هـ - 1928م شركة المطبوعات المصرية بإسكندرية. لا يجهل أحد أن ديار مصر شاطت شوطا بعيدا في العلم والأدب، في الحضارة والتمدن وأصبح لكل مدينة كبيرة خزانة كتب واسعة تزينها المطبوعات والمخطوطات، والإسكندرية مشهورة في سابق العهد بدور كتبها واليوم تستعيد مجدها بفضل حكومتها الرشيدة وهذا المجلد يشهد بما في انخزتها الحالية من

الكنوز النفيسة وقد وضع هذا الفهرس صاحب السعادة أحمد أبو علي بك المشهور بتخصصه بهذا الفن وهذا الفهرس من أدل الأدلة على إمعانه في علم الوراقة أي في معرفة المطبوعات والمخطوطات في لغتنا العربية. وقد لحظنا أنه وضع علامة استفهام بجانب بعض أعلام الرجال والمدن فلم نفهم سبب وضعها. مع أننا نعلم أن مثل هذه الأمارة توضع إذا كان هناك شك في الاسم أو ريب في وجوده أو في صحة إيراده. والحال أن ما جاء من تلك الأعلام صحيحة لا شبهة فيها. فلم نفهم سر تلك العلامة من ذلك أنه ذكر في ص 16 مفاتيح الشرائع (في فقه الشيعة) لم يذكر مؤلفه. . . قلنا: أما أن الكتاب هو في فقه الشيعة فهو مما لا ريب فيه وقد ذكره صاحب كشف الحجب والأستار (في ص 538) وأما صاحبه فهو محمد بن مرتضى المدعو بمحسن الكاشي - وذكر في تلك الصفحة (منهاج) الهداية إلى أحكام الشريعة (في فقه الشيعة؟) تأليف العلامة محمد إبراهيم محمد حسن (؟) قلنا: إن السفر المذكور هو حقيقة في فقه الشيعة كما يذكر ذلك صاحب كشف الحجب والأستار في ص 567 وصاحبه الحقيقي الحاجب محمد إبراهيم بن محمد حسن الأصفهاني الكرباهي المتوفى سنة 1261هـ - وذكر في ص 17 المواهب السنية. . . تأليف العلامة السيد محمود الطباطبائي (؟) والحال أن السيد محمود الطباطبائي معروف ولا نفهم سبب وضع علامة الاستفهام بجانب اسمه. وذكر في حاشية ص 17 بين أئمة الشيعة الاثنا عشرية حسن بن علي التركي العسكري والصواب الزكي لأن ليس بين الأئمة من عصره تركي فكيف ينعت به؟ ونظن أن هذا من خطأ الطبع وعسى أن ينقح في طبعة ثانية. 106 - فهرس الفلسفيات (له) وما يجري مجراها ويتضمن المنطق في 36 ص - الحكمة والفلسفة في 28 ص - المواعظ والأخلاق في 52 ص - آداب البحث والمناظرة في 11 ص - التربية والتعليم في 4 ص هذه الفهارس للعلامة المذكور وقد وجدنا في ص 4 من فهرس الحكمة والفلسفة ما هذا نصه: (أجوبة (الأسئلة الهندية) تأليف العلامة أحمد بن محمد المفتي

بمدينة بغداد؟) (كذا) فلم نفهم سبب وضع علامة الاستفهام لأن الرجل صاحب الأجوبة معروف وبغداد اشهر من أن تعرف فما معنى هذه الأمارة في هذا الموطن وذكر في ص 11 من فهرس الحكمة ما يأتي: رسائل إخوان الصفا. . . جمعية إخوان الصفا التي تأسست في بغداد. . . وكان بين أعضاءها الحكماء أبو سليمان محمد بن نصر السبتي (كذا) المقدسي. . . وأبو أحمد النهرجوري (كذا) وأبو الحسن زيد بن رفاعة العوفي (كذا). . . - قلنا: إن مركز إخوان الصفا كان في البصرة لا في بغداد وصواب رواية الأسماء هو أبو سليمان محمد بن مشير البستي المقدسي. . . ومحمد ابن أحمد النهرجاري وأبو الحسن زي بن رفاعة - والعوفي (راجع لغة العرب 319: 4 و320) وراجع مختصر الدول لأبي الفرج ص 308 و309 من طبعة بيروت. 107 - فهرس كتب أصول الشيعة الإسلامية (له) يتضمن القران الشريف في 4 ص - علم القراءات والتجويد ورسم المصحف في 43 ص - علم التفسير وملحقاته في 56 ص - علم مصطلح الحديث في 28 ص - علم الحديث الشريف في 80 ص هذه الفهارس كلها مرتبة على حروف الهجاء مراعيا فيها المؤلف حفظه الله أسماء الكتب الواحد بعد الآخر وذاكرا كل مؤلف باسمه وواصفا كل كتاب وصفا دقيقا. وقد رأينا في هذه الفهارس كما في أخواتها كثيراً من أعلام المدن والرجال وبجانبها علامات الاستفهام مع أنه ليس هناك خطأ يوجب هذا النظر فعسى أن يفهمنا المؤلف سبب هذه الأمارات وهو لم ينبه عليها في صدر فهارسه لينبته لها القارئ. 108 - فهرس كتب فروع الشريعة الإسلامية (له) ويتضمن علم أصول الفقه في 27 ص - المذاهب الأربعة في 86 ص و26 و54 و21 و9 - علم الفرائض في 21 ص. نرى في هذا الفهرس كما في سائر الفهارس علامات الاستفهام. . . وتنقيط الياء بالمثناة التحتية حيث يجب الإهمال وإهمال ما يجب تنقيطه. ففي ص 12 من فهرس علم فرائض المذاهب الأربعة نرى الشيخ رضي الدين بن أبي بكر السبتى

(هكذا بلا نقطيتين تحت الياء. مع إنه كان يحسن أن تنقط). ثم نراه يقول في تلك الصفحة السيد علي بن قاسم العباسي الحسني اليمني المتوفي (كذا بنقطتين تحت الياء مع أنه يجب أن تهمل إذ المتوفي بالياء المنقوطة هو الله أو ما ينوب عنه والمتوفى بالقصر هو الإنسان فكيف يسوغ لنا أن لا نراعي النقط وإهمالها. 109 - فهرس العلوم العربية (له) علم التصريف في 16 ص - علم النحو في 53 ص - علوم البلاغة في 32 ص - علم الوضع في 8 ص - علم اللغة في 40 ص - علم العروض والقوافي في 6 ص كنا نتمنى أن تكون هذه الفهارس بصفحات متسلسلة لا متجددة في كل فرع من فروع العلوم لأن ذلك يتعب من يشير إليها ويبحث فيها. فلو كان لهذه الفهارس كلها جزءان أو ثلاثة وفي كل جزء صفحات متسلسلة لا متجددة لكان أحسن. والذي نلاحظه في هذا الفهرس كما في سائر الفهارس أخوته ذكر أسماء المؤلفين مع ألقاب التعظيم والتفخيم ولا نظن أن لها منفعة اللهم إلا عند نقل نص من نصوص الكتاب المخطوط أو نحو ذلك وإلا فالاستغناء عنها توفير في القراءة والطبع والوقت. وهناك ملحوظة أخرى أن كتب الخط ممزوجة بكتب الطبع والذي عهدناه في خزائن كتب ديار الغرب أنهم يرصدون فهارس للمطبوعات وفهارس للمخطوطات لأن الذين يبحثون عن هذه غير الذين يبحثون عن تلك. ووجدنا المؤلف بضبط في ص 26 من فهرس علم اللغة القنوجي بفتح القاف والنون فالواو المشددة المفتوحة ثم جيم فياء. والذي نعلمه أن القنوجي منسوب قنوج أو قنوج أي بفتح القاف أو كسرها يليها نون مشددة مفتوحة ثم واو ساكنة فجيم. أما أهل الهند فيقولون قنوج بفتح الأول والثاني وإسكان الواو وبالهندية القديمة قنيقيج. هذا المشهور ولم نجد من يضبط المنسوب كما ضبطه حضرة المؤلف.

110 - فهرس الأدب (له) الإنشاء - الشعر - المحاضرات في 210 ص. نرى بين كتب الأدب مؤلفات عديدة مخطوطة وهي موصوفة وصف الكتب المطبوعة. ورأينا أن توصف وصفا أعظم وأدق ولا سيما تلك المصنفات غير المشهورة فقد رأينا في ص 8 كتابا اسمه: (الأسد والغواص) وصفه الأمين بقوله: (لم يعلم واضعه وهو على نمط كليلة ودمنة في الحكايات الموضوعة بلسان الحيوانات نسخة في مجلد مكتوبة بقلم عادي سنة 950هـ) ولم يذكر لنا الأمين عدد صفحاته ولا مثالا من عباراته وأسلوبه ولا أوله ولا آخره. فهذه الأمور في مثل هذا الموطن تهم الوراق الباحث. ومثل هذا كثير في الفهارس التي ذكرناها. فعسى أن ينظر إلى هذا الأمر بعين الروية والإتقان. وقد وجدنا في هذا الفهرس كتبا كان يتوقع الباحث أن يراها في فهرس الكتب اللغوية لكنه لا يراها إلا هنا فقد ذكر في ص 9 إصلاح المنطق لابن السكيت والأضداد لابن الأنباري ومكانهما ومكان غيرهما من نظائرهما الفهرس اللغوي لا غير. 111 - فهرس المصنفات (له) الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها في 42 ص. كنا نود أن نرى هنا المجلات والجرائد والوضائع الموجودة في خزانة الإسكندرية ونحن لم نرد لها ذكرا هنا ولا في سواها. فلعل هناك جزءا لم يصل إلينا أو لعل الجزء المرصد لهذا الضرب من المنشورات يهيأ للطبع ولم يتم فعسى أن نرى فيه أمهات الصحف والمجلات المشهورة في العالم العربي ولا سيما تلك التي نشرت في ديار مصر منذ العهد القديم. 112 - فهرس التاريخ يتضمن السيرة النبوية الشريفة في 22 ص - التاريخ العام والخاص في 172 ص الجغرافية في 35 ص - التاريخ الطبيعي في 11 ص. نرى المؤلف الأمين يقول في ص 3 من فهرس التاريخ ما هذا نصه (البيروني

(نسبة إلى بيرون من بلاد السند) وقد بحثنا في عشرات من كتب التاريخ والبلدان فلم نجد بلدة في السند بهذا الاسم). أما البيروني فمنسوب - على ما نعهد - إلى بيرون بكسر الباء الموحدة التحتية. وبيرون هذه خارج خوارزم لأن بها من يكون في خارج البلد ولا يكون من نفسها. فيقال لممن ينسب إلى خارجها: فلان بيروني أست. ويقال بلغتهم انبيزك وبالنسبة إلى بيرون هذه اشتهر أبو الريحان المنجم، لا إلى بلدة من بلاد السند. وورد في تلك الصفحة يزدجر والمشهور يزدجرد بدال في الآخر وقد ورد في طبع هذا الجزء أغلاط كثيرة لم تصحح في الآخر مثل مونسكيو ص 20 - الثقاة ص 38 - مبداء ص 40 - أربعة عشرة مقالة ص 44 - جير الكسر ص 55 - مفتش وزارة المعارف ص 67 - ماسيرو ص 68 - دواني القطوفي ص 68 - إلى غيرها والصواب مونتسكيو - الثقات - مبدأ - أربع عشرة مقالة - جبر الكسر - مفتش في وزارة المعارف - ماسيرو - القطوف. فنتوقع أن تصحح هذه الأغلاط وغيرها مما يشوه محاسن الكتاب. 113 - فهرس الجغرافيا وملحقاتها (له أيضا) في 35 ص. ذكر المؤلف في حرف الذال في ص 14 كتابا سماه: (ذكر يوم القيامة والحشر والنشر وتبديل الأرض) نقلاً عن كتاب (فريدة العجائب وفريدة الغرائب) المنسوب إلى سراج الدين عمر بن الوردي وما كنا نتوقع أن تكون هذه الرسالة في فهرس الجغرافية اللهم إلا أن يكون ذكر الأرض سبب وضعه في هذا الموطن. فإذا كان الأمر كذلك فما أكثر المؤلفات التي ورد فيها ذكر (الأرض) وما يقوم عليها! ولماذا لم توضع هنا خريدة العجائب نفسها؟ وذر في ص 20 (كتاب عجائب الهند بره وبحره وجزائره تأليف بزرك ابن شهريار الناخذاه الرام هرمزي (؟)) ووضع بجانب الرامهرمزي علامة الاستفهام والحال أن الناخذاه المذكور منسوب إلى بلدة اسمها رامهرمز من مدن خوزستان وقد ذكرها ياقوت في معجمه فلم نفهم وجه وضع هذه الكلمة هنا.

114 - فهرس التاريخ الطبيعي (له أيضا) في 11 ص جاء في ص 7 بين أسماء علماء الحيوان ذكر بنادق (؟) ووضع المؤلف بجانبه علامة الاستفهام. وهنا محل وضعها لأننا لا نعرف رجلا من الأقدمين باسم بنادق بل ثيادور أو ثياذورس الاثيني وقد ذكره ابن أبي أصيبعة في عيون الأنباء 36: 1 115 - فهرس الطبيعيات وما يجري مجراها وهي الطب بفروعه والكيمياء والطبيعة والزراعة في 54 ص. في هذا الفهرس فوائد كالفوائد التي ترى في سائر المجلدات السابقة وهي أن المؤلف كثيراً ما يذكر ولادة صاحب الكتاب الذي يذكر اسمه ووفاته وإذا كان التأليف معربا ذكر سنة ولادة المعرب وسنة وفاته أيضا وهذا مفيد جدا لمعرفة الحركة الفكرية والعلمية في مختلف القرون وكذلك قل عن النقل والترجمة. وقد استفسر المؤلف في ص 19 عن العلم لافارج الفرنسي صاحب كتاب الطب البيطري الذي وسم اسمه بالعربية (روضة الأذكياء في علم الفسيولوجيا) فنقول هو المسمى بالفرنسية وذكر في ص 20 محمد ابن محمد القوصوني. ونظن أنه منسوب إلى قوصوه فيقال في نسبه قوصوي لكن العوام تقول قوصوئي فلعلها تلك محرفة عن هذه. وجاء في ص 35 ذكر كامل للصناعة الطبية تأليف الإمام علاء الدين علي بن العباس المجوسي. وضبط هذه الكلمة الأخيرة بتشديد الواو المكسورة ونحن لا نعلم رجلا بهذا النعت والمشهور المجوسي نسبة إلى المجوس كعروس لأن جده الأكبر كان مجوسيا فأسلم. وفي ص 40 ورد ما نصه: (مجمع المنافع البدنية تأليف العلامة الشيخ داود البصير؟ (كذا). ولعله الشيخ داود الأنطاكي الضرير صاحب التذكرة) اهـ. قلنا الشيخ داود البصير والشيخ داود الأنطاكي الضرير اسمان لمسمى واحد وإنما يسمى الضرير بصيرا من باب تسمية الشيء باسم ضده أو من باب التفاؤل أو

من باب التسلية وجبر الخاطر المكسور وأغلب الكتبة يسمونه الشيخ داود البصير. 116 - فهرس علم الكيميا والطبيعة (له أيضا) في 13 ص. وضع المؤلف في ص 12 بجانب (كتاب العقد) علامة الاستفهام. كأنه يقول كيف ترى كلمة (عقد) في باب الكيمياء وليس في دواوين اللغة ما يوجه هذا اللفظ وجها صحيحا! قلنا: العقد عند الكيمويين هو أن يوضع الشيء في قرع ويوقد تحته حتى يجمد ويعود حجرا (راجع مفاتيح العلوم للخوارزمي ص 264 من طبعة الإفرنج). 117 - فهرس علم الزراعة (له أيضا) في 12 ص. نجد هنا المؤلف يتخذ كلمة نمرة (12) للدلالة على الرقم ونحن لا نرى وجهاً لاتخاذها لأنها إفرنجية فاستعمال الكلمة الدخيل لا يزيدنا علما بحقيقتها وهجرها لا يضرنا شيئا. إذن فلماذا لا نستعمل لساننا لأنفسنا ونترك الدخيل للدخلاء؟ 118 - فهرس الرياضيات وما يتبعها وهي الحساب بفروعه - الجبر والمقابلة - الهندسة بفروعها - الهيئة والفلك - الميقات والتقويم - الموسيقى - الفنون والصناعات ومعها فن التصوير - الفنون الحربية والاستحكامات وأعمال الفروسية ومعها الألعاب الرياضية - وفي آخرها ملحق بفهرس الجيولوجيا والطيبوغرافيا (له أيضا) في 76 صفحة جاء في ص 21 ذكر رسالة (في الجذرو) ولعلها في الجذور ورأينا في هذا الفهرس (ص 76) كما رأينا في المصنفات الحديثة والجرائد والمجلات كلمة (فن الاستحكامات) وليس لهذا الوضع معنى وجيه لأن الاستحكام لازم المعنى تقول أحكمت الأمر فاستحكم أي أتقنته فصار متقنا. والفن أو العلم يعلمنا كيف نجعل البناء محكما أو متقنا فيجب أن يقال: فن الاحكامات) لا فن

الاستحكامات. لكن الترك احتاجوا إلى ترجمة الكلمة الإفرنجية فنقلوها بصورة (استحكام) فجاء بعدهم من وضع الكتب في العربية فاتخذ اللفظة نفسها من غير أن ينتبه إلى سوء استعمالها. فيجب علينا نحن العرب أن نطهر لغتنا من كل درن يدنسها لتكون تلك العذراء الحسناء التي لا عيب فيها! إذن لنقل فن الاحكامات لا فن الاستحكامات. وفي ص 85 جاء الطبوغرافيا. وفي أول الكتاب الطيبوغرافيا. وهذه خطأ وتلك صحيح. فليؤخذ بالصحيح وليهجر القبيح. 119 - فهرس القوانين والشرائع ويليه فهرس أعمال الحكومة المصري (له أيضا) في 28 ص كنا نود أن يعلق صاحب السعادة - مؤلف هذه الفهارس العديدة المفيدة البديعة - على الكتاب الوارد ذكره في ص 8 باسم (تلخيص الحقوق الموضوعة) من سوء وضع الألفاظ في غير موضعها. لأننا إن قلنا: إن هذا الكتاب موضوع أو هذه الشريعة موضوعة أو هذه الأحكام موضوعة فمعناها المزورة أو المكذوب فيها أو المختلقة والحال أن غايتهم من قولهم الحقوق الموضوعة، الحقوق المقررة أو المثبتة أو المحققة أو الموجبة أو الإيجابية أو المنقولة إلى غيرها من الألفاظ الكثيرة عندنا. أما الموضوعة هنا فمن قبيح الوضع. فإذا علق هذا الشرح في مثل هذا الفهرس فإن الأدباء محبي لغتهم العربية يهجرون هذا الاستعمال الشائن بل ينبذونه نبذا. 120 - فهرس أعمال الحكومة المصرية وما يتعلق بها (له) في 52 ص إننا أحببنا أن يكون هذا الهرس النفيس أداة لإصلاح بعض الألفاظ التي هجمت ظلما على لغتنا فلو علق المؤلف في ص 29 في الحاشية على اسم هذا الكتاب وهو (قانون دمغة المصوغات: (الدمغة يقابلها عند قدمائنا: (الوسم) لكان قتل تلك الكلمة التركية ولظهر للجميع أن السلف كان يسمون المجوهرات والمصوغات كما كانوا يسمون إبلهم وخيلهم العراب. فالوسم من أشيع الأمور عند العرب وعنهم أخذه أبناء الغرب عند اتصالهم بنا في عهد الحروب الصليبية.

إذن لا حق لنا في أن نهجر أوضاع سلفنا الصالح لنتمسك بمصطلح غريب عنا لا نفهم رطانته. 121 - فهرس الفنون المنوعة في 231 ص ويليه فهرس القصص والروايات في 88 ص (له أيضا) في هذا الفهرس مجموعات عديدة وفيها نفائس عديدة. يعرف ما فيها من يطالعها، لكن إذا أراد الباحث أن يعود إلى مطالعتها صعب عليه العثور على ضالته لأنها لا تعرف بعناوين مرتبة على حروف الهجاء ولا يهتدي إليها بأسماء مؤلفيها ولا تعلم من أسمائها، إذ كل ذلك مخلوط بعضه ببعض كل الخلط ويتعذر على الساحر نفسه مراجعتها. أما أبناء الغرب فأنه يضعون في آخر الفهارس معجما بأسماء الكتب والرسائل الواردة في مطاوي البحث وهكذا يستطيع أن يهتدي إلى الضالة من ينشدها من غير أن يخسر شيئاً من وقته. فعسى أن نرى يوما لخزانة البلدية فهرسا جامعا لمختلف الكتب والرسائل والمطبوعات والمخطوطات حتى يظفر بها من يبحث عنها. وليس ذلك ببعيد على همة الأمين الوطني صاحب السعادة أحمد أبي علي بك حرسه الله ومتعه بعمر طويل. 122 - دير مار متي الشيخ ودير مار بهنام الشهيد في جوار الموصل في 44 ص عربية و23 ص فرنسية، بقلم مار أغناطيوس أفرام الثاني بطريرك السريان الأنطاكي بالمطبعة السريانية بيروت سنة 1918. أهدي إلينا هذا الكتيب فوجدناه أثرا جديرا به صاحبه البطريرك السرياني الراحل إلى دار الخلد. وما فيه من حسن نقد الأخبار وتنسيقها على وجه شائق يرغب المطالع في أن يقرأه مرارا. 123 - الياقوت القتال حكاية خيالية تأليف غي دافلين (بالفرنسية) من مجموعة بيار في باريس في 95 ص بقطع 24 وثمنه 75 سنتيما. وشت السيدة غي دافلين حكاية من أبدع الحكايات إذ تأخذ بالقلب منذ أول

سطورها فهي تروي لنا حكاية ابنة نصرانية اسمها شهرزاد والياقوت المذكور ياقوت كان مركبا في افخر الفضة والراوية تطلعنا على منظر من أخفى مناظر الهند على قصر كأنه من قصور ألف ليلة وليلة وعلى بيوت عبادة للهنود قد مر عليها ألوف من السنين وفيها من تماثيل البددة الشنيعة ذات الحكايات التي لا تلو من أحداث دموية تنم عما في (الأندرون) من الأسرار المظلمة تلك الأندرونات التي ليست إلا سجونا مذهبة وذهبها الغواني وهي سجون تجري فيها وقائع هائلة ولا يدري بها من كان في خارجها فترى في سرد الرواية صفحات تنم عن خيال بديع غني وفي أثنائها صور ملونة بأحر الألوان تجذب إليها الأنظار فالأفكار. وللأميرة الشرقية جواذب عديدة لا تنكر وكذلك قل عن المهرجاه الذي يذكرنا بأحداث الخلفاء العباسيين ومقدرتهم وكذا قل عن الخاطف الذي خطف الابنة. . . والذي يجعل لهذه الرواية الخيالية التي لا تخلو من تاريخ في الأصل جاذبا عظيما هو مزج القديم بالحديث مزجا يعجب كل قارئ عصري أي أنك تجد الحضارة الحديثة الغربية تتسلل إلى الديار الشرقية ذات التقاليد المشهورة منذ أقدم الأزمان فترى الشبان لا يخجلون من اكتساب رزقهم بعرق جبينهم والابنة تتدخل في الأمور فتنشأ الحرب مع ويلاتها. فالياقوت الذي سرق من تمثال البد جلب الموت على كل من تزين به ثم سرقه أحدهم وجعله في صلبوت فانقطعت الويلات منه. وخيال غي دافلين لا يؤازيه إلا قلمها البديع التصوير والسرد وهذه الحكاية طبعت في مائة ألف نسخة فترامى عليها القراء من كل حدب وواد لما فيها من الجاذبية الآخذة بالنفس فنهنئ المؤلفة بفوزها هذا العجيب. 124 - منتخبات من اللغة العامية تأليف د. ب سمنوب (باللغة الروسية) أهل الغرب جميعهم يعنون اليوم باللغة العربية بفصيحها وعاميها. وهذا الكتاب يحوي نخبة من اللغة العامية من أمثال وحكايات وروايات وقد نقلت إلى اللغة الروسية مع تحليل ألفاظها وفي آخر الكتاب معجم صغير يحوي الألفاظ

التي ورد ذكرها في الكتاب وكل ذلك بأسلوب منتظم يشوق الروسي تعلم لغتنا ويسهل له الطريق بما يهيئ له من الوسائل العصرية. والكتاب في 157 ص بقطع 12 حسن الورق والطبع. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 6 - 38 - وقال في ص 82 (يذكر ما يحرمه من متع الحياة بتعدية (يحرم) إلى مفعوله الثاني ب (من) وكثير من الفصحاء يمنعون ذلك وتابعهم على ذلك الشيخ إبراهيم اليازجي وأسعد خليل داغر الأستاذ بقوله في ص 42 من (تذكرة الكاتب) ما نصه (ومن هذا القبيل قولهم (حرمه من الشيء) ثم صوبه بقوله (حرمه الشيء) على أن الأثري الأديب نقل في ص 61 من مجمله قول امرئ القيس: فقلت لها سيري وأرخي زمامه ... ولا تحرميني من جناك المعلل ولو كان ذكر مصدر هذه الرواية بخلاف أسلوبه لاعتددنا بهذا الشاهد كثيرا فهي إذن بدعة في الروايات المتشابهة في أمهات الكتب الإثبات والرواية المشهورة (فلا تبعديني)، ولاطلاع القراء على رأينا في هذه المعضلة اللغوية نقول: جاء في الكالم المبردي (ج 3 ص 80 ومن طبعة التقدم 113: 2) قول العباس بن الأحنف: أحرم منكم بما أقول وقد ... نال به العاشقون من عشقوا (لغة العرب) إننا لا نعتقد صحة رواية نسخة الكامل هذه ونظن أن صحيحي الرواية هو أصرم منكم. . . أي أهجر من قبلكم. أما حرمه من الشيء بمعنى حرمه الشيء فلم ترد في كلام عربي فصيح إنما هو من قبيل المولد أي العامي وقد نقله المنتقد عن ابن أبي الحديد وهذا الكاتب قد صرح في آخر كتابه (574: 4) ما هذه حروفه: وقد استعملت في كثير من فصوله فيما يتعلق بكلام المتكلمين والحكماء خاصة ألفاظ القوم مع علمي بأن العربية لا تجيزها. نحو قولهم: المحسوسات. وقولهم الكل والبعض وقولهم الصفات

الذاتية وقولهم الجسمانيات وقولهم: أما أو لا فالحال كذا. ونحو ذلك مما لا يخفى عمن له أدنى أنس بالأدب ولكنا استهجنا تبديل ألفاظهم وتغيير عباراتهم فمن كلم قوما كلمهم باصطلاحهم ومن دخل ظفار حمر. انتهى كلامنا. وقال ابن أبي الحديد في شرحه 475: 3 (فأمر بإخراجه وما زال إلى أن مات محروما منه). 39 - وجاء في ص 84 قول الأعشى: وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها فقال الأثري الأديب (وقد احتذى الناس على تمثله فقال الشاعر: تداويت من ليلى بليلى من الهوى ... كما يتداوى شارب الخمر بالخمر وقال أبو نواس: دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء) وهذا القول يوهم القارئ أن هذا الأديب استقرى الأبيات وعارض بينها فاستنبط هذا الاستنباط أما الحقيقة في هذا التتبع فأن حامد بن العباس سأل علي بن عيسى في ديوان الوزارة عن دواء الخمار وقد علق به، فأعرض علي عن كلامه وقال: ما أنا وهذه المسألة فخجل حامد منه. ثم التفت إلى قاضي القضاة أبي عمرو فسأله عن ذلك. فتنحنح لإصلاح صوته ثم قال (قال الله تعالى: وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقال النبي (ص) استعينوا على كل صنعة بأهلها والأعشى هو المشهور بهذه الصناعة وقد قال: وكأس شربت على لذة ... وأخرى تداويت منها بها لكي يعلم الناس أني امرؤ ... أتيت اللذاذة من بابها ثم تلاه أبو نواس في الإسلام وقال: دع عنك لومي فإن اللوم إغراء ... وداوني بالتي كانت هي الداء فأسفر حينئذ وجه حامد وقال لعلي بن عيسى: ما ضرك يا بارد أن تجيب بما أجاب به قاضي القضاة؟. . .). فالآن قد حصحص الحق وآب إلى أهله موفورا وعرف القماشون القراشون

الذين ينكرون فضل السلف بل يسلبونهموه سلبا. 40 - وقال في ص 89 (وقد قيض الله له باحثا كبيرا وهو المستشرق. . .) ونحن نعد وصله جملة (هو المستشرق) بالواو خطأ لأن من مواضع وجوب الفصل أن تكون الجملة الأخرى تفسيرا أو بيانا للأولى على ما ذكر في علم المعاني نحو قوله تعالى (فوسوس إليه الشيطان قال: يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد) ومثل قول علي عليه السلام (اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فنهم قطعوا رحمي وصغروا عظيم منزلتي وأجمعوا على منازعتي أمرا هولي) ولم يقل (وهولي) لأنه بيان للأول ونحو قول أبي موسى الأشعري (إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة فلم نر شيئا هو أصلح لأمرها ولا ألم لشعثها من أن لا تتباين أمورها. 41 - وفي حاشية ص 93 قال (المدجج: التام السلام) ولعله يريد (السلاح). 42 - وقال في ص 96 (فصم الملك على قتله - أي قتل طرفة بن العبد - فحذره بعض رجاله عاقبة الأمر وخوفه أن تجتمع عليه بكر إن قتله ظاهرا، ثم هجاه خاله المتلمس فإن هذا إذا هجاه أسقطه في القبائل) قلت: إن القول يصرح عن أن المتلمس في تلك الحال لم يكن هاجيا للملك المذكور ولا مسقطاً له بين القبائل وهو أمر لا يقره ما جاء في جمهرة أشعار العرب لأبي زيد ص 70 ففيها (فلما خرجا من عنده قال المتلمس: يا طرفة إنك غلام حدث السن ولست تعرف والله ما أعرف وكلانا قد هجاه ولست آمن أن يكتب بما نكره) فقوله (وكلانا قد هجاه) ينبئ المتتبع أن المتلمس هجا الملك عمرو بن هند وهذا سبب طلبه لغيلته لا الخوف منه. مصطفى جواد معجم إنجليزي عربي الخاتمة وجاء في ص 316 الخثيعة بالثاء المثلثة والصواب بالمثناة. وجاء قبلها (غطاء

من الأستك) والمشهور اللستيك أو المطاط أما الأستك فلا نعرفها. والألفاظ المشهورة المفهومة أحسن من الكلم المهجورة التي لا يعرفها أحد. وذكر في تلك الصفحة مرادفا للأصابع العجرة: أصابع عجراء ومثل هذا الخطأ شيء كثير على يراع كتبة مصر وسورية وفلسطين والصواب أصابع عجر بضم فسكون. ووصف الأصابع المجموعة بفعلاء المفرد خطأ وفي تلك الصفحة ذكر مرادفا للسبابة: السباحة كشدادة ونحن لم نجدها في كتاب. وفي تلك الصفحة ورد جمع نار على نيران وأنوار. وأنوار لم يذكرها إلا صاحب القاموس أما جمهور اللغويين فأنهم ذكروا النيران والأنور والنيرة ولم يذكروا الأنوار إلا جمعا للنور وهو الرأي المعول عليه. وفي ص320 كم (ج. أكمة وأكاميم) فنقول: لو قال كم (ج. كمام وجمع الجمع أكمة وأكمام وجج أكاميم لكان أصوب: ثم قال: غمد - غماد (ج. أغماد) قلنا: لم نجد في كتب الإثبات غماد بمعنى غمد. وغماد (لو فرضنا أنها موجودة لقيل في جمعها غمد بضمتين. وأما أغماد فهي جمع غمد وكذلك أغماد ثم ذكر القرنة (كقصبة). بمعنى العلفة لكننا لم نجدها في كتبنا وذكر الوسواس (بكسر الواو) بجانبها ونحن لم نجد في لغتنا هذه اللفظة بمعنى الكم أو الغمد ولعل الكلمة في لغة نجهلها وذكر بجانبها قأرة (بالقاف والهمزة) ونحن لا نعرف لفظة عربية بهذه الأحرف ولعلها فأرة بالفاء بعدها ألف مهموزة أو غير مهموزة. وهناك غير هذه الأغلاط أغلاط الطبع فاكتفينا بما ذكرنا. 4 - نقل الحرف الإفرنجي مما لاحظناه في هذا السفر الفريد الذي يبعد أن يكون له شبيه أن المؤلف لم يجر على غرار واحد في نقل الحرف الإفرنجي إلى الحرف العربي. فإنك تراه ينقله مرة بصورة ومرة بصورة أخرى. هذا حرف فإنه يصوره مرة بالغين كما في غنغرينا أو غنغرانا وبالإنكليزية ومرة بالجيم مثل جنث وأخرى بالخاء كما في خولنجان وخلباني ومرة رابعة بالجيم المثلثة كما في جلاتين وغزال سومريج ومرة خامسة بالقاف كما في القوبيون ومرة سادسة

بالكاف لكني نسيت الألفاظ التي وردت بها. وكذا فعل في نقل الحرف الإفرنجي فإنه نقله مرة بصورة الواو العربية كما في وبورنين وتارة بالباء كما في بربينا وأخرى بالفاء المثلثة الفارسية كما في فكتوريا وربما استعمل الواو والفاء للكلمة الإنكليزية الواحدة كما في فقال فيه فيوسنز وويوسنز ونقلها في كلمة واحدة بالفاء العربية الموحدة وبالفاء الفارسية المثلثة كما في كنفولفيولوس (كذا) والغرابة ظهرت أعظم في نقل الحرف الإفرنجي فإنه نقله بالهمزة المضمومة إذا جاء في الأول فقال مثلا في ومرة بحرفين هما (يو) كما في يولكس وهو أقبح لفظ يكون للحرف لأن الإنكليز أسرفوا فيه فيجب أن لا يقلدوا فيه بل أن يقال أولكس كما فعل حضرته إذ وضع للكلمة الإفرنجية الوجهين معا. وقبح لفظ بصورة (يو) يظهر في كلمة فإنه نقله بقوله بوتاسيوم فلم يظهر الفرق بين أن تكون الكلمة الإفرنجية مكتوبة كالسابق أو بصورة وهذا ما يبين لنا سوء هذا اللفظ وتقبيحه وكذلك يظهر هذا القبح في قوله يوكالبتوس الإفرنجية فيتصور السامع أنهم يكتبونها وليس الأمر كذلك. وأمثال هذه الألفاظ كثيرة. ونحن نرى أن توحيد نقل الحرف الإفرنجي بحرف واحد عربي أحسن. وليست هذه الحروف الثلاثة جاءت وحدها بصور مختلفة بل هناك غيرها مثل 5 - حسنات المعجم حسنات هذا الكتاب الجليل لا تحصى ونحن نعدد بعضها حتى يعلم القارئ أنه لا يعثر على مثلها في أي ديوان لغة كان. منها: 1 - إنك ترى فيه الكلمة الإنكليزية مكتوبة بالوجهين الإنكليزي والأمريكي. 2 - إن الكلمة الواحدة الإنكليزية وردت مع جميع فروعها ومعانيها باللغتين الإنكليزية والعربية أو باللغة العلمية والعربية. فإنك ترى مثلا في مادة

عشر صفحات ونصفا مشحونة بذكر هذه العصيات (الباشلس) مع وصف دقيق لجميع تفاوتاتها في جميع الأمراض. ولو لم يكن لهذا الديوان البديع سوى هذا الفضل لكفاه أن يكون له المحل الأول بين جميع الأسفار التي من نوعه. وهناك غير الباشلس من الألفاظ الجمة إذ لهذه الحسنة نظائر كثيرة لا تعد ومن يتصفح هذا التأليف ير العجائب. 3 - وقف المؤلف على أحدث الأمراض التي حقق وجودها العصريون مع أسمائها وذكر جميع الألفاظ التي أحدثت بين طبعة الكتاب الأولى وطبعته الثانية حتى أنك لا يمكنك أن تعترف بأن الأول هو الآخر والفرق بينهما هو الطبعة لا غير. 4 - وقف المؤلف على جميع الألفاظ العربية المحدثة حتى أنك لتحار في سعة إطلاعه على أنواع الجرائد والمجلات والكتب والرسائل. فالقارئ يظنن أنه يطالع تأليفا تواطأ على تصنيفه جماعة عديدة من العلماء في عدة سنين وفي ديار عربية مختلفة المواطن. 5 - طالع من الكتب العلمية في الطب والنبات والحيوان والعقاقير شيئا هائل القدر حتى أن القارئ ليسأل نفسه: أمن البشر المؤلف أم من ملائكة السماء لأنك لا تعرف كتابا يبحث في فن من الفنون عما يتصل بالمباحث المذكورة إلا تراه قد طالعه من أوله إلى آخره. وكذا قل عن المجلات العلمية التي ترمي في مباحثها إلى الغرض الذي يصوب نظره إليه. 6 - من عجيب أمر صاحب هذا السفر الجميل الجليل البديع الكامل في جنسه أنه عرف جميع المصطلحات العلمية في البلاد العربية. ونحن نذكر للعراقيين شاهدا من الشواهد المذكورة بآلاف في كتابه. هذا الأرز فإنه ذكر له من الألفاظ ما هذا نصها بحروفها: (نبات الأرز - الرز - التمن (العراق) شلاخ (دمياط والمنصورة) - أرز ومن أنواعه، أرز عين البنت - أرز فحل - أرز جناوي - أرز يمني - أرز سبعيني. وفي العراق الأرز النقازة أو المولاني وهو أرز فاخر والتمن الشنبة أو التمن العنبرية (عنبر بوه) وهو أفخر أنواعه. اهـ. فأنت ترى من هذا التعداد أن هذا المعجم تفرد بذكر المصطلحات على اختلاف أهالي

البلاد العربية وهي مزية لا تجدها في كتب النبات المطولة من عربية وغربية. ونحن ذكرنا شاهدا واحدا على الأرز لأن العراقيين يعرفون هذه الأنواع على تفاوتها، إلا أن هناك مئات بل ألوفا من الأوضاع وبجانبها الأسماء المعروفة في ديار دون ديار. فهل يستطيع بعد هذا البسط الموجز أن يأتي إلى بعض الأدباء ويقول لي أن غير الدكتور شرف بك ألف مثل كتابه هذا. فإن تجاسر وعرض علي مثل هذا القول قلت له للحال: إنك أكذب من مسيلمة. 7 - مزيته العظمى تظهر في بعض التحقيقات التي لم يأت بمثلها من ألف قبله من ذلك أنه ذكر في جميع أسمائها العربية وتعدادها على اختلاف تفاوتاتها. والذين تقدموه خبطوا في أجناسها خبط عشواء. فأهلاً وسهلاً بالدكتور الأستاذ الخبير وبتحقيقاته ونظائر هذا التحقيق مئات وألوف. 8 - وضع ألفاظا جديدة متعددة ونجح فيها كل النجاح من ذلك: البدل نقلا عن أساس البلاغة - والنجيج إلى غيرهما وتعد بالمئات وتصرف في الأعلام على اختلاف أنواعها واشتق منها أفعالا كما فعل السلف في صدر الإسلام فقال: بستر وبلزر وترفن. ويصعب علينا أن نتتبع جميع محاسن هذا السفر الفريد لأنها أكثر من أن تحصى ولو أردنا أن نصف مزايا ما في الصفحة الواحدة لما وفيناها في صفحات عدة. ولهذا كان اقتناؤه من أوجب الواجبات وحتما على كل أديب يغار على لغته وشرفها وحفظها من الفساد. ولا سيما أولئك الذين يشتغلون بالعلوم العصرية وناقلي كتب الأعاجم إلى لساننا المبين. هذا ما بدا لنا في نظرنا القاصر ونحن نعتذر إلى المؤلف إذا صدر من يراعتنا ما يخدش عواطفه. وعسى أن يقوم حسن النية مقام التقصير.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الوزارة السعدونية الرابعة في اليوم 19 من أيلول (سبتنبر) تقومت الوزارة السعدونية الرابعة وهذه أعضاؤها: عبد المحسن السعدون: رئيس الوزراء ووزير الخارجية ناجي السويدي: وزير الداخلية يس الهاشمي: وزير المالية ناجي شوكت: وزير العدلية نوري السعيد: وزير الدفاع محمد أمين زكي: وزير المواصلات والأشغال عبد العزيز القصاب: وزير الري والزراعة عبد الحسين جلبي: وزير المعارف فنهنئ جميع الوزراء بمناصبهم الجديدة ونتمنى لهم ولوطننا العزيز النجاح. 2 - عنايت الله سميعي خان أتاح لنا حسن الحظ أن واجهنا حضرة صاحب المعالي سميعي خان المندوب فوق العادة لدولة إيران في بغداد في 9 أيلول (سبتنبر) فوجدناه من الرجال المقتدرين الواقفين كل الوقوف على السياسة العصرية وروحها وعلى العلوم والآداب الفارسية والفرنسية والعربية بحيث لا يفوته شيء من دقائق هذه الأمور لأنه أقام في بلجكة مدة خمس عشرة سنة. وإننا نهنئ العراق بوجود هذا الرجل الكبير في ديارنا فإنه أحسن من يصل العراق بإيران إذ نتوسم فيه كل خير للبلادين وعسى أن تطيب إقامته بين ظهرانينا لتنتفع به البلاد المتجاورة المتآخية مدة طويلة. ونشكر جلالة الشاه الأعظم على أنه أوفد إلى حاضرتنا صاحب المعالي سميعي خان كما نهنئ نفوسنا وديارنا بوجوده بيننا.

3 - وفاة المعتمد السامي في الساعة السابعة ونصف من مساء 12 أيلول (سبتنبر) توفي القائد السر جلبرت فلكينهام كليتن المعتمد السامي البريطاني في بغداد بعد أن عاد من الهنيدي وبعد أن لعب لعبة الصولجان المسماة عند الإنكليز بالبولو. ونحن ننقل هنا إلى القراء ما كتبته الأوقات البغدادية لسان حال دار الاعتماد ولا نغير شيئا من ركاكة عبارتها قالت: توجه الفقيد عصر أمس (12 سبتمبر) إلى الهنيدي كجاري عادته للعب (البولو) (الصولجان) وكانت علائم الصحة والنشاط بادية على محياه. ثم عاد بعد انتهاء اللعب إلى دار الاعتماد البريطاني فشعر في الطريق بخفقان في القلب أعقبه انقباض شديد في النفس وقبيل بلوغ سيارته دار الاعتماد كانت حالته على أعظم جانب من الخطورة وعلى أثر دخوله قصره الخاص استلقى على مضجع منهك القوى فاستدعى ياور فخامته الخاص قائد السرب، الكبتين ريتشاردسون، رئيس أطباء القوة الجوية الملكية. وبسرعة البرق الخاطف حضر إلى دار الاعتماد مع زميل له، الطبيب مارشال. وانضم إليهما على الأثر الطيب كوركيل، أحد أطباء مصلحة الصحة العراقية. ففحصوا حالة المريض وشخصوا مرضه فإذا هو (أنجينا بكتوريس)، (كذا) (قلنا نحن هو بالعربية خنقة الصدر) أخطر أنواع أمرض القلب وأشدها وطأة على المريض. وبذل الأطباء نطسهم لمعالجة فخامته وتخفيف ألمه، وكان حاضر الذهن مالكا لجميع حواسه. وأسرع الدكتور كوركيل إلى المستشفى الملكي لإحضار بعض المنبهات ولكن المرض هاجم الفقيد العظيم هجوما عنيفا فأضحى هزيل القوى، واتضح للأطباء إشرافه على مفارقة الحياة. وهكذا لم ينفع فيه نطس الأطباء ولفظ نفسه الأخير قبيل السابعة والنصف مساء. رحمه الله رحمة واسعة وألهم آله وذويه ومعارفه بريطانيين وعراقيين جميل الصبر والعزاء. 4 - حادثة المواكب في كربلا بصورة مختصرة (عن جريدة النهضة العراقية) في الساعة 11 من اليوم 19 صفر (26 تموز أو يوليو) حدث أن مواكب العزاء دخلت صحن الحسين وكان موكب عزاء الكاظمية قد خرج من الصحن بعد أن أدى مراسيم النياحة ولم تنته مؤخرة الموكب ولم تصل إلى باب السوق حتى دخل النجفيون وأخذوا بتأدية المراسيم أيضا.

سار موكب الكاظميين في السوق قاصدا صحن العباس وبينما كان في السوق إذا بجماعة (يهوسون) ولدي التجري ظهر أنهم فريق من فريق النجفيين أتم العزاء في صحن الحسين وخرج بسرعة حتى لحق بالكاظميين. فوقع بين هذه الشرذمة النجفية وبين مؤخرة الموكب الكاظمي مناوشة انهزم فيها النجفيون ثم عادوا فسمع صوت (خرطوشة) أطلقت في السوق فتصايح الكاظميون وأرجعوا تلك الشرذمة القليلة على أعقابها. قلنا قليلة لأن النجفيين انقسموا على أنفسهم في الصحن ولم يرض معظمهم بالخروج إلى صحن العباس علما منهم بأن الكاظميين لم يؤدوا المراسيم هناك ولكن صبيانا يرون (الهوسة) ضرورية في مثل هذا الجمع المحتشد. تصايح بعض الكاظميين ورجعوا من إقامة الموكب إلى الخصم خلف تلك الشرذمة وانهزم النجفيون أمامهم حتى وصلوهم الخيم ووقع من النجفيين قتيل في السوق بالقرب من باب صحن الحسين. وجرح من الكاظميين شخص في خده ورقبته ثم خرج النجفيون من خيامهم لإرجاع الكاظميين وهنا جاءت الشرطة لتحول دون الموكبين. فكان المحل الثاني للمناوشة (طريق الميدان) فاضطرت الشرطة أمام ذلك الجمع الهائج إلى إطلاق البنادق فارتفعت في الفضاء الأصوات شاكية إلى الله مما يجري باسم الدين، وتراجع الناس في موجة جعلت أعلاهم أسفلهم وركب بعضهم أكتاف البعض الآخر واغتنم النشالون الفرصة وتصارخت النساء وارتعبت الأطفال واستمر هذا الاضطراب حتى الساعة الثانية عشرة الغروبية من مساء ذلك اليوم. وانجلت المعركة عن قتيلين من النجفيين وخمسة جرحى من الكاظميين وكانت الأدوات التي اتخذت العصي والخناجر والمسدسات. 5 - مظاهرة عظيمة في بغداد بصدد بلية فلسطين اجتمع ألوف من الناس في جامع الحيدرخانة في ظهر اليوم 30 من آب (أوغسطس) حتى امتلأ الحرم والصحن والساحة والسطوح. وقيل كان عدد المتجمهرين يناهز العشرة آلاف وكل ذلك احتجاجا على ما أصاب العرب الفلسطينيين من الرزايا مما أنزله فيهم اليهود الصهيونيون.

وانتخبت الجماهير لجنة تنفذ بالعمل ما نطق به المتجمهرون وهذه أسماء الأعضاء: جعفر جلبي أبو التمن يس باشا الهاشمي مزاحم بك الباجه جي محمود بك رامز وقام كل واحد من الأعضاء وخاطب القوم بما لهمته الحماسة القومية فأثر الكلام في الحاضرين، ثم اندفق السيل البشري في الشوارع احتجاجا على أعمال الصهيونيين. فوقع في أثناء ذلك بعض أضرار بين الأوباش لم تكن نتيجتها ذات خطر. ونحن ندرج هنا ما جاء في الجرائد من الأخبار نرويها على علاتها: قرار لجنة الاحتجاج بسبب حوادث فلسطين (بحروفها) اجتمعت اللجنة المنتخبة بسبب وقائع فلسطين وقررت إرسال احتجاج تحريري بسطت فيه الفداحة المتأتية من تطبيق وعد بلفور وإهمال العهود المقطوعة للعرب والغايات التي من أجلها خاض الحلفاء غمار الحرب الكبرى والتمسك بسياسة الانتدابات المجحفة بحقوق الشعب العربي فأعربت عن استنكار الشعب العراقي لتلك السياسة الجائرة وبينت بأن عدم قيام الأقطار العربية في حركة إسعاف للشعب الفلسطيني المضطهد إنما كان بسبب اشتغال تلك الأقطار في معالجة مسائلها الخاصة وانتظار الأمة العربية كيفية التأليف بين وعد بلفور وبين العهود والغايات الآنفة الذكر. وقررت إرسال احتجاج برقي إلى وزراء خارجية الدول الموقعة على اتفاقية سان ريمو وقداسة البابا وسكرتارية عصبة الأمم وغيرهم وإخبار المجلس الإسلامي الأعلى بذلك. وتذاكرت في مفاتحة الأقطار العربية للتناصر والتظافر في ما بينها لإنقاذ الأمة العربية من المصائب النازلة عليها وستنشر صور البرقيات والكتب في الصحف المحلية قريباً. باسم اللجنة المنتخبة بسبب حوادث فلسطين مزاحم الأمين الباجه جي جمعية الشبان المسلمين ببغداد تحتج على الصهيونيين بفلسطين إلى عصبة الأمم: (تحتج جمعية الشبان المسلمين ببغداد على الصهيونيين لاعتدائهم على المسلمين ومقدساتهم في فلسطين). برقية اللجنة إلى قداسة البابا روما قداسة الباب الشعب العراقي يسترحم توسطكم لتخليص الفلسطينيين من مظالم السياسة

الجائرة المستمدة من وعد بلفور. 1 أيلول سنة 1929 الهاشمي جعفر أبو التمن محمود رامز مزاحم الباجه جي 6 - الوفد الحجازي النجدي في بغداد وصل إلى العاصمة نهار الأحد 4 آب (أغسطس) الوفد الحجازي النجدي المفوض في أمره ذاهبا إلى إيران ليقدم إلى جلالة الشاه كتاب جلالة ملك الحجاز ونجد جواباً للكتاب الذي كان قد نقله معالي ممثل إيران إلى جلالة ملك الحجاز ونجد. وفي نية الوفد وضع الأسس الملائمة لإبرام معاهدة ولاء وصداقة بين الدولتين. وعاد الوفد في 27 من الشهر المذكور بسيارة خصصتها به حكومة إيران. وقد أنعم جلالة الشاه على الشيخ عبد الله الفضل رئيس الوفد بوسام همايون من الدرجة الثانية، وعلى الشيخ عبد الرؤوف بوسام التاج من الدرجة الثالثة وعلى الكتوم سعيد الرشاش بوسام همايون من الدرجة الرابعة. 7 - الاتفاقات بين إيران وروسية انتهى أمد الاتفاق التجاري بين إيران وروسية وستجري المفاوضات قريبا لعقد اتفاق جديد وطلبت وزارة التجارة إلى الغرف التجارية في الولايات أن يزودوها آراءهم في الموقف الاقتصادي بين الدولتين. 8 - حفار على المعادن ناصر أفندي جورج ككه عما شاب عراقي نشيط، وقد توفق منذ بضعة أشهر لأن يحفر على المعادن الصلبة وعلى الزجاج كل ما يحب ويهوى الإنسان من النقوش والكتابات بألوان مختلفة ثابتة لا تمحى. وكان هذا الشاب مراقب العمال في شركة استريك اسكوث. واليوم هو جنثي (براد مدقق أو كما يقال العوام فترجي) في معلم كونترل كريك في الميدان في حاضرتنا. فمن أراد شيئا مما ذكرناه فما عليه إلا أن يراجعه ليرى منه ما يود. 9 - زيارات صاحب المجلة لا يقبل صاحب هذه المجلية زيارة أي صديق كان إلا نهار الجمعة من كل أسبوع صباحا من الساعة 8 إلى الساعة 12 أما في سائر الأيام فإنه يعتذر إليهم من قبولهم لكثرة أشغاله؛ فلا يكلفوه عنتا أو صعودا.

العدد 75

العدد 75 - بتاريخ: 01 - 11 - 1929 معجمنا أو ذيل لسان العرب منذ أخذنا نفهم العربية حق الفهم وجدنا في ما كنا نطالع فيه من كتب الأقدمين والمولدين والعصريين. ألفاظا جمة ومناحي متعددة. لا أثر لها في دواوين اللغة. بخلاف ما كنا نتعلمه من اللغات الغربية، فأننا كنا كلما جهلنا معنى كلمة ونقرنا عنها في معاجمهم وجدناها مع معانيها المتفرعة منها. ولهذا رأينا في مصنفات السلف اللغوية نقصا بينا فأخذنا منذ ذلك الحين بسد تلك الثغرة مدونين ما لا نجده في كتب لساننا. فاشترينا في سنة 1883 محيط المحيط للبستاني ووضعنا ورقة بيضاء بعد كل ورقة مطبوعة فتضاعف حجم الكتاب حالا وأخذنا نقيد فيه كل ما نعثر عليه، ثم لاحظنا أن الذي يفوتنا أكثر مما نحرص على التمسك به وكنا نعلل النفس بأن يتم هذا المجموع عن قريب فنطبعه: وسميناه منذ ذاك الحين (ذيل اللسان) لأننا وجدنا معجم ابن مكرم أوفى كتب اللغة التي بأيدينا، ومن الغريب أن صاحب تاج العروس الذي نقل شيئا من لسان العرب فاته قدر عظيم مما جاء في اللسان مع أن السيد مرتضى استدرك ألفاظا كثيرة جمعها

من طائفة من المؤلفين وهي ليست في اللسان، وذهل عما في هذا السفر الجليل. ثم إننا رأينا من الحسن أن نجمع ما تيسر لنا من ألفاظ الفصحاء الأقدمين وكلم المولدين ومفردات العوام وننبه على كل حرف من هذه الحروف لكي لا يختلط الشيء بالشيء فيبقى الدر درا والبعر بعرا على حد ما فعل صاحب القاموس والتاج وغيرهما الذين ذكروا المولد بجانب الفصيح كلما سنحت لهم الفرصة، إذ كانت الغاية الأولى من جمع تلك الكتب اللغوية تفهم القرآن والحديث لا غير. أما اليوم فإن حاجتنا اتسعت بتبحر العمران والحضارة واحتكاكنا بالأجانب ومحاولة هؤلاء الناس قتل لغتنا فقتل قوميتنا فقتل كل ما يتعلق بهذه الربوع الشرقية العزيزة مهبط الوحي ومصدر العرفان ومنبع التمدن الصادق. وقد ذكرنا في جانب كل لفظة نجارها إن كانت دخيلة، أو أصلها الثنائي إن كانت عربية. ثم ذكرنا بجانبها جميع الألفاظ التي تشابهها من بعض الأوجه وإذا عثرنا على لفظة لم نجدها في المعاجم ذكرنا محل ورودها ليطمئن إلى صحتها أو إلى وجودها من يبحث عنها أما إذا وردت في التاج فلم ننبه عليها. ولم نأنف من ذكر المولدات والعاميات والمعربات التي تدور على بعض الألسنة من أهل هذا العصر كما فعل بعض اللغويين الذين امتازوا بمباحثهم الطويلة. ونشير إلى فصيحها حتى يهجرها الفصيح ويعرف معناها بعد عهد طويل من يجدها في بعض المدونات الخطية. واليوم نجد بعض التآليف المصنفة في عهد العباسيين وفيها مئات ومئات من الكلم التي لا نفهم معانيها لأننا لا نجدها مدونة في كتبنا اللغوية ولو وجدناها لما فاتنا شيء من تلك الأسفار المفيدة. دع عنك قصور لغتنا الحالية من أداء المطلوب منها في الصناعات والفنون والعلوم العصرية وما ذلك إلا لأن المولدين الذين عرفوا ما يقابل كثيرا من هذه المفردات لم يودعوها الصحف اللغوية ولم يشرحوها الشرح الكافي فذهبت أتعابهم أدراج الرياح لقلة اهتمامهم بذاك الضرب أو تلك الطبقة من تلك الألفاظ. وقد جمعنا بقدر طاقتنا بعض أوضاع النبات والحيوان والمعادن ووضعنا بجانبها ما يقابلها عند الإفرنج حتى إذا أراد البعض أن يتقصى في البحث يعمد إلي تأليف الاختصاصين لينال منها بغيته.

وكلما وجدنا كلمة عربية تشبه كلمة غير سامية أو آرية ذكرنا ذلك بقولنا: وهذه الكلمة تنظر إلى الكلمة اليونانية أو الرومانية أو نحو ذلك. وفي كل ما فعلناه جارينا فيه لغويي الغربيين الذين لا يتركون لفظة من لغتهم إلا ينبهون على أصلها وفرعها ومأخذها ومصدرها. أما معاجمنا اللغوية الحديثة التي ألفت منذ قرن أو أقل منه فأنها تشهد بالجمود أو بالموت اللغوي، إذ كلها تجري على الطريقة القدمى ولا نرى فيها شيئا من آثار البحث الجديد الذي أمتاز به أهل المائة الماضية أو أهل هذا القرن من أبناء الغرب. وفي بعض الأحيان نبهنا إلى الأغلاط التي أنسلت إلى لغتنا بما دسه فيها بعض الوراقين أو النساخين، أو دسه فيها بعض ضعفاء النظر من اللغويين أو من الأجانب المتعربين الذين أفسدوا لغتنا في حين إرادتهم الحسنى لها. ولا يخفى على القارئ أن ما جمعناه هو (المستدرك على اللسان) ولهذا سميناه (ذيل اللسان). أما الألفاظ التي تروى في هذه الديوان النفيس فأننا (لم نتعرض لذكرها) على أننا تعرضنا في بعض الأحيان لأشياء ذكرها أبن منظور ذكرا ناقصا فجئنا نحن وأشرنا إلى هذا النقص. وكل مرة ذكرنا (أيضا) فهو إشارة إلى تتمة ما جاء في اللسان عن تلك اللفظة بعينها. وبعد أن جمعنا ما توفر لدينا رأينا أن ما دوناه هو قطرة من بحر وفي طاقة كل إنسان أن يجمع بقدر ما جمعناه مضاعفا إياه إضعافا لا تحصى ولهذا لا ندعي أننا أتينا بكل ما يرى مبعثرا في كتب القوم بل ببعض ما وجدناه فيها. وإلا فالعمر يفنى ولا نكون قد جمعنا إلا قطرة من بحر وهكذا يفعل غيرنا ولا يحق لأحد أن يدعي الإحاطة فإن هذا الأمر من رابع المستحيلات في لغتنا. والآن نذكر بعض الأمثلة ليقف القراء على الأسلوب الذي اتخذناه في وضع هذا الذيل. ودونك الآن ما كتبناه في مادة أبد: أبد أبد) الشاعر يأبد أبودا: أتى بالعويص في شعره وهي الأوابد والغرائب وما لا يعرف معناه على بادئ الرأي. أبده) خلده. ومنه وقف فلان أرضه وقفا مؤبدا إذا جعلها حبيسا لا تباع ولا تورث.

تأبد الوجه) كلف ونمش والرجال طالت غربته أو عزمته وكلاهما وارد. وإنما طالت عزبته لأن أربه في النساء قل. وهو عندنا تصحيف تأبل وتأبدت البهيمة أبدت أي توحشت وتأبد أقام وثبت وتمكن في المكان وأستقر فيه. الآبدة) أيضا في اصطلاح عهد العباسيين الداهية التي تفسد الدين أو المعتقد أو هي الخروج عن سراط الشعور الديني فينشئ المعتقد لنفسه فرائض دينية كاذبة أو يخاف أمورا لا خوف فيها أو يعتمد على أشياء باطلة ولهذا سماها النصارى (الاعتقاد الباطل) وسماها الإفرنج والآبدة بهذا المعنى وردت في كتب مختلفة قال في نهاية الأرب للنويري (3: 116) الأوابد (الدواهي وهو مما حمى الله تعالى هذه الأمة الإسلامية منها، وحذر المسلمين عنها) ثم عد منها: البحيرة والسائبة والوصيلة والهام والأزلام قال: (وكانت للعرب أوابد جعلوها بينهم أحكاما ونسكا وضلالة وعادة ومداواة ودليلا وتفاؤلا وطيرة) اهـ وذكرها القلقشندي في صبح الأعشى (1: 398) فقال: (أوابد العرب هي أمور كانت العرب عليها في الجاهلية بعضها يجري مجرى الديانات وبعضها يجري مجرى الاصطلاحات والعادات وبعضها يجري مجرى الخرافات وجاء الإسلام بإبطالها. وهي عدة أمور منها: الكهانة. . . والزجر. . . والطيرة. . . والميسر. . . والأزلام. . . والبحيرة. . . والسائبة. . . والوصيلة. . . والحامي. . . وإغلاق الظهر. . . والتفقئة. . والتعمية. . ونكاح المقت. . ورمي البعرة. . . ووأد البنات. . . وقتل الأولاد. . . وحبس البلايا. . . والهامة وتأخير البكاء على المقتول للأخذ بثأره. . . وتصفيق الضال. . . والغول. . . وضرب الثور لتشرب البقر. . . وتعليق كعب الأرنب وتعليق الحلي على السليم. . . ومسح الطارف عين المطروف وكي السليم من الإبل ليبرأ الجرب منها والحلي على الصبيان بجباية الحي وإطعامه الكلاب وشق الرداء والبرقع لدوام المحبة والتعشير وعقد الرتم وغيرها) اهـ (والآبدة) بمعنى أثر من آثار الريازة والنحت يتخذ لتخليد ذكرى رجل أو عمل حسن من أوضاع الترك - والآبدة عن بعض العوام الأخرق الأحمق

الذي لا يحسن شيئا، وهو مأخوذ من الآبدة بمعنى الوحش. وربما قال بعضهم الآبده بهاء غير منقوطة في الآخر وزان أحمق كأنها لغة في الأبله وهو غير بعيد كالمعكود والمعكول بمعنى المحبوس ومعده ومعله إذا اختلسه وتأبد الرجل وتابل إذا قل أربه في النساء كما أن أصل الماس: ادماس. الأبد) وأصل معنى الأبد مأخوذة من الإبادة من مادة ب ي د: وأصل هذه المادة ثنائية أي (ب د) الدالة على التفريق والإبعاد والإضرار إلى غيرها. ومن شأن الدهر أو الأبد إبادة كل شيء. وتفريقه - وإذا فخمت الأبد صارت (ابض) (كقفل) وهو الدهر أيضا. وإذا زدتها تفخيما صارت عوض (كقول) وهو الدهر أيضا والكلمة تنظر إلى اليونانية زوس وما نسبة اليونانيون إلى زوس نسبة السلف إلى الدهر أو أوض أو عوض وأصل (عوض): (عبء) وأصل عبء: (ضوء) وجعل الباء واوا أشهر من أن يذكر وقلب الهمزة ضادا في الآخر لا يجهله لغوي. وكان من لغة الضزاز جمع الأضز: وهو من يضيق عليه مخرج الكلام حتى يستعين عليه بالضاد أي يتردد بحرف الضاد حتى يسترسل منه إلى الكلام. أما الأبد بمعنى الإبادة فينظر إلى اليونانية ومعناها خرب وأباد وأتلف وراجع لغة العرب (7: 145). الأبد): الولد الذي أتت عليه سنة. وعندنا أنه لغة في (الولد) فوقع الإبدال في حرفين في الهمزة والباء لإنشاء معنى جديد خاص به. والأبد) عند بعض العوام المصريين الدعاء الثاني الذي يدعوه المؤذن قبل شروق الشمس وسمي كذلك لأن كلمة (أبد) تفتح الدعاء. وقول بعضهم: إلى الأبد يريدون دائما. ويقولون لا أفعله أبدا بمعنى لا أفعل البتة. أبدا): عن مصطفى جواد: وتأتي أبدا بعد الفعل الماضي المتضمن للقسم والدعاء والاستقبال كما في قول بشار بن برد في أغ 3 ص 88). (لا تعرضت لهجاء سفلة مثل هذا أبدا)

وبعد (ليس) كما في قول أبي طالب في الحديدي (أي شرح نهج البلاغة لابن الحديد 3 ص 309): فيندم بعضكم ويذل بعض ... وليس بمفلح أبدا ظلوم وقول بشار في أغ 3 ص 234: (ولست والله عائدا إليها أبدا) وقول الغريضي في ص 326 منه: (ولست بعائد إلى ذلك أبدا) ولا مانع من استعمالها بدلا من قط كما في قول أبي الهندي ك 3 ص 11): أبا الوليد أما والله لو علمت ... فيك الشمول لما حرمتها أبدا أي (لما حرمتها قط) وفي اللام من مختار الصحاح (لام التعريف ساكنة أبدا) وفي ويح منه) وأما قولهم تعسا له وبعدا له فمنصوب أبدا) أي دائما وفي كتاب المحاسن والأضداد ص 28 (فإن صاحبها أبدا مستذل مستضعف وعليك بالاستبداد فإن صاحبه أبدا جليل) وفي 89 منه: إن اعتذر من فراري في الوغى أبدا ... كأن اعتذاري رديدا غير مقبول وقالت أخت عمرو بن عبد ود ترثيه: لو كان قاتل عمرو غير قاتله ... بكيته أبدا ما دمت في الأبد اهـ. الأبيد). وردت في اللسان مضبوطة ضبط قلم بالتصغير كزبير والذي في التاج الأيبد) كحيدر. أما في القاموس والاوقيانوس وسائر معاجم الأقدمين فموزون بامير وهو الصحيح وعليه أهل البادية في العراق. وهو نبات مثل زرع الشعير سواء وله سنبلة كسنبلة الدخنة فيها حب صغار أصغر من الخردل أصيفر وهي مسمنة للمال جدا. (عن أبي حنيفة). قلنا اسمه بالفرنسية وبلسان العالم وسمي أبيدا لأنه من النبات المعمر أو الطويل العمر كما قرره علماء العصر وتحلية أبي حنيفة له من أحسن ما كتب عنه وإن لم تكن علمية وأما قول أحدهم أنه المسمى بالفرنسية فمن الأغلاط الواضحة. المؤبد) المخلد. مؤبدة) ناقة مؤبدة: وحشية معتاصة من التأبد وهو التوحش.

وإليك الآن ما كتبناه في مادة ابر من المستدرك على اللسان: أبر أبر) عمل وأصلح مهما كان ذلك العمل أو ذلك الإصلاح. ومنه الآبر العامل والمصلح والأبارة (تج أي تاج) وهو بهذا المعنى ينظر إلى اللاتينية وفعله وأما بمعنى القح النخل أو الزرع فهو مشتق من مادة (ار) المرأة. وأقحمت الباء لإحداث معنى جديد وإذا فخمت أبر صارت (عفر) والمعنى يبقى واحدا قالوا: عفر النخل فرغ من لقاحه ومثلهما (وبر) النخلة بالتشديد وفعل بالتشديد فرع من فعل. ولا جرم أن هناك من قال (وبر) بالتخفيف كما قالوا أبر إلا أنه لم يسمع. و (أبر) فلانا: اغتابه وآذاه (تج) وأبر الرجل كفرح صلح (قم أي القاموس) و (أبر) أو (بأر وائتبر) الحر قدميه كما في اللسان والتاج خطأ والصواب أبر أو بأر وائتبر الخير: قدمه (من التقديم). ائتبر البئر) حفرها. قيل أنه مقلوب من البأر (تج). الأبر) عند المشرحين العصريين: إدخال إبرة في موطن الداء لمعالجته وهو مشتق من أبرته النحلة إذا أدخلت أبرتها فيه. والأبر بالفرنسية أو الآبر) يقال ما بالدار آبر أي أحد (عن فصيح ثعلب) ويقال أيضا في هذا المعنى الآبد والآبز (بالزاي). الأبار) كشداد: الكثير الاغتياب والأذى وبائع الأبر أيضا وهو الأبري أيضا بكسر فسكون وفتح الباء لحن (قم) ونحن لا نرى رأيه لأن النسبة إلى الجمع المكسر الذي وزنه وزن مفرد ينسب إليه وأبر كعنب والأبار أيضا البرغوث (قم) لأن للسعه أذى يشبه أذى الأبرة. و (الأبار) كشداد (من الفارسية آبار. راجع معجم فلرس) هو القصدير في نظر المستعيني في مادة أسرب. أما صاحب المعجم المنصوري فيرى أنه الرصاص الأسود وهو كذلك في رأي ابن البيطار. وإشياف الأبار كحل يتخذ من مسحوقه والأبار بمعنى الأبارط لغة مرغوب عنها. الأبارة) بتشديد الباء كجبارة بيت الأبر أو محفظتها وهي عامية.

الأبرة) كحربة عند أهل النوبة: خبز مستطيل والخريطة التي توضع فيها (دوزي). الأبرة) بالكسر كقربة ما لا ثمن له من الأشياء أيا كان. قال عبد الواحد المراكشي. و (الأبرة) سمكة دقيقة تكون في البحر وكذا اسمها في الفرنجية نقلا بالمعنى لا باللفظ. - و (الأبرة) الخيري البري لنوع من الزهر (عن المستعيني) - و (الأبرة) شجرة كالتينة (قم) وهي التي يسميها اليوم الملطيون الذكار كرمان أو الدكار (أي بالذال المعجمة والمهلة) والذكار اسم عربي فصيح يراد به ذكر النخل وذكر شجرة التين وذكر كل شجرة. قال ذلك ابن العوام في كتابه والأبرة أو الذكار يعرف بالإفرنجية باسم وتذكر التينة أو تؤبر بأن تؤخذ طائفة من ثمر الأبرة أو الذكار وتنظم كالقلادة وتعلق بالتينة الأنثى فتلقح منها. وقد ذكر كل ذلك ابن العوام في كتابه ونظم أحد الأمراء ثلاثة أبيات في هذا المعنى وكان مغرما بالتين وذكرها صاحب الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية. قال: أهل الخرابة والفساد من الورى ... يعزون في التشبيه للذكار ففساده فيه الصلاح لغيره ... بالقطع والتعليق في الأشجار ذكارهم ذكرى إذا ما أبصروا ... فوق الجموع وفي ذرا الأسوار وتأبير التينة ناشئ من هوام تكون في تين الأبرة أو الذكار وهذه الهواء تسمى أوابر جمع آبرة أو قنفش والواحدة قنفشة وبلسان العلم وهذا التأبير معروف في الشرق منذ قديم العهد. أبرة الراعي) زهرة تخلف بزرا يكون في ما يشبه الأبرة في شكله. فيصدق على ما يسميه الإفرنج بالجيرانيوم أي منقار الكركي وبحشيشة روبر قال ابن البيطار: الغافقي: (أبرة الراعي) أو (أبرة الراهب) أما يسمى بهذا الاسم نبات يقال له (الجحليق) (ويروى الجحلق) وهو نوع من التمك وأردأ التمك (والتمك كرحل والنبات المسمى باليونانية قوقاليس (ويروى لوقانيوس وهو غلط) وصنف من النبات المسمى باليونانية غارانيون (أي جيرانيوم) وهو الصنف الثاني منه وكل واحد من هذه يعقب مد

نورها شيئا شبيها بالأبر. ومن الناس من زعم أن أبرة الراهب هي الشكاعى وهو خطأ. أبرة القرن) طرفه. وأبرة النحلة شوكتها. والأبرة أيضا كناية عن عضو الرجل (تج) والأبرة شيء كالمخيط يتخذه الملاحون لمعرفة طريقهم في البحر (ذكرها التاج في مادة جزر). أدواء الأبر) هي الأمراض المؤذية التي تشعر بها كأن أبرا تغرز فيك (عن ابن العوام). بيت الأبرة) ما تحفظ فيه الأبرة مغناطيسية كانت أو غير مغناطيسية. الأبور) لنئبر أي الجش (مصب). الأبرية الورق) أشجار أوراقها كالأبر أو كالأهداب وهو مصطلح حديث وكان الأقدمون منا يسمونها (الهدبة) بفتح فكسر. الأبيرات) بلورات دقيقة كالأبر ترى في بعض الخلايا الحيوانية أو النباتية والمصطلح حديث وبالإفرنجية المأبر والمئبر) كمدخل ومنبر مما يلقح به النخل كالجش (بجيم) وفي اللسان والتاج كالحش (بحاء مهملة) وهو غلط ظاهر وهو الكش أيضا. و (المئبر) كمنبر الخيط أو الأبرة الضخمة وهي من لغة العوام ولها وجه صحيح ويقال فيها المئبرة كمكنسة وقد تطلق المئبرة أيضا عند بعضهم على موضع الأبر. المئبرة) هو الدوم أول ما ينبت وهو فسيل المقل كالأبرة (تج). وهذا ما جاء في مادة أبز استدراكا لما جاء في اللسان: أبز أبز) بمعنى (قفز) وهو لغة فيه عندنا. وكذلك (أبث) وأصل قفز الثنائي (قز) وهي مادة تدل على القفز قالوا: قز الرجل: وثب وانقبض للوثوب ثم أقحموا بين القاف والزاي فاء فصارت (قفز) ثم نقلت إلى لغة من

يجعل من القاف همزة فصارت (أفز) ثم نقلت إلى لغة من يجعل الزاي ثاء فصارت (أبث). وهكذا تصرفوا في جميع الأفعال المتشابهة الحروف أو المتقاربتها مع بقاء المعنى على حاله فقالوا: رقز، ورقص، ورمز، وزرق، وضفر، وضفز، وتقفس، وقمص، وتقلز، وقلص، وقهز، ونفر، ونفز، ولقز، وفي كل هذه الأفعال معنى الوثوب أو شيء منه. وقد ذكرنا بين الثلاثي أفعالا مزيدا فيها لاعتقادنا أن الثلاثي كان معروفا بهذا المعنى فمات أو لم يصرحوا به أو لم ينقلوه إلينا. وأبز بصاحبه يأبز أبزا كضرب: بغى عليه (الصاغاني) كما تقول وثب عليه. وأبز يأبز كضرب بمعنى مات فجأة أو مغافصة لغة في هبز هبزا. وقيل: مات موتا أيا كان. وعندنا أنه وقع في الفعل لغات كثيرة من ذلك قحز، وحبض، وفقز، وفقس، وفقع، وقفس، وهرز، وهزئ، وهزأ. وكلها تدل على الموت إلا أن الاختلاف في الحروف يدل على اختلاف في الموت. وهو مشتق من معنى الأبز الذي هو الوثب كأن الحي ينتقل إلى الآخرة وثبا. آبز) يقال: ما بها آبز كما تقول ما بها آبد وما بها آبر أي أحد. وآبز بهذا المعنى وردت نقلا عن الرضي في شرح الشاطبية: وهو من باب المجاز (تج) أبوز) نجيبة أبوز كصبور: تصبر صبرا عجيبا (قم). وهذا ما دوناه في مادة أبس: أبس أبسه) من باب التفعيل عيره وأرغمه وأغضبه وحمله على أغلاط القول له. تأبسه تأبسا) عيره تعبيرا ونص اللغويين وجميعهم التأبس: التغير وهو خطأ والذي ورد بهذا المعنى هو التأيس بالياء المثناة التحتية. وأما التأبس بالباء الموحدة التحتية فهو التعيير مصدر عيره فيكون في معنى التأبس التصغير والتحقير والتعيير، وكما قالوا تنقصه قالوا تأبسه وتفعل هنا للتعدية. هذا الذي نراه يتسق مع معاني المادة اب س. وأصلها من البس الذي معناه السحق والتفتيت فيكون التصغير والتحقير من المجاز وقد ذكر التاج التأبيس بمعنى التعبير بباء موحدة تحتية بعد العين وهو عندنا خطأ.

أباس) يقال امرأة أباس (كغراب) إذا كانت سيئة الخلق. الأبس بالفتح الحدب (بحاء مهملة) والذي في نسخ القاموس المطبوعة الجدب (بجيم ودال مهملة ساكنة وبآء). وهكذا نقله صاحب التاج. وقال عن هذا المعنى: (نقله الصاغاني في كتابه) أما في نسخ القاموس الخطية فالكلمة تختلف بين الجدب والحدب والحزن والذي يوافق وضع المادة أن يكون المعنى هنا الحدب (بحاء مهملة ودال مهملة وباء) وهو يوافق ما جاء في سياق كلام القاموس ولا سيما اللسان. فإنه لم يذكر الجدب ولا الحدب، بل قال المكان الغليظ الخشن وهذا يوافقه الحدب (كسبب) وهو الغلط المرتفع من الأرض، فيكون الجدب بالجيم من غلط النساخ، إذ لا يتوجه توجها يتفق ومعاني المادة، اللهم إلا أن يقال أن الأبس هنا مبدل من (اليبس) وهو غير محتمل لأن اللغويين ذكروا مرادفا للابس الشأز وهذا موافق للحدب فقط. وكذلك قل عن الحزن الذي ورد في بعض نسخ القاموس المخطوطة، فإنه يوافق المعنى المنشود لأن الحزن ما غلظ من الأرض. زد على ذلك أن الأبس تنظر إلى اللاتينية أو التي تستعمل أداة داخلة على بعض الألفاظ ليكون في مدلولها المعارضة والمقاومة والشأز فإنهم يقولون مثلا أي مانع أي اعتراض أو حجز. والابس ينظر أيضا إلى اليونانية وهو العقد. الأبس) بمعنى ذكر السلاحف وهو الرق والغيلم ينظر إلى اليونانية أمس وقلب الميم باء كثير في اللغات ولا سيما لغتنا. ولا جرم أنهم فعلوا ذلك تمييزا لها من (أمس) لليوم الذي قبل يومك. والأبس على الحقيقة هو سلحفاة الماء العذب ذكرا كان أو أنثى واسمها عند العلماء الإبس) بالكسر الأصل السوء. هذه الأمثلة تدلك على الأسلوب الذي اتبعناه في وضع مستدركنا على لسان العرب. فأنت ترى منه أننا لم نجتزئ بنسخ المعاجم كما فعل بعضهم في القرن الماضي ويفعله البعض الآخر في هذا القرن بل توخينا التحقيق والتدقيق والمقابلة والمعارضة ليصرح الحق عن محضه. وهو ولي التوفيق.

أدب ومعناها

أدب ومعناها 1 - ورودها في العاديات باسم آدم بي أو دنون كي لقد بحثت بحثا دقيقا في المصنفات الشمرية والبابلية والآشورية لكبار علماء الآثار في هذا العصر عن معنى هذه المفردة وبعد تنقيبات وتحقيقات استغرقت عدة ساعات ظفرت بضالتي المنشودة وعثرت على ما كنت أبحث عنه في صفحات تلك الكتب وعليه أذهب إلى أن معنى تلك الكلمة (مدينة آدم) أي موطن الإنسان الأول وهي لفظة شمرية النجار قديمة العهد جدا كانت تلفظ أولا - أدبه ثم صحفها الشمريون وأخذوا ينطقون بها على توالي الأيام بقولهم: آدم لأن الباء المثلثة النقاط أي تتحول في لهجتهم إلى ميم إذا أفادت معنى إنسان وذلك استنادا إلى ما جاء في نص عادية اقتبسها فوسي فأدرجها في القاموس الشمري الأكدي. نشأت الكتابة أولا تصويرية أي أنه كان يعبر عن لفظة رجل بصورة رجل وعن لفظة شمس بصورة شمس وعن لفظة سفينة بصورة سفينة وهكذا كان الأقدمون يعبرون عن كل الصور والمناظر الطبيعية ثم صارت الكتابة هجائية أي مقطعية أي أنه كان يعبر عن الكلمة المعنوية بصورة ما تدل عليها وأخيرا أمست أبجدية أي أن اللفظة تتألف من أحرف وقد تطورت الكتابة في عصرنا هذا فباتت اختزالية أي تكتب بإشارات اصطلحوا عليها لتعبر عن كلمات معينة بمعانيها وأرى أن أحسن لفظة عربية تؤدي هذا المعنى (السيماء) وبعد هذا البيان الوجيز أقول: كانت كتابة الأسماء والمفردات البابلية القديمة تتألف من حروف صونية تطابق معنى التصاوير الرمزية ومن جملة الحروف العديدة التي كانت لها معنى صوتي كلمة (مو) التي خصصت تشير إلى إنسان حينما اقتضت كتابة الإنسان

الأول وهذا ما صرح به الأستاذ سايس المعدود اليوم من أساطين علماء الآثار. وجد الدكتور ثورو دنجين - العالم الأثري الفرنسي الشهير لفظة (ادمو) مستعملة (علما) في العاديات المستخرجة من أنقاض تلوء. وذلك في عصر سرجون الأول ملك أكد وقد اقتبسها الساميون من آدم الشمرية المصحفة عن أدب التي تفيد - معنى الحيوان ثم خصصت بالإنسان - وأطلقت على كل حيوان ناطق ولإثبات ما نحن بصدده هاك ما ورد في قصة الخلق المسطورة في لغتين قديمتين مختلفتين فقد جاء في السطر التاسع منها ما يلي: أورو مو ديم آدم نو مون يا. ومعنى ذلك: (لم تكن قد بنيت مدينة ولم يكن قد خلق إنسان ليقف منتصبا) ومن أراد أن يقف بصورة مطولة على كيفية قراءة أدب وانتقالها إلى آدم فليراجع كتاب علم الآثار القديمة في الكتابات المسمارية الخط للأستاذ سايس. وردت (أدب) في العاديات بصورة آدم بي فقد جاء في درج الأرقام الذي نشره الأب الدكتور شيل ما نصه (وقد أرخ ذلك في السنة التي قهر الملك رم انم - ديار آدم بي وسكانها) فأرى أن آدم بي هذه هي المدينة التي اكتشفت معالمها البعثة الأميركية عام 1903 و1904 وقد تسمت مدن عديدة في فلسطين باسم أدم وأدمة وأدمي فهذه الأسماء مصحفة في الأصل عن أدب وأدبة وأدبي التي تعني الإنسان في الشمرية ومعنى أحمر أو تراب في السامية ومنها العبرية والآشورية والعربية ومن أراد التوسع في هذا الباب فيلراجع معاجم الكتب المقدسة لولتر باتشز ووليم سميث وجورج بوست فيجد فيها أنباء عن مواقع هذه المدن وسكانها الأولين وما آلت إليه اليوم. وقف الأثريون أيضا على مدينة أدب في تمثال يعد اليوم أقدم أثر في العالم وهو قائم الآن في متحفه الآستانة وقد نقش عليه العبارة التالية: أيسار لو كال دا أو دو لو كال أو رر نون كي ومعنى ذلك: (هيكل الملك داود ملك أور نون

كي وقد ظهرت هذه المدينة في جدول أسماء مدن وجدت منقوشة على عادية في نينوى وفيها تعليق يستفاد منه لفظ (أدب) فاستدل علماء الآثار على أن مدينة أور نون كي كانت تعرف عند قدماء الشمريين بأدب ومما زاد في تحقيق وجود هذه المدينة عثور المنقبين على عادية دون فيها أن الملك حمرب (حموربي) أعاد بناء مدينة أور نون كي وهيكلها (ايماخ) وهي مدينة أدب القديمة وهيكلها أيسار. 2 - القصر الواقع في الرابية الأولى استمر النقابون بمشارفة الدكتور بانكس ينبشون موقع القصر في الرابية الأولى مدة ثلاثة أسابيع وهم مجدون في إزالة النفايات والتراب من أرضه وقد استطاعوا تنظيف 26 غرفة وأمعنوا فيها من مترين ونصف إلى أربعة أمتار وكانت نهاية الحفر في 14 ك 2 عام 1904 وقد تسنى بعد ذلك للدكتور بانكس أخذ رسم القصر وغرفه وصحنه وإرسال بنسخه منه إلى جامعة شيكاغو مع بيان يتضمن وصف القصر فإليك أيها المطالع بعض ما جاء في ذلك البيان: (كان معظم المباني التي عثر عليها المنقبون تضارع الأبنية الشرقية القديمة وعليه كانت زوايا القصر متجهة تقريبا نحو الخوافق وعلى هذه الصورة كان الظل الظليل في فصل الحر يقع مباشرة على طرف من البناء ليقيه حرارة الشمس المحرقة هذا فضلا عن أن غرف القصر كانت قائمة في جهة يسهل وصول هواء الشمال الغربي إليها ووجه البناء يقابل الجنوب الشرقي ويمتد نحو 33 مترا على طول القناة ولم يعثر النقابون على أثر مبان هناك. وتقدر مسافة جهة الجنوب الغربي بثمانية عشر مترا ونصف متر وعلى طرفها شارع لا يتجاوز عرضه مترا وقد بقي شاخصا طرف من الجدار المقابل للشارع ولم يهتد أحد إلى الغاية من وجوده هناك ولا لأي غرض كان قائما. وإلى الشمال الشرقي من القصر كان الفناء وفي مؤخره على طول الجهة الواقعة إلى الشمال الغربي بيوت صغيرة وجدرانها محادة القصر.

كان أساس القصر مشيدا باللبن العادي الشكل والحجم بيد أن مقدمته والجدران المقابلة لقناة وللشارع كانت مبنية بالآجر أما لتلقي القصر من العطب وأما لتكون بمثابة زخرفة للعمارة. وقد أزال المنقبون كل آجرة من موضعها وفحصوها فحصا دقيقا غير أنهم لم يقفوا على كتابة - ليستلوا بهم على قدم البناء - وكان ثخن الجدار متر و40 سنتيمترا وذلك في صدر العمارة التي يبلغ طولها عشرين مترا ونصف متر أو نحو ثلثي طولها بينما سائر الجدران ما عدا واحدا أو أثنين منها كان ثخنها مترا وفي رأس كل جدار كانت دعامة سائخة في الأرض نحو خمسة عشر سنتيمترا. هذا إذ لم يكن قائم بازاء الجدار جدار آخر. لقد وجد الآجر في مقادير جسيمة بين الأنقاض والردم في الغرف بيد أنه كان يكون أوفر عددا لو كان أستعمل بكثرة في البناء الأعلى. إن اللبن المشيد في الجدر القائمة في مؤخر القصر كانت سالمة من العطب على طول عهدها ويظهر أن الآجر اتخذ في وجه الجدارين الظاهرين في الخارج فقط أما ارتفاع الجدران وصورة سقوف وسطوح الغرف فلا نعرف عنها إلا الشيء النزر وذلك لعدم وقوفنا عليها وهي قائمة وعليه نترك الخوض فيها الآن إلى أجل آخر حينما نقف على عمارة ما في حال الكمال. إذا أنعم الإنسان نظره في هيئة بناء الدور الحديثة في الشرق يرى أول وهلة حلا لمعضلة الغرف العديدة في القصر وتتبادر أذهانه إلى الغرض من بنائها بهذه الصورة لأن منازل العراقيين منذ الأزمنة القديمة كانت على طراز يكاد يطابق هيئة بناء هذا العصر فإن أخذنا مباني مدينة بغداد مثلا لذلك نراها لا تختلف اختلافا يذكر عن الدور في عصر الشمريين البابليين ففي وسط العمارة يمتد الفناء وعلى جوانبه ترى الغرف منبثة يلاصق طرفا من الفناء جدار يفصل صحن الدار الثانية عن الأولى وتلك الدار كانت تتخذ لسكنى النساء وحجبهن عن الأنظار وتسمى في أيامنا هذه بالحرم. غير أننا لا نوافق الدكتور بانكس في رأيه هذا لأن البابليات كن مطلقات الحرية ولا يختلفن عن الرجال بشيء من ذلك ولهذا نذهب إلى أن الدار الثانية المجاورة للأولى كانت منزلا للخدام يفصلها جدار حتى لا يقفوا

على ما يحدث في القصر من أحوال قاطنيه. إن القصر الذي كشف معالمه النقابة الأميركي يمثل رسم اختطاط بابلي بأتم وجه فإن طول الغرفة التاسعة كان سبعة أمتار في عرض 3 أمتار و53 سنتيمترا وهذه الفسحة كانت صحن دار كبيرة فيها ثماني غرف بأبوابها وإحدى تلك الغرف الواقعة في صدر الفناء كانت تقوم مقام دهليز (مجاز) لكل من الغرفتين التاسعة والعاشرة وهي أيضا كمنفذ وممر إلى الشارع. هذا ومن المحتمل أن الغرفة العاشرة كانت باحة ثانية يفصلها عن الغرفة التاسعة حائط ثخين وفيه منافذ أبواب غرف عديدة ومن هنا نستدل على أن كل الجهة الجنوبية الغربية من القصر كانت متخذة غرفا لقضاء مصالح الرجال ويصح أن نطلق عليها الديوان أو قاعة الاستقبال (السلاملك) وأما الجهة الشرقية فكانت خاصة بالنساء وهي تعرف بالحرم اليوم وسائر الغرف المرقمة بعدد عشرين إلى ستة وعشرين تمثل المطبخ والإسطبل ومساكن الخدام ولا يزال أثر الغرفة السادسة والعشرين ظاهرا للعين وهي بمثابة منفذ مؤد إلى الساحة الخارجية وبالقرب من ركنها الشمالي كانت قاعدة تنور يشابه كل المشابهة تنانير سكان مدن العراق في هذا العصر. إن الباحث اليوم في غرف القصر لا يستطيع أن يبت رأيا في صورة استعمال كل منها لأن معظمها كان خاليا من الأثاث ولعل يدا أثيمة سرقت محتوياتها وتركت في بعضها قليلا من الأوعية والقدور والصحون الخزفية وعددا من داح ودمى بصور حيوانات، وفي الغرفتين التاسعة والعاشرة لا أثر للألواح الحجرية ولا لصفائح الآجر أما الغرف المرقمة بعدد 4 و18 و24 ففيها مجار عمودية من الشكل العادي تؤدي إلى الصحراء وهذه الغرف كانت متخذة كحمامات غير أن الغرفة المرقمة بعدد 24 كانت كبيرة ولها هيئة خاصة ويظهر أنها كانت مطبخ القصر وأعظم عدد من صفائح الآجر وجد في الغرفة الثالثة المتخذة دهليزا للدار أما الغرفة الحادية عشرة فكانت مبلطة باللبن وفي وسطها دكة تشبه المقعد وقاعدتها مستوية على أساس الجدار فهذه الغرفة المنخفضة المدخل نصفها تحت الأرض تشبه (السرداب) كما يشاهد اليوم ما يماثلها في مدينة بغداد حيث السكان يقيمون في الصيف ويقضون ساعات الحميم الشديدة في الوغرة وقد ظهرت

دكة أخرى في الغرفة الثالثة عشرة وهي عبارة عن سرداب آخر مشيد على طرز دور العراق والشيء الذي لابد من الإشارة إليه هو أن معظم الغرف التي نحن بصددها صغيرة جدا ومنها ما يمثل غرف دور الشرق الحديثة العهد لأن الشرقي يفضل هذه المخادع على غيرها لتقيه الكوارث الطبيعية من أعاصير وزوابع وأمطار ولفحات الشمس المحرقة. ولاحظ النقابون أن الغرفة الأولى والسابعة والثامنة وغيرها لا تسع أكثر من فراش واحد ويحتمل أن هذه المخادع كانت غرفا للنوم وهي تختلف كل الاختلاف عن حجر المنام في هذا العصر وربما كانت هذه الغرف أماكن لتوقيف المجرمين. إن الآثار التي وجدت في القصر كانت قليلة جدا بالنسبة إلى عدد حجره فكان ما عثر عليه لم يتجاوز الثلثمائة عادية ولم تكن جميعها سالمة ولا صحيحة بل منها المثلوم والمكسر ومعظمها ملوث بالأوساخ وقد وجدت هذه ملقاة بين النفايات كأنها من سقط المتاع ولم يكن لها قيمة ما وكانت منزلتها كمنزلة الرسائل العادية في أيامنا هذه فإننا بعد أن نقرأ ما فيها نحجبها ونلقيها في سلة المهملات وقد شوهد للغرفة الثالثة خاصية لم نر مثلها في غيرها فإن الحفارين بقدر ما كانوا يتوغلون في التنقيب والبحث في طيات أرضها كانوا يعثرون على عاديات وقد أفضى بهم الحفر إلى عمق أربعة أمتار حيث لم يعثروا على شيء من العاديات وصفائح الآجر وأغلبها وجد محطما ومؤلفا من قطع عديدة وإحداها كشفت بصورة شظايا مبعثرة فجمعت معا فتقوم منها عادية بكتابة منقوشة على وجهيها بشكل دقيق سنيع وكان طولها قبل أن حطمت لا يقل عن 40 سنتيمترا. إن الكتابة التي وجدت على صفائح الآجر لم تكن بقدم الكتابة التي اكتشفت في الهيكل المنقوشة على شذرات الذهب وعلى شظايا الإناء فإن تاريخها لم يكن معلوما لأنه لم يدون فيها سوى اليوم والشهر أما السنة فلم تذكر فيها وعليه أن نص الكتابة وصورة الصفائح تماثل نصوص وصور صفائح الآجر في عهد حمرب ملك بابل وذلك قبل الميلاد بأربعة وعشرين قرنا وقد ظهر من بعض تلك العاديات أن القصر كان ملك حاكم عظيم أو أحد نبلاء البلاط

ومن المرجح أنه كان أحد رجال الأسرة المالكة فخلف لأبناء القرن العشرين رسائله ولعب أولاده الصلصالية وأثاث منزله الخزفي من قدور وصحون وبراني (جمع برنية) ونحوها وبعض آلهته المنزلية التي كانت تقوم حسب اعتقاد الأقدمين لطرد الأرواح الشريرة والدفاع عن رب الأسرة في النوائب والملمات. استدل المنقبون في تنقيباتهم على أن مشيد ذلك القصر لم يسكنه وحده بل سبقه أناس كثيرون تعاقبوا في الاستيلاء عليه والسكنى فيه لأن النقابين وجدوا أسسا متراكبة وكل منها يمثل قصرا قائما على أساس خاص من الآجر غير المشوي وذلك على عمق أربعة أمتار ولم يعثر الحفارون على عاديات في طيات الأرض وخلاصة القول أنهم كشفوا أساسا فوق أساس وقصرا مشيدا على قصر آخر وبناية قائمة على متن عمارة أخرى بيد أنهم لم يعثروا على عاديات سوى ما في الطبقات العالية من الأرض. بحث النقابون ومن معهم من الأثريين في طبقات أرض القصر بحثا مدققا ونقبوا تنقيبا نعما باذلين أقصى جهدهم لعلهم يعثرون على عمد وأساطين منقوش عليها كتابات أثرية تنطق بتاريخ العصور القديمة غير أن أبحاثهم ذهبت إدراج الرياح ولم يفوزوا بطائل وربما تكشف معاول النقابين في المستقبل النقاب وتزيل الغموض عن أمور شتى تتعلق بأنباء هذا القصر الذي لم يدون المؤرخون عنه سوى نتف لا تشفي غليل الباحثين المدققين في عصر يتوق أبناؤه الوقوف على معالم المدنية السالفة للإطلاع على تاريخ الأمم والشعوب الحديثة العهد بنا. هذا والقرون التالية ستنير الأذهان بمكشوفاتها 3 - المقبرة بعد أن انتهى النقابون من عملهم في القصر الواقع في الرابية الأولى ونقبوا آخر غرفة فيه تفرقوا في جميع أطراف الخرائب وكانت الغاية من ذلك العثور على بقعة آهلة بالآثار والعاديات لا تكلف الباحث مشقة عظيمة ولا وقتا طويلا هذا فضلا عن أن امتياز التنقيب في إطلال الدوارس كان مهددا دائما بثورات البدو وبإشاعات ملفقة تلصق برعايا الأجانب فتعرقل مساعيهم وتعطل مشاريعهم بأقل من لمح البصر ولذا رأى رئيس النقابين أن يفرق رجاله بإشراف نظارهم

بين الأنقاض فمنهم من وكل إليه الحفر في الهيكل وإزالة النفايات عن أطراف البرج القائم إلى الجنوب الغربي وقد تكللت النتيجة بالنجاح إذ وجد الفعلة عددا من الآجر مكتوبا عليه اسم دنجي وكشفوا قناة مبلطة بالآجر حديثة الشكل والعهد ودقر باب مصنوع من القار وهو مزلاج قديم ومن الفعلة من نيط بهم التنقيب في الرابية الثالثة الواطئة ولم يتوغلوا في النبش ولا في البحث حتى عثروا بالقرب من الزاوية الغربية من تلك الخرائب على جدران عريضة تحيط بفسحة واسعة وفي وسطها دكة مربعة مشيدة بالآجر وهي تمثل أرض دار مهدمة ووجد فيها المنقبون صفحة آجرة صغيرة مسطورا فيها كتابة قديمة جدا تختلف حروفها عن غيرها من الكتابات الأثرية. وقد فوض إلى اثنين من النقابين الحفر في الرابية الثانية المنخفضة الملاصقة للقصر فعثر أحدهما - وهو البناء الذي كان يبحث عن آجر - على سطح قناة وأنقاض قبر فأدى ذلك إلى اكتشاف مقبرة ونجاحهما هذا أوجب أن يلتف حولهما كل النقابين ونظارهم ويشمروا عن ساعد الجد ويحفروا بكل حماسة ونشاط وقد كشفوا القبر الأول فألفوه كومة من الأنقاض ولم يستفيدوا من محتوياته شيئا يذكر بيد أن القبر الثاني كان بصورة صحيحة يحيط به جدار مبني باللبن وكان ذلك المدفن دارا صغيرة طولها متران وعرضها أقل من متر وارتفاعها أعلى من متر بقليل وكانت جدران المدفن قائمة ويعلوها سطح ذو قمة دقيقة وبناؤه مقبب ولما فتح القبر من أحد جوانبه سطعت فيه نور الشمس فأنارت ظلمته بعد طول احتجابها عنه ولم يكن مملوءا بالتراب على ما تتبادر إليه أفكار القارئ لأن جدرانه العريضة وسقفه المعقود بالآجر منعت دخول الماء وسقوط التراب وتراكم الأوساخ فيه ولو مرت على بنائه عصور عديدة وقد انبعثت منه رائحة كريهة جدا ليست من نتن الجثة المطمورة فيه بل من فساد الهواء وتجمع الغازات السامة منذ بضعة آلاف من السنين. كانت عظام الجسم قد تلاشت بأسرها ولم يتبين منها شيء سوى طبقة رقيقة جدا من ترابها وقطعة سن منخورة لم يبق منها إلا ظاهرها أي قشرتها

الخارجية حتى أن موضع دفن الجثة لم يتعين لدثور رفاتها وقد وجد بالغرب من حائط المدفن سبع جرار صلصالية من أشكال وحجوم مختلفة واثنتان منها كانتا مختومتين بغطائين أما الباقية فكانت مفتوحة وقد تحولت محتوياتها إلى طبقة من مادة بلورية في قعر الجرار لا يعرف على التحقيق ماهيتها وكانت بعض الجرار صحيحة وبعضها محطمة ولم يهتد المنقبون إلى سبب تحطمها لأن المدفن كان محكم البناء ولم يسقط منه آجرة واحدة ولعل الشورج أثر على طول الزمن في الخزف فحطمه. وقد قيس المدفن من الداخل فوجد طوله مترا ونصف متر وعرضه سبعين سنتيمترا وعلوه ثمانين واكتشف فيه خاتمان وقلادة كبيرة من النحاس وخزامة وخمس وخمسون خرزة من حجر العقيق مصقولة وقد استدل المنقبون على أن هذا القبر مدفون فيه جثة امرأة لوجود هذه الحلي والأواني الخزفية فيه لأنه من عادة النساء أن يتخذن هذه الزخارف زينة لهن هذا وقبور الرجال تختلف اختلافا بوجود خواتم أسطوانية وقد اعتنى بمدفن هذه المرأة اعتناء عظيما أما لحسنها الفائق حسن بنات عصرها وقطرها وأما لسمو منزلتها في عالم الكهانة والنسل ومما يؤسف عليه أن النقاب الأميركي لم يتسن له تصوير ذلك المدفن من الداخل إذ سقطت جدرانه في اليوم التالي على أثر دخول نور الشمس فتحولت ترابا ولم يعثر النقابون بعد ذلك على مدفن سالم من العطب. إن الرابية التي وجدت فيها القبور كانت ضيقة جدا وقد امتدت على طول ضفة القناة القديمة وظن المنقبون في بادئ الأمر أن هذا الموضع كان مدفن المدينة الكبير بيد أنه ظهر أخيرا أن موقع المقبرة كان في الطرف الأعلى من تلك الرابية وقد بحث النقابون في أعلى الرابية وحفروا فيه أخدودا فعثروا على سبعة قبور كان يحيط بخمسة منها جدار وقد حفظ من قاعدته نحو سبعين سنتيمترا سالما وإلى الجهة الشرقية من المقبرة وجد رصيف مشيد بالآجر يقوم مقام سد لمنع اندفاع الأمواج وإلى الطرف الجنوبي كان مجرى سرب مبني بالآجر أيضا. كانت مدينة الموتى هذه منقسمة إلى قسمين بجدار منخفض وأرضها مفروشة بالطين. أما قبورها فكانت بهيئة بيوت صغيرة وكان القبر الأول غير متهدم والقبر

الثاني كان ضريح امرأة والقبر الثالث كان مدفن رجل لأنه وجد فيه خاتمان أسطوانيان من حجر أبيض وجرة كبيرة فوجود خاتمين في قبر واحد يدل على أن رجلين دفنا في هذه الحفرة. أما القبر الرابع فكان مدفونا فيه رجل ولم يبق من مضامينه سوى إناء كبير وقد وجد ضمن القبر الخامس دملج (سوار) صغير جدا من النحاس وشظايا من آنية خزفية. وهذه العروض تدل على أن المقبور كان طفلا. وقد دفن في القبر السادس رجل ومن بقايا آثاره خاتم أسطواني ووعاء. أما القبر السابع فكان فارغا ولعل يدا أثيمة سرقت ما فيه من الكنوز وظهر من التنقيبات أن تلك المقبرة كبيرة جدا غير أن المياه جرفتها وأزالت معظم القبور - وبان للحفارين أنه كان لذلك المدفن سقف يجلله وقد انهار حينما سقطت الجدران التي كانت تدعمه. لا تختلف قبور البابليين القدماء كثيرا عن قبور العراقيين الحاليين فإن هيئتها تكاد تكون متشابهة من حيث البناء فكانت تلولا مرتفعة عن سطح الأرض وفي الأزمنة الغابرة كانت توضع الجثة تحت مسنم يشيد فوقها وأما في يومنا هذا فتوضع الجثة في حفرة ويهال التراب عليها ثم يقام فوقها كومة من التراب وفي صدرها قطعة من رخام أو حجر. هذا ولا يزال القوم في بغداد وغيرها من المدن يضعون الجثة في قبر معقود بالآجر والجص وذلك إذا كان المتوفى غنيا أو عزيزا لدى أهله أما الفقراء فيوارون الجثة بإلقاء التراب عليها. إن المقبرة التي نحن بصددها لا يعرف زمن تشييدها على التحقيق فإن الختوم الأسطوانية كلها مصنوعة من حجر أبيض رخو بصورة خير متقنة ولا أثر للكتابة عليها غير أن شكلها المقعر قليلا يشير إلى عصر بابلي قديم جدا. هذا فضلا عن أن الجثث قد تلاشت بأسرها ما خلا قليلا من الأضراس المنخورة. أما الخزف فشكله يدل على كل العصور التي مرت في تاريخ بابل. وجد النقابون في الجهة الشرقية من المقبرة كسرا من صفائح الآجر المكتوبة وقد دلت تلك الكتابة على عصر حمرب وأهل مملكته ولعلهم آخر من سكن مدينة أدب ودفن فيها وفي قعر قناة هذه البقعة اكتشف المنقبون بين أوان

وآخر جدار دار وخابية وصفحة آجر وأنفس ما عثروا عليه هناك كان إناء صغيرا من الخزف المزين بلون بهي وكان ذلك الإناء مدفونا تحت سطح الأرض بيد أن معاول النقابين حطمته كسرا عديدة ولما لوئمت أجزاؤه وعاد إلى شكله الأول كان ارتفاعه تسعة سنتيمترات وقطره ثمانية أما لونه فسنجابي وتحيط به بضعة خطوط حمر وصورة حيوان أبيض في صدر الإناء وفي الفسحة الواقعة بين الخطوط الحمر وصورة الحيوان الشرس كانت بقع صغيرة بيض ولا أثر للكتابة فيه ليستدل به على العصر الذي صنع بيد أن هيئته غير المتقنة الخالية من الأحكام تنبئ عن العصر الخزفي البابلي القديم العهد وقد عثر النقابون أيضا حوض كبير معد للاستحمام في غرف إحدى الدور ملقى عند مدخل الباب وكان قطره مترا و46 سنتيمترا وأسفله مستدير الشكل قليلا والقسم الأسفل الواقع تحت المقعد مصنوع من قطعة واحدة من الخزف مركبة باليد والقسم الأعلى منه وفي ضمنه المقعد يشتمل على خمس قطع محكمة التركيب وملصقة بالقار وكان بالقرب منه قاعدتا عمودين مربعين من الآجر غير المشوي ويظهر أنهما كانتا تدعم السقف وعلى مسافة بضعة أمتار إلى الجنوب من حافة الرابية السفلى كانت غرفة منفردة طولها ستة أمتار ونصف متر وعرضها ثلاثة أمتار مشيدة بالآجر المخطط المستدير وقد أسود من دخان نار كانت توقد فيها على الدوام والأمر الذي حير المنقبين أنه لم يكن لهذه الغرفة باب ولا منفذ وقد ذهب بعضهم إلى أنها كانت أتونا (كورة) غير أن هيئتها تخالف الأتاتين المنبثة في أطراف العراق وعلى كل حال كانت الغرفة معدة لإحراق جثث الموتى ويظهر أن إحراق البشر بعد موتهم كان معروفا في القطر العراقي في ذلك الزمن البعيد. هذا ما وقفنا عليه في المقبرة وهناك قبور عديدة ومدافن شتى لم يتوفق المنقبون لكشف معالمها ولا للبحث عن محتوياتها. بغداد: رزوق عيسى

المولى في لغة العرب

المولى في لغة العرب ينقسم (المولى) في اللغة العربية إلى عشرة أقسام. 1 - الأول وهو الأصل والعماد: (الذي يرجع إليه) وباقي الأقسام متفرعة منه قال تعالى في (سورة الحديد) (فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير) يريد جل أسمه هي أولى بكم على ما جاء في (التفسير) وذكره أهل اللغة المحققون وقال لبيد: فغدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخافة خلفها وأمامها يريد بذلك أولى بالمخافة ولسنا نعلم بين أهل اللغة في هذا المعنى خلافا. 2 - مالك الرق قال تعالى (وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه) يريد به مالكه، والأمر في هذا المعنى أشهر من أن يحتاج فيه إلى الاستشهاد. 3 - المعتق بكسر التاء بصيغة اسم الفاعل. 4 - المعتق بفتح التاء اسم مفعول قال تعالى (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم يعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم). 5 - أبن العم قال الشاعر: مهلا بني عمنا مهلا موالينا ... لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا 6 - الناصر قال تعالى (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) أي لا ناصر لهم. 7 - المتولي لتضمن الجريرة ويجوز الميراث. 8 - الحليف قال الشاعر: موالي حلف لا موالي قرابة ... ولكن قطين تأخذون الأتاويا وقيل أتاويا.

9 - الجار الذي يكون له من آخر محل أو دار أو عقار. 10 - الإمام السيد المطاع. وهذه الأقسام التسعة المتقدمة الذكر بعد الأول إذا تأمل الباحث معناها وجدها ترجع إلى المعنى الأول ومأخوذة منه، لأن مالك الرق لما كان أولى بتدبير عبده من غيره كان مولاه دون غيره و (العتق) لما كان أولى بمعتقه في تحمل جريرته والعتق به ممن أعتقد غيره كان مولى أيضا لذلك و (ابن العم) لما كان أولى بالميراث ممن بعد عن نسبه وأولى بنصر ابن عمه من الأجنبي كان مولى لذلك و (الناصر) لما أختص بالنصرة صار بها أولى وكان من أجل ذلك مولى. و (المتولي) لما الزم نفسه ما يلزم المعنق كان بذلك أولى ممن لم يقبل الولاء. وصار أولى بميراثه فكان لذلك مولى (والحليف) لا حق في معناه بالمتولي فلذا السبب كان مولى (والجار) أولى بنصرة جاره ممن بعد عن داره، وأولى بالشفعة في عقاره، فلذا كان أولى أن يكون (مولى) و (الإمام المطاع) لما كان له من طاعة الرعية وتدبيرهم ما يماثل الواجب بملك الرق كان لذلك مولى فصارت جميع المعاني التي عددنا ذكرها ترجع إلى معنى الأولى ويكشف عن صحة ما ذكرناه وأوضحناه في حقيقته ووصفناه أما المشهور والمتداول بين علماء الجمهور (فالمولى) مجاز في هذه الأقسام كلها. النجف: عبد المولى الطريحي (لغة العرب) ومما كان يحسن ذكره هنا حال الموالي وأحكامهم في الجاهلية ومقابلتها بما جاء مثلها في عصر الإسلام في عهد بني أمية وعصر العباسيين. فحينئذ كان يكون للموضوع لذة، أما البحث اللغوي وحده فلا يفيد إلا جماعة ضعيفة من القراء. ولذا جاء هذا البحث ليس من صخر وقد عالج جرجي زيدان هذا الفصل في كتابه تاريخ التمدن الإسلامي فأفل كل من وقف عليه (راجع السفر المذكور 2: 18 و28 ثم 4: 21 و18 و47 و58 و86).

كتاب الجيم في اللغة

الجزء الأول من كتاب الجيم في اللغة - بخط أحدث: بل الكتاب كامل وفيه بقية الأجزاء أيضا هو كتاب مخطوط ونسخته في خزانة الأسكوريال بقرب مدريد عاصمة ديار الأندلس في هذا العهد ورقمه 572 وإليك ما فيه: (اقتفيت بهذه النسخة نسخة أبي موسى الحامض فاستدركت بها أكثر شكوكي ووجدت فيها ما ذكر السكري أنه سقط عليه ورقة ورجه ورقة فنقلته فكان زائدا على ما ذكر أنه سقط عليه بضعفه وقد بينت ذلك في مواضعه وعلامتي على كل ما صححته (ضاد) لأنها المشهور من لقب الحامض وتبقى علي شكوك في الزيادات فإن أبا موسى لم يذكر في كتابه شيئا منها والحمد لله كثيرا. ووجدت في حرف الفاء (كذا) ورقتين زائدتين على نسخة السكري فنقلها وبينت مواضعها. (بخط أحدث) مجموع أجزاء هذا الكتاب عشرة لأبي عمرو الشيباني. (بخط مالك الكتاب): لعبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاري عفا الله تعالى عنهم. (بخط مالك آخر): ثم صاروا لولده محمد عفا الله عنه. (بخط مالك آخر): ملك علي بن محمد القابوني الحنفي عامله الله بلطفه الجلي والخفي في شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وثمان مائة. (بخط مالك آخر): محمد بن أحمد خطيب داريا عفا الله عنهما ج ر ثم باللغة اللاتينية. - ورد ذكر أبي عمرو الشيباني في كثير من كتب التراجم مثل كتاب الفهرست لابن النديم. والإرشاد لياقوت. والوفيات لابن خلكان. وبغية الوعاة للسيوطي وغير واحد من المصنفات في أخبار النحاة والمحدثين. وهو إسحاق بن مرار

(بكسر الميم ورائين) إمام الكوفيين بلا مدافعة ولكن مصنفاته كلها مفقودة إلى الآن إلا هذا الكتاب النادر الوجود جدا. مات أبو عمرو في أيام المأمون سنة 205 أو 206 وقال ابن السكيت مات أبو عمرو وله 118 وكان يكتب بيده إلى أن مات. وفي خبر آخر عن ابن كامل أنه مات سنة 213 وأظنه وهما. وقد وهم صديقنا البروفسور مرغليوث في طبعة الإرشاد حيث سمى هذا الكتاب كتاب الختم (ج 2 ص 235) وقال ياقوت (وغيره) قال أبو الطيب اللغوي في كتاب مراتب النحويين: أما كتاب الجيم فلا رواية له لأن أبا عمرو بخل به على الناس فلم يقرأه أحد عليه. ولهذا السبب ليس في أول الكتاب إسناد إلى مؤلفه إلا ما ذكر الكاتب فيما مضى آنفا ولا شك أن المؤلف لم يكمل الكتاب فإني وجدت فيه شواهد شعرية بلا تفسير ونعجب أيضا في مواضع كثيرة من قلة معرفة هذا الإمام بقواعد التصريف فإنه ذكر مثالا في باب الألف ألفاظا أصلها غير مهموز إلا أن أول حرف الكلمة الألف وكذا في سائر الأبواب. ولما كان هذا الكتاب أكبر تأليف للغوي كوفي ولعله ألفه ليناقض به كتاب العين للخليل بن أحمد كان لابد من الوقوف عليه ولهذا وجبت معرفته معرفة تامة فعقدت النية على أن أنشر الكتاب بكماله في المستقبل إن شاء الله لأني لم أجد أحدا من أئمة اللغة نقل عنه فإنك لا تجد في لسان العرب ولا في سائر المعاجم شيئا البتة مأخوذا من كتاب الجيم. وقد وهم الأستاذ درنبورغ في فهرسة خزانة الأسكوريال حيث قال أن النسخة كتبت في آخر القرن السادس للهجرة وعندي أنها أقدم من هذا بقرنين لأني تأملت الخط وخصوصيته فهو أشبه شيء بخط القرن الرابع والهوامش التصحيحات التي وعد بها الكاتب في الوجه الأول من نسخته كما تقدم وها أناذا أنقل هنا بعض العبارات ليحكم القارئ بنفسه على أسلوب المصنف فدونك ما جاء في الصحيفة الأولى: بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو عمرو الشيباني الأوق الثقل: يقال ألقى علي أوقه. وتقول: أما

والله لتجدنه عليك ذا أوق. قال: والحي أمسى أوقعهم مجمعا. وتقول: هم الب عليه إذا كانوا عليه. المأفول من الرجال الذي لا يجدونه على ما ظنوا به في القتال وغيره والأفيق الجلد الذي قد دبغ ولم يقطع وأنشد: تعلم يا أبا الجحاف أني ... أخ لك ما تبنيت الطريقا وما لم تغش أوقا أن حجرا ... برأي المرء أن يغشى الأووقا وإن لشيبة العجاج عندي ... محارم لست جاعلها مذوقا ألما استأسدت أنياب رأسي ... وأنضجكن طابخي السليقا وضم مجامع اللحيين منى ... مدقا يملأ العينين صيقا رجا النوكى تسرق عرض جاري ... ولم ينبوا على الوتر المشيقا الأزوح الكاره الوجه البطيء السيء المقادة أزح يأزح أزوحا. ويقال للبعير إذا عمد وأكل الدبر سنامه: مأموم. قال الأغب. ليس بمأموم يعدى من غلق وقال: تمر يؤبى عنه، أي لا يؤكل منه شيء إلا قليلا وهو الإيباء حين يوبى بطنه ولم يهمزه وقال جمل أنف إذا أوجهته الخزامة فسلس قياده وأنشد: أنف الزمام كأن صعق نيوبه ... صخب المواتح في عراك مخمس قال: هذا عظم مؤرب وهو الوافر فيه لحمه وأنشد: سيصلى بها غيري ويخرج قدحها ... بعظم مشل أو بقدح مؤرب وقال أبو السمح: أخذت شرابي إذا حمضته واللبن الأخذ: الطيب وقد أخذ بعض الأخوذ يأخذ. بكنهام (إنكلترة): ف كرنكو

أكان السموأل نصرانيا

أكان السموأل نصرانيا - 1 - تمهيد كان المرحوم الأب لويس شيخو اليسوعي ينصر كل مغموز بدينه. فنصر طائفة من شعراء الجاهلية وعصابة من المخضرمين، وفريقا من الإسلاميين أنفسهم بل تجرأ فنصر من كان مسلما صريح الإسلام كفيلسوف العرب يعقوب بن إسحاق الكندي (راجع لغة العرب 5: 302) ويهوديا بين اليهودية كالسموأل وقد سند مدعاه إلى بيت موضوع نظمه نظما قبيحا أحد المواصلة ودسه في مخطوط ونسبه إلى السموأل وهذا هو: وفي آخر الأزمان جاء مسيحنا ... فأهدى بني الدنيا سلام التكامل فكل كلمة من هذا التركيب المشوه القبيح يشهد أن صاحبه معاصر لنا وليس له أدنى صلة بالسموأل ذاك الشاعر المبدع صاحب المعاني الرائقة والتراكيب المنيعة التي تشبه مناعته حصنه الاباق الفرد. فكتب الأب شيخو في المشرق 9: 675 (إن كان البيت الأخير (الذي نقلناه هنا) صحيحا، صدق (كذا) ظننا السابق بأن السموءل نصراني لا يهودي لاسيما أن أصله من بني غسان وبنو غسان نصارى). فكتبنا إليه لا يجوز لك أن تمسخ التاريخ هذا المسخ وأن هذا البيت الأخير لا وجود له وأن صاحب النسخة الموصلية وضعها من عنده وأن السموأل يهودي وأن بني غسان لم يكونوا كلهم نصارى بل كان بينهم يهود ووثنيون أيضا. إلا أن حضرة الأب لم ينشر ردنا وأبقاه عنده وانتفع ببعض الفوائد التي كانت فيه وأدرجها باسمه فكان ذلك سببا كافيا لامتناعنا عن كل مساعدة في مجلته 2 - نصوص المؤرخين تشهد على يهودية السموأل ما من مؤرخ عربي أو غربي ذكر السموأل إلا نص على أنه يهودي ولم يشر أبدا - ولو من طرف خفي - إلى أنه كان نصرانيا أو يهوديا متنصرا أو من اليهود النصارى (وهم يهود كانوا بين النصرانية واليهودية ويعرفون عند الإفرنج

باسم - فقد قال اليعقوبي في تاريخه (1: 310 من طبعة الإفرنج) معددا شعراء العرب. . . والسموأل بن عاديا وهو ينسب إلى غسان فيقول بعضهم أنه يهودي من سبط يهوذا) اهـ. وقال في الأغاني (3: 115 من الطبعة المصرية الجديدة): الشعر لغريض اليهودي وهو السموأل بن عادياء. . .) وفي تاج العروس في مادة سمأل والسموأل بن عادياء اليهودي وفي المقدمة الفاضلية: السموأل بن أوفى بن عادياء بن جفنة صاحب الحصن الأباق. وقال في لسان العرب في مادة خبث: (قال اليهودي الخيبري: ينفع الطيب القليل من الرز ... ق ولا ينفع الكثير الخبيث . . . وقال أبو منصور: في بيت اليهودي أيضا: أضن أن هذا تصحيف اهـ وأنت تعلم أن البيت المذكور هو السموأل كما يرى في ديوانه وكما نص عليه جميع الشعراء الأقدمين وكذلك قال صاحب التكملة. وفي التنبيه والأشراف للمسعودي ص 258من طبعة الإفرنج: (وكان أهل تيماء أعداء لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورؤساؤهم آل السموأل بن عادياء بن حيا أبن رفاعة بن الحرث بن ثعلبة بن كعب بن عمر مزيقياء بن عامر. اهـ. قلنا: والناس جميعهم يعملون أن أغلب أهل تيماء كانوا يهودا ولهذا كانوا يعادون النبي الحنيف. وقال صاحب الأوقيانوس. والسموءل بن عادياء بر رجل در يعني حصن أبلق صاحبي يهودي أيديكه وفاء عهد بابنده ضرب مثل در. ومن أمثالهم: أوفى من السموأل. اهـ عبارته التركية بحرفها. وفي مجمع الأمثال للميداني 2: 276 من طبعة بولاق الأولى في شرحه لهذا المثل: أوفى من السموأل ما هذا حرفه: هو السموأل بن حيان بن عادياء اليهودي. . . إلى آخر ما قال. وقال المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه البدء والتاريخ 3: 203 من طبعة الإفرنج: وكان أمرؤ القيس عند خروجه إلى قيصر أودع السمؤال بن عادياء اليهودي شكة مائة رجل. . .) اهـ.

وقال ابن خلكان في ترجمته لأبي السمط (2: 131 من طبعة بولاق). . . أنه كان من موالي السموأل بن عادياء اليهودي المشهور بالوفاء. . . ولو أردنا أن نذكر جميع الشواهد لما كفانا جزء من هذه المجلة ونختم هذه الشهادات بشهادة رجل لا يتهم بحزب من الأحزاب وهو من أجل المحققين أي أ. ب. كوسين دى برسفال في كتابه (آمال في أخبار العرب في الجاهلية وصدر الإسلام) وهو كتاب جليل في ثلاثة أجزاء وهذا تعريب ما قاله في (2: 237) وأخباريو العرب لا ينبسون ببنت شفة بصدد هذه الأنباء المتقدم ذكرها بل لا يشيرون بشيء إلى السنوات الأولى من ملك الحرث الأعرج اللهم إلا ذكر عمل أظهر فيه نحو السموأل اليهودي صاحب القصر في تيماء اهـ. . . فهذه الشهادات كلها تتضافر في إثبات السموأل كان يهوديا ولم يخطر في بال أحد أنه كان على دين آخر ومع كل هذا ينكر الأب شيخو كل هذه الروايات ويحاول أن يقنع الناس بأن ابن عادياء كان نصرانيا أو يهوديا متنصرا أو يهوديا في الباطن ونصرانيا في الظاهر إلى ما ضاهى هذه الآراء الضعيفة التي ليس فيها من الحق شيء حتى الخيال. وبهذه الصورة أفسد الأب شيخو تاريخ العرب وأخبارهم بينما كنا نكتب إليه الرسالة بعد الرسالة أن مثل هذا العمل لا يوليه شرفا ولا يغير الأحداث ولا التاريخ لأن الحقائق تبدو كالشمس وإذا بدت تصرمت ظلمات الملفقات على أنواعها وإن كانت ثخينة الأديم ومحكمة العرا. 3 - لم تكن غسان كلها نصارى يدعي الأب المرحوم لويس شيخو أن السموأل كان نصرانيا لأسباب منها: 1 - إن السموأل كان ينسب إلى غسان وغسان كان نصرانية. 2 - إن السموأل ذكر في بعض أبياته السيد المسيح والحواريين. 3 - إن السموأل كان من بني الديان (وفي بعض الروايات بني الريان بالراء وهو خطأ ظاهر) وبنو الديان كانوا نصارى.

فنقول: أولا - إن البيت الذي فيه ذكر بني الديان جاء في ديوان الحماسة لأبي تمام في آخر اللامية المشهورة للسموأل إلا أن التبريزي في شرحه للبيت المذكور يقول أنه لعبد الله الحارثي لا للسموأل. ولو فرضنا جدلا أنه لأبن عادياء فهذا لا يدل على أنه كان نصرانيا بل يهوديا. لأن هذا الاسم مأخوذ من اللغة العبرية ويدل على القاضي عند اليهود وكان هناك عدة بيوت تنتسب إلى بني الديان لتوليهم القضاء في ذلك العهد. أما أن بعض بني الديان تنصروا أو أن هناك نصارى كانوا تولوا القضاء للنصارى على مثال ما كان اليهود يفعلون فليس ببعيد. 2 - إن ذكرى المسيح والحواريين لا يدل على نصرانية من يصرح بهم. فإن القرآن يصرح بهم وبكثير من أنبياء اليهود أفيقال أن المصحف هو للنصارى أو لليهود؟ وأن كثيرين من شعراء المسلمين ذكروا أئمة النصارى وأسماءهم وأسرارهم وكل ما يتعلق بهم، ولم يخطر على بالهم أن يكونوا من أتباع عيسى بن مريم أفيقال أنهم أظهروا الإسلام وأبطنوا النصرانية لغاية في صدورهم لم يبوحوا بها؟ كل هذه خرافات وترهات يتسلى بها أو يلهج بها من هو على شاكلة الأب المرحوم الذي رأى العنب بعيدا عنه قال: يا ما أحمضه! 3 - لم يكن جميع غسان على النصرانية بل الذين هجروا ديارهم ونزلوا ربوع الشام. ودليلنا على ذلك ما قاله ياقوت في معجمه فقد ذكر في مادة مناة ما هذا إعادة نصه: (هذا أسم صنم في جهة البحر مما يلي قديدا بالمشلل على سبعة أميال من المدينة، وكانت الأزد وغسان يهللون له ويحجون إليه وكان أول من نصبه عمرو بن لحي الخزاعي. . .) اهـ وقال اليعقوبي في تاريخه (1: 297): (وكانت تلبية غسان (عند وقوفها أمام صنمها): لبيك رب غسان راجلها والفرسان. اهـ. وقال في ص 298 من الجزء المذكور: تهود قوم من غسان. وقال في ص 299: وتنصر. . . غسان). وهذه الشواهد تدل على أن الوثنية واليهودية والنصرانية كانت في غسان والقول أنها كانت نصرانية لا غير من الخطأ والخطل ومن باب إفساد أخبار العرب وتاريخهم. وهناك غير هذه الشواهد من ذلك أن سطيح بن ذئب كان غسانيا وكان كاهنا وكان على دين دهماء العرب كما روى هذه الحقيقة الاخباريون جميعهم - وقال

الطبري في تاريخه (1: 1706 من طبعة الإفرنج) وكان الحرث بن أبي شمر الغساني نذر (سيفين كانا له) لبيت الصنم يقال لأحدهما رسوب والآخر مخذم) أفيعد هذا النص من يشك في وثنية بعض غسان أو يجرؤ أن يقول أن غسان كلها كانت نصارى؟ وكنا قد بعثنا بهذه الأدلة وبغيرها إلى الأب شيخو فلم ينشر منها شيئا لأنها كانت قاطعة لكل زعم قذفت به الأغراض - لعنها الله؛ لكنها غيرت شيئا من فكرته فقال: (ولعل فصل الخطاب في هذا ما يقال من أن السموأل كان من إحدى تلك الشيع الجامعة بين عادات اليهود وعقائد النصرانية التي عبرت الأردن وقت حصار الروم لأورشليم فسكنت في بلاد العرب؟ قلنا: أظهر مؤرخو الكنيسة واخباريوها أن هذه الفرقة اضمحلت منذ القرن الثالث للميلاد ولم يبق لها سوى الاسم. فرأي الأب قائل هنا كما زاغ في سائر ما اخترعته مخيلته ولهذا لا نعتبر ذلك ظلا لدليل فضلا عن دليل. ومن الحسن أن يضرب بهذه الحجج كلها عرض الحائط لأنها لا تقوم على قائمة. 4 - نسب السموأل يثبت يهوديته غاية هذه المقالة أن نثبت للقراء حقيقة ديانة السموأل وأنها كانت اليهودية وليست النصرانية وهذا ما يؤخذ من أسماء أجداده. وقد اختلف النسابون في نسبه. فقيل السموأل بن غريض بن عادياء بن حباء الكاهن اليهودي. وقيل: السموأل حيان بن عادياء. وقيل: السموأل بن أوفى بن عادياء بن رفاعة بن جفنة (التاج في مادة سمل). وقيل: السموأل بن عادياء بن حيان بن رفاعة أبن الحرث. . . إلى غير هذه الروايات باختلاف قليل. وأول كل شيء نقوله هو: أن السموأل لم يرد اسما لنصراني بل اسم ليهودي. أما النصارى فسموا أولادهم سمويل والمحدثون يقولون خطأ صموئيل. وغريض بالغين المعجم وبالعين المهملة خطأ صريح من قبيل التصحيف هو نفس حنان. فحنان بالعبرية وغريض بالعربية وهو معنى حنان. وتلفظ بنونين الواحدة مشددة واقعة بين الحاء والألف والثانية في الآخر. وحنان اسم محبوب

عند اليهود وكرهوه كل الكراهية عند المسيحيين لأنه يذكرنا اسم الكاهن الأكبر الذي أخذ إليه المسيح عند محاكمته أول مرة وقبل أن يحاكم بين يدي الآخرين. ولهذا لم يتسم به أحد من المسيحيين وبقي خاصا باليهود نكاية للنصارى. ومن هذا التحقيق ترى أن حبان بالباء الموحدة التحتية المشددة خطأ وكذلك حيان بالياء المثناة المشددة. ولم نقف على يهود تسموا بحبان ولا بحيان بل حنان بنونين. وكذا قل عند حبا بالباء الموحدة المشددة أو حيا بالياء المثناة المشددة فكلاهما تصحيف حنا بالنون المشددة وهو من أسماء اليهود أولا ومن أسماء النصارى ثانيا. وسبب هذه التصحيفات أن الألفاظ العبرية غير معروفة عند العرب سلفنا ولهذا أنسوا بما عرفوه فنقلوه إلى ما كانوا قد اتخذوه من الأعلام المعروفة عندهم. وعادياء أصله بالعبرية (عدايا) فوقع القلب فيه كما وقع في أغلب الأعلام الغريبة. وعدايا معروف عند اليهود فقد ورد مثله في سفر زكريا من التوراة (1: 1: 7). جئنا الآن إلى أوفى. فقولهم أبن أوفى هو كقولهم أبن الوفاء إلا أنهم استعملوه بصيغة افعل لما اشتهر به من الوفاء. إذن قولك أبن أوفى كقولك صاحب الوفاء. ورفاعة ليست إلا ترجمة العبرية (ارم أو أرام) وهو كثير الورود في التوراة بل معروف إلى عهدنا هذا. بقي علينا أن نعرف من جفنة. فجفنة كلمة عربية يقابلها في العبرية (كرمي) ومعنى جفنة، ذو الجفنة أي الكرام، وكرمي من أسماء اليهود أيضا وقد ورد مثل هذا العلم اسما لواحد من أبناء روبن (سفر الخلق 4: 6) والخروج (6: 14) واسم رجل آخر ذكر في سفر يشوع (7: 1). 5 - النتيجة والختام النتيجة من هذا البسط الموجز أن السموأل لم يكن نصرانيا أبدا بل هو يهودي عريق في اليهودية ويشهد على صحة هذا الرأي الرصين: 1 - شهادات الإخباريين والرواة والشعراء والمؤرخين 2 - ما نقله إلينا الأقدمون من شعر السموأل بله ما نقله المزورون العصريون

الذين وضعوا أبياتا على لسان صاحب الأبلق ونسبوها إليه زورا وبهتنا. 3 - نسب الشاعر وصريح الأعلام الخاصة باليهود دون النصارى. وهذه هي صورة أعلام نسبه بالألفاظ العبرية: سمويل أو شمويل (أو كما يقول اليهود العصريون: شميل وزان قبيط ولا يجوز أن يقال صموئيل بهذا المعنى) بن حنان (ويجوز تخفيف اللفظة فيقال حنا، لكن لا حبان ولا حيان ولا حباء ولا حياء كما جاءت مصحفة في بعض كتب الأخبار) بن عدايا (ويجوز عاديا أو عادياء على القلب المكاني) بن إرم (كعنب) أو أرام (كسحاب) لكن لا آرام بمد الهمزة كما جاءت في بعض النسخ التوراة المترجمة الحديثة النقل أما في القديمة فقد جاءت ارم أو أرام. ومنه ارم ذات العماد) بن كرمي. هذا الذي يتبين لنا من خلال الألفاظ المعربة أو المنقولة إلينا بالمعنى لا بالمبنى. ومثل هذا النقل، نقل الأعلام بالمعنى كثير في لغتنا. مثال ذلك: قاسم فإنه أشهر من أن يذكر وقديم الورود في تاريخ العرب وأخبارهم وأنسابهم فهو تعريب فالج أو فالغ (على لغة) باللغة العبرية. ويزيد وهو تعريب يوسف منذ أقدم العهد - وفي الأغاني 1: 13 من الطبعة الجديدة: أن الناحر تعريب ناحور والشارع تعريب شاروع والرامح تعريب أرغو والرافد تعريب أرفخشذ وملكان تعريب لامك والمنوف تعريب المتوشلخ (كذا. أي متوشلخ) والرائد تعريب يارد. إلى آخر ما هناك من الأعلام وهي كثيرة لا تحصى. ومن الغريب أن المستشرفين الذين كتبوا في موضوع السموأل بعد الأب شيخو زادوا تأكيدا لمسألة يهوديته مثل الأديب والمستشرق الفرنسي كليمان هوار في كتابه تاريخ الآداب العربية ص 10 ومعلمة الإسلام في مادة السموأل 4: 138) إلى آخرين عديدين: وهذا كاف لادحاض مختلفات الأب شيخو رحمه الله وغفر له مساوئه! (تنبيه) إن التاريخ القائم على حقائق راهنة قديمة لا تفسده التزويرات والتلفيقات. وإن جازت برهة على قوم، لا تبطئ أن يظهر ما فيها من الوضع والكذب. فيعود الحق إلى نصابه على أحسن وجه.

علاج بدو العراق للزهري

علاج بدو العراق للزهري جوب جيني (بجيمين فارسيتين مثلثتين) لفظة مركبة من كلمتين فارسيتين الأولى (جوب) أي خشب، والثانية (جيني) أي صيني ومحصل معناهما الخشب الصيني والكلمة يستعملها العراقيون ليدلوا بها على النبات المعروف باللاتينية وبلسان العلم وهي من الفصيلة العشبية والذي يستعمل من هذه النبتة هو جذرها وهو يتقوم من عدة طبقات سمر اللون إلى الاصفرار طعمها حار ومر قليلا ورائحتها خاصة بها لا تشبه رائحة شيء آخر. ويغلي منها قدر تسعين غراما على نار هادئة مع لتر ونصف لتر ماء ويغلى إلى أن تصبح كمية الماء قدر نصف لتر فحينئذ ترفع وتصفى وتؤخذ في أثناء اليوم الواحد. ويستعملها البدو كلهم على هذه الطريقة ولا يتخذونها للزهري فقط بل لكل الأمراض الجلدية كالأكزيما والقوباء والجرب بل للحبل أيضا ولجميع الأمراض النسوية وذلك أن المرأة إذا رأت أنها منحرفة المزاج عمدت إلى الجوب جيني وهذا العقار كثيرا ما ينتج نتائج حسنة في أعراض الزهري الجلدية فلذلك يعتقد كل البدو صحة شفائها فيشترونها بأسعار باهظة ويخزنونها في بيوتهم ولهذا قل من لم يفهم كلمة (جوب جيني). لكنها ليست بكافية لاستئصال داء الزهري الذي يزداد انتشاره يوما فيوما في ديار العراق ومع ذلك تراهم لا يستعملون علاجا سواها فيا للأسف من هذا الصنيع. وفي المنطقة التي قضيت فيها مدة من الزمن أرجح أن سبعين في المائة من الأهالي مصابون بهذا الدواء ويسمونه (أبو الخصيان) إذا أصاب مذاكير الإنسان ولأنهم لاحظوا أن المتزوج المصاب به لا يعيش له أولاد وإذا ظهر في الحنجرة أو البلعوم سموه (اللواث) وهم يعتبرونه مرضا خفيفا للغاية ولابد لكل إنسان من الوقوع فيه. ويعتقدون أيضا أنه يخول الجسم مناعة دائمة

وإن الإنسان لا يصاب به إلا مرة واحدة في حياته ولذلك تراهم لا يخافونه ويتمنون لأطفالهم أن يصابوا به اعتقادا منهم أنه يكون أخف وطأة عند الصغار ويقال عن اعتقادهم أيضا (أن الذي لا يصاب به في هذه الدنيا يلاقيه في الآخرة) وأظن أن هذا القول مبالغ فيه. والذي تحققته بذاتي أنهم لا يتجنبون عدواه والتعرض للوقوع فيه. ومن المعلوم أن هذا الداء وراثي ومكتسب أعني أنه ينتقل إلى الولد بالوراثة وينتقل أيضا إلى الغير بالعدوى وذلك بإتباع العادات السيئة التي تساعد انتقاله من شخص إلى آخر وأنت تعلم أن البدو يكرمون الضيف كل الإكرام ويطعمونه أولا ثم يأكلون بعده لكنهم يأكلون ما تبقى من الأكل الذي أكل منه الضيف ويتمششون العظام إذا كان هناك عظام ومن الماعون نفسه الذي أكل منه وبعده يشربون القهوة مع ضيوفهم في فنجان واحد وأحيانا في فنجانين فقط فكيف يتاح للبدوي المسكين المحيط به عدد عظيم من هؤلاء المصابين بالزهري أن يتجنب هذا الداء فضلا عن أنه يجهل ضرر هذه العادات فإذن لابد من الوقوع في الشرك. فإذا استمرت هذه الحالة على هذا المنوال لا يمضي كثير من الوقت إلا يعم هذا الداء البدو جميعهم. وهو منتشر أيضا بالصورة المذكورة في حضر العراق فهو منه أعم في المدن الكبيرة من البلدان الصغيرة ولا سيما العاصمة فانتشاره بين الشبيبة دليل واضح على توسيع نطاق سريانه. وهذا الداء من أهم المصائب التي تهدد المجتمع لأنه يفتك فتكا ذريعا في كل أعضاء الجسم فيدخل إلى الدماغ ويسبب جميع الأمراض العصبية والعقلية على اختلاف أنواعها وإلى العينين فيذهب بالبصر وإلى الأذنين فيعتريهما الطرش والصمم وإلى الحنجرة فيذهب بالصوت وإلى الخصيتين فيغدو الرجل عقيما وإلى الكليتين أو الكبد أو الرئتين فيحدث فيها أعراض تشبه داء السل في تطوراته وعلى كل حال هو أفظع الأمراض وأخطرها على أعضاء الألفة الاجتماعية ولاسيما أن إصابته الشبيبة أكثر من غيرها. والطامة الكبرى هي انتشاره بين البدو والحضر على قياس واحد من باب

أصل كلمة إبليس

التقريب بعكس سائر الأمراض فالسل الرئوي مثلا إذا كان متفشيا في المدن فهو قليل الوقوع في الأعراب لكن الزهري يزداد نموا في القومين الحضر والبدو على حد سواء. والمصاب الجسيم هو أن هؤلاء البدو لا يستعملون علاجا لهذا الداء إلا العشبة أو (الجوب جيني) ون المعلوم أن خاصية هذا النبات إدرار البول والعرق وأن تأثيره على جرثومة الزهري خفيف جدا لأنه يلطف أعراضه أحيانا لكنه لا يستأصل شأفته البتة ولذلك ينتشر الزهري الوراثي انتشارا هائلا في العراق أضعاف انتشاره في باقي البلدان ومعدله المئوي يزداد يوما فيوما فعسى أن تأخذ حكومتنا الوسائل الفعالة لمنع سريانه بين السكان وإلا فالخسائر لا تقدر. بغداد: الدكتور حبيب صادر أصل كلمة إبليس ورد في تاج العروس ما هذا نصه: (إبلس الرجل من رحمة الله يئس وفي حجته انقطع. وقيل إبلس إذا دهش وتحير. قال أبن عرفة. ومنه اشتقاق إبليس لعنه الله لأنه يئس من رحمة الله وندم. وكان اسمه من قبل (عزازيل) أو هو أعجمي، معرفة ولذا لم يصرف. قاله أبو اسحق. قلت (أي السيد مرتضى) ولذا قيل: لا يصح أن يشتق إبليس وإن وافق معنى إبلس لفظا ومعنى. وقد تبع المصنف (أي الفيروز أبادي) الجوهري في اشتقاقه فغلطوه. فلينتبه لذلك) انتهى كلام الشارح. قلنا: ويذهب المستشرقون إلى أنه معرب ذيابلس اليونانية. ونحن لا نوافقهم على رأيهم لأن الفرق بين ذيابلس وإبليس ظاهر لا يخفى على بصير والذي نراه معرب وهو من أسماء الشيطان عندهم ومعناه الكابس والهاجم والذي يسبب الكابوس في النوم على زعم الأقدمين من الإغريق وكل ما جاء في معلمة الإسلام وفي محيط المحيط فغير صحيح.

تاريخ بغداد

تاريخ بغداد النسخ المحفوظة بالمتحفة البريطانية من تاريخ بغداد للخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي رقم 23319 نسخة مكتوبة بأيدي كتاب مختلفة ولكن في الورقة الأخيرة ما نصه: فرغ من نسخه وسماعه مظفر بن يونس بن أبي نصر بن أبي عون البزاز رحمه الله يوم الأربعاء عشرة (كذا) شهر رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. وفي الوجه الأول من الصحيفة الأولى تنبيه على أن النسخة الكاملة مشتملة على 28 جزءا. وهذا التأريخ الجليل ثمانية وعشرون جزءا. وهذه تجزئة تظهر أيضا في النسخة نفسها وفي أولها وصف بغداد وقد نشر هذا الفصل العلامة في باريس. وفي 22 نجد حديثا في اشتقاق اسم بغداد وهو: (باب تعريب اسم بغداد: أخبرنا محمد بن علي الوراق وأحمد بن علي المحتسب قالا أنا محمد بن جعفر الكوفي الغوي (يعني اللغوي) أنا الحسين بن محمد السكوني نا محمد بن خلف حدثني محمد بن أبي علي عن محمد بن السري عن ابن الكلبي قال: إنما سميت بغداذ بالفرس لأنه أهدي لكسرى خصي من المشرق فأقطعه بغداذ وكان لهم صنم يعبدونه بالمشرق يقال له بغ فقال: (بغ داذ) يقول أعطاني الصنم. والفقهاء يكرهون هذا الاسم من أجل هذا). (بغ في اللغة القديمة البهلوية يجيء حقيقة بمعنى الله ويرى في كثير من نقود الساسانية ملوك الفرس).

يبتدئ الجزء الثاني ص 20 والثالث ص 38 والرابع ص 48 وفي الرابع وصف المدائن وذكر من وردها من الصحابة. وكل الجزء الرابع والخامس بخط أحدث من سائر النسخة وليس في النسخة فرق بين الجزئين. وأول الجزء السادس ص 82 ويبتدئ بذكر من اسمه محمد وابتداء اسم أبيه حرف الألف وأما ترتيب التراجم فليست على ترتيب حروف الهجاء بل مرتبة في كل حرف على تواريخ الوفيات. وقدم الواحد على الآخر بالنظر إلى سبق الواحد صاحبه الآخر في موته حتى بلغ إلى زمان المؤلف وكل ما بقي من النسخة يشتمل على تراجم المحمدين وآخر ترجمة في هذا المجلد ترجمة محمد بن الحسين بن سعيد الهمداني. ويظهر من صورة السماع في آخر الجزء الثامن أن بعض النسخة أقدم من سائرها وإن كانت هذه الصورة صعبة القراءة ودونك نصها (تم الجزء. . . بقراءة محمود بن الفضل بن محمود الأصبهاني في ربيع الأول سنة ست وثمانين وأربع مائة) وفي آخر الجزء التاسع صورة سماع أخرى قال فيها: (وذلك بالرباط الأرجواني في يوم الثلاثاء الثاني والعشرين من ربيع الآخر سنة ثمان وعشرين وخمسمائة وفي آخر الجزء العاشر تاريخ نصه كما تقدم في التاسع. والجزء الحادي عشر بخط قديم مختلف صعب القراءة جدا. وخط الجزء الثاني عشر يختلف كثيرا عن خطوط سائر الأجزاء ولكن في آخره صورة سماع مؤرخة في سنة 528 كما في الجزء التاسع والعاشر. ويجيء خط آخر في الجزء الثالث عشر وصورة السماع فيه مؤرخة سنة 528 وفي الجزء الرابع عشر صورة سماع في أوله مؤرخة أيضا سنة 588 وليس في هذا الجزء بالخط القديم إلا صحيفتان إحداهما في أوله والثانية هي الصحيفة الأخيرة وسائر الجزء حديث الكتابة. ويظهر مما قلت أن الأجزاء كتبت بأيدي عدة كتاب مع محاولة صاحبها أن يجعلها نسخة كاملة في أسرع وقت. ولما كان في أول الكتاب أن النسخة كاملة في 28 جزءا يكون هذا المجلد نصف النسخة الكاملة. والمجلد يحتوي على 261 ورقة.

رقم 23320 مجلد في 286 ورقة وهو النصف الثاني من النسخة السابقة ولهذا السبب نجد فيه الجزء الخامس عشر إلى الجزء الثامن والعشرين لتكمل النسخة وفيها أجزاء بخط قديم، وما سقط منها فهو بخط حديث العهد. وأول ترجمة في الجزء الخامس عشر ترجمة محمد بن الحسين بن محمد بن حاتم. . . المعروف أبوه بعبيد العجل. وفي آخر هذا الجزء خمس صور من صور السماع مؤرخة في 507 و525 و556 بجامع دمشق وسنة 588 بجامع دمشق وسنة 592 بدار السنة بمدينة دمشق وفي آخر الجزء السادس عشر عدة صور للسماع ليس للأولى تاريخ أما الثانية فمؤرخة في سنة 518 وواحدة بغير تاريخ بقراءة العلامة المشهور أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي وكلها سمعت في دمشق إلا الأخيرة فأنها سمعت في سنة 602 بدار الحديث المظفرية بمحروسة أربل فيظهر أن النسخة نقلت من دمشق إلى أربل بعد سنة 588 وقبل سنة 602. والجزء السابع عشر بخط صعب القراءة يشبه خط أبي الفرج ابن الجوزي كما رأيته في كتاب قديم بخطه وفي آخر هذا الجزء عدة صور سماع أولاها في سنة 507 والأجزاء من ال 18 إلى 25 كلها بخط حديث ما عدا ورقات يسيرة ولا فرق بين الأجزاء وقد وقع التصحيف والتحريف في هذه الأجزاء. وفي آخر الجزء السادس والعشرين وهو بخط قديم صورة سماع في سنة 528 وليس في المجلد فرق بين الجزءين ال 27 وال 28 وإن كانت بخط قديم وربما سقط منها شيء كما سقط آخر الجزء الأخير والترجمة الأخيرة ترجمة محمد بن مسكين ابن نميلة اليمامي وليست بكاملة. ألا ترى أنه لم يكمل تاريخ الخطيب بهذين المجلدين حيث لم يفرغ ممن اسمه محمد. رقم 23321 هذه النسخة حديثة العهد من أول الكتاب إلى ترجمة محمد بن إسحاق بن محمد بن فدوية وهذه الترجمة ترى في الورقة 99 من النسخة الأولى التي تقدم ذكرها. وأخاف أن الكاتب اختصر الكتاب. رقم 1507 هذه النسخة تشتمل على ما في النسخة المتقدمة إلا أنها بخط في غاية الحسن

تشبه خطوط كتاب المماليك في مصر في القرن الثامن للهجرة ولعل هذه النسخة هي أصل النسخة التي سبقت الإشارة إليها وليس في هتين النسختين تفريق الأجزاء. رقم 7780 مجلد في 376 ورقة يشتمل على أربع نبذ بخط قديم صحيح وما ينقص منه قد كتب بخط حديث العهد. وأول ترجمة هي ترجمة عبد العزيز بن حسن بن أحمد بن علي بن بشار أبي الحسن العلاف الشاعر وآخرها ترجمة عفيف بن سالم أبي عمرو الموصلي مولى بجيلة وكتب في آخر النسخة: ويليه في الجزء السابع عتاب بن زياد: ويظهر من هذا أن هذا الجلد هو المجلد السادس على ترتيب مختلف في النسخ السابقة وفي هذا المجلد تراجم العباد وكل من اسمه عيسى وعمر وعثمان وعلي والعباس وعمرو وعامر والعلاء وعاصم وعمار وعكرمة. وعمران وعفان وعائش وعبادة وعنبسة وعصمة وعصام وعوف وعون وعطاء وعلقمة وعقيل وعرفة وعقيصاء وعدي وعافية وعنبر وعفيف. وترى أن الترتيب ليس ترتيبا مطردا على حروف الهجاء ولولا خوف الإطالة لكتبت فهرسة التراجم كلها. وقد وجدت في مكتب دار حكومة الهند نسخة قديمة سقيمة فيها تراجم من اسمه عمر وعثمان وعلي وفيها أكثر من مائة ترجمة ولكن نسخة المتحفة البريطانية أكمل. رقم 7941 هذه نسخة عجيبة أكثرها بالخط المغربي كتبت على ما أظن ببلاد الأندلس وقد أتم أحدهم ما سقط من الورقات بخط مشرقي وفي آخرها ما نصه: (كمل السفر الرابع عشر من تاريخ مدينة السلام وبكماله كمل الكتاب كله والحمد لله على ذلك وكان الفراغ منه أجمع في شهر جمادى الأولى سنة خمس وعشرين وستمائة) وأول ترجمة هي ترجمة الليث بن سعد ثم تليها تراجم أخرى تبتدئ بحرف اللام فالميم فالنون فالواو فالهاء فالياء وبعدها كل من يعرف بالكنية مع عدد يسير من النساء ولا أشك في أن هذا المجلد هو الجلد الثالث عشر والرابع عشر. بكهنام (إنكلترة): فريتس كرنكو

الجري والجريث

الجري والجريث 1 - ما هو الجري وما هو الجريث الجري سمك طويل أملس لا فلس له كثير اللزوجة والسهوكة جدا لا يأكله اليهود كما أن أكله محرم عند الشيعة الإمامية. والجريث نوع من السمك أيضا يشبه الحيات ولا فلس له وأكله محرم أيضا عند الشيعة الإمامية. 2 - ضبط الجري الجريث الجري وزان ذمي أي بكسر الجيم المعجمة والراء المهملة المشددة؛ هكذا ضبطه اللغويون وقد وهم السيد علي أكبر بن محمد جعفر الطباطبائي اليزدي في كتابه نخبة اللغات حيث قال في مادة ج ر ر: الجري كمكي. والجريث وزان سكيت كضبط الجري إلا أنه مختوم بالثاء المثلثة. 3 - الجري وأسماؤه الجري: السلور (وزان سنور) والصلور (وزان سنور أيضا) وبالفرنسية وفي تحفة المؤمنين (ص 138) ما تعريبه: أن السلور معرب (سلورس) اليونانية. وقال صاحب تحفة المؤمنين ما ترجمته (ص 67): أن في تنكابن (من مدن إيران) يقال للجري: أسبلي وفي مازندران (من مدن إيران أيضا): كليس. 4 - الجريث وأسماؤه الجريث: المارماهي، المارماهيج، الحنقليس، الانقليس، الانكليس

المرمريج، سمكة الحيات، حية السمك، وبالفرنسية وبالإنكليزية 5 - وهم صاحب القاموس قال الفيروز آبادي في القاموس في مادة ص ل ر: الصلور كسنور الجري فارسيه المارماهي. اهـ. قلنا أن الصلور (الجريث) سمك غير المارماهي إذ هو الظاهر من كلام أئمة آل البيت وهم فصحاء العرب فأنهم ذكروا الاثنين في أقوالهم بصورة التغاير: عن الإمام جعفر الصادق الجري والمارماهي والطافي والزمير حرام وفي ما كتبه الإمام علي الرضا إلى المأمون العباسي: يحرم الجري والسمك الطافي والمارماهي الخ، وعن محمد بن مسلم قال أقرأني أبو جعفر (يعني به الإمام محمد الباقر) شيئا من كتاب علي فإذا فيه أنهاكم عن الجري والزمير والمارماهي الخ، إلى غير ذلك من الأحاديث. 6 - اختلاف العلماء في الجري والجريث اختلف العلماء في أن الجري والجريث أهما واحدا أم لا وذلك على قولين: 1 - إنهما واحد وإليه ذهب الدميري في حياة الحيوان والطريحي في مجمع البحرين والشهيد الثاني العاملي في شرح اللمعة الدمشقية. 2 - إن الجري غير الجريث وإليه ذهب بعض اللغويين. والذي نراه نحن هو القول الثاني وبرهاننا أن الجريث هو المارماهي كما عليه أكثر أئمة اللغة فليراجع وقد برهنا في القسم الخامس من هذا المقال على أن الجري غير المارماهي فإذا ثبت أن الجري هو المارماهي وكان المارماهي غير الجريث ثبت أن الجريث غير الجري. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (لغة العرب) كنا قد نشرنا في (المشرق) و (دار السلام) و (المباحث) من المجلات المعروفة مقالات أثبتنا فيها أن الجري هو السلور والجريث هو الأنقليس أو المار ما هي المعروف في بغداد بالمرمريج وما يخالف ما أثبتناه بالأدلة القاطعة هو من الآراء الفائلة.

فوائد لغوية

فوائد لغوية أوهام المنجد 1 - في المنجد (الذكر: مصدر. الصيت. الثناء. الشرف.) أقول: لم يذكر جمعه لأنه شاذ والشاذ يجب ذكره فجمع الذكر (المذاكر، الحديدي 1: 16) كالمقابح جمع (قبح) والمحاسن جمع (حسن) فكأنهم حملوا هذه على (مذكرة ومقبحة ومحسنة) أو مقبح ومحسن على ما قال اللغويون والحمل عندهم مألوف. 2 - ومن غريب عمله أنه لا ينبه على نوع عجمة اللفظة في بعض الأحيان فد قال في مادة ت ن ك: التنك صفائح من حديد رقيقة تطلى بالقصدير وصانعه تنكجي اهـ ولم يقل كلتاهما تركية حديثة الوضع. 3 - جعل جمع (كم) بالكسر (أكمة) بكسر الكاف وتشديد الميم مفتوحة أقول: جاء في كامل المبرد في أول الجزء الثالث منه بالمطبعة الأزهرية (فمن قال (كمام) فجمعه (أكمة) مثل صمام واصمة وزمام وأزمة ومن قال (كم) فالجمع (أكمام) قال الله تعالى: والنخل ذات الأكمام) فكان الأصح أن يقال: كم تجمع على كمام وجمع الجمع أكمة أو على أكمام وجمع الجمع أكاميم فرواية المنجد رواية اللغويين غير المحققين. 4 - فيه عن الفعل الثلاثي (ينقل إلى استفعل (1) للطلب. . . (2) لوجدان المفعول على صفة. . . (3) للتحول. . . (4) للتكلف. . . (5) للمطاوعة. . . (6) وقد يكون استفعل بمعنى (فعل) المجرد) أقول: لم يذكر أن استفعل يأتي (للحينونة) مثل (استرم الحائط: حان له أن يرم) ولم لم يستخدم منجده وفيه (استرم البناء: حان له أن يرم ويصلح) وفيه (استحصد الزرع: حان حصاده)؟ واسترفع الخوان. . حان أن يرفع) فلا خير في منجد لم ينجد صاحبه ولا طالبه. 5 - وقال المؤلف (رجا الشيء: أمل به) وهذا خطأ وصوابه (أمله) ففي المنجد (أمله: رجاه) فالدليل على خطاه في كتابه.

6 - وقال في ص (م) ما يأتي (كأنهم يعتبرون الإضافي كالمزجي) فمعنى (يعتبرون) هنا (يعدون أو يحسبون) وفي المنجد (اعتبر الشيء: اختبره ونظر فيه. واعتبر منه: تعجب، واعتبر به: اتعظ، واعتبر الرجل: أعتد به وأكرمه) فلم لم يذكر (اعتبره أي عده وحسبه)؟ أفيستعين قارئ المنجد على المنجد بغيره؟ وهو المسمى منجدا. 7 - وذكر في ص (ب): ينقل المجرد الثلاثي إلى وزن (فعل) لمعان (4) السلب نحو (قشرت العود أي نزعت قشره) فأقول أن الفعل كان للسلب وهو ثلاثي فكيف يقال أنه حول للسلب؟ فقد قيل (قشر العود) من الثلاثي فتحويله إلى (قشر) الرباعي للمبالغة وفي المنجد (قشره قشرا وقشره: كشط جلده أو قشره) فأين تحويله للسلب؟ 8 - وقال في ص (و) ما يأتي (بإبدال حرف المضارعة ميما) مع أن في المنجد (بدل وأبدل الشيء منه) ولم يقل (إياه) وهذا نقصان ظاهر فيه فالعصر هذا يستوجب ذكر هذا الاستعمال وهو كثير. 9 - وقال (العلاوة من كل شيء: ما زاد عليه) فأقول لننظر في مادة (زاد) فلعلنا نعرف ما معنى (زاد عليه). ولكن ماذا نجد؟ نجد (زاد. . . نما وزاد الشيء أنماه) فمن أراد أن يفهم معنى (زاد عليه) فليستنجد غير المنجد العاجز. 10 - وجاء فيه (راوح بين العملين: اشتغل بهذا مرة وبهذا أخرى وراوح بين رجليه: قام على كل عنهما مرة) فأقول الصواب (قام على كل منهما مرة) بوضع (منهما) مكان (عنهما) ومن المستغرب أنه لم يذكر راوحه) بمعنى جاءه رواحا مع اشتهارها، جاء في الكامل المبرد 3: 198 (وأقام الخوارج يغادون عتاب بن ورقاء القتال ويراوحونه) أي يأتونه رواحا مقاتلين. 11 - وقال (الران: حذاء كالخف) ولم يذكر جمعه والذي ورد في الكامل (رانات) فقد قال في الجزء الثالث ص 183 منه والحديدي 1: 385 (أتخذ لأصحابه الخفاتين والرانات) ولو كان القراء قد علموا أن هذا قياسي ما أخذناه ولكنه لم يذكر قياسه في القواعد الصرفية في صدر كتابه. 12 - وجاء فيه في الكلام عن حتى (وتدخل المضارع منصوبا بأن المصدرية المقدرة فتفيد الغاية نحو (سرت حتى أدخل المدينة. أي إلى أن أدخلها) فأقول

هذا غلط فاحش لأن الفعل الذي يلي (حتى) يجب أن يوافق الفعل الذي قبلها فما معنى (سرت إلى أن أدخل المدينة) وليس فيه إلا السماجة والغلط. فالصواب (سرت حتى دخلت المدينة) وبذلك يبطل قوله بوجوب دخول (حتى) على المضارع عند قصد الغاية. والصواب أيضا (أسير حتى أدخل المدينة). ثم قال عنها (أو العلة نحو ترهبت لأتوب) وقد نسي أنه يتكلم عن (حتى) فجاء بلام العلة والتعليل. فالصواب (ترهبت حتى أتوب). 13 - وجاء (الطوق: القوة من الخيط ونحوه والحزمة أو الشعبة من شعر أو ريحان وغيرها) والصواب (من شعر أو ريحان أو غيرهما (لأن الواو لا تستعمل للإباحة ولأن الضمير يعود إلى الشعر والريحان. 14 - وقال (المتمنيات: المرغوبات) قلت لو جاء الفعل (رغب) متعديا في المنجد بنفسه لعذرنا صاحبه فكيف يقول (مرغوبات) ولم يأت بذلك الفعل متعديا؟ فالفصيح (المرغوب فيها) أو (المؤملات) أو (المأمولات). 15 - وجاء تحت عنوان تنبيهات (فإذا كانت مجردة أطلبها في باب. . .) وهذا خطأ ظاهر والصواب (فاطلبها) لأن جملة جواب الشرط طلبية فيجب دخول الفاء على أولها. وقد كرر هذا الخطأ فقال في السطر الثاني (وإن كانت مزيدة أوفيها. . . جردها) والصواب (فجردها) لأن جواب الشرط جملة طلبية أيضا. 16 - وقال في المقدمة (ومن الموفق إلى كل سداد نطلب عفوا) والفصيح (ومن الموفق لكل سداد) ألم ينظر في كتابه (وفقه الله للخير) فالله موفق للخير لا إلى الخير. ولم نعلم سببا لمخالفته ما في كتابه سوى قلة الإطلاع التي لا يسلم منها إلا القليل. 17 - قال في ص ب ينقل المجرد الثلاثي إلى وزن (فعل) لمعان: 1 - التعدية نحو فضلته. . .) فأقول لم لم يفتح عينيه فيقرأ في كتابه في مادة (ف ض ل) ما يأتي (فضله: غلبه في الفضل) ليرى أن (فضل) الثلاثي المجرد متعد بنفسه ولم ينقل إلى (فعل) المضعف العين من أجل التعدية بل من أجل معان أخر. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة ملحق بمفعول مجموعا على مفاعيل ذكرت في هذه المجلة (7: 768 وما يليها) ما حضرني من الألفاظ الواردة على مفعول مجموعة على مفاعيل وأبلغتها إلى 66 حرفا ثم زاد عليها صاحب المجلة 19 حرفا آخر فبلغت 85 كلمة وقد فاتني ذكر لفظين آخرين هما: ط: مطابيع جمع مطبوع. استعملها الصفدي في ترجمة عبد الله بن أبي مالك القيسي الصقلي قال: أحد رجال اللغة والعربية المطابيع في أجناس القريض (بغية الوعاة للسيوطي) و: مواصيل جمع موصول. وردت في تحفة الظرفاء في مناقب الملوك والخلفاء قال ثم أبطل السلطان ما كان يعمل أيضا بقلعة الجبل (بمصر) من الزفة والمغاني والمواصيل والخليلية عند غروب الشمس (خزانة الفاتيكان 727 ص 15) والكلمة فارسية الأصل وهي في هذه اللغة ماسور أو ماسوره فقيل فيها ماشور وماشورة، ماصور وماصورة، ماصول وماصولة. وجاءت في ترجمة تيمورلنك الموسومة بكتاب عجائب المقدور في أخبار تيمور لابن عربشاه. وفي كتاب ألف ليلة وليلة وقد ذكر مفردها بصورة موصول في عدة تصانيف من جملتها ألف ليلة وليلة طبعة برسلو 2: 47 و4: 156 و166 وفي أسفار عديدة لجماعة من المؤلفين لا حاجة لنا إلى تعدادها. والعراقيون يريدون اليوم بالماصول أو الماصولة ما يسمى عند الإفرنج باسم فليحفظ. (لغة العرب) ونحن أيضا فاتنا ذكر بعض ألفاظ كنا قد عثرنا عليها ولم تحضرنا في المرة الأولى. من ذلك: ب: المبسوط من الأقتاب ضد المفروق وهو الذي يفرق بين الحنوين حتى يكون

بينهما قريب من ذراع والجمع مباسيط كما يجمع المفروق على مفاريق (التاج واللسان). ر: مرجوحة ومراجيح. (اللغويون في رجح). ف: مفروق ومفاريق. (راجع المبسوط). ق: بلد مقحوط وبلاد مقاحيط (المصباح في قحط). ك: مكشوفة. قال في حلبة الكميت ص 218 وقد جمع مكشوفة على مكاشيف: وريحان يميس على غصون ... يطيب بشمه شرب الكؤوس كسودان لبسن ثياب خضر ... وقد وقفوا مكاشيف الرؤوس ل: ملقوط وملاقيط قال في محيط المحيط وعنه دوزي وأقرب الموارد: الملقوط الولد الذي ينبذ والجمع ملاقيط. و: المواسيم الإبل الموسومة (التاج في وسم). فصار المجموع 94 كلمة من فصيحة ومولدة وعامية ولا جرم أن المنسي منها أكثر من المذكور. حبيب الزيات 1 - نقد ورد في أعمال جمع التكسير استدل (حبيب الزيات) الأستاذ النحرير في لغة العرب (7: 774) على منع أعمال الجمع المكسر بقول مجلة (الضياء) ثم خفف من وطأة استدلاله بأن بعض الجموع المكسرة لا يمتنع انسلاخها من الحدوث وفاقا لقول مجلة الضياء وأني لا أرى رأي هذه المجلة ولا أوافق الأستاذ حبيبا عليه لأن استشهاد المجلة لقولها (هؤلاء قضاة البلد وقد حكموا على فلان قاضين عليه بكذا) لا يوجب امتناع إعمال الجمع المكسر كما أن الجمع السالم لا يطرد عمله إلا عند زوال الإضافة فابتزازنا إياه الحدوث ممكن إذ نقول (هؤلاء قاضو البلد). أما دليلنا على إعمال الجمع المكسر فقول الإمام علي عليه السلام: (قوم حيارى عن الحق لا يبصرونه موزعين بالجور والظلم لا يعدلون به جفاة عن الكتاب نكب عن الدين) فقد فقال: (حيارى عن الحق) بدلا من (حائرين عنه) جمع حائر وقال: (جفاة عن الكتاب) عوضا عن (جافين عنه) و (نكب

عن الدين) مكان (ناكبين عنه) وقول السيد الحميري: برسم دار ما بها مؤنس ... إلا صلال في الثرى وقع وقد استجاز (وقعا) بدلا من واقعات) أو (واقعة) وعملهما واحد. وقول أبي الطيب المتنبي: حتى رجعت وأقلامي قوائل لي: ... المجد للسيف ليس المجد للقلم وتراه قد وضع (قوائل) عاملا بدلا من (قائلات) وأدخل لام التقوية على المعمول أي ياء المتكلم. وقول الشاعر: يفر الفتى مر الليالي سليمة ... وهن به عما قليل عواثر أي عاثرات، وقول (نصر بن مزاحم) المؤرخ القديم الشهير: (ومن الشعر الذي لا يشك أن قائله علي عليه السلام لكثرة الرواة له) فقد وضع (الرواة) موضع (الراوين) وأعمله، وقول (لبيد بن ربيعة) في جمهرة أشعار العرب ص 139 من طبعة الاتحاد المصري: زجلا كأن نعاج توضح فوقها ... وظباء وجرة عطفا آرامها وقد أعمل (عطفا) جمع عاطفة، قال أبو زبد القرشي (عطفا: أي ثانية أجيادها إلى أمهاتها ملتفتة إليها). وقول (طرفة بن العبد) في ض 171 منه: وقوفا بها صحبي علي مطيهم ... يقولون لا تهلك أسى وتجلد وأراد ب (وقوفا) واقفين، والوقوف جمع (واقف)، فسلخ الحدوث إذن معنوي لا لفظي على ما أراد الأستاذ الفاضل. 2 - لفة الجراوية ورد في لغة العرب (7: 796) على لفة الجراوية التي كتب عنها السيد عبد الرزاق الحسني (نظن أن هذه الحكاية ملفقة كل التلفيق لشرح هذه الكلمة وأن هناك غير هذا التأويل) وأني أعد ظنكم هذا من قولهم (ظن الشيء يظنه بمعنى علمه واستيقنه) لأن هذه اللفة منسوبة إلى رجل اسمه (جرو) بفتح فتشديد مفتوح) توفي في بغداد قبل (34) أو (35) سنة وكان على ما يقال

(خميرا شريرا زعرورا) وقد ابتدع هذه اللفة فنسبت إليه بزيادة ألف متابعة للقاعدة العامية غالبا إذ يقال (بصراوي) و (مصلاوي) للمنسوب إلى البصرة والموصل. 3 - ردنا لنقد الطريحي رد علي (عبد المولى) الأديب في لغة العرب (7: 804 و805) لترجيحي اسمية (إذ ما) على حرفيتها فقد قال في ص 804 علي (وقد اشتبه عليه - إذ - الاسمية باذ ما الحرفية) ثم قال في ص 805 (ولا يمكن أن يرجح أحد القولين على الآخر. . .) وقال في 804 (أما لو ضمت إليها - ما - خرجت (كذا) عن الاسمية إلى الحرفية لأن معناها تغير وهيئتها تبدلت وانقلبت حيث أن (كذا) معناها كان قبل دخول - ما - للماضي وبعدها صار للمستقبل فدل على أن ذلك المعنى الأول قد سلب منها (كذا). . .) فالقارئ يرى التناقض كالح الوجه يسوء الناظرين فطورا يرجح وتارة يمنع أما تعليله المذكور فهو ما جاء في قطر الندى ص 17 من طبعة مصطفى البابي بمصر ففيها (فأما - إذ ما فاختلف فيها سيبويه وغيره فقال: سيبويه أنها حرف بمنزلة - أن - الشرطية فإذا قلت إذما تقم أقم، فمعناه: أن تقم أقم وقال المبرد وابن السراج والفارسي أنها ظرف زمان وأن المعنى في المثال: متى تقم أقم واحتجوا بأنها قبل دخول - ما - كانت اسما والأصل عدم التغيير) وأجيب بأن التغيير قد تحقق قطعا بدليل أنها كانت للماضي فصارت للمستقبل فدل على أنها نزع منها ذلك المعنى البتة) فقال أبن هشام (وفي هذا الجواب نظر لا يحتمله هذا المختصر) وفي هذه الصفحة علق السجاعي (قيل وجهه - أي النظر الذي أشار إليه ابن هشام - أنه: لا يلزم من تغير الكلمة من أحد الزمانين إلى الآخر إلى خروجها عن معناها بالكلية، بدليل أن الفعل الماضي موضوع للزمن الماضي وإذا دخل عليه - إن - صار للمستقبل نحو: إن قام. . . ولا يخرج بذلك عن كونه فعلا ماضيا وأن المضارع موضوع للحال والاستقبال وإذا دخل عليه - لم - صار للزمان الماضي ولا يخرج

بذلك عن كونه فعلا مضارعا) اهـ. فتعليل العلماء الذي شد فوق ظهره الطريحي قد اختلى قوائمه ما علقه السجاعي فالدليل مقعد إذن. ويضحكنا بعد هذا قول الطريحي عنا (وقد نظر الأديب ب (حيث وكيف وأين) نقول أن ما دخلت عليهن ولكن معناهن بقي مثلما كان قبل دخولها عليهن) فنقول للطريحي أن (كيف وأين) أولاهما للاستفهام قبل دخول (ما) والأخرى له ولغيره فأضرب لهما مثلا متصلتين بما مستعملتين للشرط والاستفهام معا حتى تبرهن على أن معناهما راهن لا متغير، وأنى لك ذلك يا أيها الصديق، أما نقلك عنا (ولم تصيرهن حروفا) فلا نرتضيه لأن فيه استعمال جمع الكثرة مكان جمع القلة بلا داع ولا اضطرار فالصواب: (ولم تصيرهن أحرفا) وأعلم أن باب الاجتهاد مفتوح ما دام العقل عقلا والإنسان إنسانا والنقاد نقادا. مصطفى جواد تلاميذ جامعة بيروت يمسخون العربية وقفت في مجلة الكشاف التي تصدر في بيروت على مقالة في فلسفة التصوف كتبها أحد تلاميذ جامعة بيروت الأميركية فإذا الكاتب ينقل كل مباحثه عن الإنكليز وينسبها إليه حتى أنه لم يتمكن من معرفة بعض الأعلام الجنسية ولا ما كان من عناوين الكتب فإنه ذكر في ص 406 من السنة 3 مذهب المعرفة والمشهور عند كتاب العرب (الأدرية) وذكر (صورة منسوخة عن الله) أو (عين يرى بها الله خلقه) وهو يريد وهو العويلم أو العالم الصغير عند سلفنا. وسمى الكتاب المشهور بالمثنوي (المسنفي) (ص 407) نقلا عن الإنكليزية وهو تأليف فارسي مشهور للملا جلال الدين محمد بن محمد البلخي ثم القونوي. فإلى متى نرى أناس يتبجحون بما ليس عندهم ولا يرعوون؟ ب. م. م (لغة العرب) لا غرو من ذلك فأن من أساتذتهم جبر ضومط ومن شاكله فهم كلهم على هذا الأسلوب من المسخ والفسخ والنسخ.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة مصطلحات الأمير شكيب أرسلان (تتمة) وفي ص 155 ونقلها إلى العربية بقوله رهبان الفداء والصواب: رهبان الرحمة. وفي ص 161 وترجمها بالعريف. مع أن العريف هو السيد والقيم والنقيب الذي هو دون الرئيس. أما الكلمة الفرنسية فتفيد الذي هو في أدنى درجات الشرف في عهد الأفدان ولم تعرف هذه الدرجة عند السلف. وأحسن لفظة تقابلها عندنا العراعر. وذلك لأن العراعر على وزن فعاعل وأغلب هذا الوزن منحوت من مكرر الجزء الأول من الكلمة. فالعراعر هو الشريف والسيد، لكن هذه السيادة قريبة من العراء أي الفضاء والجناب والساحة فكأن شرفه أدنى الشرف حتى كأنه يداني الأرض. وهو مع ذلك منحوت من مكرر العروة الذي معناه الأسد وهو سيد الحيوانات وأشرفها. وفي ص 170 نقل قولهم إلى كيس وبزيع ولو قال أديب وزول أو أديب وظريف لكان كلامه أقرب إلى المألوف مما ينطق به. وفي ص 181 نقل قولهم إلى صنعة الاستبسال. ونحن نرى في هذه الترجمة ركاكة أو تقصيرا في تأدية معنى اللفظ الإفرنجي، وعندنا لو قال صنعة الاستقتال أو الاستماتة لأدى المعنى أحسن تأدية. ونقل قولهم ص 190 إلى لغتنا بقوله صنبور. ونحن نرى في ذلك بعدا وتكلفا. فالصنبور في لغتنا القصبة التي تكون في الاداوة يشرب منها وقد تكون من حديد ورصاص وصنبور الحوض مثعيه. إلى معان أخرى لا توافق الكلمة الإفرنجية ولو من بعيد. والكلمة الفرنسية تعني أنبوبا أكثر ما يكون من طين مشوي وفي طرفه الواحد توضع نار وطرفه الآخر يوضع في الفم ليدخن به وهذا ما عرفه المولدون

من السلف باسم غليون أو قليون وهو الحجر في اصطلاح المصريين وقد ذكر اللفظين بهذا المعنى صاحب محيط المحيط في (ح ج ر) وفي (غ ل ي) وأهل المغرب يسمونه بالسبسي وزان هندي. والعراقيون يسمونه السبيل وفي بعض المدن السورية يسمونه الشبك (كعنق) وهو من التركية جبوق. فلا نرى بعد هذا حاجة إلى وضع كلمة جديدة. والعرب ما كانوا يعرفون الدخان (التتن) ولا أدواته. وسمى الفرس التي تسير الرهو أي بالضابرة ص 196 والمرهاة أو المرهى هي المعروفة عند العرب وأما الضابرة فمشتقة من ضبر الفرس إذا عدا وفي المحكم: جمع قوائمه ووثب وكذلك المقيد في عدوه (اللسان) فالمرهى أو المرهاة أوفى بالمعنى. وفي ص 196 العنفص وأنا لا أرى حاجة إلى استعمال الحوشي من اللفظ حينما يمكن الاستغناء عنه والمشهور في هذا المعنى المتغطرسة أو المتعجرفة. وفي ص 202 عرب بقوله لثلث وأحسن منها لهذا المعنى تعتع يقال في الكلام والقراءة. أما لثلث فليس كذلك. يقال: لثلث كلامه: لم يبينه (اللسان). وقال في معنى موت زؤام ص 204 وأحسن منه: موت شنيع وهو ما يعرفه الكل وأما الموت الزؤام فهو الموت الكريه أو المجهز أي السريع وبين هذه المعاني الثلاثة فرق ظاهر عند اللغويين. وقال في معنى دغل (ص 204) والمشهور: دس أما الدغل فمعناه الدخول دخول المريب وليس هو المطلوب هنا وعرب بقوله جندي قائد عشرة (ص 247) وهو تعريب طويل عريض ممل والمشهور العريف في هذا المعنى. وعرب بقوله نحلان صغير ص 259 وبخشيش معربة مشهورة. وفي لغتنا الفصحى: الجعل (كقفل) والجعالة (مثل سحابة) وعندنا أيضا الحلوان والوصل والصلة (راجع التاج في المستدرك عن الحرفين الأخيرين وكذلك لسان العرب) وفي ص 264 الشمقمق بازاء والإفرنج يريدون بكلمتهم الطويل مع قبح وهذا اسمه في لغتنا الطرعب كما ذكره ابن سيده في مخصصه (2: 69). وقال عن حشيشة دم المسيح في ص 279 شجر تضفر من زهره الأكاليل التي توضع على نعش الموتى، ثم. . . والحال أن هذه النبتة هي حشيشة لا (شجر)

ولا شجرة. وقال عن ص 279 هو البروق وفسر البروق بقوله: شجر يقال أنه إذا غامت السماء اخضر. قلنا: الكلمة الفرنسية تعني بالعربية البرواق (بألف بعد الواو) لا البروق. ويقال لها الخنثى، وهي ليست من الشجر في شيء إنما هي نبتة من فصيلة السوسن. أما البروق (وزان رونق) فهي بالفرنسية وبلسان علماء النبات أي لحية المشتري. وهي نبتة ضعيفة ريا لها خطرة دقاق في رؤوسها قماعيل صغار مثل الحمص فيها حب أسود ولا يرعاها شيء ولا توكل وحدها لأنها تورث التهبج وهي بقلة سوء تنبت في أول البقل (اللسان) وقال في ص 289: ولكنه اصطلاح عدملي لطيف وجعل بازاء عدملي الكلمة الفرنسية قلنا: الكلمة الفرنسية يقابلها في العربية: اصطلاح مهجور أو ممات. نعم أن الكلمة تعني ما أشار إليه من جهة الوضع. أما من جهة الاصطلاح فلا تفيد إلا ما قلناه. وما على الكاتب إلا أن يراجع أول معجم تصل إليه يده ليتحقق ما نقوله. وفي ص 293 جعل بازاء الإفرنجية العربية ملاء (بكسر الأول) وقال عن معناها (جمع مليء وهو الغني المتمول) فإذا كان هذا معناها فالإفرنجية لا تعني هذا. فلفظة (بورجوا) تدل على أناس هم بين الأشراف والشعب، فقد يكونون أغنياء وملاء وقد لا يكونون، كما أن الشريف أو النبيل قد يكون غنيا كما قد يكون فقيرا وهكذا قل عن أبناء الشعب. والذي نراه أن معنى (بورجوا) اللهازم. قال في التاج اللهازم أوساط القوم. والواحد لهزمة كما أن السوقة قد تدل على المفرد كما قد تدل على الجمع وهكذا قل عن الرعية. وفي ص 295: السيدة قيمة المنزل وفي هذا المعنى استعمل العرب القهرمانة والكذبانونة وكلاهما فارسي. وكان البغداديون يستعملون قبل نحو 30 سنة القهرمانة. وهي معروفة بهذا المعنى إلى عهدنا هذا في بعض البيوت. أما الأوضاع التي ينظر فيها، فالآتية: الماج وهو بالفرنسية وهي وإن كانت صحيحة وفصيحة فأننا نفضل عليها المرول (كمبرد) وهي بمعناها إلا أنها أسلس لفظا، ولأن الرؤال معروف بمعنى اللعاب عند العراقيين وغيرهم

قال في اللسان: المرول: الرجل الكثير الرؤال وهو اللعاب (في رأل) وفي ص 113 استعمل الناموس بمعنى صاحب السر فإن كان يريد بهذا المعنى ما يسمى عند الإفرنج بالسكرتير فليس صحيحا، لأن معنى صاحب السر هو وأما السكرتير فهو الكتوم وفي ص 119 ذكر السبروتة بمعنى الخادم وحسنا فعل، وهذا ما كنا قد بلغنا إليه في تحقيقنا فقد كتبنا في معجمنا: امرأة سبروتة وسبريتة: فقيرة محتاجة مسكينة ويقابلها وهي عندهم التابعة في تمثيل الأضاحيك (جمع أضحوكة وهي رواية تمثيل يكثر فيها الضحك أي كوميدية). والكلمة من أصل أندلسي أي (عند الغروب)، لأن تلك المسكينة الفقيرة كانت تستحي أن تكدي في النهار لئلا تعرف فتستجدي عند الغروب. وقد يدفعها العوز إلى أن تكون وسيطة للعاشقين فتنقل كتب بعضهم إلى بعض طلبا للمعيشة. وذكر المطوحة ص 136 والكلمة التي دوناها بهذا المعنى هي الطائحة وتجمع على طوائح وهي أفصح من تلك. قال في اللسان في طوح: المطاوح: المقاذف. وطوحته الطوائح: قذفته القواذف (ولا يقال المطوحات) وهو من النوادر. اهـ. وقال في ص 162 أطروحة ثم زاد على ذلك قوله: (أطروحة وضعها الشيخ عبد القادر المغربي) والصحيح نحن الذين سبقنا الغير إلى وضعها وحضرة صديقنا المغربي أخذها عنا وذكر مجلس الشيوخ أو مجلس الأعيان باسمه الإفرنجي أي السناة لكنه كتبها بالتاء المبسوطة أي سنات ونحن لا نوافقه على هذه الكتابة إذ ليس في العربية اسم مفرد على هذا الوزن وتاؤه زائدة يكتب بالتاء المبسوطة فالسلف كتبوا الحياة والزكاة والصلاة وكلها بالهاء، اللهم إلا إذا كانت اللفظة مجموعة أو كانت التاء أصلية فذلك أمر آخر مثل بنات جمع بنت ونحو ممات مصدر ميمي من مات. وسناة كلمة أعجمية تكتب كتابة الألفاظ العربية وكنا قد ذكرنا في مجلة المجمع العلمي العربي البليت وزان سكيت (راجع 3: 175) ومثلها الشير (كجيد) والمشاور (كمقاول) بمعنى الشيخ من شيوخ ذلك المجلس وسمينا المجلس نفسه مبلتا (راجع 5: 474). وفي 165 سمى دار

الآداب. والدار توافق يقولون أي دار تهذيب اسم حديث الوضع ولهذا خيرنا عليه المتقن (كمصحف) وهو اسم مكان من أتقن الشيء لأن في مثل تلك المواطن تتقن العلوم التي وضعت لأجلها أو أسست لها. وسمى (ص 177) ديوان العلماء ونحن سميناه المعهد بدون أن يذكر معه شيء. وفي ص 197 سمى خلعا والخلع في العربية القديد المشوي. وقيل: القديد يشوى واللحم يطبخ ويجعل في وعاء بإهالته وقيل يؤخذ من العظام ويطبخ ويبزر ثم يجعل في القرف وهو وعاء من جلد، يتزود به في الأسفار (اللسان) وهو يقارب ما يسميه الإفرنج وأما وهو عندهم أمعاء خنزير تحشى لحم خنزير فأقرب لفظ عربي إليه هو العصيب. قال في اللسان: العصيب من أمعاء الشاء ما لوي منها. . . والعصيب: الرئة تعصب بالأمعاء فتشوى. . . والجمع أعصبة وعصب (ككتب) فهنا ذكر الأمعاء وهناك القرف وهو وعاء من جلد. وذكر الرداح في ص 185 بمعنى ومثلها البضاض. قلنا: الرداح لا تصلح للفظ الإفرنجي بخلاف الثانية. وقال: في ص 222 الوثيرة وعندنا أن الكلمة الإفرنجية عربية الأصل وهي الحلس والحلس (أي كعلم وسبب). قال في اللسان: الحلس والحلس مثل شبه وشبه، ومثل ومثل، كل شيء ولي ظهر البعير والدابة تحت الرجل والقتب والسرج وهي بمنزلة المرشحة تكون تحت اللبد. وقيل: هو كساء رقيق يكون تحت البرذعة والجمع أحلاس وحلوس اهـ وقد ذهب لترى اللغوي الفرنسي مذهب دياز إلى أنها من اللاتينية المولدة أو مع أنهما اتفقا على أن لا وجود لهاتين اللفظتين في اللغة المذكورة. واللفظة الإفرنجية تؤدى مؤدى اللفظة العربية في أحد معنييها والكلمة الإفرنجية تعني أيضا ما يغطى به الأثاث النفيس دفعا للوسخ عنه وبهذا المعنى قال السلف الميثرة (وزان مكنسة) قال المجد: الميثرة: الثوب الذي تجلل به الثياب فيعلوها. وأما الوثيرة التي ذكرها حضرة الكاتب الجليل فلا تفيد معنى من معنييها. ومن الغريب أن الإفرنج نقلوا لفظتنا العربية بصورتين مختلفتين إحداهما والثانية وقالوا في تعريف هذه: ثوب بين الطول

(بتشديد بين) يتخذ لوقاية فراش المريض من الدم والمدة والبول وسائر الأوساخ وقالوا في أصلها أنها مشتقة من أي للراحة. فنحتت من هذه الألفاظ الثلاثة أي من حرف الجر وأداة التعريف والاسم المؤنث، لأنه بهذا الثوب يكون المريض مستريحا. وكل ذلك من الغرابة في مكان قريب. ووضع بازاء الإفرنجية كلمة عسبر (ص 264) ولا نرى سببا لهذه الغرابة، فلو قال نمرا أما كان أحسن؟. والمعتمل (ص 274) هو بازاء من جهة الاشتقاق، لكننا نفضل عليها المختبر لأنها اشتهرت وإن كانت مادة الاشتقاق تختلف في اللغتين، إلا أن المعنى يؤيد الاستعمال لأنه محل تختبر فيه أمور شتى. وفي ص 277 ذكر القنابر (جمع قنبرة) لما يسميه الإفرنج أي القنابل وهي لغة في الأولى، لكن المحدثين أو المعاصرين خصصوا ما كان آخره بالطويئر وما كان آخره لاما بالكرة التي تحشى بها المدافع وتلقى على العدو، وهو عمل حسن ونحن نوافقهم عليه ولا نستحسن عمل الأمير وإن كانت اللفظة المنتهية بالراء هي الفصحى. وذكر في صفحة 278 الغرفة المحردة بمعنى ولو قال المسنمة لكانت أشهر وألطف على السمع. وقال في ص 259: (الطن بالعربي حزمة القصب، والعلاوة بين العدلين، وعند الأوربيين الطن مقدار ألف كيلو غرام) اهـ. والذي نراه أن لا صلة نسب بين الإفرنجية والعربية إذ معنياهما مختلفان. والذي ذكرناه في معجمنا الخطي العربي الفرنسي الفرنسية (وهي تكاد تكون واحدة في جميع لغات أوربة من جهة السمع) من أصل عربي أو سامي هو للدن أي الحب يوضع فيه الشراب. يدل على هذا الأصل الشرقي استعمال الإفرنج كلمتهم في أول أمرهم لدن الخمر، وقد أورد لترى نصا يرتقي إلى المائة الثالثة عشرة تأييدا لهذا الرأي وصاحبه بومانوار وكان موسوع هذا الدن ألف كيلو غرام في الغالب ثم جعل لهذا القدر لا أقل ولا أزيد. وقد قال لترى في أصل هذه الكلمة أن دياز اللغوي الألماني يظن أن اللفظة من أصل غريب وهي موجودة في اللفظة القلطية أيضا، ثم زاد لترى على ما تقدم: يحتمل كون جميع هذه اللغات (في اللفظة الواحدة) ليست إلا تصحيف اللاتينية وهي

المركن أو الطشت. قلنا: وأنت ترى في كل هذه الأقوال المتضاربة أن الأصل هو الدن وهو أقرب إلى الحقيقة ومع وضوح هذا نرى أن تبقى كلمة (الطن) للألف كيلو غراما وأن تبقى لفظة (الدن) للحب أو الخابية الكبيرة، تمييزا لكلمة عن كلمة ومعنى عن معنى. هذا ما بدا لنا ولعل وهمنا أكثر من صوابنا، وعلمه فوق كل ذي علم. أصل كلمة استانبول س - بغداد - أحد الباحثين: ما أصل كلمة استانبول، وما علاقتها ب (اسلامبول)؟ ج - قبل أن نجيب على السؤال علينا أن نعلم أن اليونانيين المولدين أي الروم البوزنطيين كانوا يكتفون بتسمية دار ملكهم بالمدينة وباليونانية بولس في حالة الرفع، وبولن في حالة النصب، وكذلك كان يفعل الرومان في تسمية رومة بقولهم المدينة أي اربس وكان العرب يسمون يثرب (المدينة) وهكذا يفعل أصحاب اللغات الأخرى في أسماء مدنهم الرئيسية فإذا علمت هذا عرفت أن استانبول منحوتة من قولهم أي (إلى المدينة) لأن الترك كانوا يسمعون الروم يقولون: إننا ذاهبون (إلى المدينة) فظن الترك أن اسم القسطنطينية عند الروم (استنبولن أو استن بولن) ثم حذفوا علامة النصب وهي النون فصارت استنبول أو استانبول. ولنا شاهد على ذلك الكلام المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف ص 135 وما يليها إذ يقول (. . . غير أن الروم يسمونها (أي يسمون القسطنطينية) إلى وقتنا هذا المؤرخ به كتابنا: (بولن) ولا يدعونها القسطنطينية.) اهـ كلام المسعودي. ولما علم الترك بعد حين أن (بول) (أي بولس) تعني المدينة سموها: (اسلامبول) أي مدينة الإسلام، لأنها أصبحت دار سلطان المسلمين الكبرى. ومنها يصدر الحكم إلى سائر المدن الإسلامية. وفي استانبول عدة لغات ذكر منها صاحب تاج العروس في مادة (ق س ط) اسطنبول وإسلام بول واصطنبول أما سائر الإخباريين فأنهم ذكروا أيضا استنبول واسطانبول واصطانبول وهناك من صحفها بصور شنيعة فلا حاجة إلى ذكرها فاجتزأنا بما اشتهر منها.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 125 - جمهورية أفلاطون هدية المقتطف السنوية عن سنة 1929، نقلها إلى العربية عن الترجمات الإنكليزية في 288 ص حنا خباز. جمهورية أفلاطون سفر سياسي البحث. وضعه أفلاطون الحكيم في نحو سنة 392 ق م. وهو يحوي اثني عشر بابا أو كتابا بصور محاورات والشخص المهم فيه سقراط. والغاية من وضعه إصلاح المملكة والفرد معا. ذلك الفرد الذي تتقوم منه المدينة، وذلك على مبدأ واحد هو مبدأ العدل. وهو يتخيل مدينة وحيدة يحيط بها أرض متسعة بعض الاتساع والمدينة كالفرد يجب أن تتغذى وتدافع عن نفسها وتحكم على نفسها بنفسها إذن يجب على العقل والشجاعة ولا سيما السليقة السفلى نفسها أن تتضافر على الخير العام وأفلاطون يقول بالرق ويقسم أبناء الوطن ثلاثة أقسام تقابل أقسام النفس الثلاثة: طبقة العملة والصناع والزراع والتجار. وطبقة الجند والحراس الموكلين بالمحافظة على المدينة. وطبقة الحكام الموكلين بإدارتها، والرجال والنساء سواء في تلقي التهذيب. فهم ملزمون القيام بواجباتهم على حد سواء ويمكنهم أن يصلوا إلى مناصب واحدة. وإذ كان من الواجب إفناء الأثرة (الأنانية) في الناس وكذلك روح الأسرة، ذهب أفلاطون إلى إقامة المشاركة في النساء والأولاد والأموال. فيظهر من هذه الفذلكة أو هذا الإجمال في القول أن (جمهورية أفلاطون) سفر جمع بين الزين والشين وبين الدر والبعر. لأنك ترى فيه أسمى النظريات الغريبة وأسخف الآراء المنحطة. وقد ضحك من هذا التصنيف الفيلسوف اليوناني أرسطفانس

الشهير في كتابه (مجلس النساء) وعد كثيرا من أقواله هراء لا آراء صائبة. وإذا كان هناك من أعجب برأي أفلاطون، فإنما أعجب بما فيه وفي سائر تآليفه من الآراء الحسنة. وأما سائر ما نطق به فليس من الطبقة المذكورة. هذه من جهة السفر في حد نفسه وأما من جهة نقله إلى لغتنا فالظاهر أن ذلك وقع أول مرة لأننا لم نقع على من عربه ولا من ذكر نتفا منه في تأليفه ولهذا خدم المقتطف أبناء لغتنا خدمة جليلة بإهدائه لهم هذه التحفة. أما من جهة صحة العبارة، فكنا نتوقع أن تكون أحسن مما هي عليه وأول ما فتحنا هذه الترجمة وقع نظرنا على ص 3 فقرأنا فيها ما نقله: (قال سقراط: انحدرت البارحة إلى بيرايوس صحبة غلوكون، بن أريسطون لتقديم العبادة للآلاهة مع الرغبة في مشاهدة حفلات العيد، وكيفية إقامتها وقد اعتزموا على ممارستها للمرة الأولى فسرني موكب مواطني الأثينيين، على أن مواكب الثراكيين لم يكن دونه بهاء. وبعد الانتهاء من مراسم العبادة. . . قفلنا راجعين إلى أثينا. فرآنا بوليمارخس. . . فأرسل غلامه يستوقفنا ريثما يصل هو. فأمسك الغلام بأطراف ردائي من وراء قائلا: سيدي بوليمارخس يرجوكما انتظاره قليلا. فالتفت وسألته: أين هو؟ قال: هاهو قادم. . . فنلاحظ أن المترجم نقل إلى البارحة وهذا من كلام العوام وكان الأصح أن يقول أمس. أما البارحة فهي وقوله: صحبة غلوكون. من كلام المولدين وقد أشار إليه الحريري في ص 224 من طبعة دساسي 849 والأحسن أن يقال غلوقن. وقال غلوكون وقد خالف المترجم مصطلح العرب في موطنين من هذه الكلمة الأول أنهم قالوا غلوقن بالقاف أو اغلوقن بالألف في الأول والثاني أنه جعل حرفين ممدودين في العلم الواحد واليونانيون والرومانيون لا يعرفون ذلك إذ يخالف مزايا لغاتهم. والعرب المترجمون قد أدركوا هذه الحقيقة فلم يجمعوا في كلمة واحدة مدين معا. ولهذا قالوا غلوقن بحذف الواو الثانية قبل النون لأن ذلك يفسد اللفظة. راجع كتاب الحكماء لابن القفطي فأنه قال اغلوقن أو غلوقن (ص 9 و125 من

طبعة الإفرنج). وهكذا يجب أن تحذف الياء من أريسطون فيقال: أرسطون كما قالوا أرسطو أو أرسطوطاليس. وليس بين المعربين المحدثين من يعرف هذه القاعدة أي اجتناب مدين في الكلمة الواحدة. إذ لا يكون المد الحقيقي إلا واحدا في الغربية وفي اللغات الغربية وهو من خصائص الوقوف على قواعد النبرة وأحكام النطق بها. وقال: لتقديم العبادة للآلاهة. وهو نقل ضعيف يشف من ورائه اللفظ الغربي والتركيب الأعجمي والأحسن أن يقال: لإكرام الآلاهة أو لتأدية العبادة للآلاهة - وقال: (وقد اعتزموا على ممارستها للمرة الأولى) قلنا: إذا كان الأمر للمرة الأولى لم يكن محل للقول: (ممارستها). بل للقيام بها أول مرة. وقال: الثراكيين والسلف قالوا: الثراقيين (صفة جزيرة العرب للهمداني ص 43 س 9) بالتاء المثناة، والقاف. وقال المراسم. ونحن لم نجد من جمع المرسوم على مراسيم بل على مراسيم اللهم إلا في محيط المحيط ثم أن المراسم أو المراسيم لم تأت بمعنى الرسوم التي هي المطلوبة هنا دون غيرها. - وقال: بوليمارخس والأصوب بليمرخس ليكون مد واحد في الكلمة. وقال: يرجوكما والرجاء هنا التوقع فيكون الصواب يرجو منكما وقال: هاهو قادم، والمعروف عند الفصحاء: هاهو ذا قادم على ما صرح به النحاة واللغويون. وقال في الحاشية عن غلوقن واذيمنتس (ويجب أن تعجم الذال ولا تهمل كما فعل المعرب): غلوكون وادمينتس أخوا أفلاطون أولاهما (كذا) خالد الشهرة. ولم نفهم سر تأنيث أولاهما: ونظن أنه أراد أولهما. وقال في الحاشية شرحا لقول أفلاطون. لتقديم العبادة للآلاهة للمرة الأولى. أنها (بنديس آلهة التراكيين والأرجح أنها أرطاميس) قلنا: وهكذا عربت توراة البروتستان واليسوعيين كلمة أرطميس والصواب حذف الألف التي قبل الميم وأصوب منها حرثميس وهي المعبودة (الحارثة المميتة) التي كانت معروفة عند الآشوريين والكلمة اليونانية منحوتة من الكلمتين الساميتين المذكورتين ومن

الآشوريين أخذ عبادتها أهل آسية الصغرى فاليونانيون وهذه المعبودة تعرف عند الرومان باسم (ديانة) وصحة لفظ ديانة بتشديد الياء وزان جبانة ومعناها القاضية (في لغتنا) أو الحاكمة من فعل دان يدين وديانة المعبودة تعرف بهذه الصفة. على أن جميع هذه الملحوظات لا تحرم القارئ بعض فائدة هذا السفر لأن المقصود من الكتاب تأدية المعنى الذي أراده المؤلف والحال أن المعنى ظاهر من تلاحم الجمل. إلا أننا كنا نود أن تكون العبارة ناصعة الديباجة خالية من الركاكة وأن تكون من مألوف أساليب العرب ومناحيهم لأن الترجمة موضوعة لهم دون غيرهم. فنتوقع أن تصلح هذه الهنوات في الطبعة الثانية التي تكون في القريب العاجل لأننا نظن أن الأدباء يتطلبونه من جميع الديار الناطقة بالضاد لما في بعض فصوله من الفوائد الجزيلة التي لا ترى في سفر سواه. 126 - التعقيم لتحسين البشر (بالإنكليزية) تأليف أ. س. غصني وبولس بوبنوى ساعد المجلس الأعلى في البلاد المتحدة قبل بضع سنوات شرعية التعقيم في غاية التهجين (تحسين النسل) منعا للمعايب المنتقلة بالوراثة، ثم جاء رأي الجمهور فاستحسن شيئا بعد شيء هذا الأمر حتى عد منفعة للناس لا عقوبة ولا مضرة وقد بلغ عدد المعقمين ستة آلاف وذلك في ديار كليفرنية فقط منذ ك 2 (يناير) سنة 1929 ومؤلفا هذا الكتاب البالغة ص 202 بقطع 16 يذكران مزية هذا التعقيم وخصائصه ونتائجه بقدر ما تمكنا من هذه الأمور. والقسم الأول من هذا الكتاب مرصد لاستصواب هذا التعقيم بوجه مختصر والقسم الثاني منه موقوف على بعض اعتبارات ولدها التعقيم ويضح المؤلفان بنوع خاص أن التعقيم لا يتلف عضو الجسم أو غدته بل يظهران أن لا أثر له في رغبة الشق (الجنس من جهة الذكورة والأنوثة) ولا في بنيته ولا في حسه. وعليه أصبح هذا التأليف من أهم ما يشغل أفكار العلماء في هذا العصر والوقوف على فحواه يفيد أهل الحل والعقد وكل من أودع تهذيب الناس بوجه العموم.

127 - ده ستوور ى زمانى كردى جيزمى به كه م (في 114 ص بقطع الثمن الصغير) ته وفيق وه هبى، به غدا - دار الطباعة سنة 1929 هذا كتاب باللغة الكردية ومعنى العنوان (كتاب أصول اللغة الكردية - الجزء الأول - تصنيف العقيد توفيق وهبي بك) آمر المدرسة العسكرية الملكية وقد وضع المؤلف اصطلاحا جديدا في الحروف العربية لتصوير الأصوات الكردية من غير أن يلتجئ القارئ إلى الحركات العربية. وقد بين سر هذا الاصطلاح في الصفحة الثانية من دستوره وذكر كيفية التلفظ بتلك الحروف أو المصطلحات وأشار إلى كل هذا بالكتابة العربية ولم يضع بازائها حروفا إفرنجية لمن يريد أن يعرف حقيقة التلفظ بالمصطلح الجديد فجاء كتابه هذا مبتور الفائدة ويصعب على الباحث الاهتداء إلى اللفظ الذي صوره حضرته ما لم يتلقه من أستاذ عارف إياه كل المعرفة. فعسى أن يضع في الجزء الثاني كيفية التلفظ بالحروف التي اصطلح عليها بحروف إفرنجية لتعمم فائدة الكتاب ولا تنحصر فقط في الطلبة الذين يتعلمون اللغة الكردية. والكتاب يباع في مطبعة جريدة (العالم العربي) بربية وأربع آنات. الأغاني الجزء الثاني (تتمة) 32 - وجاء قول الحطيئة في ص 198 هكذا (وإن كانت النعمى عليهم جزوا بها) وفي الكامل ج 2 ص 145 (وإن كانت النعماء فيهم جزوا بها) ولم ينبهوا على ذلك وكذلك في ص 178 من الأغاني هذا ولم يشيروا إلى الاختلاف. 33 - وأوردوا في ص 212 (ونقل المبرد عن عمارة بن بلال بن جرير) وكذلك ورد الاسم في الفهرست ص 468 مع أنه (عمارة بن عقيل) لا ابن بلال لأن بلالا جده. 34 - وعلقوا في ص 217 (أن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقف عين أبي نيروز والبغيبغة) وذكروا في الفهرست ص 495 (عين أبي نيروز) أما الذي

كنا قد حفظناه فأن العين (عين أبي نيزر) على وزن (فيصل وصيقل) لأننا قرأناه في الكامل ج 3 ص 121 وللتثبت في الحكم راجعنا معجم البلدان ج 3 ص 757 طبع أوربة وهذا بعض ما ألفينا فيه (عين أبي نيزر: كنية رجل يأتي ذكره، ونيزر بفتح النون وياء مثناة من تحت وزاي مفتوحة وراء، هو فيعل) اهـ. 35 - وقالوا في ص 219 (الحفر بالضم وحرك هنا للضرورة) وذلك وهم منهم أشرنا إليه في مضمون الرقم 14 (7: 656). 36 - وجاء في ص 230 (فجال في ظهر ناقته) فعلقوا به (كذا في ا. م. س. بالجيم المعجمة: ولعل معناه أنه جاء وذهب على ظهر ناقته ليطمئن عليها ويستقر، وفي سائر النسخ - فحال بالحاء المهملة ولم يظهر له معنى) قلنا: ليس كونه (جال) بمقبول لأنه لم يركب ناقته قبل هذا الجولان ولأن السياقة تستوجب الركوب بمقتضى الحال فأصل العبارة (فحال في ظهر ناقته وركبت ناقتي) أما أن (حال) لم يظهر له معنى فهو تفريط في التثبت لأن في القاموس (وأحال: أسلم. . . وفي ظهر دابته وثب واستولى كحال) اهـ. فالصواب ما ورد في القاموس وفي سائر النسخ وقال ابن أبي الحديد في شرحه (1: ص 26) ما نصه (ومن رواها. أحال، فهو من قولك: حال في متن فرسه أي وثب). 37 - وقالوا في ص 240 (ولم نوفق إلى مصدر آخر) وفي ص 317 (ولم نوفق إلى تقريبه من صوابه) وفي ص 321 (لم نوفق إلى تعيين ضبط هذا الاسم) والصواب أن يقال (لم نوفق له) أي أن تستبدل اللام ب (إلى) ومن ذلك قوله في الكامل للمبرد (ج 1 ص 3) والتوفيق لما فيه صلاح أمورنا) وفي ص 188 منه (ويقال: أوزعك الله شكره أي وفقك لذلك) وتمنيت لو نظروا إلى قول الحكيم بن عبدل في ص 417 من هذا الجزء من الأغاني: فأعفيتني لما رأيت زمانتي ... ووفقت مني للقضاء المسدد ومن أقوال المولدين قول ابن أبي الحديد في شرحه (3: 222) لتفسير قول للإمام علي (وتبتهلوا إليه أن يعينكم عليها ويوفقكم لها) فتصويبنا مجمع عليه

راجع لغة العرب (5: 297) 38 - وجاء في ص 244 (فما لبث أن انطلق وذهب ما كان به) فعلقوا به (أي مشى بطنه، ولم نجد في كتب اللغة إلا استطلق بطنه وأطلقه الدواء) قلنا: ليس في الحديث ما يدل على أن المنطلق هو بطنه والتحقيق أن (انطلق) و (ذهب) قد تنازعا الفاعل (ما) الموصولة فحصل التنازع، وأضيف إلى ذلك أن ما في بطنه قد خرج لدلالة قول المؤلف قبل هذا (فأتاه بشراب. . . ثم سقاه إياه فقيأه) على ذلك فالتقيأة إذن سابقة لانطلاق المرض. 39 - وفسروا في ص 263 قول ابن ميادة (أعر نزمي مياد للقوافي) بقولهم (أعر نزمي: اشتدي يقال: أعر نزم الشيء إذا اشتد وصلب وهو تفسير معر نزم ألا ترى الأخفش على قدمه وبسط علمه قال في الكامل ج 1 ص 34 (أصل الأعر نزام: التجمع والتقبض، يقول: استعدي وتهيئي) أفترى معاصريه أكثر احتياجا من معاصرينا إلى هذا الإيضاح؟ 40 - وقالوا في 265 (ولم نجد في كتب اللغة التي بين أيدينا (أقعس) متعديا) قلنا: إن كثيرا من اللغويين لا يذكرون المتعدي للثلاثي اللازم لكونه قياسيا. وقد قال: (محمد بن أبي بكر الرازي) في مقدمة مختار الصحاح (وكذا أيضا لم نذكر الفعل المتعدي بالهمزة أو بالتضعيف بعد ذكر لازمه لأن لازمه متى عرف فقد عرف تعديه بالهمزة والتضعيف من قاعدة العربية، ثم أشار إلى ما في مادة الباء من مختار الصحاح ونصه (وكل فعل لا يتعدى فلك أن تعديه بالباء والهمزة والتشديد) اهـ. أوردت ذلك فضلا عن أن (قعس) ورد متعديا بحرف الجر (عن) كما في قول علي عليه السلام لمعاوية بن أبي سفيان (فاقعس عن هذا الأمر وخذ أهبة الحساب). 41 - وقالوا في ص 267 (راجع الحاشية رقم 1 صحيفة 153 جزء أول) فاستعملوا الصحيفة بمعنى الصفحة ونكروا الجزء الأول وهو معرفة والأولى تعريفه. 42 - وجاء في ص 271 لابن ميادة:

فبهر القومي إذ يبيعون مهجتي ... بغانية بهرا لهم بعدها بهرا غير أن المبرد قال في كامله (كما قال ابن مفرغ): تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي ... بجارية بهرا لهم بعدها بهرا وفي أمالي السيد المرتضى 2: 21: لحا الله قومي إذ يبيعون مهجتي ... بجارية بهرا لهم بعدها بهرا وابن مفرغ هو (يزيد الحميري) فاختلفت الروايتان. 43 - كثيرا ما فسروا كلمة بعينها في مواضع متقاربة من دون داع ولا فائدة ولم ننكر إلا اختلاف التفسير ففي ص 278 قالوا (العس: القدح الضخم يروي الثلاثة والأربعة والعدة وفي الحديث أنه (كان يغتسل في عس حزر ثمانية أرطال أو تسعة) وقالوا بعد مضي سبعة أسطر أي في ص 279 (العس: القدح الضخم) فقط فتأمل هذا التباين الغريب والتفسير المكرر المملول. 44 - ورووا في ص 284 قول الشاعر: رمتني وسر الله بيني وبينها ... عشية أحجار الكنائس رميم وحاشى لله أن يكون سره بينهما وإنما هو (ستر الله) وهذه رواية المبرد في كامله ج 1 ص 23: رمتني وستر الله بيني وبينها ... عشية آرام الكنائس رميم وقال الشارح أبو الحسن الأخفش (أنشدنا أبو العباس أحمد بن يحيى البيتين عن عبد الله بن شبيب وروى (عشية أحجار الكنائس رميم) حتى أنه قال (قيل في ستر الله: الإسلام وقيل: أنه الشيب، وقيل: أنه ما حرم الله عليهما). 45 - وقالوا في ص 290 (الشول: النوق. . . واحدتها شائلة وهو جمع على غير قياس) قلنا: أنه على قياس وقد ذكرت قياسيته كثرة وروده فمنه (سائق وسوق وماعز ومعز وشارخ وشرخ وقائل وقيل ويانع وينع وسافر وسفر وتاجر وتجر وحاج وحج وناصر ونصر وصاحب وصحب وراكب وركب وشاهد وشهد وشارب وشرب وزائر وزور وضائن وضأن وطائر وطير ووافد ووفد ونافر ونفر ونائب ونوب وعائذ وعوذ وراجل ورجل وساعر وسعر

وكاظم وكظم) ومالا يستقصى. 46 - وقالوا في ص 300 (ولم نجد في كتب اللغة التي بأيدينا أن (ساهم) يتعدى لمفعولين) قلنا: إن تعديه إلى مفعولين مقيس لأنه لا يقتصر على واحد فهو مثل (راجعه الكلام وغاداه القتال ونازعه المال وقاسمه الغنيمة وراوحه النضال وناصبه العداوة) ولذلك قال أحد الشعراء: ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا ... أفلا فليت بهن ناصية الفلا؟ 47 - وقالوا في ص 308 (يريد أنه سيلقمه بحجر) والصواب تعديته إلى الثاني بنفسه، قال في مختار الصحاح (وألقمه حجرا) وقال الشاعر: لو كل كلب عوى ألقمته حجرا ... لأصبح الصخر مثقال بدينار 48 - وفي ص 312 (ومات سنة 164 هجرية) بالتنكير والصواب (الهجرية) لتكون صفة المعرفة فتكون إضافة (سنة) مفيدة فضلا عن أن هذا التاريخ معرفة لا نكرة لأن مروره جعله علما بالتغليب. 49 - وجاء في ص 317: يظل سحيق المسك يقطر حولها ... إذا الماشطات احتفنه بمداري فعلقوا عليه: (كذا في أغلب النسخ ولم نجد لها معنى مناسبا، وفي ح (احتفته) وهو تحريف قطعا ولم نوفق إلى (كذا) تقريبه من صوابه) ونحن لا نستحب لهم هذا الاستسلام السريع لأنه من (احتففنه) حذفت إحدى الفاءين فصار (احتفنه) كما حذفوا حرفا من (ظللت) فصارت (ظلت). 50 - وجاء في 318 و318 (فإذا شفها ذاك ليس يواري منها شيئا وقد نبا عن ركبها ما وقع عليه من الثوب) فعلقوا به (في ب س كلمة (شيء) وهي زيادة لم يظهر لها معنى) قلنا: أن هذه العبارة مضطربة وحذفهم (شيئا) قد أهوجها لأن قوله (قد نبا عن ركبها ما وقع عليه من الثوب) يوهم أن النبو عارض لا لازم والعرض لا يتمكن منه إلا في هذا العصر فأصل العبارة: (فإذا شفها ذلك ليس يواري منها شيئا وقد نبا عن ركبها ما وقع عليه من الثوب شيء) وقد بانت الاستقامة وزال الإشكال. 51 - وجاء في ص 323 (وارتشن حين أردن أن يرمينني) وفي الكامل

ج 1 ص 35 (ريشن). 52 - وورد في ص 331 (والله لو كنت سمعت ببكر بن وائل قط أو عرفتهم لمدحتك) فعلقوا به (كذا في جميع الأصول والمعروف أن قط تختص بالنفي وقد جاءت بعد المثبت في مواضع. . .) قلنا: إنها جاءت ههنا بعد النفي المعنوي لأن (لو) للشرط الماضي والشرط هذا نفي لجوابه في المعنى وأنها لتأتي بعد الاستفهام أو لم يروا إلى ص 380 من هذا الجزء وفيها (هل رأيت مثل ذلك الإنسان قط) وفي الكامل ج 3 ص 81 لأحد الرجاز: حتى إذا كاد الظلام يختلط ... جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط وفي ص 160 منه (فقلت لصاحبي أرأيت أشجع من هذا قط) فالذي أشاروا إليه ليس بمثبت في المعنى على أننا لا ننكر استعمال قط بعد الإثبات كما قدمنا. وفي أمالي المرتضى ج 1 ص 111 (فقال: أوليت قط؟ قال نعم) وفي 211 منه قال الحجاج: (هل هممت بي قط؟ قال نعم). 53 - وقالوا في ص 395 (يحضرونها شهور القيظ) والراجح هنا استعمال جمع القلة (أشهر) لأن أشهر القيظ لا تتجاوز ذلك. 54 - وفي ص 399 (وقال له: صر بها إلى فلان العطار يملؤها) والصواب (يملأها) بالجزم لأنه جواب الطلب الأمري. 55 - وفي ص 413 للحكم بن عبدل (شتيم أعصل الأنياب ورد) وفي الكامل ج 3 ص 16 شتيم شبابك الأنياب ورد). 56 - وورد في ص 424 قول ابن عبدل أيضا: لا تدن فاك إلى الأمير ونحه ... حتى يداوي نتنه لك أهون فعلقوا على أهون: ولم نجد له في كتب اللغة التي بأيدينا معنى سوى أنه اسم رجل مع أنه اسم تفضيل من (هان) والتقدير (ذلك أهون لك) أو (هو أهون لك) والأصل (عدم الإدناء أهون لك) وهو على غرار قوله تعالى (اعدلوا هو أقرب للتقوى)، المائدة 8 أي العدل.

57 - وفي ص 444 س 13 قالوا (وأعطاها له) وفي ص 470 س 16: (وأعطاها لابن أبي عتيق) ولربما سمع هذا في الشعر اضطرارا على حين أن (أعطى) يتعدى إلى مفعوليه بنفسه وهذه اللام قياسي دخولها ههنا عند المبرد وسماعي عند ابن عقيل ومن أخذ عنهم حكمه إلا أنهم خصوها بالمتعدي إلى واحد أما المتعدى إلى اثنين فنقل فيه السيوطي عن شرح الكافية ما نصه (ولا يفعل ذلك في فعل متعد إلى اثنين لعدم إمكان زيادتهما فيهما لأنه لم يعهد ولا في أحدهما لعدم المرجح) اهـ. فتأمل، هذا موقفنا. سدد الله آراء المخلصين وأنا أول معروض للخطأ. مصطفى جواد المجمل في تاريخ الأدب العربي - 7 - 43) وورد في ص 101 (كما لامني في الحي قرط من معبد) والصواب (بن معبد). 44) وقال في ص 100 (القينة: الجارية المغنية) مفسر قول طرفة بن العبد (نداماي بيض كالنجوم وقينة. . .) وليس لاشتراطه الغناء في القينة معنى. قال أبو زيد القرشي في جمهرة أشعار العرب ص 181 بعد هذا البيت (والقينة: الجارية). 45) وقال في ص 104 عن عمر بن كلثوم (وقاد الجيوش يرقل بها أرقال الجمال المصاعب عليهم البيض واليلب اليماني وبيدهم السيوف كأنها المخاريق بأيدي اللاعبين) وهذه الطريقة تسمى (السلخية) المعهودة في الأدب الأثري الفاضل فالعبارة الأولى مسلوخة من قول المترجم له: علينا البيض واليلب اليماني ... وأسياف يقمن وينحنينا والأخرى مأخوذة من قوله: كأن سيوفنا فينا وفيهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا ومدح الإنسان نفسه لا يستحسن اتخاذه تاريخا لأن الإفراط مكافل له.

46) وقال في ص 106 (ولعل للزعامة وقيادة الجيوش أثرا في إشغاله عن التقلب. . .) والإشغال غير فصيح وقد قال الجوهري في مختار الصحاح (وشغله من باب قطع فهو شاغل ولا تقل أشغله لأنها لغها رديئة) اهـ وقال الفيومي في مصباحه المنير (شغله الأمر شغلا. . .) ثم قال (مطاوع لفعل هجر استعماله في فصيح الكلام والأصل اشغلته بالألف) ويعز علينا أن لا يعرف الأثري إلا اللغة الرديئة والمهجورة في فصيح الكلام فالصواب (في شغله عن التغلب) وبالفعل الثلاثي جاء القرآن الكريم. 47) وورد في ص 110 (وقد علم القبائل. . . بأنا المطعون. . .) فعلق به (بأنا: الباء فيه زائدة وليست باء التعدية لأن (علم) يتعدى بنفسه) وهذا وهم منه فأنه يتعدى بنفسه طورا وبالباء تارة على غرار (بالى الشيء وبالى به) وكيف أغرم الأثري بهذه الزيادة فقال في ص 235 (ويقال ذلك للعالم بالشيء المتقن له) وفي ص 293 (وأودعها علمها بغريبها)؟ ولعله معذور لأن بعضهم قال ذلك عن (علم) فقاله. 48) وقال في ص 115 (وأستأذنه بالدخول) والصواب (في الدخول) ويعرف هذا المطلع على خفايا العربية لا الطافي على يعاليلها وماذا يقول الأثري في قول قائل في الأغاني ج 2 ص 104 (فاستأذن كسرى في الإلمام بالحيرة) أيجوز له أن يقول (بالإلمام بالحيرة)؟ ومن ذلك قول عثمان بن عفان (رض) في الشرح الحديدي 1: 66 (بعثني أستأذن قريشا في دخوله إلى مكة) وقول علي بن أبي طالب (ع) في ص 102 منه (ثم استأذنا في العمرة فأعلمتهما. . .) ومن يستزدنا فليراجع الأغاني (ج 1 ص 207 وج 2 ص 388 وج 3 ص 295) وجمهرة الأمثال للعسكري ص 192. 49) وعد في ص 132 من الجاهليات التي أماتها الإسلام (المكس) ثم علق به (وقد بعثت هذه الكلمة اليوم لرجوع الحالة إلى ما كانت عليه في العهد الجاهلي) قلنا. أن قول الأثري الأديب يبين للقارئ أن المكس لم يستعمل في دول الإسلام فقد جعل هذا الوقت وقت بعث المكس ونشره. وهذا قول من لا تحقيق له فقد أخذ المكس في خلافة كثير من العباسيين ولذلك تجد (ابن

الطقطقى) يقول عن المستنجد بالله ما نصه (كان المستنجد شهما عارفا بالأمور لما ولي الخلافة أزال المكوس والمظالم. . .) فحيدي حياد عن تاريخ البلاد. 50) وقال في ص 138 عن الحديث النبوي الشريف (هو صوب العقل الملهم وذوب القلب الملتاع) وقال في ص 219 عن شعر الخنساء (فشعرها دوب القلب الملتاع) فساوى بين شعر الخنساء والحديث النبوي وتلك فعلة شنعاء منكرة وقال في ص 217 عن شعرها (شعرا كأنه ذوب الروح) فرفعه على الحديث لأن ذوب الروح أشد من ذوب القلب الملتاع فصمي صمام ما أشنع هذا الكلام!!! كما قال الكرام. 51) وقال في ص 136 (أودعت عند أبي بكر) والفصيح (أودع أبو بكر إياها). 52) وقال في ص 139 (وأعطيته حقه من التأمل في وجوهه والصواب (من تأمل وجوهه) أو (من التأمل لوجوهه) لأن التأمل متعد بنفسه. 53) وقال في ص 149 (أنقص) مفسرا ل (أغاض) والفصيح (نقص) الثلاثي. 54) وقال فيها (حجارة سوداء) وفي ص 158 (الفتن العمياء) وفي ص 170 (الحجارة البيضاء) والصواب (سود وعمي وبيض) بجمع الصفة فلا تجوز هنا معاملة جمع غير العاقل معاملة المفرد المؤنث لأنها مخالفة لأسلوب العرب في هذا الأمر. 55) وقال في ص 154 (عهد بالخلافة إليه علما منه بكفاءته) وفي ص 157 (لكن غلب عليه بنو أمية فولاهم وأمرهم لاعتقاده بكفاءتهم) وكرر الكفاءة في ص 164، أما تعدية (عهد) فالفصيحة بنفسه على حسب قوله تعالى في سورة الأعراف: (قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك) أي بما عهده وأما الاعتقاد فيجب أن يعدى بنفسه والصواب أن يقول الأثري العالم المحقق!! لاعتقاده لكذا. . .) وأما الكفاءة فالمشهور استعمالها للمماثلة والمعادلة في الزواج والدماء والبراز والمفاخرة وغيرهن وقد منع الشيخ إبراهيم اليازجي أن تستعمل كاستعمال الأثري لها واقتداه في ذلك أسعد خليل داغر في تذكرته

إلا أننا عثرنا في الأغاني ما يجيز هذا الاستعمال ففي ج 1 ص 147 قول عروة ابن الزبير لعمر بن أبي ربيعة (يا أبا الخطاب، أولسنا أكفاء كراما لمحادثتك ومسايرتك؟) فإن هذا دليل ناطق رصيف وقد نجينا به الأثري في حين أنه لم يؤمله في أضغاث أحلامه. 56) وقال في ص 159 (بشرح عبد الحميد بن أبي الحديد المتوفى سنة 655 هـ) والصواب (656 هـ) لأنه ولي الأمر في خزائن كتب بغداد بعد دخول هولاكو إياها وقد دخلها هذا (سنة 656 هـ). 57) وذكر فيها أن مدة خلافة علي عليه السلام (أربع سنين وتسعة أشهر) وأبن أبي الحديد قال في آخر شرحه للنهج (فتم تصنيفه في مدة قدرها: أربع سنين وثمانية أشهر. . . وهو مقدار مدة خلافة أمير المؤمنين عليه السلام) فتقابل هنا ثقة ومن لا مسند له في كتابه أي الأثري صاحب التاريخ المرسل. 58) وعدد في هذه الصفحة عيوب نهج البلاغة لإثبات الشك فيه على حسب الطريقة التعصبية (أطعن في تاريخ ما لا يوافق تسلم) فقال (كبعض المطاعن والمغامز التي كان ينكرها على أصحابه. . . قلنا: أن هذه المطاعن تدور على أمر الخلافة، والأثري هو الذي قال في ص 158 (كان علي يرى أنه أحق بخلافته أي خلافة النبي (ص) ولا شك في أن صاحب الحق ينافح عن حقه فعلام هذا الاستغراب؟ وقد نقضت قولك بقولك. وقال مستبعدا (وكالخطبة التي يخبر بها عما يكون من أمر التتار والخطبة التي يومئ بها إلى الحجاج) قلنا: أن كل من نقل عنه ذلك أشار إلى أنه تلقاه من أبن عمه رسول الله (ص) فطعن الأثري في ما نقل عن علي (ع) هو طعن في ما نقل عن الرسول (ص) وأقبح من هذا أن هذا الأديب الطاعن نقل لعلي (ع) في ص 160 خطبة أختارها وصدق بما اشتملت عليه، منها (والذي بعثه بالحق لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة ولتساطن سوط القدر حتى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقن سابقون كانوا قصروا وليقصرن سباقون كما سبقوا والله ما كذبت وشمة ولا كذبت كذبة. ولقد نبئت بهذا المقام وهذا اليوم) اهـ

فهذه كلها أمور تاريخية أقر فيها بأنه منبأ لا متنبئ ومخبر لا كاهن وأن الرسول (ص) قد نبأه بذلك المقام. فما هذا التخليط الذي هو نقل ونقض. أما خبر الحجاج فقد تطرق إليه ابن أبي الحديد ففي شرحه (4: 481) نقل عن كتاب الاستيعاب لأبي عمرو بن عبد البر بقوله (قال أبو عمرو، قال يعلى بن حرملة دخلت مكة بعد ما قتل عبد الله بن الزبير بثلاثة أيام فإذا هو مصلوب فجاءت أمه أسماء وكانت امرأة عجوزا طويلة مكفوفة البصر فقالت للحجاج: أما آن لهذا الراكب أن ينزل؟ فقال لها: المنافق قالت والله ما كان منافقا ولكنه كان صواما قواما برا. قال انصرفي فإنك عجوز قد خرفت. قالت لا والله ما خرفت وأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول (يخرج من ثقيف كذاب ومبير. أما الكذاب فقد رأيناه، تعني المختار. وأما المبير فأنت) اهـ. قلنا فإذا كان النساء يخبرن بأخبار الحجاج عن الرسول (ص) فلماذا استبعد الأثري الأخبار من رجل هو أولى بالإخبار عنه؟ وأعظم أستيجابا للتصديق؟ 59) ونقل المبرد في كامله ج 3 ص 108 من أخبار الخوارج (وقيل له: أنهم يريدون الجسر. فقال: لن يبلغوا النطفة. وجعل الناس يقولون له في ذلك حتى كادوا يشكون ثم قالوا قد رجعوا يا أمير المؤمنين فقال: والله ما كذبت ولا كذبت) ولئن أراد الأثري أن يطعنه بالقول لقد أرادوا طعنه بالرمح لإخباره بما نقل عن الرسول عن الله. فقد نقل ابن أبي الحديد في شرحه عن المدائني في كتاب الخوارج مثل هذا الخبر وفيه (فيقول شاب من الناس: والله لأكونن قريبا منه فأن كانوا عبروا النهر لأجعلن سنان هذا الرمح في عينه، أيدعي علم الغيب؟ فلما انتهى علي عليه السلام إلى النهر وجد القوم قد كسروا جفون سيوفهم وعرقبوا خيلهم وجثوا على ركبهم وحكموا تحكيمة واحدة بصوت عظيم له زجل، فنزل ذلك الشاب فقال: يا أمير المؤمنين إني شككت فيك آنفا. . .) ولا يغرب عن بال الأثري أن أمثال هذه الأمور حدت بعض الكفرة الفجرة على اعتقاد حلول الله فيه واتخاذه إلها من دون الله والعياذ هو الله تعالى.

60) وقال في ص 163 (وهو أحد دهاة العرب الأربعة المشاهير: معاوية ابن أبي سفيان وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة) فنقول له: أين الرابع بعد قولك (الأربعة)؟ فالصواب (هو رابع دهاة العرب الثلاثة المشاهير). 61) وقال في ص 168 (ومن أجل مآثر الحجاج حمله نصر بن عاصم على وضع النقط والشكل للمصحف) ثم قال في ص 289 (وضع أبو الأسود الدؤلي المتوفى سنة 96 هـ في أيام معاوية بن أبي سفيان نقط الشكل في المصاحف) فقد تنازع الخبران وتناطحا فما يتبع الدارس؟؟ 62) وقال في ص 169 مفسرا (قد لفها الليل بسواق حطم) ما نصه (الحطم: الذي يحطم كل ما مر به) ولم نعلم التناسب بين السياقة والحطم الحقيقي. أترى هذا السائق يحطم من يمر به من الناس والحيوان والأشجار والحجارة فالصواب ما قال المبرد في الكامل ص 276 ونصه (فهو الذي لا يبقي من السير شيئا). 63) أما الأغلاط المطبعية مثل (إداة شؤنها) في ص 174 و (مقاطعيه الساحرة) في ص 190 و (يتقاذفون) و (في موضوعة) في ص 189 فكثيرة عام ضررها. والأصل (إدارة) و (مقاطيعه) و (يتقاذفون) و (في موضوعه) وفي هذه الصفحة (كما تقدم معك بيانه) فلعله يريد (تقدم بيانه لك) وفي ص 192 (أشبها) و (ما زرت أبي ل خبيب طائعا) والأصل (أشهبا) و (آل أبي خبيب) وفي ص 199 (متسأسدا) والأصل مستأسدا). 64) وقال في ص 191 (ولعل أسبقهم إلى ذلك هو أبو الهندي من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية) والطالب لم يعرف (ما مخضرم الدولتين) لأن الأثري لما قسم الشعراء في ص 53 قال (ومخضرمون، وهم الذين اشتهروا بقول الشعر جاهلية وإسلاما كحسان بن ثابت) فكان عليه أن يقول (مخضرمو الجاهلية والإسلام) حتى يتنبهوا على أن الخضرمة عامة ويخصصها ما تضاف إليه. 65) وقال في ص 192 (وذلك بعد أن ضرب الحجاج عنق عمير بن ضابئ البرجمي بحجة تأخره عن الالتحاق بجند المهلب. . .) ونحن لا نخشى على التاريخ الإسلامي إلا من الأثري ومن وافقه الأثري، فأن الحجاج قتل عميرا لأنه من

حزب أعداء عثمان. وقد روى المبرد في أخبار الحجاج من كامله ج 1: 274 (ثم نزل فوضع للناس أعطياتهم فجعلوا يأخذون حتى أتاه شيخ يرعش كبرا، فقال: أيها الأمير أني من الضعف على ما ترى ولي ابن هو أقوى على الأسفار مني فتقبله بدلا مني، فقال الحجاج: نفعل أيها الشيخ. فلما ولى قال له قائل: أتدري من هذا أيها الأمير؟ قال: لا. قال هذا عمير بن ضابئ البرجمي الذي يقول أبوه: هممت ولم أفعل وكدت وليتني ... تركت على عثمان تبكي حلائله ودخل هذا الشيخ على عثمان مقتولا فوطئ بطنه فكسر ضلعين من أضلاعه) فقال ردوه فلما رد قال له الحجاج أيها الشيخ هلا بعثت إلى أمير المؤمنين عثمان بدلا يوم الدار؟ إن في قتلك أيها الشيخ لصلاحا للمسلمين. يا حرسي أضربن عنقه) فبعد تقبل الحجاج منه البدل وتحريض تلك الوليجة على قتله لا يقال (قتله بحجة التأخر) إلا إذا استعملت الحجة على حسب اصطلاح عوام العراق فهم يريدون بها (الحجة الباطلة). 66 - وورد في ص 200 قول حميد بن ثور: فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربيا شاقه صوت أعجما فقال محمد بهجة الأديب (يقول لم أفهم ما قالت ولكني استحسنت صوتها واستحزنته فحننت له) وقال المبرد في كامله (3: 65) (يقول: لم. أفهم ما قالت ولكني استحسنت صوتها واستحذقته فحننت له) ولو ترك الأثري التفسير لصاحبه لألبسه جلالا على قشابة فصاحته ولو فسره بأفصح من هذا لقلنا: أديب تفنن، ألا ترى المبرد يقول في الكامل (1: 22) وليس لقدم العهد يفضل القائل ولا لحدثان عهد يهتضم المصيب ولكن يعطى كل ما يستحق). 67 - وورد في ص 207 قول مالك بن الريب المازني لما مرض في غربته: غداة غد يالهف نفسي على غد ... إذا أدلجوا عني وأصبحت ثاويا ففسر الأثري الأديب (ثاويا) ب (مقيما) مع أن الشاعر يريد (ميتا) لأنه كان مريضا ويؤيد هذا قوله بعد ذلك: واصبح مالي من طريف وتالد ... لغيري وكان المال بالأمس ماليا مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - بين ملك العراق وملك مصر أرسل حضرة صاحب الجلالة الملك فيصل المعظم في يوم عيد جلوس حضرة صاحب الجلالة فؤاد الأول ملك مصر على الأريكة المصرية بالبرقية الآتية مهنئا بها جلالته وهي هذه بحروفها: صاحب الجلالة الملك القاهرة بمناسبة عيد جلوس جلالتكم الميمون أرجو أن تتقبلوا تهانئي القلبية مع أخلص تمنياتي لدوام رفاه وتعالي الأمة المصرية تحت رعاية جلالتكم السعيدة. فيصل فأجاب عليها حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد بالبرقية الآتية: صاحب الجلالة الملك فيصل بغداد أشكر لجلالتكم ما حوته برقيتكم الرقيقة من جميل التهانئ وسعيد التمنيات لأمتي ولشخصي وأعرب لجلالتكم عما أرجوه قلبيا من الهناء لكم ومن الإقبال واليمن للعراق. فؤاد 2 - قدوم سمو الأمير عبد الله وصل سمو الأمير عبد الله إلى قصر الحارثية وهو قصر أخيه ملكنا المحبوب فيصل الأول في الساعة الرابعة بعد ظهر الأحد 20 ت 1 (أكتوبر) فأطلقت المدافع إكراما لسموه وكان الاحتفال به عند دخوله العاصمة بالغا أقصاه. وهذا دليل جلي على ما تكنه صدور العراقيين من الاعتبار العظيم للأسرة الهاشمية الجليلة الشريفة. 3 - المعتمد البريطاني السامي الجديد للعراق تعين فخامة السر فرنسيس هنري همفريز معتمدا ساميا للعراق خلفا للمرحوم السر جلبرت كلايتون. يناهز فخامة السر همفريز الخمسين سنة وتلقى علومه في جامعة أكسفرد ثم التحق بالجيش وصار ضابطا سنة 1900 وخدم في جنوبي أفريقية ثلاث سنوات ومال إلى المسلك السياسي الإداري في حكومة الهند فخدم في حدود الهند الشمالية الغربية سنة 1918 فعين ضابطا

بصورة وقتية في قوات الطيران الملوكية ثم ذهب إلى أوربة ليأخذ قسطه من الخدمة العسكرية في الحرب الكونية. وبعد عقد الهدنة عاد السر فرنسيس همفريز إلى الهند وفي سنة 1921 عين نائبا لكتوم الأمور الخارجية لحكومة الهند وبعد سنة نقل إلى الوزارة الخارجية البريطانية لما اكتسبه من الخبرة والحنكة. وعين لوظيفة ممثل أول فوق العادة في بلاط ملك الأفغان وفي أثناء وجوده في كابل قام السر فرنسيس بمهمته السياسية الدقيقة موفقا توفيقا عظيما وبقى في وظيفته إلى أن خرج المفوض البريطاني بعد تنازل الملك أمان الله عن عرش الأفغان في أوائل السنة الحالية. 4 - إدخال اللغة الفرنسية في الثانوية المركزية أدخلت وزارة المعارف العراقية درس اللغة الفرنسية في الثانوية المركزية ليتمكن المتعلمون الذين ينهون دروسهم هنا من إتمام ما بقي منها في جامعة مصر التي تشترط على الداخلين فيها معرفة اللغة الفرنسية. 5 - الدكتور سليمان غزالة توفي الدكتور سليمان غزالة بشيخوخة وقور في 19 ت 1 (أكتوبر) وكانت ولادته في بغداد في نحو سنة 1854 وبقي مثالا للسعي والاجتهاد إلى آخر يوم من حياته، فقد ألف عدة تآليف طبع منها خمسة عشر وبقي منها مخطوطا نحو عشرة. 6 - إيران تزيل الحجر الصحي عن الهيضة جاءت برقية من المفوضية الإنكليزية في طهران بتاريخ 12 ت 1 (أكتوبر) تفيد بأن الحكومة الإيرانية أزالت الحجر الصحي عن القادمين من العراق لثبوت اضمحلال الهيضة من هذه الديار. 7 - أجور البريد على الرزم الداخلية إن الأجرة التي تستوفيها دائرة البريد العراقية عن الرزمة التي لا يتجاوز وزنها 250 غراما خمس آنات وعن الرزمة التي يتجاوز وزنها 250 غراما ولا يتجاوز 1000 غرام 12 آنة والرزمة التي يتجاوز وزنها 1000 غرام ولا يتجاوز 2000 غرام ربية وآنتين والرزمة التي يتجاوز وزنها 2000 غرام ولا يتجاوز 3000 غرام ربية وثماني آنات. وتتقاضى دائرة البريد أجرة عن كل 1000 غرام إضافة وكسورها إلى حد 10. 000 غرام ثماني آنات وذلك

كله منذ 15 ت 1 أي أكتوبر. 8 - الأمراض السارية في العراق أصدرت مديرية الصحة العامة تقريرها الأسبوعي عن الأمراض المعدية في العراق خلال المدة المنتهية في اليوم 5 من أكتوبر وفيه أن عدد الإصابات بلغ خلال المدة المذكورة 132 إصابة بأمراض مختلفة منها 41 إصابة بالسل الرئوي و3 بالجذام و4 بالحميراء و22 بالجدري وواحدة بالخناق و4 بالحصبة و12 بالسعال الديكي و20 بالنكاف و18 بالحمى التيفوئيدية و4 بالباري (كذا) و2 بالكزاز وواحدة بالبئرة الخبيثة. وبلغ عدد الوفيات خلال المدة نفسها 14 وفاة منها 5 بالسل الرئوي وواحدة بالجدري و4 بالحصبة وواحدة بالسعال الديكي و2 بالحمى التيفوئيدية وواحدة بالباري (كذا لعلها المجاورة للمحرقة أو الباراتيفو ئيدية). وأذاعت في ال 12 من ت 1 سنة 1929 أن عدد الإصابات التي حدثت في هذه المدة بمختلف الأمراض المذكورة قد بلغت 100 إصابة وهي على الوجه الآتي: إصابة واحدة بالطاعون ومثلها بالخناق وإصابتان بالحصبة و24 بالسعال الديكي و19 بالنكاف و11 بالتيفوئيدية وإصابة واحدة بالحمى النفاسية ومثلها بالكزاز و9 بالحميراء وواحدة بذات المخ الليثاربيك (كذا) و4 بالجذام و26 بالسل الرئوي. وبلغ عدد الوفيات في المدة المذكورة ثلاثا فقط منها واحدة بالسعال الديكي وواحدة بالحمى النفاسية وواحدة بالكزاز. 9 - أنباء البادية (بحرفها عن جريدة الأوقاف البغدادية) قالت الأوقاف العراقية ما هذا نصه: كثر التناقض في الأخبار الواردة من البادية الأيام الأخيرة عن فيصل الدويش وإغارته على العوازم ونتائج تلك الغارة بصورة غريبة جعلتنا في حالة يصعب معها تمحيصها والوقوف منها على حقيقة الواقع. إذ بينما تؤكد بعض المصادر نبأ خروج فيصل الدويش للغزو واشتباكه في معركة مع العوازم تحت قيادة ابن عم جلالة الملك ابن السعود إذ بالأنباء الواردة من الكويت تنفيها نفيا باتا وتقول أن هناك مفاوضات دائرة بين الدويش وعشيرة العوازم لفض النزاع. ومن أحدث الأنباء التي تلقيناها عن المعركة المذكورة الخبر الآتي ننشره كما اتصل بنا بدون أن نجزم في صحته بالرغم عن أن الراوي ثقة في شؤون الجزيرة: خرج فيصل الدويش على رأس قوة

كبيرة من مطير والعجمان يرافقه ابن مشهور وأتباعه وهاجم عشيرة العوازم بقيادة القائد تركي (أحد قواد جلالة الملك عبد العزيز السعود) على مسير يومين عن الكويت؛ فدارت بينهم معركة حامية أسفرت عن مقتل ولد فيصل الدويش الثالث واسمه بدر. ومصرع ابن مشهور فرحان (وهو أحد قواد الدويش) وتشتيت شمل الدويش ورجاله. ثم قالت علمنا أن القوة السعودية ومن معها من عربان الجنوب والصوابر والمساحمة وذو غياض أمام الدويش وقواته والبريكات والهدالين والأساعدة وغيرهم من العوازم أمام العجمان ودار رحى القتال بينهم نحو ست ساعات تقريبا وانكسرت السرية السعودية ومن معها. أما بقية العوازم فقد ثبتوا للعجمان واضطروهم على التقهقر إلى منازلهم وفي ثاني يوم المعركة أي الأحد الموافق 2 جماد (كذا) انسحب الدويش من محل المعركة وعسكر على مشاش أبو ذعار ومن هناك أخذ يبث السرايا للتضييق على بقايا العوازم وبعد أن قام في معسكره يوم الأربعاء أمر قواته بالزحف مرة ثانية وقصده من هذا الزحف هو أن يجهز على البقية الباقية من العوازم ومن معهم وفعلا تقدمت القوات ونزلت في محل يسمى (ركبة) فأدرك العوازم الخطر المحدق بهم إذ هم لم يلتمسوا الصلح عاجلا فعند ذاك أرسلوا يلتمسون الصلح من الدويش مباشرة بواسطة رسول أرسلوه لمعسكر الدويش فانتهز الدويش الرسول قائلا: (إذا هم يريدون الصلح فليأتوا على الحسنى والإساءة) أي بدون قيد ولا شرط وعند ذاك التمس العوازم مرة أخرى من الدويش أن يرسل لهم جعران الفقم وهم يأتون نزولا عند إرادة الدويش وبالفعل توجه الفقم صباح الجمعة الموافق 7 جماد الأول إلى مضارب العوازم وأتى معه مبارك بن مانع الملعبي رئيس العوازم وعبد الله بن فيشان من رجالاتهم وعرضوا طاعتهم على الدويش وبايعوه على الكتاب والسنة وانحسم الخلاف بين العوازم والدويش بعد أن زهقت مئات الأرواح من الطرفين وفقد العوازم نحو 15 ألف رأس من الضأن و15000 رأس من الإبل. وهناك إشاعة بأن الدويش غادر معسكره على رأس قوة كبيرة ميمما شطر الجنوب ولا يعرف وجهته بالدقة والواقفون على بواطن الأمور يقولون أنه ربما يريد أطراف الأحساء والقطيف.

10 - منهاج الوزارة السعدونية شاع في الحاضرة أن منهاج الوزارة السعدونية الذي يقدم إلى مجلس الأمة يلخص في القيام بالمشاريع الاقتصادية كمشروع خزان الحبانية وإحياء موات عقرقوف بلا تأخير وحماية النتاج العراقي وجميع مصنوعات هذه الديار وتخفيض الضرائب عنها والسعي لترويجها من جهة ووضع ضرائب باهضة على الكماليات الأجنبية من جهة أخرى. وإنشاء مصرفين زراعي ووطني وتقليل تنظيمات الحكومة إلى أدنى حد ممكن وإنقاص بعض الضرائب والرسوم والاستغناء عن خدمة كثيرين من الموظفين الأغراب ممن انتهت عقودهم وإدخال موظفين عراقيين في موطنهم واتخاذ الخدمة الإجبارية العسكرية وإنشاء جيش وطني على هذا الأساس بأقل كلفة ممكنة وإنعاش الحركة العلمية والاقتصادية بمختلف السبل والوسائل العصرية. 11 - تسريح موظفين إنكليز في هذه السنة تنتهي عقود خمسين موظفا بريطانيا يشتغلون في عدة دوائر عراقية ممن لا تزيد مدة عقودهم على خمسة أعوام. وقد كتبت صحف العراق في الشهر الماضي وفي هذا الشهر ملحة على الحكومة بأن تستغني عنهم لوجود عراقيين أكفاء يقومون مقامهم لخروجهم من مدارس عالية. وهؤلاء الموظفون البريطانيون يكلفون الخزانة العراقية ما يزيد على ستمائة ألف ربية في كل سنة. وهناك جيش آخر جرار من الموظفين البريطانيين لم يحن أجل انتهاء عقودهم ولا يقل عددهم عن مائتي موظف ويكلفون خزانة العراق نحو مليوني ربية في كل سنة. 12 - امرأة إيرانية تلد خمسة أولاد في يومين جاء في الصحف الإيرانية أن أخبار قوجان تقول أن امرأة، من سكان علي آباد التي تبعد مسافة فرسخين عن المدينة المذكورة، ولدت في يومين ابنين وثلاث بنات.

العدد 76

العدد 76 - بتاريخ: 01 - 01 - 1930 سنتنا الثامنة ظهرت غاية هذه المجلة من أول جزء صدر منها، فعرف الجميع أن غرضها خدمة اللغة العربية الشريفة والديار التي يتحدث بها أهلها، والأمة بل الأمم التي تلهج بها، وقد حافظت على خطتها هذه إلى هذه الساعة، وهي تنوي أن لا تحيد عنها قيد شعرة ولو كان المنتظر من بثها بين الناس كسب المال أو غاية هناك لأوصدنا بابها منذ السنة الأولى، إذ نرنا مضطرين إلى سد ثغرة العجز من مالنا الخاص. نعم أن الخسائر تقل سنة بعد سنة، لكنها لا تزال خسائر والعمر يفنى من غير أن نتوقع أجرا من محسن كريم حاتمي ومع هذا كله نثابر على متابعة طريقنا بلا ضجر ولا وناء غير مبالين بالأضرار ليتحقق الكل أن ليس لنا غاية أخرى سوى خدمة الوطن العربي العزيز وإعلاء شأن لغتنا العدنانية التي نتشرف بالانتماء إليها. وهنا نشكر الشكر الجم لأولئك الذين آزرونا في تحبير المقالات وصححوا أوهامنا وأغلاطنا وساعدونا بما جادت به أيديهم الندية على سد بعض النفقات ونطلب لهم بازاء ذلك الصحة والرفاهية وطول العمر.

يا للمصيبة!

يا للمصيبة! أطلق عبد المحسن بك السعدون رصاصة على قلبه في نحو الساعة العاشرة إلا ربعاً من مساء ال 13 من تشرين الأول المنصرم فتردد صداها في الديار الضادية اللسان ولا يزال يتردد إلى هذه الساعة، بل سيتردد إلى آخر الدهر للأسباب التي حملته على هذا الانتحار الذي لم يسبق له مثيل. ونحن ندرج هنا ما كتبه صديقنا الفاضل سليم حسون في (العالم العربي) ثم نشفعه بما كتبه الشيخ علي الشرقي في جريدة (البلاد) وقد جاد علينا صاحبها بإعارته إيانا صورة الراحل العظيم مع مثال ابنه المتغرب في انكلترة لتلقي العلوم وابنه الآخر واصف بك الدارس في بغداد ورسم فهد باشا السعدون والد فقيدنا العظيم، فنشكر صاحب (البلاد) على هداياه ومكارم أخلاقه. قبل الانتحار وبعده 1 - قبل الفاجعة بيوم واحد أخبرنا بعض زملاء المغفور له عبد المحسن بك السعدون انه كان بعد عصر نهار الثلاثاء (12 - 11 - 29) في بناية حزب التقدم يتكلم على عادته، في حديث خاص مع جماعة من الرفقاء وهم خالد بك سليمان، وعز الدين النقيب، وعبد الرحمن المطير، وزامل المناع. ثم دار الحديث حول الجلسة النيابية التي كانت قد عقدت قبل يوم، واشتدت فيها المعارضة العنيفة على المنهاج الوزاري، فبدأ التأثر يلوح على وجه المرحوم، ويمحو من ثغره الابتسامة اللطيفة المعتادة وإذا به - رحمه الله - يقول في ضيق وهدوء: (انتم يا حزب الأكثرية، لم تعاونوني في الجلسة النيابية الأخيرة!). فقالوا له: (لقد تذاكرنا في الحزب، وقررنا موافقين على جواب خطاب العرش. . . وكانت هيئة الحزب العامة معكم. . . فقررت التصويت على قبول

جواب الخطاب. . . وهكذا تم، ولم ير أفراد الحزب من الموافق أن يدافعوا عنكم فأنكم كنتم أقوياء وقد ظهرت النتيجة في التصويت. . .) فقيد الوطن (صورة) المغفور له فخامة الوزير الأعظم عبد المحسن بك السعدون قال - رحمه الله - (نعم ولكني كنت أحب أن يتكلم بعضكم ويرد على المعارضة لأن الناس - كما تعلمون - عقولهم في عيونهم!. . .) ثم تبدل الحديث وشرع - رحمه الله - يبحث في شأن جنينة بناية الحزب ووجوب تزيينها بالزهور، وأرسل في طلب زهور مزروعة في الأواني من بيت سركيس فجيء بما طلب. ثم ذهب إلى النادي العراقي كعادته. 2 - في نهار الأربعاء، قبل ساعة الانتحار في عصر الأربعاء - يوم الانتحار - كان - رحمه الله - في بناية الحزب وجرى له مع رفاقه حديث خاص، أشبه بالحديث الذي ذكرناه أعلاه وكان التأثر أيضاً باديا على ملامحه، ثم ذهب وإياهم إلى النادي العراقي مشياً. ولعب (لعبة الرامي) مدة قليلة من الزمن، وفي أثناء اللعب تقدم إليه خالد سليمان، وقال له: (أنا رائح إلى البيت، أتحب أن نروح سوية؟) أجابه المرحوم: (كلا أنا أريد أن أبقى هنا، بضع دقائق أيضاً). وقاربت الساعة أن تدق الثامنة (زوالية) مساء. . . فضحك المرحوم ملاحظا خالدا وقال: (كان خالد معي في المدرسة ولكنه كان له شوارب كبيرة). فقال خالد ضاحكا: (أي نعم كانت شواربي كشوارب (قوجاغلي) الذي كان يلف شواربه حول أذنيه)! وضحك الجميع في أنس وطرب، وذهب خالد بك إلى البيت في محلة البتاوين، على طريق بيت السعدون في الكرادة الشرقية. 3 - آخر طعام وكلام مع العائلة بعد أن قام خالد بك سليمان ببضع دقائق، ترك عبد المحسن بك أيضاً النادي وعاد إلى داره، وتعشى مع حضرة قرينته وابنته الكبرى الآنسة عائدة (وعمرها 15 سنة) وابنه واصف (وعمره 11 سنة) وابنته الصغيرة نجلاء (وعمرها 9 سنوات).

(صورة) واصف بك السعدون النجل الأصغر للفقيد وكان حديثه مع قرينته وأولاده في ذلك العشاء الأخير، على جانب عظيم من اللطف لم يسبق مثيل!. . . من ذلك أنه قال لزوجته: (ما بالك لا تقيمين مأدبة شاي لقرينة المعتمد السامي؟) قالت: (أنا منحرفة المزاج منذ 12 يوما، وطباخنا قد ترك وظيفته، ولا أحب اشتراء الحلويات من السوق، إنما أوثر أن تصنع في البيت عادة. . . ولهذا السبب أرجوك أن تعذرني الآن. . .) فابتسم وقال على سبيل المداعبة والملاطفة (أنك لا تقبلين فكري!). قالت (وكيف لا أقبل فكرك؟ أنا دائما أقبل فكرك!). قال: (أي نعم أنا أقر بهذا، وبأنك تعملين دائما بحسب فكري!. .) وكذلك داعب أولاده ولاطفهم بمزيد الشفقة كأنه يودعهم وهم لا يدركون!.

4 - آخر كتاب كتبه لابنه وللأمة جمعاء ثم دخل إلى مكتبه الكائن إزاء غرفة الطعام ودخلت العائلة والأولاد إلى إحدى غرف الحرم. وظل - رحمه الله - في مكتبه مدة من الزمن كتب في أثنائها كتاب وصيته إلى نجله علي بك الدارس في معهد (برمنكهام) في إنكلترا، والله وحده يعلم العواطف العجيبة الفائقة الوصف التي بها تخيل ابنه أمام عينيه في ساعة الانتحار، فكلمه بقلبه. فضلا عما قاله له بقلمه المرتجف في تلك الدقيقة الرهيبة التي كانت آخر مسافة بين حياته الفانية وحياته الأبدية الخالدة. 5 - الكتاب الخالد الذي أصبح ميثاق الأمة العراقية هذه هي ترجمة كتاب الوصية الذي كتبه فقيد الوطن لنجله علي بك: (صورة) علي بك السعدون ممثل الأمة العراقية في كتاب الوصية

عيني ومدار استنادي بني علي: اعف عني من أجل الجناية التي ارتكبتها، لأني سئمت هذه الحياة وضجرت منها، لم أر من حياتي لذة ولا ذوقاً ولا شرفاً، الأمة تنتظر الخدمة، الإنكليز لا يوافقون، ليس لي ظهير، العراقيون الذين يطالبون الاستقلال ضعفاء وعاجزون وبعيدون كثيراً عن الاستقلال، هم عاجزون عن تقدير نصائح أمثالي من أصحاب الشرف، يظنونني خائناً للوطن وعبداً للإنكليز، ما أعظم هذه المصيبة! أنا الفدائي لوطني الأكثر إخلاصاً قد صبرت على أنواع الإهانات وتحملت أنواع المذلات، وما ذلك إلا من أجل هذه البقعة المباركة التي عاش فيها آبائي وأجدادي مرفهين. يا بني أن نصيحتي الأخيرة لك هي: (1) أن ترحم أخوتك الصغار الذين سيبقون يتامى، (وتحترم والدتك) وتخلص لوطنك. (2) أن تخلص للملك فيصل وذريته إخلاصاً مطلقاً. أعف عني يا بني علي! عبد المحسن السعدون وكان رحمه الله قد أرسل إلى نجله علي بك في النهار عينه بكتابين آخرين مسجلين ولكن أحدهما كان من الآنسة عائدة ابنته الكبرى. 6 - الانتحار بعد كتابة الكتاب خرج - رحمه الله - من مكتبه وأخذ يصعد إلى الطابق الأعلى، فرأته حضرة قرينته يمشي ويصعد منزعجاً انزعاجاً غريباً، وقالت بعد الفاجعة ما ملخصه: (ما رأيته قط يمشي مثل تلك المشية، فساورني الرعب فتبعته إلى غرفة النوم فرأيته (يحشو) المسدس! فركضت مسرعة إليه وقلت له: أواه! ماذا تعمل؟ ولأي سبب تعمل هذا؟ فقال لي: دعيني! قلت: لا والله لا يمكن أن أدعك! فان كنت تريد أن تعمل شيئاً فاقتلني، اقتلني أولاً يا سيدي!. . . قال: دعيني وإلا قتلتك!. . . فصحت به مذعورة باكية: اقتلني! وقبضت على يده فحاول التملص مني، وتوجه إلى باب الشرفة (البالكون) فأوشك أن يصل الشرفة وأنا ماسكة يده اليسرى، وفي اعتقادي أني مانعته بهذه المسكة. ولكن - ويا للأسف - كان المسدس في جيبه الأيمن وهو قابض عليه بيمناه وأنا غائبة عن رشدي، وما أفقت إلا وصوت الطلقة النارية يدوي في الشرفة وكانت رجله الواحدة في الغرفة والأخرى في الشرفة، فوقع على الحضيض!)

وعلى صوت الطلق الناري أسرع الشرطي أمين الذي في دار الفقيد العظيم، فرفعه ووضعه في فراشه في الغرفة، وتراكض الأولاد فتواقعوا هم ووالدتهم عليه يقبلون يديه ورجليه ويبكون. 7 - بعد الانتحار أسرعت الابنة الكبيرة الآنسة عائدة إلى التلفون فطلبت الدكتور خياط، وكذلك أسرع الآخرون فأرسلوا يطلبون عبد العزيز بك القصاب وخالد بك سليمان وغيرهما، وحيث أن دار عبد العزيز بك القصاب قريبة جداً من دار الفقيد وصل عبد العزيز بك عاجلاً إلى المحل فجثا عند سرير الفقيد الجليل، وعبد العزيز بك يتخيل أن المغفور له يتنفس بعد وأن عينيه تتحركان. . . فكان يعانق الجثة ببكاء مر، وذعر فائق يريد أن يصد الموت!. . . والظاهر أن عبد العزيز بك كانت عينه تخدعه - على ما ذكر الأطباء - لأن الطلقة أماتت الفقيد العظيم حالاً إذ أصابت مركز القلب. وحضر الدكتور خياط مدير الصحة العام على جناح السرعة فعاين القتيل وتأكد أنه مائت. 8 - حضور الأصدقاء والوزراء والأطباء قدم خالد بك سليمان فرأى عبد العزيز بك والدكتور خياط في دار الفقيد فصاح عبد العزيز قائلاً: (لقد أضعنا عبد المحسن!. . .). وتقدم خالد إلى السرير، فرأى العائلة تبكي بلا شعور فبكى وبكى الجميع ولطموا وناحوا! وهتفت الآنسة عائدة تقول لخالد: (هات قلبك يا سيدي حتى نضعه في صدر بابا لعله يفيق!. . .). وكان الولد الصغير واصف وأخته الطفلة نجلاء (يمسدان) رجل والدهما ويحاولان بهذا أن يعيدا إليه الحركة!. وأما السيدة قرينته فكانت واقعة على رجليه تقبلهما وتبكي حتى فقدت الشعور. ووصل حينئذ ناجي باشا السويدي وشقيقه توفيق بك وياسين باشا الهاشمي فاشتركوا في النحيب والتوديع. . . وقر الرأي على إخراج العائلة والأولاد من الغرفة وإبقائهم في غرفة أخرى

وإسعافهم خوفاً من أن يذوبوا تماماً من شدة الألم. ثم حضر الطبيبان البريطانيان الدكتور دنلوب (مدير المستشفى الملكي) والدكتور وود من (مدير العمليات في المستشفى المذكور)، فعاينا الجثة، وتفقدا المسدس (وهو من طراز براونيك) وتفرسا في فوهة الجرح، وأخذا يسألان أسئلة شتى فقال لهما عبد العزيز بك أن لا يتوهما فإن الفقيد قد انتحر، وقد كتب كتاباً قبل الانتحار. على أن عبد العزيز بك كان قد نزل - قبل وصول الأطباء - إلى مكتب الفقيد فرأى محفظته المتضمنة الأوراق الرسمية مفتوحة، وفوق الأوراق كتاب الوصية وقد تركه المرحوم على هذه الصورة ليجلب نظر الدقة إليه. فقرأه عبد العزيز بك وقدمه إلى الحاضرين فرأوه وقرءوه باكين خاشعين!. وقدم كذلك رستم بك حيدر (رئيس الديوان الملكي والسكرتير الخاص لجلالة الملك) والعين أصف بك قاسم آغا والنائب محمود صبحي بك الدفتري والنائب خير الدين أفندي العمري، والحاج سليم بك مدير الشرطة العام وجميل بك المدفعي متصرف لواء بغداد: وأحمد بك الراوي مدير شرطة لواء بغداد، وحسين بك أفنان مدير التشريفات. . . ووصلنا نحن أيضاً، إلى محل الفاجعة ورأينا الجميع يبكون بتوجع شديد فاشتركنا معهم ولا نذكر أننا رأينا في حياتنا مثل هذا الهول أو مثل تلك المناحة (القلبية). 9 - شهادة الوزراء وغيرهم أما الوزراء فحالما رأوا الكتاب وقرءوه قرروا أن يسجلوا شهاداتهم فيه. فكتب توفيق بك السويدي في آخر الكتاب ما يلي: (هذا الكتاب قد وجد موضوعاً في أوراق البيك الخاصة، وقد تلي أمامنا، وأخذت صورة منه من قبل الشرطة، وهذا هو أصل الكتاب 13 - 14 تشرين الثاني 1929). وذيل هذه الشهادة بإمضائه، أما الهاشمي باشا فكتب تحت الشهادة ما يلي: (وهذا الذي تضمن أكبر برهان عن عظمة التضحية التي قام بها رجل العراق وفقيده). وذيل الهاشمي باشا هذه الشهادة بإمضائه، وكذلك أمضى كل من ناجي باشا

السويدي، وعبد العزيز بك القصاب، وخالد بك سليمان وجميل بك المدفعي، والحاج سليم بك، وأحمد بك الراوي. . . ليحي ذكر عبد المحسن السعدون وتضحيته الوطنية العجيبة في قلب كل عراقي! انتهى كلام سليم حسون. عبد المحسن بك السعدون قربان الاستقلال وضحية الحرية ولد في ناصرية المنتفق في حوالي سنة 1297 هجرية (1880م) وعاش 51 عاماً، والده فهد باشا الذي توفي في سنة 1313 هجرية وعبد المحسن بك يوم ذاك في فروق (الآستانة) يدرس مع أخيه عبد الكريم بك. وله من الأخوة

ما عدا عبد الكريم بك، عبد الرزاق بك وهو الولد البكر لفهد باشا وعمره اليوم 65 سنة، ومحمد بك وعمره 56 سنة، وعبد العزيز بك وعمره 50، وحامد بك وعمره 45، وعبد اللطيف بك وعمره 42، وعبد الهادي بك وعمره 40، وعبد الرحمن بك وعمره 36، وحمدي بك وعمره 34، وعبد المجيد بك وعمره 33 سنة والأم التي أنجبت عبد المحسن بك من علية بيوت آل السعدون ومن الأميرات السعدونيات، وهي كريمة فيصل التركي آل رشيد. . . ترعرع في حضن الشرف والإمارة وبقي في بلاد المنتفق حتى بلغ من العمر 13 سنة. وكانت قد تأسست في فروق مدرسة أبناء الزعماء والأشراف فرغب السلطان عبد الحميد إلى فهد باشا في أن يرسل نخبة أبنائه إلى فروق لينتسبوا إلى تلك المدرسة وبالطبع كان المقصد من هذه الرغبة سياسياً فاختار فهد باشا من بين أولاده عبد المحسن بك ولكن عبد المحسن أستوحش أن يفارق حي الأمراء ونوادي الشيوخ نازحاً مغترباً إلى فروق فتطوع أخوه عبد الكريم بك إلى مرافقته وحينئذ اطمأنت نفسه ورضي بأخيه سلوى عن الأهل والوطن وتوجها معاً إلى الآستانة ولما خرجا من تلك المدرسة دخلا المدرسة الحربية العالية فخرجا منها ضابطين في الجيش واختارهما السلطان عبد الحميد مرافقين له في بلاطه (المابين) وبقيا كذلك إلى إعلان الدستور وترقيا في أثناء ذلك في الجندية إلى رتبة (بيك باشي) ولكنهما استقالا من (كذا) الجندية بعد سقوط عبد الحميد وانخرطا في سلك الاتحاديين. ورجع عبد الكريم إلى الوطن وبقي عبد المحسن بك في فروق وكان قد أقترن بعقيلة نبيلة تركية من عائلة ضاربة في الشرف وطيب المحتد أنجبت له شبلين علي بك وعمره 19 سنة وهو الآن في جامعة برمنكهام في إنكلترا. وواصف بك وهو صبي له 9 سنوات (كذا) من العمر. وانتخب نائباً عن لواء المنتفق في مجلس المبعوثين التركي وهكذا بقي ممثلاً للعراق ومحافظاً على النيابة في الدورات الانتخابية ووقعت كارثة الحرب العظمى وهو في فروق وبعد الهدنة أقفل آتياً إلى بلاده وما عتم أن كر راجعاً إلى فروق لتسوية شؤونه لأنه أعتزم على أن يقطن في العراق ويلازم تربة وطنه المقدس حياً وميتاً وفي 1922 عاد إلى العراق وتجول بين البصرة وبلاد المنتفق وكوت

الإمارة قليلاً فعين وزيراً للعدلية في الوزارة النقيبية الثانية ثم وزيراً للداخلية في الوزارة النقيبية الثالثة ثم تولى رياسة الوزارة فنظم وزارته الأولى ثم صار رئيساً للمجلس التأسيسي ثم وزيراً للداخلية في وزارة الهاشمي ثم نظم وزارته الثانية وأسس حزب التقدم الذي لم يزل - إلى آخر ساعة - رئيسه وحامل مبادئه ثم استقال عن (كذا) رياسة الوزارة وانتخب رئيساً لمجلس النواب في دورتين ثم نظم وزارته الثالثة فحل المجلس النيابي وباشر بإجراء انتخاب نواب أنشط وأكثر دربة من نواب المجلس المنحل وذلك تمهيداً لما يريد أن ينهض به من المطالبة بحقوق البلاد. ولما يئس من الحصول على مطاليب البلاد (رفس الكرسي) واستقال من الوزارة كاحتجاج على التصلب الذي كان يلاقيه في حصول تلك الآمال وكم بذلت جهود وقطعت وعود في سبيل حمله على عدم الاستقالة فلم تطب نفسه لأنه لم يجد فيها بصيصاً لسراج الأمل وهكذا مضت الاستقالة فانتخب رئيساً لمجلس النواب ومن هذا التاريخ بدأت مظاهر التأثر والقنوط تبدو عليه ولكنه كان يغطيها برزانته وابتسامته العذبة وكم حاول أن يغادر العراق وينجو بذلك القلب المثخن بالجراح إلى الآستانة ولكن المقامات العالية حركت نخوته وإخلاصه واستنبضت عرقه الكريم وناشدته بالعروبة والوفاء لها فتحول عن سفر الآستانة إلى نزهة صيفية قصيرة يقضيها في ربوع لبنان وتوجه إلى لبنان وكانت حالة البلاد السياسية متضعضعة تتطلب سياسياً حازماً حنكته التجارب والأبصار شاخصة إلى عبد المحسن والثقة تحوم حوله مرفرفة وهو تحت شجرة الأرز اللبنانية في هذه الظروف وتفتحت بعض الشقوق من السياسة المصمتة فأرسلت بصيصاً من شعاع الأمل وذلك أثر تقلد وزارة العمال الشؤون البريطانية فاجتذب عبد المحسن بك من لبنان اجتذاباً وعلى أثر حضوره العاصمة كلف تنظيم وزارته الرابعة. فاشترط في قبولها إعطاء الوعد الصريح من المراجع العالية للحليفة بإلغاء المعاهدات والاتفاقيات وإعطاء العراق كرسياً في مجلس عصبة الأمم بدون قيد أو شرط والدخول في مفاوضات لعقد معاهدة جديدة على أساس الاستقلال التام وأن يسعف في بنود المعاهدة إسعافا يمكن للعراق من الوقوف على قدميه في

عام 1932 فلاقى تنشيطاً ومساعدة جدية من السر كلايتن صديق العرب العاطف على قضيتهم مساعدة أنبضت البرق بين بغداد ولندن ورنت أسلاكه بتقارير كلايتن الطافحة بأحقية المطالب العراقية حتى تساهلت تلك المراجع التي كانت متصلبة وطيرت النبأ الطيب الذي نغصه القدر المفاجئ بوفاة السر كلايتن في أهم وقت وأدق ظروف الحاجة إليه فتسلم السعدوني ذلك الربح السياسي ومسك عليه بكلتا يديه ونظم وزارته الرابعة وبين يديه مصباح الأمل والرجاء يشع بزيت التجربة والحذق السياسي وقد راعى في تأليف وزارته هذه قضية البلاد أكثر من الاعتبارات الحزبية فنهض في حفلة مراسم تنظيم الوزارة ويده مملوءة بالربح السياسي. . . 1 - الحداد في العاصمة (عن العالم العربي بتصرف قليل) أمر صاحب حضرة الجلالة بتعطيل جميع الدواوين فعطلت من الساعة 11 من صباح الدفنة إلى المساء. وما عتمت الأسواق أن أقفلت حوانيتها ورفع كثيرون من أصحاب المحلات أعلاماً سوداً وكذلك فعل أصحاب المحلات التجارية الكبرى. 2 - التشييع والدفن اشتركت العاصمة كلها بتشييع جثمان الفقيد على اختلاف أجناس أهاليها وطبقاتهم وقد انتشروا من دار الفقيد الكبير إلى مرقد الكيلاني. وفي الساعة الثانية ونصف بعد ظهر ال 14 من شهر ت2 (1929) انتظمت المواكب مراعية المنهاج الذي نهجته الحكومة، فمثل جلالة الملك المعظم سمو الأمير غازي ولي عهد العراق، ومثل حكومة الدولة البريطانية فخامة نائب المعتمد السامي فساروا وراء الجنازة بثيابهما الرسمية وتلاهما كبار الدولة طبقات طبقات. وكانت الجنازة الكريمة ملفوفة بالعلم العراقي وموضوعة على مركبة مدفع وكان السير بها هادئاً جداً على نغم الموسيقى الحربية الشجي وعلى جانبي طريق الموكب صفوف الجنود من مشاة وخيالة تتبعهما الشرطة. وفي الساعة الرابعة ونصف وصل الموكب إلى المرقد الكيلاني فاخذ الجنازة المحامون وحملوها على أكتافهم وأدخلوها الحضرة الكيلانية فصلى عليها أصحاب السماحة النقيب والمفتي والعلماء، ثم تقدم الخطباء وأبنوا الفقيد أحسن تأبين وفي الآخر دفن الجثمان في مقبرة الحضرة الكيلانية بين دوي المدافع وبكاء الكبار وعويل الصغار ومستنزلين الرحمات الواسعة على تربته الطيبة.

الآمال الهاوية

الآمال الهاوية قد كوى الدهر فؤادي أي كي ... فأنا الميت المنى والعقل حي وبنى البؤس بقلبي موطنا ... فهو حل فيه من غير نأي كلما أبرمت أمرا حله ... ولواني عن بلوغ النجح لي ضاع سعيي بين غر وعم ... وحسود وخؤون وغبي فكأني تائه في نفنف ... لم يجد رفدا ولا فاز بري ملعج أضحى عماسا أمره ... كل ما فاه به (أف) و (أي) يطلب الرشد حريصا مسرعا ... ثم لا يلفي سوى حبط وغي أنني في لوعتي من خيبتي ... مثل حي قد شوته النار شي صرح آمالي تعالى شامخا ... ثم لم يلبث أن انقض علي بعد صبري وسكوني خائبا ... ساءني الدهر ولم يحسن ألي أنا في قطر فقير كلهم ... صاح فيه: وطني لا عدي لفظة قد أصبحت أحبولة ... جمعت بين رشيد وغوي ليتني اعرف مقياسا لهم ... كي أرى المصلح بين الناس كي فوق همي رمت أن احملها ... ومع الحملين ما أسطعت المضي لفظة بطرب منها غافل ... ولقد يخدعنا كل شجي إنما المصلح باد بيننا ... مثلما يبدو لدى الحرب الكمي إن ذرفت الدمع أزمانا فلا ... تنجلي الأحزان عن قلبي الشقي لم أزل أتلو بقلبي حكمتي: ... طوت الأطماع نهج الظلم طي فتعجب من مسم نفسه ... (وطنيا) وتدبر يا أخي كيف نستغرب أمرا محزنا ... ولسان الحق شكوه فعي! بغداد: مصطفى جواد

الدواخل والكواسع في العربية

الدواخل والكواسع في العربية 1 - باب البحت الدواخل جمع داخل وداخلة، فإن قدرت كلمة (حرف) ذكرت اللفظة وان قدرت (أداة) أنثت وقلت في جمعيها: (دواخل) والمراد بالدواخل كل حرف يدخل على الكلمة فيتصل بها ويصير كلاهما واحدا أو كالواحد وكلمة الداخل مأخوذة من كلام النحاة والصرفيين واللغويين. قال ابن قتيبة في (أدب الكاتب) في باب الألف واللام للتعريف (ص 226 من طبعة الإفرنج): (كل اسم كان أوله لاما ثم أدخلت عليه لام التعريف كتبته بلامين نحو قولك اللهم. . .) وقال في باب التاريخ بالعدد (ص297): (فأما ما ميزت به فلا تدخل فيه الألف واللام. . . وكذلك. . . تدخل في الأول الألف واللام) ومن هذا يتضح لك انك تقول: أدخلت (على) الكلمة الحرف الفلاني أو أدخلته (فيها) كما رأيت. فالدواخل تقابل الإفرنجية وأما الكواسع فهي ما يزيد من الحروف على آخر الكلمة. وقد بينا صحة هذا اللفظ في مجلتنا هذه (4: 33 إلى 43) وبالإفرنجية وما يزاد في قلب الكلمة يسمى محشيا أو محشية وأما الزوائد فكلمة تقع على ما يراد في أول الكلمة ووسطها وآخرها وبالإفرنجية 2 - شيوع الزوائد في اللغات الآرية إن الزوائد بأقسامها الثلاثة معروفة في اللغات الآرية كالهندية واليونانية واللاتينية وجميع بناتها كالألمانية والإنكليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية إلى غيرها. أما في اللغات السامية فان المستشرقين قد أنكروها في مواطن وأثبتوها في مواطن. أما المواطن التي أثبتوها فهي مواطن أحرف الزيادة العشرة وأحرف المضارع الأربعة. وقد أنكروا علينا نحن العرب وجود الدواخل والكواسع والمحشيات في لغتنا اللهم إلا في ما ندر. والنادر كالعدم، وغايتنا من مقالنا هذا أن نثبت للقراء وجود الدواخل والكواسع وان الآريين جاروا العرب في اتخاذها في

لغاتهم بل نذهب إلى أبعد من هذا ونقول: أن دواخلهم وكواسعهم من أصل عربي لا من أصل آري. 3 - دواخل اللغات اليافثية عربية النجار في اللغة الرومانية وفروعها دواخل عديدة لم يهتد لغويوهم إلى إرجاعها إلى معنى مقبول حتى اليوم هذا. هذه داخلتهم التي تزاد في أول الكلم المبتدئة بحرف ساكن في مبتدأ الكلم الصائتة وتفيد معنى حرمان الحال أو العمل في الكلمة التي تتوج بها ويراد بها أيضاً أصل العمل وبدؤه وقد حاول لغويوهم رجعها إلى لفظة قطعت منها هذه الداخلة فلم يفلحوا في عملهم إلا أنهم يقولون أنها مقطوعة من كلمة وعددوا حروفا عديدة وكلها لم تقنع علماءهم الإثبات. أما نحن فنقول إنها مقطوعة من (ضد) فاخذ السلف من هذه الكلمة - التي هي في أصلها هجاء واحد بحرفين - مرة الضاد فادخلوها على المضاعف الثلاثي في نظرهم (وهو في نظرنا لفظ ثنائي) حينما يكون أول الحرفين رقيقا ومرة (الدال) حينما يكون أول الحرفين فخما فمثال الدال على الأول قولك دحض حجته بمعنى أزالها وأبطلها وهو عكس قولك حضه: إذ معناه حثه على الشيء وأحماه عليه، ولا يكون ذلك إلا بإثبات الأمر فيه بان تقنعه بالأدلة أو الترغيب أو الوعد أو بنحو ذلك، فأنت ترى أن معنى دحض بعكس معنى حض فتكون الدال هنا للإزالة والحرمان - وتقول دحقت فلانا بمعنى طردته وأبعدته وهو ضد معنى حققته أي أثبته - وتقول: دحس الشيء ملأه والسنبل امتلأت أكمته من الحب وهو عكس قولك حسه أي قتله واستأصله. ففي الأول ترى ملء الحياة وفي الثاني انطفاء جذوتها وهناك غير هذه الأمثلة هذا في إدخال الدال في الأول. وأما في إدخال الضاد فكقولك: رس البئر حفرها وضرسها طواها بالحجارة وهو عكس الأول. وتقول رب فلان بالمكان: إذا لزمه وأقام به وضرب في الأرض خرج تاجراً أو غازياً أو أسرع أو ذهب. وضرب بنفسه أقام وسافر ضد، فمن قال بان معنى ضرب بنفسه: أقام فانه يعتبر الراء زائدة فيكون اصله (ضب) بمعنى لصق بالأرض. ومن قال أن معنى ضرب بنفسه سافر فيكون

اصله رب ثم ادخل الضاد ليعكس المعنى فقال: ضرب - وقالوا: رب الأمر أصلحه وأتمه - وضرب بين القوم: افسد فأنت ترى في معنى الأول الإصلاح وفي الثاني عكسه أي معنى الإفساد. ولو تتبعت هذا البحث وأمعنت في قلبه لتجلت لك هذه الحقيقة بكل محاسنها وفتنتك بجمالها. هذا في الداخلة المنقولة عن (ضد) وهناك دواخل عديدة في اللغتين الآرية والسامية تجري كلها على هذا المنحى من تحويل المعاني الأصلية إلى معان فرعية جاءتها من الدواخل عليها - دونك الآن الأداة في اللغة الرومانية وفروعها أو بناتها فإنها تعني التكرير والإعادة والمقابلة والمقاومة والعودة إلى حالة قديمة ولغويو الغرب قالوا لنا أنها مقطوعة من الرومانية راجع ص644 من تأليف - معجم أصل الألفاظ اللاتينية وبالألمانية قلنا: أما الكلمة اللاتينية فتدعي بعربيتها (رد) والأصل واضح وقد قلنا أن كاسعتهم من زيادتهم والعربية خالية منها محتفظة بالأصل على وضعه الذي خلق فيه، فإذا كان كذلك فنحن العرب نفتخر بذلك. إلا أن القول بأنها من أصل (رد) لا يوجه جميع المعاني التي ذكرناها فويق هذا. والذي نذهب إليه هو أن الأصل مقطوع من راع يريع بمعنى نما وزاد وبمعنى رجع. وبذلك يصح توجيه جميع المعاني الناشئة في الألفاظ الداخلة عليها الراء المقطوعة من (راع) وأنت تعلم أن الأجوف المقلوب عن الياء كان يلفظه بالإمالة إلى الياء. زد على ذلك أن ليس في اللغات الغربية حرف العين فكان من المحتم أن تلفظ راع بالأحرف الإفرنجية لا غير. أما في لغتنا الشريفة المحبوبة ألفاظا متوجة بالراء فهذا واضح من كلم كثيرة ترى في لساننا. من ذلك قولهم جس الشيء مسه بيده، والأخبار تفحصها وتقول: رجس الماء: قدره بالمرجاس ولا جرم أن معنى رجس الماء مأخوذ من مسه بالآلة المرة بعد المرة كما أن تفحص الأخبار لا يكون إلا بعد إعادة السؤال مرارا عديدة ولهذا نقول أن الرجس بهذا المعنى مأخوذين من الجس بزيادة الراء الداخلة عليه - وقال السلف: مث يده: مسحها بيده ورمث الشيء مسحه بيده، وقالوا:

الرحامس: الجريء الشجاع وهو عندنا مشتق من الحمس وزيدت الراء في أوله لتفيد عمل الجريء الذي يتكرر في كل مرة تظهر فيها شجاعته. ومن لا يتكرر فيه العمل لا يقال له رحامس. والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى وكلها تؤيد مذهبنا هذا الذي لم يذكره أحد قبلنا. ومما يدل على أن الداخلة الآرية أو اليافثية بحسب اصطلاح اللغويين الجدد مقطوعة من (راع) أن العرب سلفنا اتخذوا العين داخلة في بعض الأحيان بدلاً من الراء فقد قالوا مثلاً (عصفور) ويريدون به كل طائر صغير يكثر من الصفير ولا جرم أن الأصل هو (صفر) وأصل صفر هو (صف) وهو حكاية صوت الصفير في أبسط تركيبه ومنه في الإفرنجية وكذلك في الرومانية وولما أرادوا الدلالة على أن هذا الطائر يكرر الصفير أدخلوا عليه العين المقطوعة من (راع) الذي تفيد الترجيع فصار معناه الطائر الذي يردد الصفير كثيراً، لكنهم زادوا اللفظة معنى آخر هو التصفير ومن صيغ التصغير عند الأقدمين (فعلول) فقالوا إذن (عصفور) الذي غدا معناه: طائر صغير يصفر صفيراً بل يعيد الصفير مراراً. وهذا معنى دقيق يكشفه لنا الإمعان في استكشاف أسرار اللغة. نعم أن بعض الأقدمين من لغويينا إنما سمي العصفور عصفوراً لأنه عصا وفر. قاله حمزة ونقله صاحب التاج والدميري وغيرهما. أي أن هذا الطويئر سمي كذلك لأنه لما كان في الجنة عصى الله ففر منها. ونحمل ذلك على سبيل المزاح لا على سبيل الجد إذ العصفور كان يستطيع أن يفر قبل أن يدخل الجنة وليس العصفور وحده بل جميع الطيور على اختلاف أنواعها. ومن الغريب أن لفظ العصفور يشبه الرومانية (أي قصر بقلب في الحروف) أما اليونانيون فانهم ابتعدوا عنا وعن مجاوريهم بقولهم (ستوثوس) والإنكليز يقربون منا في اللفظ إذ يقولون ويقاربنا أيضاً في الكلام الصكصون الأقدمون والغوط والدانيون والأسلنديون والجرمنيون وكل من تفرع من هذه الرسوس - ولا نريد أن نسترسل في هذه الداخلة لأن البحث طويل عريض ونكتفي بما ذكرنا.

وهناك (أي عند الغربيون) داخلة أخرى هي وتفيد الدخول أو الإدخال فقولهم مثلاً مركب من (في) المشتقة من التي معناها الأرض والتراب. فيكون معنى فعلهم (أنهمر) أدخل الشيء في الأرض أي دفنه فمن أين أتتهم داخلتهم هذه أي (أن)؟ - أن لغويي الغربيين ذكروا عدة ألفاظ وكلها لا تفيد المطلوب إذ يرى فيها التكلف ظاهراً أو كما يقول الفرنسيون ترى أنها مجذوبة بالشعر أو مستخرجة بالقوة والعنف لا باللطف والعقل. والذي عندنا أن (إن) مأخوذة من العربية (عند) ومعناها عند الفصحاء الأقدمين من القلب (بمعنى الفؤاد) وداخل الشيء، فقول الفرنسيين معناه: وضعه في عند الأرض أو قلبها أو داخلها أي وضعه في باطنها، فيكون معناه دفن أو أودع بطن الأرض ولما لم يكن عندهم حرف العين قلبوه همزة كما هو مألوف عادتهم وحذفوا منها الدال تخفيفاً، وقد تجيء الدال بصورة التاء ومنها عندهم أي داخل الشيء و (عنده) أي قلبه. فأنظر محاسن لغتنا وكيف أنها تكشف لك ما في سائر الألسنة من الخبايا والمغلقات والطلاسم. أما أن سلفنا أما أن سلفنا أستعمل (عند) داخلة في بعض كلامهم، فهذا واضح من النظر إلى بعض الألفاظ فأنك ترى في أوائلها مرة العين ومرة النون ومرة الدال إذ لا يمكن أن يستعملوها كلها بحذافيرها لكي لا تجتمع كلمتان تامتان في كلمة. فاستعمال الدال في كلامهم ظاهر في (دخل) فأن أصلها (خل) يقال: خل الشيء: ثقبه ونفذه. (ودخل) إذا مضى في باطن الشيء المثقوب أو المنفوذ فيه أو ما يضاهي المثقوب بأن يكون له باطن يتمكن من الذهاب فيه. ومثال اتخاذ النون من (عند) داخلة قولهم: نفذ فأن أصله فذ أي طرد طرداً شديداً فإذا قلت نفذت هذا الشيء الآخر فكأنك قلت: طردته في عنده أو في قلبه أو داخله أي خرقته وجزئه. - ومثال دخول (عين) عند على بعض الألفاظ لأفادت المضي في بطن الشيء أو باطنه قولك: عقرت بفلان: حبسته وهو في الأصل مأخوذ من (قر) في المكان أي ثبت فيه وسكن، فأدخلت العين عليه لكي تفيد إيلاجه وقصره فيه. هذا الذي نراه نحن، أما غيرنا من اللغويين فأنهم يزعمون أن

عقر بفلان بمعنى: حبسه مشتق من قولهم عقر بعيره فلم يقدر على السير. قلنا: ولم يقولوا هذا إلا للمشاكلة التي ترى بين عقر البعير وعقر بفلان. على حد ما قالوا أن العصفور مشتق من عصى وفر وأن الخندريس مشتق من خدر العروس وإبليس من بلس والإسطرلاب من أسطر ولأب! ولأب أسم علم عندهم، مع أنه لم يكن له وجود في العالم. ولا نقف عند هذا الحد من ذكر الدواخل ففي لغات الأجانب لغات أخرى متوجة لمفرداتهم وهي في نظرنا مأخوذة من لغتنا. ومن هذا القبيل الداخلة أو فأم معناها عكس أي أنها تدل على الخروج والإخراج وقد حاولوا أن يجدوا لها لفظاً من لسانهم دالاً على المكان الخارج أو ما هو في خارج المحل فلم يعودوا إلا بما عاد به حنين. أما نحن فنقول أنها مقطوعة من (عقوة) التي تعني في لغتنا (ما حول الدار وساحتها ومحلتها وما كان خارجا عنها) وهذا لا تجده في لغتهم. فقد قلنا فويق هذا أن معنى (أنهمر) مثلاً مركب من (أن تخفيف عند) وهمس (كعنق) أي تراب أو أرض فيكون معنى الفعل وضع في الأرض. والآن إذا أرادوا أن يقولوا أخرج الشيء من مكانه الذي تحت الأرض يقولون (أكسهمر) بفتح الآخر أي نبشه أو أخرجه من القبر وعندنا أن أصل معناه: أخرجه إلى عقوة القبر أي إلى خارجه أو إلى حوله أو ساحته. أما أن السلف استعملوا قاف العقوة أو عينها أو كليهما معاً فظاهر من استقراء بعض المفردات الواردة في لغتهم، هذه كلمة العقنفس (كسفرجل) التي تعني العسر الأخرق واللئيم، فمن أين أتتنا؟ أتتنا من كلمتين من عق (وة) (ال) نفس أي خارج على النفس ولا يخرج عليها إلا كل عسر الأخلاق واللئيم ثم أبدلت الفاء من الباء على لغة فقالوا العقنبس. فأنت ترى أنهم استعملوا العين والقاف معاً. وفي قولهم عنشط الرجل استعملوا العين فقط ومعنى عنشط الرجل غضب ومعنى نشط طابت نفسه للعمل والغضب يخرج النفس من صاحبها لو أمكن لنا هذا التعبير من باب المجاز. أما إدخالهم القاف في الأول فكقولهم: القداحس الذي هو الشجاع والسيء الخلق وأصله عندنا الداحس أسم فاعل من دحس أي دس الشر من حيث لا يعلم وهو صفة ملازمة للسيء الخلق. فأنت

ترى من هذا أن العربية غنية بنفسها تجود على غيرها بخيراتها وآلائها ومحاسنها فتكسبها رشاقة وجمالاً وثروة. ومن الدواخل الرائجة في أسواق لغاتهم وتفيد معنى إذا وإلى وحتى ونحو ما يقارب هذه المعاني وتدخل في ألفاظ كثيرة من كلامهم وقد تتغول بصور أخرى مثل: ولم يذكروا لنا الكلمة الأصلية التي قطعت منها. والذي عندنا أنها مقطوعة من (حتى) وهي الكلمة العربية التي تفيد جميع معاني الداخلة اللاتينية التي انتقلت إلى جميع اللغات الغربية. فإذا أرادوا أن يقولوا: قاد إلى. . . عبروا عنها بقولهم وهي منحوتة من أي حتى أي قاد ومحصل المعنى: قاده إلى حيث أراد، أو قيد أي صار مقوداً. ولما كانت الحاء ثقيلة في دخولها على الألفاظ ولا وجود لها عندهم أبدلوها من الهمزة ولذا ترى كثيراً من الأفعال الواردة على أفعل هي في الأصل من هذا العنصر فقد قال السلف أهزل الرجل إذا أصاب ماله الهزال، وأجرب إذا أصابه الجرب وأرغد إذا صار في رغد من العيش. على أننا لا ننكر أن بعض همزات أفعل ليست مقطوعة أو مبدلة من (حتى) بل من مفردات أخرى. ومن هذا القبيل ورود الداخلة الإفرنجية بمعنى جعل للرجل شيئاً وهو يقارب المعنى السابق. فقد قالت العرب أجدادنا قبلهم أقبرت الرجل أي جعلت له قبراً يدفن فيه وأحلبت الرجل أي جعلت له ما يحلبه، وأركبته جعلت له ما يركبه، وأرعى الله الماشية أي أنبت لها ما ترعاه، إلى غير هذه الأفعال. ومن دواخلهم وهي غير التي ذكرناها في الأول، وهذه تعني إزالة الشيء ونزعه أو نفيه أو خلطه بشيء آخر وموقفاً أعلى أو أسفل وقد تنتقل إلى أمام أصل يبتدأ باللام أو أمام الباء أو الميم أو الباء المثلثة وتنتقل إلى أمام أما أصل هذه لداخلة قلم يتوقفوا أيضاً للعثور عليه، وذهب كل فريق إلى رأي دون رأي الآخر. والذي عندنا أن أصلها (لا) أو (ما) إذ الواحدة في الأصل لغة في الأخرى فإذا قالوا فأنها مركبة من (أن) أي لا أو ما و (فين) أي نهاية فيكون معناه اللانهاية له. وعندنا أن (ما) العربية التي نشأت منها اللاتينية أو ما يجانسها مقطوعة من (محو) فقالوا: (مو) ثم جعلوا الواو كما هو كثير

الورود في لغات بعض القبائل فصارت (ما) فقول الأجانب (انفني) الممحو منه النهاية أو الغاية أو الآخر. هذا هو رأينا، وهذا الرأي يوجه الأداة الداخلة المذكورة أحسن توجيه. أما اليوم فإذا أردنا أن نترجم ما يبتدئ بالأداة الداخلة الإفرنجية المذكورة فلا يجوز لنا إلا أن ننقله بقولنا اللانهاية أو اللاغاية له. أو أن نقول: غير منته. أما الوجه الأول فقد عرفه أجدادنا منذ أقدم العهد فقد قال عامر بن الظرب العدواني - وهو من خطباء الجاهلية -: أني أرى أموراً شتى وحتى، فقيل له: وما حتى؟ قال: حتى يرجع الميت حياً، ويعود (اللاشيء) شيئاً أه. ومن ذلك اصطلاحات فلاسفة العرب كقولهم: اللاأدرية واللانهاية واللادوام واللابقاء. وقد قال أبن عابدين بخصوص هذه (اللا) في كتابه (الفوائد العجيبة في أعراب الكلمات الغريبة) ما هذا نصه: (قولهم: هو كلا شيء ووجوده كلا وجود)، صارت (لا) مع ما بعدها كلمة واحدة واجري الأعراب على الآخر وعرفت باللام في مثل (اللآخر) وقيل: هو بمعنى (غير) إلا أن إعرابها ظهر ما بعدها لكونها على صورة الحرف، كما في (إلا) بمعنى (غير). انتهى كلامه. فأنت ترى من هذا النقل أن تركيب (لا) مع غيرها من الكلم يصيرها في المعنى كالكلمة الواحدة المنحوتة ولأن هذا الضرب من النحت قديم في لغتنا من عهد الجاهلية - إذا كانت هذه الرواية التي نقلها صاحب العقد الفريد - صحيحة لا دس فيها ولا وضع ولا تزوير. وهناك غير هذه الدواخل في لغات الأجانب ولجميعها وجه وتخريج في لغتنا اليعربية، مما يطول تفصيله، وإنما أردنا الآن بهذا الإجمال إشارة إلى أن في لغتنا من النشاط والتجدد مالا مثيل له في سائر اللغات السامية والحامية واليافثية، فهي من أجمل اللغات وأطوعها لمبتدعات الفكر على أتساع أفقه في الخيال والمثال. 4 - الكواسع أما الكواسع فكنا قد عقدنا لها باباً واسعاً في السنة الرابعة من مجلتنا (33: 7 إلى 44) فلتراجع.

5 - الزوائد إن المستشرقين ولغويي الغرب يسلمون للعرب أن في لسانهم زوائد تدخل على الأفعال وما يتصرف منها من المشتقات، وقد تكسع بها بعض الأفعال والأسماء المشتقة. على أن لغويينا ولغويي المستشرقين لا يعترفون أن هناك حروفاً تزاد في الكلم غير أحرف (سألتمونيها) التي تدخل على المزيد فيها والتي أربعة أحرف منها وهي - أحرف (نأيت) تدخل على المضارع أيضاً أما نحن فقد رأينا أن جميع حروف الهجاء قد تزداد فتكون دواخل وكواسع ومحشيات (أي تدخل في باطن الكلمة) وقد جمعنا شيئاً كثيراً من هذا القبيل ولا بد من ذكر بعض منها وقد دخلت عليها حروف غير أحرف الزيادة المعهودة ومنها ما قد كسعت بها ومنها ما قد حشيت بها. 6 - أمثلة الباء الداخلة بجل من باب عظم أي صار بجيلا أي عظيماً وأصله جل بمعناه، وتبغنجت المرأة بالغت في التغنج وأصله تغنجت وبزمخ الرجل تكبر وأصله زمخ بمعناه وبخذعه وأصله خذعه أي قطعه إلى غيرها. 7 - أمثلة الباء المحشية أو المتوسطة الحبر قصة الناقة الكريمة وأصلها الحرقصة بمعناها خبرق الشيء: ثقبه وأصله خرقه. وقد يقع القلب في خبرق فيقال خبرقه والمعنى يبقى واحداً. وتقول: ما عليها خربصيصة كما تقول: ما عليها خرص أي شيء من الحلي. وقد زيد فيها وياء وصاد ثانية طلباً للمبالغة في المعنى. 8 - أمثلة الكسع بالباء العقرب وأصله العقر أي العض ثم كسعت بالباء زيادة لمعنى الألم، وقالوا خذعب الشيء أي قطعه وأصله خذعه، والسعابيب ما يمتد شبه الخيوط من العسل ونحوه وأصله السعب وقد زادوا في الكسع: الباء وتضعيف المثل الأخير كما زادوهما في الخربصيصة، وقالوا في جرع جرعب. وفي الدعب (أي الدعابة) الدعبب كقنفذ، إلى غيرها. 9 - أمثلة الحاء الداخلة الحرقصة هي الرقص، والحضوضاة هي الضوضاء والحثفل كقنفذ وهو الثفل وهو شيء يكون في أسفل المرق من حثاث الطعام، وكذلك هو من اللحم

ومن سائر المآكل وما يشبهها. والحنتوف وهو الذي ينتف لحيته من هيجان المرار به وهو من النتف. وحبك عنقه دقها مثل بكها وقد ذكرنا في هذا المقال أن دحض من حض ودحق من حق وثم ألفاظ لا تحصى. 10 - أمثلة الحاء المحشية بحثر اللبن تقطع وحبب وهو مشتق من البثر كأنه صار فيه شيء كالبثر - جحدله صرعه ومثله جدله أي صرعه على الجدالة وهي الأرض - والجحرش كجعغر الفرس الغليظ المجتمع الخلق والأصل فيه الجش يقال موضع جش أي خشن الحجارة فكأنك تقول عن الفرس هو الخشن الأخطاء الغليظها وقد قال اللغويون بعد أبن فارس: أن أصل مادة الجش الخشونة والجحرش من الجش بزيادة الحاء والراء، وقد وقع القلب في الجحرش فقالوا الجحشر وأصل المعنى باق فيه وأن أختلف في مؤداه شيء للدلالة على هذا الاختلاف والجحرش كجعفر وقنفذ والجحاشر كعلابط: الضخم الحادر الجسيم العبل المفاصل العظيم الخلق، إلى غير هذه المفردات وهي كثيرة. 11 - أمثلة الحاء الكاسعة قالوا ما في الدار دبي أي أحد ومثله دبيح وجزح من ماله جزحة أي قطع له منه قطعة وأصله جز، وفلح الشيء شقه وقطعه وهو من فله. 12 - أمثلة العين الداخلة علبوب القوم: خيارهم مثل لبهم، وقد زادوا فيه أيضاً الواو وضعفوا الباء كما مر مثل هذا في السعبيب والخربصيص - وعكر على الشيء مثل كر عليه - والعمرس: القوي. قال أبن فارس في كتاب المقاييس: هذا ما زيدت فيه العين وإنما هو من الشيء المرس وهو الشديد الفتل، وعلد الشيء (كعلم) صلب وأشتد وهو من لدن فلان: اشتدت خصومته. والعلس ما يؤكل ويشرب، وهو من اللس الذي هو الأكل. 13 - أمثلة العين المحشية معس الشيء مأخوذ من المس - ماج البحر مثل معج أي هاج - القعموط: القمط أو القماط وهناك غيرها كثيرة.

14 - أمثلة العين الكاسعة جزع من المال جزعة أي قطع له منه قطعة، هو من جز الشعر والحشيش قطعه - الجمع مأخوذ من الجم وهو الكثير من كل شيء - جرع الماء بلعه وهو مأخوذ من الجر كأن معدته جرتها إليها، جدع أنفه أو أذنه أو يده أو شفته مأخوذة من الجد وهو القطع وزيدت العين في الآخر للدلالة على قطع (عضو) من - قطع الشيء مأخوذ من قط وهو حكاية صوت قطعة. 15 - أمثلة الفاء في الأول فصح اللبن: أخذت عنه الرغوة، وهو مأخوذ من صحت السماء: إذا ذهب الغيم عنها، الفدوكس مثل الدوكس وهو الأسد، فرتك الرجل: مشى مشية متقاربة ورتك البعير قارب خطوة في رملانه، ومؤدى فرتخ كمعنى رتخ. 16 - أمثلة فاء التحشية كن الشيء: ستره وغطاه وأخفاه وكفن الخبزة في الملة واراها بها. - كفت الطائر وغيره: أسرع في الطيران والعدو. وهو من كت فلان قارب الخطوة في سرعة. 17 - أمثلة فاء الكسع نشف الغدير مأخوذة من نش. خطرف البعير مثل خطر. - الخذروف كالخذرة وهو طين يلعب به الصبيان - الخنطرف كالخنطير. 18 - كلمات فيها القاف الداخلة القلب (بالضم) كاللب (بالضم) القرقفة الرعدة وهي مأخوذة من أرقف (راجع اللسان والتاج ففيهما فوائد لا يحتمل سردها هنا لضيق المقام). 19 - كلمات فيها القاف زائدة في الحشو الزحنقف: الزاحف على أسته والقياس من جهة الاشتقاق أن يكون بفاءين من زحف (القاموس) العقنقل: النون والقاف فيه زائدتان. 20 - كلمات فيها القاف زائدة في الآخر زل وزلق. حذ وحذق إلى غيرهما وفي كل هذه الحروف وأمثالها ألفاظ لا تحصى ونحن لا نريد أن يمتد نفسنا إلى ما وراء ما ذكرنا لأن الموضوع متسع الأرجاء ولا تكفيه المقالة والمقالتان بل لا يوفيه حقه إلا كتاب قائم برأسه وإنما أردنا أن نشير إلى المبحث إشارة عجلان لكي لا يتوهم الغافل أن لغتنا قاصرة عن مجاراة لغات الدنيا قاطبة وبهذا القدر كفاية لمن يريد أن يستهدي.

21 - تذييل في الكواسع كتب الأستاذ بندلي جوزي من جامعة باكو في روسية مقالاً في (الكلية 1: 16 إلى 8) يفند على زعمه ما حبرناه في الهلال بعنوان: اللغة العربية مفتاح اللغات (206: 37) وكنا نتوقع أن يكون في هذا الرد ما يدل على ذكاء صاحبه وإذا هو أظهر الخلاف ونحن نرجئ التفصيل ريثما يتسع لنا المقام في هذه المجلة لتزييف مزاعمه الواهنة الواهية إلا أننا نذكر هنا ما قاله عن الكواسع (ص6 في الحاشية) وهذا نصه بحروفه (اصطلحنا أن نؤدي كلمة بالملحقة وبالمقحمة وبالمضافة أو المصدرة. فاحفظ ذلك ولا تستهوك كلمة (كاسعة) التي أختارها حضرة الأب لتأدية معنى وهي من قولهم كسمت (كذا بالميم ولا جرم أنها من غلط الطبع والصواب كسعت) الخيل بأذنابها أي أدخلتها بين أذنابها (كذا، ومن يشك فليرجع إلى الأصل) فقد حان لنا أن نقيم ولو قليلاً على بعد من البعر والجمال وأذناب الخيل. . .). قلنا: فكم من غلط في هذه الكليمات! ثم كم يكون عدد تلك الهفوات لو أردنا أن نبين ما في رده كله من الشنائع؟ وأول أوهامه هنا أنه أتخذ أسم المفعول للدلالة على هذه الأدوات، وكان عليه أن يصوغها على أسم الفاعل وهذا الأمر لا يظهر في قوله الملحقة والمقحمة لأنه لم يضبطهما، إلا أنه يتضح في (المصدرة) إذ ضبطها بفتح الدال المشددة وذلك لأن السلف ينسبون إلى الأداة ما ينسب إلى الرجل العاقل لأنها تتوب عنه ولهذا لا ترى بين أسماء الأدوات ألفاظا مفرغة بصيغة المفعول بل بصيغة الفاعل (راجع لغة العرب 16: 5 إلى 22) وسوف ترى دليلاً آخر فيما يأتي: والثاني أنه سمى الحرف الداخل في الحشو (مقحمة) وهو ليس كذلك إنما الحرف يوضع في قلب الكلمة بمنزلة حشو لها لأحداث معنى خاص بها ولا يقحم فيها إقحاما ولهذا كان عليه أن يسميه (محشية أو حاشية) إلا أن (محشية) أحسن لأن لفظ (الحاشية) أنصرف إلى طرة الكتاب، ولهذا يحسن بنا أن نتخذ للمعنى الجديد وضعاً خاصاً به. والثالث أن قوله إننا سمينا كلسعة من محض بهتانه لنا إنما أردنا

بالكلسعة وما عليه إلا مراجعة ما كتبناه ليتحقق صدق ما نقول. فبالكالسعة أذن حرف يوضع في مؤخر الكلمة لإنشاء معنى جديد في تركيبها وقد سميناها أيضاً (اللاحقة والمذيلة) (راجع لغة العرب 33: 4 إلى 38 المقالة المعنونة (حروف الكسع في الألفاظ العربية والمعربات). والرابع ظنه إيانا الواضعين لهذه اللفظة والتحقيق أننا نقلناها عن كلام بلغاء الأقدمين كما سترى (راجع لغة العرب 33: 4). والخامس أنه أدعى كون الكاسعة مشتقة من كسعت الخيل (بأذنابها) أي أدخلتها بين (أذنابها) فلم نفهم هذا الكلام، اللهم إلا أن يكون بالروسية إذ كيف تدخل الخيل (أذنابها) بين (أذنابها) فهل يستطيع أن يوضح لنا ذلك وبأي صورة يكون؟ والصواب: أدخلت (أذنابها) بين (أرجلها) كما يتضح بأقل تأمل لمن لا يشرب الفودكة. والسادس قوله أن الكاسعة مشتقة من كسع الخيل وهو وهم ظاهر والصحيح أن كسع لغة في كسأ بهمزة في الآخر وكسأ (بهمزة بعد السين) كل شئ مؤخره فيكون معنى كسأه تبعه أو أتبعه. فالكاسعة أداة تتبع آخر حرف الكلمة أو تكون في مؤخرها. والسابع قوله: (فقد حان لنا أن نقيم ولو (قليلاً) على بعد من البعر) لا معنى له، ولعل مراده (نقيم بعض الأحيان) ليصح أن يكون على بعد من البعر في أحيان الحاجة إلى الابتعاد إذ يجوز لبعض الناس أن يترددوا إليه من غير أن يقيموا بجانبه دائماً، وإلا فلو أقاموا (قليلاً) على بعد منه رجعوا إليه من جديد مجاورين له بعد مضي هذا (القليل). أفهمت يا مولاي الأستاذ في جامعة باكو والدكتور في الآداب؟. والثامن جهله أن الإقامة بين الجمال والخيل عند الحاجة هي من الضروريات فهؤلاء متمدنو هذا العصر يبحثون في (البعر) ودحاريج الجعلان عن الحقائق العلمية التي تتعلق بالدويبات التي تعيش فيها فلماذا يأنف صاحبنا من مثل هذا الأمر لو فرضنا جدلاً أنه محق في اشتقاق الكاسعة؟.

والتاسع: أننا لم نضع هذه الكلمة أي الكاسعة بل سبقنا إليها اللغويون الكبار الأقدمون فاتبعناهم وشهرنا اللفظة في هذا الأوان. قال الأزهري في كتابه التهذيب في مادة عندل: (العندليب رباعي أصله العندل، ثم مد بياء وكسعت (بصيغة ما لم يسم فاعله) بلام مكررة ثم قلبت باء) اهـ (وراجع التاج في مادة عندل). وقال في التاج في مادة ددد في شرحه كلام الطرماح (. . . آل الضحى ناشطا من داعب ددد، قال الليث: وإنما قال ددد لأنه لما جعله نعتاً لداعب كسعه أي أتبعه (هذا معنى كسعه لا ما قال الخصم. وأصل ددد: (دد أو ددا)) بدال ثالثة وإنما عبر بالكسع إغراباً وإيماء إلى وقوع مثله في كلام بعض الأقدمين من الصرفيين. قاله شيخنا.) اهـ كلامه، وقال في رخد:. . . قال أبو الهيثم: الرخود: الرخو زيدت فيه دال وشددت مكسوعا بها كما يقال فعم وفعمل. اهـ عن التاج واللسان وهناك غير هذه الشواهد فاجتزأتا بما ذكرنا. أفرأيت الآن من واضع الكاسعة وأنها يجب أن تكون بصيغة الفاعل لا بصيغة المجهول إذ الأداة كاسعة والكلمة مكسوعة؟ فإذا علمت يا أيها الأستاذ في جامعة باكو والدكتور في العلوم الأدبية (؟) عرفت أنك واهم تسعة أوهام في ثلاثة أسطر من مجلة الكلية - وتبين لك أن مقالك كله من هذا النسيج، نسيج العنكبوت، نسيج الخطأ والخطل وأن سكوتك كان أشرف لك من أن تعلن على رؤوس الملا جهلك هذا الشائن الفظيع فكيف تكون حالك حين نزيف مقالك كله وما فيه من الآراء السخيفة وقد وقع في ثماني صفحات؟ (الخلاصة) أن لغتنا من أرقى اللغات ومن أتمها وضعا وأحسن تركيبا، وفيها الدواخل والكواسع والمحشيات كما في اللغات اليافثية، بخلاف ما ينكره علينا علماء الغرب من المستشرقين وبعض الشعوبية من العرب، وأن الألفاظ الدواخل والكواسع زعمه بعض المغفلين المتقعرين وما سواها من الأسماء يعد من سقط المتاع.

اليأمور

اليأمور ذكر أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفي سنة 255هـ 869م اليأمور في باب الظلف فقال: (وهي الظباء وهي معز والمعز أجناس والبقر الوحشي ذات أظلاف وهي بالمعز أشبه منها بالبقر الأهلي وفي ذلك تسمى نعاجا وليس بينها وبين الظباء وأن كانت ذوات جرة وكرزش وقرون وأظلاف تسافد ولا تلافح وهي تشبهها في الشعر عدم السنام ومن الظلف الوعل والتيتل واليأمور والأيل جبليات كلها). وقال ابن سيده المتوفي سنة 458هـ 1066م. (قال أبن دريد، اليأمور جنس من الأوعال أو شبيه بها). وقال الصاغاني المتوفي سنة 650هـ 1253م في كتاب يفعول (اليأمور لغة في من يهمزه قال الليث هو من دواب البر يجري على من قتله في الحرم والإحرام إذا صيد الحكم. وذكر الجاحظ اليأمور في باب الأوعال الجبلية والأيايل والأروى وقال هو أسم لجنس منها. وقال أبن دريد: هو جنس من الأوعال أو شبيه بها). وقال ابن مكرم الأفريقي المتوفي سنة 711هـ 1311م اليأمور: بغير همز الذكر من الأيل، الليث اليأمور من البحر يجري على من قتله في الحرام أو الإحرام. وذكر عمرو بن بحر اليأمور في باب الأوعال الجبلية والأياييل والأروى وهو أسم لجنس منها بوزن يعمور. واليعمور الجدي وجمعه اليعامير). وقال الدميري المتوفي سنة 808هـ 1405م: اليأمور: قال أبن سيده هو جنس من الأوعال أو شبيه به له قرن واحد

متشعب في وسط رأسه وقال غيره أنه الذكر من الأيل له قرنان كالمنشارين أكثر أحواله تشبه أحوال البقر الوحشي يأوي إلى المواضع التي ألتفت أشجارها وإذا شرب الماء ظهر بنشاط فيعدو ويلعب بين الأشجار وربما ينشب قرناه في شعب الأشجار فلا يقدر على خلاصهما فيصيح والناس إذا سمعوا صياحه ذهبوا إليه وصادوه. وقال الفيروزابادي المتوفي سنة 817هـ 1414: اليأمور: (الذكر من الإبل) بالباء الموحدة. وزاد طابع نسخة المطبعة الميمنية على الهامش (قوله اليأمور الذكر من الإبل كذا في سائر النسخ بالباء الموحدة وصوابه الأيل بتشديد المثناة التحتية المكسورة وذكر عمر بن بحر اليأمور في باب الأوعال الجبلية والأيايل والأروي وهو أسم الجنس منها. انتهى كلام الشارح. وجاءت في هذا الهامش اليأمور بالباء الموحدة التحتية وعمرو بلا واو والجباية بدلاً من الجبلية مما يدل على عدم العناية بطبع هذه النسخة أو هوامشها على الأقل وقال السيد مرتضى الزبيدي المتوفي سنة 1205هـ 1790م: اليأمور: بغير همز أهمله الجوهري والصاغاني وقال الليث هو الذكر من الإبل كذا في سائر النسخ بالباء الموحدة وصوابه الأيل بتشديد التحتية المكسورة وذكر عمرو بن بحر اليأمور في باب الأوعال الجبلية والأياييل والأروى وهو أسم لجنس منها. فترى مما تقدم أن الفيروزابادي أو الذين نسخوا كتابه قد خلطوا بين الإبل والأيل. وقد تقدم في كلام الصاغاني أن الليث يعتبره من دواب البر في حين أن أبن مكرم الأفريقي يروي عن الليث نفسه أنه من دواب البحر ونظن أن ذلك من خطأ النسخ أو الطبع أيضاً. وقد وضع صديقنا الأجل عالم مصر الأستاذ أحمد تيمور باشا رسالة ممتعة في تصحيح القاموس أتى فيها على أغلاط النسخ والطبع ولكنه لم يذكر فيها

هذه الغلطة التي اطلعت عليها عرضاً ولعل الأستاذ اكتفى بما أشار إليه شارح القاموس في تاجه المرصع بأنواع الجواهر أو أنه أقتصر في رسالته على الأغلاط فقط ولم يتناول أوهام المؤلف كما تناولها في رسالته (تصحيح لسان العرب). حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص (لغة العرب) أختلف العلماء في حقيقة هذا الحيوان اختلاف أبناء الغرب فيه، والمشهور أن اليأمور (وهو بياء مثناة في الأول) حيوان سماه اليونانيون وذكره أرسطوطاليس وفلوطرخس واليانس والترجمة السبعينية وصاحب الزيور وأسمه بالفرنسية أو وقد رأى علماء الغرب في عهدنا هذا أن المقصود باليأمور ضرب من البقر الوحشي أسمه الأرخ وبلسان العلم وقال آخرون أنه اليحمور نفسه وما الهمزة في اليأمور إلا تخفيف الحاء وبلسان العلم وذهب آخرون إلى أن اليأمور هو الوحيد القرن أو الكركدن وجاء بهذا المعنى الزبعري والكركند والحريش والمرميس والهرميس والنوشان والنزك والحمار الهندي والسناد والريم والسرناس إلى غيرها من الأسماء وأنت ترى من هذا أن الإفرنج اعتبروا اليأمور مرة كالأيل وأخرى كالثور. وقد سموا بوحيد القرن أيضاً حيواناً بحرياً هو لأن له قرناً طويلاً في مقدم رأسه والذي حققه الدكتور أمين بك المعلوف في المقتطف (358: 34) أن اليأمور هوالمسمى عند الإفرنج وبالإنكليزية وكذا قال محمد شرف بك في معجمه فأنه ذكر بازاء الإنكليزية المذكورة هذه الكلمات، جزمة ظبية، أنثى الأيل، ظبية برية، اليحمور واليأمور (بالعبرانية والسريانية) اه. وقد يصح هذا المسمى في بعض ما عناه السلف لكنه لا يصح في جميع أحواله. ونحن لم نجد الجزمة (كغرفة) في كتبنا بهذا المعنى. أما الظبية فغير أنثى الأيل واليأمور غير اليحمور عند المحققين والعبريون لا يعرفون إلا اليحمور ويسمونه كذلك. وكذلك قل عن السريان فانهم يحموراً. أما اليأمور فهو بالعربية فقط. هذا ما وصل إليه تتبعنا بوجه الاختصار ولعل بين القراء من يفيدنا أكثر من هذا.

رسالة في النابتة

رسالة في النابتة هذه رسالة لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ إلى أبي الوليد محمد بن أحمد بن أبي داود في النابتة: حضرة صديقي الأب أنستاس الكرملي المحترم: كنت بعثت لكم بأرجوزة في الظاء والضاد منسوبة لأبن قتيبة وجدتها في مجموعة خطية في مدرسة الحجيات في الموصل فأدرجتموها في مجلتكم في جزئها السادس من سنتها السابعة. ووجدت قد وقع فيها أغلاط مطبعية لابد أنكم أشرتم إلى تصحيحها. وأطلعت بعد ذلك على مقال للفاضل ف كرنكو ينكر نسبة الأرجوزة المذكورة لأبن قتيبة، أما أنا فلا أؤيد هذه النسبة ولا أنكرها إنما أقول أني نقلتها بأمانة كما وجدتها. والآن أقدم لكم رسالة للجاحظ منقولة من المجموعة نفسها اجتهدت بتصحيح بعض أغلاطها وذكرت الخطأ كما هو لأمانة النقل وذكرت تصحيحي عقبه بين عضادتين. أرجو نشرها في مجلتكم الغراء أن وجدتم في نشرها فائدة وأقبلوا مني فائق الاحترام. الموصل: الدكتور داود الجلبي بسم الله الرحمن الرحيم وبه العون أطال الله بقاءك وأتم نعمته عليك وكرامته لك. أعلم أرشد اله أمرك أن هذه الأمة قد صارت بعد إسلامها والخروج من جاهليتها إلى طبقات متفاوتة ومنازل مختلفة. فالطبقة الأولى عصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وست سنين من خلافة عثمان (رض) كانوا على التوحيد الصحيح والإخلاص المخلص مع الألفة واجتماع الكلمة على الكتاب والسنة وليس هناك عمل قبيح ولا بدعة فاحشة ولا نزع يد من طاعة ولا حسد ولا غل ولا تأول حتى كان الذي كان من قتل عثمان وما أنتهك منه ومن خبطهم إياه بالسلاح وبعج بطنه بالحراب

وفري أوداجه بالمشاقص وشدخ هامته بالعمد مع كفه عن البسط ونهيه عن الامتناع (كذا ولا يستقيم له معنى) مع تعريفه لهم قبل ذلك من كم وجه لا يجوز قتل من شهد الشهادة وصل القبلة (لعلها إلى القبلة) وأكل الذبيحة ومع ضرب نسائه بحضرته وإقحام الرجال على حرمته مع ايقاء (لعله اتقاء) نائلة بنت الفرافصة بيدها حتى أطنوا (أي قطعوا) إصبعين من أصابعها وقد كشفت عن قناعها ورفعت عن ديلها (ذيلها) ليكون ذلك ردعاً لهم وكاسراً من (لعله عنتهم) مع وطئهم في أضلاعه بعد موته وإلقائهم على المزبلة بعد سحبه وهي الجزرة التي جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا وأياماه وعقائله بعد السب والتعطيش والحصر الشديد والمنع من القوت مع احتجاجه عليهم وإفحامه لهم ومع اجتماعهم على أن دم الفاسق حرام كدم المؤمن إلا من أرتد بعد الإسلام أو زنى بعد إحصان أو قتل مؤمنا على عمد أو رجل عدا على الناس بسيفه فكان في امتناعهم منه عطبه ومع اجتماعهم على أن لا يقبل (يقتل) من هذه الأمة مولى ولا يجهز منها على جريح ثم مع ذلك كله دفروا (وفضوا) عليه وعلى أزواجه وحرمه وهو جالس في محرابه ومصحفه يلوح في حجره أن يرى أن موحداً يقدم على قتل من كان في مثل صفته وحاله لا جرم لقد اجتلبوا به ذما (دما) لا تطير رغوته ولا تسكن فورته ولا يموت ثائره ولا يكل طالبه. وكيف يضيع دم الله وليه والمنتقم؟ وما سمعنا بدم بعد دم يحيى بن زكريا (عم) غلا (غلى) غليانه وقتل سافحه وأدرك بطائله وبلغ كل محبته (؟؟) كدمه رضي الله عنه ورحمه. ولقد كان لهم في أخذه وفي إمامته (؟) للناس والاقتصاص منه وفي بيع ما ظهر من رياعه وحدائقه وسائر أقواله (أمواله) وفي حبسه بما بقي عليه وفي ظهره (طرده) حتى لا يحس بذكره ما يغنيهم عن قتله أن كان قد ركب كلما قدموه (كل ما قذفوه) به أو أودعوه وهذا كله بحضرة جله المهاجرين والسلف المتقدمين والأنصار والتابعين ولكن الناس كانوا على طبقات مختلفة ومراتب متباينة من قاتل ومن شاد على عضده ومن خاذل عن نصرته والعاجز ناصر بإرادته ومطيع بحسن نيته. وإنما الشك منا فيه وفي خاذله ومن أراد

عزله والاستبدال به فأما القاتل والمعين على دمه والمريد لذلك منه فضلال لا شك فيهم ومراق لا إمتراء في حكمهم على هذا لم يعد منهم الفجور أما على سواء تأويل وأما على تعمد للشقاء. ثم ما زالت الفتن متصلة والحروب مترادفة كحرب الجمل وكوقائع صفين وكيوم النهروان وقبل ذلك يوم الزابوقة وفيه أسر أبو حيف وقتل حكيم بن جبلة إلى أن قتل أشقاها علي بن أبي طالب رض فأسعده الله تعالى بالشهادة وأوجب لقاتله النار واللعنة. إلى أن كان من اعتزال الحسن رض الحروب وتخليه الأمور عند انتشار وكثرة تلونهم عليه فعندها استوى معاوية على الملك واستند على بقية الشورى وعلى جماعة المسلمين من الأنصار والمهاجرين في العام الذي سموه عام الجماعة. وما كان عام جماعة بل كان عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة والعام الذي تحولت فيه الإمامة ملكا كسرويا والخلافة عضبا (غصبا) قيصريا ولم يعد ذلك اجمع الضلال والفسق ثم ما زالت معاصيه من جنس ما حكينا وعلى منازل ما رتبنا حتى رد قضية رسول الله ص ردا مكشوفا وجحد حكمه جحدا ظاهرا في ولد الفراش وما يجب للعاهر مع إجماع الأمة أن سمية لم تكن لأبي سفين (سفيان) فراشا وانه إنما كان بها عاهرا. فخرج بذلك من حكم الفجار إلى حكم الكفار وليس قتل حجر بن عدي وإطعام عمرو بن العاص خراج مصر وبيعة يزيد الخليع والاستئثار بالعي (بالفيء) واختبار (واختيار) الولاة على الهوى وتعطيل الحدود بالشفاعة والقرابة من جنس حد الأحكام المنصوصة والشرائع المشهورة والسنن المنصوبة وسواء في باب ما يستحق من الأكفار حجر الكتاب ورد السنة إذا كانت السنة في شهرة الكتاب وظهوره. إلا أن أحدهما اعظم وعقاب الآخرة عليه أشد فهذه أول كفرة كانت في الأمة. ثم لم يكن إلا فمن (لم تكن إلا ممن) يدعي إمامتها والخلافة عليها على أن كثيرا من أهل ذلك العصر قد كفروا بترك اكفاره وقد أربت عليهم ثابتة (نابتة) عصرنا ومبتدعة دهرنا فقالت لا قوة (لا تسبوه) فان له صحبة وسب معوية (معاوية) بدعة. ومن يبغضه فقد خالف السنة فزعمت أن من السنة ترك البراءة ممن ترك السنة. ثم الذي كان من يزيد ابنه ومن عماله وأهل

نصرته ثم غزو مكة واستباحة المدينة وقتل الحسين رض في اكثر أهل بيته مصابيح الظلام وأوتاد الإسلام بعد الذي أعطا (أعطى) من نفسه من تفريق اتباعه والرجوع إلى داره وحرمه أو الذهاب في الأرض حتى لا يحس به أو المقام حيث أحر (أمر) به فأبوا إلا قتله والنزول على حكمهم وسواء قتل نفسه بيده أو أسلمها إلى عدوه وخير فيها من لا يبرد غليله إلا بشرب دمه فاحسبوا قتله ليس بكفر وإباحة المدينة وهتك الحرمة ليس بحجة. كيف يقول (تقولون أو يقال) في رمي الكعبة وهدم البيت الحرام وقتله المسلمين فان قلتم ليس ذلك أرادوا بل إنما أرادوا المتخرب به والمتحصن بحيطانه. أفما كان في حق البيت وحريمه أن يحصروه فيه إلى أن يعطي بيده وأي شيء بقي من رجل قد أخذت عليه الأرض إلا موضع قدمه واحسب مما رووا عليه من الأشعار التي قولها شرك والتمثيل (التمثل) بها كفرا وشيا (شيئا) مصنوعا كيف يصنع بنقر القضيب بين ثنيتي الحسين عم وحمل بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم حواسر على الاقتاب العارية والإبل الصعاب والكشف عن عورة علي بن الحسين عند الشك في بلوغه على انهم أن وجدوه وقد انبت قتلوه وان لم يكن انبت حملوه كما يصنع أمير جيش المسلمين بذراري المشركين. وكيف يقول في قول عبيد الله بن زياد لاخوته وخاصته دعوني اقتله فانه بقية هذا النسل فاحسم به هذا القرن وأميت به هذا الداء واقطع به هذه المادة. خبرونا على ما يدل هذه القسوة وهذه الغلظة بعد أن شفوا نفوسهم بقتلهم ونالوا ما احبوا فيهم (منهم) أيدل على نصب وسوء رأي وحقد وبغض ونفاق وعلى يقين مدخول وإيمان ممزوج أم يدل على الإخلاص وعلى حب النبي (عم) والحفظ له وعلى براة (براءة) الساحة وصحة السريرة. فان كان على ما وصفنا لا يعدوا (لا يعدو) الفسق والضلال وذلك أدنى منازلة فالفاسق ملعون ومن نهى عن لعن الملعون فملعون. وزعمت نابتة عصرنا ومبتدعة دهرنا أن سبب ولاة السوء فتنة ولعن الجورة بدعة وان كانوا يأخذون السمي بالسمي والولي بالولي والقريب بالقريب وأخافوا الأولياء وآمنوا الأعداء وحكموا بالشفاعة والهوى وإظهار القدرة والتهاون بالأمة

والقمع للرعية وانهم في غير مدارة ولا تقية وان عدا ذلك إلى الكفر وجاوز الضلال إلى الجحد فذاك أضل لمن كف عن شيمتهم (شتمهم) والبراة (والبراءة) منهم على انه ليس من استحق اسم الكفر بالقتل كمن استحقه برد السنة وهدم الكعبة. وليس من استحق اسم الكفر بذلك كمن شبه الله بخلقه وليس من استحق الكفر بالتشبيه كمن استحقه بالتجويز. والنابتة في هذا الوجه اكفر من يزيد وأبيه وابن زياد وأبيه ولو ثبت على يزيد انه تمثل بقول ابن الهعري (الزبعري): ليت أشياخي ببدر شهدوا ... جزع الخزرج من وقع الاسل لاستطاروا واستهلوا فرحا ... ثم قالوا يد زيد لا تشل قد قتلنا الغر من سادتهم ... وعدلناه ببدر فعدل كان تجويز النابتي (؟) لربه وتشبيهه بخلقه اعظم من ذلك وافظع على انهم مجمعون على انه ملعون من قتل مؤمنا متعمدا أو متأولا. فإذا كان القاتل سلطانا جائرا أو أميرا عاصيا لم يستحلوا سبه ولا خلعه ولا نفيه ولا عيبه وان أخاف الصلحاء وقتل الفقهاء وأجاع الفقير وظلم الضعيف وعطل الحدود والثغور وشرب الخمور واظهر الفجور. ثم ما زال الناس يتشكعون (يتشكون) مرة ويداهنونهم مرة ويقاربونهم مرة ويشاركونهم مرة إلا بقية ممن عصمه الله تعالى حتى قام عبد الملك بن مروان وابنه الوليد وعاملهما الحجاج بن يوسف ومولاه يزيد بن أبي سلمة فأعادوا (الكرة) على البيت بالهدم وعلى حرم المدينة بالغزو فهدموا الكعبة واستباحوا الحرمة وحولوا قبلة واسط وأخروا صلاة الجمعة إلى مغيربان الشمس. فان قال رجل لأحدهم اتق الله فقد أخرت الصلوة عن وقتها قتله على هذا القول جهارا غير ختل وعلانية غير سر. ولا يعلم القتل على ذلك إلا اقبح من إنكاره (؟) فكيف يكفر العبد بشيء ولا يكفر بأعظم منه. وقد كان بعض الصالحين ربما وعظ الجبابرة (الجبار) وخوفه العواقب واراه أن في الناس بقية ينهون عن الفساد في الأرض حتى قام عبد (الملك) بن مروان والحجاج بن يوسف فزجرا عن ذلك وعاقبا عليه وقتلا فيه فصاروا لا يتناهون عن منكر فعلوه فاحسب تحويل القبلة كان غلطا وهدم البيت كان تأويلا واحسب

ما رووا من كل وجه انهم كانوا يزعمون أن خليفة المرء في أهله ارفع عنده من رسوله باطلا ومصنوعا موكدا. واحسب وسم أيدي المسلمين ونقش أيدي المسلمات وردهم بعد الهجرة إلى القرى وقتل الفقهاء وسب أئمة الهدى والنصب لعترة رسول الله ص يكون كفرا كيف نقول في جمع ثلاث صلوات ولا يصلون أولاهن حتى تصير الشمس على أهالي الجدران كالملا فان نطق مسلم خبط بالسيف وأخذته العمد وشك بالرماح، وان قال الله أخذته العزة بالآثم ثم لم يرض إلا (بنثر) دماغه على صدره وبصلبه حتى يراه عياله. ومما يدل على أن القوم لم يكونوا إلا في طريق التمرد على الله عز وجل والاستخفاف بالدين والتهاون بالمسلمين والابتذال لأهل الحق أكل أمرائهم الطعام وشربهم الشراب على منابرهم أيام جمعهم وجموعهم فعل ذلك حسن بن دلجة وطارق مولى عثمان والحجاج بن يوسف وغيرهم وذلك أن كان كفرا كله فلم يبلغ كفر نابتة عصرنا وروافض دهرنا لان جنس كفرها ولا غبر كفر أولئك. كان اختلاف الناس في القدر على أن طائفة تقول كل شيء بقضاء وقدر وتقول الطائفة الأخرى كل شيء بقضاء وقدر إلا المعاصي ولم يكن أحد يقول أن الله يعذب الأبناء ليغيط (ليغيظ) الأباء وان الكفر والإيمان مخلوقان في الإنسان مثل العمى والبصر. وكانت طائفة منهم تقول أن الله لا يرى لا تزيد على ذلك فان خافت أن نظى (يظن) بها التشبيه قالت يرى بلا كيف تعريا من التجسيم والتصوير حتى نبت (نبتت) هذه النابتة وتكلمت هذه الرافضة فقالت جسما وجعلت له صورة وحدا وأكفرت من قال بالرؤية على غير الكيفية. ثم زعم أكثرهم أن كلام الله حسن وبين وحجة وبرهان وان التوراة غير الزبور والزبور غير الإنجيل والإنجيل غير القرآن والبقرة غير آل عمران. وان الله تولى تأليفه وجعله برهانه على صدق رسوله وانه لو شاء أن يزيد فيه زاد ولو شاء أن ينقص منه. ولو شاء تبدله (تبديله) بدله ولو شاء أن ينسخه كله بغيره نسخه. وانه نزله تنزيلا وانه فصله تفصيلا وانه بالله كاف دون غيره ولا يقدر عليه إلا هو. عير أن الله مع ذلك كله لم يخلقه فأعطوا جميع صفات

الخلق. والعجب أن الخلق عند العرب إنما هو التقدير نفسه فإذا (فلذا) قالوا خلق كذا وكذا. ولذلك قال احسن القائلين وقال يخلقون افكا. وقال وإذ تخلق من الطين كهيئة الطير فقالوا صنعه وجعله وقدره وأنزله وفصله وأحدثه ومنعوا خلقه وليس تأويل خلقه اكثر من قدره ولو قالوا بدل قولهم قدره ولم يخلقه خلقه ولم يقدره ما كانت المسألة عليهم إلا من وجه واحد والعجب أن الذي منعه بزعمه أن يزعم انه بمخلوق انه لم يسمع ذلك من سلفه وهو يعلم انه لم يسمع أيضاً عن سلفه انه ليس مخلوق وليس ذلك بهم. ولكن لما كان الكلام من الله تعالى عندهم على مثل خروج الصوت من الجوف وعلى جهة تقطيع الحروف وأعمال اللسان وللشفتين وان ما كان على هذه الصورة والصفة فليس بكلام ولما كنا عندهم على غير هذه الصفة وكنا لكلامنا غير خالقين وجب أن الله عز وجل لكلامه غير خالق إذ كنا غير خالقين لكلامنا. فإنما قالوا ذلك لأنهم لم يجدوا بين كلامنا وكلامه فرقا وان لم يقروا بذلك بألسنتهم فذلك معناهم وقصدهم. وقد كانت هذه الأمة لا تجاوز معاصيها الإثم والضلال إلا ما جلبت (حكيت) لك عن بني أمية وبني مروان وعمالها ومن لم يدن باكفارهم حتى بحمت (نجمت) النوابت وتابعتها هذه العوام. فصار الغالب على هذا القرن الكفر وهو التشبيه والجبر. فصار كفرهم اعظم من كفر من مضى في الأعمال التي هي الفسق وشركاء من كفر منهم بتوليهم وترك اكفارهم. قال الله تعالى ومن يتولهم منكم فانه منهم. وأرجو أن يكون الله قد أغاث المحقين ورحمهم وقوى ضعفهم وأكثر قلتهم حتى صاروا ولاة امرنا في هذا الدهر الصعب والزمن الفاسد اشد استبصارا في التشبيه من عليتنا واعلم بما يلزم فيه منا واكشف للقناع من رؤسائنا وصارفوا الناس وقد انتظموا معاني الفساد اجمع وبلغوا غايات البدع ثم قرنوا بذلك العصبية التي هلك بها عالم بعد عالم والحمية التي لا تبقى دينا إلا أفسدته ولا دنيا إلا أهلكتها. وهو ما صارت إليه العجم من مذهب الشعوبية وما قد صار إليه الموالي من الفخر على العجم والعرب. وقد نجمت من الموالي ناجمة ونبتت منهم نابتة تزعم أن المولى بولائه قد صار عربيا لقول النبي عليه

السلام مولى القوم منهم ولقوله الولاء لحمة كلحمة النسب لا يباع ولا يوهب قال (قالوا) فقد علمنا أن العجم حين كان فيهم الملك والنبوة كانوا اشرف من العرب وان الله لما حول ذلك إلى العرب صارت العرب اشرف منهم قالوا فنحن معاشر الموالي تقديمنا (بقديمنا) في العجم اشرف من العرب وبالحديث الذي صار لنا في العرب اشرف من العجم. وللعرب (الحديث دون القديم وللعجم) القديم دون الحديث. ولنا خصلتان جميعا وافرتان فينا. وصاحب الخصلتين افضل من صاحب الخصلة. وقد جعل الله الموالي (المولى) بعد أن كان عجميا عربيا بولائه كما جعل حليف قريش من العرب قرشيا بحلفه وبعد أن جعل اسمعيل بعد أن كان أعجميا عربيا. ولولا قول النبي - صلى الله عليه وسلم - أن إسماعيل كان عربيا ما كان عندنا إلا أعجميا لان الأعجم لا يصير عربيا. كما أن العربي لا يصير أعجميا. فإنما علمنا أن إسماعيل صيره الله تعالى عربيا بعد أن أعجميا بقول النبي صلى الله عليه وسلم فكذلك حكم قوله مولى القوم منهم. وقوله الولاء لحمة. قالوا وقد جعل الله إبراهيم ع م أبا لمن لم يلد كما جعله أبا لمن ولد. وجعل أزواج النبي أمهات المؤمنين ولم يلدن منهم أحدا. وجعل الجار والدمن لم يلد في قول غير هذا كثير وقد آتينا عليه في موضعه. وليس ادعى إلى الفساد ولا اجلب للشر من المفاخرة. وليس على ظهرها إلا فجور إلا قليل. وأي شيء اعبظ (أغيظ) من أن يكون عبدك يزعم انه اشرف منك وهو مقر انه صار شريفا بعتقك إياه. وقد كتبت مد الله في عمرك كتبا في مفاخرة قحطان وفي تفضيل عدنان وفي رد الموالي إلى مكانهم من الفضل والنقص وإلى قدر ما جعل الله تعالى لهم بالعرب من الشرف. وارجوا أن يكون علا بينهم وداعية إلى صلاحهم ومنبهة إلى ما عليهم ولهم. وقد أردت أن أرسل بالجزء الأول إليك ثم رأيت إلا يكون إلا بعد استئذانك واتئمارك والانتهاء في ذلك إلى رغبتك فرأيك فيه موفقا أن شاء عز وجل وبه الثقة. تم كتاب أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في النابتة والحمد لله أولا وأخرا والصلوة على خير خلقه محمد وآله وصحبه أجمعين آمين.

مندلي

مندلي 1 - تمهيد كتب أحد الباحثين مقالا عن مدينة مندل يفي لغة العرب (620: 7 إلى 626) يفيد الكثيرون ممن يودون الاطلاع على أنباء الديار العراقية، وقد استحسنت أن اذكر هنا ما لم يتعرض له حضرة الكاتب واصلح الأوهام الواردة في مقاله. 2 - شيء من أخبارها المهمة البندنيجين مشهورة بكثرة الفواكه وجودة النخيل واهم ما يصنع فيها البسط (الكليم) والاحرامات (الجاجيم) والاعبئة والمناديل. ويعتني فيها بتربية دود القز. وفيها نوع من العقارب القتالة تسمى (الجرار) وكثيرا ما يودي هذا الحيوان بحياة كثير من الأطفال الذين لم يتمكنوا من مقاومة سمها. 3 - مندلي في التاريخ تقع هذه المدينة على مقربة من النهروان (المحل الذي حدثت فيه فتنة الخوارج) اسمها القديم البندنيجين، وقد ورد هذا الاسم في كتب الأقدمين. وبمرور الأيام تعددت أسماؤها فصار لها خمسة أسماء: (البندنيجين، البندنيج، مندليجين، مندليج، مندلي). والأسماء الأربعة الأخرى مصحفة أو منقولة عن الاسم القديم (البندنيجين). واسمها المشهور اليوم هو مندلي. 4 - احتلال أمير قشعم لمندلي مما يستوجب الذكر أن مانعا أمير قشعم احتل في عام 1108هـ - 1696م البندنيجين. وقد دام احتلاله إلى سنة 1112هـ حيث سار إليه (دالدبان مصطفى باشا) بجيش كثيف فاخمد نار الفتنة. ولعل هذه الواقعة أهم ما جرى على هذه المدينة بعد ثورة الخوارج. 5 - أوقاف مرجان في البندنيجين كان مرجان بن عبد الله المتوفى سنة 775هـ - 1374م باني جامع مرجان

(في بغداد) قد وقف بساتين في البندنيجين على مدرسته التي شيدها في بغداد ولا نعلم ما آل إليه أمر تلك البساتين. 6 - بعض مبانيها التي لم يذكرها الأديب من مبانيها: تكية الشيخ موسى أو مدفنه. وتكية الشيخ شعبان الرفاعي. 7 - علماؤها أنجبت هذه المدينة جماعة من الفضلاء منهم الشيخ موسى البندنيجي السيد شهاب الدين محمود الحسيني الالوسي المتوفى سنة 1270هـ - 1854م وله آثار لم تزل مخطوطة منها كتاب (ترجمة الأولياء). ولهذا لشيخ منزلة جليلة في قلوب سكنة مندلي وما والاها لعلمه وزهده ولذلك أصبح قبره الواقع في التكية التي شادها في مندلي مزارا يزوره الخاص والعام. ومنهم (حفيد الشيخ موسى) الحقوقي الفاضل معاصرنا السيد محمد توفيق البندنيجي وهو ابن عبد الرحمن بن عيسى بن موسى المذكور. وممن انتسب إلى هذه المدينة الشيخ عيسى صفاء الدين ابن الشيخ عبد الله وهو العالم المتصوف الذي نشأ ببغداد واخذ العلوم عن بعض فضلائها. ومن تلامذته السيد عبد الباقي الالوسي المتوفى سنة 1298هـ - 1881م. توفي الشيخ عيسى عام 1283هـ - 1867م. ومن المنتسبي إلى (البندنيجين) الحسين بن عبيد الله البندنيجي الفقيه المتوفى عام 425هـ - 1034م صاحب كتاب (الجامع) وكتاب (الذخيرة) في الفقه. 8 - إصلاح الأوهام الواردة في المقال في صفحة 625 س 20 رستم زاد والصواب رستم زال وفي س 21 الونكوهي والصواب الوندكوهي انتسابا إلى جبل آلوند في إيران وفي س 23 فلامرزو والصواب فرامرز وفي س 25: والذين لهم اطلاع تام على الفارسية يقولون أن لهؤلاء الأبطال كتبا مطبوعة بالفارسية. قلنا: أن الكتب المذكورة ليست من وضع أنفسهم وإنما هي لغيرهم ذكر أصحابها سيرة الأبطال المشار إليهم. ثم أن هذه الكتب لا تذكر سيرتهم عن حقيقة وإنما تذكرها بصورة رواية موضوعة كما يفعله أبناء العصر. وفي ص 626 س 1: ويسمون الكتب التي فيها تواريخ الأبطال شاهنامه (والفصحاء يكتبون شاه نامه) قلنا: لم يسم كتاب (عدا كتاب الفردوسي الشاعر) بالشاه نامه. محمد مهدي العلوي

لواء الكوت

لواء الكوت 1 - بناؤها أنشئت الكوت عام 1227هـ (1812م) بطلب من الحكومة العثمانية أنشأها رجل اسمه سبع بن خميس رئيس تلك الأطراف من مياح بطن من ربيعة وكانت قبل ذلك غابات ولا تزال تسمى الكوت تسمى بكوت يبع نسبة إلى مؤسسها. فلما جاء مدحت باشا عام 1286هـ 1869م ونظم النظم الإدارية جعل الكوت قضاء ملحقا بلواء العمارة ولما كان في العراق اكوات كثيرة خصصت هذه بالعمارة تمييزا لها عن غيرها. (لغة العرب) نحن لا نصدق هذه الرواية لأنه ورد في كتاب إفرنجي اسمه (رحلة من ساحل ملبار إلى القسطنطينية) لصاحبها وليم هود الإنكليزي 93. في ص93 ما هذا معناه: حين صعودنا دجلة في 22 كانون الثاني (يناير) (سنة 1817م) بدأنا نرى ديارا أنزه من سائر البلاد التي هبطنا إليها إلى الآن واكثر زراعة منها فكان ذلك إشارة إلى إننا ندنو من مدينة فلما وصلنا إلى الكوت ذهب دليلي إلى البر ليبحث عن حصن يكريها لأنها ضرورية لنا لإتمام طريقنا فذهبنا إلى دار المكس فاستقبلنا فيها ضباط الترك بكل أدب وكانوا في أمر المتسلم وهم في هذه الدار لجباية الضرائب على البضائع وأطلنا إقامتنا في هذه المدينة إلى 24 ك2. . . إلى آخر ما قال وهذا كلام يدل على أن هناك كانت مدينة في سنة 1817 وفيها دار مكس وضباط ومتسلم وهذا لا يتم في خمس سنوات إذا كانت المدينة أنشئت في سنة 1812. انتهى. 2 - شهرتها لما اندلعت السنة نيران الحرب الكبرى عام 1914م رأى الحلفاء أن يقطعوا على تركية طريق إحراجها موقفهم بتعكيرها صفو الأمن في خليج فارس وخلق الاضطرابات في الهند فزحفت ثلة من الجنود الهندية إلى العراق وكانت هذه

الجنود تحتل البلاد العراقية الواحدة بعد الأخرى بعد تراشقات طفيفة حتى إذا وصلت إلى إيوان كسرى. صدمتها الجنود التركية صدمة عنيفة اضطرتها إلى التقهقر حتى بلدة الكوت فبلغتها في 3ك2 عام 1915م وبقيت محاصرة يرأسها القائد طاوزند مدة طويلة لاقت خلالها أنواع العذاب إلى أن أحوجها الحصار إلى التسليم يوم 29 نيسان 1916م بلا قيد ولا شرط. ومن ذلك الحين ذاع اسم (الكوت) في الشرق والغرب وصار الناس يتحدثون عنها الشيء الكثير ولا تزال فيها مقبرة للجنود البريطانية والهنودية التي ماتت وقت هذا الحصار الأليم. والكوت هذه بلدة حديثة تبلغ نفوسها 12. 500 نسمة وتقع على الضفة اليسرى من دجلة على بعد 118 ميلا من جنوب بغداد. وهي مركز لواء الكوت وفيها شارع فسيح يحاد النهر المذكور فيجعل للمنازل التي فيه اجمل منظر. أما أسواقها وحوانيتها وبيوتها ففي حالة متوسطة إذا استثنينا من ذلك صرح الحكومة والمستشفى الملكي والمدرسة الأميرية وبعض بيوت المتمولين لأنها مبنية على الطراز الصحي الحديث. وأما الهواء فيها فمعتدل الفصول والماء هناك عذب جدا فهو ماء دجلة النمير. ولهذه المدينة أهمية تجارية تستوجب الذكر لأنها مركز اللواء الذي يبتاع منه سكان أنحائه جميع احتياجاتهم. وميناء مهم للسفن التجارية التي تذهب إلى البصرة ومنها إلى بغداد. ولمركز اللواء ناحيتان هما 1 - أم حلانة (بتشديد اللام) ومركزها قرية أم حلانة على عدوة دجلة اليمنى في محل يبعد عن جنوب الكوت ثلاثة أميال وهي مجموعة عرائش وأبيات من اللبن يسكنها جماعة من الفلاحين يبلغ عددهم ثلاثمائة نسمة وللحكومة فيها بناية متوسطة الحال مع مخفر للشرطة. 2 - ناحية البغيلة (تصغير بغلة وهي سفينة بحرية كبيرة وكانت تحمل وتقف في حدها إلى القرية المسماة اليوم بغيلة) وهي قرية جميلة المنظر عليلة النسيم

عذبة المياه سكنها زهاء (4300) نسمة وتقع على الضفة اليمنى من دجلة في محل يبعد عن جنوب بغداد مائة ميل وعن شمال لكوت 40 ميلا وفيها ادؤر عامرة وبنايات أنيقة أما فواكهها وأثمارها فلذيذة. 3 - تنظيمات اللواء الإدارية ترتبط بمركز اللواء ارتباطا إداريا. ناحيتان وقد تقدم وصفهما ولهذا اللواء ثلاثة اقضيه مهمة هي قضاء الحي وقضاء الصويرة وقضاء بدرة وفيما يلي وصف موجز لكل منها: 4 - قضاء الحي الحي بلدة رائقة المنظر قليلة العمران تكتنفها بساتين كثيرة وعدة رياض نضرة وهي على نهر الغراف الأيسر في موضع يبعد عن الجنوب الغربي من بلدة الكوت خمسين ميلا وسكانها أهل زراعة وفلاحة وفيهم لفيف من الأكراد والبغداديين والعرب المتحضرين من أهل الغراف وغيره وهؤلاء تجار حبوب وأقمشة وباعة بقول وعقاقير وصناع وحاكة وغير ذلك من المستبضع المعهود عند طبقات كل مدينة وهي مركز القضاء تبلغ نفوسها 9750 وفيها جملة مقاه ودور عامرة قليلة وأسواق وجادات متوسطة الحال وهي مسورة بسور من اللبن تهدمت بعض جهاته في الأيام الأخيرة وهواؤها جيد من حيث العموم. أما ماؤها فعذب سائغ غير انه لا يجري بانتظام ولا دائما لان مياه الغراف كثيرا ما تنقطع عن البلدة ولهذا قد تهدمت بعض مباني الحي وهجرها جماعة من سكانها وصوحت بعض أراضيها وباتت في حالة تستحق معها عطف القاصي والداني. ولعل وعود الحكومة بإصلاح الغراف تنفذ في الأيام المستقبلة فتنقذ هذه البلدة الطيبة من خطر الاضمحلال وتعيد إليها زهوها ورخاءها. للقضاء ناحية واحدة تدعى محيريجة (بالتصغير) ومركزها القرية المسماة باسمها التي تقع على ضفة الغراف اليمنى على بعد 25 ميلا من الشمال الشرقي لمركز القضاء وهي مركز للعشائر والفلاحين. 5 - قضاء الصويرة شمل العمران الراقي قطر العراق في عهد ولاية المصلح الكبير مدحت باشا

والي بغداد سنة 1286هـ وسرت هذه الحركة المباركة إلى جميع الأنحاء فقام الناس ينشئون مساكن جليلة مباني فاخرة واستمر ذلك حتى نشوب الحرب الكونية التي أشلت الأيدي عن كل عمل. و (الصويرة) إحدى القصبات التي أنشئت حديثا. وقد أنشأها رجل يدعى السيد بهية عام 1314هـ وهو لا يزال حيا يرزق. وكان في بادئ الأمر قد بنى منزلا صغيرا لمأمور الحكومة سماه (صيرة) بمعنى (حظيرة) ثم توسعت حركة البناء هناك فأصبحت الصويرة قصبة مهمة وهي اليوم مركز قضاء الصويرة تقع على بعد 44 ميلا من جنوب بغداد وقدر نفوسها (8000) نسمة عدا وعي على ضفة نهر دجلة اليمنى. ولما رأت الحكومة أن قد حصل بعض الالتباس لدوائر الحكومة والبريد في التفريق بين الرسائل المعنونة إلى البصرة والصيرة. أصدرت أمرا في غرة أيلول 1925م أسمت بموجبه قضاء الصيرة ب (قضاء الصويرة) بالتصغير دفعا لهذا الالتباس. ولمركز القضاء ناحية واحدة تدعى (ناحية العزيزية) مركزها قرية العزيزية الواقعة على ضفة دجلة اليسرى في موضع يبعد عن جنوب مركز القضاء 29 ميلا وهي آهلة بنحو 700 نسمة وفيها عدة مبان حسنة وقد شيدت عام 1282هـ (1865م) وسميت كذلك باسم السلطاني عبد العزيز وجعلت قضاء حتى الحرب الكونية. فلما نظمت الحكومة العراقية جعلت ناحية. وقد بناها فتح الله بك من رؤساء العمادية وكان قائم مقام فيها ولا يزال قبره هناك. (بدرة) قصبة منحطة العمران ثقيلة المياه نقية الهواء تبعد عن الشمال الشرقي لمدينة الكوت 36 ميلا وهي مركز القضاء المسمى باسمها تقع على ضفة نهر الكلال اليسرى ومعظم سكانها أكراد وكلهم يتكلمون باللغة الكردية وهي محادة لجبال بشت كوة الإيرانية ونفوسها 3000 نسمة تقريبا واهم حاصلاتها الزراعية التمور بجميع وأفخر أنواعها. لأن التمر فيها ينمو حسنا وهو مشهور بجودته في جميع أنحاء العراق كما أن فيها بعض الفواكه اللذيذة. وقد ذكر الحموي في معجمه. إنها أول قرية جمع منها الحطب لنار إبراهيم

الخليل عليه السلام وهي قائمة على أنقاض مدينة (بادرايا) الشهيرة في التاريخ. وعلى مقربة من (باكسايا) التاريخية. وينسب إليها جماعة من أهل الورع والتقى. ويبعد صرح الحكومة عن القصبة ثلاثة كيلومترات فإذا طغى (الكلال) أحدث بركة عظيمة من المياه. ولهذا أن موظفي الحكومة هناك يعانون مشقات كثيرة عندما يذهبون من منازلهم في القصبة إلى بناية الحكومة لأداء واجباتهم الرسمية. للقضاء ناحيتان هما زرباطية وجصان (بتشديد الصاد) أما ناحية زرباطية فمركزها قرية زرباطية الواقعة على بعد ثمانية أميال من شرق بدرة وهي مجموعة بيوت من اللبن يخترقها نهر الكلال الذي يأتي من جبال بشت كوة وللحكومة فيها بناية متوسطة الهيئة وكل سكانها أكراد ولغتهم بالطبع اللغة الكردية وعدد النفوس فيها 1500 نسمة وأما ناحية جصان فمركزها قرية تسمى باسمها وتقع على بعد 12 ميلاً من الجنوب الغربي لقصبة بدرة وبيوتها مع نفوسها بقدر بيوت زرباطية إلا أنها أوسع منها قليلاً. 6 - حاصلات اللواء أهم المنتوجات الزراعية في لواء الكوت، التمور بجميع صنوفها والحبوب على اختلاف أنواعها كما أن السوس ينبت كثيراً في بعض أجزائه ولو كان الماء يجري في الغراف دائماً منتظماً لكان يدر على الخزينة مالاً وفيراً ويعيد إلى سكانه ثراءهم المشهور ولاسيما أن تربة الغراف مشهورة بخصبها منذ أقدم العصور. ويصدر هذا اللواء قدراً مهماً من الجلود والسمن والمواشي وقليلاً من الطيور الداجنة وبنات الماء مع بعض المنسوجات الوطنية. 7 - المدارس في اللواء في تقرير وزارة المعارف السنوي عن سير الحركة العلمية في المملكة لينة 1928 أن المدارس في لواء الكوت تسع فقط. ومعنى هذا أن الحركة العلمية في هذا اللواء مصابة في صميمها بالنظر إلى كثرة سكانه وتوابعه. وقد مر بنا أن اللواء يتقوم من ثلاثة أقضية وست نواح موزعة على أجزائه وليس في اللواء مدرسة ثانوية ولا إناثية ولعل الحكومة المحترمة تعطف نظرها عليه فتنتشل سكانه

من وهدة الخمول وليس ذلك على عشاق الحركة الإصلاحية والتهذيبية بعسير. 8 - عشائر اللواء في لواء الكوت عشائر كثيرة بل أن أكثر سكانه من العشائر مثل بقية الألوية ولكل عشيرة توابع وأفخاذ كثيرة ونحن نكتفي الآن بذكر أسماء العشائر الكبيرة فقط على أن نترك التبسط في أمرها إلى مقال منفرد. فمن جملة عشائر اللواء: ربيعة (وأشهر أفخاذها المياح والأمارة والسراج) ثم زبيد (وهم من حمير حسبما حسبما يدعون) ثم شمر طوقة (وهؤلاء أصلهم من عشيرة شمر الشهيرة ولكنهم انفصلوا عنها وسكنوا ضفاف دجلة بين ناحية سلمان باك والعزيزية) ويليهم بيكات المنتفق مع قسم من عشيرة آل بدير التي تقطن لواء الديوانية. ثم بني لام (ومن أفخاذهم أخوة حبشة والخميس والرحمة والطعان والمزيار). . . الخ 9 - طرق المواصلات تسير السيارات بين الكوت وبغداد وبين الأولى وسائر أجزاء اللواء سيراً متصلاً إذا كان الماء منقطعاً عن نهر الغراف أما إذا كان فيه غزيراً: فتشترك مع السيارات في نقل البضائع والمسافرين وبعض الزوارق البخارية التي تسير بين الكوت وقضاء الحي. ولما كان أجور السيارات والزوارق باهظة بالنسبة إلى الأشياء المحملة إياها ظل بعض السكان والتجار ينقلون بضائعهم على الحيوانات اقتصاداً في النفقات. بغداد: السيد عبد الرزاق الحسني الحسيني لا الحسني وربيع الأول من أفصح الكلام 1 - في لغة العرب 617: 7 شاه إسماعيل بن حيدر الصفوي الحسني والصواب الحسيني لأن الشاه إسماعيل يتصل نسبه بالإمام موسى الكاظم (ع) ومنه بالإمام الحسين بن علي (ع). 2 - في لغة العرب المحبوبة (740: 7) في ربيع الأول هذا هو الأفصح هذا هو الأفصح فالشهر مقدر وحذف المضاف عادة عند الفصحاء كما في قوله تعالى (واسأل القرية) أي واسأل أهل القرية. محمد مهدي العلوي

فوائد لغوية

فوائد لغوية في الصحاح وفي مختار الصحاح أقدم بين عيني القارئ جملة من الاستدراكات على الجوهري والرازي ليعلم عظم احتياجنا إلى معجم جامع لما نقل عن فصحاء العرب: 1 - قال الجوهري في (فهم) من المختار (واستفهمه الشيء) فعداه إلى مفعوليه بنفسه، وقد يعدى إلى الثاني بعن كما في قول المبرد في 162: 3 من الكامل إنما تستفهمه عن الذي ذكر بعينه) ومثله في جمهرة أشعار العرب ص125. وقال في (علا) منه (علا في المكان. . . وعلاه: غلبه وعلا في الأرض تكبر. . .) ولم يذكر (علا عليه) مع أنه قال في (عرش) ما نصه واعترش العنب: إذا علا على العراش). 3 - وقال في (حول) ما نصه وحال الشيء بيني وبينه يحول حولاً وحؤولا أي حجز من) قلت: ويقال (حال دون الشيء) فهو الذي قال في (عرض) من المختار (واعترض الشيء دون الشيء: أي حال دونه). 4 - وقال في (بدل) منه (وأبدل الشيء بغيره وبدله الله تعالى من الخوف أمنا) قلت: ويقال (أبدل الشيء غيره) بحذف الباء) وقد قال هو في (سدي) ما صورته (والسادي السادس بإبدال السين ياء أما (أبدل من الشيء غيره) فلا أدري لم أهمله؟ وهو القائل في (صوع) ما نصه (وإن شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة) وقال في مثل هذا الاستعمال في (عنن) و (قضى) و (تظنى). 5 - وذكر في (زوج) ما خلاصته زوجه امرأة وبامرأة وتزوجت رجلاً وبرجل) لم يذكر (تزوج القوم وفيهم بمعنى صاهرهم مع أنه قال في (غرب) منه (واغترب فلان إذا تزوج إلى غير أقاربه) وفي (ضوى) منه تزوجوا في الأجنبيات ولا تتزوجا في العمومة)

وقال في (إيا) على التحذير (وتقول إياك وان تفعل كذا بلا واو) قلت ورد في (37: 2 من الكامل قول أبي عيينة أخي عبد الله بن أبي عيينة إلى السال فاختر لنا مجلساً ... قريباً وإياك أن تخرقا 7 - وقال الجوهري أيضاً في (بت) من المختار (تقول: بته يبته ويبته بضم الباء وكسرها وهو شاذ لأن المضاعف إذا كان مضارعه مكسوراً لا يكون متعدياً، إلا هذا وعله في الشراب يعله ويعله ونم الحديث ينمه وبنمه وشده ويشده وحبه يحبه. وهذه الكلمة وحدها على لغة واحدة وهي الكسر) فقال محمد بن أبي بكر الرازي مؤلف المختار (قلت: ورمه يرمه ويرمه ذكره في - ر م م - فزاد المستثنى على ما حصره فيه) فأقول أن الرازي قال في (بس) ما نصه (هكذا هو مضبوط في الصحاح والتهذيب وشرح الغريبين - يبسون - بكسر الباء، وذكر البيهقي في مصادره أنه في باب رد يرد) فيقال إذن بس يبس ويبس ولم يذكره الرازي وكلاهما لم ينتبها إلى على ما ورد في (شج) ونصه (تقول شجه يشجه بضم الشين وكسرها) وذكر المبرد في 239: 1 من الكامل مما لم يذكراه (هره يهره ويهره إذا أكرهه في المختار (جد يجد ويجد وحدت المرأة تحد وتحد. وحل يحل ويحل وشطت الدار تشط وتشط) ولعل عند أنستاس زيادة على هذا وإن أرادا المتعدي بنفسه فلا يستدرك إلا بعض ما ذكرنا. 8 - وقال الجوهري في (شفع) ما نصه (واستشفعه إلى فلان سأله أن يشفع إليه) ولم يذكر (استشفع به وهو القائل في (دلا) ما عبارته: ودلوت بفلان إليك أي استشفعت به إليك). 9 - وقال في (ب ن ن: البنانة واحدة البنان وهي أطراف الأصابع ويقال بنان مخضب لأن كل جمع ليس بينه وبين واحدة إلا الهاء فأنه يوحد ويذكر) قلت: أن الجوهري قال ذلك جازماً ويدل على جزمه إشتراطه التوحيد والتذكير لمثل هذا الجمع على أنه غير صواب ففي ص 1089 من المصباح طبعة نظارة المعارف المصرية (قال أبو إسحاق الزجاج. . . وكل جمع بينه وبين واحدة

الهاء نحو بقر وبقرة فأنه يذكر ويؤنث) وقد نقل الأب انستاس في (نخل) من المصبح عن أبن السكيت مثله، ورأيت في فقه اللغة للثعالبي مثله، ذكرت ذلك فضلاً عن أن الجوهري قال في عهد (والعماد: بالكسر الأبنية الرفيعة تذكر وتؤنث والواحدة عمادة وقال في (خ ل ل: والخلية أيضاً بيت النحل الذي تعسل فيه) فأنث أسم جمع نحلة خلافاً لما ذكر، وقال في عسل (والنحل عسالة) وقال في ن وى (وأما النوى الذي هو جمع نواة التمر فهو يذكر ويؤنث). 10 - وقال في ي م ن (يقال: يا من يا فلان بأصحابك أي خذ بهم يمنة ولا تقل: تيامن، والعامة تقوله) قلت أنه قال في ي س ر وتياسر يا رجل لغة في ياسر وبعضه ينكره) وحمل النظير على النظير هاهنا لازم فضلاً عما ورد في 171: 2 من الكامل ونصه (قال معاوية يوماً: من أفصح الناس؟ فقام رجل من السماط فقال: قوم تباعدوا عن فراتية العراق وتيامنوا عن كشكة تميم وتياسروا عن كشكة بكر) والدليل واضح. 11 - وقال في أم ا (وأما حرف عطف بمنزلة - أو - في جميع أحكامها إلا في وجه واحد وهو أنك تبتدئ في - أو - مستيقناً ثم يدركك الشك وأما تبتدئ بها شاكا ولابد من تكريرها، تقول: جاءني أما زيد وأما عمروا) قلت أما أنها حرف عطف فغير صحيح لأنها تقع بين العامل والمعمول ولا يجوز فصل المعمول الأصيل بحرف عطف فإذا قلت (جاء أما خالد وأما علي) فخالد فاعل أصيل لجاء وليس قبله ما يعطف عليه فالصواب أنها حرف لتفصيل الشك أما وجوب تكريرها، فقد نقضه في مادة ح د د بقوله (وقيل للبواب: حداد وللسجان أيضاً لأنه يمنع عن الخروج أو لأنه. . .) وفي رأي يقوله (فأما يكون على تخفيف الهمزة أو يكون. . .) وفي مادة الهاء بقوله (وللمبالغة إما مدحاً. . . أو ذماً) وفي هذا برهان لقوم يفقهون أما الغريب فقوله في مادة (لا) ما نصه لأن حروف العطف لا يدخل بعضها على بعض ولم يلتفت إلى أن الواو العاطفة تتقدم (أما) الثانية. 12 - وقال في ع ج ز (والعجوز: للمرأة الكبيرة ولا تقل عجوزة والعامة تقوله) أنه قد نسي في قوله في ك ك ب (يقال: كوكب وكوكبة كما قالوا

بياض وبياضة وعجوز وعجوزة) فلماذا لام العامة عفا الله عنه؟ واللوم ظاهر من نهيه عن قولهم. 13 - وذكر في أج ل (ويقال فعلت ذلك من أجلك بفتح الهمزة وكسرها أي من جراك) قلت هذا هو الأفصح ولم يذكر أنه يقال (فعلت ذلك لأجلك وهو الذي قال في ج ب ن (الود مجبنة مبخلة لأنه يحب البقاء والمال لأجله) وقال في س ك ن (قيل للإناث مسكينات لأجل دخول الهاء) فتأمل. 14 - وجاء في ر ع ف (وراعوفة البئر صخرة تترك في أسفله ونص الصحاح (في اسفل البئر) فالرازي مخطئ فالصواب في (أسفلها) لأنها مؤنثة. 15 - وذكر في أل ا (والإلية بالفتح آلية الشاة ولا تقل: إلية بالكسر ولا لية وتثنيتها آليان بغير تاء) ولكنه قال في ق ر ف ص (وهو أن يجلس على اليتيه) وثناها بالتاء ناقضاً لما بناه، وقال قبل هذا (فإذا قلت قعد فلان القرفصاء كأنك) والصحيح (فكأنك) بربط الجواب إلى الشرط بالفاء. 16 - وقال في ش غ ل (وقد قالوا ما أشغله وهو شاذ لأنه لا يتعجب مما لم يسم فاعله) فقال الرازي (قلت: تعليله يوهم أنه إذا سمي فاعله يجوز وليس كذلك فأنك لو قلت: ضرب زيد عمراً وقلت ما اضرب عمراً لم يجز لأن التعجب إنما يجوز من الفاعل لا من المفعول) فأقول: ليس قول الجوهري موهماً للقارئ ذلك الوهم البعيد ألا تراه نبه على ذلك في مادة ج ن ن بقوله ما أجنه شاذ لأنه لا يقال في المضروب ما أضربه ولا في المسلول ما أسله فلا يقاس عليه. 17 - وقال في ع ش ر (ومعشار الشيء عشرة ولا يقال: المفعال في غير العشر) ولكنه يقول في ر ب ع (قال قطرب: المرباع الربع والمعشار العشر ولم يسمع في غيرهما) وهو غريب. 18 - وقال في ع ق د (وعقد الحبل والبيع والعهد وانعقد. . . وبابهما ضرب) قلت وقد ورد (عقده تعقاداً) فضلاً عن أنه قياسي على ما نقل الأب أنستاس عن كتاب سيبويه وما رأيناه. وقد روي الجوهري في ر ت م قول الشاعر: هل ينفعنك اليوم أن همت بهم ... كثرة ما توصي وتعاد الرتم مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نقدنا في نظر أحد علماء مصر الأعلام كانت (الجمعية الطبية المصرية) طلبت إلينا أن ننقد المعجم الإنكليزي العربي الذي ألفه صاحب السعادة محمد شرف بك. فلبينا طلبها وأرسلنا إليها بنقد طويل غير النقد الذي أدرجناه في مجلتنا هذه. فوقع في خمس وخمسين صفحة وحجمها حجم هذه المجلة وقد جاء أولها في الجزء الثالث من المجلة الطبية من السنة الماضية (1929) أي السنة 12 منها في الصفحة 62 من الجزء الثالث المذكور وانتهت في الجزء السابع. ولما ظهر آخر النقد كتب حضرة شرف بك جوابا ليبين ما في نظرنا من السيئات والحسنات فجاء أوله في الصفحة 477 من الجزء السادس إلى ما بعدها ونحن ننقل هنا مستهل جوابه عما كتبنا ليظهر للناس فضل الرجل وعظم منزلته. بخلاف ما نرى من الرجال الذين نفلي مؤلفاتهم فانهم يمتعضون مما نبينه لهم ويتلقون عملنا هذا بسوء النية فيسلقوننا بالسنة حداد. بل بسهام مشبعة سما ذعافا ألم نر ما كتبه حضرة جبر ضومط حين بينا له سقطاته الشنيعة التي لا تصدر من حدث فضلا عن كهل؟ فأين آدابه من آداب صاحب الفضل والأدب والشرف؟ فدونك كلامه بنصه. قال حفظه الله: المصطلحات العلمية الطبية تعليق الدكتور شرف على نقد صاحب الفضيلة الأب انستاس الكرملي لمعجم شرف الطبي العلمي: أولع العلامة الأب الكرملي باللغة العربية منذ صغره واشتغل بعلومها وفنونها فنبغ فيها من زمن بعيد. وقد شغل بها عن ملاذ الدنيا واشتهر برغبته في الغوص في بحرها الواسع. والتنقير عن دقائقها وتعرف كنه جواهرها ومقابلتها باللغات السامية واللاتينية والإغريقية. وقد اخلص وصدق في خدمته الطويلة لهذه اللغة

التي يقول عنها: (إنه لم يعشق شيئا سواها. ولم يعشق عليها ما يثير فيها الغيرة. وغيرته عليها جعلته لا يداجي فيها أحدا). وهو الآن في العقد الثامن من عمره (كذا والصواب في العقد السابع) ولا يزال في خدمتها مجدا ومواظبا. وقد وكلت إليه (الجمعية الطبية المصرية) أن يكتب لمجلتها نقدا لمعجمنا الذي اتخذ أساسا لتوحيد المصطلحات العلمية في البلاد العربية اللسان - فنمق لها مقالا بديعا جاء آية في البلاغة والتدقيق والاستقصاء وتكلم فيه عما في معجمنا من محاسن وقصور. آووهم وتسامح أو تساهل. بأسلوب شائق لا يحمل قارئه على الملل بل على النقيض يستحثه على الاستمتاع بقراءته والاستزادة منه. وقد عدد الأب المحترم أمورا أطال فيها ذيل القال والقيل. قال إنها تتفق وما خبره بنفسه أو وقف عليه في مطالعاته وعرض ما تراءى له من التصويبات طالبا مناقشتها حتى نهتدي إلى الصواب فيدرج في الطبعة الآتية. ولقد تهافتت على نقد معجمنا أقلام نقاد كثيرين واشتغل ببحثه عدد من المفكرين فلم يجيء أحد بمثل ما جاء به العلامة الكرملي الذي اثبت انه من خير علماء العربية وان العراق لا يزال حاملا علم الإمامة في فنون اللغة فلله در هذا الإمام الذي ألهم هذا لعلم. وجزاه الله خير الجزاء على تدقيقاته وتحقيقاته. والآن أستأذنه في التعليق على أقواله في فصول تقابل نقوده ومأخذه تسهيلا للمحاكمة. ولن يكون همي انتقاده فيما قال ولا إسقاط حجته ولا الاستظهار والمغالبة عليه. وإنما مرادي بيان الأرجح وان المسألة ذوقية. إذ في أقواله ما يكون مفيدا فيكشف لنا عن أصول الألفاظ وحقيقة وضعها وصحيح صورها فيجب الأخذ به. وأحيانا يلوح لي فيه بعض الغلو الذي يبعد منا للقريب ويركب البسيط. عن عدم تنسيق درجات الألفاظ والنص على الأفصح والفصيح والمولد والدخيل والمحدث والعامي وورود بعض الخطأ في ضبط الألفاظ: المطلوب من واضعي المعاجم الفرنجية في هذا الزمن إثبات وجوه استعمال الألفاظ بحسب ما تعرفها الخاصة والعامة حالا. لا إظهار آرائهم الفردية فيما يجب أن تكون عليه معانيها. وليس من شأنهم خلق معان أو ألفاظ جديدة.

وقد شرحنا في مقدمة معجمنا الغرض من تأليفه، وبينا أن مهمتنا في وضعه تفوق ما يجب على زميلنا الفرنجي: بنقل أوضاع لا مقال لها في العربية وإيراد أوضاع عربية تؤدي المعاني الجديدة وتعريب ألفاظ فرنجية أو ترجمتها، وإصلاح قصور معاجمنا العربية القديمة وإبهامها وأوهامها، وإثبات ألفاظ مألوفة لعلمة الكتاب. ويأبى البعض أن يعدها من الفصيح لأنها لم تثبت في تلك المعاجم، وقلنا أن الغرض الأول الذي وضعناه نصب أعيننا هو التدقيق العلمي وإثبات المصطلحات وما يقابلها بالعربية لا ذكر الفوائد النحوية والصرفية. ولم يكن مطلوباً مني التعمق في فقه اللغة لعدم إلمامي الكافي بذلك الفن فهذا جدير بسيبويه وابن جني والكرملي وأمثالهم. ورأيت الأجدر بي إفراغ جهدي في التمحيص العلمي وأخلصت القصد في إظهار ما في لغتنا من المزايا فأن كنت هفوت أو فاتني شيء من كنوز بحرها الزاخر لانفرادي بالعمل أو لضعف جهدي فعسى الله أن يوفق من بعدي من يكمل ما فاتني وفي تهافت العلماء على عملي دليل على أن منيتي ستحقق، ولو تضافر رهط من أمثال الكرملي على خدمة العربية لما عازها شيء لمجاراة اللغات الفرنجية الحية. وقد وضعت المعجم لفائدة الأطباء والمعلمين والصحفيين وطلاب المدارس العصرية فكان لابد من يشتمل على أكثر الألفاظ التي يسمعونها يومياً في مختلف العلوم الطبيعية والطبية ولابد من استعمال كثير من الألفاظ المسموعة. واللغة الفصحى لم يشع استعمالها زيادة عن القرن الأول من الهجرة وبعد ذلك كثر اللحن وتغيرت ألسنة سائر البلاد عن أصولها الفصيحة وتطورت ولم تبق كما كانت لغة التخاطب. وهذه تغيرت كثيراً عن أسلوب الكتابة وتأثرت الألفاظ بالزمن والتمدن، فأهملت ألفاظ وأدخلت ألفاظ وتغيرت معان أخرى ومصادر الكلمات الدخيلة أربعة: (1) ما دخل باحتكاك العرب بسائر الأقوام الذين توطنوا في العالم القديم وجاء مذكوراً في كلام مشاهير المؤلفين. (2) لغات بعض القبائل العربية والأصقاع المستعربة، ذكر بعضها في دواوين اللغة ولم يذكر أكثرها، ولكنا لا نزال نسمعها إذا ما طرقنا هذه الأصقاع.

(3) ألفاظ من كلام العامة لها معان فنية دقيقة وشاع استعمالها ولا تزال مألوفة محفوظة. (4) كلمات فرنجية علمية لا نظير لها في العربية وهي في الغالب أسماء أعلام أو أسماء جنسية اتفقت سائر الأمم الراقية على الأخذ بها ونحن الآن في عصر التعاون الفكري الأممي والعالم سائر إلى توحيد سبل التفاهم فلابد من إدخالها في العربية أيضاً للإيضاح التام. في ما قيل وما أقول (لغة العرب): ندرج هذا المقال على عهدة صاحبه من غير أن نبدي فيه الآن نظراً ولعلنا نقول عنه شيئاً إذا مكنتنا الفرصة منه. 1 - قال عبد المولى الطريحي الأديب في 855: 7 من لغة العرب لتفسير (مولى) في قول لبيد: فعدت كلا الفرجين تحسب أنه ... مولى المخافة خلفها وأمامها ما نصه (يريد بذلك:: أولى بالمخافة، ولسنا نعلم، بين أهل اللغة في هذا المعنى خلافاً) فأقول: يعز أن يرى المتتبع إجماعاً تاماً من أهل اللغة على تفسير لغوي، فقد قال أبو زيد القرشي في 149 من جمهرة أشعار العرب مفسراً (مولي) في هذا البيت ما حرفه (مولى المخافة: أي صاحب المخافة، قال الله تعالى: يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً، أي صاحب عن صاحب) وهذا يفسخ الإجماع الذي رمز إليه الصديق، وتفسيره (بصاحب المخافة) أولى من تفسيره (بأولي المخافة) المبتعد عن الوضوح المألوف. 2 - وقال العلامة الجليل فريتس كرنكو في 858: 7 ما أصله (فهو أشبه شيء بخط القرن الرابع) والفصيح الصريح أن يقول (أشبه خط بخط القرن الرابع) لتكون الإضافة خاصة بالخط لا عامة لكل شيء فتضنى الفائدة وتحرض. 3 - وجاء فيها (هم ألب عليه: إذا كانوا عليه) فعلق به العلامة المذكور وأرى أنه سقطت قبل - عليه - كلمة لعلها - اجتمعوا -) فاتبعتموه أنتم قولكم (كلا: لم يسقط شيء) وأرى الحق معكم فهذا كما قال الشاعر:

خليلي ما واف بعهدي أنتما ... إذا (لم تكونا لي علي) من أعارض 4 - وقد مضى أنه استضعف قولي (كل كتب اللغة) فلم يفتر أن قال في 871: 7 (وكل الجزء الرابع والخامس بخط أحدث من سائر النسخة) وليس الاجتزاء بالمضاف مقيساً ولا مرجحا في هذا الأمر وفي ض ي ف من المصباح (وقد يحذف المضاف ويقام المضاف إليه مقامه إذا أمن اللبس). 5 - وقال هو فيها أيضاً (مع محاولة صاحبها أن يجعلها نسخة كاملة في أسرع وقت) وسرعة الوقت وبطؤه لا حقيقة لهما فالساعة ساعة لا تسرع على الحقيقة ولا تبطئ فالصواب (في أقل وقت) أو (أقل الأوقات) 6 - وقال فيها (ولما كان في أول الكتاب. . . يكون هذا المجلد) والصواب (كان هذا المجلد) لأن جواب (لما) ماض. 7 - وقال في ص873 (وما ينقص منه قد كتب بخط حديث) وهذا تعبير مولد لأن النقصان يجب أن يسند إلى الناقص بعينه، قال الرازي في المختار (وأما قولك نقص في المال درهماً والبر مدا فدرهماً ومدا تمييز) فعلى هذا لا يقال (نقص درهم في المال) لأنه يؤذن بقلة وزن الدرهم فقط فالصواب (ونقص شيئاً فكتب بخط حديث) أما (نقص) المتعدي فليس الكلام عليه. 8 - كنت قد خطأت في (634: 7) من قال (قصدها الناس. . . للاستشفاء لهذه الغاية) لزيادة في قوله لا وجه لها فأشعرتموني - أيها الأب العزيز - أنه توكيد وأرى أن قوله (لهذه الغاية) بعد ذكره (للاستشفاء) هو إبهام للاستشفاء لا توكيد له، فأنه لا يزيده وضوحاً ولا إثباتاً فضلاً على أنه يحتاج إلى متعلق ولا متعلق له بيد أننا لا نمنع أن يقال (لهذه الغاية للاستشفاء) على البدلية لا على التوكيد، وبتقديم المبهم على الموضح لا بالعكس. ومن أدلتكم (لا ولى رجل ذكر) وقد قال الزمخشري في الأساس (امرأة أنثى للكاملة من النساء كما يقال رجل ذكر للكامل) له بقية مصطفى جواد

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة عرقلة المرض علزة س - القاهرة - م. ن. م. كنتم قد ذكرتم في أحد أجزاء مجلتكم الكلمة الإفرنجية الطبية يوافقها في العربية (العرقلة) أفما وجدتم كلمة أخرى غيرها؟ ج - عرقلة المرض قديمة في لغة أطباء العرب سلفاً، وقد استعمل بعضهم لفظاً آخر هو العلز (بالتحريك) قال في المخصص (67: 5). . . وقيل هو ما ينبعث من الوجع بعضه في أثر بعض كالمحموم يدخل على حماه السعال والصداع) وقيل غير ذلك. ولما كان العلز كثيرة المعاني كانت العرقلة أحسن الألفاظ ولهذا يحسن أن يحتفظ بها. ومن العجيب أن حضرة صاحب السعادة محمد شرف بك لم يذكر كلمة واحدة بازاء الكلمة الإفرنجية التي أوردناها فويق هذا إنما قال: (الأحداث مضاعفة المرض (كذا) اجتماع مرضين أو أكثر في أن واحد أوضاعاً أخرى وكلها لا تفي بالمراد. البل س - ومنه - وجدت في كتب علم النبات الشجرة المعروفة بالفرنسية وبلسان العلم ولم أجد ما يقابلها عندنا فهل عرفها السلف وما أسمها؟ ج - نعم عرفها الأجداد باسم البل بضم فتشديد، هذه اللغة المشهورة ويقال فيها أيضاً البل (بالكسر) والبيل (كميل) والإبل (بفتح وضم) ويسميها أهل شيراز (نار هندي) والكلمة العربية من اللغة الهندية (بيل) راجع معجم فلرس الفارسي اللاتيني ومن أسمائه باللغة اللاتينية وبالفرنسية وفي مفردات ابن البيطار (الرازي: قالت الخوز: أنه قثاء هندي (وفي النص المطبوع: قنا هندي وهو خطأ) وهو مثل قثاء الكبر. . .

أصل كلمة هيكل س - بغداد - ب. م. م: قرأت في العراق (الجريدة البغدادية) في عددها ال 2927 مقالة يفند فيها صاحبها (محمد علي المندلاوي) ما ذكرتموه عن أصل هيكل إذ قلتم في لغة العرب (493: 7) أنه سامي النجار منحوت من (هي) و (كل) وهو ينفيه. أفهما لفظان ساميان حقيقة أم لا صلة لهما بأم اللغات؟ ج - أسم كاتب المقال الذي تشيرون إليه اسم منتحل لا أسم حقيقي. وإنما اتخذ لنفسه ذلك الاسم ليخفي به أصله الدخيل وشعوبيته التي اتصف بها وعرف واشتهر إذ يكره العرب أشد الكراهية وإنما ينتسب اليوم إليهم لأنه يرتزق من فيضهم وآلائهم. فلا تغتروا بالأسماء التي يستعيرها فأن صاحبها يفضح نفسه من أسلوبه ومن رجوعه دائماً إلى ما يتردد في فكره الضيق الدائرة من الآراء البالية إذ لا يمكنه الخروج عنها لصغر محيطها. أما ما ذكرناه عن أصل (هيكل) فليس لنا. إنما هو للعلامة أنطوان صوبين أحد أعضاء الجمعية الأسيوية في ص72 من كتابه المفردات الآشورية الفرنسية. أما تحليل الكلمة فمذكور في ص51 و 69 من المعجم المذكور ولا جرم أن (هي) أصله (حي) أي محل ومحلة، كما هو معروف في العربية ومسطر في جميع دواوين اللغة ولما كان الآشوريون لا ينطقون بالحاء المفخمة ويجعلونها دائماً هاء أو همزة قالوا (هي) أو (أي) أو (أ) وأما (كل) فأصلها (جل) (بالفتح) أي ومعناها جليل أي كبير كما ترونه في لسان العرب والقاموس وتاج العروس. إذن هيكل أصله (حي جل) أي محل كبير وهذا كاف لإلقام الدخيل حجراً يسد فاه إلى آخر أيامه أن كان يعقل وإلا فنحن له بالمرصاد نعود إلى رد كيده إلى نحره كلما عاد إلى الخروج من مكمنه. وتتحقق أن الكاتب دخيل في القوم وأن لسانه الأول غير العربي من تتبعك عباراته فأنك لا تجد فيها واحدة صحيحة مصوغة صيغة عربية طالع مثلاً كلامه هذا فأنك تجد السقط فيه من أول كلمة استعملها في العنوان وهي الأمكح إلى آخر لفظة اتخذها في التوقيع المندلاوي (وهو يريد المندلي نسبة إلى مندلي)

فأنك تقضي العجب العجاب من أنه لم يقم عبارة واحدة عربية. (تنبيه مهم) من العبث أن يخفي الكاتب نفسه بأسماء يستعيرها ظلماً هنا وهناك: إنما المهم أن لا يكتب (الأرمنية بحروف عربية) فلقد اضطررنا إلى مراجعة أديب أرمني ليفهمنا تراكيب عباراته المغلقة ولهذا تراه بهذا العمل يشهر نفسه بنفسه ويفضحها من حيث لا يدري إذ يشير إليها إشارة صريحة. أشور أو أقور س - الموصل - أ، س: هل جاء ذكر مدينة أشور في كتب مؤرخي العرب؟ ج - لم يجيء صريحاً بهذا الاسم أثور وأقور وزان صبور، ومنها سميت بلاد أشور: جزيرة أقور، قال ياقوت في أثور من معجمه: (أثور بالفتح) ثم الضم وسكون الواو وراء، كانت الموصل قبل تسميتها بهذا الاسم تسمى أثور وقيل أقور بالقاف وقيل هو أسم كورة الجزيرة بأسرها وبقرب السلامية وهي بليدة في شرقي الموصل بينهما فرسخ، مدينة خراب يباب ويقال لها أقور وكأن الكورة كانت مسماة بها. والله أعلم. وقال في أقور (بضم القاق وسكون الواو والراء اسم كورة بالجزيرة أو هي الجزيرة التي بين الموصل والفرات بأسرها). وقال في (جزيرة أقور) بالقاف وهي التي بين دجلة والفرات مجاورة الشام، تشتمل على ديار مضر وديار بكر سميت الجزيرة لأنها بين دجلة والفرات وقال في السلامية: والسلامية هي أيضاً قرية كبيرة بنواحي الموصل على شرقي دجلتها بينهما ثمانية فراسخ للمنحدر إلى بغداد مشرفة على شاطئ دجلة وهي من أكبر قرى الموصل وأحسنها وأنزهها، فيها كروم ونخيل وبساتين وفيها عدة حمامات وقيسارية (نوع من الخان) للبز وجامع ومنارة. بينهما وبين الزاب فرسخان وبالقرب منها مدينة يقال لها أثور خربت. اهـ قلنا: يسمي اليوم بعضهم هذه القرية سلامية (بلا أل) كأمنها منسوبة إلى سلام وزان رمان وهي مدينة العهد. وأما أثور فأشهر من أن تذكر. ولهذا غلط صاحب القاموس وشارحه حين

ذكراها باسم قور وأضافا إليها جزيرة في مادة ج ز ر فقد قال هناك صاحب التاج ما نصه: جزيرة قور بضم القاف موضع بعينه وهو ما بين دجلة والفرات وبها مدن كبار ولها تاريخ ألف الأمام أبو عروبة الحراني كما نص عليه ياقوت في المشترك. فيتضح من هذا أن ما كان يسميه السلف في العصور الوسطى جزيرة أقور هي ديار أشور وبالإفرنجية وأن القاف لغة في الثاء ولعل أصلها الفاء وذلك أن الفاء ترد لغة في ألفاظ جمة إذ كان يصعب على كثيرين أن يميزا بينهما (راجع لغة العرب 57: 4) ثم قلبت الفاء قافاً وهذا أيضاً كثير (راجع لغة العرب 479: 4) وذكرها الهمداني باسم أثور وأثوريا ومن هذا البسط يتبين الغلط الصريح الذي ارتكبه كل من صاحب القاموس وصاحب التاج فليصحح ولا يجوز حذف الهمزة إذ لم ترد في كلام المحققين. الهمداني أو ابن الحائك س - ومنه - ما قولكم في الهمداني المعروف أيضاً بابن الحائك أهو حجة عظيمة؟ ج - هو حجة في ما يقوله عن جزيرة العرب وأما ما يقوله عن البلاد التي في خارج الجزيرة فليس بحجة لأنه عثر عثرات هائلة كقوله في ص39 و 43 أن قيليقية هي قالي قلا والحال أن قالي قلا هي ارزن الروم التي تسمى اليوم ارزروم وبعضهم يقول ارضروم وأما قيليقية فهي المسماة عند الإفرنج فأين الثريا من الثرى. وقال في ص43 فنفولية: جبل القبق والحال أن جبل القبق هو المعروف اليوم باسم كوة قاف أي قفقاسية وأما فنفولية فهي المعروفة باسم وهي ديار في جنوبي بلاد الروم تمر بها جبال طور (طورس) بين ديار لوقية وقيليقية فأين هذه من تلك؟ وفي ص43 ماوريطانية هي بلاد أندلس والحال أن موريطانية هي بلاد المغرب والأندلس في جنوبي أسبانية ولا نفهم كيف كان هذا الرجل يخلط هذا الخلط ومثل هذا كثير في كتابه صفة جزيرة العرب ومن كانت أوهامه كهذه فليس بحجة عظيمة.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 1 - الفتاة والشيوخ نظرات ومناظرات في السفور والحجاب والعقل وتحرير العقل وتحرير المرأة والتجدد الاجتماعي في العالم الإسلامي، بقلم الآنسة نظيرة زين الدين. طبع في بيروت سنة 1929 في ثلاثة أجزاء الأول في ص128 والثاني في 119 والثالث في 153. هذا كتاب فذ في مباحثه وصحة آرائه وتنسيقها تنسيقاً منطقياً ويزيد في محاسنه أنه حسن الطبع والورق منقح العبارة. كل هذه الأوصاف اجتمعت فيه حتى أخذنا نشك في نسبته إلى مؤلفته الآنسة نظيرة إلا أننا تأكد عندنا أنه لها بقولها في 1: 12 (أني أعلن على رؤوس الأشهاد، وعلى مسمع من سادة وسيدات، مسلمين ومسلمات، أني سهرت إناء الليل، وأطراف النهار، وكتبت كتابي في غرفة منفردة لم يكن لي فيها سمير ولا معين، إلا الأقلام والمحابر. . . ولم ترني فيها عين ناظر إلا عين معلمي الشرع أبي، وأحيانا عين معلمي العربي ينقح نحوا أنحوه، أو بياناً أجلوه، دون أن يشتركا في التأليف. والكاتبة أبدعت كل الإبداع في تزييف آراء الشيخ مصطفى الغلاييني، فأنها أتت بأدلة معقولة ومنقولة مزقت بها مزاعمه أشنع تمزيق ولم تبق منها شيئاً وكل ذلك بعبارة دقيقة رقيقة لينة أذاقته بها الأمرين بلا شك. ولا جرم أن الشيخ يود اليوم أن تلك الكلم لم تكن من براعته ويأسف كل الأسف على أنه يفوه ما تفوه به على آنسة كلها أدب وخفر وحسن أخلاق وفضل جم. وهذا الكتاب مفيد لجميع طبقات الأمة العربية، رجالها ونسائها، كبارها وصغارها. وهو سلاح فتاك بيد من يعالج حماية المرأة المسلمة العصرية ومشكاة نيرة لمن يتسكع في ظلمات القائلين بحجبها عن الناس وبإبقائها أمية لا

يحسن بها أن تتعلم الكتابة والقراءة بل تقول كلمة واحدة: أن هذا السفر الجليل مما يجب إدخاله في جميع مدارس الإناث فيكون بأيديهن أداة لدفعهن إلى الأمام ليقاومن أحسن مقاومة تيار الجهل والغباوة. على أننا كنا ننوه أن يشار في التصحيحات الواردة في آخر الديوان إلى أغلاط الطبع التي وردت فيه، فقول الآنسة في الجزء الأول ص2 (مجاهدة متفانية) غير عربية. ولو قالت: مجاهدة مغررة بنفسي أو مطوحة بها لكان أحسن. وقولها في تلك الصفحة: مستندة في ذلك إلى الروح الطاهرة في كتابنا. كان الأحسن أن يقال الروح الطاهر نعم أن الروح تذكر وتؤنث. إلا أنها إذا ذكرت عنت شيئاً وإذا أنثت عنت شيئاً آخر. والروح هنا جاءت بمعنى الفكر فالأوفق أن تذكر. وفي ص3 وإذا أشواك مكدسة. والأشواك جوع شوك لم ترد في كلام الفصحاء بل في كلام المولدين. والأحسن أن يقال (وإذا شوك) وأن كانت الأشواك مستعملة في كلام بعض المحدثين من أرباب الأقلام. وفي ص6: الشيعين في موضع الشيعين - وفيها لا ضير على النجمة اللامعة والأفصح: على النجم اللامع لأنه مفرد ويجمع على نجوم. وفي ص8 إلا مجموغ (بالغين المعجمة) والصواب بالعين المهملة - ولكن شتان (وضبطت بكسر النون) أيها السادة، بين فتاة. . . شتان بينها وبيت تسعة رهط. . . قلنا: أما ضبط نون شتان بالكسر فليس بالفصيح العالي. أفلا نرى صاحب التاج يقول: (وقد تكسر النون)؟ ونعلم أن (قد) هنا للتقليل؟ إذن فالأفصح فتح النون - وقولها شتان بين فتاة غير فصيح والصحيح شتان ما بين فتاة ليكون فاعل في الجملة. وكذلك يجب أن يقال في العبارة الثانية: شتان ما بينها وبين تسعة رهط (راجع لغة العرب 667: 7) - وفي ص12 ولسان زاق والصواب ذق - وفي ص13 ولتسعة شهور والمعروف تسعة أشهر لأن تسعة تبين قلة الأشهر - وفي تلك الصفحة: سواء أكانوا أمريكيين أو إنكليزيين أم رهباناً أم راهبات والأفصح: سواء أكانوا أميركيين أو إنكليز، رهباناً أم راهبات إلى غير هذه الهفوات التي تعد كالخال في وجه النضيرة.

2 - بدر التمام في شرح ديوان أبي تمام للدكتور ملحم إبراهيم الأسود الجزء الأول طبع في بيروت في ص472 لا حاجة لنا لتعريف الناس بأبي تمام. فحسبنا أن نقول أن صاحب الأغاني قال عنه: (اخبرني عمي قال: حدثني أبي قال: سمعت محمد بن عبد الملك الزيات يقول: أشعر الناس طرا الذي يقول: وما أبالي وخير القول أصدقه حقنت ... لي ماء وجهي أو حقنت لي دمي عن الأغاني 15: 10 من طبع بولاق) والمراد بهذا البيت أبو تمام الطائي. وقد عني الدكتور ملحم بك إبراهيم الأسود بنشر ديوانه بالشكل الكامل وبالحواشي المفيدة وطبع منه الجزء الأول فوصل به إلى روي ألفاه والشرح لم يسبق إليه سابق وقد سد بنشره ثغراً كان فاغراً في لغتنا وقد توخى المحشي التبسط في التعليق مع تدقيق النظر في إبانة الأوضاع اللغوية والسلاسة في التعبير، عادلاً عن الاختصار المخل، والإسهاب الممل، إلى أقرب الطرق وأوفاها بالمطلوب فجعله بذلك على طرف الثمام وكتاب مدرسة نافعاً للمعلم والمتعلم معاً، والطبع حسن الورق صقيل ثخين. وكل أكلنا أن أرباب المدارس يتخذونه عدة للأدب العربي الصرف ومورداً يتردد إليه أصحاب الذوق السليم الناطقين بالضاد لأن كلام أبي تمام من أرقى ما قيل ومن أبدعه نظماً وعسى أن حكومتنا أن تدخله في مدارسها ليكون ذريعة إلى تدريب أولادنا على أحسن الأساليب العربية وأمنعها تركيباً. أننا لا ننكر أن في طبع هذا الديوان بعض أغلاط لا تخفى على القارئ وقد تكفل الناشر بتصحيحها عند طبع الجزء الثاني. 3 - مباحث في الآداب العربية العصرية (بالإنكليزية) بقلم أ. ز. جب كنا قد تكلمنا عن القسم الأول من هذه المباحث (لغة العرب 6: 378) والآن أهدى إلينا حضرته القسم الثاني من مقالته هذه. فإذا هو كصنوه الأول مختوم بخاتم التدقيق والتحقيق وقد ذكر الكاتب في حاشية كل صفحة الأسانيد التي اعتمد عليها، فنهنئه بهذا الفوز العظيم.

4 - رسام السيدة (باللغة الفرنسية) رواية خيالية تاريخية نشرها محل مام في تور (فرنسة)، تأليف السيدة غزالة بك (غي دافلين). عرف القراء من هي غي دافلين التي جاءت ذكراها في هذه المجلة 7: 739 و 819 وقد أهدت إلينا الآن رواية تاريخية في ثلاثة أقسام: فالقسم الأول منها يحوي المعاهدة وما دار على سليم ابن سلطان مصر الذي عقد مع مكلير قومس درو في القسطنطينية عهداً لجيش الصليبين إسقاطاً للإمبراطور بدوين الذي لم يزوجه ابنته. فسمع بذلك الحاجب جهان الذي صار فيما بعد رساماً يرسم صور العذراء مريم وأخبر بدوين بما سمع إلا أن الخبر كان بعد أوانه إذ كسر بدوين وقبض على جهان وحاول سليم إحراقه حياً فنجاه من النار راهب أسمه برونو. والقسم الثاني يدور على أخذ مكلير الثار من خصمه إذ وقعت منافسة بين مكلير وفران البرتغالي الذي تزوج جانة أبنة مكلير فكانت موقعة بوفين في أثر ذلك وولادة القديس لويس. فحاول مكلير قتله إلا أن سليم عهد إلى شلومو اليهودي أن يجد له ولداً مائتاً ليضعه بدلاً من الطفل المولود. فسمع هذا الحديث جهان الرسام وكان في دكانه واختطف الطفل المسروق، غير أن سليم وهم في دخوله الغرفة فأخذ طفلة مكلير التي سميت بعد ذاك (مجدة) وظن الناس فيها أنها أبنة الرسام. فثأر سيم من (يوحنا بلا أرض) ملك إنكلترا لأنه اختطف خطيبته ليلى فقتله بالسم. فبعثت ليلى الحبيسة أبنها إلى بلاط الملكة بلانش القسطيلية. ومحور القسم الثالث. سر كتاب الساعات. وملخص هذا الباب أن هارلد أودع والدته الحبيسة التي يحبها حباً جماً (مجدة) وفضح جميع مكائد مكلير الذي أثار أعاظم الاتباع على الملكة الكفيلة. إلا أن الحقيقة تجلت أحسن تجل بفضل العهد الذي كان قد صدقه مكلير وسليم وكان مخفياً في كتاب الصلاة كتاب الراهب برونو وعرف اسم (مجدة) الحقيقي التي تشفعت في أبيها فتأثر

والدها مما جرى واستناب الله وطلب العفو والصفح من السيدة العذراء وذهب مجاهداً ليقتل في حومة الوغى فقتل. أما مجدة فإنها عرفت باسم (غسلين البريطانية) وتزوجت هارلد. وشهدت ليلى الحكم القاضي على سليم ونصرته. أما جهان فأنه ذهب إلى دير الراهب برنو وبقي فيه رسام صور العذراء وكانت الصور كلها تشبه (مجدة) كل الشبه. وفي الكتاب صور عديدة وعدد صفحاته 280 وهو بحجم 16 وعبارته من أحسن ما يكتب في اللغة الفرنسية في هذا العصر فهو من محاسن ما خطته السيدة غي دافلين فنهنئها بهذا الظفر الأدبي الرائع 5 - قصة الطوفان وتطورها في ثلاث مدنيات قديمة هي الآشورية البابلية والعبرانية والمسيحية وانتقالها باللقاح إلى المدنية الإسلامية، بقلم إسماعيل مظهر صاحب مجلة العصور ومحررها، طبعت في مصر بمطبعة العصور في سنة 1929 في 77 ص. إسماعيل مظهر مغرم بكل ما يخالف معتقد الأقوام الذين يعيش في وسطهم وقد يصيب بعض الأحيان في ما ينكره عليهم لكن في أغلب الأحايين يخطئ الهدف ونحن لا نريد أن نتعرض لتخطئة ما ورد في هذه الرسالة من الأقوال المتعلقة بالأديان إذ هذا الأمر يحتاج إلى الإسهاب في الكلام والخروج عن خطة مجلتنا: إلا أننا نتعرض لها من الوجهة الأدبية. وأول ما يشاهد في مطبوعات العصور أغلاط الطبع فأنها تسبق جميع المطابع في هذا الميدان. فأنك ترى مثلاً على غلاف الرسالة (هي الآشورية البابلية). وفي العنوان الداخلي (هي الآشورية البابلية كذا) وفي صفحة 3: من الخضوع لهذا الضرور) أي الضرورة وفيها: (في مذاهب انحتها عن الغرض) ولعله يريد (نحتها عن الغرض) ومثل هذه الزلات لا تخلو منها صفحة. ونراه كثيراً ما يجعل بجانب الكلمة الاصطلاحية العربية الكلمة الإفرنجية في حين لا حاجة إلى ذكرها لشيوع معرفتها عند الجميع مثل الدين والفلسفة والتأمل والعلم (ص11) إلى نحوها

وكثيراً ما يخطئ الكاتب في معرفة الألفاظ العربية الاصطلاحية فأنه ذكر في ص 15 أنثروبومورفزم أي الفكرة القائلة بتزويد الله شيئاً من الخصائص الإنسانية) والمعروف عند السلف بهذا المعنى مذهب المشبه أو التشبيه، وسمى الفلسفة الحسية بالفلسفة الإثباتية (ص8) وكيف جاز له أن يسميها إثباتية والحس أساسها والحس كثير الانخداع كما هو مقرر في علم الطبيعيات ولو سماها باسم واضعها (كونت) وقال الكونتية لكان أسلم عاقبة وأصح وضعاً، إذ هناك عدة مذاهب، دينية وفلسفية، منسوبة إلى قائلها - وسمى النزعة الذهنية (ذاتية) (ص8) والنزعة الخارجية أو الغرضية (الموضوعية) (ص9) وليراجع لغة العرب (374: 7) سبب تسمية هذه النزعتين بما ذكرنا فأنهما من وضع فلاسفة السلف - وذكر في ص8 الحالة المتنافيزيقية التي سماها العرب (الحروف أو ما وراء الطبيعة أو ما بعد الطبيعة) أو الإلهيات (راجع مفاتيح العلوم طبع الإفرنج من 134 وابن القفطي طبع الإفرنج (ص41 و 52). والداهية الدهياء هي في إيراد الأعلام فقد جاء مثلاً (في ص30) (غزدبوبار أو ازدوبار. . . غلغامش. . . كان عدلامي أو قسي أصلاً ودماً) والصواب جسدببار أو ازدبار. . . جلجمش. . . كان عيلمياً أو (عيلامياً) أو كشياً أصلاً ودماً - ثم ذكر في تلك الصفحة الإله (شاماش) والصواب (شمش) لأن في الأصل الآشوري فتحات لا ألفات ومن هذا القبيل شيء كثير فاجتزأنا بما ذكرنا. 6 - المدعدع الجزء الثاني تأليف أنطانيوس سليمان نقولا الكفر حلداوي صاحب مجلة العروس في بوسطن ماس (أميركة) وصل إلينا هذا الجزء الثاني المبتدئ ب ص 105 والمنتهي ب ص 216 وهو كتاب بكر لفن (العتابا) الحديث منظوماً نظماً فصيحاً وفي آخر كل بيتين شرح لما ورد فيهما من الغامض والطراز جديد في لغتنا الفصحى فيحسن بكل من يتتبع هذا الفن من النظم أن يقتنيه.

7 - البلاد جريدة يومية سياسية جامعة، تصدرها شركة رفائيل بطي وج، ملكون، صاحب الامتياز ورئيس التحرير المسؤول، المحامي رفائيل بطي. يعرف قراء العربية الكاتب المقدام رفائيل بطي فقد أسس جريدة في بغداد سماها (البلاد) وتصدر في ستة صفحات ولا يخلو عدد منها من صورتين في أو صفحة وقد لاقت إقبالاً عظيماً من العراقيين وغيرهم. أما ثوب خطتها فهفهاف فضفاض يشف عن تساهل عظيم في الآراء حتى يمكن أن يقال عنها أنا توافق جميع الأحزاب والمذاهب والآراء والأديان من غير أن يعرف لها شيء خاص من ذلك كله. وقد صدر العدد الأول منها نهار الجمعة في 25ت1 (1 أكتوبر) سنة 1929. والذي لاحظه الناس في عبارتها أن أغلاط الطبع تتدفق فيها تدفق السيل العرم فعسى أن تكون منزهة من هذا العيب الشائن. وهذا أقل ما يطلب منها ألم ترد أن تختط لها خطة تعرف بها دون غيرها. وفي عددها التاسع أدرجت خطرات للرصافي فحكمت عليها إدارة المطبوعات بالاحتجاب مدة أسبوعين والحكومة المحلية بأداء قدره خمسمائة ربية فقامت بالأمرين وعادت في 26ت2 (نوفمبر) سنة 1929 بثوب أبهى من ثوبها الأول وبمباحث ألذ وأطيب فعسى أن نراها في رقي دائم ولا يدهمها ما يوقفها في سبيلها. 8 - الفردوس مجلة دينية أدبية تاريخية شهرية وسنتها عشرة أشهر، يصدرها القس منسي يوحنا راعي الكنيسة القبطية بملوي. ورد إلينا الجزء الأول بحجم الثمن الصغير وفيه 16ص والمجلة مفيدة أن يريد إصلاح الأمة من وجهة الدين وهي الوجهة الحقيقية التي لا يستغني عنها امرؤ يبغي الفلاح لنفسه ولغيره.

9 - المجلة العسكرية السنة السادسة في 654ص بقطع الثمن أهدى إلينا حضرة العلامة الجليل الزعيم طه بك الهاشمي السنة السادسة من المجلة العسكرية فإذا فيها مقالات نفيسة منقولة في الغالب عن الأجانب. إلا مقالات الأستاذ الزعيم فأنها من تأليفه وكلها يفيد العراقيين وغيرهم، إذ بين نتائج يراعته رأينا معركة سلمان باك (أي المعركة التي وقعت في طيسفون بين الترك والإنكليز وهي من المقالات التاريخية الجليلة وصفها واصفها الجليل أبدع وصف) - وجبال العراق وتأثيرها في الحركات وهي مقالة مبتكرة. ولو لم يكن في هذه المجلة إلا هاتان المقالتان وحدهما لكفتاهما فخراً ولدعتا محبي التاريخ والتحقيق إلى اقتنائها. 10 - الزنبقة مجلة علمية أخلاقية تهذيبية روائية تصدر في بيروت، لصاحبها ومحررها الياس يوسف حاطوم. ظهر الجزء الأول منها في تشرين الأول من سنة 1929 بحجم 12 في 32 صفحة ومرماها تهذيب الأخلاق فنتمنى لها النجاح اللائق بها وبأمثالها لحاجتنا إليها في هذا العصر. 11 - قاموس لبنان (يشتمل على أسماء مدن وقرى جمهورية لبنان مرتباً بشكل قاموس مع تفصيل واف عن عدد سكان كل واحدة منها ولاية مديرية ومحافظة مع وصف معاهدها وتجارتها وحاصلاتها ومن اشتهر منها رجالاً ونساء)، طبع في بيروت في 264ص بقطع 12 جمعة وديع نقولا حنا. معجم مختصر مفيد لمن يريد أن يقف بسرعة على ما في لبنان من المدن والقرى، ويشينه سوء الطبع والورق وتزاحم أغلاط المنضدين. 12 - اليقظة وضيعة تصدرها نقابة عمال المطابع في بيروت (لبنان) بقطع الربع في 16ص. صحيفة تدل على نهضة العمال في ديار الشرق فعسى أن يضافرها على مرماها

لا عمال المطابع وحدهم بل كل من تهمه ترقية الوطن العربي بشغل الأيدي والسعي الحقيقي. 12 - الجامعة الإسلامية صحيفة إسلامية: علم، أخلاق، أدب، تاريخ، تصدر في الشهر مرتين مؤقتاً. دفع إلينا البريد العدد 908 من هذه الصحيفة التي تصدر في حلب بقطع الربع في 24ص وفيها مقالات متنوعة تحقق ما جاء في عنوانها وكنا نود أن تكون مهذبة العبارة قليلة أغلاط الطبع. 13 - مجموعة قوانين المطبوعات والمطابع وحق التأليف ترجمها وصدرها بنبذ تاريخية وعلق عليها الحواشي (طبعة ثانية)، عبد الرحمن خضر حاكم صلح قضاء دلتاوة (العراق). هي رسالة لطيفة نافعة لكل من يتعاطى مهنة الصحافة في العراق بل في سائر البلاد. فيقتنيها العراقيون ليعرفوا قوانين مطبوعاتهم والأجانب ليقفوا على القوانين التي تتمسك بها الحكومة العراقية في هذا العهد والرسالة في صفحة بحجم 16 فنتمنى لها الرواج. 14 - حياة المسيح تأليف بابيني. الجزء الأول في 361 ص بقطع 12، عني بطبعه الشيخ يوسف توما البستاني. بابيني من أشهر كتبة الإيطاليين في هذا العصر وكان من أشهر الكفرة الذين قذفتهم الأرض. إلا أنه عدل عن آرائه الأولى واهتدى إلى الله فألف كتاباً في حياة المسيح نقل إلى كثير من لغات أوربة وطالعه المغرمون بالوقوف على ما يصنفه بابيني ومن جملة اللغات التي نقل إليها كانت الإنكليزية فلما وقف على هذه الترجمة حضرة الأرشمندريت أنطونيوس بشير أحب أن يخرجه إلى لغتنا بحلة فصيحة ففعل. وهو هذا السفر الذي بيدنا وقد فتحنا اتفاقاً صفحة 104 فرأينا فصلاً عن هرودس الكبير يقول فيها المعرب: (كان هيرودس مسخاً. . . بل كان أخبث وحش غدار من الوحوش العديدة

التي قزفت بها صحارى الشرق. كان آدومياً بربرياً. . . اغتصب المملكة من آخر حكام العصمونيين. . . أمر بقتل صهره اريستوبولوس غرقاً وممن قتلهن أيضاً وذهبوا ضحية بربريته أبنا حميه يوسف وهيروكانوس الثاني. ونحن نرى في هذه الألفاظ شيئاً من أوهام الطبع التي تنسل إلى المنشورات على الرغم من يقظة المؤلف والمصحح ونظن أن الصواب هو: (قذفت (بالذال المعجمة أدوميا (بلا مد الألف) وأما البربري فتقابل عندنا الأعجمي لأن الرومان كانوا يعتبرون (بربرياً) كل من لم يكن من أصلهم. ومن لم يكن منهم يعتبر قاسياً ظالماً. ولهذا ليس لكلمة بربري عندنا معنى كالمعنى الذي يشير إليه أبناء الغرب. ولا وجود للعصمونيين إنما هم الحشمونيون ولا تقل إلا ارستوبلس (لا اريستوبولوس). . . وممن قتلهم (لا قتلهن). . . وممن ذهبوا ضحية وحشيته هركاس. هكذا يجب أن تروى الأعلام أي بعد واحد في اللفظة لا بمدين أو ثلاثة كما في ارستوبولوس وهيروكانوس. وما خلا هذه الهفوات فالترجمة حسنة سلسة العبارة لا تقعر فيها والكتاب من الأسفار التي يود القارئ أن يطالعها من أولها إلى آخرها. 15 - كنز علي خوجة (بالفرنسية) رواية تمثيلية في فصلين وأربعة ألواح، تأليف السيدة غي دافلين في 58ص بقطع الثمن الصغير. غي دافلين من مشاهير الكواتب الفرنسيات إذ لا تمضي سنة إلا وقد تتحفنا بآية من آيات براعتها البديعة وقد أهدت إلينا اليوم هذه الرواية التمثيلية المقتبسة من كتاب ألف ليلة وليلة وقد جرت حادثتها في عهد هارون الرشيد وخلاصتها أن (علي خوجة) أودع جاره (حسناً) جرة قبل سفره وقال له: عليك بهذه الجرة التي أودعك إياها ففيها زيتون. أما الحقيقة فأنها كانت تحوي دنانير وضع فوقها زيتوناً. فسكر حسن ذات يوم وأراد أن يأكل من ذلك الزيتون ولما شاهد فيها الدنانير رأى الفرصة مناسبة لسرقتها. فأخذها وكانت امرأته الوديعة منيرة تمنعه عن عمله هذا. وبعد أن مضت سبعة أعوام على غربة علي خوجة عاد إلى وطنه وطالب جاره بالجرة فأنكرها هذا عليه فرفع صاحبها دعواه إلى القاضي فلم

ينصفه. ولما كان المساء أخذ هارون الرشيد يجول متنكراً في المدينة مع مسرور وجعفر فيسمعوا صبيان المدينة يتذاكرون الدعوى. وكان بينهم صبياً أظهر ذكاء غريباً فقال: علينا أن نذوق الزيتون الموضوع في الخابئة منذ سبع سنين فلابد من أنه يمتاز عن غيره. وكان السارق قد وضع زيتوناً جديداً بعد أن أخذ الدنانير. ولهذا استحسن الخليفة رأي هذا الحدث فأمر الخليفة بإحضار السارق حسن إلى ديوانه وإحضار بستوقة الزيتون وبعض البصراء بمعرفة الزيتون فإذا الجميع يقولون: أن ما في هذه الجرة حديث فلما سمع حسن السارق هذا النبأ جن وأشار إلى الدنانير تحت حصير من حصران غرفته في حفرة حفرها تحت الحصير وكان الأمر كذلك. فلما سمعت زبيدة اتخذت منيرة خادمة لها ثم تزوجها علي خوجة. والرواية حسنة الاتساق ولو عربت لأفادت مثيراً طلبة المدارس وطالباتها. فعسى أن يقوم أحد وينقلها إلى لغتنا ليستفيد منها أبناء الوطن. 16 - تاريخ الفنون وأشهر العصور لسلامة موسى، عنيت بنشره إدارة الهلال بمصر في 190 ص بقطع الربع. يحبب (الهلال) للناس ذوق الفن الدقيق ورفعهم إلى معالي الأدب الفتانة، وقد وضع سلامة موسى هذا الديوان النفيس مزيناً بأفخر الصور المعروفة وبوبها ونسقها أحسن تبويب وأسد تنسيق ولخصه عن (خلاصة الفن) للسير وليم أوربن فجاء من أبدع المقتنيات تزين بها الخزائن ودور الاستقبال إذ فيها ما يلهي الفكر ويشوق المطالع إلى عشق الفنون الراقية واحتذاء ما فيها من الروائع. 17 - خطط الشام تأليف محمد كرد علي رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق، الجزء السادس طبعه في مطبعة المفيد بدمشق في سنة 1928م في 428ص بقطع الثمن الكبير. كنا قد تكلمنا على الجزء الأول من هذا السفر الجليل في مجلتنا هذه (4: 544 وعن الجزء الخامس في 5: 230) والآن نذكر الجزء السادس الذي وصل إلينا في أواخر شهر تشرين الأول من العام الماضي 1929

أن حضرة الأستاذ الكبير صديقنا محمد كرد علي له الأيادي البيض على هذه اللغة وعلى ديارها. وله الفضل الأعظم على ربوع الشام لأنه وضع هذا التأليف البديع ووفاه حقه من التدقيق والتمحيص إذ وقف على تصانيف لم تقع بيد من تقدمه وطالعها بكل روية. وهذا الجزء الأخير من هذه الخطط يدل على ما أحاط به من المؤلفات العديدة. وكنا قد لاحظنا أن حضرته يتساهل في الألفاظ في حين لا حاجة إلى هذا التسامح (راجع 6: 230) واليوم نراه أيضاً يجري في هذا المجلد على المنحى الذي ألتزمه في الأسفار السابقة. ثم زاد في هذا المجلد اتخاذه كلمات كثيرة دخيلة كان في غنى عنها كقوله في ص66: كنيسة الاكس هومو (أي صورة المسيح المكللة بالشوك) وكنيسة الدورميسيون وكاتدرائية سان اتيان وكنيسة الاغوني واديارسان سبولكر ودي لافجسيون. . . ومثل هذه التعابير الغريبة والألفاظ الشنيعة شيء جم لا يقدر فما ضره لو قال قول النصارى في مثل هذه الأحوال وذكر كنيسة المكلل بالشوك وكنيسة النياح أو النياحة (ومعنى النياح أو النياحة عند النصارى الموت بهدوء وسكون يقال ذلك عند موت الأبرار والمراد هنا بكنيسة النياح أو النياحة الكنيسة المقامة لموت العذراء مريم لأنها لم تبق في القبر زمناً طويلاً بل نقلت إلى السماء جسماً على معتقد النصارى) وكرسية (كاتدرائية) القديس اسطيفنس وكنيسة النزع وأديار القبر المقدس والجلد. . . فكان الأحسن أن يتبع مصطلح نصارى العرب في القدس وغيرها من أقدمين ومحدثين. وجاء في ص19 (وفي بيت لحم عدة أديار وكنائس منها دير للفرنسيسكان ولأخوات القديس يوسف ديروميتم. . . ودير للكرمليين عمر على مثال قصر سانت انج في رومية وله كنيسة ومدرسة اكليركية ومجمع الأب بيلوني. . .) قلنا أو قال: دير للفرنسيسيين (نسبة إلى فرنسيس وهو من القديسين المشهورين). . . ودار أيتام (لأن الميتم لم يرد بهذا المعنى أو قال (ميتمة) لكان أحسن

لأنه جمع يتيم وقد حذف منه المضاف كأنهم قالوا دار ميتمة) ودير للكرمليات وليس للكرملين هناك دير ولا نعلم كيف وهم صديقنا العزيز هذا الوهم اللهم إلا أن يقال أنه نقل جميع المفردات والعبارات عن تصنيف فرنسي العبارة وكان يسرع في النقل عنه ولم يتسع له الوقت ليتحقق ما يقابلها في العربية فكتب ما كتب مع اللفظة الفرنسية الدالة على الكرمليات هي والدالة على الكرمليين هي وليس لنا هناك مدرسة اكليركية إنما هي مدرسة لأباء بيثأرام وفي قوله (سانت آنج) دليل على أنه ينقل من كتاب فرنسي العبارة وإلا كان حقه أن يقول. (سان انجلو) لأن اسم القصر إيطالي ويحسن بالناقل أن يوافينا بالأعلام ما ينطق بها أهلها. وليس هناك مجمع من المجامع فكيف يكون مجمع الأب بيلوني. والصواب جمعية الأب بلوني (بلا ياء بعد الباء) وأحسن منها (جمعية السالسيين) التي تضم في أخطاءها أبناء جمعية الأب بلوني التي اضمحلت. (لها تلو) الأغاني (الجزء الأول) (لغة العرب) كنا قد انتقدنا انتقاداً عجلاً الجزء الأول من هذا السفر الجليل الذي هو فخر العرب والعربية (راجع 6: 77) ولما كان قد فاتنا شيء كثير يحتاج إلى التصريح به كتب لنا حضرة الأستاذ النقادة مصطفى أفندي جواد ما عن له في هذا الباب وها نحن أولاء ندرجه بحرفه مع الشكر الصادق له: كتبنا عن جزئي الأغاني الثاني والثالث ما القراء به عالمون. والآن نعرض الجزء الأول مبدين فيه آرائنا شاكرين لدار الكتب ما خلدته مع الخوالد وما خلفته من المكارم ودونكم يا أيها القراء ما رأينا: 1 - ورد في ص4 من التصدير (وهذا كتابه الذي بعث به إلى مدير الدار في هذا الشأن ناطق بذلك) ولا وجه لرفع (ناطق) بعد استيفاء المبتدأ خبر فالصواب (ناطقاً) بالنصب على الحالية وهو على غرار قوله تعالى (وهذا بعلي شيخاً)

2 - وورد فيها (ولهذا توافرت رغبة حضرة. . .) وفي ص52 من التصدير أيضاً (لا يخطئ في قراءته من توافر له حظ قليل) قلت أن التوافر يدل على الكثرة. قال الجوهري في مختار الصحاح (وهم متوافرون: أي هم كثير) فلا محل إذن لاستعمال (توافر) هاهنا فالصواب (رغب حضرة. . . في) و (من كان له حظ قليل) أفلم يروا إلى ص7 من هذا الجزء عينه وفيها (أمر المغنين وهم يومئذ متوافرون)؟ 3 - وفيها (وأدخل فيه من التحسينات زيادة من عن الطبعتين) والأفصح زاد عليه لا عنه فليراجعوا كليات أبي البقاء من فصل الزاي في ص2 ولينظروا إلى ص21 من التصدير ففيه (فقلت: الطلاق لازم للأصفهاني أن زاد على هذا) 4 - وورد في ص5 من التصدير (إنما يفهمون من قولك: فلان عرضة للأمراض، أن تغلب عليه بسهولة والحقيقة عكس ذلك) قلت: أن هذه الحقيقة خلاف الصواب ففي مختار الصحاح (وفلان عرضة للناس أي لا يزالون يقعون فيه وجعلت فلاناً عرضة لكذا أي نصبته له. وقوله تعالى: ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أي نصباً) فالمراد بالنصب هاهنا: الغرض. ولينظر إلى ص424 من الجزء الثاني من الأغاني ففيه قول (ابن عبدل): . . . بحمد الله ماض مجرب ... وأم رياح عرضة لنكاحي ويظهر لنا معناها من قول محمد بن سهل بعد هذا البيت (فتحاماها الناس فما تزوجت حتى أسنت) قلت ذلك فضلاً عن أن القياس يدل على أن (عرضة) بمعنى (معروض) مثل ضحكة (بضم فسكون) بمعنى مضحوك منه ولو كان (عرضة) بضم ففتح لجاز أن يكون بمعنى (عارض) نحو (ضحكة) وهمزة ولمزة ووكلة وتكلة) 5 - وورد في ص6 من التصدير (فأن أحاديثه شيقة) والمشهور أن الشيق هو المشتاق كالقيم بمعنى المستقيم والصيب بمعنى المصيب على وجه فلا محل له هنا والصواب (مؤنسة أو مستحسنة أو شائقة) ففي ص2 من هذا الجزء قصة تستفاد وحديثاً يستحسن). 6 - وجاء في ص51 من التصدير أيضاً (بين الجملتين التي يكاد ينقطع المعنى

بينهما) والصواب (الجملتين اللتين) لأن اللتين صفة للجملتين حقيقية فيجب موافقتها للموصوف في التثنية. 7 - وذكر في ص52 منه (ليس في مكنة كثير من الناس فهمه أو أدرا كنهه) والفصيح (ولا إدراك. . .) لأن الواو تجمع نفي الجملتين بخلا (أو) وفي ص9 من هذا الجزء (وأن الأخرى ليست منها ولا قريبة منها) فما دليل يؤيد ما قلناه. وحلول (أو) مكان الواو ضرورة عند الجمع المطلق. 8 - وجاء في ص1 من هذا الجزء (ولم يستوعب كل ما غني به في الكتاب ولا أتى بجميعه) فعلقوا به (الكثير في - لا - النافية التي تدخل الماضي أن تتكرر أو يقصد به الدعاء ومن غير الكثير قوله تعالى (فلا أقتحم العقبة. . . وعبارة المؤلف هنا من هذا القبيل) قلنا لا داعي إلى هذا التعليق وليست عبارة المؤلف من ذلك الاستعمال لأن - لا - التي يكثر تكريرها الماضي الواقعة في أول الجملة لا في منتهاها كقوله تعالى في سورة القيامة (فلا صدق ولا صلى) وقد استعملها المؤلف في آخر الجملة فلا تناسب ذلك التعليق ولها هنا ثلاثة أوجه هي (لم يستوعب. . . ولا أتى) و (استوعب. . . ولا أتى) و (لم يستوعب. . . ولا أتى) وهذا أسلوب العرب. 9 - وورد في ص11 (البلاط) اسم موضع ولم يفسروه إلا في ص7 وهذا من مصعبات استفادة الفوائد على القراء ومخالف لفن الشرح. 10 - وذكر في ص15 (أرقعها بسبت وأخصفها بهلب) وفي ص42 ومن جمهرة أشعار العرب من طبعة الاتحاد المصري (أرقعها بسبت واخصفها بعلب قال أبو زيد القرشي (والعلب: السير الذي لم يجد دبغه) وفي هذه الصفحة من الأغاني (أني أتيتك مستحملاً ولم آتيك مستوصفاً) وفي تلك الصفحة، الجمهرة (جئتك مستعطياً لا مستوصفاً) له بقية مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الوزارة السويدية صرح جلالة ملكنا المعظم بإرادته المطاعة لإنشاء وزارة بعد الوزارة السعدونية المنحلة بوفاة وزيرها الأكبر فتليت في مجلس الأعيان في 21ت2 (نوفمبر) من سنة 1929 معلنة فخامة ناجي باشا السويدي رئيساً للوزراء ثم لما عرض على سعادة الباشا زملاءه على جلالتة صدرت إرادة ثانية مثبتة إياهم وهم: ناجي السويدي لوزارة الخارجية ناجي شوكت - الداخلية ياسين الهاشمي - المالية عبد العزيز القصاب - العدلية نوري السعيد - الدفاع محمد أمين زكي - المواصلات والأشغال خالد سليمان - الري والزراعة عبد الحسين الجلبي - المعارف 2 - السر فرنسيس المعتمد السامي في العراق جاء المعتمد السامي الجديد راكباً الطيارة مع قرينته وابنته في الساعة الثالثة بعد الظهر 10ك1 (ديسمبر) سنة 1929 فرحب به الناس على اختلاف طبقاتهم. 3 - خطرات الرصافي نشر الأستاذ الرصافي في العدد التاسع من جريدة (البلاد) البغدادية مقالة سماها خطرات وجعلها في أربع نبذ: عنوان الأول: لو كنت مصوراً والثانية عيسى المسيح والنبي العربي. والثالثة ماء الشعير. والرابعة كتاب القبض فساءت جميع المسلمين وأقامتهم وأقعدتهم ونشر بعضهم ردوداً في صحف الحاضرة استنكاراً لما أدرجه الأستاذ معروف وعطلت إدارة المطبوعات جريدة البلاد أسبوعين بسببها. وحاكمت الحكومة مديرها المسؤول فحكمت عليه بأداء خمسمائة ربية جزاء له على إدراج تلك المقالة. 4 - كتاب السعدون إلى جلالة الملك ذكرت جريدة (نداء الشعب) البغدادية عن جريدة (القبس) الدمشقية

أن المرحوم عبد المحسن بك السعدون ترك كتاباً مفصلاً في ست صفحات بين فيه أسباب انتحاره ولم يقف على هذا الكتاب أحد ما عدا جلالته ويقال أن الأندية المطلعة تؤيد أقوال جريدة القبس. 5 - عرض الكشافة السنوي جرى في 12ك1 (ديسمبر) سنة 1929 في ميدان الصولجان (ساحة البولو) في الحاضرة عرض الكشافة السنوي للمدارس الأميرية بحضور صاحب الجلالة الملك فيصل المحبوب والملك علي أخيه العزيز. وكان هناك جم غفير من المدعوين من وطنيين وأجانب فدل ذلك العرض على أبناء العراق من أنشط الأمم في حومة القراع العصري إذا ما دربوا تدريباً حسناً على الأصول المرعية في هذا العهد الجديد. 6 - عطف الحكومة على أسرة المرحوم عبد المحسن السعدون قررت الحكومة أن تقدم إلى أسرة المرحوم راتباً دارا قدره ألف ومائتا ألف ربية في الشهر وتقديم (50 ألف ربية) لاقتناء دار للسكنى. والقيام بنفقات علي بك السعدون الذي يدرس في مدرسة برمنكهام في إنكلترا. 7 - شارع السعدون قرر المجلس البلدي في بغداد تسمية شارع البتاوين الواقع فيه دار المرحوم عبد المحسن بك السعدون باسمه تخليداً لذكراه ويمتد هذا الشارع من الباب الشرقي حتى الكرادة الشرقية 8 - مائتا ساعة مطر في الموصل احتجبت أشعة الشمس عن الموصل مدة أسبوع كامل وبدأ تهطال الأمطار الغزيرة منذ 25 نوفمبر سنة 1929 إلى ما بعده مدة (200) ساعة 9 - معلم - مدرس - أستاذ وزعت مديرية المعارف العامة العراقية على جميع المدارس الأميرية بلاغاً رسمياً قالت فيه أنها ستنطلق على الشخص المتخرج في المدارس الابتدائية كلمة معلم والمتخرج في المدارس الثانوية كلمة مدرس، والمتخرج في المدارس العالية كلمة أستاذ. ونحن نستحسن هذه الألقاب. 10 - قدم حضارة أرجاء الفرات نشر المستر وولي الأثري الإنكليزي، الذي أدرجناه له عدة مقالات في هذه المجلة وهو المشتغل بحفريات أور مقالة في الجورنال الباريسية وصف فيها بعض ما كشفه فيها من القبور الملكية وبحث عن خطورة المكشوفات بالنظر إلى ما يعرفه

العلماء عن أقدم المدنيات قال: نجحنا في السنة الأخيرة نجاحاً باهراً في حفريات أور إذ قد كشفنا خمسة قبور ملكية هي نوعاً ما أقدم من التاريخ المعروف ولا شك أن أربعة منها قبور ملوك أو ملكات أما الخامس فقد يكون قبر أمير لم يصل إلى العرش على أنها كلها تختلف عن قبور الموتى من عامة الناس. في داخل كل قبر غرفة أو غرفتان أو ثلاث والجدران مبنية بحجارة كلسية أو أجر ووجود الحجارة في القبور في حد ذاتها دليل على الثروة لأن أورا واقعة في واد تربه جرتها المياه إليه لا يستطيع المرء أن يجد فيه حصاة صغيرة وأقرب مقلع للحجارة يبعد مائة ميل على أقل تقدير. والأغرب في ذلك طرز بناء تلك القبور فأن أثنين منها معقود سقفاهما بالحجارة وفي القبور الأخرى أقواس متخذة من الأجر هي أقدم ما يعرف من نوعها. نعم أنه لأمر عجيب أن يكون أولئك البناة الأقدمين قد عرفوا بناء الأعمدة والأقواس ومارسوها في ذلك العصر المتطاول في القدم على أننا رأينا العالم الغربي لم يتجل له سرها إلا بعد قرون عديدة. وظهر في هذه القبور أثار تقديم الضحايا البشرية ولم يكن قد كشف حتى الآن ما يدل على اتخاذ هذه الذبائح في العراق وليس في رقم الشمريين - أو البابليين ما يشير إليها ولكن ظهر من المكشوفات أن مناحة الملك كان يسبقها ذبح ستين أو أكثر من الخدم والحاشية في البلاط. وفي آخر القبر بقايا سيدات عصبت رؤوسهن بضفائر من ذهب ووضعت عليهن تيجان من النضار وفي آذانهن أقراط ذهبية وبالقرب من الباب أضجع جنود الحرس وعلى رؤوسهم الخوذ النحاسية وفي أيديهم الرماح. وبعض الأصقال (هياكل العظام) سبوثة على أرض القبر بل يرى ثم عظام ثيران العجلان والساقة على مقاعد الثيران الستة مشدودة إلى عريش العجلة ورؤوسها وأكفالها مزينة بالفضة والحجارة الكريمة. وإلى جانب الملكة (شوب أب) جثث وصائف الشرف في صفين وضارب العود وذراعاه تطوقان آلة طرب وهي آلة عجيبة موشاة بالذهب ومزينة برأس عجل من ذهب صنع جسمه من الحجارة الكريمة. أما مركبة الملكة فهي مركبة خفيفة

ضاربة إلى الربدة (اللون الرمادي) وقد زينت برؤوس السود والثيران والفهود المصوغة من الفضة والذهب. ويجر المركبة أتن وفي جنب جثث الأتن عظام الخدام الصغار الذين كانوا يسوقونها. ومما لو حظ أن لا شيء في القبور العادية من الضحايا البشرية ولا من أثارها حتى ليس هناك رمز مصنوع يرمز إلى الذبيحة الحقيقية ولا شيء يشبه الظلوم (الصور الجدارية) كما هو الحال في مصر إذ ترى التماثيل الخشبية تمثل الذبائح في أيام ملوك الدول الأولى. من هذا يظهر أن في ديار شمر لم تعم عادة اتخاذ الذبائح البشرية بل كانت امتيازا خاصاً بالملوك للدلالة على أنهم يختلفون عن سائر مألوف الناس وبعد ذلك العصر أي في الألف الثالث قبل المسيح أخذت السوقة تستخف بالملوك من شمر وأكد ويزدرون ما بعد الموت بل اخذ اعتبارهم يقل شيئاً فشيئاً في أمورهم حتى في حياتهم أيضاً. ولعل الملوك قديماً كانوا يعدون كالآلهة وكان يجب على الناس أن يمجدوهم بسفك دماء أبناء جنسهم. وجدت ثلاثة من هذه القبور منهوبة على أن اللصوص لم يأخذوا كل ما فيها إذ وجد بعض الكنوز الأثرية وخباء مناحة الملكة (شوب آب) لم يصب بأذى - وجدت الملكة مسجاة في نعش وعليها حلة مغطاة بالحجارة الثمينة والذهب وقد عصب رأسها بالعصائب والتيجان والأزهار والحلي الذهبية التي تشبه الأمشاط الأسبانية وإلى جانبها الواحد تاج منقوش عليه صور صغيرة جميلة هي صور حيوانات وأزهار وأثمار وإلى جانبها الآخر هدايا لا تعد بينها آنية ذهبية ورأس عجل دقيق الصنع. ومجموع هذه النفائس العادية لا يثمن ويملأ متحفه وهي ليست بنماذج فن في عصر لم نكن نعرف أفكارنا وآراءنا في قضية نشأة الحضارة ونمو المدينة تصحيحاً جوهرياً. أن قبور أور هي أقدم من قبور أول ملوك مصر المتحدة بلا شك ونحن نعلم أن مدينة مصر حين كانت حضارة الشمريين حضارة قديمة العهد وكل من رأى مكشوفات أور لا يستطيع أن يحسبها مصوغة في بداءة عهدها فنستنتج

من هذا أو وادي الفرات سبق وادي النيل في الحضارة وهو بث النور في العالم المعروف في عهده فكانت مصر أول من أقتبس منه أنوار الحضارة في الشرق وقد تلقتها منه مباشرة أو اعتنافاً. 11 - قاصد الجزيرة وكردستان وأرمينية عين الكرسي الرسولي الأب أنطونين درابية من الأخوة الواعظين قاصداً رسولياً للجزيرة وكردستان وأرمينية الصغرى، خلفا للمرحوم السيد فرنسيس دمنك بيرة، وفي الوقت عينه سقف على رئاسة أسقفية نيكسار (المسماة عند الإفرنج نيو سيزرة أي قيصرية الحديثة) وفي يوم الأحد 22 ك 1 (دبسنبر) منه سنة 1929، وسم سمة الأسقفية وكان واسمه السيد فرنسيس داود الكلداني مطران العمادية وآزره في الأمر سيادة المطران دلال السرياني والمطران نسيميان الأرمني الكاثوليكي فنهنئ سيادة الحبر الجديد بمنصبه الجليل ونتوقع أن تقوم على يده عدة أمور تحتاج إلى الإصلاح. 12 - والد وحش يقتل طفلته حدث نزاع في بيت سليمان بن رشيد من محلة الشيخ فتحي في الموصل وبين زوجته شكرية بنت محمود أدى إلى مشاجرة فظيعة حملت الزوج الوحش سليمان بن رشيد على أن يطلق عياراً نارياً من مسدسه على طفلته البالغة من العمر 28 يوماً فأرداها جثة هامدة بعد أن دخلت الرصاصة في فم الطفلة وخرجت من رأسها. وقد هرع رجال الشرطة إلى محل الجناية وقبضوا على هذا الوالد الوحش وسلموه إلى العدالة. 13 - دفنة غريبة كان في صباح 16 كانون الأول (ديسنبر) سنة 1929 خمسة أناس في المستشفى الملكي في بغداد. وكان بين الموتى ثلاثة رجال مسلمين ونصرانية ويهودية فلما حان الدفن جاء أقرباء اليهودية (من بيت عزرا نيسان) وأخذوها وكفنوها وطيبوها على عادة اليهود ودفنوها في مقبرتهم. ولما جاء أصحاب المرأة النصرانية (وهي فهيمة امرأة يوسف رومانس) من طائفة الكلدان لاحظوا أنها ليست بها. ولما بحثوا عن الأمر بحثاً نعما تحققوا أن اليهود أخذوها خطأ ودفنوها على سنتهم فاضطر أصحاب النصرانية إلى أن نبشها من قبرها بعد محاورات ومجادلات طويلة ورفض اليهود تسليمها وفي الأخر خرجت النصرانية من مدفنها ثم نقلت إلى كنيسة الكلدان صلي عليها بعد أن كفنت على السنن النصرانية. وهذا أول حادث سمعنا به من هذا القبيل.

العدد 77

العدد 77 - بتاريخ: 01 - 02 - 1930 خزائن بسمى القديمة 1 - محتويات الخزانة كان في القطر العراقي خزائن عديدة لقدماء البابليين والآشوريين مطمورة في قلب الأرض، وقد كشف عنها أهل الحزم والعزم من ديار أوربة واميركة فسجلوا لهم ولبلادهم بذلك مكرمة، ومفخرة سامية، يتناقلها الخلف مدى الأجيال والدهور المقبلة. كانت تلك الخزائن تشمل على مئات الألوف من صفائح الأجر، المكتوب فيها تاريخ العراق القديم وقد طالع الأثريون نحو مليون صفيحة فوقفوا فيها على آداب الشمريين والبابليين والآشوريين وغيرهم من شعوب بين النهرين العريقة في القديم، فسجلات حكوماتهم ورسائل كتابهم وصلوات أتقيائهم وأدعية وأناشد متعبديهم وزهادهم ووثائق تجارهم وأغنيائهم وخرافات واعتقادات عوامهم وعرافة كهنتهم وعلاجات أطبائهم دونت كلها في مؤلفات ونشرت في أطراف المعمورة. فأخذ القراء يطالعونها كما يطالعون سائر الأسفار على اختلاف الموضوعات. وقد ذهب الأثريين إلى أن في المتحفة البريطانية اليوم نحو مائة متر

مكعب من صفائح الأجر تقدر بخمسمائة مجلد وفي كل مجلد خمسمائة صفحة كبيرة فيكون مجموع صفحات هذه المؤلفات 250. 000 صفحة تؤلف خزانة برمتها فيستطيع الكاتب الملم بلغة تلك المصنفات أن يؤلف كتباً نفسية تمثل حياة البابليين وعلومهم وفنونهم وصناعتهم ولنذكر لذلك مثالاً مما قام به الأستاذ طمسن: اشتهر قدماء الآشوريين شهرة واسعة في الكيمياء وقد برعوا في تركيب الزجاج وتلوين ومنه الزجاج الأحمر الياقوتي يدخله قليل من الذهب ليكون فيه هذا اللون ويدخله أيضاً (الأثمد) واسم (الأثمد) في اللسان الآشوري (أبار) (وزان سحاب) فنقله قدماء العرب باسم (أبار) (كشداد) عن الفرس والفرس عن الآشوريين وخص بعضهم الآبار بالرصاص الأسود وآخرون بالقصدير ومنهم من ارتأى غير ذلك من الأسماء فاكتفينا بهذه الإشارة. ووضع مؤخراً الدكتور كمبل طمس كتاباً في كيمياء قدماء الآشوريين وصفة الأستاذ هلمبرد الكيماوي في مجلة (نيتشر) فقال أنه مبني على ما أكتشف من آثار الآشوريين في الخزانة الملكية الآشورية في نينوى فأن فيها وصفاً دقيقاً لعمل أنواع كثيرة من الزجاج وتلوينه يمتد تأريخه إلى القرن السابع قبل الميلاد وبعد أن جاء على ذكر طائفة من المفردات الآشورية التي تقابل في لفظها ومعناها الألفاظ العربية قال واغرب من ذلك كله أن كلمة (كبلتو) الآشورية تقابل كلمة (كوبلت) العنصر الذي عرف حديثاً وقد حللت أنواع الزجاج التي وجدت في خرائب أشور فوجد في الزجاج الأبيض حاذي (أكسيد) القصدير وفي الأزرق نحاس وفي الأحمر الحاذي (الأكسيد) وفي الأصفر أثمداة (انتيموناة) الرصاص ولنرجع إلى ما نحن بصدده فنقول: عثر المنقبون على بضع خزائن في أمهات مدن العراق القديمة فاستخرجوا من مدافنها عاديات وأساطين ومسلات وألواحا حجرية وصفائح أجر منقوش عليها أنباء الأقدمين وأساليب عيشهم تعادل زنتها ذهباً بل تفوقها في نظر أرباب التحقيق والتدقيق ومنها خزانة أشور بنيبل في نينوى الحافلة بأصناف الأسفار الثمينة التي اشتملت على مائة ألف صحيفة أجراً مرسوم عليها تاريخ

قدماء العراقيين وقد عثر هرمزد رسام الموصلي المولد والمنشأ في أطلال (أبو حبة) (سبر) عام 1881 على نحو 60. 000 لوح وحفر أعراب البادية في خرائب تلو (أي لجش) وهي شربرلا القديمة فوجدوا صفائح أجر كثيرة جداً بحيث أخذ يبيع الحفارون ملء قارب من العاديات بخمسة قروش صحيحة وبهذه المناسبة أطلق على أنقاض الخرائب تل اللوح أي تل الصفائح وقد قدر عدد تلك العاديات الأستاذ بارفت بثلاثين ألف أجرة وفي نفر وجد المنقبون (بضع آلاف) لوح. وخلاصة القول أن الأثريين عثروا في العراق على مقادير جسيمة من الآثار ما يشيد مدينة بدورها وحوانيتها وعرصاتها ومعابدها ومعاهدها وشوارعها في كل من أشور وبابل. لم يتوقع النقابون في بسمى أن يعثروا على خزانة تضاهي خزائن المدن الأخرى العظيمة في بادئ الأمر بيد أن الفعلة حينما كانوا مجدين في النبش عثروا على عاديات في هليز قائم في الرابية الرابعة وراء القصر فاستبشروا خيراً وضاعفوا جهودهم فتمكنوا من التقاط خمسين عادية من تلك الأنقاض وبينها وجدت أصغر عادية عثر عليها المنقبون في أطلال بسمى وكان حجمها مربعاً وهي أقل من نصف قيراط ومن العادات ما كان محطماً وعلى إحداها أسم الملك مطبوعاً وبينها وجد كتف تمثال صغير مصنوع من الهيصمي والحفر عليها طامس ولم يظهر منه سوى أثر طابع يتضمن أسم لوجال وهو أحد حكام أدب. وفي اليوم الثالث وجد النقابون 150 عادية أيضاً وفي اليوم الرابع ثلاثمائة وفي اليوم الخامس خمسمائة وخمساً وعشرين عادية وهو أكبر عدد وجد في نهار وأحد فيكون مرتفع ما اجتمع في خمسة أيام 1175 وكان بدء اكتشاف هذه العاديات في الرابع والعشرين من شهر نيسان عام 1904 واستمرت أوقات العثور عليها حتى الثامن والعشرين منه. 2 - نظام الخزانة كانت هذه العاديات جميعها مكدسة في أرض غرفة واسعة تحت عمق مترين

من التراب وقد بحث النقاب الأميركي ليعثر على رفوف هذه الخزانة فلم يفز بطائل لأن العاديات كانت مدفونة بصورة ركام ولا أثر للعناية بتنسيقها أو تبويب محتوياتها فكانت العادية الكبيرة بجنب الصغيرة. بينها المستديرة الشكل والمربعتة والمسنمة والقائمة الزوايا وبعضها رقيقة وغيرها ثخينة ومنها محكمة الصب وأخرى غير متقنة الصنع ومنها مشوية وأغلبها غير مشوية قصمة وقد أسفرت تنقيبات المنقبين عن كشف 2500 عادية ومعظمها مثلم الأطراف ومشطور شطرين وقد وجدت خمسمائة عادية سالمة من العطب صحيحة الكتابة وبعد أن جمعت وأزيح عنها ما علق بها من الغبار المتلبد وقرء ما فيها فإذا هي صكوك وعقود ووصولات وسندات تنبئ عن بيع حبوب وحيوانات داجنة وصوف وغير ذلك وبينها رسائل ولا أثر للقيود التاريخية ولا للترانيم والمزامير والقصص والأمثال كما كشف منها في خزانة نينوى ومما يؤسف منه أنه سطا على خزانة مدينة أدب من انتزع منها آثار مخطوطاتها الحجرية الثمينة وترك تلك التي عثر عليها لقلة أهميتها في عالم العلم والتاريخ وقد جاهر بعض المنقبين من الفعلة أنهم سمعوا من شيوخ البادية أن هذه البقعة قد نقب فيها أحد النصارى قبل الإسلام وهذا ما أعاد إلى ذاكرة النقاب الأميركي حكاية أشور بنيبل وصورة جمعه آثار العراق وتأسيس خزانة نينوى العظيمة فقد ورد في إحدى صفائح الأجر أنه أرسل طائفة من عماله إلى بلاد بابل كلها ليبحثوا في مدنها العامرة والغامرة ويجمعوا ويستنسخوا ألواحها الحجرية وذلك منذ 668 ق. م. عثر المنقبون في القصر في القصر الواقع في الرابية الرابعة والقصر قائم بالقرب من موضع الخزانة على أجر مربع الشكل في الزاوية الغريبة من ذلك المحل بيد أن القسم الأعظم من الأجر كان مشيداً في صدر البناء وقد سقط مقدم الجدار ووجدت أجرتان منها منقوشاً عليهما أسم الملك جميل سن فان هيئة الأجر وعمر البناء وصورة الكتابة تدل على عصر ذلك الملك ويذهب بعض الأثريين إلى أن جميل سن ملك أور لم يقطن هذا لقصر، بل سكنه فريق من عماله. فقد وجد خانمان بين الأجر محفور فيهما أسماء حكام المدينة الذين اشتهروا في ذلك العهد القديم باسم (فاتيشي) وكانوا كهنة وحكاماً معاً وقد قطنوا هذه المدينة.

3 - عهد مدونات تلك الخزانة لم تكن صفائح الأجر جميعها من عهد الملك جميل سن بل كان كثير منها أقدم من عصره فقد وجد ثلاثة طوابع حجرية محفورة عليها أسم نرم سن أي سنة 2700ق. م وقد عثر المنقبون على ثلاث شظيات كبيرة من الأجر من عهد قديم جداً وإحدى تلك الشظيات وجدت تحت الأرض في غور نحو مترين ونصف متر بالقرب من الزاوية الغربية من الغرفة وكان طولها ثلاثة عشر سنتيمترا وعرضها عشرة سنتيمترات وثخنها ستة سنتيمترات ولم تكن هذه الشظية سوى ربع الأجرة قبل انحطامها وكانت مكتوبة من كلا طرفيها والكتابة طويلة تتضمن ستة حقول أي أعمدة وكانت الحقول مقسمة في مربعات، ويحتوي كل مربع على كلمة واحدة أو مبدأ مادة. وكانت صور تلك الكتابة على جانب عظيم من الأهمية. لأن حروفها كانت غريبة لعلماء الآشورية وسببت مشاكل عديدة لحل رموزها تلك الرموز التي تشبه الطلاسم عند من لا يعرف شيئاً من إسرار تلك اللغة القديمة. ووجد أحد الفعلة في أساس الجدار القائم في الجنوب الشرقي من الغرفة قطعة أجرة أخرى ذات لون أسمر وكان طولها تسعة عشر سنتيمتراً في عرض ثلاثة عشر وثخنها ستة سنتيمترات وكان طول هذه الأجرة قبل أن تتحطم ثلاثين سنتيمترات في عرض عشرين وكان مسطوراً على وجهها سبعة حقول وعلى قفاها حقلان وهذه مقسمة إلى مربعات وصورة حروف كتابتها تشابه تلك التي تقدمتها والقطعة الثالثة كانت أصغر من القطعتين المذكورتين وتشمل على حروف قليلة. وقد عثر النقابون في هذه الغرفة أيضاً على قطعة من المرمر طولها أحد عشر سنتيمتراً ونصف سنتيمتر في عرض ثمانية وهيئتها أنها مسنمة وحروفها غريبة الكتابة بصورة مستطيلة ممدودة ومعظم تلك الحروف قد طمس لأحداث طبيعة حدثت لها ويصعب قراءتها وترجمتها. وألفى النقابون في هذه الخزانة أصغر عادية من الأجر تختلف عن غيرها في شكلها وحجمها وإذا قوبلت بالعاديات التي وجدت في الروابي الأخرى في مختلف العصور فأنها تساعد على حل كثير من المشاكل المتعلقة بصنع الأجر وتطره حتى بلوغه

درجة الكمال وانتشاره في الأصقاع البابلية كما نشاهد أشكاله اليوم في المتاحف الأوربية والأميركية على اختلاف صورها ورسومها وقد ظهر من التحريات أن الصلصال لما أتخذ لأول مرة في العالم صحيفة للتدوين والكتابة كانت الأجرة تطبع بشكلين مختلفين الواحد بهيئة مستديرة تشبه الكرة الصغيرة والأخر مسنم وهو يشبه الأجر في العصر الشمري وكلا هذين النوعين تدرج في سلم التطور فأمسى بشكل مستطيل كما كان منتشراً في عصور بابل الأخيرة. 4 - أجرة التدوين وشكلها ونوع كتابتها وأعلم أن علماء الآشورية أجمعوا على أن الأجرة في أقدم عصورها كانت مستديرة الشكل تكاد تماثل شيئاً الكرة من الطين وتقارب الاستدارة وتشبه كرة الأرض في تسطح قطبيها إذا أخذ طرفاها يستويان شيئاً فشيئاً على توالي الأزمان حتى غدت تضارع قرصاً وظهرت زواياها في ذلك القرص بصورة جلية ثم انبسطت حتى أصبحت مربعة وحينما أخذ الناس في أول عهدهم يدونون أفكارهم على الأجر أصبح المربع مستطيل الشكل قائم الزوايا ليصلح للكتابة. هذا ومن الأثريين من يذهب إلى أن الأجر المسنم كان في أول أمره مستديراً أيضاً ولم يكن نقل صورته إلى شكل قائم الزوايا إلا خطوة إلى الأمام فالطرف المقبب غدا أكثر استواء والطرف المنبسط أصح أشد حتى عم انتشاره وألف شكله البابليون القدماء. وكان حجم صفحة الأجرة يتعلق في تلك الأيام على نوع الكتابة ومقدار السطور المراد إثباتها في تلك القطعة فأن أصغر صفحة أجر اكتشفت في بسمى كانت مربعة الشكل وحجها أقل من عقدة إصبع وتتضمن كل صفحة منها كلمة تشتمل على حرفين بخلاف صفحات الأجر في نينوى فأن طول الواحدة منها لا يقل عن ثماني عشرة عقدة ولا عرضها عن قدم وصفحاتها مقسمة في حقول كصفحات الجرائد اليوم وتحتوي على مئات من السطور المتراصة الدقيقة الكتابة أما في الأزمنة الواغلة في القدم فكانت الحقول في صفحات الأجر الكبيرة مقطعة في أشكال مربعة وكل مربع يتضمن كلمة وكانت العناية منصرفة قليلاً إلى تأليف الحروف وتنظيمها وملائمة صورها فكانت تكتب تارة إلى فوق

وأخرى إلى تحت وأحياناً من اليمين إلى الشمال أو مبعثرة هنا وهناك لتلائم ذوق الكاتب ومشوبة في ما ينقشه إزميله حتى باتت تختلف اختلافاً عظيماً عن العبرية والعربية والسريانية ومعظم اللغات السامية. فالحروف كانت تكتب دائماً من اليسار إلى اليمين وكان الكاتب في الأزمنة القديمة يعتني اعتناءً فائقاً بطبع الأجرة في قالب وفي صورة يلائمان ما يريد نقشه من الكتابة حتى أنه كان يرسم سطوراً عليها كما نسطر اليوم الكاغد بخطوط مستقيمة وأحياناً يرسم خطوطاً في الطول وفي العرض ثم يؤتي بالطين وهو طرأ فيرسم عليه صورة الكتابة بقلم من النحاس أو الخشب وحروف هذه الكتابة تشبه الأسافين أو المسامير، ولهذا اشتهرت بالخط المسماري وبعد أن يتم ذلك توضع الأجرة في الشمس لتجف أو في أتون لتشوي وعلى هذه الصورة تصبح صلبة كالحجارة التي لا تؤثر فيها الأحداث بسهولة. وقد أهمل رسم السطور في الأجر بعد أن تدرجت الكتابة في سلم الارتقاء والتقدم وباتت الحروف تكتب بأسلوب حسن ودقيق. 5 - مغلفات المدونات أخذت الحروف والعلامات تنضم شيئاً فشيئاً وتنقش متراصة حتى يضطر إلى حلها عناية عظيمة ومهارة فائقة ليعرف ما فيها وقد استنبط قدماء أهل بابل غلافاً من الطين أو المغلف فكان يغلف به ما يراد حفظه من التلف والدثور وعلى هذه الصورة كانت العادية من الأجر بعد كتابتها وتجفيفها أو شيها تغطى بغلاف رقيق من الطين وكان يعاد كتابة ما تضمنته على الغلاف وأحياناً يكتب طرف منها ليكون بمثابة عنوان لمضمونها. كان غلاف صفائح الأجر في الغالب صغيراً وثخيناً بحيث يعرف من شكله وكثيراً ما كان يسمع للصفحة صوت داخل الغلاف إذا حركت واشتهرت الظروف وعم استعمالها في عصر أور أنجور وحمرب ولهذا كثر وجودها في خرائب بسمى وبرتقي عهد اختراع الظروف في بابل إلى أربعة آلاف سنة قبل زمانا هذا. وقد اكتشف شكل آخر من صحائف الأجر بحجم كبير مستدير حتى كاد

يكون مسطحاً من الطرف الواحد ومستديرا من الطرف الآخر والصحائف التي من هذا الطرز كانت في الغالب غير متقنة الصنع ولا تامة الشيء ولا تحوي أكثر من سطر أو سطرين من الكتابة وفيها إحدى العلامات مكررة بضع مرات بصورة مبهمة ومعقدة وقد ذهب الأثريين إلى أن هذه الصحائف كانت بمثابة ألواح لتمرين تلامذة المدارس كما تستعمل اليوم في مدارسنا الألواح الحجرية لهذه الغاية ومنهم من ذهب إلى أن هذه الألواح كانت تتخذ نماذج للخطوط وارتأى آخرون أن هذه المدونات المسطور فيها علامات معقدة كانت دليلاً للكتبة يهتدون بها إذا خانتهم ذاكرتهم في تصوير الحروف المطلوبة في الكتابة وقد وجد المنقبون مواشير مثمنة الجوانب أو مسدستها ومنها مربعة وأسطوانية ومخروطية مدفونة في جدران المباني العمومية كالقاعات والحمامات والمعاهد تنبئا عن انتشارها في ذلك العهد القديم. 6 - أصل الخط المسماري وتدرجه أن في درس منشأ الحروف المسمارية الخط فائدة عظيمة لعشاق التاريخ ومحبي الآثار إذ أن أقدم صور الحروف المسمارية كانت مصورة ونشأ استعمالها بين الشمريين وبأزمنة طويلة قبل أن يعم انتشارها عند الساميين ولعل ذلك كان قبل حلول الشمريين بين النهرين لأن المنقبين لم يعثروا على كتابة من هذا القبيل وذلك مما يؤيد الفكرة القائلة بأن الشمريين كانوا قد استعملوا تلك الكتابة القديمة قبل احتلالهم ربوع العراق أي قبل تدرجهم في سلم الحضارة حينما كانوا قبائل رحلا يتنقلون من مكان إلى آخر ويعتقد جمهور من أرباب التحقيق أن اكتشافات كتابة هؤلاء الأقوام الرمزية تماثل الخط المصري القديم. والمسألة التي تهم الباحث خاصة هي: أللمصريون اقتبسوا كتابتهم المختصة بالتصاوير الرمزية من الشمريين أم هؤلاء اقتبسوها من أولئك بعد تنقيح وتعديل أم أن شعباً آخر أتخذ تلك الصور الرمزية فأنقرض ولم يخلف شيئاً من أثاره سواها وقد صانها الشعب الظافر من الضياع والدثور؟. فهذه الآراء أراء طائفة من المؤرخين سوف تؤيدها أو تنقضها الاكتشافات الأثرية المقبلة وبعد هذا البيان الوجيز نقول: كان الخط المسماري في أول نشأته

صوراً رمزية أصطلح عليها أهل ذلك العصر لتفيد معاني خصوصية ثم تدرج شيئاً فشيئاً حتى وصل إلى ما نشاهده اليوم في إتقان حروفه ومن الصور الرمزية المصطلح عليها للتفاهم والتخاطب: النجوم وأصابع اليد والقدم والشمس المشرقة فوق الأفق والسمكة والطير. والكتابة المركبة من هذه الصور وغيرها كانت شائعة الاستعمال عند الشمريين في بابل والصور الأصلية كان رأسها موضوعاً إلى الشمال فقط وأصابع القدم مقلوبة والقصبة مطروحة والسمكة قائمة على ذنبها وأن اختلفت هذه الأوضاع يمكننا أن نميز بينها ونعرف حقيقتها وقد وجد الحفارون أن الصور المرسومة بخطوط مستقيمة ومنحنية كانت محفورة على الحجارة وليست مطبوعة على الأجر ومن هنا نستدل على الشمريين أقبلوا من بلاد جبلية والحجارة فيها ميسور حصولها أكثر من الطين. أن هذه الصور الرمزية التي تقوم مقام الحروف وجدت منقوشة على الأواني والتماثيل واستخرجت من هيكل أدب القديم وأتخذ الصلصال مادة للكتابة قبل عصر سرجون بزمن قليل ثم طرأ على الحروف تغيير بين فنشأت الخطوط بطبع أداة حادة الطرف على الطين والخط المقوس كان يصعب على الكاتب رسمه بتلك الآلة أي الأداة وطرف الآلة المقابل لليد كان ينطبع في الطين انطباعا عميقاً فكان يحصل من ذلك الضغط علامة اسفينية الشكل وكان من الصعب أن يتكون خط متساوي الغور على طول السطر وعلى هذا المنوال تحولت الخطوط المتوسطة إلى مستقيمة والخطوط المستقيمة أصبحت أسفينية والصور الرمزية فقدت كل خاصيتها الأصلية. وعلى تمادي الأيام إذا الخط المسماري شائعاً مقبولاً عند الخاص والعام وتطورت الكتابة في عصر حمرب (حموربي) وما بعدة فأهمل كثير من العلامات والحروف ومنها الأسافين واضحة الكتابة أبسط مما كانت عليه فكان أسهل على الكاتب أن يرسم خطاً من أن ينقش أسفيناً وفي أواخر أيام الدولة البابلية تحسنت الحروف وأخذت تكتب بصورة جلية جداً. كانت كتابة الجمل والعبارات تتألف من كلمات مزدوجة التركيب وهذه تفرعت فتدرجت من وضع علامتين أو أكثر معاً الواحدة بجنب الأخرى أو من ضم علامة إلى علامة أخرى لتعبر عن معنى خاص ومن تلك العلامات المتحدة

كلمة مطر فأنها تتألف من علامتين هما سماء وماء وكلمة دمعة ترمز إلى العين والماء وعلامة فم تدل على الطعام ومنها أشتق فعل أكل وعلامة رقم ثلاثين تشير إلى شهر ومفردها إلى يوم وعلى هذا النحو تركبت ألوف من الكلمات واتخذت في كلام البشر الأولين. 7 - ثمن المكشوفات تعد مدونات الأجر التي في الرابية الرابعة من أنفس الآثار المكشفة هناك بيد أنه وجد بينها قليل من الختوم الأسطوانية الخالية من أثر الإتقان ومن تلك الآثار منقار من العاج وقبل أن يغادر النقابون تلك الرابية حفروا في أنقاضها عمق ثلاثة أمتار ونصف متر هناك عثروا على جدران مشيدة بالطين وشقف (قطع من الخزف). وبينما كان معظم الفعلة ينبشون غرفة الخزانة كان الباقون متفرقين في أطراف الرابية وكشفوا جداراً يضم غرفاً صغيرة وفي إحداها طابع صغير أسود من الفخار المجوف هرمي الشكل طوله ثلاثة سنتمترات وقطره سنتيمتران ونصف سنتيمتر تدل كتابته على عصر متأخر ووجد النقابون في موضع آخر أربع قطع من موشور مربع الأطراف من طين وأجرة معلمة بخطوط وفيها بضع أسطر من كتابة مقلوبة كأنها نسخة من كتابة نقشت على خاتم وبين أثاث منزل وجد صحن من الفخار، لونه أسمر ضارب إلى الحمرة قطره أربعة وخمسون سنتيمترا وعمقه ثمانية عشر سنتيمترا ويقسم إلى أربعة أبيات صغيرة (خانات) متقطعة بصورة صليب وكان بينها تماثيل صغيرة ولعب صبيان، منها حية وكلب وخنزير وسلحفاة صغيرة وكلها متخذة من الفخار ومدهونة بدهان أبيض وهي العروض الوحيدة التي كشفت في بسمى مدهونة بذلك الدهان وكانت أرض غرف القصر التي وجدت فيه هذه الآثار مرتفعة عن أرض الصحراء بنحو أثنى عشر متراً. وعثر المنقبون في بحثهم عن الآثار على قلبين (بئرين قديمتين) في الطرف الغربي من الرابية الرابعة أن نزح ما فيها من النبائث ظهر أن إحداهما مطوي بالأجر المسنم وقد رمم جداره بطاباق مستطيل معلم بثلاثة خطوط محفورة كأنها أخاديد وكانت سعة فوهته من الجانب الواحد إلى الجانب الآخر ستة وسبعين

سنتيمترا ثم أخذ قطرها يتسع شيئاً فشيئاً ثم اتسعت دائرته بسرعة حتى بلغت مترا ونصف متر وكان عمق القليب أثني عشر مترا وثخن جدرانه نحو أربع أجرات وكان سالماً من كل ضرر كأن البناء قد أتمه قبل هنيهة ووجد في قعره نحو مائة قدح للشرب مصنوعة من الفخار ويظهر أنها سقطت اتفاقا ووجد فيها أيضاً أثنتا عشرة جرة ماء وإناءان صغيران من الحجر وخرزتان من اللازورد مقطوعتان بهيئة الماستين أما القليب الثاني فكان مطوياً بالأجر المربع من عصر أور أنجور ملك أور كان مبنياً بناء متيناً وبديعاً للغاية وسعته سعة القليب الأول. 8 - فوائد المكشوفات العلمية وقد استفاد الأثريون من هيئة بناء هذين القليبين ومن شكل أجرهما فوائد جمة ساعدتهم على حل معضلة تاريخ القصر المجاور للخزانة فأن القليب المشيد بالأجر المسنم دلهم على أن عهد القصر يرتقي بناؤه إلى زمن صنع ذلك الأجر بهذا الشكل وهو من أقدم عصور حضارة البابليين وقد بحث المنقبون عن أثار ذلك القصر فلم يفوزوا بطائل لأن رمال الصحراء غطته منذ قرون عديدة حتى غدت كثباناً فوقه فجميع الهمم التي بذلت في كشفه ذهبت أدراج الرياح ومن المنقبين من يذهب إلى أن دولة فاتحة قوضت أركان القصر ودكت أسواره فمحت معالمه والقليب الذي نحن بصدده يدل أيضاً على أن قوماً أتخذ ذلك القصر مسكناً له ورممه بأجر مستطيل مخدد وهيئة طوابع الأجر تشير إلى عصر سرجون الأول وابنه نرم سن لا يبعد أنهما اتخذا من هذه البئر مورداً لخيلهما وقد هجرت على أثر اضمحلال القصر أما البئر الثانية المحكمة البناء فقد شيدها اور انجور وشرب منها هو وخلفاء دولته ومن وأتى بعدهم من سكان الدور القائمة على منحدرات الرابية حتى قوت ربوع المدينة وظعن عنها أصحابها فأخذت البئر تمتلئ من رمال الصحراء حتى جاء من أزالها عنها أي أولئك النقابون الإجلاء وطهرت من الرمال المتراكمة فيها منذ أجيال. 9 - الخاتمة هذا ملخص تاريخ الخزانة والقليبين وزمن وجودها مع طرف من أنباء القصر الذي عفت معالمه ودرست أثاره ذيالك القصر الذي لم يوقف له على نبأ يروى غليل المؤرخ المدقق والأثري المحقق فعسى أن تجلى عنه الغوامض في ما يكشف بعد هذا الحين. رزوق عيسى

أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف

أعلام قصيدة أخت الوليد بن طريف 1 - توطئه أجود أشعار العرب مراثيها. والقصيدة التي رثت بها الفارعة أو فاطمة أو ليلى بنت طريف بن الصلت بن طارق بن سبيجان بن عمر بن مالك الشيباني أخاها الوليد بن طريف الشاري راس الخوارج في خلافة هرون الرشيد من هذا الجيد المروي يدلك على ذلك اهتمام اللغويين والمتأدبين بها واستشهادهم ببعض أبياتها، وأول ما اتصل بنا من هذه القصيدة بيتان نقلهما أبن جرير الطبري المتوفي سنة 310هـ (922م) في عرض كلامه على مقتل الوليد في حوادث سنة 179هـ 795م إذ يقول: (وفيها رجوع الوليد بن طريف الشاري إلى الجزيرة واشتدت شوكته وكثر تبعه فوجه الرشيد إليه يزيد بن مزيد الشيباني فراوغه يزيد ثم لقيه وهو مغتر فوق هيت فقتله وجماعة كانوا معه وتفرق الباقون فقال الشاعر: وائل بعضها يقتل بعضاً ... لا يفل الحديد إلا الحديد وقالت الفارعة أخت الوليد: أيا شجر الخابور مالك مورقا ... كأنك لم تجزع على أبن طريف فتى لا يحب الزاد إلاَّ من التقى ... ولا المال إلاَّ من قنا وسيوف واعتمر الرشيد في هذه السنة في شهر رمضان شكراً لله على ما أبلاه في الوليد ابن طريف فلما قضى عمرته انصرف إلى المدينة فأقام بها إلى وقت الحج ثم حج بالناس فمشى من مكة إلى منى ثم عرفات وشهد المشاهد والمشاعر ماشياً ثم أنصرف على طريق البصرة.

وأما الواقدي فأنه قال (لما فرغ عمرته أقام بمكة حتى أقام للناس حجتهم) إلا، ويأتي بعده ما نقله أبن عبد ربه المتوفي سنة 328هـ 940م الذي يقول: (وقالت أخت الوليد بن طريف ترثي أخاها الوليد بن طريف): فيا شجر الخابور ما لك مورقاً ... كأنك لم تجزع على ابن طريف فتلا لا يريد العز إلاَّ من التقى ... ولا المال إلاَّ من قنا وسيوف فقدناه فقدان الربيع فليتنا ... فديناه من ساداتنا بألوف خفيف على ظهر الجواد إذا غدا ... وليس على أعدائه بخفيف عليك سلام الله وقفا فأنني ... أرى الموت وقاعاً بكل شريف وقد ساق أبو الفرج الأصبهاني المتوفي سنة 356هـ (967م) قصة الوليد بن طريف الشاري بعد أن نسب تلك المرثية إلى ليلى أخت طريف ونقلها على الوجه الأتي: بتل نباتي رسم قبر كأنه ... على علم فوق الجبال منيف تضمن جوداً حاتميا ونائلا ... وسورة مقدام ورأى حصيف ألا قاتل الله الجثا كيف أضمرت ... فتى كان بالمعروف غير عنيف فان يك أرداه يزيد بم مزيد ... فيا رب خيل فضها وصفوف ألا يا لقومي للنوائب والردى ... ودهر ملح بالكرام عنيف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى ... وللشمس همت بعدة بكسوف أيا شجر الخابور مالك مورقاً ... كأنك لم تحزن على أبن طريف فتى لا يحب الزاد إلاَّ من التقى ... ولا المال إلاَّ من قنا وسيوف ولا الخيل إلاَّ كل جرداء شطبة ... وكل حصان باليدين عروف فلا تجزعا يا أبني طريف فأنني ... أرى الموت نزالاً بكل شريف فقدناك فقدان الربيع وليتنا ... فديناك من دهمائنا بألوف وعاد فروى البيت السابع والبيت الثامن من هذه القصيدة وعززهما بالتاسع ولكنه نقله على هذا الوجه:

ولا الذخر إلاَّ كل جرداء صلدم ... وكل رقيق الشفرتين خفيف ومن الذين استشهدوا ببعض أبيات هذه القصيدة أبو علي القالي المتوفي سنة 356هـ (966م) أيضاً فقد ذكر الأبيات الثلاثة المتقدمة التي أعاد روايتها الأصبهاني ولم يغير منها إلاَّ منها إلاَّ كلمة (تحزن) ب (تجزع) وألحقها ببيت رابع هو: عليك سلام الله حتما فأنني ... أرى الموت وقاعاً بكل شريف ومع استشهاد أبي علي هذه الأبيات فأنه لم ينسبها إلى قائلها بل أقتصر على قوله وأنشدني بعض أصحابنا. ومنهم أبو هلال العسكري المتوفي سنة 395هـ (1004م) فقد قال: ومن الكلام المستوي النظام الملتئم الرصيف قول بعض العرب) ونقل البيت السابع والبيت الثامن على الوجه الذي نقله القالي إلاَّ أنه نقل البيت التاسع كما يلي: ولا الخيل إلا كل جرداء شطبة ... واجرد شطب في العنان حنوف ثم أردفها بالبيتين الآتيين: كأنك لم تشهد طعاناً ولم تقم ... مقاماً على الأعداء غير خفيف فلا تجزعا يا ابني طريف فإنني ... أرى الموت حلالا بكل شريف ونقل المطهر بن طاهر المقدسي بعض أبيات هذه القصيدة التي عزاها للفارعة بنت الطريف على ما يلي: ألا يا لقوم للحتوف وللبلى ... وللدار لما أزمعت بخسوف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى ... وللشمس همت بعدة بكسوف ولليث فوق النعش إذ يحملونه ... إلى وهدة ملحودة وسقوف بكت جشم لما استقلت عن العلى ... وعن كل هول بالرجال مطيف أيا شجر الخابور مالك مورقا ... كأنك لم تجزع على أبن طريف فتى لا يعد الزاد إلا من التقى ... ولا الكال إلا من قنى وسيوف وفي هذه الأبيات من التصحيف والتحريف أكثر من سواها مع أن ناشر

الكتاب المستشرق الأفرنسي الأستاذ كليمان هوار المتوفي سنة 1345هـ (1926م) هو من المتأخرين ولا بد أن يكون أطلع على رواياتها العديدة فكان حقيقاً به أن يعلق على الأبيات ويصحح أغلاطها في حواشيه ونقل ياقوت الحموي المتوفي سنة 626هـ 1228م البيت السابع والبيت الثامن على الوجه الذي نقلها القالي في أماليه والعسكري في الصناعتين. ونقل ابن الأثير المتوفي سنة 630هـ (1232م) القصيدة كما هي في الأغاني إلا أنه وقع فيها بعض التصحيفات فجاء بتاثا بدل نباتي في صدر البيت الأول وقلب بدل رأي في عجز البيت الثاني وعفيف بدل عنيف في عجز الثالث وقد بدل إذ في صدر السادس وتجزع بدل تحزن في عجز السابع. واكثر العلماء اهتماماً بهذه القصيدة هو أبن خلكان المتوفي 681هـ (1282م) فقد قال في ترجمة الوليد المذكور: وكان له أخت تسمى الفارعة وقيل فاطمة تجيد الشعر وتسلك سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها صخر فرثت الفارعة أخاها الوليد بقيدة أجادت فيها وهي قليلة الوجود ولم أجد في مجاميع كتب الأدب إلا بعضها فاتفق أني ظفرت بها كاملة فأثبتها لغرابتها مع حسنها وهي هذه: بتل نهاكي رسم قبر كأنه ... على جبل فوق الجبال منيف تضمن مجداً عدملياً وسؤدداً ... وهمة مقدام ورأى حصيف فيا شجر الخابور ما لك مورقاً ... كأنك لم تحزن على أبن طريف فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ... ولا المال إلا من قنا وسيوف ولا الذخر إلا كل جرداء صلدم ... معاودة للكر بين صفوف كأنك لم تشهد هناك ولم تقم ... مقاما على الأعداء غير خفيف ولم تستلم يوماً لورد كريهة ... من السرد في خضراء ذات رفيف ولم تسع يوم الحرب والحرب لاقح ... وسمر القنا ينكزنها بألوف حليف الندى ما عاش يرضى به الندى ... فإن مات لا يرضى الندى بحليف فقدناك فقدان الشباب وليتنا ... فديناك من فتياننا بألوف

وما زال حتى أزهق الموت نفسه ... شجا لعدو أو نجا لضعيف ألا يا لقومي للحمام وللبلى ... وللأرض همت بعدة برجوف ألا يا لقومي للنوائب والردى ... ودهر ملح بالكرام عنيف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى ... وللشمس لما أزمعت بكسوف ولليث كل الليث إذ يحملونه ... إلى حفرة ملحودة وسقيف ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت ... فتى كان للمعروف غير عيوف فان يك أرداه يزيد بن مزيد ... فرب زحوف لفها بزحوف عليك سلام الله وقفا فأنني ... أرى الموت وقاعا بكل شريف قال ولها فيه مراث كثيرة ذكر بعضها ومن جملتها البيت الذي نقله الطبري وعزاه إلى الشاعر وقد ذكره في ترجمة يزيد بن مزيد الشيباني ضمن أبيات هي: يا بني وائل لقد فجعتكم ... من يزيد سيوف بالوليد لو سيوف سوى سيوف يزيد ... قاتلته لاقت خلاف السعود وائل بعضها يقتل بعضا ... لا يفل الحديد غير الحديد وقد شرح أبن خلكان موضع التل فقال وتل نهاكي أظنه في بلد نصيبين. وقد نقل عبد الرحيم بن أحمد بن عبد الرحمن العبادي العباسي المتوفي سنة 963هـ 1555م. القصيدة كما نقلها أبن خلكان إلا أنه سمى أخت الوليد بليلى وأبدل من القصيدة بعض كلماتها مثل نباثا بدل نهاكي وعلم بدل جبل (وجودا حاتميا ونائلا) بدلاً من (مجدا عدمليا وسؤددا) وسورة بدل همة وقلب بدل رأى وأيا بدل فيا وتجزع بدل تحزن ولفيف بدل رفيق وواقع بدل لافح وينهزنها بدل ينكزنها ولم يرضى بدل لا يرضى ولجا بدل نجيا وبرجيف بدل برجوف وقد هوى بدل إذ هوى والردى بدل الحشئ وعليه بدل عليك.

وقد قال عن البيت الثاني: ورأيت في تاريخ أبن خلكان هذا البيت على غير هذا الوضع وهو: تضمن مجدا عاصميا وسؤددا ... وهمة مقدام ورأي حصيف وتقدم معنا أن ابن خلكان قد نقله: تضمن مجدا عد مليا (الخ) وحدث في الطبع غلط في (بتل) فجاءت (نثل) ولعل القصيدة نقلت في كتب أخرى وبصورة مختلفة لم نطلع عليها. وقد جاء أحد المعاصرين وهو الأستاذ السيد عبد الله العفيفي المصري برواية جديدة للقصيدة لم يشر إلى مصدرها وهي أطول مما تقدمها من الروايات وفي كلماتها بعض اختلاف وهي منسوبة إلى ليلى بنت طريف التغلبية: بتل نباتي رسم قبر كأنه ... على جبل فوق الجبال منيف تضمن جودا حاتميا ونائلا ... وسورة مقدام ورأي حصيف ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت ... فتى كان للمعروف غير عيوف فالا تجبني دمنة هي دونه ... فقد طال تسليمي وطال وقوفي وقد علمت أن لا ضعيفاً تضمنت ... إذا عظم المرزى ولا أبن ضعيف فتى لا يلوم السيف حين يهزه ... على ما اختلى من معصم وصليف فتى لم يحب الزاد إلا من التقى ... ولا المال إلا من قنا وسيوف ولا الخيل إلا كل جرداء شطبة ... وأجرد عالي المنسجين غروف فقدناه فقدان الربيع وليتنا ... فديناه من فتياننا بألوف وما زال حتى أرهق الموت نفسه ... شجا لعدو أو لجا لضعيف حليف الندى أن عاش يرضى به الندى ... وأن مات لا يرضى الندى بحليف فإن يك أرداه يزيد بن مزيد ... فرب زحوف فضها بزحوف فيا شجر الخابور ما لك مورقاً ... كأنك لم تحزن على ابن طريف ألا يا لقومي للنوائب والردى ... ودهر ملح بالكرام عنيف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى ... وللشمس همت بعدة بكسوف ولليث فوق النعش إذ يحملونه ... إلى حفرة ملحودة وسقوف

بكت تغلب الغلباء يوم وفاته ... وابرز منها كل ذات نصيف يقلن وقد أبرزن بعدك للورى ... معاتد حلي من برى وشنوف كأنك لم تشهد مصاعا ولم تقم ... مقاما على الأعداء غدو خفيف ولم تشتمل يوم الوغى بكتيبة ... ولم تبد في خضراء ذات رفيف عليك سلام الله وقفا فأنني ... أرى الموت وقاعا بكل شريف 2 - تل نباتي والحشى وقد حشى الأستاذ العفيفي على نباتي فقال: عين بالبصرة كما أن طابع كتاب الأغاني حشى عليها بمثل ذلك نقلا عن القاموس على أن الذي في معجم البلدان لياقوت نباتي بالفتح والضم أسم جبل ولم يعين موضعه. وكذلك حشى السيد العفيفي على الحشى فقال عنها: عين قرب المدينة والذي في ياقوت: الحشى واد بالحجاز وجبل الأبواء بين مكة والمدينة وموضع في ديار طيئ. 3 - نفي الصلة بين الخابور ونباتي والحشى وأنت ترى أن لا صلة لحادثة في الخابور بعين في البصرة وأخرى بالحجاز والخابور نهر كبير بين رأس عين والفرات من أرض الجزيرة له ولاية واسعة وبلدان جمة غلب عليها أسمه فنسبت إليه وأخر شرقي دجلة الموصل. وقد وردت نباثا وبتاثا بالمثلثة والحشى باسم الحسى بالسين المهملة والجثى بالمثلثة ولا شك في أنها جميعاً صحفت عند النقل على أن للأخيرتين في اللغة ما يشفع لهما ويجعلهما أقرب للمعنى من تلك العين أو ذلك الجبل فالحسى كإلى، سهل من الأرض يستنقع فيه الماء أو غلظ فوقه رمل يجمع ماء المطر وكلما نزحت دلوا جمعت أخرى جمعها أحساء وحساء.

وجثا الحرم بالضم والكسر ما أجتمع فيه من الحجارة التي توضع على حدود الحرم أو الأنصاب تذبح عليها الذبائح. وإذا جاز لنا أن نبعد المدى ونطلق لأنفسنا عنان الاشتقاق والتمحل فنستطيع أن نقول أيضاً في صدد نباثا ونبيث: النبيثة تراب البئر والنهر. 4 - الرجوع إلى الروايات الخطية إلا أن كل هذا ليس بالذي عنته الشاعرة التي كانت متأثرة بمصيبتها الفادحة فكانت تستعين بما حولها من النبات والجماد فذكرت التل وارتفاعه والخابور وشجرة الجثا وإضمارها تلك الروح الثائرة. بقي علينا أن نتثبت في صحة هذه الأعلام التي وردت في هذا الشعر الصادر من صدر مكلوم ونفس مهتاجة ولا سيبل لنا إلى ذلك إلا بالرجوع إلى بعض المخطوطات التي ذكرها فيها. وقد كنت قرأت في فهرس دار الكتب المصرية أن فيها نسخة مخطوطة من الجزء الثاني من وفيات الأعيان وفي هذا الجزء ترجمة الوليد بن طريف الشاوي فاطمأنت نفسي إلى أنني أجد ضالتي فيها فكتبت إلى مدير الدار اسأله المعونة على هذا التحقيق البسيط الذي ضيقت دائرته وحصرته في كلمتين اثنتين هما نباتي والحشى ومضى الشهر تلو الشهر فلم يحر المدير جواباً فقلت لعل له عذراً وأنا ألوم. بيد أنني أقول بكل أسف أنني ما سألت عالماً غربياً من المستشرقين ودور الكتب الأوربية سؤالاً من هذا القبيل إلا أجبت عنه بدقة وتفصيل أكثر مما طلبت. هذا وأنا أكتب للقوم باللغة الضادية لا برطانتهم الأعجمية فيتحملون عناء الترجمة والبحث والاستقصاء والإجابة في حين أن جارتنا الشرقية تضن علينا بفتح صفحة من الكتاب وكتب بضع كلمات دون اضطرار لترجمة أو تعريب. ثم رجعت إلى موظف كبير من موظفي الدار وسألته نفس السؤال فكان نصيبي من الثاني كنصيبي من الأول وكان أسفي من هذا أشد لأنني أنزلت آمالي بمن خيبها.

ولذلك اضطررت إلى صرف الأستاذ سليم أفندي قبعين مجلة الإخاء في القاهرة عن عمله عدة ساعات وحملته على الذهاب إلى دار الكتب المصرية ومراجعة الكتاب المذكورة وبالرغم من كثرة مشاغله الصحافية فقد كتب إلي يقول: راجعت الجزء الأخير من وفيات الأعيان الذي نسخة في أواخر ذي القعدة الحرام من شهور سنة 1043هـ 1604م على يد عبد الكريم بن أحمد بن العسكر بن محمد بن عمر بن علي بن جريشة المزي بلدا الصالحي منشأ الحنفي مذهباً الحنيفي ملة فإذا به يقول: (وكان للوليد المذكور أخت تسمى الفارعة وقيل فاطمة (وقيل أنها لعبد الملك بن بجرة النمري الرسعتي وقيل لمنصور بن بجرة يرثي بها الأزرق بن طريف النمري) تجيد الشعر وتسلك سبيل الخنساء في مراثيها لأخيها صخر إلى آخر ما في النسخة المطبوعة أما القصيدة فقد جاء في مطلعها: بتل بناتي رسم قبر كأنه. . . وفي البيت السادس عشر: إلا قاتل الله الحثا حيث أضمرت. . . وقد مد الناسخ الحاء وجعل في وسطها وجاء سينا وجاء في العبارة التي أوردها تحت القصيدة: وتل بناثي في برية الموصل في بلد نصيبين. 5 - الاختلاف بين المخطوط والمطبوع أن الجملة التي وضعناها بين عضادتين وهي (وقيل أنها لعبد الملك الخ). لم ترد بتاتا في المطبوع وليس هناك محلها ولعلها سقطت بعض كلماتها وكانت ترمي إلى أن القصيدة قيل لعبد الملك أو المنصور وعلى كل حال فقد أتتنا هذه العبارة بشيء جديد في الرواية. وأهم الاختلاف هو في التل ففي المطبوع نهاكي وفي شرحه أظنه في بلد نصيبين وفي المخطوط: بناثي وفي شرحه في برية الموصل في بلد نصيبين كما تقدمت الإشارة إليه.

ومن الاختلافات ورود الحثا في المخطوط وأن كانت تقرأ الحشا أيضاً لأن الناسخ مد في الحاء والثاء ووضع فوقها النقط الثلاث. والذي في المطبوع الحشى وليس من الاختلاف بين المخطوط والمطبوع في القصيدة ما يؤبه له سوى (ينهزنها) بدل (ينكزنها) في عجز البيت الثامن من رواية أبن خلكان و (عفيف) بدل (عنيف) في عجز الثالث عشر و (حفرةد) بدل (حفردة) و (شقيف) بدل (سقيف) في عجز الخامس عشر وهي تصحيفات بسيطة ظاهرة لا تغير المعنى ولا يؤثر عليه وهي من فعل النساخ. 6 - وجه الصواب في هذين العلمين بالرغم من أن النسخة المخطوطة من وفيات الأعيان التي نقلنا عنها تقول بتل بناثي بالباء الموحدة التحتية والنون الموحدة الفوقية أننا نرجع أن الناسخ قد اقتصر على وضع نقطة واحدة على الثانية فتكون الروايات المتكاثرة على أنها نباتي هي مصحفة عن بتاثا التل الواقع في برية الموصل في بلد نصيبين إذ لا علاقة أبداً لنباتي العين بالبصرة في حادثة بالخابور. أما الحشى فإذا لم تكن قد تصحفت عن الجثا وقد تقدم الكلام عليها فيكون قصد الشاعرة أن تلك الحجارة بالرغم من أنها في نظرها هي كالتي توضع على حدود الحرم أو هي كالأنصاب التي تذبح عليها الذبائح فهي تدعو وتقول قاتلها الله لأنها أضمرت ذلك الفتى الفذ والجثوة مثلثة الحجارة المجموعة ألم تكن مصحفة عن ذلك فهي موضع يغلب أن يكون الحشى. ولا أدري أاسم الموضع هو (الحشى) أم حسكة التي نسبت إلى الحسك - وهو نبات له شوك - ويكثر نبته فيها كان السكان ولا يزالون يلفظونها بصورة أحسجه فتكاد تسمع السين والجيم من أفواههم كأنها شين كما أكد لي أحد الذين أوصلتهم الرحلة إلى تلك الجهات هي عنتها الشاعرة بقولها: ألا قاتل الله الحشى كيف أضمرت. . . فإذا كان أسمها الحشى فيكون قد تحرف الاسم اليوم فأصبح يلفظ حسجه وهي اليوم قرية على صفة الخابور في الحد القاصي لسورية. والذي يجعلنا نميل إلى الأخذ بهذا الرأي هو ما كتبه صديقنا الوطني الكبير الأستاذ السيد فارس الخوري الدمشقي عن حسجه عندما كان مبعداً إليها ورفقاءه

الأحرار السوريين أنه سأل أهلها عن الوليد بن طريف فأجابوه بأنه يوجد قبر على الخابور يبعد ساعات عن حسجه يسمونه قبر أبن طريف ويحسبونه من أولياء الله قال: أما أسم التل فقد تبدل. 8 - الخلاصة وبعد فأن في اختلاف روايات الرواة والنقلة الذين ذكروا تلك المرثاة الطائرة الصيت البعيدة مدى الشهرة ما يؤيد ظنون الأستاذ عبد اللطيف ثنيان في الأغلاط التي وقعت في طبعات وفيات الأعيان وأتى على بعضها في مقالته (كتاب وفيات الأعيان) بل نرى أن الغلط والتحقيق لم يقعا في الكلمات والمعاني بل تعدياهما إلى الأعلام كما بسطناه لك في ثنايا هذا الكلام. وربما كان الخطب يسيرا في كتاب وفيات الأعيان إذا قيس بغيره فأن أغلاطه تكاد تستقصي وتحصى. والذي علمته بالممارسة والاختبار أن أكثر الأشعار تصحيفاً هي التي وردت في كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي الذي يظهر أن ف. وستنفلد طبعة عن نسخة مخطوطة قليلة الأعجام فجاء مشحوناً بالأغلاط والتحريفات. وتكاد تضيق الصحف عن أن تسع أمثلة من تلك التصحيفات الكثيرة التي نقلت إلى الطبعات المصرية حذو النعل بالنعل دون نقد أو تمحيص. والذي زاد الطين بلة طبعة للمرة الثانية في ليبسك سنة 1344هـ 1925م بالزنكوغراف نقلاً عن الطبعة الأصلية وبحروفها فأصبحت نسخة المتداولة بالأيدي مغلوطاً في أشعارها. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص (لغة العرب) في خزانتنا ثلاث نسخ خطية من وفيات الأعيان لأبن خلكان: اثنتان منها غير تامتين وواحدة تامة فالنسخة الأولى تبتدئ بالهمزة وتنتهي بآخر حرف السين أي بسهل بن محمد الصعلوكي وليست بمؤرخة لأن الورقات الخمس الأخيرة مزقت ووضع في مكانها الورقات جديدة فيكون هذا

الجزء بمثابة المجلد الأول من الكتاب المذكور. والنسخة الثانية تنضم على الجزء الثاني والثالث والخامس وهي بحجم صغير طول الصفحة من كل منها 17 سنتيمترا في عرض 12 وكلها بخط مؤلفها كما هو مكتوب عليها فهي من هذه الجهة من نفس النسخ. والجزء الثاني يبتدئ ببعض حرف الحاء وينتهي بحرف العين المهملة والجزء الثالث يبتدئ بأبي الفرج عبد الرحمن بن أبي الحسن علي الجوزي إلى أبي عمرو بن العلاء أحد القراء السبعة والجزء الخامس يبتدئ بالمسبحي وينتهي بالحاكم بأمر الله العبيدي. أما بقية الأجزاء فقد سرقت في سقوط بغداد يف آذار سنة 1917 ولم نتمكن من استعادتها. والأجزاء تكاد تتهرأ من تداول الأيدي لها وفي أوائل صفحاتها أسماء العلماء الذين طالعوها والورق يشهد على أنها للمؤلف فضلاً عن أن أسم المؤلف مذكور في كل جزء من هذه الأجزاء الثلاثة ولسوء الحظ لم نجد في الجزء الخامس ترجمة الوليد بن طريف الشاوي لنبحث فيها عن الرواية الأصلية بخط المؤلف. أما النسخة الخطية التامة التي عندنا فدونك حروفها الأخيرة كما هي: (نجز الكتاب المسمى وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان بحمد الله تعالى ومنه وكرمه وذلك في نهار الخميس ثامن عشر شهر شوال سنة ثلث وخمسين وثمانمائة من الهجرة النبوية على صاحبها من الله أفضل الصلوة والسلام). وفي النسخة 813 صفحة دقيقة الحروف بديعة الخط ترمذية الورق والأعلام مكتوبة بالحمرة في قلب السطر ومكررة في خارجه وفي كل صفحة 29 سطرا. وطول الصفحة 28 سنتيمترا في عرض 16 وطول المكتوب من الصفحة 20 سنتيمترا في عرض 11 وقد عبث به الأرضة كل العبث وقد تعرضت بنوع خاص للحواشي البيض التي ترى حول الكتابة وأن أضرب بالكتابة في بعض المواطن إلا أن الطائفة الكبرى من الصفحة محفوظة أحسن حفظ وبعض الألفاظ مضبوطة ضبطاً كاملاً بديعاً لا يبقى للمحقق ريبا في ما يطالعه. وبين هذا النص المخطوط والنص المطبوع طبعات عديدة فروق جليلة ولهذا يحسن بالعلماء أن يعيدوا طبع هذا السفر النفيس الذي هو من كنوز لغتنا ويعارضوا نسخة بعضها ببعض وهو مما يقيم للسلف الشرف السامك الباذخ بين علماء مصنفي التراجم.

وقد طالعنا القصيدة التي يشير إليها صديقنا (المخلص) فرأينا فيها اختلافات طفيفة وإليك نقلها (من ص 589 من نسختنا): بتل نهاكي رسم قبر كأنه ... على جبل فوق الجبال منيف تضمن مجدا عدمليا وسؤدداً ... وهمة مقدام ورأي حصيف فيا شجر الخابور ما لك مورقا ... كأنك لم تجزع على أبن طريف فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ... ولا المال إلا من قنا وسيوف ولا الذخر إلا كل جرداء ملذم ... وكل رفيق السفر بين حليف كأنك لم تشهد هناك ولم تقم ... مقاما على الأعداء عين خفيف ولم تستلم يوماً لدرء كريهة ... من الرد في خضراء ذات رفيق ولم تسع يوم الحرب والحرب لاقح ... وسمر القنا ينهزنها بأنوف حليف الندى ما عاش يرضى به الندى ... فأن مات لا يرضى الندى بحليف فقدناك فقدان الشباب وليتنا ... فديناك من فتياننا بألوف وما زال الموت نفسه ضحى ... شجا لعدو أو نجا لضعيف ألا يا لقومي للحمام وللبلى ... وللأرض همت بعده برجيف ألا يا لقومي للنوادي وللردى ... ودهر ملح بالكرام عنيف وللبدر من بين الكواكب إذ هوى ... وللشمس لما أزمعت بكسوف ولليث كل الليث إذ يحملونه ... إلى حفرة ملحودة وشقيف ألا قاتل الله الحدا حيث أضمرت ... فتى كان للمعروف غير عيوف فأن يك أرداه يزيد بن مزيد ... فرب زحوف لفها بزحوف عليك سلام الله وقفا فأنني ... أرى الموت وقاعاً بكل شريف وقد جاء في الحاشية بخط أحدث من خط الكاتب الأول ما ننقله بحرفه قال: (الحدا في الأصل من بلاد اليمن ولما ظعن بعض من مراد إلى الديار التي سميت بعد حين بديار ربيعة وهجم عليهم في مربعهم الجديد سبع تذكروا موطنهم الأول الذي تنتابه الوحوش فسموا موطنهم الجديد باسم موطنهم القديم أي الحدا. وقد روى بعضهم في مكان الحدا الجثى وهي جمع جثوة وهي الربوة الصغيرة وجماعة الحجارة تقام على القبر والقبر نفسه وموطن في ديار ربيعة فيه ربوة

أو جثوة ترى من بعيد). وبعد هذه النقول لا نرى رأي حضرة الصديق المخلص أن الحشى هي التي تسمى الحسكة اليوم، لو فرضنا أن رواية النسخة الخطية المصرية صحيحة لا غبار عليها وأنها واضحة القراءة لا شبهة في أنها الحشى إذ لا مجانسة بين الحسكة والحشى وأن كان بادية العراق تلفظ جيما فارسية أو عجمية لا لهذه الكلمة فقط بل لكل كلمة فيها كاف مثل سمك وشبك وشباك. . فأنهم يلفظونها سمج وشج وشباج بجيم مثلثة فارسية أي بين الجيم العربية والشين (راجع لغة العرب 5: 638 حيث ذكرنا الحسكة ولفظها). أما رأينا الخاص فهو أن الكلمة الحقيقية هي الجثى (بضم ففتح) جمع جثوة أركام الحجارة الموضوعة على القبر لأن أهل البادية يفعلون اليوم ما كان يفعله أجدادهم في سابق العهد وهو أنهم أرادوا دفن ميت لهم اختاروا له المرتفع القريب منهم حتى يهتدوا من بعيد إلى ميتهم إذا أرادوا الاختلاف إليه. وألم يكن في جوارهم أرض مرتفعة وضعوا على قبره تراباً وسنموه ثم وضعوا فوقه ما تيسر لهم جمعه من الحجر أو المدر ويسمون هذا المجموع الجثوة أو الجثى كما سمعناها من لسانهم. وفي ديار العرب عدة مواطن مسماة بالجثوة للأسباب التي ذكرناها وربما هناك من يذهب إلى غير ما ذهبنا، ولعل رأيه يكون غير بعيد من الحق بل يكون مقبولاً. أما أن الحشى هي الحسكة فهذا ما نستبعده ولا سيما وهذه اللفظة حديثة الوضع. وذكر أبن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة (1: 443) أربعة أبيات من هذه القصيدة وهي كما يأتي: أيا شجر الخابور، وما بعده باختلاف في بيتين وهما: ولا الذخر إلا كل جرداء شطبه ... وكل رقيق الشفرتين خفيف فقدناك فقدان الربيع وليتنا ... فديناك من سادتنا بألوف

العربية مفتاح اللغات

العربية مفتاح اللغات 1 - إيضاح مرت الإشارة في هذه المجلة (8: 26) إلى أن الأستاذ جوزي كتب مقالة في الكلية يفند فيها ما كنا قد أدرجناه في الهلال (37: 206) وقد كابدنا المشقة لتفهم عباراتها لإغلاقها ولأنها أقرب إلى الروسية أو الرومية منها إلى العربية قال حرسه الله. (. . . ولما انتهيت إلى عدد ديسمبر (كانون أول) (لعله يريد كانون الأول لأن كانون معرفة) وقع نظري على مقالة لحضرة الأب أنسطاس (كذا وأسمنا هو أنستاس). . . فقرأتها بإمعان (كذا ولا معنى لهذا الكلام في العربية. ولعله يريد أن يقول. فقرأتها منعماً فيها النظر، أو وقرأتها بتدبر أو تدبرت ما فيها يصح التعبير العربي لا الروسي) ولم أكد آتي على آخرها حتى أدركت السر من إطلاق صاحب الهلال على (نظرية) البحاثة المذكور صفة الجراءة. . . وقد صدق صاحبها حين قال وردد (أنه لم يسبقه أحد إليها) وفي اعتقادي أنه لن يسبقه أيضاً (قلنا: من يفهم هذا المعنى الدقيق: ولو قال: ولن يسابقه، أو ولن يتعرض له. لكان ثم شيء يعقل. أما ما نطق به وخطته أنامله المرتجفة فيحتاج إلى ساحر من سحرة فرعون لإدراكه) ومع ذلك فليسمح لي حضرة الأب الفاضل أن أعلق على مقالته بعض ملاحظات (كذا وقد أضاف بعض إلى نكرة. والمعروف بعض الملاحظات) دفعاً لما قد يعلق بذهن القارئ الغير الواقف (كذا والمعروف عند (الفصحاء) عدم إدخال أل على غير) على سير فلسفة اللغة من الآراء. . . ثم ذكر لهذه الفلسفة أوليات كان في غنى عن ذكرها لو طالع ما كتبناه في لغة العرب في شهر آب (أوغسطس) 7: 593 بعنوان (فضل العربية على سائر اللغات) لكن الرجل أراد أن يبين للناس أنه يلم بعض الإلمام بهذه الفلسفة فكتب ما كتب بلا معنى، ومن جملة ما قال: (لا بد قبل الحكم على القرابة بين المفردات المتشابهة في لغتين أو أكثر مهما قربت ((كذا وقد استعمل (مهما)

في غير موطن الشرط وكان عليه أن يقول: وأن قربت) أو بعدت درجة القرابة بينها. . أه وقد بينا له في مقالنا (7: 594 وما يليها) أن الساميين على اختلاف قومياتهم: اختلطوا باليونانيين والرومانيين أكثر من الهنود بهم، لجوار مسكن الساميين لمواطن الإغريق واللاتين وبعد الهنود عنهم. فكيف لم يجب عما كتباه ولعله لم يقرأه فإذا كان لم يقرأه فلماذا يكتب في بحث يجهل ما تكلمنا عليه أفهذا دأب من يقتل البحث علما؟ وفي مقالنا جواب لجميع اعتراضاته بلا شاذ ولجميع ما يسدده إلينا غيره من هذه السهام الطائشة، لأنها لم تكن مراشة. وفي ص 3 يخبرنا أن: تجب مراعاة قواعد تحول الأصوات وهي اليوم معلوم ومتفق عليه (كذا فعلى من؟ وإلى من يعود ضمير (عليه) بعد أن قلت (وهي) لله درك من بليغ!) - والرجل الذي يدعي أنه دكتور في العلوم الأدبية - كما نراه يلقب نفسه بهذا اللقب في بطاقة الزيارة التي دفعها إلينا يجهل أن (قواعد تحول الأصوات) تسمى في لغتنا (لا في لغته اليونانية أو الروسية) قواعد الصرف، ثم يجهل أن الكاتب إذا أتخذ لغة أعجمية في مقالته لينقل إليها الألفاظ العربية اتخذها في المقالة كله، لا أن يستعين مرة بلغة وطورا بلغة أخرى وأنت ترى من الوقوف على ما سطرته يده المرتعشة أنه أعتمد في أول الأمر على اللغة الإنكليزية في اعجامه الكلمات ثم على اللغة الفرنسية إذ في الصفحة الثانية ذكر لفقه اللغة كلمة فرنسية والآن يقابل (الصرف) أو كما يسميه (تحول الأصوات) بكلمة فرنسية أخرى. فما معنى هذا الخبط والخلط؟ وليعلم أيضاً أن المستشرقين الذين نقلوا كلمتنا (الصرف) لم ينقلوها إلا بكلمة (مرفولوجية) لأن في هذا الفن من فنون العربية يجيء ذكر القلب والإبدال والنقل والإدغام وغير ذلك من تحول الأصوات كالحروف الشمسية والقمرية إلى غيرها. فبحق إذن: سمي هذا الفن بالصرف إذ بالصرف إذ تصرف الحروف والحركات عن أصواتها في بعض المواطن إلى أصوات أخرى تناسبها لما طرأ أو يطرأ عليها من التغيير. ومما صرح به قوله: (لم يجد من تعرض لمقابلة العربية الأوربية الهندية أو (كذا، وهو يحاول أن يقول (ولا)) باللغات الغير السامية (كذا أي غير السامية) وأن هذا الخاطر لم يعن إلا على بال أثنين من المستشرقين وهما. . .

(وذكر هنا الاسمين مخطوءاً فيها. فليرجع إلى ما كتبناه ليتحقق أننا كتبناهما - لا كما فعل. وقوله بعد ذلك (وكلاهما على ما نعلم ليسا من المستشرقين المعروفين) قول يدل على جهله، فليراجع كتابيهما ليتضح له أنهما مستشرقان بارعان لا يشق حضرته غبارهما. وقد أخطأ في ضبط أسم نلد كي لا وفيه غلطان. وهنا لا نريد أن نتبعه في تصحيح الألفاظ الإفرنجية التي ذكرها فأن الغلط يكثر فيها وتصحيحها ليس من غاية هذه المقالة. ونحن نعذره عن إتقان ضبط الأعلام الإفرنجية - لأنه يدعي أنه روسي أو متروس وفي بعض الأحيان يدعي أنه يوناني أو متيونن لكن ما عذره في كتابة أسمنا أنسطاس (ص3 في الحاشية ومرتين في ص 4 ومرة في ص 5 ومرة في ص 8) وقد صرحنا غير مرة أن أسمنا (أنستاس) أفيظن أن تشويه الأعلام مما يزيده قدراً بين العلماء مع أن هذا العمل يليق بأعاجم غلف القلوب هم من قلب أفريقية في القرون الأولى بعد الفطحل. ولهذا لا نعجب من قوله هذا وهو: فلو أتيح لحضرة الأب أن يطالع. . . لما أقدم على كتابة مقالته التي ترجع بنا بآرائها ونظرياتها إلى الجيل الرابع أو الخامس للهجرة. . .) فنحن نتحداه في أن يذكر أسم رجل واحد من الأقدمين سبقنا إلى هذا الرأي سواء أكان قبل الهجرة أم بعدها من أبناء يعرب أو من أولاد المغرب. ومن براعته في الكتابة أنه يقول في ص 4 (وأغرب من ذلك أن صاحب المقالة لم يطالع حتى تأليف الكاتبين. . .) فيا حضرة الأستاذ في جامعة باكو ويا أيها الدكتور في العلوم الأدبية (؟) أين المعطوف عليه حينما تقول: حتى تأليف الكاتبين. .؟ فإذا كنت لا تحسن التعبير عن فكرك فلماذا لا تدفع نتاج يراعتك إلى واحد يقوم لك لسانك لنفهم ما تقول؟ فإلى متى هذه الرطيني؟. على أن الداهية الدهياء هي في قوله في تلك الصفحة: (لأسباب نجهلها وأن كنا ندركها)) (!!!) فلله درك من غبي ذكي! ومن نير مظلم! ومن أعمى بصير! ومن عاجز قدير! فكيف تجهل الأسباب - يا رعاك الله - وأنت تدركها؟

ذلك ما نتركه لك لتفكر به سنين بل أحقابا ثم تعال وفسره لنا. ومن رطيناه أنه يقول (في ص 5) (وخلاصة هذا الأسلوب - أن كنا فهمناه يكاد ينحصر في ضابطتين. . .) ولعله يريد (تكاد تنحصر) إذ لم يسمع جواز التذكير في هذا وأمثاله، لأنه مبتدأ وخبر والمضاف إليه مفرد لا جمع كما لو قيل (كانت جميع الناس) ومن تعابيره المفككة قوله في تلك الصفحة: وهذه الضابطة الأخيرة هي الأهم في نظر الكاتب) فأين وجد أن أفعل التفضيل إذا أنث ودخلته أل يبقى على حالته؟ فالغلط واضح والصواب هي الهمى أو هي المهمة كل الأهمية. وإذ قد بدأنا بأن نبين هنواته قبل الجواب عن اعتراضاته فلا بد لنا من أن نأتي على ذكر أهم ما في تلك العبارات المكسرة المهشمة والألفاظ المعفوط فيها ليصح لنا بعد ذلك الكلام بتسلسل في الأفكار من غير أن نق فيه. ومن تلك الأغلاط قوله (فلم أهتد إلى ما يقابلها في العربية أو أخواتها. وكان حقه أن يقول: ولا في أخواتها (راجع لغة العرب 7: 742) ومما يجري في هذا الوادي - وادي الأوهام - قوله في ص 6: لو أردنا أن نفي المقالة حقها. . . ولعله يريد أن يقول (أن نفي بحق المقالة) كما هو مثبت في معاجم اللغة. ومن أعظم الأدلة أن الرجل أعجمي ولا يمكنه أن يصل يوماً إلى اكتناه أسرار لغتنا الضادية اعتراضه علينا في كلمة: (صور الحرف) فقد نقل في ص 6 كلامنا هكذا (ولما كانت الواو العربية في القديم تصور (؟) بالباء ولم يكن لهم (لمن؟) حاء بل. . .) قلنا: وقد جعل وراء (تصور) علامة استفهام كأنه يقول لنا: بأي لغة تتكلمون؟ - فنقول له: أننا نتكلم بالعربية لا بالروسية. فما عليك إلا أن تفتح أي كتاب في الصرف والنحو لترى أن الأقدمين قالوا: رسم الحروف وصورة وكتبه إلى غير هذه الألفاظ ونحن نحيله على أن يطالع كتاب المطالع النصرية للمطابع المصرية في الأصول الخطية لنصر الهوريني وهو من النقدة المشاهير في المائة الماضية في ص 82 إلى ص 90 فيرى أن الكاتب التحرير استعمل صور الحرف تصويراً ورسمه. مراراً لا تحصى فكيف خفي على حضرة الأستاذ في جامعة باكو والدكتور في علوم الأدب (؟) هذا الأمر الطفيف. واستغرب أيضاً قولنا: (ولم

يكن لهم) مع أننا لم نذكر الاسم الظاهر الذي يعود إليه الضمير والعبارة واضحة في أن الضمير عائد إلى مستتر معروف مشهور هو (الغربيون لخلو لغاتهم من الحاء) على حد ما جاء في الآية (كل من عليها فان) - ففي مثل هذا المقام يجوز استتار الاسم لا كما قال هو في ص 4 وأشرنا إليه فويق هذا وكلام أستاذ جامعة باكو والدكتور في الأدب (؟) كله من هذا القبيل (مبهم معقد مرتبك لا تكاد تفقه له معنى) (عبارة الأستاذ نفسه في ص 6). ومن غرائب ما جاء في مقالته التي جمعت من الأوهام أغربها ومن السخافات أوهنها أنه يجهل ما كان يعرفه السلف من الأمم فأنه سمى الأمة القوطية: الغوطية. مع أن أجدادنا اتصلوا بهم. وأبن القوطية مشهور عندنا لأن أمه كانت قوطية. وذكر اللغة القلطية المنسوبة إلى القلط فسماها كلتية مع أنه كان يجب عليه أن يعرف القلط لكونه أستاذاً في جامعة باكو ولأنه دكتور في العلوم الأدبية (؟) أفلا تعلم يا شيخي أن العرب قالت القلطي للقصير جداً من الناس والسنانير والكلاب لأن القلط كانوا مشهورين بصغر أجسامهم وعظم شجاعتهم. فكيف فاتتك هذه الحقيقة وأنت أستاذ ودكتور في علوم الأوائل والآخرين (؟) وواقف على أخبار المنقرضين والعائشين؟. ومن فظائع ما جاءنا به حضرة الأستاذ الباكوي (حفظه الله للعلم وأهله) (عبارة المؤلف ص 4) إيراده ألفاظاً مدعياً أنها عربية وهي ليست بها اللهم إلا أن تكون (في مخيلة حضرة الأستاذ الواسعة وهذا وحده لا يكفي لتمحيص الحقائق والأصول إلى تلك الجنات الواسعة ذات الأزهار العطرة والأثمار الطيبة التي يجتنيها العقل حين يقتطفها (عبارة الدكتور المحقق (؟) في ص 8). فقد ذكر لنا في ص 7 ألفاظاً قال عنها أنها في السامية القديمة (؟) وهي لا وجود لها أبداً اللهم إلا أن تكون في أسفل قارورة الفودكة وتلك الكلم هي: كتب بمعنى المحفر والمبذل (؟ كذا) وقطب أو قطف أي المنجل وقصب أي السكين وخرف بمعنى قطف واجتنى من خرب أو خرف بمعنى آلة مقطع (؟ كذا) ولو قال من الخرف أو التخريف (بمعنى ضعف العقل من الكبر ولا سيما ذلك الخرف الباكر الذي يصيب شاربي الفودكة) لكان أقرب إلى الحق.

وهناك أغلاط لا تحصى ولا تستقصي كقوله في تلك الصفحة السابقة المشؤومة: فلا حاجة إلى ذكره - والسنكريتية - والفرنساوية. وهو يريد فلا حاجة (لي) أو (بي) إلى ذكره إذ لا يجوز نفي الحاجة نفياً جنسياً عاماً لأن العلماء ذكروا ذلك لحاجتهم إليه. فقولك مثلاً (لا علم موجود) هو غير قولك (لا علم عندي) فذاك نفي عام وهذا نفي خاص - والسنسكريتية - والفرنسية كما يفهم ذلك بالبديهي. ومن رطيناه قوله في ص 8: (تلك النتيجة التي أسفلها العالم الكرملي - إلا في كلمة واحدة تكاد لا تصرف - أنها عربية من مئات من السنين بل ربما ألوف من السنين وأنها مأخوذة من لوح. . . (ولعله يريد أن يقول: التي استلها (بتاء قبل اللام) - لا تكاد تصرف - بل قبل ألوف، أو ربما كانت قبل ألوف لأن (رب) لما دخلتها (ما) صرفتها إلى الأفعال - مأخوذة من. . . ولا نريد أن نمضي في وجهنا هذا أكثر مما مضينا فيه لئلا نخرج عن الموضوع والناس يعلمون أن الرجل (رومي شعوبي ولا صلة له بالعرب ولا بالعربية. فما احراه بالسكوت والأنقباع في غرفته وإلا فأن شاء فليكتب لنا بلغته التي نشأ فيها. اضطررنا إلى ذكر ما ذكرناه ليهتدي القارئ إلى تفهم كلام حضرة الكاتب وإلا أنقطع به وهو يجري في عدوه الفكري. (البقية للتالي) د جاء في معجم ياقوت ومثله في كتاب الأصنام: قلت لمالك بن حارثة صف لي ودا حتى كأني أنظر إليه قال: تمثال رجل كأعظم ما يكون من الرجال قد ذبر عليه (أي نقش عليه) حلتان متزر بحلة ومرتد بأخرى، عليه سيف قد تنكب قوساً، وبين يديه حربة فيها لواء ووفضة (أي جعبة فيها نبل). انتهى. قلنا: هذا وصف أله الحب أو الود المعروف عند الرومان باسم وباليونانية وربما أريد به المسمى الذي سماه السلف أيضاً عامر. وعند اليونان ما يقابله عندنا وديد مصغر وداي وبالفرنسية

القفص والغرشمارية والكاولية

القفص والغرشمارية والكاولية 1 - القفص قال محمد شفيع معاصر الشاه سلطان حسين الصفوي (مترجم القاموس المحيط إلى الفارسية باقتراح الشاه المذكور وقد يزيد على الترجمة بعض الفوائد وسمى الترجمة (ترجمان اللغة) شرع بتأليفه في عاشر شهر شعبان سنة 1114هـ وفرغ منه في العشرين من شهر ربيع الأول سنة 1117 وهذا الكتاب مطبوع في هامش كتاب القاموس في إيران) ما تعريبه: (والقفص طائفة بكرمان وهو معرب كفج أو كوفج ويقولون أيضاً كوفجان). 2 - الكاولية والغرشمارية إذا مررت على البلدان المهمة في إيران وجدت فيها جماعات من قوم يقال لهم (غرشمار بضم الغين المعجمة والراء يليها شين معجمة ساكنة فميم فألف فراء أو (غريب زاده - أو (غربال بند - ولا جرم أن هؤلاء يرجعون مع الكاولية إلى نسب واحد وكأنهما الآن شعبتان. والقسم الأعظم من الغرشمارية يزاولون النجارة والحدادة وجميعهم شيعيون إماميون أما موطنهم الأصلي فالمشهور بين مؤرخي الفرس أن بهرام جور ملك الديار الإيرانية كان من أهل الهناء والطرب فدعا من الهند إلى ديار إيران نحوا من أثني عشر ألفاً والطرب والغرشمارية هم من بقايا أولئك النازحين من الهند إلى بلاد الفرس بأمر الملك الإيراني. وقد يقال للكاولية (بنو ساسان) لأن هجرتهم إلى ديار إيران كانت في عهد الملك الساساني (بهرام جور) ولم ينتشر خبرهم قبل دور آل ساسان. وكلمة الكاولية أما مشتقة من التكول بمعنى التجمع أو نسبة إلى كول

قرية بفارس أو أنها في الأصل الكابلية نسبة إلى كابل عاصمة أفغانستان فحرفها الفرس وقالوا: (الكاولية) كما كانت عادتهم في قلب الباء واواً فكانوا يقولون عوضاً عن (خواب) بمعنى النوم (خاو)، وبدلاً من آب بمعنى الماء: (آو) ولم تزل هذه العادة جارية في بعض القوى الإيرانية إلى يومنا هذا وهذه الوجوه الثلاثة هي التي ذهب إليها فكرنا القاصر ولم نسبق إليها ونرجح الرأي الأخير الموافق لما ذكرنا من أن أصلهم من الهند وديار الأفغان كانت جزءاً من الهند في قديم العهد ونزيد على ذلك أن الدمشقيين يسمون هذه الطائفة بالزط وقد ذكر السلف أن الزط جيل من الهند هذا كله علاوة على أن ألبسة هؤلاء القوم تشبه ألبسة الأفغان. وأظن أن موطنهم الأول كان شبه جزيرة العرب فانتقلوا منها إلى ديار الهند والأفغان لأنهم ينطلقون بأكثر الحروف من مخارجها الأصلية الفصيحة وألم يتمكنوا من أداء بعض الحروف كالضاد وغيرها، ومن المعلوم أن أداء الحروف من مخرجها من صفات الجنسية العربية، ولا ينافي ذلك عدم الاستطاعة لأداء بعض الحروف كالضاد فهذه مصر وهي من الأقطار العربية لا تستطيع النطق بحرف الضاد العربية. ويسمى المصريون الكاولي ب (الغجري) وهو تصحيف القاجاري نسبة إلى قبيلة تركية الأصل كانت منها الأسرة المالكة (في إيران) التي انقرضت، فالقاجاري غير الكاولي ولا يصح إذن أن نسمي الكاولي بالقاجاري. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (لغة العرب) أن أسماء القفص تختلف باختلاف البلاد، بل تختلف في البلاد الواحدة بحسب مناطقها فالفرس يسمون القفصي مثلاً: قره جي وسسماني وزنكنه (بكاف فارسية) وكوباز أو كاوباز (بكاف فارسية) إلى غيرها وذلك باختلاف ولاياتها.

وموطنهم الأصلي - هو كما قلنا - ديار القفص التي كانت من أراضي الهند مدة طويلة وأما أن سبب جلبهم إلى إيران كان بدعاء بهرام جور طائفة منهم فحديث خرافة على ما يظهر والمشهور أن ما يسوق هؤلاء الناس وأشباههم الاسترزاق فيضربون في أراضي الله نازحين من رقعة إلى رقعة أخرى منها. وأما تسمية السلف إياهم ببني ساسان فقد ذكرنا ذلك مع سائر أسمائهم وآدابهم وأخلاقهم في (المشرق) البيروتية (5: 865 وما يليها) فوقعت في 46 ص من المجلة المذكورة وقد ذكرنا فيها أيضاً سبب تسميتهم بالكاولية فوافقنا عليها بعد ذلك علماء المشرقيات في ديار الغرب. فقول حضرة الكاتب المتفنن أنه لم يسبقه أحد إلى الذهاب إليه لا يوافق الواقع وكنا قد كتبنا مقالنا في سنة 1902 (أي قبل 28 سنة). واشتقاق الكاولي من الكول لقرية بفارس لا يوفق المشهور عن أصلهم وأغرب من هذا اشتقاق أسمهم من التكول كأن غير الناس لا يتجمعون وكأن التجمع خاص بهم هذا فضلاً عن أن هذا الجيل ليس من العرب حتى يشتق له أسم من لسانهم. والمعقول أنهم من كابل (التي يكتبها بعض الكتاب العصريين كابول وهو خطأ فظيع وذلك نقلاً عن الكتب المطبوعة في بيروت). ولا نوفقه على رأيه أن موطنهم الأصلي هو جزيرة العرب إذ التاريخ والتسمية والأخلاق تظهر الخلاف، وحسن لفظهم للعربية لا يصدق إلا في أولئك يتنقلون في الديار العربية اللسان وإلا ففي ربوع الغرب أناس منهم لا يحسنون لفظ الحروف الحلقية السامية. وعندنا أن الفجر لفظة تركية الأصل من (كوجر) (بجيم مثلثة فارسية) ومعناها الرحل لأنا سمعنا بعضهم يسمونهم إلى اليوم كوجر وذلك في شمالي الموصل ومنهم من يسمونهم الفرج (بجيم فارسية أيضاً). قال في سر الليال (1: 451) (أنه لم يجئ في الكلام غجر ولكن أهل مصر يقولون غجر للطائفة التي يقال لها في بر الشام نور. وفي تونس دقازة وأصلهم فيما قيل من الهند) أه واصل ملوك القاجار من قبيلة تركية رحالة هي الكوجر على رأينا فنقلت الكلمة إلى قاجار تفريسا لها (أي نقلاً لها إلى الفارسية).

اللغة العامية العراقية

اللغة العامية العراقية تتمة اسم الفاعل كنت أرى بين أوان وآخر بحثاً في اللغة العامية العراقية في لغة العرب للرصافي الشاعر الكبير الأستاذ حتى أنقطع استمرار البحث انقطاعاً تاماً فاستخبرت صاحب لغة العرب خبر ذلك فأنبأني بأعراض الرصافي عن ذلك وأستحسن أن أكتب في هذا البحث إذا كانت عندي إثارة علم به، وما تمكنت من إهتبال الفرصة إلا الآن والله المستعان. 1 - قلبهم فاء اسم الفاعل الثلاثي ميما إذا كانت همزة هذا من أسرار اللغة العامية العراقية فهم يعبرون عن الأكل ب (ماكل) وعن الأخذ ب (ماخذ) ومن هذا قولهم (المربعانية) منسوبة إلى (الأربعين). 2 - اشتقاقهم اسم الفاعل من أفعال الجواهر وتصديره بهمزة أن كان من الفعل الرباعي يقولون (امبغل) بتشديد العين من البغل و (امجزر) من الجزر (وامخشب من الخشب و (امعصي) من العصا و (أمكسب) من القسب و (أمحنن) من الحمنان المفسد، ويقولون (أمحرمل) من الحرمل و (مكنفد) من القنفذ و (أمبرطم) من البراطم ويريدون بها الشفتين المنتفختين وتدليهما وقد جاء في القاموس (البراطام بالكسر: الضخم الشفة كالبراطم، والشفة الضخمة والبرطمة الانتفاخ غضبا) فالبراطم التي عندهم جمع برطام أي الشفة الضخمة ويزيدون على أفعال التغير واوا للتقليل لا للمبالغة كما في اللغة الفصحى فيقولون (مولس) بروم الميم ضما وفتحاً وتسكين السين لأنهم لا يحركون آخر الفعل ويقولون (حورك) و (طولع) فاسم الفاعل منها (أممولس) و (أمحورك) و (أمطولع) ولا يضيفون إلى المصوغ من الخماسي همزة في حين أنهم يضيفونها إلى فعله فيقولون (متكنطر) من (أتكنطر) وهو مشتق من القنطرة و (متنكرز) من

(تنكرز) المشتق من (أنكريز) بفتح الراء وتسكن الياء أي إنجليز أما المضعف العين فتضم عينة الثانية أن كانت باءاً نحو (متخبل) من (أتخبل) أو راءاً مثل (متغرب) من أتغرب أو غينا مثل (متلغم) من أتلغم أي تلوث أو ميما مثل (متلمظ) من أتلمظ أو هاء نحو (مترهم) من أترهم أي لوئم وتكسر هذه العين في غير ذلك نحو (مترئس وتخثر ومترجل ومتوحل ومتوخر، ومتبزل ومتكسر ومتنشف ومتقصد ومتحضر ومتنطر ومتنعم ومتنفع ومتوقر ومتسكط (أي متسقط من تسقط) ومتعلم ومتبنج ومتلوك ومتليص ومتريض. أما إذا ولي العين المضاعفة حرف الفاء فيعتوره الوجهان مع ترجيح القائل أحدهما على الآخر أو إيجابه أحدهما نحو (متصرف) بكسر الراء وضمها ويرجح الضم في متنظف) ويجب في متخلف). 3 - استعمال اسم الفاعل ظرفاً يشتقون من (جا) اسم فاعل هو (جاي) بدلاً من (جاء) في الفصحى وعندهم اسم فاعل آخر هو (غادي) من غدا ولكنهم أهملوا استعماله فيقولون (تعال جاي) أي (تعال قريبا) و (روح غادي) أي (تنح بعيداً) ولا اعتراض لأحد على استعمالهم اسم الفاعل ظرفاً ففي الفصحى (رأيت المدينة دخلا وخارجاً و (تهدمت المنازل ظاهراً وباطنا) أي (داخلها وخارجها وظاهرها وباطنها) والهاجرة والبارحة مثلاً على وزن (فاعله) ظرفي زمان. 4 - تصريف جاي للمفرد الغائب للمفردة الغائية للغائبين للغائبتين للجمع الغائب لجمع الغائبات هو جاي هي جاية أثنينهم جايين اثنينهن جايات (3) هم جايين هن جايات للمفرد المخاطب للمفرد المخاطبة للمثنى المخاطب للمخاطبتين لجمع المخاطبات أنت جاي (6) إنت جاية أثنينكم جايين أثنينجن جايات انتو جايين أنتن جايات للمفرد المتكلم للمتكلمة للمتكلمين للمتكلمتين لجمع المتكلمين للمتكلمات أني جاي أني جاية أثنينا جايين أثنينا جايات إحنه جايين أحنه جايات.

الحروف العربية الراسية

5 - صيغة اسم الفاعل يقولون (استاهل) بتسكين الفاء واللام يلينون الهمزة في الكلمات ما عدا أولها والمضارع (يستاهل) بكسر حرف المضارعة فهو (مستاهل) بكسر الميم وقد يضمون العين مثل (مستربط) و (مسترطب) بضم الباء والطاء وتسكن الفاء والعين في (مستاهلات) و (مستاهلة) وتكسر الفاء في نحو (مستسبعة) و (مستسبعات) بتسكين عين الاسم أي الباء منه وتضم الفاء في نحو (مستربطة) و (مستربطات) و (مسترطين) أي ملتذين بالرطوبة في اصطلاحهم. 5 - اسم الفاعل للمبالغة أن (فعالا) كجبار مقيس عندهم للمبالغة في اسم الفاعل فيقولون (ركاض ومشاي وبواك - أي سراق - وحيال وكتال أي قتال) ويصوغون على وزن (فعلول بفتح الفاء، مثل (لفلوف) أي كثير اللف وطرطور أي جبان على وجه السرقة و (عكروت) من العكرتة أي الفسالة وعلى وزن (فعلول) بفتح الفاء والعين مثل (فلفوز) أي خفيف مثل (خلبوت وبقروت وحبروت ورهبوت ورحموت) الفصيحات ولا ينطلقون ب (فعلول) كعصفور أبداً لأنهم يستثقلون الضمة في الأول ويستخفون الفتحة. بغداد: مصطفى جواد الحروف العربية الراسية نشرت صحف بغداد في ال 10 من كانون الثاني (يناير) من هذه السنة أشكالاً للحروف العربية الراسية لحضرة الرئيس الأول بهاء الدين بك نوري العراقي فاستحسنا منها (ج ح خ ع غ) وأما ما بقي منها وكلها مذيلة بسن تشبه نصف المدة فلا توافق المطلوب لأنها تزيد الحرف سناً فينشأ منها حرف هو أحد أسنان السين فيزيد الكلم تصحيفاً وفساداً ويصح فينا حينئذ المثل العامي القائل (أراد يكحلها فأعماها) أو كما يقول الفصحاء من سلفنا (أراد أن يعرب فأعجم) ويتضح ذلك من رسم هرب علي طريقته فأن حضرته يرسمها (هرب) إلى غيرها وذلك البلاء المبرم.

صفحة من تاريخ أسر بغداد

صفحة من تاريخ أسر بغداد بيت عراقي قديم آل نظمي ما كنا نتوقع أن تضع أخبار هذا المحيط الذي شغل إدارة العالم مدة بحيث لا نعرف من منشأ أسرة وما لحق بيوتاته من عز وضعة أو سعادة وشقا. - ولو قليلا - ويقنع بعضهم بصفحات عنهم كأمثال الصور المتحركة لنطلع عليها فنتعلل بهذه البقية أو نستضيء بهذه الشرارة. . . انتبهنا فلم نجد ما يسد هذا الفراغ إلا قليلاً وحينئذ اضطررنا إلى تتبع الأخبار والتوصل إلى معرفة الحوادث عن اولائك الرجال ولو بشعلة ضئيلة. وقد مضني ما عليه من بلغ الجهد. البيوتات البغدادية كثيرة في العلم والأدب والتاريخ والإدارة والتجارة والنقابة والمشيخة والزهد والتقوى قديماً وحديثاً وبقي من هذه ما بقي على رغم من المصائب الحائقة بهذا القطر من أوبئة وغرق ووقائع وبيلة ومؤلمة من حروب وسياسة. . . وهكذا إلى غيرها. قد عدد السياهبوشي سنة 1239 جملة وافرة من الأسر المعروفة إلى الآن في قصيدة طويلة هجا بها أغلب هذه البيوتات، وتحامل عليها مما كان له اتصال بها، أو لم يخش بطشها ومكانتها. . . ولا يقال أنه حصرها أو استوعب الكلام عليها، فبين البيوتات المعروفة إذ ذاك، وله الفضل دون التفات إلى تحامله. عرفت أسرا قديمة في العراق غير ما ذكره السياهبوشي خصوصاً في بغداد. وفي هذه العجالة أقدم لقراء (لغة العرب) الغراء بحثاً عن بيت عرف بالآداب والتاريخ من مدة أربعة عصور وعرف بهذا المحيط خير تعريف وتقلب في العلوم والسياسة والفتوى والنيابة إلى سنة 1271 من الهجرة واتصل بمصاهرة أكبر الأسر البغدادية المعروفة وأقدمها وأشرفها. أعني بها (آل المفتي).

هذه الأسرة عرفت بالتاريخ والأدب ثم بالعلوم الشرعية والفتوى فتمسكت بهذا اللقب الأخير وأن كانت تسمى في الأول بآل شمسي البغدادية ثم آل نظمي البغدادية وبعدها بآل مرتضى وبعد ذلك كله بآل المفتي. واليوم تدعى بآل (محمد سليم جلبي) وهو آخر من اشتهر من هذه الأسرة. وهو والد صديقنا الفاضل طاهر جلبي أبن محمد سليم جلبي. هذه الأسرة لم تخلق جدتها الأيام فلا يزال أبناؤها نافعي المجتمع، واليوم منها شخصيتان صاحبتا مكانة مهمة وهما: طاهر جلبي سليم، وعبد الله بك أبن عبد الله جلبي (ابن أخي طاهر جلبي). فالأول أديب فاضل، مقل من نظم الشعر، ولكن روحه تنزع إليه وتميل. يحفظ منتخبة أحسنه وهو في إتقان المقام (الموسيقي) وأنواعه معروف وله أفضال عظيمة على غالب الأهليين فيكاد لا يرد له قول خصوصاً أثناء وقت الجندية وسحب القرعة وفي عضوية البلدية والتقديرات والإعانات. فلم يرهق الأهليين ما لا يطيقون، رؤوف بهم، ومحسن كل الإحسان إليهم، لا ينكر فضله ولا يهمل شأنه. وأبن أخيه من الفضل بمكانة راقية، أتم دراسته في أميركة وأختص بفرع من فروع الزراعة فهو اختصاصي من نحو جديد، هو أبن خطته هذه. وقد أثر فيه دم آبائه وأجداده فمال إلى حب العلم والإطلاع. ركن إلى هذا النوع من العلوم فبرع فيه، والأمل فيه أن ينبغ كما نبغ أسلافه فيما اشتهروا به. أرجع إلى أصل هذه الأسرة فأقول: أول ما عرفت - نظراً إلى ما وصل إلينا من سفر ألفه أحد أفرادها. وهو عهدي البغدادي ابن شمسي البغدادي وهذا الكتاب عرف أباه وأقاربه ومكانة أسلافه وأزال الغشاوة عن ظنون كانت تحوم حول تحقيق أمر هو أمر أكبر مؤرخ عراقي أي (مرتضى أفندي آل نظمي المعروف عند الترك بنظمي زاده) فأن هذا الكتاب أزال الإبهام عن مرتضى أفندي بتعريف نظمي أفندي واتصاله بهذا المؤلف فصحح أقوال كليمان هوار الفرنسي وأقوال الصديق الفاضل يعقوب أفندي نعوم سركيس وغيرهما. وإليك أيها القارئ وصف هذا الكتاب:

كلشن شعرا نسخة خطية عدد صفحاتها 297 مجدولة بمداد أحمر وفي كل صفحة منها 15 سطراً، وعناوين تراجمها بحبر أحمر أيضاً. طول الصفحة 17. 5 سنتيمترا في عرض 13. 5 على ورق خميس. وصفة كاتب جلبي في كشف الظنون بما نصه: (تذكرة الشعراء تركي لأحمد بن شمسي المعروف بالعهدي البغدادي كتب المعاصرين من علماء الروم منذ قدم سنة 960 إلى خروجه سنة 71 ورتب على ثلاث روضات وسماه كلشن شعرا فصار أسمه تاريخاً لتأليفه) أه. وأقول أن روضاته أربع لا ثلاث كما ذكر، وأوله: (شكر وسباسي أول خالق منزهة كه الخ) والنسخة الموجودة بيدي مذكور في صدرها: (تذكرة الشعراء لملا عهدي بن شمسي البغدادي). وفي مقدمتها أنه صوفي ملازم لطريقة السالكين. سافر إلى بلاد الروم سنة 96 واتصل في طريقه بمختلف الطبقات من الناس واستطلع ما عندهم من علم وأدب وفضل. عاشر أنواع الناس من أرباب المشارب المتنوعة فلم يترك شيخاً إلا تحرى ما لديه، ولا شاباً إلا سبر نيانه ولا أرباب المناصب إلا أخذ من معارفهم، ولا أهل تصوف إلا اقتبس منهم فحصل من المعرفة صنوفاً ومن العلوم أنواعاً فوقف على ما عند أهل الدنيا وما في خزائن أهل الزهد والتقوى من رجال الآخرة. ولما وصل إلى الآستانة رأى فيها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ثم بين أنه لم يتمكن من تدوين كل ما رأى ولا عشرة بل لا واحداً من ألف مما رأى من فضل وأدب جم ومعرفة غزيرة. . . فكانت هذه - كما قال - عجالة سريعة ونزرا قليلاً ينبئ عن معين لا ينضب. اكتسب ما أكتسبه من مجالسة الشعراء المجيدين والأمراء الكرام ومن معاشرة العلماء الأبرار ومصاحبة أهل الفصاحة والبلاغة من عنادل البيان ومن الإطلاع على أغاريدهم اللطيفة. كل ذلك بطريق المحادثة أو المطارحات الشعرية

أو المذكرات العلمية. وفي كل هذه كان طالباً متتبعاً. لازم القوم حتى أتقن لغتهم وتمكن من أن يحذو حذرهم حتى صار كأحدهم بل صار فريداً في الشعر. وفي سنة 971هـ دعاه داعي الوطن الذي حبه من الأيمان فقال في التشوق إلى بغداد: دل أز طور بتان روم جون عهدي بريشانست هواي دين بغداد وخوبان عجم دارد يقول أنه مغرم بالروم إلا أن هوى بغداد والتشوق إليها وإلى الجمال الفارسي ملك زمام لبه فمال به إليه إلى أن قال: أنني عزمت على العودة فدونت ما خطر لي من خواطر وما لي عن السلاطين العظام والعلماء الفخام وأرباب الدولة والشعراء الأخبار مما جرى في مجالسهم وما عرفته عنهم وما اقتبسته من صحبتهم فجعلته في أربع روضات اكتبها حسب الطاقة وأجمعها من أوراق متفرقة وبعد أن أتممتها سميتها (تذكرة أرباب الصفا) أو ما يقال له ب (كلشن شعرا) ومعناها (روضة الشعراء). جعل الروضة الأولى في بيان صفات السلطان العادل وأبنائه ذوي الخصائل الجميلة والروضة الثانية في علماء زمانه العظام والموالي الكرام والمدرسين النبلاء والروضة الثالثة في الأمراء والدفتريين ومنتخبات أشعارهم والروضة الرابعة في مشاهير الشعراء. مرتين على ترتيب حروف الهجاء مع ذكر نتف من أشعارهم. . وفي هذه الروضات أورد مقدار وافراً من شعره سواء في المناجاة أم في نعت الرسول (ص) أم ذكر السلطان سليمان وأولاده من سليم وغيره. ثم أنه قدم كتابه إلى السلطان فقال: جمع أيدوب أرباب نظمي أيتدم أول سلطانه عرض عادت أو لمشدر صونر بنده شه دورانه عرض خاكسا يندن بتر مقصودي أرباب دلك

نوله صونسه خالبايه عهدي فرزانه عرض ثم مضى إلى ذكر محامد السلطان ومناقب أولاده وهكذا راعى ترتيب روضاته أن المؤلف لم يكتف بذكر رجال الروم وعلمائها بل تعرض أيضاً للبغداديين الذين توطنوا تلك الأنحاء وسكنوا الأستانة أو ما جاورها ممن نبغ في أدب أو علم وزيادة على ذلك ذكر ترجمة والده شمسي البغدادي وبعض من لهم به لحمة نسب وترجم بغداديين كثيرين ممن لا يزالون في خفاء عنا أو لا نعلم شيئاً كثيراً عنهم. وسيأتي الكلام على بعض التراجم ممن لهم علاقة بالمؤلف استقصاء الأحوال هذه الأسرة بقدر الإمكان وقد ذكر ترجمة نظمي أفندي بصورة مفصلة ليس أوسع منها في كتاب فيذكر ولادته ووفاته وما قيل فيه الخ. وفي هذا الكتاب مغمز واحد هو أنه ترجم نظمي أفندي في حين أنه ولد في السنة التي توفي فيها عهدي والظاهر أن المترجم له هو مرتضى أفندي أو أخوه فأنه ترجم أباه وأضاف ترجمته إلى التراجم المذكورة في الكتاب أما بصورة حاشية وأما بصورة تعليق ثم أدمجت بالمتن. ومما يدل على ذلك أن ختم مرتضى أفندي مختوم في آخر هذا الكتاب. وهذا الختم - وأن كان لا يقرأ لأول وهلة وبصورة واضحة - ظاهر للمتأمل. وقد قال صاحب قاموس الأعلام عن عهدي بما تعريبه. (أن عهدي لقب ثلاثة من شعراء القرن العاشر أحدهم أحمد عهدي وهو بغدادي. وجد في الأستانة كثيراً وله تذكرة الشعراء ترجم فيها شعراء عصره وله أيضاً البيت التالي: عهدي ديار رومه كلوب أيده لي نظر كورنمز أو لدى كوزمة ملك عجم بنم انتهى وفي سجل عثماني أو تذكرة مشاهير عثمانية: (أن عهدي جلبي هو نجل شمس الدين البغدادي. شاعر توفي سنة 1002 من الهجرة) أه. ومجمل القول: لا يصح أن يقال عنه أنه شاعر ويكتفي بذلك بل هو مؤرخ أيضاً عرف أسرته وجمعاً من العراقيين. أما إطلاعه على التركية، وكون لسانه أدبي الأسلوب فمما لا نزاع فيه. وكذلك قل عن تضلعه من الفارسية لكنه لم يتعرض لاطلاعه على العربية ولا لأدبه فيها والسبب واضح هو أن الأديب لا يكون أديباً

تاريخ اليهود

يومئذ ولا يعترف بآدابه ما لم يتقن اللغة العدنانية خصوصاً أنه عاش في محيط عربي وكتابه هذا لا يستغني عنه وفي المقال التالي سوف أتكلم عن شمسي البغدادي ومكانته الأدبية والعلمية ثم عمن يليه من رجال هذه الأسرة أما الآن فاكتفي بهذا القدر والله ولي التوفيق. بغداد: المحامي عباس العزاوي تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الإسلام تأليف الدكتور (إسرائيل ولفنسون - أبو ذؤيب) أستاذ اللغات السامية بدار العلوم قوامه 190 صفحة عدا الخرائط وخلا المقدمة للدكتور طه حسين وعدا التصدير للمؤلف نفسه. هو تاريخ غزير الفوائد واضح الحقائق بين الأسانيد ينم عن تضلع مؤلفه المتبقر من البحث في التاريخ عن حقائقه ودقائقه على أنه لا يقرأ هذا التاريخ قارئ إلا يتعجب من بعض عبائره السليمة الظاهر المريضة الباطن ولا غرابة في ذلك فأن الإنسان لما يبلغ درجات الكمال ولا خرج من دركات العصبية الدينية وهي ملجأ كثير من الأرواح. ذلك فضلاً عن أن الكتاب لم يخل من التعابير المغلوط فيها وها نحن أولاً، نبسط للقارئ بعض ما يستوجب الإصلاح والمناظرة: 1 - قال في ص 7 (وإنما الذي يمكننا أن نقوله. . . هو أن القدماء قد اعتقدوا أنه قد وجدت في جهات يثرب وخيبر بطون إسرائيلية قبل وصول جموع اليهود إلى الأصقاع العربية في الدور الثاني ويؤيد هذه النظرية ما نجده في كتاب العهد القديم من النص على وجود علاقة متينة بين بلاد فلسطين وبلاد الجزيرة العربية) قلنا: ولم ينشب أن قطع هذه العلاقة في ص 11 بقوله (أن سكوت المراجع الإسرائيلية عن سرد حوادث اليهود في الجزيرة العربية يدل دلالة قاطعة على أن اليهود في بلاد العرب كانوا منقطعين تمام الانقطاع عن بقية أبناء جنسهم في جهات

العالم ولم تكن لهم بهم أي صلة وكأن الجزيرة التي انفردت بقبائلها وانقطعت عن العالم المتمدن انقطاعا كلياً قضت على كل من يسكنها من اليهود أن يكون مثل أبنائها وأن يقطع كل علاقة بينه وبين يهود البلدان الأخرى) أه. فالظاهر من كلامه الأخير أن العلاقة المتينة بين بلاد فلسطين والجزيرة العربية علاقة هوائية أو خيالية!!. 2 - وتكلم على اليهود في ص 12 بقوله (وأخذوا ينزلون من أوج المدينة والحضارة شيئاً فشيئاً حتى وقعوا في هوة الهمجية وصاروا مثل غيرهم من سكان تلك الجزيرة. . ولكن يظهر أن البيئة الجديدة شلت قوى اليهود الروحانية فتغلبت عليهم العقلية البدوية حتى صارت صاحبة السلطان على أفكارهم ونفسياتهم) قلنا ولم يلبث قوله هذا أن نقضه في ص 14 بقوله (أن بطوناً عربية كثيرة قد اختلطت بالعنصر اليهودي في بلاد الحجارة وأثرت في أخلاقه وعاداته تأثيراً ظاهراً ولكنها لم يستطع أن تتغلب على عقليته الأصلية بل بقي هذا العنصر ممتازاً بعقليته امتيازاً ظاهراً) وهذا نقض لقوله بتسلط العقلية البدوية على أفكار اليهود ونفسياتهم ولا شلال البدوية قواهم الروحانية كما في ص 12 فاعرفه جيداً وقد أكده في ص 24. 3 - ونقل في ص 13 مؤيداً لا منفداً (ويقولون: أن الذين يعتبرون أنفسهم من اليهود في جهات خيبر ليسوا يهوداً حقاً إذ لم يحافظوا على الديانة الإلهية التوحيدية ولم يخضعوا لقوانين التلمود خضوعاً تاماً) غير أنه قال في ص 24 (فقد كانت النزعة الدينية قوية في نفوس يهود الحجاز فليس ممكناً أن لا يوجد هناك شعر ديني يمجد التوحيد وآل موسى وأنبياء بني إسرائيل) وهذا أن لم يكن نقضاً للطعن فهو توهين له وتخريق. 4 - أن تأكيده عدم ذوبان العقلية اليهودية الذي أشرنا إليه آنفاً هو قوله في ص 24 (في حين أن هناك فرقاً شاسعاً (كذا) وهو القائل في ص 23 (كل ما كان يحرك نفس العربي ويدعوه إلى قرض الشعر. . . كان يحرك نفوس الشعراء من اليهود في الجاهلية) فقد نقض قوله باختلاف اتجاه الأفكار بين العرب واليهود

لأن العقول إذا تأثرت بمؤثر واحد ثبت أنها مشتركة في اتجاه الأفكار. وهذا هين على القارئ الصبور لولا أنه قال في ص 84 عن العرب واليهود (على أن هناك مقياساً آخر يجب ألا ينسى وهو ما قلته في ما مضى من أن الصلة الدموية في العنصر والتقارب في اللغة والأخلاق هو أساس التشابه بين العقلية واتجاه الأفكار والأدب بين العنصرين) فكأن التاريخ إثبات فنقض فاعتدال في أمر واحد. 5 - وقال في ص 8 (كانت فلسطين بمثابة القنطرة التي تربط بلاد العرب وسورية من جهة ومصر والعراق من جهة أخرى) ولم نتمكن بعد من توهم هذه القنطرة الخيالية المخالف وضعها للحقيقة فأين مصر عن العراق حتى يقابلا سورية وبلاد العرب؟ فالصواب أن يقال (كانت فلسطين ميتاءاً بين سورية والعراق وبلاد العرب ومصر) وفي المصباح المنير (ويقال لمجتمع الطريق: ميتاء). 6 - وعلق في ص 29 بقول السموءل (ولا ينفع الكثير الخبيت) ما نصه: (في نوادر أبي زيد الأنصاري طبع بيروت ص 104 أن الخليل سأل الأصمعي عن الخبيت في هذا البيت، فقال: يريد الخبيث وهي لغة خيبر ويروى لغة قريظة فقال له الخليل: لو كان لغتهم لقال: الكثير) كذا بالثاء المثلثة وهو وهم لأن الخليل أراد (الكتير) بالتاء المثناة. 7 - وقال في ص 30 (أنتجته قرائح مختلفة) والصواب (نتجته) بحذف الهمزة لأن الثلاثي أفصح من الرباعي ولأن الرباعي أشتهر في (أنتج كذا أي حان نتاجه) فالهمزة للحينونة. 8 - وقال في ص 37 (فيقاتلون جيوش الحبشة في اليمن قتالاً شديداً رغم ما كانت عليه) وقد جعل (رغما) منصوبة ولنصبها وجهان أولهما أن تكون (مفعولاً من اجله) فيكون القتال (من أجل رغم ما كانت عليه) وليس بمطلوب والثاني أن تكون (صفة لمفعول مطلق) نائبة عنه والتقدير (قتالا رغم ما كانت) والمعنى فاسد، فالصواب أن يقال (على رغم) كقول الشاعر: وما هي إلا كالعروس تنقلت ... على رغمها من هاشم في محارب أو (على الرغم مما كانت عليه) كما في مختار الصحاح، أو (برغم ما) كما في قول أبن ميادة ص 327 من ج2 من الأغاني:

ولقد بلغت بغير أمر تكلف ... أعلى الحظوظ برغم أنف الحاسد 9 - ونقل في ص 45 قول أبن هشام (وبنجران بقايا من أهل دين عيسى بن مريم وهم أهل فضل واستقامة فسار إليهم ذو نواس بجنوده ودعاهم إلى اليهودية فخيرهم بين ذلك والقتل فاختاروا القتل فخد لهم الأخدود فحرق من حرق بالنار وقتل بالسيف من قتل ومثل بهم حتى قتل منهم قريبا من عشرين ألفا) ثم قال المؤلف (فليس من شك في أن عدد القتلى من نصارى نجران لم يدرك عشرين ألفا بوجه من الوجوه فهي مبالغة ظاهرة سببها أن اضطهاد ذي نواس لنصارى نجران كان عنيفاً جداً حتى أنه ترك آثاراً هاجت النفوس العربية في البادية والحاضرة) أه قد نقل هذا وقال فيه ما قال ولكنه عاودته بل عادته هجيراه فقال في ص 72 (ولسنا نعرف في تاريخ اليهود أنهم أرغموا بقوة السيف أمة من الأمم على اعتناق اليهودية إذا استثنينا حادثة واحدة أرغم فيها الملك اليهودي يوحنان هور كانوس طوائف بني أدوم على اعتناق اليهودية صاغرين) فقد نسي ذكره الله إرغام ذي نواس محرق أصحاب الأخدود (البنار ذات الوقود، إذ هم عليها قعود، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود، وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، الذي له ملك السموات والأرض والله على كل شيء شهيد). (من القرآن) 10 - وقال في ص 53 (حيث قرر ارتكانا على منقوشات) وليس الارتكان بفصيح ولا مقبول ولو قال (اتكالا أو اتكاءا) لأصاب. 11 - وقال في ص 56 (لأن يهود الحجاز إنما كانوا أصحاب دين سماوي يأمر بالمعروف وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي وليس من المعقول أن ملكاً يهودياً يرتكب جريمة منكرة كهذه تناقض روح التوراة وتخالف الإيمان بآله موسى) قلنا: أعن صبوح ترقق؟ وتسر حسوا في ارتغاء، فأنت الذي تقول في ص 141 في اليهود (فخرجوا حتى قدموا على قريش بمكة فدعوهم إلى حرب رسول الله وقالوا: أنا سنكون معكم حتى نستأصله، فقالت لهم قريش: يا معشر اليهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد، أفديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه وأنتم أولي بالحق) فالذي يفضل الوثنية على التوحيدية ويضل بذلك كثيراً لا يمنعه دين سماوي ولا

أتباع لآله موسى!! ولذلك قال المؤلف في ص 142 (ولكن الذي يلامون عليه بحق. . . حيث فضل هؤلاء النفر من اليهود أديان قريش على دين صاحب الرسالة الإسلامية) فتنبه على ذلك وقف على اضطراب كتابه. 12 - وقال في ص 60 (بمثابة التعهد) يريد (العهاد والمعاهدة) و (الكفال والمكافلة) وليس بشيء. 13 - وقال في ص 74 (أن اليهود يعتبرون أنفسهم أبناء الله وشعبه المختار من بين شعوب الأرض ولا تسمح أنفسهم أن تكون هذه الميزات لشعب آخر ليس منهم، لهذا لا يقرون بأن الله يختار نبياً غير إسرائيلي) قلنا: فما باله يقول في ص 101 (ومن هنا يمكن أن يقال أن اليهود كانوا من أهم السباب التي ساعدت على ظهور الإسلام وأن يكن (كذا) ذاك بطريقة غير مباشرة) فيا ويلتا من هذا التناقض المستمر! 14 - وقال في ص 89 (وقبيل ظهور الإسلام وجدت في الديار العربية نهضة فكرية عظيمة كان الاضطراب من علاماتها وقبيل الإسلام أيضاً أصبحت القلوب صالحة لقبول دعوة دينية جديدة وصارت الديانة الوثنية موضوع السخرية جهراً عند بعض الطبقات من المفكرين) هذا قوله هنا ولكنه يقول في ص 100 على النبي (ص) (ولكنه نجاحه كان بطيئاً جداً في ذلك الحين لأن تعاليمه كانت تقوم على ترك عبادة الأصنام وهدم العقيدة الراسخة في نفوس العرب. . . وكان ذلك فوق ما تهضمه عقولها وتحتمله نفوسها) قلنا: فأين النهضة الفكرية العظيمة؟ وأين صلاح القلوب لدعوة دينية جديدة؟ وما هذا الخبط والخلط؟ وأين نضع قولك في ص 98 (ويحدثنا أبن هشام أن أهل مكة تآمروا على من اسلم واتبع الرسول فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش)؟ فهذا شيء عجاب. 15 - وقال في ص 100 عن عرب يثرب وأول الأنصار (إذ لقي رهطاً من الخزرج أراده الله بهم خيراً فقال لهم: من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج. . . ثم أنصفوا عن الرسول راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدقوا) ثم قال عن هذه الطبقة (وكانت الثانية عقليتها مرنة قابلة للتطور مستعدة للترقي فلم تكد تسمع

دعوة الرسول حتى قبلتها واعتقدتها) قال هذا فلم ينشب أن خرقه بمخرقة الديني في ص 104 بقوله (أما الغرض الذي كان يرمي إليه الرسول فكان غرضاً دينياً. . . بينما كانت الغاية التي يرمي إليها بنو الخزرج سياسية قبل كل شيء وهي إيجاد قوة لمحاربة عدوهم الذي بالغ في قتلهم وإذلالهم وهو بطون اليهود في يثرب) فانظر أي دس وأي عبث؟ فقد كان جعل السبب دينياً أولاً ثم جعله سياسياً بحتاً ثانياً وذلك استهتار بالتمويه لا استهتار بالتحقيق. 6 - وقال في قضية اليهودية التي أهدت إلى النبي (ص) شاة مصلية 171 (ووضعتها بين يدي الرسول فتناول الذراع فلاك منها فلم يسغها ومعه بشر بن البراء بن معرور قد أخذ منها كما أخذ رسول الله وأما بشر فأساغها وأما الرسول الله فلفظها ثم قال: أن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم) قلنا: في ع دد من مختار الصحاح (وفي الحديث: ما زالت أكلة خيبر تعادني فهذا أو أن قطعت أبهري) هذا ما سمحت به النفس أما انتقادنا اللغة فأهملنا لفشوه في هذا الكتاب، وذلك يحتاج وحده إلى كتاب ومما يذكر من أتعاب المؤلف استناده إلى عربية وعبرية وإنجليزية وفرنسية لكن تاريخه يحتاج إلى تمحيص متضلع لا متشبع. بغداد: مصطفى جواد جمع مفعول على مفاعيل مما ورد في هذا الباب وقفنا عليه في هذه الأيام قولهم: بلد مقحوط وبلاد مقاحيط (المصباح) والملقوط: الولد المنبوذ وتجمع ملاقيط (محيط المحيط وعنه دوزري وعنه الشرتوني) - المبسوط من الأقتاب ضد المفروق وهو الذي يفرق بين الحنوين حتى يكون بينهما قريب من ذراع والجمع مباسيط كما يجمع المفروق على مفاريق (اللسان والتاج) - والمواسيم الإبل الموسومة (التاج). فهذه خمسة ألفاظ أخر تضاف إلى الخمسة والثمانين المذكورة في 7: 768 وما يليها فتكون تسعين لفظة.

فوائد لغوية

فوائد لغوية في الصحاح وفي مختار الصحاح 19 - وقال ب ط أ (وأبطأ فهو مبطئ ولا تقل: أبطيت) إلا أنه قال في ر ج أ (لأن بعض العرب يقول: أرجيت وأخطيت وتوضيت فلا يهمز) فحكم أولاً وعقب حكمه ثانياً. 20 - وقال في ق ن أ (وأحمر قان أي شديد الحمرة) فقال الرازي (قلت: المشهور المعروف، أحمر قانئ بالهمز كما ذكره أئمة اللغة في كتبهم حتى الجوهري رحمه الله تعالى، فأنه ذكره في باب الهمز أيضاً، ولو كان البابين لنبه عليه أو لذكره غيره في المعتل ولم أعرف أحداً غيره ذكره فيه فيجوز أن يكون من سبق القلم أه فأقول: ذكر أبو زيد القرشي في كتاب جمهرة أشعار العرب قول المتنخل بن عويمر الهذلي: وصفراء البراية فرع قان ... كوقف العاج عاتكة اللياط وقال (قان: أي أحمر شديد الحمرة) والقرشي قديم والظاهر أن الرازي لم يقرأ كتابه ولا حفظ هذا البيت، أما استجازته كون قول الجوهري من سبق القلم فهي نفسها من عثرة الفكر والقلم. 21 - وقال في ق م ر (وقمري مثل رومي. . . والجمع قماري غير مصروف) قلت: يجوز صرفه على التخفيف كما صرح بحكمه المبرد في كاملة فضلاً عن أن الجوهري قال في وق ي (والأوقية. . والجمع الأواقي بتشديد الياء وأن شئت خففت) فقد بان الصبح لذي عينين. 22 - وقال في ق ض ي (وقد يكون بمعنى الأداء والإنهاء تقول: قضى دينه) قلت ولم يذكر (قضاة دينه) بتعديته إلى مفعولين بنفسه مع أنه قال في ق ر ض (والقرض ما تعطيه من المال لتقضاه) معدياً إياه إلى مفعول واحد بنفسه وهو مبني للمجهول.

23 - وقال في غ ر ر (والغرارة بالكسر واحدة غرائر التبن وأظنه معرباً ولو فسره بالوطيئة لا فاد فائدة كبيرة فهو الذي قال في وط أ (والوطيئة على فعيلة شيء كالغرارة وفي الحديث أخرج ثلاث أكل من وطيئة أي ثلاث قرص من غرارة). 24 - وقال في ن ح س (والنحاس أيضاً دخان لا لهب فيه) وقد استغربت هذا الشرط لأن نابغة بني جعدة قال: يضيء كضوء سراج السلي ... ط لم يجعل الله فيه نحاسا فهذا البيت يجيز اجتماع اللهب والنحاس في السراج ولولا الجواز لما نفي الدخان لأن نفي ما لا يمكن ضرب من اللغو واللهو فنفيه النحاس عن ضوء السراج يدل على اجتماع لهب ونحاس. 25 - وقال في ع ر س (وأعرس بأهله بني بها ولا تقل عرس والعامة تقوله) فقال الرازي (قلت: قوله - بني بها - هو أيضاً مما تقوله العامة وهو خطأ كذا ذكرة في ب ن ي) قلت: أجل غلط الجوهري في هذه المادة من قال: بنى بها وتابعه عليه الرازي وكلاهما مخطئ فقد روى المبرد في (2: 152) من كاملة قول أبي جبير الفزاري معونة لعبد الملك بن مروان: على غير شيء غير أني سمعته ... بنى بنساء المسلمين بلا مهر 26 - وقال في ع ر ف (وتعارف القوم عرف بعضهم بعضا) ولم يذكر (تعارف القوم الشيء أي تعالموه وتداولوه) وهو الذي قال في ع ب ق ر (ثم خاطبهم الله تعالى بما تعارفوه) وقال في وق ي (وأما اليوم فيما بتعارفه الناس فالأوقية. . .). 27 - وقال في زور (والزور بالفتح أعلى الصدر وهو أيضاً الزائرون يقال رجل زائر وقوم زور) ولم أتمكن من الموافقة بين هذا وبين قول علي (ع) في (3: 304) من الشرح الحديدي (وزور لا يسرك لقيانه) بإضافة المصدر إلى ضمير الزور المفرد. بغداد: مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نظرة في مقالة المطبوعات الحديثة في النجف قال الكاتب في لغة العرب (7: 465) والجامعة لم يعرف من أنشأها قيل الإمام زين العابدين علي بن الحسين (ع) وقيل جابر الأنصاري وقيل بعض المغالين للأئمة من العلماء الذين عاشوا في القرن الثاني للهجرة. . . وفي بعض جملها مغالاة كثيرة في حق الإمام بحيث تخرجه عن كونه من البشر، ولهذا شغف بها (الكشفيون). و (الشيخيون) اتباع الشيخ أحمد الأحسائي المعروف المتوفي سنة 1242هـ (كذا والصواب 1234هـ راجع الروضات 1: 26) الذي أدعى النيابة الخاصة عن الإمام الغائب وأتى بآراء مستحدثة في الدين وشرحت في الدين وشرحت عدة شروح وممن شرحها السيد كاظم الرشتي الحائري تلميذ الشيخ أحمد المذكور. أه. زيارة الجامعة مذكورة في أمهات كتب الشيعة الإمامية (راجع من لا يحضره الفقيه (1: 198 - 201 من طبعة الهند) والتهذيب (2: 33 - 35) وقد رواها الشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي المتوفي سنة 381هـ 992م عن علي بن أحمد بن موسى والحسين بن إبراهيم بن أحمد الكاتب وهما عن محمد أبن عبد الله الكوفي عن محمد بن إسماعيل البرمكي عنه موسى بن عبد الله النخعي عن الإمام علي الهادي (الإمام العاشر عند الشيعة الإمامية) والإمام عليه السلام بعد أن وصف للنخعي آداب الزيارة قال له: ثم قل: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة. الخ. هذا ما ذكره العلماء والمحققون أما أن الجامعة للإمام زين العابدين أو لجابر الأنصاري أو لبعض المغالين للأئمة فلم نجد في كتب العلماء ذلك. أما قوله: وفي بعض جملها الخ فليس في الجامعة غلو في الإمام بحيث يخرجه عن صفات البشر كما يظهر للعلماء أولي البصيرة. والفصيح في قوله الكشفيون والشيخيون: الكشفيون أو الشيخيون لأن

الشيخية هم الكشفية نعم يمكننا أن نحمل الواو على التفسير وأني لنا ذلك والكتاب وضع نقطة بين كلمة (الكشفيون) و (الشيخيون) والنقطة علامة الفصل كما لا يخفى. وقول الكاتب (ولهذا شغف بها الكشفيون والشيخيون) كلام يؤاخذ عليه لأن الشيعة الإمامية على اختلاف نزعاتهم وطبقاتهم قد شغفوا به شغفهم بكل ما يصح عن المعصومين وليس هذا الشغف خاصاً بالشيخيين. وقد عرف الكاتب الشيخيين بأنهم أتباع الشيخ أحمد الأحسائي، قلنا: أن الشيخيين يفترقون إلى فرقتين فرقة منهم تتبع الحاج محمد كريم خان الكرماني تلميذ السيد كاظم الرشتي (المتوفي سنة 1259هـ 1843م) وقد يعرف هؤلاء بالكريمخانيين نسبة إلى رئيسهم المذكور، وفرقة منهم تتظاهر باتباع الشيخ أحمد الأحسائي. أما قوله: الذي أدعى النيابة الخاصة عن الإمام الغائب وأتى بآراء مستحدثة في الدين فمنقول عن رسالة قهوة سوراة تعريب السيد أحمد التبريزي، إذ يقول الفاضل التبريزي في حاشية ص 23: الشيخ أحمد الأحسائي المعروف الذي أدعى النيابة الخاصة عن الإمام الغائب وأتى بآراء مستحدثة في الدين انتهى كلام السيد أحمد التبريزي الذي نقل عنه الكاتب بدون أن يشير إليه كما هو عادة المنتحلين ولا نعلم على من اعتمد التبريزي في كلامه. وقد اختلف الباحثون عن الشيخ أحمد في حقيقة أمره فمن أصحابنا من يرى أنه كان مارقاً من الدين كالاغا الميرزا محمد رضا الهمذاني في كتابه (هدية النملة إلى مرجع الملة) والسيد محمد مهدي الموسوي القزويني (نزيل الكويت) في بعض كتبه ونرى إلى جانبهم آخرون يعدونه من كبار الشيعة الأتقياء والصلحاء ويرون أن عقائده. وافقة لمذهب الشيعة الإمامية كالميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري في روضات الجنات فقد أثنى عليه أطراً والمحدث النيسابوري

في رجاله وقال (لا شك في ثقته وجلالته): أما نحن فلم نتثبت في الواقع إذ نرى العلماء الكبار كالسيد محمد مهدي بحر العلوم النجفي الطباطبائي صاحب الرياض وغيرهما قد أجازوه إجازة عامة في رواياتهم وشهدوا له في إثباتهم بالفضل وعلو المنزلة: والظاهر من بعض كلماته في شرح زيارة الجامعة الزيغ والظلال (أعاذنا الله من ذلك) ويقول بعض الفضلاء أن الشيخ أحمد كان في أوائل أمره من العلماء العاملين الصالحين فأجازه العلماء وبعد ذلك اضطرب في دينه واعتقد ما يخالف ضروريات الدين والمذهب، وعلى كل حال فالسكوت عن أمر هذا الرجل أحق وأولى. أما قول الكاتب (وشرحت عدة شروح وممن شرحها الخ) فنحن لم نطلع على شرح سوى شرح الشيخ أحمد الأحساني شيخ السيد كاظم الرشتي وهذا الشرح كبير مطبوع يزيد على ثلاثين ألف بيت. وفي س 467: ولم يقوس الذي ضمنه ولم يجعله بين عضادتين فيعد على هذا منتحلاً لبعض الأشطر. ألا يمكننا أن نعد ذلك من خطيئات المستنسخ أو الطابع لا الناظم؟. وفي ص 468: أصدرها مؤلفها. . . باللغة الفارسية ولم ندر سر ذلك، قلنا أراد المؤلف أن يستفيد منها الفرس وينتفع بها الإيرانيون ولذلك وضعها بالفارسية وللمؤلف تأليف آخر في الموضوع نفسه بالعربية سماه: أصفى المشارب في حكم حلق اللحية وتطويل الشارب (مخطوط). وفي ص 468 أيضاً: السيد صالح القزويني البغدادي المتوفي سنة 1293هـ ولعل الصواب سنة 1301هـ 1883م (راجع مجلة لغة العرب 1: 329 والأعلام 2: 427). وفي ص 469: المتوفي سنة 1232هـ ولعله 1233هـ (راجع روضات الجنات 4: 553). وفي ص 471: الشيخ علي بازي: والفصحاء يكتبون: الشيخ علي البازي (أي بإثبات آل التعريفات) في البازي وحضرة الشيخ نفسه يكره أن يرى أسمه بغير

هذه الصورة لأنها كتابة الفصحاء ولا يكتب غيرها سوى الأعاجم الغفل، هذا وفي الختام نرجو من أمثال حضرة الكاتب الجليل أن لا يكتبوا شيئاً إلا بعد التروي والتحقيق الدقيق لئلا يقعوا في مهاوي الأوهام الفاضحة. محمد مهدي العلوي أصف الدولة والماء في النجف قلتم في كتابكم الثمين أمنية الباحثين وضالة الأدباء ذلك الكتاب الذي يجد فيه القارئ (الفوز بالمراد) ص 8. (لأن أصف الدولة أحد أمراء الهند في لكنهور جاء إلى النجف ورأى قلة الماء هناك فأعاد كري النهر فسمى بالهندية وذلك سنة 1309هـ - 1891م) أه. ننقل هنا كلاماً لمجلة المرشد البغدادية عن أصف الدولة قالت (4: 203 حاشية): الذي نعلمه هو أن أصف الدولة المذكور كان ملكاً من ملوك الهند المشهورين بالعظمة والنفوذ التام وأنه لم يتشرف بزيارة أئمة العراق ومشاهدها المشرفة والمشهور أن المؤسس العلامة أقا باقر البهبهاني بعد ما توفي عام 1204هـ وكان من تلامذته السيد دادار علي أكبر علماء الهند المتوفي سنة 1235هـ مقربا عند ملكها أصف الدولة نتهز الأمير السيد علي الكبير من أعلام كربلاء فرصة الاستفادة من الوقت فزار الهند واقترح على ملكها المذكور إجراء الماء إلى كربلاء والنجف وبناء سور للمشهدين المذكورين وشراء منازل عمومية لزوارهما. وقد أجاب الملك مطالبة وتنفذ (كذا) الأمر بحفر النهر المعروف بالهندية لانتسابه لملك الهند وكان ذلك سنة 1208هـ ومادة تاريخه (صدقة جارية) أه. وكلام المرشد نتيجة بحث وتحقيق والذي يفهم منه: 1 - أن أصف الدولة لم يكن من الأمراء بل كان ملكاً من ملوك الهند (ل. ع. كل ملك يسمى أيضاً أميراً لأنه ذو أمر). 2 - أن أصف الدولة لم يأت العراق خلافاً لما جاء في (الفوز بالمراد) أنه جاء إلى النجف. 3 - أن أصف الدولة حفر النهر في عام 1208هـ لا كما ذكرتم أن الحفر كان في عام 1309هـ والصواب ما جاء في المرشد لأن بعض الثقاب ذكر أن أصف

الدولة هو جد النواب إقبال الدولة دفين داره المعروفة باسمه في الكاظمية، وقد توفي إقبال الدولة في عام 1308هـ وهو في دور الشيخوخة وكيف يعقل أن يموت الحفيد الشيخ في عام 1308هـ ويكون جده حياً اللهم إلا إذا قلنا أن جده كان من المعمرين وهذا لا يصح لأنه لو كان منهم لذكره العلماء الذين ذكروا المعمرين ولو صل إلينا خبره. (ل. ع. اصل الرواية 1308 فوق الخطأ في الطبع) هذا وعسى أن توافقوا على هذا التصحيح. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي في ما قيل وما أقول 9 - وذكرتم في ص 635 قول الشاعر (حمامة بطن الواديين ترنمي) وقول الآخر (ظهراهما مثل ظهور الترسين) مستجيزين أن يعامل المفرد كمعاملة المثنى فأقول أما الدليل الأول فهو ضرورة شعرية اضطرت الشاعر أن يثني الوادي بإضافته إلى ما حوله تثنيه تغليب لا ترتيب فانظروا (روض) من معجم البلدان. وأما الدليل الثاني فلم أنكر مثله حتى تتخذوه دليلاً قلت ذلك لأن العرب تكره اجتماع تثنيتين متواليتين ففي (1: 487) من الشرح الحديدي (قول زيد بن وهب (وشد أبنا علي: حسن ومحمد عليه فضرباه باسيافهما) وفي ص 493 منه قول علي (ع) (ألم أنهك وأبن عباس أن تخلا بمراكركما) وفي ص 165 منه قول المصريين المتألبين على عثمان (رض) (بجلد عبد الرحمن بن عيس وعمرو بن الحمق وحلق رؤوسهما ولحاهما) وفي ص 273 منه (قال رسول اله صلى الله عليه وآله لأخوين من الأنصار: لا تيئسا من روح الله ما تهزهزت رؤوسكما) وفي ص 373 (منكسين ترضخ رؤوسهما بالحجارة) وفي ص 396 قول الحجاج (فاشحذا سيوفكما) وفي ص 453 (فضرباه بأسيافهما فقتلاه) وفي ص 459 (وصرفت أثمانهما في غير وجهها) وفي ص 63 قول عمر رضي الله عنه (فأضرب أعناقها) ورواية أبن قتيبة في كتاب الإمامة والسياسة ص 23 (فاضربوا أعناقهما) والمراد حاصل وفي (2: 522) من الحديدي قول علي (ع) (وتكون السنتهما معه وقلوبهما تبعه، وفي (1: 281) من الأغاني) وقد رفعا أصواتهما) وفي ص 322 منه (ولا أرى في

وجوههما) وعندنا أكثر من هذه الأدلة التي أثبتت (أن إضافة الجمع إلى المثنى مرادا به اثنان أو اثنتان قاعدة عربية نصيحة جداً). 10 - وذكرتم في ص 636 (عبارة عن تقال الأشياء الجسمية كما تقال للأشياء المعنوية) فمثلهم للجسمية بقوله في الكليات (التنفيذ عبارة عن وقوع بعضها) وقوله في التصديق (عبارة عن ربط قلبه) ولا أرى صواباً أن يعد (الوقوع) و (الربط) جسمين فكيف عددتموهما؟ وأن تجدوا (عبارة عن تتقدم جسماً مجروراً بعن فذلك مولد وأنتم القائلون في (7: 821) ما نصه (إنما هو من قبيل للولد أي العلمي وإذا قيل (هو كذا) بدلاً من (عبارة عن) فلا وجاهة في استحباب المولد على الفصيح. 11 - وخطأت أنا في ص 636 قول من قال (حتى لتروى أمه) فظاهر تموه بأنه (قدر: (حتى أنه لتروي أمه) ثم حذف وهو ما يظهر من تركيب كلامه وهو غير ممنوع) وأرى أن هذا الحذف أيها الأب الجليل ممنوع لأن (إنه) للتوكيد والحذف ضد لتوكيد وكأنه انهياض بعد انجبار وليل بعد نهار. على أني مفرط في تخطئتي الأنفة ففي (1: 67) من الشرح الحديدي قول علي (ع) (ينثالون علي من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان) وفي ص 247 من جمهرة أشعار العرب قول قيس بن الخطيم الأوسي: طررناكم بالبيض حتى لأنتم ... أذل من السقبان بين الحلائب ولأن نقنع بهذا المسموع خير من تعليله الطويل الممل، فقد دخلت اللام على قد أولاً وعلى المبتدأ ثانية مع تقدم (حتى) إياها. 12 - وعددتم فيها (شهرياً) منصوباً على الظرفية في قولهم (500 غرش عثماني شهرياً) وقلتم (كقولك: عاملته معاملة شهرية) فأقول (شهرية صفة للمفعول المطلق، معاملة) فأين النصب على الظرفية؟ هذا فضلاً عن أنه لا يقال (أقمت شهرياً ولا اتجرت شهرياً) بالنصب على الظرفية بل (قمت شهراً واتجرت شهراً). 13 - وغلطت في ص 637 من قال (أثر عليه تأثيراً) فاتخذتم قول الطبري (ما رأى من حسن أثرهم على ابني زحر) مع أن (على) متعلقة ب (رأى)

فيقال (رأى عليهم علائم النقمة لا أثر النعمة) وأن نسلم بوجدانكم غير هذا الليل فلا نرجع عن استصوابنا (لتأثير فيه) فأن الأثر غير التأثير وقد يقال (أثر عنده أثر) ففي (1: 160) من أمالي الشريف المرتضى الدرر والغرر قول ودقة الأسدي: قد كنت أثرت عندي مرة أثراً ... فقد تقارب يعفو ذلك الأثر ومن أدلتنا على صحة قولنا، قيلة المرتضى في ص 228 منها (وأن طعن فيه بما لم يؤثر فيه) وللمرتضى أيضاً مثلها في (1: 222) من الشرح الحديدي، وفي ص 388 منه وورد في (3: 191) من كامل المبرد (واثر في أصحابها) وفي (3: 206) من الحديدي قول علي (ع) (وخرج بسلطان الامتناع من أن يؤثر فيه ما يؤثر في غيره) وبهذا نكتفي. 14 - وخطأت في ص 637 من يستعمل (إذا) بدلاً من (هل) وهمزة الاستفهام) فقلتم (فقد أكثر منه المولدون) فلا عجب من الكاتب أن يقتفي آثارهم) فطوراً تجعلون المولد عامياً وتارة تستحسنون تأثره بلا اضطرار، هذا فضلاً عن أنكم لم تذكروا مثلا لذلك المولد الممسوخ، فأنه يقال (لا أعلم أجاء أم لم يجئ؟) ولا معنى في (لا أعلم عندما جاء أم لم يجئ) بوضع (إذا) موضع الهمزة وتأويل الجملة ذلك التأويل. 15 - ورأيت في (4: 13) من لغة العرب قول محمد بهجة الأثري ينتقد محمد سليم الجندي (فوردة كتاب (من صديقنا) والصواب (ورد إليه كتاب أو عليه). 16 - وقال فيها أيضاً (لا يكسر على مفاعيل سوى في ألفاظ) ففصل بين (سوى) ومجرورها بالحرف ولا يستغرب ذلك من هذا المدعي (الحبزبزي) فالصواب (في سوى ألفاظ) بتقديم حرف الجر. 17 - وقال في ص 17 متحدياً الجندي (فأنا نطالبه بإثبات استعمال العرب بكلمة - كذا بالباء - الواقع في قوله: ما لم يصدق به الواقع) فأقول جاء في ص ح ح من المصباح (وصح القول: إذا طابق الواقع) فما أضيق اللغة في ذهن هذا الرجل وما اسلقه بلسانه الحديد للمستجهلين له.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الداوية والاسبتارية س - بيروت ط. خ - لم لم يسم المؤرخون العرب الرهبان المدعوين بالفرنسية هيكليبن على طريق الترجمة أو (تمبلارية) من باب التعريب على نحو تعريبهم بقولهم (اسبتارية) بل أطلقوا عليهم أسم (داوية) (بصيغة الفاعل وبياء مشددة) لا غير. ثم ما معنى (داوية أهي عربية أم دخيلة؟ وأن كانت أجنبية فمن أي لسان هي؟ ج - كان العرب المؤرخون يدونون ما يسمعون حرصاً على صحة الألفاظ وبالصورة التي كانوا يسمعونها أو يتصورون سمعها. وأسماء الرهبانيات أعجمية في الغالب منسوبة إلى مؤسسيها أو إلى الغرض الذي يرمون إليه. وكانوا يعتبرون (التامبلية والأسبتالية) أعلاماً أو أعلام جنس ولذا لم يشاءوا نقلها إلى ما تعني في العربية كما فعل الكتبة في المائة الماضية الحاضرة إذ سموا الأسبتالية (مضيفين) والداوية (هيكليين) ونحن لا نوافقهم على عملهم هذا لأن الأعلام لا تترجم. أفرايت الغربيين ينقلون إلى لغاتهم معاني عنزة وشمر وبني العنبر إلى غيرها وتعد بالمئات؟ لم يفعل ذلك قوم من أقوامهم ولهذا لا يحسن بنا أن نخالف الأصول العامة والأحكام الجارية ببن مختلف الأمم. ولهذا أيضاً حسن عمل السلف في إبقاء الأعلام على صورها. أما داوية في العربية فليس لهما معنى سوى أنها كلمة مشتقة من الدوي

نعم أن كثيرين أنكروا دوي وزان روى الثلاثي. لخلو معاجم اللغة منه، إلا أنه شاع بين كثيرين من الكتاب مدعين أن المصدر إذا وجد. وجد الفعل نفسه والمعروف أن الدوي فعيل وورود المصدر على هذا الوزن مسموع فقد قالوا مثلاً رحيل وبريق ووميض ورسيم وذميل ووجيف ونعيب وشهيق وصهيل ونهيت إلا ما لا حد له. ولا سيما فعيل وأرد مصدراً للأصوات فدوى عندنا من هذا القبيل وأن قال اللغويون أن الدوي أسم لا مصدر فالذي عندنا هو مصدر ومنه الاسم. وقد شبه الأقدمون أدعية الرهبان وصلواتهم بدوي النحل. فإذا جاز لنا أن نرى الداوية من الألفاظ العربية قلنا أنهم سموا كذلك لأنهم كانوا يصلون جميعاً معاً فيحصل من دعائهم هذا دوي فسموا بالداوية. أما الذي عندنا فالداوية تصحيف (التامبليه) الفرنسية لا غير. يشهد على ذلك اختلاف روايات المؤرخين في ذكرها فقد جات الداوية والدواوية (راجع مجاني الأدب 6: 321) والفداوية (فيه 6: 322) والراوية (منتخبات من كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية طبع باريس في سنة 1898 في ص 185 حيث يقول وردت في بعض النسخ الراوية) والديوية (في الكتاب المذكور ص 299) وفي غير هذا الكتاب روايات أخرى. وكان عندنا نسخة تامة من كتاب الروضتين يذكر الداوية باسم التاوية وأخرى بصورة التابية ومراراً عديدة: التاملية وبعض الأحيان التامية. ومن اختلاف هذه الروايات في كل صفحة بصورة من الصور يرى أن النساخ لم يفهموا معناها لغرابتها أو لعجمتها. ولا جرم أن الكلمة أعجمية وأنها من الفرنسية. وكذلك القول في الاسبتارية فأنها لم ترد في جميع النسخ أو الكتب بهذه الصورة بل تختلف بين الأستبار والأشتبار والأستبارية والأستيارية والأسبتالية والأسبتارية إلى غيرها وهذه أيضاً من الافرنسية كأختها المذكورة. وكل ذلك يذكرنا بأن أستاذنا السيد محمود شكري الآلوسي كان يقول أن الأنفلونزة (وهي النزلة الوافدة) مأخوذة من العربية العامية (أنف العنزة) لأن أنف المصاب بهذا الداء يسيل مادة تشبه المادة التي تجري من أنف العنزة. وسمعنا

بعض الأدباء من أبناء حاضرتنا يسمي الأمنيبوس: (أم البوس) - وقرأنا في النشرة الزراعية الموضوعية في (أسماء النباتات في العراق) أن الأوكالبتوس يسمى في العراق (كلمطوز) وسمعنا كثيرين يسمونه (قلم طوز) فلا جرم أن الأصل هو (أو) كلبتوس) فقلبوا الكاف قافاً والباء ميمياً والتاء هاء والسين زاياً وكل ذلك لمجاورة هذه الأحرف بعضها بعضاً فصارت إلى لذي ولم يكف بعضهم هذا التصحيف بل ادعوا أن الألفاظ الإفرنجية هي من العربية. فقد ذكرنا لماذا قيل الإنفلونزة أنف العنزة وأما سبب التسمية الحافلة بأم البوس فلان حالة العراق في جوه حار وبرد، غبار وطين جعلتهم يعتبرون تلك العجلة كالأم التي تباس (أي تلثم) وسبب تسمية القلمطوس بهذا اللفظ هو أن الأقلام المتخذة من عوده تبقى على حالتها والطوس دوام الشيء. ثم قلبوا السين زاياً تسهيلاً للفظ. وفي كل هذه الشروح والتأويل من الخرافات الظاهرة مالا يخفي على أحد فكيف على العاقل؟. شمخ بأنفه تشميخاً س بغداد: م. م - قرأت في جريدة (البلاد) في عددها ال 40 مقالة حسنة الوشي لناسجها (الأستاذ محمود الملاح) عنوانها: (ساعة المغيب في الكرادة الشرقية) وفي مطاويها هذه العبارة: قد فاز بها (مقهى الكرادة الشرقية) بخصال استأثر بها دون (كارلتون) المشمخ بأنفه على ضفاف دجلة) - فهل شمخ بأنفه (من باب التفعيل) معروف في اللغة؟. ج - كاتب المقالة التي تشيرون إليها كثيراً ما يستشير (المنجد) وهذا المعجم خلاصة أقرب الموارد للشرتوني وهذا الديوان نسخة ثانية من محيط كما أن (البستان) نسخة ثالثة منه وما محيط إلا طبعة عربية لمعجم فريتغ. أذن على من أراد أن يحقق أغلاط هذه الدواوين اللغوية الحديثة الوضع أن يرجع إلى هذا الأصل وينظر في المورد الذي ورده فريتغ وقد راجعناه فرأينا يقول أن شمخ بأنفه تشميخاً منقول عن مقامات الحريري في ص 247 دساسي فتصفحناها فإذا فيها هذه العبارة المقامة الرابعة والعشرين المعروفة بالقطيعية: (ثم شمخ بأنفه صلفاً ونأى بجانبه أنفاً) وكل من له أدنى إطلاع على كلام السلف يعلم أن لا وجود لشمخ تشميخاً

وأن عدوى هذا الغلط سرت من الإفرنج إلى محدثي أبناء العرب على حد ما سرى الداء الإفرنجي إلى أبناء وطننا العزيز. على أن صاحب (المنجد) زاد في المادة غلطاً آخر في الطبعة الأخيرة منه وهي الطبعة التي سماها صاحبها (الطبعة الخامسة المكملة: فقد قال في مادة ش م خ: (وشمخ) أنفه وبأنفه: رفعه اعتزازاً وتكبراً فهو (شامخ) أه. وقد ضبط شمخ بشد الميم بعد أن ذكر شمخ المجرد بأربعة اسطر. أذن وقع في هذه العبارة غلطان شنيعان الأول: اتخاذه شمخ من الباب الثاني في المزيد الذي لا وجود له في كلام السلف الخلص والثاني - وهو أفظع وأشنع - قوله: فهو شماخ) وشماخ كشداد صيغة مبالغ فيها مشتقة من شمخ المجرد ولا أعلم كيف هوى حضرة المؤلف الهوى السحيق مع أنه قال في ص (ز) من المقدمة: (أوزان المبالغة كلها سماعية ولا تبنى إلا من الثلاثي ومما شذ: دراك ومعطاء ومهوان ومحسان ومتلاف ومملاق ومخلاف من أدرك وأعطى وأهان وأحسن وأتلف وأملق وأخلف) فلم يذكر بينها شماخ أذن شماخ من شمخ المجرد. وفي قوله: مهوان من أهان غلك آخر لأن في معنى المهوان مدحاً لا ذماً بخلاف قولهم أهانه الذي معناه: أستحقره واستهزأ به وأستخفف ولم يأت أبداً بمعنى لأن. ومعنى مهوان الكثير اللين فكيف يكون من أهان؟ أما أن المهوان هو للمدح فمما لا شك فيه قال الكميت: شم مهاوين أبدان الجزور مخا ... ميص العشيات لا خور ولا قزم وأما اللفظة التي تشبه المهوان وهي من الرباعي فهي المعوان المشتقة من أعان ولعل لصاحب المنجد عذراً خطأ الطبع لأنه ذكر المعوان بقوله: الكثير المعونة للناس ولم يذكر المهوان بالهاء بعد الميم بأي معنى كان وبأي صورة كانت. ومن صيغ المبالغة الواردة على مفعال ومشتقة من الأفعال المزيد فيها ما ذكره لنا صديقنا مصطفى أفندي جواد إذ قال: (أن قصرهم قياس - مفعال للمبالغة - على الفعل الثلاثي ليس بشيء فأنه يصاغ من غير الثلاثي إلى الخماسي صوغاً مطرداً لا شاذاً كما ادعوا ومن ذلك قولهم: مكرام من أكرم، ومعطاء من أعطى ومنجاد من أنجد، ومكثار مكن أكثر، ومعوان من أعان، ومطلاق من أطلق أو طلق

ومزواج من تزوج ومر قال من أرقل، ومحسان من احسن ومحواج من احتاج ومتلاف من أتلف ومغوار من أغار ومخلاف من اخلف ومحضار من أحضر ومملاق من أملق ومضياف من أضاف. ومقدام من اقدم ومطعام من أطعم ومذعان من أذعن بل لقائل أن يقول أنه يصاغ من المصدر أو أسمه فيكون المذياع من الإذاعة والمزواج من الزواج ويدعم قولنا هذا قول المبرد في ص 175 من كامله: المناجيد مفاعيل من النجدة والواحد منجاد وإنما بقال ذلك في تكثير الفعل كما تقول رجل مطعان بالرمح ومطعام للطعام أه. فالمبرد جعل المنجاد من النجدة ولم يعترض الطعام بأنه من غير الثلاثي ومما يجب ذكره ههنا أن - فعيلاً للمبالغة - ليس من الثلاثي دائماً ولذلك قال الفيومي في مادة ع ق ب من مصباحه المنير: وأما عقيب مثال كريم فاسم فاعل من قولهم عاقبة معاقبة، فالفعيل أذن من فاعل يفاعل مفاعلة وفعالاً على ما ذكر الفيومي وغيره ومن ذلك الخصيم أي المخاصم والحجيج أي الماج والظهير أي المظاهر والصديق أي المصادق والقمير أي المقامر والنسيب أي المناسب والرسيل أي المراسل والقرين أي المقارن والنظير أي المناظر والحليل أي المحال والخليل أي المخال والرضيع بمعنى المراضع والبيع أي المبايع والعتيب أي المعاتب والحسيب أي المحاسب والعديل أي المعادل والسمير أي المسامر والجليس أي المجالس والرفيق أي المرافق والتبيع بمعنى المتابع والنديم أي المنادم والشبيه أي المشابه والضجيع أي المضاجع والكميع بمعنى المكامع والحليف أي المحالف والعشير أي المعاشر والعميل أي المعامل والقسيم أي المقاسم والشريك وهو المشارك والخليط أي المخالط والكليم أي المكالم والي أي المولي والجري أي المجاري والرئي أي المرائي والفريق أي المفارق. هذا ما عرض لنا بحسب القياس المذكور فليقس عليه مالا يورث الالتباس نحو الركيض أي المراكض والسبيق بمعنى المسابق والعهيد أي المعاهد مذكورة في كتب اللغة أه. العسيل (الفرشاة) س. لنجة (خليج فارس) السيد م. م هل عرف أجدادنا العرب ما يسميه الإفرنج اليوم التي عربها بعضهم بقولهم فرشاة وآخرون بروش وآخرون شعرية؟ ج - أن الأقدمين مناعر فواهذه الأداة باسم العسيل قال اللسان في تعريفها: مكنسة الطبيب وهي مكنسة شعر يكنس بها العطار بلاطه من العطر) أه (ويستعملها غير العطار).

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 19 - تاريخ اليهود في بلاد العرب في الجاهلية وصدر الإسلام راجع هذا الجزء في ص 123 إلى 128 20 - جغرافية العراق الثانوية تأليف الزعيم طه الهاشمي (في 284 ص بقطع الثمن الصغير) قررت وزارة المعارف تدريسه في المدارس الثانوية، طبع بمطبعة دار السلام في بغداد سنة 1348 - 1929. لا يعرف قدر هذا التأليف إلا من عانى وضع تصنيف في موضع بكر لم يسبق بسابق. كانت في مدارس العراق حاجة إلى سفر يجمع بين دفتيه وصف ديارها وصفاً ما في أرضها وليس للغربيين تصنيف من هذا النوع لينقل إلى لغتنا. حتى أن الترك مع وجودهم في ربوعنا سنين طوالاً لم يفكروا في وضع شيء من هذا القبيل صاحب السعادة الزعيم طه بك الهاشمي المدير العام للمعارف العراقية ووضع هذا الكتاب إفادة للمدارس. وكنا نود أن يتولى تصحيح مسوداته حضرتكم لكي لا يقع فيها شيء من أوهام الطبع. ومما نأخذه عليه إتباعه آراء بعض الغربيين بلا تمحيص كقوله في ص 38 ما هذا نقله: (وكان الكلدان قبل نصف قرن وأكثر يتبعون المذهب النسطوري، إلا أن دعاية الأباء الكاثوليك نجحت فيهم فأصبحوا كاثوليك (كذا) يتبعون الكنيسة الكاثوليكية ويخضعون للبابا) أه. قلنا: أن عودة الكلدان إلى دين آبائهم القديم بعد انشقاقهم عن كنيسة رومه كان في القرن السادس عشر على يد (سلاقا) الذي مسحه البابا يليوس الثالث بطريركا وسماه يوحنا في 9 نيسان سنة 1552 فتبعه بعد ذلك كثيرون من النساطرة. وفي الكتاب خرائط ورسوم عديدة توضح مواقع البلدان والجبال والأنهار

وتضع سرد تلك الحقائق على طرف الثمام. نفع الله به الوطنيين والأجانب ومعنا الله بطول عمر صاحبه ليضع لنا كل ما نحتاج إليه من التأليف التي تفيد أبناء المدارس. 21 - في سبيل الكهنة للخير العام وقفية ومشروع الخوري منصور عواد عواد البحر صافي في المطبعة الكاثولكية في بيروت 54 ص بقطع 12. الخوري منصور عواد معروف بغزارة العلم وبعد الهمة والأقدام على المشاريع الجليلة لخدمة الناس خدمة عامة مفيدة لكل واحد منهم. وقد وقف في 15 أيار من سنة 1929 ما جمعه بعرق جبينه وكد يمينه وفضل المحسنين خمسة عشر ألف ليرة لبنانية ذهباً ليؤسس بها جمعية مساعدة للكهنة فأكرم بها من خدمة تبقي له الأجر الصادق والفخر الخالد!. 22 - المخطوطات الشرقية في بلاط كترينة الثانية (باللغة الروسية) وصف دقيق لما في البلاط المذكور من الخطيات الشرقية. وقد أدرج في مجلة محفى العلوم الروسي ثم طبع على حدة وهو للعلامة المستشرق الروسي الجليل صديقنا أغناطيوس كراتشكوفسكي وقد ذكر عدة كتب عربية وفارسية وفي جملتها وفاة السلطان سليمان. 23 - الشعر العربي في المائة التاسعة هذه مقالة ألمانية العبارة وضعها الصديق الروسي المذكور وقد أجاد في تنميقها حتى أنها تعد من احسن الموارد لم يريد أنم يقف على شعراء تلك المائة وعلى الجاحظ المجلي في حلبة عصره واستشهد كثيراً كتابيه البيان والحيوان وأدرجت في مجلته العالم الشرقي ثم طبعت على حدة. 24 - أوجه ملوكية شرقية - هذا كتاب فرنسي العبارة يكلمك فيه منشئه جان مليا عن أمان الله ورضا

شاه بهلوي وملكنا المحبوب فيصل ملك الشام سابقاً وملك العراق حالاً وجلالة والده المفخم الحسين بن علي وأبن سعود ملك الحجاز وسلطان نجد والكتاب في 206 ص بقطع 12 مطبوع بعناية فاسكيل في باريس ونحن في حاجة نفسنا إلى الإطلاع على هذا التأليف وأمثاله لأن الحرب الأوربية هزت الشرق هزاً عنيفاً فأسقطت فيه ملوكاً وأقامت فيه آخرين جدداً وهو إلى الآن لم يجد مقره التام في بعض الديار إذ نرى ملوكها تخلع ثم يقام على عروشها آخرون بسهولة غريبة فجاء مؤلف (مصطفى كمال أو تجدد تركية) يعرض على أنظارنا جماعة من المتوجين الجدد ويطالعنا على ماضيهم وحاضرهم ويوقفنا على آرائهم وخططهم مبتدئاً بأمان ملك الأفغان الذي أراد أن يطفر بقومه طفرة هائلة إلى شاهق فوق منه وأضر نفسه ثم ينتقل بنا إلى كل من الملول الذين ذكرناهم فويق هذا حتى يصل إلى ابن سعود. ويستند في ذلك كله إلى أسانيد وأنباء مثبتة فيغنينا بذلك عن مطالعة الروايات الخيالية والأقاصيص الموضوعة. 25 - الفصول مجلة أدبية تصدر كل فصل (كذا) من فصول السنة، صاحبها ورئيس تحريرها: الأب مبارك مارون اللبناني، تصدر في سنتياغو دل أستيرو (في الأرجنتين في أميركة)، وبدل اشتراكها في الخارج ليرة إنكليزية. وصل إلينا الجزء الأول من هذه المجلة وهو جزء (الربيع) في 150 صفحة عربية و 50 إسبانية وحلاها بالتصاوير المختلفة فنتمنى لها الرقي والرواج. 26 - نشرة الاقتصاد مجلة (لعلها صحيفة) أسبوعية اقتصادية مالية، لصاحبها عبد الله نسيم حاوي. وصل إلينا العدد الثالث من هذه الصحيفة فإذا هو يحوي إعلانات عديدة تجارية واقتصادية وكأنه كتب على نوع طبعها وورقها وتنظيمها وإنشائها أنها لا تعمر طويلاً.

27 - أشرق نجم كتاب ظريف لطيف في 108 ص بقطع يحوي أقاصيص مأخوذة من نصوص الإنجيل الكريم وعددها إحدى عشرة. وكلها صور بديعة قد اعتنت الكاتبة غي دافلين البليغة بأن تصورها بألوان الوصف الدقيق حتى أنك لتتوهم أنك تشاهد الآن بعيني رأسك أشخاصاً مضى عليهم نحو ألفي سنة وهم اليوم يعيشون قريبين منك. وهذه مزية عجيبة امتازت بها هذه الكاتبة الفرنسية الشهيرة فعسى أن لا تحرمنا أمثال هذه الكنوز من وقت إلى وقت. 28 - أسرار المراهقة بالفتى للدكتور شخاشيري الطبيب والجراح في المستشفى الإنكليزي بمصر القديمة، يطلب من صاحبة بميدان فم الخليج ومن جميع المكاتب الشهيرة. الدكتور شخاشيري من مشاهير أطباء الشرق يتعب نفسه ليفيد وطنه وقد وضع هذا الكتاب الصغير في حجمه الكبير في نفعه في 68 ص بقطع 16 وكفانا تعريفاً أن نقول عنه ما عرفه هو لنا بقوله: (محاورات بين أب طبيب وأبنه. تبحث في شؤون دور البلوغ في الفتى وفي أهمية وظائف أعضاء التناسل وكيفية الاحتفاظ بها سليمة ونصائح قيمة عليها تتوقف صحة الأبدان ونضارة العمران) وقد أتم هذا البحث بكل دقة وكفاية وبعبارة واضحة جليلة مما يجعل هذا الكتيب البديع رفيقاً لكل شاب يريد العمر الطويل الهنيء والهرب من المفاسد والأمراض التي تنهك قواه وتكون سبب شقائه مدة عمره القصير. 29 - أسرار المراهقة بالفتاة هذا الكتيب بحجم أخيه وعدد صفحاته 80 وهو للدكتور النابغة الوطني المذكور. وفوائده كفوائد الأول وعباراته أدبية جلية المغزى (ومغلفة بغلاف عفيف) مما يوجب على كل رب بيت أن يدفعه إلى أبنته إذا ما بلغت سن المراهقة. ولقد قرأنا بعض الكتب المؤلفة في مثل هذا الموضوع وما كنا نكاد نمسكها حتى نرميها بين القاذورات لما فيها من العبارات البذيئة السمحة المرغبة في

الفحش. أما هذان الكتابان فأنهما آيتان في تهذيب الأخلاق وأبعاد الشاب أو الشابة عن كل ما يشين شرفهما. فعسى أن يروجا ليقبل صاحبهما على إفادة جمهور الناس بأمثالهما ونحن نشكره عليهما باسم جميع الناطقين بالضاد من ذكور وإناث لما أفاض عليهم من الخير والفضل. 30 - الوقاية أفضل من المعالجة الجزء الأول تأليف الدكتور شخاشيري، طبع بمطبعة وديع أبو فاضل في مصر في 410 صفحات بقطع 16. لا يقبض الدكتور شخاشيري على يراعته إلا ليفيد قراءه على اختلاف طبقاتهم إذ يكتب بعبارة جلية طلية، ليدفع عمن يطالع أسفاره كل ضرر ويجلب إليه كل نفع، ونفعه هذا لا ينحصر في وقت دون وقت، فما ينتجه قلمه يبقى حيا إلى ما شاء الله لأنه سلسلة تحقيقات ونصائح يهون في اقتنائها بذل كل نفيس، إذ يشتري القارئ صحة ولا يلوي رأسه إلى طبيب أو دواء. فنحن نشكر الطبيب النطاسي على هديته هذه ونوصي كل مطالع، رجلاً كان أو امرأة بأن يقتني هذا التأليف الجليل لأنه في مطالعته فائدة ولذة. فقد قال المؤلف نفسه في صدر تصنيفه: (يحتوي (هذا الجزء) على رسائل منوعة في مختلف الأمراض وأسبابها ومداواتها وكيفية الوقاية منها، وأنت في مطالعها تشعر كأنك قبضت بيديك على سلاح تستطيع به أن تقاومها وأن تدفع عنك شرها وأن تتقي سوء نتائجها) ولا يتصور القارئ أن المؤلف يبالغ في وصف كتابه ليبيعه، لأننا تحققنا في أثناء وقت المطالعة أن الخبر دون الخبر وما على الشاك أو المرتاب إلا اقتناؤه. 31 - أنواع العمليات التي أجراها الدكتور شخاشيري في المستشفى الإنكليزي وعيادته الخاصة، من أوائل سنة 1913 إلى أواخر يونيو سنة 1929. هو جدول مرتب أحسن ترتيب يرى فيه القارئ أن الدكتور الخبير الماهر بضع من الفتق 2439 ومن القيلة 1294 ومن الدوالي 11 ومن الورم 21 ومن الإحصاء 33 ومن الكحت (الكشط) 4 ومن البتر 8 ومن الطهارة 33 ومن

البواسير 11289 ومن الناصور العادي 525 ومن الناصور البولي 8 ومن الخراج 1760 ومن التنظيف 188 ومن البزل 52 ومن الأسنان 490 ومن كسر الحصاة 23 ومن الزائدة 8 فيكون مجموع ما استعمل المبضع من الأعمال في مدة 17 سنة 18176 وهذه أحسن الأدلة بما له من الفضل في عالم الطب ومداواة المرضى ودفع الملمات عنهم فضلاً عن أفادتهم بكتبه ومقالاته. 32 - الحصاد الأول إحدى وثلاثون قصة عراقية: وضعها أنور شاؤل، طبع بمطبعة الجمعية الخيرية في بغداد 1930 في 169 ص بقطع 16. أنور شاؤل من شبابنا الذين يعقد الوطن عليهم رقي الأدب العراقي وقد وضع هذه القصص بأجمل صورة وأبدع رواية وأجاد أيضاً كل الإجادة في طبعها وتنسيقها فجاء هذا الحصاد قبل أوانه في ديارنا. وكنا قد طالعنا أغلب هذه الأقاصيص في صحف العاصمة. أما اليوم فقد صيغها صبغة جديدة ليبلوها على عشاقها فإذا هي من أحسن ما يكتب في هذا الموضوع. فعسى أن تلاقي إقبالاً ليبرز الكاتب بقية إبكار أفكاره فيكون من المجيدين في هذا الموضوع الشاق الشائق. 33 - الكرخ جريدة أدبية أسبوعية تظهر في بغداد. لصحفنا البغدادية وخطط وغايات. وقد رأينا جريدة الكرخ من أحسن صحفنا لتهذيب المجتمع العراقي وتأديبه. ففي كل عدد يصدر منها مباحث مختلفة وعناوين متعددة وغايتها إصلاح ذوي الأمر والنهي ودهماء الناس وكل ذلك بعبارة تعجب الجميع، وهل من عجب أن تكون الكرخ في صدر صحفنا ومنشئها (الملا عبود الكرخي) شاعر الناس المحبوب ورئيس تحريرها (عبد الأمير الناهض)؟ على أن هذا التحسين بلغ أقصاه منذ أن تولى تحريرها هذا الشاب الناهض فأنه يفرغ على الكرخ من ذوب قلبه ودماغه ما يحليها في عيون الجميع حتى في عيون الأغراب. وكان المستشرقان لويس ماسنيون الفرنسي وأشتريك البافاري طالبا منا أن نرسل إليهما بمجموعة (الكرخ) ففعلنا فأعجبا بمقالاتها المتفننة وأساليبها المختلفة

واعتبرها من أحسن صحف العراق وأوفاها بالمقصود الذي ترمي إليه. وكلفانا أن نشكر صاحبها ومنشئها الشاعر بهذا الفوز المبين!. خطط الشام 2 - ونحن لا نريد أن نتبع في كل صفحة من صفحات مجلدة هذا، إذ يقتضي لذلك وقت عظيم ويقع في مئات من صفحات هذه المجلة. إلا أننا نريد أن نجلب نظر صديقنا إلى ما كتبه حضرة الأرشمندريت توما ديبو المعاون فأن مقالة وحدة الطافح بالأوهام يستلزم وضع كتاب قائم برأسه لإظهار ما فيه من العورات والسقطات. وأول هنواته أنه مسخ الأعلام مسخاً شنيعاً حتى أنه يستحيل على القارئ أن يقابلها بما ورد منها في مصنفات السلف. قال حرسه الله في ص 226 معدداً بدع اليهود في الدين المسيحي وذاكراً بينها (الكلسامين والشمشونيين والفنوستيين) وقد قلبنا جميع التأليف التي تذكر تلك البدع فلم نعثر على الأسماء التي ذكرها لتصحيفه إياها وتحريفها. والصواب الكسائيين وباليونانية وفيها روايات أخرى. والكلمة أرمية الأصل معناها أصحاب الأسرار أو الخفايا، ولا أثر للشمشونيين في التواريخ ولا في الأخبار وإنما هم السامفسيون وباليونانية ولم نجد اسما يقابل الفنوستيين من مبتدعي المائة الثانية ولعل اللفظة مصحفة عن ثيودوتسيين وباليونانية ومن الأعلام الممسوخة أريوس فأنه ضبطه بالمد، والصواب بالهمز كما جاء في مدونات الناطقين بالضاد جميعهم من المحققين (راجع تاريخ المسعودي طبع باريس 2: 313) والملل والنحل للشهر ستاني (ص 174 من طبعة الإفرنج) وفي نسختنا الخطية في الطرة ما هذا: (أريوس بفتح الهمزة وراء ساكنة يليها ياء مثناة تحتية مضمونة فوار ساكنة فسين ويقال فيه أروس كعروس ومنه الأروسون لفرقة كانت في رهط هرقل) أه. وفي الكامل لأبن الأثير 1: 236 من مطبعة الإفرنج وفي التنبيه والأشراف للمسعودي أيضاً ص 142 فحرموا

أريوس الإسكندراني ولو أردنا أن نذكر جميع المصنفات التي ذكرت هذا الاسم لأحرجنا القراء. على أننا لا ننكر أن هذا الاسم ورد في مختصر الدولة لأبن العبري المطبوع في بيروت بصورة آريوس بالمد ص 136 إلا أن هذا الغلط من الناشر لا من صاحبه والدليل أننا وجدنا هنوات كثيرة هذا الوهم وكلها من الناشر فلينتبه الغافل. ومن أغلاط الأعلام الواردة في الصفحة المذكورة مكدونيوس والصواب مقدونيوس أو مقدونس (المسعودي 2: 314 وغيره) وآفنوميوس وآفدوكسيوس وضبطهما بالمد والصواب أونيوس وأودكسيوس وهو كثيرا ما ينقل الحرفين اليونانيين إلى العربيين (أف) والحال أن هذا اللفظ حديث عند الإغريق أما اللفظ الحقيقي فهو القديم أي (أو) فقد قال العرب كلهم (أوطيخا) لا (أفطيخا) وقالوا أيضاً: أو أون واوثوذيمس واوثوفرن واوخس واوديمس واوليباسيوس إلى غيرها ولم يقولوها بألف وفاء في الأول. راجع تاريخ الحكماء لأبن القفطي وعيون الأنباء لأبن أبي أصيبعة. وغيرهما. وقال في تلك الصفحة صباليوس. والمعروف عند العرب بالسين سباليوس (راجع الملل والنحل ص 173) وقال ماركلوس والصواب مرقلس. ولا نريد أن نذكر جميع الأعلام التي ذكرها في مقاله هذا لأنها كلها مخطوء فيها ولم يكد يصيب في واحد منها. وذكر أوطيخا باسم أوطينما وذكر خلقيدونية باسم خلكيدون، وخلقيدنية أشهر من أن تذكر وأوردها جميع أخباري العرب من مسلمين ونصارى ولا نرى وجهاً لأغلاطه هذه المتعددة وكلها في صفحة واحدة إذ نحن لم نخرج منها. ومن أشنع أغلاطه قوله في تلك الصفحة: (أو من باله واحد آب ضابط الكل. . .) مع أن جميع النصارى على اختلاف نحلهم يقولون: أو من بالله الواحد الأب الضابط الكل. . . لأن الأب هنا علم للأقنوم الأول وأداة التعريف هنا للتغليب عليه ولا يجوز حذفها هنا لئلا يظن أنه اسم جنس يشمل عدة آباء. ولهذا وجب القول الأب. ومن غريب الأمر أن الكتبة المسلمين أوردوا هذا العلم بصحته خلافاً لحضرة الأرشمندريت، فقد قال أبو الفداء في تاريخه (1: 94)

من طبعة الأستانة): نؤمن بالله الواحد الأب مالك كل شيء. . . وقال كذلك صاحب الملل والنحل (174 من طبعة الإفرنج) وقال أبن حزم في كتابه الفصل في الملل، والأهواء والنحل، (1: 54 من طبعة مصر): أن أمانتهم التي اتفقوا عليها كلهم هي كما نورده نصا: نؤمن بالله الأب مالك كل شيء. . . الأغاني الجزء الأول 11 - وورد في ص 27 قول الشاعر: لا مني في هواك يا أم يحيى ... من مبين بغشة أو صديق فعلقوا عليه (قد تزاد من في الإثبات وحمل عليه قوله تعالى: يغفر لكم من ذنوبكم) قلنا: بين الآية والبيت فرق ظاهر هو أن المجرور في البيت عمدة والمجرور في الآية فضلة ودخول (من) على المفعول به للتقليل مطرد نحو (فلان أخذ من مالي وتناول من طعامي وشرب من شرابي) فنحن نعد الآية من هذا الضرب ونتلو (أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك). 12 - وجاء في ص 28 ما نصه (ورواه أسحاق - أواس - بالسين غير معجمة وقال وأحدها آسي وهو الأصل) قلت لما روى المبرد في ج 3 ص 245 من كاملة قول (شبل بن عبد الله): لا تقيلن عبد شمس عثارا ... واقطعن كل رقلة وأواسي قال في ص 146 (والأواسي: ياؤه مشددة في الأصل وتخفيفها يجوز ولو لم يجز في الكلام لجاز في الشعر. . . وواحدها - آسية - (بالتشديد) وهي أصل البناء بمنزلة الأساس) فاختلف الوزنان وتفاضل الشرحان. 13 - وذكر في ص 40 (ولا أؤذنه به) بهمزتين متواليتين والصواب (قلب الثانية واوا) دفعاً للثقل ووفاقاً لأسلوب العرب. 14 - وفيها (دعني أدنو من الباب) فعلقوا به (في ت، ح ر، أدن، بغير واو وكلاهما صحيح) قلنا: يجوز الرفع إذا لم يجب الجزاء أي إذا جاز في الجملة وجهان هما كون الجملة جزاءاً أو حالاً، وههنا لا تجوز الحالية

لأن القائل لم يدن من الباب حتى يتلبس بحالة الدنو، ويتضح ذلك من قوله بعد ذلك (فدنوت من الباب) فالصواب إذن (أدن) بالجزم. 15 - وورد في ص 56 (فكاد أن يخرج من جلدة طربا) فعلقوا عليه (كذا في جميع النسخ وهو غير الفصيح في - كاد - من عدم اقتران خبرها بأن) قلنا: جاء هذا التعبير في ص 225 من الجزء فأرسلوه ثم ورد في ص 379 فقيدوه بذلك التعليق نفسه وهو غريب. أما اقتران خبر كاد بأن فالأدلة تضافرت لتأييد فصاحته ففي ص 63 من جمهرة أشعار العرب قول النبي (ص) في أعشى بكر بن وائل (كاد أن ينجو ولما) وفي نهج البلاغة قول علي (ع) (وكاد أن يحترق من ميسمها) وفي ص 80 من الجمهرة قول أعرابي لعبد الملك بن مروان (وترفع يديها وتعطوا بفيها وكادت أن تنفد ما فيها) والمرهم لهم في ذلك أن (أن) تأتي مع المضارع دائماً للاستقبال و (كاد) من أفعال المقاربة فهو ضد الاستقبال الممتد، ولكن ليس الأمر كذلك ففي ص 19 من هذا الجزء قول الرسول (ص) (لو سمعت هذا قبل أن اقتله ما قتلته) (فأن) ههنا لمصدرية النحتة لا للاستقبال وإلا فسد المعنى لأنه قتله فليلحظ قولنا. 16 - وذكر في ص 79 عمر بم أبي ربية: ثم قالوا تحبها قلت بخرا ... عدد الرمل والحصى والتراب وفي ج2 ص 185 من كامل المبرد (عدد النجم والحصى والتراب) وفي ج 2 من آمالي الشريف المرتضى (عدد القطر والحصى والتراب) أما أبرو الأغاني فعلقوا بقوله (بهرا) ما نصه (أي أحبها حباً بهرني بهراً أي غلبني غلبا) وأما المبرد فقال في ص 187 (وقوله قلت بهرا يكون على وجهين أحدهما: حباً يبهرني بهرا أي يملؤني، ويقال للقمر ليلة البدر - باهر - أي يبهر النجوم أي يملؤها. . . والوجه الأخر أن يكون أراد: بهرا لكم أي تباً لكم حيث تلوموني على هذا). وأما في آمالي المرتضى فهو (. . . أخبرنا ابن الأعرابي قال: يقال للقوم إذا دعوت عليهم - بهرهم الله والمبهور المكروب - أنشدنا. . . قال المرتضى

(رض) وقد قيل في معنى قوله - بهرا - غير هذا الوجه. . . وبهرا يجوز أن يكون أراد: نعم حبا بهرني بهرا ويكون بمعنى عقراً وتعساً. . . قال أبو عمرو: يكون بهرا بمعنى ظاهراً حبا يريد ظاهراً من قولهم: قمر باهر، وقد روى بعض الرواة أنه قال: قل لي هل تحبها قلت بهرا: والرواية الأولى هي المشهورة) أه. 17 - وجاء في ص 80 (سرى الليل يطوى نصه والتهجر) في (3: 136) من الكامل (يحيى نصه). 18 - وفي ص 83 قالوا (ما يساعد على التثبت من هذا المعنى) وقالوا في ص 141 مثله والفصيح (التثبت في هذا المعنى) ولو ورد مثل قولهم في تاريخ الطبري. 19 - وورد في ص 84 قول الشاعر (مع الركب قصد لها الفرقد) ومن تعليقهم قولهم (في ت القرقد بقافين إذا لم نجد في هذه المادة سوى - قرقد - بدون أداة التعريف جبل قرب مكة) قلنا: ويحتمل أنه (الغرقد) بالغين قال المجد في القاموس (الغرقد: شجر عظام أو هي العوسج إذا عظم واحدة غرقدة وبها سموا. وبقيع الغرقد مقبرة المدينة على ساكنها الصلاة والسلام لأنه كان منبتها) أه. وورد في ص 103 قول عمر بن أبي ربيعة: قالت لترب لها تحدثها ... لنفسدن الطواف في عمر وفي الكامل المبردي ج 2 ص 124: قالت لها أختها تعاتبها ... لا تفسدن الطواف في عمر وفي هذه الصفحة من الأغاني (قومي تصدي له ليعرفنا) وفي تلك الصفحة من الكامل (قومي تصدي له ليبصرنا). 20 - وجاء في ص 104 منه (ثم أسبطرت تسعى على أثرى) وفي الصفحة المذكورة من الكامل وفي ص 170 من جزء الأغاني هذا (ثم أسبطرت تشتد في اثري). له بقية مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهرة في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهرة في العراق وما جاوره 1 - طه بك الهاشمي عرف القراء من الكتب العديدة والمجلة العسكرية التي نقدناها أن طه بك الهاشمي الزعيم الكبير من رجال العلم الصادق في العراق وكان مديراً عاماً للمعارف. وفي 23 من كانون الأول الماضي أصدر جلالة ملكنا المعظم أرادته المطاعة معيناً إياه رئيساً لأركان الجيش فأحزننا هذا التعيين وأفرحنا في وقت واحد. أحزننا لأن سعادته كان يدير بمهارة وحذاقة المعارف التي عهدت إلى خبرته الواسعة فوسع نطاقها ووضع للمدارس كتباً نفسية تقوم بحاجة الطلبة العراقيين، ومن الجهة الثانية أننا نعلم أن حفظ الوطن من الأخطار المحيقة به والتي يدفعها إلا جنود بسل ومدربون يقودهم قائد ذو رئاسيتين: رئاسة القلم ورئاسة السيف مما يقدم على توسع نطاق المعارف - إذ لا معارف بلا طلبة ولا طلبة بلا جنود يصونون مدارسهم من الهدم والتخريب - وطنا نفسنا على الرضى بالحالة التي رفع إليها زعيمنا متمنين له النجاح، وشاكرين له ايادية البيض في طول المدة التي أدار بها سكان معارفنا وطالبين إليه أن يواصل مباحثه وتأليف كتبه لكي لا يحرم المدارس التي أوصلها إلى هذه الدرجة من التقدم ثمرات جهوده ومتاعبه الجليلة. وقد رفعه جلالته ملكنا المعظم إلى رتبة فريق، فنهنئه بهذا التقدم الذي هو أهل له. 2 - بين العراق وإيران وافقت الحكومة الإيرانية في المبدأ على أن ينال العراق حصته من مياه (صوبار) الذي يجري بين التخوم الإيرانية والعراقية بحسب نصوص الاتفاقية المعقودة بين تركية وإيران سنة 1913. 3 - بين إيران وتركية فرغت لجنة الحدود الإيرانية التركية من مهمتها وعاد الوفد الإيراني إلى طهران ليعد الرفائع (التقارير) إلى وزارة الخارجية ووزارة الحربية وصرح الزعيم سيف الله خان تخطيط الحدود جرى

مطابقاً للمصلحة المشتركة بين إيران وتركية. وستكفل لجنة التخوم ومراقبتها بصيانة الأمن والنظام لاتفاق الفريقين على تأليفها وستمنع تأليف العصابات في الجهة الواحدة ضرر الجهة الأخرى. 4 - التحكيم بين العراق ونجد لا تزال مسألة التحكيم بين العراق ونجد من أعقد المشاكل ويدور قطبها على تفسير المادة الثالثة من اتفاقية العقير ومسألة المخافر على الحدود فأن الحكومتين لم تتوصلا إلى الآن إلى حسم جلي في أمر تأليف لجنة التحكيم لاختلاف وجهة نظرهما في العناصر التي تنشأ منها. 5 - معسكر ابن سعود يخيم أبن سعود في (الصافة) التي تجاور تخوم العراق بجيش شديد العرام وهو على اتصال دائم بمعتمده في الكويت لمراقبة الثوار وقد حشدت إمارة الكويت عدداً من الصناديد لصد خصومهم عن اجتياز التخوم ولا يزال الدويش وأعوانه نازلين في أرض (البقلاوة) بين العراق ونجد. وأشاعت المصادر السعودية أن زرافات من رؤساء العجمان ومطير خفوا إلى المقر العام النجدي وقدموا طاعتهم وإخلاصهم للملك أبن سعود من دون قيد ولا شرط ولم يبق مع الدرويش إلا عدد ضئيل من الأعوان من أولئك الذين يئسوا من نيل الأمان بلا أداء الديات وإعادة المنهوبات. ثم هم أيضاً سلموا بعد حيز وقبض الإنكليز على الدويش وبعض الرؤساء وأرسلوا إلى جهات غير معلومة. 6 - إزاحة الستار عن تمثال المس درترد لثيان بل في ال 18 من كانون الثاني (يناير) في الساعة الثانية و 45 دقيقة بعد الظهر أزاح جلالة ملكنا المعظم الستار الذي كان يغطي تمثال المس بل وذلك بحضور فخامة المعتمد السامي والوزراء والمستشارين البريطانيين وممثلي الدول الأجنبية والجالية الإنكليزية والسيدات الإنكليزيات. والتمثال يصور مذمرا (تمثالاً نصفياً) قائماً على لوح من نحاس محلي بنقوش حجمه متر مربع مبني في الحائط واللوح مقسوم شطرين يرى في شطر اليسار كتابة إنكليزية وفي الشطر المقابل له نقلها بالعربية وهذه هي بحروفها:

(صورة) حفلة كشف الستار عن تمثال المس بل (وفي الوسط جلالة ملكنا المعظم وعن اليسار فخامة المعتمد البريطاني وعن اليمين معالي وزير المعارف) كرتردبل التي لذكراها عند العرب كل إجلال وعطف أسست هذا المتحف في سنة 1923 بصفتها المديرة الفخرية للعاديات في العراق وجمعت الأشياء الثمينة التي يحتويها بإخلاص وعلم دقيق واشتغلت بها مدى حر الصيف إلى يوم وفاتها في 11 تموز سنة 1926 الملك فيصل وحكومة العراق قد أمرا شكراً لها على أعمالها الكبيرة في هذه البلاد بأن يكون الجناح الرئيسي باسمها وبأذن منهما قد أقام أصدقاؤها هذه اللوحة

وفي نهاية الحفلة صفق الملك وجميع الحاضرين، ثم تقدم جلالته وأخذ ينعم النظر في اللوح ثم سلم على فخامة المعتمد السامي وسائر المدعوين وكان ذلك في الساعة الثالثة، والجماعة التي في الشارع تشيعه بالتصفيق العجاج. 7 - جمعية عمال المطابع العراقية سمحت وزارة الداخلية يوم 4 ك 2 (يناير) بإجازة (جمعية عمال المطابع العراقية) وجرى انتخاب أعضاء أدارتها في مساء ال 10 منه. فنتمنى أن تتحسن حالة الطباعة على عهد هذه الجمعية، وأن تأمر بنبذ الاصطلاحات التركية التي يستعملها عمال المطابع مثل (داغطمه) أي التفريق و (طوبلمه) أي الركام و (يازي) أي الكتابة، إلى غيرها وأن يستعملوا في مكانها لغتهم التي نشئوا عليها وهي التي ذكرناها. وفقهم الله. 8 - أول طيار عراقي هو سليم أفندي دانيال بن أخي حضرة العين المحترم صاحب المعالي مناحيم أفندي دانيال وقد تلقى فن الطيران في إنكلترا وأتقنه وأشترى لنفسه طيارة سافر بها من بريطانية الكبرى إلى بغداد. وقد وصل إلى حاضرتنا في 2 ك 2 (يناير) من هذه السنة عند الغروب وهبط في محطة الطيران في غربي بغداد فاستقبله فيها أهله وأصحابه استقبالاً فخماً. ونحن نفتخر به لأنه أنفق على إتقانه فن الطيران من ماله الخاص ونتوقع أن تنتفع حكومتنا بعلمه وخبرته فأنه أهل للتشجيع واحتذاء مثاله. 9 - أول طيارة في حضرموت وتأثيرها في الناس ذكرت جريدة (حضر موت) التي تصدر في سورابايا في جاوة في عددها ال 222 أن طيارة إنكليزية نهضت من عدن وحلقت في حضر موت فوق هذه المدن: الشحر وظفار وسيحوت والمشقاص ودو عن وجول عبيد وشبام وسيون وتريم وشعب هود، وأخذت صور تلك المدن والجبال، ثم رجعت إلى المكلا ولما رآها الحضارمة انزعجوا أي انزعاج (من دويها في الفضاء فتراكض الناس إلى السطوح وإلى الساحات. وفر البعض فراراً وجفلت الإبل في بعض النواحي وذهبت تعدو عدوا في الصحراء، وتفرقت الأغنام أيدي سبأ وقلق البدو وخافوا سطوة هذا العقاب الذي لم يؤمنوا به، وأصبحت الطيارة حديث المجالس وموضع الآراء) أه.

10 - الممثل الألماني رفعت الجمهورية الألمانية قنصليتها في العراق إلى ممثليه في الثلث الأخير من كانون الأول وعين القنصل السابق القدير الهر ولهلم ليتن ممثلاً الحكومته ورفع في 28 ك 1 من السنة المنصرمة أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية، وفي صباح 6 ك 2 من هذه السنة مثل بين يدي جلالة ملكنا المعظم وقد قدم فخامة وزير الخارجية حضرة الممثل المبجل إلى جلالته فأبدى له ملكنا كل لطف وعطف. ويعود رفع القنصلية إلى منصب ممثليه إلى أتساع المصالح الألمانية في العراق ولا سيما ازدهار تجارتها. وتقدم بعض الألمانيين - وبينهم الهر بشكن - إلى حكومة العراق طالباً منحه امتيازاً بإنشاء معمل العطور. وهناك عدة شركات تتأهب لدخول الأسواق العراقية منافسة للشركات الأجنبية الأخرى. 11 - سفر معالي طلعت قايا بك غادر العاصمة بعد ظهر 2 كانون الثاني (يناير) معالي طلعت قايا بك الممثل التركي في العراق بعد أن قوى ربط الاتحاد بين جمهوريته وبين دولتنا العراقية. 12 - الوزير التركي المفوض يقدم أوراق اعتماده خلف معالي لطفي بك الوزير التركي المفوض الجديد معالي طلعت قايا بك المسافر وقدم وراق اعتماده إلى فخامة وزير الخارجية وبعد ذلك مثل معاليه بين يدي جلالة مليكنا المعظم في صباح 2 كانون الثاني (يناير) فقدمه إلى جلالته فخامة وزير الخارجية فتبودلت عبارات الولاء والوداد والمتوقع توثق عري الاتحاد أكثر فأكثر على يد معاليه. 13 - النعمانية لا البغيلة وافقت وزارة الداخلية على تسمية ناحية البغيلة بناحية النعمانية وكتبت إلى المراجع التي تعني بالأمر بتعميم هذا التغيير في جميع أنحاء لواء الكوت وذلك على ما لهذه الوزارة من السلطة التي تخولها إياها المادة الخامسة من قانون إدارة الألوية. 14 - وفاة جبر ضومط خسرت الجامعة الأميركية في بيروت ركناً من أركانها بوفاة أحد علمائها الأعلام الأستاذ جبر ضومط في 18 كانون الثاني (يناير) من هذه السنة عن سن يناهز الثماني والستين وقد قضاها بين المحابر والدفاتر وهو مشهور

بتأليفه التي نحا فيها منحى علماء الغرب العصريين ودخلت عدة مدارس فنعزي أولاده وجميع المنتمين إليه طالبين لهم السلوى والصبر. 15 - مناجم فحم في إيران صرح الهرهوفمان المتخصص الألماني في علم طبقات الأرض والموظف في وزارة الأشغال أن المساعي التي بذلتها دولة إيران للبحث عن مناجم الفحم والحديد، نتجت أحسن نتائج لأن الباحثين عثروا على مناجم غنية بالفحم وقد بدءوا باستثمارها وينتظر أن تقوم إيران بحاجات سككها بما تصدره مناجمها بعد سنوات قليلة. وقد سافر الهر هوفمان إلى ألمانية بمهمة تتعلق باستثمار المناجم المذكورة. 16 - إنكليزي يحكم عليه بالجزاء أقام الدعوى المدعو خزعل بن مصطفى على البريطاني الذي أسمه نورمان ماكلان المهندس في الشركة الأنبراطورية الجوية بتهمة الاحتيال عليه. فسيق نورمان المذكور إلى محكمة الجزاء ونظر في التهمة الموجهة إليه المستر بريشرد رئيس المحكمة الكبرى ببغداد. وبعد المحاكمة حق نورمان (أي ثبتت إدانته على لغة عوام المصريين)

فحكمت عليه محكمة الجزاء بغرامة قدرها خمس وأربعون ربية وتعويضات قدرها 1200 ربية يقدمها إلى المدعي خزعل المذكور. 17 - قتلة فظيعة في مساء 12ك2 (يناير) غاب الشاب عبو (أو عبودي) بن نعمو صاحب فندق مود ولم يعرف أهله بأمره فأخذوا يبحثون عنه ويسألون عنه الغادي والرائح ونشروا عنه في الجرائد صورته ليستعلموا خبرة. ولم يتحقق نبأه المشؤوم إلا في 22 من الشهر المذكور إذ وجد جثته هامدة على بعد ميلين من ديالي وقد ثبت أن المظلوم أخذه بالحيلة في الساعة الحادية عشر ونصف زوالية ليلاً أحد الشبان وأركبه سيارته قائلاً له أنه يريد التنزه معه ترويحاً للنفس في طريق الهنيدي. ولما اجتازت السيارة الهنيدي بمسافة قصيرة نزل المغتال الخائن وطلب منه أن يماشيه قليلاً فوافقه الصبي فغافله ذاك وألقى في عنقه ربقة ثم شد عليها فوقع بين الاثنين دفاع وفي الآخر أغمى علي (عبد) فنحره ذاك المسخ وقلع عينيه حتى إذا أراد المحققون أن يصوروا الصورة الأخيرة التي انطبعت على بؤبؤ المقتول لا يعرف القاتل. وأما سبب القتل فلم يعرف على التحقيق فربما كان وراء القاتل شخص خفي حمله على هذا الأمر الفظيع. (تصحيحات) ص 1 س 10 نرنا: نرانا - ص 13 س 9 ما: على ما - ص 13 س 21 الجنارة: الجنازة - 15 س 17 ووسطها وآخرها: أو وسطها أو آخرها - ص 17 س 13 كاسعتهم: داخلتهم - ص 17 س 19 المحتم: المحتوم - ص 17 س 25 الهاء: الراء - ص 19 س 6 - ص 21 س 26 الواو كما: الواو ألفا كما - ص 33 س 18 المنتقم: المنتقم له - ص 33 س 23 أودعوه: أدعوه - ص 34 س 14 أن: على أن - ص 35 س 22 منازلة: منازلة - ص 35 س 24 سبب: سب - ص 36 س 16 ويقاربوهم: ويقاربونهم - ص 37 س 4 يكون: لا يكون - ص 37 من 24 منه: منه نقص - ص 37 س 25 كاف: كان - ص 38 س 9 للشفتين: الشفتين - ص 38 س 24 الشعوبية: الشعوبية - ص 72 س 9 ما: على ما - ص 96 س 12 سيوف: سيوفه - ص 80 س 20 إلى أن نبشها: إلى نبشها - ص 111 س 18

العدد 78

العدد 78 - بتاريخ: 01 - 03 - 1930 رسالتان تاريخيتان (ل. ع) بعث إلينا حضرة المجتهد الكبير أبي عبد الله الزنجاني برسالتين منقولتين بنصيهما الفارسيين عن أصليهما الواحدة صادرة من البابا والثانية من شاه إيران. والبابا المذكور أسمه في الرسالة الشنسيوس الثاني عشر، واسم شاه إيران في جواب الرسالة حسين الصفوي. فلم نجد هذا الأمر موافقاً للتاريخ: لأن البابا أنوشنسيوس الثاني عشر كان بابا من سنة 1691 إلى سنة 1700 م وملك السلطان حسين الصفوي في المحرم من سنة 1166 هـ (يوافق نوفنبر 1752م) ولم يبق السلطان حسين على العرش الكسروي مدة طويلة لأن كريم خان خلعه في السنة المذكورة نفسها (1166) وتوفي في سنة 1192هـ (1778م) فلم نفهم هذا الاختلاف الموجود بين عهد البابا وعهد السلطان حسين الثاني الصفوي. فلعل أحد القراء يرشدنا إلى سببه فنكون له من الشاكرين. وقد طلبنا إلى الكاتب محمد صادق الحسيني وهو أحد الأدباء الإيرانيين المعروفين بالوقوف التام على أدب اللغتين الفارسية والعربية - وهو اليوم ضيفنا في بغداد - أن ينقل لنا النصين الفارسيين إلى العربية، فلبى طلبنا على ما هو معهود فيه من حسن الأخلاق وخدمة العلم والأدب ودونك الآن ترجمة الرسالتين: رسالة البابا صورة ترجمة كتاب بابا مملكة الروم الغربية، الذي كان قد ترجمه الأب المرسل محمد ونترجمه اليوم بالتفصيل بحرفه:

يود البابا انشنسيوس الثاني عشر أن تكون الأنوار الإلهية متهيئة لذلك الملك النبيل الواسع الاقتدار إذ طرق أسماعنا ما في دياركم من الراحة والطمأنينة اللتين يتمتع بهما سكان مملكتكم المترامية الأطراف الواسعة النطاق، مؤملين أن تكون لجماعة الأباء الصغار المنتمين إلى القديس فرنسيس والمعدودين من أهل الفضل والعرفان، الراحة والرفاهية في ظلكم، ولا سيما أنهم قد غضوا أبصارهم عن اللذائذ الدنيوية وحرموا على أنفسهم طيب العيش ليصلوا بأنفسهم ويوصلوا أنفس الغير إلى بارئها، مهتدين بهدى الديانة المسيحية، ومستضيئين بأنوارها. فنرجوكم وثيق الرجاء بأن تتفضلوا على هذه الطائفة التي لها قسط من الفضل والعلم فتأذنوا لهم إذناً تاماً ليكونوا أحراراً في الممالك التي تحت سلطتكم، ولا سيما بلاد (كنجة وكرجستان) فيتمكنوا من أن يجروا ما يرونه لازما من الأمور الدينية وشؤونهم الروحانية في داخل البيوت الخالية أو البيع والصوامع ويعتمدوا على نفوذكم وسلطانكم في مقاصدهم الإلهية. والرجاء من مقامكم أيضاً أن تأمروا بإصدار الأوامر المؤكدة إلى خدامكم والمنتسبين إليكم بأن لا يمنعوهم أو يعارضوهم في شؤونهم وتعاقبوا عقاباً صارماً كل من يخالف أمركم العالي. هذا وأن الابن المحبوب فليكس مريم دسلان الذي هو من الأفاضل يظهر لكم ما يكنه خاطرنا وما يجول في خلدنا. ونؤمل الأمل العظيم أن تعيروا أسماعكم للأجوبة التي يعرضها عليكم الأب المذكور من قبل خلافتنا وفي هذه الآونة ندعو لكم ونرجو من أبينا أن يفيض عليكم أنوار مراحمة الباهرة ويحيطكم بأشعتها المتلألئة لتحصلوا على الصدق والاستقامة التامة. كتب في كنيسة مريم الكبرى وختم بختم الصياد في اليوم ال 26 من النيروز الإفرنجي سنة 1619 بعد ميلاد المسيح. (لغة العرب) هذه السنة توافق عام 1029هـ وكان شاه إيران يومئذ عباس الأول الكبير الصفوي الذي دخل بغداد في سنة 1033هـ 1624م ولهذا نظن أن الرسالة الأتي نصها له لا للسلطان حسين آخر سلاطين الصفويين كما ذكر لنا ودونك نصها:

رسالة الشاه بينما نحن مشتغلون بنشر أعلام الشريعة الطاهرة المحمدية، وترويج آثار أجدادنا الكرام الذين شيدوا صروح السنة الإسلامية، إذ ورد إلينا كتابكم المنطوي على خالص الود ومزيد الألفة والالتئام على يد حاملة زبدة الأشباه والأقران (فيلكس مريم دسلان) فطالعناه وفهمنا ما تضمنه أشعاركم من بذلنا الدعاية للقساوسة والرهبان الذين يقطنون هذه الممالك الفسيحة المسالك. ولا يخفي على رأيكم الرزين وعقلكم المتين ونصفتكم الأرسطوطالية كما لا يخفى على سائر الأعاظم والملوك في الديار الإفرنجية أن بيتنا العالي وسلالتنا ينتهي نسبها إلى الثمرة الطيبة المصطفوية وينتمي أصلها إلى أصداف بحر المكارم المرتضوية ولذا نرى من الواجب علينا أن نقوم بحفظ البيضة ونشر أو أمر الكتاب العزيز وإبلاغه نواهيه. وغير خفي على أصحاب العقول النيرة وأرباب العقل والبصيرة أن المذهب الحق والمنهج الصدق الذي نتبعه جاء مانعاً للعصبية الجاهلية ومبيناً للناس طريق الحق من الظلال ولا يكره أحداً على اتخاذ طريقته المثلى وسنته العليا، ولا سيما القساوسة وجماعة الرهبان المسيحيين الذين قد شملوا بعناية وتوصية تلك الذات الكريمة التي تعتبر قدوة ملوك في الديار الإفرنجية وجميع الأمراء المسيحيين، فهم متمتعون دائماً بعوارفنا الملوكية والطائفية الشاهانية. وليس هناك أي مانع لمكثهم بين الطبقات المسيحية في تلك الجهات ولتعلم الجلة أمر أحكام الدينية اللازمة وسوف يكونون آمنين ومطمئنين في ما يريدون إجراءه من الأمور الخاصة بشريعتهم. أما الرسول المشار إليه فأنه صرف بكل إعزاز وإكرام بعدها حظي بتشرفنا وتشرف بخلعنا ومواهبنا الملوكية. التوقيع تاريخ هذا الكتاب يوافق زمن السلطان حسين الصفوي آخر ملوك السلالة الصفوية. انتهت ترجمة ما كان بالفارسية. محمد صادق الحسيني

من هو القرصوني

من هو القرصوني أطالع هذه الأيام مجموعة خطية حوت كتباً طيبة. وهي المجموعة المذكورة في كتابي (مخطوطات الموصل صفحة 237 عدد 175). من جملة ما في هذه المجموعة كتاب (كمال الفرحة في دفع السموم وحفظ الصحة) يليه (مقالة في الحمام). كتب تحت عنوان كمال الفرحة أنه للإمام العالم العلامة (شمس الدين محمد القرصوني الطبيب) وهو في 40 صفحة متوسطة. كتابتها وسطورها مرصوصة كأغلب الكتب التي في هذه المجموعة جاء في المقدمة أنه كتب لقانصوة الغوري. أول الكتاب: (الحمد لله الملك الحليم المدبر الحكيم ذي القوة والسلطان الدائم الباقي وكل من عليها فان. . . الخ). وكتب تحت عنوان (مقالة الحمام) أنه لسيد الحكماء العظام وأوحد الفقهاء الأعلام العالم العامل الحبر البحر الكامل سيدنا الشيخ (بدر الدين محمد القرصوني الحنفي). ورد ذكر محمد القوصوني الطبيب وتأليفه كمال الفرحة في تاريخ أدب اللغة العربية لجرجي زيدان (3: 250) حيث قيل: (محمد القوصوي الطبيب ألف لأبي النصر قنصوة الغوري كتاب كمال الفرحة في دفع السموم وحفظ الصحة بإشارة منه وفيه تفاصيل مفيدة عن معالجة السموم بعضها لم يأت العلم الحديث بأحسن منها. منه نسخة في المكتبة الخديوية في جملة كتب باشا في 246 ص) أهـ. فيرى أن جرجي زيدان سماه (القوصوي) ولكن في المجموعة التي أبحث عنها جاءت نسبة في كتابه ونسبة ابنه بدر الدين محمد في مقالة في الحمام (القوصوني) بنون قبل ياء النسبة في أربعة أماكن واضحة. أما الباعث إلى كتابة هذه المقالة فهو أولاً بيان أن من اشتهر بالقوصوني اثنان شمس الدين محمد وأبنه بدر الدين محمد. ثانياً بيان أن النسبة قوصوني كما جاء في هذه المجموعة لا قوصوي كما جاء في كتاب جرجي زيدان. ثالثاً تصحيح

الغلط الوارد في كتابي (مخطوطات الموصل) إذ نسبت كتاب كمال الفرحة ومقالة الحمام كليهما لشمس الدين محمد القوصوني. والصحيح أن مقالة الحمام هي لأبنه بدر الدين محمد. ومنشأ الغلط كون الأب والابن سميا محمداً ورابعاً لا عرف من هو القوصوني. أما القوصوني الوالد شمس الدين محمد فلم أعثر على شيء من ترجمته سوى ما جاء ذكره في كتابه كمال الفرحة أنه كان طبيباً معاصراً لقانصوه الغوري. وأما القوصوني الولد بدر الدين محمد فقد كتب أحدهم ترجمته تحت عنوان مقالته في الحمام في المجموعة المذكورة ولأهمية هذه الترجمة وعدم وجود غيرها على ما أظن ولوجود فوائد تاريخية فيها أنقلها هنا حرفياً. ولكن مما يوجب الأسف أن المترجم (بكسر الجيم) بقي مجهولاً لأنه لم يذكر أسمه. أما خطة فنسخي عليه مسحة من خط التعليق فهو يمد بعض الحروف كالنون والياء إلى تحت وهو مخالف لخط المجموعة. وهذه صورة الترجمة. (مؤلف هذا الكتاب هو صاحبنا وصديقنا الشيخ بدر الدين محمد بن محمد القوصوني الحنفي رئيس الحكماء في باب السلطان. ولد سنة عشرين وتسعمائة وكان ذكياً حادقاً فاضلاً كاملاً متفنناً انتهت إليه رئاسة الطب مع المشاركة التامة في غيره من العلوم فائقا في الأدب والنظم والشر. له فيهما اليد الطولى. اجتمعت به في مصر في رحلاتي إليها. وبيني وبينه مراسلات وملاطفات نظماً ونثراً. ذكرت طرفا منها في تذكرني. ثم السلطان سليمان بن سليم خان سقي الله تعالى عهده صوب الرحمة والرضوان فقدم عليه في عام خمس (كذا) وخمسين وتسعمائة لأن يعالجه من النقرس. فظهر منه في علاجه اليد البيضاء ولاطفه أحسن ملاطفة إلى أن أختص به جداً وعزل لأجله هامون زاده اليهودي (كذا في الأصل ولعل كلمة هامون أصلها هارون. اتصلت فيها الراء بالواو من العجلة بالخط

فصارت تقرأ هامون) وأبعده عن بابه وولى الشيخ بدر الدين رئيس (كذا. والصحيح رئاسة) الحكماء. وعظمت مرتبته عند السلطان جداً وصار لا يصبر عنه ساعة واحدة ولا يتناول شيئاً إلا بعد العرض عليه. ومع ذلك فكان بخيلاً بجاهه جداً رحمه الله تعالى. واجتمعت به في رحلتي الثانية إلى اصطنبول سنة خمس وستين وتسعمائة فرايته في عظمة كبيرة. ومع ذلك فجاءني عند قدومي. واستعظم الناس ذلك لعلو مقامه على الوزراء فمن دونهم. وأحسن إلي وجابرني وكان متضجراً من منصبه يود الخلاص منه. وسأل في الحج مراراً فلم يؤذن له فلما توفي السلطان سليمان رحمه الله تعالى عظمة السلطان سليم كتعظيم والده. وكان جليل القدر علي الشأن. له تذكرة لطيفة ورسائل منها الحمام ومنها طبقات حافلة كتبها ذيلاً على طبقات أبن أبي اصيبعة. وكنت جمعت جانباً من تراجم الأطباء المتأخرين عرضته عليه فأعجبه وإضافة إلى ما كتبه. وكان حج مع عمه في صحبة سليمان باشا الوزير وقبل ذلك في ما أظن. وبلغنا أنه توفي باصطنبول في سنة ست وسبعين وتسعمائة. رحمه الله تعالى ورحمنا إذا صرنا مصيره) أهـ. قرأت هذين الكتابين للقوصونيين (كمال الفرحة في دفع السموم وحفظ الصحة (ومقالة في الحمام) فوجدت الأول لا بأس به يبحث عن حفظ الصحة وتقوية (الصلب) والتحفظ من السموم والتخليص منها. فكأن المؤلف رحمة الله سعى لحفظ صحة سيدة قانصوه الغوري وتقوية (عضوه) وحفظ حياته من الاغتيال بالسموم. وأما مقالة الحمام فوجدتها من خير ما كتب في هذا الباب. ألفت لأبي الحسن البكري. فقد جاء في صدر الرسالة بعد الحملة والصلولة: (وبعده فهذه مقالة لطيفة في الكلام على الحمام ومنافعه وكيفية استعماله للصحيح والمريض وتدارك الخطأ الواقع في استعماله. الفتها بإشارة شيخ المسلمين ووارث علوم الأنبياء والمرسلين قطب دائرة العالم ورحمة الله المنزلة على بنبي آدم العالم الرباني والمحقق الصمداني أبي الحسن البكري الصديق سبط أبي الحسن فسح الله تعالى

في مدته. . .) الموصل: الدكتور داود الجلبي (ل. ع) الذي ساق جرجي زيدان إلى الوهم قول صاحب كشف الظنون في 1: 491 من طبعة الآستانة: دستور البيمارستان للعلامة أبن القوصوي. ذكر فيه الأمراض والعلاج وأنها من غلبة خلط من أخلاط الأربعة (كذا) أهـ. والصواب أبن القوصوني. كما حققه حضرة صديقنا المدقق. ونزيد على ما تقدم بسطه أن هذا الاسم جاء بصورة مختلفة في الكتب الخطية. وقد لاحظ ذلك طابع كشف الظنون ومترجمه إلى اللاتينية العلامة غستاف فلوجل وهو أول من بعثه من مدفنه إلى عالم الظهور وذلك في سنة 1835 وعنه طبعت نسخة بولاق فنسخه الآستانة وكلتاهما مشحونة غلطاً ووهماً. وقد قال فلوجل: أن بدر الدين محمد بن محمد يعرف بالقرصوني وأبن القوصوني وقوصوني زاده (راجع 7: 1049) وقيسوني زاده وقيسوم زاده (7: 942) قلنا: ولعل كلا من الولد والوالد يعرف بهذا النسب. ولم نجد معنى لهذه النسبة في أي كتاب كان. وعلى كل حال فهي ليست منسوبة إلى مدينة قوصوة في يوغوسلافية في بلاد السرب القديمة كما يتبادر الذهب إليه لأول مرة ولا إلى قوص من ديار مصر. قدم اسم مندلي أفادنا حضرة صديقنا المحقق المدقق يعقوب أفندي نعوم سركيس أن اسم (مندلي) بهذه الصورة ورد في كتاب في الأنساب اسمه صحاح الأخبار وهو مطبوع في مصر سنة 1306 وكانت وفاة مؤلفه في سنة 885هـ. وذكر لنا أن مانعاً الذي ورد اسمه في 8: 40 من هذه المجلة والذي قيل عنه أنه أمير قشعم هو على ما يظهر شيخ المنتفق وليس أمير قشعم والذي روى أنه أمير قشعم هو العمري صاحب غاية المرام وعنه نقل الكتبة هذا الوهم فنشكره على هذه التحقيقات. عمر الأستاذ جبر ضومط تحققنا أن الأستاذ جبر ضومط ولد في صافيتا في 26 أيلول 1829 وتوفي في بيروت في 18 ك سنة 1930 رحمه الله.

لواء العمارة

لواء العمارة 1 - نظرة عامة فيه اضطراب حبل الأمن في جنوبي العراق عام 1276هـ! بتمرد عشائر (البو محمد) على الحكومة العثمانية، فرفع زعيمها الكبير فيصل بن خليفة راية العصيان عليها. فاضطرت الحكومة إلى سوق جيش لجب عليها قاد زمامه (اللواء محمد باشا الدياربكرلي) فكانت الحرب سجالاً بين الطرفين. ثم انتهت بكسر فيصل بن خليفة وتنظيم الحكومة مقراً عسكرياً لها على ضفة دجلة اليسرى أسماه الأهلون (الأوردي) وهي لفظة تركية معناها مقر الجيش ولا يزال هناك من يطلق هذا الاسم على البقعة التي أنشئت فيها (العمارة) بعد قليل من الزمن. ولما هدأت الحالة هناك وعادت السكينة إلى مقرها والسيوف إلى غمودها: نظمت الحكومة العثمانية (لواء عسكرياً) لحفظ الأمن في هاتيك الربوع ولمشارفة سير جباية الأموال الأميرية وأنشأت لجيشها المقيم هناك عمارة فخمة للسكنى وللتحصن فيها عند الاقتضاء وكان المجاورون لعمارة الجيش يفتحون بعض الحوانيت قياماً بما يحتاج إليه الجند ثم أنشئوا جملة مساكن لهم فانتشرت بذلك الحركة العمرانية وأطلق الأهلون ورجال الحكومة كلمة (العمارة) على ذلك المقر العسكري. وبعد مضي حولين كاملين على الحركة التأديبية المار ذكرها نظمت الحكومة (قضاءاً مدنياً) أطلقت عليه أسم (قضاء العمارة) فأخذ الأهلون يختلفون إليه من جهات نائية طمعاً في وفرة الكسب وعذوبة الهواء ونشف الأرض فأصبحت (العمارة) جنة غناء ومتنزهاً وتعد اليوم (باريس العراق) في نظر بعضهم لجمال موقعها وخصب تربتها وكان قائم مقامها إذ ذاك عبد القادر بك فأرخ الأخرس تاريخ إنشاء العمارة قائلاً: قل لمن يسأل عن تاريخها (قد عمرت أيام عبد القادر) (أي عام 1278هـ!) (1861م) وتقدر نفوسها ب (19. 300) نسمة وفيها رصيف على طوار النهر يبلغ طوله زهاء 500 متر.

قلنا أن العمارة قائمة على ضفة دجلة اليسرى. أما الحقيقة فأنها واقعة على رأس الزاوية النائية من الأنهر الثلاثة: دجلة والكحلاء والمشرح (بفتح الراء وتشديده) فيها دار أمارة فخمة ودار مسكن متوسطة الكبر ومستشفى ملكي جميل ومدارس جديدة البناء وسوق مستقيمة ترى فيها الحوانيت مشيدة على نسق واحد وعدة قصور شاهقة وحمامات جميلة ويربطها بالجانب الأيمن جسر من حديد أنشأته سلطة الاحتلال. ومعظم مبانيها منشأ على الطراز الصحي ولا سيما الواقع منها على ساحل دجلة. ومما يزيد في بهائها وجود الكهربية فيها. وفي العمارة الآن ثلاثة أجسر أحدها يربط ضفة (المشرح) الواحدة بالأخرى والثاني يصل ضفة نهر (الكحلاء) اليمنى بضفته اليسرى. والثالث وهو الحديدي يربط جانبي البلدة أحدها بالآخر. وهذا الجسر أعظم الأجسر. وكان فيها قطار حديدي ثم رفع بزوال الاحتلال البريطاني للعراق وانتهاء الحركات العسكرية فيه والبلدة تبعد عن جنوبي بغداد 358 ميلاً بطريق النهر وتصلها بها جادة مستقيمة لسير السيارات تحمل الركاب من بغداد إلى البصرة رأساً عن طريق دجلة. كما تربط السكة الحديدية بغداد بالبصرة عن طريق الفرات وتسير البواخر والزوارق التجارية في دجلة مارة بالكوت والعمارة وهما من أهم مرفئها. 2 - حدود اللواء وتوزيع أراضيه تقع أراضي العمارة على ضفاف دجلة والكحلاء والمشرح وتمتد من جنوبي لواء الكوت حتى حدود لواء البصرة وتحاذيه جبال بشت كوه الإيرانية الشهيرة. وهذه الجبال تفيد بعض مزارع اللواء البعيدة عن دجلة أو عن النهيرات المتشعبة من دجلة فوائد عظيمة لأنها تسقيها بينابيع المياه التي تتفجر فيها. ويحده من الشمال أراضي السودة على ضفة دجلة اليسرى وأراضي عشيرة المقاصيص على ضفة دجلة اليمنى ويحده من الجنوب أراضي الكسارة المحاذية لناحية العزيز (بالتصغير) العائد إلى لواء البصرة ومن الشرق أراضي الحويزة الإيرانية وجبال بشت كوه ومن الغرب بطيحة الغراف فالبطائح الشهيرة في التاريخ المتصلة بأراضي لواء المنتفق.

وطريقة توزيع الأراضي الزراعية في هذا اللواء لا تشبه الطرق المتبعة في بقية الألوية. بل توزع على شيوخ القبائل بطريق الأفدان المعروفة في القرون الوسطى بأن يعطي الشيخ الفلاني المقاطعة الفلانية لمدة تتراوح بين السنتين والخمس سنوات ويكون الشيخ في غضون هذه المدة حر التصرف فيها لا ينازعه إياها منازع ولا يلتزم بتشغيل الفلاح الفلاني أو إرضاء الشيخ الفلاني أو خطب ود الحكومة. ولقد بحت أصوات الناقمين على هذه السياسة المتبعة منذ تأسيس لواء العمارة ولكن الحكومة لا تصغي إلى نقد الناقدين أو صراخ المستغيثين اعتقاداً منها أن من شأن هذه الطرقة في توزيع الأراضي الزراعية مد ظلال الأمن على جميع ربوع اللواء في حين أن الألوية التي تعطي فيها الأراضي الأميرية بطرق (التسقام) أي التكليف تسعر نار الفتن والاضطرابات فيها بين آونة وأخرى. ولست ممن يستحسن أو يقبح شيئاً من هذا القبيل إلا أني أقول كلمة واحدة طالما سمعتها من أفواه العماريين والرجال المصلحين وهي أن طريقة توزيع الأراضي الزراعية في لواء العمارة أشبه شيء بالطرق المتبعة في القرون الوسطى المعروفة بقرون الأفدان والفروسية وكفى. 3 - تنظيمات اللواء الإدارية يتقوم لواء العمارة من قضائين هما (قضاء علي الغربي وقضاء قلعة صالح) ومن ناحية واحدة يقال لها (ناحية المشرح) ومركز اللواء الذي مر البحث عنه وأربع قرى مهمة: وهي المسيعيدة وكميت والمجر الكبير والمجر الصغير. وكيفية إدارة هذه القرى تكون بتعيين رئيس بلدية لكل منها ولهذا الرئيس سلطة جزائية محدودة من الدرجة الثالثة للنظر في الدعاوي الجزائية الطفيفة التي تحدث في قريته، وجميع هذه القرى مربوطة بمركز اللواء رأساً. وهذه القرى الأربع معمورة عمراناً يناسب مركزها وأهميتها الزراعية. واليك الآن بعد كل منها عن مركز اللواء مع زمن تمصيرها ونفوسها حسب الإحصاء الرسمي الأخير. فقرية المسيعيدة قائمة على ضفة نهر الكحلاء اليمنى في محل يبعد عن الشمال الشرقي لمدينة العمارة 19 ميلاً وكانت قبل تعرف بالقلعة. وهي القلعة التي

أنشأها الشيخ خليفة رئيس البو محمد عام 1265هـ ونفوسها اليوم 1330 نسمة. وقرية المجر الكبير تبعد عن شرقي العمارة 19 ميلاً أيضاً وأسسها الشيخ صهيود أحد رؤساء البو محمد عام 1293هـ وقيل أن سبب تسميتها بهذا الاسم يرجع إلى وقوعها على النهر المسمى باسمها والذي (يجر) الماء بكثرة من دجلة ونفوسها الآن 2657 نسمة. أما قرية المجر الصغير فتبعد عن غربي العمارة 14 ميلاً وهي أقل عمراناً واضعف شأناً من قرية المجر الكبير وواقعة على ضفة النهر المسمى باسمها وقد أنشأها رئيس الأزيرق الشيخ سلمان عام 1295 وتقدر نفوسها بألف نسمة. وأما قرية كميت فقد سميت بهذا الاسم لوقوعها على النهر المسمى باسمها وهي تبعد عن شمالي العمارة 29 ميلاً وأنشأها الشيخ حطاب أحد رؤساء البو دراج وذلك في سنة 1295 وفيها من النفوس زهاء 1730. أما ناحية المشرح فمركزها (الحلفاية) وهي قرية على (المشرح) من الجهة اليسرى وتبعد عن العمارة 20 ميلاً وفيها زهاء 1860 نسمة. 4 - قضاء قلعة صالح (صالح) أحد أصحاب الرتب الذين تولوا قيادة عسكر (الهايتة) وأنشأت الحكومة العثمانية فرقته عام 1270 وكانت رتبته (دلي باش) وهو في الأصل زعيم من زعماء البو محمد شيد بعد إنشاء العمارة بخمس سنوات قلعة نسبت إليه فقالوا (قلعة صالح) وهي مركز القضاء المسمى باسمها وكانت تسمى في زمن الأتراك شطرة العمارة تميزاً لها من شطرة المنتفق ثم سميت بقلعة صالح تميزاً من قلعة سكر الواقعة في لواء المنتفق. ونفوس (قلعة صالح) اليوم حسب الإحصاء الأخير 3045 نسمة وهي تقع على بعد 28 ميلاً من جنوبي (العمارة) وقائمة على ضفة دجلة اليسرى. هواؤها نقي وماؤها نمير وأراضيها خصبة ويربطها بالجانب الأيمن من دجلة جسر سيار وفيها بعض الدور العامرة والقصور الأنيقة الواقعة على ساحل النهر كما أن فيها جملة مبان فخمة للحومة وهي قائمة على أنقاض بلد المذار الشهيرة في التأريخ في وسط البطائح المعروفة. وكانت قبل هذا خاضعة لسلطان المنتفق يدير شؤونها آل سعدون ثم تنازلوا عن ذلك

لحكومة بغداد فكانت قضاءاً مستقلاً مرتبطاً بلواء العمارة وليس لهذا القضاء أية ناحية وإنما يتقوم من مركزه فقط وهو مرجع العشائر والمزارعين. 5 - قضاء علي الغربي بين العمارة والكوت قبران في قريتين مختلفتين يحترمهما أبناء الشيعة لنسبة الأول إلى (علي) أحد أحفاد الإمام موسى بن جعفر (ع) - على ما يرى - وهو قائم على دجلة من الجهة اليمنى. ولنسبة الأخر إلى (علي الشجري) من أحفاد الحسن بن علي (ع) وهو قائم على جهة دجلة اليسرى في محل يبعد عن القبر الأول 32 ميلاً. وقد صحف الأهلون (علي الشجري) فقالوا (علي الشرجي) وكان نعمة بن عرار أحد شيوخ بني لأم شاد عام 1281هـ بقرية قرب القبر الأول سماها (القلعة) إلا أن سكان هذه القرية استبدلوا هذا الاسم ب (علي الغربي) لوقوعها في غرب (علي الشرجي وهو لفظ العامة لكلمة الشرقي) تميزاً لها عن تلك. وهذه القرية هي اليوم مركز القضاء المسمى باسمها. نفوسها 2300 نسمة وتبعد عن العمارة 72 ميلاً وليس فيها عمران يذكر إذا استثنينا من ذلك دار قائم المقام والمدرسة الأميرية. ولها سوق حقيرة للغاية ومعظم بيوتها مبنية باللبن وينعطف دجلة عندها انعطافا واسعاً يقرب إليه جبال بشت كوه حيث تكون على بعد 11 ميلاً منها. وعلى بعد ميلاً منها تقع آبار النفط داخل الحدود الإيرانية المسماة ب (دهلران) وهذه الآبار كانت منذ خمس سنوات في يد شركة إنكليزية حسب الأصول وقد تركت هذه الشركة أمالها منذ مدة على أثر استيلاء الحكومة الإيرانية على أيالة لورستان. وليس للقضاء ناحية وإنما ترتبط قرية يديرها رئيس بلدية يقوم مقام المدير على نمط القرى الملحقة بالعمارة التي مر ذكرها، وهذه القرية هي (الشيخ سعد) وقد أسسها سعد بن يوسف أحد رؤساء بني لأم عام 1288 هـ وهي تقع في منتصف طريق (الكوت إلى علي الغربي) وتقدر نفوسها بألف نسمة أما مبانيها فمناسبة أهميتها وموقعها. 6 - المعارف في اللواء نصيف لواء العمارة من المعارف في العراق أحسن بكثير من نصيب بقية

الألوية منه إذ لا تخلو قرية من قراره أو قضاء من اقضيته من مدرسة للحكومة أيا كان عدد صفوفها. ففي مركز اللواء ثلاث مدارس للذكر ورابعة للإناث وخامسة ثانوية هذا عدا مدرستين أهليتين إحداهما إسرائيلية والثانية إسلامية ومجموع مدارس الحكومة في هذا اللواء 13 فإذا أضفنا إليه المدرستين الأهليتين كانت مدارس اللواء 15 وهو قدر لا تتمتع بمثله بقية الألوية لو قايسنا عدد النفوس فيها بعدد نفوس اللواء وهذا يدل على عظم مستقبل لواء العمارة العلمي كما هو ممتاز عن بقية الألوية بعظمته الزراعية وطيب هوائه. 7 - مياه اللواء يتشعب من ضفة دجلة اليمنى على مسافة خمسة أميال من العمارة (بين العمارة وقرية كميت) نهر عظيم تقوم على ضفتيه مزارع جسيمة يقال له البتيرة (بالتصغير) فهذا النهر ينقسم إلى قسمين مهمين يرويان المقاطعات الجسيمة القائمة على ضفافها. يمر القسم الأول بالأراضي (المجر الكبير) حيث تصب مياهه في هور الكباب بمقاطعة الشيخ مجيد الخليفة وتسقي مياه القسم الثاني مقاطعة الشيخ حمدان السكر ثم تصب في هور العبد الذي هو الحد الفاصل بين لواء العمارة ولواء المنتفق. ثم أن دجلة بوصوله إلى العمارة ينقسم إلى قسمين يتجه أحدهما نحو الجنوب فيختلط بالفرات عند (القرنة) حيث يتكون (شط العرب). ويجري الثاني نحو الشرق ويقال له نهر الكحلاء لجريانه في نهر قديم كان يعرف بهذا الاسم ومنه تتفرع عدة شعب تنتهي مياه جميعها في القسم الجنوبي من دجلة، وأهم هذه الشعبات نهر المشرح (بتشديد الراء وفتحه) القائمة عليه ناحية المشرح المعروفة بأرض السواعد وقد سمي بهذا الاسم لأنه مشرح تشريحاً أي متشعب تشعباً من دجلة وتصب مياهه في هور أم السجيان ومنه إلى هور أم طفر حيث يصب نهر الكحلاء وكلا النهرين (الكحلاء والمشرح) قديم. أما أصل دجلة التي يتجه نحو الجنوب ويختلط بنهر الفرات فيتشعب منه شعب عظيمة أهمها شعبة المجر الصغير التي تسمى (الطبر) أيضاً ثم شعبة المجر الكبير وتليهما شعبة المكرية. وعلى كل من هذه الشعبات مزارع عظيمة ومضخات

كثيرة ويكفينا أن نقول أن في لواء العمارة أكثر من مائة مضخة. 8 - عشائر اللواء في لواء العمارة أكثر من 125. 000 نسمة من العشائر شأنها الزراعة بوجه واسع كما هو الحال في بقية الألوية العراقية: وأهم القبائل القاطنة في هذا اللواء: بنو لام والبو محمد والبو دراج وآل أزيرق والسودان والسواعد. (فعشائر بني لام) يسكنون القسم الشمالي من اللواء على ضفتي دجلة وهم محادون أحياناً لجبال بشت كوه الإيرانية التي يرعون فيها أغنامهم لجودة المرعى هناك، و (البو محمد) يقطنون في الجهة الجنوبية من قرية مسيعيدة حتى قضاء قلعة صالح ويحادون في الضفة اليمنى من دجلة لواء البصرة ولواء المنتفق ولهم عدة شيوخ كشيوخ عشائر بني لام. و (البو دراج) يرون على الضفة اليمنى من دجلة فقط في ضواحي قرية كميت. و (آل أزيرق) ينزلون على ضفتي (المجر الصغير). والسودان يسكنون على ضفتي نهر البحاثة المتشعب من نهر الكحلاء. والسواعد يحلون في الجهة الشرقية من مركز اللواء من حدود ناحية المشرح حتى حدود قرية المسيعيدة. والمشيخة في لواء العمارة لا تنال عن شرف أو رفعة أو جاه أو صولة بل خاضعة لملتزمي المقاطعات في اللواء. فكل من التزم مقاطعة هناك خضع له الفلاحون بحكم وظيفته وسيطرته المالية فإذا انتهى أجل التزامه ولم يجدده، أنفصل عنه جميع أتباعه. 9 - نتائج اللواء أهم الحاصلات في هذا اللواء الأرز إذ يقدر النتاج فيه بنحو مائة مليون أقة ثم يلي ذلك الحنطة والشعير فالسمسم فالذرة فالماش فسائر أنواع الحبوب ومن صادراته التي لا يستهان بقدرها السمن والصوف والجلود والطيور المائية. وتختص عشائر بني لام فيه بنسج البسط الوطنية الفاخرة وتجبي الحكومة من جميع الحاصلات الزراعية نحو 27 لكا من الربيات أما مجموع حصتها من جميع الحاصلات والضرائب والرسوم فهو (3. 089. 725) رببة حسب الإحصاء العام المنصرم. وفي اللواء قدر صالح من النخيل والشجار المثمرة والخضروات التي تصدر إلى الأنحاء المجاورة. السيد عبد الرزاق الحسني

اليحمور واليامور

اليحمور واليامور في جزء مضى من هذه المجلة بحث لغوي دقيق للأستاذ عبد الله مخلص أورد فيه ما جاء عن اليامور في كتب اللغة وغيرها وعقب صاحب المجلة على هذا البحث ما وصل إليه تتبعه بوجه الاختصار وقال لعل بين القراء من يفيدنا أكثر من هذا فرأيت أن أطرح على القراء شيئاً مما وصلت إليه من البحث في اليامور واليحمور. قال الأب انستاس: (اختلف العلماء في حقيقة هذا الحيوان اختلاف أبناء الغرب فيه والمشهور أن اليامور حيوان سماه اليونان مونوكيرس) فقول الأب أن علماء الغرب اختلفوا في المونوكيرس (أي الوحيد القرن) صحيح لكن لم يقل أحد في ما أعلم أن اليامور هو المونوكيرس وإنما قال بعضهم أن اليامور واليحمور واحد وهو حيوان من المجترات كما سيجيء قال لين في مادة حمر: يحمور حمار: بقر الوحش بقر:) - أحمر. وترجمته: اليحمور حمار الوحش أنظر حمار (الصحاح والمغرب والقاموس) ودابة من دواب البر (المغرب) (أي أوركس. . . وهو الاسم الذي يعرف به الأوركس في غالب الأحيان وهو كذلك بالعبرية. راجع بقر الوحش في مادة بقر) ودابة (القاموس والتاج) تشبه العنز (التاج) وطائر (القاموس) أنظر أيضاً أحمر. وقال في مادة أمر: يأمور: تأمور

- يحمور وترجمته: اليامور (المحكم والقاموس) كما في سائر النسخ والذي في اللسان وغيره من الأمهات (التاج) ودابة من دواب البحر وقيل دويبة (المحكم) أو جنس من الأوعال (المحكم والقاموس) أو دابة من دواب البر (القاموس والتاج) لها قرن واحد متشعب في وسط رأسه (المحكم والتاج) أنظر يحمور وهو الأوركس. وفي التاج مادة حمر: (واليحمور الأحمر ودابة تشبه العنز. واليحمور طائر عن أبن دريد وقيل هو حمار الوحش). وفي التاج مادة يمر: اليامور بغير همز الخ. على ما أورده حضرة الأستاذ عبد الله مخلص. كذلك في التاج مادة أمر: (واليامور بالياء المثناة التحتية كما في سائر النسخ ومثله في التكملة عن الليث والذي في اللسان وغيره من الأمهات بالمثناة الفوقية كنظائرها السابقة والأول الصواب دابة برية لها قرن واحد متشعب في وسط رأسه قال الليث يجري على من قتله الحرم والإحرام إذا صيد الحكم انتهى وقيل هو من دواب البحر أو جنس من الأوعال وهو قول الجاحظ ذكره في باب الأوعال الجبلية والأيايل والأروى وهو أسم لجنس منها بوزن اليعمور). وفي اللسان مادة أمر: (والتامور من دواب البحر وقيل هي دويبة والتامور جنس من الأوعال أو شبيه بها له قرن واحد نتشعب في وسط رأسه) أهـ. قول أبن مكرم والصواب ما ذكره الزبيدي أي أنه اليامور بالمثناة التحتية وعسى أن ينبه إلى ذلك الذين تولوا إعادة طبع اللسان. وفي اللسان مادة يمر: اليامور بغير همز الخ. على ما أورده الأستاذ عبد الله مخلص. وفي حياة الحيوان: (اليحمور دابة وحشية نافرة لها قرنان طويلان

كأنهما منشاران ينشر بهما الشجر فإذا عطش وورد الفرات يجد الشجر ملتفة فينشرها بهما وقيل أنه اليامور نفسه وقرونه كقرون الأيل يلقيها في كل سنة وهي صامتة لا تجويف فيها ولونه إلى الحمرة وهو أسرع من الأيل وقال الجوهري اليحمور حمار الوحش). وفي حياة الحيوان وقد أورده الأستاذ ولا بأس من أعادته للمقابلة بين ما ذكره الدميري عن اليحمور وما ذكره عن اليامور قال الدميري في اليامور: (قال أبن سيدة هو جنس من الأوعال أو شبيه به له قرن واحد متشعب في وسط رأسه وقال غيره أنه الذكر من الأيل له قرنان كالمنشارين أكثر أحواله تشبه أحوال البقر الوحشي يأوي إلى المواضع التي انتفت أشجارها وإذا شرب الماء ظهر بنشاط فيعدو ويلعب بين الأشجار وربما ينشب قرناه في شعب الأشجار فلا يقدر على خلاصهما فيصيح والناس إذا سمعوا صياحه ذهبوا إليه وصادوه). وفي عجائب المخلوقات للقزويني: (اليامور حيوان وحشي نفور له قرنان كالمنشارين أكثر أحواله تشبه أحوال بقر الوحش يأوي إلى الدوحات التي التفت أشجارها وإذا شرب الماء ظهر به النشاط يعدو ويثب على الأشجار وربما تشعب قرناه بشعب الأغصان ولا يقدر على استخلاصهما فيصيح والناس إذا سمعوا صياحه ذهبوا إليه فيصيدوه). وفي حياة الحيوان البقر الوحشي أربعة أصناف المها والأيل واليحمور والثيتل). وفي لين مادة بقر: البقر الوحشي أربعة أصناف المها والأيل واليحمور أو اليامور والثيتل يضاف إليها الوعل (عن ده ساسي عن الدميري والقزويني). وفي دوزي مادة يمر اليامور هو اليحمور (عن باين سمث وبر علي). وجاء ذكر اليحمور بلفظة هذا في آيتين من الكتاب المقدس فالآية الأولى على ما جاء في الترجمة الأميركية (والأيل والظبي واليحمور والوعل والرئم

والثيتل والمهاة) وفي الترجمة اليسوعية مثلها ما عدا المهاة فهي الزرافة في الترجمة اليسوعية (تت 14: 5) والآية الثانية في كلتا الترجمتين (الأيائل والظباء واليحامير) (سفر الملوك الأول 4: 23 وفي الطبعة اليسوعية سفر الملوك الثالث) واللفظة التي هي اليحمور بالعربية هي كذلك بالعبرانية ومعناها أحمر في اللغتين. فيتضح مما تقدم وما أورده الأستاذ عبد الله مخلص: 1 - أن الفيروز أبادي خلط بين الإبل والأيل أو أن الذين نسخوا كتابه فعلوا ذلك وأن اليامور من دواب البر لا من دواب البحر كما بين الأستاذ المحقق كذلك صاحب اللسان فأنه أخطأ في قوله التامور بالمثناة الفوقية وهو اليامور بالمثناة التحتية كما ذكر الزبيدي. 2 - أن اليامور واليحمور واحد وأن معنى اليحمور بالعبرانية والعربية الأحمر (كتب اللغة ومعلمة التوراة). 3 - أن اليحمور أو اليامور من الأيايل لا من الأوعال. 4 - قولهم طائر بعيد وقولهم حمار الوحش لا دليل عليه سوى المشابهة في اللفظ. كذلك قولهم أن له قرناً واحداً فأنهم وهموا فيه كما وهم أرسطو في الأوركس. 5 - أن اليحمور أو اليامور من الحيوانات التي يحل لبني إسرائيل أكلها أي أنه من المجترات المشقوقة الظلف وعليه فلا يمكن أن يكون المونوكيرس سواء أكان هذا الحيوان خرافياً أم حقيقياً ولا الأوركس كما قال لين فهذا ليس فيه شيء من الحمرة بل هو مشهور ببياضة وليس قرناه متشعبين ومصمتين بل طويلين وأجوفين كقرون البقر لأنه منها لا من الأيايل. ثم أن الأماكن التي نزلها بنو إسرائيل أو التي جاوروها ليس فيها من الأيايل إلا نوعان هما أو بالفرنسية وبالإنكليزية والثاني أو واسمه بالفرنسية وبالإنكليزية وهو أصغر من الأول ولونه إلى الحمرة واسمه واحد بالعربية

والعبرانية وقد قضى أحبار اليهود والنصارى عمرهم في تحقيق أسماء الحيوانات التي وردت في آية التثنية التي أشرت ويكاد يكون إجماعهم على تحقيقها كما ذكرت ولا عبرة بترجمات التوراة العديدة بل العبرة بالألفاظ العبرانية والأسماء العلمية لهذه الحيوانات. انظر المواد الآتية في معلمة التوراة. وقد ذكرت الاسم العلمي وما يقابله بالإنكليزية والفرنسية في مقالتي التي أشار إليها الأب العلامة إلا أنه على ما يظهر سقطت لفظة من عبارة الأب سهواً فأني قلت ولم أقل فقط وأن كانت هذه الكلمة تأتي بمعنى اليحمور وبمعان أخرى ولذلك اقتصرت على لأنها أصح ولأنها لا تؤدي إلى هذا المعنى بخلاف فأنها تأتي بمعان كثيرة كما تقدم. ثم أني لم أقل أن اليامور هو كذلك في السريانية والعبرانية بل قلت اليحمور فقط نقلاً عن معلمة التوراة لأني أجهل هاتين اللغتين. أما الحيوانات الأخرى كالأوركس والمونوكيرس البري والبحري والأيل والوعل والرئم فقد سبق البحث عنهما في المجلد الرابع والثلاثين من المقتطف. أمين المعلوف (لغة العرب) ما من أحد يجهل مقام حضرة الزعيم أمين بك المعلوف فإن تحقيقه وتدقيقه في المصطلحات العلمية أشهر من أن يذكر ولا سيما تحقيقه لأوضاع علم الحيوان. وبعد أن نشر في المقتطف مباحثه في هذا الباب أخذنا عنه أصحاب المعاجم الأجنبية العربية ودونوها من غير أن يشيروا إلى فضله. ونخص بالذكر (القاموس العصري) الذي نقل عنه أغلب تلك المسميات ثم وضع في بعض الأحيان بجانبها أسماء أخرى مما دل على أن ناقلها حاطب ليل إذ لم يعتبر درجة علم الزعيم حق اعتباره حتى ساواه بمن لا خبرة له ولا فهم. ومن بعد هذه المقدمة الضرورية لمن يجهل منزلة صديقنا الثقة نستأذنه في أن نبدي رأينا أن كان يسمح لنا فنقول: أن جميع العلماء لم يتفقوا على أن اليحمور أو اليامور هو المسمى بلغة العلم إذ هناك من ذهب إلى رأي آخر قائلاً أنه المسمى بلسان العلماء وبالفرنسية

ونقلت الكلمة العبرية والعربية في الترجمة الإسكندرية بصورة وكذا في النسخة العامية المسماة باللاتينية (فلغاته) والترجمة الإسكندرية من أقدم النقول اليونانية إذ خطت في المائة الخامسة ومحفوظة في دار التحف البريطانية. ونقلت كذلك في الترجمة السبعينية التي هي أقدم نقل وجد على وجه الأرض لأن غلاة النقدة يأبون أن يرقوها إلى ما قبل المائة الثانية قبل الميلاد وأن كان ثم أدلة متضافرة على أنها نقلت قبل ذلك العهد. فهذه التراجم كلها تنص على أن اليحمور هو المسمى باليونانية والرومية بوبالس. وما عدا هذه الثقات التي ذكرناها نرى جماعة من كبار الباحثين يقولون بذلك منهم بورشارت - 1793. 284 وروبرتسن - 1680 219 وولكنصن - 2 90 إلى غيرهم. واليحمور من المجترات من جنس المها ويشبه الأيل كل الشبه إلا أن قرنيه ثابتان يغشاهما غلاف قرني كغلاف قرن البقر وقرناه محلقان وأعوجان وطرفاهما إلى الوراء ويعيش اليحمور جماعات وكان كثير الوجود في سابق العهد وكان يرى في صحاري شمالي أفريقية وجنوبي البحر الميت وكان الأقدمون من المصريين يطاردونه لحسن ذوق لحمه وهذا ما سبب انقراضه أو يكاد ولهذا كان لحمه من جملة أطعمة سليمان الحكيم،. واليحمور (أو البونالنس) غير الجاموس الذي أسمه العلمي بوس بوبالس أو بوبالس فيرس أو أما المسمى بالفرنسية أو بالإنكليزية فهو الثيتل. أما أن عرب السودان يسمون البونالس (أي اليحمور) ثيتلا فهذا ناشئ من التوسع في معنى الكلمة الواحدة العربية باختلاف الديار والأصقاع والقبائل. إلا نرى أهل الشام يسمون الخوخ أجاصا مع أن الخوخ غير الأجاص إلى غير ذلك من أسماء النبات والحيوان والسمك والحجارة الكريمة فأن الناطقين بالضاد لم يتفقوا على توحيد الأسماء وهو ظاهر من تتبع الأوضاع واحداً فواحداً.

بيت عراقي قديم

صفحة من تاريخ أسر بغداد بيت عراقي قديم آل نظمي 2 - شمسي البغدادي إن أهم الوقائع السالفة والحوادث الماضية - بالنظر إلينا - ما كان لها علاقة بنا واتصال برجالنا الحاضرين وعلميتنا وتاريخنا وهذه مما تتشوق إليها النفوس وترغب في الإطلاع عليها لتكون أرسخ في الذهن والميل إلى مطالعتها أشد تقوية للأواصر بين أشخاص الماضي ورجال اليوم فكل منا يود معرفة ماضية ودرجة علاقته بالمحيط الذي عاش فيه. والوقوف على من خدمه وأتخذه وطنه. وهذا ما نطق به مترجمنا شمسي البغدادي في قطعة من شعره وسيأتي القول عنها. فإذا لم يبق من آثاره إلا القليل مما يمكن من الإطلاع عليه فأنه خلف ذرية صالحة مثل عهدي البغدادي ومن يليه من أولاده أولئك الذين هم خير أثر. راجعت الكثير من المجامع والتذاكر وكتب الرجال لعلي اطلع على ترجمة مفصلة عنه. حافلة فلم أظفر بما يبرد غلة أو يوضح مقدرة علمية وافية، أو أدبية كافية. وغاية ما عرفته أنه بغدادي معروف ومشتهر بشمسي البغدادي فكأنه نار على علم قد بين صاحب خلاصة الأثر في رجال القرن الحادي عشر عن (محمد أبن عبد الملك) أنه أخو شمسي البغدادي يريد أن يغني عن التعريف به أكثر وأنه أخذ العلم عنه. ولما كان المعول عليه في التراجم تدقيق النظر في الآثار دون الاكتفاء بما قيل إلا نرى من المؤسف أن لم يتأت إلا الحصول على النزر القليل ولم نجد بداً من أن نرجع إلى

ما يقصه أبنه عهدي بقلمه فيقول: (أنه من زمرة العلماء. كان يقضي أوقاته ليلاً ونهاراً في مطالعة الآثار المتداولة (الكتب) واختار العزلة فقنع بها، ولم يمل إلى ما مال إليه أبناء زمانه. وفي خلال ذلك قام بما يجب من خدمة لدوام السلطنة وعزتها ورفعتها ولم يبال بصروف الليالي. ولذا نظم ثلاثة دواوين من بحر المثنوي في إطراء السلطان (السلطان سليمان القانوني العثماني) والثناء عليه. وكل واحد منها مقبول لدى فضلاء الأوان وفصحاء الوقت. وكان ممن ملك أزمة البلاغة فأنقاد له البيان وصار يعد في مقدمة الأدباء الأفذاذ. وله قصائد فارسية كثيرة في نعت سيد الأنام (ص) وفي مناقب الأئمة الكرام (رض) درجها في ديوان ورتب ديوانا مقبولاً في الغزل لدى أهل العرفان (أدباء المتصرفة وعشاقهم). قال ذلك وأورد له أبنه عدة مطالع من قصائده الفارسية والتركية بياناً لدقته الأدبية في الوصف والغزل. أما التركية فأنها قديمة لا تصلح الآن للاستشهاد وأما الفارسية فمنها: منجم كر شمارد اختران دائم رقم كيرد أكر روى ترا بنيد حساب أزماه كم كيرد وكرحسن خطت راخوش نويسي در نظر أرد محالست أينكة ازحيرت دكرد ستش قلم كير إلى أن يقول: سيه جشمان بغداد بشمسي رهنمون كشتذ كه در ملك عرب سازه وطن ترك وعجم كيرد انتهى ومعناه أن المنجم أو الفلكي المنهمك بحساب النجوم والمتوغل في تعداها دائماً، لو رأى طلعتك لما تمكن من الحساب ولغط حتى في البدر وعدة ناقصاً، ولو أن الخطاط المتقن الخط شاهد عذار محياك لاستحال عليه أن يمسك بالقلم مما أصابه من حيرة وذهول إلى أن يقول: أن سود الحدق من البغداديين (يريد العرب الموصوفين بنجل العيون) اهتدوا بشمسي الذي أتخذ بلاد العرب

وطناً في حين أنه من الترك وصار يقتص العجم. والحاصل أن شمسي البغدادي أتخذ العراق وطناً له. والظاهر أنه لم يكن من أتراك الروم. وإنما هو من الأتراك الأصليين الذين سكنوا العراق قبل أن يكون في حوزة العثمانيين وقد توطنه كثيرون منهم. وفضل الرجل على كل حال إنما يتظاهر بقدر انتفاع الوطن منه. لذا حصلت الاستفادة من مواهب أرباب المواهب. والعرب هنا وفي الأقطار اضطروا الأقوام قسراً على معرفة آدابهم ولغتهم وحقائق دينهم. والكل ذو ارتباط باللغة العربية من نقطة تأثيرها على آداب اللغات الشرقية الأخرى. ومع هذا فالعراق العربي لم يقصر تحصيله على لغته العربية بل تعلم غالب أدبائه الأدب الفارسية التي هي واسطة التعارف بينه وبين حاكمية من فرس وترك واستطلاعا لمكنوناتها الأدبية وكذا الآداب التركية ولكن لم يكن ذلك بدرجة الآداب الفارسية.؟ وأن عهد دراستهما ليس ببعيد عنا فقد أدركنا أواخر أيامه وسمعنا عنه كثيراً. أولاً شمسي البغدادي وأقاربه وسائر المعاصرين له ولأبنه من العراقيين: 1 - عهدي البغدادي ابن شمسي البغدادي. وقد مر في مقال سبق. 2 - رضائي. الأخ الكبير لعهدي من الشعراء ولهما بعض المختارات. 3 - مرادي. - الصغير - من الشعراء ولهما بعض المختارات. 4 - رندي البغدادي. وهو أبن عم عهدي. نظمه مقبول خصوصاً في الغزل ولم يذكر في كلشن شعراء أسم والده. ومن تراجم هؤلاء يفهم أنهم زمرة علم وأدب ممتازة. ثم أن عهدي عدد جماعة من العراقيين ممن ذهبوا إلى الخارج وامتازوا بالعلم والآداب أو كانوا ممن توطن بغداد - كما أشير إلى ذلك - ولا أرى في نفسي حاجة إلى تفصيل القول عنهم وإنما أكتفي بتعداد أسمائهم مع بيان نتف يسيرة عنهم لئلا نخرج عن الموضوع وهم: 1 - داعي. بغدادي المولد وفي الأصل من الفرس من المدرسين ذكر في كشف الظنون له ديواناً.

2 - حقيقي بك. من الأمراء ولد ببغداد واسمه مصطفى وهو أبن عم عثمان بك ترك بغداد أيام خضر باشا سنة 963 لمنافرة حدثت بينه وبين الوالي وكان (قوللو أغاسي) وهو من أمراء الألوية. له شعر في الفارسية والتركية. 3 - فكري بك. ولد ببغداد وهو من البيكات الممتازين وأبن طويل سنان الذي كان في خدمة السلطان ثم صار والياً ببغداد. وله أشعار في اللغات الثلاث. 4 - سليمان أفندي. من العلماء. دخل في سلك الحكومة فقام بوظائف كثيرة ثم صار دفترياً ببغداد شاعر وأديب. 5 - أكري بك أبن قاتيمز بك. من بغداد وأصل نسبه من قره قويونلي. وهو أبن عم علي باشا والي بغداد، واسمه إبراهيم شاعر في اللغات الثلاث صاحب عهدي في الأستانة. 6 - محمد بك. من غلمان السلطان سليمان. عين دفتري تيمار أتخذ لقب (فيضي) عنواناً له. مشهور في النظم والنثر. 7 - أحمد الحريري من العلماء بغدادي وهو صوفي مشهور. 8 - أحمد ظريف، بغدادي، وفي الأصل ينتسب إلى العالم المشهور وهو المولي محمد الشيرازي العالم. 9 - أتشي، بغدادي. من أرباب الصناعة وهو شاعر. 10 - جوهري، بغدادي وهو سيد حسني شاعر أيضاً. 11 - أبن رفيق، من بندنيج دخل في السباة ببغداد وهو صوفي شاعر ذهب إلى بلاد الروم عدة مرات. 12 - حسيني من أعيان بغداد ومن عشاق المتصوفة. 13 - خادمي، بغدادي من محلة قنبر علي شاعر صوفي. 14 - ذهني جلبي. بغدادي اسمه عبد الدليل، شاعر اشتهر بالموسيقى. 15 - روحي البغدادي أشهر من قفا نبك شاعر معروف أسمه عثمان، رومي الأصل ومن مماليك أياسي باشا والي بغداد. ولد ببغداد وتزوج فيها ودخل في بلوك المتطوعين. توفي سنة 1014هـ! وديوانه مطبوع. 16 - ضائعي. بغدادي من أهل العلم. ثم مال إلى الشعر بكلية.

17 - طرزي من أهل دزرفول ورد بغداد بأمل السياحة ولكن طاب له الوطن فأقام، وهو صديق حميم لعهدي. ويعد من حلالي المشاكل في الآداب. 18 - فضول البغدادي وهو محمد بن سليمان. شاعر مشهور في الفارسي والتركي اشتهرت دواوينه. توفي بالطاعون سنة 963. قال في كشف الظنون توفي سنة 971. 19 - فصلي بن فضول. شاعر أيضاً. 20 - كلامي. كربلائي شاعر صوفي كان في الخانقاة في مشهد الحسين (رض) نزعت روحه إلى التطلع إلى العالم ومشاهدة الأقطار. وهو المعروف (بجهان دده) والظاهر أن آل الدده في كربلاء الآن من أولاده والخانقاة لا يزال في أيديهم. 21 - نادري. بغدادي الأصل سكن الموصل وهو شاعر أيضاً. 22 - محيطي أفندي. من القضاة ولد في جزيرة رودس. ودرس العلوم على بوستان زاده محمد جلبي الذي من الموالي العظام تولى النيابة في الشام وأدرنة والأستانة أمداً طويلاً. وقد تقلب في مناصب شرعية حتى صار قاضي الفيلق (أردوي همايون) وله وقوف على العلوم العربية وشعر لطيف وعين أبنه أحمد أفندي دفترياً في الغزل قدمها للحضرة وعلى كل حال شعره في الغزل معروف ومقطعاته جميلة ورقيقة. وله (فتح نامة) تتضمن وصف الحروب في الجبهة الشرقية. فكان رحمة الله تعالى ممن توطن بغداد. 23 - نصرتي. من الفرس توطن بغداد دار السلام مدة طويلة. وهو أبن أخت المولى الرازي الشيرازي. وكان يحفظ منتجات الشعر وخياره. 24 - وللهي البغدادي. ومن زمرة أرباب الأقلام وكان من أرباب المعارف والعلوم. وسعي للتحصيل وله شعر لطيف رقيق. هذا ما أمكن الإطلاع عليه من أحوال شمسي وأبنه عهدي وسائر أولاده وأبن أخيه كما ورد في كلشن شعراء. ومنه علمنا أحوال جماعة من البغداديين في العراق والخارج.

محمد بن عبد الملك البغدادي في كلشن شعراء لم يرد ذكر لعم عهدي البغدادي وهو محمد بن عبد الملك مع أنه درس على أخيه شمسي البغدادي وهذا ملخص ترجمته نقلاً عن خلاصة الأثر: (هو محمد بن عبد الملك البغدادي الحنفي، نزيل دمشق الشام، الشيخ الإمام المحقق. كان من كبار العلماء خصوصاً في المعقولات كالإلهيات والطبيعيات والرياضيات. وهو من جماعة علامة زمانه منلا مصلح الدين اللاري. قيل أخذ عن أخيه شمسي البغدادي. وكان في الأصول والفقه علامة. وله اليد الطولى في الكلام والمنطق والبيان والعربية. قدم دمشق سنة 977 وحضر دروس البدر الغزي ولازم أبا الفداء إسماعيل النابلسي، وقرأ فقه الشافعي على الشهاب العيثاوي ثم تحنف وولي وظائف وتدريس منها المدرسة الدرويشية وبقعة في الجامع الأموي وتولى تصدير حديث بالجامع المذكور. وكان له من صندوق السلطنة في كل يوم ما يزيد على أربعين عثمانياً وتولى مشيخة الجامع فسمى شيخ الحرم الأموي، وتولى تولية الدرويشية وعظم أمره وتردد إلى القضاء. وشمخ بأنفه حين رجع الناس إليه. وكان يحضر دروسه أفاضل الوقت، ودروس التفسير بالجامع. وكانت في لسانه لكنة عظيمة حتى أنه كان لا يفصح عن كلامه أبداً. وشاع ذكره في الأقطار الشامية. توفي ليلة الاثنين في العشرين من شعبان لسنة 1016 وقد احتال القاضي والنائب هناك لسلب أمواله استفادة من غياب أقاربه عنه. ثم جاء بعد مدة أبن عم له من بغداد إلى دمشق فصالحه النائب على شيء من المال ثم ذهب فشكاه إلى الوزير نصوح باشا. وكان الوزير المذكور راس العساكر إذ ذاك يحلب فوردت الأوامر بطلب النائب بسبب ذلك إلى حلب) انتهى ملخصاً. ولا يعرف له أبن عم في رجال كلشن شعراً في حين أن له بني أخوة وهم عهدي وأخوته. وعلى كل يظهر من ترجمته هذه أنه رجل عظيم لا يقل عن شمسي وعهدي وأن كان لم يعرف له تأليف. فخدمته للتدريس والإرشاد غير قليلة. فهو ممن أنجبه العراق وأن استفادت منه دمشق. المنفعة حاصلة منه على كل حال. وليس هذا أول من رباه العراق واقتطف ثمرته قطر آخر.

وبعد ذلك يسدل الستار عن أولاد شمسي وأحفاده وسائر أقاربه ويظهر للوجود نظمي وهو أبن بنت عهدي والوارث لآداب أجداده لأمه. وسيأتي الكلام عليه فيما يأتي، ومن الله المعونة. ملحوظات عن المقال السابق 1 - أن ما نبهت لغة العرب من أن عهدي قدم إلى الأستانة سنة 920هـ نقلاً عن كشف الظنون طبعة أوربة غير صحيح فأن الكشف مخطئ في روايته. وقد ذكرت نقلاً عن التذكرة أنه سافر إلى بلاد الروم سنة 960 وقد أخذت هذا القول من الصحيفة الثامنة من الكتاب المذكور ونصه: (لا يخفى على أرباب الصفا وأهل الصدق. . . أن هذا العبد الفقير. . . عهدي بن شمسي البغدادي عزم إلى بلاد الروم في سنة ستين وتسعمائة) أهـ. فاقتضى الإشارة إلى ذلك لئلا يعول على كشف الظنون طبعة أوربة في هذا الموضوع. 2 - من المؤسف أن القلم سها في السطر السادس من الصحيفة 119 فبين أن عبد الله بك أبن عبد الله جلبي والصحيح محمد بك بن عبد الله جلبي. بغداد: المحامي: عباس العزاوي النهوة عادة معروفة عند أعراب العراق يمنع بها أحد الأقارب إحدى البنات من التزويج برجل من الرجال لصلته بها أو الحق له عليها أو لأن المانع يريد أن يتزوجها متى تتهيأ له الأمور. وإذا خالفت البنت أمر ناهيها فقد تجيز له العادة المتبعة أن يقتلها. وقد وقع عدة حوادث تبين أن هذه العادة الممقوتة جارية إلى اليوم عند بعض القبائل. فقد حدثت أن في الأسبوع الأول من فبراير (شباط) هجم حسن أبن مارد من سكان قرية الهويدر (في شمالي بغداد) وطعن بخنجره الابنة فطومة سلمان في دارها في محلة الفلاحات (في بغداد) وكانت الطعنات متعددة في صدرها وظهرها ومواطن أخرى من جسمها وهي تستغيث فلم يغثها أحد. وقد اتفقت الحكومة مع بعض الشيوخ ورؤساء القرى لإلغاء هذه العادة الممقوتة فألغيت في متصرفية كربلاء والحلة والديوانية والمنتفق والدليم وديالى والكوت. أما في المناطق العربية الكردية فلم تتحكم فيها هذه العادة. وأما في الموصل فان متصرفها الجليل جاد في القضاء عليها.

العربية مفتاح اللغات

العربية مفتاح اللغات 2 - سخافة أراء المعترض أول شيء يلاحظه القارئ في رد حضرة الأستاذ الدكتور الباكوري جهله المركب في ما تعرض له فقد قال في مجلة الكلية 16: 5: (أن هذا الأسلوب المبتكر (أسلوب رد اللفظية اليونانية أو اللاتينية الثنائية الهجاء بعد حذف الكاسعة من آخرها) مع بساطته لا يقدر على تطبيقه إلا من اكتشفه. فقد حاولت أن أطبقه بنفسي فلم أفلح. وقد جربته في عدة كلمات يونانية ولاتينية ك وألوف غيرها فلم أهتد إلى ما يقابلها في العربية. . .) إلى آخر ما قال. وهو يدل على جهل غريب مطبق لأن الكلم اليونانية ذات الهجاء والهجاءين لا تبلغ الألف. وكذا قل عن اللاتينية فأنها لا تجاوز الستمائة: فكيف قال: (وألوف غيرها)؟ فأن كان واقفاً على اللغتين فكيف كبا هذه الكبوة الفظيعة؟ وفي أي سفر رأى أن الكلم التي يدور عليها البحث تبلغ الألوف؟ وأن كان غير واقف عليهما فكيف جاز له أن يتعرض لأمر يجهله؟ ذلك أمر لا يقدم عليه إلا المتهورون. أما عدم تمكنه من إرجاع الألفاظ الثنائية الهجاء إلى ما يجانسها في لغتنا أو في اللغات الأخوات فهذا غير راجع إلى قصور في القاعدة. وإجابة لطلبه نذكر له الألفاظ العربية المقابلة للكلمات التي ذكرها. وأول ما ننبهه عليه وننبه كل من كان على شاكلته أن يعلم أن لا حاجة إلى أن تكون الكلمة في لغتنا بمبناها اللاتيني أو اليوناني وبمعناها بل حسبنا أن يكون هناك مشابهة في المبنى والمعنى، كما أتفق عليه فقهاء اللغة، وكما ذكره الأستاذ نفسه في إيراده الألفاظ التي استشهدها. فإذا علم ذلك نقول: كلمة يونانية معناها الحاذق والفطن والحكيم والمهذب والمحتال وهي تجانس العربية (صفي) ولا يكون حاذقاً أو فطناً أو حكيماً أو مهذباً إلا

من صنف أفكاره أو أخلاقه. ونحن نكتبها هو الأب في اليونانية وفي اللاتينية وهو يوافق (الفاطر) في العربية. لأن الناس في جهلهم ينسون خلق الولد إلى أبيه فهو عندهم فاطره. أما العقلاء فيعرفون أن الوالد ليس إلا وسيلة للخلق فالوالد و (الفاطر) بمعنى واحد. (ونحن نكتبها بالحروف الإفرنجية هي باليونانية كاللاتينية ومعناها الأم فهي (مدر) أي ذات لبن من أدر. ولا تكون الأنثى ذات لبن إلا من بعد أن تلد. وهنا لا نعتبر الشواذ أو النوادر وهي بالفارسية مادر وبعضهم يقول مدر (كسبب). يونانية معناها الكلام. وفي لساننا يقابلها (لغة). يونانية من أصل سامي ويريدون بها زمن رجوع القمر إلى خسوفه وبالعربية (الساهور) تعني دارة القمر والقمر وكالغلاف للقمر يدخل فيه إذا خسف (اللغويون) ولا جرم أن الكلمة في أصل معناها ما نقلناه عن لغويينا وهي في الأصل آشورية من (سار) أي حلقة ودائرة والمدة المحدودة. رومية معناها اللسان وتلك من هذه. لأن اللغوي الألماني ولدى يقول أن اللسان يسمى بالليتاوية ويعتبرها من اللاتينية المذكورة. قلنا: واللفظة الليتاوية تشبه العربية. وهي أقرب إلى هذه من تلك إليها. رومية معناها العقدة وكل مرتفع عما جاوره وهو من (الهند) بمعنى الشيء المرتفع والثدي لأنه كالعقدة في نظر الرائي. رومية معناها أراد وأحب وهي من ولي فلان فلاناً أي أحبه. رومية معناها العقل، وهي مشتقة من (المنع) لأن العقل يمنع صاحبه عما لا ينبغي. ولهذا السبب سماه السلف أيضاً الحجر (بكسر الأول) لأنه يحجر صاحبه عن المخطوطات. كما قال بعضهم أن (العقل) سمي عقلاً لأنه يعقل صاحبه عما لا ينبغي.

فقد رأيت أن العربية والعربية وحدها تفك رموز تلك الألفاظ وتجلي معانيها، وإذا راجعت الدواوين اللغوية الإفرنجية التي تحلل الكلم إلى أصولها وجدتها لا ترضيك بخلاف لغتنا فأنها وحدها ترضيك وتشفي علتك وتروي غلتك، وهكذا ترجع المئات من الألفاظ الرومية واليونانية إلى أصول عربية، أو إلى أصول سامية. فأين بقيت اعتراضاتك وتهويلاتك وتطبيلاتك وطرمذاتك يا حضرة الأستاذ الباكوي؟. وأما قولك بعد ذلك: (فقلت وقتئذ في نفسي لعلها تصدق - على الأقل - (كذا. وهو ليس من التعبير (العربي) في شيء إنما يقال مثلاً: على أقل تقدير أو أن يقال: فلا أقل من أنها تصدق على. . .) على تلك المفردات التي أوردها صاحب المقالة وبني عليها (نظريته الجريئة) لكني بعد التأمل والمطالعة رأيتها لا تصدق حتى على ذلك (كذا ولعله يريد أن يقول: لا تصدق على شيء حتى على ذلك) (الوشل) الذي اقتصر على ذكره صاحب المقالة. . .) (ص 5). ثم أخذ يفند على طريقته ما ظن أنه أصاب المرمى في ما ثرثر به. فلنتصفح تلك الآراء وأن شئت فقل لنتدبر بحثه ذلك البحث (الذي لم ينتبه إليه أحد قبله لا من أبناء العرب ولا من أبناء الغرب) (عبارة الدكتور نفسه في ص 4). ينكر حضرته أن تكون حوى ومن أصل واحد وحجته أن أصلها (ص 6) قلنا: ولو فرضنا أن هذا القول صحيح وهو رأي بعض الباحثين من أهل اللغات الغربية فهذا ما يؤيد رأينا لا رأيه أو رأيهم لأسباب منها أن التي يظن أن منها مأخوذة اللاتينية معناها قبض على. . . لا حوى أو حصل. ثانياً نرى في مذهبه أو مذهبهم هذا حجة قوية أن الأصل عربي لا خلاف فيه، لأن الحاء العربية كثيراً ما نقلت إلى أحرف شتى من لغاتهم. فقد قالوا في حام (رجل) وحلي (مدينة) وحوح (نبت) بالعبرية وحومر (كيل) بالعبرية وحوشاي (علم) هكذا أي نقلت الحاء إلى ويقابلها باليونانية الحرف الثالث قبل الأخير أي - ونقلوا الحاء أيضاً إلى مثل راحة ومسطح ومنهم نقلها إلى مثل حيفا وحبل

ومنهم نقلها إلى وهي أشهر من أن تذكر ومنهم من أسقطها كما في حواء ونوح وبيت لحم وهي أيضاً مشهورة ومنهم من ينقلها إلى كما يفعل الأسبانيون فيقولون في الحبق والكحل والحجام والحاج والخبل أذن لم يبقى صعوبة في نقل الحاء إلى الأحرف فهل بعد هذا الإيضاح من يستطيع أن ينكر أن الكلمة اللاتينية هي من العربية هذا فضلاً عن وحدة المعنى بخلاف ما ذكره الباكوي نقلاً عن لغوي الإفرنج. ومما يدلك على أن رأيه فائل ذكره ألفاظاً عديدة وعدم تثبته في واحد منها. فقد قال: (أن الكلمة اللاتينية قريبة من حفن؟. أو قحف أو جحف (؟) وهي من أصل واحد يرجع إلى لغة واحدة كانت شائعة بين الأمم السامية والهندية الأوربية قبل أن تفترق وهو ما يرجحه اليوم علماء اللغة ولهم على ذلك أدلة لا تحصى. . .) انتهى كلامه - وهذا كله في منتهى الغرابة فأن من بعد أن أنكر أصلها العربي عاد فقال أنها تتصل بالسامية وما ذلك إلا لأنه لا يود أن تكون نسبة بين اللاتينية والعربية مع وضوح هذه القرابة لأن معنى اللفظتين واحد ويكاد يكون لفظهما واحداً. فأين بقي هذا الاعتراض البارد؟. وقال: (واعتراضنا الثاني على تعليل أو تأصيل الكلمة المذكورة هو أن الباء - أو ال أو ال أو ال في اللغات الأوربية لا تقابل الواو - العربية بل الباء أو الفاء مثال ذلك). . . أه. قلنا: نحن نكلمه بالعربية وهو يجيبنا بالروسية أو باليونانية. نحن قلنا أن (واو) حوى نقلت إلى الإفرنجية. وهو يقول لنا: أن الباء الإفرنجية أو. . . لا تقابل الواو العربية؟ أفيحق لهذا الرجل أن يدعي أنه يفهم العربية؟ ومع ذلك نجيب عن اعتراضه بشواهد لا يمكنه أن ينكرها، فنقول: أن شواهد نقل الواو إلى (الباء) ترى في العربية نفسها وهي أكثر من أن تحصى نحو نبه باسمه ونوه. الباشق والواشق. بكباكة ووكواكة البزمة والوزمة وما له حبربر ولا حورور إلى غيرها وهي لا تحصى. فإذا كان ذلك أيضاً نقل الألفاظ التي فيها واو عربية إلى باء ثم تنقل إلى الإفرنجية بالباء، هذا وليس

لنا حاجة إلى هذا التخريج في حين أننا نرى أن الإفرنج أنفسهم نقلوا إلى لغتهم في العصور المتوسطة كلما فيها واو إلى باء مثال ذلك، النواب والقوس والوصي فقد قالوا (فأنت ترى مما ذكر أن اكتشاف الأستاذ الباكوي بسيط جداً كسائر الاكتشافات العلمية التي بدلت وجه الأرض بل كسائر اكتشافاته اللغوية التي تكلمنا عنها). (كلام الأستاذ الدكتور (؟) في الآداب). ومما قاله في بحثه هذا الطافح بالعجائب والغرائب ما هذا نصه: (ثم هناك سبب آخر يرجح لدينا وجود قرابة بين وحفن أو جرف أو جحف (لله درك!) لا بينهما وبين (حوى) وهو أن كثيراً من الأفعال التي تنتهي بحرف (ب) أو يضارعه مشتقة من أسماء تدل على آلة ما أو شيء يشبه الآلة مثال ذلك. . . أهـ. (وهنا ذكر خمسة ألفاظ تنتهي بالباء شواهد على كلامه وأربعة تنتهي بالفاء). فنقول له: بمناسبة أي أمر ذكرت أن الكلم المنتهية بباء أو فاء تدل على الآلة أو شبهها في الوقت الذي نتكلم عن (حوى) ومشابهتها اللاتينية التي ذكرناها فهذا منتهى الخرف والهراء. (ولسوء الحظ أو لحسنه عدلت عن تتمة هذا البحث) (كلام الباكوي ص 4) بحث التمادي في ذكر الشواهد إذ اعتبرت (أبرة) من الكلم التي في آخرها (كذا) باء وأن الراء الكاسعة نبعت من آبار باكو النفطية واتصلت بها! فبارك الله فيك يا حضرة الدكتور المبدع (وفي تلك المفردات التي أوردتها وبنت عليها نظريتك الجريئة (كلام الخصم في ص 5) في أن حفن (ولعلها حقن) أو جرف (ولعلها خرف) أو حجف (ولعلها سخف) تتصل باللاتينية (أننا لو أردنا أن نفي بحق المقالة ونلم بجميع غرائبها وعجائبها لاحتجنا إلى عدة مقالات) (عبارة الأستاذ الدكتور في الآداب في ص 6). فيا حضرة اللغوي الذي لا يشق له غبار أن راء (أبرة) أصلية لا كاسعة والزائد هنا هو الهمزة التي في الأول. وتعلم ذلك من مقابلة أسماء الإبرة في اليونانية وغيرها فهي في الإغريقية فمادة الأولى (بل) وهي

تشبه مادة (بر) ومادة الثانية (رف) وهي مقلوب (فر) وتشبه (بر) واللفظة الأخيرة تشبه لغتنا رفأ الثوب ورفاه ولا يكون إلا بأن تتخذ إبرة ليصلح ما وقع فيه من الأذى في الخلل وللإغريق أسماء أخرى للإبر من كبيرة وصغيرة وفي أصولها ما في أصول الإبرة أي الباء والراء فكيف أن الراء زائدة. فلله در ثرثرتك ودكتوريتك!. وذكرت خمسة ألفاظ في آخرها باء واستنتجت منها أن الألفاظ المختومة بها تدل على الآلة أو على شبيه بالآلة، أفتجهل أن أسماء الآلات المنتهية بالراء هي أكثر من الآلات المنتهية بالباء؟ فنحن نذكر لك بعضاً منها: الإبرة، والحبير (البرد الموشى) والحبرة (وهي عقدة من الشجر تقطع وتخرط منها الآنية) والمحبرة والخبراء (المزادة العظيمة) والمعابير (خشب في السفينة يشد إليها الهوجل) والمعبر (ما عبر به النهر) والهبرة (خرزة يؤخذ بها الرجال). فهذه ثمانية ألفاظ ونحن لم نخرج فيها من إبدال الهمزة بحرف من حروف مبدلاتها فكيف لو استقرينا المواد المنتهية بالراء؟. فيا حضرة الدكتور (؟) بع بضاعتك هذه على أصحاب مجلة (الكلية) فتحوا أفواههم مبهورتين بعلمك الغزير المتدفق كالسيل الجارف حتى أنهم قالوا عنك (ص 162) والذي قرأ هذه المقالة النفيسة (؟) أدرك بلا ريب (!!!) مقدرة الأستاذ اللغوية (!!! لا تضحك أيها القارئ وكن رزينا) وعرف أن حضرته براء من هذه الهفوات (!). قلنا: نعم لعله براء من الهفوات لكنه غير براء من السقطات الهائلات المدويات ولذلك ننصح لك يا حضرة الدكتور أن لا تعرض بضاعتك على أبناء هذا العصر الذين لا يعسر عليهم تفلية أقوالك وأفكارك وتزييفها فتعود بالخزي والكبت. وذكرت لنا في ص 7 ألفاظاً وقلت لنا أنها في (السامية القديمة) وذكرت من ذلك: كتب - وقلت أنها في تلك السامية القديمة تعني المحفر المبذل. ولم نجد في دواويننا المبذل (التي كررتها أيضاً في ص 94) بمعنى المحفر إنما المبذل: الثوب الخلق، فأي صلة لهذا اللفظ بما تريدان تثبيته للسامية القديمة (؟) التي تعني المثقب والمقدح والمحفر؟ أفلعلك تريد المبزل (بالزاي)؟ فإذا كان كذلك، أفلا تعلمت كيف (تصور) الألفاظ حتى لا تجبرنا على أن نقبل عثراتك في كل كلمة ترسمها؟ أفتريد أن تجعل ردنا عليك أطول من يوم

الصوم؟ ثم ما المراد باللغة السامية القديمة التي تعيدها علينا مراراً في ردك الذي لا يطالعه الأديب إلا يعود غارقاً في عرقة لما يكابده من العثرات والسقطات وينفق من الجد والعناء لتفهم عباراته التي لا تشبه لغة من اللغات المعروفة!. ومن غريب خبطك وخلطك أنك قلت في ص 7: (والسيف وفي السريانية - ومنه أو لعله منه أسم السيف عند اليونان وهو - فأنك أنكرت في الأول كل صلة تصل اليونانيين والرمان بالعرب سلفنا والآن تنكر ما أثبت كأنك نسيت ما كتبت أو تناسيت فما أبدع ما تقول وما ترتئي! إذن أن كنت تسلم بأن اليونانية مأخوذة من العربية فلماذا لا تسلم أن تكون من حوى واللفظ واحد والمعنى واحد بعد حذف الكاسعة؟ أفلاننا ارتأينا ذلك لا تقبله أم لكي نقبل رأيك لأنه رأيك؟. ولم تسلم أن تكون من أيس لأن اللفظة العربية مماتة الآن في لغتنا. إذن كن محافظاً على منطقك هذا وقل ليس لي جد أو جد جد لأنهما ماتا وليسا من الأحياء. قلنا: أفهذا منطق يا حضرة الدكتور في الآداب (؟) والأستاذ في جامعة باكو؟ أفهذه هي مقدرتك اللغوية التي يجاهر بها أصحاب الكلية؟. ونحن لا يهمنا أن تسلم أو لا تسلم بأصل من لوح العربية فلقد بينا لك أن تقابل ح العربية وأنت ترى بعيني رأسك وعيني عقلك أن المعنى والمبنى واحد في العربية وفي اللغات الآرية واللفظة العربية وحيدة المقطع وخالية من كل داخلة وكاسعة فهي على وضعها الطبيعي الأول أقدم من سائر الألفاظ في بقية اللغات. فلماذا لا تكون عربية النجار وتريد أن تكون آريته أو يا فتيته؟ أفليس لأن شعوبيتك تنزغك نزغات إلى أن تنكر علينا ما هو أوضح من الشمس في رائعة النهار وما للعرب وللغتهم من الفضل على سائر الألسنة؟. وكنا قد قلنا في مقالنا: (ومن غريب ما جادت به لغتنا على أصحاب اللغات الأوربية أنها وضعت ألفاظاً في لغتين أو ثلاث فأتخذ منها اليونان لغة والرومان لغة أخرى). فعلق بها حضرة الدكتور النقادة (؟) قوله: (أقر بأني لا أفهم هذه العبارة) قلنا وقد صدق. لأنه يريد أن نكتب للقوم باللغة الروسية لا بالعربية إذ يظهر أنه لا يفهم غير تلك اللغة، ولا يريد أن يفهم ما يكتب بلغة أخرى

فيا حضرة اللغوي البارع (؟) معنى عبارتنا جلي لا يحتاج إلى شرح فأن كنت لا تفهمنا فنحن نشرحها لك لا لغيرك، لأن سائر القراء لم يجدوا فيها ما يعتاص على فهمهم ودونك هذا المعنى: (أن لغتنا وضعت ألفاظاً تتقارب في المبنى باختلاف زهيد في الحروف أو في الحركات وهذا ما يسمي في لساننا (لغة) وبالفرنسية فأتخذ اليونان الصيغة الواحدة وأتخذ الرومان الصيغة الأخرى. وهذا ما يرى في علف وعذف وعدف فأن الفرق بينها ظاهر من أن الأول باللام والثانية بالذال المعجمة والثالثة بالدال المهملة فهذه هي اللغات. وقولك (علف) لم تأت قط بمعنى السمن (ص 93) فيكذبك قول أبن مكرم في ديوانه: (العلوفة والعليفة والمعلفة جميعاً: الناقة أو الشاة تعلف للسمن (كعنب) ولا ترسل للرعي. قال الأزهري: تسمن بما يجمع من العلف أهـ. أفرأيت كيف أن العلف يعني السمن وأن المعلفة: المسنة. أفما كان يحسن بك أن تبحث عن معنى الكلمة في أي ديوان كان لتجد ضالتك؟ أفرأيت كيف خزيت هذه الخزية التي تسجل عليك العار إلى أبد الدهر؟ فيا حضرة أستاذي ودكتوري وعلامتي ونقادتي ووو، تأن قليلاً قبل أن يحملك النزق على أمور تصمك وصمات عار لا يمحوها مر الأيام ولا كر الأعوام. وقولك: (أن هذه أحداس (؟) ومقابلات سطحية) من النقائض التي لا ترى إلا على أسلة يراعتك كما رأينا سابقاً فأن الحدس ظن وتخمين يقوم على وهم والمقابلات تبنى على حقائق ثابتة. فلله درك! كيف تجمع بين الوهم والحقيقة! بين الظلام والنور! بين الموجود والمعدوم! لا نفهم كيف حزت لقب (الدكتور) وأنت بهذه الدرجة من التدقيق والتحقيق؟ وقد ظهر بعد هذا أن علف وعدف وعذف من قبيل اللغات (الصيغ في اللفظ) وسقط اعتراضك سقوطاً لا إقامة بعده. وأما قولك أن أصل أو فينبذه لغويو الإفرنج ولا يسيغونه إذ يقولون أن أصلية لا زائدة (راجع ولدي ومعجم بواساك) فأنت ترى من هذا أن الدكتور يخالف فقهاء الأعاجم في آرائهم ويخالف رأي من يذب عن العربية ذبابها فيصبح لا هو من المؤمنين ولا من الكافرين.

ولو فرضنا (جدلاً) أن الحرف الإفرنجي زائد في كلمتهم وأنه من الدواخل فنقول له: أن العربية أخذوا كلمتهم من العربية (لب) ثم أدخلوا عليها داخلتهم واللب خالص كل شيء فالشحم والسمن والسمن لب كما لا يخفى. أما سؤاله (أين الدليل على أن اللغات الأوربية وبينها السنسكريتية أخذت ألفاظها هذه عن العربية ومتى وأين وكيف؟). قلنا له الأجوبة عن هذه الأسئلة مدونة في مجلتنا 7: 593 وما يليها. والآن نسأله هذه الأسئلة عينها ونقول له: أذكر لنا أنت ما تعرف عن السنسكريتية واختلاط أصحابها بالأوربيين. فإذا كان الهنود مع بعدهم عن الغربيين خالطوهم وأخذوا منهم لغتهم فكيف لم يمد العرب الهنود بألفاظهم حين كانوا مجاورين بعضهم لبعض في سقي بحر الروم ومختلطين بعضهم ببعض؟. ورده على (حرف) العربية و (غرف) اليونانية أبرد من الثلج وفساد رأيه ظاهر من ضعف رده وعدم تماسكه وأدلتنا أنصع بياضاً من جبين المعاند ثم نقله اللفظة اليونانية إلى لغات الغربيين المختلفة مأخوذة عن الإفرنج أنفسهم (راجع ولدي وبواساك) وهو لا يذكر المستند كأنه ينسب ذلك إلى علمنه الذي أفتخر به أصحاب (الكلية) حين فتحوا أفواههم مبهوتين وصارخين بملء أشداقهم: (والذي قرأ هذه المقالة النفسية (مقالة الأستاذ الباكوي) أدرك بلا ريب (؟) مقدرة الأستاذ اللغوية (؟) وعرف أن حضرته براء من هذه الهفوات!!!). وكثيراً ما ينكر حضرة الدكتور (؟) أمراً ثم يعود فيثبته أو يرجحه أفلم ينكر كل صلة بين حرف وحفر العربيين وبين اليونانية غرف (في السطور الأولى من ص 94)؟ ثم نسمعه يقول الآن: (وجل ما يمكن أن يقال هنا أن (غرافو) اليونانية و (حفر) العربية من مصدر واحد يرجع إلى عهد بعيد. . .) فإذا كان كذلك فلماذا جئت وسودت تلك الصفحات تسويدا لا معنى له أفما كان عليك من الأول يا شعوبي أن تقول هذه العبارة فتكفي الناس شر مطالعة صفحاتك تلك العديدة وتكفينا مؤونة الجواب عنها وتفنيد تلك السخافات؟. ثم قال (في آخر ص 93): (ولولا ضيق المقام وخوفي من ضجر القراء لبحثت مع علامتنا اللغوي عن أصل سائر المفردات التي أوردها في مقالته

(الجريئة) وما علق عليها من الملاحظات التي لا تتفق مع العلم الصحيح. . .) فمن لسانك أدينك يا صاح! لقد شعرت من نفسك بأن مجلة (الكلية) ضاقت عن ثرثرتك كما شعرت بأنك أضجرت القراء فما أسعد حظنا إذن لكونك عدلت عن هذا البحث! وشعرت بأنك (أقدمت على كتابة مقالة ترجع بنا في آرائها ونظرياتها إلى القرن الرابع أو الخامس للهجرة فحفظك الله للعلم وأهله على هذه المبرة إذ لم ترهق النفوس في حسن كنت تتمكن من إرهاقها بتصديك لبحث تافه لم ينتبه إليه قبلك أحد من أبناء العرب ولا من أبناء الغرب ولو أردنا أن نفي بحق ما كتبت من العجائب والغرائب لاحتجنا إلى عدة مقالات) إلى هنا من عبارات الأستاذ الباكوي ببعض لأغلاطه المنطقية والنحوية واللغوية). إلا أننا لا نريد أن نتساهل معه في أمرين هما: مسألة اللغة الضادية ومسألة القنص، فأما مسألة اللغة الضادية فقد قال فيها ما هذا حرفه: (قال صاحب المقالة (أن في لغتنا الضادية) ألفاظ (كذا) ماتت لا وجود لها اليوم في لساننا) (ص 95) ونحن لم نقل هذا القول الملحون الملعون (أي لم نذكر (أن) الماصبة وبعدها كلمة (ألفاظ) مرفوعة بل قلنا: (في لغتنا الضادية ألفاظ. . . (راجع الهلال 37: 207) ثم زاد الطنبور نغمة هذا الشعوبي المتهجم فقال في الحاشية: (يظهر أن حضرة الأب ممن يعتقدون أن لفظ الضاد لا يوجد إلا في لغتنا العربية وقد حان بأن نضرب (كذا. وقد جر الجملة الفاعلية بالباء وهو من أغرب ما جاء به العافطون في كلامهم) بهذه السخافات عرض الحائط. . .) أهـ. قلنا: يا شعوبي! لا يحق لك أن تنتسب إلى العرب وأنت تسب لغتهم هذه الشريفة وتنزع منها أفخر وأفخم حرف عندهم. فقد أتفق جميع العلماء من أقدمين ومحدثين، من إنجاب العرب وإنجاب الغرب أن الضاد خاص بإيماء يعرب. فمن أنت وما قدرك حتى تأتي بين الناس وتنكر علينا وجود هذا الحرف في لغتنا ثم تحاول أن تنتسب إلى الناطقين به. كلا ثم كلا أنك لست بعدناني ونحن نتبرأ منك ومن نسبك ومن أقوالك، ونقول لك: أنك لم تنكر علينا هذا الحرف إلا لأنك لست من أبناء الناطقين به ولأنك لا تحسن لفظه ولو أحسنته لما بدرت منك هذه البادرة وتدعي مع هذا أنك دكتور! ودكتور في الآداب!!.

وفي الآداب العربية!!! وأنت أستاذ فيها!!!! وأنك عربي (؟). أما صحة لفظ الضاد فهي: (أن الضاد تخرج من المخرج الرابع من مخارج الفم ومخرجه من أول حافة اللسان وهي المشار إليها بالأقصى ويستطيل إلى ما يليها من الأضراس وأكثر الناس يخرجها من الجانب الأيسر وبعضهم يخرجها من الجانب الأيمن) (انتهى عن شرح العلامة أبن القاصح على الشاطبية ص 297 من طبعة المطبعة الميمنية بمصر) أفهمت الآن كيف تلفظ الضاد، أما الضاد التي تشير إليها فهي الضاد التي سماها سيبويه في كتابه: (الضاد الضعيفة) (2: 404 من طبعة بولاق) ثم الفرق بين الاثنتين فقال: (إلا أن الضاد الضعيفة تتكلف من الجانب الأيمن، وأن شئت تكلفتها من الجانب الأيسر وهو أخف لأنها من حافة اللسان مطبقة، لأنك جمعت في الضاد تكلف الأطباق مع إزالته عن موضعه. وإنما جاز هذا فيها. لأنك تحولها من اليسار إلى الموضع الذي في اليمين وهي أخف، لأنها من حافة اللسان، وأنها تخالط مخرج غيرها بعد خروجها فتستطيل حين تخالط حروف اللسان، فسهل تحويلها إلى الأيسر لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كنت في الأيمن، ثم تنسل من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان كما كانت كذلك في الأيمن) ثم قال: (ومن بين أول حافة اللسان وما يليه من الأضراس مخرج الصاد (الفخمة) (2: 405). وأما المسألة الثانية فهي مسألة (القنص) الظاهر أصلها العربي مما بيناه ومن الأخذ بقاعدتنا وهي أن إذا حذفت منها الكاسعة من اللفظة الإفرنجية بقي لك منها وهذه تجانس (قن) و (قنى) ومن المادة الأولى القن وهو العبد الخالص العبودة مأخوذ من القني أو القنو وهو الاكتساب لأن العبد يكسب لك من عمله. وكذلك قل عن القنص أي كلب الصيد فأنه يكسب لك الصيد. فأنت ترى أن المادة القنص لهذا الحيوان الأمين معنى ظاهر، بخلاف ما تراه في لغة الأعاجم فأنه خال من معنى في مادتهم. فأين رأينا من رأيه؟ نحن ندعم أقوالنا بالأدلة والبراهين، وحضرة الدكتور يؤيد كلامه بالشعوبية، أفبالشعوبية يقوم أو يظهر الحق؟ فلينصفنا القراء. وفي القسم الأخير من مقالة كبا كبوات عديدة من معنوية ولغوية ونحوية

اللغة العامية العراقية

لكننا لا نريد أن نتعرض لها لكثرتها ولأننا لا نريد أن نجعل مجلتنا آلة تأديب وتهذيب لما يقول وينقل فتكون وقفاً محبوس النفع عليه (ولأن هذه السقطات بينه لعظمها وقبحها وشناعتها ويدركها كل قارئ مهما كان قليل العلم أو الفهم بل غير المتخصصين للمباحث اللغوية. فلا صعوبة إذن ولا فخر كبير في نقدها أو إصلاحها ولهذا عدلنا عن ذكرها) (هذه العبارة الأخيرة تكاد تكون عبارته وقد وردت في ص 95 من مجلة الكلية). وفي ما أوردناه سابقاً أمثلة يقاس عليها كل ما يكتبه حضرة الأستاذ الباكوي ولذا لا نلتفت بعد هذا إلى ما تنفثه يراعته المرضوضة، وفي ما كتبناه مجزأة لأن نتبرأ من فكرة الكاتب الأساسية ويعلم الله أنه لو حاول أن يبرهن بالأدلة الجليلة ما يريد أن ينقضه من بحثنا لما جادلناه في ذلك ولوافقنا على علمه وصدقنا أقواله، لكن الرجل قد أتخذ الشعوبية سلاحاً الخ مهما كلفته من الخزي والكبت وفي آخر أمره يظهر لك أنه غير داهية (وهو الذي يعاندك ثم يرجع إلى قولك) وهو يدل على أنه لا يجادل حباً للعلم والنفع العام، بل إظهاراً لما يحاول أن يتبجح به. فأن شاء فيؤمن وأن شاء فليكفر) (هذه العبارات تكاد تكون عبارات الكاتب في ص 96 من الكلية) أهـ. اللغة العامية العراقية 2 - اسم المفعول اسم المفعول: هو الاسم المشتق من الفعل للذي وقع عليه الفعل عاقلاً كان أو غير عاقل، ويصاغ: 1 - من الثلاثي على وزن (مفعول) نحو مكتوب من (كتبه) ومفهوم من (فهمه) فأن كان الفعل الثلاثي أجوف سقطت واو (مفعول) مثل قاله

فهو (مفعول) وباعة فهو (مبيع)، ونقل عن المبرد النحوي أنه قال بصوغه على (مفعول) من كل فعل ثلاثي نحو (مقوول) و (منيول) وقوله يقره العقل في اليائي لخفته وينكره في الواوي لثقله فالمديون والمخيول والمكيول والمغيوث أخف من المقوول والمصوون والمدوون والمعووق. 2 - ومن غير الثلاثي على وزن (اسم فاعله) مع فتح ما قبل الأخر فيقال (مكرم بفتح الراء من (مكرم) بكسرها و (مكتسب) بفتح السين من (مكتسب) بكسرها و (مستنبط) بفتح الباء من مستنبط) بكسرها أو يصاغ على وزن (مضارعه المبني للمجهول) مع وضع (ميم مضمومة) في موضع حرف المضارعة بعد حذفه مثل (مكرم) من يكرم و (مكتسب) من يكتسب و (مستنبط) من يستنبط. أما العامة فتصوغه من الفعل الثلاثي على وزن (مفعول) مطرداً سواء أكان أجوف أو غير أجوف نحو (مبيوع ومكتوب) إلا أنها تقلب واو الواوي ياءاً فتقول (مكيول) (بكاف فارسية) للمقول و (مكيود) (بكاف فارسية) للمقود. ومن الرباعي على وزن (اسم فاعله) مع فتح ما قبل الأجر فتقول (امعلم) من امعلم و (امكسر) من امكسر و (امعارك) من أمعارك، فأن كان الرباعي على وزن (أفعل) كأكرم وآلم وأراد فتعدها العامة كالثلاثي وتقول (مكروم ومالوم ومريود) أما الخماسي والسداسي فلا تكاد تصوغ اسم مفعول. وتعد الثلاثي اللازم متعدياً فتقول (مدمي) للمدمي و (ممشي) للمشي فيه و (مصوي) للصاوي ولا تشدد الياء في الآخر مثل ياء (المحني والمحمي) عند الفصحاء بل تخففها كما مضى في (المدمي والممشي والمصوي) وتعيد التشديد إلى المؤنث مثل (مصوية) وإلى المثنى والجمع. وتقلب واو الناقص ياءاً في المضارع واسم المفعول فتقول (مغزي) للمغزو.

تصريفه يتصرف تصرف اسم الفاعل، إلا أن فتح ما قبل الآخر في المصوغ من غير الثلاثي يظهر في المثنى والجمع وهما سواء عند العامة فتقول: المفردالجمع الجمع مجروح - مجروحة مجروحين - مجروحاتمجروحين - مجروحات امكسر - امكسرة امكسرين - امكسراتامسكرين - امكسرات أمعارك - امعاركة امعاركين - امعاركاتامعاركين - امعاركات مصطفى جواد القريض في فن التمثيل نظرة تحليلية انتقادية في (مصرع كليوباترا) في الشرق اليوم نهضة، بل نهضات في الأدب عامة وللشعر مكانه الخاص منها دواماً وذلك شأنه في مختلف أيامه عند العرب. وكل من تذوق لذة الأدب العربي ورشف من منهله الفياض، أعجب بذلك الينبوع ينبوع الحرارة المتواترة التي ما تكاد تبيخها الكوارث هنيهة، حتى تعود فتبهر في فضاء اللانهاية بأشد لمعان وبهر نواظر دراسها بألوان قوس قزحها الفاضحة. وهذا ما نكاد نلمحه الآن بل نتلمس بوادره الزاهرة، ويضرمنا الأمل أن تكون فاتحة جديدة لعهد جديد طريف. ولسنا نعني بهذا أن ما أمامنا يضاهي بفخامته وروعته وأناقته وجماله ما كان عليه فن القريض أيام كان له عند بني أمية وبني العباس صولة ونفوذ، هذا من جهة ذلك الافتنان والغلو والشدو في الأنواع التي تعهدها فيه من إضراب الثناء والمديح والقذع والقذف والتشبيب والغزل والاستبكاء وذكرى الليالي الخوالي، وما إليها. تلك الوجهة التي نقر بكل تواضع وثقة أن لن يضارعهم فيها أحد. فلهم وحدهم قصب سبقها إذ أن عهدها قد بلي وسلم عليه الدهر. وأن هنالك من مرام لم يسعنا قبلاً وحالاً إلا أن نحاسب عليها

العرب ونستغرب فيهم ما دعاهم إلى نبذها هذا النبذ الشائن حتى خلت منها آدابنا بل فقدنا فيها - وأتجاسر أن أصرح - أكبر سند ومعوان على تقدمنا الأدبي، ورقينا في فن الشعر، بل أصدق مؤيد لهذا الرقي والفلاح، وأكبر ظننا أنها من أهم العوامل على رذل الغربيين لشعرنا ونظمنا فيه. والكثير من الحقائق تؤيده: إذ ليس هذا الفن الراقي مقتصراً على أن يكون آلة أغراض وغايات. ووسيلة استعطاف واسترحام بل ضراعة. إذ لو أسعده الحظ بمنحه هذه المنحة فيه. لارتقي ارتقاء سامياً ولكان على غير ما هو عليه اليوم، إذ من خصائصها الراهنة أن تبتدع فيه عوامل وعواطف وأهواء وأجواء يقظة، تناجز كل المناجزة ما تعرفه فيما لدينا من قديمه وشاهدنا على ذلك الشعر الغربي، الغني بما يحوطه من ميادين واسعة رحبة يجول فيها، مبدعاً متفنناً. وهذه الناحية التي ألمعنا إليها هذا التلميح الطويل ما هي سوى: فن تأليف الملاحم والقصص التمثيلية. ولو تتبعنا نهضتنا فيه وتأثرناها خطوة خطوة لوجدناكم أثر في مضمار الشعر العربي العصري، ولعلمنا حقيقة ما مبلغ نفوذه ووطأته عليه. وأني أقول غير وجل ولا واجف عنفاً ولا لوما، أنه من أهم أسباب انتعاش الشعر ويقظته من غفلته بل العامل الرئيسي في الانتقاض على الطرق القديمة البائرة، وهدم الصروح المتهدمة والميل إلى الابتكار والتفنن. وأنا منذ ما سالمناه ورضينا بصحبته واستكنا إلى قوانينه كانت نهضة مباركة، وخطوة جديدة سعيدة إلى الأمام. ومع أننا لسنا نرى في بوادر نضجها ما يحقق منها اليوم رجاء بعض آمالنا المتواضعة - مع إقرارنا ببعدنا الشاسع عن أمثال كورني وراسين وموليير بل لاروستان الابن وجان كوكتو - فأنا نبصر شعاعا منير من فجر ذلك اليوم المتلألئ ونرى جرثومة ذلك الصرح الفخم العتيد!. ويجب ألا نغفل قط أن نشوء هذه الرغبة صدر من موطن الخيال ومهبط الوحي، أعني سورية ولبنان، فالآداب العربية أنعم عليها بنهضتها الحاضرة أبناء تلك البلاد فالمقتضي تطوراتها يتعرف في الحال أنه لم يتأت لها نهضة ما في جميع أطوار حياتها، منذ استيلاء عمر على القديس إلى يومنا ذا. إلا كان للشام

قسط عظيم بل شرارتها الأولى المنبعثة ما تتوقد به سورية من آمال وعواطف وأحاسيس عنيفة ملتهبة فأبناؤها كانوا الأوائل على المدى حملة ألوية الشعر العربي ومعيار النبوغ فيه وبلاغته وسموه. وما أنوار هذه النهضة الباهرة إلا أثر من أثارهم الجليلة،؟ ونبعة من ابتكاراتهم. فهم أول من ابتعث فيه الحياة - وقد كاد يضمحل - في مختلف ألوانه وجاحد قولنا كر شروق النائرة صباح كل يوم. وقد شهد بضلعهم في العربية، الأوربيون جمعاء من بحثه وكتبه - ولا نقول علماء الاستشراق منهم - ممن نثروا شيئاً عن المشرق. كالكاتب الفحل لويس برتران مثلاً. إذ نعتهم في كتابه العظيم (سراب الشرق) بأنهم (ورثة الشعر العربي القديم) وقس على ذلك الكثير من الرواد الكتبة. وكان القرن الخالي وفجر الحالي، ميداناً لتجلي هذه الموهبة إذ ظهرت الروايات التمثيلية العربية لأول مرة في سورية. وكان ابتداؤها بعناية المرحوم مارون نقاش اللبناني. ولكن نشوء التمثيل الجدي المفيد حين ظهر الحداد والجميل والمطران وسواهم وعكفوا على التأليف فكانت عطيل وتاجر البندقية والسيد وروميو وجوليت والسموأل الخ. وانكشف الميدان عن أفراس رهان. أسعدت ديار سورية أن تختلج فيها هذه البادرة في القرن المحتضر، غير أنها ما عتمت أن انتقلت في عجزه إلى أرض النيل والهرم. أثر هجرة أحرار السوريين وتركهم وطنا تعساً عزيزاً، خيم عليه ديجور الظلم ورعته ذئاب النميمة الناهشة فنزحت مع أفئدتهم النابضة حياة وفتوة، وجنانهم النابع جرأة وابتكاراً نبعة الفن الجديد وروحة الحساس ثم ما لبثت أن عمت هذه الرغبة طائفة لا بأس بها من الكتاب السوريين والمصريين. فأتحفونا بشيء يتراوح بين الابتذال والإجادة وأنشئت الفرق التمثيلية وظهر في إشعاعها في القطر المصري المرحوم سلامة حجازي، أبي التمثيل العربي الغنائي. فراجت سوق الروايات ولما كان لا بد للنور من اسداف وإعتام. سنة الكون والوجود ظهر بينها ويا أسفاً! عدد ليس باليسير يدرن الأخلاق ويجرحن النفوس! ولمن تلبث أن امتلأت ديار مصر بهذه الحركة المباركة بل القدرة السعيدة نحو رفد الآداب العربية وتدعيمها بهذه الأسس التي كانت للإغريق والرومان، من أخلب وأحب

الفنون الفتانة. هدانا إلى هذه التوطئة ما خالجنا من عواطف عنيفة أثر وقوع نسخة إلينا من الرواية التمثيلية التي شاءت مخيلة (أمير الشعراء!) أحمد شوقي بك، أن تتحف بها العربية، والتي دلت دلالة ظاهرة أن مبدعها، يهمه رقي الآداب عن نهج فنون، هي منها بمثابة الجوهر من العرض وعلمنا حقاً أننا عكفنا جداً على التوغل في تذليل الصعاب، وإقامة رواسخ البنيان على أجود الأصول، في حين أيقنا أن إبداع شاعرنا في جوانبها وغمراتها كفيل له بنيل الغفران، وأعذاره عن تباطؤه وجموده في صددها إلى حيننا هذا. قرأناها، فخلتنا حتى أوهمتنا أو كادت. أننا نمر قصة من روائع القصص التمثيلية الغربية. ولولا تلك الروح الشرقية - التي لا مرد لسؤددها وتعنتها - تعبث بسطرها، لجزمنا بذلك: وقد كشف لنا هذه القصة عن نفسية شوقي الحقيقية وشاعريته المستترة. نقول مستترة لأن شاعرنا (أبو (أمير الشعراء) على رواية أدبائنا!) لم تظهر شاعريته من قبل، حيث يلذ له كثيراً الاستدراء وراء حواجز واقامات لا تناسبه. فيرسل قصائد مزججة بإضراب الألفاظ الوقعية، فتعكس رسمه وتشوه صورته. وأننا نجهر أن نبين ما أظهره حتى الآن من أشعار طائفة عظيمة لا نميل لقراءتها، إذ نحملها على التصنع والتجمل فماله في شعره من مزالق ومعاثر، هي ذلك التقليد الشائن الذي يحاول إجادة سبكة جهده وأن نجد وهو يقول بالتجديد، يتشبث بمذهب القدماء. في رن الألفاظ وزقزقة العبارات، دون كبير التفات إلى تسلسل المعاني، فالتكلف أظلم بلاغته وضرب عليها أستارا حالكة كئيبة. فاضطربت مبانيه وارتجت مشيداته الرملية بفعل المد والجزر النقدي. قد يحمل بعض عشاق منظوم شوقي إشارتنا البريئة هذه على غير مبناها - إذ هي طبعاً عرضتة للمظان - فيغررون أننا نتعنت لغاية في النفس. ومن إدراك أنهم لا يدعون أننا من الجمود والركود أيضاً، نؤثر الأساليب العتيقة ونشذب التجديد في التلميح والتشبيه والاستعارات؟ في حين أننا لا نذخر وسعاً في

أن ننهض بالتبعة الطريقة من التداخيل في اللغة. ولا نألو - والله يعلم - جهداً ولا نذخر مضاء في الثورة على القديم، وبعثة إلى اسفل سافلين: إذا كان هنالك فائدة تنتج أيضاً بغلونا أحياناً في الدعوة للتجديد!. ولست اخالني افجأك بإدلائي أن لشوقي مزلق الصبوة إلى المعارضات، وأشباهها، التي هي من شأن طلاب المدارس أكثر مما هي من منازع الشعراء الفطاحل. إذ هي الرجعية بذاتها، الرجعية بما فيها من مثالب ومساقط. ومادة الشعر العصري يجب تشييدها من باعثات الإحساس النفسي وما تنشئه الذكريات من شجون ويدفعه الوجدان من مثيرات، لا ما يستوحي من قريحة أخرى ويستعار بن تأوهات، إذ يغدو ما يضمه الشعر عند ذاك ليس سوى عواطف مرئية. منافقة خداعة تستلب حلل غيرها، لتسمو بها وتخدع مبصريها بألوانها القزحية ولا أظنك تجهل يا قارئي العزيز، معارضات شوقي لقصيدة الحصري ولسينية البحتري في التشوق إلى مصر، ولبردة البوصيري في (نهج البردة) وغيرها. وخذ هذا مثالاً ناصعاً: يا بنت ذي اللبد المحمي جانبه ... ألقاك في الغاب أم ألقاك في الاطم؟ فالشطر الأول يوهمك أنه مأخوذ من شطر مطالع قصيدة أبن هانئ الشهيرة: يا بنت ذي البرد الطويل نجادة. . . وما أشبه الشطر الثاني بعجز هذا البيت من قصيدة أبن هانئ أيضاً: . . . وفي وادي الكرى أم واديك؟ وهنا يا صاح وقفة أخرى لا تقل غرابة، وأغراباً في التقليد عن سابقتها، إذ تكاد تحدثك تلاوة هذه الأبيات، من صدر قصيدة له: قفي يا أخت يوشع خبرينا! ... أحاديث القرون الغابرينا وقصي من مصارعهم علينا ... ومن أخبارهم ما تعلمينا فمثلك من روى الأخبار طراً ... ومن نسب القبائل اجمعينا ويا لك هرة أكلت بنيها ... وما ولدوا وتنظر البنينا فتهيج أشجانك وقد تمر على ذهنك سحابة الذكرى، فتخالك تستعرض عقلك عما علق بذاكرتك من قصيدة عمرو بن كلثوم: والتي توهمك بتشابه مطلعها:

قفي قبل التفرق يا ظعينا! ... نحدثك اليقين وتخبرينا قفي نسألك هل أحدثت صرما ... لوشك البين أو خنت اليمينا أفلا تشعر بالريح الهوجاء العاصف، تهب بك من منحاها بدوية جاهلية، أو بدوية مخضرمة إذا شئت وهو يسأل نسب القبائل ووحشية السنانير؟ أفلا تهاجم منافسك روائح الصحراء الوحشية الكريهة وتستوسطك مواقحة؟ أما والله لأبصرنك تخاتلها وتحاول استدبارها من كل جانب، كي تجد لك مخرجاً لطيفاً أو كي ترى بين أوارها وجدانا واضطراما عصرياً فإذا مخالجها ومباعثها كألفاظها وترسلها جفاوة وقساوة وخشونة. وأنك إذا ما صابرتها اشتدت في أثرك فأرهقتك واغتالتك!. ولكم تجده في غير هذه يحاول أن يقتفي أثر الجاهلية أو الخضرمة في ذكري البان والعلم والوقوف على الطلول. وبكاء العهود الخالية ونحوها من مواقف الشعر البائدة، كقوله مثلاً: ريم على القاع بين البان والعلم ... أحل سفك دمي في الأشهر الحرم رمن القضاء بعيني جؤذر أسداً! ... يا ساكن القاع أدرك ساكن الأجم! ولعمرك ما شر الوجود غير تغلب عواطف بربرية على اختلاجات خفيفة مدنية واستبطانها مشاعر عصرية يافعة أشاختها بيبوستها وعجفها! عبثاً يحاول وباطلاً يطلب، فأن رجلا رقيقاً متمدناً، لن يتمكن قط من الشعور أو التوسل إلى عرض حاسياته، على استار شعر هجين الوطأة حوشي المنطق ولن يرسم شعره جفاوة الصحراء إنما تكتنزه من رائحة الجمال والنياق والبعر والوبر كما يرسلها أعرابي جلف خشن إبرته رمضاء البادية وابلته رمالها، ومحال أن تتآخى المتناقضان: المدنية والتوحش. ويمل القارئ العصري المجد، أن يمر على تلك الهياكل المنشأة من مقالع عفت حجارتها الطيبة، أو أن يحول بين أجداث قصائد بادية التعفن والنتن. وإذا أردت فلا ضربن لك مثلاً أيضاً من نثره، كي لا تنالني بقارصة ولا بتهمة باطلة. فالمس السجع لم تطلق قيوده وخيمت عليه إطناب العرب فأنزله بعليائه إلى موطأة وليس للسجع العصري من لذة ومحاسن سوى إحراج المتوسل لقارئه والتفوق على مخارجه!! وهاكها مجلوة من بقية (الوطن).

(الوطن موضع الميلاد، ومجمع أوطار الفؤاد ومضجع الأباء والأجداد الدنيا الصغرى وعتبة الدار الأخرى الموروث الوارث الزائل عن حارث إلى حارث مؤسس لبان وغارس لجان وحي من فان دواليك حتى يكسف القمران وتسكن هذه الأرض من دوران. . .). فيالله! أابن ساعده جديد؟ وماذا من هذه الثرثرة المملة؟ أو ما يكفيك الآن ما أرسلناه لك من أمثلة وبراهين أم لا تزال تطالبنا بمزيد غير قانع بتأييدنا أو غير راضخ لإحكامنا رضيخة تسليم أو تظننا على غير إمكان بإعداد لك سفرة مكتظة الدوافع الثابتة أجل ففي يدنا ما تشاء وأني أعيذها منك نظرات صادقة أن تخفق في تفنيدها وتنقيبها، بعد لجك وحك. . . آه!. لو أردت تعداد جميع محاكاته ومماحكاته ومعارضاته وإضرابها لهذه الأساليب والمرافق البدوية البائدة لا مللتك، وأحرجتك من لجاجك بل أقسمت وجدتك صائحا بي، أن هل مرادي من هذا المبحث المنحي المسئم الكئيب أو ليس سواها مسهدي!. نعم هنالك جم منها. فما لنا ولها: وكفانا جزؤها المبسوط. فقد أطلنا الشرح يا صاح، فحسبنا أذن من روائح نكرة ما لدينا وحسبنا من شعرائنا هذا الاستخفاف بعواطفنا المنتفضة عياء وتعباً وإلا فما ذنبنا إليهم إذا نبذناهم نبذ النواة واحتقرناهم كأحقر العبيد، عبيد العادات المنقرضة!. لقد أطلنا الترسل في بسط قضايانا، فهلم نتفحص هذه الرواية التمثيلية. فشوقي أحب أن يخلد في العربية ذكرى ملكة كانت لها على مصر صولة وسؤدد زمناً ليس باليسير. فحبك إطراف قصة، وتنميقها جهده مغدقاً عليها من حلل الشعراء أكثرها فضفصة واسماها زهواً. وأنه والحق يقال أجاد غاية الإجادة في جمعها (دون تعرض (للنظرات التحليلية) ولنا إليها عودة) وتنسيقها هذا التنسيق البديع ولست اغتابه فأقول أني لم أقرأ لشوقي هذا شعراً أشد نطقاً بشاعريته وأمتن إفصاحا عما يكنه فؤاده من المشاعر الحية الراقية كهذه الفاجعة الشعرية البليغة. وأنت أن تقلبها يأخذك هذا التفنن البادي عليها ويعجبك تأنقه البالغ فيها - وأن تكن غير خالية من مزالق سيأتي الكلام على شيء منها -

ولا يسعني إلا أن أقدم لك مثالاً ناطقاً في مناجاة أنطوان لروما وقد احتاط به اليأس فجبن وهمدت همته الحربية وخانته تلك الحميا التي كانت له وهو يخطب جماهير الرومانيين أمام جدث يوليوس قيصر. وقف ينظر إلى (أمه روما) وهو على قصوة منها فيتحسر على ملك ضاع وعز زال ومجد باد. ويعجبك هذا التعانق في العواطف النافضة المتباينة وتستهديك تلك الاستصراخات الحوار تكلها وتزينها ولا غرو أن انطوان في ساعة يأسه الحقيقية تتنازعه أمثال هذه العوامل اليائسة. وإلا ما لجأ إلى حكم الموت الفاصل. وأن الباحث النفساني في وقائع الانتحار يكشف كثيراً من نزعات مضطربة تجانسها في نبضاتها الهاتفة. فالمنتحر وهو يقدم على فعلته النكراء ترعاه سكرات متباينة يضع في تيارها ولجتها تعكس عليه النور ظلاماً ديجوراً قد لا يجد له منفذاً سوى شبابه وإلا ما انتحر: روما حنانك واغفري لفتاك ... أواه منك! وآه ما اقساك! روما سلام من طريد شارد ... في الأرض وطن نفسه لهلاك! اليوم يلقي الموت لم يهتف به ... ناع ولا ضجت عليه بواكي أن الذي أعطاك سلطان الثري ... لم تنعمي لرفاته بثراك أن الذي بالأمس زنت جبينه ... بالغار، عقك جهده وعصاك الأمهات قلوبهن رقيقة ... ما بال قلبك لم يلن لفتاك؟ أعرضت غضبي في الحياة فرحمة! ... لا تحرمني في الممات رضاك! أن كان موتي كل ما تبغينه ... فهناك! هأنذا أموت هناك! البقية للتالي بركات (السودان): ميشيل سليم كميد

فوائد لغوية

فوائد لغوية في الصحاح وفي مختار الصحاح 28 - وقال في ن ح ر (والتحرير بوزن المسكين: العالم المتقن) والصحيح بوزن النقريس) لأن المسكين مفعيل من سكن ولعل هذا الوزن لفظي لا تناظري. 29 - وقال في غ ل ط (والعرب تقول: غلط في منطقة وغلت في الحساب وبعضهم يجعله لغتين بمعنى) غير أنه اعرض عما رجحه بقوله في وهـ م (وهم في الحساب: غلط فيه وسها). 30 - وقال في وج ع (وفلان يوجع رأسه. . . وأنا أيجع رأسي ويوجعني رأسي ولا تقل: يوجعني رأسي والعامة تقول) قلت: إنه قال (الإيجاع: الأيام وضرب وجيع أي مؤلم) وإذا وجع الإنسان رأسه فقد آلمه وآذاه فلا سبب لذلك الشرط. 31 - وقال في زري (وازدراه أي حقره) ولم يذكر (أزدرى به) مع أنه قال في غ م ط (وغمط الناس الاحتقار لهم والازدراء بهم) فتأمل. 32 - وقال في م س ك (أمسك بالشيء وتمسك به واستمسك) ولم يذكر (استمسكه) مع أنه قال في س ل س (وفلان سلس البول إذا كان لا يستمسكه). 33 - وقال في ع د ل (وعدل عن الطريق: جار وبابه جلس) ولم يذكر (عدله) بمعنى عدل به، مع أنه قال في أح د (وجاؤا أحاد أحاد غير مصروفين لأنهما - معدولان - لفظاً ومعنى) ولم يقل معدول بهما ولعله من حذف الصلة كقولهم (مدلول ومأنوس ومحجوز) والأول كقول الكميت: - إلى السراج المنير أحمد لا ... تعدلني رغبته ولا رهب ومثل قول أبي الأسود لرجل (عن الطريق تعدلني) وقول علي (ع): (ولا يخطر على بالي أن العرب تعدل هذا الأمر).

35 - وقال في أن ن عن لفظ (أنا) ما نصه وتوصل بها تاء الخطاب فيصيران كالشيء الواحد من غير أن تكون مضافة إليه تقول: أنت) فقد عد التاء من (أنت) حرف خطاب وهو الذي قال في أي أ (أيا: اسم مبهم ويتصل به جميع المضمرات المتصلة تقول: إياك. ولا موضع لها من الإعراب فهي كالكاف في ذلك والألف والنون في أنت) وهو يؤيد التاء من أنت ضمير وبذلك يتناقض قولاه. 36 - وقال في ف وق (وفاق الرجل أصحابه: علاهم بالشرف وبابه قال) ولم يذكر (فاق عليهم) وهو القائل في ب ر ز (وبرز أيضا فاق على أصحابه). 37 - وقال في دوم (والمداومة على الأمر: المواظبة عليه) ولم يذكر (دوام الأمر) مع أنه قال في د م ن (ورجل مدمن خمر أي مداوم شربها). 38 - ولم ينقل الرازي في غ ش أقولهم (غشاه كذا) بتعديته إلى مفعولين بنفسه وهو الناقل في ج ون عن الأزهري (الجونة سليلة مستديرة مغشاة أدماً). 39 - وقال في أرك (والأريكة سرير منجد مزين في قبو أو بيت فإذا لم يكن فيه سرير فهو حجله) ولكنه قال ح ج ل (والحجلة بفتحتين واحدة حجال العروس وهي بيت يزين بالثياب والأسرة والستور) فقد نفي السرير عن الحجلة أولاً والزمها إياه ثانية وهو غريب. 40 - وقال في س ل ب (سلب الشيء من باب نصر) غير ذاكر (سلبه الشيء) وقد نقل في ح ر م (وفي الحديث: الذين تدركهم الساعة تبعث عليهم الحرمة ويسلبون الحياء). 41 - وقال في ح س ن (وحسن الشيء تحسيناً: زينه) ولم يذكر (أحسنه) بمعنى حسنه مع أنه نقل في م ل أ (وفي الحديث أنه قال لأصحابه حين ضربوا الأعرابي: أحسنوا إملاءكم) والإملاء الأخلاق. 42 - وذكر في هـ م م (واهتم له بأمره) مع أنه قال ح م م (وحميمك الذي تهتم لأمره). مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة أعنز أم عنزة كنا قد نقدنا في شهر أيار (مايو) من سنة 1928 (لغة العرب 6: 379) كتاباً ركيك العبارة وافر الأغلاط أعظم أسمه أعظم حرب في التاريخ لصاحبه جرجس الخوري صاحب مجلة المورد البيروتية. وأشرنا إلى بعض ما جاء فيه من الأوهام ومن جملتها كلمة العنزة وأنها لا تقال بل يقول الفصحاء بدلاً منها العنز والفظة مفردة لا جمع ولا شبه جمع ولا اسم جمع ولا ولا. فأخذ المنتقد يدافع عن نفسه وما رجع عن مسعاه إلا بما رجع به حنين. وقد جاءتنا في هذا الشهر مجلته (المورد الصافي) وإذا بصاحبها يقول في (14: 431) ما هذا نقله: (جرت مناظرة منذ مناظرة منذ مدة بيننا وبين الأستاذ الأب انستاس (ماري) الكرملي صاحب مجلة لغة العرب جاء في سياقها كلام عن (عنزة) و (عنز) وقد اطلع الكاتب الأديب جورج أفندي مسره على هذه المناظرة فأبدى رأيه فيها بمقالة في جريدة (فتى لبنان) الغراء في أميركا الجنوبية. وقد أرسل إلينا أحد الأدباء نسخة (كذا) من الجريدة بهذا العنوان قوله: (أن (عنز) اسم جمعي أو شبه جمع (كذا) وهذا النوع من الجموع هو الذي يفرق (تعبير مكسر فما كان أغناه عن حذف (هو الذي)) بينه وبين واحدة بالهاء - أي بالتاء المربوطة - (كأن الرجل يكلم عنوزاً لا يفهمون معنى الهاء في مثل هذا التعبير) أو بالياء. الأول مثل نخلة ونخل وثمرة وثمر وحمامة وحمام وتفاحة وتفاح (كأن عليه أن يعكس الشواهد ويقول مثل نخل ونخلة. . . ليظهر اسم الجنس ثم يظهر مفرده بوضع الهاء). والثاني مثل رومي وروم. وإفرنجي وإفرنج وقبطي وقبط وزنجي وزنج الخ. . .). وعليه فأن العنزة مفرد (كذا) وعنز اسم جنس جمعي أو شبه جمع. . .

بناء عليه يجب (كذا) أن يكون كلا (كذا بالنصب) من عنزة وعنز صحيحاً). إلى آخر ما قال مما هو خارج عن الموضوع. ونحن نقول للغالط ولمصوب غلطه: إنكما مخطئان. فقد أتفق جميع اللغويين وجميع النحاة وجميع الفصحاء على أن عنزا لفظ مفرد مؤنث لا جمع لغوي ولا يجوز أن يقال فيه عنزة. اللهم إلا في كلام العوام. ولا نريد أن نطيل البحث في هذا الموضوع لاستفاضة نصوص اللغويين فيه ولطولها لا نحب أن ننقلها وهي مبسوطة في جميع دواوين اللغة. إلا أننا ننقل لمجلة المورد حكاية أو مثلاً من الأمثال المنسوبة إلى لقمان الحكيم وترى في جميع الكتب ونرويها هنا عن (اللفيف في كل معنى طريف تأليف اللغوي الكبير والعلامة المدقق أحمد فارس الشدياق صاحب الجوائب) فقد نقل في ص 91 هذا المثل بعنوان: (إنسان وخنزير). (إنسان مرة حمل على بهيمة له كبشا وعنزا وخنزيرا وقصد بها المدينة ليبيع الجمع. أما الكبش والعنز (أتسمع يا ناقد ويا منقود؟) فلم يكونا يؤذيان البهيمة. وأما الخنزير فأنه كان يغرض دائماً ولا يهدأ. فقال له الإنسان: ياشر الوحوش مالي أرى الكبش والعنز ساكتين لا يضربان وأنت لا تهدأ ولا تستقر؟ فقال الخنزير: كل يعرف شأنه. أنا أعلم أن الكبش لصوفه والعنز للبنها وأنا الشقي فلا صوف لي ولا لبن. فما يكون بعد وصولي إلى المدينة إلا إرسالي إلى المسلخة). فهل يقال بعد هذا أن العنز اسم جنس جمعي أو شبه جمع؟ اللهم نعم يقولها المعاندون والمكابرون والمماحكون والمشاغبون ومن جاراهم. في ما قيل وما أقول 14 - وفي ص 639 منها ذكرت أن (حدثة) تجمع على (أحداث) قياساً فأقررتم بصحة القياس وخصمتموني بأن الإشارة إلى ذلك الجمع مسموعاً (من قبيل المستدرك لأن كتب اللغة لم تذكرها) فأنا مخصوم لا محالة غير أنكم استطرقتم إلى أنه (ما كل قياسي يقال فالخبز وزان قفل لا يجمع على أخباز ولا على خبوز ولا على غيره مع أن جمعه عليهما قياسي) فأقول: أما الخبز فهو اسم جنس واحدته خبزة والعرب تستغني باسم الجنس الجمعي عن الجمع كما

أنها تجترئ على جمعة إذا أرادت، وعلى هذا لا غرابة بل لا شذة في جمع الخبز على أخباز، أما أن من مقيس جمعه (خبوزا) فلا أذهب إليه ما لم تثبتوه بنص قديم أو اجتهاد مصيب!. وأما القياسي فيقال إلا إذا ثبت السماع فأنه يرجحه لا يكبحه سواء أكان المسموع مقيساً أم شاذاً، فقد قال الجوهري في س ج د من المختار (وقد روي مسكن ومسكن. وسمعنا المسجد والمسجد والمطلع والفتح في كله جائز وأن لم نسمعه) وقال المبرد في ب ي ص من المختار (ليس الشاذ حجة على الأصل المجمع عليه) وقال أبن الأنباري في ص وع من المصباح وليس عندي بخطأ في القياس - أي جمع صاع على أصع - لأنه وأن كان غير مسموع لكنه قياسي ما نقل عنهم وهو أنهم ينقلون الهمزة من موضع العين إلى موضع الفاء فيقولون: أبآر وأبار) وقال في المبرد في 1: 41) من كامله (والقياس المطرد لا تعترض عليه الرواية الضعيفة) وقال أبو الحسن الأخفش في ص 27 منه (والسماع الصحيح والقياسي المطرد لا تعترض عليه الرواية الشاذة) ونستخلص مما ذكرنا أن المقيس مقبول يستعمل في ذلك الزمان فكيف يتردد في استعماله الأب الجليل وهو هو في عدم التخرج من المقيس والسعة في الاستعمال؟؟. 15 - وقال الأثري في ص 18 (ولو شاء لأنكر عليه أيضاً قوله). . . أن تفيقه وحذلقة بعض الكتاب. حيث عطف على المضاف كلمة حذلقة قبل أن يأتي بالمضاف إليه، وهذا شائع في المقالات الكتاب فلينتبه إليه) أهـ. فأقول: هذا التركيب إقحامي فصيح فما الذي درسه هذا الرجل من النحو حتى كتب هذه القيلة الباردة؟ وقد تكلمت عليه في 7: 165 من لغة العرب وأضيف إليه الآن قول الفيومي في ض ي ف من مصباحه (ويجوز أن يكون الأول مضافاً في النية دون اللفظ والثاني في اللفظ والنية نحو: غلام وثوب زيد ورأيت غلام وثوب

زيد. وهذا كثير في كلامهم إذا كان المضاف إليه ظاهراً) فليتأمل ذلك الأدباء ولا يلتفتوا إلى الأقوال الواهية. 16 - أن انتقادكم أيها الأب لبعض ما نظرت سابقاً لم أتطرق إليه أما لأنه فرع من أصل تكلمت عليه وإما لأنكم مصيبون وأنا المخطئ والاعتراف بالخطأ من أفضل الفضائل عند العاقل. مصطفى جواد صاحب مختار الصحاح ورد في ص 18 و 19 من هذا الكتاب للسيد عبد الله مخلص (راجع ص 221 من هذا الجزء) ما نصه (ولما لم نتأكد من تاريخ وفاته على التحقيق فسنضطر للقول بأن زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي نسبة إلى مدينة الري مدينة كبيرة من بلاد الديلم بين قوس والجبال، قد توفي بعد سنة 666هـ 1267م). ونقل في ص 2 عن كشف الظنون (وفي أخره - أي أخر مختار الصحاح - وافق فراغه عشية يوم الجمعة سنة 760 ستين وسبعمائة) أهـ. قلنا: أن مؤلف كشف الظنون نفسه تكلم على (غريب القرآن) في باب الغين ومما قاله) غريب القرآن أفرد الأليف فيه جماعة غير ما ذكر أبن الأثير منهم الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط المتوفي سنة 221. . . والزاهد الإمام زين الدين محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي صاحب مختار الصحاح. . . فرغ من تعليقه في سنة 668 ثمان وستين وستمائة) فالظاهر أن السبعمائة المذكورة أو لا محرفة من الستمائة لفرط التشابه بينهما. وقرأنا في ص 9 أن من العلماء الذين ذكرهم بأخر ورقة من الجزء التاسع من كتاب جامع الأصول المسموع بمدينة قونية (قلمشاه) فنقول أن أبن بطوطة قال في رحلته إلى قونية سنة 733هـ (نزلنا منها بزاوية قاضيها ويعرف بأبن قلمشاه) فلعله أبن قلمشاه المذكور بل هو الراجح. وها نحن نقف القلم غير يائسين من التحقيق، وقد وجدنا الرازي المذكور يشير في مادة (ربض) من المختار إلى شرح الغريبين ولم نتمكن من معرفة الشارح حتى نقابله بما ورد من زمن الرازي فهل من ملم بذلك فيفيدنا؟. بغداد: مصطفى جواد

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الفصح والفسح س - بغداد - ب. م. م: قرأت في المشرق 28: 13 إلى 23 مقالة كادت تصرعني لطولها وتشعب مباحثها - والحبل على الجرار لأنها لم تتم - قال صاحبها (ص 22) (أنها (أي أن لفظة فصح) لم ترد إليها (أي إلى العربية. كذا وهو يريد أن يقول أنها لم تنتقل إليها) رأساً (من العبرية) بل بواسطة (كذا أي عن طريق) السريانية كما نرجح ذلك مع العلامة الأب شيخو اليسوعي، والسبب هو أنها (كذا والصواب حذف هو) تكتب بالصاد كما في السريانية، ولا (كذا، أي لا) بالسين كما في العبرية. . . وقد وردت بهذا اللفظ، لا بغيره، في الشعر الجاهلي. . .) أهـ. فما رأيكم مع كل هذا التعبير السقيم؟. ج - هذا الرأي من تبجحات بيك المير الميراندولي. وإلا فأن الأقدمين من العرب نطقوا بالفسح وبالفصح أي بالسين وبالصاد معاً منذ أقدم الزمن إلى عهدنا هذا وذلك في بعض الديار العربية اللسان. فقد ذكر الفسح أبو الفداء في تاريخه (1: 93 من طبعة الأستانة) قال: (الفسح وهو اليوم الخامس عشر من نيسان اليهود). . . وكرر الكلمة ثانية بعد ثلاثة أسطر وهكذا وردت اللفظة مضبوطة بكسر الفاء في النسخة المطبوعة في أوربة بعنوان تاريخ الجاهلية ص 160 س 15. وقال المقريزي: وشهر نيسن عدد أيامه ثلاثون يوماً أبداً وفيه عيد الفاسخ (بخاء معجمة) الذي يعرف اليوم عند النصارى بالفسح (بكسر الفاء وسين مهملة) أهـ. وأما سبب قلب السين صاداً فليس لأن الكلمة نقلت عن السريانية مباشرة، بل لأن هناك قاعدة لغوية لم ينتبه إليها حضرة البيك الميراندولي وهي التي ذكرها أبو محمد البطليوسي في كتاب الفرق بين الأحرف الخمسة من هذا الباب

ما ينقاس ما هو موقوف على السماع: كل سين وقعت بعدها ع أو غ أو خ أو ق أو ط، جاز قلبها صاداً. . . قال: (وشرط هذا الباب أن تكون السين متقدمة على هذه الأحرف لا متأخرة بعدها وأن تكون هذه الأحرف مقاربة لها لا متباعدة عنها وأن تكون السين هي الأصل فأن كانت الصاد هي الأصل لم يجز قلبها سيناً لأن الأضعف يقلب إلى الأقوى ولا يقلب الأقوى إلى الأضعف. وإنما قلبوها صاداً مع هذه الأحرف لأنها أحرف مستطيلة والسين حرف متسفل فثقل عليهم الاستعلاء بعد التسفل لما فيه من الكلفة. فإذا تقدم حرف الاستعلاء لم يكن وقوع السين بعده لأنه كالانحدار من العلو وذلك خفيف لا كلفة فيه. قال: فهذا هو الذي يجوز القياس عليه وما عداه موقوف على السماع) ثم سرد أمثلة كثيرة. . . قلنا: ولما كانت الحاء من جنس الخاء يجوز لنا أن نعتبر حالها كحالة أختها ولهذا قال الأقدمون في حس الجليد النبت: حصة أي احرقه وهذه لغة في تلك (عن أبي حنيفة الدينوري) وفي مسح في الأرض: مصح أي ذهب (اللغويون) وفي السحرة: الصحرة (عنهم) وفي دحس برجله: دحص (عنهم) إلى غيرها وهي كثيرة وكلها غير منقولة عن السريان بل جارية على سنة من سنن لغتهم البديعة التي تخفي أسرارها على المتبجحين والميراندوليين والشعوبيين ومن نحا نحوهم. انطلياس وبر اليأس وقب اليأس س - بيروت - طالب في التاريخ وعلم البلدان: سألت هنا أناساً عن معنى انطلياس وبر اليأس وقب اليأس فأجابني عنها أجوبة لم تقنعني ثم ذكروا لي أن أراجعكم فيها. فما رأيكم؟. ج - انطلياس مركبة من أنتي اليونانية بمعنى مقابل. واليأس أي الشمس في اللغة المذكورة. فيكون مؤداها: المقابل للشمس والشمس عندهم اسم إله كان الأقدمون قد بنوا له عدة معابد فتكون انطلياس مبنية في بدء أمرها بازاء معبد كان هناك. وهي تابعة لمدينة بكفيا من محافظة المتن ويبلغ سكانها زهاء 670 نفساً. وبر اليأس منحوتة من بر باليونانية أي قوي وشجاع واليأس الإله

المذكور أي الإله القوي الشمس. أو الشمس القوي (والشمس في لغة الإغريق ذكر لا أنثى) تابعة محافظة زحلة وعدد سكانها نحو 1386. وقب اليأس من كلمتين: قب (وس) أي بستان أو جنة واليأس الإله المنوه به هنا أي الشمس وهي قرية بها الجنات الغن والكروم البديعة وهي من محافظة زحلة ويقرب عدد أهلها من 175 نسمة وكل من قال أنها مشتقة من قبر اليأس أو قبو اليأس أو قباء اليأس فقد أخطأ خطأ بيناً. سيقمور س - مصر - السيد أ. م: وجدت في محيط المحيط (السيقمور الجميز يونانية) ولم أجدها في سائر كتب اللغة المؤلفة قبل محيط المحيط فعمن نقلها؟. ج - نقلها عن أبن البيطار في مادة جميز، إذ قال في هذه المادة (يسمى هذا باليونانية سيقومون (ووردت مطبوعة خطأ سنفو مورى) ومن الناس من يسميه أيضاً سوقامينن (وطبعت خطأ سوماسيس) ومن الغريب أن يتخذ المولدون منا الكلمة اليونانية وبصورتها الإغريقية ويجهلون أن الكلمة عربية الأصل أي (سوقم مور) أي جميز لين. ومن الأدلة على أن اليونانية هي من لغتنا أو الواو تنقل عندهم في قديم الزمن إلى حرف والقاف إلى وأما في الارمية فالسوقم يسمى (شقما) ومور (بفتح الميم) لا تعني هذا المعنى إلا في لغتنا الضادية ثم أن لغويي الغرب في عهدنا هذا يقرون أن اللفظة من أصل سامي، فلم يبق على المعاندين إلا التسليم عند رؤية الحقيقة التي تأتيهم من كل ناحية. حبزبز س - بغداد - ب. م. م: ما اصل كلمة (جبزبز) التي يستعملها البغداديون بمعنى (الرجل الشجاع الذي لا يبرح مكانه) ومن أي لغة هي؟. ج - حبزبز نعت رجل عرف بشجاعته وكان يطوي أيامه في بغداد قبل نحو عدة سنين ولم يكن أسمه كذلك بل لقب به حين شب وأظهر من البطولة ما دعا الناس إلى تلقيبه به. ويقال أنه أبن الملا عليوي وكان هذا الوالد صالحاً وحبزبز لفظة عربية عن حبلبس بالمعنى أشرتم إليه. والكلمة

مركبة من الحبس مكررة أي (حبس حبس) والحبس: الشجاعة. واصلها ذو الحبس أو ذو الشجاعة وكررت لإفادة الشجاعة العظيمة كأنك تقول: شجاع الشجعان وبالفرنسية الجسر وأصله س - منه - قرأت مقالة في مجلة (الكلية) في 16: 96 يقول صاحبها بندلي جوزي أن كلمة (جسر) يونانية الأصل من أفهذا صحيح؟. ج - نعم على حد أن (البقرة) من (البقة) وهي من الأقوال التي اشتهر بها (صاحب الرطازات) (لقب بندلي جوزي) وأما أصحاء العقول فيقولون أن الكلمة اليونانية هي لا ما قال وقد قلنا أن أغلب الكلم (المصورة) بالحرف الإفرنجي مخطوء فيها. والكلمة (جفسورة) اليونانية غير أصيلة في اللغة الإغريقية. ذكر ذلك بواساك وولدي وصولمسن ويافلينية وأغلب لغويي الغرب على اختلاف قومياتهم. وذهب أغلبهم إلى أن المادة سامية الأصل وصرح اللغوي الكبير م أ. بايي تصريحاً لا ريب فيه أنها سامية ونحن توافقه على ذلك لأن (الجسر) ترى بالسين المهملة أو بالشين المعجمة في جميع اللغات المذكورة ونقول أن الأصل الأب هو العربي (جسر) وهو من مادة (ج ر) ثم وسطتهما السين للدلالة على امتداد ذلك الجر أو ذلك الانبساط وأنت تعلم أن السين إذا توسطت الكلمة أفادت الطول والاتصال وكذا يقال في الحروف المبدلة منها كالشين المعجمة والصاد والزاي من ذلك قولهم: في بط: بسط وفي مد: مسد وقد تفيد هذه الحروف عين هذه الفائدة ولو دخلت على المادة أو كسعتها كقولهم في جر نفسها: شجر وفي طب: شطب وفي فر: فرش ثم فرشط. وفي صح سطح إلى غيرها وهي تعد بالعشرات. ومما يدلك على صحة قولنا هذا أن للكلمة اليونانية لغتين أخريين ولكلتيهما وجهاً في لساننا وأولي هتين اللغتين أي بجعل الجيم دالاً على حد ما ورد مثل ذلك في كلامنا نحن العرب. وقلب الجيم دالاً كان عند الغرطونيين (نسبة إلى غرطونة مدينة من أعمال أقريطش كان كلام سكانها بالإغريقية مع

بعض فرق). وأما أن بعض السلف كان ينطق بمثل هذا القلب فقد مر البحث فيه في مجلتنا 6: 48 و 4: 4 و 5 فليراجع. وفي معنى (دسر) ما يدل على جمع شيء إلى شيء آخر ومنه الدسار وهو مسمار محدد الطرفين يضم به اللوح الواحد إلى اللوح الآخر. والدسار: خيط من ليف تشد به ألواح السفينة بعضها إلى بعض والدسر كعنق السفينة لأن المسافر فيها يجمع بين بلد وبلد وهناك غير هذه المعاني تؤيد جميعها تركيب الكلمة. وثاني هتين اللغتين هي باليونانية وهي لغة اللاقونيين من اليونانيين أي من قبيل قلب الجيم باء موحدة تحتيه على حد ما يرى مثله في لساننا المبين. فقد قال قوم منا في الزمن السابق في الجلسام: برسام (فيه ابدالان الباء والراء) وفي جصص الجرو: بصص. وفي أجشت الأرض: أبشت وفي الجلأز: البلأز إلى غيرها وهي كثيرة. فإذا عرفت ذلك فهمت لماذا عرفت قيل في الجسر (الدال على جمع شيء إلى شيء آخر) اليسر بمعنى الجمع أيضاً. فقد قال السلف بسر النخلة: لقحها قبل أوانها. وبسر الفحل الناقة: ضربها من غير ضبعة. والبسر أن تخلط البسر مع غيره في النبيذ (والخلط يوجب الجمع) إلى غيرها من الحروف الدال تركيبها على الجمع. فهل بعد هذا التحقيق والتوضيح من يشك في سامية بل قل في عربية هذه الكلمة ولغاتها؟. ولا تعجبوا بعد هذا أن تروا مقالة (صاحب الرطازات) نسيج هراء وهذاء بعد أن ابنا سقطها ومن جملة ما يروى فيها من الأوهام (لأنك كلما قرأتها وجدت فيها خطأ جديداً لم تره في المرة الأولى) قوله القفص مأخوذ من وهو من والفلس من وهو من أفلس الذي اعتبر جمعا لفلس، وبلقيس من والصواب من ومومس من والصحيح من إلى غيرها وهي لا تحصى لكثرتها ولأننا لا نريد أن نجعل مجلتنا (مجلة تصحيح لما ورد في مجلة الكلية) وما يرد فيها من ركام الأغلاط في كل جزء يصدر منها). قبر النبي دانيال س - الإسكندرية - ع. ط - نشر المقتطف بالجزء الأول من المجلد

الثالث والسبعين بتاريخ يوليو سنة 1928 مقالاً عن النفط في العراق للأستاذ أمين المعلوف أفندي في أثناء هذا المقال صورة كتب تحتها قبر النبي دانيال والفتية الثلاثة في كركوك والمعروف في كتب التاريخ المعتبرة أن النبي دانيال دفن بمدينة السوس بخوزستان بالعراق كما ذكر ذلك الطبري في تاريخه وياقوت في معجمه وغيرهما فهل يمكن أن تتفضلوا بإفادتنا عما يوجد بقبر النبي دانيال بكركوك من الأدلة التي تثبن أنه قبره ككتاب أو نحوها. وهل مدينة كركوك في موقع مدينة السوس القديمة أو ماذا؟. أننا نعلم بعد الشقة بين بغداد وهذه الجهة ولكن ربما أمكنكم بواسطة من تعرفونه وتثقون به، الاستفهام لنا عن ذلك وأفادتنا. ج - المدفون في كركوك أحد الربانين اليهود أسمه دانيال. ولما كان اسمه واسم النبي متشابهين وهم العوام في أمر الرباني هذا الوهم. مثل ذلك كثير في العراق وسائر الأنحاء الشرقية ففي الكرخ قبر أحد كبار الكهنة اليهود واسمه يوشع والعوام تزعم أنه قبر النبي يوشع. وفي الكرخ أيضاً قبر مدفونة فيه أميرة سلجوقية أسمها زبيدة والعوام وأشباههم تزعم أنه قبر السيدة زبيدة زوج هرون الرشيد مع أنها دفنت في مقابر قريش. وبين البصرة وبغداد قبر يعرف بالعزيز مع أن العزيز (أوعزرا الكاتب) لم يدفن هناك وفي الموصل محل يعرف بقبر يونس والمعروف في التاريخ أنه في ذلك المكان كانت كنيسة للنساطرة على أسم النبي يونس أو يونان فزعم العوام أنه قبر النبي المذكور. ومثل هذا لا يحصى. وقد سمعنا مثل ذلك في ديار الغرب أيضاً. ولا يعتمد على أوهام العوام. أما محل قبره فلا يعرف على التحقيق. وكذلك يقال عن المدينة التي توفي فيها. إنما يعرف أنه مات في مدينة من مدن ديار بابل. وما عدا ذلك فمن قبيل الروايات التي لا يعتمد عليها. أما مدينة كركوك فليست بالسوس القديمة إذ السوس في خوزستان وكركوك (واسمها القديم كرخا دسلوك) في شمالي العراق الشرقي. ولم تسم يوماً بهذا الاسم كما لم يتوهم أحد المؤرخين هذه التسمية.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 34 - صاحب مختار الصحاح لعبد الله مخلص عضو المجمع العلمي العربي بدمشق كراسة نفيسة في 25 ص بقطع الثمن حقق فيها حضرة الصديق ترجمة صاحب مختار الصحاح وهو زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي وأنه كان من معاصري الصدر القونوي المتوفي في سنة 673هـ 1270م وأنه كان في قيد الحياة سنة 666هـ 1267م وأنه توفي بعد هذه السنة لكن لم تكن وفاته في سنة 760هـ كما ورد في كشف الظنون، إذ بين المحقق شناعة هذا الوهم. والذي نأخذه على الصديق أنه أدرج صور رسائل الأصدقاء العلماء المعاصرين ولم يذكر محل كتابتها ولا تاريخ كتابتها. وهذا ما ننكره عليه كل الإنكار فعسى أن يشار إلى ذلك في طبعة ثانية. (وراجع ص 214 من هذا الجزء). 35 - بديعية العميان نظم شمس الدين عبد الله محمد بن جابر الأندلسي عني بنشرها صديقنا المذكور كل ما يحرره الصديق (المخلص) يطبع بطابع التحقيق والتدقيق والإفادة الجمة ففي هذه البديعية التي لا تزيد صفحاتها من قطع 16 على 52 تجد فوائد لا تعثر عليها في كبار الأسفار وكلها تشهد على غوصه في بحار العلم لاستخراج ما فيها من الدرر والفوائد وإهدائها إلى الناطقين بالضاد فشكراً له على الهديتين. 36 - التعقيم في كليفرنية من وضع بولس بوبنوي عقمت حكومة كليفرنية منذ سنة 1909 إلى آخر سنة 1927 نحو 5000

شخص في بغية تحسين النسل وقد وضع العلامة بولس بوبنوي مقالة بديعة نشرها على حدة بعد أن عمم فوائدها في درجها في إحدى مجلات أميركة الكبرى والأميركيون يحرصون على تحسين النسل منعاً للأمراض ونشراً لقواعد الصحة وهم في مقدمة الأمم التي تفرغ ما في وسعها لهذه الغاية. 37 - التعقيم بلا إتلاف الجنس هذه رسالة ذات 29 صفحة بقطع 12 لمؤلفها العلامة الكبير روبرت. ل. دكنسن من علماء نيويورك وقد عرض فيها صاحبها 5820 حادث بضع في غاية إصلاح الجنس من غير أن يضر بضرر وقد زين بحثه بالصور العلمية والتحقيقات العصرية فجاء من أحسن ما صنف من نوعه وعسى أن تحذو حذوا أميركة سائر الدول الساعية لتحسين الذرية. 38 - التعقيم في تحسين النسل في كليفرنية كان صديقنا بولس بوبنوي يعني بغراسة النخل حين قدومه إلى بغداد قبل الحرب. والآن ضري حضرته بإصلاح الذرية وتخصص فيه ولا تمضي سنة إلا يضع فيها رسائل ومقالات في مداركة مباحثه وهذه الرسالة في 18 صفحة بقطع الثمن الصغير وقد ذكر فيها من الأحداث والأمثلة ما يوضح للأقوام حسن المسعى الذي ترمي إليه ديار أميركة نيلاً لتحقيق أمانيها. وعسى أن يستفيد من هذه المباحث أولو الأمر الذين عهد إليهم تحسين الصحة والنسل والأخلاق إذ جميع هذه الأمور متصلة بعضها ببعض اتصالاً ولا انفصام فيها. 39 - مباحث في الأدب العربية العصرية بقلم هـ. أ. ر. جب 3 - المصريون الحدثاء في 21 ص بقطع الثمن وباللغة الإنكليزية لم نقف على مقالة أطلعتنا على الحركة الأدبية المصرية كالمقالة التي وضعها العلامة الإنكليزي المذكور هنا. فأن أحاط بالموضوع أحسن إحاطة ووفي به

أحسن وفاء. وعلى كثرة من كتب عندنا في هذا البحث لم نلف من قام به هذا القيام الذي يشكر عليه ونحض أدباء مصر أن يطلعوا عليه إذ فوائده جمة. 40 - تأسيس تحسين البشر (باللغة الإنكليزية) رسالة تظهر ما للرجل الداهية أ. س. غصني من الفضل على الأميركيين من تأسيس جمعية تعني بتحسين نسل البشر، باتخاذ وسائل فعالة تبعد الناس عن الأمراض القبيحة والإمعان في المساوئ وتقرب لهم الفضيلة وتضعها لهم على حبل الذراع. فلمثل هذه الأعمال ليتنافس المتنافسون. 41 - العالم مجلة ومعارف وأحاديث، تصدر في تونس وهي نشر مكتبة العرب، مجلة بقطع الثمن الكبير في 32 صفحة وتنشر وقد برز جزءوها الأول في غرة يناير من هذه السنة فنتمنى لها الرقي والرواج والعمر الطويل. 42 - المجمع العلمي اللبناني خلاصة أعماله إلى السنة الحاضرة 1930 وصلت إلينا هذه الخلاصة بعنوان (الأستاذ انسطاس الكرملي المحترم) وليس في دائرتنا من هو (أستاذ) ولا هو (انسطاس) وإنما المذكور على غلاف المجلة (الأب انستاس ماري الكرملي). وقد رأينا في هذه الخلاصة تساهلاً عظيماً في استعمال الألفاظ ففي الصفحة الأولى منها (وهي ص 3) (واتخذت الدول في التمدن الحديث من سير هؤلاء العظماء أمثولة جعلتها في السنن الدولية. . .) والذي نعرفه أن الأمثولة بيت من الشعر يتمثل به ولا محل لوقوعها في هذه العبارة. وفيها (فأنشئت المجامع العلمية والمكتبات) ولم نجد المكتبات بمعنى الخزائن. إنما المكتبات جمع مكتبة والمكتبة ما تكثر فيه الكتب وأكثر ما استعملت في معني جمعها أي بمعنى الفرنسية أو الإنكليزية لا بمعنى الخزانة. وقد كررت هذه الكلمة مراراً عديدة. وذكر في تلك الصفحة المتحف. ولا

وجد له لأن الدار لا تتحف، والأصوب المتحفة أي المكان الذي تكثر فيه التحف وقس على ذلك سائر الصفحات فأنها لا تخلو من غلط أو أكثر سواء أكان ذلك الوهم مما يخالف أصول لغتنا أم من عيب الطبع. والصفحة الوحيدة التي سلمت من الخلل هي الصفحة ال 27 لا غير وهذا أمر عجيب إذ لم يتمكن (مجمع علمي) من أن يبرز كراسة بلا غلط. وما عدا ذلك فهي مفيدة لمن يطالعها. 43 - تاريخ نظام الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر بقلم عبد الرحمن الرافعي بك، الجزء الأول في 492 ص والجزء الثاني في 436 ص وكلاهما طبع في مطبعة النهضة بشارع عبد العزيز بمصر. أتريد أن تفاخر مؤرخي الغرب وتعارضهم في تأليفهم؟ خذ بيدك هذا السفر الجليل - أتحب أن تقف على أسرار السياسة ومحاوتاتها وعلى ما فيها من الخداع؟ طالع هذا التاريخ البديع - أتود أن ترى كاتباً شرقياً عربياً يفند مزاعم الغربيين ويفلي أقوالهم؟ - ليس لك سلاح آخر تحاربهم به سوى هذا التصنيف - أتهوى أن تقرأ ديواناً جمع صدق الرواية إلى حسن العبارة وصحتها؟ - لا يحقق أمنيتك إلا هذا التأليف. هذا أقل ما يقال في (تاريخ الحركة القومية) وكان الدافع إلى وضعه أن المؤلف - حرسه الله - أراد أن يصنف تاريخاً لفقيد مصر العظيم (مصطفى كامل) مؤسس النهضة الوطنية ومضرم الشعلة القومية المصرية فساقته الحركة إلى شقة اتسعت بين يديه وتشعبت مسالك السعي فيها فطوى أوراقه الأولى التي كان قد جمعها لهذه الغاية ثم شرع يبحث مواضع الكتاب من جديد فأخذ في الرجوع إلى الأدوار التي تقدمت عصر مصطفى كامل باشا ليقف عند حد يصح في نظرة أن يكون مبدأ الحركة القومية. وما زال يرجع بالحوادث إلى أحداث تقدمتها حتى أداة البحث أنه يقف في أواخر القرن الثامن عشر حيث وجد عصراً هو عصر المقاومة الأهلية تلك المقاومة التي بدت في أبناء النيل حين ناهضوا الحملة الفرنسية التي أتت قبل مائة وثلاثين سنة فكانت أول شرارة أشعلت جذوة الروح القومي في المصريين.

قال المؤلف في موضوع كتابه: (ما هي الجهود التي بذلتها الأمة في سبيل تحرير مصر من النير الأجنبي وفك قيود الاستبداد عنها وتقرير حقوق الشعب السياسية؟ ما هي الجهود التي بذلتها والآلام التي احتملتها في سبيل تكوين مصر الحرة المستقلة؟ ما هي الحوادث التي ارتبطت بهذه الجهود أو وقعت خلالها وناصرتها أو عرقلتها؟ ما هي الأدوار التي تطورت إليها الحركة القومية من بدء ظهورها إلى اليوم؟ ما هي نظم الحكم التي تعاقبت على البلاد في خلال تلك الأدوار وما مبلغ أثرها في تطور الحركة القومية؟ - هذا هو موضوع الكتاب وتلك هي المسائل التي بحثتها جهد المستطاع على هدى الحقائق التاريخية) أه. فيظهر من هذا البسط حاجتنا - نحن العراقيين وسائر الشرقيين من الناطقين بالضاد - إلى مطالعة هذا السفر الجليل لنعرف كيف نتخلص من الكابوس الذي يروعنا وينغص حياتنا على حد ما فعل إخواننا الأكبرون المصريون الذين تقدمونا أشواطاً في ميدان الحضارة ولنستفد من معلمينا في جميع أمورنا ولا بد من الأخذ بما يملونه علينا من دروس الحياة والعلم والوطنية مع المجاهدة حق الجهاد للحصول على أمانينا. إذن ليقتن كبارنا وصغارنا هذا الكنز النفيس ولنجعله قبلة آمالنا ليكون لنا نوراً وهدى في متابعة تحقيق أمانينا. 44 - قراءة كتابات قبرية قديمة (بالروسية) من وضع المحفي الروسي السوفييتس (في 126 ص و 10 ألواح مصورة). يحوي هذا الكتاب تصوير اثنتي عشرة شاهدة تصويراً مطابقاً للأصل كانت موضوعة على قبور المسلمين وتاريخ أقدم شاهدة سنة 218 للهجرة وأحدثها سنة 492 قرء من هذه الشواهد عشر وأهملت اثنتان لكونهما غير تامتين وكلها مكتوبة بخط يشبه بديع الأزهار أو النقوش العربية ووضع في الأخر أشكال الحروف التي اتخذت في تلك الشواهد مع ما يقابلها من حروفنا النسخية. والكتاب يبحث عن كل كلمة جاءت في تلك الحجارة وأصلها ومعناها بحيث جاء أحسن ما يصنف في بابه. ونحن نعجب من أبناء الغرب ومن

غرامهم بنشر هذه القبريات ولا ينهض في البلاد العربية اللسان من يعني بمثل هذه الآثار التاريخية فعسى أن يبعث نشاط الغربيين الهمة في نفوس الغيارى منا لينافسوا من تقدمنا في هذا الميدان ثم نسبقهم فنفوتهم في بمراحل. 45 - في سبيل الاتحاد إلى إخواننا أبناء الكنيسة الأرثوذكسية الانطاكية رسالة حسنة البراهين في 27 صفحة بقطع الثمن يحسن بالروم الأرثوذكس الانطاكيين أن يقفوا عليها وينعموا النظر في أدلتها. فيجدوا فيها ضالتهم المنشودة. 46 - مملكة النحل مجلة شهرية في النحالة العصرية هذه مجلة جديدة في موضوعاتها ومبتكراتها وهي الأولى من نوعها في لغتنا وتظهر بقسمين قسم عربي وقسم إنكليزي وتعني بالنحالة (أي بعلم تربية النحل) ويبلغ عدد صفحات كل من القسم العربي والإنكليزي 16 بتصاوير مختلفة توضح الموضوع الذي يعالجه فيكون عدد الصفحات 32 ما عدا التصوير. فنتمنى لها الرواج والعمر الطويل. 47 - العصور الأسبوعية إسماعيل بك مظهر من العاملين في نشر المبادئ التي أشتهر بها منذ قبضة على عنان اليراعة وهذه المجلة وقفها صاحبها على النقد في الأدب والفن والسياسة فهي (انتقادية للإصلاح وأدبية للتجديد وفنية للمثل العليا ومسرحية للفن وسياسية على مبادئ حزب الفلاح المصري) وكثيرة التصاوير الهزلية. ولا بدع من أن يكون لهذه المجلة الجديدة إقبال عظيم لأن المرء يميل إلى ما يخالف المعتقد العام وقد قال صاحبها عن مبدأها ما هذا نصه: (أما مبدؤنا من الناحية الأدبية فهو مبدأ العصور الشهرية بعينه لا نحيد عنه ولا نجد لنا سلوى في غيره) وقد ظهر الجزء الأول منها في 31 يناير من هذه السنة في 48 ص بقطع العصور الشهرية

ومما نأخذه على مظهر بك قلة عنايته بعبارة ما يكتب وتراكم أغلاط الطبع في كل صفحة من صفحات مطبوعاته وهو مما يضر بسمعه ما يتولى نشره من الصحف والكتب. 48 - الإفصاح في فقه اللغة تأليف عبد الفتاح الصعيدي وحسين يوسف موسى، المتخرجين في دار العلوم والمدرسين بالمدارس الأميرية طبع بمطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة سنة 1348هـ 1929م في 736 ص بقطع الثمن. هذا الكتاب من غرر المؤلفات، بل من دررها، ولا بد من إدخاله في كل مدرسة تحرص على إتقان اللغة العربية، وفي كل ديوان يعني صاحبه أو أصحابه بمعالجة بحث فصيح في لغتنا الضادية. والسبب انه زبدة (المخصص) لأبن سيدة وهو معجم معنوي تطلب فيه موضوعات تعرف مجملة ولا تحضرك أسماء مفصلة فتعمد إلى هذا الكنز البديع فتجد فيه كل ما تنشد من الضوال. وكم كنا نرغب في تلخيص (المخصص) ليستفيد منه أبناء المدارس وما كنا نجد من يقوم بأعبائه! أما اليوم فقد خرجت هذه الحسرة من صدرنا بفضل ما أصدره لنا حضرة الأستاذين الجليلين عبد الفتاح الصعيدي وحسين يوسف موسى اللذين أبدعا في وضع هذا الأثر النفيس الذي لا يقدر ثمنه مهما بالغنا فيه. وهذا السفر الجليل مبوب تبويب (المخصص) وعباراته كعبارته في أغلب الأحايين وأن كان صاحباه استمدا من سائر أمهات الكتب اللغوية الشيء الجليل على ما قالا في المقدمة في ص (ث) وهذه عبارتهما: (وقد حرصنا الحرص كله على أن نحتفظ بعبارات الكتب التي اتقينا منها مادة الكتاب، فذكرناها بنصها وفصها، ولم نحاول أن نصلح من العبارات، أو نتصرف في الألفاظ رغم وجود (لعلها على رغم أو برغم وجود) بعض مواضع يشعر القارئ بضرورة الحاجة إلى الإصلاح والتغيير فيها. لم نقدم على هذا ليكون الكتاب موضع ثقة تطمئن النفوس إليه، ويعتمد القارئ والباحث عليه). على أننا نرى في هذا الاستعباد للأولين والغض من رقي المعاصرين ما يسقط ثمن هذه الدرة من عيون الطلبة الذين أمعنوا في علوم العصر ولهذا كان يمكن

أن يصلح هذا العيب بإشارة في حاشية الكتاب لكي لا نثير في صدر المحققين من أبناء العصر ما يزري بقدره أو يقلل من الاعتماد عليه ولا بد من إيراد بعض الأمثلة ليسفر لنا وجه الحقيقة كما هو. جاء في ص 405: (الحشرة. الدابة الصغيرة من دواب الأرض والجمع الحشرات منها اليربوع والضب والورل والقنفذ والفأرة والجرذ والحرباء والعظاية وأم حبين والعضرفوط وسام أبرص والثعلب والهر والأرنب. . .) أما علماء العصر من لغتنا فانهم خصصوها بطائفة من الدويبات لا يدخل فيها الثعلب والهر والأرنب ومن أعظم الأدلة على ذلك أن (الإفصاح) نفسه ذكر بعد ذلك الثعلب والهر والأرنب في عداد الوحوش والسباع (ص 387 و 390 و 391) فوقع في هذا كله شيء من التناقض، كنا نود أن لا نراه في هذا السفر البديع. فلو علقا على عبارة ص 405 ما معناه: (هذا رأي الأقدمين وقد هجره المعاصرون) لكان في ذلك مجزأة. ومثل هذا التنافر تنافر القديم والحديث شيء لا يستهان. وفي بعض المواطن لا توافق الصور نص الكلام. فشكل الضب الذي يرى في ص 406 هو المسمى بالوزغة. وأما الضب فاسمه بلسان العلم ويكون ذنبه ضخماً كثير العقد. ونظن أن الذي ساق المؤلفين إلى هذا الوهم ما رأياه في (المنجد) وهذا المعجم قراره أوهام النحاة والصرفيين واللغويين وعلماء المواليد. فيحسن بهما أن يضعا في زاوية الإهمال والنسيان. وهكذا نقول عن كثير من التصاوير فأنها كلها منقولة عن (المنجد) - فيا للأسف على هذه الأوهام! - فالصل يقع على ما يسميه العلماء وعلى أو والصورة الظاهرة في ص 414 منقولة بعينها عن المنجد وليست بها ونحن نعلم أن ليس لصاحب المنجد أدنى إطلاع على علم المواليد. وهناك عدة تصاوير لا توافق الحقيقة كالصرصور (ص 418) والنسر (430) والغداف (فيها) والصقر والعقاب (431) إلى صور عديدة. ونحن هنا لا نلوم صاحبي (الإفصاح) بل نلوم صاحب المنجد الذي سقط تلك السقطات الهائلة وحمل غيره على أن يلقوا أنفسهم في تلك الهاوية البعيدة القعر. وكنا نود أن نرى فهرساً هجائياً للمواد حتى لا يضطر الباحث إلى مراجعة

جميع مواد الفهرس الحالي مما يضيع الوقت على غير طائل. ومما كنا نود أن ينزه هذا الكتاب البديع عما حوى بعض الآراء في أصل الألفاظ، فقد ذكر في ص 401 عن الزرافة أنها معربة. ثم زيد على ذلك ما هذا نصه وهو نص اللغويين: (دابة مسماة باسم الجماعة لأنها في صورة جماعة من الحيوان. ففيها مشابهة من البعير والبقر والنمر. . .) والصواب أن الكلمة مصرية ولا وجه لتفسيرها بالعربية. وقد وقع بعض أغلاط طبع لم ينبه عليها في الآخر كما جاء في ص 405 واثنتان يلتقيان ويختلفان والأحسن: تلتقيان وتختلفان. وفيها: ليست في ساقيه أظفار وهي عبارة المخصص 8: 91 ولو قيل: ليس في أصابعه أظافير لكان أحسن، وجاء معنى البق ما هو مشهور في ديار مصر وسورة أي الفسافس والعرب الأقدمون لم يعرفوا هذا المعنى للبق بل ورد عندهم بمعنى البعوض الضخم وبهذا المعنى يعرف في العراق كله إلى اليوم. وقول الإيضاح (ص 418) فإذا قتلت (البقة) كثرن من دمها. قول نطق به الأقدمون لكنه لا يوافق العلم. نعم أنهن يكثرن إذا كان في دمهن بيض، أما إذا لم يكن بيض في ذلك الدم فلا يمكن أن يكثرن منه. ولو زاد المؤلفان على تلك العبارة: (إذا كانت أنثى بالغة) لصح الكلام. وليس كل هذه الأمور تنزع شيئاً من هذا الكنز الثمين الذي يجب إدخاله في جميع المدارس لما فيه من جمع شتات اللغة وتنسيقه تنسيقاً منطقياً فضلاً عما يحوي من الألفاظ الجمة بعبارة عربية محضة صحيحة لا غبار عليها كأنها أفرغت في قالب سحبان أو نطق بها رضوان. خطط الشام 3 - وقال ابن تيمية في كتابه الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (3: 22 من مطبعة النيل في مصر) ووضعوا الأمانة وثبتوا أن الابن مولود من الأب قبل كون الخلائق. إلى غير ذلك من الشهادات التي لا تحصى عدا. فأجتز أنا

بما ذكرناه لنبين أن علماء المسلمين عرفوا مصطلحات النصارى أحسن من هذا الارشمندريت العائش في القرن العشرين. ومن غريب ما يجري في هذا الوادي قوله (ولا تطلب المبحث خارجاً عن تلك الصفحة العجيبة): (لولا زعيمهم أسقف أرفاً يعقوب لزنزلي المشهور بالبرادعي) قلنا: لم يكن في عصر يعقوب البرادعي مدينة باسم (أرفا) إنما هذا الاسم حديث والذي كان معروفاً في ذلك العهد هو الرها. فلو قال أسقف الرها المعروفة بأرفا لعذرناه أما أنه قال مباشرة: أسقف أرفأ فخطاً صريح. ومن عجيب عمل حضرة الارشمندريت المحترم أنه لم يذكر اسماً واحداً من إعلام المدن أو الرجال إلا وقد أخطأ فيه وما كاد يصيب إلا في علم واحد لا غير أورد بالصورة غير المشهورة عند العرب وهو (نسطوريوس) قال في القاموس في مادة س ط ر: النسطورية بالضم وتفتح أمة من النصارى تخالف بقيتهم وهم أصحاب نسطور الحكيم. . . وهو بالرومية نسطورس) أهـ. ترى أنه ارتكب ثلاث غلطات في علم واحد. كل ما أتينا به كان من باب تحقيق الأعلام التي وردت في صفحة واحدة ولم نرد أن نتجاوزها لئلا يتسع الخرق علينا والآن نريد أن نذكر في مقالة هذا من روح التعصب وما قذفته يراعته بحق أناس لم يتعرضوا له ولم يهينوه. فقد قال عن النساطرة الحاليين: (وباتت بدعته (أي بدعة نسطور) تذمى في الكلدان كالخنفساء إلى اليوم) (ص 226). - وقال عن القائلين بالمشيئة الواحدة وعن المارونية: (فباتت هذه البدعة تعالج النزع في شيعة الراهب يوحنا مارون التي عرفت (بالمردة) (كذا) وانحصرت على فتن لبنان (كذا، كأن الموارنة ليسوا في سائر بلاد الله) وتسمى الآن (بالمارونية) نسبة إلى الراهب المذكور الذي صار أول عليها (كذا) حتى استوفت أنفاسها أيام ركبات (كذا) الفرنج الصليبيين على الشم سنة 1182، فأنهم جذبوا الموازنة إلى الخضوع لكنيسة رومية. . . إلا أنهم أبدلوا بدعة (المشيئة الواحدة) بما ابتدعته رومية من الأضاليل (كذا) بعد أن قطعتها الكنيسة عن شركتها في القرن الحادي عشر) أهـ. إلى آخر ما تكلم على هذا الطراز الدال على أدب وحسن ذوق

ورقة أخلاق مما يشف عن روح مسيحي يقاوم الشر بالخير!!! وما بعد هذا عبارات أخشن وأقذى وأقذع. سامحه الله وعامله باللطف والرحمة! فقد قال مثلاً في ص 228 ما هذا بحروفه: (ولما نحجب نور الشرق عن رومية (كذا) تاهت كنيستها في شعاب الباطل (كذا) فأجفل منها معظم أوربا (كذا) متعوذين (كذا) بالمذهب البرتستاني. فأنشأت لهم (ديوان التفتيش) المشهور بفظائعه (كذا)، ثم لما سطع فجر العالم في أوربا (على يد البرتستانية التي قال عنها في ص 227 إلا أن هذه بدعة (بدعة محاربة صور الأولياء) تجددت في الشيع البرتستانية في أوائل القرن الخامس عشر ولا تزال ترمقها بأضرار جمة عاملة على تشعث (كذا) لغتها وتمرق (كذا) شملها وامتنع عليها إكراه الناس على التدين بما تمليه عليهم عمدت إلى دها. الرهبانيات كالجزويت (كذا) والكبوشيين وغيرهم فاستغوت بالمال (كذا) حزائق من الطوائف الشرقية القديمة منها حزيقة الروم الكاثوليك الذين استغوتهم من الملة الأرثوذكسية فانتحلوا لأنفسهم وصف (الملكيين) ليوهموا الناس أنهم الأصل ولكن لم يوهموا إلا أنفسهم. . .) إلى آخر ما قال وكل ما جرى فيه قلمه على هذا النغم الطافح بالأوهام التاريخية الدال على مخالطة في العقل وخبط في الأحداث والأزمنة وجهل للتعبير للفصيح المانوس وولع بالسب والشتم والثلب والقدح بالكبير والصغير. ونحن لا نريد أن نجيب عن هذه السفاسف لبيان ما في تضاعيفها من السخف والدناءة والنذالة التي لا ترى إلا في أناس من أذناب الطغام والسفلة لكنا نحيله على ما كتبه أبناء حزيقته (في المقتطب 76: 22) وهو الكاتب الكبير والمحامي الشهير سامي الجريديني وهذا نصه: (. . . وعظمة الكنيسة البابوية سر من أسرار الدهر - حاربتها السلطات الزمنية دهوراً طوالا فأخذت ما كان لها من قوة عالمية، وظن أعداؤها أن قد حان أجلها فإذا هي مجردة عن السيف أقوى واثبت منها وسيف الدنيا مصلت على رقاب الملوك والشعوب. و (انشقت) عنها الكنيسة البرتستانية (ومن قبلها الأرثوذكسية (أتسمع يا حضرة الارشمندريت توما ديبو المعلوف والمتكلم

هو أحد إتباع انشقاقك) فإذا هذه تلبس لباس الشرق وما عليه من (خيال وسفسطة وبلاء) وما البابوية (فراسخة) تمتد فروعها إلى كل الأنحاء (وأصولها إلى السماء). ذلك لأنها تكيفت مع الزمن وهذا هو سر العظمة في (نظامها العجيب). . .) أهـ. أفتستطيع يا حضرة الارشمندريت أن تقول مثل هذا المقال عن حزقك أو حزقتك أو حزيقتك أو حازقتك أو ما يحزقك؟. أي فرق بين ما خطته يراعتك وما كتبه الأب لويس شيخو اليسوعي عن الكثلكة (من ص 230 إلى ص 236) وما حرره الخوري بطرس غالب (من ص 236 إلى 238) وما نمقه القس أسعد منصور (من ص 238 إلى 245) ففي كلام هؤلاء الكتبة كلهم رزانة وعلم واقتدار وحسن تعبير وكلها مزايا ظاهرة للقارئ وللناقد ولا يرى منها شيء في ما سودته من الصحائف. ولو كانت مجلتنا موقوفة للمباحث الجدلية والدينية لأطلعناك على ما في كلامك من الأوهام التاريخية والمزاعم الباطلة والمفاسد المقلقة للمحبة والألفة: إلا أننا نشير إليها إشارة لكي لا تغر بسكوت الأكثرين وهم لم يسكنوا إلا لأنهم لم يروا في أنفسهم حاجة إلى الرد، إذ من شأن الباطل التفسخ والاضمحلال من نفسه. والذي استغربناه أن يكون لمقال حضرة الارشمندريت التقدم على كلام سائر الذين عالجوا بحث الدين في (خطط الشام) مع أن الكثلكة أقدم عهداً في العالم من الفرقة الأرثوذكسية (المنشقة منها) بحسب ما أريده سامي بك الجريديني وكل من سبقه في موضوع التاريخ الديني. نقف عند هذا الحد من النقد لئلا يمتد بنا إلى أجزاء عدة فسيكثره القراء فيسأمونه. وكنا نود أن يلطف حضرة المؤلف عبارة الارشمندريت بعبارات قلمه لكي لا يكون الكتاب أداة لجرح العواطف في أي فريق كان من سكان رقعة الشام المباركة. والذي نوجه إليه الأنظار أن الأستاذ محمد كرد علي أظهر من الشجاعة الأدبية ما لم يظهره أي مؤلف شرقي كان في بلادنا وذلك أنه ذكر في آخر هذا الجزء السادس أقوال المنتقدين واحداً بعد واحد بلا خوف ولا وجل. وهذه

مزية تفرد بها حضرته مما يدل على علو نفسه ومقامه وسمو أدبه وعلمه فنمحضه التهنئة ونتمنى لكتابه هذا كل رواج وانتشار. الأغاني الجزء الأول 21 - ورد في ص 35 من تصدير هذا الجزء الأول من الأغاني في مختصري الأغاني ما صورته: ومنهم أبو القاسم عبد الله المعروف بابن باقيا الحلبي المتوفي سنة 485 قلنا: هكذا رأينا (باقيا) بالباء الموحدة والذي في تاريخ أبن خلكان من ترجمه المذكور ما نصه (وناقيا بفتح النون وبعد الألف قاف مكسورة ثم ياء مثناة من تحتها مفتوحة وبعدها ألف) وذكر أبن خلكان أنه كان من أهل بغداد وتوفي فيها. أما أن المختصر (حلبي) وأنه (أبن باقيا) فقد نقل من كتاب (كشف الظنون) والخطأ سار منه في كل طبعاته الأستانية والفرنجية والمصرية، ولعل باقيا فيه من أغلاط الطبع. 22 - وقالوا في هامش ص 112 (قدوم الوليد بن عبد الملك مكة واجتماعه بعمر) وليست (اجتمع به) من الفصاحة على شيء والاجتماع مصدر لاجتمع فله ههنا ما لفعله من التشارك فالصواب اجتماعه هو وعمر) أو اجتماعه مع عمر) لجواز وضع (مع) في موضع الواو العاطفة في الفاعل والافتعال المؤذنين بالتشارك. 23 - وجاء في ص 122 (سئمونا وما سئمنا جواراً) فعلقوا به (في ح. ر: سقاما، وفي ديوانه بين) قلنا: أن سقاما ههنا محرف عن (مقاما) وقد ورد في ص 106 فارجعوا إليه. 24 - وقالوا في ص 131 (النكباء: الريح التي تنكب عن مهاب الرياح) قلنا: ورد في 3: 20 من الكامل (والنكباء: الريح بين الريحين لأن الرياح أربع وما بين كل ريحين نكباء فهي ثمان في المعنى) وهذا أوضح لطلاب الأدب. 25 - وورد في ص 136 قولهم (بأربعة وجوه) والفصيح (أوجه) بالقلة.

26 - وروي في ص 137 (أنين مكاكي فارقت بلداً خصباً) ومما علقوه عليه (وفي ديوانه المطبوع بليبزغ: مكاك بحذف الياء وهو غير جائز) قلنا أن ذلك جائز وقد روينا في المادة 12 من نقدنا هذا قول المبرد (الأواسي: ياؤه مشددة في الأصل وتخفيفها يجوز ولو لم يجز في الكلام لجاز في الشعر) وفي (م ن ي) من مختار الصحاح (والأمنية واحدة الأماني. قلت يقال في جمعها: أمان وأماني بالتخفيف والتشديد) وقال المبرد في ج1 ص 198 من الكامل (ويقال في قلبي منك حوجاء إي حاجة ولو جمع على هذا لكان الجمع: حواج، يا فتى! وأصله: حواجي، يا فتى! ولكن مثل هذا يخفف كما تقول في صحراء: صحار يا فتى! واصله: صحاري) أهـ. فمنع جواز التخفيف إذن غير جائز. 27 - وقالوا في ص 152 (المقصد: من طعن أو رمي بسهم فلم يخطئ مقاتله) والصواب (فلم تخطأ) لأن المقصد بضم المقصد بضم الميم وفتح الصاد مذكر ولأن الفعلين السابقين مبنيان للمجهول. 28 - وقالوا في ص 154 (والبلاقع: جمع بلقع وهي الأرض القفراء) والصواب (القفر أو القفرة) فلا قفراء في العربية بهذا المعنى ونظن وأن هذا الوهم من وجودهم (قرا) في القوافي وظنهم أنها مقصورة من (قفراء) لضرورة الشعر. وفي ص 195 من هذا الجزء. وبجيد آدم شادن خرق ... يرعى الرياض بلدة قفر 29 - وقالوا في ص 172 (وفي سائر النسخ - متزوجة بابن عم - قال في اللسان نقلا عن التهذيب: وليس من كلامهم، تزوجت بامرأة ولا زوجت منه امرأة، وقوله تعالى: وزوجناهم بحور عين، أي قرناهم بهم، وقال الفراء تزوجت بامرأة لغة في أزد شنوءة) أهـ. قلنا: فما لكم قلتم في هامش ص 233 (تزوج الثريا بسهيل)؟. أما (زوجه منها) فنراه فصيحاً، ففي ص 341

من هذا الكتاب قول نصيب (أزوجت أبني هذا من ابنة أخيك) وفي الأغاني (3: 363) قول أبي عبيدة (خطب النوار. . . وكان أبن عمها دنيه ليزوجها منه) وفي الكامل 2: 107 ما نصه (فخطب عبد الله فزوجها من المصعب) وفي ص 62 يذكر امرأة تزوجت من غير كفء) وفي 3: 122 ما نصه (فتكلم الحسين فزوجها من القاسم) وبعد هذا قول الحسين بن علي عليهما السلام لمروان (فتكلمت أنت فزوجتها من عبد الله بن الزبير) وأما (زوجها به) فقد ورد في ص 484 من جزء الأغاني هذا وهو قول جندب بن عمرو ل (عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (يا أمير المؤمنين، أن وجدت لها كفئاً فزوجه بها ولو بشراك نعل). وأما (تزوج بها) ففصيح: وفي الكامل 2: 167 قول الوليد بن عبد الملك لعلي بن عبد الله بن العباس (إنما تتزوج بأمهات الخلفاء) وسيستغني القارئ بما ذكرنا له عن مراجعة معاجمنا الناقصة. وبما في الأساس ونصه (وتزوجت فلانة وبفلانة وزوجنيها فلان وزوجني بها) وبما في المصباح ونصه (قال الأخفش ويجوز زيادة الباء فيقال: زوجته بامرأة كتزوج بها. 30 - وقالوا في ص 122 (يريد أنهن بعد أن تأملن في أنكرنني بعد أن عرفنني) وفي الجملة غلطان أولهما تعديتهم (تأمل) بفي وهو متعد بنفسه دائماً والآخر جعلهم (إنكارهن له) بعد التأمل وبعد العرفان معاً ولا يصح ذلك فلا يقال (جئت بعد أن خرجت، بعد أن جلست) فالصواب (أنهن تأملنني فأنكرنني بعد أن عرفنني). 31 - وورد في ص 191 قول عمر أبي ربيعة (فخرجت خوف يمينها فتبسمت) وفي الكامل 1: 205 (فخرجت خفيفة قولها فتبسمت). 32 - وقالوا في ص 236 (المراد أنه أرسل لها كتاباً مكتوباً) والصواب (بكتاب) لأنه لا يرسل وحده فيكون على حد قوله تعالى (وأني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون) ولا يجوز إرادة (أرسله بمعنى أطلقه) كما جاء وهما في شرح الطرة. بغداد: مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - المكان العربيان يتلاقيان نهض صاحب الجلالة ملكنا المحبوب من حاضرته في الساعة التاسعة والربع من مساء الخميس 20 فبراير (شباط) فركب القطار وشيعه أصحاب المعالي الوزراء وحضرات الأعيان والنواب ورؤساء الدواوين. وكان في القطار فخامة السير فرنسيس همفريز المعتمد السامي ومعه قرينته وكريمته وقائد القوات الجوية في العاصمة. وفي اليوم الثاني في الساعة الخامسة وصل القطار إلى محطة معقل في البصرة ومنها سار الموكب إلى الباخرة العراقية (نرجس) ومنها إلى الباخرة الإنكليزية التي تمت فيها مواجهة الملكين الجليلين فطابت ثمرتها إذ وقع الاتفاق على أسس المعاهدة وفي 24 فبراير أبرق ممثلو الصحف الثلاثة (رفائيل بطي عن (البلاد) وسليم حسون عن (العالم العربي) واميل كرمي عن (الأوقات البغدادية)) هذه البرقية (في 23 فبراير): (توالت اجتماعات الوفدين بنجاح عظيم وحصل الاتفاق على أسس المعاهدة التي ستعقد وقبلت نجد النظرية العراقية في كيفية حل مسألة المخافر، وتسوية المنهوبات، وحسن الجوار، وحسم سائر المسائل المعلقة والمأمول توقيع الأسس اليوم. وأقيمت الآن مأدبة فخمة لتكريم الملك أبن سعود في الباخرة العراقية التي رست في الفاو ظهراً. (وفي 24 فبراير): انتهت الاجتماعات أمس بالاتفاق: أولاً على التحكيم في قضية المخافر بعد بضعة أشهر - ثانياً تأليف محكمة من الفريقين لتسوية المنهوبات حسب معاهدة بحرة - ثالثاً تأجيل البحث في تبادل المجرمين - رابعاً إطلاق حكومة العراق سراح أبن مشهور وإتباعه الذين نالوا أمان أبن سعود - خامساً تم التفاهم على مشروع اتفاقية حسن الجوار المتضمنة المناسبات المتقابلة على الحدود والصلات الودية والتمثيل السياسي وتنقل عشائر الطرفين وتعاون الطرفين على الحدود.

سيجري عقد هذه الاتفاقية بعد سبك صيغتها النهائية - سادساً يعقد مؤتمر لإنجاز كل هذه المسائل بعد الحج - تبودلت المكاتبات الرسمية بهذه النتيجة - تحركت الباخرة صباح اليوم عائدة - يصل الموكب بغداد قبل ظهر الثلاثاء (25 فبراير). 2 - وفاة الشيخ شعلان أبو الجون أنتقل إلى دار البقاء في 29 ك 2 (يناير) الشيخ شعلان أبو الجون رئيس عشيرة الظوالم وكان من أعلام الثورة الوطنية في سنة 1920 ونائباً عن الديوانية في المجلس التأسيسي وكان ممن صرحوا برفض المعاهدة والانتداب البريطاني رفضاً باتاً، تغمده الله برحمته. 3 - الكرنك لورنس في كردستان وسورية وشرقي الأردن أشاعت صحف العراق أن الكرنك لورنس كان في هذا الشتاء في ديار كردستان فكذبت الخبر مديرية المطبوعات ثم جاء في جريدة (القبس) الدمشقية أن الكرنك المذكور مر ببيروت متخفياً وأقام فيها يومين بزي بدوي. ثم ذهب منها إلى شرقي الأردن فاعتقل في عمان عاصمة شرقي الأردن باسم نكرة أي باسم إنكليزي بزي بدوي يتقن العربية. 4 - القاصد الرسولي هبط الحاضرة في الساعة الرابعة يوم الأحد 16 شباط (فبراير) سيادة القاصد الرسولي انطونين درابية رئيس أساقفة نيكسار ومعه الأب روسل الدمنكي رئيس مبعث الموصل فاستقبله أرباب الدين النصراني بجميع طبقاتهم ورحبوا به أعظم ترحيب وخرج بين يديه طلبة المدارستين اللاتينية والسريانية وتلميذات الراهبات فكان لقدومه استقبال حافل ندر أن يكون له نظير ونزل سيادته ضيفاً على الباء الكرملين. فأهلا به وسهلاً. 5 - تسليم الثوار النجديين كان فيصل الدويش وابن حثلين وأبن لامي ومن لف لفهم ثاروا على أبن سعود ملك نجد والحجاز وفي نيتهم أن يقلبوا الحكومة رأساً على عقب فطاردهم الملك الباسل حتى لم يبق لهم ملجأ يلوذون إليه فاضطروا إلى أن يسلموا أنفسهم إلى الإنكليز ليتقوا الموت الزؤام. فألح صاحب الجلالة السعودية على الإنكليز أن يسلموا إليه هؤلاء الشيوخ المفسدين فأبوا في أول الأمر ثم ألح فألحف في الطب حتى دفعوهم إليه في 28 يناير وكان الإنكليز قد نقلوهم إلى دراعة

لهم في البحر على متن طيارة. 6 - أبن مشهور ابن مشهور شيخ من شيوخ الرولة وأبن عم نوري الشعلان رئيس الرولة في سورية. وكان أبن مشهور في الأراضي النجدية مع من ينتسب إليه وبعد نشوب ثورة الدويش أنضم إليه ولما دحر هذا الشيخ ومن معه فر أبن مشهور مع أتباعه إلى حكومة العراق ويقال أن حكومة أبن سعود تطلب تسليمه إليها وتطالب به أيضاً السلطة الفرنسية في سورية. ثم عفا عنه وعن إتباعه جلالة ابن سعود فأطلقت الحكومة العراقية سراحه. 7 - كسوة الحكم والقضاء صدرت الإرادة الملكية بأن يرتدي الحكام والقضاء في أثناء المرافعات منذ 1 نيسان 930 بالملابس الآتية: - 1 - معطف أسود ذو كمين عريضين مستطيلين (2) طوق أبيض منشى (3) ربطة بيضاء (4) سيدارة سوداء وفقاً للأمثلة المحفوظة في ديوان وزارة العدلية. أما الذين يرتدون اللباس العلمي فعليهم أن يلبسوا حبه سوداء أثناء المرافعات. 7 - كيفية تسليم الثوار إلى أبن سعود قال أحد القادمين من معسكر أبن سعود: شاهدت الثوار في أثناء تسليمهم، وقد حشدوا في خيمة وضع عليها الحرس الكافي وفي هذه الخيمة قيدت أرجلهم وأيديهم بسلاسل من حديد وبعد هنيهة حضر جلالة الملك فوقف يشاهدهم وعلامات الكدر مرتسمة على وجهه الكريم بصورة واضحة شفقة على أولئك الجهلاء الذين خدعوا فتورطوا بحمأة الشقاء والتعس فاستحقوا لعنات التاريخ من جراء الأعمال المنكرة التي ارتكبوها وبعد أن بقي الملك واقفاً يشاهد هذا المنظر المؤلم زهاء خمس دقائق عاد إلى مقره وأمر أمراً باتاً بإرسال الثوار مخفورين إلى الرياض حيث يبقون مسجونين ريثما يعود جلالته إليها فتحكم الشريعة في مصيرهم. هذا ويتذكر القراء أن الزعماء المذكورين سلموا إلى السلطة البريطانية في 8 كانون الثاني في منطقة الكويت وعلى هذا لم يتجاوز بقاؤهم في أسر الإنكليز عشرين يوماً، وهكذا كان موقف الحزم الذي وقفه الملك عبد العزيز آل سعود بازاء قضية التجاء زعماء

الثوار إلى الحكومة البريطانية أثره البليغ في هذه القضية فقد أضطر الإنكليز في سواحل الخليج الفارسي إلى النزول على الأمر الواقع فسلموا الثوار إليه، وبعد تسليم الثوار فوزا مبيناً لسياسة ابن سعود يستحق عليها التهنئة من جميع المشتغلين بالقضية العربية. 8 - حكومة أبن سعود تعترف بحكومة أفغانستان الحالية تفيد أخبار الحجاز أن حكومة جلالة الملك أبن سعود أبلغت وزارة خارجية أفغانستان رسمياً الاعتراف بها على لسان البرق وهذا نص البرقية التي أرسل بها وكيل الشؤون الخارجية ودونكها بحروفها: وزير الخارجية الأفغانية - كابل لقد أحطت علم حكومة جلالة الملك ببرقيتكم التي نقلتم إلي فيها خبر انتهاء الفتنة الأهلية في أفغانستان وانتخاب الأمة الأفغانية بالإجماع لحضرة صاحب الجلالة محمد نادر خان للجلوس على عرش المملكة ونظراً للروابط الدينية والعواطف الإسلامية المتبادلة بين بلادينا فقد حكومة جلالة الملك هذا النبأ بكمال السرور وعهدت إلي أن أبلغكم رسمياً أنها تعترف في هذا اليوم بحضرة صاحب الجلالة محمد نادرخان ملكاً على أفغانستان. فؤاد حمزة وكيل الشؤون الخارجية 9 - مدير المعارف العام قدم صاحب السعادة رشيد بك الخوجة من ديار مصر في أواخر العقد الثاني من شهر شباط (فبراير) وباشر أعماله الجديدة نهار الخميس ال 20 منه. فنتمنى له النجاح والسعي الحثيث في هذه الإدارة. 10 - المفتش المالي العام انتهت خدم سعادة اسقان بك المفتش المالي العام منذ صباح أول شباط من هذه السنة. فأسف موظفو الوزارة على فاقة لما أظهره من الاستقامة وحسن الإدارة والكفاية في مدة السنوات الخمس التي قضاها في خدمة وزارة المالية وكان في أثنائها موضع تقدير واحترام جميع الموظفين من عراقيين وبريطانيين. ومثال جد واجتهاد نادر المثال. 11 - وكيل المفتش المالي العام أودعت وزارة المالية وظيفة المفتش المالي العام وكالة إلى عهدة يوسف بك عز الدين آل إبراهيم باشا الهمام

من الدرجة الأولى وباشر وظيفته منذ أول فبراير. 12 - وفاة ممتاز بك استأثر الله ليلة 6 فبراير (شباط) بممتاز بك أبن رشيد أفندي الدفتري ووالد علي بك المعاون لمديرية الواردات العامة فتوفي فجأة ومشى في موكبه المهيب كبار موظفي الدولة وجم غفير من وجوه البلدة. نشأ الفقيد في دار السلام وتلقى علومه في المدرسة الملكية الشاهانية في الآستانة وعين بعد ذلك قائم مقام في عدة مدن من العراق وبعد نشوب الحرب العظمى بسنتين أحيل إلى الاستراحة وفي سنة 1920 قبل أن يكون قائم مقام في الكاظمية أجابه لإلحاح الأصدقاء عليه وكان أول قائم مقام نصب بعد تسلم الدولة العراقية الحكم في هذه الديار وبقي هناك أربعة أشهر ولما شاهد الثورة العراقية مشتعلة والمحتلين يشدون الإرهاق استعفى ولازم دارة إلى أن وافاه القدر المحتوم وكان قد بلغ من السن الثالثة والستين فنقدم إلى المنتمين إليه ولا سيما نجله النجيب علي بك عبارات التعزية والسلوان. 13 - انتشار الأمراض الاجتماعية في العراق انتشر القمار والفحش وشرب المسكرات انتشارا هائلاً في العراق وقد حملت لها عليها. أما القمار فأنه دخل بيوت الخواص فضلاً عن بيوت العوام والأندية والمقاهي وشوارع المدينة. والمومسات يتنزهن في الأزقة وفي السيارات والعجلات داعيات الشبان إليهن. والمسكرات أفلست أرباب البيوت إذ كثيراً ما يرى أصحابها يتركون عيالهم يتضورون وهم يصرفون أموالهم على مشترى تلك المسكرات ويعاقرونها من غير رحمة وحنان على أفلاذ أكبادهم فعسى أن تأخذ الحكومة الوسائل الفعالة لقطع دابر هذه الأدواء الهائلة النتائج. 14 - عشائر المياح والبيكات اختلفت عشائر من قبائل البيضان وقبائل البيكات في أرض السكنى والحكومة ساعية في إصلاحه ذات البين بين الجمعين. (تصحيحات) ص 164 س 24 إلى: على - ص 169 س 8 ضفة: ضفتي - ص 183 س 1 يقتص: يقتنص - 205 س 9 بن: بين.

العدد 79

العدد 79 - بتاريخ: 01 - 04 - 1930 الفتوة والفتيان قديما الكشف والكشافة حديثاً الفتوة مذهب حيوي ديني سلك بعد ظهور الإسلام لتهذيب الأخلاق ونعش النفوس وبث العبقرية وتوكيد المؤاخاة بين الناس والدعوة إلى الفضائل والشجاعة والتجافي عن الرذائل والجبن. فالفتوة عند الفتيان هي استجماع النعوت الكريمة والأخلاق القويمة والطباع السليمة والجراءة والإقدام ولا سيما السخاء والكرم. مبعث الفتوة إن الفتيان ينسبون طريقتهم هذه إلى الإمام علي عليه السلام على ما سنذكره من الحوادث فهو قدوتهم فيه وفيه أسوتهم ويؤمنون بأنه أول الفتيان وأقدسهم لورود (لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار) في فتوته المقدسة وشجاعته الفذة. وقد قال الشريف الجرجاني في كتاب (التعريفات) الفتوة في اللغة: السخاء والكرم. وفي اصطلاح أهل الحقيقة: هي أن تؤثر الخلق على نفسك بالدنيا والآخرة) وباستمرار الأزمان على الفتوة صارت رتبة تقام لها الإقامات والحفلات ولها شعار ولباس خاصان بها فأشبهت الرتب السلطانية التي يوصل

إليها الخليفة أو من ينوب عنه ونقل جرجي زيدان في (153: 5) من تاريخ التمدن الإسلامي أن الناصر لدين الله العباسي كتب سنة 607هـ إلى ملوك الأطراف الذين يعترفون بخلافته أن يشربوا له كأس الفتوة ويلبسوا سراويلها وأن ينتسبوا إليه في رمي البندق ويجعلوه قدوة لهم. التفتي وشعار الفتوة يقال: فتى فلان فلانا تفتيه أي جعله فتى من الفتيان. فتفتى هو أي صار فتى. أما شعار الفتوة فقد كان (سراويل) تسمى سراويل الفتوة وينقش صورة كأس أو سراويل أو صورة كلتيهما فيتخذ الفتى هذه الصورة رمزا إلى انه من الفتيان. وإذا رغب امرؤ في التفتي فتقام له إقامة يشهدها الفتيان فيلبس سراويل الفتوة ويشرب كأس الفتوة. وفي صفحة 80 من نسختنا الخطية لتاريخ (الحوادث الجامعة) في حوادث بغداد وما جاورها ما نصه (وفيها - أي سنة 646 الهجرية - توفي جلال الدين عبد الله بن المختار العلوي الكوفي. كانن عريق النسب كبير القدر أديبا فصيحا، حفظ القرآن في نيف وخمسين يوما. . . وكان يحضر عبد الخليفة الناصر في رمي البندق والفتوة ولعب الحمام، وكان يفتى فيه ويرجع إلى قوله، ولم يزل على ذلك إلى أيام الخليفة المستنصر بالله فأشار عليه أن يلبس سراويل الفتوة من أمير المؤمنين علي عليه السلام وأفتى بجواز ذلك فتوجه الخليفة إلى المشهد ولبس السراويل عند الضريح الشريف، وكان هو النقيب في ذلك) اهـ فالتفتية إذن كانت من حق العلويين ولها عظمة وآبهة يتشرف بها الخلفاء فكيف السوقة؟ وفي صفحة 236 من تاريخ الفخري كلام في الناصر لدين الله منه: (وسمع الحديث النبوي صلوات الله على صاحبه وأسمعه، ولبس لباس الفتوة وألبسه وتفتى له خلق كثير من شرق الأرض وغربها ورمى بالبندق ورمى له ناس كثير) فالناصر لدين الله كان رئيس الفتيان في زمانه وكان الرماة يرمون باسمه والظاهر لنا من هذا انهم يذكرون اسمه حين الرمي.

تطورات الفتوة حكم التطور جار على كل أمور الدنيا ولذلك تطورت الفتوة أطوارا شتى فدخل فيها الغناء ورمي البندق وتطيير الحمام للمسابقة وقد دعا ذلك إلى تسطير كتب في انساب الحمام كما ألفوا قبلا كتبا في انساب الخيل ومن براهين ذلك أن عبد الله بن المختار العلوي عين كاتب شرائج الحمام ولم يزل على ذلك إلى أيام المستعصم بالله وقد ضبط أنسابها في الدساتير. وفي سنة 626هـ نفذ (فخر الدين أبو طالب احمد بن الدامغاني) والشيخ (أبو البركات عبد الرحمن) والأمير (فلك الدين محمد بت سنقر الطويل) إلى (جلال الدين منكوبري بن خوارزمشاه) وهو يومئذ على مدينة (خلاط) محاصرا لها ومع هؤلاء تشريفات وكراع ولباس الفتوة، وقد وكل الخليفة المستنصر (فخر الدين بن الدامغاني) والشيخ أبا البركات في تفتيته، وكان هؤلاء الثلاثة المرسلون صادفوه خارج مدينة (خلاط) للحصار فخلعوا عليه ما أرسل به الخليفة إليه والبسوه سراويل الفتوة. وفي سنة 634 حضر (عبد الله الشرمساحي مدرس المالكية بالمدرسة المستنصرية (بالبدرية) عند شرف الدين إقبال الشرابي وأنعم عليه بلباس الفتوة نيابة عن الخليفة) ذكرنا هذه الحوادث ليتحقق القارئ أهمية الفتوة وتنفيذها. الفتوة في زمن الأمويين روى أبو الفرج الأصفهاني في ص245 ج2 من الأغاني في أخبار (حنين الحيري) المغني ما نصه: (كان حنين غلاما يحمل الفاكهة بالحيرة وكان لطيفا في عمل التحيات فكان إذا حمل الرياحين إلى بيوت - الفتيان - ومياسير أهل الكوفة وأصحاب القيان والمتطربين إلى الحيرة ورأوا رشاقته وحسن قده وحلاوته وخفة روحه استحلوه) فهذا الخبر يدل على أن الفتيان في ذلك العهد قد عكفوا على التنعم واستهوتهم الملاهي وتمكنوا من الدرز وقد وصف لنا عيشتهم بما رواه في ص246 عن حنين نفسه، قال حنين (خرجت إلى - حمص -

التمس الكسب بها وارتاد من استفيد منه شيئا فسألت عن - الفتيان - بها وأين يجتمعون فقيل لي: عليك بالحمامات فانهم يجتمعون بها إذا أصبحوا، فجئت إلى أحدها فدخلته فإذا فيه جماعة منهم، فأنست وانبسطت وأخبرتهم أني غريب ثم خرجوا وخرجت معهم فذهبوا إلى منزل أحدهم فلما قعدنا أتينا بالطعام فأكلنا وأتينا بالشراب فشربنا فقلت لهم: هل لكم في مغني يغنيكم؟ قالوا: ومن لنا بذلك؟ قلت: أنا لكم به هاتوا عودا فأتيت به فابتدأت في هنيات أبي عباد معبد فكأنما غنيت للحيطان لا فكهوا لغنائي ولا سروا به) اهـ وليس لهؤلاء الفتيان مزية سوى إضافة الضيفان وإعانة اللهفان، إذ ليس في هذه الأخبار ما يدل على التأله. الاخية فرقة من الفتيان ذكر ابن بطوطة في رحلته جماعات (الاخية) وواحدهم (أخي) مضافا إلى ياء المتكلم ورئيسهم (أخي) أيضاً وأنهم بجميع البلاد التركمانية الرومية في كل بلد ومدينة وقرية ووصفهم بأنهم لا يوجد في الدنيا مثلهم اشد احتفالا بالغرباء من الناس وأسرع إلى إطعام الطعام وقضاء الحوائج والأخذ على أيدي الظلمة وقتل الشرط ومن لحق بهم من أهل الشر ورئيسهم رجل يجتمع أهل صناعته وغيرهم من الشبان الأعزاب والمتجردين ويقدمونه على أنفسهم ويبني الرئيس زاوية ويجعل فيها الفرش والسرج وما يحتاج إليه من الآلات أم اتباعه فيسعون في النهار في طلب معايشهم ويأتون إليه بعد العصر بما اكتسبوه فيشترون به الفواكه والطعام إلى غير ذلك مما ينفق في الزاوية فان ورد في ذلك اليوم مسافر أنزلوه عندهم ولا يزال عندهم حتى ينصرف وان لم يرد وارد اجتمعوا هم على طعامهم فأكلوا وغنوا ورقصوا وانصرفوا إلى صناعاتهم في الغدو وأتوا بعد العصر إلى مقدمهم بما تيسر لهم ويسمون بالفتيان ويسمى مقدمهم الاخي ووصفهم أن لباسهم الأقبية وفي أرجلهم الأخفاف وكل واحد منهم متحزم على سكين طوله ذراعان وعلى رؤوسهم قلانس بيض من الصوف بأعلى كل قلنسوة قطعة موصولة بها في طول ذراع وعرض إصبعين، هذه خلاصة ما ذكره ابن

بطوطة في كلامه على مدينة (أنطالية). وقال في مدينة قونية (نزلنا منها بزاوية قاضيها ويعرف بابن قلمشاه وهو من الفتيان وزاويته من اعظم الزوايا له طائفة كبيرة من التلاميذ ولهم في الفتوة سند يتصل إلى أمير المؤمنين علي أبن أبي طالب عليه السلام ولباسها عندهم السراويل كما تلبس الصوفية الخرقة) اهـ كلامه بنصه، وهذا الخبر يؤيد ما قلناه من أن الفتيان ينتسبون إلى علي عليه السلام. الفتوة المذهبية قال ابن جبير الكناني في ص 260 من رحلته مطبعة السعادة (وسلط الله على هذه الرافضة طائفة تعرف بالنبوية سنيون يدينون - بالفتوة - وبأمور الرجولة كلها وكل من ألحقوه بهم لخصلة يرونها فيه منهما يحرمونه السراويل فيلحقوه بهم ولا يرون أن يستعدي أحد منهم في نازلة تنزل به، لهم في ذلك مذاهب عجيبة وإذا اقسم أحدهم بالفتوة بر قسمه وهم يقتلون هؤلاء الروافض أينما وجدوهم وشأنهم عجيب في الألفة وائتلاف) اهـ من كلامه على مدينة دمشق وهو يدل على أن الفتوة في تلك الربوع كانت تعصبية بحتة ولا خلاص من التعصب فانه مباءة كثير من الأرواح والدين مع النفس والحق مع العقل ولا يغلب عقل امرئ نفسه إلا بتوفيق من الله عظيم. الرمي في الفتوة كان غالب رمي الفتيان لإظهار الحذق والمهارة وقد كان صبيان المدينة المنورة في زمن الأمويين يتدربون على رمي السهام عن القسي للتمرن واللعب واستفاض ذلك بين الناس حتى كان بعض الخلفاء الأمويين يقضي هو ووليجته الأوقات في الرمي إلى هدف معلق في الهواء تسلية للنفس وتمرنا على هذا الفرع من فروع الشجاعة فقد روى مؤلف كتاب (صحيفة الأبرار) ص361 من الجزء الأول عن دلائل الطبري أن هشام بن عبد الملك أمر بأشخاص محمد بن علي الباقر وابنه جعفر الصادق (ع) إلى دمشق فاشخصا ودخلا عليه قصره وهو قاعد على سرير الملك وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم متسلحين وقد نصب البرجاس حذاءه وأشياخ قومه يرمون فقال هشام لمحمد الباقر (ع) يا محمد ارم مع أشياخ قومك

الغرض، يريد أن يظهر عجزه ويضحك منه فاستعفى الإمام من ذلك فلم يعفه فتناول عند ذلك قو شيخ من الأشياخ ثم تناول سهما فوضعه في كبد القوس ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصب السهم فيه ثم رمى فيه ثانية فشق فواق سهمه إلى نصله ثم تابع الرمي حتى شق تسعة اسهم بعضها في جوف بعض وهشام يضطرب في مجلسه فلم يتمالك أن قال: أجدت يا أبا جعفر وأنت أرمى العرب والعجم هل زعمت انك كبرت عن الرمي؟ ثم قال: يا محمد لا يزال العرب والعجم يسودها قريش ما دام فيها مثلك لله درك من علمك هذا الرمي وفي كم تعلمته؟ فقال له الإمام: قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام حداثتي ثم تركته فلما أراد أمير المؤمنين من ذلك عدت فيه، فهذا دليلنا على ما ذكرناه من أن الرمي كان يتعاطاه الشبان ضربا من الشجاعة واللهو ولإقبال الناس على هذا الضرب من اللهو تنوع الرمي ففي ص 256 من شرح الطرة قول الحريري: (ويقولون للقناة الجوفاء التي يرمى عنها بالبندق: زربطانة والصواب: سبطانة) قال الشارح: (واستعمال زربطانة واقع في كلام المولدين كقول ابن الحجاج: به ترمي لحى متعشقيها ... كما يرمي الفتى بالزربطانة وفي مادة (ح س ب) من المصباح المنير ما عبارته: (وقال الأزهري: الحسبان مرام صغار لها نصال دقاق يرمى بجماعة منها في جوف قصبة فإذا نزع في القصبة خرجت الحسبان كأنها قطعة مطر فتفرقت فلا تمر بشيء إلا عقرته) وقال في ب د ق (والبندق أيضاً ما يعمل من الطين ويرمى به الواحدة بندقة) وقال في ج ل هـ (والجلاهق بضم الجيم: البندق المعمول من الطين الواحدة جلاهقة وهو فارسي لان الجيم والقاف لا يجتمعان في كلمة عربية ويضاف القوس إليه للتخصيص فيقال: قوس الجلاهق) وكان الرماة يتخذون البندق من الحجارة والرصاص ايضا، ونقل جرجي زيدان في 153: 5 من تاريخ التمدن الإسلامي عن 90: 3 من تاريخ ابن الأثير أن العرب اقتبست لعبة الرمي بالبندق في أواخر عثمان بن عفان (رض) ونقل عن الأغاني 93: 20 أن رماة البندق في العصر العباسي طائفة كبيرة يخرجون إلى ضواحي المدن يتسابقون في رميه على الطير ونحوه، وقال في ص154 (ومن قبيل رمي البندق رمي النشاب في

البرجاس وهو غرض في الهواء أو على رأس رمح أو نحوه يطلبون إصابته بالنشاب وهي لعبة فارسية أول من لعبها من الخلفاء الرشيد) قلنا: وهذا وهم منه فقد قرأت في ما نقلنا لك أن وليجة هشام بن عبد الملك كانت تتعاطى هذه اللعبة في مجلسه معه وروى مؤلف الحوادث الجامعة أن أحد أمراء الدولة الأيوبية كان يرمي الحمام في بيت الله الحرام بالبندق عدوانا على حرمته، ونرى انه قد نقض بفعله المثل المشهور (آمن من حمام مكة) وورد في ص17 من كتاب مناقب بغداد أن الوزير (عميد الدولة أبا منصور) خط السور على الحريم من بغداد سنة ثمان وثمانين وأربعمائة وشرع الفعلة في بنائه وأذن للناس في الفرجة فعمل أهل سوق المدرسة قلعة خشب تسير على عجل وفيها الغلمان يضربون بقسي البندق والنشاب. الفتوة وصيد السباع في سنة 640 الهجرية سأل جماعة من شبان محال بغداد أن يؤذن لهم في الخروج إلى قتل السباع فأذن لهم جريا على القاعدة القديمة في أيام الخليفة الناصر لدين الله وانعم عليهم بشيء من البر فاجتمع من كل محلة جوق اللعابة بالدفوف والزمور والمغاني وسائر الملاهي. وكان هؤلاء الشبان كثيرا ما يتواثبون بعضهم على بعض على حسب المحال فيحدثون في بغداد فتنة كبيرة يكون القتل فيها من اسهل الأمور وان هذه الافعال مضادة للفتوة على الحقيقة والغالب في طرق الإصلاح أن تترامى الناس بها إلى الفساد، ومثل هذا الانقلاب انقلبت الفروسية التي نشأت في أوربة في القرون الوسط فإنها بنيت على حماية المظلوم والنساء ودفع الشر على غرار الفتوة لكن الأوربيين لم يحافظوا على قواعدها فنشأ منها ما خالف قواعدها. الاقامات لصيد الرماة في سنة 634 وصل إلى بغداد (بشر) خادم الأمير (ركن الدين إسماعيل)

ابن (بدر الدين لؤلؤ) صاحب الموصل ونفران من رماة البندق ومعهم طائر قد صرعه (ركن الدين) وانتسب في ذلك إلى (شرف الدين إقبال الشرابي) فقبله وأمر بتعليقه فعلق تجاه (باب البدرية) وأمر أن ينثر عليه ألفا دينار ثم خلع على الخادم بشر والواصلين في صحبته وأعطاهم ثلاثة آلاف دينار. وفي سنة 635 علق (بباب البدرية) أيضاً طائر قيل انه رماه (كيخسرو بن كيقباذ) ملك البلاد الرومية ونثر عله ألف دينار وتولى هذه الإقامة أي الحفلة (عبد الله ابن المختار) العلوي الكوفي المار ذكره وكان مولد عبد الله سنة سبع وسبعين وخمسمائة. وهاتان الاقامتان من مرويات الحوادث الجامعة. إلا أن اسم (عبد الله بن المختار) ورد خلوا من (العلوي الكوفي) واغرب ما ننقله أن الرمي اثر في الشعر زمن العباسيين فاستعمل في الشعر ألفاظ رماة البندق والتشبيه بالطيور المصروعة. وقد روي في حوادث سنة 629. من الحوادث الجامعة قصيدة عن ذلك الغرار. الفتيان والكشافة يستنبط مما سبق أن الفتوة قديما تماثل الكشف حديثا وان الفتيان في الإسلام يضاهون الكشافة اليوم في الممالك المتمدنة والمتمادنة. ويستحسن استبدال الفتوة والفتيان بالكشف والكشافة وكأن الداعي إلى هاتين الأخيرتين (السر بادن باول) رئيس الكشافة الأعظم وهو رجل حديث العهد فالكشف والكشافة لا تميل إليهما الأذواق العربية. حتى أني قلت متكلفا في قصيدة نشرتها في مجلة الكشاف العراقي: سميت كشافا وأنى يصلح ... خلل الحياة وناشر إرشادا ومما تفاوت به فتيان جيلنا الفتيان القدماء: الاقتصاد: فإن أخبار أولئك مكتظة بإسرافهم وتجاوزهم حد الاقتصاد. وكذلك في الشفقة على الحيوان

لا على الإنسان وحده. والرأفة بالحيوان من جلائل الإسلام ومهماته فمن وصية الإمام علي (ع) قبل وفاته (والله الله في ما ملكت أيمانكم (فانه كانت آخر وصية رسول الله صلى الله عليه وآله إذ قال: (أوصيكم بالضعيفين في ما ملكت أيمانكم) قال ابن أبي الحديد في 45: 2 من شرحه (يعني به الحيوان الناطق والحيوان الأعجم). هذا ما تمكنا من استقصائه على قلة علمنا وهو شيء يسير عسى أن يجد فيه القارئ لذة علمية أدبية وما كل حديث يعاب. بغداد: مصطفى جواد جعفر باشا العسكري أطلعتنا أنباء لندن أن كتيبة دورست دعت جعفر باشا إلى وليمة الائتلاف التي أقامتها في ليلة 27 شباط، وكتيبة دورست هي التي أسرت جعفر باشا في موقعة فرقة الفرسان التي حدثت في طرابلس وكان جعفر باشا العسكري ضابطا عراقيا في الجيش التركي في أوائل الحرب الكبرى وكان يقود السنوسيين في الهجوم بهم على مصر. فاسر في تلك الواقعة واعتقل في القلعة بمصر. ولكنه حاول الفرار من معتقله إذ فتل حبلا من البطانية التي أعطيها ليلتحف بها وحاول أن ينزل بهذا الحبل من سور القلعة فانقطع به وسقط في الخندق فأصيب بكسر في ساقه وقد نقل إلى المستشفى وهناك قرأ في الصحف أخبار الثورة العربية وأتلاف الأتراك أصدقاءه العرب فقرر في الحال عدوله عن إخلاصه لحكومة تركية والتحق بمعسكر الأمير فيصل (جلالة ملكنا اليوم) وأسندت إليه القيادة العامة لجيوش الأمير فاظهر كفاية تامة في القيادة. وهو الضابط الوحيد الذي نال وسام الصليب الحديدي من حكومة ألمانية ووسام سي. أم. جي. من بريطانية أثناء الحرب العظمى. وجعفر باشا دخل مؤخرا امتحان مدرسة الحقوق (في لندن) فادى هذا الامتحان بتفوق عظيم.

(صورة) صاحب الفخامة جعفر باشا العسكري

لواء البصرة

لواء البصرة توطئة لواء زراعي مشهور بكثرة النخيل وجودة التمور. يحده من الشمال لواء العمارة ومن الجنوب خليج فارس ومن الشرق بلاد إيران ومن الغرب الصحراء الشامية وتقدر نفوس سكانه بنحو 600ر165 نسمة جلهم من المسلمين. هواؤه رطب ثقيل وماؤه عذب لأنه يتكون من نهرين عذبين عظيمين هما دجلة والفرات ومعظم أراضيه تسقى سيحا لان المد والجزر الناشئين من جاذبية الشمس والقمر وسيلانية الماء هما العاملان الأساسيان في صعود الماء وهبوطه والمد هو الذي يروي أراضي هذا اللواء ويجعلها غابة كبيرة من النخل فالماء في شط العرب يعلو في كل 24 ساعة مرتين فيسقي الأراضي الكثيرة بدون استعمال آلات السقي المختلفة فإذا أتم فعله عاد إلى حيث أتى. ولقد كان هذا اللواء بؤرة أمراض في ما مضى من الأعوام لان الحمى تشتد فيه أشهر الصيف إذ ترتفع الحرارة أحيانا إلى درجة 51 مئوية فتخلق أنواع الأمراض أما اليوم فبوسائل التنظيف والتبريد خفت وطأة تلك الأمراض بل تكاد تكون معدومة. على أن اشتداد الحرارة في هذا اللواء من أقوى العوامل الفعالة في نمو الأثمار ونضاجها وتروج التجارة فيه رواجا عظيما فهو مفتاح باب التجارة العراقية ومخزن من مخازنها المهمة. مركز اللواء مركز لواء البصرة، مدينة البصرة وهي عظيمة لم تكن في أيام الفرس وإنما مصرها العرب أنفسهم وقد مصرت قبل الكوفة بسنة ونصف على ما قال الشعبي والبصرة في كلام العرب: الأرض الغليظة التي فيها حجارة صلبة تقطع حوافر الدواب وقد أطلقوها على المدينة التي شيدها عتبة بن غزوان عام 15 للهجرة بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب وخلاصة أمرها أن خالد بن الوليد لما تقدم لفتح العراق عام 12هـ سار إليه والبحر ونزل في موضع يسمى (الابلة) وكان بلدا

عظيما في زاوية الخليج الفارسي يتخذه الفرس مسالح لهم، فلما وصلت الأخبار إلى عمر عن تقدم المسلمين: ولى عتبة بن غزوان تلك الأطراف وأمره أن يتخذ فيها مصرا للمسلمين فكان أول ما شيده عتبة في هذه البقعة مسجدا من قصب مع دار إمارة ثم صار المسلمون ينشئون المنازل من القصب أيضاً حتى إذا غزوا محلا نزعوا القصب وحزموه حالا فإذا عادوا من الغزو سالمين آمنين أعادوا المنازل إلى ما كانت عليه. ثم صارت البيوت تشيد بعد ذلك بالحجارة الصلبة فكثرت العمارة وتقدمت وصارت البصرة من الحواضر المهمة التي قل أن تماثلها بلدة بحسن عمارتها وعظمة بنائها وبهائها. ولم يلبث الدهر طويلا حتى قلب لها ظهر المجن فجعلها آكاما ترى اليوم على بعد ثمانية أميال من مدينة البصرة الحالية التي انتقلت إليها العمارة بعد خراب الأولى. ولقد حدثت في هذه البقعة حوادث مهمة عظيمة ففيها التقى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) والسيدة عائشة (رض) وكانت قد خرجت لقتاله وهي على ظهر جمل فعرفت تلك الواقعة بواقعة الجمل. وفيها أسرف الخوارج في الفساد واستباحوا المنكرات حتى هزمهم الأمويين شذر مذر. وفيها وقعت حروب أبكار وعون بين الفرس والعرب حتى دخلت في قبضة آل عثمان عام 951هـ وكان آخر أمرها في دهرنا أن احتلتها الجيوش البريطانية في غرة المحرم الحرام سنة 1333 (22 تشرين الثاني 1914) ثم انتقلت إلى الحكومة العراقية الحالية بعد ذلك وهي تعلو عن سطح البحر ثماني أقدام وتبعد عن جتوبي بغداد 356 ميلا بالسكة الحديد التي أنشأتها الحكومة البريطانية أيام الاحتلال. وفي هذه المدينة مبان جليلة وبيوت عامرة وجادات واسعة وخانات كثيرة ومساجد جميلة وفنادق أنيقة وحمامات منتظمة ومخازن تجارية مهمة ومدارس وكتاتيب عديدة وبساتين لا تحصى وجنائن لا تستقصي وغير ذلك من لوازم الحواضر الكبرى وهي تبعد عن ساحل شط العرب الأيمن بميل ونصف ميل في جهته الغربية وتقرب منها قصبة العشار الجميلة القاعدة على ضفة شط العرب اليمنى والتي هي اليوم بمثابة سوق للبصرة على رغم جسامة البصرة وكثرة جاداتها وبيوتها ومخازنها ونقاوة الهواء وعذوبة الماء فيها. وبين البصرة والعشار جادة

مستقيمة معبدة لسير السيارات والاهلين. وعلى بعد بضع أميال من البصرة ميناء فخم ترسى عنده البواخر التجارية والحربية ولهذا الميناء رصيف صناعي بديع ويقدر خشبه وسائر أدواته بنحو ثلاثة ملايين ربية وهو الوحيد من نوعه في العراق. تنظيمات اللواء الإدارية يتقوم لواء البصرة من مركزه وثلاثة اقضيه مهمة. أما مركزه فمدينة البصرة التي تقدم البحث فيها. وأما اقضيته الثلاثة فهي - 1 - قضاء السيبة - 2 - قضاء شط العرب - 3 - قضاء القرنة. وها نحن أولا نبحث عن كل منها بقدر الإمكان. 1 - قضاء السيبة هذا قضاء حديث أحدثته الحكومة في الآونة الأخيرة أن وبعد أن تحسنت الأمور بين العراق وجارته إيران ولا توجد فيه أي ناحية بل هو يتقوم من مركزه فقط. ومركزه دار حكم مع مخفر الشرطة واقعين في قرية السيبة الواقعة على ضفة شط العرب اليسرى في محل يقابل بلدة عبادان التابعة لإيران ويبعد عن جنوبي البصرة 35 ميلا. 2 - قضاء شط العرب وهذا القضاء حديث أيضاً إلا أن توابعه قديمة في التنظيمات الإدارية وهو يتقوم من أربعة نواح مهمة وهي الزبير والهارثة وأبي الخصيب وشط العرب وتتبع كل هذه النواحي قرى عديدة بعضها كبير. أما مركز القضاء ففي مدينة البصرة نفسها. والبصرة احسن محل رأت الحكومة أن تتخذه مركزا لهذا القضاء الجسيم لتوسطه بين توابعه والنواحي الأربع المذكورة بعضها مهم وكبير وبعضها غير مهم ونبدأ الآن بالبحث في كل منها فنقول: 1 - ناحية الزبير (بالتصغير) مركزها قصبة الزبير وهي قصبة كبيرة جرداء واقعة على طف الجزيرة يحيط بها سور أنشأه الأتراك عام 1217هـ - 1802م لرد عادية الوهابيين لأنها احسن مكان يمكن اتخاذه حصنا للدفاع عن البصرة وما يجاورها. فيها من النفوس نحو 22. 000 نسمة معظمهم من النجديين وفيها مشهد الزبير بن العوام مقاما وسط صحن عظيم يدل مشهده على انه تجدد غير

مرة. وتقع هذه القصبة بجوار طلول البصرة القديمة وتبعد عن الجنوب الغربي لمدينة البصرة الحالية 18 ميلا وليس فيها مياه جارية ولهذا يجمع سكانها مياه الأمطار في الحفر والخنادق حتى إذا صار الصيف حفروا الآبار لاستسقاء ما يسد حاجتهم من الماء كما أن مزارعها تروى بمياه الأمطار أيضا. وينمو أجود البطيخ في الزبير بكثرة فائقة وجميع البيوت فيها مبينة بالجص فهي بيض والزبير تعد المرحلة الأولى في طريق البصرة للكويت ونجد وما يجاورهما. وعلى بعد ميلين من الزبير قرية الشعيبة التي اكتسبت شهرة عالمية في الحرب الكونية حيث دارت فيها رحى الحرب بسرعة وفظاعة وقد اتخذت الآن مطارا للقوة الجوية البريطانية في العراق. 2 - ناحية (الهارثة) ناحية جسيمة ذات انهار غزيرة المياه كثيرة النخيل تقع على ضفة شط العرب اليمنى وفيها مساكن للزراع لا بأس بها وعدد النفوس فيها ثلاثة آلاف يشتغل بعضهم بنسج الأعبئة الممتازة. 3 - ناحية (أبو الخصيب) ناحية جسيمة أيضاً تخترق أراضيها الشاسعة الجداول الكثيرة المتشعبة من شط العرب وهي غابة من النخيل تمتد على شط العرب في ضفته اليمنى إلى مسافة بعيدة. ولما كان معظم البصريين أصحاب مقاطعات ونخيل فيها شيدوا لهم قصورا بديعة سامقة تطل على شط العرب فتخيل للناظر إليها أنها جنة من جنان الدنيا وحديقة من حدائقها الغن. ولقد كانت قبل مدة وجيزة قضاء فأصبحت اليوم ناحية. وفيها زهاء 7800 نسمة جلهم من الزراع وبالغرب منها قبور لبعض الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف والمقداد بن الأسود الكندي وغيرهما. وحالتها المالية حسنة جدا وأهلها مشهورون بالكرم. 4 - ناحية (شط العرب) مركزها التنومة (بتشديد النون) وهي قرية حقيرة قائمة على ضفة شط العرب اليسرى في محل يقابل قصبة العشار تماما. فيها بعض الصرائف والأكواخ التي يسكنها الفلاحون الذين يقومون بخدمة البساتين التابعة لها وتعد (التنومة) المرحلة الأولى في طريق البصرة إلى المحمرة وعبادان وما جاورهما.

3 - قضاء القرنة القرنة محل اقتران دجلة بالفرات ولفظها اسم من الاقتران كالفرقة من الافتراق وكان الرومانيون يسمون محل اقتران الفراتين في القرن الأول للميلاد (دقبة أو دجبة) حيث كان يلتقي الفراتان. وفي أواسط القرن الثاني للميلاد كان النهران يجتمعان عند مدينة (افامية) وفي عهد ياقوت كانا يجتمعان في (مطارة) قال ياقوت في معجمه (مطارة من قرى البصرة على ضفة دجلة والفرات في ملتقاهما بين المذار والبصرة) وذكر الحاج خليفة في كتابه (جهان نما) أن دجلة كانت تلتقي هي والفرات في موضع يسمى (الجوازر) لان المياه كانت تجزر هناك. فالقارئ يرى مما تقدم ذكره أن محل اقتران دجلة والفرات تسمى بأسماء مختلفة كان آخرها (القرنة) وقد كانت قلعة قديمة تصد الهاجمين على البصرة. واتفق أن هذه القلعة تهدمت في أيام آل افراسياب فقام بتجديد بنائها علي باشا جد هذه الأسرة ونسبت إليه أياما حيث سميت (العلية) فلما طوي بساط آل افراسياب استرجعت القلعة اسمها القديم وهو القرنة. ولم يظهر حتى الآن من يرشدنا إلى تاريخ بناء هذه القلعة أو الشخص الذي بناها إلا أن بعض المؤرخين يذكرون أن القرنة كانت أول مركز للشيعة في العراق بعد واقعة الجمل ومما يؤيد هذا القول وجود قبر عمر بن زين العابدين فيها يؤمه الناس. والقرنة اليوم مركز للقضاء المسمى باسمها وهي قصبة جميلة المنظر تمتد على ساحلي دجلة والفرات فيها 2500 نسمة وحالتها الاقتصادية منحطة وسير العلم فيها مهمل ومبانيها متوسطة وأسواقها متناسبة مع أهميتها التجارية وطرز بنائها. ويشاهد فيها إلى اليوم آثار شجرة قديمة مشهورة عند أهلها باسم (البرهام) ويزعم أهلها أنها من زمن آدم (ع) (كذا) ويقول البعض أنها من زمن المسيح (ع) وقد اعتاد البلة من السكان هناك أن يشدوا الخرق حولها ويطلوا المحيط بها بالحناء تبركا بقدمها وأملا أن تقضي حوائجهم وتبعد هذه القصبة عن الشمال الغربي لمدينة البصرة 46 ميلا ولكون دعاية الشيعة كانت محتدمة أيام عزها وصولتها حدثت في هذه البقعة حرب هائلة بين سكانها والعباسيين ونظرا لوقوعها في وسط البطائح كانت ولا تزال محمية بحكم موقعها الجغرافي وما يحيط بها من

أهوار. وتمتد أراضي هذه القضاء على ضفاف الأنهر الثلاثة دجلة والفرات وشط العرب واكثر أراضيه اهوار تكثر في وسطها هضبات تدل على وجود آثار أبنية قديمة ترتقي إلى عهد الفرس ولا يزال أفراد العشائر هناك يستخرجون منها قدرا مهما من الطاباق لتبنى به منازل القصبات والقرى القريبة منها أو المجاورة لها. لقضاء القرنة ثلاث نواح هي: 1 - ناحية المدينة (كجهينة بالتصغير) وهي ناحية جسيمة تشمل أراضيها قسما من ضفة الفرات اليمنى وقسما من ضفته اليسرى وللحكومة في مركزها بناية فخمة مع مدرسة أميرية عامرة كما أن للآهلين في قيصرية (قيسارية) بديعة ومقاهي كثيرة وسوقا مستقيمة فبها عدة دكاكين يشتري منها سكان الناحية ما يحتاجون إليه من المأكل والملبس. أما السكان فكلهم زراع وهم يقطنون نحو 51 قرية مختلفة الأسماء والمساحات ويبلغ عدد نفوسهم زهاء 21. 000 وأما مركز الناحية فقرية مسماة باسمها وهي جسيمة قائمة على ضفة الفرات اليمنى بين القرنة وسوق الشيوخ تبعد عن الأولى 14 ميلا وعن الثانية 68 ميلا. تكتنفها البطائح المشهورة

في التاريخ وتحيط بها المياه من جميع جهاتها فهي إذن جزيرة وقد كانت هذه القرية حاضرة الجزائر في العصور الخاوية إلا أنها انحطت بالتدريج انحطاط بقية المدن والقصبات المهمة في العراق. 2 - ناحية السويب (بالتصغير أيضا) وتمتد أراضيها على ساحل دجلة الأيسر وساحل شط العرب الأيسر وهي محادة لإيران عن طريق الحويزة وعلى الرغم من هذه المجاورة كان أهلها الذين يسكنون نحو 33 قرية ويبلغ عددهم زها 000ر15 نسمة كلهم من العرب الاقحاح يزاولون الزراعة التي هي معتمد عيشهم ولا يعرفون غير العربية لغة يتفاهمون بها، وللحكومة بناية حقيرة اتخذتها مركزا للناحية وهذه البناية واقعة فوق تل مرتفع يسمونه الجبل في موضع يبعد عن شرقي القرنة (مركز القضاء) أربعة أميال فقط. 3 - ناحية الشافي، تقع أراضي هذه الناحية على ساحل الفرات الأيمن وساحل شط العرب الأيمن وهي ليست معمورة إذ كل ما فيها من العمران مركز للناحية يسكن فيه المدير مع آخر للشرطة واقعين على متن نهر الشافي الأيمن ويبعدان عن جنوب القرنة 15 ميلا ويربط بين جانبي نهر الشافي المتفرع من شط العرب جسر حديدي محكم إحكاما عجيبا يبلغ طوله 200 قدما وليست تحته عمد فيعتمد عليها بل هو معلق تعليقا وقد أنشأته السلطات الإحتلالية لعبور القطار الذي كان ممتدا بين البصرة والعمارة، ويبلغ عدد القرى التابعة لهذه الناحية 35 قرية فيها نحو 000ر30 نسمة. ملحوظات ترتبط بقضاء القرنة ارتباطا إداريا عدة قرى تراجع مركز القضاء في معاملاتها الإدارية والمالية واهم هذه القرى قرية العزير التي فيها مدفن عزير (ع) وعلى ما قيل وما يقال له فيها مزار فخم يحتوي على ما يناهز مائتي غرفة يسكن فيها زوار اليهود في مواقيت الزيارات المسماة. وهي تقع على ضفة دجلة اليمنى في محل يبعد 26 ميلا من الشمال الغربي لقصبة القرنة بينها وبين قلعة صالح ونفوسها نحو 400. وقد كان قوام مركز (عزير) إلى أواخر أيام الحرب العمومية من عشيرة

مسلمة يقال لها (كوام) بالإضافة إلى صاحب القبر ولا يزال لهذه العشيرة نحو 75 دارا على ضفتي دجلة بالقرب من هذا المرقد ولكن اليهود اخذوا سدانة المرقد من المسلمين في أيام الاحتلال فبقيت السدانة بأيديهم حتى هذه الأيام. السيد عبد الرزاق الحسيني الدن في التاريخ من غرائب تلاعب الناس بالألفاظ أن (الطن) المشهور في الأوزان هو الدن فنقله الغربيون عنا ببعض تحريف وتصحيف فقالوا ثم عاد المعاصرون منا وأخذوه من الغربيين فقالوا (طن) ويراد به اليوم برميل ضخم وما يسعه من السوائل وقدر وزنها ألف كيلو غرام. وهم يقولون أن كلمتهم الإفرنجية من القلطية. إلا أن العلامة اللغوي الكبير دياز يقول: أن اللفظة دخيلة في اللغات الأوربية ولم يهتد إلى اصلها لأنه يجهل العربية. أما أن العرب عرفوا الدن قبل الغربيين فهذا مشهور عنهم لأنهم اتخذوا منذ القدم أنواع الآنية من الفخار أو الصلصال ومن الجملة هذا الدن. قال لغويونا الدن: الراقود العظيم هو أطول من الحب مستوي الصنعة في أسفله كهيئة قونس البيضة أو أصغر من الحب له عسعس لا يقعد إلا أن يحفر له. قال ابن دريد: عربي صحيح. وانشد: وصل على دنها وارتسم. على أن الإفرنج صنعوه من الخشب لان ديارهم رطبة. والخشب توافقه الرطوبة ليبقى على حالته فمادة صنعه لا تغير شيئا من أصل لفظه. أما قول بعض لغويي الغرب أن الكلمة الفرنسية مأخوذة من اللاتينية أو اليونانية فالمعروف عن هذه الكلمة إنها تعني الإناء الصغير الذي يتخذ للخمر نحو الإبريق قدرا وليس كالحب ولهذا نرى أن القول بعربية اصلها اقرب إلى الحق. ولكل امرئ رأي.

محمود العنتابي الأمشاطي

محمود العنتابي الأمشاطي وسري الدين بن الصانع كنت نقلت ترجمة بدر الدين محمد بن شمس الدين محمد القوصوني من مجموعة طبية خطية هي في مكتبة مدرسة يحيى باشا في الموصل ونشرت الترجمة في هذه المجلة (164: 8) ولما كانت المجموعة المذكورة تحوي ترجمة طبيبين مؤلفين آخرين أحببت تعريفهما للقراء فأقول: مما في المجموعة من الكتب (كتاب الأسفار عن حكم الأسفار). قيل تحت عنوانه انه للشيخ الإمام العلامة (مظفر الدين محمود العنتابي المعروف بالامشاطي)، ودون ذلك ترجمة المؤلف مكتوبة بعين الخط الذي كتبت به ترجمة القوصوني وهذا نص الترجمة: (مؤلفه محمود بن احمد بن حسن بن اسمعيل بن يعقوب بن اسمعيل الشيخ مظفر الدين بن الإمام شهاب الدين الامشاطي العنتابي الحنفي القاهري أخو قاضي القضاة بمصر محمد الامشاطي الحنفي. ولد في حدود سنة اثنتي عشرة وثمانمائة وكان فقيها طبيبا أفاضلا متفننا في جميع العلوم. درس وأفتى وحدث وألف شرحا على النقاية في الفقه وشرحا على الموجز في الطب لابن النفيس حسنا جامعا حافلا في مجلدين كبيرين وشرحاً على اللمحة في الطب أيضاً لابن أمين الدولة وكتب عدة رسائل في الطب منها تأسيس الإتقان، والمتانة في علل الكلي والمثانة ومنها القول السديد في اختيار الإماء والعبيد ومنها رسالة في ما يحتاج إليه المسافر كتبها لابن البارزي. وكان صالحا خيرا حسن الاعتقاد. ذكر انه رأى وهو دون البلوغ رجلا يمشي في الغمام لا يشك في ذلك. وكان على طريقة حسنة وعمر واسن فنزل عن وظائفه واقبل على الله تعالى وعمل عدة من الخيرات والآثار إلى أن توفي سنة اثنتين وتسعمائة بالقاهرة. رحمه الله تعالى نقلت ذلك من الضوء وغيره) اهـ. جاء في مقدمة كتاب الأسفار المذكور انه كتبه لأبي المعالي محمد الجهني

البارزي الشافعي ناظر دوواين الإنشاء الشريف بالديار المصرية لما عزم على السفر حاجا. ذكر فيه التدابير اللازمة الاتخاذ من قبل المسافر في المواسم المختلفة من برد وحر والأنواء المختلفة من مطر وثلج وريح وسموم ومعالجة المياه غير الصالحة تماما للشرب وما ينبغي أن يأخذه المسافر معه من لباس وأدوية إلى غير ذلك مما يعود إلى حفظ صحة المسافرين. أول الكتاب بعد البسملة: (الحمد لله الذي أمر بالأسفار للتفكر والاعتبار وأداء فرائض الحج والاعتمار. . .) تاريخ النسخة 976هـ وفي آخر المجموعة عينها كتاب (كفاية الأريب في مشاورة الطبيب). قيل دون العنوان انه تأليف الشيخ الهمام الفاضل القمقام مولانا الشيخ (سري الدين ابن الصانع) الحنفي سلمه الله تعالى وكتب دون ذلك بعين الخط السالف الذكر ما نصه: (وتوفي إلى رحمة الله تعالى بعد أن حج في موسم سنة تسعين وتسعمائة وهو راجع إلى مصر في الطريق في أوائل إحدى وتسعين وتسعمائة بالتاء المثناة الفوقية فيهما) اه. أما الكتاب فهو من قبيل إرشادات وذكر وصفات للمرضى في الإصابات الخفيفة وفي غياب الطبيب ذكر انه كتبه لشيخ الإسلام قاضي القضاة أبي الثناء حسن وفرغ منه سنة 979هـ. أوله بعد البسملة: (يا من حكم سيوف العدم في نحور الموجودات وحكم. . .) وهو في 55ص. الموصل: الدكتور داود الجلبي (لغة العرب) إننا نشك في صحة نسبة هذا الكتاب إلى ابن الصانع، لأننا نجد في كشف الظنون (323: 2 من طبع الآستانة) ما هذا حرفه: (كفاية الأريب عن مشاورة الطبيب) للشيخ الإمام سري الدين احمد بن محمد العلفي وفي طبعة الإفرنج العلقي بالقاف قبل الياء) الحنفي. أوله: يا من حكم سيوف العدم، في نحور الموجودات وحكم الخ ذكر فيه انه من بيت العلم وأراد أن يصنف رسالة ضامنة لحفظ الصحة وتعديل المزاج وأهداها إلى المولى برويز فألفها ورتبها على مقدمة وثلاث مقالات وخاتمة اهـ كلام الحاج خليفة.

القريض في فن التمثيل

القريض في فن التمثيل نظرة تحليلية انتقادية في (مصرع كليوباترة) تتمة أرد المؤلف وأبدع أن يصور في انطوان، حمية الروماني، وقد فقد اعز ما لديه في الوجود إذ أضاع شرف القائد في هزيمته الشائنة، ووجد روما ألهته ومعشوقته تحاربه باسم اكتافيوس، فابى عليه آباؤه الضيم، ذلك الإباء الروماني الشهم وتناوشه خبر انتحار كليوباترا الكاذب (الذي يظهر لنا خدعة من كليوباترا نفسها حين أرادت به تحطيمه كي لا ينازعها وهو المقهور فيما تؤمل نيله من إشراكها للظافر العظيم) وسما إذ تلمس كلوما دامية في فؤاد اليائس وما أهول ما يكون المرء آلاما وشجنا ومصابا حين تدهمه الحقيقة القاسية وجها بوجه وتهتك أستار أحلامه. فيرى نفسه شريدا طريدا منفيا مقصى عن بلاده فتفيق دواميه، وتنهل مدامعه، فهو بائس حزين! وتقفى الشاعر هذا المنوال في إظهار وله القيصر المنكود الطريد، بسالبة لبه ورشاده فغدق عليه أبياتا متموجة وأشاده: صفحا كليوباترا! فربت زلة ... قد كنت تغتفرين حين أراك! لما لقيتك في الجمال وعزه ... قهرت قواي الظافرات قواك فنسيت في واديك ذكر وقائعي ... وسلوت أيامي بيوم لقاك سجدت لأعلامي الصوارم والقنا ... وابن مهند لحظك الفتاك قدت الجحافل والبوارج قادرا ... مالي ضعفت؟ فقادني جفناك! أخرجت أمري واختياري من يدي ... وتركتني نفسا بغير ملاك خلت السلامة في نواك فذقتها ... فإذا الكوارث كلهن نواك!! أبدع تنسيقا وتفننا في حين ازدرى انطوان أي ازدراء وإهانة بل أراد نزله، حين الصق به، في هذه الأبيات (خروج أمره واختياره من يده) ثم حاول أن يثبت عصيانه روما، في حين انه لم يعصها، وإنما خلافه لاكتافيس، وأرث يوليوس قيصر هو الذي جر عليه هذه المشاكل، وكفى أن خصمه اكتافيس

لم يسعه سوى ندبه حين بلغه خبر انتحاره. . . وأبن فيه (حليفه ورفيقه في الإمبراطورية، الذي طالما تحمل معه المشاهد والمعارك) وذلك حين عرض على جميع القواد رسائل انطوان (المملوءة حماسة وحميا) نعم، انه اتبع كليوباترا في كثير من آمالها وأمانيها، وخضع لإشارتها في محاربة قيصر على اثباج البحر، وهذا لا ينفي حبه لبلاده ووطنه ولو تركنا التاريخ جانبا وبحثنا منطقيا، لما ارتضينا بما اجتراه المؤلف بل لحكمنا - لو صح هذا المدعى - بانفضاض قواده عنه حينئذ ولربما ألحقوه بيدهم وأثابوه مآل يوليوس. ولسنا نخال شوقيا يندفع في تبرئة صفحة كليوباترا من حيلتها في هذا الإرشاد المضل (لأنها فكرت في الهرب، بعد أن بذلت كل شيء من جهتها ليس لتزكية النصر وإنما لتضمن الانهزام السهل، حين تنضب الحيل) وان اخذ علينا أستاذنا لبلوتارك، وادعى ذبذبة المؤرخ واحتكامه للقوة في تأريخه، فهل يدفعنا هذا القدر إلى إقامة التأريخ على أسس الحدس والتخمين، أو على مشيئة الأميال الوطنية كما نراه في ذيل روايته في (النظرات التحليلية)؟ تفنن شوقي وقد وقف كليوباترا على باب اليأس تسعى إلى تبابها حثيثا فأرانا منها صورة امرأة، جميلة فاتنة، عاكسها القدر فاخفق حيلها وحاصرها فكسر قناتها وكأن الزمان أبى إلا استرداد ما غدقه عليها من نعم وأطايب أو لعله طلب الانتقام منها، لأنها استعملت رخاءه عليها، في انتهاج الشر والخطايا. وقد أصاب الشاعر حين وصفها، في حين لم يرد: . . . أنثى أفنت العمر بالهوى ... بهيمة اللذات والشهوات! وأجاد في تصوير حاسيات المرأة الفخور بجمالها، وضرب على عود الضعف وانك لتشعر بموجات الغضاضة والألم، تجتاح عواطف كليوباترا وهي تحاول اجتياز مضيق الأبدية، وقد جثت أمام تمثال إيزيس وأفلتت التأوهات: اليوم اقصر باطلي وضلالي ... وخلت كأحلام الكرى آمالي وصحوت من لعب الحياة ولهوها ... فوجدت للدنيا خمار زوال! وتلفتت عيني فلا بمواكبي ... بصرت ولا بكتائبي ورجالي وطئت بساطي الحادثات وأهرقت ... كأس وفضت سامري ونقالي

إيزيس! ينوبع الحنان تعطفي ... وتلفتي لضراعتي وسؤالي أنت التي بكت الأحبة واشتكت ... قبل الأرامل لوعة الارمال أني وقعت على رحابك فارحمي ... ذل الملوك لجسدك المتعالي هل تأذنين بان اعجل نقلتي ... وأحث عن دار الشقاء رحالي وعلاك ما ادع الحياة جبانة ... أو ضيق ذرع أو قطيعة قال أني انتفعت بعبقري جمالها ... وتمتعت من عبقري جمالي بنت الحياة أنا وتشهد سيرتي ... ما كنت من أمي سوى تمثال منها تناولت الرياء وراثة ... وأخذت كل خديعة ومحال وقسوت قسوتها ولنت كلينها ... وأقتست في صدي لها ووصالي ولربما رشدت فسرت برشدها ... وغوت فأغوتني وضل ضلالي ولمس تلك الأوتار الهائجة في قلب المرأة الغاوية، وهي تحول أن تنتزع روحها بيدها باختيارها، فتفقد بها تيهها وجمالها وهي ميزتها على أترابها في مشاركتها للرجال، فأرسل صرخاتها الأليمة للموت، تستعطفه للرفق بروائها وبهائها، وتستدر أعطافه، وأكد لنا بلوتارك، إنها اختبرت فعل جميع أصناف السموم القاتلة، وجربت لدغات الأفاعي السامة، في أناس كثار امامها، كي تعلم أي القواتل ارحم لجمالها الفاتن وأخف إيلاما وارأف لأنوثتها البضة. وبعد عدة تجارب يومية (اكتشفت أن لدغة الصل، هي الوحيدة التي دون تشنج ولا تمزيق، تبعث الخمود والكرى يتلوهما خضل في الملامح، فوهن متتابع في الحواس، يقود إلى ميتة هادئة. وان الملدوغين به يشبهون الغرقى في نوم عميق وقد أزعجوا إذ أريد إفاقتهم ونهوضهم). يا موت! لا تطفئ بشاشة هيكلي ... واحفظ ظواهر لمحتي وجلالي يا موت! اطف بالروح واسرقها كما ... سرق الكرى عين الخلي السالي حتى أموت كما حييت كأنني ... بيت الخيال ودمية المثال وكأن إغماض الجفون تناعس ... وكأن رقدتي اضطجاع دلال! سر بي إلى انطونيو في نضرتي ... ورواء جلبابي وزينة حالي!. .

لقد أرادت أن يكون (إغماض الجفون تناعسا) ولا غرو فبين الردى والنوم نسبة وقربى، ولم ترد أن يمحى اثر جلال جمالها في كل حين حتى حين إمعان روحها في اللانهاية، انتحرت كليوباترا حين رأت أن حيلتها لم تعبر على اكتافيوس، فإنها تخيلت أسره بقواتل لحظها، كما أسرت قبلا قيصر الرومان فرأت من ازدرائها لجمالها ما آلمها وأمضها ثم سنح لها مكرها ودهاؤها ففضحت تحايله عليها في شروطه، فحذرت أن عقباها قد تكون كعاقبة المدعية سلالتها زنوبيا مع اورليان، فتقاد إلى روما مكرمة ذليلة، وتكون هدفا لزهو انتصار اكتافيوس، وكيف ترضى وهي (بنت الحياة) وقد تعلمت منها المراوغة والرياء أن يلاقيها هذا لشنار، فاهتفها شوقي في مواقع عدة صرخات قد لا تشك في إنها مرت بخاطرها في دقيقتها العسيرة: يا موت! أنت احب أسرا فاسبني ... لا تعط روما والشيوخ عقالي! سطت روما على ملكي ولصت ... جواهر أسرتي وحلي آلي أأدخل في ثياب الذل روما؟ ... واعرض كالسبي على الرجال؟ وأحدج بالشماتة عن يميني ... ويعرض لي التهكم عن شمالي؟ وألقى في الندي شيوخ روما ... مكان التاج من فرقي خالي؟ وأغشى السجن تاركة ورائي ... قصور العز والغرف الخوالي؟ وتحكم في روما وهي خصمي ... وتسرف في العقوبة والنكال؟ يراني في الحبائل مترفوها ... وقد كان القياصر في حبالي! يحاول قيصر من المحا ... ل ويذهب في غير وجه الطلب يريد ليعرضني في غد ... على شعب روما كأني سلب ويفضح روما وسلطانها ... وتاج العصور وعرش الحقب! ويعيد شوقي مزية الجندي الروماني لانطوان بعد أن حاول إفقاده إياها، في

هذه الأبيات الرائعة: اسر؟ وهمت كليوباترا! أتظفر بي ... أيدي الكماة وفي كفي أظفار؟ لو قلت قتل، لكان القتل أشبه بي ... كأس المنايا على الأبطال دوار! الحرب تعلم والأيام تشهد لي ... أني شديد على الأقران جبار! لو كنت شاهدتي والحرب جارفة ... والصف تحتي بعد الصف ينهار قد جن تحتي جوادي فهو عاصفة ... وجن نصلي بكفي فهو إعصار رأيت حملة صدق غير كاذبة ... لا السيل يحملها يوما ولا النار لما صدمت جناحيهم وقلبهمو ... عن الخيام وعن أوكارهم طاروا ولكننا نأخذ عليه ما اعتدنا صدوره في شعره، فقد استقى بعض أفكاره من معدن آخر حين يتناول في البيت الثالث مثلا روح المتنبي في بيته الشهير كما تتسيطر في الأبيات الأخرى روح عنترة، التي تكاد تفصح عن نفسها بأجلى دليل لدى ذكر المواقع ثم انه يذهب في البيت الأول إلى تورية بائرة، وتلميح عقيم ممقوت، فيكنى عن الأسلحة بالاظفار، وفي البيت الأخير بالأوكار عن الملاجئ، وهو شيء غير خليق بروح العصر، بل بروح هذه الفاجعة الفذة في حين انه أبدع في تشبيه جنون جواده بالعاصفة القالعة (وجنون) نصله بالإعصار الذي لا يبقي ولا يذر، وهذا ما يتخيله المرء من باب المجاز، ويكاد يحسبه واقعيا حين يشهده في موقعة وان تفننه وبلاغته في جميع هذه الخواطر متراصة متعانقة بعضها لبعض ليغفر له القصور والزلل فيها، ولكن ها أن روح البدوية تعاوده ولا تزال تنتفض في الأبيات التالية على قدر زهيد في حماسة وافتنان: ذريني أعبئ للقتال كتائبي ... فلي في غد شأنان في البر والبحر ذريني أهيئ للأحاديث في غد ... فإن غدا يوم سيبقى على الدهر ذريني أزد تاجيك غار وقائعي ... واقرن بثعبان جلالهما نسري ولست أخاف الدارعين وإنما ... أخاف فجاءات الخيانة والغدر وليس كمين الحرب ما أنا هائب ... ولكن كمين الغدر في ظلمة الصدر! ويأخذ اليأس انطوان على اثر إيحاء كليوباترا بموتها فيعمد إلى الانتحار فينادي

خادمه الوفي ايروس (الذي وعده أن يجهز عليه حين يأمره) ولكن هذا العبد الشهم يقتل نفسه فداء سيده ومليكه فيثني عليه انطوان في حرقة وهو ما ينقله الشاعر تقريبا عن بلوتارك: اوروس عفوا! قد ذهبت ضحية ... وجنى عليك ترددي الممقوت فعلمت مني كيف يجبن قيصر ... وعلمت منك العبد كيف يموت وقس على ذلك سائر مجاول هذه الفاجعة الشعرية مما يخفق ظنك أن تراها موسومة بطابع شوقي المعروف لدينا ولا اكتمك إنها أبانت لنا من خلالها شخصية وصفات أخريات له ما كنا نشعر بها لولاها وهاك هذه الأبيات تستطلعها: انوبيس: زعمت ابنتي الموت شخصا يحس ... وعظمت من خطبة ما صغر وما هو إلا انطفاء الحيا ... ة وعصف الردى بسراج العمر وليس له صورة في العيو ... ن على قبح صورته في الفكر إذا جاء كان بغيض الوجو ... هـ وان جيء كان حبيب الصور كليوباترا: إذن هذا الرقط في ذمتي ... فصنها واحسن عليها السهر واقسم لتأت ألي بهن ... ولو أن دوني الظبا والسمر انوبيس: يمينا بازيس احملهن ... إليك ولو في سلال الخضر! إذا بات في خطر تاج مص ... ر سبقت إليك بهن الخطر وإذا أنت تطلب مثالا آخر لتهدئ من ثائرتك وتصدر حكمك فتشاركني أم تناقضني - وأني لأخالك في جانبي تهللها - لا أتباطأ أن أمدك بشيء وأهديك إليه فلست أود الاستئثار بالحكم والانفراد بعواقبه فهاكه من محاورة انطوان: انطوان: ردي على هامتي الغار الذي سلبت ... فقبلة منك تعلوها هي الغار كليوباترا:

اليوم تعلم روما أن ضرتها ... تقلد الغار من تهوى وتختار واليوم تعلم روما أن فارسها ... جيش بمفرده في الروع جرار انطونيو سيدي هل نحن في حلم؟ ... أسالم أنت؟ لا أسر ولا عار؟ وهاك أيضاً أبياتا آخر: حابي: لم تأت حتى جاء في آثارها ... للحب أجنحة بهن يطار ويقال بل أخذته تحت شراعها ... ونجا به فلك لها محضار تجري الرياح بما تشاء قلوعة ... ويسير في طاعاته التيار ويقال غضبان عليها عاتب ... ويقال بل حنق الفؤاد مثار وعلى صفاء العاشقين سحابة ... وعلى سلام الصاحبين غبار آلي واقسم لا يرى في قصرها ... حتى يقوم مجده المنهار إن البلاء اجل من ألا يرى ... ديون: عجب أتخفى في الهشيم النار؟ حابي: انطونيو منا بأقرب ثكنة ... يدعو من الرومان من يختار ويعد اهبته ليوم حاسم ... في البر يغسل عنه فيه العار ويكون ميدان الرحى ومدارها ... تلك التلال وهذه الأسوار فهناك خاتمة الصراع وموقف ... أما الدمار به وأما الغار! ولا اكتمك أن اظهر شيء في مجال القصة وصف شاعرية الخلود المتدلهة الحسناء إذ تفتكر في قرب المنية العابسة وزوال الترف والنعيم والدلال وتيقنها بملك الأبدية ناشرا جناحيه مرنقا فوقها فجزعها كالوالهة الثكلى على حسنها الرطيب أن تمتد له يد السوء القاسية. . . ويسمو شوقي حين يصرخ كليوباترا في جزعها واضطرابها مستجيرة بالموت أن يرحم غضارة جسدها ويبقى على . . . نضرتها ... ورداء جلبابها وزينة حالها بل ذهب إلى ما فوق ذلك حين طلبت أن تكون ... . . . رقدتها اضطجاع دلال!

فنحن إذن نستشف خلو الأبيات من التصنع والتكلف والتجمل التي تفسد عليه روائع ديوانه وتكشف لنا روحا جديدا له، نود من كل فؤادنا أن تلازمه في أشعاره، فتظل ظاهرة فتانة كما عهدناها هنا، وتنقشع تلك السحابة القاتمة التي عرفناها تعكر جو سمائه وبذا نستطلع قليلا ضياء شمسه. ولا ننكر أن هذه الفاجعة المبتكرة أعجبتنا بما حوت من أفانين وإبداع وسلاسة وقد زادها حسنا ورواء انه لم يتقف فيها قافية واحدة ولا لزم بحرا واحدا بل ذهب إلى إبدال القوافي والبحور على مدار القصة بل ذهب إلى اكثر من ذلك إلى إبدالها أيضاً في معرض ترسل اكثر الأشخاص. فأظلها طلاوة وروعة ودفع بالإملال الذي كان سيراوحها حتما. وهذا المبتغى والطلب في الروايات التمثيلية الفنية البديعة. والآن لنقف الاسترسال عند هذا الحد من بحثنا في روائع الرواية ولنعرض بالفحص هنيهة بعض مسائل (النظرات التحليلية) أو بالحري لما أراد من صبه من تاريخيات في ذيل القصة. فان الفاجعة أولا من حيث هي قصة تمثيلية شعرية لا يراد بها سوى تدوين حادث، وإعادة ذكرى ملكة عظيمة توجت على ديار مصر نيفا وعشرين عاما وأسرت ببهائها وروعة جمالها ملوك وأمراء العالم المتمدن، وعاصرت اعظم عظماء الرومان لخليقة بكل مدح وثناء. ثانيا: - من حيث جودة تنسيقها ووقائعها وفصولها لا تقل قيمة في عرفنا عن كثير من الروايات الغربية العصرية، أما من حيث شعرها وتعابيرها فقد أرسلنا سافا قولنا الفصل فيها. . . إنما من حيث هي رواية تاريخية، وهنا نقطة الضعف، يراد بها محض دعم حوادث (تاريخية) وتأييد نظرات وطنية وخواطر تاريخية فمن العبث القول إنها على صواب. وكفانا تأييدا لنظريتنا أن نلقي نظرة عجلى على (النظرات التحليلية) - أو بالأحرى التخيلية - فنجد قضايا توهمية عدة لم يرد بها الحشو لتلطيف الرواية وإذكائها وسد فجوات عسيرة مما يجملا أمام جمهور النظارة والقراء، وإنما ابتغيت لتأييد ظنون تاريخية شيدت على الحدس والتخمين وعصفت بها الحاسة الوطنية المضلة، فأخفقت مسعى وبينة.

ونكتفي بإيراد وتفنيد أخطرها، إذ ليس من العقل والتبصر أن نقنع ونذعن إزاء تمور تخالف عقيدتنا أو بالأحرى تناحر فن التاريخ ووقائعه الفاصلة فليس من حياء في الدفاع، كما لا حياء في الدين! إن أول ما ينالك من صدمات عنيفة، لدى اطلاعك على (النظرات التحليلية) ولع شوقي بإثبات (مصرية) كليوباترا وتوطيدها، زعما أن قضاء ثلثة قرون في مصر قد أحال دماءها اليونانية إلى مصرية بحتة، عن طريق التزوج فهذه لا تدعمها وثائق تاريخية. والتباني بعائلتها شهود بحقنا، وعنه ينتج لأمراء حفظ كثير من الدم النقي المقدوني في أقنية العائلة. ولنا بها ذاتها برهان بين. ألم يكن الشرط (أن تبني بأخيها الأكبر وتتولى العرش معه)؟ فهي إذن متمصرة لا مصرية، وإننا لا ننكر قط نقاءها من دم مصري، بل نعترف له به بكل خضوع وتواضع، ولكن ادعاء بحوتته يقضنا ويضحكنا معا فمهما حاول ودافع صاحب المصرع في تأييد فكرته عن طريق البلاغة والفصاحة فلن يفلح فيه. فلا التاريخ لهو لاه، ولا تبع مشيئة كاتب، ولا رهن إرادة شاعر يستهان به تبذيرا وما هو سوى ما أبرمته الحوادث وخلقته الأيام لا ما أريد وقوعه وقد سبرت أجيال. . . وان شوقي ليدعي في هذا المكان كادعاء بعض عجاف العقول من السوريين واللبنانيين، اعتباطا وجهلا، وتشبثهم بالعروبة - وما هم منها على كثير - وهذا فحش وشطط مروع من جهتهم، فالسوريون بوجه الإجمال، واللبنانيون منهم على وجه أخص - وان يكونوا بأجمعهم حقيقة خليط أمم كثيرة - من أنقى الشعوب التي خالطت العرب، وعاشرتها من دماءها، فالأدلة تؤيدنا والتاريخ يثبتنا، وان نقر باحتمال وجود بعض قطرات تافهة في بعض الأسر من أبناء الأقطار الشامية مما لا يؤبه له في التاريخ وفي الحكم العام فالسوري سيئ بمدنيته ومزاجه واصله. والعربي شيء آخر بمدنيته ومزاجه واصله. وكذلك الروماني أمر والمصري أمر آخر. فشتان ما بين ثقافة كل وشتان ما بين مدنية كل، وشتان ما بيم مزاج كل، وشتان ما بين عادات كل، وشتان ما بين منهل كل!!! فيا شاعرنا لا تحاول بل لا تؤمل أن تخلق كليوباترا جديدة (مصرية) من كليوباترا (المقدونية) الأصل (الإغريقية) تهذيبا ونشأة بان

عيشها تحت سماء مصر، وحسبك قناعة بتمصرها، مما يقرك عليه كل عاقل أريب فالقناعة رأس الفضائل. . . وما إبداعك وتحليقك الخيالي بعذيرك! وقد يفجؤك أيضا، فيريد اغرارك بعفة كليوباترا، ولا أخالك تفوتك تلك المتناقضات والتذبذبات في حكمه عليها أثناء وقت الفاجعة ذاتها أو ما كفاه أن أمر على شفتيها إقرارا رهيبا، في ساعة انتحارها: بنت الحياة أنا وتشهد سيرتي ... ما كنت من أمي سوى تمثال منها تناولت الرياء وراثة ... وأخذت كل خديعة ومحال وقسوت قسوتها ولنت كلينها ... وإقتست في صدي لها ووصالي ولربما رشدت فسرت برشدها ... وغوت فأغوتني وضل ضلالي ووجدتها حبا يفيض ولذة ... فجعلت لذات الهوى أشغالي أما في هذه إثبات (منه) لما حاول نكرانه وجحوده؟ أما فيه البرهان الحسي الذي لا يطرد على اضطراره لإبرازه بتمثالها الحقيقي؟ وكيف يسعنا أن نسألك وهذه سيرتها تقابلنا كما درسناها في المدرسة، وكما ألفناها وعرفناها في التاريخ الجدي. . . وهات امرأة تتسكع وتتخبط في كل حين من ذراعي رجل إلى ذراعي آخر. ولم تترك لشهواتها وملذاتها البهيمية منزعا، فنصفها بملك طهر وعفاف!. . . إذن ماذا نقول عن هاته النسوة اللاتي يقضين الحياة في خدمة الله والقريب ويضحين بالغالي والنفيس حبا لمرضاته تعالى ولا يعرفن رجلا طول عمرهن؟ بل ماذا نقول عن امرأة ذات بعل لم تحد قط عن جادة الصواب قيد شعرة ولم تعرف سواه؟ فهل من سبيل لمضاهاتهن لتلك البغي العاهر وتسويتهن معا في مرتبة الشرف والعفة، ألا والله ماذا نحن فارقون؟ وما الميزة إذن يا صديقي، بين حياة قصف وخلاعة وحياة تقشف وورع واستقامة إذا كان مآل الحكم واحدا والنظرية سواء والاعتبار متجانسا؟ افتنا أيها القارئ أمنطقيا أأدبيا، اإنسانيا قضية تحليل عفتها؟ سيرتها المخجلة واضحة، العفة والوقار لم تعرفهما، بل تنقلت من عناق رجل إلى سواه، والحق نقول أن لو تمكن جمالها أيضاً من أسر اكتافيوس - لتغير وجه التاريخ بكماله - ولعادت تلك الرقطاء بأجمعها تسعى إلى غرورها وزهوها وفتنتها وفجورها وعهرها كبدئها

وأسدلت ألف ألف ستار على انطوان التعس، كما أسدلتها من قبل على يوليوس قيصر وسواهما. وكما أمر المؤلف على شفة اكتافيوس: لعبت بانطونيو ويوليوس حقبة ... كما جاء بالمسحور أو راح ساحر ولكن قيصر ولكن قيصر لم يكن بالغر الأبله، فأرادها شارة لنصره، لا متاعا للشهوات الدنيئة، وأحست اللبوة بنزعته، فحملها كبرياؤها وحبها لعرشها المزلزل على الانتحار. . . فعلى شاعرنا أن حاول تبرئتها من عار فجورها، فالتاريخ لن يخدع نفسه، وقد لفظ صاعقة حكمه، وأثبته وسيثبته على المدى قاسيا مرا، يدعمه بأقوى حجة دامغة هي: سيرتها المتهتكة! ويذهب شاعرنا إلى تبرير فرارها من المعركة كل مذهب ويحاول جعله بمثابة حياد، مكتتمة مقاصده وذلك زعما بكرها إلى الميدان، وقد نهكت اكتافيوس، فتضربه الضربة القاضية ولكن أين هي؟ ضاعت المعركة وهي ساكنة كأن لم يبلغها خبر؟ أليس في هذا عار وشنار؟. . . ويريد أيضاً الدفاع عنها، في إنها لم ترسل الخبر القاتل الى انطوان بانتحارها. . . ولماذا؟. . . ولماذا لا تستحل كليوباترا هذا المسعى، كما استحلت من قبل مآتيها المخجلة الفظيعة مع سواه؟ وهل لعاهر أي رادع خلق يصدها عن الشائنات؟. . . وان أراد إفحامنا ببكائها وعويلها على ضريح انطوان، فلأنها علمت، كما اشرنا، انها فقهت معنى شروط صلح قيصر، فوازنت بين الكفتين، وعلمت أي هفوة شتيعة ارتكبت فانتحرت. ثم يذهب إلى اضطرارها انطوان أن يظهر أمام جنوده وقواده الرومانيين بمظهر المتأفف من روما. ولو كان ذلك - وكما أسلفنا - أما تعتقد وتوافقني لما سكتوا له، ولا ذاقوه كأس منيته صرفا، ولو بين ذراعيها البضتين. فأنت تعلم مثل ما مثل الرومان الشهم ليرضوا بإهانة وطنهم، وخيانته إمامهم ومن قائدهم الأعلى!. وأراد صاحب المصرع أيضاً أن (يمصر) انطوان، كما مصر كليوباترا، لكنه هنا كان تمصيرا مجازيا، إذ أرسل جواباً على لسانه، متمما إهانته السابقة لبلاده: - بل وزدت أنني مصري. . .

ونحن في هذا الموقف نعذره، إذ نرى انه لم يرد (التمصر) الصريح، ولعل إيراده لهذا القول هو من باب حشو الرواية. وهذا جائز. ونكتفي فتقول أن النظرات التحليلية التي ذيلت بها القصة لهي من شر المضحكات المبكيات، إذ يظهر بها الإقرار العجيب على تشييد عواطف ومشاعر كليوباترا وعفتها ووطنيتها طبقا لمجرى الشعر لا على الحوادث الراهنة، فما أعجبه تاريخا يكون على الشعر، لا شعرا يبنى على التاريخ الصريح! وألف رحمة لك أيها التاريخ فليتك لم تكن كي لا تغدو العوبة أفكار وغايات أهواء وتخرصات! ويا ليت شاعرنا تدبر ولم يحكم عواطفه الثائرة في حادثات الأجيال. فما العواطف بالتي يستكن إليها في هذه المسائل ولا سيما وهي وطنية، بل يا ليت شاعرنا اكتفى بنسج بردة فاجعة - كما سبقنا أيضاً فأشرنا - من حيث هي قصة لا غير، يراد بها مجرد التاريخ لا تأييد للتاريخ (وللتأريخ التخيلي). وليته لم يعد للأذهان ما حدث في أوربا العام الفائت حين أراد روستان الابن إعادة ذكرى ولد نابليون الثالث، إذ ألقى تبعة مقتله على الملكة فكتوريا والحكومة الإنجليزية وهي ليست على شيء منه. ولعمري أن لولا تناقضاته غير التعقلية، لما كان أيضاً هنالك من اعتراض، ولم يكن لها شيء عدا ما أوردناه في بحثنا في تركيبها وشعرها، وهو ليس بكاسف زهوها وجلالها. وإننا نأمل أن يتحاشى فيما يؤمل بعثه من قصص تمثيلية أخرى - كما بلغنا - مسلكه في المصرع من فسخ ومسخ ابتغاء تأييد قضية زعمتها مخيلته أو أبطال اعتقاد رفضته عقيدته، ففن القصص ارم والتاريخ أمر آخر. ونحن لا ننكر أن ليس من رواية تمثيلية أو قصة مسلية دخلت بين تضاعيفها تاريخيات، بل نشرت على إنها تاريخية لم تشوه حقيقة وقائعها أو بعضها ولم يماطل فيها شيئا لا بأس به من حشو ونسخ ولكن لم يكن مؤلفها على الأغلب يريدها هدفا أو أداة لإثبات ادعاء وتخرصات بل نشد فيها مجرد الذكرى والعبرة. اذا، فمعاندتنا له ليست عن طريق القصة بحد ذاتها بل لصد غاياته وترهاته

المقصودة فيها فمن الحمق والغباوة الاعتراض على عبر أرسلت قصصا مهما نال التاريخ فيها من تشويه وتجريح - ما لم يقصد فيها دعم الباطل - فالمبدأ إذا نقاتل لا الفاجعة ذاتها، ونحن ما كنا لنقف منه وقفتنا هذه الإعتراضية لو لم يفض شوقي ويقر إلى أحد محرري المجلات بمقصده التحريفي بغية في وطر نظريته ودفاعا عن كليوباترا المضطهدة في عرفه، ثم ما رأيناه أيضاً في النظرات التحليلية التي ترمي بكل ما فيها من قوة وعزم ومضاء في تحليل مذهب المؤلف وأعذار تذبذباته الكثيرة وتلونه العجيب الذي لا يدانيه تلون الحرباء. . . ولكنها صرخة منه جوفاء في وادي الوقف على مجرى التاريخ! وعليه نختتم الفاجعة التي أخرجتها لنا قريحة شوقي - بغض النظر عن مراميه - لهي دليل ناطق على نهضة جديدة في عالم الأدب العربي، وإنها دون منازع ولا محاباة أروع قصة تمثيلية جادت بها قريحة شاعر توا في العربية في نجاة من وطأة غربية، ولهي تقصارة لألأة في جيد الآداب العربية الناهضة، بل أروع الرموز في نهضته، وإننا نأمل أن تكون فاتحة مباراة بين شعرائنا، ودعوة لهم للجري وراء ارتقاء العربية المطرد، لا وراء السراب الخداع، وزيادتنا مما لا طائل تحته، فتحقق بذلك الآمال الذهبية وحبذا بوادرها في القريب العاجل، وأنا لجهودهم بارتقاب! فإلى الميدان أيها المتنافسون!. . . إلى الميدان المنصف!. . . بركات (السودان): ميشيل سليم كميد الكرباسي في لغة العرب (811: 7) الكرباهي، والصواب الكرباسي، نسبة إلى محلة كرباس بهراة. محمد مهدي العلوي اعتذار في حاشية 213: 8 سبق قلم بعمق الأستاذ المعروف بهجة أفندي الأثري، وقد تحققنا أن ليس في كلامه ما يخالف الأمانة والثقة وعزة النفس وكذلك ليس فيه سرق اجتهاد مجتهد ولهذا حسن التنبيه عليه.

صفحة من تاريخ أسر بغداد

صفحة من تاريخ أسر بغداد بيت عراقي قديم محمد نظمي البغدادي والد مرتضى أفندي المشهور بنظمي زاده 2 - إن الآداب واللغة لا تقوم لها قائمة ما لم تتكاتف المواهب لترقيتها وان استخدام الأقوام الأخرى لهذا الغرض مما يزيد في نموها وتكاملها كما وقع ذلك فعلا في اللغة العربية إبان نهضتها وفي كثير من لغات اليوم. لذا نرى عصور التدهور والانحطاط ألحقت كل الخسارات بهذا القطر فجعلت أبناءه آلة لغيرهم في خدمة آدابهم ورعاية شؤونهم العلمية والإدارية حتى نفذت في مناهج الأمة كافة فكانت هذه الوجهة شديدة الخطر على الآداب العربية إذ صار أبناؤنا يخدمون لغة الأغيار وعادت مواهبهم تصرف لمنفعتهم. وقد رأيت أيها القارئ جماعة ممن خدموا آداب غيرهم فضلا عن انتهاج سياستهم فصاروا يعدون من أكابر الأدباء لديهم مثل الشاعر فضولي وروحي البغدادي وأمثالهما كثيرون. ومنهم مترجمنا محمد نظمي أفندي، وهذه صدمة قوية زعزعت من أركان اللغة العربية. كان العرب يجذبون إليهم الأقوام الأخرى ويستخدمونهم لمصالحهم العلمية والأدبية والصناعية والسياسية. والشواهد على ذلك كثيرة بحيث يعسر إحصاؤها بل يستحيل. ولكن من أمد غير يسير انقلبت الحال وعكست القضية فصارت مواهب العرب مصروفة إلى مماشاة رأي الحاكمين ومراعاة رغباتهم وترويج مطالبهم، فكأنهم خلقوا متاعا لغيرهم. كاد يقضى على الأدب العربي بزوال حماته والقائمين به فانحط إلى الدرك الأسفل وأوشك أن يمحي أثره لولا البقية الباقية من كتب الأدب، ولولا المدارس الدينية والشعائر الإسلامية وتكرر تلاوة القرآن الكريم ورسوخه في

الأذهان. . . ومع هذا بقي الأدب عاميا أو أرقى من العامي بقليل، أو محصورا في فئة معينة. فالمترجم نظمي أفندي كان معروفا لدى الأتراك ويعد من أفاضل أدبائهم، فلا يعرف مرتضى أفندي إلا به فيقال (نظمي زاده مرتضى) أي مرتضى أفندي آل نظمي فشاعت لفظة زاده عوض آل فاتخذها أبناء العرب في العهد التركي شعارا لعلو المنزلة وشرف الأسرة، فهو أديب. ولكن ماذا يستفيد الأديب من أدبه في ذلك الحين؟ فغاية ما كان حصل عليه (كتابة الديوان) وهي من أكبر الوظائف القلمية آنئذ ولا تسلم لأحد ما لم تكن له مادة غزيرة تؤهله ولم يحصل على اعتماد في أمانته بحيث يكون موطن الأسرار. وقد نال شهرة في آدابه وتبين فعلا إخلاصه وصدق طويته كما يأتي قصص ذلك. ومهما كان الأمر فالعربية خسرت مقدرة آدابه بتوغله في الآداب التركية. وأضاف هو أيضاً إلى اللغة التركية أدبا جما وتجددا باهرا باطلاعه الواسع على اللغتين العربية والفارسية. إن المؤرخين - نظرا لما عرف واشتهر من أحوال مرتضى أفندي المؤرخ العراقي - حاولا إيضاح ما خفي من أصل أسرته فتضاربت آراؤهم في البحث عنه. وكلها من تعد الحدس والتخمين، فهي ظنون وأكثرها أوهام. وهذا نص ترجمته منقولة من كلشن شعرا الذي سبقت الإشارة إليه حول هذه الترجمة وهي: (إن محمد نظمي أفندي هو ابن بنت عهدي البغدادي. توفي في الليلة الرابعة من رمضان المبارك من سنة 1074 وقت العشاء، وكان ولد سنة 1002. ولما بلغ السن التي تؤهله للتحصيل سلك طريق أجداده الاماجد وبذل مجهوداته لاكتساب العلوم ومجالسة العلماء والظرفاء وبهذا قضى غالب أوقاته ومعظم أزمانه. وكانت الرغبة ذلك الحين مصروفة إلى الشعر ولعض العلوم المألوفة فمال إلى ذلك حتى تمكن من قرض الشعر ونالت أشعاره مكانتها من الرقة والعذوبة حتى تكون لديه ديوان شعر. ومال بكليته إلى التحرير فامتلك القلوب ببلاغته واخذ بمجامعها في حسن نياته. وبينما هو في هذه الحالة من رغد العيش وهنائه مع أبناء وطنه وأحبائه في

راحة وطمأنينة إذ فاجأ عصيان من قبل (بكر صوباشي) أدى إلى استيلاء العجم على بغداد زمن (الشاه عباس الصفوي المتوفي سنة 1038هـ) فتبدل هذا النعيم بالشقاء وتلك الراحة بالعناء فلم يطق البقاء على هذه الحالة ولم يرافقه هذا التغير في الحكومة فترك ممتلكاته من أموال ودار فذهبت نهبا واتخذ القول المشهور (الفرار مما لا يطاق من سنن الأخيار) فاختفى بادئ بدء نحو خمسة أيام أو ستة ثم بدل أثوابه وغير كسوته ولبس لباس الدراويش واخذ أمه معه فتوجه نحو الحلة وكربلاء فكانت هذه له دار الأمن والأمان. عاش هناك عيشة الدراويش وصار في حيرة من أمره لا يدري ماذا يصنع فارتبكت حالته وساءت، ولم تمض مدة طويلة حتى ورد الوزير الأعظم حافظ احمد باشا لإنقاذ بغداد من أيدي العجم فلما علم بذلك وكانت بينه وبين المشار إليه معارفة قديمة جاءه وامتدحه بقصيدة رنانة بين فيها ما جرى عليه في نكبته وما لقيه من الغربة وما عاناه، ولم نر في نفسنا حاجة إلى سرد مطلع هذه القصيدة وإنما غاية ما يفهم فحواها انه صدرها بغزل وجعله براعة استهلال، ثم وصف في أثناء المدح حالته فبين أن ظاهره ينبئ عن مكنون سره، صار متشردا في الطرقات والبراري، فتارة يقال: مجنون، وطورا تقذفه الصحاري فيلجأ إلى الوهاد، وقد اخضلت الأرض بدموعه التي هي كالسيل المفعم. وانبتت الأعشاب فالديار تتقاذفه ويكاد يحترق بنار أنينه ولهيب اهاته، يحسب مرة أن العدو ظفر به أو انه جاءه ليقضي عليه لما اختلج في فكره من الوهم وصار يرتعد كأغصان أصابتها الريح. . . حاقت به المصائب من كل جانب فكأنها من هولها عوسج اكتنفه بحسكه من جميع جهاته. . . واخذ يذكرها الواحدة تلو الأخرى ويصورها ببديع أدبه حتى انه أبدى: لا يدري ماذا يصنع من الاضطراب الذي ناله، وان الأدب حبب إليه البيان وعلمته المصائب أن يبوح بما لقي بتعبير جاذب خلاب. وهكذا لازمه كمال البيان إلى أن مضى بها بين غزل ووصف حالة وبين شكر ومدح. . . وهي تقرب من ستين بيتا. . . ثم انه بعد أن لقي الباشا المشار إليه عاد إلى الحلة تارة أخرى ومنها ذهب إلى كربلاء وفي هذا الوقت لم يتيسر للباشا فتح بغداد

ولا تمكن من الاستيلاء عليها فاضطر إلى الرجوع بخفي حنين، فلما علم المترجم بالخبر تأثر كثيرا، ولذا اختفى أيضاً وتكتم في الذهاب إلى البر فسلك طريق الصحراء خائفا، فوصل إلى الرها بعد أن تجشم الأخطار واجتاز الأهوال فاتخذها مأوى له وجعل سكناه فيها فعدها وطنا ثانيا له وصارت دار هجرته. وهناك اتخذ له دارا ومحلا معلوما وتعرف بأشراف البلد ومشايخه وعلمائه فصار يجالسهم، وبينا كان مطمئنا وراضيا بحالته إذ سقط يوما من فرسه فكسرت رجله، ولازم داره مدة في خلالها ألف ديوانا سماه (ناز ونياز) وهو بمعنى الفتح والطموح، جعله من بحر المثنوي مماثلا لما ألفه فضولي من (مجنون ليلى) فأثبته في ديوانه، وهذا غير ناز ونياز الفارسي المذكور في كشف الظنون فانه لمؤلف آخر. ثم انه بعد ذلك توجه السلطان مراد إلى بغداد لاستخلاصها، ولما وصل الرها استقبله بقصيدة مدحه بها ودعا له فيها بالسفر الميمون. وأرخها في سنة في سنة 1048هـ (1638م) قائلا: (مبارك أوله أكان دائما طريق وسفر) وعندما علم أن السلطان مراد قد افتتحها في مدة يسيرة وانه أعاد إليها نظامها وانتظامها وسمع أن المهاجرين صاروا يعودون رويدا رويدا تحرك حينئذ من الرها سنة 1053هـ وعاد إلى وطنه القديم بسرور لا مزيد عليه، فحمد الله على الرجوع مع أمه ولم يكن معهما أحد وكان هاجر عنه بزي درويش ناسك ومن ثم صار له من الأهل والعيال والأولاد والمال والجاه ما يغبطه عليه، وتولى بعض المناصب مما يتعلق (بكتابة الديوان) وله آثار حسنة ومناقب جميلة. وفي سنة 1066هـ سافر إلى حج بيت الله الحرام مع والدته وأهله وعياله، وتقدم لزيارة روضة المصطفى (ص). إن المومى إليه كان فريدا في النظم والنثر وحيدا في عصره باللغة العربية والفارسية، وهو شيخ نوراني جليل، اعتقاده طاهر، ومواظب على الأوراد، قد صاحب شيوخا كثيرين من أرباب العرفان وجالسهم فاقتبس من أنوار حقيقتهم فهو عارف بالسلوك إلى طريق الحق وله اليد الطولى في التصوف وعدا ذلك فخيراته عميمة وحسناته وفيرة يسعى لعمل البر، وفي كل أحواله مراع للشرع

الشريف وفي أواخر أيامه أي قبل أن يتوفى بنحو خمس سنوات ترك الأشغال ولازم تلاوة القرآن الكريم والأوراد والأذكار. وفي سنة 1074 توفي عن 72 عام، وقد رثاه ابنه وأرخ وفاته (الظاهر انه أخو مرتضى أفندي) بقوله: كيجدي أول مرحوم حق نظمي أفندي ذو الفنون دار دنيادن بقادة ايلدي جاي ومكان عالم أر وأحدن كلدى نداكيم سويلكز تاريخن (يا رب اجعل بيته دار الجنان) 1074 وأرخ أيضاً وفاته سيفي الذي هو من فصحاء الزمان فقال: جك ايكى ألف سينه يه كيم رسم غرادر اندن صوره تاريخني (دي نظمى ايجون اه) وكذا أرخ وفاته غوثي فكان له وقعه: (وفيه تنويه بفضله وبيان لمكانته ومنزلته في النفوس): اكمل أهل خرد افصح أرباب سخن ... سعدي دور زمان صاحب أخلاق سليم عارف مبدأ وداناى رموزات معاد ... واصل رحمت ابجار خداوند كريم إلى أن يقول: فوتنه سويلدي اخلاصله غوثي تاريخ ... أوله روحي همه جا جنت اعلاده مقيم ومطلع ديوانه: 1074 قد بدا من كأسنا أنوار مشكاة الهدا ... الصلا أي باده نوشان محبت الصلا جامه مي آتش فروزطوراولور أول عارفه ... كيم ويرر طبعية عسقك انجلا اهـ. هذا ما جاء في كلشن شعرا والظاهر أن هذه الترجمة لأحد أبنائه كما أشير إلى ذلك فيما سبق، وقد ذكر له ابنه مرتضى تاريخا منظوما في جامع السلحدار محمد بك فلا نرى في نفسنا حاجة إلى إيرادها هنا بعد ذكر الأبيات الكثيرة له. ومن هذه يتضح أن ولادة المترجم ووفاته معينان وانه لم يذهب إلى بلاد الأناضول في أثناء خروجه من بغداد بسبب تبدل الحكومة. وحين عودته إلى بغداد لم يكن معه أولاد أو أحفاد نظرا للصراحة بذلك من انه رجع

مع والدته فحسب. . . وبهذا انتفى ما في تاريخ كليمان هوار وزال الخفاء عن هذا الرجل كما انه لم يكن اسمه السيد علي بخلاف ما جاء في سجل نفوس عثماني عن مرتضى انه ابن السيد علي فهذا غير صواب منه، والذي يتبين من ترجمته انه أديب في اللغات الثلاثة وارث لعلوم جديه عهدي وشمسي ومنتهج سلوكهما وانه كان كاتب الديوان. وقد ذكر جملة صالحة من أبياته التركية وكنا نود أن يبين مترجمه بعض أبياته الفارسية والعربية ويا للأسف لم يتعرض لها كما أن المسيو كليمان هوار يقول أبقت الأيام ديوانه ولكنه لم يصفه ولا ذكر محل وجوده لنتمكن من الاطلاع عليه لعلنا نقف على معاصريه عدا غوثي وسيفي اللذين مر ذكرهما في رثائه. وكان له ولدان وهما: 1 - حسين أفندي. 2 - مرتضى أفندي المؤرخ العراقي الشهير. وسيأتي الكلام عليهما في المقال التالي، والله ولي التوفيق. بغداد: المحامي عباس العزاوي الاقراباذين وأول من ألف فيه عربي نصراني الاقراباذين لفظ يوناني معناه: (التركيب أي تركيب الأدوية المفردة وقوانينها) (عن كشف الظنون) وقد ذكرت معلمة الإسلام هذه الكلمة وقالت إنها (من ومعناه التأليف الصغير بعد أن مرت باللغة السريانية (جرافاذين) وقد فسر عيسى بن علي هذه الكلمة بقوله: (رسم الأدوية أو نسق أو مجموع أي ما يسمى عند الإفرنج اه. قلنا: نحن لا نوافق على هذا الرأي والكلمة اليونانية لم ترد بالمعنى الذي أشير إليه. والذي عندنا أن الكلمة من اليونانية ومعناها التركيب الطبي كما قال في كشف الظنون وقد استعمل هذه اللفظة اليونانية وبهذا المعنى ديسقوريدس في كتابه: (على العقاقير أو على المادة الطبية 207: 1) أي بمعنى وأول عربي ألف في الاقراباذين سابور بن سهل النصراني (عن ابن القفطي ص207) وكان طبيب المتوكل ومن جاء بعده من الخلفاء، توفي ابن سهل في 21 ذي الحجة سنة 255 (31 نوفنبر سنة 869م).

الدولة القاجارية وانقراضها

الدولة القاجارية وانقراضها 1 - تمهيد توفي في باريس احمد شاه من ملوك القاجار وأخرهم وذلك في 1 آذار (مارت) فانقرضت به الدولة المنتمي إليها فرأينا من المناسب أن نعقد فصلا لهذه الدولة. 2 - معنى القاجارية ونسبهم يرى علماء اللغة الفارسية أن القاجار تصحيف (قجر) بقاف وجيم فارسية مثلثة وراء في الأخر، ومعناها السريع في سيره ويراد بالقجر قبيلة من بادية التركمان كانت كثيرة التنقل في ديار تركستان وكثيرا ما كانت تظعن إلى ربوع إيران المجاورة لها انتجاعا للكلا ثم تعود إلى وطنها فتقيم فيه زمنا. وكنا قد قرأنا في سنة 1894 كتابا خطيا لأحد علماء إيران يقول فيه أن القاجار لغة في الكوجر أي المتنقل والراحل بالتركية، وكان الشاه الذي انشأ هذه الدولة من قبيلة تركية متنقلة بادية وكلا اللفظيين يرجع إلى أن أصل الدولة المذكورة من قبيلة بادية راحلة. إلا أن الشائع هو أن القاجار منسوبون إلى القجر القبيلة التركمانية المذكورة التي كان أصل مقامها في أرجاء استراباد. ويزعم مؤرخو الفرس أن القاجار يمتون بنسبهم إلى قبيلة جلائر الكبرى وهي تلك القبيلة التركية المشهورة في التاريخ وان الملوك القاجارية منسوبون إلى قجر نويان بن سرتاق نويان الذي هذب وأدب غازان خان. وسرتاق هذا هو الذي قتله بايدو زاعما انه كان من حزب غيختو وذلك في سنة 694هـ (1295م) ويزعم هؤلاء المؤرخون أن القبيلة المذكورة أقامت على تخوم ديار الشام بعد تملك أبو سعيد أو بوسعيد في سنة 731هـ (1335م) ثم أعادها تيمورلنك إلى إيران وفي تركستان أصل منشأها وذلك في سنة 803 (1400) وكانت إحدى القبائل السبع التركمانية التي أجلست على عرش فارس الدولة الصفوية. والى هذه القبيلة أيضاً ينتمي (شاه قلي قرجي (الحرسي) الذي أوفد مرتين في سنة 962 (1555) وسنة 975 (1567) ليتذاكر في أمر الصلح مع العثمانيين

وقد فوض إليه أمر السفارة. وفي سنة 995 (1587م) لاحظ الشاه عباس الأول ازدياد أبناء هذه القبيلة فقسمها إلى ثلاثة أبطن، فأقام البطن الواحد في مرو بازاء الازبك والثاني في كنجة واريوان. والثالث في استراباد في قلعة مبارك آباد التي شيدها فالذين أقاموا في الأعالي سموا يوخار باش والذين توطنوا في أداني البلاد عرفوا باشق باش. وكانت الغاية من إسكانهم تلك الأرجاء حمايتهم ودفع عوائل التركمان الذين كانوا وراء التخوم. هذا أصل القاجارية على رواية مؤرخي الفرس الذين كتبوا ما كتبوا تزلفا من الدولة المالكة وخوفا من سطوتها وبطشها يوم بلوغها إلى عرش الاكاسرة والذي عندنا أن وصل نسب القاجارية بالجلائرية، مشكوك فيه كل الشك إذ لم نجد له أثرا في المؤرخين الذين دونوا الأخبار قبل تسلم القاجارية غارب المملكة ولهذا لا نوافق على تلك الرواية الضعيفة إلا إذا جاءنا أحدهم بنص قديم صريح يثبت هذا الرأي. وسوف ننتظره سنين عديدة مديدة ولعل عينينا لا تقعان عليه أبدا. 3 - ملوكهم كان فتح علي خان ابن شاه قلي خان ابن مهدي خان ابن ولي خان ابن محمد قلي وكان من أمره انه وضع يده على استراباد ليثأر دم أخويه وفي سنة 1135 (1723) حارب الأفغانيين الذين حاصروا اصفهان وهو على رأس ألف فارس فوشي به عند الشاه حسين انه طموح فعاد إلى دياره وترك الشاه الصفوي يتقلى على جمر الغضا الذي أضرمه الأفغان. ثم دعاه أهل الري ليدفع عنهم غائلة العدى من الأفغان الذين كانوا في إبراهيم آباد بقرب وراوين لكنه لم يوفق فعاد إدراجه إلى مازندران ليخدم الشاه طهماسب، وفي زحفه إلى المشهد قتل بأمر نادرشاه في 14 صفر 1139 (12 ت1 سنة 1726). وحاول نادرشاه أن يقتل ابنه محمد حسن خان وكان يتأثره ففر هذا إلى التركمان وجمع منهم من تحزب له واسترجع استراباد فانتزعت منهم بعد زمن فأقيم من رؤوس القتلى منارتان عرفتا باسم (كله منار) وقد رآهما الإنكليزي هنوي وصورهما ونقلهما السير مرك سايكس (تاريخ إيران 364: 2)

فذهب محمد حسن إلى قبيلة داز فأبت ضيافته على إلحاح نادرشاه فقضى أياما عديدة في البادية حتى سمع اتفاقا وعلى غير انتظار منه قتل نادرشاه فعاد إلى استراباد واستحوذ عليها (1166هـ 1747م) فهاجمه بعد ذلك كريم خان زند الذي حاصره فيها مدة أربعين يوما ثم ترك الحصار تاركا معسكره (1165هـ 1752م). وفي سن 1168 (1755م) دوخ احمد شاه مدينة مشهد رضا وأرسل شاه بسند خان ليهاجم أملاكه وكان يقود 15. 000 فارس فكسر هذا الجيش في سبزوار. فلما كان الظفر حليف محمد حسن نشط كل النشاط فدوخ قزوين وكيلان وزحف إلى اصفهان فخسر كريم خان واقعة كلون آباد على أربعة فراسخ من هذه المدينة وفر إلى شيراز وفي سنة 1169 (1756م) استولى على أذربيجان وكان يحكم فيها أزاد خان الأفغاني. فوصل إلى هذه الولاية في سنة 1170 (1757) وعقد لواءها لابنه آغا محمد شاه وكان عمره يومئذ 18 سنة وفي السنة التالية زحف إلى شيراز إلا أن جيشه تفرق شذر مذر لقحط وقع في تلك السنة، ثم قمع بعض عصيان رآه في قسم من الجند، ولما تعب عسكره من الزحفات المتداركة غادروه غير آسفين على مفارقته فرجع إلى استراباد بجماعة من (اشق باشية) وحشمه فناهضه الشيخ علي خان في بادية قرق فساخت سنابك جواده في الوحل فقتل وهو في تلك الحالة وكان قاتله كرديا اسمه (سبزعلي) وكان أحد خدمه الذي انحاز إلى عدوه (سنة 1171هـ - 1758م). وفي تلك الأثناء دخل حسين قلي خان - ثاني أولاد الشاه السابق وهو الملقب (بجهان سوز) لجراءته وشجاعته - في خدمة كريم خان الذي خص ببلاطه آغا محمد وكان عمره يومئذ ثلاثين سنة فذهب هذا إلى شيراز وأقامت أسرته في قزوين ثم عين حسين قلي حاكما على دامغان وكان طموحا إلى الأعالي فهجم على استراباد وسير فيها النار والبتار فدوخ مازندران وفاجأ في بادفروش حاكمها مهدي خان الذي كان قد عينه كريم خان عاملا لتلك الكورة، فقتله في خيمته ضربا بالبارودة (تزكمان يوموت) العصاة وكان عمره سبعة وعشرين عاما، وهو أبو فتح علي شاه.

ودونك الآن أسماء ملوك الدولة القاجارية مع سني مواليدهم وتملكهم ووفياتهم. 4 - أسماء ممهدي طريق العرش (فتح علي خان) ولد في 1097 (1685) أو في 1104 (1693) ورقي العرش في سنة 1133 (1721) وتوفي في سنة 1129 (1726 أو 1727) ودفن في خواجه ربيع قريبا من المشهد. (محمد حسن خان) كانت ولادته في سنة 1127 (1715) وعلا الأريكة سنة 1164 (1751) وودع الدنيا في سنة 1172 (1758 أو 1759) ودفن في (شاه عبد العظيم). (حسين قلي خان) ولقبه جهان شوز (أي محرق الدنيا) ولد في 1164 (1751) وامتطى غارب المملكة في 1184 (1770) وانتقل إلى الآخرة في سنة 1191 (1777م) ودفن في استراباد. 5 - أسماء الملوك أرباب المملكة 1. (آغا محمد شاه) ولد في 1155 (1742) وقبض على الصولجان في سنة 1193 (1779) وانضم إلى آبائه في سنة 1211 (1796 أو 1797) ورمس في النجف (مشهد علي في العراق). 2. (فتح علي شاه) ولد في 1185 (1771) وقبض على زمام المملكة في طهران سنة 1212 (1797 أو 1798) وتوفاه الله في 1250 (1834) وقبر في قم. (عباس ميرزا) نائب السلطنة ولد في 1203 (1788 - 1789) وقضى نحبه في خراسان قبل والده (1249 أي 1833 - 1834) ودفن في مشهد رضا. 3. (محمد شاه) ولد في سنة 1222 (1807) وجلس على كرسي الملك في سنة 1250 (1834) ووافاه الأجل في سنة 1264 (1848) ولحد في قم. 4. (ناصر الدين شاه) جاء إلى هذه الدنيا في سنة 1247 (1831 - 1832) وملك في سنة 1264 (1848) وقتل في سنة 1896. 5. (مظفر الدين) كانت ولادته في 1269 (1853) وتسلم العرش

دار شيعان

في 8 حزيران 1896 وانتقل إلى دار البقاء في 14 يناير 1907. 6. (محمد علي) ولد في سنة 1289 (1872) وملك في 19 يناير سنة 1907 واستعفى في 16 يوليو 1909. 7. (احمد شاه) ولد في سنة 1898 وبلغ سن الرشد في 1914 وخلع وتوفي في هذا السنة. (أغلب هذه المقالة معرب عن معلمة الإسلام) دار شيعان أو شيشعان هذا اسم نبات شائك، وهو مركب من كلمتين من (دار) الفارسية أي خشب أو عود، وشيعان (كجوعان) من شوع رأسه (ككرم) أي انتشر شعره وتفرق وصلب حتى كأنه شوك، أو بعبارة أخرى: ثار وشعث. وسمي كذلك لان لهذا النبت شوكا منتشرا متفرقا صلبا كما رأيناه، وقد ذكره بعضهم بصورة شيشعان كأنه منحوت من (شيعان) المكررة فاكتفوا بشين ثانية عن تكرير الكلمة نفسها لان هذه الشين هي الحرف الظاهر المتفشي الصوت والمهم في الكلمة. وقد جاء هذا الاسم مصحفا تصحيفا قبيحا في كثير من كتب النبات واللغة، فقد ورد في محيط المحيط (دار شيشفان بالفاء أو دار شيشفار) (بالفاء والراء) أو دار ششفار (بحذف الياء من بين الشينين) شجرة عظيمة شائكة وتعرف بالقندول، (فارسية) اه. وكرر هذه الأغلاط صاحب البستان وعرف الشجرة بقوله: شجرة شائكة فارسية معروفة عند فريق من العامة بالقندول (وضبط الدال بالفتح) اه. قلنا ليست شجرة فارسية بل ترى في كثير من البلدان غير الفارسية أيضا. والقندول عند العامة بضم الدال كما سمعناها من كثيرين في فلسطين وسورية لا بفتحها، وذكر البستانيين هذه الكلمة المركبة في مادة (دار) من اغرب الغرائب. وحق ذكرها في شوع لسبب اشتقاقها ومعناها.

فوائد لغوية

فوائد لغوية العربة وأصلها وقفنا على ما كتبه حضرة الخوري جرجس منش في مجلة المجمع العلمي (699: 9) بعنوان: (العربة، هل هي من وضع ابن بطوطة؟) فتعجبنا من هذا العنوان الغريب، لأنه لم يذهب إلى هذا الرأي أحد، إذ كلنا يعلم أن ابن بطوطة ذكر اللفظة سماعا عن أهل البلاد الذين كانوا ينطقون بها فهو راو لا واضع، فكيف نسب حضرته هذا الأمر إلى ابن بطوطة في ذيالك العنوان المغالط به؟ فلو قال مثلا: (العربة، هل هي من عصر ابن بطوطة) لما ناقشناه. أما انه ينسبها إلى الرحالة المذكور، في الوقت الذي يصرح فيه بأنه يروي الكلمة رواية، فهذا مما كنا نحب أن يرفع نفسه عنه. وهناك نسبة أخرى كنا نود أن لا يذكرها بالوجه الذي ذكره، فقد قال حضرته: (وقد كان. . . الأب انستاس الكرملي ذهب إلى أن العربة تركية الأصل في نقده على الشيخ إبراهيم اليازجي قال في مجلة المشرق (519: 5) وكثيرا ما يستعمل كلمة (عربة) بمعنى مركبة وعجلة وهي تركية الأصل!!.) كذا رأينا هذه العبارة مكسوعة بعلامتي تعجب. ونحن لم نفعل ذلك، فهي إذن من حضرة الخوري الفاضل ومن زياداته، وكان يحسن به أن يقول انهما من عنده أو أن يجعلهما بين عضادتين أو هلالين أو غير ذلك من العلامات، ليشعر القارئ بأنهما ليستا لنا إذ لسنا ممن يسخر بمعرفة اليازجي، ومقامه من اللغة أشهر من أن يذكر. إذن وضع حضرته هتين العلامتين هو من عنده ليدل بهما على تعجبه من جهلنا. قلنا إننا نقر بهذا الجهل وقد صرحنا به مرارا، لكن مع هذا كله لم ننسب إلى نفسنا القول بتركية أصل العربة، وكلامنا صريح فويق هذا وهو: (وهي تركية الأصل.) ولم نقل: (وعندنا إنها تركية الأصل)، إلى غيرها من

العبارات التي تدل على ادعاءنا بالأمر. إنما أوردنا رأي الغير والذي صرح به قبلنا أنها تركية صاحب مرآة اللغات، ومؤلف الدرر العمانية في لغة العثمانية، وصاحب لهجة اللغات وغيرهم كثيرون. ولما قلنا أنها تركية لم نقل أنها بلفظها الحالي تركية الأصل بل أردنا أن نقول تركية التركيب والوضع. ألا يعلم الناس أن عولس أو عوليس علم يوناني ومع ذلك نقله بعضهم بالعين كما ترى. أفلكون تبتدئ بعين يزول عنها أصلها اليوناني؟ - فقول حضرة الخوري: (وهذا يؤكد (أي كتابة الكلمة بالعين) ما سبق (كذا) وقلته لا أظن العربة من أصل تركي) قول يقرب من قول الأطفال والرضع. أنا أن العربة (تركية) فنحن لا نشك فيها. وذلك لأننا نراها مدونة بهذا المعنى في كتاب (ديوان لغات الترك) لمؤلفه محمود بن الحسين بن محمد الكاشغري وقد فرغ من تأليفه سنة 466هـ (1073م) أي في أواخر المائة الحادية عشرة. وأنت تعلم أن المؤلف تركي صنف كتابه في بغداد ونقل ألفاظه عن الترك، كما تعلم أيضاً أن اللفظة لا تشيع بين الأمة البعيدة الأوطان والأطراف إلا بعد مئات من السنين، بخلاف ما يجري في هذا العهد إذ يعم اتخاذ اللفظة نقلها على أجنحة الصحف والمطبوعات، أما في عهد البداوة فان الكلمة ما كانت تنتشر إلا بعد مئين من السنين. فوجود العربة عند الترك بصورة أربه أو أرابه بمعنى العجلة أو المركبة في لساننا: أقدم من نقل معناها بهذا اللفظ نقلا عن الارميين أن صح هذا النسب الموهوم فيه. أما

أنها سريانية فهي لم ترد فيها بهذا المعنى وهل يمكن أن يستشهد بوجود كلمة بمعنى من المعاني غير المعنى المطلوب الذي يجري فيه الجدال؟ - ومن الغريب أن حضرة الخوري يلوي النصوص ويقلبها ظهراً لبطن ويسومها عذاب الهون ثم يحاول أن يخرج منها معنى العجلة الذي يولي عنه بعيداً كلما عالج القبض عليه. فالمراد من قول المؤلفين الأرميين: جناح دولاب العربة (العنفة) (كقصبة) وهو ما يضربه الماء فيدير الرحى. فأين هذا من العجلة يا حفظك الله؟ نعم أن العربة هي الرحى التي يكون في السفينة في الماء ليطحن بها القمح أو يعصر بها البزر، أو يستخرج بها الزيت لكن بين أن يكون الزورق عجلة أو مركبة فرق كالفرق الذي يرى بين السمكة السابحة في الماء والحيوان الذاب على الأرض فأن يكون هذا يوافقه فلا يوافق الغير من المنصفين. وليس حضرته (أول من سار غره قمر) فأن العلامة الكبير والمستشرق الشهير دي خوية الهولندي ذكر في المعجم الذي ذيل فيه تاريخ البلدان للبلاذري أن العربة وردت في هذا السفر الجليل مجموعة على عرب بحذف الهاء. على حد ما نرى في قولهم زهرة وزهر وثمرة وثمر وتمرة وتمر وإليك عبارته: (عرب جمع عربة وهي العجلة. راجع ص8 على ما في النسخة الأولى. أما في النسخة الثانية فعرب وردت بصورة غرب (بفتح فسكون) إلا أن رواية النسخة الأولى تفضل رواية النسخة الثانية لأن كلمة (محارثة) المجموعة تتقدمها. . .) اه تعريباً وهذه عبارته بحروفها الإفرنجية حتى لا نتهم بالترجمة التي نتصرف فيها: 8. عربة عرب. عرب غرب محارثة وجوابنا عنه أن العلامة الجليل أخطأ في القراءة والتأويل. والعبارة التي يشير إليها في البلاذري وأنها ترى في ص8 هي هذه: (وإذن لصاحب الناضح في الغضا وما يصلح به محارثه وغربه). ففي النسخة الأولى جاءت غربة بالعين المهملة أي عربه وفي النسخة الثانية بالغين المعجمة أي غربه. وسبب تفضيل المؤلف رواية العين المهملة على الغين المعجمة أن كلمة محارثه تسبق (غربه) ولما

كانت عربه معطوفة على محارثه كان المعطوف من طبقة المعطوف عليه أي عطف جمع على جمع. وليس ذلك صحيحاً لأن محارثه ليس جمع محرث والمحرث آلة الحرث وآلة الحرث تتركب من عدة أدوات فصح أن تسمى محارث. أما الغرب (بفتح فسكون) فهو الدلو العظيمة يستقى بها للزرع أي ما نسميه نحن بدلو الكرد. والغرب لا يكون إلا واحداً. فصحيح الرواية إذن (وغربه) أي ودلوه. أما فساد الرأي المراد هنا (عربه) أي عجلاته فظاهر من أن الفلاحين من السلف لا يتخذون العجلات في الزراعة والحراثة والفلاحة بخلاف أهل أوربة - ثانياً أن شبه الجمع أو الجمع الجنسي في مثل ثمر وثمرة معروف في المخلوقات لا في المصنوعات. وأن ورد بضعة ألفاظ في المصنوعات أيضاً إلا أن الشائع المستفاض هو في المخلوقات - ثالثاً أن لفظة (العربة) بمعنى العجلة لم تشع بين الناطقين بالضاد قبل المائة الرابعة للهجرة أو المائة العاشرة للميلاد والبلاذري من أهل المائة الثالثة للهجرة. فكل دليل من هذه الأدلة الثلاثة كاف وحده لتوهين القول بأن المنصوص في أصل عبارة البلاذري هو العرب (العجلات). وممن وهم وهمه دوزي، قال: عربة بمعنى عجلة تجمع على عربات وعرب (راجع معجم البلاذري ومعجم دوزي ومحيط المحيط). ومن غريب ما استنتجه حضرة الخوري قوله: (وقد ذكر ابن علي عربا على اللفظ الشرقي بمعنى العربة (العجلة) كما مر بك) والعبارة التي يشير إليها حضرته هي: (ابزارا) جناح دولاب العربة) والحال أننا نعلم أن لا جناح للعجلة كما أن لا جناح للعجلة (بكسر الأول مؤنث العجل) والعربة المذكورة في هذا النص هي المعصرة لا غير فكيف يلوي حضرته النصوص ويستنتج منها تلك النتائج؟ أن هذا لمن الاستخفاف بعقول القراء والضحك من شواربهم ولحاهم ولا يمكن أن يسلم به جاهل فضلاً عن عاقل. فمعنى العربة التي استعملها الارميون يوافق المعنى المذكور عنها في معاجم

لغتنا العربية أي معنى المعصرة الموضوعة في السفينة ولها دولاب للدولاب عنفات يضرها الماء فتحركه أي وليس هناك أثر لمعنى العجلة. والعربة التي يكتبها صاحب (ديوان لغات الترك) أربه (كقصبة وبهاء في الأخر) تركية الأصل لا شبهة فيها وقد عربها العرب بالعين كما عربوا ألفاظا كثيرة ناقلين إياها من اللغات التي لا عين فيها ولا سيما هذه الأربه عربت بالعين لقربها من لفظة (العربة) التي ألفوها لوجودها عندهم علما ونكرة وأن كان المعنيان يختلفان فإننا نسمع العراقيين يقولون الآن: أم البوس في امنيبوس وهي الحافلة - وقلم طوز في كالبتوس إلى غيرهما من الألفاظ التي يسمع مثلها وتجري على هذا الوجه من التحريف والتصحيف في جميع الديار واللغات لمشابهة بين الكلم الغربية والكلم المألوفة على السماع. (تذييل) أغلق علينا فهم بعض الألفاظ فنرجو من حضرته أن يفيدنا عنها قال: (ذلك ما تبادر إلى ذهني) (ص699) أفيريد أن يقول: (ذلك ما تبادر ذهني إليه، أو بادر إليه ذهني؟ - وقال فيها (ليس هو من أئمة اللغة بل ليس هو الذي وضع. . .) أفلو حذف (هو) من الجملتين ألما كانتا أخف وأرشق؟ وأن كنا لا نخطئ قوله المذكور. وفي ص700 (في العهد العباسي أي في أواخر العصر التاسع للمسيح) قلنا: سر العهد العباسي بأواخر القرن التاسع للمسيح. والذي نعلمه أنه يمتد من سنة 132هـ (749م) إلى سنة 656هـ (1258م) أي 524 سنة. هذا فضلا عن أننا لم نجد بين الأقدمين من استعمل العصر بمعنى القرن أو المائة سنة، ومما شق علينا فهمه قوله في ص700 (عربة خطأ محض (بالتركية) لأن العين لا وجود لها في اللغة التركية ولعل المراد (أرابه در). فهذا كلام يدلك على أن اللفظة التركية هي (أرابه در) وهذا أمر مضحك، إنما المعنى (هو أرابه) بالتركية. لأن در في اللغة التركية أداة وصل الخبر بالمبتدأ ويقابله (هو) بلغتنا والسلف يحذفونه فيقولون مثلا: (العلم نافع) لا العلم هو نافع - ومما لم يأنس بالنطق به فصحاؤنا قول حضرة الخوري في حاشية 700 (مثل برنساه وما أشبه) -

والذي ينطق به أئمتنا: وما أشبه (راجع سبب هذا التعبير في هذه المجلة 555: 7) ففيه فائدة لا تنكر. ومن ألغاز كلامه هذا التعبير: (وهذا يؤكد ما سبق وقلته لا أظن العربة. . .) ولعل هناك غلط طبع إذ الصواب (ما سبقت وقلت) أو (ما سبق إذ قلت) أو أشباه هذا التعبير وهو كثير. ومما لم نفهمه قوله (من اعتاد الحرب ص701 أفيريد (من عتاد الحرب) بلا همزة في الأول. أو اعتد الحرب أو عتد الحرب)؟ فإذا كان هذا هو المطلوب فلماذا كل هذا التحذلق؟ - وفي تلك الصفحة: (ولما كانت العجلات. . . فقد توسطوا) والصواب حذف الفاء من الجواب إذ يتلقى جواب (لما) بالفاء بخلاف (أما) فلعل تشابه اللفظيين استدرجه إلى الوهم. ولما كانت. . . توسعوا). وفي تلك الصفحة كرر قوله: (وما أشبه) والصواب الاحتفاظ بالفضلة وأن يقول: وما أشبهه. وضبط (إرمية) (وزان عنب بالنسبة والتأثيث) كما صرح بذلك صاحب القاموس، وأحسن الأقوال إرم (كعنب) لأنها واردة في سورة الفجر. أرسلنا بهذا الكلم على ما حضرتنا ونحن أول من يتهم نفسه بالخطأ ويقر به إذا ما رآه متبلجاً في سماء التحقيق الصاحية. من الأوهام الشائعة قال أحد الأدباء (وقد زود الوفد العراقي بكل التساهلات المقتضية وكل العطف) وقال أخطأ في قوله (المقتضية) والصواب (المقتضاة) أي اسم مفعول من (اقتضى) والأصل (مقتضية) بفتح الضاد والياء التي قلبت ألفا لانفتاحها وانفتاح ما قبلها. أما (المقتضية) أي اسم فاعل من ذلك الفعل فتستعمل في قولنا (التساهلات المقتضية للنجاح) بمعنى (المستوجبة للنجاح) لا غير. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نظرات في رسالة النابغة طالعت في الجزء الأول من لغة العرب في سنتها الثامنة ص (32 إلى 39) رسالة النابتة للجاحظ التي عني بنشرها حضرة الدكتور داود الجلبي. وقد ظن أن هذه الرسالة لم تنشر سابقاً. والحق أنها برزت إلى عالم الطبع على يد الأستاذ فان فولتن فقيد العلم والأدب وكان قد اعتمد في طبعها على النسخة المحفوظة في الآستانة. والرسالة مدرجة في أعمال المؤتمر الحادي عشر، مؤتمر المستشرقين في القسم الثالث في ص115 إلى 123 (طبع باريس سنة 1897) وقد ذكرت هذه الرسالة في كتاب (الآداب العربية) تأليف بروكلمن (ولعل حضرة الدكتور الجلبي لم يقف عليها لأنها ليست تحت يده) إذ هي في موطن منزو من ملحق المجلد 2ص 693، ولهذا نلفت أيضاً نظر حضرة الأديب يوسف آليان سركيس إذ لم نر لها ذكراً في معجمه الذي وسمه بمعجم المطبوعات العربية. والمفيد في نسخة الآستانة المطبوعة أن النسخة المذكورة تشابه كل المشابهة النسخة الموصلية حتى في بعض أوهامها الظاهرة للعيان، وهذا ما يحدو بنا إلى القول أن الرسالتين منقولتان عن أصل واحد هو الأب. وفي عدة مواطن ترى النسخة الآستانية (وهي التي نرمز إليها بحرف (ن) أضبط من النسخة الموصلية التي (نرمز إليها بحرف (م) وتؤيد في أغلب الأحيان صحة فكرة الدكتور الخبير فليسمح لي إذن حضرته أن أقابل روايته برواية النسخة الآستانية لينجلي الحق لمن يريد اتباعه. ص32 س2 ن: الامتناع كما في م وأظن أن الامتناع بتاءين هو الصحيح - وفي (ص) و (س) المذكورين في ن (لا) غير مذكورة س4 ن تذكر (اتقاء) كما قال حصرته.

ص33 س6 ن تذكر (ذيلها) كما قال حضرته (في ن غربهم في مكان عنهم س13 ن (يقتل) كما ذهب إليه الجلبي (ن كولى كما في م. والصواب أن يقال مول (بضم ففتح فتشديد) كما يذهب إليه فان فولتن س14 ن ذمروا عوض دفروا (15 ن تقدم (16 ن دما كما أصلحه الجلبي (17ن تروى: يضيع الله دم، لا يضيع دم الله (وفيه ن والمنتقم له، لا والمنتقم (18ن بطائلته في مكان: بطائله (19 في ن محبته كما في م (20ن أقامته في موضع إمامته (21ن رباعه في موطن رياعه (وفيه ن أقواله كما في م. وفان فولتن يعرض على القراء أن يقال أمواله كما ارتآه الجلبي س 22ن طمره بدل ظهره (23ن كلما قذفوه مثل في م. وفان فولتن يرتئي أن يقال: كل ما قذفوه كما ارتآه الجلبي س وفيه ن وادعوه عليه عوض: أو أودعوه ص34 س1: ن: قاتله في مكان القاتل س2 فان ولتن يزيد (أن) بعد (على) الأولى (5ن أبو حنيفة في مكان أبو حيف. وفان فولتن يذهب إلى أن صحيح الرواية هو: ابن حنيف وهو الصواب عينه

ص34 س8 ن انتثار في موطن: انتشار (وفيه ن تزيد على ما بعد (أصحابه) هذه العبارة: (وما رأى من الخلل في عسكره وما عرف من اختلافهم على أبيه س11 ن عصبا (كذا) في موطن (عضبا). وفان فولتن يرى إنها (غصبا) كما ارتأى حضرة الجلبي) س14 ن اجتماع في مكان (إجماع) (17ن بالفيء واختيار كما أصلحهما الدكتور (18 فان فولتن يرتئي أن يقال (جحد) بدل من (حد) (20ن جحد في مكان (حجر) (22 ن لم تكن إلا فيمن في موضع: (لم يكن إلا فمن أو ممن. . . (24ن نابتة وتسبوه كما صححها الجلبي ص35 س4 ن: أمر كما أصلحهما حضرته س7 ن تقول في مكان يقول. وقبله في موطن (قتلته) (8 ن المتحرز في مكان المتحزب (10ن م) مما (11ن المثل كما أصلحها الدكتور) وشيا، كما في م. وهو لا غبار عليه بخلاف ما ارتآه حضرة الدكتور س12 ن تصنع في محل يصنع (16ن تقول بدل يقول (18ن تدل بدل يدل وأنفسهم بدل نفوسهم (19ن فيهم كما في م ن أتدل عوض أندل وبغضاء عوض (بغض) (20ن تدل عوض يدل ص36 س2 ن: شتمهم كما صححها الجلبي س5 ن بالتجوير بدل بالتجويز.

ص36 (7ن الزبعري كما قال الدكتور (9ن يا يزيد في مكان يد نريد. وتسل عوض تشل وفان فلوتن يرى أن يقال (فشل). ولعل ذلك لأنه يرقى في العقد الفريد 312: 2 (من طبعة سنة 1293): ولقالوا ليزيد لا فشل، إلا أنه يحتمل أكثر أن تكون (يا) الموجودة في نسخة ن مصحفة عن (يد) على أن هذا البيت لم يرو في عداد الأبيات الواردة في هذه القصيدة المنسوبة إلى عبد الله بن الزبعري وهي مروية مرارا عديدة في كتب أخرى. ومن الغريب أن الجاحظ نفسه (في كتاب الحيوان 163: 5) يروي: ليت أشياخي الخ بموجب نص آخر س10 ن فاعتدل بدل فعدل. ولا يمكن أن يقال: (فعدل) لأن تقطيعه يجب أن يكون (فأعلن) س11 ن تجوير بدل تجويز). واقطع بدل وافظع س15 ن يتسكعون عوض يتشكعون س18 ن مسلمة كما في م. أما فان فولتن فيصححها بقوله (مسلم) وهو الصواب عينه، غذ لا وجود لرجل اسمه يزيد بن أبي مسلمة وفيه ليس في ن الكرة كما في م س22 ن إنكاره كما في م وفيه ن الجبار كما يراه الدكتور (24ن فزجروا بدل فزجوا ص37 س2: ن مولدا (كذا) في مكان مؤكدا (3ن قراهم عوض قرى (4ن لا يكون عوض يكون. و (تقول) في مكان (نقول) (7ن العزة بالإثم كما في م. وفان فلوتن يرتئي أن يقال (الحربة بلا أثم) وفيه نثر كما في م (8 ن تراه بدل يراه

ص37 س13 ن جنس كفر هؤلاء غير كفر أولئك في مكان: جنس كفرها لا غبر كفر أولئك (18ن يظن كما صححها الجلبي. و (تعريا) كما في م. أما فان فلوتن فيرى أن تصلح (تقززا) س19 ن نبتت كما صححها الدكتور (24ن أن ينقص منه نقص. عوض: أن ينقص منه (وفيه ن أن يبدله عوض تبدله (25ن ونسخه عوض نسخه وفان فولتن يصلحها بقوله ينسخه (وفيه ن أنزله عوض نزله (ن كان عوض كاف ص38 س1 ن تزيد بعد خلق: ومنعوا اسم الخلق. (1ن فإذا كما في م. (6ن مخلوق عوض بمخلوق في السطر الذي يليه: بمخلق بدل مخلوق (9 وان ما كان على. . . كما في م. وفان فولتن يظن أن الرواية الصحيحة هي: وما كان على غير. (10ن فان لوتن يرى أن تحذف (غير) الأولى ليصح معنى العبارة. (15ن حكيت كما صححها الجلبي. (16ن نجمت) ص39 س2 ن قال كما في م. (3ن افنحن عوض فنحن. (4ن بقديمنا كما صححها الدكتور. (5 نفي العجم عوض: من العجم. وفان فولتن يصحح الرواية بقوله من العجم. (وفيه ليس في العبارة التي زادها الجلبي بقوله: الحديث دون القديم وللعجم.

ص39 س7 ن كما صححه الدكتور. (8ن ليبس فيها (بعد ان) للمرة الثانية بعد (اسمعيل). (13ن ليس فيها (لمن) الأولى لمن زادها فان فولتن. (15ن (قد) عوض (وقد). (16 في ن (فخور) بدل (فجور) وقد أردفها فان فولتن بقوله (كذا). (17ن (أغيظ) كما صححها الدكتور. (23ن موفقا كما في نسخة م: إلا أن فان فولتن صححها بقوله (موفق). وأظن أن هذه التصحيحات والمقابلات والمعارضات تسر الدكتور الجلبي فأرجوك أن تطلعه عليها من قبلي وتهنئه بصحة نظره في التصحيحات والجهد الذي بذله في إخراج النص بهذا الوجه الصبيح. رومة: جرجيو ليفي دلافيدا مدرس اللغات الشرقية في جامعة رومة. (لغة العرب) أننا نشكر لحضرة الصديق الكريم السنيور جرجيو ليفي دلافيدا عنايته برسالة (النابتة) وأعمال النظر فيها، فأصبحت بهذا السعي المحمود كالإبريز الذي لا عيب فيه، والقراء جميعهم ينضمون إلى الدكتور داود أفندي الجلبي ليجاورنا في الشكر للأستاذ الإيطالي والاعتراف بفضله الجزيل وتعبه الظاهر. العسيل والمسواك قرأت في مجلتكم 142: 8 جوابا عن سؤال جاءكم من لنجة فاستحسنته غاية الاستحسان إذ لم أجد من ذكر العسيل للفرشاة سواكم مع وفرة كتب اللغة الناقلة الأعجمية إلى العربية وبالعكس. فكلهم يذكرون (فرشة وفرشاة وشعرية وفورشة وفرشابة وبرشيمة وممسحة) إلى غيرها وكلها لا تؤدي معنى الإفرنجية إلا لفظتكم لصحة معناها ولأنها عربية محضة. ولهذا أقدر سعيكم كل التقدير والآن أود أن اعلم أي لفظة تصلح لأن تكون (لفرشة الأسنان) مع الاشتراط أن تكون الكلمة عربية من طبقة لفظة العسيل؟ مصر القاهرة: س م. ح (ل. ع) أحسن لفظة هي (المسواك) وقد اجتمعت فيها جميع شروط المعنى والمبنى. ويخصص السواك بما لا يكون متخذاً من الشعر.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة قبر إبراهيم الخليل وموضعه س - سبزوار (إيران) - م. م. ع: قال أحد الفضلاء في مجلة المرشد (2. 2: 4) فقام السلطان (طهماسب) بهادر خان الصفوي فزار مرقد الإمام (ع) سنة 943 هجرية واهتم بإيصال الماء إليه من الفرات فأمر بحفر نهر له من الحلة وكانت يومئذ من الحواضر الكبرى الآهلة بالعلماء والأدباء فحفر من فوق نهر التاجية في جهة الغرب نهرا أخذة على الطريق السائر من الحلة إلى قرية (نمرود) المعروفة اليوم عند العامة بقبر (إبراهيم الخليل - ع -) انتهى المقصود من إيراده. والأماكن التي تعزى إلى النمرود في العراق (كما أعلم) ثلاثة: 1 - مدينة النمرود وهي المشهورة ببابل. 2 - نمرود وهي قرية قريبة من الموصل الحدباء كانت في الاعصر الغابرة مدينة تسمى (كالح). 3 - برس نمرود وكانت في الاعصر الغابرة مدينة تسمى (بورسيبا). فأين قرية نمرود المعروفة بقبر إبراهيم الخليل والواقعة على طريق الفيحاء. ج - لم يمت إبراهيم الخليل في العراق حتى يكون له قبر فيه. وقد اتفق علماء الإسلام والنصرانية واليهودية على أن أبا إسحاق توفي في حبرون ودفن في القبر الذي دفنت فيه سارة. ولهذا لا يلتفت إلى كلام العوام القائلين (قبر إبراهيم الخليل في العراق). والمدن والأبنية المنسوبة إلى نمرود أكثر من أن تحصى. وسب ذلك أن نمرود اشتهر بالعظمة والجبروت فنسب إليه العوام كل مدينة قديمة عظيمة وكل بناء فخم. ودونكم بعض ما جاء في هذا الصدد: قال ياقوت في مادة أجمة برس (واجمة برس بحضرة الصرح. صرح نمرود بن كنعان بأرض بابل). . . وقال.

في اردشير خرة. . . (قال البشاري: اردشير خرة كورة قديمة رسمها نمرود بن كنعان ثم عمرها بعده سيراف بن فارس). . . وقال في مادة بلاطة: بالضم قرية من أعمال نابلس من أرض فلسطين، يزعمون اليهود (كذا): أن نمرود بن كنعان فيها رمى إبراهيم (عم) إلى النار. وبها عين الخضر، وبها دفن يوسف الصديق (عم) وقبره بها مشهور عند الشجرة. وإما إبراهيم والنمرود فالصحيح عند العلماء أنه كان بأرض بابل من أرض العراق وموضع النار هناك معروف والله أعلم). ولياقوت المذكور في مادة دمشق (. . . سميت بدماشق بن نمرود بن كنعان وهو الذي بناها، وكان معه إبراهيم كان دفعه إليه نمرود بعد أن نجى الله تعالى إبراهيم من النار. . .) وله في مادة رحبة مالك بن طوق (. . . وفي التورية في السفر الأول في الجزء الثاني أن الرحبة بناها نمرود بن كوش. . .) قلنا: لا رحبة في التوراة وإنما هناك رعمة وهو اسم رجل تسمت به قبيلة. وقال المسعودي (78: 1 من طبعة الإفرنج) ونزل ماش بن ارم بن سام أرض بابل على شاطئ الفرات فولد نمرود بن ماش وهو الذي بنى الصرح ببابل وجسر بابل على شاطئ الفرات. وذكر الآثاريون من الإفرنج أن الترك كانوا يسمون عقرقوف (تل نمرود). إذن لا يمكننا أن نعلم ما المراد من قول العوام (قبر إبراهيم الخليل) اللهم إلا أن يقال أنه ما يسميه الغير مشهد إبراهيم. ابن بشكوال والفصحي س - بغداد - ب. م.: قرأت مقالة أطول من يوم الصيام في المشرق

104: 28 إلى 110 يثبت صاحبها أن العرب أخذوا في العصور الوسطى اسم بشكوال عن الأندلسيين الأجانب إلا أنهم بعملهم هذا لم يستردوا بضاعة خاصة بهم لأن ليست (بعربية النجار) بل (عبرية محضا) وقد تيوننت فتحبشت وتسرينت ثم تعربت في المشرق. وأما في المغرب فتليتنت فتأيطلت فتأسبنت فتفرنست فتأنكلزت إلى آخر ما تشاء) فما رأيكم في هذا وبأي كلام ينطق صاحب تلك المقالة البديعة؟ ج - قد ذكرنا سابقاً أن بيك الميراندولي كان يتقن عدة ألسنة شرقية وغربية وله وقوف عجيب على علوم عصره وفنونه وكان - إذا تكلم - يدخل كلمات لغة على ألفاظ لغة أخرى والميراندولي العصري على غرار ذلك الداهية الشهير. ولهذا لاحظتم أنه استعمل أوضاعاً غريبة خاصة به وبذوقه وبعيدة عن الذوق العربي. جارياً فيها على منحى من يقول تمضر وتمعدد وتبغدد وتدمشق ونسي أن السلف يستعمل لفظة أو كلمة واحدة من هذه الكلمات ليرصعوا بها عبارة من عباراتهم لا أن يأتوا بها دفعة واحدة في عبارة صغيرة فتصبح في لسان صاحبها كمن يتكلم اللغة الهندية أو الصينية أو (الشنقناقية) وكان يمكنه أن يقول مثلاً: (ثم نقلت إلى اليونانية فالحبشية ونقلت إلى السريانية ثم عربت. . . وأما في الغرب فأنها نقلت إلى اللاتينية فالإيطالية فالأسبانية فالفرنسية فالإنكليزية. . .) لكن الرجل غريب الذوق الذوق والتعبير يفسد كل ما يمر به. ألا تراه كيف يأتي بعبارات حروفها عربية وتراكيبها (سريانية) كما يراه كل أديب يطالع مقالاته بل زد على ذلك أنه يفسد عباراتنا نفسها حين يأخذها بقلمه فقد قلنا: (ولم تر أحد صرح بهذا الأصل سواء (أكان) من أبناء لغتنا (أم) من أبناء الغرب) فنقلها هكذا: سواء (كان) من أبناء لغتنا (أو) من أبناء الغرب. فتأمل هذا وقس عليه ما ينطق. ومن عجيب عمل بيك الميراندولي العصري أنه يورد كلام الغير ولا يفهمه فإننا منا نقول أن (بشكوال) عربية الأصل لفظاً لا وضعاً واستعمالا كما يفهم من صريح كلامنا فخبط الرجل وخلط وأخذ يسعى على رأسه بين أيدي الناس وهو يدعي أنه يسعى على رجليه! ولله في خلقه شؤون!!!

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 49 - الحياة الاجتماعية أهدت إلينا السيدة جان قرينة الدكتور المرحوم سليمان غزالة عدة تآليف من قلم زوجها وأولها (الحياة الاجتماعية) وكان قد قدمه إلى صاحب الجلالة ملكنا المحبوب في سنة 1924 والكتاب بقطع 12 ومطبوع في دار الطباعة الحديثة ببغداد طبعاً متقنا في 364ص. والكتاب الثاني. 50 - منهاج العائلة ويليه خطاب في المعضلة الأناثية وقد قسم المنهاج إلى عشرة أقسام سماها محاورات فوقعت في 272ص بالقطع المذكور ووقع الخطاب في 8ص وجعل المنهاج الكتاب الثاني من جملة التأليف التي أطلق عليها اسم الوضيعة في الحركة الخلقية. والكتاب الثالث: 51 - خلاصة أركان الاقتصاد السياسي وتعلقه بعلمي الأدب والحقوق جاء في 127 صفحة وأدار محوره على أربع مقالات وعلى 15 محاورة وختم الكل بما سماه (سوانح الكلم الاقتصادية) وهذا السفر هو الكتاب الثالث من الوضيعة المذكورة أما الرابع فسماه: 52 - العشق الطاهر ويليه القصيدة الفردوسية وقد أهدى هذا القسم إلى سمو الأمير زيد المعظم وجاء في 112 ووقعت القصيدة في 22ص وهي ميمية وعليها حواش تشرح ما أغلق فيها من الألفاظ. والكتاب الخامس:

53 - الحب البشري نظرة إلى الحياة الاجتماعية أهداه صاحبه إلى عبد المحسن بك السعدون في سنة 1921 حين كان رئيس الوزارة وقد ورد في 126ص شائدا دعائمها على فصول ومحاورات آخذة بعضها برقاب بعض. والكتاب السادس: 54 - علم الأدب الرياضي العملي أتحفه لجعفر باشا العسكري حين كان رئيس الوزراء في 1927 في صدر هذه الهدية رسالة من الباشا المذكور ومجموع صفحات هذا التأليف 209. والكتاب السابع: 55 - الاقتصاد السياسي وقد جعله (عراضة) إلى (الأرشد الأنجب عماد الأمة العربية وركن المملكة العراقية فخامة سيدي يس باشا الهاشمي وزير المالية) (في سنة 1927) وكان هذا الكتاب طبع طبعة أولى فأضاف إليه المؤلف شيئاً كثيراً وبدل منهاجه فجاءت الطبعة الثانية الحالية أحسن من الأولى بكثير. والكتاب الثامن: 56 - الأدب النظري العمومي وقد أهداه (إلى الأنجب الأشرف صاحب الجلالة المليك المعظم علي الهاشمي) وهو في 145 صفحة قائمة على اثنتي عشرة محاورة متساندة أتم التساند. والكتاب التاسع: 57 - المعضلة الأدبية وهو هدية (إلى معالي الأستاذ الأرشد الفاضل البارع رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية) في سنة 1927 وعدد صفحاته 151 ذكر فيها الأدوار الخمسة مع رجالها الذين اشتهروا فيها. والعاشر: 58 - خطاب الاعتماد على النفس في الكفاح للحياة وهو في 28 ص بقطع 16 وهذه التصانيف كلها بقطع 12 ومطبوعة طبعاً

حسنا ومتقنة التجليد. فنشكر السيدة التي جادت علينا بها. ونستمطر الرحمات على نفس مؤلفها الذي أظهر من الهمة والتعب والكد وهو في أواخر عمره ما أدهش الشبان على اختلاف مذاهبهم وطبقاتهم وأعمارهم. ونتمنى لوطننا رجالاً لا يعرفون الملال ولا الضجر. والحادي عشر: 59 - القصيدة الفيصلية وهي دليل النجاح في منهاج الفلاح قدمها ناظمها (عراضة إخلاصية للشبيبة النجيبة) وهي مضبوطة بالشكل الكامل وألفاظها الغامضة مفسرة وهي في 28 ص. 60 - الأضواء لبول بوبنوي في الحديث (اغتربوا ولا تضووا) أي تزوجوا في الأجنبيات ولا تتزوجوا في العمومة. وقد أظهر صديقنا الأميركي في هذه الرسالة ما يؤيد هذا الحديث وما جاء مثله وقبله في الديانة النصرانية وقد وقعت في ثماني صفحات بقطع الثمن. ووضعها بأقوال العلماء الأكابر الذين بحثوا في هذا الموضوع فجاءت من أنفس ما كتب فيه. 61 - بعض مناح تهجينية في النغولة لا يطيب لصديقنا الأمريكي إلا البحث في النسب وما يتعلق به أن في البشر وأن في الحيوان وان في النبات. وقد بدأ هذا الأخير فساقه إلى الأول الذي يستحق أن يفرغ له العلماء ما في وسعهم وراء تحسين الذراري. والمؤلف بين معايب النغولة وما فيها من الأضرار لمن اتصفوا بها ولما يقع في المجتمع البشري والمصنف من المتفرغين لهذا الموضوع وقد عالجه علاج من (يضع الهناء في موقع النقب) فوقعت الرسالة في 13 ص بقطع الثمن الكبير. 62 - الأسرة أم المخادنة يميل بعض شبان العصر إلى الفجور أكثر مما نعرفه عن شبان العصور

السابقة فهم يهجرون سلوى الأهل ليذوقوا الثمرة المحرمة ثمرة السفاح أو ثمرة المخادنة وقد جاءنا صديقنا المذكور بول بوبنوي وأظهر برسالته هذه الممتعة - التي وقعت في 10 صفحات - ما في البيت والمنتسبين إليه من الأفراح الطيبة وما في نتيجة (المخادنة) من الأضرار العظيمة العقبى. فيحسن بشبان هذا العصر أن يطلعوا عليها ليقفوا على ما يخبئ لهم الدهر من الرزايا والمحن. 63 - ترجمة محمد عياد الطنطاوي (بالروسية) للأستاذ أغناطيوس كراتشكوفسكي الشيخ محمد عياد الطنطاوي من مشاهير الأساتذة الذين درسوا سابقاً العربية في المدرسة الإمبراطورية الكبرى في بطرسبرج. وكانت ولادته في قرية قريبة من طنطا اسمها تجريد في سنة 1225 هجرية وتوفي في شهر جمادي الثانية سنة 1278 هجرية. وقد وضع حضرة الأستاذ الروسي كراتشكوفسكي ترجمة لهذا الشيخ وافية بالمرام لم يدع فيها صغيرة أو كبيرة إلا ذكرها. فجاءت في 85ص من قطع 12 ثم اتبعها بالخزانة الخطية التي كانت عند الشيخ الفقيد وهي 47 كتاباً ووصفها أتم وصف فنشكر للصديق هديته هذه ولإحيائه ذكر رجل عرفه جماعة من المستشرقين الذين احتك بهم حينما كان في القاهرة وأخذوا شيئاً من أدبه وعلمه. 64 - الفتى والفتاة حقائق ناصعة تثبت سوء قصد مؤلفي كتابي (السفور والحجاب) و (الفتاة والشيوخ)، بقلم عبد الرحمن محمود الحمص سنة 1930. هذه رسالة في 48 ص بقطع 12 شحنها صاحبها شتماً وسبباً لابنة ممتازة عرف فضلها القاصي والداني ونحن نرى أن مثل هذه المطبوعات لا تفيد فائدة حسنة ولا ترفع شأن من يعانيها. والسكوت أعظم مبرر ومزك لمصير الأمر الذي يجري عليه البحث إذ لابد من أن الزمان يبقي النافع وينفي المضر فهو الحكم الأخير ومنه فصل الخطاب وكفى به قاضياً ومنفذاً معاً.

65 - معجم الأدباء أو إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب لياقوت الرومي، وقد اعتنى بنسخه وتصحيحه د. س. مرجليوت، الجزء الخامس الطبعة الثانية. أقبل الأدباء على اقتناء هذا الكنز الدفين الثمين إقبالاً عجيباً حتى نفذت طبعته الأولى فأعاد طبعه للمرة الثانية حضرة صديقنا الأستاذ مرغليوث وعنى بطبعه بمطبعة هندية بالموسكي في مصر وصحفه أبدع تصحيف على الطراز الإنكليزي فجاء درة من الدرر الغوالي وقد لاحظنا أنه أصلح فيه عدة أغلاط طبع كانت فيه قد وردت في الطبعة الأولى إلا أنه بقي فيه أوهام نحب أن نعرضها على حضرته عرضاً سابرياً. لتصلح في الطبعة الثالثة من ذلك: ص9 س16 كلب زيني: كلب زئني. ص17 س16 و25 من غير أن أقرأ عليه: أن يقرأ عليه. ص19 س11 تجبب أو تذرع أو تقبأ (أي لبس الجبة أو الدراعة أو القبا). ص20 س18 غير مغلول غير مفلول. ص21 س10 الكفالة: الكفاية. ص23 س2 يسموا: يسمو. ص26 س11 وخرصوا: وحرضوا ص29 س3 لا أقولها أبدأ: أبداً ص34 س17 ها أنا: ها أنا ذا. ص45 س9 و11 بكا: بكى. ص46 س19 الميزر: المئزر. ص58 س15 الأحوال: الأجيال. ص58 الحاشية - يجب أن تحذف لأن في النص إشارة إلى قاعدة نحوية. ص59 الحاشية - يجب حذفها لظهور معنى العبارة. ص61 س3 إذا: إذ. ص70 س11 الأنام: الأيام. ص72 س6 إلى الحلاوة: وإلى الحلاوة. ص72 س16 أخدوها: أحذوها. ص74 س5 تتكأكئون: تتكأكؤون. ص74 س8 طسئة: طسأة. ص74 س15 بغلة: بغلة (مؤنثة هنا كما يتضح في سياق الكلام). ص76 س11 تبغا: تبغى (بتشديد الغين المفتوحة).

ص77 س6 هكذى: هكذا. ص77 س7 تعر: نفر (كزفر) اسم طائر. ص77 س7 صوع: ضوع (اسم طائر ليلي كزفر) ص77 س11 واسله: وأسأله أو وسله. ص81 س8 زحر سور الذئب لعلها رجز سؤر الذئب. ص83 س9 بكتاب: من كتاب. ص83 س10 الفالي: القالي. ص84 س2 بثمنه: ثمنه. ص93 س7 لا حرق: أحرق. ص94 س3 بنا: بنى. ص96 س3 مطلعي (بتشديد الطاء). والصواب (بإسكانها). ص102 س7 حارة: حاجة. ص102 س17 رواق: راووق أو رواق. ص107 س19 ينبت: تنبت. ص113 س4 تلقن: تلقى. ص122 س18 معزب: معذب. ص125 س4 حجبه: حجابة. ص125 س7 تفألت: تفاءلت. ص126 س10 لبرسلان: ألب أرسلان. ص128 س18 الضريج: الضريح. ص133 س10 الممصمي: المصمي. ص133 س15 الدما: الدمى. ص135 س7 إلاّ (بتشديد اللام): إلا بتخفيفها. ص138 س7 وأمننا (بتشديد النون الثانية): وأمنا (بنون واحدة مشددة). ص140 س6 ومنا: ومنى. ص142 س3 الخندق: الخنادق. ص146 س18 و 19 أقصى: أفصى. ص147 س1 هكذى: هكذا. ص151 س10 تسع: تسعة. ص151 س12 بحضرتي: يحضرني. ص152 س20 لعله ثوباً: النص صحيح أي ثوب لأن يغسل يقرأ بصورة المعلوم. ص154 س4 أملت للإحسان غير الخالق: والرواية المشهورة: أنزلت آمالي بغير الخالق. ص160 س5 الكرى: الكرا (مخفف كراء). ص165 س9 ومحت: وأمحت (بمعنى انمحت) ص166 س8 وظبى: وظبا (لأنها

جمع ظبة). ص169 س7 للجد: للمجد. ص169 س11 واضع: واصنع. ص170 س10 ومنظر: وبمنظر. ص171 س3 حناق: خناق. ص181 س6 ليت: لي (مصدر لوى). ص185 س14 ادؤب: أذؤب. ص190 س2 من أعراب من أعراب: من أعراب. ص191 س11 ننفع: ننتفع. ص192 س15 بينكم: بينكما. ص193 س9 وذكرنا: وسنذكر أو نذكر. ص196 س5 لمن الفلح منهما فلما صار: لمن الفلج (بالجيم أي النصر والفوز) منهما فلما صارا (بالتثنية) ص198 س16 عزيز العلم: غزير العلم. ص198 س20 لعله متفزغاً (لا محل لها لأن معنى متفرعاً (بالراء المهملة) كما في المتن مكشوف الرأس والكلمة عراقية معروفة). ص199 س11 وكان خرجا: وكانا خرجا. ص200 س10 فيشتد: فتستد (من الاستداد). ص201 س13 الجنا جنا: الجنى جنى. ص204 س13 و 17 و 20 حجبة: حجابة. ص205 س5 دق: دف. ص205 س5 محظور: مخصور (آلة دق). ص205 س6 الشنك: الجنك (وهي الرواية المشهورة وأن كان بعضهم عربها بالشين). ص206 س12 فأن: وأن. ص207 س3 أقول: أقوم. ص208 س13 الصبى: الصبا. ص209 س8 الحراز: الخراز. ص211 س3 وها أنا: وها أنا ذا. ص211 س9 صدا: صدأ. ص213 س17 هذا البيت: أعاد رصاع القلب في رحل ورده ... وغادر وغادر في قلبي ضواع هواه. لا معنى له والصواب أن يروى: أغادر صاع القلب في رحل وده ... وغادر في قلبي صواع هواه. ص214 س8 و 9 المكثر: المكسر. ص222 س6 والبلد: في البلد. ص232 س4 إلا أربع مجلدات أحدهما فقهي وآخر أدبي، والصواب أربعة مجلدات، أو أن يقال أربع مجلدات إحداهما فقهية والأخرى أدبية.

ص233 س14 ورسب: ورست. ص226 س6 والولع: والولد. ص240 س4 صفت: صغت. ص240 س16 هاهو: هاهو ذا. ص243 س11 تخطا: تخطى. ص144 س2 وتفاءل: أو تفاءل. ص245 س5 من: في. ص248 س10 قيقعان: قيعيقعان. ص249 س1 أرا: أرى. ص251 س 10 اليسر: العسر. ص251 س 11 العسر: اليسر. ص252 س12 ما غفر: بما غفر. ص253 س9 أود: أؤد (من أدى). ص256 س12 أوت: لوت. ص259 س12 فانخزل: فانخذل. ص276 س17 المسؤل: المسؤول. ص278 س3 ألف ديناراً: ألف دينار. ص278 س15 في: من. ص284 س3 فسر: تفسير. ص284 س6 بوقهم: طوقهم. ص284 س16 به: له. ص285 س11 وقطريا: وقطربا. ص285 س20 الفقر: القفر. ص287 س 19 وخمسين مائة: وخمسمائة. ص289 س11 نجا: نجى (بتشديد الجيم) ص291 س11 تبدا: تبدي (بتشديد الدال) ص292 س9 أي: آي. ص296 س1 أدي: أدى. ص296 ص1 سلى: سلا. ص302 س8 بكا: بكى. ص303 س20: إليهم: إليهن. ص305 س5 تناشى: تناسى. ص305 س5 إلي: إلى. ص305 س14 واستحيى: واستحيا. ص310 س15 بكا: بكى. ص311 س16 أحياهم: أحياؤهم. ص314 س15 صابيء: ضابيء. ص320 س6 لهي: لها. ص321 س8 واستحي: واستحيا وقد تكرر مراراً عديدة. ص333 س5 والمحضرمين: والمخضرمين. ص340 س14 يحرق: يخرق. ص342 س4 وزف: ودف. ص432 س8 العرش: الفرش. ص343 س6 مجلوء: مجلو (بشد الواو). ص343 س11 حين: حيث. 343 س20 نضاد: نضار. 344 س4 ناهي: ناه. 345 س3 يمتزح: يمتزج. 347 س10 يوحدا: يوجدا.

ص348 س13 ومكاتبة: ومكاتبته. ص349 س16 وحز: وجز. ص353 س16 أني مالي وتسألي: أتى مالي وتسألني. ص357 س9 ويوتبهم: ويرتبهم. ص357 س14 بالسر: بالشر. ص359 س6 عن: من. ص359 س15 صداه: صدأ. ص360 س16 ووعدهم ومناهم. . . بهم: ووعدهما ومناهما. . بهما. 361 س9 قير: قين. 361 س15 وأخذه: وأخذ. 363 س6 بنا: بنى (من البناية) 364 س17 تفرق: نفرق. 366 س7 كأنني: كاتبي. 367 س7 أنا أعرف: أنا لا أعرف. 367 س8 مسكنة: مسكته. 368 س11 تلاجأ: تلاحا. 368 س16 طاق: أطاق. 370 س10 وغيره: وغيرها. 360 س16 واستقصى: واستفصي (بصيغة المجهول). 372 س19 ومشي: ومشى (بصيغة المعلوم). 373 س4 تراقي: ترقي. 373 س17 مخاليب: مخالب. 377 س6 وحزبه: وحربه. ص397 وروي (مكررة): وروى (بصيغة المعلوم). 382 س14 الإمتاع: الإمتاع لك. 383 س16 الرد: البرد. 384 س6 الأحجار: الأجحار. 387 س7 وأحيا: وأحيي (بصيغة المتكلم). 388 س14 الكبرة: الكبر. 389 س12 وطرحه: وطرحها. 392 س10 وتربا: وتبا. 394 س18 وكذى: وكذا (وقد تكررت مراراً بهذه الصورة ولم نفهم سبب هذه الكتابة المخالفة للأصول المتعارفة. وراجع ص398 في س3 و 4 و 5) 399 س5 من: عن. 401 س17 والانخاء: والأنحاء. 401 س18 أثلته: أسلته. 403 س18 أقوام: أقول. 404 س10 خدلانة: خذلانة 414 س14 يأم: يؤم. 415 س13 بكرى. . . بشرى بكراه. . بشراه. 424 س15 باعلا: بأعلى (وكثيراً ما نرى كتابة الألف القائمة بألف جالسة ولا نعلم سبب مخالفة

هذه الأصول المتعارفة. وأن كنا لا نجهل أن جماعة من الأقدمين (أجازوا هذه الكتابة). 430 س5 ذجرا: ذخرا. 435 س16 أقصى: أفصى. 437 س3 المنا: المنى. 337 س6 والنواهي: والنوى هي. 439 س9 سنفنا: سنفنى. 441 س18 المروة: المروءة. 446 س7 استطلتها: فاستطلتها. 446 س18 استغرقت تفتيش الخزانة: استغرق تفتيش الخزانة. 448 س2 مر (بتشديد الراء) مر (بلا شد). 451 س20 لعله بالمثال لا وجه لهذا التعليق. 452 س3 أثرها (بتشديد الثاء) آثرها (بند الهمزة وحذف التشديد). ص452 س12 والمعنى: والمعني (بتشديد الياء). 452 س20 كذا في النسختين: لا وجه لهذا التعليق. ص453 س6 وأنه: وأني. 456 س5 كانت: التي كانت. ص461 س1 تأثث: تأثت. 465 س19 كان: كاد. 469 س13 صفقت: صففت. 471 س14 بحروب: لحروب. 472 س15 فلائق: خلائق. 472 س19 كلما: كل ما. 474 س10 وعدت: وعذت. 475 س14 طالبه: طلبه. 479س2 لكان: لكأن. 479 س12 أحد: إحدى. 490 س2 ينفق: يفتق. 490 س17 فأخذ: أخذ. 491 س14 ظريفة: طريفة. 497 س5 يبقي: يبقى. 497 س10 و15 كان: كأن. 499 س17 فكان: فكأن. 501 س14 إذ: إذا. 506 س9 ولا غر: ولا غرو. 513 س5 بتكافيء: بتكافؤ. 514 س23 تضمنتها: تضمنها. ما ذكرناه هنا نعتقده خطأ. ولم ننظر أكان هذا الوهم من الناسخ أم من الطابع أم من المنضد ولم نتعرض لما أصلح في الطبعة الأولى، إنما تعرضنا لما جاء في الطبعة الثانية والطبعة الأولى. وقد وجدنا مراراً عديدة خطأ في رسم الهمزة ورسم الألف المقصورة ولم

نذكر من هذين الوهمين غلا ما كان بمنزلة المثال لا غير. وكنا نود أن يطرح من هذا الكتاب العبارات الدالة على الفحش الصريح من شعر ونثر وهي كثيرة لا تكاد تخلو من ترجمة. وأم تجمع وتجعل على حدة لكي يتمكن كل قارئ من أن يطالع هذا السفر الجليل بكل طيبة خاطر وأن يباع الذيل الطافح بتلك الأقذار للعلماء الذين يفرغون لدرس آداب ذلك العصر وأخلاق أهله. وكنا نود أيضاً أن نرى في آخره معجماً يحوي الألفاظ اللغوية الواردة في هذا المجلد مع شرحها، تلك الكلم الخاصة بذلك العصر ولا وجود لها في معاجمنا التي في أيدينا. كقوله في ص129: (ودخلت عليه فوجدته شيخاً كبيراً قضيف الجسم في حجرة من المسجد وبين يديه جامدان مملوء كتباً من تصانيفه فحسب) والجامدان في أصل معناه صوان الثياب والكلمة فارسية. ثم نقل إلى صوان الكتب على حد ما نرى هذه الكلمة العربية نفسها أي (صوان) فأنها كانت موضوعة للصندوق الذي تحفظ فيه الكتب. والجامدان فارسية الوضع لا وجود لها في دواويننا اللغوية. وفي ص159 (الذكران) الواردة في هذا البيت: مرت بنا في الدير خمصانة ... ساحرة الناظر فتانة أبرزها الذكران من خدرها ... تعظم الدير ورهبانه والكلمة لم ترد في معاجم اللغة من قديمه وحديثه من فصيحة وعامية وهي أرمية ومعناها يوم العيد المخصص بأحد أولياء الله من غير أن ينقطع الناس فيه عن الأشغال المتعبة. لأن أعياد النصارى على قسمين: قسم لا يجوز فيه الأشغال المتعبة وقسم تجوز فيه تلك الأعمال. وهذا القسم الأخير هو المعروف بالذكران بضم فإسكان. ومثل هذه الأوضاع شيء كثير في جميع أجزاء هذا المعجم. والأمر الثالث الذي كنا نود أن نراه فيه فهرس لأعلام الرجال والمدن والمواضع غير أعلام المترجمين فيه كدير الثعالب ونهر يزدجرد (بقرب هذا الدير) (ص158) والفيض وسكة قريش وحصن مهدي إلى غيرها في ص159 وفي هذا المجلد أعلام مواطن عديدة لا وجود لا في معجم البلدان لياقوت نفسه وكنا

نحب أن نعرف وجودها في هذا الكتاب والعودة إلى ترديد النظر فيها عند حاجتنا إليها. وكل ذلك غير ميسور الآن لنقص في الفهارس، وأملنا أن الطبعة الثالثة تزدان بكل هذه المحسنات وليس ذلك بصعب على من جعل همته ركوب متون الأهوال وخوض غمرات المعاطب. الأغاني تابع لنقد ما في الجزء الأول 30 - وورد في ص191 قول عمر بن أبي ربيعة (فخرجت خوف يمينها فتبسمت) وفي الكامل 205: 1 فخرجت خيفة قولها فتبسمت). 31 - وورد فيها (شرب النزيف ببرد ماء الحشرج) فعلقوا به (الحشرج النقرة في الجبل يجتمع فيها الماء فيصفو) اللسان مادة نزف) قلنا يبنى على هذا أن ماء الحشرج هو ماء النقرة في الجبل، لكن المبرد قال في (205: 2) من الكامل (وقوله ببرد ماء الحشرج: فهو الماء الجاري على الحجارة) فأين الجاري من المستحوض المستنقع؟ وقال الشريف المرتضى في أماليه ج1 ص187 (ويقال للماء الذي يجري على الصخر: ماء الحشرج) أما الماء الذي أراده آبرو الأغاني في تفسيرهم فهو (ماء الوقائع) جمع وقيعة) وقال الشريف المرتضى في تلك الصفحة من أماليه وهو القائل: إذا شاء راعيها استقى من وقيعة ... كعين الغراب صفوها لم يكدر والوقيعة المستنقع في الصخرة للماء ويقال للماء إذا زل من صخرة فوقع في بطن أخرى: ماء الوقائع، وأنشد لذي الرمة: ونلنا سقاطاً من حديث كأنه ... جنى النحل ممزوجاً بماء الوقائع) اهـ 32 - وجاء في ص223 (استوضعهم أو دعني اماكسهم فقد اشتطوا عليك) وفي أمالي المرتضى 22: 2 (استوضعهم شيئاً أو دعني أماكسهم فقد استطولوا عليك) وفي هذه الصفحة من الأغاني (ومن ملح الدنيا أن تم الصدع بين عمر والثريا) وفي تلك الصفحة من أمالي المرتضى (ومن ملح الدنيا أن يلتئم الصدع بين عمر والثريا) مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره خطبة يس باشا التاريخية خطب صاحب الفخامة يس باشا الهاشمي وزير المالية بعد استعفائه من وزارته فبين في 13 آذار (مارت) الأسباب التي حملته على هذا العمل. وكان قد سبقه إلى الكلام صاحب الفخامة ناجي باشا السويدي رئيس الوزراء المستعفي أيضاً، ودونك تلك الخطبة بحرفها: (لفخامة رئيس الوزراء بالطبع بصفته رئيساً لحزب الأكثرية أن يوضح بمقدار ما تسمح به مسئوليات الأكثرية من الوجهة الأدبية والمادية أن يدلي ببيان، ولكن بصفتي (طفيلياً) أضيف إلى وزارة الأكثرية وكان لي مدة من الزمن شرف الانتساب إلى المعارضة فيترتب علي أن أقول كلمتي: أشكر نائب رئيس المجلس لأنه أعطاني هذه الفرصة لكلام. أتألم جداً من الظروف التي مرت على هذه البلاد والتي كانت ولا تزال من أشد الأدوار وأصعب الأيام. ونحن نعالجها - ويا للأسف - بطريقة سخرية. أقول عن رأي فيما يتعلق بالتحاقي إلى رفاق المرحوم من أنني كنت معتقداً أن للجدال العنيف والصراع المستديم الذي دام بين السلطات التشريعية في هذه البلاد وبين المسئولين عن تنفيذ السياسة الانتدابية كافياً لإفهام الحليفة. أن نقطة الخلاف الحقيقية ونقطة الخلاف الأصلية هي التي صرح بها الفقيد المحترم عندما تكلم وفاه بأول خطبة بصفته رئيساً للوزراء أمام الموظفين الإنكليز حيث قال: لا أسمح لأحد أن يحيد عما هو مكتوب في القانون الأساسي من السلطات التي يتمتع بها الوزراء والموظفون العراقيون. هذه الكلمة التي فاه بها رئيس الوزراء وكان رئيساً للأكثرية ومتمتعاً بثقة مجلسكم مدة من الزمن وبرهن على أنه جدير بهذه الثقة قال للموظفين البريطانيين أنه يطلب منهم أن لا يعارضوا الوزراء في سلطاتهم التي يتمتعون بها

(صورة) فخامة يس باشا الهاشمي وزير المالية المستعفي بموجب القانون الأساسي وأنه لا يسمح بالمعارضة. فهذا الشكل من الطلب لم يرق بالنظر للتجارب القصيرة لأولئك الموظفين. نحن أمام شكلين عجيبين وقوتين متعارضتين وشيئين متناقضين وصفهما خامة رئيس الوزراء أحسن وصف. كان القصد من تأليف الوزارة الأخيرة القضاء على هذا التناقض والقضاء على هذا الاختلاف والقضاء على هذا الشكل العجيب، القانون الأساسي محترم من قبل الشعب يمثله مجلس أمة يراقب تنفيذه بجعل الوزراء مسئولين تجاه المجلس وبجانب هذه السلطة الرهيبة.

وبجانب هذه المحاسبة العنيفة تجد من جهة أخرى أناساً يستهزئون بهذه السلطة ويستهينون بهذه السيطرة وبما يسمى بالشكل الدستوري في هذه البلاد. قلنا أن من واجب كل عراقي أن يقضي على المعاهدة والاتفاقيات وهذا هو مبدأ الكفاح الذي قامت به كل حكومة سواء كانت تقدمية أو مؤتلفة وجميع الإضبارات الموجودة في ديوان مجلس الوزراء تسجل هذا الكفاح وتسجله أيضاً الاضبارات الموجودة في ديوان المندوب السامي. قلت هذا الكفاح مسجل في إضبارات الطرفين وعلى هذه الإضبارات والأسس قامت الحكومة البريطانية بوعد شرف على لسان مندوب سام كان في الحقيقة خير وسيط في التعبير عن آراء الحكومة العراقية والهيئة التشريعية إلى الحكومة البريطانية الحليفة وعندئذ أعطي التصريح إلى المرحوم عبد المحسن بك السعدون من أننا سندخل عصبة الأمم سنة 1932 وأننا سنبني صلاتنا على أساس المعاهدة أو الاقتراحات المصرية البريطانية أو البريطانية المصرية على أن المرحوم لم يكتفي بذلك بل وضع منهاجاً عملياً وقد لخصناه كخطط إلا أنه لم ينشر لأن المرحوم لشدة تواضعه ولكثرة التجارب التي مرت عليه خشي أن ينشر منهاجاً يمكن أن يوصف بالجبار كما وصفوه ولا يتمكن من تطبيقه ولكن هذا المنهاج كان معروفاً لدى المندوب السامي وأقول لكم مع الأسف أنه كان مصداقاً عليه. أما المواد الرئيسية التي يحتوي عليها المنهاج فهي مادتان. أولاً أن المفاوضات يجب أن تجري على أساس الاستقلال التام. أن يعجل أما في تطبيق المعاهدة من تاريخ إبرامها أو تسريع دخول العراق في عصبة الأمم. وتحت هاتين المادتين وضعت مادة ثالثة تنص أنه يجب أن تتطور الإدارة في البلاد على أساس التصريح الجديد وأن تطرح الاتفاقيات والمعاهدات التي لم تنل الاحترام التام من الطرف المقابل جانباً لنتولى المسؤوليات بصفتنا دولة مستقلة سيكون لها بعد سنة أو سنة ونصف أو سنتين المركز اللائق في عصبة الأمم قوية متولية جميع المسؤوليات هذه المادة الثالثة كانت ولا تزال نصب أعين جميع الوزراء أثناء ممارسة السلطة. دخلنا لنعمل على هذا الأساس وعلى أساس التوفير في نفقات الدولة لإيجاد

النفقات اللازمة للقيام ببعض المشاريع المفيدة. ولم تمض مدة طويلة من الزمن على العمل على هذا الأساس إلا وجوبهنا: وجوبهت أنا ببيانات وإفادات وتصريحات تجعل الشيء الذي كنا سمعناه وقرأناه غير موجود وخيالاً، كأننا كنا في حلم. فالإفادة الأولى هي أنه لا يوجد تبديل! قلنا الرجل هازل فأن هناك تصريحات من حكومة هي حكومة بريطانية وهذا التصريح مؤيد من الأحزاب المختلفة في تلك الحكومة. ومؤيد أيضاً من الصحافة التي هي حقيقة تعبر عن آراء الشعب والحكومة بصلاحية تامة وهذا التصريح محبذ ومحبب إذن فما معنى هذا القول؟ يجب أن يكون هراء! باشرنا التشديد في طلب الدخول في المفاوضات فوجدنا الطريق طريق (المكاتبة) لما كان يجري سابقاً! طلبنا إنهاء إعفاء الشيخين (شيخ المحمرة وشيخ الكويت) فقالوا (مكاتبة)! طلبنا حسم قضية السكك الحديدية وفق المعاهدة قالوا (مكاتبة)! طلبنا تسجيل أراضي الميناء باسم الحكومة العراقية فقالوا (كتب)! وخلال ذلك كانت الحكومة تشتغل مع المجلس بتقديم اللوائح وتهيئة الميزانية وتنظيم منهاج لحل أزمة خطيرة نشأت في البلاد وخمسة أشهر بالكاد تكفي لتعجيل ميزانية! ففي كل مادة من فصول أشكال وألوان من الآراء المتناقضة! ولكن في اللحظة الأخيرة فهمنا شكلاً جديداً وذلك أن صلاتنا ليست مبنية على المعاهدة المكتوبة فقط وإنما توجد مواد لم تكتب أيضاً!!! ويجب على العراق أن يعترف بها! وعند ذلك علمنا أننا (مخدوعون) ببيان رسمي؟ وتصريح مندوب سام، وعلمنا أن الأشخاص الموجودين في العراق آرائهم هي المنفذة والمحترمة في العراق، وأن آراء الحكومة البريطانية غير معروفة!) انتهت 2 - المعلنات الوطنية الكبرى اجتمع في يوم النيروز (21 مارت) خلق عديد في جامع الحيدر خانة في بغداد معالن حقوقه فامتدت الجماهير في الجادة الواصلة باب المعظم بالباب الشرقي مارة أمام دور القناصل وقبل ابتداء المعالنة خطب بعض الأدباء نيابة عن الجموع فتحمس الكل ورفعت في الأخر (لجنة التظاهرات) احتجاجا وقدمت صورة منه إلى

1 - صاحب الجلالة ملك العراق المعظم. 2 - صاحب الفخامة المندوب السامي البريطاني. 3 - رئيس الوزارة البريطانية. 4 - رئيس مجلس النواب البريطاني. 5 - مجلس النواب العراقي. 6 - مجلس الأعيان العراقي. 7 - رئيس الوزارة العراقية. 8 - جمعية مقاومة الاستعمار. 9 - أمهات الصف العربية والأجنبية. وهذا هو الاحتجاج بنصه: العراق بأسره ساخط وناقم على سياسة الكتمان والتمويه الذي درج عليها الإنكليز في حكمهم العراق، فقد مر عليه عشر سنين كوامل عانى الشعب في خلالها شر ما تعانيه الشعوب المضطهدة ونال من سوء الإدارة البريطانية ما لم تنله الشعوب الرازحة تحت عبء الاستعمار الممقوت. فالشعب العراقي الذي خسر في صداقته لبريطانية الشيء الكثير من حقوقه وأمانيه القومية يحتج على هذه السياسة الغاشمة أشد الاحتجاج معلناً للملأ أن تمادي الإنكليز في سياستهم هذه مما يزيد في حنق هذه الأمة المضطربة وينذر بما ينجم عن هذا الحكم الممقوت وهو يتطلب تبدلاً جوهرياً فيه. وأن سلوك بريطانيا هذا مما يضر بمصالحها فسياستها الصارمة هي التي أدت إلى نفور الشرق وإلى تذمره الشديد من بريطانية الناكثة للعهود. وإذا كانت عصبة الأمم وفي ضمنها بريطانية داعية حقاً إلى السلم العالمي فعليها أن تستمع إلى نداء الشعوب المطالبة بحقوقها قبل أن تتطلب تحديد التسليح البحري لأن ذلك أضمن للسلم. وأن بريطانيا لابد أن تقدر موقفها الراهن في العراق المتحفز. 3 - الوزارة النورية ألف نوري باشا السعيد الوزارة التي ترأسها وهو وزير الخارجية أيضاً وذلك في 23 آذار: جعفر باشا العسكري لوزارة الدفاع علي جودت بك للمالية جميل بك المدفعي للداخلية عبد الحسين الجلبي للمعارف جمال بك بابان للعدلية جميل باشا الراوي للمواصلات والأشغال. أما وزارة الري فبقيت شاغرة فنهنئ الجميع بوزاراتهم الجديدة.

4 - حل مجلس الأعيان ومجلس النواب بعد أن أنشئت الوزارة النورية أصدر جلالة ملكنا المعظم أرادته حل الندوة أي مجلس الأعيان ومجلس النواب في 24 مارت. 5 - ملك بلجكة في الزوراء عاصمة العراق في الساعة الخامسة إلا ربعاً من مساء السبت 15 مارت (آذار) هوت في الجو طيارة كبيرة كان فيها الملك البر صاحب بلجكة ومعه مرافقه القائد سواجرس وكان ينتظره في ذلك الموضع المعتمد السامي وقائد القوات الجوية وممثلان من قبل جلالة ملكنا المحبوب وممثل جلالة الملك علي وقنصل بلجكة واثنان من الرهبان الكرمليين البلجيكيين ومدير الشرطة العراقية والمدير العام والمدير الخاص. وفي اليوم الثاني ذهب جلالة الملك البلجيكي إلى كنيسة اللاتين وكان يوم أحد فصلى فيها وكان وصوله إليها في الساعة التاسعة والنصف صباحاً ثم زار دير الرهبان وصعد إلى سطح الكنيسة العالي وشاهد منه مدينة بغداد على مد البصر وقضى الأسبوع كله في زيارة أور الكلدانيين وبابل وطيسفون والموصل ونينوى إلى غيرها من المواطن القديمة وفي صباح نهار الجمعة 21 مارت غادر جلالته حاضرتنا في الساعة السادسة وقد أبقى فيها ذكراً طيباً لا يمحى. 6 - هدايا ابن سعود أهدى جلالة الملك عبد العزيز بن سعود الطافا هي: ثلاثة جياد عراب وثلاثة سيوف مذهبة وثلاثة خناجر من العقبان مرصعة بالحجارة الكريمة وثلاث طنافس إيرانية فاخرة إلى ملكنا المبجل. جواد عربي وسيف وخنجر وطنفسة من جنس ما أهدي منه إلى جلالة الملك الهاشمي لفخامة المعتمد السامي. ومثل هذا اللطف إلى كل قنصل من قناصل أبي شهر والبحرين والكويت الإنكليز على مثال ما اهدي إلى المعتمد السامي في حاضرة العراق. وقد نقل هذه التحف وفد خاص من قبل جلالة الملك ابن سعود. وأهدى جلالته أيضاً عقداً نفيساً من الدر إلى عقيلة الكرنل (دكسن) قنصل الكويت لأن في سنة 1922 كانت تلك السيدة في البحرين تترجم مقالات جريدة (الطان) الفرنسية وترسل بها إلى صاحب الجلالة النجدية الحجازية.

7 - تكريم الدكتور محمد شرف بك إذا كان بين الناطقين بالضاد من يستحق التكريم فيجب علينا أن نجعل في مقدمتهم صاحب السعادة الدكتور محمد شرف بك فأنه وضع معجماً علمياً نقل فيه الألفاظ الإنكليزية إلى العربية وسهر عليه الليالي الطوال لتمحيص ألفاظه وتحقيقها وتدقيق النظر في انتقائها فجاء ديواناً لا يتيسر لوضع مثله إلا لجماعة تتضافر على العمل. ولهذا اجتمع العلماء في مساء 7 يناير على دعوة من الجمعية الطبية المصرية وأقاموا حفلة شاي شائقة في نادي كلية الطب اعترافا بفضل ذاك الخادم الأمين، خادم اللغة العدنانية والوطن العربي الواسع الأكناف. فشكروا له سعيه المحمود. وكان في مقدمة المحتفلين به الدكتور علي بك إبراهيم عميد متقن الطب وصاحب السعادة محمد شاهين باشا وكيل وزارة الداخلية للشؤون الصحية والدكتور الكبير وفخر شعراء العصر احمد زكي بك أبو شادي، وبعد شرب الشاي ألقى الدكتور علي بك إبراهيم كلمة في مزايا المحتفى به وأفضاله على المنتسبين إلى لغة الضاد. ثم نهض في أثره عارف قدره وصديقه الحميم الدكتور أبو شادي وانشد قصيدة لم يسبقه إلى مثلها أحد من شعراء العرب وكانت أبياتها تسيل رقة وعذوبة وتعمل في النفوس السامعة هزة وطرباً. وقام بعده الدكتور المحتفى به ففاه بكلمة شكر كلها تواضع وتصاغر دلت على منزلته الرفيعة في القلوب. ومما قاله الدكتور شاهين باشا: (ويهمني بهذه المناسبة أن اذكر جزيل فضل هذا القاموس لأعمالنا بمصلحة الصحة فلقد أصبحت أعمال تلك المصلحة في أيدي الوطنيين وجميع رؤسائها منهم فمثل هذا القاموس قد سهل عملنا وسيكون دائماً أنفع أداة لتذليل ما نقابله من صعوبات في ترجمة المصطلحات الطبية والفنية، وحبذا الحال لو دعيت الصحافة العلمية لهذه الحفلة). ونحن ننتظر اليوم الذي يشترك في تكريم هذا النابغة تكريماً يقوم به جميع أبناء اللغة اليعربية لأن فضل شرف بك غير مقصور على أبناء وطنه العزيز بل يشمل جميع المتكلمين بهذه اللغة البديعة. ولأن معجمه قد دخل في جميع الدوائر والدواوين التي يحرص أهلها على اتخاذ الألفاظ الصحيحة في لغتهم. وعلى كل حال أننا نهنئ الدكتور

شرف بك بظفره العلمي وفتوحاته الاصطلاحية متمنين له يوماً مشهوداً تظهر في تقديرات أبناء العربية لأفضاله الجمة التي يعترفون بها له. 8 - خالد الشابندر قضى خالد الشابندر نحبه في 23 مارت وكان ضليعاً في القانون والقضاء وقد خدم الوطن بأعماله الجليلة من وظائف إدارية وعدلية وتأليف علمية قضائية. 9 - الشيخ عبد الله البستاني توفي هذا الشيخ اللغوي في بيروت في 16 فبراير (شباط) وكانت ولادته في الدبية (في الشوف من لبنان) عام 1850 وواله الخوري ميخائيل ناصيف البستاني الماروني ووالدته عبلة يوسف نادر المعدودة حجة بين قوالي الزجل المعنى في عهدها. درس العربية في المدرسة الوطنية التي كان أنشأها في بيروت نسيبه المعلم بطرس البستاني صاحب محيط المحيط ومن أساتذته ناصيف اليازجي والشيخ يوسف الأسير وعلم أولاً في مدرسة الدروز الداودية في عبية (لبنان) ثم في صيدا فالدامور. ومن هناك ذهب إلى قبرص فأنشأ فيها جريدة مع المرحوم اسكندر عمون وسمياها (جهينة الأخبار) لكنه لم يصدر منها إلا عدد واحد منها إلا عدد واحد لأن الحكومة العثمانية منعت دخولها بلادها فعاد من قبرص إلى مدرسة الحكمة المارونية في بيروت 1880 ثم انتقل منها بعد عشرين سنة (أي سنة 1900) إلى المدرسة البطريركية) للروم الكاثوليك إلى سنة 1914 وله مؤلفات عديدة منها أربع روايات تمثيلية وخمس شعرية وواحدة هزلية ونقح وصحح كتباً عربية عديدة منها بحث المطالب لجرمانس فرحات. وديوان أبي فراس الحمداني ومقدمة أبن خلدون فضبطها بالشكل الكامل (طبعت سنة 1900) والاقتضاب في شرح أدب الكتاب لابن السيد البطليوسي (طبع سنة 1901) وترجم مصنفات من الفرنسية وله قصائد شعرية عديدة و (البستان) خاتمة مؤلفاته وزبدة تحقيقاته واختصره فسماه (فاكهة البستان) وكان لدفنته حفلة جليلة تليق بمقامه رحمه الله. 10 - تزييد القوة الجوية في العراق أضيفت طيارات جديدة من طرز (ويكرز) إلى القوة الجوية المرابطة

في العراق وكل هذه الطيارات تحمل عشرين جنديا بعدتهم الكاملة من سلاح وعتاد وزودت كل منها محركين من المحركات القوية الشديدة وهي تستهلك من الوقود أقل من أخواتها السابقات وبذلك تستطيع أن تطير مدة طويلة من غير أن تحتاج إلى تجديد وفي أجنحتها ما يمنع صدمها بغيرها فقلت الأخطار بذلك. 11 - الجراد النجدي هجم الجراد النجدي على الألوية الجنوبية من ديارنا فأتلف من مزارع (المحمودية) و (أبو عوسج) و (شيشبار) ما يقارب ربعها ويرى الخبراء أن شر هذا الجراد لا يزيد على هذا القدر لأنه غرز، إنما يتوقع ضرره للمزروعات الصيفية ولهذا أخذ مكافحو هذه الآفة الممقوتة يطاردونها شر طراد. 12 - الفحص عن بقر الحاضرة جاء في تقرير المفتش البيطري: جرى الفحص عن 4242 بقرة حلوباً في الرصافة فوجدها سالمة من الأمراض المعدية وفحص مثل هذا الفحص عن بقر شركة الحليب فوجدها سليمة أيضاً. 13 - وقوف الصادرات إلى إيران حدث في شهر آذار وقوف في الصادرات لا يستهان به وذلك في إصدار السكر والشاي إلى إيران لكثرة تخوف التجار في هذه البلاد من أزمة النقد الإيراني والأفكار مرتبكة كل الارتباك من جراء ذلك إذ يتوقع حصول تغيرات فجائية لا مناص منها. 14 - أسعار المنتجات التمور نسب الطن منه من 60 - 61 ربية الحبوبربية الحنطة بين 70و78 ربية الشعير الطن بين 47. 5 - 50 ربية الأرز (التمن) الوزنة من 14 إلى 20 ربية القطن غير محلوج المن8 - 3 محلوج0 - 14 العفص (الحقة 224) 195 إلى 300 (تصحيحات) ص182 س16 بنيد: بيد - ص182 س21 سازة: سازد - ص209 س24 رغبته: رغبة - 240 س11 أفلست: فلست - 240س20 اختلفت: اختلفت - 261 س18 وابن: وأبي - 262 س كأس: كأسي - ص265 س18 متعانقة: معانقة - 271 س22 ما مثل: ما كان مثل - ص271 س22 الشهم: الشم.

العدد 80

العدد 80 - بتاريخ: 01 - 05 - 1930 إلى عكبرى وقنطرة حربي 1 - حربي سافرنا قبل اشهر إلى ناحية (السميكة) أي دجيل القديمة ولبثنا فيها أربعة أيام عند ذي قربانا فالح أفندي ابن حسن أفندي العبيدي السرايلي، وهو في السميكة معلم مدرستها الأول. وفي صباح أحد تلك الأيام امتطينا دراجتنا ودرجت بنا إلى قنطرة حربي على نهر دجيل وكان بعض المطلعين قد وصفها لنا وذكر لنا أن علينا كتابة تاريخية، أما العوام من أهل السميكة فيزعمون أنه كتب عليها ما نصه (عمي يا خميس، لا تكرب غير الطربيس أو لو جارك الجور، عليك بالثور عليك بالتبن، أصفره ذهب وأبيضه فضة، والعندة عشا لا يلف بالدجيل) ويزعمون أن السبب الباعث على هذه الوصية

كثرة الظلم التي لاقاها الدجيليون من الحكام وتسخرهم للناس تسخر الحجاج للواسطيين، وبقينا تدرج بنا الدراجة والريح مضادتنا ومتجهنا الشمال الشرقي من قرية السميكة حتى وصلنا إلى قنطرة مبنية من الطابوق تحتها أربعة مجار عظيمة وكل منها قد طوق بطاق على الطراز العباسي، ولكن ثلاثة من المجاري قد طمرتها الرمال الراسبة والأطيان اللازبة، ولم يبق لنهر دجيل إلا مجرى واحد قد ضيقته الرواسب والإدغال، ولما تخطينا القنطرة وجدنا طولها 72 خطوة ولما خطونا عرضها ألفيناه 15 خطوة، وعلى محاط القنطرة الأعلى ما نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة، واقرضوا الله قرضاً حسناً، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله خيراً وأعظم أجراً واستغفروا لله أن الله غفور رحيم، الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار، سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ومن أراد الآخرة وسعي لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً. أمر بإنشاء هذه القنطرة المباركة، تقرباً إلى الله تعالى الذي لا يضيع أجر من أحسن عملاً وطلباً للفوز بجنات الفردوس التي أعدها للذين آمنوا وعملوا الصالحات نزلاً، سيدنا ومولانا الأمام. أأمر المسلمين ووارث الأنبياء والمرسلين وخليفة رب العالمين، وحجته البالغة على الخلائق أجمعين). هذه الكتابة على الجانب الغربي، وعلى الجانب الشرقي: (الذي أيد الله تعالى بإعزاز نصره الدين وأفرض (كذا) طاعته على الخليقة من البادين أح. . يعجز عنه حصر العادة - أبو جعفر المنصور المستنصر بالله - أمير المؤمنين، مكن الله له في أرضه تمكين الوارثين ورفع مقدس أعماله الصالحات إلى عليين ونشر بعدله الزاهر في آفاق الأرضيين، وأوضح للخلائق بولاية سيل الرشاد ومنهج الحق المبين أبن الأمام السعيد البر التقي - أبي محمد الظاهر بأمر الله - أبن الأمام السعيد الزكي الطاهر الوفي - أبي العباس الناصر لدين الله - أبن الأمام السعيد الزكي - أبي محمد الحسن المستضيئ

بنور الله. . . الأثر الذين قضوا بالحق كانوا يعدلون، صلوات الله عليهم أجمعين وذلك في سنة تسع وعشرين وستمائة، وصلى الله على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين. . .) أه. والعامة تسمي هذه القنطرة (جسر الحربي). 2 - عكبري وفي يوم آخر درجنا دراجتنا إلى جهة عكبري وهي في الجنوب الشرقي من السميكة وفي غرب قبر الشيخ (جميل) الذي هو في الجانب الغربي من دجلة قبالة قرية السعدية التي على الجانب الشرقي من دجلة، قال أبن خلكان في (1: 289) من ترجمة أبي البقاء عبد الله العكبري ما نصه (والعكبري بضم العين المهملة وسكون الكاف وفتح الباء الموحدة وبعدها راء، هذه النسبة إلى عكبري: وهي بليدة على دجلة فوق بغداد بعشرة فراسخ خرج منها جماعة من العلماء وغيرهم) وقال في ترجمة الأمير سعد الملك أبن ما كولا علي بن هبة الله (وكانت ولادته في عكبري في خامس شعبان سنة إحدى وعشرين وأربعمائة) وورد في القاموس (وعكبراء بفتح الباء ويقصر بلدة والنسبة عكبراوي وعكبري) قلنا: وفي (1: 389) من تاريخ أبن خلكان (ووضع في يد كل واحد منهم طاس ذهب وزنه ألف مثقال مملوء شراباً قطر بليا أو عكبريا) وهذه الحكاية من حوادث القرن الرابع للهجرة فعكبري إذ ذاك كانت محمود الشراب، والآن نعود إلى سيرتنا الأولى: ولما وصلت إلى محطة السميكة لقطار ما بين بغداد والموصل رأيت قبراً على شرق السكة الحديدية وعليه قبة فقط فسألت عن اسم صاحبة فقيل لي أنه السيد محمد أبو الحسن، وكنت في ذهابي إلى قنطرة حربي صادفت مثله، في شرق السكة أيضاً فقيل أنه (للشيخ سعدي) والأعراب تقول (الشيخ أسعدي) وكلتا القبتين مبنية من الطاباق. ومن المحطة توجهت إلى عكبري وأدرت محور دراجتي مدة تجاوز ساعة ونصفاً حتى انتهت إلى قبر الشيخ (جميل) وحوله أبيات القوام وهو يزار وينذر له وعليه اعتماد السنيين في دلتاوة لإبراء المرض وإزالة العاهات،

ثم جنحت إلى الغرب فوصلت إلى أنقاض عالية وطلول متبحثرة وطابوق مبثوث كثير وبين هذه الآثار أثر مجري نهير يمر وسط هذه البلدة فوقفنا على قمة طلل عال واستنطقنا تلك الأطلال العافية عن زمان بهجتها وألوان جمالها ونعيم حياتها وسألتها عن أنهارها المطردة المتلألئة وبساتينها المدهامة المزهرة أو المثمرة ورياضها ذات الخمائل والأزهار وأهلها المتنعمين الراكنين إلى السعادة والاطمئنان والعلم والعرفان، فكأنها أجابتني اعتباراً واستعباراً، بأن أهلها تعاورهم أنواع الفناء وطحنهم الدهر بأسنانه فصاروا عبرة لمن يعتبر ومزدجرا للذي يزدجر وقد خلف التراب الشراب والفناء الهناء والبلاء الرخاء والقبور القصور والدثور الظهور والأشواك الزهور. وفي تلك الأراضي إلى بغداد لا تعد الأنهار ولا الأنيهار ولا الترع لكثرتها وتقاربها ولكنها تدندن الريح بيبسها وتتداول الرمال بطونها وتتلاطم عليها حرارات الشمس وأشعتها فتفيض سراباً هو المثل الأعلى للحياة الدنيا وتلطم متونها الدوامات لطم الظالم للمسالم ويمر قطار سكة الحديد وهي متحوية في منعرجاتها تحوي الحياة الكسير الظهور فتلتقي الدنيا والآخرة فتستخف الثانية بالأولى وتكبح من جماحها وتنقص من طماحها فعكبري اليوم أهل لأن تكون أنيسة للأنبياء ومسيلة للأتقياء ورادعة للأدنياء. وبعد ذلك أبناء من عكبري إلى بغداد فرأينا في غرب السكة قبراً يشبه القبرين المذكورين آنفاً واسم دفينه (الشيخ إبراهيم) ويدعي بعض العامة أنه قبر (إبراهيم الأمام العباسي) صاحب الدعوة العباسية وشهيد حران الذي قال فيه شبل بن عبد الله: والقتيل الذي بحران أضحى ... ثاوياً بين غربة وتناسي وليس من دليل يؤيد تلك الدعوى وبعضهم يدعي أنه قبر مصعب بن الزبير وإبراهيم بن مالك بن الأشتر وهو الصحيح لأن (مسكناً) هناك، هذا مرادنا وبقية رحلتنا فلعل فيها فائدة. مصطفى جواد (لغة العرب) جاء في معلمة الإسلام مقالة للدكتور الأثري أرنست هر تسفلد فنقلها إلى لغتنا ليطلع عليها القراء فتتم بها الفائدة ودونكها:

حربي حربي (بالألف القائمة بالياء المهملة) اليوم هي جسر حربي وهي أخربه في أرض دجيل على بعد نصف ساعة من غربي نخيل (بلد) على الضفة الغربية من عقيق دجلة المعروف بالشطيط في نحو 34 درجة من العرض الشمالي: الاسم والموضع من عصر الجاهلية. وقد ذكر ياقوت أسماء قديماً لهذا الموطن (معجم ياقوت 1: 167) هو الأخنونية ويشبه أن يكون بابليا. وكانت إدارة الساسانيين تبدأ تخوم شمال سورستان - (أو دل إيران شهر) وهي البلاد التي عرفت بعد ذلك باسم سواد العراق - من هذا الموطن حربي في طسوج مسكن (اليوم تل مسجن) ومن العلث (بالفتح وتقال بالكسر واليوم تلفظ العلث بالفتح) الواقعة في شرقيها وبأزائها في طسوج بزرج شابور وفي الشمال كانت ترى تخوم كورة أثور. وبقيت هذه الحدود إلى فجر العهد الإسلامي وإلى عهد العباسيين فقد كانت في حين مسح البلاد عمر بن الخطاب (طالع أبن خرداذبة ص 14 واليعقوبي ص 104 والمسعودي في التنبيه ص 38 وياقوت 3: 174) ومن أقدم ما جاء ذكرها ما أورده الطبري في (2: 916) ويتعلق بأحداث سنة 76 إذ سار شبيب الخارجي إلى الحجاج وعبر دجلة بالقرب من حربي (وفي الكلمة جناس إذ حربي تجانس حرب في اللفظ) وكان في حربي عدة مناسج للثياب القطنية الغليظة التي كانت تحمل إلى سائر البلاد (راجع معجم ياقوت 2: 235 ومراصد الإطلاع ص 295) والسهل الذي يرى اليوم في ذلك الموطن كثير الشقف (كسر الخزف) وهو مما يدل على صناعة الخزف كانت منشرة فيها كل الانتشار وكانت هذه السلعة الرقة وترجع إلى المائة الثانية عشرة والثالث عشرة للميلاد. لما تحولت دجلة عن مجراها في صدر خلافة المستنصر بالله وغادرت مسيلها في أعيلي حربي لتجري في موطن نهر القاطول أبي الجند وهو مجرى دجلة اليوم شرع الخليفة في أعمال الكري (شق الأنهر) ليستقي من جديد دياراً عطشى ومن أعماله نهر دجيل الحالي الذي حفره بلا أدنى شك. وحفر أيضاً نهر المستنصر في أعلى حربي وبني القنطرة العظمى القريبة من حربي ولهذا عرف

المحل بعد ذلك بجسر حربي، تلك أعمال تدل على ما كانت عليه من الجلالة. وكان قد صور الجسر تصويراً شمسياً ج. ف جونص وأعيد طبعه في المجموعة المسماة بالإنكليزية ما معناه (نخب من مذكرات حكومة بمبي) المجلد 43 (سنة 1857) ثم صورته أنا تصويراً شمسياً أيضاً بنوع أشد أتقانا والجسر محكم البناء من الأجر وطوله 55 متراً في عرض قراب 12 متراً ويقوم على أربعة عقود وثم كتابه طولها مائة متر تمتد على الجانبين وتاريخ بناء الجسر سنة 629 من الهجرة وهذه الكتابة مفيدة جداً لما فيها من التفاصيل التي تكاد تكون كفراً في نظر السنة (كذا) ومما يميز هذا السهل سهل الأخربة القبة المبنية على قبر هناك وهي ترى من بعيد ويقال لن المدفون تحتها الشيخ أو السيد سعد. القوق ومرادفاته قال أبن منظور في ديوانه لسان العرب: القوق: طائر من طير الماء طويل العنق قليل نحض الجسم وأنشد: كأنك من بنات الماء قوق) وكذا ورد في العباب وحياة الحيوان الكبرى للدميري والعباب لكن هذا التعريف غير كاف بنفسه ليطلعنا على حقيقة هذا الطائر والكلمة واردة في التوراة التي نقلها سعديا إلى العربية وسعديا توفي في سنة 942م أما أبن منظور فتوفي في 1311م. والقوق واردة في عدة مواطن من نص التوراة منها في المزمور ال 101 في الآية ال 7 وهذا نصها: (شابت قوق البرية صوت مثل بومة الأخربة) واسمه بالأرمية كذلك. وجاءت أيضاً في التوراة المسماة بالفشيطتا (أي البسيطة) وهي من صدر المائة الثانية للميلاد. ويراد بالقوق الحوصل المعروف عند السلف باسم البجع وله أسماء كثيرة تختلف باختلاف الديار، منها: العلجوم والكي (بضم الكاف) وجمل الماء وأبو جراب وأبو قربة. والعراقيون يسمونه اليوم (نعيج الماي) وهو تصغير علجوم مع بعض تصحيف. ويدعي بعضهم أنه مصغر نعجة الماء وهو بعيد في نظرنا. ومن أسمائه السقاء وجمل البحر وهو ليس المسمى بأبو طنطر أو أبو سعن وكان أهل البطائح يسمونه في عهد العباسيين بالبيضاني.

البعد في اللغة (لغة العرب) لأبن سيدة كتاب جليل لم يؤلف مثله من سبقه ولا من تلاه أفاض عليه شيئاً من ذوب دماغه فجاء سفراً بديعاً يشهد له بعلو الكعب في لغة عدنان. ويقع في سبعة عشر جزءاً وأسمه المخصص. وهو معجم تذكر فيه الألفاظ المتشابهة المعنى أو المتشاركته فانك إذا بحثت فيه عن موضوع توخيته سرد لك كل ما يتعلق به أو يتصل فهو ديوان لغة ضروري لكل من يعالج اللغويات ومن الغريب أنك إذا فتشت فيه عن معنى (العبد) وما يتصل به لا ترى له أثراً وقد أتحفنا حضرة اللغوي (السيد سالم خليل رزق) المشهور بمباحثه العربية الدقيقة - بمقالة بديعة ترأب هذا الصدع في ديوان أبن سيدة المذكور. إلا أننا نأخذ عليه شيئين: أنه أستشهد بأبيات بعض المعاصرين والثاني أنه نقل عن (البستان) (أو أقرب الموارد) أو الألفاظ الكتابية (الذي عني بنشره الأب لويس شيخو) من غير أن يتثبت في صدق تلك المنقولات. ويظهر لك ذلك في موضعين ظهر لنا عيبهما ولعل هناك غير ما ذكرناه إذ لم يتسع لنا الوقت لتدبر ما في تلك الألفاظ من الزلق أو الزلل. على أننا نشهد لصاحب المقال بتضلعه من اللغة وإحاطته بالموضوع إذ لم نجد في ما بأيدينا من التأليف من تعرض لهذا الموضوع وقتله خبراء فنشكر له هذه الهدية اللغوية باسم جميع المحققين المدقيين من الناطقين بالضاد. بعد (ككرم) الرجل بعداً (كعلم) يبعد بعداً (كسبب) ضد قرب فهو بعيد وبعادو جمع بعيد بعداء. وكذلك أبعد وتر (كمد) عن بلاده تروراً، وأتن اتناناً، وسحق (كعلم) سحقاً (كسبب) وأسحق وانسحق ونأا (كغرا) ينأوا نأوا وناي (كرمي) فلانا وناي عنه يناي نأيا فهو ناء وهي نائية. قال الشاعر أحمد محرم: طوى الأرض يدني ما ناي من فجاجها ... وأمعن في أقطارها يتوغل وقال المنفلوطي: وفي العصر بين الظل والماء غادة ... تميس بلا سكر وتناي بلا كبر

وقال الطغرائي: ناء عن الأهل صفر الكف منفرد ... كالنصل عري متناه عن الخلل وكذلك ناء الرجل ينء نيئا مقلوب ناي أو لغة فيه. ونشد يعقوب: أقول وقد ناءت بهم غربة النوى ... نوى خيتعور لا تشط ديارك وناء ينوء نوءاً وتنواء، وناطت الدار تنوط نوطاً وانتاطت، وناط الرجل ينيط نيطاً وانتاط، وهرب في الأرض وهرباً، وتواضع ما بينهم، ونزج الشيء ينزح (بالكسر وبالفتح) نزحاً ونزوحاً يقال نزحت الدار. قال الشاعر: لو أن لبنان فيه العيش منبسط ... لما ابتغينا نزوحاً أراضينا وانتزعت النية. ونضب القوم والمفازة، ونطنطت الأرض ونطا المنزل ينطو، وأمعن في الأمر، ونأث عنه ينأث نأثا ومنأثاً: وأنتخع عن أرضه، وقصا المكان يقصوا قصواً وقصوا وقصا وقصاء وقصي يقصي - وعن القوم: تباعد فهو قاص ج قاصون وإقصاء. وأنقضع عنه، ولحلح القوم وتلحلحوا واعنقت البلاد وغرب الرجل - والنجوم غروباً، بعدت وتوارت في مغيبها، وشحطت الدار (كفتح) شحطاً وشحطا وشحوطاً ومنه قولهم شحط المزار قال الحريري والضمير للصاحب: وأطعه أن عاصي وهن ... أن عز وادن أن شحط وقال أبو جعفر بن خاتمة: ومن يكن بالذي يهواه مجتمعاً ... فما يبالي أقام الحي أم شحطوا وقال أبو زبيد: من مبلغ قومنا النائين إذ شحطوا ... أن الفؤاد إليهم شيق ولع وشحط فلان في السوم إذا استام بسلعة وتباعد عن الحق وجاوز القدر واشص فلان وشطب (كنصر) وشطن عنه (كذلك) وشطرت الدار شطوراً وشطنت الدار شطوناً، وشغر الرجل شغوراً - والبلد: بعد عن الناصر والسلطان واشتغر الرجل في الفلاة، وصقب المكان كعلم صقبا، وأضحى عن الأمر، وطمس الرجل يطمس طموساً (كنصر)، وسحق (كعبد) سحوقه، وانخشع في الأرض ودعلق في الوادي، وأعزب وتنازح وشسعت الدار (كفتحت) شسعاً وشسوعاً قال عباس محمود العقاد:

بيضاء ترتع في فضاء شاسع ... صافي السراة على السنى مرفوع وشط المنزل (كعلم وبعد) شطا وشطوطا - وعليه في سلعته: أبعد قال المتنبئ: كن حيث شئت فما تحول تنوفة ... دون اللقاء ولا يشط مزار وقد تبعد وتباعد عنه وابتعد عنه واستعبد عنه ضد تقارب ومثله تخوف عنه، ورام يريم ريما وانتزح عن دياره وزهل عن الشيء زهلا، وأجنب وانتسأت الإبل في المرعى. وتنطنط الشيء وأنتاي عنه تقول أنآه فانتاي، وتنعنع زيد عنه، وتمعدد وتناءوا عنه، وقصا عن القوم، وتماحلت بهم الدار وكتع في الأرض كتوعاً ومنه قولهم مجازاً: كتعت في المخازي ما كفاك سب وكتعت في المحامدما كفاك حمد، وتمازت (بتشديد الزاي) به النية، وشطف (كنصر) شطفا أي ذهب وتباعد، وطلب طلبا، وطلق طلقا، وتعادى الرجل كقوله: (وتعادي عنه النهار فما تعجوه) أي تباعد عن ولدها في المرعى لئلا يستدل الذئب بها على ولدها، وسحر عنه، وانزاح ودحل عني وتراخى وتباطن المكان وفرسخ عنه المرض وأفرنسخ، وتماته القوم وتمتهوا وطعا يطعوا وتمقق. قال رؤية: عن ظهر عريان المعاري أعمقا ... أمق بالركب إذا تمققا وبتع في الأرض (كعلم). وحشر فلاناً أي تباعد عنه، وتزاحك القوم وتشائي ما بينهما. وانفرج ما بين القوم وطمس الرجل وراغم زيداً - والقوم نابذهم وهاجرهم وعاداهم، وتشعب وانشعب عنه. وقد نمت الإبل إذا تباعدت تطلب الكلا في القيظ، وتتايع القوم في الأرض إذا تباعدوا على عي وشدة وأنوي الرجل أنواء إذا تباعد أو كثرت أسفاره، ونبا بصره ينبو نبوا ونبيا ونبوة إذا تجافى وتباعد، وتباين الأمران: تباعداً وتفارتا، وتصوع القوم: تباعدوا جميعاً، وسبخ الرجل: تباعد في الأرض، وأنسا عنه: تأخر وتباعد قال مالك بن زغبة الباهلي: إذا أنسئوا فوت الرماح ... عوائر نيل كالجراد تطيرها وزحل عن مكانه (كفتح) زحولا: تنحى وتباعد فهو زاحل (كحذر) ومثله تزحل عن مكانه، وزاح عنه يزيح زيحاً وزيوحاً وزيحانا، ذهب وتباعد وأعرى صديقه أعراء: تباعد ولم ينصره، وتمايط القوم تباعدوا ونابأ

القوم ترك جوارهم وتباعد عنهم، وقالوا حطني القصا أي تباعد عني: وحاطونا القصا أي تباعدوا عنا وهم حولنا وما كنا بالبعد عنهم لو أرادونا. وقد جفأ الشيء أو فلانا: بعد عنه وفي الحديث. اقرءوا القرآن ولا تجفوه. أي لا تبعدوا عن تلاوته، وأهرب: أبعد في الأرض ومثله اعترط وطس القوم إلى المكان أبعدوا في السير وشعل الأمر أمعن فيه وانبلط الشيء بعد ومثله باص يبوص يقال طريق بائص أي بعيد وشاق، وجنب الشيء بعد عنه ومثله تجنبه واجتنبه. وخسأ الكلب وخسوءا بعد وأنزجر ومثله خسئ وأنخسأ وجانب الشيء جنبه ومثله رفضه، وأشجذ المطر بعد واشط الرجل في الطلب أمعن وعرنت الدابة عرانا بعدت وأطلب الماء والكلأ بعد فلم ينل إلا بطلب وأطنب النهر بعد ذهابه ونزح بفلان بعد عن دياره غيبة بعيدة. وتنكب الشيء تجنبه واعتزله وبد الشيء تجافي وماط عني يميط وميطاناً تنحى وبعد تقول مط عنا يا هذا أي أبعد. ومثله أماط عنه وعمق الطريق والمكان بعد وطال وأنبسط فهو عميق الرجل يطحو بعد وهلك وقالوا كان منه ذلك مكان الفرقدين من النجوم أي بعد عنه بعد الفرقدين من النجوم ولج في جناب قبيح أي في مجانبة أهله، وتفكه: تجنب الفاكهة. التباعد في الأعضاء وقد فرق البعير وغيره فرقاً أي كان أفرق والفرق التباعد ما بين الثنيتين - وما بين المنسمين، وفركح الرجل: تباعد ما بين اليتية والاسم الفركحة أيضاً، والفركاح والمفركح الرجل الذي أرتفع مذرواً أسته وخرج دبره وبد الرجل يبد بددا: تباعد ما بين فخذية من كثرة لحمهما - والدابة تباعد ما بين يديها والأبد الفرس بعيد ما بين اليدين - والحائك لتباعد ما بين فخذيه - والرجل المتباعد اليدين عن الجنبين - والعظيم الخلق المتباعد بعضه من بعض - والمتباعد ما بين الفخذين من كثرة اللحم، وحنب (بتشديد النون) الفرس كان بين رجليه بعد من غير فحج وهو مدح فالفرس محنب ومحنب (بكسر النون وفتحها) قال أمرؤ القيس: فلأيا بلأي ما حملنا وليدنا ... على ظهر محبوك السراة محنب والجانب فرس بعيد ما بين الرجلين من غير فحج وهو مدح، ومثله المجنوب

والمجنب والأخجى: البعيد ما بين الرجلين وروح (كعلم) يروح روحاً كان أروح والروح انفراج بين الرجلين دون الفحج أي تباعد القدمين وتداني العقبين وسميت النعامة روحاء لتباعد ما بين ساقيها وفحج في مشيته: تداني صدور وتباعد عقباه ومثله فحج فالفحج تداني صدور القدمين وتباعد العقبين وفي المغرب الفحج تباعد ما بين أوساط القدمين من الرجل والدابة والزجج في الإبل روح في الرجلين وفجي الرجل يفجى فجا: تباعد ما بين فخذيه أو ركبتيه أو ساقيه - والبعير: تباعد ما بين عرقوبية - والقوس: بعد وترها عن كبدها، والفخج (بالخاء المعجمة) كالفحج (بالحاء المهملة) إلا أنه أسوأ منه تبايناً، والقعن: انفحاج في الرجل وفلج فلجا: كان افلج وهو المتباعد ما بين القدمين - وما بين اليدين وما بين الأسنان يقال رجل الفج الأسنان وامرأة فلجاء الأسنان ولا بد من ذكر الأسنان على رأي أبن دريد والمشقة: تفحج في قوائم ذوات الحافر وتشحج. وراخ الرجل يريخ ريخا وريوخا وريخانا: تباعد ما بين فخذية حتى عجز عن ضمهما والزيل تباعد ما بين الفخذين وصاحبه أزيل وأما البدد فقد ذكر. والفنجلة: تباعد ما بين الساقين وما بين القدمين والافجل المتباعد ما بين القدمين وقد فشق الظبي فشقا إذا تباعد ما بين قرنيه فهو افشق. بعد النظر وقالوا طمس بعينه إذا نظر بعيداً، ورفع له الشيء أبصره عن بعد، وباصره إذا أشرف ينظر إليه من بعيد وطرف مطرح بعيد النظر والطماح البعيد الطرف ومثله الشيئان (بتشديد الياء) والسدف الشخص يرى من بعيد. ج سدوف وعين غربة بعيدة المطرح ورجل غرب العين قد انفسح طرفه إذا لم يرده عن بعد النظر شيء ويقال في ذلك قد انفسح طرفه وتقول رأيت طرة القوم إذا نظرت إلى حلتهم من بعيد فأنست بيوتهم. النسب البعيد والقصا النسب البعيد والجنابة ضد القرابة. ويقال أنك لتمت برحم عودة أي قديمة بعيدة النسب وهو انسلهم أي أبعدهم عن الجد الأكبر والكرشاء الرحم البعيدة والكلالة ما لم يكن من النسب لحا فالعرب تقول هو أبن عم الكلالة وأبن

عم كلالة إذا لم يكن لحا وكان رجلاً من العشيرة وحكي عن أعرابي أنه قال (مالي كثير ويرثني كلالة متراخ نسبهم) وقد طرف (كحلم) الرجل أي صار طريفاً غير قعدد تقول هو أطرفهم وهو طريف بين الطرافة إذ كان كثير الأباء إلى الجد الأكبر ومثل الطريف (كحذر) والقعدد هو القريب الأباء من الجد الأعلى ويأتي أيضاً بمعنى البعيد الأباء منه من الأضداد. بعد الخطى شبرقت الدابة في مشيها باعدت خطوها ومثله شحا الرجل يشحو شحوا ومنه حديث كعب يصف فتنة قال (ويكون فيها فتى من قريش يشحو فيها شحوا كثيراً) أي يمعن فيها ويتوسع وذرع (كحلم) الفرس ذراعة كان واسع الخطو فهو ذريع وبخدج في مشيه تفتح وفرحج وسطاً الفرس ابعد الخطو ومثله فسح ففلان قال أعرابي لخراز إذا خرزت فأفسح الخطى لئلا ينخرم الخرز أي باعد بين الخرزتين وباع الفرس أو الناقى بوعاً - والرجل الأرض قطعها بخطو واسع وحركة سريعة وفنجل مشى مفاجأ وفرجل في مشية وأسرع وفرحج في مشيه تفحج ووسع (كحلم) الفرس وساعة وسعة اتسع في السير، ووخد البعير يخد وخذا كان واسع الخطو فهو واخد ووخاد ووخود الاسم الوخد وسدت الناقة سدوا تذرعت في المشي أي اتسع خطوها يقال ما أحسن سدو جليها وأتو يديها وتبازي تبازيا الفرس كذلك وخذي يخدي خديا وخدايانا وقد واعست الابل واوعست إذا مدت أعناقها ووسعت خطاها. وخطرف الرجل وتخطرف إذا جعل في مشيه كل خطوتين خطوة في ساعته. والهرجل البعيد الحطو (ج) هراجل ومثله السهوق والطرمح والطرمح والساطي وهذا الفرس البعيد الخطو وناقة شحوة بعيد الخطو. وفرس رغيب الشحوة أي كثير الأخذ من الأرض بخطوة وفرس بعيد الشحوة أي الخطوة والشحواء الناقة الواسعة الخطو والرهوق الناقة الوساع الجواد التي إذا قدتها رهقتك حتى تكاد تطأك بخفيها والذروع الخفيف السير الواسع الخطو ومثله الذريع والذرعات السريعات الواسعات الخطو البعيدات الأخذ من الأرض والرزوف الناقة الطويلة الرجلين الواسعة الخطو. والقطوف مقارب الخطو في سعة والخبقة (بكسر الأول والثاني

وتشديد القاف) الوساع من النياق. وناقة ذراعة واسعة الخطو وكذا فرس هملاج وفريغ ومعناق وناقة معناق وفرس وساع ونوق سواد (بكسر الدال المنون جمع سادية). السير البعيد وأمعن الفرس تباعد في عدوة وأسهبت الخيل أمعنت في سيرها، وأوغل القوم أمعنوا في سيرهم داخلين بين ظهراني الجبال أو في أرض العدو ودومت الكلاب أمعنت في السير، واقنب الرجل باعد في السير وسبح مثله وسخ سخا، وقد أنذرع في السير أي أنبسط فيه. الذهاب البعيد وأبعد الرجل في الأرض أمعن فيها ومثله غرب فيها وأعرب وغلق فيها وقد وغل يغل وغولاً إذا ذهب وابعد وكذا أوغل في البلاد وتوغل في الأرض أو العلم وشقذ (كعلم) وشقذ (كنصر) وطاء يطاء وطسس ودقس فيها دقسا ودقوسا ومعد فيها واصمعد في الفلاة وقد شطن في الأرض إذا دخل فيها أما راسخاً وأما وأغلا. السفر البعيد ونطنط الرجل باعد سفره وبرق تبريقاً سفراً بعيداً ونوى المسافر نية ونوى تباعد والنطوة السفرة البعيدة وكذا الطلبة والمسبأة (بضم أولهما) تقول أريد سبأة أي سفرا بعيداً والسوبة (بالضم وبالواو الساكنة غير المهموزة) والآنط ج نطط (بضمتين) وسفر نعور ومثله سفر شاسع وجاسع ونية قذف (بفتحتين) وقذف (بضمتين) تقول شطت بهم نية قذف أي رحلة بعيدة والخيتعور النية البعيدة أو النوى البعيدة ويقال نوى خيتعور. ورجل مبعد (كمنبر) بعيد الأسفار قال كثير عزة: مناقلة عرض الفيافي شملة ... مطية قذاف على الهول مبعد والنمط (بمضتين) المسافرون سفراً بعيداً. الأبعاد وبعد الشيء تبعيداً وأبعده أبعاداً ضد قربة وكذلك باعده مباعدة وبعاداً وشاعب صاحبه وزاحكه عن نفسه وعادى الشيء وناءى زيداً وقاصاه وماز بينهما

ممازة وفحصه عنه (بالتشديد) وأفحصه عنه ومحصه (بالتشديد) وامحضه عنه وناساه واشذاه عنه وأجفاء عن المكان وحصبه عن كذا واحصبه وشحصه (بالحاء المهملة المشددة) وعبر متاعه وأنمى الراعي الإبل، وأوجى الشيء عنه وأبهصه (بالصاد المهملة) وراخاه قال الشاعر: ولصاحب راخته عنك حوادث ... الدنيا الآن ينشد قربه وأظلفه عن كذا وأناثه انآثا، ونأشه وأناه عنه وانخس به وأقصاه عنه ومخاه عنه وأشسعه وشسع به وشطته شعوب واشقحه واضرح فلانا عنه وطرده يطرده (أبعده وساقه ونحاه) وظلفه عنه وطهر الشيء واتره عن مكانه وجانب فلانا (كأنه جعله في جانب أو مشى في جانب) وحصفه عن كذا واحصف الشيء ودحقه وادحقه وأعزب فلانا وزحزحه عن الشيء وزحله (بالتشديد) وأزحله وزحنه عن المكان وعبر الوادي السيل وضرب الدهر بيننا وأشذاه عنه ودحر الشيء دحراً ودحورا ومدحرة. وقد غيبه أي أبعده وواراه وأجبي زيد غيب أبله عن المتصدق أي معطي الصدقات وجافي عضديه باعدهما عن جنبيه وغرب (بالتشديد) الدهر زيداً أي تركه بعدا. وقالوا أغوط بئرك أي لبعد قعرها وقبحة الله وأما زمعت به قبوحاً أي أبعده الله وأبعد والدته، وآب الله فلاناً يؤوبه أي أبعده (دعاء عليه) وذلك إذا أمرته بخطة ثم وقع في ما يكره فاتاك فأخبرك بذلك فعند ذلك تقول له (آبك الله) وبد صاحبه عن الشيء أي أبعده وكفه يقال أنا أبد بك عن ذلك الأمر ورافضه بمعنى باعده (الألفاظ الكتابية) وسحق الله الكافر، أبعده عن رحمته وانفض فلاناً عنه أبعده ونفي وداده وفيحق بين رجليه باعد وفرشد زيد باعد بيم رجليه والطاءة الأبعاد في المرعى والعدى المتباعدون. ونزه أبله نزها باعدها عن الماء وأنسأ سربته أبعد مذهبه وطخ الشيء كنصر

رماه وأبعده وأطرحه. أبعده واسحق زيداً صرفة وأبعده وأدحقه الله باعده عن كل خير، وودر الشيء نحاه وبعدة تقول (در وجهك عني) أي نحه وبعده وكذلك أماطه أماطة وشحن فلاناً عنه وزلقه عن مكانه (كضربة) وإزاحة إزاحة وتقول طوحت بي طوائح الزمن ورمت به حوادثة وقذفتني قواذفه وأبعدتني جوائحه والزحل (كخدب) الجمل يزحل الإبل في الورد حتى ينحيها فيشرب والنوى القسوم هي المفرقة المبعدة وأنشد أبن الأعرابي: نأت عن بنات العم وانقلبت بها ... نوى يوم سلال البتيل قسوم والمشقوح المبعد، والبهر المباعدة عن الخير. البعيد وهو بعيد وباعد ويقال بعد باعد على المبالغة وبعد (محركة) تقول منزل بعد وبعد (كحذر) يقال ما أنت ببعد منا والبعيد جمعة بعداء وبعد وبعدان وقد يقال ما أنتم منا ببعيد وما أنت منا ببعيد حملاً على بعد بكسر العين وأن اختلفا باللفظ وجاء في البستان أن الفراء قال: إذا قالت العرب دارك منا بعيد أو قريب أو قالوا فلانة منا قريب أو بعيد لا يراد بذلك النعت بل يراد به الاسم والدليل على انهما اسمان قولك (قريبة قريب وبعيده بعيد) ومن لم يؤنث وبعيداً لم يثنهما لكن قال هما منك قريب وهما منك بعيد ومن أنث ثنى وجمع وإذا أردت

بالقريب والبعيد قرابة النسب وبعده أنثت لا غير ويرادف البعيد متمعدد ونئيش واسحق وسحيق وشطين قال بعضهم: لكنما الأنباء شاموا موعداً ... في مغرب الغبراء جد شطين وطامس (ج) طوامس ونفناف ونزوح ونزيح تقول جاء من بلد نزيح ونزيع ونطي (بتشديد الياء) تقول هذا طريق نطي وأمقه وقصي ج إقصاء ويقال لمن أبعد في ظنه أو تأويله (لقد رميت المرمى القصي) وقذوف يقال نوى ونية وفلاة قذوف وبلدة قذوف أي طروح لبعدها وقذف (بالتحريك) قال المتنبئ: كم مهمة قذف قلب الدليل به ... قلب المحب قضائي بعدما مطلا وقال فؤاد الخطيب: متحفز قلق الوساد لنية ... قذف تشق على القوى الأيد وشطير يقال هذا منزل شطير وعريد وشعب تقول التأم شعبهم أي اجتمعوا بعد التفرق وشاع (مثل رام) وشموخ. تقول: (هذه نغازة شموخ وشمخ (نية شمخ) وضريح وبطين (شأو بطين) وجنب وحجول وزحزاح وساقب. ويقال سير مماتن أي بعيد وكذا بلد نازح ونية شطون وطرد مشقذ وسفر مجرن وعقب أجواد. وقرب حذا حذ وحذ حاذ ونية زموج ومكان ساحق وأرض سرداح، ورجل شاطب المحل وشاطنه وماء سعب ج سعوب وأمور عدوة وغاية منتاطة ومكان متنوع وفلاة نزوع ج نزع وبلدة نسيخة ونسخية، وخرق ناضب ومكان نطيط وعقبة نطاء ونية نعور ورجل نعير الهم وبلاد معنقة وطريق عميق وماء غب (بكسر الغين) (ج) أغباب وشأو مغرب ومنزل قذيف وشاحط وشحاط (كجبار) قال الحجاج يصف ككلابا هربت من ثور كثر عليها: فشحن في الغبار كالأخطاط ... يطلبن شأو هارب شحاط ونوى شطر وشطرف وشطران وضرح وطرح وسير ضراحي ونية طوح (بالتحريك) وديار عارنة وعران، وفلاة زوراء وبلد سهدر وسمهدر وعقبة زحول وزجول وفج عميق ومحلة نازحة ونوى غربة. وتقول هذا قبر منبوذ أي بعيد منفرد ونهر مطنب بعيد الذهاب وطريق متقعقع: بعيد ومكان نزل بعيد واسع وعقبة زلوخ طويلة بعيدة وكذا عقبة حجون

ودوية سرنج بعيدة واسعة الأرجاء وقرب هذهاذ بعيد صعب أو سريع وبلد أمق الأرجاء وهي مقاء ونخلة ناوية بعيدة عن الماء، وتقول سرنا عقبة متوحا أو متوجاً أو محوجاً أي مسافة بعيدة وسبسب متماحل بعيد ما بين الطرفين وليلة مراسلة بعيدة دائبة السير ومكان قاتم الأعماق أي بعيد النواحي مع سوادها وبلدة قذوف طروح لبعدها ورجل شاط بعيد الشطاط والشطاطة أي بعيد ما بين الطرفين وبلد شاغر عن الناصر والسلطان وماء مطلب (كمحسن) بعيد عن الكلأ ومكان رجيل بعيد الطرفين وعقبة زمج وزموخ شديدة بعيدة ومثلها الزلوخ. وقالوا الأقواس البلد البعيد والمتبطبطة الأرض البعيدة والمرزح المقطع البعيد والسمهد الأرض البعيد المضلة والعزيب الرجل يعزب عن أهله وماله والوصلة الأرض البعيدة والخاسئ الكلب المبعد والخنزير وكلاهما لا يترك أن يدنو من الناس والسربخ الأرض البعيدة - أو الواسعة المضلة التي لا يهتدي فيها لطريق ومهم مسربخ بعيد واسع قال أبو داود: أسادت ليلة ويوماً فلما ... دخلت في مسربخ مردون والشاطن البعيد عن الحق والعران الدار البعيدة والنائخة الأرض البعيدة والمهوئن (كمطمئن والمهو أن (على المفعولية) المكان البعيد ونزه الفلاة ما تباعد منها عن المياه والأرياف والنزيه المكان البعيد عن الريف وغمق المياه وذبان القرى وومد البحار وفساد الهواء والمعق (بالضم والفتح) والمعق (بالتحريك)

ما بعد من أطراف المفاوز والمنتأى الموضع البعيد والقصوى والقصيا الغاية البعيدة والمتماحل الدار المتباعدة والغيل الذي تراه قريباً وهو بعيد والطراح والطرح (بالتحريك) والطروح المكان البعيد ومثله العدوة والعازب الكلا البعيد المطلب والعزيب من الإبل والشاء التي تعزب عن أهلها في المرعى والمعزاب والمعزابة من يعزب بماشيته عن الناس في المرعى والمعزب من عزب به عن الدار. ويقال هذا المنزل أنفس المنزلين أي أبعدهما وقولهم لا مرحباً بالأخر أي بالأبعد، والأقصى إلا بعد (ج) الأقاصي يقال عرف ذلك الأقاصي والأداني والأذناب والنواصي وما رأيت سفراً أفلق من هذا أي أبعد. وهو مني مناط الثريا أي بعيد مني بقدر بعد الثريا وأتانا فلان من بعده أي من أرض بعيدة وهؤلاء قوم منازيح أي بعيدون عن أوطانهم وفي الأساس: ابل منازيح: من بلاد بعيدة، وهو بنزهة عن الماء ومنه أي بعيدة وقعد عني مازيا ومتمازيا أي مخالفاً ويوقون هو بذي بلب (كقديس) وبذي بلى (كذكرى) وبذي بليان (بكسر الأولين وتشديد اللام والياء ومثل صليان) أي هو بعيد لا يعرف موضعه وهو من بل في الأرض أي ذهب وأنشد الكسائي: ينام ويذهب الأقوام حتى ... يقال أتوا على دي بليان وهذا مكان مطرد أي بعيد ويقال أفصح العرب أبرهم أي أبعدهم في البر والبدو دارا. البعد والبعد ضد القرب وقولهم بعد له أي أبعده الله وهو دعاء عليه أن لا يرثي له إذا نزل به البلاء ومثله سحقاً له ينصبونه على المصدرية وتميم ترفع فتقول بعد له وسحق وكذلك البوهة والشوهة والشزن والشطة والشظان والشعب والبعد (كسبب) والجنابة والحضوضي والحواذو الزحزح والسحق (كقفل) والسحق (كعنق) والسيفى والمساف والمسافة (ج) مساوف تقول كم مساف هذه الأرض والشقة والعبدة والشحط (بالفتح) والشحط (بالتحريك) قال النابغة: وكل قرينة ومقر ألف ... مفارقة إلى الشحط القرين وكذلك البهر (بالفتح والتعس (بالتحريك) والخزي (بالكسر) والشمم

(بالتحريك) تقول دارة شمم والنضو (بالفتح) والعفر (بالضم) يقال هجرت أخي على عفر أي بعد من الحي. والنوي (بالتحريك) والهوب (بالفتح) والغرب (كذلك) والغربة (كذلك) وتقول نوى غربة. والعادية والعدواء (بضم ففتح) والعداء (بالتحريك) والعران (بالكسر) ويقال هو بمنتزح عن كذا أي ببعد عنه، وهذه مسافة ذات غول (بالفتح). ذات بعد كأنه يغتال من يحاول اجتيازها. وبيني وبينهم ضرح (بالفتح) أي تباعد ووحشة. والشبراق (بالكسر) شدة تباعد ما بين القوائم والشعب (بالتحريك) بعد ما بين المنكبين وما بين القرنين والمقق (بالتحريك) كل تباعد بين شيئين. والمتزحزح اسم مكان من نزحزح ومنه قول الكروس: فقد كان لي عما أرى متزحزح ... ومتسع من جانب الأرض واسع أي كان لي مكان أبتعد إليه. متعلقات بالبعد الباسطة المسافة البعيدة ومنه يقال سرنا عقبة باسطة أي بعيدة وكذلك الجذبة (بالفتح) تقول بينه وبين المنزل جذبة أي قطعة بعيدة وقالوا بعكس ذلك بيننا نبذة وجذبة أي هم منا قريب والشقة (كقبة) السفر البعيد وكذا الشكة والرتوة (بالفتح) قدر مد البصر يقال بيننا وبينهم رتوة أي مسافة بعيدة قدر مد البصر. والمزاح الموضع الذي ينزاح إليه والمزحل المكان يزحل إليه - ومصدر ميمي - فيقال أن لي عنك مزحلاً أي منتدحاً قال الشاعر: ويركب حد السيف من أن تضميه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل ويقال قاصاني فقصوته أي كنت أقصى منه وماتن فلاناً باعده في الغاية. ومن أقوالهم تنح هاهنا وهاهنا (بتشديد النون) وههنا (كذلك) أي أبعد قليلاً ويقال للحبيب: ههنا وهنا أي اقترب وأدن وللحبيب ههنا وهناك وههناك (بفتح الهاءات والنونات) أي تنح بعيداً وهو مني على قدر مجاع الشبعان، وعلى قدر معطش الريان أي بيني وبينه من المسافة ما لو مشاه الشبعان لجاع والريان لعطش وتقول رأيته بعيدات (بالتصغير والجمع) بين أي رايته بعد حين وذلك إذا كان الرجل

يسمك عن آتيان صاحبة الزمان ثم يسمك عنه نحو ذلك أيضاً ثم يأتيه. وهيهات (بتثليث حركات التاء) اسم فعل بمعنى بعد ومثله إيهات وهيهان وإيهان وهايهات (وفي كلهن تثليث الآخر) وهايهات (بضم الآخر) وهيهاة (بإسكان الآخر) وأيها (بفتح الأول) وايأت (كجيأل) وشتان فتقول شتان ما زيد وعمرو وشتان ما بينهما. قال أبو الأسود الدؤلي: وشتان ما بيني وبينك أنني ... على كل حال استقيم وظلع وقال الأعشى: شتان ما يومي على كورها ... ويوم حيان أخي جابر أي تباعد الذي بينهما وقال الزهاوي: رمت الحياة لهم وراموا مقتلي ... شتان بين مرامهم ومرامي (وقد أفرد فيه الفاعل لفظاً ومعنى وهو غير جائر (لغة العرب)) واستجفاه: طلب بعده وجفاءه. واستبعد الشيء: عدة بعيداً ووجده بعيداً. قال أحمد شوقي: ومطلب في الظن مستبعد ... كالصبح للناظر في قربة النبك (سورية): سالم خليل رزق تتمة للغة العرب هذه المقالة مع سعتها وانتظامها لا تحتوي كل ما جاء في الذي توخاه حضرة الكاتب اللغوي فلقد فاته شيء كثير وكرر ألفاظاً عدة ولعل ما لم يذكره يقع بالقدر الذي فصله، ونحن نورد بعض الأمثلة لكي لا نتهم بالتقول ولا بإلقاء الكلام على عواهنه. فقد ذكر اللغويون التماته من مته والتماته التباعد. والهوب البعد وتركته في هوب دابر ويضم أي بحيث لا يدري، وابعط الرجل باعد وفلان فلاناً أبعده ولا جرم أن الأصل هو أبعد. إلى غير ما هناك. وكنا نود أن يراعي المؤلف ترتيباً هجائياً في إيراد الألفاظ حتى إذا أراد أحد أن يتحقق من ورود الكلمة يستطيع أن يقع عليها من غير مطالعة المادة كلها فيضيع وقته، وعدم إتباعه طريقة سهل الرجوع إليها أوقعه في مكررات كما يتبينها من طالع هذه المقالة مطالعة متئدة ووعي في ذهنه أوضاعها.

القصر الذي بالقلقة

القصر الذي بالقلقة في الجنوبي الغربي من القلعة ببغداد الآن قصر على دجلة فيه عدة حجر وبينها إيوان مستقبل دجلة فيه من الريازة العربية ما يعجب ويفرح ولكن أيدي البلى قد تعاورته فشوهت من صورته ورفتت من ريازته وهدمت من آخره وهو على ذلك دليل على العظمة والفخامة. وأجرة وسط ليس بصغيرة الحجم ولا كبيرة فهو من طرز الأجر الذي في منارة مدفن الشيخ معروف الكرخي وأصغر من أجر المدرسة المستنصرية وقنطرة حربي، ويشبه طابوق بابا الحلبة (أي الطلسم) على ما حققناه بإنعامنا النظر في صورة ذلك الباب. أما منارة الشيخ معروف فقد كتب على ظاهر حوضها ما نصه (بنيت هذه المنارة سنة اثنتي عشرة وستمائة) فهي مبنية زمن خلافة الناصر لدين الله العباسي ومثلها في البناء منارة جامع قمرية ومنارة جامع الخفافين اليوم بلصق المدرسة المستنصرية من الجنوب. والقصر الذي بالقلعة اليوم يسميه العامة وأمثالهم (قصر المأمون) ولا نعرف لهم دليلاً على هذا القول الغريب والحكم المتفسخ فأن للمأمون قصراً في الجانب الغربي من بغداد. ففي ص 27 من تاريخ مناقب بغداد ما عبارته: (وفي الجانب الغربي قصر عيسى وقصر المأمون والتوثة وغير ذلك) وقصراً بالجانب الشرقي لم يحافظ على أسم المأمون فقد ذكر ياقوت الحموي في مادة (تاج) ما عبارته: وكان إلى ذلك الوقت يسمى: القصر الجعفري ثم انتقل إلى المأمون) ثم قال (وبقي الحسن مقيماً في القصر المأموني) فهذا يدل على أن للمأمون قصراً آخر نسب إليه فلنلخص كلام ياقوت على هذا القصر لنعرف أمره والخلاصة هي: أن جعفر بن يحيى البرمكي بني بالجانب الشرقي قصراً فلم يستحسنه صاحبه

مؤنس بن عمران وراوضه على أن يخص هذا القصر بالمأمون عند حضور حضرة الرشيد ففعل وتحمل الرشيد ما نفق عليه وتركه لجعفر فلم يزل جعفر تتردد إليه أيام فرحه ومتنزهاته إلى أن وقع الرشيد بالبرامكة، ثم أنتقل إلى المأمون ففتح له باباً شرقياً إلى جانب البرية وأجرى فيه نهراً ساقه من نهر المعلي وابتنى مثله قريباً منه منازل برسم خاصته وأصحابه سميت (المأمونية) وكان قد أسكن فيه الفضل والحسن أبني سهل، وفرغ بسفرهما إلى خراسان مع المأمون ولما ورد الحسن بن سهل بغداد سنة 198هـ (813م) نزل في القصر المذكور وكان يعرف: بالمأموني، فتزوج المأمون بوران وأنزلت بهذا القصر وطلبة الحسن من المأمون فوهبه له وكتبه باسمه وأضاف إليه ما حوله وغلب عليه اسم الحسن فعرف به مدة وكان يقال له: القصر الحسيني، وبعد موت الحسن بقي لابنته المذكورة بوران إلى أيام المعتمد علي الله العباسي فاستنزلها عنه بعوض وأخذت هي في إصلاحه وتجديده ورمة وأعادت ما دثر منه، ثم توفي المعتمد على الله بالقصر الحسني سنة 279هـ (802م) ثم استولى عليه المعتضد بالله فاستضاف إلى القصر الحسني ما جاوره فوسعه وكبره وأدار عليه سوراً وأتخذ حوله منازل كثيرة ودوراً وابتدأً ببناء قصر التاج وجمع الرجال لحفر الأسس فاتفق له أنه خرج إلى أمد فلما عاد رأى الدخان يرتفع إلى الدار فكرهة وابتنى على نحو ميلين منه الموضوع المعروف بالثريا ووصل بناء الثريا بالقصر الحسني وابتنى تحت القصر أزاجا من القصر إلى الثريا تمشي جواريه فيها وحرمه وسراريه وما زال باقياً إلى الغرق الأول الذي صار ببغداد فعفا أثره. ثم مات المعتضد بالله في سنة 289هـ (901م) وتولى أبنه المكتفي بالله فأتم عمارة التاج الذي كان المعتضد وضع أساسه ومذلة مسناه طاعنة إلى وسط دجلة. وكانت صفة التاجر

مبنية على خمسة عقود كل عقد على عشر أساطين خمس أذرع ووقعت في أيام المقتفي سنة 549 (1154م) صاعقة فتأججت فيها وفي دارها وقبة الحمار وبقيت النار تعمل فيه تسعة أيام ثم أطفأت وقد صيرته كالفحمة وكانت - أي الصفة - أية عظيمة فأعاد المقتفي بناء قبة الحمار على الصورة الأولى ولكن بالجص والأجر دون الأساطين الرخام وأهمل إتمامه المقتفي حتى مات وبقي على ذلك إلى سنة 574 (1178م) فتقدم المستضيئ بنقضه وإبراز المسناة التي بين يديه - لعلها مسناة صفة التاج - إلى أن تحاذي به مسناة التاج، فشق أساسها ووضع البناء فيه على خط مستقيم من مسناة التاج واستعملت أنقاض التاج مع ما كان أعد من الآلات لعمل هذه المسناة ووضع موضع الصحن الذي يجلس فيه العباسيون للمبايعة ويسمى إذ ذاك: الثلج وهو دار مشهورة جليلة المقدار واسعة الأقطار من دور الخلافة زمن ياقوت الحموي وفي موضع دار الخلافة كان القصر الجعفري أي القصر المأموني أي القصر الحسني. موضع القصر الحسني والتاج وضع العلامة لسترنج رمزاً القصر الحسني في جنوب المستنصرية مما يلي جامع الخاصكي غرباً على دجلة قرب ما يسمى اليوم (المحكمة الشرعية) وهذا على حسب خريطة ص 263 من تاريخه. ووضع شرق القصر الحسني رمز جامع الخلفاء أي جامع سوق الغزل اليوم ووضع تحت القصر الحسني (قصر التاج) قرب جسر مود اليوم من الشمال وجامع الخلفاء لم يسم عندنا بجامع القصر إلا إضافة إلى أحد هذين القصرين فباني التاج وباني جامع الخلفاء هو المكتفي العباسي كما ذكر أبن الطقطقي في الفخري، ولكون القصر الحسني أندمج في دار الخلافة ولكون دار الخلافة تحت الجسر العباسي القريب من شمالي المستنصرية ولأن باب الغربة جنوب طريق الجسر المذكور كما ذكر العلامة لسترنج في الخريطة المذكورة ولكون المدرسة المستنصرية فيما يلي شمالي دار الخلافة كما نقل البحاثة يعقوب نعوم سركيس عن تاج أبي الفداء (170: 3) في لغة العرب (453: 5) يظهر لنا: 1 - أن دار الخلافة لا تتجاوز شارع الجسر القديم اليوم.

2 - وأن قصر المأمون الشرقي جنوب المستنصرية لا شمالها وبين القلعة اليوم والمستنصرية قراب ميل واحد. 3 - وأن باب الغربة ليس بشريعة المصبغة نفسها اليوم بل بشرقها قليلاً خلافاً لما حققه الأستاذ يعقوب نعوم سركيس. 4 - وأن قول العامة وأمثالهم بأن قصر القلعة اليوم هو قصر المأمون الذي لم يبق في الدنيا إلا أسمه ضرب من الجهل أو الظن أو التغليب كما غلبوا لفظ (العادي) على كل شيء قديم. قصر القلعة: قصر الناصر لدين الله وبعد علمك بإتقان بناية هذا القصر وصفة أجره وقدمه كما قدمنا في صدر مقالنا وأن عصر الناصر لدين الله أطول عصور الخلفاء العباسيين وأنه من اكثر متأخريهم عمارة وسعادة وسياسة وأن أعلى بغداد في زمنه لا يتجاوز السور الشمالي وأن السور المذكور لا يتجاوز سور القلعة الشمالي اليوم لوجود إطلالة ننقل لك ما قاله ابن جبير في قصر الناصر لدين الله الشمالي ونقلناه في لغة العرب (6: 488) ونصه - والضمير عائد إلى الناصر لدين الله -: (وقد انحدر عنها صاعداً في الزورق إلى قصره بأعلى الجانب الشرقي على الشط) فقصر القلعة اليوم بأعلى الجانب الشرقي أيضاً وعلى دجلة فهو قصر الناصر لدين الله اعتماداً على الأدلة المذكورة، وأن أقوى شاهد على أن شمالي القلعة اليوم كان شمالي بغداد إذ ذاك هو أن الناصر لدين الله خرب سنة 587هـ (1191م) محلة (المخرم) التي كانت بين الرصافة ونهر المعلي فكان شمال القلعة خراباً في ذلك الزمان على ما ذكره المؤرخون فهل من مفند لقول من أقوالنا حباً للتاريخ؟. مصطفى أجواد (لغة العرب) من يطالع هذه المقالة يجد أن هذه الأدلة العقلية والنقلية (التاريخية) يصعب نقضها إلا أنه إذا ثبت لمحقق آخر أن البناء الذي شاده الناصر خربه من جاء بعده وأقام على موطنه عمارة أخرى فالحق يكون بجانبه وتضعف هذه البراهين. فهل بين القراء العراقيين من يرشدنا إلى ذلك وله منا الشكر سلفاً.

صفحة من تاريخ أسر بغداد

صفحة من تاريخ أسر بغداد بيت عراقي قديم حسين أفندي أبن نظمي البغدادي 4 - قد تصفحنا مؤلفات عديدة فلم نعثر على تاريخ ولادته. ولكن على كل حال ولد بعد سنة 1053هـ (1643م) أي بعد عودة والده إلى بغداد. والظاهر أنه الأخر الأكبر لمرتضى أفندي المؤرخ الشهير. توفي في غرة المحرم الحرام سنة 1130 من الهجرة (5 ك 1 سنة 1717). قال سالم أفندي قاضي العسكر في زمن الحكومة التركية (المتوفي سنة 1156) المعاصر له ولأخيه مرتضى أفندي في تذكرته المعروفة بتذكرة سالم التي أتم تأليفها سنة 1134 في الصفحة 620 من النسخة المطبوعة سنة 1315 في الآستانة ما نصه: (أنهما - أي حسين أفندي ومرتضى أفندي - من أدباء بغداد ومن خيرة شعرائها. أشتهر بنظمي زاده (آل نظمي) وهما من أفاضل الكتاب. اتخذا اسمهما لقباً لهما. وفي حياتهما نالا الشهرة وذاع صيتهما إلى أن قال: أن هذين الأخوين من بيت عريق في العلم وهما من نوادر الدهر وأفذاذه في العرفان) انتهى. وقد اشتهرت مؤلفاتها في زمنه ووصلت إليه أيام كان معاصراً لهما وهي (شرح وصاف) للمترجم حسين أفندي و (كلشن خلفا) لأخيه مرتضى أفندي وقليل من المؤلفين في ذلك العصر من تنتشر مؤلفاته في حياته وتذيع في الأقطار النائية. فالمومأ إليهما نالا الشهرة الكافية في حياتهما وقد وصف هذا المعاصر في تذكرته مؤلفاتهما المذكورة خير وصف ولم يرجح واحداً منهما على الآخر في الفضل والمنزلة الأدبية والعلمية وحسن السمعة وعراقة النسب في العرفان. ولكن الأيام لم تبقى لنا نماذج من شعر المترجم حسين أفندي المذكور

لتوضيح مكانته الأدبية إيضاحاً بيناً ومع ذلك فأن مؤلفه كاف للتدليل على مقدرته وإطلاعه الواسع على اللغات الغريبة من مغولية وفارسية وخوارزمية فضلاً عن تضلعه من العربية والتركية. كنت أستغرب أن يلم مثل صالح أفندي السعدي الموصلي بلغات كثيرة كما هو مبين في ترجمته المدونة في كتاب الأدباء في زمن داود باشا وفي تاريخ الموصل للقس سليمان الصائغ في حين أننا نشاهد من حسين أفندي الإطلاع الواسع على اللغات الأخرى. ومن مؤلفات حسين أفندي (شرح وصاف). وتوجد منه نسخة في الموصل (صفحة 73 من مخطوطات الموصل للدكتور الفاضل داود بك الجلبي) ونسخ أخرى في الآستانة وفي خزانة فينة (النمسة) ولما كان قد وصف الكتاب في خزانة فينة وفي تذكرة سالم فأني اكتفي بمجمل ما ورد فيها عنه بعد أن أعرف القارئ (بتاريخ وصاف) وهو أصل هذا الكتاب. تاريخ وصاف ويسمى (تجزية الأمصار وتزجية الإعصار) للخواجة عبد الله الشهير بوصاف الحضرة. فرغ من تأليفه في شعبان سنة 711هـ (ك 1 سنة 1311) وهو تاريخ فارسي نظير العتبي في لعربي سلك فيه مؤلفه مسلك أبيه في تاريخه المعجم (طبع تاريخ المعجم في إيران عدة طبعات وهو متداول مشهور) ذكر وصاف في تاريخه هذا جنكر خان وأولاده إلى غازان خان. وقد اعتمد المؤرخون عليه وجعلوه في مقدمة مأخذ تواريخهم. ولم يقصد فيه بيان التاريخ بل أراد إظهار مهارته في الإنشاء وإيراد لطائف النظم والنثر كما جاء في كشف الظنون أيضاً. وفي خزانة فينة نسخ متعددة منه. وفي الموصل بعض الأجزاء الخطية وفي خزائن الآستانة نسخ كثيرة منه وقد رأيت الجزء الثالث والرابع منه في مجلد واحد خطي كما أني شاهدت الجزء الأول مطبوعاً في إيران طبعة حجرية في سنة 1272هـ وأوله: حمد وستايشي كمه أنوار أخلاصش الخ وعلى هذه الطبعة تعليقات كثيرة. ولم تصل ألينا الطبعة الحجرية التي ظهرت في ديار الهند بمدينة بمبنى سنة 1852م.

وأما شرحه فهو كما يلي: شرح وصاف قال عنه في تذكرة سالم: أنه (أي حسن أفندي) قد شرح فيه اللغات المشكلة (الغريبة أو الصعبة) وفسرها باللغة التركية من تاريخ وصاف الحضرة. وعلم على اللغات التركية بمداد أحمر فجمع العربية والفارسية بتأليف لطيف إلا أنه كتب أكثر اللغات التركية بلسان الأتراك القديم فلا تأتلف مع التعابير المرعية اليوم (يشير إلى زمنه) فإذا أردنا أن نتحرى لغة وجدنا صعوبات ولذا تصديت لجمعها وتحويلها إلى لغتنا المعتادة الدارجة وحررتها بهذا الوجه. . . انتهى ما قاله سالم أفندي. وفيه إشارة أنه أصلح هذا الشرح الذي عدة ثميناً وقيماً في نظرة فأراد أن يقدره حق قدره وأن لا يهمل شأنه. أما خزانة فينة فأنها قالت عنه ما ملخصه: أوله: (الحمد له الذي رفع سبع طباق الخضراء بغير عمد ترونها الخ. وجاء في مقدمته أنه يبين العبارات المغلقة والفقرات المعضلة واللغات الغريبة المشكلة من عربية وفارسية وجغتائية ومغولية وخوارزمية ومصطلحات علوم. . . الخ ويستمر في وصف هذا المعجم ويوضح أهميته للقارئ بحيث يبدي أنه لا يستغني عنه من يقرأ الأصل بحيث أن يقال أن الشرح هو الأصل وأن التاريخ (تاريخ وصاف) في الدرجة التالية. وقد أطنبت الخزانة في وصف أجزائه وبينت أن عبد الله أفندي القاضي ببغداد آنئذ قد أكمله قائلاً: أن شرح نظمي زاده وجدت فيه نقصاً فأكملته بعدة أوراق من محافظ بغداد حسن باشا (المتوفي سنة 1136) لأن مؤلفة توفي قبل أن يوفق لإكماله فاعتمد على مسوداته ورتبها. وقد وصف صاحب الخزانة النسخ الموجودة أحسن وصف مما لا نرى الإطناب فيها ضرورياً بعد أن تعينت مواطن النسخ منها نسخة في الموصل. ولعل اهتمام المؤلف حسين أفندي البغدادي بهذا الشرح كان بسبب علاقته بتاريخ العراق وتسهيلاً لمطالعيه ولذا نرى مرتضى أفندي يعتمد على الأصل

ويجعله من جملة مصادره في تاريخ العراق. وقد اهتم العلماء بهذا المؤلف وممن أكمله الحاج محمد أفندي من صوفية وله نسخة موجودة في خزانة فينة أكملت في رمضان سنة 1126هـ (1714م) أي في حياة المؤلف أيضاً. هذا ولا أطيل القول أكثر من هذا للتنبيه على مقدرة المترجم سوى أنني أقول أن لنا اليوم حاجة إلى أمثال هذه المؤلفات لمقابلة الألسنة وللتوسع في مباحث اللغات الشرقية خصوصاً لغات الأقوام التي تجاورنا وأن لا نهمل ما قام به أسلافنا من التحقيقات أمثال هذه ولنطلع على أصول لغتنا الدراجة والكلمات الأجنبية المستعملة فيها مما نسي أصله ولنقف على معنى الألفاظ التي لا نعرف مدلولها إلا بواسطة المقابلة ألفاظ اللغة الفصحى بما هو معروف منها في التراجم اللغوية القديمة التي تعارض اللغة الواحدة باللغة الأخرى وهذا النقص عندنا ناشئ من قلة المصادر وعدم وجود ما هو واف بالغرض مما عانى أسلافنا في أمر التوغل فيه وأشبعوه تمحيصاً كافياً. والبحث عن هذا يطول. والآن اكتفي بهذا القدر عن حسين أفندي اللغوي الجليل وأمضي إلى بيان أحوال مرتضى أفندي. . . واختم مقالي هذا بتصريحي أنه لم أعرف لحسين أفندي هذا ذرية ولم أجد لها ذكراً في أي كتاب وقع تحت يدي. فهل هناك من يخالف رأينا ويدعمنا بالأسانيد التاريخية؟ فأننا نشكر له يده سلفاً. المحامي عباس العزاوي (لغة العرب) بحثنا نحن أيضاً في المدونات التاريخية التي في أيدينا لنرى ما يمكن أن نريده على ما كتبه حضرة الأستاذ عباس أفندي العزاوي فلم نعثر على ما يزيد هذه الترجمة وهذه التحقيقات شيئاً يذكر. فدل عمل الأستاذ على بحث دقيق وإمعان فيه قد راجعنا كتاب (أخبار السلطنة العثمانية) الذي صنفه ج دي همر فلم نجد فيه ضالتنا ولم يبق لنا إلا طلبنا هذا الأمر من حضرة صديقنا يعقوب أفندي نعوم سركيس فأنه جهينة الأخبار وعنده الخبر اليقين فلعله يلبي طلبنا.

مجلة المجمع العلمي العربي وأوهامها

مجلة المجمع العلمي العربي وأوهامها 1 - المقدمة كل من وقف على جزء من أجزاء هذه المجلة (مجلة المجمع العلمي العربي) عرف ما لها من صدق الجد وخدمة اللغة العربية خدمة لا يمكن أن ينكرها أن ينكرها إلا من أعمته الغايات وحطته إلى اسفل الدركات وفي كل جزء يصدر منها جواهر نفسية ينظمها في عقدها المتزايد قيمة جماعة من أفاضل الشرف والغرب والجميع يتنافسون في قتو هذه الملكة - ملكة اللغات طرا - فينقلب القارئ بعد وقوفه على ما فيها من بديع المقالات حافل الوطاب مفتخراً بما في اللغة الضادية من دفائن الكنوز التي لا يقف الطرف على طرفها وأن صرف عمره بل أعماراً في هذا السبيل. ومما نستحسنه في القائمين بشؤون تحبيرها وتحويرها أنهم لا يستنكفون من نشر ما يخالف آراءهم الخاصة، ولا سيما ما يخالف رئيسيها الجليلين: (محمد كرد علي والمغربي) وهذا أدل دليل على أنهما ومن معهما يتوخون الحقيقة والصدق في كل ما يقولون أو يقولون به ولهذا لا ينكرون الحقيقة على من يجاريهم في هذا الصراط إذا كان من يخالفهم في آرائهم يخلصون النية وخدمة اللغة ونشد الضالة المطلوبة. وقد بدأت المجلة المذكورة سنتها العاشرة بطبع الجزء الثامن من كتاب نشوار المحاضرة تلك الدرة البديعة التي أتحفنا بها القاضي التنوخي. وقد ظفر به الأستاذ الإنكليزي الشهير د. س. مرجليوث كما ظفر بالجزء الأول ونشره في مصر في سنة 1921 ومجلة المجمع لم تفعل هذا الأمر إلا إجابة لطلب الأستاذ مرجليوث الذي طلب إلى أعضاء المجمع أن ينشروا هذا الجزء الذي وجده مخروماً في متحفة لندن وأن يكون النشر تباعاً في مجلتهم ثم يفرد على حدة بعد أن يعلق عليه بعض التصحيحات منها للأستاذ مرجليوث ومنها للمجمع نفسه فاستحسنا هذا

العمل ولا جرم أن جميع أبناء العرب ومحبيهم يرحبون بهذا الأثر وبناشريه لما ينجم منه من الفوائد الجليلة. وفي الجزء المزدوج من هذه السنة وهو الجزء الأول والثاني مقالات أخرى فاخرة نمقها جماعة من علماء الشرق والغرب ومن جملتها مقالة الأستاذ كركو نلينو العلامة الإيطالي عنوانها (تصحيفات غريبة في معجمات اللغة العربية) فحمدنا الله على ما جاء وما يجئ من القلائد الحسان في هذه المجلة الجليلة الثمينة. وفي أثناء مطالعتنا لصفحات نشوار المحاضرة ومقالة الأستاذ نلينو وقع في خلدنا خواطر شتى فأحببنا أن نضبطها بتدويننا إياها في هذه السطور لعل ما ينقدح منها من الشرر الضعيف يكون سببا لنار شديدة تنبعث منه أضواء رائعة فيستفيد منها من به حاجة إليها. وعلى كل حال ليس في تقييدها أدنى ضرر ولهذا نعرضها هنا للقارئ: 2 - نقد كتاب نشوار المحاضرة لما كنا نود أن كل ما يبرز باسم المجمع العلمي - الذي نتشرف بانتسابنا إليه يكون مطبوعاً بطابع العلم والتحقيق وأن يصدر قليل المعايب ألم يصدر منزهاً عنها نذكر هنا ما نظنه خطأ ولعله غير صواب في نظر من هو أعرف منا بدقائق اللغة وأسرارها. جاء في الصفحة الأولى من هذه السنة من المجلة (1: 10) ذكر القاضي. . . التنوخي المتوفي سنة 384 وجاءت الباء منقوطة بثنتين ونحن أن هذا التنقيط صادر من المنضد لأن الصحيح المتوفي بألف مقصورة في الأخر. وورد في حاشية 7 تعليقاً على كلمة (المغزى) المكتوبة بصورة (المغزا) قول المجلة: (كذا في الأصل) - قلنا: ولو يزاد على ذلك أن الأبياري قال في كتابه (سعود المطالع، لسعود المطالع) جماعة من النحويين مشوا على كتابة اليائي كله بالألف حملاً للخط على اللفظ) - لكان حسناً. ولا جرم أن الذين يرسمون اليائي بالألف يجارون الأرميين الذين يلفظون ويرسمون بالألف القائمة ما كان مقصوراً وغير مقصور لخلو لغتهم من اصطلاح في الكتابة مثل اصطلاح لغويينا أو كتابنا أو علمائنا ولا سيما أنهم يلفظون ما كان منتهياً عندنا بالألف

القائمة كلفظهم ما كان مختوماً بالألف الجالسة بلا أدنى فرق بخلاف علمائنا فانهم ينطقون بالإمالة ما كان مرسوماً آخره بالياء وبالفتح المشبع ما كان مرسوماً بألف قائمة. وفي ص 10 س 13 (وليس هو بعد وزير) ونظن أن المعنى يتطلب أن يكون: (وليس هو بعد وزيراً). وفي ص 11 س 4 (ولا يقدر له على نكبة) ونظن أن الصواب هو: (ولا يقدر له على نكبة) بهاء الضمير في الأخر. وأن كان للأول وجه في المعنى. وفي ص 12 س 14: (فأن أفصى هذا الأمر إلي) ولعل الصواب (فأن أفضى بالضاد المنقوطة. وجاء في ص 13 س 10: (فلما استكثر المعتضد من عمارة القصر المعروف بالحسيني) والمذكور في التاريخ هو (الحسني) نسبة إلى الحسن بن سهل وهو الذي جاور التاج وكان به منازل الخلفاء في بغداد (راجع التاج في معجم البلدان لياقوت وراجع هذا الجزء من مجلتنا ص 343). وجاء في ص 13 س 5: والله (لا قسمت الارتفاع) وفرق بين (لا) و (أقسمت) والظاهر أنها لا قسمت كالكلمة الواحدة أي أن الكلمة مركبة من اللام، لام جواب القسم ومن أقسمت. وعلقت المجلة على كلمة إيوان زمام الخراج قولها: هكذا جاءت في الأصل اه. ولم نفهم سبب هذا التعليق في حين أن ديوان زمام الخراج هو الديوان الذي يضبط فيه ما يجمع من الخراج. راجع معجم دوزي في مادة زمام. وورد في ص 77 س 6: (وكان يتقلد الذاب) والصواب الزاب بالزي وهو أشهر من أن يذكر ومثل هذا الغلط يرى في ص 79 س 2 حين يقول الكاتب: لا تهلكي جذعاً فأني واثق برماحنا. . . والمعروف الصحيح: (لا تهلكي جزعا). وفي ص 82 س 6: ما رأيت الفعلة شبيها إلا ما عمله أبي الفرات) فلعلها (أبن الفرات) على ما هو مشهور. وعلق على العلم (يوسف بن فنحاس) قول المجلة: (في تاريخ الوزراء

فيجاس) ولم يصحح إحدى الروايتين والصواب هو أنه فنحاس بالحاء المهملة لا فنحاس بالجيم. وفنحاس من أعلام اليهود المعروفة في جميع ديارهم. وجاء في حاشية ص 83 تعليقه على ما ورد في النص وهو قوله (فأن أبن الفرات فاز بجمعها) ما حرفه (لعله بجميعها) ونحن لا نرى فرقاً بين اللفظتين بين الجمع والجميع إذ الواحدة تعني الأخرى. وفي ص 84 س 10 كلمة (أزيل) مضبوطة بالهمزة المفتوحة للمتكلم المفرد من فعل أزال والأفصح أنها بضم الهمزة. وعلق على كلمة تنائها من هذه العبارة (ص 87 س 6): (صرفت ما كنت جمعته من ضياع وبستاين بالبردان وصاهرت بعض تنائها) ما هذا حرفة (كسكان جمع تانئ وهو المقيم ببلدة. راجع ص 28 من المجلد المجمع العلمي). قلنا: والذي عندنا أن التناء هنا جمع تان من إتاوة أو التناية وهي الفلاحة والزراعة كما قاله ابن الأثير في مادة ت ن و: فيكون المعنى: وصاهرت بعض فلاحيها أو زراعيها والكلمة في الأصل مشتقة عندنا من التناية اليائية لا من لا من التناوة الواوية. والتناية تعني بالأرمية الفلاحة والكراب (بكسر الكاف وهو قلب الأرض وحرثها وشقها). وفي تلك الصفحة س 9: وليس معه من أصحاب كثير أحد. وعلق بكثير في الحاشية: (م. ع (أي مجلة المجمع العلمي العربي) كذا في الأصل: ولعل صوابه الكثيرين أحداً. اه ونحن نقول. لعل الأصل هو: وليس معه من أصحابه كبير أحد. وفي ص 89 علقت المجلة على القارية التي شرحت في المتن بقول المؤلف: (والقارية ساجة عظيمة تستعمل صحيحة) بقولها (لم نعثر على القارية بهذا المعنى) اه. قلنا: القارية بتخفيف الياء تعريب اليونانية أي السارية أو الصاري. وضبطت أرمينية في ص 91 س 5 بفتح الهمزة والذي أثبته علماء البلدان وفقهاء اللغة بكسرها. وقال مصطفى جواد ورد في ص 1 س 10 من مجلة المجمع قولهم عن

مؤلف النشوار. 1 - فهو لم يسرد وقائع التاريخ وأخبار رجاله كما سرده غيره. ولم نعرف صاحبا للضمير المتصل ب (سرد) (وقائع) والمعطوف عليه (أخبار) فالصواب (سردها) أو (سردهما). 2 - وقالوا في ص 3 س 11 (ولكنها كانت أحياناً تصطدم بجمل وتعابير) فوقع في هذا التعبير غلط بين لأن (اصطدام) فعل مشترك كتصادم لا يصدر إلا من أثنين أو أكثر منهما لفظاً أو معنى بشرط التضاد فلذلك تقول العرب والفصحاء من غيرها (اصطدام هذا وذاك) و (هذان قد اصطدما) و (اصطدمت أنا وجمل وتعابير) وفي أساس البلاغة (وتصادم الفحلان والجيشان واصطدما) وفي ص 439 من تاريخ أبن خلكان قول راجع بن اسمعيل الحلي الأسدي: ولا اصطدمت عند الحتوف كماته ... ولا ازدحمت بين الصفوف جنائبه فالصواب (تصطدم هي وجمل وتعابير). 3 - وورد في ص 7 س4 قول مؤلف النشوار (فتلقطت هذا الفن وأثبته وخلطت به ما حدث وتحدث من مليح شعر لمن ضمنا وإياه دهر) وعلق الأستاذ مرجليوث ب (تحدث) قوله (لعل صوابه: ويحدث) قلنا (أنه قال: وأثبته وخلطت به ما حدث) فكيف يثبت (ما يحدث) في المستقبل؟ وقد تقدم خلطه بين الكل؟ فالأصل الذي نراه (ما حدث وتحدث به من مليح شعر) ولو كان تعليق الأستاذ مرجليوث محتملا للزم ذكر اسم وصول ثان ليحصل التباين بين (ما حدث) و (ما يحدث) فحذفه يوجب أن يكون الماضي والمستقبل سواء وهو محال قال تعالى في سورة البقرة (والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) بتكرير (ما) الموصولة لتباين المنزلين في الكيفية والوقت. 4 - وفي ص 8 س 6 و 7 جاءته رسالة الراضي يستدعيه ليقرر معه أمر الوزارة ويوليه إياها فقال: (الآن!!) بمدة فوق الهمزة الأولى وبعلامة التعجب مكررة وذلك خطأ لأن همزة أل في (الآن) همزة وصل فتسقط إذا سبقتها كلمة وتبقى همزة الاستفهام وحدها وهذا الاستفهام استنكاري فلا موجب لعلامة التعجب فضلاً عن تكريرها.

5 - وفي ص 9 س 8 وما يليه (كان سبب رفعة عبيد الله بن يحيى طلب المتوكل لحدث من أولاد الكتاب. . . فأسمى له جماعة فاختار) وقد تركوا (أسمى) مبنياً للمعلوم خلاف قاعدتهم مع أن المسمي غير مذكور فالصواب عندهم (أسمي) بياء مثناة منقوطة من تحت وكانوا جدراء بان يلحظوا ورودها في ص 91 هكذا (فأمر أن يطلب له حدث من أولاد الكتاب ينصبه لذلك فسمي له جماعة) ببناء (سمي) للمجهول. 6 - وفي 11 س 8 (وقوي أمر عبيد الله حتى حذف بنفسه من غير أمر اسم وصيف من التاريخ) وطبع هذه الجملة مضطرب وتصعب قراءتها بفهم فالمسهل لفهمها الفصل كما يأتي (حتى حذف بنفسه من غير أمر (اسم وصيف) من التاريخ). 7 - وفيها س 12 (وبطأ حوائجه) وقد علق عليه علماء المجمع ما عبارته (المعروف: أن أبطأ وبطأ يتعديان بحرف الجر وفي مستدر كاتنا أن (بطأ) ورد متعدياً بنفسه فسألنا عن ذلك الأب انستاس ماري الكرملي فإذا تعديه بنفسه من مستدركات التاج على القاموس. 8 - ورد فيها س 13 (فقتله على يد إسحاق بن إبراهيم الظاهري ببغداد) بالظاء المشالة المعجمة من الظاهري، والمشهور في ذلك العصر (الطاهري) بالطاء المهملة نسبة إلى (الحريم الطاهري) وهي محلة ببغداد. 9 - وورد في ص 15 س 7 (مدة تقلد عبد الرحمن. . . ثم مدة أيام أبي العباس. . . لديوان الخراج) وعلق به مرجليوث الأستاذ (الصواب: تقلد) قلنا إذا صار الكلام (بديوان الخراج) كان ذلك أولى من إضافة (تقلد). 10 - وفي ص 77 س 8 (وأخذ خطة يصححها فصحح خمسمائة وأربعين) وعلق به الأستاذ المذكور (ولعله بتصحيحها) قلنا: أن كان ذلك موافقاً فيفسد قول (فصحح خمسمائة وأربعين) بعد أخذ خطة بتصحيحها فالموافق لمقتضى الحال (وأخذ خطة لتصحيحها) بوضع اللام بدلاً من الباء لأنه لا يفيد حصول تصحيحها كما تفيد الباء التي للمصاحبة.

11 - وورد في ص 82 س 10 (بيت المال العامة والخاصة) وعلق عليه علماء المجمع ما نصه (كذا في الأصل، وذكر بعضهم أن المال يؤنث ولكن في تاريخ الوزراء: بيت مال الخاصة والعامة) قلنا فانظروا إلى ص 83 ففيها (بيت مال العامة) فلا شك في أن الصواب ما ورد في تاريخ الوزراء وأن (ال) في المال من زيادة السهو. 12 - وورد في ص 83 س 3 (وكان مبلغه فيما ظنه الكتاب وكانوا يتعاودونه نحو ألف دينار) فعلق المجمعيون ما نصه (كذا في الأصل ولعله: يتعاورونه أي يتداولونه بالعد أو التخمين) قلنا ليس ذلك بشيء وغنما هو متكلف ظاهر لأن قوله (ظنه الكتاب) ينفي عدة ولان التعاور لا يكون بالعد ولا بالتخمين فمعنى (تعاوروا المال أخذه بعضهم بعد بعض أو بعضهم مرة وبعض أخرى) وعلى ذلك قول أعشى بكر: دمنة قفرة تعاورها الصي ... ف بريحين من صبا وشمال وقول عنترة العبسي: إذ لا أزال على رحالة سابح ... نهد تعاوره الكماة مكلم فالأصل المذكور (يتعاودونه) هو الصواب ومعناه (تشاركوا في معاودته لتفقده). 13 - وفيها س 9 (فأمر بحبسها وتهديهما ففعلت ذلك، فأحضراني حسابا مبتورا) والصواب (فأحضرا لي حساباً مبتورا) لأنهما استجلبا له الحساب. 14 - وفي ص 87 س 6 قد صرفت ما كنت جمعته من ضياع وبساتين بالبردان) وقد علق به مرجليوث (الصواب: في) وقد أراد في (ضياع وبساتين) وليس في هذا الإصلاح صلاح والصواب الأصل سواء أكانت (من) بيانية أم سببية. 15 - وورد فيها س 9 (وليس معه من أصحابه كثير أحد، فاجتاز في الطريق) فعلق به المجمعيون ما عبارته (كذا في الأصل ولعل صوابه: الكثيرين أحد) قلنا لا وجوب في جمع الكثير عند ترجيح الصحيح فأنه يستعمل للمفرد والجمع على غرار قوله تعالى (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم) وقوله تعالى (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا).

16 - وورد فيها س 14 (قلت لم لا أخلف على هذا القائد وأضيفه عندي على هذا الطعام المعد) فانشب فيه ابروه من المجمع ما نصه (أخلف عليه: عوضه. ولعله: أحلف بمعنى أقسم، وهو الأظهر) قلنا: دعواهم أن هذا هو الأظهر تسند الحماقة إلى المضيف لأن مبادرته المار عليه بالقسم ليست من كرم الأخلاق ولا من العادات المألوفة وفي مختار الصحاح (وأخلف فلان لنفسه من: إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر) فذاك من هذا النوع والتقدير (أخلف لنفسي على هذا القائد) لأن ضيفه المنتظر لم يحضر. 17 - وفي ص 88 س 1 (فنحن نشرب أس الجيش في طلبه وعرفوا خبرة وأحاطوا بالدار) وعلق به مرجليوث (لعله إذ أتى) وهو مقبول صحيح ولكن الحق به المجمعيون ما نصه (الظاهر: أنه أنبث الجيش أي تفرق) قلنا ليس هذا بظاهر لأن إنبثاث الجيش يجوز لو لم يعرفوا خبره أحاطوا بالمنزل فالصواب أذن (إذ أتى الجيش في طلبه وعرفوا خبره وأحاطوا بالدار) ولأن جهلهم خبره وموضعه يسبب إنبثاثهم. 18 - وفي ص 89 س 3 (فوعدته بها وأدفعه أياماً ثم حملتها إليه) فعلق به علماء المجمع ما نصه (الظاهر: ودافعته) وما زال إصلاحهم مباءة للغرائب مدعاة للاستغراب، قال تعالى (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه) باتخاذ المصارع بدلاً من الماضي لأنه يفيد الاستمرار بالماضي إذا أقحم مع الأفعال الماضية وهذا أسلوب العرب فيجب أن يعرف ذلك من يتصدى لمثل هذه الأمور. انتهى كلام مصطفى جواد. وما عدا ما ذكر ناه هنا فالحواشي والتصحيحات من أنفس ما جاء في إعادة نص المؤلف إلى نصابه ولو بعث اليوم لشكر لناشري تصنيفه ومصححيه فضلهم أصدق الشكر. فأثابهم الله على هذه الخدمة العظيمة. 3 - الفقنس والققنس والقوق وقرأنا في الجزء الثاني مقالة نفيسة للأستاذ الإيطالي كرلو نلينو (10 من 65 إلى 76) مقالة وسمها (تصحيفات غريبة في معجمات اللغة) حقق فيها هذا العلامة الجهبذ أصل هذه الألفاظ المذكورة وهي الفقنس والقوقيس والقوق

والمقوقس، وكنا قد سبقنا حضرته فكتبنا في المشرق سنة 1899 في 2: 926 و 927 نبذة في تصحيفات كلمة فنقس وأثبتنا أنها وردت في أسفار مختلفة بصور شتى منها، فنقس وفقنس وقوقيس وققنوس وقوقش. ومن بعد أن نشرنا مقالتنا المذكورة عثرنا في كتاب البلدان لأبن الفقيه (وقد ألف في سنة 289هـ 902م) على البنجس قال (ص 207) (وزعم طمياث (لعله طمستيوس) الحكيم في كتاب له في الحيوان أن في المشرق طيراً يقال له (بنجس) في مدينة يقال لها مدينة الشمس ليس له أنثى ولا شكل في فعله وأهل المدينة يعبدون الشمس وتسمى المدينة أغفطوس، قال: فيطير هذا الطائر فيجمع بمنقاره عيدان الدار صيني ثم يضطرب عليها بجناحيه حتى يشعل نارا من تلك العيدان فتأكله حتى يصير رماداً ثم ينشأ من ذلك الرماد دودة فلا تزال تنمي وتزيد حتى تكون طيراً كما كان وذلك في خمسمائة عام) اه. فهذا كلام واضح على أن البنجس هو الفنقس أو الفقنس أو القفنس 4 - الققنس والقوق ونحن نوافق الأستاذ نلينو على أن الققنس (كهدهد) أو الققنوس أو القوقفوس أو القوقيس (بقافين في الأول) هو لكننا لا نوافقه على أن القوق هو الققنس (بقافين كهدهد) ولا أنه الفنقس (بفاء ونون وقاف) بل هو طائر ثالث. وقد جاء ذكره في التوراة العربية التي نقلها سعيد بن يعقوب الفيمومي المشهور عند الغربيين باسم سعديا (راجع هذا الجزء من المجلة ص 326). وقد سبقه إلى ذكره أيضاً التلمود المؤلف في المائة الثانية للمسيح أي قبل الهجرة بأربعمائة سنة إذ جاء فيه اسم هذا الطائر (قوق) مبني ومعنى وذلك في عدة مواطن. فالكلمة إذن ليست يونانية الأصل وأن ورد ما يشبهها في الإلياذة المؤلفة في نحو السنة الألف قبل الميلاد لأن المذكور في الإلياذة هو الققنس (كهدهد وبقافين) لا القوق الذي هو وليس القوق عبرياً لأن اسمه في هذه اللغة (قأت) (مهموزة الوسط وكسبب). ولعلك تقول أنها أرمية. قلنا: قد يكون ذلك محتملاً لكننا لا نقول به بل نذهب إلى اللفظة عربية النجار لأن في أصول مادتها ما يؤيد معناها ويوجه

سبب اشتقاق اسم منها أحسن توجيه لطلاقها على الطائر فمادة قوق (وفيه روايات (قاق وقيق) تدل على البياض مثل (يقق) وفيه قلب الأحرف. ومنه قولهم أبيض يقق والقوق طائر يغلب عليه البياض لأنه المسمى بلسان العلم ومن مادة ق وق: القوقة وهي الصلعة لظهور جلدة الرأس بيضاء إذا ذهب عنها الشعر - والقيقية وهي القشرة الرقيقة من تحت القيض من البيض ولا تكون إلا بيضاء وجاءت في بعض نسخ القاموس القيقة وهي خطأ ومنها أيضاً: القئقئ كزبرج وهو بياض البيض. ومنها أيضاً القيقاة والقيقاءة والقيقاية لوعاء الطلع لاشتماله على النضيد أو الكفري الذي هو أبيض اللون. ومنها القويقية وهي البيضة. وقد ترقق القاف فيقال. الكيكة وهي البيضة وقد تبدل إحدى القافين فيقال القيض الذي هو قشر البيض من باب إبدال القاف الأخيرة من الضاد ولو تتبعنا هذه المادة إبدالا ونقلاً وقلبنا لطال البحث طولاً يمله القارئ فنكتفي بالإشارة إليه. ومما ننكره على حضرة الأستاذ (أن الفقنس والققنس والقوقنش والقوقيس وما أشبه ذلك. . . غير معروف بالبلاد الشرقية) (ص 72) قلنا: أن الققنس - ومن أسمائه في العربية التم (عن الدميري) والأوز العراقي) - طائر معروف في بلادنا العراقية ومنه اسمه عند أهل الشام الوز العراقي، وهو يطير في أيام الربيع والخريف رفوفاً ويحلق في الجو ويجلب فيه جلبة يسمعها القاصي والداني وطيرانه لا يكون إلا بعد غروب الشمس بنحو من ساعة أو ساعة ونصف وهو أشهر من أن يذكر لكنه لا ينزل في جوار المدن بل يقيم في البطائح الكثيرة في جنوبي العراق ويذهب أيضاً إلى ديار إيران. وأسمه بالفارسية قو أو غو وبالتركية قوغو وهو ليس بالمسمى (كي) فهذا هو الحوصل أي ضرب من القوق. 5 - المقوقس وذهب حضرة الأستاذ نلينو أن المقوقس تصحيف القوقنس وهذه عبارته (ص 76): (أما الكلمة الأخرى التي أظنها أيضاً تحريفاً (للققنس) أدخل غلطاً في بعض معاجم اللغة فالمقوقس حيث يزعم أنه اسم طائر ولا ذكر لهذا المعنى في الصحاح ولا في لسان العرب ولكن أتى به صاحب القاموس وشارحه) اه.

قلنا: عدم ذكر الصحاح ولسان العرب لفظة لا يدل أنها لم ترد في كلام الأقدمين. فكم من لفظة ترى في شعر الجاهلية ولا ذكر لها في معاجم اللغة كبيرها وصغيرها. وما ذلك إلا دليلاً على أن دواوين اللغة على سعتها لا تحوي جميع ما نطق به الأقدمون فقد يذكر بعضهم ألفاظاً نسيها الفريق الآخر وهذا أمر يبقى على هذا النقص إلى انقضاء الدهر من غير أن يحصر حصراً تاماً. وتعريف المقوقس لا يوافق تعريف القوقنس أو الققنس، فالمقوقس على ما جاء في تاج العروس: (طائر مطو طوقاً سوادة في بياض كالحمام) عن أبي عمرو) اه. وأما الققنس فقد عرفه حضرته بقوله هو من جنس الأوز إلا أنه اشد منه بياضاً جميل الصورة ذو عنق طويل جداً ظريف للغاية كان يضرب به المثل في صفاء البياض عند اليونان والرومان ولم يزل يضرب عند الإفرنج (كذا. لعلها يضرب به عند الإفرنج) اه. فأين هذه التحلية من تلك التحلية؟ فالققنس بحجم الأوز أو أكبر والمقوقس بحجم الحمام ومطوق. فأين هذا من ذاك؟. والذي عندنا أن المقوقس هو اسم لطائر معروف في ديار فارس وتركستان وهو المسمى بلسان العلم أو الككم (أي الككو أو الكوكو) المطوق وهو بحجم الحمام وبقية وصفه يوافق اللفظ العلمي كل الموافقة. أما أنه كيف سمي العرب طائراً ليس في بلادهم. فمثل هذا كثير فهذا الكركدن والفيل والببر والسمور والببغاء والطاوس والغرغر وغيرها أسماء حيوانات وطيور غير موجودة في ديارهم لكنهم نقلوها عن لغات أصحاب الربوع التي ترى فيها تلك المخلوقات فليحفظ. 6 - السمندر أو السميدر أو السمند وذكر حضرته في حاشية 7 السمندر فقال عنه: (الظاهر من هذا الوصف (وصف بر بهلول لعنقاء مغرب أو فونيكس أو فنخس) أن فونيكس بهذا المعنى (بمعنى أنه يعمل من ريشه مناديل فإذا اتسخت يلقونها في النار فتنظف وتنقي وهي تصلح للملوك) لفظ مرادف للفظ الآخر السرياني سلمندر وهي ما يسمى في كتب العرب السمندر أو السميدر أو السمند أو السمندل أو

السبندل. تقول العرب أنه طائر ببلاد الهند لا يحترق بالنار وإذا أنقطع نسله وهرم ألقى نفسه في الجمر فيعود إلى شبابه وزعموا أيضاً أن المنسوجات غير المؤثرة بالنار المجلوبة من أقاصي البلاد الآسيوية كانت من وبره أو ريشه والحقيقة أن كل هذه الألفاظ محرفة عن كلمة سلمندرا اليونانية. . . وهو نوع من الحرذون موجود باوربا كان القدماء يولون أنه لبرودة طبيعية يستطيع أن يجتاز بالنار بدون احتراق. . .) إلى آخر ما قال. فكل ذلك مأخوذ من تحقيقاتنا بيناها في المشرق 6: 9 في سنة 1903 أي قبل 27 سنة. فوقع المقال في ست صفحات بحجم هذه المجلة مع تصاوير السمندل فنتعجب من حضرة الأستاذ كيف استعمل تحقيقاتنا - بل في بعض الأحيان - عباراتنا ولم يشر إليها، ونحن نعلم أن ليس هناك من سبقنا إلى هذا البحث والإمعان في تدقيق النظر فيه. ولا يمكن أن حضرة الأستاذ لم يطلع عليه وهو ذاك النقابة البحاثة دعيميص الرمل في آداب العرب. هذا بعض ما أردنا تعليقه على ما جاء في مجلة الجمع العلمي العربي. ويعلم الله أننا ى نريد إلا نخل الحقائق مما يشوبها من الشوائب وعلمه فوق كل ذي علم. 7 - تتمة في أوضاع بقطر ودوزي وهنا لا يمكننا أن نسكت عن الأوضاع التي أدخلها اليأس بقطر في معجمه الفرنسي العربي ونقلها عنه كل من ألف معاجم إفرنجية عربية وقد نقرنا في معجم بقطر عما يقابل كلمة من الألفاظ العدنانية فرأيناه يضع للفرنسية (أردف - فون - بجع - قوغى) ونقلها دوزي في معجمه الكبير ولم يضبط الأردف ولا الفون ولا القوغي لأن بقطر لم يضبطها. أما الأب بلو اليسوعي فأنه نقل ألفاظ بقطر في المادة المذكورة وضبط الأردف كالأحمر ضبط حركات. وشكل فوق بضم الأول وأهمل البجع والقوغي. فمن أين أتى بقطر بهذه الأسماء التي لا اثر لها في المصنفات العربية التي ألفت قبل خلقة في العالم؟. قلنا: كان بقطر (اليأس) ترجمانا خاصاً بحملة نابليون على مصر ثم عين ترجاناً في وزارة الحربية الفرنسية في باريس والرجل ما كان يحسن العربية، إنما كان يعرف قليلاً من العامية المصرية، إذ كان من أسيوط (ولد فيها سنة

1784) وكانت المصرية يومئذ كثيرة الكلم التركية لمكث الترك في ديار النيل مدة طويلة فكانت تلك اللغة البقطرية ملونة بألوان قوس قزح القومية. فأردف تصحيف اردق لغة في أردك التركية أو أوردك أب البطة. وفون (بالفاء) صوابها قون (بالقاف المضمونة) وهي مقطوعة من قوق (نس) وهو الاسم اليوناني للطائر المسمى بالعربية التم أو الإوز العراقي وأما القوغي فهو القوغو أو القوغى (وتلفظ بضم القاف والعين) وهو أسم التم بالتركية. فهذه هي حقيقة أصول الألفاظ التي أدخلها بقطر في لغتنا وتبعه متأثراً إياه كل من نقل عنه كدوزي والأب بلويو وسف حبيش وشركائهم، على أني أقول أن معجم يوسف حبيش الفرنسي العربي هو أحسن الكتب اللغوية الفرنسية العربية، إذ هو قليل الغلط بالنسبة إلى غيره، ومن العجيب أنه وضع بازاء بجعة ج بجع (طائر) يسمى أيضاً ردف (كذا) اه. فكان كلامه كله غلطاً لأن البجعة هي كما ذكرها في مادتها. وردف لا وجود لها إنما هي الأردف التي تعني البطة لا الإوزة العراقية. وأما قوله الردف فالذي ساقه إليه هو أن في الدجاجة التي هي من صور السماء تسمى بلسان العلماء نجما هو ذنب الدجاجة أي المسمى بالإفرنجية أو فسمي الكل باسم الجزء. وهو في غير محله هنا إذ هو من قبيل وضع الشيء في غير موطنه. فأنت ترى من الجهة الواحدة صعوبة السقوط على الألفاظ الصحيحة العربية للأوضاع الإفرنجية في أي علم أو فن كان. ومن الجهة الثانية أن المعاجم العلمية في حاجة إلى إصلاح دقيق فعسى أن ينهض الأدباء والعلماء في هذا العصر ويضعوا لنا معجماً صحيحاً لتطمئن إليه النفوس فيحسن النقل من اللغات الغربية إلى لغتنا العربية. أننا لا نكر أن صاحب السعادة محمد شرف بك أدى خدمة لا بينة للعالم العربي بوضعه ذلك المعجم الجليل الإنكليزي العربي إلا أنه فاته ألفاظ كثيرة في علم النبات والحيوان والجماد وفي بعض المواطن يحتاج إلى تصحيح. وفي مواضع آخر إلى حذف أو إلى زيادة. ومع هذا كله يبقى تأليفه جبار في اللغة لأنه فاق به جميع من تقدمه في هذا البحث. فعسى أن يعاد النظر فيه مرة ثالثة ليكون أوفى بالموضوع.

الأسر المنقرضة

الأسر المنقرضة - بيت قرة قاش في أوائل منتصف القرن الثامن عشر كان في البصرة رجل سرياني من ديار بكر أسمه الشماس حنا أبن الميرزا قرة قاش (أي الأسود الحاجب) وكان قد قدم المدينة المذكورة مع امرأته سيدي (التي توفيت هناك في 10 كانون الأول سنة 1778) وأبنيه يوسف ويعقوب وقد ورد ذكر الشماس حنا لأول مرة في أوائل سنة 1756 والظاهر أن أسرته كانت تتعاطى البيع والشراء وقد أثنى عليها الأب أندرياس أوزونيان المرسل الأرمني الكاثوليكي العينتابي الذي كان في بغداد سنة 1770 وطلب منه رئيسه العام المقيم يومئذ في رومية العظمى أن يرسل إلى جميع أعضاء أسرة قرة قاش برسالة بركة وشكر مكافأة لما أبدوه نحوه من الإحسان وتوفي الشماس حنا في المدة التي بين سنة 1770 وسنة 1778. يوسف بن الشماس حنا قرة قاش أن يوسف تزوج في البصرة في 24 تشرين الأول سنة 1762 بامرأة أرملة بغدادية من جماعة الكلدان أسمها شموني بنت مقصود الموصلي واسم أمها بربارة بنت داود السريانية البغدادية ورزق منها أربع بنات عاشت واحدة منهن فقط وهي مريم تريزية التي ولدت في 3 أيلول سنة 1763 وكانت حسناء غير أنها اضطرت وقتاً ما إلى تشوه جمالها بصبغ وجهها بالكريم لتظهر دميمة في عيني علي محمد خان الإيراني والي البصرة يومئذ المشهور بسوء سيرته وكان

قد صوب الحاظه إلى تلك الفتاة البديعة الصورة فعقبها ثلاث مرات واضطهدها غير أن العناية الإلهية صانتها في تلك المرات وحفظتها من الوقوع في براثنه.

وفي الآخر تزوجها في البصرة في 15 شباط سنة 1777 بدروس ماغو الأرمني الكاثوليكي وهو الجد الأعلى في بغداد لآل مغاك لأنه كان قد انتقل من البصرة إلى الوزراء بعد ما توفي الله امرأته المذكورة في 6 تموز سنة 1778 وهي إحدى الضحايا العديدة التي ذهب بها مرض معد كان قد تفشى في البصرة في تلك السنة أثر فيضان نهر الفرات وطفوحه حوالي المدينة المذكورة فزادت إذ ذاك الضيقات وتفاقمت البلايا بحيث أنها قامت جميع ما تجرعه أهالي البصرة من الغصص في أثناء وقت الطاعون الجارف الذي حدث سنة 1772 وقد دامت هذه الحالة التعسة إلى 18 أيار سنة 1779 وتوفي يوسف أو الشماس يوسف الأمدي في 1 آب سنة 1781 وكانت وفاته في دير الأباء الكرمليين في البصرة حيث كان يسكن من مدة طويلة لنفور وقع بينه وبين أهله. يعقوب بن الشماس حنا قرة قاش وذريته أن يعقوب كان متزوجاً بسيدي بنت يعقوب السرياني وهي حسب ظني ابنة يعقوب بن إبراهيم البغدادي واسم أنها كاترينة ابنة حنا الطويل السرياني البغدادي وقد ولدت سيدي في 25 آب سنة 1761 وبعد وفاة يعقوب زوجها الأول وكانت الوفاة في بغداد في 7 آب سنة 1782 تزوجها في 8 ك 2 سنة 1784 بدروس أغا كوركجي باشي الهمذاني الأرمل وكان يعقوب قد رزق منها عدة أولاد عاش منهم واحد فقط اسمه حنا.

حنا بن يعقوب قرة قاش وأولاده وهو المشهور بحنا ناني أي حنا بن هيلاني لأن أمه كانت تدعي هيلاني أيضاً كما يظهر وكان حنا يتعاطى البيع والشراء ويقوم بأشغال البعض من تجار بغداد في بلاد إيران وقد تزوج في شهر ك 1 سنة 1808 بسيدونة بنت قسطنطين الامدي واسم أمها سارة بنت بدروس أغا كوركجي باشي المار ذكره وصار له عدة أولاد نذكر منهم: كسبر أنطون الذي ولد في 29 تموز سنة 1811. تريزية التي ولدت في تشرين الثاني سنة 1814 وهي امرأة القس الياس جاقر الكلداني البغدادي وتوفيت في شهر حزيران سنة 1885. نعوم الذي ولد في 30 أيلول سنة 1816 وتوفي بلا عقب. كسبر أنطون بن حنا ناني ونسله وهو كسبور الذي كان موظفاً في الطمغة ولذلك كان يدعي كسبور العشار ويقال أنه كان حسن الصورة ورعا تقيا حتى أنه رفض أن يكون شاهبندرا (مقيما) في المكس خوفا من أن يعرض نفسه لما يخالف ضميره وتزوج أولاً في سنة 1843 بسوسان أرملة أكوب جاقر سركيس وهي ابنة نعمة الله عبود الحلبي المولد وبعد وفاتها تزوج ثانية في 27 ك 2 سنة 1846 بوردة بنت بهنام أبن سمعان النقار الكلداني واسم أمها مريم، ورزق تاكوهي التي اعتمدت في 5 ك 1 سنة 1847 وهي امرأة يوسف كمش. وقد توفيت في 19 آب سنة 1926 وبوفاتها انقرضت هذه الأسرة. اليزة امرأة مقصود ابن القس الياس جاقر التي اعتمدت في 3 أيلول سنة 1851 وتوفيت في شهر نيسان 1890. سارة التي تزوجها في 27 نيسان سنة 1878 كاستون لكسندروف الفرنسي وبعد وفاتها تزوجها مقصود المذكور وتوفيت في شهر شباط سنة 1891. دير نرسيس صائغيان

فوائد لغوية

فوائد لغوية ليلة الحاشوش وليلة الماشوش 1 - ليلة الحاشوش الماشوش والحاشوش لفظتان وردتا في كلام الأقدمين من الناثرين والشعراء ولا وجود لهما في دواوين اللغة القديمة ولا الحديثة ولا في أسفار المستشرقين التي وضعوها ليستدركوا فيها مافات كتبه العرب الفصحاء والمولدين. وأول من ذكرها على ما عثرنا عليه من الصحف البيروني في كتابه (الآثار الباقية، عن القرون الخالية المتوفي في رجب من السنة ال 440 للهجرة إذ يقول في ص 311 في كلامه أعياد النصاري النسطورية ما هذا نقله: (. . . وأما ليلة الماشوش وهي ليلة جمعة زعم الذاكرون لها أنهم يطلبون فيها المسيح، فقد اختلفوا فيها، فبعضهم: أنها ليلة الجمعة التاسعة عشر من صوم أيلي. وبعضهم قال: أنها الجمعة التي طلب فيها المسيح وهي الصلبوت وبعضهم قال: أنها جمعة الشهداء وهي بعد الصلبوت بأسبوع. والترجيح للقول الأول بين الثلاثة الأقاويل) اه. قلنا الكلمة أرمية الأصل من وضع نصارى العرب وهي الحاشوش بحاء في الأول وفي الأرمية حاشوشا في الأخر كما هو المألوف في ألفاظهم ومعناها المتألم والمفعول والمنفعل والحاس. ويشيرون بذلك إلى الجمعة التي تألم فيها المسيح أو جمعة الصلبوت التي أشار البيروني في القول الثاني من أقوله وربما توسعوا فيها وأرادوا بها: كل ليلة يذكر فيها آلام أحد الأئمة الأقدمين تأمما للمسيح. هذا هو المشهور عندنا. واليوم يسمي نصارى بغداد هذه الليلة بجمعة الآلام وأهل الموصل وما جاورها من البلاد يسمونها بجمعة الحاش

تخفيفاً للفظ وأهل سورية وفلسطين يسمونها جمعة الآلام أو الجمعة الكبيرة أو الجمعة الحزينة أو الجمعة المقدسة وبالفرنسية وبالإنكليزية فلا جرم أن النساخ الذين نقلوا كتاب الآثار للبيروني وهموا في النقل. والوهم ظاهر لا يحتاج إلى تفنيد لجلاء الأمر. 2 - ليلة الماشوش على أننا لا ننكر أن كلمة (الحاشوش) وردت في جميع الكتب العربية التي نقلت اسم هذه الجمعة بميم في الأول بدلاً من الحاء، وقد وردت في بعض النسخ الماسوس بميم وسينين ونسبوا إلى معناها تأويلاً قبيحاً ولم يكتفوا بذلك بل نقلوا اليوم إلى يوم آخر غير جمعة الآلام. وممن ذكر ذلك ياقوت في معجمه في مادة دير الخوات وفعل فعله صاحب مراصد الإطلاع في المادة المذكورة وكلاهما نقل كلام الشابشتي، وقد صرح ياقوت باسم الشابشتي صاحب مراصد الإطلاع فلم يفعل. قال ياقوت في معجمه البلداني في المادة التي ذكرناها (دير الخوات. . . وعيده الأحد الأول من الصوم يجتمع إليه كل من قرب من النصارى. قال الشابشتي: وفي هذا العيد ليلة الماشوش وهي ليلة يختلط فيها الرجال والنساء فلا يرد أحد يده عن شيء) اهـ. وما نسبة ظلما الكتبة إلى النصارى سبقهم غيرهم إلى مثل هذا القول وعزوه إلى القرامطة وأنت تعلم أن القرامطة نشأوا سنة 264هـ وما بعدها (أي في سنة 877) وتعلم أيضا أن الشابشتي توفي سنة 390هـ فتكون هذه الإشاعة قبله بأكثر من قرن. أما أن هذه الإشاعة تنسب إلى القرامطة فقد ذكره ابن مقرب في شعره قال: منا الذي أبطل الماشوش فانقطعت ... آثاره وانمحى في الناس وانطمسا وقال في تفسير هذا البيت (الذي أبطل الماشوش أبو شكر المبارك بن

الحسن بن أبي مقرب العيوني. والماشوش: بدعة ابتدعتها القرامطة في البحرين وجعلوها دينا وهو: أن يجتمع الرجال والنساء في ليلة عندهم معلومة في السنة ويشعلون الشمع ويقومون ويرقصون ويختلطون وفيهم أخوات الرجل وأمه وبناته وعماته وخالاته. فإذا استكفوا من الرقص اطفأوا الشمع واختلطوا وقبض كل رجل منهم يد امرأة من الجمع وواقعها أن كانت من محارمه أو أجنبية فحين ملك عبد الله بن علي العيوني البحرين وصارت تلك الليلة ركب أبو شكر المباركة وركب معه غلمانه وهجموا على جمع الفساد فضربوهم وسلبوهم ومضوا هاربين. فصار فيهم رجل ضرير فصار يقول: يا مولانا والله ما نحن في شيء مما يضر بدولتكم، إنما هذا مذهب نراه في ديننا فقال له الأمير: لئن اجتمع منكم اثنان على هذا الأمر لأعملن فيكم السيف لا العصا، فأمات هذه البدعة من البحرين فما بقيت فيها تعرف) أه. فترى من هذا الكلام أن ما نسبه بعضهم إلى النصارى نسبوه إليهم جوراً وظلما إذ هو خاص بالقرامطة إن كانت الرواية صحيحة. على أننا لا نصدق أن مثل هذه الليلة وجدت عند قوم أو عند اليهود أو النصارى. أما المسلمون الذين في سورية ولبنان فانهم ينسبون مثل هذه الليلة إلى الدروز ومنهم من ينسبونها إلى النصيرية الذين يسمون أنفسهم علوية. أما أهل العراق والجزيرة من مسلمين ونصارى أو يهود فينسبون مثل هذه الليلة إلى اليزيدية والشبك والكاكائية وغيرهم وغيرهم من الفرق أو المذاهب الخفية. ومنهم من ينسبها أيضا إلى الصابئة البطائح المعروفين اليوم عند العراقيين باسم الصبة.

ونحن نقول: أن كل هذه الأمور المنسوبة إلى أولئك الأقوام من سورية وعراقية لا نصيب لها من الصدق، إنما توارثها الناس الناسبون هذه المنكرات إلى الأقوام المخالفة لهم في المعتقد من الآراء التي كانت شائعة شيوعا صادقاً لانتسابها حقيقة إلى الرومان واليونانيين فأنه كان عندهم مواسم يطلقون فيها لنفوسهم أعنة الشهوات ويستحلون فيها كل محرم واسمها عندهم الباخوسيات والباخوسيات منسوبة إلى الإله باخوس (وباليونانية ديونوسوس ابن المشتري وسميلة بنة قدموس) وهو أله الخمر ونشأت هذه الأعياد في وادي النيل ومنها انتقلت شيئاً فشيئاً إلى فينيقية واليونان وإيطالية وكانوا يقومون بها في الليل ويجرون فيها من الجلبة والضوضاء ما كان يسمع من بعد بعيد وكانوا يضربون على الطبول والصنوج الفريجية وكان يباح للنساء فقط أن يدخلن فيها وفي نحو من سنة 198 قبل الميلاد ظهر فيها الرجال في رومة فسبب وجودهم مع النساء منكرات أية منكرات حتى اضطر مجلس الشيوخ إلى منع إقامة تلك الأعياد. 3 - الكفشة عوض الماشوش وليلة الماشوش غير معروفة اليوم والمشهور الآن على السنة العوام (ليلة الكفشة) (بالفاء المثلثة أي وكنا كتبنا قبل إحدى وثلاثين سنة مقالة في اليزيدية في مجلة المشرق (2: 732) وذكرنا فيها ما يلي نقله. (وكل من كتبوا عن اليزيدية ذكروا عنهم أمراً منكراً ليس موجوداً فيهم قطعاً، بل في شيعة أخرى تسمى الشبك وهذه الفظيعة هي أنهم يجتمعون ليلة معينة عندهم في كل سنة عند مدخل مغارة سرية يحبونها في الأكل والشرب والقصف واللهو إكراماً (للطاوس الملك) وهي الليلة المعروفة عندهم بليلة (الكفشة). ثم يختمونها بارتكاب أشنع المنكرات واقبح المساوئ التي يندى لها جبين القلم حياء (راجع كتاب الفاضل فيتال كينه ص 77 وغيره) وقد أشاع هذه الخبر نصارى تلك النواحي بدون أن يتحققوا ما يذيعونه عنهم. بل في سنتهم أن كل امرأة أو رجل يزني بشخص أجنبي عن ديانتهم قتلوه أن تمكنوا من اغتياله وإلا يبسل ولو تاب توبة نصوحاً أما الذي يزني بأبناء دينه

فيعاقب عقاباً شديداً لكن لا يقتل. وإذا كان الرجل زنى بامرأة مزوجة فعليه أن يرضي زوجها، أما إذا كانت ثيبا فالمرتكب الآثم يرضي المتولي أمرها بحسب حكم الأمير. أما إذا وقعت المضاجعة بين الذكور للذكور أو بين الإناث للإناث فقتل الاثنين للحال واجب. وإذا لا يستطيع أفراد الحامة (العائلة) من الفتك بحياة المجرمين لانتباه الحكومة أو لأي مانع كان، يطرد الأثيمان من اليزيدية طردا لا مرد له ويبعدان عن البلاد ومن هنا ترى أن العفة ونزاهة الأخلاق مشهورة مشهورة عندهم) انتهى كلامنا المذكورة في المجلة البيروتية. وفي سنة 1913 كتب الفاضل شكري الفضلي (وكان كردي الأصل) مقالة في لغة العرب (3: 308) قال ما هذا إعادة نصه: (ويحتم عليهم (أي على الكاكائية وهم غير اليزيدية وغير الشبك وقد كتبنا عنهم مقالاً أدرجناه في هذه المجلة 6: 264 إلى 269) أن يجتمعوا رجالاً ونساء في ليلة معلومة من السنة في محل مخصوص يطفئون فيها السرج والأضواء وتسمى هذه عند أهالي تلك الأنحاء (ليلة الكفشة) ومن الناس من ينسب هذه الليلة إلى اليزيدية ومنهم إلى الشبك، (ولعلها كذبة مختلقة) وكانت تعرف هذه الليلة في عصر العباسيين أو في العصور المتوسطة (بليلة الماشوش) وقد تركوا هذه العادة القبيحة منذ أن فهموا معنى الإسلام وفرائضه فهما معقولاً. . .) اه المقصود من إيراده. وفي هذه الأيام وقع بيدنا رسالة بالعربية واللاتينية وهي في الأصل محاضرة ألقاها أسقف كلداني اسمه (بهنام) تبحث عن الكرد المسلمين واليزيدية وقد طبعها بعبارتها السقيمة العلامة متى نوربرغ في ليدن سنة 1808م وقد ذكر في الصفحة 6 منها ما نعيد نقله بعبارته الركيكة قال: (في زمان عيدهم (عيد اليزيدية) الذي يصير مرة بالسنة بيجوا (أي يأتون) مع نسائهم والهداية (والهدايا) إلى كنيستهم من الغنم والبقر ويعملوا عيد عظيم حوالي (حول) الكنيسة بالأكل والشرب والغنا والرقص. . .) ولم يذكر اسم هذه الليلة ولم يزد على هذا القدر من الشرع. ولعله فعل ذلك تأثماً وتحرجاً. وكنا قد ذهبنا في اشتقاق كلمة الكفشة إلى أنها من الكفش في لغة العوام العراقيين ومعناها: قبض على شعر رأسه ليؤذيه، ويقولون: تكافش الرجلان

أخذ الواحد بذؤابة رأس صاحبة وهو التساور في اللغة. أما الآن فنعدل عن هذا الرأي ونقول: أن الكفشة لفظ فارسي أو كردي للكوشة العربية أسم مرة من كلش المرأة يكوشها كوشا وفيها إشارة إلى ما يجري من الأعمال المنكرة في تلك الليلة. وقد ذهب ف. مينورسكي في معلمة الإسلام في مادة شبك إلى (أن الكلمة لعلها مشتقة من (كفش) الفارسية ومعناها الخف. وفي ذلك إشارة إلى ما يجري بالخف في مدة تلك الليلة) وفي هذا القول من ضعف التأويل ما لا يخفي على كل أديب. هذا ما تسير لنا ذكره في هذا الموضوع ومن له زيادة عليه فليتحفنا به. تصحيح أوهام لبعض الكتاب 1 - قال أبن أبي الحديد في 1: 46 (وأما قوله: وانتقل إلى منتقله ففيه مضاف محذوف تقديره: إلى موضع منتقلة) قلت ليس في الكلام مضاف محذوف أبداً لأن (المنتقل) أن لم يكن اسم مكان سماعياً فهو قياسي لا محالة والغريب أنه نقض قوله بقوله من دون أن يشعر فقد قال في الصفحة 66 من ذلك المجلد (والمعتلف موضع العلف) فإذا جاز له أن يجعل (المعتلف موضع العلف) فلم منع نفسه أن يجعل (المنتقل موضع الانتقال)؟ هذا من غريب التناقض. 2 - وقال أناس كثيرة (كاتب أول المحكمة الفلانية) و (معلم أول المدرسة الفلانية) ومن المحزن أن نجد مثل هذا الغلط الفاحش مبثوثاً! فمعنى (كاتب أول محكمة) (كاتب المحكمة الأولى) ومعنى (معلم أول مدرسة) (معلم المدرسة الأولى) والمقصود خلاف هذا فالصواب (كاتب المحكمة الفلانية الأول) أو (الكاتب الأول للمحكمة الفلانية) و (معلم المدرسة الفلانية الأول) أو (المعلم الأول للمدرسة الفلانية). 3 - وقالوا (طمنة وزان عظمة والتطمين وزان التعظيم) وليست هاتان الكلمتان عربيتين فالصواب (طمأنة وزان دحرجة وطمأنة وزان دحرجة. فمن يقل (وطمنت نفسه تطميناً) أتبع الشطط والغلط. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة ملحق بالفتوة استملحت مقالة الصديق الأستاذ مصطفى أفندي جواد في موضوع الفتوة التي صدرت في الجزء الرابع من هذه المجلة (8: 241 وما يليها) وكنت أود أن أرى فيها ما جاء في ص 150 من عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب المطبوع في بمبي سنة 1318هـ) وهذا نص ما جاء تاج الدين محمد بن معية من علماء الأمامية: (وكان يتولى إلباس لباس الفتوة ويعتزي إليه أهله ويحكم بينهم بما يراه فيطيعون أمره. ويمتثلون مرسومه وهذا المنصب ميراث لآل معية من عهد الناصر لدين الله. وقد كان بعض آل معية يعارض النقيب تاج الدين في ذلك وينقسم الناس بالعاق أحزابا كل ينتمي إلى أحدهم. فلما مات النقيب فخر الدين بن معية والنقيب نصير الدين بن قريش بن معية لم يبق له معارض ولم يكن عوام أهل العراق ولا خواصهم يسلموا ذلك الأمر إلى أحد من غير آل معية ما دام منهم أحد فكيف بالنقيب تاج الدين وكان إليه إلباس خرقة التصرف من غير منازع في ذلك لا يلبسه أحد غيره أو من يعزى إليه)؟ انتهى كلام المؤلف. يعقوب نعوم سركيس قبر أحمد بن حنبل ذكر الكاتب الفاضل عبد الحميد عبادة في (7: 288) من لغة العرب أن في جامع (حاج أفندي) ويسمى أيضاً (مسجد اللالات بمجلة (كوك نظر) رخامة على الجدار الذي يلي الباب مكتوباً عليها ما صورته: (هذا قبر المرحوم المغفور له الدارج إلى رحمه الله تعالى الشيخ المجتهد السيد أحمد من الأربعة المجتهدين. وذلك في 12 ربيع الأول سنة 562) ثم قال: فتوارد إلى خاطري أنه قبر

الأمام المشار إليه - أي أحمد بن حنبل - إذ لا يبعد أن نقل إلى محلة الحالي لسبب غرق بغداد الذي وقع سنة 544هـ - 1149م. . . والحال أن التاريخ المحرر في الرخامة هو بعد الغرق بثماني عشرة سنة ذلك الغرق الذي جعلها كالجزيرة وسط الماء. ومن هذه الملاحظات يظهر أن هذا التاريخ هو تاريخ النقل لكن تحرير التاريخ على الرخامة بهذه العبارات أضاع قضية تاريخية يقام لها ويقعد). قلنا نستغرب من صديقنا الفاضل هذه التطويحات التاريخية لأمور: أولها - أنه لم يثبت عنده زوال قبر أحمد بن حنبل بهذا الغرق المذكور زوالاً حتى يجوز لنفسه ما ذكره. وثانيها: أنه ليس من المعروف عند المسلمين نقل القبر لكونه غرق أو احرق مثلاً فقد أجرى المتوكل الماء على قبر الحسين بن علي بن أبي طالب ولم ينقلوه وغرق المشهد الكاظمي ولم ينقلوا صاحبيه. وثالثها - أن المستنصر بالله العباسي أمر في سنة 634هـ بعمل مزملة بالقرب من قبر (أحمد بن حنبل) لأجل الزوار الواردين فيها حباب ملئت من الجلاب على ما جاء في ص 28 من نسختنا للحوادث الجامعة المجهولة مؤلفة. ورابعها - أن عز الدين أبا زكريا يحيى بن المبارك توفي سنة 637هـ فحمل إلى (مقبرة باب حرب) فدفن بالقرب من قبر (أحمد بن حنبل) فالقبر في هذه السنة المذكورة ثابت معمور لا زائل ولا مغمور وهي بعد الغرق الذي ذكره الكاتب ب (93) سنة ومصدر هذا ص 45 من الحوادث الجامعة. وخامسها - أنه إذا جاز الظن في غرق قبر أحمد فعليه أن يسنده إلى غرق سنة 646هـ فقد قال مؤلف الحوادث (وأما الجانب الغربي فغرق بأسره من محلة الحربية - إلى - الخليلات - وسوى بعض باب البصرة والكرخ). وسادسها - أن هناك حادثة تخص القبر المذكور قبل هذا الغرق ما رواه مؤلف الحوادث من أنه في سنة 646هـ توفي قيران الناصري ودفن بمقبرة أحمد بن حنبل. ولكن بقي علينا أن نثبت أن القبر بقي بعد هذا الغرق العظيم، وذلك هين فقد ذكر مؤلف الحوادث الجامعة في حوادث سنة 672 أنه توفي فيها

(الشيخ كمال الدين علي بن وضاح) الشهراباني الحنبلي مدرس المجاهدين ودفن تحت أقدام الأمام أحمد بن حنبل كما في ص 116 من نسختنا فالقبر لم يغرق بذلك الغرق. وعلى المتتبع أن يتأثر حوادثه بعد سنة 672 المذكورة. والذي لا يعرف هذا ربما يسند زوال القبر إلى غرق بغداد سنة 654 فقد قال عنه مؤلف الحوادث (فانهزم الناس والماء في أثرهم فأحاط بغداد وغرق الجانبين منها. . . وكانت السفن والأكلاك تسير من الريحانيين حتى تصل إلى باب العامة. . . واتصلت الصفوف في السفن من باب المستنصرية إلى سوق المدرسة) إلى آخره. المدرسة الشرابية ذكر مؤلف (عمران بغداد) السيد محمد صادق الحسيني في ص 153 من العمران (المدرسة الشرابية) وعلق بها ما نصه (اختلف السهروردي ومصطفى جواد في موضع هذه المدرسة فروى السهرودي أنها كانت في الكرخ وذهب مصطفى جواد إلى عكس ذلك كما جاء في جريدة البلاد 4 شباط 1930 والعراق 7 شباط 1930 قلنا: أن المؤلف ذكر أنها كانت (بسوق العجم) بالشارع الأعظم بالقرب من عقد سور السلطان مقابل درب الملاحين وهذا ما ذكره مؤلف الحوادث الجامعة والرجل الذي عارضنا به قبل قليل التثبت في رواية التاريخ فقد ذكر أن المدرسة الشرابية بالكرخ ولا دليل على ذلك سوى الزعم، وأما دليلنا على أنها في الرصافة فما جاء في ص 73 من الحوادث ونصه (وغرق في الجانب الشرقي ما كان ظاهر السور من مساكن استجدت منذ أيام الخليفة المستنصر بالله وبولغ في عمارتها وكان بها أسواق مادة وحمامات وبساتين مثمرة. . . وكان ذلك مما يلي العجم) فسوق العجم بالرصافة والمدرسة الشرابية بسوق العجم ومن أنكر ذلك ففي نفسه ما يعذر عليه ولا شك في قولنا. مصطفى جواد

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة البيداغوجية أو التفتية س - بيروت - أ. س: هل في لغتنا العربية لفظة تؤدي معنى الإفرنجية بيداغوجية ج - البيداغوجية: علم تعليم الولد وتهذيبه وتنشئته. والكلمة الإفرنجية منحوتة من اليونانية أي فتى وأي حجا وساق وقاد. وكلا اللفظيين الأعجميين ينظر إلى العربيين فتى وحجا، ومع ذلك لا حاجة لنا إلى الأعجمية لأن في لغتنا ما يغني عنها فقد قالوا تفتى الرجل: إذا كان ذا فتوة والفتوة عند العرب تشمل أرقى التهذيب فإذا كان عندنا تفعل جاز لنا أن نصوغ منه فعل فتقول التفتية، فالتفتية إذن: تهذيب الفتى على أكمل وجه. وإليك ملخص ما قرأناه عن الفتوة في معجم دوزي والتاج وأبي الفداء ابن بطوطة: (الفتوة تفوق السادة المنتسبين إلى النبي الحنيف وتميزهم عن سواهم بشرفهم ورفعتهم. وفي عرف أهل التحقيق: أن الفتى من يؤثر الخلق على نفسه بالدنيا والآخرة. ومنه الكلام المأثور: لا فتى إلا علي) وكان ينتفع بمثل هذه المآثر والمكارم كل من كان ينضم إلى هذه البيت المنيف في نظرهم أما بمنزلة أصدقاء لهم وأما بمنزلة منسوبين إليهم من قبل الموالي. وكل من يفت يعتبر عضو جماعة أو شركة أو طريقة. وإذا فتى أحدهم البسوه بحضور الجمهور لباسا أسمه (سراويل الفتوة) أو (لباس الفتوة) دلالة على رجوليته وخلعوا عليه ثوباً أو ملبوساً آخر ينتقل إلى الخلف من السلف. وهذا ما اصطلحوا عليه في عرفهم بقولهم: (البس الفتوة أو فتى فتفتي) وكانوا إذا فتوا واحداً دفعوا إليه أيضاً كأساً تسمى كأس الفتوة وكان يحق لمن ينتسب إلى هذه الفتوة أن يصور على شعاره صورة الكأس أو سورة السراويل أو صورة الكأس والسراويل معاً. والقسم بالفتوة يعتبر من الأقسام المغلظة عند أبناء هذه الطريقة وكانت تعرف الفتوة في بلاد الروم (وهي المعروفة ببلاد الأناضول) (بالإخوان الفتيان) وكان من فرائضهم قرى الضيف وردع الظالمين وقتل تبعتهم.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 66 - مصرع كليوباترة راجع نقد العبرة (الأوبرا) لغة العرب 8: 201 إلى 208 و 261 إلى 273. 67 - الآلهة أوبرا (عبرة) رمزية ذات ثلاثة فصول (في 98 ص بقطع 12). نظم أحمد زكي أبي شادي، طبعت في مطبعة دار العصور للطبع والنشر وثمنها خمسون مليما. لا نظن أن في العالم العربي على سعته من يجهل مقام أكبر شعراء مصر من المجددين العصريين، فأن قصائد الرنانة وعبراته العديدة البيعة المعنى والمبني له بعلة الكعب وأنه حامل لواء الشعر الغريض الديباجة في وادي النيل. وهذه العبرة أتت فأغنت كنزنا المنظوم ومسرحنا الفقير بعبراته العربية النفس والنسج واللباس وفي مطالعتنا إياها وجدنا فيها من المبتكرات ما لم نجده في مؤلفاتنا العصرية. هذا فضلاً عن أنك تراه يحث على الفضيلة ويطعن بالرذيلة وكل ذلك بعبارات تسيل رقة ونغمة وعذوبة وسلاسة مثال ذلك أن آلهة الجمال تخاطب آلهة الشهوة وتقول لها (ص 68): أن أتباعي حياة للوجود ... مثلما وحيي حياة للحياة والذي ينسى مدى فضلي جحود ... ثم يرجوني إذا شاء النجاة ذاك حظي إنما (الشهوة) عبدي لا دليل ... فإذا اعترت وثارت فالخراب وجميل الحظ طوع (للجميل) ... وجميل (الحب) مأمون الحساب ذاك شأني. . .

ولا جرم أن مثل هذا النظم الرقيق وهذه الحكم الرائعة تعمل عملاً عجيباً في النفس إذا ما مثلت هذه الرواية على أي مسرح كان من مسارح الشرق والغرب. 68 - السائح صحيفة برزت في نيويرك في سنة 1912 واليوم ظهرت بزي مجلة وهي ما نسميها (بالوضيعة) وفي 32 ص بقطع 4 فنتمنى لها الاطراد في التقدم والفلاح. 69 - الرابطة جريدة أسبوعية تصدر في مان باول (البرازيل) هي جريدة وطنية سورية جامعة تصدرها الرابطة الوطنية السورية وبدل اشتراكها 300 غرش برازيلي عن سنة وهي الآن في سنتها الثانية فنتمنى لها الرواج. 70 - بريد برقية جريدة تصدر في بنغازي ينشئها محمد طاهر المحيشي وصاحبها عمر فخري المحيشي. وهي الآن في سنتها الثامنة فنتمنى لها اطراد النجاح. 71 - النور جريدة سياسية أدبية حرة تصدر مرة في الأسبوع في القاهرة. وصل إلينا منها العدد 1348 لصاحبها محمد زكي باشا وبدل الاشتراك فيها 100 قرش في الداخل و 25 شلناً في الخارج. وهي من الصحف المصرية الأسبوعية المشهورة فلا حاجة لنا إلى تعريف الناس بها. 72 - الزمان والاستقلال والنهضة العراقية الإفراج عن هذه الجرائد، منع نشر هذه الجرائد الواحدة بعد الأخرى قبل بضع اشهر واليوم أذن لهن إلى العودة. وقد وقفنا على العدد 488 من النهضة الذي صدر في 13 نيسان (أبريل) فإذا هي بتلك اللهجة الوطنية الحرة. فنتمنى لها الجهاد الدائم مقرونا بالنجاح.

73 - أسرار الكتابة كتاب فرنسي العبارة تأليف ج كريبو جامين - وهو موضوع في أن خط كل كاتب يكشف لمن يقف عليه أسرار الذي رسم حروفه وهو أمر إذا كان يصدق في بعض أمور فأنه يكذب في أغلب الأحيان وهو في 276 ص بقطع 12 ومطبوع في باريس عند أرنست فلماريون 74 - الحولية الخلدونية لسنة 1930 هذه الحولية للأستاذ الحصري وقعت في 200 ص بقطع 16 وهي جزيلة العوائد يستفيد منها فائدة طيبة الصغير والكبير القريب والبعيد الجاهل والعالم، إلا أن أغلاط الطبع تشوه محاسنها فأنك تجد في كل صفحة منها (والصفحة صغيرة) ثلاثة أغلاط في أقل تقدير ففي ص 17 سوريا. . . بحدودها الطبيعة. . . من مطالبي الحقوق القومية. والصواب سورية (بالهاء كما أشار إليها صاحب القاموس والتاج وياقوت الحموي). . . بحدودها الطبيعية. . . من المطالبين بالحقوق القومية. وأملنا أن تنقي من هذه الشوائب في السنة المقبلة. 75 - مملكة النحل (راجع مجلتنا 8: 226) هذه المجلة على حداثة عهدها بلغت شأواً بعيداً في إفادة القراء والعلم والاقتصاد فهي تنشر في أربعين صفحة وفيها من العصور الجميلة المتقنة الصنع ما يشرح حقائق النص شرحاً بديعاً. وأن كان القارئ ممن لا يستفيد من النحالة فهو يستفيد فائدة جليلة من عبارتيها العربية والإنكليزية لأن كتابها المشاهير يحبرون مقالاتهم في إحدى اللغتين تحبيراً منقطع النظير في الصحة والدقة وتأدية المراد ولهذا نراها تستحق أن يطالعها أيضاً طلبة المدارس ورجال الزراعة وكل ذي حاجة إلى قضاء وقته الفارغ في أمور يستفيد منها فائدة مالية وعقيلة وصحية. بدل اشتراكها السنوي 30 قرشاً مصرياً (أو 6 شلنات) وتباع في جميع المكاتب الشهيرة في العالم العربي.

76 - مختار القصص بقلم كامل كيلاني طبع في دار العصور بمصر في 204 ص بقطع الصغير. هذه قصص للكاتب الشهير كامل كيلاني صاحب (مصارع الخلفاء) و (قصص للأطفال) و (نظرات في تاريخ الأدب الأندلسي) وشارح (رسالة الغفران) وأغلبها مأخوذ من المصنفات الإفرنجية وقد أفرغها راويها في قالب عربي فصيح يجعلك تظن أن الأصل صادي النص من أرباب القلم في العهد العباسي وهي لذيذة المطالعة وثمنها زهيد أي 5 قروش مصرية. 77 - مختارات كامل كيلاني مقالات شتى في التاريخ والأدب، طبع في مطبعة المعاهد بالجمالية بالقاهرة في 254 ص بقطع الثمن. هذه المختارات هي للكاتب المذكور وكتابة هذا مصور كمختار القصص وهو أوسع من أخيه وعبارته محكمة السبك لذيذة المطالعة لكننا كنا نود أن يتحاشى في بعض المقالات الحط من بعض الأديان كما ورد في مقالة ص 114 وفي غيرها. وفي هذا التصنيف ما يشهد للكاتب البارع وقوفه على علوم عديدة وتمكنه من إفراغ ما يقرأ بعبارة لا تشوبها كاكة ولا عجمة فعسى أن تكون مباحثه مفيدة دائماً من غير أن يدخل فيها ما يمنع بعضهم من مطالعتها. 78 - عمران بغداد تأليف السيد محمد صادق الحسيني، طبع في مطبعة دار السلام في بغداد سنة 1930 في 220 ص بقطع. نشرت هذا الكتاب إدارة مجلة (المرشد) ببغداد وأهدته إلى مشتركيها. وحفظ المؤلف حقوق طبعه لنفسه والكتاب هو حسن الوضع والتبويب. إلا أنه كثير الخطأ في العبرة والآراء. والظاهر أن حضرة صاحبة لم يقف على أقوال العلماء الأخيرة فآراؤه في سبب تسمية بغداد والعراق قديمة لا يقبلها محقق. فليراجع مجلتنا في سنيها قبل أربعة أعوام. وكثيراً ما يغلط في أسماء المصنفات التي استشهدها من ذلك مثلاً الأعلاف

النفسية، فأنه لك يذكر إلا باسم (الأعلاق النفسية) (نحو من 20 مرة) وأحسن التقاسيم ذكره بعنوان أحسن التقاسم (ص 27) ومراصد الإطلاع، مراصيد الإطلاع (ص 43) وبستان السياحة: بسان السياحة (ص ز) إلى غيرها وذكر في ص 42 قوله: (وكان كل ذلك البناء بالرهض وفسرها في الحاشية بقوله: (بكسر الراء وسكون الهاء: الطين الذي يبنى به يجعل بعضه على بعض (محمد بهجة الأثري) قلنا: والرهض بالضاد المعجمة غير معروفة في لغتنا فلعلها الرهص بالصاد المهملة. وأما ضبط بعض الألفاظ فكثيراً ما يكون موهوماً فيه فأول كلمة صدر به سفره وهي (عمران) ضبطها في ظاهر الكتاب وباطنه بكسر العين. والمشهور أنها بضمها وأحياناً يحلي في الأعلام باللام ما هو غفل منها. ويغفل ما هو محلي بها. فيقول مثلاً طروس والأشور (ص5) وهو يريد طورس (أو طور بلا سين في الأخر أو الطورس بتقديم الواو على الراء لا بالعكس كما فعل) وأشور ويقول بعكس ذلك الوسط (وقد تكررت مراراً في ص 9 وبعدها) وهي واسط ويذكر أسماء أعلام لا وجود لها في لغة العرب فينقلها عن الأعاجم في حين أنها معروفة بأسماء أخرى عند العرب فيقول مثلاً سفليكة والبحر الأبيض المتوسط (ص 9) والمعروف: سلوقية والبحر المتوسط أو بحر الروم. وهو يخطئ دائماً في نصب المعدود حيث جره وبالعكس فيقول مثلاً 300. 000 كيلو متراً مربعاً والصواب كيلو متر مربع ومثل هذا لا يحصى لوفرته ويخلف متابعة النعت للمنعوت أو بالعكس فيقول (ص 7): لعدم وجود مواد الخام وهو يريد المواد الخام بتعريف المنعوت والنعت ويذكر أشياء غير معروفة عندنا فيقول مثلاً (ص 7) (وفي شهر أيار يقع المطر الغزير المعروف بالبرصات) مع نه لا يحدث أبداً في أيار (مايو) مطر غزير. ونحن لا نريد أن نتبع المؤلف في جميع صفحات كتابه لأن ذلك مما يزعجه ويزعج القراء أيضاً فكان من المناسب أن تفتح عبارته قبل طبعة ونتوقع أن تتحقق أمنيتنا في نشرته الثانية إلا أن كل ذلك لا ينقص من الكتاب قيمته.

79 - رسام السيدة كنا قد ذكرنا في مجلتنا هذا الكتاب البديع في وضعه (8: 64) وقد نفدت طبعة لإقبال القراء عليه في مدة ثلاثة أشهر حتى أضطر محل مام وأولاده في تور (فرنسة) إلى طبعة بقطع 14 وبحرف أكبر وبتصاوير أشد أحكاماً فبرز بحلة جديدة رائعة فنهنئ غي دافلين (عقيلة المرحوم الدكتور سليمان بك غزالة) بما نالته من استحسان الأدباء لمؤلفاتها ونتمنى لها العمر الطويل الهنيء ومداركة أسفارها بهمة صاعدة. 80 - الطبيب والمعمل للدكتور أحمد زكي أبي شادي، طبع في دار العصور للطبع والنشر في مصر بقطع 12 في 800 ص ويليه ملحق مصور وعدد صفحاته 112، (وثمن الكتاب مع الملحق 150 مليما أو 15 قرشاً مصرياً وثمن الكتاب وحده 100 مليم أو 10 قروش وقيمة الملحق 50 مليما أو 5 قروش مصرية). إذا لفظ أسم الدكتور أحمد زكي بك أبو شادي بدر إلى الذهن أنه يسمع باسم (محرر الشعر من قيود الأقدمين وسلاسلهم الثقيلة وأحس في قلبه بشكر يؤديه إلى حامل المبتكرات الغريبة إلى اللغة العدنانية الفصحى) ولا يخطر بباله شيء آخر. مع أننا نعلم كل العلم أن أبا شادي (أو أبو شادي على سبيل الحكاية) طبيب ماهر وقد تقلب في وظائف لا يدفع زمامها إلا إلى من رسخت قدمه في الطب. وله شهادات جليلة تنبئ بعلو كعبه في المهنة التي برع فيها. وهذا كتابه الضخم ينفك إلى الحقائق الطبية والمكشوفات العصرية بحيث يحملك على أن تظن أن هذا الطبيب الضليع أفنى عمره في صناعة بقراط ولا يدري فناً آخر. وقد تناول العلامة الكبير في الطب جميع الأمراض وذكر أسبابها بعد أن عرفها أحسن تعريف ووصف الناجعة التي أفضى إليه الطب العصري بعد معالجات متنوعة. ومما استحسناه كل الاستحسان أنه عالج موضوعات الأمراض والأدواء المعروفة في البلاد الحارة، وهي البلاد التي يغلب على لسان سكانها العربية كديار مصر وجزيرة العرب وسورية وفلسطين والعراق وطرابلس

الغرب ومراكش وبلاد المغرب كلها. وعبارة هذا السفر متينة منقحة وقد ذكر بعض الأمراض وأدويتها بالحروف الإفرنجية حتى إذا أراد العليل أن يداوي نفسه أو أراد أبن أسكولابيوس أن يشفي المصاب بداء من الأدواء التجأ إلى هذا التصنيف العجيب ورسم الدواء لنفسه أو لغيره بلا أدنى صعوبة. ولهذا الكتاب ملحق مصور فيه أشكال جميع الجراثيم المرضية وحقق بنفسه منافع الآلات التي تتخذ لمداواة أذاها في الجسم. ومن غريب الأمر أن هذا التأليف الجليل مع منافعه الجمة يباع بثمن بخس لا يكاد يذكر بجانب ما في مطاويه من فرائد الفوائد. ولا جرم أن العراقيين يقبلون على اقتناعه فهو أداة لازمة لكل أديب ونافعة في كل بيت أو دار فعسى أن يرى في جميع الربوع والديار. أثاب الله مؤلفه على ما أدى من الخدم للناطقين بالضاد ولمن ينتمون إلى اللغة العدنانية الشريفة. 81 - صناعة تسفير الكتب وحل الذهب للفقيه أبي العباس أحمد بن محمد السفياني، مصحوباً (كذا) بتفسير الكلمات المصطلح عليها في الصناعة المذكورة، جعله المسيو ريكار متفقد الفنون الأهلية ومدير متحف الآثار بفاس، طبع لأجل إهدائه إلى الشبان المشتغلين بالتسفير. الكتب العربية التي تبحث عن تلقي بعض الصنائع والمهن قليلة جداً وما وضع منها لا يتجاوز القرنين أو الثلاثة القرون. وهذه المؤلفات تعد من أنفس الأشياء لأنها تبحث عن وسائل إنجاح الصناعة وبثها بين الناس. فضلاً عن أن فيها مصطلحات كثيرة توقفنا على ما كان يعرف منها في عهد المؤلف أو الصانع. على أن هذه المصنفات لا تفيد إلا إذا تولى نشرها أناس واقفون على أوضاع أهل الفن، وإلا جاءت تلك الكلم في منتهى الفساد والتصحيف والتحريف. وقد رأينا كثيراً منها عني بنشرها أهل مصر في هذه الآونة وهي مشحونة أغلاطا وأوهاما تخجل الجاهل، فضلاً عن العالم. فكيف بهذه الكتب إذا تولى بثها بين الناس أدباء أجانب عن اللغة لا عهد لهم بأسرارها.

بين المستشرقين طائفة واقفة على لساننا أتم الوقوف، وبينهم جهلة يدعون أكثر مما يدرون وبين هؤلاء نعرف جماعة من الفرنسيين تلقوا العربية في فرنسة أو في ديار المغرب لكنهم لم يجيدوها. لكنك تراهم ذوي صاف عجيب. ومن جملة هؤلاء الأدباء ناشر الكتاب الذي ذكرنا عنوانه فويق هذا. فأنه تولى إبرازه لأهل الفضل لكنه لم يحسن قراءة ألفاظه فصحفا وحرفها واعتبرها ألفاظاً جديدة من مصطلحات أهل الفن. مع أن الحقيقة ليس هناك شيء من هذا القبيل. وأول ما نأخذه على ناشر الكتاب أنه لم يذكر لنا معنى التسفير فأنه غير وارد في المعاجم واللفظة خاصة بأهل المغرب من أبناء العرب ومعناها التجليد أو كما يقول العراقيون التصحيف. نعم أنه عرف معناها. إذ نقلها إلى الفرنسية لكنه لم يذكرها في العربية. وقال في مفتتح الكتاب: مصحوباً بتفسير الكلمات. . . جعله المسيور ريكار. . . ومدير متحف الآثار. فقوله مصحوباً بتفسير الكلمات، كلام أعجمي ولو قال: وفي آخره أو ذيله تفسير الكلمات لكان أحلى وقوله: جعله بمعنى وضعه غريب لم يرد في كلامهم. وقوله المتحف بمعنى المتحفة من الغلط الشائع القبيح إذ لا وجه له في العربية، وأن لم يرد أن يقول المتحفة فليقل دار التحف. وفي باب تفسير الألفاظ جمة جسيمة من ذلك ضبطه الإبرة بمد الألف والصواب أنها على وزن حكمة. وذكر بين الألفاظ المستدركة على أصحاب المعاجم فعل (أرخ) وقال معناه أرخى المكبس أو كل آلة ضاغطة. وقد استنتج هذا الاستنتاج من قول المصنف ص 11: 5 وبعد ذلك أجر من عليه السبابة حتى تتيقن أن النشا قد دخل بينهما أي الكراريس كلها، فحينئذ أرخ التخت وأجذب الكتاب كله في قلب التخت، حتى أحوال الكراريس مستوية. .) فصواب قراءة أرخ هنا بقطع الهمزة المفتوحة وإسكان الراء وكسر الخاء والكلمة فعل أمر من أرخى يرخى إرخاء ومعناه حل قليلاً الآلة الضاغطة المسماة هنا تختاً لأنها مركبة من تختات أي لوحات. وقال: قد دخل بينهما والصواب بينها أي بين الكراريس كما

فسرها. ومن أغلاطه في تفسير الألفاظ الغريبة قوله: الآنية الوعاء ثم قال ويجمع على أوان. وهو رأي كثيرين من أصحاب الجرائد والصحف والصواب أن الآنية جمع أناء. وجمع الآنية المجموعة: أوان فهذه إذن هي جمع الجمع لا جمع المفرد. وذكر البرشمان بمعنى ما يسميه مجلدو العراق الشيرازة، ولم يهتد إلى أصل الكلمة. قلنا: يبرشمان جمع برشيم أي أبريشم أو أبرسم وهو الحرير والبريشم فارسية والبرشمان جمعها. ومن أوهامه المبزق بقاف في الآخر بمعنى المبزغ وهذه فصيحة وتلك عامية مغربية. وذكر الحجرة الملساء وقال عنها أنها قطعة من الحجر ملساء تتخذ بمنزلة رخامة أو حجر يضرب به. والحجرة لا وجود لها في العربية بهذا المعنى. إنما عندنا الحجارة جمع حجر، وتجمع أياً على أحجار وحجار وأحجر. ومن مضحكاته أنه أعتبر: (أتخثر) بمعنى (تخثر) وهو من العامي القبيح وذكر (دبد) بمعنى قاس بالدوارة (أي الفرجار أو البركار) والصواب دير كقلوب دور وهو من أغلاط العوام. وذكر فعل (سقع) بمعنى نزع من الجلد المدبوغ ما عليه من الأوساخ بعد دباغة وهيأة للصبغ. وليس في العربية ما يقارب هذا المعنى والصواب سفع بالفاء مع سفعت السموم وجهه: لفحته لفحاً يسيرا فغيرت لون بشرته، ومن سفع بناصيته قبض عليها فاجتذبها بشدة. أو من سفعه بمعنى ذله والجلد يذل أي يكشط ليصبغ. وقال: الأشفة وهو يريد الأشفى أي المخصف. وقال العراقب بمعنى العراقيب وحذف الياء لا يجوز إلا في الشعر. وذكر التلعم بمعنى التعلم ولعله من خطأ الطبع. وذكر الغراغرة بمعنى الغراء الشديد. ومألوف إصلاحهم في مثل هذا التعبير: غراء الغراء الأول مضاف إليه ويراد به الغراء الشديد اللصوق كما قالوا رجل الرجال أو الرجل الرجل. وهو من مزايا اللغة العربية.

وذكر قاس يقيس في مادة ق س ي وبعد كلمة قرطبون والصواب ذكرها في مادة ق ي س كلمة قفا. وذكر الكاغط والكاغيط بمعنى الكاغد أو الكاغذ (بدال مهملة أو معجمة) والكلمتان الأوليان قبيحتان لا وجود لهما في فصيح الكلام. ولو أردنا أن نتبعه في جميع أغلاطه أعدونا منها عشرين في كل صفحة وليس في النص العربي سوى 26 سطراً لا غير فهذا منتهى علم هؤلاء المتبجحين عرباً كانوا أو أجانب. ولهذا يحسن بمن يتولى نشر كتاب في المصطلحات الفنية أن يطلع أصحاب الفن عليه ليفلوه من هوامه ودويباته. عاملهم الله بالحسن. 82 - بغداد وصوك حادثة ضياعي، محرري، سابق التنجي عراق أردوسي أركان حربية استخباراتن شعبية سي مديري، أركان حربية بيكباشي، محمد أمين، در سعادت مطبعة عسكرية 1338 - 1341. كتاب وضعه محمد أمين أفندي السليمانية لي (السليماني أي من السليمانية) بين فيه ما ارتكب قومه الأتراك من الخطأ في حين محاصرة الإنكليز لبغداد وختمه بوله (المقدر لا يغير) والكتاب حسن الإنشاء لا يخاف صاحبه من أن ينطق بالحق وأن كان عليه. فعسى أن نرى في عراقنا رجالاً يقرون بما لهم وعليهم لكي لا يخدعوا ولا يخدعوا غيرهم. مماثلين الترك الذين. يسعون حثيثاً في طريق الرقي. 83 - الذخيرة إلى المعاد في مدح محمد وآله الأمجاد، نظم الشيخ الفاضل سليمان ظاهر العاملي طبع بمطبعة العرفان بصيدا سنة 1348. هذا الكتاب الجميل بقطع 12 ملاكه 368 صفحة احتوت على قصائد في مدح محمد وآله صلى الله عليه وسلم وكثيراً من سيرهم الجليلة وبعض التقاريظ عدا ما قال عنه المؤلف الجليل في ص 5 (ثم أفرغ في روعي. . . أن

أعقد لها ثلاثة فصول في البحث عن العقائد الثلاث متحرياً أسهل طرق الإقناع ليعم بها الانتفاع مجتنباً البراهين الفلسفية والنظريات الكلامية) وقد تألفت هذه القصائد المدخرة من متين الكلام وجميل المعاني إلا أن الأسلوب النظمي قديم ففيه ذكر الأطلال والتعريض والتنقل من غرض إلى آخر مع وهن الرابط بينهما وهذا ذوق المؤلف فلا يلام عليه. ونحن نشكر له هذه اليد الخالدة، ومما نحب التنبيه عليه أنه: 1 - ورد في ص 315 ما نصه) في مدح حادي عشر الأئمة الغر الميامين أبي محمد بن (كذا) الحسن العسكري) والصواب (أبي محمد الحسن العسكري). 2 - وفي ص 11 (الانقياد إلى من يفضلهم في مواهبه) والصواب (الانقياد لمن يفضلهم). 3 - وقال في ص 14 (أفلا يجدر بهذه الأمة أن تشيد بذكره وترتل أي حمده، ما شاد بذكر رجالهم الذاكرون واحتفى بعظائمهم المحتفون) وهذا تعليق لا محل له عند المخلصين إذ لا خير في تعظيم يقترن دوامة بدوام تعظيم الأجانب وينقطع بانبتاته لأنه تقليدي ولا تقليد في الحب، قلنا ذلك لأن قوله (ما شاد) يفيد الوقت المعلق. 4 - وقال في ص 20 (ومن مطموس غير بال لم يغير ديباجته الملوان وقد استعمل (المطموس) لغير معناه المشهور. 5 - وقال في ص 18 (في الألوهية والاعتقاد بالإله العظيم) وفي ص 286 (الاعتقاد باستحقاق الرضا) والمشهور أن يقال (أعتقده) ومن ذلك قول يزيد المهلبي يرثي المتوكل على ما في (3: 306) من كامل المبرد: لما اعتقدتم أناساً لا حلوم لهم ... ضعتم وضيعتم من كان يعتقد 6 - وورد في ص 193 (يختش) وفي ص 244 (لم يختش) فاستبدل بهما في ص 368 (يخف) و (ما أن خشيت بها) والظاهر لنا أنه عد (يختش) خطأ، معتمداً على ما جاء في ص8 من كتاب المنذر إبراهيم فقد عد هذا الفاضل (اختشى) من الأفعال التي لم يرد استعمالها، وهو مخطئ ففي ص 148 من شرح الطرة قول الشاعر:

ولا يرهب أبن العم ما عشت صولتي ... ولا اختشي من صولة المتوعد وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف أيعادي ومنجز موعدي وهذه مغبة الاعتماد على ناقص التحقق فضلاً عن أن العربية لا تمنع (اختشى) قياساً فهو مثل (عاقة وإعتاقه، رجعه وارتجعه، بعثة وابتعثه، خارة واختاره غاله واغتاله، خلقة، نخبو وانتخبه، نهبة وانتهبه، سلبه واستلبه غصبه واغتصبه. نهرة وانتهره، فرعه وافترعه، رقبه وارتقبه، إلى آلاف. مصطفى جواد 84 - الحياة جريدة يومية سياسية أدبية اجتماعية اقتصادية تصدر في القدس مديرها المسؤول ورئيس تحريرها عادل جبر إدارتها خالد الدردار وهي حسنة الخطة والعبارة والطبع فنتمنى لها الرواج والعمر الطويل. 85 - مفصل جغرافية العراق العراق الحديث، العراق في زمن العباسيين، العراق القديم، لمؤلفه طه الهاشمي، طبع بمطبعة دار السلام في بغداد في سنة 1930 في 560 ص بقطع الثمن وقيمته 8 ربيات. كان أمس طه بك الهاشمي مديراً عاماً للمعارف، أما اليوم فهو الفريق طه باشا رئيس أركان جيش العراق فهو ذو رئاسيتين، رئاسة السيف ورئاسة القلم. ومن عجيب أمره أنه لا يعرف الراحة دقيقة واحدة، فهو قائد مقدام شجاع يسوق الجنود إلى حومة الوغى في جهة ويقبض على اليراعة فيحكم سيرها فتنقاد له طوعاً انقياد الجندي له في جهة أخرى. وقد أصدر في أواخر الشهر الفارط سفراً جليلاً هو الذي ترى أسمه فريق هذا. وقد طالعنا مئات من صفحات فوجداها كنز أدب وعلم يبخس بجانبها كنز المال. فقد طرق صاحب التأليف جميع ما يتعلق بجغرافية هذه الديار وزين كتابه بعشرات من الخرائط، تمتاز بينها ثلاث عشرة طبع منها تسع وبقي منها في الطبع أربع وكلها أية في الإتقان كأنها رسمت في إحدى مدن الغرب الكبرى.

(صورة) سعادة طه باشا الهاشمي صاحب المؤلفات العديدة ومن مضامين هذا السفر النفيس وضع العراق الجغرافي والعسكري والجيولوجي - العراق في التاريخ الشمريون والأكديون والأموريون والآشوريون والماذيون والكلدانيون وأسكندر الكبير والساسانيون والعرب والعثمانيون - إقليم العراق، وما يعرض فيه من الأحداث الجوية - الأمراض فيه - قومياته - أديان أهله - حدوده - أنهاره - جباله - طرق الاتصال فيه - الري - الزراعة - الحيوانات - المعادن - الاقتصاديات - الصناعة - القبائل - المدن - الآثار القديمة ومدنها - العراق الإداري. هذا بعض ما في هذا الكتاب الجليل وفوائده لا تحصى. إلا أن هناك ما يشوه شيئاً من محاسنه هو ما وقع فيه من أغلاط الطبع والنحو كما ذكر هذه الحقيقة حضرة المؤلف نفسه فعسى أن تزال جميعها في طبعته الثانية التي لا بد من أن تكون في مدة قريبة لما نتوسم فيه من الرواج في ديارنا وفي ربوع مجاورينا أو في الأرجاء البعيدة.

86 - مختصر في علم النفس الإنسانية لابن العبري صححه وعلق عليه حواشي القس بولس سباط. ابن العبري من مشاهير كتبة الناطقين بالضاد المتوفي في سنة 1286 للميلاد وكتابه هذا من أفخر الكتب المصنفة في النفس. ومما يزيده قيمة في عيون العلماء والأدباء أن القس بولس سباط الشهير تولى طبعه وتصحيحه وذكر اختلاف روايات نسخة فجاء طرفة نفيسة يتهاداها الأكابر والأصاغر فعسى أن تروج سوقه في ديارنا هذه وهو في 65 ص بقطع 12 ومزين بثلاثة فهارس مرتبة أحسن ترتيب. الأغاني تتمة نقد الجزء الأول منه 32 - وقالوا في ص 236 (المراد أنه أرسل لها كتاباً مكتوباً) والصواب (بكتاب) لأنه لا يرسل وحدة فيكون على حد قوله تعالى (وأني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون) ولا يجوز إرادة (أرسله بمعنى أطلقه) كما جاء وهما في شرح الطرة. 34 - وورد في ص 254) يا عين جودي بالدموع السفاح) فعلقوا عليه (السفاح: لعله جمع سافح أو سفوح، يقال: سفح الدموع أرسله وسفح الدمع أنصب ولم نجد هذا الجمع في كتب اللغة ولا هو قياسي في فاعل أو فعول) قلنا أما (فاعل على فعال) مثل (راع ورعاء وضار وضراء وجائع وحياع وحائل وحيال) فكثير وأما (فعول على فعال) نحو قلوص وقلاً وعقوق وعقاق فقليل ولعل الأب انستاس يذكر لنا من جموع هذين الوزنين ما يجيز قياسهما. (لغة العرب) جمعنا من جموع فعول على فعال الألفاظ الآتية: نقي ونقاء، لقوح ولقاح فتي وفتاء، فلو وفلاء، مصور ومصادر، جدود وجداد، عضوض وعضاض، شصوص وشصاص، خدوج وخداج، رغوث ورغاث، لبون ولبان فإذا أضفنا إليها خروفاً وخرافاً، قلوصاً وقلاصاً، عقوقاً وعقاقا، أصبح عددها أربع عشرة كلمة ففاقت جمع الكثرة الذي يقف عند العشرة وجاز لنا أن نتخذ منها قاعدة تبيح لنا أن نجمع فعولاً على فعال وألم يصرح بها أحد من النحاة أو

الصرفيين أو اللغويين) اهـ. ولا جرم أن هناك غير هذه الكلم مما هو مدون في دواوين اللغة انتهى كلامنا. 35 - وقالوا في هامش 268 (واختلاف إبراهيم بن المهدي وإسحاق الموصلي على ذلك) والصواب (في ذلك) يقال (اختلفوا فيه) إذا تباينت آراؤهم في أمره و (اختلفوا عليه) إذا استعصى عليه أمرهم أو عصوه ولا محل له ههنا. 36 - وجاء في ص 270 قول الشاعر: فتركته جزر السباع ينشنه ... ما بين قلة رأسه والمعصم وفي جمهرة أشعار العرب قول العبسي (يعجمن حسن بنانه والمعصم) قال أبو زيد القرشي (العجم العض) وهذا يؤيد بعض الرواية. 37 - وورد فيها قول عمر بن أبي ربيعة: فلم أر كالتجمير منظر ناظر ... ولا كليالي الحج افتن ذا هوى قلنا: ومن شطور هذه القصيدة قوله (إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى) وقد علقوا على البيت المذكور ما نصه (التجمير: رمي الجمار) وهو خطأ ظاهر لأن التجمير ههنا يراد به (التجميع) قال المبرد في (2: 179) من الكامل وقوله: إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى، الجمرة إنما سمت لاجتماع الحصى فيها ومن ثم قيل: لا تجمروا المسلمين فتفتنوهم وتفتنوا نساءهم أي لا تجمعوهم في المغازي، والتجمير: التجميع) اهـ. وقد نطق الدليل. 38 - وروى في ص 277 قول الشاعر: لسنا نبالي حين ندرك حاجة ... ما بات أو ظل المطي معقلا وفي (2: 205) من الكامل (أن بات أو ظل المطي معقلاً) وهي رواية واضحة المعنى. 39 - وجاء في ص 282 قول عمر بن أبي ربيعة: وانظر بعينك ليلة وتأنها ... فلعل ما بخلت به أن يبذلا وفي (2: 205) من الكامل: امكث لعمرك ساعة فتأنها ... فعسى الذي بخلت به أن يبذلا

40 - وروى في ص 312 (نباكر ماءه صبحا) فانشبوا فيه (حرك - أي صبح - هنا لضرورة الشعر لأن القصيدة من مجزوء الوافر. . .) قلنا: أننا قد تطرقنا إلى هذا ليس بضرورة ففي (عسر) من المختار (العسر: بسكون السين وضمها ضد السير: قال عيسى بن عمر: كل أسم على ثلاثة أحرف أوله مضموم وأوسطه ساكن فمن العرب من يخففه ومنهم من يثقله مثل عسر وعسر ورحم ورحم وحلم وحلم). 41 - وورد في ص 338 (جمل عبد العزيز بن مروان، النصيب بالمقطم - مقطم مصر - على بختي قد رحله بغيط فوقه) ففسروا غبيط النصيب بقولهم الغببط: (الرحل وهو للنساء يشد عليه الهودج والجمع غبط) قلنا وهو أيضاً لرجل فقد قال أبو زيد القرشي في ص 90 من جمهرة أشعار العرب (الغبيط: مركب من مراكب النساء ويقال لمركب الرجل والمرأة جميعاً). 42 - وروي في ص 368 (فخوضنا بي السم المضرج بالمخض) فقال فيه الأبرون (كذا في أكثر النسخ وفي ت: المصرح بالمخض، ولم يظهر لكلتا الروايتين معنى مناسب)، لعله أراد اخلطا لي السم الخفيف بالسم الخالص) لأن المضرج هو المخلوط، قال أبو زيد في ص 150 من جمهرته (والتضريج: الخلط). 43 - وورد في 390 (فبت أسقى باكواس أعل بها) فناطول به ما نصه (كذا في الأصول ولم نعثر على هذا الجمع في كتب اللغة والموجود منها في هذا الباب: اكؤس وكئاس وكؤوس وكأسات. فلعله محرف عن أكواب) قلنا لا يجوز الالتجاء إلى التحريف في مثل هذه الأمور فالمعاجم ناقصة، وهذا يزيد ثروة اللغة، فمما لم يعدوه من جموع الكأس (الكؤوسة) قال أسحق بن خلف: ألذ إليه من المسمعات ... وحث الكؤوسة في يوم طل ههنا نقف ونكف القلم عن الاستنان والله المسدد للصواب والموفق للحق. (تتمة في مختصري كتاب الأغاني) أن لجنة الأدب في دار الكتب المصرية ذكرت في الجزء الأول بعض مختصري كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني وليس في ذلك البعض (جمال الدين محمد بن علي الكاتب) وقد قال

فيه صاحب الحوادث الجامعة ص 11 من نسختنا (شبح فاضل عالم بالسير والأخبار كتب بخطه كثيراً وجمع عدة مجاميع واختصر كتاب الأغاني للأصفهاني وخدم في عدة أعمال منها كتابه المخزن وخزانة الغلات بباب المراتب وأشراف البلاد الحلية وغير ذلك وصنف كتاباً في علم الكتابة سماه (جواهر اللباب في كتابه الحساب) وذكر أنه توفي في خامس شوال سنة 629 الهجرية. مصطفى جواد 87 - المجمل في تاريخ الأدب العربي - 8 - 68 - وقال في ص 211 (والأنصار الذين أغدق عليهم الأمويون الأموال) وكرر (أغدق) متعدياً بنفسه في ص 226 ولم نعثر على تعدية إلا أن القياس مطرد في تعدية الثلاثي اللازم بالهجرة أو التضعيف وغذ ورد (أغدق) لازما لا يبقى لنا إلا أن نعديه بالتضعيف فالصواب (غدق عليهم الأموال تغديقاً). 69 - وقال في ص 218 (فتقبلت مصارعهم صابرة محتسبة) ولم أعرف تقبلاً يستوجب الصبر لأنه فرع من الرضا والاختيار والصبر ضد الرضا والاختيار. 70 - وقال في ص 221 (النواصي جمع ناصية وهي شعر مقدم الرأس فوق الجبهة وجزها قطعها وكانت العرب تفعل بالرجل الشريف إذا أسروه وأرادوا إطلاقه) وفي ص 236 نقل عن منظور عن الأزهري (أن العرب كانوا إذا أسروا أسيرا خيروه بين التخلية وجز الناصية والأسر. . .) فنقض اختصاص ذلك بالأشراف كدأب الذين لا يحسنون النقل وجاء في الكامل 1: 175 (قالوا: نواصي الفرسان الذين كان يمن عليهم) أي في تفسير قول الحطيئة (مجدا تليدا ونبلا غير انكاس). 71 - وقال في ص 22 (فوجد لها ضجيجاً كضجيج الجيج) ونحن ننصح له بان يتخذ هذه الجملة مثلاً حينما يعلم تلاميذه (تنافر الكلمات) المعادي للبلاغة العربية فهي أولى من مثلهم (في رفع عرش الشرع مثل يشرع) و (ليس قرب قبر حرب قبر). مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - افتتاح ناظم البدعة في صباح الخميس 10 أبريل ذهب صاحب الجلالة إلى ناظم البدعة في لواء المنتفق ومعه الركاب العالي وجرت حفلة افتتاح الناظم المذكور بحضور جم غفير من الأهلين وشيوخ القبائل والموظفين العراقيين والبريطانيين والوفود من البصرة وتلك الأنحاء واستقبل هناك جلالته استقبالا فخماً وافتتح جلالته الناظم بقطع الشريط الذي كان مربوطاً بالناظم وكان القطع بسكين من فضة هدية من وزارة الري إلى جلالته ووقع الافتتاح بين الخطب والأدعية الحارة. 2 - افتتاح بناية المتقن الطبي الجديد في الخامس من شهر نيسان (أبريل) جرت حفلة جليلة هي حفلة البناية الجديدة للمتقن الطبي وذلك في الساعة العاشرة صباحاً. والبناية واقعة في المستشفى الملكي في المجيدية من محلات باب المعظم أو باب الشمال وقد حضر الحفلة جلالة ملكنا المحبوب وفخامة رئيس الوزراء وفخامة المعتمد السامي ويليهم الوزراء الحاليون والأسبقون وفخامة القائد روبرت بهام رئيس القوات الجوية البريطانية في العراق وحضرت ممثلي الدول وقناصلها وحضرات الرؤساء الروحيين ورؤساء الدوائر وأطباء المستشفى من عرب وأجانب والممرضات وأطباء الجيشين العراقي والبريطاني وغيرهم وكان مع بعض البريطانيين عقيلاتهم. أما طلبة الطب فكانوا في محل خاص. وكان التدريس قبل هذا العهد يلقي في أحد البنية التي لم توضع لهذه الغاية ودام فيها سنتين. وفي ذلك الافتتاح وزعت جوائز على الطلبة الذين استحقوها. فكان كل منهم يتقدم وينال الهدية من يد جلالة ملكنا الكريم المحبوب. ويصافحه جلالته مهنئاً إياه. ثم تقدم أحد الطلاب وبيديه وسادة من حرير وعليها مفتاح من فضه مذهب فقدم الوسادة إلى معالي وزير الداخلية

أخبار الشهر (صورة) جلالة ملكنا المحبوب في حفلة افتتاح المتقن الطبي الجديد وعلى يمينه صاحب الفخامة المندوب السامي وعن يساره صاحب الفخامة رئيس الوزراء فقدمها معاليه إلى جلالة ملكنا فاخذ المفتاح الذي عليها وسار جلالته يتبعه صاحب الفخامة رئيس الوزراء والمعتمد السامي ففتح جلالته بيده الكريمة باب المتقن. ثم تبعه الجمهور وفي تلك الأقسام والأروقة المختبرات العديدة في علم الحياة وعلم الأمراض وعلم المواليد والكيمياء وردهة التشريح والبضع وغرفتان للمحاضرات وهما مجهزتان بالمصباح السحري والخزانة الحاوية لمئات من المؤلفات النفسية ومعرض النماذج الطبيعية لأنواع الأمراض ومعرض الحيوانات والنباتات العراقية وغيرها. وسر الجميع بما رأوه من النظام والترتيب وأدوات الفنون العصرية الراقية وأجهزة الفحص والدرس والخزع. جوائز المتقن الطبي العراقي وقف بعض المعاهد المالية في العراق جوائز مالية في كل سنة ودونك أسماء الذين جادوا بها:

1 - (جائزة شركة النفط الإنكليزية الفارسية المحدودة) ومبلغها ثمانية جنيهات تمنح سنوياً للطالب فائق أصحاب في سنة الدراسة الأولى. 2 - (جائزة البنك الشرقي) ومبلغها عشرة جنيهات للأول في الكيمياء والطبيعيات. 3 - (جائزة البنك العثماني) ومبلغها عشرة جنيهات للأول في علم المواليد لسنة الدراسة الأولى. 4 - (جائزة البنك الشاهي) ومبلغها عشرة جنيهات للأول في التشريح لسنة الدراسة الثانية. 5 - (جائزة الجمعية الطبية) وهي كتب ونوط للأول في الصف الثاني. 6 - (جائزة شركة نفط العراق) وهي كتب ونوط للأول في علم الحياة في الصف الثاني. وفي 15 من شهر نيسان خصصت (السيدة غي دافلين) أرملة المرحوم الدكتور سليمان بك غزاله) جائزة لذكرى قرينها سمتها جائزة الدكتور سليمان بك غزاله وقد رغب الدكتور سندرسن عميد المتقن في أن تهدي إلى الطالب الناجح في درس الرمد للسنة الرابعة. وسيبتدئ منها في تشرين الأول (أكتوبر) من السنة المقبلة إلى نهاية حزيران (يونيو) من سنة 1931 فنثني على همه السيدة المؤلفة الكبيرة لتخليدها ذكرى قرينها المغفور له. ونتمنى أن يقتفي الكثيرون والكثيرات هذا العمل المبرور. 3 - بيان رسمي بشأن اللغة الكردية في العراق (بحروفه) رأت الوزارة بعد لن تقلدت زمام الأمور أن تعني بما تراه هاما ومطمئناً لرغبات الشعب وأمانيه. من ذلك بعض قضايا تختص بقسم من سكان الألوية الشمالية. فقررت إحضار لائحة قانونية تعرض على مجلس الأمة عند اجتماعه القادم لجعل اللغة الكردية لغة رسمية في الأماكن الكردية استناداً على المادة السابعة عشرة من القانون الأساسي والحكومة على روح الوعود التي سبق لها أن وعدت بها الأكراد في العراق. نوري السعيد رئيس الوزراء ووزير الخارجية. 4 - الشيخ سالم الخيون أذنت الحكومة للشيخ سالم الخيون رئيس عشائر بني أسد (بني سد) بان يقطن البلد العراقي الذي يختاره ما عدا ألوية العمارة والبصرة والمنتفق فنتمنى لحضرة الشيخ طيب الإقامة في البلدة التي يختارها.

5 - الوفد العراقي للدفاع عن الشبان العرب المحكوم عليهم بالإتلاف أنشئ في المحاضرة في 12 نيسان (أبريل) وفد عراقي لمقابلة جلالة ملكنا المعظم وفخامة رئيس الوزراء، وطلب التوسط لإنجاء الشبان العرب الستة عشر الذين حكم عليهم بالإتلاف في فلسطين. فبلغ عدد أعضاء الوفد عشرين. وفي 13 ذهب الوفد فقابل جلالة ملكنا المحبوب فوعده بأن يبذل كل جهوده للتوسط في المطلوب، ثم انطلق إلى ديوان رئاسة الوزراء فأجاب رئيس الديوان أنه يبذل كل جهده للتوسط بعرض شعور العراقيين على الحكومة الإنكليزية ثم طيرت برقيات إلى جلالة ملك بريطانية ورئيس وزراء إنكلترا والمندوب السامي في فلسطين والوفد الفلسطيني في لندن واللجنة التنفيذية العربية في القدس. 6 - وفاة عبد الرحمان باشا الحيدري قضى عبد الرحمان باشا الحيدري نحبه في 12 نيسان (إبريل) عن عمر يناهز الخامسة والسبعين ودفن في الحضرة الكيلانية. وكان تولى رئاسة البلدية في العهد العثماني مراراً عديدة. ومن أعماله إجراء الماء في القسم الجنوبي من الحاضرة وتنظيم جادة ناظم باشا وكان عضواً في مجلس الاستئناف في العهد المذكور وكان في الوزارة النقيبية في عداد الوزارة غير العاملين. فنعزي أولاده بهذا المصاب ونطلب من الله الرحمة لنفسه. 7 - الطريق الجديد ين المدينة وحائل اهتمت المحافل المختصة بالطريق الجديدة التي وجدتها حكومة نجد والحجاز بين المدينة وحائل. وقد جرت فيها سيارات الملك أبن سعود لأول مرة ويتوقع البصراء أن تسير السيارات بعد اليوم من النجف في العراق إلى حافل فالمدينة. فيعود إلى تلك البادية النشاط والحركة يوم كانت مسلك الألوف والألوف من الحجاج وقد صرح أحد النجدين الخبيرين بشؤون البادية أن طريق النجف إلى حائل إلى المدينة كثيرة الآبار وستؤثر تأثيراً كبيراً في طريف الصحراء بين دمشق الفيحاء وبغداد الزوراء. 8 - القوالون اليزيديون القوالون هم من طائفة خدمة الدين اليزيدي وكان قد ذهب أحد عشر منهم إلى ديار روسية تذكيراً لليزيديين الروس أن لا ينسوا حسناتهم إلى رؤساء الدين

فسجنهم الروس ثم توسطت الحكومة العراقية لفك أسرهم فأطلقوا من السجن فوصل منهم إلى الموصل خمسة وأما الستة الآخرون فماتوا في ديار الغربة. 9 - بلية الجراد كان الجراد كثيراً في هذه السنة في ديار مصر وأرض الأردن والعراق وديار إيران في كمران وبلوجستان وخوزستان وخراسان وقد وقف أرباب الأمر في الربوع المذكورة مبالغ طائلة لإبادة هذه الدويبات الفاتكة ولا بد من أن يقطع دابرها في مستقبل الزمن لتكاتف الدول على قتلها. 10 - اعتصاب طلبة جامعة آل البيت في الحاضرة اعتصب هؤلاء الطلبة احتجاجاً على النظام الجديد الذي أدخل فيها حديثاً. ثم وعدوا خيراً فعادوا إلى مواطنهم وكان في العقد الأول من أبريل. 11 - مياه الفراتين (بيان رسمي) كان معدل منسوب نهر دجلة خلال شهر آذار من هذه السنة أوطأ ما سجل خلال ال 24 سنة المنصرمة. فمن هذا ومن درس السنين المذكورة السابقة يظهر الآن أن من المحتمل جداً أن يكون المنسوب الصيفي أيضاً واطئاً للغاية. وأما من جهة نهر الفرات فأمر التكهن بالمنسوب الصيفي بالضبط يعد سابقاً لأوانه وكان معدل المنسوب في الرمادي خلال آذار هذه السنة في ال 22 السنة المنصرمة (906 - 1928). ومن المشكوك فيه ما إذا كان سوف يصل المنسوب الصيفي إلى معدل الارتفاع لذلك الموسم كما حسب من مدة السنين المذكورة. 12 - الأمراض المعدية في بغداد ظهر في جدول الأمراض المعدية في الأسبوع المنتهي في 5 - 4 - 1930 أنه وقع في الحاضرة ثلاث إصابات بالطاعون وثلاث وفيات وإصابة واحدة بالخناق ووفاة واحدة وثلاث إصابات بالحمى المحرقة وحدث في الكاظمية إصابتان بهذه الحمى. 13 - الطعام في الموصل وسامراء والكاظمية يظهر أن مجموع ما في لواء الموصل من الحنطة 27. 000 طن ومن الشعير 15. 500 طن وفي سامراء 1194 طنً من الحنطة وألف طن الشعير. وفي الكاظمية 1. 500 طن من الحنطة و 1800 طن من الشعير.

14 - دخل الحكومة العراقية لغاية شهر شباط يؤخذ من الإحصاء الذي نشرته جريدة الوقائع العراقية في أحد أعدادها الأخيرة عن دخل الحكومة خلال شهر شباط المنصرم أن مجموع المبالغ التي حصلتها الحكومة خلال الشهر المذكور بلغ 794. 664 ربية يقابل ذلك 1. 080. 614 ربية مجموع دخلها في مثل هذا الشهر من العام الماضي. وقد بلغ مجموع الدخل من أول السنة المالية إلى آخر شهر شباط الماضي 15. 119. 052 ربية يقابل ذلك 17. 375. 854 مجموع دخلها في مثل هذه المدة من العام الماضي. وقد بلغ دخلها خلال شهر شباط المنصرم 674. 408 ربيات من المحصولات الزراعية و 11. 059 ربية من سائر المحصولات الطبيعية و 76. 568 ربية من الحيوانات و 4. 033 ربية من المعادن و 28. 596 ربية من الاجارات ورسوم العبور. 15 - مؤتمر للعشائر العراقية عقد في بئر سبع في اليوم الثاني من شهر نيسان (إبريل) مؤتمر عربي كبير الأهمية لتسوية المنازعات والضغائن بين القبائل ودعي إلى هذا المؤتمر زعماء قبائل شبه جزيرة سنا وجنوبي فلسطين وشرقي الأردن وكان الأمير شاكر رئيس المحكمين ومثل شبه جزيرة سينا الميجر جريفس مدير المديرية ومثل شرقي الأردن الكولونيل بيك باشا من فرقة متطوعي العرب ومثل فلسطين المستر مفروحوردانو حكمدار بوليس فلسطين وحضر ممثلو القبائل كلهم عن تلك المنطقة في الصحراء الواقعة بين غزة والعقبة حيث تلتقي البلدان الثلاثة المختصة وحيث يلجأ العرب الفارون من طائلة القانون إلى عبور حدود هذه البلدان للاعتصام فيها والتخلص من الاعتقال ودفع الغرامات. ومؤتمر مثل هذا لا شك في أن وسيلة لراحة للقائل وإفراج صدورها ومعلوم أن العلاقات الودية بين مصر وفلسطين وشرقي الأردن هي علاقات وثيقة والتعاون بين حكومات هذه البلاد مضمون فالمجرمون الذين يتخطون الحدود لا يكونون في مأمن من طائلة القانون. 16 - الإفلاس في بغداد توقف عن الدفع منذ تشرين الثاني (نوفنبر) الماضي إلى نيسان (أبريل) واحد وسبعون تأجراً منهم 7 من تجار الفغفوري (الصيني) و 8 من تجار التبغ

(الدخان) و 2 من البقالين و 21 من تجار الأقمشة و 15 من تجار السلع (الخردوات) و 1 من تجار الغزل و 5 من تجار العطارة و 2 من التجار بالعمالة (بالقومسيون) و 5 من الخياطين و 1 من أرباب المقاهي و 1 من النجارين و 1 من الصيارفة و 1 من الحدادين و 1 من الصبابين. وكانت حوادث الإفلاس الرسمي في خلال هذه المدة تسعة عشر. 17 - صحة ملكنا المحبوب اضطربت صحة ملكنا المبجل وكانت درجة الحرارة في خلال ليلة 22 نيسان (فريل) 37 ونصفاً من المقياس المئوي وهي الحرارة المألوفة فعسى أن تكون الصحة ملازمة لشخصه المحبوب، إذ جميع الناس يدعون له العافية التامة. 18 - ولي عهد الكويت وصل إلى حاضرتنا سمو الأمير الشيخ عبد الله السالم ولي عهد أمارة الكويت وزار في 23 نيسان دار التحف العراقية والمستشفى الملكي وطاق كسرى في طيسفون (سلمان باك). 19 - مكافحة الجراد بالطائرات يتفاقم خطر الجراد في العراق وسورية وفلسطين ومصر يوماً بعد يوم ويزداد قلق الناس ساعة بعد أخرى وقد أصبح القول بأن الحكومة مهتمة بمكافحة الجراد لا يشفي غلة ولا يفي بحاجة فقد ملأت أسرابه حزون البلاد وسهولها وتغلغلت في مواضع الحياة منها. في المساحات المزروعة التي في إنتاجها قوام حياة الفلاح وقوام خزينة الدولة فواجب حكومة وأهالي تلك الأقطار أن ينصرفوا إلى مكافحته بكل وسيلة ممكنة وقد طالعنا أخبار هذا الجراد الذي طغى من كل ناحية فوقفنا على كلمة لطيار في مصر خبير بأنواع مكافحة الحشرات الزراعية فأثرنا نقلها فيما يلي لعلها تهيب بولاة الأمر هنا إلى درس هذا الموضوع والاعتماد على هذه الواسطة فقد تكون خير الوسائل وأخصر طريق للخلاص من هذه الآفة. وهذه هي الكلمة: قال الطيار: أنه وقف على حالة انتشار الجراد في صحراء سينا وصحراء فلسطين وأنه أسف كل الأسف أن تقوم السلطات المختلفة بمجهودات مضنية تكلفها الأموال الكثيرة لمحاربة هذه الآفة دون أن تثمر هذه المجهودات ودون أن تأذن بالنجاح لأن أتساع الصحراء وترامي أطرافها يجعلان المكافحة بطريق السيارات من أشق الأمور.

ثم قال: ولا أستطيع أن أفهم لماذا لا تفكر السلطات في المكافحة بواسطة الطيارات؟ فالغازات السامة في متناول اليد وسلاح الطيران موجود ونفقات استعماله لا تزيد عما سينفق على المكافحة الحالية فتستطيع طيارة واحدة أن تغادر المطار مزودة بالغازات القاتلة للجراد فتحلق فوق المناطق الأهلة بالأسراب فإذا تبينتها جيداً هبطت إلى العلو المطلوب وأحاطت المنطقة كلها بحائط من الدخان السام لا ينقشع إلا بعد إبادة كل ما في المنطقة من أسراب. وتستطيع الطيارة أن تعود إلى مركزها حتى تنبئها السلطات تلفونياً بظهور أسراب أخرى واتجاهها أو بوجود مناطق وضع الجراد بها بيضة فتجري هذا العمل وتكرره حتى يتم تطهير الصحراء تطهيراً تاماً. ونجاح هذا العمل متوقف على شيء بسيط جداً هو عقد مؤتمر كالذي عقد في العوجاء بالقرب من الحدود الفلسطينية المصرية من أيام واتفاق السلطات على استخدام الطيارات حتى يكون العمل المشترك كفيلاً بضمان التطهير التام). (عن الأوقات البغدادية بتصرف قليل). 20 - الاختلاسات في إيران قرر مجلس النواب الإيراني محاكمة البرنس فيروز نصرة الدولة وزير المالية السابق ووزير الخارجية الأسبق لحكومة الملك أحمد قاجار عن الاختلاسات المعزوة إليه في مستودعات الدولة من الذخائر والحبوب ويعني الرأي العام عناية كبيرة بهذه المحاكمة التي لا تخلو من صبغة سياسية. (تصحيحات) ص 248 س 20 يصلح: مصلح - 252 س 25 جسامة البصرة: جسامة العشار - 253 س 25 معظمهم: بعضهم ص 257 س 21 مماملاتها: معاملاتها ص 275 س نياته: بيانه - ص 277 س 8 الفتح: الغنج - 363 س 1 لكث: لمكث - 363 س 8 بلويووسف بلو ويوسف - 363 س 16 موطنة: موطنه - ص 363 س 21 لا بينة: ص 372 س 24 الشرع: الشرح بينة - 372 س 9 به: بها - ص 374 س 14 يسلموا: ليسلموا - ص 375 س 22 ما رواه: على ما رواه - ص 376 س 5 بغداد: ببغداد - ص 377 س 18 يفت: يفتى - ص 377 س 23 سورة: صورة.

العدد 81

العدد 81 - بتاريخ: 01 - 06 - 1930 الألفاظ اليافثية أو الهندية الأوربية في العربية - 1 - المقدمة المراد بالألفاظ اليافثية: الكلم الهندية الأوربية أو كما يقوله العلماء قبل خمسين سنة: (الهندية الجرمنية أو الهندية الألمانية) أما اليوم فإن أغلب الباحثين غيروا هذه التسمية وأخذوا يقولون (اليافثية) اجتزاء بالكلمة الواحدة عن الكلمتين وباللفظ الوافي بالمعنى عن الناقص في مؤداه. 2 - نظرة عامة في الألفاظ العربية وقد لاحظنا قبل أكثر من ثلاثين سنة أن ألفاظ لغتنا تقسم إلى ثلاثية ورباعية وخماسية وسداسية. وهي على تعددها ترجع إلى أصل واحد هو الثنائي وهو الوضع الطبيعي لكل لفظة عربية أو سامية، فيزاد على الثنائي حرف أو حرفان أو ثلاثة أو رباعياً أو خماسياً وربما زيد أربعة أحرف أو خمسة فتكون الكلمة سداسية أو سباعية. وظهر لنا أن أغلب الألفاظ الثلاثية الأحرف عربية الوضع والسبك. إلا أن هناك نحو العشر منها دخيلة جاءتها في أغلب الأحيان من اليونانية أو الفارسية

أو الرومانية (اللاتينية). والألفاظ الداخلية أكثر ما ترى في الرباعية والخماسية والسداسية وإذا كانت أبنية الكلم لأبنية لغتنا فلا جرم أنها دخيلة فيها. على أنه ليس كل رباعي أو خماسي أو سداسي أو سباعي دخيل الوضع، بل هناك ما هو منحوت من كلم عدنانية فمثل سفر جل ليس دخيلاً في لغتنا إنما هو منحوت من سفر (أي صفر) و (جل) أي كبير. ومعناه الثمر الأصفر الجليل أي الكبير وهو كذلك في البلاد التي يكثر فيها الماء ويشتد فيها الحر. 3 - ألفاظ عربية الصيغة دخيلة الوضع وفي لساننا ألفاظ وضعها وضع عربي محض وصيغتها صيغة عربية وحروفها حروف ضادية ولا يعن على بال أنها دخيلة الأصل وهي مع ذلك دخيلة في لغتنا. فهذه كلمة (الفحص) فمن يراها من قراء العربية أو يسمع بها من الناطقين بالضاد، لا يمر بخاطره أنها من وضع الأجانب إذ ليس في صيغتها ما ينبه على أنها غير عربية. ومع ذلك ليست من أوضاع السلف قال ياقوت الحموي في المعنى الذي نذهب إلى عجمته: (بالمغرب من أرض الأندلس مواضع عدة تسمى (الفحص). وسألت بعض أهل الأندلس ما تعنون به؟ فقال: كل موضع يسكن سهلاً كان أم جبلاً بشرط أن يزرع نسميه فحصاً. ثم صار علماً لعدة مواضع فلما في لغة العرب فالفحص شدة الطلب خلال كل شيء) أه. فأنت ترى من هذا التفسير الدقيق أن الفحص بمعنى شدة الطلب عربي فصيح صحيح لا غبار عليه وأما بمعنى السهل للزرع فهو دخيل والذي عندنا أنه من اللاتينية ومعناها كذلك وهي في لغتهم مشتقة من أي زرع وغرس وزارع ثم توسع في معناه العرب وأبناء الغرب فجاءت اللفظة عندنا وعندهم بهذه المعاني: البليدة والقرية والقضاء وأما أصل معناها فكان السهل والقراح ثم المرعى والحمى (كإلى) ومن هذا القيبل (الكيس) (وزان سيد) الذي معناها الظريف الخفيف المتوقد الذهن فهو من الرومية (أي اللاتينية) ومعناها مدني ومن كانت أخلاقه أخلاق أبناء المدن يغلب عليه الظرف والخفة وتوقد الذهن وحسن الأدب إلى غير هذه

الصفات المشهورين بها سكان المدن والحواضر كما أن سكان القرى والجبال يعرفون بالغلظة والجفاوة والخرق وثقل الخلق ولا جرم أن اصل (كيس: كيوس) على اللفظ اللاتيني. ثم وقع فيها الإدغام كما وقع في سائر الكلم المصوغة هذه الصيغة. ومثل هتين الكلمتين ألفاظ جمة تدل على السلف جاوروا الأغراب وأخذوا منهم ومن آدابهم شيئاً غير يسير: ولما كان جودهم اشهر من وجود غيرهم أمدوهم هنا أيضاً بألفاظ لا تحصى فكان عطاؤهم على مجاوريهم فيضاً وكان عطاء غيرهم عليهم قيضاً وليست الغاية من هذا المقال أن نقفه على هذا الموضوع إنما نريد اليوم أن نوجه أنظار العلماء والباحثين إلى أمر لم يذكره أحد من اللغويين الأقدمين والعصريين الأغراب أو الأعراب. وهذا الأمر عجيب غاية العجب. هو أن ألفاظ اللغة تقسم إلى أربعة أقسام جليلة: قسم الألفاظ العربية الخاصة بها التي لا يرى مثلها في اللغات السامية ولا في اللغات اليافثية أو الحامية - وقسم فيه ما يشبه في اللغات السامية دون غيرها - وقسم فيه ما يشبهه في اللغات اليافثية وحدها وقسم رابع فيه ما يشبهه في اللغات الحامية فقط. أما أن يكون في لغتنا ألفاظ تضارع ما في سائر اللغات السامية فهذا أشهر من أن يكون وقد أنتبه له الأقدمون منذ عصور تدوين اللغة. وكذلك قل عن المشابهة التي ترى بين الكلم العربية والكلم الحامية (أي المصرية ونحوها) فمخالطة العرب لساكني وادي النيل قديمة لا تخفي على أحد فإذا أقتبس قوم شيئاً من قوم خالطوهم منذ أقدم الأزمنة فلا عجب أيضاً. أما أن في لساننا ألفاظا تماثل الألفاظ اليافثية أي الهندية الأوربية فهذا منتهى العجب. على أننا ذكرنا في مقالتنا التي نشرناها في السنة الماضية وأزعجت كثيرين من الشعوبيين وعنوانها (فضل العربية على سائر اللغات) (7: 593 إلى 602) أن أجدادنا العرب اختلطوا مع أمم كثيرة في صعيد سقي البحر المتوسط في نحو الألف الثالث أو الثاني قبل المسيح (7: 598 و599) ولهذا اقتبس منا الأجانب ألفاظاً كثيرة وفي تتبعاتنا لدقائق اللغة وجدنا كلمات مختلفة المبنى مؤتلفة المعنى فهي من

المترادفات، إلا أن فيها ما يشبه الألفاظ اليافثية في الصيغة الواحدة وينظر إلى الألفاظ السامية في مبناها الآخر. وهذا هو الأمر العجيب. ولا بد من أن نوضح ذلك بمثل مزدوج اللفظ مؤتلف المعنى ليظهر بمنتهى الجلاء. 4 - شاهد يثبت وجود ألفاظ يافثية في العربية وهي عربية لا يافثية في نظرنا: الصنو يزعم لغويو الإفرنج الذين لا يودون أن يسمعوا مرة واحدة أن بين لغتنا ولغتهم بعض المشابهة أن لا صلة بين الكلمة الإنكليزية وبين العربية (أبن) وأن الإنكليزية هي من الصكصونية العالية وهذه من الهندية الفصحى (أي السنسكريتية) بمعناها. ولهذا لا يريدون أن يسمعوا منا أدنى حجة تشير - ولو من بعيد - إلى أن في لغتنا ألفاظاً غير الشائعة وهي تشابه كل المشابهة صكصونياتهم أو هندياتهم الأوربية الفصحى. وقد جمعنا منها طائفة جليلة ومن جملتها هذه اللفظة أي صنو. فصنو (بكسر الأول) معناها الابن. وهي لا تبعد كثيراً عن لفظتهم الصكصونية العالية صنو (بضم الأول والثاني) أي كما لا تفترق كثيراً عن الهندية الفصحى (صونو أما أن الصنو (بكسر الصاد) يعني الابن فهذا ما يرى مدوناً في جميع معاجمنا العربية ومن جملة معانية العديدة قال في اللسان: (الصنو الأخ الشقيق والعم والابن والجمع أصناء وصنوان (بكسر الأول) والأنثى صنوة) أه. وقد بحثنا في جميع الكتب اللغوية الإنكليزية التي تعني بمقابلة ألفاظها بألفاظ سائر اللغات المجانسة لها فرأينا أنها تذكر هكذا: هي بالإنكليزية وبالصكصونية العالية وكذلك بالصكصونية القديمة. وبالفريسية القديمة (هي غير الفرنسية القديمة) وبالهولندية أو الدجية وبالجرمنية السافلة وبالأسلندية أو وبالسويدية أو الاسوجية وبالدنيمركية أو الدانوية وبالقوطية (أو الغوطية أو الغططية) وبالجرمنية وباللغات المتصلة بالروسية وباللثوانية وبالسنسكريتية وختموا البحث كله بقولهم: والمادة مأخوذة

من صو أي ولد أو صار انتهى. هذا ملخص ما جاء في دواوينهم اللغوية ولم يشيروا أدنى إشارة إلى وجود مناسبة بين ألفاظ تلك اللغات جميعها وبين العربية (صنو) مع وضوح هذا انسب كل الوضوح وتشابه الألفاظ بعضها لبعض من غير أدنى لبس. ومعنى (الصنو) وسائر معانية ظاهرة للعيان في العربية أجلى من سائر اللغات بحيث يقر بها الكبير والصغير، الذي يفهم كيف تجري الولادة أو لا يفهم وذلك أن أصل الصنو هو للنخل كما قال صاحب التاج أو للشجر كما قال الزجاج وفي التاج (النخلتان زاد) ثلاث أو خمس أو ست يكن (في الأصل الواحد) وفروعهن شتى (كل واحد منهما) أي من النخلتين. والأولى كل واحدة منها: (صنو) بالكسر ويضم حكاة الزجاج (أو عام في جميع الشجر). أذن الصنو هو فرخ الشجرة التي ينبت في الأصل الأم. فبنوته ظاهرة بخلاف بنوة الحيوان فأنها لا تبين إذا فارق الولد أمه لعدم لصوقه بها أما في النخل أو في الشجر فأن البنوة ظاهرة لظهور لصوق الفرخ بأمه. وإذا حمل الفرخ صار أخا لمن نشأ منها فصار الابن أخا. وإذا عظم وبلغ ضخم الأصل صار كأنه عم للأصل أي نشأ من هذا الفرع الثاني فرع ثالث وهكذا صار معنى (الصنو) الابن والأخ والعم والشجرة الواحدة قد تتفرع فروعاً كثيرة حتى تبلغ أرضاً واسعة ويصعب أن يعرف الأصل الأول بل قد تصبح الشجرة غابة واسعة. فأنظر كيف اللفظ العربي يوافق نشوء الطبيعة ويحتفظ بمختلف المعاني الأمر الذي لا يرى في سائر اللغات. وقال العرب سلفنا: أصنى النخل: أنبث الصنوان عن أبن عرجي، فإذا كان يقال للخل يقال أيضاً لسائر الشجر بل للبشر أيضاً. إذ لم تنشؤ عندنا معاني الصنو على اختلافها إلا اعتماداً على المبدأ الذي بسطناه قبيل هذا. وليس للصنو شبيه في سائر اللغات السامية فهو خاص بلغتنا البديعة وحدها دون جميع أخواتها الساميات. ولما كان بعض القبائل تجعل الصاد المهملة ضاداً معجمة في بعض الأحوال قالت في الصنو (الضنو). قال أبو عمرو: الضنو والضنو الولد بفتح الضاد

وكسرها بلا همز. وقال الهروي والخطابي ضنت المرأة أي كثر أولادها يقال: امرأة ماشية وضانية وقد مشت وضنت أي كثر أولادها. ثم أن بعض السلف كان يبدل النون راء قال بعضهم الضرو بالكسر أيضاً. وقالوا معناه (الضاري من أولاد الكلاب والأنثى ضروة بهاء) قلنا. الحق أن يقال ولد الكلب لا غير. لكن بعضهم لما رأى فيه مادة ضري ظن أن المواد بالضرو هنا الضاري من أولاد الكلاب. وكيف يكون ولد الكلب ضارياً وهو جرو. فالوهم ظاهر ولو قالوا: الولد من الكلاب الضارية لكان أنسب. ونزيد على ما تقدم أن عرباً آخرين كانوا يهمزون الناقص في بعض الأحيان. ولهذا نرى اللغويين يقولون ضنت المرأة وضنأت وأضنأت: إذا كثر ولدها وقال أبو عمرو: الضنء الولد مهموز ساكن النون (مفتوح الأول) وقد يقال: الضنء (بكسر الأول). والضنى بضم الأول: الأولاد. انتهى. ولما كان بعض العرب من أقدمين وعصريين يجعلون الضاد زاياً قال بعضهم: الزنية بكسر الأول: آخر أولاد الأسرة وليس لهذه اللفظة أدنى صلة بالزني كما يتبادر الذهن إليه. إنما الصلة هنا بالضنى لا بسواها. وكذلك قل عن (الصنو) فقد نشأ منه (الصبي) إذ باؤه مقلوبة عن النون وأن كان يجوز أن يقال برأي آخر ليس هنا محل بسطه ويظهر أنه أرجح من ذاك الرأي على أن في عرض الآراء على المفكرين فائدة لا تنكر إذ شرار الحقائق لا ينقدح إلا عند احتكاك الرأي الواحد بالآخر. أما الكلمة العربية التي لها أشباه ونظائر في اللغات الأخوات فهي أبن. 5 - الابن وأصله ونظيره في اللاتينية أثبتنا (في نظرنا) أن الكلمة الصكصونية المأخوذة من الهندية الفصحى عربية النجار، أو لا أقل من أن يقال أن (الصنو) العربية وصنو الصكصونية العالية من مصدر واحد لا يمكن أن ينكره ناكر مهما حاول التشنيع علينا. والآن نخطو خطوة ثابتة لنجرؤ أخرى ونقول: أن الكلمة اللاتينية فليوس عربية الوضع أيضا وأن كره الشعوبيون وهزؤوا منا؟ يقوم لغويوهم أن فليوس مشتقة من فعل (أي بلامين

أو لام واحدة) ومعناه مص أو رضع فيكون أصل معنى (فيلوس) الماص أو الراضع ولا يكون كذلك في أغلب الأحيان إلا ولد الأم فالظاهر أن تسمية الولد أو الابن والبنت. ولا جرم أن الأصل كان (البل) بهجاء واحد ثم مد فصار كما رأيت. أما أن أصل وضعه كان (البل) فهذا ظاهر من قول لغويبنا ودونك نص عبارتهم: (بلك الله تعالى أبنا وبلك به أي رزقكه وأعطاكه) أه. فلو لم يكن للبل معنى الولد لما ورد الفعل بهذا المعنى. وفضلاً عن ذلك ما ورد في لساننا من معنى آخر يؤيد ورود البل بمعنى الولد فقد جاء في كلام السلف قولهم: (بلو الأرض إذا بذروها بالبلل كصرد أي البذر أو البزر. وأنت تعلم أن المتكلمين باللغات الشرقية والغربية اعتبروا (البذر أو البزر) ولدا أيضاً تسمية له بما كان عليه في أول نشوءه. فإذا علمت كل هذا اتضح لك أن فاء فليوس بدل من الباء. وورود هذا البدل أكثر من أن يحصى. هذا فضلاً عن أن فقهاء لغات الغربيين اعترفوا به في أسفارهم. أما أن هذا الإبدال يرى في لغتنا فالشواهد عليه أكثر من أن يحصى. هذا فضلاً عن أن فقهاء لغات الغربيين اعترفوا به في أسفارهم. أما أن هذا الإبدال يرى في لغتنا فالشواهد عليه أكثر من أن تحصى من ذلك وجف القلب ووجب. أكفحت الدابة وأكبحتها، زحف وزحب. الكفرة والكنبرة. ضف الناقة وضبها. فنش في الأمر تفنيشاً وبنش فيه تبنيشاً إلى غيرها. والذي يؤيد رأينا أن اللاتينية مأخوذة من العربية أن ليس في اللغات القديمة من ديار الإفرنج لفظة تقارب (فليوس) أما الأفرنسية فحديثة ومأخوذة من اللاتينية أما كل ما ذكر من الألفاظ في بعض اللغات الأوربية فقليل عددها ومجانستها اللاتينية أقل وكلها حديثة مأخوذة من هذه اللغة الأم. 6 - الابن وما جاء فيه من اللغات والمشتقات رأيت أن اصل الابن هو (البل) بمعنى الولد وبمعنى البذر. ثم مد وسط الهجاء فصار (بول) للمذكر و (بولة) للمؤنث. ولما غلب معنى البول على السائل الذي تفرزه الكليتان، أنف الناس من أن يتخذوا اللفظيين المذكورين بمعنى الابن

والابنة فعدلوا عن استعمالها بهذين المعنيين الأخيرين. ونقلوا (البل) إلى صورة (بن) والنون من أقرب الحروف إلى اللام. ومنهم من زادها ميماً في الآخر حتى لا يلتبس على السامع الحرف الواحد بالحرف الآخر فقال: (بنم) وقد ورد في بعض في بعض لغات القبائل، إلا أنهم زادوا في أول بن و (بنم) همزة وصل تمكنا من قطع دابر الالتباس في الأول وفي الآخر فقالوا أبن وابنم. أما العبريون والأرميون فقالوا في (بل) (بر) بمعنى الابن وقد حفظ بعض السلف منا ذلك في قولهم: ما أدري أي البرنساء هو، وأي برنساء هو، وأي برنساء هو، أي الناس هو، أو بعبارة أدق: أي أبن الناس هو أو أي أبن الإنسان هو. ولم ينشأ من البل (البر) فقط، بل البذر والبزر بفتح الباء، وكلاهما يعني الولد كما تقدم الكلام عليهما. ومن اللغات التي تنظر إلى لفظتنا (بر) بور بالفارسية وبثرا بالزندية وكذا بالهندية القديمة أي السنسكريتية. وزاد السلف حاء على أول (بل) فصارت حبل والحبل هو ابتداء خلق الولد في بطن أمه وأبدلت باء الحبل من الميم فكان عندنا (الحمل) ففي كل من لحبل والحمل ثقل. وما يحمله الإنسان يكون عريزاً عليه وفي عزته شيء يشبه عزة الولد. وإذا رجعنا إلى (بر) ودققنا النظر في ما أخرجت لنا من الألفاظ. رأينا للحال نشوء كلمة أبر يقال: أبر الرجل أبراراً: إذا كثر ولده وغبر القوم كثروا والبر ولد الثعلب - ومن بر نشأ (البرء) و (البرء: الخلق. ومن خلق شيئاً كان له كالولد بل والداً. وكان المخلوق مولوداً. فالبرء ناشئ من (بر) نشوءاً واضحاً جلياً. وقد تجعل الهمزة في الصدر وتؤصل فيها فيقال: (أبر) وأبر النخل والزرع ألقحه وأصلحه وابر كل شيء عمله (راجع لغة العرب 7: 839). وقد تزاد الثاء المثلثة على (بر) فيقال ثبر بمعنى ولد. واللفظة مماتة بهذا المعنى إلا أنها حية في قولهم (المثبر) (كمسكن) ومعناه الموضع الذي تلد فيه المرأة أو الناقة. فهو اسم مكان من ثبر) وكما أنه لم يقولوا (مولد) إلا لوجود ولد، كذلك لم يكن عندنا المثبر إلا لوجود قبر في أول الامر ثم ماتت

لإهمال الناس إياها. ومن البر: الذرء والذرية ولد الرجل وهي من الذرء أي الخلق. وأبدلت باء (ثبر) من الميم فقيل (ثمر) وثمر الشجر صار فيه الثمر والثمر ولد الشجر لو جاز لنا هذا التعبير. وقد تقلب مادة (بر) فيقال (رب) ورب النعمة زادها والرب خالق الكون وإذا زيد على آخر ألف قيل (ربا) وربا المال: زاد ونما، وإذا أبدلت من الألف غينا معجمة قلت (ربغ) ومنه ربغ القوم. إذا أقاموا في النعيم والخصب وقالوا: ربع بالمهملة فلان: إذا أخصب وأربعت الإبل: إذا سرحت في المرعى وأكلت كيف شاءت وشربت. وكذلك الرجل بالمكان. وتبدل العين من الحاء فيقال ربح. ومنه ربح الرجل. كسب والربح كالربع أي وزان صرد وهو الفصيل الصغير. ومن هذه المادة الربل وقد زيد في آخرها اللام. قالوا: ربل القوم ربلا: كثرت أموالهم وأولادهم. ومن هذه المادة أيضاً (الربو) فقد قالوا: ربا المال: زاد ونما. وقد تبدل باء (بل) من النون فيقال (نل) ومنه أخذ (النجل) و (النسل) للولد والذرية. وقد يبدل حرفاً (بل) جميعاً من حرفين قريبين منهما في المخرج فتبدل الباء فاء واللام راء ثم يمد ما بينهما فيقال (فار) ومنه قولهم فارت القدر أي جاشت وغلت وارتفع ما فيها. وفي هذا المعنى ما يفيد الزيادة لأنه جاش في ما في القدر بقوة الحرارة أو الغليان أو البخار زاد فالزيادة هنا نوع من الولادة أو النتاج وفار الماء نبع من الأرض كأنه ولد منها، إلى آخر معاني هذه المادة. ويقال في فار يفور: ثار يثور: ويزاد في آخر مادة (فر) خاء معجمة ومنه الفرخ وهو ولد الطائر وكل صغير من الحيوان والنبات. وتبدل الخاء من العين فيكون منه الفرع، وهو كل ما ينشأ من الأصل فيكون أعم من الفرخ في معناه. وقد تزاد اللام في آخره فيقال فرعل ومنه الفرعل لولد الضبع فان كان ذكراً قيل فرعلان وأن كان أنثى قيل فرعلة.

ومثل الفرعل البرعل وهو ولد الضبع ولد الوبر من أبن آوى. ولو أردنا أن نطيل البحث في هذا التفرع أو هذا النوع من الاشتقاق لامتد بنا النفس إلى إحراج النفس، وهو ما لا نريده إنما أتينا بما أتينا لنبين للقارئ محاسن هذه اللغة البديعة التي لا تعارض بلغة من لغات الأرض كلها بلا شاذ فهي أجملهن وأبدعهن وأقدمهن وهي الأم وما سواها بنات لها. وما توسعنا قليلاً في (ابن) وما ورد فيه من الاختلافات والروايات والمشتقات إلا لنوضح للناس انه من وضع الناطقين بالضاد وليس من سواهم. 7 - ملخص المقالة في لغتنا العدنانية ألفاظ لها نظائر في أشهر لغات العالم القديمة الكبرى أي لها أشباه في اللغات السامية والحامية واليافثية. والذي نريد أن نثبته لكل عاقل غير معاند أن في المترادفات التي تكثر في لغتنا كلمات تنظر إلى اليافثية أي إلى اللغات الهندية الأوربية. وهذا أمر أنكره علينا أبناء الغرب إلى يومنا. أما نحن الذين عالجنا هذا البحث منذ أكثر من خمسين سنة فقد وجدنا في لساننا أوضاعاً تجانس الألفاظ اليافثية وهي كثيرة لا تحصى. وقد أردنا أن نؤيد بهذا المقال أن هذا المدعي ليس خيالياً إنما هو حقيقي وأتينا بذكر شاهد وأحد بمنزلة مثال بين ظاهر وأضح لا ينكر يقاس عليه أمثلة كثيرة. وإلا فعندنا من هذا القبيل مئات من الأمثلة: و (صنو) معناه أبن كما في الإنكليزية وهو كذلك في اللغة الهندية القديمة (السنسكريتية) و (ابن) هو في الأصل (بل) ثم نقل إلى صور مختلفة عديدة. ومن لغتنا عبر إلى اللغة اللاتينية (الرومية) ومن يشك في هذه الحقيقة فليأتنا بأدلة تنقض مدعانا ونحن أول من يرجع عن رأيه إذا تبلج له الحق على غي ما أبدا له في اجتهاده الخاص به. فالحق مبتغانا وهدفنا وإليه نرمي في جميع مباحثنا.

لواء كركوك

لواء كركوك لمحة تاريخية (كركوك) بلدة قديمة تعلو سطح البحر بنحو (1160) ألف ومائة وستين قدماً واستيفاء البحث عن قدمها يكلف صاحبه كثيراً لعدم وجود مصادر تاريخية يصح الركون إليها. ومن الكتب التي جاء ذكرها فيها كتابان كلدانيان قديمان نقل أحدهما إلى اللغة التركية المطران أدي شير عام 1896م دون أن يذكر اسمه ولا تزال النسخة التركية مخطوطة ومحفوظة في كنيسة الكلدان في كركوك، والآخر (أسمه أخبار الشهداء) طبعة بلغته الأب بولس بيجان في لا يبسيك (ألمانية) ونسخة نادرة جداً وذكر في هذين السفرين الجليلين أن سردنابال ملك الآثوريين هو الذي أنشأ هذه المدينة وكان سبب إنشائها أن ضابطاً من الماذيين يدعى (ارباق) عصا حكومته ذات يوم فعزله سردنابال عن وظيفته وأمر بإنشاء مدينة هي التي سميت بعد ذلك (كركوك) في كورة (باجرمي) وجعل رجلاً أسمه (كرمي) حاكماً عليها ثم جلب ألف نسمة من الآثوريين وأسكنهم فيها فتوسعت عمارتها وعظم شأنها إلا أن (كرمي) أيضاً استقل بالولاية بعد حين فاصبح الحاكم المطلق على هاتيك الديار وكان مع ذلك يراجع الآثوريين أحياناً. ثم انتقل حكم العراق إلى (الاسكندر الكبير) فكانت (كركوك) في ضمن أجزاء مملكته ولما توفي الاسكندر وتقاسم ملكه قواده الثلاثة (بطليموس وسلوكس وانطيغونس) على النحو الذي يعرفه التاريخ، كانت (كركوك) من نصيب سلوكس فهدم مبانيها البالية وأقام سوراً فخماً جعل له 65 برجاً مهما ووسع عمارتها توسيعاً عظيماً وجعل لها بابين سمي الشمالي منهما (طوطي) باسم حاكمها يومئذ. ودعي شأن (كركوك) وصارت تسمى باسمه أي (كرخ سلوك) المنحوتة من (كرخا دبيث سلوك) أي (مدينة سلوكس) باللغة الأرمية ثم انتقلت إلى خلفائه من بعده وبقيت في حوزتهم زمناً طويلاً حتى انتقلت إلى

البرثيين عام 256 ق. م في ضمن ما انتقل إليهم وبقيت بأيدي هؤلاء أيضاً ردحاً من الزمن حتى شق أردشير عصا الطاعة على البرثيين عام 227م فاستقل ب (كركوك) وبقيت تحت شوكة الفرس حتى استيلاء العرب على العراق وقد سماها بطليموس (كركورا) ودعاها استرابون (ديمترياس). (لغة العرب) هذه اللمحة التاريخية هي أقرب إلى الخزافة منها إلى التاريخ فالملك سردنابال لم يوجد إلا في مخيلة بعض مؤرخي اليونانيين. وفضلاً عن ذلك أنهم لم يتفقوا في تعيين سني حياته. فمن قائل أنه أحرق نفسه مع حرمة وأمواله في سنة 759ق م (راجع بويه في سردنابال) ومنهم من ذهب إلى أنه ملك في سنة 836 ق م وأحرق نفسه في سنة 817 ق م. وعلى كل حال لم يكن ملك حتى لا ملك وهمي أو خيالي في سنة 800 ق م ليبني المدينة التي سميت بعد ذلك كركوك. والمصنفات التي يشير إليها حضرة الكاتب هي تأليف موضوعه لا قيمة لها في نظر الأخباريين والمؤرخين. والذي يمكن أن يقال أن باني هذه المدينة غير معروف (لعدم وجود مصادر تاريخية يصح الركون إليها) إذن كل ما يقال من باب التاريخ هو تزوير محض أو نبأ مختلق. وما يروي من أخبارها من عهد الاسكندر مما لا يوثق به أيضاً لأنه مستند إلى موارد صحيحة. وليسمح لنا القراء أن نذكر لهم أن المعلمة الإسلامية كتبت أسم كركوك بالحرف الإفرنجي هكذا أي بكسر الكافر الأولى وضم الثانية وهو مخالف للفظ العربي. نعم أن الترك يلفظونها بكسر الكاف الأولى لكن الكلمة ليست تركية حتى يتخذ هذا اللفظ اسماً صحيحاً، إنما الكلمة من نحت العرب لها فيجب أن يقال أو أما فخطا صريح وذكر في ذلك المقال أن جبال حمرين واقعة في الشمال الشرقي وضبط اسم هذه الجبال بفتح الحاء والصواب بضمها كما ضبطها ياقوت في مادة بارما والهمداني في صفة جزيرة العرب (ص 133) ولم نجد في كتب مؤرخي العرب من المسلمين من ذكر كركوك بهذا الاسم. أما النصاري فكانوا يسمونها الكرخ كما ذكر ذلك ايليا الدمشقي والأرميون ذكروها باسم (كرخا دبيث سلوك) وهكذا وردت في كتاب السينودكون (منذ سنة 410م). مدخل البحث هذا هو موجز تاريخ قلعة (كركوك) الحالية والمدينة تتقوم من قسمين مهمين يقال لأحدهما (القلعة) وما مر بك يتعلق بتاريخها والقلعة اليوم في حالة متوسطة العمران تطل بعض بيوتها على القسم الأسفل من البلد وفيها جامعان عظيمان يدعي الأول منهما جامع (مريمانه) ويسمى الثاني (جامع النبي دانيال) وسدانة كلا الجامعين بأيدي المسلمين وتدعي النصارى أنهما كانا كنيستين لهم

ويستشهدون على ذلك بوجود بعض الرسائل الدينية خطت لهتين الكنيستين خاصة. وفي الجامع الثاني ثلاثة قبور من الكبار هم (حنانيا وعزريا وميشائل) وتزعم اليهود أن (النبي دانيال) دفن في هذا الجامع وهو زعم لا يسنده دليل على الرغم من تأديتهم الفرائض الدينية له في كل سنة لأن النبي دانيال توفي في خوزستان على ما يقال ودفن في (ششتر) من أعمالها ولا يزال قبرة معروفاً هناك بموجب الرواية الشائعة. وأما القسم الثاني من (كركوك) فيدعي (السهل) وهو حديث على ما يظهر للمتتبع إذ يؤكد الطاعنون في السن أن قد بدأت العمارة فيه عام 1144 هج (1729م) ولم نعثر في الكتب على تاريخ له سوى ما جاء عن قرية (قورية) التي هي إحدى محلات كركوك اليوم مع بعدها الشاسع عن قسم (القلعة) فقد ذكر أن طهماسب جاء إليها عام 1146 هج (1733م) فضرب سكانها ودمر منازلهم وأحرق خيامهم واضطربت القرية بمن فيها وهجرها سكانها فقصدوا قرية (بشير) التي تبعد عن كركوك 20 ميلا ولما رحل طهماسب عنها عاد السكان إلى المحلة التي كانت تعظم بالتدريج بالقرب من القلعة. وكانت كركوك من المدن العراقية المهمة في العهد السابق وهي اليوم لا تقل أهمية عما كانت عليه والذي يجول فيها الآن يشعر بانشراح في الصدر وراحة في النفس لسعة شوارعها ونقاء هوائها وجمال منظرها وحسن عمارتها وكثرة ما فيها من وسائل الراحة وموارد العيش. يضاف إلى ذلك قربها من الجبال وارتباطها بالعاصمة بسكة حديد يبلغ طولها 203 أميال. وبيوت المدينة مبنية بالحجارة الكلسية لأن أرضها حجرية والتجارة فيها واسعة وتخترقها جادات مستقيمة صفت فيها الحوانيت صفاً بديعاً. ويمر بها نهر كبير يقال له (الخاصة) تتدفق فيه مياه الأمطار إذا كثرت أو فاضت مياه العيون الكثيرة. ويستقي السكان ماءهم من أربعة نهيرات تتفجر مياهها العذبة من جبل يبعد عن المدينة 30 ميلاً وهذه النهيرات هي (القورية والتسعين والزاوية والبيلاوة) وتقرب

من المدينة عدة آبار نفطية تستغلها شركات أجنبية تدفع إلى الحكومة العراقية أربعة شلينات ذهبناً عن كل طن تستخرجه من الزيت وقفاً للمادة العاشرة من الامتياز الذي خولته. وهذه الآبار منحصرة في أربع مناطق مهمة وهي (بابا كركر) و (طوز خرماتو) و (جم جمال) و (التون كوبري) وفي مراكز هذه المناطق بنايات فخمة وعمارات كثيرة ومكائن مختلفة وكلها للشركات صاحبات الامتياز النفطي وستتركها كلها للحكومة العراقية في عام 2000م وهو العام الذي ينتهي فيه أمد هذا الامتياز. تنظيمات اللواء الإدارية يتقوم لواء كركوك من ثلاثة أقضية (عدا النواحي المرتبطة بها) وسبع نواح وعدة قرى بين صغيرة وكبيرة. أما الأقضية الثلاثة فهي كفري وجم جمال (والجيمان فارسيان) وكيل (بالكاف الفارسية) وأما النواحي السبع فهي: 1 - كركوك. 2 - شوان. 3 - التون كوبري. 4 - ملحة. 5 - شبيجة. 6 - طاووق. 7 - قرة حسن. وأما القرى فيبلغ مجموعها 578 بعضها مرتبط بالأقضية وبعضها بالنواحي السبع الملحقة بمركز اللواء رأساً. وقد صعب علينا جمع أسماء هذه القرى ولا سيما الصغيرة منها ولهذا أرجأنا البحث عنها إلى فرصة أخرى وهانحن أولاء نبدأ بالكلام عن الأقضية والنواحي فنقول: النواحي الملحقة بمركز اللواء سبع وهي: 1 - ناحية كركوك وهذه داخلية أي يقيم مديرها في مركز اللواء وتتبعها 57 قرية. 2 - ناحية شوان وتتقوم من 89 قرية ومركزها قرية (ريدار) التي تبعد عن الشمال الغربي لمدينة كركوك 25 ميلاً وهي متوسط العمران والسعة. 3 - ناحية التون كوبري وهي تتألف من 33 قرية مهمة ومركزها قصبة التون كوبري (أي قنطرة الذهب) التي تبعد عن شمالي كركوك 30 ميلاً وهي مهمة يخترقها نهر الزاب الصغير وفيها جسران مهمان أنشأتهما السلطة الاحتلالية بعد أن نسفت الحكومة البائدة قنطرتها الحجرية التي شيدها السلطان مراد الرابع عام 1048هـ عندما أراد أن يعبر الزاب الصغير المسمى يومئذ (زاب البو

حمدان) وقد نسفتها بمقذوفاتها لتعطيل الحركات العسكرية على عدوها (وعدوها يومئذ الإنجليز والروس). 4 - ناحية ملحة وتتبعها 37 قرية ومركزها (تل علي) التي تبعد عن غربي كركوك 50 ميلاً وفيها الملح بكثرة. 5 - ناحية شبيجة (بالتصغير والجيم الفارسية ولفظها الصحيح شبيكة) وهذه تتألف من 25 قرية ومركزها القرية المسماة باسمها والتي تبعد عن الجنوب الغربي لكركوك 49 ميلاً وهذه القرية مبنية في أرض منخفضة تحيط بها هضاب وقد بنى فوق هذه الهضاب دواوين الحكومة ومراكزها المهمة. ويمر بها نهير يدعى باسمها وأغرب ما شهدته في هذه القرية كثرة المياه فأنك لا تستطيع أن تحفر في الأرض شبرين حتى يندفق الماء بغزارة. 6 - ناحية طاووق وهي واقعة في جنوب كركوك وعلى بعد 28 ميلاً عنها. وتشتمل على 29 قرية وأراضيها مخصبة للغاية ومركزها قرية طاووق المتوسطة العمران و (طاووق) كلمة تركية معناها (الدجاج) وربما سميت بهذا الاسم لكثرة هذا النوع من الطيور الداجنة فيها ويسير قطار بغداد إلى كركوك بالقرب منها فيعبر قنطرة حجرية يبلغ طولها ثلاثة أرباع الميل ويمر بها نهر (الخاصة) الذي تقدم ذكره ويقرب منها مزار للأمام زين العابدين (ع) فترى الناس يقصدونه من سائر الأطراف للتبرك به والاستشفاء مما ألم بهم وكثيراً ما يعودون إلى أوطانهم وهم على أتم صحة. 7 - ناحية (قرة حسن) ومركزها قرية (خالد بازيان) التي تبعد عن شرقي كركوك 25 ميلاً وهي متوسطة وقراها 52 قرية هذا وصف موجز للنواحي السبع المرتبطة بمركز اللواء ومعظم قراها عامرة وكلها آهلة بالسكان من العشائر الكردية التي تمتهن الزراعة وهي مدار العيش في جميع أنحاء العراق. 1 - قضاء كفري كفري وزان (كرسي) اسم ثان للصلاحية في (الخالص) من ديار العراق

وهي اليوم مركز القضاء المسمى باسمها وتبعد عن جنوبي كركوك 78 ميلاً ويربطها بالعاصمة الخط الحديدي (من بغداد إلى كركوك) وهي تقع إلى سفح الجبل المسمى (شهسواب). هواؤها جيد ومعتدل وماؤها عذب زلال إذ يتفجر في موضعين يقال لهما (سر قلعة وقوشة جايان) ويقرب من هذه القصبة بعض معادن يستخرج منها الفحم الحجري وقد استعملها الألمان مدة الحرب الكونية وبالقرب منها نوع من القار يقال له (الكفر) قال أبن شميل القير ثلاثة أضرب الكفر والقير والزفت فالكفر يذاب ثم يطلى به السفن والزفت يطلى به الزقاق (وهو الإسفلت عند الإفرنج). أه. والقصبة عامرة جداً وبيوتها جميلة وفيها متنزهات كثيرة وأسواقها متداخلة وتسير فيها الحركة العمرانية سيراً مطرداً وتجارتها حسنة وربما أصبحت من أهم القصبات في هاتيك الجهات بعد زمن قليل. للقضاء أربع نواح وهي كفري وطوز خرماتو وقره تبة وشيروانة. فناحية كفري داخلية وقد أبنا سابقا المقصود من الناحية الداخلية، وهي تتقوم من 119 قرية ويقيم مديرها في مركز القضاء أي (كفري). وأما ناحية طوز خرماتو فصقع واسع من أغنى أصقاع العراق بنفطه الفاخر وتستغل هذا النفط شركة أجنبية أوضحنا سابقاً بعض ما يهمنا معرفته عنها. وتتقوم هذه الناحية من 162 قرية ما بين صغيرة وكبيرة ومركزها القصبة المسماة باسمها وهي في حالة متوسطة وتبعد عن جنوبي كركوك 48 ميلاً وتقرب منها منازل عمال الشركة النفطية ومعاهدها ومكائنها وسائر ما يقتضي لها ولأشغالها ويحيط بها جبال بعضها شاهق والبعض الآخر قليل الارتفاع ويقربها أودية كثيرة فيها لأشجار الباسقة والثمار اليانعة مما يزيد في بهجتها وبهاء منظرها ويمر بها نهر الخاصة والقطار يعبر هناك جسراً حجرياً طويلاً. وأما ناحية (قره تبة) فتشتمل على 61 قرية متوسطة ومركزها البليدة الجميلة المسماة باسمها والتي تبعد عن الجنوب الغربي من مركز القضاء 21 ميلاً وقد سميت هذه القرية باسمها الحالي لوجود تل أسود بطرف من أطرافها ويأخذ الاهلون حاجتهم من الماء من نهير صغير يمر بقريتهم ودار الحكومة فيها يطل

على هذا النهير والقرية مشهورة بجودة لبنها وكرومها. ولكثرة اللقالق فيها يدعونها الناس (أم اللقلق) وأما ناحية شيروانه فيبعد مركزها عن شرق كفري 25 ميلاً وهي متوسطة العمران بها 13 قرية وفي وسطها قلعة حصينة شيدت فوقها مراكز الحكومة المهمة ومعظم سكان الناحية من عشيرة الجاف الكردية. 2 - قضاء جم جمال كان هذا القضاء تابعاً للواء السليمانية قبل الحرب وبعدها إلا أنه الحق بلواء كركوك في الأزمنة الأخيرة وهو يتقوم من مركزه ومن ناحيتين فقط يقال للأولى منهما ناحية (جم جمال) وهي داخلية وتسمى الثانية ناحية (أقجه لر) وهي تبعد عن الجهة الشرقية من مركز القضاء 25 ميلاً وليس أهمية تذكر غير أهميتها السياسية من وجهة الأمن. ومركزها قرية صغيرة قاعدة في وسط جبال شاهقة وعلى طول الطريق المؤدية إليها أشجار البلوط البديعة وبيوتها مبنية بالحجارة الكلسية وللشرطة فيها عمارة فخمة جداً وقد غرست حولها أشجار الرمان والماء فيها عذب. أما مركز القضاء فقرية واقعة وسط سهل مترامي الأطراف وهي تبعد عن شرقي كركوك 33 ميلاً وتسمى باسم القضاء والطريق بينها وبين كركوك وعر لكثرة الحفر والأخاديد التي فيه في حين أن الذي بين السليمانية وبينها معبد ومبلط وهذه القرية تقع في منتصف طريق (كركوك إلى السليمانية) وبالقرب منها منطقة نفطية غزيرة ولولا هذه المنطقة لما كان لهذا القضاء أهمية تذكر. وقرية جم جمال متوسطة بين ألوية أربيل والسليمانية وكركوك وهي حقيرة جداً ويمر بالقرب منها نهير صغير ماؤه عذب وبارد للغاية وفي وسط القرية تل مرتفع تسكن الحكومة فوقه أما الآن فقد شيدت لها مركز متناسبة مع أهمية القرية والقضاء. 3 - قضاء كيل (كيل) من المناطق الغزيرة النفط في لواء كركوك ونفطها من احسن الأصناف ونقي كل النقاء ويؤكد المختصصون أنه أفضل من النفط الروسي في الاحتراق. وقضاء كيل واسع وأن كانت نواحيه قليلة. ومركزه قرية صغيرة

مصطلحات حقوقية

واقعة في سهل (روخانة) على بعد 51 ميلا من شرقي كركوك ويقال لها (قادر كرم) وتتبعه 67 قرية كلها آهلة بالسكان من عشيرة الداوودة والزنكنة أو الجنكنة وهما كرديتان. للقضاء ناحيتان هما (كيل) (وسنكاو) أما ناحية كيل فمركزها قرية (قال قان لو) وهي حقيرة تبعد مركز القضاء (قادر كرم) عشرة أميال في غربيها الجنوبي. وأما ناحية سنكاو فمركزها (موك تبة) وهي قرية لا بأس بها وتبعد عن شرقي مركز القضاء 38 ميلاً وفيها حمامات نظيفة للغاية ويمر بها نهير عذب سريع الجري وصرح الحكومة فيها متناسب مع أهميتها. السيد عبد الرزاق الحسني مصطلحات حقوقية سألنا بعض طلبة الحقوق في بيروت أن نذكر لهم في مجلتنا ما يقال هذه الألفاظ الفرنسية التي لم يجدوا لها مقابلات في المعاجم الإفرنجية العربية وهي هذه: 1 - 2 - 3 - . وقبل ذكر ما في لغتنا من الأوضاع نفسرها لتتضح معانيها لغير الحقوقيين فالأولى معناها موطن يقرض فيه دراهم بفائض على وديعة يودعها المقترض وهذا يقابله عندنا المرهن بفتح الأول والثالث. وهو ظاهر المعنى. والثانية معناها معاقبة أو مكافأة تمنع أو تعاقب من يخالف الشرائع وليؤكد تنفيذها. وهو (الزناج) على ما جاء في مستدرك تاج العروس. والثالثة تعني (الوسيلة القصوى) وهي ظاهرة المعنى والاستعمال. وقد طالعنا مصطلحات (الموجز في علم الاقتصاد تأليف بول لروا بوليو وتعريب حافظ إبراهيم وخليل مطران) فلم نجد من هذه الألفاظ الثلاثة سوى الأولى وقد اصطلحا عليها بقولهما (مصارف الرهن المحتاز) وهو وضع أطول من يوم الصوم ولا يؤدي المعنى المطلوب فالمرهن أسد وأوفى بالمرام وأخف على اللسان والسمع وقد وجدنا أغلب أوضاع هذين الأديبين بعيدة عن مانوس الكلام فضلاً عن أنهما لم يلتفتا إلى ما وضعه من سقمها في هذا البحث.

قبر راحيل

قبر راحيل على يمين الجادة السابلة من بيت المقدس إلى مدينة خليل الرحمن وعلى بعد تسعة كيلو مترات من الأولى وبين الدور القور المستحدثة في ضاحية مدينة بيت لحم قبر السيدة راحيل زوج سيدنا يعقوب وأم ابنه يوسف الصديق عليهما السلام وهو تحت قبة كانت مكشوفة الجوانب فسدت بالشيد والحجارة ولم يترك لها غير باب واحد يدخل إليه من مصلى صغير ونافذتين في جانبيها. وهذه القبة وهذا المصلى يقعان على جانب مقبرة لمسلمي بيت لحم التي شطرتها الجادة إلى شطرين فظل القليل منها عن اليسار والكثير في اليمين وفي كليهما أشجار باسقة من الزيتون. وعلى الرغم من أن في الجانب الأيسر بعض وجبانة للدفن فان الأرض التي تضمنتهم قد بيعت من رجل مثر أسمه ناتان ستروس من محسني اليهود ليبني عليها دار ضيافة لليهود الذين يقصدون إلى زيارة قبر راحيل في موسم معلوم من السنة. ذلك لأن أوقاف المسلمين في كل قطر ومصر كانت ولا تزال نهبة الناهب وطعمة الطامع. والغريب في أمر قبر راحيل أنه كان منذ الأزمنة المتطاولة في القدم في

يد المسلمين يدلنا على ذلك ما رواه غرس الدين خليل بن شاهين الظاهري المتوفي سنة 872هـ 1467م من عمارة أبيه شاهين الظاهري قبة وصهريجا ومسقاة للسبيل في ذلك الضريح وما ذكره الأب مايسترمان في دليله من إقامة محمد باشا وإلى بيت المقدس سنة 968هـ 1560م الجدران الأربعة تحت أقواس القبة المكشوفة وبنائه قبراً تحتها بدلاً من الشكل الهرمي الذي كان فيها واتخاذها مزاراً للمسلمين وقد ظل هذا القبر بأيدي المسلمين إلى القرن الماضي فحصل السير موسى منتفوري من كبار اليهود البريطانيين على أذن من الدولة العثمانية صاحبة السلطان على الأرض المقدسة إذ ذاك بتسليم مفتاح القبة لليهود على أن يبني إلى جانبها مصلى للمسلمين فبنى لهم سنة 1257 هـ 1841م وجعل المحراب في وسطه هذا ما يقوله الأب مايسترمان في دليله. والذي سمعته من شيوخ بيت لحم أن مفتاح قبة راحيل كان إلى الأيام الأخيرة في أيدي المسلمين وأن قبيلة التعامرة الضاربة بجوار بيت لحم هي التي كانت قيمة عليها إلى أن أغري أحد شيوخهم بالمال فسلمة لليهود للقاء دراهم معدودة وكان فيه من الزاهدين. وأن المكان المعقود بجانب القبة والذي نستطيع أن نسميه مصلي قد بني في سنة 1322هـ 1904م. ولإزالة اللبس بين الروايتين يجوز لنا أن نستنتج أن القبة أعطيت لليهود بأذن الحكومة ولكنهم لم يتمكنوا من القيام عليها ومحافظتها في تلك الأيام بدون حام يحميهم فاستعانوا بتلك القبيلة وائتمنوا شيخها على القبة والمفتاح إلى أن اشتد ساعدهم وقويت شوكتهم فأخذوا المفتاح نهائياً واستقلوا بالقبة. أما بناء المكان فقد نعله بانهدام الذي بناه اليهود قبلاً وإعادة المسلمين له إذا صح أن الشرط الذي اشترطته الحكومة نفذ في حينه.

فلما تمكن اليهود منه زخرفوا داخل القبة واتخذوا الشهر العبري الذي يوافق شهر أيلول - سبتمبر - من كل سنة موسماً خاصاً لزيارتها وأخذوا يفدون عليها في ذلك الشهر زرافات ووحدانا مشاة وركبانا يشمعلون حولها ويبكون ويعولون وهذه صورة القبة والمصلي: (صورة) قبة راحيل والمصلى

والظاهر أن اليهود الذين لم يكن بأيديهم قبل قبة راحيل أي موضع ديني أثري قد جعلوا منها محجاً يحجون إليه تقليداً للنصارى الذين يملكون في بيت المقدس كنيسة قمامة بتسمية المسلمين. والقيامة بتسمية النصارى وكنيسة ولادة السيد المسيح عليه السلام في بيت لحم وللمسلمين الذين يملكون المسجد الأقصى في بيت المقدس ومسجد إبراهيم عليه السلام في خليل الرحمن. وإلا فأن قبر راحيل لم يكن معبداً لليهود ليعنوا به هذه العناية ولا شأن له عندهم كشأن حائط المبكي - وهو الجدار الغربي من سور المسجد الأقصى المعروف عند المسلمين بالبراق - الذي أثيرت بسببه الحفائظ وأريقت الدماء في الأرض المقدسة في السنة المنصرمة. صفة القبر تدخل إلى القبة من تحت قنطرة متجهة إلى القبلة فتصبح القبة عن يمينك والمصلي عن شمالك. وللقبة بابا مغلق يتجه إلى الشرق فعندما تفتحه يقابلك القبر وهو يزيد ارتفاعه على المترين وقد طلي خارجه بطبقة من الرمل والشيد وليست عليه كتابه تاريخية قديمة أو حديثة ولكن على جدران القبة بعض ألواح حجرية كتب عليها باللغة العبرية وهي حجارة تذكارية خلفها بعض الزوار الذين يرغبون في تدوين أسمائهم. وقد رأينا أمثالها في كنيسة الأرمن المجاورة لكنيسة الولادة في بيت لحم وهي باللغة الأرمنية والتركية. وعلى جدران القبة بعض الستائر الحريرية نقش عليها مجن داود أي مثلثات يتألف منها شبه نجم وهو شارة الصهيونيين اليوم بخطوط زرق على أرض بيضاء. ما حول القبر الأشجار التي حول المقبرة هناك - ومنها الشجرة الظاهرة في الصورة الشمسية إلى جانب القبر - هي من شجر فلسطين المبارك أي الزيتون. وعلى مقربة من القبر أنقاض مسقاة ماء إلى جانب صهريج تجتمع فيه مياه الشتاء. ولعل تلك المسقاة وذلك الصهريج هما اللذان ذكرهما غرس الدين الظاهري في ما تقدم من كلامه.

وبأخر المقبرة مقلع حجارة منه الناس ما يحتاجون إليه لبناء بيوتهم وقد علمت أن المتر الواحد يكسر في مثله من هذا المقلع قد بيع بجنية واحد مما يدل على وجودة نوعه ونقاء معدنه. مدينة بيت لحم قبر راحيل على ما ذكر في التوراة في طريق أفراثة التي هي بيت لحم وعلى قول الشريف الأدريسي الجغرافي العربي هو وسط الطريق بين بيت المقدس وبيت لحم وهو وهم لأن القبر يبعد عن الأول زهاء خمسة أميال بينا هو لا يبعد عن الثانية نحو ميل واحد. وعلى رواية السائح الهروي في الطريق من القدس إلى مدينة الخليل. وعلى رأي غرس الدين الظاهري بأواخر كروم القدس. أما على قول مجير الدين الحنيلي فهو بيزبيت المقدس وبيت لحم وكل هذه الأقوال صحيحة فأن الطريق من بيت المقدس إلى مدينة الخليل (حبرون) كانت وما زالت تمر بقبة راحيل ثم تتفرع بعد ذلك إلى بيت لحم وبيت جالا ويتصل من الجادة الأصلية إلى خليل الرحمن. أما اليوم فقد أصبح القبر محاطاً به عن أيمانه وشمائله بالدور الفخمة والقصور الشاهقة لأغنياء بيت لحم وأضحى جزءاً من المدينة. وأننا ننقل فيما يلي ما جاء في التوراة عنه ثم نردفه بأقوال جغرافيين العرب ورحالتهم وكذلك أقوال الأب مايسترمان التي نقلها عن رحالة الفرنجة. قبر راحيل في التوراة جاء في سفر التكوين في الإصحاح 35: 16 - 20 من طبعة جمعية التوراة البريطانية والأجنبية: (16 ثم رحلوا (أي يعقوب عليه السلام ومن معه من بيت أيل ولما

كان مسافة من الأرض بعد حتى يأتوا إلى أفراثه ولدت راحيل وتعسرت ولادتها (17) وحدث حين تعسرت ولادتها أن القابلة قالت لها لا تخافي لأن هذا أيضاً ابن لك (18) وكان عند خروج نفسها لأنها ماتت أنها دعت أسمه أبن أوني، وأما أبوه فدعاه بنيامين (19) فماتت راحيل ودفنت في طريق أفراثه التي هي بيت لحم (20) فنصب يعقوب عموداً على قبرها وهو عمود قبر راحيل إلى اليوم). قبر راحيل عند جغرافيي العرب وهذه أقوال جغرافيي العرب ورحالتهم عن قبر راحيل بحسب سنتي وفاتهم: قال المقدسي المتوفي بعد سنة 375هـ 985م. (أقليم الشام جليل ديار النبيين ومركز الصالحين ومعدن البدلاء ومطلب الفضلاء به القبلة الأولى إلى أن يقول (وقبر مريم وراحيل). وأورد الشريف الإدريسي بعد سنة 548هـ 1153م. وأما بيت لحم وهو الموضع الذي ولد فيه المسيح بينه وبين القدس ستة أميال وفي وسط الطريق قبر راحيل أم يوسف وأم أبن يامين ولدي يعقوب عليهم السلام. وهو قبر عليه اثنا عشر حجراً وفوقه قبة معقودة بالصخر). وذكر بهاء الدين أبن عساكر المتوفي سنة 600هـ 1203م بين قبور إبراهيم وأسحق ويعقوب ويوسف قبر راحيل وقال عن تلك القبور أنها جميعاً

ظاهرة بفلسطين. وقال السائح الهروي المتوفي سنة 611هـ 1214م الطريق من القدس إلى مدينة الخليل عليه السلام. قبر راحيل أم يوسف الصديق عليه السلام وعن يمين الطريق بيت لحم. وفي نسخة أخرى وهي أصح عبارة من الأولى. (الطريق إلى مدينة إبراهيم الخليل عليه السلام، قبر راحيل أم يوسف الصديق عن يمين الطريق والله أعلم). وقال أبن فضل الله العمري المتوفي سنة 748هـ 1347م: (قبر راحيل أم يوسف. عن يمين الطريق السالك من القدس إلى الخليل). وقال سراج الدين أبن الوردي المتوفي نحو سنة 850هـ 1446م: (وبينه (أي بين الموضع ولد فيه المسيح وبين بيت المقدس) ستة أميال وفي وسط الطريق قبر راحيل أم يوسف الصديق عليه السلام). وقال غرس الدين الظاهري المتوفي سنة 782هـ 1467م. وبأواخر كرومها (أي كروم بيت المقدس) قبر السيدة راحيل أم يوسف الصديق عليه السلام. وأقام والدي المرحوم شاهين الظاهري قبة وصهريجاً ومسقاة للسبيل وبيمين الطريق بيت لحم.). وقال مجير الدين الحنبلي المتوفي سنة 927هـ 1521م: (وبين بيت المقدس وبيت لحم قبة راحيل والده سيدنا يوسف الصديق عليه السلام وهي إلى جانب الطريق بين بيت لحم وبيت جالا في قبة موجهة لجهة الصخرة

وهي مشهورة تزار). وقال القرماني المتوفي سنة 1019هـ 1610م: وبيت لحم قرية على فرسخين من بيت المقدس وبقرب هذه القرية قبر راحيل والدة يوسف الصديق عليه السلام). وقال عبد الغني المتوفي سنة 1143هـ 1710م: (فمررنا على قبة راحيل وهي أم يوسف الصديق عليه السلام. فوقفنا عند ذلك القبر العظيم وقابلناه بالإجلال والتكريم وقرأنا الفاتحة ودعونا الله بما تيسر لنا من الدعاء والله بصير بسعي من سعى). قبر راحيل عند جغرافيي الإفرنجة هذا ما أطلعنا عليه من أقوال العرب وقد نقل الأب مايسترمان في دليله أن المؤرخين الثلاثة أوريجانس واوسابييوس والقديس هيرونمس قالوا بوجود قبر راحيل بجوار بيت لحم. وأن الزائر البرديلي (نسبة إلى مدينة بردو بفرنسة الذي زار هذا القبر سنة 333 المسيحية أي قبل الهجرة المحمدية ب 289 عاماً يصف ذلك الأثر التذكاري المبني فوق ضريح يقع على مسافة أربعة أميال جنوبي بيت المقدس ونحو ميلين شمالي كنيسة ولادة السيد المسيح عليه السلام الكائنة في بيت لحم. وأن ثيودوسيس وجد حجراً تذكارياً فوقه سنة 530م أي قبل الهجرة باثنين وتسعين عاماً. وأن أركلف ذكر أن ذلك البناء كان في سنة 670م 48هـ على شكل هرم وأن كلا من ثيودوريك والرباني بنيامبن التطيلي والشريف الإدريسي يقول أن ذلك الهرم كان من أثني عشر حجراً يمثل أبناء يعقوب الاثنين عشر أي أسباط بني إسرائيل. وأن المؤرخين ذكروا أن الصليبيين بنوا فوقه مربعاً قائماً على أربعة أعمدة كل منها يتصل بالآخر بقنطرة

ارتفاعها 21 قدماً وعرضها 12 قدماً وجعلوا فوق ذلك قبة. وأن الحجارة التي كان يتألف منها الهرم فقدت في القرنين الخامس عشر والسادس عشر للميلاد أي في القرنين التاسع والعاشر للهجرة. وزاد الأب مايسترمان على ذلك بقوله أن ذلك الضريح جدد بناؤه غير مرة قلنا ويتضح من أقوال الأب مايسترمان أن أول قبة على قبر راحيل هي التي بنيت في زمن الصليبيين في حين أن غرس الدين بن شاهين الظاهري يقول أن الذي بناها والده كما تقدمت الإشارة إليه. ويجوز أن تكون القبة التي بناها هؤلاء في زمن استيلائهم على بيت المقدس وما إليه - وكان ذلك من سنة 492هـ 1099م إلى سنة 583هـ 1187م - قد هدمت فأعاد شاهين الظاهري بناءها. وهنا مجال لأن ننبه إلى دقة وصف الإدريسي فقد كان أول رحالة عربي ذكر أن قبر راحيل يتألف من أثني عشر حجرا كما اعترف له بذلك الأب مايسترمان. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص (لغة العرب: تتمة معربة عن معلمة التوراة لفيغورو 9: 926) لما بلغ يعقوب إلى ديار كنعان توجه إلى ممرا ليلاقي فيها والدة إسحاق ولما غادر بيت أيل كان على مسافة محدودة من أفراثه ولما طلقت راحيل في المخاض سمعتها قابلتها فقالت لها أنها تلد أبناً. إلا أن راحيل كانت تحتضر وسمعت ابنها بن أوني (أي وجعني أو ابن أنيني) ثم صحفها يعقوب وقال: بنيمين (أي أبن اليمين) وقضت راحيل أنفاسها في مثيرها بالقرب من بيت لحم. فشاد يعقوب على قبرها بناية كانت تشاهد إلى العهد الذي كتبت هذه الآية من سفر الخلق. أما اليوم فهو (في سنة 1922م) مقام مربع حسن عليه قبة بنين في سنة 1679 بذيل طويل ذاهب إلى الشرق بناه السر موزس منتفيوري والقبر في

بيت عراقي قديم

داخل المدفن. وهو بناء بهيئة مزدوج كسقف من سقوفنا (أي في ديار الإفرنجة) سمكة من ثلاثة إلى أربعة أمتار وقد غشني وجهه بالنقوش العربية وكلها بالستوق. والبناء حديث إلا أن موقعه يقابل كل المقابلة ما جاء في نص سفر الخلق. فقد ذكر هناك القبر كان موجوداً في عهد موسى الكليم. وبعد سبعة قرون ذكره سموئيل لشاول (1 - سفر الملوك 10: 2) والقديس هيرونمس ذكره مراراً عديدة ووصفه أركلف في المائة السابعة للميلاد وقال: عليه هرم ويذكر نصباً إقامة يعقوب والإدريسي العربي من وصاف البلدان في المائة الثانية عشرة يقول. على هذا القبر اثنا عشر حجراً وكلها وقوف ذكرى للأسباط الإثني عشر. فترى من هذا أن التواتر ثابت بين الناس من يهود ونصارى ومسلمين أن في ذلك الموضوع دفنت امرأة يعقوب الحسناء. بيت عراقي قديم مرتضى أفندي المؤرخ الشهير أبن نظمي البغدادي 5 - أن العراق من زمن العباسيين وإلى اليوم كتب عنه مؤرخون كثيرون. وحاولوا في كتاباتهم سلسلة حوادثه ووصلها بعضها ببعض بحيث يكمل الواحد ما قام به الآخر. ولكن نظر للطوارئ الكونية والحوادث الحربية والسياسية حصل انقطاع في بعض هذه الحوادث ولم يتيسر إيصالها بعضها ببعض ولا تسلسل حوادثها إلى اليوم. ولم يتيسر أن كتب أحد تاريخا مستقلاً للعراق تصل حوادثه إلى أيامنا سوى مترجمنا مرتضى أفندي آل نظمي. فهو بحق (مؤرخ العراق). قد كتب عن أحوال العراق جماعة من رجال الأمم الأخرى التي استولت عليه أو المجاورة له في عصور تدوره هذه إلا أنها لم تدون من الوقائع إلا ما كان متعلقاً بحروب بين المجاورتين أو ماله مساسا بأمورنا الداخلية وعلاقته بنظامها فلم تذكر غير وقائع الفتح والفتن وحوادث الثورات على الحكومة. . . وأهملت

أمر الأمة فلم يحرص على هذا المحيط وبيان أحواله الحقيقية والموسعة سوى أبنائه. أن الذين كتبوا صاروا يراعون سياستهم وأغراضهم وقد قيل (الغرض مرض) لذا لم يتح ذلك إلا لمؤرخ عراقي معروف. ولكنه لا يزال باقياً في جهالة عن الكثيرين من أبناء قطرنا في حين أنه مشتهر لدى الترك والعلماء الغربيين. وله مكانته الممتازة عندهم. وللغة العرب الغراء وصديقنا يعقوب أفندي سركيس الفضل في التنويه عنه. ولولا هذا المؤرخ الكبير لبقيت حوادث كثيرة مبهمة بل مجهولة عنا. فلا تجد صلة بيننا وبين ماضينا وقومنا على ما كانوا عليه من بؤس وشقاء أو نعيم وقتي وأن كان لا يستحق الاطراد وهذا المؤرخ سد فراغاً لم يستطيع أحد سده إلى زمنه فحفظ لنا وقائع هذا القطر وأنه شاهد عيان فيما كتبه عن زمنه. فهو ثقة وعارف بالمجرى التاريخي خصوصاً بعد أن نعلم أنه من موظفي الحكومة. أما غيره فيصح أن يطلق على أكثرهم لقب مداحين بل مداجين مرائين. وأن لم يخل هو نفسه من إطراء ومدح لحكومته وبعض ولاتها المعاصرين ولكن على كل حال لم يزاحمه مزاحم ولا عارضة معارض إلى الآن. فله الفضل الكبير على العراق فيما مضى في عمله وسيأتي الكلام على تاريخه (كلشن خلفا) عند مؤلفاته. وهنا أقول أنه أديب شاعر وناثر معاً كتب بعض البيورلديات (الأوامر السامية) للولاة المعاصرين وأدرجها وعهدت إليه كتابة الديوان. والظاهرة أنه خلف أباه في كتابة الديوان فضلاً عن أنه مؤرخ. وأن نفس مؤلفاته تدل على علو كعبة في الآداب واقتداره المكين فيها. أرتضع الأدب من أسرة عريقة فيه متأصلة في العلم. وهو أبن محمد نظمي البغدادي الذي هو أبن بنت عهدي البغدادي ولا يعول على ما جاء في السجل العثماني من أنه أبن السيد علي البغدادي بعد أن ذكر كلشن شعراء أنه أتخذ أسمه لقباله كما أن تذكرة سالم تؤيد أنه أبن نظمي، وكذا نفس أسرته تعتقد أنها لم تكن من نجار هاشمي أو قرشي كما تحققتة منهم. ولا يزالون يحفظون أنهم من أصل تركي. ولعل ما وقع فيه صاحب السجل من الغلط ناشئ من بعض أبيات قالها ابن مرتضى أفندي

وهو عبد الله أفندي المفتي كما يأتي الكلام عليه. وقد ذكر السجل أنه توفي سنة 1136 وأنه ولد في بغداد. أما ذهابه إلى الآستانة فلم يذكره سوى صاحب السجل. وأظن أنه ليس بصحيح. وإلا لذكر ذلك معاصره سالم أفندي قاضي العسكر الذي شاهد مؤلفه وهو (كلشن) ومؤلف أخيه (شرح وصاف) المار ذكره. ويظهر من تدقيق النظر في مؤلفاته أنه عاش بعد سنة 1130 ومن المتيقن أن الالتباس في تاريخ وفاته ناشئ من أن أخاه توفي سنة 1130 فحصل بسبب ذلك الاشتباه وعلى كل حال أن مرتضى أفندي شاعر وأبياته في مؤلفاته كثيرة وكاتب مجيد فهو من الكتاب القديرين وأن كتبه كلشن وذيل سيرنابي وتذكره الأولياء وتاريخ تيمور تدل على مهارة أدبية وقابلية كبيرة وقدرة على الإنشاء. وغاية ما يقال عنه أنه رجل اختصاصي في التاريخ العراقي والتاريخ الإسلامي الذي له علاقة به فالعراق بحق يفتخر به. وقد أطراه صاحب الدوحة اطراءاً وكذا صاحب مرآة الزوراء ووصفة بما يليق به. مؤلفاته: 1 - تذكره الأولياء المسمى (جامع الأنوار في مناقب الأبرار) أن مرتضى أفندي لم يكشف ببيان تاريخ هذا المحيط من الوجهة السياسية والحربية وتسلط الحكومات عليه بل أنه كتب التاريخ الإسلامي بتمامه تقريباً من نقطة علاقته بالعراق وموضحاً لجراه ولذا نراه قد ذيل سيرنابي وكتب كلشن خلفاء وترجم تيمور. ولكنه توسع من ناحية أخرى فذكر مشاهير رجال العراق المشهورين بالصلاح والتقوى. ويظهر لأول وهلة أنه ألفها بعد التاريخ إلا أن مراجعة نفس الأثر تبين أنه قبل سائر مؤلفاته المعروفة. ذكر مشاهير رجال العراق في الصلاح والتقوى فبعد أن ذكر بعض الأنبياء مثل يوشع وذي الكفل عليهما السلام تقدم لبيان الأولياء والمشاهير من الفقهاء والمتصوفة والزهاد واعتمد على كتب معروفة كالنفحات للجامي وطبقات الشعراني وابن خلكان والصواعق وروضة الصفا إلى غيرها وعلى حكايات وروايات منقولة مما وصل إليه. وفي هذا الكتاب كشف اللثام عن قسم مبهم لو لم يوضح عنه ولم يكتب لما

كان تمكن أحد من الوقوف على أحوال الكثيرين ولبقبت أحوالهم في عماء عنا كتبه في بادئ الأمر مختصراً ومجملاً في زمن السلطان محمد خان العثماني للوالي ببغداد آنئذ وهو إبراهيم باشا الطويل (أوزون إبراهيم) سنة 1077 هـ. وكان هذا الوالي راغباً كثيراً في تحقيق الأولياء والأبرار فطلب من المؤلف أن يقوم بتأليف يوضح أحوالهم ويبين مناقبهم. ثم أنه بعد ذلك ورد لبغداد وال آخر وهو إبراهيم باشا أيضاً فدخلها في جمادي الثانية سنة 1092 فاستطاع هذا أيضاً أخبار الأخبار فطلب من المؤلف إكمال الكتاب المذكور. وحينئذ راجع المؤلف المصادر المذكورة وغيرها فأكمل نقصه ونقح وذيل فأبرزه بشكله الموجود. ومن هذا الأثر نسخة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد تحت رقم 2442 من موقوفات سليمان باشا على مدرسة السليمانية وقفها سنة 1198 وهي خطية سطور الصفحة منها 19 سطراً وطولها 21 سنتيمترا وعرضها 15 سنتيمترا وصحائفها 178 كتبت في 15 صفر سنة 1155 وأظن أنها الخطية الوحيدة فلم أعثر على غيرها. وأولها: أي دوست علم وأجب الوجود أو لان اسم جلال سرسورة أسماء جلال وجمال الخ. وقد كتب في أعلى الصفحة الأولى (كتاب تذكرة الأولياء ومراقد الأصفياء في أطراف بغداد دار السلام). أما المؤلف فأنه سماها في صلب مقدمة الكتاب (جامع الأنوار في مناقب الأخيار). وهذه النسخة تنقد من جهة أن الإعلام كان يكتبها ناسخها أحمر ولكنه تركه أخيراً وتهاون في الخط أيضاً. ومع كل هذا فهي مما يعول عليه. لأنها كتبت في وقت قريب من زمن المؤلف فهي ثمينة من هذه الجهة ولم تدخلها أغلاط النساخ العديدة. ونظراً لأهمية هذا الأثر اضطر علماؤنا إلى نقله وتعريبه إلى لغة الضاد فكان ذلك نصيب اثنين لا يدري أحدهما بالآخر على ما يظهر وهما: 1 - السيد أحمد أفندي أبن السيد حامد آل الفخري الموصلي بإشارة من سعد الله بك نجل الوزير الحاج حسين باشا ترجمه عن التركية والأصل لمرتضى

أفندي الشهير بنظمي زاده لما كان والياً على بغداد سنة 1092 وهي بخط المعرب (كذا) قال صاحب مخطوطات الموصل في الصحيفة 122 تحت عنوان (ترجمة أولياء بغداد) والحال أن المؤلف لم تعهد إليه ولاية بغداد فالقول بذلك غلط تاريخي لا يغتفر من الفخري. ومن هذا التعريب نسخة في المتحفة البريطانية أيضاً. 2 - عيسى صفاء الدين أفندي البندنيجي المتوفي ليلة الأحد 17 رجب سنة 1283 والأصل لمرتضى أفندي نظمي زاده أوله: الحمد لله الذي بذاته في منصة الأحدية الخ. وقد شاهدت نسخة منه خطية عند حفيدة صفاء الدين أفندي قبل بضعة أشهر وأخرى في مكتبة الأب انستاس الكرملي وصحائفها 606 ولم يبين مؤلفها تاريخ تعريبها إلا أنه يقول كان هذا التعريب إنما تم بالحاج من السيد محمود أفندي النقيب والسيد محمود أفندي الالوسي وكانا معاصرين له سوى أنه لم يذكر أنها لمرتضى أفندي وأظن أن النسخة الموجودة لدى الصديق لدى الصديق صفاء الدين أفندي شيخ التكية البندنيجية هي الأصل. وقد قال عنه المرحوم شكري الالوسي: أجاد فيه غاية الإجادة حتى شهد له بالفضل أهل العلم واستحسنه الأباء. انتهى. نعم أن نقل هذا الكتاب إلى العربية كان نصيب اثنين لا يدري أحدهما بالآخر على أقوى احتمال سوى أن هاتين الترجمتين لم يجر تدقيق النظر فيهما لتحصل المقابلة بينهما فينتقي الأحسن وينبه على مواطن الغلط أو السهو في كل منهما. ومن السهل الحصول على النسختين المذكورتين لمن هو راغب في إذاعة الصحيح واختيار الأصلح بإضافة بعض التعليق لإتقان العمل وإكماله. ويهمنا في هذا المقام بيان مكانة هذا الرجل الذي يكاد يكون قد وقف حياته الطويلة في تدوين تاريخ العراق وإيضاح الكثير من صفحاته وغوامضه المبهمة. 2 - ذيل (درة التاج في سيرة صاحب المعراج) أن درة التاج في سيرة الرسول (ص) معتبرة لدى الترك القدماء. وهي للمرحوم ويسي أفندي (أويس أفندي أبن محمد) المتوفي سنة 1037هـ حينما كان حاكما في أسكوب. وهو شاعر وناثر مشهورة بالهجو وكان أبوه قاضياً. وهو من قصيدة (الأشهر) بخلاف ما جاء في كشف الظنون كما نبه على ذلك في قاموس

الإعلام. ولما توفي كان عمره 68 عاماً. تولى القضاء في أسكوب سبع مرات ولذا توهم صاحب الكشف أنه من أهليها. وهو أبن أخت (مقالي) الشاعر المتوفي سنة 992هـ وقد تحدى الأدباء تحريره مدة طويلة ونثره معتبر أكثر من نظمه إلا أنه لا يروق أهل هذه الأزمان لما فيه من التأنق واستخدام المحسنات اللفظية والتراكيب الصناعية مما أدى إلى تعقيده بحيث يحتاج فيه المرء إلى ترجمان ويقال لسيرته هذه (سيرة ويسي) أيضاً كما يقال لها (مكي ومدني) وله رسالة في الانتصار للجوهري على صاحب القاموس وأخرى في نوادر اللغة العربية. صدر كتابه ببيتين فارسيين وفي أثناء تحريره غزوة بدر الكبرى عاجلته المنية وهذه السيرة مطبوعة في الآستانة وعندي منها نسخة خطية مجموعة مع ذيولها الآتية. وهي: ذيل سير نابي: قد كتب يوسف نابي أفندي ذيلاً على هذه السيرة (درة التاج) المذكورة طبع في مصر في جمادي الثانية سنة 1240 وهذا المؤلف يعد من أعاظم الشعراء العثمانيين. وله ديوان مطبوع. وهو من أهل أرفا (أورفه أي الرها) وفي زمن السلطان محمد الرابع ذهب إلى الآستانة فتولى عدة مناصب وتوفي سنة 1124 ويحكى أنه قال قبيل الوفاة (نابي بحضور أمد) فصار تاريخاً لوفاته، وله هذه السيرة المعروفة (بذيل سيرنابي) أو (سيرحبيب اكرم). (ذيل مرتضى أفندي): وهذا هو الذيل الثاني لسيرة ويسي. فرغ منه مؤلفه سنة 1121 كما صرح به في النسخة الخطية الموجودة عندي المحتوية على الأصل (درة التاج) وذيل سيرنابي (المذكورتين وهذه الثالثة أقدم على إكمالها مرتضى أفندي بعد أن أحجم كثيرون عن الجري وفق نهجها وقد أطرى مرتضى أفندي صاحب الأصل وصاحب الذيل الأول وذكر أنه ألقى دلوه في الدلاء وأن كان لا يدرك شأو من سبقه. ولما كانت بلسان أدبي أحجم عن إكمالها غيره وتمت على يده. وهذا ينم عن مقدرة وتفوق وقال: أن هذا عمل شاق ووضع صعب بالنظر للأدب العصري في زمنه. وأما اليوم فقد تغير الوضع وتوجهت

الاستقامة الأدبية إلى نهج جديد من مراعاة الترسل واتباع قاعدة التبليغ عن المرام بأسهل طريقة. ولم أجد ضرورة أجد تدعوا إلى وصف هذه النسخة لمبذولية هذا الأثر وشيوعه. وعندي نسخة أخرى مجدولة ومكتوب في صدرها (تأليف مرتضى جلبي نظمي زاده) وهي نسخة نفيسة لولا أنها مخرومة الصفحة الأخيرة وقد أكملت بخط آخر. 3 - كلشن خلفا أن هذا المؤلف هو واسطة اشتهار مرتضى أفندي: أوله مطلع أنوار كلام قديم ميمنة أفزاي أمور جهان الخ وقد أحله الترك مكانة سامية وطبعوه في مقدمة الكتب التي نشروها في الآستانة في مطبعة إبراهيم متفرقة سنة 1143 وصحائفه 260 واشتهر عندهم وعرف أكثر مما عندنا والذين يقدرون عندنا هذا المؤلف قليلون. وأكبر مشجع للترك في طبعة هو أنه يروج سياستهم في الخارج وفي العراق ويجعل لهم المكانة العليا مما لم يحلم به الترك أنفسهم من بيان الدواعي والأسباب حتى أنه لم يقتصر على ترويجها عند ذكر العثمانيين فحسب بل روجها في جميع صفحات تاريخه حتى عند ذكر هلاكو وانتقال الخلافة إلى مصر، فنراه يندد بالخلفاء المتأخرين ويحط من سياستهم ويعد ظهور العثمانيين نعمة لحماية الخلاقة ويبتدئ تاريخه من أوائل العباسيين وينتهي في سنة 1130هـ. كتب هذا التاريخ سنة 1100 هـ زمن الوالي عمر باشا السلحدار وذكر في نفس التاريخ لهذا الوالي أبياتا وعارضها بنظم له لطيف راجع (الورقة 107) من الكتاب وتسلسلت حوادثه إلى سنة 1130 وهو على اختصاره لا نجد في غيره من الحوادث ما يجلو عنها أو يكشف الستار عن حقائقها إلا قليلاً. فلولاه لما أمكن للناس الإطلاع التام على الحوادث كما ذكرها هو فأن كتابة يضم في مطاويه مباحث كبيرة عن حالة العراق وجباية أمواله والتبدل الحاصل فيها وذكر وزرائه وعماراته. وبالأخص أن تاريخ العثمانيين غامض من أوائل دخولهم العراق إلى زمن السلطان مراد الرابع وما يليه. فما وجد في غيره مقطوع غير موصل. وقد أثنى صاحب تذكرة سالم على هذا التاريخ إلا أنه

نقده في أن تركية قديمة لا تأتلف هي واللغة الدارجة (في ذلك الزمن). وهذا التاريخ اعتنى به المؤرخون العراقيون بعدة وإلى اليوم لكني لم أر له نسخة خطية سوى نسخة واحدة مخرومة الأول والآخر والمظنون أنها كتبت في زمان المؤلف. شاهدتها وهي من كتب الصديق الفاضل يعقوب أفندي سركيس ومن أهم الكتب التي ذيلت به (دوحة الوزراء) لرسول حاوي أفندي تتضمن حوادث أكثر من مائة سنة تبتدئ من حيث انتهى وتمتد إلى سنة 1237 الهجرية وفي هذا الذيل تفصيل أكثر وسعة في المباحث وسأفرد له مقالاً خاصاً. وعلى هذا الذيل ذيل آخر وهو (مرآة الزوراء) مكمل للدوحة ومعقب لحوادثها. كتب بقلم أكبر العارفين بتاريخ هذا المحيط للمدة الأخيرة وهو (سليمان فائق بك) أبن الحاج طالب كهية ووالد حكمت بك سليمان ومحمود شوكت باشا، وسأفرد لهذا الفاضل أيضاً مقالاً أثر الكلام على صاحب الدوحة ومن الله المعونة. ثم تقف الحوادث ولم توصل بذيل ولا بغير ذيل ولكن أوراق الحوادث (الجرائد) أخذت تنتشر فلم يبق خفاء. وقد بان المبهم ووضع الصبح لذي عينين فتكاثرت المباحث عن أحوال هذا المحيط. ومع هذا فأن مجاهله الكثيرة لا تزال غامضة ولم يتكلم عنها أحد. وعلى أي الأحوال بقيت غوامض وفي الإطلاع عليها شوق وأن النفوس تتطلبها. (لغة العرب: وصف كلشن خلفا والمخطوط الذي في خزانتنا). ذكر حضرة الصديق العزيز الأستاذ عباس أفندي أنه لم يجد من (كلشن خلفا) سوى نسخة واحدة خطية مخرومة الأول والآخر وهي للصديق الفاضل يعقوب أفندي سركيس وعندنا نحن أيضاً نسخة خطية ودونك وصفها: (طول الكتاب 32 سنتيمترا في عرض 19. وعدد صفحاته 250 ما عدا المقدمة التي في 11 صفحة وكلها مجولة بالأزرق جدولاً مزدوجاً تبتدئ بالهمزة وتنتهي بالكاف. ورق النسخة كله أزرق مسطر من أصل وضعه. وفي كل صفحة 25 سطراً دقيق الكتابة بخط الرقعة طول المكتوب منها 23 سنتيمترا في عرض 14. وتبتدئ المقدمة بقوله: (محامد ذاكيات أول مبدع كائنات وموجود مصنوعات جنابنك إتحاف كرده معلا. . . إلى آخر ما

هناك. وفي صفحة ك نقش عربي أزرق. وفي ص 1 نقش آخر بالأخضر والأزرق والأبيض والأحمر يمثل جنبذة حمراء وعن يمينها ويسارها غصنان أخضران من أغصان الورد. وعناوين الفصول موضوعه بين خطين مزدوجين أعلى وأسفل مرسومين بالأزرق وتنتهي النسخة بقول الناسخ ما هذه حروفه بنصها: (تم الكتاب بعون الملك الوهاب في عشرين رمضان المباركة سنة ثنين وتسعين بعد المائتين والألف على يد أفقر العباد آمين مصطفى البندتيجي) والسطر الأخير الذي يبتدئ: (بعد المائتين يختلف خطه عن خط سائر الكتاب والظاهر أن أسم الناسخ الصحيح محي بإمرار إصبع مبلولة على السطر الأخير وإبداله بهذا السطر الجديد وبوضع اسم غير الاسم الحقيقي. وهذا ما يجعل النسخة نفيسة في عينينا لأن هذا العمل يدل دلالة صريحة على أن هناك أناساً يريدون أن يبقى أسمهم معروفاً عند الأجيال الجديدة من غير أن يكلفوا نفوسهم عناء النسخ والكتابة اهـ. كلامنا. 4 - تاريخ تيمورلنك هذا ترجمة مرتضى أفندي إذ نقل من اللغة العربية إلى اللغة التركية كتاب (عجائب المقدور في نوائب تيمور) لأحمد بن محمد بن عربشاه الحنفي المتوفي سنة 854هـ. وقد قال صاحب كشف الظنون: ترجمه الفاضل الأديب المرتضى المعروف بنظمي زاده البغدادي. وكان حياً سنة 1130 وهذا التاريخ كما يظهر من بيانات صاحب الكشف أنه هو المسمى (تيمور نامة) وهو النسخة الأولى التي ترجمها مرتضى أفندي بوضعها الأصلي وتسجيعها وبديع إنشائها أي نسخة طبق الأصل المنقولة عنه. وقد كتبت هذه النسخة وهي النسخة الأولى لوالي بغداد علي باشا سنة 1110هـ وأما هذه النسخة وهي (تاريخ تيمورلنك) فأنها كتبت للوزير الحاج إسماعيل باشا والي بغداد الذي تولى بغداد (سنة 1110: 1111) بعد تلك النسخة قال في سنة 1131 والظاهر أن هذا غلط من الناسخ وصحيحها سنة 1111 وبناء على طلبه جعلها خالية من السجع وبلسن اعتيادي خلاف النسخة الأولى كما أوضح ذلك في مقدمة هذه النسخة. وفيها زيادات عن أولاد تيمور ولوحق مهمة لا يستغني عنها. وقد ماتت النسخة الأولى فلم نجد لها خبراً وانتشرت الثانية وقد طبعت في الآستانة في مطبعة الجريدة سنة 1277 ولهذا التاريخ علاقة بحوادث العراق فلذا أقدم مترجمنا على نقله إلى

التركية. أما الأصل وهو (عجائب المقدور) فقد طبع في أوربة ومصر مراراً عديدة واعتقد أن الأصل لا يغني عن الترجمة لمقابلة الإعلام بعضها ببعض والتوثق من صحتها زيادة على ما مر بيانه وأول الترجمة لمرتضى أفندي: الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد الخ. والحاصل أن هذه الآثار التاريخية تبدو قيمتها لأول نظرة. ومن دقق النظر فيها قدر أتعاب الرجل وخدماته لهذا المحيط فهو من أكابر أبنائه البررة في العلم والفضل والأدب، وقد قال إبراهيم فصيح أفندي الحيدري في كتابه (عنوان المجد في بيان بغداد والبصرة ونجد): ومنها أي بيوت بغداد بيت نظمي زاده وهو من البيوت القديمة الرفيعة. وكانوا أصحاب قلم) اهـ إلا أنه لم يذكر أحداً من أفراد هذا البيت ومشاهيرهم (راجع: ص 124 من النسخة الخطية) حتى أنه لم يعلم أن عبد الله أفندي المفتي أبن مرتضى أفندي منهم ولذا ذكره بعنوان بيت مستقل ولم يشر إلى هذا (راجع ص 116) واعتقد أن الذي أوقعه في الغلط عدم معرفته البيوت وحقيقة شهرتها وإنما أخذ أنباءه من أناس مختلفين فدون ما سمعه دون ترو وتحقيق. وبمرتضى أفندي هذا انقطع الانتساب إلى نظمي زاده وغطت شهرة مرتضى أفندي كل من سبقه. ومن معاصريه ومعاصري أخيه من أدباء الترك العراقيين: 1 - يوسف عزيز المؤرخ العراقي وهو من بغداد. 2 - الفتي. واسمه حسين أفندي كان يستخدم كاتباً لكهيات بغداد. وقد ائتلف مع الكتخدا لمصطفى باشا دال طبان وصحبه إلى الآستانة مغتراً بهذه الصحبة فلم ينل مرغوبه وعاش عيشة منغصة (راجع تذكرة سالم). وأرى في هذا كفاية. والمقال الآتي يتعلق بمن يليه من أولاد مرتضى أفندي الذين هم من هذه الأسرة ومنه تعالى المعونة. المحامي: عباس العزاوي (لغة العرب) هذا البحث المفيد لصديقنا عباس أفندي العزاوي يتصل بالمقال الذي دبجه حضرة الأديب يعقوب أفندي نعوم سركيس في هذه المجلة (7: 518 إلى 527).

محلة المأمونية وباب الأزج والمختارة

محلة المأمونية وباب الأزج والمختارة - أن تعيين المحلات والاقرحة والشوارع والعقود والقصور القديمة في بغداد من أصعب تحقيقات التاريخ والجغرافية وأبعدها عن التثبت والإيمان غير أن التقريب والاسترجاح والاستدلال تخفف من هذه الصعوبة وتقرب من الإيقان أو نصف الإيمان، وما قول القارئ ونحن نريد أن نعين محلة المأمونية في الجانب الشرقي من بغداد وذلك بعد أحد عشر قرناً ونصف لتسميتها وإبتناء أولها؟. كنا قد ذكرنا في مقالتنا عن قصر المأمون شيئاً من أخباره (8: 343) نقلاً عن مادة (التاج) من معجم البلدان وتصرفنا فيه رعاية للمراد والآن ننقل بعض النص لتعلقه بمحلة المأمونية قال ياقوت عن القصر: ثم انتقل إلى المأمون فكان من أحب المواضع إليه وأشهاها لديه وأقتطع جملة من البرية عملها ميداناً لركض الخيل واللعب بالصوالجة وحيزاً لجميع الوحوش وفتح له باباً شرقياً إلى جانب البرية وأجرى فيه نهراً ساقية من نهر المعلى وابتنى مثله قريباً منه منازل برسم خاصته وأصحابه سميت (المأمونية) وهي إلى الآن (الشارع الأعظم) في ما بين عقدي (المصطنع) و (الزرادين). فعقد الزرادين آخر المأمونية جنوباً على ما يأتي وقال ياقوت في مادة (المأمونية) من معجمه ما مثاله: (المأمونية منسوبة إلى المأمون أمير المؤمنين عبد الله بن هرون الرشيد وقد ذكرت سبب استحداث هذه المحلة في التاج والقصر الحسني وهي: محلة كبيرة طويلة عريضة ببغداد بين نهر المعلى وباب الأزج عامرة آهلة) قال أبن خلكان في وفياته (2: 355) عن ياقوت (وتوفي يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة في الخان بظاهر مدينة حلب) فالمأمونية قبل وفاته عامرة وطالما دعا في معجمه لإطالة بقاء الناصر لدين الله. قال ياقوت في مادة (الريان) ما عبارته والريان أيضاً محلة مشهورة ببغداد

كبيرة عامرة إلى الآن بالجانب الشرقي بين (بابا الأزج) و (باب الحلبة) و (المأمونية) قلنا: وهذا التحديد كأنه يشمل اليوم غربي (الصدرية) ويشمل (العوينة) لأن المأمونية طويلة عريضة فيرجح انتهاؤها إلى (جامع شيخ سراج الدين) اليوم. وقال في مادة (منظرة) ما نصه (منظرة الحلبة موضع مشرف ينظر منه وهي منظرة محكمة البنيان في وسط السوق في آخر محلة المأمونية ببغداد قرب الحلبة كان أول من بناها المأمون وكانت في أيامه تشرف على البرية والآن فهي في وسط البلد ثم أمر المستنجد بالله بنقضها وتجديدها على ما هي اليوم، جعلت لمجلس (كذا أي ليجلس) فيها الخليفة ويستعرض الجيوش في أيام الأعياد) وقال في مادة (الحلبة) ما نقله: (والحلبة محلة كبيرة واسعة في شرقي بغداد عند باب الأزج وفي مواضع آخر) ولا يبعد من ذهن القارئ أنه ذكر أن منظرة الحلبة في وسط بغداد على عهده وعد وسط بغداد آخر محلة المأمونية ووسط بغداد لا يتجاوز محلة العوينة اليوم. ويقرب من محلة (الريان) قطيعة العجم فقد قال ياقوت في مادة (قطيعة) ما صورته (قطيعة العجم ببغداد في طرف المدينة بين باب الحلبة وباب الأزج والريان محلة كبيرة عظيمة فيها أسواق كأنها مدينة برأسها). قلنا: ولكونها في طرف بغداد الشرقي يظهر أنها كانت بين الباب الشرقي الآن وباب الطلسم اليوم وشمال الريان قديماً كانت بموضع محلة الفناهرة اليوم إلى محلة الأرامنة التي استحدثوها في زماننا بين الباب الشرقي وبابا الطلسم مما خندق سور بغداد المهدم. والذي يطالع تحديد ياقوت يصعب عليه المطابقة لأن تعظيمه المحلات مبالغة واقتصاره على حدود بعيدة قليلة يهز العقل هزاً عند التحقيق لأن ذلك الوصف يظهر المحلات متداخلة بعضها في بعض كل التداخل. عقد المصطنع في شمال المأمونية وقال ياقوت في مادة (قرح) ما عبارته (وذلك أنك تخرج من رحبة جامع القصر مشرقاً حتى تتجاوز عقد المصطنع وهو بابا عظيم في وسط

المدينة، فهناك طريقان أحدهما ذات اليمين إلى ناحية المأمونية وباب الازج والآخر يأخذ ذات الشمال مقدار رمية سهم إلى درب يقال له درب النهر). وكأنه يشير إلى الطريق الذي يتجه اليوم من مركز الشرطة المذكور إلى (سوق حنون) شمال عقد المصطنع ولإثباتنا أن المأمونية جنوب عقد المصطنع وأن هذا العقد هو اليوم قرب عقد القشل من الشمال تكون محلة المأمونية من عقد القشل إلى الريان وبابا الأزج ويبطل قول المؤلف لكتاب عمران بغداد في ص 104 منه ما عبارته: (محلة المختارة أي عقد القشل الحالي). والعجب أنه ذهب إلى هذا مع قوله في أول الصفحة المذكورة (ومن الأمور التي يجب الإشارة إليها في هذا الباب هي (كذا) اعترفنا بالعجز في تعيين المواضع الحقيقية لمحال بغداد السابقة وتطبيقها على المحلات الحالية) وذكر في ص 56 من الحوادث الجامعة تحارب أهل المأمونية وأهل باب الأزج ومن ذلك قوله (وكان ابتداء المصاف من عقد المصطنع). باب الأزج قال ياقوت في مادة (ازج) ما نصه: (باب الازج: محلة كبيرة ذات أسواق كثيرة ومحال كبار في شرقي بغداد فيها عدة محال كل واحدة منها تشبه أن تكون مدينة) وذكر العلامة (لسترنج) في خارطة ص 263 من كتابه تاريخ بغداد محلة (باب الازج) في ما يقابل اليوم مسجد السيد سلطان على ممتدة إلى ما يقابل القنصلية الإنجليزية ولكنه أبعدها عن دجلة. وذكر (المدرسة النظامية) قبر قصر النقيب على شاطئ دخلة بالباب الشرقي وهذا غريب منه لأمرين أولهما أن محلة باب الازج ممتدة إلى دجلة وثانيهما أن هذا الموضع ليس بموضع المدرسة

النظامية وإنما يترجح أنه محل (مدرسة الأصحاب) فقد نقل أبن خلكان في (1: 245) من تاريخه عن علي بن محمد بن يحيى المعروف بثقة الدولة أبن الأنباري ما صورته: (كان من الأماثل والأعيان واختص بالإمام المقتفي لأمر الله وكان فيه أدب ويقول الشعر وبنى مدرسة لأصحاب الشافعي على شاطئ دجلة بباب الازج وإلى جانبها رباطا للصوفية ووقف عليها وقفاً حسناً وسمع الحديث). وقال ابن العبري في ص 363 من تاريخه ما اصله: (وفي سنة أربع وخمسينئ (أراد بعد الخمسمائة) ثامن ربيع الآخر كثرت الزيادة في دجلة وخرج القروج فوق بغداد فامتلأت الصحاري وخندق البلد ووقع بعض السور فغرق بعض القطيعة وباب الازج والمأمونية ودب الماء إلى أماكن فوقعت) اهـ. قلنا: وقد وضع العلامة لسترنج (القطيعة) جنوب باب الحلبة الذي سمته العامة في هذا العهد (باب الطلسم) فصارت في شرق المأمونية وجعل في جنوب المأمونية (محلة الريان) وفي غربها دار الخلافة وفي داخل المأمونية قبر الشيخ عبد القادر الجيلي مع أن القبر في محلة باب الازج والمأمونية لا تصل إلى قبر الشيخ المذكور والدليل على ما قلنا ما ورد في ص 27 من نسختنا الخطية للحوادث الجامعة ونصه (وفيها (أراد وفي سنة 633) توفي أبو صالح نصر بن أبي بكر بن عبد الرزاق أبن أبي محمد عبد القادر الجيلي الفقيه الحنبلي الواعظ شيخ وقته ومقدم مذهبه. ودرس في مدرسة جدة بباب الازج) وجد دفن في مدرسته. أما محلة الريان فقد حصرها ياقوت بين باب الازج وباب الحلبة ومحلة المأمونية وسيأتي ذكرها. وورد في ص 98 من الحوادث عن الغرق: (وصلى أهل باب الازج في مصلى العيد بعقد الحلبة) وذكر في حوادث سنة 640 ما نصه: (في يوم الخميس خامس عشر رجب ركب المستعصم بالله في شبارة ومعه شرف الدين إقبال الشرابي وعز الدين مرشد الهندي المستعصي واصعد في دجلة إلى مشرعة الكرخ وعاد منحدراً إلى باب الازج ثم عاد إلى داره) وفي ص 56 منه (فجاء قوم من رجال المأمونية ليجتازوا في باب الازج فمنعهم أهل باب الازج أن يعبروا عليهم وسيوفهم مشهورة) وذكر في حوادث سنة 629هـ ما عبارته

(وفيها جرت فتنة بين أهل باب الازج وأهل المختار وتراموا بالبندق والمقالع والأجر وتجالدوا بالسيوف فقتل من الفريقين وجرح جماعة فتقدم في عشية اليوم التالي بخروج الجند وكفهم عن ذلك فخرج نائب باب النوبي ومعه جماعة من الجند فكفهم وقبض على جماعة منهم فضربهم وقط أعصابهم وحبسهم فسكنت الفتنة واتصال الأزجيين بالمختاريين يستوجب الإيضاح. المختارة أما المختارة التي مر ذكرها جعلها العلامة لسترنج في خارطته المذكورة غرب باب الظفرية (أي الباب الوسطاني اليوم) ممتدة إلى السور في شرق باب السلطان (أي باب المعظم) فما أبعد المسافة بين باب المعظم وباب الشيخ فهذا يؤكد الغلط المرتكب في كتاب عمران بغداد من أن محلة المختارة هي (عقد القشل اليوم) ونحن لا نشك في أن أهل المحلتين تزاحفوا خارج السور من شرقي بغداد فتحاربوا وقد أوضح ياقوت الطريق من عقد المصطنع إلى المختارة في مادة (قراح) بقوله: (والآخر يأخذ ذات الشمال (أي شمال الماشي من جامع سوق الغزل إلى مركز شرطة قاضي الحاجات في هذا العصر) مقدار رمية سهم. . . ثم يمتد قليلاً ويشرق فحينئذ يقع في قراح (ابن رزين) فإذا صار في وسطه فعن يمينه درب النهر واللوزية وعن يساره المحلة المقتدية التي استحدثها المقتدي بالله ثم يمر في هذه المحلة (أعني قراح أبن رزين) نحو شوط فرس جيد فحينئذ ينتهي إلى عقد هناك وباب فإذا خرج منه وجد طريقين أحدهما يأخذ ذات الشمال يفضي إلى المحلة المعروفة (بالمختارة) اهـ ويظهر لنا مما مضى أيضاً أن الواقف في وسط قراح أبن رزين يكون عن يمينه درب النهر واللوزية وقد تحققنا أن لسترنج وضع محل اللوزية بخريطته شرقي محلة قنبر علي وعباس

أسرة الحاج الميرزا تقي السبزواري

أفندي اليوم. وورد في حوادث سنة 640 من الحوادث الجامعة: (ويعقب ذلك وقوع فتنة أخرى بين أهل المختارة وسوق السلطان وقتل بينهما جماعة) وسوق السلطان على ذكره لسترنج هو سوق الثلاثاء ويمتد من باب المعظم إلى الجنوب مخترقاً ما يسمى اليوم (الميدان) فالمختارة في شرق محلة سوق السلطان والتباسها بمحلة القشل من أقابح الأغلاط وأفاظعها. مصطفى جواد أسرة الحاج الميرزا تقي السبزواري الحاج الميرزا تقي هو أحد علماء الشيعة الأتقياء الذين قضوا أعمارهم في خدمة الدين والعلم. وهو أبن الميرزا كاظم أبن الميرزا أبي القاسم أبن الميرزا رضي أبن السيد محمد وينتهي نسبه إلى الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب. الحاج الميرزا تقي من أسرة نبيلة كانت أقامتها في (باشتن) من قرى سبزوار ثم هاجر جده الأدنى الميرزا أبو القاسم إلى (فوشتك) من قرى سبزوار فكانت أسرته فيها إلا أن حفيده الحاج الميرزا تقي بعد أن ترعرع وشب تحول إلى سبزوار وأقام فيها مدة ليستقي العلوم من مدارسها ثم أرتحل إلى النجف في عهد الشيخ مرتضى الأنصاري فتتلمذ له برهة من الزمن. لبث الحاج الميرزا تقي في النجف مدة ثلاثين عاماً ثم أقفل إلى سبزوار وقد أخذ نسيبه من العلوم ولم يزل دأبه خدمة الدين وشعاره التقوى حتى مات وكان بعد رجوعه من العراق إماماً في مسجد الجامع بسبزوار. زار الحاج الميرزا تقي وقام برحلات عدة إلى العراق وفي عودته من رحلته الأخيرة (في سنة 1310هـ - 1893م أو في سنة 1311هـ 1894م) توفي بشاهرود ودفن فيها وله مؤلفات في علم أصول الفقه (تحوي محاضرات أستاذه الشيخ مرتضى الأنصاري) لم تزل مخطوطة.

عميد هذه الأسرة اليوم هو الحاج الميرزا حسين المعروف بالصغير وهو من مشاهير المجتهدين والفقهاء وهو ختن السيد محمد مهدي العلوي (حموة). ولد الحاج الميرزا حسين هذا أبن الحاج الميرزا تقي (المذكور آنفاً) في سبزوار في عام 1396هـ - 1879م وقرأ مبادئ العلم فيها وفي سنة 1308هـ 1891م سافر إلى العراق فتلقى فيها علمي الفقه والأصول من بعض أعلام النجف وفي سنة 1324هـ - 1906م آب إلى وطنه سبزوار ولم يزل مثابراً على الإمامة بمسجد الجامع بسبزوار والتدريس وخدمة الدين الحنيف حتى كتابه هذه السطور. حج أم القرى مرتين الأولى في عام 1338هـ - 1920م والثانية في عام 1341هـ - 1923م وهو الآن على أهبة السفر إليها للمرة الثالثة. السيد خبير المازندراني نسختنا الخطية لدوحة الوزراء في خزانتنا نسخة خطية من هذا الكتاب مفتتحة بهذه العبارة (أشبو كتاب مستطاب ذيل كلشن خلفاء المسمى دوحة الوزراء تاريخ وقائع بغداد الزوراء أثر أديب كامل وتحرير فاضل كركوكلي الشيخ رسول أفندي عليه الرحمة (رحمة) المعيد المبدي. وفي آخرها: قد تم وبالخير عم يوم الاثنين في 13 شوال سنة 1336 أو في 22 تموز سنة 1918م. مكتوب بعد ذلك ما هذا بحرفة (قال الأب انستاس ماري الكرملي مستنسخ هذا الكتاب: نقلت هذه النسخة عن السفر الذي خط على نسخة المؤلف. وكانت محفوظة عند حضرة الشيخ الجليل محمود شكري الآلوسي فأعارني إياها على ما عهد فيه من حب العلم ونشر أعمال السلف ومؤلفاتهم وكانت هذه النسخة الآلوسية بحجم هذه ولهذا اخترت لها ورقاً بقدر ورقها وعدد سطورها كعدد هذه. وكذلك قل عن عدد الصفحات. ولله الحمد أولاً وأخراً.

فوائد لغوية

فوائد لغوية الإنكار وأدواته ومرادفاته وأصلها من أدوات الإنكار عندنا: (لا) وفي لغات الغرب - و (لا) من أدوات النهي أيضاً. وللنفي يستعمل في لغتنا (ما) تقول مثلاً: ما عندنا دراهم وأنت تريد أن تنفي وجودها عنك فما أصل هاتين الأداتين؟. الذي عندنا أنهما من أصل واحد هو (نا) كما في اللغة اللاتينية وما تفرع منها. وكانت (نا) عندنا في قديم العهد تقوم مقام (لا) الناهية و (ما) النافية قم نقلها السلف في واغل القدم إلى صورتين متقاربتين في اللفظ والمعنى هما الأداتان اللتان ذكرناهما. والدليل على رأينا هذا أن الفرس جيراننا اتخذوا (نا) في لغتهم بهذا المعنى. والثاني أننا نحتنا منها أفعالاً تدل على نحن في صدده من ذلك: (نفي) فأنها مركبة عندنا من النون المقطوعة من (نا) النافية والفيء الذي يعني تحول الظل من موطن إلى موطن والوجود في ظل الشمس أو مطلق الوجود كأنك تريد في قولك: نفيت فلاناً من البلد: إزالته عنه ولم يبق في فيئه. و (نهى) منحوتة من النون المذكورة و (هو) التي أصلها (هوة يهوه) أي وجد يوجد. فالنهي أيضاً من هذا القبيل وهو الزجر عن إتيان الشيء والمنع عنه والأمر بما يخطر عمله. فإذا نهيت امرءواً عن كذا فأنك تمنعه عن إتيانه أو عن تحقيقه في حيز الوجود. و (نكر) الشيء داخل في هذا الباب، وهو عندنا منحوت من نون الإزالة و (كر) الدالة على إعادة الشيء مراراً. فإذا أنكرت الدين الذي عليك لصاحبك فكأنك تقول له: نا، نا، نا (أي لا مكررة) أي لا دين لك علي وأنت تكرر عليه هذا الأمر. ومن الغريب أن نكر يشبه اللاتينية معنى ومبنى.

وعلماؤهم يقولون أن الكلمة الرومانية مركبة من (أي لا أو ما أو (نا)) (أي عمل) فيكون معناها لا عمل أي لا تعمل، وتوجيهنا لها أوضح وأبين أي أن الكلمة مركبة من حرف الإزالة ومادة (كر) الدالة على إعادة أداة الإزالة مراراً عديدة. و (نزع) مركبة من النون ومن مادة الزوع الدالة على الحركة فإذا نزعت حياة الأثيم فقد أزلت عنه حركة حياته. وهناك أفعال عديدة تبتدئ بهذه وكلها تفيد الإزالة أو ما هو من هذا القبيل. ولا يمكن أن تؤول ويعرف معناها على التحقيق إلا من بعد أن نحللها هذا التحليل اللغوي. من ذلك: (نبأ) أرتفع أي من بعد أن أزلته من مكانه الخفي (الباءة كالمباءة) وهي متبوئ الولد في رحم أمه. وهو من أخفى المواضع ثم توسعوا في معناه. ومنه التنبؤ لإخراج الأخبار عن مدافنها أو مخابئها. (نبتت) الأرض: أخرجت ما كان مدفوناً في بطنها من الزرع الذي هو بمنزلة الزاد والجهاز والبتات هو الزاد. أي كأنك تقول: لم يبق في الأرض زادها أو متاعها إذ أخرجته إلى وجهها أو سطحها ولم تبقه مدفوناً في بطنها. و (النيتل) (كجعفر) الصلب الشديد وهو مركب من النون النافية ومن البتل مخفف البتيلة وهي كل عضو مكتنز ولا يكون مكتنزاً إلا ويكون رخصاً فقولك نبتل كقولك (غير رخص). و (نبث) البئر استخراج ترابها ومثلها (نبشها). وأصل الثاء شين، واللفظة مأخوذة من النون ومن البشيشة التي هي ملك اليد، فإذا نبشت البئر فكأنك لم تبق فيها ملكها وهو ترابها. و (نبجت) القبجة خرجت من وكرها أو مكمنها، وهي من النون ومن البجيج الذي هو الزق أو ظرف الشيء فإذا قلت مثلا نبجت القبجة فكأنك قلت: لم تبق في مكمنها. و (نبذ) الشيء إلقاء أو طرحه من يده كأنه يقول في نفسه. (لا بذ (أي لا مثل) له في قبحه يرميه من يده.

و (نبر) رفعه كأنه في رفعه إياه يشير إلى أنه لم يبق في البر بل وضع على مرتفع حتى يتمكن من رؤيته كل امرئ. ولا نريد أن نضجر القراء بأكثر من هذه الشواهد إذ هي لا تحصى وتطرد كلها على هذا القياس. ومن أغرب ما يمر بخاطر الباحث اللغوي كلمة (نعم) وفيها لغات بالتحريك (وبإسكان الآخر) وبالفتح والكسر وبكسرتين وبالتحريك ومد الحركة الثانية و (نحم) بالحاء وبالتحريك أي يقال فيها: نعم ونعم ونعم ونعام ونحم. وهي عندنا مركبة من النون النافية و (مين) أي كذب. أي لا كذب في ما أقول وبعبارة أخرى: لا جرم. ومن غريب الأمر أن هذه الكلمة يقابلها في اليونانية وفيها أيضاً لغات أخرى والحركة التي ترى بين الميم والنون في تدل على حرف خفيف محذوف أي مين، مما يثبت في نظرنا أن الأقدمين منا كانوا يقولون في أول الأمر (نامين) أي لا كذب ولا غش في ما أقول ثم حذف الحرفان الأخيران من الآخر لاعتبارهم إياهما كاسعتين والكواسع قد تحذف كما قد تزداد فصارت (نام) ثم فخموا الألف وجعلوها عينا على لغة شائعة بين ظهرانيهم فصارت كما ترى أي نعم. ما بسطناه لك في هذا المقال دليل على أن لغتنا من إبداع لغات الدنيا وفيها من دفائن الأسرار وكنوزها ما لو وضعت في كفة ووضعت سائر اللغات في كفة أخرى لرجحت لغتنا وفاقتهن محاسن وعجائب ونفائس وغرائب وعسى أن لا ينالها ما يفسدها، وهو وحده الحافظ الواقي. تصحيح أعلام وردت في مجلة الكلية ذكرت مجلة الكلية في (16: 293) مدينة أوبس والصواب (هوفية) كما وردت في الرقم المسمارية. وذكرت ص 294 سبار (أبو حلبا) وكررت مراراً هذا الوهم والصواب أبو حبة (بفتح فتشديد) وذكرت أكتيزيفون والصواب طيسفون (راجع ياقوت الحموي) ووهمت مراراً لا تحصى في ذكر السومريين (ص 295) والصواب الشمريين (بضم الشين المعجمة وفتح الميم غير المشددة) وذكرت ص 296 بالينيوس والصواب بلينيوس إلى غيرها مما يطول ذكره.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة نظرة في الحاشوش وقفت على ما جاء في (لغة العرب 8: 367) عن ليلة الحاشوش لجمعة الآلام أو لغيرها من الليالي وما نسبه بعض كتاب العرب في القرون الوسطى إلى النصارى في تلك الليلة من المنكرات، وعندي أن سبب نسبة هذه الأمور إليهم آتية من عادة دينية لأغلب المسيحيين الشرقيين هي أنهم كانوا يحيون تلك الليلة بالتهجد ولا يتخذون من الأنوار إلا شيئاً طفيفاً. وفريق منهم كانوا يطفئون تلك الأضواء الضئيلة ولا يبقون منها سوى شمعة واحدة. بل هذه الشمعة نفسها يخفونها مديدة ذكرى للحزن الذي شمل الطبيعة كلها حداداً على موت المسيح وإشارة إلى هرب تلاميذه والقبض على المسيح نفسه. فهذه العادة الدينية هي التي دفعت بعض الجهلة أو غير المطلعين على حقائق الشعائر الدينية أو يعزوا تلك الفظائع إليهم - كما كان الوثنيون من يونان ورومان - ينسبون إلى المسيحيين أنفسهم أموراً في القرون الأولى أي أنهم كانوا يذبحون طفلاً في اجتماعاتهم ومجالسهم الدينية ويأكلونه. وقد بنوا هذا الوهم على اجتماع النصارى الأولين على كسر الخبر المقدس وتناوله وهو الخبز الذي سماه العرب الأولون الشبر (راجع كتاب أخبار الكنيسة في القرون الأولى). دير نرسيس صائغيان معنى القوصوني أطلعت على ما جاء في لغة العرب (8: 164 إلى 167) عن القوصوني وزدتم في الآخر ص167 قولهم: (لم نجد معنى لهذه النسبة في أي كتاب كان. وعلى كل حال فهي ليست منسوبة إلى مدينة قوصوة في يوغوسلافية في بلاد السرب القديمة وقد أصبتم في رأيكم هذا والذي عندي أن القوصوني منسوب إلى الأمير

قوصون ولفظها التركي بواوين فرنسيتين أي والأمير قوصون هو أحد السلاطين الجراكسة في مصر وكان من مألوف العادة أن المماليك يتخذون اسامي مواليهم في النسبة وأظن أن هذا التأويل الوحيد الذي يرضى به العقل. أما قوصون أسم فليس معروفاً. جامعة عليكره (الهند): الدكتور ف كرنكو (لغة العرب) نشكر لحضرة الأستاذ المحقق تأويله هذا بقي علينا أن نعلم معنى التركية لتتم الفائدة والذي يبدو لنا أن الكلمة مصحفة عن قوصغون أو قوزغون التي معناها الغراب وفي أعلام الترك أسماء رجال كثيرين هي في الأصل أسماء حيوانات. جمع مفعول على مفاعيل نقل المحقق الزيات حفظه الله كلام عصبة من حملة العلوم العربية في جمعهم مشهوراً على مشاهير (راجع هذه المجلة 7: 769 وما يليها) وقد وجدت نصوصا عديدة لفطاحل العلماء ولما استكثرتها عدلت عن إيرادها. وهناك كلمات آخر على وزن مفعول مجموعة على مفاعيل من ذلك: أ - مأثور ومآثير ومنه السيف المأثور وهو السيف الذي يقال أنه من عمل الجن، قال أبو تمام الطائي في (نفخ الأزهار ص 99): قد كانت البيض المآثير في الوغى ... بواتر فهي الآن من بعده بتر - مأكول ومأكيل في اصطلاح العامة بالعراق. ج - مجروح ومجاريح (بمعنى الجريح في كلام العامة في العراق، وفي كتاب شريف أفندي العمري الموصلي المغتال سنة 1338هـ 1920م إلى الملك حسين بن علي ملك الحجاز سابقاً): (فطلبت المذاكرة مع القائد الإنكليزي لأجل أن نرفع المجاريح وندفن القتلى) (راجع تاريخ مقدرات العراق السياسية 1: 220). - مجرور ومجارير في اللغة العامية المصرية بمعنى البالوعة. ح - محبوب ومحابيب (كنز اللغة ص 255) وهو أسم مفعول من الحب. د - مدلول ومداليل: مدلول اللفظ هو ما يفيده، قال السيد محمد باقر الموسوي

الخونساري المتوفي سنة 1313هـ 1896م: (وتشخيص مداليك ما كانت هي الخ) (روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات 4: 564). ذ - مذبوح ومذابيح في كلام العامة في العراق. ص - مصلوب ومصاليب (أي المقتول صلباً) في عرف العامة بالعراق. ط - مطروح ومطاريح في اصطلاح العامة بالعراق وهو بمعنى الطريح. - مطرود ومطاريد في كلام العامة في العراق وهو بمعنى المبعد. ع - معذول ومعاذيل ذكره السيد محمود شكري الآلوسي في جواب الاستفتاء الوارد إليه (راجع لغة العرب 4: 14 وإعلام العراق ص 191): وهو بمعنى الملوم. - معروف ومعاريف بمعنى المشهور: قال السيد محمد باقر الموسوي الخونساري: (بل أحبط ما أفرطوا فيه من تسمية الكتب المعاريف) (روضات الجنات (1: 1) وهذا الجمع شائع بين بعض فضلاء المستعربين ولا سيما عند عوام العراق. ف - مفهوم ومفاهيم في اصطلاح علم المنطق وعلم أصول الفقه ويراد به ما يستفيده المرء من منطوق اللفظ، قال الشيخ جعفر بن خضر الجنابي النجفي المتوفي سنة 1243هـ 1827م في كتبه كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء ص 28 (والمفاهيم كثيرة كما يظهر من أحوال المخاطبات في جميع اللغات). ق - مقرود ومقاريد في كلام العامة في العراق إلا أنهم ينطقون بلقاف كافاً فارسية فيقولون مكرود ومكاريد، والمقرود المخدوع والمظلوم والمرزوء. ك - مكبون ومكابين يقال للفرس القصير القوائم الرحيب الجوف الشخت العظام (القاموس في نادة كبن). ن - منصور ومناصير علم رجل. قال الشريف الداودي في كتابه عمدة الطالب (ص 329 من طبعة لكنهو): (أما مالك بن الحسين بن المهنا فعقبه من عبد الواحد أبن مالك له عقب يقال لهم الوحاحدة وقد انقسموا على ساقين الحمزات ولد حمزة بن علي بن عبد الواحد المذكور والمناصير ولد منصور بن عبد الله بن عبد الواحد المذكور).

وموقوت ومواقيت ذكره السيد محمود شكري الالوسي (راجع لغة العرب 4: 14 وأعلام العراق ص 191). 2 - ما يجمع على مفاعيل أن مفعول (بالفتح) ومفعول (بالضم) ومفعال (بالكسر) ومفعال (بالفتح) ومفعيل (بالكسر) ومفعل ومفعل (بالتخفيف) ومفعل (بضم الميم وكسر العين) ومفعل (بكسر الميم وفتح العين) ومنفعل ومنفعيل ومفعلة (بفتح الميم وكسر العين) ومفعلة (بكسر الميم وفتح العين) وفاعل ومفاعل وفعول وفعال ومفتعل ومفعلل كلها تكسر على مفاعيل كمشهور ومشاهير ومغثور ومغاثير ومصباح ومصابيح وميدان وميادين ومسكين ومساكين ومقيد ومقاييد ومسند ومسانيد ومضجر ومضاجير ومدقيس ومداقيس ومنسحق ومساحيق ومنجنيق ومجانيق ومعذرة ومعاذير وميضنة ومواضين وداعر ومداعير ومجالح ومجاليح ونسوف ومناسيف ومراد ومراريد ومؤتمر ومأمير ومقعس ومقاعيس. وفي هذا المقدار كفاية لمن رزق الفهم والدراية. سبزوار في 15 رمضان 1348: محمد مهدي العلوي (لغة العرب) هذه القاعدة غير مطردة في جميع الأوزان المذكورة إنما مطردة في بعضها. ومسموعة في أوزان آخر وغير مقيسة في كثير منها، فما كان منها مقيساً يؤخذ به كان مسموعاً يبقى محصوراً في ما سمع منه. وما كان غير مقيس تراعي حقوقه. نهر دجيل ورد في (8: 325) من لغة العرب قول الأثري أرنست هرتسفلد: (لما تحولت دجلة عن مجراها في صدر خلافة المستنصر وغادرت مسيلها في أعيلي (حربي) لتجري في موطن نهر القاطول أبي الجند وهو مجرى دجلة اليوم شرع الخليفة في أعمال الكري ليسقي من جديد دياراً عطشى ومن أعماله نهر دجيل الحالي الذي حفره هو بلا أدنى شك وحفر أيضاً نهر المستنصر في أعلى حربي وبني القنطرة العظمى القريبة من حربي) اهـ. قلنا: أن قوله (دجيل الحالي) يفيد أن (دجيل القديم) غير دجيل الآن وبذلك يصح له أن ينسب حفرة إلى

المستنصر بالله، غير أنه لم يذكر لنا مصدر هذا الحدث، والذي ذكره (ابن الطقطقي) في فخرية عن هذا الأمر قوله في المستنصر: (وله الآثار الجليلة مها - وهي أعظمها - المستنصرية وهي أعظم من أن توصف وشهرتها تغني عن وصفها ومنها خان حربي وقنطرتها وخان نهر سابس بأعمال واسط. أما دجيل فنهر قديم وقد ورد في مادة (بغداد) من معجم ياقوت: (ومد المنصور قناة من نهر دجيل الأخذ من دجلة وقناة من نهر كرخايا الأخذ من الفرات وجرهما إلى مدينته) وفي ص 11 من مناقب بغداد فقال (أي المنصور) تتخذ الساعة قني بالساج من باب خراسان حتى تجيء إلى قصري، فمدت قناة من نهر دجيل الأخذ من دجلة وقناة من نهر كرخايا الأخذ من الفرات وجرهما (كذا) إلى المدينة) وفي ص 19 منه ما نصه: (وقد كان نهر يأتي من دجيل ويأتي إلى الحربية في قنوات) فهل من مطالع يميز لنا أحد الدجيلين المزعومين عن الآخر؟. مصطفى جواد أعلام (البستان) علم الناس أن (البيتان) معجم الشيخ عبد الله البستاني معجم لغة، لكن ما معنى إدخاله فيه أعلام مدن ورجال ونساء. ثم لو فرضنا أن تدوينها في سفرة هو تنبيه الناس على ما يجب أن يعرفوه فلماذا أتخذ أسامي بعض الأعلام وترك أسامي أخرى؟ والذي نعلمه أن دواوين اللغة يجب أن لا تحوي إلا مفرداتها كما يفعل الغربيون. أما إذا أرادوا اتخاذ الأعلام فيفرزون لها ملحقاً خاصاً بها ويذكرون فيه سني الولادة والوفاة أو لا أقل من ذكر المائة التي طوى فيها الرجل أيامه وإذا ذكرت المدينة ينبه ثم على موقعها فلماذا لم يفعل المؤلف كل ذلك؟. ب. ب. م (لغة العرب) لا نعلم السبب وكان يجب عليكم أن تلقوا هذا السؤال على صاحبة حينما كان حياً لا علينا.

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الضامة والضونة س - تبريز (إيران) - السيد. م ح. ك - هل كان العرب يتخذون ألقاب التعظيم للنساء والبنات وما كانت تلك الألقاب؟. ج - كانت آداب العرب في منتهى السماحة وإذا كلموا رجلاً أو امرأة أرفع منهم مقاماً سموه باسمة مثلاً كانوا إذا كلموا ملكا من ملوكهم قالوا: يا نعمان (إذا كان اسمه نعمان) ويا حارث إذا كان أسمه الحرث إلى غير ذلك. وكذلك كانوا يفعلون إذا كلموا النساء والبنات. على أننا وجدنا في معاجم اللغة ألفاظاً تدل على ألقاب للتعظيم للرجال والنساء. أما للرجال فهي أكثر من أن تحصى. وأما للنساء فهي أقل منها. وقد رأينا بين هذه الألقاب ما يوافق مصطلح الإفرنج. فقد جاء في تاج العروس في مادة ض ي م: (ومما يستدرك عليه: الضامة: مخففة، الحاجة زنة ومعنى. ومنه المثل: (تأتي بك الضامة عريس الأسد، فسروها، بالحاجة وبالمرأة. وقالوا: هي من الضيم كما في أمثال الميداني، نقله شيخنا اهـ). والضامة بمعنى المرأة تظر إلى الفرنسية المعدلة عن اللاتينية والفرنسيون لم يستعملوها إلا بعد المائة الثالثة عشرة. أما قبل ذلك فكانوا يقولون والمثل العربي الذي ذكره التاج نقله عن الميداني. والميداني من أبناء المائة الثانية عشرة (إذ توفي 27 ت 1 سنة 1124م) أفأخذ الفرنسيون هذه اللفظة عن اللاتين (أي الرومان) أم أخذوها عن العرب لأن البروفنسيين (وهم أهالي جنوبي فرنسة) يقولون كالعرب والبزوفنسيون خالطوا العرب في تلك الأرجاء ردحاً من الزمن واقتبسوا منهم ألفاظاً كثيرة وعوائد شرقية فلا يبعد أن تكون هذه الكلمة من جملة تلك الأوضاع المستعارة من السلف.

أما لقب الابنة فكان للعرب كلمة أخرى هي الضونة فقد جاء في العباب للصاغاني (ومثله في تاج العروس والقاموس وسائر كتب للغة): الضونة بفتح فسكون: الصبية الصغيرة، وهو يقابل الأسبانية أو ومعناها الآنسة أي والصاغاني ولد سنة 577هـ وتوفي في سنة 660 هـ فيرى من هذا أن استعمال السلف لهذين الحرفين بالمعنيين الشائعين اليوم في أوربة كان قبل استعمال الإفرنج لهما فإذا عاد الناطقون بالضاد إلى اتخاذهما فلا لوم عليهم ولا تثريب إذ سبقوا سواهم في هذا الوضع ومراجعة الأمهات التي ذكرناها أثبت دليل على ما نقول. إذن معنى الضامة ومعنى الضونة على أن الكلمتين العربيتين لا صلة لهما بالمواد العربية ولهذا نرجع أنهما من وضع الغربيين في الأصل ثم خففهما العرب عند تعريبهما ومن يخالف رأينا فليثبته لنا بالدليل البات الجازم ونشكره سلفاً على عمله. ابن ماري أبو العباس س - البصرة. م. ع - هل تعرفون شيئاً عن يحيى أبن المشهور بابن ماري أبي العباس؟. ج - أحسن من ذكره أبن القفطي في كتاب تاريخ الحكماء إذ قال في (ص 360 وما يليها من طبعة الإفرنج): أبن ماري أبو العباس الطبيب النصراني المعروف بالمسيحي صاحب المقامات الستين، عالم بالطب والأدب، يطب بمدينة البصرة في زماننا أدركنا من روى عنه. فممن روى عنه في من أدركناه أبو حامد محمد أبن محمد بن حامد بن آلة الأصفهاني العماد رحمه الله. ورأينا من الرواة عنه البصري المعلم الحضي وكان يروي عنه مقاماته وكان للمسيحي هذا معرفة بالأدب صادقة وربما امتدح بالشعر أجلا الواردين على البصرة وكان أصله من (الطيب) من موضع يقال له (الدوير) وكان فاضلاً في علم الأوائل وعلم العربية والشعر يرتزق بالطب، وأنشأ وصنف المقامات الستين وأحسن فيها. وكان أبوه قد انتقل عن الدوير إلى البصرة وولد ولده هذا بها وتوفي أبو العباس يحيى بن سعيد بالبصرة لعشرة بقين من شهر رمضان سنة تسع وثمانين وخمسمائة

(19 أيلول 1193م). ومن شعره في الشيب: نفرت هند من طلائع شيبي ... واعترتها سآمة من وجومي هكذا عادة الشياطين ينفر ... ن إذا ما بدت نجوم الرجوم أهـ وذكرت لبن العبري في كتابه مختصر الدول (في ص 415 من طبعة بيروت) قال: وفي هذه السنة (أي سنة 589) توفي يحيى بن سعيد بن ماري الطبيب النصراني صاحب المقامات الستين، صنفها وأحسن فيها وكان فاضلاً في علوم الأوائل وعلم العربية والشعر يرتزق بالطب. ومن شعره في الشيب (البيتان). وذكره ياقوت في كتابه إرشاد الأريب 7: 265 من طبعة مرغليوث فقال: يحيى بن يحيى بن سعيد المعروف بابن ماري المسيحي من أهل البصرة كان كاتباً أديباً شاعراً عارفاً بالطب، عالماً بالنحو واللغة، متفنناً، وكان يتكسب بالكتابة والطب ويمتدح الأكابر والأعيان روى عنه جماعة من الأفاضل: منهم: أبو حامد المعروف بالعماد الكاتب الأصبهاني وغيره وصنف المقامات الستين أحسن فيها وأجاد وكانت وفاته بالبصرة في شهر رمضان سنة 589 ومن شعره: نعم المعين على المروءة للفتى ... مال يصون عن التبذل نفسه. . . وإذا رمته يد الزمان بسهمه ... غدت الدراهم دون ذلك ترسه وله أيضاً: لاموا على صب الدموع كأنهم ... لا يعرفون صبابتي وولوعي كفوا فقد وعد الحبيب بزورة ... ولذا غسلت طريقة بدموعي ثم ذكر البيتين اللذين ذكرهما أبن القفطي فكانا خاتمة كلامه عليه. وقال أستاذنا محمود شكري الآلوسي حين أراد نشر هذه المقامات في مقدمة (أما بعد فقد أقدمت على نشر هذه المقامات وشرح الألفاظ الغريبة التي فيها لا قدمها لأخواني تذكاراً وأحياء لهذا الأثر النفيس الذي هو من احسن الكتب الدبية والطف الأسفار الفكرية العربية المسماة بالمقامات المسيحية لناسخ وشيها المفوف الزاهر، على منوال البلاغة وحائك بردها المطرف الباهر، بنير الفصاحة يحيى بن يحيى بن سعيد البصري الطبيب المسيحي أحد رجالات القرن السادس للهجرة ولا جرم فأن أحياء أثر الغابرين من احسن ما يتصدى له لما فيه

من الفوائد التي ربما لا يجدها المستفيد في غيرها. فضلاً عن أهمية نشر الآداب وحسن تأثيرها على الأخلاق. لأنها قد تغرس حب الفضيلة بالنفوس وتطبع الرجولية في القلوب ولا سيما مثل هذا الأثر الذي طالما بحث عنه العلماء وبذلوا جهدهم وراء الحصول عليه فلم يسمح لهم الزمن برؤيته. وكنا نتمنى لو ظفرنا بنسخة من هذا الكتاب حتى عثرتا على الضالة المنشودة في إحدى خزائن الوقف في بغداد فأحببنا أن نتحف بها إخواننا لأنها من الطرائف النفسية والكنوز الثمينة. . .) اهـ. وذكر أيضاً صاحب كشف الظنون قال: المقامات المسيحية لأبي العباس يحيى بن سعيد بن ماري النصراني البصري الطبيب. مات في رمضان سنة 589 نسج فيها من منوال الحريري قال ياقوت: أجاد فيها. وقال الصفدي: ما أجاد ولا قارب الإجادة. أهـ وكل من جاء بعد أبن القفطي نقل عنه عبارته باختصار والظاهر أن أبن القفطي نفسه يقف على المقامات بنفسه وكذلك قل عن أبن العبري وعن غيره ولو رأوها لذكروا منها شيئاً من شعره ونثره ولم يكتفوا بما روي عنه ودونك مقالاً من نثره (المقامة الخامسة والخمسون وتعرف بالسرنديبية أو ريحانة الناشق وسلوة العاشق حكى يحيى بن سلام قال: رحلت عن البصرة عام نحيت، براحلة ونحيت وفرس وجنيت، أقصد سرنديب، لأشيم أديب. فلم تزل تضمني الفلاة في ضميرها، وترضعني بظئرها، حتى علقت بنواصيها. وجريت في ميدان نواصيها، فمذ امتزجت بربربها توخيت دار الحاكم بها. فحين مثلت بحضرته، رشفت ضرب جدله ومناظرته، فبينما القاضي يرأب شعب الخصماء ويسد خلة الغرماء، ورد شيخ يعثر بخطاه قد أحد ودب مطاه وتلوه فتى قوي الشظاظ مشتعل الشواظ فما لبث الشيخ أن قال مقالة من أعال وعال) ودونك مثالاً من نظمه: أفدي التي أسهر في حبها ... وجدا كما أسهرها حبي تنهبها الأعين أني بدت ... فحجبها من خفيفة النهب وسنانة الإلحاظ، معسولة ال ... ألفاظ تبدو نزهة القلب

ما لاط بي كرب وضاق المدى ... إلا وكانت فرجة الكرب صفحت فأضحى حبها خالصاً ... محض الصفا في البعد والقرب فيرى من هذين المثالين أن ابن ماري كان يجيد الصناعتين وأن الذين قالوا: (ما أجاد ولا قارب الإجادة) لم يطلعوا على شيء مما وشته يراعته بل تكلموا عن سماع. أما سبب (ماري) في نسبة فهو لأنه كان نسطورياً والنساطرة كثيراً ما اتخذوا اسم ماري لأولادهم تفاؤلاً باسم الرسول الذي بشر بالنصرانية في ديار العراق وكان تلميذاً للقديس أدي وأدي كان أحد تلاميذ المسيح الاثنين والسبعين. وتلفظ ماري بفتح الميم يليها ألف فراء وياء مشدودة في الآخر. وصاحب كشف الظنون ذكره باسم هاري بهاء في الأول. وهو خطأ ظاهر. هذا مجمل ما يقال في هذا الرجل. وربما عدنا في فرصة أخرى إلى وصف المقامات المسيحية مرة ثانية. التي عندنا منها نصف نسخة لا غير. ترجمة التوراة إلى العربية نقل اليسوعيين س - طنطا - ي م هل التوراة التي عني بتعريبها الأباء اليسوعيون في بيروت خالية من الغلط؟. ج - ترجمة التوراة للأباء أليس وعيين حسنة الطبع والضبط والورق لكنها لا تخلو من أغلاط متنوعة وأحسن منها التوراة التي طبعها الأباء الدمنكيون في الموصل. ثم تليها في الجودة التوراة المطبوعة في رومة. وأما أسقم ما نشر منها فتوراة الأميركيين في بيروت فأنك لا تجد فيها عبارة صحيحة ولا تكاد تفهم منها شيئاً أن نظرت إلى ما فيها إذ هي خالية من مناحي العرب نعم يقال أن الشيخ يوسف الأسير والشيخ إبراهيم الأحدب والمعلم بطرس البستاني والشيخ ناصيف اليازجي عنوا بتصحيح عبارتها لكن ذلك كله لم يغير شيئاً من سقم البعارة وإغلاقها وفساد تركيبها وتعقيدها، ولا بد من أن نبسط ذلك في مقالة طويلة أن أتسع لنا المجال.

غير أن يضخم تصنيفه. ثالثا يستند إلى بعض المؤلفين الضعيفة في نقل بعض الألفاظ العربية. فقد قال مثلاً في ص 74 ما هذا معناه بحروفه: (وفي أسم آخر عربي فصيح من أسماء الأرملة: (أجالة) وفي الكلمة أصل هو (أجل) وقد فئم الثنائي (جل) بهمزة في الأول. ومعنى (جل) (جرد) (بالمجهول المضعف)) اهـ. قلنا: ليس في لغتنا العربية فصيحها وعاميها كلمة (أجال) (بتشديد الجيم) أو أجالة (بمعنى أرمل وأرمل) إنما الكلمة من بلاد البربر في بلاد المغرب فكيف جوز لنفسه أن يقول هذا القول؟. وأين وجد أن اجالة بمعنى أرملة فصيحة؟. وكيف خرجها بعد ذلك على وجه هو (الجل) وقال معناه التجريد؟ تلك أمور لا نفهمها ولا ندري من دهوره في هذه الهاوية البعيدة القعر. رابعاً كثيراً ما يجهل الألفاظ العربية المقابلة للكلم اليافثية ففي ص 59 مثلاً يقول: (يرى في الهندية الأوربية من الديار الشمالية الغربية كلمة ومعناها (السمكة) في معناها المطلق. . .) فلو درى العربيات المقابلة لها لذكر (الفسيخ) المولدة في لغتنا وتعني كل سمك صغير مملح. والكلمة معروفة في الثغور الحجازية إلى عهدنا هذا وكذلك في الثغور الشامية ولا جرم أنها من اللاتينية وعند العراقيين ضرب من السمك ضخم لا حسك فيه بل فيه عظام يكون في الفراتين وأسمه البز (بكسر الباء وتشديد الزاي) ويسميه الإفرنج عندنا أي سمك طوببا وهو من الرومية أيضاً أما الكلمة العربية المشابهة للاتينية فهي بياح (كشراع) وبياح (كشداد) وهو سمك صغار أمثال شبر وهو أطيب السمك والكلمة تنظر إلى الرومية المذكورة سمك أن الباء الموحدة التحتية كثيراً ما يكون بازائها في لغات الغربيين الباء المثلثة التحتية - والحرفان المزدوجان يقابلان في أغلب الأحيان الحاء ومثل هذا الجهل - جهل الألفاظ العربية المقابلة للكم الغربية - شيء كثير. مما يدل على أن الغربيين لم يوغلوا في درس لغتنا كل الإيغال وهم - على ما هم عليه من قلة هذه البضاعة العربية - لم ترسخ فيها أقدامهم إلا أننا نعتقد أن مداركة بحثهم في اللغات على أصول وأحكام وقواعد مقررة تسوقهم إلى وصولهم

إلى الضالة المنشودة وهناك غير هذه المعايب يطول ذكرها. على أن هذه الأمور لا تطعن بما في هذا السفر الجليل من الفوائد فلا جرم أنه من احسن ما يمكن أن يطالع في هذا الموضوع. 97 - التذكار المئوي لظهور الأيقونة العجائبية للمكرمة كاترين لابورة راهبة المحبة (1830 - 1930) تأليف الأب يوسف علوان اللعازري، طبع بالمطبعة الكاثوليكية في بيروت 1930 في 24 ص بقطع 12. هذه لمعة تاريخية حسنة في هذه الأيقونة مسبوكة العبارة العربية كأنها الذهب البريز فنوصي المسيحيين باقتنائها ومطالعتها. 98 - الحث على التجارة والصناعة والعمل (هدية) لأبي بكر أحمد بن محمد بن هرون الخلال المتوفي في عام 311هـ. هذه الرسالة من منشورات مكتبة القدسي والبدير وهي 35 ص بقطع الثمن. ومفيدة لمن يريد أن لا يتكل إلا على الله وحده ولا يريد أن يسعى بنفسه تبريرا لكسله. 99 - الفلك المشحون في أحوال محمد بن طولون (هدية) لحافظ الشام ومؤرخة في القرن العاشر شمس الدين محمد بن علي بن أحمد بن طولون الصالحي الدمشقي الحنفي عام 953هـ. رسالة في ترجمة أبن طولون وقد عني بطبعها القدسي والبدير منقولة عن مبيضة المؤلف وهي في 54 ص بقطع الثمن الصغير وقد نرجم أبن طولون نفسه وعدد مؤلفاته فذكرها على حروف المعجم فوقعت أسماؤها في 23 صفحة وعمت مواضيعها جميع العلوم والفنون وأنواع المعارف البشرية من قديمة وحديثة إلى زمن المؤلف ولو فرضنا أن كل صفحة حوت - على أقل تقدير - أسامي ثلاثين كتاباً من مصنفاته فيكون مجمل ما ألفه أبن طولون ما يناهز 700 كتاباً أو رسالة. ومع كل ذلك نرى في عبارته من السقم والركاكة ما يدل على مبلغ تلك المدونات. وعلى كل حال فالترجمة هذه مفيدة لمن يريد من العلماء العصريين درس عقلية بعض الرجال من الأقدمين.

100 - الشمعة المضية في أخبار القلعة الدمشقية (هدية) لابن طولون المذكورة ومن نشر مكتبة البدير والقدسي وهي في 28 ص بقطع الثمن جزيلة الفائدة للوقوف على أخبار قلعة دمشق الشهيرة في التاريخ. 101 - المعزة فيما قيل في المزة (هدية) لابن طولون المذكور ومن نشر القدسي والبدير أيضاً المزة بكسر الأول وتشديد الزاي قرية من غوطة دمشق وهي من احسن قراها. وهذه الرسالة موقوفة على تعريفها وأخبارها وهي في 26 ص بقطع الثمن ومما لا يستغني عنها محبو تاريخ الشام. 102 - تبييض الطرس بما ورد في السمر ليالي العرس (هدية) لابن طولون المذكور ولناشريها القدسي والبدير كراسة صغيرة في 7 صفحات بقطع 16 لا تخلو من فائدة لغوية وأدبية. 103 - خمسة أعوام في شرقي الأردن بقلم الارشمندريت بولس سلمان، طبع بمطبعة القديس بولس في حريصا سنة 1929 في 286 ص بقطع الثمن. آداب الأعراب وأخلاقهم واحدة في جميع الربوع التي يحتلونها. ومع وحدتها هذه لا ترى من كتابها الأقدمين والمعاصرين من بوب أبوابها لتسهل على من يراجعها الوقوف عليها ولا سيما لم نر من أجاد تنسيقها على المناحي العلمية العصرية وقد ألف حضرة الارشمندريت هذا السفر الجليل وأحكم فيه وصف أخلاق العرب وعاداتهم وآدابهم عجيباً ولهذا أصبح اقتناء كتابنا وأدائنا له من أفرض الفرائض لأن بلادنا هذه بلاد عربية وفيها عشائر كثيرة مختلفة السكنى ومن الواجب أن نعرف أساليبهم في الحل والترحال ومن مميزات هذا التأليف البديع أنه حوى مباحث أخلاقية وقضائية ودينية وزينة صاحبه بالتصاوير البديعة عبارته صياغة تحبب قراءته ثم بث في مطاوية قصصاً وحكايات وروايات مما جعله أنيساً لكل أديب وأديبة أيا كان تخصصه فعسى

أن يقتنيه أبناء العراق على اختلاف طبقاتهم وأخص بينهم أصحاب الصحف والتاريخ والباحثين عن الأعراب إلى غيرهم. ومن أراد اقتناء فليراجع إدارة هذه المجلة أو حضرة الخوري مكسيموس حكيم في محلة الكنائس في بغداد وثمنه 3 ربيات. 104 - ميامر ثاودروس أبي قرة أسقف حران أقدم تأليف عربي نصراني، عني بطبعه الخوري فسطنطين الباش أحد رهبان دير المخلص وطبع في بيروت. يظن أن ثاودروس أبا قرة من أبناء المائة الثامنة للمسيح وأنه عرف القديس يوحنا الدمشقي وقد وضع هذا التأليف ليفند به آراء النساطرة واليعاقبة وموحدي الإرادة في المسيح، وهو من أجل التصانيف الدينية القديمة وعبارته محكمة السرد والحبك وكان بعض النساخ قد أفسدوه بما أدخلوا فه من بعض التراكيب التي لم يفهموها فأعادها إلى نصابها حضرة الخوري قسطنطين الباشا وهو من الرهبان المعروفين بحرصهم على آثار السلف لمولعين بنشر ما لهم من المآثر الجليلة. ولهذا جاء طبعه لهذا السفر من احسن ما يخلد به ذكره. وقد وقع في 200 ص بقطع 12 فعسى أن يروج بين محبي آثار السلف ويقتنيه أدباء المسيحيين لما فيه من الآراء السديدة المطبوعة بطابع العلم والتحقيق. 105 - الثروة جريدة تنشر في دمشق وتطبع بمطبعة الطرائف لم يتيسر لنا أن نعرف أهي أسبوعية أم يومية والعدد الذي وصل إلينا هو السابع من السنة الأولى. وقد ظهر في شهر نيسان (ولم يعين اليوم منه) من سنة 1930 فعسى أن يكتب لها السلامة بعمر طويل. 106 - بيان قدامة بن جعفر رسالة في 16 ص باللغة الروسية للمحقق الأستاذ أغناطيوس كراجكوفتسكي وقد بين فيها منزله الكاتب العربي ومقامه من البلاغة فهي من أنفس ما يعالج

في هذا الموضوع. 107 - تبيين الكذب المفترى فيما إلى الإمام أبي الحسن الأشعري تصنيف أبن عساكر الدمشقي المتوفي سنة 571، عني بنشرة القدسي وهو في 458 ص بقطع الثمن. طبعت هذه النسخة عن نسخة السيد عبد الباقي الحسني الجزائري ونسخة الخزانة الفيضية في الآستانة والنسخة النورية في القاهرة مع المقابلة بنسخة الخزانة التيمورية وفي آخر الكتاب فهارس أعلام الرجال وفي مطاويه تراجم عدة رجال من الأقدمين فهو سفر ثمين لما حوى من الفوائد التاريخية والحقائق الدينية وتراجم كثير من العلماء 108 - كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين (هدية) تأليف الإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتوفي سنة 324، الجزء الأول في الجليل من اللام عني بتصحيحه ونشره: هـ. ريتر في 300 ص بقطع الثمن الكبير طبع في استنبول بمطبعة الدولة سنة 1929. كل من صنف في الأديان والفرق والمذاهب اعتمد كتاب الملل والنحل للشهرستاني. والشهرستاني هذا ورد هذه الشرعة في كل ما أجاد تفصيله عن الفرق الإسلامية ولا سيما الفرق القديمة ونسخة كتاب الاشعري أصبحت أندر من الكبريت الأحمر وقد وفق صديقنا هـ. ريتر للحصول على خمس نسخ منه في عدة مواطن وقابل الواحدة بالأخرى كما يرى ذلك من الحواشي المطرزة بها جميع صفحات هذا السفر الجليل فجاء من أفخر ما يقتني للوقوف على الفرق الدينية. وأبو الحسن الاشعري لم يتعرض إلا للبحث عن الفرق الإسلامية لا غير وهذا الجزء الأول يبحث عن (الجليل من الكلام) ويرصد الجزء الثاني (للدقيق من الكلام) وقد كابد الأمرين لإخراج هذا السفر بهذه الصورة البديعة، ولا جرم أن هذا الديوان الجليل يكون من أمس الأسفار لمن يريد أن يعالج موضوع المذاهب في الديار الإسلامية.

109 - المتوكلي (هدية) في ما ورد في القرآن بالحبشية والهندية والفارسية والتركية والزنجية والنبطية والقبطية والسريانية والعبرانية والرومية والبربرية وهي للسيوطي. وفي آخرها رسالة في أصول الكلمات في اللغة له أيضاً. هذه رسالة لواحد من أكابر علماء الإسلام وهو يذكر ما في بعض الآيات من الألفاظ الداخلية، والوقوف عليها يفحم أولئك الذين ينكرون ورود كلم أعجمية في اللغة العدنانية فليراجعوها ليستفيدوا منها. 110 - نظام الغريب إملاء الشيخ الأديب عيسى إبراهيم بن محمد الربيعي استخرجه وصححه الدكتور بولس برونلة، طبع بمطبعة هندية بالموسكي بمصر في 311 ص بقطع 12 مع فهرسين. نشر كتب اللغة للأقدمين من أنفع الأعمال لأننا نرى بها سير اللغة مع الزمن لكن لا يتم نفعها إلا إذا تولى إصلاح ما أفسده النساخ رجال أكفاء جهابذة. أما إذا نشرها أناس غير واقفين على غريب اللغة فالضرر عظيم يصعب تلافيه بعد ذلك ولا يكتفي بطبع الكتاب وحده بل يجب أن يذكر لنا تاريخ النسخة التي أخذ عنها واسم كاتبها - أو بعبارة وجيزة - أن يذكر لنا نسبها لو جاز لنا هذا التعبير ويوضح لنا ترجمة مؤلف السفر إلى غير هذه الأمور التي أصبحت اليوم من أمس حاجاتنا الأدبية. وقد اشترى لنا هذا الكتاب أحد الفضلاء وطلب منا أن ننقده لكي يصح اعتماد عليه أم لا. وقد طالعناه فلم نر فيه شروط نشر كتب الأقدمين متوفرة فيه. فليس فيه كلام عن النسخة الأم. ولا عن النسخ الأخرى التي عارض بها النسخة الأولى ولا صرح لنا بملحمة عن ترجمة المؤلف ولا. . . ولا. . . ولا ولعل الناشر كتب ذلك في ولم الألمانية ولم نقف عليه على أنه كان من الواجب عليه أن يذكر لنا شيئاً في لغتنا وإلا لغتنا وإلا فأن هذا الكتاب يبخس في نظر القارئ العربي. والمؤلف توفي في سنة 408 للهجرة وهو وحاظي الأصل (أي من وحاظة

من ديار اليمن قال ياقوت في معجمه (6: 100) ولا أعرف حالة إلا أنه مصنف كتاب (نظام الغريب) في اللغة حذا فيه حذو كفاية المتحفظ، وأجاده وأهل اليمن مشتغلون به. اهـ. وقد ذكر لنا الدكتور داود أفندي الجلبي أن في المكتبة الأحمدية نسخة منه إلا أنه مخروم من الأول والآخر ولهذا لم يهتد إلى أسمه وظن أنه رسالة في اللغة (راجع مخطوطات الموصل ص 35). هذا من جهة التأليف نفسه والمؤلف. أما طبعة بالهيئة التي ظهر فيها فكثير السقط والوهم والخطأ والخطل. فكان يحسن بالناشر أن يعرض مسودته على أحد أبناء العرب الضلعاء قبل أن يبرزه بذلك الهدم المترقع. نعم أننا لم نطالعه من أوله إلى آخره إذ هذا عمل شاق إلا أننا ألقينا عليه نظرات هنا وهناك وحيثما وقع بصرنا وقع بصرنا على غلط. فقد جاء مثلاً في ص 170 عقاب عبنقات. . . والضاري الصقر. . صئبان المطر. والصواب: عقاب عبنقاة. . . والمضرحي الصقر. . . صئبان المطر (بصاد مهملة جمع صؤاب وهذه جمع صؤابة) وفي ص 174 والغظاظ طائر يرد الماء سحرا قبل طلوع الفجر واحدتها غظاظة. . . قلنا: ليس في لغتنا غظاظ ولا غظاظة بل غظاظة بل غطاط وغطاطة أي بالطاء المشالة المهملة وفي ص 175: والبعر (كذا بباء موحدة تحتية) المعز قلنا: لا يصحف مثل هذا التصحيف الشنيع إلا أجنبي وأي أجنبي. فيا حضرة الأستاذ كيف تريد أن يكون البعر معزا؟ إنما هو اليعر (بياء مثناة تحتية). وفي ص 173 والسبد طائر من طير الماء (كذا). . . إذا وقع عليه الماء ويبتل لشدة ملوسته. . . وهذا كلام يقرب من الهندية، والصواب طائر من طير المساء. . . إذا وقع عليه الماء لم يبتل (من الابتلال لا من الابتال كما ضبطها الناشر) وهذا الطائر يسمى بلسان العلم أي راضع المعز لأن الأقدمين كانوا يذهبون إلى أنه يرضع المعزي وهو يشبه الخطاف وأكثر ظهوره يكون عند المساء واسمه بالفرنسية أي بلاع الريح. وبالإنكليزية - أي راضع العنز أو - أي يوم السرخس لكثرة التجائه إلى السرخس.

وفي ص 215 ذكر بين الرياحين: الأس (وضبطه بفتح الأول والثاني) والأبهر والأقحوان وهو الخزامي. . والتمام (وضبطها كسحاب) وقال هو السنبر (كذا) والنشرين (بفتح النون): المنثور والسفسج (بفتح السين الأول وكسر الثانية) والنينونر ويقال اللينوفر (بفتح النونان في الأول وبفتح اللام والنون والفاء في الثاني) والآذريون (وضبطها بفتح الهمزة وتشديد الذال وفتح الراء). . . والحوذان) والصواب في كل ذلك: الأس (نمد الهمزة) والعبهر (بالعين) والأقحوان والخزامي (لأنه هو الخزامي لأنه ليس به) والنمام (بالنون وبتشديد الميم) هو السيسنبر (بفتح السينين يتخللهما ياء ساكنة وفي الأخر راء يسبقها باء موحدة تحتية ونون وذكره بعض اللغويين في سبر وآخرون في سنبر وفريق في سيسنبر) والنسرين (بنون (مكسورة فسين مهملة. وذكرها اللغويون في نسر) وفي جعل المنثور بلا عاطف يتوهم القارئ أن النسرين هو المنثور وهو خطأ واضح فاضح والصواب (والمنثور) ليكون من عداد الرياحين من غير أن يكون ريحاناً. ولا وجود للسفسج والصواب والسمسق (بسينين مهملتين وزان جعفر وزبرج وقنفد وجندب أو السفسف كجعفر. أما السفسج فلا وجود له). وكأنه لم يكشف بهذا الخطأ فزاده خطأ آخر بأن وزن بفتح السين الأولى وكسر السين الثانية وهو وزن لا وجود له في لغتنا إنما عندنا أفعل بفتح الهمزة وكسر العين. وليس في سفسج همزة في الأول. ولم يذكر أحد النينونر (بثلاث نونات) ولا اللينوفر. إنما ذكروا بعد مادة ن ف ر: النيلوفر بفتح النون واللام والفاء ويقال النيوفر بقلب اللام نوناً (التاج) والأذريون (بعد الهمزة وفتح الذال المعجمة وإسكان الراء وضم الياء المثناة التحتية يليها واوفنون) والحوذان بحاء مهملة. فهذه أثنتا عشرة غلطة أو أزيد في صفحة واحدة. فهل يقال بعد هذا: أن هذا كتاب لغة يعتمد عليه؟ ألا يحق لمؤلفه لو بعث أن يتبرأ من ولده هذا الممسوخ؟. فأنا لله وأنا إليه راجعونّ فهل يجوز لمنتم إلى العروبة أن يشتري هذا الكتاب ويطالع فيه؟ ذلك ما نحكم فيه كل عاقل منصف ولو لم يكن من الناطقين بالضاد.

111 - كتاب التيجان في ملوك حمير

هذا من جهة السقط في اللفظ والتصحيف والتحريف، وأما أغلاط الضبط فأكثر من أن تحصى. فعسى أن ينهض أحد أبناء عدنان ويعيد إلى هذا الديوان البديع نضارته وجماله ويسقط هذه النسخة السقيمة من الأسواق ثم تجمع وتحرق. راداً كل فضل إلى صاحبه، وكل ضرر إلى مسببه والله الميسر. 111 - كتاب التيجان في ملوك حمير عن وهب بن منبه رواية أبن هشام طبع بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانيين في حيدر آباد الدكن سنة 1347 في ص496 ص بقطع الثمن الصغير كتب على مطبوعات حيدر أباد الدكن أن لا تماشي ترقي العصر في منشوراته وتفنناته في إلباس عرائس الأفكار من السلف الحلل الموشاة والحلي الموشاة بنفائس المجوهرات. جرت مطابع الهند في إخراج نتاج الأقدمين على سنن منذ نصف قرن وهي لا تزال تنحو ذلك المنحى بلا أدنى تغير. نقول ذلك لأن صديقنا العلامة ف. كرنكو تولى طبع كتاب التيجان وهو من أفخر ذخر السلف بحلة أرث من حلل المكدين في العصور الوسطى. وليس فيه فهارس الأعلام ولا العناية اللازمة بضبط بعض تلك الأعلام من تاريخية أو بلدانية ولو علم أصحاب تلك المطبعة أن إبراز كتب الأقدمين بمجالي التحسين وتعديد الفهارس من مروجات بيعها لما امتنعوا من الأقدام على هذا العمل المحمود. والظاهر أنهم يجهلون كل ذلك. هذا فضلاً عن أن حروف تلك المطبعة ليست من الحروف التي تروق العين وتشوق الناظر في المطالعة. هذا من جهة مظاهر هذا السفر الجليل. أما سائر ما فيه فنحن لا نصدق جميع رواياته، إلا أن هذا التصنيف يبقى عريزاً في حد نفسه لأنه يصف لنا علم أبناء تلك العصور وما يخطر في رؤوسهم من الأفكار والآراء. أذن هذا ديوان بديع يحتاج إليه كل من يحب أن يقف على الحالة الفكرية التاريخية في صدر الإسلام. فالنسخة الأم التي اعتمد عليها هي نسخة حيدر آباد المنقولة عن أصل محفوظ في صنعاء في أواخر القرن الحادي عشر للهجرة ثم عورضت بنسخة المتحفة البريطانية

وهي نفسها منقولة عن النسخة الهندية بعينها وهناك نسخة ثالثة هي النسخة المحفوظة في خزانة الكتب العمومية في برلين وهي اقدم من النسختين المذكورتين مع اختلاف ونقصان وزيادات. ولهذا كان إخراج هذا الكتاب بصورته الحالية من أشق الأمور حتى زادت قيمته في عيون العلماء فعسى أن يوفق بعض الأدباء لأن يجد نسخة صحيحة قديمة ليقوم بها أود ما جاء في هذه النسخة المطبوعة وليس ذلك ببعيد على ذوي الهمم الشم. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 9 - 72 - وقال ص 227 (ويروقك مدحه، ثم لا يبعث فيك النفرة هجاؤه) وقال في 228 (فأن الإسلام وأن جاء لمحو الشر قد يتخذ الشر أحيانا سلاحاً ماضياً دفعاً لشر أعظم يخشى تغلبه) ونحن نحاشي ديننا الحنفي أن يتخذ الشر للإصلاح لأن كل ما استوجب الإصلاح لا يسمى شراً ألا ترى أن تناول الشيء إذا كان بالاحتيال والغدر سمي سرقة لا اشتراءا وكلا الفعلين في الأصل واحد وورد في ص 230 هجاء لحسان أقذع لخصمه فيه بخلاف ما يعتقد المؤلف فتخلص بطريقة الطعن في ما لا يوافق بأن قال (وعندي أن هذا الشعر لا يبرأ من الوضع والتوليد) قلنا ويؤكد هجو حسان الشديد ما جاء في الشرح الحديدي خاصاً به (1: 111) ونصه (وقال الزمخشري في كتاب ربيع الإبرار: كان معاوية يعزى إلى أربعة: إلى مسافر بن أبي عمرو وإلى عمارة بن الوليد بن المغيرة وإلى العباس بن عبد المطلب وإلى الصباح مغن كان لعمارة بن الوليد. وقد كان أبو سفيان دميماً قصيراً وكان الصباح عسيفاً لأبي سفيان شابا وسيما فدعته هند إلى نفسها فغشيها، وقالوا: أن عتبة أبن أبي سفيان من الصباح أيضاً. وقالوا: أنها كرهت أن تدعه في منزلها فخرجت إلى أجياد فوضعته هناك وفي هذا المعنى يقول حسان أيام المهاجاة بين المسلمين والمشركين في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله قبل عام الفتح: مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهرية في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهرية في العراق وما جاوره 1 - اجتماع الحزب الوطني عقد الحزب الوطني اجتماعاً عاماً في 23 مايو حضره كثيرون من المنتمين إليه وعدد كبير من تلامذة المدارس فألقيت فيه الخطب ومن جملة من هز النفوس (الهاشمي باشا) وكان قد أبصره الجمهور بين الحضار واقفاً في الشرفة فطلب البعض إلى فخامته أن يخطب فيهم فرفض في أول الأمر إلا أن تمادى الجمهور في التصفيق اضطره إلى أن يقف فيهم خطيباً ويقول هذه الكلمة التي جمعت فأوعت. قال فخامته لا فض فوه: (يظهر أننا برعنا في الأيام الأخيرة بصناعتين صناعة الكلام والوصف وصناعة التصفيق لكل متكلم وخطيب وأننا قد تخرجن في مدارس الوصف والتصوير وحزنا الدرجة العليا منها فبرعنا في رصف الكلمات ودفع الجمهور إلى التصفيق لنا. لقد اعتدنا أن نصفق حتى للذين يطعنون بنا وللذين يطعنون بالعروبة والأولى صناعة باردة والثانية أبرد منها وكلتا الصناعتين لا تجدينا نفعاً ولقد جربناها أعواماً طويلة. فإذا كنا نريد أن نعمل حقيقة عملاً يفيدنا فلنتبع جهود الأمم التي كانت تحت نير الأجنبي ولنقتف آثارها ونسر في طرقها كي نصل إلى الغاية ولنترك جانباً الكلام الفارغ والتصفيق الممل. . . 2 - اهتمام الحكومة البريطانية باقتراح رئيس وزراء العراق والعفو عن محكومي فلسطين رد الدكتور داموند شيلس الوكيل البرلماني لوزارة المستعمرات مجيباً عن سؤال وجهه إليه بأنه لا علم له أن الحكومة الفرنسية تدخلت في مسألة المحكومين عليهم بالإتلاف في فلسطين ولكنه يعلم أن المندوب السامي البريطاني تلقى كتاباً من فخامة رئيس الوزراء العراقية يرجو فيه العفو عن المحكومين عليهم بالإتلاف من الفلسطينيين ويبسط فيه ما يتركه من آثار حسنة في نفوس العرب. وقال الدكتور داموند شيلس

أن الحكومة البريطانية أعارت هذا الكتاب اهتماماً كبيراً 3 - جزيرة ابن عمر جاءت أنباء في نحو أواخر نيسان أن الحكومة الفرنسية تلاقي أشد المصاعب في احتلال هذه المدينة (جزيرة أبن عمر) مع أنه قد تم الاتفاق بين فرنسة وتركية بخصوص هذا الاحتلال وقد وقعت معركة بين فصيلة من الجند الفرنسي والمتطوعين وبين العصابات المترأبلة أسفرت عن تكبد الفريقين خسائر لا يستهان بها. وقد تمت هجرة عشائر شمر التي في سورية إلى التخوم العراقية. 4 - الشيخ مشعل الفارس قدم حاصرتنا حضرة الشيخ مشعل الفارس رئيس قبائل شمر في سورية وقد لجأ إلى العراق قبل شهرين وهو يراجع حكومتنا لتوطن قبائله العراق. 5 - هلتن يانغ وصل إلى الحاضرة في 16 مايو السر هلتن ينغ الخبير المالي البريطاني الذي استقدمته الحكومة العراقية لاستشارته في الشؤون المالية. 6 - ملاحظ المطبوعات عين الشاعر الدقيق الشعور وجذاب النفوس علي أفندي الخطيب المحامي ملاحظا للمطبوعات في العراق فباشر وظيفته في 20 أيار فنهنئه بهذا المنصب الذي يليق به عن استحقاق. 7 - وفاة أحمد باشا الصانع نعي إلينا من البصرة في 22 أيار أحد كبار أعيانها وسراتها أحمد باشا الصانع عن عمر يناهز الثمانين تولى فيها أرفع المناصب ولا سيما في متصرفيه البصرة وهو والد النجلين الجليلين عبد الله بك الصانع متصرف لواء بغداد حالاً ومحمد بك الصانع سائلين المولى أن يلهمهما الصبر هما وجميع من يلوذ بهما ويتغمد الفقيد برحمته ومغفرته. 8 - النظام القضائي الجديد في العراق تمت المفاوضات بين بريطانية والعراق بخصوص إحلال نظام قضائي واحد يتساوى بين يديه جميع رعايا. الدول الأجنبية عوض النظام المعمول به بمقتضى الاتفاقية الحقوقية الملحقة بمعاهدة سنة 1922 التي وفق العراق لإلغائها. وسينشر النص النهائي للنظام الجديد الذي يصبح به القضاء العراقي محرراً من سلاسل الاتفاقية الحقوقية السابقة وكانت قد منحت رعايا بعض الدول امتيازات أمام المحاكم لم تمنحها رعايا الدول الآخر.

9 - الشيخ سالم الخيون قررت الوزارة منح الشيخ سالم الخيون رئيس عشائر بني أسد أراضي في اليوسفية أو غيرها لأعمارها بدلاً من أراضيه الواسعة التي أخذتها منه الحكومة. فعسى أن لا تنسى الوزارة خدم الشيخ سالم الخيون السابقة وما أداة للوطن وعرض حياته للذب عنه أن كان بنفسه وأن كان بنفوس قبائله هذا فضلاً عن أن الشيخ سالماً عربي قح كريم الخلق ندى اليدين يبذل المال بسخاء حاتمي في سبيل البر والإحسان فكل هذه الاعتبارات تدفع - ولاشك في ذلك - إلى أن يمنح أراضي واسعة لأعمارها، لا سيما وأن كثيراً من الأقرحة الأميرية هي اليوم بور لقلة الأيدي فإذا استغلها أبناء الوطن كان في هذا العمل أعظم خير. 10 - محل لشركة الكهرباء صدقت وزارة الداخلية تملك بستان زوجة أمين خالص بك وشركائها في الصرافية والبستان غير بعيد من باب المعظم وذلك ليكون محلاً لشركة توليد الكهربية وهي شركة بلجكية حصلت على امتياز تسيير القداد (الترام) في المدينة وإنارة الحاضرة. 11 - إغلاق جامعة آل البيت البغدادية والتعويض عنها كثر القال والقيا منذ مدة طويلة حول جامعة آل البيت وكانت منذ يوم افتتاحها حتى الآن موضع جدل عنيف بين المفكرين في البلاد وفي ردهات الندوة حتى أكد المسؤولون كل التأكيد أن هذه الجامعة بوضعها الحاضر لا تفيد الفائدة المطلوبة وأن المبالغ الطائلة التي تصرف عليها تذهب سدى ولهذا اعتزم مجلس الوزراء في اليوم ال 24 من إبريل سد الشعبية الدينية العالية التي فيها إلى أجل غير مسمى والاستعاضة عنها في الوقت الحاضر ببعثة تولف من نحو ثمانية عشر من طلبة العلوم الدينية يوفدون إلى معاهد مصر للتوسع في العلوم المختلفة فيها. واقترح أن يعهد في تنظيم هذه البعثة وتقرير نفقاتها ومدة دراستها وأنواع دروسها وانتخاب أفرادها إلى دائرة الأوقاف على أن تقوم بذلك في أسرع ما يمكن وأن يرافق البعثة مراقب ليشرف على شؤون الطلبة ويخصص له راتب مناسب لمقامه. 12 - زي العلماء في كلية الإمام الأعظم علمنا أن مديرية الأوقاف العامة

أصدرت أوامر إلى إدارة كلية الإمام الأعظم بإلزام طلاب الكلية باتخاذ زي العلماء محافظة للطلبة على الصفة الدينية وأمرت فعلاً بشراء الجبب والعمائم اللازمة للطلاب على نفقة صندوق الوقف. 13 - تخفيض ضرائب النخيل والأشجار المثمرة قرر مجلس الوزراء في 21 مايو تخفيض ضرائب النخيل والشجار المثمرة. 14 - خط جوي بين حلب وبغداد تجري المفاوضات مع حكومتنا لإنشاء خط جوي بين حلب وبغداد ما عدا الخط الجوي بين بغداد والشام. 15 - اختلاسات في دواين الحكومة العرقية لا يمضي شهر إلا وأنت تسمع باختلاسات في الديوان الفلاني أو الفلاني من دواوين حكومتنا العراقية. وقد ظهر في تحقيقات شهر مايو أن هناك ما ينوف على 17 ألف ربية اختلست بواسطة تزوير طوابع ورفعها من السجلات وعلى أثر ذلك شرعت اللجنة التفتيشية بتدقيق النظر في ما أتاه موظفو هذا الديوان لمعرفة المختلسين الحقيقيين والرؤساء الذين سببوا بإهمالهم تلك التلاعبات بأموال الأمة. 16 - الطيران في ديار أبن سعود صرح الشيخ حافظ وهبة لمحدثيه من مراسلي الصحف أن حكومة الملك أبن سعود عازمة على تعزيز سلاح الطيران في ديارها لما جنته من الفوائد بالطيارات الأربع التي ابتاعتها من المصانع البريطانية وجعلت (دارين) قاعدة لها وأن في نية الملك ابتياع أربع طيارات آخر لاتخاذها في أسفاره وتنقلاته بين أرجاء مملكة الواسعة. 17 - خزانة كتب للمطالعة عزم الشيخ عبد الرحمن القصيبي من مشاهير اللآالين في البحرين والهند ونزيل مكة اليوم تأسيس خزانة كتب عامة في مكة وسيشيد بناء خاصاً بها في أظهر مكان واحسن موطن من تلك الحاضرة. 18 - مستشفى بحرة أتمت إدارة الصحة العامة في الحجاز تأثيث مستشفاها الجديد في بحرة الواقعة بين مكة وجدة وأقامت فيه طائفة من السرة وجهزته بالأدوات والآلات العصرية والأدوية اللازمة وشرعت بقبول المرضى فيه. 19 - مجلس اقتصادي في إيران أنشئ مجلس اقتصادي عال أعضاؤه جماعة من الاختصاصيين الماليين والحقوقيين

وقد ربط بوزارة المالية لتزويدها نظرياته وآراءه في المسائل المالية والتشريع طرح رسوم المكس وغيرها. وقد عقد جلسة خطيرة في الأسبوع الأول من مارت ترأسها جلالة الشاه بهلوي بنفسه ونفر من الاختصاصيين الألمان فقرر تحديد جلب البضائع المكملة للمعاش وتنظيم الصادرات الإيرانية إلى الخارج وحمايتها. وإصدار قانون اتخاذ الألبسة والمنسوجات الوطنية وقيام المصرف الوطني بالأشراف على ترويج النتاج الإيراني في بلاد الأجانب وقرر تمديد السكة الحديدية في الشمال والجنوب بقدر الإمكان. وسن خطة اقتصادية للموازنة بين الصادر والوارد وتثبيت النقود الإيرانية على أساس الذهب. 20 - دفن جثمان الشاه أحمد القاجاري نقلت الباخرة شامبوليون الأفرنسية جثمان المغفور له مرفأ بيروت وفي يوم 17 نيسان أنزل الجثمان من الباخرة باحتفال مهيب إذ حضرت مفرزة من الدرك اللبناني قوامها 30 راكباً ومثلها من الشرطة واصطفت أمام مدخل دار المحجر (الكرنتينة) فحياه الدرك والشرطة ثم وضع في غرفة خاصة لنقله بالقطار إلى دمشق ومنها إلى بغداد. ولم يكن من أقاربه ولا من الجالية الإيرانية سوى سمو الميرزا حسن خان خازن همايون والميرزا إسماعيل خان طبيبه الخاص. ويقال أن جلالة الشاه المتوفي أصر في وصيته التي وضعها في المصرف الأميركي في باريس على أن ينقل جثمانه إلى كربلاء وأن لا تقام له حفلات وأن لا يرافق جثمانه أحد من أقاربه حتى والدته الموجودة في باريس ولا أخوته سغير الميرزا حسن الذي رباه وعمل بموجب هذه الوصية. وفي 21 نيسان (أبريل) وصل الجثمان المذكور إلى بغداد وكان في استقباله جمهور كبير من الجالية الإيرانية وممثلي بعض القنصليات وبعض رجال العاصمة ثم حمل نعشه إلى كربلاء فدفن فيها حسب وصيته. 21 - توسيع دار الأيتام قرر مجلس الوزراء توسع دار الأيتام بقدر ما تسمح به فضله الواردات المخصصة بالخيرات من قبل الأوقات على أن يتفق مع وزارة المعارف على التدريب الأيتام وتهذيبهم في بعض الصناعات الضرورية للبلاد.

العدد 82

العدد 82 - بتاريخ: 01 - 07 - 1930 أحمد باشا تيمور عاشرنا كثيرا من العلماء والأدباء والفضلاء من أبناء الشرق والغرب فلم نجد رجلا اجتمعت فيه الآداب العالية ومكارم الأخلاق والمواهب الطبيعية كما اجتمعت في احمد باشا تيمور الذي عرفناه في شخصنا مكاتبة ومواجهة. وكل ما نقوله لا

يمثله بين أيدينا كما تمثله هذه الرواية. عرفنا احمد باشا بالمكاتبة منذ سنين طوال لكنا لم نتلاق معه إلا في سنة 1921 وذلك أننا ذهبنا في شهر حزيران (يونيو) من تلك السنة إلى ديار الغرب لمباحث علمية وتاريخية. ولما وصلنا إلى الإسكندرية خطر ببالنا أن نذهب إلى القاهرة ونور فيها بعض الأحباب. ولما دخلنا عاصمة ديار النيل نزلنا في دار الصديق يوسف آليان سركيس الذي كنا نعرفه منذ سنة 1897 فأعزنا واكرم مثوانا وفي يوم حلولنا منزله العامر طلبنا إليه أن (يتلفن) إلى الباشا في أي ساعة يأذن لصديق له حديث القدوم إلى الحاضرة أن يزوره، فأجاب في الساعة الرابعة بعد الظهر. وفي الساعة الثالثة بعد الظهر إذا باب سركيس يقرع، فلما فتح فإذا بالباشا قادم في سيارته الباب وهو يقول: لا شك أن نزيلكم هو الأب انستاس ماري الكرملي. ولم نكن قد أعلمنا بقدومنا أحد، إذ كانت فكرة دخولنا القاهرة فكرة جاءتنا على غفلة، فتعجبنا من هذا الإلهام الذي لم نفهمه. . . وفي الساعة الرابعة أخذنا الباشا إلى داره العامرة في شارع شجرة الدر إذ قال: قد وعدتكم أن أواجهكم في داري في الساعة الرابعة، فقد حانت فهلموا الي، فركبنا سيارته ودخلنا داره فإذا هي من أنزه الدور وأجملها وقد وضع في بحبوحتها خزانته البديعة، فقضينا ثلاث ساعات في المراجعة ومطالعة بعض ما في ذلك الفلك المشحون كنوزاً وذخائر ونفائس. وبعد أن مضى على هذه الملاقاة يومان دعانا إلى مواجهته في ذهبيته فجاء هو بنفسه إلى محلنا وأخذنا إلى ذهبيته فلما وصلنا إليها ألح علينا أن نبقى معه فيها شهراً للمذاكرة في العلوم والآداب والمراجعة، ولما كان الأمر مستبعداً إذ لم نتهيأ لذلك رضينا في الآخر أن نبقى معه أسبوعاً، فلما تم الاتفاق بيننا على قضاء تلك الأيام استدعى خدمه وكانوا ثلاثة وقال لهم: أن صاحب هذه الذهبية هو هذا الأب انستاس ماري الكرملي وأنا هنا ضيف عنده فاعملوا بما يقوله لكم ولا تسمعوا مني شيئاً ما لم تتحققوا الأمر منه وبرخصته. . . إلى آخر ما قال.

وكان الخجل استحوذ علينا وسد فمنا فلم نتمكن من أن ننطق بكلمة. ثم عين لنا غرفة في تلك الذهبية وأطلعننا على ما فيها من المواطن والمرافق وأخذنا بالمراجعة ومجاذبة أطراف الكلام كما اطلعنا على تأليفه وبينها الأمثال العامية المصرية ورد ما فيها من الألفاظ إلى أصولها من فصيحة ودخيلة فدهشنا لما رأينا فيه من التحقيق والتدقيق وما أودع ذلك الكتاب من الآراء النفيسة السديدة وكل ذلك بخطه كأنه الدر المنظوم. ثم تراجعنا في أمور أخرى تاريخية وأدبية ولغوية ونحوية وبلدانية رأينا في عرضها وبسطها من الآراء البديعة ما دفعنا إلى أن نقدره حق قدره. وبعد أن قضينا أسبوعاً على النيل أخذنا بسيارته إلى منزلنا فكان يزورنا كل يوم إلى ساعة مزاولتنا أم النيل فكان آخر مودع لنا بعد أن سايرت سيارته قطارنا مسافة بعيدة. وفي جميع مكالماته ومفاوضاته كان ينطق بهدوء وسكينة وعلى وجهه أمارات الوقار والاحترام، وكان إذا رأى منا فكراً أصوب من فكره عدل للحال عما له ليتبع ما قلنا به. ولم نر فيه ما يشم منه المعاندة أو المكطابرة أو المباهاة أو الادعاء أو الترفع أو التكبر أو التجبر بل بالعكس رأينا فيه تواضعاً عظيماً، وحلماً يتلاشى بين يديه حلم الأحنف وعلماً وافراً ممزوجاً باستعداد للتسليم بآراء الغير إذا ما اتضح له انه في وهم. ولم نسمع منه كلمة تجرح الأدب أو حسن المعاشرة أو الصداقة أو عفاف النفس. ووجدنا فيه من الحافظة قدراً عظيماً ولا سيما حفظه للكتب المطبوعة والمخطوطة فانه لا يكاد يصدق. وإذا كان التأليف مطبوعاً في عدة مدن من ديار الشرق والغرب أعلمك بها وربما ذكر لك السنين. وأمر المخطوطات أمر عجب إذ يعلم محل كل مخطوط نادر من أي علم كان ويذكر لك بعض الأحيان من أوصافه المختلفة ما يدهشك اعظم الدهش. أما كرمه فحدث عنه ولا حرج: كنا في حاجة إلى نقل كتاب خط من كتبه وكنا قد طلبنا ذلك من صديقنا يوسف اليان سركيس، فلما درى انه لنا احضر له ناسخا وبعد أن أتمه بعث به إلينا من غير أن يقبل فلسا منا. والكتاب

كان ضخما. فلما عرفنا ذلك وكنا في حاجة إلى نقل تصانيف أخرى مصورة طلبنا من صديقنا المذكور أن يصور لنا بعض تلك المؤلفات من غير أن يذكر له اسمنا، فلم يأذن بذلك حتى عرف أنها لنا، فلما تم تصويرها بعث بها إلينا مجاناً ومثل هذا السخاء اضطرنا إلى أن لا ننسخ كتاباً أياً كان من خزانته واهدينا إليه مقابلا لتلك المصورات كتبا خطية تاريخية وأدبية ولغوية لم تكن عنده. ومن عجيب سخائه أننا كنا في حاجة إلى مصنف نادر لا وجود له في العالم سوى نسخة واحدة هي في خزانته، فطلبنا إلى أحد الأصدقاء غير يوسف آليان سركيس أن يصوره لنا لكي لا يعلم انه لنا فلما علم انه لنا ابرد به إلينا مسجلا فلما وصل إلينا رددناه في ذلك البريد عينه خوفاً من ضياعه. فهذه الأمور وأمثال أمثالها بالمئات جرت لغيرنا من الأدباء وكرمه أشهر من أن يذكر وأخلاقه حببته إلى جميع النفوس والى كل من دنا منه من أي أمة كان ومن أي دين، وكان رحمه الله متمسكاً بالدين الحنيف كل التمسك ولا يرضى بالمارقين منه ولا بمن يطعن فيه. هذا هو أحمد باشا تيمور على ما عرفناه وهناك مكارم أخلاق وفضائل يطول شرحها فاجتزأنا بما ذكرنا من هذا البرض القليل. أما سبب وفاته فكان ما أصابه بمرض ابنه محمد بك تيمور وما تكر عليه من أرزاء تتالت عليه وهي وفاة قرينته كريمة المرحوم أحمد باشا رشيد وزير المالية سابقاً لديار مصر، وأخته النابغة الداهية عائشة خانم تيمور. قالت مجلة (كل شيء): وقد كان جزعه في هذه الكوارث عظيماً، غير أن كارثته في محمد بك كانت بمثابة حادث جسيم هد كيانه، واضعف أركانه وأسلمه إلى المرض الذي توفي به وذلك انه لما كان المرحوم محمد بك مريضا استدعى والده الدكتور هيس لمعالجته، فلما كشف عليه ورأى حالته، التفت إلى احمد باشا واخبره باللغة الفرنسية: أن الرجاء في نجله ضعيف. فما أتم الدكتور كلمته حتى أغمي على الباشا في ساعته وحملوه إلى مضجعه فاقد الشعور ومكث ثلاثة أيام على هذه الصورة، وتوفي محمد بك، وهو لم يدر بما حدث، ولم يجرؤ أحد على إخباره.

نظرة في المجلة الألمانية ومجاوراتها الساميات

ومن هذا الحين لزمه مرض النوبة القلبية التي كانت تعتريه من حين إلى حين ولا سيما في أوقات الانفعال، ولذلك تجنب في أواخر أيامه الاجتماع بالناس كثيراً حتى وافاه القدر المحتوم بتلك النوبة القلبية في ليلة كان محتفظاً فيها بنشاطه وقطع جانبا منها مع بعض أصدقائه وعارفيه، فراح مبكياً عليه من عارفي فضله وأدبه، وخسرت اللغة العربية والتاريخ خسارة كبيرة، وفقد الشرق رجلا عاملا كان نعم الذخر والمرجع في المعضلات. . . اهـ كلام كل شيء). وكان انتقاله من هذه الدار الفانية في 2 مايو (أيار). رحمه الله رحمة واسعة وعفا عن زلاته والهم الصبر ذويه. نظرة في المجلة الألمانية ومجاوراتها الساميات وقفنا على مقال في هذه المجلة (225: 7 إلى 258) ذكر فيها صاحبها الدكتور جورج غراف الألفاظ العربية النصرانية فجمع منها شيئا جليلا ورتبها على حروف المعجم فوصل فيها إلى آخر حرف الخاء وفاتته كلم كثيرة، ونحن نذكرها له على حروف الهجاء من غير أن نشرحها لوجودها في دواوين اللغة. وأولها الابن إذ لم يذكره مع انه ذكر الأب، والابن هو الاقنوم الثاني من الثالوث المقدس. ولم يذكر في آمين الفعل الذي اشتق منه فقد قالوا: أمن تأمينا أي قال آمين أما عرب الجاهلية فكانوا يقولون في مكان آمين: بسلا بسلا لان آمين كلمة عبرية وما كانوا يريدون أن ينطقوا بها. إبليس ارتسم أي رسم علامة الصليب على نفسه. وذكر الاركدياقن ولم يذكر ما جاء فيه من اللغات المعربة خلافا لعادته ومن هذه اللغات: الارشدياقن والشدياق ومنه احمد فارس الشدياق، وفي الارخن لغة معروفة مشهورة هي الاركون. وذكر الارشي وفيه لغة أخرى وهي العرش بمعناها، ونسي ذكر الاسجاد (بمعنى اليهود والنصارى) وسمى بعضهم (أسفر حيا) سفر الأحياء.

الأعراف هي ما يسميه بعضهم اللنبوس أو اللمبوس أو اليمبوس أو الينبوس ونسي الافحوص بمعنى وفي الافخارستيا لغة أخرى هي الاوخارستيا وهو الشبر والقربان المقدس. وعرف كثيرون الاكاروزة بالكرازة. وذكر الاكراح أو الاكراخ بكسر الهمزة وهو لم يرد إلا بفتحها جمعاً لكرح أو كرخ بالضم أو الكسر وربما جاءت مصغرة بصورة اكيراح. والنصارى الأقدمون قالوا الليها ولم يقولوا الليويا وبعض المحدثين يقول هليلوي. وقالوا (الأمانة والهيمانوت لما يسميه الإفرنج وسمى العرب الباصلوت مصلى وصلاة ووالبرزخ لم يذكره وهو وبرهوت وهو موطن معروف البسل، يقال بسله: لحاه ولامه وأعجله وأبسله لكذا أي أسلمه للهلكة والعذاب ويستعمله بعضهم بمعنى اللعن باسم الدين. وفاته ذكر: (بطن محسر) التاديبات الكنسية الجابية محل من أرض الشام يعتقد بعضهم أن فيه أرواح المؤمنين وهو ما يقابل المطهر عند النصارى إلا أن المطهر لا يعرف وطنه. الجعفلين: أسقف النصارى وكبيرهم (لسان العرب) وهو من الجلجة: ضبطها كزلزلة والمشهور كجمجمة أي بضم الجيمين. الحاشوش يم يذكره وذكر الحاش. راجع لغة العرب (368: 8 و450). الحجاب أن تموت النفس وهي مشركة كأنها حجبت بالموت عن الإيمان ولم يذكر التقليس والتكفير والتهويد

تحققات تاريخية

تحققات تاريخية 1 - قبر الخلاني أي الخلال إذا سار سائر اليوم ببغداد بجادة باب الشيخ عبد القادر الجيلي (رض) مبتدئاً من أولها الغربي المتصل بالشارع العام ثم قطع قراب نصفها فيرى عن يمينه دربا به قبر الرجل الزاهد الذي كتب في نص زيارته انه (محمد بن عثمان الخلاني) والتاريخ المرقوم فوق باب القبة التي على قبره هو (1301هـ) فهو تاريخ آخر عمارة له، ويزوره الشيعة والسنيون. وقد ورد في ص190 من كتاب عمران بغداد في البحث عن مقابر بغداد (11 - سائر المقابر المهمة كمقابر النواب الأربعة المعروفين بوكلاء الناحية أيضاً وهم عثمان بن سعيد العمري الزيات من أصحاب الإمامين الحسن العسكري وأبيه علي الهادي (ع) وابنه محمد بن عثمان وأبو القاسم الحسين بن روح وأبو الحسن علي بن محمد السيمري وكلها تقع في الجانب الشرقي) فهو يريد بمحمد بن عثمان صاحب القبر المذكور آنفا واجتزأ عن تعيين القبر بأنه في الجانب الشرقي فقط. قلنا: ظهر لنا بعد تحقق وتتبع أن صاحب القبر ليس بمحمد بن عثمان فقد قال ياقوت في مادة (باب الخاصة) من معجمه للبلدان ما نصه: (باب الخاصة كان أحد أبواب دار لخلافة المعظمة ببغداد أحدثه الطائع لله تجاه دار الفيل وباب كلواذي واتخذ عليه منظرة تشرف على دار الفيل وبراح واسع واتفق أن كان الطائع يوما في هذه المنظرة، فجوزت عليه جنازة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الزاهد المعروف بغلام الخلال، فرأى الطائع منها ما أعجبه فتقدم بدفنه في ذلك البراح الذي تجاه النظرة وجعل دار الفيل وقفا عليه ووسع به (كذا) في تلك المقبرة وهي الآن على ذلك إلا أن الباب لا اثر له اليوم ويتلو هذا الباب من دار الخلافة باب المراتب).

قلنا: وقبر الخلاني اليوم قرب (الدبخانة) وهي بقية باب كلواذى ولا تزال مرامي السهام ظاهرة في برجها المنخفض اليوم كثيراً والبرج قبالة طريق السيارات المتجهة نحو الكرادة والهنيدي، وقد صار هو واصل السور كنية للبرتستان الآن. وفي مادة (قنطرة البردان) من معجم ياقوت (روى عنه غلام الخلال عبد العزيز ابن جعفر الحنبلي) وتوفي سنة 363 على ما ذكره ابن الأثير (476: 8) وجادة باب الشيخ اليوم من محلة باب الازج قديماً على ما ذكرنا في تعيين هذه المحلة سابقاً (441: 2 إلى 444) ويؤيد هذا ما ذكره ياقوت في مادة قصر الكوفة ونصه: (قصر الكوفة: ينسب إليه عبد الخالق بن محمد بن المبارك الهاشمي أبو جعفر ابن أبي هاشم بن أبي القاسم القصري الكوفي، ذكره أبو قاسم تميم بن احمد البندنيجي في تعلقه فقال: القصري من قصر الكوفة مولده سنة 513. . . قال تميم: ومات ببغداد سنة 589 في ثاني رجب ودفن بباب الازج عند ابن الخلال) اهـ قلنا: أي عند عبد العزيز بن جعفر الذي تعرفه العامة اليوم بالخلاني. وورد في ص 101 من الحوادث الجامعة عن نتائج احتلال هولاكو لبغداد ما عبارته: (ثم عين على بعض الأمراء فدخل بغداد ومعه جماعة ونائب أستاذ الدار ابن الجوزي وجاءوا إلى أعمام الخليفة وأنسابه الذين كانوا في دار الصخر ودار الشجرة فكانوا يطلبون واحداً بعد آخر فيخرج بأولاده وجواريه فيحمل إلى مقبرة الخلال التي تجاه المنظرة فيقتل فقتلوا جميعهم عن أخرهم، وخلاصة الكلام أن الخلاني اليوم ببغداد وهو أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الزاهد فهل من مدع غير هذا؟ 2 - المنطقة اليوم ليست بمسجد براثا القديم ورد في ص 121 من تاريخ مساجد بغداد ما صورته (مسجد براثا أو المنطقة هو من مساجد بغداد القديمة العهد يتبرك به الشيعة إلى اليوم لما ثبت عندهم أن الإمام عليا كرم الله وجهه بعد فراغه من واقعة النهروان ورجوعه عبر دجلة وصلى بأصحابه عند دير راهب كان قريبا منها فاتخذ شيعته مصلاه مسجداً).

وفي ص 122 منه (وهذا المسجد اليوم يسمى المنطقة وهو على نحو ميل أو اكثر غربي الجانب الغربي من بغداد بين بغداد وبين الكاظمية عن يسار الذاهب من بغداد إلى الكاظمية وحوله مقبرة لموتى الشيعة). وورد في ص14 من (مناقب بغداد) وفي سوق العتيقة مسجد تغشاه الشيعة وتزعم أن أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام صلى هناك) وقد علق به محمد بهجة مهذبه ما عبارته (يسمى مسجد براثا ويعرف الآن بالمنطقة) والذي غر محمداً المذكور ما ورد في ص21 من المناقب نفسه ونصه (وكانفي براثا مسجد يجتمع فيه قوم من الشيعة وربما ذكروا الصحابة بأمر فأمر بكبسه عليهم فأخذوا وعوقبوا وحبسوا وهدم المسجد وعفي أثره إلى سن ثمان وعشرين وثلاثمائة فأمر الأمير بحكم بإعادة بنائه فبني بالآجر والجص وسقف بالساج المنقوش ووسع فيه وكتب في صدره اسم الراضي بالله ثم أمر المتقي بالله بنصب منبر فيه وأقيمت الجمعة في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة) وليس في هذا دليل على أن مسجد براثا هو مسجد العتيقة وأين براثا من العتيقة؟ وتابع إلى هذا مؤلف عمران بغداد ففي ص (190 - 191) من كتابه ذلك قال (وكان في براثا مسجد جامع يجتمع فيه الشيعة يسمى بمسجد براثا، وكان الشيخ المفيد (ر هـ) يعقد فيه حلقة درسه ويقيم فيه صلاة الجمعة وهو يقع اليوم في منتصف طريق بغداد - الكاظمية وحوله المقابر الكثيرة) اهـ. قلنا: وليس قوله بشيء على ما ستراه وقد كرر المرحوم السيد محمود شكري الآلوسي الوهم فقال في ص137 (سقاية نجيب باشا أنشأها في المنطقة أو مسجد براثا). بيان موضع براثا وان براثا غير العتيقة قال ياقوت في مادة (براثا) ما صورته براثا بالثاء المثلثة والقصر: محلة كانت في طرف بغداد في قبلة الكرخ وجنوبي باب محول وكان لها

جامع مفرد تصلي فيه الشيعة وقد خرب عن آخره وكذلك المحلة لم يبق لها أثر فأما الجامع فأدركت أنا بقايا من حيطانه وقد خربت في عصرنا واستعملت في الأبنية. . . وكانت براثا قبل بناء بغداد قرية يزعمون أن عليا مر بها لما خرج لقتال الحرورية بالنهروان وصلى في موضع من الجامع المذكور وذكر انه دخل حماما كان في هذه القرية) اهـ وليس في هذا الكلام ما يدل على أن براثا هي العتيقة واستمر ياقوت على كلامه مميزاً (براثا) عن (العتيقة) قائلاً: (وقيل بل الحمام التي دخلها كانت بالعتيقة، محلة بغداد وخربت أيضاً) فهذا تصريح ظاهر كل الظهور بان العتيقة غير براثا وان المنطقة هي مسجد العتيقة لبعدها العظيم عن براثا ولان الشيعة لا يزالون يقبرون موتاهم فيها ولان مسجد براثا لم يبق له اثر عامر منذ الربع الأول منذ القرن السابع الهجري. وذكر العلامة لسترنج في خريطة ص15 من تاريخه لبغداد محلة العتيقة في شرق مدينة المنصور والمنطقة اليوم في شرق مدينة المنصور إلا انه اخطأ في موضعها إذ وضعها في ما يقابل اليوم القلعة والخطأ ظاهر ووضع براثا في غرب مدينة المنصور وذكر باب محول في جنوب باب الكوفة فكأنها بين جسر الخر اليوم ومقبرة الست زبيدة أما بلدة المحول (لا محلة الباب المسمى بها) فقد وضعها في غرب محلة براثا وكلاهما على نهر عيسى (الخر اليوم) وقال ياقوت عنها في مادة المحول أيضاً) ما صورته (المحول: اشتقاقه واضح من حولت الشيء. . . بلدة حسنة طيبة نزهة كثيرة البساتين والفواكه والأسواق والمياه بينها وبين بغداد فرسخ اهـ. وفي أخبار المستعصم بالله في الحوادث الجامعة انه ركب إلى محلة باب محول وتعهدها لبعدها عن بغداد إذ ذاك. وقال ياقوت في كرخ زمانه أي الكاظمية وتوابعها: (وعن يسار قبلتها محلة تعرف بباب المحول وأهلها سنية وفي قبلتها نهر الصراة وفي شرقيها نصب بغداد ومحال كثيرة وأهل الكرخ كلهم إمامية لا يوجد فيهم سني البتة) قلنا واسم الكرخ في آخر الدولة العباسية يعني الكاظمية بدون شك.

3 - شارع المنصور ودرب أبي خلف وقطيعة الربيع ورد في ص59 من تاريخ مساجد بغداد عن جامع القبلانية المقابل للمدرسة المستنصرية من الشرق ما نصه: (وفي هذا المسجد مرقد أبي الحسين بن احمد القدوري الفقيه الحنفي الشهير وكان من رؤساء المذهب توفي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة ودفن في بيته ثم نقل منه ودفن في جوار الفقيه أبي بكر الخوارزمي الحنفي في شارع المنصور في جانب الرصافة وهو اليوم في هذا المسجد ومعه جمع من قبور بعض الصالحين) اهـ. قلنا: أن عوام الشيعة يدعون أن المدفون في جامع القبلانية هو علي بن محمد الصيمري الذي مر ذكره في البحث عن قبر الخلاني آنفاً وتجد ذكره في ترجمة محمد بن يعقوب الكليني الرازي من كتاب (روضات الجنات) أما القدوري المذكور فقد قال عنه ابن خلكان في (22: 1) من تاريخه: (ودفن من يومه بداره في درب أبي خلف ثم نقل إلى تربة في شارع المنصور ودفن هناك إلى جانب أبي بكر الخوارزمي الفقيه الحنفي) وهو مثل ما ذكره السيد محمود شكري الآلوسي إلا أن الآلوسي زاد (في جانب الرصافة) ولا دليل له على أن شارع المنصور بالرصافة وإنما الذهن يبادر إلى أن شارع المنصور بمدينة المنصور أي في ما بين كرخ بغداد اليوم وجنوبي الكاظمية فضلا عن أن الرصافة زمن المنصور فوق البلاط الملكي اليوم إلى قبر أبي حنيفة (رض) على ما يأتي وجامعة آل البيت اليوم في موضع الرصافة القديمة ويلي الرصافة من الشرق الجنوبي محلة المخرم ثم بغداد الحالية فأين القبلانية من الرصافة زمن المنصور حتى يسمى شارعه شارع المنصور؟. أما درب أبي خلف ففي كرخ بغداد، نقل ابن خلكان في (199: 1) عن دعلج السجستاني ما اصله: (وكان يقول: ليس في الدنيا مثل داري وذاك انه ليس في الدنيا مثل بغداد ولا ببغداد مثل القطيعة ولا في القطيعة مثل درب أبي خلف وليس في الدرب مثل داري. . . قال: توفي دعلج المذكور يوم الجمعة لإحدى عشرة بقيت من جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وقيل لعشر بقين من جمادى) وقال ابن خلكان في (319: 1) مترجما للداركي عبد العزيز بن عبد الله الفقيه الشافعي ما نصه: (وكان يدرس ببغداد في مسجد دعلح بن احمد

بدرب أبي خلف من قطيعة الربيع. . . توفي ببغداد يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة خمس وسبعين وثلاثمائة) اهـ. قلنا: ولا شك في أن قطيعة الربيع بالكرخ فقد قال ياقوت في مادة (قطيعة) ما عبارته: (قطيعة الربيع وهي منسوبة إلى الربيع بن يونس حاجب المنصور ومولاه وهو والد الفضل وزير المنصور، وكانت قطيعة الربيع بالكرخ مزارع الناس من قرية يقال لها بياوري من أعمال بادوريا وهما قطيعتان خارجة وداخلة فالداخلة اقطعه إياها المنصور والخارجة اقطعه إياها المهدي وكل التجار يسكنونها حتى صارت ملكا لهم دون ولد الربيع). وفي (193: 1 و194) من وفيات ابن خلكان (قال احمد بن الحسين سمعت أبا عبد الله بن المحاملي يقول: صليت العيد يوم فطر في جامع المدينة فلما انصرفت قلت في نفسي: أدخل على داود بن علي أهنئه وكان ينزل في قطيعة الربيع، قال: فجئته وقرعت عليه الباب فأذن لي فدخلت عليه). ونقل في ترجمة أبي حامد احمد الاسفرائيني (وقال الخطيب في تاريخ بغداد. . . ورايته غير مرة وحضرت تدريسه في مسجد عبد الله بن المبارك وهو المسجد الذي في صدر قطيعة الربيع) وقال في ترجمة الربيع ما اصله: (وقطيعة الربيع منسوبة إليه وهي محلة كبيرة مشهورة ببغداد وإنما قيل لها قطيعة الربيع لان المنصور اقطعه إياها). وورد في ص22 من مناقب بغداد: (وما زالت الجمع تقام في جامع المدينة وجامع الرصافة وجامع القصر ومسجد براثا ومسجد القطيعة ومسجد الحربية إلى أن تبطلت من مسجد براثا بعد الخمسين والأربعمائة). قلنا: وأراد بمسجد القطيعة: مسجد قطيعة الربيع. والظاهر لنا أن قطيعة الربيع بين الجعيفر اليوم والمنطقة لان الحريم الظاهري كان بين الكاظمية اليوم وغرب مدينة المنصور أي جنوب الكاظمية الغربي على ما في خارطة ص107 من لسترنج والظاهر انه كان متصلا إلى دجلة ففي ص27 من مناقب بغداد: (ولم يكن للدار العزية مثل دار بلدرك والحريم الطاهري ودوره الشاظئية وسوره الدائر وبابه الحديد. . . ووراء الحريم شارع دار رقيق محلة كبيرة كثيرة المنازل العجيبة ثم درب سليمان والمارستان وسوقه العجيب ثم دار النقابة الشاطئية) وقال ياقوت

عن مقابر قريش: (وهي مقبرة مشهورة ومحلة فيها خلق كثير وعليها سور بين الحربية ومقبرة احمد بن حنبل (رض) والحريم الطاهري) وقال ابن خلكان في (288: 1) عن عبد الله بن نناقيا الأديب: (هو من أهل الحريم الطاهري وهي محلة ببغداد). وقرب الحريم الطاهري (قطيعة زهير) قال ياقوت في مادة (قطيعة) ما صورته: (قطيعة زهير: قرب حريم بني طاهر خربت بالجانب الغربي) فهي تقرب من الحريم من جهة الغرب لا من الشرق لان وراء الحريم كما ذكرنا شارع دار الرقيق ودرب سليمان والمارستان وسوقه، وتتصل بقطيعة زهير (قطيعة أبي النجم) قال ياقوت: قطيعة أبي النجم: ببغداد أيضاً بالجانب الغربي. . . وهذه القطيعة متصلة بقطيعة زهير قرب الحريم الطاهري وهي الآن خراب) ويقرب من هاتين قطيعة ريسانة قال ياقوت: (قطيعة ريسانة: بفتح الراء ثم بياء مثناة من تحت وسين مهملة وبعد الألف نون أظنها من قهارمة المنصور: محلة كانت بقرب مسجد ابن رغبان قرب باب الشعير من غربي بغداد) وقال عن باب الشعير (باب الشعير: محلة ببغداد فوق مدينة المنصور. . . قالوا: كانت ترفأ إليها سفن الموصل والبصرة، والمحلة التي ببغداد اليوم وتعرف بباب الشعير هي بعيدة من دجلة بينها وبين دجلة خراب كثير والحريم وسوق المارستان) اهـ. ومن الجنوب قطيعة العكي قال ياقوت: (قطيعة العكي: وهو مقاتل بن حكيم. . . أحد قواد أبي جعفر المنصور. . . كانت قطيعة ببغداد بين باب البصرة وباب الكوفة من مدينة أبي جعفر المنصور وقد مر ذكره في طاقات العكي) وأما غربي الكرخ فقد ذكر فيه لسترنج على حسب خارطة ص136 (الضاحية الخطابية) تحت الحريم الطاهري ثم الجزيرة العباسية جنوبها ثم الضاحية الياسرية وهي بشرق براثا التي ذكرناها وبشرقها ضاحية حميد وبشرق هذه ضاحية هيلانة قبالة باب الكوفة والغريب انه ذكر الضاحية الزهيرية بين باب الكوفة وباب البصرة أي بموضع قطيعة العكي. ولم يبق لنا من حريم مدينة المنصور سوى مت هو من الجعيفر إلى المنطقة فهو قطيعة الربيع المذكورة، وخلاصة البحث أن القول بان القدوري مدفون في

جامع القبلانية بعيد عن الصواب. 4 - جامع الصفوية بالكاظمية وشيء عن المشهد ورد في ص117 من مساجد بغداد ما نصه: (ولما استولى الشاه إسماعيل الصفوي على العراق سنة 914هـ نقض المشهد والقبة وأعاد بناءها على وضع بديع وغشيت الجدران بالذهب الخالص داخلا وخارجا (كذا) وعلقت النفائس والتحف) قلنا: لم يغش إلا ما حول باب المراد أي الشرقي وعلى غشائه الذهبي كتب: السلطان ابن السلطان ناصر الدين شاه قاجار) فهو المذهب للباب لا إسماعيل الصفوي، وإلا ما حول باب القبلة وبعض ما على غشائه الذهبي (السلطان ابن السلطان وخاقان. . . محمد شاه قاجار خلد الله ملكه وأثار برهانه وأفاض على العالمين بره وإحسانه) فهو المذهب له لا غيره. وإلا أحواض المناور فما فوقها والقبتين من الخارج إلى رؤوسهن أما داخل الجدران فليس فيه إلا قطعات ذهب قلائل. وورد في هذه الصفحة نفسها: (ولما استرد العراق السلطان العادل الغازي سليم خان العثماني وجاء بنفسه إلى بغداد وذلك في سنة 941هـ أمر حينئذ بإكمال تلك العمارة وانشأ حولها جامعاً عظيماً تقام فيه الجمع والجماعات وهو إلى اليوم على رصانته ووضعه). فزاد محمد بهجة مهذبه عليه: (وبنى منارة في الركن الذي بين الشرق والشمال وهي أول منارة هناك). قلنا: أن الذي اشتهر بين الناس انه جامع الصفوية) لا (جامع السلطان سليم) وان المنارة أتمها السلطان سليم لا أنشأها والتصريح بالإتمام دون الإنشاء ظاهر من البيت الذي في أبياتها عند باب الدرج الأسفل وصخرتها مرتفعة عن الأرض قراب مترين وتسعة سنتيمترات وطولها قراب 90 سنتيمتراً وعرضها قراب 50 سنتيمتراً والبيت: قلدي إمداد أمر عالي أيله ... ويردى حق بو مناره (إتمام)

والناس الخبراء يقولون أن سلطان الأتراك أمر بدرزه (والدرز عندهم: ملء فراغ ما بين السوف) ويقولون انه أمر ببناء المنبر الحجري فقط داخل الجامع وهو الصحيح فقد رأينا المنبر ملصقاً لا مفرعاً تفريعاً وطابوقه أصفر وطابوق الجامع مائل إلى البياض وفي أعلى باب الخطيب منه ما نصه: (تم في تاريخ محرم الحرام لسنة ست وخمسين وتسعمائة) وهي محصورة في خلافة سليمان الأول القانوني من (926 إلى 974هـ) وقال المهذب محمد بهجة في ص146 ما نصه: (فان الذي استرد العراق من الصفويين إنما هو سليمان القانوني فبقي في العبارة ليس لا يزول إلا بجعل سليم سليمان كما كان أولا ولعل هذا هو الصحيح وان لم يترجح لدى أحد الأمرين حتى الآن (كذا) وإذا صح قول المؤلف باني الجامع (كذا) هو سليمان القانوني بقي عندنا أمر المنارة ولا ريب أن ورود اسم السلطان سليم في الأبيات يدل على انه هو الذي أمر ببنائها وان لم يدخل بغداد على أنني قد عددت قول الشاعر التركي في تاريخها (أولدي بوجا نفرا مناره إتمام) فوجدت بين بنائها وبين زمن سليم الثاني بونا شاسعا وقد وردت لو يتسع لي نطاق الوقت فاحل هذه العقدة فأنني ما زلت متحيرا في ذلك على ما بذلت من الجهد في مراجعة عشرات المؤلفات التاريخية في التركية والعربية ولعل بعض الوقفين يرشدنا إلى الحقيقة أن شاء الله) اهـ. قلنا: قد طلب أثراً بعد عين لان تحت الأبيات المذكورة تاريخ (978) محفوراً في الرخامة وخلافة سليم الثاني من (974 إلى 982) هـ فهي متمة في زمانه بدون شك ولا حاجة إلى هذه الجولة العنترية والصولة القوية فكأنها قعقعة شنان. مصطفى جواد

القمامة أو كنيسة القيامة

القمامة أو كنيسة القيامة القمامة: من اقدم كنائس النصارى في بيت المقدس، وقد اختلف المؤلفون والكتبة والاخباريون في سبب هذه التسمية قال صاحب تاج العروس في مادة ق م م. وفي نصه مدمج كلام الفيروزابادي وهو المحصور بين هلالين ما هذا بحروفه: (قمامة (نصرانية بنت ديراً بالقدس فسمي باسمها) والصحيح انه سمي باسم ما يلقى من قماش البيت، وذلك أن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله تعالى لما فتح بيت المقدس أي المسجد الأقصى مهجورا فأمر بكنسه وتنظيفه وإخراج قمامته وطرحها في هذا الدير فسمي به لذلك، وهذه النصرانية اسمها هيلانة وهي أم قسطنطين الملك، وهي قد بنت عدة ديور في أيام ملك ولدها منها بالرها وغيرها، فتأمل ذلك. وقد رأيت هذا الدير الذي ببيت المقدس وقد يعظمه النصارى على اختلاف مللهم كثيرا ما عدا طائفة الإفرنج) انتهى كلام السيد مرتضى. فهذا الكلام يشعر بان الكنيسة المذكورة لم تسم باسم قمامة إلا بعد أن أمر صلاح الدين بإلقاء قمامة المسجد الأقصى فيها أو في الدير تبعا لعبارته. والذي نعلمه أن صلاح الدين الأيوبي توفي سنة 1193م واسم قمامة (أو القمامة) كان معروفا قبل ذلك العهد. إذ ذكره المسعودي في كتابه مروج الذهب (111: 1 من طبعة الإفرنج) حين يقول: (وابتدأ سليمان (الحكيم) بناء بيت المقدس وهو المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، فلما استتم بناؤه ابتنى لنفسه بيتا وهو الذي يسمى في وقتنا (كنيسة القمامة) وهي الكنيسة العظمى في بيت المقدس عند النصارى) اهـ كلامه. والحال إننا نعلم أن المسعودي توفي سنة 957م أي بأكثر من مائتي سنة قبل صلاح الدين، إذن فكلام المرتضى في غير محله.

وذكر ابن الأثير بعد المسعودي هذه الكنيسة أيضا، (وابن الأثير ولد في الجزيرة في 555هـ 1160م، وتوفي في الموصل في سنة 630هـ 1234م) فقال: (114: 1 من طبعة المطبعة الكبرى سنة 1290) فسارت (هيلانا) إلى البيت المقدس وأخرجت الخشبة التي تزعم النصارى أن المسيح صلب عليها وجعلت ذلك اليوم عيداً فهو (عيد الصليب) وبنت الكنيسة المعروفة (بقمامة) وتسمى (القيامة) وهي إلى وقتنا هذا يحجها أنواع النصارى) اهـ. وفي كلام كل م المجد الفيروزابادي والسيد مرتضى الزبيدي وهم آخر هو انهما لم يدخلا أداة التعريف على (قمامة) وجميع المؤرخون يذكرونها محلاة بها. ولعل ثم وهم ثالثا هو أن (القمامة) اسم الكنيسة لا الدير، وان كان يلاصقها دير هو دون البيعة خطورة وشأناً. وممن ذكر القمامة ابن خلدون (المولود سنة 1332م والمتوفى سنة 1406م قال: (149: 1) وكانت أمه (أم قسطنطين) هيلان صالحة فأخذت بدين المسيح لثنتين وعشرين سنة من ملك قسطنطين ابنها، وجاءت إلى مكان الصليب فوقفت عليه وترحمت وسألت عن الخشبة التي صلب عليها بزعمهم فأخبرت بما فعل اليهود فيها. وانهم دفنوها وجعلوا مكانها مطرحا للقمامة والنجاسة والجيف والقاذورات فاستعظمت ذلك واستخرجت تلك الخشبة التي صلب عليها بزعمهم. وقيل من علامتها أن يمسها ذو العاهة فيعافى لوقته. فطهرتها وطيبتها وغشتها بالذهب والحرير ورفعتها عندها للتبريك بها وأمرت ببناء كنيسة هائلة بمكان الخشبة تزعم إنها قبره. وهي التي تسمى لهذا العهد (قمامة) وخربت مسجد بني إسرائيل وأمرت بان تلقى القاذورات والكناسات على الصخرة التي كانت عليها القبة التي قبلة اليهود إلى أن أزال ذلك عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه عند فتح المقدس) اهـ. وقد نشر الأب لويس شيخو اليسوعي هذه القطعة المتعلقة بالقمامة في الجزء الثاني من مجاني الأدب ص308 وهذا نص ما أورده. ذيالك النص الذي قال

في ختامه: رواه ابن خلدون عن ابن الراهب. (ثم شخصت هيلانة أم قسطنطين لزيارة بيت المقدس فسألت عن موضع الصليب فاخبرها مقاريوس الأسقف أن اليهود أهالوا عليه التراب والزبل، ثم استخرجت ثلاثة من الخشب وسألت أيتها خشبة المسيح، فقال لها الأسقف: علامتها أن الميت يحيا بمسيسها، فصدقت ذلك بتجربتها، واتخذ النصارى ذلك اليوم عيداً لوجود الصليب. وبنت على الموضع كنيسة القمامة وأمرت مقاريوس الأسقف ببناء الكنائس. اهـ ما نقله الأب رحمه الله، فأين النقل من الأصل؟ وكتبه كلها على هذا الطراز. وقد أنكر بعض النصارى أن يكون اسم الكنيسة (قمامة) لان هذا اللفظ مما يحقرها، وليست رواية مسألة إلقاء القمامة في ذلك الموضع إلا حديث خرافة. قلنا: أما أن القمامة كانت تلقى هناك، فليست رواية إسلامية حديثة بل رواية قديمة كما أشرنا إليها، وهي ليست إسلامية فقط بل نصرانية أيضاً على ما تشهد به جميع مدونات الأخبار التي ألفها أحبار النصرانية في أي لغة كانت، وقد ألف المعلم لومون الفرنسي سفراً في التاريخ استخرجه إلى العربية الخوري يوسف داود وطبعه في الموصل سنة 1873 وسماه مختصر تواريخ الكنيسة ودونك ما جاء فيه في ص135 وما يليها: (وكانت أمه هيلانة الملكة تعادله في توقير القدس الشريف، فانطلقت إلى بلاد فلسطين ولو أنها كانت في نحو عمر الثمانين سنة، فلما بلغت إلى أورشليم (بيت المقدس) أخذها شوق عظيم إلى وجود عود الصليب الذي صلب عليه مخلص العالم، وكان وجوده صعباً جداً، لان الوثنيين رغبة انم يمحوا ذكر قيامة المسيح من العالم، كانوا قد كوموا تراباً كثيراً على موضع قبره، ثم سطحوه، وبنوا فوقه هيكلاً لواحدة من الاهاتهم ليحملوا النصارى على أن يغفلوا عن زيارة ذلك الموضع، ولكن هيلانة لم تفشل، بل شاورت في هذا الأمر شيوخ أورشليم، فقالوا لها: (إن أمكنك أن تجدي قبر المسيح، فهناك صليبه وسائر الأدوات التي عذب بها). وقد كان عند اليهود عادة أن يدفنوا مع الميت المقتول بأمر الحاكم الأداة التي بها قتل.

(فأمرت الملكة أن يهدموا الهيكل الصنمي المبني على موضع قبر المخلص ثم نظفوا الموضع وشرعوا يحفرون حتى وجدوا المغارة التي كان فيها مدفن المسيح، ووجدوا عند المدفن ثلاثة صلبان والكتابة التي كانت قد وضعت على صليب المسيح مفصولة عنه والمسامير التي سمر بها جسده فبقي الأمر أن يعرفوا أي من الثلاثة هو صليب المسيح، فأشار مقاريوس أسقف أورشليم إلى الملكة أن يقربوا الصلبان الثلاثة إلى رجل طريح بمرض عضال، فشرعوا يصلون ووضعوا على رأس المريض الصلبان الثلاثة الواحدة بعد الآخر. وكانت الملكة حاضرة وهي خاشعة متحرمة وأهل المدينة كلهم ينظرون نهاية الأمر، أما الصليب الأول والثاني فلم يظهر منهما شيء، وأما الصليب الثالث فلما أدنوه من المريض شفي المريض لساعته وقام متعافيا، وحكى سوزومنس (من أبناء القرن الخامس للميلاد) المؤرخ أن ذلك الصليب الثالث وضعوه أيضاً على ميت فرجع إلى الحياة وروى أيضاً بولينس (من أبناء أواخر المائة الخامسة للميلاد)، فلما اطلعت هيلانة الملكة على صليب المسيح الحقيقي، ارتقشت فرحاً (كذا، أي ابتهجت فرحاً) وأخذت جزءاً من ذلك العود المقدس لتذهب به إلى ابنها قسطنطين، وأما الباقي فوضعته في صندوق من فضة ودفعته إلى أسقف أورشليم، ليوضع في الكنيسة التي كان قسطنطين أمر أن تشيد على محل قبر المخلص) انتهى كلام لومون الفرنسي المترجم إلى العربية. ونحن لا نريد أن نتوسع في هذا الموضوع اكثر من هذا، إنما الكلام على أن القمامة أو قمامة أو القيامة أو قيامة المسيح مما قد جرى على السن الكتبة والإخباريين والمؤرخين وليس في قول القائل: (القمامة) أدنى تحقير لأنها تشير إلى ما كانت عليه قبل البناية لا إلى ما بعدها إذ نصوص المؤرخين والإخباريين صريحة على ما أوردنا بعضا منها، أما بعد بناية الكنيسة فتسمى كنيسة القيامة أو العامة

البرثنون في كتب العرب

لان العامة وردت بها المعنى فلتحفظ، وأما بالفرنسية فيقال: البرثنون في كتب العرب كنا قد ذكرنا في هذه المجلة (202: 6) أن البرثنون سماه بعض السلف (فرتني) وقلنا انه ورد كذلك في أحد الكتب المطبوعة ولم نجده إلى الآن إلا أننا ظفرنا بمن سماه (برثنون) وهو ابن النديم في كتابه الفهرست إذ يقول في ص246 س30 ما هذا مثاله: (وكان أبوه (أبو ارسطو طاليس) نيقوماخس متطيباً لفيلبس أبي الاسكندر وهو من تلاميذ أفلاطون، قال بطليموس: أن إسلامه إلى أفلاطون كان بوحي من الله تعالى في هيكل بوثيون (كذا). . .) اهـ. وقد ذكر ناشره غستاف فلوجل ما جاء من اختلاف الروايات في النسخ الخطية من كتب الفهرست فقال: وقد ورد هذا العلم بصور مختلفة منها: يويشون ونوسون ونونثون ونوشون ونوثون وبوثيون وثونون وذكره ابن أبي اصيبعة في (54: 1) بوثيون ويرى فلوجل أن الأصل اليوناني هو بتقدير وهو هيكل افلون الفوتي في فوثون أي دلفي المعروفة اليوم باسم كستري من مدن فوقيدة على المنحدر الجنوبي الغربي من الفرناس، وكل ذلك لا يوافق الهيكل الذي قيل عنه أن فيه أوحي إلى افلاطن إسلام ارسطو إليه بل يوافق البزثنون أو الفرثنون أو فرتني وتفضيل صحة هذه التسمية يطول نبسطها لمن يعاند في قبول هذا الرأي.

العمارة والكوت

العمارة والكوت 1 - العمارة قال الفاضل الأديب عبد الرزاق الحسيني في هذه المجلة (ص168 من سنتنا الحاضرة) ما خلاصته عن سبب تسمية العمارة باسمها هذا انه كان على اثر تمرد عشائر تلك الأنحاء في سنة 1276 (1809م) فقهر الحكومة للعشائر وإنشائها (عمارة) يرابط فيها جيشها. وكان قد قال الأستاذ المتفنن الشيخ علي الشرقي (لغة العرب 536: 5) أن العمارة من أشاء القرن الثالث عشر (للهجرة) وأتم كلامه بما يلي: (ثم اطمأن إليها الناس. . . فانشئوا هناك عمارة ضخمة وأطلق عليها اسم العمارة) اهـ. قلت: أن الذي يثبته التاريخ هو أن اسم العمارة في تلك الأصقاع لا يعود إلى الحادث والتاريخ اللذين أشير أليهما فلا يرجع إلى العمارة التي ذكرها الكاتبان بل الاسم معروف في تلك الجهات قبل الزمن الذي أنبئنا به ما يزيد على أجيال. وقد ذكرت في مصنفين لأديبين قبل ما يقرب من أربعة قرون. وذكر اسم (العمارة) و (نهر العمارة) و (شط العمارة) و (كوت العمارة) في عدة مؤلفات قديمة لا تقل عن الخمسة عشر بين مخطوط ومطبوع فيها العربي والتركي والفارسي والفرنسي والإنكليزي والإيطالي نذكر منها ما يلي معرباً عن أصولها ونورد بعض النصوص للتأكيد مبتدئين بالأقدم: جاء في (مرآة الممالك) بالتركية للرئيس سيدي علي في أخبار سنة 961هـ (1553م) في النص 16 من الأصل المطبوع في الآستانة في سنة 1313هـ بعد انحداره من بغداد ما نصه: (سلماس فارس (سلمان فارسي) زيارات اولنوب عمارة بوغازي كجيلوب واسط يوليله زكيه يه واريلوب مقابله سنده عزير نب يعليه السلام زيارت اولنوب. . .) وتعريبه: (فزرنا سلمان الفارسي ومررنا بفوهة العمارة ثم قدمنا إلى (زكية) بطريق

واسط وزرنا النبي العزير عليه السلام المقابل لها) اهـ. وجاء في رحلة كاسبارو بالبي في قسمها المترجم إلى الإنكليزية الملحق برحلة سوينس كوبر (ص477) ما قوله. . . (وفي 13 آذار سنة 1580 (988هـ) سافرنا من بغداد قاصدين البصرة وكان سفرنا بطريق دجلة. . . وفي يقسم النهر (دجلة) إلى قسمين أحدهما يجري نحو الفرات والآخر نحو البصرة) اهـ ولا بد انه يريد العمارة كما جاء في (مرآة الممالك) وكما يأتي ولا بد أن تكون الكلمة مغلوطاً فيها أما لسوء السماع فالخطأ في تصويرها وأما لغيره فالغلط في قراءتها أو طبعها. وقال بولاي لوكوز في النص 315 من رحلته وهو يسير من البصرة إلى بغداد صاعدا دجلة في سنة 1649 (1059هـ): (وفي اليوم الثاني عشر قدمنا إلى قلعة صغيرة تعود إلى بكلر بكي بغداد فدفع عشرة ايكوات عن دانكنا. . .) اهـ. وقد جعل بازاء كلامه في الحاشية كلمة فهو يبحث عنها. ونجد في إحدى رحلات تافرنيه (240: 1) انه قد اجتاز ببغداد في

سنة 1652 (1063هـ) ثم غادرها قاصداً البصرة فقال: (وينقسم النهر (دجلة) تحت بغداد إلى قسمين أحدهما يجري على طول بلاد كلدية القديمة والآخر نحو النقطة التي ينتهي بها ما بين النهرين. . . أما نحن فقد سرنا في القسم الذي يتجه نحو بلاد كلديه. . . وهذه أسماء القرى التي وجدناها على هذا الفرع من دجلة: حيث فيها قلعة مبنية من اللبن. . .) اهـ. وممن ذكر العمارة الأب جوزيه الكرملي (ثم الأسقف سبستياني) في رحلته الأولى المطبوعة في سنة 1666م (1077هـ) إذ قال (ص55): وذلك بانحداره إلى البصرة من بغداد. وذكرها بصورة في رحلته الثانية بعودته من الهند إلى بغداد (219 - 220). وهي المطبوعة في 1672م (1083هـ). واخبرنا الأب فيشنتسو الكرملي في رحلته المطبوعة في سنة 1672 (1083هـ) (ص88) قدومه إلى مدينة اسمها وهو يصف رحلته راكباً (دانكا) يجري في دجلة بين بغداد والبصرة. وعندي مخطوط بالتركية (ذكرته في هذه المجلة 23: 5) دون فيه صاحبه المعاصر لذلك الزمن إخباراً يومية عن الولاة والحكومة الخص منه ما يمس الموضوع وهو أن الباشا غادر البصرة في 18 صفر سنة 1126 (1748م) فضرب خيامه في باب الرباط وسار نهراً بطريق الفرات فقدم إلى الخان فالسعدية فالدير فنهر عنتر فنهر صالح فدار بني أسد فأبو شوارب فالمنصورية ثم قال: (بغداد شطي، عمارده (عماره ده) ايكي شق اولوب نصفي قورنه ده ونصفي دخى بو منزلده مراد شطنه (يقصد الفرات) متصل اولور) اهـ وتعريبه: (أن شط بغداد ينقسم في العمار (يريد العمارة بدليل ما يأتي بكتابته للعمارة) اهـ. ثم قال في موضع آخر: (ورد الخبر أن الحرم المحترم (حرم الباشا) غادر البصرة يوم الاثنين

الموافق اليوم الثالث من المحرم (1163هـ 1749م) فتوجه للقائهم الداماد (الصهر) احمد باشا يوم الخميس الواقع في اليوم السادس عشر من الشهر وذلك على أمر حضرة ولي النعم (الباشا) فوصل إلى العمارة (عماريه (عماره يه) واصل. . .) في اليوم الثالث والعشرين منه الموافق يوم الخميس فوصل كذلك الحرم المحترم إلى المحل المذكور بطريق شط العمارة (عمارة شطي أيله) اهـ. ومما جاء في تذكرة شوشتر للسيد عبد الله ابن السيد نور الدين ابن السيد نعمة الله الحسيني الششتري المتخلص بفقير المتوفى في سنة 1173 هـ 1759م) انه قال في ال ص68 (. . . وأعراب راكه بسمت رود عمارة رفته بوند. . .) اهـ. وقال دانفيل في كتابه (الفرات ودجلة) المطبوع في سنة 1779 (1193هـ) في ال ص146: (موقع يرضينا كل الرضى لان نلحق خريطة الصابئة ونتمتع بفوائدها. ثم قال (ص147): (وتعرف فتحة (هذه البطائح) في خريطة الصابئة من موضع اسمه حي بني ليث بازاء ولاصق بالضفة اليمنى من الشط وبعدها حالا الأكراد أو قلعة الأكراد. وبتوجيه النظر إلى الخريطة التي ألحقها المؤلف بكتابه نرى انه يعين موقع جبل (بضم فتشديد) ثم يليها النعمانية فالجوازر ففم الصلح فواسط فالعمارة

(على الضفة اليسرى) وبازائها) (على الضفة اليمنى) فرع متشعب من دجلة، وألاحظ استطرادا أن في هذا التسلسل غلطاً ليس اليوم من موضعي نقده. وجاء عن دجلة كلام شبيه بكلام دانفيل في كتاب جغرافية بوشنك المطبوع في سنة 1780 (5 - 1194) في الص 386 بعد أن تكلم عن واسط قال قرية تسكنها الأعراب فيها قلعة وتحت ذلك تنقسم دجلة إلى قسمين أحدهما وهو الأيمن يتصل بالفرات والثاني وهو الأيسر مع هذا النهر (القسم الأيمن) تتألف جزيرة قرب القرنة.) اهـ ودانفيل وبوشنك مؤلفان وليسا بصاحبي رحلة. وقد رحل سستيني من بغداد إلى البصرة سنة 1781 وهو يقول في رحلته من الترجمة الفرنسية (ص182): (قدمنا إلى التي يقال إنها في منتصف الطريق بين بغداد والبصرة. . . واشترينا في دجاجاً. . . وبازاء جدول حفرته يد الإنسان ينشئ جزيرة كبيرة اسمها (جزائر) فانه يوصل مياه دجلة بمياه الفرات.) اهـ وفي كتاب صفة باشوية بغداد لروسو المطبوع في سنة 1809 (1224) ما قوله: (وبإرجاع كلامنا إلى ضفاف دجلة تقع أنظارنا أولا على وهي موضع يقع على اليمين (والصحيح على الضفة اليسرى) وهناك يتشعب من النهر (أي دجلة) جدول يصب بالفرات قليلا فوق (يريد به كوت المعمر بفتح الميم الثانية المشددة) اهـ والظاهر انه يريد بالعمارة كوت العمارة إذ انه لم ينوه به في كتابه بينما كان الكوت قائما كما سنرى. وابن كتاب جهاننما اكاتب جلبي المطبوع في سنة 1145 (ص6 - 455) أن للمسافر من البصرة إلى بغداد ثلاث طرق وذكر منازلها وقال عن الطريق

الوسطى: (من البصرة إلى القرنة إلى هدير (؟) فعبرة أمير المؤمنين فآل حسين (؟) فالفتحية فنهر السبع فجديدة عفراد (؟) فعبدورقا (؟) فالمنصورية فالإسكندري فشط الحمار (بتشديد الميم) فالقلعة الجديدة فالدكة فقلعة القصر فالجوازر فصدر عمار (مدر العمارة؟) فاللقمانية فبغداد) قلت أخال أن في عدد المنازل نقصاً بعد صدر العمار إذ ليس من المعقول أن يكون بين صدر العمارة وبغداد منزل واحد وان اعتبرنا صدر العمارة في اقرب موضع من بغداد أي في الموضع الحالي للكوت. لعله يريد النعمانية وليس اللقمانية. وجهاننما مشحون بأغلاط الطبع تنقش فيه نقشاناً ولا سيما الأعلام. وعندي نسخة من مخطوط فارسي في تاريخ المشعشعين جاء في مقدمته انه لنور الدين بن نعمة الله الموسوي وفي آخره أن المؤلف أتمه في سنة 1234هـ (1818م) ومما فيه قوله (ص42) (سيد مبارك بكنار نهر عمارة رفت) وفي ص97 (بعد از أن زكيه بكنار عمارة وأبو سدرة. . .) وفي 176: (سباه بغداد بعمارة وسيده) اهو كان السيد مبارك من رجال صدر القرن الحادي عشر للهجرة. وإذ لا ترضينا شهادات هؤلاء الغرباء ولا سيما لإمكان القول أن الإفرنج لا يفرقون بين عمارة وأمارة قلنا لنا شاهد صميم العروبة هو مختصر طالع السعود في كلامه عن سليمان باشا والي بغداد (والد واليها أيضاً سعيد باشا) المتوفى في سنة 1217 (1802م) (ص29) فانه قال: (وعمر كوت العمارة وسوره). وكانت وفاة ابن سند مؤلف مطالع السعود على رواية في سنة 1240هـ (1824م) وهي غلط وعلى رواية أرخى في سنة 1242 (1829م) وعلى رواية غيرها في سنة 1250هـ (1834م) ومهما يكن من أمر وفاة ابن سند فإنها متقدمة على سنة 1276 فلم تكن تسمية العمارة باسمها هذا لسبب العمارة التي حكي إحداثها بل هي اسم على مسمى اقدم من الزمن المعين في المقالين ويا ليت العماريين يكتبون لنا ما يقصه عليهم رواتهم ليأخذ الباحث عنهم السمين ويرمي الغث بعد التمحيص والتدقيق. يعقوب نعوم سركيس

(عن جريدة البلاد) أقامت جمعية الشبان المسلمين) في حاضرتنا حفلة جليلة في مساء 5 يونية (حزيران) تكريما لذكرى فقيد العربية ومصر بل فقيد الشرق كله فاشترك في هذه الحفلة وجوه الأماثل والعلماء ورجال الحكم والفضلاء والمحامون والصحفيون على اختلاف الملل والمحل مما دل على أن الرزء أصاب جميع هؤلاء الناس وكل من ضاهاهم أو كانوا ممثلين لهم.

بيت عراقي قديم

بيت عراقي قديم الشيخ ياسين المفتي ابن حسين أفندي شيخ العراق 6 - قد عثر صدفة في أثناء مطالعة حديقة الزوراء على نبذة وجيزة عن المترجم وهي مهمة لأنها تنبئ عن مكانة بعض أفراد هذه الآسرة فأحببت اطلاع القراء الكرام عليها قبل الكلام على عبد الله أفندي ابن مرتضى أفندي للعلاقة النسبية والصلة العلمية بين الاثنين ولتلازم بحثيهما من نقطة توجه الاختصاص إلى وجهة جديدة ودخولهما في ناحية من العلم لم تكن مألوفة لآبائهما وأجدادهما. اللهم إلا حسين آل نظمي فانه هو الذي بذرها ولعل الاثنين خريجا معرفته وتدريبه. وقد نال المترجم مكانة سامية رتبة علية. قال صاحب الحديقة: (لما بلغ الأمر - مغلوبية الوزير احمد باشا والي بغداد في حرب الأفغان - إلى أمير المؤمنين أرسل يسلس الوزير عن هذا الأمر الخطير ووعده بالعساكر الكثيرة العدد المتواصلة المدد وقرأ الفرمان النمس (شيخ الإسلام). (المفتي ببلد السلام) العالم العلامة. الحبر الفهامة (شيخ العراق) على الإطلاق، (ذو التحرير المبين) مولانا الشيخ ياسين رحمه الله رحمة تدفقت حياضها وأنقت رياضها من والدي حفظه الله تعالى أن ينشئ له كتاباً لحضرة هذا الوزير مشتملا على التسلية وجامعاً أصناف التهنئة، فانشأ كتاباً هو السحر الحلال، تضرب له نواقيس الأمثال إلا انه لطول العهد لم يبق في ذكري منه شيء يعهد.) انتهى ما جاء في ص182 عند الكلام على وقائع سنة 1139. ويفهم منه أن المترجم توفي قبل تحرير الحديقة أي قبل وفاة احمد باشا الوزير وقد اطلعت على مجموع خطي في خزانة الأوقاف في بغداد تحت رقم 1491 كان تملكها المترجم فكتب على غلافها (ثم انتقل بالشراء الشرعي إلى الفقير ياسين ابن حسين المفتي بدار السلام سنة 1135) انتهى مما يدل على انه كان مفتياً في السنة المذكورة

ويقطع بأنه تولى الإفتاء حينما كان عبد الله أفندي ابن مرتضى أمين الفتوى وسيأتي ذكره. هذا وان المنصب لا يكسب المرء فخاراً، وغاية ما هنالك أن صاحب الحديقة ذكره عرضاً فأبان منزلته وفضله. ومما يسترعي الأنظار أن هذه الأسرة لا تزال تسمي أبناءها بهذا الاسم فان أحد أولاد طاهر جلبي اسمه ياسين. . . وما ذلك إلا لان هذا المترجم نال شهرة فائقة. عبد الله أفندي المفتي بن مرتضى أفندي هذا هو ابن مرتضى أفندي، وقد أسس شهرة جديدة بسبب انه عهدت إليه مهمة الإفتاء ونعت بالمفتي، فقيل لأولاده وأحفاده: (آل المفتي)، ومن ثم غطت شهرته على سابقيه، فلازمتهم صفة الإفتاء إلى مدة، وقد أطرى الحيدري صاحب (تاريخ عنوان المجد) هذا البيت فقال: (ومنهم (من بيوت بغداد) بيت الفاضل العلامة عبد الله بن مرتضى المفتي (المفتي هنا نعت لعبد الله أفندي) وهو بيت علم وفضل، وقد اخذ عن جدنا العلامة التحرير السيد صبغة الله الحيدري، وكان لعبد الله المفتي المذكور ولد فقيه يسمى (عبد الفتاح) الفقيه، وكان افقه أهل عصره، ويدعى بابي يوسف الثاني، وله أخ (الضمير يعود إلى عبد الفتاح) يسمى الحاج احمد نائب بغداد، وآخر من أدركت من رجال هذا البيت. . . الكامل الفقيه درويش النائب نجل احمد النائب، ولم يبق منهم أحد سوى بعض العصبة من أهل الكسب، وهم من أهالي بهرز من قرى بغداد) اهـ. (راجع ص116). كان المترجم في زمن الوالي حسن باشا وابنه احمد باشا أمين الفتوى حينما كان يس أفندي مفتياً في المذهب الحنفي وقد رثى الوزير حسن باشا بمقامه سماها (المقامة الحسنية) ومدح الوزير احمد باشا بقصائد كثيرة تتضمن وقائع تاريخية وبيانات مهمة. وان صاحب الحديقة أوردها كوثائق تاريخية ومدائح للوزير وهذه يعول عليها لوصف زمنه دون الذين تصرفوا فيها. وبهذه اكمل تاريخ والده من حيث لا يقصد، ولذا اقتبسها المؤرخون وأصحاب المجاميع واستدلوا

بها كنصوص تاريخية. ثم أن المرحوم نعمان أفندي الآلوسي وقف أيضاً عند عبد الله أفندي ابن مرتضى أفندي في التعريف به لعلاقة القربى بينهما في مجموعته والظاهر أن نظمي أفندي نسي تماماً ولم يعرف بعد ذلك ولذا لم ينبه عليه. وإنما ذكر انه عثر في الآستانة على (كتاب نزهة المشتاق في علماء العراق) لأبي البركات الشيخ محمد الرحبي الذي فرغ منه مؤلفه سنة 1175هـ وجده في خزانة راغب باشا حينما ذهب إليها. فنقل ترجمته من هناك كما أن مجلة (اليقين) ذكرت بعض مقتبسات من الكتاب المذكور ولكن الآلوسي بعد أن دون هذه الترجمة بنصها علق عليها بان المترجم جد ولده المرحوم حسام الدين أفندي الآلوسي لامه وذلك أن أمه آسيه (زوجة نعمان أفندي) بنت المرحوم درويش أفندي ابن احمد أفندي المفتي ابن عبد الله أفندي المذكور. وهذه المجموعة - مجموعة الآلوسي - هي التي رقمها 3298 في خزانة الأوقاف ببغداد ومنها نقل المرحوم شكري أفندي الآلوسي ترجمته مع تعليق نعمان أفندي عليها في كتابه المسك الاذفر المطبوع في بغداد سنة 1348هـ (1930) وزاد شكري أفندي أن هذه الترجمة مجرد أسجاع منحطة في حين إنها تحتوي مطالب مهمة وقد ذكرها في الكتاب المذكور وفي المجموعة المنوه بها فلم نر في نفسنا حاجة إلى تكرار القول عنها. فالرحبي معاصر له وعارف بأحواله، وفي هذا ما يكفي للدلالة على طول باعه وتضلعه من العلوم، فالأسجاع - بمقتضى ذلك الزمن - لا تمنع من النفوذ إلى ما وراءها من حقائق بارزة للعيان. . . فهو نابغة أيضاً كأسلافه وأجداده إلا انه غير وجهته فصار تحصيله عربياً بحتاً كما أن ابن عمه يس أفندي كذلك، وقد اخذ عن عمه حسين أفندي هو وجماعة من علماء العراق وعلى كل حال هو فقيه ومحدث وأصولي بالوجه المبسوط في ترجمته الآنفة الذكر كما انه أديب ناثر وشاعر في العربية مع التمكن من اللغة التركية ولكن العربية هي الغالبة عليه. وله في النثر - مما أبقته الأيام - مقامة سماها (المقامة الحسنية) كتبها باللغة الفصحى وقدم عليها مقدمة تركية قال ما مؤداه:

(أن الوزير صاحب السعادة حسن باشا تولى ولاية بغداد لمدة 31 سنة في خلالها عاش العراق بأمن وطمأنينة. ثم تولى الإمارة الكبرى في الحرب الإيرانية فتوجه بالجيوش الإسلامية إلى ديار العجم ووصل قرمسين (كزمنشاه) وهناك وافاه الأجل فقضى نحبه، وان أهل الرأي من الأمراء هناك لم يستصوبوا دفن جسده المبارك في تلك الديار ورأوا نقل نعشه إلى دار السلام فسيروا نعشه مع احمد آغا كهية الباب فنقله. وحينئذ خرج لاستقباله العلماء والأعيان وسائر الآهلين ببلد السلام، وليس من المستطاع وصف البكاء والعويل الذي حدث في ذلك اليوم. ولما علم الطغاة وأهل البغي بموته ابتدءوا بقطع الطرق فانقطعت المبرة والسوابل وانتزعت الشفقة والرأفة من القلوب واختل النظام الذي قام به وتشوشت الحالة. والحاصل أن أشراط الساعة قد ظهرت بوادرها بموته وشوهدت علاماتها. . . وان هذا الفقير الحقير - يعني نفسه - قد شاهد ليالي القدر الأولى في زمانه قد تبدلت بليال سود، ولذا استغرق في بحر لجي من الحيرة والاضطراب لما رآه من تغير الحالة، وإظهاراً لهذا الأسف والحزن عزم على تدوين مقامة تتضمن رثاءه موهماً ومورياً بسور القرآن العظيم في بيان شجاعته التي أبداها خلال حكمه مع كشف أوصافه الحميدة وخلاله الكريمة. قال واثر المشروع في تسويد هذه المقامة تأملت الأمر وفكرت فيه ملياً فحصل لي انه يستحيل تصحيح هذه الأحوال وإعادتها إلى نصابها ما لم يتصد نجله المكرم فيقضي على هذا الخلل ويعيد النظام إلى نصابه، وحينما وصلت إلى سورة والمرسلات ألهمت النطق بسعادة نجله فرجوت من الله تعالى أن يدفع به ما ألم بنا من هذا الخطب الجلل والمعضل الصعب. استجاب الله تعالى دعائنا - ولله الحمد - ولم تمض إلا مدة يسيرة حتى جاءت البشرى من جانب الحكومة العلية بتوليته الوزارة على ولايتنا وعلى إدارة كافة شؤون الأقاليم الآخر ففوضت إليه، وكان آنئذ والياً على البصرة فحسب. وهذه المقامة نظراً لغرابة وضعها قد نالت رغبة من اكثر أرباب العرفان

فكتبوها وسارت إلى الأقطار الأخرى مثل مصر والآستانة وغيرهما) اهـ. وعنوان هذه المقامة: (المقامة الحسنية في رثاء ذي السجايا المرضية المرحوم حسن باشا والي ولاية بغداد المحمية). وأولها: الحمد لمن له الأمانة والإحياء الخ، وفي آخرها يقول: فرحم الله الذي مات وأبقى الخلف. . . انتهى هذا نص ما في المجموعة الموجودة عندي موافقاً لما جاء في حديقة الزوراء. والنسخة كتبت في أواخر القرن الثاني عشر تقريباً. وليس فيها تاريخ. ولا محل لوصفها الآن سوى أني أقول أنها تحتوي على جملة صالحة من شعر المترجم، منها ما هو مذكور في الحديقة وأكثره يشير إلى تهنئة احمد باشا بالولاية والى حروبه للعجم والعشائر المناوئة. والكل ذو علاقة بتاريخ العراق في زمن احمد باشا وقد عول عليه صاحب الحديقة في ما ذكره عن الوقائع والحوادث الأخرى كتعمير الحضرة القادرية وغيرها. . . وهنا لا يفوتنا أن نشير إلى أن صاحب الحديقة نعته بالسيد عبد الله المفتي وكذا صاحب المجموعة المتأخرة عن تاريخ نزهة المشتاق والظاهر أن هؤلاء استدلوا على ذلك من نسبته إلى سبط الشيخ عبد القادر الجيلي. ولذا يستبعد أن يكون ذلك شخصاُ آخر غير عبد الله أفندي المفتي. ومع هذا ننقل ذلك بتحفظ إلى أن ينجلي المبهم تماماً سوى أننا نقول: أن من المعلوم أن النسبة تكون للأب وقد علمت أيها القارئ سلسلة نسبه وان أقاربه اليوم ينفون أن يكونوا علويين. ولعل منشأ هذه الشهرة تكرار أشعاره في اتصاله بلحمة نسبه الكيلاني، ومن ذلك يستفاد أن أمه زوجة مرتضى أفندي من الأسرة الكيلانية، وفي ذلك الزمن كان التعلق بالآل مفيد ولو بسبب ضعيف. وإلا فإشعاره لا تشير إلى سيادة. وقد وقع صاحب الحديقة في الخطأ كما وقع صاحبه سجل عثماني استنتاجاً من شعره بعلاقة انه سبط الشيخ وقد ذكر له صاحب الحديقة من الأشعار إلى حوادث سنة 1156 تقريباً وكان معاصراً لوالده. واليك أيها القارئ بعض مختارات شعره التي كثيراً ما أوردها صاحب الحديقة قال من مطلع قصيدة:

أهلا وسهلا بطويل النجاد ... وناصر الدين كثير الجهاد بغداد من نورك قد أشرقت ... وأورقت قضبان عود الفؤاد حييت يا مولاي من قادم ... قدومه قد كان عين المراد قد ذهب الروع وزال العنا ... وأنقمع البغي وأهل الفساد بغداد فيكم قد سمت رتبة ... وأمنها قد فاق آمن البلاد إلى أن يقول: فحيثما سرت فسر آمناً ... فلا كبا بك فرس يا جواد قد قال ذا سبط الولي الشهير ... قطب الورى الحامي لدار السداد العبد لله سمى بالأمين (كذا) ... في خدمة المولى القوي العماد وقال: الكون ضاء سناء منه ديجور ... والوقت رق صفاء منه مكدور والبشر والأمن والأفراح قد ملأت ... قطر العراق فللأرواح تبشير والدهر أبدى علامات أسر بها ... كأنما هو في ذا الفعل مأمور إلى أن يقول: حسان مدحك عبد الله من قدم ... على مديحك مجبول ومقصور فدم سعيداً بإقبال يلازمه ... فتح ونصر وإقبال وتدبير وقال حينما أمر الوزير بتعمير صفة الحضرة القادرية: إن فحل الرجال قطب سديد ... وعليه رحى الأنام تدور وكراماته مدى الدهر تتلى ... ولهام العدى لها تكسير قد وهت صفة له وتداعت ... لسقوط والسقط كاد يطير بقيت برهة من الدهر هذا ... شأنها والعقول فيها تحير إلى أن يقول: مذ رآها الضرغام قال اعمروها ... فبنا الأمر للبناء يتور تم تعميرها وقرت عيون ... وقلوب سرت وزاد حبور فإذا قيل هل جزاء لهذا ... قال سبط الولي اجر كبير للمكافاة افصح التاريخ ... الجزا بالجنات قصر وحور

وأمثال هذه الأشعار كثير فلا نطيل القول بإيراد اكر من هذا. أولاده: 1 - عبد الفتاح أفندي. وقد مر الكلام عليه في صدر هذا المقال. وقد اطلعت على شهادة له في وقفية مؤرخة غرة شعبان المبارك لسنة 1212 تتعلق بوقف مدرسة جامع الصياغ وفيها (الملا عبد الفتاح ابن المرحوم عبد الله أفندي المفتي في بغداد) مع ختمه (عبد الفتاح). ولم يترك ذرية. 2 - الملا طه. وهذا ترك أربعة أبناء ياسين ومرتضى ومصطفى ومحمد راضي (الملا راضي). وهذا الأخير - محمد راضي - أعقب محمد سليم جلبي والد طاهر جلبي وعبد الله جلبي. أما طاهر جلبي فقد تقدم الكلام عليه في أول مقال ذكرناه عن هذه الأسرة. ومن أولاده ياسين وإسماعيل وغيرهما. وأما عبد الله جلبي فانه توفي فخلفه ابنه محمد بك وقد مر الكلام عليه أيضاً. وباقي أولاد ملا طه ماتوا بلا عقب. 3 - احمد أفندي المفتي ببغداد. قد شاهدت له فنوى في أعلام وقف مؤرخ في 28 محرم سنة 1225 ونصها: (ول استحق بعض شائع لم يبطل الوقف في الباقي عند أبي يوسف كذا في المفتي (اسم كتاب) وبه اخذ مشايخ بخاري وعليه الفتوى) انتهى. وقد ذكرت شهادته في الأعلام بصورة (فخر العلماء الكرام مفتي الحنفية حالا المفتي احمد أفندي) ونقش ختمه (شفاعت داردز محمد احمد) أي احمد الراجي الشفاعة من محمد (ص). ورأيت وقفية أخرى مؤرخة في 7 شوال سنة 1228 تتضمن وقف داود أفندي الدفتري (هو الوزير داود باشا) ومن الحاضرين في تسجيلها فضيلة مفتي الحنفية حالا احمد أفندي وهو الخطيب في الحضرة القادرية أيضاً. وقد توفي احمد أفندي قبل سنة 1245 كما يستفاد من وثيقة اطلعت عليها تتضمن التخارج مع زوجته نائلة بنت إبراهيم ومن جملة شهود هذه الوثيقة ياسين ابن الملا طه مفتي زاده ومرتضى ابن الملا طه مفتي زاده وآخرون غيرهما. وقد ترك زوجته المذكورة وبنته فاطمة خانم وابنه محمد درويش أفندي النائب، وهذا توفي بتاريخ 20 من شهر ربيع الأول سنة 1271 زمن القاضي عثمان أفندي زاده محمد أمين أفندي القاضي ببغداد.

وكان مع القاضي نائب دائماً منذ تأسيس القضاء ببغداد زمن الحكومة التركية وقد شاهدت وثيقة بتاريخ 1175 تؤيد ذلك، وكان يسمى القاضي ببغداد قاضياً إلى زمن تنظيم نيابة المركز (مركز نائبي) وهو عوض القاضي. ثم صار يسمى القاضي نائباً. وأما نائبه فصار يسمى (نائب الباب) (باب نائبي). وللبحث عن القضاء وتقلباته موطن آخر. أما محمد درويش أفندي فقد مر كلام الحيدري عنه. وقد شاهدت له بعض الأحكام في سنة 1269 وقد ترك زوجة من آل جميل وخمس بنات إحداهن والدة طاهر جلبي والأخرى زوجة نعمان أفندي الالوسي وعصبته أولاد الملا طه فآلت العصوبة إلى طاهر جلبي وأخيه عبد الله جلبي. ومن معاصري أولاد عبد الله أفندي المفتي: السيد رمضان أفندي نقيب الأشراف مفتي الشافعية الحاج اسعد أفندي عبد القادر أفندي الصبغة قاضي الاوردي محمد حسن أفندي فخر المدرسين رسول أفندي سويدي زاده عبد الرحيم أفندي فخر المدرسين محمد أمين أفندي الحاج عبد الغني أفندي جميل زاده محمد سعيد أفندي مفتي الحلة عمر أفندي الراوي وغير هؤلاء كثيرون. وارى في هذا كفاية للتعريف بهذه الأسرة التي نالت مكانة سامية وخدمت هذا القطر خدمات تاريخية وأدبية وإرشادية وتعليمية وفقهية. . . والله اعلم. المحامي: عباس العزاوي (لغة العرب) تم كلام حضرة صديقنا الكاتب عباس أفندي العزاوي على هذه الأسرة الجليلة وقد وافاها حقها من البحث والتحقيق. وإذا كان لأحد القراء ما يخالف هذا المقال أو ينقده فإن حضرة المحامي نفسه وإدارة هذه المجلة ترحبان به كل الترحيب بشرط أن يكون بعبارة مؤدبة مهذبة ليس فيها ما يشم رائحة القدح أو الطعن ونحن نشكر سلفاً كل من يجود علينا بتحقيقاته.

ألفاظ يافثية عربية الأصل

ألفاظ يافثية عربية الأصل (لغة العرب) كتب إلينا الأديب الفاضل رزوق أفندي عيسى ما هذا نصه: (استحسن غاية الاستحسان طائفة من الكتاب الذين يعالجون المواضيع اللغوية مقالتكم (الألفاظ اليافثية) لما فيها من الحقائق الراهنة التي لم يسبقكم إلى وضع مثلها أو القول بما فيها أحد اللغويين على ما اعهد. وعليه جئت التمس منكم أن تزيدوا علما عشاق اللغة العربية فتطرقوا هذا الموضوع الجليل مراراً عديدة. فتحقيقاتكم في اللفظتين (صنو) العربية الإنكليزية أخرست كل من يتقول عليكم وعلى آرائكم المبتكرة. فالرجاء أن تبحثوا في أصل كلمة السري العربية التي تفيد معنى كبير القوم وسر الإنكليزية التي معناها السيد والوجيه على طوار بحثكم عن اللفظتين اللتين اتبعتم الكلام عنها وما زلتم سيدي علماً للحق ونوراً يستضاء به. 3 حزيران سنة 1930 نريد أن نبسط في هذا الفصل ألفاظاً هندية أوربية أو يافثية وهي من أصل عربي في نظرنا، وإنما نقول في نظرنا لان هذا الرأي خاص بنا، ولأننا لم نره في كتاب سابق ولأننا لا نكره أحداً من الأدباء على اتباعه، ونحن نعرضه عرضا على من يتفرغ لدرس اللغات وأصولها فيحكم حكمه فيها. 1 - الحوي أو الخوي (بمعنى الولد) وأول شيء نريد أن نوجه إليه الأنظار ما يتمم بحث (الصنو) و (الابن) وهو لفظة الابن عند اليونانيين الأقدمين الذين يسمونه وقالوا في تعليلها أنها تناسب قولهم وتنظر إلى وجاء في الرقم الاتيكية منذ المائة السادسة قبل المسيح إلى آخر ما قالوا محاولين اشتقاقها من أصل هندي قديم - كل ذلك قد يمكن حدوثه ووقوعه، لكننا إذا استشرنا (مفتاح اللغات) وجدنا الحل فيها أوفى بالمراد من كل لغة سواها.

فالذي عندنا أن اليونانية من حوى بالحاء المهملة أو خوى بالخاء المعجمة. والفعيل من حوى هو الحوي (بتشديد الياء) وهو ما يحويه البطن من الخلق فيكون ابناً أو ابنة (أن أنثت اللفظة فقلت حوية). وان شئت قلت الخوي بالخاء: وخويت المرأة وخوت تخوي خواء (كسحاب): ولدت فخلا بطنها وخويت أجود من خوت (اللغويون) فالخوي المولود والخوية المولودة وسقوط حرف الحلق عند نقله إلى اللغات الغربية أشهر من أن يذكر ولم ينكره إلى اليوم أحد من الواقفين على اللغات فضلا عن فقهائها. فاشتقاق اللفظة اليونانية التي تعني الابن من لغتنا العربية أوضح من اشتقاقها من أي لغة كانت؟ وان كان هناك معترض فليعزز إنكاره بالبرهان والدليل، وإلا فالقول بالنفي من باب الإنكار المحض لا يسمن ولا يغني من جوع. 2 - مائة وهند لا تثبت الحقيقة بشاهد أو شاهدين بل بعدة شواهد، وكنا قد قلنا أن في لغتنا العربية ألفاظاً كثيرة تجانس ما عند أصحاب اللغات اليافثية من الكلم، فضلا عما فيها من الأوضاع المجانسة لسائر اللغات السامية، فالمائة حرف عربي سامي يقابله بالارمية (ماتا) أي عشر عشرات أو مائة. وعندنا أيضاً (الهند) وقد خصها بعضهم بالمائة من الإبل وهو تخصيص لا محا له، ودونك نص صاحب التاج وفيه نص صاحب القاموس: (هند) بالكسر (اسم للمائة من الإبل) خاصة (كهنيدة) بالتصغير. قال جرير: أعطوا هنيدة تحدوها ثمانية ... ما في عطائهم من ولا سرف وقال أبو عبيدة: هي اسم لكل مائة من الإبل وغيرها. وانشد مسلمة بن الخرشب الانماري: ونصر بن دهمان الهنيدة عاشها ... وتسعين عاماً ثم قوم فإنصاتا وانشده الزمخشري: وخمسين عاماً. وقال أراد مائة سنة وهو مجاز (أو) اسم (لما فوقها ودونها للمائتين) ونص عبارة المحكم: وقيل: هي اسم للمائة ولما دوينها ولما فويقها. وقيل هي المائتان. حكاه ابن جني عن الزيادي. قال ولم اسمعه من غيره. قال: والهنيدة: مائة سنة. والهند: مائتان. حكي عن

ثعلب. ومثله في الأساس، وفي التهذيب: هنيدة مائة من الإبل معرفة لا تنصرف ولا تدخلها الألف واللام ولا تجمع ولا واحد لها من جنسها. قال أبو ذخرة: (فيهم) جياد وأخطار مؤبلة ... من هند هند وازدياد على الهند انتهى كلام التاج، وقد أورد صاحب اللسان هذا البيت: (فيهم) جياد وأخطار (مؤثلة) ... من هند هند (وإرباء) على الهند قلنا: نستصوب من هذه الأقوال رأي أبي عبيدة وهو من أكبر اللغويين وأقدمهم وهو القائل هند: أسم لكل مائة من الإبل وغيرها. لأنه يوافق ما جاء من أمثالها في اللغات اليافثية منها الإنكليزية الصكصونية والأسلندية والدينمركية والدجية والجرمنية وكلها ناشئة من (أي هند) مكسوعة بالأحرف وما يضارعها. وما هند إلا اللاتينية والهندية الفصحى وأما الكاسعة فتتصل بالإنكليزية والقوطية ومعناها حسب. فيكون المعنى: (حساب مائة). وأما هنيدة المصغرة في صيغتها وبنائها فيناسب أن يكون معناها (اسم لما دوين المائة فويقها) ويقابل كل المقابلة الكلمة الفرنسية فأنها تعني هذا المعنى بلا أدنى فرق. وليس في اللغات الأعجمية وما يفيد معنى الفرنسية والعربية (هنيدة) بمعنى ما دوين المائة وما فويقها) فأنت ترى من هذا أن لغتنا تعلو سائر اللغات بما دفن فيها من كنوز المعاني ودقائق المباني بحيث أنك لا تجد ما يضارعها في سائر اللغات مهما بلغت من درجة سامية في الرقي. 3 - النار والنحاس والوري النار هي نتاج احتراق بعض المواد فتولد حرارة ونوراً معاً واسمها العربي أشهر من أن يذكر. ومنه المثل كنار على علم. وهي بالارمية (نورا) ومادة اللفظ تكاد تكون واحدة لأن أحرف العلة لا تعتبر في علم مقابلة اللغات فالنار إذن سامية. إلا أن في لغتنا كلماً عديدة تعني النار ومن جملتها (النحاس) التي نقلها عنا غير الساميين بصورة التي هي كلمة رومية (لاتينية). وقبل أن ننقل ما يجانس اللاتينية من ألفاظ سائر اللغات نورد هنا ما قاله اللغويون عن

النحاس بغير معناه الشائع الذي هو المعدن المشهور. قال ابن فارس: (النحاس: النار) قال البعيث: دعوا الناس أني سوف تنتهي مخافتي ... شياطين يرمى بالنحاس رجيما وقال أبو عبيدة: النحاس: (وما سقط من شرار الصفر أو (من شرار (الحديد إذا طرق) أي ضرب بالمطرقة، وما قوله تعالى: (يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس) فقيل: هو الدخان. قال الفراء وأنشد قول الجعدي: يضيء كضوء سراج السليط ... لم يجعل الله فيه نحاسا قال الأزهري وهو قول جميع المفسرين وقيل: هو الدخان الذي لا لهب فيه. وقال أبو حنيفة رحمه الله: النحاس: الدخان الذي يعلو وتضعف حرارته ويخلص من اللهب. وقال ابن بزرج: يقولون: النحاس: الصفر نفسه وبالكسر دخانه. وغيره يقول: الدخان نحاس. والعجب من المصنف كيف أسقط معنى الدخان الذي فسرت به الآية. وحكى الجوهري ذلك. وانشد قول الجعدي. وحكى الأزهري اتفاق المفسرين عليه فأن لم يكن سقط من النساخ فهو قصور عظيم) كلام تاج العروس. إذن: أول ما عرف العرب معنى النحاس كان النار: وأما أنه يوافق لفظ اللاتين (أي الروم) فهذا واضح من مقابلة لغوي الغرب هذه الكلمة بسائر الكلم عند ذكرهم اللفظة وما يجانسها في سائر اللغات. فقد قالوا أن الرومية مأخوذة من الهندية العالية - وباللثوانية وفي الهندية الجرمنية وكلها تعني (النار). ومن معاني اللفظة الرومية المذكورة ما يأتي: النار واللهب والحريق والبرق والصاعقة والمشعل والخشب المشتعل والطبخ (مصدر طبخ بمعنى شوى) والحرارة أو الضياء والنجم واللمعان وشدة الشوق والغرام والعشق والمعشوق. ومن غريب ما في لغتنا أنك أن لفظت الرومية لفظاً يقارب لفظ الرومان الحاليين قلت: (إنيس) بكسر الأول والثاني. وهو يقارب قولنا (الأنيس) ككريم ومعناه أيضاً النار. وقد أنثها بعضهم بالهاء فقال: الأنيسة وهي كالأنيس بالمعنى أي النار.

وليس لليونانيين لفظ يجانس اللاتينية إنما عندهم وأنت تعلم أن ما يبتدئ عند الغربيين بالحرف يقابله عندنا الفاء أو الثاء أو الواو أو الباء وهذا ما نراه في لغتنا. فقد قالوا مثلا: فارت القدر بمعنى غلت. والثور: حمرة الشفة الثائرة وثور الشفق: انتشاره وثورانه. والبؤرة موقد النار. وورى الزند وريا (بالفتح) ووريا (بالضم) ورية (كعدة) خرجت ناره. ووريت الزناد تورى: اتقدت. عن أبي الهيثم. فالنار ظاهرة في جميع الألفاظ التي تبتدئ بما يقابل حرف الباء المثلث النقط من تحت. وقد ذكر الغوي بواساك كلماً مختلفة بازاء اليونانية وبعض تلك الكلم تبتدئ بالباء الفارسية. فئة منها بالفاء وطائفة بالهاء ومنها بالفاء المثلثة. ومن الغريب أن جمع من المعاني في تلك الكلم المتقاربة لفظاً ومبنى ما يذكرنا بمدلولات ألفاظنا العربية هذه التي ذكرناها ومن أراد التوسع فعليه بمعجم بواساك اليوناني الفرنسي ومقابلته بألفاظ سائر اللغات. 4 - العنان والغيم العنان هو السحاب وهو يكاد يكون كذلك في اللغات السامية كلها أي في العبرية والارمية والصابئية (المندائية) وما تفرع منها. أما الكلمة التي نقلها أصحاب اللغات الأوربية فهي الغيم فقد قال اليونانيون فمعناها عندهم عاصفة الشتاء والشتاء وإذا صيغت اللفظة صيغة النعت أي إذا قيل فمعناها مطر (بفتح وكسر) أو ماطر وقد ذهب فقهاء اللغة عندهم أن اللفظة تقارب الهندية الفصيحة أي أم الشتاء - أي الشتاء - أي برد الشتاء - أي ثلج أي برد. وباللاتينية - أي شتاء ولو أردنا أن نستقصي ذكر جميع الحروف التي وردت في الألسنة الغريبة الدالة على معنى الشتاء أو ما يقاربه لوقع الكلام في عدة صفحات فاجتزأنا بما ذكرنا. والذي عندنا أن هذه الأوضاع كلها مأخوذة من (الغيم) العربية بمعنى السحاب. وأنت تعلم أن الغيم لا يكون في بلاد الشرق الأدنى إلا في أيام الشتاء ولما كان أصل كل ثلاثي ثنائياً وكان أصل كل مجوف خلوة من حرف العلة في أصل وضعه كان أصل الغيم: الغم. وغم الشيء غما: غطاه وستره والسحاب يغطي السماء ويسترها. ومنه الغمام بمعنى الغيم. ولا يمكنك أن تقول الغيم

أو الغمام إلا وتتصور ما فيه من الماء وهل يكون غيم بلا ماء مهما ابيض ورق وإذا قالت العرب: غيم مغم أنهم يعنون كثير الماء كما ذكره جميع اللغويين ويقال في الغيم: الغين بنون في الأخر وهي لغة بعضهم. ولما كانت الغين المعجمة حديثة بالنسبة إلى العين المهملة كان أصل غم: عم لأن الغيم ينتشر في السماء فيستر الجانب الأعظم منها. هذا فضلا عن أنهم أبقوا في قولهم عم المطر الأرض بمعنى شملها ما يدل على أن في هذه المادة معنى المطر الذي لا يكون في بلاد الشرق الأدنى إلا في فصل الشتاء. ويشبه الغمام (بالفتح) الهمام (بالضم) وهو من الثلج ما سال من مائة وتشبه مادة عم أو غم: مادة همي ومنه همي الماء: سال لا يثنيه شيء. وهكذا إذا تنبعث المادة بأصولها وفروعها دلت على أمور تقع في أيام الشتاء الباردة وهذا أمتن دليل على أن المادة عربية الوضع لتشعب ما يتقوم عليها. وعندنا أن العنان نفسه لغة في الغمام لا غير من باب وجود لغتين (أو روايتين) في الكلمة الواحدة أي أن الغين نقلت إلى العين أو أن الغين إلى أصلها والميم في الأخر تحولت إلى نون. وهو أيضاً كثير في لغتنا الضادية. أما وجود لغتين في كلمة واحدة (أي إبدال حرفين من حرفين آخرين) فهو أيضاً جم الأمثلة في لساننا. من ذلك: الكتر والقدر (وكلاهما بفتح فسكون) سما وشمخ. ختره وخدعه. آب يؤوب وعاد يعود. الدهاء والذكاء (محركة) المطلحب كالمسلئب. ارس وحرث. تكافش وتغافس. شحاح وسخاخ. نكث العهد ونقضه. وعوام بغداد يقولون المعجان (بجيم فارسية) وهم يريدون المعكام وهو المقلاع لأن الضارب به يعكم الحجر به أي يشده به وعندنا غير هذه الحروف من فصيحة وغيرها وهي كلها تشهد على أن بعض المتكلمين منا يغير حرفاً أو حرفين في الكلمة الواحدة فيكون منها لغة أو لغتان. وقد يكون هذا الإبدال المزدوج أو المثلث في المعربات نفسها مثال ذلك جاوة (اسم الجزيرة الشهير) فقد قالوا منذ القديم زابج ثم صحفوها تصحيفات لا تعد فقالوا فيها: زباج ورباح وزيبج وسيبج وسابج وزباد ورانج ورابخ وزانج إلى غريها حتى يمكن أن يقال أن كل مؤلف وكل ناسخ ذكرها بوجه من الوجوه.

في مجلة المجمع العلمي العربي

في مجلة المجمع العلمي العربي كنا قد ألحقنا آراءنا في تعاليق مجلة المجمع العلمي العربي على ما نشرته من كتاب نشوار المحاضرة بتعاليق الأب أنستاس ماري الكرملي ولنا الآن آراء في تعاليقها على ما نشرته من الكتاب المذكور في الجزء الثالث والرابع من أجزاء سنة 1930م وها هي ذة: 1 - في ج3 ص141 س14 نقل المؤلف قول القائل (فلما كان من الغد جاءني رجل متكهل في زي الجند) وعلقوا (بالمتكهل) ما نصه لعله (مكتهل) ولم نعلم سبب هذا التوقيع الذي أفادته (لعل) ففي مادة (كهل) من أساس البلاغة (واكتهل النبات: تم طوله وتكهل) وقد جعل هذا من المجاز فالحقيقة إذن أولى به. فضلاً عن أنه يقال (كهله الله تعالى تكهيلا) ومطاوعه (تكهل تكهلاً) وفي ج1 ص458 من شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد قول أبي حمزة المختار بن عوق الازدي: (يا أهل المدينة وهل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله إلا شباباً أحداثا؟ نعم والله أن أصحابي لشباب متكهلون في شبابهم) وفي ص60 منه (أنهم لشباب يتكهلون في شبابهم غضيضة عن الشر أعينهم) 2 - وفي ص143 س13 - 14 (قد حرد الوزير علي بن الفرات) والصواب (علي ابن الفرات) وفي ص144 (بسليمان ابن وهب) والصواب: حذف همزة (أبن) وفيها (فجاوءا) والصواب: (فجاءوا) وفي ص148: (مع حامد ابن العباس) والجواب كما تقدم في سليمان. 3 - وفي ص145 (وارد أن يسلم المنكوب سلوك المذهب الناس قديماً) والصواب (سلوكاً لمذهب الناس) أي اتباعا له وتأثراً. 4 - وفي ص146 س4 - 5 (فقال: وقع بتقليد إسحاق بن إبراهيم جميع أعمال المعاون بالسواد جزاء له على ما نبهه عليك من تكرمتك يا أبا محمد)

فعلق العلامة مرجليوث بقوله (عليك) ما صورته (لعله: عليه) والصواب ما ورد في الأصل لأن (ما المصدرية) ونبه مؤولان بمصدر مجرور (على) والتقدير (جزاء له على تنبيهه عليك) وقد بين التنبيه بقوله (من تكرمته) وكيفية ذلك أن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب نبه المأمون على أبي محمد الحسن بن سهل وكان المأمون غافلاً عنه فالعدول عن هذا الأصل معدول عنه. 5 - وفيها (فقال الشيخ للخارجي وهو لا يعرفه وقدر أنه يريد الجامع: إلى أين تمضي يا شيخ وقد صلى الناس وفاتتك الصلاة) والصواب وقد رآه يريد الجامع) لأن (قدر أنه) لا تجيز له هذا القول المثبت الحكم). 6 - وبعد ذاك الكلام: (فقال الخارجي: يا أبله إنما فاتت من أدركها يريدان التجمع معهم لا يسقط الفرض الذي هو الظهر) قلنا: لا فائدة في ذكر التجمع ههنا ولا (إذ) فصواب الكلمة الأولى (التجميع) قال في مختار الصحاح. (وجمع القوم تجميعاً: شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها) وهو المراد، وصاب الكلمة الثانية (إن) الشرطية لأن الخارجي لم يجمع مع المجمعين ولأن (إذ) تفيد تجميعه فيمون في الكلام تناقض عند اجتماعها. 7 - وفي ص149 (أن هذه الأملاك أملاكه يوم مات ولا طريق إلى انتزاعها من وارثه إلا ببينة بالمال) قلنا: والأولى (وارثه) جمع وارث) لأنهم أطفال أيتام (على ما تقدم من الحديث) لا وارث واحد. 8 - وفي ج4 ص302 س3 (يا ابن مائة ألف كر خردل مضروبة في مائة مثلها) بجر (خردل) وقد قال ابن عقيل في باب التمييز من شرحه للألفية (فان أضيف الدال على مقدار إلى غير التمييز وجب نصب التمييز نحو: ما في السماء قدر راحة سحاباً ومنه قوله تعالى: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهباً) وفي (124: 2) من شرح ابن أبي الحديد قول عبد الله بن العباس (فكانت هذه الثلاثة أحب إلي من ثلاث بدرات ياقوتاً فالصواب إذن (خردلاً) بالنصب. 9 - وورد في ص204 س13 (فلما كثر ذلك على حامد قال له يوماً عقيب سفه جرى عليه) وعلق به المجمعيون ما نصه (كذا في الأصل وفي المصباح، قولهم

عقيب بالياء لا وجه له فليراجع) قلنا: ورد في 139: 2) من الشرح الحديدي المذكور: (ويؤكد كونه مراداً قوله عقيبه: ما اختلف عليه دهر) وفي 136: 3) من كامل المبرد قوله: (فإذا ذكر العشي فقد دل على عقيب العبشي) فهذا دليل السماع ويبقى علينا دليل العقل وهو الذي لا ينكره إلا الحول القلب. فحجة المصباح قوله: (وأما عقيب مثال كريم قاسم فاعل من قولهم عاقبة معاقبة) وقال بعد هذا (فقول الفقهاء: يفعل ذلك عقيب الصلاة ونحوه بالياء لا وجه له إلا على تقدير محذوف والمعنى: في وقت عقيب وقت الصلاة) فهو لم يكن يمنعه كما فهم من تعليق المجمعين المبتور الذيل. أما حصره الجواز في ذلك التقدير فليس بشيء لأن اسم الفاعل يقبل الظرفية فقد قيل (سار هاجرة ووقف داخل البيت وانتظرته خارجه) وفي (43: 2) من الشرح الحديدي نقلاً عن أبي الفرج الأصفهاني قال أبو الفرج: فدعت لهم بحرير فعصبت به صدورهم وتقلدوا سيوفهم ومضوا فجلسوا مقابل السدة) وجعل مقابلا ظرفاً والوجه الثالث يعد (عقيب) حالا نحو (جاء فلان عقيب فلان) أي معاقباً له والمعاقبة تقتضي التأخير أياً كان مقداره وفي (123: 1) من وفيات ابن خلكان) قول أبي الفضل جعفر بن شمس الخلافة الشاعر الشهير: هي شدة يأتي الرخاء (عقيبها) ... وأسى يبشر بالسرور العاجل 10 - وورد في ص208 س7 (ولا أحسب الرجال يطاوعوني على حربه فعلق به المجمعيون ما نصه (حذف النون من هذا الفعل وأمثاله للتخفيف وقد تكرر في مواضع كثيرة) وهذا لا يعد تخفيفاً بل إدغاما أي تسكين النون الأولى لأنه مما يجوز فيه الإدغام نحو قوله تعالى في سورة يوسف - ع - آية 11 (يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وأنا له لناصحون؟) والأصل (تأمننا) بالفك وبعد آية قال تعالى (قال ليحزنني أن تذهبوا به) وبالإدغام (يحزني) أما الأول

فقد ورد فيه الوجهان الإدغام والفك. قال الطريحي في مجمع البحرين ومطلع النيرين (وقرء: ما لك لا تأمنا على يوسف. بين الإدغام والإظهار، وعن الأخفش الإدغام أحسن) وكيف يجهل المجمعيون هذا الأمر اليسير وقد ورد في القرآن المجيد؟ ففي سورة الزمر: (قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون؟) بإدغام النون (تأمروني) وورد الفك في قوله تعالى بسورة الأعراف أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم؟) فيا للعجب من أبناء العرب! 11 - وورد في هذه الصفحة أيضاً فاخترنا للرسل (صاعد بن مخلد) فعلقوا ب (الرسل) ما عبارته (الأولى: للتراسل والرسالة) وعلق الأستاذ مرجليوث (لعله للترسل) قلنا: والراجح (للرسال) مصدر (راسله) فهو كالمراسلة ويؤيد دعوانا قولهم قبل الرسال (يجب أن نقدم المراسلة بيننا وبينه) فهذا واضح بحمد الله. 12 - وورد في ص209 (وكان عبيد الله بن سليمان وأبوه - وهما مقيمان بحضرة الموفق يقصداني ويريثان المال علي فاحفظني ذلك عليها) فعلق به المجمعيون (لعله: يرتبان) قلنا: لا وجاهة في هذا التعليق لأن القائل للقول المذكور (راشد صاحب جيش الموفق) وقد رتب عليه المال (الموفق) نفسه لا هذان، ويظهر لك ذلك من قوله: (فاعتمد الموفق علي في ذلك. . . فأفقرني ذاك) فالأصل (يريثان علي المال) هو الصواب الأبلج ومعناه (يؤخران علي المال ولا يدعاني أتقاضى ما أنفقته على الجيش) ويزيد الأصل صحة قوله (فكنت أحتاج إلى أن أرهن سيوفي وسروجي وأدخل كل مدخل حتى أقيم الإنزال) وقعا لي في بعض الأيام إلى جهبذهما (ليث) بمال من مال الإنزال) فلا شك في الأصل. 13 - وورد في ص210 (وجاء سليمان وعبيد الله من غد للخدمة على الرسم فشوغلا في الدار) فعلقوا ب (شوغلا) ما نصه: (كذا في الأصل ولعله: شغلا) قلنا أن (شغلا) لا يؤدي معناها شوغلا) لأن الثاني يدل على المبالغة زيادة على المراوغة ووزن (فاعل) يفيد المبالغة في هذا الموضع ففي (278: 2) من خزانة الأدب البغدادي (قال أبو زيد في كتاب المصادر: بكر بكوراً

وغدا غدواً، هذا من أول النهار، فإذا نقل إلى فاعل للمغالبة تعدى إلى مفعول واحد) فأفاد أن (المفاعلة) تأتي للمغالبة. وفي هذه الصفحة أيضاً: فإذا كان باكر من باب المغالبة كان للتكثير في البكور إلى الحاجة نحو: ضاعفت الشيء بمعنى كثرت أضعافه) قلنا: فالتكثير هو من المبالغة وانقلبت المغالبة مبالغة لفظاً ومعنى والمبالغة شيء سائغ أوردت أم لم ترد. 14 - وورد فيها: (فكانت تلك أحد ما قوى طمع الموفق) فانشبوا (أحد) ما حروفه: (الأظهر: أحدى، لتطابق تلك) قلنا: لا حاجة إلى هذا الإصلاح ففي المصباح المنير (واحد أصله: وحد، فأبدلت الواو همزة. ويقع على الذكر والأنثى وفي التنزيل يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) فالأصل صواب، 15 - وورد في ص211: (والتطرق عليه وعلى أملاكه (فعلقوا عليه: قال في اللسان: تطرق إلى الأمر، ابتغى إليه طريقاً) قلنا: أن حرف الجر يتبدل مع أمثال (التطرق والسعي والذهاب والتسرب والمضي) بحسب المعاني فأن (تطرق عليه) يفيد الشدة والاستحواذ، قال الشريف المرتضى علم الهدى في (25: 2) من أماليه الدرر والغرر: (وللعرب في هذا مذهب طريف لأنهم لا يستعملون لفظة (على) في مثل هذا الموضع إلا في الشر والأمر المكروه ويستعملون (اللام وغيرها) في خلاف ذلك. ألا ترى أنهم لا يقولون: عمرت على فلان ضيعته، بدلا من قولهم خربته عليه ضيعته ولا: ولدت عليه جاريته بل يقولون: عمرت له ضيعته وولدت له جاريته) فقول علم الهدى علم في بابه وقد نفذ هذه القضية بقوله في (106: 4) من أماليه: (ما كان هذا معروفاً منك ولا والدك ممن يفعل القبيح ولا يتطرق عليه الريب) فدليلنا سماعي قياسي من صميم العربية. 16 - وقالوا في حاشية تلك الصفحة: لم يكن عنده مال يفي منه تلك الأموال والصواب (بتلك الأموال) أو (يوفي منه تلك الأموال) قال في مختار الصحاح: (وفى بعهده. . . وأوفاه حقه ووفاه توفية بمعنى أعطاه وافياً) 17 - وورد في ص212 (يسعى علي فيها أقبح سعاية) وارتبط به المجمعيون ما نصه (المعروف: سعى به إلى الوالي: وشى به أو ضمنه معنى (نم) فعداه

بعلى) قلنا: قد ذكرنا تبدل حروف الجر مع فعل واحد وان (على) تفيد الشر في مثل هذا الموضع. فسعى عليه بهذا المعنى لم يذكروه كما لم يذكروا: (سعى عليه بمعنى طاف عليه ففي ص186 من جمهرة أشعار العرب قول طرفة بن العبد: فظل الإماء يمتللن حوارها ... ويسعى علينا بالسديف المسرهد فالأصل من المطرد. 18 - وورد في ص214: قال رأيت في منامي يعني بعد إسلامه - علياً عليه السلام وكأنه جالس) قلنا: يجب أن تكون هكذا: (قال رأيت في منامي - يعني بعد إسلامه - علياً عليه السلام) لتبين كل البيان الجملة المعترضة. 19 - وورد في ص216: (وعرف تقلب (الأمور) رأي المقتدر فرأى أن يحسن إلى الحسن) فالظاهر أن (الأمور) من زيادة مرجليوث العلامة، وعلق بذاك المجمعيون (هكذا في الأصل ولعل الأصل: ورأى المقتدر) قلنا: الصواب حذف الأمور والاقتصار على: (وعرف تقلب رأي المقتدر) فأن تقلبه مسبب لتقلب أمور ذلك المتوقع العارف، هذا مرادنا وبقيت أشياء يسيرة جاوزناها خيفة الإطالة. مصطفى جواد (لغة العرب) ونحن نزيد على ما تقدم أنه ورد في ص139 س3: لما انفذ أبي إلى مضر اجتديت البحتري) فقالت المجلة: (لعلها محرفة عند اجتبيت) قلنا: والذي عندنا أنها محرفة عن: اجتذبت. وسياق الكلام الوارد بعد تلك العبارة يوضح أن المطلوب هو الاجتذاب. وفي ص140 س4: (وضربت الأيام ضربها) فعلق عليها أخطاء المجمع: (المعروف ضرب الدهر ضرباته ومن ضرباته ومن ضربه (هذا التعليق لا محل له من الأعراب. لأن قول المؤلف: ضربت الأيام ضربها كقول الأقدمين ضرب الدهر ضربه. لأن ما ينسب إلى الأيام ينسب إلى الدهر وبالعكس إذ كلاهما شيء واحد في المؤدى. ومنه في اللسان: ضرب ببلية: رمى بها.) وفي ص143 س3: (فقال إذا نشرت الدواوين ووضعت الموازين أأسئل عن ذنوبي؟. . .) والأصوب: أأسأل بالمجهول وعليه تكتب الهمزة على الألف. (له بقية)

فوائد لغوية

فوائد لغوية 1 - نقول منتقل كما نقول: معتلف قال ابن أبي الحديد في 46: 1 (: وأما قوله: وانتقل إلى منتقله ففيه مضاف محذوف تقديره: إلى موضع منتقله) قلت ليس في الكلام مضاف محذوف أبداً لأن (المنتقل) أن لم يكن اسم مكان سماعاً فهو قياسي لا محالة. والغريب أنه نقض قوله بقوله من دون أن يشعر فقد قال في الصفحة 66 من ذلك المجلد: (والمعتلف موضع العلف) فإذا جاز له أن يجعل (المعتلف موضع العلف) فلم منع نفسه أن يجعل (المنتقل موضع الانتقال)؟ هذا من غريب التناقض. 2 - لا يقال خصوبة قال بعضهم: (خصوبة الأرض وخصوبة الدماغ) وليست الخصوبة عربية مسموعة فالصواب (الخصب) على وزن (الشبر). 3 - أرسلنا طيه وقالوا (أرسلنا طية) و (تجودن طيه كذا) وذلك خطأ وصوابه (أرسلنا في طيه) و (تجدون في طيه كذا) قال في مختار الصحاح (وأنفذته ضمن كتابي أي في طيه) ولم يقل (أي طيه) 4 - موقت ومعناه وقالوا (جريدة أدبية تصدر في الأسبوع موقتاً) وأرى هذه الوظيفة موقتاً) مريدين (من دون وقت محدد) مع أن الموقت هو الذي يكون في وقت معين معلوم فالصواب (تصدر بلا أجل مسمى) أو (غير موقتة) 5 - تحرج الموقف قال أحد المخطئين: (تحرج الموقف) يريد (حرج الموقف) ولكن التحرج هو انكشاف الحرج وزواله فمعنى القول المنقود (انكشاف الموقف). مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة حول مقال العربية مفتاح اللغات وما يليها الألفاظ اليافثية في العربية قرأت في الجزء الماضي من لغة العرب التحقيقات المهمة والتدقيقات اللاذة مما دعاني إلى إعجابي بمباحثكم ولكنني وددت أن أبدي لحضرتكم ملحوظة طبق ما جاء في مقترحكم من أنكم تقبلون بكل حقيقة ناصعة حول هذا المقال. . . مما أعده مبرراً لإبداء ما في خاطري وزيادة على ما أعلمه فيكم من حب البحث العلمي الخالص. فأقول: كنتم أوردتم جملة صالحة من الكلمات العربية التي تشترك مع اللاتينية في أصول حروفها. وجعلتم العربية مفتاح اللغات. ولكم الحق في البحث ولا نزاع في هذا الموضوع. فأني مع تسليمي به وموافقتي لرأيكم في ما رأيتم أبدي أن التمثيل الذي مثلتم به من لفظ (فليوس) اللاتينية وأن العرب حوروها وما زالوا ينحتون فيها ويقلبون حروفها حتى جعلوها (ابنا) بعد أن صارت (بلا) ثم صارت (بنا) (فأبنا) (فابنما). . . لا يأتلف مع ما أعلمه للأسباب الآتية: 1 - أن لفظتي فلان وفلانة معروفتان عند العرب والأصل فيهما (فلو) وهو الولد الصغير منهما. والعرب تقول: الزيادة في الحروف تدل على زيادة في المعنى. فصارتا بعد الزيادة تطلقان على الرجل والمرأة. 2 - قول القامو وصاحب اللسان والجوهري أن الفلو الجحش والمهر إذا فطم أو أنه المهر إذا بلغ السنة ففيه نظر كما يستفاد من الأمثلة التي أوردوها فقد أطلق على ابن الآدمي أيضاً فضلاً عما يستفاد من فلان وفلانة قال مجاشع بن دارم: جرول يا فلو بني الهمام ... فأين عنك القهر بالحسام فقد ورد الفلو في الأمرين ولد الإنسان والحيوان وكثرة الاستعمال تخصيص

متأخر وتقييد للمطلق فكما أن الأول وارد في اللغة كذلك الثاني منقول عنها بكثرة والمجاز حاصل ومتحقق في أحد الاثنين وتخصيصه الحقيقية في الآخر لا دليل يدعمه فهو الابن ومعناه معناه. والأصل القديم غير متعين. 3 - أن هذا اللفظ نقل إلى اللاتينية فقالوا عنه (فليوس) دون أن نتكبد التأويلات البعيدة والتوجيهات الواحد بعد الآخر وأياً كان معناها سواء الابن لحيوان معين أو الابن المطلق أو الابن المطلق مجازاً بعد أن كان مقيداً لا يخرج ذلك عن كونها عربية الأصل ونقلت إلى اللاتينية. . . ولا يزال أعراب البادية يطلقون اللفظة أي (فلو) على الاثنين من ولد الفرس وولد الإنسان فيقولون عندما ينخون ولدهم لأمر (فلوي! وين فلوي!). 4 - عندنا قضية مهمة وهي عدم معرفة تاريخ اللغات وتقلبات الأولى علمياً وليس في وسعنا أن نقطع بأن اللاتينية من العربية أو العربية من اللاتينية أو أيهما أصل أو أقدم من غيرها في حين أننا نعلم أن العربية لحقتها تقلبات وتطورات كبيرة حتى نالت شكل الفصحى واعتقد أن أول تدوين لحقها هو تدوين السريانية وهي عربية دونت قبل أن ينالها التطور الأخير فاكتسبت شكلاً ثابتاً بهذا التسجيل والتقييد. ثم طرأ عليها تغير آخر دعا لتدوينها بشكل العبرية وهي مقلوب عربية لا من عبريم كما يزعم اليهود، ثم نالها التغير الأخير زمن القرآن الكريم وقبيله فحصلت على طراز جديد تدعى (بالفصحى) وكذا اللاتينية اعتقد أنها اعترتها استحالات كثيرة حتى اكتسبت شكلها الثابت. فما لم يثبت قدم اللفظ في لغة وأسبقيته له في اللغة الأخرى لا نجزم بالأخذ وإنما نقول بالاشتراك. وعلى كل حال اللفظ - كما أعتقد - عربي. وإذا كان الآخر شاركه به فلا مانع. وزيادة السين في آخره بمقتضى لغة القوم لا يخرجه عن كونه عربياً ويوافق مقياسكم الذي ارتأيتموه - ولم الفضل في ذلك - من أن اللغة العربية أم اللغات ومفتاحها. هذا ودمتم باحترام. المحامي: عباس العزاوي (لغة العرب) لا نقول كلمة رداً على هذا الرأي. إذ القارئ المطلع على

سير اللغات في هذا العصر وعلى علم مقابلة الألسنة بعضها ببعض يرى ما فيه من الضعف والوهن. أن صديقنا المحامي عباس أفندي العزاوي من خيرة محامينا العراقيين لكن ذلك لا يجعله من صفوة اللغويين أو البارعين في الوقوف على أسرار اللغات فعلم الحقوق شيء وعلم فلسفة اللغات شيء آخر. وقد يبرع المرء في علم ولا يبرع في علم آخر وما أدرجناه هنا أحسن شاهد على ما نقول. السيد نعمة الله الجزائري وشهاب الدين السهروردي قال السيد نعمة الله الجزائري في ص356 من كتابه (زهر الربيع) ما نصه (أبو الفتوح شهاب الدين المقتول بحلب السهروردي. اسمه يحيى كان ماهراً في ملكه وحكمه الاشراقيين والمشائيين وله كتاب حكمة الأشراف (كذا) أفتى بقتله فقهاء حلب. واختلف الناس في حقه فبعضهم نسبه إلى الإلحاد والزندقة، وبعضهم نسبه إلى الكرامات. قيل: حبس وخنق. وقيل: منع من الأكل باختياره وذلك من أنواع القتل ومات جوعاً. أقول هذا الرجل ضم إلى اعتقاد الحكماء الزندقة والكفر ومع ذلك فقبره الآن يزوره الناس ويتبركون به) كلام السيد نعمة الله عفا الله عنه. قلنا قد وهم السيد نعمة الله الجزائري في دعواه أن قبره ببغداد لأن شهاب الدين المدفون ببغداد المعروف بالشيخ عمر، هو غير شهاب الدين قتيل حلب، وأين هذا من ذاك بعد قوله (اسمه يحيى) فالذي دفن ببغداد قال عنه ابن خلكان في (414: 1) ما عبارته (أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمويه. . . الملقب شهاب الدين السهروردي) وقال عنه في ص415: (وتوفي في مستهل المحرم سنة اثنين وثلاثين وستمائة ببغداد. رحمه الله تعالى. ودفن من الغد بالوردية). والوردية مقبرة الشيخ عمر اليوم. وقال عنه مؤلف الحوادث الجامعة في ص22 من نسختنا في حوادث سنة 631هـ: (وفيها توفي الشيخ شهاب الدين أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الله السهروردي الصوفي الواعظ. ولد (بسهرورد) ونشأ بها وقدم بغداد واستوطنها وهو ابن أخي الشيخ أبي النجيب السهروردي، صحبه كثيراً وعنه أخذ علم الصوفية والوعظ ومعرفة الحقيقة والطريقة وصنف في شرح أحوال الصوفية

كتاباً حسناً وتكلم في الوعظ (بباب بدر) ومدرسة عمه (أبي النجيب)، وتولى عدة ربط للصوفية، منها (رباط الزوزني) و (رباط المأمونية) وبنى له الخليفة الناصر لدين الله رباطاً (بالمرزبانية) على نهر عيسى وبنى له جنبه داراً واسعة وحماماً وبستاناً يسكنها بأهله ونفذه الخليفة رسولا إلى عدة جهات. وكان الملوك الذين يرد عليهم يبالغون في إكرامه، وتعظيمه، واحترامه، اعتقاداً فيه وتبركا به ودفن في (الوردية) في تربة عملت له هناك جادة سور الظفرية ومات عن اثنتين وتسعين سنة. ولم يخلف شيئاً من عروض الدنيا. بعد أن حصل له منها الشيء الكثير فأخرجه جميعه لأنه كان كريم النفس، وكان مهيب الشكل طيب الأخلاق كثير العبادة. وكان مؤلف الحوادث الجامعة قال في ص15 بحوادث سنة 630هـ: (وفيها توفي أبو محمد عبد الله بن الشيخ أبي النجيب السهروردي. من بيت التصوف. وأولاد المشايخ. ذكر أنه خرج عن جميع ما له ووقفه. فلما قدم الشيخ (شهاب الدين عمر السهروردي) قدم على غاية الفقر مجرداً من الدنيا، فضاق صدر الشيخ أبي النجيب. كيف لم يرضخ له. فسأل ولده أن يعطيه شيئاً من نصيبه، فلم يوافق فقال الشيخ أبو النجيب وقد احتد: والله لتحتاجن إليه. ومضى على ذلك برهة فتقدم الشيخ شهاب الدين وأثرت حاله، وفتحت عليه الدنيا، فاحتاج عبد الله هذا إليه، واسترفده فأرفده. وما زال يواصله حتى مات). أما يحيى الذي وهم في تعيين قبره السيد نعمة الله الجزائري فقد قال عنه ابن خلكان في (412: 2) من وفياته: (وكان شافعي المذهب، ويلقب بالمؤيد بالملكوت، وكان يتهم بانحلال العقيدة والتعطيل ويعتقد مذهب الحكماء المتقدمين واشتهر ذلك عنه فلما وصل إلى حلب أفتى علماؤنا بإباحة قتله بسبب اعتقاده.

وما ظهر لهم من سوء مذهبه. . . ويقال: أنه لما تحقق القتل كان كثيراً ما ينشد: أرى قدمي أراق دمي ... وهان دمي فها ندمي . . . وكان ذلك في دولة الملك الظاهر. صاحب حلب، ابن السلطان صلاح الدين رحمه الله فحبسه ثم خنقه بإشارة والده السلطان صلاح الدين رحمه الله. وكان ذلك في خامس رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب وعمره ثمان وثلاثون سنة. . . قلت: وأقمت بحلب سنين للاشتغال بالعلم الشريف ورأيت أهلها مختلفين في أمره. وكل واحد يتكلم على قدر هواه، فمنهم من ينسبه إلى الزندقة والإلحاد، ومنهم من يعتقد فيه الصلاح، وأنه من أهل الكرامات ويقولون: ظهر له بعد قتله يا يشهد له بذلك) فالجملة الأخيرة تدل على أنه دفن بحلب لظهور كراماته المزعومة على بعض الحلبيين، فضلاً عن أنه لم يجمع الناس على فضل له بسبب نقله إلى بلد مقدس. ونحن نأسف من جزم بعض العلماء المتأخرين والمعاصرين بأقوال تاريخية ولا سيما في القبور المجهولة أسماء أصحابها من دون تحقق ولا توثق ولا حجة ولا دليل. وما يتقادع في هذه الأوهام إلا الجاهلون للتاريخ، النابصون في مجلسه بالجهالات. وفقنا الله للحق والصدق وأبعدنا عن إفساد التاريخ والأقوال الباردة البائدة. مصطفى جواد أربية لا أرنمة ولا أرنبة إني ممن يعجب بأشغال المستشرقين وعنايتهم بلغاتنا الشرقية علة اختلافها: لكني أراهم بعض الأحيان يهوون هوياً غريباً في حين أنهم لو أنعموا النظر قليلاً في ما يكتبون لانتعشوا من سقوطهم. ذكر دوزي في 19: 1 من معجمه العربي الأرنمة وقال أنها الأرنبة. بمعنى ولو فكر قليلاً لعرف أنها الأربية لا غير. بغداد: ب. م. م

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة السمرمر س - برلين - ب. م: ألتمس منكم أن تطلعوا على ما عثرت عليه في كتاب أعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء ج3 ص54 وتفيدوني عن اسم الوادي المذكور بعيد هذا وتبينوا لي موقعه وهذا نص ما جاء هناك: وصول السمرمر إلى حلب (قال أبو ذر: وفي سابع عشر جمادي الأولى (سنة 860) وصل ماء السمرمر إلى حلب وخرج الناس إلى لقيه بالذكر والدعاء فأخرجوه إلى القلعة وعلقوه بمئذنة جامعها ووقفت على كتاب قديم كتب إلى الممالك الشرقية بسبب إحضاره (وساق هنا الكتاب ولم أجد كبير فائدة في ذكره فأضربت عنه ثم قال) وهذا الماء هو كائن في بلاد العجم أخبرني من أحضره بأنه في واد على مكانه خدمة والسمرمر طائر يعادي الجراد ويقتله ويكون بينهما مقتلة عظيمة يحمل كل منهما على الآخر ويقر الجراد بين يديه). (أقول من خواص هذا الماء على ما زعموا أنه يكون سبباً لجلب طير السمرمر من الأماكن القاصية إلى هذه الديار فيدفع عنهم جيوش الجراد الجرارة.) ج - العراقيون يسمون هذا الطائر سمرمد أيضاً بإبدال في الآخر وكذلك جاء في معجم باين سميث ص2012. والظاهر أنه مقيم ي ديار مادي في واد من أودية الأهواز المعروف بوادي المسرقان (بفتح الميم وإسكان السين وضم الراء وفتح القاف يليها ألف وفي الآخر نون) وسبب هذا القول هو أن اسم السمرمر بالأرمية (صفر ماذي) الذي معناه (طائر ماذي) والأرميون إذا قالوا ماذي أرادوا بها في أغلب الأحيان (جبال الأهواز وما والاها) (راجع معجم باين سميث الارمي اللاتيني ص2012) وقد اشتهر في الأهواز) واديان

أحدهما هو الذي ذكرناه هنا أي (وادي المسرقان) والثاني الوادي الأعظم وهناك يكثر هذا الطير إلى عهدنا هذا ومن ذاك القطر يأتي إلى العراق إذا ظهر فيه الجراد وقد اختلف في أسم الطائر بلسان العلم فمنهم من ذكره باسم وفريق باسم وطائفة باسم وهو السلكوت بالعربية والأصح أو وبالفرنسية أو وبالإنكليزية وسماها الدكتور محمد بم شرف (آكل التوت) ولم نجد هذا الاسم في كتاب لغة إنما وجدنا السمرمر والسمرمد (ومن أسمائه بالفارسية: (سار صوران (بضم الصاد). كاو نسك (بكاف فارسية وبكسر النون). زرزن (بضم الزايين) واسمه باليونانية ونطلب إلى العلماء قراء هذه المجلة. ولا سيما علماء إيران أن يفيدونا عن اسم هذا الوادي ألم يكن اسمه (وادي المسرقان) أو (الوادي الأعظم) الذي هو ماء تستر ويمر على جانب الأهواز. عقال الرأس عند العرب وتاريخه س - تبريز (إيران) - السيد م. ن. ك. المشهور عن العرب أنهم كانوا يعتمون (أي يلبسون العمائم) حتى اشتهر عنه هذا الكلام: (العمائم تيجان العرب) أي ملابسها التي تزدان بها. واليوم نرى أغلب أهل البادية يتخذون العقل (جمع عقال) حتى أنهم يقولون: تعقل فلان أو اعتقل بمعنى شد العقال برأسه. وقد بحثت في معاجم اللغة عن استعمال العقال للرأس فلم أجده. فهل قرأتم شيئاً في كتب الأدب شيئاً عن العقال. وهل عرفه العرب في زمن الجاهلية. وهل اتخذوه في القدم. وهل له ذكر في بعض مؤلفات الأقدمين؟ ولقد سألت كثيرين عن ذلك وجميعهم ألحوا علي أن القي السؤال عليكم فهل لكم أن تفيدوني بشيء عن العقال؟ ج - أصل استعمال العقال للبعير وهو حبل يشد به في وسط ذراعه يمنعه السير ولا سيما إذا كان صاحبه في البيداء وطال ركوبه إياه وحاول النزول عنه طلباً للراحة، فأنه لابد من أن يربطه بهذا الحبل. إذن من الضروري أن يكون معه هذا الرباط أينما رحل وحل لأنه لم يكن عنده، فقد يشرد البعير

منه، وحينئذ يموت صاحبه في الفلاة. فإذا كان لابد من العقال فهو به حاجة إلى أن يكون معه دائماً، ولا يمكنه أن يضعه في جيبه لثقله وسقوطه في أثناء الركوب: ولا يتنطق به لأنه لا يحتاج إلى حبل بطول العقال. فلم يبق له إلا أن يشده برأسه مرتين أو ثلاثاً فيقضي به حاجتين في الوقت عينه: اتخاذه لتمكين ما يضعه على رأسه من كسفه، وعقل بعيره به حين النزول عنه. هذا الذي يتبادر الذهن إليه في سبب اتخاذ هذا العقال للرأس وللبعير معاً. على أن أحد أهل البادية ذكر لنا شيئاً غريباً ما كان يخطر ببالنا أبداً: كنا نقطع بادية الشام في أواخر حزيران من سنة 1905 وعند وصولنا إلى نحو من وسطها، عطشنا أشد العطش فلاقينا في طريقنا بدوياً راكبا ذلولا ومعه شكوة لبن رائب. فطلبنا منه أن يبيعنا قليلاً منه فأبى أن يأخذ منا دراهم. فأعطانا ما كفانا حاجتنا، فشكرناه أعظم الشكر، وحاولنا أن نكلمه على موضوع يستطيع أن يندرئ فيه فقلنا له: لماذا يتخذ أهل البادية جميعهم العقل عمرة لرؤوسهم؟ فقال: الذي سمعته من أبي أنه قال أن جده ذكر له أن سبب اتخاذ البدو العقال هو الخضوع لله، تقرباً منه لكي لا يسلط علينا أجنبياً يذلنا ويسومنا الخسف والظلم. فقلنا له: وأي صلة بين العقال وبين التقرب من الله. قال: لأن العقال يتخذ لربط الدواب لا لربط رؤوس البشر. فتعجبنا من هذا الجواب الغريب في باب، إذ لم نكن نتوقعه من هذا البدوي الكهل. وكلامه هذا ذكرنا بأن العقال قديم الاستعمال في ديار الشرق، إذ هو معروف قبل المسيح بنحو ألف سنة. أو أكثر أي منذ عهد (اليسع) النبي (أو اليشاع). فقد جاء في سفر الملوك الثالث في الإصحاح العشرين في الآية ال 27 ما هذا نصه: (فنزل هؤلاء (أي بنو إسرائيل) بازاء هؤلاء (أي الارمين) سبعة أيام، ولما كان اليوم السابع التحمت الحرب فقتل بنو إسرائيل من الارمين مائة ألف راجل في يوم واحد. وفر الباقون إلى (أفيق) إلى المدينة فسقط السور على السبعة والعشرين ألف رجل، الذين بقوا، وفر بنهدر، ودخل المدينة إلى مخدع في بطن مخدع. فقال له عبيدة: أننا سمعنا، أن ملوك بني إسرائيل ملوك رحمة: فلنشد الآن مسوحاً على متوننا، (ولنشد عقلاً (جمع عقال) على

رؤوسنا، ونخرج إلى ملك إسرائيل لعله يستبقي نفسك. فشدوا مسوحاً على حقائهم، وعقلا رؤوسهم وجاءوا ملك إسرائيل. وقالوا: أن عبدك بنهدد يقول: أناشدك أن تبقي نفسي حية. فقال: أوحي بعد؟ إنما هو أخي فاستبشر القوم وبادروا فتلقفوا الكلمة من فيه، وقالوا: أخوك بنهدد فقال: هلموا فخذوه. فخرج إليه بنهدد فأصعده على المركبة. . .) فهذا نص صريح يؤيد استعمال الأقدمين للعقال وأنهم كانوا يتخذونه تذللا وتقشفاً في يوم البلية ليفرجها الله عليهم فصدق إذن البدوي القائل: أن أجداده اتخذوا العقال تقرباً منه تعالى. لكي لا يسلط على الناطقين بالضاد أجنبياً يذلهم في عقر دارهم (جزيرة العرب) ويسومهم الذل والخسف. إذ مضت ألوف من الأعوام والعرب أحرار في ديارهم. والذين تسلطوا عليهم لم يكن ذلك لمدة طويلة إذ خرجوا منها أذلاء مهانين يلعنون اليوم الذي دخلوها فيه فكان فرحهم بخروجهم من ربوع العرب أكثر من فرحهم في دخولهم إياها. وأنت تعلم أن الارمين كانوا في أيام بنهدد قوماً رحل كأهل بادية العرب فكانت عاداتهم وأخلاقهم وآدابهم كعادات الأعراب وأخلاقهم وآدابهم كعادات الأعراب وأخلاقهم وآدابهم. وكذا قل عن أكلهم وشربهم ولبسهم ومقامهم وحلهم وترحالهم فهذا كله كان متشابهاً بين القبيلين، لأن الطبيعة كانت تدفعهم إلى اتخاذ تلك الأمور جميعها بصورة واحدة. إذن اتخذ العرب العقال كما اتخذه الارميون وكلاهما سامي الرس. أما عدم تعرض كتب الأدب واللغة والأخبار للعقال فلأن الاسم لا يختلف بين العقالين واتخاذه للرأس أمر مبتذل بين الجميع في كل عصر. وقد ذكره أبو فراس الحمداني (المتوفي سنة 357هـ - 968م) بقوله (في ص105 من ديوانه): لما أجلت المهر فوق رؤوسهم ... نسجت له حمر الشعور عقالا فهذا صريح لا يبقي ريباً في أن العرب كانوا يستعملون العقال ولفظه لما يشد بالرأس. وقال دوزي في كتاب الألسنة (ص304): (العقال (وضبطها كسحاب وهو غلط واضح فاضح) هذه الكلمة غير واردة في معاجم اللغة. وفي كتاب

لبرخرد (تعليقات عن البدو والوهابيين ص27) ما هذا نصه: (العنزة يتخذون عمرة لهم الكوفية ويشدون عليها عقالاً وهو حبل يتخذ من الوبر. وقال م. ب. فرازر (رحلة في كردستان والعراق إلى غيرهما: ج288: 1) كما قال برخرد في كلامه على أعراب بغداد وكوفيتهم: ويلفون على رؤوسهم لفتين أو ثلاثة لفات حبلاً يتخذ من الوبر الأربد اللون وقد أبرم بعضه.) انتهى تعريبه. ومن الغريب أن أصحاب معلمة الإسلام ذكرت العقال في باب (أي العين المفتوحة) وقالت العقال: أو (لفظ عربي) حبل من شعر المعزى يكون لونه في الغالب أسود يلف على الرأس مرتين ليثبت الكفية (الكوفية أطلب هذه الكلمة في المعلمة) ويتخذه بوجه عام أهل البادية وعند وزي (في ملحق المعاجم العربية 154: 2) تكتب الكلمة باللغة الفصحى عقال (بكسر العين) أما اللفظ الحديث فهو كما كتبناه في أول المادة.) اهـ. قلنا: هذا منتهى علم أصحاب هذه المعلمة فقد أخطئوا في ضبط اللفظة لأن اللفظ الحديث هو بإسكان العين أما القاف فتلفظ كافاً فارسية أو جيماً مصرية فكان يجب عليهم أن يكتبوا أو أما إذا أرادوا أن يراعوا اللغة الفصيحة - وهو ما يجب أن يكون في هذه المعلمة وأمثالها وفي المعاجم. فهو عقال بكسر الأول وتلفظ القاف لفظاً صريحاً: وأمثال هذه العثرات في هذا الديوان (أي معلمة الإسلام) أكثر من أن تحصى. ولهذا لا يمكن أن يعتمد عليها في كل ما جاء فيها. وبهذا القدر كفاية في هذا الموضوع. الألفاظ النصرانية س: كلكتة (الهند) السيد محمد س. ك هل تعرفون كتاباً عربياً يحوي مصطلحات النصرانية وأين مطبوع؟ ج. لا نعرف كتاباً في هذا الموضوع. والذي نعهده أن الأب لويس شيخو اليسوعي وضع مصنفاً في جزء سماه: (النصرانية وآدابها بين عرب الجاهلية) وذكر أوضاعاً نصرانية جمة من عهد الجاهلية ولم يتعرض لذكر ما أحدث بعد تعريباً ووضعاً. هذا فضلاً عن أنه فاته شيء جليل من أوضاعهم في الجاهلية. وقد ذكرنا بعضاً منها في هذه المجلة (487: 8) إلا أن أحد

مستشرقي الألمان نشر في (مجلة الساميات والديار المجاورة لها) المصطلحات النصرانية التي وضعت بعد الإسلام من معربة وعربية. ولم يتصد لذكر ما وضع منها قبل ذلك فهذا أيضاً نقص ونقص عظيم وكان عليه أن يصرح بما كان منها في الجاهلية وما وضع بعدها وجامع هذه الأوضاع الدكتور جورج غراف وقد اعتمد في كل ما وضعه على الكتب العشرة الآتية وهي: الخولاجي المطبوع في مصر في سنة 1902 - والجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة لابن السباع - ومنارة الأقداس لاسطفان الدويهي وبطاركة المشرق والمجدل لماري وعمرو بن متي وصليبا - والمصباح الهادي إلى الخلاص لابن حريز - وتأليف أ. رينورد وكاونية - وكوترية - وبومشترك وكتاب القوانين الذي جمعه الشيخ الصفي العالم المعروف بابن العسال. وقد ذكرنا في ص487 من هذا الجزء بعض ما فاته ونحن لم نذكر كل ما جاء في أبواب تلك الحروف من الكلم إنما ذكرنا بعضها على سبيل المثال والتذكير لنبين للقوم أن الأب شيخو المرحوم لم يذكر جميع ما كان معروفاً من تلك المصطلحات النصرانية في الجاهلية بل عرف بعضاً منها وجهل شيئاً كثيراً ولنبين أيضاً أن الدكتور جورج غراف لم يوفق في مجموعه أحسن مما وفق الأب شيخو إذ ذهل عن أوضاع كثيرة تبلغ ضعف ما ذكره في معجمه هذا. إذن من المستحب أن يأتي ثالث ويجمع ما ذكره الفاضلان المذكوران ويزيد عليه ما فاتهما. هذا وفي دواوين المسلمين أوضاع كثيرة نصرانية ذكروها في مصنفاتهم منذ صدر الإسلام غفل عنها النصارى المحدثون وهذه سيئة ظاهرة في أدب مسيحي العرب ولابد من أن يزيلوها عنهم بمطالعة الكتب المذكورة وانتزاع تلك الألفاظ منها وشرحها حفظاً لها من الضياع واحتفاظاً بما كان متعارفاً عندهم ووقوفاً على ما كان يدور في مجالسهم الدينية في صدر الإسلام من عهد الراشدين إلى آخر عهد الأمويين في الأندلس. ولابد من تدوينها في كتب اللغة لأن هناك أناساً كثيرين لا يعرفون معانيها لجهلهم أصولها وانتقالها إلى لغتنا الضادية وهي من لغات مختلفة كالحبشة واليونانية والأرمية والفارسية واللاتينية والقبطية إلى غيرها.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 112 - تاريخ الشام (سنة 1720 - 1782) للخوري ميخائيل بريك الدمشقي هذا كتاب يحوي 160 ص بقطع الثمن وهو القسم الثاني من الوثائق التاريخية التي تنشرها مجلة (المسرة) القيمة. وهذا الجزء يتضمن تاريخ الشام وفلسطين ولبنان سياسياً دينياً وفيه أيضاً بعض أخبار تتعلق بالعراق وبالعرب الذين كانوا يقيمون بين الشام وديارنا. ونشره الخوري قسطنطين الباشا الراهب المخلصي وأبقاه بثوبه الأصلي أي بلغته العامية فجاء مزدوج المنفعة لغة وتاريخاً وفي الفهرس غلطان معنويان ليسا في الأصل وهو قول الناشر في (ص153) حربه مع الأمير ملحم شهاب. وحربه يرجع إلى سليمان باشا العظيم وهذا الباشا لم يحارب مع الأمير بل حارب الأمير فكان يجب أن يقال: حربه للأمير ملحم. وقد تكرر هذا الغلط في ص158 إذ قال: حروب المسكوب مع اليونانيين. ويكاد يكون مثله ما جاء في ص155 عند قوله: (قتال الأمير ملحم شهاب مع المتاولة) والصواب للمتاولة). والكتاب حجر متين يوضع في أساس التاريخ والأخبار في المستقبل. 113 - هبة الدين الشهرستاني للسيد مهدي العلوي يكتب العصريون تراجم بعض الرجال الأحياء فيجلونهم حتى أنهم يرفعونهم إلى ما وراء الثريا. كل ذلك لغايات في النفس. أما هذه الترجمة الواقعة في 80 ص بقطع 12 فأن محررها هو السيد العلوي شيخ الإسلام زاده من مشاهير إيران المجيدين العربية والفارسية كل الإجادة فما نسقه وزنه بميزان الحق والصدق وذكر ما للشهرستاني العلامة المجتهد الشهير ما له وما عليه فجاءت هذه الترجمة من أحسن التراجم العصرية فنهنئ بها المقرظ والمقرظ وعسى أن يدرج على

هذا المنحى كل من يدون تراجم العصريين. 114 - مفتاح اللغة المصرية القديمة (هدية) لواضعه انطوان زكري هو في 152 ص بقطع الثمن وفيه أنواع خطوط مصر القديمة وأهم إشاراتها ومبادئ اللغتين القبطية والعبرية وفي ص17 منه بقول المؤلف: (وفسر الطبيب العربي ابنيفي في كتابه (علوم قدماء المصرين) الحرف. . .) قلنا: ليس بين العرب من اسمه ابنيفي والذي نظنه أنه ابن النفيس المتوفي في مصر سنة 687 للهجرة وكان له ثمانون سنة واسمه علي ابن أبي الحزم الدمشقي الصالحي شيخ الأطباء له تصانيف جيدة ولا جرم أن صاحب (المفتاح) نقل من مصنف فرنسي فلم يهتد إلى حقيقة الاسم العربي. 115 - كفاية المتحفظ (هدية) للشيخ الإمام اللغوي أبي إسحاق إبراهيم بن إسماعيل المعروف بالاجدابي، عني بتصحيحه مصطفى احمد الزرقا وطبع في حلب سنة 1345. طبع كتب الأقدمين في اللغة من أطيب الأعمال تمجيداً للسلف وتكريماً لمساعيهم حينما كانوا على الأرض. وذلك بشرط أن يتولى نشر مصنفاتهم رجال جهاذبة أكفاء وإلا انقلبت تلك المآثر الطيبة مساوئ تزيد في إفساد هذه اللغة الكريمة. وكانت كفاية المتحفظ طبعت في بيروت في سنة 1305 وكان قد قال ناشرها: (قد طبعت وصححت بالدقة والاعتناء على نسخة صحيحة منقولة عن نسخة العلامة اللغوي الشهير الشيخ نصر الهوريني المصري مكتوبة بخطه مضبوطة بقلمه وعند الاشتباه في بعض الألفاظ وقع الاعتماد على كتب اللغة الشهيرة كقاموس الفيروز ابادي، وصحاح الجوهري، وغيرهما بمعرفة ملتزم طبعها ومصححها الفقير احمد عباس الأزهري) اهـ. وقال معيد نشرها اليوم عن النسخة التي اعتمد عليها: (كتاب كفاية المتحفظ. . . وهو محرر بخط إسماعيل ابن محمود بن آدم الغزنوي الحنفي الشهير، فرغ من كتابه بدمشق سنة 578). ولما طالعنا هذه النسخة المطبوعة وجدناها عين النسخة المطبوعة التي طبعت في بيروت

والدليل إعادة الأخطاء تسأم منها النفس. ولم يكلف الناشر نفسه أعمال الفكرة لتفلية تلك الطبعة من أغلاطها، لا بل زادها سقماً إذ دس فيها أوهاماً لم تكن في طبعة بيروت. ونحن نؤيد كلامنا هذا بالبرهان. ذكرت طبعة بيروت السميدع في ص3 بذال معجمة فأعادتها الطبعة الحلبية في ص3 وقد أثبتنا أنها بدال مهملة (راجع لغة العرب 519: 5 و138: 6 و139) وفي ص4: (الاملود (المرأة) الناعمة والرود (وضبطها كقول) مثلها) وعلق عليها في الحاشية: (كذا في نسخ الأصل، لكن لم نجد فيما لدينا من مشاهير كتب اللغة كالقاموس وشرحه تاج العروس، ولسان العرب، أن (الرود) تطلق على المرأة الناعمة. وإنما في تاج العروس عن أبي علي أنها تطلق على المرأة الطوافة على جاراتها. وذكر في القاموس وغيره أن (الرود) الريح اللينة الهبوب، فلعل ما هنا من إطلاقها على المرأة الناعمة مجاز تشبيهاً لها بالنسيم اللين الهبوب) انتهى كلام المحشي. فكم من غلط في هذه الكلمة وشرحها! وأول هذه الأوهام أنه تابع الطبعة البيروتية في الخطل. لأنها ضبطتها كالقول أي بفتح راء رود وإسكان الواو. وهذا أول أوهام النسختين والصواب الرؤد بضم الراء وهمز الواو الساكنة. والكلمة مشتقة من الرأد لا من الرود وهذا هو الخطأ الثاني. قال شارح القاموس في رأد: (الرأد بالفتح والرؤد بالضم والرأدة والرؤدة بهاء فيهما فهي أربع لغات: الشابة الناعمة الحسنة السريعة الشباب مع حسن حذاء (كذا) والجمع (أراد) فأين بقيت تلك التأويل الفارغة وأين صارت تلك النقول الخارجة عن مواطنها؟ وبينما نحن نخطئ النسخة الحلبية نرى نسخة التاج تخطيء في النقل وتقول: (مع حسن حذاء) وهو كلام لا معنى له. والصواب (مع حسن غذاء) كما هو ظاهر المعنى. وهكذا لا نعرف كيف نتصفح دواوين اللغة إذ لا تخلو من العثرات التي أقامها فيها ناشروها وأصحابها براء منها. ثم أن مصحح النسخة الحلبية استشهد في الحواشي بكلام أقرب الموارد والناس يعلمون أن هذا الديوان ليس من أمهات كتب اللغة فكيف أجاز لنفسه الاستشهاد بكلامه؟

وعلق في ص7 على قول ابن الاجدابي: (وأربعة أنياب) ما هذا نقله: الناب مؤنثة. ومقتضى ذلك أن يقال: أربع لا أربعة ولكن المعدود إذا لم يكن مذكوراً على طريق التمييز أو الإضافة، يجوز في العدد التذكير والتأنيث فيقال: رجال أربعة أو أربع (كذا: لعلها أو (أربع) مثلاً وهنا كذلك. فلله دره من محقق! وهنا أيضاً تسارعت الأوهام تحت قلم المحشي. أولها أن صاحب اللسان قال في مادة ن ي ب: الناب مذكر الأسنان. ابن سيدة: الناب هي السن التي خلف الرباعية وهي أنثى) اهـ. وفي حاشية هذه المادة هذه العبارة (قول الناب (مذكر) مثله في التهذيب والمصباح اهـ مصححه قلنا: إذن الناب مذكر عن قوم ومؤنثة عند قوم آخرين. فان ذكرت، قدرت فيه (العضو) وأن أنثت أردت بها (السن) والغلط الثاني له ذكر قاعدة في الصرف لم يذكرها ثقة من الثقات إذ قال: وأن لم يكن المعدود مذكوراً على طريق التمييز أو الإضافة يجوز في العدد التذكير والتأنيث) فمن قال ذلك؟ وإذا كان هناك من قاله فليس بحجة. فليراجع ما جاء في المصباح المنير في ص886 من طبعة بولاق في سنة 1906 ففيه ما يناقض هذا الكلام مناقضة بينة ولا نريد أن نذكر كلام الفيومي لطوله. والغلط الثالث أنه أخطأ في إيراد المثل والغلط الرابع أنه زل في التوفيق بينه وبين قول الأجدابي فأن هذا قال وأربعة أنياب ولم يقل أنياب أربعة ليصح نقده له والتوفيق بيم ما أورده من القاعدة وبين كلام المؤلف أفهكذا تنشر الكتب اللغوية وهكذا يعلق عليها؟ أما الهفوات الخاصة بالطبعة الحلبية فهي ما ورد في بعض الشروح أو الحواشي وقد أشرنا إليها. ومما ينطوي على هذا الغر ما جاء في حاشية 57 إذ يقول شارحا (الصرام أو جداد النخل وهو الجرام أيضاً) ما هذا حرفه: أي اجتناه ثمره إذا أدرك وصار تمراً) قلنا: ليس الأمر كذلك فالصرام أو الجداد أو الجرام هو قطع العذوق أو الكبائس فصرم وجد وجرم كلها بمعنى واحد وهو ما قلناه. وأما ما أشار إليه فهو الشمل واللقط (بالفتح) وكل هذه الألفاظ يعرفها العراقيون. وبهذا القدر كفاية لإظهار ما في هذه الطبعة من المغامز.

116 - مختصر كتاب الوجوه في اللغة (هدية) للإمام محمد ابن احمد الخوارزمي وهو ملحق بالكتاب الأول المذكور وفيه 112ص وهو بقطعة وطبع بمطبعته ولهذه الطبعة هنوات كثيرة أيضاً كأن الناشر غير متضلع من اللغة ففي ص2 تكملة العين للخاز زنجي وفي كشف الظنون المطبوع في الآستانة للخادزنجي وكلاهما غلط والصواب للخارزنجي (براء فزاي) وقد تكرر هذا الغلط. ويكتب اسم الفاعل الثلاثي بالياء فيقول مثلا ساير (ص2) والصايغ (ص56) والحايك (ص64) وهو كثير لا يحصى والصحيح سائر وصائغ وحائك (بالهمزة) وفي ص64: ما شخص عن ظهر القدم وفيها ضبط صيصية بتشديد الياء الثانية والمعروف بتخفيفها. وهكذا لا تخلو صفحة من خطأ إلا أن الذي يشفع له هو الحواشي التي زادها على تلك الوجوه. وهي كثيرة ونفيسة. 117 - ثلاث رسائل للجاحظ (هدية) أول هذه الرسائل في الرد على النصارى - والثانية في ذم أخلاق الكتاب - والثالثة في القيان. سعى لنشرها يوشع فنسكل. لاشك في نسبة هذه الرسائل إلى صاحبها الجاحظ. لكن الذي عني بطبعها لم يكن راسخ القدم فيما أقدم عليه. فقد ذكر في صفحة العنوان: سعى في نشره. مع أنه ذكر في أول الأمر (ثلاث رسائل) فكان يجب عليه أن يقول سعى (لنشرها) لا في (نشره) والنص ممسوخ بألفاظ غريبة لم يهتد إلى تصحيحها. فقد قال في ص20 شيء من كتاب المثانية بقوله: كذا في الأصل. ولعله البنانية) وهم من الغلاة القائلين بإلهية أمير المؤمنين. . . والصواب (من كتب المنانية بدليل ردفها بالديصانية: - وفي تلك الصفحة: المرقونية والمشهور المرقيونية. وفيها: الفلانية) وعلق عليها: كذا في الأصل: ولعله العليائية والصواب اليلانية أو الليانية. والجاحظ كان يعرف هذه الفرق الدينية المجاورة بعضها لبعض لكن الناشر جهلها كل الجهل وذهب يفتش عنها في المذاهب الإسلامية التي لا اتصال لها بالفرق النصرانية المشهورة

في القرون الأولى من الديانة المسيحية. وهناك من الأغلاط ما لو وضع منها تحت الجبال الراسخة لنسفتها. والرسائل كلها في 76 صفحة بقطع الثمن. وإذا أريد تصحيحها وشرح ما فيها من الأوهام فلابد من أرصاد ثمانين صفحة بلوغاً إلى الأمنية فهذا هو علم يوشع فنكل حفظه الله ترقية للغة وآدابها! 118 - كتاب المذكر والمؤنث (هدية) للقراء ملحق بالكتابين السابقين وبقطعهما وطبع بمطبعتهما وهو في 47 ص ذكر الناشر (الزايدة (ص) وقايمة (ص3) إلى غيرهما بالياء وكلها بالهمزة. وهذا الكتاب معتنى به أكثر من صنويه. وهذا مفيد لكل من يتبعه أمر التذكير والتأنيث. 119 - قصص الأنبياء (هدية) لمحمد بن عبد الله الكسائي تصحيح أسحق بن شاؤول ايزنبرغ طبع في مجلدين في 309ص بقطع الثمن الصغير في ليدن (هولندا) سنة 1922 صاحب قصص الأنبياء هذه لم يعرف إلى اليوم. أهو الكسائي أم رجل آخر؟ وفي أي مائة عاش؟ كل هذه الأسئلة لم تنجلي أجوبتها انجلاء بيناً وعلماء الغرب أنفسهم لم يقولوا فيها فصل الخطاب. والمظنون أنه كان من المائة الخامسة وليس بالكسائي النحوي المشهور بل رجل آخر. هذا كل ما يمكن أن يقال عن صاحب (قصص الأنبياء) هذه وقد نشر هذا الكتاب مرارا إلا أن هذه النشرة أحسن مما تقدمها. ولهذا السفر نسخ عديدة في جميع البلدان واختلافات رواياتها كثيرة. وقد زاد بعضهم فيها وبعضهم حذف منها. والقصص التي فيها مسندة إلى كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وقد قال عنهم ابن خلدون: تساهل المفسرون في مثل ذلك (أي النقل عن هؤلاء اليهود الذين أسلموا) وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات. وأصلها كما قلنا عن أهل التوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك. . .) المقدمة ص439 و440 من طبعة بيروت المشكلة.

ومع ذلك فالكتاب نافع لمن يريد الوقوف على تطور الآراء وتحولها. وليس في طبع هذه النسخة تحقيقات علمية ولا فهارس ولا عزل الألفاظ الخاصة بالمؤلف عن سواها في معجم خاص بها ولا مقابلة النسخ بعضها ببعض ولا عناية تستحق الذكر فالطبعة هذه طبعة تجار لا طبعة علماء فلتقص عنا ولتضمحل من بين أيدينا ولا سيما لأنها كثيرة الأغلاط لا محل هنا لتفصيلها هنا لكثرتها وشناعتها. وهنا نلتمس من أصحاب التراجم من أبناء الشرق أن يبينوا بالأدلة السديدة من هو الكسائي صاحب قصص الأنبياء. وفي أي عصر قضى عمره. ومن هو الكسائي النحوي المشهور. والذي عندنا أن الواحد غير الآخر لأن عبارة القصص دون عبارة النحوي وهل من مخطئ لنا بالبراهين السديدة.؟ 120 - تهذيب الأخلاق لأبي زكريا يحيى بن عدي عني بنشره وتعليق حواشيه مراد فؤاد حقي في 60ص بقطع الثمن طبع في دير مار مرقس للسريان بالقدس سنة 1930 حسب هذا الكتاب شرفاً أنه نسب إلى عدة علماء وفلاسفة. وهذه الطبعة تمتاز عن غيرها بحسن الحروف والكاغد والحواشي المختلفة مع ذكر الروايات المتعددة. ويسوءنا أن نرى في مقدمته بعض الأغلاط منها (في ص1): في عصر قد اتسعت فيه نطاق المعارف. . . اتساعاً هائلاً. . . هبوطاً مريعاً. . . إلى حد بات فيه العقلاء يخشون معه. . . (وفي ص2) وهي حلية كل إنسان مهما كان مقامه، لا يغني عنها مال أو جاه (وفي ص3) مبعثرة في بعض مكاتب أوربة. . . وفي وسع كل فرد مهما كانت حرفته. . . ويكاد المطالع لا يجد فيه. . . إلى غيرها والصواب: اتسع في نطاق. . . اتساعاً عجيباً. . . هبوطاً رائعاً. . . يخشون فيه. . . أياً كان مقامه. . . مال ولا جاه. . . خزائن أوربة. . . أياً كانت حرفته. . . ولا يكاد المطالع يجد فيه وأملنا أنها تنقح في طبعة قريبة. 121 - مسعانا لدرس حبة الشرق (أخت بغداد) في العراق - في 100 بقطع الثمن وهي بالافرنسية الدكتور أدور يوسف بصمجيان بغدادي درس الطب في منبلية (فرنسة)

وتلقى الشهادة من متقن باريس الطبي وقد وضع تأليفاً في الأخت (أي حبة بغداد) التي اصطلح علة تسميتها علماء العصر في ديار الغرب باسم (شمانيوز هو أطروحة لينال بها تفوقه في صناعة اسكلاب. وقد عالج الموضوع من جميع أطرافه حتى أنه لم يغادر فيه صغيرة ولا كبيرة إلا ذكرها. وقد استشهد بالمؤلفات التي راجعها فإذا هي 46 لكنه نسي ذكر رسالة لأخينا الدكتور نابليون ماريني نشرها في المشرق (354: 4 و653: 7 و693) وقد استنتج الدكتور بصمجيان: (أن المعالجة متعددة وأحسنها ما كان فعلها في الداء تواً) (ص100) ونحن نعرض لحضرته ولجميع الأطباء وصفاً لهذا الداء أنتج أحسن النتائج: خذ زبيباً أحمر وشقه واستخرج منه العجم الذي فيه والصفة على الحبة بحيث يغطي باطن الزبيب المفتوح كل الحبة فقد يكتفي بالزبيبة الواحدة في بعض الأحيان إذا كانت الحبة صغيرة. وقد يحتاج إلى غير واحدة إذا كانت الأخت كبيرة. ويجدد هذا الزبيب مرتين في النهار صباحاً ومساءاً فإذا مضت عشرة أيام على هذا العلاج زالت الأخت ولم تبق أثراً. وذكر تلميذ لنا تلميذنا وصديقنا يوسف أفندي هرمز دواء يستعمله في معالجة هذه الأخت ولا يريد وصفه إلا بعد أن يعالج عشرات من الناس وينجح ولعل ذلك يكون عن قريب لتوفر الشفاء على يديه بواسطة هذا العلاج. وذكر لنا الدكتور داود بك الجلبي أن أحد الأدباء في الموصل وصف لأحد المصابين بحبة بغداد أن يدلكها بالنسغ الخارج من عود الطرفاء أو الأثل. والطرفاء كثيرة في العراق. فإذا أخذ الواحد عوداً منها وأدخل طرفه الواحد في النار خرج من طرفه الآخر ماء هو النسغ (بضم الأول) فإذا دلكت الحبة به صباحاً ومساءاً مقدار ثمانية أيام أو نحو ذلك زالت الحبة. فليجرب أطباؤنا هذه المعالجات وليثبتوها أو يرذلوها حسبما يتراءى لهم الأمر من صحة أو سقم. مطبوعات إيران (لغة العرب) يسألنا من علماء الغرب والشرق عن المصنفات المطبوعة

في ديار غيران فيكون جوابنا: أننا نجهل ما فيها من المطبوعات لأننا لم نعثر على قوائم نذكرها ولا نذكر أثمانها وهكذا يحرم العلماء أنفسهم مشترى تلك المؤلفات كما أن أصحاب المطابع لا يستفيدون كثيراً مما أصدروه فتكون الخسارة في الطرفين وقد التمسنا من حضرة صديقنا العزيز سعيد نفيسي أحد علماء إيران المشاهير أن يكتب لنا ما يعرف من تلك المطبوعات مع أسماء مؤلفيها وسني طبعها فأقام لنا قائمة مختصرة في هذا المعنى: لكنها جزيلة الفوائد. وهانحن أولاء نطبعها هنا ليستفيد منها حضنة العلم ويجلبوها لأنفسهم أن شاءوا فدونكها: 1 - كتب الدين والحكمة والعرفان أجوبة المسائل - للحاج السيد كاظم الرشتي - طهران 1276. الاحتراز - للحاج الشيخ محمد الخالصي طهران 1340. إحقاق الحق - للقاضي نور الله الحسيني المرعشي الشوشتري - طهران 1312. أسرار التنزيل - للإمام فخر الدين الرازي - طهران 1300. الأسفار - للحاج الملا هادي السبزواري طهران أنوار التنزيل - للقاضي ناصر الدين عبد الله البيضاوي - طهران 1282. تفسير التبيان - لأبي البقاء النحوي الرازي - 1276. تفسير الجلالين - لجلال الدين السيوطي وجلال الدين الحلي - طهران 1276. تفسير سورة الواقعة - لصدر الدين الشيرازي - طهران تفسير - صدر الدين الشيرازي - طهران. التفسير الكبير - للإمام فخر الدين الرازي - في 8 مجلدات 1309. تنزيه الأنبياء - للسيد مرتضى علم الهدى - تبريز 1290. جوامع الكلم - للشيخ احمد الأحسائي تبريز. جواهر القرآن - للإمام محمد الغزالي الطوسي - طهرن جواهر القرآن - لمحمود بن محمد العلوي الحافظ التبريزي - تبريز 1287. الجوشن الكبير - للحاج الملا هادي السبزواري - 1281. رسائل - صدر الدين الشيرازي - وطهران 1302.

الرق المنشور في تفسير آية النور - لحسين بن مرتضى اليزدي - تبريز 1300. رموز العرفان - لعلي اللاهيجي الحائري اصفهان 1329. الشافي - للسيد مرتضى علم الهدى - طهران 1301. شرح آية الكرسي - للسيد كاظم الرشتي - تبريز 1271. شرح التجريد - لعلاء الدين القوشجي طهران 1274. شرح العمرشية - للشيخ أحمد الاحسائي تبريز 1279 شرح العمرشية - لصدر الدين الشيرازي - طهران 1271. شرح فصوص الحكم - لداود بن محمود القيصري - طهران 1299. شرح القصيدة - للسيد كاظم الرشتي طهران 1270. شرح منازل السائرين - لعبد الرزاق الكاشاني - طهران 1315. شرح المنظومة - للحاج الملا هادي السبزواري - طهران. الشمس المضيئة - للحاج الملا هادي السبزواري - طهران شوارق الإلمام - لعبد الرزاق اللاهيجي طهران 1280و1299 الصافي في التفسير - لمحمد حسن الكاشاني المدعو بفيض - طهران 1266و1286. مجلى مرآة المنجي - لمحمد بن أبي جمهور الأحسائي - طهران 1329. مجمع البيان - لأبي علي الطبرسي - طهران 1268و1276. مصباح الأنس - لصدر الدين محمد بن إسحاق القونيوي - طهران 1323. نافع يوم المحشر - لنصير الدين محمد الطوسي - تبريز 1294. 2 - كتب الأخبار والأحاديث إثبات الوصية - لعلي بن حسين المسعودي - طهران 1320. أربعين - لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي - طهران 1308. أربعين - لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي - طهران 1308 إرشاد - للشيخ المفيد - طهران 1320. الإرشاد - للشيخ أبي عبد الله محمد ابن محمد النعمان المفيد - طهران. إرشاد العوام - للحاج محمد كريم خان الكرماني - تبريز 1271. أسرار الشهادة - للحاج الملا محمد.

الأشر في - طهران 1322. أصول - للشيخ مرتضى الأنصاري طهران. أصول الكافي - لأبي جعفر محمد ابن يعقوب - طهران 1274 آلفين - لحسن بن يوسف بن مطهر الحلي - طهران 1294. آمالي للشيخ أبي جعفر الصدوق - طهران 1287. أنوار النعمانية - للسيد نعمة الله الجزائري - طهران 1271و1280. بحار الأنوار - لمحمد باقر بن محمد تقي المجلسي في 28 مجلداً - طهران 1275 إلى 1304. تذكرة الخواص - ليوسف غزاغلي ابن عبد الرحمن الجوزي - طهران 1285. التوحيد - للشيخ الصدوق - تبريز. جامع الأخبار - لمحمد بن محمد الشعيري - تبريز 1294. جواهر الأخبار - لنجفقلي بن محمد رضا الزنوزي التبريزي - تبريز. خزائن الأحكام - لفاضل الدربندي 1245. دور البحار - لنور الدين محمد بن مرتضى - 1301 الدرة النجفية - لإبراهيم بن حسين ابن علي الدنبلي الخوئي - تبريز 1292. رسالة الاجتهاد - لمحمد بن حسن الطوسي - طهران 1317. رسائل الشيعة - لمحمد بن حسن الحر العاملي في 3 مجلدات - طهران 1323و1326. روضة الأمثال - لأحمد بن عبد الله كوزة كناني - 1324. شرح أصول الكافي - لصدر الدين الشيرازي - طهران. شرح خطبة الطتنجية - للسيد كاظم الرشتي 1270. شرح نهج البلاغة - لعز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي - طهران 1271. شرح نهج البلاغة - لكمال الدين ميتم بن علي البحراني - طهران 1276. صلوة - للشيخ مرتضى الأنصاري - 1305. الطهارة - للشيخ مرتضى الأنصاري - 1317. عدة الأصول - للشيخ الطوسي 1314. عيون أخبار الرضا - لعلي بن بابويه القمي 1270. غاية المرام - للسيد هاشم البحراني

- طهران 1272. الغيبة - لمحمد إبراهيم بن عبد الله النعماني - طهران 1318. فروع الكافي - لأبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني الرازي - طهران 1315. فصل الخطاب - للحاج محمد كريم خان الكرماني - طهران 1302. فصل الخطاب - للحاج ميرزا حسين النوري - طهران 1298. الفصول المهمة - لنور الدين علي بن محمد أحمد المالكي 1302 فضائل الأئمة - للشيخ محمد تقي الأصفهاني 1305. قاعد العقائد - لنصير الدين محمد الطوسي 1303. الكافي - للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني 1281. كمال الدين - للشيخ الصدوق 1310. اللهوف - لعلي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن الطاوس الحسيني 1321. المبين - للحاج محمد كريم خان الكرماني. المتاجر - للشيخ مرتضى الأنصاري 1310. مجموعة رسائل - لأبي الحسين ورام ابن أبي فراس المالكي 1309. مخزن الفوائد لطي بن مهدي اللاهيجي 1316. مدينة المعاجز - للسيد هاشم بن سليمان البحراني - طهران 1290. مرآة العقول - لمحمد باقر المجلسي طهران 1321. مشارق الشموس - لآقا حسين الخونساري 1311. مطالب السؤل - لكمال الدين محمد بن طلحة الشافعي - طهران 1287. مكارم الأخلاق - لحسن بن فضل بن حسن الطبرسي - 1305و1311. المنيف - للشيخ تقي الدين السمني 1273. 3 - كتب الفقه والأحكام إفادات - للشيخ زين الدين الشهيد 1313. الأنوار الرضوية - للسيد رضا بن إسماعيل الشيرازي - طهران. تذكرة الفقهاء - لحسن بن يوسف ابن المطهر الحلي - طهران 1272. جامع القاصد - لعلي بن عبد العال كركي - طهران. جوامع الفقه - من بعض علماء الشيعة - طهران 1276.

جواهر الكلام - للشيخ محمد حسن بن محمد باقر الأصفهاني - طهران 1271 إلى 1275 و1286 و1287 و1317. حاشية علي شرح اللمعة - لآقا جمال الخوانساري - طهران 1272. حاشية علي شرح اللمعة - لحسين الحسيني خليفة سلطان - طهران. الدروس الشرعية - لمحمد بن مكي الشهيد - طهران 1269. ذكرى - لمحمد بن مكي الشهيد - طهران 1271. رسالة في تداخل الاغسال - للشيخ مهدي الخالصي - مشهد 1342. رسائل الشيعة - لمحمد بن حسن الحر العاملي في 3 مجلدات - طهران 1323و1324. الروضة البهية - لمحمد بن مكي الشهيد - تبريز 1271 وطهران 1276 و1277 و1285. سرائر الحاوي في تحرير الفتاوي - لمحمد بن أحمد إدريس العجلي الحلي طهران 1270. شرائع الإسلام - لأبي القاسم نجم الدين بن حسن الحلي - تبريز 1275 وطهران 1272 و1294. شرح رياض المسائل - للسيد علي الطباطبائي في مجلدين - طهران 1267 و1275 و1281 و1282 و1288 و1292. شرح شرائع الإسلام - للشيخ مرتضى الأنصاري 1298 فقه الرضوي - لعلي بن موسى الرضا - طهران 1274. القاعد الفقهية - للشيخ مهدي الخالصي مشهد 1343. كشف اللثام - لحسن بن يوسف ابن المطهر الحلي في مجلدين - طهران 1271و1274. المبسوط - للشيخ الطوسي - طهران 1271. مجمع فائدة البرهان - لمقدس الأردبيلي طهران 1272. مجموعة الهداية - لمحمد تقي بن محمد باقر الشريف اليزدي - يزد 1277. مدارك الأحكام - للسيد شمس الدين محمد بن علي الموسوي - طهران 1286 مسالك الإفهام - للشيخ زين الدين الشهيد في مجلدين - طهران 1262 و1267 و1268 و1273 و1282. مستند الشيعة لأحمد بن محمد مهدي التراقي في مجلدين - طهران.

مصباح - لتقي الدين الكفعمي 1312. المعتبر - للشيخ نجم الدين المحقق طهران. مفتاح النجاح - لمحمد مومن الخراساني 1273 و1291. المكاسب - للشيخ مرتضى الأنصاري طهران 1280 و1286. المواهب السنية - لحاج ميرزا محمود البروجردي في مجلدين - طهران 1280 - 1288 النافع - للشيخ نجم الدين المحقق طهران. نهج اليقين - للشيخ علاء الدين محمد بن أبي تراب 1302. 4 - كتب الأصول إشارات الأصول - للحاج محمد إبراهيم الكرباسي - طهران 1245 بحر الفوائد - للحاج ميرزا محمد حسن الأشتياني - طهران 1315. خزائن الأصول - لفاضل الدربندي طهران. رسالة في الاجتهاد - للشيخ محمد تقي الأصفهاني - طهران 1296. ضوابط الأصول - للسيد إبراهيم القزويني - 1270 و1271. علم اليقين - للحاج محمد كريم خان الكرماني 1304. عوائد الأيام - لأحمد بن مهدي بن أبي ذر التراقي 1266. فوائد الأصول - للشيخ مرتضى الأنصاري - طهران 1295 و1323. الفصول الغروية - للشيخ محمد حسين ابن محمد رحيم - طهران 1282 و1299 و1304 وتبريز 1275 مباني الأصول - لمحمد هاشم الخوانساري 1317. معالم الدين - لحسن بن زيد الدين الشهيد طهران 1277 و1289 و1297 وتبريز 1280. مناهج الأحكام - لأحمد بن مهدي أبن أبي ذر النراقي 1269. هداية المسترشدين - لمحمد تقي بن محمد رحيم الأصفهاني - طهران 1273. وسيلة الوسائل للسيد محمد باقر اليزدي تبريز 1291. لها بقية طهران: سعيد نفيسي

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاورها

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاورها 1 - سفر جلالة ملكنا المعظم سافر جلالة ملكنا المعظم طائراً إلى أوربة الاستشفاء ذاهباً إليها على طريق عمان وذلك في الساعة الخامسة صباحاً من اليوم 24 من شهر حزيران (يونيو) وقد ودعه في ميدان الطيران رئيس الوزارة والوزراء ورئيسا مجلس الأمة ورجال البلاط الملكي وكبار الموظفين إلى غيرهم من العراقيين ومن البريطانيين المعتمد السامي وقائد القوات الجوية وبعض كبار دار الاعتماد والمستشارين إلى أمثالهم. ورافق جلالة ملكنا المحبوب رستم بك حيدر وتحسين بك قدري. وعند الظهر وصل جلالته إلى الرطبة وعند المغرب إلى عمان. 2 - إرادة ملكية (بحروفها) أصدرت إرادتي الملكية نحن ملك العراق بعد الاطلاع على المادة 23 المعدلة من القانون الأساسي وبموافقة مجلس الوزراء أمرنا بما هو آت: أولاً - أن يكون ولدنا الأمير غازي نائباً عنا في المدة المتخللة بين مغادرتنا العراق ومواصلة جلالة أخينا علي بن الحسين العراق. وله أن يقوم بجميع حقوق الملك باستثناء قبول استقالة رئيس الوزراء ودعوة مجلس الأمة وحله وتصديق المعاهدات. ثانياً - عند وصول جلالة أخينا علي بن الحسين تنتهي وظيفة ولدنا ويكون أخونا المشار إليه نائباً عنا مدة غيبوبتنا وله أن يقوم بجميع حقوق الملك النصوص عليها في القانون الأساسي باستثناء قبول استقالة رئيس الوزراء واختيار جديد وتصديق المعاهدات إلا بعد استحصال موافقتنا. ثالثاً - على جميع وزرائنا تنفيذ أحكام هذه الإرادة. كتب ببغداد في اليوم التاسع عشر من شهر حزيران 1930 واليوم الثالث والعشرين من شهر محرم 1349 تواقيع الوزراء فيصل

3 - عمر سمو الأمير غازي أن تولد نائب جلالة الملك سمو الأمير غازي يقع في 12 مارت من سنة 1912م وكان ذلك في مكة المكرمة. 4 - وصول جلالة الملك علي اتخذ قائد قوات الطيران الترتيبات اللازمة لاستقبال جلالة الملك علي في جاني الكرخ في الساعة الأولى والنصف من بعد الظهر من ال 25 حزيران فذهب لاستقباله سمو ولي العهد وفخامة المندوب السامي ومفتش الشرطة العام إلى غيرهم من المرحبين به. 5 - عجز الميزانية العراقية بلغ العجز في الميزانية العراقية في هذه السنة المالية خمسة ملايين ربية من الأصل الذي هو 57 مليوناً من الربيات. وقد كانت ميزانية الدولة في سنة 1922 ما قدره 70 مليوناً ربية. فتتخذ الحكومة كل الوسائل اللازمة لتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية وتتلافى هذا العجز الهائل. أما أسباب هذا العجز فهبوط أسعار الحبوب من جهة وقلة الدخل من الكمرك من جهة أخرى. 6 - إنكليزي يهرب عاديات العراق المستر كوك كان مستشاراً لديوان الأوقاف منذ سنة 1918 وبقي فيه إحدى عشرة سنة ثم استغني عن خدمه وفي 31 أيار (مايو) من هذه السنة عثر مدير كمرك الرمادي على صندوق لا علامة عليه ولا كتابة وكان فيه عاديات عراقية لتهرب. ولما سئل سائق السيارة التي حملت هذا الصندوق عن صاحبه قال: هو للمستر كوك. واخرج من جيبه بطاقة عليها اسمه وانه يسلم هذا الصندوق في دمشق لرجل آخر يعرض عليه بطاقة تشبه البطاقة المذكورة. فأرسل بهنام أفندي سلمان مدير كمرك الرمادي بهذه الآثار إلى بغداد فنقلت من كمرك بغداد إلى دار التحف في العاصمة. وهي كثيرة ثمينة بينها خناجر ذهبية ونحاسية بأشكال مختلفة واسطوانات صغيرة من الحجر المانع إلى غيرها. وتقدر أثمانها بعشرة آلاف ليرة إنكليزية ويقال أنها مسروقة من آثار أور. وقبل أن يبعث بهذه العاديات كان المستر كوك طلب إجازة بإخراج آثار إلى ما وراء الديار العراقية فلم يؤذن له لأنها كانت مما لا يجوز لأحد المتاجرة بها وإخراجها من البلاد. فضلاً عن أن المستر كوك غير مجاز لأن يتاجر بمثل تلك العاديات. وقد اتصل بجريدة العراق (9 حزيران

1930) بأن العادة الجارية في حفظ حصة العراق من الآثار القديمة أن توضع في المتحفة من غير أن يكون لها دفتر خاص تسجل فيه - وهذا في حين كان المستر كوك مستشاراً للأوقاف ومديراً فخرياً لتلك المتحفة - ولما تعين المستر سدني سميث مديراً لها أنشأ لتلك العاديات سجلاً يدون فيه كل ما يدخل دار التحف. فيستدل من هذا أن قبل تعين المستر سدني سميث كانت العاديات غير مضبوطة وكان من الهين أخذها والتصرف فيها. فبقيت مسألة هي: هل هذه العاديات التي حاول المستر كوك تهريبها كانت من الآثار الراجعة إلى المتحفة العراقية أو لا وعلى كل حال: لا يفهم الناس كيف حصل المستر كوك على القدر العظيم من الآثار النفيسة. إلا أن حضرة ملاحظ المطبوعات نشر في جرائد المدينة تكذيباً لذلك وهذا نقله بحرفه: نشرت في بعض الصحف بعض أخبار مغلوطة (كذا) حول قضية الآثار القديمة التي حاول المستر كوك إخراجها من العراق لذلك رأت الحكومة أن توضح هذه القضية للرأي العام فيما يلي: قبل مدة عرض سائق سيارة تابع لإحدى شركات النقل ما ينقله من الأمتعة على مأمور الكمرك في الرمادي ومعها بعض أمتعة تعود إلى المستر كوك مفتش الأوقاف السابق. ولدى الفحص وجدت في أحد الصناديق بعض آثار قديمة، فطلب مأمور الكمرك من السائق إبراز الإجازة القانونية بإخراج هذه الآثار فبين له السائق أنه لا يعلم شيئاً من الآثار وأن كل ما لديه هو بطاقة أوصاه المستر كوك بأن يسلمها مع الأغراض إلى شخص في دمشق. فحجز مأمور الكمرك الصندوق المحتوي على الآثار وسمح للسائق بنقل باقي الأمتعة وقد جلب الصندوق إلى بغداد وظهر أن فيه آثاراً خمن ثمنها بألف وخمسمائة روبية (كذا) وقد ظهر أيضاً أن القضية مخالفة للقانون بعدم حصول المستر كوك على إجازة قانونية بالتصدير. لذلك فقد صودرت الآثار المذكورة. ولما كان المستر كوك قد حصل على بعد انتهاء خدمته في الحكومة العراقية على وكالة للمتاجرة بالآثار القديمة في العراق. رأت ضرورة إخراجه من العراق نظراً إلى المنصب الذي كان يشغله في الحومة فأوعزت إليه بمغادرة العراق على الفور

وقد علمت الحكومة قبل مغادرته العراق أن لديه آثاراً أخرى اشتراها من الأهالي فطلبتها منه لفحصها. وهذه الآثار قيد الفحص الآن في دائرة الآثار وبهذه المناسبة رأت الحكومة أن تدرس مسألة إيجاد لجنة وطنية لمراقبة المتحف العراقي بصورة مطمئنة. . . 7 - آثار نفيسة لا يعرف مصيرها ذكرت البلاد في 10 حزيران 1930: أن إحدى شركات التنقيب في العراق كشفت قبل مديدة عجلة من ذهب فيها تمثال من ذهب لملك جالس عليها ويجر هذه العجلة حصان من نضار وعثرت أيضاً على غزلان من ذهب ترعى في مرج عشبه من عسجد. وكل هذه العاديات النفيسة لا يعرف الآن مصيرها. ويقول العارفون شركة الحفر في خرستاباذ (خورصاباد) أخرجت من العراق مائتي صندوق (كذا) مشحون عاديات عراقية نفيسة ولكنهم لا يعرفون ما كانت حصة ديارنا من هذه الثروة الهائلة. ويشاهد زائرو المتحفة العراقية آلافاً من العاديات مطروحة على الحضيض في سرداب تلك الدار. 8 - ممثل فرنسة في العراق في 19 حزيران قدم حضرة صاحب السعادة المسيو (ليبسة) أوراق اعتماده إلى فخامة رئيس الوزراء ووزير الخارجية بصدد ترقيته إلى درجة (متولي أعمال) فرنسة في العراق 9 - بيان رسمي من وزارة الري والزراعة نلفت بهذا أنظر الجمهور إلى حالة مستوى الماء في أنهر دجلة والفرات وديالى وإلى حالتها المتوقعة خلال أشهر الصيف. مازال متوسط مستوى دجلة منذ أول آذار أوطأ مما سجل للمدة عينها خلال أية سنة من ال 24 سنة المنصرمة ويمكن التأكيد الآن بأنه سوف يكون مستوى موسم الصيف أيضاً أوطأ فعلاً بل أنه من المحتمل جداً أن يكون أوطأ فعلا من أي مستوى قد سجل سابقاً لمثل تلك المدة كما أنه يتوقع أن يكون بالفعل مستوى موسم الصيف أيضاً واطئاً جداً. هذا ولا يمكن الجزم في شيء حول نهر ديالى نظراً للنقص الموجود في السجلات ومع ذلك فمن درس هذه يظهر أن من المحتمل أن يكون مستوى

موسم الصيف العمومي أعلى بقليل من مستوى 1929 إذ أن مستوى السنة الأخيرة كان واطئاً جداً. 10 - السائح العراقي قالت جريدة الموصل ما هذا بحروفه: عاد من رحلته العالمية السيد يونس بحري السائح العراقي الذي غادر الموصل في نهاية كانون الأول 1929 ورجع إلى مسقط رأسه في الموصل في 21 أيار 1930 زار سائحنا العراق وبلاد العجم وتركستان والأفغان والهند والصين واستراليا وأفريقيا الجنوبية وأمريكا الجنوبية وأمريكا الشمالية وإنكلترا وبلجيكا وهولندا ودانمرك واسوج ونروج وفيلاندة وروسيا وبولونيا وألمانيا والنمسا وجيكوسلافاكيا والمجر ورومانيا وبلغاريا واليونان وسوريا وفلسطين وإيطاليا وسويسرا وفرنسة وأسبانيا وغيرها من البلدان فطاف هذه السنوات الأربع ثلثي المعمور. وقد أقيمت للسائح العراقي مآدب متنوعة في بلاد كثيرة لاسيما في البلاد المصرية حيث انتمى إلى جمعية الرابطة الشرقية. 11 - فخامة السر فرنسيس هنري همفريز صدرت البراءة الملكية المؤرخة في 18 مايس سنة 1918 بتعيين السر فرنسيس هنري همفريز جي. سي. في. او. - كي. سي. ام. جي. ئي. بي. أي. سي. بي. أي. قنصلاً عاماً لدولة بريطانيا العظمى في العراق. 12 - كشف جمعية سرية في الآستانة كشفت جمعية سرية في الآستانة اسمها (جمعية أصدقاء تركستان) وغايتها إثارة الفتن والاضطرابات في البلاد. وقبض على زعيمها (صلاح الدين) مع ستة من معاونيه. وقد صرح صلاح الدين بأنه تلقى لهذه الغاية إعانات من أحد القواد الإنكليز. 13 - الشيخ جوي اللازم حضر العاصمة الشيخ جوي اللازم من شيخ بني لام وقد جاء بمائة وخمسة عشر بعيراً وثلاثين بقرة وألف رأس غنم ليبيعها في الأسواق ويدفع ضرائب الحكومة. 14 - أملاك أمير الكويت وأمير المحمرة وافقت الحكومة البريطانية على استيفاء الضرائب من أملاك الأميرين أمير الكويت وأمير المحمرة السابق تلك الأملاك الواقعة في البصرة فألغي بذلك آخر امتياز كان يتمتع به هذان الأميران وسيضمن هذا الإلغاء للحكومة العراقية مورداً جليلاً. لأن دخل سمو الشيخ

أحمد الجابر الصباح يبلغ 70 ألف جنيه إنكليزي في السنة وريع سمو الشيخ خزعل خان أمير المحمرة السابق يبلغ نحو 35 ألف ليرة إنكليزية فيكون مجموع الريعين في العراق نحو 105 آلاف ليرة إنكليزية في السنة. 15 - وصية الشاه أحمد القاجاري أوصى احمد شاه القاجاري بما يأتي - وقد قدمت وصيته إلى حكومتنا لأن أمواله هي في ديارنا - بأن يخصص راتب سنوي قدره 1200 جنيه لأخيه البرنس محمد حسن خان ويعين له دخل إضافي لعشر سنوات لتعليم نجلي هذا الأمير، ويبقى لوالدته جميع ممتلكاته في ربوع إيران مع نصف جواهره وسدس سنداته. وتقسم بقية أمواله بين نجله الوحيد البرنس فريدون وكريماته الأميرات: مريان وإيوان وهمايون وأوصى لكل من أزواجه الثماني براتب سنوي قدره مائتا جنيه وبمبلغ إضافي قدره 120 جنيهاً في السنة لكل ولد من أولاده حتى يبلغ العشرين من عمره. 16 - محلة النزيزة تعتبر محلة بغدادية جديدة اتسعت المحلة المعروفة (بمحلة النزيزة) وهي الواقعة في غربي بغداد خلف السور القديم وكثرت الدور التي أنشئت فيها فقرر مجلس أمانة العاصمة في 3 أيار تعيين جلوب احمد الدليمي مختاراً لهذه المحلة. وقدم أهاليها إلى لجنة إسالة الماء طلباً لتمد أنابيب الماء التي يتكبدونها للحصول على الماء واهتمت دائرة الحراسة بتعيين الحرس الكافي لهذه المحلة. 17 - الإيرانيون يعودون إلى مسألة إبدال حروفهم تجددت في شهر حزيران (يونيو) الدعاية إلى إبدال الحروف العربية بحروف أخرى. وأنصار هذه الفكرة يقسمون إلى قسمين حزب يدعو إلى الحروف الزندية (الفارسية القديمة) وفريق يسعى إلى اتخاذ الحروف الرومانية ونحن نقبح رأي الحزبين ونود أن لا يخرج الإيرانيون عن الحروف العربية التي أبقى بها أجدادهم المؤلفات العديدة. 18 - ولادة عجيبة علمت جريدة النهضة (في عددها 544) أن امرأة اسمها (جاملك بهنت دوس علي) من عشائر موسى في بشت كوة) (من الجبال المجاورة للعمارة) ولدت أربعة أولاد في بطن واحدة وكل توأمين منهم ملتصق أحدهما بأخيه. وقد جاء زوجها إلى العاصمة طالباً طبيباً ماهراً لحل

عقدة الاتصال! 19 - الأمراض السارية جاء في الجدول الأسبوعي الأخير المنتهي في ال 14 من حزيران أنه حدث في بغداد 4 إصابات بالطاعون و3 وفيات وفي الكاظمية إصابة واحدة. وبالحمى التيفوئيدية 4 إصابات في بغداد وبالسعال الديكي 3 إصابات. 20 - 10000 مقاتل تركي يقاتل 10000 جندي تركي الأكراد الثائرين الذين تحصنوا في جبال أراراط. 21 - الشكوى من بريد العراق كتبت العرفان في الجزء الأول من مجلدها العشرين تقول:. . . ومما لاحظناه أن بريد العراق مختل جداً فيجب على الحكومة العراقية ملاقاته وعلى الصحف التنبيه لهذا الأمر المهم. وكتب إلينا من ذكر أن أكثر الصحف التي ترسل لهناك لاتصل لأصحابها بل يبيعها موزعو البريد السود بحبة كولا فلمن الشكوى ولماذا تسكت الصحف السورية على التنبيه والتنديد) اهـ. قلنا: ليس عندنا من موزعي البريد السود إنما جميعهم بيض وعراقيون ولا نظن بينهم من يدمن أخذ حبة الكولا فلم نفهم هذا الكلام أيريد صاحبه الرمز والإشارة أم الحقيقة والتاريخ. أما الشكاوى من بريد العراق فلا تنقطع من مشتركينا الكرام في ديار مصر إذ لا يمضي شهر إلا وتأتينا شكوى من عدم وصول الجزء الفلاني أو الفلاني من لغة العرب. فنضطر إلى إيراد الأجزاء المسجلة وهذا ما يكلفنا أثماناً باهظة فعسى أن تقبض الحكومة العراقية بيد من حديد على من يجرؤ فيسرق الأجزاء المبعوث بها إلى أصحابها في الخارج. تصحيحات ص364 س22 ص366 س7: 1772: 1773 - ص367 س14: جاقر: جان - ص394 س25: مثل: مثلك - ص408 س3 قال: ولذا قال - ص410 س15 عريزاً: عزيزاً - ص431 س15 مؤلفاته: ذكر مؤلفاته - ص487 س9 المجلة الألمانية ومجاوراتها السامية: المجلة الألمانية للساميات ومجاوراتها - ص492 س18: لبساتين: البساتين - ص501 س22: على ما أوردنا بعضاً منها: على ما أوردنا منها - ص717 س3: عوض: معاون - ص521 س3: رجيماً: رجيمها - ص522 س19: أن: في - ص530: التناقض: التناقص.

العدد 83

العدد 83 - بتاريخ: 01 - 08 - 1930 دار المسناة بقاياها الإيوان الذي بالقلعة كان الكاتب المحقق مصطفى جواد قد قال في هذه المجلة (7 (1929): 488) ما يلي: وإذ كانت قصور الخليفة بين شريعة المربعة أو نحوها وشريعة المصبغة أي على ما أدعى الصديق. . . (يعنيني بكلامه) فكيف يتفق الأمر وقول أبن جبير ص 206 عن الناصر لدين الله: (وقد أنحدر عنها صاعداً في الزورق إلى قصره بأعلى الجانب الشرقي على الشط) فهل كان أعلى الجانب الشرقي المصبغة؟) انتهى كلام صاحب المقالة الذي يستشف من استفهامه أنه أنكر علي تعيين موضع قصور الخليفة. وكان قد سبق وقال عني في الص 487 ما يأتي: (وهناك اضطراب ظاهر في قوله (يعنيني): (يحتمل أن تكون قصور الخليفة فوق دار ابن الجوزي أو تحتها) ثم قوله (كذلك يعنيني) ولعل الأرجح أن تكون تلك القصور

فوق الدار) انتهى ما نقله ورأى أن (أو) الشكية زائدة فنقدني عليها ولم أكن إذ ذاك في بغداد لتكون الأجزاء السابقة تحت يدي لأجيبه على كلامه. وبعد ذلك بأشهر كتب أيضاً في هذه المجلة في الص 343 من هذه السنة مقالة بعنوان: (القصر الذي بالقلعة) نفي فيها أن تكون الإطلال قصر المأمون وأخيراً دبج قلمه مقالة أخرى عنوانها: (قصر الناصر لدين الله العباسي بالقلعة) نشرها في جريدة العراق (البغدادية) في عددها المرقم 3094 والمؤرخ في 10 حزيران 1930 أورد فيها من الأدلة والبراهين ما ينفي نسبة القصر بقاياه بالقلعة إلى المأمون وهو محق في ذلك. وإذ كان لنقده إياي ولسؤاله الذي وجهه إلى صلة بالقصر الذي كتب عنه المقالتين عن لي أن أكتب شيئاً عن ذلك وأفصح عن بقايا القصر المنوه به - وهي الإيوان الذي بقاياه بالقلعة - حتى يجيء اليوم نعرف فيه بأني القصر وسنة تشييده واسمه وهل كان له أسم غير الذي سنعرفه في السطور التالية. وليسمح لي الكاتب الأديب المجاهل أن أقول له أني لا أرى منافاة في ما حققته عن موضع قصور الخليفة وعلى اصطلاح آخر دور الخليفة وعلى غيره من الاصطلاحات دار الخلافة ما استوجب الاستفهام. وهل من البعيد أن يكون للناصر قصر غير قصوره التي دار الخلافة ولا شك أن الجواب هو: كلا أن ذلك ليس من البعيد. وبعد أن أقر الكاتب الفاضل في استفهامه بأني قلت أن قصور الخليفة بين شريعة المربعة أو نحوها وشريعة المصبغة فلا أرى أن له وجهاً في مناقشتي في (أو) الشبكة إذ أن في من يراجع مقالتي (قبر أبن الجوزي) و (قصور الخليفة) (هذه المجلة 7: 372) التي نقل منها للنقد ير أن ما قلته فيها هو ما استخرجته من رحلة أبن جبير قبل أن استرسل في البحث الذي عينت في نتيجته موضع قصور الخليفة في مقالتي المذكورة كما كنت قد عينت قبل ذلك موضع حريم دار الخلافة وفيه دار الخلافة في هذه المجلة (5: 449) وفضلاً عن إقرار الفاضل الأديب في استفهامه بأتي كنت عينت موضع قصور الخليفة فأنه قد قال أخيراً ما يأتي في جريدة العراق في عددها المذكور آنفاً.

(نقل صديقنا. . . يعقوب نعوم سركيس في المجلد الخامس من مجلة لغة العرب ص 453 أن المدرسة المستنصرية (أي الكمرك اليوم) مما يلي شمالي دار الخلافة العباسية ومصدره ج 3 ص 170 من تاريخ أبي الفداء. . .) ثم قال: (وإذ علمت أن قصر المأمون في دار الخلافة (وكانوا قد جددوه) وأن دار الخلافة من قهوة المصبغة إلى جامع السيد سلطان علي وشريعة المربعة اليوم أدركت كل الإدراك غلط من ينسب قصر القلعة - المتهدم أكثره اليوم - إلى المأمون) اهـ. فيظهر مما تقدم بإقرار الكاتب بأني كنت على حق في ما قلته عن موضع قصور الخليفة فلا تناقض بين كلامي وكلام أبن جبير لتستوجب الحال الاستفهام. وكان حكيي عن قصور الخليفة التي في حريم دار الخلافة وحكي صاحب الرحلة عن قصر للخليفة غير قصورة التي في الحريم. الإيوان أما القصر الذي حكى عنه أبن جبير فبقاياه الإيوان وغيره مما في القلعة وكلها بقايا قصر نسبه كاتب المقالتين إلى الخليفة وأني لمعتقد اعتقاده أنها بقايا القصر الذي عناه ابن جبير وهو الذي سئلت بمناسبته أن أوفق بين كلامي وكلام أبن جبير ولم يكن ما قلته مخالفاً لأبن جبير على ما بان لك في ما تقدم. وما هذا القصر إلا الذي جاء الكلام عليه في كتاب الحوادث الجامعة باسم (دار المسناة) إذ أن موقع الإيوان الماثل اليوم يوافق موضع القصر الذي ذكره صاحب الرحلة أما باني القصر فقد يكون الناص وقد يكون غيره قبله إذ ليس لدي ما ينبئني بأنه من بنائه. وهذا ما وجدته عن القصر في كتاب الحوادث:

(سنة 635هـ - 1237م) ثم تقدم بعمارة سور بغداد وقسم بين أرباب الدولة فسلم إلى نواب ديوان الأبنية منه قطعة مما يلي دار المسناة. . .). (وفيها (أي في سنة 641 هـ - 1243م) زادت دجلة زيادة مفرطة غرقت مواضع كثيرة ونبع الماء في المدرسة النظامية ودخل بيوتها وكذلك ما جاورها وخرب محلة كان استجدها الغرباء من الجند بظاهر سوق السلطان وراء جامع المدينة وانتقل أهلها إلى وراء السكر وصليت الجمعة على طرف الخندق مما يلي دار المسناة وأنزعج الناس. . .). (سنة 646هـ - 1248م). . . ثم زادت (دجلة) في ذي الحجة زيادة مفرطة أعظم من الأولى فانفتحت في القروج فتحة وصاحب الديوان فخر الدين أبن الدامغاني هناك فنجا بنفسه مسرعاً ودخل البلد وانفتحت أخرى إلى جانب دار المسناة وأحاط الماء ببغداد. . .). (وفي هذه السنة (أي سنة 680هـ - 1281م). . . وقبض السلطان على علاء الدين صاحب الديوان وأصحابه ونوابه وإتباعه. . . ودوشخ وألقي تحت دار المسناة التي بأعلى بغداد على شاطئ دجلة. . .). (سنة 696هـ - 1296م) ثم أمر (السلطان) بقتل مظفر الدين علي أبن علاء الدين صاحب الديوان فنفذ إلى بغداد من قبض عليه واعتقله أياماً ثم قتل ودفن في دار المسناة التي بأعلى بغداد وعملت الدار رباطاً ثم نقل منها ودفن عند والدته في الرباط المجاور للعصمتية). اهـ. وبعد تعريف الحوادث الجامعة بموضع دار المسناة وهو ما ينطبق على موضع القصر الذي رأى جبير الخليفة الناصر لدين الله صاعداً إليه وكذلك ما ينطبق على موضع الإيوان الذي بالقلعة لم يبق شك في أن هذا الإيوان هو أثر باق من دار المسناة لكنا لا نعرف بانيها وسنة تشييدها وهل كان لها اسم غير هذا،

ولعل كتاب مرآة الزمان لسبط أبن الجوزي - ولا سيما مجلدة الأخير - يميط اللثام عما جهلناه فحقيق بالباحث أن يرجع إليه منقباً ومدققاً. بغداد في 13 حزيران يعقوب نعوم سركيس (لغة العرب) أشار حضرة المحقق يعقوب أفندي نعوم سركيس إلى مقالة المهندس الفرنسي. هـ. فيله ولما كانت نادرة الوجود. ولا يعرفها أغلب القراء من أبناء لغتنا ننقلها إليهم إتماماً للفائدة ولكي يقف عليها أصحاب الفن فيتعلموا وصف مثل هذه الأبنية القديمة. وصف إيوان القلعة قال المسيو هـ. فيوله وكان مهندساً في بغداد في مجلة العريقيات في سنة 1913 ما هذا نقله في لغتنا: (جميع أبنية ذلك العصر (في القرن الثالث عشر للميلاد أو المائة السادسة والسابعة للهجرة) بنيت على مبادئ واحدة وبمواد واحدة ويجوز لنا أن نقول: أن طراز اتخاذ هذه المعدات وحسن الاشتغال بها هما اللذان يكيفان فن البناء ويطبعانه بطابع خاص. أن أبنية المائة الثالثة عشرة للميلاد متقومة من طاباق صنع أحسن صنع وانتفع أستاذ أحسن انتفاع بتك المواد التي لا تغني من جوع في حد نفسها ويعب أن يزين بها كما يزين بالحجر. وقد اتخذ قطعاً من الصلصال المشوي أفرغها في قوالب رسمها في الأول قبل شيها فإذا اجتمع بعضها إلى بعض تقوم منها تزويق عجيب بديع ليس فيه شيء من ذلك الجمود الذي لا يرى فيه سوى

الخطوط المستقيمة الخاصة بالآجر. وقد أظهر التحقيق الفني لتلك الأفكار المتولدة في صاحبها شيئاً في منتهى اللطافة والدقة كما يشاهد ذلك في العصور التي قلناها في الأصل وزينا بها مقالنا (وهنا طبع ناشر المقالة سبعة رسوم أخذها عن إيوان القلعة ورسوماً أخرى أخذها عن المدرسة المستنصرية). ففي الصورة الأولى قسم من عقد الإيوان في قلعة المدفعية وهو إيوان قديم والأثر الوحيد الباقي من قصر بديع لأحد الخلفاء والآن تراه غارقاً في بنية القلعة وله ميزة خاصة به. وهذه القلعة تبين جلياً أسلوب تحقيق فكرة لبناء في ذلك العهد ويوقفنا على مبدأ التزويق في ذيالك الحين. وكل ذرو من عمل البناء هو مكعب من مشوي الصلصال ومفرغ في قالب خاص به. وهو يفارق جارة بنوع عام بأجرة قليلة الثخن موضوعة في جانبها. وجميع هذه القطع المتجاورة الوضع تذكرك لعبة السرنج إذ تتجه جميعها وجهه مدبرة جارية على خطوط تحقيق فكرة الصانع الأستاذ فإذا تمت بدأ لك رسم بديع في مجملة ويهون عليك حينئذ وجود الخطوط الهندسية فيه. . .). وإلى اليوم ترى في بغداد (اسطوات) (أساتذة في البناء) يدفع واحدهم إلى الآخر خلفه نماذج من ألاعيب الآجر لا يصعب عليهم إتمامها. وليس من صاحب منزل يبني شيئاً في (دار الخلفاء) إلا ويزين أعلى وجه الباب بتلك التزاويق تزاويق الآجر بيد أنها غير مصبوبة صباً في قوالب لأنهم أضاعوا طريقة الأقدمين ولذا تراعا منحوتة نحتاً بموجب ما يراد وليس فيها تزاويق. وهذه التزيينات إذا أحكم وضعها تبدي لرائيتها أقصى الغاية من وضع التزويق وتتخذ لتجميل العقود والسقوف وأعالي الأبواب وما بين الشبابيك أو الكوي وعمد الحيطان فيحنئذ يخيل إلى الرائي أنه يشاهد في تلك المواطن طنافس أو زلالي (زوالي) أو تخاريم عقلت عليها. وتتخذ أيضاً قطع ناتئة وغائرة جارية على تلك الافانين وقد وضعت وضعاً يعلي لك كعب تلك التعاريج والتلاوي تعارج الخطوط البنائية وتطوف تطاريز حول العقود عند أسافل العمد من جهة وفي أعاليها من جهة أخرى فتظهر متوجة

أحسن تتويج. بل ترى أزيد من هذا، ترى عرية الحيطان نفسها مزينة تزييناً بسيطاً وهذه البساطة تفعل في نفسك مفاعيل تبعث فيها السعادة والأنس، ترى مربعات من الآجر مصبوبة فيها النقوش طباً يتخللها طاباق عادي فتظهر لك كأن هناك رقعاً من الدمة (الضامة) أو الشطرنج. وعلى أعراف هذه الحيطان تطرد اطراد التخاريم رقم تكللها تكليلاً زاهياً وتنطق تلك الحجارة الصامتة لأنها زينتها الزاهرة. ومنذ صدر الإسلام تجلت الحروف الكوفية تجلياً باهراً، كان لها في الزينة المقام الأعلى وهنا يحق لنا أن نتأسف على أن أساتذتنا في القرون الوسطى تركوا هذه الطريقة. طريقة التزيين والتزويق في الريازة. بعد أن عالجوها معالجة تخوفوا فيها ولو ساروا في طريقهم سيراً حثيثاً لانتفعوا بها انتفاعاً عجيباً. (وهنا تكلم الكاتب الفرنسي عن المدرسة المستنصرية ثم انتقل إلى الكلام على ما في قلعة الميدان من البناء فقال): والصورة 11 (وقد أتقن رسمها حتى بانت جميع محاسنها) تمثل عقد الإيوان المشرف على فناء الدار من جهة الشرق فينشئ لك فكرة ما هي عليه من الزينة. ولكي نبين كل التبيين هذا الجنس من البناء نصور للقارئ بعض تصاوير الأبنية المشيدة في عهد المستنصرية لتنجلي لك درجة الكمال التي بلغ إليها هذا الفن المكين والدقيق الصنع معاً. أرأيت شيئاً في الريازة أبهى من ذلك التزويق الذي يرى على العمد داخل البناء وهو المصور في الشكل 12؟ فان هذا التزويق الحافل بالغنى والمحصور بين إطارين هندسيين هو ذوسمت لا غبار عليه وإلى موازاة هذا المزدوج عولج الإطار الذي يحول دون التزيين الجليل الذي في الشكل الأول معالجة غير ما يرى في أخيه. وقد عني رأسه عناية عظيمة ليظهر ما هناك من المقابلات والمضادات والمخالفات.؟ أنك ترى بياضاً بقيت فيه خطوط البناء ظاهرة وقد خفف ما فيها

من اليبوسة بآخر مطبوع وضع بهيئة متعارضة. وتزيين البناء وخطوطه تتألف تألفاً صميماً هي وهيئة أعالي الباب إذ تتوائم كلها بنوع دقيق وكل ذلك مما يعطف النظر إليه. والجرصونات التي تقوم عليها منظرة (بلكون) (خان أورتمه) في بغداد تبدو ثقيلة قليلاً فهي لم تخفف بهذه الخواص التي ترى في هذا التزيين، خواص تلطف ما في عري الحيطان من الخشونة وتظهر أهم خطوط الدوائر. لا شك في أن اتخاذ الأجر المطبوعة فيه نقوش كان بدء الأمر لتزين داخل الأبنية ومن يراها أبواب الخشب المنقوشة نقشاً بديعاً في ديار مصر يعجب من المشابهة التي بينها وبين هذه الأبواب. فهذه النقوش الخشبية تقسم أقسام الأجر الذي نتكلم عنه أي يرى فيها المربع والكثير الزوايا والنجوم والأشكال العديدة الجوانب ويفرق ما بينها حواش مزينة بغصون وورق وتتحد منضمة بعضها إلى بعض بخطوط متقنة الصنع. وأن لم ينعم الرائي نظرة في المواد التي يشاهدها لا يمكن أن يحكم بين الطريقتين اللتين اتخذتا، إذ الظواهر تبدو واحدة في ما هو خشب وفي ما هو آجر. قابل ذلك بما يرى في صدر إيوان قلعة بغداد تر العجب. فما أصل هذا الفن الخصوصي الذي انتشر بسرعة البرق في أول ظهوره؟. ويرى من آثاره في بلاد العراق كلها، من ذلك منارة سوق الغزل وخان أورتمة وقبر الست زبيدة وإيوان قلعة الميدان إلى غيرها وهذه كلها في بغداد. وفي الشمال في خان خزنينة وقبر لولو في الموصل وفي الجنوب منارة الكفل وباب جامع الكوفة الأكبر إلى غيرها. . . والظاهر أن في بدء المائة الثالثة عشرة للميلاد ظهر لأول مرة طرز هذا البناء في العراق. وهو يشبه كثيراً طرز الأبنية الإيرانية في عهد السلاجقة. إلا أن الخاص بالأبنية القائمة على ضفف الرافدين في ذلك العصر لم يكن للون منزلة في التزيين فالمعمارة لم يحاول في ما بناه سوى ألاعيب الظل والنور ليس إلا.

أن بياضاً عظيماً يطيف بما هو رمادي ناشئ من الزينة المنبسطة وهي كل زينة تلك المباني. فهناك تتلاعب بكل طيبة خاطر الغصون والأزاهير ثم تتفقق تلك الغصون والأزاهير فينشأ منها منعرجات جديدة تتوالى على الدوام وتتفشى طالما ننظر إليها بنوع لم تنتظره ولا يمكنك أن تميز بعضها إلا بعناية عظيمة وانتباه لا يعرف الملل. وهذه الآثار تستحق أن تدرس صادقاً وبكل تيقظ. فإذا عرفت عرف معها بعض مزايا ذكرت في التزايين المتخذة من الستوق في القرن العاشر والحادي عشر. وعرف معها أيضاً التزيين العربي الحقيقي مع جميع حدوده المشتهر بخطوطه المتلابسة ذلك التزيين المعروف بالمتشابك انتهى كلام المهندس الفرنسي. ونقول في الختام: أن أحد الأدباء كتب مقالة عريضة في جريدة (العراق) وقعت في عدة أعداد منها راجع مثلاً العدد ال 3099 الصادر في 16 حزيران (يونية من هذه السنة 1930) بعنوان: (ليس قصر القلعة قصر الناصر لدين الله ولا قصر المأمون العباسيين، بل قصر أم حبيب العباسية) (؟ كذا) وفي العدد 3104 الصادر في 21 حزيران، وفي العدد 3105 الصادر في 23 حزيران والعدد 2109 المنشور في 27 حزيران والعدد 3110 البارز في 28 منه إلى غيرها. وإذا ما وقف عليها أصغر التلامذة يتحقق للحال أن لا قيمة لها البتة من أي وجه كان. إذ ليس فيها رائحة تاريخ ولا وقوف لصاحبها على محلات بغداد ولا أدرك مواطنها ولا رسومها وهو لا يخالف الغير في كل ما خطته يداه إلا ليقال أن فلاناً كتب كذا وكذا وأنه من المخالفين. ونزيد على ما تقدم أن الأستاذ مصطفى أفندي جواد متفق كل متفق كل الاتفاق مع المحقق يعقوب أفندي نعوم سركيس على أن هذه البقايا هي إطلال القصر الذي كان يتردد إليه الخليفة الناصر لدين الله فكشف يعقوب أفندي سركيس عن أسمه أي (دار المسناة) فجاءنا بشيء مبتكر قائم على أدلة راهنة مكينة تاريخية لم يقف عليها من سبقه من محققي أبناء العرب والغرب. ولهذا من خالف رأي هذين المحققين فقد خالف الحق وأنكر الشمس في رائعة النهار.

رسالة لأبي عثمان

رسالة لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ كتب بها إلى أبي الفرج بن نجاح الكاتب - بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين في الموصل (في مدرسة الحجيات) مجموعة خطية ومن جملة ما احتوت عليه رسائل للجاحظ ذكرها الدكتور داود بك الجلبي في كتاب مخطوطات الموصل (ص 100) وكان قد أرسل إلينا منها ب (رسالة النابتة) بعد أن صحح فيها ما صحح فدرجناها في لغة العرب (8: 32) والآن أرسل إلينا بالرسالة الآتية وقد علق عليها وصحح أغلاطها فجاءت درة من درر الجاحظ الكاتب المحقق المدقق الذي لا يباريه أحد (لغة العرب). جعلت فداك، وأطال الله بقاك، وأعزك وأكرمك. وأتم نعمته عليك وأيدك، قد نسخت لك أعزك الله في صدر هذا الكتاب، قصيدة قيلت في أبي الفرج، أدام (دام) عزه ذكروا أن قائلها رجل يكنى أبا عثمان، ولا أدري أهو أبو عثمن هشام بن المغيرة، أم أبو عثمان بن أبي العاص، ولا أدري أهو أبو عثمان عنبسة بن أبي سفيان، أم أبو عثمان سعيد بن عثمان: ولا أدري أهو عثمان الهندي عبد الرحمن بم مليك، أم أبو عثمن ربيعة الراي أبن أبي عبد الرحمن، ولا أدري أهو أبو عثمان سعيد بن خالد بن أسيد، أم أبو عثمان أسحق بن الأشعث بن قيس، ولا أدري أهو أبو عثمان المنذر بن الزبير بن العوام، أم أبو عثمان عبد الواحد بن سايمان بن عبد الملك، ولا أدري أهو أبو عثمن عبد بن خالد بن أسيد، أم أبو عثمان أبو العاص بن عبد دهمان وهو اسمه، ولا أدري أهو أبو عثمن عبد الله بن عامر بن كريز ولا أدري أهو أبو عثمان سعيد بن أسعد أمام المسجد الجامع الأعظم، أم عثمان عمرو بن

عبيد بن ماب (مآب)، ولا أدري أهو أبو عثمن فيروز بن حصن الغبري، أم أبو عثمان بن عمرو بن أبي عثمن المري، ولا أدري أهو أبو عثمن عمر بن الحرث الجمحي، أم أبو عثمان البقطري: ولا أدري أهو أبو عثمن خالد بن الحرث بن سليمن الهجيمي أم أبو عثمان أبو العاص بن عبد الوهاب الثقفي، ولا أدري أهو أبو عثمن سعيد بن وهب الشاعر، أم أبو عثمن عمرو الأعور الخاركي، ولا أدري أهو أبو عثمان الحكم بن صخر الثقفي أم أبو عثمان عمر بن بكر المازني، ولا أدري أهو أبو عثمان الأعور النحوي، أم أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ والذي لا اشك فيه أنه لم يقرظها أبو عثمان بن عمرو بن حرزة ولا أبو عثمان عمرو المخلخل ولا أبو عثمن إبراهيم بن يزيد المتطبب، ولا أبو عثمن سعيد بن حيان البزاز. وقد بلغني عن أبي عثمان هذا المجهول موضعه المغمور نسبه أنه قال ما راكب الأسد الأسود، والبحر الأخضر، والصبور على السيف الحسام، بأحق بجهد البلاء وشماتة الأعداء. ممن يعرض (تعرض) للمتصفحين، وتحكك بالعيابين، وحكم في عرضه للحسدة المغتابين، فأن سلم فبحس (فبحسن) النية، ولأنه مدح كريماً، ووصف حليماً، والكريم صفوح والحليم متغافل. وأن ابتلى. فبذنب وما عفى (عفو) الله عنه أكبر. وقال: اللهم، أجعل هذا القول حسناً في عينه، خفيفاً على سمعه، وألهمه حسن الظن به وبسط العذر له، أنك سميع الدعاء، رحيم بالضعفاء. والقصيدة هي قوله: أقام بدر الخفض راض بحظه ... وذو الحرص يسري حين لا أحد يسري يظن الرضا بالقسم شيئاً مهوناً ... ودون الرضا كاس أمر من الصبر جزعت فلم أعتب فلو كنت حجي ... لقنعت نفسي بالقليل من الوقر أظن (نظن) غني القوم أرغد عيشة ... وأجذل في حال اليسارة والعسر تمر به الأحداث ترعد مرة ... وتبرق أخرى بالخطوب وما ندري سواء على الأيام صاحب حنكة (حنكة) ... وآخر كاب لا يريش ولا يبري فلو شاري (شاعربي) لم أكن ذا حفيظة ... طلوباً لغايات المكارم والفخر خضعت لبعض القوم أرجو نواله ... وقد كنت لا أعطى (أرضى) الآنية بالقسر

فلما رأيت المرء يعدل (يبذل) بشره ... ويجعل حسن البشر واقعية البتر ركبت على ضلعي وراجعت منزلي ... فصرت حليفاً للدراسة والفكر وشاورت أخواني فقال حكيمهم ... عليك الفتى المري ذا الخلق الغمر فتى لم يقف في الدهر موقف ظنة ... فيحتاج فيه للتنصل والعذر أعيذك بالرحمن من قول شامت: ... أبو فرج المأمون يزهد في عمرو ولو كان فيه راغباً لرأيته ... كما كان دهراً في الرخاء وفي الرخاء وفي اليسر أيرضى (أترضى) فدتك اليوم نفسي وأسرتي ... بتأخير أرزاقي وأنت تلي أمري إلا يا فتى الكتاب والعسكر الذي ... تأزر بالحسنى وأيد بالنصر أخاف عليك العين أو نفس وامق ... وذوا (وذو) الود منحوب (منخوب) الفؤاد من الذعر وعهدي به والله يرشد أمره ... ويحفظه في القاطنين وفي السفر مطلا على التدبير ما يستفزه (تستفزه) ... مكايد محتال عقاربه تسري برأي يزيل الطرد عن مستقره ... وأوضح عند الخصم من وضح الفجر وعزم كغرب المشرفي مصمم ... وقلب ربيط الجأش منثلج الصدر فيابن نجاح أنجح الله سعيكم ... وأيدكم بالنصر والعد والدثر قعدت فلم أطلب وجلت فلم أصب ... خليلاً يؤاسيني ويرغب في شكري وأن أخفقت كفي وقد علقتكم ... فقد قال (فال) رأي (رأيي) واستملت إلى شعري أعيذك بالرحمن أن تشمت العدى ... فللفقر خير من شماتة ذي العمر (الغمر) فان ترع ودي بالقبول فأهله ... ولا يعرف الأقدار غير ذوي القدر وحسبك بي أن شئت وداً وخله ... وحسبك بي يوم النزاهة والصبر

ألا رب شكر داثر الرسم دارس ... وشكر كنقش الحمرية (الحميرية) في الصخر (قال) أبو عثمان المجهول: إذا كان الممدوح ظاهر المحاسن، كثير المناقب، فلم (ولم) يجد الشاعر، كان ألوم، ونعوذ بالله أن يكون فيكم ما (لا) يستدعي الألفاظ الشريفة والمعاني النفيسة، ولكون (ولكن) التقصير مني، وكيف ما تصرفت بي الحال، فأني لم أخرج من جهد المجتهدين الراغبين المخلصين، فان وقعت هذه القصيدة، والتي قدمنا قبلها، بالموافقة، فالحمد لله، وأن خالفت، فنستغفر الله، وأن شيعتم (شفعتم) ضعفها بقوة كرمكم، وقومتم أودها بفضل حلمكم، كان في ذلك بلاغ لما أملنا، والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب. تمت الرسالة بعون الله، ومنه وتوفيقه، والحمد لله أولاً وأخراً، وصلاته على سيدنا محمد نبيه، وعلى آله الطيبين، الطاهرين، وسلم تسليماً إلى يوم الدين آمين، آمين، آمين. قرى السليفانية قرأت في مجلتكم (5: 474) مقالة أعجبتني كثيراً هي مقالة السلبفانية، ولم أتذكر أني قرأت شيئاً في هذا المعنى في كتاب قديم أو حديث لأبناء العرب أو أبناء الغرب. لكنكم لم تذكروا لنا ما سكنون من القرى فدونكم أسماءها إتماماً للفائدة: كرمافا (أي الماء النابع حاراً) كيفيلاً كانيسبي كريكور كواشا قرقورة بات القوس - آسي (أو عاصي بالعربية)، مالياسنا باطرشي كراش تركيجان كرشين باصطكي مروني تل زيت سيد ظاهر (عليا وسفلى)، بيكبلي واسم شيخهم عبدي غزالة. ب. م. م

تحققات تاريخية

تحققات تاريخية 5 - الفردوس قصر لا نهر ورد في ص 13 - 14 من كتاب عمران بغداد: (ونهر المعلي وكان يجري في أعظم محلة ببغداد أي محلة الخلفاء ودواوينهم ويستمد مائه (كذا) من نهر الخالص وقد سمي بالفردوس) قلنا: أن الفردوس قصر لا نهر ففي ص 19 من مناقب بغداد: (وكان في الجانب الشرقي نهر (موسى) يأخذ من نهر (بين) إلى أن يصل إلى قصر المعتضد المعروف (بالثريا) ثم يخرج فينقسم ثلاثة أنهار فيدخل أحدها إلى بستان الزاهر فيسقيه ويمضي الثاني إلى باب بيبرز فيدخل البلد ويسمى نهر المعلي ويمر بين الدور باب سوق الثلاثاء ثم يدخل قصر الخلافة المسمى بالفردوس فيدور فيه ويصب إلى دجلة) وقال ياقوت: (نهر المعلي وهو اليوم أشهر وأعظم محلة ببغداد وفيها دار الخلافة المعظمة وهو نهر يدخل من باب (بين) (كذا ولعلها بيبرز) وهو باق إلى الآن مستمدة من الخالص فيسير تحت الأرض حتى يدخل دار الخلافة وهو المسمى بالفردوس. . .) وقد أراد ب (هو) دار الخلافة والدار يجوز تذكيرها فظن مؤلف عمران بغداد أنه عني (المعلي) وقال الخطيب في ص 70: (ثم يمر النهر الثاني من المقسم إلى باب بيبرز فيدخل البلد من هناك ويسمى نهر معلي ويمر بين الدور إلى باب سوق الثلاثاء ثم يدخل قصر الخلافة المسمى بالفردوس فيدور فيه ويصب في دجلة). 6 - نهر المعلي وباب بيبرز والتاجية لقد تكرر آنفاً أن نهر المعلي يدخل بغداد المسورة الشرقية من باب بيبرز، فلذلك تجب معرفة هذا الباب، قال ياقوت في مادة بيبرز: (بيبرز: بكسر أوله وفتح ثانيه وسكون الباء وفتح الراء وزاي، محلة ببغداد وهي اليوم مقبرة بين عمارات البلد وأبنية من جهة محلة الظفرية والمقتدية بها قبور جماعة من الأئمة منهم أبو أسحق إبراهيم بن علي الفيروزابادي الفقيه الإمام ومنهم من يسميها: باب أبرز) قلنا في غرب مقبرة الوردية (أي مقبرة الشيخ عمر السهروردي اليوم)

قبر عليه قبة ساذجة البناء على كتف باب أنه مرقد إبراهيم بن موسى الكاظم (ع) وفي صحن المشهد الكاظمي اليوم قبر إبراهيم بن موسى الكاظم وأهل مكة أدرى بشعبها من غيرهم، وقد قال السيد محمود شكري الآلوسي في ص 118 من كتاب مساجد بغداد. (وفي صحن الكاظمية حجرة صغيرة فيها قبر إبراهيم وقبر أخيه جعفر أبني موسى الكاظم، وقد عمرها سليم باشا الفريق وشاد القبة التي عليهما وذكر ذلك عبد الباقي الفاروقي بأبيات نذكر منها شطر التاريخ وهو قوله: شاد سليم مرقد الفرقدين) فان كان إبراهيم المدفون في قرب مقبرة الشيخ عمر هو الفيروزابادي فمدفنه من مقبرة باب أبرز. وجاء في ترجمة شهده من تاريخ أبن خلكان: (وكانت وفاتها يوم الأحد بعد العصر ثالث عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة ودفنت بباب أبرز وقد نيفت على تسعين سنة من عمرها رحمها الله تعالى) ثم قال: (ومات والدها أبو نصر أحمد في يوم السبت الثالث والعشرين من جمادي الأولى سنة ست وخمسمائة رحمة الله تعالى، وكانت وفاته ببغداد ودفن بباب أبرز) ثم أخذ في تعريف ثقة الدولة علي بن محمد الأنباري قائلاً: (قال السمعاني: كان يخدم أبا نصر أحمد أبن الفرج الإبري وزوجة بنته شهدة الكاتبة ثم علت درجنه إلى أن صار خصيصاً بالمقتفي، مولده سنة خمس وسبعين وأربعمائة وتوفي يوم الثلاثاء سادس عشر شعبان سنة تسع وأربعين وخمسمائة ودفن في داره برحبة الجامع ثم نقل بعد موت زوجته فدفنا بباب أبرز قريباً من المدرسة الناحية (كذا بنسختنا والصواب: التاجية) في محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة) اهـ. وقال أبن خلكان في ترجمة محمد بن بختيار المعروف بالأبله البغدادي: (وكانت وفاته على ما قاله أبن الجوزي في تاريخه في جمادي الآخرة سنة تسع وسبعين وقال سنة ثمانيين وخمسمائة ببغداد ودفن في باب أبرز محاذي الناحية (كذا) رحمة الله تعالى) اهـ. وقال ياقوت: (التاجية منسوبة: اسم مدرسة ببغداد ملاصق قبر الشيخ أبي أسحق الفيروزابادي نسبت إليها محلة هناك ومقبرة والمدرسة منسوبة إلى

تاج الملك أبي الغنائم المرزبان بن خسرو فيروز المتولي دولة ملكشاه بعد الوزير نظام الملك). وقال ياقوت في مادة (قراح) وقد ذكرناه سابقاً: (وذلك أنك تخرج من رحبة جامع القصر مشرقاً حتى تتجاوز عقد المصطنع وهو باب عظيم في وسط المدينة فهناك طريقان. . والآخر يأخذ ذات الشمال مقدار رمية سهم إلى درب يقال له درب النهر عن يمين القاصد إلى قراح أبن رزين ثم يمتد قليلاً ويشرق فحينئذ يقع في قراح أبن رزين فإذا صار في وسطه فعن يمينه درب النهر واللوزية وعن يساره محلة المقتدية التي استحدثها المقتدي بالله ثم يمر في هذه المحلة أعني قراح أبن رزين شوط فرس جيد فحينئذ ينتهي إلى عقد هناك وباب فإذا خرج منه وجد طريقين أحدهما يأخذ ذات الشمال يفضي إلى المحلة المعروفة بالمختارة فيتجاوزها إلى مقبرة باب بيرز (كذا في الطبعة المصرية والصواب بيبرز) بطولها طالباً للشمال فإذا انتهت المحلة وقع في محلة تعرف بقراح ظفر) اهـ. فيعلم من هذا أن مقبرة باب أبرز داخله في عمارة بغداد طويلة ممتدة إلى شمالي بغداد. وقد وضع لسترنج على خارطة ص 63 باب أبرز في غرب مقبرة الشيخ عمر اليوم أي محلة خان الروند اليوم ووضع المدرسة التاجية قرب محلة العزة اليوم أي بين محلة السور وخان الوند، ولكنه لم يذكر قراح ظفر فهو أذن محلة العزة والسور اليوم، غير أن لسترنج ذكر في خارطة ص 107 باب أبرز شرقي ثكنة الخيالة اليوم وجعل نهر المعلي يمر منذ لك الموضع في شمال بغداد حتى أدخله بغداد من شرقي باب المعظم اليوم ماداً إياه إلى الجنوب حتى يوصله إلى الفردوس قصر الخلافة. وبعض ما حمله على ذلك قول المؤرخين أن نهر المعلي يمر بين الدور إلى باب سوق الثلاثاء فذهب رأيه إلى باب المعظم لأنه نهاية سوق الثلاثاء أي شارع الميدان اليوم ويظهر أن مجراه كان مما يقرب من المستنصرية. ألا ترى عبد الحميد بن أبي الحديد يمدح المستنصرية قائلاً. مخيمة على نهر المعلي ... فدجلة لا المنيفة فالضمار

وورد أن هذا البيت كما في ص 93 من تاريخ مساجد بغداد لشارح نهج البلاغة عبد الحميد، فعلق محمد بهجة بالمعلي ما نصه: (محلة اليوم بالرصافة يسمى سبع أبكار) ولكن أين الدليل والاستدلال؟ فالشاعر يقول أن المستنصرية مخيمة على نهر المعلي والمهذب يقول محله كذا فما أبعد ما بين المستنصرية وسبع أبكار. وقال ياقوت عن محلة المأمونية: (بين نهر المعلي وباب الأزج) وعن المخرم: (بين الرصافة ونهر المعلي). 7 - الرصافة الأصلية وضع العلامة لسترنج الرصافة الأصلية من شمال قبر حنيفة (رض) إلى كرادة المعظم الحالية ووضع في شرق قبره تربة الخلفاء العباسيين التي حسب محمود شكري الآلوسي أنها قرب المستنصرية. وجنوب القبر بقليل جامع الرصافة وجنوب هذا بقليل قصر المهدي بالرصافة في جنوبه تكون دجلة مائلة من الشرق إلى الغرب وفي مبدأ ميلها (باب الطاق (ويلائم اليوم محل كرادة المعظم وتحت هذه بستان الزاهر وشرق الزاهر تبدأ محلة المخرم بطرف البلاط الملكي اليوم من الزاهر إذ ذاك. والمؤرخون إذا أطلقوا لفظ كان المراد هذه المواضع وما جاورها لا بغداد الشرقية اليوم ولذلك يقال تحارب أهل الرصافة وأهل كذا من بغداد لأنها صارت محلة مستقلة أخيراً. 8 - باب الطاق ذكرنا سابقاً أن محلة باب الطاق كانت بموضع كراده المعظم اليوم والكرادة هذه متصلة بشمالي حديقة البلاط الملكي والآن نورد ما ذكره بعض المؤرخين في وصفها وتحديدها: ففي ص 25 من مناقب بغداد: (وقال أبو الوفاء أبن عقيل: سألني صدر من صدور طريق خراسان عن بغداد وما أدركت بها، فقلت: لا أذكر لك أمراً تكاد تستبعد فاذكر لك محلتي وهي واحدة من عشر محال، كل محلة كبلد من بلاد الشام وهي المعروفة بباب الطاق، أما شوارعها فشارع مما يلي دجلة من أحد جانبيه قصور على دجلة طراز ممتد من عند الجسر إلى أوائل

الزاهر وهو بستان للملك محو مأتي جريب، وجانبه الآخر مساجد أرباب القصور ومساكن غلمانهم وفي ذلك اصطلابهم، ثم يليه من يمنته عند الجسر سوق يحيى، الجامعة بين دور الوزراء والأمراء مما يلي الشط كدار شادي والربيب، وأبن الأوحد، وقصر الوافي الذي كان عليق دوابه كل يوم ألف مخلاة، ثم في آخر هذا السوق دار فرج مساكن التقاة والرؤساء. ومن الجانب الغربي - أعني جانب سوق يحيى - الدكاكين العالية، والدروب العامرة من دقاقين وخبازين وحلاويين، ثم نهاية الدور الشاطئية، دار معز الدولة ذات المسناة التي عرضها مائة أجرة وكان لها الروشن البديع فهذا طراز باب الطاق الشاطئي فأما دواخلها فأوائلها العرصة التي هي رحبة الجسر وتنقسم رحبة الجسر إلى شارعين عظيمين: أحدهما للاساكفة ثم سوق الطير وهو سوق يجمع الرياحين وفي حواشيها الصيارف الظراف وأصحاب الطيالس وفاخر الملابس ثم سوق المأكول للخبازين والقصابين وسوق الصاغة لم يشاهد أحسن منه بناء شاهق وأساطين ساج عليها غرفة مشرفة، ثم الوراقين سوق كبيرة وهي مجالس العلماء والشعراء ثم سوق الرصافة عظيمة جامعة ثم سارع الترب) انتهى. قلنا: وقد وصل في وصفه إلى الرصافة فقطعنا عليه حديثه اللذيذ ووصفه المنسجم البديع الذي تشاق العيون إلى رؤية موصوفه كل الاشتياق، وأراد بشارع الترب (شارع ترب الخلفاء العباسيين). ونقل في ص 27 منه عن واصف باب الطاق المار ذكره: (ولقد نزلت كثيراً في سميرية منحدراً فما أزال أسمع هذه الأنغام من شرعة الجسر بباب الطاق إلى باب المراتب). وفي ص28 منه (وكانت أسواق الكرخ وباب

الطاق لا يختلط العطارون بأرباب الزهائم والروائح المنكرة ولا أرباب الأنماط بأرباب الإسقاط). قلت: وكانت دار أبي طاهر محمد بن بقية الوزير بباب الطاق. قال عنه أبن خلكان في (2: 176) من وفياته: (ولما حضرت الحرب بين عز الدولة وابن عمه عضد الدولة قبض عز الدولة عليه وسمله وحمله إلى عضد الدولة مسمولا فشهره عضد الدولة وعلى رأسه برنس، ثم طرحه للفيلة فقتلته ثم صلبه عند داره بباب الطاق). وقال ياقوت في (باب الطاق) وما نصه: (باب الطاق: محلة كبيرة ببغداد بالجانب الشرقي تعرف بطاق أسماء وقد ذكرت في موضعها، واجتاز عبد الله بن طاهر بها فرأى قمرية تنوح، فأمر بشرائها وإطلاقها فامتنع صاحبها أن يبيعها بأقل من خمسمائة درهم فاشتراها بذلك وأطلقها وأنشد يقول: ناحت مطوقة بباب الطاق ... فجرت سوابق دمعي المهراق. . .) قال مؤلف عمران بغداد في 102 (محلة باب الطاق: كانت محلة كبيرة بالجانب الشرقي وتعرف بطاق أسماء أيضاً) وهنا يصح قول علي (ع) حينما حث العراقيين على الجهاد فقام إليه رجل وأخاه فقط: (وأين تقعان مما أريد؟). 9 - مشهد عبد الله أي قبر النذور ذكرنا سابقاً أن جامع الرصافة قريب من قبر أبي حنيفة جداً، من جهة الجنوب، وكأن موضعه مجاور لجامعة آل البيت اليوم، وفي ص 30 من مناقب بغداد ما نصه: (وقريب من جامع الرصافة قبر فيه بعض أولاد بعض علي (ع) يتبرك به يقال: أنه قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن الحسين) قلنا: ويسمى أيضاً) قبر النذور) ففي مادة (قبر) من معجم البلدان ما عبارته: (قبر النذور: مشهد بظاهر بغداد على نصف ميل من السور (كذا وفي المسافة خطأ تقديري وشك) يزار وينذر له، قال التنوخي: كنت مع عضد الدولة وقد أراد الخروج إلى همدان فوقع نظره على البناء الذي على قبر النذور فقال: يا قاضي ما هذا البناء؟ قلت: أطال الله بقاء مولانا هذا مشهد النذور ولم أقل: قبر، لعلمي بتطيره من دون هذا، فاستحسن اللفظ وقال: قد علمت أنه قبر النذور وإنما أردت شرح أمر، فقلت له: هذا قبر عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي بن

أبي طالب رضي الله عنه وكان بعض الخلفاء أراد قتله فجعل هناك زبية وستر علها وهو لا يعلم فوقع فيها وهيل عليه التراب حياً، وشهر بالنذور لأنه لا يكاد ينذر له شيء إلا ويصح ويبلغ الناذر ما يريد وأنا أحد من نذر له وصح مراراً لا أحصيها، فلم يقبل هذا القول وتكلم. بما دل على أن هذا وقع اتفاقاً فتسوق العوام بأضعاف ذلك ويروون الأحاديث الباطلة، فأمسكت، فلما كان بعد أيام يسيرة ونحن معسكرون في موضعنا استدعاني وذكر أنه جربه لأمر عظيم ونذر له وصح نذره في قصة طويلة) اهـ. وإذ علمت أن مشهد عبيد الله قرب جامع الرصافة فلا تركن إلى ما نقل مؤلف عمران بغداد في ص 188 عن المرشد (3: 319) لعبد الحميد عبادة ونصه (فلا يبعد أن يكون محل المشهد المذكور قرب ثكنة الخيالة خارج باب المعظم وكان هذا المشهد يشتمل على قبر عبيد الله بن محمد من أحفاد الحسن (كذا) بن علي (ع) الذي يكنى بأبي النذور) لأن بين الثكنة والرصافة القديمة: باب الطاق والزاهر البستان الفسيح وقسماً من محلة المخرم. والعجب أن المؤلف المذكور نقل في ص 152 من كتابه عن المدرسة العصمية: (وكانت هذه المدرسة تجاور مشهد عبيد الله بن محمد العلوي المعروف بأبي النذور الذي يقع بالقرب من جامع الرصافة في الجانب الشرقي ولا يبعد أن يكون محل المشهد المذكور قرب ثكنة الخيالة الحالية خارج باب المعظم) وكثير من كتابه مكرر بلا فائدة. 10 - القرية وقطفتا قال في ص 105 من كتاب عمران بغداد: (وأما القرية فهي بضم القاف وفتح الراء وتشديد الياء، محلتان كبيرتان. . . والأخرى كانت محلة كبيرة أيضاً بالجانب الغربي مقابل مشرعة مدرسة النظامية أي مقاهي المصبغة وما هو عن شرقها اهـ. وقد نقل هذا التعيين عن محمد صالح السهرودي بالمرشد (3: 348). وهذا يحرف التاريخ عن مواضعه ففي معجم البلدان: (والقرية محلة كبيرة جداً كالمدينة من الجانب الغربي من بغداد مقابل مشرعة سوقها، أما أن مشرعة النظامية) إذن، ليست مقابل المدرسة النظامية بل مقابل مشرعة سوقها، أما أن مشرعة النظامية هي مقاهي المصبغة اليوم فيصعب تصديقه لأن اللازم تعيين موضع المدرسة

ثم معرفة سوقها ثم مشرعته. والقرية هذه يظهر لنا أنها تمتد على دجلة من غربي بغداد من فوق الجسر العتيق اليوم إلى ما فوق دار الندوة العراقية (المجلس النيابي) لأنها كانت متصلة بمحلة قطفتا وهذه تشمل العمارات التي قرب مقبرة معروف الكرخي (رض) من الشرق والشمال فالفلاحات والفحامة وسوق حمادة والحصانة اليوم كانت من قطفتا. ففي 2: 396 من نسختنا لوفيات أبن خلكان ما صورته عن أبي المظفر عون الدين: (يحكون أن عون الدين قال: كان سبب ولايتي المخزن أنني ضاق ما بيدي حتى فقدت القوت أياماً فأشار علي بعض أهلي أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي (رض) فأسأل الله تعالى عنده فأن الدعاء عنده مستجاب، قال: فأتيت قبر معروف فصليت عنده ودعوت ثم خرجت لقصد البلد (يعني بغداد) فاجتزت بعطفاء (كذا) قلت: - وهي محلة من محال بغداد - قال: فرأيت مسجداً مهجوراً اهـ. قلنا: والصواب أنها (قطفتا) لا عطفاء، ولم يزد أبن خلكان في إيضاحه على قوله: محله من محال بغداد. وقول ياقوت: قطفتا بالفتح ثم الضم والفاء ساكنة وتاء مثناة من فوق والقصر: كلمة أعجمية لا أصل لها في العربية في علمي وهي محلة كبيرة ذات أسواق بالجانب الغربي من بغداد مجاورة لمقبرة الدير التي فيها قبر الشيخ معروف الكرخي (رض) بينها وبين دجلة أقل من ميل وهي مشرفة على نهر عيسى إلا أن العمارة بها متصلة إلى دجلة بينهما القرية محلة معروفة) اهـ. فمن هذا لا تستبعد ما ذكرناه لك، وأكثر الفتن المذهبية في آخر الدولة العباسية وقعت بين القطفتيين والكرخيين أي أهل الكاظمية قديماً. مصطفى جواد (لغة العرب) كل ما يوشيه الأستاذ المحقق مصطفى أفندي جواد مطبوع بطابع التدقيق والعلم الصادق، وهو لا يخطو خطوة في اللغة ولا في التاريخ إلا من بعد أن يتثبت أن يضع قدمه من منبسط الحقيقة: وكل من قرأ مقالاته في هذه المجلة يحكم له بالقدح المعلي. ومن شك في تحقيقاته فليأتنا بيناته.

الفلحس

الفلحس أو شيخ المشايخ عند قدماء العرب كان للرومان في أيام عزهم قطعة من بلاد العرب ضموا إليها ديار حوران واصطلحوا عليها (بالكورة الرومانية العربية) فامتدت في عهد انبساطها من حوران إلى بصيري (تصغير بصري) في عربة. وكان في هذه الكورة، أو هذا الإقليم، جماعات من أمم مختلفة من عرب ويونان ورومان وسريان ونبط إلى غيرهم. إلا أن الجماعة الغالبة كانت للعرب وكانوا ينقسمون إلى قبائل وأفخاذ ويعيشون عيشة أهل البادية. وكثيراً ما كان يندفق سيلهم من أراضيهم فيغزون ربوع الرومان وغيرهم وكان يسميهم اليونان والرومان (أهل الخيم) ومنها الكلمة الفرنسية ولما كان أغلبهم من الشراة أطلقوا عليهم جميعاً اسم الشرويبن أكانوا من الشراة أم لم يكونوا، وباللاتينية وأقام الرومان على أبناء عدنان وقحطان رؤساء من جنسهم سموا الواحد منهم (فلرخس) أي ومعناها شيخ القبيلة. وكان الشيخ مسؤولاً أمام حكومة الرومان عن كل ما يجري من الغزوات أو من الأضرار في تلك القبيلة. وقد تم هذا النظام في المائة السادسة للميلاد. وأول (شيخ أعظم) أو (شيخ مشايخ العرب) إقامة الرومان كان شيخ قبيلة غسان، وكان هؤلاء الرومان مراراً وضع أساليب مختلفة ليتفقوا مع العرب فلم ينجح معهم إلا الأسلوب المذكور أسلوب (شيخ القبيلة) أو شيخ المشايخ وكانوا

قبل ذلك اعترفوا بين ظاهر ومقدر بعدة رؤساء عرفوا بلقب (شيخ) حتى قر رأيهم على جعل الأمارة الكبرى في قبيلة غسان. وقد ذكر مؤرخو الرومان واليونان عدة شيوخ لعدة قبائل وفي واحد وكل ذلك قبل إقرار لقب (الأمارة الكبرى لغسان) القبيلة النصرانية العربية المشهورة. وكثيراً ما كان الرومان يستنهضون العرب وشيوخهم للقيام على أعدائهم - وكانوا الفرس في أغلب الحيان - فكان يثور الشيخ ومعه جيش عظيم وهم في أبلهم في بعض المواقع وعلى جيادهم في مواقع أخرى وهذا إذا كان دفع الخطر مما يجب أن يكون بسرعة عظيمة. أما إذا ذهبوا غازين فكانوا يذهبون راكبين هجانهم. وكان الشيخ إذا انحطت حالته لضعف ألم به أو لقيام شيخ آخر أدهى منه واشد بأساً كان الضعيف يبقى في عقر داره ويطلب مطالب جليلة مغتراً بما كان له من العز والأباء حينما كان في سابق العهد آمراً ناهياً ومعترفاً بإمارته. وكذلك كان يفعل أبناؤه. ولا بد من أن اللقب اليوناني (فلرخس) أتخذه أيضاً الرومان بلفظة في لسانهم. ونظن أن السلف منا جاروا القومين المذكورين وأدخلوه في لسانهم والذي عندنا أنهم خففوه ليحملوه على وزن عربي فقالوا فيه (فلحس) (كجعفر) بحذف الراء. أما حرف الروم فكثيراً ما نقله الناطقون بالضاد تارة إلى الخاء وطوراً إلى الحاء المهملة. وقد ذكرنا لذلك شواهد فلا حاجة لنا إلى العودة إليها. (راجع لغة العرب 8: 190 و 191) أذن نقلوه هنا إلى الحاء المهملة وهذا اللقب كان معروفاً عندهم في زمن الجاهلية. ومن غريب ما بلغ إلينا من هذا القبيل المثل القديم الشائع عند كثير من الأدباء والمؤرخين واللغويين وهو: (أسأل من فلحس) قال الميداني في مجمع أمثاله (1: 305 من طبعه بولاق الأولى): أسأل من فلحس، ويروى أعظم في نفسه من فلحس. وهو رجل من بني شيبان كان سيداً عزيزاً يسأل سهماً في الجيش وهو في بيته فيعطى لغزه. فإذا أعطيه، سأل لامرأته فإذا أعطيه سأل لبعيره. قال الجاحظ: كان لفلحس أبن يقال له زاهر بن فلحس. مر به

غزي من بني شيبان فاعترضهم، وقال: إلى أين؟ - قالوا: نريد غزو بني فلان قال: فاجعلوا لي سهماً في الجيش. قالوا: قد فعلنا. قال: ولامرأتي. قالوا: لك ذلك. قال: ولناقتي. قالوا: أما ناقتك فلا: قال: فأني جار لكل من طلعت عليه الشمس ومانعة منكم. فرجعوا عن وجههم ذلك خائبين. ولم يغزوا عامهم ذلك. وقال أبو عبيد: معنى قولهم: (أسأل من فلحس) أنه الذي يتحين طعام الناس. يقال: أتانا فلان يتفلحس، كما يقال في المثل الآخر: (جاءنا يتطفل) ففلحس عنده طفيل). انتهى كلام الميدان بمبناه. قلنا: وهذا ما يؤيد رأينا في أصل كلمة الفلحس ويثبت قدمنا فيه ويقوي رأينا أن الكلمة دخيلة في لغتنا. فتنحصر أذن الأدلة في ما يأتي: 1 - الفلحس ليس في أصله اسم علم إنما كان لقباً. 2 - ليس في مادة ف ل ح س ما يؤيد معنى هذا العلم لو كان في أصل وضعه علما. 3 - أن الأعلام كثيراً ما يكون أصلها نكرة ثم يسمي بها أناس أو تغلب على أناس ومن جملتها هذا. 4 - يظهر من كثرة سؤال فلحس أنه كان في الأصل شيخاً عزيزاً مطالعاً وقد وجد شيخ كثيرة في بني شيبان اعترف بهم الرومان ولعل هذا واحد منه. وشيبان كانت مصافية لبني الأصفر. 5 - إعطاء بني شيبان اسمها لفلحس لم يكن إلا عملاً بخضوعهم لإمارته عليهم وإلا جاز لهم أن يردوه أو أن لا يغزوا لكي لا يجيبوا طلبه. 6 - أن عمل زاهر أبنه يشبه عمل أبيه ويثبت ما نقله التاريخ عن تحكم شيوخ القبائل وأبنائهم في من ينتسبون إليهم من الأمراء. 7 - أن توسع اللغويين في معنى فلحس كتوسعهم في معنى طفيل وتطفل فتصرفوا في الكلام المعرب كما تصرفوا في غيره. ألم يقولوا نيرز من النيروز وتفلسف من الفلسفة إلى غيرهما مما لا يحصى؟. 8 - ذكر اللغويون الفلحس مرة بأداة التعريف ومرة بدونها وهذا يلمح إلى أن أصل وصفها كالحسن والحسين والفضل ونحوها.

9 - أننا في رأينا هذا لا نريد أن نكره أحداً على متابعته، إنما نبوح بما وقع في صدورنا بهذا الخصوص وكنا قد عرضنا هذا الرأي قبل نحو عشر سنين على الأستاذ الدكتور أرنست هر تسفلد فصوبه واستحسنه وكتب إلينا رسالة نحفظها في سجلاتنا. 10 - فسر أبن دريد في كتاب الاشتقاق جميع أعلام الرجال والنساء من العرب ولم يتعرض لتفسير الفلحس ونظن أن ذلك لاعتباره أعجمياً. 11 - أن الفلحس من الألقاب القديمة أو أعلام الجاهلية ولم نره علماً لواحد من الإسلاميين. 12 - لا يمكننا أن نتصور عدم وجود لفظة في لغتنا تعني شيخ المشايخ أو رئيس القبيلة أو الأمير الأكبر للقبيلة. ونرى أن هذه الكلمة هي التي كانت تعرف عندنا قبل الإسلام، إلا أنها دثرت مع ما دثر من الألفاظ القديمة التي مات من كان يعرف معانيها، فقد قال أبن فارس: (أن لغة العرب لم تنته إلينا بكلبتها وأن الذي جاءنا عن العرب قليل من كثير وأن كثيراً وأن كثيراً من الكلام ذهب بذهاب أهله. وذهب علماؤنا أو أكثرهم إلى أن الذي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقل. ولو جاءنا جميع ما قالوا لجاءنا شعر كثير وكلام كثير. وأحر بهذا القول أن يكون صحيحاً، لأنا نرى علماء اللغة يختلفون في كثير مما قالته العرب فلا يكاد واحد منهم يخبر عن حقيقة ما خولف فيه، بل بسلك طريق الاحتمال والإمكان). (راجع فقه اللغة طبع بولاق 1: 34). 13 - لو فرضنا أن كل هذا المقال مبني على خيال صرف لوجدنا في نفوسنا حاجة إلى لفظة تعني معنى (شيخ المشايخ أو أمير المشايخ) وأحسن كلمة تقوم بهذا الغرض (الفلحس) لاجتماع القوميين المتمدنين منذ القدم على اتخاذه ولا يمكننا أن نقول (فلرخس) لثقله بل نقول (فلحس) إفراغاً له في قالب عربي خفيف على الذوق وعلى السمع معاً. النتيجة فلحس كلمة قديمة أصل معناها (شيخ القبائل) ومنصبة يعرف بالفلحسة أي

صفحة من مؤرخي العراق

صفحة من مؤرخي العراق مؤرخ عراقي يوسف الملقب بعزيز المولوي صاحب تاريخ قويم قال أبو الطيب: وإنما الناس بالملوك وما ... تفلح عرب ملوكها عجم صدق المتنبي، فأن الأجانب أثروا في ثقافتنا فاقتنصوا منا جماعة خدموا آدابهم وراعوا سياستهم فصاروا يعدون منهم. ومترجمنا أحدهم وهو يوسف أفندي المولوي الملقب بعزيز. من شيوخ هذه الطريقة، ومؤرخ عراقي كبير، وأديب يعد من بلغاء الأتراك في لغتهم، استهواه العثمانيون وجذبوه إليهم، فخدم آدابهم وسياستهم، وراعى طرائقهم وصار يعد من كبار رجالهم. . . له انتساب إلى الوزير حسن باشا فاتح همذان ووالي بغداد المتوفي سنة 1136هـ (ولا أدري درجة هذا الانتساب وماهيته) ومن زمن والده (ولم يذكر المؤرخ الموما إليه اسم والده) وأيام أخيه أسعد المرحومين (ولم يعرفنا بهذا أيضاً ولا تمكنا من العثور على أحوالهما في التراجم التي بأيدينا) ذكر هذا وقال: أنني واقف على سيرة هذا الوزير حسن باشا، وعالم بها كما هي حقها. وهذه الدعوى قد أيدها فعلاً وقام بالبرهنة عليها حقيقة. فأنه يذكر وطنه الأصلي وتقلباته في المناصب إلى أن وجهت إليه وزارة بغداد. . . وما يلي ذلك من حوادث زمنه. أن مترجمنا تنوسي أمره ولم يعرف مدة في حين أنه جلا صفحة غامضة من تاريخ العراق لمدة تزيد على ربع قرن أي من سنة 1100 إلى سنة 1126هـ وفصل القول عنها بإسهاب بحيث لم يفعل عن أشخاص الوقائع ولا عن تصوير الحوادث فكشف مخبآت زمن نحن في ضرورة إلى إظهار ما طوته عنا الأيام من خفاياها. فالإشارة في مثل هذه المواطن لا تكفي، والكتابة لا تفوق التصريح ولا

يغنينا الإبهام. فالواقع نتائج ما قبلها وتمهيد لما يؤول إليها الزمن من حوادث بعدها. فهي مرآة أظهرت صور ذلك العصر. . . هذا المؤرخ رسم لنا بل وصف حالة العصر قبل زمن هذا الوالي والتبدل الذي أجراه في مدة حكومته. فقد بذر البذرة الأولى لتأسيس حكومة المماليك في العراق وقوى يد الترك ومكنهم في هذا المحيط وأمات الروح الوطنية أو أنه قضى على قدرة الأهلين على اختلاف صنوفهم. ولولاه لنال حظاً من الإدارة الاستقلالية. ومن الغريب أن يهمل شأن هذا المؤرخ الطويل الباع في تفصيل الحوادث وفي لفتاته القومية، فتاريخه (قويم) بمعنى الكلمة. ومن حسن الصدف العثور على هذا المؤلف الذي بسببه توضحت الوقائع في الرابع الأول من القرن الثاني عشر: وبهذه الصورة صححت صفحة من التاريخ وانجلى عنها المبهم فلم نجد لها مصدراً تاريخياً أعظم من هذا المؤلف الجليل. ولعل دواعي أهماله، واكتفاء أبناء يعرب بمجمل ذكراه فقط واضحة، أما من غيرهم - أعني الترك - فذنب لا يغتفر مع أننا نراه يروج سياستهم أو بالتعبير الأصح لا يعرف سياسة غيرها، ولذا يعد أكبر داعية لهم وأن كان لا يقصر في الإيضاح والتفصيل عن وقائع هذا القطر والإطناب فيها. وزيادة على ذلك نراه يخذل سياسة العجم ويحبب إدارة الترك. الوزير والمترجم أن المؤلف يصف الوالي بأنه جامع لمزايا أخلاقية نبيلة ومشهورة بالعدل والأنصاف والشجاعة والإدارة الحكيمة، ويبدي عن نفسه أنه صادق في كل ما قاله عن هذا الوزير فلم يراع الإحساس ولا الإطراء الفارغ، ولا الغلو في المدح. . . ذلك لأنه مولوي وأنه يبغض الكذب ويجانب مركبه، ويتحاشى الرياء وسلوكه. . . وإنما دون ما رآه ولم يخرج إلى طريق الغلو. وفي الحقيقة يذكر انتصاراته، ولم يتنكب عن بيان مخذولياته ومغلوبياته فالواقعة يقصها أياً كانت نتائجها ولا يبالي، ولكن بأسلوب جميل وبحكمة من البلاغة لا تخفى. . . وقد أوضح أنه غني عن أي مخلوق. ولا أمل له في ماله قل أو كثر. . .

وأنه يرجو من الله تعالى اللطف وأن لا يحوجه إلى سواه. فهو النافع الضار والمعطي المانع. والحي القيوم المعين. . . إلى أن يقول: نعم أنني رأيت كرماً وافراً من الوزير ولكنني لم أرتكب الرياء بوقت. فإذا كنت وصفته فالأنصاف يقضي بذلك. ولا غرابة أن يذكر المحسن بإحسان. وعلى كل حال اللسان قاصر عن أداء الشكر خصوصاً ما نالته بغداد في زمنه من الراحة والطمأنينة والعمارة وقضائه على أهل البغي والفساد، ومجاهداته العظمى. . . اهـ التحريات عن ترجمته في كتب المعاصرين حاولت الإطلاع عليه في كتب المؤرخين والمعاصرين له فلم أتمكن من زيادة تكشف عن حياة هذا الرجل الكبير. والمؤرخ القدير، إلا نتفه يسيرة في تذكرة سالم أفندي قاضي العسكر، فأنه كان معاصراً له، أو أنه ذاع ديوانه وانتشر فوصل إليه لما نال من شهرة كما يتضح من ترجمته التي قصها. . . قال: (نشأ في بغداد دار السلام. ثم تجول في بلاد الروم لتلقي (طريقة المولوية) ترك وطنه وساح للأخذ بها من أكابر رجالها فدامت تجولاته زمناً طويلاً وصرفت في سبيل قصده عناءاً عظيماً. ولما أكمل طريقته وأتمها على أشهر رجالها في الزهد والتقوى، وأنهى مجاهداته فبلغت حدها وغايتها عكف قافلاً إلى وطنه الذي ألفه بغداد دار السلام فرجع إليها وكانت نتيجة هذه المجاهدات أن عهدت إليه مشيخة المولوية في بغداد. فبقي ملازماً تكيتها يتولى الإرشاد. وهو رئيس الحلقة المولوية. فصارت تؤخذ منه وتتلقى عنه، باعتباره شيخها والجالس على سجادتها. . . وله قدرة تامة على قرض الشعر في الفارسية والتركية ويعد من أعاظم الشعراء الناطقين بالصدق والصادعين بالحق. وأن المقطوعة التالية من أشعاره تدل على قوة نظمه ودرجته: يأبه قدر كي درك ايتمكه عارج أوله مز ... قيلسه سلم اكر انديشه بونه إيواني نعمت ياك شه كونينه نه ممكنكة عزيز ...

ويره سن خامه ادركك أيله باياني) اهـ. ولا تزال التكية أو الخانقاه المسماة للآن (بالمولى خانه) التي كان إتباعه يقصدونها ويلازمون فيها السلوك معروفة بهذا الاسم. وهي جامع رأس الجسر العتيق من جانب بغداد الشرقية. ويقال له (جامع الآصفية) أيضاً. والعوام لا يعرفونه إلا بجامع المولى خانه كما أنهم يسمون السوق المتصل به (سوق المولى خانه) لحد اليوم. وهذه الطريقة - وأن كانت بأصنافها الثلاثة من جلبية. وددوية، وقلندرية موجودة ببغداد - لم تستطع أن تتغلب على الطريقة القادرية، ولا على النقشبندية حتى لم تتغلب على الرفاعية. ومع هذا فأن الطرائق المذكورة - ما عدا القادرية - أخذ ظلهن يتقلص بفقدان الرجال القائمين بهن. فلم نر مثل الشيخ خالد ولا مثل الشيخ داود. . . ولا محل للإطناب في هذا الموضوع الآن. ومن الغريب أن لا نجد للمترجم - بصفته التاريخية ولا من نقطة طريقته ولا غيرهما - بياناً من العراقيين عنه حتى أن صاحب التذكرة اكتفى ببيانه المذكور أعلاه يتعرض لمؤلفه الجليل في التاريخ. وعلى كل حال أن مؤلف المرء يكشف عن مكنون صاحبه ويبين حسن اختياره ومقدرته. فالكتاب الذي دون وهو (قويم) في تاريخ حسن باشا ينطق بنفسية الرجل وزيادة. وهناك أيها القارئ وصفه: وصف الكتاب أن هذا الكتاب يتضمن سيرة الوزير حسن باشا والي بغداد كما تقدم وهو منظوم. وعدد أبياته 2817 ولم يترك شاردة ولا واردة من حسناته إلا قصها كما أنه اشتمل على حروبه للعشائر وغيرهم من مناوئيه حتى استقرت له الأمور واكتسبت نظاماً. وتمكن من السيطرة على العراق وتقوية سلطة الترك عليه وبحث فيه عن شمائل هذا الوزير وزاد في إطرائه وأول هذه المنقبة: حمد بي حد وشكر لا يحصى ... بيعدد منت وسباس وثنا. الخ أما النسخة الخطية التي بأيدينا فكل صفحة منها تحتوي على خمسة عشر سطراً أو بيتاً طولها عشرون سنتيمتراً في عرض أحد عشر ومعها في هذه المجموعة مقامة

في مدح الوزير حسن باشا لصاحبها عبد الله أفندي المفتي وقد مر الكلام عليها في مقال سبق وأبيات عربية وقائع أحمد باشا أبن الوزير المذكور وأخرى في مدح وزراء آخرين تالين لهما. اسم الكتاب وسبب نظمه وتعريف مؤلفه أن المترجم عقد فصلا أبدى فيه سبب النظم وعرف نفسه وتسمية كتابه فقال: (ذلك العبد الذي هو من تراب أقدام زمرة الفقراء. المعتق من دار مولانا (يعني بهاء الدين النقشبندي الذي تنسب إليه الفرقة البهائية من النقشية، وهي غير فرقة البهائية المعروفة في هذه الأيام فأنها محدثة وتلك قديمة) المستجير في جميع أموره بالحق سبحانه، المولوي يوسف الشهير بعزيز. يقول: لما كانت هذه الديار (بغداد وأنحاؤها من أرض العراق) برج الأولياء، وذات الآثار المخلدة، والمدينة التي لا عديل لها ولامثيل ودار الفيوض أعني دار السلام وهي أشبه بالجنان تجري من تحتها الأنهار، وهي مدفن رابع الخلفاء (ع)، ومشهد سيد الشهداء (ع)، وفيها مقام الفارسي وحذيفة بن اليمان العبسي (رض) ورأس المجتهدين حضرة النعمان الكوفي، وفيها الجيلي، والجنيد والشبلي، والشيخ الطائي، والشيخ العاقولي، ومعروف الكرخي، والسهروردي، وشيخ الشيوخ أبو الحارث الوارث الأول لعلوم الحقائق، وفيها من كمل رجال الدين المبين وأكثر الأئمة. . . فهذه الديار محط رحال هؤلاء الأولياء الكرام والبررة الفخام. (وفي الأيام الأخيرة قبل الألف والمائة اختلت أمورها واضطربت أحوالها فصارت مستقر أهل الزيغ والفساد، وموطن الأشرار والفساق فتولاها الخلط والخبط وتناولتها أيدي السفهاء. ولم تكن حالة بغداد بأرفة أو أرغد من حالة خارجها. مطرها متساوي (؟) والمصيبة عامة فضجت الناس اعتراها وصرخت لمولاها خصوصاً مما انتابها من خيول الأعراب الذين نشروا العطب والشر. . . وبهمة هذا الوزير حييت، وأعاد لها النظام وقهر أهل البغي والعتو. فمآثره هذه تستحق التدوين. وأقتضي تتبع مناقبه بصحة نقل حتى أخلاقه ومنشأه وسبب تسنمه منصب الوزارة فنظمت (ألف بيت) وسميتها: (قويم الفرج بعد الشدة لبغداد)، ولم أنقل أي خبر إلا على وجه الصحة من حسن بين وجميل

صنع، ورفع بدع، وإزالة جور، وببان شجاعة فيه. . . فذكرته ليقرأ كل يوم فيكرر ذكره ويكون باعث الخير ومذكراً به، ولينطق بالدعاء له من قرأه. .) اهـ. والظاهر من مطالعة هذا الكتاب وعدد أبياته أنه كان ختمه في ما يزيد على الألف بقليل ثم أضاف إليه مقداراً وافراً حتى بلغت أبياته ما ذكر في أول البحث. مقابلات مجملة بتواريخ عراقية أن هذا الكتاب يمتاز بكثرة المادة والتوسع في الوقائع مع إيضاح الماضي والنظرات العامة وتنوع الفصول والتشريعات الوافية عن حالة العشائر وتدوين سجاياها وإيراد أسماء شيوخها بإسهاب فالفرق بينه وبين كلشن خلفاء أنه يفصل وكلشن يجمل وأن كان يرمي كل منهما إلى عين الغرض في التعليل وفي ترويج السياسة فكلاهما مشى على خطة واحدة كأن لا يوجد غيرها. وكانت السياسة محدودة طبعاً وكتوبة في الغالب لا يبوح بها عارفها إلا لمن أوتمن منه أو نال مركزاً رفيعاً فينجلي له الأمر بوضوح. . . وهكذا مشى على هذه السياسة صاحب الدوحة وصاحب مرآة الزوراء. . أما حديقة الزوراء فكأنها مأخوذة منه عيناً وباختصار كبير لولا أنها تزيد أكثر فيما يولد شقة الخلاف بين الحكومة والعجم ويروج ذلك بين الأهلين بمقتضى حالة ذلك الزمن إلا أنها لم تشر إلى أنها أخذت منه. وعلى كل حال يصلح هذا التاريخ لتصحيح أعلام الحديقة وتثبيتها وذكر ما أهملته ويفيد لإصلاح السهو والغلط فيها وهو أوسع منها بكثير. وكل ما يقال الآن أنها قصرت عنه باعاً وإطلاعاً. . . ومن العجب أن لا يطلع صاحب الدوحة على هذا التاريخ فلم يتعرض لذكره وأن كان أشار إلى أنه كتبت في مناقب بعض الوزراء كتباً ورسائل كثيرة والظاهر أن صاحب كلشن أيضاً لم يطلع عليه ولو كان ذاك لناقشه في مواضعه أو أنه أجمل ما بسطه بمقتضى أسلوبه والخطة التي مشى عليها وأنه شاهد حوادث ذلك أساساً فلم يجد معارضة منه ليقارعه ولا رأى ضرورة للنقل عنه وأن كان بدأ بتاريخه قبل صاحب قويم. . . ولا يعاب إلا من جهة أنه كتب في اللغة التركية وأنه منظوم، وهذا يدل

على مقدرة أدبية ومهارة وتسلط على الموضوع وله نظاهر في كتب المناقب إلا أن دائرة الشعر ضيقة ومركبة صعب. . . وعلى الرغم من ذلك كله لا نستغني عن مثل هذا التاريخ لتوضيح أحوال المحيط فهو درة ثمينة بل جوهرة مصونة سمح الزمان بها فظهرت للوجود بعد الإهمال والنسيان. . . فهي أحب إلينا من حمر النعم.،! مواضيعه إن هذا التاريخ مواضيعه متعددة وكثيرة جداً وبعضها متكرر العنوان نظراً لتكرار الوقائع. قدم عليه مقدمات متوالية ثم ذكر له المواضيع التالية: (وقائع بغداد، سبب اختلال دار السلام، أحوال خطة بغداد، عشائر العربان، آل غرير وغزوهم، سفر بني لام ووقائع أخرى معهم، الخزاعل، شمر، غزية (حوادث عنهم)، بنو حمد وشيخهم، جموع زبيد وغزوات لهم، مانع المنتفقي، ضبطه البصرة، خان الحويزة، مغامس وحروب أخرى له، حروب البلباس، وغير ذلك من فصول عديدة) اهـ. إهداء الكتاب بعد أن أتمه مؤلفه ودعا بالخير للوزير وابنه أحمد بك (لم يكن آنئذ باشا) قدمه للوزير وأهداه له بهذين للبيتين: أهداي حضور أصفي أولمق ايجون ... نظم أو لدى بو آثار حقيقت أنشا بوبنده كبي قصوري جوقدر كرجه ... عفو أيله قبو لين أيلوم أستدعا هذا ولا أطيل القول بذكر بعض فصول الكتاب خشية الإملال فاكتفي بهذا والله أعلم. (لغة العرب) صديقنا الوفي الأستاذ المحامي عباس أفندي العزاوي هو أول من نشر ترجمة ليوسف عزيز المولوي، بيد أنه لم يتمكن من أن يعرف بوجه أكيد يوم ولادته ولا يوم وفاته فأن كان أحد من القراء يستطيع أن يذكر لنا هذين اليومين الأول والآخر من حياة المؤرخ العراقي فأنه يكسب شكر جميع الناطقين بالضاد ولا سيما العراقيون منهم ولعل بين الأدباء غير العراقيين من له وقوف تام على مشاهير هذه الديار وتراجم أصحابها فيأتينا بالخبر اليقين.

القرب في اللغة

القرب في اللغة قربة (بالكسر) - وقرب منه وإليه - قرباً (بالضم) وقرباناً، دنا. وكذلك أرن (بالفتح) زيد أرونا إذا دنا للحج، وأزف الترحل (بكسر ففتح) - أزفاً (بالتحريك) وأزوفاً يقال ساءني أزوف رحيلهم، وتأزف القوم: تداني بعضهم من بعض - والرجل: تقارب خطوة، وأزيت الشمس تأزي (بكسرتين) أزياً: دنت للمغيب وتآزى القوم: تدانوا في الجلوس خاصة، وأفد يافد (بكسر ففتح) الترحل: أزف ومثله استأفد وأني الشيء يأني آنياً (بكسر ففتح) وأني (بكسر) فهو أني. حان وأدرك وخص بعضهم به النبات وفي حديث الهجرة: (هل أني الرحيل) (أي حان وقته)، وآن يئين أينك أو أنك أي حان حينك ومثله آن أونك، وبلغ المكان: قرب منه، وأجحف به، قاربه ودنا منه ولم يخالطه، وجم الأمر (بفتح وكسر أو ضم جماً: دنا وجم قدوم فلان: حان وكذا أجمت الحاجة وجم الفراق: أزف وحضر، وجهن (بفتح وضم) جهوناً وحبج (بفتح وكسر) حبجاً واحبج الشيء وحبا يحبو حبواً، فهو حاب يقال: حبا الخمسين ولها أي دنا منها، وحرقص في الخطى أو الكلام: قارب: وحافزه: داناه، وحلق الإناء من الشراب: قارب الملء أي امتلاء إلا قليلاً كأن ما فيه من الماء انتهى إلى حلقة، وأحم قدوم المسافر: دنا - والحاجة: قربت وأهمت - والأمر: حان وقته قالت الكلابية: أحم رحيلنا فنحن سائرون غداً، وحام (بتشديد الميم) الشيء محامة: قاربه. قال لبيد بن ربيعة. لتذودهن وأيقنت أن لم تذد ... أن قد أحم من الحتوم حمامها

وحان حينه يحبن حبناً وحينونة: قرب وقته قالت بثينة صاحبة جميل: وأن سلوى عن جميل لساعة ... من الدهر ما حانت ولا حان حينها وحان أن يفعل كذا: آن أن يفعله - والسنبل: يبس فآن حصاده - والصلاة: دنت، وأحينت الإبل: حان لها أن تحلب - وحان لها أن يعكم عليها - والقوم حان لهم أن يبلغوا ما أملوه، وحياً (بتشديد الياء) الشيخ الثمانين من عمره: دنا منها، وخنق زيد الأربعين تخنيقاً: كاد يبلغها، ودنف الأمر (بكسر ففتح) دنفاً: دنا - والشمس دنت من الغروب - والمريض: ثقل وأشفى على الموت. ومثله أدنفت الشمس، ودنا منه وإليه وله يدنو دناوة دونواً: قرب فهو دان (ج) دناة وهي دانية (ج) دوان قال المهلهل: ولقد مضى عنها أبن حية مدبراً ... تحت العجاجة والحتوف دوان وقال الحريري: فدنت فديت وحنت وحيت ... مغضباً مغضباً يود يود وداني الأمر: قاربه، وتداني القوم: دنا بعضهم من بعض، وأدنى (من باب الافتعال) أدناه: اقترب قال المتنبئ: وكأنه غرته عينة فأدنى ... لا يبصر الخطب الجليل جليلاً وقال عنترة: وما دانيت شخص الموت إَّلا ... كما يدنو الشجاع من الجبان وأرب منه: دنا ومثله رزف الأمر (بفتح وكسر) رزيفاً، وأركب المهر: حان له أن يركب، وأرمأ إليه أرماء: دناء وكذا رهق شخوص فلان رهقاً (بكسر ففتح) - وفلاناً دنا منه سواء أخذه أم لم يأخذه وراهاة مراهاة: قاربه واجتمع معه، ورايف للظنة مرايفة: قارفها وطنف لها، وزحب إليه (بفتحتين) - زحباً: دنا، وزحك منه (بفتحتين) زحكا، وزاحم الستين، وزرف إليه (بفتح وضم) زروفاً وزريفاً، وزاكنه يقال هذا جيش يزاكن ألفاً أي يقاربه. وبنو فلان يزاكنون أولئك القوم أي يدانونهم ويجالسونهم، وزنأ الظل: دنا بعضه من بعض - وغليه يزنأ زنأ وزنوءاً: لجأ ودنا، وزاهمة في البيع والشراء وفي السير وغير ذلك: قاربه، وانزوى القوم بعضهم إلى بعض: تدانوا وتضاموا

وأسعف الشيء: دنا - والحاجة: حانت و - بالرجل: دنا منه - والدار بفلان: أصبت، وأسف الأمر إسفافاً: قاربه - والسحابة: دنت من الأرض - والطائر دنا من الأرض في طيرانه حتى كادت رجلاه تصيبانها يقال الطائر يسف: إذا طار على وجه الأرض، وسقبت الدار سقوباً (بكسر ففتح) واسقبت أي قربت وتساقبت الأبيات: تقاربت: وسند الرجل للخمسين (كنصر) قاربها، وساف السائفة سوفاً: دنا منها، وشرع زيد علينا (كفتح) دنا وأشرف، وشارف الشيء واشرف عليه: دنا منه، وشفر الرجل على الأمر تشفيراً، أشفى - والشمس كادت تغيب، وشافه البلد: داناه، وأشفى عليه: اشرف ومنه أشفى المريض على الموت، واشمت الريح النقا إشماماً: دنت منه، وأشاف عليه مثل أشفى عليه أو هو مقلوبة، وصقبت الدار تصقب - صقباً (بكسر ففتح) مثل سقبت، واصقب فلاناً الصيد: دنا منه وأمكنه رمية، واصقبت الدار: قربت، وصاقبة: قاربة، واصهر الجيش للجيش: دنا بعضه من بعض، ويقولون فلان على صير من الأمر: إذا كان على أشراف من قضائه تقول للرجل: ما صنعت في حاجتك؟. فيقول أنا على صير من قضائها أي على أشراف منه واضب على المطلوب أضباباً: اشرف أن يظفر به وكذا أضبى عليه أضباء، وضارح فلاناً: قاربه وقابله، واضر السحاب من الأرض أضراراً: دنا ويقال أضرني إذا دنا مني دنواً شديداً وفي الأساس: اضربه: دنا منه دنواً شديداً ولصق به وضرع السبع من الشيء ضروعاً (بفتح فضم): دنا منه - والشمس دنت للمغيب ومثله ضرعت الشمس تضريعاً وضارعت مضارعة، وأضاف عليه: اشرف وطف منه طفاً (بفتح فكسر): دنا. تقول: خذ ما طف لك أي ما ارتفع لك وأمكن ودناً منك، وطففت الشمس تطفيفاً: دنت للغروب، وأطف عليه أطفافاً: طف. ومثله استطف. وأطلع على الشيء إطلاعاً واستطل عليه استطلالاً وأطل عليه أطلالاً، تطنفت إليه تطنفاً تقول ما تطنفت نفسي إلى هذا أي ما أشفت، وطنف للأمر تطنيفاً قارفه. وطار به يطور طوراً وطورناً: قربة يقال: أبا لا أطور بفلان أي لا أحوم حوله ولا أدنو منه قال أبو الحسن علي بن محمد: ما بال قبرك لا يثني به أحد ... ولا يطور به من بينهم رجل

واعترس السير: دنا - وفلان السير: دنا مسيرة وغارقه كذا: داناه وشارفة تقول غارقتني المنية، وغازل فلان الأربعين: دنا منها، وفاتك الأمر: داناة، وأفصل المولود: حان له أن يفعل أي يفطم ومثله أفطم وقحم إليه: دنا، وقدعت لي الخمسون (بكسر ففتح): دنت مني، وكذا أقرأ أمره إقراء. واقرب المهر والفصيل: دنا للإثناء وتقارب الزرع: دنا أدراكه، واقترب الوعد: قرب، وقرف فلان المرض قرفاً (بكسر ففتح): داناه يقال أخشى عليك القرف (بالتحريك) وكذا قارفه مقارفة - والجرب البعير: داناه شيء منه. وأقرف له: داناه وخالطه - والرجل وغيره: دانى الهجنة تقول أقرف الهجنة إذا قاربها، وقارب يقول قوباً: (كنصر) قرب، وكثب الصيد فلاناً (بفتح: فضم): قرب منه وأمكنه من كاثبته يقال كشبك الصيد فارمه: ومكاثبهم مكاثبة: دنا منهم ومثله أكثب الرجل والأمر وغليه وله ومنه إكثاباً تقول أكثب إلى الجبل، وأكثبك الصيد فارمه، وكذا اكثف منه، وأكثم الصيد فلاناً، وكاثمه مكاثمة: قاربه وخالطه، وكرب الشيء كروباً: دنا - والشمس دنت للغروب - وحياة النار: قرب انطفاؤها، وكاربه مكاربة وكراباً: قاربه، وأكرب المر: أشتد قربه وكاد يقع - والإناء: قارب ملأه، وكنع الأمر كمنع: قرب ومثله أكنع أو الاكناع دنو ذلة، وقد امتنع فلان مني أي دنا مني، ولحم رجل من العدو: قرب منه حتى لصق به، ولطف الشيء (بفتح فضم): دنا وألم الغلام إلماماً: قارب البلوغ - والنخلة قاربت الأرطاب - والشيء: قرب وربما استعملت منه أفعال المقاربة بمعنى كاد يقال ألم يفعل كذا أي كاد، ومنح الخميس: قاربها وكذا متخ الخميس وأنجد زيد: قرب من أهله، وتناصى الطلح والسيال: تقرباً وتقابلاً حتى يعلق هذا بهذا عند هبوب الريح، وناظر الجيش ألفاً:

قاربه وكذا ناغاه مناغاة هذا الجبل يناغي السماء أي يدانيها لطوله، ونكظ الرحيل (بكسر ففتح): أفد، ونهدت القرية (بفتحين أو بفتح فضم): قربت من الامتلاء، ونهز الشيء (بفتحين): قرب - والطفل للفطام -: قرب وناهزه ومناهزة: داناه يقال ناهز الصبي البلوغ، وناهز الرجل الخمسين، وناهز المولود للفطام، وأنهضت القربة: دنت من ملئها، ويقال نال له أن يفعل كذا أي حان، وهدف للخمسين: قاربها وكذا أهدف لها - ومنه: دنا. ويقال أهدف لك الصيد فارمه، مثل قولهم: أكثب لك وأغرض لك. ووحف منه يحف وحفاً وودق إلى الشيء يدق ودقاً وودوقاً. ومنه (مارسنا بني فلان) فما ودقوا لنا بشيء أي ما قربوا لنا شيئاً من مأكول ولا مشروب، وتوازف القوم: دنا بعضهم من بعض، وأوفد عليه: أشرف. وكذا أوفى عليه. وواقع الأمور: داناها، ووهف فلان بهف وهفاً ووهيفاً: دنا - والشيء إلى كذا: طف ومثل أوهف الشيء إلى كذا وولاه يليه ولياً: دنا منه تقول: جلست مما يليه أي يقاربه. قرب الولادة أقربت الحامل: دنا دنا ولادها فهي مقرب: وكذلك أونت الأتان تأويناً وأتمت المرأة إتماماً فهي متم هو كذلك الناقة، وأجحت السبعة والكلبة: إذا حملت فأقربت وعظم بطنها، وأدنت الفرس: دنا نتاجها فهي مدن، وربت الشاه قرب (بالضم) رباباً (بالكسر): قرب عهد ولادتها. وكذا أرجأت الحامل وأرجت المرأة فهي مرج ومرجية. وزهيت الشاة إذا اضرعت ودنا ولادها، وأشهرت المرأة دخلت شهر وصليت الناقة تصلي صلى: وقع ولدها في صلاها - واسترخى صلاها لقرب نتاجها. وأفكت وتفككت: أقربت فاسترخى صلواها وعظم ضرعها. ومحمحت المرأة: دنا وضعها. وكلك أمنحت الناقة فهي ممنح وانتجت الفرس وذات الحافر: استبان حملها وحان نتاجها فهي نتوج على خلاف القياس، وشككت الأنثى كعلمت: أقربت فاسترخى صلواها وعظم ضرعها مثل تفككت. وتهجهجت الناقة، واوكفت المرأة وأولدت. والمقرب ج مقارب ومقارب وعشار ملابئ دنا: نتاجها وقد ذانبت الفرس

مذابنة إذا وقع ولدها القحقح ودنا خروج السقي. وراخت المرأة: أقربت وأصلت الفرس استرخي صلواها لقرب نتاجها. قرب النسب اشتبكت بينهم الأرحام: توشجت ولحت القرابة - لحاً: لصقت. تقول هو أبن عمي لحاً (بالفتح) أي لاصق النسب. وهو أبن عم لح وكذلك المؤنث والاثنان والجمع فأن لم يكن لحاً وكان رجلاً من العشيرة قلت هو أبن عم الكلالة ومست بك رحم فلان: إذا كانت بينكما قرابة قريبة، ووشجت بك قرابته تشج وشجاً: اشتبكت، ووشج الله قرابته بكم توشيجاً: شبكها. والواشجة الرحم المشتبكة المتصلة. والشيج اشتباك القرابة، ورحم وشيجة: مشتبكة متصلة، وتقول هو ابن عم دنيا أي هو أبن عم لحاً. والأدنون: أقرب العشرية نسباً. يقال هم أدانيه وعشيرته الإدنون وهو أبن عمي، قصرة وقصرة (بالفتح وبالضم) أي دنية ورجل قعيد النسب أي قريب الآباء من الجد الأكبر ومثله الأقعد النسب. تقول أنت أقعد منه نسباً أي أقرب إلى الأب الأكبر، وكذلك القعدد والقعدود وهو كبرتهم (بالكسر) أي أقعدهم في النسب وأقربهم. وكذلك هو كبرهم (كعتل) وكبرتهم (كعفرة) وأكبرتهم (بكسر الهمزة والباء وفتح المشدودة - يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث)، وآلة فلان (كعدة): الذين يأل إليهم وهم أهلة دنيا هؤلاء التك، وعبارة الأزهري: آلة الرجل أهل بيته الذين يأل إليهم وهم أهله دنيا يقال هؤلاء التك، وعبارة الأزهري: آلة الرجل أهل بيته الذين يأل إليهم واصله وئلة. قرب السفر طيسل الرجل: سافر قريباً فكثر ماله. والزحفة: الراحل إلى قرب ولا يسيح في البلاد، والسرية، السفر القريب والضافط المسافر لا يبعد السفر، وسفر قاصد: سهل قريب. تقريب تبلصق الرجل: تقرب من الناس، وتدنى تدنياً: دنا قليلاً يقال بعيد

يتدنى خير من قريب يتبعد، وزلف (كنصر) زلفاً (بالفتح) وزليفاً وزلفاً. (بالتحريك) تقرب وتقدم. ومثله تزلف وأزدلف، وتضرع منه: تقرب في ورغان، وأكرب: تقرب. ووسل إلى الله يسل وسيلة: رغب وتقرب فهو واسل ومثله وسل إلى الله بوسيلة وتوسل أي عمل عملاً تقرب به إليه تعالى ويقال توسل إلى فلان بكذا أي قرب تقرب إليه بحرمة أصره تعطفه عليه. التقريب قربه تقريباً أدناه، ومثله قاربه مقاربة، يقال قارب الفرس الخطو أي أدناه وأقرب المستقي الإناء: قربه للامتلاء ودرج فلاناً تدريجاً إلى كذا: أدناه منه على التدرج. واستدرج الشيء إلى الشيء: أدناه منه، وأدنف الشيء: أدناه ودانى بين الأمرين: قارب) ودناه تدنية: قربه. وكذا أدنى الشيء إليه. ورفأ السفينة: أدناها من الجد أي الشط. ومثله أرفاها - والشيء إليه: قربه، وكذا أزلف الشيء. وازدلف فرناً: أدناه إلى هلكة، وأزهف إليه الطعنة أزهافاً: أدناهاً واسقبه أسقاباً: قربه، ومشافهة فلاناً مشافهة: أدنى شفته إلى شفته - والبلد: داناه واصقبه أصقاباً: قربه، وطوى الله البعد لنا: قربه يقال كان الأرض تطوى له، وقتر المتاع وغيره تقتيراً: أدنى بعضه إلى بعض - وبين الأشياء: قارب وقدمه إلى الحائط تقديماً: قربه وقطر الإبل (كنصر) قطراً: قرب بعضها إلى بعض على نسق، يقال قطر البعير إلى البعير، وقفص الشيء (ككسر) - قرب بعضه من بعض، وقمط الإبل (كنصر): قطرها وأكنع الإبل اكناعاً: أدناها ولاهاه ملاهاة: قاربه - والشيء: داناه، وورى الأمر يدي ودياً: فربه ووطوط فلان: قارب كلامه. (لها بقية) النبك (سورية): سالم خليل رزق (لغة العرب) أحسن حضرة الأستاذ اللغوي في تخليه عن الاستشهاد بالمعاجم اللغوية الحديثة وبأبيات الشعراء المعاصرين لأن هذا كله لا يفيد إثبات كلام الناطقين بالضاد من الأقدمين. على أن هناك أمراً هو أنه لم يجمع كل ما جاء في الأبواب التي تعرض لذكرها، إنما اكتفى بما هو مستفيض منها في الكلام. فوجب التنبيه عليه.

لواء أربل

لواء أربل نظرة عامة تقع أراضي هذا اللواء في سهل واسع منحصر بين وادي الزابين (الزاب الكبير والزاب الصغير) ويحده من الشمال: تركية ومن الجنوب لواء السليمانية وكركوك ومن الشرق بلاد إيران. وشيء من لواء السليمانية، ومن الغرب لواء الموصل. وتنمو فيه أفخر الحبوب، واحسن الفواكه، وكثيراً ما يصدر كميات كبيرة من هذه الحبوب، والأثمار، إلى سائر الألوية: ومعظم أهاليه كرد، بينهم من ينتمي إلى عشيرة (بالك) الراوندوزية الأصل، وبينهم من ينتمي إلى عشيرة الجاف المبثوثة في لواء كركوك ولواء السليمانية، وبينهم من عشائر سورجي، وكردي، وماموندي، وهركي، وده زي، وفيه من العشائر العربية طئ والجبور وغيرها. وتقدر نفوس اللواء ب (102. 493) نسمة. نبذة تاريخية عن مركز اللواء مركزاً لواء أربل، مدينة أربل (بالكسر ثم السكون وباء موحدة مكسورة تليها لأم) الواغلة في القدم، ويكتبها ويلفظها بعضهم خطأ (أربيل أو أرويل) وهي من أمهات المدن العراقية، أن في الماضي وأن في الحاضر، وهي بؤرة التجارة في كردستان العراقية، ومحط رجالها، وتقدر نفوسها ب 13. 400 نسمة جلهم من الكرد. وتنقسم من حيث العمران إلى قسمين يقال لأحدهما (القلعة) وهو ما كان منها مبنياً على الهضاب، والثاني (السهل) وهو ما كان بخلاف ذلك على حد ما تنقسم إليه مدينة كركوك. أما قسم القلعة ففيه بيوت الشرفاء. ومضايف الأغوات ومساكن الموظفين الكبار، وجامع كبير، تقام فيه الصلاة، وبيوت كثيرة لا بأس بعمرانها.

وأما قسم السهل ففيه أسواق البلد وقيسارياته، ودور الأهلين على الإطلاق وصرح الحكومة الفخم، ومركز الشرطة، وفندق بديع شيد في الآونة الأخيرة. ومستشفى جميل، ومدرسة أميرية بديعة المنظر، ودائرة للبرق والبريد حسنة العمران، وأخرى للبلدية. وقسم القلعة يعلو قسم السهل بنحو 35 متراً وليس له سوى مرتقيين وفي نهاية كل منهما باب، إذا أوصد استقلت القلعة بمن فيها. وفي نهاية أحدهما. برج عظيم، يدل منظره على أنه كان حصناً للقلعة. وفي ربض السهل، مدينة كبيرة طويلة يحاذيها شارع عام فسيح مبلط وتخترقها أسواق متداخلة، وقيساريات لطيفة، ومقاة كثيرة ولغة الأهلين التركية والكردية على الإطلاق، وبعضهم يحسن التكلم باللغة العربية فيتفاهم بها مع الغرباء. وقد كانت (اربل) في جميع الأدوار التي مرت عليها، ميداناً لحروب عديدة بين مختلف الأمم، وقد دخلها التتر عام 628 هـ فنهبوا بيوتها وخربوا قراها، وقتلوا من ظفروا به من أهلها، فبرز لمحاربتهم، (مظفر الدين كوكبري بن زين الدين كوجك علي) فوجدهم قد رحلوا عنها، فأقام فيها زمناً طويلاً، جدد في خلاله عمارتها، وأقام فيها الأسواق الخالدة، والدور الفاخرة والجنان الغن وصارت له هيبة وقاوم الملوك ونابذهم، حتى هابوه فحفظت بذلك المدينة من شرور الطامعين فيها وقصدها الغرباء. وقطنها كثير منهم حتى صارت مصراً كبيراً. والظاهر أن أكبر حرب حدثت فيها كانت الواقعة التي جرت بين الإسكندر الكبير ودارا مالك الفرس عام 231 ق. م في سهل جوجماليس المعروف اليوم بكرمليس ونواحيها حيث فر ملك الفرس هارباً فاعترضته بسس أحد قواد الإسكندر وقتله فعرفت الحادثة بواقعة أربل وكانت يومئذ من مدن أشور المشهورة. ومع سعة هذه المدينة، وأهميتها التجارية وعظمة ثروة أشرافها، فبنيانها وطباعها أشبه بالقرى منها بالمدن واكثر أهلها كرد أستعرب بعضهم وبقي الآخر محافظاً على عنصره ولغته. وجميع سكان رساتيقها وفلاحيها، وما يضاف إليهم كرد، وليس حول المدينة بستان، ولا فيها نهر جار على وجه الأرض، واكثر زروعها وأهلها على الكهاريز المستنبطة تحت الأرض. ومياه هذه الكهاريز عذبة طيبة لا فرق بينها وبين ماء دجلة في العذوبة والخفة ويبلغ عدد الكهاريز فيها

نحو 350. وتجلب إلى أربل الفواكه من الجبال من الجبال والقرى المجاورة لها، ويأتيها العنب الفاخر من قرية شقلاوة التي تبعد عنها 30 ميلاً ومن سائر القرى، والمدينة تبعد عن الجنوب الشرقي لمدينة الموصل 40 ميلاً، والطريق بينها وبين الحدباء اليوم معبدة وصالحة لسير السيارات فيها. وينسب إليها جماعة من أهل الفضل والورع والتقى منهم: أبو البركات شرف الدين بن أبي الفتح أحمد الأربلي المعروف بابن المستوفي وعيل بن عيسى الأربلي وأبو أحمد القاسم بن المظفر الشهرزوري الأربلي وغيرهم ممن لا تحضرنا أسماؤهم. وقلعة اربل شبيهة بقلعة حلب إلا أنها أكبر وأوسع رفعة، وقد مدحها كثيراً ثم هجاها طويلاً نوشروان البغدادي الضرير المعروف بشيطان العراق وليس هنا موضع الاستشهاد بشعره وبالقرب منها منارة قديمة مقطوعة الرأس. تنظيمات اللواء الإدارية يتقوم لواء أربل من أربعة اقضية، تتبعها تسع نواح، ومن ناحيتين ملحقتين بمركز اللواء رأساً. أما اقضيته فهي مخمور، وكوي سنجق، ورانية وراوندوز. وأما الناحيتان الملحقتان بمركز اللواء فهما: شقلاوة، وقوش تبه والناحية الأولى من أجمل وإبدع النواحي المشهورة في العراق، ومركزها: قرية شقلاوة الجبلية الجميلة، وهي تبعد عن شمالي اربل 30 ميلاً، وقد عبدت الحكومة الطريق بينها وبين مركز اللواء، والهمة مبذولة اليوم لإنشاء فندق فيها، فإذا تم فستكون أهم مصيف في ديارنا وربما يغني العراقيين عن الاصطياف في ربوع لبنان ومجاهل إيران. أما الناحية الثانية (أي ناحية قوش تبه) فولقعة في سهل اربل وتبعد عنة جنوبي مركز اللواء 14 ميلاً. وتقطن في الناحية الأولى عشيرة (خوشناو) أما الثانية فتقطن فيها عشيرة ديزي (ده زي) وكلتا العشيرتين من أمهات العشائر الكردية القاطنة في شمال العراق.

1 - قضاء مخمور تنحصر أراضي هذا القضاء بين الجهة الجنوبية الشرقية لرمز اللواء وسلسلة قره جوق، ومركز قرية مخمور التي تنتهي عندها حدود اللواء بوادي دجلة وتبعد عن الغرب الجنوبي لأربل زهاء 48 ميلاً. وعمارتها متوسطة وفيها بعض البيوت اللطيفة التي شيدت في زمن الترك لإدارة أملاك السنية. وتتبع القضاء ثلاث نواح، هي: مخمور والكوير (بالتصغير والكاف الفارسية) وكنديناوة. فالناحية الأولى داخلية، والثانية مركزها قرية الكوير الواقعة على العدوة اليسرى من الزاب الكبير، في موضع يبعد عن مخمور 24 ميلاً وعن أربل 36 ميلاً وهي مجموعة بيوت من لبن وأكواخ للفلاحين مع صرح للحكومة ومركز للشرطة لا بأس بعمارتيهما. أما ناحية كنديناوة، فأراضيها محصورة بين وادي الزاب الصغير ودجلة، وهي مشهورة بخصب التربة وطلاقة الهواء، ويبعد مركز الناحية عن مركز القضاء 19 ميلاً. 2 - قضاء كوي سنجق كوي سنجق، بلدة قديمة مبنية على سفح جبل السلطان أيوب، (ويقال لهذا الجبل هيبت سلطان) يمر بها نهر صغير غزير الماء، وفيها عمارات فاخرة ومساكن، وبساتين كثيرة، ومياه معدنية، يستفيد منها الأهلون كثيراً وسكانها كرد، بينهم طائفة من النصارى، وأخرى من اليهود ومهنة أهلها الزراعة وغرس الكروم. وأراضي هذا القضاء جبلية بشجر البلوط، والجوز وأهم حاصلاته التبغ، والحبوب. وحدائقه وبساتينه مشهورة بجودة الأثمار ولا سيما العنب لذ ينقل إلى أسواق المدن الأخرى ليباع فيها. وقد أحصت الحكومة نفوس القضاء في عام 1929 فكانوا (19. 798) نسمة عدا العشائر التابعة له. ونبعد قصبة (كوي سنجق) عن شرقي أربل 50 ميلاً، وهي مركز القضاء المذكور، وإذا نظرت إليها عن بعد بانت لك جميلة جداً، ولا سيما في أيام الربيع، حين تكسو الخضرة تلك الأطراف الشاسعة: وتشرق الشمس على جبل السلطان أيوب، فتجعل للثلوج المتراكمة فوق قممه منظراً خلاباً ومشهداً بديعاً يأخذ بمجامع القلوب.

للقضاء ناحيتان: الأولى داخلية، وتسمى ناحية كوي سنجق، والثانية يقال لها (طاق طاق) وهي واقعة على الساحل اليمن لوادي الزاب الصغير، وتبعد عن جنوبي مركز القضاء 17 ميلاً. ونظراً لوقوع مركز الناحية (أي قرية طاق طاق) في طريق كوي سنجق إلى كركوك، وحيث أنها الممر الوحيد لهذا الطريق، فقد أصبحت لها أهمية عظيمة، ولا سيما في نظر الحكومة، ولهذا ترى فيها الآن بناية فخمة للشرطة. والطريق بين كوي سنجق وأربل معبد وصالح للسير وأن كان وعراً في حد نفسه. 3 - قضاء رانية تقع قرية رانية، التي هي مركز هذا القضاء في سهل (بتوين) وتبعد عن شرقي مركز اللواء 67 ميلاً، وهواؤها رديء جداً لكثرة ما يحيط بها من المستنقعات ومزارع الأرز. وماؤها كدر غير صالح للشرب ولولا الهمة التي تبذل لجلب الماء إليها من جهات بعيدة لما استطاع الناس أن يسكنوا فيها. وهذه القرية خطيرة بموقعها الجغرافي فهي على الحدود الإيرانية العراقية. والطريق إليها غير سهل وأن كان بعضه معبداً وقد أحصت الحكومة نفوس القضاء في الآونة الأخيرة فكانوا (9137) نسمة. هذا عدا العشائر الساكنة في القرى الكثيرة. المبثوثة في أطراف القضاء. لقضاء رانية ناحيتان هما جنازان (بالجيم الفارسية المثلثة أي وناودشت ومركز الأولى قرية (جناران) الواقعة في غربي مركز القضاء وعلى بعد زهاء 23 ميلاً عنه، وهي متوسطة العمران كشأن بقية القرى. وأما ناحية ناودشت، فمركزها قرية سنك - الواقعة على وادي الزاب الصغير في مضيق رانية، وتبعد مركز القضاء ما يقارب تسعة أميال. قضاء رواندوز أحصت الحكومة نفوس هذا القضاء في عام 1929 فكانت - عدا العشائر القاطنة في أطرافه - (13. 469) نسمة. والقضاء جبلي، وطرقه وعرة جداً وقد بذلت وزارة الأشغال العراقية جهوداً صادقة لتسهيل السير فيه. فلم تفلح ولهذا لا تصل السيارات في الوقت الحاضر

إلى مركز القضاء. مركز قصبة رواندوز وهي لطيفة ومنظرها جميل جداً لأن البيوت فيها مبنية الواحد فوق الآخر، وقد تهدم معظم عمارتها في الحرب الكونية حيث أشغلتها عدة قوى. احتلها الترك والروس والكرد واحتلها الإنكليز في آخر المر ثم انتقلت إلى الحكومة العراقية وهي في حالة يرثى لها. وتعد هذه القصبة مركزاً مهماً لتجارة الجبال، وهي الحد الفاصل بين العراق وتبعد عن شمالي مركز اللواء 72 ميلاً. فيها نهر يجري في واد عميق ملاصق لرابية مستطيلة وتجاورها بساتين وحدائق كثيرة وهواؤها عذب وشتاؤها قارس. ولغة أهلها الكردية إلا أن أعيانها وأشرافها يتكلمون بالتركية. للقضاء ثلاث نواح مهمة وهي دير حرير، وبالك، وبراودشت، ويدير هذه النواحي مديرون يراجعون القضاء في أشغالهم، وتبعد الناحية الأولى عن الجنوب الغربي لمركز القضاء 54 ميلاً، وعن الشمال الغربي لمركز اللواء 22 ميلاً. أما الناحية الثانية (أي ناحية بالك فجبلية ومركزها قرية (كاتي رش) المتاخمة للحدود التركية والتي تبعد عن شرقي مركز القضاء 32 ميلاً ونظراً لأهمية هذه القرية من وجهة الأمن العام، ولوقوعها على الحدود، شيدت الحكومة فيها صرحاً فخماً. وأما الناحية الثالثة فهي (براودشت) ومركزها قرية (باتاس) التي تبعد عن جنوبي مركز القضاء 22 ميلاً وهي لا تختلف عن بقية القرى من حيث النظافة وطرز البناء. مياه اللواء ليس في اللواء أنهار عظيمة غير الزاب الكبير الذي هو الحد الطبيعي الفاصل لواء أربل عن لواء الموصل. إلا أن فيه أنهاراً صغيرة كثيرة تتفجر مياهها في الجبال التي تكثر في اللواء فتنشئ مجاري صغيرة بعضها في الأنهار العامة والبعض الآخر يجري إلى الكهاريز التي يأخذ منها الأهلون مياههم. والكهاريز آبار يتصل إحداها بالأخرى بمجرى تحت الأرض يستوعب عرضها رجلاً. وهذه الآبار محفورة تحت الأرض إلى عمق يتراوح بين الستين والثمانين قدماً

وتبعد الواحدة عن الأخرى مائة قدم أو أكثر والكهاريز قديمة وليس اليوم من يتقن عملها وهي في اتجاه واحد. وفي ناحية شقلاوة وقضاء راوندوز وكوي سنجق أنهار صغيرة تنشأ من الينابيع الجميلة التي تكثر هناك وفي قضاء راوندوز شلال يقال له (بي خال) ويقع في مضيق راوندوز، وينحدر الماء منه على ارتفاع ستة أمتار إلى سبعة، فيسيل في واد جميل جداً بمنظره الطبيعي. وفي قضاء رانية نحو 18 نهيراً يتكون ماؤها على النحو الذي ألمعنا إليه آنفاً. عشائر القضاء عشائر لواء إربل كثيرة. وقد أحصت الحكومة نفوس بعضها وبقي البعض الآخر بلا إحصاء وربما كانت معظم هذه العشائر من أصل كردي، ونحن نذكر أسماءها هنا اعتماداً على المصادر الرسمية فعشائر اللواء الآن هي: ديزي (أو ده زي) - (طي - سنبس) وهما عربيتان - نرمك - يولي - بابولي - هركي - سورجي - خوشناو - خيلاني - زراري - مندمره - بيران - أكو - منكور - كردي - لك - سيان - مامه سي - فقي خلي - بالكي - شيوه زور. نتاج اللواء مزروعات لواء أربل كثيرة ومتنوعة، أهمها: الحنطة، الشعير، الأرز العدس، الماش، القطن، الحمص، التبغ، الخضراوات التي تنمو في بقية الألوية. وينمو فيه البلوط والفستق والجوز والعفن بأنواعه، ويصدر قدراً من هذه الغلات لتباع في بقية الأسواق العراقية، كما أنه يصدر بكثرة الصوف والجبن والسمن والجلود على اختلاف أنواعها ولا سيما جلود الحيوانات الوحشية وكذلك الخشب. ويستورد الثياب (الأقمشة) والشاي، والسكر، والبن وسائر الضروريات التي يحتاج إليها العراقيون. وتقدر واردات الحكومة بمليون ونصف مليون ربية فقط. السيد عبد الرزاق الحسني (لغة العرب) تعرف اربل في الرقم المسمارية البابلية الآشورية باسم أربا ايلو

(أي مدينة الربعة الآلهة). وذكرتها الرقم الفارسية القديمة باسم (أربيرة) وقد جاء ذكرها في الأسانيد التاريخية الآشورية منذ المائة التاسعة قبل المسيح ولم يكن لها ذكر سياسي خاص أبداً إنما كانت خطورتها متوقعة على وجود مقدس شهير فيها على أسم المعبودة (اشتر) وذلك قبيل عهد الكيانيين. فكانت أربل من هذا القبيل مثل ذلفس في الآشورية القديمة وكان تفوق أربل على ذلفس بموقعها لأنها كانت ملتقى طرق القوافل ولهذا حفظت اسمها بحالته إلى يومنا هذا لأنه كان على السنة التجار والمكارين والرحالين، بينما أن سائر أسامي مدن أشور اضمحلت شيئاً بعد شيء (راجع معلمة الإسلام في مادة اربل ونوجه الأبصار هنا إلى أن معلمة الإسلام هذه غريبة في ذكرها للألفاظ العربية، فمرة تجدها بموجب اللفظ العامي ومرة بحسب اللفظ الفصيح وتضبط بعض الكلم العربية ضبطاً يوافق لسان الترك كما فعلت في كركوك إذ ذكرتها في مادة كركوك بكسر الكاف الأولى أي ومرة تضبطها العوام لها كما فعلت في ضبط العقال (راجع ما كتبناه في مجلتنا 8: 540) إلى غير ذلك من الغرائب التي لا يهتدي إلى حقائقها إلا بشق النفس، وكان الأجدر بها أن تجري على أسلوب واحد مطرد هو الأسلوب الفصيح. أما لفظ العوام الحالي لاربل فهو (ارويل) (بفتح الهمزة بعدها راء ساكنة فواو مكسورة يليها ياء مثناة تحتية ساكنة وفي الآخر لام) وبعضهم يقول: (أربيل). ومما كان يحسن بها أيضاً أن تذكر في المادة التي هي مظنتها الفصيحة إشارة إلى أن المادة الفلانية ترى في مادة كذا حتى لا يضيع الوقت على من ينقر على ضالته من الألفاظ. ومن غريب المر أنك إذا بحثت عن وهو أسم أربل عند الإفرنج جميعاً لا تراها في مظنتها، فيخيل إليك أن المعلمة لم تبحث عنها. والحال أنك تجدها في وهذا عيب - لو يعلمون - كبير فذكرهم به فلعلهم. يرعوون! فينبهون عليه في الملحق الذي ينشر في آخر السفر المذكور.

اللغة العامية العراقية

اللغة العامية العراقية 6 - الصفة المشبهة باسم الفاعل تشتق الصفة المشبهة عند العامة من الفعل الثلاثي ولها أمور خاصة بها: 1 - أنها أن كانت على فعلان، تؤنث بالتاء فلا يقولون في مؤنث العطشان (عطشى) بل يقولون (عطشانة) فالشذوذ الذي أشار إليه الفصحاء في مثل (أدمانة) و (كسلانة) اتخذته العامة قاعدة مطردة مثل نعسانة وفرحانة وزعلانة. 2 - أنها تصاغ على فعلان وفعلانة وان لم توافق القياس الفصيح، فيقال: (وهمان وهمانة)، و (تعبان تعبانة)، و (عميان عميانة)، و (غلطان غلطانة)، و (خربان خربانة)، أي خرب وخربة و (وجعان وجعانة)، و (كبران كبرانة)، و (صغران صغرانة) الخ. . . وهم في الحقيقة لم يخرجوا عن الذوق العربي. ففي الفصيح (فرح فرحان) و (كسل كسلان) و (زعل زعلان) و (لهف لهفان). وفي المثل: (إلى أمة يلهف اللهفان). و (عطش عطشان) و (سهر سهران)، وما لا يحصى وفيه توهن لقصر العلماء الأوزان على معان دون آخر، وعلى ذلك أكثر السوريين فأنهم يقولون (شربان وشربانة) وقد سرت هذه الكلمة في العراق. 3 - أنها لا تصاغ عندهم على (فعلة) بفتح الفاء وكسر العين معاً للمؤنث بل بتسكين العين مثل (هرمة وعرمة) وجسرة والعجب أنهم لا يقولون للمذكر: (هرم) ولا (عرم)، ولكنهم يقولون (جسر (بفتح الجيم وكسر السين) وهذا من الاستعمالات المقيدة. 4 - أن الصفة على وزن أفعل مثل اسود، وأحمر، واغبر، وأثول، وأعمى تؤنث عندهم بالتاء فيقال (سودة وحمرة وغبرة وثولة وعمية) ويقولون في الحبلى (حبلة)

بكسر الحاء لاستثقالهم الضمة أو من جراء التحريف. وكل أسم فاعل واسم مفعول من الثلاثي وغيره ينوب عن الصفة المشبهة أن جرد من الزمان الملحوظ في الحدث مثل (عاقل، عالم، كاتب، فاهم، محبوب، معزوز، مكتول، مكرود، امبغل (بكسر الغين المشدودة)، وأمكسر (بفتح السين المشدودة). والعجيب أن العامة إذا وصفت جمعاً، بالصفة المشبهة من وزن (أفعل، وفعلاء): فتجمع الصفة على قاعدة العرب نحو (طيور صفر) و (بيارق حمر) و (ثياب بيض) وهلم جرا، بينما ترى المتفاصحين من أبناء عصرنا يتابعون في مخالفة هذه الفصاحة، فما ضرهم لو اقتدوا بالعامة؟. 7 - اسم التفضيل ليس في استعمالهم اسم التفضيل ما يستوجب الكلام، سوى أنهم يفضلون مما صفته على وزن أفعل، فيقولون: (هذا أسود من ذاك)، و (ذاك أبيض من غيه) وقد وافقوا الكوفيين في السواد والبياض وجاوزوا فقالوا: (أحمر من هذا) ولكنه قليل ومؤنث اسم التفضيل لا يستعملونه وقد يجمعونه فيقولون: الأكابر. 8 - النسبة إذا أرادوا النسبة إلى اسم، ألحقوا بآخره ياءاً مخففة، لا مشددة، مع تغييرات في الغالب هي: 1 - أنهم إذا استقلوا أحرف الكلمة واستخفوها حذفوا الزيادة وحولوه إلى وزن (فعلاوي) فيقولن: (حنطاوي) للحنطى، و (بصراوي) للبصري و (مصلاوي) للموصلي)، و (كظماوي) للكاظمي، منسوباً إلى الكاظمية أو الكاظم، وأما (بهرزاوي) للبهرزي فلم يحذفوا منه و (عزاوي) للعزي منسوباً إلى العزة (بفتح العين) وشركاوي) للشرقي، و (مكاوي) للمكي، فإذا لم يستخفوا الكلمة مثل: (بغداد) و (الكرادة) رجعوا إلى الأصل فقالوا: (بغداد) و (كرادي). واقتبسوا من الترك إقحام اللام فقالوا: (شاملي وحلبي واستنبوللي وأرضروملي وكركوكلي) والإقحام الآن مائل إلى الموت. ومما شذ عن قاعدتهم ورجع إلى الفصيح قولهم (عربي) بضم العين و (عجمي) بكسر العين وهذه النسبة في الأسماء الجامدة عدا المصدر.

2 - إذا أرادوا النسبة إلى مصدر الفعل الثلاثي كالوقوف، والركض، والقعود، وأتوا باسم فاعله للمبالغة على وزن (فعال) كشداد والصقوا به الياء. فيقولون: (وكافي، وركاضي، وكعادي) وهو من غرائب النسبة. 3 - وقد ينسبون المذكر إلى المؤنث فيقولون: عمياوي) و (خضراوي) و (حمراوي) وقد يصغرون الاسم لأجل النسبة. 4 - وإذا نسبوا إلى (أفعل) من الألوان زاده ألفاً ونوناً فقالوا (اسمراني وأبيضاني، وأحمراني، وأصفراني). وكثيراً ما يستغنون عن النسبة بقولهم (من أهل كذا) فيقولون للكركوكي (من أهل كركوك)، وللحلي (من أهل الحلة)، وللدلتاوي (من أهل دلتاوة) ولم اسمع العامة يقولون: (دلتاوي). مصطفى جواد (لغة العرب) بهذا الفصل تم كتاب القواعد والأحكام المتعلقة بلغة العوام العراق. فقد جمع ووعى. وكان قد سبق الألمان والفرنسيون أبناء وطننا في وضع كتب لهذه اللغة العامية العراقية، لكنهم لم يجمعوا فيها ما جمع أبناء العراق كالأستاذ الرصافي ولا سيما ما قيده الأستاذ مصطفى جواد، فأن ما سجله الصديق الأخير أحوى للمطلوب وأجمع له. فنشكر لهما أياديهما البيض على ما نمقا وحوراً واقدم تصنيف وضع عن اللغة العامية في ما بدأ لنا هو كتاب تقويم المفسد والمزال عن جهة معنى كلام العرب لأبي حاتم المتوفي بين سنة 248 وسنة 255 وقد ذكره التاج في مادة شغل ومن العجب أن الحاج خليفة لم يذكره في كشف ظنونه ومما يجدر ذكره هنا ما ورد في معجم ياقوت البلداني في مادة أربل. قال: (وقد كان اشتهر شعر أنوشروان البغدادي المعروف ب (شيطان العراق الضرير) فيها (في اربل) سالكاً طريق الهزل راكباً سنن الفكاهة مورداً ألفاظ البغداديين والأكراد: ثم إقلاعه عن ذلك والرجوع عنه ومدحه لأربل وتكذيبه نفسه. . . ثم سرد شيئاً من تلك القصيدة وفيها كلم عامية عراقية بلفظها الحالي ومعها ألفاظ كردية مضحكة ومن أحب الوقوف فليراجعها في مادة اربل من معجم البلدان.

فوائد لغوية

فوائد لغوية العربة وأصلها ليسمح لنا القراء أن نعود إلى هذا البحث، لا لخطورته، بل لنبين لهم ما يعمل الهوى في النفس إذا ران على القلب، فإنه يعمي ويصم ولا يفيد في صاحبه الرقي، ولا التغريم، ولا الإصلاح، ولا التنبيه. ذكرنا في مجلتنا (8: 286) أن العربة تركية الأصل، وهي في هذه اللغة (أرابه، أو أربه، أو أره به) أو نحوها. ولم يكن هذا الرأي رأينا الخاص بنا، بل رأي لغويي الترك على اختلاف منابتهم، والمستشرقين على اختلاف أقوامهم بل رأى كل أديب عني باللسان التركي. والظاهر (أن الأب جرجس منش لم يرقه ذلك فعاد في مجلة المجمع العلمي العربي يؤكد أن العربة. . . سريانية الأصل) (؟ كذا) (راجع مجلة المجمع 10: 371 إلى 377) زاعماً أنه لا يقول بهذا الرأي عناداً ولا مكابرة ولا إصراراً بل (إخلاصاً للقصد (؟) ووفاء للأمانة حقها (؟) في بيان الحقيقة) (كذا). . . (ص 377). على أن فساد هذا المقال ظاهر لكل ذي عينين. وأن كانتا قائمتين، لعدة أسباب منها: 1 - كانت الأربة (العربية) معروفة في ديار الترك قبل أن يتصلوا بأمة من أمم الأرض لأن بناءها في غاية السذاجة والبساطة إذ تتقوم من خشبات موضوعة على عجلتين (دولابين) يجرها ثور أو دابة أياً كان. ويحمل علها الأحمال المختلفة. ووجود هذه الأربة (العربة) في ديارهم من الضروريات لطبيعة الأرض التي خلقوا عليها، ولأن تربية الثور عندهم من اسهل الأمور عليهم وأوفقها لمعيشتهم. 2 - ما كان أغنى الأب منش عن أن يكلمنا على تاريخ اتصال الترك بالسريان (؟ كذا أي بالأرميين) في حين أن لا فائدة في ذلك البسط الطويل العريض

الممل، ولو كلمنا على بدء خلق الترك منذ عهد آدم وحواء ثم من عهد نوح ثم من عهد يأجوج ومأجوج لكانت الفائدة أعظم وأوفى بالمقصود (!!!). 3 - استشهد بكلام أحمد وفيق باشا وهو عليه لا له. أن الباشا المذكور ذهب إلى أن الكلمة تركية أنصاب ويجب أن تكتسب (أربه أو أرابه) أي بلا عين لأن ليس في حروف هجاء الترك عين، فاستنتج حضرته من هذا: (أن أحمد وفيق باشا لما رأى لفظة (عربة) مدونة في اللغة التركية بها الرسم، قال: عربة خطأ محض وعلل ذلك مبرهناً عليه بقوله: لأن حرف العين لا وجود له في اللغة التركية فلفظ عربة غير تركي لأنه مبدوء بحرف العين الذي لا أثر له في التركية) (مجلة المجمع 10: 376)، فيا حضرة الأب: أن هذا الكلام معناه (أن ترسم العربة بالهمزة أي أربه أو أرابه أو أره به) خطأ لأنها تركية وليس للترك عين فكيف استنتجت العكس والعبارة واضحة لا أمت فيها ولا أود ولا عوج فلله درك ودر علمك!. وهذا الرأي وهو القول بأن أربة (عربة) تركية رأي جميع لغويي الترك. قال أسعد أفندي شيخ الإسلام في ديوانه (كتاب لهجة اللغات في التركية والعربية والفارسية المطبوع في الآستانة 1216هـ في ص 53: (أره به عربس عين مهملة جيمك لامك فتحة لري آخره هاء وقف أيله عجله در). وقال شمس الدين سامي فراشري في كتابه (قاموس تركي) المطبوع في دار السعادة سنة 1317 ج1: 26 (أرابه اسم (عربة) صور تندة تجريري غلط فاحشدر). وفي (لغات علمية وفنية) لمؤلفيه نجيب عاصم وحسن تحسين المطبوعة في دار السعادة في سنة 1308 في ج 1: 145: أرابه غلط أوله رق (عربه) دخى يا زلمقده در). وفي (رسملى قاموس عثماني لصاحبه علي سيدي المطبوع في الآستانة سنة 1327 ص 682: (عربه (تركجة اسم) أرابا، أرابه. (أرابه كلمة سي تركجة أولوب، تركي الفباده أيسه عين أو لمديغندن بوني الفله يا زمق لازمدر) ومعناه: أرابه كلمة تركية ولما كانت حروف الهجاء التركية خالية من العين

وجب رسم الكلمة بالألف (أي بالهمزة) اهـ. وفي عثمانليجه دن فرانسزجه يه جيب لغاتي لمؤلفه سعيد نصرت حلمي المطبوع في استنانبول سنة 1887 ص 637 ومعنى أن اللفظة عربة تركية ولا نريد أن نزيد على هذه الشهادات فأنها أكثر من أن تحصى وكلها موشاة هذا الوشي بلا أدنى اختلاف. هذا من جهة شهادات الترك أنفسهم. وأما شهادة المستشرقين فمنها: كتاب الدر العمانية في لغت العثمانية وهو ملحق بالمعجم التركية لمؤلفه بربيه دي مينار طبع باريس في سنة 1881 ويباع عند أرنست لرو الناشر. في الجزء 1: 30 ما معناه: أرابه ويكتبها العوام خطأ عربه هي العجلة). وفي المعجم التركي العربي الفارسي لمؤلفه جول ثيودور زنكر طبع لبسيك 1866 ج1: 23 أرابه كلمة وتكتب أره به وقد تكتب خطأ عربه هي العجلة اهـ. وفي معجم فلرس الفارسي اللاتيني المطبوع في بون سنة 1864 ج 2: 564 عربه وعرابة كلمة تركية استعملها الفرس وذكرها مننسكي في معجمه المطبوع في فينة في سنة 1780م. وفي معجم اشتنجاس المطبوع في لندن في 1892 في ص 32 أرابه تركية بمعنى عجلة وهذه الشهادات لا نهاية لها وكلها تدق على وتر واحد لتسمعك نغماً واحداً ثم راجع معجم كيلكيان التركي الفرنسي إلى غيره. ودونك شهادة أحد أبناء لغتنا: قال محمد علي الأنسي باشكاتب محكمة بداية بيروت في كتابه الدراري اللامعات في منتخبات اللغات المطبوع في بيروت في سنة 1318 في ص 14: أرابه عجلة (عربة) قلنا: والمؤلف ينبه على فارسية اللفظ فيكتب (فا) إذا كانت فارسية. ويكتب إذا كانت عربية. أما إذا كانت تركية الأصل فلا ينبه عليها بحرف. فنتج من هذا أن الكلمة تركية في نظرة. ونجتزئ بهذه الشواهد. وإذا كان لأحد نص يذكر بأن الكلمة غير تركية أو عربية أو أرمية فلينبهنا وعلى اسم المؤلف وكتابة والصفحة الواردة فيها ونص العبارة وإلا فأن الاستنتاج الشبيه باستنتاج الأب منش عقيم مردود من

كل جهة إذ (هو عيير وحده). من المسلم عند علماء اللغة وفقائها وفلاسفتها أن الكلمة إذا انتقلت من لغة إلى لغة تنقل بمعناها الأصلي أولاً، وقد يضع لها من أدخلها لغته معنى جديداً غير معروف في اللغة الأصلية. ولذلك شواهد كثيرة نذكر منها البهرام والجوهر واللجين إلى غيرها. فقول حضرة الأب منش: (فلا يستغرب إذا اقتبس الترك مثل لفظة (عربة) عن السريان (؟!!) العراقيين وقد كانت على حبل ذراعهم. . . (ص 374) وكما توسع بها العرب ونقلوها من معنى السفينة بالماء (؟ كذا) إلى معنى سفينة البر (كذا) التي تقل الركاب، تصرف بها الترك أيضاً فنقلوها من معنى الرحى بالماء (كذا) إلى معنى المركبة) (ص 376) قول باطل فيا حضرة الأب أن العرب المولدين نقلوا العربة عن (أرابه أو آرابه أو أره به) بمعنى العجلة من الترك ولم ينقلوها عن الأرميين (الذين تسميهم ظلماً وخطأ السريان) فالذي استزلك هو مشابهة أربه وعربه لعربات، فهويت من دركة إلى دركة إلى أسفل الدركات!. 5 - لو فرضنا (فرضاً محالاً) أن (أرابه) غير تركية لكان الترك أخذوها عن العرب لا عن الأرميين، لأن اتصال العرب بالترك وبالعكس كان أكثر من اتصالهم بالأرميين وبالعكس. فأين بقي المنطق يا حفظك الله ورعاك أولم تعلم أن العرب اتصلوا بالترك منذ أقدم الأزمنة؟. 6 - أن عربة بهذا الرسم (أي بالعين) لا تمث إلى أصل تركي بنسب إنما تمت بإرابة. ومعاجم الترك غير مبنية على الأصول والمواد. إنما مبنية على أفراد الكلم. هذا فضلاً عن أنهم لم يضعوا دواوين واسعة مفصلة على مثال دواويننا اللغوية حتى يظهر النسب بين صيغة وصيغة، وإذا فرضنا فرضاً محالاً أن الإرابة أرمية الأصل فكيف تؤيد هذه المادة المعنى الشائع عنها أي معنى العجلة. 7 - لو فرضنا أن الترك اتصلوا بالأرميين وأخذوا منهم ألفاظاً، وهو أمر قد لا يستغرب - لأخذوا الألفاظ بالأسماء الدالة على الأشياء نفسها. والمعروف أن العجلة تسمى بالرمية (عجلتا) والمركبة (مركبتا) فلماذا لم يتلقوهما عنهم وكانت جاريتين على السنة أصحابهما وفضلوا عليهما (العربة) التي لم يستعملوها

بمعناها الحقيقي الذي وضعت له بل معنى ثانياً وأدخلوها بهذا المدلول في لسانهم ففي كل ذلك من التمحلات والتقولات والتنطعات والتشدقات ما لا يخفى على أعمى فكيف على بصير؟. هذا ولا يزيد أن نزيد على هذه الأدلة، أدلة أخرى، إذ لا تحصى الشهادات على صدق أتباعنا أراء العلماء الأكابر من ترك وغربيين وعرب وهل يجوز لنا أن تتبع رأي الأب جرحبس منش وهو لا يتبع من الأقوال إلا نفاياتها ومن العبارات إلا المعفوط فيها. فقد نبهناه مثلاً أن العتاد لا يجمع على أعتاد فجاء هو وذكر لنا شهادة لسان العرب بقوله:. . . قال الدارقطني: قال أحمد بن حنبل: قال علي بن حفص: (واعتاده) وأخطأ فيه وصحف وإنما هو أعتدة) ومع ذلك تراه مصراً على إدخال أعتاد هذا الجمع المخطوء فيه والمجروح والمطعون فيه، ويجسر فيختم كلامه بقوله: (وهذا كاف لإثبات أن (اعتاد) جمع كثرة للعتاد (كذا. اسمعوا يا ناس أن أعتاداً (جمع كثرة!) فهل بعد هذا الكفر النحوي آخر؟ وهل بعد هذا الجهل جهل آخر؟. أين رأيت يا هذا أن الأعتاد جمع كثرة. وكيف أمكن لأصابعك أن تخلط هذا الخطأ الطويل العريض الذي يفني الزرع والضرع؟. وكيف لم تعلق عليه مجلة المجمع كلمة على هذا الخطب الجلل؟) ثم تزيده تشويهاً وتقو: (وأنه جاء في كلام القوم من أقدم الأيام. ولا أبالي بعدة سائر ما جاء به الأب انستاس من هذا النمط. . .) فالحق يقال: أتمنى أن لا تبالي كلامي ولا أعيره عيناً ولا أذناً ولا لساناً ولا ولا ولا. . . خدمة للأدب (!!!). كيف يريد حضرة الأب أن نتبعه وهو لا يستعمل في كلامه إلا التعابير المشوهة والجمل المكسرة فضلاً عن اتخاذه مجروح الألفاظ والمطعون فيها. أما المجروح من الكلم فلقد ذكرنا لك منه مثلاً كالاعتماد وجمع ما جاء على أفعال الذي يعتبره جمع كثيرة (!!!) مع أن (أفعال) من جموع القلة المشهورة. وأما التعابير المشوهة كقوله (في ص 371) أتساءل عما إذا كان أبن بطوطة. . . والمعروف المشهور أن يقال مثلاً: أسأل هل كان أبن. . . أو أسائل هل كان. . . ويسمي اللغة الأرمية: السريانية وهي تسمية كانت جائزة في عصر سابق لا في عصر التحقيق كما هو عهدنا هذا. وقال في ص 374 حينما عول العباسيون على تجنيدهم: ومراده من عول: عزم. فأين هذا من ذاك؟ وقال

في تلك الصفحة: فكان الروم والبربر تبعاً لهم ومندرجين فيهم. ومراده من ذلك: مندمجين فيهم. فحضرة الأب منش يشبه من يقول أن آكل الشعير كآكل البعير لما بين اللفظيين من المشابهة والمجانسة! وقال في تلك الصفحة: فكان الروم والبربر تبعاً لهم ومندرجين فيهم. ومراده من ذلك: مندمجين فيهم. فحضرة الأب منش يشبه من يقول أن أكل الشعير كأكل البعير لما بين اللفظيين من المشابهة والمجانسة! وقال في تلك الصفحة: فلا تقضي لها مئات أو آلاف من السنين هكذا بصيغة اللازم (يقتضي) والصواب يقتضي بصيغة ما لم يسم فاعله. وقال: (من السنين) مع أنهم صرحوا في كتبهم أن تمييز العدد لا يجر ب (من). وقال: بل لا يستغرب إذا ذكرها محمود. . . وهو تركيب ركيك. فأين نائب الفاعل؟. و (إذا) ظرف غير متصرف ولا يقبل النيابة وكرر الخطأ في ص 375 إذ قال: (فليس بمستغرب أن اقتبسوا. . . والصواب: (بل لا يستغرب أن ذكرها. . . فليس بمستغرب إذا اقتبسوا. . . وفي ص 375 كتب كوه قاف: قوه قاف وهو غلط ظاهر. وقال في ص 375 فإذا كان الأتراك القدماء. . . والصواب: الترك لأن الأتراك جمع قلة خلافاً لمدعاة. وهذا كله وأمثاله - إذ لا نريد أن نأتي على كل ما نفث به قلمه من الأوهام - يدل على أن حضرته غير راسخ القدم في ميدان القلم. على أن البلية الدهماء هي سوء فهمه الكلام فإذا قرأ كلمة (أسود) فهم معناها (أبيض) وإذا وقع بصره على كلمة (قصير) قال معناها: (طويل) إلى غير ذلك. وهذا ما يبدو لك عند وقوفك على تأويل عبارة أحمد وفيق باشا وقلب معنى عبارتنا رأساً على عقب فقد قال الباشا أن كلمة (أربه) تركية ولا يجوز كتابتها بالعين (أي عربة) لأن ليس في حروف الهجاء التركية عين. فأخذ يصرخ ويقول: يا ناس هذا معناه أن الكلمة سريانية! فبارك الله بهذا الفهم. وقلنا: (في حاشية ص 286 من هذه السنة الثامنة): (عفارم) وفي التركية (أفرين) إلى غيرها من الألفاظ التي يرى فيها العين في الأول أو الوسط أو الآخر وهي مع ذلك ليست بعربية) ثم استنتجنا فقلت: (افينكر أصلها الغريب الخالي من العين لأننا نقلناها في لغتنا بهذا الحرف الحلقي؟ أفتعرفون ماذا استنتج من هذا الكلام حضرة (الخوري جرجس منش عضو. . (؟) المجتمع. . . (؟) العلمي (!) وهو قول جميل جداً ولكنه لا يعد حجة للأب بل حجة عليه يؤيد به قول أحمد وفيق باشا السابق الذكر حيث قال: أن حرف العين لا وجود له

في التركية. فقال العرب (عفارم) بالعين وقال الترك (أفرين) بالألف. وعليه لا ينكر أصل اللفظ الغريب الخالي من العين، لأننا نقلناه في لغتنا العربية بهذا الحرف الحلقي، ولكنه ينكر في اللغة التركية لأن العين لا وجود لها في هذه اللغة مما لا يختلف فيه اثنان) انتهى كلام حضرة الخوري. ومن كانت تجارته بالعلم هذه البضاعة فخير لمن كان بازائه أن يقال له: (أكسر قلمك واسحقه سحقاً ولا تجادل رجلاً هذه هي درجة فهمه وإدراكه) والسلام. أوهام لبعض الكتاب 1 - قال بعضهم (الخضراوات والسوداوات والبيضاوات) مريدين: (الخضر والسود والبيض) وهم مخطئون في قولهم عند الفصحاء لأن (فعلاء) صفحة إذا كان مذكرها على وزن (أفعل) مثل أخضر واسود وأبيض فلا تجمع جمع مؤنث سالماً بل جمع تكسير وأن المذكر لا يجمع جمع مذكر سالماً بل جمع تكسير فالصواب ما قلناه وأيدناه. 2 - وقالوا (بصفتي نائباً وبصفتي وزيراً وبصفتي مديراً) بجعل المصدر مضافاً إلى مفعوله (ياء المتكلم) وجعل الحال (نائياً ووزيراً ومديراً) وما ذلك إلا غلط فظيع فاحش قد تداولته الألسنة التي لم تعتد فصاحة العرب إذ يقال: (مدحني الناس بأن وصفت نائباً) فأنا (ممدوح بصفتي نائباً) أي بوصفي نائياً. ومن هذا يظهر الغلط الفاحش للمدرك أسرار العربية فالصواب: (لكوني نائباً ولكوني وزيراً ولكوني مديراً). 3 - وقال واحد (الأصول الفني) معتقداً أن الأصول مفرد كالحصول وما هو إلا جمع (أصل) موازن (قصر) فالصواب: (الأصول الفنية) أما القول عن المفرد فهو (الأصل الفني). 4 - وقال أحد الناس: (كلا فلان وفلان) والصواب (كلا الرجلين) لأن (كلا) لا تضاف إلا إلى (المثنى) لفظاً أو معنى أو ضميره مثل (حضر الرجلان (كلاهما) ومثلها (كلتا). مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة ماء السمرمر كان أحد علماء الألمان في برلين سألنا أن نفيده عما نعرف من أمر ماء السمرمر الذي رأى ذكره في كتاب تاريخ حلب للطباخ (راجع لغة العرب 8: 539) فذكرنا ما كنا نعرفه في هذا الباب، وفي اليوم الذي كتبنا الجواب سألنا ثلاثة من علماء إيران أن يفيدونا عما لهم من الإطلاع في هذا الموضوع. فجاءنا جواب أحدهم وهو العلامة الجليل سعيد نفسي وقد كتب إلينا ما هذا تعريبه: (أن ماء السمرمر الذي ذكر في السؤال هو ماء معدني يعرف في إيران باسم: (آب مرغان) أي ماء الطيور، وفي الفارسية العصرية: (آب سار) أي ماء السمرمر. ويزعم أن هذا الماء يجلب الطائر المعروف في فارس باسم (سار، شار شارك، شارو، ساري) وهذه الألفاظ تعني الزرزور بالعربية وبالفرنسية وباللاتينية وهذا الطائر حريص على الجراد وهو عدوه الأزرق ويتلف منه شيئاً كثاراً. والفلاحون الإيرانيون يعرفون هذه الحقيقة منذ القرون المتباعدة في القدم ولهذا يرشون منه في الأرضين التي يظن أنها مرعى للجراد وذلك ليجلبوا إليها هذا الطائر المعادي لذلك الضيف الثقيل الوطأة. وماء السمرمر ماء معدني يحوي مواد تجلب إليها الزرزور. وفي إيران عدة عيون منها: 1 - أقدم عين معروفة عين سميرم أو شميرم (بالسين المهملة أو المعجمة) في أرض لرستان وقد ذكرها زكرياء بن محمد بن محمود القزويني صاحب كتاب عجائب المخلوقات وطبع على هامش حياة الحيوان الكبرى للدميري. راجع هذا الكتاب النسخة المطبوعة في القاهرة في سنة 1311: 260 و261 وذونك عبارته بنصها: (عين شميرم وهي ناحية بين أصفهان وشيراز، بها مياه مشهورة

وهي من عجائب الدنيا. وذلك، أن الجراد إذا وقع بأرض يحمل من ذلك الماء إليها بشرط أن لا يوضع الظرف الذي فيه ذلك الماء على الأرض، ولا يلتفت حامله إلى ورائه فيتبع ذلك الماء من الطير السود، (قلنا: هو السوادية لا الطير الأسود لأن السوادية هي الزرزور) عدد لا يحصى، ويقتل الجراد. وهذا مجرب ولقد وقع بأرض قزوين جراد كثير، وأكل جميع زرعها، وباض فبعث أهل قزوين لطلب هذا الماء فجاءوا به، فجاء الطير خلفه وأكل الجراد جميعه) اهـ. كلام القزويني. ومن المصنفين الذين ذكروا هذا الماء حمد لله المستوفي القزويني في كتابه نزهة القلوب. قال: (راجع نزهة القلوب. طبعة جب سنة 1913 ص 280): (في سميرم، من أعمال لرستان، عين في مائها خاصة عجيبة وذلك أن الجراد إذا نزل بأرض يذهب اثنان من الرجال لم يشرب أحدهما مسكراً والثاني لم يزن ويأخذان ماء من تلك العين ويأتيان به إلى مرعى الجراد بشرط أن لا يوضع الإناء في الأرض. فتتبع الزرازير ذلك الماء وتهجم على الجراد. وهذا الأمر معروف في كل مكان. ويزعم أن سليمان الحكيم تحدي الجراد الفساد لأنه أخذ ماء من هذه العين أمام شاهد وأمر الزرازير أن تتلف الجراد إذا حاول هذا الضرر بموطن ومن ذيالك الحين عرفت خاصية هذا الماء) اه كلام المستوفي. والعين الأخرى التي ذكرها الكتبة هي التي ترى بجوار شيراز. والثالثة هي الموجودة في قهستان. والرابعة هي الموجودة في جوار قزوين. وهي التي يذهب إليها الناس في هذا العهد. والبائن أن الناس لم يعرفوها منذ القدم لأن القزويني والمستوفي (وكان هذا أيضاً من قزوين)، لم يذكراها البتة. وهذه العيون الأربع ترى في الأودية هذا ما عن لي وأنا في مصيفي بعيداً عن كتبي. وفيه المجزأة. قلهك طهران (إيران) في تموز 1930. سعيد نفسي (لغة العرب) نشكر الأستاذ نفسي زاده على تفضل به علينا. ولا شك في أنه أصاب المرمى ولعل الماء الذي ذكرناه في الأهواز النابط من عين هناك هو من هذا القبيل. لأن الثقة اخبرنا بذلك وهو ممن يعتد على كلامه.

الحكومة العراقية والمخطوطات

الحكومة العراقية والمخطوطات كتب إلينا أحد علماء المستشرقين الإيطاليين في رومة وهو الأستاذ جورجيو ليفي دلافيدا يقول: (أود أن أرى يوماً الحكومة العراقية تحقق أمنية تجول في خاطري وخاطر كل محب للعرب ولغتهم وهي أن تخلد لها اسماً نابهاً بأن تأمر وتجمع في كتابهم عام اسامي جميع المخطوطات التي ترى في مدنها سواء أكانت تلك المخطوطات عامة أم خاصة من غير أن تنزعها من أصحابها أو من مواطنها من مدارس أو جوامع أو بيوت خاصة فإذا تم العمل يرى كل أديب ما للناطقين بالضاد من الفضل على العلم والفن والرقي في سابق العهد ويتبين له ما في دولة الملك فيصل الأول من الكنوز العلمية المدفونة بين دفات المهارق، فضلاً عن الكنوز المخفية في بواطن أراضيه. وبهذه الصورة يتحلب العلماء وأهل التحصيل إلى العراق ويشدون إليه الرجال، لتكون هذه المخطوطات مجلبة للأجانب فينتفع بأسفارهم أهل العراق أنفسهم. وبهذه الصورة أيضاً يكون العراق داراً للعلماء من غربيين وشرقيين. وأن لم يتمكنوا من السفر إلى ديار أكد وشمر القديمة يستنسخون تلك المخطوطات نسخاً أو تصويراً فيكون هذا الأمر مرتزقاً آخر لبعض أهل الأقلام أو التصوير من العراقيين. فعسى أن نسمع عن قريب بنهوض العراق وأخذه بهذه المهمة الأدبية التي تبقى الأثر الحميد الملك العراق ولحكومته وينفتح باب جديد لرزق بعضهم ويعود العراق إلى مجده السابق أي يجلب إليه العلم من كل حدب وصوب فعسى أن تتحقق هذه الأحلام. رومة في 29 أيار سنة 1930 جورجيو ليفي دلافيدا أستاذ اللغات الشرقية في جامعة رومة العظمى التصوف وأصل اشتقاق اللفظة قرأت في معلمة الإسلام الفرنسية العبارة كلاماً للعلامة لويس ماسنيون ذاهباً إلى أن التصوف مصدر تصوف بمعنى لبس الصوف. وقال: (لتنبذ سائر الآراء في أصل هذا الاشتقاق)، ونحن لا نرى رأيه لأنه مخالف لمزايا لغتنا ونرى أن الأصل مشتق من اليونانية كما رأيتم. أما أن السين اليونانية لا تقلب صاداً عربية فأمر مضحك. فما قوله في الصابون والأصطبل والمصطكي والبغلصون وعشرات غيرها)؟. ب. م. م

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة نصيبين أو نزيب س - المنصورة - سيد علي مدير شركة التعاون بالمنصورة: أرجوكم أن تفيدوني عن حقيقة اسم البلدة المعروفة في كتب الإفرنج باسم (نزيب) التي تقع في غريب بيره جك (البيرة)، الواقعة على الضفة اليمنى من الفرات أفهي التي تسمى في صيح اللغة (نصيبين)؟ الواقعة في الجزيرة، أم أن (نزيب) مدينة أخرى؟. ج - ليس هناك أدنى شك في أن نصيبين الواقعة في الجزيرة هي نفس (نزيت) عند الإفرنج. فأنك إذا ذهبت الآن إليها تسمع الإفرنج يسمونها: (نزيب) والعرب يسمونها (نصيبين) ومن البلاء أن بعض الموظفين العرب في سكة حديد البليدة أخذوا الآن يسمونها أيضاً (نزيب) تشبهاً بالإفرنج كما أن بعض البصريين يسمون المحلة القديمة المعروفة بنهر معقل (ماركيل) وما ذلك إلا لأن رحالات الإنكليز سمعوا أهل البلاد يقولون معقل (بفتح الميم وكسر القاف) ولم يتمكنوا من لفظ العين فقالوا (مركل) ثم جاء بعدهم من قال ماركل أو ماركيل. وهكذا جرت اللفظة على الألسن وكلاهما من أقبح التصحيف فيجب أن يقال (نصيبين) و (معقل). ونصيبين تكتب بالفرنسية واسمها عند الرومان: أنطوكيا مغدونيس وذكرت في التوراة باسم (صوبه) أو (صوبى) (سفر الملوك الثاني 8: 3) وهي واقعة في جنوب طور عبدين المسمى عند الغربيين مازيوس ويذهب أهلها إلى أن مؤسسها كان نمرود. وكان لوقلس انتزعها من ديجران وأصبحت بعد ديوقلطيانس إلى عهد

يوفنيانس من أحصن قلاع الرومان في الشرق الأدنى ثم سلمها يوفنيانس إلى الفرس. والمدينة واقعة على الفرات واشتهرت في سنة 1893 بانتصار إبراهيم باشا على الترك. وكانت نصيبين في صدر عهد العباسيين وقبيلة حاضرة (بيت عربايا) ولها في التاريخ شهرة عظيمة. أما ضبط الكلمة عندنا نحن العرب فهو - على ما جاء في معجم ياقوت - (بفتح النون وكسر الصاد يليها ياء ساكنة بعدها باء موحدة تحتية مكسورة وياء مثناة تحتية ساكنة فنون في الآخر) وذكرها مستفاض في كتب أخبار العرب والإفرنج وهي اليوم نقطة سكة الحديد تجمع بر الأناضول إلى العراق وقد دخلناها وسمعنا هناك باسمها الإفرنجي نزيب من العرب والإفرنج وسمعنا به من العرب الأقحاح: نصيبين. حبة الشرق أو حبة بغداد أو اللشمانيوز س - سملا (الهند) الدكتور س. هـ. ولسن - قرأت ما كتبتموه عن حبة بغداد في مجلتكم لغة العرب (8: 449) ومن العجب أنكم خالفتم هذه المرة ما عودتمونا إياه من ذكركم للاسم الفصيح بجانب الاسم الشائع. فما اسم هذه الحبة عند قدماء العرب - وهل كانت موجودة في ديار العراق في عهد الآشوريين أو البابليين؟. ج - نظن أن لهذه الحبة أسماء عديدة في العربية الفصحى. من ذلك العد (بضم فتشديد) وهو شبه جمع والواحدة عدة، قال في التاج: (والعد والعدة بضمهما بثر) يكون في الوجه. عن أبن جني وقيل: هما بثر (يخرج في) وفي بعض النسخ على (وجوه الملاح). يقال: قد استكمت العد فأقبحه أي أبيض رأسه فأكسره. هكذا فسروه اهـ. ومن أسمائها الوحص. قال في التاج: (الوحص: البثرة تخرج في وجه الجارية المليحة) عن ابن الأعرجي اهـ. وربما هناك غير هذين اللفظيين. أما وجودها في العراق منذ أقدم الأزمنة فقد نقل في كتاب: رفائع عن السحرة والمنجمين في الرقم 25 25. ما هذا تعريبه: (أما ما يتعلق بداء الجلد فأن الملك لم يكلمني عنه صريحاً، فهذا الداء يدوم سنة واحدة وكل من يصاب به يشفى منه. وعليه فقد شاع الآن أن الحبة تدوم سنة واحدة) اهـ.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد مطبوعات إيران (تتمة) 5 - كتب الأدب واللغة العربية ألفية - ابن مالك - طهران 1288. أنوار الربيع - لصدر الدين المدني - طهران 1304. البهجة المرضية في شرح الألفية - لجلال الدين السيوطي - تبريز 1286. التصريح في شرح التوضيح - لخالد أبن عبد الله الأزهري - طهران. جامع الشواهد - لمحمد باقر بن علي رضا - طهران 1279. جامع المقدمات - طهران 1280 و1297 و1298. حاشية على شرح السيوطي - لميرزا أبي طالب الأصفهاني - طهران 1273 و1275. حاشية علي مختصر التلخيص - لحامد الخطائي - طهران. السامي في الإسامي - لأبي الفضل أحمد بن محمد الميداني - طهران سوانح الفكر - للدكتور سليمان غزاله - طهران 1915. سوانح الكلم - للدكتور سليمان غزالة - طهران 1915. شرح الأنموذج - لحمد بن عبد الغني التبريزي - تبريز 1296 وطهران 1272. شرح التجريد - لمحمد الفرسي - تبريز 1301. شرح الديوان لعلي بن أبي طالب - للقاضي الميبدي 1285 شرح الشمسية - لمير سيد شريف الجرجاني 1247. شرح الصمدية - لميرزا علي خان الشيرازي - طهران 1276 و1307. شرح الصمدية - لصدر الدين الهمذاني 1276. شرح القوانين - لمحمد حسين القمي - طهران 1303. شرح الكافية - للشيخ رضى الأسترابادي

طهران 1271. شرح المطالع - لمحمد بن محمد الرازي - طهران 1314. صحاح اللغة - لأبي نصر اسمعيل أبن محمد الجوهري - طهران 1276. قاموس اللغة - لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي - تبريز 1289 وطهران 1246. مجمع الأمثال - لأبي الفضل أحمد أبن محمد الميداني - طهران 1290. مجمع الأمثال - لحسين بن أبي بكر طهران 1290. مجمع البحرين - لفخر الدين بن محمد علي النجفي - طهران 1244 وتبريز 1276 و1296. مجموعة رسائل في الأدب - طهران 1273 مصباح الميزان - لمحمد الطهراني طهران 1267. المطول - لسعد الدين التفتازاني - تبريز 1272 وطهران 1272 و1275 و1285 و1310. المعلقات السبع - لأبي عبد الله حسين أبن أحمد الزوزني - 1273. مغني اللبيب - لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الأنصاري - تبريز 1274 وطهران 1273 و1293. مقامات - لبديع الزمان الهمذاني 1293 و1294. مقامات - جلال الدين السيوطي - طهران 1284. مقامات الحريري - تبريز 1248 و1306 وطهران 1273 و1282. المقدمة في النحو - لأبي الحسن علي أبن محمد الضريري 1242. المنصف في الكلام - لتقي الدين أبي العباس أحمد بن محمد - طهران 1273. نهج البلاغة - للسيد الرضي - طهران 1289 وتبريز 1247. 6 - الكتب العلمية بحر الجواهر - لمحمد بن يوسف الهروي - طهران 1288. تحرير أقليدس - لبهاء الدين محمد العاملي - طهران 1298. خلاصة الحساب - لبهاء الدين محمد العاملي - طهران 1273 و1275 و1283 وتبريز 1274. السبيل الاقصد - الدكتور سليمان غزاله - طهران 1917. شرح فصول ابقراط - طهران 1301.

شرح الجغميني - لموسى بن محمد قاضي زاده - طهران. شرح الجغميني - لغياث الدين جمشيد - 1284. الشفاء - للشيخ الرئيس أبن سينا - طهران 1303. طب المنبي - لأبي العباس جعفر أبن محمد المستغفري - طهران 1293. القانون في الطب - للشيخ الرئيس ابن سينا - طهران 1286. الوجيزة النيرية في الطب - لميرزا اسمعيل قوام الحكماء - مشهد 1332. 7 - كتب التراجم والتاريخ والبلدان رسالة في مناقب آل النبي - لأبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرئيل - طهران 1596. روضات الجنات في أصول العلماء والسادات - لمحمد باقر الموسوي الخواناري طهران 1304. كتاب صفين - لنصر بن مزاحم - طهران 1300. مجمع النورين للحاج أبي المحسن النجفي - تبريز 1328. مراصد الإطلاع - لياقوت الحموي - طهران 1310. نفس الرحمن في أحوال السلمان - للحاج ميرزا حسين النوري طهران 1285. نقد الرجال - لمير مصطفى التفرشي طهران 1318. وفيات الأعيان - لابن خلكان - في مجلدين تبريز 1286. 112 - حرب العراق الجزء الثاني (معركة سلمان باك وقتال أم الطبول)، تأليف الفريق طه الهاشمي طبع بمطبعة دار لسلام في بغداد سنة 1930، في 115 ص بقطع الثمن ومزينة بست خرائط وأربعة جداول. إذا فتشت في العراق كله من شماليه إلى جنوبيه ومن شرقيه إلى غربيه طالباً رجلاً أفاد العراق منذ سنة 1914 لما وجدت امرءواً أفاد البلاد بتصانيفه وعلمه وحبه لوطنه مثل صاحب المعالي الفريق طه باشا الهاشمي رئيس أركان حرب جيش العراق، فأنه يكد ليلاً ونهاراً ليتخذ أقرب الوسائل وأنفعها لترقية هذه الديار. ولقد نشر إلى الآن خمسة عشر كتاباً وجاء هذا النتاج في آخر ما أبرزه فكره الخصب وهذا الجزء وهو صنو الأول في كثرة التدقيق وذكر الوقائع على ما جرت

وفي المقدمة التي جعلها بين يدي الكتاب نفسه لخص كل ما جاء في مطاويه وفيه من بعد النظر في الفلسفة الحربية مالا تجده إلا في المطولات لأصحاب الفن ونحن نستحسن كل الاستحسان الطريقة التي أتخذها معاليه فأنه يروي ما للترك وما عليهم. وكذلك يفعل مع البريطانيين فهو غير متحزب لقوم على قوم. ولهذا أصبحت تأليفه سنداً يعتمد عليه من يريد أن يدون حقائق عن هذه الحرب في هذه الديار. ويعول عليه أرباب فن الحرب لما حوى من النصائح الكبرى في هذا الموضوع. 113 - أطلس العراق للمدارس المتوسطة ودور المعلمين لمؤلفه الفريق طه الهاشمي وثمنه ربية وأننتان هذا الأطلس لا ينفع المدارس المتوسطة ودور المعلمين فقط. كما كتب على صدره بل لازم لجميع البيوت العراقية، بل لجميع المدارس العربية اللسان التي تريد أن تعرف مدن العرقا وما فيه من المياه والجزر والقبائل والأمم والمعادن والغلات إلى ما ضاهى ذلك. ففي هذا الأطلس الخرائط الآتية: - 1 - (خارطة تقدم أرض العراق نحو خليج فارس. - 2 - وضع العراق الجغرافي. - 3 - خارطة جزيرة العرب. - 4 - خارطة العراق الجوية. - 5 - خارطة كثافة النفوس. - 6 - الأمطار واتجاه الرياح. - 7 - الإقليم في مدينة بغداد. - 8 - درجة الحرارة. - 9 - القوميات في العراق. - 10 - أنهار العراق. - 11 - الري في العراق الأوسط. - 12 - جبال العراق. - 13 - طرق المواصلات. - 14 - العراق الزراعي. - 15 - ألوية العراق الجنوبية. - 16 - ألوية العراق الشمالية. - 17 - مدينة بغداد. - 18 - البصرة. - 19 - الموصل. - 20 - السليمانية. - 21 - كركوك. - 22 - النجف. - 23 - الديوانية. - 24 - الناصرية. - 25 - الكوت. - 26 - العمارة. - 27 - الحلة. - 28 - كربلاء. - 29 - الرمادي. - 30 - اقتصاديات العراق. - 31 - قبائل العراق. - 32 - انسحاب البحر في الزمن القديم. - 33 - العراق القديم. - 34 - جواز بغداد. - 35 - جواز سامراء. - 36 - العراق في زمن العباسيين -. فهذه الأسماء وحدها كافية لأن تبين لك منافع هذا الأطلس الذي حوى كل ما يهوى الباحث أن يعرفه عن ديارنا

ووحدها كافية لأن توضح أن شراءه لازم على كل ناطق بالضاد. 114 - أربع خرائط عراقية لصاحب المعالي الفريق طه باشا الهاشمي. كان صاحب المعالي أخرج كتاباً جليلاً للناطقين بالضاد، ولا سيما العراقيين منهم أسماءه (مفصل جغرافية العراق) ووضع له 13 خريطة أصدر منها بالطبع تسعاً وبقي منها أربع، واليوم برزت هذه العرائس من أخدارهن وإذا بهن مائسات بأبهى الحلل وأنفس الثياب، فالأولى منهن (وهي السابعة بحسب الترتيب الذي وضعه معاليه) خارطة العراق الاقتصادية والثانية (الثامنة) لقبائل العراق والثالثة (التاسعة للعراق القديم. والرابعة (العاشرة) للعراق في العصر العباسي. وقد صنعت كلها في مديرية المساحة العامة في بغداد فجاءت متقنة كل الإتقان). ولا عيب فيها سوى أن الأعلام لم تراع مراعاة صحيحة فصيحة مثال ذلك في خريطة القبائل: الخزرج، إبراهيم، الأزيرج، أبو سيود، جبور. . . وعندنا لو يقال: الخسرج (لأن هؤلاء لا صلة لهم بالخزرج الذين كانوا في الحجاز) الإبراهيم، الأزيرق البو اسيود، الجبور. . . وخريطة الاقتصاديات خالية من كل عيب أما خريطة العراق في زمن العباسيين ففيها: أرمنية أذربيجان، أهواز كوفة داقوقة، موصل، سيمساط. . والمشهورة في الكتب التاريخية والبلدانية ارمينية، آذربيجان، الأهواز، الكوفة، دقوقاء، اتلموصل، سميساط. . . وجاء في خارطة العراق القديم: بلاد مديه، داوق، نهر الملكا، بسميه، نيفر جوخه. أرخ. . والمعروف: بلاد ماذي، دقوقاء، نهر ملكا أو نهر الملك بسمى، نفر، جوخئ الوركاء. . وما عدا هذه الهنوات فالخرائط جيدة يحتاج إليها كل عراقي. 115 - برنامج الجمعية الخيرية المارونية تحت حماية سيدة مونليجون بحلب هو خلاصة دخل وخرج هذه الجمعية المارونية عن سنة 1928 و1929 وقد بلغ الدخل في سنة 1929 ما قدره 4139 غرشاً ذهباً والخرج ما قدره 2770

غرشاً ذهباً فتكون النفقات نحو سبعة أضعاف الدخل ومع ذلك ترى الجمعية ماضيه في وجه البر، فبارك الله فيها وفي مساعيها. 116 - المنتجات العصرية لدرس الآداب العربية الجزء الثاني وهو قاموس المفردات في 182 ص بقطع الثمن، اعتنت بجمعها وترتيبها كلثوم نصر عوده فاسيليفا معلمة اللغة العربية في الكلية الشرقية في لينينغراد، وعليها مقدمة لمراقب نشرها، اغناطيوس كراتشقوفسكي أستاذ تاريخ الآداب العربية في الكلية المذكورة. كنا قد تكلمنا على الجزء الأول من هذه المنتخبات (6: 382) وقد أهدت إلينا حضرة المعلمة جزئها الثاني، فإذا هو معجم حاو لجميع الألفاظ الواردة في القسم الأول وقد شرحتها شرحاً وافياً. ولما كان المعجم هو الينبوع الذي يرده الطلبة كان من الضروري أن يكون ماؤه عذباً سائغاً لا كدورة فيه لكننا وجدنا بعض الشوائب نعرضها على حضرة المؤلفة لعلها تبين وجه استعمالها لمل ذكرت من الكلم، ذكرت في ص1 (إبليس) و (إدريس) (ص 2) ونونت أخريهما والمشهورة أنهما غير مصروفين. وفي ص 3 قالت: أحدهم إحدى) ونحن لا نعرف ذلك. فان (أحد) كلمة تقع على المذكور والمؤنث. أما إحدى فلا تكون مؤنث أحد إلا إذا كانت مع غيرها. تقول: إحدى عشرة امرأة وإحدى وعشرون كاتبة. وفي تلك الصفحة: (آخر، أخير ج أواخر) فالأواخر جمع (آخر) لغير العاقل أو (آخره) للعاقلة. وجمع الخير: الأخيرون وضبطت الأرثوذكس (ص 3) بفتح الهمزة والمعروف ضمها وفي تلك الصفحة (ارضروم) وضبطت بضم الضاد والصواب بفتحها لأنها محولة عن ارزن الروم والزاي فيها مفتوحة. والضاد هنا مقلوبة عن الزاي أو لا أقل من أن تضبط بإسكان الضاد وإشمام هذه الضاد فتحاً أي وضبطت ارمانوسة بتشديد السين المفتوحة والصواب: إهمال الشد. وضبطت أرمينية بفتح الهمزة والعرب لم يعرفوها إلا بكسرها. وهي بتشديد الياء وتنقيط الهاء. وضبطت الآستانة بكسر الهمزة وإسكان السين. وهو اللفظ الشائع عند

العرب والصحيح الآستانة بمد الهمزة وكسر السين. والكلمة فارسية الأصل معناها العتبة ولا يلفظها الترك إلا كما ذكرنا. ونحن لا نريد أن نتبع حضرة الكتابة في كل ما وهمت فيه فلا تكاد صفحة تخلو من غلطين أو أكثر وكل ذلك في الضبط. ولعل الخطأ ناشئ من المطبعة وعلى كل حال أننا لا ننسى أن مؤلفه هذا المعجم سيده ونحن نرى بين الأدباء السادة من إذا تعرض لمثل هذا التأليف عثر عثرات هائلة، فلا عجب بعد هذا إذا زلت السيدات وهفوت هفوات فذلك مما يستحسن فيهن فقد قال أسماء القزاري: منطق رائع وتلحن أحيا ... ناً وخير الحديث ما كان لحناً 117 - من عرابي إلى زغلول بقلم نقولا الحداد مجلة السيدات والرجال في 144 ص بقطع الثمن. السيد نقولا الحداد مشهور بوضع الروايات الكثير السابحة بين الحقيقة والخيال وهذه الحاضرة التي بأيدينا هي من أبلغ درس في الوطنية على يد الحب الطاهر. وقد أدمج فيها أساليب التحكم الاستعماري في عهد الاحتلال الإنكليزي لمصر من عهد الثورة العرابية إلى عهد النهضة الوطنية على يد مصطفى كامل باشا فإلى عهد الوطنية الأخيرة على يد الوفد المصري برئاسة سعد باشا زغلول. فالرواية أذن مما يفيد العراقيين إذ الحالة في مصر وديارنا تكاد تكون واحدة. 118 - حولية العالم الإسلامي (الفرنسية) وهي حولية إحصائية تاريخية اقتصادية (الطبعة الثالثة لسنة 1929)، تأليف لويس ماسنيون. ما من عربي إلا ويعرف العلامة المستشرق الفرنسي لويس ماسنيون إذ له تآليف عديدة مختلفة المواضيع، تدل على توغل في الآداب العربية والإسلامية، ولو لم يكن له إلا هذا التصنيف لكفى أن يكون أدل دليل على أشتهر عنه وهذه الحولية أوسع الحوليتين السابقتين. وقد عقدت على ستة أبواب. أما طبعة سنة 1923 فأنها لم تكن تحوي إلا خمسة وطبعة سنة 1926 كانت واقفة

على بابين. ودونك ترتيب تلك العقود. 1 - عموميات. 2 - فهرس عام يحوي جميع مطبوعات العالم الإسلامي. 3 - أسامي مراكز الدروس الإسلامية. 4 - فوائد شتى. 5 - معجم اصطلاحي إسلامي. 6 - كتب إسلامية (ما ظهر مننا بين سنة 1927 و1928). وقد وقع هذا التصنيف البديع الجامع لأنواع الأنباء الإسلامية في 482 ص بقطع 12 وبحرف دقيق. ونحن لم نجد سفراً حاوياً لكل ما يتعلق بالعرب والإسلام مثل هذه الحولية فانك لا تحلم بشيء في هذا الموضوع إلا وتراه فيه. والمنافع التي يجنيها منه المطالع لا تعد ولا تقدر. وإذا أثنينا على هذا الكتاب وعلى صاحبة فليس معنى ذلك أن لا عيب في الحولية، إذ الكمال لله وحده. فمن مغامزها أن المؤلف جمع في باب الجرائد العربية ما قد احتجب منها وما هو حي (ص 54) ولم يشر إلى ذلك فلقد ذكر مثلاً من الصحف التي تبرز في بغداد ما يأتي: الوقائع العراقية. بغداد تايمس. الاستقلال. (المفيد). العراق. العالم العربي. (نداء الشعب) (التلميذ العراقي). الكرخ. النهضة العراقية. المجلة الطبية. (الوطن). (الزمان). مجلة التربية والتعليم. (الحرية) (المعرض). المرشد. (المنير). (حجا الرومي). (اليقين). نشرة الأحد. (شط العرب). لغة العرب فهذه 23 نشرة موقوتة من جريدة ومجلة. والمحتجب منها ما حصرناه بين هلالين وعدده إحدى عشرة موقوتة وفاته ذكر جريدة البلاد (يومية) (التقدم) (يومية) و (الرصافة) (أسبوعية) والنور (أسبوعية) و (البرهان) (أسبوعية). ونسي بين المجلات (المجلة العسكرية). وفي باب مراكز العلم والتدريس العالي (ص 82) ذكر بغداد ووضع بجانبها بين هلالين (تركية) بهذا الرسم. أي أن بغداد من ديار تركية وهو غلط لا يغفر له. وذكر هناك بين خزائن كتب حاضرتنا: خزانة جامع زند، وكان عليه أن يذكرها بخزانة جامع الكهية ونسي ذكر خزانة الأوقاف التي وضع فيها جميع كتب الجوامع، والمكتبة العامة بازاء النادي العسكري ففيها من المصنفات أكثر من خزانة الأوقاف وجامع مرجان وخزانة يعقوب أفندي نعوم سركيس. ثم أن حضرة المؤلف لم يجر على وجه واحد في ضبط الإعلام بالحرف

الإفرنجي فمرة يقتدي بالأقدمين وأخرى بالمحدثين. وتارة يجرى وراء العرب، وطوراً وراء الإفرنج. ولو لزم خطة واحدة لكان أحسن: فكتب الموصل وبغداد وغيرهما (ص 423) على الأسلوب الأفرنسي القديم وضبط البصرة وأربل والطون كبري ونحوها على الطريقة الجديدة. وقد يجري بوجهه غير متبع طريقة من الطرائق المتبعة فأنه كتب مشهد حسين والسليمانية والجبور ونحوها على طرز خاص به. وربما أتخذ جمع اللفظة على الأسلوب الفرنسي كما فعل في ضبطة للشيعيين والأماميين واليزيدية. وربما عدل عن ذلك إلى جمعها على الطريقة العربية فقال: الأصوليون والاخباريون والشيخية إلى نحوها وفي كل ذلك من الاضطراب ما لا يخفى على القارئ، فكان يحسن به أن ينحو منحى واحداً لا يميل فيه إلى ذات اليمين ولا إلى ذات الشمال. وذكر بين مراكز اليزيدية موطناً سماه: (يدري) وهو اسم لا وجود له والصواب باعذري. وهذا من نتائج كتب الإعلام العربية بحروف لاتينية التي من خصائصها تشويه الأعلام الشرقية تشويهاً شنيعاً. وذكر حضرته (ص 425) أن الهوسة (بضم الهاء والصواب الهوسة بالهاء المفتوحة) من أغاني الهجاء. وليس كذلك إنما هي من أغاني الحماسة. وقال: التهويس رقص الحرب، مع أن التهويس هو اتخاذ الهوسة. رقص المهوسون أم لم يرقصوا. وهناك غير هذه الزلات التي لا تضر هذا التصنيف البديع بشيء يذكر، إنما هي من قبيل الخال في وجه الحسناء. 199 - مكتبة العرب لصاحبها الشيخ يوسف توما البستاني بشارع الفجالة رقم 49 بمصر القاهرة. في هذه القائمة 180 ص بقطع 12 وفي كل صفحة ذكر نحو عشرين كتاباً للبيع. والكتب مطبوعة في ديار مختلفة من مصرية وفلسطينية وعراقية فيكون مجموع ما يبيع البستاني نحواً من أربعة آلاف وهو مستعد لأن يبعث بقائمة (مجاناً) إلى كل من يطلبها منه.

120 - مكتبة يوسف آليان سركيس وأولاده شارع الفجالة رقم 53 في مصر القاهرة هذه قائمة أخرى فيها 34 ص بقطع 12 وفي كل ص نحو 23 سطراً فيكون مجموع ما يباع فيها نحو ألف كتاب من قديم وحديث في جميع الفنون ويرسل أصحابها بقائمتهم مجاناً إلى كل من يطلبها منهم. 121 - تمدن قديم تأليف فوستل دوكلانج ترجمة نصر الله فلسفي، بانضمام فهرست مطالب وفرهنك أعلام واصطلاحات، طهران سنة 1309 في 518 ص بقطع 12. في إيران نهضة علمية عظيمة وقد قام شبان الإيرانيين وأخذوا ينقلون إلى لغتهم البديعة غر الكتب الإفرنجية. ومن الجملة هذا السفر الدرة. وعبارة الترجمة من أبدع ما وصلت إليه لغة سعدي والواقف عليه يتصور أنه يقرأ كلام سعدي نفسه. والأستاذ نصر الله فلسفي من أكابر كتبة هذا العصر في ديار فارس وواقف أحسن وقوف على اللغة الفرنسية لأنه لم يخل أبداً بالمعنى الذي نقله إلى لسان آبائه. فنتمنى أن يطبع سائر ما نمقته أنامله خدمة لوطنه العزيز وخدمة للشرق الأقصى. 122 - مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين للإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري المتوفي 324، الجزء الثاني في الدقيق من الكلام، عني بتصحيحه هـ. ريتر طبع في استنبول بمطبعة الدولة سنة 1930 في 615 ص بقطع الثمن. أهدى إلينا حضرة صديقنا الأستاذ هـ. ريتر العلامة الألماني الجزء الأول والثاني من هذا السفر الجليل وقد تكلمنا على الجزء الأول في هذه المجلة 8: 472 والآن بيدنا الجزء الثاني وهو طافح بالفوائد الجليلة كصنوة. وقد اعتنى ناشره كل العناية بمقابلة النص على النسخ الخمس التي عثر عليها ثم على ما ظفر به في الكتب الدينية التي ورد ذكر شيء يشبه ما جاء في هذا التصنيف الجليل،

وكتب الأقدمين في هذا الموضوع قد فقدت وهذه أحدها وقد بعثه من مدفنه حضرة الأستاذ فاستحق بعمله هذا شكر العلماء والأدباء من عرب وغيرهم. 124 - الإسلام بقلم هنري ماس - هذا كتاب صغير الجرم، عظيم الفائدة. صفحاته لا تزيد على 221 بقطع 16 وعنيت بنشره مكتبة أرمان كولن في باريس. ونحن لم نطالع كتاباً جمع العلم الصادق إلى تقرير الحقائق على ما هي عليه مثل هذا المختصر المفيد فانك تجد فيه الحركة السياسية الإسلامية والحركة الدينية موضوعتين على طرف الثمام، بحيث إذا بدأت بمطالعة الكتاب لا تود أن ترميه يديك إلا بعد الوقوف عليه كله، لأن مؤلفه بسط لك نشوء الإسلام وانتشاره في العالم بعبارة جلية منطقية فلسفية. وهناك فصلان عقد فيهما ما يجب أن يستوعبه القارئ من معرفة أصول الشريعة الإسلامية والمعتقد والعبادة والأوامر والنواهي والفرائض. هذا في الفصل الواحد وفي الفصل الآخر يقف على مختلفات عقائد الفرق الإسلامية ماسي على أخبار الإسلام الذي امتد من ديار المغرب إلى طرف الشرق الأقصى ومن الجاهلية إلى الأيام الحاضرة. نعم أن هذه الخلاصة وجيزة العبارة لصغر حجم الكتاب إلا أن صيغتها البديعة تطلعك على أمور لم تدر في خلدك وبسرعة البرق الخاطف. فهو بالجمالة أحسن خلاصة لنا في هذه الأيام الأخيرة إذ يجد فيها القارئ كل ما يهمه معرفته في هذا الموضوع وبعبارة جلية طيبة سلسلة تتدفق حياة ونشاطاً والكتاب رخيص جداً إذ ثمنه عشرة غروش صحيحة أو عشرة فرنكات ونصف لا غير وبذلك يستغني عن كتب كثيرة ضخمة لاتباع اليوم في الأسواق فعسى أن ينقله إلى العربية أحد الأدباء ليستفيد منه الجميع.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - نص المعاهدة العراقية البريطانية (بحروفها) صاحب الجلالة ملك العراق وصاحب الجلالة ملك بريطانية العظمى وأيرلندة والممتلكات البريطانية وراء البحار وانبراطور الهند. لما كانا راغبين في توثيق أواصر الصداقة والاحتفاظ بصلات حسن التفاهم وأدامتها ما بين بلاديهما، ولما كان صاحب الجلالة البريطانية قد تعهد في معاهدة التحالف الموقع عليها في بغداد في اليوم الثالث عشر من شهر كانون الثاني سنة ست وعشرين وتسعمائة بعد الآلف الميلادية الموافق لليوم الثامن والعشرين من شهر جمادي الآخر، سنة أربع وأربعين وثلاثمائة بعد الألف الهجرية بان ينظر نظراً فعلياً في فترات متتالية مدة كل منها أربع سنوات في هل في استطاعته الإلحاح على إدخال العراق جمعية الأمم. ولما كانت حكومة جلالته في بريطانية العظمى وأيرلندة الشمالية قد أعلمت الحكومة العراقية بلا قيد ولا شرط في اليوم الرابع عشر من شهر أيلول سنة تسع وعشرين وتسعمائة بعد الألف أنها مستعدة لعضد ترشيح العراق لدخول عصبة الأمم سنة اثنتين وثلاثين وتسعمائة بعد الألف وأعلنت لمجلس العصبة في اليوم الرابع عشر من شهر كانون الأول سنة تسع وعشرين وتسعمائة بعد الألف أن هذه هي نيتها. ولما كانت المسؤوليات الانتدابية التي قبلها صاحب الجلالة البريطانية فيما يتعلق بالعراق ستنتهي من تلقاء نفسها عند إدخال العراق عصبة الأمم. ولما كان صاحب جلالة ملك العراق وصاحب الجلالة البريطانية يريان أن الصلات التي ستقوم بينهما بصفة كونهما ملكين مستقلين ينبغي تحديدها بعقد معاهدة تحالف وصداقة. فقد اتفقا على عقد معاهدة جديدة لبلوغ هذه الغاية على قواعد الحرية والمساواة التامتين والاستقلال التام تصبح نافذة عند دخول العراق عصبة

الأمم وقد عينا عنهما مندوبين مفوضين وهما عن جلالة ملك العراق: نوري باشا السعيد رئيس الوزراء الخارجية حامل وسامي النهضة والاستقلال من الصنف الثاني سي. أم. جي. دي. أس. أو. وعن جلالة ملك بريطانية العظمى وأيرلندة والممتلكات البريطانية وراء البحار وانبراطور الهند عن بريطانية العظمى وأيرلندة الشمالية. اللفتنت كرنل السر فرنسيس هنري همفريز جي. سي. ف. أو. كي. سي. ام. جي. كي. بي. أي. سي. آي. أي. المعتمد السامي لصاحب الجلالة البريطانية في العراق. اللذان بعد تبادلا وثائق تفويضهما فوجداها صحيحة قد اتفقا على ما يلي: المادة الأولى - يسود سلم وصداقة دائمين بين صاحب الجلالة ملك العراق وبين صاحب الجلالة البريطانية ويؤسس بين الفريقين الساميين المتعاقدين تحالف وثيق توطيداً لصداقتهما وتفاهمها وصلاتهما الحسنة. وتجري بينهما مشاورة تامة وصريحة في جميع شؤون السياسة الخارجية مما قد يكون له مساس بمصالحهما المشتركة ويتعهد كل من الفريقين الساميين المتعاقدين بان لا يقف في البلاد الأجنبية موقفاً لا يتفق وهذا التحالف أو قد يخلق مصاعب للفريق الآخر. المادة الثانية - يمثل كلا من الفريقين السامين المتعاقدين لدى بلاط الفريق السامي المتعاقد الآخر ممثل سياسي (ديبلو ماتيكي) يعتمد وفقاً للأصول المرعية. المادة الثالثة - إذا أدى أي نزاع بين العراق وبين دولة ثالثة إلى حالة يترتب عليها خطر قطع العلاقات بتلك الدولة، يوحد حينئذ الفريقان الساميان المتعاقدان مساعيهما لتسوية ذلك النزاع بالوسائل السلمية وفقاً لأحكام ميثاق عصبة ألمم ووفقاً لأي تعهدات دولية أخرى يمكن تطبيقها على تلك الحالة. المادة الرابعة - إذا اشتبك أحد الفريقين الساميين المتعاقدين في حرب رغم أحكام المادة الثالثة أعلاه يبادر حينئذ الفريق السامي المتعاقد الآخر فوراً إلى معونته بصفة كونه حليفاً وذلك دائماً وفق أحكام المادة التاسعة

أدناه. وفي حالة خطر حرب محدق يبادر الفريقان الساميان المتعاقدان فوراً إلى توحيد المساعي في اتخاذ تدابير الدفاع المقتضية. أن معونة صاحب الجلالة ملك العراق في حالة حرب أو خطر حرب محدق تنصر في أن يقدم إلى صاحب الجلالة البريطانية في الأراضي العراقية جميع ما في وسعه أن يقدمه من التسهيلات والمساعدات ومن ذلك استخدام السكك الحديدية والأنهر والمواني والمطارات ووسائل المواصلات. المادة الخامسة - من المفهوم بين الفريقين الساميين المتعاقدين أن مسؤولية حفظ الأمن الداخلي في العراق وأيضاً - بشرط مراعاة أحكام المادة الرابعة أعلاه - مسؤولية الدفاع عن العراق إزاء الاعتداء الخارجي تنحصر أن في صاحب الجلالة ملك العراق. مع ذلك يعترف جلالة ملك العراق بأن حفظ وحماية مواصلات صاحب الجلالة البريطانية الأساسية بصورة دائمة في جميع الأحوال هما من صالح الفريقين الساميين المتعاقدين المشترك. فمن أجل ذلك وتسهيلاً لقيام بتعهدات صاحب الجلالة البريطانية وفقاً للمادة الرابعة أعلاه يتعهد جلالة ملك العراق بأن يمنح صاحب الجلالة البريطانية في البصرة أو في جوارها وموقعاً واحداً لقاعدة جوية ينتقيها صاحب الجلالة البريطانية في غرب نهر الفرات. وكذلك يأذن جلالة ملك العراق لصاحب الجلالة البريطانية في أن يقيم قوات في الأراضي العراقية في الأماكن الآنفة الذكر وفقاً لأحكام ملحق هذه المعاهدة على أن يكون مفهوماً أن وجود هذه القوات لن يعتبر بوجه من الوجوه احتلال ولن يمس على الإطلاق حقوق سيادة العراق. المادة السادسة - يعتبر ملحق هذه المعاهدة جزءاً لا يتجزأ منها. المادة السابعة - تحل هذه المعاهدة محل معاهدتي التحالف الموقع عليها في بغداد في اليوم العاشر من شهر تشرين الأول لسنة اثنتين وعشرين وتسعمائة بعد الألف الميلادية الموافق لليوم التاسع عشر من شهر صفر لسنة إحدى وأربعين وثلاثمائة بعد الألف الهجرية وفي اليوم

الثالث عشر من كانون الثاني لسنة ست وعشرين وتسعمائة بعد الألف الميلادية الموافق لليوم الثامن والعشرين جمادي الآخر لسنة أربع وأربعين وثلاثمائة بعد الألف الهجرية مع الاتفاقات الفرعية الملحقة بهما التي تمسي ملغاة عند دول هذه المعاهدة حيز التنفيذ. وتوضع هذه المعاهدة في نسختين في كل من اللغتين العربية والإنكليزية ويعتبر النص الأخير النص المعول عليه. المادة الثامنة - يعترف الفريقان الساميان المتعاقدان بأنه عند الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة تنتهي من تلقاء نفسها وبصورة نهائية جميع المسؤوليات المترتبة على صاحب الجلالة البريطانية فيما يتعلق بالعراق وفقاً للمعاهدات والاتفاقات المشار إليها في المادة السابعة من هذه المعاهدة وذلك فيما يختص بجلالته البريطانية. وبأنه إذا بقي شيء من المسؤوليات فيترتب على صاحب الجلالة ملك العراق وحده. ومن المعترف به أيضاً أن كل ما يبقى من المسؤوليات المترتبة على صاحب الجلالة البريطانية فيما يتعلق بالعراق وفقاً لأي وثيقة دولية أخرى ينبغي أن يترتب كذلك على جلالة ملك العراق وعلى الفريقين الساميين المتعاقدين أن يبادرا فوراً إلى اتخاذ الوسائل المقتضية لتأمين نقل هذه المسؤوليات إلى صاحب الجلالة ملك العراق. المادة التاسعة - ليس في هذه المعاهدة ما يرمي بوجه من الوجوه إلى الإخلال أو يخل بالحقوق والتعهدات المترتبة أو التي قد تترتب لأحد الفريقين الساميين المتعاقدين أو علية وفقاً لميثاق عصبة الأمم أو معاهدة تحريم الحرب الموقع عليها في باريس في اليوم السابع والعشرين من شهر آب لسنة ثماني وعشرين وتسعمائة بعد الألف الميلادية. المادة العاشرة - إذا نشأ خلاف ما يتعلق بتطبيق هذه المعاهدة أو بتفسيرها فلم يوفق الفريقان الساميان المتعاقدان إلى الفصل فيه بالمفاوضة رأساً بينهما يعالج الخلاف حينئذ وفقاً لأحكام ميثاق عصبة الأمم. المادة الحادية عشرة - تبرم هذه المعاهدة ويتم تبادل الإبرام بأسرع ما يمكن ثم يجري تنفيذها عند قبول العراق عضواً في عصبة الأمم وتظل هذه المعاهدة نافذة مدة خمس وعشرين سنة ابتداءً من تاريخ تنفيذها. وفي أي وقت كان بعد عشرين سنة من تاريخ الشروع في

تنفيذ هذه المعاهدة على الفريقين الساميين المتعاقدين أن يقوما بناء على طلب أحدهما بعقد معاهدة ينص فيها على الاستمرار على حفظ وحماية مواصلات صاحب الأحوال. وعند الخلاف في هذا الشأن يعرض ذلك الخلاف على مجلس عصبة الأمم. وإقراراً لما تقدم قد وقع كل من المندوبين المفوضين على هذه المعاهدة وختمها بختمه. كتب في بغداد في نسختين في اليوم الثلاثين من شهر حزيران لسنة ثلاثين وتسعمائة بعد الألف الميلادية الموافق لليوم الثاني من شهر صفر لسنة تسع وأربعين وثلاثمائة بعد الألف الهجرية. التوقيع: نوري السعيد التوقيع: ف. هـ. همفريز الملحق 1 - يعين صاحب الجلالة البريطانية من حين إلى آخر مقدار القوات التي يقيمها جلالته في العراق وفقاً لأحكام المادة الخامسة من هذه المعاهدة وذلك بعد مشاورة صاحب الجلالة ملك العراق في الأمر. ويقيم صاحب الجلالة البريطانية قوات في الهنيدي لمدة خمس سنوات بعد الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة وذلك لكي يمكن صاحب الجلالة ملك العراق من تنظيم القوات المقتضية للحلول محل تلك القوات وعند انقضاء تلك المدة تكون قوات صاحب الجلالة البريطانية قد انسحبت من الهنيدي. ولصاحب الجلالة البريطانية أيضاً أن يقيم قوات في الموصل لمدة حدها الأعظم خمس سنوات تبتدئ من تاريخ الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة. وبعد ذلك لصاحب الجلالة البريطانية أن يضع قواته في الأماكن المذكورة في المادة الخامسة من هذه المعاهدة. ويؤجر صاحب ملك العراق مدة هذا التحالف صاحب الجلالة البريطانية المواقع المقتضية لإسكان قوات صاحب الجلالة البريطانية في تلك الأماكن. 2 - بشرط مراعاة أي تعديلات قد يتفق الفريقان الساميان المتعاقدان على أحداثها في المستقبل تظل الحصانات والامتيازات في شؤون القضاء والعائدات الأميرية (وفي ذلك الإعفاء من الضرائب) التي تتمتع بها القوات البريطانية في العراق شاملة القوات المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه وتشمل أيضاً قوات الجلالة البريطانية من جميع الصنوف وهي القوات التي يحتمل وجودها في العراق عملاً بأحكام هذه المعاهدة وملحقها أو وفقاً لاتفاق يتم عقده بين الفريقين الساميين وأيضاً يواصل العمل بأحكام أي تشريع محلي له مساس بقوات صاحب الجلالة البريطانية المسلحة وتتخذ الحكومة العراقة التدابير المقتضية للتثبت من كون الشروط المتبدلة لا تجعل موقف القوات البريطانية فيما يتعلق بالحصانات والامتيازات أقل ملائمة بوجع من الوجوه من الموقف الذي تتمتع به هذه القوات في تاريخ الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة. 3 - يوافق جلالة ملك العراق على القيام بجميع التسهيلات الممكنة لتنقل القوات المذكورة

في الفقرة الأولى من هذا الملحق وتدريبها وعالتها وعلى منحها عين تسهيلات استعمال التلغراف اللاسلكي التي تتمتع بها عند الشروع في تنفيذ هذه المعاهدة. 4 - يتعهد صاحب الجلالة ملك العراق بأن يقدم بناءً على طلب صاحب الجلالة البريطانية وعلى نفقة صاحب الجلالة البريطانية ووفقاً للشروط التي يتفق عليها الفريقان الساميان المتعاقدان حرساً خاصاً من قوات صاحب الجلالة ملك العراق لحماية القواعد الجوية مما قد تشمله قوات جلالته البريطانية وفقاً لأحكام هذه المعاهدة وأن يؤمن سن القوانين التشريعية التي قد يقتضيها تنفيذ الشروط الآنفة الذكر. 5 - يتعهد صاحب الجلالة البريطانية بأن يقوم عند كل طلب يطلبه الجلالة ملك العراق بجميع التسهيلات الممكنة في الأمور التالية وذلك على نفقة جلالة ملك العراق: 1: تعليم الضباط العراقيين الفنون البحرية والعسكرية والجوية في المملكة المتحدة. 2: تقديم الأسلحة والعتاد والتجهيزات والسفن والطيارات من أحدث طراز متيسر إلى القوات جلالة ملك العراق. 3: تقديم ضباط بريطانيين بحريين وعسكريين وجويين للخدمة بصفة استشارية في قوات جلالة ملك العراق. 6 - لما كان من المرغوب فيه توحيد التدريب والأساليب في الجيش العراقي والبريطاني يتعهد جلالة ملك العراق بأنه إذا رأى ضرورة الالتجاء إلى مدربين عسكريين أجانب فأنهم يختارون من الرعايا البريطانيين ويتعهد أيضاً بأن أي أشخاص من قواته من الذين قد يوفدون إلى الخارج للتدريب العسكري يرسلون إلى مدارس وكليات ودور تدريب عسكرية في بلاد جلالته البريطانية بشرط أن لا يمنع ذلك صاحب الجلالة ملك العراق من إرسال الأشخاص الذين لا يمكن قبولهم في المعاهد ودور التدريب المذكورة إلى أي قطر آخر كان. ويتعهد أيضاً بان التجهيزات الأساسية لقوات جلالته وأسلحتها لا تختلف في نوعها عن أسلحة قوات صاحب الجلالة البريطانية وتجهيزاتها. 7 - يوافق جلالة ملك العراق على أن يقدم عند طلب صاحب الجلالة البريطانية ذلك بجميع التسهيلات الممكنة لمرور قوات صاحب الجلالة البريطانية من جميع الصنوف العسكرية عبر العراق ولنقل وخزن جميع المؤن والتجهيزات التي قد يحتاج إليها هذه القوات في أثناء مرورها في العراق. ونتناول هذه التسهيلات استخدام طرق العراق وسككه الحديدية وطرقه المائية وموانئه ومطاراته. ويؤذن لسفن صاحب الجلالة البريطانية إذناً عاماً في زيارة شط العرب بشرط إعلان جلالة ملك العراق قبل القيام لتلك الزيارة للموانئ العراقية. ن. س ف. هـ. هـ 2 - ذبح شنيع في النجف في مساء الأحد من اليوم 13 من يولية (تموز) تقدم المسمى (الشيخ علي القمي) بعد أن انتهت فريضة المغرب قفز قفزة النمر إلى السيد حسن بن السيد أبي الأصفهاني وقبض على رأسه بيده اليسرى وبيده اليمنى حز رقبته بسكين حاد ثلاث حزات وانهزم

فوقع السيد حسن مضرجاً بدمائه لا حراك له. ثم قبض على الأثيم وزج بالسجن ويقال: أن سبب هذا الذبح أن أبا الذبيح قلل النفقة التي كان يجوز بها على الذابح بعد طلاقه امرأته فأضمر له السوء بهذه الصورة الشنيعة الوحشية. 3 - سفر الزعيم أمين بك المعلوف غادر حاضرننا في 7 تموز (يولية) إلى سورية حضرة الزعيم أمين بك معلوف. وكان قد جاءها في سنة 1921 فعين مدير الأمور الطبية في 25 آذار (مارس) من السنة المذكورة، وخدم العراق خدمة صادقة ما وراءها خدمة. فكان يأتي ديوان شغله مبكراً قبل الكل ويفارقه آخر الكل. وكان مثالاً حياً للشغل والهمة والغيرة وإرضاء الجميع وهو الذي أدخل في وزارة الدفاع المصطلحات العربية العسكرية وأحياء ألفاظاً كثرة، وقد أحيل على الاستراحة ففارقنا في النفوس أحسن الذكرى فنشكر له أياديه البيض متمنين له العمر الطويل الهنيء وتحقيق أمانيه في طبع المعجم الإنكليزي العربي العظيم الذي يؤلفه. 4 - شكاوي من بريد العراق لا تنقطع الشكاوي من بريد العراق فقد جاءتنا في هذا الشهر ثلاث شكاو من ديار مصر ونحن حيارى في أمر عدم وصول بعض الأجزاء إلى أصحابها مع أننا لا نؤخر البعث بها أبداً فعسى أن ينتبه إلى هذه الشكوى المتكررة. (تصحيحات) ص 491 س 19 المنطفة: المنطقة - ص 500 س 2 لزبارة: لزيارة - ص 508 س 4 مدر: صدر - 540 س 14 يكتبواه: يكتبوه - ص 546 س 15 فنسكل: فنكل - ص 549 س 2 شمانيور: لشمانيوز - ص 564 س 2 على: عن - ص 572 س 11 الجاحط: الجاحظ - ص 573 س 16 عفو: عفا - ص 573 س 21 الوقر: الوفر - ص 573 س 16 الآنية: الدنية - ص 574 س 16 والعد: والعدد - ص 579 س 13 بطرف البلاط، فالبلاط - ص 595 س 24 إذا الكلام: إذا كان الكلام - 607 س 2 مركز: مركزه - ص 617 س 25 لم تعلق عليه مجلة: لم تعلق مجلة - 618 س 9 أن اقتبسوا: إذا اقتبسوا - 618 س 10 اقتبسوا - ص 624 س 23 وربما هناك: وربما كان هناك.

العدد 84

العدد 84 - بتاريخ: 01 - 09 - 1930 نقد لسان العرب - أهدى إلينا صديقنا العزيز الدكتور الأستاذ فريتس كرنكو الجزء الأول من هذا المعجم مطبوعاً في المطبعة السلفية، وكان ينتظر أن تكون هذه الطبعة جامعة لأنواع المحاسن خالية من المعايب، ولا سيما الكبرى منها، فحينما القينا نظرة عامة على الصفحات وجدنا هذه الطبعة دون الطبعة الأولى. وأما قول الناشرين له انه (اعظم معجم جمع شتات اللغة العربية بشواهدها) فغير صحيح عندنا لأننا نظن أن تاج العروس أوسع من لسان العرب وفي التاج من الدرر واللآلئ اللفظية ما لا وجود له في منبسط اللسان. ومما يرى رؤية مجملة أن دواوين اللغة التي صنفها الأقدمون خالية من النظام والباحث قد لا يصل إلى ضالته المنشودة إلا بعد شق النفس أو بعد أن يطالع المادة كلها وهذا ما اتفق لنا مراراً. زد على ذلك أن ابن مكرم جمع خمسة دواوين عظيمة: تهذيب اللغة، والمحكم، والصحاح، وأمالي الصحاح، والنهاية، من غير أن يرتبها ترتيباً يمنعه إعادة الألفاظ بمعانيها في المادة الواحدة فوقع فيه حشو غير قليل وتكرار ممل مزعج. وربما كان هذا التكرار على غير طائل وهو في نحو

آخر المادة بعد أن بحث عنها في أولها أو في ما يقاربها. وعلى كل حال لم يزد شيئاً من عنده على ما طالعه في المعاجم الخمسة المذكورة. بخلاف صاحب التاج فانه زاد شيئاً كثيراً إلى غلى ما وجده في القاموس واللسان إياه من مصنفات عديدة كانت في يديه: وهكذا أصبح التاج أوسع من اللسان. ولما رأى القراء أن الأستاذ مصطفى أفندي جواد من المحققين والمدققين في اللغة ومفرداتها ولا يبخس حقهم ويفند الأوهام بعبارة ماؤها الأدب والظرف، طلبنا إليه أن ينقد هذا الجزء الأول ويذكر ما يراه فيه من الاود، فلبى طلبنا وكتب لنا هذا النقد الذي يدل على صدق نظر في لساننا الضادي، وانه من أهل النبوغ في هذا الموضوع، ولابد أن كل غيور على هذه اللغة البديعة يشكره على حسن صنيعه. وإذا كان ناشرو هذا السفر الجليل اللغوي حرصاً على لساننا فلا بد من أن ينشروا مطالعات الأستاذ المصطفى في الجزء الذي ينشر في آخر الأجزاء ليكون علماً وهدى لمن يتصفح بعد هذا (لسان العرب) الذي نود أن يكون منزهاً عن كل شائبة ليكون أداة تحقيق بيد النشء المقبل ودونك الآن نص ما وشته أنامل مؤازرنا الجليل في هذا المجلة. (لغة العرب) نقد لسان العرب تأليف أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الأنصاري (630 - 711) هـ وطبع: المطبعة السافية وعنيت بنشره هي ومكتبتها وإدارة الطباعة المنبرية، وقد هذب بإصلاحات المرحوم العلامة احمد باشا تيمور والمحقق عبد العزيز الميمني الراجكوتي الأستاذ والألمعي ف. كرنكو المستشرق العلام ومصحح الطبعة الأولى البولاقية وغيرهم. قطعة قطع الربع الصغير، وقوامه 432 صفحة، عدا التصدير، وترجمة المؤلف، وكل صفحة طران، غير أن الأغلاط المطبعية فيه كثير جداً، واستنتال الحروف من مصافها متكرر، فضلا عن الحروف المزايلة، ولاتعرف ما هي؟ وهذه النقائص لا تمنع استفادة فوائده. ولا التقاط فوائده، ولا قدرنا مساعي الطامعين حق قدرها. قرأنا في هذا الجزء حتى جاوزنا نصفه، ولم نمعن فيه بعد ذاك، لان قرآن المعاجم يورث الملال فالكلال، ولكن لم نعدم الاطلاع على الحواشي البواقي وقد تيسر لنا من ذاك ما نبسطه الآن لأولي العرفان:

1 - ورد في ص 7 (وروى عكرمة عن ابن عباس: الر والم وحم حروف معرفة أي بنيت معرفة) قال مصحح الطبعة الأولى: (لعل الأولى، مفرقة) قلنا: كيف يكون هذا أولى ولا معنى له! فالصواب (معرفة) كما في الأصل. ولكونها معرفة جاز النطق بها مفرقة ويؤيد أن المراد القول بتعريفها قول الزجاج في ص 10 عن ابن عباس (إن (ألم) أنا الله أعلم (المص) أنا الله اعلم وافصل و (المر) أنا الله اعلم ورأى) فهي معرفة بكونها إعلاماً لجمل معلومة. 2 - وجاء في ص 11: (فقوله: آلم الله لا إله إلا هو الحي القيوم، يدل على أن (ألم). رافع لها على قوله) والصواب (رافع لها) لان المراد جعل (ألم) مبتدأ والجملة خبراً فهو رافع لها مرفوع بالمبتدأ وفي ص 15 (ملايمة لها) والصواب (ملائمة لها). 3 - وفي ص 20 (واختلف العلماء بأي صورة تكون الهمزة فقالت طائفة نكتبها بحركة ما قبلها وهم الجماعة. وقال أصحاب القياس: نكتبها بحركة نفسها) قلنا: فعلى أي وجه كتب طابعو اللسان الرؤوس في ص 28 وفي 118 هكذا (رؤس وفي ص 64 هكذا (الرؤس والفؤوس وفي ص 79 هكذا بفؤس)؟ فقد نسوا المشيتين. 4 - وورد في ص 23: (وعامة كلام العرب في يرى وترى وارى ونرى على التخفيف لم تزد على أن ألقت الهمزة من الكلمة وجعلت حركتها بالضم على الحرف الساكن قبلها). قالوا (في الهامش الطبعة الأولى: لعله بالفتح) قلنا: ليس هناك ما يستوجب الإصلاح لان مراده بقوله (بالضم) يفيد (بالإضافة) وكل شيء ضممته إلى آخر أضفته إليه ولو كان قد أراد الضم المعروف اصطلاحاً لما جاز هذا التعبير الذي بنى عليه الإصلاح ولقال: (وضمت العرب الحرف الساكن قبلها 99 فلا تغفل عن هذا. 5 - وجاء في ص 27 جمع (الاباءة) كعباءة على (أباء) ولم يضبطوا الجمع وهذا ممتنع القراءة عند غير العلماء وان من لم يمر بهذا الجمع مضبوطاً يجوز

أن يحمله على (فعالل) نحو قشاعم، وهو مقيس في (فعللة) والمقيس في اعتبار غير اعتبار المسموع لان المراد الرواية ههنا. 6 - وورد في ص 29 (أصك مصلم الأذنين أجني) وفي ص 73 (أصك مصلم الأذنين اجنا) ولم يلتفتوا إلى هذا التخالف، قال العلامة المصحح في ص 73 (هذا صدر بيت لزهير بن أبي سلمى وعجزه كما في ديوانه: له بالسى (كذا) تنوم وآء) قلنا: قد ورد في ص 29 باسم صاحبه فلا حاجة إلى هذا التعب فنتاجه تحصيل حاصل أو من طريقة صيد الطير بالطير، والصواب (السي) على اصطلاحهم. 7 - وجاء في مادة أوأ (ويقال من ذلك أؤته) كذا بهمزة على الواو وهذا خطأ والصواب حذفها فقد توالت همزتان ثانيتها ساكنة فيجب قلب الساكنة حرفاً من جنس حركة الأولى أي واواً فيكون الفعل (أوته). 8 - وورد في ص 31 قوله الراجز (قد فاقت البؤبؤ البوئيبية) ولعل الأصل ولعل الأصل (والبؤيبية) ليستقيم الوزن. 9 - وورد في ص 33 (وحكى اللحياني: كان ذلك في بدأتنا بالقصر والمد) والمد يقتضي أن تكتب هكذا (بداءتنا). 10 - وقال العلامة عبد العزيز الميمني في حاشية ص 34: (وقفت من الصحاح على نسخة معارضة على نسخة ابن الجواليقي) ولم نعهد هذا التعبير في تعابير العرب لان (من) البيانية لا تتقدم المبين (بفتح الياء) إلا عند الشاعر المضطر فالفصيح: (وقفت على نسخة من الصحاح) على غرار قول الشاعر: فيا راكباً أما عرضت فبلغاً ... بني عمنا (من عبد شمس وهاشم) وقول عبد يغوث اليمنى: فيا راكباً أما عرضت فبلغاً ... نداماي (من نجران) أن لا تلاقيا وقول ذي الرمة: تداعين باسم الشيب في متثلم ... جوانبه (من بصرة وسلام) أما قوله: (معارضة على نسخه) قال في المختار (وعارض الكتاب بالكتاب أي قابله) وقد كرر في ص 11 وص 75. 11 - وورد في ص 37 (يقول خمس وعشرون ذراعاً حواليها حريمها

بنصب الحريم فقال عبد العزيز الميمني الأستاذ (كذا والصواب: حريمها، بالضم أو لحريمها) قلنا: لو أبان السبب لأطفأ اللهب، فالأصل صواب لان حريماً حال من العدد فان احتج علينا بكونه مضافاً إلى معرفة قلنا له انظر إلى ص 35 ففيها (ويقال رجح عوده على بدئه) وقد نصبوا (عوداً) على الحالية وهو مضاف إلى الضمير وان ادعى أن ذلك غير مطرد قلنا: إلا انه في مثل (الحريم) مطرد لأنه مشتق وحكم المشتق غير حكم الجامد مثل (عود) ففي (عرض) من المختار (هذا عارض ممطرنا. أي ممطر لنا لأنه معرفة يجوز أن يكون صفة لعارض وهو نكرة والعرب إنما تفعل هذا في الأسماء المشتقة من الأفعال دون غيرها فلا يجوز أن تقول (هذا رجل غلامنا) ونقلنا حكم الصفة المشتقة لأنها كالحال تقول: (هذا حقي المجحود) و (هذا حقي مجحوداً). 12 - وورد في ص 38 (قال طرفة بن العبد) بإسكان الراء والصواب فتحها. 13 - وجاء في ص 39 (قال أبو محمد الأموري: التلزئة حسن الرعية والمستهنئ الطالب والبديء العجيب) تفسيراً لقول الشاعر: الزيء مستهنئاً في البدىء ... فيرمأ فيه ولا يبذؤه قلنا: إذن ليس المراد بالبديء العجيب بمعنى العجيب) بل أول العشب كما قال الطرماح بن حكيم الطائي. مثل عير الفلاة شاخس فاه ... طول ندم الغضى وطول العضاض صنتع الحاجبين حرطة البق ... ل بدياً قبل استكاك الرياض واستكاك الرياض اجتماع عشبها ووفرته 14 - وأورد صاحب اللسان في ص 43 ادعاء ابن بري أن (براءاً) بضم الباء مفرد في قول زهير (إليكم إننا قوم براء) فعلق به كرنكو العلامة (صوابه براء بكسر الراء وصدره: وأما أن تقول بنو مصاد) ولاحق للأستاذ كرنكو في ذلك لان من حفظ حجة على من لم يحفظ فالصواب المزعوم غير صواب، وفي (2: 53) من المزهر (كل فعيل جائز فيه ثلاث لغات: فعيل وفعال وفعال رجل طويل فإذا زاد طوله قلت: طوال، فإذا زاد طوله قلت: طوال) فتأمله زيادة في السماع.

15 - وورد في ص46 (وما أبطأ بك وبطأ بك عنا بمعنى أي ما أبطأ. . .) قالوا: بياض بالأصل. قلنا: لا شك في كونه (أبطأ) لأنه تأكيد لان (بطأ تبطئه) مثل أبطأ أبطاءاً. 16 - وورد في ص48 قول الشاعر: وقد بهأت بالحاجلات افالها ... وسيف كريم لا يزال يصوعها ونحسب أن البيت قد خولف بين شطريه وان الشطر الأول (وسيف كريم لا يزال يصوعها) والثاني (وقد بهأت بالحاجلات افالها). 17 - وورد في ص30 (وكذلك يا أبتا معناه: يا أبتي) وتكررت (أبتي) بالياء أيضاً وقد قال ابن هشام في شرح قطر الندى ص77 (إذا كان المنادى المضاف (أباً) أو (أماً) جاز فيه عشر لغات الست المذكورة ولغات أربع إحداها إبدال الياء تاءاً مكسورة. . . الثانية إبدالها تاءاً مفتوحة. . . الثالثة: يا أبتا بالتاء والألف. . . الرابعة: يا ابتي بالتاء والياء وهاتان اللغتان قبيحتان والأخيرة أقبح من التي قبلها وينبغي أن لا تجوز إلا في ضرورة الشعر) اهـ. 18 - وحاء في ص52 (يقال: باءت عرار بكحل) قال الأستاذ عبد العزيز الميمني: (كحل أظنه منعه الصواب كما شكلوه. . . وقال المصنف في كحل نقلا عن ابن بري أن كحل يصرف ولا يصرف وشاهد الصرف لا اسلم به. . . ومعلوم أن منع المصروف لا يجوز نثراً ولا نظماً) اهـ. قلنا: ليس ما جاء بثبت لان العلم المؤنث الثلاثي الساكن الوسط العربي غير المنقول من مذكر يجوز صرفه مثل هند ودعد قال الشاعر باللغتين: لم تتلفع بفضل مئزرها ... دعد ولم تسق دعد في العلب و (كحل) علم عربي ثلاثي ساكن الوسط ليس بمنقول من مذكر فيجوز فيه الوجهان. وأما دعواه أن منع المصروف لا يجوز نثراً ولا نظماً فباطلة قال البغدادي في 102: 1 من خزانة الأدب (وأما الكوفيون فهم يجيزون ترك الصرف للضرورة مطلقاً في الإعلام وغيرها) فلا تغتر. 19 - وورد في ص53 قول جابر بن حني التغلبي: ألا تنتهي عنا ملوك وتتقي ... محارمنا لا يباء الدم بالدم

برفع (يبأه) والوجه عندنا جزمه ثم كسر الهمزة خوف تلاقي الساكنين واسبب ما قاله ابن هشام في شرح القطر ص37 ونصه: (فالجازم لفعل لواحد خمسة أمور أحدها الطلب وذلك انه إذ تقدم لنا لفظ دال على أمر أو نهي أو استفهام أو غير ذلك من أنواع الطلب وجاء بعده فعل مضارع مجرد من الفاء وقصد به الجزاء فانه يكون مجزوماً بذلك الطلب لما فيه من معنى الشرط ونعني بقصد الجزاء انك تقدره مسبباً عن ذلك كما أن جزاء الشرط مسبب عن فعل الشرط) اهـ. قلنا: و (ألا) في البيت حرف تحضيض والتحضيض نوع من جنس الطلب و (يبأء) فعل مضارع، ودعوانا نيرة بحمد الله. 20 - وفي ص55 (الفراء: باء بوزن باع إذا تكبر كأنه مقلوب من بأي كما قالوا أرى ورأى) قلنا: التصحيف ظاهر فيه وصوابه: (كما قالوا رأى وراء) لأن (راء) مقلوب (رأى) ولا صحة لغير ما ذكرناه فتدبره. 21 - وجاء في ص55 أيضاً عن النفيئة (وقال الزمخشري: لو كانت تفعله لكانت على وزن تهيئة) وفي ص192: (قال الزمخشري. . فلو كانت التفيئة تفعله من الفيء لخرجت على وزن تهنئة) وقد حصل خلاف في التعبير ومرادنا أن التهنئة أشهر من التهيئة فهي الأصل ولا فرق بينهما في الوزن. 22 - وفي ص60 (والجب: الكمأة الحمراء) والصواب (الحمر) لان اسم الجمع والجمع سواء في استحقاقهما جمع (فعلاء) أو مذكرها (افعل) عند الوصف والأخبار والحالية والبدلية. ويؤيد ذلك قوله بعد ذلك (الكمأة السود). 23 - وورد في ص68 قول حضرمي بن عامر لجزء الذي غبطه بميراث بعد مصيبة: إن كنت أزنتني بها كذباً ... جزء فلاقيت مثلها عجلا بفتح الجيم من (عجل) والصواب (كسرها) لأنها صفة مشبهة والتقدير (لاقيت مثلها لقاءاً عجلا) وبعد قوله: افرح أن ارزأ الكرام وان ... أورث ذوداً شصائصاً نبلا قال في اللسان: (يريد أأفرح؟ فحذف الهمزة وهو على طريق الإنكار) قلنا:

في 49: 1) من الكامل (أغبط أن ارزأ الكرام وان). 24 - وفي ص70 قول العجاج: أحراس ناس جشئوا وملت ... أرضاً وأحوال الجبان اهولت قال (واهولت: اشتد هولها) بفتح الهمزة وتخفيف اللام من (اهولت) والصواب تسكين الهمزة وتشديد اللام ومصدره (الاهولال) وان لم يكن مسموعاً فهو مقيس على (ازور ازوراراً) من غير الألوان ومجيئه من الألوان معروف. 25 - وجاء في ص78 (فأنى بالجموح وأم بكر) برفع أم والصواب جره لأنه معطوف على الجموح ويؤيد ذلك قوله: (ودولح فاعلموا حجئ ضنين) فهو حريص على الجموح وأم بكر ودولح. 26 - واعترض العلامة عبد العزيز الميمني في ص81 على القائل أن (الهبالة) اسم ناقة وقال: (ولو كان اسماً للناقة لم تدخل عليه أل). قلنا: يعوزه نظرة في ص120 من اللسان ففيه (والرأراء أخت تميم بن مر وادخلوا الألف واللام لأنهم جعلوها السيئ بعينه كالحارث والعباس) فبهذا تبوخ حماسته ومن هذا قوله تعالى (كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة). 27 - وجاء في ص92 قول الشاعر: ولا يرهب ابن العم مني صولة ... ولا اختتي من صولة المتهدد وأني وان أوعدته أو وعدته ... لمخلف ميعادي ومنجز موعدي وفي ص148 من كشف الطرة عن الغرة (ما عشت صولتي) بدلا من (مني صولة) و (أختشي) بموضع (أختتي) أما (ميعادي) في اللسان فهو خطأ ظاهر والصواب: (أيعادي) حتى يقابل (أوعدته) أما (موعدي) فمقابل ل (وعدته) فالميعاد والموعد سواء ومخلف الميعاد لا ينجز الموعد أبداً والإيعاد للشر والموعد للخير وكذلك ورد في (وعد) من المصباح وفي ص148 من كتاب كشف الطرة المذكور فلا تتوهم. 28 - وجاء في ص95 (وقال ابن أبي اسحق لبكير بن حبيب: ما ألحن في شيء. فقال: لا تفعل (كذا بالجزم والصواب الرفع) فقال: فخذ علي كلمة (بتنوين كلمة). فقال: هذه واحدة قل: كلمة (بتسكين الهاء)) قال عبد

العزيز الميمني صواب العبارة والله اعلم: كلمة. . قل كلمة) ونصب الكلمتين وهذا وهم عجيب فالأصل صحيح لأنه خطأه لكونه الحق التنوين ب (كلمة) وهو موضع وقف يستلزم حذف التنوين والحركة أما رفعنا (لا تفعل) فلان المراد ب (لا تسلم من اللحن) ولا تحوز فيه صيغة النهي البتة لئلا يفسد معناه. 29 - وفي ص99 (قال الأصل في خطايا كان خطايؤاً) كذا بضم الياء وهو من إصلاح الطابعين على الظاهر لأنهم اصلحوا كتابة الهمزات في ما ادعوا (وأسقطنا دعواهم) وهذا الضبط مغلوط فيه، إذ ليس في العربية جمع تكسير مضموم ما قبل الآخر حتى يضموا الياء فالصواب: (كان خطايئاً). 30 - وجاء في ص112 (ابل مدفأة) بضم الميم وتشديد الدال وفتح الفاء وفيه خطأ وصوابه كسر الفاء لأنه اسم فاعل من (أدفأت الإبل) ولا يقال (ادفأ فلان الإبل إدفاءاً) ولا سيما أن (ادفأ) مطاوع فعل متعد إلى مفعول واحد يقال (ادفأ الإبل فأدفأت) ومطاوع المتعدي إلى واحد لا ينصب المفعول به. وان احتج بأنه مأخوذ من (دفئ) الثلاثي. قلنا: وهو لازم أيضاً فضلا عن برودة الاحتجاج لوجود الفرق المعنوي بين الصيغتين. 31 - وورد في ص118 قول الراجزابي محمد الفقعسي (مقوساً قد ذرئت مجاليه) بفتح الواو من (مقوس) والصواب الكسر فانه من باب (دنر مدنر وقعب مقعب وخدد مخدد ومشط ممشط وبغل مبغل وهلل مهلل) وهو (تضعيف التشبيه) فالمقوس اسم فاعل لا اسم مفعول. 32 - وفي ص127 (والرطئ على وزن فعيل) وفي ص128 (والاتفاق) بهمزة قطع. فصواب الأولى (الرطيء) وصواب الثانية (والاتفاق) بهمزة وصل لأنها مصدر فعل خماسي. 33 - وجاء في ص134 قول قيس بن عاصم المنقري عبد ترقيص ابنه حكيم (أشبه أبا أمك أو أشبه حمل) قال مصحح الطبعة الأولى (وأورده المؤلف في مادة عمل بالعين المهملة) قلنا: قال الشريف المرتضى في 196: 4 من أماليه (يريد عملي) وقال الشيخ احمد بن الأمين الشنقيطي مهذب الأمالي (قال في

اللسان: وعمل اسم رجل وانشد الرجز وفي نوادر أبي زيد: وزعموا أن قيس بن عاصم اخذ ابنه حكيماً. . . فرقصه وقال. . . أبو حاتم وأبو عثمان: عمل وهو اسم رجل). 34 - وجاء في هذه الصفحة أيضاً قول الاخطل (وإذا قذفت إلى زناء قعرها) وفي 192: 4 من آمالي المرتضى (فإذا دفعت). 35 - وفي ص136 (تضرب بكف مخابط السلم) بجعل (مخابط) اسم فاعل من خابط مخابطة ولم نعثر عليه بله عدم ظهور معناه والراجح عندنا (مخبط السلم) أي موضع خبطه. 36 - وأوردوا في ص 140 (علقمة بن عبدة) بإسكان الباء من عبدة وفي ص191 بفتحها وهو الصواب. 37 - وجاء في ص140 (رجل سندأوة وسندأو: خفيف وقيل: هو الجريء المقدم وقيل: هو القصير وقيل: هو الرقيق الجسم مع عرض رأس) قال مصحح الطبعة الأولى: (وفي شرح القاموس على قوله: الدقيق، قال: وفي بعض النسخ الرقيق) قلنا: لا يلائم الرقيق السندأو، ففي ص78 (والحنتأو: القصير الصغير) وفي ص84 (رجل حنظأو: قصير) وفي ص90 (والحنطأو والحنطأوة: العظيم البطن والحنطأو: القصير وقيل العظيم) وفي ص193 والقندأو: الصغير العنق الشديد الرأس وقيل: العظيم الرأس) وهذه كلها عندنا بمعنى وليس فيها من الرقة شيء فالقول بأنه (الرقيق) غير رقيق. 38 - وفي ص140 أيضاً (وفي الحديث في صفة الجبان: كأنما يضرب جلده بالسلاء وهي شوكة النخلة. . .) ولعل الأصل: (بالسلاءة) لأنه قال: (وهي شوكة) وقال (والجمع سلاء بوزن جمار) فتأمله. 39 - وفي ص144 يقال: (سوءة لفلان، نصب لأنه شتم ودعاء) وقد ضبطوا (نصباً) بفتح فسكون فضم والأولى أم يكون فعلا مبنياً للمجهول إذ لا وجه لهذا الضبط. لها بقية مصطفى جواد

العمارة والكوت

العمارة والكوت 2 - الكوت اعترض على حضرة السيد الحسني القائل (السنة الحاضرة من هذه المجلة) في ص42 (أنشئت الكوت عام 1227هـ (1812م) بطلب من الحكومة العثمانية أنشأها رجل اسمه سبع بن خميس رئيس تلك الأطراف من مياح بطن من ربيعة وكانت قل ذلك غابات. ولا تزال الكوت تسمى بكوت سبع نسبة إلى مؤسسها) اهـ. وكذلك لي ملاحظة على مقال الأستاذ الشرقي وهو المقال الذي نشرته جريدة (البلاد) البغدادية في عددها المرقم 125 المؤرخ في 7 نيسان 1930 بعنوان الغراف وفيه: (وكان في موضع الكوت نابه من النابهين في قبيلة طي يقال له الشيخ سبع، وفي سنة 1227هـ كانت ولاية بغداد في عهدة الإداري نامق باشا للدفعة الأولى التي ولي فيها العراق فحاول نقل مركز الحكومة من بادرايا وأسس قلعة على الضفة اليسرى من دجلة أطلق عليها اسم الكوت) اهـ.

ولي مثل هذه الملاحظة بشأن مقالة الأستاذ الشيخ كاظم الدجيلي المثبتة في المقتطف (50 (1917) 481) التي صدرها بعنوان (حول الكوت) وكان تنميقها تصحيحاً لما كتبه الأديب الفاضل محمد الهاشمي في تلك المجلة في الجزء الثاني من المجلد 48 فقد قال الأستاذ في الحاشية: (الأمارة جميع أمير وهم رؤساء عشائر ربيعة وإنما نسب إليهم لأنهم أول من سكنه وأسسه. وقد يتوهم بعضهم فيضيف الكوت إلى العمارة البلدة الواقعة فيما بينها وبين البصرة وهو غلط فاضح فلينتبه إليه) اهـ. وأذ كنت مخالفاً لبعض ما جاء في المقالات الثلاث ولا سيما أمر تاريخ أحداث الكوت ونسبة تأسيسه إلى الإمارة وتسميته كوت الإمارة وذلك السبب ما اطلعت عليه رأيت أن أبدي ما وقفت عليه عن أمر الكوت تبياناً للحقيقة وقد أخطي، وقد يزل غيري، وللكتاب عذر في ما أخذوه عن الرواة بنقلهم التاريخ

وقد قيل فيهم: وما آفة الأخبار إلا رواتها. وأول ما أقوله هو انه ليس اليوم من يسميه (كوت سبع) كما ادعاه الحسني حتى أن الأستاذ الشرقي قال في بحثه: (والذي أراه أن اصدق اسم يطلق عليه هو كوت سبع) اهـ فهي رغبة. وإذا قلنا كان يقول كوت سبع بعضهم - ولا سيما بعض الأعراب - في ما مضى فلا ينطق الآن بذلك أحدا بتاتاً إذ يكتفي بكلمة كوت ولا كوت غيره في هذه الأنحاء فلا التباس ولا سيما أن اسمه قد شاع وذاع وتسنم ذروة الاكوات لإرساء المراكب البخارية جميعها فيها الجارية بين بغداد والبصرة صعوداً وانحداراً وذلك لنقل المسافرين منه واليه وتزويد من يريد البصرة أو بغداد منهم ولنقل الأموال التجارية الصادرة منه والواردة إليه ولأخذ المراكب من مذخره الفحم الحجري لوقودها ولوقوعه بازاء صدر الغراف. وليس لي وثيقة تقول كوت سبع بل جيمس فيلكس جونس (البريطاني) نفسه - وقد رافقه (صديقه الشيخ سبع) في حله وترحاله في سنة 1848م (1265هـ) - بينما كان يطوف في تلك الأرجاء لكشف النهروان وما والاه من الأرضيين يقول (ص56 و57 و59 من مجموعة تقاريره) كما أن جسني الذي كان في العراق في سنة 37 - 1835 (53 - 1251) يقول

كتابه المسمى أخبار بعثة الفرات (ص307 وغيرها) - وكذلك ذكره فونتانيه في رحلته بصورة - (314: 1) وقد جاءه مع جسني. سبب تسميته كوت العمارة وقفنا على صراحة لا غموض فيها في كلامنا عن العمارة نقلا عن مختصر مطالع السعود أن اسم هذه القصبة هو كوت العمارة والآن اذكر السبب وهو أن دجلة المنسلة من هذا الموضع فما تحت تسمى شط العمارة. ويكتفي بان يقال العمارة بإهمال المضاف - وذلك عند وجود القرينة - كما يعرفه حتى الآن سكان تلك الأصقاع أو بعضهم وهم يرمون إلى العمارة القديمة الحالية التي تبهجهم مناظرها ومبانيها المرتفعة على قراهم وقصباتهم أن في الانتظام وان في البناء والاتساع فلا يفقه هؤلاء المراد والمرمى. ولم تفت الفرنسي ريموند أن يدون أن هذا القسم من دجلة يسمى شط العمارة في الملاحظات التي أبداها على رحلة المستر ريج إلى بابل والإضافات التي زادها عليها فانه قال في كتابه المطبوع في سنة 1818 (1234) (ص203 ح): (يسمي الأعراب دجلة من الكوت إلى القرنة نهر العمارة اهـ فلا شك إنها هي التي رأينا ذكرها في كلامنا المتقدم في بحثنا عنها. وبما أن موضع الكوت هو في صدر شط العمارة فأما أن تكون نسبة الكوت إلى هذا الشط المنسوب إلى العمارة (كقولك شط الحي وشط الشطرة) وأما أن تكون نسبة هذا الكوت مباشرة إلى العمارة وسبب شكي هو انه يظهر لي كان دانفيل الذي أوردت عنه كلاماً في بحث العمارة يريد تعيين محل العمارة في المحل الحالي للكوت لكنه يخبط فإذا قبلنا منه تعيين محل العمارة في محل الكوت تضحي نسبة الشط إلى هذه العمارة وكذلك الكوت إليها ومن ثم أمكننا أن نقول أن اسم العمارة كان قد بقي عليها حتى جاء سليمان باشا وبنى فيها ما بناه وسورها

فقيل في بنائه كوت. وإذ لا بد من نسبته وإضافته قيل له كوت العمارة لتمييزه من غيره من الاكوات ولا سيما أن اسمه كان حديثاً غير شائع ولا أبت في أن تلك العمارة كانت في المحل الحالي للكوت إذ ربما كانت في غير موضعه هذا وقد رأينا تافرنيه يقول انقسام دجلة إلى قسمين ويحكي لنا سيره في أحدهما (وهو الشرقي) ثم ينوه بأنه وجد على هذا الفرع فلم تكن العمارة إذن على صدر شط العمارة في الموضع الحالي للكوت بل تحته إذا صدق في ما قال ويكون الكوت حديثاً ونسبته إلى الشط لوقوعه على صدره. يعارضني سستيني إذ نفهم من كلامه انه يعين محل العمارة في الموضع الحالي للكوت إذ يقول انبثق جدول بازائه. وما هذا الجدول على الظاهر إلا الغراف وما تلك العمارة إلا التي هي الآن الكوت. والأمر في تعيين محل العمارة يحتاج إلى إعادة النظر والدرس العميق ولا سيما أن بالبي يذهب هذا المذهب. وليس لي دليل على أن اسم كوت العمارة متقدم على زمن سليمان باشا إذ إننا لم نجد اسم كوت العمارة قبل أن يخبرنا به مختصر المطالع وقبل أن تذكره رحلة أيروين التي سيأتي النقل منها وكانت رحلة أيروين بعد مبدأ ولاية سليمان باشا بثلاث سنوات فقط. وزبدة الكلام انه لا مجال للقول عن اسم الكوت إلا كوت العمارة إذا أردنا اتباع الوضع الأصلي وللقائل كوت الإمارة اليوم وجه ليس للعقل السليم أن يرده لولا أن التاريخ أتانا بغيره كما بان لنا ويبين. وهذا الوجه هو نزول أمراء (تلفظ الناس اليوم إمارة جمعاً لأمير) ربيعة في الأراضي الواقعة في جهة

الكوت الشمالية على ضفتي دجلة حتى صدر الغراف المقابل للكوت في الجانب الغربي وفي الجانب الشرقي إلى ما فوق الكوت ببضعة كيلومترات تلك الأراضي التي يزرعها الأمارة ويفلحونها عميرتي قريش وبني عمير (والعلمان بالتصغير) المربوطتين مباشرة بالأمارة المار ذكرهم وغيرهم من العشائر. ومن الأمر البين أن ما يسهل قبول تسمية هذه الكوت بكوت الأمارة قرب لفظة عمارة من أمارة فشاع الاسم الأخير وتنوسي الأول وتغوفل عنه وكثيراً ما اختصر فقيل (كوت) جاء في رحلة هود التي نقل منها الأب صاحب المجلة تعليقاً عن كلام الحسني وفي غيرهما كما سيأتي. ويزيدني رسوخاً في القول انه كوت العمارة وليس كوت الأمارة أن الأمارة (الزعماء) لم يكونوا في عهدي سيدي علي وبعده في هذه الأراضي إنما كان نزولهم إياها بعده بأجيال عدية وليس لدي من الوثائق ما ينبئنا بسني نزولهم إنما استخرج من روايات الأعراب أن نزولهم هذه الديار لا يتجاوز أوائل القرن الماضي، وقد قال الأستاذ الشرقي في (البلاد): (وقد كان مركز الحكومة في تلك الجهات قبل إنشاء الكوت في بادرايا وكانت تلك الأنحاء تخضع لراية طي (بني لام) ولم تكن ربيعة ولا إمارتها تنزل في جهات الكوت يوم كانت الرايات العربية تتوزع الأنحاء العراقية) اهـ. ثم قال: (وفي عهد الوالي علي باشا السلاحدار نزلت الأمارة حوالي الكوت في الإقطاعية المعروفة بأم الهيل) اهـ (بالتصغير المشدد

الياء فوق الكوت). أم سالنامة بغداد فلا تذكر والياً عليها اسمه علي شهيراً بالسلاحدار، والظاهر أن الأستاذ يريد به ما سمته السالنامة حافظ علي باشا الذي كان خلفاً لسليمان باشا بوفاته في سنة 1217هـ فان زمانه يوافق العهد الذي يعنيه الشيخ الأستاذ وأخالني مصيباً في هذا الظن. فإذا كان ذلك أضحى واحداً كلام كل منا عن زمن نزول الأمارة لهذه الأراضي. ويؤيدني ما سنراه في رحلة أيروين من أن الكوت كان يقيم فيها شيخ بني لام في سنة 1781م (1196هـ) وما سنراه أيضاً في رحلة كيبل من أمر إقامة الشيخ فيه في سنة 1824م (1240هـ). هذا إذا صح قولهما فلم تكن ربيعة إذ ذاك في هذه الجهات على الظاهر وان كانت فيها فأنها لم تكن متحشدة مسئولية عليها كما هي عليه اليوم. ويؤيد نزول ربيعة غير هذه الأنحاء ما يروى لنا عن أن سقي شط الكار كان

من ديار ربيعة وهو ما يعرفه الأعراب بالجوازر إذا جاء ذكر التاريخ، ومصداقاً للرواية عن ديار ربيعة انقل ما داء في مختصر مطالع السعود ص21 فانه قال في أخبار سنة 1212هـ (1797م). (وفيها غزا علي بيك الكتخدا آل سعيد من زبيد لعصيانهم وفي غزوة ذاك وصل إلى الجوازر من ديار ربيعة فولى عليهم شيخاً يأمر وينهي تبعاً للوزير) اهـ. وذكرت أيضاً دوحة الوزراء التركية غزوته هذه لزبيد فلا حاجة لنا إلى أعادتها. قدم الكوت أدلى الأب صاحب المجلة بكلام هود تعليقاً على مقالة الحسني ليثبت قدم الكوت على الزمن الذي ذكره الحسني، وأذ كان اجتياز هود بعد الزمن الذي عينه الحسني بخمس سنوات جاز له أن لا يقنع بهذا الدليل المحتاج إلى تأييد

وأخاله يرضى بمختصر مطالع السعود الذي حكى لنا - كما رأينا - أن سليمان باشا المتوفى في عام 1217 بنى كوت العمارة وسوره، وهذا شاهد معاصر غير ابن سند مؤلف مطالع السعود يدلنا على قدمها قبل السنة 1227 التي ذكرها الشيخ الشرقي والحسني وهو نعمة الله بن يوسف. . . الخوري عبود. فانه قد ترك دفتراً صغيراً - هو عندي - دون فيه مغادرته البصرة في 25 صفر سنة 1225 (1810م) ليقدم إلى بغداد، وكانت سفرته نهراً بطريق شط العرب فالفرات فالغراف فاجتاز الحي وبعد ذلك (بالكوت) فجاء بغداد. وهذا ميخائيل أخو نعمة الله يشهد لنا هذه الشهادة بتدوينه سفره إلى البصرة في تقويم له كنت ذكرته في هذه المجلة (564: 3 و565 (1914): 20 - 21) وهذا قوله بتاريخ 9 كانون الثاني الغربي عام 1811 الموافق 14 ذي الحجة وقال هذا نصه بأغلاطه: (مساء طلعت من بغداد متوجهاً إلى البصرة برفقة جناب محمود آغا أخو عبد الله آغا متسلم البصرة سابقاً في سفينة زغيرة (صغيرة) تسمى طرادة) اهـ وقال بتاريخ 16 من شهر كانون المذكور: (وصلنا الكوت مال العمارة) اهـ. وذكر الكوت كيبل في رحلته (112: 1) من البصرة إلى بغداد في سنة 1824 (1240هـ) فقلب: (الكوت قرية صغيرة حقيرة مبنية من الطين يحميها سور ارتفاعه لا يتجاوز ستة أقدام (نحو مترين) وهي الموقع الوحيد الثابت الذي رأيناه بعد القرنة وفيه يقيم شيخ بني لام القوي الذي يمتد نفوذه من القرنة إلى بغداد) اهـ. وفضلا عن ذلك إننا نرى ذكر الكوت بل كوت العمارة قبل تأريخ 1227 باثنتين وثلاثين سنة فانه جاء في رحلة ايليس أيروين الذي اجتاز بهذه القصبة

منحدراً إلى البصرة في 25 نيسان سنة 1781 (1196هـ) (358: 2) ما تعريبه: (وفي (الساعة) الثامنة مررنا بمدينة حيث يقيم شيخ بني لام) اهـ. وأذ كان ابتداء ولاية سليمان باشا في سنة 1193 (1779م) وكان ذكر أيروين للكوت في سنة 1781 (1196) لم يكن قد مر إذ ذاك على ابتداء ولاية سليمان باشا إلا ثلاث سنوات لا غير. وبعد أن آتينا بكل هذه الشواهد حق لنا كل الحق لان نقول أن تسمية (كوت) لا ترجع إلى زمن نامق باشا لولايته الأولى على بغداد التي كانت في سنة 1227هـ كما جاء سهواً في مقالة (البلاد) وهي السنة التي ذكر الحسني أيضاً أن الكوت تأسس فيها. وبما انه اتضح لنا جلياً أن الكوت كانت ماثلة في سنة 1296 فهي اقدم من زمن ولاية نامق باشا الأولى بما يزيد عن سبعين سنة إذ أن هذه الولاية كانت في سنة 1267 على ما في السالنامة وغيرها فلم تكن الكوت من إنشاء سنة 1227 كما ذهبت إليه المقالتان. اسمه كوت العمارة رأينا في ما مر أن اسمه كوت العمارة وقد بقي معروفاً بهذه النسبة والإضافة إلى ما بعد ذلك ولم يعتره تغيير فان لدي مجموعة لصور مكاتيب تجارية لنعمة الله ابن فتح الله سمي جده نعمة الله يوسف. . . الخوري عبود المار الذكر فيها صورة مكتوب مؤرخ في 17 شوال 1273 (1856م) في صدره انه كتب إلى كوت العمارة. ونرى في سالنامة الآستانة لسنة 1276هـ (1859م) محافظاً (للواء بدرة وجسان) (جصان) اللواء (أمير اللواء) محمد باشا. وهي تذكر في موضع آخر بدرة لواء وتعد اقضيته وبينها قضاء (كوت العمارة). وفي الزوراء الجديدة الرسمية لبغداد في عددها المرقم 47 المؤرخ 5 مايس 1286 (16 صفر 1287) اسم هذه القصبة كوت العمارة.

أما سالنامة بغداد لسنة 1294هـ (1877) فأنها تذكر القصبة باسم (كوت) فقط. وأول تغيير في الاسم رأيناه هو في سالنامة بغداد لسنة 1299 (1881) حيث تذكره باسم كوت الأمارة وتذكر قائم مقامه علي أفندي، ولم تذكره السالنامات الواحدة بعد الأخرى إلا بهذا الرسم الجديد. فليس فيها ما قالته مقالة (البلاد) (إن القائمقام علي أفندي حرف الاسم ترضية لآل سبع فأطلق على المدينة اسم كوت العمارة) اهـ بعد أن قالت ما مؤاده أن القائم مقام فتح الله بك أطلق على الكوت اسم كوت الأمارة في زمن الوالي عاكف باشا (ولايته في سنة 1293هـ 1286م). ولا صلة لاسم الكوت بربط مدحت باشا إياه قضاء ملحقاً بلواء العمارة كما ادعاه الحسني (ص42) على فرض صحة ربطه المذكور الذي لا أثبته ولا انفيه لأني لا اعلمه. الخلاصة الكوت اقدم من سنة 1227هـ (1812) فقد كان في زمن ولاية سليمان باشا الممتدة من سنة 1193هـ إلى سنة 1217هـ (1779 - 1802م) كما جاء في السالنامة ومختصر مطالع السعود بل كان ماثلا في أوائل ولاية الباشا فانه كان في سنة 1196 (1781م) كما رواه أيروين. اسمه كوت العمارة كما جاء في مختصر المطالع وميخائيل عبود وسالنامة الآستانة والزوراء وحذف المضاف إليه منه قديم كما رأيناه في هود ونعمة الله يوسف عبود وكيبل وإحدى سالنامات بغداد. كان الشيخ سبع عائشاً في سنة 1848 (1265) على ما في جونس فلعله في السنة 1781م (1196) التي مر فيها أيروين بالكوت لم يكن مولوداً أو كان طفلا إذ أن المدة بين التاريخين ثمان وستون سنة فهل كان مولوداً في نحو سنة 1760 (1174) على اقل تقدير ليكون له عشرون سنة ولينشئ الكوت فيتسنى أن يكون الكوت ماثلا في مرور أيروين به؟ فان كان ذلك فيجب أن يكون

قد عاش سبعاً وثمانين سنة عل اقل تقدير. وفضلا عن هذا نرى (بزوناً) عماً لسبع على ما قال جونس ورئيساً في أهل الكوت في سنة 1252هـ (1136م) على ما قاله الدجيلي - إذا صح ما روي له عن رئاسة بزون وعن السنة - فيكون نبوغ سبع واشتهاره بعد عمه أي بعد سنة 1252. تقدم وجود ذكر العمارة في تلك الأنحاء على ما جاء في سيدي علي ومن بعده قبل نزول الأمارة في هذه الأنحاء بأجيال عديدة فلم يكن سببا لنسبته إليهم وقد نزلوا في أنحائه بعد ذلك. كان تغيير اسمه من كوت العمارة إلى كوت الأمارة في رسميات الحكومة في سنة لا أعينها بصورة قطعية إنما كان وقوعها بين سنة 1287 وسنة 1299 (1870 - 1881) ولعل الرسميات لم تجر جميعها في تسميته على سياق واحد في هذه السنين. أهم سبب للقلب قرب لفظ الواحد من الآخر ونزول الأمارة بقربه فهذان السببان روجا القلب. فصحيح رواية هذا الاسم هو كوت العمارة (بالعين) لا كوت الأمارة (بالهمز) إذا أردنا الرجوع إلى أصل التسمية. والعفو عند الكرام إذا أخطأت. يعقوب نعوم سركيس من أين أتتنا كلمة الحواري؟ يذهب نولنكي إلى أن (الحواري) من الحبشية (حواريا) بتخفيف الياء، ومعناها الرسول وقد كتب أحد المتطفلين في سنة 1929 مقالة أطول من يوم الجوع في إحدى المجلات البيروتية منتحلا هذا الرأي. فاستغرب الأدباء هذه الجسارة، وعدوها تعدياً على حضنة العلم ومعززيه، على أن هناك رأياً هو أن (الحواري) لغة في (الحوالي) نسبة إلى الحوالة، ومعناها: المحول على الجهلة ليعلمهم الآداب والدين، فاختر أنت أحد الرأيين، ألم تقبل أحد آراء الأقدمين المتعددة الواردة في دواوين اللغة على اختلاف حجومها.

ترجمات التوراة

ترجمات التوراة (لغة العرب) اقترح علينا حضرة الصديق العلامة جرجي أفندي يني صاحب مجلة (المباحث) الجليلة التي تظهر في طرابلس لبنان، أن نضع مقالة في ترجمة التوراة بعهديها القديم والجديد، غير ما نقله الأميركيون ثم اليسوعيون فوضعنا هذه المقالة تلبية لطلبه، وعالجنا الموضوع من وجهته الأدبية فعسى أن يكون فيها بعض الفائدة لمن يهمه هذا البحث. للتوراة (بقسميها العهد القديم والعهد الجديد) نقول إلى العربية من خطية ومطبوعة. الترجمات الخطية لا جرم أن التوراة ترجمت إلى العربية منذ القرون الأولى للنصرانية لكن أحداث الزمان والحروب والبلايا بأنواعها لم تبق منها ولم تذر شيئاً، يشهد على أنها كانت معروفة في المائة السادسة للميلاد نشوء الفرقة المعروفة بالحنفية، وكان منها أمية بن أبي الصلت، وورقة بن نوفل، وزيد بن عمرو، ومن جاراهم، فانهم لم يكونوا يهوداً ولا نصارى، إنما كانوا على التوحيد في أهون شرائعه، فهؤلاء كانوا عرفوا ما في التوراة والإنجيل ومن يطالع أقوالهم وأشعارهم وما نقل عنهم من الأخبار ير جلياً انهم كانوا قد وقفوا على محتوياتهما من دون أدنى شك. أما انهم كانوا نصارى - على ما ذهب إليه الأب لويس شيخو - فوهم ظاهر لان الرواة ميزوا بين النصرانية والحنيفية وصرحوا تصريحاً مبيناً بأنهم لم يكونوا على دين المسيح بن مريم إنما كانوا حنفاء، إذن من جعلهم منا فقد افسد التاريخ وتعصب في مقاله تعصباً أعمى لا اختلاف فيه. ومن النقول العربية القديمة الترجمة التي أمر بعملها يوحنا أسقف اشبيلة فتمت في سنة 717 للميلاد ولم تبلغ إلينا. وكل ما وصل إلينا من النقول العربية حديث الوضع، لان اغلب الكنائس

الشرقية كانت تتلو صلواتها باليونانية أو الرومية أو الارمية أو الأرمنية أو القبطية أو غيرهن من اللغات المستعملات في الشرق الأدنى وترك النصارى ألسنة أجدادهم، مست الحاجة إلى نقل الكتب المنزلة إلى اللغة الضادية، فنقل علماء اليهود توراتهم إليها وجاراهم المسيحيون في الإنجيل فظهرت الترجمات بين القرن الثامن والعاشر من الميلاد، والمخطوطات التي اتخذت لهذه الغاية كانت في الكنس والكنائس، وكانت روايات النصوص مختلفة لان النساخ كانوا قد مسخوا اغلبها مسخاً في كتابتهم إياها فكان أعلب عناية المترجمين في رد النص إلى اصله الصحيح الفصيح وما كانوا يبالون كثيراً تقريب المعاني من إفهام العوام إذ كانوا يجردون النص من الظلمات التي أحاطت به. زد على ذلك أن اليهود ما كانوا يقرءون في كنسهم جميع أسفار التوراة ومثل ذلك قل عن المسيحيين فانهم ما كانوا يقرءون جميع أسفار العهد الجديد، أما أسفار العهد القديم فكانوا يطالعون منها الزبور والأنبياء، ولهذا حامت الخواطر حول ما يتلى من تلك الصحف، وأما ما كان في سائر المصاحف فكانوا ينقلون إلى العربية ما ورد من آياتها في الصلوات والأدعية والشعائر الدينية. ولهذا لا يرى في لغتنا نقل كامل للعهدين، ولما حاول بعضهم الحصول على ترجمة كاملة تستوعب جميع الأسفار الإلهية عمدوا إلى الأجزاء المعربة - وكانت لعدة مترجمين ومن عدة لغات - وادمجوا فيها ما عربوه بأنفسهم، وهكذا جاءت الترجمات بعبارات مختلفة السبك والصحة كأنها الثياب القلمونية أو مرقعات الدراويش، إذ ترى في تلك النقول مزايا كل لغة ترجمت منها. ففيها خصائص الارمية والقبطية والعبرية واليونانية والرومية. واحسن مثال لما نقوله مخطوط بريف ولهذا لا يعتمد على النسخ العربية المترجمة إذ نصوصها مترجرجة ورخوة لا قوام لها. على أن النقدة الخبيرين يرون فيها بعض الأحيان نوراً يسطع منها ليضيء لهم في مدلهمات الرواية الارمية المعروفة (بالبسيطة). ومهما يقل عنها، فان لها منزلتها في تاريخ التوراة. واقدم ترجمة عربية نقلت من العبرية وعرفها علماء العصر هي ترجمة سعديا

الفيومي (891 إلى 941م) من ديار مصر وكان في زمنه مدير المدرسة التلمودية في سورة والترجمة تداني كثيراً الحشو الترجومي فهي انفع للتفسير منها لنقد النص. والمخطوطات الباقية من هذا لنقل يظهر أن الأيدي قد لعبت به كل لعب. ومسألة معرفة هل أن هذه الترجمة كانت تشمل التوراة كلها أو لا، باقية في ميدان الجدال إلى هذا العهد. على أن المؤكد أنها كانت تشمل أسفار موسى الخمسة ونبوءة اشعياء. ويذهب جماعة إلى أن سعديا عرب أيضاً سفر أيوب والأنبياء الصغار والزبور. وهذا يكاد يكون رأي عموم الذين عنوا بهذا الأمر. ولهذه الترجمة عدة مخطوطات أهمها سبعة. وعدة مطبوعات أشهرها تسعة. وليس هنا محل تفصيلها. ومن المعربات ما نقل من اللغة الارمية (السريانية) من النسخة المعروفة بالبسيطة (أي فشيطتا) والمعرب منها أسفار مختلفة لا التوراة كلها بحذافيرها وهذه النقول وقعت في المائة الثالثة عشر والرابعة عشر على أيدي النصارى ومن هذه المعربات نسخ خطية ومطبوعة يطول ذكرها. وهناك ترجمات من النسخة السبعينية منها مخطوطة ومنها مطبوعة. وكذلك قل عن الترجمات المنقولة عن الرواية اللاتينية المعروفة بالفلفاتا (أي العامية أو الشائعة). والخلاصة أن البحث في هذا الموضوع طويل عريض كثير الشعب لا يوافيه حقه إلا كتاب قائم برأسه. الترجمات المطبوعة أما الترجمات المعروفة في الشرق الأدنى فهي التي نقلت عن النسخة اللاتينية المقبولة في الكنيسة الكاثوليكية فطبعت في مجمع انتشار الإيمان في ثلاثة مجلدات بالقطع الكامل في سنة 1671 ثم جاء البروتستنيان (لي وماك بريد) ونزعا من الترجمة الكاثوليكية المقدمة والأسفار القانونية الثانية والنص اللاتيني وطبعاها على نفقة (شركة التوراة) في لندن سنة 1822 بقطع الثمن، ثم تتابعت الترجمات والطبعات وكلها تعتمد في أهم عملها على الترجمة المطبوعة في رومة فهي إذن أم لجميع النسخ المطبوعة في الشرق المبثوثة في مدنه. من ذلك النسخة الدمنكية الموصلية (سنة 1875) والنسخة اليسوعية البيروتية (سنة 1876)

والنسخة البروتستانية البيرويتة (سنة 1856). وقد وقف على إصلاح عبارة هذه الترجمات أشهر أدباء بيروت وعلمائها كفارس الشدياق وبطرس البستاني والشيخ ناصيف اليازجي والشيخ يوسف الأسير والشيخ إبراهيم الأحدب والشيخ إبراهيم اليازجي إلى غيرهم. واحسن هذه الترجمات عبارة الترجمة الدمنكية فاليسوعية فالبروتستانية. وليس في الترجمة البروتستانية من العربية سوى الحروف والكلم. أما العبارة أو صياغتها فليستا من لغتنا بشيء. واحسن منها الترجمة اليوسوعية وافضل الترجمات هي النسخة المطبوعة في الموصل وكان ناقلها الخوري يوسف داود زبوني الذي سقف بعد ذلك على دمشق فصار المطران اقليمس يوسف وترجمة الزبور اليسوعية من أسوأ الترجمات فأنها تبتعد كل البعد عن النص العبري، حتى أن اليسوعيين أنفسهم اضطروا إلى اتخاذ نص الزبور القديم المطبوع في رومة مع إصلاح في عبارته والى نشره على حدة في كتاب خاص ليستعمله الشرقيون في صلواتهم وأدعيتهم. والمشهور عند المسيحيين أن الترجمة اليسوعية هي احسن الترجمات لغة وأمتنها عبارة لان الشيخ إبراهيم اليازجي تولى تصحيحها بعد أن كان ينقلها من العبرية واليونانية الأب اوغسطين اليسوعي ويصدق ترجمتها أربعة أساتذة يسوعيين متضلعين من العلوم الدينية ومعرفة اللغات الشرقية حتى جاء في مقدمة هذه الطبعة في ص7 ما هذا نصابه: (فقد جاءت هذه الترجمة والحمد لله وافية بالمرغوب. كافلة بالمنى. ولم يبق معها عذر في إيثار نسخة الهراطقة. وحق على الجميع الانقياد للرؤساء في مثل هذا الأمر المهم الذي يتعلق عليه إخلاص النفوس) اهـ. أما أن في هذه الطبعة اليسوعية أغلاطاً شتى فمما لا شبهة فيه عندنا. ونحن نذكر شيئاً منها لكي لا نرمى بالتهمة. من ذلك الآيات التي فيها (ها هوذا) وما تصرف منها. فإنها سقيمة التعبير فقد جاء في سفر الخلق (22: 1) هوذا آدم قد صار كواحد منا - وفيه (16: 9) ها أنا مقيم عهدي - وفيه (6: 11) هو ذا هم (كذا) شعب واحد - وفيه (3: 15) فهوذا ربيب بيتي هو يرثني وفيه (2: 16) هوذا قد حبسني الرب - وفيه (34: 20) فلما كان الغد قالت الكبرى للصغرى: هاءنذا. . . - وفيه (42: 27) هوذا عيسو أخوك.

وفيه (15: 28) وها أنا معك. . . وفيه (13: 37) فقال إسرائيل ليوسف هو ذا اخوتك يرعون عند شيكم وفيه (42: 38) وهاهي حامل. . . وفيه (8: 39) هو ذا مولاي لا يعرف. . . وفيه (1: 47) وهاهم في أرض جلسان. . . وفيه (2: 48) هوذا ابنك يوسف. والصواب أن يقال: هاهو ذا آدم. هاءنذا مقيم. هاهم أولاء شعب واحد. فها هو ذا ربيب. هاهو ذا حبسني. هاءنذي أو ها أنا ذه. هاهو ذا عيسو. وها أنا ذا معك. هاهم أولاء اخوتك. وهاهي ذي أو هاهي ذه حامل. هاهو ذا مولاي. وهاهم أولاء. - على انه جاء في نص الفصحاء قولهم هوذا آدم. بحذف (ها) المتقدمة عليها. وكذلك القول في ما ضاهى هذا التركيب وان كان منعه النحاة والبلغاء الاقحاح. أما أن بعضهم قال مثل: هو ذا هم شعب. وهاءنذا (في المؤنث المتكلم) وهاهم في أرض جلسان فلم يرد أبداً. لان هذا التركيب هو من الساقط كل السقوط في نظر المتشددين في النحو والمتساهلين فيه. فهو من افحش الغلط ومن اشده تشويهاً للكلام. زد على ذلك أن كلمة (ها هوذا) وما تصرف منها وردت في النص الأصلي اثنتين وأربعين مرة في سفر الخلق فلم ينقل منها المعربون إلا بعضاً وتركوا كثيراً منها، أما إهمالا، وأما إبدالا لها بما يقوم مقامها. وهذا ليس من حسن الأمانة. أما ورودها في التوراة كلها فكان ألفاً واثنتين وخمسين مرة: فلو توسعنا في الفرض وقلنا أن المترجمين احسنوا ترجمتها في نصف مقدارها فيكونون قد اخطئوا خمسمائة وستة وعشرين غلطاً. وهو ليس بالقدر الذي يستهان به، فتأمل. وهناك أوهام أخرى لا تعد ولا يمكننا أن نأتي عليها، إذ يجب أن يرصد لها كتاب قائم برأسه، إلا أننا نذكر بعضاً منها على سبيل المثال، وفي ذكرنا إياها لا نتبع طريقاً أو نهجاً، بل نتصفح صفحات على عجل بغير نظام وما يقع عليه بصرنا نذكره. وأول شيء يتجه إليه نظرنا هو أن الناشرين لهذه الترجمة لم يضبطوا الأعلام على وجه مقبول ومعقول. فمرة يجرون على أسلوب العرب كما فعلوا في ضبط موسى وداود وسليمان. ومرة جروا وراء العبريين في لفظهم كما فعلوا في آدم

وهابيل ويقطان. وأحيانا لم يجروا على وجه من الوجوه. فقد ذكروا مرة جبل الكرمل بفتح الكاف والميم. والعبريون يلفظونه بفتح الكاف وإمالة الميم. والإمالة تنقل إلى العربية بكسرة أو بفتحة إذا كانت مقصورة وبالياء أو الألف إذا كانت ممدودة. فقالوا مثلا هابيل وشيت بالياء والأصل العبري بالإمالة الممدودة. وقالوا عدن وإيزابيل والأصل فيهما بإمالة العين والدال في الأولى وبإمالة الباء في الثانية وكلتا الامالتين مقصورة. وإذا كان الأمر على هذا المنحى فكان يحسن بالمعربين أن يخرجوا الأعلام على وزن يوافق لغة العرب وذوقهم فكان عليهم أن يقولوا: الكرمل بكسر الكاف والميم كزبرج على حد ما ضبطه العرب في كتبهم على حد ما يتلفظ به أهل الديار أنفسهم إلى يومنا هذا. وقد ضبطوا صهيون مراراً لا تحصى بكسر الصاد وضم الياء ومثل هذا الوزن لا وجود له في لغتنا. وكان الأحسن أن يضبط على هذين الوجهين أما بكسر الصاد وفتح الياء ليشابه بزبون وحرذون وجردحل وقنذفل. وأما بفتح الأول وضم الياء ليحمل على مثل ليمون وزيتون وبينون وسعدون. وأما ضبطهم فلا يوافق لفظ العبريين ولا لفظ السلف. فضبط الأعلام يغلب عليه هذا السقم فهو عيب لا يخفى على كل من له أدنى ذوق. ونحن لا نعترض له لوروده بالمئات لا بالعشرات. وكثيراً ما يرد العلم الواحد بصورتين أو اكثر، وهذا أيضاً بلاء آخر. فان القارئ يظن أن الواحد غير الآخر. ففي سفر الملوك الثاني (9: 16) ابيشاي. وفي سفر أخبار الأيام الأول أبشاي (بلا ياء مثناة بعد الباء الموحدة التحتية) - وجاءت سموئيل بالصاد أي صموئيل وهو مخالف لما سمع عن السلف ولأصل اشتقاق اللفظ. وصموئيل بالصاد من أغلاط العوام ومسخ الأعلام مسخاً جائراً. وضبطت يؤاب ومآب هكذا: يوآب وموآب وكلاهما خطأ. لكن ما شاننا ورسم الأعلام فهذا بحث لا يستقصي لان الترجمة المذكورة شوهت اغلبها أقح تشويه، اللهم إلا الأعلام التي اشتهرت على السنة الفصحاء فإنها لم تصب بأذى والحمد لله. وكثيراً ما جاء المصطلح الأعجمي بدلا من المصطلح العربي الفصيح فقد جاء مثلا في سفر الملوك الأول (13: 18) ولكنت أنت قمت ضدي. والعرب

لا تعرف هذا التعبير والمشهور عندهم: قمت علي، والإصحاح السابع الآية الرابعة من ذلك السفر ما يأتي: (فأزال بنو إسرائيل عنهم البعليم والعشتاروت وعبدوا الرب وحده) ولو قالوا: البعول وعشتروت لكان أصوب، لا البعليم الذي هو في اللغة العبرية لا في لغتنا. وعشتروت لا يدخلها اللام ولا تكتب بألف بعد التاء. إنما ذلك من أوهام العوام، وما كان يحسن أن يجاورهم فيها ولا في أمثالها. وجاء في السفر المذكور 3: 8: ولم يسلك ابناه في سبله. . . فاجتمع شيوخ إسرائيل كافة. . . وقالوا له: انك أنت قد شخت وبنوك لا يسلكون في سبلك). وكان الواجب أن يقال: (وابناك لا يسلكان لأنه لم يكن له سوى ابنين على ما ذكر في الإصحاح نفسه وعلى ما أوردناه من النص. وفي سفر الملوك 10: 14: 3 (فقال لها الملك: من تكلم في شأنك فأتيني به، فلا يعود يتعرض لك من بعد.) والصواب حذف (يعود) لأنه ليس في الأصل ولا في النسخة اللاتينية العامة. وهي كثيراً ما زيدت في بعض الآيات على غير جدوى. فلا حاجة إلى ذكرها كلها لكثرتها. ولو قال: (فلا يتعرض لك من بعد) لكان الكلام أوفى بالمرام وأخصر وأوفق. وفي سفر الملوك المذكور 22: 24: (هو ذا البقر للمحرقة والنوارج وأدوات البقر تكون حطباً) ولو قيل: (ها هوذا البقر للمحرقة والنوارج. . . تكون خشباً أو جزلا لكان أقوم تعبيراً. لان الحطب: ما اعد من الشجر شبوباً للنار. ولا يكون إلا غير غليظ. وأما الغليظ منه كالذي يتخذ للنورج وأدوات البقر فلا يكون إلا (جزلا) وهو الغليظ العظيم من الحطب. أو (خشباً) وهو كالجزل، أي ما غلظ من العيدان. وفي سفر الملوك الأول 16: 9 (غداً في مثل هذه الساعة أرسل إليك رجلا من أرض بنيامين فامسحه قائدا على شعبي إسرائيل) فقول الآية: قائداً على شعبي من افحش الكلام وأبذأه. بل من الكلام الذي يجب إصلاحه في الحال من غير إبطاء البتة. فلينظر الناشرون لهذه الترجمة ما معنى قاد على فلان أو فلانة. والصواب أن يقال: قائداً لشعبي إسرائيل) وليراجعوا ما كتبوه في سفر الملوك ك2: 5: 1 (وأنت تكون قائداً لإسرائيل) فهو التعبير الصحيح الذي لا غبار عليه. ومن الغريب انهم عادوا إلى هذا الغلط الفاحش الفظيع في سفر الملوك الثالث في 35: 1 (واصعدوا وراءه فيجيء ويجلس على

عرشي وهو يملك مكاني، فانه هو الذي أوصيت أن يكون قائداً على إسرائيل ويهوذا) ثم عادوا فاصلحوا هذا الغلط في سفر الملوك الثالث في 16: 2 (من اجل أني رفعتك عن التراب وجعلتك قائداً لشعبي إسرائيل. . .) وكذلك أصابوا في قولهم: (ارجع وقل لحزقيا قائد شعبي) (سفر الملوك 4: 20: 5) وإذا راجع الباحث الآيات التي فيها كلمة (قائد) يراها مرة معداة بعلى ومرة غير معداة. ولهذا لا يمكننا أن نأتي على ذكر جميع الآيات المذكورة فيها كلمة (قائد) فلتحفظ هنا هذه الفائدة. وجاء في سفر الملوك الأول 18: 13: (ولكنت أنت قمت ضدي). وهذا تعبير لا تعرفه فصحاء العرب، إنما هو من قبيح المعرب: لان من المعرب ما هو حسن ويؤخذ به، ومنه ما هو قبيح فينبذ نبذ النوى، وهذا الكلام هو من هذه البضاعة المزجاة. والصواب أن يقال: (ولكنت أنت قمت علي) ويشبه هذا الغلط قولهم في سفر الملوك الثالث في 14: 1 (أن قلب الملك مال نحو ابشالوم. . .) قلنا: أن قولهم: (مال نحو) قد يجوز، لكن الفصحاء في مثل هذه الآية يقولون: (مال ابشالوم) وتعديه مال بالى هو الفصيح والمعروف وأما تعديته بنحو. فليس من عتيق الكلام ولا من حرة ولا من منسوبة. وكثيراً ما يغلطون في تعدية الأفعال ومتابعة هذا الوهم شاق جداً. فتراهم يقولون مثلا في سفر الملوك الثالث 14: 17 (فعند دخولها على عتبة الباب مات الغلام) ولو قالوا (فعند دخولها عتبة الباب أو في عتبة الدار) لكان كلامهم احسن وأقوم وهو المتبع. ومن هذا الباب ما جاء في سفر يهوديت 7: 1 (وفي اليوم الثاني أمر اليفانا جميع عسكره أن يزحفوا على بيت فلوى) فقول الترجمة (أن يرحفوا على بيت لوى) انهم جعلوا تحتهم أو تحت سوقهم بيت فلوى (المدينة) ليزحفوا عليها. وهو معنى شنيع، إنما المعنى السير إلى بيت فلوى. فكان يجب أن يقال: (أن يزحفوا إلى بيت فلوى) وجميع الكتاب العصريين يزلون هذا الزلل ولم نر راعى صحة هذا التعبير وهو أمر في منتهى الغرابة. مع انك لو استقريت جميع أقوال الإخباريين والمؤرخين تراهم يقولون (زحف إلى) لا (زحف على) الذي معناه غير المعنى الأول (راجع

لغة العرب 7: 341 و 6: 614 و 5: 208). على أن الناقلين كثيراً ما اظهروا انهم غير قابضين على أعنة العربي الفصيح. ففي سفر الملوك الثالث 18: 26: (وكانوا (أي أنبياء البعل) يرقصون حول المذبح الذي صنعوا. . . وجعل حول المذبح قناة تسع مكيالين من الحي، فجرى الماء حول المذبح دائراً وامتلأت القناة أيضاً ماء. . .) والظاهر من هذا الكلام انهم غير واقفين على صحة معنى هذه الألفاظ: المذبح والقناة وجرى دائراً). . . وكان الاصوب أن يقال: وكانوا يرقصون حول (الأنصاب) التي أقاموها. . . ونأى حول المنسك نؤياً) ومن الأغلاط المعنوية التي ترى في هذه الترجمة اليسوعية البيروتية قول المعربين في سفر الملوك الثاني 21: 18 (وكانت أيضاً بعد ذلك حرب في جوب مع الفلسطينيين فقتل حينئذ سبكاي الحوشي سفاً أحد بني الجبابرة. ثم كانت أيضاً حرب في جوب مع الفلسطينيين. . .) فمعنى قولهم حرب مع الفلسطينيين أن بني إسرائيل حاربوا الفلسطينيين، لكن نص العبارة يدل على أن الفلسطينيين انضموا إليهم ليحاربوا (معهم) عدواً آخر. وهو دون قول الفصحاء: (وكانت بعد ذلك حرب الفلسطينيين أيضاً في جوب) في كلتا العبارتين. ووجب وضع (أيضاً) بعد حرب الفلسطينيين لا بعد كانت، لإفادة تكرار الحرب، لا تكراراً للكون المطلق وفي كل ذلك معنى دقيق لا يخفى على الفطن، وهذا الغلط يقع كل يوم ما يكتبه أدباء مصر وفلسطين وسورية ولم ينتبه إليه أحد مع انه وهم ظاهر يخالف ظاهرة معناه. وقد تكرر هذا الخطأ مراراً في هذه الترجمة ولا حاجة لنا إلى تتبعه في كل ما ورد من النصوص، لان الغاية من هذه السطور التذكير ليس إلا. أما أن قولنا هو الصحيح وقول المترجمين هو الخطأ فظاهر من أقوال الفصحاء جمعهم لم نستحدث شيئاً، إنما نحن تبع. فقد جاء في كلام البلغاء (أنا حرب لمن حاربني) و (فلان حرب فلان) ولم يقولوا أبداً (أنا حرب مع من حاربني) ولا (فلان حرب مع فلان) إذ كل هذا خلاف لما في الصدر. وتتبع كل ما هناك من الهنوات والزلات والهفوات أمر يطول ويستلزم وضع كتاب ضخم قائم بنفسه بين فيه سبب تصحيح تلك المعلومات أو تلك

المفاسد وليس ذلك الآن من غايتنا. وهناك ضرب آخر من المآخذ على الترجمة اليسوعية وعلى سائر المنقولات التي جاءت على غرارها، وهو أنها تراع في النقل الاحتفاظ بالألفاظ العربية المجانسة للعبرية الواردة في النص الأصلي وهذا لا تكاد تخلو منه آية، ونحن نذكر هنا بعض الشواهد - جاء مثلا في سفر الخروج 3: 7 هذه الآية: (فقال الرب أني قد نظرت إلى مذلة شعبي الذين بمصر وسميت صراخهم من قبل مسخريهم وعلمت بكربهم). وفي الآية 17: (فقلت أني أخرجكم من مذلة المصريين إلى أرض الكنعانيين. . .) فاتلكلمة العبرية الدالة على (المدلة) في النص الأصلي هو (عني) الذي معناه العناء. فلو قال النقلة: (أني قد نظرت إلى عناء شعبي. . . أني أخرجكم من عناء المصريين) لكان احسن. نعم أن المعنيين واحد، لان معنى عنا له يعنو عناء: خضع وذل فهو عان وعني. فيكون العناء والمذلة بمعنى واحد. إلا أن هناك فرقاً هو أن (العناء) وارد في النص العبري بخلاف المذلة فأنها لم ترد. زد على ذلك أن (العناء) أخف وزناً ولفظاً من (المذلة) وهناك قولهم: (وسمعت صراخهم من قبل مسخريهم). ولو قيل: (وسمعت صراخهم لقساوة الوهناء عليهم) لكان هو المطلوب. وفي سفر الخلق 35: 5 (فدفنها يعقوب تحت البطمة) وفي النص العبير (تحت الالاءة) والالاءة هنا احسن وهي في العربية كما في العبرية: شجرة ورقها وحملها دباغ وهي حسنة المنظر مرة الطعم لا تزال خضراء شتاء وصيفاً (عن التاج). وفي لسان العرب: (قال أبو زيد: هي شجرة تشبه الآس لا تتغير في القيظ ولها ثمرة تشبه سنبل الذرة ومنبتها الرمل والأودية. قال: والسلامان نحو الآلاء غير أنها أصغر منها تتخذ منها المساويك، وثمرتها مثل ثمرتها ومنبتها الأودية والصحاري) اهـ. - أما البطمة فشجرة الحبة الخضراء وهي غير الآلاء ومن أراد التحقيق فليرجع إلى الأمهات. وإبدال كلمة من كلمة أخرى تقاربها من غير أن تكون اياها، كثير الأمثلة. فقد جاء مثلا في نبوءة زكريا 1: 8 (لان من يمسكم يمس حدقة عينه) والكلمة العبرية هي (بينة)

(وزن عنبة) أي بؤبؤ. ونحن لا نرى هنا إبدالها الحدقة لان الواحدة غير الآخرة ولا سيما لان كادة (ب أب أ) ومادة (ح د ق) معروفتان في اللغتين العبرية والعربية. وهذا الخطأ يظهر شنيعاً في الألفاظ العلمية الاصطلاحية فان النسخة اليسوعية لم تحقق أسامي الطيور الواردة في سفر اللاويين الذي سموه سفر الأحبار، فقد جاء مثلا في الإصحاح الحادي عشر في الآية 17 وما بعدها: واليوم والزمج والباشق والشاهين والقوق والرخم واللقلق والبغاء بأصنافه والهدهد والخفاش) وهذه الأسماء لا توافق ما جاء في النسخة العبرية الأم ولا ما في النسخة اللاتينية الشائعة، ولا سائر النقول السامية اللغة، فان المعربين أليس وعيين قد انفردوا بهذه الترجمة انفراداً عزاهم عن جميع الناقلين والرواة وأظهرهم من المخطئين بين كل من ترجم وفسر وأول. أما التعريب الصحيح فيكون هكذا: (والمصاص (نوع من البوم) والغواص والحبيس (هو أبو حنش أيضاً) والتم والقوق والزمت والبلشون والطيطوي بأصنافه والهدهد والخفاش) أهـ. فأين هذا من ذاك؟ أما إظهار فساد الترجمة اليسوعية فيطول بسطه لما يتركب على هذا العمل ذكر اللفظة العبرية ومعناها وسوء معنى الكلمة التي ذكرها اليسوعيون المترجمون وسبب تفضيل ما ذكرناه من أسماء الطير على أسماء طيرهم على أننا لا نتلكأ عن إظهار ما في نقلنا من الصحة إذا ما اكرهنا أناس على تبيينها عند حاجتهم أليها. وسوء نقل الألفاظ الاصطلاحية في كل ما جاء في هذه الترجمة يطول طولا يخرجنا عن موضوع المجلة ويدفعنا إلى معالجة ما ليس من مباحثها فاجتز أنا بهذه الإشارة. فيلعم من هذا البسط المجمل أننا فينا حاجة ماسة إلى نسخة توراة عربية صحيحة العبارة. وان هذه الأمنية لم تتحقق إلى اليوم. أما نسخة الموصل فهي في نظرنا احسن من نسخة بيروت وان كانت دون هذه حسناً في الطبع والضبط والورق. وأما النسخة العربية التي عني بطبعها البروتستان فلا يمكن أن تمسك بالأيدي للغتها الأعجمية وفساد تركيب عبارتها المكتوبة بحروف عربية وهي عن العربية بعيدة بعد الصينية عنها. وعسى أن لا يحمل كلامنا إلا على الغيرة وعلى الاهابة بأرباب الدين إلى وضع ترجمة صحيحة لا غبار عليها. وهو الموفق لسواء السبيل.

بيت الشاوي

بيت الشاوي 1 - بيوت بغداد إن العصور المتأخرة قلت من شأن بغداد، وجعلتها في الدرجة الدنيا عن سائر الأقطار والبلدان، لان العراق أضاع مركزه السياسي، والعلمي، وفقد السيطرة على الممالك الآخر وعلى عقول الجماعات، من أمد بعيد، ومدة طويلة جداً، ولكنه مع هذا، لم يفقد خصائصه، وعلميته، ومكانته الممتازة بالنظر إلى أطرافه المجاورة، وبالنظر إلى عقلية أهليه، ومزاياهم الطبيعية. لذا نرى فيه صنوفا قد امتازوا على غيرهم، واشتهروا بخصائص علمية، وسلوكية. جعلتهم بمكانة سامية وأرقى من غيرهم وهذا ما دعا أن يعرف منهم كثيرون، ويشتهرون بالعلم أو المشيخة، أو الرياسة القبائلية وما ماثل ذلك. كتبت بعض الرسائل، والكتب، عن بيوتات عراقية، ونشر بعضها، وان النفوس تتطلع إلى مثل هذه المباحث، والكل منا يود أن يكشف اللثام، عما كان لها من مكانة ماضية، ومنزلة رفيعة، ومن تأثيرات عملت فيها، وعلاقة اتصل أهلوها بها، وأواصر ربطتهم بها. وغالب ما رأينا لا يخلو من إذاعة، ونشرة، ولا يسلم من مناقشة ولا يقوي على حجة، وكل ما هنالك المدح الفارغ أو الثناء العاطر الصرف. ولن نعلق أهمية كبيرة بمثل هذه الأمور، اللهم إلا إيضاحاً لمبدأ الأسرة (العائلة) أو أوائل أحوالها، اعتماداً على محفوظات الأسر عن اصلها الغامض، أو عراقة النجار. وعلى هذا عزمت أن أتكلم على بعض البيوت (العائلات) التي خدمت هذا المحيط، أو أقامت في قيادته وأدارته مدة. بأن قامت بأعمال كبيرة متصلة بوقائعه أو خدمة تعليمية، أو طريقة إصلاحية، سواء أكان محصوراً في شخص أم توالى في اشخاص، وهكذا جرياً على سنن الحق والصدق. وعلى الرغم من قلة المصادر وندرتها، أو حرص أهليها على الاحتفاظ بها

من دون اطلاع أحد عليها، لن نذخر وسعاً في البحث، بياناً لحقيقة رجالاتنا السابقين، وأكابر علمائنا ومشايخنا، وما أحدثوه من اثر في الجماعة، دون الإشادة بالمفاخر الكاذبة. ومعتمدنا الوثائق العلمية، والأدبية والمجاميع المتعددة. وهنا يلاحظ انه لم يكن في العائلات المشهورة جميعها أفذاذ وبصورة مستمرة متوالية، فقد يكون هناك متوالون أو متعاصرون، فإذا تحقق في بعضها فهو لا يتحقق في الأخرى، وهكذا المحيط لا ينجب إلا أحيانا بل قد يلد العصر فذاً واحداً، أو عدة أفذاذ. وقد تمر بنا عدة عصور إسلامية فلا نجد فيها كلها نوابغ بلا لا نقدر أن نقول: أن جميع أكابرهم نوابغ، فالوحيدون قليلون على حد ما قيل: ما كل من طلب المعالي نافذاً ... فيها ولا كل الرجال فحول وهذه أسرة نبيلة من الايلات البغدادية التي كان لها مكانة تاريخية ومركز ممتاز بين بيوتات بغداد المعروفة وقد توالى رجالها الواحد بعد الآخر فاقدم البحث عنها للقراء وهي: (بيت الشاوي). 2 - آل شاوي تمهيد أن الحكومة العثمانية حكمت العراق من زمن بعيد أي من سنة 941هـ ثم تداولته الأيدي بين ترك وعجم حتى استقر للترك. وخلص لهم. اللهم إلا في بعض أزمان فقد حدث في خلالها قلاقل واضطرابات داخلية، ومنافرات خارجية دولية أدت إلى الاستيلاء على بعض أجزائه، ثم استعادت السلطة نفوذها. وفي كل هذه الأيام كانت الحكومة بين عوامل كثيرة، تهدد كيانها وتدعو إلى الوقيعة بها، إلى تشويشها وهذه الأحوال ساقتها إلى أن تتخذ الوسائل للنجاة من هذه المآزق والأخطار فركنت إلى تدابير من شانها أن تكون وافية لمواقفها الداخلية ومقاومة غوائلها الخارجية. وقد علمتها التجارب العديدة هذا السلوك، سواء من وقائع مؤلمة، أم من حوادث نافعة، ناجعة كانت قد راعتها، وسعت للتوقي من نتائجها. وليس في وسعنا الآن بسط القول في جميع هذه الوسائط التي مشت علها لحفظ كيانها، إذ ذلك يطول فلا نخرج عن الصدد الموضوع لأجله هذا المقال،

إنما غاية ما نريده في هذا البحث، بيان مكانة هذه الأسرة في تاريخ العراق، وما لقيته من الأدوار واهم أمر قامت به أن الحكومة استخدمتها لأجراء النفوذ على القبائل من طريقهم للتفاهم معهم، أو للسيطرة عليهم بتقوية النفوذ على القسم المناوئ، واستعمالهم آلة قوية تجاه العشائر الآخر من عربية وغير عربية كما أن الحكومة استخدمت لنفسها أقواماً آخرين لمقاومة العرب، ولا يهمها تطاحن القبيلين، أو تأسس العداء بينهما، بل توليد البغضاء هو الأمر المبتغى. إن الوقائع التي جرت، والتطورات التي لحقت هذه الأسرة، ونفوذها والتبدلات من هذا النوع، تؤيد ما قلته وتوضح بجلاء هذا الغرض فإنها لما لم يبق لها أمل في الاستفادة من هذا البيت، وغضبت عليه، وعلى اهله، وقومه قربت غيره وجازفت معه، فبذلت له كل مرتخص وغال، بل كل ما استطاعت لنيل الغرض، حتى أن الحكومة لم تكتف بكل ذلك بل أسكنتهم مساكن هذا البيت. والأمر لا يقتصر على هذا البيت، أو ذاك للقضاء على مقدرات هذا القطر بل هناك عوامل آخر توسلت بها الحكومة التركية من تقوية المذاهب المتخالفة والطرائق المتباينة والأقوام المتنوعة، وهكذا كلما أحست بقوة عملت لتوهينها مما ننتظر الفرصة عنه لتدقيق النظر في مباحثه. وعلى كل حال أن اعظم خصيصة هذا البيت تعاطي (أمور السياسة العشائرية) وعلاقة الحكومة بها فقد اتخذته الحكومة عقد التفاهم وواسطة المعرفة والاطلاع ثم امتد نطاق نفوذ هذا البيت إلى ما وراء ذلك. أما الحكومة فأنها مشت على هذه الخطة من أوائلها إلى أمد غير بعيد منا، ولكن لم تستطيع من التغلب على هذه السياسة، ومراعاة أوضاعها: في جميع ادوارها، اما لجهل بعض الولاة، أو لروح نزاعة في العشائر، نية إليها ضعف الحكومة، أو سياسة وزرائها الخرقاء. بسبب الشذوذ عن الأداة الحكيمة التي ينبغي أن تسير بموجبها، أو غوائل أخرى فتحت العيون للقيام. . . الخ ممالا يكاد يستوفي الكلام على جميع وسائله بنظرة سريعة. ومن طالع التاريخ بأنعام النظر تجلت له هذه الحقيقة بحذافيرها، ناصعة لا غاشية عليها.

3 - أصل هذا بيت هذه الأسرة من قبيلة عربية بحتة كريمة المحتد، ونبيلة، من قبائل حمير القحطانية. وهي (قبيلة العبيد) وهذه القبيلة نالت مكانة وشهرة بهذا البيت، إذ أن القبيلة التي ليس لها احتكاك ما بالحكومة لا تشتهر شهرة تطبق الأفاق، ويكون لها دوي في التاريخ. . . وبسبب موالاة هذا البيت للحكومة ورضخه الطاعة لمطالبها، وتمشية لنفوذها، والتزامه لجانبها، بحيث تحارب من حاربته وتصاحب من والته. برهنت فعلا على خدمتها الصادقة وأيدت إخلاصها. ومن جهة أخرى أن رجال هذا البيت صاروا واسطة تفاهم بين الحكومة والعشائر الآخر، فهم (عقد النظام)، كلما طرأ خلل، بادروا إلى رتقه، فقربوا النافر، وخدعوا الغافل، وناوءوا المحارب، وهكذا حتى آمنت الحكومة شر غوائل عديدة، ولولا هذه السياسة لما استطاعت تأمينها. 4 - رأس هذا البيت (شاوي بك) لنا بحث مستوفي عن قبيلة العبيد التي منها هذا البيت وليس هنا محل بسط الكلام عنها، والذي أقوله هنا أن رياسة قبيلة العبيد كانت ولا تزال في (فرقة البو شاهر) فهم بيت الرياسة. وان أول رئيس منهم أقام في بغداد هو (شاوي بن نصيف) ولم تقطع علاقته بالقبيلة بل أن نفوذه كان بسبب سيطرته على هذه القبيلة، فتمكن أن يؤلف القبائل التي تمت إليه بسبب القرابة والاخوة القبائلية حتى صاروا يميلون إليه لأنه منهم ويركنون إلى مقدرته ونفوذه لدى الحكومة فيقضي على أكبر عوائلهم، وينهي حاجاتهم وسائر مهماتهم. ولذا كان مسموع الكلمة، وله الصولة والشرف لدى الحكومة، يعز العشائر ويعتز بهم. ويكفيه فخراً أن تسمى هذا البيت باسمه. ولم تنقطع تلك العلاقة القبائلية. لهذا البيت إلى الآن. فالعبيديون لا يزالون إلى زمن المرحوم عبد المجيد بك الشاوي، يركنون إلى هذا البيت ويستعينون به إلا أن النفوذ لم يبق الآن على القبيلة ولا على العشائر الآخر. ومع هذا لم يستغن عن رأيهم في توجبه بعض الأمور العشائرية إلى أواخر أيام عبد المجيد بك الموما إليه. والأمل لم يعدم من النفوس فان رجالهم يتحفزون للتسامي والوثوب

إلى أعلى مكانة ولهم منزلتهم المعروفة. هذا وان شاوي بك لم يعرف عنه شيء كثير. وعلى اكثر احتمال انه كان تقربه من الحكومة زمن الوزير حسن باشا في أوائل القرن الثاني عشر. وليس لدينا تاريخ توطنه بغداد بالضبط ولا ملازمته للحكومة ولا ائتماره بأوامرها ولا عرفنا تاريخ وفاته. . . مما بأيدينا من الوثائق. وخير وثيقة تاريخية عثرنا عليها ما جاء في حديقة الوزراء في حوادث 1152هـ (1739م) بعد أن قص حادثة لأحمد باشا مع عشيرة القشعم حينما هاجم بنفسه وبخدمه ولم يكن معه أحد قال: (وهذه عادة لأبيه فانه فل مقدمة زبيدة بأربعة فوارس. وذلك كما حدثنيه والدي عن أبي عبد الله بك شاوي انه قال كنت مع الوزير الحسن في غزوته زبيد، وكان معنا أيضاً فارسان آخران مع الوزير يسير أمام العسكر، فاشغلنا بالصحبة، وأملينا أحاديث المحبة، حتى بعدنا عن العسكر، بحيث لا يدركنا البصر. ولم نزل سائرين، حتى أشرفنا على كثيب من رمل ممتد أمامنا. فلما صرنا فوقه، أبصرنا مقدمة الأعداء خلفه جائية وجموعهم وراءها عادية. فألويت عنان فرسي، فزجرني الوزير. وأغرنا على المقدمة، إغارة من يظن به أن قومه قريب منه فشتتنا جمعيه المقدمة بعد أن كانت مجموعة ملتئمة، واشتغل بيننا الأسمر، وجرى منهم الدم الأحمر، ولم تتلاءم الأعداء بعضها على بعض. إلا والعسكر أدركهم. ففرق شملهم بعد الاجتماع، وتركهم صرعى في تلك البقاع) اهـ. (راجع ص 302 و 303) ومنها تعلم منزلته ويوافق تاريخ هذه الواقعة سنة 1119 هـ 1707م. واليك أيها القارئ ما قيل عن هذا البيت في تاريخ عنوان المجد وهذا نصه: (ومنهم (من بيوت بغداد) بيت المجد، آل شاوي، العبيدي، الحميري، وهو بيت علم، وشجاعة، وكرم، ورئاسة، ونجابة، وأدب، وحسب، ونسب. وكانت لهم الكلمة النافذة في جميع قبائل عبر العراق: ورياسة العرب لدى وزراء بغداد، كالنعمان بن المنذر عند كسرى. (وقد حازوا العلم، والسيف، والقلم، وسائر المفاخر. وكان يعيش في كنفهم خلق كثير ومن كل صنف، ولهم الصولة القاهرة بين القبائل) اهـ.

أن شاوي هذا جدهم الأعلى، وهو أول من عرف منهم في بغداد، وهو الذي سالم الحكومة وعزم على موافقتها في خطتها، وقاوم بنفسه، وبقبيلته، العشائر المعادية، كما أشير إلى ذلك. ولا يذكر له من الأوصاف اكثر مما يوجد في رئيس قبيلة من كرم طباع، وذكاء عربي خالص، ونفوذ نظر للأمور وسرعة حل، وحسن تدبير وحلم، مما تعرف في رئيس حاذق، عارف، ولذا نجد أخباره المدنية، وأعماله القومية ليست بالغربية. واهم ما فيه مما أفاق به أقرانه أن تمكن من وفاقه للحكومة، والرضى بمقترحاتها. وأقام ببغداد تنفيذاً لهذه المطالب، والحكومة آنئذ بيد المماليك تقريباً، فراعى طراز إدارتهم وماشي سياستهم. ولعل حكومة المركز لم تنتبه لمثل هذه الأمور، لبعدها عن العراق لولا حكومة بغداد، واطلاعها على حقيقة الإدارة. واكتسابها أخيراً من السطوة والنشاط ما لا يوصف بهذا الوزير حسن باشا. ومع هذا كانت حكومة العراق بين عاملين: بين تسكين الداخل والتأهب لطوارئ الخارج. في هذا الحين طبعاً تحتاج الحكومة إلى مناصرة ومؤازرة من بعض القبائل وكان من السياسة قضاء حاجات العربان، والتساهل عليهم، على يد أميرهم (شاوي بك) والتوسط لهم بينهم وبين الآهلين للتفاهم وإزالة الخلاف. وبهذه الصورة حاز المومأ إليه كل قوة مقدرة. فالحكومة لا تعرف غيره والعشائر لا يفاوضون سواه، ولا يتفاهمون مع غيره، ولا يلجئون إلى امرئ عداه. وتتوضح هذه الحقيقة بجلاء من مراجعة الوقائع التي دونها التاريخ في زمن اختلال الحكم، واضطراب الأحوال بين أمراء المماليك، وبين وزراء الدولة أو بالتعبير الصحيح وبين حكومة المركز (الآستانة) أو بينهم وبين العشائر. ومن ذلك الحين تيسر له أن يربي ولده عبد الله بك ويدربه على مثل هذا المسلك. فقويت شوكته بعده، وهو مجهز بوسائل معروفة أقوى واتصال بالداخل والخارج. واترك الكلام على عبد الله بك هذا إلى المقال التالي من الله المعونة. المحامي عباس العزاوي

في مجلة المجمع العلمي العربي

في مجلة المجمع العلمي العربي تتمة ما نشر في الجزء 7 من هذا السنة وفي ص 144 - 145 وقد صح وهو فيقال فينا كيف يحفظها ولا الأموال فصححت هذه العبارة المطلسمة بقول الأستاذ مرجليوث: لعله يحفظون الأموال ورأت مجلة المجمع أن تصلحها بقولها: لعل الأصل بحفظ هؤلاء) قلنا: وكل ذلك لا يقوم أود المعنى. فان العبارة مبتورة وليس لها معنى مع كل ما وصف لها من الأدوية المعنوية. وفي ص 145 س 5 وكان نبطياً. فأصلحتها المجلة قول الكاتب نبطياً بقولها: لعله قبطياً لان الحادثة وقعت في مصر. اهـ. قلنا: وهل من البعيد أن يعرف أهل مصر النبطية (الارمية أي السريانية) والنصارى اغلبهم كانوا يعرفون تلك اللغة في عصر الخلفاء في العراق وسورية ومصر إلى غيرها من ربوع الشرق. ومن الغريب أن المجلة أصلحت: وكان نبطياً بقولها: وكان قبطياً ولم تصلح ما ورد في تلك الصفحة عينها في السطر 7 وكان احسن بالنبطية فقالت: لعل الباء زائدة أو سقط لفظ المتكلم أو نحوه. أهـ. ولم تصلح النبطية بقولها: القبطية والذي عندنا أن النبطية في محلها ولا يحسن أن نبدل بالقبطية كما لا يحسن أن يبدل النبطي بالقبطي. وفي ص 146 س 15 ماس الهوينا. فأصلحتها المجلة بقواها: والصواب الهويني. قلنا: لا أصوب هناك وإنما ذلك من تواطؤ الصرفيين وإلا فإننا قد أشرنا إلى أن جماعة من النجاة قد أجازوا ذلك (لغة العرب 8: 352) وقد وردت كتابة الهوينا بالألف القائمة والقصر في لسان العرب (17: 330: 23) وكذلك في نهاية ابن الاثير، إذ يقول: وفي رواية كان يمشي الهوينا (بالألف المقصورة) تصغير الهوني (بالياء المهملة). اهـ. وفي ص 148 س 13: كنا مع حامد ابن العباس في ولايته يوماً جلوساً في

الخيش بواسط. . .) والخيش: ثبات في نسجها تخلخل وخيوطها غلاظ من مشاقة الكتان. . . فقوله: (جلوساً في هذه الثياب) لا يستقيم معناه والذي نراه نحن أن الأصل هو (جلوساً في الحش) والحش البستان. والعراقيون يختلفون إلى البساتين في أيام القبط هرباً من شدة الحر. وفيها س 16: سايدة الوسطي صوابها سائدة ولا يجوز تنقيط صورة الهمزة في المصوغ للفاعل. وفي 150 س 13: قد تعريت عنها صوابها: منها. وفي ص 201 س 12 فلقيه في الطريق أهل سمطيا. فعلق عليها الأستاذ مرجليوث: لعلها سمطيا. فضمت المجلة إلى هذا الكلام قولها: الذي قي ياقوت سبسطية. . ولم نجد بالميم إلا سمسطا قرية بصعيد مصر. اهـ. قلنا: ورد في تاريخ الطبري 1236: 2 (ثم دخلت سنة 93 فمما كان فيها من ذلك غزوة العباس بن الوليد أرض الروم ففتح الله على يديه سمسطية) هكذا بالميم وقد ذكر الناشر لهذا التاريخ روايات أخرى وردت في نسخ خطية منها: شمشيطية وشمشطية وسميسطة وسبسطية وسمسطة، إذن قول المؤلف سمطيا محرف عن سمسمطية والمدينة التي يجري الكلام عليها هنا: هي التي في أعلى الفرات وفي ديار الروم لا التي في فلسطين ولا التي في مصر. وفيها س 16: فقلت زدتنا نذقه يا سيدي) (قال الأستاذ مرجليوث: كذا في الأصل ولعله نزقة. اهـ. ونظن أن العبارة توجب علينا أن نقول: زدتنا ثقة. وفي ص 203 س 16 وكان أبوه من قبله مضموماً إليه. اهـ. والصواب من قبله. . وفي ص 204 س 11 فيتناظران في أمر المال فيحتفيه علي بن عيسى بالحجة فيعول هو به إلى السبب والسفه. اهـ. والذي عندنا أن صحيح العبارة فيجتفيه بالجيم أي فيزيله عن مكانه بالحجة. وفي ص 207 س 16 أعمالآ (بمد الألف الأخير) والصواب: أعمالا (بفتحتين في الآخر).

وفي ص 211 س 12 وما في جيبه ومعايبه. ولعل الصواب: وعيابه جمع عيبة ليتفق مع قوله: في جيبه. وفي ص 214 س 5: فإلى أن يستدعي لي والصواب فآلى بمد الألف. وفيها س 3: وقد نصبت له سبنية. فعلقت المجلة على السبنية ما هذا نصابه: السبنية: ضرب من الثياب تتخذ من ميثاق الكتان اغلظ يكون. وثياب من حرير فيها أمثال الاترج منسوبة إلى سبن موضع بناحية المغرب اهـ. قلنا: السبنية بمعنى الثياب المتخذة من مشاقة الكتان كانت تصنع في سبن (كسبب) قرية من قرى بغداد. وأما كانت تتخذ من الحرير فكانت تجلب من ديار المغرب. فالثوب السبني الذي نصب للموفق كان من حرير من بلاد المغرب لا من مشاقة الكتان. إذن ما كان يحسن أن تذكر هذه الأخيرة هنا بل الأولى فقط وكذلك نقول اضطرب زائد لا معنى له بعد شرحها (فخبط) بقولها: يقال: خبطه الشيطان وتخبطه مسه بأذى وأفسده إذ الواجب على الشارح أن يذكر المعنى المطلوب في النص لا ذكر جميع معاني اللفظة الواحدة فهذا العمل يخرجنا عن الغاية الموقوف لها الشرح. انتهى كلام لغة العرب. عودة إلى نقد الأستاذ مصطفى أفندي جواد 1 - ورد في ص 291 س 7 (ورد معه من الزواريق والجمال التي تحمل أثقاله شيء كثير) فعالق المجمعون بلفظ الزواريق ما صورته (لم نجد الزواريق ولعلها الزوارق جمع زورق وهو القارب) قلنا: قال الفيومي في مصباحه عن (الدانق) ما نصه: (وجمع المكسور: دوانق وجمع المفتوح: دوانيق. بزيادة ياء قاله الأزهري، وقيل: كل جمع على فواعل ومفاعل يجوز أن يمد بالباء فيقال: فواعيل ومفاعيل) اهـ. وبهذا يعد من التضييق قول المؤلفين لقواعد اللغة العربية لمدارس مصر الثانوية ص 46 من الطبعة العاشرة: (وكل اسم حذف منه شيء لتصحيح صيغة فعالل وشبهها يجوز أن يزاد قبل آخر جمعة ياء كسفاريج جمع سفر وزعافير جمع زعفران) لان الزيادة غير مقصورة عليه، أما الياء المزيدة فهي متولدة من إشباع كسرة الجمع، قال المبرد في 1: 176

من كاملة (وقوله: (الجلاعيد، يريد الشداد الصلاب واحدهم: جلعد وزاد الياء للحاجة. وهذا جمع يجيء كثيراً وذلك انه موضع تلزمه الكسرة فتشبع فتصير ياءاً يقال في خاتم: خواتيم، وفي دانق دوانيق وفي طابق طوابيق. قال الفرزدق: تنفي يداها الحصى في كل هاجر ... نفي الدراهيم تنقاد الصياريف اه وتظهر صحة قول المبرد من قولهم: (مرسل مراسيل، ومجرع مجاريع، ومنكر مناكير وموسر مياسير، ومطفل نطافيل، ومعنق معانيق، ومحبض محابيض، ومخرط مخاريط، وعنكبوت عناكيب، وقشعم قشاعيهم، ومقضبة مقاضيب، ومقعنسس مقاعيس، ومقيد مقايبد، وكعسم كعاسيم، وملوث ملاويث ومؤخر مأخير، ومنجنيق مجانيق، وهجنف هجانيف، وهدهد هداهيد، ومومس مواميس، وموتم مياتيم، وجوسق جواسيق، وحوجلة حواجيل، وسلم سلاليم، وزمجرة زماجير، ومسند مانيد، ومعصر معاصير، ومعضل معاضيل، وسجسج سجاسيج، وغذمرة غذامير، ومفلس مفاليس، ومقدم مقاديم، ومقرب مقاريب، ومنجح مناجيح). وما لا نحصيه: فالياء فيها ناشئة من إشباع الكسرة. 2 - وورد في ص 292 س 12: (وجسمه في دار ابن طاهر والزم سبعين ألف دينار يؤديها فكان يصححها - أي المعتضد - على جميل وهو يوكل به من قبل المعتضد في دار ابن طاهر). فعلقوا بلفظ (يصحح) ما عبارته (كذا في الأصل، وفي التاج: صحح الحساب أصلحه) قلنا: قد قرءوا من النشوار في الجزء الأول من المجلد العاشر لمجلتهم ص 77: (واخذ خطة لتصحيحها. فصحح خمسمائة وأربعين) فيحسن بهم تدبر مستعملات المؤلف، لان المراد بالتصحيح عنده، اثباتها، وتوكيدها لا إصلاحها، وإلا فالحساب مصلح متقن، ولم يعلقوا بدار ابن طاهر شيئاً وهي في مجلة الحريم الطاهري من كرخ بغداد والحريم بين مقبرة قريش (الكاظمية) ومدينة المنصور المدورة. فلتراجع ص 165 و 178 من خلاص المذهب المسبوك. له بقيه مصطفى جواد

رسالة إلى أبي عبد الله

رسالة إلى أبي عبد الله احمد بن أبي دؤاد الايادي، من كلام أبي عثمن عمرو بن بحر الجاحظ كتبها إليه يخبره فيه (فيها) بكتاب الفتيا (لغة العرب) هذه تتمة الرسائل التي ذكرها حضرة الدكتور داود بك الجلبي ووضعها، وهي من عين المجموعة المذكورة سابقاً. بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله بقاك (بقاءك)، واعزك، واصلح على يديك. كان يقال: السلطان سوق، وإنما يجلب (يجلب) إلى كل سوق ما ينفق فيها. وأنت أيها العالم، معلم الخير، وطالبه والداعي إليه، وحامل الناس عليه، من السلطان بأرفع المكان. لان من جعل الله إليه مظالم العباد ومصالح البلاد وجعله متصحفا (متفحصاً) على العصاة. وعباد (عتادا؟) على الولاة. ثم جعله الله منزع العلماء ومفزع الضعفاء، ومستراح الحكماء فقد وضعه بأرفع المنازل، واسني المراتب. وقد قال أهل العلم، وأهل التجربة والفهم: لما يزع الله بالسلطان، اكثر مما يزع بالقرآن. وقد كان يقال شيئان متباينان، أن صلح أحدهما صلح الآخر: السلطان والرعية. فقد صلح السلطان، وعلى الله تمام النعمة في صلاح الرعية حتى يحقق الاثر، ونصدق الشهادة في الخبر، فنسئل (فنسأل) الله الذي منحك حسن الرعاية، أن يمنحنا حسن الطاعة. وقد نظرت في التجارة التي اخترتها والسوق السوق التي أقمتها، فلم أر فيها شيئاً ينفق إلا العلم والبيان عنه، وإلا العمل الصالح، والدعاء إليه، وإلا التعاون على مصلحة العباد ونفي الفساد عن البلاد. وأنا مد الله في عمرك، رجل من أهل النظر، ومن حمال الأثر، ولا اكمل لكل ذلك ولا أفي إلا في سبيل أهله وعلى منهاج أصحابه. والمرء مع من احب، وله ما اكتسب. وعندي أبقاك الله كتاب جامع لاختلاف الناس في أصول الفتيا، التي عليها

اختلفت الفروع. وتضادت الأحكام. وقد جمعت فيه الدعوى مع جميع العلل. وليس يكون الكتاب تاماً، ولحاجة الناس إليه جامعاً، حتى يجنح لكل قول، بما لا يصاب (يعاب) عنده صاحبه، ولا يبلغه (ينقصه) أهله (أمله)، وحتى لا يرضى بكشف قناع الباطل، دون تجريده، ولا بتوهينه، دون أبطاله وقد قال رسول رب العالمين، وخاتم النبيين، محمد صلى الله عليه وسلم: تهادوا تحابوا. فحث على الهدية، وان كان كراعاً و (أو) شيئاً يسيراً. وإذا دعا إلى اليسير الحقير، فهو إلى الثمين الخطير أدعا (ادعى) وبه أرضى. ولا اعلم شيئاً ادعى إلى التجارب، وأوجب في التهادي، وأعلا (أعلى) منزلة، واشرف مرتبة، من العلم الذي جعل الله العمل له تبعاً والجنة له ثواباً. ولا عذر لمن كتب كتاباً، وقد غاب عنه خصمه، وقد تكفل بالأخبار (بالأخبار) عنه، في ترك الحيطة له، والقيام بكل ما احتمله قوله، كما انه لا عذر له في التقصير عن فساد كل قول خالف عليه، وضاد مذهبه عند من قرأ كتابه، وتفهم إدخاله. لان اقل ما يريد (يؤيد) عذره. ويزيح علته، أن قول خصمه قد استهدف لخصمه (لخصمه) واصجر (واصحر) للسانه، ومكنه من نفسه، وسلطة على إظهار عورته. فإذا استراح واضع الكتاب من شغب خصمه، ومداراة جليسه، فلم يبق إلا أن يقوي على كثير (كسر) الباطل، أو يعجز عنه. وعن شكر المعرفة، بمغاوي الناس، ومراشدهم، ومضاربهم، ومنافعهم أن يحتمل ثقل مئونتهم في تعريفهم، وان يتوخى ارشادهم، وان جهلوا فضل ما يسدي إليهم. ولم يصن العلم بمثل بذله، ولم يستبق بمثل نشره. على أن قراءة الكتب، ابلغ في إرشادهم من تلاقيهم، إذا كان مع التلاقي يكثر التظالم، وتفرط النصرة، وتشتد الحمية، وعند المواجهة تفرط حب الغلبة وشهوة المباهاة، والرياسة مع الاستحياء من الرجوع والآنفة من الخضوع وعند جمع ذلك يحدث (تحدث) الضغائن، ويظهر التباين. وإذا كانت القلوب على هذه الصفة، وهذه الحيلة (الحالة)، امتنعت من الغرقة (المعرفة) وعميت عن الدلالة. وليست في الكتب علة، يمتنع (تمنع) من درك البغية، وإصابة الحجة (المحجة). لان المتوحد بقراءتها، والمتفرد يفهم معانيها، لا يباهي نفسه

ولا يغالب عقله. والكتاب قد يفضل صاحبه. ويرجح على واضعه بأمور. منها: انه يؤخذ مع كل زمان على تفاوت الإعصار، وبعد ما بين الأمصار، وذلك أمر يستحيل في واضع الكتاب، والمنازع بالمسئلة (المسألة) والجواب. وقد يذهب العالم ويبقى (وتبقى) كتبه، ويفنى العقب، ويبقى أثره، ولولا ما رسمت لنا الأوائل في كتبها، وخلدت من عجيب حكمها، ودونت من أنواع سيرها حتى شاهدنا بها ما غاب عنا، وفتحنا بها المستغلق علينا، فجمعنا إلى قليلنا كثيرهم، وأدركنا ما لم نكن ندركه إلا بهم. لقد خس حظنا من الحكمة، وانقطع سببنا من المعرفة، وقصرت الهمة، وضعفت النية، فاعتقم الرأي وماتت الخواطر، ونبا العقل. واكثر من كتبهم نفعاً، واحسن ما (مما) تكلموا به موقعاً، كتب الله التي فيها الهدى والرحمة والأخبار عن كل شيء (و) عبرة وتصريف كل سيئة وحسنة. فينبغي أن يكون سلبياً ممن (في من) بعدنا كسبيل من قبلنا فينا. على إنا قد وجدنا من العبرة اكثر مما وجدوا، كما أن من بعدنا يجد في العبرة اكثر مما وجدنا. فما ينتظره العالم بإظهار ما عنده، والناس (والناسي؟) للحق من القيام بما يلزمه فقد أمكن القول، وصلح الدهر، وخوى نجم التقية وهبت ريح العلماء وكسد الجهل والعمى، وقامت سوق العلم والبيان. وهذا الكتاب، أرشدك الله، وان حسن في عيني، وحلا في صدري فلست آمن أن يعتريني فيه من الغلط، ما يعتري الأب في ابنه. والشاعر في قريضه والذي دعاني إلى وضعه، مع إشفاقي منه، وهيبتي لتصفحك له أني حين علمت أن الغالب على ارادتك، والمستولي على مذهبك، تقريب العالم، وإقصاء الجاهل وانك متى قرأت كتاباً، أو سمعت كلاماً، كنت من وراء ما فيه من نقص أو فضل، باتساع الفهم، وصحة العلم، وانك متى رأيت زللا غفرته وقومت صاحبه ولم تقرعه به، ولم تخرمه (؟) له. ومتى رأيت صواباً أعلنته ورعيته فدعوت إليه، وأثنيت عليه، ولاني حين آمنت عقاب الاسآة (الإساءة) وثقت بثواب الإحسان، كان ذلك موجباً لوضعه. ولم استكره نفسي عليه وصار

ذلك موجباً لنظمه، وموجباً للتقرب به، والسبب أحق بالتفضيل من المسبب، لان الفعل محمول على سببه ومضاف إليه وعيال عليه ومضمن (مضمون) به وإحساني مد الله في عمرك في كتابي هذا - أن كنت محسناً - صغير في جنب إحسانك، إذ كنت المثير له من مراقبة. والباعث له من مراقده. فلذلك صار أوفر النصيبين لك، وامتن السببين مضافا إليك. وان كنت قد قصرت عن الغاية فأنا المضايع دونك. وان كنت قد بلغتها ففضلك (ففضلك) اظهر وحظك أوفر، لأني لم انشط له إلا بك، ولا اعتمد فيه إلا عليك. ولولا سوقك التي لا ينفق فيها إلا إقامة السنة، وإماتة البدعة ودفع الظلامة والنظر في صلاح الأمة لكانت هذه السلعة بائرة وهذا الجلب مدفوعاً وهذا العلق خسيساً فالحمد لله الذي عمر الدنيا بك واخذ لمظلومها على يديك وأريد هذا الملك بيمينك وصدق فراسة الإمام فيك وأية منزلة ارفع حالة احمد ممن ليس على ظهرها إلا وهو يحس (يحن) إليه أو قد رحل إليه أو قد صار إلى كنفه وتحت جناحه. وليس على ظهرها ظالم إلا وهو بنفيه (يتقيه) ولا مظلوم إلا وهو يساعديه ومن يقف على ثواب من هذا قدره وهذه حاله؟ وعندي مد الله في عمرك كتب سوى هذا الكتاب، وليس يمنعني أمن (من) أن اهديها إليك معاً، ألا ما اعرف من كثرة شغلك، وكثرة ما يلزمك من التدبير في ليلك ونهارك. والعلم، وان كان حياة العقل كما أن العقل حياة الروح والروح حياة البدن فان حكمه حكم الماء، وجميع الغذاء الذي إذا فضل عن مقدار الحاجة عاد ذلك ضرراً. وإنما يسوغ الشراب ويستمرئ الطعام. الأول فالأول، فكذلك العلم يجير مجراه ويذهب مذهبه. ومن شأن النفوس الملالة لما طال عليها وكثر عندها. فليس لنا أن نكون من الأعوان على ذلك ومن الجاهلين بما عليه طبائع البشر، فان أقواهم ضعيف، وأنشطهم شؤوم (سؤوم) وان كانت خلاتهم (خلاتهم) متفاوتة، فان الضغف لهم شامل، وعليهم غالب. فإذا قرئ عليك، أيدك الله هذا الكتاب التمسا أوقات الحمام (الجمام) وساعات الفراغ بقدر ما يمكن من ذلك ونتهيأ (ويتهيأ) والله الموفق والمهيأ له. ثم اتبعها كل كتاب بما يليه أن شاء الله. وليست بحمد الله من باب الظفرة

القيالة عند العرب

(الطفرة؟) والمداخلة، ولا من باب الجوهر والغرض بل كلها في الكتاب والسنة، وبجميع الأمة إليها اعظم الحاجة ثم نسئل (نسأل) الذي عرفنا فضلك أن يصل حبلنا وان يجعلنا من صالحي أعوانك المستمعين منك والناظرين معك وان يحسن في عينك، ويزين في سمعك، ما يقربنا به إليك والتمسنا الدنو منك انه قريب مجيب فعال لما يريد. أطال الله بقاءك وأتم نعمته عليك وكرمته لك في الدنيا والآخرة. تمت الرسالة بعون الله تعالى ومنه وتوفيقه والله الهادي والمرفق للصواب والحمد الله أولا وأخرا، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين آمين آمين آمين. القيالة عند العرب كان لملوك اليمن في العهد السابق الإسلام بسطة عظيمة وامتداد لملكتهم عظمه بعض الإخباريين بعد ذلك حتى أخرجوه عن حقيقة اتساعه وكان لملكهم الكبير سطوة على جميع ملوك المخاليف والمحاجر أي انه كان في الديار اليمانية ملك عظيم هو الأعلى وتحت أمره ملوك صغار يعرفون بالاقيال واحدهم (القيل) وتعرف إمارته (بالقيالة). ولما انتقلت إلى ربوع الشام ولخم إلى أرجاء العراق لم تفارق القيالة رؤساءهم فان غسان دانت لملوك الرومان ولخم لاكاسرة الفرس إلا انم أبوا أن يتسموا بالقيول لما في هذا اللقب من معنى الخضوع لملك اعظم منهم. ولذا تسموا بالملوك - أما انهم لم يقبلوا لأنفسهم أن يتسموا بالقيول فظاهر من كلام جميع الإخباريين الذين لم يلقبوهم بهذا اللقب مرة واحدة إذ كان ذلك من باب الحط من قدرهم. وأما انهم عرفوا بالملوك فظاهر من نصوص جميع المؤرخين كبيرهم وصغيرهم. على أن الرومان والفرس لم يعترفوا لم بالملوكية، إذ لا نرى لذلك أثراً في ما وصل إلينا من أنبائهم المدونة والذي كانوا يعترفون به لهم (الملوكية الثانوية) أي القيالة وهي ملوكيتهم على العرب دون غيرهم ممن كان في البلاد التي كانت في إدارتهم ومن كان يعرف عند الفرنسيين باسم

فوائد لغوية

فوائد لغوية القرب في اللغة مقاربة الخطو (تتمة) اتل يأتل اتلا (بالكسر) واتلاناً: قارب الخطو في غضب قال الشاعر: أراني لا آتيك إلا كأنما ... أسأت وإلا أنت غضبان تاتل وتأزف الرجل: تقارب خطوة، وبرقط: خطا خطواً متقارباً، وجذفت المرأة والظبية (ككسرت) قصرت الخطو ومثله اجذفتا، والحبوكر والحبوكل: الرجل المتقارب الخطو النحيف، وحتك (ككسر) حتكا وحتكاناً: مشى وقارب خطوة مسرعاً ومثله وقيل التحتك شبه الرتكان في المشي، إلا أن الرتكان لا يستعمل لغير الإبل. وقال ابن سيدة: التحتك في الناس أن يمشي الرجل مشية يحرك فيها أخطاءه ويقارب خطوة. وحذف الرجل (ككسر): تداني خطوة، وحرقص في الخطى: قارب وكذلك في الكلام، واحصف الرجل احصافاً: مشى مشياً فيه تقارب خطو وهو من ذلك سريع ومثله حوقل، وخبعج خبعجة ومشى مشية متقاربة كمشية المريب، وختع الفحل خلف الإبل إذا قارب في مشيه، وحذف الرجل (ككسر) مشى سريعاً وقارب الخطو، ودخدخ: قارب الخطو، ودرم الأرنب والقنفذ ونحوهما والشيخ والصبي (ككسر) درما ودرماناً ودرامة ودرما (بفتح فكسر) ودرماً (بالتحريك) قارب الخطى عجلا. ومثله رعوم الرجل. ودغنج: مشى مشياً متقارباً: ودلث (ككسر) دليثا. قارب خطوة. ودلف الشيخ والمقيد (ككسر). دلفا ودلفا (بالتحريك) ودلوفاً ودليفاً ودلفاناً مشى مقارباً الخطو - وقيل مشى مشياً فوق الدبيب كما تدلف الكتيبة نحو الكتيبة في الحرب والشيخ دالف والعجائز دالف ويقال جاء يدلف بحملة الثقيل. ودهمج الشيخ: مشى مشي المقيد، وذحذح الرجل: تقارب خطوة مع سرعة

وذاف يذوف ذوفاً، مشى في تقارب خطو وتفحج، ورتأ البعير رتآناً قارب خطوه، ورتك (ككير) عدا في مقتربة خطو. ورتكان البعير مقاربة خطوه في رملانه، ورسف الرجل (ككسر ونصر). رسفاً ورسيفاً ورسفاناً: مشى مشي المقيد، والبعير: قارب الخطو وأسرع الإجارة وهي رفع القوائم ووضعها، وزكزك الشيخ: مر يقارب خطوه ضعفاً. ومثله زك (كفر) زكا وزكيكا وزككا ويقال مشي زكيك أي مقرط، وسعسع الرجل وتسعسع أي قارب الخطو وهذا طابق المقيد مطابقة، والمقز تقارب دبيب الذرة وما أشبهها وفعله ممتك، وفرتك الرجل: مشى مشية متقاربة ومثله فرتن، وفرثر: أسرع وقارب الخطو، وفلفل: قارب بين خطواته وكذا تفلفل، وقد مد في المشي: قارب بين قدميه مثل قرمط ورجل قرمطيط: متقارب الخطو وقرفط الرجل: قرمط وكذلك قمصل،، وتفطقط فلان: قارب الخطو وأسرع: وقطا الماشي قطواً: قارب ي مشيه أو مع نشاط تقول مر يقطو في مشيه ومثله اقطوطى، والقطوان والقطوان (بالفتح والتحريك) والقطوطي، المتقارب الخطو في مشيه أو مع نشاط، وقعفز في المشي: مشى مشية ضيقة، وقهد في مشيه: أي قارب في خطوه ولم ينبسط في مشيه، وكت (كمد) كتيتاً، قارب الخطو في سرعة ومثله كتكت وتكتكت. وتكتل فلان ي مشيه إنما قارب في خطوه كأنه يتدحرج، وكتا يكتو كتواً: قارب الخطو، والكرتمة: مشية فيها تقارب ودرجان، والكرداح: المتقارب المشي، وكردس مشى في تقارب خطو كالمقيد ومثله كرفس وكزن (كمدت) خطاه: تقاربت، وكسمل الرجل مشى في تقارب خطو وكذلك كمتر وقيل الكمترة هي من عدو القصير المتقارب الخطى المجتهد في عدوه، ووذف الرجل توذيفاً وتوذف توذفاً. قارب الخطو في مشيه وحرك منكبيه متبختراً أو أسرع ووزوز زيد: مشى مقاربا للخطو مع تحريك الجسد. ووكت: قرمط في مشيه والوكات (كشداد) المقارب الخطو في ثقل وقبح مشي. مقاربة الموت يقال بلغت روحه التراقي أي قارب الموت، وتلى الرجل تتلية: صار بآخر

رمق من عمره، وتاق الرجل بنفسه توقاً توقانا: جاد بها، وهو يجرض بنفسه أي يكاد يقضي، واجزر الشيخ: حان له أن يموت وذلك إذا أسن ودنا فناؤه كما يجزر النخل، (كان فتيان يقولون لشيخ: (اجزرت يا شيخ) أي حان لك أن تموت. فقال أي بني وتختضرون أي تموتون شباباً. وجاد المريض بنفسه يجود جوداً وجؤودا أي سمح بها وكاد يقضي، والعرب تقول، (اللهم اغفر لي قبل حشك النفس واز العروق أي قبل اجتهادها في النزع الشديد، وحضر الموت فلاناً: جاءه وقد حضر المريض (مبنياً للمفعول): دنا موته أو نزل به الموت فهو محضور، ودنق للموت تدنيقاً دنا منه، وذرف فلان الموت تذريفاً: أي أشرف به عليه، ورنقت المنية ترنيقاً: دنا وقوعها، وراق المريض بنفسه: ريوقاً: جاد بها عند الموت سوقاً وسياقاً وسيق (مجهولا) شرع في نزع الروح، ويقال للإنسان عند جؤوده بنفسه: (ما بقي منه إلا شفاً). وعسف البعير عسفاً وعسوفاً: أشرف على الموت من الغدة فجعل يتنفس فترجف حنجرته، ويقال تركناهم عمى (بضم فتشديد مفتوح) أي أشرفوا على الموت، وغرغر زيد: جاد بنفسه عند الموت، وفاظ فوظاً: حان فوظه أي موته. ومن سجعات الأساس: (من قاظ بتهامة فقد فاظ). وفاق الرجل فواقاً وفؤوقاً: أشرفت نفسه على الخروج أو جاد بها أو مات والفواق ما يأخذ المحتضر عند الموت، وقص الموت فلاناً: دنا منه. ويقال ضربه حتى قصه على الموت أي دنا منه، ويقال ضربه حتى قصه على الموت أي دنا منه، ومثله أقص الموت فلاناً وضربه حتى أقصه على الموت أو منه، ونزع المريض: أشرف على الموت، ونازع نزاعاً: جاد بنفسه ويقال بلغ منه نسيسه أي كاد يموت، والناسم المريض الذي أشفى على الموت ونشع الرجل نشوعاً: كرب من الموت ثم نجا. القرب القرب ضد البعد يستعمل في المكان والزمان والنسبة والخطوة والرعاية والقدرة. والأولان معنيان أصليان له وكذلك: الأمم، تقول أخذته من أمم. قال المتنبي:

ما كان اخلقنا منكم بتكرمة ... لو أن أمركم من أمرنا أمم والحضر والحضرة (ويقال لقيته عند حاق المسجد (بتشديد القاف) وعند بابه أي بقربه والزقب (بالتحريك) يقال رميته من زقب، والشمم. وقالوا حلواً في مكان كذا أو شيعه أي قربه، والصقب بالتحريك) ونزل من القوم على صمات أي على قرب وفلان على صمات الأمر (كرقاد) إذا أشرف على قضائه وكذا أنا على صمادة (بالكسر) من أمري، والفقرة: القرب يقال مني فقرة القابلة، والقراب (كسحاب) تقول أفعل ذلك بقراب أي بقرب، والكثب (كسبب) يقال رماه عن كثب ومن كثب أي من قرب وتمكن وكذلك الكثم، واللام، والتنحيب وهو شدة القرب للماء. قال ذو الرمة: ورب مفازة قذف جموح ... تغول منتحب القرب اغتيالا والنوب (بالفتح): القرب، وكذا الولاء (كسحاب) والولي (بالفتح) يقال تباعدنا بعد ولي، والولية والتولي. والقربة (بالضم): القرب وقيل القرب في المكان وهي أيضاً القرب في المنزلة وكذلك الدناوة يقال بينهما دناوة. والزلف (كسبب) تقول له زلف منه. ومن سجعات الأساس: احتمل فلان الكلف حتى نال الزلف والزلفة ج زلف ولفات (كغرف وغرفات) والزلفة. والواسلة والوسيلة وهما ما يتقرب به إلى الغير يقال لي إليه وسيلة ووسائل ووسيل ووسل (بضمتين). القرب القريب خلاف البعيد للواحد والجمع يقال هو قريب وهم قريب وقال الفراء: إذا كان القريب في المسافة يذكر ويؤنث وإذا كان في معنى النسب يؤنث بلا اختلاف بينهم تقول هذه المرأة قريبتي أي ذات قرابتي، وقالوا بيننا وبينهم جذبة ونبذة أي هم منا قريب، والجنش (بالفتح) القريب ومثله الجنش (لحذر) والجانش تقول هذا مكان جنش، والحقق (بضمات): القريبو العهد بالأمور خيرها وشرها، ويقولون: هو مني دعوة الرجل لقولهم هو مني مزجر الكلب ورمية السهم أي هو قريب مني والدمنة الموضع القريب من الدار. والدني: القريب، ورزافات البلد (بتشديد الزاي): ما دنا منه، وداري زمم داره أي قريبة منها وأمر القوم زمم أي

متقارب كما يقال أمرهم أمم. والمساعف: القريب يقال مكان مساعف وصديق مساعف. وكذلك الساقب، والسقب يقال منزل سقب، ومسقب تقول منزل مسقب، ومنساق، وشارع، وصقب، وصقب: يقال مكان صقب. وفي الحديث (الجار أحق بصقبه) أي أن الجار أحق بالشفعة من الذي ليس بجار) ومضر وعضد (كحذر) (وهو من دنا من عضدي الحوض). وتقول هاهو عرض عين. وهو مني عين عنة أي قريب، وقراب. قريب وقالوا هو مني مقعد الخاتن ومقعد القابلة أي شديد القرب مني وذلك إذا لصق به من بين يديه. والقمن القريب، وكذا الكارب والمكامع (وهذا القريب إليك الذي لا يخفى عليه شيء من أمرك) واللوذ تقول هو لوذة أي قريب منه، والنجيح: المكان اقريب، والنزق يقال مكان نزق. وقالوا ما زلت منك موارقاً أي قريبا دانياً، والوشيك القريب وكذا المولى ودار ولية: قريبة. وقراب الشيء: ما قارب قدره وكذلك القرابة للشيء ويقال هذه أبل خمسون أو كربها أي نحوها أو قربها، وكان ذلك من شهر ولممه أي قراب شهر، ولي من الدراهم ألف أو لواذه أي قرابته. ورجل متآزي الخلق: تدانى بعضه إلى بعض، وشعر أصير متقارب ملتف ونسج محرقص: متقارب ومثله خرز محرقص، ورجل قصير الشبر: متقارب الخلق، والكانع الذي تدانى وتصاغر وتقارب بعضه من بعض والوأبة: المقاربة الخلق، والمزاهم الذي ليس منك ببعيد ولا قريب واستقرب الشيء ضده استبعده

باب المكاتبة والمذاكرة

قال المتنبي: أتى مرعشاً يستقرب البعد مقبلا ... وأدبر إذا أقبلت يستبعد القربا واستدناه: طلب منه الدنو. النبك (سورية): سالم خليل رزق باب المكاتبة والمذاكرة كلام على قصر الخلفاء في بغداد 1 - قال الصديق الجليل المحقق يعقوب نعوم سركيس في (565: 8) من لغة العرب يقصدني (فيظهر مما تقدم بإقرار الكاتب بأني كنت على حق في ما قلته عن موضع قصور الخليفة فلا تناقض بين كلامي وكلام ابن جبير لتستوجب الحال الاستفهام) فأقول: أن الصديق صادق في ما جاء به، ولكن تعقيبه متأخر عن زمانه فأن رجوعي عن خطأي الأول خروج عن الخطأ قبل أن ينبهني عليه أحد. 2 - أما قوله (يحتمل أن تكون قصور الخليفة فوق دار ابن الجوزي أو تحتها) ففيه شك لا مسبب له. وقال (لعل الأرجح أن تكون القصور فوق الدار) فذهبنا إلى أن الأرجح هو الصواب وما عداه فخطأ لأن القصور فوق الدار وليس في كلام ابن جبير ما يوجب الشك ونصه (ثم شاهدنا صبيحة يوم السبت بعده مجلس الشيخ الفقيه الإمام الأوحد جمال الدين أبي الفضائل بن علي الجوزي بازاء داره على الشط بالجانب الشرقي وبمقربة من باب البصلية آخر أبواب الجانب الشرقي) وقال (وحضرنا له مجلساً ثالثاً يوم السبت الثالث عشر لصفر بالموضع المذكور بازاء داره على الشط الشرقي) ومعنى الازاء المقابل، روى نصر بن مزاحم في حرب صفين كما في 270: 2 من شرح النهج لابن أبي الحديد (فكان بازاء هاشم وعمار: أبو الأعور السلمي)

أي قبالتهما. وفي ص275 (فقال علي (ع) أن بازائك ذا الكلاع وعنده الموت الأحمر (فلاشك في كون دار ابن الجوزي تحت القصور المذكورة. كتب التنبيه عن اللحن 2 - وورد في ص612 من مجلد هذه السنة (وأقدم تصنيف وضع عن اللغة العامية في ما بدا لنا هو كتاب تقويم المفسد والمزال عن جهة معنى كلام العرب لأبي حاتم المتوفي بين سنة 248 وسنة 255) والذي تحققته أن أقدم مصنف في هذا الباب لعلي بن حمزة الكسائي أوله (بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على محمد وآله الطاهرين، هذا كتاب ما تلحن فيه العوام مما وضعه علي بن حمزة للرشيد هرون ولابد لأهل الفصاحة من معرفته)، قال السيوطي في 288: 2 من مزهره (الكسائي مات بالري سنة تسع وثمانين ومائة جزم به أبو الطيب وقيل سنة اثنتين وثمانين وقيل سنة ثلاث وثمانين وقيل سنة اثنتين وتسعين) وقال ابن خلكان (وتوفي في سنة تسع وثمانين ومائة بالري وكان قد خرج إليها صحبه هرون الرشيد) وذكر رواية أخرى. ومن الذين ألفوا قبل أبي حاتم في إصلاح لحن العامة (احمد بن حاتم الباهلي) قال عنه ياقوت الحموي في معجم الأدباء (أحمد بن حاتم أبو نصر الباهلي صاحب الأصمعي روى عن الأصمعي كتبه) ثم قال (ومات في ما ذكره هو وأبو عبد الله ابن الأعرابي وعمرو ابن أبي عمرو الشيباني سنة 231 وقد نيف على السبعين) ثم قال (ولأبي نصر من التصانيف: كتاب الشجر والنبات. . . كتاب ما يلحن فيه العامة. . .) في الأمالي اللغوية 3 - وورد في ص404 من هذه السنة من لغة العرب (ثم عين على بعض الأمراء فدخل (هولاكو) بغداد ومعه جماعة) وزيادته لفظ (هولاكو) غير واجبة ولا مستحسنة لأن فاعل (دخل) هو ضمير بعض الأمراء أي أحدهم وما دخل هولاكو بغداد غذ ذاك ويراد به (عين عليه) انتدب وأمر، وعلى ذلك لا لزوم لوضع (كذا) في 417: 6 من لغة العرب بعد (عين عليه). 4 - وورد أيضاً في (15: 6) منها ووصل فراعا (قرابوقا) بعد

ذلك إلى بغداد وعين عماد الدين عمر بن محمد القزويني نائباً عنه) وفي ص497 من تاريخ مختصر الدول (قرابوغا) وكلاهما صحيح، ولكنه ما لبث أن قال في ص18 (وعمر عماد الدين عمر القزويني الذي كان نصبه الأمير قرتاي نائباً عنه) ولم يلتفت إلى أن الصواب (قرابوغا) فليصحح ذلك. 5 - وورد في ص96 من فهرس هذا المجلد (جامع السلطان أو جامع المدينة) والظاهر أنه أريد ب (أو) التساوي وإلا فلا معنى للتعبير غير أن جامع السلطان بالمخرم من بغداد الشرقية وجامع المدينة جامع المنصور في مدينة المنصور المدورة من كرخ بغداد فوجب التعقيب والتنبيه. 6 - وأورد يعقوب أفندي نعوم سركيس في ص357 أن وفاة ابن النجار المؤرخ كانت سنة 643 الهجرية ثم أورد في ص415 أن وفاته حدثت سنة 342 الهجرية وحسن التنبيه وأن لم يكن هو المسبب 7 - وقلت أنا في ص431: (قبر حذيفة اليماني) والصواب (حذيفة بن اليمان) نقل ابن أبي الحديد في 427: 2 من شرحه أن عمر بن الخطاب (رض) كتب إلى النعمان بن مقرن وهو بالبصرة (سر إلى نهاوند فقد وليتك حرب الفيروزان (وكان المقدم على جيوش كسرى) فأن حدث بك حدث فعلى الناس حذيفة بن اليمان ثم قال (وزلق بالنعمان فرسه فصرع وأصيب وتناول الراية نعيم أخوه فأتى حذيفة لها فدفعها إليه وكتم المسلمون مصاب أميرهم). له بقية مصطفى جواد القوصوني كنت قرأت ما كتبه الدكتور داود بك الجلبي في لغة العرب (164: 8) عن القوصونيين الأب والابن في حينه، ثم قرأت الآن (في ص450) تعليق الأستاذ الدكتور فريتس كرنكو أو سالم الكرنكوي كما وضع توقيعه على رسالة بعث بها إلي. وفريتس الألمانية تعرب بسالم. فرأيت أن أدلي بدلوي بين الدلاء فأقول: قال ابن اياس المتوفي سنة 930هـ 1532م في تاريخه عن حوادث شهر شعبان سنة 902هـ 1497م (وفيه أمر السلطان بأن تقطع الحيات التي

تصنع في البيمارستان بحضرته حتى يتفرج عليها، فأحضروها بين يديه بقاعة البحرة فقطعت بحضرته، وهو ينظر إليها. وخلع على رئيس الطب شمس الدين القوصوني وولده، والحاوي الذي أحضر الحيات وآخرين معهم). فنفهم من هذا أن القوصوني الأب كان رئيس الأطباء. وذكر ابن اياس القوصوني في ترجمة الملك المظفر سليمان بن الملك المظفر سليم شاه بن عثمان المتوفي سنة 975هـ 1567م ونقل عن كتاب لم يسمه أخبار جلوس السلطان سليمان المذكور على سرير الملك وكان ذلك سنة 926هـ 1520م. والظاهر أن القوصوني هذا هو بدر الدين محمد بن شمس الدين محمد المتقدم ذكره الذي استدعاه السلطان سليمان لمعالجته وقدم عليه سنة 955هـ 1548م كما جاء في ترجمته المدونة بآخر مقالته في الحمام. إلا أن الذي يدعو إلى الاستغراب في هذا الأمر هو أن يخلع الملك الناصر محمد بن قايتباي على ابن شمس الدين سنة 902هـ 1497 في حين أن مولد بدر الدين كان في سنة 920هـ 1514م. لذلك يترجح لنا أنه كان لشمس الدين ابن آخر لم يذكروا لنا اسمه كان يشاركه في عمله الطبي قبل أن يولد بدر الدين بنحو ثمانية عشر عاماً. ثم خلف بدر الدين والده شمس الدين في شهرته الطبية. أما القوصوني - ومن عادة خطاطي القرن السابع أن لا يعجموا أداة النسب سواء أكانت هذه الأداة متصلة بالياء. أم منفصلة عنها. مثل: اللحياني والعلاءي والاشنانداني وغيرها ولكنهم كانوا يمدون في رأس الياء إذا كان قبلها حرف فيأخذها القارئ بالقرينة - فقد تقرأ القوصوي كما وقع لبعض النساخ والقراء. أما هذه النسبة فكما قال الدكتور سالم ترجح أن تكون إلى قوصون الرجل أحد أمراء دولة المماليك لا من سلاطينها كما زل به قلم الدكتور الجلبي العلامة. ولعل قوصون هذا هو الذي جعله الملك المنصور سيف الدين قلاون اتابك العساكر فخان مولاه وعمل على خلعه وقتله في سنة 742هـ 1341م ثم على تولية أخيه

الملك الأشرف علاء الدين بن الملك الناصر محمد بن قلاون وهو في السابعة من عمره. واستولى بعد ذلك على نيابة السلطنة واتابكية العساكر وتصرف في أمور المملكة كما شاء وشاءت له الأهواء إلى أن قبض عليه وصودرت أمواله وزج بأعماق السجن في السنة المذكورة وكان لقوصون عصبة كبيرة من الأمراء والخاصكية قد يكون جد القوصوني أحدهم. هذا ما قصدنا إلى بيانه استتماماً للموضوع والله أعلم بحقائق الأمور حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص 1 - الدرر الكامنة تم طبع الجزء الأول من الدرر الكامنة في مطبعة حيدر أباد الدكن. ويتوقع أن تضبط ألفاظ الجزء الثاني أكثر مما ضبطت أعلام الجزء الأول. 2 - تنقيح المناظر كمل أيضاً طبع تنقيح المناظر لابن هيثم ولم يبق منه إلا ما فيه من التصاوير الرياضية التي ستصور وتطبع على ما هي عليه في أصلها. وهذا الولد (ولد فكري وأتعابي) كلفني متاعب ومشاق وذلك أن النسخ المخطوطة التي أعدت النظر فيها مراراً وأعملت فيها الفكرة هي في نهاية السقم والخطأ. والأوهام فيها من كل ضرب ولون: أوهام في اللغة وأوهام في الحساب وأوهام في تصوير الألفاظ وأوهام في ضبطها إلى ما ضاهاها. 3 - كتاب الجماهر في معرفة الجواهر أني الآن في موضع من ديار الهند وليس معي معجم أحقق فيه ما أريد أن أتثبت منه ومشغول بتهيئة كتاب الجماهر في معرفة الجواهر للبيروني بحسب النسخة المحفوظة في خزانة الاسكوريال والتي خطها احمد الحنفي. وكان رجلاً لا يتقن العربية ولا يحسن الفارسية ولا الهندية البكريت. ومحتويات هذا التصنيف من أهم ما يكون لعلم الجواهر وإعادة النص إلى أصله من أصعب الأمور وأشقها على الأديب. فعسى أن أوفق في سعيي وأنا لا أبغي من متاعبي ثناء ولا شكوراً. في 28 تموز 1930 مصوري (الهند): الدكتور ف. كرنكو

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الاجمري والرويبضة س - بغداد - ي. ر. غ: قد علق بذهني أن الكلمة الفرنسية اليونانية الأصل والمنحوتة من أي شعب وقائد تطلق على من يظهر مساعدة الشعب وقصده كسب أمياله ويقابله في لغتنا (الاجامرة) في الجمع. والاجامرة فئة كانت في عهد العباسيين اتبعت هذه السياسة عينها وهي من السياسات الممقوتة، إلا أني لا أتذكر كيف توصلت إلى معرفة هذه الكلمة العربية. فأرجو منكم أن تبينوا لي في مجلتكم منزلة هذه الترجمة من الصحة وتذكروا لي ما تعرفونه عن الاجامرة، وفي أي وقت وجدوا، وما مفردها، أهو أجامري؟ - وكيف تترجم الكلمة الافرنسية والنعت ج - الاجامرة ومفردها الاجمري لا الاجماري، مشتقة من الجمر، يقال جمر القوم على الأمر: تجمعوا وانضموا. وذلك ظاهر من أن غاية هذه الفئة أن يجمعوا الناس على بعض الأمور ويحملونهم عليها: والأحسن أن يقال من جمره أي أعطاه جمراً. لأن الاجامرة كانوا متقدين غيرة، ويلقون نيران الوطنية في قلوب الجماعات بنية أن يستميلوها إليهم ليتصرفوا فيها كما يشاءون ويحملوهم على بغض أكابر القوم وشرفائهم. وكانوا في عصر العباسيين يوافقون من نسميهم اليوم بالثوار أو الثوريين أو أصحاب الفتن ولم يكونوا (الديماغوغ) فهؤلاء كانوا رجالا يخطبون في الناس وفي منطقهم من التعبير ما يهز الجماعات ويحمسها ويوغر صدورها على غير ما يرى في الاجامرة في عهد العباسيين. أما في أي عهد كان هؤلاء الاجامرة فالجواب عليه أنهم كانوا ويكونون

في زمن تضعضع أركان كل دولة وقد اشتد هذا الأمر في خلافة المستعصم بالله فقد قال عنه الأخباريون: (أنه لم ينزه سمعه عن سماع المحرم، فأنه كان مغرماً بسماع الملاهي. محباً للهو واللعب: يبلغه أن مغنيه أو صاحب طرب في بلد من البلاد. فيراسل سلطان ذلك البلد في طلبه. ثم وكل أموره الكليات إلى غير الأكفاء. وأهمل ما يجب عليه حفظه والنظر فيه. . .). وقد ذكر الاجامرة فضل الله رشيد أو رشيد الدين بن عماد الدولة في تاريخه إذ قال: (وفي أثناء تلك البلية العظمى (غرق بغداد في صيف 654هـ 1256م) قام الزناطرة والاجامرة من أوباش البلد وأخذوا يتطاولون على الأهالي ويستولون على ما بأيديهم ويتعرضون كل يوم لأناس أبرياء) وذكرهم أيضاً صاحب كتاب الروضتين بمثل هذا الكلام. وقد استعمل لفظة الاجامرة أخباريو الفرس والترك بعد عهد المستعصم وانتشرت في تواريخهم واستعمال صيغة (أفعل) منسوبة بدأ من عهد انحلال العربية في آخر عهد العباسيين فقد قالوا مثلا: (الأوحدي والأجلي (صبح الأعشى 133: 6) والأكملي (139) إلى غيرها جرياً على قول الأقدمين: الألمعي وهو من اللمع، والأريحي من الراحة أو الارتياح. والأجنبي من الجنب إلى غيرها. فترون من هذا البسط أن الاجامرة لا توافق (الديماغوغ) ولم يذكرها أحد من اللغويين بل دوزي نفسه لم يقيدها في ملحقه أو في ديوانه. وقد ذكرنا أن أحسن كلمة عربية توافق الإفرنجية ديماغوغ هي (الرويبضة) (لغة العرب 450: 6) وعملة الروبضة (كصومعة) أي وإذا نسبت إلى الرويبضة قلت: الرويبضي، أما إذا نسبت إلى الروبضة فهو الروبضي. ونلاحظ في الختام أن الكلمة اليونانية المنحوتة من حرفين يقابلهما عندنا حرفان من مادتهما فاليونانية هي العربية (دهماء) وبمعناها. واليونانية يجانسها عندنا حاج (مثل داع) ومعناها قائد وسائق. فتدبر.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 125 - أقرأ وفكر بقلم الارشمندريت انطونيوس بشير عني بنشره وتصحيحه الشيخ يوسف توما البستاني صاحب مكتبة العرب بالفجالة بمصر في سنة 1930 في 272ص بقطع 12 وثمنه 10 غروش مصرية في هذا الكتاب فصول مختلفة العناوين والمعاني والكلام فيها عن أمور تقع كل يوم يحتاج فيها الإنسان إلى أن يتبصر فيها لئلا يقع في مهالك تقضي عليه صحة وأدباً وفكراً. فهذا التأليف من هذه الوجهة حسن للشبان والشابات فعسى أن يروج بينهم! 126 - الآداب العربية محل آتو هراسوفتس في لايبسيك (ألمانية) من أشهر المحلات التي تنشر المطبوعات الشرقية وتعمم فوائدها بين الغربيين والشرقيين. وقد جاءت إلينا كراسة شهر تموز يطلب فيها صاحبها أن نذكر الذين يهمهم الأمر أن مؤتمر المستشرقين الدولي ال 18 ينعقد في هذه السنة في ليدن (هولندة) في الأسبوع الذي يبتدئ في 7 أيلول وينتهي في 17 منه في سنة 1931 فعسى أن نرى ممثلاً لحكومتنا العراقية لكي لا تتأخر عن سائر الأمم في أمر يخص العراق أكثر من سواه لمنزلته العلمية في سابق العهد وفي هذا العهد أيضاً. 127 - مخطوط بيروتي كتاب ايروتاوس لاسطيفان بن سريلي وضعه جوزبه فرلاني عرفنا الأستاذ الجليل جوزبه فرلاني الإيطالي في ربيع هذه السنة 1930 إذ جاء إلى بغداد ليطلع على الحالة التي صارت إليها. وقد بعث إلينا الآن بهذا الوصف وصف كتاب خطي يرى في خزانة الأباء اليسوعيين في بيروت فوصفه لنا أحسن

وصف بخمس صفحات بقطع الثمن. فنشكره عليه. 128 - الانخيريديون ليعقوب الرهاوي بنصه السرياني في 28ص بقطع الثمن هذه رسالة ثانية للأستاذ ج. فرلاني وهي وصف دقيق للانخيريديون (المنسوب إلى يعقوب الرهاوي). والأستاذ مغرم بالآداب السريانية. قد ظهر وصفه لهذه التأليف أنه قابض على أزمة اللغة الارمية أحسن قبض فنؤمل أن ينشر من دفائنها الكنوز المنسية ولا سيما التي يذكر فيها للعرب من الفضل في العصور التي كان الارميون يساعدون السلف في بث ذرائع العرفان. 129 - اللسان والرس في آسية المتقدمة القديمة للأستاذ ج. فرلاني في 11ص بقطع الثمن الصغير. الأستاذ فرلاني في جامعة فلورنسة لا يعنى باللغات الشرقية فقط بل يبحث أيضاً عن أخبارهم القديمة في الأزمنة الواغلة في القدم. وقد جاءت رسالته هذه أحسن دليل على وقوفه التام في هذا البحث الجليل. 130 - فكرة البطولة في ديار بابل هذا دليل آخر على توغل الأستاذ ج. فرلاني في الأخبار في الأخبار العتيقة الشرقية فقد وضع حضرته رسالة في 12ص بقطع الثمن ليبين مزايا البطولة والشجاعة التي ترى في أخبار الرومان واليونان ترى بحذافيرها في أنباء العراق وقد كتب الأستاذ هذه الرسائل الأربع بالإيطالية اللذيذة ووفى المباحث حقها فنشكره أصدق الشكر على هداياه هذه الأربع. 131 - اعتراف تولستوي بقلم الارشمندريت أنطونيوس بشير صاحب مجلة الخالدات عني بنشره وتصحيحه الشيخ يوسف توما البستاني بمصر في 122ص بقطع 12 وثمنه 5 قروش مصرية هذا الكتاب يحوي (اعتراف تولستوي وفلسفته) أي إنكاره الدين

وما نتج من هذا الإنكار من الأعمال السيئة التي دلت على أن صاحبها لم يأت بما أتى من الموبقات إلا من بعد ما نزع الدين من نفسه. فالكتاب ينفع أولئك الذين يعتقدون أن لا فائدة في الدين فإذا وقفوا على ما في هذه الصفحات يعلمون أن الدين إذا نزع من صدر الإنسان لم يبق فيه نفع بل تبقى فيه المادة الحيوانية الفاسدة المضرة لنفسه ولغيره. 132 - الحاصد صحيفة جامعة تصدر صباح كل خميس في 20ص بقطع الربع صاحبه ورئيس تحريرها: أنور شاؤل تلقينا الأعداد الأولى من هذه الصحيفة فوجدناها من أنفع الصحف لمطالعيها. ولقد صدق صاحبها في تسميتها بالحاصد. فأن الواقف عليها يعود بحزم من أنواع الفوائد ويشكر (صاحبها) على ما يتحف به قراءه. فنتمنى له النجاح في ما ندب نفسه إليه. 133 - صدى العهد جريدة يومية سياسية تصدر في بغداد كل يوم عدا يوم السبت وصاحبها ومديرها المسؤول: عبد الرزاق الحصان وصلت غلينا في الأعداد الأولى من هذه الجريدة وقد صدر أولها في 7 آب من هذه السنة فرأيناها من المستحسنات لخطة الحكومة. فعسى أن تصادف رواجاً في البلاد وتعيش عمراً طويلاً. 134 - حولية المحفى الملكي الإيطالي هذه الحولية واقعة في 410ص بقطع الثمن الكبير، وورقها من أفخر الكاغد، وموضوعها تراجم أخطاء المحفى الملكي الإيطالي وعددهم الآن أربعون مع صورهم ونصابهم الحقيقي ستون وقد طبعت أحسن طبع مع تعداد ذكر تأليفهم وأعمالهم. هذا فضلاً عن صور منشئ المحفى والقصر الذي يجتمع فيه الاحفياء مع صور الردهات والخزانة والمجالس. والكتاب مثال بديع يحتذي عليه في طبع الحوليات وما إليها

ويباع في رومة وقيمته 25 فرنكاً إيطالياً (أو 25 ليرة إيطالية) فنتمنى لهذا المحفى الرقي الدائم والفلاح في ما يتوخاه. 135 - قناصة الملوك أو كيف تصير الفتاة أميرة عنيت بطبعها مجلة الإخاء وطبعت في 152ص بقطع الثمن هذه رواية مقتبسة من رواية شكسبير بقلم حنا خباز وأغلب روايات عصرنا هذا موضوعة للكسب والتجارة وأغلب مباحثها الفجور والترغيب فيه وتحبيب الرذائل بضروب مختلفة. أما هذه الرواية فتزين لك الفضيلة بمحاسنها وتدفعك إلى احتقار كل ما جاء في سبيل الاحتفاظ بمكارم الأخلاق فهي من أحسن الروايات. 136 - الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ تأليف شمس الدين السخاوي المتوفي عام 902 عني بنشره القدسي وطبع في مطبعة الترقي سنة 1349 هذا الكتاب بقطع الثمن في 175ص وهو يفند أحسن تفنيد أقوال أولئك الذين يحتقرون أخبار التواريخ ويجعلونها من باب الخرافات التي لا خطورة لها ويدعون أنها ألفت للتسلية وقضاء الوقت قضاء لا أثم فيه ولا حرج. وهذا التصنيف للحافظ المؤرخ الحجة يبين لك فضل التاريخ ومحاسن الوقوف على ما دون فيه وقيمته 6 غروش مصرية ويباع في مكتبة القدسي وصندوق البريد 207 في دمشق (الشام). 137 - الرابطة الشرقية مجلة تصدرها جمعية الرابطة الشرقية في القاهرة في الخامس عشر من كل شهر حوى الجزء الثامن من السنة الثانية من هذه المجلة وهو الذي صدر في 15 مايو 1930 المقالات الآتية: مشكلة العلائق بين مصر والعراق - المسألة الفلسطينية على بساط البحث - في جاوة وسنغافورة - نظرات في مختلف الشؤون والأنباء - حوادث الحبشة - سفير لأفغانستان في مصر - عودة الحرب الأهلية إلى الصين - ويتلو ذلك: رسائل الشرق - صحيفة الباحثين والأدباء - وثائق

وأخبار تتعلق بمصر وفلسطين وسورية ولبنان وتركية والعراق وإيران وأفغانستان والهند والصين - فالمجلة تجمع الشرق بعضه إلى بعض وتوصل أخباره من أقصاه إلى أقصاه بحيث لا تحتاج إلى أن تطالع جرائد كثيرة لتطلعك على ما هناك من الأنباء والأحداث. 138 - لسان العرب طبعة المطبعة السلفية راجع هذا الجزء من هذه السنة 643: 8 139 - نماذج الأشغال اليدوية لفتحي صفوة مدرس الأشغال اليدوية بدار المعلمين في بغداد سنة 1928 طبعت في المطبعة الإنكليزية في بغداد سنة 1928 دفتر في 14ص يحوي صور قطع من المقوى لتدريب الطلبة على اتخاذها قواعد في أشغال أيديهم. وقد قررت وزارة المعارف استعمال هذه النماذج في المدارس الابتدائية. وقيمة هذا الجزء الأول خمس آنات (غرشان مصريان ونصف). 140 - كتاب في السريريات والمداواة الطبية لمؤلفيه الحكماء ترابو ومرشد خاطر وشوكة موفق الشطي الجزء الثاني طبع في دمشق في سنة 1930 في 1040ص بقطع الثمن كنا قد تكلمنا على الجزء الأول من هذا السفر الجليل في (265: 7) واليوم أهدى إلينا الدكتور مرشد خاطر أحد مؤلفيه،، الجزء الثاني فإذا هو صنو لأخيه وربما يجوز لنا أن نقول أنه أحسن منه. لا من جهة التحقيق، فأن السفر مطبوع بخاتم التحقيق، الذي وصل إليه علم اسكولابيوس إلى هذا العهد بل من جهة حسن الترجمة. والأداء، والنقل إلى لغتنا بأحسن الألفاظ وأعذبها وأسوغها على الذوق العربي. فجاء من أحسن الكتب التي أخرجها إلينا أهل هذا العصر من الناطقين بالضاد، حتى أن من يطالعه يخيل إليه أنه يقرأ كتاباً صنف في عصر المأمون.

هذه نظرة عامة في هذا الجزء البديع: إذن بين يدي القارئ آخر كلمة نطق بها الطب، وأحسن كلمة نطق بها أبناء هذا العصر بلغتنا العدنانية الغنية. على أن هناك هفوات طفيفة كنا نود أن لا تكون فيه. وأغلبها واقع في بعض الألفاظ من جهة القواعد العربية. فقد جاء مثلا في ص3: النوبة البردائية. وهذا لا يصح لأن الهمزة في البرداء زائدة فكان يجب أن يقال: البرداوية (راجع كتاب سيبويه المطبوع في بولاق 79: 3) وفي تلك الصفحة (وتتعاقب فيها الأدوار الثلاثة الوصفية ونظن أنه لو نقل اللفظ الإفرنجي إلى قولنا (المألوفة) لكانت هي المطلوبة هنا. وفي ص4 بالارتفاع التدريجي. وهو كلام لا غبار عليه، إلا أن الفصحاء يهربون من النسبة في حين أنهم يستغنون عنها، فلو قيل: بالارتفاع المتدرج لكان أطيب للذوق. وهنا نذكر بعض ما نراه خطأ ونشفعه بالصحيح بين قويسين: ص8: قد أوضح فلم يعد من سبيل إلى الالتباس: (فلم يبق سبيل إلى الالتباس) 160 ومسمار بسكرا: بسكرة (عن ياقوت) - فيها: مسمار عفسا (قفصة) (عن ياقوت) - فيها: تتغطى بتوسفات دقيقة: (تتوسف توسفات دقيقة) - فيها ويؤلف قشرة مصفرة:) تتقشر وقشرتها مصفرة - فيها: حوافيها: (حافاتها) أو (حيفها) - وفي ص233: في الحصف الجربي المضيق - قلنا: الذي يسميه العراقيون الحصف هو بالفرنسية أما الابتيجو فاسمه النضح (بفتح فسكون) عندهم. وعند الفصحاء هو النتق بالتحريك، وأما فهو الرفغ بالعربية لأن الكلمة الفرنسية لاتينية في الأصل أي السقاء الرقيق المقارب وهذا هو الرفغ بالعربية وهكذا جاء في كتب الطب العربية. فمن الحكمة أن نأخذ بمصطلح الأقدمين إذا كان يوافق العلم واللغة - وفي ص236 جاء العد بمعنى والاكنة أشهر من أن تذكر وهي التفاطير أو النفاطير المعروفة عند العوام بحب الشباب أما العد فهو حب الشرق (راجع لغة العرب 624: 8) وذكر في تلك الصفحة الغلسرين أو الغليسرين ونحن نرى الجري على تسمية واحدة وصورة واحدة خيراً من تعديد اللغات. والأحسن أن يقال: الجلسرين لأن الكلمة الفرنسية مأخوذة من اليونانية أي الحلو وهي نفس العربية الجلس الذي معناه الغليظ من العسل

وهذا لا يكون إلا حلواً - وفي ص244 كريات الدم البيضاء، وهذا لا يجوز في العربية والصواب: كريات الدم البيض. وقد تكرر مثل ذلك عشرات، من ذلك في ص247 صفيحات جافة بيضاء. وفيها: صفيحات دهنية زيتية صفراء وفي ص248 لطخات صفراء. وفيها: وهذا اللطخات صفراء معصفرة أو شقراء وفيها: ويمتاز ببقع صفراء والصواب بيض وصفر وشقر. وفي ص245: داء السمك أو الغضاب، ونحن لم نجد الغضاب وارداً في هذا المعنى. قال في التاج: (الغضاب: بالكسر وبالضم: القذى في العين. . . وداء آخر يخرج بالجلد وليس بالجدري يقال منه: غضب فلان: إذا انتفخ من الغضاب أي ما حوله أو هو الجدري: ويقال للمجدور: المغضوب وفعله كسمع وعني. والثاني أكثر. . .) فأين هذا من داء السمك؟ وكان يجوز له أن يسميه التفلس أو التسمك وان لم يسمع تفعل من الفلس والسمك إلا من الوضع يحمله على مثل هذا الاشتقاق قياساً على التحجر والتصلب وكما جاء في التقرن في الكتاب نفسه وفي تلك الصفحة نفسها فهي من هذا المعين المعنوي. وفي ص246: شبيهة بجلد الضرب (دلدل، شيهم). وكان الأحسن أن يقال: الدلدل أو الشيهم بالتعريف كالمفسر. ثم أن الضرب بهذا المعنى من مصطلح (عوام أهل أفريقية) وقد أشار إلى ذلك أبن البيطار وليس لها أصل في اللغة الفصحى فأي حاجة في صدرنا إلى أن نعمم ألفاظاً عامية لا وجود لها في دواويننا؟ وفي ص247 غسول كبريتية قلنا: ما كان على فعول من أسماء الأدوية كلها مذكرة كالسنون والنطول والذرور إلى غيرها. وفي تلك الصفحة: بولي سولفور فكان يحسن أن كتب (سلفور) لأن الحرف الإفرنجي بعد السين مقصور لا ممدود. وإذا كان كذلك فيكتب بالحركة لا بالحرف. . وكل مرة جاء اسم الكحول موصوفاً أنث الصفة ولا نعلم سبب هذا التأنيث في حين أن الكحول مذكر وهو مد لفظ الكحل لا غير. وفي ص274 ذكر المرض المسمى بالفرنسية باسم المهق. وليس ذلك صحيحاً. والمشهور عند العرب الحسبة. وكنا قد أوضحنا ذلك قبل 32 سنة في مجلة المشرق (253: 1 وما يليها) فلتراجع. ثم تبعنا فيها غيرنا.

وفي ص297 تكرير لقوله سحائب بيضاء والحطاطات السمراء أي بيض والسمر. لكن هناك غلط طبع فاحش لم نجد له إصلاحاً في موطن من المواطن وهو قوله: الحطاطات الديناروية. ولو لم يكن بجانبها الإفرنجية لما أمكننا فهمها، لما وقع فيها من الوهم. والصواب (الدينارية) بحذف الواو التي ترى بعد الراء أو (المدنرة) وهو الفصيح المتبع. ونحن نخير عليها الكلمة العربية القديمة وهي النمية) (بضم النون وكسر الميم المشددة وتشديد الياء المثناة التحتية المفتوحة) والكلمة موجودة في كتب اللغة فضلا عن كتب الأدب والتاريخ والأخبار. ونقف هنا لأننا لا نريد أن نذكر كل ما وقع من الهفوات والزلات في هذا السفر الجليل. وهل من تصنيف أو تأليف أو نقل خال من عيب؟ جل من لا عيب فيه وعلا. والذي تتجه إليه أنظارنا في هذا المجلد الضخم المصطلحات الجديدة التي وضعها الدكاترة فأنها لا تكاد تحصى. نعم أننا لا نوافقهم في كل ما تواطئوا على وضعه إلا أن في الغالب مما يستحسن إذ جروا على مصطلح الأقدمين ولغتهم الفصحى ورموا بعيداً عنهم كل لفظ لا يتألف وذوق العرب. وهذه الحروف تعد بالعشرات بل المئات وهي خدمة يعترف لهم بها كل غيور على هذه اللغة التي جمعت فيها محاسن سائر الألسنة وبزتها فيها. وهذا اعظم دليل على أنها من خير أدوات العلم والفن والأدب وأنها تسابق أخواتها وضراتها وتبقى المليحة الحسناء الغانية التي يشار إليها بالبنان. 141 - الأمة العربية مجلة فرنسية شهرية سياسية أدبية اقتصادية اجتماعية، وهي لسان حال الوفد السوري الفلسطيني لدى لجنة الأمم وخادمة منافع الأمة العربية والشرق، لصاحبيها الأمير شكيب ارسلان وإحسان بك الجابري، وتظهر في جنيف (سويسرة) بقطع الثمن في 48ص. ما من عربي يجهل الأمير شكيب ارسلان صاحب القلم العسال الذي يفيض باللغتين العربية والفرنسية وهو أحسن محام عن حقوق الناطقين بالضاد ولا سيما

أبناء سورية وفلسطين. وهذه المجلة أحسن دليل على ما يتوخاه الأمير والبك فنتوقع لها مساعدات عظيمة واشتراكات عديدة ليقوم الكاتبان بما وقفا نفسيهما عليه خدمة لأبناء ديار الشرق. 142 - الخليل وكتاب العين (بالألمانية) من قلم أ. براونلخ (في غريفسولد) رسالة في 48ص بقطع الثمن اثبت فيها صاحبها أم ما ينسبه بعضهم إلى أن الخليل هو مؤلف كتاب العين (وهو أول معجم وضع في اللغة العربية (وهو غير صحيح، واثبت أن مؤلفه الحقيقي هو الليث تلميذ الخليل. وقد أتى بأدلة عديدة، وهذا ما كنا قد استنتجناه نحن أيضاً في الجزء الثاني من المجلد الرابع من لغة العرب في ص57 منه وهو الجزء الذي لم ندخله في السنة الرابعة التي ابتدأنا بها بعد الحرب. وقد كنا قد قلنا في الصفحة المذكورة: (أما رأينا الخاص فهو أن مدون نص العين هو الليث). ولا بد من أننا نعود إلى نشر ما كنا قد أبرزنا من المقلات في الجزأين الأولين اللذين صدرا قبل الحرب فقضيه عليهما بلا رحمة. وكل آت قريب. 143 - كتاب عيون الأخبار لأبي محمد عبد الله بن قتيبة الدينوري المتوفي سنة 276هـ المجلد الثالث كتاب الأخوان - كتاب الحوائج - كتاب الطعام مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة كنا قد تكلمنا على الجزء الأول في مجلتنا (734: 7) وعلى الجزء الثاني (659: 7) وقد جاء إلينا الجزء الثالث وإذا هو كصنويه الأولين طافح بالفوائد وطبعه بديع كطبع جميع ما يبرز من (مطبعة دار الكتب المصرية) ومطرز بحواش تزيد منافع هذا السفر الجليل، إذ يعيد الناظر في إخراجه إلى عالم النشور كل ما كان عليه من المحاسن قبل أن يمسخه النساخ. والظاهر من

تلك التحقيقات أن المعتني بتصحيحه راسخ القدم في العربية قابض على أعنتها ولهذا يستحق الثناء من جميع الناطقين بالضاد. على أن الجواد قد يكبو والصارم قد ينبو. وقد بدا لنا بعض أمور في أثناء المطالعة نعرض بعضا منها على حضرة المدقق فقد جاء في ص270 س20 (قال: نبيذ الدقل في الصيف ونبيذ العسل في الشتاء). وقد شرح الدقل بما هذا نقله: (الدقل (بالتحريك): أردأ التمر وضرب من النخل تمره صغير الجرم كبير النوى) نعم هذا الذي في كتب اللغة. إلا أن المعنى لا يتسق وعبارة القائل والدقل عندنا في العراق كل ما لم يكن أجناساً معروفة من التمر. فقد تكون هذه الأجناس حسنة وقد تكون رديئة. والمراد هنا الجنس الحسن منها. وراجع المخصص في باب التمر. وفي ص271 س3: (عن علي رضي الله عنه. أنه قال: من ابتدأ غذاءه بالملح أذهب الله عنه سبعين نوعاً من البلاء) وقد ضبطت (غذاءه) بكسر الأول وفتح الذال المعجمة والذي عندنا أن الكلام هنا على الغداء (بالدال المهملة) لا على الغذاء (بالمعجمة) وفي الصفحة في س8: (والسمك يذيب الجسد، وقراءة القرآن والسواك يذهب البلغم) وفي الحاشية: (كذا في الأصل والعبارة غير واضحة ولعلها محرفة) والذي عندنا أن أصل النص كان هكذا: والسواك بقرامة الأفران يذهب البلغم) وأنت تعلم أن القرامة: ما التزق من الخبز بالتنور (القاموس) والأفران جمع فرن وهو المخبز (القاموس) وإذا سحقت القرامة سحقاً نعما واستكت بها كان أحسن سنون لك وأذهب البلغم من صدرك وقد جربناه فكان أحسن سواك. وفي تلك الصفحة س11: (قيل لرجل: أنك لحسن السحنة. فقال: آكل لباب البر بصغار المعز. وأدهن بحام البنفسج. وألبس الكتان) وجاء في الحاشية: كذا بالأصل، ولعلها: (بحم البنفسج) والحم ما أذيب أهالته. والمراد به دهن البنفسج وهو زيته الذي يستخرج منه). والذي عندنا أن الأصل هو (بخام البنفسج) والخام جمع خامة وهي الطاقة الغضة منه والمراد به الادهان أو الاطلاء بهذا الخام.

وفي ص274 س5 (ابقراط) وضبطت بتشديد القاف المضمومة. ولم نجد من ضبط هذا العلم بهذه الصورة، نعم أن ذلك يوافق اللفظ اليوناني والغربي لكن العرب لم تنطق به إنما قالت: (بقراط) بضم الأول هذا الذي يرى في جميع الكتب كابن القفطي وابن خلكان والدميري وغيرهم. ونص صاحب البرهان القاطع صريح لا غبار عليه أنه بضم الباء وإسكان القاف. وفي ص276 س5: كان لي ظبي فمر بعجين قد هيئ للخشكنان) ولم تضبط الكاف وهي بالضم على ما في لسان العرب في مادة كعك. وفي ص280 س7 ضبطت السكنجبين بفتح السين والكاف والجيم والذي ذكره صاحب البرهان القاطع أنه بكسر السين وبالفتحتين المذكورتين ثم قال: وهكذا تنطق به العرب، فتبعه في ذلك فلرس في معجمه وفريتغ وصاحب محيط المحيط، وقول المحشي تفسيراً للسكنجبين (س20): (شراب من خل وعسل ويراد به كل لو حامض) هو قول صاحب محيط المحيط وأقرب الموارد والبستان. وفي هذه العبارة إبهام وإيهام: ولو قالوا: (ويراد به كل مزيج حلو بحامض) لكان أشبه. أما قولهم (كل حلو وحامض) فمعناه: كل حلو يسمى سكنجبيناً وكل حامض يسمى سكنجبيناً. وهو غير صحيح. وكل مرة جاء ذكر الكرنب ضبطت ضبط القنفذ أي بضم الأول والثالث راجع ص282 س10 وص286 مراراً عديدة وفي ص287 وهذا لم نجده في أي كتاب لغة. والمشهور بضم الأول والثاني. أو بفتح الأول والثاني، إلا أن الأول هو الأفضل وهو المنصوص عليه في دواوين اللغة. وفي ص285 س22: (الشرى بثور بعضها غار وبعضها كبار حكاكة مكربة. . .) ومكربة بمعنى كاربة لم ترد في كلام الفصحاء وأن وردت في القاموس في مادة شرى. وفي ص288 س13: (والسلق أن دق مع أصله وعصر ماؤه وغسل به الرأس ذهب بالأتربة وأطال الشعر) اهـ. ولا معنى للأتربة، لأننا لو فرضنا أنها هنا جمع تراب لاكتفينا بغسله بالماء القراح أو بالصابون، إنما هنا: (ذهب بالتبرية وهي نخالة الرأس ويقال لها أيضاً الهبرية. وربما قال بعضهم. الابرية

على لغة من يجعل الهاء همزة. وهو كثير المثل في كلامهم. وراجع المزهر 223: 1 من طبعة بولاق. وفي ص289 س10: وتزعم الروم أن مادة (ماء الجرجير) ينفع من عضة ابن عرس). وجاء في الحاشية. . . وفي الأصل وردت هذه اللفظة هكذا: (عضة ابن مقرص) وهو تحريف). قلنا: فإذا كان في الأصل ابن مقرص فيجب أن تكون اللفظة: (ابن مقرض) لا (ابن عرس) وابن مقرض دويبة يقال لها بالفارسية دله وهو قتال الحمام كما في الصحاح. وضبطه هكذا كمنبر، وفي التهذيب: قال الليث: ابن مقرض ذو القوائم الأربع الطويل الظهر قتال الحمام. ونقل في العباب أيضاً مثله. وزاد في الأساس: أخاذ بحلوقها وهو نوع من الفيران (كذا)؟ (عن تاج العروس) ونحن نعلم اليوم أن ابن مقرض ليس من الفئران في شيء لأنه المسمى بالفرنسية وبلسان العلم ويعرف أيضاً بالدلق والقاقم وهو كثير الشبه بابن عرس لكنه ليس به وابن عرس هو المسمى بالفرنسية وفي ص297 س6: (واحمد التمور الهيرون) وفي الحاشية: (الهيرون البري من التمر والرطب) وهي عبارة محيط المحيط وأقرب الموارد ومن نقل عنهما. قلنا: هذا اللفظ وهذا التعريف لا يتفقان وما جاء في التاج. فقد قال السيد مرتضى شارح القاموس: (الهيرون تمر معروف هكذا نقله الصاغاني عن أبي حنيفة، والذي نقله الأئمة عن أبي حنيفة هيرون بالكسر وضم النون من غير ألف ولام. . . ثم أن أبي قتيبة الدينوري يصفه بقوله: (واحمد التمور) فكيف يكون البري من التمر. ثم: أوجد تمر بري حتى يكون هذا منه؟ وكيف يجوز لكاتب عصري أن ينقل اللغة من محيط المحيط أو نسخته الثانية (اقرب الموارد) أو عن نسخته الثالثة (البستان)؟ فمحيط المحيط نسخة ممسوخة من معجم فريتغ، واقرب الموارد نسخة مشوهة من محيط المحيط والبستان نسخة شنيعة من أقرب الموارد. ولهذا لا يجوز أبداً أن تؤخذ اللغة عن هذه الدواوين الفاسدة المفسودة ولا عن كل معجم مختصر أو أقرب الموارد كمعجم الطالب والمنجد والمعتمد فهذه مجموعات

لغوية تضر بكل من ينقل عنها. وقد ذكرنا مراراً في مجلتنا، والآن نقول: لو أعطي لنا أن نحرق هذه المعاجم - وفي رأسها محيط المحيط مسبب جميع بلايا اللغة - لأحرقناها جميعاً (بنار جهنم) حتى لا يبقى منها رماد، لأن (نار الأرض الدنيا) تبقي شيئاً منها. ونظن أن صحيح كرم محيط المحيط هو هكذا: الهيرون البرني (بنون مكسورة قبل الياء المشددة وبفتح الأول) من الثمر والرطب فيستقيم المعنى لأن هيرون (لا الهيرون ألف ولام والكلمة فارسية) من أفخر التمر واحمده. فهو كالبرني الذي يعد من أحسن التمر. وفي تلك الصفحة وذلك السطر: (واحمد البسور الجيسران) وجاء في الحاشية: (الجسيران جنس من أفخر النخل معرب، وفي الأصل (جيسوان) وهو تحريف). قلنا: وهذا الوهم أيضاً من نتاج النقل عن محيط المحيط. هذا الديوان الفاسد المفسود أو من أقرب الموارد فأنها يقولان: (الجيسران جنس من أفخر النخل معرب كيسران بالفارسية ومعناه الذوائب) والذي ذكره اللغويون المحققون الجيسوان بالواو لا (بالراء) بعد السين. قال في المخصص (133: 11): الجيسوان سمي بذلك لطول شماريخه شبه بالذوائب واصلها فارسي والذؤابة يقال لها بالفارسية كيسوان) وقال في تاج العروس في مادة ج ي س: (قال الدينوري: الجيسوان تمر من أفخر التمر، له بسر جيد واحدته جيسوانة وهو معرب كيسوان ومعناه الذوائب وأصله فارسي. نقله الصاغاني.) وممن صحف هذه الكلمة البشاري في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم الذي عني بطبعه دي خوية في ليدن سنة 1906 في ص130 حين عدد ضروب التمر فقال: (الجيشوان وفي نسخة الخيشوان. قلنا وكلتا الروايتين خطأ. والصواب: جيسوان كما ذكرناه. وكذلك أحسن نقلها كل من فريتغ ودوزي في معجمهما. وهذه من النوادر. وجاء في تلك الصفحة في السطر 7: (وخير السمك. الشبوط والبناني والمياح) وفي الحاشية شرح لنا الواقف على طبعه الشبوط فأحسن، ولم يشرح البناني وهي جمع البني ككرسي، وقد ذكره اللغويون في كتبهم. ولم يشرح لنا المياح، إنما ضبطه لنا بشد الياء لا غير. واللغويون لم يذكروا المياح.

والذي في علمنا أن المياح لغة في البياح من باب إبدال الباء ميماً. والبياح وزان كتاب وجبار. قال شارح القاموس في ب وح: البياح ككتاب وكتان ضرب من السمك صغار أمثال شبر وهو أطيب السمك. قال يا رب شيخ من بني رباح ... إذا امتلأ البطن من البياح. وفي الحديث: أيما أحب إليك كذا أو كذا أو بياح مربب أي معمول بالصباغ. وقيل: الكلمة غير عربية) اهـ وذكره أيضاً صاحب اللسان في مادة ب ي ح لا كما فعل المجد والشارح. وفي تلك الصفحة س9: (وشر السمك كباره السماريس) ثم شرح السماريس ناقلاً كلام ابن البيطار، لكنه لم يصلح هذا القول: (وشر السمك كباره السماريس) وصواب النص الحقيقي: وشر السمك كنازه السماريس) وسبب هذا التصحيح هو أن السماريس ليس من كبار السمك بل من صغاره الكناز لأن الواحدة لا تبلغ أكثر من ثلاثين سنتمتراً. وثانياً لأن كثيراً من كبار السمك طيب وحسن، إذن قوله: كباره غير صحيح. أما كنازه من شره فظاهر من أن معنى الكناز المجتمع اللحم الصلبة. وهذا السمك يعيش في الوحل والحشائش وهو طيب الأكل إذا كان غير مكتنز اللحم أما إذا كان كنازه فيسوء طعمه للوحل الذي يتمرغ فيه أو للحشائش الرديئة التي يقضي فيها حياته. وكذا يقال عن كل سمك كناز. وفي ص300 س5: (بينا أنا في صحارى الأعراب في يوم شديد البرد والريح وإذا بأعرابي قاعد على أجمة. . .) قلنا: الأجمة بالتحريك كما ضبطت الشجر الكثير الملتف. والجمع أجم بالضم وبضمتين ولا يمكن أن يجلس الأعرابي على الشجر. أما إذا قيل أن معنى الأجمة هنا: كل بيت مربع مسطح. فنقول: إذن لا يقال أجمة بل أجم بفتح وبلا هاء. والذي يحسن القول في هذه العبارة: الأكمة بالتحريك وهي التل من القف أو نحوه. ليتسق مع قوله في الصحارى. هذا الذي نراه هنا موافقاً للمقال. وفي هذا الكتاب غير هذه الهفوات والهنوات وهي أمور لا يخلو منها مطبوع. الكمال لله وحده.

144 - الخطابة (ملحق بالهلال) تأليف الدكتور نقولا فياض عضو المجمع العلمي العربي في الشام عنيت بنشره إدارة الهلال بمصر في سنة 1930 في 248ص بقطع 12 اللغة العربية في حاجة إلى التصنيف وأمثاله، لأنك ترى أشباه هذا الكتاب في جميع الألسنة وعند جميع الأقوام، أما عندنا فليس منها شيء. إذن أحسن صاحبا الهلال بإتحاف قراء مجلتهما بهذا التأليف وأحسن الدكتور الفياض بما أفاض به علينا من ذوب دماغه وقلبه. على أننا رأينا فيه مغامز: أولها أن خطأ الطبع كثير لا تخلو منه صفحة ففي ص5: بها آثار سولون وفي ص6 ومن بواعث. . . وانتشرت أثوار. . . لم تؤهلهم المدارس إلى تعلم الخطابة في غيرها. والصواب: أثار. . . بواعث. . . أنوار. . . لتعلم الخطابة. 2 - في بعض أقواله غرابة فقد جاء في ص5: (ولولاها (الخطابة) لما سحرت الأديان عقول البشر ولا كان لها أبطال وشهداء في بدو ولا حضر) فهذا كلام لا يوافق عليه أصحاب الدين لسخفه. 3 - أنه نسي من خطباء العرب سحبان بن وائل وقس بن ساعدة اللذين يضرب بهما المثل. 4 - أن ما عربه من كلام خطباء الإفرنج ركبك ضعيف لا يتماسك. 5 - كان يحسن به أن لا ينشر صور نفسه للدلالة بيانه من مواقف الخطابة والأداء بل صور غيره. وإذا نشر تلك الصور فكان يجمل به أن لا يضع اسمه تحتها بل يشير إلى (خطيب) لا غير. وكل ذلك من باب الأدب الغض ومحاسن الوقار والرزانة. وما عدا هذه الألفاظ فالكتاب حافل بالفوائد والعوائد لا يقف عليها القارئ إلا ويزداد علماً لهذه الصناعة الساحرة الفنانة. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 10 - لمن الصبي بجانب البطحاء ... في الترب ملقى غير ذي مهد

نجلت به بيضاء آنسة ... من عبد شمس صلبة الخد وروى بن أبي الحديد أيضاً في شرحه 387: 3 أن حسان بن ثابت لما أنشده عمر بن الخطاب (رض) بعض ارتجاز هند بني عتبة يوم أحد قال: حسان يهجوها: أشرت لكاع وكان عادتها ... لؤماً إذا أشرت مع الكفر أخرجت مرقصة إلى أحد ... في القوم مقتبة على بكر وروى ابن أبي الحديد في هذه الصفحة عن محمد بن إسحاق في كتاب المغازي وقال أيضاً يهجوها: لمن سواقط ولدان مطروحة ... باتت تفحص في بطحاء أجياد باتت تفحص لم تشهد قوابلها ... إلا الوحوش وإلاّ جنة الوادي يظل يرجمه الصبيان منعفراً ... وخاله وأبوه سيد النادي في أبيات كرهت ذكرها لفحشها) انتهى نقل الحديدي واستبان المراد وبينت الحجة. 73 - وورد في ص229 هجو حسان لأبي سفيان ومنه (فشركما لخير كما الفداء) فقال الأثري: (ولست أعرف في الهجاء اشرف من هذا الهجاء) قلنا: وليس هذا الحكم من ثمار عقله ففي ص76 من شرح الطرة ما نصه (وحكى أبو القاسم الزجاجي أن حسان بن ثابت رضي الله عنه لما أنشد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قوله: أتهجوه ولست له بكفء ... فشر كما لخير كما لفداء قالت الصحابة: يا رسول الله هذا أنصف بيت قالته العرب) اهـ. فالصحابة أصحاب الرأي الرصيف. 74 - وقال في ص233 (الحطيئة: هو جرول بن أوس جاهلي إسلامي يندر وجود شبيه له في شواذ المخلوقات جمع الله فيه قبح المنظر سوء المخبر وإلى ضعة النسب سفه النفس ولؤم الغريزة وشرة اللسان. . .) وما أدري أتاريخ هذا أم سب واقتراع؟ وأن كان الجامع لهذه الصفات فيه هو فلا ذنب للحطيئة ولا عدل لمن ينعى عليه ما أودعه الله - حاشى الله -. مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - نتائج رفيعة السر هلتن يانغ أنتجت رفيعة السر هلتن يانغ نتاجاً اضر بزراعة العراق ضرراً عظيماً. فقد كادت تقضي على المديرية الزراعية قضاء لا عود فيه إلى الحياة. وألغت مشروع الحرير ووقفت الأعمال الزراعية في الرستمية وقضت على المتقن الزراعي وأبقي من مكافحي الجراد عشرة أو خمسة عشر وألغيت وظائف مأموري الزراعة في الألوية ومديري المناطق الزراعية. وبهذا الأمر فقد العراقيون كل مرجع فني للزراعة أو بعبارة أخرى فقدوا مصدر الثروة والرفاهية والتقدم والنجاح. 2 - حسم دعاوى العشائر في المتصرفية بلغ مجموع الدعوى المحولة من حزيران والمقامة في شهر تموز من هذه السنة 86 دعوى تخص العشائر، فحسمت منها المتصرفية في الشهر المنصرم (تموز) 41 دعوى وحولت 45 إلى الشهر آب (أوغسطس). 3 - نزول مياه دجلة نسبة نزول مياه دجلة في هذه السنة كانت أدنى نسبة انحطت إليها المياه منذ سنة 1906 وقد كانت أدنى نسبة وصلت إليها المياه بالهبوط منذ تلك السنة. ولكن في عامنا الحالي كان النقصان أحط من نقصان 1925 بقدم واحدة وكانت درجة القياس لدجلة في اليوم ال12 من أوغسطس 28 متراً و25 سنتمتراً. 4 - الجراد عاد الجراد في أوائل الأسبوع الثاني من أوغسطس إلى منطقة لواء ديالى ومن أخبار هذا اللواء أنه أضر بالنباتات ولكنه لم يقم في اللواء أكثر من يومين ثم نهض متوجهاً إلى ناحية أخرى وأخبر القادمون من سلمان باك (طيسفون) أن الجراد هجم بكثرة على تلك الجهات. 5 - صنع ورق الطباعة من الحلفاء الحلفاء كثيرة في العراق بل كثيرة في ديار الشرق الأدنى. وقد توفق الإنكليز والفرنسيون لاتخاذ الكاغد

منها. ومن بعد أن كان النباتيون يصرفون المبالغ الطائلة لاستئصال شأفة هذه الحشيشة المضرة للزراعة أعظم ضرر، أصبحت اليوم من الأنبتة النافعة. وكان الأسبانيون قد تعلموا من عرب مراكش اتخاذ الخيوط والحبال والسلاسل من الحلفاء. أم اليوم فاتخاذ الورق منها يبشرنا بمستقبل حسن لهذا النبت الكثير الفشو في أراضي العراق كلها، فنتمنى أن تنهض شركة لجمعه وبيعه في ديار الغرب أو تنهض شركة تصنع منها الورق في بلادنا فلا نضطر إلى شرائه من تلك البلاد بأثمان باهضة في حين أن مادته غزيرة ومتوفرة عندنا وتضر أرض الزراعة لما ينتشر فيها ويؤذيها إذ الحلفاء كثيراً ما تقتل سائر الأنبتة التي تجاورها. 6 - اشتداد الحر في العراق اشتد الحر في العراق من الرابع من آب (أوغسطس) إلى الحادي عشر منه حتى زادت الوفيات في بغداد 80 في الأسبوع عن مستوى مألوفها. ومات في البصرة 75 شخصاً رعناً (بضربة الشمس) وبلغ الحر في بغداد 47 درجة في الظل وتقول جريدة (صدى العهد) في عددها ال6 الصادر في 13 آب (أن درجة الحرارة بلغت 55 (كذا) درجة سانتيغراد في لواء الموصل) (كذا بحرفه فليتدبر الكتاب ما يكتبونه) 7 - عمال شركة النفط دل إحصاء المستخدمين في شركة النفط على ما يأتي: الجنسيةالعدد في أيارالعدد في حزيران عراقي24712710 إيراني 156 157 أوربي115119 هندي75 75 أميركي 51 48 روسي 9 7 المجموع2877 3116 8 - الورتبيت نرسيس صائغيان الابيل نرسيس صائغيان أحد أخطاء لجنة التحرير في إدارة مجلة لغة العرب وقد أدى خدماً عديدة للبغداديين والمسيحيين على اختلاف طبقاتهم مدة تربي على ثلاثين سنة وله مقالات في هذه المجلة تشهد له بطول الباع في أخبار البيوت المسيحية وتاريخها ونسبها في ديار العراق وله مقالات كثيرة في الجرائد والمجلات الأرمنية التي تصدر في أوربة ويعرف من اللغات العربية والأرمنية والفرنسية والارمية واللاتينية وله وقوف تام على

تواريخ وآداب اللغات المذكورة. ولما رأى رؤساؤه تلك الخدم وما أفاد بعلمه كل من دنا منه رقوه في 17 آب إلى درجة الورتبيت أو الخوري الأسقفي فنهنئه بهذه الرتبة، متمنين له العمر الطويل الهنيء. وشاكرين له ما أدى لهذه المجلة من المساعي والأتعاب التي لا يمكننا أن نكافئه عليها مهما بذلنا له من طيب الثناء. 9 - طريق أنابيب النفط العراقي صرحت (الجورنال) قائلة: قبل أن يقبل العراق في عصبة الأمم يجب عليه الإصغاء إلى مطاليب فرنسة التي تريد أن تمر الأنابيب بطريق سورية إلى طرابلس. أما بريطانية العظمى فترغب في أن تمر الأنابيب بطريق شرقي الأردن وفلسطين. 10 - حزب جديد في تركية استقال فتحي بك السفير التركي في باريس ليترأس حزباً جديداً في تركية مناهضاً لسياسة عصمت باشا وبغية هذا الحزب الجديد التآزر مع دولة الاتحاد البلقاني. 11 - كركوك الجديدة باشرت شركة النفط العراقية إنشاء بلدة جديدة في غربي كركوك على طريق بابا كركر باسم كركوك الجديدة. وقد شيدت بيوتاً ومنازل للموظفين والعمال ومعامل لإصلاح المكائن والسيارات ومباني لدوائر الشركة. وشيدت المخازن والمستودعات والخوينات (الكانتينات) والمقاهي وتنفق الشركة على هذه الأعمال في الشهر ما لا يقل عن ثلاثة الكاك ربية. 12 - الخلاف على الحدود العراقية بين الوفد العراقي والوفد الفرنسي خلاف يتعلق بأمر تحديد التخوم بين العراق وسوريا. والخلاف واقع حول أمرين: الأول يتعلق بالمنطقة المؤدية إلى سفح جبل سنجار على مسافة ثمانية كيلومترات والثاني يتعلق بالطريق المؤدية إلى الصحراء. 13 - الثورة الكردية في تركية جهزت الحكومة التركية قوة جديدة قوامها خمسون ألف جندي وعهدت بقيادتها إلى كمال الدين سامي باشا. ووجهتها إلى الولايات الشرقية للقيام بحملة عمومية على الحدود. لتأديب العصاة. ويستدل من الأخبار الرسمية التي نشرتها الحكومة التركية أن معركة شبت بين قوة متقومة من 700 ثائر وقوات الجند في شمدين على الحدود التركية العراقية فأسفرت عن فرار

العصاة بعد أم منوا بخسارة 350 رجلاً وقد شرعت قوات الجند في هذه المنطقة بتأديب العصاة. وقد صمم الكرد الثائرون على الاستماتة في النضال حتى النفس الأخير ليقينهم أنهم إذا أخفقوا في هذه المرة فأن تركية تذيقهم من العذاب والاضطهاد ألوانا وأشكالا ولذلك يبذلون ما لديهم من جهود في المقاومة ولا تبرح النجدات الكردية تصل إليهم وقد وردت إليهم مجهزة بالذخائر والأسلحة وتقول الأنباء الصادرة من أنقرة نفسها أن الجيوش التركية استطاعت أن تنال من هذه النجدات وتشتت شمل البعض منها وأنها واقفة للثائرين بالمرصاد. 14 - مؤامرة شيوعية في تركية اكتشفت الحكومة التركية مؤامرة شيوعية فقبضت على ستين متهماً. 15 - الثورة الكردية بين تركية وإيران يروى أن الحكومة الإيرانية رفضت طلب الحكومة التركية في مؤازرتها مؤازرة فعالة على الحدود لصد القبائل الكردية الثائرة. ولذا ترى السلطات التركية العسكرية أن الضرورة قد تلجئها في آخر الأمر إلى تعقيب تلك القبائل ومطاردتهم في إيران وراء الحدود الفاصلة تركية عن إيران. 16 - الجزء ال11 وال12 كان كثيرون طلبوا منا أن نقلل الفهارس وأن نصدر جزءاً حادي عشر ففعلنا والآن ألح علينا فريق أن نعيد الفهارس إلى حالتها الأولى فسوف نفعل. (تصحيحات) ص573 س13 للمتصفحين: للمتصفحين (للمتفحصين) - 574س2 ركبت على ضلعي: (ربعت على ضلعي) - 574س4 أبو فرج: أبو الفرج - ص616 س26 وكانت: وكانتا - 646 س1 فعالل نحن قشاعم وهو مقيس في فعللة: فعائل نحو قسائم وهو مقيس في فعالة - ص656 س27 لبعد: لما بعد - 660س13 حاولوا: جاولوا - ص676 س1 وأقامت: أو قامت - ص686 س12 (متفحصاً): (متفصحاً) - ص686 س13 العصاة: القضاة - ص686 س18 ونصدق: وتصدق - ص687 س12 عن فساد: عن (إظهار) فساد - 687س21 تفرط: يفرط - ص687 س23 جمع: جميع - ص687 س26 يفهم: بفهم - ص690 س23 لم: لهم.

العدد 85

العدد 85 إلى شبيبة العراق يا ناشئة العراق ونابتته الغضة! كل من حولنا ناهض، منتبه، يجتهد، ونحن نيام، فيجب علينا أن نستيقظ، وننظر في سبب هذا الكلام: نسمع كل يوم بإنشاء أعمال جديدة، مفيدة، وبتأسيس مدارس، وتعبيد شوارع، وإقامة كليات، وتشييد مستشفيات، ولكن هل من مشيد للألعاب الرياضية؟ نرى الناس في هرج ومرج يصبحون ويمسون منهمكين بشؤون شتى محورها كسب المال، ولكنهم صرفوا النظر بالمرة عن كسب الصحة، أو حفظها، وهم غافلون عن أن غنى المرء بحسن صحته. وأصبحت المقاهي. اللهوة الوحيدة. وتراها منبثة في جميع أنحاء العاصمة، مصفوفة الواحد بجانب الآخر على طول الشوارع، تحف بالجسور، وتحيط بأماكن المرور. وهناك أيضاً أندية أخذ فيها بعض الشبان يبرعون في الرقص مع النساء. أننا في سبات عميق، لأننا نعرض صحتنا هدفاً للأمراض، والآفات، ونترك الأراضي الفسيحة ومياه دجلة المنعشة للطير والسمك، وهي تنادي الشبيبة العراقية: إلى الألعاب الرياضية. إلى الألعاب الرياضة، وإلى الألعاب الرياضية!.

كان للألعاب الرياضية مقام جليل منذ القدم، وعهد التاريخ بها من قرون قبل الميلاد، وانتشرت عند المصريين القدماء ونالت أسمى حظوة عند الرومانيين حتى أنهم أسسوا لها الجامعات لتدريب المتروضين وأقاموا الأبنية الشامخة المدرجة المسماة عندهم (بالانفيتياتر) لمشاهدة تلك الألعاب المروضة للأبدان. فلنبحث الآن عن شأن الألعاب في عصرنا هذا ونجل النظر في الفسحة الممتدة من الشرق إلى الغرب، فلماذا نرى؟ نرى إخواننا شبان مصر مجتهدين، ساعين كل السعي، وقد اشتركوا في الألعاب (الأولمبية) حتى فاز شاب منهم ببطولة العالم في حمل الأثقال، ثم ترى في كل بلدة ذات شأن من بلاد الهند ميداناً متسعاً معموراً مختصاً بالألعاب. وقد جعل الغربيون للألعاب الرياضية منزلة، لا تقل عن منزلة العلوم، وفي كل مدرسة، أو جامعة في أميركة، يرى اختصاصيون في الألعاب الرياضية، تدفع إليهم المبالغ الطائلة، التي تربو في بعض الأحيان على عشرة آلاف (دولار) في السنة لتدريب الطلاب فيها. وألفت حكومة فرنسة بعد الحرب العظمى ديواناً خاصاً بالألعاب وألحقته بنظارة وزارتي الصحة والمعارف، ثم ارتفع شأن هذا الديوان، فأصبح وزارة مستقلة تعد لكل رجل أو امرأة، ما يطلبه أو تطلبه من الألعاب الرياضية. وأما الألعاب الرياضية عند الأمة الإنكليزية، فهي من لوازم الحياة عندهم نرى الإنكليزي يتمرن من طفولته حتى كهولته، وبرعت هذه الأمة في الألعاب الرياضية، وفازت فيها، فابتكرت ألعاباً متنوعة، ولها يوم عطله عام أطلق عليه اسم (يوم الملاكمة) وهو يوافق ال 26 من كانون الأول (دليسنبر). ولننظر الآن في منافع الألعاب الرياضية، فهي تحسن الصحة، وتقوي البدن، وتثبت روح الرياضة أي أنها تمنع الضغينة عند الانكسار، وتوسع الكرامة عند الانتصار، وتدرب الشاب على الشجاعة، والمهارة، والاعتماد على النفس، بحيث لا ييأس إذا غلب ولا يغتر إذا ظفر. أيتها الشبيبة، دعينا ننهض، ونطلب إلى سادة الأمة، أن تمن علينا بوسائل للرياضة، فيكون للتلميذ في المدرسة مدرب يدربه على هذا المنحى، وبعد إكمال

المائن أو الممخرق

دراسته، يلتحق بالأندية التي قد أعدتها الحكومة لهذا الشأن، فيقل فينا المرض ويخف سكان السجون، لأن العقل السليم في الجسم السليم، يساعدنا على درس الفنون. وأن ساد أجدادنا قبل قرون فساسوا العالم في عهدهم، فننا أحفادهم قد ورثناهم روح الانتصار، فلا غرو إذا أصبحنا بعد ذلك سادة العالم الرياضي. بغداد: فنسان م. ماريني المائن أو الممخرق لاقاني أحد الوطنين الأدباء من المتفرنجين، وقال لي: أنك تدعي أن لغتنا غنية، وفيها من الألفاظ ما يقوم بحاج العصر، فهل تظن أنك تجد في لغتنا، ما يؤدي معنى كلمتهم (شرلطان)؟ - قلت: وما مرادك من هذا الحرف؟. قال: معناه الطبيب الدجال، الجالس على قارعة الطريق، وهو ينادي على ما بيده أنه نافع للداء الفلاني، والفلاني، الفلاني، إلى ما لا نهاية له. فيوقن به السذج. ويشترون منه دواءه المزور، وهو لا يفيد شيئاً. قلت له: هذا ما سماه السلف، في عصر العباسيين، بالمائن. أما قرأت في التاريخ ما جاء عن هرون الرشيد؟. فقد ذكر أن منكة الطبيب الهندي الذي استدعاه هرون الرشيد من دياره، ليطيبه. مر ذات يوم (في الخلد، وإذا هو برجل من (المائنين) قد بسط كساءه، وألقى عليه عقاقير كثيرة: وقام يصف دواء عنده معجوناً. فقال في صفته: هذا دواء للحمى الدائمة وحمى الغب، وحمى الربع: ولوجع الظهر والركبتين، والجلسام والبواسير، والرياح، ووجع المفاصل ولوجع العينين، ووجع البطن، والصداع، والشقيقة، ولتقطير البول والفالج والارتعاش ولم يدع علة في البدن إلا ذكر أن ذلك الدواء شفاؤها. فقال منكه لترجمانه: ما يقول هذا؟ فترجم له ما سمع وتبسم منكه، وقال: على كل حال ملك العرب جاهل. وذلك أنه أن كان الأمر على ما قال هذا فلم حملني من لدي وقطعني عن أهلي. وتكلف الغليظ من مئونتي، وهو يجد هذا نصب

عينه، وبازائه؟ - وأن كان الأمر ليس كما يقول هذا، فلم لا يقتله؟ فأن الشريعة، قد أباحت دم هذا ومن أشبهه، لأنه أن قتل، ما هي إلا نفس تحيا بفنائها أنفس خلق كثير، وأن ترك وهذا الجهل، قتل في كل يوم نفساً وبالحري أن يقتل أثنين وثلاثة وأربعة في كل يوم، وهذا فساد في الدين، ووهن في المملكة) (راجع عيون الأنباء لأبن أبي اصيبعه 2: 33 و 34). قال المتفرنج: والمائن هو الكاذب لا غير. فأين هذا مما نريده؟. قلت: أن المائن الكاذب أو الكذاب عينه: لكن ألا تعلم أن الكلمة العامة قد تخصص بمعنى دون معنى من باب التواطؤ، فالكلمة الإفرنجية معناها في أصل وضعها من الإيطالية والإيطالية من فعل ومعناه ثرثر وتشدق ثم خصصوه بهذا الذي تعنيه. وهذا ما تراه جميع اللغات، لا تخلوا واحدة منها وفي لغتنا أكثر مما في سواها. وأن لم ترضك هذه اللفظة، فلنا لفظة تقوم مقامها هي (الممخرق) قال في اللسان: الممخرق: المموه. وهي المخرقة مأخوذة من مخاريق الصبيان أه. وقال عن المخاريق وأحدها مخراق: ما تلعب به الصبيان من الخرق المفتولة. قال عمرو بن كلثوم: كأن سيوفنا منا ومنهم ... مخاريق بأيدي لاعبينا ابن سيدة: والمخراق: منديل أو نحوه يلوى فيضرب به أو يلف فيفزع به، وهو لعبة يلعب به الصبيان، قال: أجالدهم يوم الحديقة حاسراً ... كأن يدي بالسيف مخراق لعب وهو عربي صحيح. وفي حديث علي (ع) قال: البرق: مخاريق الملائكة وانسد بيت عمرو بن كلثوم، وقال: هو جمع مخراق، وهو في الأصل عند العرب ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضاً. أراد أنها آلة تزجر به الملائكة السحاب وتوقه. ويفسره حديث أبن عباس: البرق سوط من نور تزجر به الملائكة السحاب. . .) أه كلام ابن مكرم. فأنت ترى من هذا أن لغتنا غنية بما في مذخرها من فوائد المفردات.

آلتون كوبري في التاريخ

آلتون كوبري في التاريخ آلتون كوبري ويجوز كتابتها بصورة (التون كبري) قصبة في لواء كركوك واقعة بين جسرين قائمين على فرعي الزاب الصغير الذي يقال له أيضاً الزاب الأصغر وبتعبير آخر الزاب الأسفل ويقال للفرع آلتون صو وتعريبه الحرفي (الماء الذهب) ومعناه (نهر الذهب). ومعنى التون كوبري جسر الذهب ولا بد أن القائل آلتون كوبري أراد أن يقول آلتون صو كوبريسي أي جسر نهر الذهب فاستطال الجملة فاختصرها. وقد ذهب إلى القول بهذا الاختصار معلمة الإسلام وكذلك حضرة الأب صاحب هذه المجلة (5 (1927 - 28): 362) ورجعت معلمة الإسلام قولها على قول من ينسب الاسم إلى وفرة الدخل الذي يؤخذ عن العبور. وبعض العراقيين منا يعرب آلتون كوبري مع اختصاره فيقول (القنطرة) كما قال الأب في كلامه الذي أشرت إليه أما الحكومة فتكتبها في ما تصدره من الرسميات بصورة التون كوبري. ويروى بعض الناس عن سبب تسمية آلتون كوبري أن للسلطان مراد الرابع حينما جاء بغداد في سنة 1048 هـ (1638م) أمر بتشييد جسر هنالك فإبان من أمر بذلك حاجته إلى مال كثير فتقدم إليه الشروع وان تبلغ النفقات ثقل الجسر ذهباً ولا يمكننا أن نقبل هذا السبب للتسمية - على فرض صحة الأمر بالبناء وتداول الكلام عن النفقات - لوجود نهر هناك اسمه التون صو قبل مجيء السلطان مراد إلى بغداد فضلاً عن اسم آلتون كوبري كان معروفاً قبل زمن السلطان المار الذكر بنحو ثلاثة قرون على اقل تقدير. وقد سمع أيضاً حضرة

الأب صاحب المجلة أن باني القنطرتين اللتين في آلتون كوبري هو السلطان كما أن سالنامة الموصل لسنة 1325هـ (1907م) (ص 215) كانت قد قالت ما تعريبه: (إن هذا الجسر العظيم أسس في عصر مراد خان الرابع ولا يزال حافظاً صلابته ومتانته) اهـ. أما التاريخ فانه يخطئ صاحب السالنامة إذ انه يبين لنا أن الجسر كان قد خرب وانه بعد الألف والمائة من الهجرة كما سيجيء فلم يكن الجسر القائم في زمن وضع السالنامة ذلك الجسر الذي ينسب بناؤه إلى السلطان مراد أن صحيحاً وان غلطاً. وهاءنذا أروي لك ما وجدته عن قدم اسم التون كوبري مقتبسا الكلام من بضعة مصنفات فيها العربي والتركي والفارسي والبرتغالي مبتدئاً بما هو اقرب عهداً فصاعداً: ذكر آلتون كوبري كتاب (فذلكه كاتب جلبي) (بالتركية) (2: 66) المتوفي في سنة 1067هـ (1656م) في حوادث سنة 1034هـ (1924 م) وذلك في قوله الذي أعربه كما يلي: (كان بكلربكي قرمان وهو جركس حسن باشا قد شتى في جهات الجزيرة وحسن كيف (حصن كيفا) فشاع تجمع الأعداء في التون كوبري وكركوك فار إليهم. . .) اهـ. وذكره كتاب (شرفنامه) بالفارسية (2: 440) ومؤلفه شرف خان وقد أتمه سنة 1005هـ (1596م). وكذلك ذكره بصورة مسترة أفونسو البرتغالي في رحلته (ص 220) وقد ابتدأ بها في سنة 565 م (973هـ). وجاء بذكره أيضاً رستم باشا في تاريخه المترجم إلى الألمانية (ص 86) وكانت وفاة الباشا المؤرخ في سنة 968هـ (1560م). ومن الذين ذكروا آلتون كوبري قديماً - حتى قبل مجيء السلطان سليمان إلى بغداد في سنة 941هـ (1534م) - عبد الله بن فتح الله البغدادي الملقب بالغياث في كتابه المسمى التاريخ الغياثي إذ قال: (ثم أسبان ترك أمير محمد بن

شيء الله بجصان ورحل إلى كركوك فأخذها واخذ آلتون كوبري) وقال: (فلما سمع الوند بموت أسبان وانهم سلطنوا بولاد وليس لهم فيه إرادة. . . توجه إلى كركوك - وكانت اولكته - وتوجه منها إلى اربل والتون موبري والموصل فأخذها.) وكذلك قال: (وكان كور خليل ومقصود بيك ابن حسن بيك بالموصل فتوجهوا إلى كركوك ودقوق والتون كوبري) اهـ وكان المؤلف عائشاً في أواخر القرن التاسع للهجرة على ما كان بينه حضرة الأب صاحب المجلة فيها وبينته فيها أيضاً في مقالة العمارة والكوت. واقدم عهداً من كل ذلك ما جاء في كتاب (ظفرنامه) بالفارسية لشرف الدين علي اليزدي الذي كان من رجال النصف الاول من القرن التاسع للهجرة وقد أنجز كتابه في سنة 828 هـ (1424م) على ما في قاموس الأعلام. فانه قال ما معناه: (فتوجه العلم الذي شعاره النصر بضمان الله وحفظه وتأييده إلى بغداد بطريق آلتون كوبري) اهـ. والظاهر أن الجسر لم يكن صالحاً للعبور عليه في سنة 1038هـ (29 - 1628م) فقد جاء في كلشن خلفا مل ملخصه (ص 75 من المطبوع) أن خسرو باشا هيأ في الموصل ظروفاً لعبور التون فعبره وخيم العسكر المنصور في شهرزور. فيجوز أن الباشا أراد العبرة في موضع غير موضع الجسر فاحتاج إلى ظروف (للاكلاك) وإذا فرضنا أن عبرته كانت في موضع الجسر فيمكن أن يقال أن السلطان مراد حينما جاء إلى بغداد - وذلك عبرة الباشا ببضع سنوات - رأى الجسر منهدماً فأمر ببنائه. فهمنا سماع الأب أن قنطرتي (التون كوبري) من أبنية السلطان مراد وكذلك قالت سالنامة الموصل وقد روت كلامها بصيغة لا تبقي مجالا للشك في أن الجسر من أبنية السلطان المار كأن ذلك حقيقة تاريخية راهنة مع أن كلشن أيضاً (ص 129 من المطبوع) يخبرنا في حوادث سنة 1129هـ (1716م) أي بعد مجيء السلطان مراد إلى بغداد بنحو ثمانين سنة بما تعريبه ملخصاً: (فصل: ومما وفق له الوزير المشار إليه (حسن باشا والي بغداد) من عمل الخيرات الكثيرة انه عرض على الدولة أن الجسر القائم على النهر المعروف

المشهور ب (التون صو) الواقع بين الموصل وكركوك قد خرب فتعسر المرور والعبور هناك وطلب من الدولة تجديده فقبل السلطان بذلك وأمر بأن ينفق عليه من مال الدولة فشرع الوزير بتجديده فكان الجسر بسعيه محكماً طولاً وعرضاً ومتيناً في عمارته وعين عليه أميراً فأضحى مأوى لجميع الرعايا ومأمناً لأبناء السبيل مع سهولة المرور) اهـ. وهذا الكلام لا يبقى ريباً في أن الباشا جدده تجديداً ولو كان فعله فيه ترميماً لما احتاج إلى مراجعة الآستانة لصرف نفقات لابد أنها كانت طائلة. فكلام السالنامة ليس بصحيح يخطئه هذا المؤرخ المعاصر. وجاء مثل ذلك التعبير واستعمال الألفاظ نفسها في حديقة الوزراء للشيخ عبد الرحمن السويدي وفي مختصرها لسليمان الدخيل فانه قال: (فصل: ولم يزل الوزير (حسن باشا) له توفيق لعمل الخيرات والمبرات وبناء المساجد والرباطات فقد عمر قنطرة الطون صويى بعد خرابها. وهذا الماء بحدة بين الموصل وكركوك. وجعل فيها عمارتها مأوى لأبناء السيل وعين من الرعية الجمع الكثير لما يقوم ببعض حاجات العابرين هناك) اهـ ولا بد أن الشيخ السويدي نقل عن كلشن خلفا إذ أن البناء كان في سنة 1129هـ على رأينا ولم يكن عمر الشيخ السويدي إذ ذاك إلا بضع سنوات فان ولادته كانت في سنة 1134هـ (1721م) على ما في هذه المجلة (2 (12 - 1913): 278) وغيرها. ويدعي ايفس في رحلته (ص 315) - وقد مر بالتون كوبري في حزيران سنة 1758م (1172هـ) - انه روي له أن الجسر من أبنية النصارى القدماء الذين كانت المدينة تعود إليهم ومع أني لا اعتقد صحة ما رواه فإني ارجع أن الجسر من الأبنية المتقدمة على زمن السلطان مراد إذ لو كان له لما نسب إلى غيره في زمن ايفس ولم يكن قد مر إلا نيف وقرن واحد على زمن السلطان فلم يكن قد نسي بانيه ويجوز انه للسلطان مراد وألم يذكر التاريخ بناءه إياه. ولا أقول في عجالتي هذه أني استقصيت البحث إذ لا بد للمنقب أن يجد غير ما أوردته. يعقوب نعوم سركيس

لواء السليمانية

لواء السليمانية 1 - توطئه ليس بين العراقيين من لا يتذكر المآسي والحروب الدامية التي وقعت في هذا اللواء في السنوات الماضية: بين الجيش العراقي والعصاة الذين كانوا يحاربونه، ويعادونه اشد العداء، ويهاجمونه من حين إلى آخر، بتأثير الدسائس الأجنبية. وليس بيننا اليوم من ينسى حالة السكان يومئذ، وحالة المدن والقرى فان الشيخ محموداً كان قد سلبهم هناءهم، ومظالمة أقضت مضاجعهم، وخربت ديارهم، ولكن الجيش العراقي الباسل، تمكن في الأخير من تمزيق شمل العصاة الطغاة الذين كدروا الأمن في هاتيك الديار مدة من الزمن، وقضت الحومة على جميع الحركات والتمردات، وباشرت تنظيم الإدارة في هذا اللواء، وإقامة قسطاس العدل بن الاهلين، وهي اليوم جادة في تعمير القرى والمدن، التي خربت أو اضمحلت. بنتيجة تلك الاضطرابات. وعساها أن توفق لإعادة العمران إلى ما كان عليه سابقاً. وأراضي هذا اللواء صخرية إلا أنها خصبة جداً، وثم عدة جبال بين صغيرة وكبيرة، وتتخلل مدنه وقراه الكثيرة، انهار ونهيرات عديدة، تتفجر مياهها من العيون المبثوثة في جميع أنحاء اللواء، وإذا جاء الربيع كسا السهول والجبال والوديان حلة خضراء فلا جميلة فلا تقع العين إلا على منظر سندسي ومروج نضرة غن. وهواء اللواء في الشتاء بارد قارس، وفي الصيف معتدل لطيف، وتتساقط الثلوج فوق الجبال أيام الشتاء فيذخر الاهلون بعضها للصيف، وعندئذ يكونون في غنى عن الثلج المصنوع المستعمل للتبريد. 2 - تنظيمات اللواء الإدارية يتقوم لواء السليمانة من قضاءين مهمين هما 1 - قضاء حلبجة و 2 - قضاء شهربازار ومن سبع نواح مرتبطة بمركز اللواء رأساً. أما مركزه فبلدة السليمانية ذات المناظر الطبيعية الخلابة والأشجار الخضر

والمروج الغن وذات المركز التجاري الخطير. وليس في ديار الكرد في العراق بلدة تماثلها، بكثرة الحاصلات، وسعة التجارة، وخطورة المركز وبداعة المنظر. والمشهور أن سليمان باشا البابان هو الذي أمر بإنشائها في عام 1197هـ 1782م إذ جعلها إمارته، إلا أن معلمة الإسلام تذكر بان إبراهيم باشا هو الذي أمر ببناء هذه المدينة، عام 1199هـ 1784م. إكراماً لوالي بغداد. عام 1780 إلى 1784، وهو بيوك سليمان باشا، فنسب إلى الوالي، وكانت السليمانية في بادئ الأمر قرية صغيرة حقيرة فلما شرع الباشا يقيم فيها المباني الشاهقة والصروح الفخمة. تبعة الاهلون في ذلك فلم تزل في تقدم حتى بلغت درجة عنيت بها الحكومة وجعلتها متصرفية. وهي اليوم بلدة جسيمة فيها صروح عالية. وثكنات عسكرية كبيرة، وجادات مبلطة، ودور حسنة وأسواق تناسب أهميتها، ومتنزهات بديعة جداً، ومجالس انس تأخذ بمجاميع القلوب، وجوامع كبيرة وتكايا كثيرة تقام فيها الصلاة والطرائق الدينية المعروفة في هاتيك الديار. 3 - موقعها وهواؤها ولغة أهاليها وتقع بلدة السليمانية في وسط سلسلة من الجبال، متصل بعضها ببعض وهي تبعد عن شرقي كركوك 76 ميلاً. وهواؤها جيد جداً إلا انه يشتد في موسم الشتاء حين تكسو الثلوج قمم الجبال المحيطة بجميع أطرافها. ويقاوم الاهلون البرودة بمواقد مقفلة، يشغلون فيها الخشب الذي يكثر في هذا اللواء. أما في الصيف فالهواء لطيف معتدل. والمياه اجري فيها منحدرة من الجبال والعيون منتشرة هنا وهناك. ولغة البلدة الكردية بالطبع، إلا أن فيها جماعة كبيرة تحسن التكلم بالعربية لاختلاطها بالمدن العربية، وتعاطيها البيع والشراء مع الأعراب. وقد نبغ فيها جماعة من العلماء الاعلام، والشعراء الكبراء والفقهاء الإجلاء، واللغويين المقتدرين، والقواد العظام، حتى تدرج بعضهم إلى مناصب الحكومة الرفيعة. واكتفى بعض المتدينين بما حصل عليه من ورع وتقى. 4 - حاصلات المدينة وحاصلات المدينة وضواحيها اكثر من أن تعد لان معظم سكانها مولع

بالزراعة والفلاحة، ورعاية الماشية وجميع بساتينها مملوءة بالأشجار الكثيرة: ذات الفواكه والأثمار اليانعة. ومما يؤسف منه أن الزراعة في اللواء لا تزال على الطريقة القديمة، ومع ذلك ترى غلاته مما يفتخر بجودتها، وزراعة التبغ مقدمة فيها وصادراتها كثيرة جداً. أما حاصلاتها الجبلية فهي: العنب، الرمان الفستق، التين، الجوز، اللوز، البلوط، الكمثري الفاخر، وغير ذلك من المحاصيل الجبلية المعروفة. وأما العسل الذي يجنى في هذه البلدة وفي القرى المجاورة لها، فلا نظير له في الدنيا. وسكانها يعملون للنحل خلايا صناعية (كوائر) يركن إليها النحل ويصنع فيها الشهد فإذا صار الشتاء باشر الناس جمعه على الطرق الفنية المتبعة عندهم وهي غريبة لم تألفها الأمم المتمدنة. وسكان السليمانية المسلمون شديدو التمسك بطريقتين معروفتين في العراق هما: الطريقة النقشبندية (نسبة إلى الشيخ خالد النقشبندي) والطريقة القادرية (نسبة إلى الشيخ عبد القادر الجيلي) وقد أخذوهما عن الشيخ كاكا احمد المعروف ولهاتين الطرقتين قوانين وآداب لا يتعدونها. وفي البلدة شرذمة من اليهود تتعاطى التجارة والصياغة، وفيها طائفة مسيحية قليلة العدد. والصناعة هناك خاملة إلا أن سكانها ينحتون من الخشب ملاعق وصحوناً وأواني لطيفة جداً. ويتعاطى بعضهم صناعة الأدوات الحربية لاحتياجهم الشديد اليها، بحكم بلدهم الجغرافي، وليس في البلد ماء يجري على وجه الأرض، لأن كثرة العيون والكهاريز فيها تغني أهلها عن الأنهر الجارية. وقد سبق تعريف الكهاريز في بحثنا عن لواء اربل. فليرجع إليه من احب ذلك. 5 - نواحي مركز اللواء قلنا فويق هذا أن النواحي الملحقة بمركز لواء السليمانية سبع، والى القارئ تأتي أسماؤها مع أبناء مختصرة عنها: 1 - ناحية بازيان ومركز قرية تاينال التي تبعد عن غربي السليماينة 22 ميلاً وهي قرية متوسطة فيها مركز للشرطة ودار إمارة. 2 - ناحية قرة طاغ ومركزها القرية المسماة باسمها والتي تبعد عن جنوبي مركز اللواء 26 ميلاً وهي عامرة وفيها بنايات مهمة، وصرح جليل للحكومة،

وادؤر لا باس بعمرانها. 3 - ناحية سورداش شمالي ومركزها قرية سورداش التي تبعد عن الشمال الغربي لبلدة السليمانية 37 ميلاً وهي متوسطة. 4 - ناحية سورداش جنوبي ومركزها قرية قرة جتان الواقعة في اسفل جبل بيرة مكرون والتي تبعد عن الشمال الغربي لمركز اللواء 23 ميلاً، وهي قرية كبيرة، فيها مبان عامرة، ودار إمارة جسيمة، وحوانيت مهمة كثيرة ومخفر للشرطة محكم. 5 - ناحية تنجرو، ومركزها قرية (عربد) التي تبعد عن مركز اللواء 20 ميلاً في شرقية الجنوبي وهي قرية كبيرة أيضاً لا تقل عن قرية قرة جتان من حيث الأهمية والعمران. 6 - ناحية سرجنار، ومركزها قرية (بابا كيلدي) - وهذا لفظ تركي معناه جاء أبي - التي تبعد عن الغرب الشمالي للسليمانية ستة أميال، وهي قرية صغيرة. فيها مخفر للشرطة، وبالقرب منها شلالات مائية عظيمة، وجنائن بديعة. فيها المروج الخضر، والأثمار اليانعة، وهي من متنزهات السليماينة، ومن الطف مصايفها، وقراها وكثيراً ما يصطاف فيها الناس. 7 - ناحية سروجك، ومركزها قيرة (كيل دره) التي تبعد عن شرقي مركز اللواء 32 ميلاً، وهي قرية متوسطة، فيها مبان قليلة. وتقرب منها قرية جسيمة يقال لها (برزنجة)، وقد كانت دار علم مشهورة في ديار الكرد. وينسب إليها بعض الأفاضل. وفي كل ناحية من هذه النواحي السبع، دار إمارة مناسبة لأهميتها، إلا مركز ناحية (سروجك) فان صرح الحكومة فيها فخم جداً لأهميتها الجغرافية. وتتبع كل من هذه النواحي قرى عديدة، بين كبيرة وصغيرة. وسكان هذه القرى يمتهنون الزراعة والفلاحة وتربية الماشية. والطرق بينها جيدة نوعاً ما ولبعضها مناظر طبيعية تأخذ بمجامع القلوب. 6 - قضاء حلبجة (حلبجة) قصبة واسعة، واقعة في سهل مترامي الأطراف، ويقيم فيها

رئيس قبائل الجاف الكردية، وهي تبعد عن الشرق الجنوبي لبلدة السليمانية 56 ميلاً. وفيها بيوت عديدة لا يختلف طرز بناءها عن بقية القصبات المبثوثة في كردستان، إلا أن بعضها حديث الانشاء، وموافق للصحة، ومعظمها مبني باللبن وما بقي منها مشيد بالحجارة. والطريق إليها وعرة. وتقرب منها قرية جميلة يقال لها: (قرية غيابيلي) وهي كلمة مخففة من (أبي عبيدة) وأبو عبيدة هذا هو أبو عبيدة الجراح المشهور. وقد كان هذا القضاء منعوتاً بقضاء كل عنبر (بالكاف الفارسية) وهو اليوم موطن لعشائر الجاف الكبيرة المشهورة. للقضاء أربع نواح وهي: 1 - حلبجة - 2 - خورمال - 3 - بنجوين - 4 - دار ماوة. فالناحية الأولى مركزية أي يقيم مديرها في مركز القضاء، وتراجعه فيه العشائر التابعة لهذه الناحية. والناحية الثانية تبعد عن مركز القضاء ستة أميال إلى شرقية الشمالي ومركزها القرية المسماة باسمها. والناحية الثالثة بنجوين (بالباء المثلثة التحتيتة) وقد كانت حصن الشيخ محمود المنيع لأنها جبلية ومحكمة وقد دارت فيها معارك هائلة بين الجيش العراقي الباسل واتباع الشيخ المذكور وقد احتلها الجيش العراقي في 23 نيسان 1927 بعد أن سلم الشيخ محمود نفسه إلى الحكومة. وهذه القرية مركز لناحية بنجوين وتبعد عن شرقي مركز القضاء 28 ميلاً. وفيها قصر فخم جداً للحكومة. وأما الناحية الرابعة فهي دار ماوة ومركزها قرية (جبتة) التي تبعد عن غربي حلبجة 19 ميلاً. وجميع هذه النواحي والقرى التابعة لها، لا تختلف عن بعضها من حيث هندسة البناء وعدد النفوس. ومهنة السكان، ويديرها مديرون تعينهم وزارة الداخلية، أما رأساً وأما باقتراح من المتصرف المختص بتلك الديار. 7 - قضاء شهر بازار تقع قرية (جوارتا) (بجيم فارسية) التي هي مركز هذا القضاء، إلى

الشمال الشرقي لمركز اللواء 28 ميلاً، وهي جالسة على سفح جبل (جوارتا) الذي يعلو سطح البحر 4. 200 قدم. وفيها صرح فخم للحكومة، وعدة بيوت ومقاة وتقرب منها قرية تاريخية يقال لها (قلعة جولان) وقد كانت مركزاً للحكم الباباني، قبل أن تعرف السليمانية: وقبل أن يتركها سليمان باشا بابان. وقضاء شهر بازار قضاء خامل الذكر. والذي يعرف عن سكانه انهم يعنون بزراعة الكرم، والأرز، والتبغ، والأشجار المثمرة. وله ناحية واحدة يقال لها ناحية (ماوت) (بفتح الواو فتحاً بآماله) وهي تبعد عن غربي جوارتا 18 ميلاً وعمرانها أوسع من عمران مركز القضاء. 8 - معلومات عامة عن اللواء 1 - (الجبال) تحيط بلواء السليمانية سلسلة جبال اشهرها: جبل (بيرة مكرون) (والكاف فارسية) المنعزل، والذي يعلو عن سطح البحر بنحو 9. 000 قدم. ويليه في الأهمية جبال (سورداش) و (بشدر) و (كويز) (بالتصغير والتأنيث والكاف الفارسية) ثم جبل (هاورمان) وجبال (بنجوين) وجبل (قرة داغ) (أي الجبل الأسود) وجبل (سكرمة) (بالكاف الفارسية) الذي يفصل لواء كركوك عن لواء السليمانية وتخزن الثلوج طول الشتاء - في جبل (بيرة مكرون) (الباء والكاف فارسيتان) وهي ارفع جبال تلك الأرجاء - لتستعمل في الصيف. 2 - (الأنهار) تجري في هذا اللواء انهار كثيرة بين صغيرة وكبيرة، وتتكون مياهها من الينابيع العديدة المتفجرة في الجبال والوديان. واشهرها وادي تاينال الذي ينشأ منه طاووق جاي، ثم نهر (تانجرو) الذي هو أحد فروع ديالى ونهر (قشان) أحد فروع الزاب الصغير ونهر (الظلم) الذي ينبع من قرية تعرف باسمه. ويجري باستقامة في صحراء واقعة في جنوبي شهرزور ثم نهر (ديوانه) الذي يتفجر في جبل (سكرمة) المار ذكره وهو من فروع ديالى أيضاً. 3 - (العشائر) أهم العشائر في لواء السليمانية: الجاف، والهماوند،

أرض السليمانية في التاريخ القديم

والهاورمان، والقسم الأخير قسم من الهماوند ولفظة الهماوند ومنحوتة من (هماوي لوند) الفارسيتين ومعناها: الجند الملكي وهذا يدل على انهم كانوا في الأصل جنوداً ثم خرجوا على دولتهم فطردتهم. 4 - (الحاصلات) أهم نتاج هذا اللواء الجبلي: التبغ فانه ينمو بكثرة وهو مدار العيش في تلك الربوع بعد الحبوب، ويليه في الدرجة والأهمية الحبوب بأنواعها، فالعفص، فالكثيراء، فمن السماء، فالصمغ، فالجوز، فاللوز، فالبندق، فالرمال، فالعنب، فالعسل، وغير ذلك من المحاصيل الجبلية المعروفة. السيد عبد الرزاق الحسني أرض السليمانية في التاريخ القديم (لغة العرب) نزيد على ما تقدم من الفوائد ما جاء في معلمة الإسلام في مادة (السليمانية) ما هذا معناه: (كانت أنحاء السليمانية معروفة منذ اقدم الأزمنة ولا بد أن يكون جبل نصر (بكسرتين) (وفي اللغة الليلة: كنبة) (بكسرتين) الجبل الذي وقف عليه سفينة جلجمش في عهد الطوفان على رواية العلواء البابلية واسم هذا الجبل اليوم (بير عمر كدرون) (بباء وكاف فارسيتين) وأنحاء السليمانية تنظر إلى ما كان يسميه الأقدمون ديار زموة التي كان سكانها القوم المسمى للو (بضم اللام الأولى وتشديد اللام الثانية المضمومة أيضاً) وكانت تخومها من جهة الجنوب في المختنق البابي (المسمى اليوم بازيان) وفي سنة 880 قبل الميلاد اخضع (أشرنا صربل) جميع ملوك زموة وكان في دربند كور (في شمال قرة طاغ) نصب يظهر انه اثر من ملك للوي. ويذكر برزوزوسكي لوحاً محفوراً قديماً عند مدخل مضيق الدربند حيث يفتح الزاب الأصغر لنفسه في أقصى الشمال الغربي من ارض السليمانية. ويذكر هرتسفلد أخربة في سينك في قضاء سيروجيك. وفي سنة 754 ق. م نقل تجلب فلسر الثالث ارميين إلى مزموة (مات زموة) وكانت سكناهم في شمالي الجزيرة. ومنذ العهد الساساني يرى في الطرف الجنوبي الشرقي من ارض السليمانية الأثر الشهير المعروف باسم (باي كولي) (بالباء المثلثة التحتية) وفي تاريخ الكنيسة السريانية (كذا والصواب الارمية) كانت

تذنيب في تخطئة معلمة الإسلام

أنحاء السليمانية جزءاً من ابرشية بيت جرماي. وتاريخ ارض السليمانية في العهد الإسلامي يختلط بأرض شهرزور واستقلال السليمانية استقلالا بين التام وغير التام دام من المائة الحادية عشرة إلى المائة السابعة عشرة أي إلى سنة 1267 للهجرة أو 1850 للميلاد. تذنيب في تخطئة معلمة الإسلام كثيراً ما خطأنا هذه المعلمة في ضبط الأعلام. ومن الأوهام التي وهمتها في هذه المقالة (مقالة السليمانية) ضبطها ديالى بتشديد الياء أي والصواب بتخفيفها أي وضبط العظيم (المصغر وبالتعريف) هكذا: أي بحرف منقوطاً من تحت الإشارة انه (عضيم) بفتح العين والضاد وبلا أداة التعريف. وهو لا يوافق وزناً من الأوزان العربية فهو إذن غلط واضح. والصواب ولم نجد أحداً من الترك أو الغربيين أصاب في كتابة اسم هذا النهر إذ الكل وهم فيه. ومن غريب ما تصرف الغربيون في كتابته أن كثيرين منهم كتبوه أو رسموه هكذا فلما قام الترك ورسموا الخرائط لديارهم ومن جملتها العراق نقلوا اسامي المدن عن خرائط الإفرنج من غير أن يحققوا بأنفسهم تلك الاسامي. فكتبوا العظيم هكذا: (الأدهم) جرياً على قراءة الاسم بالصورة الإفرنجية. ولما وقعت الحرب لم يجدوا هذا النهر ولا من يسميه بالأدهم، فعرف العراقيون بعد ذلك أن قواد الترك يريدون (العظيم) بالتصغير وبالظاء المشالة المعجمة. ومن غيوب معلمة الإسلام الشائعة أن أصحابها لا يجرون على وجه واحد في رسم ياء النسبة والياء المشددة والياء الخفيفة والمكسورة ما قبلها. فقد خبطوا في ضبط هذه الأعلام خبطاً يجل عن الوصف. ولو رسموا بجانب الحرف الإفرنجي اسمه بالحرف العربي لما وقعوا في تلك المهاوي العديد. فعسى أن ينتبهوا إلى هذا الأمر المهم. ويصلحوا ذلك في آخر المعلمة وهو الهاوي إلى الحق.

نظرة في المقاومات العراقية

نظرة في المقاومات العراقية (لغة العرب) ننشر المقالة التالية لحضرة الورتبيت نرسيس صائغيان، وقد اقتبس معظم ما فيها من الإفادات من والده المرحوم يوسف انطون يغيا، الذي ترجمناه في مجلتنا (7: 753)، ولم نتمكن يومئذ من أن نجد رسمه، وإذ عثرنا عليه ننشره اليوم في آخر هذا المقال بصدد هذا الموضوع. توطئة كان الغناء في أيام جاهلية العرب، وقبل اختلاطهم بالروم والفرس واليونانيين في منتهى السموحة والسذاجة. وكذلك قل عن أدوات اللهو فأنها كانت هي أيضاً قليلة وبسيطة. أما بعد الإسلام فان السلف اتخذوا أصول الغناء من الأمم المذكورة التي كانت تخالطهم وتمازجهم، فارتقى فن الإيقاع فبلغ اوجه في بغداد في عهد العباسيين، حتى أن الترك اقتبسوا ألحانهم الشجية من المواضيع الموسيقية التي وضعها إسحاق بن إبراهيم المغني الشهير في عهد المهدي والرشيد. وقد بقيت هذه الصناعة، صناعة الغناء في بغداد، حتى أيام التتر ثم انتقلت إلى حلب، ومنها إلى ديار مصر. أما في ربوع العراق فان نظامها ارتبك بعد

ذاك، لأنه دخلها كثير من الألحان الفارسية والتركية. فامتزجت بها، وهي التي تسمع اليوم غالباً. الغناء العراقي العصري إن النوبة - وتسمى في العراق: الجالغي والجاغلي المحرفة عن التركية جالغي - تتقوم من قارئ (أي أستاذ في الغناء) وسنطور، وكمانة (كنجه) ودف ودنبك (دربكة) ومن مدة غير بعيدة، اخذ البغداديون يستعملون (قانون) بدلا من النطور أو بطريق المناوبة. وبعض الأحيان يرافق (القارئ) مغن أو مغنيان للمساعدة. وكان (الجاغلي) يبتدئ بلحن يسمونه (بجرو) والكلمة مصحفة عن (بيش رو) الفارسية ومعناها (المقدمة أو الفاتحة) وبعد البيش رو يبتدئ (القارئ بالقراءة) (أي المغني الأستاذ بالغناء الفني). وأول مقام يبتدئ به يكون عادة (البيات) والترك يسمونه (بياتي). والأرجح أن الكلمة مأخوذة من العشيرة المسماة بهذا الاسم وهي خليط من ترك وكرد وعرب. أو من الأرض التي يسكنونها وهي واقعة في أنحاء جبل حمرين في العراق. وقد اشتهر هؤلاء الناس بصوتهم الرخيم وبغنائهم. وكان منهم في العهد الأخير (شلتاغ) و (احمد زيدان) وفي ختام كل مقام ينشد المغنون أغنية يسمونها (بستة) والكلمات فارسية. وكلام البستة تركي أو عربي وبعد البيات يقرأ المقام المدعو (ناري) وبعد الناري غيره من الالحان، نعددها الآن بقدر ما تحضرنا: 3 - محمودي. ولعله مسمى باسم واضعه.

4 - سيكاه (بالكاف الفارسية) والكلمة فارسية مأخوذة من النغمة الثالثة من الديوان الموسيقي. 5 - إبراهيمي، ولعله منسوب إلى إبراهيم بن ماهان الموصلي المغني الشهير في عهد العباسيين أو إلى غيره ممن كان اسمه إبراهيم. 6 - راست. والكلمة فارسية معناها المستقيم، وكان الفرس يبتدئون ديوانهم براست ويندمج فيه مقام آخر اسمه بنجكاه. والكلمة فارسية أيضاً ظاهرة المعنى أي الخامس في مقامه والعراقيون يلفظون الراست: (رست) أي بلا ألف. 7 - منصوري. ولعله منسوب إلى منصور بن جعفر المغني الشهير، وكان بغدادياً في أيام العباسيين أو لعله نسب إلى غيره وكان منصوراً ممن اشتهر بغناء. والترك يسمون هذا المقام منصور بحذف ياء النسبة. 8 - نوى وهو اسم معرب، وقد ذكرته الكتب الموسيقية. 9 - شرقي دوكاه. ودوكاه فارسية معناها الثاني في مقامه. 10 - شرقي اصبهان (بفتح الهمزة والباء). 11 - مخالف. بفتح اللام ونجهل سبب تسميته. 12 - عريبون عجم (بفتح العين وفتح الراء وسكون الياء يليها باء مضمومة فواو ساكنة فنون) والترك يسمونه أعربون عجم بزيادة ألف في الاول. 13 - عريبون عرب والترك يسمونه اعربون عرب. 14 - صبا وهو اشهر من أن يذكر.

15 - كلكلي (بكافين فارسيتين مضمومتين واللام الأولى ساكنة والثانية مكسورة) والكلمة تركية معناها وردي. 16 - دشت (بفتح الراء وسكون الشين المعجمة وفي الآخر تاء) والكلمة فارسية (5). 17 - عجم عشيران (وعشيران بالتصغير). 18 - مثنوي، ولعلها منسوبة إلى المثنى (5). 19 - جركاء (وهي الجيم المثلثة الفارسية والكاف الفارسية) وهي تصحيف أو تخفيف جهاركاه أي الرابع في مقامه. 20 - ماهور، وبعضهم يقول خطأ (ياهو). 21 - أوج وهو مذكور في كتب الفن. 22 - حسيني (التغير والنسبة). 23 - حجاز ديوان. 24 - حجاز آجغ (آجق بالتركية أي صريح). 25 - حجاز شيطاني. 26 - بهرزاوي. وهو منسوب نسبة عالية إلى بهرز من قرة بغداد. 27 - حديدي وهو منسوب إلى بيت الحديد الشهير في بغداد على ما يرجح لي. 28 - حكيمي وقد وضعه أحد أفراد بيت السيد عبد الباقي الحكيم البغدادي وكان أهل هذا البيت يزاولون الطبابة والموسيقى في القرن الماضي وكانوا يصفون الطرب واللهو لمداو عدة أمراض.

29 - خراباتي. عبارة هذا المقام فارسية. 30 - راشدي. لعل اللفظة رشتي ورشت من مدن ديار إيران. . 31 - حليلاوي (بالتصغير والنسبة) ولعلها منسوبة إلى الحلة المصغرة. وهذه النسبة على الطريقة العامية العراقية العصرية. إذ يقولون حلاوي وبصراوي ومكاوي في النسبة إلى الحلة والبصرة ومكة. 32 - باجلان. ولعله منسوب إلى باجروان من قرى العراق أو إلى أهلها بعد أن صحف الكلمة. 33 - خلوتي هو مقام صوفي منسوب إلى أهل الخلوة من المتصوفة وعبارته دينية. 34 - طاهر أو زنكنة (بفتح الزاي والكاف والنون والكاف فارسية) ولعل الزنكنة تسحيف زركولاه وهو أحد المقامات المعروفة في الموسيقى العربية السورية ولعله الذي يسميه الترك زير كوله والعرب المولدون زنكولة. 35 - كاول. هو فارسي العبارة. 36 - جبوري. ربما كل منسوباً إلى عشيرة في نواحي بغداد. وكتبه أ. كاظم. (أجبوري) بألف في الاول وهو غلط. 37 - اوشار (والهمزة مضمومة ضماً مفخماً مهماً). 38 - تبريزي. لعله منسوب إلى تبريز من مدن إيران. 39 - سعيدي. لعله منسوب إلى أحد الرجال المعروفين بغنائهم. 40 - عمر كلي (وعمر كزفر، وكلي بكاف فارسية مضمومة ولام مكسورة) وهو مستعمل في الموصل. 41 - بختيار. مقام مستعمل في كردستان والموصل وبغداد. 42 - مقابل (الباء مفتوحة). واكثر استعماله في الموصل. هذا فضلاً عن بعض مقامات تركية أو فارسية أو كردية، نذكر منها: 43 - خوريات وهو مستعمل في كركوك. 44 - بشيري. لعله منسوب إلى قرية بشير في العراق.

45 - أرفا. وهو من اسم المدينة المشهورة المعروفة سابقاً بالرها، ولعله المسمى عند الغير بالرهاوي وعند الفصحاء بالراهوي. 46 - آيدين. وهو من أسماء مدن ديار الأناضول. 47 - قطر (بالتحريك) وهو مقام كردي. إلى غير ذلك مما لا تحضرنا أسماؤه. ودونك الآن تلك المقامات مرتبة على حروف الهجاء: آيدين - إبراهيمي - أرفا - أوج - اوشا - باجلان - بختيار - بشيري - بهرزاوي - بيات - تبريزي - جبوري - جركاه - حجاز آجغ - حجاز - شيطان - حديدي - حسيني - حكيمي - حليلاوي - خراباتي - خلوتي - خوريات - راست - راشدي - زنكنة وهو طاهر - سعيدي - سيكاه - شرقي اصبهان - شرقي دوكاه - صبا - طاهر وهو زنكة - عجم عرب - عجم عشيران - عريبون عرب - عمر كلي - قطر كابول - كلكلي - ماهور - مثنوي - محمودي - مخالف - مقابل - منصور - ناري - نوى. وبين هذه المقامات ما هي أصلية وتسمع في عدة بلدان من البلاد الشرقية أي في ديار العرب والفرس والترك، وهي: الرست، والصبا، والأوج، والعجم، والنوى، والبيات، والماهور، والحسيني، والسيكاه، والحجاز. وما عددناه من غير ما ذكرناه هنا، هو في الغالب من وضع العراقيين أو من الأقوام المجاورة لهم. وكل ما تينا عليه هنا هو بمنزلة (فكرة) لا بمنزلة مقالة كاملة العدة. ولذا نرجو ممن يطلع عليها وله خبرة بهذا البحث أن يضع ما يكلمها أو يصلح أودها وقد كتب بعضهم في صحف بغداد ما يتعلق بهذا الموضوع، إلا انهم لم يتموه أو لم يوفوه حقه من التفصيل، والتدقيق، والتحقيق. الورتبيت نرسيس صائغيان

نقد لسان العرب

نقد لسان العرب - 2 - 38 - وقال عبد العزيز الميمني في ص 149: (وقال أبو محمد الأموي: شطأت البعير بالحمل: أثقله وهذا خلاف ما هنا). قلنا: لم ندرك سر هذا التعليق فق قال في اللسان (وشطأه بالحمل شطئاً: أثقله) والضمير بمكان البعير. 39 - وفي ص 151 ورد: (حتى كأنه قال المثناء: المبغض، وصيغة المفعول لا يعبر بها عن صيغة الفاعل) قبل مصحح الطبعة الأولى: (لعل المناسب: لا يعبر عنها بصيغة الفاعل) قلنا: ليس هذا بمناسب بل هو خطأ لان المعبر عنه (المثناء) فاعل الشنآن والمعبر به (المبغض) مفعول من الإبغاض فلا يجوز أن يعبر بصيغة لمفعول (مبغض) عن صيغة الفاعل (مثناء) وقد عثر من لم يتدبر. أما الاعتراض فواقع على أن (مفعالا) صيغة للفاعل فلا ينبغي أن تستعمل للمفعول، هكذا ادعى العلماء وتحقيقاً أن (مفعالاً) قد يكون بمعنى (ذي كنا) لا بمعنى فاعل دائماً كالمحواج ذي الحاجة والمذكار ذات الذكر والمئناث ذات الاناث، ولذلك يأتي بمعنى (المفعول) كالمحلال أي المحلول والميتاء أي المأتي والمثناء أي المثنوء كما أن فعولا أتى للمفعول كالشروب للمشروب والركوب للمركوب وغير ذلك. 40 - وورد في ص 156: (واجمع البصريون أن تصغير أصدقاء أن كانت للمؤنث: صديقات (كذا بتسكين المخففة) وأن كان للمذكر صديقون (كذا بتسكين الياء المخففة) مع أن تصغير (فعيل) على (فعيل) بياء مشددة مكسورة ما لم يكن مثل (علي) و (عدو) إذن فالصواب: أن تشدد الياء وتكسر في (صديقات) و (صديقين) وليس المراد تصغير الترخيم حتى يستصوب المضبوط غلطاً. 41 - وجاء في ص 164 (قال الجوهري: هو مقلوب صأى يصئي مثل

رمى يرمي) قال مصحح الطبعة الأولى: كذا في نهاية والذي في الصحاح مثل سعى يسعى وكذا في التهذيب والقاموس) قلنا: قد ورد في ص 166 (صأى يصأى) أيضاً وكلاهما جائز لان من فتح عين المضارع راعى حرف الحلق ومن كسرها راعى الوزن الغالب على الأصوات أي كسر العين، فشبه الهمزة بالألف كما شبهوا الألف بالهمزة في (أبي يأبى). 42 - وورد في ص 167 قول قتيلة بنت النضر: (أمحمد ولانت ضن نجيبة) وفي الأغاني (1: 19) نسل نجيبة وفي وفيات ابن خلكان (1: 412) نجل نجيبة. والشاهد (الضن) فلا شاهد في روايتهما. 43 - وورد في ص 170: (وهم الطراء (كحكام) والطراء (كغبار)) كلاهما جمع طارئ والأخير صوابه: (طراء) كعقلاء والجموع التي على وزن (غبار) معروفة جاء في (2: 46 - 47) من المزهر منها (تؤام ورباب وظؤار وعراق ورخال وفرار ونذال وثناء وبساط وعرام وبراء وجمال وكباب) ومما لم يذكره (حذاق وأكال وقساء) ونت ترى أن (الطراء) ليس منها ولا مروياً. (ل. ع جمعنا منها 36 كلمة). 44 - وورد وراء تلك وراء تلك الجملة (ويقال للغرباء: الطراء وهم الذين يأتون من مكان بعيد أبو منصور: واصله الهمز من طرأ يطرأ) قلنا: هو (طراة) إذن لا (طراء) وإلا لم ينبه أبو منصور على انه من المهموز. فالطراة مثل (الصباة) جمع صاب والأصل الهمز، ويزيد قولنا حقاً قوله في ص 171 (وقد يترك الهمز فيه فيقال: طرا يطرو طرواً) وهذا ظاهر لأولي البصائر. 45 - وقال في ص 171: (إذا غلب الدسم على قلب الآكل فأتخم قيل طسى يطسأ طسئاً وطساء) قال مصحح الطبعة الأولى عن (الطساء) انه (على وزن فعال (بالفتح) في النسخ وعبارة شارح القاموس على قوله (وطسأ) أي بزنة الفرح، وفي نسخة كسحاب، لكن الذي في النسخ هو الذي في المحكم). قلنا: كلاهما مقيس كثير فالطسأ كفرح لا يحتاج إلى الدليل وأما (الطساء) كسحاب فمثل (أمن أماناً) و (بقي بقاءاً) و (بلي بلاءاً) و (بهي بهاءاً) و (خبل خبالاً) و (خسر خساراً) و (خفي خفاءاً) و (دهي دهاءاً) و (دفئ دفاءاً) و (رضع

رضاعاً) و (سمع سماءاً) و (سئم سأماً) و (سفه سفاهاً) و (سقم سقاماً) و (شقي شقاءاً) وضري ضراءاً) و (ضمن ضماناً) و (طري طراءاً) و (طعم طعاماً) و (عني عناءاً) و (عيي عياءاً) و (فرغ فراغاً) و (فني فناءاً) و (مل ملالا) و (نفد نفاداً) وما يصعب استقصاؤه فكلاهما جائز. 46 - وورد في ص 172 قول الشاعر: وبآمر وأخيه مؤتمر ... وممل وبمطفئ الجمر فقال العلامة كرنكو (هذا البيت من شعر ينازع فيه نسبه صاحب اللسان مادة أمر إلى شبل الأعرابي ولعله هو الصواب) قلنا: ورد في مادة (ع ج ز) من مختار الصحاح قول الجوهري (وأيام العجوز عند العرب خمسة أيام: صن وصنبر وأخيهما وبر ومطفئ الجمر ومكفئ الظعن. وقال أبو الغوث: هي سبعة أيام وأنشدني لابن احمر: كسع الشتاء بسبعة غبر ... أيام شهلننا من الشهر فإذا انقضت أيامها ومضت ... صن وصنبر مع الوبر وبآمر وأخيه مؤتمر ... ومعلل وبمطفي الجمر ذهب الشتاء مولياً عجلاً ... وأتتك واقدة من النجر فالبيت الذي نسبه في اللسان إلى أبي شبل الأعرابي منسوب إلى ابن احمر عند الجوهري، والبيت الاول من هذه الأربعة نسب في اللسان بمادة (ك س أ) إلى أبي شبل أيضاً، أما ابن احمر فالظاهر لنا انه (عمرو بن احمر) من أصحاب المشوبات في جمهرة أشعار العرب فلا تغفل. 47 - وجاء في ص 174 (وهو اقل الدواب صبراً من العطش) والصواب (على العطش) لان العطش مما يصبر عليه لا مما يصبر عنه. 48 - وجاء في ص 175 عن المسقوي والمظمئي (مهما منسوبان إلى المظمئ والمسقى مصدري أسقى ولظمأ) والصواب: مصدري سقي وظمي) ولو كانا كذلك لضمت الميم من (المقوي والمظمئ) وفاقاً للقاعدة العربية أن اشتقاق المصدر الميمي من الفعل غير الثلاثي على وزن اسم مفعوله. 49 - وورد فيها: (ولا تعرض إلى ذكر تخفيفه) والصواب (لذكر تخفيفه

إذ يقال: (تعرض له) ولا وجه لوضع (إلى) وضع اللام) ألا ترى انه لا يقال (قال إليه) ولا (نصح إليه) ولا (اكترث إليه) ولكن يقال: (نسب له) و (دعاه له) بوضع اللام موضع (إلى) للتخفيف. 50 - وورد في ص 182 (وحضر الأصمعي وأبو عمرو الشيباني عند أبي السمراء فانشده الأصمعي: بضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق ثم ضرب بيده إلى فرو كان بقربه، ويوهم أن الشاعر أراد فرواً، فقال أبو عمرو أراد الفرو، فقال الأصمعي: هكذا روايتكم) اهـ. قلنا: أن هذه الحكاية غير متسقة وفيها تكلف وقد نقلها السيوطي في (2: 224) من مزهره على هذا الأسلوب ولكنه نقل في ص 225 (ولعله لم يدر) ما نصه: وفي شرح المعلقات لأبي جعفر النحاس روى أن أبا عمرو الشيباني سأل الأصمعي كيف تروى هذا البيت؟. فقال: تنتر، فقال له أبو عمرو: صحفت إنما هو: تعتر. فقيل لأبي عمرو: تحرز من الأصمعي فانك قد ظفرت به. فقال له الأصمعي ما معنى هذا البيت؟. وضرب كآذان الفراء فضوله ... وطعن كإيزاغ المخاض تبورها ما يريد بالفراء ههنا؟ وكانوا جلوساً على فروة، فقال له أبو عمرو:: يريد ما نحن عليه. فقال له الأصمعي: أخطأت وإنما الفراء ههنا فرأ وهو الحمار الوحشي) اهـ. وأنت ترى الخلاف في الشطر الأخير بين الروايتين ورواه المبرد في 1: 225 من كامله مثل رواية في 2: 225 السيوطي فقف على ذلك. 51 - وجاء في ص 186 قوله: بهجل من قساً ذفر الخزامي ... تهادي الجربياء به الحنينا قال مصحح الطبعة الأولى: (بهجل: سيأتي في (قساً) عن المحكم: بجو) قلنا: كذلك في 3: 21 من كامل المبرد ففيه (بجور وفيه أيضاً (تداعى) بدلاً من (تهاوى). 52 - وورد في ص 189 قول الشاعر: (فلئن بليت فقد عمرت كأنني) والصواب: (لقد) لأن جملة (قد عمرت) جواب القسم لا جواب الشرط

فيمتنع تصديرها بالفاء قال تعالى في سورة هود: (ولئن أذقناه نعماء بعد ضراء مسته ليقولن) والقاعدة هي أنها إذا اجتمع شرط وقسم فالجواب للسابق منهما ما لم يتقدمها شيء محتاج إلى خبر فان تقدم فيجوز إذ ذاك الوجهان. ولينظروا إلى ص 422 من اللسان ففيه: لعمري لئن ريح المودة أصبحت ... شمالاً (لقد بدلت وهي جنوب) 53 - وجاء في ص 189 (في الأربعة اشهر) والصواب: (أربعة الأشهر) أو (الأربعة الأشهر) قال الجوهري في مادة (خ م س) من مختار الصحاح: (وتقول خمسة الأشياء وخمس القدور فتعرف الثاني في المذكر والمؤنث وتقول: هذه الخمسة الدراهم بجر الدراهم وان شئت رفعتها وأجريتها مجرى النعت وكذا إلى العشرة) وفيه رد على من يمنع الوصف بالجواهر من الجواهر ويؤيده قول الشاعر: (من هؤليائكن الضال والسمر) قال البغدادي في 1: 67 من الخزانة: (الضال: صفة اسم الإشارة أو عطف بيان) وقد جاز الوصف بالشجر فكيف لا يقال: (السكة الحديد)؟. 54 - وفي ص 193 (أنزله على نبيه - ص - كتاباً وقرأناً) بفتح القاف والوجه الضم. 55 - وجاء في ص 195 (وقال سيبويه: قرأ واقترأ بمعنى بمنزلة علاقرنه واستعلاه) والصواب (اعتلاه) ليقابل (اقترأ) وكلاهما على وزن (افتعل) وإلا لم تصح المماثلة. 56 - وورد في ص 196 (وجمع القراء: قراؤون وقرائي) فعلق به انه في القاموس قوارئ) وفي المحكم (قرارئ براءين بزنة فعاعل) قلنا: والصواب ما في المحكم إلا أن وزنه (فعاعيل) مثل (خفاش خفافيش) و (وضاء وضاضيء). 57 - وورد فيها (القراء يكون من القراءة جمع قارئ ولا يكون من التنسك) قال مصحح الطبعة الأولى أيضاً: (وعبارة المحكم في غير نسخة: ويكون من التنسك بدون لا) ولم يزيدوا على هذا. والصواب الذي لا ريب فيه ما رواه في اللسان لان المراد بيان أن (القراء) جمع قارئ هو غير (القراء) المفرد بمعنى المتنسك المتأله وجمعه (قراؤون وقرري) وقراء الكفر قد يطلق عليهم

اسم القراء (جمعاً) ولكن القراء المفرد يكون من التنسك فقط. فالحظ ذلك تعرفه ويتأكد لك صدق دعوانا. 58 - وجاء في ص 200 (اعتمت قراك أم أقرأته؟) بتسكين العين وتخفيف التاء المفتوحة وتشديد الميم المفتوحة وتسكين التاء من (عتمت) فجاء الوزن ثامن عجائب الدنيا. والصواب: (اعتمت تعتيماً؟) أي أخرت تأخيراً؟. 59 - وورد في ص 207 قول الشاعر (قعقعت بالخيل خلخلها) وفي 1: 33 من خزانة الأدب: (بالرمح خلخالها) وفي الصفحة نفسها: (تأتي السحاب وتأتالها) وفي الخزانة: (ترمي السحاب ويرمى لها) وفي هذه الصفحة من اللسان تخالف بين بيت الخنساء وبيت عامر بن جوين الطائي، وفي الخزانة توفق بينهما أورث الشك في صحة العزو إلى أحدهما. 60 - وورد في ص 220 قول الأخطل للاستشهاد على (كلوء): ومهمة مقفر تخشى غوائله ... قطعتة بكلوء العين مسفار وفي ص 238 من جمهرة أشعار العرب: (ومهمة طلسم) و (قطعته بأزج العين مسفار) فلا شاهد فيه. 61 - وجاء في ص 221: (وفي الحديث من عرض عرضنا له ومن مشى على الكلاء القياه في النهر) قلنا: وفي مادة (ع ر ض) من القاموس: (وقول سمرة: من عرض عرضنا له ومن مشى على الكلا قذفناه في النهر) فأي الحديث أراد صاحب اللسان؟. 62 - وورد في ص 223 (الكلأ يجمع النصي والصليان والحلمة والشيح والعرفج وضروب العرا، كلها داخلة في الكلأ) وقد نصبوا (ضروباً) ورفعوا (كلها) فأخطئوا لان الجملة استئنافية بالواو فالصواب (وضروب العرا كلها داخلة في الكلا) برفع (ضروب) بالابتداء وتوكيده ب (كلها) ورفع (داخلة) بالمبتدأ على الخبرية. ولو كان المراد عطف (ضروب) على ما قبلها لكان قوله: (داخلة في الكلأ) لغواً، بعد قوله: (الكلأ يجمع النصي و. . .) فضبطهم يحتاج إلى ضبط. 63 - ورأينا العلامة كرنكو يقول في ص 168 و 225: (وهو موجود في

شعره) وليس هذا بفصيح فان العرب تحذف كل خبر مثل هذا قال تعالى: (ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى) والبلاغة إجاعة الفظ وإشباع المعنى وتفهيم المخاطب بأسهل أسلوب. 64 - وورد في ص 226 قول عبد الله بن قيس الرقيات (لا عبيد الله كما ذكر العلامة كرنكو): (لم تخنها مثاقب اللآل) وفي 1: 213 من الأغاني: (لم تنلها مثاقب اللآل) وفي هذه الصفحة من اللسان قول ابن احمر (مارية لؤلؤان للون أوردها) وفي ص 315 من جمهرة أشعار العرب (أودها) (بتشديد الواو). 65 - وجاء في ص 227 (واكثر ما يكون ثلاث حلبات) (بتسكين اللام) والصواب الفتح لان الحلبات غير صفة وشذ من هذه القاعدة (ربعات) بفتح الباء، قال الجوهري في (ر ب ع) من المختار عن الربعة للمؤنث والمذكر (وجمعهما جميعاً: ربعات وهو شاذ لان فعله إذا كانت صفة لا تحرك في الجمع وإنما تحرك إذا كانت اسماً ولم يكن موضع العين واو ولا ياء) قلنا: ومصدر المرء كالاسم لجواز تعدده وكثرته واختصاصه بعد عموم اصله. 66 - وورد في ص 256 قول الشاعر: (سقوني النسء ثم تكنفوني) للاستشهاد على (النسء) وفي (3: 7) من كامل المبرد و 1: 147 من آمالي الشريف المرتضى: (سقوني الخمر ثم تكنفوني) فلا شاهد في روايتهما وقد عثرنا على هذا في اللسان لمحاً لأننا لم نجاوز بقراءتنا ص 233 منه فإصلاحه ضرب من الأمراض علينا لكننا تكلفنا النظر إلى بعض البيوت والحواشي ومما أخذنا عليهم فيه: 67 - قول الشاعر في ص 321 (وقذفتني بين عيص مؤتشب) بفتحهم الشين وجاء بعد شطره الثاني (المؤتشب: الملتف) وفتحوا الشين أيضاً والصواب: كسر الشين لأنه اسم فاعل من (ائتشب) بمعنى: (تآشب) قياساً ومثله لا يكون متعدياً فضلاً عن انه لم يسمع تعديه على ما حققنا. 68 - وورد في ص 329 قول كعب بن زهير:

أوب يدي ناقة شمطاء معولة ... ناحت وجاوبها نكد مثاكيل وفي ص 299 من جمهرة أشعار العرب: شد النهار ذراعا عيطل نصف ... قامت فجاوبها ورق مثاكيل 69 - وقال في 344 (والتراب: اصل ذراع الشاة نثى وبه فسر شمر قول علي - ك -: لئن وليت بني أمية لانفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة، قال: وعنى بالقصاب هنا: السبع) ثم قل قائل (ليس هو هكذا إنما هو: نفض القصاب الوذام التربة، وهي قد سقطت في التراب) قلنا: هذا الحديث ورد في نهج البلاغة كما في 2: 63 من شرح ابن أبي الحديد له ونصه: (إن بني أمية ليفوقونني تراث محمد صلى الله عليه وآله تفويقاً، والله لئن بقيت لهم لأنفضنهم نفض اللحام الوذام التربة. قال الرضي رحمه الله: ويروى التراب الوذمة. وهو على القلب، وقوله عليه السلام: ليفوقوني أي يعطوني من المال قليلا قليلا كفواقالناقة، وهو الحلبة الواحدة من لينها، والوذام التربة جمع وذمة وهي الحزة من الكرش أو الكبد تقع في التراب فتنفض) اهـ. كلام الرضي. أما رواية (التراب الوذمة) فقد نقل فيها ابن أبي الحديد في هذه الصفحة عن أبي الفرج الأصفهاني ذي الأغاني أنها خطأ، وان سعيد بن العاص لما كان أمير الكوفة بعث مع ابن أبي عائشة مولاخ إلى علي بن أبي طالب (ع) بصلة فقال علي (ع): والله لا يزال غلام من غلمان بني أمية يبعث إلينا مما أفاء الله على رسول بمثل قوت الأرملة، والله لئن بقيت لانفضنها نفض القصاب الوذام التربة) اهـ. قال في اللسان: (ومعنى الحديث: لئن وليتهم لأطهرنهم من الدنس ولأطيبنهم بعد الخبث) فاطلع على هذا الاضطراب واستخلص منه ما تحب. 70 - وورد في ص 407 (والتجلب: التماس المرعي ما كان رطباً من الكلأ رواه بالجيم كأنه معنى أنحائه) ولعل الأصل: (في ما كان رطباً. . . كأنه معنى اجتنائه) قلنا ذلك لان معنى (جلب عليه) جنى عليه. فمعنى (تجلبه) اجتناه والتجلب الاجتناه. أما انه يريد الأحناء فمن قبيح الوهم أو التصحيف أو الخطأ، وهذا موقفنا من النقد الخاص بمتن الكتاب وحواشيه ولولا كرامة العلم

لم نتعب هذا التعب. أغلاط المصدر والمترجم 71 - قال في صفحة طريقة المراجعة (واطلب الكلمة في موضعها الطبيعي) والصواب: (موضعها الاصطلاحي) فلا طبيعة هناك ولا طبيعي. 72 - وقال في هذه الصفحة (ولما كان آخرها باء فانك تطلبها) والصواب (تطلبها) و (طلبتها) لان جواب (لما) لا يكون جملة اسمية. 73 - وقال فيها: (الحروف الزائدة على مدتها الأصلية) والفصيح: (الأحرف) لأنها لا تتجاوز الأربعة كما في لفظ (استفهام) فلها إذن جمع القلة ولينظر إلى أول سطر من ص 8 ففيه قول أبي العالية (هذه الأحرف الثلاثة). 74 - وقال في ص (ج) ولم يكتب الجيم (قبل التاريخ بمئات العصور) ظاناً أن العصر بمعنى القرن الدهر مطلقاً وأما قوله (مئات العصور) فليس بشيء لان المئات من الثلاث إلى التسع لها عدد وان جاوزت هذا الحد كانت ألفاً أو اكثر فما الذي اضطره إلى تعبير الناس الفقيرة لغايتها؟ وهو القائل (نباهي بمادتها الأصلية لغات العالم بلا استثناء)؟ وقال في ص (ي): من مئات الكتب بخطة فكرر الوهم. 75 - وقال في ص (د) ما نصه: (لقد صقلت السنة العرب هذه اللغة في ألوف من السنين) وقد جر السنين ب (من) والعدد المميز لا يجوز جر تمييزه ب (من) قال ابن عقيل في شرح الألفية (يجوز جر التمييز بمن أن لم يكن فاعلاً في المعنى ولا مميز العدد فتقول: عندي شبر من ارض وقفيز من بر ومنوان من عسل وغرست الأرض من شجر ولا تقول: طاب زيد من نفس ولا عندي عشرون من درهم) فتنبه على هذا واترك غير الفصيح. 76 - وقال في ص (هـ) ما صورته: (فأرسل إلينا تعليقاته) والمعروف عند الفصحاء أن يقال: (بتعليقاته) لأنها لا تنبعث بنفسها. 77 - وقال في (و) ما عبارته: (نحن مدينون لابن منظور نفسه. . في سرد نسبه. . . فقد استطرد لذلك في مادة جرب) والعرب تقول مثلاً (ابن منظور جدير أو خليق أو قمين أو حري أو أهل حري أو قمن أن نسرد

نسبه) فما هذا الدين؟ ومتى ثبت؟ وان كان ابن منظور سرد نسبه في مادة ج ر ب، فكيف يكون سرده ديناً، وهو نقد لا نسيئة ولا وعد؟ والأشياء التي ذكرها في الترجمة مكرر أكثرها، قال في ص (ط): ويكفي أن تعلم الآن انه ترك كتباً من تأليفه واختصاره وتهذيبه بلغت خمسمائة مجلد) وفي الصفحة التي تليها: (وله المكتبة العربية بخطة الأنيق اللطيف نحو خمسمائة مجلد من تأليفه). 78 - وقال فيها: (متغيباً عن القاهرة. . أثناء ولايته القضاء) ولو قال: (زمن ولايته) أو: (في زمن ولايته) لأصحاب لان الأثناء اسم لا ظرف ففي ص 64 من هذا يرى: (ومات في أثناء السنة الثالثة والستين) وفي ص 83: (وقال الأزهري في أثناء ترجمه طحا) وفي ص 181 قول الشاعر: كأنه إذ فاجأه افتجاؤه ... أثناء ليل مغدف إثناؤه ولا يختص الثني بالزمن إلا إذا أضيف إليه فتقول (جئته ثني الليل وتغيب أثناء زمن الولاية أو في أثنائه). 79 - وقال في ص (يا): (فلا يتفرق الذهن بين البنائي والمضاعف والمقلوب) وقد صحح عبد العزيز الميمني الأستاذ في ص 3 (البنائي) ب (الثنائي) ولم ينتفع بالتصحيح. 80 - وقال في ص (يب): (كانت مجزأة. . كما ذكر ذلك مترجموه) والصواب: كما ذكره مترجموه) و (كما ذكر مترجموه) لان العائد إلى الاسم الموصل لا يكون ظاهراً بل ضميراً ويجوز ذكره وحذفه كما رأيت. من الأغلاط المطبعية التي أفسدت الكتاب لتسهيل الأمر نذكر رقم صفحة الغلط فالغلط فالصواب (ص 12 حروف: حروف) (ص 28 إهاب مألى: مألي) (ارض مالاة: مألاة) حاشية ص 31 يلعنبر: بلعنبر) (حاشية ص 32 بؤيؤ: بؤبؤ) (ص 62 والخط: والخطر) (ص 37 وبدؤه: وبدؤهم) (ص 40 الدريئة: الذريئة) (ص43 برئيات: بريئات) (ص 44 الشيباتي: الشيباني) (حتى نحيض: تحيض) (ص 45 يبسا بسا: يبسأ بسأ) (ص 47 محلوب: محلوب) (بكأت الناقة تبكأ بضم التاء

والصواب الفتح) (حاشية ص 59 أيكى: ابكي) (60 بجابئة: بجأبئة بتسكين الألف) (ص 62 آري: أربى) (حاشية ص 65 المرزوفى: المرزوقي) (ص 67 لم يعمه: لم يقمه) (جزءاٍ: جزءاً بحذف الكسرتين (اللتين تحت الهمزة) (ص 68 ارض جاسنة: ارض جاسئة) (69 جشوءاً (بفتحتين على الهمزة): جشوءاً) بحذف الفتحتين عن الهمزة (ص 72 جلأ. . يجلا: يجلأ) (حاشية ص 76 مهموز: مهموز) (ص 78 الموس: الموسى) (ص 82 أدروها: ادرؤوها) (ص 87 مش: مشي) (ص 91 تتمثل يهذا: بهذا) (ص 94 استخذات: استخذأت) (ص 95 عنني) (ص 98 اخطا: اخطأ) (حاشية ص 101 لطفل الغنوي: لطفيل) (ص 103 الرأداء: الدأداء) (ص 111 عبيد العدوى: العدوي) (ص 112 مدفتة: مدفئة) (ص 113 يتتفع: ينتفع) (فلان بكسر الفاء: ضمها) (الهروى: الهروي) (حاشية ص 117 وقيها: وفيها) (ص 119 قسدت: فسدت) (للح: للحم) (ص 122 وأرتأ: وأرتبأ) (ص 123 ايماثهم: إيمانهم) (126 حديث: حديث) (ص129 المرقاة: المرقأة) (حاشيتها نيه: نبه) (ص 131 يمضى: يمض) (حاشية ص 134 وأخذه للمؤلف: المؤلف) (ص 138 لمقيس: بلقيس) (139 ش: شتى) (يتسبون: ينسبون) (ص 140 مبوب: مربوب) (ص 143 المكر السي: السيئ) (ص 147 شاش: شأشأ) ((147 جء: جأ) (والم دة في 147 شسأ والتفسير شاس وشئس) (ص 150 بابي حانم: حاتم) (ص 153 شسؤا: شنؤا) على اصطلاحهم (ص 155 وأتها غير مجراة: وإنها) (ص 155 لا تسأوا: لا تسألوا) مكرر (فاستثقل: فاستثقل) (ص 156 واصله اشأ: اشائي بياء مشددة) (ص 159 فقحما: فقحنا) (ص 160 الصئصاه، الصئصاء) (نقل: تقبل) (ي عمون: يزعمون) (ص 165 عن: عنه) (ص 170 طؤطئ بفتح الطاء الأولى: ضمها) (ص 175 يسا عليها: يسلم) (ص176 يكتنز بسكون الزار: فتحها) (ص 178 ضؤءها: ضوءها) (حاشيتها كبجهة الشيخ: كجبهة الشيخ) (ص 180 لا تزال نذكره: تذكره) (ص 183 خثلة: خثلته) (ص 183 تشفأ إخوان الثقاب: تفشأ) (ص 186 ولا هي بققئ فتشرق: فتشرق

الأسناية ومعناها

بالنصب) (حاشية ص 187 فافتيقئه: فافتقئيه) (يسندرك: يستدرك) (افتقاته: افتقأته) (ص 189 لابس: لابس) (ص 192 لان: لأنه) (ص 196 نقسه: نفسه) (ص 200 قروئها وأقرانها: إقرائها) (ص 205 مالك: مالكم) (حاشية ص 206 ضيطت: ضبطت) (ص211 فروى عنه: فروي) (ص 216 ط دها: طردها) (ص 223 كثر كلوها: كلؤها) (ص 231 لف: لفأ) (حاشية 232 جمرة: جمهرة). هذا بعض أغلاط الطع في 232 صفحة وهي أول الجزء وهذا الجزء أول الأجزاء فترحموا على لغة العرب. بغداد: مصطفى جواد الأسناية ومعناها جاء في نشوار المحاضرة، وهو الكتاب الذي ينشر في مجلة المجمع العلمي العربي في سنتها العاشرة، في ص 432 ما هذا نصه: (هذه اسناية الخيزران ومنها يشرب المبارك بأسره وبعض الصلح، وكان إقطاعاً لام الرشيد الخيزران، فحفرت لها هذه الاسناية، وكانت تغلها غلة عظيمة، وقد تعطلع الان، وخرب الصلح والمبارك كله. . .) اهـ المقصودة من إيراده. وقد علق أحد أعضاء المجمع على الاسناية ما هذا حرفه: (لم أجد هذه الكلمة فيما عندي من القواميس ويظهر أنها مشتقة من السنو أي السقي) انتهى قلنا: الاسناية في نظرنا من الارمية اسوانا) وبالصابئية (اسنايا) وهي رحى الماء أو البئر يحرك آلتها أجنحة في الهواء (راجع دليل الراغبين في لغة الآراميين للقس يعقوب أوجين منا الكلداني ص 33) وكانت تدفع ماءها في حوض عظيم ليذخر فيه إلى حين حاجة الزراع إليه وعند ركوع الريح وسكون أجنحة الرحى عن الحركة. وكان يسقي بها مزارع عديدة، وكثيراً ما كانت تقام في جوار الفراتين أو ما يتشعب منهما. وكان الإنكليز قد أقاموا اسناية مثل هذه في المقبرة الخاصة بهم في بغداد ثم أتلفت بعد نحو عشرين سنة لعدم تعهدهم إياها ولإيداعهم إياها رجلاً جاهلاً لكل أمر.

قبر العازر

قبر العازر من الخصائص الممتازة التي اختص الله بها سيدنا عيسى عليه السلام، معجزة إحياء الميت، وقد جاء ذكر ذلك في عدة آيات من القرآن المجيد. وإنا لنجد في الأناجيل الأربعة التي يعتمدها النصارى، ذكراً لرجل، إحياء سيدنا عيسى بعد موته ودفنه بأربعة ايام، اسمه العازر ويسميه بعضهم اليعازر. ويقولون أن قبر هذا الرجل الذي شرفه الله بمعجزة نبيه ومتعه بنعمة الحياة، وهو في قرية العازرية (بيت عنيا) في ضاحية بيت المقدس، وهو على قارعة الطريق المؤدية إلى أريحا. لذلك، فإننا سنتولى بهذه العجالة، وصف ذلك القبر وسرد تاريخه على طريقة الإيجاز. 1 - العازرية في الإنجيل اسمها في الإنجيل بيت عنيا، وهي وطن العازر، ومرثا، مريم، إحياء السيد المسيح، ووطن سمعان الأبرص الذي أضافه. وكان السيد المسيح يختلف إليها كثيراً، وفيها أحيا العازر من الموت، وتفصيل ذلك في أناجيل: متي، ومرقس، ولوقا، ويوحنا. وتسمى اليوم العازرية، على بعد ميلين، شرقي بيت المقدس، في سفح جبل الزيتون الذي يسميه المسلمون طور زيتا. وهناك برج قديم، يقال انه بيت العازر، ومغارة يقال أنها قبره. 2 - العازرية وجغرافيو العرب قال الشريف الإدريسي المتوفي سنة 548 هـ 1153م: (وفي هذا الجبل (جبل الزيتون) في شرقية منحرفاً قليلاً إلى الجنوب،

قبر العازر، الذي أحياه المسيح وعلى ميلين من جبل الزيتون، القرية التي حمل منها الأتان، لركوب السيد المسيح، عند دخوله إلى أورشليم، وهي الآن خراب لا ساكن بها وعلى قبر العازار، يأخذ طريق وادي الأردن). وقال ياقوت الحموي، المتوفي سنة 626 هـ 1228م: (العازرية قرية بالبيت المقدس بها قبر العازر). وقال عمر بن الوردي المتوفي نحو سنة 850هـ 1446م: (وهناك (أي في بيت المقدس) جبل، يقال له جبل الزيتون، وبهذا الجبل، قبر العازر، الذي أحياه الله للمسيح عليه السلام، وعلى الميامن من جبل الزيتون، قرية منها جلب حمار المسيح، وقريب من قبر مدينة أريحا. وقال مجبر الدين الحنبلي المتوفي سنة 927هـ 1521م: (ومن الأنبياء المشهورين حول بيت المقدس، السيد عازر، ولعله العيزار ابن هارون عليهما السلام. قبره بقرية العازرية بظاهر القدس، ومن جهة الشرق، بالقرب من طور زيتا، على طريق المار إلى سيدنا موسى الكليم عليه السلام. وهو ظاهر في مشهد بالقرية، يقصد للزيارة، ويقال أن العيزار بن هارون إنما هو بقرية عورتا، من أعمال نابلس وقيل انه عازر الذي أحياه المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام. والله اعلم. وقال عبد الغني النابلسي، سنة 1143هـ 1730م: (فمررنا في الطريق على قرية العيزرية، ودخلنا إلى ذلك المقام والأرجاء البهية، ونزلنا إلى الجامع بنحو من الخمس الدرجات، فوجدنا قبراً عليه جلالة ومهابة، في ناحية من تلك الجهات، يقال لها قبر عيزرا النبي عليه السلام، فوقفنا وقرأنا الفاتحة بكمال التعظيم والاحتشام، ثم صلينا الظهر في ذلك الجامع المنير إماماً بجماعتنا من صغير وكبير، ودعونا الله تعالى بما تيسر من الدعاء فانه كريم لا يخيب من سعى).

3 - صورة قبر العازر وهذه صورة للباب التي ينزل منه إلى قبر العازر، وتجد على جوانبه بعض القرويين من سكان العازرية 4 - صفة القبر مدخل القبر منقور في حجر في مغارة مربعة على ثلاثة أمتار كأنها العتبة ومنها تنحدر في ثلاث درجات إلى مغارة أخرى، مكعبة على مترين هي القبر. وعلى باب هذا القبر كان الحجر الذي أمر سيدنا عيسى عليه السلام برفعه والدموع ملء جفونه. وقد جعلت المغارتان معبدين منذ أوائل النصرانية. ولذلك أزيل من المغارة الصغرى مصطبة القبر، واستدعت لين الصخر، تقويتها ودعمها بالجدران

والأقبية التي عقدت عليها في القرن السادس للهجرة والثاني عشر للميلاد لبناء كنيسة فوقهما. وكان مدخلهما من الكنيسة، التي كانت بيد رهبان الأرض المقدسة، إلى القرن العاشر للهجرة، والسادس عشر للميلاد، فحول فيه المسلمون الكنيسة إلى مسجد واضطر الرهبان إلى خرق الباب الحالي على قارعة الطريق، بعد أن حصلوا على إذن من الباب العالي سنة 1024هـ (1615م) وأضحى السلم على أربع وعشرين درجة كما يشاهد الآن. 5 - العازر في الشعر العربي عرض المتنبي ببيتين من الشعر مدح بهما ابن زريق، بقصة إحياء العازر من قبل سيدنا عيسى عليه السلام، بإذن الله. إذ قال: بشر تصور غاية في آية ... تنفي الظنون وتفسد التقديسا لو كان صادف رأس عازر سيفه ... في يوم معركة لاعيا عيسى وذكر العازر، والعازرية. التي هي بيت عنيا، المطران سليمان الغزي، في آبيات ذكر فيها كنائس الأرض المقدسة، فقال عنهما: ومنه إلى كنيسة عنيا ... دخلت مجرداً مثل الحسام لأسمع صوت من رهبان فيها (كذا) ... والثم قبر عازر في الرخام 6 - العازرية اليوم عندما يقصد المسافر من بيت المقدس إلى اريحا، ينحدر قليلاً إلى وادي قدرون، ثم يأخذ بالصعود، فيصل إلى قرية العازرية، التي اصبحت في ضاحية بيت المقدس، ويعوج بها في طريقة، ثم يهبط ويستمر في هبوط إلى أريحا حيث نهر الأردن والبحر الميت. وعند سكان العازرية ليوم 515 نسمة. حيفا (فلسطين): عبد الله مخلص (ل. ع) من يطلع على ما توشيه أنامل الصديق المخلص يتحقق أمراً هو انه واقف أتم الوقوف على جميع الآثار القديمة الفلسطينية وإذا قابلنا ما كتبه بما يكتبه الإفرنج عن ديار فلسطين نرى بوناً عظيماً بين الطرفين. فنشكر له يده البيضاء على هذه المجلة.

كوت العمارة

كوت العمارة - أدرجنا مقالة لحضرة المحقق يعقوب أفندي نعوم سركيس استجادها كل من وقف عليها من أرباب الأخبار والتاريخ عندنا وعند المستشرقين، على أن فضله لا يظهر ظهوراً لامعاً إلا من بعد أن نعرب ما جاء في معلمة الإسلام في مادة كوت العمارة - ودونكه: (كوت العمارة موضع في العراق على الشاطئ الأيسر من دجلة بين بغداد والعمارة على بعد 157 كيلو متراً من الجنوب الشرقي من الزوراء على خط مستقيم و (كوت) كلمة هندستانية معناها (القلعة) واللفظة ترى مستعملة إلى الآن في عدة أسماء مدن في العراق كقولهم: كوت المعمر. وكثيراً ما جاء (الكوت) غير مضاف إلى العمارة. والكوت واقعة بازاء فم شط الحي المعروف بالغراف أيضاً وهو النهر القديم الذي يصل دجله بالفرات وله عدة فوهات تنفتح في الفرات منها مندفق في الناصرية وآخر في سوق الشيوخ. والسهول الواقعة في شمال الكوت آهلة ببني ربيعة وهم فخذ من بني لام. وليست الكوت من المواطن القديمة وقد حاول بعضهم أن يردوها إلى موطن المذار الذي ذكرها ياقوت (4: 275 وراجع لسترانج أراضي الخلافة الشرقية ص 38 وراجع هـ. هـ شيدر في الإسلام 14: 17) في منبلج المائة 19 والى سنة 1860 كانت الكوت قرية فقيرة مطوفة (أي محاطة بسور من الطين) (كيبل في سنة 1824 بحسب ريتر وراجع بترمان المطبوع في ليبسيك 1860 في 2: 150) لكن منذ أن حصلت شركة لنج على امتياز خط بواخر بين بغداد والبصرة في سنة 1869 أصبحت الكوت موضعاً نهرياً مهماً إليه أناساً كثيرين. وفي الموقف الأخير من الإدارة التركية (التي تدوم اليوم على يد الحكومة العراقية الحديثة) كانت الكوت قصبة قضاء باسمها في لواء بغداد. وفي نحو سنة 1890 قدر السكان بزهاء 4115 نفساً (كوينه) واغلبهم شيعة (نحو 100 سني و 100 يهودي)

ويمتد الفضاء في الشمال إلى جبال لرستان. ويسقي السهل الممتد بين أيدي تلك الجبال نهر الكلال وفيه عدة قرى يتخاصم عليها والإيرانيون. ثم عاد الاهلون إلى القضاء بعد سنة 1860 وكان فيه في نحو سنة 1890 ما يقارب ال 30. 000 نسمة وكلهم من السنة اللهم إلا سكان الكوت نفسها فانهم من الشيعة. وللكوت موقع حربي مهم. ولهذا كان له شان خطير في الحرب العظمى. ففي الدفعة الأولى من هجوم الإنكليز على الترك احتل القائد طاونشند الكوت في أيلول من سنة 1915 وبعد برهة أصبحت نقطة لزحفهم إلى بغداد ذيالك الزحف الذي انتهى برجعة الجيوش الإنكليزية إليها. تلاه محاصرة الترك لها في 8 ك1 (ديسمبر) 1915 ولما لم تنجح مساعدة الإنكليز لإخوانهم أخذت الكوت في 29 نيسان من سنة 1916 فتحض فيها الترك إلى أن وقعت من جديد في أيدي الإنكليز لتضم في سنة 1920 إلى مملكة العراق الجديد) اهـ. وهنا ذكر صاحب المقالة وهو ج. هـ. كراموس الكتب التي اعتمد عليها فلا حاجة إلى ذكرها. (ل. ع) فأنت ترى من هذا النقل أن تحقيقات كاتبنا ومؤازرنا يعقوب أفندي نعوم سركيس أدق أنباء واصدق وابعد إمعاناً من سواه في الموضوعات التي يعالجها فعسى أن يواظب على خطته هذه التي يشهد له بها القريب والبعيد، أبناء الوطن الأجانب. ومما نذكره هنا مع الأسف: أن كثيرين من معالجي الكتابة في صحف الحاضرة ينقلون شيئاً كثيراً من مباحث مجلتنا لغة العرب، ولا سيما مباحث الصديق المحقق: يعقوب أفندي نعوم سركيس ولا يشيرون إلى المأخذ ولا إلى الرجل المدقق: الذي يعاني الأمرين، في تفلية تاريخ العراق، وأخباره. والتثبت في أعمال رجاله المشاهير. وهناك ما هو أمر وأدهى من ذلك: أن بعضهم ألف بعض الرسائل أو الكتب، واقتبس حقائق جمة من هذه المجلة ومحرريها، ونسبوا تلك الأمور إلى أنفسهم. أفمن دناءة اعظم من هذه الدناءة؟. اللهم أنر عقولهم واهدهم إلى الصراط المستقيم.

فوائد لغوية

فوائد لغوية أوهام مجلة المجمع العلمي العربي تتمة نقد الأستاذ مصطفى أفندي جواد 3 - وورد في ص 295 س 2: (فتعودت منهم أن يطيعوا نفوسهم إلى مضايقة خدمهم في هذا القدر وما هو اقل منه، وقد علق المجمعيون بهذه العبارة ما نصه: (الأظهر: في مضايقة خدمهم إلى. . .) ولم يذكروا سبب الأظهر وعندنا بأظهر، لان (القدر) المذكور، قدر مال لا قدر معنوي، فلا يجوز معه استعمال (إلى) ألا ترى انك تقول: (ضايقتك في عشرين ديناراً) ولا تقول أن كنت عربياً صميماً. (ضايقتك إلى عشرين ديناراً). فالأصل لا بد منه حفاظاً على الذوق العربي. وعلق الأستاذ مرجليوث (اقل) ما صورته: (بالأصل: أفنه) قلنا: فيحتمل أن الأصل (اتفه) اسم تفضيل من التفه. 4 - وورد في ص 265 أيضاً س 7: (كل علق حسن غيب مثمن من فرش ديباج) فعلن المجمعيون ب (المثمن) ما اصله: (ذي ثمن) ولا وجاهة لهذا التعليق، بل لو تركوا اللفظ سالماً، وسألوا عن حقيقته أهل العلم لأحسنوا ولما وقعوا في هذه الورطة لان القائل قد أراد بالمثمن: (الثمين)، وإلا فالمعنى فاسد. قال ابن بري على ما في ص 381 من كشف الطرة عن الغرة: (وان يصح حمل على: أثمنته في متاعه، إذا غاليت ورفعت السوم، فيكون على هذا: شيء مثمن، بمعنى مغالي فيه، ومرفوع سومه، ويكون ثمن ومثمن مثل عتيد ومعتد، وحبيس ومحبس، وبهيم ومبهم) ثم قال الشارح: (وكون المثمن بمعنى غالي الثمن، ذكره في عمدة الحفاظ، وأهمله غيره. وقال السرقسطي في أفعاله: أثمنت له متاعه، وأثمنته: غاليت به. فيصح أن يقال لما كثر ثمنه:

مثمن بالفتح، والشخص مثمن بالكسر، وللمتاع أيضاً على التشبيه أو المجاز). ما هكذا تورد يا سعد الإبل. 5 - وورد في ص 296 س 2: (حتى يكمل به مال قانون فارس كان متقدماً). ونظن أن الأصل: (متقدماً به) أي مأموراً به، ففي المصباح: (وتقدمت إليه بكذا: أمرته به). ومن استعماله قول مؤلف الحوادث الجامعة ص 24: (وفي ثامن عشر شعبان تقدم إلى أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي بالجلوس في الرباط المجاور لمعروف الكرخي). 6 - وجاء في ص 298 س 9: أن كان المهدي شرط شرطاً لمصلحة في الحال أو عناء اعتناه أهل البلاد في جدب أو غيرها) فعلقوا ب (اعتناه) ما نصه: (هكذا في الأصل ولعل اصله: أو عناه اعتناه بأهل البلاد الخ أي أهمه اعتناء بأمرهم. أو الأصل: عناء تعناه أي قاساه). قلنا: والتكلف ظاهر في هذا التعليق، والأصل مستقيم عند الفصحاء. فمعنى: (أو عناء اعتناه) مشقة لاقاها، فما سبب التعليق؟ أن كان سببه عندهم الهاء في (اعتناه) وهو لازم فليسوا على شيء، لان الهاء ليست مفعولاً به. بل مفعولاً مطلقاً كما في قوله تعالى: (فإني أعذبه عذاباً لا أعذبه أحداً من العالمين) فالهاء في (لا أعذبه) مفعول مطلق و (أحداً) مفعول به للفعل. فتدبر هذا ولا تستدرجك الترهات قال ابن عقيل في شرح الألفية: (وينوب عن المصدر ضميره نحو: ضربته زيداً، أي ضربت الضرب، ومنه قوله تعالى: لا أعذبه أحداً من العالمين، أي لا أعذب العذاب)، ونرد على ابن عقيل أن العذاب ليس بمصدر، بل اسم مصدر فالصواب أن يقول: (وينوب على المصدر واسمه ضميرهما). أما الأغلاط المطبعية فلم نذكرها. ومن الله التوفيق للتحقيق. مصطفى جواد (ل. ع) ونحن نذكر هنا بعض ما فات الأستاذ الجواد من ذلك: في ص 291 س 6 إذ جاء: (إن أبا احمد هذا قد بسط في الأعمال) فعلقت عليه مجلة المجمع: لعله تبسط أو بسط يده. قلنا: لا غبار على كلام النص لان معنى بسط: بسط يده وقد يحذف المفعول لأنه فضله في مثل هذا المقام.

وفي تلك الصفحة عينها في السطر التاسع: (إلى أبي القلم) وهو من خطأ الطبع. والصواب: إلى أبي القاسم. وفي ص 293 في آخر سطر: (فقلد لي أعمال السيب الأسفل وقسين وحبيلا) فعلقت المجلة بجبيلا ما هذا نصه: (جبيل اسم لا مكان كثيرة منها: جبل قرب فيد، وفيد بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة. ولعلها محرفة عن جبل بفتح الجيم وضم الباء المشددة) وهي بلدة بين النعمانية وواسط) اهـ. قلنا: الذي سمعناه في الكوفة في أيلول 1895 أن (جبيلا) بالتصغير من نواحي الكوفة من غربيها. وفي ص 294 س 5: (فقلت له الأرز خافور وما بلغ أن يجوز) فعلقت عليه المجلة: (الخافور نبت كالزوان ولعله يريد أن الأرز في حالته الحاضرة كالخافور) اهـ. قلنا: الخافور هو الحفراة وهي نبت ينبت في الرمل لا يزال اخضر غضاً. فلقد صدقت إذن المجلة المجمعية بقولها: أن الأرز في حالته الحاضرة كالخافور) أي أن الأرز غض. وفي ص 295 س 14: (وتشستجة) ولم تفسر لنا الكلمة. ولا وردت في دواوين اللغة ولا ذكرها دوزي في ملحقه بالمعاجم العربية والشستج أو الشستجة كلمة فارسية من فعل شستن أي غسل ونظف ومسح وطهر والشستجة هي المنديل والمنشفة وما يسميه الشاميون بالمحرمة في هذا العهد. وقد استعملت هذه اللفظة استعمالاً مستفاضاً فيه في عهد العباسيين وجاءت بصور شتى ولغات مختلفة وتصحيفات لا تحصى. قال في كتاب البلدان لابن الفقيه (ص 254 من طبع أوربة): ولأهل طبرستان والديلم وقزوين حظ من عمل الأكسية الرويانية والآملية واتخاذ الشستانك والمناديل فجاءت مصحفة في نسخ عديدة من هذا الكتاب: ششتانك (بشينين معجمتين) وشتانك، وشبشتاوتك، وقالوا شستكة أيضاً. قال ابن القفطي (في ص 121 من طبعة الإفرنج): واخرج من شسشكة في كمة دواء) وذكرها باين سميث في معجمة الارمي اللاتيني ص 3183 وقال: معناها منديل يتمسح به أو منديل الكم وذكر لها لغة ثانية هي الشستج وذكرها صاحب تاج العروس بصورة شستقه نقلا عن غيره من

اللغويين وذلك في مادة ش وع في معنى المشواع. وفي ص 298 س1: في والصواب في. وفي تلك الصفحة س 12: (أليس لأنه إمام رأي ليس فيه مضرة، والصواب: (رأي رأياً). وفي تلك الصفحة س 9: (إن كان المهدي شرط شرطاً لمصلحة في الحال لو عناء اعتناه أهل البلاد في جذب أو غيرها) فعلقت المجلة على (جدب أو غيرها): (الظاهر: أو غيره) قلنا: كلا. والصواب ما في النص أي: (أو غيرها) ومعنى الجذب هنا سنة القحط والمحل. كما فسره في الناج. وفي ص 299 في آخر سطر: وللورى نافعاً. قال في الحاشية: بالأصل رافعاً. قلنا: وبقية الكلام توجب أن يكون المتن: (رافعاً) لا (نافعاً). وفي ص301 س 8: (على طسوق توضع لهم مخففة) قلنا: الطسوق جمع جمع طسق بالفتح والكلمة تعريب اليونانية ومعناها في اصل وضعها الترتيب والنظام ثم أطلقوا على الضريبة منها الفرنسية بمعناها. وفي تلك الصفحة س 12 وجعل با مسلم والصواب: أبا مسلم. وفي ص 302 س 8: فضاته. والصواب: قضاته. وفي تلك الصفحة س 9: (ما أوجبه الله تعالى فيه من حقوقه على ما تقرر معهم من وضائعه) فعلقت مجلة المجمع على وضائعه قولها: (جمع وضيعة وهي ما يأخذه السلطان من الخراج والعشور) اهـ. قلنا: الوضيعة تعريب معنوي اللاتينية المشتقة من فعل بمعنى وضع. ومنها الفرنسية بمعناها. وفي ص 303 س 8: (قم فاكتب له بكلما يريده) والمشهور أن (ما) إذا كانت اسم موصول لا أداة زائدة تفصل عن كل. فتكتب (بكل ما يريده) هذا ما عن لنا ولعل هناك أشياء فاتت الأستاذ المصطفى وفاتتنا أيضاً. نقد النشرة السادسة والسابعة من نشوار المحاضرة 1 - جاء في الجزء السابع 241 قول المهدي بن المنصور عن يعقوب ابن داود: (ولقد كنت احبه من أجرائي إياه مجرى الوالد منذ خدمني اجتهد

به أن يدعوني إلى داره) فعلق العلامة مرجليوث بقوله: (من أجرائي) ما صورته: (لعله: مع) فنقول: لكون ما في الأصل مستقياً ولان (معاً) تغير المعنى المراد. لا نرى حاجة إلى ترجيح مرجليوث الاستاذ، وتحقيق ذلك: أن (من) قو قول المهدي للتعليل والسببية. فكأنه قال: (احبه بسبب أجرائي إياه مجرى الوالد) ومن هذا الباب قوله تعالى: (مما خطيئاتهم اغرقوا) أي اغرقوا بعلة خطيئاتهم، و (مع) لا تفيدنا هذا التعليل، ونزيد على هذا أن التعبير لا يسير بلا (واو) قبل منذ، لان الجملة مبتدئة مستأنفة فالتصحيح (ومنذ خدمني اجتهد) وعلى هذا يستقيم الكلام. 2 - وورد في ص 423: (يهودي ساحر محذق) فناط به المجمعيون: (كذا في الأصل والظاهر انه ممخرق أي مموه مشعوذ. وفي ياقوت: حاذق) قلنا: ولكن في الطبعة الأوربية: (محذق) 4: 848 فهذه الطبعة أحوى للأصل من غيرها وورد في 424، فخاتل الرجل والغلام وأخذ بأعينهما بسحره) فالصق به المجمعيون: (كذا هنا وفي ياقوت: باعينهما) فنقول: (كذا في مجلتهم وفي الطبعة الأوربية وردت كما في النشوار) ولم يضبطوا (اخذ) فان مصدره التأخيذ أي السحر. 3 - ومر في ص 426: فما سمع برقعة أولى منها وهي في غاية الحسن) فعلق العلامة مرجليوث ب (أولى منها) ما صورته: (لعله سقط: بان تحفظ) وفي هذا من التكلف ما لا يخفى على العرب لان منحها الأولوية بالحفظ لا يقوم على حق ولا على استرجاح، والظاهر أن المواد ب (أولى) ههنا: اكثر عائدة من قولهم: (هو أولى للمعروف وما أولاه للمعروف! (والدليل على ما قلنا قوله في المنصب الديواني الذي نيل بهذه الرقعة (وبقي يتوارثونه مرة رياسة ومرة خلافة فما سمع برقعة أولى منها) وقبل هذا (وصار كالمتقلد له من قبل الوزير لكثرة استخدامه له فيه وكانت هذه الرقعة سبب ذلك). 4 - وجاء في ص 427: (بين وحشي الكلام فأنيسه) فقال المجمعيون: (في معجم الأدباء وانيسة، ولعله: وانسيه) قلنا: إذا جازت الوحشية على الكلام جازت المؤانسة كما جازت على الكتاب المجالسة في قوله: (وخير جليس

في الزمان كتاب) فإنه لم يكن خير جليس إلا بأنه احسن أنيس. 5 - وورد في ص 429 قول الشاعر: (يا هرل سو شيخ الوسخ) فقال مرجليوث الأستاذ: (قال في محيط المحيط: الهرل ولد المرأة من زوجها الاول) قلنا: لإضافة الشاعر (الهرل) إلى رابه أي مربيه ينبغي أن يفسر ب (الربيب) قال في المختار (وريب الرجل ابن امرأته من غيره وهو بمعنى مربوب والأنثى ربيبة) فحمد بن أبي بكر (رض) مثلا ربيب الإمام علي (ع). 6 - وجاء في ص 531: (ولا آمن أن يقع علي حيلة في ديني فاهلك) فعلق مرجليوث ب (حيلة) ما نصه: (لعله: خلل) وهذا وان كان له وجه في ذاته فانه لا يلائم الحاجة لان هذا القاضي صاحب القول لم يخف من الخلل الظاهر بل من الخلل المغطى بالحيلة فهو يشعر بالخلل فيتجنبه وقد لا يشعر بالحيلة فيهلك على ما اعتقد هو. 7 - وفي ص 432: (وجميع ما فر خزانتي ثلاثون ألف دينار عيناً وهذا لا يقع مني) قال مرجليوث: (يريد لا اعتد به) قلنا: ليس هذا بشيء فانه يعتد به لكنه لا يسد حاجته فليس كل قليل لا يعتد به، وقد روى المبرد في 1: 16 من كامله أن علياً (ع) لما خطب العراقيين بالنخيلة يحثهم على النفور إلى الحرب قام إليه رجل ومعه أخوه فقال: (يا أمير المؤمنين أنا وأخي هذا كما قال اله تعالى: رب أني لا املك إلا نفسي وأخي، فمرنا بأمرك فوالله لننتهين إليه حال بيننا وبينه جمر الغضا وشوك القتاد) فدعا لهما ثم قال لهما: (وأين تقعان مما أريد) فهنا اصل التعبير ثم تحول إلى ذلك الطور. 8 - وورد في ص 433: فحصل الثمن ستة وثلاثون ألف دينار عيناً) فناط المجمعيون ب (ثلاثون) ما صورته: (كذا في الأصل). لا اقل ولا اكثر وهذا التعبير ليس عندنا بالوجه لان (ثلاثون) يجب نصبه على انه حال من الثمن وفعله أما من الحصول وأما من التحصيل أي التعديد ومنه قول إبراهيم بن المهدي على ما في 1: 269 من الأغاني: (فالصوتان واحد لا ينبغي أن نعدهما اثنين عند التحصيل منا لغنائه) أي عد أصواته، وكان يعدها حقاً. 9 - وجاء في ص 434 (فيلبسه من غد في دخوله إلى الخليفة قبل الخلع

فيتركه هناك ويلبس الخلع فوقه) فعلق المجمعيون ب (فيتركه) ما قوامه: (ولعل اصله: يركب أي في المركب) فبقولهم (في الموكب) فسروا ماذا؟. بله أن ما ذهبوا إليه مما وراء العقل فالصحيح انه فعل التبريك والخليفة إذ ذاك ولي التبريك على زعمهم، فلا غرابة في أن يبرك الخليفة ومن اللطائف أن العراقيين اليوم يقولون لللابس لباساً جديداً (مبارك) أي مبارك. 10 - وفي ص 434: على غير تواطئ) وهذا الرسم يستوجب كسر الطاء ولكنه لم يسمع ولا إجازة قياس لان التفاعل لا تكسر عينه بل تضم وشذ من ذلك (التفاوت) قال في المختار (وتفاوت الشيئان تباعد ما بينهما تفاوتاً بضم الواو، ونقل فتح الواو وكسرها على غير قياس) فالصواب (تواطؤ). 11 - وجاء في ص 435: (قال: لما ظلم الناس بواسطة أبو عبد الله احمد ابن علي بن سعيد الكوفي وهو إذ ذاك يتقلدها لناصر الدولة. . كنت أحد من ظلم) فعلق مرجليوث ب (ظلم) ما أصله (بالأصل: تظلم) فاتبعه المجمعيون قولهم: (وتظلم صحيح أيضاً ومعناه شكي (كذا) الظلم) قلنا: ما أصاب مرجليوث في عزوفه عن الأصل ولا توفق المجمعيون في تفسيرهم لان (تظلم) هنا بمعنى (تهضم) قال في المختار (وتظلمه: أي ظلمه ماله) فالفعل إذن مبني للمجهول على هذا الوجه. 12 - وجاء في ص 437: (حتى انتهى إلى موضع معسكر سيف الدولة وكان نازلا في المأصر بواسطة) فعلق مرجليوث بسيف الدولة ما صورته: (لعله: ابن) ولم نعلم سبب هذا الترجيح فقد قال ابن خلكان في 1: 402 من الوفيات: (وكان سيف الدولة قبل ذلك مالك واسط وتلك النواحي) فلا وهم في أن يكون معسكره بواسط ونؤيد هذا بقوله في ص 438 (فلما رأى سيف الدولة الصورة استهولها مع صياح الملاح) وما استهوله سيأتي في المادة 13 وعلق المجمعيون ب (الناصر) ما يفيد انه آلة، والصواب أن يكون اسم مكان كما يرى العربي قال في القاموس: (والمآصر كمجلس ومرقد: المحبس جمعة مآصر. والعامة تقول: معاصر) فسيف الدولة لم يكن نازلاً بالحبل المانع للسفن كما زعم المجمعيون بل بمكان الاصر.

13 - ومر في ص 438: (وقد احترق جوانب الزورق وظلاله واكثر آلته). فقال مرجليوث: (لعله: إطلاله بالطاء المهملة جمع طلل وهو جل السفينة أي شراعها وجمعه جلول وإجلال). قلنا: والأولى بالإثبات ما في الأصل لأنه جمع ظلة كنقطة وهي ما يستظل به ويستذري. أما جمع جل السفينة على إجلال فلا نعرف مسمعه فهل لأحد أن يكفينا تعب الوجدان؟. 14 - وفي هذه الصفحة: (وانتفع ببقية خشبه وحديده ووصل التجار إلى ما سلم من المتاع) والصواب: (ووصل إلى التجار) من الوصول أو التوصيل فوصل معطوف على (انتفع وفاعله إذا ضوعف ضمير الملاح. 15 - وورد في ص 476: (إلى أن وثب حاجب عبيد الله بهم) فقال المجمعيون: (كذا في الأصل والمعروف: وثب عليه) قلنا: ولكنهما عند العرب معروفان كلاهما والمجهول عندهم كان يتكلم به عبيد الله بن عباس (رض) فقد كتب من اليمن إلى علي (ع) كما في 1: 116 من شرح النهج للحديدي: (أما بعد فإنا نخبر أمير المؤمنين عليه السلام أن شيعة عثمان وثبوا بنا واظهروا أن معاوية قد شيد أمره واتسق له اكثر الناس) بل المجهول عندهم معروف عند الإمام علي (ع) فان عبد الله بن قعين الأزدي لما قال لعلي (ع) في الخريت بن راشد الناجي الخارجي: (فل ملا تأخذه الآن فتستوثق منه؟. قال له كما في: 1: 265 من ذلك الشرح: (إنا لو فعلنا هذا بكل من يتهم من الناس ملأنا السجون منهم ولا أراني يسعني الوثوب بالناس والحبس لهم وعقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف) وقد قطعت قول كل خطيب فوثب مثل (سطا) يقال: سطا به وسطا عليه. 16 - وجاء في ص 476 أيضاً: (فأحضرني وأنا مع ذلك أتولى له ديوان ضياعه) فعلق مرجليوث بعد ذلك ما نصه: (لعله: حينئذ) قلنا: والتعليق مقطوع العلاقة لان (مع ذلك) بمعنى (حينئذ) زيادة على أفادتها المصاحبة والمعية فظرفيتها ههنا زمانية ومن ذلك قول المبرد كما في 3: 200 من كامله و 1: 391 من شرح الحديدي: (وكان رجل من أصحاب عتاب يقال له شريح ويكنى أبا هريرة إذا تحاجز القوم مع المساء نادي بالخوارج والزبير) وكرر

هذا الاستعمال كما في ص 230 وهو مستفيض. 17 - وورد في ص 478: (ولم يتصرف في أيام عبيد الله إلى أن مات وهو يتصدق) فعلق به المجمعيون: (تصدق: بمعنى سأل وبمعنى أعطى وأنكر الأصمعي وغيره كونها بمعنى سأل) قلنا: لم يبق من اوجه ما اختلف الرواة فيه إلا وجه العقل فمعنى تصدق هنا: تطلب الصدقات نحو (تأثر: تتبع الآثار و (تخبر: تبحث الأخبار) و (تسقط: تأثر السقطات) و (تقم: تطلب القمام) و (تكسب: تتبع المكاسب) و (توقع: انتظر الوقوع) وغير ذلك كثيراً جداً، فإنكار الأصمعي المسموع المقيس على كلام العرب يستلزم الإنكار. 18 - وجاء في ص 479: (فحين رآني قام إلى قياماً تاماً رجليه وقلت قيلني الوزير أطال الله بقاءه وليس هذا محلي) فعلق المجمعيون ب (قيلني) ما صورته: (ولم نجد في معاني قيل ما يلائم هذا المقام ولعلها محرفة عن قيد من قولهم قيده بإحسانه) قلنا: والأولى أن يكون (ليقلني الوزير) أي (ليعفني) فكأنه قال: (اقلني أيها الوزير) والأول ارق واقرب إلى آداب المجالس. 19 - وورد في ص 481 (: انهم كانوا كلما احتفروا تحته ليتمكنوا من قلبه هوى) فقال مرجليوث: (لعله: لأنه كان) ولا حاجة بالأصل إلى هذا الإصلاح فان ضمير الجمع يعود إلى الفعلة وان لم يذكروا أما التعليل فتكفيه الفاء بأن يقال (فانهم) وهي للتفريع. 20 - وجاء في ص 482: (واثبتا رجالا كثيرة للحماية) فانشب فيه المجمعيون: (كذا في الأصل ولعله بثا أي فرقا ونشرا) وما ادري ما الذي صدف بهم عن الاصل؟ فمعناه: وضعا رجالا، وخلاك ذم. 21 - وورد في ص 486: (فعرقب فرسه وذبحه واشتوى من لحمه وأوقده حتى اصطلى به الضيف) ولم ندر علام تعود الهاء في (أوقده) فلعل الأصل (وأوقد رمحه) على حد قول الشاعر في ص 487: اصدع صدر الرمح في صدر فارس ... وأوقد ما يبقى من الرمح للضيف. 22 - وقال المجمعيون في ص 489: (الوحف: الشعير الكثير الحسن الأسود)، ولعله (الشعر) فان المقام مقام غزل لا علف دواب.

23 - وجاء في ص 490: (قالت أنا سعدي تبدلت بيننا) وهو مخروم وبحره الطويل، ولا وجه لهذا الخرم، وإذ تقدم على هذا: (فأبدت على اللبات وحفاً كأنه) لزم أن يقال: (وقالت). 24 - وورد في ص 490 أيضاً: (هوى المطايا مخرماً ثم مخرماً) فقالوا (جمع مخرم وهو الطريق في الجبل) وليس في الشعر جمع لمخرم وإنما فيه مخرم بالافراد، وورد في ص491: (سوى مخلصات تترك الهام أقعما) بتذكير الهام لا تأنيثه كلاهما جائز إلا أن أبا بكر بن الانباري قال في قول الفرزدق: (يفلقن هاماً لم تنله سيوفاً) كما في 1: 343 من المزهر ما عبارته: (فاحتجب عليه بقوله (لم تنله) وقلت لو أراد الهام لقال: تنلها. لان الهام مؤنثة لم يؤثر عن العرب فيها تذكير ولم يقل أحد منهم: الهام فلقته كما قالوا: النخل قطعته والتذكير والتأنيث لا يعمل قياساً إنما يبنى فيه على السماع واتباع الأثر) اهـ. قلنا: قد نص العلماء على أن كل جمع ليس بينه وبين واحد إلا الهاء يجوز تذكيره وتأنيثه ونعجب من جهل ابن الانباري لهذا وكونه لم يسمع رجز عمار بن ياسر في حرب صفين ومنه قوله يخاطبهم في أمر القرآن الكريم: واليوم نضربكم على تأويله ... ضرباً يزيل الهام عن مقيله وناهيك بعمار صحابياً فصيحاً وبرجز شهيراً مستفيضاً. هذا ما تمكنا منه وتركنا الأغلاط المطبعة. مصطفى جواد (لغة العرب) لنا مطالعات على ما جاء في الجزأين السابع والثامن من المجلد العاشر من مجلة المجمع العلمي غير ما ذكره حضرة الأستاذ مصطفى أفندي جواد، إلا أن ازدحام المقالات في جزأنا هذا وهو الجزء الأخير من هذه السنة، لان الجزأين الحادي عشر والثاني عشر موقوفان للفهارس، حملنا على أن نجعل الكلام ونقول: أن أوهام الطبع كثيرة في نص نشوار المحاضرة في هذه المرة. وان ما ذكر عن تسمية النهروان مضحك للغاية وكان يجب على مقومي أود النشوار أن يعلقوا عليه بقولهم: هذا وهم ظاهر والصواب أن النهروان مركب من نهر الإيوان لا غير ونجلب نظر المحررين والمصححين أن يراجعوا في جزأنا هذا في ص 757 ما كتبناه عن الاسناية ليتضح معناها.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة ماء السمرمر جواباً عن كتابكم الكريم المؤرخ في 8 - 6 - 1930 وفيه السؤال عن (ماء السمرمر). أقول قال صاحب (مرآة البلدان) 4: 229 و 230 ما هذا تعريب نصه: (زعم بعض المؤرخين والكتبة أن اثر ماء هذه العين هو دفع الجراد بواسطة طير السار (السمرمر). قيل أن في قرب جبل (دنا) وهو من الجبال المشهورة جبلا شامخاً بين (فارس) والعراق العجمي وهذا الجبل بوضعه الطبيعي يشبه قنطرة وقعت على عمودين ويجر من سفحه نهر كبير وتنبع عين من جبل (دنا) وتجري على الجبل (أي على القنطرة المذكورة) ومن طرفيه يتصل إلى النهر، ومتى انتشر الجراد وخيف من فساده يأتي إليها رجل ويأخذ إناء من ماءها وشرط هذا العمل: - 1 - أن ينوي رش الماء على الأرض التي ظهر فيها الجراد ويقول بلفظه أريد أن يأتي (السار) إلى هذه الأرض والناحية - 2 - وان لا يضع الإناء على الأرض) اهـ. (أقول وهذا السبب في تعليقه بمئذنة جامع حلب كما في تاريخها. وإذا فعل ذلك يأتي على أثره طير السار وهو طير صغير يدفع الجراد). وقال صاحب مرآة البلدان وفي سنة 1066هـ زار الشاه عباس الصفوي هذه العين وعين ماء أخرى في ناحية قزوين اهـ. أقول: يسمى مكانها (برغان) وما جاء في معجم سميث ص 212 والظاهر انه مقيم في ديار ماذي في واد من أودية جبال الأهواز المعروف بوادي المسرقان (بفتح الميم وإسكان السين وضم الراء وفتح القاف وفي الآخر نون) لعله تحريف حدث من تشابه كلمة (برغان) التي تكتب بالقاف أيضاً (بمسرقان)

إذا قلنا أن طير السار يقيم على الأغلب في جوار العين التي فيها ماؤه. ولما ورد إلى كتابك الكريم، اتفق أن زارني الدكتور (أمير) اعلم عضو البرلمان الفارسي واحد متخرجي جامعة (باريس) الكبرى وهو عائد من درس أسباب الزلزلة التي حدثت في سلمان، ومعه دكتران من أصحابه، وفخامة حاكم زنجان، ميرزا جعفر خان نوري موفق الدولة. ولما كان قصدي أن اسند الجواب إلى المصادر الصحيحة، دار البحث معه أولا من ناحية وجود سبب طبيعي لجلب هذا الماء طير السمرمر إليه وكشفه، فانتهى البحث أن تحقق أولا هل تحقق هذا الإثر لهذا الماء، وهل جربه الثقاب أم لا. فبعث فخامة حاكم زنجان بكتاب إلى حاكم قزوين وطلب منه تحقيق الأمر من ثقاب قزوين وهاك نص تعريب الجواب الواصل من قزوين بقلم بعض الثقاب وقد جرب بنفسه تأثير هذا الماء: فخامة حاكم قزوين! جواباً عن كتابم في شأن (ماء السار) أي السمرمر أقول: وان توفقت في خاصية ماء هذه العين مع ما شاهدت من الآثار، فإني أبين لكم ما جربته بنفس: في سنة 1348هـ لما هجم الجراد على قوى قزوين الجنوبية استقر رأي جماعة من الأشراف أن يدفع بماء السار) والعين واقعة في جنوب قزوين الغربي ولأجل ذلك توجهت أنا وحاكم قزوين السابق ورئيس البلدية إلى (سكرتاب) والعين واقعة ميل منها ثم انتخبنا جماعة من شيوخ القرية الصالحين فذهبوا وملئوا إناءين من مائها وجئنا بهما بالشروط المقررة من عدم نظر حاملهما إلى الوراء وعدم وضع الإناء على الأرض، وصينا ماء أحد الإناءين على حوض دار الحكومة وبعد ثلاثة أيام ورد طير السار أسراباً. وماء الإناء الآخر رش على مزارع قرية (قاقزان) وبعد أربعة أيام ورد الطير وافترس الجواد عن آخره. خادم الدين صدر الإسلام ثم نوجه نظركم الدقيق إلى أن قول باين سميث في ص 2012 في معجمه (والارميون إذا قالوا ماذي أرادوا بها في اغلب الأحيان جبال الأهواز وما

والاها) اشتباه على ارجح في نظرنا لان مملكة ماذي المشهورة في اصطلاح جغرافيي العرب كابن حوقل والمقدسي وغيرهما بالجبل أو بلاد الجبال هي العراق العجمي وليست جبال الأهواز. ويدل عليه قول (استرابون) الجغرافي اليوناني الشهير أن ميديا أو ماذي تقسم إلى ماذي الكبيرة وعاصمتها (اكباتان) أي (همذان) وذكر حدود تلك المملكة (أي ماذي الكبيرة) بما يحصل منها اليوم إنها تحد من طرف الشمال (بجيلان) و (مازندران) ومن الشرق ببلاد (اري) طبرستان ومن الجنوب بجبال كرند ولرستان الحالية ومن المغرب ببلاد الأرمن وأما (ماذي الصغيرة) فهي على ما ذكر تنطبق حدودها على أذربيجان وكانت تسمى (تروباتين) وقد فضل القول فيها (استرابون) في كتابه في الجغرافية وقد ذكرها (بلينوس) الحكيم الطبيعي المعروف في كتب العرب باسم (سلساس) المصحف الذي هو صاحب التأليف في علم الطبيعة والنجوم والجغرافية وغيرها وهو أيضاً ذكر أن حدها الجنوبي (فارس وخوزستان) والثانية معروفة ب (سوزيانة) في لسان قدماء الجغرافيين. وكان تعريب كلام زكريا بن محمد بن محمود القزوبني صاحب كتاب عجائب المخلوقات وتعريب كلام حمد الله المستوفي في القزويني منقولاً في مقالتنا ثم ورد الجزء الثامن من لغة العرب ورأينا في جواب الأستاذ النفيسي غنى عنه. زنجان: أبو عبد الله الزنجاني نزيب ونصيبين جاء في مجلتكم (ج 8 ص 624 لهذه السنة) عند البحث نصيبين ونزيب أن نصيبين: (. . . واقعة على الفرات واشتهرت في سنة 1893 بانتصار إبراهيم باشا على الترك). وهذا سهو ظاهر. إذ أن البليدة التي انتصر قربها جيش إبراهيم هي (نزيب) وهي قرب عينتاب (كذا. لعله يريد عين تاب) في الشمال الشرقي من حلب. وأما نصيبين فاشهر من أن تذكر من بلاد الجزيرة في الشمال الغربي من الموصل والجنوب الشرقي من ماردين بعيدة عن الفرات بعداً شاسعاً. الدكتور داود الجلبي

(ل. ع) كان علينا أن نذكر أن العرب عرفوا ثلاث مدن باسم نصيبين كما قال ياقوت: إحداهما في الجزيرة وهي أشهرهن. والثانية نصيبين الفرات أو نصيبين الروم. والثالثة نصيبين سورية وهي التي يسميها الترك نصيب وبعضهم يجاري الإفرنج فيقول نزيب وبيدنا أطلس عثماني طبع في استنبول سنة 1323 واسمه: (ممالك عثمانية جبب اطلاسي) لصاحبه (تجار زاده إبراهيم حلمي) وقد جاء في الخريطة الخاصة بجلب (الخريطة 30) اسم (نصيب) وهذا يدل دلالة صريحة على أن الترك كانوا يقولون (نصيب) تميزاً لها من (نصيبين) وأما (نزيب) فهو اقبح الأسماء لأنه مأخوذ عن الإفرنج وهذا لا يجوز لنا وكيف يجوز أن نسمي بلادنا باسامي نأخذها عن الإفرنج أو الترك أو غيرهم من الامم؟ فنحن لا نوافق حضرة الدكتور على هذا العمل لأنه يطمس فؤاد قوميتنا اهـ. حبة الشرق هي البلجية وجاء في الصفحة نفسها (اعني ج 8 ص 624) وتكرر في (ج 9 ص 708) أن حبة الشرق تسمى بالعربية (العد) و (الوحص). وليس كذلك. فالعد والوحص والتقطير أو النفاطير كلها تعني حب الشباب، ويقابلها باصطلاح الإفرنج أو وهي بثور. أما حبة الشرق فهي قرحة في معظم أدوارها والفرق بين البثرة والقرحة معلوم عند أربابه (كدا) وسميت حبة الشرق (البلحية) أو (القرحة البلحية) نسبة إلى البلح بالتحريك وهو لغة تمر النخل بين الخلال والبسر، وفي بعض البلدان كمصر هو التمر بعينه. ومن المعلوم أن هذه القرحة تكثر في اغلب البقاع التي يكثر فيها النخل فتوهموا وجود ملازمة بينهما وبين التمر. ومن (القرحة البلحية) اخذ الترك تسميتهم فقالوا: (خرما جيباني) ومعناه دمل التمر. (ل. ع) لم يذكر حضرة الدكتور سنده في أن (العد) و (الوحص) و (التفاطير) شيء واحد. وعندنا أن الذي أستزله هو أن الترك ذكروا في معاجم الطبية مقابلا لا كنة، الفرنسية هذه الألفاظ: (عد، اركنلك، حب البلوغ (يموزده ظهور أيدن سيولجه لر) (عن لغات طب، فرانسزجه دن تركجه يه - اثر جميت طبيهء عثمانية - ص 11) ثم جاءت سائر المعاجم ونقلت عن هذا المعجم ما فيه المفردات الطبية. ونحن نعلم أن الترك غي ثقة في كلامنا. وكيف يكون (العد): (اكنة). والعد على ما في اللسان: بثريكون في الوجه، عن ابن جني. وقيل: العد والعدة: البثر يخرج على وجوه الملاح. قال: قد استكمت العد، فأقبحه، أي ابيض رأسه من القيح فافضحه حتى تمسح عنه قيحه. قال: والقيح، بالباء: الكسر اهـ. فأنت ترى من هذا التفصيل أن العد ليس بالتفاطير بل حبه الشرق. وهناك لهذه التسمية وهو أن العد (بضم الاول) معناه المعدود كما

أن جلب الرحل (بضم الجيم) معناه حنو أو ما انحنى منه المحني منه (راجع المخصص 15: 75 إلى 99) وسمي عداً لان أيامه معدودة أي سنة يسميه كثيرون حب السنة والفرس سالك وهي منحوتة من (سال يك) أي سنة واحدة. وأما سبب تسمية هذه الحبة بالوحص، فلأن الوحص لغة في الوهص والوحص والوهص والوهس والوهز واحد، وهو شدة الغمز على ما ذكره صاحب اللسان، وسبب هذه التسمية واضح لان هذه الحبة تبقى أثراً في الجلد على ما هو مشهور عنها. أما النفاطير أو التفاطير فقد صرح الشارح بقوله: (هي البثر الذي يخرج في وجه الغلام والجارية. قال الشاعر: نفاطير الجنون بوجه سلمى ... قديماً لا تفاطير الشباب والبثر عند الأقدمين من السلف لم يكن محصوراً بمعنى التنفط، بل ورد عندهم بمعنى الورم والدمل والخراج والقرح، أي أن معناه كان واسعاً. وعندنا شواهد على ذلك وإنما أهملناها لشهرتها وحرصاً على الوقت وتوفيراً للمكان في المجلة. أما أن حبة الشرق (تكثر في اغلب البقاع التي يكثر فيها النخل) فينقضه وجودها في بلاد ليس فيها نخيل كدلهي وأصفهان وبنجاب وحلب إلى غيرها من الديار. وهناك ما هو بالعكس فان البصرة وثغور خليج فارس كثيرة النخل والحبة فيها مجهولة. وتسمية الترك لهذه الحبة (خرما جيباني) بمعنى دمل التمر هو حديث الوضع. والدليل أن معجم الجمعية الطبية التركية الذي ذكرناه فويق هذا يقول (ص 117): (حلب جيباني ياخود حبه السنة) ولم يذكر ما ذكر حضرته. وفي المعجم الفرنسي التركي لا ندون ب. طنغر وكرقور سنابيان في المادة المذكورة: (قمعولهء حلب، حلب جيباني) ولم نجد من قال خرما جيباني ولعل ذلك في كلام بعض عوام الترك في الموصل وكركوك والسليمانية وأنحائها. والبلحية بالحاء المهملة لا وجود لها في الكتب الطبية، فضلا عن كتب اللغة والأدب ووجودها في قانون ابن سينا من خطأ الطبع بلا أدنى شك إذ مطبوعات مصر مشهورة بكثرة السقط والوهم بخلاف ما يطبع اليوم. وابن سينا لم يعش في بلاد كان فيها التمر أو البلد حتى يرى الصلة الوهمية بين الحبة وما توهم إنها البلحية، إنما أبوه كان من بلخ ثم انتقل منها إلى بخاري. وبلخ يومئذ مشهورة بقرحة تعرف باسمها أي بلخية (بالباء الموحدة واللام والخاء المعجمة) فتسميته القرحة باسم المدينة التي كان يسمع عنها من أبيه شيئاً كثيراً هي اقرب إلى الحق من تسميتها بالبلحية ثم لو فرضنا أن ابن سينا وضع من عنده البلحية لسماها عوام مصر. ومثل ابن سينا لا يضع ألفاظاً يأخذها من السنة عوام مصر!!! على إننا نظن أن البلحية (بالحاء المهملة) خطأ بلا ريب، لان الناشر كان يفهم البلحية بالمهملة وما كان يفهم البلخية بالمعجمة. ولهذا طبعها بالصورة التي يعرفها ويسمعها. أما البلخية بالمعجمة التي هي اللفظ الصحيحة والتي لا غبار عليها كما تقف عليها في جوابنا هذا فذكرها العرب وعلماؤهم منصوصاً عليها بالخاء المعجمة فأين النص الصريح من الاستنتاج

الوهمي. ثم هيهات أن تكون البلحية دملة الشرق، إذ وصفها لا يتفق أبداً ووصف حبة بلادنا، فهي ليست بها ونحن نستبعد أن تكون إياها وان لم نكن من أبناء اسكولابيوس ولعل البلخية هي دملة الحلاف المعروفة عند الإفرنج باسم هذا رأينا نعرضه على الأطباء فلعلهم يجلون هذه القرحة البلخية المنسوبة إلى مدينة بلخ لا إلى البلح بمعنى التمر. (ولا يجوز أن يترك المنقول إلى ما ليس بمنقول) (ابن أبي الحديد 382: 3) اهـ. وقد ورد ذكر البلحية في قانون ابن سينا (طبعة المطبعة العامرة ج 3 ص 288) حيث قيل: (والبلحية من جنس السعفة الرديئة وربما كان سببها لسعاً مثل البعوض الخبيث). حيى (كذا. لعلها حيا) الله ابن سينا وإضرابه. فقد أيد فن الطب الحديث قولهم إذ تحقق أن سب البلحية لسع نوع من البعوض. (ل. ع) وجود البلخية بالمعجمة لهذه الحبة لو صحت لا ينفي وجود سائر لسمائها وهل يجهل حضرة الدكتور كثرة المرادفات في لساننا؟. وجاء تعريف البلحية في المعلمة الطبية العربية الموسومة ببحر الجواهر للهروي هكذا: (البلحية هي قروح مع بثور وخشكريشات وسيلان صديد وهي متولدة من عض بق البلح. ولذا سميت به). أن هذا الوصف ينطبق تمام الانطباق على حبة الشرق ولا يدع مجالا للشك (كذا) غير أن بحر الجواهر هذا لم يطبع إلى الآن على ما اعلم سوى في الهند (كذا. لعله يريد في سوى الهند) وفي هذه الطبعة الهندية وردت كلمتا البلحية والبلح بصورة البلخية والبلخ بخاء معجمة. ويظهر أن هذا من جهل النسلخ. فالتبس من هنا البلح أي التمر ببلخ إحدى مدن تركستان وهي ضمن مدن أفغانستان الآن. يظهر أن هذا الالتباس قديم وقد تمكن في الكتب وفي أدمغة الأطباء القدماء الذين أتوا بعد عصر ابن سينا وأبعدهم عن حقيقة المراد بهذا المرض وجعلهم يخبطون في تعرفه خبط عشواء. ففي شرح الأسباب لنفيس بن عوض ما نصه: (البلخية سميت بها لكثرة حدوثها في بلد بلخ. وهي قروح مع بثور وخشكريشات وسيلان صديد. وهي من جنس السعفة الردية. ولذلك تأكل ما حولها بالفساد ويحدث معها الخفقان والغشي لوصول خبثها وعفونتها بطريق الشرايين إلى القلب. وربما كان سببها لسع دويبة مثل البعوض الخبيث والرتيلاء. وعلاجها علاج السعفة الرديئة. وينفعها خاصة أن تطلى بالطين والخل دائماً حتى يجففها قشراً

قشراً وينتهي إلى العظم الصحيح). يرى أن المؤلف اخذ كلام ابن سينا القائل: (البلحية من جنس السعفة الرديئة وربما كان سببها لسعاً مثل البعوض الخبيث) فأضاف عليه (كذا) وحشاه ونسب المرض إلى أن بلخ مسوقاً بنقطة الخاء. ومنه اخذ داود الانطاكي مع تحوير (كذا). فقد جاء في تذكرته (طبعة مصر ج 2 ص 38): (وأما البلخية وهي بثور وجدت أولا ببلخ ثم تقلت كالحب الذي وجد بالفرنجة فسمي فسببها حرارة غريبة دفعتها الغريزية عن القلب فقرحت ما حولها من غشاء الأضلاع والصدور ومن ثم يصحبها غشي وخففان وقد يتآكل منها حجاب الصدر فتقتل فمتى اسود الخارج أو احمر فلا علاج) اهـ. إن هذين التعريفين مضطربان جداً لا يمكن أن يميز الطبيب ما أراد بهما صاحباهما أراد القرح الحلاقية (قروح السفليس) أم تسوس الأضلاع (من عصية كوخ) أم الجمرة الحميدة أم الجمرة الخبيثة. ولا يمكنني الآن اكثر من مراجعة سائر الكتب الطبية التي تركها لنا السلف لأني في بغداد وكتبي في الموصل. ومن المحتمل إننا إذا أكثرنا المراجعة نجدهم قد كتبوها (بلخية) بالخاء المعجمة. لان الالتباس قد وقع قديماً. ولكن هذا لا يعني أن البلخية هي الصحيحة. وأني ارجح (البلحية) بالتحريك وبحاء مهملة للأسباب الآتية: أولا - أن حبة الشرق تكون في الغالب في البلاد ذات النخيل فيظهر انهم توهموا مناسبة بين البلح (التمر) وبين هذه القرحة فسموها بالقرحة البلحية أو لأنهم علموا إنها متولدة من عض بق عرفوه باسم (بق البلح) كما جاء في تعريف بحر الجواهر أعلاه إذ قال: (. . . وهي متولدة من عض بق البلح ولذا سميت به). (ل. ع) راجع ما كتبناه في دفع هذا الوهم إذ هناك بلاد كثيرة النخل وليس فيها هذه الحبة.

ثانيا - لو أراد صاحب بحر الجواهر بلده بلخ لما قال (بق البلخ) بل قال (بق بلخ) لان بلخ لا تدخلها الألف واللام. (ل. ع) أن الأعاجم كثيراً ما يدخلون (آل) على الأعلام الخالية منها فليراجع هذه المجلة 8: 382 وعمران بغداد للسيد محمد صادق الحسيني (في ص 5 و 9 إلى غيرها) ثالثا - عرف ابن سينا البلحية بأنها من جنس السعفة الرديئة. ومعلوم انهم يقصدون بالسعفة أمراض جلد الرأس والوجه. وحبة الشرق أو الأخت، كما يسميها العراقيون، تظهر في الوجه على الأغلب. (ل. ع) السعفة في كتب الطب: قروح في أصول شعر الهدب تجعله محرقاً كأصول سعف النخل تذكرة داود) وفي اللسان: السعفة: قروح في رأس الصبي. وقيل: هي قروح تخرج بالرأس، ولم يخص به رأس صبي ولا غيره. وقال كراع: داء يخرج بالرأس ولم يعنيه. وقد سعف (على المجهول) فهو مسعوف. وقال أبو حاتم: السعفة يقال لها داء الثعلب تورث القرع. والثعالب يصيبها هذا الداء فلذلك نسب إليها) فأين السعفة من حبة الشرق؟. رابعاً - أن ابن سناتركي عاش في تركستان وتجول فيها وفي إيران كثيراً فهو اعرف الأطباء ببلاده سيما (كذا) ما يخص الأمراض. فلو كانت هذه القرحة منسوبة لبلخ لما تأخر عن ذكر ذلك. (ل. ع) ونحن نقول: أن حبة الشرق معروفة في العراق منذ اقدم الازمنة، واشتهر في العراق أطباء لا يحصون لكثرتهم ولم نجد من قال إنها معروفة فيه أو سماها باسم اشتهرت به. أفهذا دليل ينقض جودها في سابق الزمن؟ ولم نجد من سماها بحبة حلب سوى الإفرنج. فما يقول حضرته؟ ونحن لا نظن أن كلمة (بلحية) صحيحة ولو كانت كذلك لذكر ابن سينا منسوبة إلى البلح لوجودها في البلاد التي يكثر فيها البلح. وإنما نفضل رأي من يقول أنها بلخية لان جماعة من الأطباء ذكروا أنها منسوبة إلى بلخ المدينة المشهورة بنص صريح. ولم يصرح أحد أنها منسوبة إلى البلخ بمعنى التمر فالنص يقتل الوهم والاستنتاج

والتخريج وما كان من هذا القبيل. خامساً - يفهم من تعريف نفيس بن عوض وداود الانطاكي لبلخيتهما انهما أرادا أما الصموغ والقروح الحلاقية (الإفرنجية) أو تسوس الأضلاع أو الجمرة الحميدة أو الجمرة الخبيثة. وهذه كلها أمراض منتشرة في جميع العالم منذ القدم لا يمكن حصرها ونسبتها لبلدة بلخ. (ل. ع) لكن قد ينسب شيء إلى بلد دون بلد آخر لعله نجهلها فقد ذكر العرب: طواعين الشام، وطحال البحرين، وحمى خيبر، وعرق مكة، ووباء مصر، وبرسام العراق، والنار الفارسية إلى غيرها. وهي موجودة في بلاد أخرى. اهـ. سادساً - لم نسمع في زماننا بقرحة خاصة ببلخ ولم نقرأ في كتب الطب الحديث شيئاً من هذا القبيل. مع أن أطباء هذا العصر ذكروا أمراضاً خاصة ببعض بقع من أواسط أفريقيا (كذا) وأقصى الشرق والغرب كالفرمبوازية وقدم مادورا والبري بري وغيرها وغيرها مما لم يذكره الأقدمون. (ل. ع) ذكر السيوطي في كتابه الكنز المدفون والفلك المشحون المطبوع في المطبعة العثمانية في مصر في سنة 1303 ص 128 في عرض كلامه على ما خص به كل بلد: (قروح بلخ) بعد أن ذكر قبيل ذلك (دمامل الجزيرة) التي هي عندنا ما نسميها بالأخوات والوحص والعد فاشتهار بلخ بقروحها نسف ما بناه الدكتور من أوله إلى آخره من غير أن يبقى منه أثراً. سابعاً - كثرة تكرار الغلط في النسخ لا يكون دليلا على صحته. فأنك لا تكاد تجد نسخة من كتب الطب القديم إلا وفيها كلمة (قرانيطس) بالقاف و (شقاقلوس) بقافين حين أن الصحيح هو (فرانيطس) بالفاء، وشفاقلوس) بفاء بعد الشين. لأنهما كلمتان يونانيتان و (ل. ع) وبهذا الدليل ننكر عليه عدم وجود البلخية ولا نسلم له بأنها البلحية. وهذه أن وجدت بهذا اللفظ والضبط ليست أبداً بحبة الشرق في شيء أي أن البلحية غير البلخية وغير دمامل الجزيرة.

ثامناً - تسمية الترك لحبة الشرق (خرما جيباني) يدل على انهم ترجموا (القرحة البلحية) ترجمة من القديم. (ل. ع) بينا ضعف هذا القول قبل هذا فليراجع. اهـ. هذا ما عن لي في هذا الباب. وأني أرجو من المطالعين أن يأيدوني (كذا) في هذا الرأي إذا استحسنوه وجدوه صحيحاً أو يرشدونا للصحيح. الدكتور داود الجلبي رد تهمة وقعت من غير قصد كان الدكتور ف. كرنكو قد كتب في هذه المجلة (8: 450) كلاماً حول ترجمة القوصونيين التي كنت نشرتها في مجلة عينها جاء فيه: (إن القوصوني منسوب إلى الأمير قوصون. . وهو أحد السلاطين الجراكسة في مصر، وكان من مألوف العادة أن المماليك يتخذون اسامي مواليهم في النسبة). فأراد الفاضل عبد الله مخلص أن يصحح كلمة جاءت في هذا الكلام فقال: (في ج 9 ص 699 من هذه السنة) ما نصه: (أما هذه النسبة فكمأ قال الدكتور سالم (يريد الدكتور فريتس كرنكو) ترجح أن يكون إلى قوصون الرجل أحد أمراء دولة المماليك لا من سلاطينها كما زل به قلم الدكتور الجلبي. . .) فيظهر أن حضرة الكاتب كتب ما كتب ولم تكن أمامه المجلة وخانته ذا كرته فنسب إلى كلام غيري وبرأ قائله. أما أنا فكنت نقلت القوصونيين ولم أتصد لتعريف قوصون. فليراجع كلامي. على أني اشكر الفاضل عبد الله مخلص على تتبعاته وإتحافنا بفقرات من تاريخ ابن اياس تخص الموضوع وتزيده إيضاحاً. بارك الله فيه. الدكتور داود الجلبي الأب انستاس ولحن الحديث جاء في لغة العرب (8: 631): (ونحن نرى بين الأدباء السادة من إذا تعرض لمثل هذا التأليف، عثر عثرات هائلة، فلا عجب بعد هذا، إذا زلت السيدات، وهفون هفوات. فذلك مما يستحسن فيهن، فقد قال أسماء

الفزاري (كذا): منطق رائع وتلحن أحيا ... ناً وخير الحديث ما كان لحناً) فيرى الأب صاحب المجلة أن المقصود من هذا البيت اللحن الذي هو الغلط في الكلام، ولكن أساتذة الأدب نبهوا على هذا البيت، واللحن المستحسن من المرأة هو الظرف، والفطنة، والكناية، واللغز، لا اللحن الذي هو خلاف الصواب. وأول من أشار إلى هذا المعنى في تأليفه السيد المرتضى: قال يحيى بن علي المنجم: قال: حدثني أبي قال: قلت للجاحظ: أني قرأت في فصل من كتابك المسمى بكتاب البيان والتبيين (1: 82 من طبعة المطبعة السلفية) إنما يستحسن من النساء اللحن في الكلام، واستشهد ببيتي مالك بن أسماء الفزاري: وحديث ألذه هو مما ... ينعت الناعتون يوزن وزنا منطق صائب وتلحن أحيا ... ناً وأحلى الحديث ما كان لحنا قال هو كذلك فقلت: أما سمعت بخبر هند ابنة أسماء بن خارجة مع زوجها الحجاج، حين لحنت في كلامها، وهي عنده. فقال تلحنين وأنت شريفة في بيت قيس؟ قالت: أما سمعت قول أخي مالك لامرأته الأنصارية؟ قال: ما هو؟ قالت: قال: وحديث. . . الخ قال لها الحجاج: إنما عنى أخوك: أن المرأة فطنة، فهي تلحن بالكلام إلى غير الظاهر بالمعنى، لتستر معناه، وتوري عنه وتفهمه من أرادت بالتعريض كما قال الله عز وجل: (ولتعرفنهم في لحن القول) ولم يرد أخوك الخطأ من الكلام، والخطأ لا يستحسن من أحد. فوجم الجاحظ ساعة، ثم قال: لو سقط إلي هذا الخبر اولا، قلت ما تقدم. فقلت له: فأصلحه. فقال الآن، وقد سار به الكتاب في الآفاق. وفي الحديث: (لعل أحدكم يكون ألحن بحجة من بعض) أي افطن لها وأغوص بها، إنما يسمى التعريض لحنا، لأنه ذهاب بالكلام إلى خرف جهته. فهذا خلاصة هذا الفصل ومن أراد التوسع فعليه بكتب الأدب، فلا عتب

على الأب بعد هذا فقد سبقه إليه أمام البيان الجاحظ. الشطرة: ر. ش (لغة العرب) كنا قرأنا كل ذلك في كتب الأدب. ولكن المقام الذي وجدنا فيه مقام يوجب علينا اتخاذ أحد المعنيين المذكورين في كتب الأدب دون الآخر. وقد ذكر الجاحظ في البيان والتبيين (في 1: 82 من طبعة المطبعة السلفية) كلاماً طويلاً ترسل فيه ترسلا، بين فيه أن اللحن واللثغة وبعض كتاب الصبيان تستحسن في البنات في بعض الأحوال وتستقبح في أحوال أخرى. إذن فالتمسك بمعنى دون معنى يعد من سقط المتاع وما كان في نيتنا أن ندرج هذا الاعتراض لضعفه، إلا أن وقوع مثله ونظائره في خلد بعضهم أهاب بنا إلى درجة ورده خوفاً من أن يسري هذا الوهم وأشباهه إلى قوم لا يتبصرون في ما يقرءون، ولا يميزون ما يطالعون. كوت العمارة وليس كوت الإمارة ليعقوب أفندي نعوم سركيس جلد في تتبع الاخبار، وتمحيص الحوادث، ومن حسنات يراعته انه إذا تناول مبحثاً من المباحث، يوفيه حقه من التهذيب والتحقيق بصورة لا يترك معها مجالا لمدقق، ولا قولا لباحث، وهذا ما يشكر عليه. ومن مباحثه الحديثة الشائقة: (العمارة وكوت العمارة)، وقد أصاب كبد الحقيقة بقوله: (كوت العمارة وليس كوت الإمارة). ولما كنت أحد الكتاب الذين تتبعوا هذا البحث، ودونوا عنه نتفاً من وصف ومشاهدات كبار الرحالين والمؤرخين، في القرن الماضي. رأيت أن اذكر ما فات حضرة الكاتب المدق: جاء في كتاب بين النهرن وآشور لمؤلفه فرازر ص 29 - 30 الطبعة الثانية، في مدينة ادنبرج عام 1842 ما تعريبه: (بعد أن يجري دجلة بين خرائب طيسفون وسلوقية يندفق في ارض غريلية عميقة ويصب في مستنقع أيضاً. ولا تختلف ضفتاه عن ضفتي الفرات. وهناك على طول النهر تلال ورواب تمثل مساكن الأقدمين، ويتخللها مضارب العرب،

وأكواخهم، وعدة قرى كبيرة، وأعظمها كوت العمارة وقد أطلق اسمها (أب البلدة) على ذلك النهر حتى القرنة حيث يقترن النهران العظيمان ويتألف منهما شط العرب). بغداد: رزوق عيسى في الأمالي اللغوية 3 - قال السيوطي في 2: 199 من المزهر: (أردت أن أجدد إملاء اللغة واحييه بعد دثوره فأمليت مجلساً واحداً (في سنة 872 كما ظهر لنا) فلم أجد له حملة ولا من يرغب فيه فتركته وآخر من علمته أملي على طريقة اللغويين أبو القاسم الزجاجي له أمال كثيرة في مجلد ضخم وكانت وفاته سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ولم اقف على آمال لا حد بعده) قلنا: أملي بعد الزجاجي الشريف المرتضى وفي آخر أماليه: (هذا آخر مجلس أملاه الشريف المرتضى علم الهدى ذو المجدين أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي رضي الله عنه ثم تشاغل بأمور الحج) وقال ابن خلكان في 1: 365) من وفياته عنه. (وله الكتاب الذي سماه الدرر والغرر وهي مجالس أملاها تشتمل على فنون من معاني الأدب تكلم فيها على النحو واللغة وغير ذلك وهو كتاب ممتع يدل على فضل كبير وتوسع في الاطلاع على العلوم) ثم قال: (وكانت ولادته في سنة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وتوفي يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الاول سنة ست وثلاثين وأربعمائة ببغداد ودفن في داره عشية ذلك النهار) قلنا: ثم نقل قبره إلى كربلاء. 4 - وورد في (5: 95) من لغة العرب قول الرصافي: (وأما آخره كالسالم) والصواب: (فكالسالم) لان جواب (أما) يربط بالفاء كائناً ما كان وورد في ص 347 قوله: (الفعل المضارع هو ما دل على حدث مقترن بزمان الحال أو الاستقبال) والصواب أن يقول: (مقترن بزمن الماضي مثل: لم يذهب ولما يذهب أو الحال مثل: ما يذهب وأنني لأذهب. أو الاستقبال نحو: سأذهب ولن يذهب أو كلا الأخيرين نحو: اذهب) فهذا هو الصحيح. وفي ج 1 ص 217 من المزهر: والمضارع كذلك وهو مشترك بين الحال والاستقبال) ولم يذكر مشاركة الماضي فيه ولكن تعريفه مقارب. مصطفى جواد

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة تفاني س - مرسيلية - ي. م: أوردتم غير مرة أن لفظ (تفاني) غير عربي فهل تعنون حضرتكم أن أهل العربية قد نهوا عن بناء صيغة (تفاعل) من ذلك من مادة فني فلا يستقيم لنا إلا أن ننتهي بنهيهم؟ أم تريدون انه لم يسمع منهم إفراغ ذلك اللفظ في هذه الصيغة فيلزمنا الوقوف عندما قالوه؟ فان كان مرادكم الوجه الاول فما احرانا بالسؤال: هل لاح لنذركم الغرض الذي أداهم إلى تجريد تلك المادة من رشاقة (تفاعل) ورميها بمثل هذا الهجر والاهمال؟ ام تريدون أن لغتنا إنما اختصتها حكمة الواضع بمزية الاشتقاق وعلى أثره نشط المؤيدون بالبصيرة من ذويها لاستقراء أبنية المشتقات وتحقق أحكامها والتوفر على استبطان صيغ للخروج وما يتعاورها من ضروب المعاني ووجوه الاستعمال قصد تمهيد السبل للخروج باللغة من طور الحكاية والتقليد إلى طور الصناعة والنظر، وذلك باتخاذ أوضاعها المرتجلة أصلا يرجع إليه كل ما دعت الحال إلى الأحداث ويستنبط منه ما يراد من الأغراض والمطالب التي تحتملها معنى ولفظاً، فتعقيم هذه الصيغة في تلك المادة (مادة فني) ألا يعد من موجبات الاستغراب والاستنكار؟ وإلا فلماذا (تضافروا) على صوغ تعاطي، تباهي، تحاشي، تواري، تعافي، إلى غير ذلك مما يتجاوز حد الحصر، و (تناكصوا) عن بناء تفاني؟ وان كان قصدكم الوجه الثاني فما كان يستتب لمنكر أن ينكر عليكم ذلك لو كان أرباب اللغة قد نطقوا بجميع الصيغ والتصاريف التي تحتملها كل لفظة، لكنكم إذ كنتم في مقدمة القائلين بخلاف هذا الأمر لأنه محال، فيكون ما تأولناه من كلامكم غير منطبق على مقصودكم ولذلك نترجى أن تكاشفونا بما تراءى لحضرتكم من هذه المسألة تمحيصاً للحقيقة وإرشاداً للبصيرة.

ثم قد وردت عنهم أيضاً أشياء آخر ليست بأقل غرابة مما ذكرنا وذلك كتصويرهم لفظ (الهوينا) بالألف القائمة بينما كان حقها أن ترسم بالألف الجالسة على ما هو القياس. فهل استوضحتم علة مخالفة تصوير الهوينا بالياء؟ أو ليس أن ما ظهر ثبوت القياس فيه أن في الوضع وان في الرسم حقيق بان ينزل على حكمه وان لم يطرد في المنقول ولا ينتظم في نسق ما تناهي إلينا من الرسوم؟ وإلا لم يبق للقياس معنى. بلى أن لبعض القواعد شذوذاً مصرحاً بها ومصطلحات شائعة لم يكن بد من مشايعة سننهم فيها للتميز بين حال وحال فيرتفع به اللبس والأشكال، لكن ما لم يرد تصريح بشذوذه فلا يشذ وكذا القول في حصر قواعد الاصطلاح أو مالا يستقيم تعليله سديداً. إذن أليس من مقتضاه أن يوسم بميسم الخطل والتحريف اللذين هما للنسخ والنقل اظهر أليف وحليف؟. ج - يحق علي قبل جوابي أن اشكر للأب الجليل صاحب لغة العرب ثقته بي وتوجيهه بالسؤال ألي وأنا في بلد ليس فيه معي من الكتب المسهلة للتحقيق سوى مجلدين من شرح ابن أبي الحديد والمنجد الذي لا ينجد. وهذا لا يمنع من الاستضاءة بالعقل ولا من الاستنجاد بالحق والجواب الذي أجيبه يشتمل على أمور: 1 - أم كان السؤال عن وجود صيغة (تفاني) فما اسهل الإجابة عنه بان (تفاني) من الأفعال الواردة المشهورة فقد قيل: (تفانيا) أي أفنى أحدهما الآخر. و (تفانوا) بمعنى أفنى بعضهم بعضاً واحفظ قول زهير: (تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم) ونقل ابن أبي الحديد في (2: 286) من شرحه قول شيخ من حضرموت شهد مع علي (ع) صفين (فتجالدوا بالسيوف وعمد الحديد لا يسمع إلا ضرب الهامات كوقع المطارق على السنادين ومرت الصلوات كلهم فلم يصل أحد إلا تكبيراً عند مواقيت الصلاة حتى تفانوا) أي اهلك بعضهم بعضاً، فهذا جواب وجه اوجه السؤال. 2 - أن كانت المسألة عن وجود (تفاني) بمعنى (تهالك) كأن يقال: (تفاني فلان في عمله) فالجواب عنها عندي إنكار هذا التعبير لان التفاني يستلزم متضادين فاكثر وقد يصح التفاني في الإنسان الواحد إذا أصابه مرض فالجراثيم

(فالمكروبات) فيه يفني بعضها بعضاً فيقال (تفاني فلان) أي تفانت الجراثيم (المكاريب) فيه. وهذا خارج عن المراد. 3 - أن احتجاج السائل بتعاطي وتحاشى وتوارى لا وجه له لان تعاطى مطاوع (عاطاه). وتحاشى مطاوع (حاشاه). وتوارى مطاوع (واراه)، فعلى هذا يكون (تفاني) المزعوم مطاوعاً ل (أفناه) ولا أحسه وارداً لان (فاعله) بمعنى (افعله) أو (فعله تفعيلا) شاذ ولان (فاعله) وجهه أن يكون لأحد المتفاعلين لفظاً أو معنى، ولم يصب اللغويون في عدهم (المفاعلة) كالتفاعل لان التفاعل يقتضي التشارك ولا تقتضيه المفاعلة ويدل على ذلك قولك: (ظاهرته فلم يظاهرني) وقول الشاعر: فلأياً قصرت الطرف عنهم بجسرة ... أمون إذا (واكلتها لا تواكل) وان (تفاني) لو عد مطاوعاً ل (فاناه) المنكر ما جازت عليه المطاوعة لأنه لا يقبل اثر الفعل كما لا يجوز أن يقال (انقتل) مطاعاً ل (قتله). أجل يجوز (فاناه) بمعنى حمله على التفاني بينهما. 4 - أن تمثيله ب (تعمي) ليس بالوجه لأنه بمعنى اظهر العمى. وليس به فهذه الصيغة من صيغ الرياء، وتعلقه بها تنبيه على أرادته (تفاني) بمعنى (تماوت) وهو مخالف لتعاطي وأشباهه فاختلاف الأمثال يدل على اضطراب الحال في هذا السؤال. 5 - أن الحاجة لا تدعونا إلى صوغ (تفاني) بالمعنى الذي يريده السائل على ما استبان لي وشرط الاشتقاق الاحتياج إليه وبهذا يسقط كل ما جاء به السائل من شبهات الحجج ومدخول الأدلة. 6 - قرأت في خزانة الأدب أن (تفاعل) يأتي للمبالغة كتباعد وإذ علمت انه مطاوع ل (باعده) كتقارب مطاوع (قاربه) وان فاعله) لغير أحد المتشاركين شاذ لم يبق محل لحلول المبالغة في (تفاني) المعلق وجوده بوجود (فاناه) بمعنى (أفناه) لان الفناء لا مبالغة فيه على الحقيقة. 7 - لا ننكر أن (تفاعل) قد ورد لمعان كثيرة إلا أنها نادرة مثل (تعاظمته وتدارسته) و (تهالك وتطال) و (تطاير وتناثر) ولكن القياس كما قلنا

سابقاً معلق بالاحتياج وأوقن أن هذا مذهب صاحب المجلة أيضاً. وفقنا الله جميعاً للنجاح والفلاح. دلتاوة 20 - 8 - 1930 مصطفى جواد (لغة العرب) كل ما قال حضرة الأستاذ المصطفى هو عين الصواب. أما كتابة الهوينا فمن خطأ محيط ومن نقل عنه. والصواب الهويني بالقصر وبالياء لا بالألف القائمة ولا بالمد. نشوار المحاضرة في شرح نهج البلاغة س - بغداد - ب. م. م: هل عرف ابن أبي الحديد صاحب شرح نهج البلاغة: كتاب نشوار المحاضرة للقاضي التوخي وهل ذكره في كتابه؟. ج - صاحب شرح نهج البلاغة من أكابر العلماء الواقفين على مئات من الأسفار الجليلة ولا جرم انه وقف على نشوار المحاضرة. وقد استشهد به مرارا في شرحه، لكن طبعه مشحون أغلاطاً فظيعة لان متولي نشرة لم يرموا به إلى تعميم الأدب بل الكسب والمتاجرة فجاءت النسخة مشوهة أشنع تشويه وقد خيل إلينا أن اسم نشوار المحاضرة لم يأت على وجه على وجه واحد سوي، بل جاء في كل موطن بصورة مختلفة عن الصورة السابقة. ونحن نتذكر إننا قرأنا في الجزء الثاني من هذا الشرح للنهج في ص 360 قوله: (ذكر ذلك التنوخي في شواذ المحاضرة) وليس للقاضي تصنيف بهذا الاسم، هذا فضلا عن أن معنى لقولهم: (شواذ المحاضرة) والقاضي التنوخي اختار لاسم كتابة لفظة أعجمية غير مألوفة عند إنما كانت مألوفة عند فضلاء عصره ثم ماتت ولهذا صحف هذا الاسم بوجوه عديدة منها: نشوان المحاضرة، وشواذ المحاضرة وشوارد المحاضرة. ونشادر المحاضر، ونشادر المحاضرة، وقنوان المحاضرة، إلى مالا يحصى. سبق لسان وسبق قلم س - القاهرة - أحد الأدباء: ما يقابل اللفظتين وفان ما وجدته في المعاجم الإفرنجية العربية لم يرضني: ج - يقابل الأولى (سبق لسان) والثانية (سبق قلم) وهما المشهورتان في كتب السلف الأدبية.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 145 - الفيلسوف الفارسي الكبير صدر الدين الشيرازي حياته وشخصيته واهم أصول فلسفته أطروحة بقلم أبي عبد الله الزنجاني عضو المجمع العلمي العربي في دمشق طبع بمطبعة المفيد في دمشق في 56 ص بقطع الثمن الكبير صديقنا العلامة الجليل والمجتهد الشهير الشيخ أبو عبد الله الزنجاني من أعلام إيران الذين يشار إليهم بالبنان. وقد عين عضواً في المحفى العربي في دمشق وطلب إليه أن ينشئ أطروحة في ما يختاره من المباحث، فوضع هذا التأليف الذي لا صنو له في لغتنا الضادية. وكان ادرج أولا في مجلة المجمع ثم أراد أن يعمم فوائد بين الناس فطبعه على حدة، فأفاد فائدتين جليلتين في وقت واحد لأنه رفع ذكر أحد علماء الفرس الحديثين ووقف قراء لغتنا على فيلسوف شهير يعرفه أبناء الغرب ولا يعرفه أهل الشرق الأدنى. فنشكر صاحب الفضيلة على هديته هذه ونتمنى لها رواجاً عظيماً بين القراء. 146 - كتاب صورة الأرض (هدية) من المدن والجبال والبحار والجزائر والأنهار استخرجه أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي من كتاب جغرافيا الذي ألفه بطلميوس القاوذي وقد اعتنى بنسخة وتصحيحه هانس فون مزيك، طبع في مدينة فينا الجليلة بمطبعة آدولف هولز هورن سنة 1345هـ وسنة 1926م في 164 ص بقطع الثمن مع خمس خرائط مصورة على الأصل وصورة صفحة واحدة من النسخة الخطية وكلها بالتصوير الشمسي. كانت نسخة هذا التصنيف الخطية أو نظيرتها عرضت علينا قبل الحرب

للشراء فدفعنا بها خمسين ذهباً عثمانياً فأبى صاحبها أن يبيعها بهذا الثمن، ثم سمعنا أن أحد الألمان اقتناها بخمسة وسبعين ذهباً. ولم نتأسف لأننا علمنا أن أحد مستشرقيهم يعني بنشرها وتعميم فوائدها فلم يكذب ظننا وها أن هذا السفر الجليل اصبح شرعة لكل وارد وهو من اجل الأسفار الباحثة عن وصف ما يعلو وجه الأرض من أقسام اليبس والماء فهو من أمهات الكتب التي يعتمد عليها. وقد قدم عليه ناشره مقدمة بالألمانية واصفا فيها النسخة الأصلية. وفي نيته أن ينقله إلى لغته الألمانية فعسى أن تصح العزيمة. 147 - كتاب عجائب الأقاليم السبعة إلى نهاية العمارة (هدية) وكيف هيئة المدن وإحاطة البحار بها وتشقق أنهارها ومعرفة جبالها وجميع ما وراء خط الاستواء والطول والعرض بالمسطرة والحساب والعدد والبحث على جميع ما ذكر. تصنيف سهراب وقد اعتنى بنسخة وتصحيحه هانس فون مزيك، طبع في مدينة فينا الجليلة بمطبعة آدولف هولز هوزن سنة 1347هـ وهي 1929م، في 200 ص بقطع الثمن. هذا كتاب لا غنى عنه لكل عربي يريد الوقوف على ما أبقاه لنا السلف لأنه يحوي وصف ما على حضيض ديارنا من مدن وبحار وأنها إلى غيرها من الفوائد التي لا تحصى. وهو يفيد خاصة العرقيين لأنه فيه وصفاً دقيقاً للرافدين ولدار السلام ولسائر ما في عراقنا العزيز من مدن وديار وذلك في عصر العباسيين، وقد احسن المصحح في إظهار مواطن الوهن من هذه النسخة إلا انه لم يصحح ما ورد فيها من الخطأ في ص 100 إذ ذكر جبل حمرن والصواب جبل حمرين كما هو مشهور به إلى الآن وكما كان معروفاً في عهد بني العباس. وكذلك اخطأ في ص 98 إذ ذكر (جبل ارما في جزيرة) والصواب: (جبل بارما في الجزيرة) (راجع معجم البلدان لياقوت في مادة (بارما) وتصحيح الأعلام من اشق الأمور على العلماء لمسخ النساخ لها أسوأ المسخ ومع ذلك نرى المصنف قد أجاد في ما صحح في اغلب المواطن. وقد صمم المؤلف على نقله إلى الألمانية

أيضاً فحسناً يعمل. ولم نجد لهذا الكتاب ولا لأخيه السابق فهارس الأعلام وهذا يفقده شأناً واعتباراً. فعسى أن توضع بعد هذا! 148 - سكان عربة الأقدمون وصلات ديانتهم بدين موسى (هدية) لمؤلفه فرنسيس خبير كرتليتز من رهبانية البريمنتريين هذا كتاب لاتيني العبارة وقد وضعه صاحبه في 113 ص بقطع الثمن وبحث فيه عن العرب الاول منذ اقدم العهد إلى صدر الإسلام وقد راجع في هذا الموضوع كل ما جاء عنهم في الآثار القديمة مما دون على الآجر والرخام والمهارق وما كتبه الآشوريون والمصريون والحثيون والعبريون واليونانيون والرومانيون والعرب أنفسهم. فكان هذا الكتاب على صغر حجمه وقلة صفحاته من احسن ما صنف في هذا الموضوع لأنه جلي التقسيم والفصول ومنظم احسن تنظيم. على إننا لا نريد أن ننزهه من الأغلاط. وأول مغامزه انه لا يجري على أسلوب واحد في رسم الحروف العربية ومنها انه قال أن الأقدمين كانوا يسمون مكة: بكة. وغير العرب يسمونها مكروبا (ص 15) وقال في الحاشية: (ذهب أ. غلاسر أن الاسم الذي يسمي به بطلميوس مكة تصحيف للمحراب (وهو الهيكل) اهـ. ونحن لا نوافق هذين الأديبين على رأيهما إذ أين الثريا من الثرى وأين مكوربا من محراب. والذي عندنا أن مكوربا هي (مكة ربى) أي مكة العظمى. واصل معنى مكة باللغة الآشورية (وكذا في العربية القديمة) الحظيرة. ومثلها قول العرب الحيرة وهي حاضرة العرب في العراق واصل معناها الحظيرة. وهناك غير هذه الأوهام فاكتفينا بما ذكرنا، إلا أن ذلك لا ينزع ما في هذا التصنيف من الفوائد الجليلة التي لا ترى في أمثاله.

149 - كتاب الوزراء والكتاب (هدية) تصنيف أبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري طبع مطابقاً للأصل خطاً وصورة عن نسخته المحفوظة في دار الكتب الوطنية بمدينة فينا وهي وحيدة لا يعرف غيرها في بلد من البلاد وقد أضاف إليه الناشر مقدمة وفهرساً وبين ما يحتوي عليه أبوابه باللغة الألمانية موجزاً طبع في مدينة فينا الجليلة بمطبعتي ماكس يافي وادولف هولزهورن سنة 1345هـ وهي سنة 1926 م في 479 ص عربية بقطع الثمن و 40 ص ألمانية. يعرف المستشرقون من أين تؤكل الكتف ولهذا تراهم يعنون كل العناية بإخراج احسن كتب السلف إلى عالم المطبوعات. وهذا التأليف جليل جداً للأخبار التي تتعلق بأوائل الإسلام إلى آخر عهد المأمون. والجهشياري لا يتعرض في كل ما ذكره إلا للكتاب والوزراء. وهذا السفر مصور من أوله إلى آخره ومطالعته اصعب من مطالعة الأسفار المطبوعة بالحرف الجلي المتخذ في المطابع ولهذا يفضل كثيرون مطالعة مثل هذه المصنفات على المصنفات المأخوذة عن أصولها المخطوطة سواء أكانت بخط مؤلفيها أم ناسخيها، على أن الاحتفاظ بمثل هذه الأسفار على ما هي أمتع للعلماء لأنهم لا يتمكنون من درس الأصول الأمهات على ما هي، لا على ما أوصلها إلينا ناشروها. وعلى كل حال إننا نشكر للناشر نشر هذه المآثر وبثها بين الجمهور لما يتوقف عليها من معرفة آثار السلف ودروسها وإكتناه ما في بطونها من الدر واللآلئ. 150 - أخبار عبيد بن شرية الجرهمي في أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها كنا قد ذكرنا كتاب (التيجان) في مجلتنا (8: 476) وفاتنا أن نذكر أن فيه كتاباً آخر ليس دون الاول فائدة وهو (أخبار عبيد بن شرية الجرهمي) وقد دونت في عهد معاوية بن سفيان، فهي إذن من اقدم الأنباء التي أودعت المهارق في صدر الإسلام وهذا السفر على قطع كتاب التيجان وبحرفه ويقع في 185 ص وقد تولى نشره الأستاذ الدكتور ف. كرنكو. وفيه قصائد قديمة وبينها طويلة مما يوقع الشك في صدر قارئها بأنها أنشدت في الجاهلية. وعلى كل

حال فهذه الأخبار مما يجب التهالك عليها لأنها مرآة آداب العصر الأموي على اقل تقدير. ويؤخذ على طبعه أن حروفه غير حسنة ومكسرة في مواطن عديدة وليس في آخره فهارس وهو مما يسقط ثمنه ويقلل نفعه ويزهد الرغبة في اقتنائه. فعسى أن تنشط هذه المطبعة من عقالها البالي وتأتم بأعمال المستشرقين والمصريين وتجاريهم في الطبع ووضع الفهارس وحسن الورق. فإلى متى تبقى على تلك الحالة التي كانت عليها قبل نصف قرن؟. 151 - موجز تاريخ البلدان العراقية بقلم السيد عبد الرزاق الحسني مختصر في تاريخ البلدان العراقية في 184 ص بقطع 12 وقد كان صاحبه ادرج اغلب ما فيه في بعض المجلات ولا سيما في (لغة العرب) ولما كان هذا الكتاب مختصراً كان من المناسب أن لا يودعه بعض الخرافات التي هي من خصائص الأسفار المطولة. فالكلام الذي دونه عن تاريخ كركوك (ص 160 إلى 161) من العوابث بالأخبار الصحيحة، فكان يحسن بحضرة السيد أن يضرب بها عرض الحائط أو أن يلمح إليها عن بعد. ومع ذلك نجد هذا المختصر من احسن ما جاء في موضوعه. 152 - الإرشادات الروحية في عبادة قلب يسوع الأقدس العصرية الجزء الثالث والأخير في 542 ص بقطع 12، طبع بالمطبعة السريانية الكاثوليكية في بغداد سنة 1930. كتب التقى والزهد والدين كثيرة، وإذا أراد أن يطالع فيها أحد الأدباء الأتقياء ينفر منها وكثيراً ما يلقيها من يده لأنها سقيمة العبارة، جمة السقط. وحجة أصحاب تلك التأليف: (أن الكتابة وسيلة لا غاية) وهو عذر اقبح من ذنب. فهذا يشبه صنع من يضع الأطعمة الفاخرة في آنية وسخة قذرة، بحجة أن الآكل يأكل الطعام لا الوعاء. وجهلوا أن الكلام الخارج على آداب اللغة، وأصولها، وقواعدها، تقذفه النفس العربية الحسنة الذوق، وتستقبحه

وتكرهها على أن ترمي الكتاب من يدها. فكتاب (الإرشادات) من احسن ما طالعناه (فكرة ومعتقداً وعبارة) على إننا نلوم صاحبه على إهماله اسمه منه واسمه هو (المنسنيور عبد الأحد جرجي) من احسن المروجات لهذا التأليف القيم ولسائر مصنفاته فنهنئه بهذا النتاج الخالد ونوصي جميع المسيحيين بمطالعة فانه درة فريدة بين أمثالها. 153 - تأثيرات سياحة وصف عام لما شاهدناه في البرتقال وأسبانية وفرنسة وسورية ولبنان وفلسطين ومصر (بقطع 16)، بقلم موسى كريم صاحب مجلة الشرق في سان باولو (البرازيل) صفحاته 592 وصورة تقارب المائة والثمانين. يطالع القارئ هذا الكتاب بلذة وطيبة خاطر لان عبارته خفيفة سلسلة، ووصفه للرجال والديار والأحداث تجسمها لك تجسيماً، حتى كأنها تقع تحت مشاعرك. على إننا رأينا فيه من سقط الطبع شيئاً غير قليل. وكذلك رأينا في عبارته الحلوة ذرواً من المرارة في بعض الأحيان. ولعله فعل ذلك تحقيقاً للقائل: (وبضدها تتميز الأشياء). ومن اغرب التعبير قوله في ص 570: (والسيد المصون (كذا) قرينته) ومثلها في ص 574: (لتحية والدته المصون) وقد تكرر هذا الوهم ولم نهتد إلى سبيل النطق به وعدوله عن القول: (السيدة المصونة) أما قوله في خاتمة الكتاب: (إن الكتابة وسيلة لا غاية) اعتذاراً لما ورد فيه من الزلل والخلل، فهذا كلام لا يبرر مساقط الوهم التي وردت فيه ومثل هذا القول لا ينطق به أحد من أبناء الغرب، مبلغاً ما بلغ درك انحطاطه. 154 - تعليم المرأة كتاب اجتماعي يبحث عن أهمية المرأة ومكانتها في الهيئات الاجتماعية ووجوب تعليم المرأة العراقية في العصر الحاضر، طبع بمطبعة الشعب في بغداد سنة 1930 في 100 ص بقطع 12، بقلم جعفر حسين. كل أمة هذبت ابنتها ارتقت، وكل قوم أهمل تهذيب ابنته انحط إلى

مهاوي الذل والخمول والتقهقر. وهل من طائر يطير بجناح واحد؟ إذن لا أمة تحلق في سماء الحضارة بلا أنثى. وهذا الكتاب من احسن ما كتب في موضوعه وقد قاسى المؤلف كل صعب في إخراجه بصورة تقنع المعائد، وتساعد العالم على اتباع خطته. فنتمنى لوطنينا الصادق أن يمضي في وجهه سراعاً تحقيقاً لأمنيته التي هي أمنية كل عربي صادق العروبة. على إننا كنا نتمنى أن يورد في تضاعيف كلامه ما نظمه شعراؤنا العراقيون في تهذيب المرأة ليكون احسن ترجمان لآراء أفراد القوم وجماعتهم. ولا جرم انه فاعل أن شاء الله في طبعة الكتاب الثانية إذ نتوقع نفادها عن قرب. وهو ولي التوفيق. 155 - الروايات الخيالية التاريخية في الأدب العربي الحديث (بالألمانية) وضعها بالروسية اغناطيوس كراتشكو فسكر ونقلها إلى الألمانية جرهرد فون مندي هذه مقالة بل رسالة جمعت فوعت كل ما ألف في هذا الموضوع والأستاذ كراتشكوفسكي حجة ثقة في ما يكتب. وقد طالع لهذه الغاية مئات من الكتب ووقف على جميع الانتقادات التي وضعها الأدباء في هذا السبيل. وقد رأينا في ص 72 أن صاحب هذه المقالة البديعة اشرف على ما كتبناه في لغة العرب (1: 392 و 397 ثم 2: 52 إلى 62 و 139 إلى 146 و 205 إلى 209 ثم 4: 82 إلى 90 من السنة التي أهملناها) فهذا هو العلم الحقيقي لا ما يكتبه بعض المتبجحين الذين لا نرى من بضاعتهم سوى الادعاء الفارغ والطرمذة. وكنا نود أن نرى هذه الرسالة في لغتنا العربية وعسى أن يقوم بهذا الشأن أحد الغير على هذه اللغة الضادية. مطبوعات شتى يؤخر نقدها بهذا الجزء العاشر تنتهي سنة مجلتنا في سنتها الثامنة. والجزءان الحادي عشر والثاني عشر يحويان فهارس مفصلة لما جاء في أجزائها المذكورة. وبقي عندنا كتب كثيرة للنقد تبلغ الخمسين، فاضطررنا إلى نقدها إلى أجزاء السنة القادمة التي هي السنة التاسعة للمجلة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاروه

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاروه 1 - أقدم معجم لغوي في العالم وجد في سورية عثر الفرنسيون على صفائح مجهولة الكتابة لا يقل عهدها عن سنة 1400 ق. م وفيه ست لغات اكتشف الدكتور (ف. أ. شفر) من أهل مدينة (استراسبورج) وهو رئيس البعثة الفرنسية للآثار القديمة في جنوبي سورية، معجماً يدل على انه اقدم معجم في الدنيا كلها، وتلا هذا الدكتور أمام محفى الرقم والآداب الفتانة في (باريس) بيان اكتشافاته. ونقل الدكتور (شفر) قبل سنة خبر اكتشاف مدينة بقرب اللاذقية، الواقعة على ساحل بحر الروم وكانت تزهو بين سنة 2000 و 300 ق. م بتجارتها بالنحاس الاحمر، المستخرج من مناجم قبرص. هذا فضلا عن منتوجات آسية التي كان يرسل بها إلى مصر. وبلاد الهلين السابقة لليونان. والى جميع الربوع الواقعة في غربي بحر الروم. واسم تلك المدينة (زفونة) وكانت مسكن تجار أغنياء كل الغنى. واظهر تنقيب السنة الماضية أن أسرة ملكية، كانت تحكم هذه المدينة أبان مجدها، وأما هذه السنة فوجه البحث إلى الإطلاع على قصر هؤلاء الامراء، ولا سيما خزانتهم، فوقع النقابون على صفائح من الآجر ظهرت فيها كتابة مجهولة، مخطوطة بلغة يقدر عهدها بأربعة عشر قرناً، قبل العصر المسيحي، على اقل تقدير. وقد دونت اللغة منسقة على الحروف الهجائية فأيدت كشوف ربيع هذه السنة. مكشوفات السنة الماضية. كان القصر مقر النساخ اتضح أن الخزانة كانت بناء عظيماً، يحتوي على غرف وآزاج عديدة، هي مقر أولئك اللغويين الأقدمين ومقام مساعيهم الجليلة. وعليه دلت الكشوف على أن هناك مدرسة للنساخ، اتخذوا من القصر مقراً لهم. ولم يكن مسعاهم أمراً يسيراً، لأن من واجب العالم الخبير في (زفونة) أن يتقن ست لغات، بحيث يستطيع

الترجمة والكتابة فيها. ونعلم أن تلك المدينة كانت تزاحم الدنيا بتجارته قد عثر على آثار عمل في اللغات الست مما يدل على أن المدينة كان لها منطقة واسعة في التجارة. وبين الدكتور (شفر) أن (زفونة) كانت تتخذ اللغة البابلية في الأمور السياسية مع الدول المجاورة لها ويظهر أن الوزراء، المختصين بالشؤون الخارجية لفراعنة مصر، اختاروا لهم تلك اللغة ايضاً، ومما يثبت هذه الحقيقة، وجود صورة معاهدة تشبه في زمانها معاهدة (فرسايل) العصرية وتنص على تعديل حدود ثلاث مدن مهمة في فينيقية القديمة. وكان سكان (زفونة) نفسها والمرابع التي تحيط بها، يتكلمون لغة (سامية) ويكتبونها بحسب الكتابة التي اكتشفتها البعثة. أما العلماء والكهنة، فكانوا آثروا التكلم (بالشمرية) وهي لغة خشنة من اصل عراقي عريق في القديم وكانت هذه اللغة في زمانها، كاللاتينية عند علمائنا في عهدنا هذا. كان عندهم جدول مرادفات وأما اللغة الرابعة التي اتخذت في (زفونة) فكانت المصرية وكان ينطق بها الموظفون في زمن سيادة الفراعنة واللغة الخامسة كانت (الميتنية) وهي لغة سكان سورية الشمالية. واللغة السادسة (الحثية) التي جاء بها التجار من آسية الصغرى، قبل احتلال الجيوش (لزفونة) تلك الجيوش التي أفنت المدينة عن آخرها. وذلك في نحو سنة 1200 ق. م فلم يقم لها قائم بعد ذلك. وكان من وظائف نساخ هذه الخزانة خزانة قصر الأمراء، الترجمة من لغة إلى لغة أخرى في الألسنة الستة المذكورة ووضعوا لهم معاجم متقومة من صفائح كبيرة من الاجر، فيها حقول الكلمات ليتسنى لهم أمر الترجمة، وكانت في الأغلب ترجمة الكلم في حقل ثان من هذه الصفائح. ووجد في صفيحة منها، جدول المرادفات، حتى لا يكرر النقلة الكلمة عينها عدة مرار. وقد عثرت البعثة على بعض صفائح تبين أن هناك طلاباً حديثي السن، كانوا ينقلون الكلمة نفسها مرات عديدة. فكانوا يشبهون تلاميذ عصرنا هذا، يخطون اكثر في الأحيان أما فوق السطر، وأما تحته. وقلما تراهم يكتبون على طول السطر. وكان عملهم هذا دون عمل اللغويين بكثير.

ورئي قسم من الصفائح، ربما يدل على الأعمال الدينية في ذاك الزمان وقسم آخر يبين تاريخ أهل (زفونة). وسوف تترجم تلك الصفائح في الخريف والشتاء المقبلين، ويحتمل أن تسفر النتيجة عن أخبار تزيدنا أبناء عن تاريخ الشرق الأدنى القديم، الذي زال بمدة مديدة. قبل نشأة اليونان. عربها عن الإنكليزية: فنسان م. ماريني 2 - حل المجلس النيابي صدرت الإدارة الملكية في 1 تموز (يوليو) بحل مجلس النواب والبدء بانتخاب مجلس جديد. فبدئ به في العقد الاول من شهر أيلول. 3 - البصرة قاعدة جوية بريطانية تقوم السلطات العسكرية البريطانية بتوسيع المقر العام لجيش الاحتلال والطيارات البريطانية في (نهر معقل) من ضواحي البصرة على شط العرب، وذلك تواطئه لاتخاذ البصرة قاعدة جوية بريطانية بدلا من بغداد والمفهوم أن الغرض من هذه الأعمال أن تكون المطارات البريطانية في العراق والساحل العربي من خليج فارس متقاربة بعضها من بعض كل التقارب وهذا بعد أن تتخلى بريطانية عن الجزر الصغيرة في خليج فارس في منفعة إيران. وإيران تطالب بتلك الجزر منذ زمن مديد. 4 - الحكم على ذابح كنا قد ذكرنا في مجلتنا (8: 641) أن الشيخ علي القمي ذبح السيد حسن بن السيد أبي الأصفهاني فسمعت المحكمة الكبرى في النجف أقوال الشهود واعتراف الجاني بجرمه الشنيع فأصدرت قراراً تلي علناً في 15 أيلول (سبتمبر) وحكمت عليه بالحبس المؤبد مع الأشغال الشاقة حكماً قابلاً للتمييز. 5 - إلى (يقظان) الناعس التاعس سوف نطفف مكيالك في الجزء القادم لان خلطك أو اختلاطك صدر في 24 أيلول عند تهيئة أخبار الشهر، وهذرك ليس من هذا الباب، بل واقع في (الآية الخامسة من سورة الجمعة). 6 - بيان رسمي (بحروفه) حادثة السليمانية في 6 أيلول 1930 بناء على انتشار كثير من الإشاعات الكاذبة عن الحادث المؤسف الذي وقع في السليمانية في اليوم السادس من الشهر الحالي، من قبل اشخاص، غايتهم بث الرعب واليأس في القلوب رأت الحكومة نشر البيان التالي عما حدث: بناء على اطلاع وكيل المتصرف، على

رغبة عد كبير من الأشراف والتجار في أجراء الانتخاب، أذاع في 5 أيلول اتخاذ التدابير لأجل انتخاب الهيئة التفتيشية في اليوم التالي ولما كان قد اتصل به أن عدداً صغيراً من الأشراف مال إلى المقاطعة. لعلهم بان الانتخابات حرة، وليس هناك من يجبرهم على الاشتراك: أن لم يرغبوا في ذلك، كما انه لا حق لأحد، أن يمنع الراغبين من الاستعمال حريتهم، سواء كان بالقوة، أو الارهاب، أو التهديد. وإبان وكيل المتصرف، أن فعلا كهذا يعد جرماً خطيرا ومن واجب الحكومة حماية المنتخبين منه. وفي صبيحة اليوم السادس من شهر أيلول أرسلت بطاقات الدعوة إلى نحو 30 من الأشراف، الذين يمثلون كافة محلات البلدة لأجل حضورهم سراي الحكومة لإجراء الانتخاب، وقد حضروا ليلاً واجتمعوا برئاسة رئيس البلدية. وبعد ذلك جاءت الأخبار بان ما يقارب ال 50 من تلاميذ المدارس والرعاع اخذوا يجتمعون في السوق ويكرهون أصحاب الحوانيت على غلقها ويجمعون الناس، وتقدموا بعد ذلك نحو سراي الحكومة حيث منعهم من التجمع صف من الشرطة. ونظراً لازدياد المتجمهرين وخروجهم على النظام، اتضحت ضرورة إحضار النجدة، فطلب إلى قائد حامية الجيش العراقي إرسال 100 جندي، غير مسلح لمساعدة أفراد الشرطة. إن حراجة الموقف كانت آخذة بالازدياد، وشوهد عدد من المتجمهرين يستعمل كراسي المقاهي كسلاح ضد أفراد الشرطة، الذين جرح بعضهم، وعلى ذلك ظهر لزوم لوجود قوة، فعدل الطلب الاول بان طلبت سرية مسلحة. وقد اقتحم المتجمهرون إذ ذاك صفوف الشرطة القليلي العدد، وبدءوا يرشقون الشرطة وسراي الحكومة، بالحجارة فطلب إلى قائد الحامية إرسال فوج لأجل تعزيز السرية التي كانت في طريقها إلى السراي. وقد اشتد رشق الحجارة وازدادت الهراوات والعصي لدى المتجمهرين، وما فتئ أن وقف سيل الحجارة عند وصول سرية المشاة المسلحة السراي. ومع أن قسماً من المجتمعين اخذوا بالانسحاب، فقد قلت أكثريتهم في

محلتها فأوعز إلى الجند تشتيتهم، وبدءوا بذلك سائرين في الشارع متفرقين وذلك شوهد المشاغبون متفرقين ولذلك شوهد المشاغبون يهجمون على الجنود بهراواتهم الكبيرة ويرشقونهم بالحجارة المعدة للتبليط، والكراسي، وغيرها كلما تقدم الجنود ببطء. وفي هذه الآونة دوت رصاصة وخر جندي عراقي قتلا، وتلا ذلك عدة طلقات من المسدسات.، وجرح جنديان فأطلق الجنود الرصاص فوراً، وتفرق المتجمهرون. وفي تلك الساعة، وصل الفوج، وتولى مراقبة البلدة واستتب الأمن. الإصابات تكبدت الشرطة قبل وصول الجنود عشر إصابات، وقد جرح 9 منهم بالحجارة والعصي، والآخر بالخنجر وكذلك كسرت 153 من نوافذ السراي و 17 من مصابيح الشوارع. الجيش العراقي جندي واحد قتيل، جنديان جريحان جندي واحد جريح بحجارة. الاهلون 13 قتيلا و 23 جريحاً. المقبوض عليهم وقد قبض على الأشخاص التالي بعد الشغب: الشيخ قادر أخو الشيخ محمود، ميرزا توفيق، رمزي أفندي. حمه آغا، عزمي بك بابان، عزت بك عثمان باشا. عبد الرحمن آغا احمد باشا، محمد صالح بك. مجيد أفندي كاي إسكان، فائق بك بابان. شيخ محمد كلاي. وقد أخذت الشرطة بالقبض على الأشخاص المسؤولين عن الاضطراب وبلغ عدد الذين قبض عليهم حتى الآن نحو ال (100). ويتضح من هذا التقرير أن السلطات أكرهت على استعمال القوة في تشتيت الرعاع المتمردين، الذين كانت غايتهم تعكير صفو الأمن، كما أن سبب هذا الاضطراب ناشئ عن عزم بعض الأشخاص المخدوعين، على استعمال طرق الإرهاب ضد المواطنين المطيعين للقانون والذين أرادوا الاشتراك في الانتخابات. ملاحظ مكتب المطبوعات 7 - تصحيحات ص 724 س 20 دليسنبر: ديسنبر - ص 741 س 8 جعفر: جعيفر - ص 757 س 15 تعطلع: تعطل - ص 786 س 8 أملي: أملى.

العدد 86

العدد 86 - بتاريخ: 01 - 01 - 1931 سنتنا التاسعة بلغنا - والحمد لله - السنة التاسعة من مجلتنا؛ وكان كثيرون يتجافون عن الاشتراك فيها؛ خوفاً من أن تغير مباحثها فجأة في أثناء الأيام فتبدل خطتها خطة جديدة، غير معهودة في أول أمرها، فلا يبقى فيها تلك المزايا الأول المفيدة. ولما رأوا أن المنهاج بقي على سننه الذي عرفت به مجلتنا هذه، جاءتنا الاشتراكات من كل حدب وصوب. وإن كان الحاصل منها لا يفي بالنفقات إلى الآن. على أن أملنا عظيم في أن أرباب الفضل والكرم يضافروننا بكل ما في مكنتهم من الوسائل، لتبقى هذه الموقوتة سائرة في وجهها المألوف، خدمة لهذه اللغة الكريمة، وأبنائها، والمتكلمين بها، ولكل من ينتمي إليها عن قرب أو بعد. والله من وراء القصد. تلو أي تل هوارة كانت العطلة لمدرسة الآباء الكرمليين في بغداد، تبتدئ في نصف أيلول، في زمن تلمذتي فيها وفي ذلك الشهر من سنة 1891 كنت في الشهر الأول من السنة السادسة عشرة من عمري، فرغبت في زيارة والدي في الشطرة على الغراف من بلاد المنتفق، فأذن لي بذلك فذهبت إليه بطريق الكوت، وبعد إقامتي عنده نحو ثلاثة أسابيع، حان وقت الإياب، فطلبت إليه أن يسمح لي، في عودتي، بأن أحيد بضعة كيلومترات، عن الطريق التي سلكتها، في المجيء لأتفقد (تلو) لما كنت أسمع عن الآثار التي بعثت من مدافنها فيها. وكان لي من والدي ما أردته، فمررت بهذه الخرائب التاريخية فعلوتها اسرح الطرف فيها، وقد استغرب سمعي منذئذ هذا الاسم الغريب: (تلو)! (تلو)! وبعد ذلك، كثيراً ما سألت إعراب تلك الإنحاء عن اسم التل لعلهم يعرفون أصلا له، فاعترفوا بجهلهم، وبأن علمهم لا يزيد على سماءهم من سلفهم انه (تلو). وهكذا سلفهم ينقل عن الذي قبله إلى أمد لا يعرفون له حداً. فلم ينبثق من علمهم بصيص من النور اهتدي به. أما ما عرفته من معلمة لاروس المسماة (الجديدة المصورة) وغيرها من الكتب أن (تلو) مشتق من (تل لوح) المخفف من (تل اللوح) فلم اقنع بصحته، لعلمي أن أهل الغراف - حضرهم وإعرابهم - لم يلفظوا الكلمة ولا يلفظونها أبداً على هذا المنهج والمنحى. ولا سيما أني لم اسمعهم قالوا: (لوحاً) للصفيحة المكتوبة من الآجر التي تكون في التلول بل يقولون لها: (عنتيك) (بالعين) أي:

فالظاهر أن الصفائح التي وجدت في (تلو) غرت ذهن الباحث - وهو يفتش عن معنى هذا الاسم وأصله - فقال إن (تلو) منحوتة من (تل اللوح) لما وجده من التوافق بينهما. وفي هذه الأيام الأخيرة وردت إلي كراسة من معلمة الإسلام وفيها مادة (تلو)

وقد ذكر فيها أن المستشرق شيفر قال: (هكذا مكتوبة) مشتقة من (تل اللوح) وإذ كانت وفاة هذا المستشرق في سنة 1898 يجوز أن يقال انه ذهب إلى هذا الرأي بعد عثور الأعراب على خزانة الصفائح. وكان وجودها بعد انتهاء موسم التنقيب في ربيع سنة 1894 فحدا ذلك بشيفر إلى قوله الذي ذكرته كما يجوز انه كان قالها قبل ذلك التأريخ إذ لا اعلم سنة قوله. وكيفما كان الأمر فان هذا الاشتقاق كما بينته آنفاً لم يجذبني إليه فاسلم بصحته. فالكلمة - على ما اعتقده - ما هي إلاِّ بنت من بنات أفكار المستشرق العارف بالعربية فظن أن له صلتين: صلة لفظية، وصلة معنوية. وهذه الصلة الأخيرة لوجود الألواح (الصفائح) هناك. كان لرأي شيفر وقع هيج في ما هو كامن في صدري من حب الوقوف على أصل الكلمة فتذكرت إن للأديب الفاضل رزوق عيسى في هذه المجلة الغراء مقالة في المدن القديمة في العراق وأن فيها بحثاً عن (تلو) فرجعت إليها وهي المعنونة بسمي القديمة المدروجة في سنة (1930) (8: 81) لأقابل ما فيها بقول شيفر فوقفت على البحث وللكاتب عليه تعليق ومأخذه كتاب (بين النهرين) لبارفت. وبحثه هو هذا: (حفر أعراب البادية في خرائب (تلو) (أي لجش) وهي شربر لا القديمة فوجدوا صفائح آجر كثيرة جداً بحيث اخذ يبيع الحفارون ملء قارب

من العاديات بخمسة قروش صحيحة وبهذه المناسبة أطلق على أنقاض الخرائب (تل اللوح) أي تل الصفائح وقد قدر عدد تلك العاديات الأستاذ بارفت بثلاثين ألف آجرة) اهـ. والذي يظهر من هذا البحث أن اسم (تل اللوح) لم يرد إلاِّ بعد وجود خزانة الصفائح، وكان الثور عليها - كما قلت آنفاً - في ربيع سنة 1894 وكنت في الغراف في حزيران من تلك السنة. ولأن اسم (تل اللوح) يروق الذين وقفوا على بعض ما كتب عن تلو وآثارها - دون بعض المتوغلين منهم - فبوسع هؤلاء أن يظنوا أن اسمه هذا اكتشاف قائم على مستندات أركانها قويمة وليس اختراعاً وأن هذا الاسم هو القديم الذي يجب أن يعول عليه وان (تلو) اقتضاب للأعراب. فيفوتهم أنه وضع جديد، صوره الخيال. إن بعد وجود خزانة الصفائح؛ على ما في النبذة؛ وان قبل ذلك. والغالب على الظن انه كان بعد وجود الخزانة. أما أهل الغراف سكان حواضره وإعرابه. على حد سواء؛ فانهم لم يقولوا ولا يقولون إلى الآن إلاِّ (تلو) ولم تصلهم الكلمة المغلوط فيها. يمكن لغيري أيضاً أن يرد قول من يقول أن (تلو) هو (تل اللوح)، سارداً البراهين. لكن أنى له أن يعرفنا بأصل الكلمة فان ذلك كان من نصيبي، إذ أن المصادفة هي التي أوقعتني علية. وكم من صدفة حلت مشكلا معقداً! رصافة واسط والآثار القديمة التي بجوارها لم يمر على وقوفي على ما قالته معلمة الإسلام اكثر من خمس أيام. حتى وقع بيدي الجزء السابع والثامن من مجلة المجمع العلمي العربي الزاهرة من سنة

1930 فكنت أطالع القسم الذي فيه من كتاب نشوار المحاضرة للتنوخي. المتوفى في سنة 384هـ (994 م) آملا الاستفادة منه عن زمن العصر العباسي، وإذا إمامي النبذة في النص 480 وهذا نصها: (ومن عجائب الدنيا وآياتها أشياء في سواد واسط: (حدثني جماعة منهم رجل يعرف بابن السراج وغيره ومنهم محمد بن عبد الله. . . الواسطي. . . فاثبت ذلك بخطه محمد بن عبد الله عقيب هذا الكلام شاهدت على نحو من فرسخ وكسر من رصافة الميمون قرية من قرى النبط والاكاسر (كذا) وتعرف بالحراوقلة فيها آثار قديمة من بنايا جير وجص. وفيها قبة - قائمة كالهيكل كانت قديمة - وتمثال رجل من حجر اسود أملس عظيم الخلق يعرف عند أهل ذلك الصقع بأبي اسحق لأنة يتعاطى قوم من أهل القوة شيله فيسحقهم ويكسر عظامهم وقد قتل وازمن خلقاً. فيذكر أهل الموضع انهم سمعوا أشياخهم يدعونه بذلك على قديم الأيام. وهذه القرية خراب لا يذكر فيها عمارة. قد كان احتمل هذا الحجر رجل يعرف بالجلندي كان على حماية المأمون فعمد إليه وشد فيه الحبال وجره بالبقر إلى أن بلغ به موضعاً من الصحراء. . . ثم احتمله بعد ذلك رجل آخر من أهل الرصافة على خلق من الحمالين يتناوبون عليه حتى أدخله الرصافة فحضر أهل ذلك الصقع الذي كان فيه. . . فحملوه ثانية حتى ردوه إلى موضعه. . . وكان على صدره وعلى ظهره وكتفيه كتابة محفورة قديمة لا يدري بأي قلم هي) اهـ. فذكر واسط والرصافة وحكاية التمثال مما يكون لنا عوناً ما سنرى على معرفة الاسم الذي نحت فصار (تلو) وعلى تعيين موضعها. وتمهيداً للوصول إلى الغاية لا بد من تعيين مواقع بعض ما ذكر من المواضع مع بيان بعد بعضها عن بض فلذلك أقول: واسط: في جنوب بغداد. واقدر المسافة بينها وبين بغداد بنحو مائتين وعشرة

كيلومترات. وخرائبها ظاهرة للعيان. ذكرتها عرضاً في هذه المجلة (6: 424 ح) ويسميها الأعراب (المنارة) ولعل سبب هذه التسمية شخوص اثر فيها - لا يزال قائماً - يقال أنه بقايا باب وعلى رأي آخر بقايا منارة. ولم أر هذه الأطلال. وهي - كما كنت قد قلت - واقعة على دجلة المندرسة التي نسميها اليوم (الدجيلة) (بالتصغير). وكانت دجلة هذه تجري في هذا العقيق في سنة 961هـ (1553م) بدليل أن الرئيس التركي (سيدي علي) ذهب منحدراً راكباً النهر من بغداد إلى البصرة في السنة المذكورة بطريق واسط ثم (زكية) على ما جاء في كتابه (مرآت الممالك) (ص 16). ولو لم تكن واسط التي مر بها واسطاً (المنارة) لما كانت تفضي به الطريق إلى (زكية) وهي على دجلة كما نعرف من رحلات عديدة. وقد ذكرها ياقوت وذكر أيضاً كلشن خلفا وغيره زكية ونهرها ولو كان مرور سيدي علي بواسط (القرية) التي على شط الأعمى لأفضت به الطريق إلى الفرات أو مياهه. وموقع المنارة على بعد خمسة وعشرين كيلومتراً من الحي في شرقه. فهي الآن - بين الغراف ودجلة - بعيدة عن كل نهما. رصافة الميمون: جاء في معجم البلدان: (رصافة واسط هي قرية بالعراق من أعمال واسط بينهما عشرة فراسخ. . .) أهـ. وقد هدتنا مجلة المجمع إلى الميمون في المشترك لياقوت فوجدت فيه: (الميمون نهر من أعمال واسط قصبته الرصافة.) وهي معروفة حتى اليوم بالرصافة بدون نسبة إذ لا رصافة غيرها في أنحائها. وموقعها بين الغراف ودجلة في ما يسمى اليوم (بجزيرة السيد أحمد الرفاعي) وهي في جنوب (المنارة) (واسط) بخط مستقيم نحو

خمسة وأربعين كيلومتراً بميل نحو ستة كيلومترات إلى جهة الشرق في الجانب الغربي من النهر المندرس المسمى الأخضر (بفتح الخاء والضاد) على بعد نحو سبعة كيلومترات منه ولعل الخضر هو دجلة نفسها وهي في شرق قلعة سكر تبعد عنها نحو تسعة وعشرين كيلومتراً على خط مستقيم بميل نحو سبعة كيلومترات إلى الجنوب. الحراوقلة. لا اعرف عنها شيئا ولعلها محرفة. وقد جاء في مجلة المجمع في الحاشية قولة: كذا بالأصل: ولعلة بالجير أو قلة) فلم تحل الحاشية غموضا وعسى أن يعود الناشر فينعم النظر في المخطوط لعله يهتدي إلى الرواية الصحيحة فيهدينا. ومن نفائس ما جاء في تلك الحكاية هذا الكلام: (تمثال رجل من حجر اسود أملس عظيم الخلق. . . كان على صدره وظهره وكتفيه كتابة محفورة قديمة لا يدري بأي قلم هي) أهـ. فهذا الوصف ينطبق على التماثيل التي وجدت في (تلو) لكودئا وبالأخص ما وجده فيه دي سارزيك في أول سني حفرة فنقلة إلى متحفة لوفر في باريس حيث يعرض على الأنظار. فعلى الأثري المنقب أن يرجع إلى التلول الواقعة على قرب بضع كيلومترات من الرصافة فأنها قد لا تخلو مما يستأهل النفقات والتعب والنصب ألم يكن قد نقل هذا التمثال من تلو فأنة مذخر التماثيل وغيرها من العاديات القيمة. تل هوارة كان حد علمنا في ما تقدم تعيين موضع مدينة وقرية هما واسط والرصافة ووجود تمثال على بعد فرسخ وكسر من الرصافة ومع هذا فقد أدنانا ذلك من

حل العقدة. والحكاية التالية التابعة للأولى في نشوار المحاضرة هي التي تفضها (ص481) وهاأنا ذا انقلها للقارئ الكريم: (وفي هذه البلاد (بلاد سواد واسط كما رأينا) قرية تعرف بقصبة نهر الفضل - وهي تلهوار - بنحو فرسخين (من) تل يعرف بتل ريحا من البلاد القديمة فيها آثار. وفيه حجر عظيم مربع له سمك كثير. وهو كالسرير طوله تسعة (كذا) أذرع في أذرع (وفي حاشية مجلة المجمع: كذا في الأصل) وقد غاب في الأرض أكثره وعليه تماثيل ونقش. وكان صاحب تلهوار أحمد بن خاقان أراد اقلاب هذا الحجر لينظر ما تحته فاحتفر حوله واجتهد أن يقدر على قلبه فلم يقدر على ذلك أنهم كانوا كلما احتفروا تحته ليتمكنوا من قلبه هوى إلى الحفرة فاستغرق فيها فلما أعياه ذلك تركه على حاله) أهـ. ولنعد إلى تعيين المواضع كما فعلنا آنفاً: نهر الفضل. ذكره ياقوت انه من نواحي واسط كما قالته مجلة المجمع وذكره كتاب تجارب الأمم لمسكويه (6: 268 و 347) وأنه في أسافل واسط.

تل هوارة. ذكرته مجلة المجمع عن ياقوت فراجعته وفيه: (بفتح الهاء من قرى العراق. قال أبو سعد: ما سمعت بهذه المدينة إلاَّ في كتاب النسوي. قال أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي حدثنا أبو الحسين علي بن جامع الديباجي الخطيب بتل هوارة: حدثنا إسماعيل بن محمد الوراق) اهـ. وجاء في مراصد الإطلاع (طبعة الإفرنج) أن تل هوازة (بالزاي المنقوطة) من قرى العراق غير معروف ثم أورد الناشر في المجلد بعض الروايات انه تل هوارة فلا اعتبار للرواية التي بالزاي. تل ريحا. لم أقف عليه ولا أدري أفيه تحريف عن تل ريما مثلا لتشابه الحاء والميم في رسميهما في الوسط أم لا ومع هذا فأني لم اطلع على موضع اسمه تل ريما. سمعنا شهادة أبي سعد - بل أبي سعيد السمعاني كما قلناه في الحاشية - عن النسوي عن الديباجي الخطيب بتل هوارة وجود قرية اسمها تل هوارة وفي تل ريحا ذلك الحجر الذي عليه تماثيل ونقش فهو أذن من العاديات وإذا كانت الرصافة من بلاد سواد واسط كانت تل هوارة في السواد. والرصافة لا تبعد عن (تلو) إلا بنحو ثلاثين كيلو متراً وهو في شمالها الغربي ولا بد أن تكون تل هوارة هي التي نعرفها اليوم باسم (تلو) بعد تخفيف الاسم لتلهوار - كما جاء في نشوار المحاضرة - أو تل هوارة - كما جاء في ياقوت والسمعاني - ثم (تلهو) مثلا - ولثقل اللفظ - قالوا (تلو). وهل يمكننا بعد هذه القرائن مع

قرب اللفظ أن لا نقول غير هذا القول؟ والظاهر أن هذا التخفيف قديم جداً بدليل السمعاني المتوفى في سنة 562هـ (1166م) الذي استشهده ياقوت قال أنه لم يسمع بهذه المدينة إلاَّ في كتب النسوي، المتوفى في سنة 346هـ، على ما ذكرته في إحدى الحواشي، ومن ثم إن اسم تل هوارة كان قد اندثر في زمن السمعاني وهذا يحملنا على القول أنه لعل شيوع اسم (تلو) كان قد بدأ منذ ذلك الزمن البعيد فضاع الأمر على السمعاني وعلى ياقوت. ومع أن القرائن تفصح بأن تل هوارة هو (تلو) يحق لمعترض أن يقول أن تلو مدينة عريقة في القدم لم يسكنها المسلمون بدليل أن الآثار التي وجدت هناك لم يعثر فيها على اثر واحد إسلامي مع إننا رأينا الديباجي خطيباً في تل هوارة. فهذه القصبة ليست (بتلو). قلت أن التوفيق هين جداً فالبصرة كانت في غير موضعها الحالي ثم نقلت وبقيت دوارسها وقيل للمنقولة أيضاً البصرة حتى أن المدينة الحالية أخذت تتنقل بالتدريج إلى ربضها المسمى العشار وربما يقال له يوماً البصرة كما أن الذي يريد الآن العشار وهو في بغداد مثلا بغير نية الدخول إلى مدينة البصرة نفسها يقول: أريد البصرة. ومما نعرفه أيضاً عن القصبات المؤسسة. في أواخر القرن الماضي والمنقولة في هذا القرن الصويرة

والعزيزية الواقعتان على دجلة بين بغداد والكوت إلى موضعين قريبين من محليهما السابقين ونقلت الشطرة من بلاد المنتفق الواقعة إذ ذاك على جدول يسمى (الخليلية) المتشعب من الغراف إلى موقع على عمود الغراف نفسه على ما هي عليه اليوم ومع هذا النقل حافظت على اسمها، وإن أريد في ذلك العهد أن تسمى (الفالحية). وهذه واسط (التي قلنا أن خرائبها الآن تسمى المنارة) وقد اندرست منذ أجيال كثيرة فقد قامت باسمها قصبة تنقلت إلى بضعة مواضع كما سيجيء وكانت الأخيرة قرية واقعة على شط الأعمى في الغراف وقد اندرست باندراس هذا الفرع الذي كانت عليه قبل ثلاثين عاماً أو أقل. ويعرف موضعها الآن بواسط أو خرائب واسط وكان اسم واسط قد بقي عليها حتى تشتت أهلها. وبعد هذا ألا يحق لنا أن نقول: لم لا يكون أن قصبة إسلامية كانت بجوار (تل هوارة) وكانت تسمى باسمها؟ وإذ لم تكن تل هوارة الإسلامية إلاّ َقصبة شأن قليل لا بنيتها التي لا تلفت إليها الأبصار لم تبق أثراً بارزاً ورسما بيناً يحفظ اسمها، احتفظ الناس باسم (تل هوارة) لخرائب المدينة القديمة غير الإسلامية، كما جرى في واسط، إذ بقيت القديمة معروفة برسومها، والجديدة لم يبق منها إلاَّ رسم غير ذي بال، لا يعرفه إلاَّ القليلون الذين بجوارها من الأعراب وغيرهم كبعض

سكان قلعة سكر والكرادي لبناء جدرانها بالطين وبيوتها مثل ذلك أو كانت صرائف من البواري أو أشباه هذه البيوت وستكون نسياً منسياً قد لا يذكرها التاريخ، حتى إن المروي أن واسط هذه المندثرة في عهدنا كنت السابعة بعد خراب واسط (المنارة) على ما روى الراوي ومما قاله أن كلا منها كان على شط الأعمى في الغراف وعين مواقعها بأسماء الأرض أو النهر الذي بجوارها وهو يعترف أنه ليس من يقول واسطاً اليوم لأحد هذه المواضع والعهدة عليه في كل ما رواه ولا سيما أني لم أسمع من غيره هذه التفصيلات. والظاهر إن واسطاً الأخيرة ليست بالتي قامت بعد تلك التي تسمى اليوم (المنارة) إذ لا أثر ينبئ عن قدمها فلا بد أنه كانت غيرها قد قامت بين الأولى (أي المنارة) وبين هذه الأخيرة. ومن المعلوم أن في العراق، ولا سيما في شماله ووسطه، قصبات ومواضع حفظت إلى اليوم أسماءها الآرامية. وقد ورد بعضها في معجم البلدان، نذكر بعضاً مما في وسط العراق، فمن القصبات العامرة: بعقوبا. ومن الآثار: عبرتا على النهروان في الجنوب الشرقي من بغداد - رأيتها في ربيع سنة 1927 - ومن القصبات ما حورت أسماؤها فجعلت عربية كأبوصيدة (باصيدا) وأبو جسرة (باجسرا) وبدرة (بادرايا). ومنها من الآثار أبو زوفر (بفتح الأول والثالث) (وأصلها بزوفر) في أنحاء البغيلة التي غدونا نسميها النعمانية

لقربها من النعمانية المندرسة ومن المعلوم أيضاً أن من الخرائب ما أهملت أسماؤها القديمة التي كانت في عهد الكلدانيين وغيرهم فوضعت لها في العربية أسماء تناسبها وصفاً لها أو لغير ذلك - ومن أشهر هذه الآثار الأحيمر (بالتصغير) (وهي قديما كيش بكسر الأول) والمقير (بضم الميم وفتح القاف والياء المشددة) (وهي أور). وما أكثر التلول والخرائب - من كلدانية وغيرها - التي تسمى بأسماء عربية لعدم الوقوف على أسمائها القديمة التي كانت تعرف بها زمن عمرانها، ففي الغراف على ضفته اليمنى من الخرائب غير المشهورة لدى الأثريين - إذ لم ينقبوا فيها بعد - بأسمائها العربية أم الطحيم والمدينة وأم العقارب والناصرية إلى غيرها وهي كثيرة فلا بد أن القوم

الذي وضع الأسماء الآرامية كالتي ذكرتها فويق هذا كان قد نهج منهجنا - نحن الذين أتينا بعده - فوضع لها أسماء بلغته لاندثار أسمائها القديمة أو لتشاؤمه منها أو لغير علة من العلل فتراءى له أن يطلق اسم (تل هوارة) على الخرائب التي نسميها (تلو). وإذا كانت (هوارة) كلمة ليست بالعربية وإذ لا يزال بعض القصبات والآثار تسمى بأسمائها الآرامية أن على صحة وضعها وان محرفة أو مقربة من العربية كما رأينا جاز لي الظن أن كلمة هوارة آرامية ولاسيما انتهاؤها بتاء مربوطة قلباً للألف كما يقلب كثير منا ألف بعقوبا تاء مربوطة أو هاء فراجعت حضرة الأب صاحب المجلة أستنيره في الأمر فأطلعني على أنّ (هوارا) معناها في الآرامية الصابئية الأبيض والجير والجص والحوارى فكأنّهم سموا الخرائب المحكي عنها (تلو) كما سمينا (كيش) (الاحيمر) (واور) (المقير). الخلاصة ونتيجة كل هذا البحث أنّ كلمة (تلو) مخففه من (تل الهوارة) أي (التل الأبيض) أو التل الحواري كما قلنا: أما عن قدمها فأقول: بما أنّ السمعاني المتوفى في سنة 562 هـ (1166م) لم يسمع بتل هوارة إلاَّ عن النسوي فالظاهر أن التخفيف كان قد جرى منذ ذلك العهد البعيد أي قبل زمن السمعاني أما إذا كان هذا قد سمع بتلو فانه لم ينتبه للأمر ولو انتبه له لعرفنا به ولم يسكت في كلامه عن تل هوارة، وإن صح ما قلته تضحي كلمة (تلو) قديمة جدا لا يقل عمرها عن ثمانية قرون. وفوق كل ذي علم عليم. بغداد في 21 تشرن الأول 1930: يعقوب نعوم سركيس

هيكل أدب

هيكل أدب كنت قد نشرت في الجزء الثاني من المجلد الثامن مقالة بعنوان (خزائن بسمى القديمة) واليوم أشفعها بمقالة ثانية تتناول هيكل أدب وآثاره. شرع الفعلة في اليوم السادس والعشرين من ك1 عام 1903 يحفرون في أطراف الهيكل، من أربع جهاته ليزيلوا عنة النفايات، فعثروا على برج ساقط، يحيط به سور مربع مبني بالآجر والملاط. وكان سمكه نحو المتر. ووجد المنقبون في كل آجرة، آجرة واحدة عليها كتابة، لدنجي ملك أور، يرتقي عهدها إلى سنة 2350 ق م. ومما يؤسف له إنه لم يرد في تلك الكتابة، اسم المدينة القديمة، التي كان المنقبون يبحثون عنها. ويظهر إن البنائين البابليين لم يعنوا بذكر اسم المدينة لشهرتها الواسعة في عصرهم. ولذا اكتفوا بتدوين اسم الآلهة المعبودة في ذلك الهيكل والى المطالع ما جاء في تلك الكتابة: (أن دنجي البطل العظيم ملك أور، وملك شمر وأكد. أرصد هذا البناء الذي يهواه ويجل مقامه إلى إلاهته (نن هرسج) ولهذه الكتابة منزلة رفيعة عند الأثريين، لأنها تدلهم على شعب قطن في هذه المدينة، في العصور الغابرة، وعبد تلك المعبودة التي لم تكن من الآلهة العظيمة؛ بيد إن بعض الأثريين يذهبون إلى أن (بلت) إلهة نبر (نفر) في الأزمنة المنصرمة تحول اسمها فاصبح (نن هرسج) فتكون إذ ذاك زوجة الإله (بل) العظيم عند البابليين الذي زهت عبادته غفي بابل إلى انقراضها. وتطلعنا تلك الكتابة أيضاً على حضارة تلك المدينة في أواخر أيامها، وعلى ما كانت عليه من العادات والتقاليد. وقد عثر المنقبون على أنقاض قبر فتحه اللصوص سابقاً وسرقوا ما فيه من الكنوز، بيد أنهم تركوا بعض الأثاث التي لم يرق عيونهم. منها أوان خزفية وقطع من حلى مصنوعة من الشبه، وحجر أزرق بهيئة مسن وصفيحة صغيرة

من الآجر. وفي التاسع والعشرين من كانون الأول، كشف النقابون الزاوية الغربية من برج الهيكل، فوجدوا في الطرف الشمالي الشرقي من دكته جملة شظايا من تماثيل الخزف، وفي القرب من زاوية البرج الغريبة وقعوا على قطعة متقنة الصنع والشكل متخذة من الرخام الأبيض وكان يظن إن لا وجود البتة لهذا الرخام في ديار بابل، ووجدوا في الطرف الشمالي الشرقي من البرج قائمة غرفة مربعة صغيرة ليس فيها أثر للباب، وقد فتحها سابقاً أحد اللصوص، فثلم جدرانها ليتسنى له نهب محتوياتها، فوجد الحافرون فيها قبراً مشيداً باللبن، أهليلجي الشكل، مملوءاً رملا لتقادم الزمن عليه. وعلى عمق تسعين سنتيمتراً شاهدوا جثة تحولت طبقة رقيقة سوداء من التراب لطول عهدها، ولم يبق منها سوى نصف سن وقطعة صغيرة من الخشب المنخور فاستدلوا على أن المقبور كان من الأمراء أو من الكهنة. وقد عثر الأثريون في الجنوب الشرقي من زاوية برج الهيكل على تمثال صغير مقطوع رأسه متخذ من الحجر الأبيض، ويعد هذا الأثر من أبدع الآثار النفيسة لزي لباسه ويرى بيده إناء وكان بالقرب منه قطعة صغيرة من الحجر الأبيض المرن، الشبيه بالرخام، وقد كساها التراب حتى بان في أول الأمر كأن لا هيئة لها ولا شكل؛ ولكن بعد أن أزيل عنها التراب المتلبد عليها ظهر عليها رأسا تمثالين صغيرين، وبعد قليل من الزمن عثروا على ثلاث عشرة قطعة أخرى فركبت هذه القطع فتقوم منها إناء بديع الشكل، طوله عشرون سنتيمتراً. في علو أربعة عشر في عرض ثمانية. وظهر أن هذا الإناء يمثل زورقاً فيه تمثالان، يمثل أحدهما رجلا مجرد الرأس والذراعين وهو يدفع الزورق بمقذافه، وكان في الطرف الواحد من الزورق؛ وأما في الطرف الآخر فكانت امرأة ويحتمل إنها زوجة ذلك المتوفى، وقد رفعت يديها إلى وجهها كأنها تبتهل إلى الآلهة لكي تنقذها من الغرق المحدق بها وهيئتها تدل على العبادة والتقوى وقد ضفرت شعرها وأخفت طرفاً منه بعصابة رأس صغيرة وفي عنقها قلادة عديدة الثنايا. بغداد: (لها بقية) رزوق عيسى

طبع كتاب الإكليل

طبع كتاب الإكليل إذا كان للعرب كتاب يرفع رؤوسهم إلى عنان السماء فهو كتاب الإكليل لا سواه ذلك الكتاب الذي واسطته الجزء الثامن الذي شرعنا في طبعه قبل أيام معدودة. ففي هذا السفر البديع ذكر قصور حمير وأصحابها ومواطنها مع ذكر بناتها والمدن التي أسست فيها ودواوينها وما حفظ من نظم الأقدمين فيها ولا سيما شعر علقمة والمراثي والمساند. وعبارة المؤلف محكمة رصينة مأسورة أسراً وهو يطلعنا على ألفاظ موضوعة للريازة والبناء لا أثر لها في دواوين اللغة. هذا فضلا عن أعلام اقيال ورجال ومدن لم تذكر في مصنف من المصنفات. ومما يزيد ثمن هذا الكتاب أنه ذكر لنا أسماء محافد (قصور) عديدة لم نكن نعرفها لولا تعداده إياه. واصفاً إياها وصفاً عجيباً، مرة مجملا وأخرى مفصلاً، وتلك التحلية تقفنا على أن السلف كانوا قد بلغوا من العلوم والفنون أبعد شأو ممكن، لأن تشييد مثل تلكم المحافد الجليلة يدل على أن أصحابها كانوا قد قبضوا على أعنة الرياضيات والهندسة وعلم الحيل ونحت التماثيل الدقيقة الحفر وصنع الآلات التي تماثل الحيوان والطير والإنسان التي تتحرك بحركات مختلفة عند هبوب الأرواح فيها. وكل هذه الأمور لم يصل إليها أهل الحضارة العصرية إلاَّ بعد عصور عديدة وانتفاعهم بعلوم وفنون من تقدموهم. وسوف نعقد باباً جليلا لهذا الكتاب نوفيه حقه من الوصف. إلاَّ إننا نكتفي اليوم بتقديم مثال من صفحاته ليحكم القراء على ما فيه من الكنوز والدفائن. وقد اعتمدنا في ذكر المتن على اقدم نسخة وقعت بايدينا، وذكرنا في الحواشي روايات أربع نسخ أخر، واحدة للأستاذ كرنكو مخطوطة على نسخة لندن ورمزنا إليها ب (ك) وثانية من الأستانة (س) وثالثة من خوي (خ) ورابعة من شكري الفضلي (ل).

على كرف من تحتها ومصانع ... لها بسقوف السطح ليس وفائطا تخال حنين الريح في نزعاتها ... إذا اخترقت بين الزئير برابطا كأن رفعت عنها البناة اكفها ... بأول يوم قيل أَمسك فارطا ترى كل تمثال عليه وصورة ... سباعاً ووحشاً في الصفاح خلائطا بجانب ما تنفك تنظر قابضا ... لإحدى يديه في الحبال وباسطا ومستفعات من عقاب واجدل ... على أرنب وهم وأفراخ وقامطا وسرب ظباء قد نهلن بمخنق ... وغضفِ ضراءٍ قد تطلقن باسطا وذا عقدة بين الجياد مواكبا ... وسامي هادٍ للركاب مواخطا وكان به رقشان تحمي جنابه ... له أرض مصر والفرات فسالطا فلم ينجه من حادث الدهر حصنه ... ولا مقرباتٌ كن فيه ربائطا

وكان على نائي الذؤابة شاهق ... تحامي عتاق الطير منه اللطائطا وكان إليه الوفد تترى نقيرة ... من الأرض جمعاً ذا ارتعاب وخالطا تخال حباك الفلك في طرقاته ... إذا طببت نحو الشراع البواسطا محافد كانت للملوك محلةً ... ولم تخو هيناً بالعطيف وقاسطا ولم توق ساوياً ورب هجيمة ... ولاذا وطاب يسلوا لشمس آقطا اصبح مسلوب العصارة خاويا ... وأي وساج لا يصادف كاشطا فلا من أجال الطرف ينظر غاديا ... ولا من أصاخ السمع يسمع لاعطا ما زال صرف الدهر في كل ما أرى ... واسمعه للخير والشر سامطا أيّ امرئٍ يرضى عن الدهر يومه ... فاصبح إلاَّ مظهر العيب ساخطا لو أن أسباب الردى هاب معشراً ... لهاب بني الصوّار حضراً وشاحطا

أولئك كانوا للبرية كلها ... نظاماً وما بين النظيمة واسطا وكانت بنو المنتاب عنها بنجوة ... تفاخر ذا لمسٍ علوماً ولامطا وقال يذكره هو وغيره من قصور اليمن شعراً: أين الذين بنوا غمدان واحتفدوا ... ضهراً وناعطاً السامي الذرى شاس من دون كاهلهِ بيض الأنوق فلم ... يلمَّ ذو حيدٍ منه بقرناس ومن بني إرماً ذات العماد ومن ... راقش ومعين رب قنعاس وتلفماً لو سألناه يخبرنا ... كم قد عفاه من أبواس وأبواس وأين ساكن بينون وعامرها ... أمسوا ودائع صفاح وأرماس لم تغن حمير عنهم وهي عاصية ... خلف الرماح بأرماح وأقواس وأي ذي بطشة في الملك قاهرة ... فات الحمام بخدام وحراس

قصر ريدة

أو ما حلٍ ظلت الأيام مسرحة ... ورحن منه بأخفاف وابلاس وقال يذكر ما بين ناعط وتلفم قصر ريدة لئن قرع الناعي قلوباً فصدعه ... وغار عيوناً بالبكاء وأدمعا غداة دعا من رأس تلفم ناعياً ... أَلا يرحم الرحمن سلم بن صعصعا وجاوبه من رأس ناعط هاتفٌ ... فرنَّ له الطودان صوتاً ورجعا وزاد فزادا في الصُدَيّ بريدةٍ ... فأبلغ همدان النسآء واسمعا وقال علقمة بن ذي جدن: ولميس كنت في ذؤابة ناعط ... يجبى إليها الخرج صاحب بربرِ

والسامح الملك المتوج بعلها ... ذو التاج حمن يلوثه والمنبرِ وقال أيضاً: وناعط أوحشت ونادت ... فهل لذي فروة فلاح وقال أيضاً: عيني فابكي ناعطاً واستعبري ... عثر الدهر عليهم فعثر كان فيها ألف عون ذهبوا ... فما أن تلق فيها من بشر درج الدهر على آثارهم ... فعفا ممن ثوى فيها الأثر فإذا أبصرت أثاراً لهم ... غشيتني زفرةٌ فيها عبر فأبيت الليل منها ساهراً ... بئس زاداً لأخي العيش السهر وقال أبو نواس: ونحن أرباب ناعطٍ ولنا ... صنعآء والمسك في محاربها وقال مرقش: وملوك ناعط قد رأيت مكانهم ... طرقوا بقاصمة الظهور رداح

وقال علقمة: وكأن رأينا من بهار ومنظر ... ومفتاح قفل للأسير المقتر وفجعن بالحراب فارس قومه ... ولو هاجهم جاؤوا بنصرٍ مؤَزر وأفنى ثبات الدهر أبناء ناعطٍ ... بمستمع دون السماء ومبصر وأعوص بالدومي من رأس حصنه ... وأنزلن بالأسباب رب المشقَّر يريد بالدومي يزيد بن شرحبيل الناعطي، الملك من همدان، وقد يظنه من يجهل ملوك العرب يريد اكيدر دومة، وهو سويد بن شبيب بن مالك بن كعب بن عليم الكلبي وبني ناعظ آية آية لا يلدغ بها حيوان ولا مما شرف عليه مما دار بها، وما لم يشرف عليه ناعط، وجبل ثلين فالحمة به تقتل، إذا لدغ في هذه المواضع أحد لم تضره وقد لدغ في منزل يريده بعض البناة فلم يضره شيء. وقد كانت الضربة ماكنة. وقال البلخي: إذا لدغ إنسان ما قارب ناعط، وصاح: (ناعط)، لم تحسه، وهذا شيء عجيب، ما أعرف له شبيها سوى ما أذكره إذا

أكل بعير باليمن شجرة العقر فيقربه إنسان فيصيح به: (هو عقر هو عقر) قيل فإن لم يفطن له حتى تعمل عيه حمته، طبخت له شاة حتى تهرأ ثم تضرب اللحم بالمرق حتى ينحل هبره، ثم أنجع ذلك جميعه فربما أَبل إذا أكل منه قليلا. وهذا من أعجب العجب أن لا تضر حمة الأفاعي فيما أشرف عليه ناعط أو كان منه بمنظرٍ. وهذه مشاكلة الحكم الكسوف، فأنه لا يقطع إلا في البلد الذي يرى فيها، وما لا يرى فلا حكومة فيه ولا بان له نفع ويرون ناعط محوياً. وكذلك باب المصراع بصنعاء كان فيه حديدتان مصدوحتان بطلسمين، فظفر القرامطة بواحدة، فطمسوها فكثرت الأفاعي بصنعاء، ولم تضر لبقاء الثانية، ولو ظفر بها لضرت. فهذا قول من يقول إنها محوية. وأما مذهب علماء صنعاء فهم يرون أن قلة مضرتها من طباع البلد كما من طباع رأس حضور ورأس تخلى أنه لا يكون فيهما قشة أصلا.

يرى من هذا المثال أن هذا الكتاب جليل القدر لا يعادله سفر آخر من مصنفات الأقدمين، لأنه يزيح لنا الستار عن أهم مسألة حامت حولها الأفكار، هي مسألة حضارة الأقدمين من السلف الناطق بالضاد. فان كثيرين من أبناء الغرب، ولا سيما المتعصبون منهم، ينكرون على أبناء عدنان وقحطان أية حضارة كانت. فوجود تلك القصور الشاهقة، ذات الطباق المتعددة، وانيثاثها في ديار مختلفة من ربوع اليمن، تدل دلالة واضحة على أن أجدادنا بلغوا في عهد الجاهلية، مبلغاً بعيداً في التمدن إذ زينوا تلك المحافد بالصور والتماثيل والنقوش وفاخر النجاد والرياش والفراش ما يجاري نظائرها عند أبناء هذا العصر المدعي بمدنية لم تقايسها مدنية سابقة. فهذا الكتاب الزاري بنفائس القلائد وفرائد الدرر واللآلئ يستحق كل تعظيم ويحق إن يفاخر به كل عربي ويذخره عنده ليطالع فيه ويفاخر بمحتوياته ويقف عليه كل شعوبي أو عربي يحتقر العرب أو يهينهم أو يتعدى عليهم. وقد شرعنا في طبعه وهو يقع في نحو 550 صفحة من هذا القطع وهذا النموذج. وقد فتحنا باباً للاشتراك فيه وجعلنا قيمته قبل الفراغ من طبعه نصف جنيه مصري أو سبع ربيات (وفي الخارج يضاف إليه أجرة البريد) وبعد الفراغ من طبعه يكون ثمنه ثلاثة أرباع الجنيه المصري أو عشر ربيات ونصفاً. ولا حاجة لنا إلى القول أن هذا السفر البديع يزين بعدة فهارس تضاف إليه مع معجم تحل فيه غوامض الألفاظ الغريبة التي وردت في تضاعيفه، مما تفرد بها هذا الديوان دون غيره ويزيد ثروتنا اللغوية لا سيما المصطلحات الخاصة بالبناء. ومن أعجب هذه المصطلحات ما لا وجه لاشتقاقه في لغتنا العدنانية، فيظهر أن أهل اليمن تناقلوها عن أجدادهم منذ أقدم العهد واحتفظوا بها. إذ لم نجد له مقابلا في اللغة المضرية. وكل ذلك يشهد إن هذا الجزء من الإكليل من أفخر ما جاء في لساننا ولهذا يبقى بيدنا أحسن ذخر من السلف، فعسى أن نقدر قدره ونباهي به الأمم الغربية.

رسالة ذم القواد

رسالة ذم القواد هذه رسالة لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في ذم القواد وفي كتاب (كتاب) صناعاتهم وطبائعهم وما نظموه على مقتضى ملذوذات طبائعهم ومناسباتهم لأفعالهم: - بسم الله الرحمن الرحيم - أرشدك الله للصواب. وعرف فضل أولي الألباب. ووهب لك جميل الآداب. وجعلك ممن يعرف عز الأدب، كما يعرف زوايد (زوائل) الغنى. قال أبو عثمان عمر (عمرو) بن بحر الجاحظ: دخلت على أمير المؤمنين المعتصم بالله. فقلت يا أمير المؤمنين. في اللسان عشر خصال. أداة يظهر بها البيان وشاهد يخبر عن الضمير. وحاكم يفصل بين الخطاب. وناطق يرد به الجواب وشافع تدرك به الحاجة. وواصف يعرف (تعرف) به الأشياء. وواعظ يعرف به القبيح. ومعز يرد (ترد) به الأحزان. وخاصة تذهب بالصنيعة وملهي (مله) يونق الأسماع. وقال الحسن البصري أن الله تعالى رفع درجة اللسان. فليس من الأعضاء شيء ينطق بذكره غيره. وقال بعض العلماء أفضل شيء للرجل عقل يولد معه فإن فاته ذلك فمال يعظم به فان فاته ذلك فعلم يعيش (يستعين) به. فان فاته ذلك فموت يجتث أصله. وقال خالد بن صفوان. ما الإنسان لولا اللسان إلا ضالة مهملة، أو بهيمة مرسلة، أو صورة ممثلة، وذكر الصمت والمنطق عند الأحنف. فقال رجل الصمت أفصل وأحمد. فقال صاحب الصمت لا يتعداه نفعة، وصاحب المنطق ينتفع به غيره. والمنطق الصواب أفضل. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم (أنه قال) رحم الله امرء (امرأ)

اصلح من لسانه. قال (قيل) وسمع عمر بن عبد العزيز رض رجلا يتكلم فابلغ في حاجته. فقال عمر: هذا والله السحر الحلال. وقال مسلمة بن عبد الملك أن الرجل ليسلني (ليسألني) الحاجة فتسجيب (فتستجيب) له نفسي بها. فإذا لحن انصرفت نفسي عنها. وتقدم رجل إلى زياد فقال أصلح الله الأمير. إن أبينا هلك: وإن أخونا غصبنا ميراثه. فقال زياد الذي ضيعت من لسانك أكثر مما ضيعت من مالك. وقال بعض الحكماء لأولاده يا بني أصلحوا من ألسنتكم فإن الرجل لتنوبه النائبة فيستعير الدابة والثياب. ولا يقدر أن يستعير اللسان. وقال شبيب بن شبة، ورأى رجلا يتكلم فأساء القول. فقال: يا ابن أخي الأدب الصالح خير من المال المضاعف. وقال الشاعر: وكاين (وكائن) ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم لسان الفتى نصف ونصف فؤاده ... فلم يبق إلا صورة اللحم والدم فحذر يا أمير المؤمنين أولادك (وأوصهم) بأن يتعلموا من كل الأدب فإنك أن أفردتهم بشيء واحد ثم سئلوا عن غيره لم يجيبوا. وذلك أني لقيت حزاماً حين قدم أمير المؤمنين من بلاد الروم فسألته عن الحرب كيف كانت هناك فقال لقيناهم في مقدار صحن الأصطبل، فما كان بقدر ما يحس الرجل دابته حتى تركناهم في أضيق من ممرغة (مراغة) وقتلناهم فجعلناهم كأنهم انابير سرجين. فلو طرحت روثة ما سقطت إلا على ذنب دابة. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: أن يهدم الصد من حمي (جسمي) معالفه ... فان قلبي بقت الوجد معمور أني امرأ في وثاق الحب يكبحه ... لجام هجر على الأسقام معذور

علل بجل نبيل من وصالك أو ... حس الرقاد فان النوم ماسور أصاب حبل شكال الوصل يوم بدا ... ومبضع الصد في كفيه مشهور ليست برقع هجر بعد ذلك في ... اصطبل ود فروث الحب منثور قال وسألت بختيوشع (بختيشوع) عن مثل ذلك فقال لقيناهم في مقدار صحن البيمارستان. فما كان بقدر ما يختلف الرجل مقعدين حتى تركنا (تركناهم) في أضيق من محقنة، فقتلناهم. فلو طرحت مبضعاً ما سقط إلاَّ على اكحل رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: شرب الوصل دستج الهجر فاستط ... لمق بطن الوصال بالإسهال ورماني حبي بقولنج بين ... مذهل عن ملامة العذال ففؤاد الحبيب بنملة (ينحله) السل ... وقلبي معدب (معذب) بالملال وفؤادي مبرسم ذو سقام ... يابن ماسوه (ماسويه) ضل عني احتيالي لو ببقراط كان ما بي وجالينو ... س باتا منه بأكف بال قال وسألت جعفر الخياط عن مثل ذلك فقال لقيناهم في مقدار سوق الخلقان فما كان بقدر ما يخيط الرجل درزاً حتى قتلناهم وتركناهم في أضيق من جربان. فلو طرحت إبرة ما سقطت إلاَّ على رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: فتقت بالهجر دروز الهوى ... إذ وخزتني إبرة الصد

فالقلب من ضيق سراويله ... يغتر (يعثر) في بايكة (ذائلة) الجهد جشمتني يا طيلسان النوى ... منك على شوزكتي وجد أزرار عيني فيك موصولة ... بعروة لدمع على خدي يا كستبان (كشتبان) القلب يا زيقه ... عذبني التذكار بالوعد قد قص ما يعهد من وصله ... مقراض بين مرهف الحد يا حزة النفس ويا ذيلها ... ما لي من وصلك من بد ويا جربان سروري ويا ... حبيب حياتي حلت عن عهدي قال وسألت اسحق بن إبراهيم عن مثل ذلك وكان زراعاً. فقال لقيناهم في مقدار جريبن (جريب) من الأرض فما كان بقدر ما يسقي الرجل مساره (مشارة) حتى قتلناهم فتركناهم في أضيق من باب وكأنهم أنابير سنبل. فلو طرح فدان ما سقط إلاَّ على ظهر ثور. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: زرعت هواه في كراب من الصفا ... واسقيه (وأسقيته) ماء الدوام على العهد وسرجنته بالوصل لم آل جاهداً ... ليحرزه السرجين من آفة الصد فلما تعالى النبت واخضر يانعاً ... جرى يرقان البين في سنبل الود قال وسألت فرجاً الرحجي (الرخجي) عن مثل ذلك وكان خبازاً. فقال لقيناهم في مقدار بيت التنور. فما كان بقدر ما يخبز الرجل خمسة أرغفة حتى تركناهم في أضيق من حجر (جحر) تنور. فلو سقطت جمرة ما وقعت إلاَّ في جفنة خباز. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: قد عجن الهجر دقيق الهوى ... في جفنة من خشب الصد واختمر البين فنار الهوى ... تذكى بسرجين من البعد واقبل الهجر بمحراكه ... يفحص عن أرغفة الوجد جرادق الموعد مشمومة (مهشومة) ... مثروددة (مثرودة) في قصعة الجهد قال وسألت عبد الله بن عبد الصمد بن أبي داود مثل ذلك وكان مؤدباً.

فقال لقيناهم في مقدار صحن الكتاب. فما كان بقدر ما يقرأ الصبي أمامه حتى ألجأناهم إلى أضيق من رقم فقتلناهم، فلو سقطت دواة ما وقعت إلاِّ في حجر صبي. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: قد أمات الهجر أن صبيان قلبي ... ففؤادي معذب في خبال كسر البين لوح كبدي فما اط ... مع ممن هويته في وصال رفع الرقم من حياتي وقد أط ... لق مولاي حبله من حبالي مشق الحب في فؤادي لوحي ... ن فأغرى جوانحي بالسلال لاق قلبي بيانه (ببينه؟) فمداد الع ... ين من هجر مالكي في انهمال كرسف البين سود الوجه م ... ن وصلي فقلبي بالبين في اشتعال قال وسألت علي بن الجهم بن يزيد وكان صاحب حمام عن مثل ذلك فقال لقيناهم في مقدار بيت الانبار. فما كان إلاَّ بقدر ما يغسل الرجل رأسه حتى تركناهم في أضيق من باب الأتون. فلو طرحت ليفة ما وقعت إلاَّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: يا نورة الهجر حلقت الصفا ... لما بدت لي ليفة الصد يا مئزر الأسقام حتى متى ... تنقع في حوض من الجهد أوقد أتون الوصل لي مرة ... منك بزنبيل من الود فالبين مذ أوقد حمامه ... قد هاج قلبي سلخ (مشلح) الوجد افد (افسد) خطمي الصفا والهوى ... نخاله (نخالة) الناقص (الناقض) للعهد قال وسألت الحسن بن أبي قماسة عن مثل ذلك وكان كناساً فقال لقيناهم في مقدار سطح الإيوان. فما كان إلاَّ بقدر ما يكنس الرجل زنبيلا حتى تركناهم في أضيق من حجر (جحر) المخرج ثم قتلناهم بقدر ما يشارط الرجل على كنس كنيف. فلو رميت بابنة وردانة ما سقطت إلاَّ على فم فالوعة (بالوعة). وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

أصبح قلبي بربخاً للهوى ... تسلح فيه فقحة الهجر بنات وردان الهوى للبلى ... أصبر من ذا الوجد في صدري خنافس الهجران أثكلنني ... يوم تولى معرضاً صبري أسقم ديدان الهوى مهجتي ... إذ سلح البين على عمري قال وسألت الشرابي أحمد عن مثل بذلك فقال لقيناهم في مقدار صحن بيت الشراب. فما كان بقدر ما يصفي الرجل دناً حتى تركناهم في أضيق من رطلية فقتلناهم. فلو رميت تفاحة ما وقعت إلاَّ على أنف سكران. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: شربت بكأس للهوى نبذة معا ... ورقرقت خمر الوصل في قدح الهجر فمالت دنان البين يدفعها الصبى ... فكسرن قرابات حزني على صدري وكان مزاج الكأس غله (علة) لوعة ... ودورق هجران وقنينتي عدر (غدر) قال وسألت عبد الله بن طاهر عن مثل ذلك وكان طباخاً، فقال لقيناهم في مقدار صحن المطبخ فما كان بقدر ما يشوي الرجل حملا حتى تركناهم في أضيق من موقد نار فقتلناهم فلو سقطت مغرفة ما وقعت إلاَّ في قدر. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: يا شبيه الفالوذج في حمرة الخدم ... ولوزينج النفوس الظماء أنت جوزينج القلوب وفي اللين ... كلين الخبيصة البيضاء عدت مستهتراً بكسباج (بسكباج) ود ... بعد جوذابة بجنب شواء يا نسيم القدور في يوم عرس ... وشبيهاً بشهدة صفراء أنت أشهى إلى القلوب من الزبد مع الز ... سبان (النرسيان) بعد الغداء أطعم الحاسدون ألوان غم ... في قصاع الأحزان والأدواء قد غلا (غلى) القلب مذ نأت عنك ... داري غليان القدور عند السلاء هام قلبي لما كسرن غضارات ... سروري مغارف الشحناء

فتفضل على العميد بيوم ... جد بوصل يكبت به أعدائي وتفضل على الكئيب ببزماورد ... م وصل تشفي (يشف) من الأدواء قال وسألت أطال الله بقاك (بقاءك) محمد بن داود الطوسي عن مثل ذلك وكان فراشاً فقال لقيناهم في مقدار صحن بساط. فما كان بقدر ما يفرش الرجل بيتاً حتى تركناهم في أضيق من منصة فقتلناهم. فلو سقطت مخدة، ما وقعت إلاَّ على رأس رجل. ثم عمل أبياتاً في الغزل فكانت: كسر الهجر ساحة الوصل لما ... غير البين في وجوه الصفاء وجرى البين في مرافق ريش ... هي مذخورة ليوم اللقاء فرش الهجر لي بيوت هموم ... تحت رأسي وسادة البرحاء حين هيأت بيت خيش من الوصل ... لأبوابه ستور البهاء فرش الهجر لي بيوت مسوح ... متكآتها من الحصباء رق للصب من براغيث وجد ... يعتري جلده صباح مساء قال فضحك المعتصم حتى استلقى على قفاه. ثم دعا مؤدب ولده فأمره أن يأخذهم بتعليم جميع العلوم. تم كتاب الجاحظ وكلامه مع المعتصم بالله. والحمد لله والصلوة على محمد رسول الله وعلى آله وأصحابه الذين بذلو (بذلوا) نفوسهم في المجاهدة في سبيل الله وسلم. ونقل عن بعض المحدثين أنه قال سألت بعضهم عن مثل سؤال الجاحظ وكان صواغاً فقال لقيناهم في مقدار سطح الكور. فما كان مقدار ما يجلو الرجل خاتماً حتى تركناهم في أضيق من بوطقة. ثم قتلناهم فلو رميت بدفش (برفش) ما سقط إلاَّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت:

أيها الناس هل سمعتم بصب ... مات من حب مبغضيه سوائي دمج الحب كور قلبي بصد ... حشوه من قشور جهد البلاء ترك الحب دفش (رفش) قلبي كئيباً ... ثم ثنى من بعد بالمبشاء (بالميناء) ليس يقوى سندان صبري على ذا ... عظمت يا حبيبتي بلوائي وسألت آخر عن مثل ذلك وكان نجاراً. فقال لقيناهم في مقدار ملبن فما كان إلاَّ بقدر ما يشد الرجل اجين حتى تركناهم في أضيق من جسرية فلو رميت بفاس ما سقط إلاَّ على كتف رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: صد عني الحبيب صد ملال ... فرثا (فرثى) لي العدو من سوء حالي فجساري السقام بين مناشير ... فؤادي كمثل وقع الذبال حاف (حاق) كاتشكن (؟) الصدود بقلبي ... ففؤادي لرندج البين قال إن فاس الصدود ينحر (ينجر) قلبي ... ومناشيره بطول المطال وسألت آخر عن مثل ذلك وكان حائكا. فقال لقيناهم في مقدار ثوب ثماني (يماني) فما كان إلاَّ بقدر ما يسقي الرجل باشيرا (؟) حتى تركناهم في أضيق من بهلق (يلمق؟) ثم قتلناهم. فلو رميت بحار (؟) ما سقط إلاَّ بين إصبعي رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: صد عني الحبيب صد جفاء ... وطواه مشنوث وصل الإخاء ورماني منه باستيح (باستيج) بين ... عجزت عنه نيرجات الغراء (العزاء)

زادكون (زركون) الفؤاد يشكوا (يشكو) إلي ... الحف الذي يلتقي من البلواء أنت والله ثلح قلبي يا ... نير فؤادي وغاية المنتهاء وسالت آخر عن مثل ذلك وكان طحاناً. فقال لقيناهم في مقدار المسطاح فما كان إلاَّ بقدر ما ينقي الرجل قفيزين حتى تركناهم في أضيق من الدوارة (الدورة). ثم قتلناهم فلو طرحت مكوكاً ما سقط إلاَّ على رأس رخل (رجل). وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: طحنت بأحجار الهوى حب مهجتي ... فروحي على قطب الرحاء تدور وألقيتني بالهجر في دلو فكره (فكرة) ... ومنسف أحزان هناك عسير مدار الهوى وقد بقلب مدله ... عليه مكاكيك الصدود تحور وسألت آخر عن مثل ذلك وكان حجاماً. فقال لقيناهم في مثل المدار. فما كان إلاَّ بقدر ما يأخذ واحد شعره (شعرة) حتى الجينا (ألجأناهم) إلى أضيق من محجمة. ثم قتلناهم. فلو رميت بمشراط ما سقط إلاَّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: شرطت قلبي بمشراط الصدود فقد ... حلقت شعر رجائي منك باليأس فالبين يعمل (تعمل) في قلبي حرارته ... كمثل ما تعمل الأجلام في الرأس قد كان تخريق (تمزيق) أيام الوصال بدا ... فرده الهجر كالمحموم (كالمحجوم) في الغاس (الفأس)

فان تجد بالرضا تشفي (تشف) أخا دنف ... حليف هم وتذكار ووسواس وسألت آخر عن مثل ذلك وكان وراقاً. فقال لقيناهم في مقدار جلد. فما كان إلاَّ بقدر ما يكتب الرجل صفحاً (صفحة) حتى تركناهم في أضيق من محبرة. ثم قتلناهم. فلو رميت بقلم ما سقط إلاَّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: كتبت هواه في سطور من الوفا ... بحبر من الإخلاص في ورق الصدق وصمغته بالحب حتى إذا نمى ... وقلت استقام السطر زاغ عن الحق فكحت سطور الوصل سكين غدره ... ومل إلى الهجر أن بالجهل والحمق فكيف التسلي والهوى يلزم الحشى ... بملزام فكر يترك القلب كالرق وسألت آخر عن مثل ذلك وكان ملاحاً. فقال لقيناهم في مقدار صحن الزورق. فما كان إلاَّ بقدر ما يمد الرجل كهره حتى الجيناهم (ألجأناهم) إلى أضيق من مجلس الكوثل وقتلناهم. فلو رميت بحالس ما سقط إلاَّ على رأس ملاح. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: جنحت زواريق الوصال وأقبلت ... سفن الصدود قلوسها الهجران فالقلب بحنده حواليش الرجا ... ويرده من يأسه سكان إن القمايا شاهد لي بالهوى ... وكذا الكشيا عنده برهان أطلال قلبك عارفات أنني ... صب الفؤاد متيم حيران

فامنن بمردي من وصالك أنني ... فيما (في ما) أرى ستضمني الأكفان وسألت آخر عن مثل ذلك وكان اسكافاً. فقال لقيناهم في مقدار طاق أديم فما كان إلاَّ بقدر ما يخرز الرجل تشتيكا حتى تركناهم في أضيق من أسوابخ (؟) ثم قتلناهم. فلو رميت باخواهل (؟) ما سقط إلاَّ على رأس رجل. وعمل أبياتاً في الغزل فكانت: يا شفرة البين قد أغريت بي سقماً ... وقالب الحب قد أورثتني ندما ملكت قلبي فأنت الدهر تنشره (تبشره) ... قد صرت في الحب يا مستعبدي علما أيدي الضمانات ما تنفك تعركني ... من حامل لبين عنه مهمى نما (كذا؟) تم ما قد جاء في هذا المعنى والله الموفق للصواب. ذكر ما قال أهل الصنائع في تركيب الكلام على ما يفهموه (يفهمونه) من صنائعهم ومألوفاتهم أجتمع قوم ن أهل الصناعات فتواصفو (فتواصفوا) البلاغة. فقال الصائغ: خير الكلام ما أحميته بكير الفكر وسبكته بمشاعل النظر وحططته (وخلصته) من خبث الإطناب فبرز بروز الأبريز في معنى وجيز. وقال الحداد: أحسن الكلام ما نصبت عليه منفخة الروية وأشعلت فيه نار البصيرة ثم أخرجته من فحم الإفحام ورقعته (ورفعته) بغطيس (بمغناطيس) الإفهام، وقال النجار: الطف الكلام ما كرم نجر معناه فنحته بقدوم التقدير ونشرته بمنشار التدبير فصار باباً لبيت البيان وعارضة لسقف اللسان. وقال النجاد: أحسن الكلام ما لطفت رفارف ألفاظه وحسنت مطارح معانيه فتنزهت في زرابي محاسنه عيون الناظرين وأصاحت (وأصاخت) لنمارق بهجاته آذان السامعين وقال

العطار: أطيب الكلام نظاماً ما عجن عنبر ألفاظه بمسك معانيه فقاح (ففاح) نسيم نسقه وسطعت رايحة عبقه فتعطرت به الرواه (الرواة) وتعلقت به السراه (السراة). وقال الجوهري: أملح الكلام ما ثقبته الفكرة ونظمته الفطنة ووصل (واتصلت) جواهر معانيه في سموط الفاظه، فاحتملته نحور الرواة. وقال الماتح: آثر الكلام، ما علقت وذم ألفاظه، ثم أرسلته في قليب، الفطن، فأمتحت به شغا (شفى؟) الشبهات، واستنبطت فيه معنى يروي من ظمأ المشكلات. وقال الخياط: البلاغة قميص، فجربانه البيان. وجيبه المعرفة، وكماه الوجازة، وتخارصه (وتخاريصه) الإفهام، ودروزه الحلاوة، ولابسه جسد اللفظ، وروح المعنى، وقال الصباغ: آنق الكلام، ما لم تبض (تنصل) مهجة (بهجة) إيجازه، ولم يكتنف (تنكفئ) صبغة الفاظه، قد صقلته يد الروية من كمود الأشكال، فراع كواعب الآداب واكف (؟) عذارى الألباب. وقال الصيرفي: أجود الكلام ما نقدته يد البصيرة، وجلته عين الروية، ووزنه معيار الفصاحة. فلا نظر يزيفه، ولا سماع بهرجه (يبهرجه). وقال البزاز: أحسن الكلام ما صدق رقم ألفاظه، وحسن نشر معانيه، فلم تستعجم عند نشر، ولم تستبهم عند طي. وقال الحائك: أحسن الكلام ما اتصلت لحمة ألفاظه بسدى معانيه، فخرج مفوفاً منبراً (منمراً) وموشى محبراً. وقال الرائض: خير الكلام ما لم يخرج من

حد التخليع إلى منزلة التقريب إلاَّ بعد الرياضة، وكان كالمهر الذي أطمع أول رياضته في تمام ثقافته. وقال الجمال: البليغ من أخذ بخطام كلامه، فأناخه في منزل المعنى، ثم جعل الاختصار له عقلا، والإيجاز له مجالا، فلم يند عن الأذهان، ولم يشذ عن الآذان. وقال المخنث: أحسن الكلام ما تكسرت أطرافه، وتثنت أعطافه، وكان لفظه حله (حلة)، ومعناه حلبه (حلية). وقال الخمار: أبلغ الكلام ما طبخته مراجل العلم، وضمنته دنان الحكمة، وصفاه راووق الفهم، فتمشت في المفاصل عذوبته. وفي الأفكار رقته، وفي العقول حدته. وقال الفقاعي: أطيب الكلام ما دوخت (دوحت؟) ألفاظه غباوة الشك، ودفعت دقته فظاظة الجهل، فطاب جشأ نظمه، وعذب مص جرعه. وقال الطبيب خير الكلام (ما) إذا باشر دواء بيانه سقم الشبهة استطلقت طبيعة الغباوة، فشفى من سوء التفهم، وأورث صحة التوهم. وقال الكحال: كما أن الرمد قذى الأبصار، فكذا الشبهة قذى البصائر، فاكحل عين اللكنة بميل البلاغة، واجل رمض (رمص) الغفلة ببرود اليقظة، (قال ثم أجمعوا) (على) أن أبلغ الكلام ما إذا أشرقت شمسه انكسفت (انكشف) لبسه، وإذا صدقت أنواؤه، اخضرت احماؤه. تم كلامهم بعون الله ومنه وتوفيقه، والصلوة على الهادي إلى أقوم طريقة، وعلى آله وأصحابه، سيما فاروقه وصديقه. الدكتور داود الجلبي (لغة العرب) إننا نشكر حضرة الدكتور داود بك لجلبي على نشره رسالة الجاحظ، ولسائر الرسائل التي بعدها فهي من أنفس ما كتب في موضوع المصطلحات الصناعية، إلاَّ أن في بعض الألفاظ صعوبة عظيمة لمعرفتها حق المعرفة فلعل بعض القراء يساعدنا على تصحيحها فنشكر له يده سلفاً.

آل الشاوي

آل الشاوي 2 - عبد الله بك الشاوي المتوفى سنة 1183هـ 1769م فخر هذه الأسرة وباني مجدها الحقيقي ورافع دعائمها هو عبد الله بك وان كان شاوي بك هو المؤسس لهذا البيت الكريم فالأسرة لا تزال تتمتع بأوقافه وتميل إليها عند الضنك والحاجة. . . تكاثرت الوثائق التاريخية والأدبية في زمنه لقرب عهده منا ولذا نجد له أخباراً جمة. وإن كانت مبتورة غير متصل بعضها ببعض ولقد أطراه الأدباء، وبالغ في وصفه المؤرخون فعد من أكابر رجال (السياسة العشائرية). والحق يقال أن سياسة العشائر من أعوص الأمور، وقد بذل العلماء الجهود لمعرفة أحواله، وصرف السياسيون مساعي أكثر للوقوف على طريق إدارتهم إدارة حكيمة ولا يزالون في خبط من الأمر وتشوش منه، ولعلهم إلى الآن في دور التجربة. فكل خطل توحيه الأهواء يحسبونه الحكمة في حسن الإدارة ولكنهم يعززونه بالقوة. فهم والعشائر على حد المثل البدوي: (هذه القنا وأنت تعرف) أو كما يقولون: (الحق بالسيف، والعاجز يريد شهود) فالحق عندهم للقوة. إن هذه الأسرة دبرت أمر العشائر - بالنظر إلى الحكومة وإجابة لرغبتها - ونهجت فيه خير نهج. واحسن تدبير حسب الظروف والأحوال التي اكتنفت الإدارة حين ذاك. ومن المقرر أن خير طريقة للإدارة العشائرية ما وافقت روحية القوم، لا ما تصوره بعضهم من المثل الأعلى. فلا يريدون إلاَّ ما ألفوه ولا يرغبون إلاَّ في ما اعتادوه. كان عبد الله بك يعد من أكابر الرجال في هذه الإدارة. ولذا وصفه صاحب عنوان المجد بقوله: (كان لشاوي بك ولد يسمى عبد الله بك وهو أحنف زمانه، كانت له الرياسة الكبرى، والصولة العظمى، وله من الخيرات والكرم

ما لا تحصيه الأقلام.) أهـ. هذا كلام مجمل ينبئ عن مقدرة ويشير إلى مهارة كما هو الغالب في أبناء البادية فإذا انضم إلى ذلك مناصرة من الحكومة، وطاعة من القبائل، وكرم نفس، واعتزاز بقبيلة، وحلم عظيم، فهناك الذكر الجميل، والصيت الذائع، والفخر الكامل. ومن ثم ابنتي (بيت العز) وشيد المجد الخالد. فعبد الله بك أمير العرب المسيطر على إدارة الحكومة - في خارج المدن وفي القبائل - وهذا تابع لنفوذ الحكومة وامتداد سلطتها. وآنئذ لم يكن للحكومة جيش مرابط ما هو الأمر في هذه الأيام. وإنما كان لها ما يشبه الإدارة العشائرية العامة الواسعة النطاق. وكان للحكومة بضعة أناس من الينكجرية (الإنكشارية) ومن المماليك والعثمانيين يقومون أودها ومع هذا يستخدمون سياسة الخديعة والحيلة، وسحق البعض بالبعض شأن كل ضعيف، بل شأن كل قوي لا يريد أن يجازف بقوته. قام المترجم فأحرز منزلة علية، ونال ما نال، واحكم أمر العشائر ولسان حاله ينشد: نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل فوق ما فعلوا أن الوقائع التاريخية والعشائرية في ذلك العصر كانت غامضة جداً. ولذا نرى صاحب (الدوحة) لم يذكر للوزير عمر باشا من الحوادث عن سنين متعددة سوى بعض الوقائع التي تداولتها الألسن، واغفل غيرها، وقال: لم تحدث في زمنه سوى وقعة الخزاعل، ووقعة المنتفق، وأشار إلى باقي السنين أنها مضت بسكون وهدوء. هذا عدا حادثة الطاعون. لذا لم يبق لنا أمل في العثور على وقائع المترجم: التابعة لوقائع الوزير المشار إليه. ولا لمن من سبقه. . . فاقتضى الرجوع إلى الدواوين والمجاميع. وهذه كثيرة. وتكاد تكون قد قصرت مدوناتها على مدح المترجم ومدح أولاده والثناء عليهم، مما يدل على علو المكانة. وإليك البيان: ممن أفرد التصنيف لمدحه وإطرائه مع أولاده أبو المحامد الشيخ أحمد ابن أبي البركات الشيخ عبد الله السويدي المتوفى سنة 1210هـ (1807م) في

ديوانه المسمى (فحام المناوي في فضائل آل الشاوي) ويقول في مقدمته ما هذا بحروفه: (لما من الله سبحانه على الزوراء، وتفضل على من تولاها في عصرنا من الوزراء بمن نصب نفسه النفيسة لمصالح المسلمين، المسلمين أمورهم لرب العالمين، ولقضاء الحوائج، ودفع الجوائح، عن المؤمنين المؤمنين، لدعاء رب العالمين، وألزمها إكرام الملهوف، وإطعام الضيوف، فأفنى بيوت المال، وأقنى ذوي الأقلام، ورفع أعلام العلماء، وأصلح أحوال العلماء، وساء في الناس سيرة يحمدها الموال والمخاصم، ويشكرها المحارب والمسالم، حتى أنه بلغ من الكمال غايته. ومن الإجلال نهايته، ومن المناقب أعلاها، ومن المناصب والمراتب أرفعها وأعلاها، (إلى أن يقول) كيف وقد سما بظاهر فضله، ونما بظاهر أصله، فلم يترك فضلا لمفاضل ومناوي، مولانا الأكرم عبد الله بك ابن المرحوم شاوي. الخ. . .) انتهى. وفيها إشارة إلى أن هنالك من ينكر فضله ويندد به، وكنا نود الاطلاع على ذلك لمعرفة حقيقة الرجل وعظمته. وقد بدأ لديوان بقصيدة طويلة يثني بها على المترجم بمناسبة رجوعه من أسفاره العديدة لإصلاح أحول البصرة وفيها يبين التنكيل بسلمان، والظهر أنه شيخ كعب وهو سلمان العثمان، وكان قد ساق عليه جمعاً الوزير علي باشا في أوائل وزارته سنة (1175هـ 1761م) فسالمه وطلب العفو منه فعفا عنه. ولا نرى في صدرنا حاجة إلى إيراد هذه القصيدة بحذافيرها ولكننا اخترنا منها بعض الأبيات وهي: ما للزمان يود قرب فنائي ... فأشن غارة جيشه بفنائي أو ما دراني أنني متحصن ... من كل حادثة وكل بلاء بالشهم عبد الله ذي الفضل الذي ... ما ناله أحد من الأمراء ومنها: (يشير إلى وقعة مع سلمان) ولقد طغى سلمان ثاني عطفه ... يعثو الفساد بساحة الفيحاء فأمال رأيته وأهمز خبثه ... فغدا مثالا أجوف الأحشاء

معتل قلب غير سلمان من ... الإعلال والتعريف والاسواء ومنها: (يعدد أوصافه) هو قطب دائرة لكمال ومركز ... التقوى وقوس الدولة العلياء ذو محتد ما الشمس عند ضيائه ... إلاَّ كحالك ليلة ليلاء من آل حمير من سلالة تبع ... من آل عمرو صنو ماء سماء آل العبيد به سموا وكذلك ... الأنباء قد تربو على الآباء يرمي الغيوب بفكرة وقادة ... فتلوح أوجهها له بصفاء ومدبر صعب الخطوب كأنما ... يدري صباحاً حادثات مساء. . . ومختار هذه القصيدة يذكر له أوصافاً تعبر عن مقدرة وذكاء وشجاعة وكرم، وقد تركنا الكثير منها، وفيها جمع ناظمها مصطلحات العلوم ن صرف ونحو وكلام وفقه وحكمة بطريق المدح. ثم أثنى على أولاده وعددهم وله قصيدة أخرى في هذا الديوان يهنئه فيها بعيد النحر قال: شهم كأن السحاب الجون راحته ... لكنها هطلت بالبيض والصفر إلى أن يقول: تبارك الله ما هذا الفتى بشراً ... لكنه ملك في صورة البشر لقد سمعنا ندى معن بن زائدة ... لكنه قيل ليس العين كالخبر تورث الفضل من آبائه فغدا ... يسير في نهج التقوى على اثر يدبر الخطب والأفكار قاصرة ... فيرجع الخطب خيراً غير ذي خطر هذا والديوان كله من نظمه. وللشيخ عبد الرحمن أفندي السويدي المتوفى سنة 1200هـ (1786م) مطلعها: الله أكبر زاد فيك يقيني ... بك اسأل المولى الكريم يقيني ويقول في آخرها: لازلت محروس الجناب موفقاً ... في حفظ دنيانا وحفظ الدين وللسيد محمد (ولم أتمكن ن معرفة هذا الرجل) قصيدة في مدحه يقول فيها: سلكت من العلى نهجاً سوياً ... فما لسواك من نهج سوي. . . ومنها: نشرت لواء فضل دان كل ... لديه من دني أو قصي

أحاديث الندى طويت لطي ... وأنت نشرتها من بعد طي إلى أن يقول: تغشانا من الأهوال ليل ... فكنت عليه كالصبح السني فدم واهناً بطيب العيش ما قد ... حباك الله (بالصدر العلي) وعش بهجاً على رغم الأعادي ... تتيه بثوب مفخرك البهي ومن أحسن ما مدح به قصيدة لحسين أفندي العشاري المتوفى في حدود سنة 1200 محتوية على أوصاف له لم تتضح في شعر غيره، قال: عليك أبا الغر الكرام سلام ... فأنت لكل الخائفين سلام ألم ترهم عن مدح غيرك أمسكوا ... كما أنهم عن زاد غيرك صاموا فأنت لهم غيث إذا شح غيثهم ... وأنت إذا زال الغمام غمام وأنت لهم هاد إذا ضلت النهى ... ولولاك في وادي الضلال لهاموا بك انتظم الملك الرفيع وحكمه ... ولولاك لم يظهر عليه نظام تنور من آرائك البيض خطبه ... كأنك نور والخطوب ظلام وان جمح الأمر الخطير رددته ... لأنك للأمر الخطير لجام فكل إمام أنت عيبة سره ... وأنت له في الحادثات ترام سبقت الأولى فازوا بكل كريمة ... فأنت لكل السابقين إمام عليك الورى أثنت وعن غيرك انثنت ... فان شذ فرد ما عليه ملام تزاحم أقوام لإدراك شأوكم ... فقصر عنه غارب وسنام. . . أبوك الذي قد زين البيت حمير ... وعمك كهلان وجدك سام. . . وأولادك البيض البهاليل فتية ... كرام فمنهم سادة وكرام فهم تحفة المحتاج لله درهم ... ومنهاجهم لا يعتريه ظلام. . . فلا البصرة الفيحاء لولاك بصرة ... ولولاك ما دار السلام سلام قدمت فيا فخر الورى خير مقدم ... بك الحيف يجلى والكتاب يقام إلى أن يقول: فلا خلت الزوراء منك مدى ... فكأنها في بحر جودك عاموا ولا برحت أقمار مجدك ترتقي ... إلى فلك الأفلاك وهي تمام

وفيها إشارة إلى ذهابه إلى البصرة في سنة 1181، كما يستفاد من قصيدة للسيد درويش الرفاعي البصري كان مدحه بها بمناسبة قدومه مرحباً به وتاريخها في السنة المذكورة، وهو أحد نقباء البصرة على ما يظهر. ومدحه شعراء آخرون مثل خليل بكتاش والشيخ أحمد النحوي، وقد جمع حسين أفندي العشاري مجموعة في فضائل آل الشاوي واختار ما قيل فيهم من شعر شعراء كثيرين وأكثر من مدحه الشيخ عبد الرحمن أفندي السويدي والشيخ أحمد السويدي ولكن فحل الشعراء الشيخ كاظم الأزري فأنه حاز قصب السبق على غيره ومدحه بقصائد رنانة أبدع فيها وأجاد الوصف، وبين شمائل المترجم، فهو في الحقيقة متنبي هذا البيت وقد قصر عنه معاصروه من الشعراء بمراحل شاسعة. ولم نتمكن من بيان وقائع المترجم اليومية. وحوادثه العظمى التي سببت انقياد الرأي العام له وتهافت الشعراء عليه لقلة المصادر إلاَّ إن نظرة سريعة إلى هذه الأشعار المقولة فيه تنبئ عن كفاية أحدثت دوياً. ولا ينكر على المترجم أن كان له مواهب سليمة فخبر البادية، وعرف الحضارة، فسيطر على الوجهتين وتمكن من إدارة شؤون الاثنتين، فحصل على شهرة فائقة بما أبداه من مزايا فطرية مقرونة بالعلم والشجاعة والقوة. ولا يضيره سكوت الترك عن حوادثه، إذ لم يرووا عنه شيئاً مفصلا ولا بينوا عن أعماله ولا عن أعمال أبيه ما يذكر في حين أننا نراهم قصروا في تاريخ وزرائهم وتاريخ إدارتهم في العراق. ولولا شدة الوقائع وتوترها بين الحكومة وبينه وبين ابنه سليمان بك، لما عرفنا ما يستحق الذكر؛ ولكن هذه الأشعار تشير إلى منزلة وتدل على ما وراءها فكأن الشعراء قصروا نظيمهم على مدح هذا البيت. وأني أكتفي - خوف الإطالة - بإيراد مطالع القصائد التي نظمها الأزري في عبد الله بك مع بعض الأبيات مما بعد من قبيل بيت القصيد وأذكر موطنها من الديوان المطبوع في بومبي سنة 1320هـ قال من قصيدة ذكرت في الص 29 من ديوانه ومطلعها:

هي الهجائن والقب السراحيب ... فاطلب بها المجد إن المجد مطلوب. . . واعلم الناس بالعلياء مطلبه ... من حنكته بها منه التجاريب وإن تكن جاهلا في نهج مطلبها ... فذاك نهج بعبد الله ملحوب. . . فقل لمن بالعلى أمسى يطاوله ... لا تستوي الأكم والشم الأخاشيب فليهنه من سماء المجد منزلة ... لها على النسر تأييد وتطييب فساق من ماردين الماردين وقد ... ولى رجوماً عليها ساقها الحوب وحلها بعد ما عاد الخلاف بها ... واليوم يسرح فيها الشاة والذيب يشير إلى وقعة حدثت في ماردين. وكنت أظن لأول وهلة إنها وقعة ماردين المشهورة مع سليمان بك وان الناظم ذكرها في حقه إلاَّ أني رأيت اسمه مذكوراً فيها. والظاهر أنها عشائرية أو أنها تتعلق بالحكومة ولكن صاحب الدوحة أغفلها فلم يعلم عنها شيئاً. ولهذا لا نعرف عن هذه الوقعة تفصيلات مهمة. ولعلها حدثت قبل زمن عمر باشا الوزير وعلى كل لم نر إشارة إليها. وله قصيدة أخرى ذكرت في الصحيفة 146 من ديوانه وفيها يشير إلى مقارعة وقد انطوت على حكم وآداب جمة، ومطلعها: حي المدام مدام بيض الانصل ... فلكم سكرت بريقهن السلسل. . . نعم المطية للفتى ظهر العلى ... وإذا امتطته اسافل فترجل. . . بالمرهفات أنال إدراك المنى ... وعلى أبي الهيحاء كل معولي ثم أطنب في مدحه وانتصاراته على أعدائه وذكر أولاده وكرامة نسبه الخ وشعره في هذه الأسرة من أطيب الشعر. وصفوة القول انه عمر طويلا وهذا ما يظهر من الإشارة التي ذكرها صاحب الحديقة في سنة 1152هـ ومن الوقفية المؤرخة في 15 جمادى الأولى سنة 1172 مع تعديلاتها المؤرخات في 2 شعبان 1173 و 15 منه و24 ربيع الثاني سنة 1177 الصادرة في زمن القاضي محمد أمين أفندي ابن إبراهيم ونائبه مصطفى أفندي، ومن تاريخ وفاته التي وقعت في سنة 1183هـ وبقي في إمارة العشائر وإدارتهم من زمن الوالي احمد باشا ومن تلاه من الوزراء إلى أواسط أيام عمر باشا. وقد رثاه الشعراء بقصائد عديدة ومن جملتهم الأزري فإنه رثاه بقصيدتين

ذكرتا في ديوانه في الص 78 و93 ومطلع إحداهما: لعمري خلت تلك الديار ولم تزل ... مطالع سعد أو مطارح جود وأرخ وفاته بقوله: ولما نزلت الخلد قلتُ مؤرخاً ... مقامك عبد الله دار خلود 1188 والصحيح إن المترجم ذهب إلى البصرة سنة 1181 ثم عاد وفي أثرها أي في سنة 1182 حدثت وقعة المنتفق فقتله الوزير عمر باشا سنة 1183 وذلك موافق لما جاء في الدوحة التي تذكر إنها وقعت سنة 1182 والظاهر إن التأهبات للسفر جرت في هذا التاريخ، وموافق لما جاء في مجموعة الشاعر الأديب عمر فندي رمضان الذي ذكر انه توفي سنة 1183 وفي هذه القصيدة للازري غرر الأبيات إذ يصف فيها حالة القبيلة - قبيلة المترجم - ويستنهضها بتحريض. . . وهكذا. وأما القصيدة الأخرى فإنها لا تقل أهمية عن سابقتها. أما القصيدة المذكورة في الص 186 من الديوان فإنها لا تخص المترجم وإن كان الناشر ذكرها سهواً بعنوان رثاء المرحوم عبد الله بك الشاوي. أسباب قتل المترجم وقبل إنهاء الكلام أود بيان أسباب قتله فأقول: إن الوزير عمر باشا كان قد وزر في أواسط عام 1177هـ. وفي السنة التالية، قام بحرب الخزاعل ورئيسهم آنئذ الشيخ حمد المحمود، فأنتصر عليه وبذلك أمن غوائل آخر، وهذه طريقة يتوسل بها الوزراء حينما يتسنمون كراسي الحكم بقصد التأثير على العشائر الأخر. وفي تلك الإثناء وقعت نفرة بين متسلم البصرة وهو سليمان آغا وبين الشيخ عبد الله بن محمد المانع زعيم المنتفق فأرسل الوزير عمر باشا عبد الله بك الشاوي لينصحه فيعدل عن خطته، وقد مرت الإشارة إلى ذلك - فوصل البصرة سنة 1181 هـ وجمع الخصمين في قصبة الزبير (رض) فأبدى الشيخ انتصاحه وبهذه الصورة وفق بينهما فرجع وقد مرت

القصائد المقولة عند رجوعه، إلاّ إن متسلم البصرة - كما وصفه صاحب الدوحة - كان سريع الغضب ونعت الشيخ عبد الله بأنه كان معانداً، (واعتقد أن هذا مبالغة لأنه تقرب للصلح) ولذا لم تدم الألفة بينهما. وهذا ما دعا الوزير إلى إن يقوم بحرب المنتفق. فجهز جيشاً وذهب بنفسه حتى وصل إلى محل يسمى: (أُم الحنطة) من أراضي العرجاء. وحينئذ رأى الشيخ عبد الله المنتفقي أن لا قدرة له في المقاومة فضرب في البادية. أما الوزير فإنه كان يخشى نفوذ عبد الله بك واتساع شهرته إذ رأى الشعراء يلهجون به، وتحقق تزايد نفوذه وقوة أمره حتى ظهرت الحالة جلية. .، ولكنه لم يجد طريقاً إلى الوقيعة به حذراً من حدوث ما لا تحمد عقباه، وأولاده عصبة قوية فكتم ذلك. ثم أتخذ الموافقة على الصلح ونكث حبله من قبل شيخ المنتفق، وما أبلغه أعداء عبد الله بك الشاوي عنه - وهم كثيرون والوزير أكبرهم خطراً وأشدهم نكاية - وسيلة إلى تحقيق أُمنية. فأبدى أن قد تم أمر بين الشاوي وبين الشيخ عبد الله فدبراه ليلاً على الحكومة للقيام عليها، وإن عبد الله بك هو الذي أوعز إلى الشيخ عبد الله المنتفقي بالفرار من وجه الوزير. وجد الوزير كل ذلك من المبررات واظهر القسم الأخير من مدعاة كل الإظهار واعتبر إن هناك خيانة ولا بد من معاقبة الخائن فاعتمد على جيشه ليحافظ على مكانته، ونفوذ حكومته. ولما رأى أن شيخ المنتفق لم يستطع مقارعته قبض على عبد الله بك الشاوي فقتله في (أُم الحنطة). . وقد ذكر صاحب الدوحة هذه الوقعة في حوادث سنة 1182 وهي - على ما يظهر لنا سنة التعبئة أو أن الخبر يرد لم إلاَّ في سنة 1183. ولا ينكر من صاحب الدوحة أن ينسب الخيانة إلى عبد الله بك الشاوي تبريراً لعمل الوزير، ومراعاة لسياسة الحكومة، وجرياً على خطتها، وهو أمر معهود في مؤرخي الحكومة آنئذ، إذ لم يروا إدارة حازمة سوى إدارتها

وهذا مما يجب أن لا يغفل التنبيه عليه. وفي هذه الأثناء ورد إلى بغداد خبر قتل الموما إليه، فنهض من أولاده الحاج سليمان بك، وسلطان بك، وجميع أبناء عشيرة العبيد وقاموا في وجه الحكومة أخذاً بالثار واحتشدوا في دجيل ورتبوا وسائل الاضطراب والاختلال. قال صاحب الدوحة: أنهم قطعوا السوابل، وسلكوا طريق النهب، وأزعجوا راحة العباد. وحينئذ سارع الوزير إلى العودة إلى بغداد فقطع مسافة عشرين مرحلة في سبع أو ثمان للخطر الذي داهمه من جراء هذه الحادثة، فوصل بغداد على حين غرة ونزل (المنطقة) في جانب الكرخ، وفاجأ المتجمهرين ففرقهم وأحمد عائلتهم، ولكن سليمان بك تمكن من الهرب والنجاة. أما سلطان بك فقبض عليه وجيء به إلى الوزير فهجم عليه وسل خنجره فضربه به، ومن ثم قتل. هذا ولا يعول على ما قصه صاحب غاية المرام عن حوادث هذه السنة أي سنة 1183 فقد ذهب إلى أن عرب كعب الخزاعل عصوا على الحكومة فحاربهما عمر باشا، ولما عاد منصوراً ظهرت له خيانة من عبد الله بك الشاوي فقتله وقتل ولده سلطان بك، وأقام مكان عبد الله بك ولده الحاج سليمان بك الخ. . فهذا غير صحيح وان كانت السنة صحيحة فالواقعة مغلوط فيها لبعد الكاتب عن بغداد، وأما إقامة ابنه سليمان بك مقامه فهذا غير مستبعد ولك الظاهر أن ذلك تم بعد هذه الواقعة بسنين، وبعد انتهاء أمدها والعفو عمن غضب عليهم. قلنا. ومن معاصري عبد الله بك: الشعراء الذين أشرت إلى أسمائهم في صدر هذا المقال وهؤلاء الآتية أسماؤهم ممن كانوا شهود الوقفية: 1 - الحاج محمد ابن الحاج عمر الراوي - 2 - والملا علي بن حسين الشواف - 3 - والسيد يونس الآلوسي - 4 - وعبوس العبد القادر الشاوي - 5 - والملا أحمد بن تمر الجبوري - 6 - وحمد سعيد أفندي السويدي - 7 - وعبد الرحمن أفندي السويدي - 8 - وعبد الله أفندي السويدي - 9 - ومصطفى ابن الحاج محمد خليل. وغيرهم كثيرون، وقد ترك المترجم أولاداً نرجئ الكلام عليهم إلى مقال آخر. والله الموفق. المحامي: عباس العزاوي

فوائد لغوية

فوائد لغويةٌ في مجلة المجمع العلمي العربي آراء في إصلاح نشوار المحاضرة وفي غيره 1 - ورد في ص 605 من الجزء العاشر لسنة 1930 (ولا يا أبا بكر - أعزك الله - هذا قول من (؟) من المسلمين تقدمكم) قال الأب أنستاس ماري الكرملي (لا حاجة للكاتب أن يضع هذه العلامة هنا، والمعنى ظاهر وهو: قول من من المسلمين، وهو صحيح فصيح) وقد أراد الأب أن (من) الأول: اسم موصول وان (من) الثانية: حرف جر، وذلك هو الوجه الذي جهله المجمعيون وغيرهم، إلاَّ أنه يكثر مجيئه مع الاستفهام. كقوله تعالى في سورة يونس: (قل: هل من شركائكم من يهدي إلى الحق؟) بتقدم الجار على الفعل ومع التقليل والتبعيض، كقوله تعالى: (ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين) فالأولى في تعبير النشوار: (قول من تقدمكم من المسلمين). 2 - وجاء في ص 605 أيضاً: (وإنه لمن إحدى المناقب إذ كنت أقول فيه) والصواب (أن كنت أقول فيه) لأن (أن) المصدرية والفعل بعدها مؤولان بمصدر مرفوع بالابتداء مبتدأ متأخر، والجار والمجرور خبر متقدم (على أحسن القولين المشهورين). 3 - وورد في ص 607 (لما وقف من كتاب صاحب الخبر (على) أن أم سليمان ماتت ببغداد) فظهر لنا أن العلامة الجليل (مرجليوث) زاد في الجملة (على) وحصرها بين قوسين ولا حاجة بالعبارة إلى هذه الزيادة، لأن حذف الجار قبل (أن) بتشديد النون وفتحها جائز.

وقد كتبنا تعليل هذا القول في هذه المجلة 7: 167 وفي مواطن أخر عديدة من السنة المذكورة والمجلدات السابقة. 4 - وجاء فيها أيضاً (وسعى لابن عبد الحميد كاتب السيدة بالوزارة). قال الأب انستاس: (لعلها: كانت السدة) قلنا: والأولى (كاتب السلة) وتطلق عند المولدين على مجمع المسودات، قال ابن خلكان في ترجمة طاهر بن احمد بن بابشاذ النحوي من الوفيات: (وجمع في حال انقطاعه سلة كبيرة في النحو، قيل إنها لو بيضت قاربت خمس عشرة مجلدة) وقد ورد تعبير (كاتب السلة) في تاريخ الحوادث الجامعة غير مرة، فليراجع. 5 - وردت في هذه الصفحة بعينها: (فاغتنم لذلك وبدأ فكتب إليه). فعلق المجمعيون ب (بدا) ما صورته: (لعل الأصل: بدا له) قلنا: والأوفق الأولى (وندم) لان المقام مقام حزن وأسف وندم. 6 - وورد في ص 608 (فتقضي لبانات وتشفي حسائك) والصواب (فتقضي لبانات وتشفى حسائك) على حسب قاعدتهم أي بإهمال تنقيط ياءي فتفضى وتشفى. 7 - وفيها أيضاً (عزمت عليك يا أبا العباس ما رجعت) وما ادري كيف قرأ المجمعيون والعلامة مرجليوث هذه العبارة؛ فأبقوها على حالها التي ترى. لانّ ذوق العربي يأبى إلا أنْ يقال (لما رجعت)؛ لان الجملة شبه جواب قسم. قال ابن هشام في شرح قطر الندى: (وأما) (الما) فإنها في العربية على ثلاثة أقسام، نافية. . . وإيجابية بمنزلة إلا، نحو قولهم: عزمت عليك لما فعلت كذا أي إلا فعلت كذا أي ما اطلب منك ألا فعل كذا) فهذا برهان ما قدمنا من الإصلاح. 8 - وجاء في ص 611 (فقالوا. . . ليس بها من يكون هذا عنده إلا العامل)، والصواب: (ليس بنا) لأنهم كانوا يتكلمون على أنفسهم، ولا مرجع للهاء في (بها) حتى يتخرج به وجه لذلك التعبير الذي تقدم. 9 - وفيها: (وسلم أبو علي من صلاته فقال لنا: لا يهوسكم) فالحق به العلامة مرجليوث: (لعله. لا يهولنكم) وليس الأمر على ما أرتآه لأن الأصل صواب ومعناه: (لا يحملكم على الهوس) أي الحيرة والاضطراب، لأنهم رأوا

الطعام الموصوف في الحديث صعب المنال، فكيف ناله واحد منهم مثلهم وهم لا ينالونه. ولا يجوز الاستبدال بالأصل إذا تخرج على وجه مقبول. 10 - وورد في ص 612: (فانحدرت إليه وسألته عن منزله، فأرشدت فدخلت إليه وإذا هو جالس). فعلق به المجمعيون (كذا في الأصل، والظاهر: (إليها وسألته) فهم - وفقهم الله - أصلحوا الصواب واستصلحوا الخطأ، ذلك لأن الهاء في (إليه) لا يجب رجوعها إلى البلد فيجوز عودها إلى الإنسان، ولآن الهاء في (سألته) زائدة ظاهرة الزيادة جداً، فالباحث المذكور عن الجاحظ ليراه كيف يسأله عن منزله ثم يرشد فيجد الجاحظ جالساً فيكلمه، ولا يستقيم المعنى أبداً إلاَّ بما ذكرنا. ولولاه لبقي الكلام مضحكا ظاهر التصحيف. 11 - وفيها: (فقد اشتملت على خصائل أربع). فقال المجمعيون: (كذا في الأصل ولم نجد خصائل بهذا المعنى فالظاهر، خصال كما في ياقوت) قال الأب انستاس: (فعلة على فعائل وارد) قلنا: ومما شابه الخصلة في الجمع هذا (حاجة حوائج)، (وحافة حوائف، ورخصة رخائص) و (شبة شبائب). (وضرة ضرائر) و (كنة كنائن). وغير المفتوح العين كثير منه: المرة والحرة. 12 - وجاء في ص 612: (إن ملوك الهند يغالون في الأفيلة) فقال المجمعيون أيضاً: (جمع الفيل: أفيال وفيول وفيلة، ولا يقال أفيلة). قلنا: إن علمهم علم ساعة كما إن في السموم سم ساعة، وقد اعتمدوا في قولهم هذا على مثل قول المختار: (الفيل معروف والجمع أفيال وفيول وفيلة بوزن عنبة ولا بقل: أفيلة)؛ ولكنه قال في مادة ق ف ا (القفا مقصور: مؤخر العنق يذكر ويؤنث، والجمع قفي بالضم واقفاء وأقفية وهو على غير قياس لأنه جمع الممدود كأكسية) وقال في مادة: ن د ي (والندى: المطر والبلل وجمعه أنداء وقد جمع على أندية وهو شاذ لأنه جمع الممدود كأكسية) فتراه لم يقل): ولا تقل أقفية وأندية). والتحقيق عند أهل العلم أن (فيلا على أفيلة) صوب لأنه مقيس ففي (2: 213) من المزهر ما نصه (وقال في الجمهرة: جمع فعل على أفعلة في المعتل أجازه النحويون ولم تتكلم به العرب مثل رحى وأرحية،

وندى وأندية، وقفا واقفية، قال أبو عثمان: سألت الأخفش (لم جمعت ندى على أندية؟ فقال: ندى على وزن فعل وجمل في وزن فعل فجمعت جملا جمالا فصار في وزن نداء فجمعت نداء أندية) قلنا: فالفيل وان لم يكن مفتوح العين فهو محمول على هذا الباب لاعتلاله، فضلا عن إن الأخفش بقوله هذا أجاز قاعدة (جمع الجمع والجمع بالحمل عليها) فاحفظه، وتأويل ذلك إن (فيلا) هناك جمع على (فيال) نحو (زق زقاق) و (وشبل شبال) و (عجل عجال) و (عطف عطاف) و (ظل ظلال) و (فعل فعال) و (فلو فلاء) و (قدح قداح) و (قط قطاط) و (قطع قطاع) و (قطف قطاف) و (قلع قلاع) و (كعم كعام) و (ملح للاح) و (لئم لئام) و (لهب لهاب) و (مطو مطاء) و (نبر نبار) و (نيق نياق) ثم جمع (الفيال) المقيس على (أفيلة) وهذا لا يعرف بعلم ساعة بل بعلم دائم يستضيء بالعقل أن أعجزه النقل. هذا فصلا عن أن دوزي ذكر أن الأفيلة وردت في كليلة ودمنة للمقفع، وفي الأصول العبرية لأبي الوليد مروان بن جانة، وفي مختصر الدول لابن العبري وغيرهم. 13 - وجاء في ص 612 (يتغرب فيه الفيل) والصواب (يتقرب) فهو المراد. 14 - وجاء في ص 614 (ويرعيان في موضع فيالها والفيالون مختبون) قال العلامة مرجليوث (لعله: وفيالها) قلنا: وأين يبقى (الفيالون)؟ وكيف يظهر فيال واحد والفيالون مختبئون شهراً؟ وما المراد بهذا الاختباء سوى استئناس الفيل الوحشي بأن لا يرى بشراً؟ فالصواب (فيألفها) وتوضح هذا بقوله بعد ذلك (باستحكام الألفة) وما عداه فخطأ محض لا يمكن توجيهه.

15 - وفيها: فإذا كان بعد شهر أقل أو أكثر) قال المجمعيون: (لعله أو أقل) قلنا: قد فهمنا المراد بالإصلاح ولكن لم نعرف انه يشمل حذف كلمات بلا سبب فان الأصل عين الصواب، لأن المدة أن كانت مرة تجاوز الشهر وطوراً تقل عنه قيل (شهر أو كثر) فليحفظ. 16 - وفيها: (فإذا رأى الناس بعر فيرجع إليه فيرده). قال المجمعيون (كذا بالأصل والجملة محرفه) قلنا: ليس لها وجه سوى أنّ يكون (نفر) (من النفور) بدلا من (بعر). 17 - وفيها: (ويقيمونه الفيالون أياماّ كذلك) وقد علق به المجمعيون: (الظاهر: ويقيم) فنقول لهم وما الظاهر في قوله تعالى: (واسروا النجوى الذين ظلموا)، وقوله (ثم عموا وصموا كثير منهم) فان كان في القران جائزاّ جاز في غيره ولا يجب العكس وهذه اللغة لغة طيئ ومن تكلم على لغة لا تجوز تخطئته فتنبه على سعة العربية ولنا أن نقيس شعرنا على شعر القدماء ومنثورنا على منثورهم. 18 - وجاء في ص 615: (ولا أن يطرح ثقله على شيء ليساوي أحرانه في التقييد إليها) فقال المجمعيون: (الظاهر: أجرامه. جمع جرم بمعنى الجسم وجمع كأنه صير كل جزء جرماً) فنقول لهم: وما معناه بعد إصلاحكم المتكلف فان المصلح يجب أن يحافظ على المعنى أولا وعلى اللفظ ثانياً، فبالمعنى يستخرج اللفظ أكثر مما يستخرج المعني به، ولكوني فاهماً معنى الجملة، عرفت إن الأصل (لتساوي أجزائه) لا (ليساوي أجرامه) وتلخيص الأمر وشرحه إن الفيل الوحشي إذا وقفه الفيالون بين الأوتاد الأربعة وقيدوه إليها لا يمكنه أن يطرح ثقله على وتد منها فيحطمه لأنه متساوي الأجزاء في التقييد إليها، فهو مربوط ربطاً هندسياً لا يدعه يميل. 19 - وفيها: (فأطعموه إياه بأن يرموا إليه من بعد فللجوع (ما) يأكله ولا يزالون) وإضافة (ما) قد أفسدت المعنى والتعبير؛ فما ندري كيف أضافها مرجليوث العلامة ولا نعلم ما الذي حمله على إضافتها. والأصل صواب وما عداه فخطأ ولو كان الأمر مشكلا، لأعذر الواهم، ولكنه واضح جد الوضوح،

فقوله (للجوع) يدل على أنه يأكله، والذي أوقع مرجليوث في هذا الوهم، هو ما جاء بعد هذا ونصه: (حتى يأكله من أيديهم. مع أن الفرق ظاهر بين أن يأكله من بعد، وان يأكله من أيديهم، وأكله إياه من أيدهم لا ينفي أكله من بعد أول الأمر، فالزيادة أذن زائدة والحق مبين للمنصف. 20 - وورد في ص 616: (وهم فوقه فيمشي ويصرفونه بحسب ما يصرفونه عليه). فعلق المجمعيون ب (يصرفونه) ما نصه: (كذا في الأصل) وهذا دليل أنهم رأوا خللا في التعبير، والعربي الذوق لا يرى فيه خللا بل يراه كلاماً عربياً ناصعاً، لأنه من (صرفه تصريفاً) بمعنى حركه وجهه. قال تعالى في الماء بسورة الفرقان: (ولقد صرفاه ينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا) وقال في سورة الأحقاف: (ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى، وصرفنا الآيات لعلهم يرجعون). وقال في سورة البقرة: (وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض). والأمر واضح. 21 - وجاء فيها (الفضل بن باهماد أفي السير بها) ولعل الأصل (السيرافي بها) أي بسيراف. 22 - وورد في ص 618 (فقلت: استعملني باجرة تعطنيها) بجزم الفعل (تعطي) وهو خطأ لأنه لم يرد به الجزاء ولا يجوز أن يراد به، قال الزمخشري في المفصل: (وإن لم تقصد الجزاء فرفعت كان المرفوع على أحد ثلاثة أوجه أما صفة كقوله تعالى: (فهب لي من لدنك ولياً يرثني) أو حالا كقوله تعالى: (ونذرهم في طغيانهم يعمهون) أو قطعاً واستئنافاً كقولك: (لا تذهب به تغلب عليه) و (قم يدعوك) ومنه بيت الكتاب: (وقال رائدهم ارسوا نزاولها) والوجه في قول النشوار الوصف لأن الجمل بعد النكرات صفات لها فالفعل مرفوع. 23 - وفي ص 619 (ابن ذلك المتوفي) والصواب المتوفى بإهمال الياء والله المتوفي والموت يقال فيه (المتوفي) أيضاً كما جاء في القرآن المجيد. 24 - وفي ص 620 (مما تتوهمه واستشعره) والصواب (توهمه) فكلاهما متعاطف وكلاهما ماض مسند إلى غائب. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة خيالات الصراف! جاء في (صدى الوطن) الجريدة البغدادية الجريئة في عددها أل 18 الصادر في 15 ك 1 سنه 1930 ما هذا نصه بحروفه: (بالرغم مما عرف به احمد حامد الصراف من سعة الخيال وكثرة الاختلاق فلم يكن معروفاً عنه بلوغ هذه الدرجة في تصوير حوادث ليس لها اثر إلا في مخيلات الروائيين والقصصيين ونحسب أنّ الصراف منهم، إنّ لم يكن يفوتهم في متانة (الرتوش)، الذي يضعه على القصة، فيخرجها حقيقة واقعة تنطلي على الذين لا يعرفون من أخلاق الصراف إلا حديث الحلو. وابتسامته المصطنعة، كما انطلى على أدباء القدس، (ومحرري جريدة الحياة) حديث خرافة، لا ندري إذا كان وقع في العراق في هذا العصر، أو أنه يرجع بذاكرته إلى العصور السابقة ونحن ننشر هذه القطعة (للفن) الذي فيها، ذلك الفن الذي عرف به الصراف وإليكها: (نظمت عقدنا جلسة أدبية وكنا أربعة: أديب العربية أستاذنا النشاشيبي، والأديب العراقي أحمد حامد الصراف، والأستاذ تيسير الدوجي، وكاتب هذه السطور. فكانت هناك خبرتان: بيان النشاشيبي، وأديب العراق. وما لنا من سكرين من بد. وتحدث الأستاذ الصراف عن أبي نواس والزهاوي بلهجته العراقية الجميلة، راوياً لنا هذه القصة الرائعة. قال أمتعنا الله بأدبه: بينما كان أحد الحفارين ينقب في ضاحية من ضواحي بغداد، إذا به يعثر على حجر رخامي طويل، أزال ما كان عالقاً عليه من التراب، فرأى عليها خطاً كوفياً فقرأ الرؤساء الكتابة، وإذا هي: (هذا قبر الحسن بن هانئ المشهور بأبي نواس).

فاخبروا أولي الأمر فأمر هؤلاء بالاحتفاظ بهذا الكنز الثمين، حتى يقوموا بإحياء ذكرى أبي نواس العزيزة، ذكرى المرح، والهوى، والشعر، والشباب. وما سمع الزهاوي شيخ الشعراء وفيلسوفهم، بهذا النبأ حتى دوى صوته في أجواء بغداد فرددته النوادي الأدبية العراقية، وإذا بأربعين شخصاً بين أديب وشاعر، يلتفون حول شيخهم، فتقدمهم قائلا: (يجب أن نحج إلى قبر النواسي على الأقدام). وزحف هذا الجمع، وعلى رأسهم بلبل الرافدين وشيخ الصناعتين، وهو الشيخ الوقور الجليل، الذي رمى الزمان رجله بالشلل، بعد ما غمره بالارزاء، فما لين منه قناة صليبة، ولا صوح الألم والشجن نفسه، فهي ما برحت غضة ريانة (كذا) بالأحلام والأماني، كنفس فتى في ريعان الشباب، وفجر الحياة. وكان هذا الزحف المجيد، أقدس تعظيم، وأكبر تمجيد، فإذا اعتور الزهاوي نصب، جدد نشاطه، وقوته المحطمة، ولم شبابه المتهدم، باستراحته على كرسي محمول مع القوم؛ ثم عاود المسير مع الجمع، وما أن بلغوا المقام حتى وقف السفر المحتشد حوالي القبر خشعاً أبصارهم، وشعروا كأن عطر المكان، أفعم نواحي نفوسهم رقة، وحناناً، وخيل إليهم أن شعر النواسي لم يزل ينفح عطراً وأريجاً دونه عطر العرائس، وأريج الأزهار. وانتصب فيلسوف العراق، وشاعرها الكبير. واقفاً على حافة الرمس منشداً شعره الحي، مهتاجاً موصياً أن يدفن والنواسي جنباً إلى جنب، وكان يلمح الراؤون حينذاك، في غضون طلعته البهية، صور الهوى العافي، ورؤى الشباب الدائر، ومتسع الماضي الزائل). وانتهى أستاذنا الصراف من قصته الممتعة، وغرقنا في لذة ونشو، وأرسلنا تحية الإجلال، والحب، إلى الزهاوي، شيخ الشعراء، وفيلسوف الشعراء) أهـ. إلى (يقظان) ابتلينا برجل كانت مهنة آبائه نقر الرخام فاستصعبها فعدل عنها إلى معالجة الأدب، ولم يحتفظ من تلك الصناعة إلاَّ بالنقر، نقر الناس، حيثما صادفهم، وقد أغرم بمطالعة مجلتنا إذ يقف على كل ما يكتب فيها مفلياً كل عبارة من

عباراتها، فإذا رأى فيها ما ينقر، نقره، لا بمنقار الطائر، بل بمنقار الرخام (المعروف عند العوام المتتركين بالمرمرجي). وقد عالج مراراً ردوداً على هذه المجلة فانقلبت عليه ويلا وثبوراً، فكانت كل نقرة ردت إليه آذته لأنها ردت إلى صدره من باب الارتكاس. فكان ينتبه من غفلته، أو نومته، فيسكت قابعاً زمناً في مكمنه. وقد عاد في 24 أيلول إلى النقر مرة أخرى، وخيل إليه هذه الدفعة أن نقرته هذه تفلق صفاتنا وتظهر غلبته وفوزه، إذ يدعي إن البحث الذي يتعرض له هذه الكرة هو من خصائصه التي تفرد بها دون غيره ولهذا وقع رده بقوله: (يقظان). فما وقع نظرنا على العنوان الذي وسم به مقاله وهو (كلمة (توراة) وشطط بعضهم) حتى عرفنا صاحبه، ولما رأينا في ذيله (يقظان) قلنا: هذا صاحبنا النكرة إذ ليس في بلادنا، من المتبجحين، المتصلفين، المعجبين بأنفسهم سوى هذا الرجل المطرمذ، ولما وقفنا على كلامه، قلنا: قد برز الثعيلب من مكمنه: عنون هذا الرجل مقاله بما يشم منه رائحة جهل الغير وعلمه الشهير، وذيله بما يشعر انه هو (اليقظان) ومن سواه غافل نائم. فهل بعد هذا الادعاء الفارغ ادعاء افرغ منه؟ قال الرجل النكرة عن مقالتنا (ترجمات التوراة) (لغة العرب 8: 665 وما يليها): (للمقال عنوان عربي وهو: (ترجمات التوراة) وعنوان فرنسي وهو: فقد جاء العنوان الفرنجي صحيحاً. . . وظهر العنوان العربي بعيداً عن الصواب لكونه أوسع من الموضوع. فان عبارة (ترجمات التوراة) لا تعني الترجمات العربية بل جميع الترجمات إلى مختلف اللغات. . . وهذا من الغرابة بمكان في من يدعي (الإمامة والعصمة في اللغة العربية). . . ثم هناك شطط آخر، بل ظلال (كذا) علمي (كذا) أقبح وهو (كذا) أن كلمة (توراة) أطلقت في المقال بنوع لا تنطبق معه على المسمى المراد ولا تقابل لفظة. . توراة تعني. . . كتب موسى الخمسة وأحياناً من باب الإطلاق على (كذا) جميع كتب (اليهود) المنزلة، أما عند المسيحيين فالأسفار الإلهية مقسومة إلى قسمين كبيرين. . . العهد القديم. والعهد الجديد. . ويطلق

على (العهدين معاً) اسم شامل هو (الكتاب) أو (الكتاب المقدس) أو (الكتب المقدسة). وعند الغربيين يقال: أو هذا ملخص ما جاء في كلام النقار النفاج وقد حذفنا منه عبارات السب والشتم والادعاء الباطل والصلف والعجب تاركيها لنفسه. فنقول: قوله (التوراة) غير (الكتاب) وهذا غير تلك يكذبه جميع علماء العرب (غير ملتفتين إلى علماء اليهود والغربيين والآراميين) إذ هذا الأمر يخرجنا عن موضوعنا، ونحن نذكر هنا الشواهد مفصلة، لا كما يفعل هو إذ ينكر الأمور ولا يستشهد عالماً ولا كاتباً ولا ولا ولا. أما إن التوراة هي الكتاب والكتاب هو التوراة خلافاً لما زعم، فصريح الورود في كتب التفسير. قال ابن جرير الطبري المتوفى سنه 310هـ (922م) في كتابه جامع البيان 3: 145 من طبعة بولاق الأميرية في سنه 1324م في تأويل هذه الآية: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون). . . أولى الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب أن يقال أن الله جل ثناؤه أخبر عن طائفة من اليهود الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عهده ممن قد أوتي علماً بالتوراة أنهم دعوا إلى (كتاب الله) الذين يقرون أنه من عند الله وهو (التوراة) في بعض ما تنازعوا فيه. هم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -. . . وإنما قلنا أن ذلك الكتاب هو التوراة لأنهم كانوا بالقرآن مكذبين وبالتوراة بزعمهم مصدقين. . .) أهـ وقد كرر مثل هذا التعبير مراراً لا تحصى مسمياً الكتاب التوراة والتوراة الكتاب. - وقال قبل ذلك تفسيراً لهذه الآية: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق) يعني بذلك جل ثناؤه: إن الذين يكفرون بآيات الله أي يجحدون حجج الله وأعلامه فيكذبون بها من أهل الكتابين التوراة والإنجيل) أهـ (3: 144). فقد رأيت من هذا النص الجلي إن التوراة هي الكتاب والإنجيل هو الكتاب. فالكتاب اسم جامع يطلق على كل من العهدين القديم والجديد. كما أن لفظة (التوراة) وحدها تعني ذلك عند النصارى على ما في دائرة المعارف للبستاني. فالطبري مسلم من أهل المائة الرابعة للهجرة (والنكرة) من أبناء

النصارى في المائة العشرين. المسلم عرف اصطلاح اليهود والنصارى. والمسيحي جهل مصطلح آبائه وأجداده. فماذا يحكم في رجل يتعرض لمما لا يعنيه. أليس من الحق أن نقول له: ليس هذا بعشك فادرجي، وأن أنفك في السماء وا. . . في الماء؟ هذا في نظر أهل التفسير والتأويل من الأقدمين. وأما اللغويون من (العرب) (لا من الدخلاء الشعوبية) فلا يقولون: إلاَّ قولهم. جاء في تاج العروس في مادة ك ت ب: (الكتاب: التوراة. وكذا في القاموس وجميع كتب اللغة لأصحابها المسلمين. وكذا يقال عن النصارى. قال في محيط المحيط في مادة ت ور: التوراة والتورية: أسفار موسى الخمسة معرب ثوره بالعبرانية ومعناها شريعة ووصية ج توراة (كذا) وتوريات. ويطلق على العهد القديم كله وربما أطلقت على مجموع العهدين. أهـ وفي الفرائد الدرية في اللغتين الفرنسية والعربية للأب بلو اليسوعي جاءت كلمة منقولة إلى العربية هكذا: التوراة، الكتاب المقدس، أهـ ومثل هذه الشواهد لا تعد ولا تحصى، وإنما اجتزأنا بما ذكرنا تخفيفاً لهذا العبء على المطالع، فمن أنت يا أيها النكرة بعد هؤلاء العلماء والأعلام؟ ولو كان لك أدنى غيرة على شرفك وشرف الرتبة التي تنتسب إليها لكسرت قلمك إلى أبد الدهر ولعدت إلى مهنة آبائك الأولى التي لا تزال تعطف عليها بالفطرة التي فطرت عليها، ولما عالجت بحثاً لست أنت من أهله في شيء كما اتضح سابقاً مما تعرضت له من الموضوعات، وما تعرضت له الآن فانكشفت عيوبك للجميع وبان ما أنت عليه من الجهل والاختلاط. إذن ليس هذا بعشك فادرجي). فما كان أغناك عن هذه الفضيحة التي فضحت بها نفسك عند قدومك إلى زورائنا فشابهت بعملك هذا عمل الظربان في الغنم. وأما مخالفتنا بين العنوانين العربي والإفرنجي في ما نحرره ويحرره غيرنا، فلان العنوان العربي للعرب الذين يفهمون من أدنى إشارة، والعنوان الإفرنجي هو لأبناء الغرب ولمن كان غليظ الفهم. والعربي يفهم إذا قلنا له: أترجم لك كلام هذا الأجنبي. إذ معناه: أنقله لك بلسان عدنان. فلا حاجة لنا بعد ذلك

إلى أن نزيده إيضاحاً فنقول له: أترجم لك كلام هذا الأجنبي إلى اللسان العربي، لكن هذا الأمر وأمثاله تفوت هذا الشعوبي، الغريب العنصر، والدم، واللسان، فلا عتب علينا بعد هذا إن قلنا: ولو أني بليت بهاشمي ... خؤولته بنو عبد المدان لهان عليّ ما ألقى ولكن ... تعالوا وانظروا بمن ابتلاني الخلاصة جاءت التوراة عند اليهود بمعنى أسفار موسى الخمسة، ثم أطلقوها بعد ذلك على أسفار الأنبياء وجميع الكتب المنزلة عندهم، ولما جاء النصارى أطلقوها على أسفارهم أيضاً، لأنهم يعتبرون أسفار اليهود كتاباً واحداً مقسوماً إلى عهدين قديم وجديد. وهذا رأي علماء المسلمين وعلماء النصارى، إذ عرفوا التوراة بالكتاب والكتاب بالتوراة. ومن كان جاهلا هذا الأمور التمهيدية فهو ابتر لا غير. في 24 أيلول 1930. نظرات بينما كنت أطالع بعض المجلدات من لغة العرب وقع ناظري على هنوات، أذكرها في ما يلي مع تصحيحها؛ كما أورد بعض الفوائد أيضاً: ذكر في 5: 334 أسماء مطابع بغداد ولم يذكر في ضمنها: الآداب، والعصرية. (ل. ع) لم تكونا يومئذ وكانتا اتخذتا أسمين آخرين فلا معنى لهذه الملاحظة. وفي ص 365 س 18: (ولكن كيف تأتي أن يهابه أناس لم يعاصروه)، هذه العبارة سقيمة ولم يتحصل منها معنى مقبول. (ل. ع) العبارة خالية من كل غبار ولا نعلم وجه الاعتراض إذ معناها كيف اتفق أن يهابه أناس لم يعاصروه. وفي السطر العشرين من الصفحة المذكورة: (وما علاقة ذلك في البلاغة) والفصيح: وما علاقة ذلك بالبلاغة. (ل. ع) هذا الغلط مصحح في باب التصويبات ص 142 من الفهارس. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة النقود العراقية الجديدة س - بغداد - أ. ل. طالعنا في صحف العاصمة أن ستضرب حكومتنا نقوداً جديدة وأسماؤها: دينار ودرهم ودانق وقرش أو غرش وفلس. أهذه ألفاظ عربية؟ - وان لم تكن عربية فأي ألفاظ كان يحسن أن تتخذ بدلها؟ ج - الدينار من اللاتينية والدرهم من اليونانية والدانق من الفارسية دانه، والقرش أو الغرش من الألمانية والفلس من اليونانية وكان الأحسن أن يوضع للنقود الجديدة أسماء عربية كأن يسمى الدينار (فيصلياً) والدرهم (غازياً أو غازوياً) وهلم جرا، باتخاذ أسماء من في بيت ملكنا المعظم، أو أن يوضع لها أسماء المدن الكبرى العراقية باتباع رفعة شأنها، فيسمى الدينار (بغدادياً) والدرهم (بصرياً) والدانق (نجفياً) والقرش (موصلياً) والفلس (كربلياً) أو (كربلاوياً) إلى ما ضاهى هذا الوضع على ما جاء من هذا القبيل في صدر الإسلام إذ سموا (هرقلية) و (قوقية) (والصواب فوقية بفاء في الأول) الدراهم المضروبة في عهد (هرقل وقوق أو فوقا). والدراهم البغلية منسوبة إلى رجل اسمه رأس البغل. وذكر في صدر الإسلام: (الأصبهبذية) لنوع من دراهم العراق. ومنها (الغطريفية) قال ياقوت في مادة بخارا: وكان لهم درهم يسمونها الغطريفية من حديد وصفر وآنك وغير ذلك من جواهر مختلفة. وقد ركبت، فلا تجوز هذه الدراهم إلا في بخارا ونواحيها وحدها. وكان سكتها تصاوير وهي من ضرب الإسلام. وكانت لهم دراهم أخر تسمى (المسسيبية) و (المحمدية) جميعها من ضرب الإسلام) أهـ. أذن لنغير بلك الأسماء الأعجمية ولنا سعة في الوقت لاستدراك ما فاتنا.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 1 - ذكرى السويدي مثل يوسف السويدي لا يستحق أن يخلد اسمه في كتاب، بل يستحق أن يقام له أيضاً نصب لما عانى من الرزايا في حب وطنه والدفاع عنه في كل حين. ولذا فإننا نشكر الجمعية التي عنيت بنشر هذه المهارق وأملنا أن يأتي يوم فيقام له نصب بجوار داره يكون مشرفاً على دجلة تشجيعاً لأبناء الوطن في أن يتبعوا خطواته. 2 - المجمع المصري للثقافة العلمية الكتاب السنوي مجلد فيه 232 ص بقطع الثمن الصغير وقد نسقت فيه مقالات أعضاء هذا المجمع الجليل فجاء درراً بل دراري في سماء التحقيق والتدقيق. ونتوقع أن يعمر هذا المجمع فيشذ عن سائر المجامع التي أنشئت عندنا فأشبهت الشهب الثاقبة تظهر فجأة وتزول وشيكا. 3 - في زوايا بيروت رواية في 48 صفحة تحبب الفضيلة وتشنع الرذيلة وهي من الروايات الجزيلة الفائدة ويحسن بأبناء الوطن بان يقفوا على ما فيها لما حوت من العظات. 4 - تربية النحل للمدارس الأولية والابتدائية وضعه أحمد زكي أبو شادي من الناس من رزقوا حظاً وافراً من مواهب الطبيعة. وهذا الكتاب المزين بنحو ثلاثمائة صورة يدني علم النحالة ويضعه على حبل الذراع ويغرس في ذهن المطالع محبة هذه الصناعة المفيدة فائدة مزدوجة: فائدة المال وفائدة الرقي العقلي

وجعل صاحبه العلامة المتخصص في هذه التربية المسلية مائة مليم أي 25 آنة بالنقود الهندية وهو ثمن بخس لا يعد شيئاً بجانب ما فيه من الفوائد الجمة. 5 - فضيلة الطهارة في عالم الدعارة تأليف الأب ج. كيبر اليسوعي تعريب المنسنيور عبد الأحد جرجي كتاب صغير الحجم عظيم النفع ينفع كل شاب وشابة من أي عمر كان. ومن أي دين، ومن أي طبقة، وهو متين العبارة، حسن السبك. والخلاصة هو زمردة مركبة في أبدع خاتم. 6 - مهرجان الأستاذ عقل الجر طبعته مجلة الشرق في سان باولو ووزعته هدية على مشتركيها. وإكرام العلماء هو من أفعل الأعمال في النفوس لترقية العلم في أبناء شرقنا العزيز. 7 - الروضة الطبية لعبيد الله بن جبرائيل بن بختيشوع حضرة القس بولس سباط مغرم بعلمائنا الأقدمين وبمؤلفاتهم فقد نشر هذا الكتاب الواقع في 73 ص وحرره من أغلاط النساخ فجاء سبيكة من الذهب الإبريز، ونتمنى له الرواج لما فيه من حسن السبك والألفاظ التي نحن في حاجة إلى معرفتها ليتقدم الأدب العربي في ديارنا وينسينا أوضاع الخلف الفاسدة. وقيمته شلنان أي ربية بنقود الهند. 8 - الدهور مجلة انتقادية في العلم والفلسفة والأدب لصاحبها ومحررها إبراهيم حداد. هذه مجلة وقع جزءها الأول في 128 ص وقد عالج فيه صاحبها أصناف الموضوعات، جامعاً أنواع الآراء الحديثة بعضها إلى جانب بعض من غير أن يبدي تفضيله أحدها على الآخر. وإذا أبدى شيئاً من هذا القبيل آثر المفكرين الماديين والدهريين على المفكرين الروحيين المتمسكين بالأديان. ولذا كانت هذه المجلة لمن يقول بمثل هذه الآراء ولا تصلح للجميع:

وخطأ الطبع وسوء كتابة الألفاظ بالحروف الإفرنجية شيء لا يغتفر ولا يحصى. فقد كتب كلمة (الدهور) بالأحرف الإفرنجية هكذا: - والصواب: - أو - وهذه على طريقة المستشرقين. وكتب: والصواب: هذه الأغلاط وحدها على غلاف المجلة. وأما ما في باطنها فيجب عليك أن تحضر لك حاسباً ليحسبها، إذ يمتنع ذلك عليك إن كنت وحدك. فعسى أن يتخذ لها صاحبها سنناً لا حبا قويماً لتكون هدى لقارئيها. 9 - معجم المطبوعات العربية تكلمنا مراراً على هذا المعجم الفذ الذي وضعه الاختصاصي يوسف اليان سركيس (لغة العرب 7: 264 و 583 و 8: 291 و 567) وقد تم الآن الجزء الأخير الحاوي فهرس أسماء الكتب التي ذكرت في تضاعيف السفر فجاءت صفحاته في أكثر من ألفي عمود بقطع الربع الكبير وهو أنفع ديوان يكون في المدارس والخزائن والمكاتب ودور الأدب إذ لا يمكن لأحد من الأدباء أن يستغني عنه. 10 - نداء العمال صحيفة اجتماعية انتقادية أدبية نصف شهرية مصورة تصدر في بغداد، لصاحبها عباس حسين آل الجلبي ومديرها المسؤول المحامي توفيق الفكيكي. ظهر العدد الأول من هذه الصحيفة المفيدة في 23 ت2 سنة 1930 وغايتها خدمة العمال في جميع البلدان العربية، فنرحب بها أعظم الترحيب ونتمنى لها الرواج الدائم والعمر الطويل. وهي من الصحف التي نحن بحاجة إليها لأن عمران الشعوب يشاد على سواعد العمال وبنهضتهم تزال قيود الظلم، وأغلال الضلالة. وتنشر ضلالة العدل والحضارة. 11 - مختارات المقتطف أحسن كل الإحسان الكاتب الجليل فؤاد بك صروف في قطف ما في جنات المقتطف من أطايب الثمر وأزاهير الرياحين المبثوثة في تلك المجلة وجعلها إضامة واحدة يستنشق أريجها كل من يود الوقوف على رقي العلوم العصرية

رقياً قائماً على أسس ثابتة. ففي هذه المختارات منتخبات بديعة يدور محورها على العلوم الطبيعية والكيمياء والفلك والكهرببة والأشعة وطبقات الأرض (علم الهلك) وعلم النبات والحيوان والآثار القديمة. وقد جعل هذا المجلد الحاوي 288 ص هدية المقتطف لسنة 1930 فاكرم بها من هدية تشوق الناس الاشتراك فيه. وترغب غير المشتركين في اقتنائه. 12 - شرح الأرجوزة بالرجز نظم نجيب فرج الله فياض، طبع الجزء الأول والثاني في المطبعة الكاثوليكية في بيروت. يقول بعضهم: لم يبق في عهدنا شعراء ينظمون المنظومات الطوال. وهذا الشرح لأرجوزة الشيخ اليازجي جاء مكذباً لما يدعي أولئك الملفقون فهذا الشرح يفيض عفواً من قريحة (النجيب الفياض) وعبارته في غاية السلامة والسهولة؛ وأملنا عظيم في أن يتخذه أرباب المدارس في الرجز من سرعة الحفظ والبقاء الدائم في الذاكرة. 13 - خمسة في سيارة وهي حديث رحلة إلى جزء غير صغير من غرب أوربة، تأليف سامي الجريديني المحامي. إن أحببت أن تستفيد من المطالعة ولا تضيع دراهمك فعليك بما تكتبه يراعة سامي الجريديني المحامي الشهير في مصر القاهرة. فأنه لا يخط كلمة إلا ويعلم ما لها من الأثر في النفس وكل مرة قرأنا مقالة من آثار قلمه أو كتاباً من فيض قلبه وذوب دماغه انتفعنا من تلك المطالعة وهذا الكتاب من هذا السيل الأدبي الطافح بالفوائد والفرائد واللذائذ. 14 - المثال الصحيح لكاهل المسيح في حياة القديس يوحنا ماري فياناي خوري ارس تأليف الأب يوسف علوان المرسل اللعازري، طبعة ثانية منقحة - الألف الرابع - بيروت 1930. أحسن دليل على إن هذا الكتاب من حسن الكتب المصنفة في تراجم أولياء

الله، هو إن طبعته الأولى نفذت وهذه الطبعة الثانية التي بلغ عددها الألف الرابع جاءت رافلة في افخر لباس لغوي وتاريخي وتحقيقي: فنوصي المسيحيين الشرقيين باقتناء هذا التصنيف البديع، والإقبال على مطالعته لأنهم يجدون فيه غذاء لنفوسهم وسلواناً في زمن المحنة ونوراً في ظلمات التجارب. 15 - لأجل الاتحاد بقلم الأب الياس اندراوس البولسي، مطبعة القديس بولس في حريصا (لبنان). كتاب بقطع 16 فيه 285 ص وهو مجموع محاضرات ألقيت في كاتدرائية بيروت ودمشق للروم الكاثوليك، والأدلة مقنعة محكمة الوضع والتنسيق مفحمة لمن يخالف رأي الخطيب وليس فيها ما يجرح الخواطر أو ينفر الخصم. فيجدر بالروم الأرثوذكس إن يطالعوها من أولها إلى آخرها ليعرفوا كيف يتكلم من ليس على رأي المتكلم وكيف يجادله، والأمل أن ينتفع به الارشمندريت ديبو المعلوف ومن كان من حزبه أو رأيه. 16 - تركية منذ الحرب العظمى نشر الأستاذ ج. يشكي تقويماً باللغة الألمانية يذكر فيه شهراً بشهر ويوماً بيوم كل ما وقع من الأحداث في تركية منذ سنة 1918 إلى سنة 1928 أي وقائع عشرة أعوام. وهذا التقويم مفيد جداً لمن يريد أن يقف بنظرة واحدة على ما حدث في تركية الجديدة. وكل الأمل أن يضع المؤلف مجلداً مفصلا لتلك الوقائع إذ هو ابن بجدتها. 17 - قطعة فلكية فيها زيادة فائدة مستلة من الجنزة نشر ريتشرد غوثيل نصاً عبرياً وجده في الجنزة وصوره ثم نقله بحروف عبرية مألوفة وترجمة إلى الإنكليزية فوقع طبعه في 15 ص بقطع 12 فنشكره على هذه الهدية الثمينة وحسن نقلها إلى الإنكليزية وتعليق الحواشي عليها

مما دل على توغله في العلوم الشرقية. 18 - صنين جريدة لبنانية جامعة تصدر في بسكنتا (لبنان) مرة في الأسبوع صحيفة جمعت شيئاً كثيراً من أخبار ديار الشرق وتبادلها كثير من الجرائد الأسبوعية العربية. 19 - قطع تبحث عن الطب منقولة عن جزة القاهرة هذه هدية ثانية للأستاذ المذكور المدرس في جامعة كولنبية (في أميركة) وقد أستشهد بكثير من كتبه العرب فجاءت هذه المقالة التي وقعت في 12 ص بقطع الثمن من أنفس المقالات ولا بد من إن علماء الطب عندنا يقفون على محتوياتها فنشكر له يده البيضاء شكراً جزيلاً. 20 - الحرم الشريف لعبد الغني النابلسي هي رحلة لعبد الغني النابلسي وصف فيها حرم القدس وصفاً لا نظير له في مؤلفات السلف. طبعها على الحجر ونشرها أحد مستشرقي الألمان وخطها داود سجعان عيد في مدينة فرانكفورت (نهر الماين) وطبعها بمطبعة كارل شتو كيكت في مدينة سالفلد (على نهر ساله) في سنة 1918 فوقعت في 87 ص بقطع الثمن الصغير وليس فيها فهارس الفصول ولا الأبحاث ولا أي فهرس كان. وهي مشوهة بأغلاط لا تحصى لا نعلم أهي من المؤلف أم من الناشر أم من الخطاط عامل الله الجميع بالرحمة والشفقة. 21 - العدل لهنكارية (المجر) أو أوهام تريانون القاسية نشر الدكتور لغرادي أوتو المنشئ الأول في جريدة (بشتي هرلاب) التي تنشر في عاصمة المجر (بودا بشتة) كتاباً ثميناً من جميع

الوجوه؛ بصدد بلوغ جريدته السنة الخمسين من بروزها إلى عالم الصحافة، والتي يعني بإصدارها الأخوة لغرادي. والغاية من هذا الدفاع أن تعطي هنكارية حقوقها في عالم الخلق. وقد زين المؤلف هذا الكتاب الدرة بأكثر من مائتي تصوير من أتقن ما يمكن أن يتصوره أهل الطباعة منها بألوان مختلفة، ومنها بلون واحد. والكل متقن أعظم إتقان. وقد عانى الدكتور مسألة إعطاء المجر حقوقها من عدة نقاط تاريخية، ومنها بلدانية، ومنها موقعية، وبعضها عقلية، وأخرى نقلية، وجميعها متسلسلة الوضع بحيث لا يمكن إن ينكرها إلا من أعتمه الغايات، وغرض المؤلف أن تعاد إلى هنكارية أرضها القديمة وان لا تغدر هذا الغدر العظيم. وفي مطاوي هذه البحوث الجليلة المفيدة أظهر المؤلف ما امتازت به هنكارية من المزايا التي تفردت بها فقد أنجبت رجالا أعاظم في كل فن من الفنون والعلوم، والمهن، والصنائع حتى انه وضع تلك الحقائق على حبل الذراع، بل من لا يفهم الإنكليزية يستطيع أن يفهم محتوى هذا الكتاب لحسن وضعه وأحكام تصاويره. وقد وقع في 164 صفحة بقطع الربع فاخر الورق والتصحيف فعسى أن يصنف المجريون فيعطوا ما يحق لهم من أراضيهم المسلوبة ليعاد مجدهم إلى سابق عهده وسامق عزه. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 11 - 73 - وورد في ص 229 هجو حسان لأبي سفيان ومنه: (فشركما لخيركما الفداء) فقال: الأثري (ولست أعرف في الهجاء اشرف من هذا الهجاء) قلنا: ليس هذا الحكم من ثمار عقله ففي ص 76 من شرح الطرة ما نصه: (وحكى أبو القاسم الزجاجي أن حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه لما أنشد النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قوله: أتهجوه ولست له بكفء ... فشركما لخيركما الفداء

قالت الصحابة: (يا رسول الله هذا أنصف بيت قالته العرب) أهـ فالصحابة أصحاب الرأي الرصيف. 74 - ولم يذكر من عادات حسان (رض) وطباعه ما يزيد ترجمته وضوحاً فقد كان يخضب لحيته بالحمرة على ما رواه المبرد في الكامل وكان جباناً جداً. روى شهاب الدين الأبشيهي في كتابه (المستطرف) ج1 ص 206 المطبعة المليحية قال: (وكان حسان بن ثابت رضي الله عنه من الجبناء) روي عن أبي الزبير أنه قال: كان حسان في قاع اطم مع النساء يوم الخندق فأتاهم في ذلك اليوم يهودي يطوف بالحصن، فقالت صفية بنت عبد المطلب رضي الله عنها: يا حسان إن هذا اليهودي كما ترى يطوف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عوراتنا من وراءه من اليهود فانزل إليه فاقتله، فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قال: فاعتجرت صفية ثم أخذت عموداً ونزلت من الحصن فضربته بالعمود حتى قتلته ورجعت إلى الحصن فقالت: يا حسان قم إليه فاسلبه فإنه ما منعني من سلبه إلاَّ أنه رجل. فقال: (ما لي بسلبه من حاجة) أهـ وفي الشرح الحديدي 3: 318 (وروى الواقدي عن صفية بنت عبد المطلب قالت: كنا قد رفعنا يوم أحد في الاطام ومعنا حسان بن ثابت وكان من اجبن الناس، ونحن في رفاع (كذا وقال قبله قارع وبعده فارع)، فجاء نفر من اليهود يرومون الاطم فقلت: دونك يا ابن القريعة، فقال: لا والله لا أستطيع القتال - ويصعد يهودي إلى الاطم - فقلت: شد على يدي السيف ثم برئت، ففعل فضربت عنق اليهودي ورميت برأسه إليهم فلما رأوه انكشفوا) فرحم الله حسان فما أحبه للعافية والسلم. 75 - وورد في ص 235 (فأنت الطاعم الكاسي) ففسره ب (المطعوم والمكسو) والمشهور (المطعم والمكتسي) أو (ذو الطعام والأكسية) على غرار قولهم: (لابن وتامر). 76 - وقال في ص 252 (وهو حديث مسهب يصف) فذكرنا قوله بقوله أنيس القدسي أستاذ الأدب العربي بجامعة بيروت الأميركية في المقتطف (أكتوبر 1929 ص 286) (في رسالة مسهبة نشرها، ولم نجد أسهب متعدياً بنفسه

فالصواب (مسهب فيه) و (مسهب فيها). 77 - وقال في ص 263 (وكان من البدع في أيامه - أي أيام كثير - أن تكون لكل شاعر خليلة يشبب بها فأراد أن تكون له خليلة فشبب بعزة بنت حميد:) قلنا: لم يكن اتخاذ الخليلة شرطاً عاماً كما زعم الأثري، ودليلنا على ذلك ما جاء في الأغاني (3: 289) ونصف: (،. . قال حدثني عبد الملك بن عبد العزيز قال: خرجت أنا وأبو السائب المخزومي وعبيد الله بن مسلم بن جندب وابن المولى واصبغ بن عبد العزيز بن مروان إلى قباء وابن المولى متنكب قوساً عربية فانشد ابن المولى لنفسه: وأبكي فلا ليلى بكت من صبابة ... إلي ولا ليلى لذي الود تبذل واخنع بالعتبي إذا كنت مذنباً ... وإن أذنبت كنت التي أتنصل فقال له: أبو السائب وعبيد الله بن مسلم بن جندب: من ليلى هذه؟ حتى نقودها إليك؟ فقال لهما ابن المولى: ما هي والله إلاَّ قوسي هذه سميتها ليلى) أهـ وفي ص 291 (عن عمرو بن أبي عمرو قال: بلغني أن الحسن بن زيد دعا بابن المولى فاغلظ له وقال: أتشبب بحرم المسلمين وتنشد ذلك في مسجد رسول الله (ص) وفي الأسواق والمحافل ظاهراً. فحلف له بالطلاق أنه ما تعرض لمحرم قط ولا شبب بامرأة مسلم ولا معاهد قط. قال: فمن ليلى هذه التي تذكرها في شعرك؟ فقال له امرأتي طالق إن كانت إلا قوسي سميتها ليلى لأذكرها في شعري. .) وفي ص 301 منه (فالتفت عبد الملك إليه وابن المولى علي نجيب متنكباً قوساً عربية - إلى أن قال عبد الملك له -: أخبرني عن ليلى التي تقول فيها (وأبكي. . .) والله لئن كانت ليلى حرة لأزوجنكها - حتى قال ابن المولى - والله ما ليلى إلاَّ قوسي هذه سميتها ليل لا شبب بها وان الشاعر لا يستطاب إذا لم يتشبب) وفي شرح ابن أبي الحديد 4: 525 ما يشابه هذه القصة فليراجعه من أراد التوسع. مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - الأستاذ رفائيل بطي وجرائده والصحف العراقية كنا ذكرنا في لغة العرب (8: 67) أن الأستاذ المحامي، رفائيل أفندي بطي أنشأ في 25 ت1 (أكتوبر سنة 1929) جريدة سماها (البلاد) فلم يمض على بروزها تسعة أيام حتى نشرت مقالة للشاعر الشهير معروف الرصافي فحكم على صاحب (البلاد) بأداء جزاء قدره خمسمائة ربية (نحو أربعين ليرة إنكليزية) وبعد ذلك ظهر في الصحيفة المذكورة مقالات لجماعة من الأدباء حاكمته عليها الحكومة في أوقات مختلفة وأغلقت جريدته فأصدرها باسم (صوت العراق) في 10 أيار وبعد ذلك عادت جريدته إلى الظهور باسم (البلاد)، ثم حجبت مرة ثانية فظهرت باسم (التقدم) في 23 تموز (يوليو) 1930 و (بالجهاد) في 27 منه و (بالشعب) في 27 آب (أوغسطس) و (بالزمان) في 31 منه و (بنداء الشعب) في 2ت2 (نوفنبر) وقبل أن تبرز (نداء الشعب) كانت الحكومة قد حكمت على الأستاذ بطي بالحبس إلى مدة ستة أشهر بتهمة الطعن بصاحب الجلالة ملكنا المعظم، ثم أنقصت محكمة الاستئناف تلك المدة وأنزلتها إلى شهرين. وفي 14 ك1 (ديسنبر) ذكرت (نداء الشعب) أن محكمة التمييز قررت في جلستها المنعقدة نهار السبت 13 ديسنبر بإجماع الآراء تبرئة سماحة الأستاذ وإلغاء قرار التجريم فخرج من السجن عصر اليوم المذكور فنهنئه بالفوز والسلامة والتبرئة. ومن الجرائد التي حكم عليها بالاحتجاب (الرافدان) و (الاستقلال) و (صوت الشعب) و (صدى الاستقلال) إلى غيرها، وكل ذلك في المدة التي لم تصدر مجلتنا بأخبارها بسبب وضع الفهارس، فعسى أن تكون هذه السنة الجديدة سنة إطلاق الحرية للصحف والآراء غير الضارة بالمجتمع ولا بالأديان ولا بمنفعة الحكومة. 2 - قدوم مستشرقين قدم إلى حاضرتنا الدكتور فيشل الألماني في العقد الثاني من ت1 (أكتوبر)

من السنة الماضية. وهبطها أيضاً الأستاذ لويس ماسنيون الفرنسي في 16 ك1 (ديسنبر) من السنة المذكورة وحاضر الأخير أدباء العاصمة في 17 منه في موضوع: (توجيه مساعي المفكرين لإنهاض الأمة العربية) وفي 18 من الشهر المذكور رجع إلى وطنه على طريق الشام. 3 - ترجمة جسيمة تجري في مدينة ابرنستن (أميركة) مجموعة (غارت) النفيسة تحتوي على 3000 كتاب مخطوط من انفس المخطوطات الشرقية وأغلبها فريدة. أن من أجل الأعمال التي حاولت (لغة أجنبية) القيام به إلى الآن هو تصنيف تلك الكتب المخطوطة وتنقيحها ونشرها وترجمة البعض منها وأخذت جامعة (أبرنستن) هذا العمل على عاتقها ذلك العمل الذي يتوقع منه انقلاب في بعض وجوه المعلومات العصرية المتعلقة بالمخطوطات الشرقية والعربية. أن في مجموعة (غارت) 3000 كتاب مخطوط ويتوقع من هذا المشروع ما يزودنا من تاريخ فكر البشر تزويداً هاماً. ومجموعة (غارت) مؤلفة من مخطوطات (هوتسمة) على ما عرفت بها، وكتب (لتمن) المخطوطة، ومجموعة برودي، ومجموعات عديدة لكنها اقل عدداً من تلك المجموعات وكتب مفردة. إنّ (روبرت غارت) يطوف في الشرق الأدنى الآنّ جامعاً لهذه المجموعة كتباً مخطوطة أخر. واغلب الكتب المخطوطة هي بالعربية ولكن البعض منها بالعبرية والسريانية والتركية، والفارسية، والأرمنية، والمالوية، والجاوية، والسنسكريتية. ومن ضمن هذه المجموعة كتب عديدة مخطوطة بلغات غربية أهمها اليونانية، واللاتينية، والهولندية، والفرنسية، والإيطالية. وهذه المجموعة تحتوي على مؤلفات اعظم مؤلفي الإسلام والقسم الأكثر من تلك المخطوطات نفيس ثمين كما انه فريد لا نظير له واغلبه لم يطبع بعد. أن تصنيف هذه الكتب المخطوطة وتنقيحها وترجمتها يعتبر عملا يستغرق وقت أجيال وقد أنشئت لجنة في (ابرنستن) لمراقبة العمل، وعين جيمز ثابرغرولد أمين خزانة الجامعة عضواً عاملا لهذه اللجنة. وأما مسؤولية العمل العلمية

فترجع إلى شعب الجامعة المتخصصة لذلك العلم. ويؤمل من بعض ما تحتويه تلك الكتب المخطوطة انه يحدث انقلاب في بعض وجوه الأنباء العصرية المختصة بالقرون الوسطى وتاريخ البلدان والكيمياء والرياضيات وعلم الفلك. قال الأستاذ (بندر) في ما يخص هذا العمل: (من النادر أن يكشف من الآثار القديمة ما ياعدل هذه المجموعة من وجهة خطورتها في تاريخ فكر البشر). تعريب: فنسان. م ماريني 4 - الاضطراب في كردستان (بلاغ رسمي) بحروفه: في البلاغ السابق كانت القوة (أ) في منطقة (جوارتة) والقوة (ب) في منطقة (بنجوين) وكانتا تقومان بمسرات مظاهرة من هذين المعسكرين. وفي 11 ت2 (نوفنبر)، سارت القوة (ب) في الجبال من بنجوين إلى منطقة جوارتة، وفي 13 منه عسكرتا القوتان معاً على مقربة من (بايانان) على ضفاف نهر (سويمل). وفي ليلة 14 تشرين الثاني تصيد الأشقياء هذا المعسكر تصيداً أسفر عن جرح جندي واحد جرحاً خفيفاً. وفي 15 منه. تحرك رتل من بايانان إلى قرى (مرانة) و (سوينك) و (بويرة) على اثر ورود خبر بوجود الشيخ محمود فيها مع بعض اتباعه الأشقياء. فلم يعثر لأحد منهم على اثر. وقد احرق بيتان من بيوت أحد عمال الشيخ محمود المعلومين، ثم عاد الرتل إلى بايانان. وكان سرب من طيارات القوة الجوية الملكية يتعاون مع الرتلين طيلة هذه المدة. وقد سارت القطعات في جميع المناطق التي حاول الشيخ محمود إثارة الخواطر فيها على الحكومة؛ ولم يحاول الأشقياء الموجودون هناك مجابهة القطعات، بل كان همهم مهاجمة مخافر الشرطة، وتصيد المعسكرات ليلا. وعليه انسحبت القطعات إلى (السليمانية) في 18 منه، وعاد قسم منها الآن إلى بغداد. وفي صباح 30 تشرين الثاني، هبطت على السليمانية أنباء تفيد إن الأشقياء هاجموا مخفر شرطة (سرداش) على مسافة 36 ميلاً تقريباً إلى الشمال الغربي من السليمانية. وقد قام سرب من القوة الجوية المرابطة في (الموصل) بحركة ضد

الأشقياء المحيطين بالمخفر وكان عددهم نحو ثلاثمائة. وفي 1 ك1) ديسنبر) سار رتل صغير من قطعات الجيش العراقي من (السليمانية) مزوداً بأوامر تقضي بانجاد قوة الشرطة في المخفر الذي كان محاطاً بالأشقياء، كما إن رفاً من الطيارات القوة الجوية أوفد للقيام بالاستطلاع القريب والتعاون مع الرتل. وفي صباح 3 كانون الأول قاومت الرتل قوة من الأشقياء يتراوح عددها من 350 إلى 500، وكانت هذه متحصنة في مضيق (حاجي آوه). ويقع هذا المضيق على مسافة ستة أميال إلى جنوبي (سرداش)، وكان الأشقياء هدموا جسراً على مقربة من المضيق في طريق (السليمانية سرادش) على نهر (جم تاربين). وبعد قتال دام أربع ساعات ونصف ساعة أبلى في خلالها رف الطيارات من القوة الجوية بلاء حسناً دمرت القطعات قوة الأشقياء التي كانت متحصنة في الجبال المشرفة على كلا جانبي المضيق، وبذلك أصبح من المستطاع قطع معبر النهر، فتقدم الرتل من مسيره، وبات تلك الليلة معسكراً على مسافة ميلين إلى جنوب مخفر شرطة سرداش، وقد انسحب أيضاً العصاة من تلك النقطة في أول الليل. وفي الساعة الثامنة من صباح 4 منه دخلت طليعة الرتل سرداش، ووقف الرتل قرب ذلك المكان ليعسكر هناك. وفي عصر ذلك اليوم زحف قسم من الرتل مع رف من الطيارات يعاونه إلى قرية (حاسنة) الواقعة على مسافة خمسة أميال إلى غربي (سرداشت). ولما كان بعض الأشقياء الذين اشتركوا في الهجوم على مخفر الشرطة، من سكان هذه القرية، خربت القطعات بعض البيوت ثم عادت إلى معسكرها. ولقد بلغت خسارة القطعات في 3 و4 ك1 جريحان اثنان (أي جريحين اثنين) من الضباط وأربعة قتلى من الجنود وخمسة جنود جرحى، أما خسارة العدو فتتراوح من ثمانية قتلى إلى 41 قتيلا وجريحاً، إنما لم نقف حتى الآن على أرقام يعتمد عليها. والمفهوم أن عدد توابع (أي تابعي) الشيخ محمود من العصاة قد نزل بعد حركات يومي 3 و4 كانون الأول إلى مائة وخمسين. 5 - البريد بين العراق وسورية كان نقل البريد في السيارات بين

العراق وسورية، في يد شركة نون، وكانت أجرة الكيلو ثلاث ربيات، وبعد انقضاء مدة الالتزام، تقدم الحاج ياسين جلبي الخضيري، فعرض قبول الالتزام بخفض الربيات الثلاث إلى 7 آنات. وتقدم حييم أفندي نثنائيل فأنزلها إلى 6 آنات ونصف، واخذ الالتزام لمدة سنتين. وقد انقضت السنتان الآن فتقدم ثانية كل من الحاج ياسين جلبي الخضيري ودانيال أفندي اسكندر فانزلا المبلغ إلى 4 آنات ونصف، وأما حييم أفندي نثنائيل فلم يرض إلاَّ ب5 آنات والمزاحمة قائمة بينهم. 6 - بعثات الآثار القديمة في العراق بلغ عدد البعثات الأثرية المشتغلة في العراق في سنة 30 - 1931 اثنتي عشرة: خمس منها أميركية، واثنتان أميركية إنكليزية وواحدة إنكليزية وثلاث ألمانيات وواحدة فرنسية. ودونك مواطن حفرها: في لواء الموصل تل بلي - بعثة أميركية تشتغل لحساب متحفة جامعة بنسلفانية، ومديرها الدكتور سبايسر في خرستاباذ (خورساباد) - بعثة تشتغل لحساب المعهد الشرقي لمدينة شيكاغو، ومديرها الدكتور فرانكفرت، نينوى - بعثة بريطانية تشتغل لحساب المتحفة البريطانية، ومديرها الدكتور كامبل طمسون. لواء كركوك تركلان - بعثة أميركية تشتغل لحساب جامعة هارفرد، ومديرها مجهول. لواء بغداد سامراء - بعثة ألمانية يدير أمورها البروفسور هرتسفلد. تل عمر - بعثة أميركية تشتغل لحساب جامعة ميشيغان ومديرها البروفسور واترمان. لواء ديالى التل الأسمر وتل خفاجي - بعثة أميركية تشتغل لحساب المعهد الشرقي لمدينة شيكاغو ومديرها الدكتور فرانكفرت. لواء الحلة كيش - بعثة أميركية إنكليزية تشتغل لحساب المتحفة السيارة لمدينة شيكاغو ومديرها المسيو واتيلين. لواء الديوانية الوركاء - بعثة ألمانية ومديرها الدكتور جردان. لواء المنتفق أور - بعثة أميركية إنكليزية تشتغل

لحساب متحفة جمعة بنسلفانية والمتحفة البريطانية ومديرها المستر وولي. تلو - بعثة أميركية تشتغل لحساب الحكومة الفرنسية ومديرها الأب دي جنوياك. أما الشركة الألمانية التي أتت حديثاً لتنقر على حسابها فلم نعلم إلى الآن موطن شغلها. 7 - وفاة الحاج علي الزين توفي الحاج علي الزين والد صاحب مجلة العرفان أحمد عارف، بعد أن قضى عمره في الخير والمبرات، ولد رحمه الله في صيدا سنة 1853م وقضى نحبه فيها في سنة 1930، فنعزي أولاده ولا سيما حضرة الزميل بهذا الفقد الجليل، وعسى ن تكون هذه الرزية آخر الرزايا التي يصاب بها بيت الزين. 8 - الوفيات والمواليد في العاصمة لإدارة الصحة عن شهر ت 2 سنة 1930 المواليد المحل الذكور الإناث المجموع ت1 ت2 الرصافة 266 208 474 481 391 الكرخ 93 73 170 166 140 المجموع 363 271 644 647 531 الوفيات الرصافة 172 173 309 302 358 الكرخ 81 77 158 145 117 الجموع 253 214 467 447 475

و10 بالسل و10 بالحمرة و4 بالبلهرزية و8 بالخناق و3 بالتهاب النكفة و3 بالبارا تيفوئيد و2 بالجمرة الخبيثة و1 بالزحار و1 بالتهاب السحايا. 11 - إمضاء المعاهدة الجديدة (بحورفها) اتفق المفاوضون العراقيون والبريطانيون فأمضوا معاهدة تحالف وصداقة يشرع في تنفيذها عند قبول العراق عضواً في عصبة الأمم. أما أسس المعاهدة فهي: 1 - الاعتراف باستقلال العراق التام وبتوليه منفرداً مسؤولية إدارة جميع شؤونه وأخذه على عاتقه الأمن الداخلي والدفاع وفقاً للتحالف ضد الاعتداء الخارجي. 2 - إلغاء المعاهدات والاتفاقيات المنعقدة بين العراق وبريطانية العظمى. 3 - اعتراف حكومة صاحب الجلالة البريطانية بانتهاء المسؤوليات الانتدابية التي قبلها صاحب الجلالة البريطانية فيما يتعلق بالعراق من تلقاء ذاتها بمجرد دخول المعاهدة في حيز التنفيذ. 4 - جلاء جميع القوات البريطانية عن الهنيدي والموصل في خلال مدة لا تتجاوز الخمس سنوات من تاريخ تنفيذ المعاهدة وإيجار الحكومة العراقية حكومة صاحب الجلالة البريطانية ثلاث قاعدات جوية غربي الفرات وشط العرب على أن يقوم بحراسة هذه القاعدات حرس خاص من قوات صاحب الجلالة البريطانية الخاصة. 5 - مدة المعاهدة خمس وعشرون سنة. ويشترط فيها انه في أي وقت كان بعد مرور عشرين سنة من تاريخ الشروع في تنفيذها يدخل في المفاوضة بناء على طلب أحد الفريقين المتعاقدين لعقد معاهدة جديدة لتأمين المواصلات الانبراطورية الجوية الأساسية، وإذا اختلف في ذلك يحال الخلاف إلى مجلس عصبة الأمم. 6 - يمثل كلا من الفريقين لدى بلاط الفريق الآخر ممثل سياسي (دبلوماتيكي) يعتمد وفقاً للأصول المرعية بين الدول المستقلة. 30 - 6 - 1930 ملاحظ مكتب المطبوعات بيان رسمي 1 - غادر صاحب الفخامة نوري باشا السعيد رئيس وزراء العراق إلى بريطانية العظمى في أول تموز (يوليو) سنة

1930 لحل المسائل المعلقة. ولما كانت نية الحكومة العراقية قد صحت على تقديم طلب إلى عصبة الأمم قبل السنة 1932 لقبول العراق عضواً فيها فاغتنم فخامته هذه الفرصة للنظر في التاريخ الملائم لتقديم الطلب المذكور. 2 - تلقى فخامة رئيس الوزراء في 1 تموز كتاباً من فخامة المعتمد السامي يخبره فيه بان الحكومة البريطانية ستتحمل ابتداء من أول السنة المالية المقبلة جميع نفقات دار الاعتماد في العراق وبناء على ذلك أن تدفع الحكومة العراقية بعد هذا المبلغ الذي كانت تدفعه سنوياَ لقاء مصروفات دار الاعتماد وفقاً للمعاهدة المرعية. وبارح الحاضرة صاحب الفخامة المعتمد السامي في 2 تموز ذاهباً إلى لندن ثم عاد منها بعد قضاء شؤونه. 12 - إصلاح في سجن بغداد كانت حالة السجن في بغداد من أسوأ ما يذكر ويشاهد، حتى أن رصافينا نظم قصيدة في وصفه خلدت ذكر ذلك السجن إلى أبد الآباد. مطلعها: سكناً ولم يسكن حراك التبدد ... مواطن فيها اليوم ايمن من الغد ومنها: مقابر بالأحياء غصت لحودها ... بخمس مئين انفس أو بأزيد هذا ما كان عليه السجن في عهد الترك، أما اليوم فان حكومتنا أصلحت فيه أموراً عديدة منها: أن هذا السجن كان قد هدمت منه جانباً عظيماً مياه دجلة، واليوم أعيد بناؤه على طرز احسن مما كان عليه في أمسه. ومنها: أن إدارة السجن جلبت أساتذة لعمل الطنافس فعلموا صناعتهم أولئك المنكوبين. وكان عدد الأنوال أي الجوم ثلاثين في أول الأمر أما اليوم فقد اصبح عددها مائة بل اكثر. ومنها: إنّ معمل النسيج الذي أنشئ فيه يخرج اليوم احسن الأستار وأجملها كما أن معمل الدثارات يصنع فيها ما يضارع بمتانتها أحسن دثارات الغرب وبقدر يسد حاجة الشرطة في العراق

وقد اعتاض معمل الكنبار المتخذ من ليف النخل عن القنبار المتخذ من ليف النار جيل الهندي فينسج منه السجنى أنواع الحصران وتمكن من تقديم ما احتاجت إليه في الشتاء دوائر الحكومة أو دواوينها وذلك بثمن زهيد لا يزيد في اثنتي عشرة آنة لليرد الواحد. ومنها أن معمل الحدادين قد نظم تنظيماً بديعاً حتى أنه ليتمكن اليوم من إصلاح كثير من الأدوات الدقيقة المتعلقة بالسيارات وآلات الخياطة والطباعات وغيرها. وقد وسع معمل التجليد وجلبت لهذه الغاية جميع الأدوات اللازمة له والآن يجاري بتجليده ما يقوم به صحافو البلدة أحسن قيام وينافسونهم في اشغلهم. 13 - النفطخانة (النفطخانة) اسم لمحل قرب خانقين وفيه عين يخرج منها هذا السائل النفيس وقد أنشئت هناك شركة باسم (شركة نفط خانقين) وهي فرع من (شركة النفط الإنكليزية الفارسية)، وقد نصبت هذه الشركة الآلات اللازمة لاستخراج النفط وتصفيته. وأقامت أحواض الزيت الكبرى، مع انه لم يمض على ذلك كله سوى ثلاثة اشهر فقط. وتمكنت هذه الشركة من عرض مستخرجاتها من النقط والبنزين على أسواق بغداد منذ أوائل سنة 1727 والعمل لا يزال جارياً بسرعة مدهشة لمد الأنابيب اللازمة وإقامة الأبنية والعمائر والدواوين في عدة أماكن منها ما في خانقين والكهريز (والكريز). ومنها ما يقام بالقرب من بغداد وعلى خط سامراء. وقد أتم المهندسون والرزاة (المعماريون) الذين في الشركة الكبرى المذكورة في المحمرة وبغداد وخانقين رسم التخطيطات لتحقيق فكرة جر النفط إلى الجهات القريبة من العاصمة. ولا شك في أن هذه الأعمال الجليلة تفتح باب السعي والكد والدأب في وجه عدد جم من طلاب الأشغال والمقاولات. وفي هذا الصدد نذكر أن شركة

النفط العراقية تدأب في العمل لتحقيق فكرة مد القساطل إلى حيفا من سواحل البحر المتوسط في فلسطين، ثم يمد بجانبها خط حديدي يربطها بفلسطين. فلا يبقى بيننا وذاك البحر الشهير في التاريخ إلاَّ ساعات تصبح بغداد كأنها ثغر بحر لا ثغر نهر. زد على ذلك أن الطيارات الكبرى بدأت تنقل البريد والركاب والبضائع الخفيفة منذ شهر ك2 (يناير) 1927 فلا يبقى بعد هذا مسافة ولا بر ولا بحر! 14 - آخر أسعار السوق في بغداد بلغ سعر الوزنة من الحنطة الكردية من خمس ربيات إلى خمس وأربع آنات. وسعر الوزنة من الحنطة العراقية المتعابرة (المألوفة) من ثلاث ربيات وثماني آنات إلى ثلاث ربيات واثنتي عشرة آنة وبلغ سعر الطغار من الشعير 34 ريبة. وبلغ سعر الوزنة من الرز (التمن) العنبربوه الذي من الهندية وهو خام 26 ريبة والوزنة من الرز الخضراوي من الهندية 13 ريبة. والوزنة من الوسط من الهندية 11 ريبة والوزنة من السائر من الهندية تسع ريبات وثماني آنات. وبلغ سعر الطغار من الأذرة (الذرة) البيضاء ستين ريبة والطغار من الأذرة الصفراء 45 ريبة.

العدد 87

العدد 87 - بتاريخ: 01 - 02 - 1931 كيفية إصلاح العربية 1 - نظرة عامة في اللغة ومفرداتها لسنا في زمن سعادة العرب وعظمتهم، فيكون حفظ كلمة شاذة مفيداً لحافظها، رزق سنة أو سنين، ولا في عهد خلفائها، وملوكها، وأمرائها، الذين مدت الحياة الطيبة إليهم يدها، وعرضت الدنيا عليهم كنوزها، فنقضي الأوقات بنوادر العربية، وأساطيرها، استعداداً للمحاورة، والمحاضرة، والملاغاة، والمكابرة. أجل أن استجماع أسباب السعادة، ووفرة الثراء، وازدياد النعم، واشتداد السلطان، تصرف اللغة إلى التلهي بقشور الدنيا، ولهوها، وقشارات لغتها وغثها ونوادها لان الناس إذا تساوت في معرفة الأصول تفاضلت في عرافان الشاذ، والإغراق في غمراته؛ الولوع الشديد بالإغراق، يبعد عن الأصول ويتعب العقول. ولقد مر على العربية دهور تنازع فيها العلماء في الرئاسة اللغوية، وزعامة الرواية، والتجلية في الحفظ، فولدت هذه الأمور الإصرار على ما ذهبوا إليه فإذا غلط أحدهم خصمه في شيء مقيس أدرع بإنكار قياسه وانه سماعي، وإذا غلط احداً، اقفل عنه أبواب العربية على سعتها، فعل ذلك كثير فضلا عن انهم

تعمدوا الكذب، والتوليد على القدماء، لحرج ما أصابهم أو شهرة تطلبوها، والكذب والتوليد أن استحل يسيرهما، ارتكب كبيرهما. وكثيراً ما اقر بعضهم بالكذب الذي كذبه، أو رجع عن الخطأ الذي أصر عليه تورعاً، وتدينا، وندماً، وتوبة، وقد عقد السيوطي باباً في مزهره لمن قال قولا ورجع عنه، قال البغدادي في 1: 36 من خزانته: (روي أن أبا العباس المبرد ورد الدينور زائراً لعيسى بن ماهان، فأول ما دخل عليه وقضى سلامه قال له عيسى: أيها الشيخ، ما الشاة المجثمة التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل لحمها؟ فقال: هي الشاة القليلة اللبن مثل اللجبة، فقال: هل من شاهد؟ قال نعم قول الراجز: لم يبق من آل الحميد نسمه ... إلا عنيز لجبة مجثمه فإذا الحاجب يستأذن لأبي حنيفة الدينوري، فلما دخل عليه قال: أيها الشيخ، ما الشاة المجثمة التي نهينا عن أكل لحمها؟ فقال: هي التي جثمت على ركبها وذبحت من خلف قفاها، فقال: كيف تقول وهذا شيخ أهل العراق يقول: هي مثل اللجبة؟ وانشده الشعر. فقال أبو حنيفة: إيمان البيعة تلزمه إن كان هذا التفسير سمعه هذا الشيخ أو قرأه وان كان الشعر إلا لساعته هذه. فقال أبو العباس: صدق الشيخ، فأنني أنفت أن أرد عليك من العراق، وذكري ما قد شاع، فأول ما تسألني عنه لا اعرفه. فاستحسن منه هذا القرار). أهـ فالمبرد على بسطته في العلم، وتنسكه المشهور، اضطر إلى الكذب والتوليد، فكيف غيره؟ وهو القائل كما في (2: 203) من المزهر برواية أبي الحسن الأخفش عنه: (سمعت أبا العباس المبرد يقول: إن الذي يغلط ثم يرجع لا يعد ذلك خطأ. لأنه قد خرج منه برجوعه عنه، وإنما الخطأ البين الذي يصر على خطأه ولا يرجع عنه فذاك يعد كذاباً معلوناً) كذا والصواب: (ملعوناً) ولولا اعتقاده هذا ما رجع عن كذبته قي الشاة المجثمة. وان كثرة اضطراب العلماء وتسرعهم في تقدير منازل أنفسهم، ودعواهم التبريز، جعلت بعضهم يؤلفون كتباً ينقض بعضها بعضاً، لغة، أو نحواً أو أخبارا فضلا عن أن بعضهم لم يتقن إلاَّ فن الجمع، والقرش، فجمع الغث والسمين

وهو لا يدري وربما درى أنه لا يدري. والجدال في العربية يدور غالباً على أمور منها أن المجادلة فيه: - 1 - مقيس أو سماعي - 2 - مسموع أو غير مسموع - 3 - مروي في شعر العرب القديم أو غير مروي - 4 - فصيح أو غير فصيح - 5 - فصيح أو أفصح - 6 - فصيح أو رديء - 7 - رديء أو قبيح - 8 - مستعمل أو متروك ومهجور - 9 - مجمع عليه أو مختلف فيه - 10 - عربي أو معرب، عدا اختلاف اللهجات والتذكير والتأنيث، وهذه الأمور جعلت اللغة مباءة للتخليط، والعبث، والتصادم، والتناقض، فواحد منهم يثبت شيئاً، وآخر ينقضه وينكره، وهذا يستفصح كلمة، وذاك يستقبحها؛ بل تجد إنساناً بعينه يبيح لنفسه القياس في أمر ويحرمه على آخر في وقت آخر، وهو هو، بله أن العلماء لم يجمعوا على تحديد الفصاحة، ولا اتفقوا على حقيقتها، فان كانت فصاحة الكلمة مستندة إلى: 1 - كثرة الاستعمال فأنا نرى العلماء يمنعون من استعمال الكلمات المبتذلة المتداولة كثيراً، قال ابن درستويه كما في 1: 125 من المزهر: (وليست الفصاحة في كثرة الاستعمال ولا قلته). أو كانت مستندة إلى: 2 - كثرة استعمال العرب لها فمردود أيضاً بتعدد لهجات العرب. مثلا أهل الحجاز يقولون: (هلم) للواحد، والمثنى، والجمع، والمذكر، والمؤنث. وأهل نجد يصرفونه بحسب المخاطب. فيقولون: هلم، وهلمي، وهلما، وهلموا وهلممن، وقالوا: الأول أفصح لوروده في القرآن الكريم. أو استندت إلى: 3 - كونها مقيسة فأنا نرى أكثرهم يتركون القياس ويستعملون الشاذ كما جرى في الفعل (أخال) قال المخطيبي في شرح التلخيص كما في 1: 113 من المزهر: (أما إذا كانت مخالفة القياس لدليل فلا يخرج عن كونه فصيحاً) وقال أبن درستويه بعد قوله المذكور آنفاً: (وقد يلهج العرب الفصحاء بالكلمة الشاذة عن القياس، البعيدة من الصواب، حتى لا يتكلموا بغيرها، ويدعوا المنقاس، المطرد المختار) أو إلى: 4 - سهولتها على اللسان فلا يقر ذلك العقل لوجود كلمات ثقيلة كثيرة مستعملة والخفيف بمعناها مهمل مثل: (الباذنجان، وتجشم وجشم، وتقهقر

والأوتومبيل والشمندفر والذريعة وليست افرنقع أصعب من تشتت ولا أضطر أخف من الجأ وحمل، ولا جشمه أخف من كلفه، فلكل دهر ناس وألفاظ، أو إلى: 5 - عربية الكلمة فهذا الباذنجان ولأنب والقسطاس والميزان والسخت والدشت والإستبرق والمارستان والبريد، وقد خصص السيوطي في مزهره باباً بالمعرب وله اسم في لغة العرب، ونقل أن الإبريق: التامورة، والهاون: المنجاز والمهرس. والطادن: المقلى، والأشنان: الحرض، والميزاب: المثعب والمسك: المشموم، والباذنجان: الحدج، والرصاص: الصرفان، والياسمين: السمسق والسجلاط وغير ذلك. أو إلى: 6 - قلة أحرفها فهذه. أنقذ واستنقذ، وتثبت واستثبت، وأوصى وأستوصى ومر واستمر، وقر واستقر، وتقدم واستقدم، وهزم وأستهزم، وغلظ وأستغلظ، وبان وأستبان، ويئس واستيأس، ويبس واستيبس، ويقظ واستيقظ، وغلق واغلق، وطلق واطلق، ووفى وأوفى، تدل على أن الأمر ذوقي اختياري وقد نقل السيوطي في 1: 121 من المزهر عن عروس الأفراح ما صورته: (وحيث كان للمعنى الواحد كلمتان ثلاثية ورباعية، ولا مرجح لإحداهما على الأخرى، كان العدول إلى الرباعية عدولا عن الأفصح، ولم يوجد هذا في القرآن الكريم) أهـ ونرد عليه بأنه ورد في القرآن المجيد: (أوفى) ولم يرد: (وفى) وجاء (أوحى) ولم يجيء (وحى)، وورد (تبع واتبع) بمعنى: و (سقى وأسقى) بمعنى؛ فحجته ساقطة. أو استندت الفصاحة إلى: 7 - المحافظة على الأصل فهذا باب الوهم، والتضمين، والتشبيه، وحمل النظير على نظيره، والنقيض على نقيضه، يمنع ذلك ويدكه، وليست الفصاحة عندنا إلا كثرة الاستعمال، والتداول - وان أنكرها بعض العلماء - لأن المراد تفهيم الغير بأسهل أسلوب. 2 - دجاجلة إصلاح العربية يقال: إن الغربيين المتلبسين بالعربية، ينعون عليها كتبها الصفر وتفرعاتها السقيمة المبهمة، وقيودها الناهكة، وشواذها المتوافورة، وعجزها عن متابعة

هذا الدهر، وفقدانها المرونة والاتساع، بل أن أبناء العرب، والمستعربين الجهلة كثيراً ما تبرموا بالعربية، وقذفوها بالجمود واستحقروها، واستحبوا عليها اللغات الأجنبية لأنها لا تسمنهم اليوم، ولا تغنيهم من جوع؛ فأما الغربيون فالحق في جانب من قولهم لأن التفاريع، والشروح والتمحلات والتعاليل المريضة، جعلت العربية مستحكمة السور كاستحكام دول الحلفاء اليوم. ورأينا بعض المغفلين يقترح لإصلاح العربية أشياء أقل قباحتها أن تحرم المتعلم الجديد التمتع بما خلفته العرب من العلم، والأدب، والشعر، فهذا اختراع لغة تخليطية، لا اقتراح إصلاح، فمن إصلاحه المزعوم إهمال أعراب المثنى، وما أدري إذا أهمله كيف يعرف الجارح مثلا في قول القائل: (جرح الشرطيين السارقين) فان ترك الأعراب يلجئ إلى استعمال قرينة من اللغة العامية ولعامة كل قطر عربي لغة، فضلا عن أن العامية كثيرة القرائن، فعوامنا يقولون بدلا من (جرح الشرطيين اللصان): البليسية الاثنين جرحهم الحرامية اثنينهم. وفي ذلك من الحشو البارد والإطالة الفاسدة ما يسمى ألمي الأكبر بل اقترح أن يزال استواء المذكر والمؤنث في (فعول) و (فعيل). ولعمري ليس هذا من الإصلاح. فالإصلاح يبنى على ما تقدم من اللغة لا ينقصه كله، والعرب ساوت بين المذكر والمؤنث في (فعول) لفائدة عظيمة لا يدركها الطافون على اليعاليل لأنها إذا قالت للمؤنث (فعولة) انصرف الذهن إلى أنها بمعنى مفعولة مثل: (ركوبة أي مركوبة) و (حلوبة أي محلوبة) و (حمولة أي محمولة) أو إلى أن الهاء للمبالغة لا للتأنيث مثل ترجل ملولة، فروقة، وامرأة ملولة، فروقة. أما فعيل فلا يستويان فيه إلا قليلا مثل: (جددت العباءة فهي جديد أي مجدودة، وتقول جديدة) ومثل (عتقت القنطرة فهي عتيقة) بمعنى عاتقة،

قال الجوهري في (ع ت ق) ما نصه: (وإنما قيل قنطرة عيقة بالهاء وقنطرة جديد، بلا هاء لان العتيقة بمعنى الفاعلة والجديد بمعنى المفعولة ليفرق بين ما له الفعل وبين ما لفعل واقع عليه) فتأمله. فالإصلاح يجب أن تنظر عواقبه. وتزول معايبه، وما شكا طلاب العربية كشكايتهم من شواذها، والنواد عن مطرداتها، فأول رأي نراه لإصلاحها: 3 - تعميم القياس في القاعدة ونريد بهذا التعميم تطبيق القاعدة على الشواذ أيضاً لتكون في حكم المقيس وهذا يقتضي تغيير شيء في شروط المقيسات، وأن استبدالنا كلمة بكلمة اسهل وأخف من حفظ خمسين كلمة فما فوقها، فاسم التفضيل مثلا لا تحصى شواذه إذا عرف بتعريف القدماء، من انه يصاغ من الفعل الثلاثي بشرط أن يكون: 1 - تاماً - 2 - مثبتاً - 3 - مبنياً للمعلوم - 4 - لم يجئ الوصف منه على افعل - 5 - للفاعل لا للمفعول - 6 - متصرفاً لا جامداً - 7 - قابلا للتفاوت. فهذه الشروط يصعب مراعاتها. فضلا عن أن الشذوذ دكها دكاً، والذي رأيناه نشرناه قبل هذا إن: اسم التفضيل: يصاغ من (المصدر الثلاثي أو الاسم مطلقاً) فالأفهم من الفهم، والآدى من الأداء، والأوفق من الوفق، والأشبه من الشبه، والأشهى من الشهوة، والأخلف من الخلف، والأشغل من الشغل، والاحوط من الحيطة، والأجدى من الجدوى، والأعطى من العطاء، والأشهر من الشهرة، والأتقن من التقن، والأعقد من العقدة، والأبر من البر، والأعذر من العذر، ولولا تعريفنا المذكور لبقيت هذه كلها شاذة أما غيرها الشاذ فاكثر رأينا قبل هذا أن: اسم الآلة: يشتق من (المصدر أو الاسم مطلقاً أيضاً). فالمروحة من الريح، والمصباح من الصباح، والمهدى من الهدية، والمسيعة من السياع والمئذنة من الأذان، والمذوب من الذوب، ولا يشترط فيه أن يعالج الفعل به كله بل يكفي بعضه أو شيء له اتصال فالمطر لا يمطر به كما إن المفتاح يفتح به، ولكن له اتصال بالمطر، والمنفاض ليس آلة ينفض بها بل متصلا بالنفض، فأدنى ملابسة بين الفعل واسم الآلة تجيز صيغة اسم الآلة. وإذا نظرت إلى تعريفنا السابق لاسم الآلة بطل عندك اشتراطهم التعدي في

الفعل الذي يصاغ منه هذه الاسم، ففي العربية: (المثفد والمذوب، والمربأ، والمرقاق، والمروحة، والمئذنة، والمصباح، والمرساة، والمئزر، والمسيعة، والمحراك والمنضاج وغيرها) وهي مخالفة لقياسهم شاذة عنه داخلة في قياسنا. ذكرنا هذه الأمور ليتبين للقارئ أن التعاريف، وشروط القياس مستوجبة للإصلاح. وإذا ما تطرقنا إلى كل تعريف ننفي عنه الخبث ونحو إليه الشواذ النواد، بطل تتبعها، وتأثرها، وإضاعة الأوقات من أجلها، فان الحياة اليوم ما فيها فسحة لقضاء الوقت بلا طائل، ولا العقول متفرغة للغوص في اللجج، على الحجج، فضلا عن أن العرب اليوم غير العرب بالأمس لضعف القريحة ومرض السليقة العربية، وكثرة التداول للألفاظ الأجنبية، ولهذه الأسباب الضاغطة نرى أن من إصلاح العربية: 4 - عد كل مقيس فصيحاً وجواز استعماله نقلنا قبل هذا عن ابن درستويه أن العرب الفصحاء قد تلهج بالكلمة الشاذة المخافة للصواب ولا تستعمل غيرها من المطرد المختار: ثم قال بعد ذلك كما في (1: 126) من المزهر: (ثم لا يجب لذلك أن يقال: هذا أفصح من المتروك) وقال في (2: 30) منه: إنما أهمل استعمال ودع ووذر، لأن في أولهما واواً وهو حرف مستثقل، فاستغني عنهما بما خلا منه وهو ترك قال: واستعمال ما أهملوا من هذا جائز صواب وهو الأصل بل هو في القياس الوجه) وفي 1: 37 من المزهر: (قال أبو علي في ما حكاه ابن جني: يجوز لنا أن نقيس منثورنا على منثورهم وشعرنا على شعرهم) وفي ص 71 (وروي عن رؤبة وأبيه أنهما كانا يرتجلان ألفاظاً لم يسمعاها ولا سبقا إليها وعلى ذلك قال المازني: ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم وأيضا (فالأصمعي كان منسوباً إلى الخلاعة ومشهوراً بأنه كان يزيد في اللغة ما لم يكن منها). وقال ابن درستويه أيضاً في ص 126: (وليس كل ما ترك الفصحاء استعماله بخطأ فقد يتركون استعمال الفصيح لاستغنائهم بفصيح آخر أو لعلة غير ذلك) وجاء في ص 148 (فان الأعرابي إذا قويت فصاحته وسمت طبيعته تصرف وارتجل ما لم يسبق إليه). وقال الجوهري في مادة س ج د: (وسمعنا المسجد والمسجد والمطلع والمطلع والفتح في كله جائز وإن لم نسمعه). وقال ابن الأنباري كما في (ص و ع) من المصباح: (لأنه وإن كان غير

مسموع من العرب لكنه قياس ما نقل عنهم). وقال الفيومي في (خ ل ف) من مصباحه: (وخدم السماع يقتضي عدم الاطراد مع وجود القياس). وقد ألفنا بين هذه الأقوال إثباتاً لأن نعد كل مقيس فصيحاً. فاستعماله جائز لا مطعن فيه ولا مغمز، ولا عيب على غير المتبحرين الراسخين في العربية إذا لم يحفظ الشواذ، وجروا على القياس اللاحب. ومن كثرة إباحة العلماء: التساهل في العربية أنهم لم يخطئوا من تكلم بلغة من لغات العرب، ففي (1: 153) من المزهر: (قال ابن جني في الخصائص: اللغات على اختلافها كلها حجة ألا ترى أن لغة الحجاز في أعمال (ما) ولغة تميم في تركه كل منهما يقبله القياس فليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبتها لأنها ليست أحق بذلك من الأخرى؛ لمن غاية ما لك في ذلك أن تتخير إحداهما فتقويها على أختها وتعتقد أن أقوى القياسين أقبل لها واشد نسباً بها) ثم قال: (فان الناطق على قياس لغة من لغات العرب، مصيب غير مخطئ، لكنه مخطئ لا جود اللغتين). وفي هذه الصفحة: (قال أبو حيان في شرح التسهيل: كل ما كان لغة لقبيلة قيس عليه). وإذا لاحظ الإنسان تصرف العرب في لغتهم، تعجب من تلك الأذواق المتوثبة، والطباع المترقرقة. روى الفيومي في مادة ك ت ب من مصباخه ما عبارته: (قال أبو عمرو: سمعت إعرابياً يمانياً يقول: فلان لغوب، جاءته كتابي فاحتقرها. فقلت: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال أليس بصحيفة؟ قلت: ما اللغوب؟ قال: الأحمق) ومثل هذا كثير، وأرى من إصلاح العربية: 5 - ترك تعليل الإعراب في النحويات نريد بذلك أن يعلل رفع الفاعل، ونائبه ونصب المفعول، وللتمييز مثلا، فان ذلك لا تعليل له على الحقيقة وكل ما جيء به تكلفات وتفيهقات تدل على أن القوم رغبوا في إضاعة أعمارهم، وجهد أذهانهم، بلا جدوى ولا طائل. فالفاعل مثلا سمع مرفوعاً والمفعول سمع منصوباً فأي علة لشيء حصل قبل العلة وأي سبب لشيء كان قبل السبب؟ قال ابن خلكان في (1: 143) عن وفياته في ترجمة أبي علي الفارسي: (ويحكى أنه كان يوماً في ميدان شيراز يساو عضد الدولة فقال له: لم انصب المستثنى في قولانا: قم أقوم إلاَّ زيداً؟ فقال الشيخ: بفعل مقدر، فقال: كيف تقديره؟ فقال: نستثني زيداً، فقال له

عضد الدولة: هلا رفعته وقدرت الفعل، امتنع زيد! فانقطع الشيخ) فهذه الحكاية تؤيد دعوانا أن تعليلهم الأعراب تكلف محض واختلاق صرف، والاشتغال بمثل هذه الأمور معسر لفهم القواعد العربية زيادة على إفساده القاعدة، ومن ذلك أنهم زعموا أن كل منادى منصوب، وقدروا له فعلا ناصباً هو (أدعو) أو جعلوا أحرف النداء بمكان (أدعو) فيقولون في: (يا الله) مبني على الضم في محل نصب، وفي (يا عليون) مبني على الواو في محل نصب؛ وما ندري كيف تكون علامة الرفع بمكان البناء والنصب، وما فائدة نصبك اسماً بالتقدير والتصور وأنت تراه وتسمعه وتلفظه مرفوعاً؟ فذلك جهل مركب، والحقيقة إن المنادى ورد عن العرب بنوعين نوع منصوب، ونوع مرفوع، كالمستثنى بالا فمنه المرفوع أيضاً، وان جاء منه المنصوب. فالمنادى المنصوب (1) المضاف نحو يا خالق العالم (2) والتشبيه به مثل يا خالقاً كل البشر (3) والنكرة غير المقصودة نحو يا حاكما انصف، والمنادى المرفوع (1) العلم غير المركب مثل يا علي ويا عليان ويا عليون (2) والنكرة المقصودة نحو يا رجل ويا رجلان ويا مؤمنون (3) وحرف النداء هو أيها أو أيتها أو اسم الإشارة مثل يا أيها النبي، ويا أيتها النفس المطمئنة. ويا هذا الإنسان؛ ويبقى أن العلم غير المركب يبنى لحذف تنوينه أم تكون الضمة علامة رفع؟ والأول أن تكون الضمة علامة رفع ويعد حذف التنوين من هذا المنادى شيئاً مسموعاً ولا فائدة في تغييره أبداً. بسطنا هذا الإيضاح لبيان أن تعليل الأعراب قد يجر المعلل إلى ما لا تحمد مغبته، ولا تقبل، ولا يصح نتاجه. أضف هذا إلى إن أقل اعتراض على المعلل، يربكه، ويورطه في ورطة كبيرة فلا ينجو منها؛ ونرى أن من إصلاح العربية. 6 - تمهيد أسلوب تدريسها والتأليف بها عددنا هذا التمهيد إصلاحاً لأن التدريس في كل علم يجب أن يسير على سنة التدرج في الارتقاء، فإذا تعلم الطالب بطريقة وعرة أو وعثة، مل العلم، واستصعبه، ويئس من إدراكه، وأول ظلام الخسران، اليأس، والمعلم الذي يعلم تلميذه بأسلوب شكس يكون كمن يحمل الطفل الحابي على العدو، والجري، فتنقطع به الأسباب، لأنه طلب المحال، وإدراك المحال لا ينال.

قضيت في تدريس العربية ست سنين: وطالما رأيت التلاميذ يتضجرون، ويشتكون من العربية، ويعدون فهماها والنجاح فيها من المعجزات؛ وما ذلك إلاَّ لعدم وجدانهم كتباً تناسب عقولهم، وتسير في تقديم البحوث على أسلوب قويم ومنهج مستقيم، وإلى الآن ما وجدت كتاباً في القواعد العربية مبنياً على التجربة، وأساليب التعليم الفنية؛ ونقائص هذه الكتب لا تبدو إلاَّ لمجرب مرب متضلع من العربية، فان حرم أحد هذه الثلاثة لم يفطن لها، فمن تلك النقائص: (1) التخليط في التعاريف كأن يعرف أحد المؤلفين الاسم بقوله: (الاسم: كلمة تذكر لتسمية شخص أو حيوان أو شيء) ولا يعلم أن الشخص والحيوان شيئان، فيعتقد الطلاب هذا الاعتقاد، ولكنه هو نفسه إذا عرف اسم الاستفهام قال: (اسم الاستفهام: هو ما يسأل به عن شيء) فهذا يستوجب عند التلميذ أن لا يسأل به عن إنسان، ولا عن حيوان، لأن الشيء عندهم قد صار لا يتعدى الجماد، فتأمل هذا الاضطراب. ويعد من باب الخطأ في التعريف (التورط في التفهيم) كأن يقول أحدهم للتلميذ: (إذا قلت: نفتح الباب، نفهم أن الحدث يجري الآن) ثم يقول: (أما إذا قلنا: يقرا الولد درسه) فأننا نفهم أنه لا يزال يقرأ في وقت التكلم وسيستمر على القراءة بعد التكلم) وأنت تعلم أن لا فرق بين (نفتح) و (يقرأ) من حيث الزمان، فيشتبه الأمران على التلميذ ولا يكون علمه متحققاً عنده. (2) التعابير المغلوط فيها، لأن المؤلف لكتاب في القواعد العربية يجب عليه أن يكون سلس التعبير، طاهر العبارة، متين الجمل، محكم البحث: وإلا ففساد كتابه اكثر نصحه، ومن ذلك قولهم للتلميذ: (على كل إنسان أن يحب وطنه، ويفدي دونه كل نفيس) فالفداء حصل ل (كل نفيس)، لا للوطن، ومصدر هذا الخطأ خاصة قول الرصافي الأستاذ في أحد أناشيده: نبذل الأرواح نف ... ديها لإحياء الوطن فالفداء صار للأرواح لا للوطن، فصواب الخطأ الأول (ويفديه بكل نفيس) وصحيح الغلط الثاني ونفدي بها أحياء الوطن). (3) فساد السؤال كأن يقول أحدهم لتلميذ لم يتعلم إلاَّ لتعريف الكلام،

وأنواع الكلمة: (أدخل هذه الأحرف في جمل مفيدة: في. لم. من. إلى. ثم. عن.) فهذا من الأسئلة العقيمة، لأن التلميذ قبل أن يستعمل الحرف يلزمه أن يعرف عمله، ومعناه، وموضع استعماله، وهذا لا يعرف بالاتفاق والتصادف، فضلا عن أنه مضيعة للأوقات، وأسلوب وعر. (4) جهل المؤلفين، وهنا الطامة الكبرى، فو الله لقد تقدم إلى التأليف من لا يميزون بين اسم الإشارة والاسم الموصول كقولهم: (أدخل أسماء الإشارة الآتية في جمل مفيدة: ذا، تان (التي) هذا، (اللتان)، (اللذين) تانك) فالتي، واللتيان، واللذان، أسماء موصولة لا أسماء إشارة، وإذا فهم أحدهم تعريف الفاعل، والمفعول، عرض نفسه لأن يؤلف، ومن ألف فقد استهدف ويكون كتابه مفسدة للعربية من أوله إلى آخره، وبرز للتأليف من لا يعلم أن فعل الأمر لا يصاغ للغائب فيقول للتلميذ: (ما هو مضارع وأمر هذه الأفعال شكر. استحسن. انتقد. . .) وهلم جرا في المواضي المختصة بالغائب: وما ادري كيف يؤمر الغائب بدون لام الأمر؟ فعلي الرواية وعلي العجب. (5) التلبيس على المتعلم، وذلك كأن يذكر له أن (سأل) ينصب مفعولين ولا يبين له المراد ب (سأل) الناصب للمفعولين، مع أن سأله عن كذا) شيء، و (سأله كذا) آخر؛ ومن سوء هذا التدريس وجدت بعضهم يكتبون (سألت المدرس قضية) يريدون (عن قضية) وهناك مثل هذا التلبيس ما لا يحصى كثرة، ولا يستقصي عداً. (6) عدم مراعاة سنة العلم العامة، كأن يقول أحدهم للدارس: (فرق بين المذكر والمؤنث مما يأتي: فريدة، حمام، أفعى، بطن. . . حرب. . . دكان. . دار.) فالفريدة بها علامة تأنيث، وما بقي لا يعرف تأنيثه، ولا تذكيره، إلا بالسماع، ومعجم العربية، فكيف يسأل عنه طالب لم يراجعه في كتاب ولا سمعه من نفر، فضلا عن أن البطن بطنان بطن ضد الظهر، وهو مذكر، وعن أبي عبيده أن تأنيثه لغة، وبطن دون القبيلة وهي مؤنثة وتذكر إن أريد بها الحي. فتأمل هذا السؤال الذي لا يسأله إلاَّ عقيم التدريس، عظيم التلبيس، متنكب لسنة العلم العامة، والبلية العظمى السؤال عن (الحمام) أمؤنث هو أم

مذكر؟ ولا شك عندي في أن السائل لا يعرف الجواب عنه. (7) والابتسار في التدريس وهو تدريس الشيء قبل أوانه كأن يقول للتلميذ: (إذا كان الكلام تاماً منفياً فيجوز نصب المستثنى بإلا، على الاستثناء. وإتباعه على البدلية) والتلميذ لا يعرف البدل ولا البدلية، ولو ظل هذا المعلم المبتسر ينفخ في الشبور لتفهيم الدرس، لما فهم التلميذ من هذه المعميات شيئاً. ومن الابتسار، تدريس تثنية الاسم قبل تعليم أنواع إعرابه، لان المثنى يضيف إلى المفرد ألفاً ونوناً عند الرفع، وياءاً ونوناً عند النصب والجر؛ وإذا انعكس الأمر ضاعت الفائدة، وطال الطريق. ومنه تقديم تعليم المبني على المعرب، لان المتعلم إذا درس المعرب، ورأى تغير آخره، سهل عليه معرفة ضد المتغير الآخر أي المبني، ولان المعلم إذا علم المعرب، أبان حقيقة التغير وكشف عن تطور المعربات، فضلا عن انه إذا ضرب مثلا للمعرب، المرفوع ليقابله بالمبني المرفوع، كأن الطالب عارفاً للرفع والمرفوع، فلا يكل ذهنه، ولا تخمد قريحته، ولا يدرس شيئاً مفاجئاً لذهنه، غريباً عن كل ما في عقله. ومنه تدريس النداء في خصائص الاسم قبل تعليم النداء والمنادى. ومنه تعليم الفاعل لشبه الفعل المعلوم ونائب الفاعل لشبه الفعل المجهول، قبل تعليم عمل اسم الفاعل، والصفة المشبهة، واسم التفضيل، واسم المفعول والاسم المنسوب إليه. ومنه طلب إصلاح شيء قبل أن يدرس قاعدة إصلاحه كأن يقول: (اصلح لمساعدة أبوك خالداً) وهو لم يدرس البدل ولا عطف البيان. فيصلح هذه الجملة، وأمثلة الابتسار كثيرة. (8) الأسئلة المكسلة أو الملقنة للجواب؛ فان الكتاب إذا أشتمل على أسئلة لا تعمل أفكار التلامذة، ولا تهيج قرائحهم؛ بل تعلمهم التواكل والكسل أو تحتوي على الجواب، فيكون عديم الفائدة، ميت العائدة، زيادة على ضرره من حيث التربية المهذبة، وكيفية هذه الأسئلة كأن يقول في الكتاب: (ما فاء كلمة (وجل) وهل قلبت إلى حرف آخر في صيغة الأمر؟) فالجزء الأخير من

السؤال فهم التلاميذ أن الواو تقلب إلى حرف آخر في صيغة الامر، فضلا عن انهم يجيبون ب (لا) أو (نعم) وهو الغالب لان فيه راحة ومكسلة، فلا أعمال فكر فيه، ولا جهد قريحة. ومثله أن يقال للتلاميذ (ألا ترون أن جميع هذه الكلمات التي تدل على الجمع، تزيد عن مفردها لفظاً بالواو والنون؟) فالجواب (نعم). ولا ينجو من هذا العيب التدريسي إلاَّ ذو حظ عظيم. (9) وارتباك المؤلفين لاعتمادهم على قلة علمهم، فيضربون مثلا للفعل اللازم: (صبر، واستقل، وجاء) ولا يعلمون انه يقال: (صبره صبراً، واستقله، وجاءه) فشغل أذهان المتعلمين بالأشياء المشتركة وتوريط المؤلف نفسه في ما لم يتحققه مفسدة للعلم والكتاب ومخسرة لأعمار المتعلمين. (10) تفكيك الدروس بعضها عن بعض لان العلم يجب أن يتألف من مفرداته صفوف متصلة بعضها ببعض حتى إذا عرضها صاحبها، مرت كالجنود المجندة وإذا تفرقت وتقطعت كانت كالجيش المتشرد لا قوة له ولا استعداد، فيجب ربط الدروس بعضها ببعض. ومثل عدم الربط تدريس علامات نصب الاسم بعد الاسم المنصوب، يفصل بينهما المرفوع وتدريس الفعل المتعدي بعد المفعول به مثلا. (11) الإكثار من الدروس كأن يدرس المتعلم في ستة اشهر (120) درساً وليس له في الأسبوع إلاَّ درسان وهي تسعة وثلاثون أسبوعاً يستغرقها ثمانية وسبعون درساً جديداً. فمتى يكون الامتحان الشهري وغيره وفي أي فرصة تعاد. وتزاد الدروس التي درسها التلميذ في السنة الماضية عملاً بأن تكون الدروس متوسعة بالتدرج كتوسع حركة الأرجوحة فإنها تتردد إلى مركز الحركة لا تمتد بمرة واحدة. فإتباع الإكثار على هذه الصورة قبيح في تأليف الكتب. ومن جنس هذا النقص تكليف عقل المتعلم فهم معلومات كثيرة في وقت واحد فذاك أسوأ التعليم. واعلم إني لو تأثرت نقائص المؤلفات والمؤلفين. وأساليب تدريس العربية الوعرة، لجئتك بشيء كثير. هو الذي صعّب العربية على المتعلمين وكرهها إليهم وجعل فهمها من المعجزات. مصطفى جواد

هيكل أدب

هيكل أدب (تابع لما قبله) أما لباسها ففي غاية البساطة والحشمة. بخلاف ما ذهب إليه فريق من المؤرخين في تهتك المرأة البابلية في الهياكل وعلى أبواب المعابد. وفي اسفل الإناء خطوط متمعجة تشبه الموج وهي تمثل الماء أو الغمر. وفي الجهة اليمنى من مقدم الزورق كتابة مؤداها: إن اورين بن اور أهدى هذا الإناء إلى إلهته لكي تحفظ حياته. وبعض تلك الكتابة مسطور بخطوط مستقيمة. وبعضها بصورة مسمارية ترتقي إلى عهد دنجي. وفي طرفي الإناء ثقبان صغيران يسلك فيهما خيط لتعليق ذلك الإناء في الهيكل. ويظهر إن هذا الزورق قدّمه أحد النوتية هدية للهيكل عربون حمد وشكر على نجاته وزوجته من الغرق كما وقع مثل ذلك في أيامنا لجماعة من الملاحين فعلّقوا بعد نجاتهم رسم السفينة الغارقة ووضعوه في كنيسة مرسيلية الكبرى. وقد ورد في الجزء الثالث من كتاب رويال ريدر ص 156 - 160 بعنوان (زورق فرسي) أي مصنوع من الخيش ما وقع لسبعة من النوبية الإنكليز قبل نحو مائتي سنة. فان نفراً من لصوص البحر (القرصان) أسروهم وحملوهم إلى الجزائر من بلاد المغرب في أفريقية فقضى أولئك المنكودو الطالع في الأسر مدة خمس سنوات قاسوا في خلالها من صنوف العذاب والهوان ما حملهم على أن يفضلوا الموت على حياة الذل والمسكنة. وفي الأخير عقدوا النية على مغادرة الجزائر مهما كلفهم ذلك من الأخطار والمشاق، فصنعوا سراً قارباً من الخيش وطلوه بالزفت والقار، ثم أنزلوه في الماء ليلا وهموا بالهرب. وما كان اشد أسفهم لما حققوا انه لا يسع سوى خمسة منهم، فالقوا القرعة وتخلف اثنان منهم بعد وداع تتفطر له الأكباد حزناً، وينقطع نياط القلوب جزعاً، ثم أبحروا

ووجهتهم بلاد أسبانية. وكان زادهم قليلا من الخبز وقنينتين من الماء العذب وبعد سفر دام بضعة أيام، كابدوا في أثنائها من الأهوال والنكبات ما يعجز القلم عن وصفه. وصلوا جزائر مينرقة وهم إلى آخر رمق من الحياة لشدة ما أصابهم من الجوع والعطش والتعب. فاكرم مثواهم الإسبانيون ورثوا لحالهم وأمدوهم في الحال بطعام وشراب ولباس وزودوهم بكل ما يقوم بأودهم ثم وضعوهم في إحدى سفن ملكهم ووجهوهم إلى إنكلترا بلادهم وقد حفظ سكان جزيرة مينرقة ذلك الزورق المصنوع من الخيش، ووضعوه في كنيستهم الكبرى ذكرى لنجاة أولئك الملاحين الإنكليز الذين نجوا بأعجوبة من أهوال البحار بذلك القارب الصغير. وقد، حفظت أضلاعه وقاعدته من التلف مدة من الزمن، واخذ الرحالون يؤمون تلك الأصقاع لمشاهدة صقل ذلك الزورق القديم بعد الحادثة بأكثر من مائة سنة، فهذه الواقعة تؤيد بأجلى بيان ما حدث للملاح البابلي وزوجته التقية وإيداع رسم زورقهما أحد هياكل أدب. وفي الخامس من كانون الثاني سنة 1904 استؤنف الحفر بعد أن توقف بضعة أيام من جراء النزاع القائم بين شيوخ تلك المنطقة. فكان كل منهم يدعي أن موقع بسمى ملكه. وقد عثر النقابون في ذلك اليوم في الطرف الشمالي الغربي من قاعدة الهيكل على رأس تمثال صغير منحوت من الحجر الأبيض يماثل التماثيل المكتشفة في تلو ونفر وكان رأس ذلك التمثال اصلع. ووجهه مستديراً أمرد ويرتقي عهده إلى الشمريين، ولا يتخطى عصر جودياء ملك تلو. ووجد المنقبون في اليوم التالي 65 صفيحة من الآجر وبينها قطع وطائفة من الجرار الصحيحة وكل هذه الآثار اكتشفت في ارض الطبقة السفلى من الهيكل. هذا وفي ذات يوم بينما كان أحد المعمارين يبحث عن آجر للبناء عثر نبهاً على بئرين بالقرب من سفح الرابية الرابعة. وكانت أعضاد إحداهما مطوية بالآجر المربع (الطابوق السلطاني) وعلى كثير منها اسم اور انجور وكتاباته. وكانت البئر الأخرى مطوية بالآجر المسنم، ويحيط بها دكة مبنية بالآجر أيضاً، ووجد الحفارون في الرابية الأولى بناء عظيماً. وفي أنقاضه صفائح من

الآجر وتماثيل وآنية من الخزف. والذي ابهر أنظارهم وأفاد المؤرخين فائدة تذكر، عثورهم في الهيكل على قطعة صغيرة متجمدة من المعدن الأصفر، وبعد أن نظفت وصقلت عادت إلى رونقها الأول، فظهرت عليها كتابة بديعة طولها أربعة عشر سنتيمتراً في عرض خمسة سنتيمترات، تشتمل على ستة اسطر، وتبدأ بهذه الكلمات: (نرام سن ملك أكد). كان نرام سن بن سرجون العظيم، أحد الملوك الذين أعادوا بناء هذا الهيكل؛ وقد وجدت تلك الشذرة الذهبية بجوار قبر قائم في غرفة صغيرة مربعة الشكل. ويرتئي فريق من الأثريين أن نرام سن دفن في الهيكل؛ وذلك الموطن موضع قبره. وقد فتحه لصوص الآثار وسلبوا كل محتوياته، ولم يهتدوا إلى هذه الكتابة المسطورة على تلك الصفيحة الذهبية المقطوعة من صفيحة أكبر منها؛ لأن أطرافها غير المستوية تدل على أنها نزعت بعنف من تمثال كانت معلقة عليه لتدل على اسم صاحبه، أو لعلها كانت بمثابة مئزر أو رداء، يستر ظاهر جسم ذلك التمثال. وبعد أيام قلائل رأى الفعلة قريباً من ذلك المدفن قطعة أخرى من الذهب أتمت طرفاً آخر من الكتابة. وكان مطبوعاً عليها بضعة أسطر بخطوط متآزية وهي تشير إلى أنها كانت قد اتخذت لغرض التجمل والزينة. وقد صادف المنقبون كثيراً من الحلي الذهبية والحجارة الكريمة في قبور البابليين، ومدافن ملوكهم ولكن معظمها - إلم أقل كلها - كان غفلا خالياً من الكتابة. أما هذه فتعد فريدة في مادتها، وحيدة في نوعها. نعم وجد الأثريون في خرائب خرستاباذ (خرساباد) قطعاً من الذهب، عليها كتابات ونقوش ولكن ليس في بابل. ووجد أحد الفعلة من البنائين - حينما كان يحث عن آجر للبناء في السهل الواقع في آسفل الرابية السادسة - خابئتين كبيرتين (راقودين) من الخزف ولكل منهما جوف واسع، وعنق صغيرة جداً بصورة غير مألوفة. وكانت الخابئتان قائمتين الواحدة بجنب الأخرى؛ ومثبتتين في الأرض وإحداهما اصغر من الأخرى قليلا. وكان من الأمر الهين وقعهما وإفراغ ما فيهما

ولكن حينما رفعت إحداهما من موضعها تكسرت كسراً عديدة وفي الخابئة الصغيرة كان رماد جثث محرقة، وقطع من العظام الدقيقة واثنا عشر صحناً صغيراً عميقا ذا شكل قديم جداً وقطعة من الآجر. وقد ظهر بعد التحري والتدقيق، أن هاتين الخابئتين الضخمتين اتخذتا مدفناً لرماد الجثث المحرقة للآسر النبيلة، ووجد أيضاً في تلك الصحون العميقة رماد جثث محرقة لإفراد ممتازين. فمن هنا يتبين أجلى تبين أن عادة إحراق جثث الموتى، كانت مألوفة وشائعة عند سكان العراق في ذلك الزمن البعيد. والمر الذي استرعى الانتباه بنوع خاص وجود جثث محرقة في موضع آخر وقد نسقت الواحدة بجنب الأخرى وذلك تحت سطع الأرض. وصادف المستر وولي الأثري منذ نحو سنتين مدفن ملك نفي أور، ووجد تسعاً وخمسين جثة من رجال ونساء، دفنوا أحياء بإرادتهم، ليرافقوا ملكهم في العالم الآخر، ويصبحوا أفراد حاشيته في مملكته الجديدة، كما كانوا على الأرض. (راجع لغة العرب 8: 78) وصف الهيكل كان الهيكل يعد عند الشمريين، والبابليين، والآشوريين، بؤرة حضارتهم وقبلة خاصتهم، وعامتهم. وكان الناس على اختلاف درجاتهم، وتفاوت مشاريعهم، يحجون المعابد، والمساجد، والهياكل، المرصودة لعبادة الآلهة، ويقدمون إليها هداياهم النفيسة، وآثارهم الثمينة، ففي هذه الأماكن المقدسة كانوا ينصبون تماثيل ملوكهم، ويجرون الحفلات الدينية، ويشيدون حولها قصورهم، ودور أغنيائهم، ويقيمون أسواقهم ومخازنهم، وبيوت تجارتهم واهراء غلاتهم، لما لها من الدرجة السامية في نظر الكهنة والأشراف، وسائر المتعبدين من السوقة. وكان الهيكل كثيراً ما يقام على ضفة نهر، أو مصب ترعة، لان الفروض الدينية، تلزم أحياناً رؤساء الهيكل أن ينقلوا تماثيل الآلهة الضخمة على أكلاك أو أطواف من مدينة إلى أخرى، ويطوفوا بها حينما تنتشر في البلاد

أمراض شديدة الوطأة، تحصد نفوس السكان، وتفتك بهم فتكاً ذريعاً لا تهاب بطش ملك، ولا تخشى رقية كاهن، ولا ترحم شاباً أو شابة وان غض أهابها. أنبأتنا الآثار المكتشفة حديثاً بان تخطيط الهياكل وهندسة بنائها يكاد يكون واحداً. فالمنقبون عثروا على طائفة صالحة منها، وكلها مشيدة على طرز متماثل، فإنها تشتمل على برج يتألف من ثلاث أو سبع طبقات أو لفات تشبه مصطبات مربعة تقوم الواحدة فوق الأخرى. وفي قاعدة البرج، أي في طرفه الأسفل يقوم موضع تماثيل الآلهة المقدسة، ومخادع الكهنة وهذا الوصف ينطبق بنوع خاص على هيكل أدب قبل أن عملت في أنقاضه معاول الحفارين. الهيكل القائم في الرابية الخامسة ذكرنا في فصول متقدمة، وصف بعض هياكل بسمى؛ عثر عليها الأثريون نبهاً في الروابي التي نقبوا فيها. وأما الآن فنبحث عن بضعة هياكل، نقب فيها المنقبون، فوجدوها قائمة بعضها على بعض، والواحد على الآخر؛ وقد وضعوا عمارتها وتاريخ تأسيسها، والكنوز المذخورة فيها، وبعضها أنشئ في فجر التاريخ. اكتشف الأثريون في تنقيباتهم التي قاموا بها عدة هياكل، وكان أولها قائماً على ذروة رابية، ولما أزاحوا ما كان من الإنقاص رأوا برج هيكل، ووجدوا الآجر الذي غشى وجه الجدار منقوشاً عليه اسم دنجي ملك أور (2350 ق. م) ولما أزالوا هذه الآجر عن موضعة، القوا تحته آجراً آخر، مسطوراً عليه اسم اور انجور، وهو والد دنجي (2400 ق. م) ولما أمعنوا في الحفر، عثروا على شذرات ذهبية ترتقي إلى عهد نرام سن (2600 ق. م) وعلى آجر مربع الشكل من عهد (سرجاني سري)، وهو سرجون الأول (2650 ق. م) وعلى هذا المنوال وضح وضوح الشمس في رابعة النهار؛ أن الرابية التي نحن بصددها، كانت تضم طبقات متعاقبة من الأنقاض، لأن المنقبين كانوا كلما أوغلوا في التنقيب، عثروا على أنقاض متناهية في القدم. حفر النقابون في وسط الرابية التي تعلو نحو خمسين قدماً عن مستوى سطح الصحراء فشاهدوا بئراً قطرها نحو ثماني أقدام مربعة في طبقات عديدة من الأنقاض، ولما توغلوا في الخفر، اكتشفوا الجدران، وشظايا من الخزف

وغير ذلك من الآثار القديمة التي وقفتهم على تاريخ تلك الرابية، حينما كان يقطن فيها السكان الأولون، حتى عصرها الأخير، حين هجرها أهلها وأصبحت أثراً بعد عين. أن البئر التي حفرها النقابون، أفصحت كل الإفصاح عن الطبقات المتعددة وتاريخ بنائها، وأسماء طائفة من الذين بذلوا جهد استطاعتهم في تشييد معالمها؛ وإليك البيان: وجد النقابون تحت آجر دنجي، واور نجور، وذهب نرام سن، وآجر سرجون خمس عشرة آجرة، طويلة مخططة؛ أنبأتهم أن ملوكاً كثيرين عاشوا قبلي عصر سرجون؛ وقد عادوا بناء الهيكل عدة مرات. وكشق الحفارون تحت تلك الآجرات، هيكلا مشيداً بالآجر الصغير الحجم، المسنم، يرتقي إلى زمن أقدم من بناء الهيكل الأول، وقد تخلل الهياكل أنقاض كثيرة، فان الفعلة - بعد أن نبشوا بضع أقدام - وجدوا أكثر من أربعين قدماً من الردم تحت معاولهم، ولما شرعوا في حفر الهيكل المسنم الحجارة ألفوا طبقة من التراب، وأخرى من الرماد، وبدا لهم أن الرماد يدل على هيكل كان مبنياً من الخشب، فالتهمته النيران. وعثروا بعد ذلك على جدار مبني بالطين ولما توغلوا في الحفر، وجدوا قطعاً من حجر الكلس، تشبه حجر البناء؛ ويظهر إنها بقايا هيكل كان مشيداً بالحجارة. وشاهدوا بين الأحجار مسماراً كبيراً من النحاس الأحمر طوله ثمانية وأربعون سنتيمتراً، وطرفه الغليظ ينتهي بصورة أسد رابض ورأسه قائم، أي مستقر على يديه، وذيله ممتد على المسمار، إلى جهة طرفه الدقيق، وقد اخضر النحاس ومادته باليه ولا اثر للكتابة فيه. ويحتمل أن الكتابة محيت لطول عهدها. وقد سكب هذا الأسد أحد فناني شمر وكان آية في الإبداع والرونق. ويذهب النقاب الأميركي بنكس، إلى هذا المسمار البديع يرتقي زمنه إلى ما بعد بناء الهيكل المسنم الآجر؛ وقد دفن اتفاقاً في الأنقاض حينما كان البناءون يرممون الهيكل، أو يعيدون بناءه؛ وذلك بأزمنة قديمة جداً. ولا يعرف على التحقيق الغرض من ذلك الأسد المصنوع بهذه الصورة الغريبة؛

ويغلب على الظن أن طرفه الرفيع أن يثبت في آجر الجدار، والأسد يظهر بصورة بارزة ويتخذ كدعامة؛ ويحتمل أنه كان يوضع في الهيكل لمجرد الزينة. وبعد أن توغل النقابون في الحفر عثروا على قارورتين من الخزف واقفة الواحدة بجنب الثانية، وأحدهما أصغر من الأخرى قليلا، وشكلاهما واحد وهما منبسطتان وقطراهما كبيران جداً وعنقاهما صغيرتان بالنسبة إلى ضخامتهما وكان حولهما دكة صغيرة مشيدة بالآجر المسنم؛ وقد دفنتا في الأرض ولا يظهر منهما سوى عنقيهما؛ وكانتا مملوئتين رماداً. والآجر يدل على العصر الذي أحرقت فيه تلك الجثث وأودعت هاتين الخابئتين. وكان كل ذلك في عصر الهيكل المشيد بالآجر المسنم؛ فحفرت حفرة عميقة في هذه البقعة لهذه الغاية وقد ملئت تلك الحفرة تراباً لطول الأمد. هذه وقد تضاربت آراء المنقبين في من أودع هذين الراقودين، فذهب بعضهم إلى أنه رماد جثث كهنة الهيكل وسدنته، وقال آخرون رفات جثث نبلاء البلاد وعظمائها، وارتأى غيرهم أنه رماد بقايا الملوك والملكات أو الأمراء والأميرات، أو رماد رجال ونساء ضحوا بحياتهم على قبر أحد ملوكهم. وهذه كله حدس وتخمين لأنه لم يقف أحد على صفائح منقوشاً عليها أبناء تينك الخابئتين. ويحتمل أنهما أقيمتا مقام مدفن مقدس للأولياء أو الأنبياء الذين نالوا شهرة واسعة في ذلك العهد القديم، كما اشتهر في العراق بعض مراقد الأئمة. وبات الناس يدفنون موتاهم بجانبهم للتبرك برفاتهم. وبعد أن أمعن الحفارون في التنقيب في تلك الحفرة عثروا على إناء مركب من كسر؛ بيد أنه أصغر حجماً من الخابئتين المار ذكرهما؛ وفي عنقه شفتان مثقوبتان وضعتا للتعليق وتحت ذلك الإناء كان وعاء آخر صغير ويشبه الخابئتين المذكورتين، وأخيراً بلغت معاول النقابين إلى رمل الصحراء الخالص من الشوائب والأنقاض على عمق 13 متراً و20 سنتيمتراً أي تحت آجر هيكل دنحي بثلاث وأربعين قدماً. ولما بلغ الحفارون مستوى الصحراء لم يعثروا على شظايا وشقف من آنية مكسورة، لأن يد الإنسان الأول لم تصل هناك لتخلف آثاراً تدل على صاحبها

في ذلك العهد القديم؛ وعليه آثر النقابون أن يكشفوا هيكلا بعد هيكل، وجداراً بعد جدار، فوجدوا على سطحها وقممها أنقاضاً وعاديات مسطوراً عليها أنباء قديمة، وفي أنقاض هذه الهياكل اقدم الآثار التي خلفها ابن آدم العريق في الحضارة والعمران. فقد كانت الأرض الواقعة تحت الردم مستورة بكسر خزفية واغلبها كبيرة جداً حتى استطاع النقابون أن يعيدوا تركيب بعضها ويظهر أن الصلصال الفاخر وضع باعتناء عظيم في قالب، وألقي في دولاب خزاف، وشوي، فأصبح آية في الإتقان والإبداع، وصفائح تلك الأوعية رقيقة ولونها ضارب إلى الحمرة الغامقة وهو لون الطين الطبيعي. وقد حاول النقابون عبثاً أن يبحثوا وينقبوا في طبقات أرض الصحراء، للوقوف على عاديات تنبئهم عن شعوب تلك الأزمنة العريقة في القدم، فرجعوا بخفي حنين، غير أنه رسخ في أذهانهم أن صانعي تلك الأواني لم يكونوا أقواماً متوحشين، بل بالعكس كانوا أمة متمدنة استطاعت بسمو مداركها أن تخترع دولابً لصنع الخزف، وأدوات لتنميق الصلصال، ووضعه في أشكال ظريفة، ونقشه وتزويقه، ثم شيه في أتون ليصلب كالحجارة. وفي وسع ابن القرن العشرين أن يحكم حكماً قاطعاً على أن شعباً يتقن صناعته إلى هذه الدرجة قد بلغ إلى أسمى منزلة في علم العمران، واستنبط أموراً كثيرة غير هذه. إذا رغبنا في أن نقف وقوفاً تاماً على عصر الخزف، ومعرفة الشعوب والأقوام التي سكنت وجه الصحراء، قبل أن مصرت وشيدت فوقها المباني والهياكل، علينا أن نصعد أولا إلى قمة الحفرة وندرس طبقات الأنقاض المختلفة درساً دقيقاً لكي نكشف النقاب عن وجه الحقيقة، ونتحقق الزمن الذي مرت فيه الأجيال قبل بلوغنا إلى قلب الصحراء. أن الآجر العائد إلى دنجي، واور أنجور، في الطبقتين المرتفعتين يعين زمن بناء قمة الرابية في نحو 2450 - 2300 ق. م. ثم أن ذهب نرم سن وآجر سرجون القائمين تحت الطبقتين يرجع بنا إلى قبل ذلك التاريخ بمائتي سنة والآجر المحدد المستطيل المنتمي إلى خمسة عشر حاكماً وأكثر، فإنه سابق لعصر سرجون ويتجاوز عصر الهيكل المشيد بالآجر المسنم وتمثال الملك دا أو دو (داود) بعدة قرون. رزوق عيسى

الزقزفة أو لسان العصافير

الزقزفة أو لسان العصافير كنت في الشهور الثمانية الأول من سنة 1925 في دير المحرقة الواقع في جبل الكرمل، قرب حيفا في فلسين، وفي 7 أيار (مايو) وكنت أتمشى أمام بناية الدير لفحص بعض الأمور المتعلقة به، فجاء إلي درزنيان من دالية الكرمل، (وهي من قرى جبل الكرمل)، وأخذا يتكلمان بكلام لم أفهم منه كلمة، وبعد ذلك وجه أحدهما خطابه إلي، سائلا بعض الأسئلة عن تاريخ العمر (الدير) إلى أسئلة آخر، فقلت لأحدهما: وبأي لغة كنت تكلم صاحبك قبل هنيهة؟ قال: بلسان لعصافير -. وما هذا اللسان؟ - هو ما تزقزق به تلك الطويئرات. إلى كلام طويل لم أستطع أن أحصل منه شيئاً، أقف به على حقيقة الأمر. ثم قلت لهما: أو يفهم هذا اللسان غيركما؟ - قالا: نعم، ويفهمه أهل دالية الكرمل، وعسفيا (قرية أخرى من الجبل المذكور)، وأم الزينات (قرية ثالثة) وأهل حيفا إلى غيرهم من الأهالي، وينطقون به عند وجودهم بين يدي غريب عن الوطن ويريدون أن لا يفهم الكلام الأجنبي الذي ينطقون أمامه. قلت: أو يفهم هذا اللسان غير الدروز وغير الرجال؟ قالا: ينطق به الرجال والنساء، البنون والبنات، الكبار والصغار؛ سكان الكرمل وجميع أهل فلسطين، وربما يحسن هذا اللسان كل ناطق بالعربية. فأدهشني هذا الجواب وأنا لم أسمع به قبل ذلك اليوم، مع أن عمري كان يومئذ 59 سنة. فلما غادراني ذهبت إلى عسفيا التي هي على بعد ساعة وربع عني سيراً على القدم، لأسأل أحد النصارى هل يعرف هذه اللغة المسماة (لسان العصافير) أو كما قال الدرزيان: (الزقزقة). فقال لي: هذه لغة يعرفها الجميع ولا تخفى على أحد منا، صغيراً كان أم كبيراً. - فقلت له: ألا تنطق لي بعبارة لأرى أيشبه ما تتكلم به ما سمعته من الدرزيين. فاخذ يتدفق في كلامه كالسيل الجارف. وتأكدت

ما قاله لي الدرزيان. وللحال أردت أن أتعلم هذه اللغة، فقلت لصاحبي: أرجو منك أن تنقل لي بهذه اللغة العبارات الآتية: وأنا أذكر هنا كل عبارة بالعربية وبالزقزقة ليطلع عليها القارئ: 1 - أين رائح؟ - ازين ريزايزح؟ 2 - رائح إلى المحرقة. - رزايزح ازي لزا ازل المزح رزا قزا 3 - كيف حالك؟ - كزيف سزا يزح تزك؟ 4 - صحتي طيبة - صزح حتي طزي بزه. 5 - أريد أروح إلى حيفا - أزا رزيد أزا رزوح أزي لزا حزيفزا. 6 - مشان أشتري أكل - مزن سزان أزستزا رزي ازاكزل. 7 - وبعده أروح إلى الكنيسة. - وزا بزع هزر ازا رزوح ازي لزا ازل كزا كزي سزه. 8 - ومن هناك أروح إلى المدرسة. - وزا مزن هزو نزا ازي لزا ازل مزدرزا سزه. 9 - وادرس جميع علوم الفلك. - وزا ازد رزس سزا مزيع ازل عزيل لزوم ازل فزا لزك. فلما سمعت هذه الكلم علمت أنهم يدرجون في وسط كل هجاء زاياً فتخرج الكلمة غريبة وتشبه زقزقة العصافير، ومنه اسم هذه اللغة، فتحليل قولك: (أين رائح). يكون هكذا: يكون هكذا: أ (ز) ين ر (ز) اي (ز) ح إلى آخر تلك الألفاظ. وقد قال لي صاحبي: إن بعض المتكلمين بهذه اللغة قد يقحمون أي حرف من حروف الهجاء بدل الزاي. ولم أجد لهذه اللغة أثراً في كتب العربية، على أني وجدت في تاج العروس في مادة ز ق ق ما هذا إعادة نصه: (الزقزقة: لغة لكلب (قبيلة من العرب) كأنها في سرعة كلامهم واتباع بعضه بعضاً) أهـ، فلعله يشير إلى هذه، وفي لسان العرب: (الزقزقة: حكاية صوت الطائر) ولم يذكر اللغة التي لكلب. فهل من مفيد يزيدنا فائدة على ما ذكرنا؟ ومن هو يا ترى؟. وعلى كل فإننا نشكر له يده سلفاً.

آل الشاوي

آل الشاوي 3 - الحاج سليمان بك الشاوي المتوفى عام 1209هـ (1794م) أولاد عبد الله بك الشاوي: لعبد الله بك أولاد. قال الحيدري انهم (اثنا عشر ولداً كل منهم أمير، عالم، فاضل، كريم، شجاع، شاعر، أديب كانوا ملجأ الخواص والعوام في بغداد؛ وصدقاتهم وعطاياهم للعلماء، والشعراء، والفقراء، كعطايا البرامكة، وهم أهل الحل والعقد، وإليهم تنتهي الأمور، وأجلهم قدراً، وأعظمهم فخراً، العلامة النحرير، والأسد الغضنفر، الكريم الشهير، الأمير الحاج سليمان بك الشاوي الحميري.) أهـ. وقد عد الشيخ أحمد السويدي منهم في قصيدته الهمزية الآتية أسماؤهم: 1 - الحاج سليمان بك. 2 - سلطان بك. 3 - حبيب بك. 4 - علي بك 5 - محمد بك. 6 - عبد العزيز بك. 7 - إبراهيم بك. 8 - عبد الغني بك. 9 - أحمد بك. وهو غير احمد بك ابن سليمان بك، كما يطهر من قصيدة السويدي. وقد رأيت بعض الأبيات قيلت فيه وفي تضاعيفها أولاد عبد الله بك. والآن أتكلم على أولهم فأقول: الحاج سليمان بك. هذا هو أكبر أنجال عبد الله بك. فاق والده بخصائص علمية وأدبية، والعصر الذي وجد فيه، مفعم بالحوادث العظيمة، والاضطرابات في كل صوب مما يدعو إلى الاعتبار. وفي مثل هذه الأحوال تظهر مواهب المرء وسجاياه الكامنة.

حياته الأولى. تنتهي بوفاة والده في سنة 1183هـ (1769م). ولم نتمكن من العثور على تاريخ ولادته. ولكن المقطوع به أنه نشأ في بغداد. وان حياته الحقيقية - حسبما وصلت إلينا - ابتدأت بالظهور من سنة 1172هـ (1758م) على ما في تاريخ الوقفية التي حضر في تسجيلها، ولعل لحل هذه المشكلة يبين من الاستدلال ببعض الحوادث من باب التقريب. وذلك أن المترجم كان أطلق سراح لحيته في سنة 1175هـ، كما يستفاد من قصيدة للشيخ احمد السويدي، وفي هذا الحين يحتمل أن يكون عمره بين خمس وثلاثين سنة وبين الأربعين، فلا يبعد أن تكون ولادته في العقد الرابع بعد المائة والألف الهجري (أي بعد 1140 سنة). وهذا جل ما كان الوقوف عليه. والمشهور عند أفراد أسرته أنه عمر نحو المائة والعشرين سنة. وهذا لا يعول عليه إلاَّ أن يكون قرأ على كبر لأن شيخه ولد سنة 1134هـ، فلم نجد ما يؤيد هذا القول. ومعلوم أن أكبر أيام الرجل وأهمها، ما قام به، أو عهد إليه من الأعمال، وما ترتب عليها من الحوادث، والشؤون التي تركت دوياً في المجتمع، وهذه هي الحياء الحقيقية، وهي المحك لمعرفة موطنه بالنظر إلى مجريات العصر. والمحفوظ عن أفراد أسرته، أنه من صغره أبدى بعض النباهة، وسرعة البديهة مما يدل على انه يؤمل فيه النبوغ. وغاية ما يعرف عن حياته الأولى في صغره، أنها كادت تكو بدوية، إلاَّ أنني أقول هنا: إننا لم تعتد أن ندون أحوال رجالنا في الغالب؛ ولذا لا غرابة أن لا نسجل أعمالهم اليومية، وغرائب صغرهم، حتى بعد نبوغهم، وظهورهم كأعاظم. فبقيت هذه الأمور مهملة، إلاَّ ما يذكر إجمالا، أو أن نقله وتدوينه في بطون الدفاتر يؤثر في إحساس الغير. ودرس العلم على أشهر علماء العرب في ذلك الحين، وعلى الأخص تلقى علمه من الشيخ عبد الرحمن أفندي السويدي. وأهم من كل ذلك نباهته، واكبابه على التحصيل، حتى صار يعد من العلماء، وينعت بالعالم العامل، والبحر الخضم.

الدواوين والمجالس البغدادية. دعم هذه الحياة المدرسية، بحياة أخرى تخللت الدرس، وخلفته هي (المجالس الأدبية) التي لا تقف عند علوم الجادة. فأدباء ذلك الزمن وفضلاؤه كانوا ينتابون مجلس والده، فهذا يورد المختار من المنظوم والمنثور، وذاك ينشد شيئاً من نظمه، وغيرهما يقص الأخبار، وهكذا تمضي المجالس بين وقائع، ونوادر، وغرائب، فهي (ديوان الأدب الحي) على حد ما كان يجري في قديم الزمن. فتلك المجالس هي المهذب الحقيقي، والمدرب الصحيح، بحيث لا ترى المجلس يخلو من صاحب نزعة، أو ذي بضاعة يحاول بها إظهار مزية، أو صناعة أدبية بديعة، أو مضحكة، أو رواية، وهكذا إلى ما سواها. رأينا بقايا هذه المجالس بعيني رأسنا. فكان يؤمها الناس من كل صوب ويطرق فيها كل موضوع، ويبحث فيها عن شؤون جمة، من قضايا علمية، ووقائع تاريخية، ومقطوعات شعرية، ومختارات أدبية، ونكات هزلية، وتدقيقات بيتية، فتنشر وتذيع. والحاصل أن تلك المجالس كانت موطن اقتباس التجارب، ولا تعوض عنها مدرسة. أو تفوقها مؤسسة علمية ولا أدبية في ذلك الحين. إذ كل امرئ كان يقدم فيها بضاعة، أو يبدي مكنون سره أو حزبه، أو نتائج تتبعه، وسائر أغراضه الاجتماعية والأدبية. وهناك هناك كانت المباراة. ومن ثم لا يقبل غير المفيد، ولا يختار إلا الأصلح. وحينئذ تنتشر (المجاميع) وهي المختار مما يجري في المجلس، المجالس محك الرجال. وموطن اختبار مواهبهم وهي ميدان الامتحان وسوق البضاعة ومسرح السياسة. فهذه المجالس هي التي قوت الروح الأدبية في المترجم، ومكنت مادته العلمية، ولذا تراها ظاهرة في مؤلفاته مثل شرحه للامية العرب، ونظم القطر، لأنها ترى اظهر في شرحه للامية العرب ومختاراته فيها. وكذا شعره. وهذه (المجالس) أيضاً كانت البذور النافعة لغرس الأدب الناضج ولتدقيق النظر في المناحي العلمية في مختلف المواضيع: فراجت سوق الأدب، وتزاحم الناس فيها. فظهرت بشائره في أواخر القرن القاني عشر، وأوائل القرن الثالث عشر.

والشعراء والأدباء المشاهير، مثل الازري، والبيتوشي، والتميمي، وعمر رمضان. لم يظهروا إلاَّ في هذا الوقت، وما يليه، وحينئذ أخذت السياسة تستخدم بعضهم وتنكب عن آخرين، ثم مشى على طريق هؤلاء ثلة من الأدباء. وهذا الوقت يعد طليعة النهضة العلمية والأدبية في العراق. وعلى كل أن هذا البيت موطن العلماء، والأدباء، وساسة البلاد. نتج علاقات متينة ومحكمة بين قوم وقوم. وان المترجم كان في الحقيقة خريج هذا الديوان في مباحث علمه، ونهج معرفته، وطريق أدبه، وانه لم يترك مزاولة الآداب حتى في أيام نكبته. مؤلفاته. في هذا الدور من حياته وضع بعض المؤلفات، وكان ذلك قبل مزاولته السياسة، وتحمله أعباءها. فمما وصل إلينا منها: 1 - نظم القطر. الأصل (قطر الندى) لابن هشام: وهو متن نحوي مشهور، يقرا في كتب الجادة (أي الكتب المعتادة قراءتها بالترتيب). فالمترجم نظم بصورة أرجوزة على نمط ألفية ابن مالك. وعرفت هذه المنظومة (بالمنظومة السليمانية). وقد شاهدت هذه المنظومة مشروحة وأولها: قال سليمان بن عبد الله ... الحمد لله بلا تناهي مصلياً على النبي احمدا ... وآله وصحبه أهل الهدى وبعد فالشيخ إمام العصر ... أمرني بنظم متن القطر الخ ولا أرى في صدري حاجة إلى بيان الموضوع، بعد أن يكون متن القطر مطبوعاً ومعروفاً. وقد شرح هذه المنظومة العلامة الشيخ يوسف بن أحمد بن يوسف العبادي البغدادي. هكذا وصف نفسه في عنوان الكتاب، وأول الشرح (الحمد لله الذي انطق لسان حال الوجود بالإقرار بوحدانيته الخ) ونعت المترجم بالكريم ابن الكريم، ملك حمير على الإطلاق، وملجأ الأفاضل إذا ضاق الخناق، إلى أن يقول: ووجدته قد نظم مقدمة ابن هشام في النحو، المسماة بقطر الندى، فأردت أن أعمل لها شرحاً يبين مراده، ويعمم مفاده، واجعله هدية لسدته العلية، وكعبته السنية (إلى أن قال): وسميته (بالجمانة السنية، في شرح

المنظومة السليمانية). والمهم في المنظومة، أهما ليست موضوعاً جديداً إلاَّ أن فيها تسهيلا للطلاب وتنوعاً في التفهيم حسب الرغبات، وأنها مبنية على اقتراح أستاذه، وهو الشيخ عبد الرحمن أفندي السويدي. وقد جاء في الشرح بيان ترجمته، وتعداد مؤلفاته ولا محل هنا للإطالة فيها، وقد سماه الناظم: إمام العصر ونعته الشارح بأنه خاتمة المؤلفين المحققين في هذا الزمان. قال: ولم نعثر على أفضل منه فيما رأينا. وقال عن الناظم: إنه من كثرة تواضعه وأدبه حفظه الله كما هو دأب التلميذ مع الشيخ مع علو شأنه وكبر بأسه قال: (أمرني بنظم متن القطر الخ). وكان تأليف الشرح بتاريخ 1199هـ والنسخة - كما يظهر - بخط المؤلف. وقد تداولتها أيد متعددة. وصحائفها 328 وكل صحيفة في 15 سطراً وطول الصحيفة 5 - 21 سنتيمتراً وعرضها 5 - 15 سنتيمتراً وطول السطر 5 - 9 سنتيمترات. 2 - شرح لامية العرب المسمى (سكب الأدب، على لامية العرب)، ومن هذه نسخة في خزانة الأوقاف العامة برقم 1955 من كتب الخزانة الخالدية. أولها: (الحمد لله الذي أدب من اختاره بآدابه الخ). وفي مقدمتها يذكر المؤلف أن لامية العرب للشنفرى خالد ابن ثابت الأزدي، من غرر القصائد على الإطلاق. وأهداها لطريقة الكرماء بالاتفاق، وانه رآها محتاجة إلى شرح يبين مغازيها، ويوضح معانيها، ويبين رموز فوائدها، ويكشف عن وجود خرائدها ويرفع عنها حجب الدقة والإغلاق، وأنه كان يخطر بباله، ويجول في فكره أن يشرحها ثم أحجم عن ذلك، حتى اجتمع بشيخه عبد الرحمن الشهير بالسويدي. فأمره بشرحها، فامتثل، لاسيما وقد وافق ما كان يتردد ين فكره وخياله، فجاء شرحاً لم ينسج على نواله، سماه (سكب الأدب، على لامية العرب). وراعى في شرحها اللغة فالأعراب فالمعنى وفي خلال ذلك الاستشهاد بمنتخب القصائد، والمقطوعات لأكابر الشعراء، وحسن اختياره وشرحه يدلان على مقدرة، وينمان على موهبة كاملة في النفوذ إلى دقيق المعاني. ومنها

معنى تدمر

يعرف أحسن ما كان شائعاً من الدواوين، وما هو متداول ين الأدباء وما تحتويه خزانته من الشعر. أتم تأليف هذه النسخة في 29 من شهر ربيع الثاني من سنة 1178هـ. والنسخة الموجودة كتبت على نسخة المصنف الشارح في سنة التصنيف، بقلم حسين بن عبد الكريم، وصحائفها 340، وطول الصحيفة 21 سنتيمتراً وعرضها 12 سنتيمتراً وطول السطر 5 - 6 من السنتيمترات، وسطورها 21، وتقاريظها 16 صحيفة عدا الصحائف الأصلية. وقد شاهدت نسخة أخرى كتبت سنة 1242 وممن قرظها: حسين بن علي العشاري الشافعي، وأبو البركات الأبي محمد الرضي المدرس، وأبو المحامد شهاب الدين أحمد بن عبد الله السويدي. أما بقية حياته فسنأتي عليها في مقال آخر والله الموفق. المحامي: عباس العزاوي معنى تدمر ذهب علماء العرب في سبب تسمية مدينة تدمر بهذا الاسم انه اسم بانيتها وهي تدمر بنت حسان بن اذبنة وفيها قبرها وذهب بعضهم إلى أن الاسم ارمي أي (تدمرتا) ومعناه الأعجوبة والمعجزة لان بناء هذه المدينة معجزة من المعجزات حتى أن اليهود والعرب ذهبوا إلى أن البناة كانوا من الجن. والذي عندنا أن الاسم مأخوذ من (التمر) ومعناه في القديم النخل. وسميت بذلك لكثرة وجوده في سابق العهد. يشهد على ذلك أن اسمها عند اليونان والرومان الذي معناه النخيل. هذا وقد ذهب إليه محققو علماء الغرب فضلا عن أن العقل يسلم به لما هناك من صدق الرأي. فليحفظ.

مقاله في أسماء أعضاء الإنسان

مقاله في أسماء أعضاء الإنسان لابن فارس (لغة العرب) حضرة الزعيم داود بك الجلبي من مشاهير أبناء العراق المعروفين بتتبع آثار الأقدمين منا. وقد نشر في هذه المجلة رسائل للجاحظ، كادت تضمحل لولاه. والآن يعنى بنشر مقالة لابن فارس اللغوي الشهير الذي طوى بساط أيامه في المائة الرابعة للهجرة (من 329 إلى 390) وقد قال عنه الصاحب بن عباد قولا بقي حياً بين الفضلاء هو: (رزق ابن فارس التصنيف، وأمن من التصحيف). والرسالة الآتية ترى في مجموعة وصفها الدكتور نفسه في كتابه (مخطوطات الموصل) ص 33 وهي من مخطوطات المدرسة الاحمدية. ونفاسة هذه المقالة ظاهرة من أن ابن فارس ذكر معاني الألفاظ على ما تحققها ونفضها من غبار التوقف والارتياب وأخرجها بصورها الحقيقية على ما عرفها السلف الصالح فهي من أثمن الهدايا اللغوية ويحسن بالأديب أن يطالعها مراراً ليعلم كيف يتقن ألفاظ اللغة ومعانيها. وقد صحح الدكتور جميع الألفاظ التي أفسدها النساخ، فدونكها: الحمد لله رب العامين، وصلى الله وسلم على سيد المرسلين. بسم الله الرحمن الرحيم مقالة في أسماء أعضاء الإنسان قال أبو الحسين احمد بن فارس رحمه الله تعالى: هذا ما يجب على المرء حفظه من خلق الإنسان. فقد نرى من تعمق في غريب الكلام ووحشية، وإذا أراد الإخبار عن عضو من أعضائه، بوجع يعتريه فيه، أومأ إليه باليد، قصوراً عن معرفة اسمه. وهذا قبيح. ثم اعلم أن الله تعالى خلق آدم عليه السلام من الطين أبيضه وأحمره وأسوده فلذلك اختلفت ألوان ولده؛ ومن الماء عذبه ومره وملحه، فلذلك اختلفت الأخلاق. فأول أعضاء الإنسان من جهة العلو رأسه. وهو مذكر، وأول ما في الرأس الشعر، وهو جمع، واحدة: شعرة كتمر وتمرة. ومن ذلك الفودان: وهما

شعر ناحيتي الرأس. فإذا ضفرا فهما: الضفيرتان، والغدائر، والذوائب، والواحدة غديرة، وإذا قل شعر الرأس فهو: زعر. فإذا تم ووفر فهو: أفرع. وشعر سبط ورسل: إذا لم يكن جعداً قططاً. والجعد: هو الاحجن المنعقف. فإذا كان أسود فهو: حالك، وغربيب فان علا الشعر بياض بحمرة فهو: أصبح. فان كان البياض خلقة لا من شيب فهو: املح وجملة عظم الرأس: الجمجمة. والشعب: الذي يجمع بين كل قبيلتين شأن، وجمعه شؤون. والشأن: الذي يخرج منه الدمع. والهامة: وسط الرأس. والقرنان: فرعا الهامة عن يمين وشمال. واليافوخ: ما أهل عنهما مما يلي الوجه، وهو ملتقى القبيلة المتقدمة للمؤخرة. وهي من الصبي المولود رماعته لاضطرابها. والصدغ: ما بين قصاص الشعر والأذن. وهو الذي يتحرك عند مضغ الأكل. والقمحدوة: هي المشرفة على نقرة القفا. والقذالان عن يمين القمحدوة وشمالها. وهما جماع مؤخر الرأس، والفهقة: موصل الرأس في العنق ظاهراً. وباطنه الفائق والعظم الناتئ خلف الأذن: خششاء. وجلدة الرأس هي: الفروة. فظاهرها: البشرة وباطنها: الأدمة. وذلك في الجلد كله. والجلدة التي تجمع الدماغ وتغشاه هي: أم الدماغ. واللغدان: عرقان أسفل الأذنين. والجبهة: ما استقبلك من مقدم الرأس مما لا شعر عليه. والجبينان: هما عن جانبي الجبهة، من كل جانب جبين. والأسرار: الخطوط في الجبهة. واحدة سر. والحجاج: هو الذي ينبت عليه شعر الحاجب. والحاجب: هو الشعر الذي ينبت على الحجاج. والحاجب الأبلج: الذي لم يقترن. والاقرن: الذي اقترن. والأزج: كأنه خط بالزجاجة لاستوائه؛ وإذا كان مقوساً فهو مطوق. والأهلب: الرجل الكثير الشعر على الحاجبين. فإذا كان قليل شعر الحاجبين فهو امرط. والمحجر: العظم الذي حول العين. والجفن: الجلدة التي تغطي العين فوق وتحت. والشفر: هو منبت الشعر. والهدب: الشعر الذي على الشفر. وموق العين: الحرف الذي يلي الأنف. والحرف الذي يلي الأذن:

اللحاظ. وجملة العين سوادها، وبياضها هي المقلة. والسواد منها الحدقة. والنكتة السوداء في الحدقة: إنسان العين وناظرها. وقيل أن الناظرين: عرقان يسقيان إنسان العين. والعين النجلاء: الواسعة الحسنة. والمرأة الحوراء: المليحة سواد العين وقيل المليحة بياض العين. والجاحظة: هي الخارجة الناتئة، وهي قبيحة. والحوصاء: الضيقة كأنها شقت شقاً، والخوصاء: لتغميض صاحبها إياها. والسجراء: الحمراء. والمقهاء: التي تبيض حماليقها واشفارها. والحولاء: المنقلبة الحدقة. والقبلاء: التي تنظر قبل الأنف. وفي الأنف القصبة: وهي العظم. والمارن: مآلان من اسفل القصبة. والأرنبة: طرف الأنف. والخنابتان حرفا المنخرين عن يمين وشمال. والوترة: الحاجز بين المنخرين. والخيشوم: أعلى الأنف. والعرنين: معظم الأنف، وهو الخطم. والسم: خرق الأنف. والأنف الأشم: المشرف التام. والأقنى: الذي نتأ وسط انفه مشرفاً على طرفيه. والأدلف: القصير غير العريض. والأخنس: أقصر من الأدلف يتأخر عن الشفة. والافطس: المتطامن الوسط. والأكشم المقطوع الأنف. والأخرم: المشنق الوترة. والأسلت المقطوع أنفه كله. وجمع الشفة شفاه. والإطار: طرف الشفة عند ملتقى الجلد واللحم. الشدقان: ملتقى الشفتين وهما الملغمان. والشفة الحماء: هي التي إلى السواد ما هي. والشفة الظمياء: هي الذبلة اللطيفة. والعلماء: هي المنشقة من أعلاها. والفلحاء: هي المنشقة من أسفلها. والواردة: الطويلة تغطي الأسنان. والأدلة: المسترخي الشفتين. والباثع: الذي تنقلب شفتاه إذا ضحك. وجمع الفم أفواه. واللهاة: اللحمة المتدلية من الحنك الأعلى. والنطع: النقرة في الحنك الأعلى. وجلدة النطع: الخليقاء واللغانين: ما لصق باللهاة من لحم الحلق. وهي النغانغ. والشدق: سعة الشدقين والضزز: لصوق الحنك الأعلى بالأسفل. والفقم: إن يكون الحنك الأسفل على الأعلى. والذوط: قصر الذقن. والأفوه: الواسع الفم. واللسان هو: المقول. وطرفه العذبة. والأسلة: مستدقة والعكدة اصله. والصردان: عرقان. أخضران في ناحيتيه.

واللحيان: الفكان واحدة: لحي وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان من فوق واسفل فأما الأسنان، فأربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربع أنياب، وأربع ضواحك، واثنتا عشرة رحى ثلاث في كل شق، وأربع نواجذ: وهي في أقصاها. والعظم الناتئ في اصل اللحى هو الرأد. والفنيك طرف للحيين عند العنفقة. ويقال بل هو اصل اللحي المركب في الرأس. والصبي مستدق اللحي. ومجتمع اللحيين هو الذقن. وملتقى الصبيبن الشجر. ثم الحلق. يقال لما اقبل على الصدر: الجران. والنكفتان: غدتان في اصل اللغد كاللوزتين والحلقوم: متصل بالرئة، وهو مخرج الريح. والمريء: مجرى الطعام من الحلق. وأعلاه متصل بعكدة اللسان. والحنجرة: ما غلظ من أعلى الحلقوم. واسفل للسان الغلصمة. والعنفقه: الشعر تحت الشفة السفلى. والذي على العليا: الشارب. والتفرة: الهزمة على الشفة العليا. واللحية للرجل، والجمع لحى. والسناط: الذي ليس في عارضيه من الشعر إلاَّ قليل. فإذا لم يكن في وجهه شعر، فهو: اثط ولحية كثة: إذا كثف اصلها. وسنة الإنسان وجهه. وهي قسمته. والمسنون الوجه القليل اللحم والمكلثم المستدير. والريان كثير الماء الحسن البشرة. والاخيل الذي فيه خيلان. والانثيان: الأذنان. والفرع من الأذن: أعلاها حيث تنثني غضونها. وما صلب من أعلاها: غضروف. والمحارة: هي الصدفة. والوتد: هو الشاخص في مقدمتها بينها وبين الوجه. والصماخ خرق الأذن الذي فيه السم وهو ثقبها. وما تدلى من أسفلها هي: الشحمة. والخربة. الثقب الذي يعلق فيه القرط. والحتار. حرف أعلاها. والأذن الخذواء: المسترخية. والشرفاء: الضخمة. والصمعاء: الصغيرة اللطيفة. والصكاء؛ أصغر منها. وعنق الإنسان هو: الهادي. والقصرة: اصل العنق المركب في الكاهل. والصليفان: ناحيتا العنق. واللبب: ما خلف مذبذب القرط. والسالفتان: صفحتا مقدم العنق يميناً وشمالا. والدأيات: فقار العنق. والعلباوان: عصبتان صفراوان تأخذان من اصل الفقر إلى الكاهل، بينهما أخدود. والاخدع:

عرق في عرض العنق. والوداجان: العرقان الذي يقطعهما الذابح. وحبل العاتق: العصبة الممتدة من العنق إلى المنكب. والعنق مذكر ومؤنث. والاجيد: الطويل العنق. والاوقص: القصير العنق. والمنكب: رأس الكتف والعضد. والعاتق: موضع الرداء. والعضد: ما بين الكتف إلى الذراع. والعضلة: لحمة العضد. وباطن العضد مما يلي الجنبين وهما: الضبعان. ورأس العضد الذي يلتقي مع رأس الذراع هو: القبيح. ورأس الذراع الذي يلي العضد: الإبرة. والساعد والذراع واحد. والزندان: العظمان اللذان اجتمعا فصارا ذراعاً. ورأس الذي يلي الخنصر يقال له: الكوع. ورأس الزند الذي يلي الإبهام هو: الكرسوع. وقيل بل هو على القلب. والأسلة: مستدق الذراع. والمعصم: موضع السوار. والنواشر: عصب باطن الذراع والكف. والمرفق: مجتمع رأس العضد من الذراع. وطرف الذراع المحدد هو الزج. ثم الكف وفيها الاشاجع وهو مغرز الأصابع. وفيها الرواجب: وهي عصب ظاهر الكف. والإبهام: اقصر الأصابع وأغلظها. ثم المسبحة، ثم الوسطى ثم البنصر، ثم الخنصر، وفي كل إصبع ثلاث قصبات، غير الإبهام، فان فيها قصبتين ويقال لكل قصبة منها سلامي. والجمع سلاميات. والرواجب: بطون عقد الأصابع. والبراجم: ظهور عقد الأصابع. والأنامل: أطراف الأصابع، وهي القصبة العليا. والحتار: ما أحاط بالظفر. والفسيط: ما يقلم من الظفر؛ والنمش: البياض في ظهور الأظفار: وما بين الأصابع: خلل. والقلت: النقرة في اصل الإبهام. والضرة: اللحمة التي تحت الخنصر من باطن. والتي تحت الإبهام إلية. والخط الذي بينهما هو: الناق. والأسرار: خطوط في الراحة. والراحة: باطن الكف. والبنان: الأصابع كلها، الواحدة بنانة. وصدر الإنسان هو: البرك. والبلدة وسط الصدر. والنقرة التي في الصدر هي البهرة. والترقوتان: العظمان اللذان بينهما ثغرة النحر. والحاقنة: نقرة الترقوة، والترائب: عظام الصدر. والثدي: ثدي المرأة التي تسقي منه اللبن. ورأس الثدي: الحلمة. والسعدانة: كالدرهم اشد حمرة من لون الثدي.

والثندؤة: الحلمة التي حول الثدي. وفي الصدر اثنتا عشرة ضلعاً، وهي الجوانح. والشراسيف: مقاط الأضلاع مما يشرف على البطن، الواحد شرسوف. والمسربة: الشعر النابت وسط الصدر سائلا على البطن. والجنب: مجتمع الضلوع. واسفل الضلوع مما بلي البطن يقال له: الخلف وهي أيضاً القصيرى. والخاصرة عند ذلك. وفي البطن الصفاق، وهي جلدة البطن التي تحت الجلدة الظاهرة. والحشوة في البطن: مما ضمت عليه الضلوع، وهي الحشا. ومن الحشا الحجاب، وهو جلد له لحم يحجز بين الصدر والبطن. والفؤاد القلب، وغشاؤه: الخلب. والنياط: عرقه الذي يعلق به. وحبته سويداؤه، وهي علقة في جوفه. ويقال للكبد والرئة والفؤاد: سواد البطن وفي البطن: الشاكلتان، وهما الطفطفتان. والثنة: ما بين السرة إلى العانة. والاعفاج والمصارين: الأمعاء. والمعدة: موضع الطعام للإنسان. المثانة: مجتمع البول. والمطا: الظهر. وفي الظهر الصلب: وهو عظم في وسط الظهر. وهي أربع وعشرون فقرة، والفقرة، والجمع فقار؛ العظام المستديرة ينضم بعضها إلى بعض. والمتنان: اللحمتان اللتان فوقهما العصب، ورؤوس الفقار هي السناسن. والقطن: ما بين الوركين إلى عجب الذنب. وفي جوف الصاب خيط ابيض يقال له النخاع. والشاخص في وسط الكتف هو: العير. والغضروف: طرف الكتف اللين والعجز مؤنثة، يقال هذه عجز، وتسمى العجيزة الكفل. وفي العجز الصلوان وهما مكتنفاً العجز. والعجب اصل الذنب. والورك: الكفل. والغرابان: رأساً الوركين. والرانفتان: طرفا الآليتين. والمذروان أعلى الآليتين. ثم الفخذ. والحاذان: لحم ظاهر الفخذين. والربلتان: اللحمتان تقبلان على الركب من باطن الفخذين. والرفغان: ما بين العانة وأصول الفخذين، وهي المغابن. والنسا: عرق الورك. والحالبان: عرقان أبيضان في الرفغ. والساق: ما بين الركبة والقدم. والظنبوب: عظم الساق الظاهر. والشظية: العظم الرقيق بين العظمين. والركبة: ما بين الفخذ والساق. والمأبضان: بطون الركبتين. والداغصة: عظم في أعلى الركبة، وهي الرضفة. وعينا الركبة يقال لهما: القلتان. والحماة: لحمة الساق. واللحمة التي في معظمها هي؛ العضلة

قمرية أم القمرية

والايبس من الساق: موضع القيد. والعرقوب: العصبة التي بين المقيد والكعب، والكعبان: هما الناتئان عن يمين وشمال، وفي القدم عقبها، وهي مؤخرها، والبخصة: لحم القدم في أسفلها، وعير القدم الحدبة التي في وسطها، والنعامة: خط اسفل القدم، وانسي القدم: ما اقبل منها، ووحشيها: ما خالف ذلك. ويقال لعضو الرجل عوفه، وما دونه: الخصيتين والصفن: وعاؤهما، وما يكون للمرأة دون الرجل: الفرج والجهاز. ويقال لشخص الإنسان: شبحه، وظله وسواده. ويكون ابن آدم طفلاً رضيعاً ثم فطيماً، ثم يافعاً، ثم حالماً حين يحتلم، ثم طاراً إذا طر شاربه، ثم مجتمعاً، ثم كهلاً، ثم شيخاً، ثم دالفاً، إذا قارب الخطو. هذا أوجز ما يقال في خلق الإنسان. والله اعلم بالصواب. الدكتور: داود الجلبي قمرية أم القمرية - عود على بدء كنت ساءلت في هذه المجلة عن القمرية التي ينسب إليها الجامع المعروف في بغداد، وعدت إلى السؤال فيها (7: 614)، والآن أجيب نفسي: إن قمرية هذه، ليست من أهل بيت الناصر لدين الله الخليفة العباسي، المعاصرين له وليست من جواري الناصر؛ وقد قال عنها كتاب المساجد: لعلها من بيت الناصر، أو إحدى حظاياه من الجواري، وسبب نفي كونها امرأة من نساء زمن الناصر، هو: إني وقفت الآن على أن الاسم اقدم من زمن خلافته (575 - 622 هـ أي 1179 - 1225م)؛ وفضلاً عن ذلك أن وقوفي الجديد يدلني على أن الاسم هو (القمرية) بالتعريف خلافاً لما جاء في كتاب الحوادث الجامعة، الذي صور الكلمة بدون تعريف كلما أوردها؛ وكنت نقلت عنه،

واعتمدت عليه، والذي وقفت عليه الآن، هو ما في كتاب تواريخ آل سلجوق لعماد الدين الأصفهاني، المتوفى في سنة 597هـ (1200م)، (اختصار البنداري) فقد جاء فيه اسم (القمرية)، لموضع في الجانب الغربي في أخبار سنة 551هـ (1156م)؛ فكان ذكرها قبل بناء الجامع المنسوب إليها (لان الجامع تم بناءه في سنة 626هـ)، أي قبل ولادة الناصر، إذ كانت هذه الولادة في سنة 553هـ (1158م) وهذا ما في الكتاب: (ص 249 من طبعة الإفرنج - ص 228 من طبعة مصر): (وكانوا قد نصبوا من الجانب الذي من دجلة، على مسناة دار العميد، وبقرب القمرية، منجنيقين عظيمين، وهموا بنصب منجنيق لآخر، على الخان الذي بناه سرخك، مقابل التاج.) أهـ وفي حاشية طبعة الإفرنج أن قاف (القمرية) مفتوحة في إحدى النسخ. وفي نسخة غيرها: مضمومة مع إسكان الميم في كل من النسختين. فبأي من المؤرخين يؤخذ من جهة التعريف وعدمه؟ وبأي من الروايتين من جهة الضبط يعمل؟. ومع أن هذا الكتاب أوقعنا في اضطراب، فقد مكنا أن ننتج: إن الاسم ليس لإحدى النساء المعاصرات للخليفة الناصر لدين الله؛ ولعل الاسم هو الذي نسب إليه أبو منصور الحسن بن نوح القمري، المعاصر لابن سينا الذي ذكرته في هذه المجلة (7: 230) فيكون الاسم قديماً، يرتقي إلى منتصف القرن الخامس للهجرة على اقل تقدير. يعقوب نعوم سركيس (لغة العرب) الذي عندنا انه يقال: جامع قمرية والقمرية لأنه منقول عن اسم الطائر المشهور؛ فهو كالحسن والحسين والعباس ونحوها، فقد تقال بال وبلا أل، فتقال بال للمح الصفة وبلا أل لنقلها إلى العلمية؛ وأما فتح القاف فعندنا من الخطأ الظاهر والمعروف الضم كما ضبطها صاحب تاج العروس إذ قال: وعبد الكريم بن منصور القمري بالضم حدث عن أصحاب الارموي وله شعر وكان يقرئ بمسجد قمرية غربي مدينة السلام فنسب إليها، انتهى.

السعاة

السعاة بركة ومعتوق وعلي بن الاربلي أطلعني الأب صاحب المجلة على كتاب اللمعات البرقية في النكت التاريخية لشمس الدين محمد بن طولون المطبوع حديثاً بدمشق فوقع نظري على خبرين (ص 25) عن بركة الساعي نقلا عن تاريخ الأسدي الذي روى أحد الخبرين عن الذهبي وثانيهما عن ابن البزوري، وفي اللمعات أيضاً خبر آخر مسند إلى الذهبي بشأن الساعي معتوق الموصلي المعروف بالكوز (كذا) فخطر لي فوراً أني كنت قرأت عن الساعيين شيئاً في المخطوط الذي عرفته بالحوادث الجامعة فرجعت إليه وفيه ما يأتي: (وفيها (أي في سنة 628هـ - 1230م) توفي بركة بن محمود الساعي المشهور بالسعي والعدو. كان من أهل الحربية سعى من واسط إلى بغداد في يوم وليلة ومن تكريت إلى بغداد في يوم واحد وحصل له بسبب ذلك مال كثير وجاه عريض واتصل بخدمة الخليفة الناصر لدين الله وجعله أخيراً مقدماً لرجال باب الغربة، فكن على ذلك إلى أن توفي). أهـ (وفيها أي في سنة (647هـ - 1249م) سعى علي بن الأربلي من دقوق إلى بغداد فوصل بعد العصر وفضل على معتوق الموصلي المعروف بالكوثر نصف ساعة. ودار حول الكشك شوطاً وخرج إلى التفرج عليه الخليفة المستعصم

بالله وأولاده وجلسوا في الكشك إلى حين وصوله، وكان هذا الذكور مختصاً بخدمة الأمير مبارك ولد الخليفة فأمر له بفرس من مراكبه وخلعة وذهب. ودار من الغد في البلد بالطبول والبوقات فحصل له شيء كثير.) أهـ وفيها (أي في سنة 653هـ - 1255م) تملا (؟) معتوق الموصلي المعروف بكوثر الكلام من دقوق (دقوقاء) ساعياً على قدميه فوصل كشك الملكية ودخله. وكان الخليفة هناك ومعه الشرابي وهو أستاذه، ثم خرج من الكشك وعاد إلى الوقف (؟) ثم رجع إلى الكشك وقد تخلف من النهار ساعة ونصف فقبل الأرض بين يدي الخليفة فتقدم له بخمسمائة دينار. وأعطاه الشرابي ثلثمائة دينار وحصل له من أرباب الدولة شيء كثير.) أهـ. دقوقاء واليوم طاووق وإذ كان مضمون اللمعات نكتاً تاريخية رأيت إتماماً لذلك أن أسوق كلاماً إلى نكتة عن دقوقاء لمناسبتين أولهما: إن الحكاية نكتة وثانيهما أنها عن هذه المدينة. وكان يقال في أسمها (دقوق) تخفيفاً كما جاء هنا. وذكرها ياقوت بصورة دقوقاء. كما أن سالنامة الموصل لسنة 1325هـ (1907م) ذكرتها بصورة (دقوق) خلافاً للعامة التي تقول (طاووق) والحكومة العراقية أيضاً قبلت اسمها المحرف هذا في رسمياتها، وذكرتها بصورة طاووق في سجل الحكومة العراقية سنة 1927هـ ص 116، والنكتة التي أريد روايتها هنا وردت

اللشمانية الجلدية

في كتاب الحوادث المار الذكر وهي: (وفيها (أي في سنة 644هـ - 1246م) توفي الأمير محمد بن سنقر الطويل صاحب دقوقاء وكان أبوه سنقر من خواص الخليفة الناصر لدين الله صب يوماً على يده ماء فسقطت الصابونة منه فناوله غيرها وقال: دقوق وهي بلغة الترك دجاجة - فاقطعه دقوقاً ظناً منه انه طلبها. فلم تزل في يده إلى أن توفي فتسلمها ابنه محمد. فلما توفي الآن عادت إلى نواب الخليفة.) أهـ. قلت: لا أرى مناسبة أن تكون الكلمة (طاووق) التي تعني دجاجة. ولعله قال بلهجة مفخمة من لهجات ذلك الزمن (طوتقون) ومعناها مقبوض أو (طوتك) (بقراءة الكاف نوناً) بمعنى اقبضوا أو (طوتدق) بمعنى قبضنا أو غير كلمة تقرب لفظاً من كلمة دقوق وتؤدي ما يوافق الحال. ويبين لي أن صاحب الحوادث كان يجهل التركية، ولولا جهلة إياها لما أورد الحكاية بدون تعليق خالطاً الحابل بالنابل. وكنت أود أن لا يعتد ذلك الفاض بالقول أنها سميت (طاووق) لكثرة الدجاج فيها. قال ذلك في ما سبق في الص 417 وقد رده حضرة الأب صاحب المجلة. بغداد في 10 حزيران 1930 (وتأخر نشرها لما عندنا من المقالات المتراكمة منذ مدة أربع سنوات. ل. ع) يعقوب نعوم سركيس اللشمانية الجلدية أو حبة الشرق مرادفاتها في البلاد التي تكون فيها: حبة الشرق، وحبة بسكرة، والقرحة الاستوائية، وحبة بغداد أو الأخت وقرحة الشرق، ودملة دهلي، وقرحة التخوم (في بلاد الهند)، ودملة حلب أو حبة السنة (حلب)، وكودووك أو الجرسي (في ما وراء أراضي جبال قاف)

وسالك (إيران) وفرينة أو مرد التمر (نريبان)، وغسوة (في الاريثرة وبلاد الحبش). تحديدها: هي حبة جلدية متقرحة أو غير متقرحة متوطنة، وتحصل في مناطق خاصة تنتج من أحد أصناف اللشمانية. وتتميز هذه الحبة في أول نشوئها بحليمة ترى في الأغلب في المعاري (أقسام البدن المكشوفة). ولعلها تصبح بعد ذلك قرحة غير مؤلمة تمتاز بإحساس اعظم في الأعصاب وبحاشية مترشحة، يعقبها عادة خلل فرعي في بعض الأعضاء. وتندمل القرحة بعد اشهر عديدة، ويرى في ماكنها ندب منخفض ذو لون أبيض أو احمر وردي. وهذه الحبة لا يلقح منها الرجل ولا الحيوان وعليه لا يصاب بها الإنسان عادة أكثر من مرة. تقسيمها في الأرض: أن هذا المرض قرأة أي داء متوطن، يرى في ديار خاصة في شمالي أفريقية وفي جنوبي آسية وبلاد اليونان وإيطالية وإسبانية. (أفريقية): أن هذه الحبة قرأة في ديار تونس ولاسيما في قفصة وفي بلاد الجزائر تكون واحات بسكرة وتكرت مركزها المتوطن فيهما. يسد أن إصابات متفرقة حدثت في جزائر مرغنان وأماكن آخر وترى مراكز قرأة في جنوبي مراكش، وذكرت إصابات في مناطق تشاد وزندر وفي نيامى الواقعة على نهر نيجر، وفي مناطق اغادس تاوة كما انه عثر على إصابتين في قلعة ارجمبولت وسجلت إصابات من هذا ألداء في القاهرة والسويس في مصر، وحدث بعض وقائع في الخرطوم وشندي وديرة سنار في بلاد السودان. وترى هذه الحبة في طرابلس الغرب والاريثرة وبلاد الحبش. (آسية): وترى مناطق قرأة في وادي نهر السند في بلاد الهند وفي كنباية وفي أماكن شتى من الكور الشمالية الغربية (من بلاد الهند) ولاسيما في دهلي ولاهور، وكرنال وشاهاباد وبتيالة وكوشرات (وكجرات) وكويتة ومولتان ودره

إسمعيل خان. وأما في سورية فحلب هي مركز القرأة الشهير. وأريحا من أهم مراكز القرأة في فلسطين وسجلت إصابات متفرقة في بلاد الروم (آسية الصغرى). والمرض منتشر كل الانتشار في جبال قاف وما وراء هذه الجبال. وطهران واصبهان وبندر أبو شهر من المراكز الموبوءة المشهور في إيران، وهذا الداء منبث في جنوبي ايران، واصبح موضع المرض المشهور في ارض العراق وادي الرافدين، وهو على الأخص منتشر في بغداد. وأما في تركستان فهو سائد في ترمذ وبخارى وسمرقند واسخاباد خاصة وربما ينشأ في بندة في روسية آسية. وفي (أوربة) ترى اللشمانية الجلدية في اقريطش (كريد) وجنوبي إيطالية وصقلية. وعثر على هذا الداء في مسينة، وقطانة وبلرمة وقلبرة. وسجلت بعض وقائع في ساحل إسبانية الشرقي وفي كورة غرناطة. واكتشف حديثاً إصابة من دملة حلب في منطقة البرانس في فرنسة. مبحث القرأة ومبحث الأوبئة: إن تقسيم حبة الشرق يختلف عن تقسيم الكلازار (طحل البلاد الحارة) كل الاختلاف، أن كانت حبة الشرق تنشأ في أراض يرى فيها الكلازار الموضعي. مثال ذلك أن اللشمانية الجلدية في الهند محصورة في المناطق الغربية فقط، وأما الكلازار فوضعه في الشرق كما أن الكلازار يرى عادة في بلاد تونس في الدرجة ال 45 عرضاً. بينما تحدث اللشمانية الجلدية غالباً في الأماكن الواقعة على جنوبي هذا الخط، بيد أن تركية وجنوبي إيطالية وصقلية تختلف عما سبق ذكره لأن اللشمانية الجلدية والكلازار في تلك الأرجاء متوطنان في مناطق واحدة. ولم يعثر على اللشامنية الجلدية في مناطق (كينا) تلك المناطق التي يرى فيها الكلازار الموضعي، كما أن إصابة واحد باللشمانية الجلدية. سجلت في مناطق السودان الموبوءة بالكلازار. ولم ير الكلازار في إيران وارض العراق مع أن اللشمانية الجلدية قد عمت في تلك البلاد كل العموم. فعليه يظهر أن العلاقة بين المرضين قليلة جداً وربما لم تكن علاقة بينهما. ولعل نسبة اللشمانية

الجلدية إلى اللشمانية الكلبية كنسبة اللشمانية الجلدية إلى الكلازار. ويكون انتشار اللشمانية الجلدية في موسم خاص، إذ أنها تحدث عادة بين شهر أيلول وكانون الأول. وينتشر هذا الداء في بلاد الهند في موسم الشتاء غالباً. مع أن أكثر الإصابات به في تركيتان تحدث في شهر تموز وآب. لم ينج الإنسان من ذلك المرض في المناطق الموبوءة أياً كان رسه أو طبقته اجتماعية. ويصاب أهل تلك المناطق بهذا الداء في عهد طفولتهم عادة ولا يؤثر فيهم المرض بعد ذلك البتة. أن الأطفال في حلب يصابون وعمرهم بين السنتين أو الثلاث سنين، وقلما ترى من أهل تلك الأرجاء من كانت سنه تناهز السبع عشرة سنة ولم تصبه حبة الشرق. وهذا الوباء لم يستثن أحداً حتى ذاك الذي يتمتع بالصحة والعافية كما أنه لم يختص بالنحيف والضعيف. ويبين تاريخ اللشمانية الجلدية إنها ظهرت بالأخص على شكل وبائي في بسكرة (أفريقية) وفي بعض أقسام آسية الوسطى وتركستان. كيفية نقل المرض احتمال نقل المرض بالحشرات يظهر أن المرض ينتقل بالحشرات المجنحة والذي يثبت ذلك أن اللشمانية الجلدية لم تر إلا في المعاري أو في أقسام البدن المكسوة بعض الكسوة، ولكن لم تقع أدلة بعد تجزم هذا الأمر جزماً باتاً. وشك في أن ناقلة الفوعة (الفيرس) حشرات من صنف بالعات الدم (الهيماتوفيكس) ومن ضمن هذا الصنف الكتان (الفسافس) والخموش والقمل والبرغوث والناموس ولعل هذه الحشرات لا تنقل الطفيليات نفسها، بل تكون الواسطة للنقل وذلك إنها عند مجاهدتها للحصول على الدم تثقب الجلد فيصبح ذلك الثقب مدخلا للفوعة، فيكون هذا الغرض موافقاً لما أرتاه بعض مراقبي الحشرات وهو أن المرض ينقل أما بنقل الفوعة بلا واسطة إلى أقسام الجلد الذي كشطه الذباب المجنح كالذباب المألوف؛ وإما بوضع الحشرات الموبوءة برازها فيها، أو أن الحشرات نفسها تسحق في موقع الجلد المكشوط، فتكون سبب نقل هذا الداء، ولم تفلح مساعي السعاة لنقل الوباء بحشرات

البالعات للدم، وكان الشك في أن الفسافس (من النصفية الأجنحة) في بلاد الهند تنقل اللشمانية الاستوائية، بيد أن نتيجة التجربة لنقل الداء بهذه الحشرات، أظهرت ما ينفي ذلك الشك وحاول (ونيون) أن ينقل المرض إلى البرغوث المهيج وبرغوث الكلب فأطعمه طعاماً موبوءاً فظهر في وجه البرغوث طفيليات تشبه الطفيليات اللشمانية ولكنة لم يلاحظ تغييراً في قناة الهضم كما أنه جرب نقل الوباء إلى الفأر الأبيض بواسطة البراغيث المصابة بالمرض فلم يفلح. ليس القمل (من صنف قمل الثياب وقمل الجسم) بحسب تجربات (بتن) بناقل اللشمانية الاستوائية. والذي يثبت ذلك أن هذا القمل لم يبرح الملابس عند اغتذائه. فلا يجوز أن يكون القمل ناقل داء، لأن الداء لا يظهر إلا في المعاري. شرح بعض المراقبين تشريحاً البعوض، واختبر (ونين) البعوض المعروف عند العلماء (باكدس استيكومية فاشياتة ومنه الطيثار العريض في بغداد، فوجد فيه مواد سوطية الشكل تشبه ما تحتويه اللشمانية الاستوائية التي تظهر في قناة الهضم، قناة البعوض المطعم غذاء ملوثاً بمادة موبوءة. ولكن لم تنجح اختبارات نقل الداء. أما دملة حلب التي حدثت في فرنسة، فظهرت في مواقع لذع البعوض؛ وشك مؤخراً في أن صنفاً من الخموش بنقل اللشمانية الجلدية. وشرح (ونين) تشريحاً عدداً من هذه الحشرات في حلب، فاكتشف في المائة منها ستاً مصابة بطفيليات من صنف (الهربتوموناس، وكانت الطفيليات سوطية الشكل، وغير سوطيتة وتشبه اللشمانية كل الشبة. ولاحظ (بلفور) أن اللشمانية الجلدية لم تظهر في الجند في زحفته إلى أفريقية الشرقية، وذلك ما يلفت النظر إليه، لأنه لم ير ذباب الخموش في تلك المنطقة الحربية. بيد أن ذباب الخموش يرى في بسكرة، وهي منطقة قرأة اللشمانية الجلدية، ولكن لم تفلح اختبارات نقل الداء التي أجريت هناك بصنف البرغوث الدقيق

ويجوز أن صنف الذباب الأذلق وهو من القارص المعروف في العراق بالنقرص ينقل الداء، وارتأى (اكتن) في إحدى الجرائد مؤخراً، أن تقسيم قرحة بغداد يوافق لذعة (النقرص) اكثر مما يوافق لذعة أي ذباب من بالعات الدم. وان شأن النقرص في هذا الداء مما يستحق التجربة وكذلك شأن صنف الذباب المصاص (الإستوموكس لأنه شك في كونه ينقل اللشمانية الجلدية في السودان. وعثر (ونين) على طفيليات في القناة الغذائية للذباب المصاص الآكل مادة ملوثة موبوءة، ولكنه لم ير في هذه القناة تغييراً ما. وبعد الهيبوبسكة الكلبية (صنف آخر من الذباب) في طهران من ناقلات اللشمانية الكلبية. واكتشف هنالك إصابتان اللشمانية الجلدية نشأتا في شخصين لدغتهما هذه الذبابة. وربما امتازت إيران عن سواها بنقل اللشمانية بواسطة هذا الصنف من الذباب، لأن لم تر تلك الذبابة في مناطق قرأة للشمانية الجلدية. والتفتت أنظار عدد غير قليل من المراقبين إلى الذبابة المنزلية، لأنهم يعتقدون أن لها يداً في نقل الفوعة، ولأن هذه الحشرة سريعة الجاذبية إلى إخراج الخلل المقرح وعليه تلوث الداء وتنقل الفوعة بجراميزها، من غير واسطة إلى أقسام الجلد المكشوطة. وأظهرت تجربة التغذية أن اللشمانية الاستوائية لم ير فيها أي تغيير، أكان في القناة الغذائية للذباب المألوف، أم في إخراج الذباب المعدي للداء. وبالتالي يتضح لنا أن الذباب المألوف هو الواسطة لنقل الفوعة فقط. ولا يمكن تلقيح الرجل باللشمانية الجلدية، ولكن ثبت أن الرجل لا يصاب بها إلاَّ في أماكن الجلد المكشوط. كما أنه لا يمكن تلقيح بعض الحيوانات كالكلب والقرد والفأر الأبيض باللشمانية، ولم يعثر على مصدر الفوعة الطبيعي. ولا ينكر أن الداء ينتج في طهران من انتشاره في الكلاب بصورة طبيعية ولكن هذا غير الواقع في باقي منطق القرأة. ويقول بعض المراقبين أن الجمل مصدر الفوعة ولكن لم تظهر الأدلة بعد، وشرح الوزغ والأبارص (أبو بريص) تشريحاً فلم ير فيهما أثر الداء. (معربة بتلخيص عن المجموعة المسماة (تطبيق الطب في الأراضي الاستوائية لبيكم، تأليف بيم).) فنسان م. ماريني

فوائد لغوية

فَوائِد لُغَويَّةٌ في تصحيح الجزء السابع من نهاية الإرب 1 - رأينا وقرأنا القسم الثاني والثالث من هذا الرد على الأستاذ عبد القادر المغربي والراد هو أحمد الزين مصحح نهاية الأرب، ففي ص 567 من مجلة المجمع ما نصه: (يصف الرسالة التي يقال أن سيدنا أبا بكر أرسلها (كذا) إلى سيدنا علي: ومخبآت الصنادق) صححها الشيخ عبد القادر المذكور ب (الصناديق) ورد عليه أحمد الزين بان (الصنادق) في الأصل وهو جائز عند الكوفيين، وفي ص (2: 593) من شرح ابن أبي الحديد (ومخبئات الصناديق) فقول عبد القادر المغربي أولى بالحقيقة. 2 - وجاء في ص 568 (والتعريض سجال الفتنة) صححها عبد القادر على مخطوط محاضرة الأبرار ب (شجار الفتنة) وذلك ما في شرح ابن أبي الحديد وقول أحمد الزين (إن التعبير بسجال اقرب إلى الأساليب العربية في هذا المعنى من التعبير بشجار) لا حجة فيه واحتجاجه بقول العرب: (الحرب بيننا سجال)

بعيد عن المراد لأن التعريض لا يقابل الحرب في الظهور ولا شدة الأذى حتى يكون سجال الفتنة، ثم أن اللغويين لم يتفقوا على تفسير: (الحرب بينهم سجال) فبعضهم يدعي أن السجال من السجل، وهو الدلو الملأى وهذا الذي ذهب إليه أحمد الزين نقلا، وبعضهم يذهب إلى أنه من السجل بمعنى النصيب كما في المصباح المنير، ونحن نرى أن السجال في قولهم المذكور مصدر (ساجل) بمعنى كاثر وحافل قال ابن أبي الحديد في (15: 1) من شرحه (ولا يساجل: أي لا يكاثر أصله من النزع بالسجل وهو الدلو الملأى) وقال في ص 440: ومن كناياتهم تعبيرهم عن المفاخرة بالمساجلة وأصلها من السجل وهي الدلو الملأى، كان الرجلان يستقيان فأيهما غلب صاحبه كان الفوز والفخر له. قال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بن عبد المطلب: وأنا الأخضر من يعرفني ... أخضر الجلدة من بيت العرب من يساجلني يساجل ماجداً ... يملا الدلو إلى عقد الكرب برسول وابني عنه ... وبعباس بن عبد المطلب فالأخبار عن الحرب (بسجال) من باب الأخبار بالمصدر واسمه، يقال (أمرهم شورى بينهم) أي متشاور فيه، و (صار الفيء دولة بينهم) أي يتداولونه يكون مرة لهذا ومرة لذاك. ومثل سجال، خلاف، يقال (هذا خلاف

ذاك)، وهو مصدر (خالف) وقيل (عقبها غلاب) أي مغالبة. 3 - وفيها قول أبي بكر لعلي وهو كذب (يسري فيه ظعنك). صححها عبد القادر ب (يستشري فيه ضغنك) على مخطوط محاضرة الأبرار، فرد عليه أحمد الزين بأن لا وجه لتفضيل إحدى الروايتين على الأخرى، قلنا: إن الأصل يؤيد المغربي فصورته: (ما هذا الذي تسول لك نفسك، ويدوي به قلبك، ويلتوي عليه رأيك ويتخاوص دونه طرفك، ويستشري به ضغنك، ويتراد معه نفسك، ويكثر لأجله صعداؤك، ولا يفيض به لسانك؟ أعجمة بعد إفصاح؟ ألبساً بعد إيضاح؟ أديناً غير دين الله؟) فكيف يدخل (الظعن) بين الطرف والنفس ولو كان منفرداً، لجاز في ذوق العرب (وما نقلناه ههنا رواية ابن أبي الحديد)؛ فيسقط بجميع ما تقدم دليل أحمد الزين. وأما تعلقه بقوله: (فان الرواية الأولى أليق بأخلاق أبي بكر، وانسب بآدابه، دون الثانية؛ لما فيها من شتم علي - رض - ونسبة الضغن الحقد إلى صدره لمأهول بالتقوى، المعمور بآداب الكتاب والسنة) فليس بنافعه بعد طعن الثقات في دين أبي حيان وروايته، وبعد إسناد الإلحاد والزندقة إليه؛ ولو كان قول أبي بكر المذكور لعلي صحيحاً، لكان قوله له: (أديناً غير دين لله)، اشد وأمر عند المحققين، فلا يخاطب بهذا إلا الخارج عن دين الله، الخارج عليه. 4 - وجاء في ص 569 (أو مثلك ينقبض عليه الفضاء)؟ قال المغربي عبد القادر: (لعل الأصوب ما في النسخة الأخرى أي نسخة محاضرة الأبرار: يغص عليه الفضاء، مكان ينقبض) ورد عليه احمد الزين بان لا وجه للتفاضل. فنقول: وفي شرح ابن أبي الحديد مثل ما نقله عبد القادر، فهو الصواب. 5 - وورد في ص 569 أيضاً: (ولا نبلغ مراداً إلى شيء إلاَّ بعد جرع العذاب معه) فصححه عبد القادر بإسقاط إما (مراداً) وأما (إلى شيء) فرد عليه أحمد الزين بأن (إلى) متعلق ب (مراداً) وهو رد وجيه إلا أن في شرح ابن أبي الحديد: (ولا نبلغ إلى شيء إلاَّ بعد تجرع العذاب قبله) كما نقل المغربي عبد القادر، ولكن جاءت (قبله) بدلا من (معه) فالظاهر أن (مراداً) زائدة وان توجهت لها فائدة.

6 - وفيها (وانهض الخير لك) فصححها عبد القادر على نسخته ب (أرهص الخير) قلنا: ومثلها ما في شرح الحديدي فهي رواية قوية مرضية. 7 - وفي ص570 (وخصه بمزية وأفرده بحالة) فقال عبد القادر: (لعل الأصوب: بجلالة، مكان حالة) فرد عليه أحمد الزين بقوله: (إذ لفظ المزية كلفظ الحالة في اشتراكهما بين صفات الخير والشر) قلنا: وفي الشر الحديدي مثل ما جاء به أحمد الزين، فهو الصواب، وأما احتجاجه هذا الاحتجاج فلا يؤيده، لان المزية تدل على الفضيلة فيراد بها ههنا ذلك المعنى، ليوافق مقتضى الأمر، قال في مختار الصحاح (المزية: الفضيلة يقال: له عليه مزية) وقال عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الطالبي: صحت مخارجها وتم حروفها ... فله بذلك مزية لا تنكر رواه المبرد في (3: 113) من كاملة وقال (المزية: الفضيلة) ومثله ما في الأساس والقاموس والمصباح. 8 - وجاء فيها (لحقني - أي عمر - بوجه يبدي تهللا) صححها عبد لقادر ب (يندى) وفي شرح الحديدي (يبدي) وروايتان اصدق من رواية مع ظهور المعنيين فالحق مع أحمد الزين، ويؤيده قوله تعالى: (فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم) أي لم يعالنهم بالسر. 9 - وورد في ص 571 (يمص إهابك) صححها عبد القادر ب (يمض) وهي رواية ابن أبي الحديد أيضاً وأما رد احمد الزين فلا غناء به لأنه لو أراد المص المعروف لقال (يمص دمك أو دماءك) فالجلد لا يمص، وفي ع ل ق من المختار: (الاعلاق أيضاً: إرسال العلق على الموضع ليمص الدم). 10 - وورد في ص 627 (فتود لو أن سقيت بالكأس التي أبيتها ورددت إلى حالتك التي استغويتها) وفي شرح الحديدي (وتود أن لو سقيت بالكأس التي سقيتها غيرك ورددت إلى الحال التي كنت تكرهها في امسك). 11 - وورد في ص 628 أن المغربي استدل على قلة ورود (الأجة) بمعنى حرارة الصدر غيظاً بأن الزمخشري لم يذكره في أساس البلاغة فرد عليه أحمد الزين قوله بأن الزمخشري لم يحط في كتابه أساس البلاغة بجميع الألفاظ المجازية

المستعملة في كلام العرب، وهو حق صريح بل أن الزمخشري ذكر في أساسه كثيراً مما لم يذكره في مادته، فقد نقل في مادة (أدب) جواز أن يقال (أشب الحق بالباطل) ولم يذكره في المادة. وذكر في مادة (جدع) وذكر أن معنى (تآكل القوم: تجادعوا وتعادوا) وليس هذا في مادة (أكل) أو في ب ل ل (بزيع المنطق) ولم يذكره في (بزع) مضافاً إلى المنطق ولا إلى غيره ومثل هذا كثير فكيف كل مجازات العرب؟ 12 - وجاء في ص 628، 629 دعوى عبد القادر المغربي أن (أوصى عليه) خطأ صوابه (أوصى به) ورد أحمد الزين بأن هذا التعبير شائع في كلام المتأخرين وان معنى (على) التعليل. والتحقيق أن مثل هذا لا يراعى قيه القدم والحداثة للزومه، ف (على) تفيد التسلط لا التعليل فكما لم يلزمهم أن يذكروا (جعل عليه كذا) لم يلزمهم أن يذكروا (أوصى عليه) ومثله: (ولاه على كذا ونصبه وسلطه وحكمه وملكه ورأسه عليهم) وما ذكروه موضحاً من هذا فهو زيادة فائدة لا واجب فالمتكلم يعرف الحرف الذي له ولغيره والذي عليه وعلى غيره، ويقال: أوصى به شراً ففي (1: 171) من آمالي الشريف المرتضى قوله دويد بن زيد لبنيه: (أوصيكم بالناس شراً لا ترحموا لهم عبرة.) في أقوال أحمد الزين 1 - قال في ص 570 (ولسنا في حاجة إلى أن نبين) والمشهور أن يقال (لا حاجة بنا أولنا أو في نفوسنا أو في صدورنا) أو نحوها. كقوله تعالى (إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها) وقوله عز وجل (حاجة في صدوركم). 2 - وقال فيها (أقاله من كبوته) والفصيح: إقالة كبوته ففي (2: 66) من الشرح المذكور قول علي - ع - في دعائه (واقلني عثرتي بحسن إقالتك) وفي 1: 171) من آمالي الشريف المرتضى قول دويد بن زيد أيضاً عطفاً على ما نقلنا آنفاً (ولا تقيلوهم عثرة. .) وقال شبل بن عبد الله كما في كامل المبرد وشرح الحديدي (2: 2. 3، 2. 4). لا تقيلن عبد شمس عثاراً ... واقطعن كل رقلة وأواسي

3 - وفي ص 630 قوله (فلا مندوحة من إثبات الباء) والصواب (عن إثبات الباء) قال في مختار الصحاح (له عن هذا الأمر مندوحة ومنتدح أي سعة يقال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب) وقال حوثرة الأسدي الخارج على معاوية لأبيه لما دعاه إلى البراز (يا أبت لك في غيري مندوحة ولي في غيرك مذهب) كما في (1: 453) من شرح الحديدي وتقديره (لك في غيري مندوحة عني ولي في غيرك مذهب عنك) وإذا دل الكلام على غيره لم يلزم الجمع بينهما لأن الإيجاز شرط من شروط البلاغة. 4 - وقال في ص 571 (فلا موجب أن نستبدل قوله (يمص) بالصاد المهملة بقوله: (يمض) بالضاد المعجمة) والصواب (نستبدل يمض بالضاد المعجمة) وهي الكلمة الجديدة فينبغي أن يسلط الفعل وشبهه عليها لا على القديمة المستبدل بها، ولولا ذلك ما فرق العلماء بين الجديد والقديم ويقال (استبدل الجديد مكان القديم) وكلتا اللغتين في القرآن الكريم. دلتاوة (دولتآباد): مصطفى جواد بزيخ ذكر حضرة الصديق المحقق في حاشية ص 13 أن (بزيخ) آرمية. ولما طالعنا المعاجم الآرمية رأينا أن (بيت بزيخا) منعاه محمل الهزء والسخرية. فلعل ذلك يذكرنا بما كان هناك من محل للأنس والطرب والهزء.

باب المكاتبة والمذاكرة

بابُ المكاتبة والمذاكرةَ ورد إلينا من حضرة صاحب المعالي يوسف بك غنيمة ما هذا نصه: ألفاظ في رسالة ذم القواد لقد اطلعت على الرسالة الموسومة (ذم القواد) التي نشرها الدكتور داود بك الجلبي في لغة العرب الغراء (9: 26 إلى 38) فقدرت سعي صديقي الدكتور الجلبي حق قدره في نشر هذا الأثر النفيس للجاحظ. رأيت في ص 35 من مجلة عبارة: (فلو رميت بحالس ما سقط إلاَّ على رأس ملاح) وفي الأبيات الواردة بعدها جاء اللفظ (حواليش) ولقد شرحتم الكلمتين في ذيل الصفحة المذكورة في الرقمين 4 و7. والذي أراه أن (الحاليش) مفرد (الحواليش). وفي الآرمية (حلشا) بمعنى الميل (راجع ص 245 من المعجم دليل الراغبين في لغة الآراميين) وربما اقتبس الآرميون هذا الحرف من اليونانية من فعل ومنها الإفرنجية ومما يقارب هذا المعنى، اللفظ المستعمل حتى اليوم عند أهل السفن في العراق وهو الهالوش وجمعه الهواليش. والهالوش معناه: الوتد (راجع لغة العرب 2: 402). ولا يبعد أن يكون الجاحظ ذكر الهاليش والهواليش فحرفتهما أيدي النساخ وأبدلت الحاء هاء، وهو أمر محتمل للتشابه بين رسم الحرفين المذكورين، ومعنى اللفظين الواردين في رسالة الجاحظ، يحتمل هذا التفسير فما رأيكم حفظكم الله؟ (ل. ع) هذا الأمر غير بعيد التأويل. وكان قد عن لنا حين طالعنا رسالة الجاحظ لكننا عدلنا عنه؛ لأن الجاليش لا يتطلب تلك التمحلات العديدة، ولأن معنى البيت يوجب أن يكون ما يفيده الجاليش، - وأما أن اللفظة (حلاشا) الآرمية تتصل بالإغريقية (هليكس) فلا نرى ذلك، وإن كانت المشابهة بين الكلمتين بينة. فالمجانسة لا تكفي في مثل هذا الأمر ولا سيما أن معنى الواحدة غير معنى الثانية. فالحرف الآرمي يعني المكحل والمردي،

مردي السفينة وكلاهما مستقيم، بخلاف الحرف الاغريفي، فإنه يدل على اعوج أو مستدير أو متعرج كالدوارة والعقصة وارتعاص البرق. ويجانس اللفظة اليونانية في لغتنا الحلز والحلقة والعلق بمعنى البكرة. على أننا نسلم أن الهالوش وهو الوتد الكبير الذي يغرس في الأرض المجاورة للماء من اصل ارمي لكن صابئي أي نبطي لأن الأنباط يبدلون الحاء هاء وليس لهم حرف حلقي مفخم على ما هو معهود عند كل مستشرق. وورد في الصفحة عينها في أحد الأبيات (قمايا). وقد شرحتموه في الحاشية 8، والذي اعتقده أن هذا الحرف الرمي يدل على معنى المقدم كمقدم السفينة، لأني سمعت القرويين من الآرميين يقولون: (بترا وقمايا) بمعنى الوراء والأمام وليس لي متسع في الوقت لتحقيق المعنى، فربما توفقون له). (ل. ع) نعم (بترا) بالأرمية معناها الخلف والوراء. وربما كان هذا المعنى معروفاً أيضاً عند السلف، لأننا نقول: بتر الذنب (كعلم): انقطع فلا جرم أن البتر كان يفيد الذنب أي الذيل والخلف والوراء، ومنه أيضاً الأبتر: المقطوع الذنب والذي لا عقب له. وضد (بترا) الأرمية: (قوادما). وأما (قمايا) فتعني هذا المعنى لكن بالنبطية العامية؛ أما في الفصحى فلا اثر لها. أذن لا نظن أن (القمايا) في البيت المذكور يعني مقدم السفينة؛ ولو فرضنا أن الجاحظ تلقى اللفظ عن عوام النبط، يبقى أن لا معنى للمقدم يوجه توجيها مقبولا سياق البيت، إذ المطلوب هناك معنى يدل على عاقل لا على غير العاقل. ونشكر حضرة ألبك على ما تفضل به علينا وعسى أن يحذو حذوه سائر الأدباء الذين لهم اطلاع على الغريب من ألفاظ لغتنا الصادية. لمحة في رسالة ذم القواد قرأت بلذة لا توصف هذه الرسالة الجاحظية النفيسة. ثم كررت مطالعتها مثنى ومثلث ومربع، فوجدتها من أمتع ما خطته أشاجع أبي عثمان. واشكر شكراً جزيلاً الأستاذ الدكتور داود بك، ذلك الأديب الكبير الذي اخرج هذا الكنز الدفين، ونفضه من غباره، وجلاه من صدإه، فاعاده لي نصابه على أحسن وجه. وقد بدا لي نظر بخصوص بعض الألفاظ. فجئت اعرضها على دقيق نظره اللغوي، فان أصبت فبها ونعمت، وإلاَّ فليضرب بها عرض الحائط. ذكر حضرته في حاشية ص 29 السادسة: إن اليرقان هو المن مع أن اليرقان عند علماء الزراعة هو وبالفرنيسة وبالإنكليزية وأما المن فانه مرض آخر اسمه العلمي والفرنسي ويكون

سببه هوام دقيقة اسمها المن. فسمي الداء بها. (ل. ع) ليس هذا الموهم من حضرة الدكتور العلامة، بل من صاحب التاج في مادة ي ر ق. 2 - وفي ص 33 جاء قول الجاحظ: (حاف كاتشكن) فصحح الدكتور بك حاف بحاق وهو في منتهى الإصابة، ولم يصحح لنا كاتشكن، إذ وضع بجانبها علامة استفهام والذي عندنا أن الكلمة مصحفة، وأصلها كانشر (بنون قبل الشين وبراء في الآخر) وهي لغة في كنشكار الفارسية ومعناها العامل والصانع فيستقيم معنى العبارة. 3 - وفي تلك الصفحة جاء على لسان الحائك: (فما كان إلاَّ بقدر ما يسقي الرجل باشيراً (؟)) ونحن لا نجد في هذا الكلام ما يوافق مصطلح الحائك، والذي عندنا أن صحيحه هو: (إلا بقدر ما يسدي الرجل باشيراً) والباشير: امتداد السدى من العود الواحد المنصوب للتسدية إلى العود الآخر. والكلمة من الأرمية الصابئية بهذا المعنى. 4 - أما قول الجاحظ (فلو رميت بحار) فمن تصحيف الناسخ الماسخ. والصواب بخار (أي بخاء معجمة) والخار كلمة فارسية معناها: الشوكة والسفاة والمسمار الدقيق الخشب يمكن به عود السدى المغروز في الأرض. 5 - وجاء في ص 36: (فما كان إلاَّ بقدر ما يغرز الرجل تشتيكا). وعندنا أن (تشتيكا) هنا مصحفة. والأصل (بشتيكا) بباء موحدة تحتية في الأول. والبتشيك: خرج الراعي يعلقه على التيس. والكلمة مصرية وعربيتها الكرز (كقفل). راجع تاج العروس في مستدرك مادة ب ش ك. وفي الختام نشكر مرة ثانية سعي الدكتور الجلبي ونستزيده من نشر مثل هذه الرسائل التي بثها بين الناطقين بالضاد. مما يدل على حسن ذوقه. وحبه للغة الحنيفية، وتعميمه علوم السلف. بارك الله في حياته! فينة 11 - 1 - 1431: أ. ف (ل. ع) أننا نستصوب الآراء التي ذهب إليها حضرة المستشرق الكبير ونعدل عن رأينا الأول، إذ نجد تحقيقه فوق تحقيقنا وكذلك نفعل كلما وجدنا أديباً يفوقنا بعلمه

ودرايته وتدقيقه، ونتوقع أن يجري وراءه سائر المستشرقين أو غيره من لغويي ديارنا الشرقية على اختلاف مواقعها. كتاب الإكليل قرأت باهتمام الصفحات المنتزعة من كتاب الإكليل، ولاحظت أنكم وطدتم العزم على طبعه ونشره؛ ولكني وجدت بعض هفوات، أظنها من أغلاط الطبع، فقد ذكرت (تلفم) مرة بعد أخرى بالفاء، في حين أن ياقوت ضبطها (تلقم) بالقاف. وجاء صدر بيت قصر ريدة الأول: (لئن قرع الناعي قلوباً فصدعه، وأنا أظن أنها: (فصدعا)، فهل أنا على الصواب فيما رأيت؟ حيفا في 9 كانون الثاني 1931: عبد الله مخلص (ل. ع) تلفم وردت في ياقوت (تلقم) بالقاف وهو غلط صريح لأن الهمداني اعرف ببلاده من غيره. وفي تضاعيف الإكليل يضبط اللفظة بعبارة صريحة وبأنها بالفاء لا بالقاف، ثم يقول: ويصحفها بعضهم بالثاء المثلثة ويقول: (تلثم). والبكري ضبطها أيضاً بالفاء في كتابه: (معجم ما استعجم) فلتراجع. وأما (صدعه) فهي من غلط الطبع والصواب (فصدعا) كما أشار إليها الصديق. فنشكره على التصحيح كما نشكر سلفاً كل من يدلنا على أغلاطنا وأوهامنا. في رسالة ذم القواد 1 - ورد في ص 26 من ضمن الرسالة المذكورة (واصف يعرف به الأشياء. . ومعز يرد به الأحزان) فأنث الدكتور داود جلبي الأستاذ هذين الفعلين فصارا (تعرف) و (ترد) والأصل جائز على ما نص عليه النحاة لأن المسند إليه ظاهر جمع تكسير، قال تعالى في سورة الرعد (أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى) ووضع في ص 34 (تعمل حرارته) بدلا من (يعمل حرارته) والأصل جائز مثل (كيف كان عاقبة. .) 2 - وقال في حاشية ص 27 (ألقت هو الاسفست وهو النبات الذي تعلف به الدواب وتسميه عوام العراق (الجت) ويسمى في حلب فصفصة) قلنا:

إن ألقت ليس بمقصور على ذلك النبات بل يشمله ويشمل حبه قال أبو هلال العسكري في ص 33 من جمهرة الأمثال مفسراً قول العباد بن عبد الله الضبي للنعمان بن المنذر: لا آكل ألقت في الشتاء ولا ... أرقع ثوبي إذا هو انخرقا ما صورته: (ألقت: حب اسود من ثمر العشب تطحنه العرب وتأكله في الجدب) وفي المختار (وألقت: الفصفصة لواحدة قتة كتمر وتمرة) وفيه: (الفصفصة بكسر الفاءين: الرطبة واصلها بالفارسية إسفست) ولا نعرف حقيقة قول العوام. (ل. ع) نظن أن الأستاذ المصطفى واهم هنا. فألقت المذكور في جمهرة الأمثال هو الفث بالثاء المثلثة لا بالمثناة. 4 - وجاء في ص 30 عن صاحب الحمام (لقيناهم في مقدار بيت الأنبار) وما أدري كيف ناسب الانبار الحمام فلعله (بيت النار) وفي (2: 486) من مجلة دار السلام عن الآرميين (وعلى تعبيرهم جرى أيضاً بعض لعرب من النقلة بل ومن غير الآرميين فقد قالوا: بيت الله وبيت النار وبيت المال إلى نظائرها). 5 - وورد في حاشية هذه الصفحة عن (أوقد) فعل أمر ما نصه (أمر من أوقد يوقد) والصواب (من أوقدت توقد) لأن الغائب لا فعل أمر له. 6 - وجاء فيها عن ابنة وردان ما وصفها عن اللغويين ويستحسن إضافة: (ويسميها أهل بغداد وتوابعها: (مردانة) إلى ذلك الوصف. 7 - وورد في ص 38 (ثم جعل الاختصار له عقلا والإيجاز له مجالا) والأولى (عقالا) لتناسبه السجعة المقابلة له (مجالا) وذلك الكلام مسجوع. وفيها (الهادي إلى أقوم طريقة. . . سيما فاروقه وصديقه) والأولى (إلى أقوم طريقه) بالإضافة إلى طريق. مصطفى جواد

على مقالة تلو اشكر لصديقي الفاضل يعقوب سركيس الأستاذ المحقق توفره على الحقائق التاريخية واستخراجه ما استعجم على الآثاريين من أن (تلو) في هذا الزمان هي: تلهوارة، وأؤيده في أن (تلهوارة) أرمي النجار فأسماء كثير من تلك البقاع تظهر عليه المسحة الآرمية. ففي أخبار أبي العباس ابن أبي احمد الموفق طلحة بن المتوكل على الله العباسي في حربه لصاحب الزنج كما في (2: 344) من شرح ابن أبي الحديد (وأمر أبا حمزة أن ينزل فوهة بردودا فوق واسط). وفي أخبار أعدائه ما نصه (ثم أن سليمان استعد وحشد وفرق أصحابه فجعلهم في ثلاثة أوجه: فرقة من نهر أبان وفرقة من برتمرتا وفرقة من بردودا، فلقيهم أبو العباس فلم يلبثوا أن انهزموا فلحقت طائفة منهم بسوق الخميس، وطائفة بمازروان، وطائفة ببرتمرتا، وسلك آخرون نهر الماذيان واعتصم قوم منهم ببردودا) وفيها (واقبلوا إليه وقد كمنوا زهاء عشرة آلاف في برتمرتا ونحوه من العدة في بئر هثا) وفيها (فكانت معركة من قرية الرمل إلى الرصافة) وفي ص 345 (ومضى جيش الزنج بأجمعه لا ينثني أحد منهم حتى وافوا تهيثا) وفي ص 346 (طهيثا) وكذلك في ص 347 ف (بردودا وبرتمرتا وهثا وطهيثا) من جنس (تل هوارة) ولنا على المقالة تعليقات: 1 - ورد في ص 5 (يعرف عند أهل ذلك الصقع بأبي اسحق) والصواب (بأبي السحق) مصدر الفعل (سحق) لأنه حجر لا بشر ويؤيد لنا التعليل الذي علل به التسمية ونصه (لأنه يتعاطى قوم من أهل القوة شيله فيسحقهم. . .) فلسحقه الناس عرف بأبي السحق. 2 - وذكر في ص 8 أن الشيخ علي الشرقي لما ذكر مدن البطائح لم يذكر صاحب العمرانية والشاهينية) قلنا: قد قرأنا مقالة في (4: 145) مجلة دار السلام عنوانها: (شطرة المنتفق) وفيها: (وكانت طائفة من الغرافيين قد أسست قرية كبيرة في أراضي خفاجة في الغراف ومحل تلك القرية يقال له حتى اليوم: الشاهينية، وهو اسم مدينة معروفة في كتب التاريخ للأمير عمران بن شاهين) وتوقيع الكاتب (غرافي) فلعل صاحبه الشيخ علي الشرقي على ما ظهر لي من أسلوبه. 3 - وقال في ص 12 (ومنها من الآثار أبو زوفر. . . وأصلها: بزوفر

في أنحاء البغيلة التي غدونا نسميها النعمانية لقربها من النعمانية المندرسة) وفي (3: 141) من دار السلام قال الأب انستاس (وأما أن موقع النعمانية كان في ما نسميه البغيلة فيخالف نصوص المؤرخين صريحاً وان لم يخالف قول الأتراك وهؤلاء هم قوم أغراب لم يعرفوا في عصر من العصور تاريخ هذه الديار) ثم نقل عن مراصد الإطلاع) النعمانية بالضم: منسوب إلى رجل اسمه النعمان بليدة بين واسط وبغداد في نصف الطريق على ضفة دجلة) ونقل عن ياقوت في مادة طفسونج (قرية كبيرة في شرقي دجلة مقابل النعمانية بين بغداد وواسط وبها آثار خراب قديم) ثم قال (وطفسونج أو طيسفون هي اليوم المسماة بسلمان باك فالنعمانية بازائها. . فان هذه القرية تبعد ثلاث مرات عن بعد النعمانية الحقيقية عن بغداد) قلنا: وفي ص 343 من شرح ابن أبي الحديد المذكور عن جنود صاحب الزنج (وفي أوائل سنة خمس وستين (ومئتين) دخلوا إلى النعمانية وجرجرايا وحبل فنهبوا وخربوا وقتلوا وأحرقوا وهرب منهم أهل السواد فدخلوا إلى بغداد) وفي ص 145 من نكت الهميان (والدير قرية من النعمانية). 4 وقال في ص 13 (ففي الغراف على ضفته اليمنى من الخرائب غير المشهورة لدى الأثريين. . . بأسمائها العربية أم الطحيم والمدينة) وعلق بالأخيرة ما نصه (تقع في غرب الشطرة بينها وبين شط الكار في نحو منتصف الطريق. روي لي أنه وجد فيها آثار قديمة) قلنا: فيظهر لنا أن شط الكار الآن هو نهر (قورا) القديم ومن نواحيه (بنورا) قرب سورا بينهما نحو فرسخ. قال ياقوت في مادة نهر قورا (طوسج من ناحية الكوفة عليه عدة قرى منها سوارا) وفي مادة سوارا قال (موضع بالعراق من ارض بابل وهي مدينة السريانيين. . . وهي قريبة من الوقف والحلة المزيدية) راجع دار السلام (4: 121) لأننا ما نملك معجم البلدان بل نقتنص الفوائد من بسط أهل الكتب، ومن البليدات المحافظ على اسمها القديم إلى الآن (سابس) فوق واسط، قال في القاموس

(سابس كابل بلدة بواسط ونهر سابس مضاف إليها) وهي إلى الآن تسمى سابس في شرق النهر المعروف بالدجيلة وقرب كوت الحي قبر سعيد بن جبير. قال ابن خلكان بعد ذكره أمر الحجاج بضرب عنق سعيد المذكور (فضرب عنقه وذلك في شعبان سنة خمس وتسعين وقيل أربع وتسعين للهجرة بواسط ودفن في ظاهرها وقبره يزار بها - رض - وله تسع وأربعون سنة) وأهل الحي الآن يعديون عند مقبرة سعيد بن جبير هذا. 5 - وقال في ص 6 عن جزيرة احمد الرفاعي (وهي في جنوب المنارة (واسط) بخط مستقيم نحو خمسة وأربعين كيلومتراً بميل ستة كيلومترات إلى جهة الشرق في الجانب الغربي من النهر المندرس المسمى الأخضر على بعد نحو سبعة كيلومترات منه ولعل الأخضر هو دجلة نفسها) قلنا: لم نر في الخريطة التي أشرنا إليها في الحاشية جنوب المنارة سوى الدجيلة نفسها ونهير يسير إلى الشرق تماماً وبعد نزول الدجيلة إلى الجنوب الشرقي يقع عليها موضع يسمى (الصدرانية) وفي جنوبها كتب عليها (مجرى القناة القديمة) وفي شرقها نهير دارس كتب عليه (حضرة رفاعي) ولا اثر لنهر الفضل وهو في اسفل واسط كما في ترجمة سعيد بن احمد النهر فضلي من نكت الهميان وكما روى الصديق. مصطفى جواد نظر في جواب عن التفاني قدس ابت منار الحق المبين اشكر لحضرتكم اهتمامكم بنشر سؤالي في مجلتكم الممتعة (8: 10: 787) عن لفظ (تفاني) غير أن الذي استوقفني منه، ما وقع للمنضد من السهو بإنزال الكلمتين اللتين لا معنى لهما في آخر السطر الثاني. وما أورث من التشويه في مفتتح جواب الوارد في السطر 6 حيث قلت (حالة كون لا كلام في - أن لغتنا إنما اختصتها حكمة الواضع. . .) فحذف المنضد من هذه الجملة الخمس الكلمات الأولى وأنزل في منزلها (أم تريدون - أن لغتنا إنما اختصتها حكمة

الواضع. .) فتنكرت بهذا التلاعب صورة الجواب وانقطعت لحمة المعنى وضاع المراد! على أن هذا التشويه لم يكن هو وحده علة كل ما شعرت له بالأسف والامتعاض، ولكن جنوح الأستاذ المصطفى إلى التخريج كلامي على المناحي المحيادة لمنحاي فيه فيغالطني في الأمثلة التي سقتها على أثره ويتعقبها برواشق التفنيد والتنديد، لما كان له أسوأ أثر في نفسي، فقضيت العجب من نزوعه الذي لم ارتضه: وإثباتاً لما ذكر وتنزيهاً لكلامي وأمثلتي عن المناقف والمغامز التي أخذها علي انقل هنا تلك المآخذ واتقفاها بما ينجلي به وجه الصواب. فأول ما فاجأني به من ذلك قوله في الباب (3) من جوابه (إن احتجاج السائل بتعاطى وتحاشى الخ لا وجه له. لأن تعاطى مطاوع عاطاه). وعقيب ذلك أورد في الباب (4) (إن تمثيله بتعامى ليس بالوجه. . وتعلقه بها تنبيه على إرادته تفانى بمعنى - تماوت - وهو مخالف لتعاطى وأشباهه فاختلاف الأمثال يدل على اضطراب الحال في هذا السؤال). وإذ آنس ميدان الاتهام والملام فسيحاً لم يدخر سعياً في إعادة الكرة علي في الباب (5) حيث قال: (إن الحاجة لا تدعونا إلى صوغ - تفاني - بالمعنى الذي يريده السائل - على ما استبان لي -. وبهذا يسقط كل ما جاء به السائل من شبهات الحجج ومدخول الأدلة). ومقتضى هذا الكلام انه يفرض (على ما استبان له) أن جل غرضي من طرحي ذلك السؤال على حضرتكم. الدفاع عن وجوب استعمال (تفاني) بمعنى تماوت. فلم يكن له محيد عن ضرورة رمي أمثلتي بأحكام المخالفة أو المناقضة وهي أحكام ما أنزل بها من سلطان. وهذا ما حداني إلى إعادة النظر في عبارة سؤالي المروي عنه قصد أن اعلم من أين استفاد أو (استبان له) أن تمثيلي بتعامي وتعلقي بها تنبيه على إرادتي تفاني بمعنى تماوت) فلم أتوصل إلى طائل حيث لم يرد في ذلك السؤال الماع ولا شبه الماع إلى مثل هذه الإرادة، فعند ذلك تيقنت أن قوله (على ما استبان

لي) إنما هو من قبيل التمحل ليس إلاَّ. وتأييداً لهذا يتعين علي أن آتي في هذا الموضع بأهم ما جاء في سؤالي من الكلام وذلك من باب الحصر دون التلخيص لأنه جدير بالاطراح في مقام الاستشهاد والتمحيص. (أوردتم غير مرة أن لفظ (تفاني) غير عربي، فهل تعنون أن أهل العربية قد نهوا بناء صيغة - تفاعل - فيلزمنا الوقوف عندما قالوه؟. وهل لاح لنظركم الغرض الذي أداهم إلى تجريد مادة - فني - من رشاقة تفاعل؟. وان تعقيم هذه الصيغة في تلك المادة إلا يعد من موجبات الإستنكار؟ وإلا فلماذا تضافروا على صوغ تعاطى وتحاشى إلى ما لا يحصى وتناكصوا عن بناء تفاني؟) فان صح تطبيق هذا النقل على نص الأصل؛ لزمني ضرورة أن أدعو حضرتكم لتصوبوا إليه أشعة أبصاركم (الرتنجية) فتستشفوا ما إذا يبدو لنظركم من ورائه شر أو جزء شطر من معنى المطلب الذي (استبان) لنظر الأستاذ فتشايعوه في حكمه؟ أم تروا أن الحق يتقاضاكم أن تقضوا بأن ما تراءى من ذلك لمرآه لم يتراء منه شيء لمرآكم لا تضمناً في المعنى ولا نصاً في اللفظ فيبطل رأيه؟. وأما مسألة تعرضه للغض من احتجاجي اثر ما تبدى له من مخالفة أمثلتي بعضها لبعض ولمعنى تفانى؛ فان من يعير سؤالي الذي كررت صورته هاهنا نظراً ضادقاً أخاله لا يتوقف عن الحكم باني إنما حاولت أن أتثبت ما يأتي: (1) ما هي علة تطرفكم في القطع بان لفظ (تفاني) غير عربي؟ (2) هل هذا البت متناول عن نص من أرباب اللغة أم عن عدم السماع به؟ (3) إذا كان أرباب اللغة هم الذي منعوا صوغ تفانى فما هو سبب ذلك؟ ولماذا تهافتوا على صوغ مواد لا يأخذها الحصر من صيغة تفاعل كنحو تعاطي وتحاشي الخ دون تفاني. إذا تقرر هذا، اتضح أن احتجاجي بهذه الأمثلة في مثل ذلك المقام لم يكن باعتبار المعنى المادي الذي تأوله الأستاذ لتترتب علي لوازمه من مراعاة التمثيل عليه من بابه أي من اصل معنى الفعل. ولكن احتجاجي المذكور إنما كان باعتبار القياس الاشتقاقي المحض لاطراد المعنى الصيغي فيه كما ترون كل عبارتي ناطقة

به من غير أن يتوقف دونها الفهم. فان صدق هذا. فهل تكون الأمثلة التي أوردتها على أثره غير واقعة في حيزها؟ أم هي مما ينطبق على المقصود كما يستدرك بأدنى لمحة؟ بيد أن هذه اللمحة. لمحة تطابق التمثيل على غرضي وتبين القصد من سؤالي لم تفت في بادئ الرأي بصر من وافقتموه على ما يرى ذلك صريحاً فيما أقره في الوجه (الأول) من جوابه إذ قال: (إن كان السؤال عن وجود صيغة تفانى فما اسهل الإجابة عنه بان تفانى من الأفعال الواردة المشهورة فقد قيل - تفانيا - أي أفنى أحدهما الآخر. وتفانوا بمعنى أفنى بعضهم بعضاً الخ). فهذا الجواب انطق دليل على أن الأستاذ البصير قد أدرك من أول وهلة الغرض من سؤالي فكشف الحجاب عن حقيقة مشكلي. إلاَّ انه لما كان هذا الأستاذ قد استهامه حب استقراء المباحث كما يرى ذلك من تتبع مذهبه، آثر أن ينسل إلى إشباع الكلام في مسألة (تفانى) من الباب الذي دخلة، وفي ذلك ما فيه. وإلا فلم أتبين إلى الآن أن في تركيب عبارتي التي أعدت نصها قريباً مسحة لبس أو إشكال مما يستدعي المعذرة للأستاذ من إخراجها عن حقيقة معناها فلم يكن عليه بأس من الحملة الشعواء التي حملها علي. فعند مراجعة حضرتكم سؤالي وما أوردت هنا من الرد على اتهامي أتخيلكم لا تترددون في استدراك ما قال الأستاذ المشار إليه استداركا (جدياً) على مثال ما يرى في جميع مواقفكم الانتقادية التي برهنت على أنكم ليس ممن يقبل على الحق رشوة، أو يرضى من أمانة العلم ثمناً، ولله سبحانه الهادي إلى قصد السبيل. مرسيلبة في 12ك2 سنة 1930: ي م (ل. ع) أننا لا نبت في هذه المسألة شيئاً لأننا قد سبقنا فوافقنا على ما ذكر حضرة الأستاذ المصطفى وعلى القارئ الحكم لا علينا. وقد أدرجنا هذا الرد بحرفه إلاَّ بعض الألفاظ الجارحة فأننا أبدلناها كلمات غير (شائكة).

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة أميركي وأميركاني س. طرابلس الغرب. السيد م. م. ن. كان وقع جدال بينكم وين الأستاذ ضومط في مسألة النسبة إلى أميركة. وهل يقال أميركي أو أميركاني. وكان رأيكم أنكم ترجحون الأميركي على الأميركاني. وكان رأي الأستاذ ضومط أن الأميركاني هو الأصح، أفبقيتم على رأيكم أم ماذا؟ ج. الذي عندنا أن الأميركي هو الأرجح والأميركاني هو المرجوح الضعيف. بل نذهب إلى أن من يقول: أميركاني. فاسد الذوق العربي وحشية لأن الناطقين بالضاد لا يجمعون أداتي صفة في كلمة واحدة: ولما جمعهما بعضهم فيه اسقطوا اللفظة من الذوق العربي وقالوا عنها إنها وحشية أو وعرة أو متوعرة ففي الأميركاني (ياء النسبة العربية) فيها أداة الصفة الإفرنجية وهي أن. . اللاتينية الأصل من. . فاجتمع فيها أداتان لتلميح الصفة: الأداة الإفرنجية والأداة العربية، وهما في نهاية القبح. وقلنا: هما في نهاية القبح (لأن السلف استبشعوا وجود مثل هاتين الأداتين في الكلمة العربية الواحدة، وان كانتا عربيتين فكيف لا يستبشعوهما إذا جاورت الأداة العربية الوصفية الأداة الأعجمية التي من جنسها. أما أن الناطقين بالضاد استنكروا اجتماع الأداتين الوصفيتين في الكلمة العربية الواحدة فظاهر من قول صاحب المصباح المنير في مادة وح ش: (وكل شيء يستوحش عن الناس فهو وحش ووحشي، كأن الياء للتوكيد كما في قوله: والدهر بالإنسان دواري، أي كثير الدوران) أهـ. فأنت ترى من هذا أن الدوار هو الكثير الدوران. ثم زيد دورانه تأكيداً بياء التأكيد، فاجتمع في معنى الدوار زيادة، لكن هذه الزيادة أخرجته عن المأنوس من الكلام إلى وحشيه. وعلى هذا الوجه فسد ذوق القائل، وعلى هذا يقاس قولك: الأميركاني

فإن الألف والنون الزائدتين على أميركة تدن على النسبة فإذا زدت الياء عليهما خرجت الكلمة عن مأنوس الكلام إلى وحشية فأصبحت لا تألف إلاَّ الوحوش من الناس، ولهذا وجب على الأديب السليم الذوق أن لا يقول إلاَّ (أميركي) وبهذا القدر كفاية وقد قصدنا أن لا نرجع إليه البتة. جفر وشرح س. مصر القاهرة. قرأت في فقه اللغة للثعالبي الذي طبعه الأب لويس شيخو في سنة 1885 في ص 81 في ترتيب سن الغلام ما هذا نصه: (يقال للصبي إذا ولد: رضيع وطفل، ثم فطيم، ثم دارج، ثم حفر (وفي نسخة: جفر وهو تصحيف). ثم يافع، ثم شدخ، ثم مطبخ (كمحدث) ثم كوكب.) أهـ وقرأت في النسخة المطبوعة في مصر بالمطبعة العمومية سنة 1318 في ص 95 ما هذا نصه. ثم دارج ثم حفر ثم يافع ثم شرخ ثم مطبخ (كمعظم) فأين الرواية الصحيحة؟ ج. عليكم أن تعلموا قبل كل شيء أن الأب لويس شيخو لم يكن لغوياً مدققاً بل أديباً وفي كل ما تولى طبعه من مصنفات الأقدمين من الأغلاط ما أنزلها في عيون المحققين. ومن الجملة فقه اللغة هذا فانه طافح بالأوهام اللغوية. فذكر النسختين المصرية والبيروتية الحفر (بالحاء المهملة) بعد الدارج خطأ واضح والصواب جفر (بجيم في الأول) قال في التاج: (ومن الجاز الجفر (بفتح الأول): الصبي إذا انتفخ لحمه واكل، وصارت له كرش وقد جفر وتجفر وقال ابن الأعرابي: والغلام جفر. وفي حديث حليمة ظئر النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: كان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر فبلغ ستاً وهو جفر. وفي حديث أبي اليسر: فخرج إلى ابن له جفر أهـ؟ أما شدخ بالدال فغلط كبير لا وجه له. والصواب شرخ بالراء كما في الطبعة المصرية أما الشدخ بالدال (وزان سبب) فمعناه الولد لغير تمام إذا كان سقطا رطباً رخصاً لم يشتد، فكيف يكون هذا وقد ذكره بعد اليافع، فلا جرم أن الشرخ بالراء هو الصواب وما في النسخة الشيخوية غلط شنيع. أما المطبخ فالصواب كمحدث أي بتشديد الباء المكسورة وهو الشاب الممتلئ.

وما في النسخة اليسوعية غلط ظاهر. والعجيب في هذه الألفاظ الاصطلاحية أن صاحب تاج العروس اخطأ أيضاً في إيرادها في مادة طبخ فانه ذكر ترتيب سن الغلام نقلاً عن ابن الأعرابي وأورد الحفر (بالحاء المهملة) والشدخ (بالدال) وكل ذلك خطأ ظاهر. أما صاحب اللسان فقد قال: جفر بالجيم، لكنه اخطأ في قوله: شدخ بالدال. والصواب ما ذكرناه، أي بالراء. فانظر كيف أن كتبنا اللغوية طافحة بالأوهام مع انه يجب أن تكون من اصح ما يمكن. التلفزيون أو المباصرة باريس. ج س. في لغتنا الفرنسية كلمة حديثة الوضع هي تلفزيون ومعناها النظر إلى الشيء عن بعد بواسطة آله اخترعوها، والكلمة منحوتة من كلمتين: يونانية (تلي) أي بعد، ولاتينية (فزيو)، أي نظر ومحصلها: النظر عن بعد، فهل في لغتكم كلمة تفيد هذا المفاد؟ ج. نعم. ولغتنا لا تحتاج إلى ما تحتاجون إليه من لغتين. إذ في شبابها وقوتها غنى عن غيرها. وهذه الكلمة هي (المباصرة) قال الجوهري: باصرته إذا أشرفت تنظر إليه من بعيد. فهل في لغات الأقدمين أو المحدثين من لغة فيها من قوة الولادة ما في لساننا العدناني العجيب؟ ذلكم ما ندعكم تفكرون فيه سنين بل قروناً. النث أي الراديو القاهرة. ك. ش. أكثرت الصحف في هذه الأيام من ذكر (الراديو) ويريدون بها آلة توصل إليك الأغنية والخطب ونحوهما عن بعد، فهل يمكن أن نجد لها مقابلاً في لساننا؟ نعم هي النث. قال اللغويون: نث الخبر: أفشاه. وقيل النث في الأصل إفشاء السر. ثم يتوسع فيه. فيقال: في ما يذاع عن بعد مما يظن انه خفي لا يجاوز الموطن الذي يجري فيه.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 23 - دمية القصر وعصرة أهل العصر (هدية) للباخرزي المتوفى سنة 467 أهدى إلينا هذا الكتاب أحد الأصدقاء وطلب إلينا نقده. وقد طبعه وصححه محمد راغب الطباخ في مطبعته العلمية بحلب في سنة 1348 هجرية (كذا أي الهجرية أو للهجرة) و1930 ميلادية (كذا) فوقعت هذه النسخة في 316 ص بقطع الثمن، يليها 54 ص بعنوان (الملتقط من ديوان. . . الباخرزي، يليها 9 صفحات فهارس. وأول شيء وقع بصرنا عليه عند فتح هذا السفر الجليل حاشية الصفحة 7 إذ هذا ما فيها شرحاً لما في المتن (ولا نكاد نعينها إلاَّ اوارير لاياً نتبينها.) - الاوارير جمع أرير وهي رابطة الدابة واللاي الإبطاء. يعني لم يبق إلاَّ مواضع مرابط دواب الماضين نتبينها بعد الإبطاء. أهـ هامش (النسخة) الاحمدية. ولم أر (ارير) بهذا المعنى في القاموس. فليحرر. أهـ ما جاء في الحاشية. قلنا: ما وقع بصرنا على هذا الكلم إلاَّ وتطيرنا من هذه الطبعة إذ قلنا كيف لم يصحح الناشر كل ما في هذه من الأوهام؛ وأول شيء لا يمكن أن يجمع اوارير على اوارير، إذ ارير وزنه فعيل واوارير وزنه أفاعيل. وفعيل لم يرد مجموعاً على أفاعيل. فهذا غلط أول. والغلط الثاني قوله رابطة الدابة. فلو قال رباط الدابة أو مربط الدابة لكان للكلام معنى مفهوم. أما رابطة الدابة فما معناه؟ - وفسر اللاي بالإبطاء. نعم وهذا بعض معانيه، لكن أهذا هو المعنى المطلوب في هذا التعبير، أفليس هناك معنى آخر يوافق سياق الكلام موافقة أحسن وأتم؟ والغلط الثالث أن حضرة الناشر قال: (ولم ار (ارير) بهذا المعنى في

القاموس) - أفما كان يستطيع أن يعلم من هذه النتيجة أن في الكلمة تصحيفاً فيفيد الكلمة إلى نصابها الأول؟ كل ذلك حملنا على أن نظن النسخة لم تأت بالصورة التي كنا أن نتمنى أن تكون عليها، ولاسيما أنه لم يذكر روايات النسخ التي عثر عليها. أما رأينا في ما أورده فهو أن صحيح الأوارير: الأواري بتشديد الياء وتخفيفها وهو جمع الآري بالمد في الأول والتشديد في الآخر ويخفف وهو الاخية (راجع القاموس والتاج واللسان والصحاح في آري). قال ابن السكيت: في قولهم للمعلف آري، قال: هذا مما يضعه الناس في غير موضعه، وإنما الآري محبس الدابة وهي الأواري والآواخي واحدتها آخية.) أهـ - أما اللاي في العبارة المنقولة في النص فهي عندنا بمعنى الجهد والمشقة وان كان تأويلها بالإبطاء صحيحاً، إلاَّ أن تفسيرها هنا بالجهد احسن فهي تقابل الإفرنجية قال في لسان العرب: (قال الليث:. . . يقولون لأياً عرفت، وبعد لأي فعلت أي بعد جهد ومشقة.) أهـ - وأما الغلط الثالث فهو أن فعيلا لم يأت أبداً مجموعاً على أفاعيل أو فواعيل فالنسخة القائلة أن الأوراير جمع ارير مخطئة. تعم لو قالت جمع آرير بالمد لكان الخطأ أهون - وفي الصفحة 7 أوهام طبع أخر لم تصحح في الآخر. من ذلك قوله: (ثم نقف (عنهم) على اطلاع (س 4) ونصوغ على (وزان) أسجاعها شدواً (س 6) ولولا عنايته. . . لبقيت الفائدة (فارة) (بتشديد الراء) من مسكها (الفايق) (كذا بياء منقوطة) الطيب غير مفتقة. - والصواب: منهم. . أوزان. . . فارة (براء خفيفة) العابق. وقد ذكر حضرة الناشر النسخ التي رآها أو سمع بها. منها: نسخة خزانة المدرسة الاحمدية. ونسخة الخزانة المارونية في حلب ونسخة الموصل. ونسخة لندن. ولو كتب إلى صاحب الخزانة التيمورية في مصر القاهرة لاستفاد منها. وقد كان المرحوم احمد باشا تيمور كتب إلينا في 29 ك2 (يناير) سنة 1924 ما هذا نقله: (وفي الخزانة التيمورية نسخة من هذا الكتاب (دمية القصر) نقلت عن النسخة الموجودة في خزانة عارف حكمت بك في المدينة، ثم استعار النسخة التيمورية لشيخ محمد محمود الشنقيطي فنقل عنها نسخة ولعلها باقية في

كتبه التي كانت له والتي أوقفها إلى دار الكتب بمصر القاهرة). ونزيد على ذلك أن كان عندنا نسخة من الدمية كتبت في سنة 1064 وسرقت منا في سنة 1929 (راجع لغة العرب 7: 506 و589) وهي النسخة التي كنا قد نقلنا عنها نسخة في سنة 1923 وهذه النسخة الابنة هي بيدنا إلى الآن. وبينها وبين المطبوعة اختلافات شتى والظاهر أن التي بأيدينا هي حسنة ويمكن أن يصلح بها مواطن عديدة من الدمية المطبوعة. 24. معنى النجم في القرآن أهدى إلينا المستشرق الروسي الشهير اغناطيوس كراتشكوفسكي مقالة بالألمانية بالعنوان الذي ذكرناه. وقد استشهد الكاتب عدة إثبات من الكتبة لإقرار معنى النجم الوارد ذكره في سورة الرحمن فأبدع في ما قال على مألوف عادته. 25. أبو نواس والكأس الساسانية المصورة هذه رسالة أخرى لحضرة الأستاذ الروسي المذكور واضطر إلى تحقيق ما أورد إلى مطالعة تأليف جمة يدهش لها الإنسان، حتى لقد ساوت الحواشي ما جاء في الصفحات من المتن. فله دره من مدقق! 26. اللغات الآرامية وآدابها رسالة من تأليف الأب شابو عربها الأستاذ انطوان شكري لورنس ونشرها مراد فؤاد جقي. وهي مفيدة لمن لا يعرف شيئاً من هذه اللغات. ونأخذ على أصحابها أنهم ضبطوا (الآرامية) بمد الأول. والعرب لم تنطق به. إنما قالوا أرام كسحاب أو إرم كعنب. وقد قال الناشر: (إن العربية أقربهن (أقرب اللغات السامية) إلى الأصل السامي الذي تفرعت منه، إلا إن السريانية أقدم منها عهداً) وهذا كلام لا يأتلف أواخره وقوادمه. فلو حصر بان السريانية أقدم من العربية عهداً بما أبقت من الرقم أو الكتابات لكان صحيحاً. أما ما ذهب إليه بهذا الإطلاق فخطأ صريح يعمي الأبصار.

27. خلاصة مقررات مجمع دير مارمتي المقدس المنعقد في الدير المذكور من 11 - 25 ت1 ش 1930 نتمنى من صميم قلبنا أن يحقق السريان ما عقدوه في مجمعهم وان يفرغوا كل وسعهم في هذه الغاية، ولا يعتبروه حبراً على ورق. 28. المنارة مجلة دينية علمية أدبية تاريخية تصدر كل شهر مرة في 80 صفحة في جونية (لبنان) بإدارة الأباء المرسلين اللبنانيين ورد إلينا الجزء الأول من السنة الثانية من هذه المجلة، فألفيناها حافلة بالمواضيع المفيدة وبدل اشتراكها السنوي في خارج لبنان سبعون فرنكا فنتمنى لها الرواج والانتشار. 29. كتاب داعي الرشاد إلى سبيل الاتحاد تأليف السيد إبراهيم الراوي الرفاعي في بغداد السيد إبراهيم الراوي من الرجال المعروفين في العراق بعلو الهمة وصدق العمل وهو يسعى في دعاء الأماميين الجعفرية إلى الاتحاد والاتفاق. وفي إيران شيخ جليل آخر معروف بمثل هذه الصفات وهو السيد السري محمد مهدي العلوي السبزواري وقد وقفنا على ما كتبه إلى السيد الراوي مستحسنا رأيه. وهو أهدى إلينا هذا التأليف. وكنا نود أن ينقح هذا الكتاب من أغلاط الطبع التي تفسد المعنى بل ربما تعكسه. ففي ص2 من المقدمة جاء: (قبل الشروع فيما يدعو للإتلاف. . .) والمؤلف يريد أن يقول: يدعو للائتلاف. فأين هذا من ذاك؟ 30. زهرة رمال الساحل (بالفرنسية) تأليف غي دافلين (عقيلة غزالة بك) كل من يطالع هذه المجلة يرى في كل سنة السيدة جان غزالة بك تأليف لها تدل على حسن اختيار في المواضيع وإنشاء سلس يتدفق السلسبيل من معينه. وقد أهدت إلينا هذه (السيدة المصونة) هذه (الزهرة) فوجدناها

موافقة لأسمها، وفيها إحدى عشرة أقصوصة لا يطالعها القارئ إلا ويود أن يقف على أمثالها لما فيها من الموعظة فعالة والعبارة البديعة الخالصة من كل شائبة. 31. سكن بيننا (بالفرنسية) هذا تصنيف آخر للكاتبة المبدعة. وقد أودعته إحدى عشرة قصة أخرى وكلها شائقة. لا تأتي على واحدة منها إلا ويدفعك الأدب وحب الإطلاع إلى مطالعة ما بعدها. وتشغفك هذا الشغف إلى أن تأتي على هذه القصص كلها. ويا ليت يعني أحد مترجمينا بنقلها إلى لغتنا ليتعلم رواتنا كيف يسدون الحكايات ويلحمونها فتأتي ثوباً يخلع على مطالعي الكتاب. 32. منهج معهد المباحث الإسلامية (بالفرنسية) جاد علينا عمدة هذا المعهد، المسيوس. شارليتي بنهج معهد المباحث الإسلامية للمحاضرات التي تلقى في تلك الدار في سنة 1930 - 1931 فوجدنا أكابر المستشرقين يلقون خطبهم في أعلى المباحث الإسلامية. وقد قسمت تلك الدروس بين المواضيع الآتية: 1 - الإسلام المؤتم. 2 - تاريخ الآراء والعلوم. 3 - تاريخ البلاد وجغرافيتها. 4 - الآداب والفنون. 5 - الألسنة الوطنية الإسلامية. 6 - المنشآت الاجتماعية الإسلامية. وهناك قسم آخر موقوف على حياة القبائل البربرية السياسية في المغرب الأقصى - مبادئ الرواسيم. في بلاد البربر. فهذه المباحث وغيرها تدل على عناية العلماء بكل ما يتعلق بالإسلام. ومن الأسف أن لا نرى مثل هذه الخطب تلقى في مدارسنا العظمى على اختلاف البلاد والمناطق. 33. تركية الحرة هي جريدة فرنسية يومية تبرز في الأستانة ويتولى تحريرها شبان ترك متفرجون ليس لهم من مبادئ الدين الإسلامي شيء ولذلك نراها من الصحف المخطرة على المجتمع.

34. عنوان المجد في تاريخ نجد (هدية) تأليف عثمان بن بشير النجدي الحنبلي الجزء الأول والثاني بمطبعة السلفية بمكة المكرمة سنة 1349 عنوان المجد من الكتب اللازمة لكل عربي يريد الوقوف على ما جرى في ديار العرب منذ نصف المائة الثانية عشرة إلى أكثر من نصف المائة الثالثة عشرة للهجرة. وهذا الكتاب حافل بجزئيه بجميع التفاصيل اللذيذة للوقوف على الأحداث التي جرت للشيخ محمد بن عبد الله الوهاب في دعوته لأهل نجد وسائر ديار العرب إلى الإصلاح الديني. إلا أن هذا السفر المفيد طبع على غرار الأقدمين أي بلا الفهارس التي تعينك على إيجاد ضالتك إذا ما أردت نشدها، فقد أكتفي بطبع فهرس واحد هو فهرس المحتويات، ولم يزد على القدر. فذهب معظم الفائدة من مراجعة تلك الصفحات. وهناك أسماء مدن لم يشر إلى ضبطها ولا إلى محل وقوعها من ديار الجزيرة. ففي ص 147 مثلا ذكر الزبارة. ولو راجع الناشرون ما جاء في لغة العرب 6: 737 إلى 745 لرأوا شيئاً جليلاً عنها، وقد أتحفنا به صديقنا المحقق المدقق يعقوب أفندي نعوم سركيس. - كما إن هناك أغلاط طبع لم تصحح في بابها. كقول المؤلف فيها: 147: 20 أخذ جميع خيلهم وبخابئهم. والصواب نجائبهم. - وجاء في تلك الصفحة اسم أبن سويط (الذي هو مصغر سوط) فرواها على الحكاية العامية أي صويط وهو غير صواب. نعم إن مؤلف الكتاب أوردها بالصورة التي طبعت. لكننا نجيب على ذلك إن الناشرين لم يلتفتوا مراراً إلى هذا الأمر. فقد أصلحوا مثلا في باب التصحيحات كلمة (مسكة) بمسقط (أسم مدينة في عمان) كل مرة وردت مع إن العوام يقولون (مسكت) ومنهم من يكتبها (مسكة) كما فعل المؤلف. أذن كان يحسن أيضاً أن يصلح اسم (سويط) على هذا الوجه. ومثل هذه الكتابة المخطوء في رسمها شيء كثار لا يحتمل ذكره المقام. وهذا وأمثاله لا يثلم شيئاً من محاسن الكتاب وفوائده، أذن ليتقن لمحتوياته ونفاستها.

35 - ملتقى اللغتين: العبرية والعربية (هدية) تأليف (مراد فرج بك المحامي في القاهرة ومصر الجديدة)، طبع في سنة 1930 الجزء الأول يحوي حرف الألف والباء والتاء والثاء والجيم. وقع هذا الجزء الأول في 418 صفحة بقطع الثمن. ومن غريب ما في هذا الجزء، أن المؤلف كتب كلمة (تأليف) بالعربية واسمه ولقبه ومحل وجوده بالفرنسية، فالناطق بالضاد الذي يجهل قراءة الحرف الإفرنجي لا يهتدي إلى قراءة اسم المؤلف. فما معنى هذا العمل الذي يدل على شذوذ في الخلق والرأي والمصطلح؟. ومن غريب عمل المؤلف أيضاً انه ينص بكلام عريض على كيفية لفظ الكلمة العبرية ولو اتخذ رسم الكتابة الخاصة بالعلماء أو اتخذ ضبط الكلمة بعلامات يصطلح عليه هو نفسه أو ضبط الكلمة بالحرف الإفرنجي لما أمل القراء من هذه الطريقة المضجرة ولا زاد في حجم كتابة على غير طائل. وهناك عيب آخر هو إن المؤلف ضعيف النظر في بعض ما ينقل أو يرتئي فقد قال مثلا في ص 25 ما هذا حرفه: (الالا بالهمز والالا بالقصر: شجر مر. . .) وكان عليه أن يقول هكذا: (الالآء بالمد كسماء والالا كالملا بالقصر. . . وقال بعد ذلك: والبطمة: شجر الحبة الخضراء. وكان حقه أن يجعل التفسير من جنس المفسر فيقول مثلا: والبطمة: شجرة (لا شجر) الحبة الخضراء. وكثيراً ما يذكر حضرته الترجمة العربية للتوراة، ولا يذكر أياً منها، لا في المقدمة ولا في الحواشي ولا في الآخر، فالترجمات غير متشابهة وهي كثيرة، فكيف جاز له هذا الإطلاق في الكلام. ولو أردنا أن نتعرض لنقد هذه الصفحات بتفصيل لوقع كلامنا في جزء واحد من هذه المجلة، إلا أننا نقول بوجه العموم إن الكتاب لا يخلو من فائدة لمن يريد الإمعان في اللغة العربية واكتناه أسرارها.

36. تاريخ اللغات السامية (هدية) تأليف الدكتور إسرائيل ولفنسون (أبو ذؤيب) مدرس اللغات السامية بالجامعة المصرية، مطبعة الاعتماد بشارع حسن الأكبر بمصر سنة 1348 - 1929. ليس في لغتنا كتاب يضاهي هذا السفر المفيد لمن يجهل اللغات الإفرنجية. أما الذي يحسنها فله في مصنفات الأجانب ما يغني عنه كل الغناء. لان المؤلف لم يأت في وضعه في لسننا شيئاً جديداً يستفيد منه المستشرقون. إنما وضعه - على ما يظهر لنا - لأبناء عدنان. فهو - من هذه الجهة فقط - مفيد. والذي يطالع ما يكتبه هذا الدكتور يتحقق أن في يراعته العربية بعض الضعف والركة. فكان يليق به وبأمثاله أن يعرضه على نظر أحد الفضلاء ليزيل عنه هذه الشائبة التي تعثر القارئ عثرات كان يود أن يكون في مندوحة عنها. من ذلك مثلا ما جاء في ص 3 فقد قال: (إن التوراة عدت آل عيلم وليديا من الساميين) مع انه نقل في ص 2 عن التوراة: (عيلام وآشور وارفكشاد ولود وآرام. . . فنقول إن الذي يكتب في العربية يحسن به أن يروي الأعلام على ما يرويها العرب، لاسيما تلك الأعلام المشهورة في مصنفاتهم. فصواب: عيلم: غليم (بغين وبالتصغير) كما في القاموس والتاج في مادة غ ل م وكما في ابن خلدون 2: 7 و 13 من طبعة مصر. أو أن يقول: عيلام على اللفظ العبري. وأما قوله (ليديا) فبعيد عن (لود) ولود هو (لاوذ) عند العرب فأين ديار لوذ من بلاد (ليديا)؟ - وكتابته لآشور بالمد مخالف لمصطلح أبناء لغتنا والمشهور أشور بهمزة مفتوحة فشين مشدودة مضمومة أو آثور بمد فثاء مثلثة، وارفكشاد هو ارفخشد أو ارفخشذ أو ارفخشاد عند السلف. على إن ضبط الأعلام ورسمها ليس العيب الفاشي في هذا الكتاب من أوله إلى آخره. إنما الأغلاط المهمة فيه هي: القطع ببعض الآراء التي لا تزال يتردد فيها بين الشك واليقين. تراه مثلا يقول في ص 3: (قبل خروج بني إسرائيل من الجزيرة العربية التي كانت وطناً مشتركاً لجميع الأمم العبرية والكنعانية. . .) فهذا كلام

يشعر بان ديار العرب كانت - ولا شك في ذلك - وطناً لجميع الأمم العبرية والكنعانية. والحال إن هذا الرأي حديث العهد وليس جميع العلماء عليه، فسوقه مساق أمر تاريخي لا ريب فيه تعد على التاريخ وصحاح الأخبار. نعم كان يستطيع أن يصرح به، لكن لا من باب الحقائق المقطوع فيها، بل من باب الإمكان أو من قبيل رأي جماعة من البصراء حتى يتصل كلامه هذا بما أورد في ص 4 عن رأي العلامة غويدي الذي يقول: (إن المهد الأصلي للأمم السامية كان في نواحي جنوب العراق على نهر الفرات، ولاسيما قول المؤلف نفسه إذ يرى: (إن من العسير أن نجزم برأي) في المهد الأصلي للأمم السامية. . . ص 5 وكان قد قال قبيل ذلك (ص 4): (وللتوراة نظرية خاصة عن اقدم ناحية عمرها بني نوح، وهي ارض بابل، وقد تكون هذه النظرية اقرب إلى الحقيقة، فقد أثبتت البحوث التاريخية. إن أرض بابل هي المهد الأصلي للحضارة السامية.) فالكاتب على هذا التناقض الذي تراه في كتابه كله. وكان حضرة الأستاذ الصديق مصطفى جواد بين قبلنا في هذه المجلة (8: 123 إلى 128) المتناقضات التي يقع فيها، إذ كتابه (تاريخ العرب) مضروب على هذا الطراز الغريب، ونحن لا نريد أن نتقفى المؤلف في جميع ما دونه في سفره هذا الثاني، فهو صنو الأول، وصاحبه هو أبو ذؤيب، ولعل في تذؤبه شيئاً من أسمه. فعسى أن لا يكون كذا. والكتاب يبقى نافعاً لمن لا اطلاع له على مصنفات الغربيين الحافلة بالفوائد والعوائد. 37. لمناسبة الأعياد تخليداً لذكرى فقيد حيفا والشباب والصحافة العربية الشهيد المرحوم جميل البحري جميل البحري هو مؤسس المكتبة الوطنية وجريدة الزهور ومجلة الزهور ومطبعتها، وقد وضع له شقيقه حنا البحري رسالة صغيرة بقطع 22 في 18 ص كنا نود أن تكون أكبر من هذا الحجم حاوية لكل ما قيل فيه وكتب عنه لتكون أحسن ذكرى للشهيد العزيز فعسى أن تحقق هذه الأمنية عند ذكرى السنة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1. وفاة ثيودور نولدكى توفي المستشرق الشهير ثيودور نولدكى الألماني في 29 ديسنبر من سنة 1930 في ال 94 من عمره في كارلسروه. وهو اكبر علماء المشرقيات في ديار الغرب فقد نشر مؤلفات كثيرة لعلماء العرب الأقدمين وأعاد روايتها إلى نصابها الأول وكان النساخ قد مسخوها شر مسخ. ونحن لم نجد بين حملة العلم من بلغ تحقيقه فقد كان فريد عصره، وكان يتقن اللغات الشرقية كلها كالعربية والآرمية والعبرية والصابئية والفلسطينية والحبشية إلى غيرها. وله تصانيف أو تصحيحات أو تحقيقات في جميع هذه الألسنة فضلا عن لغات الغرب كاليونانية واللاتينية والألمانية والفرنسية والإنكليزية والإيطالية واللاتينية والإسبانية. فهو ودي خويه من أساطين المشرقيات في هذه الحقبة الأخيرة. 2. في المتقن الطبي العراقي في 29 من شهر ك1 من سنة 1930 أقام رؤساء المتقن الطبي في بغداد حفلة توزيع الجوائز عن السنة الرابعة والمتقن سائر سيره الحثيث في إخراج أبناء لاسكو لابيوس. 3. وفاة السيد إبراهيم الحيدري انتقل إلى دار البقاء في 6 ك2 (ديسنبر) السيد إبراهيم الحيدري من داء الكليتين، وقد شيعت جثته إلى مسكنها الأخير في المرقد الكيلاني بموكب حافل مشى فيه المندوب من قبل جلالة ملكنا المعظم والمعتد السامي ورئيس الوزراء والوزراء والأعيان والنواب وسراة القوم. ولد الفقيد في سنة 1864 ودرس الحقوق في الأستانة وبعد ذلك عين قاضياً فعضواً في مجلس المعارف الكبير فرئيساً للشؤون الشرعية في دائرة الدفتر الخاقاني: ثم أحرز مقام المشيخة الإسلامية في الحكومة العثمانية. وعاد إلى وطنه بغداد بعد الحرب العظمى فعين وزيراً للأوقاف ثم عضواً في

مجلس الأعيان. فنعزي أنجاله الكرام ونطلب لذويه الصبر والأجر. 4. مكشوفات جديدة في أور وجد المنقبون في أور قبور ملوك الدولة الثلاثة التي يرجع عهدها إلى سنة 2300 قبل الميلاد. 5. جدول الإفلاسات في بغداد سجلت المراجع الرسمية إحصاء للإفلاسات في العاصمة فكانت في سنة 1927: 13 قضية منها قضيتان حسمتا صلحاً. في 1928: 8 قضايا حسمت كلها في المحاكم. في سنة 1929: 17 قضي، دفع في واحدة منها الإفلاس. في سنة 1930: 48 قضية، أربع منها حسمت بالاتفاق. 6. دار لتعليم الممرضات أرصدت المبالغ اللازمة في ميزانية 1931 لفتح دار تعلم فيها الممرضات ما يجب أن يعرفنه ليقمن به في التوليد الفني. 7. تنازل الإنكليز عن خطوطهم البرقية الإيرانية تنازلت الحكومة البريطانية لإيران عن جميع الخطوط البرقية ودوائرها وما يتعلق بها، وكذلك عن جميع الدوائر البريدية التي لها في أنحاء إيران المختلة والتي تربط إيران بالهند وأوربة. وما ذلك إلاَّ للحزم الذي أبداه الشاه العظيم بهلوي خان فانه اظهر من مضاء الدهاء والسياسة ما ادهش كل إنكليزي لأن إيران لم تتنازل عن شيء بازاء ما حصلت عليه. وقد عين هذا الشهر (شهر شباط أو فبراير) موعد التسلم. ولذا ترى الحكومة الإيرانية جادة كل الجد لأخذ تلك الدواوين وجلب الفنيين والموظفين اللائقين لتلك الوظائف والمناصب ليتمكنوا من إدارتها بالطرق المتبعة في هذا العصر. وقد أصدرت منشوراً إلى جميع دواوينها لتخبرهم بإرسال الرجال الذين لا لزوم لهم فيها من أهل الفن للاستعانة بهم في الدوائر الجديدة. 8. نقل القنصلية البريطانية من بوشهر عمدت الدولة البريطانية نقل قنصليتها من بوشهر (إيران في خليج فارس) إلى جزيرة البحرين، وسيتم التحويل في نيسان (أفريل) من هذه السنة؛ فتصبح البحرين مركزاً عاماً للقنصلية البريطانية في جنوبي إيران. وهكذا تتخلص دولة البهلوي من كل سيطرة أو يد أو إصبع أجنبية.

9. إصلاح ميناء بوشهر ميناء أبو شهر من انحس الموانئ. وقد أرصدت الدولة البهلوية مبلغاً لإصلاحه وجعله على طراز الثغور الحديثة وسوف تدعو أهل الفن والصناعة لإصلاحه، وقررت الحكومة أيضاً جر الماء العذب إلى بوشهر بالأنابيب أو القساطل الحديدية. وهكذا يرتاح أهلها من شرب المياه الغمقة أو الراكدة التي تنغش فيها أنواع الجراثيم المرضية. 10. نقل البريد الجوي تم الاتفاق بين إيران وفرنسة لنقل البريد الجوي من أوربة وممالك الشرق الأدنى إلى مدينة بوشهر وجنوبي إيران وبالعكس. وبهذه الصورة يتم لإيران الاتصال بالعالم المتمدن والخروج من كل يد أجنبية تضيق على خناقها. 11. الاضطراب في كردستان (بلاغ رسمي بحروفه) جاء في البلاغ الأخير الصادر في 8 كانون الأول 1930 إنه بعد أن طرد رتل صغير من قطعات الجيش العراقي الشيخ محمود وأعوانه الأشقياء من موضع منيع بقرب (حاجي آوا) انجد مخفر الشرطة في سورداش، على مسافة 36 ميلا، شمال غرب السليمانية، وأقام الرتل المذكور في سورداش إلى 17 كانون الأول ثم عاد إلى السليمانية. وبعد هزيمة الشيخ محمود وأعوانه من الأشقياء في (حاجي آوا) ظلوا ساكنين إلى 3 كانون الثاني، ثم عادوا إلى الظهور بقوة بجوار قرية (سراو) الواقعة على مسافة 37 ميلا إلى جنوب شرقي السليمانية على طريق حلبجة. وفي 9 كانون الثاني استولى الأشقياء على مخفر الشرطة غير المحصن في (خورمال) وفي 10 منه هجموا على مخفر الشرطة في (شاه نادري) الواقع على مسافة 5 أميال شمال شرقي سراو (سراب) على طريق بنجوين، وفي 11 منه، سار رتل صغير من قطعات الجيش العراقي من السليمانية. لنجدة (شاه نادري) فوصل إلى (سراو) في 12 منه، ووجد أن الأشقياء قد انسحبوا من شاه نادري وفي خلال ليلة 13 - 14 منه، هاجمت جماعة مؤلفة من نحو 50 رجلا من الأشقياء ثلاث ربايا من معسكر الرتل في (سراو) ولكن الربايا طردتهم بسرعة وفي خلال ليلتي 15 - 16 و 16 - 17 منه أطلق الأشقياء النار على المعسكر مدداً قصيرة.

وفي ليلة 13 - 14 منه استشهد جندي واحد وقتل رجل من الثوار وجرح منهم عدة أشخاص. 12. مصل الأمراض السارية يعمل في العرق قدم العاصمة في أواخر كانون الأول حضرة الدكتور خوري المصري المتخصص باستحضار المصول الواقية والشافية للأمراض السارية. وستصل قريباً آلات وأدوات مختبره من القاهرة إلى بغداد. والنفقات التي تتكبدها خزينتنا لجلب هذه المصول من أوربة وحكومة الهند تبلغ أكثر من لسكي ربية، بينما في وسع الاختصاصي الموما إليه استحضارها جمعيها في العراق وبنفقات لا تتجاوز ثلث ما تتكبده الخزينة اليوم. فعسى أن تقتصد الحكومة من هذا الباب فتستفيد وتفيد. 13. الحكم على مدير واردات الأوقاف السابق كانت مديرية الأوقاف العامة أقامت الدعوى في محكمة البداءة في بغداد على الحاج حمدي أفندي الأعظمي، مدير وارادت الوقوف سابقاً، لاستيفائه من خزينة الوقوف مبلغاً قدره نحو من خمسة آلاف ربية، حينما أوفد على الأستانة لجلب مستندات الأوقاف. فقررت محكمة البداءة في جلسة 18 كانون الثاني (يناير) تأدية المبلغ إلى الأوقاف، لثبوت أخذها من الخزينة (على وجه يخالف أحكام قانون الميزانية). 14. أمراض الحيوانات في العاصمة أصاب (أبو هدلان) 585 رأساً من البقر والجاموس في أيام كانون الأول المنصرم (يناير) فمات منها 145 ولقح ما بقي منها حفظاً لها. واتلف كلب واحد، وحصان واحد. 15. ارتفاع ماء دجلة لم يرتفع ماء دجلة في هذه السنة الارتفاع الذي بلغ إليه منذ عدة سنين. وفي ما يلي قدر ارتفاعه في السادس من ك2 (يناير) عن الخمس السنين الأخيرة: السنة القدم العقدة 1927 5 8 1928 3 9 1929 3 9 1930 1 9 1931 12 6 لم يفض دجلة في ربيع السنة الماضية

وارتفاعه اليوم يربو على أعظم ارتفاع بلغ إليه في سنة 1930 بثلاث أقدام، وبلغ ارتفاع الماء بقرب جسر مود في مساء 8 ك2 (يناير) 105 أقدام فوق وجه البحر؛ وأنت عليم أن بين بغداد وخليج فارس 600 ميل يقطعها من غير أن يهبط اكثر من 100 قدم. وسبب هذا الارتفاع سقوط أمطار غزيرة في شمالي ديارنا وديار الأناضول. فقد فاض الزابان وتدفقت مياههما، ومما يحسن ذكره هنا أن الماء إذا ارتفع في الموصل فانه لا يرتفع في حاضرتنا إلا بعد مرور ثمان وأربعين ساعة. وقد فاض واد قرب قرية (الفاضلية) فجرف بمياهه امرأة مع ابنها حينما كانا يعبرانه. 16. عجل في بطن عجل ولدت بقرة علي أفندي المندلاوي أحد موظفي الإدارة المالية في الرمادي (من لواء الدليم) عجلا وعجلة. وكانت العجلة سليمة من كل علة، أما العجل فكان مريضاً، فلما ذبح وشق بطنه وجد فيه عجل آخر. وهو من اغرب الغرائب. والذي عندنا أن ذلك العجل من الوهم والصحيح انه عقدة أمشاج لا غير، فأين الأعجوبة؟ 17. عصائب اللصوص تعود إلى البصرة كان للصوص البصرة شهرة بعيدة في عهد آل عثمان. وما كننا نظن أن ذيالك العهد يعود في مثل هذه الأيام. فقد قرأنا في جريدة (الأوقات العراقية) انه حدث في ليلة 24 كانون الأول الأخير في الساعة التاسعة العربية نلصص غريب. كان الزورق البخاري، زورق الحاج مهدي الحاج عباس قادماً من العمارة إلى البصرة. وعند وصوله إلى (الماجدية) قرية قريبة من قرمة علي، هجم عليه لصوص عددهم اثنا عشر مدججين بالأسلحة في بلم (زورق) لهم، ونهبوا أمتعة صاحب الزورق البخاري ودراهمه وكلما كان لركابه. وفي ليلة 26 من الشهر المذكور هجمت عصابة من أولئك الذعار على دار (يوسف بن مفتاح) في قرية الكباسي، ونهبوا ما فيها من حلى ومصوغات (مخشلات). وقد أفضت التحقيقات في هاتين الحادثتين إلى القبض على عدة رجال، ولما عرضوا على صاحب الدار عرفهم صاحب الزورق الحاج عباس، وظهر أن هذه العصابة هي نفس العصابة التي هجمت على الزورق، وإن هؤلاء الذعار من أصحاب السوابق.

واسم رئيس العصابة في الواقعتين (عبيد الصقر). أما أسماء بقية المتهمين، فهي: تويني بن دفار، عبيد بن طعيم، شاهر بن نصار، طاهر بن نصار، ياسين بن علي، فرهود بن دفار، جبار بن دفار، وزويمل. ولا يزال التحقيق يجري مجراه لسوق المتهمين إلى القضاء. 18. إيران وتركية وصل السردار (انتصار) رئيس الوفد الإيراني إلى طهران في 28 ك1 (يناير) عائداً من لجنة تحديد التخوم المختلطة بين تركية وإيران، ورفع رفيعتين مسهبتين إلى وزارة الخارجية والحربية، عن النتائج التي أفضت إليها اللجنة، والحديث الجاري في الأندية العسكرية: إن إيران لم تر ما عرضته الحكومة التركية من الأرضيين كافياً لحمل دولة البهلوي على التخلي عن شقتها الواقعة في جبل اراراط، وترى بعض هذه المحافل أن لهذا الجبل شأناً خطيراً من الوجهة الحربية وهو ضروري كل الضرورة لحماية الديار الإيرانية، وتصعب المساومة فيه. 19. الباب الوسطاني زرنا في هذه الأيام الباب المعروف بالوسطاني، فرأيناه في أسوأ حالة لأننا رأينا (النقابين) ينزعون من جدرانه إلا الآجر النفيس ليبيعوه. وإذا لجوا في أمرهم هذا لا يبقى أثر لهذا البناء الذي يستدل به على عظمة بغداد السابقة. فنطلب إلى أرباب العقد والحل أن يتداركوا أمر التخريب لئلا يسبق السيف العذل. ورحم الله امرأً حافظ على آثار السلف الصالح.

العدد 88

العدد 88 - بتاريخ: 01 - 03 - 1931 الشمسية في التاريخ كنا قد نشرنا مقالة طويلة عن هذه الفرقة في مجلتنا في (7: 193 إلى 203) ثم أخذنا نبحث عنهم في الأخبار والتواريخ لعلنا نهتدي إلى ما يوضح أمرهم في سابق العهد، فلم نوفق؛ فاستعنا بصديقنا القديم الورتبيد نرسيس صائغيان فهدانا إلى بعض الكتب التي نوهت بهم. من ذلك - 1682. فقد جاء في الصفحة 500 ما هذا معناه: (سمي الشمسية بهذا الاسم لأنهم - على ما قيل - يعبدون الشمس. وهذه الفرقة اقل الفرق انتشاراً في الشرق، وعدد أصحابها لا يتجاوز العشرة الآلاف، وهم لا يرون إلاَّ في شمالي العراق وأنحائه. - وليس لهم معابد ولا كنائس يصلون فيها، وهم لا يجتمعون إلاَّ في بعض السراديب بعيدة عن المدن ليتكلموا فيها ويتباحثوا في مواضيع ديانتهم. ويأتون ذلك خفية أية خفية حتى أن الأجانب عن ديانتهم لم يستطيعوا أن يتحققوا شيئاً منها، ولا أن يعرفوا ما يجري في تلك المجتمعات والذين اهتدوا منها إلى النصرانية لم يبوحوا بشيء من أسرار نحلتهم، خوفاً من أن يقتلهم أصحابهم الأقدمون،

إذا ما ثبت لهم انهم أفشوا أسراراً من تلك النحلة، لأنهم يجددون هذا القصد كلما اجتمعوا. (وقبل نحو ست سنين ذهب شابان إلى حلب الشهباء فعمدها أسقف الأرمن الكاثوليك، بعد أن أنكرا ضلاتهما، لكنهما لم يشاءا أن يفشيا شيئاً من أسرار فرقتهما، مع أن النصارى ألحوا عليهما أن يذكرا شيء منها، أو أن يكشفا شيئاً مما يجري في محافل الفرقة من الشنائع والأعمال الخبيثة للأسباب التي ذكرناها. (وفي رحلتي إلى ديار بكر عرفت شمسياً كان تاجراً غنياً وبينما كنا منحدرين إلى بغداد، كان يسمي نفسه يوسف في القافلة. واسم يوسف شائع بين النصارى والمسلمين واليهود، وكان يعتم عمة لا ينكرها أصحاب دين من الأديان؛ وكل ذلك لكي يزيد تنكره، ولهذا كان أبناء كل دين يعتقد انه على دين من الأديان، فلم أتمكن من أن أتبين دينه واحكم عليه من النظر إلى أعماله أو ثيابه أو كلامه؛ إذ ما كنت أرى فيه ما يحملني على انه يدين بدين من الأديان. لأنه ما كان يظهر عملا دينياً يفشي لي ذلك، فكان يعيش كمن غير مربوط برابط من النحل المعروفة، أو يعيش كمن لا دين له. وكان يتكلم كلاماً لا يدل على شيء من الدين وقد قيل لي انه شمسي. فأردت أن أتثبت من الأمر بنفسي، فسألت شاباً مسلماً كان يخدمه عن دين مولاه، فقال لي: إن صاحبي مسلم حنيف مثلي. - وقد قال الخادم ما قال، أما خجلا من أن يبوح لي بحقيقة دين سيده؛ وأما لأنه كان يجهل حقيقة معتقد ذلك الرجل المحفوف بالغوامض والخفايا. أما أجوبة سائر خدمه فكانت أن دين مخدومهم الشمسية. واتفق لي أني رأيت ذات يوم هذا التاجر فرحاً وكان بجانبي؛ فأخذت أجاذبه أطراف كلام مبهم، وبعد أن مضى على حديثنا زمن، تجاسرت وسألته: أأنت نصراني؟ - فقال لي بصوت خافت: نعم. - ولما ألححت عليه أن يذكر لي اسم المذهب الذي ينتمي إليه، غير الكلام للحال ولم يرد أن يزيدني إيضاحاً. وهذا ما دعاني إلى إثبات ما قيل لي عنه أي انه كان شمسياً. - هذا عدا ما كنت أرى اغلب المسلمين ينعتونه بالكافر في كل مرة أرادوا أن يذكروه. وهذا النعت يلصقونه أيضاً بكل نصراني

من أي مذهب أو نحلة كان. (ولما رأى الباشوات أن ليس للشمسية معابد وانهم يعيشون كالبهائم بلا دين معروف بمناسكه وشعائره ليرجعوا به إلى أمة. طلبوا منهم مراراً أن يسلموا فوعدوهم خيراً، أو انهم يتنصرون ويتخذون مذهباً من مذاهب المسيحية التي اعترفت به دولة السلطان أو تساهلت فيه؛ وإلا يقتلونهم ويبيدونهم عن آخرهم من تلك الديار. وهذا ما أجبرهم على أن ينضموا إلى السريان أو إلى اليعاقبة قبل بضع سنين، اجتناب قتل الترك إياهم، حتى أن النصارى اخذوا من ذلك العهد يعمدون أولاد تلك الفرقة ويدفنون موتاهم من غير أن يذعن أهاليهم للشعائر النصرانية. ولا أن يتخلوا عن شعائرهم الأولى التي يحافظون عليها كل المحافظة، ويتمسكون بها في مجتمعاتهم السرية، ولو انضووا إلى المسلمين على إلحاح الباشوات لما استطاعوا أن يبقوا محافظين على تلك الأعمال.) أهـ كلام الرحالة. وجاء في المجلة الشهرية الأرمنية التي تصدر في فينة للآباء المخيتاريين مقالة لكريكور فانتيان في ص 12 و13 من سنة 1896 ما هذا معناه: (الشمسية أو أبناء الشمس وبالأرمنية - أول شهادة بلغت إلينا باللغة الأرمنية ترتقي إلى القرن الحادي عشر للميلاد، واسم الكاتب كريكور ما كستروس (المتوفى سنة 1058) فقد ذكر الشمسية في جوابه على رسالة وجهت إلى بطريرك السريان، ومن بعد أن ذكر فرقاً دينية كثيرة قال: (وهناك أناس يعبدون الشمس، والذين خدعهم الفرس التابعون لرأي زرادشت الفارسي ويعرفون باسم الشمسية (وبالأرمنية وهم كثيرون في هذه الربوع (أي بين النهرين) وهم يسمون أنفسهم نصارى. . . ونعرف انك لا تجهل سيرتهم الشريرة المفضوحة). الشهادة الثانية ترتقي إلى أوائل القرن الثاني عشر للميلاد لصاحبها داويد ورتابيت فقد قال: البولسيون: هم الشمسية. الشهادة الثالثة ترتقي إلى المائة الثانية عشرة وهي للجاثليق نرسيس شنورهالي

في رسالته إلى الخوري الأسقفي إلى سميساط تلك الرسالة المسماة (لأجل رجوع الشمسيين). . . تعرفون إن ورد إلينا خط منكم للشمسيين الساكنين في مدينتكم وانهم يريدون ويلتمسون أن ندخلهم في قطيع المسيح، بل أن الأرمن جنساً ولغت يريدون أن يتساووا معهم بالإيمان والروح، أتوا إلى ديواننا وكلمونا ملتمسين ذلك منا بإلحاح، ونحن أفهمناهم ما قرأناه عنهم في الكتب. وما سمعناه من العارفين أمورهم، أي الشرور التي يأتونها قولا وعملا. . . وهكذا بقي الشمسيون في طائفتنا جالسين في ظلمات الشيطان، وأبوا أن يستنيروا بالنور الإلهي على يد القديس غريغوريوس المنور، بل فضلوا الظلمة على النور إلى يومنا هذا. والذين أتوا إلينا، كفروا بشيعتهم بإيمان مغلظة ولعنوا بأفواههم كل من يحفظ في قلبه مثل هذا الكفر، وكل ما سننا لهم من السنن، تعهدوا بالقيام به. أما إذا كان اهتداؤهم عن رياء، مثلما يتوهمه عنهم كثيرون، ويرجعون إلى قيئهم، فنحن لا نضر بشيء. والاسم الذي تسموا به من عهد أجدادهم - وهو الشمسية - سيبدل باسم المسيحيين، ذلك الاسم العظيم العجيب. . .) فيؤخذ من هذا الكلام أن عنصر الشمسية ولسانهم هما من عنصر الأرمن ولسانهم. وإن كان مثل هذه النتيجة لا يستنتج من كلام الشاهدين الأولين، على أن جماعة من الأدباء لا ترضى بما قاله الجاثليق الأرمني، بل ترى انه لم يورد ما أورده إلاَّ لأن هؤلاء الشمسية كانوا يعبدون الشمس وبعض العناصر والأشجار على حد ما كان يفعله الأرمن في سابق العهد. ولذا استنتج الجاثليق تلك النتيجة ولاسيما انه رآهم يتكلمون الأرمينة، كما فعل بعض النور (الكاولية أو بني سلسان) المبثوثين في تلك الأرجاء. والذين ينطقون بالأرمنية. الشهادة الرابعة من المائة الربعة عشرة للجاثليق مخيتار في رسالته إلى البابا اقليمس الخامس الذي كان في أفنيون (فرنسة) (سكن افنيون في سنة 1309 ومات فيها في 30 نيسان سنة 1314) إذ يذكر أن في ذاك العهد كان شمسية في منازكرد (في أرمينية)

الشهادة الخامسة من القرن الرابع عشر وهي لمخيتار أبارانتسي إذ يقول: (وعندنا عبدة الشمس (شمسيون) وهم أرمن ويتكلمون الأرمنية واسمهم اريفرتي (كلمة أرمنية معناها عبدة الشمس أو شمسيون) وليس لهم كتابة (خاصة بهم) ولا علوم أدبية. بل يعلم الآباء الأبناء بالتقليد ما تعلمه أجداهم من زرادشت، ويسجدون للشمس حيثما تتجه ويحترمون شجر الحور والسوسن والقطن وغيرها من الأنبتة التي تتجه إلى الشمس ويشبهون أنفسهم بها وإن ذلك الاتجاه يكون بالإيمان والعمل السامي العطر الرائحة. ومن مناسكهم انهم يذبحون الذبائح للموتى ويجودون على الكاهن الأرمني بحسنات. واسم رئيسهم هازربد وهم يجتمعون في السنة مرتين أو أكثر. رجالا ونساء. شيباً وشباناً في مغارة مظلمة جداً. و. . .) قلنا: إن كان هؤلاء أصلهم من الأرمن. فيجب القول أيضاً انهم يعرفون القراءة والكتابة وإن لهم وقوفاً على الآداب الأرمنية، وإن قيل الخلاف. وكذلك لو قلنا انهم يمتون إلى المجوسية الزرادشتية بنسبهم، والراجح انهم لا أرمن ولا مجوس في النجار. والمظنون أن اسمهم اريفربي (أي عباد الشمس) اسم جنس لا اسم دين ومذهب؛ لأن الأرمن الأقدمين كانوا يعبدون الشمس أيضاً. ومع ذلك لم يلقبوا بذلك اللقب. إن كان من أسماء الأديان. ويشهد على ذلك ما قاله البطريرك اوانيس تلغورانيس من أبناء القرن السادس عشر في بيت شعر له. ودونك معناه: (لا تشمئز المرأة من الشمسي ولا من التركي ومن الأرمني. إنما إيمانها من تحته من البشر). فهذا دليل على أن الاسم (اريفرتي) هو اسم جنس (عنصر) لا اسم دين أو نذهب. الشهادة السادسة الشهادة السادسة ترتقي إلى المائة الخامسة عشرة. وذلك ظاهر م كلام توما مدزوبتسي حين ذكر تيمورلنك فقال: (وخرب

تيمور مدينة وأربع قرى للشمسيين الوثنيين ودونك أسماءها: شولن وشيماغاخ وصفاري ومراغة وهناك أسماء مدن آخر ليست بأرمنية وهي من مدن إيران فأتلفها تيمور عن آخرها إلاَّ أن هؤلاء الشمسيين كثروا في ماردين وديار بكر بعناية شيطانية. الشهادة السابعة الشهادة السابعة هي لدافيد سلاتصورتصي إذ يقول: (. . . والبابونج والهندباء تنظران الشمسي. إذ يتجه هذا الرجل إلى حيث تدور الشمس). الشهادة الثامنة الشهادة الثامنة لنيبهر، فقد قال في رحلته إلى العراق أو بين النهرين في سنة 1766: (وينتمي الشمسية إلى أمة اليعاقبة، والظاهر انهم حافظوا على الدين الذي كان سائداً قبل الإسلام وقبل النصرانية في تلك الربوع. ولما أريد قتلهم لأنهم ليسوا من أصحاب الكتب المنزلة انضموا إلى اليعاقبة فراراً من الموت). خلاصة بحثنا هذا ما وجدناه مدوناً في أخبار الأرمن. وكان الشمسيون يطوون بساط أيامهم بين ظهرانيهم ولم نجد غيرهم ذكرهم أو تعرض لهم. ولابد أن هناك كتباً نوهت بهم غير ما ذكرناها؛ لكننا لم نقع عليها. على انه اتضح لنا كل الاتضاح أن ما أفادنا به (هومزد فروش) (راجع لغة العرب 7: 196 و197) كان صحيحاً؛ وإن في ديانة الشمسيين كثيرا من معتقد المجوس (أي اتباع زرادشت) وانهم حافظوا عليها منذ وجود أجداهم في تلك الديار، إذا كانت الزرادشتية سائدة فيها. وكذلك قل عن الصابئية الحرنانية. وسبب إخفاء ديانتهم عمن حواليهم هو عدم وجود كتب منزلة يعترف بها اليهود والنصارى والمسلمون. وأنت تعلم إن المسلمين لا يعترفون إلاَّ بالتوراة ولزبور والإنجيل، ولا يعتبرون غيرها من الصحف الدينية، وكانوا يقتلون في القرون الوسطى كل من لا يدين بدين أثبته الشرع الإسلامي، وإليك

ما جاء في كتاب الفهرست لابن النديم (ص 320 من طبعة الإفرنج). سبب إبادة المسلمين لغير أصحاب الكتب المنزلة قال أبو يوسف إيشع (اليشع) القطيعي النصراني في كتابه في (الكشف عن مذاهب الحرنانيين) المعروفين في عصرنا بالصابة (بالصابئة): إن المأمون اجتاز في آخر أيامه بديار مضر، يريد بلاد الروم للغزو. فتلقاه الناس يدعون له، وفيهم جماعة من الحرنانيين، وكان زيهم إذ ذاك لبس الأقبية، وشعورهم طويلة بوفرات كوفرة قرة. جد سنان بن ثابت. فأنكر المأمون زيهم، وقال لهم: من انتم من الذمة؟ - فقالوا: نحن الحرنانية. فقال: أنصارى أنتم؟ - قالوا: لا. قال: أفيهود أنتم؟ - قالوا: لا. قال: فمجوس انتم؟ - قالوا: لا. - قال لهم: أفلكم كتاب. أم نبي؟ - فمجمجوا في القول. - فقال لهم: فأنتم إذن الزنادقة عبدة الأوثان، وأصحاب الرأس في أيام الرشيد والدي: وانتم حلال دماؤكم لا ذمة لكم. فقالوا: نحن نؤدي الجزية. فقال لهم: إنما تؤخذ الجزية ممن خالف الإسلام من أهل الأديان الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه ولهم كتاب. وصالحه المسلمون عن (على) ذلك؛ فانتم ليس من هؤلاء ولا هؤلاء. فاختاروا الآن أحد أمرين. أما أن تنتحلوا دين الإسلام. أو ديناً من الأديان التي ذكرها الله في كتابه؛ وإلا قتلتكم عن آخركم فأني قد أنظرتكم إلى أن ارجع من سفرتي هذه. فان انتم دخلتم في الإسلام أو في دين من هذه الأديان التي ذكرها الله في كتابه، وإلا أمرت بقتلكم: واستئصال شأفتكم. ورحل المأمون يريد بلد الروم فغيروا زيهم وحلقوا شعورهم وتركوا لبس الأقبية، وتنصر كثير منهم ولبسوا زنانير، واسلم منهم طائفة، وبقي منهم شرذمة بحالهم وجعلوا يحتالون ويضطربون حتى انتدب لهم شيخ من أهل حران فقيه. فقال لهم: قد وجدت لكم شيئاً تنجون به وتسلمون من القتل. فحملوا إليه مالاً عظيماً من بيت مالهم، أحدثوه منذ أيام الرشيد إلى هذه الغاية أعدوه للنوائب، وأنا اشرح لك أيدك الله السبب في ذلك. فقال لهم: إذا رجع المأمون من سفره فقولوا له: نحن الصابئون. فهذا اسم دين قد ذكره الله جل اسمه في القرآن. فانتحلوه، فانتم تنجون به.

وقضي أن المأمون توفي في سفرته تلك بالبذندون وانتحلوا هذا الاسم منذ ذلك الوقت، لأنه لم يكن بحران ونواحيها قوم يسمون بالصابة (بالصابئة). فلما اتصل بهم وفاة المأمون ارتد اكثر من كان تنصر، ورجع إلى الحرنانية، وطولوا شعورهم حسبما كانوا عليه قبل مرور المأمون بهم على انهم صابئون، ومنعهم المسلمون من لبس الأقبية لأنه من لبس أصحاب السلطان؛ ومن اسلم منهم لم يمكنه الارتداد خوفاً من أن يقتل؛ فأقاموا متسترين بالإسلام، فكانوا يتزوجون بنساء حرنانيات، ويجعلون الولد الذكر مسلماَ والأنثى حرنانية. وهذه كانت سبيل كل أهل ترعوز وسلمسين القريتين المشهورتين العظيمتين بالقرب من حران إلى منذ نحو عشرين سنة، فان الشيخين المعروفين بابي زرارة وأبي عروبة من علماء شيوخ أهل حران بالفقه والأمر بالمعروف وسائر مشايخ أهل حران وفقهائهم احتسبوا عليهم ومنعوهم من أن يتزوجوا بنساء حرنانيات، أعني صابئات. وقالوا: لا يحل للمسلمين نكاحهم لأنهم ليسوا من أهل الكتاب. وبحران أيضا منازل كثيرة إلى هذه الغاية بعض أهلها حرنانية ممن كان أقام على دينه في أيام المأمون أو بعضهم مسلمون. وبعضهم نصارى ممن كان دخل في الإسلام، وتنصر في ذلك الوقت إلى هذه الغاية مثل قوم يقال لهم: (بنو ابلوط وبنو قيطران، وغيرهم مشهورين بحران) أهـ كلام ابن النديم. فيرى من هذا جلياً أن سبب بعض الفرق الدينية هو خوفها من اضطهاد مجاوريهم لهم ولا سيما المسلمون. بل كانوا يخافون الموت لعدم وجود كتب بأيديهم تعتبر منزلة في نظر الغير. ولهذا كانت تلتجئ هذه الفرق أما إلى التكتم والتقية، وأما إلى احتلال الجبال وصياصيها. أو الديار البعيدة عن العمران والحضارة، يرى ذلك في الفرق النصرانية التي حينما كانت تضطهد في سورية وفلسطين كانت تلتجئ إلى الجبال المتوحشة أو إلى بعض ديار جزيرة العرب وذلك قبل الإسلام، حينما كانت تلك الجزيرة ميداناً تنزل فيه البدع والنحل وأنواع الشيع المتمزعة. الخاتمة هذا ما وصلت إلينا تتبعاتنا وتحققاتنا في هذا البحث. وإذا كان لأحد القراء ما يزيد الموضوع سعة، فليتفضل به علينا ونشكره عليه سلفاً.

ونحن نكرر هنا شكرنا لحضرة الورتبيد الهمام والمحقق الجليل نرسيس صائغيان الذي لولاه لما وصلنا إلى شيء ولا من هذه التتبعات التاريخية، فهو الذي عربها لنا من المجلة الأرمنية وأملاها علينا. وفي الختام نتعجب من أن معلمة الإسلام التي ينشرها المستشرقون الإفرنج خالية من هذا الموضوع الطريف. فقد جاء فيها ذكر الشمسية في مظنتها، لكن لا بالمعنى الذي عالجناه في السنة الماضية وفي هذه السنة، بل بمعنى طريقة من طرائق الدراويش اشتهرت باسم شمس الدين أبي الثناء احمد بن أبي البركات محمد السيواسي أو سيواس زاده الذي يعرف أيضاً باسم قره شمس الدين وشمسي وقد توفي في سنة 1009هـ أو 1600 أو 1601 م) إلى آخر ما قال، وليس له أدنى اتصال بما تعرضنا له. فأنت ترى من هذا أن معلمة الإسلام ناقصة في أمور كثيرة معيبة أيضاً من عدة وجوه، وإن كان كتبتها من ابرع كتاب الغرب وأشدهم إمعانا في المباحث الشرقية. تكملة لعبادة الشمس عند جاهلية العرب قال نشوان بن سعيد الحميري في كتابه: (شمس العلوم. ودواء كلام العرب من الكلوم): إن عبد شمس من أسماء العرب: وأول من سمي بهذا الاسم سبأ الأكبر بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود النبي عليه السلام، لأنه أول من عبد الشمس. وسمي سبأ، لأنه من سبا من العرب. قال فيه بعض أولاده: ورثنا الملك من جد فجد ... وراثة حمير من عبد شمس وقيل: الشمس: اسم صنم. . .) أهـ المطلوب من نقله. وقال السيد مرتضى شارح القاموس: (أضيف (عبد شمس) إلى شمس السماء، لأنهم كانوا يعبدونها. وهو أحد الأقوال فيه. وقيل: إلى الصنم والنسبة عبشمي) أهـ - قلنا: ويسمى عابدها عندهم المشمس. قال في التاج (التشميس: عبادة الشمس. يقال: هو مشمس: إذا كان يعبدها؛ نقله الصاغاني.) أهـ

لسان العصافير

وجاء في الأغاني (3: 191 من طبعة بولاق). (قال الزبير: قال أبو عمرو الشيباني: قال أبو بكر الهذلي: قال: قلت لعكرمة: ما رأيت من يبلغنا عن النبي، صلى الله عليه وسلم، انه قال لامية: آمن شعره، وكفر قلبه، فقال: هو حق. وما الذي أنكرتم من ذلك؟ - فقلت له: أنكرنا قوله: والشمس تطلع كان آخر ليلة ... حمراء مطلع لونها متورد تأبى فلا تبدو لنا في رسلها ... إلاَّ معذبة وإلا تجلد فما شأن الشمس تجلد؟ - قال: والذي نفسي بيده: ما طلعت قط حتى ينخسها سبعون ألف ملك يقولون لها: أطلعي فتقول: أأطلع على قوم يعبدوني من دون الله؟ - قال فيأتيها شيطان حتى يستقبل الضياء، يريد أن يصدها عن الطلوع. فتطلع على قرنيه، فيحرقه الله تحتها. (وما غربت قط إلاَّ خرت لله ساجدة، فيأتيها شيطان يريد أن يصدها عن السجود، فتغرب على قرنيه، فيحرقه الله تحتها. وذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: تطلع بين قرني شيطان، وتغرب بين قرني شيطان.) انتهى. لسان العصافير وقع نظري الآن على المقال المنشور في مجلتكم لغة العرب الزاهرة، بعنوان (الزقزقة أو لسان العصافير). إن هذه اللهجة معروفة لا بل مشهورة في بغداد. يتكلم بها كثير من الرجال والسيدات، لا سيما أولئك الذين لا يحسنون إحدى اللغات الأجنبية. وقصدهم من ذلك أن يكتموا من الغريب موضوع خطابهم ويقال لهذه اللهجة لسان العصافير أو لسان الطير. وتختلف اللهجة حيناً بإقحام الزاي بين كل مقطعين من مقاطع الكلمة. ومنهم من يقحم الفاء عوضاً عن الزاي وربما أقحموا بدلهما غيرهما من الحروف كالراء. وقد سمعت هذه اللهجة منذ طفولتي من والدتي. ومن غريب المصادفات زرت أمس الغابر إحدى العائلات المحترمة وكانت سيدتان تتكلمان (لسان الطير) على سبيل التفكهة. وكان اللفظ المقحم (الفاء). بغداد في 31 - 1 - 31: يوسف غنيمة

أيتها الطبيعة!

أيتها الطبيعة! للأستاذ جميل صدقي الزهاوي لقد كان منك إليك السبيل ... فما أزعج الراحلين الرحيل رحيل الشعور إلى اللاشعور ... وذلك لا لام هذا مزيل وليس أمام الرحيل زماع ... وليس وراء الرحيل قفول ليس طريق الردى موعرا ... فيتعب صاحبه أو يطول يزول الفتى وشعور الفتى ... ويبقى هنالك ما لا يزول لانت الحياة تحول سريعاً ... وأنت البوار الذي لا يحول وصوتك عذب على كل سمع ... ووجهك في كل عين جميل

وأنت لنا في البداية أم ... وأنت لنا في النهاية غول نهار لمن هو يحيا تصير ... وليل لمن هو يردي طويل ظهور وبعد الظهور خفاء ... طلوع وبعد الطلوع أفول حارب بعضك للفوز بعضاً ... وأنت الدروع وأنت النصول وما الحزم في القلب إلاَّ هدى ... ولا العقل في الرأس إلاَّ رسول وان الحياة إذا أعوزت ... ينازع فيها الشباب الكهول بأيدي الفريقين منهم سيوف ... (بها من قراع الدروع فلول) وللحي دون الهلاك بقاء ... ولكن هذا البقاء قليل وبين العيون على قربها ... ووجه الحقائق ستر يحول ألا ليت شعري ماذا أرى ... إذا ارتفعت لي عنها السدول حقائق قد أعجزت كل رأس ... واعجز ما في الرؤوس العقول أليس هنالك من ومضة ... أكل مقاربة مستحيل إذا نكل المرء عن ظنه ... فليس يعاب عليه النكول تؤول حياتي بعد الردى ... ولكن إلى أي شيء تؤول أسير بليل من الشك داج ... على ضوء عقل وهو ضئيل وأن الطبيعة في سيرها ... لها سنن ليس عنها حويل وما الكون اجمع إلاَّ أسير ... وهذي النواميس إلاَّ كبول إذا ما شكا الشيخ طول سنيه ... فهل هو من طولهن ملول رأيت ضحى اليوم محلولكا ... فإذا عسى أن يكون الأصيل وأرسل طرفي إلى ما بقربي ... فيرجع طرفي وهو كليل ومما تفاوتت الناس فيه ... حظوظ تنال وأخرى تنيل

هناك منازل في البعض منها ... هتاف وفي البعض منها عويل وأحقر بفسل يضام فيبقى ... مقراً على الضيم وهو ذليل وأكرم بحر له مهجة ... على غير حد الظبا لا تسيل سيبقى على جهله جيلنا ... ومن بعد ذلك جيل وجيل وقاطعني كل من كان حولي ... فأصبح بالناس رأيي يفيل ولم يبق بي سائلا غير صحبي ... على أن خطبي بصحبي جليل وأن الحفير لا خر بيت ... به يجد الراحتين النزيل وليس ثقيلا على ميت ... تراب على الوجه منه مهيل وصيرني مبغضاً للحيا ... ة داء بعظم نخاعي وبيل فيا موت أنت سبيل السلام ... وأنت لمثلي نعم السبيل سيبقى شقائي بقاء حياتي ... فان هي زالت فهذا يزول وما من بقاء لمن هو حي ... من الهالكين تباعاً سليل على أن ظن الفتى جزؤه ... فليس يغير منه الدليل أقول لمن هم يبغي انتحاراً ... وفي قلبه اليأس نار أكول تريث فان الذي تبتغيه ... سيأتيك من نفسه يا عجول وان الزمان بتحقيق ما ... لك اليوم لم يتحقق كفيل وأني تحملت عبء الحياة ... على أن عبء الحياة ثقيل كأني إذا حم موتي عان ... على رأسه سل سيف صقيل وأني لسمح بكل عزيز ... ولكنني بحياتي بخيل وأني على كبرتي هذه ... أود لو أن بقائي يطول

من كلام الجاحظ

من كلام الجاحظ هذا كلام للجاحظ في كتابه (المعنون بالأخبار) نقله عنه الإمام المهدي لدين الله احمد بن يحيى في كتابه (المنية والأمل) قال: قال الجاحظ أن الناس يخصون الدين من فاحش الخطأ وقبيح المقال ما لا يخصون به سواه في جميع العلوم والأداء والآداب والصناعات. إن الفلاح والصانع والنجار والمهندس والمصور والكاتب والحاسب من كل أمة وملة لا تجد بينهم من التفاوت في العقل والصناعة ولا من فاحش الخطأ وإفراط النقص كالذي تجده في أديانهم وفي عقولهم عند اختبار الأديان. والدليل على ما وصفت لك أن الأمم التي عليها المعتمد في العقل والبيان والرأي والأدب والاختلاف في الصناعات أربع: العرب والهند والروم والفرس. ومتى نقلتهم من الدنيا إلى علم الدين حسبت عقولهم مختبلة وفطرهم مسترفة كالعرب فأنها مخصوصة بأجود البيان الذي ليس كمثله بيان واللغة التي ليس مثلها في السعة لغة وقيافة الأثر مع قيافة البشر وليس في الأرض قوم غير العرب يرون المتباينين في الصورة المتفاوتين في الطول والقصر المختلفين في الألوان فيعلمون أن هذا الأسود ابن لهذا الأبيض وهذا الطويل ابن لهذا القصير وهذا القبيح عم هذا المليح. وللعرب الشعر الذي لا يشاركهم فيه أحد من العجم. وقد سمعت للعجم كلاماً حسناً وخطباً طوالاً يسمونه أشعاراً فأما أن لهم شعراً له اعاريض معلومة وأوزان معروفة إذا نقص منها أو زاد حرف أو تحرك ساكن أو سكن متحرك كسره وغيره فليس يوجد ذلك إلاَّ للعرب خاصة دون غيرهم وليس في الأرض قوم عني بذم جليل القبيح ودقيقه وبمدح دقيق الحسن وجليله مثل العرب حتى لو جهد أفطن البريئة واعقل الخليقة أن يذكر معنى لم يذكروه لما أصابه. وللعرب من صدق الحس وصواب الحدس وجودة النظر وصحة الرأي ما لا يعرف لغيرهم ولهم العزم الذي لا يشبههم فيه عزم والصبر الذي لا يشبهه صبر والجود والأنفة والحمية التي لا يدانيهم أحد فيها ولا يتعلق بها رومي ولا

هندي ولا فارسي بل هذه الأمم كلها يخالف العرب. ثم لهم من بعد الهم والطلب بالطوائل ما ليس لغيرهم مع المعرفة بمساقط النجوم والعلم بالأنواء وحسن المعرفة مما يكون منها للاهتداء ولهم حظ العربية مع الحفظ لأنسابهم ومحاسن أسلافهم ومساوئ اكفائهم والتعيير بالقبيح والتفاخر بالحسن ليجعلوا ذلك عوناً لهم على اكتساب الجميل واصطناع المعروف ومزجه لهم عن إتيان القبيح وفعل العار ليؤدبوا أولادهم بما أدبهم به آباؤهم ثم الحفظ الذي لا يقدر أحد على مثله وان دونه وخلده في كتبه لا تصاب إلاَّ فيهم وذلك أن العي والبيان في كل قوم منثور متفرق ولست ترى واحداً في البادية غبياً رأسا ً على انهم وان تفاوتوا في البيان فليس بمخرج أخسهم إلى العي. وفيهم أيضاً خصلة لا تصاب إلاَّ فيهم وذلك أن سفلة كل جيل وغفلة كل صنف إذا أشتد تشاجرهم وطالت ملاخاتهم وكثر مزاحهم والدعابة بينهم وجدتهم يخرجون إلى ذكر الحرمات وشتيمة الأمهات واللفظ السيئ والسفه الفاحش ولست بسامع من هذا حرفاً في البادية لا من صغيرهم ولا من كبيرهم ولا جاهلهم ولا عالمهم وكيف يقولون هذا والحيان منهم يتفانيان في دون ذلك. وليس في الأرض صبيان في عقول الرجال غير صبيانهم وكل شيء تقوله العرب فهو سهل عليها أو كطبيعة منها وكل شيء تقوله العجم فهو تكلف واستكراه. وللعرب البديهة في الرأي والقول خاصة ولهم الكنى في الأسماء خاصة وقد زعم قوم من الفرس أن فيهم الكنى واحتجوا بقول عدي بن زيد: أين كسرى وكسرى الملوك أبو سا ... سان أم أين قبله سابور؟ وليس كذلك إنما كناه عدي بن زيد على عادته حين أراد تعظيمه أن صحت رواية هذا البيت فأما أبو عمرو بن العلاء ويونس النحوي وأبو عبيدة فرووا جميعاً أن عدياً قال: أين كسرى وكسرى الملوك أنو شر ... وان أم أين قبله سابور؟ فاخطأ الراوي الرواية وقيل ذلك عنه من لا علم له وليس في الأرض عجمي له كنية إلاَّ أن تكنيه العرب. قال الجاحظ وهم ما حكيت لك من حجة العقل وكرم الطبيعة وحسن البيان

وسعة المعرفة وجودة الرأي وشدة الأنفة يعبدون الحجارة ويحلفون بها ويتحامون كسرها وينكسون لها ويدعونها آلهة ويخاطبونها ولا يتجبرون عليها وينكرون على من ينقصها ثم مع ذلك ربما رموا بها واتخذوا سواها ثم كانوا يرون أن الرجل منهم إذا مات فلم يأخذ ولية بعيره فيحفر له حفرة ثم يقيده على شفيرها ويطرح برذعته على وجهه ورأسه ثم لا يسقيه ولا يعلفه حتى يموت. إن ذلك الرجل الميت يجيء يوم القيامة حافياً راجلاً فإذا فعل ذلك أتى راكباً وذلك البعير يسمى البلية. قال ابن مقبل: كالبلايا رؤوسها في اللوايا. وقال آخر: منازل لا ترى الأنصاب فيها ... ولا حفر البلايا للمنون ويقولون أيما رجل قتل فلم يطلب وليه بدمه خلق من دماغة طير يسمى هامة فلا يزال يزقو على قبره وينعى إليه حتى يبعد قال شاعرهم: فان تك هامة بهراة تزقو ... فقد أزقيت بالمروين هاما ومن ثم كانوا يستسقون للميت وكانوا يقولون أيما شريف قتل فوطئته امرأة مقلات، عاش ولدها. قال بشر بن أبي حازم الأسدي: تظل مقاليت النساء بطأنه ... قلن ألا يلقى على المرء مئزر وكانوا يقولون أن الرجل إذا ملك ألفاً من الإبل أن السواف يأتي على ابله فيفقأ عين الفحل فان زادت على ألف فقأ عينيه جميعاً فذلك المفقأ والمعمى قال الشاعر: فقأت لها عين البعير تفقداً ... وفيهن زعلا المسامع والجرن (كذا) وكانوا إذا أجدبت بلادهم، فأرادوا الأستمصار، اخذوا بعيراً أورق، فشدوا في أذنيه العشر، والسلع، وصعدوه في الجبل وأشعلوه في أذنيه النار، ودعوا وتضرعوا ويزعمون انهم أن لم يفعلوا ذلك، لم يستجب الله منهم وكانوا، إذا وقع العرفي الإبل، يأخذون بعيراً سليماً لا عيب فيه فيقطعون مشفره ثم يكوونه ليذهب العر عن سائر الإبل وإلا فشافيها. قال النابغة: وحملتني ذنب امرئ وتركته ... كذي العر يكوى غيره وهو راتع وكان الرجل منهم إذا غزا، عقد خيطاً في ساق شجرة، إذا رجع ورآه منحلا

فقد خانته قعيدته بزعمهم، وان رجع ووجده بحاله، فقد حفظت نفسها له. قال الشاعر: هل ينفعنك اليوم أن همت بهم ... كثرة ما توصي وتعقاد الرتم والرتمة: اسم الخيط بعينه. وكانوا يقولون: إذا احب الرجل المرأة وأحبته، فان لم يشق عليها برقعها وتشق عليه رداءه، فسد حبهما، وان فعلا ذلك دام حبهما. قال عبد بني الحسحاس: وكم قد شققنا من رداء ومئزر ... ومن برقع عن طفلة غير عانس إذا شق برد شق بالبرد مثله ... دواليك حتى كلنا غير لابس هذا مع إيمانهم بالعدوى والجن، وتكون الغيلان، وان الجن هي التي طردت أهل وبار عن ديارهم، وصارت الجن سكانها فليس بها إلا الجن والوحش. ومع مذهبهم في الحام والبحيرة، والوصيلة، والسائبة، وسيأتي تفسيرها. وأمور كثيرة لا يحتاج إلى ذكرها، وإنما أردنا أن تعرف الناس التفاوت ما بين حال العاقل في دنياه ودينه، فإذا صار إلى التكذيب والتصديق. والإيمان والكفر، صار إلى غير ذلك الذي كان عليه من التمييز. قال الجاحظ: ثم ملنا إلى الهند، فوجدناهم يقدمون في الحساب والنجوم، ولهم العلم الهندي خاصة، ويقدمون الطب، ولهم أسرار الطب، وعلاج فاحش الأدواء خاصة، ولهم خرط التماثيل، ونحت الصور، مع التصوير في الأصباغ وكوى المحاريب وأشباه ذلك. ولهم الشطرنج، وهو اشرف لعبة، وأكثرها تدبيراً. ولهم صنعة السيوف الهندية. ولهم الكنككة وهي وتر واحد على قرعة، فيقوم مقام العود والضنج. ولهم ضروب الرقص والخفة. ولهم الثقافة خاصة.

ولهم السحر والترصد والخطب الطوال. ولهم الرأي والنجدة والصبر، وليس لأحد من الصبر ما لهم، ولهم الأخلاق المحمودة والسواك والخضاب. وهم مع ما ذكرنا أصحاب بددة وهي جمع بد. والبد الصنم، ينحتونها بأيديهم ثم يعبدونها ويجعلون لهم بيوتاً كمساجد المسلمين، وفيها بنات رؤسائهم موهوبة لتلك البددة على وجه التقرب بها، والنذر، والكفارات، وتلك النساء واقفة للفساد والفجور يأمرها أهلها بذلك. ويرون أن لهم فيه أجراً عظيماً. ولهم عباد ورهبان متجردون عن اللباس يدعون الزهد في الدنيا، لا يمسون الماء ويتبركون بأوساخهم، ويختبرونهم بتلك النساء وملاعبتها، فمن اشتاق من أولئك العباد إلى تلك النساء. وهاج فقد كفر كفراً عظيماً؛ واتى بأعظم منكر، وألحقوه أنواع العذاب والنكال، وقتلوه. هذا في الزهاد خاصة، فأما غيرهم منهم، فلا ينكرون عليه الفجور بتلك النساء، وإذا اشتاق الهنود إلى زيارة موتاهم، أضرموا النيران، وحملوا معهم الهدايا واللطائف، وتضمخوا بالصندل وتكفنوا، ورموا بأنفسهم في تلك النيران، ويزعمون انهم يرجعون إلى أهليهم إذا قضوا وطراً من زيارة موتاهم. وهذا عجيب في جميع الهنديين، إذ يرى دقة النظر في دنياهم وجهالاتهم في دينهم. قال الجاحظ: ثم ملنا إلى الروم فوجدناهم أطباء وحكماء ومنجمين ولهم أصول اللحون وصنعة القرسطون. وهم الغايات في التصوير، يصور مصورهم الإنسان، حتى لا يغادر شيئاً، ثم لا يرضى بذلك حتى يصوره شاباً، وان شاء كهلا، وان شاء شيخاً، ثم لا يرضى بذلك حتى يصوره باكياً، أو ضاحكاً، ثم لا يرضى بذلك حتى يجعله جميلا ناعماً، عتيقاً، ثم لا يرضى بذلك حتى يفصل بين ضحك الشامت، وضحك الخجل، وبين المتبسم والمستعبر، وبين ضحك السرور، وضحك الهازئ وضحك المتهدد، فيركب صورة في صورة، وصورة في صورة، وصورة في صورة. ثم لهم في البناء ما ليس لغيرهم، ومن الخرط، والنجر، والصناعة، ما ليس

لسواهم ثم هم مع ذلك أصحاب كتاب وملة، ولهم من التدقيق في المكيدة ما ليس لغيرهم. ثم هم مع ذلك أجمع يرون أن الإلهة ثلاثة: بطن اثنان (كذا) وظهر واحد (كذا)، كما لابد للمصباح من الدهن والفتيلة والوعاء، فكذلك جوهر الآلهة. فزعموا: إن مخلوقاً استحال خالقاً، وان عبداً تحول رباً، وان حديثاً انقلب قديماً، إلا انه قد قتل. وصلب بعد هذا، وفقد (كذا) وجعل على رأسه إكليل الشوك، ثم أحيا نفسه بعد موته. وإنما أمكن عبيده من أخذه وأسره وسلطهم على قتله، وصلبه ليؤاسي أبناءه بنفسه، وليحبب إليهم التشبه به، وليستصغروا جميع ما صنع بهم (كذا)، ولئلا يعجبوا بأعمالهم فيستكثروها لربهم، فكان عذرهم اعظم من جرمهم. فلولا أنا رأينا بأعيننا، وسمعنا بآذاننا لما صدقنا، ولا قبلنا أن قوماً متكلمين، وأطباء، ومنجمين، ودهاة، وحساباً، وحذاق كل صنعة، يقولون في إنسان رأوه يأكل ويشرب، ويبول، وينجو، ويجوع، ويعطش، ويكتسي، ويعرى، ويزيد، وينقص، ثم يقتل بزعمهم ويصلب. إنه رب خالق، وانه قديم غير محدث، يميت الأحياء، ويحيي الموتى، وان شاء. . . في الدنيا، ثم يفتخرون بقتله. . . اليهود. (كذا. وفي هذه العبارات العائدة إلى الروم كلام مغلق غير واضح ولا متسق. وما كان منقطاً هو محذوف في الأصل. ل، ع) قال الجاحظ: ثم ملنا إلى فارس، فوجدنا هناك العقول التي لا تبلغها عقول، والأحلام التي لا تشبهها احلام، والسياسة العجيبة. والملك المؤيد بتدبير الأمور، والعلم بالعواقب، ثم كانوا مع ذلك يغشون الامهات، ويأكلون الميتة، ويتوضأن بالأبوال، والماء موجود عندهم، ويعظمون النار، وهم أظهروها، وإن شاءوا أطفأنها. ويقولون أن الله كان وحده لا شيء معه،

فلما طالت وحدته استوحش؛ فلما استوحش فكر فلما فكر تولد من فكرته اهرمن، وهو ابليس، فلما مثل بين يديه أراد قتله، فلما أراد قتله امتنع، فصالحه إلى أجل معلوم، وأودعه إلى مدة مسماة، على أن لا يمتنع عليه إذا استوفى الاجل، وبلغ المدة، ثم أن اهر من نوى الغدر، وذلك لهيمنته فانشأ يخلق أصناف الشر، يستمد بها عليه، فلما عرف بذلك منه، أنشأ أصناف الخير، ليضع بازاء كل جند جنداً، وله بعد ذلك فضل قوته، وانه يسمى القديم دونه. ثم قالوا في قسمة العوالم عندهم، وفي أسمائها وجواهرها، وهيئاتها، وفي خلق مهنه ومهينه وهو آدم وحواء، وفي لسومن المنتظر عندهم، ما لا يستطيع وصفه أحمق منقوص. ولا عالم تام، ولو جهد كل جهده، واستفرغ كل قوته. قال الجاحظ: ووجه آخر يستدل به على قلة عناية الناس بأكثر (كذا، ولعلها بأمر) الدين وأن شأنهم تعظيم الرجال، والاستسلام للمنشأ، والذهاب مع العصبية والهوى، والرضا بالسائق إلى القلوب؛ واستثقال التمثيل، وبغض التحصيل، ما نجد من اعتقاد أكثر البصريين، وسوادهم، لتقديم عثمان بن عفان، ومن اعتقاد أكثر الكوفيين لتقديم علي بن أبي طالب (ع) ومن اعتقاد أكثر الشاميين لدين بني امية، وتعظيم عثمان، وحب بني مروان أهـ. زنجان (إيران) في 7 ربيع الآخر 1348: أبو عبد الله الزنجاني (لغة العرب) تأخر نشر هذه المقالة لوقف الجزءين الأخيرين من هذا المجلة على الفهارس ولإتمام ما كان حضرة الدكتور داود بك الجلبي قد بعث به إلينا من رسائل الجاحظ. فنطلب المعذرة من حضرة صديقنا الجليل الشيخ أبي عبد الله.

جامع سراج الدين وترجمة الشيخ

جامع سراج الدين وترجمة الشيخ - جاء في ص41 من تاريخ مساجد بغداد عن هذا المسجد (وهو من مساجد بغداد القديمة واقع في محلة الصدرية قرب محلة الشيخ عبد القادر الجيلي وهو واسع المصلى فسيح الساحة رصين البناء مشيد الأرجاء على مصلاه قبة عظيمة وحولها مئذنة شامخة وفيه خطيب وأمام ومؤذن وخدام. . .) (وقد جدد عمارته والي ولاية بغداد حسين باشا عام 1131 وزخرف قبر الشيخ سراج الدين المدفون في هذا الجامع على ما نطق به التاريخ المنقوش في لوح المرمر الذي على القبر وهذا نصه: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا مرقد الشيخ سراج الدين - ق - العزيز عمره آصف الزمان وخلاصة وزراء آل عثمان والمشار إليه بالبنان والي ولاية بغداد دار السلام الوزير المعظم والمشير المفخم أبو الخيرات حسن باشا أطال الله عمره وأبقاه ويسر له من الخير ما شاءه وارتضاه، ذلك سنة إحدى وثلاثين ومائة وألف للهجرة) وأوصل إلى الجامع ساقية من ماء دجلة وانشأ فيه سقاية يشرب منها المارون. والشيخ سراج الدين هذا من رجال الصوفية وله ذكر في كتاب: (تاريخ أولياء بغداد) وليس في هذا المقدار ما يوضح لمتطلع الأسرار ودونك ما كتبه قلمنا القاصر في ترجمة الشيخ سراج الدين: ترجمة السيد سراج الدين هو محمد سراج الدين على ما جاء في صدر كتابه. (صاحب الأخبار في نسب السادة الفاطمية الأخيار) أبن السيد عبد الله الرفاعي الوالد، المخزومي الوالدة. وقد جاء في ص 109 من كتابه المذكور (أعقب سيدنا السيد الوالد عبد الله نجم الدين المبارك - رض - جامع هذا المختصر الفقير إلى الله تعالى، محمد سراج الدين من الست سعدية بنت الأمير عبد الرحمن المخزومي صاحب

نجد) وقال في المقدمة: (والدتي الحسيبة النجيبة سعدية المخزومية بنت الأمير عبد الرحمن المخزومي صاحب أبن خالد الملقب لجوده بالسحاب ابن سليمان أبي المعالي بن محمد المعروف بابن الرئيس ابن الحاج جعفر أبي علي الرئيس المنيعي ابن سعيد بن حسان بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرحمن بن خالد) وكان - رحمه الله تعالى - طعاناً. فقد جاء في ص 19 من هذا الكتاب قوله في كتاب الثبت المصانبذكر سلالة سيد ولد عدنان (لسلامة مؤلفه من ضغائن الرافضة)، وفي ص 49 (وقد عني أهل البيت عليهم السلام في إفرادهم المكرمين وأئمتهم الطاهرين إمامة معنوية لا كما عناها الرافضة وهي الإمامة التي عناها جحاجحة الصوفية ووسموها بالقطبية الكبرى والغوثية العظمى والإمامة الجامعة وقالوا لصاحب مرتبتها الغوث والقطب وقطب الأقطاب) وسنذكر بعد هذا شيئاً من طعنه فتأمله في خلال الكلام. وهو يعتقد أن للأئمة تصرفاً في أجزاء الكون كما أعتقد الكشفية من غلاة الشيعة أن للإمام تفويضاً من الله تعالى في بعض الأمور ويدل عقيدته قوله بعد ما تقدم: (أعني القطب الغوث يتصرف في ذرات الأكوان وصاحب خلافة الظاهر ذرة منها. وروي العارفون من سلف أهل البيت أن الإمام الحسين لما أنكشف له في سره تدلي الخلافة الروحية التي هي الغوثية والإمامة الجامعة فيه وفي بنيه على الغالب أستبشر بذلك وباع في الله نفسه على أن الحجة المنتظر الإمام المهدي عليه السلام من ذريته الطاهرة) فهو يعتقد ظهور المهدي كالأمامية والمعتزلة. وقوله الأخير في الحسين - ع - ونهضته، ينقض مؤاخذته الرافضة على قولهم أن الإمامة جوهرية معنوية لأن الخلافة الروحية لا تستوجب سل السيوف ولا خوض الحتوف فتأمل ذلك - رعاك الله - وشر القول ما نقض نفسه.

ويؤكد اعتقاده ظهور المهدي قوله كما جاء في ص 56 (فالحسن العسكري أعقب صاحب السرداب الحجة المنتظر ولي الله الإمام محمد المهدي) ومن انتقاده ابن عقبة صاحب عمدة الطالب قوله كما في ص 78: (ومن النقول السابقة واللاحقة يتضح لكل ذي عقل قبح فرية النجفي ووسيته (كذا لعلها ودسيسة) وفضيحة ابن عقبة صاحب عمدة الطالب باتباعه له) وفي ص 76 (انتهى ما خلطه النجفي من خرافته وتبعه على ذلك ابن عقبة لحماقته وجهله) وفي ص 83: (والقصد من ذكر هذه المباحث رد أكاذيب الرافضة عليهم وتنبيه من اتبعهم كابن عقبة أخذاً بدسيستهم عن غير (كذا) بغياً واتباعاً لزمرة الغي) قلنا: ولا غرابة في رده من يدعون انه دعي لا علوي فالمرء حريص على مراده. وكان يقول الشعر فمن قريظة يمدح السيد أحمد الرفاعي - رض - قوله كما في ص 91: برقعتك العناية الأزلية ... يا رفاعي بالبرود السنية غزلها من وشيج نور كريم ... نسجته الأصابع الصمدية وتدلت إليك طي تراث ... عن علي والبضعة النبوية شدت بالمشرقين بيتاً رفيعاً ... حسدته الكواكب الذرية ملا المغربين عرفاً زكياً ... وكذا نفحة الأصول الزكية وعلى منبر الكلام خطيباً ... قمت تهدي للأمة الأحمدية راقبتك القلوب تطلب فيضاً ... من فيوضات قلبك القدسية واكثر ما في كتابه صحاح الأخبار منقول من عمدة الطالب في انساب آل أبي طالب لابن عقبة أو عنبة أو عتبة لكنه لم يشر إلى ذلك وقد علمنا أن مراده بالكتاب إثبات علوية الرفاعي أحمد - رض - والجيلي عبد القادر - رض - وأعقاب خالد بن الوليد. فأما إثباته الأول فلأنه جده لابيه، وأما الأخير فلأنه جده لامه. قال في أول الكتاب المذكور (فخالد أعقب محمداً وعبد الرحمن وسليمان ولكلهم ذرية. وأما ما رواه العلامة ابن الأثير الموصلي في تاريخه من انقراض عقبة وان النسابين أجمعوا على ذلك فهفوة مؤرخ لا يعبأ بها على إن إجماع النسابين على أن لا عقب له في المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام

وهذه الكلمة التي أوهمت ابن الأثير - رحمه الله - وقال بانقراض الذرية الخالدية بلا تؤدة ومثله ما حكاه العدواني - رحمه الله - ولا ريب لدى عامة المحققين من النسابين كابن السمعاني وعبد الغافر وغيرهما في أن عقب سيدنا خالد منتشر في الشام ونجد والعراق ومنهم بمرو الروذ وبلاد الأفغان وهم ألوف مؤلفة وصفوف مصففة وعصائب وافرة بادية وحاضرة) أهـ. ومما عثرنا في كتابه صحاح الأخبار قوله كما في ص 102 (السيد مصلح الدين نزيل بنديج المندلي من أعمال بغداد) وفي ص 103 (فأما السيد ملك سافر (كذا) العراق وسكن بندنيج المندلي من أعمال بغداد وأعقب بها ذرية) فهذا طور من أطوار تحول البندنيجين وفي ص 106 (باماسية بلدة في الانادول الأقصى) وفي ص 21 (إن مولانا أباه السيد شمس الدين محمداً اجتمع بأم عبيدة على السيد الجليل مؤيد الدين أبي النظام عبيد الله لقيب واسط) فقد استعمل (اجتمع عليه) وكررها ص 11 وفي ص 123 قول عبد السلام العباسي: (فقمت مندهشاً) من الاندهاش. وقول أبيه السيد عبد الله كما في ص 111: (فاللازم عليه أن يفارقه) وسافر سراج الدين إلى الشام كما ذكر في كتابه والى مصر كما في ص 118 وأعقب أولاداً قال عنهم في خلال كلامه: (وقد رزقني الله فضلا منه وكرماً أولاداً موفقين على الكتاب والسنة راضين باليسير يذكرون الله ولا يعتمدون على غيره، وهم أحمد ومصلح الدين ومحمود وأمهم السيدة الطاهرة مريم بنت السيدة بركات الموسوي الحسيني وكانت قانتة خاشعة، ومحمد ملاذ وعلي تاج الدين ومحمد وبدر الدين وموسى وأمهم الشريفة سعدية بنت الشيخ الصالح محمد بن الشريف العابد علي بن عبد الوهاب الحيالي القادري من آل الشيخ الجليل القطب عبد القادر الجيلي - رض - وكانت قانعة جيدة الخلق دينه صالحة رحمها الله، وشرف الدين صالح وأمه أم النصر علوية بنت السيد شعبان الرفاعي وهي في الحياة ذات دين، وقطب الدين محمد وبديعة التي سبق ذكرها وأمهما الخاشعة الزاهدة العارفة بالله حسيبة بنت الشيخ أبي بكر الأنصاري العارف. فلأحمد: سليمان وحده، ولمصلح الدين: أحمد الرفاعي وإبراهيم، ولمحمود: سعد الدين وحده. ولمحمد ملاذ: أبو النصر بركات، ولعلي تاج الدين: رجب

البسذ والمرجان

وسلامة وعلي المهذب. ومحمد وبدر الدين اعزبان؛ وموسى كذلك أعزب، ولشرف الدين صالح: عز الدين أحمد وأم الخير وفاطمة وأم كلثوم، ولقطب الدين محمد: يحيى أبو السعود. وللشيخ سراج الدين غير صحاح الأخبار كتاب (البيان في تفسير القرآن) و (سلاح المؤمن في الحديث) و (النسخة الكبرى في ما خاض أهل العلم الحرف) و (جلاء القلب الحزين) في التصوف وغير ذلك؛ عرفنا هذه الكتب من آخر كتابه صحاح الأخبار ففيه ترجمة مختصرة للطابعين وجاء فيها (وسكن آخر عمره بغداد حتى مات بها - رض - سنة خمس وثمانين وثمانمائة وله من العمر اثني (كذا) وتسعون سنة) وفي وسطها (ولد السيد سراج الدين - رض - سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة بواسط العراق) وما جئنا به يصلح أن يكون مختصر ترجمته والله ولي التوفيق. مصطفى جواد البسذ والمرجان البسذ (كسكر) المرجان. معرب. (القاموس) وفي مفردات ابن البيطار: بسذ هو القورل (وفي النسخة المطبوعة العزول وهو غلط)، وهو المرجان أيضاً. أهـ وفي محيط المحيط للبستاني البسد (بفتح الباء والدال المهملة) ويسمى القزول (كذا بهذا التصحيف الشنيع) وهو اسم لأصل المرجان وفرعه. وبعضهم يسمي الجميع بالمرجان. وبعضهم يقول المرجان أصل. والبسد فرع. وقوم يقولون العكس. وهو المشهور - أهـ - قلنا: والصواب أن اليسذ (كسكر وبذال معجمة وفي لغة هي إهمال الدال) هو ما يقابله بالفرنجية ليثودندرون ومعناه الشجرة المتحجرة وهي شجرة المرجان. وأما المرجان فهو فليحفظ للتحقيق والتدقيق.

العمارة والكوت

العمارة والكوت عود على بدء كتب الأديب الفاضل رزوق عيسى في (هذه المجلة 8: 785) سطوراَ عن الكوت مستنداً فيها إلى فريزر في كتابه المطبوع في سنة 1843 (1258هـ) أراد بذلك أن يؤيدني في أن اسم الكوت هو (كوت العمارة) وقد صور الاسم بالحروف اللاتينية مع علامة ملقاة على حرف ليقرأ عيناً. وإذ لم يشرع الإفرنج - على ما أظن - ولاسيما غير المستشرقين باستعمال هذه العلامة وأمثالها إذا ذاك ولم يكن بيد الكاتب إلاَّ الطبعة الثانية التي كانت في سنة 1924 على ما يبين من كلامه فالذي يتبادر البال إليه أن الكلمة في الطبقة الأولى غفل من هذه العلامة الفارقة. وإذا جاءت في الطبعة الثانية فللمعترض أن يقول أنها وضع ادخلها الناشر الأخير ولاسيما أن فريزر نفسه قد ذكر الكوت بغير علامة بصورة في كتاب المسمى رحلة في كردستان وما بين النهرين المطبوع في سنة 1840 (2: 122) لذلك كان النص الذي أورده الكاتب لا ينتفع به من الوجهة التي قصدها إلاَّ إذا بانت في الطبعة الأولى تلك العلامة على حرف ومع هذا فان النص لا يخلو من فائدة لم يتوخها الكاتب فقد جاء مؤيداً أن دجلة من الكوت فنازلا اسمها العمارة. وأني وقد ذكرني ذلك بما كتبه ريج المقيم البريطاني في كتاب حاو رحلاته (2: 165) في تاريخ 14 أيار سنة 1821 (1237هـ) وهاأنذا أضيف ما قاله معرباً إلى ما أوردته سابقاً وهذا قوله: (فقدمنا إلى في الساعة الثامنة وقد شيدت هناك قلعة

صغيرة من الطين وقرية جديدة بقربها تحت القديمة بقليل وهي بازاء فوهة الحي (شط الحي - الغراف). (وهنا خمسة بلوكات من عقيل العرب مرابطة تستوفي ضريبة على كل سفينة.) أهـ وجاء في آخر كتاب ريج ملحقات له جاء في أحدها (2: 385هـ) وصف سفره من بغداد إلى البصرة في آذار سنة 1811 (1226هـ) وفي ذلك قوله: (وصلنا عند الغروب (24 آذار) إلى وقد علمنا أن السير في الحي (شط الحي) غير ممكن لقلة عمق الماء فيه ولثقل السفن التي تؤلف كاراً فقررنا الانحدار مع دجلة، وهي حالة لا تجعلني آسفاً فأني كنت قد سافرت بطريق الحي ثلاث مرار لكني لم أر دجلة تحت الكوت.) أهـ ومما جاء في هذا الصدد ما قاله ميكنن فان فيه (ص 24) ما تعريبه عن تسمية دجلة (العمارة) تحت الكوت وهو هذا: (في 29 تشرين الأول (1827 - 1243) قدمت إلى الكوت وهو قرية حقيرة مؤلفة من مجموعة أكواخ مبنية من الطين يحيط بها سور كذلك من الطين. . .) ثم قال (ص 27): (وبازاء القرية (الكوت) جدول اسمه الحي (شط الحي) الذي يصب في شمال سوق الشيوخ. وضفاف الجدول مشهورة بأنها مأوى الأسود وغيرها من السباع الآن مجراه (مجرى شط الحي) خال كل الخلو (من الماء) لكنه يصلح لسير السفن خلال ثمانية اشهر من السنة. ومن هنا إلى فوهة نهر (الحد؟) يسمى هذا النهر أهـ. وأقوى حجة واسطع برهان على صحة كلمة (العمارة) وليس (الإمارة) ما جاء لعربي قدم على ابن سند مؤلف مطالع السعود بمائة من السنين وهو مصطفى

البغيلة

الصديقي البكري الذي زار العراق فأم البصرة في سنة 1139هـ (1726م) وأورد ما يلي في رحلته المسماة كشط الصدا وغسل الران في زيارة العراق وما والاها من البلدان: (ثم سرنا نحو العمارة وبتنا فيها ليلة الجمعة ثم عدلنا عن شط العمارة سالكين شط السابلة لأن العرب في ذلك الشط (شط العمارة) قطعت السابلة. .) أهـ وكان سفري في سفينة من بغداد إلى البصرة. فهناك منذ تلك الأيام حاضرة اسمها العمارة والشط التي عليه تلك الحاضرة فما تحت يسمى شط العمارة. يعقوب نقوم سركيس البغيلة بحث أحد الأدباء عن البغيلة في هذه المجلة (8: 43) ثم في كتابه موجز تاريخ البلدان العراقية (ص118). والبغيلة هي التي بدلت الحكومة اسمها بالنعمانية بعد مقاله في المجلة. ومما ذكره الكاتب إن إنشاءها كان في سنة 1303هـ (6 - 1885م) وان السلطان عبد الحميد حينما ابتاع أراضيها أمر ببناء محل للحكومة فكانت البغيلة في تلك السنة مركزاً للحكومة. هذا ما اطلعنا عليه الكاتب أما جريدة الزوراء في عددها المرقم 1068 والمؤرخ 12 صفر 1300 و11 كانون الأول 1298 (1882م) - أي قبل التاريخ الذي

عينه الكاتب بثلاث سنين - فأنها تقول في كلامها عن الجولة التي قام بها الوالي لتفقد شؤون الألوية، ما هذا بحروفه: (وان موقعي نهري البغيلة وشاذي الواقعين في قضائي العزيزية والجزيرة والمتخذين مركز ناحية، قابلان للمعمورية فحصل التفضل بالتزام وضع كل منهما في حال قصبة فمن هذين: البغيلة أمر (الوالي) بان يخطط فيها عدة دور ودكاكين بمعرفة المهندس أيضاً. وجرى الامتنان باستحصال الأسباب لتكون قصبة مكملة عن قريب. . .) أهـ وفضلا عن ذلك تجد في سالنامة بغداد لسنة 1300هـ (1882م) (ص 133) أن البغيلة ناحية مربوطة بقضاء الجزيرة ومديرها (بصيرت) أفندي كما انه جاء مثل ذلك في سالنامة 1301هـ (1883م) (ص135) مع ذكر الأسماء لأعضاء مجلس الإدارة وكذلك ذكر مأمور للأراضي السنية. أما اسمها في سالنامة هذه السنة فانه جاء (بقيان) فالظاهر انه غلط طبع فان لم يكن كذلك وكان اسماً جديداً وضعته الحكومة استبدالا إنها لم تحسن الاختيار مما أوجب الرجوع إلى اسمها البغيلة. ولم يرد (بقيان) إلاَّ في سالنامة تلك السنة فقط. فالبغيلة أذن كانت مركز ناحية في سنة 1300 وبقيت كذلك بعد تفوض السلطان بالطابو لأراضيها فكان فيها موظف للحكومة وموظف للأراضي السنية في وقت واحد كما رأينا. وبعد ذلك رقع المدير وهو موظف الحكومة وبقي موظف الأراضي السنية بدليل أن سالنامة سنة 1302هـ (1884م) (ص 110) لا تذكر موظفاً في هذه الناحية إلاَّ موظف الأراضي السنية. والظاهر أن نواة تأليف هذه القصبة اقدم عهداً من القرن الرابع عشر للهجرة بل ابعد مدى من أواخر القرن الذي سبقه. فقد ذكرت البغيلة في الكتاب الحاوي رحلات المستر ريج المقيم البريطاني (2: 164) بتاريخ 14 أيار سنة 1821 (1237هـ) واليك ما فيه معرباً:

(وفي الساعة التاسعة ونصف مررنا بالبغيلة هكذا صورها) وهي قلعة من الطين على الضفة اليمنى (لدجلة) تعود إلى شفلح (بفتح الشين والفاء وتشديد اللام مع فتحها أيضاً) شيخ زبيد وبقربها مضرب خيامه الخاصة بشخصه أهـ وقال كيبل (ص 114) بتاريخ 17 آذار سنة 1824 (1240هـ): (وفي الساعة الثانية بعد الطهر اجتزنا بشفلح (قلعة شفلح) الواقعة على منعطف فجائي للنهر وهي قلعة مبنية بالآجر يقيم فيها شيخ زبيد الزعيم العربي القوي الذي تمتد ديرته من الضفة اليمنى لشط الحي (الغراف) إلى بغداد. .) أهـ واخبرني ثقة من كبار الرجال ومن الزعماء من زبيد انه كان في صغره قد رأى بقايا قلعة شفلح مبنية بالآجر في موضع القصبة الحالية. وليس بين البغيلة والكوت أربعون ميلا كما قاله الفاضل، إذ أن في ذلك سهواً بيناً لعل الأميال تقل عن الثلاثين. هذا ما أردت تبيانه خدمة للتاريخ والحقيقة. يعقوب نعوم سركيس

آل الشاوي

آل الشاوي سليمان بك الشاوي 2 - شعره: لم نر إلاَّ القليل من شعره القديم - قبل وفاة والده - مثبتاً في مجموعة خطية ولم نعثر على كل شعره، خصوصاً ما كان في الأغراض السياسية لمعاناته لها، واهتمامه بها، بحيث صارت شغله الشاغل وهمه الوحيد. وجدت له قصيدة في الوزير عمر باشا، أيام نال الوزارة، فروج سياسته وانتصر لخطته، وذلك قبل أن تشتد البغضاء بينه وبينه، منها: ألبست خصمك حلي الغانيات وما ... أنجاه منك علوم الرمل والزبر ظن النجاة بغير البيض مكمنها ... وما درى سلفاً ما الصارم الذكر وخال أن الردى الذل مندفع ... وان ذا المكر لا يصطاده القدر ثم مضى في مدحه والثناء عليه حتى قال: عناصر الدين وافتنا مؤرخة ... وقمت بالعدل والإسلام يا عمر وله قصيدة أخرى، في مدح هذا الوزير وانتصاره عل الخزاعل منها: شم العرانين نالوا في العلى رتباً ... بالطعن والضرب وسط الهام بالسمر أسد رأوا طعنة الأعداء منقصة ... ما لم تكن في مبيح الثغر من ضجر وقد توصل إلى ذم الخزاعل بسبب عصيانهم، وأرخها سنة 1179هـ. وفي الدوحة أن هذه الوقعة حدثت عام 1178هـ. وله قصيدة أخرى في كسرة الخزاعل مطلعها: لولا ابتسامك لم تبك العيون دماً ... والسحب لم يبد منها الودق والمطر ومنها قال عن شيخ الخزاعل: وظن أن أبا الخطاب صولته ... لدى الوغى كعلي باشا الذي قهروا

حمود ويلك لا تغررك سابقة ... حمود فانج سريعاً أن ذا عمر إلى أن يقول عن الشيخ المذكور: ورام من شومه ملكا يدين له ... ملوك تبع أن غابوا وان حضروا وغره أن أعواناً له صبر ... على اللقا كل جمع أمهم كسروا وما درى أن مولانا الوزير أبا ... حفص يبيدهم قلوا وان كثروا ومضى في مدحه. والقصيدة طويلة. وأبياتها 41. وفي هذه الأبيات الثلاثة معنى واضح، فان العشيرة كانت تشعر بقوتها؛ وانه تنزع إلى العلو وترمي إلى الاستقلال، خصوصاً بعد أن انتصرت على الوزير علي باشا. ومهما غالى رجالنا في المماشاة للحكومة لا ينقصون من شأن القبيلة؛ وإنما يبدون حقيقة وضعها وان تجاوزوا في الذم إرضاءً للوزير. لذا لا نقدر أن نقف على حقيقة التاريخ ما لم نستنطق أناساً كثيرين خصوصاً من كانت نظرته صادقة. وبهذا كشف سليمان بك مكانة هذه القبيلة، وآمالها في وقت كانت السياسة في يد والده ولم يكن بينه وبين الحكومة عداء ما. ومن العبث أن نحاول تدوين التاريخ دون أن نستحكي الأشخاص العظام، لا الكتاب الرسميين المأجورين، فالنفوس الكبيرة تأبى الكذب، وان غالت في المدح أو الذم. وأما شعر المترجم بعد وفاة والده، فكاد يكون في حكم العدم. ونأمل أن يوافينا القراء بما لديهم، أو ما يعثرون عليه من شعره، سواء بعد وفاة والده أم قبل ذلك. ولهم الفضل. وهنا يلاحظ أن الأسباب التي دعت إلى إمحاء شعره في أغراضه السياسية ظاهرة المغزى. لأن بقاءها حينئذ يكون بمثابة دعاية مضرة وتشويق للقيام على الحكومة ومعاداتها. ولا عجب أن سعت هذه لمحوها، وأماتت كل ما من شأنه إثارة الخواطر، وتحريك الوتر الحساس، ولو بعد موت الوزير وموت الشاوي.

وعلى كل حال، أن المترجم كان في هذه المدة في وئام مع الوزير، ولكن الأيام لا تقصر حوادثها الوبيلة على القضاء على السياسة الموافقة لها وعلى آثارها، بل أبادت ما في المحيط من آثار آخر مهمة. رأيت مقطوعة للمترجم، قالها في أثناء مخاصمته للوزير سليمان باشا، وتغلبه على جيشه، ذكرها العمري في (غرائب الأثر) وكان أرسل بها إلى الوزير معرضاً بعدوه الألد احمد باشا الخربنده. قال: يا زارعاً بيمينه ... شجر المودة بالسباخ (بالصباخ. كذا) ومنوماً بيض القطا ... تحت الحدا يبغي الفراخ (ورد (منيماً)) ذهب الزمان بأهله ... فاختر لنفسك من تؤاخ إن الذي تودهم ... هم ناصبون لك الفخاخ ولم تظهر هذه الأبيات للوجود، حتى قام الشعراء لتشطيرها وتخميسها. مما يدل على أن في القوم روحاً حساسة، تشعر الحادث، وتأخذ بالإشارة، وتندد بمن سخط عليه القوم. أقوال الأدباء فيه: لا يسعنا هنا أن نذكر كل ما قيل فيه، ولكننا نقتصر على أديب مشهور، هو البيتوشي وكان بعث برسالة إليه ولا يزال أبوه آنئذ في قيد الحياة. نختار منها ما نصه: (إلى جانب من لا ينبح كلبه ضيفه، ولا تخمد ناره شتاءه وصيفة، حلال أفانين المشكلات، ومقيد أوابد المعضلات، ذي الكمال المالك ملاك الكمال، والعبارة البارعة على كل ما يقال، أعني به سيدي سليمان بك، لا زال جيد الزمان متحلياً بحلي أياديه؛ وفضائله مردية لا عاديه. وبعد فيا سيدي! العبد منذ أزمان، ولست في هواك ممن نام أو مان، يأمل من الله الوصول، إلى شريف الخدمة وهو لفم المحصول، وكلما رحلت عيسي، وقلت طوبى لك ولنفسي، حلت أيدي المقادير تلك العقد، وشكلت رجلي بحبل من مسد. وما ذاك، لا يخلو ذراك، إلاَّ من جدي الناقص، وحظي

الناكص، وواثق الرجاء ممن فرج الأحزان عن يعقوب، أن تستخلص عن قريب القابة من القوب، وتتسنم مطايا كل مطلوب. وان بلغت وقف نفسي، للوقوف بخدمة فرقدي هالة نفائس العلوم، وقطبي دائرة المنطوق والمفهوم، سيدي سلطان بك ومحمد بك، والنجوم العالية السامية من الأخوان الباقية. . . فهو المأمول وغاية المسؤول. ولقد والله يا سيدي ما دريت بعزم القاصد، إلاَّ في قطع من الليل، بعدما هدأ الخليط، وسكن الغطيط والأطيط، فالعذر من خبط لسان القلم فقد عمشت عين السراج، وتراكمت علي دواب الظلام الداج. وان رأى مولانا عرض التعرض لخدمة من اجله عن لساني، وأنزه ثناءه عن بياني وبناني، والدكم ذي الفخار، والكرم والخفار، الذي لو حلف الزمان ليأتين بمثله لألزمناه الكفارة. لا زال لها باقياً، وفي المعالي راقياً، والسلام، ختام الكلام.) انتهى من مجموعة عندي تحتوي على عدة مراسلات لأدباء بغداديين واحسائيين. وهذه التعابير لا تكال كيلا لكل أحد، ولا تعطى جزافاً، خصوصاً ممن يقيم للكلام وزناً، ويفهم للقول معنى، كما أنها تعرف بمقدرة الكاتب الأدبية وهو اشهر من أن يذكر، وله رسالة أخرى فيه سيأتي القول عنها في محلها. ما قيل فيه من الشعر: أما الشعراء فان المادحين منهم لكرمه وعلمه وأدبه كثيرون جداً بحيث يمكننا أن نقول لم يقفوا في عصره على باب احد، قدر ما وقفوا على بابه، فخلد ذكراً جميلا، وبهذا جدد الروح الأدبية في العراق وراجعت سوق الشعر. ومن ثم استخدم أو صار يستخدم بعض الولاة الشعراء إقتداءً به فلم يتوفقوا لأن يكونوا مثله. وهنا لا مجال لذكر مطالع ما قيل فيه من قصائد لكثرتها خشية إملال القارئ ولكن اكتفي ببيان الإحصاء التالي من ثلاثة دواوين شعر، مكتفياً باسم الشاعر وعدد ما قال من قصائد. والكل يؤلف ديواناً ضخماً. . .

عدد القصائد 2 عبد الرحمن أفندي السويدي في مجموعة حسين العشاري صحيفة 35 و 43. 7 حسين العشاري مجموعة صحيفة 38 و 41و 43 بالاشتراك مع محمد بك و71 بالاشتراك مع سلطان بك و 81 في عبد الله بك وأبنائه سليمان بك وسطان بك و 98 و 102 رسالة منظومة. 3 خليل بكتاش الموصلي في المجموعة المذكروة صحيفة 46 و 49 و 50 7 الشيخ احمد السويدي منها 61 و 67 وفي إفحام المناوئ خمس قصائد 1 السيد علي بن عبد الله المولى 65 22 للشيخ محمد كاظم الأزري جاء في ديوانه صحيفة 3 و14 و17 و23 و26 و37 و40 و52 و53 و59 و74 و88 و96 و106 و116 و122 و135 و150 و160 و164 و166 و188 42 فالمجموع 42 قصيدة سوى أن من قصائد الازري ما يظهر انه يعود للوزير سليمان باشا وهي المذكورة في الصحيفة 188 فإنها مقطوعة في أنها تعود للوزير وكذا ما جاء في الصحيفة 23 و116 وفي 122 ولعل الاشتباه حصل من جراء الاشتراك في الاسم. وكذا بعض القصائد يشتبه في عائديتها له، لموضوعها لا بصورة القطع. والقصائد الكثيرة تصرح بوضوح في أنها تعود للشاوي. وأهم ما في هذه القصائد ما قيل من جانب الازري. فهي من الشعر الخالد ومنها ما يتغنى به في ديارنا ويستشهد به دائماً. منها ما جاء في الصحيفة 3 من ديوانه المطبوع: لمعت بروقهم على الدهناء ... فانحل عقد الدمعة الحمراء عرب متى انتشق العليل عرارهم ... كانت رياحهم رياح شفاء إلى أن قال: خانت بذمتي الخطوب وهل لها ... إلا الكريم بقية الكرماء

الساقور

وقال في قصيدته الواردة في الصحيفة 14: يا برق وجرة هل فطنت لما بي ... فأتيت تخبرني عن الأحباب يا برق لولا المنجدون عشية ... ما بل وكاف الدموع ثيابي ثم يتخلص للممدوح. وكل أبياتها مختار. ومما يتغنى به قصيدته الواردة في الصحيفة 37: هي حزوى ونشرها الفياح ... كل قلب لذكرها يرتاح مرضت سلوتي وصح غرامي ... بلحاظ هي المراض الصحاح ليت شعري وللهوى عطفات ... هل يباح الدنو أو لا يباح إلى أن يقول: أيها الورق ليس وجدك وجدي ... أين من ذي الصبابة المرتاح بت في الروض لا محاجر قرحى ... من دموعي ولا فؤاد متاح عرجي بي على (ناد قوم) ... عندهم يحسد المساء الصباح الخ والإطالة في الاستشهاد تطول. فاكتفي بهذا وأرجئ باقي القول عنه إلى المقال التالي والله المعين. 6 - 2 - 1931: المحامي: عباس العزاوي الساقور للمتطببين العصريين مكواة أكثر ما تكون من البلاتين تتخذ لكي بعض أنحاء الجسم استشفاء من بعض الأدواء. ويسمونها (ثرموكوتير) والكلمة مركبة من لفظتين يونانيتين: الأول (ثرمس) أي الحر. ويقابلها عندنا (الضرم) لأن السين عندهم للأعراب وفي معرض الزوال. والضاد كثيراً ما ترسم عندهم بالحرفين فيكون (ثرم وضرم) من أصل واحد. - والثانية (كوتريون) أي الكي مصدر كوى. وزيادة (ت ر ون) في الكلمة اليونانية من زوائد التي لا يعتد بها - فيكون كوتريون وكوى من أصل واحد فيحصل من معنى الترموكوتير: المكواة. إلاَّ أن معنى هذه الكلمة ذهب عندنا إلى آلة أخرى. ولذا يصح أن يصطلح على الأولى (بالساقور) من السقر وهو حر النار وأذاها. وفاعول كثيراً ما جاء عندنا لأسماء الآلات وألم يذكرها النحاة في مؤلفاتهم.

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة إذا جاء أحد أبناء لغتنا يزور هذه الديار المباركة، فانه لا يجد كتاباً عربياً يقفه على مدنه القديمة، فيضطر إذا كان من عارفي اللغة الإنكليزية إلى مطالعة كتاب من كتبها، وقد وضعت إحدى سيدات الإنكليز واسمها دورتي مكي كتيباً أودعته كل ما يجب أن يعرفه زائر هذه الديار القديمة بعبارة موجزة، فآثارنا نقله إلى لغتنا لينتفع به من يجهل تلك اللغة، وقد طلبنا إلى الأديب فنسان أفندي م ماريني أن ينقله إلى لساننا، فلبى طلبنا. ودونك هذه الترجمة مبتدئين بأول صفحة منه. (ل. ع) المقدمة تختلف أرض الرافدين كل الاختلاف عن مصر والأرض المقدسة (فلسطين)، إذ يرى سهل العراق المنبسط غاية الانبساط، أشهب اللون، كثير التراب، ذيالك السهل الذي يتطلب وحياً وخيالاً ليستحسن ما فيه، كل ذلك بعد القفار الصخرة والضفاف الشامخة التي تكتنف وادي النيل فضلا عن كثبان ارض اليهودية والجليل ومآب الحجرة وجبال لبنان الشاهقة المكسوة أشجاراً. ولكن لا يدوم تأثير النظرة الأولى. ولو كان الناظر ذا خيال وأعاد في مخيلته تلك الأراضي الغربية كما كانت - ولعلها ترجع يوماً إلى قديم شأنها - لشعر في اللحظة بخفي جاذبيتها وعجيب مزاياها. ولعمر الحق أنها لجديرة باسم مهد البشر. لان سكان تلك الأصقاع كانوا منذ ثلاثة آلاف سنة قبل تاريخنا هذا (التاريخ المسيحي) في حالة من التمدن، لم يصل إليها الإنسان إلاَّ بعد ألوف السنين - لا بعد مئات من السنين - من الجد والاختراع، والفكر والعمل، وتطور الحكم والنظام. ويرى إلى هذا الحين ذاك السهل القفر محفوراً كله حفراً كأنها الشباك وهي كل ما بقي من نظام الري، ذلك النظام الذي كان على جانب من الفخامة، وحق لمهندسه أن يحمد عليه بل ويحمده عليه مهندس هذا الزمن؛ وكانت تسقي تلك القني مزارع عظيمة جعلت هذه الديار مخزن غلة الشرق. ولنعد إلى خيالنا أيضاً الحدائق والجنات المحيطة

بالقرى والضياع ترى أخربتها في كل جانب - وترى الآن رواب منخفضة غير منتظمة مبعثراً فوقها عدد لا يحصى من الشقف والآجر وبعض الخرز والأختام الأسطوانية. وترى أحياناً سكاكين الصوان أو قطع من الرقم المسمارية. وكان هناك بلدان عظام ممنطقة بأسوار هائلة يمكن اقتفاء أثرها إلى هذا اليوم. وحكمت كل بلدة في حينها هذه الأراضي، وفي بعض الأوقات أصبحت سيدة العالم المتمدن بأسره، وكانت تلك العواصم غنية جداً لأنها موئل التجارة، فضلاً عن أنها مركز الدين والسياسة وكعبة العلماء والفلاسفة. وغزا هلاكو وقومه المغول هذه الأراضي قبل بضعة قرون غزوة كادت تقضي على الديار جميعها، لأنهم هدموا القني، فنزف دم المملكة، واصبح العراق مذ ذاك الحين، يباباً وخراباً ثم استأنف الغول سيرهم؛ ولكن قبل أن تتماثل هذه الديار من تلك الضربة، هجم عليها تيمورلنك القهار فأتم خراب ما فات يد هلاكو. وبقي العراق على تلك الحالة. لان الترك لم يقوموا بعمل يذكر في أثناء سيادتها ليرجعوا البلاد إلى سابق عمرانها. ولم يذكر في هذا الكتيب خلاصة تاريخ أرض الرافدين. وأن كان ذلك بصورة عامة. إذ لا يمكن في أي مختصر كان، بيان عصور هذه الربوع بصورة صحيحة، إذ أقوامها عديدة وتقلباتها غريبة. ولما كان فيها من الأديان والنحل ما اجتمع منها كتلة نشأ منها كل ما في العراق من المزايا المتنوعة. وفي آخر هذا الكتيب جدول أهم الأزمنة مع تواريخها من باب التقريب وقد نقلتها من مؤلفات كنبريج للتاريخ القديم. والتي لاعترف بفضل مؤلفيها. ويطلب إلى القارئ أن يراجع ذلك الجدول حين يتصفح المذكرات المختصرة المختصة بالمواقع التاريخية المتعددة التي يزورها. والملحق الحاوي أسماء الكتب يعين الزائر كل الإعانة ويضيف إلى ما يعرفه من الأمم والأزمنة والأماكن التي يجب الوقوف عليها أكثر من سواها. وقد اصطلحت في تأليفي هذا (الدليل) على وضعين: الأول، تدل الكلمة (قديم) على الزمان الجاهلية وعليه لم اذكر البلدان المقدسة أو البلدان الني فيها من أبنية المسلمين المهمة سواء أكانت دينية أم غير دينية. الثاني: لم اذكر

التنبيهات للوصول إلى المواقع التي لها شأن في الآثار القديمة اللهم إلاَّ إذا كان يتسنى السفر إليها أو إذا حفر في تلك الأماكن. فتأتي أبنيتها الزائر بفائدة. والنظام في وصف المواقع القديمة موافق نظام دائرة القطار. لأن المواقع التي تقصد زيارتها تقرب من محطات القطار ويسهل الوصول إليها إلا البعض منها. وتعرض دائرة قطار العراق تسهيلات خاصة على جماعات الزوار. وفي محطة الحلة ومحطة اور ترى دور للاستراحة يتاح لمن يرغب في النوم والغداء فيها بأسعار معقولة. وبعد مشاهدة الأماكن التي فيها من الآثار القديمة التي تقرب من بغداد، يحسن الزائر أن يجول في أطراف بابل وذلك بعد أن يحط رحاله في كل محطة وهو راكب القطار القاصد إلى البصرة. وعندما تتم تلك السياحة، يعود إلى بغداد، ومن ثم يطوف في مدن آشورية على حد ما عمل في رحلته السابقة. وبالتالي أود أن أعبر عن مزيد شكري للبعثتين: بعثة أور التي اشتركت في إقامتها المتحفة البريطانية ومتحفة فيلادلفية. ولبعثة كيش المشترك في إقامتها (اج ولد) (لاتسفورد) ومتحفة (ميدان شيكاغو)، وذلك لسماحها إياي استعمالي التصويرات، وإني لأقر أيضاً بفضل بعثة كيش لأني استفدت من خريطتها لذلك الموقع التي صورت من الجو، ونظمت خريطتي لكيش من تلك الخريطة. وأما خريطة آشورية وخريطة أراضي بابل، ورسم بابل فنقلتها عن التاريخ القديم لكنبريج وعن المفكرة الرسمية الدالة على أخربة بابل، فاعترف بفضلهما أيضاً. د. م الفوائد التي يستفيدها من يقصد الزيارة أقترح لراحة من ينوي زيارة العراق ما يلي: 1 - أن أحسن موسم يذهب فيه إلى العراق هو الموسم الذي يبتدئ من نصف تشرين الأول (أكتوبر) إلى نصف كانون الأول (ديسنبر) ومن نصف شباط إلى نصف نيسان. وفي غير تينك المدتين تهبط الأمطار بغزارة فتصبح تربة تلك الأصقاع الغريلية كثيرة اللزوجة بعد أن تمتزج بالماء، ويصدف في الأغلب برد زمهرير في الليل.

2 - ومن الأمور الضرورية للمسافر أن تكون معه حقيبة ومخدة وبسط ثم فراش خفيف يسهل رزمه. ومن لا يعرف أحداً من أهل البلاد في المواقع المنفصلة لا يحصل على غير الخانات وغرف الانتظار في المحطات القطار. وإذا عرف أحداً يخشى أن تضيق كثرة الزوار النازلين في موطن واحد، ذلك الموطن الذي اصبح ملجأ له، مع أن الضيافة التي يتلقاها المسافر من سكان العراق سواء أكانوا عرباً أم أوربيين تفوق الإطراء. والحقيبة كثيراً ما تزيد في راحة راكب القطار، لأن السفر فيه طويل. ولا بد من أن يكون قليل السرعة. 3 - ويرجح استعمال صندوق خفيف للثياب عوضاُ عن الصندوق الكبير الثقيل، ولاسيما من يقطع الطريق براً إلى بغداد، ليتسنى وضع ذلك الصندوق الصغير على جانبي السيارة. 4 - ومن الضروري لبس ملابس مدفئة في السفر بالسيارة، لأن تبتدئ الرحلة في أكثر الأحيان فجراً، والهواء وقتئذ يكون في الغالب بارداً قارساً. حتى في أشهر القيظ. وعلى من يكون معه أوراق توصية تعرفه بإنكليز في بغداد، أن يأخذ معه ملابس الليل الرسمية. 5 - يجدر بالسائح أن يتخذ لنفسه كمية قليلة من العقاقير التالية: الكينة والأسبرين والكلورودين والحامض البورقي وبوتاس البرمنكناة. وتفيد الكلمة (الناموسية) في بعض الأحيان. 6 - لا تفيد العدة الزائدة بل ربما تصبح حملا ثقيلا تعيق المسافر، عوضاُ من أن تعينه، اللهم إلاَّ إذا كان في نيته السكنى في الخيم. 7 - وتتخذ دائرة قطار العراق ما يلزم لراحة جماعات الزوار، وتعد لهم عربات بفرش للنوم، وتفصل تلك العربات عن خط القطار، مدة يوم أو أكثر في محطة كانت إذا طلب إليها ذلك. توطئة لا يمكن للإنسان في عصرنا هذا عصر الجد والعمل أن يطلع على شؤون الأقدمين اليومية، وهم قوم من أصقاع شاسعة. اللهم إلاَّ الخبير المتخصص لذلك الموضوع. وإذا قابلنا ما كان يتعلق بأمر ملجأهم والمشاكل في العثور على المواد

لبناء منازلهم. فالنسبة بين كل ذلك وبين ما نحتاج إليه من لوازم هذا الزمن الضرورية تكون زهيدة جداً. ولا يمكن للمرء أن يفكر ملياً في أسلوب البابليين في سقي حقولهم، أو في كيفية قيامهم بحروبهم التافهة. بالنسبة إلى ما شاهدناه في هذه الأيام، أيام الحرب العظمى، ولكن إذا راجعنا بعض المعلومات المختصة بحياة الأقدمين اليومية ومشاكلهم، يزداد حبنا للاطلاع على مدنهم المنقرضة. فأتوقع أن ما يأتي في هذا التأليف الصغير المجمل للحقائق التاريخية، يفيد بعض الفائدة كثيرين من أولئك الذين لا يساعدهم وقتهم على المطالعة. اللبن وتزيينه إن ارض العراق الأدنى الممتدة من بغداد إلى البحر سهل عظيم متقوم من التربة الغريلية التي يأتي بها الرافدان الكبيران، وانك لا ترى تلا ولا صخراً في هذا المنبسط الفسيح. ولعدم وجود الحجر في هذه الديار، اضطر المعمار في كل عصر، حتى في هذا الزمن، أن يعتمد على اللبن ليشيد الجدران، وأما السقوف فيتخذها من أغصان الشجر والحصير والتراب، وييبس اللبن الخشن الصنعة في حرارة القيظ بسرعة. ويتصلب تصلباً كافياً. وكان الأقدمون يشيدون معظم بيوتهم وقصورهم ومساجدهم وزقوراتهم (مفاتيلهم) بهذه المادة. وكانوا يجعلون الآجر في الأغلب على وجوه الجدران المتخذة من اللبن وذلك لتكون اثبت، وقد عثر على أخربة الاتاتين في إثناء الحفريات. ولا شك في أن أصحاب دانيال الثلاثة شدراخ وميشاخ وعبد نغو القوا في أتون من تلك الأتانين (دانيال الفصل الثالث الآية 20). وكان لحب الطرز تأثير في شكل الآجر، كما انه يؤثر في سائر الأشياء. وهذه الحقيقة هي العون الأكبر لمستكشفي الآثار القديمة في تفسير مشكلات التاريخ القديم. وعم الاعتقاد إلى هذا الحين أن صانعي الآجر الأقدمين في العراق رجحوا طرز الآجر المسمى (المسطح المقبب) على سواه ويعمل ذلك في ملبن مستطيل من خشب يملأ صلصالاً معجوناً ويصقل ما يبرز منه بعض الصقل. ولكن الحفريات الحديثة دلت على ما يرجح الظن أن في الأيام السالفة نفسها كان يصنع الآجر الثخين القائم الزوايا.

وترى في الآجر المسطح المقبب في أغلب الأحيان إشارة خاصة. لبناً كان أم آجراً، وتكون تلك الإشارة بالإبهام أو بالأصابع وأحيانا بالعصا. وربما كان هذا الوسم، وسم الصانع، يدل على مأخذ آجره. ثم أخذ الآجر المسطح المقبب بمرور الزمان يفلطح ويخفف فظهر في عهد سرجون الأول أن حدث انقلاب سياسي مع انقلاب في تكييف الآجر، وصنع الآجر منذ ذلك الحين على شكل مفرطح مربع. ويتضح أن سرجون - وكان رجلا طموحاً - يفضل الضخامة في كل شيء؛ والآجر والخواتم الأسطوانية الشكل التي صنعت في عهده هي من أكبر ما ترى في التاريخ العراق القديم. ويظهر أن الآجر (المسطح المقبب) لم يصنع في العهد الذي عقب دور حكم الساميين في تلك الأصقاع، بل حل محل هذا النوع من الآجر صنف آخر، هو مربع أو مستطيل على اختلاف الأقيسة، وأصغر من آجر سرجون. كما أن الرقيم المسماري حل محل وسوم الإبهام أو الإصبع التي كانت ترى في أول زمن الشمريين، ويذكر ذيالك الرقيم في الأغلب ما قام به بعض الملوك من عمل ديني في تشييد مسجد اله أو تعميره، ويرى في رقيم الآجر المسماري ما يثني على أعمال نبو كدراسر الثاني (بخت نصر) في كل مدينة تقريباً من مدن سهل بابل. أن الطبيعة البشرية الناشئة في أرض، كأرض العراق الزاهية بألوان متناسبة، تأنف من تلقاء نفسها من لون اللبن الغامق وهو ما يرى دائماً. والكاشي الملون بأزرق واخضر الزاهيين، ذلك الكاشي الذي تزخرف به المساجد في هذا العصر، يشهد جميعها بحب البهاء، ومثل ذلك قل عن الصبغ الأصفر الفاقع والأزرق البديع الفاتح اللذين يصبغ بهما معظم دور بغداد. كما أن القدم كان لون اللبن يبدل بما يحسنه لكي ينفي عن النفس وحدة لونه وذلك بلباقة في الفن ربما تفوق ما يجري في هذا الزمان. وعثرت البعثتان. بعثة كيش وبعثة أور، على قطع بديعة مركبة بالصدف والمحار؛ ومن أعجب مصنوعات الفن إفريز الثيران المصنوع من النحاس الأحمر البارز الذي كشف في تل العبيد. ويظهر أن في الأزمنة التي عقبت ذلك العصر، حل الآجر المدهون بالطلاء محل المصنوعات المرصعة. ولا يزال باب اشتر في بابل يدهش الناظر مع إنه مجرد من كل زليج

(كاشي) وكان هذا الباب في أيان عصره يتألق بألوانه الزاهية. وأما قطعة الأراضي الواقعة فوق بغداد؛ تلك القطة التي تقابل مملكة الآشوريين القديمة، فهي أسعد حظاً من سهل شنعار المنبسط، إذ أنها تحتوي على الحجر للبناء به، ولاسيما ذلك الحجر المعروف (بمرمر الموصل). وعليه كان البناءون الآشوريون يشيدون مساجدهم وقصورهم فوق مساطب عظيمة وجهها حجري، وكانوا يزينون جدران قصورهم الهائلة المتخذة من اللبن بألواح المرمر ويحفرون تلك الألواح حفراً واصفين فيها مآثرهم الملك في الحرب والقنص. الروابي ومعانيها لما سقطت المدن القديمة وانقرض سكانها بالحرب، أم بسبب آخر، خربت قصورهم ومساجدهم ومنازلهم خراباً سريعاً، إذ كانت تلك الأبنية مسقفة بالخشب وجدرانها من لبن وربما هدمت قصداً. ونزع الآجر منها فحمل ليعمر به بلدان جديدة. وبالحقيقة، أصبحت بابل لأهل الحلة وبغداد (منجم آجر) بحيث يرى في حيطان كثير من بيوت هاتين المدينتين الرقيم المسماري من عهد نبو كدراسر، ويحصل الكلس من إحراق ألواح المرمر المحفورة، من زمان الآشوريين، وقد ربح قرويو منطقة الموصل بهذه الوسيلة ربحاً طائلاً. وما بقي تم خرابه بالحر والبرد والمطر والريح وعواصف التراب الشديدة، وبليت أقسام الجدران العليا التي لم تزل قائمة؛ وملئ تراباً كل شق وذلك رويداً رويداً، كما حدث في الأبنية التي حفرت مؤخراً. ولم يبق الآن من الأبنية الشامخة شيء سوى رواب كبيرة واطئة وهي تنخفض ويتساوى أسفلها بمرور الزمان. ولا يظهر أي اختلاف لمن ينظر إلى تلك الآكام من باب الاتفاق، سواء أكانت اثر مدينة أم بلد أم قرية، إذ لا يرى فرق إلاَّ في اتساعها، بيد أن الباحث الآثار القديمة التي يزورها، تتجلى له القصة بكل وضوح لما فوق وجه هذه الآكام من مواد مبعثرة، ولاسيما حوالي حاشيتها، وتظهر تلك الأشياء أما بعد أمطار الشتاء، وأما بعد تذرية الريح للتراب. وتدل قطع الأدوات المصنوعة من حجر الصوان أو مناجل الظران على عهد قديم، وكذلك كسر الجرار المدهونة والآجر المسطح المقبب. وتشهد شقف لوح الرقيم أو الخواتم الأسطوانية

على عصر احدث. ويظهر ذلك أيضاً من الآجر المستطيل المسطح وكسر الجرار غير المصبوغة المصنوعة من خزف اثخن واخشن؛ وأما الآجر المطلي بدهان اخضر أو ازرق، والزجاج المصبوغ بألوان قوس قزح فيشهدان على احتلال الفرثيين أو الفرس. وتأخذ المدينة المبنية باللبن بالخراب على الدوام ولو كانت آهلة بسكانها. وكانت العادة كما هي الآن إذا سقطت دار من الدور المشيدة باللبن أن يمهد موضع الخراب فيبنى فوقه بناء جديد. وفي اغلب الأحيان كان البناء الجديد يتبع خطة الجدران القديمة، ولاسيما إذا كان ذلك مسجداً؛ فتبجيلاً للإله لا يجري أي تغيير كان. وعليه حين يحفر الباحث عن الآثار القديمة عن موضع قديم يعثر غالباً على بقايا عصور عديدة مبنية الواحد فوق الآخر، وتكون الطبقة السفلى هي القديمة عصراً. وعندما يزيح الطبقة الواحدة عن أختها ويدرسها، ينكشف تاريخ الموضع شيئاً فشيئاً. وهكذا يجري الباحث في عمله عند تنقيبه حتى يأتي إلى آخرها. وإذا كان هناك قطع عمودي واقعاً في تل مرتفع، فيدل ذلك بكل صراحة على نشوء مدينة وتعميرها الدائم في خلال أزمنة كثيرة. ويعرف كل زمن بما يمتاز به من الآجر وكسر الجرار التي تظهر في الطبقات المتتالية، وتكون الطبقة التي في الأعلى هي الحديثة عهداً؛ وأما الطبقة السفلى فربما ترجع إلى زمن فجر التاريخ. القني القديمة اضطر أهالي ارض الرافدين الأدنى، إلى أن يعتمدوا في كل زمن إلى الري لسقي حقولهم، وذلك لأن الأمطار تهبط بقلة، وحرارة القيظ شديدة يابسة، وحفرت القني في تلك الأصقاع منذ القدم - لاسيما في ضفة الفرات اليسرى - ونقلت هذه القني الماء إلى أقصى أراضي سهل شنعار، تلك الأراضي المتقومة من تربة غنية خصبة. وكان اعتماد الشمريين على السقي في نجاح زرعهم اعتماداً تاماً بحيث كانت كل دويلة مدن على أهبة الحرب في كل حين لمقاومة مجاوريها إذا تحرشوا بما يلزمها من الماء أو قطعوا الماء عنها بتاتاً. وعليه اصبح تاريخ شمر بالإجمال قصة تقص نجاحاً متعاقباً وسلطة متبادلة بين عدد من دويلات المدن المحاربة بعضها لبعض.

فوائد لغوية

فوائد لغوية في مجلة الشرق البرازيلية السانباولية أطلعني صديقي الموقر العلامة صاحب لغة العرب على ما تضمنته مجلة الشرق من الرد عليه بأنه كان قد أخذ على صاحبها الأديب موسى كريم وهمة وهمها في كتابه المسمى ب (تأثيرات سياحة) وهي قوله (السيدة المصون) و (والدته المصون) وليس ذلك الرد لصاحب المجلة بل لجورج مسرة الأستاذ فطلب إلي الأب المحترم أن أكون حكماً في هذه القضية. فلذلك أقول: أن الأب انستاس اصلح لفظ (المصون) بإضافة الهاء لان الموصوف مؤنث فصارت الصفة (المصونة) فرد عليه جورج مسرة بأن العرب يحبون الحذف كثيراً عند أمن اللبس وان الحذف عنده في هذه اللفظة جائز وان اللبس ممتنع لكون الرجل (صائناً) أبداً ولا يوصف بالمصون مطلقاً، وقد ذكر من الحذفيات ما خرج به عن القضية خروجاً تاماً فنحن لا نتعرض إلاَّ لما يمس المجادل فيه. وتعرضنا مقصور على الأمور التالية الآن: (1) قابل هذا الأديب الفاضل (المصون) بطالق وثيب، ومطفل ومتئم ومرضع، مع أن هذه الصفات على اختلاف أوزانها هي أسماء فواعل لا أسماء مفعولات، و (المصونة) اسم مفعول، فالقياس باطل إذن لاختلاف النوعين. (2) واحتج بان الصلة حذفت من (مندوب) و (معتوب) في قول بعضهم، ونزيد له على ما ذكره قولهم (مأذون) و (محجور) و (مدلول) و (مشترك) ولكن المحذوفين غير متشابهين، ولزوم التأنيث اشد من لزوم هذه الصلة، ألا ترى انك مع حذفك الصلة ملزم أن تقول للمؤنث (مندوبة ومأذونة ومحجورة ومدلولة ومشتركة) فالتأنيث اللازم لا يستغني عنه، كما في هذا الموضوع. (3) واحتج بقوله تعالى في سورة الأعراف (إن رحمة الله قريب من

المحسنين) وقال: (فقد قيل: إن رحمة ذكرت لأنها مضافة إلى المذكر، وقيل: لان قريب صفة لمحذوف مذكر أي أمر قريب) وندحض هذا الاحتجاج بما ذكرناه في المادة الأولى من اختلاف اسم الفاعل واسم المفعول في المعنى، ولا يراد ههنا الشاذ، فالقريب صفة مشبهة باسم الفاعل والمصون ما علمت، وندحضه بأن (السيدة) ليست مضافة كالرحمة حتى توافقها الحجة، وبأنه لا يصح التقدير بان يقال (السيدة إنسان المصون) لان وضع الهاء اسهل وأدل من هذا التقدير البارد ولان الموصوف النكرة لا يوصف بالمشتق المعرف بال مثل (المصون) فكل ادحاض من هذه الادحاضات مانع للقياس، بله انه جاء في مختار الصحاح (ولم يقل: قريبة لأنه أراد بالرحمة الإحسان، وقال الفراء: القريب في معنى المسافة يذكر ويؤنث، وفي معنى النسب يؤنث بلا خلاف). على أننا لا نذهب إلى هذه الأقاويل بل نعتقد أن (فعيلاً) في اللغة العربية القديمة كان يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع وهذا القريب من آثاره، ومنها (الرقيق) قال في المختار (والرقيق: المملوك واحد وجمع) و (الصديق) ففي المختار (وقد يقال للجمع والمؤنث: صديق). و (قليل) قال في المختار (وقوم قليلون وقليل أيضاً)، قال الله تعالى: (واذكروا إذا كنتم قليلا فكثركم) وقال السموءل: تعيرنا أنا قليل عديدنا ... فقلت لها: إن الكرام قليل و (كثير) وعليه قوله تعالى في سورة آل عمران (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فنا وهنوا لما أصابهم في سبيل الله. . .) (4) واحتج أيضاً بقوله (لان الرجل صائن أبداً ولا يوصف بالمصون) وهذا قول من لا تحقيق له، فان المصون من الصفات التي تستعمل للرجل قال الشريف الرضي - رح - يمدح بهاء الدولة البويهي: تهن بمطلع النيروز وابلغ ... مطالع مثله حيناً فحينا مرجل كل نائبة مقيماً ... مديلا للعدى أبداً مصونا

وقال الطغرائي الأبي: أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية الفضل زانتني لدى العطل فهو أذن مصون عن الخطل والأصالة صائنة، واصبح قول الرجل واهياً مدحض الحجة. (5) وقال: (ولم لا يجوز ذلك ونحن نصف الرجال والمرأة على السواء بالصور والغيور والقتيل دون تاء للمرأة؟) قلنا: أما (فعول) فقد استويا فيه لئلا يلتبس ب (فعولة) بمعنى مفعولة كركوبة، وأما (فعيل) فلئلا يلتبس ب (فعيل) بمعنى فاعل مثل (عتيق) فراجع لغة العرب (9: 58) وأما جعله (القتيل) من الذي لا يؤنث أبداً فوهم ظاهر فأنها تؤنث إذا لم يذكر معها الموصوف قال في المصباح المنير (قتلت الأسيرة كما يقال رأيت القتيلة) ومنهم من خالف الأصل فقال (امرأة عدوه) و (وناقة جسورة) وقال الشريف الرضي: ومن كان ذا نفس تطيع قنوعة ... رضي بقليل من كثير ثراء وفي (ك ك ب) من المختار (يقال: كوكب وكوكبة كما قالوا: بياض وبياضة وعجوز وعجوزة) وجاء غيرهن. (6) وقال (يمكن المصون أن تجعل صفة لمحذوف مذكر كما بعض الأمثلة التي قدمناها كأننا نقول (السيدة ذات العرض المصون أو العفاف أو الشرف المصون) قلنا: إنباض بغير توتير وفعل بغير تدبير. فانه إن جاز له هذا التقدير كان جديراً بان يقول (السيدة) فقط ويقدر لها في ذاكرته (المصونة) فتقدير كلمة أولى من تقدير كلمتين إذا صارت اللغة تعرف بالتنجيم والرقى والعزائم والزايرجة بل هذه طريقة اختزال جديدة، بل عليها تقول (هذا شريف) وتقدر (غير شريف) فالمسوغ لتقدير كلمتين يجيز تقدير كلمة واحدة بلا ريب فالحقيقة أن تقدير كلمة أو كلمتين ليس بقياسي بل هو وليد شهرة الصفة وطول العهد بها، والصفة لا تنوب عن الموصوف إلاَّ سماعاً لكثرة تداول الألسنة لها ولموصوفها، وحذف هاء التأنيث غير داخل في هذا الباب فما يفيد الإسهاب فيه.

(7) وان تعجب فعجب قول صاحب تلك المجلة الفاضل في ص 36 (نحن نذكر انه يجوز التذكير والتأنيث في هذه الحال) فعمن ذكر؟ وفي أي كتاب قرأ فذكر الآن؟ وأورد جواب زميله عطية الأستاذ صاحب الفتى ونصه (يجوز أن يقال امرأة مصون باعتبار حملها على الصفات المختصة بالمؤنث كطالق ومرضع وإنها دالة على الثبوت) قلنا: وقد ذكرنا أن تخصيص المصون بالمؤنث غير ممكن لا تصاف المذكر به فسقطت الحجة إذن، ولشدة إصرار الفاضل موسى كريم على غلطه استعمله في هذا العدد الذي تكلمنا على ما فيه وهو دليل على كرهه للحقيقة، وفقه الله تعالى لضبط النفس والرشاد. أغلاط المجادلين (8) قال جورج مسرة الأديب في ص 22: (فالرجاء من حضرة الأب العلامة أن يتساهل معهم بحذفها إكراماً لله) قلنا: والتساهل يقتضي متساهلا (اسم فاعل) ومتساهلا عليه (اسم مفعول) ولا اثر للثاني في قوله. فالصواب أن يقول (يتساهل عليهم في حذفها) أما الله تعالى فلا يعد تشويه لغة القرآن إكراماً لنفسه. فلا إكرام لله تعالى في حذف هاء المصونة. بل الله نعى عليهم لي ألسنتهم فقال (ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غر مسمع وراعنا، لياً بألسنتهم وطعناً في الدين ولو انهم قالوا سمعنا واطعنا واسمع وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم) وشاهد ما قدمنا هو ما جاء في مادة (غ م ض) من المختار وصورته (وغمض عنه: إذا تساهل عليه في بيع أو شراء) وقد تساهل الأب على صاحب الشرق ولكن الغلط الشنيع لا يتساهل فيه يا أيها الأديب، وقد تساهلت أنا مع الأب عليكم فلم تنجوا من (التساهل). (9) وقال صاحب المجلة في ص 36: (وقد نشر الأستاذ اللغوي جورج مسرة مقالا بهذا الصدد في غير مكان من هذا العدد) فمعنى (غير مكان) يلد على انه بدون كان وهو غير مراد ويدل أيضاً على انه نشر المقال في مكانين أو اكثر منهما وهو غير واقع فالقائل مخطئ والصواب (في مكان غير هذا من العدد) كقوله تعالى في سورة يونس (قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن

غير هذا أو بدله). 10 - ونشر رشيد عطية الأستاذ في ص 43 الانتقاد الأدبي ودعا على إصلاح غلطه إذا كان غالطاً، وقد وصف صعوبة النقد اللغوي فقال: (يضل فيها مهرة الناقدين فضلا عن أمثالي من المتطفلين) فاخطأ لتقديمه العظيم على (فضلا) وهو يؤخر، قال معاوية بن أبي سفيان (إن نساء بني خزاعة لو قدرن أن تقاتلنني فضلا عن لفعلن) وقال أبو هلال العسكري في جمهرة الأمثال (ليفهمها الغبي فضلا عن اللقن) وقال الشريف المرتضى في رده على قاضي القضاة (يجب أن يعرفه العوام فضلا عن العلماء) راجع (6: 533) من لغة العرب. 11 - وقال: (إلى المزالق التي يعثر فيها كثيرون من الكتاب) والمزلقة لا تكون معثرة والأولى ضد الثانية فالأولى (التي يزلق فيها الكتاب). 12 - وقال: (يقولون: فتشت على عمل والصواب: عن عمل) قلنا: هذا هو المشهور ونذكر إننا خطأنا في مجلة العرفان من خالف هذا المشهور غير إننا نقول حباً للحق: قد عثرنا على هذا في كلام المولدين فقد قال يحيى بن سعيد بن الدهان الموصلي على رواية: فصرت الآن منحنياً كأني ... أفتش في التراب على شبابي وقال القاضي شمس الدين بن خلكان في ترجمة المبرد: (فقعد قدامها يفتش عليه) فالتعبير ليس بخطأ وكلانا مفرط. 13 - وقال (ويقولون: يأبى عليه إباؤه، وهذا غلط فاضح لآن الفعل لا يحدث عن المصدر فلا يقال: يأبى الإباء كما لا يقال: يضرب الضرب ويبكي البكاء ونحو ذلك) قلنا: وهذا قول من لا تحقيق له لأن إسناد الفعل إلى المصدر المعنوي ضرب من المبالغة ولذلك قيل (جن جنونه) و (جد جده) قال أبو فراس: سيذكرني قومي إذا جد جدهم ... وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر أجل لا يقال (ضرب الضرب) ولا (بكى البكاء) لأنهما غير معنويين لا لأن ذلك لا يجوز مطلقاً فهذا إفراط في التغليط.

14 - وقال (ويقولون: مضى لحد الآن سنوات، وهو تعبير عامي والصحيح: مضت حتى الآن) قلنا: وهذا خطأ ظاهر منه لأن الفعل قبل جمع المؤنث مطلقاً يجوز تذكيره وتأنيثه قال ابن عقيل في شرح الألفية: (جاز إثبات التاء وحذفها فتقول: قام الرجال وقامت الرجال. . . وقام الهندات وقامت الهندات). وقال السيوطي: (قام الرجال وقام الهندات على تأولهم بالجمع). فإذا جاز تذكير جمع المؤنث الحقيقي السالم فكيف لا يجوز تأنيث المجازي مثل (سنوات)؟ ومثل الجمع اسمه ومنه قوله تعالى في سورة يوسف: (وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه) فكيف هذا يخفى على ناقد لغوي؟؟. 15 - وقال أصلحه الله (ويقولون: أداه الأسر إلى الثورة، والصواب: أدى به) قلنا: لم يذكر اللغويون سوى (أداه) وهي لغة القرآن وقد غلطنا نحن في لغة العرب من قال (أدى به) ونذكر أننا رأينا (أدى به) في معجم الأدباء لياقوت أو هو من غلط الطبع وكيفما كان الأمر فالذي ضعفه رشيد عطية الأستاذ هو الفصيح وما قواه هو الضعيف فلينظر أي إصلاح هذا؛ قال اسحق ابن خلف: إن هبت الريح أدته إلى عدن ... إن كان ما لف منها غير معقود 16 - وتكلم على (لو) فقال (ويوردون جوابها بصيغة المضارع وحقه أن يكون ماضياً مربوطاً باللام) قلنا: ليس هذا بلازم دائماً قال ابن عقيل في شرح الألفية (ولا بد له (لو) هذه من جواب وجوابها إما فعل ماض أو مضارع منفي بلم، وإذا كان جوابها مثبتاً فالأكثر اقترانه باللام نحو (لو قام زيد لقام عمرو) ويجوز حذفها فتقول (لو قام زيد قام عمرو) وان كان منفياً ب (لم) لم تصحبها اللام فتقول (لو قام زيد لم يقم عمرو) وان نفي بما فالأكثر تجرده من اللام نحو (لو قام زيد ما قام عمرو) ويجوز اقترانه بها نحو (لو قام زيد لما قام عمرو) ا. هـ. قلنا وفي القرآن الكريم (ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم) و (لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا) و (لو شاء الله ما اقتتلوا) و (قل لو شاء الله ما تلوته عليكم) وقال الشاعر (ولو نعطى

الخيار لما افترقنا). وقال آخر: (لو كنت من مازن لم تستبح ابلي) ويكون فعل الشرط ماضياً ومضارعاً كما رأيت وكقول كثير: رهبان مدين والذين عهدتهم ... يبكون من حذر العذاب قعودا لو يسمعون كما سمعت كلامها ... خروا لعزة ركعاً وسجودا وقال تعالى: (ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم) وقد يحذف خبرها ويدل عليه ما قبله كقول علي (ع) لحبيب بن مالك صاحب شرطته كما في (1: 277) من شرح ابن أبي الحديد (وأنت ههنا اعظم غناءاً منك لو كنت معهم) وتنوب (لو) عن (إن) الشرطية الوصلية كقوله تعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم) وراجع (7: 640) من لغة العرب، ولا تؤمن بقول مؤلف تذكرة الكاتب اسعد خليل داغر (وكثيراً ما يستعملون الحرف (لو) مكان (إن) فيقولون. . . لا ارهب جانبهم ولو كن وحدي. . . والصواب: وان كنت) فهو قول من لا يعتمد عليه ولا يركن إليه لأن حلول (لو) محل (إن) قد نبه عليه العلماء ودرسه الطلاب قال المبرد محمد بن يزيد المتوفى سنة (285) هـ في (1: 194) من كاملة تفسيراً لقول الأخطل: قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار ما نصه (وقوله: ولو باتت بأطهار، ف (لو) أصلها في الكلام أن تدل على عدم وقوع الشيء لعدم وقوع غيره تقول (لو جئتني لأعطيتك ولو كان زيد هناك لضربته) ثم تتسع فتصير في معنى (إن) الواقعة للجزاء تقول: أنت لا تكرمني لو أكرمتك، تريد: وان أكرمتك، قال الله عز وجل: وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) فما عليك من جهل داغر لهذا ضرر ولا تبعة ولا اقتداء. 17 - وقال (وقولهم: أخذت ما يقوم بمصارفاتي. ولا أدري من أين أتوا بالمصارفات، فهم يريدون: المصروفات بمعنى النفقات) قلنا: نحن ندله على مأتى المصارفات، فالمصرف كالمطلب والمذهب والمقصد والمبحث مصدر تعددت أنواعه فاستوجب الجمع فصار (مصارف) ثم جمع جمعاً سالماً فصار (مصارفات)

وجمع الجمع جائز (راجع 9: 52) من لغة العرب و (1: 115) من خزانة الأدب وقال الزمخشري في المفصل: (ويجمع الجمع فيقال في كل أفعل وأفعلة: أفاعل، وفي كل أفعال: أفاعيل، نحو: أكالب وأساور واناعيم، وقالوا: جمائل وجمالات ورجالات وكلابات وبيوتات وحمرات وجزرات وطرقات ومعنات وعوذات ودورات ومصارين وحشاشين). فمن يتعرض للنقد يجب عليه أن يتبحر ويتبصر. 19 - وقال (ويقولون: كرت زيارة، وما كان ضره لو قالوا: مزارة فاستغنوا عن الكلمتين بكلمة وتحاشوا اللفظة (كذا) الأجنبية أيضاً) قلنا: نفهم من المزارة أنها باعثة على الزيارة و (مفعلة) صيغة ما يبعث على فعلها غالباً كقولهم: (الولد مجبنة مبخلة) أي يحمل الأب على الجبن والبخل، وتلك الورقة في الحقيقة لا تبعث أحداً على الزيارة وإنما هي مقدمة الزيارة ومن متمماتها بحسب آداب الفرنج الحديثة. فالأولى أن تسمى (الإستئذانية) أو رقعة الزيارة وقوله (وتحاشوا اللفظة) ليس بفصيح فالفصيح (تحاشوا عن اللفظة) ولو كان ما بعد الواو مصدراً أو اسم مصدر لجاز حذف الجار قال الفيومي في مادة (ب د ن) من مصباحه: (وشركة الأبدان: أصلها شركة بالأبدان لكن حذف الباء ثم أضيفت) فعلى هذا يقال (وتحاشي اللفظة) وليس باللغة العالية. 20 - وقال: (ومن تراكبيهم المشوشة: عسى أن يحل التحكيم السلمي. . . والاصرح أن يقولوا: عسى التحكيم السلمي. . . إن يحل، وهكذا يجب أن يراعى الترتيب في كل تركيب ولا يعمد إلى تقديم وتأخير إلاَّ لغرض بياني أو نحوه) قلنا: ليس هناك تعبير مشوش والحقيقة أن (عسى) تستعمل تامة كما في تعبير الذي استقبحه هذا الناقد على رأي وناقصة كما في العبارة التي ارتضاها هو قال ابن عقيل في شرحه (وأما التامة فهي المسندة إلى (أن) والفعل نحو: عسى أن يقول. . . ف (أن) والفعل في موضع رفع فاعل عسى. . . واستغنت به عن المنصوب الذي هو خبرها، وهذا إذا لم يل الفعل الذي بعد (أن) ظاهر يصح رفعه به، فان وليه نحو: عسى أن يقوم زيد فذهب الأستاذ أبو علي الشلوبيني. . . .) ثم ذكر أن (أن) وما بعدها في محل رفع فاعل (عسى)

على رأي الشلوبيني والمبرد والسيرافي والفارسي وأجاز الثلاثة المتأخرون أيضاً أن تكون (أن) والفعل في محل نصب خبر مقدم لعسى و (زيد) اسم لها مؤخر ولكنهم لم يعيبوا التعبير المذكور. وجاء في سورة الأعراف: (وان عسى أن يكون قد أقترب أجلهم فبأي حديث يؤمنون) والله الهادي. دلتاوة: مصطفى جواد مستدركات على مختار الصحاح قال في ح ول: (والتحول: التنقل من موضع إلى موضع. . . والتحول أيضاً الاحتيال) ولم يذكر (تحول بمعنى: تغير وصار)، مع انه قال في ق ب ل (وقد قبلت الريح من باب دخل أي تحولت قبولا) وفي ن ض ض (والناض إذا تحول عيناً بعد أن كان متاعاً). وقال في ح وط: (وأحاطت الخيل به واحتاطت به) ولم ينقل (أحاط عليه) وهو الناقل في ش ر ب (وفي الحديث: ملعون من أحاط على مشربة) وقال في ح ش ع: (والتخشع: تكلف المخشوع) ولم يذكر (التخاشع) بمعناه مع انه نقل في س ق ف عن ابن السكيت قوله (لأنه يتخاشع) وذكرها صاحب التاج في مادة م وت وقال في غ ض ض: غض طرفه: خفضه وغض من صوته) وما أدري لم ذكر معه (من) الاقلالية وهي عارضة كما ورد في وصية لقمان ع في القرآن الكريم ولم يذكر (غضه) فقد قال في خ ف ض (وخفض الصوت: غضه) وهذا هو الأصل في الاستعمال. وذكر في خ ل ص (وخالصه في العشرة: صافاه) ولم يذكر (فتخالصا) أي تصافيا وقد ذكره في ص ف ا وفي ن س ب قال: (فلان يناسب فلاناً. . . وبينهما مناسبة أي مشاكلة) ولم يضف الرازي إلى المختار (ناسب الأمر غيره أي لاءمه) مع انه هو القائل في خ ون (قلت: هذا التفسير لا يناسب سبب نزول الآية) لأن المشاكلة مبهمة. (له)

باب المكاتبة المذاكرة

باب المكاتبة المذاكرة نظرات شتى 1 - لسان العصافير لسان العصافير، معروف في الموصل ويسمونه هناك: (لسان العصفور) واكثر شيوعه بين طلاب المدارس يولعون به تارة، ويتركونه أخرى. وهو معروف أيضاً في بغداد، واكثر شيوعه فيها بين تلميذات مدارس الموسويين على ما روي لي. 2 - رسالة القواد اشكر الأدباء الذين اهتموا برسالة ذم القواد، لكاتب العروبة الخالد الذكر أبي عثمان الجاحظ، التي نشرتها وصححت ما أمكنني تصحيحه فيها. فتصحيح صديقنا الأديب يوسف بك غنيمة لكلمة (حالس) ب (حالوش) مفرد حواليش بمعنى وتد لا يخالف المقام، خصوصاً لورود الجمع (حواليش) في الأبيات التي تلت. وأني معجب خاصة بتصحيح الأستاذ اللغوي البارع أ. ف. بقي علينا شيء واحد وهو أننا بعد أن صححنا (حاف كاتشكن) ب (حاق كانشكر) لزمنا أن نوضح معنى حاق في هذه الجملة. فالحيق بالشيء بمعنى الإحاطة به لا يمكن أن يكون المقصود هنا. لأن لابد من أشخاص عدة ليحيطوا بالشيء وهنا كانشكر مفرد ولكن إذا حاق بمعنى حاك كما يقال حاك السيف والقدوم والفأس يحيك حيكا إذا اثر، استقام المعنى وكان مطابقاً لقولنا: اثر عامل الصدود بقلبي. أما اعتراض صديقنا الفاضل مصطفى جواد على بيت الانبار وذهابه إلى انه بيت النار فغير صحيح. فان الانبار في الحمام هو الجرموز الذي يكون فيه الماء الحار ويكون مرتفعاً قليلا عن مستوى المبازل (الحنفيات) لينفذ منه في القنوات

إلى المبازل (الحنفيات). وما زالت الكلمة مستعملة في الموصل ويلفظونها (عنبار) ويقابلها بالأفرنسية أما بيت النار فالمشهور انه هيكل النار للمجوس المعروف عندهم باسم (آذاركده 3 - شدخ وشرخ وجاء في هذه المجلة في عددها السابق أيضاً إنكار كلمة شدخ (9: 144) ومحاولة إصلاحها بشرخ استناداً إلى الطبعة المصرية لفقه اللغة وحدها، حال كون جميع كتب اللغة. الأخرى، ذكرتها بالدال. أرى أن (شدخ) بالدال هو الصحيح وهؤلاء أهل الموصل بدوها وحضرها شهداء أحياءاً ناطقين. فانهم يقولون (شدخ) للغلام إذا شب وطال. وهذا الزبيدي يقول في تاجه: (غلام شادخ شاب كما في الأساس واللسان). وشدخ وشادخ من مادة واحدة. وكون كلمة شدخ تفيد أيضاً معنى الولد لغير تمام إذا كان سقطاً لا ينفي المعنى الأول. فكم من كلمة أفادت معاني كثيرة لا بل كم من كلمة أفادت معاني متضادة! 4 - التلفزيون والراديو ولقد أعجبتني كثيراً ترجمتكم للتلفزيون بالمباصرة والراديو بالنث. بارك الله فيكم. داود الجلبي (ل. ع) لم ننكر فعل (شدخ) وإنما أنكرنا أن يكون الشدخ بمعنى الشرخ فالشرخ على ما في التاج: (أول الشباب ونضارته وقوته وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع. وقيل: هو جمع شارخ، مثل شارب وشرب. وقال شمر: الشرخ الشباب، وهو اسم يقع موقع الجمع. قال لبيد: شرخاً صقوراً يافعاً وأمردا وفي الحديث: اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم. . . وجمع الشرخ: شروخ وشرخ (بضم فتشديد). أهـ وأما الشرخ فبعيد عن هذا كله وهيهات أن يأتي بمعناه. ولو فرضنا أن عوام العرب كلها قالت: الشدخ هي الشرخ ولم يقلها الفصحاء، فليس ذلك حجة على الفصحاء، لأن اللغة تعتبر في فصحائها الثقات لا في ماسخيها الإذناب.

5 - في الزقزقة ورد خطأ في هجاء الكلمات على قاعدة الزقزقة فكلمة (رايح) وردت في السطر السادس (رزايزح) وفي السطر الخامس (ريزايزح) والصواب الأول وفي السطر السادس (المزح رزاقزا) والصواب (المزاحرزاقرزة) أي المحرقة. وورد في السطر السابع لفظ (حالك) هكذا (سيزايزح تزك) والصواب (حزالزك)، وجاء في السطر العاشر (مزن سزان ازستزارزي) والصواب (مزشزان ازاشتزارزي) فالأصل (مشان اشتري). وجاء في السطر الحادي العشر (وزارزع هزو) والصواب (وزابزاعرزه) أو (بزاعدزو) على اللهجة السورية وهي (وبعده) وفي السطر الثالث عشر (هزونزا أزي لزا) والصواب (هزونزاك ازارا زوح) لان الأصل (هناك أروح) وفي السطر الخامس عشر (سزامزيع) والصواب (جزامزيع) أي جمع قواعد الزقزقة 1 - أن يكسع الحرف في الكلمة بزاي إلاَّ الحرف الأخير فلا يكسع بل يبقى وحده فتقول في (كيف): كزيف وفي (من) مزن. 2 - أن يوضع بعد الزاي الكاسعة حرف مد من جنس الحرف الذي قبلها باستثناء الزي الأخيرة وحف العلة مقل (غوزرفزه) فقد وضع الواو بعد الزاي الأولى وهو مناسب لحركة ما قبلها أي الغين فتقول في (أنام): أزانزام، وفي (إلى) ازيلزا؛ وقد يحذف أن كان واواً. 3 - حرف العلة لا يكسع بزاي فتقول في حليت (حزالزيب) لا (حزالزيزب) وقد ذكرناه. 4 - الحرف الذي للمعنى إذا كان مفرداً في المبنى يوضع بعد زاي كسعه مد يجانس حركته، فتقول في الواو والفاء (وزا) (فزا) وفي لام الجر (لزي). وهذه الزقزقة كانت في آخر عهد الترك بالعراق مستفيضة أوسع الاستفاضة

بين الصبيان والأحداث في بغداد فكانوا يتصرفون بالحروف الكاسعة فيكسعون بالكاف مثلا فيقولون في (وين رايح): وكين ركايكح، وفي (إلى البستان): إكالكل بكستكان وفي (أحوش رمان): اكاحكوش، ركماكان. وقد يستعملون النون قبل الباء الكاسعة فيقولون في تاخذ (تنباخنبذ) وفي آكل (انباكنبل) وفي نروح (ننبارنبوح) وهلم جرا. ومن المؤكد أن الحروف ما عدا حرف المد كلها يكسع بها ولكن هذه اللغية قد تضاءلت الآن كل التضاؤل فلا يستعملها الصبيان إلاَّ شذوذاً. 6 - في مقال ابن فارس 1 - ورد في ص 113 (والريان: كثير الماء الحسن البشرة) والأولى (الكثير الماء الحسن البشرة) ليستوي الخبران في التحلي بأل كقوله تعالى (هو الغفور الودود) أما الإضافة فهي لفظية لا تفيد تعريفاً. 2 - وفي السطر 13 ما نصه (وفيها الرواجب وهي عصب ظاهر الكف) وفي السطر 16 (والرواجب بطون عقد الأصابع) وهذا تناقض ظاهر ونوع من الارتياب والتوقف الذي استبعدتموه عن ابن فارس. 3 - وجاء في ص 111 سطر 13 (وجلدة الرأس هي الفروة فظاهرها: البشرة وباطنها الأدمة وذلك في الجلد كله) وفي ص 115 (وفي البطن الصفاق وهي جلدة البطن التي تحت الجلدة الظاهرة) فقد تنوعت الجلدات. 4 - وفي ص 115 أيضاً (وهي أربع وعشرون فقرة، والفقرة والجمع فقار) والأصل (فقر) كعنب، هذا الذي ذكره اللغويون واستعملوه، أما الفقار كسحاب فهو جمع فقارة كسحابة بمعنى الفقرة ولسنا ننكر مجيء (فعلة) كإبرة على (فعال) كلجام فهو مقيس عندنا مثل (ذهبة ذهاب) و (رمة رمام) و (رهمة رهام) و (عقصة عقاص) و (كفة كفاف) و (لمة لمام) و (لقحة لقاح) و (ليطة لياط) و (مرة مرار) لكن المستعمل المروي في جمع الفقرة هو (فقر) كما ذكرنا، وقال ابن خلكان في (2: 348) من الوفيات (ويقال: ذو الفقار بكسر الفاء أيضاً جمع فقرة بكسر الفاء وسكون القاف ولم يأت مثله في الجموع إلاَّ قولهم: (إبرة إبار) ولا نعلم مصدر نقله والشهير اثبت.

7 - عود إلى رسالة ذم القواد 1 - ورد في (9: 26) من لغة العرب (ومعز ترد به الأحزان وخاصة تذهب بالصنيعة) قيل في الحاشية (كذا في الأصل ولا يظهر له معنى يطمئن إليه) وارى أن الأصل (الضغينة) وهي الحقد. والخاصة الصالحة تذهب بحقد الإنسان. قال ابن الطقطقى في ص 130 من الفخري (روي أن المنصور أحضر يوماً أنساناً ذكر له انه وثب على عامله ببعض النواحي فقال له المنصور: ويحك أنت المتوثب على فلان العامل؟ والله لأنثرن من لحمك اكثر مما يبقى منه على عظمك، وكان شيخاً كبيراً فانشد بصوت ضعيف: أتروض عرسك بعدما هرمت ... ومن العناء رياضة الهرم؟ فقال المنصور: يا ربيع ما يقول؟ قال: يقول: العبد عبدكم والأمر أمركم ... فهل عذابك عني اليوم مصروف؟ فقال: (قد عفونا عنه فلينصرف) فالربيع بن يونس كان يذهب بالضغينة وهو من الخاصة (ووردت هذه الحكاية في ص 204 من جمهرة الأمثال). 2 - وورد في ص 27 (فحذر يا أمير المؤمنين أولادك (وأوصهم) بأن يتعلموا) ولا نرى وجهاً لهذه الزيادة لان (حذر) الثلاثي قد أتى بمعنى (تيقظ وتأهب) و (حذره تحذيراً) من ذلك السنخ فمعنى (حذرهم بأن يتعلموا: أيقظهم بالتعلم) ووجود (أوصهم) يترك (حذر) مبهماً وما كل الحذوف متساوية. 3 - وجاء في ص 33 (في مقدار ثوب ثماني (يماني) فما) والأولى (يمان) بالنقص والتنوين قال في المختار (اليمن بلاد للعرب والنسبة إليهم يمني ويمان مخففة والألف عوض من ياء النسب فلا يجتمعان قال سيبويه: وبعضهم يقول: يمني بالتشديد، وقوم يمانية ويمانون مثل ثمانية وثمانون) قلنا: والتشديد يكون في الشعر قال العرحي وهو أمية بن خلف: أني أتيحت لي يمانية ... إحدى بني الحارث من مذحج

يمانياً يظل يشد كيراً ... وينفخ دائماً على لهب الشواظ 4 - وفي ص 33 (فلو رميت بفأس ما سقط إلاَّ على كتف) ولعل الأصل (سقطت) لأن الفأس مؤنثة وإنما يكون حذف التاء من الفعل المؤنث إذا كان الفاعل مؤخراً عن (إلا) قال ابن هشام في ص 68 من شرح قطر الندى (وكان الظاهر أن يجوز في نحو: ما قام إلاَّ هند، والوجهان ويترجح التأنيث كما في قولك: حضر القاضي امرأة. ولكنهم أوجبوا فيه ترك التاء في النثر لأن ما بعد (إلا) ليس الفاعل في الحقيقة وإنما هو بدل من فاعل مقدر قبل إلا). 5 - وجاء في حاشية ص 35 (الطلل من السفينة: جلالها عن ابن سيدة والجمع أطلال وهي شراعها) قلنا: وكذلك في القاموس لكنه قال (والجل. . . وبالفتح: الشراع ويضم جمعه جلول) فالطلل إذن: الجل، بالأفراد لا بالجمع وهذا الوهم كوهم الفيومي في المصباح فانه قال (المعى: المصران) وقد قال قبل هذا (والمصير: المعى والجمع مصران. . . ثم المصارين) 6 - وجاء في ص 37 (فراع كواعب الآداب واكف عذارى الألباب) والأولى (اكتنف عذارى الألباب) والمعنى متصل متسق. 7 - وجاء فيها أيضاً (ونظمته الفطنة ووصل (واتصلت) جواهر معانيه في سموط ألفاظه) والأولى (ووضن جواهر معانيه في سموط ألفاظه أي نضدت وشبكت قال تعالى (على سرر موضونة) وقال كثير في الموضن بمعنى المنضد. عرفت لسعدى بعد عشرين حجة ... بما درس نؤي في المحلة منحن قديم كوقف العاج ثبت حواؤه ... مغادر أوتاد برضم (موضن) 8 - وفي ص 31 (وأجل رمص الغفلة ببرود اليقظة) والأولى (بمرود اليقظة) قال في المختار (والمرود بالكسر: الميل) 9 - وفي ص 38 أيضاً (ثم اجمعوا (على) أن ابلغ) وحذف حرف الجر

ههنا مطرد كما ذكرنا غير مرة، وقد ذكر الأب انستاس أن (ألقت) الذي نقلناه عن جمهرة الأمثال هو الفث، وهو عين الصواب، لكن طبعة الهند (ومنها النسخة التي عندنا) أخذته بالتاء المثناة من فوق فوهمنا نحن فما اكثر فساد هذه الطبعة! 8 - في قضايا شتى 1 - ورد في ص 15 من ذلك الجزء (ومما يؤسف له انه لم يرد في تلك الكتابة) والصواب (منه) لأن اللام تفيد انه محبوب مع انه مكروه راجع (7: 240) ويقال (يؤسف به) وكلاهما بمعنى. 2 - وفي ص 14 (في كلامه عن تل هوارة، والفصيح (على تل هوارة) وان كان المتكلم عليه معنوياً جاء أمران (فيه) و (عليه). 3 - وفي ص 16 (من الخشب المنخور) والصواب (النخر) و (المنخر) لأن (نخر) الثلاثي لازم وغلط هذا الغلط صاحب المنجد الأب لويس معلوف فقد قال في مادة (أكل) ما صورته (أكل أكلا وتأكل السن أو العود: صار منخوراً وسقط) والمنجد حافل بالأغلاط العظيمة التي يؤلف في تصويبها كتاب مستقل. 9 - تابع لنقد المجمل ونقلنا في (9: 69) من لغة العرب أن حسان بن ثابت كان جباناً جداً ثم رأينا في (ص 135) من نكت الهميان في نكت العميان قول مؤلفه الصفدي (وقد رأيت بعضهم ينكر جبنه واعتذر له بأنه كان يهاجي قريشاً ويذكر مثالبهم ومساوئهم ولم يبلغنا أن أحداً عيره بالجبن والفرار من الحروب وقد هجا الحارث بن هشام بقوله: إن كنت كاذبة الذي حدثتني ... فنجوت منجى الحارث بن هشام ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام وما أجابه بما ينقض عليه ويطعن عليه بل اعتذر رضي الله عنه عن فراره بقوله. . . وقال ابن الكلبي: إن حسان كان لساناً شجاعاً فأصابته علة أحدثت له الجبن فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده). مصطفى جواد

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة هورم وأم حلمي حيفا (فلسطين) عبد الله مخلص: أعمل منذ مدة على جمع وتدوين أسماء وأصناف الثياب العربية التي اربت على المئات والتي فيها لنا الغناء عن المسميات الحديثة وبيان المنسوب منها إلى مصانعه الخاصة مستشهداً على ذلك بأبيات من الشعر الجاهلي والإسلامي لإثبات صحة الدعوى والنسبة. وقد استوقفني في محيط المحيط للمرحوم البستاني استشهاده ببيتين من الشعر هما: وعليه أتحمي ... نسجه من نسج هورم غزلته أم حلمي ... كل يوم وزن درهم فإذا صح هذا الاستشهاد فيكون هورم نساجاً وأم حلمي غزالة، أو أن هورم اسم مدينة نسب إليها النسيج. والذي في كتب اللغة أن الاتحمي والاتحمية والمتحمة برد، والتحمة بالتحريك البرد المخططة بالصفرة. وقد انفرد علي بن رشيق القيرواني المتوفى سنة 456هـ 1064م في كتاب العمدة في صناعة الشعر ونقده بقوله أن البرود الاتحمية منسوبة إلى أتحم باليمن. وأتحم هذه لم يذكرها لنا ياقوت في معجمه ولا عرض الهمداني بها في صفة جزيرة العرب ولا جاء عليها نشوان بن سعيد الحميري في منتخبات في أخبار اليمن من كتاب شمس العلوم ودواء كلام العرب من الكلوم حتى نسلم لابن رشيق بوجودها. أما هورم الرجل فلم يتصل بنا خبره، ولا نعرف مدينة بهذا الاسم إلاَّ

أن تكون محرفة عن جهرم التي عرفت ببسطها الفاخرة لا بثيابها. أما أم حلمي فلم تقرا ولم نسمع بان العرب سموا حلمي ذلك الاسم الذي انتقل إلينا من العثمانيين بل من متأخريهم. فهل تهدونا هدانا الله وإياكم سبيل الرشاد إلى هورم وأم حلمي ومن هما؟ ج: تدوين ضروب الثياب بأسمائها وعزوها إلى قائليها من احسن الأعمال اللغوية. وقد سبقكم إلى مثل هذا العمل دوزي العلامة الهولندي، لكنه لم يتفرغ إلاَّ للثياب التي أتخذها المولدون. أما عملكم هذا فيتناول أوضاع الجاهليين وما بعدهم إلى عصر المولدين وهو عمل لم ينفرد به أحد. إذن نعم العمل عملكم. أما البيتان اللذان استشهدتموهما نقلا عن محيط المحيط، فقد وردا في كتاب (العين). ونقلهما الجوهري في صحاصه، ونسخة (العين) التي عندنا غير مضبوطة في اغلب المواطن، أما الصحاح فلدينا نسخة كتبت على نسخة المؤلف في السنة الثانية بعد الستمائة ومضبوطة احسن الضبط، إلا إنها سرقت في سقوط بغداد في سنة 1917 ومزقت شر ممزق، ثم توفقنا للعثور على بعض أوراق منها فجمعنا منها ثلاثة أجزاء. ولحسن الحظ يرى فيها مادة ح م وفيها البيتان مضبوطان أحسن ضبط. وهما غير منسوبين إلى احد، بخلاف ما جاء في الصحاح المطبوعة، إذ قد نسبا فيه إلى عروة بن الورد. وقد بحثنا عن هذين البيتين في ديوان هذا الشاعر فلم نجدهما. واتحم ذكرها البكري في معجمه قال في باب الهمزة: (أتحم بفتح أوله وسكون ثانيه وبالحاء المهملة، على وزن افعل: موضع باليمن وهو الذي تنسب إليه الثياب الأتحمية). أهـ وهورم، وزان جوهر، اسم عربي قديم، أما أن يكون مخفف (هدورم) الوارد في التوراة (سفر الخلق 10: 27) وهو من أسماء العرب الأقدمين، وما مخفف هورمزد الفارسي الأصل. والعرب كثيراً ما تستطيل الاسم الأجنبي فتكتفي باتخاذ جزء منه - بصدره أم بعجزه - فتقول مثلا: الهزار واصله هزاردستان. وتقول (النشا) والديك (بمعنى الأثافي) واصلهما: نشاستج

وديكان. ونفضل أن يكون (هورم) مقطوعاً من هورمزد لأن اغلب النساجين فرس واغلب الثياب الفاخرة من صنعهم، أو أنها صنعت في ديارهم، ومنهم تعلمت سائر الأمم. وهورمزد تكتب بصور مختلفة: هورمز وهرمزد، وهرمز وارمزد وارمز واورمزد، وارمزد وهو شائع إلى عهدنا هذا في ديار العراق بين الفرس والنصارى والصائبة. واغلبهم يقول اليوم: هرمز وبعضهم يصغره بصورة هرميزي. وعلى كل حال ليس هورم تصحيف جهرم ولا هو بلد ولا بلاد بخلاف ما ذهبتم إليه. أما (حلمي) في (أم حلمي) فليس من أعلام الرجال الأقدمين. ولقد أحسنتم. في قولكم أن العرب لم تسم أحداً (حلمي) ولا بأمثاله. لأن هذا الضرب من العلم من أوضاع الفرس، ثم جاراهم في وضع أمثاله الترك فاكثروا منه. وليس (حلمي) بالحاء المهملة، كما وردت في محيط المحيط، إنما هي (خلمي) بالخاء المعجمة المكسورة وبالياء الخفيفة في الآخر وهي للمتكلم هكذا أورد هذا البيت صاحب (العين) على ما يرى في نسختنا. إلاَّ أن الألفاظ غير مضبوطة فيه بالشكل الكامل وهي مضبوطة احسن ضبط في نسخة الصحاح التي أشرنا إليها. ومعنى الخلم (بكسر الأول) الصديق. فيكون معنى البيتين: (وعلى الرجل ثوب أتحمي نسجه هورم. بعد أن غزلته أم صديقي (ولعله يريد بأم صديقه: أم هورم نفسه. فيكون المعنى: وبعد أن غزلته أمه) كل يوم وزن درهم. وخلمي وردت بالخاء المعجمة في الصحاح المطبوع في مصر. وأما في لسان العرب فقد جاءت بالحاء. وعلق الطابع على هذا البيت ما هذا نصه بحروفه وهو في الحاشية: (قوله: من نسج هورم. هذا في الأصل. بالراء. ومثله في بعض نسخ الصحاح. وفي بعضها: هوزم بالزاي. وقوله: (أم حلمي) في الأصل بالحاء. وفي نسخ الصحاح بالخاء. وحرر. أهـ مصححه.) فصاحب محيط المحيط تبع رأياً من هذين الراءين، وهو الرأي السخيف الذي لا معنى له. ولهذا يجب أن لا يطالع هذا الديوان اللغوي إلاَّ بكل تيقظ

وانتباه. مطالعة مجلة الدهور س. منامة (جزيرة البحرين) السيد م. ح. الهندي: أتستحسنون أن نشارك في مجلة (الدهور) الببروتية؟ ج. نعم، إذا أردتم أن تتعلموا النفج والطرمذة والتبجح والإدعاء الفارغ فأنها احسن ذريعة إلى بلوغ هذا الغرض. أما إذا أردتم أن تستفيدوا فائدة صادقة من علوم العصر وآدابه وفنونه وإتقان العربية والمحافظة على ديانتكم، فان هناك مجلات وجرائد لا تحصى من سورية وفلسطينية ومصرية وعراقية. وكل منها متفرغة لبحث من هذه البحوث. فإبراهيم الحداد يتخذ مطرقته للضرب على إينشتين، وجورج برنارد شو، وشاكر خليل نصار، ووديع نقولا حداد، والأرشيمندريت أبي طبر إلى غيرهم. لأن كل هؤلاء وأمثالهم لا يفهمون شيئاً في نظره. وكيف يتصور انهم شيء مذكور وهو القائل في ص 471: (إن ما يراه الأستاذ نصار موجوداً ويستنتج من وجوده مبدعاً مستقلا، (هو الله بنظره). مع أن (هذه الكلمة لا معنى لها (كذا). . . أقول أن ما يراه الأستاذ موجوداً هو وهم من أوهام فكره (كذا). . . مع أن القدماء اعتقدوا حسبما قيل (عن لسان إلههم (كذا) في التوراة) ولم يجرب أحد منهم أن يثبت ما قيل بالامتحان. . . (ص 472) ويقول للأستاذ نصار (في ص 473): (فالأوفق له أن يرضى الحضور إلى الإدارة (إدارة مجلته) كل يوم ساعة على الأقل لتعريفه ما خفي عنه (كذا بحرفه).) فمن كانت هذه بضاعته وآدابه وعلمه، فماذا يرجى من مجلته، وهو - لو أراد أن يتتلمذ للأستاذ نصار - لا يستحق أن يحل سيور نعال اصغر تلاميذه - لكن استنشاق ريح العلم الكاذب يفعل في العقل، ما يفعله السم في الجسم، فانه لا يغذيه بل ينفخه نفخاً ليقتله قتلا. الهيكل وأصله بغداد. ب. م. م. قرأت في الشرق (29: 81 إلى 84) مقالة في اصل هذه الكلمة. قل صاحبها انه شمري لا أكدي، وإذا كان شمرياً فهو ليس

بسامي وختم مقاله بان أنحى عليكم باللائمة بعد أن غط قلمه في مداد السب والشتم القذع. فلماذا لم يتعرض للذي نقلتم عنه، لم اكتفى بان حقره بصورة مجملة ثم تركه، فانهال عليكم بوجه صفيق لا يعهد إلاَّ في أبناء الأزقة والذعار، لا في الأدباء ولا في لابسي ثياب الأبرار. ج: الرجل يثأر لنفسه والثأر الجاهل لا يضبط نفسه وسبب غضبه إننا بينا غير مرة مفاسد آرائه المتعددة فضحك منه صغار الأحداث كما في قوله: الآمالي الألسنية (وهو يريد اللسانية)، والتوراة لم تأت عند النصارى بمعنى العهدين القديم والحديث مع أن هذا يخالف مصالحهم، وان العرب اخذوا عن الشمريين لفظة البارية، مع انهم أخذوها عن الفرس وهؤلاء عمن تقدمهم من كانوا في ديارهم، ولرفضنا أيضاً إدراج بعض مقالاته السخيفة في مجلتنا. فلما جرح في (شمخرته) قام ينهال علينا بتلك الشتائم التي تنم على تربيته الأولى التي نشأ عليها، حتى أن حياة الرهبانية لم تتمكن من تغيير شيء منه، إذ أن رسخت فيه تلك المعايب وهل (العود يقلح)؟ التشاعر أو التلباثية س. الإسكندرية (مصر) م. ن. س - ما احسن كلمة عربية تؤدي معنى الكلمة الإفرنجية تلباثية ج. التلباثية مركبة من (تلى) أي بعد. و (باثوس) أي شعور. ومحصل التركيب: الشعور عن بعد. وهو شعور الإنسان بحادث يقع وقوعاً حقيقياً لكن على بعد منه، فيشعر به في وقت وقوعه عينه، أو هو شعور بأحوال تجعل معرفة الإنسان إياها أمراً محالا من جهة ماديته، - ولهذا صح أن يسمى هذا الشعور (تشاعراً) لأن التفاعل كثيراً ما يدل على البعد مثل التراسل والتذاؤب (تذاؤب الريح) والتساقط، وان كنا لا ننكر أن تفاعل يدل على القرب أيضاً؛ إلاَّ أن هذا لا يمنع ذاك. فالتشاعر في نظرنا احسن لفظة تؤدي المعنى المطلوب وهي أخف لفظاً من الكلمة الأجنبية وأدل على ما يراد، فلا تحتاج إلى أن يفسرها أحد لعربي يسمعها لأول مرة ولا يحتاج إلى معرفة لغة دخيلة.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 38. تاريخ الحركة القومية وتطور نظام الحكم في مصر (الجزء 3) عصر محمد علي، بقلم عبد الرحمن الرافعي بك. إذا أراد الباحث أن يقف وقوفاً صادقاً على تاريخ مصر منذ انبعاثها إلى عصر محمد علي واحتاج إلى معتمد يعتمد عليه، فما عليه إلاَّ أن يستمد أنواره من هذا السفر الجليل في أجزائه الثلاثة. وقد مر الكلام على الجزءين الأولين (8: 224 إلى 225) وهذا الجزء الثالث طوي على ذينك الغرين، بل ربما فاق صنويه. نعم كتب بعضهم من غربيين وعرب في هذا الموضوع، لكننا لم نر في تلك المصنفات التحقيق الذي ألفيناه في ما وشته بنان الأستاذ الكبير عبد الرحمن الرافعي بك، فقد وجدناه أوغل في بعض التدقيقات إيغالا لم (يقاربه) فيه أحد اقرأ مثلا تفاصيل الحملة التي حملتها إنكلترة على مصر في سنة 1807 وهي الحملة المعروفة بحملة الجنرال فريزر، وحملتها الثانية سنة 1840 فانك تجد فيها من بديع الأخبار والأحداث ما لا تجده في أي كتاب سواه. وقد غط المؤلف يراعته في مداد الوطنية والأباء والشمم، ما يبقي لكتابه حسن الأحدوثة والذكرى الطيبة، ويجعله إياه من أبناء وادي النيل البررة الذي يشار إليهم بالبنان. ومما يسرنا أن هذا الجزء محكم العبارة متقن الكلام، كأنك تقرأ منه تصنيفاً من صدر الإسلام. وقد حافظ على مصطلح العرب في كل سطرخطه. فبينما تجد بعض الضعفاء المؤلفين يكتبون نصيبين (في شمالي سورية) نزيب، تراه لا يحيد قيد شعرة عن صحيح اللفظ ولا تراه يقول مرة (نزيب). وقد وقع هذا الجزء في 650 صفحة بقطع الثمن على ورق صقيل ثخين بديع مجلداً تجليداً إفرنجياً.

وقد جعل صاحبه ثمنه 25 قرشاً مصرياً وهو ثمن بخس بالنسبة إلى ما حوى من جلائل المباحث والأخبار. فنهنئ حضرة الرافعي بك بإخراجه هذا الكنز إلى قراء العربية ونتمنى له الرواج الذي يستحقه، وعسى أن ينسج من يجئ بعده هذا النسج البديع مقتفياً آثار الأستاذ لتتم به الفائدة. 39. كتاب المخارج في الحيل للإمام محمد بن الحسن الشيباني، ويليه رواية أخرى لهذا الكتاب للإمام السرخسي، نشره واعتنى بتصحيحه يوسف شخت في سنة 1930، وثمنه 9 مركات ذهباً (أو 9 شلنات). استقاء الماء من مورده، خير من استقائه من سواقيه، وكذا يقال عن مناهل العلم. وقد تغلغلت هذه الحقيقة في نفوس العلماء الغربيين كل التغلغل ولذا تراهم يعنون العناية القصوى بطبع مؤلفات علماء الشرق الذين تقدموا العلماء المولدين أو المعاصرين، وقد عني الأستاذ يوسف شخت (بطبع المخارج في الحيل) وهو في الفقه، والإمام الشيلاني من اعظم الفقهاء، توفي في سنة 189هـ فجاء من أتقن ما يطبع في ديار الغرب، وقد نقله إلى الألمانية وجعل قيمة الأصل ولنقل 22 مركا (أو شلناً) وقيمة النسخة العربية 9 مركات ذهباً، وقد طالعنا شيئاً كثيراً من صفحاته فوجدناها سالمة من خطأ الطبع. اللهم إلاَّ في ص 48 س2 حيث يقول: (قال لها زوجها أنت طالق ثلاثاً أن سألتيني الخلع) هكذا بياء بعد التاء في مخاطبة الأنثى، وهو لا يستحسن من جهة أحكام القواعد العربية والشعراء والعوام تنطق به. وفي تلك الصفحة س12: فيكون ذلك جائز ألانها منه). هكذا وردت. ولا شك أن هذا الخطأ من المنضد. والصواب: (جائزاً لأنها منه). وفي ص 92 س16: فقلت يا أمير المؤمنين ماذا فنيت به الشيعة. والصواب فتنت به الشيعة. هذا كل ما أصبناه في مطالعتنا. فهذا أبين دليل على أن المستشرقين يعنون كل العناية بما يتولون طبعه، بينما نرى كتبنا التي تطبع في ديارنا الشرقية طافحة بالأغلاط الشنيعة. فالكتاب إذن جليل من أي وجهة كان.

40. رجال البر والعمل بقلم مراد فؤاد حقي، طبع القدس في 75 صفحة بقطع الثمن الصغير. يتضمن هذا الكتاب ثماني تراجم: ماريوحنا مطران ماردين - ماراغناطيوس مطران أورشليم - البطريرك يوحنا ابن المعدني - المطران عبد النور الرهاوي - البطريرك يعقوب الثاني - البطريرك بطرس الرابع - المطران بهنام سمرجي - المطران صليبا البشيري - وكلهم من رؤساء الدين من طائفة السريان غير الكاثوليك. وقد احسن واضعها في تنسيقها، ونشر تصاوير كثيرة من المترجمين. وكنا نود أن تخلص عبارتها من بعض الأوهام الشائعة فقد قال مثلا في ص 3: وانحنيت أمام رفاته. . . قارئاً عليها سلاماً. - وفي ص 4 واعتقد أن رفات هذا الحبر. . . لتهتز طرباً في مرقدها، - والفصيح أن الرفات مذكر مثل فتات وحطام وما شابههما. وإلا فالكتاب لا يخلو من فائدة. 41. خزانة مخطوطات القس بولس سباط السرياني الحلبي طبع في مصر القاهرة في مطبعة السريان في مصر الجديدة، ورقم صندوق البريد 1905. يعتبر القس برلس سباط من الرجل الذي لهم الأيادي البيض على أبناء الشرق كافة. وذلك لأنه أنقذ من أيمان الجهلة والعبثة بآثار السلف كتباً جمة إذ اقتناها بماله الخاص، فأنجاها من التلف. ولو فعل الغير مثل ما فعله هذا الأب الغيور: لوصل إلينا كنز ثمين من تراث الأجداد. وقد ابتدأ بجمع هذه الدرر منذ سنة 1913 فبلغ ما عنده من المخطوطات 1125 ويكاد يكون كلها عربياً في مختلف المواضيع ويكثر فيها التأليف النصرانية. وقد وقع وصف هذه الأسفار في جزءين، صفحات الأول 204 وصفحات الثاني 252 وهما باللغتين الفرنسية والعربية ليستفيد من الوقوف عليهما أبناء الشرق والغرب. وكنا نود أن يزيد حضرته في الفهارس التي وضعها فهرساً آخر يحوي أسماء الكتاب ليسهل على

الباحث مراجعة ما يحب الوقوف عليه من غير ما عناء ولا مشقة. فننصح للأدباء اقتناء هذه الخزانة لما حوت من الفوائد الجليلة. 42. المساطر ديوان شاعر البلمند: الشيخ حنا اسعد زخريا، الجزء الأول في 40 صفحة بقطع الثمن، طبع بمطبعة مجلة الكرمة في سان باولو (البرازيل). يعد الشيخ حنا اسعد زخريا من المفطورين على الشعر، فهذه قصائده العامرة الأبيات تشهد على علو سبقه في حلبة هذا الميدان. وقد علمنا من رسالة خاصة وجهها حضرته إلينا أن الديوان طبع في غيابه ولذا وقع فيه أوهام عديدة من سقط الطبع. فقد جاء مثلا ص 27: كلمة سجا مرتين مثنى فعل سج بمعنى سجى. وكان يجب أن يقال سجيا. وإذا قيل انكسر البيتان. وذكر: بلى سجا بأوراق ال ... غضا والنخل والآس وليس للغضا أوراق ضخام ليسجى بها الميت. كما ليس للنخل أوراق بل سعف وورق السعف الخوص. وجاء الكهربا مؤنثا فقال: تضيء الكهرباء والصواب انه مذكر وعسى أن تصحح في الطبعة الثانية (ليكون أطيب الطعام في أحسن وعاء). 43. الألسنة والأقلام السامية (هدية) للأب ضورم الدمنكي الأب ضورم الفرنسي معروف بقدمه الثابتة في اللغات الشرقية من قديمة وحديثة. وقد وضع هذا التأليف الواقع في 74 ص بقطع الثمن باللغة الفرنسية فجاء من اعظم التآليف فائدة، على أننا لاحظنا انه لم يتعرض للغة الصابئية المعروفة بالمندائية وهي لغة مستقلة بنفسها. فعسى أن لا ينساها في طبعة هذا الكتاب الثانية.

44. النصوص الدينية اليزيدية ونقلها إلى اللغة الإيطالية مع مقدمة وحواش بقلم جوزبه فرلاني في سنة 1899 نشرنا في المشرق في سنتها الثانية، مقالة أسهبنا فيها، في اليزيدية ثم نشرنا بعد قليل في مجلة الأنثروبوس ما يزيد تلك الأنباء حقيقة ويعززها تعزيزاً مع نشر الكتابين الدينيين (مصحف رش) و (جلوه) فتناقل تلك الإفادات كثير من الكتبة من شرقيين وغربيين فمنهم من نسبه إلى نفسه ومنهم من ذكر مستندة بعض الذكر ومنهم من سرقها سرقة فاضحة بعد أن شوه ما فيها. واليوم ينشر حضرة المستشرق الإيطالي جوزبه فرلاني بلغته الطلية تلك النصوص مع إفادات وتعليقات ومقدمة أظهرت مقدرة العلامة المستشرق ووقوفه الرائع على تلك الفرقة. واستشهد جماعة كثيفة من المؤلفين الذي عالجوا هذا الموضوع، ولا سيما ما أثبتناه فجاء تأليفه من احسن ما يقتنى في هذا البحث، وهو في 124 ص بقطع 16. وقد قابلنا ترجمته الإيطالية بالنصين الأصليين فوجدناها من خير ما نقل وبكل أمانة. ويذهب المؤلف إلى أن أصل اليزيدية مجوس لجئوا إلى تلك الديار واختفوا فيها خشية الاضطهادات وليس لهم أدنى صلة بيزيد الخليفة الأموي، لكنهم مع الزمن ادخلوا أموراً مختلفة أخذوها من المسلمين والنصارى وغيرهم. وليس في الكتاب فهارس هجائية ينتاب شرعتها من يود الوقوف على بعض ما في مدون الكتاب. والذي فيه فهرس واحد للفصول، معقود على رأس التأليف وهو وحده غير واف بالمطلوب. وعلى كل حال فان المحتويات المودعة تلك الصفحات من أجل ما يمكن الوصول إليه؛ لأن الكاتب لم يدع مؤلفاً شرقياً ولا عربياً إلاَّ ذكره ووزن أقواله بميزان النقد وعرضه على القارئ. فهكذا يجب أن تصنف هذه الكتب وأمثالها. لا ما يفعله بعض الأغرار من ديارنا: يسرقون

مؤلفات الغير ولا يخزون من أن ينسبوها إلى أنفسهم، وهو عمل - لو دروا - يسم جباههم بميسم العار إلى آخر يوم الحشر! 45. تاريخ الأدب العربي (هدية) بقلم احمد حسن الزيات الأستاذ الجليل مدرس الأدب العربي بدار المعلمين العليا في بغداد، الطبعة الثانية المزيدة المنقحة بمطبعة الاعتماد المصرية بالقاهرة، وقوام هذا الكتاب (313) صفحة بقطع الثمن الكبير. وهو مذكرات موجودة للمدارس الثانوية - على ما كتبه مؤلفه على ثبجه وأشار إليه في خطبته - لأنه اشمله مقرر السنتين الثالثة والرابعة من الدراسة الثانوية. واحمد حسن الزيات الأستاذ أديب مصري شهير وكاتب قدير يستلذ القارئ كتابته ويستمرئها ذوقه ويستحليها طبعه لما فيها من بداعة التعبير والصبغة العدنانية ولأسلوب الجني وكأنه يكسبها من وداعته تفويضاً نضيراً إلى رزانتها ولغتها المخضرمة المنمنمة. قرأنا هذا الكتاب الذي يتشرب القارئ ما فيه (شرب النزيف ببرد ماء الحشرج) فألفينا الزيات يضيء للطالب بسليط من أدبه وكهربية من إمتاعه: يضيء كضوء سراج السلي ... ط لم يجعل الله فيه نحاساً وفي خلال اقترائنا له عن لنا فيه ما يستوجب ثنبيه الأستاذ الفاضل إليه ووقفه عليه فلعله يستدل به غيره أو يحق لنا أمره فنحن لم نبلغ من العلم أطوريه ومن ذا الذي يبلغهما؟ 1 - اللغة والعربية في العصر العباسي قال هذا الأستاذ الجليل في الخطبة عن الأدب العربي (ولا سيما في العصر

العباسي وهو أرقى عصور إسلام ومشرق نور الحضارة وهبط وحي العلم وريق شاب اللغة) ثم قال في ص 32 عن المولدين من الشعراء (ومولدون وهم الذين فسدت فيهم ملكة اللسان فعالجوها بالصناعة وهم شعراء بني العباس) ثم قال في حاشية ص 173 (المولدون أو المحدثون: هم الشعراء الذين فسدت فيهم ملكة اللسان فعالجوها بالصناعة كشعراء العصر العباسي) وهو تكرار، فكيف يمكن التوفيق بين روق شباب العربية وفساد ملكة اللسان؟ ولماذا كان الشباب في زمن فساد الملكية، فالأستاذ قد جمع ههنا بين رأيه ورأي القدماء فحصل التناقض، ولو كان قد اقتصر على قوله في ص 112 عن العربية في العصر العباسي (وقد اتسعت دائرة اللغة بما اقتضاه نقل العلوم وتمدين الدولة من المصطلحات العلمية والألفاظ الإدارية والسياسية والاقتصادية ورقت ألفاظها. . .) لكان أصون له عن الهفوة. 2 - الاعصار الخمسة لا العصور الخمسة وقال في الخطبة أيضاً (على رغم حال الأدب في عصوره الخمسة) والفصحاء لا يستعملون (العصور) لمثل الخمسة في استحقاق جمع القلة بل يقولون (الأعصار الخمسة) ومنه قول الشاعر: عنا غنيت بذات الرمث من أجلي ... والعهد منك قديم منذ أعصار وعكس الأستاذ الفاضل هذا الأمر في ص 6 فقال (إنما تم في ادهار متطاولة) فالمتطاولة تستوجب جمع الكثرة أي (الدهور) أما جمعه (دهر) على (أدهار) ففيه نظر قال ابن عقيل في شرح الألفية (وأما جمع فعل الصحيح العين على أفعال فشاذ كفرخ وأفراخ) وفي (5: 392) من معجم الأدباء لياقوت (وحدث أبو حيان قال قال الصاحب يوماً: فعل وأفعال قليل وزعم النحويون أنه ما جاء إلاَّ زند وأزناد وفرخ وأفراخ وفرد وأفراد، فقلت له: أنا أحفظ ثلاثين حرفاً كلها فعل وأفعال، فقال: هات يا مدعي؛ فسردت الحروف ودللت على مواضعها من الكتب ثم قلت: ليس للنحوي أن يلزم مثل هذا الحكم إلا بعد التبحر والسماع الواسع وليس للتقليد وجه إذا كانت الرواية شائعة والقياس مطرداً) قلنا: وقد صدق أبو حيان هذه المرة ونحن نذهب أيضاً إلى أن (فعلا على

أفعال) مقيس وبه يصح قول الأستاذ أحمد الزيات فهو مثل (أنف آناف) و (أرض آراض) و (ألف آلاف) و (بحث أبحاث) و (بعض أبعاض) و (بر أبرار) وصفاً و (جد أجداد) و (خرج أخراج) و (رمس أرماس) و (سطر أسطار) و (شت أشتات) و (شن أشنان) و (عم أعمام) و (غمض أغماض) و (فز أفزاز) و (فذ أفذاذ) و (فرط أفراط) و (فظ افظاظ) و (فسل أفسال) و (فل أفلال) و (فن أفنان) و (قلد أقلاد) و (قلس أقلاس) و (كبش أكباش) و (كر اكرار) و (لحظ الحاظ) و (لحن الحان) و (لطع الطاع) و (لفظ ألفاظ) و (بعث أبعاث) و (مرش أمراش) و (مرع أمراع) و (مرق أمراق) و (مرن أمران) و (من أمنان) و (نبذ أنباذ) و (نبض أنباض) و (نجد أنجاد) و (نجل أنجال) و (نجم أنجام) و (نحو أنحاء) و (نخ أنخاخ) و (نذل أنذال) و (نسل أنسال) و (هجل أهجال) و (وأب أوآب) و (وقل أوقال) و (وجر أوجار) و (وحش أوحاش) و (ورب أوراب) و (سجع أسجاع) و (ورص أوراص) و (وزن أوزان) و (وسق أوساق) و (وضع أوضاع) و (وقب أوقاب) و (وقط أوقاط) و (وقف أوقاف) هذا ما عدا الوارد من ذي اللغتين فتح الفاء وكسرها كشكل وأشكال أو فتح العين وتسكينها كزهر وأزهار، فإذا أضفنا إليها (زند أزناد وفرخ أفراخ وفرد أفراد) صارت (68) فهي مقيسة إذن ولولا ما جئنا به لعد الأستاذ الزيات مخطئاً. بل يجوز أيضاً قول الأستاذ الزيات على تقدير أنه (دهر) بفتح الهاء لان كل ما كان الحرف الثاني حرف حلق جاز فيه التسكين والفتح مثل شعر وشعر، نهر ونهر (المزهر 2: 72) ولكن الفصيح في تعبيره أن يقول: (دهور متطاولة). 3 - تعريف أدب العربية وقال في (ص1) (أجب اللغة ما اثر عن شعرائها وكتابها من بدائع القول المشتمل على تصور الأخيلة الدقيقة وتصوير المعاني الرقيقة مما يهذب النفس ويرقق الحس ويثقف اللسان) وهو تعريف ناقص من أمور: (1) ليس كل ما تركه

الأدباء بديعاً أي مخترعاً بل منه البديع والمحاكى والمقصوص (2) ليس كل أدب العربية مقصوراً على المعاني الرقيقة فمنه المعاني الخشنة كالهجو ووصف القتل والقتال والقصص الذي يسير بحسب حوادث الكون وفيها ما فيها (3) ليس كل الأدب يهذب النفس بل فيه ما يغويها ويعميها كالغزل بالغلمان والهجاء المقذع فيه والتملق والكذب المزوق (4) لم يقصر الأدب على ترقيق الحس بل منه ما يخشنه لرداءة الخيال وفساد التعبير وتعويد السلق باللسان (5) تثقيف اللسان لا يكون بالأدب كله ففيه اللغة الرديئة وعدد اللهجات والضرائر والتكلفات فأي لسان يتثقف من قول الشاعر على اللثغة: تغفق فشغب الخمغ من كغم غيقتي ... يزيدك عند الشغب شكغاً على شكغ (ترفق فشرب الخمر من كرم ريقتي ... يزيدك عند الشرب شكراً على شكر) فهذا معدود من الأدب (6) ليس كل الأدب قد أثرته الرواة عن أصحابه بل منه ما بقي مجهولا وفيه ما كتب كتابة أو نقش نقشاً على ما يمكن النقش عليه فتعريف تعتوره ستة توهينات غير حسن ولا مرضي. فأدب اللغة (هو ما تركه شعراؤها وكتابها من الأقوال المشتملة على الخيال وتصوير المعاني والحوادث ومنه ما يهذب النفس ويرقق الحس ويربي الذوق ويقيم اللسان) وشرط التعريف أن يكون جامعاً لما يعرف به مانعاً للتوهينات عن نفسه. وكيف ارتضى الأستاذ الزيات هذا التعريف وهو يقول في ص 18 (فكان الشعر ديوان علومهم وحكمهم وسجل وقائعهم وسيرهم وشاهد صوابهم وخطأهم ومادة حوارهم وسمرهم، وما هذه صفته فلا يجب فيه أن يهذب النفس ولا أن ويرقق الحس ولا أن يحوي المعاني الرقيقة ولا الأخيلة بل يجوز فيه ذلك والفرق بين الواجب والجائز ظاهر ثابت. 4 - كتب تاريخ الأدب وأسلوب النظم والنثر وقال في ص 2 عن كتب القدماء المختصة بالتراجم والأدب (لأنها أخبار

مفردة غير مرتبطة (كذا) لا تظهر ما بين الشعراء أو (كذا والفصيح: ولا) الكتاب من علاقة في الصناعة والغرض والأسلوب. ولا تذكر ما عرا النظم والنثر من تحول وتقلب) قلنا: أما أنها غير مترابطة فصحيح وأما أنها لا تذكر الباقي فخطأ فهو نفسه ينقضه فقد قال في ص 34 عن امرئ القيس (فقالوا انه أول من وقف على الأطلال وبكى على الديار وشبب بالنساء وشبههن بالمها والظباء وأجاد في وصف الليل والخيل) فمن هؤلاء القائلون؟ ونقل في ص 17 (قال الباقلاني في كتابه إعجاز القرآن، أن العرب بدءوا بالنثر وتوصلوا منه إلى الشعر وكان عثورهم عليه في الأصل بالاتفاق غير مقصود إليه، فلما استحسنوه واستطابوه ورأوا الأسماع تألفه والنفوس تقبله تتبعوه وتعلموه وتكلفوا له) فهذا تاريخ أي شيء ومن قاله؟ ونقل في ص 135 عن رسالة المعلمين للجاحظ قوله في عبد الله بن المقفع بأنه كان (مقدماً في بلاغة اللسان والقلم والترجمة واختراع المعاني وابتداع السير) ونقل في ص 125 قول يزيد لمروان بن الحكم وقد تلكأ في بيعته (أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى فاعتمد على أيهما شئت) وقول ابن قتيبة في أدب الكاتب (إن هذا لو قيل الآن لم يأت بالتأثير المطلوب والصواب أن يطيل ويكرر ويعيد ويبدئ ويحذر وينذر) أفليس هذا تاريخاً لتطور النثر في زمن أبي قتيبة؟ ولم ذكره صاحبه؟ ونقل في ص 139 قول البديع الهمذاني في الجاحظ (إن كلامه بعيد الإشارة قريب العبارة قليل الاستعارة) أفليس هذا من تاريخ أساليب النثر؟ ونقل في ص 142 القول المشهور (بدئت الكتابة بعبد الحميد وختمت ابن العميد) فمن قاله وفيم قاله؟. مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - هجرة عشيرة الميران إلى سورية لجأ قسم من عشائر الميران بقيادة صالح آغا تاج الدين الميراني إلى الحدود السورية هاجرة العراق. وتتألف قبائل الميران الكردية من انضمام عدة سيارة تتجول في ساحات معلومة تدخل في الشتاء الأراضي العراقية وفي الصيف الأراضي التركية. ولما نشبت الثورة الكردية الأولى سنة 1925 مزح بعض هؤلاء إلى الأراضي العراقية. وظلوا فيها يشنون في بعض الأوقات الغارة على الحدود التركية. والقوة التي لجأت إلى سورية هي مائة أسرة وعدد اسر العشائر الميرانية ثمانية الآف، لا يزال بعضها خاضعاً للنفوذ التركي وبعضها للنفوذ العراقي. ويقال أن السبب في التجاء هؤلاء إلى سورية تعهد السلطة الافرنسية لهم باقطاعهم الأراضي وعدم استيفاء أية ضريبة كانت منهم، لمدة خمس سنوات من تاريخ نزوحهم إلى سورية. أما الأراضي التي لجأ إليها هذا القسم من عشائر الميران فواقعة في لواء دجلة الجديد. وقد تم تأسيس اللواء في المنطقة التي استردت من تركية واتخذت حكومتها في (عين دبور) وقد وضعت الحكومة السورية نظاماً خاصاً بالموظفين الذين يستخدمون في هذه المنطقة من البلاد. (القبس) 2 - ميزانية السكك الحديدية لشهر تشرين الثاني الماضي بلغ مجموع دخل السكك الحديدية عن شهر تشرين الثاني الماضي مبلغاً قدره 934. 688 ربية وبلغ مجموع الخرج عن الشهر المذكور 640. 592 ربية وكانت فضلة تشرين الثاني الماضي 294. 096 ربية. وكان العجز لغاية تشرين الأول الماضي 124. 216 ربية وكانت الفضلة لغاية تشرين الثاني 169. 880 ربية.

3 - رسوم المحاكم المدينة في العراق خلال سنة 1929 بلغت رسوم محاكم البداءة في العراق عن سنة 1929 مبلغاً قدره 238 ألفاً و 661 ربية، وبلغت رسوم محكم الصلح 342 ألفاً و 382 ربية و 6 آنات وبلغت رسوم دوائر الأجراء 92 ألفاً و405 ربيات و6 آنات. ورسوم دوائر كتاب العدل 212 ألفاً و366 ربية و8 آنات ورسوم الاستئناف 44 ألفاً و723 ربية و8 آنات، ورسوم التمييز 11 ألف ربية و10 آنات ورسوم المحاكم الشرعية 121 ألفاً و847 ربية و10 آنات، وبلغت رسوم الدعاوي الشخصية للملل غير المسلمة خلال السنة المذكورة 7080 ربية و7 آنات والغرامات الجزائية 282 ألفاً و730 ربية. وبلغت الغرامات التي حكم بها قوام المقامات 42 ألفاً و18 ربية و5 آنات. 4 - الدعوي في محاكم العراق خلال سنة 1929 بلغ عدد الدعاوي الجنائية الكبرى في العراق خلال سنة 1929 مبلغً قدره 377 دعوى. والدعاوي الموجزة 43 ألفاً و55 دعوى، وغير الموجزة 5596 دعوى، والدعاوي الشرعية السنية 8575 والشرعية الجعفرية 7017 والدعاوى الشخصية للملل غير المسلمة 1195 والدعاوى البدائية 3348 والصلحية 63 ألف و779 دعوى. 5 - تعطيل (نداء الشعب) والتعويض عنها ب (السياسة) جاء في جريدة السياسة البارزة في 30 يناير (ك2): (عطلت الوزارة الحاضرة جريدة (نداء الشعب) يوم الاثنين الماضي (26 يناير). وقالت ملاحظية المطبوعات في كتاب التعطيل: (إن مجلس الوزراء قرر تعطيل (نداء، الشعب) تعطيلا إدارياً موقتاً (كذا، أي غير موقت) يوم الأحد، (أي على اثر صدور عدد الأحد). وهذه جريدة السياسة تأخذ في الصدور منذ اليوم (30 يناير) لتحل محل (نداء الشعب) في أداء الواجب الوطني. 6 - المبالغ التي تصرف على ألبسة الجيش كانت الحكومة العراقية تصرف على ألبسة الجيش نحواً من سبعة الكاك ربية (700. 000) أما الآن فقد حطت إلى لكين. 7 - تبادل نسخ إبرام المعاهدة الجديدة تبادل فخامة نوري باشا السعيد، رئيس الوزراء، وفخامة السر

فرنسيس همفريز المعتمد السامي، نسخ إبرام المعاهدة العراقية البريطانية الجديدة فبلغت هذه المعاهدة رحلتها الأخيرة. وسوف تنفذ بعد دخول العرق عصبة الأمم. 8 - الدعاوى الجنائية في العراق يؤخذ من الإحصاءات الرسمية أن عدد الدعاوي الجنائية التي وقعت في العراق في سنة 1929 كان 377 بزيادة 64 قضية عما كان عليه في سنة 1928. وقد صدرت في سنة 1929 سبعة أحكام بالإتلاف على عشرة أشخاص واحد منهم بإرادة ملكية ومنفذ حكم الإتلاف في ستة منهم خلال السنة المذكورة. أما الثلاثة الباقون منهم، فنفذ فيهم الحكم في سنة 1930. 9 - ابن سعود في صحف أميركة كتبت (رائد العلم المسيحي) الأميركية مقالة بعنوان (ابن سعود يستأثر بالعسير) جاء فيها ما هذا بعضه: (في سنة 1910 قام ابن سعود مع 15 من نخبة اتباعه فاسترد الرياض عاصمة أجداده من يد مناوئه ابن رشيد. وفي 1914 استرد نجداً كلها ومعها الاحساء الخصبة الواقعة على سيف خليج فارس وكانت في قبضة الترك وفي 1921 أتنزع ابن سعود إمارة ابن رشيد كلها وفي 1925 الحجاز فاصبح حامي الحرمين. وآخر ما قبض عليه هذا الملك ديار الساحل المعروفة بالعسير فهو اليوم حاكمها الأعلى بموافقة صاحبا الأصلي السيد حسن بن محمد بن احمد الأدريسي، هذا بعد أن مضت مائة سنة كاملة على الدولة الإدريسية المركشية حاكمة تلك الأرجاء، فاليوم إذا ثلثا جزيرة العرب في قبضة ابن سعود. وكل من ابن سعود والإمام يحيى قوي ولكنهما خصمان في النقطتين السياسية والمدنية. ويقال عن الإمام يحيى انه واقف احسن الوقوف على الدسائس الأوربية. أما مزية ابن سعود فانه مناهض للتعصب إذ تمكن من إدخال السيارات في دياره على الغم من الوهابيين الذين كانوا يرونها من صنع إبليس الرجيم. وفي مكنة هذين البطلين أن يسعدا جزيرة العرب أو يشقياها. والمظمون انهما يتفقان فيوحدان جهودهما ليسود السلام والأمن فيها، ومن يعش يره.

10 - حفلة تكريم للفريق الدكتور أمين معلوف باشا في مصر (القاهرة) دعا حضرة الفاضل الدكتور شخاشيري جمهوراً من خيرة الأطباء والعلماء والأدباء إلى داره مساء يوم الأحد للاجتماع بسعادة الفريق الدكتور أمين باشا معلوف وتكريمه. وكان في مقدمة الذي لبوا الدعوى حضرات الدكاترة محمد شرف واحمد زكي أبي شادي وراجي خباز والأساتذة داود بركات بك واسعد بك معلوف وفؤاد وصروف وحنا خباز ومحيي الدين رضا وغيرهم. وبعد الغروب دعوا إلى مائدة مدت عليها أنواع الحلوى والكعك والشاي والفاكهة فتناول كل ما طاب له ثم جلسوا في بهو الاستقبال يتباحثون في موضوعات علمية وأدبية وتاريخية واجتماعية راقية شأن حفلات الدكتور شخاشيري التي امتازت بهذه المباحث المتعلقة بفلسفة اللغة وتأثيرها في الحضارة والتاريخ وكان حضرة الدكتور شخاشيري وبعض أنجاله يطوفون على حضرات الضيوف مؤانسين يديرون عليهم أنواع الحلوى والسجائر بما اشتهر عنهم من كرم وإكرام. وفي نحو الساعة الثامنة انصرفوا شاكرين للداعي دعوته وكرم وفادته مثنين على فضل الدكتور أمين باشا معلوف وغزير علمه وجليل آثاره سائلين الله له طول العمر. 11 - الوفد العلمي المصري في بغداد وصل إلى بغداد في 8 فبراير (شباط) الوفد العلمي المصري وعدد أعضائه خمسة وعشرون: أحد عشر منهم أساتذة وما بقي من طلاب الجامعة. وقد وطئوا أرض العراق بعد أن جالوا في لبنان وسورية وفلسطين وشاهدوا كل ما هناك من آثار قديمة وتاريخية ومعاهد علمية. وعند وصولهم إلى هذه العاصمة زاروا كل ما فيها من الآثار ثم انتقلوا منها إلى المدن القديمة وفي كل يوم دعوة ووليمة إلى أن فارقونا في 16 من الشهر المذكور. وأملنا أن حكومتنا أيضاًتبعث بعثة علمية إلى ديار النيل ليستحكم الولاء والأدب بين البلادين ويجري التبادل بين الثقافتين المصرية والعراقية.

12 - بلاغ رسمي (بحروفه) يتعلق بحوادث السليمانية جاء في البلاغ الأخير الصادر في 17 كانون الثاني ملخص الحوادث التي جرت بين 3 كانون الثاني و17 منه: ففي خلال تلك المدة قامت القوة الجوية البريطانية تسع مرات بالاستطلاع والمظاهرة وكانت الأحوال الجوية تعيقها كثيراً عن العمل. وبناء على طلب وزارة الدفاع أقيم في 17 كانون الثاني رف من الطيارات في كركوك والحق ضابط من القوة الجوية البريطانية برتل الجيش العراقي (المعروف برتل رشدي) في سراو. بقي رتل رشدي في سراو من 17 كانون الثاني إلى 21 منه. وكان كلما رأى الأحوال الجوية ملائمة يسير مسيرات مظاهرة وجرى له في خلال ذلك بعض مناوشات مع الأشقياء. . . . 13 - نقد نشوار المحاضرة كتب حضرة الأستاذ المحقق مصطفى أفندي جواد نقداً لما بقي من طبع كتاب نشوار المحاضرة، ولما جاءنا من دلتاوة (حيث هو الآن) بعد إغلاق أبواب المجلة أبقيناه للجزء القادم لنفتحه به، ونوجه إليه نظر إبراهيم الحداد ليتعلم (النقد) لا إفراغ ما في قلبه من سم (الحقد). فهذا لا يسمى بذاك الاسم. وكذا نقول لكاتب مقالة الهيكل في المشرق (29: 81)

العدد 89

العدد 89 في نشوار المحاضرة - كنا قد كتبنا غير مرة في نقد المطبوع في مجلة المجمع العلمي العربي من كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة، ولم نستهدف في نقدنا غير الخطأ، ولا ناضلنا إلاَّ عن الصواب، وقد كابدنا مشاق عظيمة وقضينا أوقاتا طويلة، في هذا الأمر، ويعرف ذلك صاحب لغة العرب والآن نتم بحثنا. 1 - قلنا في (8: 529) من لغة العرب: (فسعى عليه بهذا المعنى لم يذكروه) ثم رأينا في (1: 116) من شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة قول عبيد الله بن عباس للعثمانية باليمن (ما هذا الذي بلغني عنكم؟ قالوا: (إنا لم نزل ننكر قتل عثمان ونرى مجاهدة من سعى عليه) وبهذه الرواية تأكد ما ذهبنا إليه من كون (سعى عليه) أصلا برأسه. 2 - وخطأنا في ص 355 منها شكل المجمعيين أو مرجليوث العلامة (آلان؟) بهمزة الاستفهام ومدة فوقها محتجين بان الهمزة في (الآن) همزة وصل فتسقط إذا سبقتها كلمة، وقد أخطأنا في ما خطأنا به لأن الهمزة الوصلية تسقط

إذا كان ما بعد الاستفهام فعلا فقد قال ابن قتيبة في ص 170 من أدب الكاتب بالمطبعة السلفية: باب دخول ألف الاستفهام على ألف الوصل (إذا دخلت ألف الاستفهام على ألف الوصل ثبتت ألف الاستفهام وسقطت ألف الوصل في اللفظ والكاب قال الله تعالى: سواء عليهم استغفرت لهم، ومثله: اصطفى البنات على البنين. وتقول إذا استفهمت: اشتريت كذا؟ افتريت على فلان؟). باب دخول الألف الاستفهام على الألف واللام (إذا أدخلت ألف الاستفهام على الألف واللام اللتين للتعريف ثبتت ألف الاستفهام وحدثت بعدها مدة نحو قوله عز وجل: الله خير أم ما تشركون؟) الآن وقد عصيت قبل؟ وتقول: آلرجل قال ذاك؟ تتكتبه بالألف ولا تبدل من المدة شيئاً) أهـ كلامه والحق عزيز على أهله قمين بالتأييد. 3 - ورد في ص 680 ج11 سنة 1930 من مجلة المجمع العربي عن نشوار المحاضرة (في خانات الصفارين) وعلق به ما صورته (بالأصل: حونات) قلنا: فالأولى أن يكون (حوانيت) لوجود الواو سالمة بالنص. 4 - وفيها (والدرابات في المسجد أحملها دفعات اثنتين وثلاثاً في كل دفعة) والصواب (أو ثلاثاً) أي يحملها دفعتين أو ثلاثاً فالست الدرابات مثلا يحملها دفعتين أي ثلاثاً ثلاثاً، أو دفعات أي اثنتين اثنتين، أو واحدة واحدة، ولا يجوز الجمع بينهما بالواو. وورد بعدها (فإذا مضيت لترد الدرابات أو تحضرها) والصواب (وتحضرها) لأن المراد بالرد والمراد بالإحضار سواء وجعله (تحضرها) وراء (ترد) نوع من التأكيد المعنوي وما أكثره في العربية، ويؤيدنا قوله في ص 682 (وفتح درابتين أو ثلاث) كذا. 5 - وجاء فيها (فعلمت انه جاء واختبأ للغلام وقت المساء) فعلق به

ما صورته (عبارة الفرج بعد الشدة أوضح: احتال على الغلام وقت المساء) قلنا: إن (احتال عليه) على شهرتها في العربية لم يذكرها أصحاب المعاجم التي بأيدينا، لكنهم تركوا قواعد عامة يعرفها المتبقرون، وفي (3: 421) من شرح نهج البلاغة قول عبد الملك بن صالح لأمير سرية (وكن من احتيالك على عدوك اشد حذراً من احتيال عدوك عليك وفي (2: 121) من الأغاني (وندم النعمان على قتل عدي وعرف انه احتيل عليه في أمره). وفي الحكاية السابقة لا أثر للاحتيال وإنما الأمر أمر اختباء كرواية النشوار فشرط الاحتيال المخادعة تستوجب المشاعرة وهذا لم يشاعر الغلام بل اختبأ له. أما عبد الملك المذكور فقد قال فيه ابن خلكان في (2: 312): وله بلاغة وفصاحة. . . وتوفي سنة 199. 6 - وجاء في ص 682 (وفتح درابتين أو ثلاث) وقد نقلناه آنفاً والصواب (ثلاثاً) بالنصب، ولعله من غلط الطبع لكنهم لم ينبهوا عليه في مستدرك الأغلاط. 7 - وفيها أيضاً (عدم من البصرة أول أمس) قلنا: وفي مادة (وأل) من المختار (وتقول: ما رأيته مذ أمس، فان لم تره يوماً قبل أمس قلت: ما رأيته مذ أول من أمس، فان لم تره مذ يومين قبل أمس قلت: ما رأيت مذ أول من أول من أمس. ولم تجاوز ذلك) قلنا: وسبب ذلك أن معنى (أول أمس: مبتدأ أمس) وأما (أول من أمس) فبمعنى: يوم أبدأ من أمس (أي الذي قبله). 8 - وورد في ص 683 (فقلت واحد منهم: فتصدق) فلعق الأستاذ مرجليوث (لعله سقط: دق الباب) قلنا: لو كان فيه نقصان لكان (اذهب) لأن دق الباب ليس شرطاً في الاستعطاء على ما هو معروف من الشحاذين والمكادي

بل لم يؤلف أن السائل المسلم يدق الباب عند المسألة بل يجهر باستعطائه ولا يخافت، وذلك ليفرق أصحاب البيت بين المهم وغير المهم. 9 - وجاء في ص 684 (وقام هو وجاريته يصفقون ويرقصون وتناولوا حجارة معدة لهم فما زالوا يشدخون رؤوسهم وأبدانهم. . . إلى أن أتلفهم) فعلق الأستاذ مرجليوث ب (اتلفهم) ما نصه (الصواب: اتلفاهم) قلنا: إن الأصل سائغ لأمور (1) يجوز إغفال أحد الاثنين مع جري الحكم عليهما نحو قوله تعالى (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) و (فمن ربكما يا موسى) ويقال (ما فعلتما يا فلان) وذلك قد جاز كما جاز نقيضه من نسبة الفعل إلى الاثنين وهو لأحدهما كقوله تعالى: (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما) ولم ينس إلا أحدهما لأنه قال (فأني نسيت الحوت وما أنسانيه إلاَّ لشيطان) (2) يجوز في الاثنين أن يعبر بهما مرة وبأحدهما أخرى قال الفرزدق: ولو بخلت يداي به وضلت ... لكان علي للقدر الخيار فقد قال: (ضلت) بعد قوله (يداي) وقال آخر: وكأن في العينين حب قرنفل ... أو سنبل كحلت به فانهلت فقال (كحلت به) و (وانهلت) بعد قوله (العينين) وجاز هذا كما جاز نقيضه قال الشاعر: إذا ذكرت عيني الزمان الذي مضى ... بصحراء طلح ظلتا تكفان ومثل هذا الوارد في النشوار كثير في العربية قال تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) والتقدير (ولا ينفقونهما) وقال (وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها) والتقدير (إليهما) وقال (والله ورسوله أحق أن يرضوه) أي يرضوهما (3) لو لم يكن رب الجارية مشاركا لها لجاز في عرف العرب إسناد الفعل إليه على طريقة (المجاز العقلي) مثل (فتح الأمير المدينة) وإنما الجند فتحوها. فإذا جاز لهذا فكيف يجوز للمشارك وهو أولى؟ وكل تطويل فيه فائدة لا يجوز للعاقل أن يطرح النظر فيه لأننا نجمع بين حكم النقل والعقل وذلك لا يعرفه أهل (علم ساعة) يؤخذ من الكتب قمشاً

وقرشاً بلا تدبر ولا تفكر، وقد يدعي الإنسان انه اطرح النظر وكلامه يدل على انه قد تبن وأدق النظر! 10 - وورد في ص 687 قول الحسن بن عون الذي حبس بمارستان البصرة سنة 342: وأرجو غداً حتى إذا ما غد أتى ... يزايداني همي فيسلمني صبري والأصح (إذا حتى إذا ما أتى غد) والصواب (تزايد بي همي) لأن زايدة بمعنى غالبه في الزيادة ولا محل له ههنا، وتزايد للمبالغة نحو تباعد وتقارب وتهالك وتطاير وتناثر وتسامي وتعالى وتعافى وتبارك. 11 - وجاء في ص 688 (عشق امرأته رجل وكان مفتناً عليها في منزله وأحلفها) فقال المجمعيون (الظاهر أن أصلها: ينفق عليها، وهو أقرب إلى الأصل) ولأجل مثل هذا الإصلاح قالوا في ص 768 (فيأتي أحد المعترضين ويذكر الوجه الآخر الذي تركناه ويرجحه على ما ذكرناه مع أن هذا الرأي قد يكون ذكره أحدنا لكننا أخيراً اعتمدنا الرأي الآخر) قلنا: ولكن ما معنى (ينفق عليها في منزله؟) وكيف لا تكون النفقة خارج المنزل؟ وكيف يكون الإنفاق في المنزل؟ وماذا أوجب الإنفاق في المنزل وحده؟ وما ظواهر التشابه بين (مفتناً) و (ينفق) حتى يكون أقرب إلى الأصل؟ هذه المسائل لابد أن يعرضها المصحح على رأيه حتى يحكم، ولا شك انهم واهمون فالصواب مفتاتاً عليها) وفي كتاب الإمام علي - ع - إلى الأشعث بن قيس عامله على أذربيجان (وان عملك ليس لك بطعمة ولكنه في عنقك أمانة وأنت تسترعي لمن فوقك ليس لك أن (تفتاث) في رعية) قال ابن أبي الحديد في (3: 299) من شرح النهج (يقال: أفتات فلان على فلان إذا فعل بغير أذنه ما سبيله أن يستأذنه فيه واصله من الفوت وهو السبق كأنه سبقه إلى ذلك الأمر). وفي حديث عبد الله بن جعفر الطالبي لمروان بن الحكم لما خطب إليه ابنته أم كلثوم على يزيد بن معاوية بأمر معاوية (إن خالها الحسين بينبع وليس ممن يفتات عليه بأمر فأنظرني إلى أن يقدم) وفي المختار (والافتيات:

السبق إلى الشيء دون ائتمار من يؤتمر. تقول: افتات عليه بأمر كذا أي فاته، وفلان لا يفتات عليه، أي لا يعمل شيء دون أمره) فمعنى (مفتاناً عليها) لا يقف عند قولها ولا يستشيرها، ويجوز أن الأصل مفتئتاً عليها) ففي المختار (افتأت برأيه: انفرد واستبد، وهذا سمع مهموزاً كذا نقله الثقات) قلنا: وعندنا انهما سواء. ثم أن رجلا يحلف زوجة آخر بحضرة الزوج على أنها لا تطاوعه لمفتات عليها اقبح الافتيات وأشنعه. 12 - وورد في ص 193 (ويقبلها ويخلدها الديوان) فقال المجمعيون (الظاهر أن الأصل: يخلدها في الديوان، أو يدخلها الديوان) وليس هناك ما يستوجب الإصلاح، قال الحريري في المقامة الكوفية: (وخلدوها بطون الأوراق) فهو مسموع ثم أن إسقاط حرف الجر من الظرف المختص كالديوان أمر مألوف. قال ساعدة بن جؤية الهذلي: لدن بهز الكف يعسل متنه ... فيه كما عسل الطريق الثعلب قال الأعلم كما في (2: 265) من خزانة الأدب للبغدادي: (استشهد به سيبويه على وصول الفعل إلى الطريق وهو اسم خاص للموضع المستطرق بغير واسطة حرف جر تشبيها بالمكان لأن الطريق مكان وهو نحو قول العرب: ذهبت الشام إلاَّ أن الطريق أقرب إلى الإبهام من الشام لأن الطريق تكون في كل موضع يسار فيه وليس الشام كذلك) ومثله (نزل العراق) و (حل الجزيرة) على التحقيق فالأصل (في العراق وفي الجزيرة) 13 - وجاء في ص 694 (أردت أن تكون هديتك أخير الهدايا فيوري فضلها على الهدايا) قال العلامة مرجليوث: (يريد: فيرى، وهي لغة عامية) وقال المجمعيون: الظاهر: فيدري فضلها) قلنا: والصواب (فيزري) مضارع (زرى) قال الشاعر كما في (1: 56) من كامل المبرد: إذ يحسب الناس أن قد نلت نائلها ... قدماً وأنت عليها عاتب زاري وقال أبو شجرة عمرو بن عبد العزى وقال الطبري: (اسمه سليم) أقبلتها الخل من شوران مجتهداً ... إني لأزري عليها وهي تنطلق قال المبرد في (1: 280) من الكامل (وقوله: إني لأزري عليها. . .

يقال: زرى عليه أي عاب عليه وأزرى به أي قصر به فيقول: إنها لمجتهدة وأني لأزري عليها أي أعيب عليها) وقال النابغة الجعدي: تلوم على هلك البعير ظعينتي ... وكنت على لوم العواذل زاريا أما عد الهدية زارية وهي ليست كالإنسان فيحمل على أجراء الجماد كالإنسان. قال تعالى في سورة فصلت: (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرها، قالتا: أتينا طائعين) والأرض والسماء لا تتكلمان، ويروى عن بعض الحكماء انه قال: (هلا وقفت على المعاهد والجنان فقلت: أيتها الجنان من شق انهارك، وغرس أشجارك، وجنى ثمارك؟ فأنها أن لم تجبك حواراً أجابتك اعتبارا). 14 - وجاء في ص 695 (فشكت إليه شيئاً وجدته فأشار عليه بالفصد) والصواب (عليها) لأن المسند إليها مؤنثة عاقلة. 15 - وفيها (إلى أن يحمل إليها شراب تشربه بحضرته ورمان أشار عليها باستعماله) والصحيح (شراب رمان أشار عليها باستعماله) والدليل على ذلك قوله بعده (فكان في جملته جامة فيها رمان وفيها هذه الملعقة) 16 - وورد في ص 696 (فقالت: هاتم تلك الدواة) قال المجمعيون (لم نجد: هاتم والمعروف هاتوا) وجاء في ص 756 (هاتم السياط) فقالوا: (تقدم أن المعروف هاتوا. والظاهر أن هاتم كانت متداولة في ذلك العصر) قلنا: لهذه اللفظة وجهان أحدهما أن اصلها (هاؤم، وأصلها (هاء) بكسر الهمزه بمعنى (هات) قال الفيومي في المصباح، (وإذا كان لمفرد مذكر قيل: هاء، بهمزة ممدودة مفتوحة على معنى خذ. . . ومكسورة على معنى: هات، قال الشاعر: مولعات بهاء هاء فان شف ... ر مال طلبن منك الخلاعا ثم قال (وإذا كانت بمعنى الكاف دخلت الميم فتقول للاثنين: هاؤما وللجمع المذكر: هاؤم. . .) والآخر أن أصلها (هلم تلك الدواة وهلم السياط) أي احضروها؛ قال

في المصباح: (وتستعمل لازمة نحو: هلم إلينا أي أقبل، ومتعدية نحو: هلم شهداءكم، أي أحضروهم) 17 - وجاء في ص 746 (ونقل علينا من الطعام ما لم أر مثله حسناً في أواني كلها صيني) والصواب (إلينا) و (أوان) بالتنوين لأنه مجرور منصرف وليس ممنوعاً من الصرف، قال الزمخشري في الممنوع من الصرف من مفصله (وان يكون جمعاً ليس ومصابيح إلاَّ ما اعتل آخره نحو: جوار، فانه في الرفع والجر كقاض وفي النصب كضوارب) فالأواني كالجواري في النصب والرفع والجر. 18 - وفيها أيضاً (فأدخلنا إلى فازة الطف من تلك ديباج) والأولى (فازة ديباج) قال تعالى في سورة الإنسان (عاليهم ثياب سندس خضر) ويؤكد أن الأصل هذا قوله بعده (فيها دست ديباج) ذكرنا هذا ولو جاز الفصل بين الصفة والموصوف وجاز الوصف بالجواهر كما ذكرنا في لغة العرب (8: 750)، لأن المألوف خير من المستجاز إذا لم يكن فيه تبديل في الأصل وسيأتي قوله (في مذاقات بلور) فالاسم مضاف إلى تمييزه. 19 - وجاء في ص 746 (وفيه أمر عظيم من تماثيل الكافور وغلمان قيام) والصواب (فيها) لأن صاحب الضمير مؤنث هو الفازة. 20 - وفي ص 747 (فأمر يوسف بإخراج الانبذة في مدافات بلور تسمى بالفارسية جاشنكير) قال المجمعيون (دافه خلطه، والمكان مداف ولعل المراد آنية يداف بها الشراب أو هي محرفة عن فراغات جمع فراغ بمعنى الإناء على أننا لم نجد هذا الجمع) قلنا: وقد فسروا (الجاشنكير) بأنه ممسك اللذة والرجل الموكول إليه في قصور العظماء النظر في لذة الأطعمة و. . .) ولم يوفقوا بين معناه ومعنى اللفظ العربي وهذا نوع من اضطراب فالأحق أن الأصل (مذاقات) من الذوق وهو يوافق معنى اللغظ الفارسي أتم الموافقة. وأما انهم لم يجدوا (فراغات) جمع فراغ فليس شرطاً في عدم جوازه لأنه

مقيس ومثله (البخارات والمجازات والسوادات والتوقيعات والسؤالات والجوابات) فكل مصدر أو اسم مصدر إذا تنوع جاز جمعه، قال الفيومي في مادة (ربط) من المصباح (والرباط الذي يبنى للفقراء مولد ويجمع في القياس ربط (بضمتين) ورباطات) فلا تغفل عما ترك السلف من مفاخر العربية. 21 - وجاء في ص 749 (ياقوت احمر على كبر الكف وقدما في الطول والعرض) قال المجمعيون (كذا في الأصل ولعله: وقدره (كذا) في الطول) والأقرب إلى الأصل (قدها) قال في المصباح (وهذا على قيد ذاك: يراد المساواة والمماثلة) وقال في القاموس (القد: القطع المستأصل. . . والقدر) ولا تزال الناس ببغداد تستعملها إلى الآن بهذا المعنى لكن المسلمون يقلبون القاف كافاً فارسية والنصارى واليهود محافظون على الأصل، وفي (5: 446) من معجم الأدباء قول علي بن هلال (فرأيت يوماً. . . جزءاً مجلداً قد السكري). 22 - وجاء في ص 750 (قيمتها مائة ألف درهم تجتمع على طرائف البحار) قال المجمعيون (كذا في الأصل ولعلها محرفة عن تحتوي أو مضمنة معناها) قلنا: إن (اجتمع عليه) اصل برأسه فلا يجوز أن يعد مضمناً معنى (احتوى عليه) وهو من المجاز لا من الحقيقة، قال الزمخشري في الأساس (ومن المجاز: احتوى على الشيء: استولى عليه) فأجتمع عليه مثل (اشتمل عليه) ولم يذكروه كما لم يذكروا (اجتمع إليه) ففي ص 756 (فلما كان من غد اجتمع إليه قوم) ومعناه (انضووا إليه) ومن الخطأ أن يقتصر في استعمال الحروف على ما ذكر في كتب اللغة، لأنهم تركوا لنا قوانين تعتري كل فعل وتتناول كل تعبير - كما قدمنا -. 23 - وجاء فيها (فقال له: دع هذا أتعرفني) قال العلامة مرجليوث (بالأصل: لا دع) قلنا: استعمل مثل هذا التعبير الأمير الجليل شكيب أرسلان في المجلد التاسع بالجزء الثاني من مجلة المجمع العلمي ونص قوله (ومخالف للشيخ المنذر في منعهما، لا، بل متعجب من قول. . .) فانتقدناه في ص (189) من المجلد الثامن عشر بالجزء الأول والثاني من مجلة العرفان الصيداوية اثنتي عشرة انتقادة، وعلقنا بقوله هذا ما صورته (والصواب حذف (لا) لان كليهما حرف

عطف ولان (بل) تفي بالإضراب التام فكيف استفاد الأمير هذا الخطأ؟) ولكننا بتعهدنا كلام العرب وجدنا أن (لا) قد تزاد في الكلام للتنبيه كما تزاد قبل القسم ولا سيما قبل (بل) قال ذو الرمة غيلان: سيلا من الدعص أغشته معارفها ... نكباء تسحب أعلاه فينسحب (لا بل) هو الشوق في دار تخونها ... مراً سحاب ومراً بارح ترب وقال عمار بن ياسر - رض - لرجل شاك كما في (1: 506) من شرح ابن أبي الحديد ما صورته (اختر لنفسك أيهما شئت) فقال الرجل (لا بل علانية) ثم قال عمار له (افترى دم عصفور حراماً؟) فقال (لا بل حلال) وفي ص 164 منه قول مروان بن الحكم لعثمان - رض - قبل يوم الدار (يا أمير المؤمنين أأتكلم أم أسكت؟ فقالت نائلة بنت الفرافصة: لا بل تسكت فانتم والله قاتلوه ومؤتمو أطفاله) وفي ص 24 (وروي إنه قيل لأبي ذر: أعثمان أنزلك الربذة؟ فقال: لا بل اخترت لنفسي ذلك) وفي ص 265 قول علي لعبد الله بن قعين (اقطنوا فأقاموا أم جبنوا فظعنوا؟) يريد الخريت وأصحابه، فقال (لا بل ظعنوا) وأدلة ذلك كثيرة، فأنا قد رجعت عن قولي، وما في النشوار صواب. 24 - وجاء في ص 751 (وأسلمني مع ابنه في الكتاب) فقال المجمعيون (الظاهر إلى الكتاب) فغلطوا غلطين لان (في) ههنا ظرفية لا للتعدية، كما يقال (استقرى في الأرض) والأصل (استقرى البلاد في الأرض) وكما يقال (استقصى في الحساب) والأصل (استقصى المراد في الحساب) ولأن تعريف (الكتاب) لا محل له لأنه نكرة غير معروف فالصواب وأسلمني مع ابنه في كتاب) (وزان رمان) كما في الأصل الفصيح.

25 - وجاء في ص 751 أيضاً (ويكفني من شهواتي ويحسن إلي) قال مرجليوث الأستاذ (لعله: ولا يكفني) وقال المجمعيون (المعروف: كفه عن الشيء ويحتمل أن يكون الأصل: ويكفيني من شهواتي) قلنا: ونحن نعجب ممن يجوزون التضمين - ومنهم المجمعيون - بأنهم لم يروا (كف) مضمناً معنى (منع) ولكون الحال لا تقتضي (الكف) رجحنا أن الأصل (ويمكنني من شهواتي) فهو اقرب من (يكفيني من شهواتي) سواء أكانت (من) للتقليل أم مزيدة على رأي المستجيزين للزيادة، قال في المصباح (وتزاد في غير الواجب عند البصريين وفي الواجب عند الأخفش والكوفيين) وعلى هذا الوجه فسر بعضهم قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) وادعى أن المراد (يغضوا أبصارهم كلها). 26 - وجاء في ص 752 (وأتحمد بولائه وافتخر أنا وعقبي بذلك) ولا نرى محلا ل (اتحمد) ففي القاموس (وهو يتحمد علي: يمتن) وفي الأساس (وتحمد فلان: تكلف الحمد، تقول: وجدته متحمداً متشكراً ومن أنفق ماله على نفسه فلا يتحمد به على الناس) ولاهما لا يوافق ما في النشوار فالصواب (تمجد) قال في الأساس (وتمجد الله بكرمه وعباده يمجدونه) فمعنى تمجد: استحق المجد وناله وتعظم فهو مطاوع (مجده تمجيداً أي عظمه تعظيماً) مثل علمه فتعلم وكسره فتكسر وحطمه فتحطم. 27 - وورد في ص 752 أيضاً (وأكرمه وتطاول له ووهب له. . .) قال المجمعيون (يقال: تطاول عليه أي تطول وتفضل، وتطاول الرجل: تمدد قائماً) قلنا: ولا فائدة في هذا التعليق ههنا لأن المعنى بقي مبهماً فمعنى (تطاول له: أظهر له طول روح وأناة) ففي (6: 232) من معجم الأدباء لياقوت في ترجمة المبارك بن المبارك بن سعيد (وكان حسن التعليم (طويل الروح) كثير الاحتمال للتلامذة) وفي ص 234 من نكت الهميان (وكان حسن التعليم

طويل الروح) وهو قول ياقوت بعينه عن الرجل نفسه، ولعله من التعابير المولدة وهو باق إلى الآن بالعراق. 28 - وجاء في ص 754 (واشتهر أمري معها. . . حتى بلغ أبا علي وكان يعذلني ويوبخني ويمنعني من مفارقة حضرته وان أخل بها) فقال الأستاذ مرجليوث (لعله: أخلو) فقال المجمعيون (الصواب ما في الأصل، يقال: أخل بالمكان وغيره إذا غاب عنه وتركه) قلنا: إن الصواب هو ما جاء به العلامة مرجليوث لأن فيه منى لا يكون في غيره (هو منع الوزير ابن مقلة لأبي احمد هارون الكاتب عن الخلوة بالجارية) - على ما يدل عليه مقتضى الحال - ويؤيد قول مرجليوث ما في ص 755 وهو (فشريت (كذا) ليلتي معها وخفت أن أخل بالوزير) فقد جاء (أخلو) بصورة (أخل) أيضاً ويفسره ما جاء في (5: 444) من معجم الأدباء وهو (فشرب معها ليلة واصبح فخموراً فآثر الجلوس معها وأراد الاعتذار إلى الوزير ابن مقلة من التأخر عن الخدمة) أما قول المجمعيين فصواب كل الصواب من حيث اللغة وخطأ من حيث مقتضى الحال وهو المراد. 29 - وفيها (كان يتعمد نفعي بكل شيء ويوصل إلي أموالا جليلة فلم اكن احفظها وكانت كلها تخرج عن يدي في القيان والشراب وأتلفته) والظاهر (وأتلفتها) والضمير عائد إلى الأموال كما عاد إليه من قبل غير مرة. 30 - وفي ص 756 (أنت تضرب بالأمس خمسمائة سوط فلا تصبح تحم ساعة من ليل فتصيح) ولعل الأصل (وتحم ساعة) لتتسق الجملتان بواو العطف أو واو المصاحبة. 31 - وفيها (وهذا لا يتقرر في ساعة ولكن نعد غداً ورفقنا به فقال: انصرفوا) قال المجمعيون (يقال: رفق به إذا تلطف وألان جانبه ويحتمل أن تكون ورققنا له) قلنا: أما التوجيه الأول فلا محل له البتة ههنا وأما الثاني فقريب ولكن الأولى والأصح (فداققنا به) فعل أمر (تداق مداقة ودقاقاً) قال في الأساس (وداقني في الحساب مداقة) فهذا لم يحضرهما إلاَّ ليحاسبهما في عقد الضمان كما في النشوار، فهل خطر هذا على بال المجمعيين فتركوه؟.

32 - وجاء في ص 758 (لأنك تظلمنا وتزيل رسومنا) فعلق به العلامة مرجليوث (لعله تزيد) قلنا: إن ما في الأصل أحق بالتأصل ويؤيد ذلك ما ورد قبله (فتبع رسومنا ورام بعض شيء منها) فهذا يفيد انه أراد بالرسوم متحصلاتهم ومرتفقاتهم. فالإزالة أذن حرمانهموها. 33 - وفي ص 759 (فاخذ يشكرني بما جرى وبما ورد عليه) قال المجمعيون (كذا في الأصل ولعلها محرفة عن: يشعرني) وقال مرجليوث (لعله: ويخبرني بما) زيادة على الأصل. فأما ما ذهب إليه المجمعيون فظاهر التكلف والأولى (يذكرني بما جرى) فقد سبق منهما أن تلاحيا وتجادلا، فكيف يكون ذكر ما بينهما وأشعاراً؟ ويؤكد هذا قوله (فأوهمته أني كنت قد قلت له ذلك على اصل) وأما زيادة العلامة مرجليوث فهي كوضع الهناء مواضع العر وخلاه ذم. فهو رجل متأن حاذق. 34 - وجاء في ص 760 (فوصلني ما قيمته خمسة آلاف درهم) والمعلوم أن يقال (وصله بكذا) فان كان من باب الحذف والإيصال أي حذف الجار وإيصال الفعل إليه. ففيه قولان قال الأعلم في قول الشاعر (أمرتك الخير فافعل ما أمرت به) ما صورته (وسوغ الحذف والنصب أن الخير اسم فعل يحسن (أن وما عملت فيه) في موضعه و (أن) يحذف معها حرف الجر كثيراً. . فإذا وقع موقع (أن) اسم فعل شبه بها فحسن الحذف. فان قلت: أمرتك يزيد، لم يجز أن تقول: أمرتك زيداً) وقال المبرد في قول الأعرابي: تحن فتبدي ما بها من صبابة ... وأخفي الذي لولا الأسى لقضاني ما نصه (يزيد: لقضى علي، فأخرجه لفصاحته وعلمه بجوهر الكلام احسن مخرج قال الله عز وجل: (وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون)، والمعنى: إذا كالوا لهم أو وزنوا لهم. . . وقال الله تبارك وتعالى (واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا، أي من قومه. وقال الشاعر (وهو اياس بن عامر أعشى طرود): أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ... فقد تركتك ذا مال وذا نشب

أي أمرتك بالخير، ومن ذا قول الفرزدق: ومنا الذي اختير الرجال سماحة ... وجوداً إذا هب الرياح الزعازع أي من الرجال، فهذا الكلام الفصيح: وجاء بعده قول الأخفش أبي الحسن علي بن سليمان (ولا يجوز مررت زيداً وأنت ترد: مررت بزيد، لأنه لا يتعدى إلاَّ بحرف جر، وذلك انه فعل الفاعل في نفسه وليس فيه دليل على المفعول وليس هذا بمنزلة ما يتعدى إلى مفعولين فيتعدى إلى أحدهما بحرف الجر وإلى الآخر بنفسه لأن قولك: اخترت الرجال زيداً، وقد علم بذكرك زيداً أن حرف الجر محذوف من الأول) قلنا: وبهذا يبطل اشتراط الأعلم في حسن الحذف (كون الموصل إليه الفعل من المعاني لا من الجواهر) فقد رأيت قوله (كالوهم أو وزنوهم) وقوله (قومه) وقوله (الرجال) فليس هؤلاء من المعاني، وعلى هذا يتخرج قول النشوار ويكون من الفصيح عند المبرد ومن الجائز عند غيره. 35 - وجاء فيها (فقال: يا با حصلت لتسخر بالأتراك) فقال المجمعيون (لعله: حلمت من الحلم وهو الرؤيا) قلنا: فما أبعده عن الصواب! لأنه - وان ادعى الحلم للاحتيال - فقد علم هذا بأنه غير حالم، فكيف يقول له (حلمت) فالصواب الأصل معناه (جئت وصرت) أفلم يتدبروا ما في ص 683 وفيه (فحين حصلوا في الصحن) و (قد حصل معي في الدار لص) وفي ص 684 (فحين حصلوا عليها سقطوا إليها) فهل بادر ذهن أحدهم إلى هذا فتركوه؟. 36 - وجاء في ص 696 (فدعني امضي وأجيء) وقد قلنا غير مرة أن مثل هذا يجب جزمه بجواب الطلب وموجب الجزم فيه انه لم يبدأ بالمضي ولا بالمجيء فان بدا بهما لزم الرفع فتكون الجملة حالا، ومثل الأول قول الحصين بن الحمام:

أيا أخوينا من أبينا وأمنا ... ذرا موليلينا من قضاعة (يذهبا) فالصواب (امض وأجئ) بالجزم وهذه القاعدة مطرودة في كل مضارع يستعمل جواباً للطلب فلا يستحسن جهلها. 37 - وقد أوردنا في (8: 528) من لغة العرب أن (شاغله مشاغلة) للمبالغة، وقد وردت في ص 29 من الفخري لابن الطقطقى، قال وزير عضد الدولة: (ثم استدعى الجارية فحضرت فشاغلها ساعة حتى غفلت عن نفسها) فهي شائعة في القرن الرابع للهجرة ولا بدع إذا استعملت في النشوار بعد إجازة القياس والسماع لها. ونذكر أنها وردت في حكاية المثل (عند جهينة الخبر اليقين). مطالعة: رأينا أحد القائمين بمجلة المجمع وهو الأستاذ المغربي عبد القادر قد نقلها في (ص 774) منها عن كتيب معبوث فيه اسمه (ذخيرة المتأدب) للأستاذ أدوارد مرقص ما نصه (استوى: في الفصيح تساوى وتستعمله العامة بمعنى: نضج الطعام) وهذا عبث بالعربية وتشويه لان (استوى) في العربية بمعنى (تساوى) إذا دل على الاشتراك فليس هناك عامي وفصيح و (افتعل) يأتي غالباً بمعنى (تفاعل) للاشتراك وهو قاعدة تكاد تكون مطردة أما (استوى) بمعنى (تساوى) فقد اقتصر على فصاحتها القرآن الكريم ولم يستعمل (تساوى) بخلاف ما استحسن عبد القادر المغربي ومنه قوله تعالى (وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات) ومعناه (تساوى) ومن هذا الباب (ائتشب: تآشب) و (ائتكل: تآكل) و (ائتلف: تآلف) و (ائتمر: تآمر) و (ابتدر: تبادر) و (اجتلد: تجالد) و (اجتمع: تجامع) و (احتك: تحاك) و (اختصم: تخاصم) و (اشتجر: تشاجر) و (اشترك: تشارك) و (اصطلح: تصالح) و (اصطدم: تصادم) وما لا يستقصى، بل كيف يستقصى شبه المطرد؟ أما أن (استوى الطعام) عامي فخطأ أدركته أول وهلة على قلة علمي، قال في المصباح (واستوى الطعام، أي نضج) فكيف ينقل مثل هذا العبث في مجلة المجمع العلمي العربي. وهي من المحافظات على العربية؟. مصطفى جواد

تمثال ملك أدب

تمثال ملك أدب لوجل دلو - ينشر رزوق افتدي عيسى منذ زمن، مقالات متسلسلة، في مجلة لغة العرب، موضوعها: مدينة أدب (بسمى) وحفريات الأميركيين فيها. في عهد العثمانيين؛ فوددت أن اصف في هذه العجالة تمثال الملك لوجل دلو الذي شاهدته في متحفة العاديات. في استانبول. في القسم الأثوري البابلي. في 14 أيلول سنة 1929. في أبان رحلتي الآسيوية الإفريقية الأوربية؛ وذلك لنفاسة هذا الأثر وقدمه فأقول: أول ما يجذب أنظار داخل الغرفة المرقمة 11 في المتحف المذكورة، ويقابله وجهاً لوجه. هو ذلك التمثال البديع الصنع. المحكم العمل، المرقم 3235 أدب (بسمايا) من المرمر الصاب طوله 78 سنتيمتراً ويمثل لوجل دلو ملك أدب (بسمى). ويرتقي تاريخه إلى حوالي السنة 3300 قبل الميلاد؛ ويعد هذا الأثر أقدم تمثال عرفه العالم حتى اليوم. ترى الملك منتصباً على قاعدة وموقفه موقف الخاشع المتضرع. أمام الاهه إذ قد ضم ذراعيه ويديه إلى صدره وهو عار من الثياب إلى وسطه. ومحلوق الرأس. على منوال الشمريين ومتزر لباساً من صوف، معقد الرؤوس، كأنه جلد خروف، ذلك اللباس الذي سماه الأقدمون (كونكس وعلى كتفه اليمنى كتابة فيها اسمه وألقابه. ويرى الناظر عيني التمثال وحاجبيه فارغة مما كان فيها أي إنها كانت مرصعة بالحجارة الكريمة الدقيقة والمعادن الثمينة. ولا أنسى ذلك التأثير الذي أثره منظر التمثال في نفسي، ولا سيما طلعته الباسمة الكيسة التي لا أزال آنس بذكرها وأشيد بمهارة ناحته ومحاكاته للطبيعة. يعد علماء الآثار والنحت هذا التمثال طرفة من طرف الصناعة. يوسف غنيمة

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة (القني القديمة) تابع: وتطلع النظرة إلى صحيفة التاريخ على المرار العديدة التي تحولت إمرة سهل شنعار فيها من دويلة إلى أخرى، حتى انه كانت السلطة ترجع إلى بعض الدول على اختلاف العصور وبين سنين كثيرة. ويمكن تتبع مجرى القني القديمة إلى هذا اليوم لأنها تظهر على شكل صفي رواب. وترى أحياناً ثلاثة صفوف أو أربعة متوازية - وهذا الأمر يشوش الإنسان في بادئ الأمر -. ولكن لما تكسح القناة من الطمي يصبح جنباها مرتفعين جداً فيتطلب تنظيفها عملا أعظم ويرجح عندئذ حفر عقيق جديد بجانب العقيق القديم. وأهم القني القديمة نهر ملكا (النهر الملكي) وشط النيل وشط الحي. وكانت تجري القناة الأولى من الفرات في ضواحي (سفر) وتمتد شرقاً إلى دجلة. وكان شط النيل ينقل الماء من النهر (نهر الفرات) فوق بغداد بقليل وينعرج جنوباً شرقاَ. وربما حفر شط النيل حين غير الفرات مجراه واتجه نحو الغرب بحيث أصبحت كيش ونفر ومدن أخر واقعة على عقيقه القديم لا يسد الماء احتياج سكانها وحقولهم. وتسمى هذه القناة في جنوبي نفر بشط الكار. وأما شط الحي - ولا يزال يستعمل حتى هذا الحين - فحفره (انتمنا) صاحب لجش ليجلب الماء من دجلة لان (أما) مدينة كانت تتصل دائماً بالقناة الجارية من الفرات. بغداد ومتحفة الآثار القديمة إن بغداد آخر قصبة من السلسلة الطويلة المقامة من العواصم القديمة التي اتخذت كل واحدة في حينها مقراً لمملكة ارض الرافدين. وبغداد حديثة العهد بعض الحداثة وان كان لها تاريخ جليل عريق في القدم. ولم يظهر اسم (بغدادو) إلاَّ مؤخراً في تاريخ بابل بالنسبة إلى عهد هذه المملكة. ولا يظهر

في تلك المدينة من آثار الجاهلية سوى بعض كتل بناء مبنية بآجر عليه اسم نبو كدر أصر. وهذه الأخربة كل ما بقي من المسنيات لتي شيدها ذلك الملك على ضفة النهر. وكانت بغداد في أوائل عصرها بلدة صغيرة واقعة على ضفة دجلة الغربية تعتمد على التجارة المنقولة على النهر، ولا شأن لها في السياسة إلا قليلا. وأخذت بغداد بالرقي بعد احتلال المسلمين تلك البلاد. لأن المنصور، - وكان رجلاً فعالاً وثاني خلفاء العباسيين -، اخذ هذا الموقع عاصمة جديدة له وعمر فيه الكرخ (المدينة المستديرة) الذائعة الصيت سنة 762م. ونمت هذه المدينة منذ ذلك الحين نمواً سريعاً حتى عظمت في أيام الخلفاء ونافست بمجدها ما سبقها من المدن أمثال نينوى وبابل وسلوقية وطيسفون، وأصبحت بغداد غنية جداً حتى صارت موئل التجار واقبل إليها الناس على اختلاف أجناسهم من أربعة اطرق الأرض؛ وكان لسمعة دار الخلافة الزاهية. دار هارون الرشيد، أعظم خلفاء العباسيين بعد سمعة، جذبت الناس إلها من جميع أنحاء العالم فأضحت كعبة الأدباء ومحط رحال العلماء ومركز الشعراء ومحج رجال الفن. أن الفضل في أتشاء دار الآثار القديمة في بغداد عائد إلى المرحومة المس جرترودبل العالية الهمة، إذ كانت من أحب الناس للآثار القديمة، كما كانت من مصف العلماء المستشرقين. فصارت مديرة فخرية للآثار القديمة في الحكومة العراقية. فوق ما كانت تقوم به من واجبات الكتوم للشرقيات في ديوان المندوب السامي. وباشرت بنشاط عظيم إقامة متحفة للآثار القديمة ذلك النشاط الذي كانت تعرف به. وهي لا تملك شيئاً لهذه الغاية إلاَّ بعض دريهمات وغرفة واحدة في دار الإمارة (السراي). وتتجاوز المتحفة الآن اتساع الغرفة الواحدة وقد نقلت إلى محل أوسع في بناء مطبعة الحكومة في شارع الجسر، ويعود فضل نموها إلى ما تتبرع به بعثة كيش وبعثة أور في كل سنة، وكانت المس بل أعانت هتين البعثتين أكبر اعانة، ويتوقع أن هذه المتحفة تنقل بعد ذلك إلى بناء خاص بها، فتقر بها عيون الكثيرين لاسيما إذا رأوا في هذه الدار اسم المس بل تذكاراً لها، ولو تسنى لتلك السيدة أن تشاهد هذه الذكرى لاستحسنتها خير استحسان مكافأة لعملها المفيد العجيب.

مواقع بابل القديمة (وهي منظمة بحسب قربها من القطار العراقي وأهميتها إلى الناظر). من بغداد: دور كوريجلزو (عقرقوف) هي على مسافة نحو ساعة من بغداد في السيارة على طريق الكاظمية أو على طريق جسر الخر المؤدية إلى الفلوجة. ويمكن لمن كان وقته ضيقاً زيارة المعظم والكاظمية وعقرقوف في رحلة يوم واحد. توهم أحد الرحالين وكان شاهد عقرقوف من دجلة في القرن السادس عشر إنه برج بابل، ويسميها عرب تلك الأصقاع إلى هذا اليوم برج نمرود، أما الحقيقة فإن عقرقوف احدث بكثير من قصة نمرود. والكتلة البنائية العظيمة التي تشرف على أميال من تلك الأراضي هي بقايا زقورة الهيكل لمدينة كشية لدور كوريجلزو. وترى حوالي أساسات تلك الزقورة أخربة المسجد والمدينة. ولكن لم يحفر حوالي هذا الموضع حفر منظم، ولا يعرف عنه شيء سوى أنه كان آهلاً إلى زمن النصارى، لأنه عثر على عدد وافر من نقود الرومانيين في الروابي. ومن الممتع أن يعرف الباحث أن تلك الزقورة بنيت كزقورة كيش وزقورة برس نمرود أي أن فيها منافذ مربعة معرضة لدخول الهواء. وتتخلل اللبن من حين إلى آخر طبقات الحصر. (راجع أيضاً ما يخص كيش وبرسبا). طيسفون (طاق كسرى) على مسافة 20 ميلاً من بغداد في السيارة على طريق الهنيدي ومن أدهش أبنية العراق طاق كسرى العظيم (واصله ديوان كسرى) الواقع في طيسفون (سلمان باك)، ذيالك الطاق البالغ ارتفاعه الشامخ 121 قدماً ونصفاً وعرضه الواسع 82 قدماً. والزائر الذي يشاهد هذه الخربة واقيستها الجسيمة يكاد يصدق الخرافات العديدة السارية عن سابق عظمة هذا البناء وإن لم يبق منه شيء إلاَّ نصف ديوان قصر الساسانيين الأوسط ووجه من أوجه أطراف ذلك كالقصر. ومن المأثور أن هناك جدراناً كانت مكسوة كلها بمعادن ثمينة وعمداً

لا تحصى من الفضة؛ وقيل أيضاً أن قياصرة رومة نفسهم حسدوا ملابس الأكاسرة الفاخرة وحفلاتهم الملكية فقلدوهم. وأول مرة ظهر في التاريخ اسم طيسفون كانت في الحادثة التي أضحت ميداناً وكان يستحسن الفرثيون حط رحال معسكرهم فيها، وتكاملت شيئاً فشيئاً حتى صارت بلدة كبيرة تنافس سلوقية الواقعة على ثلاثة أميال منها في الضفة المقابلة من نهر دجلة. وسلب الرومانيون البلدتين واحرقوهما سنة 162م، فقضت هذه الضربة على سلوقية. ولكن الحظ خدم بعد ذلك طيسفون فاشتهرت. وبعد عدة تقلبات أخذت سابور هذه المدينة داراً لمملكته في الشتاء، وكان سابور بن أردشير مؤسس دولة الفرس الساسانية سنة 226 م. ودامت طيسفون أربعة قرون ونيفاً وريثة بابل كما إنها كانت من أعظم بلدان الشرق. وبلغت طيسفون أوج مجدها في زمن كسرى الثاني، ولكن لما غلب الانبراطور هرقل كسرى المذكور في محاربة نينوى سنة 627م، وقعت تلك المدينة في موقع حرج. وبعد مدة غير مديدة من الزمن نشأت قوة جديدة لم يشعر بها أحد إلى ذلك الحين، هي ديانة الإسلام التي أبادت طيسفون وأزالت ديانة زرادشت عن آخرها بهجومها عليها سنة 641م. سلوقية (سور) لما توفي الاسكندر في بابل وسقطت المملكة المكدونية قام سلوقس اعز قواد الاسكندر. واستولى على ارض الفرس وسورية والعراق (سنة 312ق م) فشيد مدينة سلوقية على ضفة دجلة اليمنى، على عشرين ميلا من بغداد الحديثة، وكانت خطته أن يؤسس مستعمرات يونانية في آسية على أسلوب مدن اليونان. وعظم شأن سلوقية وبقيت مدة سيدة بلدان هذه الأرجاء، حتى احتلها الفرثيون سنة 140ق. م. ولكنها لم تزل تتألق بمزايا مستعمرة يونانية، بيد أن أمرها ضعف رويداً رويداً حتى دانت لطيسفون الني أخذت بالرقي وطيسفون قائمة على ضفة النهر المقابلة لسوقية. ولم يقم لسلوقية قائم بعد غزوة الرومانيين الفظيعة سنة 162م حين نهبوها واحرقوها وذبحوا نحو نصف سكانها. ولم يبق من تلك المدينة الغنية العظيمة شيء سوى بعض الروابي الصغيرة

لا تجدي الزائر إلاَّ نفعاً قليلا. أكد (تل الدير) على نحو 16 ميلاً من بغداد في السيارة. يمكن مشاهدة (سفر) في الزيارة نفسها. أثبت الأستاذ (لنغدن) أن أخربة تل الدير الواقعة على ضفة قناة اليوسفية الشمالية وفي جنوب غربي بغداد هي (أكد) المدينة المحصنة التي عمرها سرجون الأول حين أيد مملكة الساميين لأكد (سنة 2752 ق. م). ويرى (السر ولس بج) الذي حفر في الدير سنة 1891، أن هذا الموضع بقايا مساكن في ضواحي (سفر) لا غيرها، وقد كشفت أخربة (سفر) على أربعة أميال في جنوب غربي هذا الموقع. ولكن هناك أمرين يؤيدان أن هذه البلدة رسمت وشيدت على خطة لتكون عاصمة وحصناً في وقت واحد. لأن جداريها المنيعين بنيا على شكل ضلعي مثلث، وهناك قناة أو لعلها الفرات نفسه، قام مقام الضلع الثالثة، فضلاً عن أن لهذه المدينة باباً واحدة واقعاً في الزاوية الغربية من الجدارين. وانتشرت روايات كثيرة حول أصل سرجون الملك العسكري المقدام، وكان رجلاً وضيع النسب. ولكن عظم قدره حتى ساد على غربي آسية الممتدة من الخليج الفارسي إلى الجبال الشمالية؛ ومن عيلام إلى بحر الروم البعيد. ويقال إنه كان ابن والدة حقيرة، ومن والد مجهول، فوضع في قفة صغيرة والقي في النهر مثل موسى. ولكنه حظي في عيني المعبودة أشتر فأنقذته ليكون له حظ مجيد. وهناك أسطورة أخرى تبين إنه كان في صباه بستانياً في مدينة كيش، مدينة الشمريين، وكانت حين ذاك سيدة بلدان سهل شنعار. وتكذب حوادث ذلك العصر القصة الخيالية القائلة أن سرجون خدم خدمة ساق في دار (أور البابا) حفيد (كوج باو) الخمارة لتي اغتصبت إمرة شمر من اكشك. ويظهر أن سرجون ساد قوماً جليلا سامي العنصر في كيش وفي أماكن أخر في سهل شنعار. ولا جرم أنه يبعد علينا أن نعرف سبب عدم اتخاذ كيش قصبة لمملكته، مع أنه لقب نفسه ومن خلفه من أبنائه بلقب (ملك كيش) ويتضح أنهم هجروا بالمرة تلك المدينة وهي موطنهم. وقد اختار سرجون إله كيش

للحرب إلهاً له كما إنه أقام هيكلا عظيماً هو هيكل (إي المش) للمعبودة أشتر واضطر (نرام سن) حفيد هذا الملك إلى أن يحتل كيش مرة ثانية عنوة إذ يجوز أن الضغينة مكنت من صدور الشمريين والساميين لما بينهما من الاختلاف القومي. وكان (نرأم سن) فاتحاً قهاراً كجده كما كان بناء عظيماً. وقد جدد هيكل (إي ببر) من جملة الهياكل التي جددها، و (إي ببر) هيكل إله الشمس المسمى (ببر) (شمش) في (سفر). ومر ذكر ذلك في تاريخ نيونيد ملك بابل العالم بالآثار القديمة (راجع هنا ما يخص بابل وسفر). وقلد الأكديون الشمريين في خطهم وتثقيفهم وظهر عدد كثير من الصفائح في روابي الدير. سفر (أبو حبة) على نحو عشرين ميلا من بغداد في السيارة ومن المأثور في زمن الشمريين أن (سفر) أحد البلدان الأربعة التي أنشئت قبل الطوفان، ولا ريب في أن (لسفر) تاريخاً قديماً جداً. كانت هذه المدينة واقعة على ضفة الفرات الشرقية قبل أن يبدل مجراه هذا النهر المتغير. وكانت سفر مدينه ذات شأن في عهد شمر كله وكذلك في زمن بابل ولا سيما في أواخر عصر تلك المملكة، على أنها لم تتخذ مقراً للسلالة المتسيطرة. ويمكن تقفي أثر جدار المدينة إلى هذا اليوم. وكان قائم الزوايا وفيه عدة أبواب؛ وهو يمتد من الشمال إلى الجنوب، وذكر في هذا الخصوص أن نبو كدر أصر الثاني احكم حصن هذه المدينة وهي من مدن بابل الشمالية خشية من غزوات الماذيين لأنهم كانوا ذوي بأس يخشى (راجع ما يخص بابل). ويمكن في هذا اليوم تعيين موضع الزقورة المتخربة؛ المسماة النانانرجا أي (دار مدخل السماء). وكذلك دار السكنى الواقعة في شرقي منطقة الهيكل. وجدد (نرأم سن) رابع ملوك أكد هيكل (إي ببر) وهو أهم هياكل سفر المرصد لإله الشمس (ببر) (راجع ما يخص أكد وبابل). وقد كشف عدد كثير من الصفائح في روابي (أبو حبة)، ومن الذين

عثروا على هذه الصفائح هرمزد رسام الذي حفر هنالك سنة 1878 - 1879 وسنة 1880و1882. والحفارون الأهلون والأب شيل الدمنكي مترجم شرائع حمرب. الذي قام بالحفر للمتحفة العثمانية الملكية سنة 1891. وفي الحقيقة يقدر (السر ولس يج) عدد الصفائح التي استخرجت من ذلك الموضع ب 130. 000 ونقل عن الحفارين الاهلين أن مقداراً عظيماً منها كان في ضمن أحباب (أزيار) كالأحباب المستعملة يومئذ للماء ثم عنونت بلباقة. والمواقع الباقية التي تمكن زيارتها وأنت تخرج من بغداد هي: الكاظمية والمعظم وقبر زبيدة. من المسبب: كوثى (تل إبراهيم) - (هي كوثى المذكورة في التوراة: سفر الملوك الثاني 17: 24و30) على نحو 18 ميلاً في السيارة أما من المسيب وأما من كيش. إن كوثى على ما نقل، قديمة جداً وكانت جليلة القدر في عصرها كله لأنها كانت مركز تعليم الدين وكذلك كان شأن نفر واريدو، بيد أن كوثى لم تنل مجداً في السياسة. ونقل عبادة إله تلك البلدة الإله (نرجل) رب العالم الأدنى إلى (سامرية) وذلك على يد رجال كوثى الذين نفاهم سرجون ملك الآشوريين إلى هناك. وكان مركز العبادة في كوثى الذين في الهيكل المعروف باسم (إي مسلم) وزقورة إننر أي (دار الهلال) والذي يثبت أن لهذه العبادة شأناً خاصاً في تلك الأصقاع جميعها، ما قام به الملك دنجي من تجديد الهيكل والزقورة، وكان دنجي ثاني ملوك اور ومن سلالتها الثالثة. من الحلة: كيش (تل الاحيمر) على 13 ميلا من الحلة في السيارة: ترى على مسافة تسعة أميال في شرقي بابل رابية كبيرة مخروطة الشكل، يسميها العرب تل الاحيمر، لأن لونها يكاد يكون احمر. وقد حاول الرحالون

أن يطلعوا على حقيقة هذا التل منذ أزمنة كثيرة، فثبت الآن ثبوتاً جازماً انه بقايا الزقورة (أنر كدرمه) أي (دار العجب، أو المسكن الشهير) وهي الزقورة الراجعة إلى هيكل (إلبابا) اله الحرب وزوجته اشتر في كيش. باشرت بعثة (اج ولد) (لأكسفورد) ومتحفة الميدان في شيكاغو كشف هذا الموقع الفسيح في آذار (مارس) سنة 1923. فأنعمت النظر بكل دقة في الزقورة والهيكل المسمى (إمت ارسج) القائم على جانبها. وبان تاريخ البناءين سريعاً، ذلك التاريخ الطويل المتغير؛ لان الملوك الأقدمين كانوا إذا جددوا أبنية مقدسة يذكرون من عادتهم أعمال تقواهم على آجر البناء. ولا لوم عليهم بافتخارهم هذا. وعثر المستر (مكي) مدير البعثة (بعثة الميدان) على مثل هذا الرقيم المسماري الذي يبين أن (شمشويلونا) (2024 - 1987ق. م) سابع ملوك بابل ومن سلالتها الأولى، رمم الهيكل والزقورة اللذين شيدهما سلفه (شمولا إلو) (2156 - 2122ق. م) كما نعلم أن (لحمرب) أيضاً. وهو سلف (شمشويلونا) السابق له، يداً في تعظيم الهيكل المذكور، ولكن مسحاة المنقب تدفعه إلى أن يمعن في التاريخ إلى زمن اقدم من هذا الزمن، إذ كشف جدار عظيم بعد عدة أقدام تحت ارض هيكل هؤلاء الملوك البابليين، فيقتضي انه كان قسماً من هيكل شمري سبق عهد بابل بزمن مديد. ويظهر أن في سائر تاريخ كيش المديد المتلون، كان لعبادات هياكلها خشوع سرى إلى مدن هذه الديار جمعها. وفي التاريخ ما يدل على أن هناك ملوكا من سلالة كيش وسلالة إسن، وكان بعض ملوك آشورية نفسهم يقصدون إلى مدينة كيش وأختها (هرسجكالما) ويذبحون الذبائح في هياكلها. بيد انه نظهر أن الهياكل أضحت في ضيق شديد في أزمنة الحرب وحين غير النهر مجراه. ولما وصلت بابل إلى أوج مجدها في زمن نبو كدر اصر الثاني وأصبحت في أبان عظمتها تجددت هياكل كيش (وهرسجكالما) مرة ثانية، ومن ظريف المصادفة أن الرقيم المسماري المحفور في الآجر يثني على الملك لإعادة (إي سجيلا) هيكل الإله مردوك في بابل مناوئ إله كيش وهو احدث منه ولكن أتى هذا الاستهزاء من غير تعمد.

أصل اليزيدية وتاريخهم

أصل اليزيدية وتاريخهم بمناسبة كتاب نصوص اليزيدية الدينية الذي نوهت به لغة العرب. الكرد: هنا حقيقة لا يمتري فيها، هي أن الكرد جيل قائم بنفسه، كان موجوداُ قبل الإسلام قال السمعاني: (طائفة بالعراق ينزلون الصحارى وقد سكن بعضهم القرى خصوصاً في جبال حلوان والنسبة إليهم الكردي). أهـ أما انهم بدو الفرس وان الفرس القسم المتحضر منهم. أو انهم أمة برأسها ولا تزال في البداوة إلى ظهور الإسلام. . . فهذا موضع الآخذ والرد بين الكتاب والمؤرخين. . . ولا يشتبه في أن الكرد اليوم، هم من نسل أولئك وانهم بقوا محافظين على حالتهم الأولى بزيادة أو نقصان أو حضارة وخدموا الإسلامية خدمات جليلة. ولا ينكر أيضاً انهم دخلتهم عناصر عربية اثر الفتح الإسلامي، وما يليه من العصور، خصوصاً في عهد الأمويين فانهم تولوا رياستهم أحياناً، أو قاموا بمشيختهم وتربيتهم الدينية، أو سياستهم. الكرد واليزيدية: من طالع كتاب الشرفنامة علم ما يؤيد ذلك. وهذا الكتاب عدد شعبهم من كرماج، ولر، وكلهر، وكوران، ثم قال: (إن جميع طوائف الكرد شافعية المذهب، متابعة لشريعة الرسول (ص) ونهج الصحابة الكرام؛ والخلفاء العظام، وطاعة العلماء، وأداء الفرائض: من صلاة، وصوم، وحج، وزكاة، إلا أن بعض الطوائف التابعة للموصل والشام مثل طاسنى (وورد في موطن آخر بلفظ داسني وهو المشهور اليوم) وخالدي، وبسيان، وقسم من بختي، ومحمودي، ودنبلي، على المذهب اليزيدي. ثم قال:

وإن هؤلاء اليزيدية من جملة مريدي الشيخ عدي بن مسافر. وهو من حفدة المروانيين وينتسب إليهم ومن اتباعهم. ومرقده في جبل لالش (وفي المعجم ليلش) من أعمال الموصل ومن اعتقادهم الباطل فيه انه قد تحمل عنهم صومهم، وصلاتهم، فيصلي عنهم، ويصوم بدلهم، ويقولون لولاه لعاقبنا الله، أو لعاتبنا فهو الذي يوصلنا إلى الجنة، ولهم كره، بل بغض، مستمر لا حد له لعلماء الظاهر.) أهـ وقد علق الطابع لهذا الكتاب - (الطبعة المصرية) - بما نصه: (اليزيدية من الوجهة العنصرية طائفة من الأكراد تقطن أنحاء جبل سنجار وجزيرة ابن عمر وحكاري (كذا. ووردت في الكتب العربية بلفظ هكار بفتح الهاء وتشديد الكاف) في الجنوبي من كردستان لا يزيد عددهم الآن عن مائتي ألف وهم مسلمون في الظاهر، إلاَّ أن لهم عقائد خاصة، تخالف عقائد الجمهور من المسلمين. وسموا (يزيدية) نسبة إلى يزيد بن معاوية، لأنهم كانوا من أنصار الأمويين. وعلى ما يفهم من نص الشرفنامة، ومن أقوال العارفين بتلك الجهات، وهؤلاء الناس، أن عدة من قبائل الأكراد المشهورين بالشجاعة والفروسية، هاجرت في عهد الأمويين إلى جهات الشام للالتحاق بخدمة الخلفاء، فاستوطنت هنالك مدة، ثم عادت إلى موطنها الأصلي، عند سقوط دولة الأمويين، واعتصامهم مع اتباعهم بالجبال والبلاد الحصينة. وهكذا المذهب السياسي أدى إلى مذهب ديني مخالف لدين جمهور المسلمين.) أهـ تمحيص الأقوال عن اليزيدية: إن هذه الأقوال وحدها لا يعول عليها، ما لم نجد ما يدعمها من النصوص القديمة، في اصل هذه الطائفة التي لا يزال الأوربيون يهتمون بها اهتماماً عظيماً ويحاولون بكتاباتهم أن يعدوها طائفة قائمة برأسها من حيث العقيدة، وان لا اصل لها في الإسلام، لغرض أن يبدوا مهارة في التدقيق، أو لأمر آخر سياسي، أو ديني، مما لا يخفى على المطالع. نعم اختلفت الظنون في اصل اليزيدية، وتضاربت الآراء في حقيقة نحلتهم، فاستفد بعض الكتاب من هذا التشويش، ووافقهم بعض المسلمين أيضاً،

فاختار أنهم مجوس، لغرض مخالفة في المعتقد. وكذا فعل صاحب (النصوص الدينية اليزيدية) فانه تابع أهل هذا الرأي، لموافقة اشتراك في بعض حروف اللفظ ليزيد ويزدان على خلاف ما قام به جهابذة الكتاب من المسلمين. والموضوع دخل بساط البحث، فتناولته الآراء بنزعة أو بساطة، أو بما ماثل إحداهما. وتعداد الأقوال في هذا الباب يطول كما انه لا يجدي نفعاً. وليس القصد الاشتراك مع أحد دون الآخر. تعصباً لرأي تعصباً مجرداً. وإنما الغاية التوصل إلى الحقيقة، ودفع شيوع ما نعتقد خلافه، بالنظر إلى ما وصل إلينا من النصوص التاريخية في وقت لا نجد هناك نصوصاً تهدمها، فتستدعي ترك هذا المعتقد واعتناق غيره. ونتائج ما تحققته انهم مسلمون. متزهدون. يعتقدون الأمانة في يزيد. وكونه على الحق. وتوارثوا تقاليد قومية، ودينية؛ صوفية. واعتيادات سياسية ممزوجة بتعصب للأمويين، مما أبعد شفة الخلاف بينهم وبين جمهور المسلمين، فادى إلى تقاليد خاصة أفسدت جوهر إسلاميتهم. نشاهد هذا التفاوت تقريباً بين عقائد الإسلام الخالصة، المأخوذة من أمهات نصوصة الحقة، وما عليه اليوم (عرب البادية) من التقاليد الجاهلية، أو ما عليه غيرهم من أهل المدن الدخلاء في الإسلامية. نرى بعض الاعتيادات الموروثة ولا يسعنا أن نحكم انهم بقوا على تلك العادات بان يقال انهم تستروا بالإسلامية وأبطنوا غيرها. وأيضاً دخلت هذه النحلة تقاليد جديدة لها أساس في الديانات المجاورة، وفي التصوف. ولا ننس أن العوام لا يعرفون سوى الشكل المادي والمراسم الظاهرة. فالتشوش وقع لهم ممن دخل ومعه تقاليد جديدة، أو من رؤساء جهال، كما سيتبين، وإلا فالمؤرخون لم ينقلوا عن مجوسيتهم شيئاً، وإنما ذكروا تعصبهم ليزيد، كما تعصب غيرهم للإمام علي (رض) ولم يكونوا بدرجة النصيرية (ويعرفون عندنا بعلي اللهية) مع أن المؤرخين دونوا ديانات

المجوس وأحوال الفرس، حتى انهم عرفوا بمن شاهدوه في عصرهم من الدعاة، ومنتحلي هذه الديانة. وعلى كل حال، لا يحتمل انهم عريقون في المجوسية، ولا يعول على التقاليد الموروثة، باعتبارها ديناً قديماً لهم ولكن يصح أن يفسر ما وجد مخالفاً للإسلام، فيقال انه منقول ومأثور عن جاهليتهم الأولى، أما هم فلا يقولون بان ديانتهم مجوسية، كما أن بعض المسلمين، لو قلنا له: إن قسماً من تقاليدك جاهلية، أو وثنية، أو ما شابه ذلك، لأخذه الحنق، ولكذب كل ما يعزى إليه بأي وسيلة كانت. أصل اليزيديدة في التاريخ: لا يفوتنا أن اكثر الكتاب، تابعوا فكرة انتشرت، واشتغلوا بتفسيرها دون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث، أو العودة إلى النصوص التاريخية. ولا تحسب أيها القارئ إني سأعتمد على نسخ خطية قديمة. قد انفردت بحيازتها، وإنما غالب ما اذكره مشهور متداول. فأول من ذكر هؤلاء اليزيدية فيما اعلم (السمعاني) (المتوفى سنة 562هـ) في كتاب الأنساب، في مادة (يزيدية) فانه بعد أن عدد يزيديين محدثين قال: (وجماعة كثيرة لقيتهم بالعراق، في جبال حلوان، ونواحيها من اليزيديية وهم يتزهدون في القرى التي في تلك الجبال، ويأكلون الحال (كذا) وقلما يخاطون الناس. ويعتقدون الأمانة في يزيد بن معاوية وكونه على الحق،

ورأيت جماعة منهم في جامع المرح (كذا) وسمعت أن الأديب الحسن ابن بندار البروجردي، وكان فاضلا مسفاراً ينزل عليهم بسنجار (جاءت الكلمة بلفظ بخارا في الأصل ولعل سبب ذلك جهل الكاتب جبل سنجار واشتهار بخارا بين الأدباء)، ودخل مسجداً لهم، فسأله واحد من اليزيدية: (ما قولك في يزيد)؟ فقال: (أيش أقول فيمن ذكره الله في كتابه، في عدة مواضع، حيث قال: (يزيد في الخلق ما يشاء)، (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى). قال: فأكرموني، وقدموا لي الطعام الكثير. . .) أهـ هذا ما قاله السمعاني عن نفسه، وما نقله عن معاصر له. وانه رآهم في جامع المرج، ورأى محدثه مسجداً لهم، وعرف اعتقادهم؛ وقد نفى السمعاني في نفس هذه المادة، أن ينتسبوا إلى بزيد بن انيسة، وانما عده من الخوارج. يؤيد فكرة انتسابهم إلى الامويين، أو انهم رؤساؤهم في الدين، وفي الإدارة، ما جاء في مادة (هكاري) من الأنساب أيضاً: (هذه النسبة إلى هكار، وهي بلدة وناحية عند جبل، وقيل جبال، وقرى فوق الموصل من الجزيرة. والمشهور منها أبو الحسن علي بن أحمد ابن يوسف بن جعفر بن عرفة بن المأمون (لفظه مشوش) بن الديل (كذا) (ولعلها الدئل) بن الوليد بن القسم بن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي العبشمي الهكاري الملقب بشيخ الإسلام. تفرد بطاعة الله في الجبال وابتنى له أربع مواضع يأوي إليها

الفقراء والصالحون، وكان كثير الخير والعبادة (وورد بلفظ عباد في المطبوع) إلى أن يقول: (سمع منه القدماء من الحفاظ. روى لنا عنه بمكة أبو زكريا يحيى بن عطاف الموصلي وببغداد عبد الله بن شاكر المقبري، وعبد الرحمن بن الحسن الفارسي، وأبو علي الحسن بن احمد المقبري، وصالح بن إسماعيل بن دوذين (كذا) الجيلي، وباصبهان أبو الخير شعبة ابن عمر الصباغ وأبو محمد الحسن بن محمد بن جعفر المهراني وغيرهم. وكانت ولادته سنة 409هـ ومات بالهكارية في أول المحرم سنة 84. وكان ببغداد في زماننا شاب صالح من الهكارية سمع معنا الحديث من أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري وغيره.) أهـ ومن هذا ترى العلاقة بين الأمويين واليزيدية وان بلاد هؤلاء الناس كانت مسلمة، وانهم يتزهدون فيها، منقطعين عن غيرهم بسبب أمثال هؤلاء الصلحاء، ولا علاقة لهٍم بالمجوسية. إذ لم يعرف فيهم غير المسلم وإذا كان هذا الشاب الصالح الذي درس مع السمعاني، هو غير عدي بن مسافر، كما هو ظاهر من الفرق بين العمرين عمر السمعاني وعمر عدي، فقد أنجبت تلك الأنحاء علماء وصلحاء كثيرين، ومن ثم تولد الزهد في القوم، ويؤسف لعدم تسمية ذاك الشاب. ومن الغريب أن يورد الباحثون النقول من عدي فما يليه، ولا يتجاوزونه في القدم. وما أوردته يؤيد القدم. والأغرب أن ينتشر كتاب الأنساب ولا يزال (الفاضل الإيطالي) على فكرته مع أن صاحب لغة العرب نبهه على رسالة ابن تيمية حين كان في بغداد. وكان استطلع رأيي أيضاً في أصلهم فبينت لحضرته انهم مسلمون، استولى عليهم الجهل، وابتلوا برؤساء اختلقوا عليهم أشياء كثيرة فقبلوها منهم، وأرادوا إبعاد شقة الخلاف، خصوصاً بعد أن رأوا من إخوانهم المسلمين ما رأوا. وباقي القول أرجئه إلى المقال التالي. والله الموفق. بغداد: 5 - 3 - 1931: المحامي عباس العزاوي

أليلى

أليلى أليلى ما لحزنك لا يجارى؟ ... فان لهيب عينيك استطارا فان كنت امتلأت أسى وحزناً ... فقلبي مفعم مرضاً ونارا تعالي نحتسب بالصبر حتى ... نزحزح عن مآربنا الستارا عهدتك جلدة في كل خطب ... فمم أبنت آلاماً جهارا؟ ألا ليت الخطوب تعاف قوماً ... تمنوا: لو يموتون انتحارا أليلى خففي الأحزان إني ... زميلك صرت انتظر الدمارا عيون الحق قد نامت طويلا ... ولم توقظ ليال أو نهارا لئن جحدوا حقوقك فارقبيهم ... فسوف ترين للظلم انهيارا دعيني كي أحدثك حديثاً ... به طير الحقيقة نحوي طارا ألم تري البلاد فقد أصيبت ... بقوم إربهم أضحى النصارا أراهم عند خستهم صحاة ... وعند مرام موطنهم سكارى لهم وجهان وجه نحو غدر ... ونجه يقنع لقوم الحيارى فويلي أن أطالبهم بحق ... بذاك اعد متبعاً شرارا أناس لم أجد فيهم رؤوفاً ... ولا شهماً رحيماً أو غيارى أراهم اظهروا الإخلاص غشاً ... ويقترفون آثاماً كبارا فهم ترك إذا حكمتك ترك ... وهم ظلم إذا الغربي جارا أليلى كفكفي دمعاً سجيماً ... هل انحسرت لك العقبى انحسارا؟ أنحن أولي الحمية والتعالي ... نقاسي ظلم من في الغي سارا؟ فموطننا بموقفنا شهيد ... وقد عرف الألى لزموا الفرارا فسل عنا (الفرات) بكل فخر ... إذا (استقلالنا) منه استنارا وسل عنا (ديالى) عن حروب ... لنا من حين أن كنا صغارا ثبتنا في مواقف محرجات ... ولاقينا مدافع وانفجارا وذدنا عن حمى وطن ذليل ... ورمنا في معاركنا انتصارا

وثرنا ثورة المسجون ظلماً ... ولم ترهب طعاناً أو حصارا وهبنا الموت أرواحاً خفافاً ... إلى عز البلاد لكي ندارى وشمنا في القنابل خير لهو ... وطقنا في لظى الحرب اصطبارا وعمنا في المنايا لا نبالي ... نزيل الذل والعار الشنارا لقد ساقوا أغرتنا حزيقاً ... إلى الموت الزؤام وليس عارا مواقف تخلب الألباب خوفاً ... وتحتقر الإلى هربوا احتقارا وقفنا وقفة الجبار نحمي ... عراقاً ود أن يحيا مجارا سلوا عنا البنادق قاذفات ... تحدثكم لنا خبراً مطارا بأنا الصابرون على لظاها ... وفي الهيجاء لم نبد اندحارا لئن نادوا بإخلاص لقول ... أرادوا فيه للغش استتارا فما الأقوال كالأفعال حاشى ... وما الرعديد مثل من استثارا وما المفضال مثل فتى دنيء ... قد اتخذ الخداع له شعارا على شرف البلاد لنا بنود ... وباغي الموت ما رام اشتهارا أليلى ما لعيني قد أصيبت ... بآلام تزيد القلب نارا؟ رأيت بها مصير الشهم صبحاً ... فليت الصبح كان لها سرارا رأيت دماءهم هدراً أريقت ... رأيت دماءهم صبراً توارى شباب اعرسوا بالموت مرداً ... وكان رصاص قاتلهم نثارا (وزغردت) البنادق في رجاهم ... وكان لهم طريق الناس دارا وتابعهم كهول العرب زفاً ... فيا حزناً لمن تركوا الديارا؟ وظل نجيعهم ختماً بصك ... من العز الذي نالوا منارا إذا ما قلت: ممن؟ قيل: عرب ... لذا بالعز تعلمهم جدارا إذا الأعراب ماتوا أجل عز ... فما لبسوا به ثوباً معارا مصطفى جواد

نظمي وذووه

نظمي وذووه طلب في هذه المجلة (8: 530) صاحبها حضرة الأب أن اكتب ما يزيد في تراجم البيت الذي نمق عنه بعنوان (بيت عراقي قديم) الأستاذ عباس العزاوي بحثاً طويلا نشره في عدة أجزاء من المجلة في السنة الماضية فما لي إلاَّ أن انزل على رغبة حضرته لبيان النزر القليل الذي عثرت عليه بعد إبداء بعض الملاحظات إذ أني لا أرى بأساً في مجاذبة الأستاذ أطراف الحديث بهذا الشأن مع شكري إياه على سعيد المحمود في زيادة وقوفنا على أحوال هؤلاء الأفاضل. الملاحظات قال الأستاذ (ص 119): (أول ما عرفت (هذه الأسرة) - نظراً إلى ما وصل إلينا - من سفر ألفه أحد أفرادها وهو عهدي البغدادي ابن شمسي البغدادي. و (صاحب) هذا الكتاب عرفنا أباه وأقاربه ومكانة أسلافه وأزال الغشاوة عن ظنون كانت تحوم حول تحقيق امر، هو أمر اكبر مؤرخ عراقي أي مرتضى أفندي آل نظمي المعروف عند الترك بنظمي زاده فان هذا الكتاب أزال الإبهام عن مرتضى أفندي بتعريف نظمي أفندي واتصاله بهذا المؤلف فصحح كليمان هوار الفرنسي وأقوال الصديق يعقوب نعوم سركيس وغيرهما) أهـ ثم قال (ص 275): (إن المؤرخين - نظراً لما عرف واشتهر من أحوال مرتضى المؤرخ العراقي - حاولوا إيضاح ما خفي من اصل أسرته فتضاربت آراؤهم في البحث عنه وكلها لم تتعد الحدس والتخمين فهي ظنون وأوهام.) أهـ وقد أورد ترجمة نظمي عن نسخة (كلشن شعرا) التي بيده وأشار إلى أن نظمي متأخر عن عهدي فلا يمكن لكلشن شعرا - وهو لعهدي - أن يترجم نظمي فرأى (ص 123) أن في الكتاب مغمزاً - وقد صدق وسيجيء البحث عنه - لكنه ارتأى أن ما في كلشن شعرا صحيح وعلل ذلك.

قلت: والتصحيح الذي قصده العزاوي هو أن اسم والد مرتضى ليس بالسيد علي (ص 279) وانه يظن أن مرتضى لم يذهب إلى الأستانة (ص 432) لسبب أورده أما ما كنت قد جئت به فأني أرجعته إلى مصدره (راجع 7: 523) وهو (ما وصل إلينا). ولي كلام على والد مرتضى والسيد علي يأتي: مما ألاحظه قول الأستاذ (ص 119): (وان كانت (هذه الأسرة) تسمى في الأول بآل شمسي البغدادي ثم بآل نظمي البغدادي. . .) لا يتفق مع الواقع إذ أن نظمي سبط لعهدي كما قال العزاوي (ص 275) فهما أسرتان فلا بد أن كلا منهما كانت تدعى باسمها وليس هذا ادعائي زعماً مجرداً فقد أورد الأستاذ خلال كلامه نساً يناقض ما سبق له فانه قال (347) نقلا عن تذكرة سالم الذي كان من رجال ذلك العصر: (إنهما - أي حسين أفندي ومرتضى أفندي - من أدباء بغداد. . . اشتهرا بنظمي زادة. . .) اتخذا اسمهما لقباً لهما. أهـ فإذا كان حسين ومرتضى في زمان حياتهما مشتهرين بنظمي زاده، فلا نرى وجهاً لتلك التسمية أي أن بيتهما كان يدعى يوماً بآل شمسي في حين أن يدنا خالية مما تستند إليه في تأييد قول الأستاذ، وهذا كاف ليجعلنا في حل من الشك في صحة رده (ص 439) على عنوان المجد للحيدري من انه وقع في غلط لتمييزه بين (بيت نظمي زاده) و (بيت عبد الله أفندي المفتي بن مرتضى أفندي) إذ عدهما بيتين لا بيتاً واحداً. والظاهر أن دليل العزاوي أن عبد الله أفندي هو ابن مرتضى أفندي ابن نظمي هو القول الذي رآه منقولاً من نزهة المشتاق من أن (عبد الله أفندي هو ابن مرتضى أفندي) فحسب. أو لا يمكن أن يكون مرتضى هذا غير ذلك؟ وليس هناك ترجمة لمرتضى نظمي زاده تعرفنا بأولاده ولا نص يفصح عن أن عبد الله هو ابن مرتضى بن نظمي ليرتفع كل ريب وتزول كل شبه. ومما قاله الأستاذ (ص 278 - 279) أن نظمي (لم يذهب إلى بلاد الأناضول) فآخذ هوار على ذلك. قلت: أما كلسن خلفا (الورقة 72)

فانه يقول في كلامه عن هذه الأيام: (. . . أكثر أصحاب غيرت وأرباب ديانت اختيار هجر روم. .) ثم يقول: (بدر مرحوم دخى أول أيامده برقاج كون اختفا بعده ترك مال ومنال ومفارقت ديار وديار ايدوب. . . حافظ احمد باشا. . استخلاص بغداد ابجون عراقه تكرار عزيمت وامالهء عنان ايتدكده. . . (بدرم) اوردرو لرينه رهياب وملاقات شريفه لرى ايله مستطاب اولوب بو قصيدهء غرا ايله. . . حسب حاللرينى بيان ايتمشلردر.) أهـ. ثم يقول أيضاً (الورقه 73): (بعده باشاى مشار إليه (ايله) روم جنت رسومه هجرت واكرجه كرفتار آلام غربت اولمشلردر لكن نيجه وزرا ومير ميرانه مقارنت ايله تحصيل سروسامان وتسليهء بخش دل بريشان لو لمشلردر.) أهـ. وملخص كلامه هو: (فاختار أرباب الغيرة والأتقياء الهجرة إلى الروم. (هنا بمعنى الأناضول) واختفى والدي في ذلك الزمن بعض الأيام ثم ترك ماله ومناله وفارق الأصدقاء وغادر الديار فسار إلى جيش حافظ احمد باشا وقد عاد إلى العراق لإنقاذ بغداد فطابت نفس والدي بملاقاته فانشد قصيدة غراء وبعده هاجر إلى الروم مع الباشا. وما اكثر الوزراء والميرميرانية الذين رافقهم. . .) أهـ. فكان أذن على هوار أن يقول أن نظمي سافر إلى آسية الصغرى وقد فعل فأصاب. إن إقامة نظمي في الرها لا تنفي سفره إلى الروم إذ يمكن انه بعد أن ذهب إلى هناك عاد إلى الرها فاستقر فيها. هذا وان كان يجوز - من باب الاحتمال - أن يقال لعل صاحب كلشن خلفا أراد بالروم توسعاً الرها وأنها من بلاد الجزيرة لكن لا تثريب على كل حال من الأحوال فقد قال كلشن خلفا (الروم) وقال هوار (آسية الصغرى) وهي الأناضول والكل واحد وهو اشهر من أن يذكر

والكتب العربية لا تعرف اصطلاحاً آخر. ومما قاله الأديب (ص 277) ما يلي: (فحمد (نظمي) الله على الرجوع مع أمه ولم يكن معهما أحد وكان هاجر عنه (هاجر من وطنه بغداد) بزي درويش ناسك ومن ثم صار له من الأهل والعيال والأولاد. . .) أهـ، ثم نقد كلام هوا بما قوله (ص 278): (وحين عودته (عودة نظمي) إلى بغداد لم يكن معه أولاد أو أحفاد نظراً للصراحة بذلك من انه رجع مع والدته فحسب وبهذا انتفى ما في تاريخ كليمان هوار.) أهـ. قلت أن الذي عندي أن هوار كان مصيباً وقد قال كلشن خلفا (الورقة 80 وما يليها) في أخبار حسن باشا لولايته الثانية على بغداد (من سنة 1052 إلى سنة 1054 أي من 1642 إلى 1644) ما نصه: (بدر مرحوم دخى تك وتنها ترك يار وديار محروسهء رهاده قرار ايتمش ايكن بو أيام خير انجامده - الحمد لله الملك الجواد - أولاد وأحفاد وفي الجملة برك وبار ونطام معتاد كيرو عودت بغداد ايدوب شاكر أو لمشدر) أهـ وهذا مضمون كلامه: (إذ كان والدي أيضاً قد ترك الأصدقاء وغادر الديار وحيداً منفرداً فأقام في الرها فانه هي هذه الأيام المنتهية بخير عاد راجعاً إلى بغداد ومعه أولاد وحفدة. . .) أهـ. فلم ينتف أذن كلام هوار بشأن رجوع نظمي مع أولاد وحفدة، وإذ قد أنبأنا العزاوي بان نسخة كلشن شعرا التي عنده

فيها مغمز فليس علينا أن نعتمد عليها كل الاعتماد ولا سيما أورد المؤدى ولم ينقل النص ولا التعريب الحرفي زيادة (في اطمئنان القلب). ومهما يكن من هذا الأمر علينا أن نرجح على مصدره حكاية كلشن خلفا. كيف لا ومؤلفه بلا ريب ابن نظمي نفسه وهو اعلم بأسرته من غيره من كل الوجوه مع دراية واسعة. وقال العزاوي (275) عن نظمي انه محمد نظمي وقال (ص 219): (ولم يكن اسمه (اسم والد مرتضى) السيد علي بخلاف ما جاء في سجل عثماني عن مرتضى انه ابن السيد علي. فهذا غير صواب منه.) وأزيد على ذلك انه سيأتي ذكر لأحدهم اسمه نظمي - كان لحفدته وجاهة في بغداد - لم ننبأ بأنه

سيد وزمنه يتفق مع زمن والد مرتضى فهل هو بذاته ونفسه؟ فان صح ذلك كان برهاناً جديداً على صحة قول العزاوي أن هذا البيت ليس بعلوي إنما لا يسعني أن لا التفت إلى سماع ما مر بنا من كلامي (7: 523) نقلا عن فهرست مخطوطات وعن (سجل عثماني) الذي يقول كان نظمي شاعراً بغدادياً. ثم يقول: (نظمي مرتضى أفندي (هكذا بدون (زاده) بين الاسمين) فهل سقطت الكلمة في الطبع؟ فان لم يكن فهل والد نظمي اسمه السيد علي فضاع الأمر فقيل أن السيد علي هو وال مرتضى؟ وينتج من هذا التردد فالتساؤل وجوب المثابرة على تحري حكماً يفرض بين الجانبين بصحة رأي أحدهما والذي اعتقده أن البت في الأمر لا تقوم به نسخة لكلشن شعراً فيها غميزة وذلك لا يجزم به ذكر نظمي جداً لحفدة قلنا لهم وجاهة في بغداد. ولست وحدي في هذه الشكوك فللأستاذ العزاوي أيضاً مثلها فانه رأى (ص 514) أن عبد الله أفندي المفتي - الذي قال عنه انه من هذا البيت - ينعث بسيد في (الحديقة) وفي مجموعة الآلوسي عن النزهة فأرجأ البت في أمره إلى (أن ينجلي المبهم) مع إبدائه رأياً. جامع الخاصكي ونظمي وابنه مرتضى ومما قاله الأديب أيضاً (ص 278) ما يلي: (وقد ذكر له (لنظمي) ابنه مرتضى تاريخاً منظوماً في جامع السلحدار محمد بك). أهـ وهو يريد بذلك جامع السلاحدار محمد باشا الذي شيده مع مئذنة له لكنه لم يتمه. وهذا الجامع هو الذي لا يزال معروفاً بجامع الخاصكي الواقع برأس القرية وقد ذكر كلشن خلفا (الورقة 87) الباشا بهذه الشهرة في مطلع أيام ولادته.

وإذ قد ورد في مباحث هذه السنين ذكر السلاحدار محمد باشا والسلاحشور محمد بك فلابد من الوقوف على تعيين من أراده العزاوي من هذين الرجلين ولا سيما أن لنظمي تاريخاً في الجامع المذكور وتاريخاً لابنه مرتضى. وهذا نص ما قاله كلشن خلفا (الورقة 90) في أخبار هذا الوالي: (تكليف آصفى ايله تاريخنه بو مصراع بلاغت نشان بدر مرحومك رقمزدهء كلك بيانلرى أو لمشدر: التاريخ: جامع نور سلحدار محمد باشا سنة 1069) أهـ (1658). ومعنى ذلك أن والدي قال هذا المصراع في تاريخ الجامع على تكليف الوالي. وقال مؤداه أن كلمة نور تشير إلى (أبي النور) كنية الباشا التي كان يكنى بها حينما والياً في مصر. وأما أبيات صاحب كلشن خلفا في إتمام الجامع حينما أنجزه السلاحشور المار الذكر فمنها ما هو هذا وفيه التاريخ:

واصل رحمت رحمان محمد باشا ... والىء دار السلام أيكن أو ذات أعلا سعى وإخلاص ايله بوجامعى قلدى بنا ... لكن اتمامنه جون ايتمدى عمرى ايفا اوسلحشور شهنشاه محمد بك انك ... يعنى برورده سى خيراتنى قلدى احيا. . . ومنها: برادا ايله ديدي بيررفردتاريخن ... جامع النور أبو النور محمد باشا (1094 - 1682). وملخص كلامه أن محمد باشا حينما كان والياً في دار السلام سعى فبنى هذا الجامع لكن عمره لم يمتد ليتمه فجاء محمد بك سلاحشور السلطان الذي هو صنيع الباشا فأحيا خيراته. . . وتاريخه (جامع النور أبو النور محمد باشا). أهـ ويظهر صريحاً من نتيجة ذلك أن الرجل الذي قيل فيه ذلك البيت الذي ذكره العزاوي هو السلاحدار محمد باشا ولم يكن إذ ذاك قد تدخل في أمر الجامع السلاحشور محمد بك الذي لم يشتهر الجامع به يوماً من الأيام. أذن ليس بين هذين الرجلين من هو السلاحدار محمد بك إنما هو السلاحدار محمد باشا وهناك صنيعه السلاحشور محمد بك. وقد خلد مرتضى صاحب كلشن خلفا في أبياته المذكورة اسمي المشيد ومحيي خيراته. ديوان نظمي وظن العزاوي (ص 279) مما نقلته عن هوار انه قال إبقاء الأيام لديوان نظمي وتمنى لو انه اطلعنا على محل وجود نسخة منه. أما هوار فلم يقل بوقوفه على الديوان إنما قال كما ذكرته (7: 522): وتجد من نظمه (نظم نظمي) ما نقله ابنه مؤلفنا (مؤلف كلشن خلفا) عن ديوانه أو عن مجموعة قصائده. . .) أهـ. فذلك استخراج لهوار كما أن في كلشن خلفا (الورقة 73) قصيدة لنظمي جاء في ما يليها من الكلام بأنها مثبتة في ديوان قائلها وهناك غيرها. والذي وقفت عليه في الفهرست لدى كردمانش في مخطوطات شيفر أن في الطبعة الإفرنجية لكشف الظنون (6: 574) ذكراً لديوان نظمي زاده مرتضى.

ويبين لمن يراجع الكشف أن ذكر الديوان ليس في صميمه بل في الملحق المسمى (آثارنو) لحنيف زاده احمد طاهر المتوفى في سنة 1217 (1802) والصراحة لا تجوز لنا الشك في أن الديوان لغير مرتضى هذا ولا سيما انه ذكر سنة وفاته قريبة من التي ذكرها هامر ولكن هل في ذلك غلط صحيحه انه لنظمي كما غلط في أمر كتاب جامع الأنوار الذي سيجيء الكلام عليه. ومما جعلنا في الشك أن حنيف زاده لم ير نسخة من الديوان فانه لم يورد أوله كما جرى عليه اقتفاء بصاحب كشف الظنون في الكتب التي نظر فيها. وكما قلنا هل في نسبته للديوان إلى مرتضى غلط أيضاً وانه لنظمي؟ يعقوب نعوم سركيس

كتاب نفيس في البلاغة مجهول المؤلف

كتاب نفيس في البلاغة مجهول المؤلف وقع بيدي كتاب خط في البلاغة دونك وصفه، مبتدئاً بما استهل به المؤلف كتابه: بسم الله الرحمن الرحيم أطال الله في ظل أفياء السلامة بقاك وحجب عن غير نوائب الدهر نعماك وجعلك لمتوخى البلاغة معقلا ولا مال مؤمل الأفضال موئلا ومتعك بوفاء عهود أودائك وبلغك الغاية من تأويل ذوي المودة من أوليائك قرأت متعك الله بالسلامة وحياك بالزلفة والكرامة ما كتبت تشكوه إلينا من قلة الثقة بأصحابك وما تحمل من معناه تلون الصديق وسرعة ملل الرفيق وأنفة ذلك وشراسة خلق النديم وسألت أن اختار لك نديماً متأدباً كريماً وذلك لتستعين به على طوارق غمومك وتفجر به متكانف همومك وتفزع إليه من سهرك وتدعو به عند ضجرك وتعتمد عليه في أمورك ولتستمده لسرورك فرأيت استفراغ المجهود في طلب ذلك عذراً ووجدان من ارتضى خلائقه منادمتك عسراً وأحببت أن أخبرك بنديم يروقك منظره ويسرك مخبره وتطيب مشاهده وتكثر محامده وتقل ذنوبه وتفتقد عيوبه إذا دعوته أسرع وإذا حدثك أمتع وإذا سألته أجاب وإذا تكلم أصاب وإذا استرفقته رفق وإذا استنطقته نطق لا يرهقك عسراً ولا يحملك أصراً. فصنفت كتاباً في الفصاحة والإيجاز والبلاغة ضمنته موجزات الخطب ومنتخب بلاغات العرب مما حفظ من ملح كلامها ومختصر ألفاظها وموجز خطبها وبراعة أدبها ونادر خطابها ومسرع جوابها ومعجب قرائحها ومعجز بدائهها إلى شيء من بلاغة البلغاء وفصاحة الفصحاء وجواب الأدباء وإيجاز الخطباء ومحاورة الخلفاء وتهادي الظرفاء ومكاتبة الأمراء ونوادر الشعراء بفصاحة ذوي الألباب وثقافة أذهان الكتاب ورصانة عقول النساء وتكامل أدب الأدباء ونظمته بما انتظم من الحكم المحفوظة عن حكماء العجم ووصايا المحتضرين وحكم المجانين وقدمت ذكر براعة العرب على غيرها من الناس لتقدمها في الفضل على سائر الأجناس ولأن الله تعالى قد شرفها برسوله وفضلها بتنزيله وحضها بالخطاب

المعجز واللفظ الموجز والسؤال الشافي ولا جواب الكافي فهم أمراء الكلام ومعادن العلوم والأحكام منهم ترد البلاغة واليهم ترجع البراعة ومنهم تؤخذ الفصاحة والناس بأئمتهم مقتدون ولآثارهم متبعون وترجمته بكتاب (الفاضل) لفضله على كل كتاب كامل فأرسلت به إليك لا ممتناً به عليك لتجعله بدلا من الجليس وخلفاً من الأنيس وقد صدرت أمام ما ضمنته منك من ذلك فصلا ضمنته كلاماً جزلا في وصفه أمد البلاغة وفضل الفصاحة والبراعة فقف على ما فيه من فضله وانتفع من تبله لتعلم إذا أنعمت الاختيار أن شاء الله تعالى. فهرست أبواب الكتاب باب في صفة البلاغة وفضل الفصاحة والبراعة 1 باب البلاغة في الخطابة من أهل الفصاحة والدراية 2 باب من أدركه الحصر في خطبته فاحسن العبارة في حجته3 باب بلاغات الوفود في حسن البديهة والتسديد 4 باب البلاغة في احتجاج الأسارى وحسن قول الموثقين والحيارى 5 باب البلاغة من ذوي الرجاحة في حسن البيان والفصاحة 6 باب البلاغة من ذوي الألباب في حسن المعارضات في الجواب7 باب البلاغة من الأدباء يفي مخاطبة الخلفاء ومحاورة الأمراء 8 باب البلاغة في حسن الاعتذار وتجاوز ذوي المقدرة من الأحرار 9 باب البلاغة من البلغاء اللسن وطعنهم على النوكى اللكن 10 باب البلاغة في مكاتبات ذوي الألباب10 باب البلاغة من الحكماء والصفح من أهل المقدرة عن السفهاء12 باب البلاغة من خلفاء بني هاشم والمأثور عنهم من الآداب والمكارم13 باب البلاغة من ذوي المآرب في حسن التعزية عن المصائب 14 باب البلاغة ممن جمع بين تهنئة بعطية وبين تعزية15 باب البلاغة في من تعزى عن مصيبته وحسن صبره في رزيته16 باب البلاغة من وصايا المحتضرين ذوي الآراء والعقل الرزين 17

باب البلاغة من العلماء في وصايا الأمراء 18 الجزء الثاني باب البلاغة من ذوي الرشاد باب البلاغة من الأمراء ذوي السداد وصايا الوكلاء والأجناد باب البلاغة من الحكماء باب البلاغة من الأعراب في شكوى الفقر وصفة الجدب باب البلاغة من الأعراب في صفة القفار وصفة السحاب والأمطار باب البلاغة من الأعراب في حسن السؤال وطلب المعروف والنوال باب البلاغة من الأعراب في مدح الرجال ووصف ذوي المروءة والأفضال باب البلاغة من الأعراب في ذم الرجال وذكر ذوي الجهالة والضلال باب البلاغة من الأعراب في مدح قبائلهم ووصف بطونهم وعشائرهم باب البلاغة من الأعراب في من اخلصوا له الدعاء وطلبوا له طول العمر والبقاء باب البلاغة في ما سئلوا عنه من اللذات وتخيل طيب العيش والشهوات باب البلاغة من الأعراب في صفة الأحباب باب البلاغة من الأعراب في صفة رد الجواب باب البلاغة من الأعراب في الحكمة أو سائر الأبواب باب البلاغة من الأعراب في مواعظ الأخوان والأصحاب باب البلاغة من الأعراب في الأتقياء في حسن الابتهال والدعاء باب البلاغة من النساء ذوات الدراية والفصاحة باب البلاغة من النساء المتأدبات في وصايا البنات باب البلاغة من النساء في وفاتهن باب البلاغة من الإماء المستظرفات في الخلوات باب البلاغة من الغلمان ونادر براعة الصبيان

باب البلاغة من الأكاسرة وحكماء الفرس والأساورة باب البلاغة من العجم وما يؤثر عنهم من سائر آرائهم باب البلاغة من المجانين ومأثور حكم المأثورين كلامه في آخر الكتاب وقد ذكرنا في كتابنا هذا من البلاغة والبراعة ما فيه لذوي الألباب افضل القناعة وما استوعبنا كل ما جاء في كل باب مخافة تطويل الكتاب ولأن مذهبنا في الاختصار والإيجاز والاقتصار ولو أردنا أن نسهب في الكلام ونزيد في الأبواب والنظام لهان ذلك علينا وإنما ذكرنا بعض ما نمي إلينا رغبة في الإيجاز والتخفيف والاختصار من التأليف أهـ. أسماء بعض من يروي عنهم في تضاعيف الكتاب اخبرني محمد بن إبراهيم الهمداني اخبرني أبو جعفر القارئ اخبرني أبو العيناء قال اخبرني منصور بن المهدي. اخبرني محمد ابن إبراهيم القارئ عن الطائي. اخبرني الحسن بن عليك الكوفي. سمعت أبي يقول بإسناد ذكره. اخبرني واخبرنا احمد بن عبيد عن الأصمعي. حدثني أبو الفضل الربعي قال حدثني أبو بكر بن أبي مريم حدثنا أبو محمد عبد الله بن أبي سعيد الوراق اخبرني المعري عن الرياشي عن الأصمعي حدثني أبو سعيد الشارحي وأشار في آخر بعض الأبواب إلى أسماء كتب من مصنفاته تذكرها ذيلا لما كتبناه: قال في آخر باب: وهذا باب قد ذكرته في كتاب المرتضى في حسن عفو الأوداء عن هفوات الإجلاء. وقال في آخر باب بلاغة خلفاء الهاشميين:

ولما كانت أخبار بلغائهم كثيرة ذكرت منها يسيراً وتركت كثيراً وأفردت له كتاباً. وفي آخر باب 16: وهذه أخبار يطول أمدها ويكثر عددها وقد ذكرتها في غير هذا الكتاب في عدة أبواب من كتاب الابتهاج في الصبر المؤدي إلى جميل الراحة الانفراج الخ. وفي آخر باب 18: وهذا باب قد أفردت لمعناه كتاباً جليل القدر فأغنى ذلك عن التطويل. وفي آخر باب بلاغة الإماء المستظرفات: ولهذا الباب نظائر وقد ذكرنا في كتاب القلائد في أخبار متظرفات الولائد فأغنى ما في ذلك الكتاب عن التطويل هذا الباب أبو عبد الله الزنجاني (لغة العرب) هل من مطلع بصير يفيدنا عن اسم مؤلف هذا الكتاب الجليل؟ توضيحات ذكر في 5: 233 من لغة العرب وصف صورة في معبد الإمام الرضا في مشهد. وأؤكد لكم أن لا وجود لتلك الصورة أو مثلها فيه، وهذا من قبيل ما ذكره خير الدين الزركلي في كتابه الأعلام (2: 674) قائلا: (وقد أقيم له تمثال (للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام) في مدينة همذان سنة 1343هـ). وليس لهذا النصب اثر ما في بلد من بلاد الله والواسعة. وجاء في لغة العرب (9: 121) اسم حبة الشرق في إيران وهو سالك. فأحببت أن اذكر أسماء هذه البثرة عند الإيرانيين فالمقيمون منهم في العراق يسمونها (زخم خرما) (أي قرحة التمر)، والسبزواريون يسمونها (لكة سال) (أي حبة السنة) والطهرانيون وغيرهم: (سالك) وهو في نظرنا منحوت من (سال لكة) بمعنى حبة السنة. ولعلي واهم. محمد مهدي العلوي (ل. ع) رأيكم اصح من رأينا. ونشكركم عليه.

فوائد لغوية

فوائد لغوية نقد تاريخ الأدب العربي للأستاذ الزيات (تلو) ونقل في ص 145 قول بعضهم في الصاحب بن عباد (لو رأى سجعة تنحل بموقعها عروة الملك ويضطرب بها حبل الدولة لما هان عليه أن يتخلى عنها) وقال في ص 159 (ولنظرة عجلى في فهرس اليتيمة للثعالبي تكفيك لتعلم أثر ذلك التشعب السياسي في نهضة الشعراء) فكيف أنكر أولا من هذا الكتاب وغيره ما يدركه الآن بنظرة عجلى في فهرست اليتيمة؟ ونقل في ص 177 قول الأصمعي (إن شعر أبي العتاهية كساحة الملوك يقع فيها الجوهر والذهب والتراب والنوى) أفلا يدل هذا على تتبع منهم للشعر؟ ونقل في ص 174 قول الجاحظ في بشار بن برد (كان بشار خطيباً صاحب منظوم ومنثور ومزدوج وسجع ورسائل وهو من المطبوعين أصحاب الإبداع والاختراع المتفننين في الشعر القائلين في اكثر أجناسه وضروبه) وفي ص 181 قوله في أبي نواس (ما رأيت أحداً كان اعلم باللغة من أبي نواس ولا أفصح لهجة منه مع حلاوة ومجانبة استكراه، ولج أبواب الشعر كلها إلاَّ انه امتاز من كل الشعراء بفحش مجونه وصراحة قوله وصدقه في تصوير خليقته وبيئته ووصفه الخمر وصفاً لو سمعه الحسنان

لهاجرا إليها وعكفا عليها) ونقل في ص 210، 211 قول الثعالبي في الشريف الرضي (وهو اشعر الطالبيين من مضى منهم ومن غبر على كثرة شعرائهم المفلقين ولو قلت انه اشعر قريش لم أبعد عن الصدق. . . ولست ادري في شعراء العصر أحسن تصرفاً في المراثي منه) فهذه المقتطفات التي وضعها الأستاذ الزيات غيض من فيض مما ذكره علماء العرب على تطور الثر والنظم ومراتب الكتاب والشعراء فيه، فلا يقال انهم لم يبينوا ما بين الشعراء والكتاب من علاقة في الصناعة والغرض والأسلوب ولم يذكرا ماغرا النظم والنثر من تحويل وتقليب، ولكن يقال: ذكروه مفرقاً مشتتاً. 5 - عصر انحطاط الأدب العربي وقال الأستاذ في ص 3 مقسماً الأدب بحسب اعصره (3 - العصر العباسي ومبدأه قيام دولتهم ومنتهاه سقوط بغداد في يد التتار سنة (656) وأيد هذا القول في ص 123 بأن قال (ولكن العربة بقيت في حمى القرآن تدافع سيل الفارسية والتركية الجارف وقد عز النصير من أهلها حتى غلب التتار على بغداد فغلبت على أمرها وخضعت لقانون الطبيعة القاهر بعدما خلفت في تلك البلاد شرائع وعلوماً وآداباً لم تقو على محوها الأيام) ثم نقض رأيه هذا في ص 160 فقال: (حتى تجرم القرن الخامس للهجرة فذهب معه جمال الشعر العربي من الشرق وفقد تأثيره في النفوس لذهاب المعضدين له من بني بويه وقلة الراغبين فيه من آل سلجوق واستشعار النفوس لذل الغلبة القهر بتوالي الفتن والإحن) فأين بقي العصر الذي أشار إليه إذا كان جمال الشعر العربي قد انصرم بانصرام القرن الخامس؟ ولماذا جعل هذا القسم موافقاً للعصر السياسي مع أن له عصراً أدبياً أولى به من ذلك؟. وما أدري كيف قال هذا وفي هذا العصر من الشعراء (الغزي الكلبي) و (شميم الحلي) و (مهذب الدين) و (ابن الآمدي) و (ابن السوادي) و (هبة الله بن الفضل) و (الطغرائي) (الذي قال هو فيه بصفحة (221) ما مثاله (شعر الطغرائي عامر الأبيات، متين القافية، مختار اللفظ) وفيه (ابن خياط الدمشقي) و (القاضي ابن الذروي) و (الابيوردي) و (ابن

الهبارية) و (حيص بيص) و (ابن الدهان الموصلي) و (ابن القيسراني) و (الأبله البغدادي) و (ابن التعاويذي) و (ابن المعلم) و (موفق الدين الاربلي) و (المؤيد الآلوسي) و (نضر النميري) و (أبو الفتوح بن قلاقس) و (البديع الاسطرلابي) و (ابن سعيد المنبجي) و (الخطيب الحصفكي) و (أبو الجوائز الواسطي) و (دلال الكتب الحظيري) و (ابن حمديس الصقلي) و (الرصافي الأندلسي) و (ابن أبي الصلت الأندلسي) و (ابن الصائغ) و (أبو العرب الصقلي) و (أبو بكر القرطبي) و (جمال الدين) و (مهذب الدين) و (ابن الساعات) و (عمارة اليمني) و (ابن الحداد) و (القاضي الارجاني) و (الرشيد ابن الزبير الغساني) و (ابن سناء الملك) و (أبو بكر بن طفيل) و (علي بن حزمون) و (أيو بكر يحيى المرسي) و (شبل الدولة) وغيرهم من فحول الشعراء؟ فقد كان الشعر محبوباً إلى أهله حتى إلى النساء، قال أبو محمد الحسن ابن عسكر الصوفي الواسطي: كنت ببغداد في سنة إحدى وعشرين وخمسمائة جالساً على دكة بباب ابرز للفرجة، إذ جاء ثلاث نسوة فجلسن إلى جانبي فأنشدت متمثلا: هواء ولكنه جامد ... وماء ولكنه غير جار وسكت، فقالت لي إحداهن: هل تحفظ لهذا البيت تماماً؟ فقلت: ما احفظ سواه، فقالت: إن أنشدك تمامه وما قبله فماذا تعطيه؟ فقلت: ليس لي شيء أعطيه ولكني أقبل فاه، فأنشدتني الأبيات المذكورة، وزادت بعد البيت الأول: إذا ما تأملتها فهي في ... هـ تأملت نوراً محيطاً بنار فهذا النهاية في الابيا ... ض وهذا النهاية في الاحمرار يتبع مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة 1 - رد تصحيحات اعترض صديقنا النقاد، مصطفى جواد، (9: 297) على قول ابن فارس في مقالته في أسماء أعضاء الإنسان: (وفي البطن الصفاق وهي جلدة البطن التي تحت الجلدة الظاهرة) فقال: (فقد تنوعت الجلدات. . .) أقول لم يقصد ابن فارس كثرة أنواع الجلدات، وإنما عرف الصفاق هذا التعريف لان الصفاق - وهو الذي تسميه الأطباء البريطون أيضاً - غشاء رقيق مصلي يستبطن جدار البطن ويغشي الأحشاء ويمسكها وهو في رقته كالجلد بل ارق منه ولكنه في طبيعته واتساجه بعيد عن الجلد. فليس ثم من تنوع. وقال في ص 218 انه لا يرى وجها لزيادة (وأوصهم) بعد كلمة أولادك في كلام الجاحظ في رسالة ذم القواد حين يقول: (فحذر يا أمير المؤمنين أولادك بان يتعلموا) ولكني أرى هذه الزيادة ضرورية لان فعل حذر لا يتعدى بالبناء. وصحح (ص 219) (اكف (؟) عذارى الألباب) ب (اكتنف. . .) ولكني لا أجد معنى يرتاح إليه في (اكتنف عذارى الألباب). ولعل حاشية الأب بصاحب المجلة اقرب للصواب عند إصلاحها بكلمة (اكفأ) وصحح كلمة (برود) الواردة في (واجل رمص الغفلة ببرود اليقظة) بكلمة (مرود). وهذا غير الصواب. لأن المرود لا يجلو الرمص إنما الذي يجلوه هو الدواء. وهناك ما جاء في بحر الجواهر: (البرود كل دواء مبرد. واكثر ما يستعمل في أدوية العين، إذا كان أكثرها من أشياء باردة، يقال: بردت عيني مخففاً كحلها بالبرود. . . ج برودات. الدكتور: داود الجلبي

2 - كتاب السموم لجنك كلمت هنا في برلين الأستاذ (رسكا) بخصوص كتاب السموم فقال: إن آنسة اسمها الآنسة ستروس تهيئ نشر كتاب السموم لجنك، وتعتمد على نسختين خطيتين إحداهما من برلين والآخرة من الأستانة وغايتها الحصول على شهادة علامية (دكتوراه) من جامعة برلين، وأظن أنها في مطالعاتها للبحث عن مطلبها وجدت تفاصيل في الآداب السنسكريتية عن النسخة الهندية الأصلية من هذا الكتاب. ف. كرنكو 3 - كتاب الجماهر في معرفة الجواهر لأبي الريحاني البيروني أعني بنشر هذا الكتاب النفيس على نفقة المعهد لتاريخ العلوم الطبيعية في برلين. وكان لي تصاوير من النسخة التي في الأسكوريال (في أسبانية) ثم حصلت على نسخة مصورة من نسخة الأستانة. وقد سررت بحصولي على هذه النسخة لأن جميع ما تصورته من الروايات الصحيحة وجدتها في هذه النسخة الإستانبولية، إلاَّ أن النسختين رديئتان. وكان ناسخ الكتاب الذي في الأسكوريال يجهل اللغة العربية، وكلا المخطوطين طافح بالأوهام الغريبة المضحكة. واغلب هذا الضرر واقع في الإعلام العائدة إلى المدن غير المعروفة. والكتاب من اجل التصانيف لأن المؤلف نظم الحجارة الكريمة والمعادن بحسب ثقلها الخاص بها وهو أمر يجهله مؤلفو العرب بنوع عام. وحين يطبع الكتاب تكون معه ترجمته الإنكليزية ليعم نفعه أبناء العرب والغرب واللغة الإنكليزية معروفة في الشرق اكثر من الألمانية. برلين: ف. كرنكو 4 - الجزء الثامن من كتاب الإكليل بلغنا إلى الصفحة المائة الثالثة من طبع الجزء الثاني من الإكليل. وبعد أن طبعنا اكثر من نصفه، قرأنا في معلمة الإسلام أن الأستاذ د. هـ. ملر سبقنا إلى طبعه. فتأسفنا لكوننا أضعنا وقتنا في أمر كنا في مندوحة عنه. فكتبنا إلى صديقنا الكريم الوفي الأستاذ الدكتور ف. كرنكو أن يفيدنا عما يعلم بخصوص

طبعة الكتاب المذكور فكتب إلينا ما هذا بحروفه: (لا يهولنكم أن يذهب تعبكم سدى، لكون غيركم سبقكم إلى نشر هذا الكتاب (أي الإكليل) قبل عدة سنوات، لأن ما نشر منه يبلغ زهاء عشرين صفحة تولى بثه بالطبع د. هـ. ملر المرحوم وعنونه بالألمانية ما معناه: (محافد ومساند في ديار العرب الجنوبية) وقد كتبت إلى مكتبة آتو هراسوفتش في لايبسيك ليرى أمن الممكن الحصول على جزءي (أعمال محفى فينة) اللذين ظهر فيهما المقال المذكور. والذي يبدو لي أن الأمر بعيد المنال. أما نسختي فأنها لا تزال في الهند مع سائر كتبي. وليس في ما نشره الأستاذ ملر القصائد التي ترى في الإكليل. وان كان حفظي صادقاً فانه لم يدرج الطائية التي نشرتها لغة العرب (9: 18 إلى 30) وقد ضم إلى ما نشره من الإكليل ترجمته إلى الألمانية وتعاليق وفيها سلالات من الرقم السبإية التي تذكر بعض المواطن التي يدور عليها الجدال. وقد احدث هذا النشر في وقته نقداً حديداً بقلم المرحوم الكونت دي لندبرج. ويرى بعض هذا النقد في (النقديات العربية) التي نشرها الكونت المشار إليه في ليدن (هولندة) وقد اعتمد الأستاذ ملر على نسخة لندن واستشار أيضاً الجزء العاشر من الإكليل الباحث عن (حاشد وبكيل) المحفوظ في لندن أيضاً. ولم يكن ملر في نظري من كبار علماء العربية. فلما نشر ما نشره الكونت دي لندبرج ترك ما شرع فيه من طبع الإكليل). أهـ ف. كرنكو 4 - نصيب العراق من المعلمة والمعجم الحديث بينما كنت أطالع العدد 380 من جريدة (السياسة) البغدادية، عثرت على مقال للأستاذ رفائيل أفندي بطي عنوانه (مشروعات مصرية في سبيل وحدة البلاد العربية، المجمع والمعجم ودائرة المعارف، اقتراحات ونظرات)، فذكرني ذلك المقال ما كنت قد قرأته في المقتطف وفي غيره من المجلات العلمية، والصحف الإخبارية، عن ذلك المشروع العظيم. قال صاحب المقال، في مطاوي بحثه: (ومن مهام المجمع أو اللجنة التي ستقوم بوضع المعجم الحديث، أن تدرس لهجات العوام الحالية في كل قطر من الأقطار العربية، لا لكي تهذبها، ليكتب بها أهلها - كما كان رأي الأستاذ

لطفي بك السيد سابقاً، وهو رأي الأستاذ سلامه موسى اليوم - إنما ليستحيي من هذه اللهجات العامية ما يصلح للحياة في عالم الفصاحة وان توحد بينها ما أمكن إلى ذلك سبيلا. لكي تعين هذه الوحدة على الوحدة الفكرية، واللسانية العامة. وعلى هذا النمط لا يمضي وقت طويل حتى تتوحد لهجات الأقطار العربية كلها بلغة فصيحة نقية لا غبار عليها) أهـ. ولما كنت أحد العراقيين الذين ارصد أوقاته للدرس والتدريس منذ عشرين سنة؛ رأيت من واجبي أن أقوم ببعض تلك الخدمة الأدبية؟ وانشر معجماً لمفردات العوام في العراق، وقد وضعته منذ نحو خمسة عشر عاماً؛ وكنت قد أدرجت طرقاً منه على صفحات هذه المجلة في سنيها الأول ليكون معواناً للقائمين بوضع القاموس العربي العصري. وعسى أن تخصص حكومتنا العراقية شيئاً من الهبات تقدمه إلى فريق من أدباء هذه الديار، ليتمكنوا من مواصلة أبحاثهم التي تفيد المعلمة والمعجم، وجل أولئك الكتاب من الذي خدموا القضية العربية وجوا بغيابات السجون، ونفوا إلى ديار بعيدة، لا لذنب اقترفوه أو جناية ارتكبوها، بل بكونهم من محبي العرب والعربية. والشيء الغريب: إن فريقاً من المتصدرين أو الجالسين على أريكة المعارف، كانوا من المقاومين للنهضة العربية، فغدقت عليهم الحكومة أموالها فاخروا الثقافة في البلاد ونشروا أساليب تهذيب بالية وكتب بعضهم الفصول الطوال في الجرائد والمجلات منددين بذلك المنهج القديم؛ بيد أن رجال حكومتنا غضوا النظر عنهم، بحجة أن الكتاب يتحاملون عليهم، ويحطون من منزلتهم لأغراض في نفوسهم وحزازات في قلوبهم. وقد تحقق اليوم ما دونه أصحاب تلك المقالات بشهادة تقرير عصبة الأمم. أي أن أساليب الثقافة والتعليم في العراق قديمة بالية لا تلائم حاجة العصر، وعليه يجب إصلاحها. فان تقاعست حكومتنا - الساهرة على مصلحة العراق - عن مهمتها، وسدت أذنيها عن سماع كلامنا هذا، ولم تساعد أدباء الرافدين بالمال، فسوف يكون نصيبنا ضئيلا جداً في تأليف المعلمة وتنسيقها وزيادة المعجم ويكون إذ ذاك اسم

العراق في مؤخر البلاد العربية الناهضة، لان الأدباء ليسوا بأغنياء، ولا يقوون على القيام بنصيب وافر في نشر علمهم وادبهم، ما لم تساعدهم حكومتهم مساعدة تكفيهم مؤونة النصب في كسب معاشهم، وما يقوم بلوازم أسرهم. ولا يتوهمن البعض بقولهم أن الحكومة المصرية - وعلى رأسها جلالة الملك فؤاد - غنية بالمال وبالرجال. نعم، قد تكون غنية بالمال وبالرجال أيضاً، ولكن المشروع الذي تريد معالجته لا يتسنى لها وحدها للقيام به. ويعجبني بل يروقني جداً ما جاء في مقال الأستاذ متي أفندي عقراوي مدير دار المعلمين بعنوان (توحيد الثقافة العربية) قوله: بيد أنني لا أستطيع أن أتصور انه في طاقة أي قطر من الأقطار العربية أن يقوم بثقافة كاملة تبلغ منزلة رفيعة في الرقي والحضارة. كلا أنني لا أتصور انه في استطاعة العراق القيام بذلك وحده. ولا ربوع الشام منفردة، ولا مصر منفصلة، ولا الحجاز ونجد مبتعدتين؛ بل يجب أن تشترك جميع الأقطار العربية، وتتحد معاً فتتعاون وتتضافر، حتى تكون ثقافتها واحدة، قويمة الدعائم ثابتة الأركان) أهـ إن واجبي المحتوم علي كعراقي مخلص لوطنه، يقوم بنشر المعجم العامي، ودرج مقالات في تاريخ العراق القديم والحديث، وتاريخ مدنه وعادات أهله، إلى غير ذلك من المباحث العصرية. وعلى ذكر المعلمة العربية والمعجم العصري العربي، عثرت في العدد 276 من (كل شيء) على بحث ظريف بعنوان (نهضة العلم والتعليم ببلاد العراق) موضوعه حديث مع الدكتور قدري بك قنصل العراق بالقاهرة. وقد استهل الكاتب مقاله بقوله: أعرب جلالة ملك العراق في الأيام الأخيرة عن رغبته في إيجاد موسوعة عربية تكون مرجعاً عاماً لأبناء اللغة العربية، وقاموساً شاملا لكل ما يحتاج إليه المتكلمون بالضاد من اصطلاحات قديمة وحديثة حتى تتوحد الثقافة اللغوية بين الشعوب العربية، ويسهل التفاهم بينهم وتزداد هذه اللغة قوة وانتشاراً. (وقد رأينا بهذه المناسبة أن نتحدث مع سعادة القنصل العراق بالقاهرة عن

اهتمام جلالة الملك فيصل بإيجاد هذه الموسوعة، وعن سعيه المتواصل في سبيل نشر العلم والتعليم ببلاده فتفضل علينا بالحديث الآتي،) وهذا الحديث مدرج في الصفحة الخامسة من (كل شيء). فيظهر من هذا التصريح أن جلالة ملكنا المحبوب قد صمم على أن يبذل النفس النفيس لتحقيق هذه الأمنية التي يجنى منها فوائد علمية، وفنية، وأدبية. وقد بات أرباب التحقيق التدقيق من أبناء لغة الضاد يتوقعون نشورها في أمد قريب. رزوق عيسى 5 - كلام في مسجد قمرية نقل الصديق الفاضل الأستاذ يعقوب نعوم سركيس في (9: 117) من لغة العرب (وكانوا قد نصبوا من الجانب الذي من دجلة على مسناة دار العميد وبقرب القمرية منجنيقين عظيمين وهموا بنصب منجنيق آخر على الخان الذي بناه سرخك مقابل التاج) وذلك من حوادث سنة (551) وأستدل بهذا على اشتهار (قمرية) في منتصف القرن الخامس للهجرة على اقل تقدير. ونحن نرى هذا الدليل ضعيفاً جداً لان الظاهر من (القمرية) أنها محرفة عن (القرية) المحلة المشهورة وهي على دجلة وقد قلنا في (8: 583) من لغة العرب (والقرية هذه يظهر لنا أنها تمتد على دجلة من غربي بغداد من فوق الجسر (كذا والأصوب من تحت) العتيق اليوم إلى ما فرق دار الندوة العراقية (وقد بدلت الآن)) أي فوق جامع قمرية الآن وقبالة النادي العسكري بالشرق ومما يؤيد ورود اسم القرية في هذا التاريخ قول ابن الأثير في حوادث السنة نفسها (وخرب الخليفة قصر عيسى والمربعة والقرية والمستجدة والتجمي) وقال ابن جبير الكناني في رحلته ص 204 طبعة مطبعة السعادة (فأما الجانب الغربي فقد عمه الخراب واستولى عليه وكان المعمور أولا. . . لكنه مع استيلاء الخراب عليه يحتوي على سبع عشرة محلة كل محلة منها مدينة مستقلة وفي كل واحدة منها الحمامان والثلاثة، والثماني منها

بجوامع يصلي فيها الجمعة فأكبرها القرية وهي التي نزلنا فيها بربض منها يعرف بالمربعة على شاطئ دجلة بمقربة من الجسر (لنا مقالة في أجسر بغداد) فالأمر يحتاج إلى دليل غير هذا. أما العميد المذكور فلم نعرفه بعد على التحقيق ففي (2: 184) من الوفيات ترجمة (محمد بن منصور عميد الملك) وزير البارسلان السلجوقي، وجاء في حوادث سنة (631) من الحوادث الجامعة وفاة أبي حفص عمر بن محمد الفرغاني وانه أقام برباط العميد مدة. فلعله عميد الدولة أبو منصور بن جهم (كذا) الوزير (كما جاء في ص 17) من مناقب بغداد و (ابن جهير) على رواية مختصر الدول ص 324 ورواية الوفيات (2: 179) وقال: بفتح الجيم وكسر الهاء وسكون الياء. . . وبعد راء كما في ص 183 وغلط السمعاني في ضم الجيم. أما دخول (أل) على القمرية فتحقيقه كما ذكر الأب انستاس وقد ورد في ص 198 من عمدة الطالب: (وكان موسى بن عبد الله بنصيبين وله ولد لها وبغيرها فمن ولده جعفر الأسود الملقب زنقاحاً ابن محمد بن موسى المذكور، من ولده معمر الضرير بن عبد الله بن زنقاح المذكور يعرف بابن القمرية وبهذا يعرف عقبه) بإدخال (أل) على (قمرية). وفي ص 42 من مختصر الدول أن اللذين قتلا أبا الكرم صاعد بن توما الحكيم

سنة (622) هما رجلان يعرفان بولدي (قمر الدين) من الأجناد الواسطية فبحث الناصر لدين الله عنهما فعرفا واخرجا إلى موضع قتل الحكيم فشع بطناهما وصلبا على باب المذبح المحاذي لباب الغلة، فالنسبة إلى قمر الدين (القمري) و (القمرية) أيضاً وان جاز على اصطلاح المتأخرين النسبة إلى المركب الإضافي كله كالخبز ارزي والنهر ملكي والنهر خالصي والحصفكي (نسبة إلى حصن كيفا) والنهر بيني (نسبة إلى نهر بين) ويقال (بيل) وكأن رشارد كوك نقل في ص 133 من كتابه (بغداد مدينة السلام) عن تاريخ مساجد بغداد وغيره فقد ذكر في كلامه على خلافة الظاهر العباسي ما نصه (وفي خلال هذا العهد بني المسجد الصغير البهيج مسجد قمرية (بفتح القاف) على الضفة الغربية فوق الجسر وهو كثيراً ما تخرب ولكنه باق إلى اليوم وقد احكم أمره ليكون اصح واحكم اتجاه إلى القبلة) قلنا: وأهل بغداد لا يزالون يسمون بقمرية (بضم القاف). 6 - في السنين وورد في ص 118 منها (وفيها أي في سنة 647) والصواب (646) كما في الحوادث الجامعة، وجاء في الحاشية (سنة 659) والأصل (695) كما في الحوادث وفي ص 119 (وكان هذا الذكور) ولعله (المذكور) وفي الحاشية (سنة 615) والصواب (614) كما في تاريخ ابن الأثير وورد فيها (البغدادي) والأصل (للبغدادي). وأوردنا في (8: 248) من لغة العرب (646) والأصل (649) وتكرر الخطأ في ص 243 وجاء فيها أيضاً (ص 245) والأصل (345) وفي (9: 86) ورد (ررأيناه) والأصل (ورأيناه) وفي ص 88 (نريد بذلك أن يعلل) والأصل (إن لا يعلل). 7 - عميد الدولة بن جهير هو عميد الدولة شرف الدين أبو منصور بن محمد بن محمد بن محمد الثعلبي قال فيه محمد بن عبد الملك الهمذاني: انتشر عنه الوقار والهيبة والعفة وجودة الرأي وخدم ثلاثة من الخلفاء ووزر لاثنين منهم وكان عليه رسوم كثيرة وصلات جمة وكان نظام الملك يصفه دائماً بأوصاف عظيمة ويشاهده بعين الكافي الشهم ويأخذ

برأيه في أهم الأمور ويقدمه على الكفاءة والصدور ولم يكن يعاب بأشد من الكبر الزائد فان كلماته كانت محفوظة مع ضنه بها. ومن كلمه بكلمة قامت عنده مقام بلوغ الأمل، فمن جملة ذلك ما قاله لولد الشيخ الإمام أبي نصر بن الصباغ: اشتغل وتأدب وإلا كنت صباغاً بغير أب، وذكره ابن السمعاني في كتاب الذيل ومدحه كثير من شعراء عصره وفيه يقول صردر بقصيدته العينية: قد بان عذرك والخليط مودع ... وهوى النفوس مع الهوادج يرفع لك حيثما سرت الركائب لفتة ... أترى البدور بكل واد تظلع في الظاعنين من الحمى ظبي له ال ... أحشاء مرعى والمآقي مكرع وكان حليماً فقد قصد إليه أبو يعلى بن الهبارية الشاعر والسابق بن أبي مهزول الشاعر المعري ببيتين فيهما تعريض له بنيلة الوزارة بزوجته فأعطاهما خمسين ديناراً، وجد ذلك مفصلا بخط أسامة بن منقذ. وكان ينوب في وزارة المقتدي العباسي عن والده أبي نصر فخر الدولة محمد ابن محمد بن جهير فلا عزل والده خرج هو إلى نظام الملك أبي الحسن المذكور وزير ملكشاه بن البأرسلان السلجوقي واسترضاه واصلح حاله وعاد إلى بغداد وتولى الوزارة مكان أبيه، وزوجه نظام الملك ابنته (زبيدة) التي توفيت في شعبان سنة (470) وكان تزوجه لها سنة (462) ولما عزل عن الوزارة أعيد إليها بسبب هذه المصاهرة. ثم عزل عن الوزارة وحبس وقيد في شهر رمضان سنة (492) وتوفي في شوال من السنة مصطفى جواد 8 - الزقزقة في إيران الزقزقة معروفة في ديارنا الإيرانية، وتكون بإقحام بعض حروف الهجاء في كلم اللسان الفارسي، فإذا ادخل الفرس الزاي في كلامهم سموه: (زبان

زركري) أي لغة الصياغة. ولعلهم سموها بهذا السم لان غرض المتكلم بها لا يبدو لكل سامع، إذ يجهل كثيرون هذه اللغة، كما أن عمل الصائغ لا يتجلى حسنه أو قبحه أو ما فيه من الخداع والتمويه لكل واحد، اللهم إلاَّ لمن كان بصيراً في هذه المهنة. وهذه اللغة معروفة في إيران من نحو خمسين سنة واليك مثالا منها: نقول مثلا في (ميخواهم آب بياشامم): مزي خزا هزم ازا بزي يزا شزام مزم. وقد يدخلون حرف الراء المهملة والغين المعجمة معاً في كلامهم ويسمون هذه اللغة: (زبان مرغي أي لسان الطائر. وربما ادخلوا الشين المعجمة في كلامهم. أما لغة أدراج الزاي في الكلام، فأظنه معروفاً في كربلاء والكاظمية. محمد مهدي العلوي 9 - قبر أبي يوسف صاحب أبي حنيفة في الكاظمية قال المرحوم الأديب عبد الحميد عباده في هذه المجلة (6: 756): (والصحيح في مدفن أبي يوسف (رح) ما أسلفناه ذكره وحققنا عنه: أي انه لم يذكر له محل دفن معلوم. وبالختام أرجو من المؤرخين والباحثين أن يفيدوني بما لديهم من المعلومات في هذا الباب الخ). فكتب على اثر هذا المقال كاتبان جليلان في هذه المجلة أيضاً (7: 150 إلى 151 و 405 - 407) ما يؤيد صحة القول بان قبر أبي يوسف، في الكاظمية بجوار قبر الإمام موسى الكاظم عليه السلام، فاستحسنت أن اذكر كلام العلامة المؤرخ المتفنن، الميرزا محمد باقر الموسوي الخونساري المتوفى سنة 1313هـ. تعضيداً لرأي الفاضلين؛ قال رحمه الله في كتابه روضات الجنات (4: 226): (ومراده بابي يوسف المذكور هو القاضي أبو

يوسف الفقيه المشهور المدفون في شرقي الصحن المطهر الكاظمي من ارض بغداد، واسمه يعقوب بن إبراهيم بن حبيب وكان من علماء دولة الرشيد). أهـ محمد مهدي العلوي 10 - آصف الدولة الهتدي اللكنهوي كنت قد ذكرت في المجلد الثامن من هذه المجلة شيئاً عن آصف الدولة المهراجا الهندي، وقد عثرت بعد ذلك على ترجمته في كتابين فارسيين: أحدهما الجزء الرابع من آثار الشيعة الإمامية ص 104، والآخر كتاب الجنة العالية للحاج الشيخ علي اكبر النهاوندي (ج 2 ص 37) فرأيت أن ألخص ترجمة بما يلي: آصف الدولة يحيى خان بن شجاع الدولة بن صفد رجنك (بالكاف الفارسية)، كان من طائفة بيات، التي كان منها حكام نيسابور (نيشابور) منذ أيام الصفويين، وكان دخله السنوي كثيراً جداً ينفقه على مصالحه الشخصية، وفي منافع الناس، وعلى الغرباء والمساكين وذوي رحمه، وكانت البسته مألوفة لا تكلف فيها. توفي في عام 1310هـ (1893م) (على رواية الجواهري) أو في عام 1312هـ (1895م) (على ما رواه النهاوندي) ودفن بجنب دار العزاء الحسيني التي كان قد بناها، وخلف آثاراً تذكر فتشكر على ممر السنين منها: 1 - بناؤه رباطاً في لكهنو لزائري مشاهد الأئمة في العراق، ولهذا الرباط أوقاف كثيرة. 2 - حفره النهر المعروف بالهندية في أطراف الحلة لنقل الماء إلى النجف

ولهذا النهر في الوقت الحاضر أهمية للأمور الزراعية في العراق. 3 - تشييده داراً كبيرة مهمة بقرب داره يقام فيها عزاء الإمام الحسين بن علي شهيد كربلا. 4 - أبنيته العالية في اكبر آباد وشاه جهان آباد (وكلاهما من تخوم الهند). 5 - كانت له خزانة كتب نفيسة فيها كتب خط عربية وفارسية في العلوم القديمة والعصرية وكان عدد كتبها. . . مائة وخمسة وعشرين كتاباً منها سبعمائة كتاب بخطوط مصنفيها. كان هذا الأمير من المسلمين الشيعة وذكر الجواهري انه كان وزيراً للسلطان محمد شاه الهندي واكمل إدارة ملكه بمساعدة الحكومة البريطانية. محمد مهدي العلوي 11 - في كلام الجاحظ 1 - ورد في (9: 175) بين كلام الجاحظ (أين كسرى وكسرى الملوك) والواو زائدة يجب حذفها لأن الثاني هو الأول وليستقيم الوزن. 2 - وفي ص 176 ورد من قول الجاحظ (فلم يأخذ ولية بعيره) والأصل (وليه) أي ذو أمره وخليفته. 3 - وفي ص 179 (وليستصغروا جميع ما صنع بهم (كذا)) والفعل (صنع) مبني للمجهول فلا حاجة إلى التكذية ويراد به (ما يصنع بهم). 4 - وفيها (ثم يفتخرون بقتله اليهود (كذا) وهو صواب لأن اليهود فاعل مرفوع، وهذا التركيب جائز، قال الزمخشري في المفصل (ويعمل المصدر أعمال الفعل مفرداً كقولك: عجبت من ضرب زي عمراً، ومن ضرب عمر زيد، ومضافاً إلى الفاعل أو إلى المفعول كقولك: أعجبني ضرب الأمير اللص ودق القصار الثوب، وضرب اللص الأمير ودق الثوب القصار). 5 - وجاء في ص 180 (وفي خلق مهنة ومهينة وهو آدم وحواء) فعلق

به المشهور: ميشه وميشانه) والأوليان مشهورتان أيضاً. قال ابن أبي الحديد عبد الحميد: (فتصور منهما بشران ذكر وأنثى وهما: ميشي وميشانة، وهما بمنزلة آدم وحواء عند المليين ويقال لهما أيضاً: وملهيانة، ويسميهما مجوس خوارزم: مرد ومردانة). 12 - في كلام الأدباء 1 - وجاء في ص 163 (وإلا يقتلونهم ويبيدونهم) والصواب (يقتلوهم) لأنه جواب الشرط المحذوف ومنه قول الشاعر: فطلقها فلست لها بكفء ... و (إلا يفل) مفرقك الحسام 2 - وفيها (في جوابه على رسالة) والصواب (عن رسالة) 3 - وفي ص 164 (تعهدوا بالقيام به) أي عاهدوا وكافلوا، ولم نرفي كتب اللغة التي قرأنا فيها ما يجوز هذا الاستعمال في (تعهد) وخطأ الكاتب اسعد خليل داغر في ص 43 من تذكرته من قال هذا القول، غير أننا رأينا في ص 127 من كتاب عمدة الطالب لأبن عتبة المتوفى سنة (828) هـ ما نصه (ووعدوه النصر وتعهدوا له أن يحاربوا دونه) وهو مضمن معنى (كفلوا) و (تكفلوا) و (زعموا) و (ضمنوا) و (تحملوا) وكلها بمعنى واحد. 4 - وجاء في ص 168 (إلى التكتم) ونذكر أن أحد النقاد المعاصرين الجامدين لم يجوز (التكتم) واعتراضه بارد جداً فان التكتم مصدر (تكتم) المطاوع ل (كتمه تكتيماً) وروى المبرد في كامله: ولي صاحب سري المكتم عنده ... مخاريق نيران بليل تحرق 5 - وورد في ص 199 (وبعد مشاهدة. . . وذلك بعد أن يحط) والصواب الاكتفاء على (بعد) واحدة. 6 - وفيها (وذلك لسماحها إياي استعمالي) والفصيح (لسماحها لي باستعمالي). 7 - وفي ص 202 (بأزرق واخضر الزاهيين) والصواب (زاهيين) أو (بالأزرق والأخضر الزاهيين) لأن الموصوف نكرة والصفة معرفة. مصطفى جواد

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 46 - سوسنة وذبيحة (بالفرنسية) هذا الكتاب الفرنسي يقع في زهاء 400 ص بقطع 12 وهو ترجمة الراهبة الكرملية جان ماري آنج ليسوع الطفل المولودة في سنة 1895 في توليت (من مدن فرنسة) والمتوفاة عند حضيض الكرمل (فلسطين) في سنة 1921 وهي آية في الطهر والعفة ومثال التضحية بالنفس وبكل عزيز حباً لله. والقارئ لا يطالع هذا السفر الجليل إلاَّ ويعترف بان له تعالى من جنده على الأرض ما ينسي أعمال النفوس الخبيثة ومنكراتها التي تحط بأصحابها إلى اسفل درك من الحيوانات. 47 - معجم أسماء النبات (هدية) للدكتور احمد عيسى بك في الجزء القادم نقد لهذا الديوان فنلفت إليه الأنظار 48 - قادة الآداب العربية العصرية للأستاذ الدكتور ج. كامبفماير الألماني وقوف عظيم على الآداب العربية العصرية. وقد وضع رسالة في الإنكليزية والعربية وفي فيها الموضوع حقه، وقد عالجه مع الأستاذ طاهر الحميري مدرس العربية في جامعة همبرج في 82 ص بقطع الثمن وتكلم على الأساتذة علي عبد الرزاق ومصطفى عبد الرزاق وإيليا أبو ماضي والعقاد ومنصور فهمي وجبران والدكتور هيكل ومحمد عبد الله عنان ومي والمازني ومخائيل نعيمة وسلامه موسى والدكتور طه حسين، وفيها من الصور البديعة الصنع: الأستاذ كراتشقوفسكي والعقاد ومنصور فهمي وحسين هيكل وسلامه موسى وطه حسين وفي الرسالة من أقلام بعض المترجمين وقد قال الأستاذ كامبفماير في المقدمة كلاماً يبقى آية للعرب العصريين: (إن مجد الشرق

لن يقام في المستقبل على الجديد أو القديم (كذا. لعله يريد: ولا على القديم) وإنما على أساس الجيد مقترناً بالجيد من القديم، وما من جيد إلاَّ ما نفع الأمة وطابق الفطرة لتي جبلت عليها) أهـ. 49 - كتاب التسيير في القراءات السبع تأليف الإمام أبي عمرو عثمن بن سعيد الداني عني بتصحيحه أوتو برتزل من جمعية المستشرقين الألمانية أستانبول: مطبعة الدولة 1930 في 228 ص بقطع الثمن بينما نرى أبناء اللغة الضادية يعرضون عن تآليف السلف ولا سيما الدينية منها، نرى المستشرقين يحرصون عليها كل الحرص ويعنون بنشره عناية عجيبة لا مثيل لها. هذا الكتاب في القراءات السبع وقد اصلح الفساد الذي ادخله الناسخ وأعيد النص بجلائه وفوائده فجاء كتاباً كأنه الإبريز الذي يتفاخر به. والطبع بديع والورق ثخين فاخر فجاء من النفائس التي يضن بها. 50 - سلع وديار النبط (بالفرنسية) (هدية) تأليف أ. كامرير سلع هي المدينة التي يسميها الإفرنج بترا (وسماها خطأ بعض المعربين البترآء وهذه غير بترا عند الغربيين. وقد وضع لتلك الديار أ. كامرير هذا الكتاب بحث فيه عن ديار العرب السلعية التي سماها بعضهم وهماً (الصخرية) وعرب الشمال في صلاتهم بسورية وفلسطين إلى ظهور الإسلام. ومطالعة هذا السفر الجليل من أمتع الأسفار لأنه يقفنا على حالة السلف قبل انتشار الدين الإسلامي وجميع تلك الحقائق والدقائق مبنية على الرقم والمدونات المختلفة وليس فيها من التخيلات والأخبار الموضوعة شيء البتة. فلا بد من هذا التأليف لمن يعنى بأحداث العرب. 51 - ديوان مهيار الديلمي (الجزء الثالث) منذ أن صارت دار الكتب المصرية إلى يد صاحب السعادة (محمد اسعد براده بك) نهضت نهضة عجيبة واتجهت مطبوعاتها اتجاهاً بديعاً حتى اخذ جميع العلماء يفتخرون بما تبثه هذه الدار من فاخر الكتب. وقد أودع أمر تصحيح

ما ينشر على يدها إلى محققين مدققين أكفاء قد لا يرى نظراؤهم في سائر الديار الناطقة باللغة الضادية. على أن الباحث البصير قد تخفى عليه أشياء وهي لا تخفى على من دونهم بصراً وفكراً. فهذا الجزء من ديوان مهيار بلغ الدرجة القصوى من التحقيق ومع ذلك يرى فيه بعض التوافه التي تحتاج إلى إصلاح، من ذلك: إن المحشي ذكر للفظ المقيل من هذا البيت:. . . وجدن حشاك للبلوى مقيلا (ص 5) معنى هو: (موضع القيلولة وهو المكان ينام فيه وقت الظهيرة) مع أن سياق العبارة يوجب أن يكون المعنى مطلقاً لا مقيداً. أي أن المقيل هنا محل للرحلة لا غير. فكان يحسن بالمحشي أن يشير إلى هذا الإطلاق. وفي ص 11: (وناشرني (وداً) شككت لطيبه. . .) ونظن أن اللفظة الأصلية هي (عوداً) ليتسق المعنى والتعبير، - وفي حاشية 6 ص 15 التشازر: نظر القوم إلى بعضهم إلى بعضاً بمؤخر العين. ونظن أن هناك تقديما وتأخيراً في الكلم. والصواب نظر القوم بعضهم إلى بعض. . والتعبير السابق لا يجوز - وفي ح ص 18: (فلم نوفق فيه إلى ما تطمئن له النفس) وقد قلنا مراراً أن (وفق) لا يعدى بالى بل باللام (لغة العرب 5: 297 ثم 7: 574 و 878 و 896) وقد جاء هذا الغلط مراراً في الحواشي (منها ح 2 ص 24) - وفي ص 19 جاء هذا البيت: لولا حظوظ في ذراك سمينة ... ما (جئت ملتحفاً) بجسم هزال والذي عندنا أن صواب الرواية: ما (جئت مكتهفاً). . . ليصح اتساق المعنى، ومعنى مكتهفاً: لازماً الكهف فكأنه يقول: ما جئت لا لزم ذراك بجسم هزال، إلاَّ ليكون لي حظ مثل حظوظ أولئك الذين سمنوا في ذراك. أما (ملتحفاً) فبعيد لأن الإنسان لا يلتحف بالجسم الهزال. نعم قد يجوز هذا التعبير ببعض تعسف لكن التعبير القاصد هو ما أشرنا إليه - وفي ح 7 من ص 20: العزالى: جمع عزلاة. . .) والذي نعرفه أن العزالى جمع عزلاء كصحراء وصحارى، أما عزلاة فلم نجدها في ديوان من دواوين اللغة. وهناك غير هذه الهفوات وكلها لا يؤبه لها. 52 - البستان (الجزء الثاني) (هدية) كنا نقدنا هذا المعجم في مجلتنا مراراً عديدة (6: 128 إلى 136 و 198

و 285 و 291 و 427 و 429، وكذلك في السنتين التي تلتها) وكان يخيل إلينا أن المجلد الثاني من هذا المعجم يكون اصح نقلا، ولا يأخذ صاحبه كل ما جاء في محيط المحيط اخذ حاطب ليل. فإذا نقدنا لم يفده شيئاً. بل جاء هذا المجلد شراً من الأول. ومع ذلك تقرأ كلاماً لأسعد خليل داغر (المقتطف 78: 116 إلى 118) يجعلك تتوهم أن (البستان) وحي من الرحمان، فاضطر هذا المدح المكيل كيلا جزافاً إلى أن يشتري هذا المجلد أحد الأصدقاء ليهديه إلينا لننعم النظر فيه ولنرى رأينا فيه ونقول كلمة الصدق والأخلاص؛ فصرف لهذه الغاية 114 غرشاً مصرياً. قلنا: إن هذا المجلد كصنوه البكر يحوي الأغلاط التي ركب متنها صاحب محيط المحيط بلا زيادة ولا نقصان. والظاهر أن صاحب البستان كان ينسخ الكتاب المذكور نسخاً بلا نقد ولا فكر ولا عقل ولا تدبر ولا ولا ولا. . . وأحسن دليل على ذلك أن الأوهام المدونة في معجم بطرس البستاني منسوخة نسخاً أعمى في هذا البستان. قال البستاني الأول في مادة غلطلاق: (الغلطلاق: ثوب يلبس فوق الثياب بلا كمين) وقال البستاني الثاني ما قال الأول بزيادة في الآخر هي: (دخيل). والذي نعلمه علماً يقيناً أن بطرس البستاني نقل الكلمة عن فريتغ. وهذا لم يضبط الكلمة. فجاء صاحب محيط المحيط وضبطها من عنده. وقد ذكر فريتغ مأخذ الكلمة وانه من نسخة ألف ليلة وليلة طبع (هابخت) وهابخت لم يذكر (غلطلاق) بل (غلطاق) وهذه الكلمة نفسها ليست صحيحة بل صحيحها (بغلطاق) بباء في الأول، وهي الرواية المثبتة في النسخ الخطية على ما أشار إليه المستشرق فليشر، إلاَّ أن بطرس البستاني لم ير هذا الكتاب فنقل عن فريتغ غلطه الذي هو تصحيف التصحيف، وزاد في جسارته أن ضبط اللفظ بضم الغين والطاء وفي كل هذا من الخلط والخبط، ما لا يخفى على الباحث. وصواب ضبط الكلمة فتح الباء والغين ثم لام ساكنة فطاء فألف فقاف. ويقال فيها أيضاً بغلتاق. وتخففان بحذف اللام فيقال فيهما: بفطاق وبفناق. والكلمة فارسية منحوتة من (بغل) و (طاق) أي قباء الإبط، أو الثوب الذي يغطى به الساعدان أو الذراعان. وقد سماه بعضهم (الفرجية) وهي ثوب

بلا ردنين أو ردنين لكتهما قصيران. وكان يسمى أيضاً (قباء سلاريا) وسمي كذلك لأنه شاع استعماله في أيام الملك الناصر على يد الأمير سلار. (راجع في ذلك كتاب الثياب لدوزي، وملحقه بالمعاجم. ومعجم فلرس الفارسي اللاتيني. والمعجم الفارسي الفرنسي لجان جاك بيير ديميزون والرهان القاطع). هذا رأي اغلب المستشرقين والذي عندنا أن الكلمة تركية مغولية، لأن الذين اتخذوا هذا الثوب قوم من الترك والمغول والتتر المتتركين والكلمة بالتركية (باغلداق) أو باغرادق ومعناها القماط أو الثوب أو الردآء المتخذ بهيئة قماط أي بلا ردنين. وعلى كل حال فالكلمة على ما رواها البستانيان غير معروفة في لغة من لغات خلق الله، وضبطها بضم الأولين زادها شناعة وقباحة وأبعداها عن الحقيقة بعداً لا تناله أفكار المحققين إلاَّ بشق الأنفس. أتريد دليلا آخر؟ - قال في محيط المحيط: (التعن (بضمتين) الأشداء الواحد عتون وعانن) فقال صاحبنا الشيخ عبد الله كما قال نسيبه، إلاَّ انه ضبط عتون بضم العين مع أن نسيبه ضبطها بفتحها. فأنت ترى أن الشيخ عبد الله مفسد للغة لا مصلح لها، لأن الصواب فتح العين. أتحب أن يكون لك دليل ثالث يفقأ العينين ويذر فيهما ملحاً وفلفلا ليزيد ألمهما؟ - هذه كلمة الفناة (من مادة ف ن و) فقد قال محيط المحيط في شرحها: (الفناة: البعرة). وليس في كتب اللغة جميعها: - حسنها وسيئها - هذا اللفظ بهذا المعنى. إنما الذي ذكروه: البقرة بقاف بين الباء والرآء. فجاء صاحبنا الشيخ عبد الله وأسرع في وضع معجمه بلا تدبر ونقل الكلمة علىعلاتها، ولم يغير من عبارة نسيبه حرفاً واحداً وبقيت البقرة بعرة في بستانه لتسمده. أفهذا يسمى معجماً؟ أفصاحبه ينعت بالعلامة اللغوي؟ أفهكذا تصنف دواوين اللغة؟ أن ذلك لداهية دهيآء. ثم يأتي اسعد خليل داغر. ويمدح المعجم وصاحبه بالقلم الضخم، ويكيل الثناء كيلا جزافاً بلاروية ولا فكر، فما يقول أسعدنا وخليلنا وداغرنا في الدفاع عن الشيخ (مفسد اللغة وناشر فسادها في كل ناد وواد)؟

وعندنا من هذه الأغلاط ما يملا مائة صفحه من هذه المجلة ونحن لم نطالع هذا المعجم إلاَّ مطالعة عجلان. فما قول اسعد لو طالعنا الكتاب مطالعة تحقيق وتدقيق؟ فيا حضرة الأديب الفاضل لا يجوز لك أن تخدع الناس هذا المخدع، مراعاة للمطبعة التي لم تحسن إلى الآن أن تسمي نفسها اسماً صحيحاً، (إذ لا تزال تسمي نفسها (بالاميركانية)) أو مراعاة لبعض الأصدقاء، فالغش كذب والكذب لا يجوز بأي وجه كان. فقولك: (أما المعجم الوافي بالحاجات المتقدم ذكرها، فظل ضالة المتأدبين في هذا العصر، ينشدونها ولا يجدونها، حتى أتيح لهم العثور عليها في (البستان) وهو المعجم النفيس الذي عني بوضعه للعلامة للغوي المرحوم الشيخ عبد الله البستاني) قول كذب محض. ونحن نقول لك: إن هذا المعجم الفذ يشبه الفقنس (فيجب إحراقه) ليكون منه معجم آخر يفي بحاجات أهل العصر. 53 - حقائق ودقائق الجزء الأول، بمطبعة العرفان الصيداوية 1349هـ 1931م (وهو مختار من مجلدات العرفان العشرة الأوائل حاو لاثنتي عشرة مقالة من أهم المقالات التاريخية والاجتماعية في العرفان، ولقصيدتين من الشعر العالي، ولأربعة وعشرين رسماً لمشاهير العرب والمتصلين بهم من المعاصرين) وهو كتاب مفيد جداً لمن ليس عنده تلك المجلدات المختار منها، ونحن من المحتاجين إليه لكنه لم يبعث به إلينا لأننا لا ندفع قيمة المشاركة في العرفان إلاَّ قبيل انتهاء السنة، على أننا لم نعلم الفرق بين المزود للعرفان والمتزود منها، وغيرنا لما يدر حال أهل اليراع في عصر الإستعباد، وقد استعرنا إدارة لغة العرب إياه لنقتبس من فوائده فأعارتناه، ومما قرأنا فيه: 1 - قول العالم اللغوي الشرتوني سعيد صاحب اقرب الموارد كما في ص 73: (فيقولون عيونهم نائمة وما اجمل العيون الحوراء، ولم أجد من نبه على ذلك في ما وقفت عليه من كتب النحو والصرف) قلنا: إن العلماء أعطوا الصفة والخبر والحال حكم الفعل فإذا قيل: (عيونهم نامت) فيقال (نائمة). وأما

(العيون الحوارء) فليس من كلام العرب - على ما ذكر المبرد في الكامل - والصواب (الحور). (راجع لغة العرب 7: 513 و 586 و 657 و 845 و 824) 2 - ومنع الشرتوني أيضاً في ص 76 أن يقال: (زيد بارع في صيد البر فضلا عن براعته في صيد البحر) وهو خطأ منه فراجع (9: 209) من لغة العرب. 3 - وورد في ص 79 قوله: (إن أحداً لا يستعمل إلاَّ بالجحد ما لم يضف. . . أو يقع نعتاً)) وليس الأمر كذلك. قال تعالى: (وان فاتكم أحد من أزاوجكم) و (وان أحد من الشركين استجارك) وليس بمجحود ولا مضاف كما ترى، ويقال (أحد وعشرون) بالعطف. 4 - وفي ص 123 قول مجلة (ورلدورك) الأميركية: (ولما سئل شيخ عرب الحويطات عن سبب إعجاب العرب بالكولونيل لورنس أجاب: وحياة النبي انه يتقن الأعمال التي نعملها نحن اكثر منا) ولكن جاء في ص 172 من كلام لورنس نفسه: (ولم يكن المنحدر وعراً على الجمال ولكني وجدت صعوبة في انحداره لأني لست معتاداً فقاسيت تعباً شديداً. أما العرب فكانوا معتادين وكانوا يسيرون يميناً وشمالا غير مبالين ويطلقون الطلقات النارية عن ظهور خيلهم لأنهم مدربون على ذلك.) فأين بقي تمرن لورنس المزعوم. وهو ينكره على نفسه؟. 5 - وورد في ص 156 (وكان مجرى الوادي ملآناً (كذا) من خشب الأسل) وليس للأسل خشب، قال الزمخشري في أساس البلاغة: (وهو نبات دقيق الأغصان تتخذ منه الغرابيل بالعراق الواحدة أسلة) قنا: وينبت في مجاري المياه الراكدة غالباً وتسميه الناس في لواء ديالى من العراق (عسيل) بكسر العين وفتح العين مشددة وتسكين الياء وتصنع منه الحصر الجيدة والسلال الجميلة ورؤوس أغصانه كرؤوس المسامير، ولعل الأصل (الأثل)، أو (أغصان الأسل وعيدانه وقضبانه). 6 - وفي ص 199 قول اللغوي العلمي جبر صومط (تسامحك مع أصحابك) والصواب (على أصحابك) راجع (9: 208) من لغة العرب،

ونحن نشكر لصاحب العرفان الشيخ احمد عارف الزين هذه الأعمال المستمرة المبرورة وخدمته للعرب والعربية، جزاه الله خير جزاء. دلتاوه: مصطفى جواد 54 - كتاب الفوائد في أصول البحر والقواعد (هدية) تأليف رئيس علم البحر وفاضله. . . الشيخ شهب احمد بن ماجد السعدي الإفرنج مولعون بنفض الغبار عن دفائن السلف، وإخراجها اجمل صورة واحسن جلاء. هذا الشيخ ابن ماجد من أبناء المائة الخامسة عشرة والسادسة عشرة للميلاد كان قائد أسطول البرتغاليين في عهد فاسكودي غاما ومالندي إلى كاليكوت في سنة 1498 للميلاد. وكتابه هذا من أمتع الكتب والذي عني بإخراجه من مدفنه ووشيه هذا الوشي الجميل هو أحد مستشرقي الفرنسيين اسمه جبريل فران وفي هذا السفر الذي يزري بالدرر بل بالدراري 181 ورقة من احسن الورق وأمتنه وقد صور على النسخة المحفوظة في خزانة باريس الأهلية. ومن محتويات هذا المطبوع ما يأتي تعداده: 1 - حاوية اٌختصار، في أصول علم البحار. 2 - الأرجوزة المسماة بالمعربة التي عربت الخليج البربري وصحت قياسه. 3 - القبلة الإسلام (كذا) في جميع الدنيا. 4 - أرجوزة بر العرب في خليج فارس. 5 - أرجوزة في قسمة الجملة على انجم بنات نقش. 6 - الأرجوزة المسماة كنز المعالمة (جمع معلم البحر) وذخيرتهم في علم المجهولات في البحر والنجوم والبروج وأسمائها وأقطابها. 7 - أرجوزة أيضاً في النتخات لبر الهند وبر العرب. 8 - الأرجوزة المسماة بميمية الإبدال. 9 - أرجوزة مخمسة. 10 - أرجوزة في عدة اشهر الرومية. 11 - الأرجوزة المسماة بضريبة الضرائب.

12 - الأرجوزة المنسوبة لأمير المؤمنين علي بن أي طالب في معرفة المنازل وحقيقتها في السماء وأشكالها وعددها على التمام والكمال. 13 - القصيدة المكية لتغزله فيها بأهل مكة. 14 - الأرجوزة المسماة نادرة الإبدال في الواقع وذبان العيوق. 15 - القصيدة البائية المسماة الذهبية في بحث المرق والمغزر. . . 16 - الأرجوزة المسماة بالفائقة في قياس المضفدع ويسمى فم الحوت اليماني. 17 - البليغة في قياس السهيل والرامح. 18 - في معرفة قياس المارزة. يتبع ذلك فصول مختلفة عددها سبعة وكلها عائدة إلى علم الملاحة، فمن هذا البيان يرى القارئ أن هذا السفر من أبدع الكنوز التي جاءتنا من السلف، لأنه يزيد يقيننا أن العرب هم الذين علموا غيرهم خوض البحار على أصول محكمة مقررة، ويزيد لغتنا مصطلحات عربية في علم البحار وهي لا ترى في معاجمنا الحاوية لغة التفسير والحديث والشعر وبعض الأدب. وفي نية الناشر أن ينقل هذا التصنيف البديع إلى لغته الفرنسية ويضع له مفتاحاً يفتح به مغلق الكلام ومصطلح البحريين، - ولظهر من عبارة ابن ماجد انه لم يحكم الكتابة، أو انه كان يكتب باللغة التي كان يتفاهم بها مع النوتية وكل ذلك ما يعلي كعب الناطين بالضاد. ويجعلهم في مصف علماء البحر ومعلميهم ويحرز لهم المكانة الأولى بين أندادهم. ذلك من فضل ربك المبدي المعيد. 55 - مصنفات الشيخين المعلمين: سليمان المهري وشهاب الدين احمد بن ماجد (هدية) نشره الوزير المفوض جبريل فران هذا كتاب آخر، بل فريدة أخرى، تزيد كنز العرب خرائد ولآلئ. وهو يبحث عن علم خوض البحار، ويحوي الرسائل والمصنفات الآتية: 1 - رسالة تلاوة الشموس واستخراج قواعد الاسوس للمعلم سليمان البحري 2 - كتاب تحفة الفحول في تمهيد الأصول للمعلم المذكور.

3 - العمدة المهرية في ضبط العلوم البحرية للمعلم المذكور. 4 - كتاب المنهاج الفاخر في علم البحر الزاخر للمعلم المذكور. 5 - الأرجوزة المسماة بالسبعية لان فيها سبعة علوم من علوم البحر غير الفراسة والإشارات للمعلم شهاب الدين احمد بن ماجد. 6 - القصيدة للمعلم ابن ماجد المذكور. 7 - القصيدة المسماة بالهدية للمعلم ابن ماجد المذكور. 8 - كتاب شرح تحفة الفحول في تمهيد الأصول تأليف الشيخ المصنف المعلم سليمان بن احمد بن سليمان المهري. وهذا الكتاب على طراز الأول من جهة الطبع والورق والعناية بإخراجه درة فريدة وهو يقع في نحو مائتي صحيفة أي في نحو 400 صفحة كلها فوائد. وبذلك يتم طبع ما جاء عن علم البحر. وقد رأينا عند صديقنا الفاضل الدكتور داود بك الجلبي كتاباً لابن ماجد غير ابن ماجد المذكور هنا، بل لواحد آخر من هذا البيت. اسمه، الشيخ شهاب الدين حاج الحرمين محمد بن ماجد بن عمر بن فضل بن يوسف بن دويك بن أبي البركات النجدي. (راجع مخطوطات الموصل ص 280 إلى 281)، وقد اطلعنا حضرته عليه فوجدناه ثالثة الأثر في للكتابين المطبوعين، وتفصيل وصفه في (مخطوطات الموصل) يغنينا عن وصفه هنا، وبعد هذا الكتاب الذي لم يذكر اسمه كتاب آخر اسمه: (فكرة الهموم والغموم، والعطر الشموم، في العلم المبارك المقسوم، في العلامات والمسافات والنجوم) (راجع ص 281 من كتاب مخطوطات الموصل). فعسى أن يهتم حضرة الدكتور داود بك بطبعه وإخراجه إلى العلماء ليستفيدوا منه ومن فوائده أو أن يصفه لنا وصفاً غير ما ذكره في مخطوطات الموصل. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 12 - وورد في ص 204 قول متمم بن نويرة: فما وجد أظآر ثلاث روائم ... رأين مجراً من حوار ومصرعا

فقال الأثري في تفسيره (الاظآر جمع ظئر وهي الناقة تعطف على الحوار أي ولدها فتألفه) وتصدى له أحد طرامذة الأدب في العدد 32 من جريدة صوت العراق قائلا (وحق العبارة أن يقال: (هي التي تعطف على ولدها والمراد بها هنا الناقة، حتى لا يظن القارئ أو التلميذ المحصل أنها مخصوصة بالنوق). أهـ قلنا: إن هذا تقعر وجور عن المعروف بالتغليب ففي جمهرة أشعار العرب ص 284 قال أبو زيد القرشي (الاظآر: جمع ظئر وهي الناقة التي تعطف على غير ولدها) فاختص الظئر بالناقة إلاَّ انه عد عطفها على غير ولدها، وقال المبرد في (3: 291) من الكامل (وقوله: فما وجد اظآر ثلاث روائم، أظآر جمع ظئر وهي النوق تعطف على الحوار فتألفه) فلا لوم على الأثري لذهابه ذلك المذهب في التفسير لأنه جماع. وجاء في ص 225 ايس ذؤيب الهذلي: تعد به خوصاء يفصم جريها ... حلق الرحالة فهي رخو تمزع فقال الأثري في تفسيره (رخو: لينة السير، تمزع: تسرع) فقال ذلك المتصدي العريض المختال الفخور (وإذا ترك الإنسان وذوقه السليم (كذا) أعطى البيت معنى غير المعنى الذي أعطاه إياه المؤلف وهو (كذا) أن تلك الفرس حين تعدو تفصم حلق السرج وتنفشه وتجعله رخواً فيكون الضمير هي عائداً إلى الرحالة لقربه منه ولملاءمة الذوق لا إلى الفرس كما فهمه المؤلف). أهـ قلنا: قال أبو زيد في جمهرته المذكورة ص 262 لتفسير هذا البيت (الخوصاء: الفرس التي تنظر بمؤخر عينيها نشاطاً، تمزع: أي تسرع، رخو: أي لينة السير) فلا داعي إلى نفش الحديد ولا إلى إرخائه ولا إلى اتخاذ ظهر الفرس مصهراً للحديد لان هذا مضحك للمرضى فينبغي استعماله في المستشفيات. وفسر الأثري في ص 235 (الطاعم بالمطعوم) فقال هذا المتصدي (وهناك

شناعة أخرى وهي (كذا) أن تأويل الطاعم بالمطعوم يؤول إلى أن الزبرقان الذي هجاه الشاعر شيء مأكول وهذا شيء تعافه الطبائع البشرية الراقية) قلنا: وهذا تعليل تعفه العقول البشرية الراقية، لان الأثري لو صح تفسيره لقول الشاعر. لما عافته الطبائع البشرية لان الاستعارة العربية أوسع من أن تحيط عليها أذهان الجامدين فقد قال الجوهري في (عقا) من المختار (وفي المثل: لا تكن حلواً فتسترط ولا مراً فتعقى) وقال الشاعر: وأني لحلو تعتريني مرارة ... وأني لتراك لما لم أعود وإذا لابس الإنسان شيئاً كني عنه به ففي (جرى) من المختار قول الرازي (قال الأزهري: قدم على النبي عليه الصلاة والسلام رهط بني عامر فقالوا: أنت والدنا وأنت سيدنا وأنت الجفنة الغراء) ثم قال (والعرب تدعو السيد المطعام جفنة لملابسته لها) وفي (حلس) من المختار (حلس البيت: كساء يبسط تحت حر الثياب وفي الحديث: كن حلس بيتك. أي لا تبرح) فتفسيره عند هذا المتبقر المتبحر (كن كساء ممتهناً) على ما ظهر لك من ضيق ذهنه، فالمطعوم أذن يطلق على المجرب لأنه قد ذيق مجازاً لا حقيقة. - وقال الأثري في ص 250 عن أحوال عمر بن أبي ربيعة (وكان فوق ذلك يترصد الحواج في المواسم ويترقب خروجهن للطواف فيصفهن طائفات محرمات. . . حتى زهدت سريات العقائل في فريضة الحج وضج أهل الورع والنسك) قلنا: (ليس كل ما قاله صواباً لان بعض سريات العقائل كن يرغبن في تشبيه وتعرضه لهن، فقد ذكر أبو الفرج في (2: 358) من الأغاني (إن بنتاً لعبد الملك بن مروان حجت، فكتب الحاج إلى عمر بن أبي ربيعة يتوعده أن ذكرها في شعره بك مكروه، وكانت تحب! أن يقول فيها شيئاً! وتتعرض لذلك! فلم يفعل خوفاً من الحجاج. فلما قضت حجها خرجت فمر بها رجل فقالت له: من أين أنت؟ قال: من أهل مكة، قالت: عليك وعلى أهل بلدك لعنة الله! قال: ولم ذاك؟ قالت: حججت فدخلت ومعي من الجواري ما لم تر الأعين مثلهن. فلم يستطع الفاسق أبن أبي ربيعة أن يزودنا من شعره أبياتاً نلهو بها في الطريق في سفرنا! فنقول للأثري: ما حجت؟ وما أحبت؟ ولمن تعرضت

ومن لعنت؟ وأي زاد أرادت وأي سفر هذا؟ ففي (2: 124) من الكامل يقول عمر بن أبي ربيعة ذاكراً غمزاتهن في الطواف: قالت لها أختها تعاتبها: ... لا تفسدن الطواف في عمر قومي تصدي له ليبصرنا ... ثم أغمزيه يا أخت في خفر قالت لها: قد غمزته فأبى ... ثم أسبطرت تشتد في أثري وهذا يؤيد ما قلناه آنفاً، ثم قال الأثري عن شعره (وان كان جله طاهراً كل الطهر من الإثم) قلنا: فالحاجات أذن كن يتصدين له. - وقال الأثري في ص 252 (وهو حديث مسهب يصف) والصواب (مسهب فيه) لأنه يقال (أسهب في الحديث) لا أسهبه. - وقال في ص 269 عن الفرزدق (حتى أهاب بالفرزدق داعي الرشاد بآخره فكف ونزع عن القذف والفسق. وراجع طريقة الدين وان لم يكن منسلخاً منه جملة ولا مهملا لأمره أصلا) وقال الشريف المرتضى في (1: 45) من أماليه (وكان شيعياً مائلا إلى بني هاشم ونزع في آخر عمره عما كان عليه من القذف والفسق وراجع طريقة الدين على أنه لم يكن خلال فسقه منسلخاً من الدين جملة ولا مهملا لأمره أصلا) فليعارض القارئ بين الخبرين يدهما لقائل واحد غيران الأثرى حذف (وكان شيعياً مائلا إلى بني هاشم) على حسب الطريقة السلخية. - وقال في ص 270 عن الفرزدق أيضاً (أما الرثاء فلا يدله فيه كصاحبه الاخطل) قلنا: ليس ما قاله الأثري بصواب ففي (3: 253) من الكامل ما نصه (وقال الفرزدق يرثي حدراء الشيبانية: يقول ابن صفوان: بكيت ولم تكن ... على امرأة عيني أخال لتدمعا يقولون زر حدراء والترب دونها ... وكيف بشيء عهده قد تقطعا . . . الخ) وفي ص 264 منه قال المبرد (وقال الفرزدق وتتايع له بنون: أسكان بطن الأرض لو يقبل الفدا ... فديتم وأعطينا بكم ساكني الظهر فيا ليت من فيها عليها وليت من ... عليها ثوى فيها مقيما إلى الحشر فماتوا كأن لم يعرف الموت غيرهم ... فشكل على ثكل وقبر على قبر الخ

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - سرقة الآثار في الحفريات معربة عن البغداد تايمس للعالم العربي: كتب المستر (فاتلين) من (كيش) يقول انه كان يود أن يتابع حفرياته لو لم يجد هناك مؤامرة منظمة واسعة النطاق لسرقة الآثار القديمة التي يعثر عليها العمال. ويقول أن سرقة الآثار جارية بلا انقطاع، ومن الصعب جداً منع العامل من إخفاء الأثر حال عثوره عليه. ويقترف اللصوص عملهم المنكر دون أن يقعوا تحت طائلة القصاص. فهم يعلمون أن سراق الآثار تحميهم محاكم الشرطة في العراق لأنه لا تعتبر القضية المقامة عليهم مثبتة ما لم يقبض عليهم في حال ارتكابهم الجريمة. وبالطبع أن موقف المحاكم هذا يشجعهم كل التشجيع على المثابرة على أعمالهم المنكرة. وفضلا عن ولع البدو بالسرقة التي تكاد تكون من طبعهم فان للتحريض الذي يقوم به دائماً مباشرة وبالواسطة بعض التجار البغداديين الذين يزورون كيش بالسيارات علاقة كبيرة بانتشار هذه الجرائم. ويضيف المستر (فاتلين) إلى ذلك قوله: (ويسهل على المرء أن يفهم أن السلطات كثيراً ما يتعذر عليها منع بعض الحفريات الجارية خفية في خرائب لم تمتد إليها يد المنقبين بعد. إلاَّ أنني لا افهم لماذا لا تحمي البعثات الأثرية حماية افضل مثل هذه التجاوزات إذ كادت تصبح الآن عادة مألوفة. والتبعة لا تقع على عاتق المسؤولين عن إدارة المتحفة العراقية لأن المتحفة هي في الواقع أول من يخسر بسبب هذه السرقات للآثار التي تتسرب إلى أيدي التجار عوضا عن تسربها إلى المتحفة. أما ما يتعلق بكيش فقد اضطرب حبل الأعمال بسبب طردي للسراق بحيث إنني اضطررت إلى وقف العمل وقفاً تاما وهذا يعني خسارة هذه المنطقة 4000 ربية في الشهر. وبأقل من هذا المبلغ تستطيع السلطات المحلية أن تفهم الناس أن لا فائدة من السرقة

وان ترغم تجار الآثار البغداديين على التمسك بجانب الاعتدال في تجارتهم). 2 - مقاومة العزوبة وتعداد النفوس في إيران قدمت وزارة الداخلية قانونين خطيرين إلى لجنة كبار المشترعين يتعلق الأول بمقاومة العزوبة والثاني بتحرير النفوس. وقد نص القانون الأول على أن كل إيراني بلغ الخامسة والعشرين من عمره وكل إيرانية بلغت العشرين من عمرها مجبوران أن يتزوجا وان كل من بلغ العمر المعين له في هذا القانون ولم يكن متزوجاً تفرض عليه ضريبة عشرة تومانات (أي ليرتان إنكليزيتان) إذا كان رجلا وخمسة تومانات إذا كان فتاة وذلك في السنة الأولى ويضاعف المبلغ في السنة الثانية وهكذا إلى أن يجبر العزاب على الزواج. وقد استثنى القانون من ذلك الأشخاص المصابين بأمراض سارية معدية أو الذين لا تمكنهم حالتهم الصحية من الزواج. وقد حدد القانون في الوقت نفسه مهر الزواج فقضى بان لا تتجاوز في أي حالة عشرة تومانات أي ليرتين إنكليزيتين وان كان طالب الزواج غنياً. وحدد القانون الطلاق حيث قضى بمنع اعتبار حوادث الطلاق المنفردة أي انه لا يكفي أن يقول لرجل لامرأته (إنك طالق) ثم يشهد شاهدين فيضح الطلاق، بل عليه أن يذهب إلى المحكمة الشرعية ويبين هناك الأسباب التي تدعوه إلى الطلاق ثم تنظر المحكمة في إجابة طلبه أو رفضه. وتعتقد الحكومة الإيرانية أنها ستتمكن بهذه الواسطة من تسوية مشاكل الطلاق أو تخفيف وطأتها على الأقل. وينص هذا القانون على أن الأموال التي تؤخذ من العازبين تصرف في الوجوه التالية: أولا - مساعدة الفقراء والفقيرات الذين لا تمكنهم حالتهم المالية من الزواج. ثانيا - تخصيص جوائز مالية للأشخاص الذين لديهم أولاد يزيد عددهم عن خمسة لكي يتمكنوا من إعالة أنفسهم وأولادهم. ثالثا - مقاومة الفساد بإنقاذ العاطلات وتزويجهن. وقد تقرر تأسيس صندوق خاص

لجزاءات العازبين. وجاء في هذا القانون نص بأنه يطبق بعد إجراء تحرير النفوس ولهذا أودعت الحكومة القانونين معا والقانون الثاني مماثل لقانون الإحصاء الذي وضعه المسيو جاكار لتركية واضع القانون الإيراني نفسه وبهذه الواسطة اصبح من الممكن إجراء تحرير النفوس في إيران في مدة 48 ساعة لا غير. وعلى هذا الوجه يرى القراء أن حكومة إيران سائرة في تنفيذ قوانينها العديدة بطرق مدنية من غير أن تخل بقواعد الدين كما فعل الترك حينما اتبعوا القانون المدني. 3 - قضية النفط بيان رسمي (بحروفه) كثر اللغط والقول بصدد التمديدات التي وافقت عليها بعض الوزارات، بشان المدد الواردة في المادة 5 و6 من امتياز النفط، وتنويراً للرأي العام ننشر البيان الآتي: إن مدة الاثنين والثلاثين شهراً الواردة في المادة الخامسة من امتياز النفط، المؤرخ في 14 آذار سنة 1925 قد انتهت في 14 تشرين الثاني سنة 1927، ولكن الحكومة قبل هذا الانتهاء وافقت على تمديد المدة الذكورة إلى سنة أخرى. بموجب قرار أصدره مجلس الوزراء في جلستها المنعقدة في 20 آذار سنة 1927. التي ترأسها رشيد عالي بك الكيلاني واشترك بها فخامة ياسين باشا الهاشمي، وبسبب هذا القرار استفادت الشركة مهلة قدرها سنة كاملة. وعند انتهاء السنة المذكورة مددت إلى 14 آذار سنة 1929 بموجب قرار صدر من مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 13 تشرين الثاني سنة 1928، التي اشترك بها معالي يوسف بك غنيمة، ومع أن المأمول كان عدم الالتجاء إلى تمديد آخر، غير أن مجلس الوزراء وافق على تمديد ثالث بموجب قرارين صدر أحدهما في 6 تشرين الأول سنة 1929 والثاني في 12 تشرين الثاني سنة 1929 وجعلت المدة النهائية للانتقاء في 29 تشرين الثاني سنة 1929 وقد وافق على إصدار هذين القرارين فخامة ياسين باشا الهاشمي واشترك في هاتين الجلستين اللتين صدر فيهما القراران المذكوران. ومما يجدر ألفات نظر الرأي العام إليه، أن الوزارات التي وافقت على التمديدات المذكورة كانت تشجع الشركة

للتقدم بمقترحات جديدة تكون أساساً للمفاوضات لتعديل الامتياز القديم، ولم تشر تلك الوزارات أو أي وزير فيها إلى قضية بطلان التمديدات التي جرت الموافقة عليها، أو تتطرق إلى مسألة فسخ الامتياز أو إلغائه البتة. ملاحظة مكتب المطبوعات 4 - إيرادات السكك الحديدية ومصروفاتها لربع السنة المنتهي في 31 كانون الأول سنة 1930 بلغ مجموع مصروفات السكك الحديدية لربع السنة المنتهي في 31 كانون الأول سنة 1930 مبلغاً قدره 2. 182. 413 ربية. وبلغ مجموع الواردات خلال المدة المذكورة 2. 182. 423 ربية. 5 - أسعار سوق الموصل (في أواخر آذار) ربية آنة بايدرهم آستانة حقة 6160 آستانة 10 حنطة 3 3آستانةشعير 1آستانةحمص 12 آستانةعدس 12 آستانةباقلاء 11آستانة (دهن) سمن 10 4 آستانةعفص عنباري 7 8 آستانةعفص ابيض 8آستانةقطن محلوج 1 8 آستانةقطن بلا حلج ربية آنة الواحد 10 الواحد جلد الهرفي 3 الواحد جلد الطرحي 1 4 الواحد جلد الغنم 12 الواحد جلد المعزى 6 الواحد جلد الجدي 1الواحد جلد الحوار 1 4 الواحد جلد السختيان 6 - واردات حكومة العراق يؤخذ من الإحصاءات الرسمي أن واردات الحكومة من ضرائب الحواصل الزراعية والطبيعية والحيوانية والمعدنية ودخل أملاك الحكومة كانت في ك1 (ديسنبر) 766. 735 ربية. وكانت إلى غاية الشهر المذكور 9. 777. 350 ربية. وكان مجموع الدخل في دائرة المكوس من أول نيسان (أبريل) إلى غاية تشرين 2 (نوفنبر) من السنة الماضية 15. 632. 130 ربية. ويؤخذ كذل من الإحصاءات الرسمية أن خلاصة دخل الحكومة إلى

غاية ت 2 (نوفنبر) من السنة الماضية كانت 32. 443. 494 ربية. أما النفقات إلى غاية الشهر المذكور فقد كانت 31. 557. 704 ربيات. 7 - افتتاح البناية الجديدة لإدارة ميناء البصرة برز نهر معقل (في البصرة) في 7 آذار (مارس) بحلة بديعة هي حلة العيد فحضر حفلة افتتاح بناية إدارة مينائها جلالة ملكنا المعظم ومعه الوزراء وبعض النواب والشيوخ وكان يوماً مشهوداً أبقى ذكرى حسنة في جميع من حضر الحفلة. 8 - الوفد العراقي إلى ديار العرب سافر وفد عراقي في ال 25 من آذار (مارس) إلى ديار العرب برئاسة صاحب الفخامة نوري باشا السعيد رئيس الوزراء للقيام بوضع حلف عربي والدعاء إليه في جميع الربوع العربية. وأعضاء هذا الوفد موفق بك الآلوسي، مدير الأمور الخارجية العام والفريق طه باشا الهاشمي رئيس أركان الجيش في العراق واحمد أفندي المناصفي كتوم وزارة الدفاع، وقد طار الوفد بطيارة خاصة إلى عمان ومنها إلى القاهرة فالإسكندرية ومنها يبحر إلى جدة وهناك يجتمع جلالة عبد العزيز آل سعود ملك نجد والحجاز وملحقاتهما. وسيعرج بعض أعضاء الوفد إلى اليمن لدعاء الإمام يحيى إلى هذا الحلف. وعسى أن يتوفق الوفد إلى وضع حجر الأساس لهذا البناء الأدبي الضخم ذوداً عن وحدة العرب وجمعاً لشملهم وتحقيقاً للآمال التي أملها أحرارهم وشهداؤهم عند نهوضهم على من قاوموهم.

العدد 90

العدد 90 - بتاريخ: 01 - 05 - 1931 معجم أسماء النبات صنعة الدكتور أحمد عيسى بك طبع بالمطبعة الأميرية بالقاهرة بقطع الربع في 291 صفحة لكل كتاب حسنات وسيئات، وهذا المعجم لا يشذ عن إخوانه وأخواته. ولذا يحسن بنا أن نذكر ما أنضم عليه هذا السفر مما يؤخذ به وينبذ منه. 1. حسنات هذا الديوان أنه بديع الطبع والورق والحرف كسائر ما يطبع في المطبعة الأميرية المصرية، فان ما تخرجه يزري بالدر واللآلئ، ويكاد ينافس الدراري بفاخر ما تبثه من أنوار العرفان وأشعة أضواء العلم. 2. هذا الديوان يحوي في صلبه الكلم العلمية النباتية أي باللغة اللاتينية وبازاء كل كلمة ما يقابلها في لغتنا الضادية. وفي الآخر ثلاثة معاجم الواحد بالفرنسية، والثاني بالإنكليزية، والثالث بالعربية، فإذا عرفت أسم نبات في إحدى هذه اللغات الأربع وقعت عليه من غير ما عناء ولا نصب، ففي المعاجم الثلاثة الأخيرة يقفك المؤلف على موطن ورود اللفظة في معجمه ذاكراً لك رقم الصفحة ثم رقم الكلمة. ولهذا جاء هذا السفر من أنفع الأسفار العلمية. وهو صنعة

رجل مارس التأليف وزاول مطالعة مدونان أبناء الغرب فهو (يضع الهناء موضع النقب). 3. ضبط الأوضاع النباتية بالشكل الكامل وهو أمر لابد منه في مثل هذا المقام، إذ الحركة الواحدة على حرف دون حرف، ووضع الحركة الواحدة بدل الأخرى، وزيادة حركات الكلمة الواحدة، كل واحد من هذه الأمور قد يخرج المعنى من واد إلى واد، ويحله نادياً دون ناد. إذن لقد أحسن الأستاذ الدكتور عيسى بك في كل هذه الأعمال وبارك الله في حياته. أما السيئات فتربو على الحسنات وتنزل كفة الميزان إنزالاً حتى لتبلغ الحضيض ولا يمكنها أن تجاوزه، من ذلك: 1. إنه ساوى بين الفصيح والقبيح، بين العامي والصحيح، بين المعرب قديماً والمعرب حديثاً، بين ما وضعه من تلقاء نفسه وما وضعه من تقدمه، بين الوضع السالم والوضع العليل، بين ما سماه العرب وما صحفه الإفرنج أقبح تصحيف. ففي كل ذلك من الخلط والخبط ما لا يشاهد مثاله في سائر التأليف المطرزة بهذا الطراز. والأمثلة على ما نقول لا تحصى، بل نؤكد لحضرته أنه لا تخلو صفحة واحدة من هذه المعايب، ولما كان سرد هذه الشواهد يوجب وضع كتاب برأسه على حد كتابه وقده نذكر شاهداً واحداً لكي لا نتهم بما نبرئ منه ذمتنا، ألا إننا عند حاجة الناس إليها نزيد هذا القدر. أول صفحة وقع بصرنا عليها ص 117 فقد ذكر للنبات المسمى باللاتينية: هذه الألفاظ العربية الثلاثة: شنان (ككتاب). نفل (كقصب) نفله (كقصب). قلنا: فأما شنان فلا وجود له في العربية الفصيحة بمعنى ضرب من النبات، إنما هو جمع شن وهي القربة الخلق أو ما يضاهي هذا المعنى، وواد في الشام. وقيل صوابه شنار كساحب، إذن نقل المؤلف هذه الكلمة عن أحد المصنفات التي لا ثقة لنا فيها ولم يذكر منزلة هذا المعتمد. والكلمة بهذا المعنى مغربية لا غير. وقوله نفل بالتحريك هو شبه جمع نفله مثل شجر وشجرة فهو ليس لفظاً جديداً حتى يورده لنا. وكان يجب حذفه بتاتاً لان اللفظة اللاتينية التي نص

عليها مفردة وكان ينبغي أن يذكر للمفرد مفرداً وللجمع جمعاً. فلم يميز بين هذين المنحيين. هذا فضلاً عن أنه ذكر للنفل عدة ألفاظ علمية منها: أما العلامة اوباك فقد ذكر في كتابه - ص 338 أن أهل سينا يسمون نفلة ما يعرفه العلماء باسم وحضرة الدكتور ذكر لهذا النبت: حندقوقي مر (كذا. والصواب مرة. لان حندقوقي مؤنثة على ما في لسان العرب) - رقراق - عشب الملك (بالجزائر الآن) (كذا. والعشب شبه جمع عشبة والصواب عشبة الملك، وان كان العوام لا يميزون بين المفرد والجمع) ريام، اهـ. ففي مثل هذه الكلمات المتراكمة المتراكبة كان يحسن أن يوضع لكل كلمة علمية كلمة (عربية واحدة) أو أن تترجم إلى لغتنا. فيقال للأولى: نفلة محددة تعريباً لقولهم والثانية نفلة هدبية، والثالثة نفلة حرشة، والرابعة نفلة ساحلية، والخامسة نفلة مأكولة والسادسة مفلة ظريفة، والسابعة نفلة هندية. وعلى هذا المنحى نكون في مأمن عن هذا الغرق، غرق الألفاظ الآخذة بالخناق. نحن هنا لم نتعرض إلا لكلمة واحدة وردت في رأس ص 117 ولو أمعنا في التعرض لما ورد فيها لطال بنا النفس إلى كلام طويل عريض يقع في عدة صفحات من هذه المجلة. 2. ضعف نظر المؤلف في اللغة الدكتور عيسى بك طبيب ماهر وجراح شهير، إلا أنَّ الإنسان قد يبرع في فن ولا يبرع في آخر، والذي تحققناه أن حضرته ضعيف البصر في اللغة، فقد فسر بقوله: (نخل. (بالفتح) دقل (بالكسر) (عبرانية) ثمرها الغض بلح (كقصب) - وهمرها الجاف تمر (ولم يضبطها لشهرتها) وأعوادها - تسمى جريد وأوراقها الخوص وشوكها السل وطرف الجريد الذي يلي جسم النخلة قحف والعرجون قحف (بالفتح) والعرجون هي الشماريخ التي تحمل البلح والعزق هو الذي فيه الشماريخ وهو العردام وأصله في النخلة). أهـ نقله بحرفه. ففي هذه العبارة الصغيرة عشرون غلطاً ونحن

نسردها هنا: 1. قوله نخل في غير موطنه والصواب نخلة، لان اللفظة العلمية مفردة. ويجب أن يذكر بازاء المفرد مفرداً. وبازاء الجمع جمعاً. 2. قوله دقل (عبرانية) يجب إهمالها بتاتاً. وما عمل العبرية في هذه اللغة. نعم في لغتنا الدقلة وجمعها الدقل (كقصبة وقصب) وهو أردأ التمر أو ما لم يكن أجناساً معروفة. بل جاء عند كثيرين من المؤلفين بمعنى النخل والنخلة. فالكلمة إذن عربية وعبرية في وقت واحد. 3. قوله: ثمرها الغض بلح لا يوافق مصطلح السلف. لان اللغة ذكرت لهذا المعنى: الرطب والواحدة رطبة. وهو بهذا الاسم معروف إلى يومنا هذا في ديارنا، أما البلح تحقيقاً فهو ما كان بين الخلال والبسر، نعم إننا لا ننكر أن إخواننا المصريين يسمون الرطب بلحاً لكن العامي شيء والفصيح شيء آخر. والعامي لا يقتل الفصيح أبداً ولا يمكن أن يقتله. 4. قوله: ثمرها الجاف تمر، غير معروف اليوم وان عرفه الفصحاء، أما المعروف اليوم، والفصيح معاً فهو القسب. 5. قوله: (أعوادها) أصح منها (عيدانها) لأنها جمع كثرة كما يقتضيه المقام أو الأعواد جمع قلة كما لا يخفى على أحد. 6. قوله: (تسمى جريدة) صوابه: جريداً بالنصب. 7. والجريد هنا في غير محلها. لان الجريد ما يجرد عنه الخوص، ولا يسمى كذلك ما دام عليه الخوص بل يسمى سعفاً. وهو الاسم المشهور في العراق كله كما أن الجريد مشهور بمعنى ما جرد عنه الخوص. 8. قوله: (أوراقها) غير فصيح والأحسن هنا ورقها لتدل على الكثرة. 9. قوله: (الخوص) لا يطرد مع قوله قبل ذلك: (وأعوادها تسمى جريداً) فجريداً غير محلاة بالتعريف فكان يجب أن ينحو هذا المنحى بالتنكير ويقول: (وأوراقها خوصاً.) 10. قوله: (وشكوكها السل) وربما كان (السل) في مصطلح عوام مصر لكن ليس ذلك بل بحجة غلط شنيع لا يغتفر. والصواب: (سلآء).

11. قوله: (وطرف الجريد الذي يلي جسم النخلة) تعبير ضعيف. والمشهور بهذا المعنى (جذع النخلة). 12 و13. قوله: (قحف) فيه غلطان. الأول: قحفاً. والثاني أن القحف لم يأت بهذا المعنى إلا في اللغة العامية المصرية وكان يحسن به أن ينبه عليها. أما الفصيح فهو الكرب والواحدة كربة. والكرب معروف عندنا في العراق إلى يومنا هذا وهو كذلك في اللغة الفصحى. 14 و15 و16. قوله: والعرجون هي الشماريخ فيه ثلاثة أغلاط. والصواب: والعرجون هو (لأنه مذكر) أو أن يقال: والعراجين هي. والصحيح أن العرجون شيء والشمروخ شيء آخر. فالعرجون: العذق، أو إذا يبس واعوج، أو أصله، أو عود الكباسة الذي عليه الشماريخ، هذا هو المشهور لكن بعضهم قال أيضاً: هو الشمراخ وهو رأي غير مجمع عليه، والمجمع عليه ما قلنا وهو كذلك في لسان العراقيين. 17. قوله: التي تحمل البلح. هو من التعبير الإفرنجي، والعرب تقول في مثل هذا المعنى: الشماريخ التي عليها التمر أو البلح. 18. قوله: (العزق) (بالزاي) خطأ. والصواب: العذق بالذال المعجمة والأول مكسور وهو كذلك في اللغة الفصحى ولسان العراقيين. 19. قوله: (والعزق هو الذي فيه الشماريخ). تعبير إفرنجي ضعيف نحيف، ركيك، متفكك، والأحسن: والعذق: ما عليه الشماريخ. 20. قوله: (والعزق هو الذي فيه الشماريخ وهو العردام) لا يوافق اللغة. والمشهور أن العردام: العود فيه الشماريخ فهذه عشرون غلطة. 3. وضع الألفاظ في غير مواضعها ذكر حضرة الدكتور في ص 138 بازاء اللاتينية هذه الحروف العدنانية: قصب (واحدته قصبة) - غاب - بوص - قصب السياج - وكل نبات ساقه أنابيب وكعوب فهو قصب - يراع (كسحاب) - حجن (كسبب) (سوريا) - برسوم (العراق) - بنج ني (فارسية) (بنج

بكسر الباء) - فرغميط (بفتح الأول والثاني) ناسطس (يونانية القصباء، جماعة القصب - تغنيمة - تنيمة (بربرية). أهـ فلنا: وأغلب هذه الكلم في غير مواطنها. نعم أنه رآها في بعض الدواوين العلمية فتلقفها على علاتها من غير أن ينعم النظر في تصحيحها أو تعليلها، في جرحها أو تعديلها، وهذا لا يجوز لعالم أو باحث، لا سيما إذا أراد جعل كتابه مورداً أو مشرعاً ينتابه من يحتاج إلى ارتشاف زلاله. فكم من غلط في هذه العبارة! - وأول شيء علينا أن نعرفه أن اللفظة اللاتينية تعني ضرباً من القصب تتخذ منه المكانس ولذا يسمى قصب المكانس أو الحجن (بفتح وكسر) وسبب تسميته بذلك أن الحجن مأخوذ من الشعر الحجن وهو المتسلسل المسترسل الرجل الجعد الأطراف. وهذا القصب يمتاز بكل ذلك فغلبت الوصفية عليه فصار موصوفاً ومثل هذا كثير في لغتنا. وإذ قد عرفنا ذلك لننظر إلى الألفاظ التي سردها حضرة الواضع. فقوله: قصب في غير موضعه لسببين: الأول: إن القصب جمع واللاتينية مفرد، والثاني: إن القصبة أسم عام يقابل لا أسم خاص. ثالثاً: قوله: (غاب) في غير موطنه أيضاً لان الغاب شبه جمع غابة والغابة الأجمة من القصب تغيب فيها السباع ونحوها. فهي باللغة العلمية فأين الغابة من الحجنة؟. رابعاً: قوله: (بوص) هو في اللغة العامية المصرية ويراد به كل قصب ولاسيما المصري منه وهذا لا صلة له بذاك من جهة التحقيق. خامساً: قوله: (قصب السياج) في غير موطنه أيضاً، لأنه قد يتخذ للاسوجة غير هذا القصب. سادساً: قوله: (وكل نبات ساقه أنابيب وكعوب فهو قصب) هو صحيح من جهة، لكنه غير صحيح من جهة المعنى الذي نتطلبه. سابعاً وثامناً: قوله: (يراع) لا يوافق الموضوع، لان اليراع شبه جمع يراعة واليراعة القصبة أياً كانت من غير تخصيص فوقع في الكلام غلطان: غلط الجمع في حين أننا بنا حاجة إلى المفرد وغلط وضع الشيء في غير محله.

تاسعاً: قوله: (حجن) هو المسموع في سورية (لا سوريا كما كتبها) لكن اللغة تريد أن توجه الكلمة وجهاً صحيحاً مقبولاً لا تأباه أحكامها، فيجب أن يقال الحجن كحذر لان العوام تكره هذا الوزن ولا تأنس به، بل لا تعرفه. عاشراً: قوله: (برسوم) (العراق) اليوم هذه الكلمة غير معروفة ولعلها كانت كذلك في الزمن السابق. حادي عشر: قوله: (بنج (بكسر الباء) ني (فارسية) لا يوافق المطلوب لان معنى (بنج) عقدة و (ني) قصب، فيكون معنى الفارسية قصب العقدة. وعلى كل حال لا دخل للفارسية هنا، فالمعجم علمي عربي لا غير، اللهم إلا أن تكون الكلمة الفارسية عربت فذلك أمر آخر. ثاني عشر: قوله: فرغميطس هو الاسم اليوناني فذكره هنا وعدم ذكره سيان، نعم، إن أبن البيطار أستعملها، فهل من حاجة في صدرنا إلى استعمالها؟ ثالث عشر: قوله: (ناسطس) ثم اردفها بالحرف الإفرنجي غير موافق للصواب لان ناسطس ضرب آخر من القصب ليس الفرغميطس منه والكلمة الإفرنجية لا تكتب كما كتبها بل هكذا بلا حرف الهاء الإفرنجي، وهناك غلط ثالث هو أن اليونانية هي لا وهذه الأخيرة هي صورة الكلمة العلمية أي اللاتينية لا اليونانية. فوصلنا إذن إلى الغلط الخامس عشر. أما الغلط السادس عشر: فهو أنه أعتبر القصباء التي هي جماعة القصب داخلة في اللفظة العلمية المذكورة وهي بعيدة عنها كل البعد ولا صلة لها بها. والغلط السابع عشر أنه ذكر البربرية: (تغنيمة، تاغانتمت. تنيمة) ولا نرى في نفسنا حاجة إلى ذكر ألفاظ اللغات كلها. فتزداد المادة بين يدي الباحث فيحار في انتقاء ما يوافقه وفي كل ذلك من إضاعة الوقت ما لا يخفى على البصير. ثم إن الكلمة البربرية تكتب هكذا (ثغانيمث) لا كما ذكرها وتجمع على ثغونام وهي لا تفيد إلا القصبة العادية المألوفة أي لا هذا الضرب من القصب الذي يجري عليه كلامنا.

فأين هذا مما يجب أن يكون المعجم العلمي الذي نريده؟ فيجب على الباحث أن يلقي جميع هذه الكلم في بحر النسيان ولا يتخذ منها سوى لفظة واحدة لا غير هي (الحجن) بفتح الحاء وكسر الجيم وفي الآخر نون، وان شئت فزد عليها قصبة المكانس ليفهم القارئ غير الخبير مؤداها بكلمتين ألفهما. 4. يخطئ أحياناً في ضبط الألفاظ يجب أن يكون المعجم بعيداً عن كل خطأ بقدر ما يتمكن منه المؤلف. والذي لاحظناه في هذا الديوان تدفق أغلاط الضبط في كل صفحة أو يكاد، ففي ص 138 ضبط الحنبل (الذي هو كهدهد) بضم الحاء وفتح الباء، - وكتب في تلك الصفحة (فصولية) والمعروف فاصولية (معجم ديران كلكيان) والكلمة جاءتنا عن طريق الترك. - وفي تلك الصفحة ذكر الذنون والمعروف أنه الذؤنون، وتكررت الغلطة ثلاث مرات سطراً بعد سطر. - وضبط الترفاس بضم التاء والذي في محيط المحيط (والكلمة عامية سورية. وصاحب محيط المحيط سوري)، بكسر التاء - وفيها جاء: البرنوك بفتح الباء وهي بضمها. - وفيها: لم يضبط الزغبج وهي كجعفر. - وفيها: فيلورا والصواب: فلورية، بكسر الفاء وضم اللام المشددة. 5. كثيراً ما يتخذ النكرات أعلاماً نحن لا نريد أن نخرج من الصفحة 138 لنري القارئ ما فيها من الأغلاط وليقيس عليها ما في سائر الصفحات. فقد ذكر أعلام أنبتة: زهيرة، وزيتوناً جبلياً ومغربية وأذنية وقصباً وغاباً وبوصاً ويراعاً وهي نكرات للجنس لا للنوع. والواجب في المعاجم ذكر الأعلام المقابلة للأعلام الإفرنجية. 6. تعريف الكلمة وتنكيرها في المادة الواحدة وكثيراً ما يجمع في الرسم الواحد التعريف والتنكير. فلنعد إلى تلك الصفحة فانك تراه يقول فيها: (العتم - زيتون جبلي - الزغبج (ثمره وهو حب أسود) - فيلورا (يونانية) - الشحس) فكان ينبغي أن يقول: الزيتون الجبلي - الفيلورا (إن أردنا أن نوافقه على رسم الكلمة كما فعل) - وقد بينا كيف نكر الألفاظ مرة وعرفها مرة أخرى في كلامه على النخل وقال: قصب. . . القصباء. . .

ولو مضى في وجهه تنكيراً أو تعريفاً لكان أصوب وأصحز والأحسن التنكير في جميع الكلم لأننا تقابل الألفاظ الغربية المنكرة بحروف عربية منكرة. 7. كثيراً ما يعتمد على كتابة الكلمة بالصورة التي يرسمها الإفرنج ذكر مثلاً في ص 139 الكاكنج وذكر بجانبها صور هذه الكلمة على ما يرسمها بعض جهلة الإفرنج فجعل بجانب الأولى: ككنج وققنج. فما كان أغناه عن مثل هذه الكتابة المغلوط فيها!. 8. كثيراً ما يجمع في الرسم أو المادة الواحدة أسماء ليست مترادفة فقد ذكر مثلاً في ص 139 التنوب وجعل في جانبه ومرادفاً له ما يأتي: ((صنوبر أنثى صغير) - أرز - صنوبر صغير - كركر (فارسية) ثمره يسمى قضم قريش - الخضراء - فيطس - بيطس.) أهـ. فأين التنوب من الصنوبر، من الأرز، من قضم قريش، من الخضراء؟ فهذا ما يسمى خلطاً وخبطاً. 9. ربما قدم الأعجمي على العربي وهذا مخالف للإنصاف قال حضرة المؤلف في ص 79 ناقلاً اللفظة العلمية ما هذا نقله بحروفه: (ما هو بداله (وتأويله بالفارسية القائم بنفسه أي أنه يقوم بنفسه في الإسهال) - ما هو دانه - حب الملوك - حب السلاطين (وسمي بذلك لسهولته على من يعاف الدواء أول أخذه) - شاب - لاثوريس (يونانية) - معشوق - سمكاً (سريانية أي سمك لان ورقها يشبه السمك الصغار) - طارطقة (بعجمية الأندلس وحبه يسمى حب الملوك وفلفل الاخوص وجوز الخمس - سيسبان (عند بعضهم في المغرب).) أهـ قلنا: كان يحسن أن يقدم حب الملوك على الكلمة الفارسية، ولا سيما أنَّ الفارسية نفسها مركبة من كلمتين كالعربية، فلماذا قدم الدخيلة على الأصلية؟ فليس ذلك من الإنصاف في شيء. وقوله: (وتأويله بالفارسية القائم بنفسه أي أنه يقوم بنفسه في الإسهال) كلام في منتهى الغرابة ومأخوذ عن ابن البيطار في كلامه عن الماهودانه، فأي فارسية يريد حضرته؟ والذي نعهده أن معنى (ماهو) أو (ماهوب) أو (ماهي) هنا: الزينة. و (دانه) الحب، فيكون محصل التركيب (حب الزينة)، كما

قالوا: حب الملوك. وإلا فالتأويل لا يوافق اللغة الفارسية الشائعة، أو لعل المؤلف وقع على هذا التأويل في كتاب غير صحيح التأليف، فنقله على علاته، وهو كثيراً ما يعمل هذا العمل. فكان جديراً به أن يتحقق بالأمر قبل تدوينه. وقوله بعد ذلك (ماهودانه) كان يحسن به أن يأتينا بجميع مرادفات الكلمة عند الفرس، بما أنه يضع لنا معجماً حاوياً لألفاظ جميع لغات الشرق والغرب ليعمي على الباحث الكلمة الحقيقية اللازمة له بينما يجب أن تكون واحدة لا غير بقدر الإمكان. وأما سائر الألفاظ فهي: ماهي دانه وطاريقه وباتو إلى غيرها. لكننا نقول أن هذه الألفاظ لا تدل على النبات بل على ما فيه من الحب أي ثمره وبلسان العلماء أفهذا هو التحقيق الذي يطلب من كل مؤلف لغوي؟ وقوله: (حب الملوك) هو للثمر أيضاً وليس للنبات، اللهم إلا أن يكون من باب تسمية الشجر باسم الثمر، وهو جائز في العربية وأمثاله كثيرة لكن ذلك لا يدخل في مدونات المعاجم، إذ ذلك يقلب المصطلحات رأساً على عقب، وإنما يجوز مثل هذا في المقالات غير العلمية لان العلم غير الشعر والأدب. وقوله: (حب السلاطين (وسمي بذلك لسهولته على من يعاف الدواء أول أخذه)). أهـ. كل ذلك غريب. وأول فساد هذا القول أنَّ صاحب البرهان القاطع قال: (وحب الملوك غير حب السلاطين) أما حضرته فجعل الاثنين واحداً وهو غير صحيح عند الثقات. نعم أنَّ بعض المؤلفين (غير المحققين) نطقوا بمثل ذلك، بيد أن المحقق لا يلتفت إلى فاسد الآراء بل إلى صحيحها. وأما التعليل الذي ذكره، فتعليل لا يركن إليه البصير، والذي يظهر للمتروي أنه سمي كذلك لان حبته كبيرة بالنسبة إلى حبة الانبتة التي من صنفها، فهو كقولك: (شاه بلوط) وشاه أمرود وشاه بانك وشاهترج وشاهدانج وشاهسبرم وشاهبانك وشاهلوج وشاهنجير وشاهمرج إلى غيرها. وكلها أضيفت إلى الشاه وهو الملك أو السلطان للعلة التي أشرنا إليها. - هذا فضلاً عن أن حب الملك أو الملوك وحب السلطان أو السلاطين وردا بمعنى

آخر أي القراسية والخروع وكل ذلك يهدم مشرعة التحقيق والبلوغ إلى قلب التدقيق. وقوله بعد ذلك: (شاب) فكلمة غريبة لم يضبط لنا باءها وهي الحرف الأخير. والظاهر أنها غير مشددة ولو كانت كذلك لضبطها لنا بالشد، والكلمة بهذا اللفظ ليست في لغة من لغات العالم، وصحيح الرواية شباب ككتاب والكلمة فارسية وتعني النبات نفسه لا الحب، وهي اللفظة المقابلة للاتينية. وقوله بعد ذلك: (لاثوريس) (يونانية)، غير صحيح الرسم، والصواب (لاثورس) بحذف الياء السابقة للسين، لأنها في اليونانية غير ممدودة بل مقصورة أي أنها كسرة لا ياء، وهذا مما يجب الانتباه له، وان لا تنقل الألفاظ إلينا بصورة منكرة دميمة ذميمة. وقول: (معشوق) غلط ظاهر. والصواب (مغموق) وذلك أن بعض العراقيين يأخذون حب هذا النبت قبل بلوغه بأيام قليلة، ويغمونه عندهم غماً كما يغم البسر ليدرك وينضج ويزعمون، أنه إذا أخذ قبل إدراكه وغم يكون أقوى فعلاً في المعدة من أخذه ناضجاً. وقوله: (سمكاً (سريانية أي سمك لان ورقها يشبه السمك الصغار).) أهـ لا يوافق الصواب. وأول هذا الوهم أن سمكاً بالسريانية بمعنى السمك، أو السمكة لم يرد البتة، لكن المؤلف وجد هذا الكلام في مفردات ابن البيطار في ما هو دانه فأخذه بعلاته وحذافيره. أما اللفظة التي تعني السمكة فهي (نونا) عندهم، فأين (نونا) من (سمكا)؟ - أو لعله نقل هذا اللفظ عن بعض ضعفاء الكتبة وسخفاء متقوليهم ولم ينعم النظر فيه ولم يتثبت فيه. وقوله: (طارطقة (بعجمية الأندلس) غير صحيح أيضاً، والصواب والمراد بعجمية الأندلس الأسبانية. وقوله: (وحبه يسمى حب الملوك) تكرار لا معنى له سوى التهويل على الباحث ووضع كلمات لا تفيده. وقوله: (وفلفل الاخوص) كلام يدل على أن المؤلف لا يتدبر ما يكتب. فما عمل الأخوص هنا والاخوص الغائر العين؟ أيتصور حضرته أن هذا الحب

أو هذا الفلفل لا يفعل إلا في الخوص؟ أنَّ ذا لمن أغرب الغرائب! والصواب: (فلفل الخواص) كما سموه حب الملوك. فليس للاخوص هنا أدنى عمل. وقوله: (جوز الخمس) هو من باب وضع الشيء في غير موطنه. فجوز الخمس على ما قاله ابن البيطار: (جوز مدور هندي المنبت أكبر من البندق، أسود اللون، وفيه نكت تضرب إلى البياض، وهو مع ذلك أملس، وداخله حب يشبه القرطم البري، وهو حار يابس مسهل للطبع، ويستخرج الفضول البلغمية والاحتراق السوداوي، إذا شرب منه وزن درهمين بماء حار). أهـ. وزاد داود البصير: (ويقال أنه لا يوجد في الشجر أكثر من خمسة؟) فأين هذا من حب الملوك؟ - فبالحقيقة أنَّ في مطالعة هذا المعجم أضراراً عظيمة لا تقدر حتى أن المطالع ليتوهم أن صاحبه لا يعرف شيئاً من علم النبات، وهو مما نجله عن ذلك، فعسى أن لا ينقم علينا لهذا النقد النزيه. وقوله: (سيسبان (بكسر فسكون) عند بعضهم في المغرب.) من الأقوال التي لا فائدة فيها. وأول عيب في هذا الكلام أنه ضبطه بكسر السين. والذي أجمع عليه النباتيون والشجارون والزراعون واللغويون أنه بفتح السين وإسكان الياء المثناة التحتية. والعيب الثاني أن الكلمة شاعت بمعنى فما معنى الاعتماد على كلام جماعة من الناس لا ثقة لها فيهم؟ وما كل ذلك إلا لأنه رأى هذا القول في مفردات ابن البيطار كما نقل عنه رأيه في تأويل ماهودانه فوقع تلك الوقعة الهائلة التي صرخ لهولها ملائكة السماء العليا، وسكان الأرضين السفلى. وهذا كلام ابن البيطار بحرفه: (ماهودانه، تأويله بالفارسية أي القائم بنفسه أي إنه يقوم بذاته في الاسهال، ويسميه عامة الأندلس طارطقة وبعضهم يسميه بالسيسبان أيضاً، ويعرف بحب الملوك أيضاً عند أطباء المشرق). أهـ فأنت ترى من هذا أن الدكتور الأستاذ حاطب ليل ينقل كل ما يقع عليه من غير أن يتروى فيه، وليس هذا من شأن المؤلفين المتدبرين، فإنَّ ابن البيطار ضبط السيسبان بفتح السين أما هو فذكرها بكسرها نقلا عن لكلير، وإبن البيطار قال: (ويسميه عامة الأندلس طارطقة وبعضهم يسميه بالسيسبان أيضاً). فقال

حضرته: (عند بعضهم في المغرب) وكان حقه أن يقول: عند بعض عامة الأندلس في سابق العهد. وما كان أغناه عن إثبات رأي جماعة من العوام لا شأن لهم ولا بال!. ومن الغريب أنه مع حرصه على تدوين السفاسف والفسافس لم يذكر لغات الماهودانه التي هي: الماهوبذانه والماهوذانة والماهوذانج. وهناك مرجعات أخر منها: إن حضرة المؤلف جعل جميع تلك الألفاظ على مستوى واحد وإجحاف ظاهر بهذه اللغة التي نصعت ديباجتها، وأضاء نجم مجدها، وهي لا تريد أن يجعل بجانبها ضرائر لا شأن لها من العروبة ما لها. فكان يحسن به أن ينبه - بعلامات أو باصطلاحات أو برموز - إلى طبقة كل لفظة ومقامها من لساننا المبين، لئلا يختلط الحابل بالنابل، ويفسد علينا الصحيح والسالم، بل علينا أن نفعل ما يفعله الغربيون بدواوين لغاتهم فيميزون بالغثاء من الاتاء، ينبذون القبيح ويتمسكون بالفصيح، بالإشارات التي وضعوها لهذا الغاية. ونقول بعد هذا: إننا ذكرنا لكل مغمز مثالاً واحدا، لأننا لو أردنا أن نعدد منها عشرات أو مئات لما صعب علينا الأمر، إلا أن الكلام يطول على غير جدوى. وعلى كل حال إننا مستعدون لان نبين في كل صفحة لا أقل من عشرة غلطات في أدنى تقدير، وذلك من باب المعادلة؛ وإلا فف بعضها ما ينوف على عشر، وفي بعضها قد يقل عنها. ونختم هذا المقال بما بدأناه أي: إن في هذا المعجم حسنات وسيئات إلا أنَّ مساوئه تذهب بمحاسنه، لان هذا العمل ليس عمل رجل واحد، إنما هو عمل عدة رجالات يتمالؤون على الوضع، والنقل، والتنقيح، والتصحيح. والكمال لله وحدة.

البيات

البيات في بعض أرجاء إيران وفي ديار الكرد العراقية، طائفة مسلمة أسمها (البيات) وذكر لنا الأصدقاء أن قسماً منها يقيم في أذربيجان وهم ترك. ومنها من جاور العراق، ويخيل إلينا أن أصلها من الترك ظعن فئام منها إلى بلاد الكرد في العراق، فتغيرت بهذا التغرب جنسية بعضهم فصاروا عرباً وكرداً وتركاً بموجب البيئة التي نشأوا فيها والأقوام التي اتصلوا بهم وخالطوهم بالزواج والمعاهدات. وكان يحكم على نيسابور (نيشابور من بلاد خراسان في إيران) منذ عهد الصفويين (من ملوك إيران) حكام كانوا من هذه العشيرة الكبيرة، كما أن آصف الدولة المهراجا الوزير الهندي كان منها أيضاً. وذكر الفيروز آبادي صاحب القاموس بلدة وكورة باسم بيات قرب واسط فلعل قسماً من هذه الطائفة كانت تقيم هناك فسمي المكان باسم ساكنيه، وعلى بُعد خمسة فراسخ من سبزوار قرية صغيرة تعرف ب (كلاتهء بيات) أي قرية بيات أو مزرعة بيات، ويحتمل أن يكون مؤسسها رجل من هذه القبيلة. سبزوار (إيران): محمد مهدي العلوي (لغة العرب) البيات كسحاب، وضبطها الإفرنج بتشديد الياء، كما فعل سبرنجر (في المجلة الألمانية الشرقية المجلد 13: 225) وكليمان هوار في (لمعة عن قبائل العرب في العراق ص 25) وغيرهما. وقد قال السيد جرجيس حمدي الذي ألف هذه اللمعة في سنة 1865 ونقلت إلى الفرنسية: (البيات يشبهون العزة إلا أنَّ عددهم يبلغ ثمانمائة بيت، والحكومة العثمانية تعين شيخهم ولا تمدهم بدراهم. وأسم شيخهم اليوم صلال وهم ينقادون لحاكم بغداد ويرون نازلين بين بغداد وكركوك.) أهـ كلام السيد جرجيس. وقد وعدنا صديقنا المحقق السيد محمد مهدي العلوي بتتبع البحث من كتب التاريخ.

كره العرب للحياكة

كره العرب للحياكة أعجبني قولكم في (9: 223) من لغة العرب (لان أغلب النساجين فرس) فان العرب ولا سيما الحجازيين كانوا يكرهون الحوكة والحياكة وقد زادت هذه الكراهية بعد ظهور الإسلام بسببين: أولهما أن العرب أنفت من النزول بين أصحاب الصنائع وهي القوية القاهرة السيدة. وثانيهما ما روي في الحواك خاصة من الأخبار المنفرة عن الحياكة الذامة لهم، فقد روى الشيخ بهاء الملة والدين أنه دخل رجل إلى مسجد الكوفة وكان عبد الله بن عباس مع أمير المؤمنين على بن أبي طالب وهما يتذاكران العلم فلم يسلم الرجل عليهما وكان أصلع الرأس من أوحش خلق الله تعالى وخرج من المسجد ولم يسلم، فقال الإمام على - ع -: يا ابن عباس اتبع هذا الرجل واسأله ما حاجته؟ ومن أين وإلى أين؟ فأتاه وسأله، فقال: أنا من خراسان وأبي من القيروان وأمي من اصفهان. فقال له ابن عباس: وإلى أين تطلب؟ قال: البصرة في طلب العلم، قال ابن عباس: فضحكت من كلامه، فقلت له، يا هذا تترك علياً جالساً في المسجد وتذهب إلى البصرة في طلب العلم والنبي - ص - قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت المدينة من بابها. فسمعني علي - ع - وأنا أقول له ذلك، فقال: يا ابن عباس أسأله ما تكون صنعته؟ فسألته فقال: إني رجل حائك، فقال - ع -: صدق والله حبيبي رسول الله - ص - حيث قال: يا علي إياك والحاكة، فإن، الله نزع البركة من أرزاقهم في الدنيا وهم الارذلون، ثم قال: يا ابن عباس، أتدري ما فعل الحياك في الأنبياء والأوصياء من عهد آدم إلى يومنا هذا؟ فقال: الله ورسوله وابن عم رسوله أعلم. فقال علي - ع -: من أراد أن يسمع حديث الحائك فعليه بمعاشرة الديلم، ألا ومن مشى مع الحائك قتر عليه رزقه ومن أصبح به

حفي (كذا) فقلت: يا أمير المؤمنين: ولم ذلك؟ قال: لأنهم سرقوا ذخيرة (نوح) وقدر (شعيب) ونعلي (شيت) وجبة (آدم) وقميص (حواء) ودرع (داود) وقميص (هود) ورداء (صالح) وشملة (إبراهيم) وتخوت (اسحق) وقدر (يقعوب) ومنطقة (يوشع) وسروال (زليخا) وإزار (أيوب) وحديد (داود) وخاتم (سليمان) وعمامة (إسماعيل) وغزل (سارة) ومغزل (هاجر) وفصيل ناقة (صالح) واطفأوا سراج (لوط) وألقوا الرمل في دقيق (شعيب) وسرقوا حمار (العزير) وعلقوه في السقف وحلفوا أنه لا في الأرض ولا في السماء وسرقوا مرود (الخضر) ومصلى (زكريا) وقلنسوة (يحيى) وفوطة (يونس) وشاة (إسماعيل) وسيف (ذي القرنين) ومنطقة (أحمد) وعصا (موسى) وبرد (هرون) وقصعة (لقمان) ودلو (المسيح) واسترشدتهم (مريم) فدلوها على غير الطريق وسرقوا ركاب النبي - ص - وخطام الناقة ولجام فرسي وقرط (خديجة) وقرطي (فاطمة) ونعل (الحسن) ومنديل (الحسين) وقماط (إبراهيم) وخمار (فاطمة) وسراويل (أبي طالب) وقميص (العباس) وحصير (حمزة) ومصحف (ذي النون) ومقراض (إدريس) وبصقوا في الكعبة وبالوا في زمزم وطرحوا الشوك والعثار في طريق المسلمين وهم شعبة البلاء وسلاح الفتنة ونساج الغيبة وأنصار الخوارج والله تعالى نزع البركة من بين أيديهم يشور أعمالهم وهم الذين ذكرهم الله تعالى في محكم كتابه العزيز بقوله: وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون وهم الحاكة والحجام فلا تخالطوهم ولا تشاركوهم فقد نهى الله تعالى عنهم.

جنك أو جنكة أو صنكة لا منكة

والحياكة عند أهل اليمن أكثر منها عند غيرهم فالعصب والبرود التزيدية والحبرات والثياب السحولية لهم. وغالب ما كان يجلبه تجار مكة من المنسوج كان من نسجهم، وكانوا بعد الإسلام يعيرون بالحياكة، ألا ترى إنَّ الإمام علي - ع - لما قال له الأشعث بن قيس: (هذه عليك لا لك) قال له: (ما يدريك ما علي مما لي؟ عليك لعنة الله ولعنة اللاعنين، حائك ابن حائك، منافق ابن كافر)، ومن كلام خالد بن صفوان على اليمانين: (ما أقول في قوم ليس فيهم إلا حائك برد أو دابغ جلد، أو سائس قرد، ملكتهم إمرأة، وأغرقتهم فأرة، ودل عليهم هدهد) فهذه الأخبار تؤيد الرواية الأولى. مصطفى جواد جنك أو جنكة أو صنكة لا منكة صاحب كتاب السموم كنت قد كتبت إليكم أنَّ صاحب كتاب السموم اسمه (جنك) وهو بالهندية (جنكة) وهو بالجيم الفارسية المثلثة فنقل الناطقون بالضاد هذه الجيم بالشين المنقطة بثلاث أو بالصاد.) أهـ. برلين: ف: كرنيكو (ل. ع) والذي وجدناه في الرسائل التي وقعت في أيدينا أنَّ الاسم صحف بصورة (منكة) بميم في الأول. راجع كشف الظنون المطبوع في الأستانة في باب (كتاب 2: 281) في كلامه على كتاب السموم. فقد سماه (منكه الهندي) وكذلك جاء في النسخة المطبوعة في بولاق (في مصر) القاهرة وفي لندن على يد فلوجل، فمسخ الأعلام يرى في كل كتاب وكل لسان. ويجب على كل أديب ردها إلى صحاحها. كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل هو اسم الكتاب الذي نشرنا وصفه في الجزء السابق ودونك الآن وصف النسخة الخطية: طول هذا المخطوط 31 سنتيمتراً ونصف في عرض 21 وهو في جزءين وتبلغ صفحات كل جزء 92 وعدد سطور الصفحة 15 وليس فيه تاريخ الكتابة إلا أن أسلوب الخط يظهر أنه من الخطوط التي خطت بعد الألف الهجري، والنسخة المعروفة من هذا الكتاب ترى في خزانة العلامة الجليل الشيخ فضل الله الزنجاني (في زنجان من ديار إيران) وهو لا يضن باستنساخها.

نظمي وذووه

نظمي وذووه اللقط الجديدة تتمة وبعد هذا كله أشير إلى نظمي في ما جاء في مجموعة تاريخية بالتركية عندي في ذهاب موسى باشا إلى كريد بالأسطول السلطاني وفي الوقائع التي جرت، وفي المجموعة أيضاً خمس وعشرون صفحة من النثر تروي ما حدث في بغداد في قسم من سنة 1057 و1058 للهجرة (1647 و1648) من أمر عصيان واليها إبراهيم باشا وقتله ودخول موسى باشا والياً فيها ما لا تجده في كلشن خلفاً من الإفاضة والاسترسال وتفصيل الوقائع وتسمية المواضع كميدان قنبر علي وآق شرعه (آق شريعة أي الشريعة البيضاء) وقوشلر قلعه سي (قلعة الطير) وهناك طائفة من الرجال كان لهم في الحوادث شأن ويد بينهم: شاهبندر بغداد (خوجة حسب الله). وقد دون صاحب المجموعة أيضاً المنازل التي أجتاز بها من الأستانة حتى قدم إلى الإمام موسى الكاظم (الكاظمية) في 16 من محرم سنة 1058 وقال في آخر ذلك ما تعريبه: (وإذ قد ولي بغداد ملك أحمد باشا الحافظ لديار بكر فقدم متسلمه إليها في 20 ذي الحجة سنة 1058 فتسلم الايالة عبرنا (إلى الجانب الغربي) - ومعنا (تعلقاتنا) (الأقرباء أو المنسوبون إلينا أو كلاهما معاً) و (الاوتاق) وخيامنا فنزلنا الموضع المسمى (المنطقة) أهـ. والظاهر أن المدون كان من ذوي موسى باشا أو من الذين ينتمون إليه وان

خروجه كان مع الباشا فان التاريخ الذي ذكره يوافق ما قاله كلشن خلفا من أن ولاية موسى باشا انتهت في 21 ذي الحجة سنة 1058. ثم يقول المدون في صدر جدول ذكر فيه المنازل ووجهته الموصل فشمالها: (إن التوقف في (المنطقة) عن المسير دام حتى قدوم (ملك أحمد باشا) فمرت أيام بلغت أربعة وعشرين). وفي المجموعة ما عدا النثر قصيدة أبياتها خمسون فيه وصف ما جرى في بغداد من الحوادث المذكورة وهذا مطلعها: ويلا لازم كلور ذكر ايلمك أحوالي (كذا) بغداد ... انكجونكه ظهور ايتدى انواعي (كذا) بي آدي والبيتان التاليان وردا قبل البيت الأخير من القصيدة وفي أحدهما التاريخ: بو ذو قيله نوله كر تازه لنسه ذكر تاريخي ... جويكي فتح ايله دار الأمان اولدي اونك يادي (1058) سخن بولدي كمالن من بعد نظمي! سر أغاز ايت ... دعايي حضرت صاحب قران ملك إرشادي. . . وتعريب هذا البيت هو: لقد بلغ الكلام تمامه فمن بعد ذا؛ يا نظمي! اشرع بالدعاء لحضرة صاحب القران (كناية عن السلطان) ملك الإرشاد. وفي صورة لوثيقة تأريخها (تاريخ الوثيقة) في 16 ذي الحجة سنة 1170 (1756) فيها من الشهود من كبار رجال ذلك العهد مثل مفتي بغداد الشيخ محمد أفندي ونقيب أشرافها السيد محمود أفندي وخطيب الإمام الأعظم الحاج السيد أحمد أفندي وأمثالهم الذين من هذه الطبقة وبينهم (زكريا جلبي أبن عبد الرحيم أفندي نظمي) و (صاري محمد أفندي ابن علي جلبي نظمي) و (الحاج زكريا ابن محمود أفندي نظمي) وهم الذين أشرت إليهم في صدر المقال. وإذ كان هؤلاء الرجال من أهل ذلك العصر كان جدهم نظمي من أهل القرن الحادي عشر فيوافق أن يكون نظميهم نظمينا الذي عليه وعلى بيته مدار البحث. فهل لأهل التحقيق والتدقيق أن يكشفوا الغامض ويأتونا بعلم جديد؟

وقد وقفت على أن (لنظمي زادة بغدادي) شرحاً بالتركية لقصيدة الفرزدق الشهيرة ببيتها: (هذا الذي تعرف البطحاء وطأته.) ولكني لا أعرف لأي فاضل من هذه الأسرة هو هذا الشرح. ومن الغريب أن أوليا جلبي لم يذكر نظمي في رحلته مع أنه خص فيها (4: 421) قطعة بشيوخ بغداد وشعرائها يوم كان فيها في سنة 1066 هـ (1655 م) فقال: (ويعد من العلماء العاملين شيخ الإسلام مصطفى أفندي الكردي ومفتي الأنام زين العابدين أفندي وغراب أفندي وابنه محمود أفندي وفيها أربعون شاعراً فصيحاً بليغاً مشاهيرهم: شيخ زادة جلبي، بالي ضيايي جلبي ملا زادة، محمود أفندي الغرابي) أهـ. فهل كان هؤلاء أعلى ذروة من نظمي وأرقى كعباً وان لم تصلنا قصائدهم؟ هذا والحقيقة بنت البحث. يعقوب نعوم سركيس حاشية تذكرة الأولياء أو جامع الأنوار قلت في ما سبق أن صاحب كتاب (آثار نو) قد غلط في أمر كتاب جامع الأنوار وهو تذكرة الأولياء والآن أوضح ذلك: جاء في كشف الظنون من الطبعة الإفرنجية (6: 559) تحت عدد 14627: (تذكرة أولياء تركي لمؤلفه نظمي زادة مرتضى أفندي البغدادي تأليف حدود سنة عشرين ومائة وألف (1708 م)

أوله: (حمد وثناي بي غايه وشكر وسباس بي نهايه الخ). وتحت عدد 14628 كذلك (تذكرة أوليا تركي سماه جامع الأنوار لمؤلفه أحد علماء الشيعة من بغداد تأليف سنة اثني وتسعين بعد الألف في شهر جمادى الآخرة أوله: (أي دوست علم واجب الوجود. . . الخ) أهـ. أما نسخة خزانة الأوقاف - وقد كنت ذكرتها (7: 518) ثم ذكرها العزاوي ونقل أولها (ص 433) - ففي أعلى الصفحة من مقدمتها ما يلي: (هذا كتاب تذكرة الأولياء ومراقد اصفيا (كذا) في أطراف بغداد دار السلام.) أهـ. وأول المقدمة هو كالذي ذكره آثارنو تحت عدد 14628. وقد حكى المؤلف في هذه المقدمة - ولم يشهر اسمه - سنة شروعه بتأليف الكتاب في سنة 1077 (1666) وتسميته إياه جامع الأنوار في مناقب الأبرار ثم أجالته القلم فيه في سنة 1092 (1681) - وكما قال - (فأتمه وأكمله ونقحه وذيله). وجاء في وصف النسخة المحفوظة في المتحفة البريطانية (فهرستها ص 74 - 75) عن مضمون مقدمتها مثل ما جاء في نسخة خزانة الأوقاف ومثل ما ورد في تعريب البندنيجي للمقدمة (7: 520). قلت أن ما ذكره آثارنو عن كتاب تذكرة الأولياء الموسوم بعدد 14627 من أنه لنظمي زادة مرتضى وما رأيناه في نسخة خزانة الأوقاف ونسخة المتحفة وتعريب البندنيجي يلزمنا أن نقول أن هذا الكتاب هو جامع الأنوار بعينه وانَّ ذكر صاحب آثارنو تأليف ذلك الكتاب في حدود سنة 1120 (1708) وهي السنة التي عرفنا أن جامع الأنوار صنف فيها. وإذ لا تقول ذلك النسخ القديمة التي ذكرتها ولا تعريب البندنيجي بل توضح أن آخر عهد المؤلف بكتابه كان في سنة 1092 أضحى صاحب آثارنو من الواهمين. وأما جوابنا على مخالفة مقدمة تذكرة الأولياء الموسومة بعدد 14627 لمقدمة تذكرة الأولياء الموسومة بعدد 14628 والمسماة اسماً آخر أي جامع الأنوار، هو - على ما يلوح لي - أن مقدمة 14627 هي مقدمة الكتاب عند أول تصنيفه قبل أن ينظر المؤلف فيه ثانية، وإذا أردنا البحث عن الكتاب الموسوم بعدد 14628 فأوله وسنة تأليفه يوافقان ما في نسخة الأوقاف ونسخة المتحفة فلا يكون هذا الكتاب إلا الذي نظر فيه صاحبه نظمي زاده مرتضى وتصرف فيه، فجامع الأنوار هو تذكرة الأولياء

الصابئة

وكلاهما واحد، ولعل التصنيف الأول كان أسمه بادئ بدء تذكرة الأولياء فغلب عليه هذا الاسم وان سماه مؤلفه جامع الأنوار في مناقب الأبرار بعد التصرف فيه، ويجوز أن أحداً رأى أسمه الكامل طويلاً وإذا اقتضب واكتفي باسم جامع الأنوار لا يفيد مضمونه سماه تذكرة الأولياء فشاع ذلك وذاع وعم وبقي الأول كالمنسي. هذا ولا عبرة في نسبة آثارنو لجامع الأنوار إلى أحد علماء الشيعة إذ إن من يطالعه يرى أنه من تآليف أبناء السنة فضلاً عما جاء لفخري زاده والبندنيجي معربي الكتاب أنه لنظمي زاده مرتضى كما مر بنا (7: 518). ومن عادة علماء الشيعة أن يكتبوا تأليفهم بالعربية أو الفارسية لا بالتركية. يعقوب نعوم سركيس الصابئة قال الإمام العلامة ابن المطهر الحلي في كتابه المختلف المطبوع بإيران سنة 1323 (2: 82): والصحيح في الصابئة أنهم غير النصارى لأنهم يعبدون الكواكب. أهـ وقال الطبرسي في تفسيره مجمع البيان (1: 54 طبعة إيران سنة 1311 هـ): (فكان معنى الصابي التارك دينه الذي شرع له إلى دين غيره كما أن الصابي على القوم تارك لأرضه ومنتقل إلى سواها والدين الذي فارقوه هو تركم التوحيد إلى عبادة النجوم أو تعظيمها) أهـ. وذكر عطاء أمين في مجلة اللسان خلاصة مقال الشهرستاني في الملل والنحل عن الصابئة بما هذا نصه: (إنهم قوم كانوا على عهد إبراهيم الخليل وكانوا يقولون أنا نحتاج في معرفة الله تعالى ومعرفة طاعته وأمره وأحكامه جل شأنه إلى متوسط روحاني لا جسماني ومدار مذهبهم على التعصب للروحانيات وكانوا يعظمونها غاية التعظيم ويتقربون إليها، ولما لم يتيسر لهم التقرب إلى أعيانها والتلقي منها بذواتها فزعت جماعة منه إلى هياكلها وهي السبع السيارات وبعض الثوابت) أهـ. (راجع مجلة اللسان البغدادية م1 ج2 ص 53 سنة 1337 هـ). وقال الأب إنستاس ماري الكرملي: (والصابئية أي عبادة الأجرام النيرة) أهـ. (راجع لغة العرب م7 ج3 ص 196 سنة 1929 م). العلوي

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة كيش (تل الاحيمر) تابع: وعلى من يزور كيش أن يصعد قبل كل شيء إلى الزقورة الخربة (تل الأحيمر) فيرى في وسطها المتخذ من اللين ما يدل على إن الزقورة العظيمة أحرقت برمتها، لان الملاط الصلصالي نفسه مشوي. وهناك نوافذ تخترق التل من جانب إلى جانب وقد أصبحت الآن مأوى الثعالب. ويرى بين طبقات الآجر طبقات الرماد الأبيض الدال إلى هذا اليوم على نوع الحصير المستعمل، وهو من جنس الحصير الذي يتخذه العرب في زمننا هذا ليعمروا به أكواخهم (راجع أيضاً ما يخص عقرقوف وبرسبا). ويتضح عظم المدينة الواسعة الأرجاء لمن يجول بنظره وهو واقف فوق قمة برج الهيكل الذي يبلغ اليوم من الارتفاع نحو ستين قدماً. ولكنه كان في حينه أعلى من هذا بكثير. ويمكن اقتفاء أثر أهم مزايا البلدة بمراجعة الخريطة. وطول مدينة كيش زهاء خمسة أميال في عرض ميلين، ويظهر أنها كانت في بادئ أمرها مدينتين توأمتين واقعتين على ضفتي الفرات المتقابلتين، وكان يجري النهر من الفجوة التي ترى بين طائفتي الروابي الرئيستين. وكان هيكل إلبابا وزقورته قائمين على ضفة النهر على نيف ونصف ميل من باب المدينة الغربي. وفحصت الروابي الواقعة هنا وهناك بين ساحة الهيكل وبين موقع الباب فاتضح أنها بقايا دور سكنى، وكانت تتألق في الزمان الذي أعاد ملوك بابل العظام، ملوك السلالة الأولى، هيكل اله الحرب وزخرفوه. ومن هناك يسير الزائر إلى أخربة قصر محصن واقع على مسافة نحو ميل شرقاً في وسط منطقة تجذب الأنظار لخلوها من التلول، ويظهر في أول وهلة أنه لا يتوقع شيء فيها. ومع ذلك بعد مرور يومين من هبوط الأمطار تبدو في الموقع نفسه عدة أبنية كبيرة بدواً جلياً فوق التراب. ويمكن إذ ذاك اقتفاء أثر

الغرف والدهاليز حتى الأبواب والمنزويات، وذلك لما بين اللبن القديم والتربة المحيطة به من الفرق في الجفاف. وإلى اليوم لم يكشف القصر كشفاً صادقاً إلا إنه يبدو جلياً أن هناك من الفائدة الخارقة العادة ما لا يخفى على أحد، ولعل الزائر يخيب ظنه بعد الالتفاته الأولى لما يرى حواليه من الخراب الظاهر. ولكن لو نقب القسم الشرقي من البناء لكشف دهليزاً تحت الأرض يمتد على موازاة جدار الحصن في الخارج. وثخن ذلك الجدار أربع عشرة قدماً، ولعل تلك الأزقة أقدم أزقة تعرف من نوعها، وكأنها تبيح للمنفرج بمكنونات غابر عهدها، وما جرى فيها من الوقائع الخطرة، والحوادث الروائية، التي تروق الإنسان لما فيه من عواطف الأطفال. إذ أن هذه العواطف لا تبرح معظم البشر طول حياتهم. ولم يوقع بعد على أحد طرفي هذا الممر مع أنه حفر فيه ما طوله مائتا قدم، ويرى بين تلول تلك الأنقاض المملة ما تحتويه من أسس الأبراج المستديرة والبئر الواقعة في الفناء، والحمامات والبلاليع المقيرة وموائد الطعام وطبقات الرماد الدالة على أن القصر غزي واحرق غير مرة. وبإجهاد الفكر بعض الإجهاد، يمكننا أن نعيد إلى مخيلتنا ذلك البناء وقديم مجده وما طرأ عليه من الطوارئ الخيالية وما شهده من المحاربة والموت، وهو اليوم خراب غريب في موضع مهجور. وعلى الزائر بعد ذلك أن يعرج نحو الجنوب ليرى الأبنية المحفورة في كتلة التلول المرتفعة التي يسميها العرب هنالك (عين غرا) وكان أسمها في القدم (هر سجكالما)، وترى في ذلك الموطن زقورتان (مفتولتان)، وهيكلان على أقل تقدير، وقصر محصن، وهناك أيضاً أبنية أخر لم يطلع على حقيقتها بعد. وأول شيء يستوجب كشفه هيكل عظيم، لم يحفر منه إلى الآن إلا قسم لا غير، ولا تزال بعض جدرانه قائمة في بعض الأماكن وارتفاعها ثماني عشرة قدماً. وجدد نبو كدراصر الثاني هذا الهيكل في القرن السادس ق. م. ويتضح أنه جرت فيه ترميمات غير مرة قبل ذلك الحين، وفي الحقيقة أن هناك ما يدل على أن الهيكل الأصلي يعود إلى زمن قديم جداً ولعله يرجع إلى سابق تاريخ

الشمريين. وربما كان الهيكل (إهر سجكالما). والزقورة الكبيرة من الزقورتين يعودان إلى (انينة) معبودة الشمريين والصورة الأولى لاشتر، إلا انه لم يعثر إلى هذا الحين على برهان جازم يفصح عن الآلهة لمن كانت هياكل هرسجكالما مرصدة. ويقتضي أن الزقورتين كانتا قائمتين في زمن مجد سرجون الأول ومملكة أكد، إذ أن قلبيها اتخذا من الآخر المسطح المقبب. وأهمل استعمال هذا النوع من الآجر بعد إخضاع الساميين للشمريين. وقد ظهر أن الزقورة الكبيرة جددها سرجون نفسه وأعاد وجهها بالآخر المربع الضخم الذي كان يستحسنه. وبعد أن يدور الزائر حول الزقورتين يأتي إلي بناء كان نقب فيه المسيو (دي جنوياك) سنة 1912. وتثبت أنواع الآجر المبنية به الجدران العالية. إنَّ هذا البناء جدد أيضاً عدة مرار، ويظن أنه جزء من هيكل (؟) (لانينة) وستنكشف حقيقته بعد تنقيب يمعن فيه، كما أنه يعتقد أن الهيكل الذي تعود إليه الزقورة الصغيرة واقع في رواب كبيرة مجاورة لها. وفي جنوبي هذا الهيكل، وعلى قرب منه، يرى خليط من التلول هي أنقاض تدل على موضع القصر المحصن العجيب لملوك كيش، وربما كانوا من السلالة الثانية، وبني ذلك القصر وأضيف إلى بناءه فترك قبل 300 ق. م. وإذا جال الزائر بين الروابي وقف بغتة على فناء دار رحيب، أمام وجهه بناء يذهل الناظر إليه، وهنالك درج عريض ومنخفض ذو أربع عشرة مرقاة، ولم يبق منها شيء غير اللبن ولكن ينبغي أنها كانت في بادئ أمرها مكسوة بمادة أصلب، ولعل تلك المادة كانت النحاس الأحمر، إذ يظهر أنه كانت للشمريين كمية وافرة من ذلك المعدن، ولا ريب في أنه كان لصف العمد القائمة في أحد أطرفا الفناء منظر هائل حين ذاك، كما إنه لا يشك في أن تلك الأساطين الشامخة كانت مغشاة بالمعدن، أو يحتمل أنها كانت مرصعة بالصدف والمحار ومحفورة في الحجر الكلسي على شكل يرى في القطع التي عثر عليها في الغرف المجاورة لا، وتلك القطع على جانب عظيم من الرونق والإتقان تروق الألباب. (راجع المحفورات في تل العبيد).

وينجلي كل الانجلاء للجوابة الخبير أن هذا القصر العظيم أكتسح وأحرق وربما حدث ذلك في سقوط السلالة التي أضافت إلى القصر جبهته القائمة على العمد. وهناك ما يدل دلالة لا ريب فيها على أن حماة الحصن دافعوا دفاع الأبطال وما زالوا يقاومون، الأعداء مدة طويلة ويتنقلون من غرفة إلى أخرى، وأقاموا الموانع هنا وهناك بسرعة بعد أن اقتحمت أسوار القصر المحكمة التحصين. ووقع على صفيحة صغيرة من حجر الكلس في إحدى الغرف فيها من أقدم خط الشمريين المعروف، وهي محفوظة الآن في المتحفة في بغداد. وتعود رسومها الرمزية إلى زمن أقدم من زمن ذلك القصر، ويجوز إنها اذخرت كذكرى منقولة أو كمطرقة من حجر. وقبل مغادرة هذا الموقع المفيد يجب زيارة مسكن النساخ المنهدم الواقع على ربع ميل من غربي القصر. فقد عثر على عدد كثير من الصفائح اللغوية والنحوية والدينية في دور متخربة من عصر (إسن) وعصر بابل الجديد. وكثير من تلك الصفائح مسطر على شكل دفاتر هذا اليوم. والبعض منها ملقى في الأزقة الضيقة، وفي ذلك ما يذكرنا بأن في تلك الأيام القديمة نفسها كان الأولاد الصغار يذهبون إلى الكتاب على رغم من إرادتهم. وإلى ما وراء أبنية هيكل (هرسجاكالما) تنساب تلول واسعة الامتداد وتتصل بتخوم المدينة الشرقية. وربما كانت تلك الروابي بيوتاً عديدة للمأوى، وفيها ما يبين أنها سكنت إلى زمن الفرس وعصر الفرثيين. ولكن لم يقم أحد بتنقيب هذه المنطقة تنقيباً منظماً. وقد استفيدت فائدة جليلة جمة من الحفريات التي قام بها في أخريات الأيام، الأستاذ (لنغدن) المدير العام لبعثة كيش، في محل يسمى (جمدة ناصر) على خمسة عشر ميلاً من الشمال الشرقي، ولا جرم أن هذه الأخربة ترجع إلى ما يسبق تاريخ الشمريين، والآجر هنالك قائم الزوايا. ولكنه يختلف كل الاختلاف عن الآجر الذي حل محل المسطح المقبب. والخزف المطلي يشبه نماذج الخزف القديمة جداً التي كشفت في السوس وميشان في عيلام.

بابلو (بابل) - (هي بابل المذكورة في التوراة: سفر الملوك الثاني 17: 30 ودانيال 4: 30 الخ). وهي على مسافة 54 ميلاً من بغداد في السيارة. وأما من الحلة فعلى ثلاثة أميال. يقال ساكن الأسد الوزغة حيث كان يعز جمشيد ويشرب. (بيت شعر فارسي) لا ترى مدينة من المدن يصح فيها قول الشاعر الفارسي كما يصح في بابل، لما يرى فيها من الخراب الهائل الموحش، واللبن الممل بوحدة لونه. فلقد أنقرض الأسد الآن من أرض الرافدين - إلا أن الحاكم التركي في الحلة أهدى إلى (لايرد) في نصف القرن المنصرم أسدين كانا آخر نوعهما في هذه الديار، بيد أن الضبع والثعلب يحلان محل الليث. وهناك أبارص صغيرة تسرح على الروابي التي يعلوها الغبار. ولو خرقنا بفكرنا الستار الحالي، ستار الخراب السائد في هذه المدينة، وعبرنا تلك الأيام حين كانت بابل في أبان مجدها وذروة عظمتها في عصر نبو كدراصر الثاني، لرأينا مزايا عجيبة في أكوام اللبن المتراكمة وربما ظهر فيها بعض الرونق. ومن ير بابل المرة الأولى يرتبك في منطقة الأخربة الفسيحة التي تكاد تتشابه في الحجم واللون، وعليه يشار على الباحث أن يباشر مشاهدة هذه المواطن القديم آخذاً بكويرش، وهي قرية صغيرة يسكنها الأعراب في يومنا هذا، وواقعة على ضفة النهر، وسكنها الأثري الألماني (الدكتور روبرت كولدواي) مدة تنقيبه الطويل الذي بدأ به في سنة 1899 وانتهى عند نشوب الحرب العظمى. ويقع تل القصر في شرقي القرية تواً، ويتضمن ذلك التل أهم أبنية المدينة الجليلة التي كاد يعيدها نبو كدارصر كلها لتكون آية لمجده وجلاله (دانيال 6: 30) وهناك طريق آثار أقدام تمتد من جانب التل الشمالي فتمر بالزاوية الشمالية الغربية من جدار المدينة الداخلي إلى أن تؤدي إلى أسد بابل الشهير الواقع على مرتفع صغير محاطاً بغدران مملوءة قصباً، وهذا الأسد متخذ من البصلد وهو كبير واقف فوق رجل مضطجع. ويرى على قرب من ذلك الأسد الطريق المقدسة، وهي طريق مرتفعة

معتدلة كانت في حينها مبلطة بقطع كبار من حجر الكلس، وكان يسار عليها بالآلهة في كل رأس سنة باحتفال جليل فتنقل إلى هيكل مردوك المسمى (إي ساجلا) أهم هياكل بابل. وكان يقوم على جانبي الهيكل جدران فيها رسوم السباع الهائلة بحجم طبيعي وأسود وثيران وحيوانات خرافية محفورة حفراً تتألف فيه الألوان الزاهية ومصنوعة بإتقان فاق به الحذاق البابليين سواهم، وكان في الجانب الأيمن قصور وفي الجانب الأيسر هيكل (نن مخ) الآهة الأمهات، وكانت النساء تنذرن لها التماثيل بشكل والدة وأبنها لتمن عليهن بولد. ويحسن بالزائر أن يلاحظ عند مروره بباب أشتر اقيسته الخارقة العادة. ذلك الباب الفخم الزاهي إلى هذا العهد مع أنه في حالة خربة. ولا جرم أن هذا الباب بابان لان جدار المدينة الداخلي كان مزدوجاً. ويحتوي ذلك الباب على ما يشبه فناء وسطاً ناشئاً من تشييد جدار في كل جانب منه يمر الواحد بالآخر. وارتأى بعض الثقات أنَّ دانيال حين القي في جب السباع كان هذا الجب الخندق الواقع بين الجدارين وكانت السباع فيه معتقلة (دانيال 6: 16). ولباب أشتر طبقان، وكانت الطريق المقدسة تمر بطبقته العليا المزخرفة بالحيوانات بحجمها المألوف ومنحوتة نحتاً محكماً والمدهونة بألوان بديعة. وأما الطبقة السفلى فكانت غرفاً وآزاجاً تحت الأرض، وكثيراً ما تشبه السراديب التي يسكنها أهل العراق في عصرنا هذا، وهم يشيدون بعضها تحت الأرض هرباً من حر الشمس اللافح في القيظ، ويرى أيضاً في ذلك القسم من الباب حيوانات منحوتة ولكن يظهر أنها لم تلون قط. وتل القصر كله الواقع في شمالي باب أشتر وجداره كتلة من الآزاج المتداخلة وكلها متهدمة، ويتعذر الوقوف على خطة البناء الأصلية. ولكن كانت تقوم في هذا التل قصور (نبوبلصر) وقصور نجله نبو كدراصر الثاني، الذي حاز من الشهرة ما يفوق شهرة والده. وقد سعى الألمان ههنا سعياً محموداً حتى انجلت لهم رسوم الطبقة الأرضية من الأفنية الواحد بعد الآخر فضلاً عن رسوم عدة غرف محاطة به. ويدعون أن في

هذا التل كانت (الجنان المعلقة) الشهيرة المعدودة من عجائب الدنيا السبع، وكان في التل أيضاً غرفة عرش نبو كدراصر التي ظهرت فيها لبلشصر اليد المنبئة الكاتبة على جدرانها (دانيال 5: 5) قبل احتلال كورش الفارسي تلك المدينة (539 ق. م) بيد أنه لا يرى فيه ما يفصح عن عظم بابل في سابق عهدها سوى عقود الأبنية التي كان عليها بناء ضخم فضلاً عن رسم ردهة انهدمت جدرانها منذ زمن طويل فأصبحت تراباً. وتنحدر الطريق المقدسة إلى ما وراء القصر شيئاً فشيئاً فتمر بهيكل أشتر و (تل المركز)، وهو أخربة دور سكنت في عدة عصور، ويقع هذا التل على يسار القصر، ثم تنعرج الطريق انعراجاً قويماً فتتجه نحو (تل عمران). وتمكن المنقبون الألمانيون من أن يقعوا هنالك على رسم الطبقة الأرضية (لأي سجلا) هيكل الإله القهار مردوك بين خليط كثير من اللبن والأنقاض. ولكن لم يبق شيء الآن ينطق بجليل مجد ذلك الهيكل الذي أمر حمرب أن تدون شرائعه فيه على صفيحة حجر عظيمة. وبعد سبعة عشر قرناً عقد فيه قواد الاسكندر مجلساً بعد وفاة زعيمهم، ويرى إلى شمالي الهيكل كل ما بقي من (أنتمن انكي) (دار حجر أساس السماء والأرض)، وهي برج بابل العظيم ذو الطبقات السبع الواقع الآن في حفرة كبيرة يغمر الماء قسماً منها في الشتاء، وهو من غريب الاتفاق. ويمتد من هيكل مردوك ممر يؤدي إلى مركز الجسر الذي كان يجمع قسمي بابل أحدهم إلى الآخر وكلاهما راكب ضفتي النهر، ولا تزال أسس ادعمة الجسر ظاهرة في ثغور عقيق النهر القديم وكان واقعاً في شمالي تل عمران على ما يرى اليوم وقوعاً قاصداً، ويتسنى للجوابة الواقف فوق هذا التل أن يطلع على وضع الأخربة العام، ومن ثم يسير إلى المسرح اليوناني المشيد قبل موت الاسكندر في بابل (323 ق. م) بنحو سنتين، ولسوء الحظ لم يبق من المسرح المتدرج شيء غير خطته الخارجية. ويمكن اقتفاء أثر خطوط جدران المدينة من قمة (تل حميراء) القائم على شمال شرقي المسرح وبالقرب منه، ويبلغ محيط الجدار نحو عشرة أميال وكان

محكماً إحكاماً خارق العادة، وفي الحقيقة كان عريضاً جداً، إذ نقل عن هيرودوتس أنه كان يتيسر لعجلة تجرها أربعة رؤوس خيل، أن تدور في الطريق الواقعة بين صفي أبنية ذات طبقة واحدة قائمة على حافتي سطح الجدار. وعلى مسافة قصيرة من الاخربة الرئيسة وشمالها داخل الجدار الخارجي تواً، يرى تل بابل، وهو بقايا القصر المحصن الذي بناه نبو كدراصر لمحافظة المدينة حين يهاجمها عدو من الجانب الشمالي. ووضع نبو كدراصر نظام دفاع عظيم لأنه كان يخشى دائماً غزوات الماذيبن، ومن ضمن ذلك النظام سور منيع كبير ترى أخربته إلى هذا الحين على خمسة عشر ميلاً من جنوب شرقي سامراء، وهناك أيضاً حصن (سفر) وهو سور آخر يمتد نحو كيش، وفضلاً عن ذلك كانت لديه وسائل تمكنه من أن يغمر الأراضي ماء حوالي بابل فتحول دون العدو. (راجع ما يخص أوبس وسفر). ويتطلب تدوين تاريخ بابل مجلدات طوالاً، مع أن المدينة حديثة العهد بالنسبة إلى كثير من بلدان سهل شنعار المجاورة لها. ومعظم تاريخها حروب واضطرابات، وحربها لآشورية لم تنقطع البتة، وكانت آشورية خصم بابل في الشمال، وقد سلبت بابل مراراً واحرقت، واختطف الإله مردوك من هيكله (راجع ما يختص بآشور ونينوى). بيد أن بابل أصبحت في أزمنة الصلح مقر الديانة والعلم والفلسفة، فضلاً عن أنها كانت موئل التجار، وكانوا يؤمونها من ديار شاسعة، وتبرز ثلاثة أزمنة من تاريخ بابل بروزاً جليلاً وهي: عرفت سلالة بابل الأولى بحكم حمرب العظيم. وله اليد البيضاء لما أوجد من الشرائع التي أنتفع بها العالم نفعاً جماً يقدر حق قدره. عظم شأن بابل بعد ذلك حين حكمت سلالة (فاشي) (1169 - 1101 ق. م) فتلالا نجمها في أثناء سلطنة نبو كدراصر الأول. إذ أن هذا الملك فاق فوقاً عظيماً حكم ملوك كيش الخامل. لأنهم ملكوا في بابل زهاء ستة قرون ولم يتمكنوا من أن يقهروا جيرانهم الآشوريين القهارين في الشمال. ولكن سلالة (فاشي) دانت لعزم (تغلث فلاشر) الأول وقوته (راجع ما يختص بآشور) ورزحت المملكتان تحت حمل غزوات الآرميين في الشمال مدة تقارب القرنين.

أصل اليزيدية وتاريخهم

أصل اليزيدية وتاريخهم 2 - إن هذه الفرقة كانت ولا تزال متكتمة، منزوية، لا تختلط بأحد، ولا ترغب - كغيرها أمثالها - أن تنشر ديانتها، أو عقيدتها بين الأقوام المجاورين وهذا التكتم يدعو أحياناً إلى تقولات، وآونة إلى حب التطلع والبحث عن الخفايا والأمور المستورة أو إلى الاختلاق وسوء التفسير؛ ويكاد يكون غريزياً في الأقوام أن يكشف المبهم إذ الذين لا يهمهم شأن غيرهم، ولا يودون الاطلاع على سبب كل حادث، قليلون جداً، ولذا يصدق قول القائل: منعت شيئاً فأكثرت الولوع به ... أعز شيء على الإنسان ما منعا ويصح توجيه غرض الباحثين، وحرصهم على التطلع بهذا الوجه، إذ لم نر الأفكار قد اشتغلت بالملل والنحل في هذه الأيام، اشتغالها بالتحقيق عن هذه الفرقة بقصد التوصل إلى حقيقة هذا الكتمان وما وراءه، والبت في أمره، وعلى كل حال ينتهي البحث باستكمال الوثائق والتدوينات الكافية. كان من رأي الأستاذ صاحب لغة العرب: (إنها (أي اليزيدية) بعد أن كانت تقرب من الإسلامية في عقائدها، وشعائرها، ورسومها، ابتعدت عنها.) (راجع المشرق 2: 32 و151 و 309 و395 و547 و731 و830). ولكن لا إلى المانوية. وقد مر النقل عن السمعاني، أنها مسلمة متزهدة تعتقد الإمامة في يزيد وتتعصب له. أما التصوف فهو معروف عنهم بالوجه المذكور. وقد ولدت منه عقائد جديدة منشأها غلاة هذه الطريقة، ودخول جماعة في زمرتهم من شواذ الأمم الآخر. وهذه الأمور حدثت متأخرة خصوصاً عقيدة الاحتراز من ذكر الشيطان، وسيأتي تفصيل هذا الإجمال بتطبيقه على عقائد هؤلاء.

الاعتقاد في يزيد: إنَّ الخلاف السياسي بين الأمويين والعلويين كان قديماً من زمن قتل عثمان (رض) وانتظام الحكومة الاموية، ولا نزال نرى آثار الحزبية فيه بادية إلى هذا الحين، ولكن بعد سقوط الحكومة الأموية، خضدت شوكتهم وأصبح المناصرون لهم قليلين وان لم يخل عصر منهم، حتى في هذه الأيام، فقد رأينا - قبل بضع سنين - أن قد أوصى بعضهم صديقاً له عازماً على السفر إلى سورية بتبليغ سلامه إلى أثنين: أبي العلاء المعري، ويزيد بن معاوية باعتباره الأول مصحاً دينياً، وبزعمه في الثاني أنه مصلح سياسي ولم يجد أكبر منهما في نظره.! مهما كانت المغالاة، فالتحزب للأمويين أثناء حكومتهم، وبعد امحائها كان ولا يزال وهذه أمور غير مستبعدة، خصوصاً من رؤساء اليزيدية الذين هم في مواطنهم الحاضرة، ويمتون إليهم نسباً ويوالونهم. ولم تكن فرقة اليزيدية خاصة بقوم معينين، أو فئة قائمة بنفسها، وإنما تولد الخلاف بعد ذلك ومن جراء هذا صاروا على عكس أنصار العلويين؛ إلا أن رياسة الأمويين وتوليتهم الكرد جعل تكوّن هذه الفرقة قائمة برأسها. عقيدة اليزيدية: حكى ابن تيمية عقيدتهم الدينية قال: (وانتم. . . قد من الله عليكم الانتساب إلى الإسلام الذي هو دين الله. . . وعافاكم بانتسابكم إلى السنة من أكثر البدع المضلة. ولهذا كثر فيكم من أهل الصلاح والدين، وأهل القتال المجاهدين ما لا يوجد مثله في طوائف المبتدعين، وما زال في عساكر المسلمين المنصورة، وجنود الله المؤيدة، منكم من يؤيد به الدين، ويعز به المؤمنين وفي أهل الزهادة والعبادة منكم من له الأحوال الزكية، والطريقة المرضية، وله المكاشفات والتصرفات. وفيكم من أولياء الله المتقين، من له لسان صدق في العالمينز فإن قدماء المشايخ فيكم، مثل الملقب بشيخ الإسلام أبي الحسن علي بن أحمد بن يوسف القرشي الهكاري (قد نقل عن السمعاني القول عنه أيضاً) وبعده العارف القدوة عدي بن مسافر الأموي، ومن سلك سبيلهما، فيهم من الفضل والدين والصلاح والاتباع للسنة ما عظم الله به أقدارهم). (راجع المجموعة الكبرى ج1 ص 238).

الغلو في يزيد: ومن هذا يتبين أن عقيدتهم عقيدة أهل السنة قبل أن يدخلها الغلو. وبعد أن ذكر ابن تيمية معتقد أهل السنة في الصحابة قال: (ولم يكن أحد يتكلم في يزيد بن معاوية، ولا كان الكلام فيه من الدين، ثم حدثت بعد ذلك أشياء، فصار قوم يظهرون لعنه. . . فسمع بذلك قوم. . . فاعتقد أن يزيد كان من كبار الصالحين وأئمة الهدى. وصار الغلاة فيه على طرفي نقيض. هؤلاء يقولون أنه كافر زنديق، انه قتل ابن بنت رسول الله (ص) وقتل الأنصار وأبناءهم بالحرة، ليأخذ بثأر أهل بيته مثل جده لامه عتبة بن ربيعة، وخالد الوليد وغيرهما. ويذكرون عنه من الاشتهار بشرب الخمر، وإظهار الفواحش أشياء، وأقوام يعتقدون أنه كان إماماً عادلاً، هادياً، مهدياً، وأنه كان من الصحابة، وأنه كان من أولياء الله تعالى. وربما اعتقد بعضهم أنه كان من الأنبياء، ويقولون: من وقف في يزيد وقفه الله على نار جهنم، ويروون عن الشيخ حسن بن عدي أنه كان كذا وكذا ولياً وقفوا على النار لقولهم في يزيد. (وفي زمن الشيخ حسن، زادوا أشياء باطلة نظماً ونثراً وغلواً في الشيخ عدي، وفي يزيد بأشياء مخالفة لما كان عليه الشيخ عدي الكبير قدس الله روحه. فان طريقته كانت سليمة ولم يكن فيها من هذه البدع وابتلوا بروافض عادوهم وقتلوا الشيخ حسناً، وجرت فتناً لا يحبها الله ولا رسوله. .) أهـ. عقيدة ابن تيمية فيه: والحاصل اختلفت العقيدة السياسية فيه. وقد لخص ابن تيمية قوله فيه: (إنه لم يدرك النبي (ص) ولا كان من الصحابة. . . ولا كان من المشهورين بالدين. . . ولا كان كافراً، ولا زنديقاً. وتولى بعد أبيه على كراهة من بعض المسلمين، ورضى من بعضهم، وكان فيه شجاعة وكرم، ولم يكن مظهراً للفواحش كما يحكي عنه خصومه). أهـ (ص 300) معتقد أهل السنة فيه: ونقل معتقد أهل السنة فيه فقال: (إنه لا يسب ولا يحب، ونقل عن صالح بن أحمد بن حنبل: قلت لأبي أن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد، قال:

يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقلت يا أبيت فلماذا لا تلعنه؟ قال: يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً؟. . . (إلى أن يقول): ومع هذا فطائفة من أهل السنة يجيزون لعنه، لأنهم يعتقدون أنه فعل من الظلم ما يجوز لعنة فاعله، وطائفة أخرى ترى محبته، لأنه مسلم تولى على عهد الصحابة، وبايعه الصحابة، ويقولون لم يصح عنه ما نقل عنه، أو كان مجتهداً فيما فعله. (والصواب هو ما عليه الأئمة من أنه لم يخص بمحبة ولا بلعن.) ونسب ابن تيمية في آخر بحثه هذا الجهل إلى من يعتقد في يزيد أنه من الصحابة وأنه من أكابر الصالحين، وأئمة العدل وقال: (وهو خطأ بين). ومن هذا كله يرى معتقد أهل السنة فيه، ويظهر مبدأ الغلو، وأنه لمعاكسة كانت للعلويين، ومشادة بين الحزبين، ونقل أبن تيمية ما كان من الاعتقاد فيه، وهو يوافق النصوص التاريخية المعروفة. وليس غرضنا الآن بيان تطور الاعتقاد في يزيد في جميع ادواره، وإنما نريد أن نتبين مجمل العقائد فيه، إلى ظهور عدي بن مسافر، ثم نعلم ما طرأ على هذه العقيدة، وإليك أيها القارئ ما يقوله الكرامية فيه: يزيد والكرامية: لم يكن اعتقاد إمامة يزيد مقصوراً على من ذكرنا من أهل السنة، واليزيدية وغلاتهم، بل هناك بعض الفرق الإسلامية المعروفة، وهي الكرامية، قالت بأحقية إمامته، فلم تخرج عن أحد الأقوال المارة، قال عبد القاهر البغدادي في كتاب الملل والنحل (راجع خزانه الأوقاف رقم 2746) ما نصه: (زعموا أن يزيد بن معاوية كان هو الإمام في وقته وأن الحسين (ع) كان خارجاً عليه. ولم يكن في قتاله معذوراً.) أهـ تخت ليزيد: ومن هذا وما سبقه يفهم أن اليزيدية كان معهم من يقول بقولهم. ولكن الإمامة صارت أمانة، وجرت إلى غلو يزيد لحد النهاية بحيث نرى (تخت

حب الكتب

يزيد) من المزارات المعتبرة، والمستغلة إلى هذا اليوم، ويحصل من ذلك ريع كبير لأمراء هذه الفرقة. ساق حب هؤلاء القوم ليزيد مؤخراً إلى الاعتقاد أن درجته تعلو صلحاء كثيرين، بل صاروا يعدونه فوق الشيخ عدي - بالنظر إلى اعتقاد بعضهم - أو دونه بدرجة كما هو معتقد قسم آخر، ومنهم من يرجح يزيد بن معاوية على الأنبياء، أو يزعم الألوهية فيه والتصرفات. والحاصل تطورت هذه العقيدة وتحولت تحولات سريعة فافرطوا في القول حتى صار يصدق عنهم كل ما يقال. بغداد: 4 - 4 - 1931: المحامي: عباس العزاوي حب الكتب ألا هل على العشاق للكتب من عتب ... إذا كان حب المرء فيضاً من القلب فللصب معشوق فريد وان لي ... معاشيق شتى الصب ما بينها حبي معاشيق ما مثل الضرائر عيشها ... ولكن على سلم حضوراً إلى غيب تزودني جلو الأحاديث حرة ... فلا الخوف يعروها ولا دهش الصب وتمنحني من قلبها كل لبه ... وأشفق حب جاد للصب باللب تحادثني صمتاً وأهوى حديثها ... فأي صموت ناطق منطق الذرب؟ وأي حديث نابت العين أجله ... عن الأذن حاشى ذاك ذي الكلم العذب لهن حروف تتبع العين رسمها ... كمغترب يمشي رويداً على الدرب فتطلب معنى عند كل استراحة ... كعطشان يستسقي من الحر والتعب قد أستبق القراء فيها بعقلهم ... على خطر صاغوه من سرعة الفهم مصطفى جواد

هيكل أدب

هيكل أدب (تابع لما بله) لقد انحدرنا من دكة دنجي إلى أساس هيكل الآجر المسنم 3 أمتار و85 سنتيمتراً فقط؛ بيد أننا رجعنا متقهقرين إلى الوراء بنحو ألف سنة فيجب علينا والحالة هذه أن ننزل إلى عمق 9 أمتار و40 سنتيمتراً من أساس الهيكل المشيد بالآجر المسنم أو ما ينيف على الثلاثين قدماً في قلب اثنتي عشرة طبقة قبل بلوغنا قعر الحفرة. فهنا تعترضنا مسألة وهي: كم من الزمن استغرقت أنقاض هذه الثلاثين قدماً؟ ذلك سؤال حير علماء تاريخ العراق القديم، ولم يستطيعوا أن يجيبوا عنه جواباً صحيحاً، لان عصر كل طبقة من الأطلال لا تقاس بعمقها ليخمن الزمن الذي وقعت فيه. بيد أنه من المحتمل أن يقال: إنه مضى على زمن تأسيس مباني ذلك الردم عشرة آلاف سنة، حينما كان الخليج الفارسي يكاد يتاخم بسمى وكانت في تلك البقعة قائمة مدينة وكان شعبها متحضراً، ومدنيتهم شبيهة بالمدنية الحديثة في صحاري العراق في هذا العهد. وبعد أن يصل الباحث الدرك الأسفل من قلب الصحراء ويحاول تسلق أعلى الحفرة صعداً لدرس الأطلال المتراكمة بعضها فوق بعض قرناً بعد قرن عليه أن يلقي نظرة سريعة إلى المدن السفلى تحت مخابئ التراب، فهذه الصفائح الرقيقة وبقايا جدران اللبن (أي الطابوق المجفف بالشمس) وطبقات الرماد وآثار المباني المشيدة بالآجر والخشب، تدل على أن عوامل الطبيعة أثرت فيها تأثيراً عظيماً فجردتها من عظمتها وأزالت رونقها وبهاءها، وشقف الخزف لا تنبئ أبن آدم بعمران تلك البقعة في سالف العهد إلا قليلاً جداً، لان المنقبين لم يقفوا على كتابة في الشقف. فمن هنا يستدل الباحث المدقق على أن الكتابة لم تكن معروفة في ديار بابل، قبل عصر الآجر المسنم، فقد مرت ألوف من السنين، وأمم، وشعوب، وقبائل، لا يعرف عنها شيء، حطت رحالها في هذه البلاد

وشيدت لها المنازل والدور ثم طوت أيام عزها وانضمت إلى الأمم البائدة، غير أن مدنها وعماراتها أصبحت على توالي الأجيال ركاماً من التلول الدوارس. الشمريون في العراق حل في القطر العراقي قبل المسيح بأربعة آلاف سنة، شعب غريب قدم من ديار مجهول، وكان أكثر حضارة من العراقيين الأولين، ولم يمض زمن على قدومه حتى أنتشر في بابل كلها، وقد عرف أبناء ذلك الشعب باسم الشمريين وقد صحفها بعضهم بصورة (الشنعاريين) ومعنى الأخير سكان بين النهرين، وبصور أخر لا تحصى نبهت عليها لغة العرب في مجلداتها السابقة. كان الشمريون قصيري القامة، مجتمعي الأعضاء، سمر الألوان، مسترسلي الشعر، مستديري الرؤوس والوجوه، عيونهم منحرفة قليلاً أي مائلة تشبه عيون المغول، وظهر للأثريين والمنقبين أن هذا الشعب عريق في القدم، وقد تدرج في سلم المدنية، وكان له لغة وآداب خاصة به منتشرة في الربوع التي نزح منها، وكان يعرف النحت، فقد نحت التماثيل من الحجر، وزخرف الأواني بنقوش ورسوم بديعة، وحفر الحروف واستنبط الكتابة، ورصع الأوعية بالعاج، وركب في الختوم الأحجار الكريمة الشفافة ذات الألوان البهية. وكان الشعب الشمري ورعاً، متعبداً، فالآثار التي خلفها في العراق تدل على شدة تدينه وتعلقه بآلهته، فانه لما أحتل مدينة (أدب) شيد لعبادته فيها هيكلاً من الآجر المسنم، ويذهب فريق من الأثريين إلى أن هذا الآجر أتخذ للبناء في ديار بابل لأول مرة، وإلى أن هيكلهم هذا يعد من أعظم وأنفس هياكل (أدب) القديمة، لان جميع الهياكل الحديثة التي أقيمت بعده، كانت ترميمات وإعادة بناء الهيكل الأول. اختار الشمريون موقعاً لهيكلهم العظيم الرابية القديمة، وبعد أن مهدوا سطحها، شيدوا فوقه مصطبة من اللبن بلغت مساحتها المربعة 65 متراً وارتفاعها مترين ونصفاً وزواياها متجهة إلى الجهات الأربع وفي وسط المصطبة يرى الهيكل والبرج. وقد ذهب بعضهم إلى أن برج الهيكل لم يكن موجوداً في عصر الشمريين، أو قبل عهد أور أنجور، ولكن في ذلك الزمن نفسه كانت منزلة البرج في الهيكل

السيرة الحسنة

عظيمة، ودرجته سامية، وضرورية في العبادة، وقد ارتأى الدكتور جمس بنكس النقاب الاميركي، أن الهيكل البابلي كان في أول نشأته برجاً صغيراً فوقه مذبح، وعلى توالي السنين ازداد البرج ارتفاعاً وشأناً فأصبح مقامه سامياً مقدساً عند أهله، وأخذوا يقيمون حول قاعدته المزارات للمتعبدين، والغرف للكهنة وكان في البرج عهدئذ أربع طبقات. وقد عثر النقابون على شقفة كبيرة من إناء مصنوع من الحجر الأزرق في هيكل (بسمى) ووجدوا منقوشاً عليها ثلاثة بروج وكل برج يتركب من أربع طبقات أحدها بجانب الآخر على دكة مبنية بالآجر. ومن المحتمل أن ذلك الرسم لا يمثل هيكل أدب كل التمثيل في ذلك العصر، وقد ذهب أهل البحث والتنقيب إلى أن الشمريين كانوا يشيدون لا أقل من أربع طبقات في كل برج. رزوق عيسى السيرة الحسنة كن ثابت العزم والأخلاق والدأب ... وكن حريصاً على الآداب والكتب ولا تحد عن طريق الحق أنملة ... ولا تعاشر لئيماً سيئ الأدب وأبعد عن الكذب أنَّ الكذب مفسدة ... للدين مخبثة للطبع والحسب واترك خرافات أهل الزيغ متبعاً ... طريق عقلك واستفهم عن السبب وهذب العقل تهذيباً يؤهله ... للبحث والفحص والتمييز والرتب ولا تكن حاكياً من غير تروئة ... كالفرد يحكي الذي يلقيه في العطب واطلب حقائق لا أقوال مختلق ... ما في أحاديثه القبحي سوى الشغب زواجنا زواجنا أصبح أضحوكة ... كيف زواج من وراء الرتاج؟ لا تتزوج غير معشوقة ... فإنما العشق أساس الزواج وان تمنعت تكن حائراً ... حتى ترى كالديك بين الدجاج كلها لمصطفى جواد

سبيل العز

سبيل العز قذفت نفسك في المحل الأرذل ... وتعاورتك صروف دهر حول وبقيت مشرعة المصائب وادعاً ... ونحت عيشك من صميم الجندل ولكم أراد بك النجاة مهذب ... عقل فكنت عن الاطاع بمزحل وبغى عليك أولو السفاه نكاية ... وفشلت عن حق عظيم الموئل قوم كأنهم الخراف مذلة ... ربوا لمذبحة وأكل معجل أسفاً عليك وأنت تحيا خاضعاً ... مثل الأثافي ضيقت بالمرجل آلى زمانك أن تكون مذللا ... أفلست في ردع الزمان بمؤتلي فاقعس عن الإذعان إنك ملزم ... أن لا تطاوع أمر نذل أفسل وذر العزائم ضبحاً محضيرة ... في سهل عزمك طلباً للأول ودع الرؤوس إذا رأتك نواغضاً ... ترنو إليك بأعين المتهول واشك الزمان إلى الآباء فانه ... قمن بنجحك والرقي الأمثل أترى الأمور مطيعة لمسالم؟ ... لا، فاهجمن على الأمور وأقبل وتقدمن شجاعة ومناعة ... وصناعة وبراعة المتأمل وارفع إذا خفض الأنام رؤوسهم ... رأساً على هام الاباءة معتلي وإذا بروا منك اليدين لعدلة ... تشتارها فاغضض عليها وأمل هذي الحقوق يتيمة ومضاعة ... فكن الوصي لهذه ولتي الولي وانبذ قشارات الحياة فأنها ... نحو الرياء البحث أسرع موصل وذد القرون عن الأمون لأنها ... بئس الرفيق له وشر موكل

الحدائق

وازهق إذا كان الزهوق منجياً ... للمرء من ذل الحياة المثقل فالموت منجاة وأشرف مذهب ... عند انسداد مسالك المتحول ولعل أبأس بائس من لم يكن ... يدري على أي المراقي يعتلي لقد اجتزأت بالاصطبار لعزتي ... والعز مثراة الكريم الأمثل وانجابت الآمال بعد شروقها ... واليأس مصدأة لقلب المعمل حتى رماني الدهر كل رمائه ... ولقد حفظت بكل حزم مقتلي ما لي وللدنيا تريد تملقاً ... مني ولست إلى الهوان بمنزل حاشى لنفسي المستميتة أن ترى ... تواقة لمعيشة المتسفل ومن استعف عن الحطام فسالم ... من كل دخل أو تسخر مرذل لم يجتمع عز وبخل في فتى ... كيف اجتماع مشرف ومسفل يضعون من فضلي فيمرق شامخاً ... كالنور يسطع أو كلمحة معجل إن ينقموا مني العزازة فهي لي ... شرف وللأوغاد شر منكل دلتاوة: مصطفى جواد الحدائق هيا إلى الورد اللطيف الجميل ... ينمو بماء يشبه السلسبيل إلى الحدائق التي أزهرت ... والطير فيها طربت بالهديل والماء يجري بين أشجارها ... يلمع كالسيف اليماني الصقيل فوردها مبرقش مزده ... ذو أرج ينعش نفس العليل قد ضمخت أنحاؤها كلها ... من الأريج المستطير البليل تزينها الريح بتلعابها ... فهي صديق ما له من مثيل كأنها التيجان في سوقها ... فوق ملوك بالهوى تستميل

آل الشاوي

آل الشاوي سليمان بك الشاوي (تتمة) وقائعه السياسية 1 - من مقتل أبيه إلى وزارة سليمان باشا: إنَّ خبر مقتل والده دعاه إلى أن ينهض على الحكومة بتاريخ 1183 هـ كما تقدم. وهذه أول معاناته للسياسة العدائية، وقيامه على الحكومة العثمانية، فاشترك أخوته معه، وبقيت نتائج هذا الحادث مجهوله، والظاهر أن المناوأة بقيت إلى أيام الطاعون عام 1186 هـ وما يليها، حتى تدهور هذا الوزير واختل أمره في كل صوب وكان الشاويون عليه أكبر من الطاعون، ودامت أيام الطاعون من أوائل شعبان سنة 1186 إلى أواخر المحرم من سنة 1187 هـ. (راجع دوحة الوزراء). ثم وقعت حروب وفتن داخلية وغير داخلية أي مع العجم، زمن حكومة عبد الكريم خان الزند، أنست مصاب والده، ودعت إلى تقربه من الحكومة بعد أن زال الوالي وشفي غليلهم بقتله. وأخذت الحكومة نفسها تستعين به في الأخطار التي انتابتها من كل صوب، فقام في هذه الأحيان لمصلحة الحكومة بما كان يمدح عليه. فهو قوة على الناهضين للإفساد والشغب، مراعياً سياسة الإدارة وإرضاءها بما استطاع من حول، ورأى المصلحة الحقيقية تدعو إلى ذلك واخوته معه قوة لا يستهان بها. ونظراً إلى ما كان له من نفوذ ومكانة، أستصرخه الببتوشي في وقعة العجم، واستيلائهم على البصرة، وحرضه على استعادتها، وقد أورد صاحب مطالع السعود ما مؤداه: (إن البصرة كان قد حاصرها العجم بعد سنة 1188 هـ لمدة نحو سنتين، ثم استولوا عليها وأسروا متسلمها سليمان أغا. وفي أثناء بقائها بيد العجم،

كتب الأديب الفاضل، عبد الله البيتوشي إلى سليمان بك الشاوي، كتاباً جمع إلى انسجام الألفاظ، جوامع المعاني، وكان سليمان بك إذ ذاك صدراً في العراق يستصرخه لنصرة البصرة وتخليصها مما فيها، ذاكراً فيه ما للبصرة من الفضائل التي منها: إنها ربت جماعة من الفضلاء والكرماء فكيف تترك تحت أضراس العسف؟ إلى أن يقول: ما كان من شيم الأكابر أنهم ... يدعون ما يحمون بالأسياف والبصرة الفيحاء أولى ما حمى ... ملك وصانتها يد الأنصاف أفتاركوها تحت أنياب السيو ... ف ذليلة الأشراف والأطراف أم مطلقوها من أداهم ذلها ... فلكم دعت للفك من أشراف نادت (هزبراً) حين أعيا أمرها ... فأجابها بشراك بالألطاف ولم يذكر ابن سند كتابه بنصه وإنما لخصه تلخيصاً. وقال: (ولما وصلت المألكة إلى سليمان بك، وقعت منه موقع السلسال من الغيمان، ورام النصرة فلم يكن له بها يدان. . .) ولذلك لما اضطرب من أحوال بغداد وما بلغ من سوء الحالة والنزاع على الوزارة والحزبية الداعية للفتن. وفي هذه الأثناء أيضاً تأهب الفرس لغزو المنتفق، وغاية ما يلاحظ هنا أن البيتوشي لم ير من يستفزعه لهذا الأمر الجلل سوى سليمان بك. ولذا خاطبه بكتابه الذي نوه به عثمان بن سند، وفي هذا الحين كان سليمان أغا متسلم البصرة في أسر العجم. 2 - من وزارة سليمان باشا إلى أواخر أيام المترجم: ثم أنَّ سليمان أغا أطلق من أسر العجم، فولي متسلمية البصرة، وبعدها نال وزارة بغداد أيضاً فصار يدعي (سليمان باشا) وذلك سنة 1194 هـ، فصار إلى الزوراء وحينئذ استقبله إسماعيل كهية في طريقه، وكان وصل (العرجة) فقتله هناك ونفى من كان معه إلى البصرة، فذهب الوزير إلى كربلاء وعاد منها كما في دوحة الوزراء. قال صاحب مطالع السعود في ص 68: (وعندما شارف الحلة، لقيه أحد الأكابر الجلة، أمير حمير سليمان بك لما بينهما من الخلة، فأكرمه وبجله، وأجله وعامله من اللطف بكل خلة. . .) وورد عن سليمان فائق بك، وصاحب الدوحة في بيان السبب: (لما أبداه من الصدق والإخلاص للحكومة من أول الأمر

إلى آخره.) ومن ثم وصل الوزير المسعودي ولم يشأ أن يدخل بغداد حتى يقضي على بعض المناوئين، فعبر من ناحية (المنطقة) ومضى في عمله (دوحة الوزراء). 3 - وصف الحالة السياسية وآل الشاوي: قبل هذا كان النفوذ محصوراً في أيدي المماليك، (أي الكولات، ولا تزال محلة الكولات في بغداد معروفة باسمهم) لزيادة الحرص والطمع في السلطة، وفي جباية الأموال. ولم يقربوا من الآهلين إلا بقدر ما تدعو إليه الحاجة والضرورة وذلك في المدينة طبعاً لا في الخارج ولا في العشائر ولم يقدموهم للمناصب في آخر الأمر إلا لعجز بدا منهم وسوء تدبير، مما دعا إلى التدخل والاستعانة، ولذا نرى حالات الاضطراب والفتن الأخيرة أهابت إلى أن يقوى نفوذ آل الشاوي في الإدارة الداخلية عدا العشائرية التي كانت في أيديهم دون سواهم بحيث صار يخشى بطشهم ويرتاب في توسع سطوتهم أكابر الأمراء وأرباب السلطة، والشعر لسان حال الوضع وهو جريدة ذلك الزمن. وفي كل هذا الحين، أي إلى زمن حكومة سليمان باشا، لم ير من آل الشاوي ما يعاكس سياسة الحكومة وسلوكها، وإنما يشاهد منهم النصح الصادق، وحسن التدبير، والمقدرة على الإدارة، ولكن الأجنبي يتخوف من ظله ويحترز من الوطنيين احترازاً يحسب له حساب، فحدثت الرقابة وصار يخشى من توسع أمر الشاويين، فكان سليمان بك يعد من أماثل القطر وأكابر رجاله، وكان ممن لا يقعقع له بالشنان. أما سليمان باشا الوزير فإنه أراد أن يعيد إلى المماليك سطوتهم الأولى، ونفوذهم السابق، وحاول أن يقضي على كل نفوذ لغيره من عشائر أو من أشخاص ويحصر السلطة بأيدي المماليك ولكنه حاذر أن يبطش بسليمان بك الشاوي رأساً وبلا تمهيد مقدمات لما حاق به من الأخطار الآخر فأبدى له حباً جماً، وأظهر مودة زائدة، وأستخدمه في أهم الأعمال، كل هذا ليمحو به نفوذ الآهلين من جهة، ويقلل تدخلات الحكومة المركزية من جهة أخرى بسبب ما يظهر في المماليك من الضعف بين آونة وأخرى، ثم يرجع إليه بعد ذلك ويفرغ له.

وقد خبر هذا الوزير الحالتين: نفوذ المماليك الأول، وضعفهم الأخير. وشاهد بعينه مقدرة عبد الله بك الشاوي. ولعله هو الذي أسر الوزير عمر باشا بقتله فقتله. ولذا قرب الوزير سليمان باشا صاحب خاتمه (مهرداره) أحمد آغا الخربنده ولم يثق بغيره لمكاشفة سره، والاطلاع على طويته في هذا الامر، وذلك لأنه رباه من صغره، وعرف إخلاصه له، واستقتاله في خدمته، فأعطاه من النفوذ والسلطة ما حسده عليهما أهل حاشيته، فمكنه لهذه الغاية ولم يخش منه قوة قبيلة أو نفوذاً يصح أن يستعمله عليه، بعد هذه المنحة من حول وطول. أما سليمان بك، فإنه قام بخدمات جليلة لهذا الوزير، وأنقذه من ورطات عظيمة في جميع ما وقع من الأسفار والحروب. فأعماله نحو الوزير مبرورة خالصة وظاهرة للعيان، فنال وجاهة عند الوزير ولم يساو به أحداً في الظاهر؛ وان كان الوزير حسب خطته يضمر له نيات، على حد ما قيل (لا يجتمع سيفان في غمد، ولا فحلان في شول) خصوصاً أنه حصل على حب الآهلين ومدحه الشعراء، زد على ذلك أن في أصله نجابة وكرامة تدعوان إلى تساميه وفخاره على غيره. وما قيل: إن الوزير كان قد ربى أبن الخربنده، وهو أحمد آغا المهردار من صغره، ورعاه رعاية كبيرة لما فيه من اعتدال قوام، وجمال خلق، وأدب جم، وموسيقى جذابة، وحسن تدبير، ومهارة في القيام بالأمور المودعة إليه، قول صدق قوى نفوذه لديه بحيث صار يد الوزير وسمعه وبصره، ومن هنا تولدت النفرة بينه وبين سليمان بك ووقعت المزاحمة، ولما كان الوزير يحب الاثنين أراد أن يوفق بينهما، فلم يتمكن مع عزة المهردار عند الوزير واستحقاقه التصدير لنباهته. كل هذا لم يكن السبب الحقيقي، وسليمان فائق بك المؤرخ الشهير لم يشأ أن يبدي السبب الحقيقي؛ لأنه من المماليك ويحب أن يستر نياتهم. وان كان أشار إلى تألم الوزير لمقتل ابن الخربنده وبيانه فان ذلك هدم لمشروعه وتشويش لما قرره، وكذا يقال عن صاحب المطالع فإنه أبدى أن حساده توصلوا إلى الوزير، وغرضهم أبعاده فأبلغوا عنه ما أرادوا إذ لو لم يبعدوه لما

سادوا حتى قال: وإن من هذه الأسباب مخاصمته المهردار ومصارحته له بالعداوة مع عزة المهردار عند الوزير. إنَّ هذا الأمر بيت ليلاً، وكان كلما أشتد النزاع والنضال بين الاثنين، أبدى الوزير أنه سعى للتوفيق بينهما توصلا للغرض فكتم الأمر غاية الكتمان، ولما رأى أن الوقت قد حان لتحقيق منهاجه اضطر - ظاهراً - إلى أن يرجح جانب المهردار، وأشاع عن سليمان بك تصلبه وخشونته فأمر أن لا يبقى في بغداد، وأن يذهب إلى حيث يشاء. وقد يكون أبن الخربنده هو الذي أوغر صدر الوزير، وبلغه تبليغات عنه، لينال المكانة، ولكن الوضع كان بخلاف ذلك، والإشارات والقرائن تؤيد الرأي الأول، وقد وجه سليمان فائق بك اللائمة إلى الشاوي من جهة عدم مماشاته للوزير، وفسحه المجال لابن الخربنده والظاهر ما ذكرت أن سليمان فائق بك يريد أن يكون ذليلاً، فنسب إليه الخشونة، على أن الحكومة ليست معبودة لهذا الحد، والأخلاق السليمة تأبى الخضوع لكل امرئ، وإنما يخضع الإنسان للحق ولا يخشى إلا الله، وتعست الحكومة التي هذا شأنها ولم تقف عند حدها، وقد كلفت الوزير هذه الخط كلفة كان في غنى عنها، وحركت عليه ساكناً آخر، لان تقدم أبن الخربنده أسخط أهل القدم والخدمات للحكومة، فأوجد مزاحمين آخرين غير أبن الشاوي، وما ذلك إلا لان الوزير لم يرغب في أن يطلع على دخيلة سره غيره، فكان في الحقيقة هو الذي قتل أبن الخربنده. 4 - خروج سليمان بك الشاوي من بغداد ووقائعه: اضطر سليمان بك إلى أن يخرج من بغداد بأتباعه وحاشيته سنة 1200 هـ فأقام في الجهة القصوى من هور عقرقوف، وتابعته قبيلة العبيد، والقبائل الأخر المقيمة في تلك الأنحاء، فالتفت حوله. وبالحقيقة أنَّ العشائر لا تعرف غيره، وحينئذ أراد المهردار أن يقضي عليه أو يقصيه، فحرك عليه الوزير، فاستعد المهردار للهجوم عليه بجيش مع بعض أمراء الكرد، فأطلع سليمان بك بواسطة عيونه على كثرة جيوش عدوه، فترك أثقاله وظعن إلى جهة الخابور، ولم يظهر

الحياة الصالحة

أنه هو البادي، فغنم الجيش أثقاله، فصارت هذه الحادثة للجيش (سمعة وسلامة). وعند عودة أحمد آغا المهردار، منح منصب (الكتخدائية) المنصب الذي كان يعارض الشاوي في منحه إياه لخساسة أصله ولسابق مكانته الأولى التي نوه بها سليمان فائق بك وهذا المنصب أكبر الدرجات التي كان يمكن أن ينالها موظف في ذلك الحين. وهو مقدمة الوزارة لحكومة المماليك وقبل حكومة هؤلاء المماليك كان الوزير يأتي بالكتخدا معه من الأستانة وعند انفصاله يعود معه. وهذا التعيين ولد الحسد والمزاحمة - كما تقدم - في أقرانه، بل في من هم أقدم منه في السبق. وكان المنصب المذكور مرجع الخاص والعام، وصاحبه في الحقيقة مالك السلطة الحقيقية. فكان تقليده هذا المنصب إغراء آخر من قبل الوزير على ابن الشاوي. 5 - 3 - 1931: المحامي: عباس العزاوي الحياة الصالحة نريد حياة العلم يا أيها الشعب ... فقد بزنا الأغراب واستعبد الندب نريد حياة بالصناعات غضة ... فلا ينهوي معها العراق ولا يكبو نريد حياة لباساً للعراقي صنعه ... نريد جيوشاً تستحر بها الحرب نريد حياة نفوذا صارماً في أمورنا ... فخيراتنا العظمى لكل الورى نهب نريد حياة حياة حرة يعربية ... تؤيدها الأموال ينصرها العضب نريد حياة حياة ذات بأس معظم ... تعززها الأعمال تسمو بها العرب نريد طيور العلم في الجو عوماً ... وشبان علم في طريق العلى هبوا فان الحياة اليوم علم وصنعة ... ومال عظيم يستعين به الشعب مصطفى جواد

فوائد لغوية

فوائد لغوية نقد تاريخ الأدب العربي 3 - قرأ الزيات الأستاذ المهذب ما كتبناه في نقد الطبعة الثانية من كتابه هذا فلم يسخط ولا أوجسنا منه شأن المستكبرين بل أهدى إلى إدارة لغة العرب نسخة من كتابه من الطبعة الخامسة المزيدة المنقحة بمطبعة الاعتماد بالقاهرة 1349 هـ 1930 م، وكأنه رأى في الطبعة الثانية ما يلوي بمجهوده الذي أودع الطبعة الأخيرة إياه، ومن أحرى بالحق من صاحبه؟ وأشرف من طالبه؟ ولم يبعث بالكتاب غفلاً بل أرسل به وبكتاب يبين عما أضطم عليه هو من نفس كريمة وأخلاق طاهرة وطبع هادئ، ومما كان في هذا الكتاب أنه لم يوافقنا على الفصاحة التي تنشأ من استعمال جمع القلة وجمع الكثرة في مواضعهما محتجاً بان ذلك القيد من قيود القدماء الركيكة، ولإيضاح الأمر نورد ما جاء في المصباح المنير. قال الفيومي: (وأما ثلاثة قروء فقال الأصمعي: هذه الإضافة على غير قياس والقياس ثلاثة إقراء لأنه جمع قلة مثل ثلاثة أفلس وثلاثة رجلة ولا يقال: ثلاثة فلوس ولا ثلاثة رجال، وقال النحويون: هو على التأويل والتقدير: ثلاثة من قروء لان العدد يضاف إلى مميزه وهو من ثلاثة إلى عشرة قليل والمميز هو المميز فلا يميز القليل بالكثير، قال: ويحتمل عندي أنه قد وضع أحد الجمعين موضع الآخر أتساعاً لفهم المعنى - هذا ما نقل عنه - وذهب بعضهم إلى أن مميز

الثلاثة إلى العشرة يجوز أن يكون جمع كثرة من غير تأويل فيقال: خمسة كلاب وستة عبيد، ولا يجب عند هذا القائل أن يقال: خمسة أكلب ولا ستة أعبيد) أهـ. وهذا السبب الذي حملنا على أننا لم نخطئ الأستاذ الزيات ولكن لم نستفصح قوله، على أنه - حفظه الله - على بينة من تكلفات القدماء محق في دعواه، وقال المبرد في (2: 192) من الكامل توضيحاً لقول عمر بن أبي ربيعة: فكان مجني دون من كنت أتقي ... ثلاث شخوص كاعبان ومعصر ما صورته (وقوله ثلاث شخوص، والوجه ثلاثة أشخص): قلنا وكان المبرد قد قال - كما في (1: 60) من كامله (وتصير حروف المضارعة تابعة للياء) وقال فيها (وحروف الحلق سنة الهمزة والهاء والعين والغين والحاء والخاء) ولم يقل (الوجه أن أقول: أحرف المضارعة وأحرف الحلق) فما أحراه بذلك!. ظهور الإسلام واستقلال العدنانيين وقال في ص 3 عند كلامه على اعصر الأدب (العصر الجاهلي ويبتدئ باستقلال العدنانيين عن اليمنيين في منتصف القرن الخامس للميلاد وينتهي بظهور الإسلام سنة 622 م) قلنا: ما نعلم حقيقة هذا الاستقلال ولم يذكر الزيات مصدر روايته وكل أمر تاريخي يذكر اليوم بلا مرواه لا يركن إليه ولا يوثق به، فإن كان الزيات على ثقة من أن العدنانيين استقلوا في القرن الخامس للميلاد فكيف يقول في ص 13 (فإن القحطانيين جلوا عن ديارهم بعد سيل العرم - وقد حدث عام 447 م كما حققه غلازر الألماني - وتفرقوا في شمال الجزيرة واستطاعوا بما لهم من قوة وما كانوا عليه من رقي أن يخضعوا العدنانيين لسلطانهم في العراق والشام كما أخضعوهم من قبل لسلطانهم في اليمن) وروى الواقدي في المغزي - كما في مج 3 ص 362) من شرح أبن أبي الحديد قول إياس بن أوس بن عتيك لرسول الله (ص) (وقد كنا يا رسول الله في جاهليتنا والعرب يأتوننا فلا يطمعون بهذا منا حتى نخرج إليهم بأسيافنا فنذبهم عنا، فنحن اليوم أحق إذ أمدنا الله بك). وفي ص 361 منه قول عبد الله بن أبي (يا رسول الله كنا نقاتل في الجاهلية في هذه المدينة (أي يثرب) ونجعل النساء والذراري في هذه الصياصي ونجعل معهم الحجارة، والله لربما مكث الولدان شهراً ينقلون الحجارة إعداداً لعدونا ونشبك المدينة بالبنيان فتكون كالحصن من كل

ناحية وترمي المرأة والصبي من فوق الصياصي والآطام ونقاتل بأسيافنا في السكك، يا رسول الله أن مدينتنا عذراء ما فضت علينا قط، وما خرجنا إلى عدو قط منها، إلا أصاب منا، وما دخل علينا قط إلا أصبناه) ففي الحجاز كانت الحروب والغزوات حاملة أوزاها، والمدينة كانت للقحاطنة. أما مدة الجاهلية فهي (120) سنة ولم يذكر الزيات أسم القحطانيين المغلبين على عدنانيي الشام والعراق في هذا القرن المذكور، ولعله أراد الغساسنة واللخميين فاللخميون مبدأ ملكهم على العراق سنة (268 م) ويقاس زمن الغساسنة على زمنهم، وحينئذ لا يوافق زمن جلائهم وقت ملكهم فيلزم أن يكون الجلاء قبل ما نقله الأستاذ الزيات، وأما أن الإسلام ظهر في سنة (622 م) فغير مقبول، لان هذا زمن هجرة الرسول - ص - من مكة إلى المدينة كما ذكر هو في ص 87 فقد قال: (فكانت هذه الهجرة المباركة مبدأ لعلو كلمته وانتشار دعوته وتمام نصرته) فالصواب أن يقول (وينتهي بالهجرة سنة 622 م) أو يستبد به ما يريد. رحلة الحجازيين التجارية وقال في ص 7 (إلا قريشا فتحضروا لقيامهم على البيت الحرام وإيلافهم رحلة اليمن والشام) ثم قال في ص 16 عن قريش أيضاً: (وإيلافهم رحلة الشتاء إلى اليمن ورحلة الصيف إلى حوران) قلنا: أما رحلتهم إلى الشام فجائزة الحكم لان مرتحلهم داخل في ما يشمله الشام وأما تخصيص الرحلة بحوران فنحن نشك في جوازه، قال الواقدي: (وحثني هشام بن عمارة بن أبي الحويرث، قال: كان لبني عبد مناف فيها (أي في العير) عشرة آلاف مثقال وكان متجرهم إلى غزة من ارض الشام) وقال الواقدي أيضاً: (فكانت العير ألف بعير وكان المال خمسين ألف دينار وكانوا يربحون في تجاراتهم بالدينار ديناراً وكان متجرهم من الشام غزة لا يعدونها إلا غيرها). وقال أبن خلكان في ترجم إبراهيم الغزي: (ولد الغزي المذكور بغزة وبها

قبر هاشم جد النبي - ع -. . . وغزة بفتح العين المعجمة وتشديد الزاي وبعدها هاء وهي البليلدة المعروفة في ساحل الشامي. . . من أعمال فلسطين على البحر الشامي بالقرب من عسقلان وهي في أوائل بلاد الشام من جهة الديار المصرية وهي إحدى الرحلتين المذكورتين في كتاب الله العزيز في قوله تعالى: (رحلة الشتاء والصيف)، واتفق أرباب التفاسير أن رحلة الشتاء بلاد اليمن ورحلة الصيف بلاد الشام فقد كانت قريش في متاجرها تأتي الشام في فصل الصيف لأجل طيب بلادها في هذا الفصل، وتأتي اليمن في فصل الشتاء لأنها بلاد حارة لا تستطيع الدخول إليها في فصل الصيف، قال أبو محمد عبد الملك بن هشام في أوائل سيرة رسول الله - ص -: أول من سن الرحلتين لقريش رحلة الشتاء والصيف هاشم جد النبي - ع - ثم ذكر بعد هذا بقليل، قال ابن إسحاق: (هلك هاشم بن عبد مناف بغزة من أرض الشام تاجراً) أهـ كلام ابن خلكان. فقول الأستاذ الزيات يستلزم له مصدر ثقة، فان الواقدي ذكر أنهم لا يجاوزون غزة في متاجرهم. الخصيص والخصيصة وقال الأستاذ في الصفحة نفسها تعليقاً (إن البداوة خصيصة العرب في التاريخ القديم) وقد قال الفاضل أسعد خليل داغر في (ص 64، 65) من تذكرة الكاتب: (ولهم في هذه الأيام باستعمال كلمة: خصيص وخصيصة، ولع يفوق الوصف حتى أنك قلما تجد كاتباً يتجافى عن استعمالهما فتراهم يقولن: دعاني إليه خصيصاً وأقام له حفلة خصيصة وكان كلامه موجهاً إلي خصيصاً، وكأني بهم حذفوا من معاجم اللغة كلمة: مخصوص ومخصوصة وعلى الخصوص وخصوصاً وخاصة، واستغنوا عنها كلها بكلمة: خصيص وخصيصة، ولا يخفى أن صيغة فعيل بمعنى المفعول ليست من المقيسات بل هي مما يؤخذ بالسماع، ولم ينقل عن العرب: خصيص بمعنى مخصوص، نعم إنه سمع في بيتين قالهما أبو الرقمع ويخيل إليّ أن فقره الأدبي كان أشد من فقره المادي، وإلا لم يضطر إلى مخالفة

المسموع في هذا الاستعمال وكان في استطاعته أن يقول: واتى إلي رسولهم مخصوصاً، ويتخلص من خصيص. . .) وتابعه على هذا الرأي الشيخ إبراهيم المنذر فقال في ص 44 من كتابه (كتب خصيصاً لهذه المجلة: كتب خصوصاً أو خاصة لهذه المجلة لان وزن فعيل لم يسمع فصيحاً من هذا الحرف وابن الرقمع (كذا) لا يعد حجة بقوله: أصحابنا قصدوا الصبوح بسحرة ... واتى رسولهم إلي خصيصاً. . .) أهـ قلنا: لا يرى اللغوي الأديب التحري ولا التدقيق في ما أجمع عليه هذان الفاضلان لان هذه الكلمة وأمثالها مما يبنى عليه أساس ترقي العربية في عصرنا. فينبغي لهما التوسع والتبسط في الكلام عليها، فالخصيصة أما بمعنى (الخصوص) كالجريرة والجريمة والرذيلة والشتيمة والسيئة والسوية والفضيلة والقذيعة والنقيصة والنميمة وهي أسماء مصادر، وإما بمعنى (خاصة) وأما بمعنى (مخصوصة) فالأولى كما في قول أبن أبي الحديد عن علي بن أبي طالب - ع - (فسبحان من خصه بالفضائل التي لا تنتهي ألسنة الفصحاء إلى وضعها وجعله أمام كل ذي علم، وقدوة كل صاحب خصيصة) وقال أبو جعفر الإسكافي - رض - (وهل ينتهي الواصف وان أطنب: والمادح وإن أسهب إلى الإبانة عن مقدار هذه الفضيلة والإيضاح بمزية هذه الخصيصة). والثانية كما في قول الإمام علي - ع - في نهج البلاغة (أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب، وكسرت نواجم قرون ربيعة ومضر، وقد علمتم موضعي من رسول الله - ص - بالقرابة القريبة، والمنزلة الخصيصة، وضعني في حجره) أي المنزلة الخاصة وهي ضد العامة، وأما الثالثة فهي كالذبيحة والنطيحة والبحيرة ففي مادة (ش ج1) من مختار الصحاح (ويقال: ويل للشجي من الخلي، قال المبرد: ياء الخلي مشددة وياء الشجي مخففة، قال: وقد شدد في الشعر وأنشد: نام الخليون عن ليل الشجيينا، فان جعلت الشجي فعيلا من شجاه الحزن فهو مشجو

وشجي، كان بالتشديد لا غير) فهذا دليل على أن (فعيلا) بمعنى مفعول مقيس من كل فعل ثلاثي متعد ألا تراه يقول (فان جعلت) وقد أولعت العرب بفعيل بدلا من مفعول لخفته على اللسان وربما ألتبس بفاعل ولكنها لم تبال ذلك فقالت (البديع) لكليهما ومثله (الصريخ) للمغيث والمستغيث. وأما الخصيص فثابت بحكم الخصيصة، قال ابن خلكان في ترجمة بهاء الدين زهير: (واخبرني جمال الدين أبو الحسن يحيى بن مطروح. . . قال: كتبت إليه - وكان خصيصاً به -) ونقل في ترجمة شهدة الكاتبة: (ثم علت درجته (أي درجة ثقة الدولة الانباري) إلى أن صار خصيصاً بالمقتفي) والقول للسمعاني وفي ص 45 من نسختنا للحوادث الجامعة (فكاتبا جماعة من الأتراك الخصيصين بالعادل محمد). وتحويل (فاعل) إلى فعيل للمبالغة مطرد، قال ابن عقيل في شرح الألفية: (يصاغ للكثرة فعال ومفعال وفعول وفعيل وفعل فيعمل عمل الفعل) فماذا الذي يمنع (الخصيص) بمعنى الخاص من الموانع؟ وليس في العبارات التي ذكرها أسعد خليل داغر وإبراهيم المنذر ما يعين لفظ (الخصيص) للمخصوص لأنه يقبل المعنيين على تأويلين لا يخفيان على الأديب، فقول الأستاذ الزيات صواب سماعاً وقياساً وعقلا، وما تعرضنا له إلا لكونه معضلة لغوية عجز عنها الحالون على كبر دعواهم، ثم إننا نرى أن الخصائص جمع خصيصة لا خاصية كما رآه غيرنا. دين شعيب بين العرب وقال في ص 8 (وإنما كان بقية أثرية من دين إبراهيم جاءتهم من وراء القرون عن طريق الوراثة مشوهة) قلنا: بل كان من العرب من يدين بدين شعيب - ع - قال الحارث بن كعب المذحجي لبنيه لما حضره الموت: (يا بني قد أتى علي ستون ومائة سنة ما صافحت بيميني يمين غادر، ولا قنعت نفسي بخلة فاجر، ولا صبوت بابنة عم ولا كنة، ولا طرحت عندي مومسة قناعها، ولا بحت لصديقي بسر، وأني لعلى دين شعيب النبي عليه السلام وما عليه أحد من العرب غيري وغير أحيد بن خزيمة وتميم بن مرة فاحفظوا وصيتي وموتوا على شريعتي. . .) ومن المؤكد أن بين دين إبراهيم ودين شعيب فرقاً بحسب تطور الإنسان وتبدل الزمان وتغير القرون وقانون الرسالة بل أن في الإسلام منسوخاً وناسخاً وهو دين رسول واحد. م. جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة 1 - في رد الدكتور الجلبي 1 - قال الدكتور الفاضل داود بك في (9: 290) ما صورته: أقول: لم يقصد ابن فارس كثرة أنواع الجلدات وإنما عرف الصفاق) ولم يفهم مرادنا الدكتور وسبب اعتراضنا أن ابن فارس ذكر أن باطن كل الجلد يسمى (أدمة) ثم ذكر أن جلدة البطن التي تحت الجلدة الظاهرة أسمها (الصفاق) فصارت الأدمة والصفاق من جنس واحد فهل يسمى الصفاق أدمة؟ والجواب (نعم) فكان الأولى لابن فارس أن يجمع بين قوليه ليظهر للقارئ أن الأدمة عامة والصفاق خاص. 2 - وقال في (حذرهم بأن يتعلموا) ما نصه: (لان هذه الزيادة ضرورية لان فعل حذر لا يتعدى بالباء) مع أن الباء ههنا ليست للتعدية بل هي للاستعانة والاعتمال. 3 - ولم يرتح لمعنى (اكتنف عذاري الألباب) بعد (راع كواعب الآداب) فعذاري الألباب تقابل كواعب الآداب والاكتناف يقابل الروع فان عد الروع من الحسن كان الاكتناف للحفظ وان اعتده من الإخافة كان الاكتناف للتعدي. 4 - عجبنا من قوله: (لان المرود لا يجلو الرمص إنما الذي يجلوه هو الدواء) وسح علينا قوله تعالى في سورة الكهف: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلا) قال في المختار: (وبرد عينه بالبرود كحلها به) والرمص وسخ جامد في الموق فكيف يجلى بلا مرود؟ أو بما لا يعمل كعمله؟ بل كيف تكحل العين قبل تنظيفها؟ ومن أثبت أن كل عين رمصاء تحتاج إلى البرود؟. فنحن لن نتعرض لما يخص الدكتور الفاضل أبداً إن كان يعتقد فينا المكابرة لا الاستصلاح. وسنفعل. مصطفى جواد

4 - الحال ومعناها جاء ذكر (الحال) في ص 268 ج4 س9 نقلا عن أنساب السمعاني حيث قال عن اليزيدية: (ويأكلون الحال). فبعد أن أشرتم في الحاشية إلى أن الحال في اللغة الطين والحمأة، قلتم أنكم ترون أن الكلمة هنا مصحفة القات وان القات نبت يكثر في بلاد اليمن وكردستان، أما أنا فلا أظن الكلمة مصحفة لان الحال عند الصوفية رقية وهي أن يرقي الشيخ شيئاً مما يؤكل ويطعمه من أراد أن لا تؤثر فيه لدغة الحية أو لسعة العقرب وما شاكلها. وهذا معروف ومشهور إلى الآن في الموصل ويعبرون عنه ب (شرب الحال)، حكى لي صديق أنه لما كان صبياً دعا له أبوه شيخاً ليسقيه (الحال) فناوله الشيخ قسبة قد شقها ونزع نواتها ووضع داخلها شيئاً من الملح بعد أن قرأ عليها وقال له كلها، فإنها تحرسك من ضرر العقرب والكلب الكلب والحيات ما عدا البتراء والعمياء، وهم يشترطون في ذلك أن يكون الشيخ بيده تسلومة (تسليمة) أي أن يكون قد أجازه شيخه وفوض إليه هذا العمل ونقله إليه عن مشايخه متسلسلا، وعلى ما أذكر أنهم يرجعون ذلك في الأصل إلى الشيخ أحمد الرفاعي. واليزيدية في زماننا مشهورون بجرأتهم على مسك الحيات واللعب بها وينقلون عنهم حكايات خارقة عجيبة في هذا الباب. وللحال معنى آخر عندهم نذكره إستطراداً، وهو أنهم يقولن عن الشي أو المريد إذا هاج في ذكر الله وأرعد وأزبد ثم سقط مغشياً عليه: (وقع في الحال)، وأظن أنهم يريدون بذلك وقع في حال (الغيبة). أما أن القات يكثر في جبال كردستان فلا أعلمه ولا سمعت به. الدكتور داود الجلبي 5 - الكرخ جاء في (9: 258) من لغة العرب من كلام الكاتبة دوروثي مكي على بغداد ما نصه: (اتخذ هذا الموقع عاصم جديدة له وعمر فيه الكرخ (المدينة المستديرة) الذائعة الصيت) وهذا وهم من الكاتبة الفاضلة لأن الكرخ غير المدينة المستديرة وان كان لفظ الكرخ السرياني يدل على التدوير، فالكرخ كان قبل

أن يبني المنصور مدينته وكذلك (سونايا) وهي التي سميت زمن العباسيين (العتيقة) لعتقها وقدمها وهي (المنطقة) اليوم وما حولها وكذلك (قطفتا) و (كرخايا) و (ملكا) و (كلواذا) و (كوثا) وكيف يعقل فيقبل أن المنصور يبتدع لما أستجده اسماً ارمياً؟ ومن الأدلة النقلية على قدم الكرخ في أخبار شبيب الخارجي وصورته: (وأما شبيب فأقبل حتى قطع دجلة عند الكرخ وأخذ بأصحابه نحو الكوفة) وفي ص 13 من مناقب بغداد لابن الجوزي: (بناء الكرخ: لما فرغ المنصور من مدينته وصير الأسواق فيها من كل جانب قدم عليه وفد ملك الروم. . . فأمر المنصور حينئذ بإخراج الأسواق من المدينة إلى الكرخ) وفي ص 13 من مقدمة تاريخ الخطيب البغدادي: (وقبة على باب البصرة كانت مجلسه إذا أحب النظر إلى الكرخ ومن أقبل من تلك الناحية) وفي 10 من المناقب (وإذا أحب النظر إلى الكرخ جلس في قبة باب الكوفة) وفي ص 11 (وأجرى لأهل الكرخ أنهاراً) وفي ص 14، 15 (مدوا لي قناتين من دجلة واغرسوا لي العباسية وانقلوا الناس إلى الكرخ)، أما إطلاق الكرخ على بغداد الغربية بتعميم الجزء على الكل ففي باب آخر لا يجيزه قانون التحقيق في الابتداء بل في الوسط والانتهاء. 6 - نظرات 1 - جاء في ص 269 (هذه النسبة إلى هكار وهي بلدة وناحية عند جبل وقيل جبال وقرى فوق الموصل من الجزيرة) قلنا: ورد في ص 114 من بهجة الأسرار في ترجمة شمس الدين عبد العزيز بن عبد القادر الجيلي - رض - (رحل إلى جبال قرية من قرى سنجار واستوطنها) وما ندري صحتها. 2 - وجاء في ص 270 عن وفاة علي بن أحمد الأموي الهكاري: (ومات بالهكارية في أو المحرم سنة 84) أي بعد الأربعمائة، قلنا: قال ابن خلكان في (1: 377) ما نصه (وتوفي في أول المحرم سنة ست وثمانين وأربعمائة) فالفرق بينهما سنتان. مصطفى جواد (ل. ع) بحثنا في الكتب التي وصلت إليها أيدينا، لنتحقق صحة أسم هذه القرية التي نزل بها شمس الدين الجيلي أو كما يقول بعضهم الجيلاني، فلم

نجدها في أي كتاب بلداني، وبعد أن قضينا ثلاثة أيام في البحث عنها أصبناها في تاج العروس في موطنين في مادة ش ر ش ق إذ يقول: (شرشيق بكسر الشينين لقب حسام الدين أبي الفضل محمد بن محمد عبد العزيز بن عبد القادر الجيلاني ويعرف بالحيالي، وولده: شمس الدين أبو الكرم محمد بن محمد بن شرشيق، عرف بالأكحل، شيخ بلاد الجزيرة. توفي سنة 739 بالحيال (بحاء مهملة مكسورة) من أعمال سنجار ودفن عند أبيه وجده.) أهـ وأردنا أن نتثبت من صحة الحيال وضبطها فنقرنا عنها في مادة ح ي ل، فقال: (حيال، ككتاب، بلدة من أعمال سنجار، نزل بها الإمام شمس الدين أبو بكر عبد العزيز ابن القطب سيدي عبد القادر الجيلاني قدس سره في سنة 508 فنسب ولده إليها. وبها ولد حفيده الزاهد شمس الدين أبو الكرم محمد بن شرشيق الحيالي، شيخ بلاد الجزيرة في سنة 651 وتوفي بها سنة 739) أهـ ما في التاج. فاتضح لدينا إن الحيال (أو حيال) بحاء مهملة مكسورة فياء مثناة تحتية فألف فلام هي الرواية الصحيحة التي لا ريب فيها. وما سواها (أي جيال وجبال وخيال وخبال) من نوع التصحيفات القبيحة. ومن الواجب نبذها. 5 - طاق كسرى في كتب العرب جاء في (9: 259و 260) من لغة العرب كلام الكاتبة دورروثي مكي على المدائن أي طفسونج وطيسفون ويسمى الإيوان الآن (طاق كسرى) قال أبو القاسم عبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي البستي عن سابور ذي الأكتاف (وهو سابور الذي بنى الإيوان المعروف بإيوان كسرى إلى هذه الغاية، ويحكى أن الرشيد أراد هدم هذا الديوان فبعث إلى يحيى بن برمك فشاوره في ذلك) وكانت المشاورة بعد نكبة البرامكة لأنه كان قد ذكر له أن تحته مالاً عظيماً فأرسل إليه يحيى وهو في السجن: لا تفعل فإنَّ هدمه ليس برأي، فترك كلامه وعزم على هدمه فعجز عنه فأشار عليه القوم الذي أشاروا عليه أول مرة بهدمه أن يتركه، فأرسل إلى يحيى يستشيره في ذلك ويخبره أنه عجز عن هدمه فأمره يحيى أن يتمادى على هدمه، فقال للرسول: قل له: (ما هذا؟ أمرتني أولاً أن لا أهدمه

فلما عجزت عنه أمرتني أن أهدمه!) فقال يحيى: قل لأمير المؤمنين: (إنما علي النصيحة. لما شاورني علمت أنه سيعجز عن هدمه، فلما شرع فيه أمرته أن يتمادى على هدمة وان لا يترك منه أثراً لأني أخاف أن يقول العجم: إن مللك الإسلام عجز عن هدم ما بناه ملك من ملوكنا؛ والهدم أسهل من البناء فأرى أن يتمادى على هدمه ولا يتركه قال ابن بدرون: (وقد حكيت هذه الحكاية عن خالد والد يحيى، وأنها جرت له مع المنصور حين أراد هدم قصور كسرى) وقال في ص 40 عن كسرى أنوشروان، (وهو الذي بنى الإيوان وسور الأبواب) فتناقض قولاه. وفي مختار الصحاح: (والأوان والإيوان بكسر أولهما: الصفة العظيمة كالازج ومنه إيوان كسرى). وقال ابن الجوزي في ص 35 من مناقب بغداد: (وأما الإيوان فبناه ذو الاكتناف واسمه سابور بن هرمز، فلما جاء سعد بن أبي وقاص وحارب أهل المدائن وخاض بالخيل إليهم. . . نزل سعد القصر الأبيض واتخذ الإيوان مصلى. . . وأخذ المسلمون ستر باب الإيوان فاحرقوه فخرج منه ألف ألف مثقال ذهباً). ولما احتاج المنصور في بناء سور بغداد إلى الأنقاض قال لخالد بن برمك: ما ترى في نقض بناء قصر المدائن؟ فجرى بينهما من الحوار مثل ما تقدم إلا أن سبب كف المنصور عن الهدم وجد أنه ما يصرف على الهدم أكثر من ثمن الشيء الجديد وراجع معجم البلدان لياقوت في مادة (المدائن) و (التاج) تر زيادة حسنة. 6 - في كتاب (الفاضل) المجهول المؤلف قرانا ما يخص هذا الكتاب في لغة العرب فلم نجد توفيقاً بين رجال السند ولا تعاصراً بينهم، ففيه: (أخبرني أبو العيناء قال: أخبرني المعري عن الرياشي. وأبو العيناء محمد بن القاسم ولد سنة (191) هـ وتوفي سنة (281) هـ وولد المعري سنة (363) هـ وتوفي سنة (447) هـ إلا أن يكون هذا المعري غير المعري أو أبو العيناء هذا غير أبي العيناء والرياشي قتل سنة (257) هـ في فتنة الزنج بالبصرة والمعري

رحل إلى بغداد سنة (398) هـ فأين لقي الرياشي؟ وفيه حدثني (أبو سعيد الشارحي) وفي (1: 33) من البيان والتبيين للجاحظ: (حدثني أبو سعيد عبد الكريم بن روح قال:) وسجع المقدمة يدل على أنه ألف بعد زمن الجاحظ والمبرد. م. جواد 7 - ماء السمرمر كان أحد الأدباء سأل سؤالا عن هذا الماء أدرجناه في هذا المجلة (8: 620 و774 و775) وكان أحد المجيبين تأخر جوابه قليلاً فتأخرنا عن درجه في وقته. والآن نذكره، وهو هذا بعد حذف الزوائد: لهذا الطائر بالعربية عدة أسماء منها: السمرمر والزرزور، وبالتركية - على ما قاله صاحب تحفة المؤمنين - (سقرجين) واسمه عند عوام المصريين الخليش أو الزرزور الخليج وله بالفارسية عدة أسماء أشهرها (سار). وكان هذا الاسم هو المعروف في أيام الصفويين لان مترجم القاموس إلى الفارسية، وصاحب تحفة المؤمنين، وصاحب زينة المجالس، وصاحب الاختيارات، كانوا في عهد الانبراطورية الصفوية ولم يذكروا له اسماً سوى (سار). وماء الزرزور وماء السمرمر موجود في إيران في أماكن مختلفة ويسميه الفرس: (آب سار). ودونك ذكر عيون لهذا الماء ورد خبرها في بطون الكتب أو كانت معروفة بين الناس: 1 - عين في وادي (آوه زراباد) بقرب قزوين. 2 - عين على بعد أربعة فراسخ من جومند في جهة ترشيز، والعينواقعة على سفح جبل. 3 - قال الملا محمد باقر المجلسي المتوفى سنة 1110هـ - 1699م في الفصل العشرين من كتابه الاختيارات ما تعريبه: (عين ملح مشهورة في رأس حد آشتيان أنى ذهبوا بمائها بشرط أن لا يضعوه في الطريق حتى الموضع الذي

يبتغونه يأتي بقدرة الله الكاملة من ورائه خلق من الطير الصغير المسمى ب (سار) بكثرة يقتل الجراد الذي في الزرع وهو مجرب) انتهى كلام المجلسي، وقال الأمير شير على خان ابن علي أمجد خان اللودي الهندي في تذكرته المطبوعة ببنبيء ص 282 ما ترجمته: (في عراق العجم عين ماء: إذا جاء الجراد إلى بلدة، يحمل رجلان لم يشربا الخمر ولم يرتكبا الزنا، ماء من تلك العين، ويأخذان طريق تلك البلدة فتخرج طيور سود في أثر ذلك الماء فتدفع الجراد عن ذلك المكان. يزعمة، أن سليمان عليه السلام، أشترط ذات يوم على الجراد أن لا يضر الزرع وجعل تلك العين شاهدة وأمر تلك الطيور بمراقبة الجراد هذه القاعدة من ذلك اليوم) أهـ كلام الأمير شير علي. وقد أوجز في تعريف المكان الموجود فيه ماء السمرمر، ويحتمل أن يكون العين التي ذكرها المجلسي هي العين التي أشار إليها الأمير شير علي، فإنها واقعة في العراق العجمي. 4 - قال السيد مجد الدين محمد الحسيني المعاصر للشاه عباس الصفوي الكبير في كتابه زينة المجالس ما معربه: في شميران من توابع لرستان عين ماء إذا ظهر في بلدة جراد، يذهب رجلان لم يشربا الخمر ولم يرتكبا الزنا إلى هذه العين ويحملان منها الماء ويأتيان به إلى البلدة التي وصل إليها الجراد فإذا وضعاه على الأرض تأتي في أثره طيور وتدفع الجراد، ويزعمون أن سليمان أشترك على الجراد أن لا يضر بعد وأشهد تلك العين على ذلك وأمر الزرازير بدفع الجراد إن أضر، والعلم عند الله تعالى أهـ. (راجع زينة المجالس المطبوع بطهران (إيران) في عام 1262 هـ ج 9 فصل 4).

5 - عين في أرض (حاج بابا توكل) وهي بين سبزوار وقوجان وتبعد عن سبزوار نحو اثني عشر فرسخاً، وسبب تسمية هذا المكان بهذا الاسم أن فيه قبراً لأحد الشيوخ (على ما يقال) أسمه حاج بابا توكل (بصيغة الأمر من فعل توكل). وهذه العين معروفة في سبزوار. 6 - على بعد عشرين فرسخاً من سبزوار قبر ينسب إلى جرجيس النبي يقع في كورة (توران) وبجنبه عين ماء قيل لنا أنها عين ماء السمرمر. من الغريب أن الدميري وهو من أكابر المحققين لم يتعرض لذكر هذا الماء كما لم يذكر قتل الزرزور للجراد وهو أشهر من قفا نبك (راجع كلامه في حياة الحيوان الكبرى طبعة المطبعة العامرة الشرفية بمصر سنة 1315 هـ ج2 ص 4). محمد مهدي العلوي 7 - الصماد أو الكوفية والعقال جاء في جريدة الأحوال (البيروتية) أن أحد الأدباء قصد (عالماً مؤرخاً) (ويا للأسف لم يذكر أسمه) ليعرف منه مبلغ زمن اتصال الكوفية والعقال بالعرب، وهل كانا من لباس رؤوسهم المعروف بهم منذ القدم، فدار بينهما الحديث الآتي: الأديب، ما مبلغ صحة إسناد العقال والكوفية إلى العرب وهل كان جميعهم يلبسونها؟ ج. إنَّ العرب لا تعرف هذا اللباس منذ القدم في الجاهلية ولا منذ زمن قليل بعد الإسلام، بل كان العرب المسلمة، يلبسون في غزواتهم خوذاً، وفي مضاربهم وحضرهم يلبسون العمة المعروفة بالإسلام، وكانوا يضعونها فوق (اللبدة)، أو ما أشبهها. وما كان العقال والكوفية يوماً لباسهم منذ القدم. س. في أي زمن ظهر العقال والكوفية بين العرب وكيف كان ظهورهما؟ ج. ظهر منذ غزا تيمورلنك بلاد العرب وفتحها، وكان شديد الوطأة قاسياً على الأمم التي يذلها، ولذا فرض على العرب لبس العقال والكوفية إذلالاً لهم، لأنه يشابه خمار المرأة من حيث ستر الوجه بالكوفية والعقال تشابه عصابة المرأة أيضاً. وكان قصده بهذا إذلالهم وتشبيههم بالنساء العاجزات وهذا يرجع عهده إلى

ما يقرب من السبعمائة سنة. وبعد موت تيمورلنك، بقي قسم كبير من العرب سكان البوادي يحافظون على هذا اللباس لجملة أسباب، منها: إنه كان يتوفر لهم ذلك في باديتهم، إذ يضعون على رؤوسهم منديلاً أو شالاً أو كوفية، ويربطون فوقها عصابة، سواء أكانت عقالاً أو مما يربط الحطاطة (كذا) على الرأس. ومنها: إن هذا اللباس كان بعضهم يسترون به وجوههم عند مرورهم بين القبائل المعادية، أو التي بينها وبين قبائلهم ثأر وبهذه الواسطة لا يعرفون. بناء على ذلك لا يكون العقال والكوفية شعار العرب منذ القدم، وما وجدا إلا للأسباب المار ذكرها. انتهى كلام الأديب مع العلامة المؤرخ المجهول الاسم. قلنا: كل هذا حديث خرافة. وكنا سمعنا مثل هذه الحكاية من أدباء الشيعة في بغداد وكان ينسب ذلك إلى أحد ملوك الحبش الذي حارب العرب في عقر دارهم وأكرههم على اتخاذ الكوفية والعقال. ولما طالبناه بالأدلة النقلية، لم يستطع أن يدلنا على مؤرخ قال هذا القول، بل لم يتمكن من ذكر أسم الملك الذي أجبر اليمانين أو غيرهم على اتخاذ هذه العمرة. والذي عندنا أن لبس العقال قديم جداً عند الساميين وقد كتبنا مقالاً طويلاً في هذا الموضوع (لغة العرب 8: 537 و540). وأما الكوفية فلم يكن هذا أسمها في قديم الزمان، بل كان يسميها الأقدمون منا (الصماد) (وزان كتاب) واشتقوا منها فعلاً فقالوا: صمد تصميداً. قال في لسان العرب: (صمد رأسه تصميداً، وذلك إذا لف رأسه بخرفة أو ثوب (أي قماش بلساننا العامي العصري أية كانت مادته) أو منديل، ما خلا العمامة، وهي (الصماد). فهذا نص عربي صريح على أن العقال والصماد من عمرة الساميين خاصة، ولا سيما العرب. ومن قال الخلاف فقد جهل التاريخ والعرب ولسانهم، إلا أنه كان بعض العرب يكتفون بالصماد وحده، وآخرون يثبتونه بالعقل، على حد ما يرى اليوم من يفعل أحد الأمرين أو كلا الأمرين معا. وكان من العار أن يسير الرجل مكشوف الرأس. وقد ظهر في الآثار التي وجدت في ديارنا العراقية تصاوير وتماثيل منها بالعقال ومنها بالصماد وحده ومنها بالصماد

المربوط عليه العقال، وعلى من يشك في كلامنا أن يزور دار تحفنا أو أي متحفة من متاحف ديار الغرب. أو أن يراجع بعض الكتب المصورة التاريخية التي تبحث عن فلسطين وسورية والعراق ففي ما يشاهده الغنية، إذ يرى بعيني رأسه (لا بأم رأسه كما يقول بعض الجهلة) تماثيل من عهد حمرب أي منذ زهاء خمسة آلاف سنة وفي رؤوسها العقال والصماد معاً أو الصماد وحدة أو العقال بلا صماد. فليتدبر ذلك المؤرخ البيروتي وحسناً فعل أنه أخفى أسمه، لأنه علم أن ما قاله لا حقيقة له في الكتب المدونة، إنما هي من أبخرة دماغه لا غير. 8 - كتاب (الجيم) لأبي عمرو الشيباني و (معجم الشعراء) و (الجماهر) اعني اليوم بوضع نسخة تامة مصححة من هذا الديوان اللغوي المسمى (كتاب الجيم. لأبي عمرو الشيباني. وفي خزانة الاسكوريال نسخة منه مزينة بالتعاليق النفيسة تتصل بما في النص ويبدو لي أن المؤلف لم ينته من تأليف كتابه إلا عند ختام حرف الجيم. وأما لسائر الحروف فلقد وجد لها روايتان: رواية قصيرة جداً وهي رواية أبي موسى الحامض. والثانية واسعة وهي النسخة التي أتخذ لها الناسخ كتاب أبي سعيد السكري. والإضافات التي زيدت على الرواية الثانية ترى تحت كل حرف كانا فصل ملحق بالنص لان القسم الأول واحد في النصين. والروايتان ابنتا أو واحدة نتجها أبو عمرو لأنها بخط يده. ولا أظن أن هذا الديوان ينشر يوماً، إلا أني أرى أنه من النافع أن تهيأ نسخة صحيحة سهلة القراءة حتى إذا جاء يوم البعث، يوم بعثها من مدفنها، يقول على هذه النسخة المتقنة في نصها، المحكمة في أصول ألفاظها، لان مخطوط الاسكوريال سائر إلى الاضمحلال لحبره السيئ ولحالة ورقه (وراجع لغة العرب 7: 857). وأنا اليوم في سنت اوغستن في سياغبرج لند في ألمانية - واهتم بمراجعة أحد الأدباء لإصدار طبع (معجم الشعراء) للمرزباني (راجع لغة العرب 7: 216 و377 و566) في مجموعة المؤلفات العربية التي تعنى بنشرها (الشركة الشرقية الألمانية).

وهنا في راحة وطمأنينة، وأطالع النسخة التي نسختها من (كتاب الجماهر في معرفة الجواهر) للبيروني (راجع لغة العرب 8: 800) التي أعنى بشأنها عند ذهابي إلى إنكلترة عن قريب. وقد قيل لي أنه وجدت نسخة خطية ثالثة من هذا السفر الجليل المهم، فعسى أن تصدق الأحلام. سنت اوغستن سياغبرج (ألمانية) ف. كرنكو 9 - مخطوط الإكليل، نسخة برلين الظاهر أن مخطوط برلين يقرب كل العرب من مخطوط لندن، لان أغلب الأغلاط أو أغلب الروايات متشابهة في النسختين، وربما كان الناسخ من الجهلة البله، فإنه يرسم (هذا) أو (هذه) هكذا (هده) ضابطاً إياها بفتح الأول وتشديد الدال المهملة المفتوحة. وكثيراً ما يهمل الحروف المعجمة فتراه يكتب (غمدان) بفتح العين المهملة أي (عمدان) ثم يزيد هذا على الضبط عيناً صغيرة مهملة تحت العين الكبرى زيادة في اطمئنان البال، إنها مهملة لا معجمة، في حين أنها بالعكس، ولهذا لا يشار إلى هذه الاختلافات التافهة عند اشتهار العلم بالوجه الصحيح. ومما يحسن الاطلاع عليه أن الأعلام المصدرة بكلمة (ذو) وردت في النسخ متشاكسة متعاكسة ومقاومة للأحكام العربية، ومن المحتمل أن النقلة اليمانين شوهوا الرواية الأصلية الحقيقية، كما أنه من المحتمل أن تكون تلك الرواية المشوهة هي الصحيحة لأنها لغة السبايين، إذ لا يخفى أن تلك الأعلام كانت مرسومة بالمسند بلا الخط القائم الفاصل الكلمة الواحدة عن الكلمة الأخرى وبلا الحرف العليل الممدود، فإنهم يكتبون ذ نواس. . . ذشناتر، لا ذو نواس. . ولا ذو شناتر. وفي الأعلام المضافة إلى أسماء الآباء، ترى (بن) مكتوبة دائماً من غير أن يتقدمها ألف، وعليه يبين أن (ذو) كانت تكتب بالذال المعجمة المضمومة بلا واو أي (ذ) وكانت جزءاً من الاسم. أما صنعاء وتأسيسها فالمأثور في روايات العرب غير صحيح، لان آخر دار ملك لليمن كانت ظفار. أما صنعاء فكانت من تأسيس الحبشة، و (كلمة صنعاء) نفسها كلمة حبشية تقابل كلمة (مصنعة) عند عرب الجنوب ومعناهما (القلعة). له

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة أصل الداوية بغداد ب. م. م. قرأت في المشرق (29: 241 إلى 349) مقالة في أصل الداوية. وقد رجح صاحبها أنها من السريانية (؟) (دويا) وجمعها (دويي) (بالإمالة) ومعناها الفقير والفقراء. وذكر أيضاً رأياً لأحد المستشرقين فيه صبغة من الاحتمال وهو أن الداوية من اللاتينية وجمعها وشحن هذه المقالة هزءاً وسخرية وتهكماً، كأن الرجل أوحد زمانه وأنه أصاب أمراً يقلب العالم ظهراً لبطن. فهل يمكنكم أن تعللوا لنا سبب عقلية هذا الرجل الغريب الأطوار في كل ما يكتبه عنكم وعن مجلتكم؟ ج. ما قاله صاحب المقالة لا يخرج عن باب الاحتمال، ونحن نشك كل الشك في صحة ما يذكره، لان العرب لما قالوا الاسبتالية او الاسبتارية تلقوها رأساً عن الإفرنج ولم يتلقوها عن السريان. ولا يمكن أن يسمى رهبان إفرنج باسم سرياني. فنرجح على هذا الرأي رأي القائل أنها من الإفرنجية (أي اللاتينية أو الفرنسية) على أنها من السريانية كما يظهر لأدنى تدبر. أما عبارات الرجل الدالة على التهكم فيجب أن تعذروه عليها. لأنه لما كان طالب علم في الموصل أصابه مرض عصبي مدة أشهر وكان يدفعه إلى أن ينطق بأمور غريبة ويأتي شؤوناً أغرب. وإنكم تعلمون أن الجسم إذا أصيب بضعف الأعصاب زعزعه فلا بد من أن يبقى فيه أثر، ولهذا لاحظتم فيه ما لاحظه غيركم. وهذا الروح الضعيف يبقى فيه إلى ما شاء الله أن يكون حياً. ولا نتوقع أبداً إصلاحاً لآدابه. وهكذا يكون كل من لا تؤثر فيه أحكام الدين ولا أصول الرهبانيات ولا ولا ولا. وفي الختام نجح الرأي أن الداوية مأخوذة مباشرة عن

الفرنسية (تامبلية) ونبذ كل النبذ لرأي السخيف القائل بأنها. . . من؟ السريانية! ففي ترك أقرب لفظة إفرنجية إلى العربية شيء يتحقق فيه دون غيره قوله هذا: (يتصور بعض المتهورين (أو الذين أصيبوا بضعف الأعصاب) من أبناء اللغة العربية، أن تعليل أصل الكلم من الأمور الهينة، يكفي (كذا)، ولعله يريد أن يقول: ويكفي للقيام به إرخاء العنان للمخيلة الجامحة (أو لذي الأعصاب المتخلخلة)، فتهيم على وجهها في فيافي الأوهام (السريانية) فتعود ظانة الفوز بالمرام. على أن الحقيقة خلاف ما يتوهمون. . . فهل يا ترى (داوية) تعريب (السريانية دويا؟) هذا ما توهمته إحدى المخيلات الطائفة في الفضاء (الخرافي) ودونك ما نزلت به من طبقات الهواء. . . وأحر بهذا الكلام أن يكون مثالاً حياً (للتهور في التخيل) (ولنهك الأعصاب) إلى آخر ما هذى وهذر ويهذي ويهذر الشبزق أو الممسوس. وإذا كان مثل هذه الاقوال، في ذكر أصول الكلم، تجوز على بعض الناس فهي لا تجوز على من له أدنى إطلاع على اللغة، فالعنتريات والقعقعة بالشنان والطرمذات الصبيانية، والتهويلات، تجوز على من وهنت أعصابه أو كان فيه (عرق من الخبال) ولا تزد على هذا القدر. وليعلم هذا المغرور المتبجح أن هذا الرأي ليس رأيه، بل سبقه إليه كثيرون قبل عقود من السنين، فكيف يأتينا في هذه السنة، سنة 1931، وينتحل لنفسه ما قاله القس يعقوب أوجين منا الكلداني في معجمه المسمى (دليل الراغبين في لغة الآراميين) المطبوع في الموصل سنة 1900 في ص 139 وهذه عبارته بحرفها: (دويا (وهي مرسومة بحرف ارمي وليس عندنا هذا الحرف) داوية. هيكليون، قوم من الرهبان الصليبيين.) أهـ. وكان قد سبقه إلى هذا القول العلامة ر. باين سميث في معجمه السرياني اللاتيني المطبعوع في أكسفرد سنة 1879 (أي قبل 52 سنة) إذ يقول في ص 829 ما هذا معناه بالعربية كلمة بكلمة (وكلام المؤلف بالسريانية واللاتينية): (دويا وجمعه دويى، لفظ مذكر، رهبانية فرسان. وبالعربية الداوية، وردت في تاريخ ابن العبري (السرياني اللفظ) في ص 408 و419

و470 و490 إلى غيرها من الصفحات. وقد وردت أيضاً بوجه آخر أي أحى دويي، في ص 401. وقد كتب عنها مطولاً في رسم دويى، فيه ص 470 وقد كتبها دويى (بالإمالة المفخمة) - الفقراء مع برنشتين وروديجر في منتخباتهما أطلب في هذا الكتاب الكلمة المذكورة) أهـ. ولما سألنا السائل عن أصل الكلمة الذي يدور عليها الكلام (راجع لغة العرب 8: 138 و139) طالعنا في المعجمين المذكورين الرأي الذي أوردناه هنا، فلم نلتفت إليه، لان المعجمين المذكورين يعتبران اللفظ عربي الأصل. ولهذا لم نستشهد بهما. وأما صاحبنا فلما وقف عليه فيهما (وعنده هذان الديوانان وقد استعان بأحدهما) أخذ يزمر ويطبل، ويصغر ويحقر، ويشمخر ويثرثر، بل يعربد ويطرطر، حتى ظن في نفسه أنه هو الحلال للعقد، والرجل المنتظر، ولو أنصف لخجل من نفسه ونن هذه الشعوذة، ونسب إلى كل ذي حق حقه، ورجع عن هذه (الهوسة) التي لم يحلم بها غيره، فإلى متى هذا الانتحال؟ وهذا السلخ؟ وهذه المصالتة؟ فيحسن به أن يتأمل قول طرفة بن العبد: ولا أغير على (الأقوال) أسرقها ... غنيت عنها وشر الناس من سرقا ومما يزيدنا رسوخاً في رأينا هو أن رهبانية الهيكليين أسست سنة 1118 وأثبتت سنة 1128 والاسبتارية أنشئت في أورشليم بين 1125 و1153 فإذا كان يصح أن يسمى الأولون بالداوية أي الفقراء فالصحة تكون أعظم لتسمية رهبانية المضيفين (أو الاسبتارية) بالفقراء أو الداوية على رأيه. فلماذا عنت الداوية الهيكليين ولم تعن المضيفين؟ - وهل من الممكن أن يعرب أسم (الاسبتارية) من الفرنجية. ولا يعرب أسم (الداوية) من اللغة المذكورة؟ فكل ذلك يهدم البناء المشيد على الرمل ويظهر فساده، فلينصفنا العقلاء. زد على ذلك أنَّ الذين ضبطوا الداوية، قيدوا ياءه بالتشديد إشارة إلى الاسم الإفرنجي الذي تنسب إليه وهي (تامبل) أي هيكل، فيكون معنى الداوية: الهيكليين وهو معنى الاسم الإفرنجي. أما لو كانت (الداوية) سريانية الأصل لبقيت بصيغتها الارمية وقيل (الداوية) بالتخفيف أي الطائفة الفقيرة أو الفقراء، كما قالوا الدامية والرامية والساعية والوافدة إلى ما شاء الله. إذن ضبط الياء

بالتشديد بإجماع الكتاب دليل صريح على فساد من يقول بأرميتها. وهناك دليل رابع هو أن الداوية لم ترد في جميع النسخ بهذه الصورة الوحيدة بل وردت بصور مختلفة عديدة. فلتراجع لغة العرب (8: 139) لتظهر الحقيقة بوجهها السافر. وعلى كل فنحن لا نكره أحداً على اتخاذ رأينا، لكن هي الحقيقة لابد من التصريح بها وان أزعجت بعض المغرورين المطرمذين المطرطرين. كروب وأصلها ومعناها س. بغداد. ش. أ. ما أصل كروب التي تجمع على كروبين ويجمعها بعضها على كاروبيم أو كاروبية؟ ج. كروب كلمة سامية الأصل من مادة كرب الأرض أي حرثها، فالكروب: حارث الأرض ويراد به الثور الفحل الذي يتخذ لهذه الغاية. ولهذا جاء الكروب مرادفاً للفظ الكبير والقوي والقدير والعظيم. ثم نقل إلى قائد المائة. والعبريون اتخذوه بمعنى الملك أي الروح غير المنظور الذي قد يتخذ جسماً من الأجسام للظهور للبشر خدمة للقدرة الإلهية وقد كان يصور رمزاً إلى تلك القوة والسطوة والكلمة قديمة العهد م أيام الأكديين والشمريين، ثم نقلها عنه الأمم الذي جاوروهم. وفي سفر حزقبال (1: 10): أما أشباه أوجهها (أوجه الحيوانات) فلأربعتها وجه بشر، وعن اليمين وجه أسد، ولأربعتها وجه كروب عن الشمال، ولأربعتها وجه نسر. والذين نقلوا التوراة إلى العربية قالوا في مكان (وجه كروب): (وجه ثور). وفي (10: 14) من السفر المذكور: (ولكل واحد أربعة أوجه، الوجه الأول. (وجه الكروب. . .) وترجمها بعضهم بقوله: (وجه الثور.) وهناك غير هذه الشواهد. وأما الكروبون فجمع الكروب بالوجه العربي الفصيح، وأما (كاروبيم) فهو جمع كروب بالوجه العبري، إلا أنَّ الألف الزائدة بعد الكاف خطأ، إذ لا وجود لها في العبري، والكاروبية جمع كاروب (وهو غلط في كروب) على طريقة جمع اللفظ الأعجمي بالياء والهاء. كما قالوا: الأفندية والبارونية والداوية ونحوهما. والأفصح أن يقال الكروبون أو الكروبيون، ومنه في حديث أبي العالية: (الكروبيون: سادة الملائكة هم المقربون) قلنا: وفي رواية: الكروبون.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 56 - فهرس الكتب العربية الموجودة في الدار الجزء الرابع والخامس: يحتوي الجزء الرابع على القسم الثاني من فهرس آداب اللغة العربية: الروايات والقصص وملحق بالكتب العربية المذكورة فنونها بالجزء الثاني والجزء الثالث. من أول شهر يونية سنة 1926 لغاية شهر ديسمبر سنة 1928 م. وقع الجزء الرابع في 136 ص بقطع الثمن الكبير والملحق في 92 ص. وهو بديع الحرف والطبع والورق على طراز ما يبرز من هذه المطبعة العامرة، لكنه لا يخلو من وهم الطبع. من ذلك في ص 78 س16 عمود 2: يتخلها، وفي ص 79 س28 ع1: وما شاده. وفي س30 الأصقاع القفراء، وفي ع 2 س 7: الرزيلة إلى غيرها، والصواب يتخللها وما شاهده والأصقاع القفرة والرذيلة. إلى غيرها. ومن أصعب الأمور أن تكون كتبنا العربية خالية من مثل هذه الأوهام. - وفي ملحقه وقع مثل هذه الأوهام، ففي نحو آخر ص 5 من العمود الأول: الطربلسي. . بابن الاجداني. والصواب الطرابلسي. . . بابن الاجدابي. والجزء الخامس يشبه أخاه الرابع بجميع الحسنات، ووقع فيه أيضاً أوهام طبع، من ذلك ص 118 س2 ع2: المطران عادائي شير أسقف بسرت بالكردستال وفي ص 9 عدائي، وفي ص 119 ع1 س2 هالبكرناسى وفي س13 طبع مطبعة القديس في بيروت. والصواب: المطران أدي شير أسقف سعرد بالكردستاني. وادي (كما أحسن رسم هذا الاسم في ص 103 إذ جاء هناك هكذا: الأسقف ادي شير رئيس أساقفة سعرد). وطبع بمطبعة القديس جاورجيوس في بيروت وهاليكرناس.

57 - عيون الأخبار تأليف أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري المتوفى سنة 276 المجلد الرابع: يشتمل المجلد الرابع على كتاب النساء وفهارس الكتاب. وهما من طبع مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة. وكفى بذلك تعريفاً ليعرف القارئ أنهما من غرر المطبوعات بل من دررها. وقد طالعنا أن القائمين بنشر هذا المجلد الأخير قد صححوا ما أشرنا إليه من بعض الأغلاط (راجع تصحيحاتهم ص 305 و306 و304 و308 و309 إلى غيرها)، ولم ينبهوا إلى أنهم استفادوا هذه الفائدة من مجلتنا. وكنا نود أن يومئ إليها ليعود كل فضل إلى صاحبه من باب العدل والإنصاف. وفي صدر هذا المجلد وصف الكتاب، والنسخ التي أعتمد عليها الناشرون له وترجمة المؤلف وهي من أفخر ما جاء في هذا الموضوع وقعت في 29ص، يليها ستة أمثلة مصورة للنسخ التي نقلت عنها، وهذا المجلد مزين بعشرة فهارس للمجلدات الأربعة ودونك ترتيب تلك الفهارس: 1. فهرس رجال السند - 2. فهرس أسماء الشعراء - 3. فهرس الأعلام - 4. فهرس الأمم والقبائل والأرهاط والعشائر - 5. فهرس الأماكن - 6. فهرس الكتب - 7 فهرس الأمثال - 8. فهرس أيام العرب - 9. فهرس القوافي - 10. فهرس أنصفا الأبيات - 11. إصلاح الخطأ - 12. استدراكات. ولم يبق في نفس كل أديب إلا وضع معجم في آخر هذا الكتاب يحوي الألفاظ التي لم ترد في معاجم اللغة أو الخاصة بالمؤلف نفسه. وقد ذكرنا أمثلة منها في مجلتنا (8: 711 إلى 716) فلتراجع، وقد ذكرنا هناك أغلاطاً لم تصحح في باب التصحيحات. وكل ذلك لا ينقص من هذه الدرة مقدار ذرة. 58 - الحاج شلبي وأقاصيص أخرى لمحمود تيمور وفي صدر الكتاب مقدمة بقلم أحد المستشرقين الألمانيين، طبع بعناية لجنة التأليف والترجمة والنشر في 260 في مصر. التخصص من أحسن الأمور لنبوغ المرء. وقد تفرغ صاحب العزة محمود بك

تيمور لوضع أقاصيص مصرية عصرية، فأفاد الأدب والعمران والأخلاق فوائد جمة لا تقدر. ويجوز لديار مصر أن تفتخر اليوم بنجلها هذا، لأنها أنجبته فامتاز بوضع الأقاصيص الخاصة بديارها، وأقاصيصه هذه أفادت المجتمع لأنه يحمل على مساوئ الآداب حملات دقيقة بديعة مصلحة ويشوق القارئ توخي الفضيلة بصورة جذابة لا تجارى. فنحن نستزيد عزته من متابعة هذه الخطة التي أنتهجها. طالبين له العمر الهنيء الطويل. 59 - الإخاء دخلت هذه المجلة المصرية في سنتها الثامنة وقد بذل صاحبها سليم قبعين من الجهود البينة ما أظهر أن تحسينها مطرد لغة وطبعاً وآراء وكثرة رسوم، فنتمنى لها الرواج النافق الذي تستحقه. 60 - حياة يوحنا بلديني كتاب جميل الطبع أنيق الوضع بقطع الربع على ورق من حلفاء صرفة مع 20 صورة محكمة التمثيل ويباع في باريس في محل أوجين فغيار الناشر في باريس في متنزه مونبر ناس الرقم 166. جان بلديني مصور إيطالي شهير، توفي سنة 1929 بعمر ناهز التسعين، وقد أشتهر بالتصاوير البديعة والألواح الحية، التي أنتجتها ريشته الماهرة، فجاء كردونا ونمق هذه الترجمة التي تبقي الذكرى الطيبة للمصور النابغة، وكل من يطالعها يظن أنه يطالع أقصوصة أو رواية خيالية، لتداخل سداها بلحمتها، وللوصف البديع الذي وصف به أناساً كانوا في أواخر انحطاط الانبراطورية الفرنسية إلى غداة الحرب الكبرى. والواقف على تاريخ الأحداث التي جرت بين هاتين الواقعتين يرى في مطاويها رجالاً ونساء من باريس بحيث لا يمكنه أن يتوهم في فراسته، إذ يرى بين أولئك المشاهير: أناساً كانوا يترددون إلى المتنزهات وعليه القوم وممثلين مضحكين ذوي شأن بعيد الشأو، وسيدات، وأوانس جليلات، وكلهم مروا أمام ريشته فسدد صورتهم بحيث أن الرائي لا يتردد أبداً في معرفتهم. فنشكر كردونا على هديته هذه ونتمنى لها الرواج الذي تستحقه.

61 - مجموعة المراثي النثرية والشعرية التي قيلت في حفلة التأبين التي أقامتها الجمعية الخيرية للسريان الكاثوليك في الطاهرة (كنيسة في الموصل) وفي مواقف أخر لفقيد الطائفة وصاحب الأيادي البيض وأبي الفقراء المرحوم نعوم أفندي عبد الكريم عبيدة أحسن ذكرى لمن نفع أبناء قومه وأبقى له ولا مثاله أحسن مأثرة. ليتحدث بها الناس هي الإحسان إلى من يحتاج إلى المساعدة ليدفع بها نتائج الفقر والبأساء وهي ليست بقلال ولا بصغار. والمرحوم المذكور كان من صانعي البر. 62 - صدى التعاون الكرخ من الجرائد الأسبوعية البغدادية النافعة. فوقفتها الحكومة لأمر لم تصرح به تصريحاً جلياً، فأصدر صاحبها في 8 نيسان بدلاًلها (صدى التعاون) ونحن نرحب بها ونرحب بقلم صاحبها المشهور (الملا عبود الكرخي) وبرئيس تحريرها (عبد الأمير الناهض) الذي تسيل يراعته عسلاً مشتاراً، وينطق لسانه بكل نصيحة نافعة. فكلاهما فخر العراق وبهما يفتخر. 63 - مباحث فلسفية دينية لبعض القدماء من علماء النصرانية أنتخبها القس بولس سباط من خزانة كتبه الخطية وصححها وعلق عليها في 216 ص بقطع الثمن الصغير يباع بخمسة شلنات في مكتبة هـ. فريدريخ في القاهرة هذه المباحث تشتمل على عشرين مقالة أو رسالة وهي: 1. مقالة في التثليث لأبي علي عيسى بن اسحق بن زرعة. 2. مقالة في المواضع التي فيها الخلاق بين اليهود والنصارى. له 3. مقالة في المواضع التي فيها الخلاف بين المسلمين والنصارى. له أيضاً 4. مقالة في أمر العقل وتمثيل الأب والابن والروح القدس بالعقل والعاقل والمعقول. له كذلك 5. مقالة في حدوث العالم ووحدانية الخالق وتثليث أقانيمه لإيليا مطران نصيبين.

6. مقالة في وحدانية البارئ تعالى وتثليث أقانيمه لسمعان بن كليل. 7. مقالة في التثليث والاتحاد، لابن العسال. 8. مقالة في شرح أعمال السيد المسيح وتقسيمها. له 9. مقالة في الرد على قضايا شتى يجحدها الناس ويكثرون من البحث عنها. لعبد الله بن الفضل الأنطاكي. 10. مقالة في وجود الخالق وكمالاته لدانيال بن الخطاب. 11. مقالة في البراهين على صحة الإنجيل لايشوعياب بن ملكة، مطران نصيبين. 12. مقالة في الأدلة على صحة الإنجيل. له 13. مقالة في رد من يتهم النصارى بعبادة الأصنام من أنهم يسجدون للصليب ويكرمون الصور. له أيضاً 14. مقالة في القيامة العامة. له كذلك 15. مقالة في صدق الإنجيل لأبي زكرياء يحيى بن عدي. 16. مقالة في اختلاف لفظ الأناجيل ومعانيها. له 17. مقالة في قولنا: تجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء. له أيضاً 18. مقالة في المسلمين وإدحاض ما يفتئتون على النصارى من الاعتقاد بثلاثة آلهة، لأبي الخير بن الطيب. 19. مقالة في العلم والمعجز لأبي الفرج عبد الله بن الطيب. 20. مقالة في كيفية إدراك حقيقة الديانة لحنين بن أسحق وشرحها ليوحنا ابن مينا. ويعقب هذه الرسائل ثلاثة فهارس: الأول للأسفار التي أستشهد بها أصحاب هذه المباحث. والثاني للرجال. والثالث للفرق. وهذه المجموعة نفيسة لما حوت من متنوع المقالات والمعتقدات وتفنيد ما فسد منها. وكلها بعربية متينة وعبارة مأسورة تشهد لأصحابها الأولية وللواقف على طبعها أنهم من الفرسان المجلين في ميدان الفصاحة والبراعة والمنطق واللاهوت. على أنه بدا لنا بعض أمور نعرضها على حضرة الناشر فقد ضبط في ص 78 س8

يحير بياء مشددة مفتوحة - ولا يذيل المهموز الآخر المنصرف المنصوب بالف، فيقول مثلا: وتجعلها أجزاء (ص 79 س4) وإلى أن تصير كلها هواء (س6) وفي تلك الصفحة س6: للجسد خمسة حواس. ويحلي بال (غير) إذا جاءت مضافة إلى كلمة فيقول مثلا: (أمر الحيوان الغير الناطق (ص 80 س3) وقد تكرر مراراً لا تحصى وفي ص 81 س1 (لئلا يطير السم في جسمه)، وفيها س8 (فإنه يعلم من الزهر والماء شيئين جليلين) - ونظن أنه لو قال: يحير (بكسر الياء المشددة) وأجزاءاً، وهواءاً، وخمس حواس وغير الناطق، ولئلا يسري أو يسير السم، ويعتمل من الزهر. . . لكان أقرب إلى الأصح، على أننا لا ننكر أن لما حرر أمثالاً كثيرة في الدواوين ولا سيما دواوين المحدثين. وعلى كل حال فهذه المجموعة من النفائس التي يحرص على اقتنائها. 64 - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة تأليف جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي الاتابكي. الجزء الأول والثاني: عودتنا (مطبعة دار الكتب المصرية بالقاهرة) نشر أحسن الكتب، بازهى وشي، وأبدع طبع، وأثمن ورق. فمنشوراتها تشوق الناس اقتناءها وتحبب لهم المطالعة. وكأن ذلك لا يكفي، فان الدار المذكورة قد وقفت لها رجالا أفذاذاً مطلعين أتم الاطلاع على آداب العرب وفنونهم وعلومهم وأوضاعهم ومصطلحاتهم مباني لغتهم فيعلقون بالحواشي أصح التعليق وأشبهها للحق والصواب. وهذان الجزءان من هذا السفر الفاخر جاءا على غرار مطبوعات الدار المذكورة فإذا هما كنزاً تأريخ وتحقيق وتدقيق. وقد تصفحنا كثيراً من وجوههما فوجدناها من أثمن مفاخر السلف وأبدع مآثر الأجداد. على أننا رأينا في بعض السطور ما يثير الشك في الصدر بما يتعلق ببعض الكلم. فإن المقدمة تذكر كلمة (الموسوعات) ص 3 ولا وجه لها في اللغة للدلالة على معنى الكتب الحاوية لأنواع المعارف والفنون. وأحسن منها: المعلمات جمع معلمة بمعنى الكتاب الذي تكثر فيه ضروب العلوم - وجاءت (المتحف) في ص

4 ولو كانت (المتحفة) لكانت هي المطلوبة، أو دار التحف - وذكر الفعل وفق (ص 7 س6) معدى بالى. وقد ذكرنا مراراً أنه باللام دون غيرها. - ورأينا من معتمداته المطبوعة (في ص 8) مروج الذهب للمسعودي. طبعة بولاق. ووفيات الأعيان لابن خلكان طبعة بولاق أيضاً. ونظن أن مروج الذهب المطبوع في باريس أصح وأتقن، ووفيات الأعيان المطبوع في إيران أضبط وأحسن من الطبعة البولاقية: وفي ص 13 س13: المشهور بابن قريج (بقاف وجيم مصغر) ولعل الصواب: بابن قريج (مصغراً وبالتصغير وبقاف وجيم). وكتبت (طبرزد) (في تلك الصفحة في س11) بالدال المهملة والمشهور بالذال المعجمة وفي ص 17 س3: وله اليد الطولى في علم النغم والضروب والإيقاع والمعروف عند أهل الفن. و (الضرب) وفي ص 22 س6: بل ويذكر. والأصوب أن يستغني بإحدى اللفظتين لا اتخاذهما معاً. - وفي ص 25 س5: (وانتهت إليه رآسة هذا الشأن) وهذا غلط شاع في أخريات هذه السنين والصواب: رياسة أو رئاسة (أي بالياء أو بالهمزة المرسومة على صورة الياء). - وكثيراً ما نرى أصحاب الحواشي يقولون: الفرنساوي. وهو لفظ منسوب بالصورة العامية، ولا يجوز أن يؤخذ بها، إذ المعروف والخفيف على اللسان الفرنسي. (راجع حاشية ص 4و 5 من الجزء الأول من النص لا من المقدمة). ومثل هذه التوافه لا تؤثر في حسن هذين الجزءين ولا تحرمهما الفوائد التي تزينهما. ومما يزيد الحرص على شراء كتب هذه الدار أنها مزينة بالفهارس العديدة المختلفة المواضيع. ففي هذين الجزءين من الفهارس ثمانية وهي: 1 - فهرس الولاة الذين تولوا مصر من سنة الفتح إلى السنة التي ينتهي بها الجزء. - 2 - فهرس الأعلام. - 3 - فهرس القبائل والأمم والبطون والعشائر والأرهاط. - 4 - فهرس أسماء البلاد والجبال والأودية والأنهار ويغر ذلك. - 5 - فهرس وفاء النيل. - 6 - فهرس الغزوات والوقائع والأيام المشهورة. - 7 - فهرس أسماء الكتب. - 8 - فهرس الموضوعات الواردة في الكتاب وهي التي كتبت على هوامش صحفه.

وقد وقع الجزء الأول في 434 صفحة والثاني في 426ص. ومع كل هذه المحاسن التي قلما تجتمع في كتاب مطبوع في ديار الغرب أو في ربوع العرب ترى قيمة الجزء الواحد بخسة جداً إذ يكلف كل جزء منقولاً بالبريد وموصى عليه فيه ثلاث ربيات لا غير. ونظن أنه لا يجوز لخزانة من خزائن الكتب أن تستغني عن مطبوعات الدار لما في هذه الكتب من المواد التاريخية الشاملة جميع البلاد. نعم أن عنوان هذا الكتاب يدل على أنه موقوف لتاريخ القاهرة وملوك مصر. أما الحقيقة فإنه نافع لجميع الأرجاء الناطقة بالضاد. وكفى ذلك شهادة لوجوب اقتناء هذا السفر العزيز. المجمل في تاريخ الأدب العربي - 13 - وقال المبرد في ص 296: (وفي وكيع بن أبي الأسود يقول الفرزدق: لقد رزئت بأساً وحزماً وسودداً ... تميم بن مر يوم مات وكيع وما كان وقافاً وكيع إذا دنت ... سحائب موت وبلهن نجيع إذا التقت الأبطال أبصرت لونه ... مضيئاً وأعناق الكماة خضوع . . . الخ) وقال المبرد في (1: 155) من الكامل: (وقال الفرزدق يرثي ابنيه: بغي الشامتين الترب أن كان مسني ... رزية شبلي مخدر في الضراغم وما أحد كان المنايا وراءه ... ولو عاش أياماً طوالا بسالم أرى كل حي ما تزال طليعة ... عليه المنايا من ثنايا المخارم . . . الخ) من الرثاء العظيم التأثير الهائج للأحزان، فما قيمة قول الأثري في تاريخ الأدب العربي، بل في كل تاريخ؟ ولم لم يترو في حكمه البعيد عن الحقيقة؟ وقال في ص 276: (ولكن بعد أن أزودك بشيء من مختار شعر جرير) قلنا: إنه لقمن أن يزود نفسه تعدية (زود) إلى مفعولين بنفسه. فقد علم القارئ أن البنت العربية بنت عبد الملك قد عدته آنفاً إلى مفعوليه بنفسه في قولها (إن يزودنا من شعره أبياتاً) فما أفصح بنات العرب قديماً وما أكثر لحن أدبائنا!! حديثاً. مصطفى جواد

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - ريح عادية نقرأ في تاريخ الجاهلية أن الله أراد أن يعذب الكفرة في أيام هود فنشر لهم ثلاث غمامات: بيضاء وحمراء وسوداء ملتحفة غضبه، فخرجت الريح عليهم في اليوم الأول شهباء، لم تترك على وجه الأرض شيئاً إلا نسفته نسفاً. وفي اليوم الثاني، ريح صفراء فلم تدع شيئاً إلا اقتلعته ورفعته إلى الهواء، وفي اليوم الثالث، حمراء فما مرت على شيء إلا أهلكته. وقد تذكرنا هذه السحابات الثلاث ثلاث مرات في هذه السنة: مرة في 18 و19 آذار (مارس) ومرة ثانية في 7 نيسان (افريل) ومرة ثالثة في 11 منه إلا أن غمامة 7 نيسان كانت الهائلة: احمرت السماء فجأة احمراراً نارنجياً في نحو الساعة الثالثة بعد الظهر ثم اصفرت ثم اسودت فنزل من الأعالي تراب دقيق أعمى الأبصار وولج في جميع الغرف، حتى الغرف الموصدة إيصاداً محكماً، وأصبحت تلك الغمامة تاريخية ذكرتنا الغمامات الثلاث العاديات. نعم أن مثل هذه السحب، سحب الغبار، تنشأ في كل سنة عند تبدل الفصول الأربعة وتذر منه شيئاً كثاراً. لكن لم يقع أننا رأينا مثل هذه الغمامة المثلثة الألوان. وسبب ذلك أن الأمطار قلت في هذه السنة فيبست الفلوات ولم يظهر فيها كلا ولا عشب فكان الرمل يمعن في التحليق عند وقوع العاصفة، وكانت الريح إذا هدأت هوت تلك الرمال الدقيقة. ونخلتها على الناس حتى أن كثيرين منهم توهموا قيام الساعة، وجماعات قيدتها في مذكراتهم لتنقل إلى الخلف. 2 - سرب الطيران العراقي وصل سرب الطيران العراقي الأستانة في 17 نيسان (أفريل) فجرى له هناك احتفال شائق أشترك فيه الشعب وسلطات الحكومة، وأدب له نادي اتحاد الطيران التركي في 18 منه مأدبة عشاء فاخرة.

وقد علمنا أن معالي وزير العراق المفوض في أنقرة رفع إلى حكومة تركية شكراً باسم الحكومة العراقية على احتفاء تركي بسرب الطيران العراقي ووصل إلى بغداد في 22 نيسان فاستقبل بكل أبهة واحتفال. 3 - أقماع حركات الشيخ محمود الكردي تمكنت القوات العسكرية في لواء السليمانية من أقماع حركات الشيخ محمود الكردي الذي تمرد على الحكومة وخذله معظم أعوانه الذين اشتركوا معه في حركات العصيان فسلموا أنفسهم إلى الحكومة بلا قيد ولا شرط وطلبوا الدخالة وتمكن الشيخ المذكور من الفرار على ما يقال إلى الحدود الإيرانية مع نفر قيل من أعوانه. 4 - البعثة العلمية الفرنسية أو البعثة الصفراء أدب جناب القائم بأعمال القنصلية الفرنسية في العاصمة في 18 نيسان مأدبة عشاء للبعثة العلمية الفرنسية أو البعثة الصفراء وكان من المدعوين بعض الرجال العراقيين الإجلاء وحظي أعضاء البعثة بالمثول بين يدي صاحب الجلالة الملك المعظم في 19 نيسان ثم غادروا عاصمتنا إلى طهران في 20 منه. 5 - وفاة قرينة صديق لنا من أصدقائنا المخلصين المطبوعين على العلم وحسن الشمائل السيد محمد مهدي العلوي (في سبزوار). وقد فارقت هذه الحياة الدنيا زوجته الصالحة وكانت سيدة صديقة حسينية. ولدت في حدود سنة 1329 هـ (1911 م) من والدين شريفين يتصل نسبهما بالحسين بن علي بن أبي طالب، وأبوها الحاج الميرزا حسين العالم المترجم في مجلتنا (8: 446) وفي صبيحة 28 رمضان من هذه السنة (17 ك2 سنة 1931) أنتابها داء في الحمل على أثر ولادتها ولداً ذكراً ولم يؤثر فيها علاج طبيبها. فتوفيت في ليلة 14 شوال 1349 (4 آذار 1931) وقد جاوز عمرها العشرين سنة. ولم تعقب غير ولدها المذكور الذي سماه والده (محمداً حسناً) ومشى في تشييع جنازتها جم غفير من الناس. ولم يعهد مثل هذا التشييع في سبزوار إلا نادراً؛ ودفنت في قطعة أرض في خارج المدينة، في جهة باب سبريز (دروازهء سبريز). واثر موتها في قلوب سكنة سبزوار لمكارم أخلاقها وتواضعها وموتها في ريعان الشباب. وكانت شيعية دينة فنعزي صديقنا الوفي.

بهذا الفقد الجليل ونتمنى له طول العمر. 6 - تعد على مطران كان بعض الأرمن غير الكاثوليك في بغداد ضربوا مطرانهم ضرباً مؤلماً في الأسبوع الأول من آذار من هذه السنة فاتهم سبعة بهذا التعدي فتدخلت الحكومة في الأمر وعقدت محكمة القضاء جلسات متعددة قررت في أثنائها الإفراج عن أربعة من المتهمين ومحاكمة الثلاثة الآخرين. وكان اليوم ال 30 من آذار (مارس) البت في المسألة، فسمعت المحكمة شهود الدفاع وفي الآخر أصدرت المحكمة حكمها القاضي بحبس كل من الثلاثة ثلاثة أشهر حبساً شديداً مع توقيف تنفيذ العقوبة بحقهم بشرط أن يكفلوا أنفسهم بمبلغ قدره ألفا ربية ويتعهدون بحفظ السلام مدة ثلاث سنوات من تاريخ الحكم ولما دفع المكفولون المبلغ المذكور أطلق سراحهم وهم: الدكتور أميرزا، وارام دوزيان، وكالوست خاجيك سورمانيان. 7 - واردات المكوس بلغ مجموع تحصيلات المكوس من أول نيسان سنة 1929 إلى غاية 28 شباط سنة 1930 المبلغ الذي قدره 25. 533. 728 ربية و13 آنة. وبلغت المكوس عن شباط 1930 المبلغ الذي قدره 1. 922. 816 ربية و6 آنات. وبلغ مجموع هذه التحصيلات من أول نيسان سنة 1930 إلى 28 شباط 1931 ما قدره 21. 555. 012 ربية و15 آنة. وبلغت التحصيلات عن شباط سنة 1931 ما قدره 1. 639. 311 ربية و7 آنات. 8 - عصابة من اللصوص تهاجم زورقاً بخارياً في نهر عمر (العراق) إن 12 رجلا مدججاً بالأسلحة هاجموا صباح الأحد 12 نيسان زورقاً بخارياً قادماً من العمارة في نهر عمر. كان الزورق المذكور راسياً في نهر عمر، ينتظر سكون العاصفة التي هبت عليه في اليوم عينه وإذ بقارب فيه 12 رجلا مدججاً بالأسلحة يظهرون فجأة بالقرب منه. ثم يطلق هؤلاء الذعار النار على الركاب بصورة هائلة حتى يقال أنهم أطلقوا 200 رصاصة. وقد جرح ثلاثة من الركاب، وأصيب اثنان منهم بجروح خطرة. وقد تمكنت الشرطة من القبض على ستة أشخاص حامت حولهم الشبهة،

وعثرت في محل الحادثة على بندقية ولا تزال في تعقيب الجناة والقبض عليهم. 9 - أسعار المواد الغذائية في البصرة ننشر فيما يلي قائمة أسعار المواد الغذائية الضرورية حسب سعرها اليومي في سوق البصرة: ربية آنة لحم غنم (الحقة الواحدة) 0 10 لحم بقر (الحقة الواحدة) 0 6 الدجاجة الواحدة 0 8 خيار 0 12 فاصوليا 0 4 باقلاء 0 1 بصل 0 3 بطاطة 0 5 طماطة 0 5 سمك 0 6 12 بيضة 0 4 10 - المفاوضات بين العراق والحجاز (انتهت المفاوضات التي دارت بين الملك ابن السعود، ونوري باشا السعيد، رئيس الوزراء العراقية بنجاح تام، وحلت جميع المشاكل التي كانت معلقة بين البلادين منذ زمن طويل، حلا مرضياً للفريقين، ووقعت الاتفاقات الخاصة بهما وبذلك فتح عهد جديد للعلاقات بين الحجاز ونجد والعراق، ووضع أساس راهن للوفاق العربي العام، وقد أبحر نوري باشا في 13 نيسان على الباخرة (الطائف) عائداً إلى مصر، في طريقه إلى العراق. وسافر رفيقاه طه باشا الهاشمي، رئيس أركان حرب الجيش العراقي، وموفق بك الآلوسي، المدير العام لوزارة الخارجية، إلى اليمن في أول باخرة لمثل الغرض الذي تحقق في الحجاز). والمفهوم أن الاتفاق الذي تم بين المملكتين هو تجديد المعاهدة الجمركية، وتوقيع اتفاقية حسن الجوار، أو اتفاقية حسن الجوار، أو اتفاقية تسليم المجرمين التي وضع أساسها قبل سنتين، ثم لم يتم الاتفاق بشأنها بسبب الاختلاف على أن يكون حكم الاتفاقية شاملا للقبائل البدوية مع الحواضر أيضاً أم يقتصر على الحواضر فحسب. (أما الحلف العربي بمعناه الصحيح وهو عقد معاهدة سياسية بين الطرفين تتعدى الأغراض السابقة إلى سواها أهم منها فالظاهر انه ظل مطوياً في

حقيبة نوري باشا السعيد إلى زمن آخر) أهـ. 11 - أنهر العراق دلائل الأحوال في 18 نيسان أخذت دجلة بالهبوط في الموصل وبغداد وحصلت زيادة طفيفة في بيشخابور الواقعة على الحدود الشمالية وكذلك في الزاب الكبير في أسكي كنك. وعمت الآن الزيادة لوائي الكوت والعمارة والغراف إلى درجة مستوى نهر عال. إن الفرات يجر مقادير هائلة من المياه وقد أرتفع مستواه في عانة مقدار متر واحد وخمسة وثلاثين سنتيمتراً خلال الخمسة أيام الأخيرة وفي الرمادي بلغت المياه إلى درجة من الخطورة تجعل انكسار الاسداد في تلك الجهات محتمل الوقوع في كل لحظة. واصبح الآن بحكم المقرر انه سيحصل فيضان عال في الفرات، لأنه أرتفع قبل نحو أسبوع إلى مستوى عال في جرابلس ودير الزور مهم أخذ بالهبوط في جرابلس في 17 الجاري (نيسان) ولكنه لا يزال مستمراً في الارتفاع في دير الزور. وهناك من الدلائل ما يثبت سيل مقادير عظيمة من المياه في الفرات من نهر الخابور ووادي حوران. فمن المحتمل أن تحدث بعض كسرات في الاسداد.

العدد 91

العدد 91 - بتاريخ: 01 - 06 - 1931 أبناء ماجد النجديون كنت أظن أن كتب ابن ماجد النجدي، وسليمان المهري. في فنون الملاحة التي عني بطبعها ونشرها وتعريفها والتعليق عليها العلامة الفرنسي (غبريال فران)، وبحث عنها في كتاب عنوانه ب أقول كنت أظن أنها عين الكتب التي حوته مجموعتي البحرية المذكورة في كتابي (مخطوطات الموصل) (ص 280) إلى أن اطلعت على نسخة من كتاب غبريال فران عند الأب الجليل صاحب هذه المجلة، فإذا بالمتن العربي المنشور لا يحتوي على ما في مجموعتي من الكتب، لا كله ولا بعضه. فأيقنت أن لا قرابة بين ما نشر، وبين ما حوته مجموعتي الخطية، إلا ما سأذكره من قرابة بين المؤلفين وإليك البيان: 1 - مجموعتي صغيرة، طولها 17س وعرضها 10. 5 س. ورقها رقيق. عدد أوراقها الحاضرة 97. وقد سقطت ورقة من أولها، وبين هذه الأوراق السبع والتسعين، ثمان منها غفل (أي ليس عليها كتابة)، ومن

المحتمل أنها أعدت لنقش بعض الصور ثم أهملت. وتقع الورقات الغفل بين نهاية كتاب وابتداء كتاب يليه في المجموعة. أما الكتاب الذي نشره فران بالزنكو غراف فكبير الحجم يفع في مجلدين وسطين. 2 - تبتدئ مجموعتي بصور سفن شراعية قد صورت بألوان يرى فيها كيفية نصب الأشرعة. ويتخلل المجموعة صور آخر سنأتي على ذكرها. أما الكتاب المنشور فخلو من الصور والرسوم والخرائط. 3 - مجموعتي تشتمل على أربعة كتب. بعضها جداول وبعضها كلام منثور وليس فيها شئ منظوم. أما كتب احمد بن ماجد المنشورة فجلها منظوم أراجيز. 4 - جاء في أول صفحة من الكتاب الأول في مجموعتي ما نصه بحروفه: (هذا الميل المشهور مصنفه شيخنا العالم العلامة البحر الفهامة. الشيخ شهاب الدين حاج الحرمين، أستاذنا الشيخ محمد بن ماجد بن عمر بن فصل بن يوسف بن دويك ابن أبي البركان النجدي). أما الكتب الثلاثة الباقية فلم يذكر مؤلفها. أما مؤلف الكتاب الذي نشره فران فقد جاء اسمه في ظهر الورقة ال 88 من الكتاب هكذا: (أسد البحر الزخار، شهاب الدين احمد بن ماجد بن محمد بن عمرة بن فضل بن دويك بن أبي الركائب النجدي). وفي وجه الورقة ال 128: (المعلم شهاب الدين رابع الثلاثة احمد بن عمرو بن فضل بن دويك ابن يوسف بن حسن بن حسين بن أبي معلق السعدي ابن أبي الركاب). وفي وجه الورقة ال 137 (ناظم القبلتين مكة وبيت المقدس حاج الحرمين الشريفين خلف الليوث احمد. . . .). وفي ظهر الورقة ال 145 (حاج الحرمين الشريفين راتع الليوث احمد بن ماجد بن محمد). وفي وجه الورقة ال 165 (حاج الحرمين خلف الليوث شهاب الدين احمد بن ماجد ين عمرو). وفي المجلد الثاني في الورقة ال 93 (شهاب الدين احمد بن ماجد بن عمر السعدي). ومثله في ظهر الورقة ال 109 من المجلد عينه.

يلخص من ذلك أن مؤلف كتاب (الميل) في مجموعتي مشتهر بابن ماجد النجدي ومؤلف الكتاب المنشور مشتهر بعين الشهرة. ولكن اسم الأول محمد بن ماجد ين عمر بن فضل. واسم الثاني احمد بن محمد بن عمر بن فضل. فيظهر من ذلك أن ذلك مؤلف كتاب (الميل) هو أبو مؤلف الأراجيز وغيرها في الكتاب المنشور. يتقى هناك اختلاف طفيف بين (عمر) و (عمرو) ولا بد من أنه عمر وخالفهما المجلد الأول. واختلاف طفيف آخر بين (. . . ابن فضل بن يوسف بن دويك) وبين (. . . ابن فضل بن دويك بن يوسف). وهذا تقديم وتأخير في النسب. أما الاختلاف بين (بركات) و (ركاب) و (ركائب) فلابد من أنه من النساخ لتقارب رسم الأحرف. وفي نعت احمد بن ماجد بأسد البحر الزخار ثم نعته في محل آخر بخلف الليوث دليل على أن احمد الماهر في الملاحة سليل ملاحين ماهرين ميله. ولم يفت ذلك غبريال فران. فقد أشار إليه في ج3 ص 221 من كتابه المار الذكر. وهذه بعض العبارات الواردة في كتاب احمد بن ماجد النجدي المنشور الدالة على أن أباه وجده أيضا كانا معلمين واشتغلا في الفنون البحرية. وفيها يصرح احمد أن أباه نظم وألف فيها: في وجه الورقة ال 78 عند كلامه على بحر القلزم يقول: (وقد كان جدي عليه الرحمة محقق فيه ومدقق ولم يفر لأحد فيه وزاد عليه الوالد وحمة الله عليه بالتجريب والتكرار وفاق علمه علم أبيه). وفي ظهر الورقة عينها يقول: (وكان الوالد عليه الرحمة يسمونه الربابين

ربان البرين ونظم الأرجوزة المشهورة الحجازية فوق ألف بيت ومع ذلك كله قد أصلحنا له منها ما رأينا فيه الخلل ورتبنا ما لم يكن فيها). وفي ظهر الورقة ال 86: (وقد ذكرنا في الأرجوزة السبعية جميع القياسات التي يليق بهذا البر المجودة ولم نترك شيئاً. والوالد عليه الرحمة والغفران، ذكرها بحسن (كذا) طرق الباحة، وبر العجم، وبر العرب، والأوساط بين الجزر، ولم يدع شعب ولا جزيرة إلا وذكره. ومع كل ذلك ختم أرجوزته وقال فيها في شعره من الأرجوزة شعراً: وقد فرغ القرطاس والمداد ... وما بلغت من العشر أعداد وفي وجه الورقة ال 87: (. . . وبعدهم المرما وظهرته. فظهرته. كان والدي يربط فيها فأنها مكوز وهي رأس الخريق. لم يكن شاميها شيء. فسموها اكثر أهل ذلك الزمان ظهرة ماجد). الكتاب الأول وهاك الآن نموذجاً من كتاب (الميل) لمحمد بن ماجد النجدي كما جاء في صفحته الأولى في مجموعتي: الحمل الأولالثور الأولالجوزة الأول روز درجات دقايق روز درجات دقايق روز درجات دقايق 01 00 24 01 12 01 01 20 30 02 00 47 02 12 21 02 20 42 03 01 11 03 12 41 03 20 53 04 01 35 04 13 01 04 21 04 05 01 58 05 13 20 05 21 14 06 02 22 06 13 39 06 21 25 07 02 45 07 13 58 07 21 34 08 03 09 08 14 16 08 21 44 09 03 32 09 14 36 09 21 53 10 03 56 10 14 55 10 22 02

وهكذا تتسلسل الأرقام تحت حقل (روز) إلى 31 مع ما يقابلها من الدرجات والدقائق في كل صفحة. وبعد انتهاء البروج الاثني عشر تتكرر من جديد باسم الحمل الثاني، الثور الثاني، الجوزة (الجوزاء) الثاني، السرطان الثاني. . . الخ. ثم الحمل الثالث. . . الخ. ثم الحمل الرابع. . . الخ. يعقب ذلك صفحة عليها صور ثماني سفن ملونة. وضعت لاراءة كيفية اخذ ميل قرص الشمس بأوضاع شتى. تأتي بعد ذلك جداول بالأرقام وقعت في 46 صفحة. عنوان الحقول في أعلاها: (مساج)، (عرض)، (طول). ثم تأتي وردة الرياح ملونة بألوان. سمي فيها الشمال (الجاه)، والجنوب (القطب)، والشرق (المطلع)، والغرب (المغيب). وسميت الجهات الفرعية بأسماء كواكب. وهي من الشمال (الجاه) إلى الشرق والجنوب كما يلي: الفرقد، النعش، الناقة، العيوق، السماك، الثريا، المطلع (الشرق) الجوزة، التير، الإكليل، العقرب، الحماران، سهيل، السنبار، القطب (أي الجنوب). هذا لمطالعها في الشرق. ويقابلها مثلها في الغرب لمغايبها. يعقب ذلك جدول في صفحة واحدة عينت فيه أيام النوروز في سني الهجرة من 1280 إلى 1309 وما يقابلها من السنين الميلادية من 1863 إلى 1892. الكتاب الثاني أما الكتاب الثاني من المجموعة فقد خطط على أول صفحة منه شبه إطار لكتابة اسم الكتاب ومؤلفه ولكنه ترك ابيض واكتفي بكتابة (يا حي يا قيوم) في أعلى الإطار و (ارحم من لا يدوم) في أسفله. والكتاب مجموع جداول وقعت في 24 صفحة، وفي كل صفحة حقلان. ذكر فيها ما يصادف الملاح على الساحل أو قربه من بنادر وانهار ورؤوس وجزر وأخوار وجبال وبلاد وقرى ومراس وقلاع وخرائب وأصنام ودندات وغير ذلك. وعلى يمين كل اسم من هذه المواقع ويسارها أرقام درجات العرض والطول. وكلما آتى اسم بندر مهم كتبه بالحبر الأحمر. وهاأنا ذا ذاكر بعض هذه الأسماء صارفاً النظر عن أرقام الطول والعرض:

(بندر البصرة المبارك، نهر المناوي، نهر السراجي، نهر السبيليات، نهر فرتادير، رأس أبو الخصيب، غبة سيحان، رأس طريق البحرين، رأس مركز، جزيرة مرخص، خور هابلي، خور ياطني، بندر ساري، رأس التنور، بندر القطيف. . جزيرة البحرين. . جزيرة قاعرابية، جبل سلار، خور قطر، جزيرة دانس، جزيرة حالول، صير أبو نعير، جزيرة بينونة، بندر أبو ظبي، خور أبو موسى، بندر الشارجة. . . بلد الرمس، بلد شعم، بلد بخه، بلد خصب، جزيرة الغنم، رأس المسندم. . جزر بنات سلامة. . جزيرة أم الفيارين، غبة غزيرة. . بندر سحار، بلد صحم، بلد الديل. . جزيرة حابوث. . بلد الغبرة، خوير وعوير وزوير. . . قرية اربق، بندر مطرح، مسقط الأرزاق - بلد قريات، بلد دغمر، بلد ضباب. . صور الفتنة. . رأس الحد. . رأس أبو رصاص. . جزيرة جبلي. . بندر مرباط، بندر طاقة. بندر ظفار. . حصويرالمهرة. بندر صيحوت - بندر الشحر سمعون، بندر المكلا يعقوب - بلد عدن - جبل الفانوس، باب سكندر. . بندر المخا الشادلي. . بندر الحديدة الصديق - السبع الجزر قادحات النار، جزيرة كمران، بندر الحية، بيت الفقيه، بندر جيزان جزيرة العنابين، جزيرة فرسان، خرابة فرسان، جبل النقم أجارنا الله - بندر القنفذة. . جزيرة دقوادي - مرس آدم عليه السلام - جزيرة مسماري - بندر الحرمين جدة. . بندر حنين، رأس جنبع (ينبع)، بندر ربقا، بر الحبش - بندر سواد. . بندرمساس، بندر طرفان، جزيرة سواكن - رأس العقيق - بندر مصوع - جزيرة أبو ربية. . بندر زيلع. . سقطرة. . جزر الصابونيات. . رأس حافون. . بندر مقدشوه - أم الحواوين، جزيرة قيامة. . ملندري. . بندر محبس ممباسة - بندر زنجبار - سفالة، خور سفاله سيكوه، جزيرة فيقيه، جزيرة مافيه، بندر هديلان. . رأس الكاب والكلب، بندر سنكاره. . جزيرة الشيخ رم - دس كافري، دس سكري - بندر طوياس - جزيرة مسنبيج - سفاله معمورة، بمدر نوف. . رأس هيني، كاب أبو الفراس). وهنا انقطاع يليه في الصفحة التالية:

(بندر البصرة الفيحاء، جزيرة بلقيس - بندر المحمرة - جزيرة سيحان، دوحه عبادان - خور أبو موسى - خرابة كوجك - رأس شط بني تميم، بندر أبو شهر - بندر كنقون - بلد بسيتينة - باغ الفرنجي - جزيرة جيس - بندر لنجه - جزيرة هنجام. . جزيرة هرموز، بندر العباس. بندر إبراهيم، بندر كوستك - بندر جاش. . خرابة شهبار، رأس جيونه. . رأس جبل جميل، بندر جوادر. . بندر سورميان. . جزيرة جرنه، جبل مناره، بندر كراشي. . دندة دبة - جزر انكوره 3 - بندر مدى كش. . إسلام نكرجر - دندة رضوي، جبل رضوي - خرابة بهال - جزيرة بيت عكة - شعب كوترنوان - بندر خورميان - صنم ريره كولي نار - جزيرة الديو. . خرابة حويره، سلطان بور، مقام خضر بور. . دندة كهان شمالي، دندة كهان جنوبي، بندر سورت - بندر منبي (بمبي)، كلابه المناره - خرابة كوه مباري. . قلعة سرندوه. . جزيرة دندة واسي، قلعة ديري. . خور بندر قوة جزيرة ازاديو - قلعة مرديس - صنم سورج، بندر منقرور الموره، صنم سومبر. . بندر كالكوت، كاليكوت القديمة. . خرابة كريه، بندر كابل بتن، بندر كلنب سيلان - طوطا جام سيلان، جبل سرنديب - محمود بندر - بندر فلجيري. بندر مدراس - كركندي - جكرنات بور، اسحق بتن - بندر قنجام. . جكرنات شمالي صنم، جكرنات جنوبي صنم - الغريز المركب أبو قنديل - بندر كلكته بنقاله. . خور اكراسي). وهنا انقطاع يعقبه في الصفحة التالية ما يلي: (فال كان شمالي - جزيرة شتلاكم - جزيرة أميني - اندون، جزيرة كورتي - جزيرة مكيلي، جزيرة كيلاي). . وبها ينتهي الكتاب الثاني. الكتاب الثالث الكتاب الثالث وقع في 29 صفحة. كتب في صدره: (وهذا ابتداء مجرات بر الهند ولون مناتخ جباله وعلايمه وصفته ومجاريه ودوابه ويتلوه أيضاً مجرات بر العرب والسواحل ولونه وعبراته بمن الله تعالى). وفي آخر الكتاب ما حرفه: (تم الكتاب بأذن العزيز الوهاب صبح الجمعة وقد مضى من بعد الشروق ساعة 1 دقيقه 12 ولعله في 27 شهر جمادى الآخر وفي 7 شهر كانون الأول من اشهر الرومية وفي 13 منزلة الدبران وفي 19 يوماً في دزنمبر من أشهر الفرنجية وفي 27

القوس وفي 117 يوماُ من النوروز وسنة 1279 من الهجرة النبوية وسنة 1864 من الهجرة المسيحية (كذا) على يد اقل عباد الله راشد ين صالح ولد حريرة بيده). (الكلمتان الأخيرتان مشوشتان). قد قسم الكتاب إلى خمسة أبواب: الباب الأول في منتخ بر الهند وعلائمه ومجاريه وجباله ودوابه. في 11 صفحة. الباب الثاني في مجرات بر العرب. في 15 صفحة. الباب الثالث في معرفة مجرات التدبيرة وصفة الباطلي وما يحتاج في الزيادة والنقصان. في صفحة واحدة وخمسة اسطر. الباب الرابع في استخراج المجرا من الدائرة في صفحتين. ضمنهما وردة الرياح يقابل شعبها أرقام. الباب الخامس في مقدمة البر بالاختصار. في 9 صفحات. أول الباب الأول: (افهم أخي أيها الطالب لذلك إذا نتخت شمالي كراشي تنتخ جبل ميز، وهو جبل على سيف البحر رأسه الغربي أعلى من رأسه الشرقي وهو مسلوب الطرفين وفي وسطه هزع وعلى رأسه الغربي جزيرة جرنة جزيرة صغيرة على هيئة القبوس هكذا صفتهما. (وهنا يصور الجبل والجزيرة وهكذا كلما ذكر جبلا أو جزيرة صورهما كما يبدوان للناظر. وفي الكتاب 35 صورة من هذا القبيل. ولنداوم على النقل قال): فإذا كنت عن هذا الجبل إلى جهة المغيب تنظره منقطعاُ عن البر كأنه جزيرة ومعترضاً مطلع ومغيب فإذا كان مرادك سورميان اجعل الجزيرة المذكورة بحريك تكون تظرب في القطب فإذا ضربت فيه أقبظ الحاه تظرب خور سورميان وهي من الجزيرة تحت الجاه زام هكذا وان مرادك كراشي إذا خلف عنك جبل ميز اقبظ الجوزة يظهر لك جبل صغير مثل الدائرة وهو جبل كراشي الذي عليه السراج وإذا ظهرت لك القلعة اقبظ جنوبيها قليل ولا تقارب الرأس الشرقي أن فيه مرقة خارجة منه إلى جهة المطلع. ومطلع هذه المرقة جزراً صغار ثلاث أو أربع فأحذر تسفل إليهن. وفي هذا العصر ملكها الانقريز وجعل لمدخلها علايم بوجات. (من هما يفهم أن هذا الكتاب

ألف بعد دخول الإنكليز الهند. نداوم). وأما البحر إذا كنت من كراشي لنحو المغيب يجيك اسود وان كنت من كراشي لنحو المطلع يجيك البحر اغبث إلى الجكت ثم يخظر إلى أن تعداه ثم يسود على هذه الصفة. وإذا سافرت من كراشي وخرجت من الخور اقبظ إلى أن تصل بحر باع 12 ثم ارجع في مطلع العقرب والحمارين. وهذا البحر تجيك دندت دبه قدر نصف زام وهي ظاهرة. فإذا قبضت بحر باع 10 يضرب بك رأسها المغيبي وبحر الثمانية تظرب رأسها الشرقي وهي التي خارجة للبحر، وباقي الدندات في البر عنها وهذه صفتها). (وهنا صورة كنها دكة. فيفهم أنه يريد بالدندة الصخرة في البحر وهي ما يسميها الفرنسيون وويقول في مكان آخر: (وأما إذا كنت مقبلا من جهة المغيب أحذر أن تقرب البحر في ستة وسبعة أبواع خوفاُ من الشعب الذي في تلك الأماكن عليهن البحر ربع باع ونصف باع). فيفهم من ذلك أنه إذا كانت الصخره قريبة من وجه البحر ولكن ماء البجر يغطيها فانه يسميها شعباً وإذا كانت ظاهرة فوق سطح الماء يسميها دندنة. ولاشك أن هذه الكلمة مأخوذة من الفارسية دند بمعنى سن. وهاك كلاماً من أول الباب الثاني: (بندي من صور. الأول إذا خرجت من خور صور اقبظ مغيب النعش إلى عدال رصاغ ثم اقبظ الناقه والعيوق إلى أبو داود وأرجع في مغيب الواقع إلى الخيران واقبظ السماك يضرب بك صيرت مسقط. . . الخ). هكذا يصف ساحل خليج فارس العربي والساحل الجنوبي لجزيرة العرب وساحلي البحر الأحمر وساحل أفريقية الشرقي إلى ما دون زنجبار. ويذكر هناك أسماء جزر كثيرة. وجاء في الباب الثالث: (إذا حصل مساج دقيقة 50 فزد خمس وعلى الميئة عشر وذلك في وقت معلوم مثل أيام التدبيرة إذا قربت من الجزائر تقوى المايه وترمي إلى نحو الجاه خصوصاُ نوروز 280 فتصير المايه والموجه والريح جميعاً إلى نحو الجاه ويصير الجري قايم قوي الحركة والاصطلاب في الباطلي. . . الخ). وجاء في الباب الرابع: (في استخراج المجرا من الدائرة. أولا نأخذ

فاضل الطولين وفاضل العرضين أن كانا في جهة واحدة من شمال الأصلي أو فاضل الطولين وجملة العرضين إذا كانا مختلفين الجهة إذا كان الباب في الشمال وأنت في الجنوب وتظرب كل في نفسه وتجمع الجميع ثم جزره والذي يخرج من الجزر هو المسافة ثم اخذ العرض واضربه في قاعدت بعد الجاه وهو ستة وثمانون ونصف والجملة اقسمها على نصف والجملة اقسمها على نصف الطول والمسافة فما خرج انقصه من التسعين والباقي كل خن أحد عشر درجة وربع فما وقع في الخن أو بين الخنين فهو المجرا. . . الخ). وجاء في أول الباب الخامس: (في مقدمة البر بالاختصار، اعلم أرشدنا الله وإياك والمسلمين لطريق الهدى والصواب. الأول نبدي أن شاء الله تعالى من رأس الحد ويسمونه رأس الجمجم لأنه جمجمة بر العرب اقرب ما يكون لبر الهند من بر العرب وهو رأس رمل ابيض ولساناً ممدوداً لداغ مخالط البحر في ظلمات الليل يتغلق البحر أيام الخريف من جنوبيه ولم يتغلق من شماليه في أي وقت يكون من الأوقات والأزمان. الأول من رأس الحد إلى مصيرة هذا البر يسما بر الاطراح ومن مصيرة إلى رأس فرتك هذا البر يسما بر الأحقاف ومن فرتك إلى عدن يسما بر الحرز إلى حدود الباب وأما من الباب وهو المندم يسمونه باب سكندر منه إلى حلي بن يعقوب. فهذه تهايم اليمن ومن حلي إلى جبل رضوة هذه تهايم الحجاز ومن جبل رضوة إلى بطن السويس فهذه تهيم الشام ثم رجع البر بميله نحو القصير وهو أول جهة الحبشة الغربية ثم انقاد البر إلى أرض النوبة وسنار والدهالك والدنا كل إلى أن يصل الباب الكبير المتقدم ذكره. . . الخ). وعلى هذا النمط يصف ساحل أفريقية الشرقي إلى الكاب ثم الغربي إلى الزقاق (مضيق سبتة) وهنا يذكر أمريكا بقوله: (. . . وهو البحر المحيط بالدنيا فانقطع بر ثاني عند مغرب الشمس وهو بر المريكان وقيل برا قليل المجاوزة فيه لأن العرض والطول كيس (كلمة مشوشة) في كتب العرب والتواريخ). ثم يصف البحر المتوسط. ثم يذكر بر الترك والأرس (الروس) ويأجوج ومأجوج والصين ويذكر البحر سنجافورة وساحلي السنجال ثم ساحل الهند الغربي وساحل إيران

إلى البصرة وينعطف إلى الساحل العربي من خليج فارس ويصف بلاده وبقاعه وجزره وقبائله إلى أن يصل إلى رأس الحد نقطة مبدأه. الكتاب الرابع الكتاب الرابع يبدأ بقوله. (بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فهذا الكتاب المسما فكرة الهموم والغموم، والعطر المشموم، في العلم المبارك المقسوم، في العلامات والمسافات والنجوم، على جميع الأقطار والأماكن والجهات ليزداد فيه الطالب نبهة وفكرة، ويتنبه الغافل من كل سكره، هذا العلم شواهده مذكورة مشهورة، وفوائده بينة مسرورة، يدلك مع التوفيق، بجوادك في اللجج والطريق أن شربت منه بهنيك، وإن رغبت فيه يكفيك، وان توكلت على مولاك يهديك، فتفترع منه علوماُ كثيرة لا يحصها إلاًّ الله تعالى، فيه معروفة السنين القمرية والشمسية والكبائس وعلم المجاري والنجوم ومنازل القمر وحلول الشمس في البروج وعلم الأيام والساعات والدقائق وزيادة الليل والنهار والأخذ من بعضهن بعض في الميل الأعظم وحساب الفصول الأربعة. الشتاء والربيع والصيف والخريف ومعرفت الجهات المربعات. الشمال والجنوب والشرق والغرب وأربع الجهات المنحوية شمالي شرقي وشمالي غربي وجنوبي غربي وجنوبي شرقي لأن حلول الشمس في البروج على حساب النوروز اقرب تناولا وأليق بأهل البحر من غيره وان كان يحيل على طول الزمان. . . الخ). في الصفحة الثامنة شكل مستطيل ملون بلون ترابي قد قسم ثمانية أقسام وكتبت عليه أسماء البروج ثلاثة ثلاثة بشكل حرف مقلوب مائل وعلى يمين المستطيل وشمالية أرقام من 1 إلى 360 وفي أعلاه وأسفله من 10 إلى 90. وفي الصفحة التاسعة يقول: (الثاني من الفروع في تفصيل الديرة. نعم أخي إن الديرة أربعة أرباع. . الخ). يريد بالديرة الحق أي وفي الصفحة 13و 14 صور مختلفة للسفن مع أوضاع الشمس. يعقبها خمس صفحات بيض يأتي بعدها ذكر قواعد لتعين الطول في 9 صفحات. يأتي بعدها صفحه عليها جدول عناوينها: (هذا مساج)، (هذا طول)، (هذا عرض)، (هذا صافي المجرا). يليها في الصفحة التي بعدها: (فصل في معرفة استخراج

تحية العلم العراقي

المجرى والعرض والطول والمسافة بالربيع المجيب. إذا كان عندك مساج وخن المجرى وتريد عرض وطول فيحتاج أن تضع الخيط أو الفركال على الستين وعلمه بقدر المساج الذي معك من الباطلي أو غيره ثم انقله إلى خن المجرى الذي عندك واخرج به من الستين فما حصل فهو العرض المطلوب. . . الخ). وعلى وجه الورقة التي تليه صفة الربع المجيب بشكل ملون متقن وعلى ظهرها صورة سفينة قد مدت جميع أشرعتها وقد صورت تصويراُ بديعاً بألوان. تأتي بعد ذلك الإيعازات التي يوعز بها الربان للنوتية عند تسيير السفينة كما ذكرتها في كتابي (مخطوطات الموصل) ص 282، وغير ذلك. وينتهي الكتاب بخريطة جزيرة سقطرة. إن هذا الكتاب الأخير خلو من اسم المؤلف وليس في آخره كتابة أو تاريخ. وفي صدره إطار لم يكتب فيه شيء. عدد صفحاته 34 ما عدا الصفحات الخمس البيض. أظن أن الناسخ كان ونوي أن يصور على هذه الصفحات صور سفن أو غيرها ولكنه لم ينجز علمه. الدكتور داود الجلبي تحية العلم العراقي (للصف الرابع الابتدائي): علمي إليك تحيتي وسلامي ... فاطلب من العلياء خير مقام علمي أرى قلبي يسر بمنظر ... لشعار امتنا العزيز السامي فذا الاحمرار علامة لأمية ... تلك التي هلكت بشر حسام أما بنو العباس فالشية التي ... اسودت شعارهم بكل مقام والفاطميون البياض شعارهم ... حتى أصيب زمانهم بنيام مصطفى جواد

من دفائن رسائل الجاحظ

من دفائن رسائل الجاحظ وصل إلينا قبل نحو شهرين مغلف ناقص الأجرة من إيران. ومن عادتنا أن نرفض كل ما سرد إلينا ناقص الإيراد. ويتفق أن يقع لنا مثل هذا الأمر مراراً عديدة في الشهر الواحد؛ إلا أننا هذه المرة خافنا عادتنا، فقبلنا المغلف وأدينا ما وجب أداؤه من إتمام الأجرة لظننا أنه من صديق عزيز لنا في فارس. وأما فضضناه، اسقط في يدنا، لأننا رأينا فيه رسالة دقيقة الحروف وليس بين كلمة وكلمة مغرز نقطة واحدة. وليس في الرسالة (رأس سطر) فأنها من أولها إلى آخرها متراصة الحروف والسطور لا تقرأ إلا بالمنظار. فألقيناها بين المهملات وندمنا على أننا أدينا عنها إتمام الابراد. ومن بعد مضي شهر عليها أو اكثر، عدنا إلى مطالعتها لنرى موضوعها فرأينا أنها تحوي رسالتين للجاحظ: أولهما (في تفضيل بني هاشم على من سواهم) وآخرتهما (في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام) ونطلب إلى القراء أن يفيدونا عما يعرفون من نسخهما. وقد وهم الناسخ في رسم كثير من الكلم حتى أنه افسد بذلك بعض المعاني. ففي بعض المواطن أمكننا أن نرجع إلى مورد نعرفه فوردناه، فأصلحنا الخطأ، وأما المواطن التي صعبت علينا معرفتها، فأبقيناها على علاتها، تاركين التبعة على الناقل، وهو الشيخ فضل الله الزنجاني، الذي يلقي التبعة على ناقل النسخة التي ظفر بها. وحضرة الكاتب الأديب لم يقل لنا أين وجد هاتين الرسالتين ولم يصف النسخة التي نقل عنها. ولا سنة كتابتها. والظاهر أن حضرته غير واقف على أصول النقل ولا على أحكام النسخ وطبع المخطوطات، والإفادة التي أفادنا إياها حضرته هي أنه: (نقل هاتين الرسالتين علي بن عيسى الاربلي، من أفاضل علماء القرن السابع في كتابه. ولولا نقله لهما، لضاعتا كما ضاع أمثالهما. فللموصليين: المتقدم

(علي بن عيسى) والمتأخر (الدكتور داود بك الجلبي). الفضل الكبير في حفظ آثار الجاحظ الخالد). انتهى كلام الشيخ الأديب. رسالة للجاحظ في تفصيل بني هاشم على من سواهم بسم الله الرحمن الرحيم اعلم حفظك الله، أن أصول الخصومات معروفة بينة وأبوابها مشهورة، كالخصومة بين الشعوبية والعرب، والكوفي والبصري، والعدناني والقحطاني، فهذه الأبواب الثلاثة انقض للعقول السليمة وافسد للأخلاق الحسنة، من المنازعة في القدر والتشبيه، وفي الوعد والوعيد، وفي الأسماء والأحكام، وفي الآثار وتصحيح الأخبار. وانقض من هذه للعقول تمييز الرجال، وترتيب الطبقات. وذكر تقديم علي وأبي بكر رضوان الله عليهما. فأولى الأشياء بك القصد، وترك الهوى، فان اليهود نازعت النصارى في المسيح، فلج بهما القول حتى قالت اليهود أنه ابن يوسف النجار، وأنه لغير رشدة، وأنه صاحب نيرنج، وخدع، ومخاريق، ناصب شرك، وصياد سمك، وصاحب شص وشبك، فما يبلغ من عقل صياد، وربيب نجار؟ وزعمت النصارى أنه رب العالمين، وخالق السموات والأرضين، واله الأولين والآخرين. فلو وجدت اليهود أسوأ من ذلك القول لقالته فيه. ولو وجدت النصارى ارفع من ذلك القول لقالته فيه. وعلى هذا قال علي عليه السلام يهلك في رجلان: محب مفرط، ومبغض مفرط. والرأي كل الرأي، أن لا يدعوك حب الصحابة إلى بخس عترة الرسول. - صلى الله عليه وسلم -، حقوقهم وحظوظهم فان عمر، لما كتبوا الدواوين، وقدموا ذكره، أنكر ذلك وقال: ابدءوا بطرفي رسول الله صلى الله عليه وآله، وضعوا آل الخطاب، حيث وضعهم الله. قالوا: فأنت أمير المؤمنين؟ فأبى إلا تقديم بني هاشم، وتأخير نفسه فلم يشكر عليه منكر، وصوبوا رأيه وعدوا ذلك من مناقبه واعلم أن الله أراد أن يسوي بين بني هاشم وبين الناس، لما أبانهم بسهم ذوي القربى، ولما قال: وانذر عشيرتك الأقربين؛ وقال تعالى: وانه لذكر لك ولقومك، وإذا كان لقومه في ذلك ما ليس لغيرهم، فكل من كان اقرب كان ارفع ولو سواهم بالناس لما حرم عليهم الصدقة؛ وما هذا التحريم إلا لإكرامهم

على الله. ولذلك قال للعباس حيث طلب ولاية الصدقات قال لا أوليك غسالات خطايا الناس وأوزارهم، بل أوليك سقاية الحاج والإنفاق على زوار الله. ولذا كان رباه أول ربا وضع. ودم ربيعة بن حارث أول دم أهدر، لأنهما القدوة في النفس والمال. ولهذا قال علي عليه السلام على منبر الجماعة: (نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد) وصدق صلوات الله عليه كيف يقاس بقوم منهم رسول الله، والأطيبان علي وفاطمة، والسبطان الحسن والحسين، والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين، جعفر وسيد الوادي عبد المطلب، وساقي الحجيج العباس وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم والأنصار أنصارهم والمهاجر من هاجر إليهم ومعهم. والصديق من صدقهم، والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم ولا خير إلا فيهم، ولهم، ومنهم، ومعهم، وقال عليه السلام، فيما أبان به أهل بيته: إني تارك فيكم الخليفتين: أحدهما اكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض. وعترتي أهل بيتي نبأني اللطيف الخبير، انهما لن يفترقا، حتى يردا علي الحوض، ولو كانوا كغيرهم، لما قال عمر حين طلب مصاهرة علي: أن سمعت رسول الله (ص) يقول كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة، إلا سببي ونسبي. واعلم أن الرجل قد يتنازع في تفضيل ماء دجلة على ماء الفرات، فان لم يحتفظ، وجد في قلبه على شارب ماء دجلة رقة لم يكن يجدها، ووجد في قلبه غلظة على شارب ماء الفرات، لم يكن يجدها فالحمد لله الذي جعلنا لا نفرق بين أبناء نبينا ورسلنا نحكم لجميع المرسلين بالتصديق، ولجميع السلف بالولاية. ونخص بني هاشم بالمحبة ونعطي كل امرئ قسطه من المنزلة. فأما علي ين أبي طالب عليه السلام، فلو أفردنا لأيامه الشريفة ومقاماته الكريمة، ومناقبه السنية، كلاماً، لأفنينا في ذلك الطوامير الطوال. العرق صحيح، والمنشأ كريم، والشأن عظيم، والعلم جسيم كثير، والبيان عجيب، واللسان خطيب، والصدر رحيب، فأخلاقه وفق أعراقه، وحديثه يشهد لقديمه، وليس في وصف مثله، إلا ذكر جمل قدره دون استقصاء جميع حقه.

فإذا كان كتابنا لا يحتمل تفسير جميع أمره، ففي هذه الجملة بلاغ لمن أراد معرفة فضله. وأما الحسن والحسين عليهما السلام، فمثلهما مثل الشمس والقمر، فمن أعطى ما في الشمس والقمر من المنافع العامة، والنعم الشاملة التامة؟ ولو لم يكونا لبني علي من فاطمة عليها السلام، ورفعت من وهمك كل رواية وكل سبب توجيه القرابة، لكنت لا تقرن بهما أحداً من جلة أولاد المهاجرين والصحابة، إلا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قول النبي (ص) انهما سيدا شباب أهل الجنة، وجميع من هما ساوته سادة. والجنة لا تدخل إلا بالصدق والصبر، وإلا بالحلم والعلم، وإلا بالطهارة والزهد، وإلا بالعبادة، والطاعة الكثيرة، والأعمال الشريفة، والاجتهاد، والأثرة، والإخلاص في النية. فدل على أن حظهما في الأعمال المرضية، والمذاهب الزكية فوق كل حظ. وأما محمد بن الحنيفة، فقد اقر الصادر والوارد، والحاضر والبادي انه كان واحد دهره ورجل عصره، وكان أتم الناس تماماً وكمالا. وأما علي بن الحسين عليه السلام. فالناس على اختلاف مذاهبهم، مجمعون عليه لا يمتري أحد في تدبيره، ولا يشك أحد في تقديمه. وكان أهل الحجاز يقولون: لم نر ثلثة في دهر، يرجعون إلى أب قريب كلهم يسمى علياً، وكلهم يصلح للخلافة، لتكامل خصال الخير فيهم، يعنون علي بن الحسين بن علي عليهم السلام، وعلي بن عبد الله بن جعفر، وعلي بن عبد الله بن العباس رضي اله عنهم، ولو عزونا بكتابنا هذا ترتيبهم، لذكرنا رجال أولاد علي لصلبه، وولد الحسين وعلي بن الحسين، ومحمد بن عبد الله بن جعفر، ومحمد بن علي عبد الله بن العباس. إلا أنا ذكرنا جملة من القول فيهم، فاقتصرنا من الكثير على القليل. فأما النجدة، فقد علم أصحاب الأخبار، وحمال الآثار، انهم لم يسمعوا بمثل نجدة علي بن أبي طالب عليه السلام وحمزة رضي الله عنه؛ ولا بصبر جعفر الطيار، رضوان الله عليه. وليس في الأرض قوم، اثبت جناناً، ولا اكثر مقتولا تحت ظلال السيوف، ولا اجدر أن يقاتلوا، وقد فرت الأخيار، وذهبت الصنائع، وحام ذوو البصيرة؛ وجاد أهل النجدة من رجالات بني هاشم وهم كما قيل:

(شعر) وخام الكمي وطاح اللواء ... ولا تأكل الحرب إلا سمينا وكذلك قال دغفل، حين وصفهم: أنجاد، ذوو السنة حداد. وكذلك قال علي، عليه السلام، حين سئل عن بني هاشم وبني أمية: نحن انجد، وامجد، وأجود، وهم أنكر، وامكر، وأغدر. وقال أيضاً: نحن أطعم للطعام، واضرب للهام، وقد عرفت جفاء المكيين، وطيش المدنيين، وأعراق بني هاشم مكية، ومناسبهم مدنية. ثم ليس في الأرض احسن أخلاقاً، ولا اطهر بشراً، ولا أدوم دمائه، ولا ألين عريكة، ولا أطيب عشيرة، ولا ابعد من كبر منهم، والحدة لا يكاد يعدمها الحجازي، والتهامي، إلا أن حليمهم لا يشق غباره، وذلك في الخاص والجمهور، على خلاف ذلك، حتى تصير إلى بني هاشم، فالحلم في جمهورهم، وذلك يوجد في الناس كافة، ولكنا نضمن انهم أتم الناس فضلا، واقلهم نقصاً، وحسن الخلق في البخيل اسرع، وفي الذليل أوجد، وفيهم مع فرط جودهم، وظهور عزهم، من البشر الحسن، والاحتمال، وكرم التفاضل، ما لا يوجد مع البخيل الموسر، والذليل المكثر، اللذين يجعلان البشر وقاية دون المال. وليس في الأرض خصلة تدعو إلى الطغيان، والتهاون بالأمور، وتفسد العقول، وتورث السكر، إلا وهي تعتريهم، وتعرض لهم، دون غيرهم. إذ قد جمعوا من الشرف العالي، والمغرس الكريم العز والمنعة، مع إبقاء الناس عليهم، والهيبة لهم. وهم في كل أوقاتهم، وجميع اعصارهم، فوق من هم، على مثل ميلادهم في الهيئة الحسنة، والمروة الظاهرة، والأخلاق المرضية. وقد عرف الحدث الغرير من فتيانهم، وذوو العرامة من شبانهم، انه أن افتري، لم يفتر عليه، وان ضرب، لم يضرب. ثم لا تجده إلا قوي الشهوة بعيد الهمة، كثير المعرفة، مع خفة ذات اليد، وتعذر الأمور. ثم لا تجد عند أفسدهم شيئاً من المنكر، إلا رأيت في غيره من الناس اكثر منه، من مشايخ القبائل، وجمهور العشائر. وإذا كان فاضلهم فوق كل فاضل. وناقصهم انقص من كل ناقص، فأي دليل أدل، وأي برهان أوضح مما قلته. وقد علمت أن الرجل منهم ينعت بالتعظيم، والرواية في دخول الجنة بغير حساب. ويتأول

القرآن له: ويزداد في طمعه بكل حيله، وينقص من خوفه، ويحتج له بان النار لا تمسه؛ وانه ليشفع في مثل ربيعه ومضر. وأنت تجد لهم مع ذلك العدد الكثير من الصوام، والمصلين، والمتألهين، الذين لا يجاريهم أحد، ولا يقاربهم. كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، يصلي في كل ليله ألف ركعة وكذا علي بن الحسين بن علي، وعلي بن عبد الله بن جعفر، وعلي بن عبد الله بن العباس عليهم السلام، مع الحلم والعلم. وكظم الغيظ، والصفح الجميل، والاجتهاد المبرز. فلو أن خصلة من هذه الخصال، أو داعيه من هذه الدواعي عرضت لغيرهم لهلك وأهلك. واعلم انهم لم يمتحنوا بهذه المحن. ولم يتحملوا هذه البلوى، إلاَّ لما قدموا من العزائم التامة، والأدوات الممكنة، ولم يكن الله ليزيدهم في المحنة إلاَّ وهم يزدادون على شدة المحن خبراً، وعلى التكشف تهذيباً. وجملة أخرى مما لعلي بن أبي طالب عليه السلام، خاصة الأب أبو طالب والجد عبد المطلب بن هاشم، والأم فاطمة بنت أسد بن هاشم، والزوجة فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيدة نساء أهل الجنة، والولد الحسن والحسين سيد شباب أهل الجنة، والأخ جعفر الطيار في الجنة، والعم العباس؛ وحمزة سيدا شهداء في الجنة؛ والعمة صفية بنت عبد المطلب، وابن العم رسول الله صلى الله عليه وآله؛ وأول هاشمي بين هاشميين كان في الأرض، ولد أبي طالب. والأعمال التي يستحق بها الخير أربعة: التقدم في الإسلام، والذب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الدين، والفقه في الحلال والحرام، والزهد في الدنيا. وهي مجتمعة في علي بن أبي طالب متفرقة في الصحابة. وفي قول أسد بن رقيم يحرض عليه قريشاً، وانه قد باغ منهم على حداثة سنه، ما لم يبلغه ذوو الأسنان: في كل مجمع غاية أخزاكم ... جذع ابر على المذاكي القرح لله دركم ألما تنكروا ... قد ينكر الضيم الكريم ويستحي هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ... ذبحاً ويمشي آمنا لم يجرح

أين الكهول وأين كل دعامة ... للمعضلات وأين زين الأبطح أفناهم ضرباً بكل مهند ... صلب وحد غرارة لم يصفح وأما الجود فليس على ظهر الأرض جواد جاهلي، ولا إسلامي، ولا عربي ولا عجمي، إلا وجوده يكاد يصير بخلا إذا ذكر جود علي بن أبي طالب، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس، والمذكورون بالجودة منهم كثير، لكنا اقنصرنا، ثم ليس في الأرض قوم انطق خطيباً ولا اكثر بليغاً من غير تكلف ولا تكسب من بني هاشم. وقال أبو سفيان بن الحرث: (شعر) لقد علمت قريش غير فخر ... بانا نحن أجودهم حصاناً وأكثرهم دروعاً سابغات ... وأمضاهم إذا طعنوا سنانا وادفعهم عن الضرآء فيهم ... وأثبتهم إذا نطقوا لساناً ومما يضم إلى جملة القول في فضل علي بن أبي طالب عليه السلام، انه أطاع الله قبلهم، ومعهم، وبعدهم؛ وامتحن بما لم يمتحن به ذو عزم؛ وابتلي بما لم يبتل به ذو صبر. وأما جملة القول في ولد علي عليهم السلام؛ فان الناس لا يعظمون أحداً من الناس إلا بعد أن يصيبوا منهم؛ وينالوا من فضلهم وإلا بعد أن تظهر قدرتهم؛ وهم معظمون قبل الاختيار؛ وهم بذلك واثقون، وبه موقنون؛ فلولا أن هناك سراً كريماً؛ وخيماً عجيباً؛ وفضلاًمبيناً، وعرقاً نامياً، لاكتفوا بذلك التعظيم؛ ولم يعانوا تلك التكاليف الشداد؛ والمحن الغلاظ. وأما المنطق والخطب فقد علم الناس كيف كان علي بن أبي طالب عند التفكير والتحبير؛ وعند الارتجال والبديهة، وعند الإطناب والإيجاز في وقتيهما؛ وكيف كان كلامه قاعداً وقائماً، وفي الجماعات، ومنفرداً مع الخبرة بالأحكام، والعلم بالحلال والحرام، وكيف كان عبد الله بن العباس رضوان الله عليه، الذي كان يقال له (الحبر والبحر). ومثل عمر بن الخطاب يقول له: غص يا غواص وشنشنة أعرافها من اخزم، قلب عقول ولسان قؤول. ولو لم يكن لجماعتهم إلا لسان زيد بن علي بن الحسين، وعبد الله بن معاوية بن جعفر؛ لقرعوا بهما جميع البلغاء؛ وعلوا بهما على جميع الخطباء. ولذلك قالوا أجواد، أمجاد،

إلى كاتب المشرق الناكر الإحسان

ذوو السنة حداد. وقد ألقيت إليك جملا من ذكر آل الرسول، يستدل بالقليل منها على الكثير والبعض على الكل، والبغية في ذكرهم، انك متى عرفت منازلهم، ومنازل طاعتهم، ومراتب أعمالهم، وأقدار أفعالهم، وشدة محنتهم، وأضفت ذلك إلى حق القرابة، كان أدنى ما يجب علينا وعليك الاحتجاج لهم، وجعلت بدل التوقف في أمرهم؛ الرد على من أضاف إليهم ما لا يليق بهم، وقد تقدم من قولنا فيهم متفرقاً ومجملاً ما أغنى عن الاستقصاء في هذا الكتاب. إلى كاتب المشرق الناكر الإحسان جاء في الأمثال العائرة: (من علمني حرفاً، كنت له عبداً) وعسى انك لا تنسى أننا علمناك مدة ثلاث سنوات، لا حرفاً أو حرفين، بل مئات من الحروف ولا زالت مسودات بعض مقالاتك محفوظة عندنا. تشهد شهادة صدق بأننا كابدنا الأمرين لتلقينك شيئاً من العربية التي عدت إلى جهل قواعدها وأحكامها منذ أن ران على قلبك الهوى ونكران الجميل. وان كنت قد نسيت متاعبنا معك، تلك التي يعرفها من كان يتردد إلينا وقت تعليمنا إياك، ولا ينساها من تعود الاختلاف إلينا إلى عهدنا هذا، فادفع أجرة طبع تلك المسودات حفراً على المعدن، ونحن ننشرها هنا. ثم انك تأتينا في هذه الأيام وتنشر في المشرق (29: 332 إلى 340) مقالة وسمتها (طريقة في العلم معيبة) ونسيت نفسك، إذ كل ما نشرته كأصل الحواري والداوية إلى غيرهما مسروق برمته من كتب الأدباء أذن: لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم وفي مقالك من التبصبص للبعض والتذبذب لهم ما لا مثيل له، فتباً لمثل هذه الشنائع! وعليه: سددنا بوجهك كل باب في الرد عليك، إلى أن تستعذر منا، وتسير بموجب آداب النقد النزيهة. أما لغة العرب فلا تكتب بعد الآن شيئاً في حقك خيراً ولا شراً، ولا تقبل من أحد كلمة بهذا المعنى. والسلام.

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة فنسان م. ماريني تابع وأسس (نبوبلصر) الكلداني مملكة بابل الحديثة سنة 625ق. م. وبلغت ذروة عظمتها حين اتفق الماذيون والكلدانيون وهجموا على نينوى فسقطت سنة (606 ق. م) وكاد نبو كدراصر الثاني حفيد نبوبلصر يعيد بابل كلها. ولكن من الأسف على طموح هذا الملك ومدينته؛ لان خلفاءه سلكوا في طرق أخر، حتى آكل الترف والسيئات قلب المملكة التي أقامها بنو كدراصر بنشاط مدهش، إذ كان في منهاج هذا الملك الاستعمار الخارجي وتجديد مدينته وإعادة هيكل الآلهة على طول القطر وعرضه. وكان نبو كدراصر الثاني الملك الذي غزا أورشليم الإسرائيليين فاعتقلهم (586 ق. م). وامتاز عصر نبونيد، ذلك العصر الذي غلب فيه حب الدنيا - ونبونيد آخر ملوك مملكة بابل الحديثة - بمزايا ظاهرة، مع أن هذا الملك لم يكن محراباً ولا سياسياً، بل كان رجلا كثير الولوع بالآثار القديمة، فضلاً عن انه كان مؤرخاً وعالماً أديباً. وكان يدون تواريخه حين أخذت قوة الفرس بالنهوض، بدلا من أن يعيرها التفاته، وقد انتفع الباحث عن آثار آشورية في هذا اليوم كل الانتقال بتلك التواريخ. ويذكر نبونيد مفتخراً كيفية عثوره على الاسطوانات الأساسية لنرأم سن ملك أكد تحت زوايا هيكل (إي ببر) الذي إقامة هذا الملك (نرأم سن) في (سفر) قبل ذلك الزمن بنيف وألفي سنة (راجع ما يخص (سفر) (وأكد) وكان ابنه بلشصر لاهياً بالأكل والشرب عير مكترث لليد الكاتبة فوق الجدار حين كان أبوه يدون الأخبار. وبقيت بابل بعد احتلال الفرس موئلا كبيراً للتجارة كما كانت مركزاً للعلم فتألقت بغناها في عهد حكم الفرس العادل حتى سنة 331ق. م، فظهر الاسكندر من الغرب واخضع دارا ملك الفرس في محاربة اربل. فضعفت شوكة بابل بعد

وفاة الاسكندر سنة 323ق. م. واضمحلت كل الاضمحلال بالنظر إلى ما كانت عليه. وبالتالي لما بنى سلوقس قصبة جديدة له على ضفة دجلة حلت تلك المدينة أي سلوقية محل بابل (راجع ما يخص سلوقية). برسبا (برس نمرود) على مسافة نصف ساعة من الحلة بالسيارة كان يعرف تل برس نمرود، استناداً إلى الحديث المأثور، ببرج بابل وذلك مذ زيارة الحاخام الجوابة بنيامين التطليلي سنة 1173م. وهذا التل مكلل بكتلة بناء ضخمة. ويسرد العرب هنالك روايات ظريفة منقولة عن أسلافهم تتعلق بنمرود وإبراهيم، كما أنها تدل على أن البرق الذي سل الرب سيفه به في غضبه حول البناء المتخذ من الآجر زجاجاً. ولكن لا يشك أبداً في أن برج بابل الحقيقي هو الزقورة المسماة (انتمن انكي) - (دار حجر أساس السماء والأرض) التابعة لهيكل مردوك العظيم في بابل (راجع ما يختص ببابل). على أن مرور الزمان وسارق الآجر لم يبقيا في برج بابل من الأدلة إلا شيئاً قليلا وعليه يتيسر إدراك سهو بنيامين المذكور حين قصد تلك الأصقاع. ويرى حوالي أساس الزقورة المتخربة في برس نمرود أنقاض هيكل (نبو) اله العلوم والآداب، وكانت تنقل صورته باحتفال جليل في كل رأس سنة ليؤدي فرضه إلى أبيه القهار الإله مردوك في هيكله (إي سجلا) في بابل. وكان المضيف يشايع ضيفه مسافة من الطريق في العودة كما هي العادة عند العرب في هذا اليوم. وقد قام (جول أوبر) وغيره من الأثريين بالحفر في برس نمرود في أوقات شتى. ولكن حفرياتهم لم تتصل بعضها ببعض. مع أن (رولنصن) لما نقب هنالك عثر على اسطوانات متخذة من الصلصال المشوي في أساس الزقورة. ودل الرقيم في تلك الاسطوانات على أنها تعود إلى عهد نبو كدراصر الثاني ويتضح منها أيضاً أن ذلك الملك الهمام تمكن من أن يبدي كل ما في سعيه العجيب فانه أعاد هياكل الآلهة. كما يتجلى من النوافذ المربعة المعرضة لمرور الهواء في البناء الضخم في زقورات كيش (تل الاحيمر) وعقرقوف. ولا ريب في أن البرج

احرق برمته وكانت الحرارة شديدة جداً بحيث أن الآجر لم يشو فحسب بل صار زجاجاً. وكان للزقورة منظر عجيب جداً حين التهابها في ذلك السهل الواسع (راجع أيضاً ما يخص كيش وعقرقوف). والأماكن الآخر التي تزاور وأنت تذهب من الحلة هي: النجف وكربلاء وسدة الهندية. من الديوانية: يقدمها الجوابة راكباً السيارة من الديوانية إلى (عفك) (عفج) والمسافة 23 ميلا، ثم يقطع الأربعة الأميال الباقية بالقارب وعلى ظهر الحصان. تقع اخربة (نفر) الهائلة على الضفة اليمنى من عقيق الفرات الأقدام، وعلى الضفة الشرقية من شط النيل القديم. ويتضح أن المدينة كانت سيدة سهل شنعار بأسره من جهة الدين، وذلك منذ الأيام الأول حتى احتلال الفرس. مع أنها لم تتخذ داراً لملوك السلالات المتسيطرة. ويظهر أنها لم تزاحم مجاوراتها العديدات من المدن والممالك في السياسة أو لعلها شاركتهن في السياسة بعض المشاركة. وكان القوم الشمري والقوم البابلي كلاهما يقدم إلى هيكل تلك المدينة الهدايا، وكان هذا الهيكل مرصداً (لانلل) اله الأرض ولزوجته (ننل). وكل ملك عندما حاز إمرة الديار في حينه، بغض النظر عن دولته، كان يرمم هذا الهيكل القديم وزقورته (إي كور): ونعلم أن (أور ننه) ملك لجش، اعاد هذين البناءين منذ أول فجر سنة 2900 ق. م، كما أن (نرأم سن) و (أور نمو) و (آشور بنيبل) جددوها في أوقات بعد ذلك التاريخ. وعليه أضحت قيود الهيكل والنذور التي قدمت إلى الإله والتي حفرت في (نفر) أدلة نفيسة تفصح عن تاريخ سها بابل. وقد عثرت بعثة جامعة (بنسلفانية) (لنفر) على ما يقارب الثلاثة والعشرين ألف صفيحة من سنة 2700 إلى 2100 ق. م وكانت تلك الصفائح محفوظة في خزانة الهيكل. حفر (و. ن. لفتس) في (نفر) مدة وجيزة سنة 1852. ولكننا حصلنا على نحو جميع أنبائنا الخاصة بهذه المدنية مما كشفته البعثة الأميركية التي

حفرت هنالك حفراً فسيحاً في مدات مختلفة من سنة 1887 وما تعدها. اسن (اشان تحريات) لم يكشف موقع هذه البلدة إلا منذ الحرب العظمى، وهي واقعة في تل على مسافة ثمانية عشر ميلا جنوبي (نفر). ولا يعرف شيء من تاريخها قبل سلالة أور الثالثة، وكان من حظها أن حلت محل أور حينما فتحها العيلميون (سنة 2301 ق. م). وحييت سلالة ملوك إسن حياة كلها وقائع مختلفة حتى أبادها الفاتحون العيلميون، وهم من سلالة مدينة (لارسا) التي كانت تنافس (إسن) ومن ثم أصبحت المدينتان من البلدان التي أذعنت لمملكة بابل الأولى. وتاريخ هذه المدينة بعد ذلك الحين غامض لم يكشف بعد، إلا أن الأستاذ (لنغدن) في زيارة لها قريبه العهد عثر ما يدل على أن نبو كدراصر (بخت نصر) الثاني أعاد بعض الأبنية في إسن في عصر بابل الحديث. مردة (ونه وسدوم) يمر خط القطار القائم من بغداد إلى البصرة بهذا الموقع على ثلاثة عشر ميلا شمالي الديوانية وميلين من محطة خان جدول. تمتد الروابي إلى نحو ميلين من الشرق إلى الغرب وإلى نصف ميل من الشمال إلى الجنوب. ويظهر أن نبوكدراصر أعاد الهيكل والزقورة؛ ولا يعرف من تاريخ هذه المدينة إلاَّ شيء قليل فضلا عن أنها مذكورة في مسلة (منشتوسو) التي وقع عليها (دي مرغان) في (السوس). ولا يمكن معرفة ما تحت الكتل العظيمة الواقعة فوق الروابي والمتركبة من أنقاض عصر بابل الحديث وزمن الفرس إلاًّ بتنقيب دقيق منظم. أدب (بسمايا أي بسمى) تقع أخربة هذه المدينة في فلاة على خمسة وعشرين ميلا من جنوب غربي (نفر) وعلى مثل هذه المسافة في غربي شط الحي. ونقب (أي. ج. بنكس) في ذلك الموطن تنقيباً عظيماً سنة 1903 إلى 1904 بالرغم من الصعوبات التي تلقاها هنالك. وكان (بنكس) المذكور قنصلا أميركياً في بغداد في السابق. ونالت حيناً تلك المدينة المملكة (أي في سنة 3000 ق. م) مجداً لم

يدم طويلا، وذلك حين حازت سلالة ملوك من أدب إمرة سهل شنعار. وأعاد ملوك أكد هيكل هذا البلد المسمى (إي مهك) المرصد لعبادة (أرورو) (ننلل ننخر سج) وقد جدده بعدهم الملك (أورنمو) ومن تبعه من سلالة أور الثالثة. وزقورة ذلك المعبد ذات الأربع الطبقات من اقدم زقورات شمر. من السماوة أرك (الوركاء) - (أرك المذكور في التوراة: سفر الخلق 10: 10) ترى اخربة هذه المدينة، وهي من مدن نمرود، على الضفة الغربية من عقيق الفرات القديم، وتشتمل على ثلاثة أتل كبيرة، ورواب أخر اصغر حجماً، كما ترى أسوار الملك (أور منو) الهائلة، مؤسس سلالة أور الثالثة، تلك الأسوار التي يبلغ محيطها ستة أميال، وهي على شكل دائرة، وتكاد ترى على حالها الأصلي، ويتخلل آجرها الحصر من حين إلى آخر. وتقع بقايا الهيكل وزقورته في شرقي المدينة. ويعتبر تل (وسوس) المرتفع القائم على يسار المعبد. موضع قصر الملوك، وهم سابقون للملوك السرجونيين في هذه المدينة المملكة، وكانوا أيضاً كهنتها وقضاتها المعروفين (بالفاتشيين). وقيل أن أرك سيطرت، خمس مرات، في أزمنة مختلفة على جاراتها. في سهل شنعار. بيد أن سلالة أرك الأولى التي ترد في التواريخ القديمة تحتوي على اسم (جلجمش) البطل الشمري، و (تموز) ابن (أينني) (اشتر) الذي ولد ولادة سرية، ولكن تلك الرواية لا تصدق إلا بمنزلة رواية خرافية. وكانت هذه المدينة تحترم احتراماً تاماً في كل زمن، لأنها مقر عبادة اله السماء (انو) والآلة (إينني) ولتلك الآلهة علاقة أيضاً بالهيكل (إي هر سجكلما) في كيش (راجع ما يخص كيش). ولا ريب في انه لو ينقب في (إي أنا) - (دار السماء) - هيكل (انو) في أرك ليعثر فيه على نتائج مفيدة. ولم يفحص هذا الموقع فحصاً منظماً وان (لفتس) حفر فيه مدة قصيرة سنة 1854. لرسا (سنكرة) لم ترو أنباء كثيرة من تاريخ لرسا القديم، الني تقع آخربتها على الضفة الغربية من عقيق الفرات الأول، وهي على خمسة عشر ميلا من جنوب شرقي

أرك. ولم يحفر هنالك حفر مرتب على أن (لا يرد) و (لفتس) زراها في نصف القرن المنصرم. ومن سوء الحظ أن هذه المدينة، واراك، ولجش، وكثير من أمثالها من المدن الشمرية يقصدها دائماً أعراب ناهبون يبحثون عن (العنتيكات) أي العاديات، وهذا لاشك فبه. ونشأت المدينة حوالي (إي ببر) هيكل اله الشمس (ببر) رب العدل والعرافة، وهو ابن اله القمر في أور. (راجع أيضاً ما يختص بسفر). وقد عثر (لأيرد) في اخربة الهيكل على آجر فيه اسم (أور نمو) مؤسس سلالة أور الثالثة. فيظهر انه أعاد ذلك المعبد. ومن غريب الاتفاق أننا لا نعلم شيئاً عن مصير هذه البلدة في المدة التي كانت أور تتألق بعظمتها. غير ما سبق ذكره تلك البلدة التي حلت محل أور بعد أن قصير. ولما سقطت أور سنة 2301 ق. م أتت (لرسا) على عصر عز ومجد، إذ أصبحت مقر سلالة ملوك حكموا هنالك بأتم الاتفاق مع سلالة أخرى في إسن نحو قرن كامل. وبعد زمن من حروب قامت بين المدن بعضها لبعض. تلك الحروب التي نشأت منها سلالة بابل الأولى احتل الفاتحون العيلميون مدينة لرسا. وجعلوها مقراً يهجمون منه على (إسن) وبالتالي دانت المدينتان لمملكة بابل الأولى (راجع ما يخص إسن). شوروبك (فارة) ورد عنها في نص بابلي. إنها نشأت قبل الطوفان، ول (شوروبك) اصل عريق جداً. وفي الحقيقة كانت هذه المدينة الموطن المأثور عنه للبطل الوارد اسمه في رواية الطوفان للشمريين، كما أنها الموضع الذي بنيت فيه سفينة نوح. وتقع (شوروبك) الآن في فلاة على ثلاثين ميلا من شمال شرقي أرك. وكانت المدينة قائمة على ضفة الفرات قبل أن يغير مجراه. وحفر (كلدواي) و (اندرى) و (نلدكى) في هذه المدينة بعض الحفر سنة 1902 إلى 1903 فحصلوا على نتائج هامة. أما (جوخا) يظن أن تاريخ هذه البلدة كان ذا حوادث، مع أنها مدينة صغيرة لا يتجاوز طول اخربتها الممتدة شرقاً إلى غرب ثلاثة أرباع الميل. فيظهر أن

(أما) قاومت دائماً ري (لجش) المدينة الكبرى، التي كان يجري الماء إليها في القناة الناشئة من الفرات القديم. الذي سمي بعد ذلك (شط الكار). وعليه نشبت الحروب بين المدينتين، وعقبت الغزوات الواحدة بعد الأخرى، حتى انه في القرن التاسع والعشرين قبل الميلاد أصبحت الحالة في غاية الخطورة، فعاقب (أيناتم) هذه البليدة المتمردة عقاباً شديداً، وأقام حجراً فاصلاً بين تخوم المدينتين وقد اشتهر ذلك الحجر اليوم وعرف (بنصب النسور). وفضلا عن ذلك حفر (أيناتم) قناة أخرى. ولكن نعلم أن ابن أخيه (انتمنا) لما رأى ما يتكبده من جاره المضجر، عزم على جلب الماء من دجلة، بدلا من أن يجليه من الفرات، لكي لا تعتريه مشقات جمة. ولعل لهذا الملك المفكر على العراق فضل وجود (شك الحي) فيه اليوم. ولكن روح (أما) لن تخمد، كل ما لديها من الجند وهجمت على لجش بقيادة الفاتشي (الكاهن القاضي) هجمة فجائية وسلبتها. وملك لجش حين ذاك (أور كاجنة) فيظهر انه لم يكن محراباً مقداماً مع انه بناء كبير ومهذب في الاجتماعيات. وفي مدة سنة أضحى (لجل زجسي) ملكا في ديار شمر الجنوبية واتخذ (ارك) مقراً له. وحكم فيها خمسة وعشرين عاماً. وضايق في خلالها مدينة كيش، حتى قهره سرجون ملك أكد (سنة 2752 ق. م). ومن المفيد أن يعرف أن اشتياق (أما) لا كثر مما تستحقه من الماء هنالك اثر في انتخابها آلهاً لها. إذ أن هيكل البلدة ل (شارة) اله النبات ولزوجته (نيدبة) (ننورة) آلهة الحبوب، وأعاد هذا الهيكل (أور نمو) من سلالة أور الثالثة في زمن تال. وزار (لفتس) هذا الموطن سنة 1854، كما أن (بترس) و (ورد) من بعثة متحفة (بنسلفانية) زاراه في العام عينه. وقصده أيضاً الأثري الألماني (اندرى) في موسم سنة 1902 - 1903. بيد انه لم يحفر في ذلك المحل حفر متتابع إلى هذا الحين.

من محطة أور أور (المقير) - (أور الكلدانيين المذكورة في التوراة؛ سفر الخلق 11: 28) هي على مسير نحو عشرين دقيقة من محطة أور. كانت زقورة أور الحمراء الكبيرة، تجلب أنظار محبي البحث منذ غابر الأيام، وهذه الزقورة من احسن زقورات سهل شنعار حفظاً، تلك الزقورات المنتشرة في سائر أنحاء هذا السهل. وقد حفر (لفتس) مدة في أور سنة 1852. وفي السنة التالية، وقع (ج. أي. تيلر) نائب القنصل البريطاني في البصرة على اسطوانات فيها من الرقيم المسماري من عهد نبونيد آخر ملوك بابل، وذلك في الزوايا الأربع من طبقة البرج الثانية، فواصل الحفر. وزار أور أعضاء بعثة جامعة (بنسلفانية) في أوقات بعد ذلك الحين، ثم أرسلت المتحفة البريطانية إلى تلك البلدة المستر (ر. كمبل ثومسن) سنة 1918 والدكتور (هل) سنة 1919. وفي سنة 1922 باشرت العمل البعثة التي اشتركت فيها المتحفة البريطانية ومتحفة جامعة (بنسلفانية). وكان العمل على قياس كبير، ورئيس البعثة المستر (س. ل. (وولي)، واقتفى سريعاً اثر الجدار المقدس العظيم، وهو الجدار الذي أقامه نبو كدراصر ليحيط به منطقة الهيكل المسمى (أي جش شرجل) أي دار لنور. كما أن المنقبين وقعوا هنالك على هيكل اله القمر (ننر). ومن يزر أور، ويصعد إلى الزقورة التي لا تزال طبقتان من طبقاتها الأربع قائمتين، يتيسر له الاطلاع على الأبنية الداخلة بعضها ببعض، والتي حفرت في خلال الأربعة المواسم الماضية. وبنيت هذه الزقورة وزواياها الأربع متجهة نحو الجهات الرئيسة، كما كانت العادة زمنئذ؛ وترى إلى هذا الحين بقايا الدرج في وجه الزقورة الشمالي الغربي. ويظهر أن برج الهيكل احرق برمنة، على ما اتضح من الأبنية الأخر (راجع ما يختص بكيش وعقرقوف) ويظن أن الفاتحين العيلميين احرقوها قبل زمن (أور نمو) مؤسس سلالة أور الثالثة الذي أعاد بناء تلك الزقورة. ولما جددها نبونيد يظهر انه زخرفها بالزليج أي (الآجر المدهون بالطلاء ذو الألوان المتألقة)، ويقتضي أن منظرها في ذلك السهل الفسيح المنبسط كان على جانب عظيم من البهاء.

أصل اليزيدية وتاريخهم

أصل اليزيدية وتاريخهم 3 - نقول مختلفة عن نحلة اليزيدية: كان صاحب كتاب النسطوريين بين عن اليزيدية ووصف حالتهم فأبدع الوصف. وذلك في المجلد الأول. وكانت عن مشاهدات قبل عام 1850م وفي ذلك العام نفسه. ولا نتطلب من هذا السائح وأمثاله منهم اكثر من وصف الحالة. لذا يؤاخذ على بيان علاقة الماضي بالحاضر. فانه أبعد المرمى، وجعل اليزيديين بالإسلام، مداراً للاعتذار، وخوفاً من شرور المسلمين. وهذا فسر وجود الآيات القرآنية على أضرحة مشاهيرهم، بأنها ذر رماد في عيون المسلمين لدفع الغوائل عنهم. وذهب إلى أنهم من عباد يزدان، استناداً إلى قولهم نحن نعبد الله. والذي دفعه إلى هذا القول، ما تحققه منهم بصورة باتة أنهم نسوا الأسس التي تستند إليها ديانتهم. وقبل نحو ثلاث سنوات، نشرت جريدة (العراق) في عددها المؤرخ في 25 كانون الأول سنة 1928 في عددها ال 2645 كلاماً للسر ريتشارد تمبل على اليزيدية، وبين أنهم مسلمون في الظاهر، ولكنهم من الغلاة في الباطن، وهم يؤمنون بالله وبآلهة صغيرة. . . إلى أن يقول: وهؤلاء الآلهة ليسوا واضحي الإلهية. وهم أشبه شئ بالقديسين عند النصارى، والأولياء عند المسلمين، لأنهم يعبدون الله، ولكنهم يراعون هذه الآلهة الصغرى. والتفاوت بين القولين كبير كما لا يخفى. وهنا قول آخر، وهو لصاحب (دبستان مذاهب) بعنوان في

الأمويين واليزيديين وهذا نصه معرباً: (هؤلاء يكونون في جبال المشرق في موقع يقال له (شوكنة) ويحكمهم

ملك يسمى يعقوب، يدعي انه من اصل أموي، وينتسب إلى خال المؤمنين معاوية بن أبي سفيان، وهم مشهورون بالشجاعة ومحرابون. ويواظبون على الصلوات. وأهل تقوى. ولديهم تفاسير كثيرة، ومؤلفات دين وفقه. يعتقدون بنبوة محمد (ص)، وإمامة الشيخين، ذي النورين، وخال المؤمنين معاوية. ويطعنون بعلي (ع) ويقولون انه ادعى الألوهية كاتباعه من الغلاة، وانه كان يدعوهم إلى ذلك وينسبون إليه هذه الخطبة: (أنا الله، وأنا الرحمن، وأنا الرحيم، وأنا العلي، وأنا الخالق، وأنا الرزاق، وأنا الحنان، وأنا المنان، وأنا مصور النطفة في الأرحام). وأمثال ذلك. وهذا يشبه قول فرعون ونمرود وإضرابهما. ونظائر هذه الخطبة في كلامه كثير. وكان قاسي القلب، سفاكا. سلك مع الرسول (ص) سلوكاً مخالفاً للآداب. وذلك انه كان يأكل تمراً، فرمى الرسول (ص) النوى ووضعه أمامه فقال له الرسول (ص): يا علي أكلت تمراً كثيراً. لأن النوى متجمع أمامك، فأجابه علي (رض): إنك أكلت التمر مع النوى. ويزعمون انه نزلت في حقه هذه الآية: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام). ويحبذون عمل أبن ملجم، ويقولون أن هذه الآية نزلت فيه: (من الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله). ويقولون أن الحسنين ليسا من نسلي رسول الله (ص) بحجة قوله تعالى: (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم، ولكن رسول الله وخاتم النبيين). ويقولون أن يزيد لم يقتل الحسين (ع) في بيته، وإنما عزم على الرحيل إلى العراق بقصد تسخير الملك فقتل. ويظهرون في العاشر من المحرم في ميدان وسيع خارج البلد، وهم فرسان ويصنعون صوراً من القتلى، والموتى، كلها من الطين، فيسيرون عليها ويسحقونها بأرجلهم، انتهاكا لأجساد شهداء كربلا. وعندهم هذا اليوم من الأيام المباركة، ويبدون فيه من الفرح والسرور ما يزيد على أفراح العيدين، لأن أمام الوقت يزيد، ظفر بعدوه فقتله، وفي يوم الجمعة وأيام الأعياد يطعنون بعلي

وأولاده على المنابر. وهؤلاء أكثرهم أكراد. وفيهم جماعة تقف مصلتة السيوف وتلعن علناً علياً وأولاده. يقال لهم (السيافة). ويعتقدون في الأنبياء والأولياء التصرف فانهم يقولون انهم قادرون على الإحياء، والإماتة، ولا أن يجاد، والإفناء وعلى ما شاءوا فعله. ولا يليق باتباعهم أن يقتلوا حيواناً أو يذبحوه. لأنهم غير قادرين على أحيائه. ويعتقدون أن الأنبياء كانوا يتزوجون بأي امرأة ذات زوج متى شاءوا لأن الدنيا خلقت لجلهم، ولكن لا يجوز لأحد اتباعهم أن يتزوج بامرأة أحد. لأن الدنيا خلقت لأجلهم، وعندهم لزوم الاهتمام بأمر الجهاد، وغزو من يخالف الدين، ويعاديه حفظاً لبيضته. وهؤلاء لا يذبحون في شكونه (جبلهم) حيواناً ويكتفون بأكل العسل، والسمن، ولا يشربون المسكرات بتاتاً، حتى الأفيون والجوز. ولما سئل أحدهم عن المسكرات وأنها لو كانت حراماً لما شربها الأنبياء السالفون وبعض خلفاء الأمويين، قال: كان لهؤلاء الأنبياء والخلفاء عقل كامل، بحيث أن المسكر ما كان يؤثر في عقولهم ولكننا لسنا مثلهم أو بدرجتهم. وكذا سألهم عن القدرة التي ينسبونها إلى الأنبياء والخلفاء الذين يتمكنون من أيجاد معدوم أو إفناء موجود ولماذا لم يجعلوا ألسنة الرافضين خرساً؟ فأجابه: إن بعض الأمراء قدم إلى أمير المؤمنين عمر (رض) زجاجة فيها سم زعاف ليفني بها عدوه. فقال لله الخليفة: إن اكبر أعدائي نفسي الأمارة، فتجرعها ولم يصب جسده المقدس ضرر. فالحكيم الذي يتمكن من تجرع السم، بحيث لا يصيبه ضرر ما منه، كيف يتأذى من سماع طعن الأذلاء بحقه؟ وقس على ذلك سائر الصحابة.) أهـ تعريباً ما جاء في (دبستان مذاهب). وقال شهاب الدين احمد بن حجر الهيتمي المتوفى سنة 932هـ في كتابه

المطبوع بهامش الصواعق سنة 1324 المسمى (تطهير الجنان واللسان عن الخوض والتفوه بثلب سيدنا بن أبي سفيان) ما نصه: (لان طائفة يسمون اليزيدية يبالغون في مدح يزيد، ويحتجون وممسكا عنان القلم أن يسترسل في سعة هذا الميدان. لأن من منح هداية، يكفيه أدنى برهان. . .) (راجع ص 5). واخالني غير مبالغ إذا قلت أن المتتبعين وقفوا عند حد لم يتجاوزوه. ولذا لم يدققوا النظر في طريقة الشيخ عدي ولم يقفوا على روحها. وغاية ما رأينا انهم خلطوا بعض النتف التاريخية بأوهام ومشاهدات فظنوا انهم استكملوا العدة، في تحليل العقيدة والوقائع. وعلى كل حال أن الذي عندنا انه لم يدون التاريخ العلاقات السياسية، ولم يتعرض لديانة الجماعات وطرائقها ألا قليلا واستطراداً، أو بصورة الغرض والتضليل. والحال لدينا ما يفسر هذه الحقيقة وينطق يما يكشف عن أسرارها. ولكن يلاحظ هنا أن تاريخ العقائد في تحولاته بطئي السير لأن التبدل الروحي في الأقوام، قليل، وتطور العقدة لا يسجل يومياً بل في عصور متطاولة، وأزمان متفاوتة جداً، قد لا نرى الصلة بينها لبعد العهد. والأمل الوقوف على هذا التاريخ باستنطاق الكثيرين من المؤرخين وعلماء الكلام لتبدو صفحات مختلفة يتحقق من مجموعها (العقيدة). والحاصل أن عقيدة هؤلاء القوم واضحة وبارزة للعيان بالرغم مما نراه من تكتم أهلها، والإبهام الذي أبدوه مؤخراً، وغالبه ناشئ من الجهل والنسيان بسبب الوقائع المؤلمة. إلا أن نسيان الأساسات لم يكن عاماً في جميعهم فهم غير متساوين في قبول الخرافات بدليل النص المنقول أعلاه عن (دبستان مذاهب). وأياً كان الأمر، فالعقيدة واضحة في الماضي، وفي الحاضر، ولكن (من شدة الظهور الخفاء). فلا غموض في التطور وهو متجل عيوننا. ومع هذا نسعى وراء المجهول، فكأننا نحاول فتح مغلق الغاز أو منهم طلسمات! وترجمة الشيخ عدي توضح نوعا ما قلته. فدونكها: ترجمة الشيخ عدي: هو شيخ (الطريقة العدوية). اشتهر في عصره أيام حياته بالتفوق

وتابعه كثيرون وشهد في حقه وجال الطرائق الأخرى المعروفون بالفضل والمكانة إلى اليوم، وهو ابن مسافر الشيخ الصالح. المشهور في زمنه، أبن إسماعيل ين موسى بن مروان (إلى هنا اتفق المؤرخون على نسبه بهذه الصورة) بن الحسن (وفي بهجة الأسرار ابن الحكم لا الحسن) ابن مروان (قال ابن خلكان: كذا أملي نسبه بعض ذوي قرابته. ووافقه عليه صاحب القلائد في سرد النسب بهذه الصورة. وزاد العليمي انه) بن إبراهيم ابن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن العاص بن عثمان ين عفان بن ربيعة بن عبد شمس بن زهرة بن عبد مناف (وقد تابع صاحب الشر فنامة هذا النقل أو كاد). ولد في (بيت فار) من أعمال بعلبك، وعلى رواية بعضهم، أن بيت فار من البقاع، قاله ابن كثير في القلائد وهي بقاع العزيز بين بعلبك والشام، ولا تفاوت بين القولين إذا كانت بقاع العزيز من أعمال بعلبك قال ابن خلكان والبيت الذي ولد فيه يزار للآن. عاش 90 عاماً، أو نحو ذلك، وتوفي سنة 557هـ على الرواية التي رجحها ابن خلكان، وقيل عام 555هـ. ويطعن بصحة هذه الرواية ما جاء في البهجة من أن الشيخ أبا محمد يوسف العاقولي قال: (قصدت زيارة الشيخ عدي في أوائل سنة 556) وانه تحادث مع الشيخ عدي، وهذه الرواية مما يطعن بصحة الرواية الأخرى، ويروي صاحب البهجة انه توفي في أوائل المحرم سنة 558 هـ. والتفاوت قليل بين وراية ابن خلكان وهذه الرواية تفسر بوصول الخبر. وقد أيد صاحب الكواكب الدرية أن وفاته كانت سنة 558هـ. والكل متفقون على انه أموي من صميم الأمويين. وبذلك يفسر حب اتباعه ومن خلفه ليزيد والتعصب له، وينفي قول القائلين بأنهم يزدانيون. ومن يراجع الشرفنامة ير أن الكثيرين من أمراء الكرد أمويون ويتحقق أن الأمويين لجئوا إلى الجبال بعد ضياع حكمهم، فتولوا رياسة القبائل الكثيرة من الكرد.

نعته: وقد نعته مظفر الدين صاحب اربل - كما نقل عن ابن المستوفي بأنه شيخ ربعة - اسمر اللون. . . (ابن خلكان) ج1 ص 316. حادثة حمله وفصاله: إن أباه رجل صالح كما تقدم. ويحكى انه دخل غابة ومكث فيها يتعبد منقطعاً عن الناس نحو 40 عاماً (راجع قلائد الجواهر ص 88) وروى صاحب جامع كرامات الأولياء، انه سكن الغابة نحو 30 سنة ثم انه رأى رؤيا مؤداها أن قائلا يقول له: (أخرج من هذه الغابة. واذهب إلى زوجك، واتصل بها يأتيك الله تعالى ولياً يذيع ذكره، وينتشر فضله في الخافقين). ولما أتى زوجته، قالت: لا افعل حتى تصعد المنارة، وتنادي بأهل هذا البلد انك قدمت، فنادى: (يا أهل هذه البلد أنا مسافر قدمت، وقد أمرت أن اعلم فرسي، فمن علا فرسه أتاه ولي). فولد لأجله 313 ولياً. وذكر لحمله خوارق كتسليم الأولياء عليه وهو في بطن أمه وجوابه بعد ولادته وأيام طفولته (راجع قلائد الجواهر ص 88) فلا نطيل القول فيها. والرجل العظيم يفسر صغره وولادته وحمله بأمور خارقة، خصوصاً من كان شيخ طريقة، أو عظيماً دينياً، مما لا يعلق عليه أهمية كبيرة بدرجة سلوكه ونهجه وذلك لا يزيد في عظمته، ولا مما يصح وزنه بميزان العقل اكثر من انه رجل كبير، ظهرت مواهبه في انقطاعه، وخلوته، فنالت طريقته مكانة ورسوخاً في الأذهان، اللهم إلا في نظر من لا يعلق قيمة إلا للخوارق أو لا يكاد يؤمن إلا بها. كيف جاهد: إن الرجل العظيم قد لا يرى في محيطه من يبرد غلة تعطشه، أو انه لم يتحقق من صحة مبدأه. أو يشتبه من نهجه الذي ينوي القيام به، أو انه يتجول للأخذ عن أكابر من ينوي السلوك بموجبهم والأخذ منهم لينكشف له طريقه

ويتقن من الصحة. وهذا بمقام اختبار آراء أكابر الرجال. وفي ذلك الأوان كانت بغداد كعبة القصاد لكل صنف من أصحاب البضائع العلمية والأدبية. . . وفيها البغية لكل متطلب، فمن لم يأخذ عن أكابر رجالها لا يعد شيئاً، أو أن هؤلاء وأمثالهم من المشاهير قدوة الناس، ومحل اعتمادهم، وموطن ثقتهم، ويجب أن يحصل على رضاهم والإجازة بالأخذ عنهم. لذلك كله أو بعضه تجول مترجمنا للأخذ، فحط ركابه في بغداد وأخذ عن أعاظم فضلائها، ونال شهرة فائقة في مجاهداته. وحسن اخذه، فلم يبق له بعد الدرس إلا الانقطاع، والتفرغ، لما أهب نفسه للقيام به، ولكنه لم يعد إلى موطنه الأصلي، وأراد العزلة عن الناس والتباعد عن الضوضاء في محل هادئ، فاختار الانقطاع إلى جبال هكار كأسلافه من بعض صلحاء الأمويين ممن بقدم ذكرهم وآوى في أول أمره إلى المغارات والجبال والصحارى مجرداً سائحاً بأخذ نفسه بأنواع المجاهدات مدداً مديدة. وقد نال في المجاهدة طوراً صعب المرتقى عزيز المنال تعذر على كثير من المشايخ سلوكه. ومن ثم حصلت له المتابعة والانقياد التام لنهج زهده وسلوكه، فصارت تلك المواطن مأهولة به، وعم فيها الصلاح بسبب إرشاده، فقصده الناس بالزيارة من كل قطر، واجمع المشايخ وغيرهم في عصره على تبجيله والاعتراف بمكانته. فهو أحد من تصدر لتربية المريدين الصادقين ببلاد الشرق، وانتهى إليه تسليكهم، وكشف لهم مشكلات أحوالهم وتتلمذ له خلق من الأولياء وتخرج بصحبته غير واحد من ذوي الأحوال الفاخرة. (راجع قلائد الجواهر ص 88 و85 وبهجة الأسرار ص 150). العصر الذي وجد فيه: إن هذا العصر طافح بأعاظم الرجال المشهورين بالصلاح والتقوى، مثل الشيخ عبد القادر الجبلي، والشيخ احمد الرفاعي، والشيخ على الهيتي، وعلي ابن وهب السنجاري وقضيب البان، وشعيب أبي مدين وغيرهم. جمع النوابغ في الزهد بحيث لم يظهر في غيره من العصور التالية مثل هذه العصبة ثقافة وتقوى. ويصلح أن يقال أن هؤلاء خلاصة من سبقهم، وجماع مسالك القوم، ونتاج أصول

تربيتهم، ومن راجع كتاب سير السلف، والكواكب الدرية وسائر كتب الطبقات في التصوف وراعى تطور العصور الإسلامية. ينكشف له بوضوح طريق القوم، ويعلم يقيناً أن هؤلاء هم (الصفوة). وكل ما وصل إلينا من هؤلاء انهم أرادوا تهذيب نفوسهم، وتجريدها من العوارض الدنيوية، مما يستدعي انشغال البال، والتفكر في أحوال المعاش. وبذلك تمكنوا من توجيه الناس إلى الطريقة التي حصلوا عليها، وصرفوا الناس عن أمور كانت شغلهم الشاغل وهمهم الوحيد مثل المقارعات الكلامية، والمجادلات الدينية إلى نحوها، وحضوهم على العمل بعد أن تيقنوا أن الجدل قد يفسد المنطق، ويسوق الناس إلى المماحكات، وان أتقنوا ترتيب أشكال القياس وليس هذا موطن تفصيل هذه الأمور. وهذا العصر انجب مثل مترجمنا الشيخ عدي، تجول وسار في الأقطار، حتى بلغ المكانة المرضية بمجاهداته؛ لتحقيق منطوق الآية (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا). فشاع أمر المترجم في الآفاق وقصدنا بالزيارة في حياته؛ وهو الذي غطت شهرته سائر الزهاد في الأنحاء التي اختار العزلة فيها، مثل علي بن وهب السنجاري، ومن تقدم الكلام عليهم ومثل جاكير الكردي. فلم يزاحمه ويكفيه فخراً ومكانة شهادة الشيخ عبد القادر الجيلي في حقه إذ قال: (لو كانت النبوة تنال بالمجاهدة، لنالها عدي بن مسافر). ولذا اضربنا عن ذكر شهادات الآخرين بعده. عقيدته: لم يبتدع جديدة. وإنما هي عقيدة أهل السنة. وقد أوضحها في رسالة له. ونقل عنها ابن تيمية في رسالته المارة قبلا. وقد عثر عليها الدكتور رولدف فرانك في مكتبة الترك في برلين، وفيها يقول ما مؤداه: إنه ليس في العالم حادث خارج الإرادة الإلهية، وان العمل جزء من الإيمان، وانه يقبل (الزيادة والنقصان). وأورد في تلك الرسالة حديث افتراق الأمة، وان أهل السنة، هم الفرقة الناجية، ويندد الشيعية. ويلتزم جانب معاوية بن أبي سفيان ويناضل عنه. وهو على أهل البدع ممن يخالف أهل السنة. ويعتبر نفسه من

أهل الحديث، ويحمل على المعتزلة ويضللهم، ويذكر أحوال الآخرة من جنة وجهنم والنضال عن سب معاوية قد قام به جماعة من أهل السنة وكتب ابن حجر رسالته المذكورة. وفيها إيضاحات وافية لمتطلب التوسع في هذه المباحث. وكذا في الصواعق بعض المباحث. ولا يهمنا التوسع في موضوعها، إذ الغرض هنا بيان العلاقة لا غير. وله في باب توحيد البارئ عز وجل قول مأثور: (لا تجري ماهية في مقال. ولا تخطر كيفيته ببال، جل عن الأمثال والأشكال، صفاته قديمه كذاته، ليس بجسم في صفاته، جل أن يشبه بمبتدعاته وان يضاف إلى مخترعاته. ليس كمثله شئ. وهو السميع البصير. لا سمي له في أرضه وسماواته. ولا عديل له في حكمه وإراداته، حرام على العقول أن تمثل الله تعالى. وعلى الأوهام أن تحده. وعلى الظنون أن تقطع، وعلى الضمائر أن تعمق، وعلى النفوس أن تفكر. وعلى الفكر أن تحيط، وعلى العقول أن تتصور. إلا ما وصف به ذاته في كتابه العزيز، أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.) (بهجة الأسرار ص 151) وقال في باب القضاء والقدر: (لا يخلو أخذك وتركك أن يكون بالله، أو له. فان كان به، فهو يباديك بالعطاء، وان كان له، فأسترزقه بأمره. وأحذر ما فيه الخلق، فمتى كنت معهم استعبدوك، ومتى كنت مع الله عز وجل حفظك، ومتى كنت مع الأسباب فاطلب رزقك من الأرض، وإذا كنت مع التوكل، فان طلبت بهمتك لن يعطيك وان أزلت همتك أعطاك، وإذا كنت واقفاً مع الله عز وجل، صارت الأكوان خالية لك من المواطن، وأنت في القبضة فان، والكون كله فيك ولك.) أهـ عنها ص 150. آداب سلوكه: أن المترجم تولى إرشاد الكرد الجبليين، فجاء إلى هكار، فانتصب للإرشاد في زاويته في لالش (ليلش) حتى تمكن من إدخالهم في طريقته والظاهر أن طريقته هذه لم تؤثر في

من ذكرهم صاحب (دبستان المذاهب) أو لم يقفوا عليها. وله مؤلفات في السلوك غير الرسالة المذكورة وهي: 1 - رسالة في آداب النفس. 2 - أخرى في وصاياه للخليفة. 3 - وصاياه لمريده (قائد). وفي الأولى منها يقول: إن الدعوى تطفئ سراج المعرفة، ويحث على مراعاة عشر خصال. منها: تلاوة القرآن الكريم للصلحاء، ولزوم ترك المعاصي. . . . ويرغب في المجاهدات. وفي الثانية: يوصي بالتباعد عمن تظهر منه الكرامات، إذا لم يوفق بين أعماله وسلوكه وبين أوامر الشرع ويزدجر عن نواهيه. ولا يسوغ التساهل من أحد ولو صدرت منه بدعة طفيفة. وفي الثالثة: يخاطب (قائداً) وهو أحد مريديه قائلاً: (يا (قائد) أوصيك بمراعاة الأحكام الشرعية، فلا تتجاوزها، والتزم الشرع، وراع التقوى، وجانب من يركض وراء الدنيا). وقال: (الجوع مفتاح الزهد، وحياة القلب كما أن عيسى قال لحوارييه: سيرون الله تعالى إذا أجعتم بطونكم، وأظمأتم كبودكم، وخلعتم اللباس). قال محمد شرف الدين بك: إن تصوفه قريب جداً من نهج الغزالي فيه، وهذه الرسائل موجودة في مكتبة الترك في برلين نقلاً عن الدكتور الموما إليه وذكر أن في المتحفة البريطانية قصيدتين في مجموعة، مطلع إحداهما: تفردت في حب الذي كنت أهواه ... واصبح عندي اشتياق للقياه وأصبحت نشواناً بكأس شربته ... ولم يعلم الناس من أين محياه وكان نديمي اشرف الرسل احمد ... مليح التثني تخجل الصب عيناه وهنا يستدرك على الفاضل محمد شرف الدين بك انه بعد أن ذكر ذلك، قال: (إن اليزيديين قد ضلوا في زمن ابنه حسن، أي ابن الشيخ عدي). وبهذا يكون قد قصد عدياً ابن أبي البركات لا المترجم. ولما لم يفرق بينهما ينبغي التحرز

من حقيقة نسبة الأبيات المذكورة إليه. والظاهر أنها لابن ابن أخيه عدي الثاني. ومن أقواله في آداب السلوك: 1 - الشيخ من جمعك في حضوره وحفظك في مغيبه، وهذبك بأخلاقه، وأدبك بإطراقه، وأنار باطنك بإشراقه. 2 - المريد من أنار نوره مع الفقراء بالأنس والانبساط، ومع الصوفية بالأدب والانحطاط، وحسن الخلق والتواضع في كل شئ، ومع العلماء (رض) بحسن الاستماع، ومع أهل المعرفة بالسكون، ومع أهل المقامات بالتوحيد. 3 - يا هذا! البدلاء ما صاروا بدلاء، بالأكل والشرب والنوم والطعن والضرب، وإنما بلغوا ذلك بالمجاهدات والرياضات. لأن من يموت لا يعيش ومن كان لله تلفه كان على الله تعالى خلفه. ومن تقرب لله تعالى بإتلاف نفسه اخلف الله عليه نفسه. (راجع قلائد الجواهر ص 84 - 85). 4 - من لم يأخذ أدبه من المتأدبين افسد كل من تبعه. 5 - من اكتفى بالكلام من غير عمل انقطع عن الله، ومن اكتفى بالتعبد من غير فقه، خرج من الدين (كان شافعي المذهب وكذلك جميع الكرد الشماليين - معجم البلدان وغيره)، ومن اكتفى بالفقه من دون ورع اغتر بالله، ومن قام بما عليه من الأحكام نجا. 6 - أول ما على سالك طريقنا ترك الدعاوي الكاذبة، وإخفاء المعاني الصادقة (وهذا يوافق ما جاء في رسالته الأولى من رسائل آداب السلوك وحينئذ نقطع بأنها له). 7 - إذا رأيتم الرجل تظهر له الكرامات الخوارق، فلا تعبئوا به، حتى تنظروه عند الأمر والنهي. فان جمعاً من الكفار اظهروا خوارق وعجائب وهم كفار (وهذا القول أيضاً يؤيد صحة الرسالة الثانية من آداب سلوكه.) (راجع الكواكب الدرية). 8 - من كان فيه أدنى بدعة، فأحذر مجالسته، لئلا يعود عليك شؤمها ولو بعد حين. (بهجة الأسرار ص 150).

طريقته الصوفية - مقاطعة اللعن: إن آداب سلوكه وأقواله هي مجموع طريقته، ولكن أوضح شئ في طريقته هذه (مقاطعة اللعن) وهي بسيطة جداً، ويسهل تناولها على كل أحد، وتلخص في انه حذر من اللعن، (حتى لعن الشيطان) خوفاً من الاتصال بشائبة السب. ومن هذا تولد لزوم الاشتغال بالعبادة والصلاح، ومراعاة أحوال الزهد والتقوى، وأساسها الاشتغال بأمر إصلاح النفس. فلا كره هنا بل حب لله. ولرسوله، وللمؤمنين، واتباع أوامر الشرع، واجتناب زواجره؛ ومراعاة الأخلاق الفاضلة. بالوجه المار في السلوك والعقيدة ويترتب على هذه: أ - زوال الكره، ومراعاة الإخاء. ب - تأمين الوحدة بان لا يشذ أحد عن المبدأ العام. ج - اتباع العقيدة. د - تنقية اللسان من البذاءة. هـ - رفع الحزبية الشخصية. فلا ينكر الزهد أحد ولا تثريب على من يراعي الأحكام الشرعية وان يقوم المرء بما استطاع من عبادة: (واتقوا الله ما استطعتم). وأما مقاطعة اللعن فأنها سلوك بسيط بالنظر إلى العوام ولا تحتاج إلى دراسة ولا حفظ فهو ترك، لا عمل، أو انه من المنبهات كما أنها معالجة قضية اجتماعية هامة. فهي بسيطة وسلبية اكثر منها إيجابية. أن هذا الشيخ أختط هذه الخطة بعد أن عالجها مدة طويلة، واعتقد أنها الناجحة. وقد اشتهرت طريقته (سلوكها وآدابها) في سورية، مصر، وذاع صيتها وقد أوضح المرحوم احمد باشا تيمور التكية العدوية في مصر في كتابه اليزيدية وقد لعبت الأيدي مؤخراً في هذه الطريقة، وتطورت كثيراً وسيأتي الكلام على أخلاقه وعلى هذا التحول والغلو فيه. المحامي عباس العزاوي

في ضرورة معرفة طب البيت

في ضرورة معرفة طب البيت قال راسبايل: (يدخل يوماً في أنظار حسن التربية، أن تطلع الشابات، أية كانت مراتبهن، اطلاعاً وافياً على الفنين: طبخ الاطعمة، وتهيئة الادوية؛ ولا بد من أن يندمج هذان الفنان، آجلا أم عاجلا، فيصبحا واحداً. وعلى الشابات أن يعرفن مبادئ حفظ الصحة، أو إعادتها إلى حالتها الأولى. لأن الطب سائر إلى البساطة، وإلى أن يكون قريب المنال على الجميع، وحينئذ لا تظل الأدوية عديدة، ولا مركبة، بل لا يبقى ثم سر غامض لاتخاذها). وإليك الآن في هذا الموضوع عينه، رأي سيدة كتبت كثيراً عن التهذيب. قالت السيدة دي جلنس: (من المستحسن أن تتعلم الشابات ما يتعلق بالعقاقير واعدادها، لا الطب ولا تطبيقها، وعليهن أيضاً معرفة اتخاذها، واختيار الترياقات، والادوية التي تسبق وقوع النتائج المشؤومة. المتولدة من الزرنيخ والزنجارة، والرصاص وغيرها. والأدوية التي تؤخذ بمقدار فاحش، وليس دون ذلك أهمية تعلمهن وضع الآلة الأولى على جرح أو رض. وهذان تضميدان مختلفان سهلا الممارسة؛ إلا انهما يتطلبان مهارة وتعوداً). (فما اكثر المنافع الجليلة، التي تنتج من هذه الدروس المفيدة العائدة الحسنة وهكذا تدرب الشابات على أن يتغلبن على كل اشمئزاز وكل تقزز تفيض به البشرية فإذا عودن أناملهن البارة الطاهرة، القيام بمثل هذه الوظائف المقدسة. ينتهي بهن الأمر إلى معرفة خطورة هذا الواجب الطيب، والمنزه معاً، تلك المعرفة المهمة كل الأهمية، وهذا الواجب هو البحث عن الوسائل التي تجعلهن مفيدات للغير. منتهزات تلك الأسباب، فيتمكن يوماً من تقدمة الإسعافات الفعالة كل الفعل والضرورية كل الضرورة في جميع تلك الوقائع الكثيرة الحدوث لسوء الحظ! فما أكثر الناس، لاسيما الأولاد، الذين هلكوا في السفر، أو في الريف، لنقصان تلك المساعدات. والمرأة التي تستطيع أن تقوم بمثل هذه الشؤون، تنجي يوماً ولدها من الموت!.)

إرشاد

وعلى رأي الدكتور سافرى: (يشمل تهذيب النساء. المساعي التي تبذل للمرضى والمساعدات المستعجلة عند وقوع الحوادث. ومعرفة صحيحة لمبادئ طب البيت). تعريب ميل رزق الله رسام في مدرسة الراهبات المركزية في بغداد (لغة العرب) وجدنا رئيس مدرسة الراهبات المركزية في بغداد - وهي الأم توما دروزبر - تعني كل العناية بتعليم العربية للبنات اللواتي سلمن إلى عنايتها. وقد عرضنا على بعضهن نقل نبذة من الفرنسية إلى العربية. فأجادت نقلها الآنسة مركريت بشارة والآنسة ميل رزق الله رسام. وقد أدرجنا هنا ترجمة الآنسة ميلي وفي فرصة أخرى ننشر ما تكتبه الآنسة مركريت رفيقتها. فنهنئ الأم الرئيسة توما بالفوز الذي نالته أو تناله تلميذاتها. وعسى أن هذا النجاح يطرد رقياً. إرشاد حياة الفرد لا تحظى بعز ... إذا لم يضح مقداماً مخيفا فلا يأمل من الدنيا علواً ... إذا لم يبق مفضالاً شريفا إلاَّ أن الفضائل خير مجد ... وان ألفيتها نصباً طفيفا وما هذي الحياة سوى سباق ... فكن في الجري مسراعاً خفيفا وسجل في حياتك كل فخر ... وكن للناس معواناً رؤوفا وسوف ترى المصائب هاجمات ... فعارضها تكن بطلا حصيفا فإنك من بني الأحرار فرد ... فكن من كأس عزتهم رشيفا وان الناس قد سبقوك شوطاً ... طويلا فاركض الركض العنيفا تمر بك السنون وأنت راضٍ ... بعيش لم يول يبدو كسيفا أريت الناس ما حفظوا ضعيفاً ... بل اغتالوا الذي أمسى ضعيفا فلا تخضع لأنذال طغاة ... وحكم عند ظلمهم السيوفا لعمري اليوم إنك في زمان ... به الآلات تحتاج الصفوفا وبأس المرء يحفظه بقسر ... ولا يجدي الضعاف ولو ألوفا مصطفى جواد

الطيارون العراقيون

الطيارون العراقيون قصيدة ألقاها الأستاذ الحاج عبد الحسين جلبي الأزري في الحفلة التكريمية للطيارين العراقيين، تلك الحفلة التي أقامتها لهم جمعية متخرجي الجامعة الأمريكية في بغداد وذلك في 11 أيار 1931. أتراهم من وحشة الأرض طاروا ... أم من الظلم بالسماء استجاروا؟ لم يذوقوا صفو الحياة، فراموا ... عيشة لا تشوبها الأكدار أم رأوا أن يجاوروا الشهب فيها؟ ... وجوار الأقمار نعم الجوار أم على رحبها البسيطة ضاقت ... فاستقلوا عنها وشط المزار؟ أم دعاهم للاختيار فلبوا ... رائد العلم والحياة اختبار؟ ركبوا من صنائع الفن ما لم ... تمتلكه النسور والأطيار آية للزمان جاءت إلى النا ... س فحارت بشأنها الأفكار حكت الطير غير أن خوافي ... ها حديد واللولب المنقار منية لم يجد بها الفن قب ... لا لنفوس قد شفها الانتظار كم تمنت أن تستعير من الط ... ير جناحاً والطبع لا يستعار صيرتها الأطماع آله حرب ... تتقيها الأرواح والأمصار فهي في السلم نعمة وأمان ... وهي في الحرب نقمة ودمار أطلقوها فوق البسيطة أسر ... اباً، كما تطلق العتاق المهار بات منها بكل جو رفيف ... وإليها بكل صقع مطار وتعالت تستخدم الريح الجو ... كما استخدم النفوس النظار حاملات من القذائف ما تندك ... فيها القلاع والأسوار سيطر الأقوياء فيها على الأر ... ض فما للضعيف منها فرار

الهولة

ويح قطر وأهله، أن عليه ... سيق منهن فيلق جرار أيها الشعب كيف أنت وما ... فيك عليهن قوة واقتدار كنت جربتها وليس بعيداً ... ما جنى من بلائها الثوار لست تدري ماذا به سيوافي ... الدهر يوماً وتحكم الأقدار لا تصان الأوطان بالبؤس ... والجهل ولا بالأعزل يحمي الذمار فتعهد بنيك بالعلم وأحذر ... إنما أول الحريق شرار حبة منه انبتت خير زهر ... قد أقرت بطيبه الأغيار وانجلى عن بسالة وذكاء ... واعتزام لم تروه الأسفار وشباب أمضى من السيف عزماً ... منه هانت عليهم الأخطار لك هم أن أردت رغيداً ... قدوة فاتبعهم ومنار يا نسوراً إليهم في حنايا ... كل قلب من قومهم أوكار عدتم والوجوه تطفح بالبشر ... إليكم وتشخص الأبصار أنا فيكم لمعجب وجدير ... إن يجد الإعجاب والإكبار وجدير أن يحتفي القطر فيكم ... وجدير أن تنثر الأزهار اعذروني فان عصتني القوافي ... فلكم من عواطفي أشعار الهولة يذكر القراء الكرام، سلسلة المقالات التي نشرها في السنة الرابعة من هذه المجلة (لغة العرب) (1926 - 1927) بعنوان (الألفاظ الارمية، في اللغة العامية العراقية) ومما جاء فيها أن عدداً من الألفاظ الزراعية في العراق ارمية الأصل منها: (اشكارة) و (دريخ) و (حويجة أو حويكة) و (نابور) و (سكم أو سقم وتسقام) و (شرش أو هرش) و (شلب) و (شتل) و (ترعوزي أو تعروزي) وغيرها.

ولم أكن قد سمعت يومئذ بلفظ (الهولة) (بضم الهاء وإسكان الواو وفتح اللام وفي آخر هاء). ويقصد به طائفة من الاتن تجمع لدوس سنابل الحنطة أو الشعير سحقاً بقوائمها. وأول ما طرق سمعي هذا اللفظ، ذهبت إلى انه ارمي الأصل. فبحثت عنه في (معجم دليل الراغبين في لغة الآراميين) فوجدته يقول في ص 166: (هـ ب ل ا) (والباء تقرأ واواً فيكون لفظه هولا) بمعنى الإبل والقطار والقافلة من الجمال. ومثله كلمة (هـ ب ل ت ا) الباء تقرأ كذلك واواً. (هولتا) بالمعنى الأول أو قطيع الخنازير. وعليه فأصل الكلمة (هولة) أو (هولا) المستعملة عند زراع العراق بمعناها الذي ذكرناه من الآرمية وتدل على قافلة من الجمال أو القطيع الخنازير أو من باب التوسع على القافلة من الحمير كما يراد بها اليوم عند زراع العراق. (يوسف غنيمة). (ل. ع) مادة هيل الآرمية تقابل مادة ابل العربية، ومنها الإبل بمعنى الجمال. على ما هو مدون في دواوين اللغة. والذي ينعم النظر في هذه المادة يرى أن الإبل لم تأت في قديم الزمن بمعنى الجمال فقط، بل أيضاً بمعنى جماعة من الحيوانات كالجمال مثلا والشاء إلى غيرها. ومنه الإبل للحاذق في مصلحة الإبل و (الشاء). ومنها الإبول بكسر الهمزة وتشديد الباء المفتوحة. وهي الجماعة أو القطعة من (الطير) و (الخيل) و (الإبل) والمتتابعة منها (اللغويون) أما عدم ذكر لغوي العرب سائر المعاني فمن باب الاكتفاء بذكر الكبير عن ذكر الصغير أو بذكر الأهم عن ذكر المهم. فالابول تعني أيضاً القطعة من الشاء والخنازير والبقر والمعزى على حد ما جاءت اللفظة الآرمية (هولا) أو (هولتا). أما قراءة باء (هبلا) واواً، معهود في الآرمية كما في العربية. وفي الآرمية اشهر. من ذلك قولهم: (آوا) و (اورا) مثلا، وتكتبان: (آبا) و (ابرا) أي آب وابن إلى غيرهما. وذلك اشهر من أن يذكر. وأما في العربية فهذا الإبدال غير مجهول أيضاً، فيقولون: الشعبذة والشعوذة، جارية بكباكة ووكواكة أي سمينة. ومثلها كباكبة وكوكاة (واصلها كوكوة فقلبت الواو ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها). البزمة والوزمة وهي الوجبة من الطعام. قال أبو سعيد: (يقال: ما له حبربر ولا حورور). والباشق والواشق. إلى غير هذا. وهو كثير لا يحصى وراجع ما كتبناه في هذه المجلة 8: 113.

صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة أول شرقي (عراقي) إلى أميركة كان الأب إنطوان رباط نشر في أجزاء السنة الثامنة من المشرق (سنة 1905) رحلة بعنوان (رحلة أول شرقي إلى أميركة) ابتدأ بها من بغداد في سنة 1668 صاحبها الخوري إلياس ابن القسيس حنا الكلداني الموصلي من بيت عمون ثم نشر له أيضاً في السنة التاسعة من المشرق نبذة في تاريخ البيرو ونبذة غيرها. وبعد ذلك ضم الأب كل ما في تلك المجلة في سفر طبعه في سنة 1906. وهذه الرحلة هي التي ابحث الآن عن أخبار صاحبها. وبعيد هذا عثر الناشر على نبذة عن المؤلف وردت في آخر كتاب يحوي مجموع صلوات كان قد وصفه المستشرق شنورر في فهرسته للمطبوعات العربية في سنة 1811 فسر الأب ذلك سروراً جماً أبداه في المشرق (9 (1906): 471) مع نشره ما وجده. وهو هذا بحروفه مع بعض الطي الذي أعوض عنه بالنقط فانه لا يمس الموضوع. (قد طبع هذا الكتاب المبارك في مدينة رومية العظما في أيام رياسة. . . بابا مارايننوسنيوس الثاني عشر. قد طبعه من ماله ورزقه القسيس ايلياس باسم خوري البغدادي ابن قسيس حنا الموصلي من نسل البطاركة المشرقين من طائفة الكلدانيين من عيلة بيت عمون الذي قبل مواهب من الكرسي الرسولي (كذا)

الاوله: (اركدياقون على كنيسة بغداد. والثانية: روتونوطاريو أبو سطوليكو والثالثة: حامل صليب مار بطرس والرابعة: كونته ده بالاتينو والخامسة: كاهن كنيسة ملك إسبانية. . .

وقد وقف على طبع هذا الكتاب المبارك أحقر عبيد الله اندوراس من مدينة حلب باسم كوالير ابن مقدسي عبد الله الكلداني الموصلي. . . انطبع في مجمع انتشار الإيمان المقدس في مدينة رومية سنة 1692. . .) أهـ. وقبل أن يبلغ خبر طبعة هذه الرحلة إلى سلامة موسى رأى أن يصف في المقتطف (35 (1909): 860) نسخة في خزانة ديوان الهند في لندن فطلب المقتطف من مشتركيه في بغداد أن يعلموه بما يعرفونه عن صاحب الرحلة وفي الوقت نفسه طلب من الواصف أن يخبره بحجم الكتاب - ولابد أن ذلك كان استعداداً لطبعه - فأجاب موسى ملتمسه (المقتطف 35 (1909): 1112) ثم قال أن صاحب فهرست الخزانة يقول أن نسخها منقولة في الشرق لكنه لم يذكر الموضع، وحينذاك أوقف المقتطف على خبر الطبعة. وفي تلك الغضون أشار المشرق (12 (1909) 798) إلى المقتطف انه سبق فنشر الرحلة قبل وصف سلامة موسى. وذكر الرحلة في المشرق صاحبه في كتابه المسمى المخطوطات العربية للمكتبة النصرانية الذي كان بدأ نشره (20 (1922): 58) ثم عاد فاخبرنا (22 (1924): 355) أن القس الفاضل بولس سباط السرياني وصف في (مجلة الشرق المسيحي) نسخة من هذه الرحلة وانه قد اتضح له من وصف القس أنها النسخة التي نقل عنها الأب رباط نسخة طبعته. وذكر القس سباط المار الذكر نسخته في كتابه بالفرنسية المسمى خزانة مخطوطات بولس سباط السرياني الحلبي، المطبوع بمصر في سنة 1928 (ص 62) بعد أن كان نشره في تلك المجلة الفرنسية. ولكتاب المخطوطات العربية للمكتبة النصرانية طبعه على حده بعد أن تم ننشره في المشرق. وإذ قد سر الأب رباط بما قف عليه من خبر صاحب الرحلة وأبدى المقتطف رغبة في الحصول على معلومات من مشتركيه البغداديين عن صاحب الرحلة كما

رأينا أحببت - وان مر زمن طويل على ذلك - أن اجمع ما وقفت عليه في إثناء مطالعتي وفي إلقاء نظرات على كتاب بالإيطالية من نتف عن الرحالة وأسرته وغير ذلك معتقداً أن بعض القراء الكرام يلتذون بهذه الأخبار ويحدو ببعضهم الأمر إلى التتبع والبحث عن صاحب الرحلة وما يتعلق به. نسخة ديوان الهند لفت نظر سلامة موسى قول صاحب فهرست الخزانة. خزانة ديوان الهند (فهرستها ص 207 عدد 719) أن نسختها مكتوبة في الشرق لكنه موضع النسخ. والظاهر أن صاحب الفهرست لم يجد صراحة في ذلك وان (سلامة) رغب في الوقوف على الأمر. ولو رأى عراقي النسخة وانعم النظر فيها لعله يستخرج محل نسخها من إمارة يجدها فيها. مع أن النسخة بعيدة فلا يسعني إلا أقول عنها استنبطها من الوصف. قال (سلامة في المقتطف (35: 1112). (إن في النسخة قوله: دفع شماس كوركيس لشماس حنا عشرين بغدادية ثمن نسخ هذا الكتاب) أهـ. ومن يراجع (الفهرست) ير فيه خاتمة للكتاب عد سلامة نفسه في غنى عن نقلها برمتها ولذا اقتضب الفقرة التي أورد نقلها. وهاأنا ذا انقل ذلك لا قابل الخاتمة خاتمة نسخة الدكتور الجلبي، التي سيأتي الكلام عليها وسيظهر قدم هذه على نسخة خزانة الديوان ويستنتج محل كتابتها مما فيها. وهذه هي الخاتمة بحروفها: (قد تكمل هذا الكتاب بعون الله الوهاب في بورط صانتا ماريا التي هي لمينة كادس على يد الحقير الكوالير اندوراس ابن مقدسي عبد الله الكلداني في أول شهر آذار المبارك سنة ألف وستمائة وتسعة وتسعين مسيحية في أول نساخته. ونساخته الثانية في شهر كانون الأول عشرين يوم في سنة 1751 مسيحية

والمجد لله دائماً.) أه ثم قال الفهرست ما تعريبه وقد أبقى بالعربية الألفاظ التي أضعها بين قويسات: (والصفحات الثلاث الأخيرة تحوي مضامين الكتاب، وفي الأخر تعليق لشماس كوركيس) فيه انه دفع إلى (مقدسي شماس حنا) لنسخ الكتاب تسعة وعشرين (بغدادية) أي ثلاث بغداديات ونصف بغدادية عن كل كراسة وفي صدر الكتاب تعليق عن مشتراه في تاريخ سنة 1786. وهناك كتابة بالخط الأسطرنجيلي وهي: (بسم الله تيمناً وتبارك بذكره القديم.) أهـ ولكي نعرف محل كتابة هذه النسخة على وجه التقريب انقل ما قاله القس خدر الكلداني في رحلته (المشرق 13 (1910): 659) في تاريخ سنة 1728 وهذا كلامه: (. . . قرش اسكوت روماني. وكل اسكوت عشر جوليات. والجولية هي البغدادية السالكة في الموصل.) أهـ. ويتضح من جنس هذه

النقود المدفوعة أجرة أن كتابة النسخة كانت في مدينة تدرج فيها البغدادية ولا بد أنها بغداد أو الموصل. ويرجح الورتبيد الفاضل نرسيس صائغيان أنها بغداد لأنه يظن أن المستنسخ هو الشماس كوركيس ابن الشماس عيسى غنيمة من أهل بغداد وسكانها لعادته اقتناء الكتب ولمعاصرته رجلا اسمه المقدسي حنا من سكنة بغداد أيضاً. نسختان غير المحكي عنهما 1 - نسخة الدكتور الجلبي رأينا أنه لم يتيسر لناشر الرحلة أن يقف حين طبعها إلا على نسخة واحدة ولم يصل إليه إذ ذاك خبر نسخة ديوان الهند وقد جاءنا في السنوات الأخيرة كتاب مخطوطات الموصل للأستاذ الدكتور داود بك الجلبي (ص 269) بوصف نسخة عند صاحبه ينقص منها ورقتان في الأول وفي آخرها مثل ما في نسخة خزانة الديوان إلا قوله: (في أول نساخته) فأنها كما أنه عوض في هذه النسخة عن قول نسخة الديوان (ونساخته الثانية. . .) بما يلي: (وقد صار الفراغ منه يوم الخميس في ستة وعشرين من شهور (كذا) تموز سنة 1748 مسيحية.) أهـ فيتضح من هذا أن نسخة الدكتور اقدم بثلاث سنوات من النسخة التي في ديوان ويبين من اتفاق ما فيهم في الآخر أن نسخة الديوان منقولة من نسخة الدكتور أو أن كلا منهما منقولة من أم واحدة لأن كلمة (ادار) وردت في كلتيهما بدال مهملة.

2 - نسختي هذا ما كان من نسخة الدكتور وكان للمنقب في أخبار السلف من المسيحيين الورتبيد نرسيس صائغيان نسخة اقتناها قبل نحو عقدين من السنين فأهداها إلي قبل بضع سنين وهذا وصفها وأنا آسف لنقصها. طولها 22 سنتمتراً وعرضها 16 وفي كل صفحة 17 سطراً صفحاتها 196 خطها فصيح لكنه ليس بالمتقن ومداده اسود باهت وورقها ثخين وجنسه يحملنا على قول بان عمرها يتجاوز قرناً ونصف قرن على الارجح، وكانت مسلوخة من جلدها فصحفتها وليس على أوراقها أرقام إنما معلم على أول صفحة من كل كراس رقمه وكذلك على آخر كل صفحة منه وهو يحوي 16 صفحة ونقصها في الأول كبير فأنه ثلاثة كراريس ونصف وفي وسطها نقص آخر من الكراس التاسع والعاشر قدره 16 صفحة. وفي الفصل العاشر دائرة ضمنها صورة مظهر من مظاهر السماء الذي مما لم ير الناشر حاجة إلى طبعه وقد اكتفى بنشر نبذتين تاريخيتين. والصورة من صنع يد لا تحسن الرسم كيد صبي من الصبيان كما انك تجد في الفصل الحادي عشر صورة أحرف جاء عنها في المطبوع (ص 77ح) أن الأصل غفل منها. وآخر فصل في مخطوطي هو الفصل السادس عشر وينتهي الموجود منه برواية الأعجوبة الرابعة للعذراء مريم عليها السلام. وجملته الأخيرة هي: (فهكذا يا اخوة عملت مريم البتول عجائب كثيرة في كل المسكونة وهي ظاهرة للناس.) فالنقص ما بقي من هذا الفصل مع الفصل السابع عشر الذي به يتم الكتاب. وفي ضمن الدائرة الحاوية صورة مظهر السماء أدخلت يد حديثة قوله: (هذا الكتاب مال يوسف ابن بحو.) أهـ. (مطالعة): ومما نستفيده من هذه النسخة أنها أفصحت عن كلمة لم يحسن

قراءتها ناشر الرحلة. كنت قرأت في النص 35 من المطبوعة كلمة (برنج) ثم جمعها (برانج) وفي حاشية للناشر أن الكلمة فارسية ومعناها النحاس وهو يظن أنها بمعنى خابية أو برنية فرأيت أن القراءة غير صحيحة ولا بد أن تكون (برنخ) وهي كلمة معروفة في بغداد والموصل يراد بها أنبوب من خزف قطره واسع حسب حاجة صاحبه إليه ويكون طوله نحو نصف متر، وإذا أراد أحدهم أن يتخذ مدخنة أو مسيلا ينحدر من علو، صف واحداً راكباً في رأس واحد. وسياق الكلام في الرحلة يقضي أن تكون الكلمة (برنخ) وجمعها (برانخ) كما أن النسخة التي عندي تصورها على هذا الوجه. ويقال في المفرد (بربق) بإبدال الخاء قافاً. وقد بان لي أن على الكلمة مسحة آرامية فسألت عن ذلك حضرة الأب صاحب المجلة فقال: (البربخ) وجمعها البرابخ مأخوذة من الارمية (لا من المصرية كما في اللسان والتاج) وهي من (بربوعا) ويقال فيها أيضاً (بربوقا) بمعناها وبمعنى الكراز أو القرقار أو الكوز أو الدبة أو الزجاجة. (عن دليل الراغبين في لغة الآراميين). نسخة أسرة المؤلف كان القس بطرس قد ألف كتاباً اسمه ذخيرة الأذهان في تواريخ المشارفة والمغاربة من السريان طبع جزءه الأول في مطبعة الأباء الدمنكيين بالموصل في سنة 1905 وشرع في طبع جزءه الثاني هنالك أيضاً في سنة 1913 ثم حدث ما أوقفه عن الطبع بعد أن أنجز منه 448 صفحة فذكر فيه رحالتنا مع اقتباس من المشرق. ومما فيه (2: 359) قوله عن الرحلة: (رؤي هذا الكتاب عند نعمان الحلبي). وسيأتي الكلام على نعمان أنه من بيت كاتب الرحلة. تذكرت هذه الرواية حينما زرت الموصل في خريف 1921 ترويحاً للنفس فجمعتني الصداقة القديمة بالوجيه الكريم يوسف أفندي نعمان آل الحلبي فأخذنا يوماً نتجاذب أطراف الكلام عن أسرته الطيبة الأرومة فسألته عن هذه

النسخة التي كانت لوالده أنه كان وجدها في تركة أبيه وكانت في داره عند مغادرته الحدباء وقت نزوحه منها قبل ثمان وثلاثين سنة قاصداً الناصرية قاعدة لواء المنتفق بوظيفة مدير البرق والبريد وأنه لم يرها عند رجوعه وقد فقد معها ما كان إرثاً من والده من نفائس الأوراق، فقد حرمتنا الأيام الوقوف على هذه النسخة التي ربما من التعاليق عن أسرته ما ليس في غيرها. ويوسف أفندي هو وحيد بيته الحلبي اليوم. أسفار صاحب الرحلة اخبرنا القس نصري (2: 358) خلال كلامه على مساعدة بيت الحلبي للمرسلين الدمنكيين والذب عنهم ما جاء في آخر كتاب مطبوع عن صاحب الرحلة واصله وهو كآخر الكتاب الموصوف في المشرق نقلا عن شنورر والمطبوع في سنة 1692 مع زيادة تعريف أنه من نسل (البطاركة والعشيرة الأبوية وأنه قصد رومية سنة 1659) إلا أن القس نصري قال أن ما ذكره جاء في آخر كتاب الصلوات المسمى (الحيوة) الذي طبعه الخوري ايليا في سنة 1693 في رومة. ثم قال (2: 359): (يظهر أن الخوري الموما إليه قد سافر إلى رومية مرتين لأنه في هذه السياحة (أي المطبوعة) ذكر أيضاً أنه رحل من بغداد سنة 1668 وأنه كان ابن أخ اسمه يونان أنجز دروسه في عاصمة الكثلكة سنة 1670 فينتج أن ما خلا سفرته التي فيها طبع كتاب (بستان الحياة) قصد رومية مرة أخرى لزيارة ابن أخيه يونان الآخر) أهـ. ويظهر لي أن الكتاب الذي سماه القس نصري (الحيوة) المطبوع في رومة سنة 1693 والكتاب الذي سماه (بستان الحياة) هو واحد، والذي يظهر لي أيضاً كأن هذا الكتاب هو غير المطبوع في سنة 1692 الذي قال عنه المشرق لا اسم له بالعربية. والذي يسوقني إلى هذا الظن أي أنهما إثناء اختلاف الاسم وسنة الطبع والأسماء العربية للمراتب

شباب العراق

التي حازها الخوري - إن لم يكن التعريب للقس نصري كما قلت في قلت في حاشية سبقت - ولا سيما العثور على سفر صاحب الرحلة إلى رومة في سنة 1659 وهو سفر لم يروه المشرق مما يدل على أن لصاحب الرحلة طبع كتابين جاء في الذي تكلم عليه القس نصري خبر سفر صاحب الرحلة إلى رومة في سنة 1659 وإلا فمت أين أتى القس بهذا التاريخ وهو لا يذكر مصدراً غير ذلك الكتاب؟ فان صح أن لصاحب الرحلة طبع كتابين يكون القس وقف على كتاب لم يطلع عليه الأب رباط. والذي يفهم من عبارة القس نصري أن لصاحب الرحلة سفرة طبع فيها الكتاب - أو الكتابين - وسفرة غيرها لا ثالثة لهما، وإذا صح أنه كان في رومة في سنة 1692 أو 1693 حين طيع الكتاب يكون قدم إلى رومة ثلاث مرات: الأولى في سنة 1659 والثانية في سنة 1670 والثالثة في سنة 1692 أو 1693 أو قبلها. هذا إذا كان في رومة في زمن الطبع، إذ أن أمر الطبع لا يستلزم وجوده في المكان فضلا عما رأينا أن الواقف على الطبع هو اندراوس فإذا كان هنالك فلعله لم يعد إلى العراق بعد رجوعه من أمريكة. ولقد صدق القس نصري في أن لصاحب الرحلة سفرة إلى رومة في سنة 1659. وسأورد ما عرفته عن هذه السفرة، وفي ذلك أخبار عنه وعن أخوين له مع ذكر أسميهما. يعقوب نعوم سركيس شباب العراق شباب العراق استشعروا والعزما ... واحيوا عراقاً ضيع المجد والحزما تعلقت الآمال فيكم وأنكم ... ستضحون شعباً ينشر الخير والعلما ألا فانهضوا بالعلم نهضة مصلح ... وداووا عراقاً كابد العسر والغما فأنكم أهل البلاد وعونها ... وقد كلمتها نائبات العدى كلما عليكم صروح الفوز باتت مقامة ... فان تهملوها تلق دون العلا هدما ألا ألفوا بين القلوب وسارعوا ... إلى منهج الأعمال واستعملوا الفهما تأخرتم في الناس أي تأخر ... فقاسيتم من ذلك الفقر والهما ألا يا شباب العرب حتام ننتهي ... عن الكسل المردي ونكتسح الوهما؟ فكونوا شباباً مستحقين للعلا ... وهيوا ارجموا من خان من بيننا رجما وقوموا بأعمال تظل عظيمة ... وحوطوا العراق اليوم كي يغلب الخصما مصطفى جواد

فوائد لغوية

فوائد لغوية نقد تاريخ الأدب العربي 4 - (الطلاق في الجاهلية) وقال في ص 9 عن العرب (وللرجل وحده حق الطلاق ما لم يشترط عند العقد خلاف ذلك) قلنا: هذا هو الظاهر لكن السيد نعمة الله الجزائري قال في ص 87 من زهر الربيع: (وروي أن الطلاق في الجاهلية كان إلى النساء وكان طلاقهن للرجال أن يغيرن أبواب البيوت من المشرق إلى المغرب) ثم أورد حكاية لكيفية إجراء الطلاق، وجاء في مادة (ج د د) من المصباح المنير (والاسم منه الجد بالكسر أيضاً، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: ثلاث جدهن جد وهزلهن جد، لأن الرجل كان في الجاهلية يطلق أو يعتق أو ينكح ثم يقول: كنت لاعباً ويرجع. فأنزل الله تعالى قوله: ولا تتخذوا آيات الله هزوا، وقال النبي - ص - ثلاث جدهن جد، إبطالا لأمر الجاهلية وتقريراً للأحكام الشرعية) وقال الطريحي النجفي في مادة (هزأ) لتفسير الآية المذكورة: (قيل كان الرجل في الجاهلية يطلق أو يعتق أو ينكح ثم يقول: كنت لاعباً. فانزل الله تعالى: لا تتخذوا آيات الله هزواً) وكلامه مقتبس من المصباح على ما ظهر لنا. وقال أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي (قيل كان طلاق الجاهلية أن يسل الرجل ثوبه (وفي نسخة: ثيابه) عن امرأته) تفسيراً لقول امرئ القيس (وسلي ثيابي من ثيابك تنسل) وفي ص 317، 318 من كشف الطرة

عن الغرة عن أبي عبيدة أن عمرو بن عدس بن زيد التميمي كانت تحته دختنوس بنت لقيط بن زرارة - وكان ذا مال كثير إلا أنه كبير السن فقلته فلم تزل تسأله الطلاق حتى فعل) فهذا الخبر يؤيد أن الطلاق كان إلى الرجل في الجاهلية والأمر بقي معي علينا وليس عندنا (بلوغ الأرب في أحوال العرب) فنبلغ أربنا منه على ما يدل عليه اسمه. انصر أخاك ظالماً أو مظلوما وقال فيها (أما علاقة أبناء الأسرة بأبناء القبيلة فجماعها مدلول هذه الحكمة الجاهلية (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) على ما بين أبناء العم من تنافس وتباغض) قلنا: ذكر هذا الرأي أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري في (ص 15) من جمهور الأمثال. ثم قال (وقد روي هذا الكلام عن النبي - ص - فان كان صحيحاً إسناده فمعناه: انصر أخاك مظلوماً وكفه عن ظلمه إن كان ظالماً فقد نصرته إذا خلصته من الإثم لأن النبي - ص - لا يأمر الظالم. . .) ورأينا هذا القول وهذا الرأي في تاريخ المرحوم الشيخ محمد الخضري كما في (1: 13) من الطبعة الثانية وتاريخه ليس بثبت ولا معتمد لأنه - عفا الله عنه - أهمل المصادر التي يجب ذكرها على المؤرخين فاسقط كتابه وطرق عليه الطاعنين وفاز جورجي زيدان بالمرجعية والشهرة، وقد خلط الرواة بين

حديث القدماء والحديث النبوي فعسر التميز، ثم أن تفسير أبي الهلال لو كان مرجعاً لكان المألوف يقضي أن يقال: (ظالماً ومظلوماً) بالواو ولا محل للإباحة فيكون على غرار قوله تعالى (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم) فنحن نرى أن المراد ب (ظالماً) ظالم لنفسه وقد قال تعالى (وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) فهم الظالمون لأنفسهم والمراد بالمظلوم معروف فاللازم نصره أن لم يكن مظلوماً فهو ظالم لنفسه محتاج إلى النصر من هذه الجهة، فهذا القول إسلامياً اكثر منه جاهلياً، والمراد بالنفس ههنا الأجساد لأن النفس إمارة بالسوء. العجعجة والكشكشة والغمغمة وذكر في ص 13 بعض لغات العرب فقال (كجعجعة قضاعة. . . وكشكشة أسد) وعلق به: (العجعجة: قلب الياء جيماً بعد العين وبعد الياء المشدودة فيقولون في الراعي: راعج: وفي كرسي: كرسج). والكشكشة، جعل الكاف شيئاً في خطاب المؤنث). - قلنا: ليست ياء الراعي مشدودة فيصح التمثيل بها، ثم أنه ذكر في حاشية (ص 16) عن العقد الفريد (إن معاوية قال يوماً لجلسائه: أي الناس افصح؟ فقال رجل من السماط يا أمير المؤمنين: قوم قد ارتفعوا عن رتة العراق وتياسروا عن كشكشة بكر وتيامنوا عن فشفشة تغلب، ليس منهم غمغمة قضاعة. . .) فحصل بين نقلي الأستاذ الزيات تعارض لأن العجعجة كانت لقضاعة فصارت لهم الغمغمة، وكانت الكشكشة لأسد فنسبت هنا إلى بكر، وهذه النادرة ربما نقلها ابن عبد ربه عن كامل المبرد (راجع 8: 50 من لغة العرب) وتكلمنا على الطمطمانية والغمغمه (راجع 7: 577) وق اختلف في تخصيص هذه اللغات بأصحابها ففي (1: 133) من المزهر ما نصه: (ومن ذلك العجعجة في لغة قضاعة يجعلون الباء المشددة جيماً بقولون في تميمي: تميمج) وفي ص 134 منه (وإبدال الياء جيماً في الإضافة نحو غلامج. وفي النسب نحو بصرج وكوفج) مما يدل على النقل العمومي والقمشي، فيجب موافقة قول الزيات المذكور في العجعجة لهذين القولين المنقولين عن المزهر أو حصوله على نص في العجعجة بأنها قلب كل ياء متطرفة جيماً ليصح

قوله السابق المنتقد. اتصال العرب بالتجارة والدين وقال في ص 13 (فان الهرب كانوا أميين لا تربطهم تجارة ولا إمارة ولا دين) مع انه كان قد قال في ص 8 (وهذه الوثنية كانت دين الكثرة من العرب) فلا تتأتى الكثرة الدينية إلا من شدة اتصالهم بعضهم ببعض، ثم قال عن الشعب العدناني والقحطاني في ص 14 (فكان أذن بين الشعبين اتصال سياسي وتجاري يقرب بين اللغتين الألفاظ ويجانس بين اللهجتين في المنطق) فاثبت الاتصال الاماري والتجاري إذن لم يبق على شيء، مما اعتمده أولا، والرأي الأخير هو الصواب لأنه حالهم في اغلب عصورهم، وقصدهم إلى البيت الحرام في الجاهلية دليل ناطق على اتحادهم في الدين وقد أشار الله تعالى إلى صلاتهم فقال: (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون) وقال هو في ص 15 (إلا عكاظ فأنهم كانوا يتوافون إليها من كل فج لأنها متوجههم إلى الحج ولأنها تقام في الأشهر الحرم) وأما التجارة فلا تحتاج إلى برهان. المعاهدات واللهو في أسواق العرب وقال في ص 14 عن الأسواق (وكان العرب يقيمونها في أشهر السنة للبياعات والتسوق) قلنا: وللمعاهدات واللهو والسرف والترف ألا ترى الحارث ابن حلزة يقول: واذكروا حلف ذي المجاز وما ق ... دم فيه العهود والكفلاء واعلوا أننا وإياكم في ... ما اشترطنا يوم اختلفنا سواء وقال الواقدي في أخبار نفير قريش (وقال أبو جهل: والله لا نرجع حتى نرد بدراً - وكانت بدر موسماً من مواسم العرب في الجاهلية يجتمعون بها وفيها سوق - تسمع بنا العرب وبمسيرنا فنقيم على بدر ثلاثاً ننحر الجزر ونطعم الطعام ونشرب الخمر وتعزف علينا القيان فلن تزال العرب تهابنا أبداً) وقال الواقدي (فلما أفلت أبو سفيان بالعير ورأى أن قد أحرزها وأمن عليها أرسل إلى قريش بن امرئ القيس وكان مع أصحاب العير خرج معهم من مكة

فأرسله أبو سفيان يأمرهم بالرجوع ويقول: قد نجت عيركم وأموالكم فلا تحرزوا أنفسكم أهل يثرب فلا حاجة لكم فيما وراء ذلك، إنما خرجتم لتمنعوا عيركم وأموالكم وقد نجاها الله. فان أبوا عليك فلا يأبون خصلة واحدة: يردون القيان، فعالج قيس ابن امرئ القيس قريشاً فأبت الرجوع، قالوا: أما القيان فسنردهن - فردوهن من الجحفة -). قال ابن أبي الحديد: (لا اعلم مراد أبي سفيان وهو الذي أخرجهن مع الجيش يوم أحد؛ يحرضن قريشاً على أدراك الثار، ويغنين ويضربن الدفوف، فكيف نهى عن ذلك في بدر وفعله في أحد؟) أقول: لا يخفى السبب على ذي بصيرة مثل ابن أبي الحديد، فان القيان إذا رجعن إلى مكة، لم يبق لا غلبهم رغبة في المكوث ببدر، لأنهم لهاؤون قصافون، فتكون نهاية أمرهم العودة، وقال الواقدي في المطعمين في بدر من المشركين: (المتفق عليه ولا خلاف بينهم فيه تسعة فمن بني عبد مناف (الحرث بن عامر نوفل بن عبد مناف) و (عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس) ومن بني أسد بن عبد العزى (زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد) و (نوفل بن خويلد المعروف بابن العدوية) ومن بني جمح (أمية بن خلف) ومن بني سهم (نبيه ومنبه ابنا الحجاج) فهؤلاء تسعة) وروى محمد بن اسحق أن العباس بن عبد المطلب كان من المطعمين في بدر وكذلك طعيمة بن عدي بن نوفل كان يتعقب هو وحكيم والحارث بن عامر بن نوفل وكان أبو البختري يتعقب هو وحكيم بن حزام في الإطعام وكان النضر بن الحارث بن كلدة ابن علقمة بن عبد مناف بن عبد الدار من المطعمين فهذه الأنباء كافية للدلالة على ما قدمنا من دعوى أن العرب كان تعاهد وتكافل وتلهو وتقصف في مواسمها وأسواقها. لغة قريش وباقي اللغات وقال في ص 14 عن العدنانيين (ففرضوا لغتهم وأدبهم على حمير الذليلة

المغلوبة ثم جاء الإسلام فساعد العوامل المتقدمة (وقد قدم العوامل) على محو اللهجات الجنوبية وذهاب القومية اليمانية فاندثرت لغة حمير وآدابهم وأخبارهم حتى اليوم) ثم قال في ص 81 (لم يكن امتزاج اللغات ولا اتحاد اللهجات تاماً من كل وجه عند انبثاق نور الإسلام. وإنما بقي على نواحي الألسنة لحون مختلفة كالفتح والإمالة. .) قلنا: وكذلك لغة حمير فأنها لبعدها من لغة العدنانيين كانت أطول احتضاراً وأبطأ انقراضاً فلا يقال أنها وآدابها اندثرت، وكيف تنسى طمطمانية حمير ووتم اليمن وشنشنتهم ولخلخانية الشحر وعمان وغيرها، وكتب اللغة كثيراً ما احتوت على ألفاظ يمانية، وإنما ذكرنا غير لغة حمير لتأييد بقاء اللغة الضعيفة لسبب من الأسباب الحيوية؛ ومن راجع كتاب الإكليل للهمداني - وقد اطلعنا على قسم منه - علم كثرة الألفاظ اليمنية في العصور الإسلامية لأن اصطلاحات البناء والري والصنائع والفنون لا يمكن الاستغناء عنها بتة. (السدى) بالفتح لضد اللحمة وقال في ص 18 (الخطابة كالسعر لحملتها الخيال وسداها البلاغة) بضم السين من (سدى) والصواب فتحة، قال في مختار الصحاح (السدى بفتح السين ضد اللحمة. . . والسدى بالضم: المهمل) وفي المصباح (السدى وزان الحصى من الثوب خلاف اللحمة وهو ما يمد طولا في النسج) وهذه رأيناها في الطبعة الثانية كما في ص 9 منها فلم تصحح في هذه الطبعة يا أسفا كنا اصلح غيرها من مضبوطات القلم. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة حكومة الأدارسة في عسير أسست سنة 1327هـ - 1909 م أسس هذه الحكومة السيد محمد بن علي بن محمد ابن شيخ الطريقة الشهير، السيد احمد بن إدريس. وكان تأسيسها في حين ثورته على الترك العثمانيين في سنة 1327هـ؛ ولم يدع بالحكم قبله أحد من آبائه ولا من أجداده في عسير. ونعد وفاته تولى الحكم ابنه السيد علي المقيم الآن بمكة. ثم ثارت عليه البلاد فاخرج من عسير إلى عدن، فتولى قيادة الإمارة بعده عمه السيد حسن، شقيق السيد محمد المؤسس للحكومة. ومن طالع كتب الأخبار والتواريخ مثل رحلة الشريف الحسين بن علي إلى بلاد عسير، تأليف الشريف شرف. وتاريخ اليمن للواسعي. وتاريخ سيناء وبلاد العرب لنعوم بك شقير، يظهر صحة ما قلناه. وما جاء في ص 238 من الجزء الثالث من لغة العرب في سنتها التاسعة، نقلا عن (رائد العلم المسيحي) يعد من خطأ بعض الكتبة الإفرنج في تاريخ البلاد العربية. وقد ترجم السيد محمد بن علي الإدريسي صاحب حكومة صبيا وما جاورها من بلاد عسير، المؤرخ نعوم بك شقير في كتابه (تاريخ سيناء وبلاد العرب) في ص 665 و666. وذكر الأب لويس شيخو عسير والادرسي في المشرق 18: 425 إلى 429. فلخص كلامه على عسير معتمداً على معلمة الإسلام في مادة عسير وترجم الادريسي نقلا عن نعوم بك شقير وعن معلمة الإسلام في رسم (الادريسي) (2: 479 من الترجمة الفرنسية) ومن عدة مواطن أخر. ومما يجب التمسك به أن (عسير) لا تدخلها أداة التعريف. ومن حلاها

بها فقد شط عن والصواب. جدة (الحجاز) في 29 ذي القعدة 1349 الموافق افريل 1931. محمد نصيف (ل. ع) نشكر للشيخ الجليل محمد نصيف تحقيقه هذا. ونحن لا نشك في غزارة المعروف بها. وإفادته من اثمن الإفادات ويجب على كل أديب أن يأخذ بها أتباعاً للحق الذي لا ريب فيه. كتاب النبي العربي إلى النجاشي ملك الحبشة أوفدت مجلو (الالستراسيون) الفرنسية المعروفة مندوبها الكونت دي سيانلي دي سيران إلى بعض أنحاء الشرق، ومنها بلاد الحبشة بوجه خاص ليجمع لها المعلومات والمستندات والرسوم والوثائق الهامة المتعلقة بتاريخ الحبشة القديم، والحديث لتنشره في عدد خاص ممتاز. واتصل بالمندوب. - وهو اليوم نزيل بيروت - أن الأمير سليم نجل السلطان عبد الحميد، يملك الرسالة التي وجهها النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى نجاشي الحبشة مكتوبة على رق غزال، فاهتم كل الاهتمام بان يراها ويقتنيها إذا قدر له. فتوجه إلى جونية يقطن الأمير. فاطلعه هذا على الرسالة وقد حفظها في محافظ من الحرير الأخضر المذهب، واعلمه أن إحدى المؤسسات في مصر قد فاوضته على أن يبيعها إياها بمائتي ألف جنيه فأبى إجابة الطلب. فقال مندوب الالستراسيون أن إدارة مجلته تدفع مليونين ونصف مليون فرنك ثمناً للرسالة على أن تحافظ عليها إذا اقتنتها حفظها للمقدسات، فرفض الأمير ذلك. وفيما يلي صورة الرسالة: السنة السابعة للهجرة. بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة. أما بعد فإنني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن واشهد أن عيسى بن مريم من روح الله وكلمته ألقاها إلى البتول الطاهرة

المطهرة الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته فان تابعتني وتؤمن بالذي جاءني فأني رسول الله وأني أدعوك وجنودك إلى الله تعالى، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي. وقد بعثت إليك ابن عمي جعفراً ومعه نفر من المسلمين. والسلام على من اتبع الهدى. وقد قابل هذه النسخة حضرت الأستاذ مصطفى أفندي جواد على نسخة الطبري (طبعة الإفرنج) فإذا نصها كما يأتي: السنة السادسة (الطبري ج1 ص 1560 والكتاب في ص 1569). بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي الاصحم ملك الحبشة: سلم أنت فأني احمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن واشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه الله من روحه ونفخة كما خلق آدم بيده ونفخه وأني أيدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وان تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فأني رسول الله، وقد بعثت ابن عمي جعفراً ونفراً معه من المسلمين، فإذا جاءك فاقرهم ودع التجبر، فأني أدعوك وجنودك إلى الله، فقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصحي، والسلام على من اتبع الهدى. مصطفى جواد سلوقية هي رومية المدائن جاء في 9 ص 260 من لغة العرب كلام على سلوقية، وهي عندنا، رومية المدائن التي قتل فيها أبو مسلم عبد الرحمن أو عثمان الخراساني. قال ابن خلكان (وهي بليدة بالقرب من الانبار، على دجلة، بالجانب الغربي ممدودة من مدائن كسرى، تحت بغداد بينهما سبعة فراسخ، بناها الاسكندر ذو القرنين على صورة إنطاكية لما أقام بالمدائن وكان قد طاف الأرض شرقاً وغرباً لما اخبر البارئ تعالى في القرآن الكريم ولم يختر منها منزلا إلا المدائن فنزلها، وبنى رومية المذكورة إذ ذاك). وقال ابن الجوزي: (ولما كانت المدائن قريبة من بغداد، بينهما

بعض يوم، وكانت كالمتصلة بها، حسن أن يذكرها، وإنما سميت المدائن، لكثرة ما بني فيها من الأماكن، في أيام الملوك والأكاسرة، واثروا فيها الآثار. وهي مدينتان شرقية وتسمى العتيقة، وفيها القصر الأبيض الذي لا يدرى من بناه. . . ومدينة غربية تسمى بهرسير ويقال: إن الاسكندر الذي يقال له ذو القرنين المذكور في الكتاب العزيز بناها. . . وبنى بها مدينة عظيمة وجعل لها سوراً أثره باق إلى الآن (وإلى الآن) وبنى المدينة التي تسمى (الرومية) في جانب دجلة الشرقي (كذا) فأقام بها إلى أن مات بها وحمل إلى أمه بالإسكندرية) قلنا: إن قوله (جانب دجلة الشرقي) غلظ إما منه وأما من الناسخ لأنها في الجانب الغربي من دجلة على الحقيقة، وعلى ما ذكر ابن خلكان، وفي القاموس (رومية بلد بالمدائن خرب). مصطفى جواد (لغة العرب) نحن لا نوافق حضرة الأستاذ على رأيه، لأن المدائن كانت سبع مدن. قال حمزة: (اسم المدائن بالفارسية توسوفون، وعربوه على الطيسفون والطيسفونج. وإنما سمتها العرب المدائن، لأنها سبع مدائن، بين كل مدينة إلى أخرى، مسافة قريبة أو بعيدة، وآثارها وأسماؤها باقية، وهي: اسافابور، ووه اردشير، وهنبوشافور، ودرزنيدان، ووه جنديوخسره، ونونيفاذ، وكردافاذ، فعرب اسفابورعلى اسفاندر، وعرب وه اردشير على بهرسير، وعرب هنبوشافور على جنديسابور، وعرب درزنيدان علىدرزيجان، وعرب وه جندخسره على رومية، وعرب السادس والسابع على اللفظ). (عن ياقوت في المدائن). والذي ذكره ج. ب. شابو في (مجموعة المجاميع النسطورية) ص 682 أن سلوقية مدينة دار إمارة الساسانيين على بعد نحو 30 كيلو متراً تحت بغداد على ضفة دجلة اليمنى بازاء طيسفون التي كانت على عدوته اليسرى وتعرف المدينة أيضاً باسم المجوزة أو المدائن. ومن أسماءها الرسمية (وه اردشير) وكثيراً ما تذكر مع طيسفون. وقد اشتهرت كنيسة (كوخى) في سلوقية وكانت بيعة البطريرك) (أو الجاثليق). أهـ. وأما رومية المدائن فقد قال عنها في ص 676: (محوزا حدثاً، وبالعربية المحوزة الجديد هي نيابلس ومن المألوف أن هذا الاسم يدل على المدينة التي شادها كسرى

انو شروان على مثال إنطاكية وسماها العرب الرومية (راجع كتاب هوفمان الرقم 834). أهـ كلام الأبيل شابو. قلنا: فيؤخذ من هذا أن رومية المدائن أو محوزة الجديدة أو الحديثة (وهذا معنى نابلس اليونانية) وإنطاكية المدائن والرومية شيء واحد. وسلوقية هي المدينة التي كانت بازاء طيسفون المعروفة في يومنا هذا باسم سلمان باك أي سلمان الطاهر وهو سلمان الفارسي المدفون فيها. النصيرية والقزلباشية جاء في 9: 267 من لغة العرب (ولم يكونوا بدرجة النصيرية، ويعرفون عندنا بعلي اللهية) وعلق به ما صورته: (الذي عندنا أن العلي اللاهية غير النصيرية إنما هم القزلباشية) قلنا: والذي عندنا أن القزلباشية كانوا من السنية، ولكون هذه البدعة ابتدعت في إيران، سمى الترك الإيرانيين (قزلباش) وسموا بلاد إيران بلاد القزل باش. وخلاصة أمرهم أن الشيخ صفي الدين ابن اسحق الاردبيلي، جد شاه إسماعيل ابن الشيخ حيدر (وإليه تنسب الأولاد. فيقال لهم: صفوية) كان صاحب زاوية في أردبيل، وله سلسلة في المشايخ، واخذ عن الشيخ زاهد الجيلاني، وتنتهي إجازته بوسائط إلى احمد الغزالي وهو سني مشهور، وتوفي الشيخ صفي الدين في سنة (735) هـ، وهو أول من ظهر من هذه الأسرة بطريق المشيخة والتصوف، وأول من اختار السكنى في أردبيل. وجلس بعد موته في مكانه أبنه الشيخ صدر الدين موسى، وكانت السلاطين تعتقد فيه الولوية. وتزوره، وممن زاره: (تمور الأعرج) وذلك لما عاد من الروم أي آسية الصغرى، وطلب إليه أن يسأله ما يريد من الحاجات فقال: (واطلب منك أن تطلق كل من أخذته من بلاد الروم سركنا) فأجابه إلى سؤاله وطلق السركن جميعهم، فصار أهل الروم يعتقدون الشيخ صدر الدين وجميع الاردبيليين من ذريته.

وحج ابنه بالسلطان خواجا علي بن موسى، وزار النبي - ص - وتوجه إلى بيت المقدس للزيارة، فتوفي هناك، وقبره معروف في القرن العاشر الهجري، وكانت ممن يعتقد فيه الصلاح ميرزا (شاه رخ بن تيمور الأعرج). فلما جلس الشيخ (جنيد بن خواجا بن علي) في الزاوية باردبيل كثر مريدوه واتباعه فخشيه صاحب آذربيجان السلطان (جهان شاه قرا يوسف) التركماني من طائفة (قراقوينلو) أي الخروف الأسود فأخرجهم من اردبيل فتوجه الشيخ جنيد مع بعض مريديه إلى ديار بكر وتفرق عنه الباقون، فالتجأ إلى طائفة (آق قوينلو) أي الخروف الأبيض فصاهره (أوزن حسن بك) وزوجه بنته (خديجه بينكم) فولدت له الشيخ (حيدراً) ولما استولى أوزن حسن على البلاد وطرد عنها ملوك (قراقوينلو) وأضعفهم عاد الشيخ جنيد مع ابنه الشيخ حيدر إلى اردبيل وكثر مريدوه واتباعه وتقوى باوزن حسن بك لأنه صهره فلما توفي حسن المذكور ولي موضعه السلطان خليل ستة اشهر، ثم ابنه الثاني السلطان يعقوب فزوج بنته (حليمة بيكم) فولدت له شاه إسماعيل في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من رجب سنة اثنتين وتشعين وثمانمائة. وكان الشيخ جنيد جمع طائفة من مريديه وقصد قتال كرجستان ليكون من المجاهدين في سبيل الله فتوهم منه شراً سلطان (سرنيوان) فخرج إلى قتاله فانكسر الشيخ جنيد وقتل وتفرق مريدوه، ثم اجتمعوا بعد مدة على الشيخ حيدر المذكور وحسنوا له الجهاد والغزو في حدود كرجستان وجعلوا لهم رماحاً من عيدان الشجر وركبوا في كل عود سناناً من حديد وتسلحوا بذلك وألبسهم الشيخ حيدر تيجاناً حمراً من الجوخ فسماهم الناس (قزلباش). وهو أول من البس اتباعه التيجان الحمر، فاجتمع إليه خلق كثير فأرسل (شروان شاه) إلى السلطان يعقوب بن أوزن حسن يخوفه خروج حيدر على هذه الضفة فأرسل أميراً من اسمه (سلمان) بأربعة آلاف نفر من العسكر وأمر أن يمنعهم من هذه الجمعية فما أطاعه حيدر فاتفق يعقوب مع شروان شاه وقاتلا

الشيخ حيدراً فقتلاه واسر ابنه شاه إسمعيل وهو طفل وأسر معه أخوته وجماعة وجاء بهم سليمان بك إلى السلطان يعقوب فأرسل بهم إلى قاسم بك الغرناك حاكم شيراز إذ ذاك وأمره أن يحبسهم في قلعة اصطخر واستمروا في الحبس إلى أن توفي السلطان يعقوب في سنة (876) هـ. وكان الشاه إسمعيل في (لاهجان) في بيت صائغ يقال له: (نجم زركر) وبلاد لاهجان فيها كثير من الفرق، كالرافضة والحرورية والزيدية وغيرهن، فتعلم منهم شاه إسمعيل في صغره مذهب الرفض فأن آباءه كان شعارهم مذهب السنة ولم يظهر الرفض غيره. فالقزلباشية كانوا من السنة لا من الرافضة، وبقي على إخلافهم هذا الاسم كما قدمنا. قال مؤلف كتاب الأعلام بأعلام بيت الله الحرام قطب الدين الحنفي في (ص 5 من الكتاب): (الباب السابع في ذكر ملوك آل عثمان. . . وذكر نبذة من أخبار شاه إسمعيل القزلباش). وقال في (ص 129) عن السلطان سليم الأول (فأنه كان قد اصرف في هذين السفرين وهما السفر إلى بلاد قزلباش والسفر إلى إقليم مصر). وقال في (ص 130): فلما أراد سفراً ثالثاً لقطع جادرة طائفة القزلباش، وكررها في ص 145 وص 148 وكثير من الناس يبتلون بألقاب آبائهم بحكم العرف والشيوع. وحدثني جماعة من ارناووط نواحي اشقودرة بشمال بلاد اليونان أن القزلباشية على كثرة في جبل (درسم) وقد تبلغ عدتهم مليوناً، وذكروا أنهم على أحوال مختلفة، فمنهم من يقوم بالعبادات الإسلامية ومنهم من يغفلها جملة وأنهم لا يزاوجون غيرهم من الفرق. وإذا طلب إليهم مخالفهم حاجة عبثوا بها قبل إعطائهم إياها، فالمستسقي مثلا يبصقون في مائه، وكانوا من المستعصين على الدولة التركية العثمانية لا يرضخون لها ضربية ولا يطيعون لها أمراً. ومن مواطن القزلباسية (تيسين) قرب كركوك وطاووق (دقوقا) ومندلي ويسمون (قلم حاجية) وقراتبة، وقد سألت أحدهم عن عقيدته في الإمام علي بن أبي طالب فقال (معناه: (إنه رازق خالق ينوب عن الله كل أعماله) وسبب إطالة شواربهم - على زعمهم - أن الإمام علياً لما غسل جسد

الرسول - ص - بقي في سرته نطفة، فعبها بقمه، وتعلقت قطرات بشعرات شاربه الدنيا، فهي مقدسة، يحرم أخذها، مع أن رسولي (بأذان) والي اليمن لكسرى في عهد النبوة لما دخلا على الرسول - ص - وقد حلقا لحاهما، وأعفبا شواربهما، كره النظر إليهما، ثم اقبل عليهما فقال: (ويلكما من أمركما بهذا) قالا: (أمرنا بهذا ربنا) يعنيان كسرى. فقال رسول الله: (لكن ربي قد أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي). وتوفي أحدهم في دلتاوة، وكنت قد قلت له في وقت مرضه: (من ربك؟) فتمنع علي أولا، ثم قال بعد الحاحي عليه: (أما تعرفه؟ أنه موسى ابن جعفر). ويشاع عن هؤلاء أنهم لا يغتسلون أبداً لأن نظرهم إلى الماء عندهم جازئ عن تطهرهم بصبه على أجسامهم، ونرى أن اكثر هؤلاء من التركمان الشيعة الذين كثروا في زمان الإمام الناصر لدين الله أبي العباس احمد بن المستضيء (575 - 622) لأنه كان شيعياً محضاً. وتشيع في زمانه اكثر الأمراء والجند وغالب الجند إذ ذاك من الأتراك والأكراد. والناس - كما قيل - (على دين ملوكهم). ألا ترى أن صاحب المخزن (أي وزارة المالية) في خلافة الناصر لدين الله لما اعسف رجلا من أهل بعقوبا بعلة الخراج اخذ ذاك يسبه فسمع بخبره صاحب المخزن وأمر بإحضاره وقال له: لم تسبني؟ فقال له: أنتم تسبون أبا بكر وعمر لأخذهما فدك من فاطمة عليها السلام، وهي عشر نخلات، وأنتم تأخذون مني ألف نخلة، ولا أسبكم فعفا عنه فانظر إلى تشيع الأمراء إذ ذاك فلولا أن حقيقة لأنكر عليه قوله وعزره، ولكن هو ما قلت لك. أما النصيرية فهم شيعة محمد بن نصير النميري والحسين بن حمدان الحضيني الجنبلاني أبي عبد الله وقال في الثاني الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي الشيعي الإمامي الاثني عشري في (ص 102) من كتابه (كشف المقال في معرفة الرجال): (كان فاسد المذهب كذاباً صاحب مقالة ملعونة لا يلتفت إليه)

وقال محمد الباقر بن محمد تقي المجلسي المتوفى سنة (1111) هـ في كتابه (الرجال) وهو الرسالة الوجيزة: (وابن حمدان الحضيني ضعيف) أي ضعيف الإسناد. وابن مطهر الحلي أدرى من المجلسي في التوثيق والتجريح، وكان الحسين بن حمدان بث دعوته في جهات بغداد والبصرة فصادف عثرات جمة، واضطهده الحكام حتى اضطر إلى الفرار إلى سورية، فقدم دمشق واستأنف التبشير بمذهبه، فلم يوافق روح القوة الحاكمة هنالك، فالقوه في غيابة السجن وبقي مدة طويلة ثم تمكن من أغراء السجان بعقيدته فاستماله إلى مذهبه وفرا كلاهما إلى حلب. وكان ملكها سيف الدولة بن حمدان فلم يمهله إلاَّ قليلا حتى قبض عليه وسجنه، ثم عفا عنه واختصه لنفسه فألف له كتاب (الهداية) ومن مذهبه واوابده جواز ترك الحجوعدم جواز الصلاة إلاَّ وراء أحد من أبناء علي، واحدث تعاليم سرية يلقنها شيعته، ولا يباحون ذكرها لأحد غيرهم، وحرم اطلاع النساء على شيء من أوامر الدين ونواهيه. توفي هذا الرجل في حلب بعد أن انتشر مذهبه انتشاراً هائلا خصوصاً في جبال حماة واللاذقية المسماة بجبال الكليبة وجبل العلويين وكان له اتباع في دمشق والشام ومدينة حماة وحلب والعراق، ولم يمت إلاَّ بعد أن قال بمقالته من يزيد عددهم على (300) ألف إنسان. ولم تمت دعوته. بل بقيت إلى يومنا هذا. والمعتقدون لمذهبه الآن في سورية وكبلكية زهاء نصف مليون نسمة وأما العلي اللهية فهم القلم حاجية والكاكائية، قال لي أحد المشتغلين بينهم في (طوز خورماتو): إنهم يرسلون شعورهم فلا يحلقونها ولا يقصرونها، وإذا ضنت عليهم السماء خرجوا للاستسقاء جميعاً بصرنايهم وطبولهم إلى الجبل وهناك

كلمات كردية فارسية الأصل

يتضرعون، ويصلون مصطفين عاضين على حبل رافعين إحدى أرجلهم ويستحلون الخمر ويشربونها غالباً قبل شروق الشمس وقبل غروبها، ولا يأكلون في يوم عاشوراء اللحم على أنهم يتعاطون الخمر. مصطفى جواد كلمات كردية فارسية الأصل مقالة نفيسة بعنوان (الكلمات الكردية في العربية الموصلية) أدرجت في لغة العرب (3: 482 - 485) اطلعت عليها فرأيت في كلماتها الكردية ما هي فارسية وأخذها الأكراد عن نفوس وهاهي ذي تلك الألفاظ: آري (بمعنى نعم). برو (بمعنى اذهب) به هردو (على الاثنين) بير (بمعنى الشيخ والكبير والهرم) جانم (بمعنى روحي) خدا (بمعنى الله) ومنه الكلمة الإنكليزية بمعناه جال (بمعنى الحفيرة) جراغ (السراج) دار (العود) درمان (الدواء). دشت (الصحراء) دوست (الحبيب والصديق) راحتي (الراحة) سر (الرأس) ومنه الإنكليزية بمعنى رأس القوم والسيد، كلاه (نوع من ملابيس الرأس الفارسية) ومنه (كلاو) المستعمل في العربية العامية في العراق، كرم (الحار) نان (الخبز)، نرم (اللين الناعم)، هم (أيضاً)؛ هذه هي الألفاظ التي أخذها الكرد عن الفرس بدون أن يغيروها وهناك ألفاظ كردية آخر ذكرت في المقال المذكور وهي من اصل فارسي ودونكها: نزانم وفي الفارسية ندانم أي لا اعلم والمصدر دانستن. كيخوه من كدخدا الفارسية بمعنى رئيس القرية أو الرئيس مطلقاً. كشتار: من كشتن الفارسية بمعنى القتل، وعبارة فعلت بهردو أظنها: نعلت بهردو. ونعلت مأخوذة من اللغة العربية، وعبارة (حقيمن بدا حقيتو سهله) إذا ترجمت إلى الفارسية تكون: حق من بده حق تو سهله؛ فألفاظ العبارة الكردية مأخوذة من الفارسية إلا أن (حق) أخذه الفرس عن العرب. سبزوار (بلاد إيران): محمد مهدي العلوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة السرقات الأدبية بغداد. ت. م. م. قرأت في المشرق 29: 333 مقالة عنوانها: (طريقة في العلم معيبة) حمل فيها النفاخ المشهور، حملة شعواء عليكم، وقسمها ثلاثة أقسام: ذكر في القسم الأول منها تمهيداً لما يريد أن ينفث فيه سم غيظه وعجزه. وفي الثاني، بعض مقالكم في ترجمات التوراة. وفي الثالث نقل آيات قرآنية ظنها من الكلام المخطوء فيه. والذي حققناه فيه. ولا نزال نتثبت فيه عبارات المتبجج مكسرة مهشمة لا يستقيم لها وجه. ولا يكاد القارئ يفهم منها مراده إلا بعد لأي. ثم بدا لنا أن القسم الذي حمل فيه على الآيات القرآنية مستل من كتاب الهداية الذي نشره البروتستان الأميركيون في مصر، وذلك في الجزء 4: 36 إلى 38. وفي ص 107 و108. فكيف جاز له أن ينسب السرقة إلى غيره ويتبرأ من كل عيب، في الوقت الذي يرى القارئ كلامكم تعريباً واضحاً. ويرى نقله مسخاً لكلام الغير. أفيجوز أن ينسب النزاهة إلى نفسه وينسب إلى من سواه جميع معايبه؟. ج. ما يكتبه المتبجح وينقله عمن تقدمه، يعده صاحبه (من توارد الخواطر، كوقوع الحافر على الحافر). وما بأتي به غيره اجتهاداً ومعالجة وتدبيراً وتعريباً يعده في نظره (طرقة في العلم معينة). وقد كتبنا في ص 420 من هذا الجزء أننا عدلنا عن مجاوبة هذا المغرور بنفسه الذي يجهل أوائل أصول البحث وآداب الجدل، ومع كل ادعائه الفارغ لم يتمكن إلى الآن من تعبير ما في فكرة بعبارة عربية سليمة صحيحة فصيحة صريحة. ولهذا نوصد كل باب في وجه هذا العود ريثما يلقح، ولا نقبل سؤالا من أي كان، وليهنأ بعد ذلك: يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 65 - نوابغ السريان في اللغة العربية الفصحى هي مقالة للسيد سويريوس افرام مطران سورية ولبنان على السريان. كانت نشرتها مجلة الكلية في آذار سنة 1931 ثم نشرت على حدة. وقد اظهر سيادة منشئها من عجيب الاطلاع على تراجم النصارى الأقدمين ما لا نظير له. فقد رأيناه ذكر كثيرين لم ينوه بهم الأب المرحوم لويس شيخو في التأليف التي وقفها على هذا الموضوع. فنشكر سيادته على تحفته هذه وعسى أن يتابع مباحثه الجليلة القدر. 66 - أورشليم (هدية) مباحث خطط وعريقيات وتاريخ (بالفرنسية)، في ثلاثة مجلدات بقطع الثمن الكبير. أهدى إلينا حضرة صديقنا الوفي الورتبيد صائغيان هذا الكتاب النفيس، بالأول من وضع الأب هوغ فبسان الدمنكي وهو في أورشليم القديمة. والثاني والثالث للأبوين الدمنكيين هوغ فنسان وف. م. آبيل وهما في القدس الشريف. وقد جاء في هذه المجلدات احسن تحقيق في مواطن أورشيلم (القدس) التاريخية منذ اقدم الأزمنة إلى عهدنا هذا. وكذلك الآثار الباقية منها والأخبار المدونة. وقد نزعت تلك الأنباء من مؤلفات عديدة من قديمة وحديثة من مطبوعة وخطية، حتى اصبح هذا السفر الجليل أوثق سند يعتمد عليه؛ ولنفاسته شارك في نشره محفى الرقم والآداب الفتانة في باريس. وأما الصور والخرائط فقد جاءت بأحسن هيئة ممكنة. فنشكر سيادة الورتبيد على تحفته هذه التي نقدرها بل هي من اجل ما جاد به علينا.

67 - كتاب الموسيقى العربية (هدية) وصلاتها بالموسيقى اليونانية والغناء الغريغوري وضعه في الفرنسية ف. سلفادور دانيال أكثر الإفرنج لا يستطيبون الموسيقى العربية. والعرب لا يلتذون بالغناء الإفرنجي، إلا أن المغني سلفادور دانيال اظهر أن في الإيقاع الشرقي ولا سيما العربي، من احسن الذوق، وأسرار الصناعة المطربة. ما لا مثيل له في الأنغام والحبرات الغربية. وقد نشره أولا في المجلة الأفريقية فاستحسنه كل عالم حاذق وألح عليه كثيرون أن يخرجه كتاباً قائماً بنفسه لحاجة الأدباء والمغنين إليه لمراجعة موضوعاته فجاء في 181 صفحة بقطع 12، ولولا كثرة ما عندنا من المقالات المتراكمة عندنا منذ أربع سنوات أو اكثر لنقلنا منه شيئاً غير يسير، ولعلنا نفعل ذلك إذا اتسع لنا المقام. 68 - كتاب علم قراءة اليد (هدية) لجامعه وناقله عن اللغات الأجنبية تجيب أفندي كتابه. لا يزال في بعض الناس عقول جامدة يعتقدون بعض الخرافات. وجامع هذا التصنيف أو ناقله من اللغات الغربية هو من هذا القبيل. إذ يظن أن في اليد علامات تدل على أخلاق الإنسان، فإذا كانت هذه الأمائر تصدق في أمور قليلة حقيرة فهي تكذب كل الكذب في الأمور الجليلة. فهذا التأليف يدفع القارئ إلى إضاعة وقته سدى فضلا عن إضاعة دراهمه. إذ يضعها في غبر موطنها. 69 - التقرير السنوي عن سير المعارف (في العراق) لسنة 1929 - 1930 أهدت إلينا وزارة المعارف تقريرها السنوي فوقع في 20 ص بقطع الربع وأنبأنا أن المدارس الابتدائية للبنين والأولية للبنين والبنات بلغ عددها 291 ولها 1196 معلماً وفيها 888ر30 تلميذا. وقد زاد الطلبة في اغلب الألوية إلا في لواء المنتفق ولواء البصرة نقص عددهم. وهذا مما يؤسف له.

ومما يفرح له كل عراقي صادق الوطنية أن مدارس الإناث زادت زيادة لا تنكر. فقد كانت سابقاً 39 مدرسة بين ابتدائية وأولية وعدد معلماتها 207 وتلميذاها 5036. أما اليوم فعدد تلك المدارس 44 ومعلماتها 237 وتلميذاتها 6003 فهذا يدل دلالة واضحة على تقدم ظاهر. وبلغ عدد المدارس الثانوية والمتوسطة 14 وفيها 1388 طالباً. أما في السنة التي قبلها فكانت 13 وهكذا التقرير تحسناً بيناً في المدارس والعلوم والرقي. على أننا نأخذ على هذا التقرير عدم الاعتناء بضبط الأعلام فأنه يقول مثلا: المنتفك وأربيل (ص 1) وتل بللي (بلامين) وخوساباد ونينوا وواركا، وتللو (بلامين) ص 20 والصواب: المنتفق. واربل، وتل بلي (بلام واحد مشددة) وخرستاباذ، (كما في ياقوت) ونينوى، والوركاء، وتلو (بلام واحدة مشددة) وان لم تكن وزارة المعارف في رأس حركة إصلاح اللغة والأعلام والعلم، فمن ذا الذي يكون؟ ويحسن بها أن لا تلتفت أبداً إلى ما يأتي في الصحف اليومية التي ليس لها وقت للتوفر على تحقيق الألفاظ. 70 - التحفة العامية في قصة فنيانوس تأليف شكري الخوري بالمطبعة الكاثوليكية في بيروت 1929 شكري الخوري هو مدير جريدة أبي الهول في سان باولو (البرازيل) وقد وضع هذه القصة بلغة سورية العامية فجاءت من ألذ ما يطلع في هذا المعنى. وعبارتها تتدفق سلاسة وعذوبة والقارئ يأتي من أولها إلى آخرها ولا يشعر بالوقت الذي يصرفه فيها. ومما زادها قيمة أنه الحق في آخرها (مفتاح المغلق) من الكلام وشرحه بالفرنسية وحصر كل قطعة من قطعها برقم، شرح فيها كل ما ورد من الكلام الذي لا يفهمه غير الشامي. فجاءت القصة مزدوجة الفائدة فعسى أن يتبعها بأمثالها. على أننا لم نر المؤلف بحث عن العلم (فنيانوس واصله، ونظن أن اصله

(ايفانيوس) فصحف بعد أن حذف منه (أبي) من أوله. 71 - رواية يا حسرتي عليك يا زعيتر للمؤلف المذكور وقد نشر منها قسم في جريدة (أبو الهول) سنة 1907 في سان بالو (البرازيل) هي من الروايات المفيدة المصلحة للآداب والعقول مكتوبة بعبارة عامية شامية كأختها (قصة فينانوس) وفيها من حسن السبك في الأسلوب ما يجب قراءتها إلى الجميع، وتدل على أن صاحبها قابض على عنان القلم قبضاً قلما يجارية أحد من أبناء وطنه. ولا جرم أن هذه الرواية تخلد اسمه لأنها تشف عن آداب وأخلاق أبناء لبنان في عصر يجب أن تدون لئلا تلفت مع الزمان مغير الدنيا وما فيها. فنشكر الشكر الصميم على هذه الهدية. 72 - عجائب الله في حياة القديس جيرارد ما جليه من رهبانية المخلصين 1726 - 1755 نقلها إلى العربية القس عمانوئيل رسام مدير المدرسة الكهنوتية للبطريركية الكلدانية في الموصل الموصل بالمطبعة الكلدانية سنة 1931 في 108 ص بقطع الثمن سررنا بإخراج هذا الكتاب إلى لغتنا الضادية، في حين أن المترجم لا يعرف في بلادنا مع اشتهاره في بلاد الغرب ونقل حياته إلى جميع لغات تلك الأرجاء. وكان سرورنا عظيماً لان صاحب الغبطة بطريك بابل مار يوسف عمانوئيل كان صاحب الفكرة لنقله إلى لغتنا. وتضاعف سرورنا لان غبطته اختار لنقله أحد كهنته الواقفين على أسرار اللغة الفرنسية كوقوفه على لغتنا العربية ولهذا جاءت هذه الترجمة من احسن المنقولات ويطالعها المسيحي بكل لذة وفائدة. فعسى أن تكثر مثل هذه المطبوعات في ديارنا وتكون في أيدي شباننا. لان مثل هذه التصانيف تدفعهم إلى رقي الآداب والأفكار وتجعلهم مفيدين للوطن وللأمة. أما سائر الروايات الخلاعية فتضرهم وتؤدي بهم إلى الخلاعة وسوء الآداب والاستهتار وتكون النتيجة أنهم يمسون ضربة للوطن. وقانا الله شرها.

73 - الحركة الفلسفية العصرية في سورية ومصر (بالفرنسية) من قلم. ج. لوسرف لا ينكر أن في الشرق اليوم حركة فكرية ظاهرة في البلاد العربية اللسان. ولا سيما في مصر. فان الديار أصبحت رأس الربوع الناطقة بالضاد وقد وضع ج. لوسوف مقالة حسنة في الحركة الفلسفية. وذهب إلى أن أول من آثارها الأستاذ محمد عبده. والمشهور أن قائد هذه الحركة المباركة هو السيد جمال الدين الأفغاني. وكان الأستاذ محمد عبده صنوه وعنه اخذ تلك الهمة في إنهاض المسلمين. وكان يحسن بالكتاب أن يطالع ما أتى هذا الرجل من الخدمة الصادقة لتنبيهه ذوق الفلسفة في جميع أبناء عدنان. وكنا نود أن لا يكون الموضوع محصوراً في السوريين والمصريين وحدهم بل أن يضم إليهم العراقيين، إذ لا يجهل أحد اسم (جميل صدقي الزهاوي) فيلسوف العراق على الاتفاق، وهذه مجلات المقتطف والهلال وغيرهما من الصحف المصرية والسورية تشهد على أن للأستاذ الزهاوي صدق نظر في الفلسفة العصرية، وهو كبار حملة ألويتها في الأستانة وبغداد وسورية ومصر. ولا سيما لأن المؤلف ذكر الأستاذ ساطع بك الحصري (والصواب بإسكان الصاد لا بفتحها كما فعل) ونوه باسم مجلته التربية والتعليم وبالحركة العلمية الظاهرة لكل ذي عينين في خطة العراق، فكان من البديهي أن يزاد في العنوان اسم بلادنا. وعلى كل حال أن هذه المقالة جليلة القدر لأنه أول رسالة وضعت في هذا المعنى ولم يسبقه إليه أحد من كتبة الغرب والشرق. 74 - معجم الأدباء لياقوت الحموي الجزء السادس الطبعة الثانية وصل إلينا هذا الجزء عند بلوغنا هذا الموطن من المجلة فأجلنا نقدنا له إلى الجزء القادم من المجلة.

تاريخ وقائع الشهر في العراق ومجاورة

تاريخ وقائع الشهر في العراق ومجاورة 1 - تسليم الشيخ محمود نفسه إلى الحكومة سلم الشيخ محمود نفسه إلى الحكومة بموجب الشروط التي أمليت عليه، ويقيم الآن مع أهل بيته موضع هو ناصرية المنتفق. 2 - الإرادة الملكية بانتهاء الندوة أعلن رئيس مجلس النواب الإرادة الملوكية، فتلا معالي وزير العدلية نص تلك الإرادة، وكان النواب جميعهم وقوفاً وهكذا انتهى اجتماع المجلس في 19 أيار من هذه السنة. 3 - الشيخ علي آل كاشف الغطاء نعي إلينا من النجف صديقنا القديم العلامة المجتهد الشيخ علي آل كاشف الغطاء عن عمر ناهز التسعين، على اثر سكته في القلب في صباح الثلاثاء 19 أيار. وله تأليف عديدة وله خزانة كتب بديعة فيها المخطوطات الكثيرة العديدة النادرة، وقد أقفلت الأسواق وعطلت وشيع النعش جميع العلماء والأهالي، وفي مقدمتهم نجله العلامة الأستاذ الشيخ محمد الحسين الذي هو أحد كبار مجتهدي العصر ودفن في مقبرتهم الخاصة بهم. 4 - أيام العطلة الرسمية وافق مجلس الأمة على أيام العطلة الرسمية التي يعفى فيها الموظفون عن الاشتغال في دوائر وهي: 1 - ثلاثة أيام الفطر - من 1 إلى 3 شوال. 2 - أربعة أيام عيد الضحية: من 10 إلى 13 ذي الحجة. 3 - يوم المولد النبوي: 12 ربيع الأول 4 - يوم عاشوراء: 10 المحرم. 5 - عيد النهضة: 9 شعبان. 6 - يوم ولادة الملك: 20 أيار. 7 - يوم تتويج الملك: 23 آب. 8 - وتستثنى من ذلك الدوائر التي بإرادة ملكية. وقد عين القانون المذكور الأيام الآتية أيام عطلة رسمية للموسويين: 1 - يوم رأس السنة الموسوية.

2 - يوم الكفارة. 3 - أربعة أيام عيد المظال (العرازيل). 4 - أربعة أيام عيد الفصح. والأيام الآتية أيام عطلة رسمية للمسيحيين: 1 - يوم رأس السنة: 1 كانون 2. 2 - يوما العيد الكبير. 3 - يوما عيد الميلاد 25 أو و26. كانون الأول. 5 - عيد ولادة جلالة ملكنا المعظم. اعلم ملاحظ المطبوعات أبناء العراق ما يأتي بحروفه: (بناء على مصادفة يوم ميلاد جلالة الملك المعظم في الأيام العشرة الأولى من شهر محرم الحرام التي تقام فيها المأتم وتعم فيها الأحزان أنحاء البلاد العراقية، فقد صدرت الإرادة الملكية المطاعة بعدم الاحتفال رسمياً بالعيد المذكور البلاط الملكي هذه السنة. وكذلك سوف لا يعد سجل خاص في دائرة التشريفات في البلاط الملكي لتوقيع المهنئين عليه. أهـ 6 - المتعرفون يهر من الإحصاء المضبوطة أن الذين تعرفوا (أي تجنسوا بالجنسية العراقية) ومنحوا شهادة التعرق من بدء سنة 1928 إلى ختام سنة 1930 بلغوا 1070 نفساً ومعظمهم ممن كان عثمانياً أو إيرانياً. 7 - نفقات تبليط الشوارع بلغ مجموع النفقات لتبليط الشوارع في العاصمة من سنة 1926 إلى أوائل أيار مليوناً ولكاً وأربعة عشر ألف ربية.

العدد 92

العدد 92 - بتاريخ: 01 - 07 - 1931 البزغالبندية كتب صاحب هذه المجلة مقالا عن الليلة المعروف عند عوام العراق بالكفشة (لغة العرب 8: 369 وما يليها): فذكرني بفرقة دينية خفية المعتقد، قليلة العدد، وهذا ما نعرفه عنها: في بعض القرى الواقعة بين نيسابور ومشهد الرضا فرقة تعرف ب (بزغاله بند) والظاهر أنها من الفرق الخفية، التي لم يطلع الناس على معتقداتها، فقد ذكر لنا رجل ثقة: إن هذه الطائفة تدعي أنها إسماعيلية. والقرى التي يسكنونها هي: قرية علي كوري وقرية ديزبادبالا - وقرية قاسم آباد - ويعزى إلى هذه الطائفة حكاية، وهي أنهم يربون جدياً في أيام الخريف. فإذا حانت ليلة الأربعين من فصل الشتاء المعروفة عند الفرس ب (شب يلدا) (بفتح الياء وسكون اللام) اجتمعوا في غرفة، ووضعوا فيها ألبسة النساء المنتميات إلى هذه النحلة، ورطوا الجدي بالمصباح الموقد في الغرفة، وعند حركة ينقلب المصباح فينطفئ - طبعاً - فيأخذ كل رجل في ذلك الظلام

حاجات البلاد

الدامس لباساً من تلك الألبسة فتكون صاحبته في تلك الليلة. وهذه الحكاية المنسوبة إليهم مشهورة في سبزوار ونيسابور. ونحن لا نستبعد هذه الرواية فلعل الزنا (وان كان محرماً عندهم) يجوز في تلك الليلة، ولعلها أيضاً عبد كبير من أعيادهم، فالإمامية الجعفرية يحرمون الغناء أما في الأعراس فجاز عندهم والصابئة المستوطنة العراق تحرم الملاهي كالضرب على الدف والعود والأغاني إلا في أيام الأعراس. وكذلك قل عن جميع الأديان التي ترى أموراً من المحرمات في حالة، وفي أوقات مخصوصة تباح عندهم: لكن هذا الاجتماع الذي يعتقده أبناء هذه الطائفة (إن صح) فهو من العادات الجاهلية التي كانت ترى عند البابليين في عصور الوحشة والهمجية. وإلا فالأديان السماوية جميعها حرمت من فروع القرامطة المتشعبة من الإسمعيلية، ومثل هذه النسبة التي رويناها كانت تعزى في الأزمنة الماضية إلى القرامطة نفسها. سيزوار (إيران): محمد مهدي العلوي حاجات البلاد لا يرتقي ما لم يرتق الأدب ... ولم تكن عنده الأجناد والنشب فالمال روح رقي الناس قاطبة ... ومن يكن أرملا يظفر به العطب والجند عز إذا ما الضيم هاجمنا ... وناهدت قومنا الأعداد والكرب وإنما الأدب العالي ضياء علا ... بنشره تنجلي الظلمات والنصب فكن أديباً أبا ابن العرب منكمشاً ... في كل أعمالك الحسنى التي تجب وكن شفيقاً على هذا العراق ولا ... توقن بأنك بالعدوان تنتصب الحق فالحق ما أحلاه دونكه ... ولوعرت دونه الآلام والحجب أن العراق لفي بؤس ومخسرة ... يسعى وليس له من سعيه أرب فالفقر والجهل والإفساد عابثة ... به وقد زادها الأجناب والوصب قم أد ما ريم لا فظاً ولا كلا ... فمنك نجح بلاد العرب يطلب مصطفى جواد

كتاب السموم

كتاب السموم لجنك أم لشاناق؟ قرأت في لغة الغرب المحبوبة (9: 291)، عبارة الأستاذ المجد العامل ف. كرنكو، عن كتاب السموم، الذي أخذت الآنسة ستروس تعده للنشر، ولكني توقفت عند نسبته الكتاب إلى جنك، والذي اعرفه انه لشاناق، الحكيم الهندي نسخة منه منقولة عن نسخة خزائنية، محفوظة بخزانة الكتب الخالدية في بيت المقدس، جاء أولها بماء الذهب: (لخزانة كتب المولى، الملك العالم؛ العادل، المؤيد، المظفر، المنصور، المجاهد، نور الدين، ركن الإسلام، ظهير الإمام، مغيث الأنام، صفوة الخلافة، محيي العدل. قسيم الدولة، قوام الملة، مجير الأمة، فخر الملوك والسلاطين، قاهر المتمردين، قامع الكفرة والمشركين، نصرة المجاهدين، غياث الجيوش، حامي ثغور بلاد المسلمين، أمير العراقين، فلك المعالي، ملك أمراء الشرق والغرب، شهريار الشام، بهلوان جهان خسروا إيران. أخ (كذا. لعلها أخي) ارسلان، ألب غازي، اينانح (؟)، قبلغ، طغرلبك، أبو (كذا. لعلها أبي) الحرث. ارسلان شاه، بن مسعود، بن مودود، بن زنكي، بن أفسنقر، اتابك، ناصر أمير المؤمنين، اعز الله أنصاره، وضاعف جلالة واقتداره.) وهذا المولى لم يدع ناقل النسخة، يحيى بن إسماعيل الربيعي، نعتاً من النعوت الجليلة، ولا صفة من الصفات الطبية إلا وصفها به، هو صاحب الموصل، المعروف باتابك. الملقب بالملك العادل، نور الدين الذي ملك الموصل بعد وفاة أبيه، وكان شهماً، عارفاً بالأمور، توفي ليلة الأحد التاسع والعشرين

من رجب 607 في شبارة بالشط، ظاهر الموصل، كما ذكره ابن خلكان في وفيات الأعيان: (1: 77 من طبعة بولاق). وهذا ما كتب في أول صفحة من الكتاب بالحرف: (كتاب شاناق، في المنون والترياق) وهو أسرار حكماء الهند، وكانت الملوك تصون هذا الكتاب في خزائنهم عن أولاهم، وخاصتهم، وهو كتاب جليل القدر، عظيم الخطر، يشمل على معرفة المسمومات، بمجرد النظر إليها، وصفة مجسها، وما يعرض للإنسان من ذوقها، ومن حصولها في المعدة، وعلامات الاطعمة، والاشربه المسمومة، وغيرها مما يتناوله الإنسان من الفواكه الرطبة، واليابسة، وعلامات الأشياء المسمومة من الثياب. والبسط، والفرش؛ وما يلامس الجسد من الغسول والأدهان، والأكحال المسمومة، وصفة السموم الموجبة، والسموم المضاعفة القوى، المسمى (سم ساعة) وترياقها، وذكر ترياق لجميع السموم، والأفاعي كلها، لا يضر من يستعمله شيء من جميع السموم والحيات؛ وذكر الأدوية الممرضة، والمرقدات، والمبنجات، وحلها، وصلى الله على خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد وآله الطاهرين:) أما المقدمة فهي: (بسم الله الرحمن الرحيم) (الحمد لله كثيراً كما هو أهله وصلى الله على محمد، وعلى آله الطيبين الأخيار، وسلم تسليماً). (كتاب شاناق في السموم المستنبطة) كان شاناق عظيماً في الهند، رفيع القدر عند أهل دهره. فوضع هذا الكتاب فذكر فيه السموم المستخرجة بالحيل، والدلالة على ما يضادها وينفيها، ويدفع

ضررها بأذن الله. (فسره من اللسان الفارسي، منكه الهندية، وكان المتولي لنقلة بالخط الفارسي، رجل يعرف بأبي حاتم البلخي، فسره ليحيى بن خالد بن برمك. ثم نقل للمأمون على يدي العباس بن سعيد الجوهري، مولاه، وكان هو المتولي لقراءته على المأمون.) قال العباس ين سعيد الجوهري: قال شاناق عظيم الهند في أول كتابه هذا بعد أن حمد الله، وأثنى عليه، وحلف بعظيم البد إن النعم الظاهرة الفاشية زراعة للحسد في القلوب، والحسد مفتاح البغضاء، والبغضاء تنتجها العداوة. بضمر المضمار، والمضمار ينقسم قسمين، فأحد القسمين: سر مكتوم، والآخر جهار منظور، فالجهار هو المباداة في المطالبة، للتلف كعقد الولاية، وتعبية العساكر، ونضد الصفوف، وزحف الرايات، وخفق الطبول، والتدرع، والأهبة بالسلاح، وإعلان ما تسره الأفئدة والقلوب، من جليل الآفة، وعظيم البلاء، ومراقبة التمكن من التراب، ومن هذا يكون الحذر ويتنبه المطلوب من سنة الغفلة. والقسم الآخر من المضار المكتوم، هو مردة الأعداء بظاهر حسن الشاهد في اللقاء، وترصد المخاتلة لهم بالبلاء؛ وهذا ابلغ الوجهين، في عموم المضرة وأسرعه في تهتك الملاءمة، فشبهه سم بسم، يحلل الأنفس من أبدانها، في أسرع الأوقات؛ فأخفى سلاح القواتل، وابلغها مرادا، وأقربها مأخذاً، في تلف العدو السم الوحي، وهو ينقسم أقساماً: فمنه الطبيعي من الحيوان، مما تسره الهوام القاتلة، في جوف أنيابها، وحمم أذنابها، وغير ذلك، من دون البحر والبر من مأكول وملبوس، ومنه من النبات من عروقه، وورقه، ونوره، وبزره،

وثمره، ومنه معدني، وهو من أنواع حجارة الأرض، ومنه ما هو ظاهر مكشوف، مما استخرجه الحكماء من جوهر الحدبد، كالسيوف القواطع، والأسنة، والحراب، والرمي بالنشاب، وما أشبه ذلك من العدة مما به تكاملت القرنافي (؟) إلى علتين: أحدهما مواجهة المواقع لها، مما فيها من البلاء الكامن، تحتاج إلى ملاقاة ضدين، لأنه ربما كان فيها مانع، فلا تعمل بالوحدة، إلا عند ملاقاة الضد؛ لأنه ربما كان لذلك المانع كيفية زائدة في الحر، فيحتاج إلى كيفية زائدة في البرد، أو مانع من اليبس، فيحتاج إلى كيفية زائدة من الرطوبة؛ والحاجة العظمى هو حين تركيبها، وأحكام تأليفها، حتى يتم ما يراد منها، ولذلك نظير لما نجده حساً من حكنا خشب الصندل على الصندل مثله، والصندل بارد، فيظهر منه حراً والنورة والزرنيخ، يحدث منهما إحراقاً. والوجه الآخر أن لا يكون قواها خارجة إلى الفعل إلا على الاجتماع والازدواج بينها؛ ومقدار ما يؤخذ منها في الوقت الملائم لذلك. نظيراً لما نجد أيضاً، أن الرجل منا، يضعف عن رفع حجر، فيحتاج إلى معونة رجل آخر مثله. على رفع ذلك الحجر. . .) الخ. وقد قسم الكتاب إلى ثلاث مقالات: الأولى في الطعام المسموم، والشراب، والثمار، والملابس، والأكحال. والمقال الثانية في الأدوية المضادة لتلك السموم. والثالثة، في الأدوية المضادة لسموم العطور، والادهان، والغسولات.

والكتاب صغير الحجم لا يزيد على خمسين صفحة من القطع الصغير جاء في آخره: (قال شاناق الحكيم: وكانت الأوائل من علماء الهند تسمي هذا الكتاب: (اليتيم) لأنه واحد في معناه.) قال العباس بن سعيد الجوهري: قال المأمون: ينبغي أن يسقط من هذا الكتاب نعت الجارية المسمومة، لان هذا فعل الجاهلية من الهند، ولا حاجة بنا إليه، لأنه يتلف فيه ألف طفل، من قبل أن يسلم واحد، فاسقط ذلك من هذا الكتاب، وليتق الله من صار إليه هذا الكتاب؛ ويصنه، ويعالج به من ابتلي بشيء مما في باطنه، فان اجره عظيم، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.) انتهى. وبعد فان النسخة التي نقلنا عنها لم تنفرد بنسبة الكتاب إلى شاناق، بل أن النسخة التي بخزانة المغفور له احمد تيمور باشا المتوفى سنة 1348هـ 1930م في القاهرة نسبت إليه أيضاً بإسقاط الألف بين الشين والنون، وقد كان ذكر ذلك المرحوم بمقال نشره في مجلة الهلال (28: 326) عن نوادر المخطوطات. وقد ترجم ابن أبي أصيبعة لشاناق وقال: (إن كتابه في السموم، خمس مقالات، وان له من التواليف: كتاب البيطرة، وكتاب في علم النجوم وكتاب منتحل الجوهر). وقال ملا كاتب جلبي: (كتاب السموم لشاناق الهندي، خمس مقالات فسره من الهندي إلى الفارسي، منكة الهندي)، إلى آخر العبارة الواردة في مقدمة الكتاب. فهل يصح بعد هذا كله؛ أن ننسب الكتاب إلى (جنك) الذي قد يكون هو الاسم الصحيح، في لغة الأرديةللمؤلف بعد أن أطلق عليه العرب

اسم (شاناق)، أو نقلوه إلى لغتهم على أوزانها بتلك الصورة. عبد الله مخلص (لغة العرب) لا جرم أن الكتاب لشاناق الهندي. والذي نقله من اللسان الهندي إلى الفارسي هو جنكه الذي هو هندي أيضاً. فمن نسب الكتاب إلى شاناق فقد نسبه إلى صاحبه ومؤلفه الحقيقي، ومن نماه إلى جنكه أو صنكه فقد عزاه إلى ناقله إلى الفارسية، ومن قال بأنه لأبي حاتم البلخي فقد عاد فيه إلى معربه. والكل مصيب، إذ قد يجوز هذا جماعة من الأدباء من باب التوسع. أما الصحيح الذي لا ريب فيه فهو لشاناق، وعند صديقنا العزيز المحامي عباس أفندي العزاوي نسخه من هذا الكتاب، ولديه كتاب آخر في السموم لزنطاح الحكيم. وقد كتب إلينا حضرة الخل الوفي الأستاذ الدكتور فريتس كرنكو أن في خزانة برلين العمومية نسخة من كتاب السموم لشاناق الهندي. ورقمها 6411 من مجموعة اهلورد. ودونك أوله: (كتاب شاناق الهندي في علامات الأشياء المسمومة، وبماذا تسم، وعلامات من شرب بعضها وما يلحقه من العلل ومداواتها. كان شاناق الهندي عظيماً عند أهل زمانه، حكيماً). . . إلى آخر ما هناك وبعد أن وصل تعليقنا إلى هنا بلغ إلينا كتاب تاريخ الآداب العربية لبروكلمن وقد وجدنا في المجلد 1: 242 أن في ليدن (هولندة) نسخة من كتاب السموم والترياقات رقمها 1284 وفي المتحف البريطانية نسخة رقمها 1357. وفهرس كتاب بروكلمن هذا من أسوأ مارتب، فانه يجري في ترتيب أسماء الكتب على الهجاء العربي، وبالطريقة العربية، مع أن الحروف حروف إفرنجية، وهو في نهاية الاضطراب حتى ليصعب على الباحث أن يجد ضالته، اللهم إلاَّ أن يكون ذلك نبهاً. فما اسخف واسقم هذه الطريقة!.

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة فنسان م. ماريني تابع ومن حسن حظ البعثة أنها تمكنت من أن تطلع على مجمل تاريخ المدينة، لمدة نحو ثلاثة آلاف سنة، وذلك في موضع على بضعة أمتار من اوجه الزقورة الغربية، في المحل الذي ينزل الزائر منه من الزقورة. وقد جد الأثريون هنالك وأزاحوا طبقات أنقاض البناء الواحدة بعد الأخرى، وهم يصورون كل واحدة في حينها، ويرسمونها حتى أتوا على آخر التاريخ من أزمنة الفرس، إلى فجر التمدن والعمران، حين شيد أول هيكل لإله القمر. وكان هذا البناء من الآجر المسطح المقبب، والمنظم نظاماً مائلا يشبه عظام الطريخ (نوع من السمك) وفوقه هذا البناء الذي يرجع إلى عصر سلالات أور الأول: اكتشف المنقبون الجدار المائل إلى الوراء الذي أنشأه (أور نمو) مؤسس السلالة الثالثة، ليسند السطح الكبير المعروف ب (إي تمن ني إل) أي دار المصطبة التي أقامها، ذلك السطح الذي كانت الزقورة الهائلة قائمة عليه. ويرى إلى هذا اليوم ذلك الجدار الذي شيده (أور نمو) وكان من لبن، وحلاه بدعامات صغيرة. واثبت الآجر في الجدار من آن إلى آخر. إثباتاً مخروط الشكل، وذكر فيه اسم الملك وبنى (أور نمو) في شمال غربي الزقوره في محل يبلع عرض السطح نيفاً ومائة قدم دار ننر (هو سن، ابن اله الأرض انلل في نفر. وأخو نرجل رب العالم الأدنى) اله القمر ورب الحكمة. ولما سما مجد سلالة إسن ولرسا بعد العيلميين (1: 23 ق. م) مدينة أور، جدد أحد ملوك لرسا وجه السطح، واتخذ الآجر لبنائه. كما أنه أعاد دار (ننر) وشيدها على بعد قليل من موضعها الأول وفي غربيه. وهناك ملك آخر اسمه (ورد سن) من السلالة نفسها، ولكنه احدث عهداً من الملك السابق الذكر، شيد برجاً كبيراً ذا درج ينحدر إلى طبقة الأرض السفلى وراء السطح.

وضعت شوكة أور مرة أخرى. وربما كان ذلك من جراء ثورتها على مملكة بابل الأولى؛ وخرب (شمشويلونه) نجل (حمرب) قسماً من البلدة فظل هيكل اله القمر خرباً زمناً طويلا. ثم أعاده الملك الكشي (كوريجلزو) - ولعل سبباً سياسياً دفعة إلى هذا العمل - فأقيم الجدار الساند (إي تمن ني إل) مرة ثانية، ولكنه بني أيضاً على بعد من أساس البرج، وكذلك جدد الهيكل بيد أنه لم يدم طويلا، إذ معظم اساساته. أقيم على أنقاض مبان. وكاد نبو كدر أصر الثاني، لا يرى شيئاً من معبد اله القمر وزقورته قائماً غير الدمار وما ورد عنها في الحديث المأثور، مع أنه يظهر أن (سنبلتسو إكبي) حاكم البلدة الآشوري، رممهما في نصف القرن السابع ق: م. . وباشر العمل معمار الهياكل هذا، على قياس عظيم جليل، وكان ذلك من عادة حميته، وشمل جداره المقدس الهائل منطقة أوسع مما كانت عليها في بادئ أمرها. وكان ذلك الجدار مزدوجاً، وتتخلل الجدارين غرف، وهناك أيضاً دعامات في طرفي الجدار: الطرف الخارجي منه، والطرف الداخلي منه. وفضلا عن ذلك، نقل معبد الإله إلى القسم الشمالي الشرقي من الزقورة، وضم إليه الفناء الرحب الفسيح، الذي يظن أنه كان في السابق خاناً، تتسلم فيه واردات الهيكل من البضاعة وغيرها، وذلك لتشيد منها دار أخرى كبيرة ل (ننر)، واسم تلك الدار (إي نن مخ). وظهر تاريخ المدينة مجملا أيضاً، لما حفرت المباني الكبيرة الأخر الواقعة في المنطقة المقدسة المسماة (أي جش شرجل) أي المنطقة التي تشتمل على (جج فراسج) هيكل (نن جل) زوجة اله القمر، و (إي دبلل مخ) ردهة العدل. وكذلك أخذت صور هذه الأبنية ورسمت طبقة بعد طبقة، واكتسح القسم الأعلى منها قليلاً قليلا حتى أتي على القسم الأدنى. واكتشف معبد (نن جل) الذي يرجع إلى العصر البابلي الحديث، إزاء وجه الزقورة الجنوبي الشرقي، فأزيح الهيكل كله. ولا جرم أن ذلك الهيكل شيده (سنبلتسو إكبي) حاكم أور الآشوري في القرن السابق لذلك العصر. ثم أعاد

(نبونيد) أقساماً منه. ولما المنقبون هيكل (نن جل) عثروا في الثرى تحت طبقات السفلى على بعض عاديات مفيدة جداً، منها صحائف الأسس ل (جودياء) الفاتشي في (لجش) نحو سنة 2600 ق. م. وصحائف (وردسن) ملك (لرسا) وصحائف (كوريجلزو) الكشي. وبنى (كوريجلزو) الهيكل الواقع دون (نن جل) فوق أساسات بماء اقدم منه. ربما كان من عصر (لرسا). وكان الهيكل الذي أقامه (كوريجلزو) تحت مستوى سطح (إي تمن ني إل) وله بابان يطلان على طريق مبلطة تمتد مؤازية للوجه الجنوبي من الزقورة، وتؤدي إلى فناء (أي دبلل مخ) ردهة العدل. وأزيح أيضاً هيكل (كوريجلزو) فظهر تحته (جج فر اسج) الدار الهائلة لمعبودة القمر التي بناها (برسن) ثالث ملك من ملوك بلك السلالة العظيمة. وأعاد هذا المعبد ابن من ملوك (أسن). وكانت هذه الدار بناءاً مربعاً كبيراً يبلغ كل طرف من أطرافه ثمانين يرداً. وهو محصن بأبراج وأسوار ثخنها خمس وعشرون قدماً. وفي الحقيقة كان هذا البناء الواسع يحتوي عل هيكلين تحول دونهما طائفة من معابد اصغر منهما، وكان أحد المعابد مرصداً (لبرسن) نفسه. ومن هذين الهيكلين: هيكل (نن جل) الذي كان أبهى رونقاً. ومن ظريف ما عثر عليه من العاديات وراء محراب مطبخ الهياكل، كل العدة اللازمة للطبخ، من مواقد، وأوعية، ومقال، وحياض مقيرة، وارحية، والجميع موضوع في محله. وكانت هناك أيضاً حلقة من الشبه، أثبتت في الرصيف بالقرب من البئر المبنية حولها بالآجر، وكان يربط برشاء الدلو. ووقع على كثير من العاديات المفيدة الاطلاع في أنحاء الهيكل غية ما سبق ذكره، ولكن يتضح أن أهم هذه العروض النفيسة سلبت أو انكسرت لما فتح أور جند (شمشويلونة) البابليون. ولكن كان ل (نن جل) معبد قبل ما يشيد (ب سن) هيكله لهذه المعبودة بمدة طويلة، لأنه عثر بين أنقاض تلك الدار على هدية نذر، قدمتها ابنة (سرجون) ملك (أكد). وهناك أيضاً صحيفة من حجر الكلس، هي اقدم من عصر (سرجون)، تصف كيف كان يصب الماء أمام الملك وكيف في

باب هيكل. واهم المباني التي حفرت في (أور) المبنى الواقع في شرقي هيكل (نن جل) وتحت الزاوية الشرقية من المسطبة المسماة (إي تمن ني إل) وتاريخ (إي دبلل مخ) الذي كان ردهة العدل وهيكل اله القمر في آن واحد، اقتفي أثره في جميع الأزمنة التي ذكر فيها اسم الجدار الساند ل (إي تمن ني أل) واسم هيكل معبودة القمر. ويظهر هذا البناء في يومنا هذا، كأنه كان دار عبادة، أقامها أحد ملوك (لرسا) على أساس مباني الملك (برسن) فأعادها (كوريجلزو) وفحصت الأرض تحت أبنية (برسن) فدلت نتيجة الحفر. على أنه كان هناك آجر سابقاً لزمان ذلك الملك. و (إي دبلل مخ) مركب من ردهتين: الردهة الداخلية منهما أعلى من الخارجية، وهي في الحقيقة قائمة فوق مسطبة (إي تمن ني إل) ولا ريب في أن هذا المعبد كان في أول أمره ممراً يؤدي من البناء الأسفل إلى هيكل اله القمر الذي فوقه، على أن المعبد المذكور مغلق من ورائه الآن. وكانت هناك الذبائح إلى الاله؛ ويفرز الحق عن الباطل، وكان ذلك من عادات السلف في القدم. ولكن لما فتح باب جديد لفناء (إي دبلل مخ) حجب الباب الأول. لأنه أقيم في وجهه جداران يتقاطعان، فاصبح معبداً مألوفاً فيه حجرتان حجرة خارجية، وأخرى داخلية يؤدي إليهما درج. ومن ظريف ما أعاده (كوريجلزو) الطيقان التي في جوانب الردهة الخارجية، ولا يزال أحدها قائماً على حاله، وهو اقدم طاق آجر شيد في وجه بناء على ما يعرف. وكان يقع أمام الهيكل فناء فسيح، تحيط به مساكن الكهنة وأبنية أخر لشؤون الإدارة؛ ولهذا الفناء بابان فيهما غرف للحراس. وكان يؤدي أحدهما إلى ما كان يسمى (طريق الاحتفال) في الشمال الشرقي، والآخر إلى الطريق التي تمر بهيكل (نن جل) في الجنوب الغربي. ووقع في هذا الفناء على شقف نصب من حجر الكلس، وعرض النصب خمس أقدام؛ في طول خمس عشرة قدماً؛ وهو من احسن مصنوعات الشمريين المعروفة. ويرى فيه الملك (أورنمو) متسلماً أوامر الإله لبناء برج الهيكل؛ ويظهر الملك في رسم آخر، مائلا مثولا صادقاً حاملاً أدوات لبناء برج الهيكل

وهناك صور أخر تري بسالته في الحرب، وما قام به من حفر القني. ولكن ألف الرسوم الملائكة المجنحة المحلقة فوق رأسٍ الملك. ولا ريب في أن ذلك النصب كسر في غابر الأيام، وربما كسره أحد الفاتحين العيلميين الذين أبادوا هذه السلالة الجليلة التي أسسها (أور نمو). وحفظ هذا المعبد في أيام (نبونيد) وأعيد على نحو خطته القديمة. ولكن وضعت رسوم غرف (إي جج فر) وفنائه على خلاف ما كانت عليها، وكان (أي جج فر) دير (بل شلتي ننر) ابنة (نبونيد) والكاهنة العليا في (ننر) وأزيحت تلك الأبنية لما تم تدوين تاريخها لكي يظهر (إي دبلل مخ) هيكل (كوريجلزو) الواقع تحتها. واهم ما يعرف عن الصومعة التي ارصدها (نبونيد) لسكني ابنته على ما اتضح في البناء للوسائل التي اتخذتها لتسلي نفسها بها، وتنسي وقتها حين سآمة نفسها. وكان والدها نصحها خير نصيحة، ورشدها في حياتها الجديدة في مستقبلها. ويظهر أن ابنة (نبونيد) جدت في التثقيف والتهذيب، لأنه عثر هنالك على صفائح صلصال. فيها خط التلامذة، وصفائح أخر بمربعات كانت لتعلم الحساب، أو للعبة تشبه لعبة الدمة. وفضلا عن ذلك وقع في إحدى الغرف على هذه أشياء، يختلف تاريخ الواحد منها عن الآخر كل الاختلاف، فلا يقبل لذلك تعليل سوى أن الكاهنة العليا ورثت عن والدها حب الآثار القديمة، فاتخذت لها متحفة صغيرة. وكانت مجموعة (بل شلتي ننر) تحتوي على مخاريط مكتوب عليها بالخط المسماري، وأشكال صغيرة، ورؤوس صوالجة منذورة، وحجر التخم ومواد شتى، فضلا عما استنسخ من العاديات التي اكتشفت في (أور) في القرن السابق لذلك العصر وكان مخطوطاً عليها بالخط المسماري. وورد في تلك النسخ أنها صنعت (ليتعجب منها العالم). وهناك أيضاً بناء آخر تستحسن معرفته، هو قصر (دنجي) المسمى (إي هر سج) أي (دار الجبل) يقع في مسطبة كبيرة من صنع اليد في الزاوية الجنوبية من المنطقة المقدسة. واصل هذه الدار اقدم من زمن (دنجي) وعثر فيها في إثناء التنقيب على عروض كثيرة مفيدة جداً من زمن عريق.

(تل العبيد) هو على مسافة أربعة أميال من (أور) بالسيارة، وفي الغرب الشمالي الغربي منها. اكتشف الدكتور (هل) من المتحفة البريطانية هذا التل سنة 1919 وفيه فائدة جزيلة وان كان صغيراً. وحفر (هل) بعضاً منه، فاستخرج عدداً كثيراً من مصنوعات نحاسية، واسود، رؤوس، وما يشبه ذلك. وكانت هذه العاديات جزءاً من بناء بارز الشكل أقيم للزخرفة. وأتم المستر (س. ل. وولي) تنقيب هذا الهيكل المهم في موسم سنة 1923 - 1924 نيابة عن المتحفة البريطانية ومتحفة جامعة (بنسلفانية) المشتركتين في هذا البحث، واظهر الأثري الآنف الذكر، أن هذا المعبد أعيد في ثلاثة أزمنة مختلفة، زكم حسن الحظ أنه عثر هنالك على صفيحة رخام مخطوط عليها بالخط المسماري ما يلي: (ننخرسج، بنى أأنيبده) ملك أور وابن (مس أنيبده) ملك أور هيكلا ل (ننخرسج). ويدل كلا التاريخين على أن البناء الأصلي يرجع إلى سلالة أور الأولى، كما أنهما يذكر أن المعبودة التي كان الهيكل مرصداً لها. وكان هناك أيضاً جعل من ذهب فيه اسم (أأنيبده) فيحتمل أنه كان جزءاً من مستودع الأساس. ولا يعرف شيء عن المعمار الثاني لهذا الموطن؛ سوى أنه اتخذ للبناء آجراً كبيراً مربعاً مطبوعة عليه أصابع الصانع، ولكن لم ير في أي آجرة منه الخط المسماري. والملك الثالث؛ وهو الأخير الذي أقام البناء في ذلك المكان، هو (دنجي) ثاني ملوك (أور) ومن سلالتها الثالثة. واعجب مزية هيكل (تل العبيد) زخرفة المعبد الاقدم، إذ هو آية في صنع الحفر والإتقان، ويظهر فيه الحيوان منحوتاً في حجر الكلس والمحار، وتبرز الحيوانات منه بروزاً، وعيونها مرصعة بالنحاس الأحمر، وترى الأزهار موضوعة في أصص. وشرفاتها من حجر الكلس، ويتخللها حجر الرمل الأحمر والمعجون الأسود، فضلا عن الأعمدة المزينة بالمكعبات المصنوعة من جحر الرمل والصدف والمعجون، فاصبح الكل بدعة في الزينة، تألق بها معبد الآلهة أيما تألق. ومن ظريف ما رسم في إفريز حجر الكلس، الحيوانات التي فيها صورة حلب اللبن،

لأن هذه الصورة تمثل الحياة البيتية في تلك الأيام. ويرى معظم بلك العاديات المستخرجة من (تل العبيد) في متحفة بغداد (راجع ما يخص (كسش) وما فيها من الآثار الشبيهة بها). وظهرت في المقابر المجاورة للهيكل جثث مدفونة منذ قديم الأيام، حين كان الناس يستعملون الخزف الملون المصنوع باليد، وسكاكين الصوان، والمناجل الخزفية حتى العصر الكيشي، وفي الحقيقية يحتمل أن الربة (ممر خرسج) كانت لها علاقة ما بالاعتقاد أن الإنسان يولد مرة ثانية في حياة أخرى. اريدو (أبو شهرين) تبعد عن أور أربعة عشر ميلا بالسيارة، وهي في الجنوب الغربي منها، ولكن الطريق وعرة، ولا ماء في هذا الموقع أن هذه المدينة اقدس مدن شمر القديمة بعد (نفر)، فقد ورد في حديث الشمريين المأثور، إن (أريدو) أقيمت قبل الطوفان، والخزف الملون، وسكاكين الصوان، والجرار ذوات البلبل، ومناجل الخزف التي اكتشفت في الطبقة السفلى من البلدة تدل دلالة لا ريب فيها على قديم اصل (أريدو). وعمت عبادة (أيا) (انكي) في أنحاء القطر كافة، و (أيا) اسم معبود (اريدو) رب الماء الأعظم، ويتضح أن (ننجرسو) اله الري في (لجش) وزوجته (ننه) ملكة المياه، وهي أيضاً ابنة (أنكي) كان في عبادتهما بعض رموز لها علاقة (أنكي) حتى أنه كانت كأس كبيرة مزينة بالذهب في (إي سجلا) معبد (مردوك) بن (أنكي) واله البابليين (راجع ما يختص ب (لجش) و (بابل) وفي الحقيقة يظهر أن لعبادة (أنكي) دخلا في عبادة كل مدينة في تلك الديار، مع أن البلدة التي تأسست فيها هذه العبادة هجرت بعد حكم حمرب على ما يبين. وأعاد هيكل الرب (أيا) المسمى (إي ابزو) أي (دار البحر الأدنى) كلا الملكين: (أور نمو) من سلالة أور الثالثة، و (نور ادد) ملك (لريا). ولكن ملوك كيش وآشورية، وملوك بابل الحديثة، الذين اهتموا كل الاهتمام بترميم هياكل أور. أهملوا بالمرة هذا المعبد الأصلي، مع أنهم لم يربحوا عبادة ربه. وعليه لا يشك في أن (اريدو)

أصبحت غير قابلة للسكنى بعد أن غير (رم سن) ملك (لرسا) مجرى الفرات من غربي (أور) إلى شرقيها؛ ويقتضي أنه كادت (اريدو) تترك فلاة. ومن الواضح أن (اريدو) كانت متصلة بالبحر حيناً ما، إلا أن اعلم الهلك يدلنا على أنها لم تكن على ساحل البحر. بل ربما كانت قائمة في مستنقع كان ينفذ إلى البحر. وكانت ل (اريدو) رواية خيالية على حد ما كان يروى لسائر أخواتها من مدن شمر القديمة. وورد في رواية لها عن خطيئة الرجل الأول اسم (ادفة) السماك الحكيم، وكان بطل تلك الحكاية، وقيل أن (ادفة) أستدعى أمام (انو) رب السماء، لكسره جناحي الريح الجنوبية التي مزقت قلع زورقه. ولكن (تموز) و (جشزدة) تضرعا إلى رب السماء، ودافعا عن السماك ببلاغة فصيحة، فسكنا غضب هذا الرب. وقيل أنه عرض على (ادفة) خبزاً وماءاً تكون في تناولها حياة خالدة. بيد أنه من سوء طالع السماك، كان هناك الإله (إيا). وكان قد من عيه بالحكمة، فسمع بذلك وحسد (انو) وانذر (ادفة) بان يرفض الطعام والشراب، ولذا بقي السماك أنساناً عرضة للموت. وحفر (لفتس) في (1852) في (اريدو) وكذلك حفر فيها (تلير) (1855) و (كمبل ثرمسن) سنة 1918 والدكتور (هل) من سنة 1919 إلى 1920، ولكنهم لم ينقبوا فيها تنقيباً طويلا؛ كما أنه لم تكشف بعد خزانة هيكل (إي ابزو).

من دفائن رسائل الجاحظ

من دفائن رسائل الجاحظ رسالة في إثبات إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام للجاحظ بسم الله الرحمن الرحيم هذا الكتاب من اعتزل الشك، والظن، والدعوى، والاهواء، وأخذ باليقين والثقة من طاعة الله، وطاعة رسوله، - صلى الله عليه وسلم -، وبإجماع الأمة بعد نبيها عليه السلام، مما تضمنه الكتاب والسنة، وترك القول بالآراء، فأنها تخطئ وتصيب، لان الأمة أجمعت أن النبي صلى الله عليه وآله، شاور أصحابه في الأسرى ببدر، واتفق رأيهم على قبول الفداء منهم، فأنزل الله تعالى: (ما كان لنبي حتى يكون له أسرى) الآية. فقد بان لك أن الرأي يخطئ ويصيب، ولا يعطي اليقين، وإنما الحجة الطاعة لله ولرسوله، وما أجمعت عليه الأمة من كتاب الله، وسنة نبيها، ونحن لم ندرك النبي، ولا أحداً من أصحابه الذين اختلفت الأمة في حقهم، فتعلم أيهم أولى، ونكون معهم كما قال تعالى: وكونوا مع الصادقين ونعلم أيهم على الباطل فنجنبهم، وكما قال تعالى: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً. حتى أدركنا العلم فطلبنا معرفة الدين واهله، واهل الصدق، والحق، فوجدنا الناس مختلفين يبرأ بعضهم من بعض، ويجمعهم في حال اختلافهم فريقان؛ أحدهما قالوا أن النبي صلى الله عليه وآله، مات ولم يستخلف احداً، وجعل ذلك إلى المسلمين يختارونه، فاختاروا أبا بكر. والآخرون قالوا: إن النبي صلى اله عليه وآله، استخلف علياً فجعله إماماً للمسلمين بعده. وادعى كل فريق منهم الحق. فلما رأينا ذلك، وقفنا الفريقين لنبحث ونعلم المحق من المبطل، فسألناهم جميعاً: هل للناس بد من وال يقيم أعيادهم، ويجبي زكواتهم. ويفرقها على مستحقيها، ويقضي بينهم، ويأخذ لضعفهم من قويهم، ويقيم حدودهم،

فقالوا لابد من ذلك، فقلنا: هل لأحد أن يختار أحداً فيوليه بغير نظر في كتاب الله، وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: لا يجوز ذلك إلا بالنظر. فسألناهم جميعاً عن الإسلام الذي أمر الله به. فقالوا: إنه الشهادتان، والإقرار بما جاء من عند اله، والصلوة، والصوم، والحج بشرط الاستطاعة، والعمل بالقرآن يحل حلاله ويحرم حرامه. فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم. ثم سألناهم جميعاً: هل لله خيرة من خلقه اصطفاهم واختارهم؟ فقالوا نعم: فقلنا: ما برهانكم؟ فقالوا: قوله تعالى: ربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة من أمرهم، فسألناهم من الخيرة؟ فقالوا: هم المتقون. قلنا ما برهانكم؟ قالوا: قوله تعالى. إن أكرمكم عند الله اتقاكم فقلنا هل لله خيرة من المتقين؟ قالوا نعم، المجاهدون، بدليل قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة فقلنا: هل لله خيرة من المجاهدين؟ قالوا جميعاً، نعم السابقون من المهاجرين إلى الجهاد. بدليل قوله تعالى: لا يستوي منكم من قبل الفتح وقاتل. الآية. فقبلنا ذلك منهم لإجماعهم عليه؛ وعلمنا أن خيرة الله من خلقه؛ المجاهدون السابقون إلى الجهاد. ثم قلنا: هل لله منهم خيرة؟ قالوا: نعم. قلنا: من هم؟ قالوا: أكثرهم عناء في الجهاد، وطعناً وضرباً وقتلا في سبيل الله، بدليل قوله تعالى: ومن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله. فقبلنا ذلك منهم، وعلمناه وعرفنا أن خيرة الخيرة أكثرهم في الجهاد عناء. وأبذلهم لنفسه في طاعة الله، واقتلهم لعدوه. فسألناهم عن هذين الرجلين: علي بن أبي طالب عليه السلام، وأبي بكر، أيهما كان اكثر عناء في الحرب، واحسن بلاء في سبيل الله؟ فاجمع الفريقان علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، أنه كان اكثر طعناً، وضرباً، واشد قتالا وأذب عن ديك الله ورسوله. فثبت بما ذكرناه من إجماع الفرقين، ودلالة الكتاب والسنة، أن علياً عليه السلام افضل. وسألناهم ثانياً عن خيرته من المتقين، فقالوا هم الخاشعون بدليل قوله تعالى: وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب. وقال تعالى: أعدت للمتقين الذين يخشون ربهم.

ثم سألناهم: من هم الخاشعون. قالوا: هم العلماء. لقوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء. ثم سألناهم جميعاً: من اعلم الناس؟ قالوا أعلمهم بالقول وأهداهم إلى الحق وأحقهم أن يكون متبوعاً ولا يكون تابعاً، بدليل قوله تعالى: يحكم به ذوا عدل منكم. فجعل الحكومة إلى أهل العدل. فقبلنا ذلك منهم، ثم سألناهم عن اعلم الناس بالعدل من هو؟ قالوا: ادلهم عليه. قلنا: فمن أدل الناس عليه؟ قالوا أهداهم إلى الحق، وأحقهم أن يكون متبوعاً، ولا يكون تابعاً، بدليل قوله تعالى: أفمن يهدي إلى الحق أن يتبع. الآية. فدل كتاب الله وسنة نبييه عليه السلام، والإجماع أن افضل الأمة بعد نبييها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، لأنه إذا كان أكثرهم جهاداً، كان اتقاهم، وإذا كان اتقاهم كان أخشاهم، وإذا كان أخشاهم كان أعلمهم، وإذا كان أعلمهم، كان أدل على العدل، وإذا كان أدل على العدل، كان أهدى الأمة إلى الحق، وإذا كان أهدى، كان أولى أن يكون متبوعاً، وان يكون حاكما. لا تابعاً ولا محكوماً عليه. وأجمعت الأمة بعد نبييها أنه خلف كتاب الله تعالى ذكره، وأمرهم بالرجوع إليه إذا نابهم أمر، وإلى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فيتدبرونهما ويستنبطون منهما ما يزول به الاشتباه. فإذا قرأ قارئهم: وربك يخلق ما يشاء ويختار. فيقال له أثبتها. ثم يقرأ أن أكرمكم عند الله اتقاكم، وفي قراءة ابن مسعود أن خيركم عند الله أتقاكم. ثم يقرأ وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب. فدلت هذه الآية على أن المتقين هم الخاشعون. ثم يقرأ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء، فيقال لم: اقرأ حتى ننظر، هل العلماء افضل من غيرهم أم لا؟ حتى إذا بلغ إلى قوله تعالى يرفع الله الذين آمنوا منكم، والذين أوتوا العلم درجات، قيل قد دلت الآية على أن الله تعالى قد اختار العلماء وفضلهم ورفعهم درجات، وقد أجمعت الأمة على أن العلماء من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الذين يؤخذ عنهم العلم، كانوا أربعة: علي بن أبي طالب عليه السلام، وعبد الله بن العباس، وابن مسعود، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم.

وقالت طائفة عمر بن الخطاب رضه: فسألنا الأمة من أولى الناس بالتقديم، إذا حضرت الصلوة؟ فقالوا أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: يؤم بالقوم أقرأهم، ثم أجمعوا أن الأربعة كانوا أقرأ لكتاب الله تعالى من عمر؛ فسقط عمر. ثم سألنا الأمة: أي هؤلاء الأربعة اقرأ لكتاب الله وافقه لدينه، فاختلفوا، فوقفناهم حتى نعلم، ثم سألناهم: أيهم أولى بالإمامة، فاجمعوا على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: الأئمة من قريش. فسقط ابن مسعود وزيد بن ثابت، وبقي الإمام علي بن أبي طالب وابن عباس، فسألنا أيهما أولى بالإمامة: فاجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وآله، قال: إذا كان عالمين فقيهين قرشيين، فأكبرهما سناً، وأقدمهما هجرة. فسقط عبد الله بن العباس، وبقي أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه. فيكون أحق بالإمامة لما أجمعت عليه الأمة، ولدلالة الكتاب والسنة عليه. هذا آخر رسالة أبي عثمان عمر بن بحر الجاحظ. فضل الله الزنجاني كلمة في هذه الرسالة الجاحظية نحن لا نستغرب مقالة الجاحظ في تفضيل علي - ع - على غيره من الخلفاء الراشدين لأنه كن يصح عليه قول الشاعر: (واقذف بنفسك حيث ترجو الدرهما) على أن الذي يقرأ شيئاً من كتابه العثمانية يظهر له تفضيله وتقدينه إسلام أبي بكر - رض - على إسلام (الإمام علي) - ع - ونقضه فضائل علي - ع - واستهوانه أفعاله للإسلام. وقد قال أبو جعفر الإسكافي المعتزلي فيه وفي مقالاته بكتابه نقض العثمانية. أما القول فممكن والدعوى سهلة سيما على مثل الجاحظ فأنه ليس على لسانه من دينه وعقله رقيب وهو من دعوى الباطل غير بعيد فمعناه نزر وقوله لغو ومطلبه سجع، وكلامه لعب ولهو. يقول الشيء وخلافة، ويحسن القول وضده، ليس له من نفسه واعظ ولا لدعواه حد قائم. وقال: (إن مثل الجاحظ مع فضله وعلمه لا يخفى كذب هذه الدعوى (هي عدم اعتراف علي لنفسه بالتقدم في الإسلام) وفسادها، ولكنه يقول ما يقوله تعصباً وعناداً). وعناه أبو جعفر - على ما ظهر لنا - (ومعتزلي قد نقض في الكلام وابصر في الاختلاف وعرف الشبه وموضع الطعن وضروب التأويل قد التمس الحيل في إبطال مناقبه (أي مناقب علي - ع -) وتأويل مشهور فضائله فمرة يتأولها بما لا يحتمل

ومرة يقصد أن يضع من قدرها بقياس منتقص). وقال: (ينبغي أن ينظر أهل الإنصاف ويقفوا على قول الجاحظ والأصم في نصرة العثمانية واجتهادها في القصد إلى فضائل هذا الرجل وتهجينها، فمرة يبطلان معناها ومرة يتوصلان إلى حط قدرها فلينظر في كل باب اعتراضاً فيه. أين بلغت حيلتهما. وما صنعا في احتيالهما في قصصهما وسجعهما. أليس إذا تأملتها علمت أنها ألفاظ ملفقة بلا معنى وأنها عليها شجار وبلاء). وقال: (لا اشك أن الباطل خان أبا عثمان، والخطأ اقعده، والخذلان أصاره إلى الحيرة، فكا علم وعرف حتى قال ما قال). وقال أبو جعفر في قول للجاحظ: (هذا هو الكذب الصراح والتحريف والإدخال في الرواية ما ليس منها). وقال: (إن أبا عثمان يجر على نفسه ما لا طاقة له به من مطاعن الشيعة). وقال في كلام له: (هذا الكلام وهجر السكران سواء في تقارب المخرج واضطراب المعنى). وقال: (نعجب من مذهب أبي عثمان، أن المعارف ضرورة وأنها تقع طباعاً. وفي قوله بالتولد وحركة الحجر بالطبع حتى رأينا من قوله ما هو اعجب منه، فزعم أنه ربما يكون جهاد علي - ع - وقتله المشركين لا ثواب فيه لأنه فعله طبعاً. وهذا أطرف من قوله في المعرفة وفي التولد). وقال: (لقد أعطي أبو عثمان مقولا وحرم معقولا أن كان يقول هذا على اعتقاد وجد، ولم يذهب به مذهب اللعب والهزل أو على طريق التفاصح والتشادق وإظهار القوة والسلاطة وذلاقة اللسان وحده الخاطر والقوة على جدال الخصوم). قلنا: وقد بلي الجاحظ من أبي جعفر الإسكافي بحجيج ذي مرة وحجج راسية. مصطفى جواد

كره العرب للحياكة

كره العرب للحياكة - 2 - ذكرنا في ما تقدم (9: 533) أن مريم البتول، استرشدت الحاكة، فدلوها على غير الطريق، روى علي بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمي أن مريم حملت بعيسى تسع ساعات جعل الله الأشهر ساعات لها. ثم ناداها جبريل: (وهزي إليك بجذع النخلة) أي النخلة اليابسة. فخرجت تريد النخلة اليابسة، وكان ذلك اليوم سوقاً، فاستقبلها الحاكة - وكانت الحاكة احسن حالا وكسباً في ذلك الزمان - فاقبلوا على بغال شهب، فقالت لهم مريم - ع -: أين النخلة اليابسة؟ فأستهزأوا بها وزجروها فقالت لهم: جع الله كسبكم قليلا. وجعلكم في الناس عاراً؛ ثم استقبلها قوم من التجار، فدلوها على النخلة اليابسة، فقالت لهم: جعل الله البركة في كسبكم وأحوج الناس إليكم. ولما تولى محمد بن عبد الرحمن المستكفي بالأندلس، وذلك سنة (414هـ) وزر له رجل حائك، يعرف بأحمد بن خالد، وهو كان المدير لأمره. والمدير لدولته، وأردئ بدولة يديرها حائك؛ ولم يزل كذلك إلى أن خلع وقتل وزير المذكور في داره، فقد دخل عليه أهل قرطبة نهاراً فتولوه بالحديد إلى أن برد. ثم قال نعمة الله الموسوي: (وأما الذي صنعوه إلى مريم. إنما كان من نقصان عقولهم، كما قال - ع - (وهو الإمام موسى بن جعفر كما ذكر هو في ص 159). عقل أربعين معلماً عقل حائك، وعقل امرأة، والمرأة

لا عقل لها، وفي الحديث: (لا تستشيروا المعلمين ولا الحوكة، فأن الله سلبهم عقولهم) وفي القاموس بمادة (درز): (وأولاد درزة: السفلة والخياطون والحاكة) وفي أساس البلاغة: (وهم أولاد درزة للسفلة والخياطين. قال حبيب ابن جدرة الهلالي: يا با حسين والجديد إلى بلى ... أولاد درزة أسلموك وطاروا يريد زيد بن علي - رض -، وقال محمد بن يزيد المبرد: (وقال حبيب ابن جدرة) بالتحريك (ويقال جدرة بالضم وهي السلعة) الهلالي وهو من الخوارج يعني زيد بن علي: يا با حسين لو شراة عصابة ... صبحوك كان لوردهم إصدار يا با حسين والجديد إلى بلى ... أولاد درزة أسلموك وطاروا تقول العرب للسفلة والسقاط: (أولاد درزة). وقال أبو هلال العسكري (وابن درزة: السفلة الساقط. قال الشاعر: (أولاد درزة أسموك وطاروا) ولم يذكروا الحاكة. أما صاحب القاموس فقد ادخل الحاكة في السفلة ولو كانوا علموا بذلك لسرقوا قاموسه وعدمناه. وأني كثيراً ما جالست الحوكة، فرأيت أغلبهم مغتابين، طعانين، قليلي العقول، قبحاء الكلام، يتنابزون بالألقاب، ويتقاذعون بفاحش الأقوال، ويتلاحون برديء المزاح، ويتناقصون في الحياء. واعرف واحداً منهم يقوم بالفروض الدينية حق القيام، لكنه وقاع في الناس، بهات لهم، حسود، عنود، يتكلم على صاحبات المحوكات والنسائج (كالفوط) بالفشار، والقذع، وطالما ذكر لي انه لم يبلغ مكسبه وقتاً من مائة ربية، بل ما أمسكت يداه مائة ربيه ولو أمانة. وان ما قدمناه من الأخبار في الحوكة والحياكة، يجب أن يكون مقيداً بزمان مخصوص أو إنسان مخصوص أو بكليهما، لان إطلاق الحكم في مثل هذه الأمور لا يجوز شرعاً،

ولا نقلا. ولا عقلا. فان النهي عن الحياكة إماتة لها، وإماتتها تعطيل للصناعات، وإعدام للحاجات، ولا يأتي إصلاح الدين من حيث الإفساد بل تنقض دعوى من رجح التعميم، بان كثيراً من الحوكة أثروا إثراءً فاحشاً وكثيراً أذواء دين متين وبصيرة منيرة. وورد في معجم ما استجعم (ص 16) لأبي عبيد البكري - كما في (1: 189) من خزانة الأدب - في الكلام على جزيرة العرب، عندما ذكر تفرق كلمة العرب ووقوع الحرب بينهم، وتشتتهم، ألا تزيد تنوخ، وهي تزيد قضاعة، قال: (وخرجت فرقة من بني حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ورئيسهم عمرو بن مالك التزيدي، فنزلوا (عبقر) من أرض الجزيرة، فنسج نساؤهم الصوف وعملوا منه الزرابي، فهي التي يقال لها (العبقرية) وعملوا البرود، وهي التي يقال لها (التزيدية) وأغارت عليهم الترك، فأصابتهم وسبت منهم، فذلك قول عمرو بن مالك بن زهير: ألا لله ليل لم أنمه ... على ذات الحصاب مجنبينا واقبل الحارث بن قرد البهرائي. . . ومضت بهراء حتى لحقت بالترك. فهزموهم واستنقذوا ما بأيديهم من بني تزيد) والله اعلم بصحة هذه الغزوة وروى أبو مخنف في أخبار ما قبل أيام الجمل. قال: (بعث علي - ع - من الربذة. . . عبد الله بن عباس، ومحمد بن أبي بكر إلى أبي موسى الأشعري، وكتب معهما: (من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عبد الله بن قيس. أما بعد يا ابن الحائك، يا عاض. . . أبيه فوالله أني كنت لأرى أن بعدك من هذا الأمر -

الأعمال

الذي لم يجعلك الله له أهلا، ولا جعل لك فيه نصيباً - سيمنعك من رد أمري والانتزاء علي، وقد بعثت إليك ابن عباس، وابن أبي بكر، فخلهما والمصر وأهله، واعتزل عملنا مذؤوماً، مدحوراً. فان فعلت وإلا فأني أمرتهما أن ينابذاك على سواء. إن الله لا يهدي كيد الخائنين، فإذا ظهرا عليك قطعاك أرباً أربأ. والسلام على من شكر النعمة، ووفى بالبيعة، وعمل برجاء العاقبة). وإنما قال له: (يا ابن الحائك) لأنه من قبيلة (أشعر) اليمانية، واليمانون يعيرون بالحياكة، كما تقدم من بحثتا. والله المعين. مصطفى جواد الأعمال خلوا المقال وقدموا الأعمالا ... وتعجلوا لعراقنا استقلالا وتبصروا غيث الأمور لتأمنوا ... خسرانها وتؤكدوا الآمالا وامشوا إلى غر الفضائل حزماً ... وتجنبوا التبنيس والأقلالا يا أيها النشء الكرام عليكم ... يبني العراق العلم والأفعالا أن العراق بلادكم ومهادكم ... فاستنقذوه وحسنوا الأحوالا وتعاونوا وتكاتفوا وتقدموا ... ليذوق أعداء العراق وبالا وخذوا الإخاء شعاركم وتحصنوا ... بالحق واتخذوا النجاح مآلا وإلى الشجاعة والأباء تساندوا ... أن المحرر لا يخاف قتالا مصطفى جواد

صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة

صاحب رحلة أول شرقي إلى أميركة أول شرقي (عراقي) إلى أميركة (تتمة) بيت الحلبي من بيت صاحب الرحلة يقفنا القس نصري في كتابه (2: 359) على اصل بين الحلبي وسبب تسميته في قوله: (وكان للخوري إيليا (صاحب الرحلة) ابن أخ يدعى اسحق فقصد هذا عمه إلى رومية فأجلسه في إحدى مدارس أوربة الشهيرة فنجح اسحق وصار ترجماناً لسفارة دولة إسبانياً في رومية ونال رتباً جليلة، ثم عاد إلى الموصل بعد أن حج إلى القدس الشريف، ولما رأى أن عائلته قد قرضت تزوج بمريم من بيت طربوش التي كانت أختها زوجة عيسى الرسام، ثم قصد حلب بآله، ومن ثم يعرف وصفه بآل بيت الحلبي.) 1هـ بيت الحلبي في الموصل وقال القس نصري (2: 360): (وولد لأسحق ابن سماه الياس باسم عمه الخوري ايليا وابن آخر سماه يوسف. وهذان عادا إلى الموصل في أثناء عود الحاج باشا حسين باشا من آل عبد الجليل من مأموريته في حلب إلى الموصل إذ اختار الياس الحلبي المذكور صرافاً واشتريا البيت المعروف إلى يومنا هذا ببيت الحلبي وتناسبا مع بيت الرسام، فسعيا في نشر الكثلكة) أهـ. وروى القس انعامات الكرسي الرسولي على هذا البيت ووفاة جدهم اسحق وهو مسافر بحراً إلى أوربا على ما نقل.

وذكر القس نصري مرراً بيت الحلبي منتصراً للعقيدة الكاثوليكية وموالياً للأباء الدمنكيين من ذلك ذكره لالياس (2: 372) رئيساً لأحد حزبي الطائفة وكانت قد انقسمت بعضها على بعض لأمور طقسية وأمثالها. وذكرت الياس رحلة سيستيني في سنة 1781 (ص 142) صيرفياً عند والي الموصل سليمان باشا الذي هو من أسرة موصلية (ص 146) (قلت: وهي أسرة عبد الجليل) وقالت الرحلة (145): ودعانا الصيرفي الياس إلى غداء الظهر لكنا رجحنا العشاء عنده. ثم قالت (ص 146): (وكان عشاؤنا عند الصيرفي الياس ومسكنه دار أنيقة مرتبة وفقاً لذوق أهل ديار بكر، فكانت لنا فرصة نرى فيها النساء داخل بيتهن). ثم وف لبسهن ووضعهن، ثم قال (ص 147): (إن أسرة السنيور الياس حلبية كاثوليكية وهو يتكلم الإيطالية. وله صلة متينة بالمرسلين (الدمنكيين، وكان قد ذكرهم) وكان العشاء على غاية ما يرام من خدمة ومأكل). أهـ وقال (هويل) في رحلته (ص 53) ما تعريبه: (وغادرنا قره قوش في 2 نيسان (1788) صباحاً في الساعة السادسة فوصلنا إلى الموصل نحو الساعة التاسعة. . . فبلغ الخواجا الياس - وهو تاجر قديم ارمني (وهم في ذلك فأنه كلداني) - خبر قدوم ثلاثة رجال أفاضل من الإنكليز، فدعانا أن نذهب عليه وأوفد إلينا خيلا لهذا الغرض فوجدناه في دار بنيت حديثاً وهي نظيفة أنيقة وألم تكن موافقة للذوق الأوربي. . . وفي 5 نيسان بدأت أخاف أن الدار التي ابتناها حديثاً الخواجا الياس والتي نسكنها تزيد مرض الميجر كا كلود وكان لا يزال متوعكا. وفي 6 نيسان استأذنا مضيفنا المحبوب الخواجا الياس وغادرنا الموصل. . .) أهـ وللبطريرك يوحنا هرمز المتوفى في سنة 1840 ترجمة لنفسه وقد نقلت

إلى الإنكليزية في كتاب المرسل البروتستاني بادجر المسمى (النساطرة وكتب طقوسهم. . .) (1: 155) وفيها ذكر الياس الحلبي. وفي كتاب الآثار الجلية في الحوادث الأرضية لياسين بن خير الله العمري الذي كانت ولادته في سنة 1158هـ (1745م) تهكم لصاحبه (بيوسف الحلبي التاجر) وغيره مع استهزاء وتنديد وقذف اليم في أخبار سنة 1192هـ (1779م) وسبب ذلك اختلاف الكلدان بينهم لأمور طقسية وغيرها خاصة بهم وسعي يوسف في تأييد الحزب المسمى حزب المسيحيين. وفي ذخيرة الأذهان للقس نصري في جزءه الثاني عن هذا الاختلاف. وفي خزانة ديوان الهند (فهرستها ص 211 عدد 730) نسخة من كتاب يتضمن (علم المعرفة الحقيقة. . .) تعريباً من السريانية للراهب السرياني عبد النور الامدي وفي آخر النسخة قوله: (وقد اهتم بكتابة هذه النسخة الأخ المكرم. . . والمسيحي القاثوليقي. . . الخواجا المبجل القاروي (كذا) الممثل الخواجا جرجيس بن المومن المرحوم الخواجا يوسف الحلبي. . . وقد صار تحريره بيد الضعيف شماس ايليا بن قسيس عبد الأحد الموصلي سنة 1821 في أوائل شهر آذار (الموافقة) هاجرية (كذا) 1236) أهـ بيت صاحب الرحلة بغدادي الأصل رأينا في ما ذكره القس نصري أن صاحب الرحلة من نسل البطاركة النساطرة والعشيرة الأبوية وسيبين من نصوص أوردها بشأن نصوص صاحب الرحلة صحة ذلك. أما قول القس عنه انه من نسل البطاركة فهو يريد من نسل بيتهم إذ أن البطاركة لا يتزوجون.

وقال القس (2: 358ح): (إن العائلة الأبوية كانت قاطنة بغداد قبل انتقالها إلى تلحش والقوش) وقال (2: 82): (وكان بطاركة المشارقة بعد الغوائل والحروب التي ثارت في المشرق قد هجروا بغداد وأقام ما يابالاها كرسيه في دير ما يوحنا الذي عمره في مراغة. وبعد خراب الدير اخذوا ينتقلون من مكان إلى مكان إلى أن وصلوا إلى بلاد ما بين النهرين. وأقام بعضهم في دير الربان هرمزد وبعضهم في الموصل وغيرهم في دير ماراوجين. . .) أهـ وإذ قال يابالاها الذي عمر دير مار يوحنا في مراغة، فهو أذن يابالاها الثالث المتوفى في سنة 1317م وترجمته في كتاب أخبار فطاركة كرسي المشرق من كتاب المجدل المطبوع في رومة في سنة 1896 (2: 122). وقال القس نصري (2: 75): (خلف يابالاها في الرئاسة العليا على النساطرة طيماثاوس. . . ولما توفي يابالاها اختير طيماثاوس بعد أن فرغ الكرسي ثلاثة اشهر ونودي به جاثليقا سنة 1318م وهو الثاني بهذه الاسم). أهـ وقال القس أيضاً (2: 83): (المراد بعشيرة الأب (العائلة) أو السلالة التي كان يخرج منها الجاثليق أو البطريرك أبو الآباء للطائفة النسطورية. . . وأول من سيم جاثليقاً من هذه العائلة هو طيماثاوس خليفة يابالاها اليغوري وكان خلفاؤه أيضاً من قرابته العمومية إلى زمان شمعون المعروف بالباصيدي الذي جلس 1480. وسن شمعون الباصيدي هذه العادة بنوع قطعي. . . فعين شمعون المذكور أول مرة خلفاً له من عشيرته وأسامه رئيس أساقفة لكي يتخلفه بعد موته. وقد حذا حذوه كل الجثالقة الذين خلفوه.) أهـ وقال أيضاً (2: 84): (واقر الجثاقة المشارقة كرسيهم بعد أن رحلوا من بغداد في مراكز شتى ولو كانوا يعودون أحياناً إليها. . . وأخيراً أتوا القوش نحو سنة 1436. وبعد مبادئ الجيل (القرن) السادس عشر كانوا يقيمون غالباً في دير مار هرمزد القريب من القوش. . .) أهـ وراح القس نصري يروي (2: 88 و148 و150 و153 و176 و186

و194) تبوءوا أبناء هذا البيت للكرسي البطريركي وأنبأنا بأخبارهم حتى أتى إلى زمن صاحب الرحلة ووفاة ايليا الثامن نسطوريا في 8 حزيران سنة 1660 وهو عم صاحب الرحلة، ثم ذكر (2: 223) البطريرك الذي قام مقامه من هذا البيت أيضاً. ويا ليت القس مصري صرح بمصدره في بغدادية هذا البيت.

ذكر القسيس في رحلة الأب جوزية (يوسف) وبعد أن بحثت عن صاحب الرحلة في كتب مطبوعة في عصرنا الحاضر وفي ما استخرج من كتاب - أو كتابين - طبعه صاحب الرحلة المار الذكر أرى أن نستطلع كاتباً معاصراً له شافهه فدون بحثاً عنه في كتابين كان طبعهما في زمن كان كل منهما في قيد الحياة. رحل من رومة الأب جوزيه دي سانتا ماريا من الأباء الكرمليين الحفاة (الذي سقف بعدئذ فعاد إليه اسم بيته سبستياني) قاصداً بلاد ملبار في الهند في سنة 1656 وعاد منها فاجتاز ببغداد فقدم إلى رومة في سنة 1659 فكتب رحلته الأولى وقد جاءت فيها (الص 241) السطور التالية وهذا تعريبها عن الأصل الإيطالي: (وهذا ما حملني على ترك طريق ما بين النهرين وعلى السير مع دليل البر برفقة الجند ومملوكين اثنين وقسيس اسمه الياس كان نسطورياً ثم تكثلك وهو ابن أخي البطريرك لهذه الطائفة النسطورية. وكان القسيس يقصد السفر إلى رومة تبركا) أهـ. وفي الطريق قبل وصولهم إلى حلب ذكره الأب جوزيه في سياق الكلام (الص 244 و248) وليس في ذلك كبير أمر وعاد إلى ذكره (الص 275) فقال:

(وكان القسيس الياس من جملة الفقراء على مائدة قداسة يوم خميس الفصح وقد تأثر جداً من هذا المثال لنائب المسيح، وقال انه يريد أن يذيع خبر هذا العمل بين هراقطة بلاده جميعهم وينقله أيضاً إلى البطريك عمه. ونال القسيس لأخيه عبد المسيح اركدياقونية كنيسة بغداد وحظي أيضاً بمعاونة نقدية إلى بيته من المجمع المقدس) أهـ.

وقفل الأب - وقد صار أسقفاً - راجعاً إلى الهند في سنة 1660 عن طريق الموصل، وعند قدومه إليها روى لنا ملاقاته أخاً للقسيس، وهذا

ما دونه في رحلته الثانية (ص 22 - 23): (. . . وقدم إلينا الأخ الصغير للقسيس الياس بعض المبردات. وكان القسيس قد رحل معي قبلا من بغداد إلى حلب وكنت أعنته في رومة إعانة جزيلة وأراد أخو القسيس أن يذهب بنا إلى مكان قريب واقع في جبال الكرد يسمى القوش (وهو وطن النبي ناحوم المسمى الكشكو بقصد زيارة ابن عمه بطريرك النساطرة وهو خلف لسلف عمه المتوفى في ضلاله قبل في مدة قصيرة. وكانت وفاته بعد أن كان قد بلغ من العمر عتياً. ولم يكن قد انثنى عن زيغه وان كان القسيس الياس بعد رجوعه من رومة قد أقنعه بغلطه وحرضه على الخضوع للحبر الأعظم وكان تحرضه بلا جدوى لخوفه الذي لا معنى له من قول القائلين انه إفرنجي. وكان عمر البطريرك الجديد - وهو ابن عم

القسيس - أربع عشرة سنة وقد سقف قبل سنة ذلك بسنةكهن بعد أن كان راهباً في رهبانية باسيليوس سنتين. فهكذا يكون مجرى الأمور حينما تقلد المراتب الكنسية بالوراثة لأسرة واحدة حيث لا يحفظ الإيمان خالصاً من الشوائب. وكان يؤمل عبد الله أخو القسيس أن زيارتي للبطريرك ابن عمه تحركه على الطاعة الواجبة للحبر الأعظم. ونما أني كنت في كل دقيقة أترقب السفر أبيت الذهاب إلى القوش. وفضلا عن هذه الحال فأن الأب جيو تاديو كان مريضاً مرضاً عضالاً؛ فلم يسعني أن اتركه وحيداً.) أهـ غادر الأسقف الكرملي الموصل منحدراً كاسكاً على دجلة إلى بغداد فقص علينا ما يلي (ص 25): (عند قدومي إلى بغداد رأيت على ضفة دجلة القسيس الياس وكان ينتظرني هناك كل يوم إذ قد بلغة الخبر بسفري إلى هنا. وبمعاونته ومعاونه الآباء المذكورين قبيل هذا (أي الكبوشيين) ركبت دانقاً ووجهتي البصرة. . .) أهـ

ومن هناك أبحر إلى الهند زائرها الكرملي، ثم قدم منها عائداً إلى البصرة في سنة 1664 وصعد دجلة ثم قال (ص 227): (وصلت إلى بغداد فرأيت فيها قافلة كبيرة على وشك السفر، ومن المسافرين معها أخوان اثنان للقسيس الياس، وقد سبق ذكري إياه غير مرة فراقتني الفرصة في ما يخص بالرحلة ولا سيما السرعة في الرحيل لأني كنت ألاحظ جداً حلول زمن البرد والأمطار فصممت على أن أواصل المسير حالا. . .) أهـ وقال صاحب الرحلة (ص 228) - وهو يسير بين بغداد والموصل - (إنه كان يظن أن عبد الله أخا القسيس الياس يعرف شيئاً من الإيطالية وقد بان له أن ما يحسنه لا يزيد على كلمتين). دعنا نرى أخيراً زائر الهند في حلب متخلياً من وعثاء السفر في هذه البلاد الشاسعة. وهذا ما قاله حين سفره من الموصل إلى حلب الشهباء (ص 230): (بقي في نينوى عبد المسيح الأخ الكبير للقسيس الياس ورافقنا الأخ الصغير واسمه عبد الله فأشار علينا أن نأخذ معنا زقاً خمراً فحملناه معنا في كيس. . . ولقد أفادنا لأننا كنا نقاسي البرد أناء الليل.) أهـ وآخر عهدنا بالخوري صاحب الرحلة في سنة 1692 على ما جاء في الكتاب الموصوف في المشرق وفي سنة 1693 على ما جاء في الكتاب الذي ذكره القس نصري إذا صح قوله. وأملي أن يرى المتتبع شيئاً عن هذا الرحالة الباسل وبيته في مدونات ذلك الزمن الغابر فيكشف لنا غطاء آخر عن أمره المنسي أجيالاً. في 25 نيسان 1931: يعقوب نعوم سركيس مطالعة رأينا في الرحلة أن لصاحبها ابن أخ اسمه يونان وفي ذخيرة الأذهان

حديقة النصائح

للقس نصري أن له ابن أخ اسمه اسحق نشأ منه البيت الذي سمي بيت الحلبي ولم يذكر الكتابان اسم والد يونان واسحق إنما رأينا في رحلة الكرملي أن لصاحب الرحلة أخوين، كبيرهما اسمه عبد المسيح والآخر اسمه عبد الله لكنا لا نزال نجهل أيهما والد اسحق. هذا أن لم يكن اسحق ابناً لأخ ثالث غيرهما. وأما ما سمعه القس نصري فرواه (2: 358ح) بقوله: (روي انه كان يوماً ثلاثة اخوة من العائلة الأبوية. . . وان الأخ الأصغر هو جد بيت آل الحلبي. ولعله كان يدعى اسحق الذي اسحق جدهم الآخر. . .) فانه غير صحيح وسبب ذلك انه كان قد قال - كما رأينا - (2: 359) أن اسحق الذي نشأ منه بيت الحلبي هو ابن أخي صاحب الرحلة. وإذ قد أرانا صاحبها فيها أن اسم والده هو حنا، فجد اسحق الذي قال عنه القس نصري انه جد بيت الحلبي يجب أن يكون حنا وليس اسحق. وإذا كان فيهم من هو بهذا الاسم فهو ابعد من هذا الحد. حديقة النصائح حديقتي جميلة إذ بها ... قد غرست أعلى شؤون الحياة وصية فيها لأهل الحجا ... تهدي الآلي حياتهم كالممات ونصها يا قوم إخلاصكم ... ينقذكم حقاً ويوهي الطغاة جنيتم الأثمار من دون أن ... تحموا البساتين وترووا النبات إن يبست أشجاركم فاعلموا ... بأنكم لم تعملوا بالوصاة هذا هو الورد ذابل ... قد لازمته البلابل ما أمرها بغريب ... فكم هوت في الحبائل وان دهري عجيب ... بأتي بحق وباطل يا عندليباً لم يزل شادياً ... على أناس لم يؤدوا الفروض أغرك الورد الذي حولهم؟ ... فأنه ذاو ومأوى البعوض تنح فالبوم أتى دورها ... باطلها لا يعتريه الغموض وقف على غصنك حراً ولا ... ترض عصاً قد فسدتهم الرضوض فان تغريدك لا ينبغي ... إلا لقوم إربهم في النهوض م. جواد

أصل اليزيدية وتاريخهم

أصل اليزيدية وتاريخهم 4 - أخلاف عدي جمود العصور التالية: لم تقف العصور الإسلامية التالية لعدي بن مسافر في جمودها عند أخلافه وحدهم، بل نراها - على اختلاف نزعاتها - قد اكتسبت أوضاعاً خاصة، وأشكالا معروفة من الجمود لم تخرج بها عن التقليد في كل شيء. ولم يكتفوا بتقليد الرأي، بل صاروا يقلدون الغير في العمل؛ فعقمت العصور المذكورة عن أن تلد إلا أفذاذا قليلين، لم يتمكنوا من أن يحركوا هذا الجماد، بل الصخرة الصماء. اشتغلوا بالعجائب، ونسبوا الخوارق لمقلديهم، ونقلوا عنهم لينالوا مكانتهم و (بهجة الأسرار) و (جامع كرامات الأولياء) و (القلائد) و (الكواكب الدرية) وغيرها من كتب مشحونة أمثال ذلك؛ فنقلت أموراً خارقة عن عدي. وهي لمن وسم بالعلو والمشيخة، بحيث لا يدعنا ذاك أن نستغرب ما يقال عن اليزيدية. فإذا كان أولئك لم يدركوا حقيقة طرائق القوم. فمن الأولى أن لا يدركها أميون، يقضي محيطهم، وتدعو بيئتهم قسراً إلى أن يلازموا تلك الأمية الموافقة، أو المقاربة للامية. ولعلها السبب في تحريم القراءة والكتابة. ولا عجب أن يدخل الغلو بين ظهرانيهم، وقد دب بين جماعاتنا قبلهم، أو بصورة مساوقة. ومنشأ ذلك الجمود العام. فلا يوجه اللوم إلى صنف دون نف. اللهم إلا تفاوتاً في الدرجات، (ظلمات بعضها فوق بعض) فعلة الجمود وبيلة استولت على الكل فلم يسلم منها قوم أو مذهب، وهي منشأ الغلو الأخير. وعلى كل حال أن الجمود في التصوف خاصة، كان متأخراً عن الفقه، والكلام، واللغة. وذلك لان ظهوره كان متأخراً لما شعر الناس بالحاجة إليه. ثم ناله ما نال غيره.

أخلاف عدي وإمامتهم: قبل أن يستولي الجمود التام على أهل هذه الطريقة، خلف عدياً جماعة، قاموا مقامه، وتأثروا بمبدئه؛ وكانوا ممن يصلح للإرشاد، بخلاف ما هم عليه اليوم، فان الإمامة صارت اليوم ارثية، وشملت الولاية الدينية والمدنية. يعتقد القوم في أمرائهم الرياسة العامة، ويعتبرونهم كأئمة، وهذه الرياسة أشبه بالخلافة والإمامة عند سائر الفرق الإسلامية، وقد حصل أميرهم سعيد بك ابن علي بك في هذه الأيام على تولية أوقاف الشيخ عدي وأقرنت بالإرادة الملكية المطاعة بتاريخ 15 آذار سنة 1931 الموافق 6 ذي القعدة سنة 1349 (راجع العدد 964) بتاريخ 2 نيسان سنة 1931 من الوقائع العراقية). وذلك بعد منازعة وقعت بينه وبين إسماعيل بك من أمرائهم أيضاً. وقد أوضح صاحب تاريخ الموصل الفاضل سليمان الصائغ هذه الرياسة، ولكنه أكب الإمارة شكلا والرياسة الدينية شكلا آخر؛ والصحيح أنهما في واحد ولكنها على ما يظهر تخويل في بادئ الأمر فانحصرت في بيت وهذا نص ما قاله بحروفه: (يرأس الأمة اليزيدية جمعاء، أمير من شيعتهم، يسمونه أمير الشيخان الواقعة في شمال شرقي الموصل، على مسافة 45 كيلو متراً، وأهم قرى الشيخان؛ قرية بيت عذري، الشهيرة في تاريخ الكلدان، حيث يقيم أميرهم. ولهذا الأمير سلطة مطلقة على اليزيدية، وتحت أمره أمراء ثانويون، يخضعون له، ويبلغون أوامره إلى جميع النواحي، ورئيسهم الديني الأعلى، هو الشيخ الأكبر، ويدعونه (بابا شيخ) وتحت يده جملة من الشيوخ يتلقون أوامره في متعلقات الدين، ينفذونها في الشعب كل في مركزه وناحيته وللشيخ الأكبر فقط حق التشريع في الأمور الدينية كتحديد الصوم والصلوات والتحريم إلى غير ذلك (كذا). ومن يتعد على أوامر الأمير الأكبر أو الشيخ الأكبر، يعرض نفسه إلى اشد القصاصات، وهو استباحة بيته وأمواله. وهاتان الرتبتان: الإمارة والمشيخة محصورتان في عائلتين، يتقلدها السلف عن

الخلف أهـ 1 - أبو البركات صخر بن صخر: هذا هو ابن عدي بن مسافر، وفي اكثر المواطن يذكر بكنتيه إلا في صحيفة 11 من البهجة فأنه ذكر باسمه صخر، وكذا صاحب القلائد ذكره باسمه وافي جبال هكار، حيث كان يسكن عمه وتعرف به، فأوضح له درجة قرابته منه. جاءه من المواطن الذي ولد فيه عدي. وهو بيت فأر من أرض بقاع العزيز. في سفح جبل لبنان (راجع ص 215 و217 من البهجة). ولما تحقق منه الصلاح والتقوى. والمقدرة على الإرشاد. قال: أبو البركات يخلفني (215 منها). وهذه الإشارة كانت السبب لانتقال الإمارة والإمامة معاً إلى أولاده وحفدته. ومثل هذه الأمور لا تحتاج إلى سبب قوي ولا إلى ن صريح. والعمدة التأكيد والوثوق من الأمر. أما اليوم فالأهلية التي توسمها الشيخ عدي لا تراعي البتة. ولعل هذا هو العامل المهم لضياع طريقة الشيخ بتولي إخلاف أضاعوا طريقته وأثروا في التغيير، إما لجهل وأما لتقوية الخلاف وحفظاً لإثبات شخصية بارزة. تمكن هذا وأمثاله من تثبيت العقيدة والطريقة وتمكينهما، فأذعن لهم القوم وبدا لهم صلاحهم على تتالي الأيام. وهذا يعد عاملا آخر لاعتبار الوراثة في الولاية وعلى هذا جرى اليزيدية إلى الآن. ما قيل عنه: هو من إجلاء مشايخ المشرق، ونبلاء العارفين، وأركان هذا الشأن، وأئمة الدعاة إليه، واعيان العلماء بسبله علماً وعملا، وزهداً وتحقيقاً، صحب

عمه وهاجر إليه، وإليه كان ينتمي وخلفه - بعد وفاته - في المشيخة بزاويته في لالش بجل هكار. وكان عمه يثني عليه ويقدمه. ويعد من إبدال الدهر. لقي غير واحد من المشايخ، وانتهت إليه رياسة هذا الأمر في وقته، في تربية المريدين السالكين، وكشف مشكلات احوالهم، وتبيين مهمات أمورهم وتخرج عليه غير واحد من الصلحاء.) أهـ (البهجة ص 215 والقلائد ص 106 و107). وزادوا، انه أحد من أظهره الله تعالى إلى الوجود. وصرفه في الكون، وملكه الأسرار ومكنه من الأحوال، وظهر على يديه الخوارق، وانطقه بالمغيبات. إلى آخر ما هنالك. ومن ثم لا يلام هؤلاء اليزيدية إذا اعتقدوا اكبر منها ونسبوا التصرفات الأخرى والخوارق الواسعة النطاق. صفته: قال في البهجة: (كان كامل الآداب، حسن الأخلاق، ظريف الشمائل، ذا سمت وبهاء، وصمت وحياء، محباً لأهل الدين، مكرماً لأهل العلم، وافر العقل، كثير الكرم، شديد التواضع. . .) أهـ وقد حكى في البهجة حادثة زواجه، فلا نرى فائدة في ذكرها. اعتقاده: وله أقوال في التنزيه والصفات قال: 1 - من رأيته يدعي مع الله حالا أو مقاماً، وهو يجوز في اعتقاده على الله عز وجل تشبيهاً أو تمثيلا، أو تحديداً، فاعلم انه كاذب. 2 - كما أن الله تعالى لا يجوز في حقه تحديد، ولا تشبيه، كذلك صفاته ولو لم يرد الشرع بذلك، لكان العقل يوجبه بالضرورة وينفي ما سواه. 3 - كما أن الزيادة على الحق كفر، كذلك النقص منه، وكما أن التشبيه جحود، كذلك التعطيل، وكما أن الزيادة على معالم السنة بدعة. كذلك التأويل في صفات الله سبحانه، إلا بما ورد به النص أو الجأ إليه البرهان.

4 - العروة الوثقى الوقوف عندما جاء الله تعالى ورسوله (ص) من غير زيادة ولا نقص. وقد اجمل ذلك بقوله: وما رأيت أحداً من المشايخ الذين يقتدي بهم إلا على هذا السبيل. (البهجة 215) كلامه على لسان أهل الحقائق: للصوفية درر كلمات هي العمدة في السلوك، والمعول عليها في مناهج الحياة، وقد يكون القول الواحد صالحاً لان يسلك المرء بموجبه. وقد قصر هؤلاء حياتهم على النظر في الحكمة من طريق العزلة والانقطاع. ولا يعول على سند صحيح وصل إلينا عنهم أقوى من الحكم التي نطقوا بها، فهو نتائج تجاربهم ومجاهداتهم، وملخص آدابهم، وصفوة طريقتهم. وكل أحد يؤخذ بقوله ويرد إلا الأنبياء (ع). وإليك أيها القارئ اشهر أقوال المترجم على لسان أهل الحقائق: 1 - من سكر بكأس المحبة، لا يصحو إلا بمشاهدة محبوبه، فان السكر ليلة صباحه المشاهدة، كما أن الصدق ثمرها المجاهدة. 2 - أصول المحبة في ثلاثة أشياء (كذا في القلائد، وفي البهجة أصول الأصول في ثلاثة): الوفاء، والأدب، والمروءة. فالوفاء انفراد القلب بفردانيته والثبات على مشاهدته والمؤانسة بنور أزليته. وأما الأدب، فمراعاة الخطرات، وحفظ الاوقات، والانقطاع عن المقاطعات. وأما المروءة، فالقيام على الذكر بالصفاء قولا وفعلا، والسر عن الأغيار ظاهراً وباطناً، وحفظ الأوقات لرعاية ما هو آت، واستدراك الأوقات، فإذا وجدت هذه الخصال في العبد، وجد لذة الوصال، وخاف حرقة البين، وهاج في سره نار الاشتياق. 3 - إذا احكم العبد أساسه في الرضا، وصل إلى درجات المقربين. 4 - براهينه: أ - برهان العابدين زكاة أعمالهم. ب - وبرهان العارفين صفاء أحوالهم. ج - وبرهان المحبين بقاء أنفاسهم.

د - وبرهان العالمين نشر عجائب قدرة في أسرارهم. هـ - وبرهان المقربين إجابة الأكوان لدعائهم بأخبارهم عن مولاهم. 5 - المحبة: وله، وسكر، وخمود، وذكر، واستغراق، وفكر، وحيرة، وذعر فمن ادعى المحبة فبرهانه نضح الفؤاد، وتقطيع الأكباد، وإعدام الأشباح، وبذل الأرواح. . . 6 - القلب الجزوع، هلوع، والسر الممنوع فجوع. أقواله الأخرى: نكتفي هنا بذكر جوهرة فريدة له قال: 1 - الحق أقوى من أن يقوى باطل. (راجع. بهجة الأسرار ص 214) وهذا القول ينبغي أن يسير بموجبه كل صاحب مبدأ، ويجعله نصب عينيه بخلاف ما نراه من أصحاب النحل، والمبادئ الأخرى، وما يتخذونه من الوسائل والدعايات وطرق نشرها، خصوصاً نسبة الخوارق والكرامات العديدة لهم للتفاخر والمزاحمة. ومن كان همه معرفة حقيقة الرجل من أقواله وآثاره فلا يعدو ذلك وينتظر ما سواه. معاصروه والآخذون عنه: أشهر المعاصرين الآخذين عنه: 1 - عمر بن المعدني. 2 - الشيخ أبو محمد عبد الله الدمشقي. 3 - أبو الفتح نصر بن رضوان بن مروان الداراني (وفي البهجة ورد نروان عوض مروان) - 4 - علي الحميدي الشيباني (وفي القلائد ذكر المعاصر الشيخ نصر الله بن علي الحميدي لا أبوه) - 5 - أبو البركات بن معدان العراقي. 6 - الشيخ أبو العشائر. - 7 - أبو الفضل معالي بن نبهان التميمي الموصلي (البهجة والقلائد). وفاته: لم يعين صاحب البهجة ولا صاحب القلائد تاريخ وفاته. وإنما جاء في القلائد (ص 108) انه سكن لالش وبقي إلى أن مات بها مسناً، ودفن عند عمه وقبره بها ظاهر يزار رضي الله عنه. أهـ

2 - أبو المفاخر عدي بن أبي البركات: وهذا أيضاً مشهور بالصلاح والتقوى كوالده واخذ عنه، وكان ممن أثنى عليه ابن تيمية. ترجمة صاحب القلائد وافرده بالذكر ونعته بقوله: (الشيخ الأصيل. . . كان من أعيان مشايخ العراق المعتبرين، صاحب كرامات وأحوال. . . إلى أن يقول: صحب والده، واخذ عنه، ولقي غير واحد من المشايخ المشرق (رض). وانتهت إليه الرياسة في وقته في تربية المريدين، بجبل الهكار وما يليه. وتخرج بصحبته غير واحد. وكان كريماً ظريفاً، ذا سمت وحياء، ومحباً لأهل الدين، مكرماً لأهل العلم وافر العقل، شديد التواضع، واجمع العلماء والمشايخ على تبجيله، واحترامه، وقصد بالزيارات، واشتهر ذكره في الآفاق (رض) ولم اقف على تاريخ مولده، ولا وفاته. أهـ فيرى من هذا انه نعته بما نعت به والده. فكأنه حذا حذوه، ولم يزد عليه، أو أن ما قاله مما ينعت به أمثاله (راجع النعوت لباقي المشايخ في القلائد). لم نتمكن من العثور على قول له. وهذا هو خاتمة أكابر الرجال من آل عدي وأقاربه. وأما من جاء بعد هؤلاء فلم يحصل على شهرتهم، ولا نال مكانتهم ولكنهم على كل حال أسسوا الزعامة لكرد تلك الأنحاء كنا تقدم بحيث لم يستطع أن يزاحمهم غيرهم. وبسبب هذا الاعتماد والوثوق، رسخت الرياسة في حفدتهم إلى يومنا هذا. وغاية ما يقال عن المترجم أن وقف عندما تلقى من اسلافه، وراعى وصاياهم بقدر ما تمكن عليه، وقد نقلت عنه بعض الأقوال عام 618هـ. 3 - الشيخ حسن بن أبي المفاخر عدي: ذكره ابن تيمية في وصيته الكبرى (ج1 ص 300) من مجموع رسائله فقال: (وفي زمن الشيخ حسن زادوا أشياء باطلة نظماً ونثراً وغلواً في الشيخ عدي وفي يزيد بأشياء مخافة لما كان عليه الشيخ عدي الكبير. . . (إلى أن قال) وابتلوا بروافض عادوهم وقتلوا الشيخ حسناً. وجرت فتن لا يحبها الله

ولا رسوله. . .) أهـ ولعله إلى هذه الفتن أشار التاريخ المجهول المنسوب للفوطي قال: (في هذه السنة (سنة 652هـ) جرت بين أصحاب الشيخ عدي بن مسافر وأصحاب بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل محاربة كان سببها أن بدر الدين كان كثير التثقيل على أولاد الشيخ عدي ويكلفهم مالا على وجه المساعدة فأطلقوا ألسنتهم فيه فأرسل طائفة من عسكره إليهم فقاتلوهم قالا شديداً فانهزمت الأكراد العدوية وقتل منهم جماعة كثيرة واسروا منهم جماعة فصلب بدر الدين منهم مائة وذبح مائة وأمر بتقطيع أعضاء أميرهم وتعليقها على أبواب الموصل وأرسل من نبش الشيخ عدياً من ضريحه واحرق عظامه) أهـ ومن المستبعد أن يمون هذا الأمير هو الشيخ حسن وان كانت حوادث هذا التاريخ متسلسلة إلا انه لم يصرح باسم الأمير، لان السخاوي قال في تحفة الأحباب موافقاً لما جاء في فوات الوفيات: (وتخلف من بعده أخوه صخر (صحيحها ابن أخيه) وتفرق أولاده (أولاد ابن الأخ) في البلاد واقبل إليهم العباد فنزل منهم بالموصل الشيخ شمس الدين الحسن بن أبي المفاخر عدي بن أبي البركات. . . الملقب بتاج العارفين أبي محمد شيخ الأكراد. . . كان من رجال العالم دهاءً ورأياً وحزماً وله فضل وأدب (وزاد في الفوات: وشعر وتصانيف في التصوف) وله اتباع ومريدون يبالغون فيه، توفي شهيداً في سنة 644هـ (قال في الفوات: خاف منه بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل فقبض عليه وحبسه ثم خنقه بوتر بقلعة الموصل خوفاً من الأكراد لأنهم يشنون الغارات على بلاده فخشي أن يأمرهم بأدنى إشارة فيخربون بلاد الموصل. وفي الأكراد طوائف إلى الآن يعتقدون أن الشيخ لا بد أن يرجع. . . وينتظرون خروجه. وما يعتقدون انه قتل. وكانت قتلته سنة 644هـ) وله من العمر 53 سنة. . . وزاد أحمد باشا تيمور نقلا عن ذخائر القصر في تراجم نبلاء العصر (ص 20) انه اختلى ست سنوات صنف فيها كتاب الجلوة لأرباب الخلوة وانشد من الشعر:

آداب المائدة

وصرت فرداً بلا ثان أقوم به ... واصبح الكل والأكوان تفخر بي وكل معناي معناها وصورتها ... كصورتي وهي تدعى ابنتي وأبي وفيها ما يدل على الروح الصوفية وطريقة وحدة الوجود. وذكر له صاحب الفوات أبياتاً أخرى. . . ولما كان الغلو بدأ في زمن المترجم فسندقق النظر في هذا الغلو وتطوره. ونأتي على بقية الذرية قدر ما وصل إلينا اجتهادنا. المحامي عباس العزاوي آداب المائدة - في المجتمع عادات، يتحتم علينا مراعاتها، وكثيراً ما تكون هذه العادات مخالفة لجماحنا، ونود أن نتلخص منها، إلا أنه لابد لنا من أن نذعن لها، شئنا أم أبينا، إذا أردنا أن نكون من أبناء الأدب، ولو لم يكن ثم قواعد لآداب الاجتماع، لنتج من ذلك تراخ لا يبطئ من أن يجر وراءه انحطاطاً في التفوق وتسفلا في حسن السلوك، وتدن في التهيب، وإذا كان هناك ما يزعج أذواقنا في بعض الأحيان، فالترفع عن خسائس الأمور، يمون العوض الذي لا يقدر ولا يقابل بشىء؛ ومن بعد أن مهدنا الموضوع بهذه الكلمة، نحصر كلامنا في آداب الطعام، وكيفية السلوك بموجبها. يحسن بالإنسان، أن يجري في أكله، كما لن كان مع رفاق، وان كان يأكل في بيته، وفي دخيلته؛ لأن العادة الرديئة إذا تأصلت في النفس، يصعب على صاحبها أن يتخلص منها. ومن منا لم يشاهد حيرة رجل من أهل البادية، إذا دعي إلى وليمة؟ فأنه يشعر باضطراب في نفسه، وكأنه قد قيد بقيد؛ إذ يعلم كل العلم أن هناك عيوناً تراقبه وتترصد؛ ولا يود إلا شيئاً واحداً، هو أن ينتهي عذابه، مع أن أمر الأكل هين؛ لكن آدابه تتطلب أصولا يجب مراعاتها إذ من الضروري أن يتصرف الآكل احسن التصرف في الملعقة، والشوكة،

والسكين. ويجب عليه أن يقبض بيده اليمنى على كل من الملعقة والشوكة؛ والسكين؛ اللهم إلا إذا كأن بيد الآكل لحم يقطعه، فيجب عليه حينئذ أن يدير الشوكة في اليد اليسرى، والسكين في اليد اليمنى، ثم يترك السكين، ويعود إلى اخذ الشوكة باليد اليمنى، ليضع اللقمة في الفم. وإذا كان الآكل لا يريد أن يلقي الشوكة من يده، فليدفع الأكل بالسكين، ليضعه على الشوكة التي بيده اليسرى، ويدخل اللقمة في فمه، وهذه العادة كانت جارية في شمالي أوربة فقط، أما الآن فإنها أخذت تسري وتنتشر في فرنسة، وفي غيرها من الديار المتمدنة، والإنكليز إذا احتاجوا مسح سكينهم، مسحوه بخبزهم، ولا ينكر على الغير مجاراتهم في عملهم هذا. وربات البيوت لا يشكين من هذا الأمر. وتمش الأصابع بالمشوش الذي بيد كل آكل، ولا تمش أبداً بالسفرة، ويتخذ المشوش أيضاً لمش الشفتين، ويبسط بطوله على الركبتين. وبعد نهاية الطعام يلقى إلقاءً على المائدة من غير أن يطوى أبداً، ولا يحسن بالرجال أن يعلقوه بعروة الثوب. وبعض النساء، ولا سيما أولئك اللواتي يقطعن اللحم، يثبتنه بدبوس على أحد جانبي صدرهن. حضرت جدة ذات يوم طعاماً، كان دعي إليه كثيرون، مختلفو الأعمار والطبقات، فتبسمت الجدة في اليوم الثاني، وتشكت من أن الناس لا يأكلون كما كانوا يأكلون (في زمانها) وقالت: (إن نفراً) فقط من المدعون احترموا العادات المقبولة، لدى الأدباء الفضلاء. - فقال لها حفيداها: (يا جدة، أننا لم نطلع على شيء يؤاخذ عليه، فعلمينا بالعجل أي شئ خالف كل مدعو آداب اللياقة، لكي نستفيد من نصائحك، ونعدك وعداً صادقاً، بأننا نحافظ على السر محافظة مطلقة - فأخذت الجدة بقول: (مد الفاضل ع. مراراً عديدة زجاجة جارته ليطلب أن يصب لها ما تشربه، وذلك منه إفراط في اللطف، والظرف، وطلب إليها أن تقاسمه فاكهة، فهذه مباسطات سيئة الذوق؛ ويجب اجتنابها، غير انه قد يتفق أن لا تكون فاكهة صحيحة كافية لجميع المدعوين، فيجوز حينئذ لامرأة أن تقطع الثمرة قطعتين، وتقدم الأكبر منهما إلى امرأة أخرى.

(ولا جرم أن الفاضل أ. ظن في نفسه أنه في خان فمسح بكل عناية زجاجته وصحنه قبل أن يستعملهما، فهذا عمل يدل على انه يتحذر من نظافة البيت وهو الذي طلب أيضاً (لحم بقر) وسماه (مسلوقاً) و (لحم دجاج) وسماه (طيراً) و (خمر شنبانية، وخمر بردو) وسماهما (شنبانية وبدرو). يا لله! ما اشد ما كان تحسري على جارات هذا المدعو المنشرح الصدر! فقد كان كثير الحركات بيديه. ويتكلم بصوت عال، وكان يدفع بمرفقيه هذا وذاك، يميناً ويساراً، وكان يدعو الخادم فيقول له: (يا صبي) وهذه كلمة لا تستعمل إلا في مطعم.) وكانت السيدة ق. قدمت إلى الدعوى قبل الوقت بنصف ساعة، فهذا قدوم قبل الأوان بكثير والسيدة ز. جاءت متأخرة عن الوقت بعشرين دقيقة فهذا إفراط في التعوق، إذ من الحسن أن يأتي الإنسان بعشر دقائق، بل بخمس دقائق، قبل الوقت المعين في رقعة الدعوة. - ولما نهضت السيدة ب. من المائدة كان قد بقي في زجاجتها شئ من الخمر، وبجانب صحنها شيء من الخبز: فطلب المرء مأكولا، أو مشروباً، فوق ما يحتاج إليه، يعد إسرافاً وتبذيراً؛ فلا يحسن أن تكون العينان أوسع من (المعدة!). والآنسة ف. كانت منحرفة المزاح، وكان يحسن بها أن تقرع البيضة البرشت، قرعات صغيرة بالملعقة الصغيرة، أو بشوكتها لا بالسكين. وكان عليها أيضاً أن تسحق القيض بدل أن تبقيه على حاله. وقبل أن تنهض من المائدة غلطت في أنها طوت مشوشها، والمشوش لا يطويه إلا صاحب البيت في بيته، أو في بيت الغير، إذا كان المدعو يعود إلى البيت مراراً كثيرة، الكرة بعد الكرة.) وكان لطالب العلم هـ. مشتهى هيجه المشي. فكان يأكل بجشع عظيم؛ ويتكلم في حين كان فنه مملوءاً طعاماً، وكان يسمع صوتاً بشفتيه. وكان على ملبوس جارته آثار قله نباهته، وقلة نظافته. وظهر لي أيضاً انه كان يتخير بدقة احسن اللقم التي كانت في الصحن الذي كان يطاف به على المدعويين. وادخل

إصبعه مراراً عديدة في المملحة ليقبض منها ملحاً. وكان يحسن به أن يأخذ الملح برأس شفرة سكينه، بعد أن يكون مسحه مسحاً نعماً، إذا لم يكن وقتئذ ملعقة صغيرة.) وكان للآنسة اللطيفة ر. هيئة بدل على تغاض، فكانت تترجح، أو تعتمد على متكأ كرسيها، وتأكل بأطراف شفتيها، كأن هذا العمل يقرب كل القرب من المادة؛ بل رأيتها مرة أو مرتين، تظهر حركات تدل على احتقار، حينما كان يقرب إليها بعض الألوان. والآداب تمنع الناس من أن يقولوا، أو يظهروا ما يجول في خاطرهم، بخصوص طعام سيئ أو لا يوافق الذوق، وقد عجبت كل العجب من أني رأيتها (تجمع) مرق صحنها بقطعة خبز، ولو كانت امتنعت من هذا الفعل، لكان ذلك أعلى قدراً لها. وما كان يجدر بها أيضاً أن تقطع خبزها بالسكين، بل بانامالها، أو أن تجذبه قطعاً ببنانها، إما إذا كان الخبز بائتاً وكان الأكل في البيت، فيجوز قطعة بالسكين. (وكان يجمل بصديقتكما الآنسة لورة. أن يبرد حساؤها قبل أن تأكله ولا تنفخ عليه، وكذلك ما كان يحسن بها أن تمد حلوى على خبزها، إذ لا يمد على هذا النحو إلا الزبد عند شرب الشاي.) (وكان المزارع الفاضل م. س. حائراً في أمر العظام التي كانت تتراكم في صحنه، ولا احلف بأنه كثيراً ما أراد التخلص منها بان دسها مراراً عديدة تحت المائدة. كما كان يفعل في بيته. وقد اخذ من الصحن الطعام بشوكته الخاصة به. عوض أن يأخذ منه بواسطة شوكة الصحون. وقد اخذ حساء بالملعقة والشوكة، والشوكة هنا زائدة، ووضع على المائدة بدل زنديه طلباً لراحته، وصب من فنجانه قهوة في الصحفة بحجة تبريدها؛ وهذه عادة شائنة. وفي الآخر، قبل أن يغادر المائدة ملا جيوبه (مصقولا) و (معجنات) ولا جرم انه يعطبها ابنته الصغيرة، فهذا عمل يدل على حسن قلبه، لكنه يدل أيضاً على سوء أدب في نهاية القبح.) وقد أنست الآنسة ج. بكسر نوى الأثمار إظهاراً لحسن أسنانها. وهذا عيب، لأنه لا يجوز كسر نواة، كما لا يجوز اخذ الخبز بالأسنان، ولا

برج عجيب في أدب

الكمثراة ولا التفاحة، وكان يجب عليها أن تستعجل قليلا في أكلها، لان صاحبة البيت انتظرت أن تفرغ من أكلها، لكي ينهض الجميع، وتعطي إشارة ترك المائدة.) والسيدة ت. جلست إلى المائدة في محل لم يعين لها. وذهبت بعد الطعام بعشر دقائق، وهكذا أخلت بالأدب مرتين، لان صاحبة البيت هي التي تعين موطن الجلوس لكل واحد. ومن اللائق أن يبقى الإنسان لا اقل من ساعة مع المدعون قبل أن يغادر البيت). تعريب ماركريت بشارة في مدرسة الراهبات المركزية في بغداد برج عجيب في أدب بينما كان المنقبون جادين في تنقيباتهم وقفوا على برج مساحته ثمانية أمتار قائم على أطلال حديثة ولا يزال شاخصاً من طبقته السفلى قدر متر ونصف؛ ولما حفروا منفذاً تحت الأرض من أحد أطرافه، وجدوا جداراً سمكه نحو متر وهو مبني معترضاً بالكلس والآجر المسنم. أما داخل، فكان مشيداً باللبن، وفي الزاوية الشرقية من دكة البرج السفلى، كان عرض الفسحة هناك مترين، وطولها ثمانية أمتار، ولم يتيسر للمنقبين أن يمعنوا في التنقيب ويدرسوا الغرض من تلك الفسحة، وكان سطحها الأعلى مغشى بطبقة من الخمر، وعندما أزالوا تلك الطبقة وجدوا تحتها شقفة صغيرة محفوراً عليها اسم بركي - ملك كيش، وأصابوا في زوايا البرج وبين أطرافه نخاريب صغاراً عماقاً متخذة من الآجر. ثم أزالوا ما فيها من الرمل المتراكم طمعاً في أن يجدوا فيها اسطوانات مكتوبة؛ فخاب أملهم، إذ لم يقفوا إلا على شقفة من إناء حجري بسيط كان في أحدها. بيد أنهم عثروا في إنقاص هذا الهيكل على آثار آخر نفيسة جداً، وكان عددها عظيماً، بحيث يقع وصفها في فصل قائم

برأسه. وهذه اللقى الثمينة عرضت عن الاسطوانات المنشودة. ومما يجدر ذكره أن تمثال الملك دا أودو (داود) المعدود من اقدم التماثيل في العالم، وجد هناك فضلا عن شظايا تماثيل أخر وكانت خزانة ذلك الهيكل القديم مملوءة كنوزا تعد من انفس الآثار من تلك الآثار التي كشفت النقاب عن تاريخ هذه البلاد، وأهلت المنقب للاطلاع على صنائع سكانها الأقدمين وآدابهم وفنونهم وصنائعهم. لم يكن البرج قائماً وحده على مصطبة الهيكل، بل وجد على جانبه كثير من المباني مشيدة بالآجر، لم تزل جدرانها منتصبة إلى علو بضع اقدام؛ ولما أزال المنقبون النفايات من الغرف، لم يجدوا أثراً ينبئهم عن الغرض من بنائها وقد ساد على ظنهم أنها بنيت في عصور متأخرة لغايات دينية. أصاب الباحثون غرفتين في طرف مصطبة الهيكل القائم إلى جنوبي الزاوية، وكانتا من شكل وحجم واحد، وكلتاهما اتخذتا لغرض واحد في أزمنة مختلفة. ويهب معظم الأثريين إلى أن إحراق جثث الموتى لم يكن عادة شائعة عند البابليين القدماء، بيد أني اذهب إلى أن هاتين الغرفتين اتخذتا لهذه الغاية، ولم تتخذ أبداً لإحراق جثث الحيوانات وتقديمها إلى الآلهة قرباناً وضحية على ما يزعم بعضهم. كانت أول الغرف الخارجية قائمة الزوايا، وقيس طولها فكان ستة أمتار و 30 سنتيمتراً في عرض أربعة أمتار و20 سنتيمتراً. وكان عمقها تحت سطح دكة الهيكل متراً و9 سنتيمترات، وفي داخل هذه الغرفة غرفة أخرى بيضية الشكل، وكان سمك جدارها 60 سنتيمتراً، وهي مشيدة بالآجر المسنم وإلى الطرف الجنوبي الشرقي من هذه الغرفة البيضية كانت دكة اهليليجية طولها متران و 3 سنتيمترات في عرض متر و 7 سنتيمترات مفروشة بالآجر، وفي هذه الغرفة حفر مقيرة. وكان متصلا بالطرف الجنوبي الشرقي غرفة مربعة وأرضها أوطأ من مستوى الدكة الاهليليجية بقليل وفيها أتون ومدخنة يؤديان إلى الدكة المذكورة. وقد دل آجرها على أن الحرارة بلغت اشدها وكانت الجثة المهيأة للإحراق تنقل إلى

مسلك ضيق فتوضع على الدكة البيضية فيجتاز لهب الأتون المدخنة فتحرق الجثة وتصيرها رماداً، وكان الدخان يخرج متصاعداً من منفذ في أعلى السطح المعقود بالأجر. ورماد الجثة بعيد عن رماد الحطب، فلا يختلطان، فيرفع الأول ويوضع في قوارير كبيرة بمنزلة مدفن لها، كما ذكر في أمر الخابئتين، فإن لم يدفن الرماد بهذه الصورة يلقى حينئذ في الحفرة السفلى، فيحفظ فيها بمنزلة رفات. وقد أزال النقابون من إحدى تلك المحارق الرماد المتكدس منذ قرون. الريازة عند الشمريين ذهب فريق من الأثريين منذ زمن طويل إلى أن العقد والقبة مأخوذان من الرومان. ولكن عثور المنقبين على عقود كاملة البناء من الآجر المسنم في فارة. وتلو، ونفر يقضي على ذلك المذهب قضاءاً مبرماً، إذ أن الغرفة البيضية الشكل المعدة لإحراق الجثث وجدت معقودة بالآجر، ولم تزل آثارها ظاهرة للعيان حتى اليوم في هيكل بسمى. والمكشوفات التي توصل إليها علماء الآثار في بابل وقفتهم على فن هندسة البابليين القدماء، وأنبأتهم بأنهم كانوا مشغوفين ببناء العقود والقباب منذ ستة آلاف سنة كما هو العادة اليوم في بناء الدور والسردايب في العراق وفي سائر ديار الشرق. لما نقل الحفارة، ما في حفرة المحرقة الأولى ظهر بضع قطع من التماثيل الحجرية البيض. أما نفس ما وجد في حفرة المحرقة الثانية فرأس تمثال مصنوع من المستماز الأسود، طوله من العنق المقطوعة إلى أعلى الرأس 15 سنتمتراً وقد محي وجهه وملامحه بضربة أصابته من آلة قاطعة حادة ذهبت بمحاسنه، بيد أن رأسه المستدير الأصلع كان كاملا، وهذا الرأس يماثل في المادة والشكل والصناعة تماثيل جودياء في تلو (تل هوارة). خصائص ملوك عصر الآجر المسنم خلف ملوك عصر الهيكل المشيد بالآجر المنسم، خمسة عشر ملكاً أو اكثر وهم الملوك الذين اتخذوا في عمارتهم الآجر الرقيق المخدد المستطيل. وكان اسم أحدهم بركي، ملك كيش المار ذكره، واغلب أولئك الملوك كانوا يعيدون بناء الهيكل القديم أو يرممونه. وقد شيدوا بعض الغرف على طول الجهة الشمالية

الشرقية من الدكة، وفرشوا أرضها بالآجر المخدد، وأقاموا على سطحها القني والمجاري، ورمموا ظاهر المحرقة. واشهر الملوك الذين اهتموا بتجديد الهيكل، وعنوا بتشييد مباني أخر كان الملك علم الآجر بثلاثة أخاديد متآزية. ولم يزل اسم ذلك البناء العظيم مجهولا. إذ لم يتيسر لأحد النقابين العثور على عادية تميط اللثام عن وجه هذه المسالة. ووجد الحفارون بالقرب من الطرف الجنوبي الشرقي من الدكة. مدخل باب غرفة قديم، وبقي منه قطعتان منحوتتان من حجر، لونهما وردي خفيف وفوقهما قائم ثغرة باب. وفي نقرة مدار الباب عضادة من خشب تدار فتتحرك وقد صنع مفصل هذا الباب (نرماذجته) بغاية الإتقان، وصقل وركب في الثغرة ولا اثر للكتابة فيه ويحتمل أنها اندرست لطول عهدها. شرع سرجون ونرام سن في بناء الهيكل بعد البنائين الأولين، وقاما بترميمه وتوسيعه. يثبت ذلك ثبوتاً بيناً، آجر سرجون الكبير المربع، وذهب نرام سن إلى أن الترميمات التي قام بها هو وسرجون كانت طفيفة جداً، ويكاد يكون لا اثر لتجديد المباني في عصريهما، لأن الملك أور ننجور، استأصل كل ما قاما به من ترميم وتجديد، لما تبوأ عرش الملكة، ويعد آنجور ودنجي من اعظم الملوك همة في تشييد المباني والهياكل، والمعابد في ديار بابل؛ فان الآجر المنسوب إليهما يكاد يرى في معظم أنقاض المباني القديمة. كما أن آجر نبو كدر اصر مبثوث بين بقايا المدن والقصور والعمارات التي قام بتشييدها في عصره. إن هذين الملكين لما أعادا المباني في أدب لم يتعرضا لتغيير الدكة الواسعة الأطراف بل صانها وأبقياها على حالها الأول على حد ما شيدها البناؤون القدماء غير انهما وسعا ساحة البرج المبنية بالآجر المسنم، توسيعاً كبيراً. فانهما جعلا عرض كل من جوانبها 20 متراً، بعد إن كان 8 أمتار؛ وقد حافظا على هيئة بناء البرج القديم، فكان جداره الظاهر مشيداً بالآجر؛ أما باطنه فكان باللبن، وسقط بعض الآجر من طبقة البرج العليا في الزاوية الجنوبية، وهذه الآجرات وقفت الأثريين على عدد طبقات البرج ومبلغ ارتفاعه، والآجر

المكتوب المشيد في وجه الجدار، كشف الغطاء عن أسماء البنائين، وفرق بين عمل الواحد وعمل الأخر وميزها بفروق ظاهرة. ووجدت قساطل مربعة مصنوعة من الآجر بقرب الزاويتين الواقعتين في الشمال والجنوب، ولا اثر فيها للكتابة وهي مغشاة بالجمر، وقد اتخذت قنيات لجر ماء المطر من أرض طبقة البرج الأولى. ويرى في الزاوية الغربية غرفة صغيرة مكتظة بالقساطل، فعثر فيها النقابون على شقف عديدة من إناء بهيئة زورق. ولقد محت الطوارئ الطبيعية كالمطر والشمس والرياح آثار مجددي بناء الهيكل ومرمميه في القرون الأخيرة. ولم تترك أثراً شاخصاً يستدل به على أولئك الملوك البنائين. فقد ورد في الرقم المسمارية التي كشفت مع شريعة حمرب، هذا أن الملك بنى الهيكل والمدينة، ولعل المراد بذلك ترميمها أو إعادة بعض المباني فيهما. لان النقابين لم يعثروا في هيكل أدب على صحيفة آجر تؤيد ما ادعاه الملك حمرب، ولعل التنقيبات المقبلة في أنقاض (بسمى) تكشف النقاب وتزيل الاتهام عن هذه المسألة المهمة في نظر الباحثين المحققين. أما الآجر المنسوب إلى الملك كوريجلزو الذي كشف في أنقاض أخربة أخر فيشير إلى انه أحد بنائي الهيكل. ويظهر أن مدينة أدب فقدت بعدئذ مركزها الديني والأدبي الأول، فأهملها الملوك، ولم يعودوا إلى الاهتمام بأمرها فأصبحت نسياً منسيا، إذ أن الملكين العظيمين: آشور بنيبل ونبو كدراصر كانا من المولعين بإعادة بناء الهياكل القديمة في الجنوب، وذلك لم يكترثا مدينة أدب ولم يلتفتا إلى هيكلها، ولا إلى مقام المعبودة نن هرسج (سيدة رأس الجبل). لقد أصبحت هذه المدينة بعد أن تخلى عنها الملوك الأشداء، مأوى لبنات آوى، ومسرحاً للذئاب. ومربضاً لسائر الأوابد بل هجرها أعراب البادية، لأنها أمست قفراً اجر، ولا اثر للماء والحياة فيها. رزوق عيسى

فوائد لغوية

فوائد لغوية نقد تاريخ الأدب العربي - 5 - تاريخ (أما بعد) ونقل في ص 19 بترجمة قس بن ساعدة (ويقال أنه أول من خطب على شرف واتكأ على سيف وقال في خطبه: أما بعد) قلنا: وكذلك نقل عبد القادر البغدادي من كتاب المعمرين لأبي حاتم السجستاني انه أول من آمن بالبعث من أهل الجاهلية، وأول من توكأ على عصاً وأول من قال: أما بعد، وأول من كتب: من فلان ابن فلان (ولكن نقل السيوطي من آمالي ثعلب (حدثنا عمر ابن شيبة، حدثنا إبراهيم، حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت، حدثنا محمد بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن قال: أول من قال (أما بعد) كعب بن لؤي وهو أول من سمى يوم الجمعة الجمعة وكان يقال له العروبة.) فهذه الرواية أقوى من تلك، وكعب بن لؤي اقدم من قس كثيراً وهو الجد السابع لرسول الله - ص - فهو ابن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي وإذا تعارضت روايتان في مثل هذا فالقدم أولى من الحداثة. أمن شعر قس هذا؟ وقال في ترجمة قس بن ساعدة المذكور بصفحة 20 (ومن شعره قوله يرثي أخوين له وقف على قبريهما بدير سمعان: خليلي هبا طالما قد رقدتما ... أجدكما لا تقضيان كراكما ألم تعلما أني بسمعان مفرد ... وما لي فيه من حبيب سواكما

أقيم على قبريكما لست بارحاً ... طوال الليالي أو يجيب صداكما جرى الموت مجرى اللحم والعظم منكما ... كأن الذي يسقي العقار سقاكما فلو جعلت نفس لنفس وقاية ... لجدت بنفسي أن تكون فداكما سأبكيكما طول الليالي وما الذي ... يرد على ذي عولة أن بكاكما؟ ووردت نسبته كذلك إلى قس في (1: 369) من خزانة الأدب، ثم قال في ص 373 (أورد أبو تمام في الحماسة هذه الأبيات على غير هذا النمط وقال: ذكروا أن رجلين من بني أسد خرجا إلى أصبهان فآخيا بها دهقاناً في موضع يقال له (راوند) فملت أحدهما، وبقي الآخر، والدهقان، يندمان قبره ويشربان كأسين ويصبان على قبره كأساً فمات الدهقان؛ فكان الأسدي ينادم قبريهما ويشرب قدحاً ويصب على قبريهما قدحين ويترنم بهذا الشعر: خليلي هبا طالما. . . وروى الأصبهاني بسنده إلى يعقوب بن السكيت أن هذا الشعر لعيسى بن قدامة الأسدي، قدم قاشان وله نديمان فماتا، فكان يجلس عند قبريهما، وهما براوند، بموضع يقال له (خزاق) فيشرب، ويصب، على القبرين، حتى يقضي وطره، ثم ينصرف وينشد، وهو يشرب، وروى ما رواه أبو تمام وزاد عليه) فالذي رواه أبو تمام: ألم تعلما ما لي براوند كلها ... ولا بخزاق من صديق سواكما؟ أصب على قبريكما من مدامة ... فإلا تنالاها تروجناكما جرى النوم بين الجلد واللحم منكما ... كأنكما ساقي العقار سقاكما وزيادة الاصبهاني: تحمل من يبقي العقول وغاروا ... أخالكما أشجاه ما قد شجاكما

وأي أخ يجفو أخاً بعد موته؟ ... فلست الذي من بعد موت جفاكما أناديكما كيما تجيبا وتنطقا ... وليس مجاباً صوته من دعاكما قضيت باني لا محالة هالك ... وأني سيعروني الذي قد عراكما قال عبد القادر: (وروى الاصبهاني أيضاً بسنده إلى عبد الله ين صالح البجلي أنه قال: بلغني أن ثلاثة نفر من أهل الكوفة كانوا في الجيش الذي وجهه الحجاج إلى الدليم وكانوا يتنادمون ولا يخالطون غيرهم وانهم لعلى ذلك إذ مات أحدهم فدفنه صاحباه فكانا يشربان عند قبره فإذا بلغه الكأس هرق على قبره وبكيا ثم أن الثاني مات فدفنه الباقي إلى جنب صاحبه وكان يجلس عند قبريهما فيشرب ويصب كأسين عليهما ويبكي ويقول - ثم ذكر الأبيات التي تقدم ذكرها - وقال: خزاق مكان براوند بقزوين، قال: وقبورهم هناك تعرف بقبور الندماء، قال الاصبهاني: وذكر العتبي عن أبيه أن الشعر للحزين بن الحرث أحد بني عامر بن صعصعة وكان أحد نديميه من بني أسد والآخر من بني حنيفة، فلما مات أحدهما كان يشرب ويصب على قبره ويقول: لا تصر دهامة من كأسها ... واسقه الخمر وان كان قبر كان حراً فهوى في من هوى ... كل عود ذي شعوب ينكسر ثم مات الآخر فكان يشرب على قبريهما ويقول: خليلي هبا. . . وأما أبو عبيدة في معجم ما أستعجم وياقوت في معجم البلدان فقد نسبا هذه الأبيات للأسدي (أي عيسى بن قدامة المتقدم الذكر) وذكرا حكايته كابي تمام. ثم قال ياقوت: وقال بعضهم: إن هذا الشعر لقس بن ساعدة في خليلين كانا وماتا. وقال آخرون: هذا الشعر لنصر بن غالب يرثي به أوس بن خالد وزاد في الأبيات ونقص. . .) أهـ كلام البغدادي - رحمه الله - وهو غاية في التحقيق، فإسناد الأبيات إلى قس على طريقة الإيمان والإيقان ليس على شيء من التحري في الرواية ولا على شفاً من التمحيص ولا بعد الفتن، فالأولى للأستاذ الزيات أن يذكر هذه الأبيات في معرض اضطراب الرواية للشعر العربي واختلاف الرواة لا غير. دين عمرو بن معد يكرب الزبيدي وقال في ص 21 بترجمة عمرو بن معد يكرب الزبيدي وهو يعني عمراً

(ولكن قلباً شاب في الجاهلية الجهلاء؛ ورتع في الدماء والاشلاء، واستهتر في اللهو والصهباء، لا يقبل على الدين بإخلاص وصدق فارتد بعد إسلامه، ثم رجع إلى الحق وجاهد في الله حق جهاده). ونحن لا نرى لهذا التعليل وجاهة لان كثيراً من أصحاب الرسول الصالحين كانوا قد شابوا في الجاهلية الجهلاء، واستهتروا باللهو والصهباء، وألفوا الدماء والاشلاء، أفلم يقبلوا على الإسلام بإخلاص ولا بصدق؟ فالزيات نفسه قال عنه: (لقي النبي - ص - لدى منصرفه من تبوك سنة تسع من الهجرة فاسلم هو وقومه) فهو قد دخل في الإسلام مختاراً لا مضطراً، ويظهر لنا انه كان في وفد مذحج على النبي - ص - وكان سيد الوفد ظبيان بن حداد في سراة بني مذحج ولم يرتد هو وحده حتى يصح في حاله ذلك التأويل وإنما ارتدت مذحج وهو فرد منها. وذلك أن رسول الله - ص - أمر على مذحج فروة بن مسيك المرادي فأساء السير ونابذ عمراً هذا ففارقه في كثير من قبائل مذحج، فاستجاش فروة رسول الله - ص - وعليه وعليهم، فأرسل خالد بن سعيد بن العاص وخالد بن الوليد بعده في سرية وفي سرية ثانية وعلي بن أبي طالب - ع - في سرية ثالثة وكتب إليهم: (كل واحد منكم أمير من معه فإذا اجتمعتم فعلي أمير الكل) فاجمعوا بموضع من أرض اليمن يقال له (كسر) فاقتتلوا هناك وصمد عمرو بن معد يكرب لعلي - ع - وكان يظن انه لا يثبت له أحد من شجعان العرب فثبت له علي - ع - وعلا عليه ورأى عمرو منه ما لم يكن يحتسبه فأقلت من يده بجريعة الذقن وفر هارباً ناجياً بنفسه بعد أن كاد علي يقتله وفر معه رؤساء مذحج وفرسانهم وغنم المسلمون أموالهم وسبيت ذلك اليوم ريحانة بنت معد يكرب أخت عمرو فأدى خالد بن سعيد بن العاص فداءها من ماله. مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكر

باب المكاتبة والمذاكر أنظرات أم كبوات؟ صديقنا الفاضل مصطفى جواد مغرم بالنقد. ما يصدر جزء من مجلة لغة ما يصدر جزء من مجلة لغة العرب الغراء. إلا وهو طافح بطائفة من نقوده. فهو من المجاهدين في سبيل اللغة والنحو، وقد استل سيف نقده يميناً وشمالاً. والحق يقال انه كثير الإصابة في ما يعود على اللغة والنحو، وقد يخطئ أحياناً، فيعود فيستغفر الله، ويصحح خطأه بنفسه؛ وقد يصححه له الأب الجليل، صاحب هذه المجلة فيقبله شاكراً كما وقع له في (ألقت) و (الفث)، والجهاد فضيلة، والاعتراف بالخطأ فضيلة مثله، ولكن غرام النقد، قد يسوقه إلى نقد ما هو خارج عن اختصاصه. ولا بد من زلل المرء، إذا تصدى للبحث في ما لا وقوف له عليه. صحح في مقالة (ذم القواد) التي نشرتها في الجزء الأول من السنة التاسعة من هذه المجلة، بضع كلمات، رأيناه مصيباً فيها فشكرناه عليها، ووجدناه بعيداً عن الإصابة في بعضها، فأبى إلا أن يرفضها علينا فرضاً. وكتب في (9: 373) كلاماً في ذلك ينم على ضيق صدر. تمثل بالآية الكريمة: (وكان الإنسان اكثر شئ جدلا) عند رفضي تبديل كلمة (برود) الواردة في عبارة: (واجل رمص الغفلة ببرود اليقظة) بكلمة (مرود)، وينسى أن قسماً كبيراُ من أجزاء لغة العرب مملوء بجدله، وبألف استشهاد بابن أبي الحديد، ومن لطف المولى، أن الذين يصوب إليهم سهام جدله، لا يلتفتون إلى أقواله، ولو أجابوه عليها لضاقت المجلة بالجدل، ولاقتضى تسميتها (مجلة الجدل). أما أنا فلسوء حظي أراني مضطراً إلى أن أبين له مرة ثانية. إن ما من عاقل ولا مجنون يزيل الرمص بالمرود. إنما يزال بمحلول مطهر، أولا اقل من أن يغسل بالماء، وأم القصد من جلاء الرمص.

جلاء العين الرمضاء، حتى تشفى، فلا يعاودها الرمص، وإن الجلاء اصطلاح طبي، أراد به الأطباء القدماء خاصة من خواص بعض الأدوية. هذا ابن سينا في الجزء أول من قانونه (طبعة دار الطباعة المصرية ص 232 فما بعدها) يذكر أفعال الأدوية فيقول: (الدواء الملطف، والمحلل، و (الجالي)، والمخشن، والمفتح، والمرخي، والمنضح، والهاضم، وكاسر الرياح، والمقطع، والجاذب، واللاذع، والمحمر. . .) الخ. فترى انه ذكر بين الأدوية الدواء الجالي. وهذا علي بن العباس المجوسي، يذكر في كتابه كامل الصناعة الطبية (ج2 ص 596 دار الطباعة المصرية) صفة كحل ويقول (برود جلاء مقو للعين. يؤخذ نشادر أربعة دراهم صمغ عربي، درهمان أسفيداج الرصاص، وإقليميا الفضة، وأثمد من كل واحد درهم، يدق الجميع ناعماً وينخل بحريرة، ويرفع في إناء ويستعمل عند الحاجة) أهـ أفبعد هذا يسوغ لمدع أن ينسب الجلاء للمرود؟ ولا ننس أن المقال في الرسالة المذكورة ورد على لسان كحال. وقال المصطفى عن ابن فارس ما مؤداه: لماذا قال كذا في تعريف الصفاق ولم يقل كذا، إن قوله ينطبق على حالة كانت، ولا تزال جارية في مدارس الجوامع، حيث يقعد المدرس على الحصير وحوله طلابه، بأيديهم الشروح، والحواشي؛ وحواشي الحواشي، والتعليقات على الحواشي. واكثر شروحهم يقال أقول على تعبيرهم، وفيها الشيء الكثير من الاعتراض على عبارة المتن؛ فيقولون لماذا قال كذا، ولم يقل كذا، ولو كان المعنى مفهوماً. فيصرفون أوقاتهم بهذه الاعتراضات الفارغة التي ليس من ورائها سوى إضاعة الوقت. ولكن صاحبنا مغرم بالنقد. كما أسلفنا. راجع أجزاء المجلة، تجده متعرضاً لهذا وذاك، ومستشهداً دوماً بابن أبي الحديد، حتى كأنه قد استظهر كتابه، ولكنه من الجهة الأخرى ينسى ما هو نصب عينيه كل يوم. ينسى أن العلم العراقي علم دولته، وشعار أمته، مؤلف من أربعة ألوان. فيعمد لنظم أبيات يسميها (تحية العلم العراقي) بقصد تعليمها (للصف الرابع الابتدائي) كما ذكر وينشرها في هذه المجلة (9 - 412). يذكر فيها من ألوان العلم العراقي: الأحمر والأسود

والأبيض وينسى الأخضر. وليس هذا خطأه المضحك المبكي الوحيد في هذه الأبيات فانه نسب الألوان إلى غير من تنسب إليهم. نسب الأحمر لبني أمية حال كون شعارهم الأبيض؛ ونسب للفاطميين البياض، حال كون شعارهم الأخضر. أهكذا تعلم الصبيان؟ ألم يرقع رأسه يوماً من الأيام ويرى ألوان العلم العراقي الذي يرفرف فوق المدرسة الابتدائية التي يدرس فيها؟ فان قال قائل انه لم يذكر الأخضر لان الوزن والقافية لم ينقادا له لحداثة عهده بالنظم. قلنا: أما كان الأجدر به حين ذاك أن يمزق ما كتبه، ويتحاشى نشره في الصحف السيارة، وتلقينه للصبيان. ثم ماذا نقول عن نسبته الألوان لغير أهلها؟ على أننا نكبر في صديقنا المصطفى، جده، واجتهاده، وكثرة مطالعته، وتنقيبه. ولكن الجواد قد يكبو، اللهم سدد خطانا واهدنا صراط الصواب. الدكتور داود الجلبي بعض مستندات عبد الحميد بن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة هذا الشرح محتو على (2177) صفحة بقطع الربع الكبير، أكثرها بالحرف الدقيق جداً، وهذه بعض مستنداته: شرح نهج البلاغة لسعيد بن هبة الله المعروف بالقطب الراوندي، فضائل الإمام علي - ع - لأحمد بن حنبل - رض - الصحاح الستة واكثر كتب الفقه في المذاهب، تاريخ الأشراف للبلاذري، المقالات لأبي القاسم البلخي، شرح المقالات لقاضي القضاة أبي الحسن عبد الجبار بن احمد البصري، كتاب (ايسطا) لزردشت، وقعة الجمل لأبي مخنف لوط بن يحيى، كتاب صفين لنصر بن مزاحم، الكفاية في علم الكلام لابن متوبه، مقاتل الطالبيين والأغاني الكبير

للاصفهاني، حيلة الأولياء للفضل بن دكين أبي نعيم، كتاب الإنصاف لأبي جعفر بن قبة. الاستيعاب في معرفة الصحاب لابن عبد البر، المنتظم لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي، تاريخ أبي الحسين الصابئ، تاريخ غرس النعمة ابنه، كتاب المعتبر لأبي البركات بن ملكا البغدادي، كتاب الآراء والديانات للحسن بن موسى النوبختي، آمالي محمد بن حبيب، جمهرة النسب لابن الكلبي، المعارف لابن قتيبة، غريب الحديث له، عيون الأخبار له، أدب الكاتب له، كتاب الغارات لإبراهيم بن هلال الثقفي، كتاب المثالب لأبي عبيدة، كتاب المقالات لأبن الهيصم، كتاب التصفح لأبي الحسين الخياط، كتاب صفين لابن ديزيل إبراهيم، كتاب صفين للواقدى، كتاب التاج لابن الراوندي، تاريخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري المجتهد، كتاب الأوائل لأبي هلال العسكري الخراج لقدامة بن جعفر، تكملة الدرر والغرر للمرتضى. ربيع الأبرار للزمخري، الكشاف له، صحاح الجوهري، العين للخليل، تنزيه الأنبياء والأئمة للمرتضى، الشافي له، تفضيل علي لأبي جعفر الإسكافي، الأمثال للمدائني. آمالي أبي احمد العسكري، المثل السائر لابن الأثير الجزري، الفلك الدائر على المثل السائر للشارح نفسه، العبقري الحسان له، الأمثال لمؤرخ بن عمرو السدوسي، البيان والتبيين للجاحظ، العثمانية له، العباسية له، الحيوان له، مفاخرات قريش له؛ المغني لقاضي القضاة عبد الجبار المذكور، أمالي أبي بكر بن دريد، كتاب فلسفة محمد بن زكريا الرازي، خطب ابن نباتة، خطب ابن الشخباء العسقلاني؛ التاج لأبي عبيدة، المستبشر لمحمد بن جرير الطبري الشيعي لا المجتهد، الكامل للمبرد، الكامل لابن الأثير علي، الموفقيات للزبير بن

بكار السقيفة لأبي بكر احمد بن عبد العزيز الجوهري، تاريخ أبي بكر بن كامل الرسالة المقنعة للمفيد محمد بن النعمان؛ الإرشاد له، التكملة لأبي علي المغازي للواقدي، المغازي لمحمد بن اسحق، التذييل على نهج البلاغة لعبد الله بن إسمعيل الحلبي المنهاج لابن جزلة الطيب، حلية العلماء للشاشي، الغرر لأبي الحسين الخياط، اليتيمة لابن المقفع، تاريخ احمد بن طاهر، غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام، رسائل الصابئ، آراء العرب ودياناتها لأبي عبد الله الحسين بن محمد بن جعفر الخالع. الإكمال لابن ما كولا، ملح الممالحة لابن ناقيا، إحياء العلوم للغزالي طبقات الشعراء لمحمد بن سلام الجمحي، طبقات ابن اسعد، أخبار عمر لابن الجوزي صاحب المنتظم، كلام على لابن العباس يعقوب ابن أبي احمد الصيمري طبقات الشجعان ومقاتل الفرسان لأبي عبيدة، الاشارات الإلهية لابن سينا الإشارات الإلهية لأبي حيان، تقريط الجاحظ له، الحاوي للماوردي، نقض العثمانية لأبي جعفر الإسكافي، تاريخ ابن عرفة نفطويه، مثالب العرب للهيثم ابن عدي، الرسالة للقشيري، البصائر له، الأحداث للمدائني، شرح المزني لطاهر الطبري، أمالي أبي بكر بن الانباري، الأنساب لأبي عبيدة؛ زيادات كتاب السقيفة للجوهري صاحب السقيفة نقض السفيانية على الجاحظ لأبي عبد الله البصري، نشوار المحاضرة للقاضي التنوخي، (وقد ذكره صاحب لغة العرب 8: 351 إلى 355 و767 إلى 773) أدعية الصحيفة، ديوان الشريف الرضي، الحماسة لأبي تمام، نثر الدر في التاريخ للابي، الشورى للواقدي، النكت للنظام المتكلم، الشفاء لابن سينا، الاصحوبة له، الذريعة للمرتضى، مروج الذهب للمسعودي،، الآثار الباقسة للبيروني، المونق للمرزباني، أخبار صفين لابن الكلبي، تفسير القرآن للثعلبي، كتاب العالمين لأبي جعفر محمد بن الحسين

الصنعاني صاحب زيج الصفائح، طبقات المعتزلة لقاضي القضاة، آمالي ثعلب؛ مقتل عثمان للمدائني، تواريخ الأمم لحمزة بن الحسن الأصفهاني. مصطفى جواد (لغة العرب) اعتبرنا دائماً شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد من أنفس الأسفار العربية، فهو ديوان شعر ونثر وأدب وأخبار وتاريخ وتراجم وبلدان، فهو وحدة خزانة قائمة بنفسها، يستغني به عن كتب عدة لا تحصى. رومية المدائن هي سلوقية إن كلامكم المنقول في (9: 466 467) من المجلة يؤيد أن رومية هي سلوقية، والغريب فيه قول ياقوت: (وعرب: وه جنديو خسره على رومية) فهذا قول مضحك جداً، يبين عن مبالغة المتكلفين لاحتمال التعريب والحقيقية أن العرب ظنوا أن الاسكندر بناها وهم يعدونه من الروم لا من اليونان، قال الجوهري في المختار: (وذو القرنين لقب اسكندر الرومي). فسموا المدينة (رومية) نسبة إلى الذي عدوه من الروم. ورومية تسمى اليوم (تل عمر) وقد حفرت عن آثارها (جماعة متأثرة) رئيسهم المستر (واترمان) من أساتذة جامعة ميشيغان، فعثروا في سنة 1928 على مبان يونانية تدل على مدخل المدينة شلوقية، ووجدوا كتابة يونانية أيضاً. ومشاعل؛ وكان الحفر في الجانب الغربي من الهور المقابل لسلمان باك، وكان الهور مجرى دجلة القديم. والمدخل الذي كشفوا عنه، هو أحد أبواب سلوقية وهذه الكتابة اليونانية المشار إليها نفت زعم البعثة الألمانية - الجاثية إلى تل عمر، سنة 1918، ورئيسها يوليوس يوردان واوسكار رويتر - إن دجلة مرت بين أطلال طيسفون، فانقسمت إلى قسمين: قسم في الضفة اليمنى: والآخر في اليسرى، وظن الناس أن القسم الغربي هو أطلال سلوقية. مصطفى جواد

طبع الإكليل (الجزء الثامن) أتممنا طبع الجزء الثامن من هذا الإكليل الذي يزري بكل ثمين من الكتب وطبعنا من فهارسه (خمسة عشر) والآن عقدنا النية على أن نزيدها ثلاثة أخرى فنبلغ بها ثمانية عشر. وعلى هذا الوجه يقرب هذا السفر ومحتوياته من كل أديب حتى يكون على حبل ذراعه. وقد قرأنا في جريدة (حضرموت) التي تصدر في سور أبليا (جاوة) مقالة الاستهلال بتاريخ 14 مايو في عددها 287، فنقتطف منها ما يتعلق بالإكليل. قال الأمير الكبير شكيب ارسلان من كلام له: (مولانا (السيد علي باعبود العلوي) يذكر الهمداني في موضوع محافد اليمن، فهو يشير إذاً إلى كتاب الإكليل النادر الوجود. فهل عنده هذا الكتاب؟ - أما أنا فقد اطلعت على جزءين منه: الثامن والعاشر. وذلك بهذه المدة في خزانة الكتب الملوكية في برلين، وأخذت صورتهما بالفوتوغرافيا، ولقد علمت أن نسخة من الثامن هي في مكتبة دار الفنون بالأستانة. وان الأب الكرملي الفاضل يباشر طبع هذا الجزء في بغداد معتمداً على خمس نسخ. وكنت سمعت أن منه نسخة كاملة الأجزاء العشرة في اليمن، فسألت عن ذلك سمو الأمير سيف الإسلام محمداُ، أمير الحديدة، فاجابني بأنه لا يعلم بوجود شيء عندهم من هذا الكتاب غير جزءين. فعسى أن يكون في حضرموت أو عند الحضارم نسخة تامة) أهـ كلام الأمير. قلنا: وكنا قد سألنا أحد أصدقائنا الأخصاء عن الأجزاء العشرة لهذا الكتاب وكان يعرف خزائن حضرموت واليمن معرفته لأمور بيته، فقال لا وجود إلا للثامن والعاشر ولا تزد. وأما سائر المجلدات فلا وجود لها؛ فأما أنها كانت في فكرة المؤلف ولم تخرج إلى عالم التدوين؛ وأما أن أعداء المؤلف - كانوا كثيرين - أتلفوها قبل انتشارها على أيدي النساخ. أما الموجودان منها فقاوما الضياع لنسخ الناس إياها وانتشارها بينهم بسرعة هائلة. الأكاليل (نسخة الفاتيكان، أو نسخة رومة) كنا قد أرسلنا إلى صديقنا الأستاذ جورجيو ليفي لافيدا أحد علماء الجامعة

الرومانية بنسخة تامة مطبوعة من الجزء الثامن من الإكليل، وطلبنا إليه أن يعرضها بنسخة الفاتيكان (رومة). فكتب إلينا بتاريخ 22 مايو ما هذا إعادة نصه: (لقد انتهيت من معارضة نسختك المطبوعة من الإكليل بنسخة الفاتيكان وكلفني الأمر وقتاً اكثر مما توهمته في أول الأمر. وأخشى أن لا تكون الفائدة عظيمة. نسخة الفاتيكان سيئة وهي حديثة وقد نقلها رجل لا يفهم ما يكتب إلا أن خطورتها قائمة على أن النسخة المنقولة عنها كانت صحيحة. والروايات التي تراها تدنيها من النسختين اللتين أشرت إليهما في إكليلك المطبوع بحرف (ك) و (خ) لكنها ليست بهما. والنص الذي يشابهها كل المشابهة هو نص نسخة فينة (النمسة) التي اعتمد عليها د. هـ. ملر في ما نشره من هذا الجزء. والحال أننا نعلم أن نسخة فينة خطت في سنة 1874 على نسخة صنعاء، ولهذا يخيل إلي أنها نفس النسخة التي زبرت عليها مخطوطة الفاتيكان. ولا اعلم هل نسخة (ك) و (خ) أخذتا عنها. ومهما يكن من الأمر، فان اغلب الروايات التي دونتها (وقد أهملت منها ما يتعلق بالرسم فقط) لا شأن لها، بيد إن بينها حسنة. ودونك بعضها ففي ص 156 س 1و2 ذي بحرى وليست حلتي هما ورايتان صحيحتان. وكذلك في ص 188 في السطر الذي يسبق الأخير والسطر الأخير أيضاً: (الشيب) و (الذي) مما يجب الاحتفاظ يهما حفظاً للبحر الخفيف، وفي ص 190 س 11 خويلد ابن خديجة على ما في النص المطبوع والصواب خويلد والد خديجة. وفي ص 195 س2 و3 ما يبين أن نص نسخة الفاتيكان وحده صحيح دون غيره من النسخ الخمس. وقد ضممت إلى نسخة الإكليل المطبوعة التي أعيدها إليك. وصف نسخة الفاتيكان وتحليتها، فعسى أن يكون فيها الفائدة) أهـ. كتاب الجيم راجع كتاب لغة العرب (7: 857 و9: 382) أتممت نسخ كتاب الجيم ويقع في 550 صفحة وفي كل صفحة من 30 إلى 36 سطراً، وقد أتم الناسخ - وهو من الأقدمين - نسخته من غير أن يصلح

فيها خطأ واحداً؛ إلا انه يورد الروايات المختلفة التي ترى بين النسختين اللتين بين يديه. وكلتاهما منقولة عن النسخة الأصلية التي خطها مؤلفها، وخط النسخة الواحدة أبو سعيد السكري والثانية أبو موسى الحامض. ولا جرم أن النسخة التي كانت بيد السكري أتم من الآخرة. وفيها زيادات لا ترى في الأم التي أخذت عنها. ومن الجهة الثانية ضاع من النسخة الآخرة ورقتان من حرف الفاء وورقتان من حرف الميم. والظاهر أن أبا عمرو لم يضع نصاً كاملا للكتب العشرة إلا للأول الذي ينتهي بحرف الجيم ولعل الكتاب سمي بهذا الاسم الغريب (كتاب الجيم) لهذه العلة، وفضلا عن ذلك يظهر أن أبا عمرو جمع في هذا الكتاب فوائد لغوية في مطاوي جمعه قصائد القبائل العربية المنوه بها في دواوين التراجم. سنت اوغستن. سياغبرج (ألمانية) ف. كرنكو الكريف وأصلها قرأت في تعليقاتك على الإكليل ص 307 أن الكريف من اليونانية وأنها دخلت اليمن بدخول الحبشة إياها، ورأيي - الذي أبوح به بكل تحفظ - أن دخول الألفاظ اليونانية ربوع اليمن، كان قبل احتلال الحبش إياها؛ لأننا نعلم كل العلم أنه كان في نحو المائة الرابعة للميلاد كنيسة مطرانية في نجران (وتلفظ الجيم معطشة نطعية) تحت إمرة بطريك الإسكندرية، ولا أشك في أن الكهنة والمرسلين الذين كانوا يهبطون تلك الديار كانوا مسيحيين يونانيين. وقد لاشى ذو نواس تلك الجماعة النصرانية قبل المائة الخامسة للميلاد. ولما كانت الدولة اليونانية بعيدة غاية البعد عن اليمن لتثأر من أعمال ذي نواس. أمر بطريرك الإسكندرية الحبش ليزيحوا إليها. ولعل البحث يفضي بالمنقبين إلى العثور على رقم في نجران فيها ذكر أسماء الكنائس التي شيدت فيها سالفاً. وأني لمتأكد أيضاً أن وجود أولئك الناس في الأرجاء المذكورة كان داعياً إلى ذلك التدين الشديد في جزيرة العرب، ذلك التدين الذي بدا لعيون الجميع في المائة لسادسة من تاريخ الميلاد فكان فراشاً وثيراً لتمكن الإسلام في تلك الربوع. سنت اوغستن (سياغبرج) ألمانية. ف. كرنكو

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة الكبش والقذاقة والمنجنيق س: الزقازيق (مصر) م. م. ن. للأقدمين آله حرب يهدمون بها الأسوار ويسميها الإنكليز وبحثت عنها في المعاجم الإنكليزية العربية فوجدت فيها مقابلا لها بالعربية (منجنيق) كما في الياس انطوان الياس وغيره. ووجدته يقول في منجنيق. وفي يقول: (آلة حربية قديمة تقذف الأحجار). والمشهور أن هذه الآلة هي التي تسمى منجنيقاً. أفليس في لغتنا ألفاظ مقابلة لهذه الكلمات الإنكليزيات فلقد سئمنا من مطالعة معجم انطوان الياس انطوان المشحون أوهاماً وأغلاطاً. وما أسماء هذه الآلات بالفرنسية؟ وأملنا فيكم عظيم لان كثيرون من الأدباء أشاروا علينا أن تراجعكم في هذا الموضوع، فقد أصبحتم في الأوضاع الاصطلاحية الحجة السند. ج. نشكر حسن ظنكم فينا. ونود أن نحققه كل التحقيق وهيهات. . .! اللفظة الإنكليزية الأولى يقابلها بالفرنسية وبالعربية (الكبش) وتجمع على كباش وكبوش وأكباش. والكبش خشبه كبيرة كسارية السفينة في أحد طرفيها شئ ذو قرنين من حديد يشبه قرني الكبش. يربط من وسطه بالحبال ويعلق حتى يتدلى كقب الميزان. وقد ورد ذكره في تاريخ ابن خلدون 5: 325: (ثم عمل الإفرنج دبابات وكباشاً وزحفوا بها (إلى عكاء) فاحرق المسلمون بعضها واخذوا بعضها) وفي تاج العروس: (ومن المجاز بنوا سوراً حصيناً ووثقوه بالكبوش (في مادة كبش). وفي مادة فصل: (يقال: وثقوا سور المدينة بكباش وفصيل). وفي مؤرخي العصور الوسطى نصوص لا تحصى. والكلمة الثانية الإنكليزية يقابلها بالفرنسية وفي العربية القذافة

أو القذاف، قال في التاج: (قال أبو خيرة: القذاف: الذي يرمى به الشيء فيبعد الواحدة قذافة. . . وانشد: (لما آتاني الثقفي الفتان، فنصبوا قذافة بل ثنتان.) أهـ والثالثة يقابلها في الفرنسية وبالعربية (منجنيق) فهي والفرنسية من اصل يوناني، كما لا يخفى على البصير. وأما معجم الياس انطوان الياس فهو كسائر الكتب التي يتاجر بها خالية من التدقيق في النظر ولا يمكن أن تتخذ سنداً يعتمد عليه. المشوش س. حلب. أ. س. ن. سألت بعض الأدباء أي لفظة صحيحة تقابل الفرنسية وهي قطعة ثوب تتخذ في وقت الأكل لتسمح بها الشفتان. قال بعضهم: منديل: آخرون؛ منشفة، وفريق فوطة: وجماعة: محرمة. وبالإنكليزية: فمن المصيب في اصطلاحه؟ ج. لم يصب أحد منهم فجميعهم اخذوا أوضاعهم من كتب اللغة الأجنبية العربية التي في أيدي طلبة المدارس المطبوعة في بيروت ومصر وديار الإفرنج أو أميركة. وليس في العربية إلا لفظة واحدة هي (المشوش). والبغداديون العصريون يسمونه (الشكير) بناء مثلثة فارسية في الأول. والكلمة منقولة عن الفرس، أما صحة لفظنا فتتضح من كلام صاحب لسان العرب. قال: (مش يده يمشها (بالضم). مسحها بشيء. وفي المحكم: بالشيء الخشن ليذهب به غمرها وينظفها. قال امرؤ القيس: نمش بأعراق الجياد أكفنا، ... إذا نحن قمنا عن شواء مضهب. والمشوش: المنديل الذي يمسح يده به. . . يقولون: أعطني مشوشاً امش به يدي. يريد منديلا أو شيئاً يمسح به يده. والمش: مسح اليدين بالمشوش وهو المنديل الخشن. . . الأصمعي: المش: مسح اليد بالشيء الخشن ليقلع الدسم. . .). والمش معروفة إلى عهدنا هذا عند عوام العراق. أهـ ما أريد إثباته في هذا الغرض.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب الجزء السادس لياقوت الرومي الحموي اعتنى بنسخة وتصحيحه د. س. مرجليوث العلام الشهير. الطبعة الثانية بمطبعة هندية أيضاً بالموسكي من مصر سنة 1930. ملاك هذا الجزء (523) صفحة بقطع الثمن ما عدا فهرس أسماء البشر وأسماء الكتب من الكاغد الأبيض الصقيل ويحتوي من تراجم الأدباء على ذكر من اسمه عمارة إلى محمد بن حسن (ع - م) وقد قرأنا تراجم من تبتدئ أسماؤهم (العينات) فلم نجد ما عاهد ياقوت نفسه عليه فانه قال في (1: 6 و7) من الجزء الأول ما صورته (وأفردت في آخر كل حرف فصلا اذكر فيه من اشتهر بلقبه على ذلك الحرف من غير أن أورد شيئاً من أخباره فيه، إنما أدل على اسمه واسم أبيه لتطلبه في موضوعه). وشارفنا الجزء الثاني فلم نجد ياقوتاً قد وفى بوعده لأنه أنتقل من تراجم ذوي الهمزات إلى تراجم ذوي الباءات ولم يذكر بينهما فصلا مما أشار إلى نوعه. وأنا لا تدري أأنتبه غيرنا إلى هذا النسيان من ياقوت أم لا؟. قرأنا الجزء السادس المذكور في أوقات الاستراحة بمدة قراب أسبوع ومن يسرق أوقات الراحة للقراءة لا يؤمل من قراءته فائدة تامة ولا نظرة لامة، ولكننا مع تلك الحال نعرض ما استوقفنا في هذه القراءة فلعل فيه ما يستحق الوقوف والعلاج فنقول: (الباقي للآتي) مصطفى جواد

57 - المصطلحات العلمية حول نقد معجم أسماء النبات بقلم الدكتور محمد شرف 76 - مصطلحات النبات ونقد معجم الدكتور احمد عيسى بك للدكتور المذكور كل عربي يشهد للدكتور محمد شرف بك تفوقه في الوقوف على الأوضاع العلمية، ولا سيما ما يتعلق منها بالطب، والعلوم الطبيعية، والكيمياء. وقد أراد الدكتور احمد عيسى بك أن يجاريه في هذا المضمار، فظهر قصوره فيه. واحسن دليل على ذلك، هفواته بل عثراته لا بل سقطاته الهائلة. ويجدر بالدكتور احمد عيسى بك أن يشكر ناقده على ما عاناه من المشقات، لتخليص ديوانه من المعايب والشوائب. فإذا كان قد قصر في هذا الباب. فنحن نمحصه الثناء وكالة عن المنتقد. إذ بعد هذا يستطيع صاحب (معجم أسماء النبات) أن يصوغ كتابه صوغاً جديداً حرياً بكل ثناء وحمد. 77 - أرغن الأقدمين على ما جاء في الأصول الشرقية (بالإنكليزية)، من وضع جرجيس فارمر، وثمنه 15 شلناً ونصف. هنري جرجيس فأمر من المولعين بتأليف الكتب الباحثة عن الغناء الشرقي وآلاته وأوضاعه. من اجل تصانيفه في هذا الموضوع: 1 - تأثير العرب في نظرية الموسيقى. 2 - المخطوطات العربية الموسيقية في الخزانة البدلانية. 3 - تأثير الموسيقى على ما جاء في المصادر العربية. 4 - تاريخ الموسيقى العربية إلى المائة الثالثة عشرة. 5 - أحداث تاريخية في تأثير الموس7يقى العربية. 6 - مباحث عن الآلات الموسيقى الشرقية. وهذا يدلك على أن الرجل قد تفرغ لهذا الموضوع اكثر من سواه. هذا فضلا عن أنه واقف على اللغات العبرية

والآرمية والعربية وقوفاً يقرب له أباعد هذا الفن. فن الإيقاع والغناء. وقد عقد ديوانه هذا على ثمانية عقود أو فصول. وتوطئة ومقدمة وثلاثة ملحقات. ودونك عناوينها: الفصل الأول في الأرغن - الثاني في اختراع الأرغن - الثالث الأرغن على ما جاء في الأصول العبرية - الرابع الأرغن على ما جاء في المصادر السريانية - الخامس الأرغن على ما ورد في الموارد العربية (أرغن النفخ) - السادس الأرغن على ما ذكر في الأسانيد العربية (أرغن الماء) السابع الأرغن على ما نقل في الدواوين العربية (الأرغن البوقي) - الثامن أرغن العرب في ديار الغرب. وبعد هذه الفصول ملحق أول في الأقيسة العربية المستعملة في هذا الكتاب - ملحق ثان في أرغن هيرون - ملحق ثالث في أرغن كرشر - أسامي الكتب التي اعتمد عليها في وضع الكتاب - فهرس. فهذا كاف ليدلك ما عليه هذا الديوان البديع. وقد زينه صاحبه بسبعة عشر رسماً إيضاحاً للمواضيع. والرسم الأول مزين بالألوان الزاهية. وقد أبدع المؤلف في الاهتداء إلى الأوضاع العلمية العربية فأنه لم يغلط فأنه لم يغلط في واحد منها: مما يفهمك أن الرجل صادق الوقوف على كل ما في فن الغناء من المصطلحات ونحن لا نشك في أن هذا السفر يروج رواجاً عظيماً بين ظهراني أبناء العلم والأدب والتحقيق. على أننا كنا نود أن لا نرى على غلاف جلد الكتاب وهماً شنيعاً. فقد طبع هناك ما هذا بحروفه: (الأرغن الأوايل من أصول عبراني وسورني وعربي لهنري جرجيس فارمر) ولعله يريد أن يقول: (أرغن الأوائل على ما في الأصول العبرانية والسوريانية والعربية لهنري جرجيس فارمر.) أو مما يقرب من هذه الألفاظ. وكنا نود أيضاً أن نعرف وضع الكتاب قبل إخراجه إلى عالم الطبع لندل صاحبه على ثلاث نسخ من كتبنا في هذا الموضوع وهي: الفتحية لمحمد بن عبد الحميد اللاذقي - والموسيقى الشرقية وهي بالفارسية وفيه العود رسماً بديعاً

بألوان زاهية وتفاصيل دقيقة - وكتاب ثالث لم يحضرنا الآن اسمه، وهو جليل في بابه أيضاً. وعسى انه يستفيد من هذه المخطوطات حين يؤلف كتاباً آخر في الغناء الشرقي ولا سيما العربي منه. 78 - الأصول العراقية (بالإنكليزية) أو السكان الأصليون الذين في الشرق الأدنى، تأليف افرائيم أ. سبايزر الأستاذ المساعد في الساميات، في جامعة بنسلفانية (أمريكة). أهدى إلينا أحد الأوداء هذا السفر التاريخي في اصل الشعوب التي أوت إلى ديار العراق من شماليه إلى جنوبيه ومن شرقيه إلى غربيه فبحث أولا في خطة كتابه ثم انتقل إلى ذكر العيلميين والشمريين وفي الفصل الثالث تكلم على اقدم حضارة وجدت في الشرق الأدنى ومنه انتقل إلى الفصل الرابع وفصل الكلام على اللولو والكوتي فرجح أنهما اللور والكرد. ثم جاء إلى الفصل الخامس فأطال البحث عن الكشيين والهريين، وختم الكتاب بالمماسات التي وجد فيها أولئك الأقدمون فاستنتج استنتاجات معقولة كلها مصوغة في قالب العلم والتدبر مما يدل على سمو مدارك المؤلف وعدم إيناسه إلى الأقوال الفارغة والخرافات المزوقة ولا جرم أن هذا السفر التاريخي ضروري لكل عراقي يريد الوقوف على ما كان أهل هذه الربوع من الأصول والرسوس. وان لم يكن في هذا التأليف الكلام الفصل في الموضوع الذي عالجه، إلا أنه مهد له تمهيداً حسناً. لكفى، 88 - مذكرات لجنة المستشرقين (بالروسية) المجلد الخامس في 836 ص بقطع الثمن في كل مدة تصدر هذه اللجنة مجلداً حاوياً مقالات جليلة لأعظم مستشرقي ديار الغرب وهي كلها مكتوبة بالروسية ومن موضوعات هذا السفر: علماء النهضة الإسلامية - مخطوط في التاريخ لا يعرف صاحبه وهو في تاريخ الخلفاء الراشدين وآثار الملوك من بني أمية - أبيات عربية للشاعر فضولي - وهو تركي من اصل كردي بغدادي المولد - الألفاظ العربية في اللغة المغولية - النص الأصلي للترجمة اللاتينية التي نقل إليها (لاهوت ارسطو طاليس) (كتاب اثولوجيا)

الحروف الحقلية العربية وتصوير مخارجها (بثلاث صور) - الأصول العربية في اللغة البشكيرية - قدح ساساني غير معروف وعليه كتابة فهلوية (بلوحين وثلاث صور) - قصة عربية عامية ومؤازيتها باللغة الروسية - خاتم للخليفة الفاطمي الظاهر (بأربع صور) - محتذيات القرآن في بشكين ومصدرها - تأثير التركية في العربية - المرأة العربية الحديثة في الأحدوثة (نوفيل) - كأولية (نور) القريم - الأعلام والأولوية عند العرب - المطر والماء والأنبتة في مدافن عرب الجاهلية - مواد فرينل المتعلقة بلغية أحكلى في جنوب جزيرة العرب - إبليس المغني - الخرمي الشاعر العربي الصفدي الأصل - زيادة أنباء في نقود الخلفاء - روايات عربية وعبرية لرسالة الفلسفة المنسوبة إلى داود ابن مروان المقمص - مأثورات إسلامية تتعلق بالأنبياء - اللغة العربية الشائعة في قشلاقات ازبكستان - اصل أسماء الأرقام العربية - اسم البحر الأسود في فارس قبل الإسلام - زيادة أنباء على لسان البلوص (البلوج) وأخلاق قومهم - أربعة كاب خطية من مجموعة أ. كراتشكوفسكي - اسامي مؤلفات أ. كراتشكوفسكي. هذا بعض ما في هذه المجموعة النفيسة وهناك مقالات آخر تتعلق بالترك والفرس وسائر أمم الشرق وكلها نفائس ودرر لا تقدر أثمانها. 89 - مار انطوان التكريتي بقلم مارسويريوس أفرام برصم مطران سورية ولبنان على السريان هذه رسالة في 7 صفحات تطلعنا على رجل من أعاظم رجال السريان الذين عنوا بمعالجة التصانيف باللغة السريانية فاشتهر ببديع إنشائه وسمو أفكاره. وهذه الرسالة من احسن ما وضع في هذا الموضوع. على أننا نود أن ينقح صاحب السيادة نفسه مسودات الطبع ليزيل من رونقها بعض الأدران ففي ص (1 الآرامية (بمد الألف) وفي ص 2 واضطلاعه من اللغات. وفي حاشية (للرهاء) وإماماً مرتاضا بالعلوم. - والمعروف عند العرب الآرامية (وزان سحاب منسوبة ومؤنثة) واضطلاعه باللغات (المجد الفيروزي أبادي وغيره) وللرها (بالألف بلا مد) ومرتاضاً في العلوم (بإبدال باء الاستعانة (في) كما لا يخفى على الفطن. على أن هذه الشوائب تعد شامات في وجه الحسناء، لان عبارة سيادته متينة تأخذ بالعقول فضلا عن الألباب.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - وفاة الملك حسين بن علي اهتزت أسلاك البرق في 4 حزيران ناعية ملك العرب الأكبر، والد جلالة ملكنا المعظم وقد وقعت الوفاة في 4 من الشهر المذكور (يونية) في عمان حاضرة شرقي الأردن اثر نزلة صدرية وافدة متعرقلة بذات الجنب الأيسر فانتهى جهاد الأعظم في سبيل تحرير العرب من اسر الخضوع للغريب، والكل يعلم أن السلطان عبد الحميد، ذيالك السياسي الداهية، كان يخاف هذا العدناني الجليل لكبر نفسه وطموحها إلى الحرية العظمى. فدعاه إلى الأستانة هو وأهل بيته فبقي فيها والعيون مبثوثة عليه لتترصد حركاته، إلى أن انقلبت حكومة السلطان ظهراً لبطن في سنة 1912 وكان من اجل العاملين في قلب تلك الحكومة. ولما كانت الحرب العظمى الطاحنة سنحت له الفرصة لتحقيق أمنيته فأعلن الثورة العربية في سنة 1916 بعد مفاوضات طويلة للسلطة الإنكليزية، ثم نودي به ملك الحجاز وبعد حين اخذ إلى قبرس على غرة. وبعد إقامته فيها حيناً هبط عمان بجانب ابنه الأمير عبد الله وهناك قضى نحبه ودفن بكل تجلة في الجامع الأقصى في القدس الشريف. فنقدم إلى جلالة ملكنا المعظم وسائر اخوته مع كل من ينتمي إلى البيت الهاشمي، ونرفع إليهم تعازينا ونشاطرهم الأسى. وفي حياة الخلف احسن سلوان على هذا المصاب الجلل. 2 - تعزية قداسة البابا لملكنا المعظم في ال 6 من حزيران (يونيه) ورد نبأ برقي من الفاتيكان إلى الموصل على يد سيادة القاصد الرسولي. انطونين درابية يعزي بها قداسة البابا ملكنا المعظم، فأطارها بالبرق سعادة متصرف الموصل إلى أربل حيث كان جلالة مليكنا المحبوب وهذا نصها المترجم: مدينة الفاتيكان في 6 - 6 - 31 إلى سيادة درابية في الموصل قداسة البابا تأسف جداً لوفاة والد

ملك العراق. ويكلف سيادتكم أن تقدموا تعازيه الصميم إلى جلالة ملك العراق وأسرته الملوكية وأمته النبيلة. الكردنال فاسيلي 3 - جواب جلالة الملك اربل 7 - 6 - 31 الموصل: القاصد الرسولي إن تعزية قداسته كانت التسلية العظمى لي ولعائلتي. الرجاء إبلاغ شكري لمقامه فيصل 4 - لجنة النقود العراقية صدرت الإرادة الملوكية بتعيين لجنة النقود العراقية وتأليفها من هؤلاء الأعضاء وهم: 1: السر أدورد هلتن ينغ رئيساً 2: جعفر باشا العسكري عضواً 3: السر برترام هورنسبي عضواً 4: المستر جاكب سيلاس هاسكيل عضواً 5: الفيكونت غوشين عضواُ 5 - حرائق شهر أيار (مايو) يؤخذ من رفيعة مصلحة الإطفاء الشهري انه حدث في العاصمة في شهر أيار الماضي ثلاثة عشر حريقاً. وبلغت الخسائر نحو 24 ألف ربية. ومعظم المحلات التي وقعت فيها النار كانت مضمونة لدى شركات الضمان المختلفة. 6 - تعين المحامي طاهر أفندي القيسي حاكما صدرت الإرادة الملكية بتعيين حضرة المحامي القدير والقانوني الشهير طاهر أفندي القيسي حاكماً في محاكم مدينة العراق. وقد عرفنا الأستاذ القيسي منذ نحو عشر سنوات، فوجدناه علي الأخلاق شهماً، أبياً. وله وقوف واسع على الحقوق العراقية. ولذا كان تعيينه في محله. فنتمنى له الرقي الدائم لأنه أهل له. ونشكره على ما أداه من الأيادي البيض إلى إرادة هذه المجلة، ولا جرم أن الجميع يشكرون له معنا حسن صنيعه 7 - تعيين مناطق المحاكم الكبرى في العراق صدرت الإرادة الملكية بتعيين مناطق المحاكم الكبرى في العراق على الوجه الآتي: منطقة - بغداد منطقة البصرة، وفي ضمنها العمارة والمنتفق. منطقة الحلة؛ وفي داخلها الديوانية وكربلاء. منطقة ديالى. منطقة الموصل. منطقة كركوك، وفي محتواها السليمانية واربل.

8 - إلغاء بعض الأقضية التالية: عزمت حكومتنا على إلغاء الأقضية التالية: في لواء الحلة: القاسم والخواص. في لواء المنتفق: الكبائش والمديناوية. في لواء الموصل: ناحية مركز الموصل وباعشيقا والشيخان. في لواء البصرة: الشافي والهارثة. في لواء الديوانية: الحمزة والفوار والبدير. في لواء كركوك. ناحية مركز كركوك الشبيكة. في لواء الكوت: جصان. في لواء الدليم.: الرحالية. في لواء ديالى: شهرابان. 9 - شروط الإجازة للمتاجرة بالآثار القديمة وضعت وزارة المعارف صورة الإجازة التي يجب أن تعطى المتاجرين بالآثار القديمة واهم شروط هذه الإجازة تكون كما يلي: (بحروفها الأصلية) 1 - تكون المدة التي يسري بها مفعول هذه الإجازة سنة واحدة. 2 - على صاحب الإجازة أن بعلق على باب محل أشغاله لوحة يكتب فيها (مرخص للمتاجرة بالآثار القديمة). 3 - على صاحب الإجازة أن يقتني القيود الآتية: - (1) قيد للمخزن يبين جميع الآثار القديمة التي حصل عليها والمصدر الذي أستحصلها منه. (2) قيد يبين بيع الآثار يومياً. (3) على صاحب الإجازة أن يخبر مدير الآثار القديمة عن أية عادية يستحصلها، كما أن صاحب الإجازة للمتاجرة في بغداد أن يعرض على المدير المذكور كل اثر لأجل الفحص. (4) على صاحب الإجازة أن يحفظ جميع المواد الأثرية التي في حوزته في محلات تكون فيها هيئة للتفتيش من قبل الشخص الذي يفتش محل اشتغاله: وفقاً للمادة الثانية عشرة من قانون الآثار القديمة. (5) إذا ما حصل صاحب الإجازة أو اشترى، أو باع آثاراً قديمة. أو حاول إستحصال، أو شراء، أو بيع آثار قديمة بنفسه كان ذلك، أو بواسطة عامل، وذلك خارج بلدة. فيعتبر مخالفاً لشروط هذه الإجازة. (6) لوزير المعارف، الحق بإبطال الإجازة الممنوحة بناء على طلب مدير الآثار القديمة عند مخافة صاحبها لأي شرط من شروطها، أو أي شرط من شروط القانون المذكرة.

(7) لا تخول هذه الإجازة صاحب الإجازة تصدير أي اثر قديم إلا بالصورة التي تتفق والمادة الثالثة عشرة من القانون المذكور. وعلى جميع حاملي الإجازات حتى تاريخ هذا البلاغ، أن يقدموا إجازتهم فوراً إلى مدير الآثار القديمة الذي سيصدر إجازات جديدة بدلا منها، وتعتبر حتى صدور الإجازات السارية المفعول لآن معدلة بصورة تتفق وشكل الإجازة المارة الذكر، على أن تستعمل فقط للمدينة التي فيها لصاحب الإجازة محل اشتغال. 10 - خزان ماء كبير في الكرخ بعد أن عم أجراء الماء المصفى معظم محال العاصمة. رأت لجنة أجراء الماء انه من الضروري أن تقيم خزاناُ كبيراً في الكرخ بدلا من الخزان الحالي وتكون سعته ألف غالون. ولهذا تأهبت لهذا السعي وباشرت العمل في أوائل أيار. وقد تم الآن وهو بديع الصنع محكمه. 11 - سيارات اللاسلكي في الحجاز وصلت في الأسبوع الثاني من شهر أيار الشحنة الأولى من أدوات اللاسلكي التي كانت أوصت بها الحكومة الحجازية في لندن، ومع هذه الشحنة أربع سيارات عليها مكتبات لاسلكية خصوصية.

العدد 93

العدد 93 الخنساء - (؟ - 670م) توطئة غير خاف، أن النساء بلغن في الشعر أوجاً عالياً، وأصبن منه حظاً وافياً، وأتين فيه بعقائل الأبيات، وجلائل المرثيات. ففي كل عصر لهن نصيب، وفي كل مكان حماهن خصيب، وكتب العرب تفيض بتراجم الشواعر النابغات، اللائى صادقتهن غر القوافي، وعنت لهن جوامع القريض، ففاضت جوارحهن عقود شعر، وسالت أنفسهن قلائد أبيات، ولا غرو، فقلوبهن بالإحساس فياضة، وهي في الأحزان قيثارة الآلام. وفي الحبور نغمات السرور. وقد نالت بينهن خطر الأسبقية، خنساء المراثي وذلفاء القصيد، التي تمخضت بها الجاهلية، واحتفى بها الإسلام، شاعرة فذة. من مواهبها الشعر بأعزه، وحباها النطق حلل الرثاء صاغرة. ففاقت الرجال في مواطن البكاء، وبزت النساء في الندب وإثارة الشجون. فهي بحق اشعر الشواعر، وشعرها في غاية الإبداع والانسجام. فكم من مرة جالسناها، نستأنس اشعارها، ونلتقط درر الكلام منها، ونأنس إليها إذا السآمة حلت بنا، والملل تطرق علينا. ففيها نعم المفرج، والصديق الأنيس.

المرأة نشأتها من الخنساء هذه التي طالما أشار إليها الشعراء، وتغنى بها الأدباء، وحث على مصاحبتها العلماء؟ هلم نستفسر الكتب - يحدثنا الرواة أنها تماضر بنت عمرو ابن الحرث بن الشريد بن الرياح من بني سليم، ويخبروننا أن لقبها الخنساء - ولعلهم أرادوا بذلك مشابهتها للظباء؛ فالخنساء صفة الظبية. والخنس تأخر الأنف عن مستواه مع ارتفاع في أر نبته - استقبلت الحياة، في القرن السابع للمسيح. وشبت في بني سليم. وروت الشعر فتاة، ولم تؤت بلاغة وسحراً حلالا، إلا حين نفذ سهم القتل في أخويها، فعندها خر لها القريض، واسلمها قياده طائعاً. فرثتهما رثاء والهة مفجوعة، وبكتهما عويلا وندباً حتى المنية. في الجاهلية زواجها - مصابها كانت الخنساء بلا شك جميلة، حتى كثر خطابها، وأزواجها، ويقول القصاص، أن ممن راد حولها وهم بجعلها حليلة له فارس هوازن، دريد بن الصمة وهو إذ ذاك شيخ كبير، قد لفحته الأيام، وقد انشأ فيها شعره المشهور: حيوا تماضر واربعوا صحبي! ... وقفوا فان وقوفكم حسبي! أخنساس؟ قد هام الفؤاد بكم ... وأصابه تبل من الحب. . . وكان من رفضها إياه ما كان، ثم خطبها رواحه بن عبد العزيز السلمي. ومات، فتزوجها عبد الله بن العزى، من بني خفاف. واتت منه بعبد الله بن عبد العزى. ثم خلف عليها بعده. مرداس بن أبي عامر السلمي. فاتت منه بولد اربعة، استشهدوا كلهم في الإسلام، وقد نسب إليها صاحب الاغاني، أن العباس ابن مرداس الفارس الشاعر، من ولدها، وأبى هذا الزعم الكلبي. ولو سلمنا فرضاً بأمومتها له، لما همد جميع كتاب العرب عن ذكره، فنحن نعلم ما كان للعباس من مكانة لدى النبي محمد. وما له أيضا من مقام في الإسلام. فهو أحد فرسانه الفحول، وأبطاله العظام، ثم نعرف ما للخنساء أيضاً من حرمة ومنزلة، وذا يكفي لان تغص بطون الكتب بنسبه إليها، لدى ذكرها. فالعرب في نحو

هذا، تثور عن شأنها في الاقتضاب. وتنسى عادتها، فتذكره - ولعلها تتبسط في ذكره، لو كان الكاتب مكثاراً - وتنسج حوله الأقاصيص، وتحوطه بالأشعار والأخبار المنحولة. شأنها في أمثاله. . . إذاً هذا مما يرفضه العقل؛ ويأباه البحث النزيه، ولا بد أن العباس، من ولد امرأة أخرى لمرداس. لما كان داء العرب البادية: الغزو، كان لا بد لأخوي الخنساء منه. فهيأ معاوية ذلوله، واستقل البيداء مع فرسان قلائل. وغزوا بني مرة، وثار بعضهم على بعض. وتناهبوا بالسلاح، وسقط معاوية صريع سنان هاشم بن حرملة، وأثنى عليه بالسيف أخ لهاشم. ففاظ في يوم حورة الأول (حورة على الفرات تتوسط الرقة وبالس). . . فحن موطن الشعر، وأفاق عند أخته الخنساء، فرثته رثاءاً أليما. ثم أن هبت بصخر رياح المعاش، وصارخته الحاجة، فساق غزواً على بني اسد، فارتدع بطعنه ربيعة بن ثور في جنبه، فرجع إلى داره يساند نفسه. تعاوره الداء حولا، حتى مله أهله، وزاد بلاؤه، أن احب الناس إليه سئمته، ابنة عمه وهي زوجته سلمى، تأمل حالته، وقد أتاه قومه يعودونه، وسألوها (كيف اصبح صخر اليوم؟) فقالت: (اصبح لا حياً فيرجى ولا ميتاً فينسى) أليس يحفظ هذا صخراُ وقد طرقه؟ إي احفظه، وقد رأى من وهب لها قلبه تجفوه، وتبغي موته، لتذهبه من الذاكرة، وقيل، انه يئس من الحياة، فعلقها بعمود الفسطاط حتى ماتت. ثم نكس هو من بعدها، ومات من كان وحده سلوة ورجاء الخنساء، ففاض إذ ذاك معين الشعر، ونبعت أبحر القريض، فبكته أمر بكاء، وحبته قلائد الرثاء. في الإسلام - إسلامها - محنتها ظهر النبي محمد. ودعا للإسلام، فتوافدت عليه قبائل العرب، ومنها سليم ومنهم الخنساء، فأسلمت. وروت الرواة أنها مع إسلامها، لم تدع تسلبها على أخويها، ولا عادات أخر نهي عنها. وظلت تندت أهلها، وتخص صخراً بأكثر لوعتها وتفجعها، وحدثونا أيضاً أن قومها حاولوا كفها، فلم تقلع، وجفاها البصر، وقرحت مآقيها، فذهب نفر منهم عمر بن الخطاب، وهو إذ ذاك خليفة

المسلمين، وسألوه أن يعمد بحكمته ودرايته، فينهاها، فأجاب سؤلهم واتاها فقال: (ما قرح مآقي عينيك يا خنساء؟) قالت: (بكائي على السدات من مضر) قال: (حتى متى يا خنساء؟ اتقي الله! إن الذي تصنعين، ليس من صنع الإسلام وانه لو خلد احد، لخلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإن الذي تبكين هلكوا في الجاهلية، وهم أعضاء اللهب، وحشو جهنم.) قالت: (ذك أطول لعويلي عليهم.) قال: (فأنشديني مما قلت). قالت: (أما أني لا أنشدك مما قلت اليوم، ولكن أنشدك مما قلت الساعة: وقالت: سقى جثاً، أكناف غمرة دونه ... من الغيث، ديمات الربيع ووابله . . الخ فأشفق عليها عمر، ورأف بها، وقال: (لا ألومك يا خنساء في البكاء عليهما، خلوا سبيل عجوزكم، لا أبا لكم، فكل امرئ يبكي شجوه). لقد ذهبت محاولته عبثاً، ورق لها، وفك سبيلها، وقد سواه كثير ردعها، فلم يفلحوا، ومنهم أم المؤمنين عائشة. انظر إليها. لما ضرب على المسلمين، البعث والجهاد لافتتاح الأقطار وامتلاك الأمصار. وكانت القادسية المشهورة (16هـ - 637م) كيف أقبلت بأولادها تحضهم وتحثهم على القتال، والاستشهاد في سبيل الإسلام، وإعلاء منارة وبأداتهم بقولها النصوح: (يا بني أنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين. والله الذي إلا إله إلا هو، أنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة؛ وما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غيرت نسبكم وقد تعلمون ما اعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية، خير من الدار الفانية. يقول الله عز وجل: (يا أيها الذين أمنوا، اصبروا، وصابروا ورابطوا، واتقوا الله لعلكم تفلحون.) فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله تعالى سالمين. فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله

على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت من ساقها، واضطرمت ناراً على سباقها. وحللت لظى على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدتم خميسها. تظفروا بالمغنم والكرامة في دار الخلود والمقامة). نعم القول والتحريض والتعديل، وانم من البيان لسحراً! ولا بدع أن بادر أبناؤها إلى المعمعة، ويمموا وطيسها، وجالدوا حتى سقطوا في حومتها. ونعم لقول أجابتها عند إبلاغها الخبر: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم مستقر رحمته). وفي موتهم تداركتها المحنه الثانية، فقد مات أخواها في الجاهلية قتلا وكذاك بنوها في الإسلام، ولكنها كانت كما يبدو لنا، أكثر تأثراً واشد ولهاً وحزناً على أخويها منها عليهم. فقد تعزت عنهم بموتهم في نصرة الدين. وقد أجرى عليها كرم عمر بن الخطاب ارزق أولادها الأربعة. يد الرواة في شعرها تغلغل الرواة وأمعن القصاص. انتحالا واختلاقاً في حياة شاعرتنا، شأنهم في سائر الأخبار الجاهلة وخضرمتها، فلا نعرف من نسيج أعمالها سوى ما حاكته أيدي الصناع المنتحلة. فهم يدعون أن ولدها أربعة. وهم: يزيد ومعاوية وعمر وسراقه. وتارة يحذفون أحدهم؛ ويدعون أن العباس بن مرداس من ولدها، فهم يتنافرون في حياتها، تنافرهم في شعرها. فنراهم يروون لها شعراً رواه بعضهم لشاعر آخر، هاك هذه القصيدة التي يروونها في صخر أخيها، ومطلعها: لعمري! وما عمري علي بهين ... لنعم الفتى أرديت آل خثعما. . . هنا العجب العجاب، أن قتلة صخر لم يكونا كن نعلم من خثعم والشعر واضح الانتحال، بينه، ويرويه أبو عبيدة لريطة بنت عباس الأصم الارعل. في أبيها قتبل خثعم، هناك موقف آخر، تناول هذه الأبيات: من لامني في حب كرز وذكره ... فلاقى الذي ألقيت إذ حفر الرجم فيا حبذا كرز إذا الخيل أدبرت ... وثار غبار في الدهاس وفي ألاكم فنعم الفتى تعشو إلى ضوء ناره ... كريز بن صخر لليلة الريح والظلم

إذا البازل الكوماء ضنت برفدها ... ولاذت لواذاً بالمدرين بالسلم فقد حان من أناس ورفدهم ... بكفي غلام، لا خلوف ولا برم أنها تندب ابن أخيها كرزاً، تلك التي لم ترث بنيها بما يجب على أم والهة ثكلى - نعم! وان وجدت إلى الصبر والعزلة سبيلا لموتهم في نصرة الإسلام - فلها قلب الوالدة. وهل من والدة لا تبكي أولادها؟ فكيف حل لها أن تبكى كرزاً وتتناساهم؟ ألعلها نادبته لبنوته لصخر؟ لعمري أي الرواة نذاهب؟ ألست تشعر بوطأة القصاص بهذا الشعر، أو لست تشعر باضطراب وشك، إذ ينسبه بعضهم إلى العباس بن مرداس؟ إذاً نرفض نسبة هذه الأبيات. ولكن لماذا نرى ديوانها يكاد يكون جله أو كله في اخويها، بينما تخص زوجها وبنيها ببعض ساقط شعرها ومنبوذه. قد نجد بعض الرد المقنع عن زوجها، انه كان مقامراً متلافاً للارزاق، خسيساً فلذا لم ترثه، ولعلها حمدت الله على إفلاتها منه. أما بنوها والبنون من الوالدة في موضع الضعف والإحساس، ولاسيما في مثل شعور ورقة الخنساء - فلم لم تقم بواجبها نحوهم؟ هنا نجدنا أمام معضلة. فقد أثبت الرواة لها في أخويها. أبدع القصائد واطرب الأبيات، فهل كانت تكره أولادها؟ أولادها من هم فلذ كبدها. وقطعة من روحها حتى تجافت عن ذكرهم. هذا محال وبعيد الوقوع. إلا فما حضتهم على طلب الآخرة. ثم تشرفت بقتلهم! حقاً أن هنا لناحية تعنت، وسهو، وتخليط من الرواة في اختصاصهم رواية شعرها بأخويها، أم هناك تلاعب وغش كبير؟ الحالة تدعونا أن نشك حينما أدرنا الطرف. وفي شعر انتقيت، أحسست به اضطراباً ولو بشيء. هنا وقفة لا تقل عن سوابقها، غرابة وحظاً فاسداً. يحدثنا (أبن العربي) أن أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب أتاها يكفها عن العويل والبكاء. ولما أن سألها شعراً، قالت: (أما أني لا أنشدك مما قلت اليوم، ولكن أنشدك ما قلت الساعة). وأنشأت تقول: سقى جدثاً أكفاف غمرة دونه ... من الغيث ديمات الربيع ووابله أعيرهم سمعي إذ ذكر الأسى ... وفي القلب منه زفرة ما تزايله وكنت أعير الدمع قبلك من بكى ... فأنت على من مات بعدك شاغله. . .

وتحدثنا الرواة أيضاً أنها أنشدته أيضاً قصيدتها التي مطلعها: هريقي من دموعك واستفيقي ... وصبراً إن أطقت ولم تطيقي . . . الخ يحدثونا أن جميع ذلك أنشأته لحظة حديثها، وبدون ترو ومهلة، ولعلهم أرادوا مداراة الانتحال بصبها في هذا القالب. ولم يدروا أن هذا ادعى إلى الشك واحمل على الرفض. ناهيك بان ليس من بيت في كلتيهما روي في صورة واحدة، فلابد من اختلاف وتناقض مقاطع وكلمات، بل في المعاني أيضاً، مما يثبت أن الرواة كانوا يعمدون إلى قصائد المتقدمين، فلا يفتأون يغيرون فيها ويكيفونها ويثقفون ما اعوج ويجددون ما بلي من ألفاظها على حسب ذوقهم حتى تستقيم على وزن عصرهم، ويحلو نغمها فيدونونها، وقد يعمد أيضاً آخرون إلى مدوناتهم فيقومونها بمطلبهم، فإذا ما وصلتنا مخطوطاتهم جميعاً وتلقفتها فاحصين ما وجدناها إلا سوى طائفة أخلاط لا تستقيم على وزن، وهي مبعدة لنا منفرة من الركون والإيمان بما لدينا من أمثالها الأشتات الخرافية. هل لشعرها من قيمة؟ ما هي؟ إذا جئنا نبحث عما لأشعار الخنساء من قيمة تاريخية عثرنا عليها بما أوردناه وهي ابعد من أن تؤدي أي فائدة لهاته الوجهة، سوى أن ترجح فينا الشك وتقوي فينا عامل الرفض لكل الأشعار المنسوبة للمتقدمين، وتدغم فينا دافع قذفها إلى الحضيض، لكننا أن وددنا معرفة قيمتها لغوياً وأدبياً، وتغاضينا عن انتحالها، وهل من إفادة للمتأدبين؟ - وجدناها في مكان عظيم، وكنزاً لا يفنى ففيها من سمو الخيال وعلو المعنى ورقة الافتتان، وحسن السبك ما هو في أعلى منزلة واجل مكانة. وقد شاء قصاصها بذكر ما كان للخنساء من إكرام واعتبار في الجاهلية وعزة في الإسلام. وكيف كانت الشعراء الفحول تتسابق إليها وتشد لها بالتفوق. وكفى أن تعلم أن النبي كان يكرمها ويستشهدها. واتفق أن وافاه عدي بن حاتم وفخر عليه بقوله: (يا رسول الله. إن فينا اشعر الناس وأسخى الناس، وأفرس الناس) فقال: (سمهم) قال: (أما اشعر الناس فامرؤ القيس بن حجر وأما أسخى الناس، فحاتم بن سعد (يعني أباه). وأما أفرس الناس، فعمرو بن

معد يكرب) فقال: (ليس كما قلت يا عدي، أما اشعر الناس، فالخنساء بنت عمرو. وأما أسخى الناس فمحمد (يعني نفسه). وأما أفرس الناس، فعلي بن أبي طالب). فهنا نالت مديحاً وافراً وخصها بقوله: (اشعر الناس) ولا بد أن شعرها كان سامياً جداً حتى ينال ذلك الإطراء. والرواة أذن قد تعدوا عليه وارتكبوا جريرة بعبثهم بالتراث ولعله كان اجل وأسمى بكثير مما هو عليه الآن وفعلتهم به كعمل من يتناول أشعار المعري. أو الخيام، أو ابن الفارض، ويسهل ألفاظها ومبناها، ويملأها بذكر الطيارات والسيارات والدبابات، وأمثال هذه الآلات. ويتناسى قديمها مدعياً أن الأشعار بهذا التغيير والتكييف اقرب وأوفى بمقتضيات، ولغة هذا العصر. فأي مهزأة بل أي جرم هذا؟. كثير من القصاص والكتاب يقدمون الخنساء على سائر الشعراء. فالمبرد وليلى الأخيلية يقدمنها على كثير من فحول الشعر. والحصري يصفها بأشعر نساء العرب طرأ وغيرها كثير. وليس من شك أن ما يحويه شعرها. لهو اجل ما تضمنه العربية من إثارة الكوامن النفسية، وتنبيه الشجون. وان في الاقتباس منه فائدة لا تنكر. . . نذكر أننا كنا نحادث المرحوم (الأب لويس شيخو) واتفق أن ذكرنا له عرضاً شغفنا بالخنساء أشعارها، واستطلعنا رأيه، فأجابنا رحمه الله بما مؤداه: (إن كثيراً من الأدباء يبخسونها حقها بدعوى أنها امرأة، أو لجهلهم أشعارها المتينة. بينما هي حقاً تتفوق على كثير مما لدينا من أشعار المتقدمين والمتأخرين من رجال ونساء، ولاسيما في معرض الحزن والتفجع، فهي جديرة وجوباً أن تلحظ عطفاً من جميع المتأدبين ومن شبابهم خاصة). مما هو حري بالذكر أن في شعرها الجليل الكثير من التفنن والسهولة، ما يجعله داني القطوف، شهي السماع. وان المتأدبين ليجدون ذلك فيه، مع ما ناله من تمزيق وإهانة من الرواة، معيناً عظيماً في تملكهم ناصية العربية. ونماماً يفضح أسرارها ويقرب غموضها إليهم. ومن محاسنه قولها: يؤرقني التذكر حين أمسي ... فيردعني مع الأحزان نكسي على صخر وأي فتى كصخر؟ ... ليوم كريهة، وطعان خلس فلم اسمع به رزاً لجن ... ولم اسمع به رزءأً لانس

اشد على صروف الدهر آداً ... أفضل في الخطوب بغير لبس واكرم عند ضر الناس جهداً ... لجا أو لجار أو لعرس وضيف طارق أو مستجير ... يروع قلبه من كل جرس فأكرمه وآمنه فأمسى ... خلياً باله من كل بؤس ألا يا صخرُ لا أنساك حتى ... أفارق مهجتي ويشق رمسي يذكرني طلوع الشمس صخراً ... واذكره لكل غروب شمس فلولا كثرة الباكين حولي ... على إخوانهم لقتلت نفسي ولكن لا أزال أرى عجولا ... ونائحة تنوح ليوم نحس هما كلتاهما تبكي أخاها ... عشية رزئه أو غب أمس وما يبكين مثل أخي ولكن ... اسلي النفس عنه بالتأسي فقد ودعت يوم فراق صخر ... أبى حسان لذاتي وانسي فيا لهفتي عليه ولهف أمي! ... أيصبح في الضريح وفيه يمسي؟ ومما يستحسن من شعرها أيضاً. قولها: ألا يا صخر أن أبكيت عيني ... فقد أضحكتني دهراً طويلا بكيتك في نساء معولات ... وكنت أحق من أبدى العويلا دفعت بك الجليل وأنت حي ... فمن ذا يدفع الخطب الجليلا إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا فأنت ترى من هذا رقة وبياناً، وتجد أن فاخر شعرها قالته في صخر. وقيل أن سبب ذلك ما أتاه لها من ضروب الإحسان، يوم كان زوجها متلافاً للأموال. فكان صخر لا ينفك من إعانتها ما وجد لذلك من سبيل، وبكته هذه البكاء الذي لم يرو التاريخ مثيله في شقيق، وانظر إليها تنتقل من غرض إلى غرض، ومن معنى إلى معنى. فبينما تجدها تتأسى عنه إذ تملكها الجزع فتندبه. خذها في المطلع تذكره: يؤرقني التذكر حين أمسي ... فيردعني مع الأحزان نكسي ثم يغريها الحزن فتثور باكية حين تقول: ألا يا صخر لا أنساك حتى ... أفارق مهجتي ويشق رمسي!

يذكرني طلوع الشمس صخراً ... واذكره لكل غروب شمس ثم لا تراها إلا وقد عادت سكينتها تلتمس العزاء من وراء سجف الموازنة بين مصيبتها ومصيبة سواها من النوائح. فتقول: وما يبكين مثل أخي، ولكن ... اسلي النفس عنه بالتأسي فإذا هي تعود فتذكره تحت التراب موسداً، لا يأنسه صباح ولا مساء فتضطرب وتثور معولة. باكية مسائلة: فيا لهفي عليه! ولهف أمي! ... أيصبح في الضريح وفيه يمسي؟ من الله رحمة وشفقة للملهوف المحزون! فهو أبداً يذكر مصيبة ووطأة حزنه، ويضطرب. لا يقر له ولا يهدأ على حال! انظر إليها كيف تذكره إذ كان يضحكها ويسليها ويجلو همها. ثم اعكف وتمثل ما تفيض به الأبيات التالية من عبرات ولهفات وحسرات: ألا يا صخر إن أبكيت عيني ... فقد أضحكتني دهراً طويلاً بكيتك في نساء معولات ... وكنت أحق من أجرى العويلا ثم تتمثل حماه للحي، وذوده عن الحياض. وقد عمدت الآن نصيراً ومناصراً فتجد أن بكاءه وندبه حلال واجب، ولو كره المقبحون: دفعت بك الجليل وأنت حي ... فمن ذا يدفع الخطب الجليلا إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا! هكذا تعبث بها الهموم وتتقاذفها العواطف، وهي تجر الأحزان، ففي كل بيت جميل معنى، وعظيم مغزى. وفي كل بيت خيال رائع، وجمال ذائع: أبت عيني وعاودها قذاها ... بعوار فما تقضي كراها على صخر وأي فتى كصخر؟ ... إذا ما تاب لم ترأم طلاها حلفت برب صهب معملات ... إلى البيت الحرام منتهاها لئن جزعت بنو عمرو عليه ... لقد رزئت بنو عمرو فتاها فتى الفتيان ما بلغوا مداه ... ولا يكدي إذا بلغت كداها

له كف يشد بها وكف ... تجود فما يجف ثرى نداها فمن للضيف أن هبت شمال ... مزعزعة تناوحها صباها والجأ بردها الاشوال حدباً ... إلى الحجرات بادية كلاها أحاميكم ورافدكم تركتم؟ ... لدى غبراء منهدم رجاها؟ فلم أملك غداة نعي صخر ... سوابق عبرة جلبت صراها ترى الشم الغطارف من سليم ... يبل ندى مدامعها لحاها على رجل كريم الخيم أضحى ... ببطن حفيرة صخب صداها ليبك الخير صخراً من معد ... ذوو أحلامها وذوو نهاها ويبك عليك قومك لليتامى ... وللهجاء أنك ما عناها ليبكوا تشتجر العوالي ... بكأس الموت ساعة مصطلاها فقد فقدتك طلقة فاستراحت ... فليت الخيل فارسها براها وكنت إذا أردت بها سبيلا ... فعلت ولم يتممها هواها فأنت ترى مما أوردناه. تشعب الأغراض وتناقل الأخبار دون تنافر المعاني وكم وكم في طيات ديوانها وشوارد أبياتها من معنى دقيق وخيال رائع، وجمال فاتن، وأذن فأنت لا شك توافق أنها نعم الخليل واصدق رفيق. وأوفى صديق وأنت تحكم أن في مصاحبتها غنى في الألفاظ وسمواً في التعبير وتأصلا في الاطلاع ونستطيع أيضاً أن نقول في غير حرج ولا خوف لائم. إنها تفوق أشعار معاصريها الجاهليين - إذ إن منبع الشعر عند الخنساء فاضت ثائرته في انصرام الجاهلية قبل انبثاق الإسلام. لذا يعد شعرها جاهلياً - في تربية الأفكار وتغذيتها. أفيحسب القارئ العزيز أننا نجد في الجاهلية افضل من هذه ذوقاً، ومعنى وجلاء: كنا كأنجم ليل وسطها قمر ... يجلو الدجى فهوى من بيننا القمر يا صخر ما كنت في قوم أسربهم ... إلا وانك بين القوم مشتهر فاذهب حميداً على ما كان من حدث ... فقد سلكت سبيلا فيه معتبر! لعلي أراك بعين بصيرتي، تلحظي لحظاً شديداً، وتمر على شفتيك بسمة تهكم، وتقول لي بشدة وحدة: (هلا علمت أن هذه الأبيات تروى لصفية الباهلية وان بيتها الأول يروي لمريم بنت طارق ووو. . . وألا ترى فيها كذا وكذا من

تحية العلم

تنعت وافتئات القصاص، وان الكثير من أمثاله يروى لغيرها وان عدة أبيات قد وردت في ديوانها، شطرها الأول يستهل بهذه: (على صخر، وأي فتى كصخر. . .) ترى كل هذا، ثم تأتي تحدثنا بفضل هذا الشعر، وهو كله مصنوع. . . لا أعارضك في كونه منتحلا، ولكن على رسلك ياصاح، فنحن لو وددنا أن نبحث عن شعر صحيح الرواية لضاع تعبنا سدى، وأنفقنا العمر هباء منثوراً، ولما وفقنا لاستخلاص بيت الصحيح واحد من أشعار الجاهلين ومخضرميهم ونحن نعلم ما يعترضنا من العقبات الجسام، وما يكثر في طريقنا من المهاوي العميقة. ولو أردنا أن لا نتكسب الشعر إلا من معين صحيحه لوجوب أذن نفقد آدابنا أوفر كنز، واعز طرفها من المتقدمين، ولاضطررنا أن نترها أهم أعضائها. أذن فأنت إمام أمر بارز، لا مماطلة ولا تلون فيه. هو أن في اجتناء أشعار المتقدمين فائدة عظيمة. وأذن لا لوم ولا حرج علينا إذا ما وصفناها بأنها تحفة مفيدة ثمينة لمن يقتنيها. ونخص شعر الخنساء في المقدمة: فكأن الألفاظ فيه وجوه ... والمعاني ركبن فيه عيوناً بركات في 2 ديسمبر سنة 1928م ميشيل سليم كميد تحية العلم (للصف الخامس) يا أيها العلم الأعلى نحييكا ... فدم رفيعاً مطاعاً أمر داعيكا كن مطمئناً وفوق العز مرتكزاً ... وأعلم بانا بسيف الشعب نحميكا أنا بني العرب لا نخشى إذا اضطرمت ... نار الحروب وبالأرواح نفديكا سوى علوك لا نرضى ومأربنا ... ألا ينال لك الأعداء تحريكا حماك فرض علينا لا نخل به ... فنحن بالحرب والأجبار نوفيكا وخذ علينا عهوداً أن تكون لنا ... عزاً ومجداً ومأوى فخرنا فيكا فدم لقوم ذوي سعي تليق بهم ... رمواً شريفاً يردوا بأس راميكا أحيوك بعد جهاد قد أحاط به ... كل المصائب فاستكبر بمحييكا مصطفى جواد

الراية واللواء وأمثالها

الراية واللواء وأمثالها الراية هي العلم ويقال فيها (الغاية) كما في قول عنترة العبسي بمعلقته: ربذ يداه بالقداح إذا شتا ... هتاك (غايات) التجار ملوم قال أبو زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي الراوي لهذا البيت: (ربذ: أي خفيف والغايات: الرايات، والتجار: أهل الخمر، ملوم: الذي يكثر لوامه على أنفاق ماله) وقيل: (الغاية: الراية المنصوبة). ونحن نعتقد أن اصلها خرقه تجعل على قصبة، وتنصب في آخر المدى الذي تنتهي إليه المسابقة؛ ومن ذلك ما في قول الإمام علي - ع - يصف الإسلام: (رفيع الغاية، جامع الحلبة) ويقال للراية أيضاً: (الحقيقة). كما في قول عنترة: ومشك سابغة هتكت فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة معلم قال أبو زيد القرشي: (المشك: المسمار، والحقيقة: الراية) وكذلك ما في مختار الصحاح. ويقال أن الراية في الأصل مهموزة، لكن العرب آثرت ترك الهمز تخفيفاً ومنهم من ينكر هذا القول ويقول: لم يسمع الهمز ومن ينعم النظر في بيت عنترة الأول يعلم أن الخمارين في الجاهلية كانوا يضعون لتجارتهم رايات، وكان للبغي الرقحاء في الجاهلية راية أيضاً، قال معاوية بن أبي سفيان لأبي يزيد عقيل بن أبي طالب - رح - (يا أبا يزيد فما تقول في؟). قال (دعني من هذا) قال معاوية (لتقولن) قال: (أتعرف حمامة؟) قال (ومن حمامة يا أبا يزيد؟) قال: (قد أخبرتك) ثم قام فمضى، فأرسل معاوية إلى النسابة فدعاه، فقال له: (من حمامة؟) قال النسابة (ولي الأمان) قال: (نعم) قال (حمامة: جدتك أم أبي سفيان كانت بغياً في الجاهلية صاحبة راية). فقال: معاوية لجلسائة: (قد ساويتكم وزدت عليكم فلا تغضبوا)، وكان عقيل قد ثلب أنسابهم واحداً واحداً لبادرة سيئة بدرت منهم إليه وكان نسابة علماً. قال الطرحي في مجمع البحرين: (الراية: هي التي يتولاها صاحب الحرب

ويقاتل عليها واليها تميل المقاتلة، واللواء علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار) قلنا: ويجوز إطلاق اسم أحدهما على الآخر، وإذا أريد التخصيص قيل (اللواء الأعظم) ويطلق على الراية أيضاً (البند) وهو العلم الكبير في الأصل ولفظه فارسي معرب، فهو وان كان مقيداً بالكبر فيجوز تسمية الراية به. رايات الدول الإسلامية راية الجيش ملاذ له عند التفريق والاضطراب ومجمعة لقلوبه وعلامة لتمييزه عن غيره ومفخرة له حيث التقدم واحمرار البأس بالموت الأحمر ومهيجة للنفس ومشجعة للقلوب، فكأين من جيش أنهزم لسقوط رايته وكم خميس تشتت بقتل صاحب لوائه، لذلك كان القائد والأمير والملك والخليفة لا يسلم رايته إلاَّ إلى رجل وثيق أيد شجاع يتقدم بها إلى عدوه بقلب صبور وعزم غيور ويرى الموت سلماً إلى الفخر وشامخ الذكر، على أن منهم من كان يحمل الراية ابتغاء وجه الله وطمعاً في الآجر. قال الحصين بن المنذر: (أعطاني علي - ع - ذلك اليوم (يوم صفين) راية ربيعة وقال: باسم الله سر يا حصين وأعلم أنه لا تخفق على رأسك راية مثلها أبداً، هذه راية رسول الله - ص -) قال: (فجاء أبو عرفاء جبلة بن عطية الذهلي إلى الحصين وقال: (هل لك أن تعطيني الراية أحملها لك فيكون لك ذكرها ويكون لي أجرها؟) فقال الحصين: (وما غناي يا عم عن أجرها مع ذكرها) قال أبو عرفاء: (إنه لا غنى بك عن ذلك، ولكن أعرها عمك ساعة فما أسرع ما ترجع إليك) قال الحصين: فقلت أنه قد أستقتل وأنه يريد أن يموت مجاهداً. فقلت له خذها. . . فشد وشدوا معه فقاتلوا قتالاً شديداً فقتل أبو عرفاء - رح - وشدت ربيعة بعده شدة عظيمة على صفوف أهل الشام فنقضتها. وقال الإمام علي - ع - في صفين لأصحابه: (ورايتكم فلا تميلوها ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلاَّ بأيدي شجعانكم المانعي الذمار والصبر عند نزول الحقائق أهل الحفاظ الذين يحفزون برايتكم ويكشفونها. يضربون خلفها وأمامها ولا يضيعونها).

والرايات في زمن النبي محمد - ص - لم تكن ذات لون واحد فمنها (العقاب) وهي راية سوداء لها حظ من أسمها، ففي يوم فتح مكة أقبل رسول الله - ص - معتجراً ببرد حبرة وعليه عمامة سوداء ورايته سوداء ولواؤه أسود حتى وقف بذي طوى وأمر بركز اللواء عند الركن وفي زاوية عند الحجون والعقاب هي الراية التي دفعها علي - ع - إلى أبنه محمد بن الحنفية يوم الجمل، وقال لحسن وحسين - ع - إنما دفعت الراية إلى أخيكما وتركتكما لمكانكما من رسول الله - ص - وكان النبي - ص - في الرايات إلى السواد أميل. ففي صفر من سنة (37) بحرب صفين رفع عمرو بن العاص شقة خميصة سوداء في رأس رمح فقال ناس: هذا لواء عقده له رسول الله - ص - فلم يزالوا يتحدثون حتى وصل ذلك إلى علي - ع - فقال: أتدرون ما أمر هذا اللواء؟ إن عدو الله عمراً أخرج له رسول الله - ص - هذه الشقة فقال: من يأخذها بما فيها؟ فقال عمرو: وما فيها يا رسول الله؟ قال: أن لا تقاتل بها مسلماً ولا تقربها من كافر، فأخذها، فقد والله قربها من المشركين وقاتل بها اليوم المسلمين. وفي حرب صفين كانت راية الإمام علي - ع - سوداء أيضاً. ولما دفعها إلى هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال وأخذ مالك الأشتر النخعي يحرضه على الحرب وهاشم يتقدم قال عمرو بن العاص (إني لأرى لصاحب الراية السوداء عملاً لئن دام على هذا لتفنين العرب اليوم فلعل هذه الراية هي العقاب أيضاً، ويؤيد احتمالي هذا قول الأشتر إذ ذاك لأصحاب علي - ع - (وأعلموا أنكم على الحق وأن القوم على الباطل، إنما تقاتلون معاوية وأنتم مع البدريين قريب من مائة بدري سوى من حولكم من أصحاب محمد، أكثر ما معكم رايات قد كانت مع رسول الله (تقدم خبر راية ربيعة) ومعاوية مع رايات قد كانت مع المشركين على رسول الله. . .). على أن رسول الله - ص - لما جهز جيش مؤتة جعل الراية بيضاء وفيها

يقول كعب بن مالك الأنصاري: ساروا أمام المسلمين كأنهم ... طود يقودهم الهزبر المشبل إذ يهتدون بجعفر ولواؤه ... قدام أولهم ونهم الأول وكانت راية ربيعه المذكورة (حمراء) قال نصر بن مزاجم (وحدثنا عمرو أبن شمر قال: أقبل الحصين بن المنذر (تقدم ذكره) يومئذ وهو غلام يزحف براية ربيعه - وكانت حمراء - فأعجب علياً - ع - زحفه وثباته فقال: لمن راية حمراء يخفق ظلها ... إذا قيل: قدمها (حصين) تقدماً؟ ويدنو بها في الصف حتى يديرها ... حمام المنايا تقطر الموت والدما وقرأت في شهر حزيران سنة (1931) في كتاب مذكرات المستشرقين بصفحة 343 ما صورته: (وبراية بني أمية البيضاء وأعلام بني العباس السود) فعلمت أني مخطئ في قولي ب (9: 421) من لغة العرب: فذا الاحمرار علامة لأمية ... تلك التي هلكت بشر حسام وسبب اعتقادي أن الحمرة شعار الأمويين قول المبرد (ويروى أن معاوية أبن أبي سفيان لما نصب يزيد لولاية العهد أقعده في قبة حمراء فجعل الناس يسلمون على معاوية ثم يميلون إلى يزيد. . .) وبهذا وهمت إلى ذلك، على أني كنت قرأت في ص 100 من صناعة الإنشاء لعز الدين علم الدين الشامي سنة (1927 - 1345) قوله (إن العلم العربي المربع الألوان هو رمز للتاريخ العربي والحضارة ذلك لأن اللون الأبيض يذكرنا بالدولة والحضارة العربية الأموية والأسود بالدولة والحضارة العباسية والأخضر بالدولتين والحضارتين الأندلسية والفاطمية والأحمر بالدول المغربية والهاشمية) فلم ألتفت إلى قوله لخلو كتابه من المسند التاريخي، ولخطأ في قوله، فالصواب أن أقول: (فذا الابيضاض علامة لأمية) والحكمة في مخالفة الألوان هي الدلالة على مخالفة القلوب والتباين في الحروب،

وإذ كانت الدولة الراشدية العلوية شعارها السواد أتخذ معاوية البياض وكان معاوية في صفين يجلس في قبة بيضاء وإياها يعني الإمام علي - ع - بقوله كما في نهج البلاغة: (وعليكم بهذا السواد الأعظم والرواق المطنب فأضربوا ثبجه فأن الشيطان كامن في كسره وقد قدم للوثبة يداً وأخر للنكوص رجلاً، فصمداً صمداً حتى ينجلي لكم عمود الحق (وأنتم الاعلون والله معكم ولن يتركم أعمالكم) الأخير من القرآن. وكان حريث بن جابر في صفين نازلاً بين الصفين في قبة له حمراء يسقي أهل العراق اللبن والماء والسويق ويطعمهم اللحم والثريد فمن شاء أكل ومن شاء شرب. وكانت علامات جند العراق (الصوف الأبيض) وعلامات جند الشام (الخرق الصفر) وعلامات بعض الخيالة في عسكر معاوية الخضرة. أما سبب اتخاذ العباسيين السواد شعاراً فما جاء في الحديث النبوي من طرق مختلفة وبصور متعددة من طلوع الرايات السود من قبل المشرق وبها لمهدي صاحب الزمان الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. ولما أشرف عبد الله بن علي العباسي يوم الزاب في المسودة وفي أوائلهم البنود السود تحملها الرجال على الجمال البخت وقد جعل لها خشب الصفصاف والغرب بدلاً من القنا، قال مروان الحمار لمن حوله: (أما ترون رماحهم كأنها النخل غلظاً أما ترون أعلامهم فوق هذه الإبل كأنها قطع الغمام السود؟) وكان العباسيون يظهرون للناس أن تمكنهم من الدولة الجديدة يكون باباً لحكم المهدي صاحب الأمر وذلك مسايرة لاعتقادات سواد الناس واحتيالاً للبحبحة، ولا أرى للمنصور سبباً حمله على تلقيبه أبنه محمداً ب (المهدي) سوى قطع ذلك الاعتقاد واثبات أن أبنه هذا هو المهدي الموعود وما أسرع ما قتل الشريف محمد بن عبد الله المحض النفس الزكية الملقب المهدي وإبراهيم أخاه لاحتكار المهدوية لأبنه ولتصفية الخلافة من هذا العكر المشفي بها على الفساد (على اعتقاده).

ويروي أبو الفرج علي بن الحسين الأصفهاني قول أحد الأئمة الاثني عشر عن عبد الله المذكور (هذا مهدينا أهل البيت). وتعصب الخلفاء العبابسة للسواد تعصباً شديداً فقد روى الأصمعي أن أبا أسحق إبراهيم بن محمد الفزاري دخل على هارون الرشيد. وأبو يوسف القاضي جالس إلى يساره فقال (السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته) فقال الرشيد: (لا سلم الله عليك ولا قرب دارك ولا حيا مزارك) قال: لم يا أمير المؤمنين؟ قال: أنت الذي تحرم السواد. قال: يا أمير المؤمنين. . . ووالله ما حرمت السواد. فقال الرشيد: فسلم الله عليك وقرب دارك وحيا مزارك أجلس أبا أسحق، يا مسرور ثلاثة آلاف دينار لأبي أسحق، فأتى بها فوضعت في يده فأنصرف وكان السواد واجباً في ألبسة رجال الدولة حتى الكتاب. ولم يكن استشعار العبابسة للسواد مانعاً لبعضهم من اتخاذ الحمرة في الرايات فقد رئيت أعلام حمر في جيش المعتمد على الله المحارب للناجم علي بن محمد صاحب الزنج الدعي المفسد في أرض الله، قال أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: (حدثني محمد بن سمعان قال: كنت في تلك الحال (حال إجراء الزنج لسفن الغنائم وغرق بعضها وسلامة بعض) واقفاً مع يحيى (بن محمد البحراني) على القنطرة، وقد أقبل متعجباً من شدة جرية الماء وشدة ما يلقى أصحابه من تلقيه بالسفن (كذا لعلها تقليبه للسفن). فقال أرأيت لو هجم علينا عدو في هذه الحال؟ من كان يكون أسوأ حالاً منا؟ فوا الله ما انقضى كلامه حتى وافاهم (كاشهم) التركي في جيش قد أنفذه معه أبو أحمد (طلحة الموفق بن المتوكل) عند رجوعه من الأبله إلى نهر أبي الأسد يتلقى به يحيى فوقعت الصيحة واضطربت الزنج فنهضت متشوفاً للنظر فإذا (الأعلام الحمر) قد أقبلت في الجانب الغربي من نهر العباس ويحيى به فلما رآها الزنج ألقوا أنفسهم جملة في الماء فعبروا إلى الجانب الشرقي.

وأتخذ الأمويون بالأندلس البياض مخالفة للعباسيين، وكان في كل أمورهم حتى في الحزن على الميت وقد أستسن الأندلسيون ذلك من عهد الأمويين وفي ذلك يقول أبو الحسن علي بن عبد الغني الفهري الحصري المعروف بالقيرواني المتوفى سنة (484) بطنجة. إذا كان البياض لباس حزن ... بأندلس وذاك من الصواب ألم ترني لبست بياض شيبي ... لأني قد حزنت على شبابي ولمخالفة السواد والبياض أتخذ المأمون الخضرة شعاراً عند مبايعته الإمام علي أبن موسى الرضا - ع - بولاية عهده وقيل: بل لأنه لباس أهل الجنة فلم تطل أيامه حتى سمه العباسيون بائتمارهم أو بأمر المأمون نفسه وقد اتفقت في الشعار هذا مخالفته غيره ومشابهته للباس أهل الجنة، ولعلهم استدلوا على ذلك بقوله تعالى في سورة الإنسان (وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً. . . عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شراباً طهورا) وبقوله - جل من قائل - في سورة الرحمن (متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان) وقوله تعالى في سورة الكهف (أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك. . .) وفي الحديث النبوي (إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تعلق من ثمار الجنة) وفي رواية (من ثمر) فالخضرة عمت من في الجنة حتى ما فيها من الطيور - على ما ذكروه -. أما خضرة العلائم لأكثر العلويين الفاطميين فليست من الكتاب ولا من السنة ولا معروفة لهم من القديم وإنما حدثت في مصر سنة (773) أحدثها الملك الأشرف شعبان من دولة الأتراك. وخضرة العمائم أحدثها السيد محمد الشريف المتولي، باشا مصر، سنة (1004) وذلك لما دار بكسوة الكعبة والمقام وأمر الأشراف أن يمشوا أمامه وكل واحد منهم على رأسه عمامة خضراء وإنما

اختيرت العلامة الخضراء للأشراف لأن الأسود شعار بني العباس والأصفر شعار اليهود والأزرق شعار النصارى والأحمر مختلف فيه فقال في ذلك جابر بن عبد الله الأندلسي الأعمى صاحب شرح الألفية: جعلوا لأبناء الرسول علامة ... إن العلامة شأن من لم يشهر نور النبوة في وسيم وجوههم ... يغني الشريف عن الطراز الأخضر وقال الأديب شمس الدين محمد بن إبراهيم الدمشقي: أطراف تيجان أتت من سندس ... خضر بأعلام على الأشراف؟ والأشرف السلطان خصهم بها ... شرفاً ليعرفهم من الأطراف ولما أستحوذ العباسيون على الخلافة واستبدوا بها دون العلويين وأخذوا يقتلون بعضهم ويسجنون بعضاً، ثأر أهل الحفاظ منهم وذوو العزة والشمم الباذخ فاتخذوا البياض شعارهم في كل قطر ومصر وبلد تمكنوا منه ولذلك سموا (المبيضة) وفي القاموس: (والمبيضة كمحدثة فرقة من الثنوية لتبييضهم ثيابهم مخالفة للمسودة من العباسيين) وهذا غلط محض فأن كانت السياسة الشوهاء ارتكبته فلا يجوز للعلم أن يتحمل خطأها معها وإلاَّ فمتى كان أبناء رسول الله - ص - حملة السنة ومعدن الإسلام (ثنوية)؟ قال المبرد (وقال عبد الله (بن أبي عيينة) لعلي (الخارصي) بن محمد (الديباج لحسنه ويلقب المأمون) بن جعفر (الصادق) بن محمد (الباقر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين (الشهيد) بن علي (المرتضى) بن أبي طالب (شيخ الأبطح) وكان دعاه إلى نصرته حين ظهرت المبيضة فلم يجبه فتوعده، فقال عبد الله: أعلي إنك جاهل مغرور ... لا ظلمة لك لا ولا لك نور

أكتبت توعدني إن استبطأتني ... إني بحربك ما حييت جدير فدع الوعيد فما وعيدك ضائر ... أطنين أجنحة البعوض يضير؟ وإذا ارتحلت فأن نصري للالى ... أبواهم المهدي والمنصور نبتت عليه لحومنا ودماؤنا ... وعليه قدر سعينا المشكور ولعمري أن لهذا الشاعر الكاذب لمندوحة عن هذه التهمة الباطلة السافلة ولكن بماذا كان يتقرب إلى العبابسة؟ فبفساد الملك تفسد الرعية وبسوق الباطل تعرض البواطل ولعن الله السياسة وحب الرياسة. وللأديب المؤرخ أحمد بن عبيد الله الثقفي المتوفى سنة (314) كتاب (المبيضة) وهو مقاتل الطالبيين، ذكر أبن زنجي أنه كان يجيئه ويقيم عنده وسمع منه أخبار المبيضة وغيرها ولما استولى جوهر الصقلي قائد المعز لدين الله الفاطمي على مصر وطرد الأخاشدة حضر رسوله ومعه (بند أبيض) وطاف على الناس يؤمنهم ويمنع من النهب. فهدأ البلد وفتحت الأسواق وسكن الناس كأن لم تكن فتنة. فدخل جوهر بعد العصر وطبوله وبنوده بين يديه وشق مصر ونزل في مناخة (موضع القاهرة اليوم) وأختط موضع القاهرة وقطع خطبة بني العباس عن منابر الديار المصرية وكذلك اسمهم من السكة وعوض عن ذلك باسم مولاه المعز وأزال الشعار الأسود وألبس الخطباء (الثياب البيض) وجعل يجلس بنفسه كل يوم سبت للمظالم وأذن المؤذنون ب (حي على خير العمل) وكان عمر بن الخطاب - رض - قد أسقطها من الأذان لاجتهاد رأى فيه صلاحاً للمسلمين. وكان من شعار سلاطين الشراكسة بمصر عمامة ملفوفة بصنائع مكلفة (كذا في الأعلام، ولعلها: بصبائغ مكففة) يجعلون في مقدمها ويمينها ويسارها شكل ستة قرون بارزة من نفس العمامة ملفوفة من نفس الشاش يلبسها السلطان في مواكبه وديوانه ويلبس قفطاناً من فاخر الثياب على كتفه اليمنى طراز مزركش بالذهب وكذلك على كتفه اليسرى ويحمل على رأسه قبة لطيفة وفي

وسطها طير صغير يظلل السلطان بتلك القبة وهذه النبذة وأن لم تكن من موضوع مقالنا فهي إليه أقرب وبه أمس. ومذ نشأت حكاية واقعة الطف وقتل الإمام الحسين بن علي - ع - أخذ عوام الفرس في إيران وعوام الشيعة بالعراق يحملون في مناحاتهم السيارة أعلاماً سوداً للدلالة على الحزن وقد تكون حمراً وخضراً ويطرزون فيها جملاً دينية أو عاطفية مثل (أشهد أن لا آله إلاَّ الله. . .) و (يا شهيد كربلاء) و (يا أيها الحسين الشهيد المظلوم) و (يا قمر بني هاشم أبا الفضل العباس) و (يا الله، يا محمد، يا علي، يا فاطمة، يا حسن، يا حسين) ومن الأعلام ما نقش عليه (كف مقطوعة) أو تكون الكف من الشبه في رأس القناة إشارة إلى قطع جيش يزيد لكفي العباس بن علي حتى حمل القربة بفمه، ويجعلون ذلك أقوى مشبة للأحزان، وفي يوم عاشوراء حين ينقسم (الحاكون) قسمين: جيش يزيد وجماعة الحسين، يحمل جيش يزيد الأعلام الحمر ويلبس لباساً أحمر خيالته ورجالته، وجماعة الحسين تلبس لباساً أخضر وتحمل رايات سوداً لكي تمتاز الفرقتان إحداهما عن الأخرى، وفي مقارىء مقتل الحسين للرجال تنصب أعلام سود رمزاً للكآبة من فقده - كما قدمنا)، ولا زال المداحون (وهم ثلة عاطلة تتكسب بمدح الأئمة الاثني عشر وذكر مصائبهم) يحملون في القرى أعلاماً وعلى رؤوس عصيها أو قباها كف العباس من الشبه أيضاً. وللأحباش في البصرة أيام معلومة عندهم يحتفلون فيها بعادة اعتادوها ثم يخرجون في الجواد والطرقات يضربون بآلات الطرب الهمجية وينشدون أناشيدهم باللغة الحبشية ومعهم الأعلام المختلفة الألوان، ونحن نعرف أن للحبشة رقصة اسمها (الدركلة) وهي لبني أرفدة منهم وقد قال لهم رسول الله - ص - حينما رآهم يرقصونها (جدوا يا بني أرفدة لكي تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة) ولكن هذه غير تلك وأحسبها باقية عندهم من زمن خروج الناجم علي بن محمد المذكور) بالبصرة واتخاذه أكثر جيشه من الزنج حتى سميت الواقعة (حرب الزنج) وهي أول مطالبة للسود بحقوقهم البشرية والله المستعان.

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة فنسان م. ماريني - تابع - من الناصرية لجش شربولا (تل اللوح) يذهب الزائر إلى الناصرية بقطار ينعرج عن محطة أور، ثم يواصل السفر بقارب مسافة ثلاثين ميلاً. يرى هذا الموقع المهم جداً في الضفة الشرقية من شط الحي على نحو ثلثي طوله من دجلة إلى الفرات. وتحيط الروابي هنالك بمنطقة طولها نحو ميلين ونصف في عرض ميل وربع، ويمتد محور التلول من الشمال إلى الجنوب، وحول التلول سور حفر بعضه، وهو القسم الواقع في غربي تل الهيكل والباب الغربي المحصن. ويرى تل (جرسو) وهو القسم الأقدم من المدينة في وسط التلول، ووقع (دي سارزيك) القنصل الفرنسي في البصرة هنالك على مذخر (أور ننة) الشهير (2900 ق. م) الذي كان أقدم بناء دنيوي يعرف في شمر حتى حفر القصر الشمري في كيش. ونقب (دي سارزيك) في (لجش) من حين إلى آخر من سنة 1877 إلى 1891: وكانت الحكومة الفرنسية تعضده، و (أور ننة) أقدم ملك في (لجش)، إذ ظهرت أخبار معاصرة له، بيد أن أصل المدينة يرجع إلى قبل زمن ذلك الملك، لأنه ظهرت شقف الخزف الملون في الطبقات الأول من تل (جرسو). ويقع هيكل (تنجر سو) آله الري، وزوجته (ننة) ملكة المياه تحت

التل الشمالي، ويبتدئ تاريخ هذا المعبد منذ زمن (أور باو) الفاتشي في (لجش) في أثناء مملكة (أكد) (2700 ق. م). ووقع المنقبون الأهلون الذين حفروا في غياب (دي سارزيك) في تل خزانة كتب الهيكل بالقرب من (جرسو) وفي الجنوب الشرقي منه على ما يقارب ال 35. 000 صفيحة مشوية من عهد (انتمنا) (2800 ق. م) وبعده. وقد أمست (لجش) من أنفع مواضع (شمر) و (أكد) ومن أكثرها نتاجاً. ولم يستخرج (دي سارزيك) عدداً كثيراً من تماثيل المستماز الكبيرة للفاتشين (القضاة الكهنة) القدماء فحسب، بل وقع على نصب النسور الشهير، الذي أقامه (ايناتم) في نحو أوائل القرن التاسع والعشرين ق. م، كعلامة فارقه بين تخوم (لجش) وتخوم (أما) (راجع أيضاً ما يخص (أما). وكذلك عثر (دي سارزيك) على أخبار أعمال (جودياء) الجليلة: المدونة بالخط المسماري على مواشير من صلصال مشوي. وكان معظم (الفاتشين) في لجش (رجالاً مهرة، مع أنهم لم يحوزوا على سيادة سهل شنعار بأجمعه، اللهم إلا واحداً منهم. وقيل أن (ايناتم) قهر (كيش) و (أكشك) (أوفس) و (ماير)، و (أيناتم) وأيناتم هو الذي حفر قناة ليفصل أراضي (لجش) عن أراضي (أما)، كما أنه أقام نصب النسور، ذيالك الحجر الفاصل بين تخوم المملكتين. على أن هذه الانتصارات لم تدم طويلاً وأن كانت الرواية عنها صحيحة. ويتضح أن أبن أخيه المسمى (انتمنا) كان ذا مساع جليلة. إذ رأى أن (لجش) لن تنجح ولن يتمهد لها سبيل الرخاء ما دامت تعتمد في ريها على إحسان جار طموح ثابت العزم. وعليه صمم على أن يجلب الماء إلى مدينته من دجلة بدلاً من الفرات. ولهذا الفاتشي فضل على العراق لسديد رأيه ولإنشاء (شط الحي) فيه، وعقب (انتمنا) أربعة من الفاتشين. ثم قام رجل أسمه (أركاجنة) ويظهر أنه أتخذ لنفسه لقب ملك، ولكن يبين من سوء حظه أنه مال إلى البناء، وتقويم الحالة الاجتماعية أكثر مما مال إلى الحرب. وبينما هو في حين غرة من أمره إذا (لجل زجسي) ورجاله هجموا ذات يوم على

(لجش) وفتحوها، وكان (لجلزجسي) الفاتشي في (أما) (2778 ق. م) امرؤاً قديراً كثير المطامع، ظفر بالنصر في معارك آخر واثبت نفسه فاصبح ملكاً في (شمر) (سلالة (أرك) الثالثة). ولما أفضت إمرة (لجش) من (أرك) جارها الفتاك إلى مملكة (أكد) التي عقبتها، ومنها إلى حكم سلالة (جوتيوم) (لعله من الحثيين؟) الدمث قام هناك فاتشي آخر اسمه (جودياء) (2600 ق. م) ونال سمعة بعيدة، ويظهر أنه تفرغ لآداب اللغة وفن البناء، واثر كل التأثير في ديانة (شمر) حتى أن الغير تحدوه بعد وفاته، ولم تحز (لجش) مجداً يذكر بعد ذلك الحين بيد أنها هجرت بالمرة بعد عصر (حمرب) وتركت اخربتها حتى حكم السلوقيين في القرن الثاني قبل الميلاد. وحفر (كلدواي) بعض الحفر في مدينتين واقعتين في ضواحي (لجش) سنة 1887، هما (ننة) (زرعل) و (اور ازجا) (الحبة) وتقعان على نحو ثلاثين ميلاً عن (لجش) وفي الشمال الشرقي منها، ولكنهما أحرقتا وأخربتا فأصبحتا مقربتين كبيرتين. مواقع آشورية القديمة من سامراء: اكشك، أو في (تل أبير) - (في اليونانية اوفس) لم ترد إلينا إلاَّ أنباء قليلة عن (اوفس) التي عثر عليها في (تل أبير) مؤخراً ويقع هذا التل على اثنين وعشرين ميلا من جنوب شرقي سامراء. واهم ما يعرف عن (اوفس) علاقتها العسكرية بالحصون التي شيدها (نبو كدراصر) ليرد بها غزوات الماذيين. ويتيسر اقتفاء اثر أطلال الجدار الماذي ل (نبو كدراصر) وأنت واقف في (اوفس) فترى تلك الأطلال في جوار المدينة. ويجتاز القطار بهذا الجدار في موضع يقع على خمسة عشر ميلا من جنوب شرقي سامراء. وكانت (اكشك) مقر سلالة متقومة من ستة ملوك، وكانت سلالة (اكشك) معاصرة لسلالة (أرك) الثانية ولسلالة (كيش) الثالثة، ويتضح أن هتين الدولتين قهرتا (اكشك) في الحرب. كما أن (ايناتم) ملك لجش يدعي

أنه أخضعها في نحو ذلك الزمن. ولا يعرف من أخبار (اكشك) في أواخر عصرها سوى أنباء قليلة، إلاَّ أن (استرابون) ومؤلفين آخرين ذكروها في كتبهم، وكانت (اكشك) قائمة بين (بابل) و (آشورية). وكان موقعها هذا حرجاً من وجهة موطنها، ويقتضي أنه طرأ عليها كثير من التقلبات لما قام بين آشورية وبابل من الحروب الطويلة طلب كل منهما لسيادة القطر. وقد ظفر (كورش) العظيم بجيش (بلشصر) بن (نبونيد) في (اوفس) سنة 539 ق. م. فتم بذلك ما أنذرته اليد الكاتبة على الجدار (دانيال 5: 5) ومر (زينفون) بهذه المدينة لما تقهقر بعد محاربة (كناسة) ووفاة (كورش) الأصغر (400 ق. م). من قلعة شرقاط: آشور (قلعة شرقاط أي شهر قرد) هي على أربعة أميال بالسيارة من قلعة شرقاط ذاعت شهرة آشور وعرفت بأول قصبة لمملكة آشورية، ولكن يرجع تاريخ المدينة إلى فجر عصر شمر. إذ أنه اكتشف هنالك عدد غير قليل من التماثيل من زمن (أور ننة) الفاتشي في لجش (2900 ق. م). ولا جرم أن مدن آشورية بناها (آشور) بن (سام) الذي هاجر من سهل شنعار في أثناء حكم قريبه (نمرود) وذلك على ما ورد في التوراة (سفر الخلق 1: 10). وكانت (آشور) قائمة على حيد من حيود جبل حمرين، وفي سفحه بحيرة نشأت من خزن مياه دجلة هنالك. فتألقت في أيام عزها أيما تألق. ولو وقفت فوق الزقورة (إي خر سجكركرة) أي (الجبل الأكبر، ودار البلاد جميعها) لتمكنت من قنفاء رسم البلدة وحوض البحيرة، وكتل الصخر المبعثرة بين أطلال الشوارع والبيوت، وفي أطراف الهياكل والمحصنات والمسنيات، تذكر الزائر أنه ترك سهل شنعار، وتريه أن الآشوريين كانت لديهم مواد غير اللبن لإقامة أبنيتهم. وقد فحص (السر هنري لايرد) هذا الموطن سنة 1846، كما أن (رسام)

مساعدة الهمام حفر فيه سنة 1853 و1878، ولكننا آخذنا اكثر أخبارنا عن تلك المدينة من الجمعية الألمانية في الشرق التي ابتدأت بالعمل هنالك برئاسة (اندري) سنة 1902. وقد اقتفي اثر الشارع الرئيس فضلا عن خطة القصور والهياكل. وعثر في رصيف الشارع المبلط على عدد كثير من أنصاب صخر ظراف الشكل، وخطت عليها بالخط المسماري أخبار ملوك آشور وزعمائها في أيامها الأول، تلك الأيام التي كانت آشور تخاف فيها دائماً الغزوات. وتتوق في الوقت عينه إلى خلع نير بابل عن عاتقها ذيالك النير الممقوت، فأخذت تتمرن في فن المحاربة، الفن الذي استعملته بعدئذ بكل قساوة وعنف. وطرأت على هيكل (آشور) رب الحرب الأعظم وزوجته (إشتر) المحراب تقلبات عديدة في خلال تاريخ آشورية المترجرج، واخذ اسم المدينة من اسم هذا الإله، وأعاد (سرجون) ملك (أكد) ذلك الهيكل، وكذلك (فوزور آشور) ملك آشورية بعده، وهو الذي حاط (المدينة الجديدة) بسور منيع كبير سنة 1500 ق. م. وتلك المدينة قسم (آشور) الجنوبي، وبنى (شلمن اصر) الأول المعبد مرة أخرى بقرنين بعد ذلك الزمن (1276 إلى 1257 ق. م) لان البناء الأول احرق في إحدى الغزوات، ودون ذلك الملك أخبار الهيكل القديم بالخط المسماري على نصب هيصمي (رخام أبيض شفاف)، ولكنه نقل عاصمته واتخذ (كالح) مقراً له، وشيد فيها قصراً هائلاً، أقامه في موضع يسهل الدفاع عنه. واشتدت شوكة آشور في ذيالك الزمان فاستعدت لتظهر بأسها؛ فحمل (شلمن اصر) حملات متتابعة على الارميين الزاحفين إليه وكبح جماحهم، واحتل (كركمش) و (كبادوكية) وقام (تكلتي ننرته) الأول الذي عقب (شلمن اصر) ودوخ بابل وسبى تمثال الرب (مردوك) من الهيكل (إي سجلاً) (راجع ما يخص بابل). ولذا انقرضت سلالة الملوك الكشيين الطويلة المتقومة من ستة وثلاثين ملكاً، ولكن نصر آشورية لم يدم كثيراً، إذ نشأت سلالة جديدة في بابل (1169 ق. م) وكان (نبو كدراصر) الأول اشهر ملوكها (1146 إلى 1123 ق. م) وكان الحظ متبادلاً بين المملكتين المتزاحمين حتى

قهر (تغلث فلاشر) الأول (1100 إلى 1060 ق. م) بابل مرة أخرى، وكان ذلك الملك محراباً جليلاً. وقد زحف في البلاد حتى وصل إلى سواحل بحر الروم وجدد آشور وأعادها إلى سابق مجدها واتخذها مقراً لمملكته، ووقع (رسام) في اسفل الزقورة على اسطوانات مخطوط عليها اسم هذا الملك بالخط المسماري ولكن لما توفي (تغلث فلاشر) أذعنت آشورية وبابل لبطش الارميين الذين استفحل آمرهم، ولم ترد إلاَّ أخبار قليلة من مصير آشورية بعد ذلك الوقت حتى بان اسمها حيناً آخر في القرن التاسع ق. م. ومن ضمن المخطوطات اللطاف العداد التي اكتشفت في آشور، نسخة فيها اسم (امرأة القصر)، (سموراماة)، وتظهر أنها كانت امرأة جليلة القدر، ذات صولة نافذة، ولعلها الصورة الأصلية لروايات اليونان الخيالية المتعلقة ب (سمير أمس) الفتانة القديرة، المرأة التي أسست بابل وأثبتت نفسها سيدة العالم المتمدن. وعثر الألمان في آشور على لحود غير قليلة من ملوك آشورية. وكانت نواويسهم المتخذة من الصخر الضخم، موضوعة في سراديب مبنية بالآجر تحت أرض القصر. حضرة (الحضر) تبعد عن قلعة شرقاط بنحو خمسة وعشرين ميلاً وهي في شمال غربيها، ويصعب الوقوف عليها من الواضح أن أخبار (حضرة) الأول لا تزال مجهولة. ولعل (حضرة) كانت في الصحراء بلدة مألوفة في أيام مملكة آشور وبعدها. ولكن لما ظهر الفرثيون اتخذوها حصناً لهم لحماية التخوم الغربية من غزوات الرومانيين، فحفروا حواليها خندقاً، وأداروا عليها سوراً منيعاً محصناً ثخين البناء، وتصفح المباني العامة هنالك عن إحكام بناء، ومتانة إتقان، ولكنها لا تنطق ببهاء ما، كما انه لا يرى فيها أي زخرف سوى طائفة بديعة من طيور منحوتة وعنقاوات وثيران برؤوس بشرية تألقت بها الجدران في إحدى الردهات، وربما كانت تلك الردهة القصر نفسه، وتؤثر هذه الآخرية تأثيراً عجيباً في من يزورها، مع أنها منفردة

كل الانفراد، ومجردة من جميع مزاياها. ولما قهرت سلالة الفرس الساسانية مواليها الفرثيين سنة 226م أبيدت (حضرة) وهجرت بالمرة. من الموصل: نينوى (قويونجق، نبي يونس) (نينوى الوارد ذكرها في التوراة: يونان 1: 2) ترى على ضفة دجلة المحاذية للموصل، وعلى مسافة قريبة من تلك الضفة رواب وتلول طويلة الامتداد واطئة، وهي كل ما بقي من نينوى العظيمة وسورها الهائل الذي كان يطوقها، وقد بلغت دائرته اثني عشر ميلاً. وكانت نينوى القصبة الرابعة لمملكة آشور، وهي الأخيرة وبلغت المملكة أوج علاها في تلك المدينة، وأصبحت دار آثام وفساد، فأرسل الله إليها النبي يونان ليوعظ في سكانها، والقصور الكبار المحصنة التي شيدها كل من الملوك الثلاثة: (سنحاريب) و (اسرحدون) و (آشور بنيبل) تقع تحت التلين الرئيسين، الفاصل بينهما النهير المسمى (خوسر). وحفر حفر كبير في شمالي (تل قويونجق) قبيل نصف القرن الماضي. وأول من نقب هنالك (بوتا) وكيل القنصل الفرنسي في الموصل سنة 1842 وواصل الحفر بعده (السر هنري لايرد) و (رسام) و (لفتس) و (سمث) في مواقيت شتى، ونقب في ذلك الموطن زمناً قصيراً سنة 1904 (ل. و، كنك) رحمه الله، واكتشف قصر (سنحاريب) في شمالي التل، وأما قصر (آشور بنيبل) في جنوبيه، ولا يرى من هذه الحفريات الآن غير بعض النقر والخنادق ودفن المنقبون مرة ثانية ما لم يستطيعوا حمله، إذ أن أعراب تلك الأصقاع كثيراً ما يرغبون في المرمر المنحوت طالبين كسره وإحراقه ليحصلوا على البورق أو النورة، كما أن الطبيعة أعانت دفن هذه العروض دفناً ثانياً. ولا ريب في أن هذه القصور الآشورية، كانت على جانب عظيم من البهاء وكان منظرها مدهشاً من جهة الصناعة، لما كان فيها من أبواب مثلثة الطيقان وبجانبها ثيران عظام مجنحة برؤوس بشرية؛ والكل يلصف بالزليج. فضلاً عن الجدران

المنحوت أسفلها نحتاً، مرسوماً فيه مواقع الملك في الصيد. وبطشة في الحرب. ويظهر أن المملكة جمعت كل مواردها من أدوات وحذاق، لتقوم بهذا العمل. ولم يغفل ملوك آشورية عن الغنى الطبيعي في البلاد التي قهروها، ولا عن أي مورد فيها، على انهم كانوا يغضون النظر عن إثبات أر كان حكمهم في تلك المستعمرات، غير انهم كانوا ينفون قهراً عدداً كثيراً من السكان المغلوبين، وفي الحقيقة لم تكن حروبهم سوى غزوات عظيمة، يقومون بها بمهارة عسكرية عجيبة، وكان يقع فيها مظاهر مروعة. حتى انهم يغتصبون من المقهورين اغتصاباً قاسياً مجموعات من الحيوان والنبات النفيس والأشجار، ويعودون بها بمنزلة جزية لهم. وقد رسم ذلك في المنحوتات، وبينها صور الحرب والصيد وأتقنوا حفر تلك الصور اتقاناً بارعاً يفصح عن رشاقة ولباقة لا تريان في رسومهم للإنسان. ويرى في اسطوانة صلصال مشوي، محفور عليها بالخط المسماري. إن (سنحاريب) لم يفاخر بأعماله في الحرب وبقصره فحسب، بل يروي عن حدائقه النباتية، حتى انه زرع فيها القطن الذي أتى به من الهند ويقول: (والأشجار التي حملت صوفاً جزوها، ومشطوا الصوف فاتخذوا منه ملابس). وكان (سنحاريب) يترك مملكته دائماً ليقوم بحملاته العسكرية. فقد حمل على سورية سنة 701 ق. م، بعد أن اخمد ثورة قامت في بابل. ودوخ مدن (فنيقية)، ثم استأنف سيرة واتى إلى فلسطين ودوخ (عسقلان) و (لا كيش) وبلداناً كثاراً آخر، ثم عمد إلى (أورشليم) فاستولى الجزع على (حزقيا) ودفع إليه كل ما في بيت الرب من ذهب وفضة بمثابة جزية له. (2 سفر الملوك 18: 14 إلى 16). ولكن لما زحف إلى مصر رجع القهقري لأن الطاعون انتشر في جنده (2 سفر الملوك 19: 35). ثم زار (سنحاريب) (مردوخ بلدان) الملك في بابل، وغلبه في معركة قامت في (كيش) فسبى الآشوريين بابل (686 ق. م) وشارك العيلميون نصيب البابليين المقهورين.

مراث وأشعار قديمة مخطوطة

مراث وأشعار قديمة مخطوطة مراث وأشعار إلى غير ذلك، وأخبار ولغة عن أبي عبد الله محمد بن العباس اليزيدي عن أبي حبيب، وعن عمه الفضل عن اسحق بن إبراهيم الموصلي وغيره وقد سمعت ذلك اجمع من أبي عبد الله، هممت والحمد لله، وفيه جميع ما سمعه أبو عبد الله بن أبي حرب المهلبي، وعدة قصائد في اختيار الفضل والاصمعي، ذكر ذلك أبو عبد الله بن مقلة، ونقلته من اصله بخطه وكتب محمد بن أسد بن علي القارئ سنة ثمان وستين وثلاثمائة. وفي الحاشية ما حروفه: بخط أبي أسد شيخ ابن البواب، ويلي ذلك تعاليق لعدة رجال، والأسانيد منسوبة إلى أصحابها. أما محتويات هذه المخطوطات فهي: 1 - قصيدة زياد بن سليمان الاعجم، ويكنى أبا إمامة الخ، يمدح المغيرة بن المهلب. وقال الأصمعي أنها للصلتان العبدي. قال أبو عبد الله: حضرت عمي وهو يقرؤها على ابن حبيب وأنا اسمع. أولها: قل للقوافل والغزي إذا غزوا ... والباكرين وللمجد الرائح. وهي 77 بيتاً. 2 - قصيدة لأبي زبيد الطائي واسمه حرملة بن المنذر، وكان نصرانياً يرثي ابن أخيه اللجلاج. (والقصيدة مشهورة وترى في جمهرة الأشعار) وهي في 59 بيتاً: 3 - قصيدة أعشى باهلة؛ وهو عامر بن الحرث، ويكنى أبا قحفان، ويقال أنها للدعجاء أخت المنتشر ترثي أخاها (وهي مشهورة أيضاً) وهي في 33 بيتاً. ثم زاد هذا الخبر: قال أبو عبد الله اليزيدي: قال لنا ابن حبيب المنتشر الذي رثاه أعشى بأهلة، قتله هند بن أسماء بن زنباع من بني الحرث بن كعب، وكان المنتشر أسره فسأله أن يفدي نفسه فأبطأ بالفداء، فنذر المنتشر ألا يأتي عليه هلال إلاَّ قطع منه أنملة أو يفدي نفسه فأبطأ عليه فقطع أنملة. ثم أبطأ فقطع أخرى؛ فخرج المنتشر

يريد ذا الخلصة، صنماً يحج إليه، فأسرته بنو الحرث. ثم آمنوه، فقال هند ابن أسماء: أتؤمون مقطعاً، وإلاَّ هي لا أومنه، ثم قتله وغلمته. 4 - قصيدة متمم بن نويرة التميمي يرثي أخاه مالكاً وقتل في الردة (والقصيدة مشهورة في المفضليات) وهي في 52 بيتاً. ثم زاد خبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع متمم. 5 - قصيدة أبيرد بن المعذر الرياحي يرثي أخاه بريداً، أولها: تطاول ليلي لم أنمه تقلباً ... كأن فراشي حال من دونه الجمر (وأورد القالي هذه المرثية في أول الجزء الثالث من أماليه) وهي في 47 بيتاً وهذه القصائد كلها مشروحة. 6 - وقرأ عليه عمي الفضل وأنا اسمع: نعى ناعياً ليلى عشياً فراعني ... وللقلب روعات لها القلب خافق وهي في 9 أبيات. 7 - وقرأ عمي على أبي حبيب أيضاً وأنا اسمع: معاوي أن تلق الذي كنت لاقياً ... وتمس بك الدنيا مضت فتولت وهي في 4 أبيات. 8 - قرأ عمي الفضل بم محمد على أبي جعفر محمد بن حبيب، وأنا اسمع لبعض طيء. بوادر دمعك ما تنزف ... كأنك من جمة تغرف. - وهي 28 بيتاً. ثم أورد فوائد لغوية، ثم قال: أنشدنا أبو جعفر: قال أنشدنا ابن الأعرابي لسمعان بن مسيكة: لقد رزئت كعب بن عوف وربما ... فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها وهي في 4 أبيات. 9 - وأنشدنا أبو جعفر لزبان بن سيار الفزاري: ولسنا كعوم محدثين سيادة ... يرى مالها ولا يحس فعالها بيتان. ثم يأتي بنبذ من الأشعار، فيها بيتان لاوس بن حجر، ثم قال:

وأنشدنا الشمردل ببن شريك، يرثي أخاه وائلاً وهي مختارة من الاصمعيات (قلنا: ولا وجود لها في الأصمعيات المطبوعة)، أولها: لعمري لئن غالت أخي دار فرقة ... وآب إلينا سيفه وحمائله وهي في 43 بيتاً. 10 - وأنشدنا ابن حبيب لدريد بن الصمة الخ. يرثي أخاه عبد الله قتلته بنو عبس، وهي من مختارة الأصمعي (قلنا: وهي موجودة في المطبوعة) أولها: أرث جديد الحبل من أم معبد ... بعاقبة وأخلفت كل موعد وهي في 31 بيتاً. 11 - قصيدة بن الريب، يرثي نفسه: (أولها) وهي مشهورة ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا وهي في 53 بيتاً. 12 - انشد ابن الأعرابي ليرثن الصموتي: يعيب أبو البويب أظل نابي ... وما نقب بمنسمها بعاب. وهي في 5 أبيات. 13 - قصيدة لمحمد بن يحيى بن منصور الذهلي، أولها: بني مطر أفني رجالكم الدهر ... ففي كل ثغر من كهولكم قبر وهي في 5 أبيات. 14 - أنشد محمد بن حبيب لطريف ببن المخلوق العبسي، أولها: فان الذي تبكين قد حال دونه ... تراب وزوراء المقام دحول وهي في 6 أبيات. 15 - قرأ عمي الفضل على ابن حبيب، وأنا اسمع للشمردل، يرثي أخاه. أولها: أخ لي لو دعوت أجاب صوتي ... وكنت مجيبه أنى دعاني وهي في 7 أبيات. 16 - قال يربوع بن حنظلة، يرثي أخاه مازن بن مالك بن عمرو بن تميم وكان أخاه لأمه، أولها: كيف بقاء المرء بعد ابن أمه ... إذا برقت أوصاله كالمحاجن

وهي في 3 أبيات: 17 - وقرأ عمي الفضل على أبن حبيب، وأنا اسمع للنهيب: بكيت أبن ليلى وابنه ورأيتني ... أحق الآلي كانوا معي ببكاهما وهي في 4 أبيات: 18 - وقرأ عمي الخ. لرجل من بني نهشل: لعمري لئن أمسى يزيد بن نهشل ... حشا جدت تسفي عليه الروائح وهي في 5 أبيات. 19 - وقرأ عمي أيضاً على ابن حبيب، وأنا اسمع لمضرس بن سليط: ابكي على زفر إن كنت باكية ... وصاحبيه بكاء المثبت الوجع وهما بيتان. . . . قال أبو جعفر: أبو سعد أحد وفد عاد الذين قدموا إلى مكة يستسقون فنزلوا على معاوية بن بكر العمليقي، فأقاموا أشهراً يشربون، تغنيهم الجرادتان، وهما جاريتاه قينتاه، ثم مضوا إلى الكعبة، فقال لهم: إنكم لن تسقوا حتى تؤمنوا بهود، صلى الله عليه. وكان أبو سعد يكتم دينه وأيمانه، فقالوا لمعاوية أبن بكر: أحبس عنا أبا سعد، فأنه قد صبا (أي صبأ) إلى هود فتبعهم. فلما استسقوا نودوا: إن اختاروا، ونشأت ثلاث سحائب، بيضاء، وحمراء، وسوداء. فقالوا: أما الحمراء، فأنه لا شئ فيها. وأما البيضاء فربما أخلفت، ولكن السوداء فنودوا: اخترتم رماداً رمدداً، لا تبقي من عاد أحداً، لا والداً، ولا ولداً، فتمنوا لأنفسكم. فقال قيل: أتمنى أن يصيبني ما يصيب قومنا، فقال لقمان بن عاد: أتمنى عمر سبعة أنسر. فأعطي ذلك، وأما قيل فصب عليه حجر، فقتله، وأما أبو سعد فتمنى الصدق والوفاء فأعطيهما، فمات مؤمناً. . . ثم يأتي بفوائد لغوية، وأنشد أثناءها رجزاً لحكيم بن معية (بالتصغير) أحد بني المجر (كمنبر) بن ربيعة الجوع، ثم رجزاً لعقيل بن علفة (وزان قبرة) المري أبن أخي نابغة (كذا) الذبياني، ثم جاء بأربعة أبيات للخنساء أولها: أنا باك عليك للمعروف ... ولكر الكماة بين الصفوف ثم قال: أنشدنا أبن حبيب لنهشل بن حري (وزان بري) يرثي أخاه مالكاً،

الزهور

وكان معه لواء بني حنظلة، مع علي رضي الله عنه يوم صفين، فقتل. أولها: أرقت ونام الاخلياء وعادني ... مع الليل هم في الفؤاد وجيع وهي في أحد عشر بيتاً. ثم بعدها فوائد لغوية. وأورد غبراً للفرزدق مع خالد بن عبد الله القسري فخر فيه الفرزدق بمضر على اليمن. سنت أوغستن (سياغبرج) ألمانية. ف. كرنكو الزهور كأن جماعات الزهور بنبتها ... حزيق بنيات خرجن لتعييد زهور تغذي النفس بالحسن كلما ... رنوت إليها واستمعت لتغريد وتشبه تيجان الملوك إذا اعتلوا ... عروشهم والدر يزهو بتنضيد وأن لاعبتها الريح حتى تعانقت ... حكت غيباً عادوا إلى الأهل بالعيد فلا تحرم النفس التنزه بينها ... فأن عذاب النفس ليس بمحمود جمال وعطر واخضرار وحمرة ... إلى صفرة أو شهبة ذات توريد مصطفى جواد الحر حر دأب الشريف سياسة الإيضاح ... وتبحث الإخلاص والإصلاح وعزازة في نفسه مزدانة ... بجميل تضحية لنيل نجاح إن أسكتوا منه اللسان فإنما ... يحيون فيه بطشة السفاح ما غير الأقطار مثل تنابذ ... يقضي على النذل الخؤون الماحي إذ قيمة الإصلاح في ثوراته ... متطوراً متدرج الإصباح يا ثلة بجحت بخدمة موطني ... مع أنها مفقودة الإصلاح تتهافتون على الفساد كأنه ... طهر لأنفسكم وريح أقاحي مصطفى جواد

الرضم في شمالي العراق

الرضم في شمالي العراق مقدمة في جبال الكرد في الجهة الشرقية الشمالية من العراق يلقى السائح من حين إلى حين مناظر طبيعية خلابة تأخذ بمجامع القلوب. فهناك تتكلل رؤوس الجبال الشامخة بالثلوج شتاء وتبقى آثار الثلوج إلى أواسط الصيف. وهناك في الجبال البعيدة عن البليدات والقرى ترى الجبال مكسوة أشجار العفص والبلوط وأشجار الفواكه والأثمار التي غرستها بد القدرة من زعرور وكمثرى وجوز ولوز وبطم وسماق وغيرها وأشجار أخر غير مثمرة تصلح للنجارة والوقود قد ظللت مجاميع من الأعشاب والأزهار مختلفاً ألوانها. وهناك أودية ومنحدرات تنساب فيها المياه صافية كاللجين، وتكون أحياناً شلالات صغيرة لطيفة يطرب خريرها. أضف إلى ذلك أنواعاً من الطيور. كل تلك المناظر البديعة التي لا يختفي بعضها عن عين المسافر إلاَّ ويظهر له غيرها تجعله لا يمل السفر في الربيع وأوائل الصيف ولا يحس بالتعب فيلازم طريقه جذلاً مستنشقاً هواءاً صافياً لا بل عبيراً منعشاً. ولكن ما منحته الطبيعة هذه البقعة المباركة لا يتناسب معه ما قامت به يد البشر من العمران. فليس هناك من طرق معبدة إلاَّ في اتجاهات معينة والى مدى محدود. وليس هناك من مدن حديثة وقرى أنيقة ومنازل جمعت وسائل الراحة والرفاهية. بل جل ما هناك بليدات من الطراز القديم وقرى حقيرة وأكواخ بائسة. على أن السائح الباحث يجد في كثير من المواقع آثار مهمة تاريخية، لا بل آثار ما قبل التاريخ. يجد هنا وهناك كثيراً من خرائب القلاع وغرفاً ومساكن وصهاريج منقورة في الصخر، وبعض آثار الآشوريين والفرس وغيرهم وأخرى أقرب عهداً، وهذه الآثار كثيرة لا تقع تحت حصر، والبحث عنها يستغرق زماناً طويلاً ويستلزم تأليف مجلدات عدة. موضوع البحث غير أني أقصد في هذه العجالة ذكر آثار عادية عجيبة صادفتها في بعض أسفاري، وهي عبارة عن أبنية منفردة أقيمت في سفوح بعض الجبال لم يستعمل

فيها شيء من مواد البناء سوى صخور عظيمة لا يكفي لرفع الواحدة منها عن الأرض أقل من عشرة رجال شداد أو أكثر. وقد أحكم رصفها وتطبيق بعضها على بعض بحيث لا تتجاوز الواحدة الأخرى خارج البناء ولا داخله. ولم يعط للصخور التي فيها شكل هندسي، بل تركت كل صخرة على حالها بعد حذف ما يزيد عن المطلوب منها. ولكن جعل القسم الذي أقل ثخناً من الصخرة يقابله القسم الاثخن من التي تحتها والقسم المحدب من الصخرة الواحدة يلاقيه القسم المقعر من الأخرى. وقد حبكت هذه الصخور بحيث يؤلف المجموع جدراناً أربعة تحيط بفضاء على شكل غرفة كبيرة مربعة مستطيلة. ولا بد أنه كان لهذه الغرف أبواب ضيقة وسقوف من خشب وأغصان الشجر فوقها تراب كما هو الحال في ريازة مساكن الكرد الحالية. وقد سقط بعض الصخور من أعالي الجدران إلى داخل الغرفة وخارجها، وذلك أما من عمل الأعداء أو عبث العابثين أو من تأثير الزلازل العظيمة ولا أعلم الغاية من هذه الأبنية العجيبة، هل كانت مسكناً للرؤساء الأقوياء الجبابرة أم محلاً للأصنام أو مذبحاً لتقديم الأضحية للآلهة. تسمي الكرد هذه الماديات (دهر كافره) بكسرات ثلاث في دهر وبكسر الفاء في كافره، ومعناه دير الكافر أو حصن الكافر. وتسميه نصارى قرية (برسفة) أو برسبا (أي بئر السبع بلغة عوام السريانيين) الواقعة شرقي زاخو وأهل شارنش نصارى في شماليها ب (قصر سطانا) أي قصر الشيطان. ولا يعرفون عنها شيئاً مطلقاً غير أنهم يعتقودن أنها قديمة جداً جداً. رأيت واحداً من هذه الأبنية في الشمال الغربي من قرية برسفة يبعد عنها نحو كيلو مترين أو ثلاثة. وآخر في سفح رابية مرتفعة في الجهة الشمالية من قرية (شرانش نصارى) (لأنهما قريتان غير بعيدة إحداهما عن الأخرى، يسكن السفلى منهما كرد وتسمى (شارنش إسلام) والأخرى أعلى وهي (شارنش نصارى) هذه). ورأيت أثنين منها: الواحد قرب الآخر في سفح جبيل في شرقي (مارسيس). وهي قرية في واد بين جبال شاهقة تقع شمالي شارنش وكل هذه القرى داخلة في حدود العراق. إن وقوع هذه الأبنية في سفوح الجبال خصيصاً تدل على أنهم كانوا يعمدون

إلى صخور السفح فيزلمونها أي فيشذبون منها الأطراف الناتئة والزائدة عن المقدار المطلوب ويقلبونها على الأرض إلى أسفل حتى إذا بلغوا بها المكان المطلوب وضعوه عليه وأتوا بالثانية والثالثة الخ. حتى إذا أرتفع بهم البناء دمساً جعلوا حوله وداخله تراباً كي تسهل عليهم دحرجة صخور أخرى ووضعها في المكان المطلوب. وهكذا يضعون التراب أطراف البناء كلما أرتفع حتى ينتهوا من عملهم. ثم يزيلون التراب فيبرز البناء. لا بد من القول أن العرب عرفوا هذه الأبنية أو شيئاً من قبيلها. فقد ورد في مادة رضم في تاج العروس ما نصه: (والرضم بالفتح ويحرك وككتاب وأقتصر الجوهري على الأولى والأخيرة صخور عظام يرضم بعضها فوق بعض في الأبنية. الواحدة رضمة). وجاء فيه: (الرضيم والمرضوم البناء بالصخر) وفيه: (ذات الرضم من نواحي وادي القرى وتيماء، وذو الرضم موضع حجازي) وفيه: (رضم عليه رضماً: وضع الحجارة بعضها فوق بعض ورضم المتاع فارتضم مثل نضده فأنتضد). ويقرب من الرضام لفظاً ومعنى الركام. جاء في القرآن الكريم (ثم يجعله ركاماً) يعني السحاب أي يجمع بعضه فوق بعض. ويقرب منهما لفظ الرخام أي المرمر لأنهم يقدون منه قطعاً يجعلون بعضها فوق بعض. إن ما تسميه الإفرنج بالأبنية الدرويدية نسبة إلى الدرويد وهو كاهن القاطيبن قبل المسيحية في غربي أوروبا والتي منها ما هو على شكل خوان عظيم مؤلف من صخرة منبسطة قائمة على صخرتين أو أربع وتسمى بال (دلمن ومنها ما هو عبارة عن صخور ركزت عمودياً وصفت بشكل محيط دائرة، أقول أن الأبنية الدرويدية وأن كانت من الأعمال الرضامية أيضاً فهي بسيطة نسبة إلى هذه الرضم (قصور الشيطان). لا بد أن الرضم لا تقتصر على ما ذكرت ولا بد أن منها ما هو في سائر أنحاء كردستان داخل حدود العراق وخارجه وفي أراض جبلية أخرى في سائر أنحاء آسيا وأوربا وغيرهما، ولا بد أن علماء الإفرنج بحثوا عنها. ولكني لم أطلع على ما كتبوه عنها ولا أعلم بماذا أسموها. فارجوا ممن له إطلاع أن يتحفنا بمعلومات أوفى وأتم عنها وأحث السياح ومحبي البحث على مشاهدتها. الدكتور داود الجلبي

نظمي وذووه

نظمي وذووه جواب ووثائق جديدة إن القضايا التاريخية يطلب فيها صحة النقل: وقدم المصدر عند تعدد النقول وخوف الزيادة والنقص، أو عند تضارب الوقائق واضطراب سندها، أو إزالة أوهام علقت بالأذهان. وفي كل هذا لا يعارض النقل إلاَّ بما يقارب الزمن المطلوب الكلام عليه، أو بما هو أقرب إليه مع التحوطات الأخرى بالوجه الذي عينه العلماء في الطريقة التاريخية. وبعد أن تقرر هذا الأساس، وبعد أن طلبنا من القراء أن يأتوا بما لديهم عن هذه الأسرة نرجع إلى أصل النقد الذي أورده الفاضل يعقوب أفندي سركيس في الجزء الرابع والخامس من هذه السنة عما كتبته في العام الماضي. وكل ما علم من مقاله، التشكيك في النصوص التي بينتها، دون أن يبت في حكم. وهذا مما لا يعول عليه في نظر الباحثين. ذلك ما دعاني إلى أن أناقش الفاضل ولكن بلا مجاذبة ولا مشادة؛ مجيباً عن أقواله، ومورداً الوثائق الجديدة التي عثرت عليها، إذا لم أجد مبرراً لالتزامه هذه الطريقة في الرد. ولعل التأثر من بياناتي عما جاء في مقاله، ساقه إلى هذا فصار لا يفكر في قوة الوثائق التي قدمتها. 1 - الصلة النسبية: من المعلوم أن الصلة العلمية تثبت بالتلقي والأخذ عن أستاذ. فإذا كانت مقرونة بلحمة نسبية قويت وصارت ارثية. وقد قلت أن نظمي هو أبن بنت عهدي (8: 275) كما أني قلت أن هذا الكتاب (كلش شعراء) أزال الإبهام عن مرتضى أفندي بالتعريف في نظمي أفندي واتصاله بهذا المؤلف (عهدي البغدادي) (8: 119) والآن أقول ألم يكن كذلك؟ وإلاَّ ليس قولي بتطور الأسرة بحيث أستقل الحفدة بأسماء جديدة. نعم قد يختلف الحفدة في القوة وحق الإرث، فيقدم من هو أقوى قرابة،

وأقرب درجة. ولكن العلم ينتقل غير مراع هذين الشرطين في القرابة. لذا نرى الإوزيين في تحقيق تراجم الأشخاص وتدوينها، يلاحظون أدنى صلة نسبية لانتقال الإرث العلمي. ومع هذا قد أوضحت المجمل وفصلت المبهم فبينت أن نظمي أبن بنت عهدي، وهذا صار رأس بيت قائم بنفسه. قلت: (وبعد ذلك يسدل الستار عن أولاد شمسي وأحفاده وسائر أقاربه، ويظهر للوجود نظمي وهو أبن بنت عهدي والوارث لآداب أجداده لأمه) (8: 187). وأما اتصال مرتضى أفندي بنظمي، فيؤيده كلشن خلفاء، وكل مؤلفات مرتضى، كما أن ارتباط عبد الله أفندي بمرتضى أفندي ثابت بتاريخ (نزهة المشتاق) وبما قصه كل من الأستاذين نعمان أفندي الآلوسي ومحمود شكري أفندي الآلوسي، فانهما أوضحا الصلة التي بينهما. وقد بسطت الأدلة اللازمة عن العلاقات بقدر ما وصل إليه تحقيقي حتى أني نوهت بالختم الموقع في كلشن شعراء وذكرت أنه لمرتضى أفندي. فللتشكيك حد والناس حرصاء على الاحتفاظ بأنسابهم، إلاَّ في مواطن لا تخلو من شائبة. أفهذا من نوعها؟ وعلى كل حال يقبل أن يأتي بما لديه من الوثائق أن كان عنده شيء من ذلك. فالنصوص التي أوردتها لا تبعد عن مرتضى، كما أن صاحب النزهة معاصر أو قريب العهد بعبد الله أفندي. والقاعدة المرعية في هذا هي: (إن كنت ناقلاً فالصحة) فلم يتعرض الناقد لهدم دليل مع أن الحق يقضي بمقارعة الحجة بالحجة، فكان الواجب عليه أن ينسب مرتضى لنظمي آخر ويحقق وجود ذلك، أو يلحق عبد الله أفندي بغير مرتضى المبحوث عنه، ويبرهن على صحة ما عول عليه. أما قوله: (هذا ما وصلنا) فلا يبرر أن نسكت عن النقد والتمحيص وترجيح النصوص. فما وصله من الوثائق متأخر وخال عن السند. ومصدري قديم وثابت في زمن لم يزاحمه فيه نص ولم يعارضه دليل، ولذا وجهت النقد. 2 - مرتضى أفندي أكبر مؤرخ عراقي: أني أوضحت أعمال هذا الرجل التاريخية، وطبعاً يقدر المرء بقيمة مؤلفاته

وقد أنعمت النظر في نفس المؤلفات ولم أراجع في الأغلب ما قيل عنها بلا بينة ولا فكرت بدماغ غيري، بحيث إذا وجدت نقلاً نطقت، وأن لم أجد سكت فعندي مؤلفات الرجل خير ترجمة له. وهذه تصلح لأن تكون مخصصاً لمكانته ودرجة علمه. وهي من اثمن النصوص التاريخية. وهنا اسأل حضرة الفاضل: قد مضى ما يزيد على مائتي سنة على تاريخه وسائر مؤلفاته؛ فهل رأى مثله في عظمته خلال هذه المدة، وهل وجد أكبر منه أو هل وجد مؤرخاً عراقياً بلغ درجته منذ ستمائة سنة إلى اليوم؟ أن هذا المؤرخ لم يكتف بوقائع العثمانيين في عصره كما يقول الفاضل، وإنما أرخ بغداد من حين بنائها إلى زمنه وذكر أولياءها ووقائع القطر التاريخية الاخرى، واكمل سيرة الرسول (ص) وقد بينت جميع مؤلفاته، وهي تثبت ما نفاه. وأن أكثر من كتب في التاريخ عالة عليه، فلقد قدم لهم ثروة تاريخية لا يزالون يتقلبون في نعيمها. ومن راجع ما ذكرته من مؤلفاته يظهر له صحة ما قلته. وأن غمط حق هذا المؤرخ لا ينقص من قيمته وفضله. بلغ المؤرخ جهده وبذل وسعه ولم يتصد أحد للآن من هدم أقواله في حين أنه من الميسور هدم أقوال غيره لأول حملة. فهو أكبر مؤرخ عراقي بحق وصدق ولم ينازعه من أيامه إلى اليوم منازع. 3 - ما كتب وما كتبت: من طالع ما كتبه الفاضل قبل هذا عن كلشن خلفاء وجده مقصوراً على وصف الكتاب المعروف والمطبوع قبل أكثر من مائتي سنة، وعلى ما يمكن استنتاجه منه أو ما قيل عنه بطريق الاستدلال، ولم يبد بياناته عن أسرة المؤلف ومبدأها، ومكانتها العلمية والأدبية، بل لم يستقص مؤلفات الرجل، ولا عرف بشيء عنها وليس له وقوف عليها جميعها، فكانت المحاولات - كما قلت - لم تتعد الحدس والتخمين. وقد أشير إلى مقالة أيضاً لتسهل المقابلة. قصدت التعريف بالأسرة، وتاريخها، وعلاقتها ببيوت أخرى علمية، وأدبية وعرفت بمعاصريهم بقدر ما رأيته لازماً، ولم يقتصر البحث على تصحيح

التسمية، بل الغرض بيان جهات أغلفتها غيري، فالمقايسة بين القولين تعين صحة ما قلته. 4 - مغمز كلشن شعراء: كنت قلت أن في كلشن شعراء مغمزاً أي أنه ذكرت فيه ترجمة نظمي وينبغي أن لا تذكر فيه، ولكنني بينت أنه - نظراً لقدم خطة - يظهر أنه كتب في زمن مرتضى أفندي، وحسين أفندي آل نظمي. وذكرت أنها أدخلت مؤخراً في صلب المتن، وأن ختم مرتضى فيها، فرجحت أن تكون لأحد أولاد نظمي ثم قلت وصلت هذه النسخة إلى مرتضى. فهل يمحو هذا المغمز قيمة هذه الترجمة، وهل تقابل وتعارض بنص متخلف عنها بنحو مائتي سنة. وأن مترجمه في كلشن شعراء لم يقف عند إيضاح المترجم واتصاله بآل شمسي، وإنما بين تفصيلاً عنه، وأستدل بأشعاره، وما عاناه في غربته وما رثاه به المعاصرون حين وفاته. وقد أوردت أبياتاً منها، فأين المغمز في هذه، وهل يصح نبذ هذه الترجمة المؤيدة بأشعاره وأشعار غيره المعاصرين له. فنقد النسخة يوجه من جهة إضافة الترجمة إلى كلشن شعراء لا غير، والملحوظ أنه قصد منها حفظها في هذه المجموعة الموضحة لتراجم الكثيرين من أفراد هذه الأسرة ومن لهم علاقة نسبية بهم. وليس في نفس الترجمة طعن. وكنت آمل أن يجري النقد توصلاً للحقيقة، لا أن يكون لمجرد النقد توسلاً باحتمالات بعيدة عن الواقع بمراحل. 5 - نزهة المشتاق: إن نزهة المشتاق توضح الصلة. لا من طريق تسمية الأب وحده، بل الغرض منها بيانها عن المترجم عبد الله أفندي مرتضى، أنه من أسرة عريقة في الفضل والعلم. ومن عرف كلا من شمسي، وعهدي، ونظمي، وحسين، ومرتضى وغيرهم ممن ذكرناهم يقطع بأنها عريقة في الفضل، ولكنني لم أنشر ما قيل عنه هناك اكتفاء بما ذكره الأستاذ المرحوم شكري أفندي الآلوسي في المسك الاذفر، وبما قرره نعمان أفندي قبله في مجموعته. وهذا لا يهدمه قول: (أو لا يمكن أن يكون مرتضى هذا غير ذاك، وليس

لنا ترجمة بأولاد مرتضى نظمي زاده، ولا نص يفصح عن أن عبد الله هو أبن مرتضى بن نظمي ليرتفع كل ريب وتزول كل شبهة.) أهـ وأقول لا عبرة بالتوهم البين خطأه. وأن هذا الاحتمال لا يهدم الثابت المؤيد بالقرائن، ونفس الترجمة، والزمان، والمكان، والصفة. ومن طالع ما كتبته تظهر له حقيقة المترجمين بوضوح. كما أن المسألة ليست ارثية لتحصر فيها الأولاد كافة، بل يذكر في مواطن كهذه، من ينال مكانة ويحصل على ميزة. هذا وأن الوثائق والنصوص التي أوردها الفاضل، جاءت مؤيدة لما ذكرته وكذا الوثائق التي سأوردها مما قوى التأكد وولد عقيدة. ولعل حضرة الفاضل يرى ضرورة لوجود اعلامات لكل طبقة في حصرهم واتصالهم. وهذا لم يسبق له نظير في كثير من البيوت المعروفة. 6 - تاريخ الحيدري: إن الحيدري لم يبين الصلة بين البيوت. واشتقاق بعضها من بعض. أما أنا فبينت العلاقة ووجهت اللوم عليه من هذه الناحية أي عدم العلم، وإلاَّ فإنه ذكر الاثنين، أما الشهرة التي نوه بها الفاضل؛ فإنها كانت في حياة حسين أفندي، ومرتضى أفندي نظمي زاده؛ فهل من مانع أن تغطي شهرة مرتضى غيرها، ويستقل أولاده ببيت آل مرتضى، وهو هو، فتؤسس الأسرة من جديد ويكون هو مبدأ نسبه بأن علت شهرته على شهرة سابقيه. وخير الأسر من تسابق تاليها من تقدمه في الفضائل، خصوصاً نرى أن أولاد نظمي تكاثروا بحيث وقف بعضهم عند النسبة الأولى، ولهذا نظائر، فإن الفخذ الواحد قد يتفرع ويبقى قسماً منه محافظاً على اسمه الأول، وتشتهر الفروع الأخرى بأسمائها. وأمثلة هذا أكثر من أن تحصى، فغلب على أولئك آل نظمي وعلى هؤلاء آل مرتضى. 7 - وثائق جديدة عن أسرة نظمي: ليس أسرة غير هذه الأسرة مسماة بهذا الاسم. ولو كانت لبانت ولحصل التفريق بينهما. وعندي مجموعة خطية ظفرت بها مؤخراً، وهي تحتوي على مختارات عربية، وتركية، وفارسية، من منظوم، ومنثور، وفيها بعض المنتخبات من شرح وصاف لحسين أفندي نظمي زاده، وأبيات تركية وعربية أخرى.

وفيها بعض التواريخ، منها ما هو في تعمير ضريح الإمام علي (رض). وقد دون فيها بعض المبرات والخيرات إلى (الحاجة مريم بنت الحاج محمود نظمي البغدادي) و (رقية بنت الحاج مرتضى نظمي زاده البغدادي) وفي مكان آخر منها يذكرها بلفظ (الحاجة مريم بنت محمود النظمي المرحومة). والظاهر من هذه المجموعة أنها تعود إلى أحد أولاد الحاجة مريم، أو رقية. ويقول في موطن منها: (والده مرحومة دار فنادن دار عقبليه انتقال ايلدى في 21 صفر سنة 1128) ولكننا لم نتمكن أن نعرف أيهما أراد. ومن الأسماء المدرجة بقرب الأسماء المارة: الحاج إسماعيل مالك أبن الحاج خليفة البغدادي، والحاج علي البغدادي، ولعل الأول منهما مالك المجموعة. وفيها اسم (محمود أفندي نظمي). وهذا يوافق ما جاء في وثيقة الفاضل يعقوب أفندي، وهذه المجموعة تذكر من آل نظمي (أحمد جلبي نظمي زاده) وأنه استعار كتاباً من صاحب هذه المجموعة يسمى (كنعانية) وقال عنه (كنعانية بزم نظمي زاده أحمد جلبي مزده في 25 جا سنة 1125. وممن استعار كتباً مختلفة من قراء ذلك الزمن. 1 - محمد جلبي 2 - عمر أفندي 3 - الحاج حسن قليجي 4 - طه أفندي 5 - محمد صالح أفندي 6 - سليمان أفندي 7 - شيخ سلطان 8 - محمد جلبي جادرجي زاده 9 - مصطفى آغا 10 - يس أفندي 11 - عثمان آغا قرنداشمر 12 - كاتب حسن جلبي 13 - خواجه (لم يسمه) 14 - جادرجي زاده ملا محمد 15 - ملا أويس خواجه سراي 16 - عبد الله آغا أبن يوسف آغا 17 - عبد الله ولد خليل جلوش 18 - عبد الرحمن آغا أبن يوسف آغا 19 - عثمان زاده نعمة الله 20 - صاجلي زاده إبراهيم جلبي 21 - ملا سليمان مشقر 22 - ملا محمد جادرجي 23 - عبد الرحمن آغا قرنداشمر 24 - ملا صالح بصري 25 - ملا عبد القادر 26 - علاقبند زاده ملا محمد. وأعتقد أن هذه الموافقة القطعية لا تبقي شكاً للفاضل في أن من ذكرهم من آل نظمي كلهم من أسرة واحدة، وأن آل مرتضى استقلوا بشهرة والدهم، وبوسع حضرته أن يشاهد المجموعة متى شاء.

ولما كان الفاضل يقطع في أن الأبيات التي أوردها هي لنظمي، فلا مانع من أن تضاف إلى منظوماته، خصوصاً لأنها توافق زمن حياته، وكذا الوقائع التي نوه بها. وقد وجد في الوثيقة التي ذكرها بعض من ينتسب لمترجمنا. فهذه كلها مؤيدات جديدة لما جاء في مقالاتي السابقة. وأن عدم مشاهدة أوليا جلبي له لا ينفي وجوده، وإنما هو في هذه الآونة أو ما يقاربها، اعتزل الأمور، وزهد، وأنقطع كما ذكر في ترجمة حاله. وعدم ذكر مرتضى وقائع السنتين، يفسر التزامه الاختصار، وعدم الأهمية لذكرها والضرورة الداعية. وقد فات مرتضى أفق تفصيلات كثيرة لمراعاته الإيجاز. وهذه لا تدل على أنها لغير نظمي. وهنا يذكر الفاضل بمراجعة كلشن خلفاء ويقابل بين القصيدة التي قدمها نظمي إلى حافظ أحمد باشا، والقصيدة التي أوردها كلشن شعراء، فيجد المطابقة الحرفية وأنهما قصيدة واحدة، ولكن لغة العرب لم تدرج المطلع، واكتفت بالتنويه والإشارة ولم تورد البيت لعجز المرتبين عن قراءة اللغة التركية. فهل يصح الاشتباه في أن نظمي غير والد مرتضى المذكور في كلشن خلفاء. 8 - الذهاب إلى الرها أو الروم: أن الترجمة المنقولة أثر وفاته، تصرح بأنه ذهب إلى الرها. وأن صاحب كلشن خلفاء أيد هذه الجهة. والروم هنا يقصد منها البلاد التي تحت حكم الروم أي الترك، وهذا لا يحدد بمنطقة دون أخرى، حتى أن العرف اللغوي يقطع بأن المراد بالروم الترك. وأن صاحب كلشن كرر لفظ روم في صحائف متعددة ويقصد منها الترك (راجع ص 1 الورقة 73 وص 2 الورقة 74 وص 2 الورقة 72) وفي هذه الأخيرة قال: (إن أكثر أصحاب الغيرة وأرباب الديانة - نظراً للأحوال التي سردها - اختاروا الهجرة إلى الروم، وأنهم رتعوا في النعم السلطانية. وكثير منهم نال المناصب الشريفة. . .) أهـ ثم ذكر عن أبيه أنه اختفى بضعة أيام، ثم ترك سبده ولبده، وعاف أصحابه ودياره، وأبدل زيه، فاكتسى بكسوة درويش، مكشوف الرأس، وحافي القدم،

ونال أنواع المشاق وبقي مكسور الجناح، ومعه أمه المشفقة، فأقام في كربلا والحلة بضعة أيام، ثم امتطى الغربة وجول في البراري والقفار، متحيراً لا يدري أين يتوجه (وقصده هنا تصوير غربته) ولم يتعرض لذهابه إلى الروم. وفي هذه الأثناء ورد حافظ أحمد باشا للمرة الأخرى، وتوجه إليه لسابق معرفة. وهذا مما يدل على أنه لم يخرج من العراق. والحاصل توجع لوالده بما اوتيه من بيان وصور ما أصابه ليدلي بتعلقه بحكومته. أما كلشن شعراء فأنه أعطى الإيضاحات اللازمة عن هذه، فأزال الإبهام المستفاد من الاختصار الوارد في كلشن خلفاء. والظن بأن سابق المعرفة تدل على أنه كان معه في بلاد الروم لم يدعمه دليل، مع أن حافظ أحمد باشا كان قد جاء قبل هذه المرة في أيام بكر صوباشي. والمعرفة من هنا حصلت فلم يكن ذهب إلى الروم (الأناضول) حتى مجيء حافظ أحمد باشا. وذهابه كان في أواخر سنة 1035 أو أوائل سنة 1036. وقد هدم الفاضل نقده في كلامه الأخير خشية أن يسد عليه الطرق، فأورد احتماله قال: (إنه يمكن أنه بعد أن ذهب إلى هناك عاد إلى الرها. هذا وأن كان يجوز - من باب الاحتمال - أن يقال لعل صاحب كلشن خلفاء أراد بالروم توسعاً الرها. . .) أهـ. ولكنه لم يلتفت إلى مدلول لفظ الروم مع أنه نقل عن كلشن خلفاء: (بدر مرحوم تك وتنها ترك يار وديار محروسه، رهاده قرار أيتمش أيكن، بو أيام خير انجامده الحمد لله الملك الجواد أولاد وأحفاد وفي الجملة برك وبار ونظام معتاد أيله كيرو عودت بغداد أيدوب شاكر أو لمشدر) أهـ. والمعنى أن الوالد هاجر وحيداً، وأقام في الرها، وفي هذه الأيام - ولله الحمد - شكر الله على الأولاد والأحفاد والعودة بنعيم ونظام معتاد أي أن الله تعالى من عليه بالعودة، وعوضه بالأموال والبنين. ويفهم من مجمل اللفظ أنه بعد أن ناله ما ناله، رجع وعوضه الله تعالى. وهذا لا يقتضي الملازمة. وحرف العطف المضمر في الصيغة العطفية (أيدوب) لا يدل على المقارنة ولا الترتيب، حتى أن (أيله) تدل على وجود جملة فعلية سابقة لها. ولو قيل أنه ذهب مجرداً وعاد بأموال وبنين لكان المعنى أنه صار له. وإلاَّ فكيف يعقل أن يعود بأولاد وأحفاد، وتاريخ ذهابه وعودته معروفان

وأن كلشن خلفاء لم يطعن به، ولكن النص مجمل، فلا مخالفة وأن التأويل صرف كلشن عن المعنى الصحيح. وأما ما ورد في كلشن شعراء فسوف أعربه عند سنوح الفرصة. وغاية ما أقول هنا لا يهمنا أن يأتي بأمه، أو يأتي بجماعة من أهل وعيال، إنما الغرض بيان ترجمته، وأن هذا مما لا يعلق عليه أهمية كبيرة. 9 - بين البك والباشا: إن الفاضل لم ينظر إلى التاريخ، ولا إلى النقل، فأتخذ الغلط المطبعي، أو سهو القلم وسيلة لنقد ما هو معلوم، فأورد الترديد فالتصحيح ليبدي مهارة وهذا ما جعلني أن أعتقد أنه يحاول اتخاذ الوسائل لتأمين الغالبية، ولو من طريق واه، وإلاَّ فبعد توضح التاريخ وقائله، وذكر الاسم هل يبقى ارتياب؟ وبهذه المناسبة أراد أن يخرج عن الصدد ليتكلم عن جامع الخاصكي، وأن كان هذا الخروج لا وجه له. وكذا يقال عن كل استطراداته. وقد لا يعود بعدها إلى المطلوب. 10 - جامع الأنوار: قال: (ذكرته ثم ذكره العزاوي). ويريد بذلك أني أخذت ذلك عنه، ولم أنبه عليه. والحال أني كتبت مسودة سجل الأوقاف بيدي، ومن نسختي نقلت أساس الكتب إلى دفتر الأساس، وأنا وصفت المؤلفات، ونبهت عليها، قبل أن يطلع عليها هو وغيره. ومن قوله هذا تعرف درجة حرصه، وهب أنه نبه عليه، فلقد دققت النظر فيه وبينت رأيي عليه، فهل هذا من الحقوق الأدبية التي يجب الاحتفاظ بها؟ أو ممنوع أن يدقق مرة أخرى. ومن راجع ما قاله وما قلته يتبين له الفرق. فالفاضل لم يدر أن العلم مشاع ومبذول لكل طالب، وأن ذكره لأسم الكتاب لا يمنع أن يصفه آخر حسبما يتراءى، فالتفاخر لا يأتلف هو وصفة العلم. وهنا لا يفوتني أن أنوه بفضل الأوربيين في بث العلم. وتمكين كل طالب منه بحيث جعلوه مشاعاً. وقد طلبت مراراً تصوير نسخ خطية من المتحفة البريطانية فوردت إلي بكل سرعة، مع أن النسخ التي طلبت لا نظير لها سواها، أو لا يتيسر الحصول عليها من موطنها المعروف وجودها فيه.

التركمان

11 - الاشتراك في الشكوك: قال: (ولست وحدي في هذه الشكوك. فالأستاذ العزاوي أيضاً مثلها. فأنه رأى أن عبد الله أفندي المفتي ينعت (بسيد) في الحديقة). وأجيب عن هذا أن ما قلته إنما كان في نسبة الأبيات إلى عبد الله أفندي آل مرتضى ونعته بسيد. والتشكيك ليس في المترجم ونسبته، بل في الصفة المعطاة له، أو في نسبة الأبيات إليه أو إلى غيره. فنظراً إلى أنه قد صرح في الأبيات أنه سبط الشيخ عبد القادر، قلت من المحتمل أنها له وأن يكون والده صاهر القادرية فصار يدعي سيداً لهذا السبب. وإلاَّ فلم أشتبه في أن عبد الله أفندي هو أبن مرتضى المؤرخ أو أبن غيره. وعلى كل حال أشكر الفاضل على اعتنائه واهتمامه بهذه الأسرة، وبنقله الوثيقة وبعض الأبيات، ولكنني أعتب عليه في اشتباهه بصحة ما كتبت، وفي الوقت نفسه دعت كتابته إلى بياناتي الأخيرة عن المجموعة الخطية. هذا وأكتفي بذلك. المحامي عباس العزاوي التركمان التركمان جيل من الترك من العنصر التوراني يلي بلادهم بلاد خراسان في إيران وتمتد إلى خوارزم في ما وراء النهر. ولغتهم التركية وتختلف عن لغة (بلاد تركية) وديانتهم الإسلامية على المذهب الحنفي، وقسم منهم يقيم في أراضي (كركان وتسمى تركمنستان ويدعوها العرب جرجان) من إيران وهذه الأراضي خصبة وهم مولعون بشرب الشاي وأكثرهم يشتغلون بالزراعة وتربية الأغنام وكان هذا القسم منهم يغيرون على بلاد خراسان التي تجاورهم بين آونة وأخرى منذ أيام الملك ناصر الدين شاه القاجاري (في القرن الثالث عشر) غير أن جان محمد خان الذي كان قائداً للجيش المقيم في شرقي إيران في حدود سنة 1345هـ تمكن من قهرهم فخضعوا لأوامر الانبراطورية البهلوية بفضل ملكها الباسل وقد عادت السكينة إلى نصابها الذي كانت عليه قبل قرن أو أقل أو ما يزيد عليه. وفي العراق قبيلة اسمها اليعافرة تقيم في أراضي تل أعفر (تلعفر) في لواء الموصل أصلها من هؤلاء التركمان. محمد مهدي العلوي

فوائد لغوية

فَوائد لُغَوية نقد تاريخ الأدب العربي - 6 - والذي حمل عمراً على الارتداد جبروته لا ضعف إيمانه. ألا ترى أن سليمان أبن ربيعه الباهلي لما عرض جنده بأرمينية - وكان لا يقبل من الخيل إلاَّ عتيقاً - رأى عمرو بن معد يكرب على فرص غليظ، فرده وقال له: هذا هجين، فقال عمرو: إنه ليس بهجين ولكنه غليظ، قال سليمان: بل هو هجين، فقال عمرو: إن الهجين ليعرف الهجين، فكتب سليمان بكلمته التي قالها إلى عمر بن الخطاب - رض - فكتب إليه عمر: (أما بعد يا أبن معد يكرب أنك القائل لأميرك ما قلت، فأنه بلغني أن عندك سيفاً تسميه الصمصامة وأن عندي سيفاً أسميه مصمماً، وأقسم بالله لئن وضعته بين أذنيك لا يقلع حتى يبلغ قحفك) وكتب إلى سليمان بن ربيعه يلومه على حلمه عن عمرو، فلما قرأ عمرو الكتاب قال لأصحابه: (من ترونه يعني؟) قالوا: (أنت أعلم) قال: (هددني بعلي والله) وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب مقاتل الفرسان قال: (كتب عمر إلى سليمان بن ربيعة الباهلي أو إلى النعمان بن مقرن: إن في جندك رجلين من العرب عمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد فأحضرهما لناس وأدبهما وشاورهما في الحرب وابعثهما في الطلائع ولا تولهما عملاً من أعمال المسلمين وإذا وضعت الحرب أوزارها فضعهما حيث وضعا أنفسهما. قال: وكان عمرو أرتد (كما تقدم) وطليحة تنبأ) فيستبين مما قدمنا أن جبروت عمرو غلب على عقله وأن نفسه كانت طموحاً وثوباً ولولا تهديد عمر بن الخطاب - رض - له بعلي - ع - لأحدث ثغرة في صفوف المسلمين. وحسبك من شدته أن عمر الصارم

كان يتخوفه ويتأثر حركاته بعزم شديد وحزم مديد. (هلع) على وزن طرب وضبط في ص 22 قول عمرو بن معد يكرب (ما أن جزعت ولا هلعت) بفتح اللام من (هلع) والصواب: الكسر ففي المختار (الهلع أفحش الجزع وبابه طرب) وفي المصباح: (هلع هلعاً من باب تعب: جزع) وأصل الفعل ربما كان على وزن (ولي يلي) لكن حرف الحلق في المضارع فتح العين. قال المبرد في (1: 60) من الكامل (تقول: ولغ يلغ فهذا فعل يفعل، والأصل يفعل (بالكسر) ولكن فتحته الغين لأن حروف الحلق تفتح ما كان على يفعل (بالكسر) ويفعل (بالضم) ولولا ذلك لم تقع فعل يفعل (بالفتح) وحروف الحلق ستة: الهمزة والهاء والعين والغين والحاء والخاء. وهن يفتحن إذا كن في موضع العين واللام، فأما العين فنحو سأل يسأل وذهب يذهب، وأما اللام فمثل قرأ يقرأ وصنع يصنع وسائر هذا الباب على ما وصفت لك) ويمكن أن يرد هذا الرأي الذي أحتمل بأن فعل يفعل (بالكسر والفتح) أصل في التغيرات برأسه وبابه أوسع من باب (ولي يلي) كثيراً. أول من بكى على الديار وقال في ص 26 بالحاشية: (ومما يدل على أن الشعر قديم العهد، قول امرئ القيس: عوجا على الطلل القديم لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن حزام ثم نقل في ص 46 بترجمة امرئ القيس: (فقالوا أنه أول من وقف على الأطلال وبكى على الديار). فكيف لم يتنبه على أنه يستحيل التوفيق بين هذين القولين. لأن امرأ القيس يصرح في بيته المتقدم ذكره: إنه رغب في بكاء الأطلال اقتداءً بابن خذام الذي هو أقدم منه. ووقع في هذا الوهم مؤلفاً (الوسيط في الأدب العربي وتاريخ) الشيخ أحمد الإسكندري والشيخ مصطفى عناني فقالا في (ص 48) من الطبعة الأولى: (حتى ليظن أنه المبتكر لذلك) وكأنا قد ذكرا هذا البيت المبطل للدعوى (في ص 37) وأوله: (عوجا على الطلل المحيل لأننا)

على رواية أخرى، وهذا مما يدل على أن التقليد في تاريخ الأدب العربي ما زال شاباً، فأن أبا عبد الله محمد بن سلام الجمحي البصري المتوفى سنة (232) هـ صاحب الطبقات ذكر البيت السابق كما في ص 21 من طبعة مطبعة السعادة بمصر، ثم نقل في ص 27 أنه سبق العرب إلى أشياء أبتدعها، منها: استيقاف الصحب البكاء على الديار فقلدوه، ثم أن بكاء الديار شيء طبيعي قد كان مذ عرف البكاء ونشأت الأحزان. مصطفى جواد المجمل في تاريخ الأدب العربي 14 - الخاتمة وقال في ص 282: (وبعضها راويه كذاب أشر لا يوثق بحديثه كابن الكلبي) قلنا: ليس للتعصب محل في التاريخ فأن أبن الكلبي مصدر كثير من تاريخ العرب والإسلام وكتبه التي جاوزت المائتين تشهد بإقبال الناس أنفسهم مؤلفاته خاصة ولما ندر الغلط الذي غلطه؟ حتى ينصب به الأثري هذا النصب؟ وأن كان في حديثه كذب فلا يبلغ ما أختلقه (عروة بن الزبير) الذي قال عنه الأثري في ص 303 من كتابه (وروي أن عروة بن الزبير بن العوام (23 - 94) وهو من كبار محدثي المدينة وفقهائها كان أقدم من ألف في سيرة رسول الله ص) فنحن نروي أقوال بعض المؤرخين في عروة وإفساده تاريخ الإسلام. قال أبن أبي الحديد في (1: 358) من شرحه: (وذكر شيخنا أبو جعفر الإسكافي رحمه الله. . . أن معاوية وضع قوماً من الصحابة وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله فاختلقوا ما أرضاه، منهم أبو هريرة وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومن التابعين عروة بن الزبير!!! روى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه، قال: حدثتني عائشة قالت: كنت عند رسول الله إذ أقبل - العباس وعلي - فقال: يا عائشة إن هذين يموتان على غير ملتي أو قال: ديني!!! وروى عبد الرزاق بن

معمر قال: كان عند الزهري حديثان عن عروة! عن عائشة في علي عليه السلام فسألته عنهما يوماً فقال: ما تصنع بهما وبحديثهما، الله أعلم بهما لأني أتهمهما في بني هاشم، قال: أما الحديث الأول - (أي حديث تكفير العباس وعلي) - فقد ذكرناه، وأما الحديث الثاني فهو أن عروة!! زعم أن عائشة حدثته قالت: كنت عند النبي - ص - إذ أقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة أن سرك أن تنظري إلى رجلين من أهل النار!! فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباس وعلي أبن أبي طالب!!) فلعل الأثري آثر عروة بن الزبير على غيره من أجل الأحاديث العظيمة!! وقال أبن أبي الحديد في ص 360 (قال: وقد تظاهرت الرواية عن عروة بن الزبير أنه كان يأخذه الرمع عند ذكر علي عليه السلام فيسبه!! ويضرب بإحدى يديه على الأخرى ويقول: وما يغني أنه لم يخالف إلى ما نهي عنه وقد أراق من دماء المسلمين ما أراق!!) ونحن كلما رأينا ما خطه الأثري زادت ثقتنا بقولنا: إن مرجع الدين هو الروح لا العقل. أما كون النفس أمارة بالسوء فأمر مجرب، وقل من محص دينه بعقله لأن النفس لا تدع لذلك مجالاً، وخرف وخلط من قال: إن العقلاء المهذبين براء من التعصب وهو لا يعرف مصدر الدين، أجل أن العقلاء يتفننون في كتم تعصبهم لا غير، فلو كان الدين بالعقل لا جمع العقلاء على دين واحد من متباين الشعوب. ههنا البلية العظمى والطامة الكبرى. فأنا لله وأنا إليه لراجعون ومنه نتطلب المعون. مصطفى جواد البخص يظن بعض الشعوبية أن العربية قاصرة عن تأدية بعض المعاني العصرية. قال لي أحدهم: (عند الإفرنج لفظة يريدون بها تبييت اللحم الذي يراد أكله بحيث يأخذ بشيء من الانحلال. وكثيراً ما يفعلون ذلك بالتدرج. وإذا فات عليه الانحلال فقد يسم منه آكله ولا سيما في البلاد الحارة، ولم نر للعرب لفظة تؤدي هذا المعنى أي قلنا: هو البخص (بالتحريك ويجمع على أبخاص) ومنه قول المؤرخين: (مات الخليفة المهدي من أكله أبخاصاً) (راجع النجوم الزاهرة 2: 58).

باب المكاتبة والمذاكرة

بابُ المُكَاتَبَة والمْذاكَرة زمن ارتحال عبد العزيز بن عبد القادر نقلتم في (9: 376) من لغة العرب عن التاج أن عبد العزيز عبد القادر الجيلي - رض - نزل بحيال من سنجار سنة (508) هـ. ولما قرأنا هذا التاريخ لم تستسغه ملكتنا التاريخية لأن أبا عبد الله عبد الرحمن بن عبد القادر - وهو أسن ولد الشيخ - كان قد ولد سنة (508) ففي التاريخ المذكور تحريف بين ولو قيل أنه نزل سنة (580) هـ لكان أقرب إلى الإمكان ولعله هو الصحيح فالمرجو منكم تحقيق هذه القضية التاريخية. (ل. ع) أنكم مصيبون قبر الشيخ محمد الأزهري جاء في (9: 278) من لغة العرب عن جامع الخاصكي أنه بقرب مرقد الشيخ محمد الأزهري، قلنا: وهو مدمج في الجامع وعلى جدار حجرته من جهة الطريق ما صورته: (ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، هذا قبر المرحوم الشيخ محمد الأزهري عليه. . . وإلى روحه الفاتحة، تجدد 1310) وورد في ص 108 من بهجة الأسرار في الشيخ عبد القادر (والشيخ الفاضل أبو البقاء محمد الأزهري الصريفيني تاج العلماء والشيخ أبو أحمد يحيى بن بركة بن محفوظ الديبقي البابصري جمال العراق انتميا إليه وتحملا عنه العلم وسمعا منه في ما أخبرني الفقيه أبو نصر غانم بن غنائم بن فتح بن يوسف الهاشمي الكرخي، قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم هبة الله بن المنصوري الخطيب فذكر ذلك وفي ص 118 من البهجة أيضاً (أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن الشيخ أبي

عبد الله محمد بن أبي الغنائم الأزهري الحسيني قال سمعت والدي والشيخ الصالح بقية السلف أبا الثناء محمود الجيلاني قال: سمت الشيخ القدوة أبا الحسن علياً أبن الهيتي. . .) فهذان محمدان أزهريان. فأن عد لقب (الأزهري الحسيني) لأحمد كان صاحب القبر محمد الأزهري الأول. البيات من سنة 629هـ ورد في حوادث سنة (629) من الحوادث الجامعة في استعداد المستنصر بالله للتتر: (فتقدم الخليفة بخروج العساكر فبرزوا إلى ظاهر البلد وتجهزوا وساروا ومقدمهم جمال الدين قشتمر الناصري ومعه الأمراء شمس الدين قيران وعلاء الدين أيلدكز وبهاء الدين ارغش وفلك الدين زعيم البيات فساروا قاصدين مظفر الدين كوكبري صاحب أربل فالتقوا به في موضع قريب من الكرخينى (وأخطأ من قال: كرخيتا) فأقاموا هناك بقية شهر رجب وشعبان. . .) ولعل فلكاً هذا هو فلك الدين محمد بن سنقر الطويل أخو علي بن سنقر الطويل وكلاهما أمير إذ ذاك. وورد في حوادث سنة (643) (وخرج الشرابي إلى مخيمه بظاهر السور فوصل إليه رسول من الأمير فلك الدين محمد بن سنقر يزكاً يخبره بوصول المغول ومحاذاتهم له فركب في الحال وعين على من يتوجه لمساعدة فلك الدين المذكور) وفي حوادث سنة (644) جاء عنه (وفيها توفي الأمير محمد بن سنقر الطويل صاحب دقوقا). وجاء في حوادث سنة (648) عن البيات (وفيها توفي فخر الدين عمر بن اسحق الدورقي كان يتولى أشغال زعماء البيات وينوب عنهم وكان ذا مال كثير فائض وجاء عريض بنى بشرقي مدينة واسط جامعاً كان قد دثر يعرف بجامع أبن رقاقاً وعمر إلى جانبه رباطاً وأسكنه جماعة من الفقراء ورتب فيه من يلقن القرآن المجيد ويسمع الحديث وأجرى عليهم الجرايات اليومية والشهرية، ثم

أنشأ قريباً من مدرسة الشرابي (شرف الدين إقبال) التي بشرقي واسط رباطاً آخر على شاطئ دجلة وتربة يدفن فيها ووقف عليها وقوفاً سنية وكان قد تجاوز السبعين من عمره). وكانت في لواء ديالى قرية اسمها (بيات) وموضعها في الجنوب الشرقي من البندنيجين (مندلي) ذكرها المستوصفي في رحلته وذكر أن النهر الذي يجتاز منها بعد أن ينبع من الجبال تغور مياهه في السهل قبل وصولها دجلة. وأكثر البيات اليوم بين كفري وطاووق (دقوقا) وكثير من أهل طاووق وقراتبة ومندلي من البيات ومنهم بيوت ببغداد وبدلتاوة وغيرهما. وقد شاع بين الناس من الخرافات المدغمة في الحقائق أنهم إنما سموا البيات لأن جماعة منهم باتوا بماشيتهم بعد ارتيادهم مرتعاً وجاء القبيلة - وهي بمرابعها - غزو مفاجئ فأهلكهم قاطبة ولم يبق من القبيلة سوى أولئك المنتجعين البائتين فسموا بياتاً، ولا شك في أنهم من قبائل التركمان فكلامهم التركية وأشكالهم من الجنس الأصفر ومنهم من تمذهب بالعلي اللاهية ومن أنتقل منها إلى الإمامية الاثنا عشرية لأنها تفضل عليا - ع - على كل الصحابة الأبرار وللخلاط شأن في ذلك. خراب واسط انتهى تحقيق الصديق الفاضل المحقق يعقوب أفندي نعوم سركيس في جريان دجلة من جهة واسط إلى سنة (961) هـ كما في (9: 6) من لغة العرب، فنقول أن (واسط) دخلت سنة (941) هـ بحكم السلطان سليمان وذلك أنه عزم على غزو بلاد العجم فأرسل قبل سفره الوزير إبراهيم باشا بعسكر عظيم وكان ذلك بعد ليلتين من شهر ربيع الأول سنة (941) ووصل إلى حلب وشتى بها هو ومن معه من العسكر وبرز عقبه الاوطاق السلطاني السليماني إلى أسكودار آخر ذي القعدة من السنة المذكورة وأستمر على السير لقمع طوائف الرافضة حتى وصل إلى (ميلاق أوجان) قرب تبريز وجاء إلى تبريز وجاء إلى استقباله إبراهيم باشا بمن معه من العسكر وتوجها جميعاً للحرب فلما وصل الركاب السلطان إلى قصبة (أبهر)

هرب من طائفة القزلباش محمد خان ذو الفقار والتجأ إلى السلطان سليمان فحصل له التشريف والأنعام، ثم استولى البرد القارس على الجيش ونزل الثلج الكثيف وهرب الجيش العجمي ولم يقابل فلزم التوجه إلى بغداد، فلما سمع وصول العسكر السلطاني حافظ بغداد لقزلباش محمد خان، هرب وترك بغداد ومن بها من الرعية فجاءوا بمفاتيحها إلى الاوطاق السلطاني فنزل بغداد بعسكره وصارت من مضافات الممالك العثمانية وكذلك ما حولها من البلاد والبقاع والحصون والقلاع، وكذلك المشعشع والجزائر وواسط وأمر السلطان بتحصين قلعة بغداد (القعلة اليوم) وحفظها. وقال السيد نعمة الله الجزائري كما في ص 129 من زهر الربيع (ذكر صاحب القاموس أن كسكر قصبة واسط كانت تزرع فيها الأقلام، وأقلامها حسنة جداً وينقلها التجار والمترددون إلى أقطار العالم وأطراف البلاد وكان خراجها ذلك الوقت اثني عشر ألف ألف مثقال من الذهب فيكون اثني عشر لكاً من الدنانير، يقول مؤلف الكتاب عفي عنه: واسط محسوبة من بلادنا - أعني الجزيرة - وقبل خروجنا منها كنا نكتب في أقلامها وهذه الأعوام ذهبت منها الأقلام لفقد أهلها وعامريها وصارت الأقلام منحصرة في بلدة تستر - حرسها الله تعالى من آفات الزمان - ونحن الآن من قاطنيها) وقال في ص 319: (لما صارت الواقعة العظمى بين أهل بلادنا وهي الجزيرة وبين جنود السلطان محمد (أي محمد الرابع 1058 - 1099هـ) خرجنا منها وتوطنا البلدة المحروسة شوشتر لكن يف كل سنة يطلبنا سلطان الجزيرة لأنه كان من أهل العلم والأدب) وكان قد قال في ص 51 عن رجل صاد سباعاً وهو مجيد للرمي (وهو من أهل بلادنا

الجزيرة وكان اغلبهم ممن له مثل هذه الحالة وقاتلوا عسكر السلطان (أي محمد المذكور) مراراً وكان الظفر لهم مع قلتهم وأما الوقعة الأخيرة بينهم وبين السلطان فقد كنت أنا حاضرها وجرى فيها من العظائم ما لا يمكن نقله ولا تسع الأوراق سطره) وقال في ص 261 (أقول: حدثني في عام تأليفي هذا الكتاب في شهر رمضان المبارك من السنة السابعة بعد المائة والآلف من أثق به. . .) فواسط فقدت أهلها وعامريها قبل سنة (1107) هـ بقليل جداً. في الكوفية والعقال أشرتم في (9: 381) إلى خرافة ملك الحبشة الذي زعم انه اجبر العرب على لبس الكوفية والعقال فنقول: ورد في ص 81، 82 من زهر الربيع أن هرمز ملك العجم لما دنت وفاته وامرأته حامل عقد التاج على بطنها وأمر الوزراء بتدبير المملكة حتى ولد له ولد فتملك وأغار العرب على نواحي فارس في صباه فلما أدرك ركب وانتخب من أهل النجدة فرساناً وأغار على العرب فنهكهم بالقتل، ثم خلع أكتاف سبعين ألفاً فسمي ذا الأكتاف وأمر العرب بإرخاء الشعور ولبس المصبغات وان يسكنوا بيوت الشعر وان لا يركبوا الخيل إلاَّ عراة، وورد في ص 42 من شرح قصيدة ابن عبدون انه أوقع بهم وعمهم بالقتل وما افلت منهم إلاَّ نفر لحقوا بأرض الروم وخلع أكتاف كثير منهم فسمي لذلك سابور ذا الأكتاف وأخبار سابور هذه وردت في المستطرف (1: 190) والاغاني، وليس في هذا ما يدل على تلك الخرافة مع كونه من المبالغ فيه جداً. مقدمة شرح المقامات للمطرزي وصفتم في (1: 268) من لغة العرب شرح مقامات المطرزي وقد وقعت إلينا مقدمة هذا الشرح وهي في البلاغة والفصاحة والبديع والمعاني والبيان طولها (19) سنتيمتراً في عرض (14) وملاكها (47) صفحة وأكثرها بخط جميل واقلها وهو الثلاث الصفحات والنصف الأخيرة بخط عادي، أولها: (بسم الله الرحمن الرحيم يقول عبد الله الفقير إليه ناصر بن أبي المكارم المطرزي تجاوز الله عنه:

الحمد لله المحمود على جميع الآلاء المشكور بحسن البلاء المعبود في الأرض والسماء. . .) وفي ص 44 قال: (وان عسى شذ عني من هذا الجنس ما له مثال في المقامات فاعتمادي انه يوجد في (مجموعي المحيط بجميع أقسام البديع) فان أردت أن تظفر بها محصلة فعليك به ترها فيه مفصلة أن شاء الله) فهل لهذا التأليف حظ من البقاء؟ مصطفى جواد نظرات في ص 458 قال الأديب يعقوب نعوم سركيس: (وتسمى اليوم التكية الخالدية نسبة إلى الشيخ خالد النقشبندي). قال الآلوسي أنه عاد من البلاد الهندية في سنة 1231هـ (1805م) 510) والظاهر انه لم يقف على أزيد مما ذكره عن الشيخ خالد فرأيت أن أدلي بمختصر من ترجمته: الشيخ خالد بن احمد بن الحسين النقشبندي (نسبة إلى الطريقة النقشبندية إحدى طرائق الصوفية) والمشهور انه من ذرية عثمان بن عفان، ولد في قصبة قره طاغ من بلاد شهرزور ومن اكبر سناجق بابان. سنة 1190هـ - 1776م وهاجر إلى بغداد في صباه، ورحل رحلات عديدة، وجاب بعض البلاد، فمن رحلاته رحلة إلى مكة والمدينة، ورحلة إلى الهند، وفي أيام داود باشا (والي العراق) قام برحلة إلى الشام، وتوفي في جلق في سنة 1242هـ - 1826م، وجمعت رسائله في كتاب سمي (بغية الواجد في مكتوبات مولانا خالد - مطبوع) وله مؤلفات لم تطبع - انتهت الترجمة ملخصة عن فيض الوارد للآلوسي والأعلام للزركلي. وفي ص 470 س4: (ولان الله فرض فيه الصوم كله (؟) على المسلمين) وكلمة كله زائدة. محمد مهدي العلوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة جمع افعل فعلاء على فعل الزقازيق (مصر) م. م. م. ذكرتم مراراً في لغة العرب (راجع مثلا 7: 573 و 586 و 657 و 745 و 824) أن افعل فعلاء الدال على عيب أو لون أو حلية لا تكون فعلاء صفة لموصوف مجموع أي لا يقال مثلا: ثياب خضراء بل خضر. والحال أننا وجدنا جماعة من الأقدمين يجرون على ما يخالف القاعدة التي أشرتم إليها. ودونكم شواهد على ذلك: قال في تاج العروس في مادة عجف: (وفي الأساس: نزلوا في بلاد عجفاء أي غير ممطورة) أهـ. ولم يقل في بلاد عجف. - وفي القاموس للفيروز أبادي (في مادة ك ل ي). . . (وغنم حمراء الكلى مهازيل.) ولم يقل حمر، وفي مختار الصحاح في مادة ل وب: اللوبة والنوبة بوزن الكوفة فيهما: الحرة الملبسة حجارة سوداء ومنه قيل للأسود لوبي ونوبي). ولم يقل حجارة سود. فكيف تجمعون بين ضابطتكم وبين ما نقل عن أصحاب هذه المعاجم الثلاثة: القاموس، ومختار الصحاح. وتاج العروس؟ ج. ما جاء في تاج العروس مخطوء في نقله أو في إيراده. وتتحققون الأمر من مراجعة الأساس المطبوع في مصر، فقد جاء في أول مادة ع ج ف: (نزلوا في بلاد عجاف أي غير ممطورة.) وعجاف هنا جمع عجف لا أعجف. ذكر هذا المفرد وجمعه لسان العرب. وقد يجوز أن يكون عجاف جمعاً لا عجف لكنها شاذة. قال الأزهري: وليس في كلام العرب افعل فعلاء جمعاً على فعال غير أعجف وعجفاء وهي شاذة حملوها على لفظ سمان فقالوا: سمان وعجاف. وزاد الجوهري: والعرب قد تبني الشيء على ضده كما قالوا: (عدوة) بناء على (صديقة) وفعول إذا كان بمعنى فاعل لا تدخله الهاء. . .) أهـ. وعلى كل حال فقول تاج

العروس (في بلاد عجفاء) خطأ ظاهر. ولا نظنه من المؤلف نفسه بل من الناسخ أو من الطابع، إذ وجدنا في هذا الديوان من أغلاط الطبع شيئاً هائلاً. وقول القاموس: (وغنم حمراء الكلى) بمعنى مهازيل غلط من الناسخ فأنه نقل (ألف) (أ) لكلى إلى ما قبلها أي إلى الراء فصير (حمر الكلى: حمراء الكلى). أما إذا كانت جميع النسخ الخطية متفقة على إيراد (حمرآء الكلى)، فلا جرم أن الغلط من المؤلف إذ لا يجوز ذلك بل يقال: حمر الكلى، ومن العجيب أن القاموس طبع مراراً، ونقد دفعات ولم نجد أحداً نبه على الوهم الواضح. أما معزى اللغويين: أي أصحاب (محيط المحيط وأقرب الموارد والبستان) فليست بحجج. وأما بهم اللغويين (أي أصحاب معجم الطالب والمنجد والمعتمد) فأضل من معزاهم. فأنظر بعد هذا كيف يجب أن يكون اللغوي ضليعاً لكي يقول كلمته الصحيحة الصادقة في لغتنا. وما نقلتموه من عبارة مختار الصحاح وهي (الملبسة حجارة سوداء) فصريح أنه من خطأ الناسخ، أو لا أقل من أن يكون من خطأ الطبع، لأن المؤلف نفسه يقول في مادة ح ر ر: (الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أحرقت بالنار) ولم يقل حجارة سوداء. أما الذي استزل الناسخ أو الطابع في الكلام الأول فهو أصل العبارة إذ هو: (الملبسة حجارة سوداً بنصب الدال. فقرأها المسكين (سودآء) أي بالمد. فبعد هذا البسط (صرح الحق عن محضه). تحذيف الشابورتين س. برلين (ألمانية) قرأت في مجموعة الرسائل المسماة: (ثلاث رسائل لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ المتوفى سنة 255هـ) التي سعى بنشرها يوشع فنكل وطبعها في القاهرة سنة 1344 في المطبعة السلفية في ص 42 ما هذا نصه: (يتوهم الواحد منهم إذا عرض جبته، وطول ذيله، وعقص على خده صدغه وتحذف الشابورتين على وجهه أنه المتبوع ليس التابع والمليك فوق المالك. . .) فما معنى (تحذف الشابورتين؟ - إذ الظاهر أن ناشر تلك الرسائل لم يفهم معناها بدليل قوله في الحاشية: (كذا الأصل) ثم نقرت في دواوين اللغة على معنى اللفظتين فلم أوفق للعثور على معناهما. فهل لكم إلى أن ترشدوني إليهما؟

ج. كل من يتولى نشر كتاب من مصنفات الأقدمين ولا يكون واقفاً على أسرار اللغة وألفاظها يشوه ذلك الكتاب كل التشويه. ويوشع فنكل هذا مسخ هذا الأثر الجليل للجاحظ إذ أظهر أنه غير مضطلع بأوضاع الأقدمين فجاءت تلك الرسائل مشحونة أغلاطاً شوهت محاسنها. ومن الجملة ما جاء في العبارة التي أشرتم إليها. إذ صحيح روايتها: (وحذف (بتشديد الذال المعجمة) الشابورتين. ومعنى (حذف تحذيفاً) معروف. يقال: حذف شعره: طرره وسواه وهو أن يأخذ من نواحيه حتى يستوي فتحسن صورة الرجل بهذا الصنع. أما الشابورتان فمثنى الشابورة التي لم يذكر معناها أحد من اللغويين من أقدمين ومعاصرين وعرب ومستشرقين. والذي عندنا أنها من الأرمية (شافيروتا) ومعناها: حسن وجمال وظرافة وهي ضرب من قص الشعر على هيئة الرقم 7 العربي تسيل فيها القصة على وسط الحاجب. ولما كان للإنسان حاجبان كان من المحتوم أن يتخذ لنفسه شابورتين، ثم وحدها بعضهم وجعلها واحدة تسيل بين الحاجبين وأكثر ما كان يتخذها كبار الرجال في عهد العباسيين. وقد ذكر الشابورة أبو الفداء في تقويم البلدان في كلامه على البحار (ص 19 من الطبعة الباريسية): (ولأصحاب جفرافيا اصطلاح في تعريف البحور فيقولون: يمتد كالقوارة وكالشابورة وكالطيلسان ونحو ذلك. وقد صورنا ذلك وكتبنا الأسماء التي أصطلح عليها أهل الصناعة، وهي هذه. . .) أهـ. وقد صور الشابورة هنا بصورة الرقم العربي 7 صورة كبيرة. والطيلسان بصورة خابئة واسعة الأسفل عريضته. والقوارة بصورة تنور مقلوب الأسفل إلى فوق. ومن أراد التحقق فليرجع إلى الأصل الذي أشرنا إليه. هذا ما نعلمه، ومن يعرف غير ما ذكرناه فليتفضل به علينا ونشكره سلفاً. البانكة بغداد. ب. م. م قبل الاحتلال الإنكليزي للعراق كان الوطنيون يتخذون للترويج في أيام الصيف مروحة كبيرة يعلقونها بسقف البيت وفي وسطها حلقة يعقد بها حبل تجر به ذهاباً وإياباً فيسير الهواء في المكان ويتجدد على الدوام، ويسمونها (البانكة فبأي لغة هذه الكلمة. وهل عرفها السلف في العراق. وما كانوا يسمونها؟

ج. البانكة كلمة فارسية الأصل محرفة عن (بادفر) بمعناها. وكان العراقيون يتخذونها في جميع مدن العراق وكانوا يسمونها باد كار ويجمعونها على باذ كارات. قال محمد بن حازم الباهلي في (عمر كسكر) (معجم البلدان لياقوت الحموي 3: 725). بعمر كسكر طلب اللهو واللعب ... والباذ كارات والأدوار والنخب وقد جاءت الكلمة مصحفة في طبعة الإفرنج المذكورة بصورة باز كارات، وهو خطأ ظاهر. ويقال فيها أيضاً باد كارات بالدال المهملة. وهي من بادكر أو بادكرد الفارسية. - ومن أسمائها بالفارسية بادسوار، وخشت باد - وسماها الحريري مروحة الخيش هرباً من اتخاذ كلمة فارسية لم يستسغها. والغز فيها قائلا: (في المقامة النجرانية في ص 474 من طبعة الإفرنج): وجارية في سيرها مشمعلة ... ولكن على أثر المسير قفولها لها سائق من جنسها يستحثها ... على أنه في الاحتثاث رسيلها ترى في أوان القيظ تنطف بالندى ... ويبدو إذا ولى المصيف قحولها قال الشريشي في تفسيرها: الخيش ثوب من الكتان غليظ. وهذه المروحة تستعمل في بلاد العراق تكون شبه الشراع للسفينة وتعلق من سقف البيت ويشد فيها حبل يدبر بها مشيها وتبل بالماء وترش بماء الورد، فإذا أراد الرجل في القائلة أو الليل أن ينام، جذبها بحبلها فتذهب بطول البيت وتجيء، فيهب على الرجل منها نسيم طيب الريح بارد فيذهب عنه أذى الحر ويستطيب به النوم، وهي فوقه ذاهبة جائية ولذلك سماها (جارية) لجريها كما أرسلت في سيرها مشمعلة أي مسرعة. وللسري الموصلي في وصفها وصفاً شعرياً: وخيش كما أنجزت ذيول غلائل ... مصندلة تختال فيها الكواعب وقد اطلعت الشمائل وانثنت ... مقيدة عن جانبيها الجوانب فقد سماها (خيشاً) كما رأيت فاستغنى بها عن المضاف. وقال أيضاً: قد ضربت خيمة الغمام لنا ... ورش خيش النسيم بالمطر

وقال آخر: ومروحة تروح كل هم ... ثلثة اشهر لا بد منها حزيران وتموز وآب ... وفي أيلول يغني الله عنها سفر الخلق لا سفر التكوين بيروت. س. ل كنتم تقولون في السابق (سفر التكوين) والآن أراكم عدلتم إلى القول (سفر الخلق) فأيهما الأصح؟ ج. كنا في السابق نتابع مصطلح من تقدمنا الدين يقولون جميعهم: (سفر التكوين)، ولما أنعمنا النظر في هذه التسمية من باب الاجتهاد وجدنا القول: (سفر التكوين) خطأ أو ما يقاربه. أما بعد الآن فلا نقول إلاَّ (سفر الخلق) والسبب هو: إن الأقدمين كانوا يسمون كتبهم بأول لفظة بارزة ترى في صدر الكتاب، ولقد أتفق جميعهم. حتى من سمى أول سفر التوراة باسم سفر التكوين - على أن يقولوا في مستهل الآية الأولى من الكتاب الأول: في البدء خلق الله. . . ولم يقولوا: كون الله. . . ولهذا حسن أن يقال: (سفر الخلق) كما قيل سورة البقرة وسورة النملة وسورة مريم إلى غيرها. - والسبب الثاني أن كون وخلق بمعنى واحد، إلاَّ أن (خلق) أشيع على الألسنة من (كون) إذ أكثر ما يقال: الخالق والخلاق والمخلوق، وقلما يقال: المكون (بكسر الواو المشددة) والمكون (بفتحها) والكائنات - والسبب الثالث: إن فعل (خلق) خاص بإخراج شيء من العدم، أما (كون) فقد يكون إخراج شيء من شيء آخر. فلهذه الأسباب ولأسباب أخر، عدلنا عن التسمية الأولى (سفر التكوين) إلى التسمية الثانية (سفر الخلق)، على أننا ندع الأقدمين ومن كانوا على آرائهم يكتبون ما يشاؤون، أما نحن فلا نقول بعد هذا إلاَّ (سفر الخلق). ولله في خلقه شؤون. اختلاف لغات العرب س. بعقوبا. ط. ق. ما سبب الاختلافات التي ترى في اللغات واللهجات

العربية المنتشرة في الديار العربية كمصر وفلسطين وسورية والعراق؟ بل المنتشرة في المدينة الواحدة من تلك الديار؟ وهل ترون أن سبب ذلك الاختلاف اختلاط العرب بالأعاجم على تباين عناصر. أم ماذا؟ ج. لهذا الاختلاف أسباب عديدة، منها اختلاف القبائل، إذ لكل منها ما يميزها عن سواها، أما بلفظ الحرف. وأما بلفظ الحركة، وأما باختلاف النبرة، أو بكلم خاصة بهم دون سواهم، وكل ذلك راجع إلى الاختلاط بأقوام أخر، أو إلى البيئة أو إلى الهواء، وقد تجتمع جميع تلك الأسباب فتزيد الفروق فروعاً إلى فروع آخر، إلى فروع لا تحصى. وأما اختلاف لغة المدينة الواحدة باختلاف محلاتها أو جهاتها. فعائد إلى القبائل التي ينتسبون إليها. فقد يكون أصحاب الحي الواحد ينتمون إلى قبيلة وسكان الحي الآخر ينتمون إلى قبيلة ثانية. قال ياقوت في معجمه في مادة (الحيرة). . . في الحيرة من جميع القبائل من مذحج، وحمير، وطيئ، وكلب، وتميم، ونزل كثير من تنوخ الأنبار والحيرة إلى طف الفرات وغربيه. . .) وهكذا يقال عن كل محلة من محلات المدن العربية، بل لم تسم المحلة (حياً) إلاَّ لنزول (حي) من أحياء العرب جانباً من تلك المدينة. فما يسمى (محلة) في بعض المدن، يسمى (حياً) في البعض الآخر. وأما تأثير الهواء على اللغة فواضح من أن أصحاب البلاد الباردة كثيرو الحروف الصفيرية والشفوية واللسانية والاسلية. كأن البرد يمنعهم من فتح أفواههم وحلوقهم لينطقوا بالحروف الحلقية، أو كأنهم يخافون فتح أفواههم لئلا يدخل الهواء البارد حلوقهم فيتأذون منه، بخلاف أهل البلاد الحارة أو المعتدلة فانهم يمتازون بالتكلم الحلقية الحرف كالهاء والحاء والخاء والعين والغين. وأما تأثير البيئة في المتكلم فواضح أيضاً من الحيوانات التي يسمع أصواتها فان الإبل تكاد تنطق بالعين نطقاً فصيحاً وكذلك الضأن، وهكذا قل عن سائر الحروف فأن بعض الحيوانات تمتاز بلفظ بعضها. ولهذا كثرت الحروف الحلقية في اللغات السامية وندرت أو عدمت في لغات سائر الأمم التي حرموا هذه الدواب الناطقة بحروف الحلق.

باب المشارفة والانتقاد

بابُ المُشَارفَةَ والانِتِقادِ آدابهم وآدابنا عند النقد بين آداب الغربيين وآدابنا نحن الشرقيين فروق كثيرة. نذكر منها هنا ما يتعلق بأمر النقد. إننا كلما نقدنا كتاباً لأحد أدبائنا وأبنا بعض أوهامه، انهال علينا سباً وشتماً وطعناً وأهانة، في حين أننا لم نذكر إلاَّ بعض تلك الأغلاط. فما قوله لو ذكرنا عيوبه كلها وعددنا مخازيه ومنكراته؟ أما أبناء الغرب فمعاملتهم إيانا غير هذه المعاملة الشائنة. كنا نقدنا رسالة الحركة الفلسفية العصرية في سورية ومصر (9: 478) فكتب إلينا صاحبها يقول: (أشكر لكم يدكم البيضاء على ما تلطفتم به علي من نقدكم لرسالتي والإرشادات الثمينة التي أودعتموها لإصلاح ما آباد من قلمي. وكان بعض تلك الفوائد معروفاً لدي البعض الآخر مجهولاً. أما ما يتعلق بالفكرة العراقية الفلسفية فأني أعتذر إليك لجهلي إياها، أو قل لعلمي إياها علماً رحرحانياً لا يفيد فائدة جليلة. وأني أتوقع أن اعتاض عن تلك الثغرة بما يسدها بأقرب فرصة أتمكن منها. وأرجو منك أن تقبل عبارة ودادي لك وإعجابي بآدابك، وتهذيبك بعض الناس.) كتبه جان لوسرف 81 - ديناران نرمنديان من دنانير المهدية (بالفرنسية) هذه رسالة في أربع صفحات وضعها حسن حسني عبد الوهاب عامل المهدية في تونس وهي مفيدة غاية لأنها تشرف بنا على جانب من تاريخ أنحاء تونس يجهله كثير من الناس. ويقفنا على أن ملوك صقلية النرمنديين، ولا سيما رجار الثاني وغليلم الأول ضربا نقوداً في مدينة المهدية. فلقد وجد على أحد الدينارين ما هذا خصه: (ضرب بأمر الملك المعظم رجار المعتز بالله بمدينة المهدية سنة

ثلاث أربعين خمسمائة) (كذا. بحذف حرفي العطف في هذه السنة هي سنة 1151م) وعلى الثاني: (ضرب بأمر الهادي بأمر الله الملك غليالم بمدينة المهدية سنة تسع أربعين خمسمائة) (كذا) (أي سنة 1157م) فأفادنا هذان الديناران فائدتين: فائدة تاريخية لضربهما الدينار في المهدية. والفائدة الثانية: فائدة ضبط أسم رجار. فهو هكذا بضم الرآء وفتح الجيم بعدها ألف ورآء. وعليه فليصلح طابعو مقدمة أبن خلدون غلطهم، فأن طبعة بولاق ذكرته باسم زجار (بالزاي في الأول في ص 40 و 43) وذكرته طبعة بيروت المشكلة التي أصدرتها المطبعة الأدبية في سنة 1900 باسم زخار (ص 48 و52) ولو طبعته هذه المطبعة مرة رابعة لزادته نقطة ثالثة وقالت (زخاز) بزايين الواحدة في الأول والآخرة في الآخر أو لزادته شناعة أخرى. وهكذا يزيد النساخون والطباعون أغلاطاً على أغلاط ولا يحققون ضبط الألفاظ لأن هذا العمل يكلفهم عناء ومشقة، فعسى أن يهتدوا إلى صراط الحق القويم. 82 - نظرة في رسالة للجاحظ كان حضرة الدكتور داود بك الجلبي نشر في مجلتنا ثلاث رسائل للجاحظ، (راجع 8: 32 إلى 35 و572 و 575 و 686 إلى 690) وقد بين الأستاذ الإيطالي جرجيو ليفي دلافيدا أن رسالة (النابتة) قد نشرها سابقاً فان فلوتن، والرسالة الثانية التي كتب بها الجاحظ إلى أبي الفرج بن نجاح الكاتب جاءت مصحفة في بعض حروفها وأعلامها، فأصلح منها شيئاً كثيراً وأحال النظر على بعض المؤلفات لتصحيح بعض الأعلام، فجاءت هذه المقالة التي نشرها في (مجلة المباحث الشرقية) الإيطالية، وأستل منها سلالة على حدة - من المقالات الطافحة بالفوائد لأنها تصلح شيئاً غير يسير من هذه الرسالة، فنشكره عليها أصدق الشكر. 83 - أجزاء الإكليل المفقودة قرأنا في جريدة (حضرموت) الصادرة في سور ابايا (جاوة) في عددها ال 289 الصادر في 29 مايو من هذه السنة الحالية. إن العلامة محمد بن عقيل بن يحيى العلوي كتب من عدن بتاريخ 22 صفر 1349 إلى حضرة العلامة علي

باعبود العلوي أن في خزانته الخاصة الجزء الأول من الإكليل، وان عند الأستاذ المحقق علوي بن طاهر الحداد الجزء السادس - (على ما يتذكر) وكان قد استعاره منه الوزير المرحوم السيد حسين بن حامد المحضار العلوي) أهـ معنى النص - قلنا: فعسى أن تصح هذه الأقوال فينشر الجزءان ويبعثا من مدفنهما، ليستفيد منهما أبناء هذه اللغة فيقدر الأجانب وأبناء الوطن علوم السلف. وليس ذلك ببعيد على ذوي الهمم الصادقة - على أننا نرى - والحق يقال أن في هذه الرواية سوء فهم فعسى أن لا يصح رأينا. 84 - حولية المحفى الملكي الإيطالي (بالإيطالية) المجلد الثاني السنة الثانية عن عام 1929 - 1930 تبقى إيطالية أم الفنون الفتانة، ومعلمتها لجميع الأمم، وهذه (حولية المحفى الملكي تشهد على أسبقيتها على غيرها في ما تطبعه وتصوره. فأنك تجد في هذا المجلد ترجمة كل عضو من الاحفياء وصورته وتحتها أسمه بخط يده وفي الآخر عناوين تأليفه. وكل ذلك بمهارة لا يضاهيها مهارة. والمجلد وقع في 530 صفحة بقطع الثمن فاخر الورق، وقيمته 25 فرنكاً إيطالياً أي نحو أربع ربيات بنقودنا العراقية الهندية. 85 - تعلم اللغة العربية الصحيحة في ثلاثة أشهر وبلا معلم (بالفرنسية) يعلم قراء هذه المجلة أن الأب يوسف علوان اللعازري في بيروت، يحسن اللغتين العربية والفرنسية، ويتصرف فيهما أحسن التصرف، وينشئ فيهما الكتب بسهولة عظيمة، ولا تمضي سنة إلاَّ يتحفنا بتصنيف في إحدى هاتين اللغتين. وقد أهدى إلينا في هذا الأيام كتاباً فرنسي العبارة وقع في 520 بقطع 16 وغايته تعليم الإفرنج لغتنا العربية ويضعها لهم على طرف الثمام. وقد طالعنا أكثر فصوله فوجدناه من خير ما ألف في هذا الموضوع، ولا نعجب بعد هذا إذا رأينا الكتاب ينتشر بسرعة بين متعلمي لغتنا من أبناء الغرب.

86 - إلى أين تذهب سورية (بالفرنسية) بقلم روبر دي بوبلان كثير من الناس يؤلفون التأليف المختلفة في البلاد من غير أن يكلفوا أنفسهم الذهاب إليها فيهفون هفوات تضحك الثكلى. أما صاحب هذا التأليف (وهو في 220 ص بقطع 12) فقد ذهب إلى مصر وسورية وكلم أناساً كثيرين في الموضوع الذي عالجه، فجاء لكلامه وقع حسن. وقد أقام عقوده على 21 فصلاً ولكل فصل عنوان جذاب. وهذا التصنيف يفيد السوريين كما يفيد كل من كان في بلاد عليها دولة مهيمنة. وقد وجدنا مقدمته من أحسن ما يطالع لأنه جمع فيها مختصر تأليفه. فلله دره! 87 - الألفاظ التركية في لغة دمشق العربية (بالفرنسية) تأليف أ. صوصه في جلق معهد فرنسي يعنى بإصدار (كشكول) أدبي يكتب فيه جماعة من جلة الأدباء. وقد أهدى إلينا الفاضل أ. صوصة رسالة له أدرجها في الكشكول المذكور، ثم طبعها على حدة فقدم إلينا منها نسخة، وقد طالعناها فرأينا صاحبها قد تعب في وضعها وعانى عناء عظيماً، فجاءت من أحسن التحف. والبحث يفيد جميع الديار التي كان فيها الترك فأثرت لغتهم فيها، أذن سررنا بهذه الهدية، ووجدناها حسنة. على أننا لا نوافق صاحبها في عدة مواطن، منها رأيه أن في التركية أحرفاً لا وجود لها في العربية الفصحى (راجع ص 13) منها الياء المثلثة النقط والفاء المثلثة والجيم المثلثة والكاف المثلثة فهو يظن أنها غريبة في اللغة الفصحى إذ لا وجود لها فيها. وهو وهم ظاهر وهمه كل من كتب في هذا المعنى. والذي نعلمه أن كل هذه الأحرف وغيرها كانت معروفة في عهد الجاهلية (راجع كتاب سيبويه 2: 452 إلى 455 من طبعة باريس) وكذلك قل عن أحرف العلة الممدودة والمقصورة التي ترى في التركية واللغات الأوربية مثل الفرنسيات فأنها كانت معروفة في أيام الجاهلية. وما على الباحث إلاَّ أن يأخذ بيده كتاباً في التجويد ليرى كل هذه الأحرف التي

ينكرها من لم يقف على الاهجية العربية في قديم عهدها. هذا من جهة بعض الأحرف وضروبها والتلفظ بها من صحيحة ومعلولة. وأما من جهة أصل بعض الكلم فأن المؤلف أصاب في كثير منها، وأخطأ في بعضها. فقد قال مثلاً أن البردقان تركية. مع أنها من البرتقال لأنهم جلبوه من تلك الديار (ص 10 و 29) ومن عادة العرب أن يحذفوا ياء النسبة في بعض الأحيان تخفيفاً مثل جهرمي وجهرم، رباحي ورباح، جهوري وجهور إلى غيرها (راجع لغة العرب 6: 72 و 73 والمزهر 2: 132 من طبعة بولاق) - وذكر في ص 12 - إن فعل شال يشيل بمعنى رفع يرفع من التركية من جالمق (كذا) بمعنى ضرب وقلب ورفع. ونحن لا نوافقه، لأن شال يشيل لغة عامية في شال يشول قال الأساس. أشال الميزان: ارتفعت إحدى كفتيه. . . وشالت الناقة: إذا رفعت ذنبها للقاح، وهي شائلة وهن شول (كسكر)، وشالت: إذا أرتفع لبنها وهي شائل وهن شول (بالفتح) أو شالت العقرب بذنبها، وشالت القربة والزق: ارتفعت قوائمها عند الملء أو النفخ أهـ إلى آخر ما هناك. وقال أن البكرة من التركية مكرة (22) وهذا لا يقبله عقل ولا نقل. والمشهور أن الترك تلقوا كلمتهم هذا عن العرب فهي أقدم من وجود الترك على وجه الأرض. وقال أن الباقة من الفرنسية وعندنا أنها أقدم من اتصال العرب بالإفرنج. - وقال أن الزنبرك من الفارسية ولو قال من العربية والفارسية معاً لكان أصح، لأن الزنبرك قصر لفظ الزنبورك من الزنبور والكاف للتصغير

أو للتكبير (راجع أصل هذه اللفظة في لغة العرب 6: 55 إلى 57). وهناك عشرات وعشرات من الألفاظ التي لا نسلم بأنها تركية الأصل ولا بفارسيته بل عربيته. والمقام لا يسمح سردها. ولعلنا نعود إلى هذا البحث إذا سنحت لنا فرصة. 88 - إرشاد الأريب إلى معرفة الأريب (تتمة) 1 - ورد في ص 20 عن أبي غانم محمد أبن أبي جراده قوله: (سمعت والدي يذكر فيما تأثره عن سلفه أن جدنا قدم من البصرة) ولم نجد ل (تأثر) محلاً هيناً لأن (التاء) طلبية كالسين ومثلها تاء (تخبر وتسقط وتقمم وتكسب) ومعناه (تطلب الآثار) وما ينقل عن السلف حكاية فلا تطلب آثاره لأن آثاره معلومة فالصواب (في ما يأثره) و (في ما أثره) من باب قتل وضرب أي (ينقله ونقله) فهو مأثور، قال في المختار: (ومنه حديث مأثور أي ينقله خلف عن سلف). 1 - وجاء في ص 28 قول القاضي هبة الله أحمد بن يحيى يذكر أباه ويفتخر: أنا أبن مستنبط القضايا ... وموضح المشكلات حلا وأبن المحازيب لم تعطل ... من الكتاب العزيز تتلى والصواب (المحاريب) بالراء المهملة جمع محراب، والإضافة تجوز بادق ارتباط بين المتضايفين ولذلك صح قول من قال (سرت في طريقي) وهو طريق الأمة فأين المحاريب من هذا الباب بل لا مانع من كون الكلام على تقدير مضاف محذوف وأصله (وأبن أهل المحاريب). 3 - وورد في ص 42: (وحسن أخلاقك الآي خصصت بها) والصواب (اللائى) بلامين. 4 - وجاء في ص 71: (وتهادوا أربه وافتخروا بالانتساب إليه) والصواب (أدبه) إذ لا معنى لتهادي أربه ههنا. وقد تقدم في ص 19 من الجزء الأول قول عبد الملك (ما الناس إلى شيء من العلوم أحوج منهم إلى إقامة ألسنتهم

التي بها يتحاورون ويتهادون الحكم). 5 - وورد في ص 14 ما صورته: (قال أبو الحسين علي بن سليمان الأخفس) وإنما هو (أبو الحسن) وفي هذا القضية نقص ثان هو أن العلامة مر كليوث لم يشر إلى ورود هذا الاسم في هذا الصفحة من فهرس البشر. 6 - ووقع في ص 94: (حدث الهيثم بن عدي قال: كنت عند عبد الله أبن عياش الهمداني. وعنده عوانة بن الحكم فذاكروا أمر النساء) والصواب: (فتذاكرا) و (فتذاكروا) لأن المفاعلة لا تستوجب المقابلة (راجع مقالتنا في تفانى من لغة العرب). 7 - وجاء في ص 109 في أبن دأب والشوكري: (إنما يروي لهؤلاء من يقول: قالت ستي ويدعو ربه من دفتر ويسبح بالحصى ويحلف محيت المصحف) فنقول لعل الأصل: (ويحلف بحياة المصحف) كناية عن حماقته وبلادته لأن القرآن لا حياة له حقيقة، ومما يؤكد أن مراده حماقة الراوي أن عبد الملك بن هلال كان عنده زنبيل مملوء حصى للتسبيح فكان يسبح بواحدة واحدة فإذا مل طرح اثنتين اثنتين، ثم ثلاثاً ثلاثاً فإذا أزداد ملله قبض قبضة وقال: سبحان الله عددك، فإذا ضجر أخذ بعرا الزنبيل وقلبه وقال: سبحان الله بعدد هذا. 8 - وجاء في ص 110: (إلى أن تداني الموت غير مذمم) والأصل (تدانى) ماضي (يتدانى). 9 - وورد في ص 122 قول أبي علي البصير: سمعت بأشعار الملوك فكلها ... إذا عض متنيه الثقات تأودوا والصواب: (الثقاف) وهو ما تعالج به القناة لتعتدل وتسمح، ولم نر من أجاز فيه التاء على الإبدال من الفاء. 10 - وفي ص 124 ورد بترجمة الفتح أبن خاقان الأشبيلي: (مات في حدود سنة 503) فعلق به العلامة مر كليوث (لعله يريد 533 أو أنه ولد في سنة 503) قلنا: أما الولادة المتكلفة فلا محل لها بعد (مات) وأما أنه أراد (533)

فتراجع لأجله كتب التراجم، ففي الوفيات لأبن خلكان أنه قتل سنة (535) أو (529). 11 - وفي ص 126: (ونظم تتمناه اللبات والنحور وتدعيه - مع نفاسة جوهرها - البحور) فعلق ب (تدعيع) ما حكايته: (لعله: لا تدعيه) قلنا: إن الأصل هو الصواب لأن إضافة (لا) النافية تستوجب ابتذاله، والمقام مقام مدح لا قدح والتفصيل (إن البحور (وهي ذات الجوهر النفيس) تدعي هذا النظم لنفاسته). 12 - وورد في ص 129: (وقنعني الزمان فلست آس) والصواب (آسى) مضارع (أسيت) بوزن فرحت. 13 - وجاء في ص 136 قول الشاعر (ماذا تفكره في رزقه بعد غد) والصواب (في رزق بعد غد) بحذف الهاء لأن القافية مكسورة والأصل (في رزق ما بعد غد) لكن الشاعر مضطر. 14 - وورد في ص 137: (مسخه كلباً وردنا حرباً) والأصل: (ردعنا حرباً) وقد تقدم مثله في تلك الصفحة. 15 - وورد في ص 142: (وحدث أبن ناقيا في كتاب ملح الممالحة) ولم تذكر هذه الكنية في الفهرست ولا أشار مر كليوث إلى أسمه في الحاشية - كعادته - فهو عبد الله (راجع لغة العرب 8: 233، 495) وقيل عبد الباقي وكلاهما في الوفيات لأبن خلكان). 16 - وفي ص 148: (فانحازا عنه. . . وبعثا إلى أبي الحسن. . . وكان يتولى إمارة نيسابور يستجديانه ويستعينانه) قلنا: والصواب (يستنجدانه) من النجدة لا من الجدوى، وما انبى هذا الموضوع بالاستجداء! 17 - وجاء في ص 161: (ومجلساً بطراحة سوداء إلى جانبه) ومن المعروف في اللباس (طرحة) بوزن (طلحة) وهي الطيلسان للمدرسين، ورد في حوادث رجب من سنة 626 من الحوادث الجامعة (وفيه أستدعي شهاب الدين محمود بن أحمد الزنجاني

مدرس النظامية إلى دار الوزارة فأخذ وهو على السدة يذكر الدروس، وعزل وتوجه إلى داره بغير طرحة) وفي حوادث سنة 638 منها ما نصه: (وفيها رتب القاضي أبو محمد عبد الله البادرائي مدرساً بالمدرسة النظامية وخلع عليه وأقر على خزن الكتب بخزانة الخليفة وأذن له أن يدخل المدرسة بطرحة أسوة بالمدرسين). 18 - وفي ص 168: (ديوان السلطان وهو منغص بذوي الفضل) والمعروف (مغتص) أسم فاعل من (أغتص) بمعنى ضاق. 19 - وفي ص 77: (واستشيار الشهيد) فعل الأصل: (واشتيار الشهد) مصدر اشتار الشهد أي جناه. 20 - وفي ص 181: (بما يمثل له عقيدتي، ويطلعه على تخيله مودتي) فعلق به (لعله: يطلع) ولا نرى التعليق مناسباً له بل فيه فساد العبارة بحيث لا يمكن توجيهها أبداً، فالصواب الأصل والمراد به: (ويقدره على تصوره مودتي ويمكنه منه) وهذا هو معنى الاطلاع هنا. مصطفى جواد 89 - كلمة تتعلق برسالتي الجاحظ نقل رسالة تفضيل بني هاشم، والرسالة الأخرى في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام، علي بن عيسى بن أبي الفتح الأربلي في كتابه كشف الغمة في معرفة الأئمة. وقد طبع هذا الكتاب في طهران في سنة 1294هـ. وقد ذكر علي بن عيسى في آخر رسالة تفضيل بني هاشم: (تمت الرسالة وهي بخط عبد الله بن حسن الطبري). وقال في الرسالة الثانية ما نصه: (ووقع إلى رسالة أخرى من كلامه (الجاحظ) أيضاً في التفضيل أثبتهما أيضاً مختصراً ألفاظهما وترجمتهما: (رسالة أبي عثمن عمرو بن بحر الجاحظ في الترجيح والتفضيل، نسخت من مجموع للأمير أبي محمد بن عيسى بن المقتدر بالله.) قال: هذا كتاب من أعتزل الشك والشن إلى آخر عباراته في الرسالة الثانية وفي آخره هذا آخر رسالة أبي عثمن عمرو بن بحر الجاحظ. زنجان (إيران): فضل الله الزنجاني

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - محاضرات في الاجتماعيات الإسلامية وصل إلينا من كلية فرنسة المعروفة باسم (كوليج دفرانس) منهج الدروس الاجتماعية الإسلامية التي تدرس منذ 11 شباط 931 فإذا هو كما يأتي: 1 - دروس نهار السبت في الساعة 10 وربع (في ردهة 5) منهج الدروس الخمسة عشر الشيعة خلال القرون: منزلتها المذهبية والاجتماعية منزلة أقلية الشرعية 1 - دروس الافتتاح (نهار الأربعاء). 2 - تقسيم البلدان بالنظر إلى مراكز الشيعة 3 - أسس كتب الشيعة. 4 - جدول تاريخي لفروع الشيعة. 5 - إلى 8 الأصول النفيسة: تدبر وتروي الجماعة. أ - في حقوق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب للخلافة. ب - في فاجعة كربلاء. ج - فوز العدل في آخر الأمر وحركة القرامطة. 9 إلى 13 المبتدعات المذهبية ومشاهير الشيعة من الزيديين إلى الإخباريين والأصوليين. 14 و16 مديح الشيعة الحاليين. 2 - دروس نهار الأربعاء في الساعة 10 ونصف (في ردهة 5). منهج الدروس الخمسة عشر مماسة ومشادة الصوفية وحب المجاملة في تاريخ الفكرة الإسلامية. 1 - مدخل البحث والكتب المعتمد عليها. 2 - محاولة النظر في التصوف وعباراتها العشيقة ورذلها لاعتبارها مانوية. 3 - أثر الرواية الخيالية البادية في نظم الشعراء المدنيين. 4 - فكرة أبي حمزة في الحب الشهواني وتهدئة الأفكار بها وأنها مكملة للنفس الواقفة لخدمة الله.

5 إلى 8. تحليل كتاب الزهرة لابن داود وهو مصحف الحب المجامل الإسلامي (مستل من نصوصنا غير المطبوعة سنة 1929 من ص 232 إلى ص 240) كراهية صاحبها للحب الصوفي الحلاجي). 9 - محاولة الجمع بينه وبين الفلسفة المنتمية إلى ابن سينا. 10 - الموضوع الشعري المؤتم الذي يوحد الغيبة الإلهية والسكر الدنيوي في الآداب الإسلامية. 11 - نظرية آسن بلاثيوس في التأثير في الأدب الخيالي: دنته وابن عربي. 12 - الصدق التقوي والرموز الإسلامية عند ابن الفارض وحافظ. 13 - كره فكره المسلمين المعاصرين للرموز الصوفية في الشعر وهذا الكره لا يزال في نمو. 2 - الإنعام بوسام الرافدين على السر ساسون أفندي حسقيل أدب جلالة ملكنا المعظم مأدبة للنواب والأعيان عند انتهاء اجتماع مجلس الأمة، وفي نهايتها انعم جلالته على معالي السر ساسون أفندي حسقيل وزير المالية السابق ونائب بغداد الآن بوسام الرافدين من الدرجة الثانية ومن النوع المدني ولساسون أفندي مكانة سامية في البلاد لما تحلى به من الأخلاق الطيبة وما أظهره من المقدرة الكبيرة في الشؤون التي تقلد إدارتها، وما له من سعة الاطلاع على آداب الشرقيين والغربيين ولغاتهم. 3 - مدير الداخلية العام صدرت الإرادة الملكية بتعيين سعادة عبد الله بك الصانع لوظيفة مديرية الأمور الداخلية العامة التي كان يشغلها سعادته بالوكالة، فنهنئه بهذا الرقي الذي يستحقه. 4 - ملاحظ مكتب المطبوعات صدر أمر وزارة الداخلية بنقل الأستاذ الفاضل علي أفندي الخطيب إلى رئاسة كتاب ديوان مجلس الوزراء بدلا من الأستاذ الفاضل إبراهيم حلمي أفندي العمر الذي عين ملاحظاً لمكتب المطبوعات وبقدر ما نأسف لفراق الأستاذ الخطيب نستقبل الأديب إبراهيم حلمي أفندي بالترحيب اللائق بأدبه. فإننا نعرف مقدرته العلمية والأدبية والسياسية منذ سنة 1910. ونحن نذكر للأستاذ الخطيب خدماته نافعة للصحافة العراقية، ونأمل من خلفه أن يجري على منواله ولا سيما

انه من رجال الصحافة المشهود لهم بطول الباع. 5 - اعتصاب البغداديين مدة أربعة عشر يوماً جددت الحكومة الضرائب التي كان قد وضعها الحاكم العسكري بلفور في أيام الاحتلال، إلاَّ أن الحكومة العراقية خفضتها، لكي لا تكون عبئاً ثقيلاً على الأهالي. بيد أن أصحاب المهن والحرف احتجوا عليها فأغلقوا دكاكينهم وحوانيتهم ومخازنهم - حتى الأجانب أنفسهم - مدة أربعة عشر يوماً. وبعد تلك المدة قدم رئيس الوزراء من رحلته إلى أوربة واعمل الفكرة في تلك الضرائب ورأى أن البيئة الحالية لا تحتمل هذا الإرهاق فأزال كثيراً منها وخفف أخر ووضع بعض أحكام تردع المخالفين، فزال ذلك الكابوس عن الصدور بعد أن كلف هذا الإضراب خسارة نحو نصف مليون ربية في كل يوم للحكومة وللأهالي معاً. وذلك في نظر بعض العارفين والبصراء في أمور الاقتصاد والتوفير وعسى أن لا ترى بلادنا مثل هذه الخسائر الساحقة. نعم في ديار الإفرنج يرى مثل هذا الأعتصاب أو الإضراب، لكن هناك نقابات وشركات تدفع إلى كل عامل ربحه اليومي، أما عندنا فالأمر غير معروف. ولهذا كانت الأضرار هائلة النتاج للحكومة وللأهالي. على أننا نقول بحق وصدق أن الذين أداروا هذا الأمر اظهروا من المقدرة والقوة والذكاء وحفظ السلم والأمن ما شهد لهم الإفرنج العائشون في هذا البلد الأمين واقروا بما لهذه الرؤوس من الدهاء وحسن السياسة ما لا مثيل لهم في سائر ديار الشرق. 6 - تسليم محمود خان دزلي واعتقاله في بغداد من القبائل القوية الشكيمة الدائمة على التمرد والعصيان في إيران، عشيرة هورامان. ويسمي زعماؤها أنفسهم بالسلاطين، ومن هؤلاء السلاطين (محمود خان) زعيم عشيرة دزلي، التي هي فرع من قبيلة الهورامان. وهذا السلطان كباقي سلاطين هذه القبيلة، دائم التمرد والعصيان على الحكومة الإيرانية التي شمرت ساعدها في هذه الآونة للقضاء عليه. فأرسلت قواتها إلى منطقته فضايقته وسدت في وجهه السبل، ولما وجد أن لا مناص له من الفرار حاول اجتياز الحدود العراقية الإيرانية ولكن

تصدى له الجيش العراقي وسد عليه منافذ المرور، فاضطر السلطان محمود خان إلى التسليم إلى الجيش العراقي من غير قيد ولا شرط، فنقل إلى السليمانية ومنها إلى كركوك، فإلى بغداد وقد وصل إليها في مساء أول حزيران. 7 - التنكيل بسلطان آخر من سلاطين هورامان وافت الأنباء تفيد أن قوات الحكومة الإيرانية تثابر على أعمالها العسكرية للقضاء على حركة العصيان في قبيلة هورامان، فضيقت الخناق على سلطان آخر من سلاطين هذه القبيلة هو (جعفر سلطان) رئيس عشيرة (لهون) التابعة لقبيلة هورامان وتمكنت تلك القوات من محاصرة عاصمته (توسوت) لكنه تمكن من الهرب، وحاول اجتياز الحدود العراقية، إلاَّ أن الجيش العراقي المرابط في تلك الجهات سد عليه السبل فظل شريداً في تلك الاصقاع، ويتوقع أن يكون نصيبه نصيب محمود خان سلطان عشيرة دزلي. 8 - قناصل عامون للعراق في الدول الأجنبية لما كانت المفوضيات العراقية الملكية في لندن وأنقرة وطهران تقوم في نفس الوقت بالشؤون القنصلية فقد خول وزير الخارجية أصحاب الفخامة والمعالي جعفر باشا العسكري المندوب فوق العادة الوزير المفوض في لندن وناجي شوكت بك المندوب فوق العادة الوزير المفوض في أنقرة وتوفيق بك السويدي المندوب فوق العادة الوزير المفوض في طهران القيام بمهام قناصل عامين للعراق في إنكلترة وتركية وإيران علاوة على وظائفهم الأصلية. 9 - قائم مقام قضاء سنجار عين جميل أفندي عبد الكريم مفتش الطابو السابق قائم مقام لقضاء سنجار في لواء الموصل وتسلم أعمال وظيفته في 1 (أيار) مايو 931 قبل الظهر. 10 - مدير ناحية اليوسفية عين احمد أفندي الشويش مديراً لناحية اليوسفية في لواء بغداد بدلا عن مصطفى أفندي الطرابلسي (المسحوب اليد) وقد تسلم أعمال وظيفته في 11 نيسان سنة 1931 قبل الظهر. 11 - فوز الجيش العراقي في المنطقة الشمالية سلمت جميع العشائر التي كانت موالية للشيخ محمود وغيره تلك العشائر التي كان دأبها الذعارة وتعكير صفو الأمن والسكينة في المنطقة الشمالية

في العراق إلى الجيش العراقي من غير قيد ولا شرط فقطعت الحكومة بذلك دابر نظام الأفدان في كردستان. 12 - البعثة العلمية العراقية تهتم الحكومة الآن بانتقاء أعضاء البعثة العلمية لهذه السنة وقد قررت أن يكون عدد أعضائها 75 طالباً يتخصصون في مختلف الفروع العلمية بحسب احتياج الدوائر الرسمية. وقد عنيت مختلف الوزارات العدد الذي يصيبها من هذه البعثة وقد بلغنا أن وزارة الاقتصاد والمواصلات جعلت عدد مبعوثيها لهذه السنة 17 طالباً ولم يتصل بنا العدد المعين لكل وزارة ولكن علمنا أن العدد الأكبر يصيب وزارة المعارف وستنتهي الحكومة من أعداد هذه البعثة في شهر آب الحالي وستخصص لها المال الكافي من مدخول النفط. 13 - قدم الحضارة في أور وآثارها لما جاء المستر وولي عائداً من أور كان معه ثلاثون صندوقاً كبيراً فياه آجر مكتوب عليه بالخط المسماري حوادث وأنباء تاريخها يعود إلى قبل 4000 سنة. وبين هذه الألواح كتب مدرسية وحسابات للتجار ورسائل غرامية. ويتوقع أن يعرف كلها في هذه الألواح وحقيقة سكان تلك الحاضرة العظمى وما كانوا يعالجونه بلوغاً إلى أمور معيشتهم. ويأمل أن يكون في وسعه وضع تصنيف يبحث نعم البحث عن تلك الحاضرة وتاريخها منذ أن غادرها أصحابها قبل المسيح بألفي سنة، وقد أصاب ألفي لوح من هذا الجنس في مدرسة قديمة كان يديرها أحد الرهبان وقد انجلى أنه كان لرئيس هذه المدرسة 12 طالباً يدرسون الرياضيات ويحررون مواضيع أدبية. وكانت هذه المنتخبات تدون على ألواح مستديرة. أما سائر الدروس فكانت تدون على ألواح مستطيلة. وكان طول بعض هذه الدواوين المدرسية 18 إصبعاً وسيحاول تبويب تلك الكتب وتصنيفها على ما كانت العادة متبعة فيه عندئذ. وقد وجد في دار أخرى أن صاحبها كان حناطاً (يتاجر بالحبوب والقطاني) ويسلف الدراهم ويبيع الألبسة المهيأة. والقي في تلك الدار رسالة إلى ذلك الحناط وارده إليه من تاجر سائح في بلد بعيد يتذمر فيها لأنه لم يتلق جواباً لرسائله الخمس الباقية. ويقول المستر وولي أنه لم يتسن له درس تلك العادات درساً محكماً.

ومن المحتمل أنه يصيب أشياء غيرها ثمينة جداً. وقد أخذت جميع هذه الألواح إلى إنكلترا لأنعام النظر فيها وفي محتوياتها. وبعد ذلك يعاد نصفها إلى المتحفة العراقية في بغداد والربع الثالث يبقى في دار التحف البريطانية والربع الرابع يرسل إلى بنسلفانية في أمريكا. ولا يقام معرض للآثار العراقية الأوربية في لندن في هذه السنة. لأن المستر وولي به حاجة إلى تدقيق النظر في الآجر والألواح التي وفق للعثور عليها قبل عودته إلى أور. (ملخصة عن بغداد تيمس) 14 - كثرة الحرائق في بغداد كثرت الحرائق في بغداد ولا سيما في شهر تموز من أوله إلى آخره. وأغلب هذه الحرائق وقعت في الأملاك المضمونة. ففندق مود الذي هو على الجهة اليمنى من دجلة مضمون ومؤمن عليه وتبلغ خسائره زهاء ستين ألف ربية. وخان مخزوم أو (أبو النخلة) هو بقرب جامع مرجان وقد احترق في 21 تموز (يوليو) وتقدر خسائره بمائة وعشرين ألف ربية. واكثر ما فيه مؤمن عليه. وقد قبضت الشرطة على حارس الخان المدعو (حسين خدايار) ويقال أن هذا الخان مضمون بمائة وأربعين ألف ربية لدى شركة لمزدن كرين وكذلك يقال عن فندق مود أنه مضمون عند هذه الشركة. 15 - دخل المكوس في شهر أيار بلغ مجموع دخل دائرة الكمرك خلال شهر أيار الماضي (سنة 1931) مبلغاً قدره 1. 957. 862 ربية و3 آنات (هذه الآنات تدل على ما في هذه الدائرة من الضبط الذي ما وراءه دقة). وكان مجموع دخل هذا الشهر من السنة الماضية ما قدره 1. 870. 317 و13 آنة. 16 - استخراج النفط من البحرين بدأت الشركة الإنكليزية الإيرانية استخراج النفط من (جبل الدخان) في جزيرة البحرين، وقد فتحت إلى الآن ثلاث آبار غزيرة المادة. 17 - التلفون الجديد في العاصمة كانت مديرية البرق والبريد تعنى بإصلاح التلفون في العاصمة وإبدال أجهزته البالية بأدوات فاخرة حديثة الصنع، وقد تم هذا المسعى وأسست المديرية المذكورة مركزاً لتبادل التلفون

والبناء فخم يليق بالحكومة وهو بازاء بناية دائرة المكس. وقد كان يضطر الواحد من المتلفنين أن يطلب مركز السراي (دار الحكومة أو الصرح) ليكلم صاحبه فيفتح هذا المركز الخط على الجهة المطلوبة، وبهذه الطريقة المعيبة الملتوية كانت تجري المخاطبة بالتلفون وهي كما ترى طريقة مرتبكة مضيعة للوقت والراحة. أما بعد الآن فأن التلفون الحديث أزال كل هذه الصعوبات وحصر التفاهم في مركز واحد.

العدد 94

العدد 94 - بتاريخ: 01 - 09 - 1931 المشعشعيون ومهديهم المشعشعيون ما أكثر الذين كتبوا عن تاريخ العراق وملوكه وخلفائه ودوله! لكن ما أقل الذين أحاطوا بهذا الموضوع ووفوه حقه من التحقيق والتدقيق. فلقد ألف الأجانب كتباً عديدة وضخمة ومع ذلك لم يذكروا فيها كلمة واحدة تتعلق بالمشعشعين مع أنهم كانوا من الذين نبه ذكرهم مدة مائتي سنة في قسم من أرض البطائح الذي سمي بعد ذلك باسم (المشعشع) أي أرض المشعشع. وقد بحثنا في المؤلفات الإفرنجية التاريخية التي تعني بديار الرافدين فلم نجد فيها أدنى ذكر لدولة المشعشعين. وكذلك قل عن الكتب التي صنفها أبناء الناطقين بالضاد في هذا القرن الأخير. ولا نشك في أن الفرس والترك عالجوا هذا البحث ووفوه حقه من السعة والصحة، إلا أن هذه المؤلفات ليست بين أيدينا، فطلبنا إلى صديقنا الوفي الأستاذ مصطفى جواد أن يكتب مقالاً عن هذا الموضوع، فدفعه إلينا على ما يأتي بعد أن اقترحناه عليه باثنتي عشر ساعة فنمحضه الشكر والثناء على ما أتحفنا به، ولعل بين القراء من يتمم البحث فنسدي إليه كذلك الشكر والثناء. (لغة العرب) إن للمهدوية في تاريخ الإسلام لشأناً كبيراً وتأثيراً بعيد الغور وقد ذكرنا في مقالة الرايات (9: 573 وما يليها) أنه قد روي عن رسول الله محمد - ص - بطرق مختلفة خروج واحد من ولده يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما

وجورا. وتصرف الناس في هذا الحديث وغيره مما يؤيده، ألا ترى الحافظ السني أبا نعيم الفضل دكين أخرج عن ثوبان قول النبي - ص -: (إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان، فأتوها ولو حبواُ على الثلج، فأن فيها خليفة الله المهدي) ولكن الناظر بعين الإنصاف، والمتبصر ببصيرة التحقيق يرى أن هذا الحديث من مولدات العباسيين. لا يجاب معونتهم على الناس لأن قوله: (حبواً على الثلج) يفرض عليهم استفراغ الطاقة، واستنفاد المجهود في النصرة والمسارعة، وإلا فقد جاءت راياتهم السود وانقرضت دولتهم. واخرج الروياني والطبراني وغيرهما: (المهدي من ولدي، وجهه كالكوب الدري، اللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي (أي طويل)، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا. وعن ابن شيرويه: (كالقمر الدري) وزيادة (يرضى بخلافته أخل السموات والأرض، والطير في الجو، يملك عشر سنين). والتعميم الغالب في هذه الأحاديث، قد فتح باب اجتهاد لكثير من السادة العلوية وأدعياء النسب العلوي في الثورة على دولة زمانهم، وحجة كل ثائر أنه صاحب الزمان، والقائم المنتظر، فاختلط الصادق بالكاذب، وافسد الكثير من أرض الله، بدالة المهدوية، وافتيات المصلحية. ومن هؤلاء هذا المهدي المشعشع وخلفاؤه ولكنه ليس بمهدي. والمشعشعيون الذين علونا مقالتنا باسمهم منسوب إلى (المشعشع) اسم فاعل من (شعشع نوره) أي انتشر وسطع وهو مبالغة من (شع) أي انتشر واتسع، والعامة بالعراق اليوم تطلق لفظ (المشعشع) على كل خفيف ومتحرك غر، للاحتقار والاستخفاف، ولكنهم يلفظونه باسم المفعول، يقولن ذلك كما يقولون لكل كريم جواد (برمكي) ولكل نظيف وضاء (نازوكي) نسبة إلى البرامكة ونازوك. ولعله لقب بالمشعشع موافقة لما في الحديث المتقدم من أن وجهه كالكوكب الدري، فمن صفات المهدي الشعشعة. وذكر محمد باقر الخونساري في ترجمة الشيخ احمد بن فهد الحلي المتوفى سنة (841) أن من تلامذته السيد محمد بن فلاح بن محمد الموسوي الحسيني. وهو

من أجداد السيد خلف بن عبد المطلب الشوشتري الحويزي المشعشي، ثم قال: (وقد كان هذا السيد محمد الملقب بالمهدي مشتهرا بمعرفة العلوم الغربية. وأنه أخذ ذلك من أستاذه ابن فهد الحلي المذكور)، وقال في ترجمة خلف المذكور (ابن السيد عبد المطلب بن السيد حيدر بن السيد محسن بن السيد محمد الملقب بالمهدي ابن فلاح الموسوي الحويزي المشعشي. قيل أن المشعشي هو من ألقاب علي ابن محمد بن فلاح الذي كان حاكما بالجزائر (جزيرة واسط وما جاورها) والبصرة ونهب المشهدين المقدسين (مشهد الحسين وأبيه - ع -) وقتل أهلهما قتلا ذريعاً وأسر من بقي منهم إلى داري ملكه البصرة والجزائر في صفر سنة ثمان وخمسمائة (كذا والصواب سنة 857) والمشهور أن طائفة من المشعشعين الغاليين يأكلون السيوف - كما في الرياض قال -: (وقد جاء واحد من جماعتهم في عصرنا (أول القرن الثاني عشر للهجرة) إلى حضرة السلطان وفعل ذلك بحضرة من المتصلين بخدمته، ولم ادر ما معنى هذا الكلام.) قلنا: أما أكلهم السيوف فظاهره أنه الشعبذة بإدخالها في اجوافهم من أفواههم - كما رأينا من المشعوذين - وأما لقب المشعشع فتحقيقه أنه لمحمد بن فلاح ثم أنتقل إلى ابنه السيد سلطان علي المذكور فقد وجدناه في مقدمة التاريخ الغياثي ما صورته: (في ظهور السيد محمد بن فلاح المعروف بالمشعشع وعددهم أربعة نفر ومدة حكمهم في الجزائر إلى غاية سنة إحدى وتسعمائة) وقال في التقسيم: (الفصل السادس في ذكر السيد محمد المشتهر بالمشعشع) ولكنا لم نجد هذا الفصل لأن

النسخة ناقصة. فالمشعشع لقب محمد بن فلاح أولا. ونقل في ص 21 من روضات الجنات عن محمد المشعشع قول بعضهم: (وقد ألف ابن فهد المذكور له (لمحمد المشعشع) رسالة. . . ذكر فيها وصايا له ومن جملة ما ذكر فيها أنه سيظهر الشاه إسماعيل الصفوي حيث أخبر أمير المؤمنين يوم حرب صفين بعد ما قتل عمار بن ياسر ببعض الملاحم من خروج جنكيز خان وظهور الشاه إسماعيل الماضي، ولذلك قد وصى ابن فهد في تلك الرسالة بلزوم إطاعة ولاة الحويزة ممن أدرك زمن الشاه إسماعيل المذكور لذلك السلطان لظهور حقيقته وبهور غلبته). قلنا: وهذه الوصية - إن صح تفصيلها في الأسماء - من الأسباب التي السيد محمد بن فلاح على أن يكون مهدياً إيثاراً لنفسه على غيره وكثيراً ما ينتبه النائمون بأخف أيقاظ ولا سيما اليقظة التي تشعشع بالدين وتمزج بالعقيدة أياً كانت. وأني لم أعثر على زمن خروج محمد بن فلاح المشعشع، وقد تقدم أن وفاة أستاذه محمد بن فهد سنة (841). لكن ذكر الغياث عبد الله بن فتح الله في تاريخه أنه بعد سنة (842) هـ رجع أسبان (بن قرا يوسف التركماني) من اربل إلى بغداد وكان قد ظهر المشعشع واخذ الجزائر، فتوجه أسبان إلى الغراف وفيها غلة عظيمة فأكلوها وبنوا قلعة (بندوان) على فم (المجنبية) ونقل أسبان الغلة على كل فارس حمل فادخلوها القلعة وترك الأمير (محمد بن شي لله) والأمير الحاج مبارك بتلك القلعة وتوجه إلى (واسط) ومن واسط إلى بغداد. فسار المشعشع على قلعة بندوان وحاصرها وخرج إليه الحاج مبارك وعسكره بثلاثمائة فارس فقتل منهم مقتلة عظيمة فانكسروا وراحوا إلى الجزائر. ثم توجه المشعشع مرة أخرى بعسكر عظيم ما كان

لهم به طاقة ففروا وتركوا القلعة وتوجهوا إلى واسط فساروا خلفهم، فخرج إليهم عيسى بك والحاج مبارك ومحمد بن شي الله وقتلوا فيهم مقتلة عظيمة وأرسلوا بالرؤوس إلى بغداد وطلبوا (أسبان) إليهم فتوجه إلى واسط وأقام بها شهرين وكان هرب مع المشعشع عشرون ألف بيت ودوابهم حوالي واسط فوقع فيهم الوباء فلم يغادر منهم أحداً ثم أرسل أسبان عيسى بك إلى الجزيرة لينظر أخبار المشعشع فرآه قد حط على (الوزيرة) يحاصرها وبينما هو في بعض المواضع إذ رأى شخصين من الحويزة فلما رأياه قالا: (قد جئنا إلى أسبان بمفاتيح الحويزة ليجيء فيملكها ويخلصنا من هذا الكافر) فجاء بهما إلى واسط عند أسبان وقص له الأمر فعزم أسبان على الذهاب إلى الحويزة لما فيها من الأموال وكان واليها يسمى (أبا الخير) وقد تركها وأنهزم ورعاياها تحصنوا بالأسوار ليمنعوا المشعشع عن أنفسهم فلما وصل أسبان الحويزة دخل المشعشع الدوب (وهو موضع ذو قصب ومياه لا يقدر عليه) وجاء أكابر الحويزة إلى أسبان بمفاتيح البلد. فدخل أسبان المدينة وأخذ من أهلها (مال الأموال) أي أجرة حمايتهم حتى لم يبق شيئا من المال عند أحد ورحل عن الحويزة ورحل أهلها جميعاً معه وعبر (شط العرب) وحط على (الركية) وفي رواية الزكية بزاي في الأول من البصرة ثم قبضوا على شخص قد أرسله المشعشع إلى البصرة برسالة في يده مكتوبة إلى غانم بن يحيى حاكم البصرة فيها (أنت من ذلك الطرف وأنا من هذا الطرف نأخذ أسبان في الوسط ونقتله في الحال). قال الغياث: (لم يكذب أسبان الخبر وقتل ذلك القاصد ورحل على طريق مشهد علي وكان طريقاً صعباً ووقع فيهم الجوع وقلة الطعام فمات من الجوع والعطش والتعب خلق كثير من أهل الحويزة ووصل أسبان إلى بغداد فمكث مدة ستة أشهر ومرض مرضاَ شديداً. . . فمات سنة (ثمان وأربعون وثمانمائة) فكان مدة حكمه ببغداد اثنتي عشر سنة، ودفن داخل المدينة على جانب دجلة بباغجة عيش خانة وكان قد بنى القبة قبل تاريخ موته بقليل وزرع جميع تلك الباغ (أي جميع ذلك البستان)

عنباً وسمياً إلى هذا التاريخ). وبعدما دخل بير بوداق بن جهان شاه بغداد وذلك نهار السبت 11 رمضان سنة (852) بستة أشهر خرج الوند بن أسكندر بن قرا يوسف التركماني من قلعة فولاذ يريد الاتصال بالمشعشع فأرسل إليه بير بوداق عسكر فلم يظفروا به وانضم إلى المشعشع السيد سلطان علي بن محمد بن فلاح المشعشع ثم نرى عبد الله بن فتح يصرح باسم المهدي الجديد ويسميه (السلطان علي) فهو ابن محمد بن فلاح المشعشع الأول قال: (فلما كان موسم الحاج والحاج قد توجه من بغداد وحط بالمشهد الشريف الغروي وذلك يوم السبت غرة ذي القعدة سنة (857) خرج عليهم (السلطان علي) بعساكره فأحاط بهم وقتلهم إلى أخرهم ونهب أموالهم ودوابهم وجمالهم وأخذ (المحمل) والآية المذهبة والقماش ونجا ناس قلائل وكانوا قد سبقوا ودخلوا المشهد وحاصر السادة في حطيم المشهد فأرسلوا يتضرعون إليه فطلب منهم القناديل والسيوف وكانت خزائن السيوف من سبعمائة سنة تجتمع فيها السيوف جميع سيوف الصحابة والسلاطين، كما مات سلطان أو خليفة بالعراق يحمل سيفه إليها فأرسلوا إليه مائة وخمسين سيفاً واثني عشر قنديلاً. ستة منها ذهب وستة قناديل فضة. فأرسلوا إليه من بغداد عسكراً (كان والي بغداد السيد محمود من قبل بير بوداق) مقدمهم (دوه بك) وأنضم إليه (بسطام) حاكم الحلة بأجاود عساكر بغداد، فبما وصلوا إليه وكانوا النسبة إلى عسكره قليلين فانضم عليهم عسكره فلم يخرج منهم سوى (دوه) فانه لما أحاطوا به قبض على الفرس. فقام رجل من الرجالة

وضرب بالسيف أرجل فرسه يريد أن يعرقبه فلم يقطع السيف وفز الفرس من حر الضرب فأخرجه منهم فمر هارباً، فلما كسر العسكر وقتلهم توجه إلى (الحلة) فانكسرت أهل الحلة وتوجه إلى (بسطام) شحنة الحلة وجميع أهل الحلة إلى بغداد، الذي قدر على مركوب ركب والباقي رجالة، الرجال والنساء والأطفال بحيث هلك منهم خلق كثير من التزاحم على العبور من شط الحلة وبعضهم في الطريق من التعب والجوع والعطش فانهم قد خرجوا بغير زاد ولكن من لطف الله على عباده أنه كان الفصل بارداً فانه كان 3 تشرين الثاني فلو كان حرا ما نجا منهم إلا القليل، والذي تخلف في الحلة قتل، ودخل السلطان على الحلة بتاريخ خامس الشهر (ذي القعدة) ونقل أموال الحلة والمشهدين إلى البصرة. وأحرق الحلة، وأخربها وقتل من تبقى فيها من الناس، مكث فيها ثمانية عشر يوماً، ورحل يوم الأحد 23 ذي القعدة إلى المشهد الغروي والحائري ففتحوا له الأبواب ودخل؛ فأخذ ما تبقى من القناديل والسيوف ورونق المشاهد جميعها من الطوس والأعتاب والفضة والستور والزلالي وغير ذلك ودخل بالفرس إلى داخل الضريح وأمر بكسر الصندوق، وإحراقه، فكسر وأحرق (يا له من سيد علوي) ونقل أهل المشهدين من السادات وغيرهم ببيوتهم) وقد قدمنا أنه نقلهم إلى البصرة والجزائر. وفي سنة (860) توجه السلطان علي المشعشع هذا إلى (مهروذ) وطريق خراسان من ولاية بغداد ونهب وقتل الذراري والنساء وأحرق الغلات وكان ذلك يوم الأربعاء 20 جمادى الآخرة من السنة المذكورة ومكث تسعة أيام: ثلاثة أيام ببعقوبا، وثلاثة أيام من بعقوبا إلى (سلمان الفارسي) وثلاثة

أيام بسلمان الفارسي، وقتل مشايخ سلمان الفارسي وأسر الباقين، وفي هذه الوقعة غرق (عمر سر خان) (ورد أيضاً سورغان) فأنه كان لا يعرف السباحة وكان معه شخص يقال له (مقصود باشا) يعرف السباحة فلما ادركتهم الخيالة وقدامهم شط ديالى ومن ورائهم الرماح ألقوا بأنفسهم إلى ديالى فغرق عمر سرخان وخرج فرسه حياً ونجا مقصود وهلك فرسه، ورحل المشعشع بعد ثلاثة أيام (كما تقدم) ولم يعبر ديالى ولم يخرج إليه أحد من بغداد ولما سمع (جهان شاه) بذلك أرسل (علي شكر) إلى أطراف ولاية العراق بعساكر عظيمة فوصل يوم الأربعاء 16 محرم سنة 861 فمكث مدة ورحل. وفي سنة (861 هـ) أيضاً استولى (علي المشعشع) على (الرماحية) وبنى قربها حصناً للحماية، ذكر ذلك بعض مؤرخي الدولة الأيلخانية في العراق وحكاه التستري صاحب مجالس المؤمنين بالفارسية. ثم سار المشعشع وحاصر (بهبهان) وكان ذات يوم يسبح مع ثلاثة أمراء في النهر الذي تحت القلعة تحت سدرة فنزل شخص من القلعة وهم لا يرونه يسمى (محمود بهرام) فوقف عنهم قريباً فسلم عليهم فقالوا: من أنت؟ قال: إني هارب من القلعة وأريد الانضمام إلى معسكر السلطان. ووقف حتى خرجوا من الماء فرأى الثلاثة يخدمون الرابع فتحقق أنه السلطان فمد قوس ورماه به (ياسيج؟) فخرقه من حالبه إلى وركه ومر هارباً وصعد القلعة، فحمل المشعشع وليس به حراك ووضع في الخيمة وهو في حال رديئة، وفي تلك الحال راحت الأخبار إلى (بير بوداق) بأن السلطان علي المشعشع مجروح ومحاصر لقلعة بهبهان فتوجه إليه فلما تراءى عسكر بير بوداق لهم ورأوا غباره أخبروا السلطان علي بذلك فقال: (وجوههم) فركبوا إليهم وهجموا على بير بوداق فكسروه أول مرة، ولكن وصل (بير قلي) إليه بعسكره فكسروا المشعشعيين وقتلوهم إلى الحويزة ووصل شخص إلى خيمة السلطان علي المشعشع فرآه نائماً فحز رأسه لم يعلم من هو. وكان وزيره (ابن دلامة) مأسوراً فعرف رأس المشعشع وفتشوا عن الجثة فحصلوها، وسلخوها وحشوها تبناً وأرسلوا بهذا البو البشري

إلى بغداد وبالرأس إلى جهان شاه، ودخل جلدة بغداد في 16 جمادى الآخرة سنة (861). وقال الغياث في ترجمة بير محمد التواجي والي بغداد من قبل جهان شاه المتوفى سنة (873) الحاكم ببغداد من سنة (870) ما صورته: (وفي أيامه تملكوا (كذا) المشعشعون الحلة). قلنا: ثم أخذت منهم الحلة على ما دلت عليه الحوادث لان حسن علي بن زينل والي بغداد بعد (بير محمد التواجي) أعطى الحلة ابن قرا موسى، ذكر ذلك الغياث أيضاً. فالمشعشعيون بعد تلك الانكسارة ترأس عليهم مشعشع ثالث فهو الذي استولى على الحلة. وفي غرة جمادى الأولى سنة (880) أرسل حسن بك الطويل بن علي بك التركماني جماعة ليقبضوا على والي الحلة (خليل بك محمد بن عثمان قرا أيلوك التركماني) وهو أبن عمه فأنهزم من الحلة إلى (المشعشع) وتفرقت عساكره عنه وتبعه القليل. وفي 7 جمادى الأولى أقام بالقائم حتى ينظر الأخبار وفي ثاني جمادى الآخرة أرسل المشعشع إليه سفناً وحملوه إليه، ودوابه سيروها بالبر، ومكث الخليل عند المشعشع سنة وثمانية أشهر حتى رضي عنه حسن بك بشفاعة والدته فأنها خالته، فأرسل في طلبه فتوجه إليه من المشعشع بتاريخ شهر ذي الحجة سنة (881)، ثم توفي حسن بك بتاريخ 27 رمضان سنة (882) وسمع المشعشع بموته فتوجه إلى بغداد، وفي أول الأمر جاء نائب (الرماحية) من قبله إلى (جحيش) وآل جودر في طلب جماعة من الذين هربوا ونهبهم وقتلهم ونهب جميع الدائرة ووصل إلى (قنا قيا) من قرى الحلة، ثم رجع بتاريخ يوم الأربعاء 19 جمادى الآخرة سنة (883) وجاء إلى نواحي بغداد حتى دخل أراضي ديالى إلى الخالص ونهب وقتل واسر، ثم أرتحل يوم الأربعاء 26 جمادى الآخرة وكان مكثه ثمانية أيام، وفي 28 جمادى المذكور قتل (كلابي) والي بغداد الحاج (ناصر الدين القتباني) وحصبوا غلامه (شعبان) بسبب أنه أتهم بقصة المشعشع ومخامرته.

وقد قدما إشارة الغياث إلى أن ملوك المشعشعين أربعة ونهاية ملكهم سنة (901) ولكن صاحب الرياض قال في ترجمة (علي خان) بن السيد خلف المشعشعي المذكور آنفاً (من أكابر العلماء وكان له ميل إلى التصوف توفي في عصرنا وخلف أولاداً كثيرة وقد أخذ حكومة البلاد من أولاده واحداً بعد واحد إلى هذا اليوم وهو عام سبعة عشر ومائة بعد الألف. . . وقد أستشهد طائفة غزيرة غريرة من أولاده وأحفاده وأقربائه في قضية المحاربة التي صارت بين أعراب تلك البلاد وبين بعض أولاده الذي هو الآن حاكم بها) وقال في أبيه: (وبالجملة فهذا الرجل الجليل من أجداد حكام تلك الناحية ومواليها المشعشعين المعروفين، فالظاهر أنه يريد الحويزة وما جاورها. وقدمنا في (9: 616) من لغة العرب أن السلطان سليمان استولى على واسط وبلاد المشعشع فيستبين أن جزيرة أحمد الرفاعي وما حول واسط سميت ببلاد المشعشع، وفي سنة 994 كان أمير عرب البصرة (أبن عليان) قد أفسد في بلاد المشعشع فأمر السلطان سليم الثاني اسكندر باشا والي بغداد بمحاربته فقهر ابن عليان ونهب أمواله وقتل رجاله. وقال السيد ضامن بن شدقم في ترجمة الشاه إسمعيل الصفوي (ثم توجه إلى الأهواز وخوزستان وشوشتر ودزفول وقتل من فيها من المشعشعين والغلاة والنصيرية وأستاسر منهم خلقاً كثيراً، ثم في سنة 914 توجه إلى شيراز) وقال عن الشاه صاحب طهماسب (ورجع من شيروان إلى تبريز إلى دزفول والحويزة وشوشتر وبلاد خوزستان فقتل من كان بها من المشعشعين وملكها ورجع يوم السبت غرة ذي القعدة وفي سنة 950 وصل السلطان. . .) وقال عن الشاه عباس: (وفي سنة 1032 ركب الشاه بذاته على عراق العرب ففتحه وفي سنة كذا أطاعه سلطان الحويزة والأهواز السيد مبارك ابن المطلب بن حيدر المشعشعي الموسوي الحسيني - على المداهنة - وأرسل أبنه ناصراً رهينة عنه إلا أنه خطب ودعا له وسلم الأمر إليه). إلى هنا انتهينا بالتحقيق والمطالعة زيادة التدقيق ومن الله التوفيق. م. جواد

بدرة وجسان

بدرة وجسان أو بادرايا وباكسايا جاء في (معلمة الإسلام) التي ينشرها جماعة من المستشرقين بثلاث لغات متفرقة الألمانية والإنكليزية والفرنسية ما هذا تعريبه بحرفه: (بادرايا، موضع وصقع من ديار العراق في شرق دجلة عند بدء منحدر سلسلة جبل الطاق (وهو المعروف بالإفرنجية باسم زجرس وهي تعرف اليوم باسم بدرة وواقعة فويق الدرجة 33 من العرض الشمالي وتحت الدرجة 46 من الطول الشرقي من غرينويش. ووصاف البلاد من كتاب العرب يضمون بادرايا إلى باكسايا ويشيرون إلى البندنيجين (مندلي) إشارتهم إلى حاضرتهما جميعاً. وأهم ما يصدر منها من القصب (كذا) الشهير الذي ييبس فيها. وقد نقل كسرى أنو شروان إلى هذا القطر طائفة من سكان إنطاكية بعد أن دمر هذه المدينة. وقد جاء ذكر بادرايا في كتب السريان بصورة (بيت درايا) ولا شك أنه ورد ذكرها أيضاً في التلمود بصورة (بي دراي) اللهم إلا أن تكون رواية في (باد وريا). وقد ذكر ياقوت في معجمه 1: 555 بر درايا (قابل أيضاً ما في مراصد الإطلاع 1: 141) فلا جرم أنها تصحيف بادرايا. ومعنى درايا كمعنى كسايا في باكسايا أي قبيلة سكنتها في سابق العصور. قابل أيضاً ماذرايا اسم موضع فوق واسط.) أهـ كلام الكاتب. حدود بدرة يحد هذا القضاء من جهة الغرب قضاء العزيزية الواقع في ضفاف دجلة، ومن جهة الشرق فارس والتخم هو جبل حمرين المستقل به حاكم عجمي معروف (بابن حسين قلي خان) ويحده من جهة الشمال (مندلي) البندنيجين ومن الجنوب لواء العمارة وقضاء كوت الأمارة.

مزارعها فيها من الزراعيين العرب نحو ثلاثة آلاف بيت يسكنون مزارع تقدر بخمسة آلاف وأربعمائة دونم. حيواناتها في القضاء كله نحو خمسمائة من البقر، وفيها ثلاثة وتسعون ألف وثلاثة عشر من الغنم ونحو مائة وثلاثين من الجاموس وليس في قرية بدرة جاموس وفيها نحو ثمانمائة وتسعين من الجمال إلا في قرية بدرة، وفيها نحو ألف ومائتين وخمسين حماراً ومائتين وتسعين بغلاً، والمستعمل في حمل أثقالهم البغال في الغالب. بقولها وحبوبها من بقولها المشهورة: القثاء والبطيخ الأصفر والأسود و. . . الدماطة و. . . البامياء والباذنجان والسلجم والشمندر والفجل والتين والرمان والليمون والبرتقال والنارنج والاترج والكمثري والخوخ والمشمش والأجاص والعنب والزيتون والفلفل الدراز (دارا) وغير ذلك من البقول. وأما حبوبها فالقمح والشعير والذرة والأرز والهرطمان، ولا يزرع الماش عندهم ولا العدس، وعندهم السمسم والباقلا. والحمص والجلجل كثير عندهم، والحبة الخضراء والجوز واللوز تجلب إليهم من بلاد فارس، وعندهم حبوب وبقول آخر لا أذكرها. موقعها السياسي والتجاري والطبيعي بدرة تبعد يوماً وبعض يوم عن نفس قضاء كوت الأمارة فالمسافر قبلا من الكوت يقلع صباحاً ويصل جسان عشياً ويبيت في جسان وبكرة يقلع منها إلى بدرة فيصلها الضحوة الكبرى وبين (البغيلة) وبدرة يومان ونصف بسير البغال والذاهب من البغيلة إلى بدرة كالذاهب من الكوت إلى بدرة لأن المدة متساوية إذ بين الكوت والبغيلة يوم واحد في الغالب وبين بدرة والبندنيجين يومان وهذا طريق البريد بين بدرة وبغداد، ويقول البدرين أن بين بغداد وبدرة طريقاً قريباً جداً ومسافته يوم واحد إلا أنه غير مسلوك لعدم وجود الماء فيه وهو طريق مخوف، وقد زعموا أن أحدهم سلكه فوصل بغداد في يوم واحد، ولقد يكون هذا صحيحاً لآن البغداديين يرون الجبل المقارب لبدرة (وهو جبل حمرين) كالغمام

العارض إذا صعدوا إلى مكان مرتفع ولو أن الحكومة اهتمت بهذا القضاء المهم وفتحت له الطريق المذكور لعمر عمراناً باهراً وازدادت وارداته أضعاف أضعاف ما هي عليه اليوم. وبدرة ثغر مهم، إذ أنها الحد الفاصل بيننا وبين إيران، ولما رأت الحكومة التركية أهميته حشدت إليه ثلة من العسكر ترابط فيه والعسكر لا يزال مقيماً هناك، وهذا القضاء ترد إليه البضائع التجارية من فارس والكوت والبندنيجين، وهي قليلة جداً، فلهذا تراها تباع بضعفي ما تباع في بغداد، وبينه وبين فارس مواصلة في التجارة أكثر مما بينه وبين بقية البلاد. زراعتها أراض واسعة ورجال قليلون ولا يزرع إلا معشار ما هناك من الأراضي والماء لا يكفي إلا ما يزرع منها، والماء يتوجه إلى حيث يشاء الزراعي المستقي، وفدادينها تزيد على. . . . فداناً، ولو كان لهذه الأراضي مصلح لجنى منها الذهب والفضة ولوفر منها خزائنه بالمال لأنها واسعة جداً، ولا آسف على مثلها فأني رأيت على ضفاف دجلة أراضي واسعة جداً إلا أنها خالية من الرجال والحكومة تشكو الفقر والإعدام، وهذه بلادها مهملة عجاف تجري مياهها ضياعاً. تقسيمات يحتوي هذا القضاء على ثلاث قرى: بدرة. وجسان. وزرباطية. وكلها يقرب بعضها من بعض، فجسان تقرب من بدرة، وبينهما ثلاث ساعات، وبدرة تقرب من زرباطية وبينهما ساعة ونصف وفي بدرة محل الحكومة ومحطة الهيئة الشرعية للقضاء، والقضاء كله ينقسم إلى ست مقاطعات: الأولى مقاطعة جسان ويقال جصان بالصاد والسين كما ينطق بها أهلها، وتمسح بسبع ساعات طولاً ويسقيها نهر جسان الذي يمر منحدرا من بدرة إلى جسان ونهر الشعير ونهر الشاخة وغيرهما. والماء لا يروي مزارعها، وأهلها يتشاكون ويتضجرون من قلة المياه والمقاطعة تنقسم إلى ثلاث ضياع: ضيعة جسان وضيعة الشاخة وضيعة نهر الشعير، والمقاطعة الثانية، مقاطعة بدرة وتمسح بست ساعات طولاً، وتنقسم إلى ست ضياع: ضيعة (ميرزاباد) أو (ميرزه آباد) وضيعة (قيراي) وضيعة (الشيحة) بكسر أوله وضيعة (الإمام الرضا) أو (إمام رزا) على حسب

رطانتهم، وضيعة (أم الروف) وضيعة (نهر الشعير). ويجري بهذه المقاطعة نهر ميرزآباد، وقيراي، وشيحة، و (إمام رزا) وأم الروف. والمقاطعة الثالثة: زرباطية وتمسح بخمس ساعات طولاً، ويرويها نهر زرباطية، وفيها ضيعة ورمزيار (بفتح أولها وهو الراء وكسر الميم وسكون الزاي). والمقاطعة الرابعة هور جسان ويمسح بست ساعات طولاً. والمقاطعة الخامسة (غريبة) بسكون أوله وفتح ثانيه وتمسح بعشر ساعات. والمقاطعة السادسة (ترسخ) بكسر أوله وسكون ثانيه وضم ثالثه، كذا ينطقون به، وفي دفاتر الحكومة (ترساق) وبقية أراضي أخر تدعى أراضي سيد حسن وأراضي (بكسايا) بفتح أوله، وفي هذه الأراضي (جبل حمرين) الذي هو شعبة من جبال (بشت كوه) الفارسية، وأهل القضاء مقسمون إلى عرب وكرد وبعض فرس والعرب هم الاغلبون فيه، ونفس قرية بدرة تنقسم إلى جانبين: الجانب الشرقي وهو الذي فيه محل الحكومة وبيوت بدرة. والجانب الآخر: الجانب الغربي وليس فيه سوى حقول ومزارع وحدائق، وفي هذه الأيام أسس فيه (ثكنة) عسكرية يقيم فيها العسكر المرابط هناك. حالتها الطبيعية طقسها: معتدل جداً سالم من كل ضرر لو كانت القرية في درجة من النظافة. أما أهلها فيغلب على ألوانهما الاصفرار كأنهم مرضى مزمنين لأنهم يكثرون استعمال التنباك إكثاراً بالغاً، وقوتهم الذي يقوتون به أنفسهم وعيالهم وأبناءهم (الشاي) فهم مثابرون على شربه ويغتنون به عن بقية المآكل بكرة وعشياً، في الصيف والشتاء كما هي حالة الفرس اليوم، وقلما تجدهم يأكلون التمر على كثرته وتنوعه عندهم، والذي هو أضر من ذلك أنهم يوغلون (في الحشيشة والأفيون) ويكثرون الجنوح إليهما. لذلك تراهم ضعافاً هزالا على رقة هوائهم؛ وهذه عادات بلغت إليهم من الأعاجم. والقرية تطل على نهر صغير يسمونه (الكلال) و (كلال) بالكاف الفارسية ويشق البلدة جدول صغير أيضاً أقل غزارة من (الكلال) فيجري من خلال أكثر البيوت وبعض البساتين. وهي على تلعة عالية قليلاً عن سطح الأرض وعلى

ضفة الكلال الأخرى حقول ومزارع وبساتين ونخلها أكثر من نخل الضفة الأخرى من جهة الشرق، وقد أحاطت بالقرية البساتين من جميع جهاتها، وعلى مقربة منها (جبل حمرين) والمسافة بينه وبينها خمس ساعات للراكب، وهذا الجبل هو التخم الفاصل من هذه القطعة بين البلاد العراقية والبلاد الفارسية. وفيه حاكم مستقل عجمي ويكثر عنده النهب والسلب لأن الأشقياء فيه كثيرون وقد أصبح ملجأ لقاطعي الطرق من أعراب وأعجام. وماء القرية ملح أجاج ثقيل جداً لأنه يجري على الصخور والجلاميد ويمر على أرض مملحة فهو شديد المرارة، وفي الصيف تقل المياه فلا تكفي القريتين: بدرة وجصان، ولا يصل إلى جسان إلا الطين والكدر، وإذا نزل المطر على تلك الأودية تحول مياهها إلى فساد في الرائحة واللون والطعم، فلا تقدر أن تتجرعها ولا تكاد تسيغها (والكلال) حينئذ يفيض ويطغي حتى يكاد يكون كدجلة في عرضه إلا أن طغيانه يفتر بعد ساعات فيرجع إلى القلة في الماء ويبقى متغيراً طعمه إلى أيام، والسبب في فساد الماء من المطر أن ما يستمده الكلال من المهامه والفيافي من الماء هو غسالة تجرف كل ملح من سباخ الأرض وكل وسخ يحيل الماء إلى غير حالته الطبيعية، وفي بدرة ينبوع ماء فرات يبعد عنها ساعة، ولو مروره على الملح لبقي فراتاً إلى منتهى جريانه، وبعض خواص القرية يشترونه بقيمة غبن. وصف القرى الثلاث جملة كل هذه القرى متشابهات بعضها لبعض، والبيوت هناك تبنى بالطين واللبن، وأفنية دورهم يجللونها بالطين، ولا يكاد يعرفون الآجر. والطين هناك ذو صلابة وقوة تقارب صلابة الجص، وبعض البيوت يبقى إلى مائتي سنة أو أكثر، وجسان تنفرد عن القريتين بسعة طرفها وأفنية بيوتها. أما القريتان الباقيتان فأنهما متشابهتان من جميع الجهات، وبيوت بدرة ليست موافقة للصحة أصلاً لأنها لا منافذ للرياح فيها، فهي مظلمة بالسطوح التي تغطيها، وسقوفها من الجذوع وكذلك أبواب دورهم، والبيوت مختلفة المباني متصالية السطوح والجدر. وبدرة مبنية على تل عالية قليلاً، وما فيها إلا طريق واحد عام

تتشعب منه بنات الطريق، وطرقها غاصة بالقمامات والكناسات، وأبناء بدرة لا يعرفون الحشوش ولا البلاليع ولا الآبار. وهذه القرى تمثل الوحشية والخراب فضربوا بها الأمثال، وفي بدرة نفسها خمسمائة بيت (خانة) من تلك البيوت التي أشبه بمقابر الموتى لا تعرف فيها الريح إن هبت وان سكنت كأنما يوم القيظ أتأتين، وفيها خان واحد للغرباء، وفيها مسجدان صغيران وحمام، وفيها إدارة للبرق والبريد. ومكتب أولي. وفيها نحو ست (قهوة خانات) وفيها نحو خمس وعشرين (رحى ماء) تطحن البر والشعير والذرة ونحوها طحناً دقيقاً وربما أكتب مقالة في وصف (أرحاء الماء) وانشرها في هذه المجلة، وفي بدرة ما يزيد على سبعين حانوتاً تباع فيه الأقمشة والأطعمة على اختلاف أنواعها وفي جسان نحو مائتي وستين بيتاً وعشرين حانوتاً، وفيها خان وحمام ومسجدان والحمام يشترك فيه الرجال والنساء، فكل منهما له وقت معلوم كالحالة في بدرة، وجسان تحيط بها المزارع والجنان من جميع جهاتها. وأما زرباطية ففيها نحو مائة وستين بيتاً وثلاثة عشر حانوتاً، وفيها خان واحد (وشايخانة) اثنان، وتحيط بها البساتين أيضاً وكل القرى والضياع تسقى من ماء واحد ينبع من ينابيع بعضها في شغف حمرين وبقاعه، وبعضها في سفحه وحضيضه والتي تجري من سفحه أعذب. وإذا أردت أن تعيش عيش الوحوش في البيد المقفرة فاركن إلى مثل هذه القرى. أبناؤها هم قوم من العرب تغلب عليهم العجمية فانقلبوا يتكلمون بها، ويدلنا على ذلك أنهم يعرفون العربية ويتكلمون بها، وان رطانتهم مزيج من ثلاث لغات. الفارسية وهي الغالبة، وتليها في الغلبة التركية ثم العربية. وفارسيتهم فاسدة ومذهبهم المذهب الجعفري، قيل وكانوا قبل خمسين سنة أو أكثر من أهل السنة والجماعة، إلا أنهم جنحوا أخيراً إلى اعتناق المذهب الجعفري لكثرة تردد المجتهدين من الجعفرية إلى بلادهم، ومما يصحح هذا القول أن هناك أوقافاً جمة ترجع وارداتها إلى الأمام أبي حنيفة رضي الله عنه، ويدلنا على صحته أيضاً أنهم قليلو المنفرة عن أهل السنة، ولا يتعصبون في مذهبهم تعصب بعض الشيعة

في بقية مواضع العراق، لأن العريق في المذهب أشد تعسفاً من الحديث به. على أنا وجدنا أعراباً شيعة يهربون من السني، ويسبونه ويلعنونه، وربما يقتلونه أن تمكنوا منه، وأبناء بدرة بعيدون عن كل تعصب وتعسف، وقد اتخذوا أكثر عادات الأعجام، فلا يقرون الضيف، ولا يدعون دعوة. وعندهم شيء من النفاق والكذب. ولا بدع فذلك عادة في ضعفاء العراقيين خاصتهم وعامتهم. وفيهم الجبن والخوف والأحجام في الأمور. وكلهم همج رعاع ألقى عليهم الجهل غمرته فهم في ظلمات من الجهل بعضها فوق بعض والشريف فيهم من ملك ضيعة من الأرض أو ضيعتين، ولم أجد فيهم عالماً ولا متعلماً إلا ما كان من حضرة السيد محمد تقي المجتهد هناك، فأني رأيت منه، دام ظله، عالماً كبيراً وبحراً غزيراً، وقد حضرت مجلسه مراراً، ودار بينه وبين أخي المفتي هناك (السيد عبد المجيد) جدال ينم عن غزارة مادة الرجل، وكان الجدال بينهما سجالاً، كل واحد يأخذ ويعطي. ثم أن أبناء بدرة في غاية الكسل والخمول. وكل مهنة عندهم تعد عاراً وعيباً، ومن كانت له خمسون نخلة منهم يتكل عليها طول عامه، فلا يتشبث بشيء سواها (فهل موت بعد هذا الموت يا رجال الحياة). (وهل فقر بعد هذا الفقر يا رجال الإثراء). وعاداتهم في النكاح أن يجعلوا صداق البنت نخلاً فيعطيها على حسب جمالها وشرفها (وأين منها الجمال والشرف؟) ونساؤهم لا يبارحن بيوتهن، وبعضهن يشتغلن مع أزواجهن في البساتين إن كان للزوج بستان، ولا يعلمن من الطبخ شيئاً إلا (تسخين الشاي) لأنه قوت تلك القرية، ولا يعلمن قراءة ولا كتابة ولا تدبير منزل. النبات والشجر في بدرة يغلب النخل على بقية الأشجار التي تنبت في تلك القرى، وقد يبلغ النخل فيها زهاء ألف إلف، وهو هناك على ما أظن أحسن من النخل في البلاد العراقية، وجذوعه غليظة جداً حتى يكاد يكون الجذع كثلاثة جذوع من جذوع نخل بغداد. وللتمر عندهم أنواع كثيرة، أشهرها (الأشرسي) الذي لا مثيل له في بغداد من جهة الحلاوة والمقدار، وهو كثير مبذول عندهم (والخستاوي) وهو نوعان: (الأزرق) وهذا القسم المعتبر عندهم، والعادي الذي هو انزل

من الأول. ومن التمور (الخضراوي) يشبه الخستاوي لوناً وحجماً، و (ألبدارية) أو (البيدرايي) كأنه منسوب إلى بدرة، وهو تمر لا أرى مثله في بغداد في الحجم والطعم، لكني أسمع بمحماة. (والمكتوم) يبيعونه بلحاً وفضيخاً و (القيتوني) ولم أر له في بغداد نظيراً، (وجمال الدين) كذلك لم أجد له نظيراً، وأحسن منه (دقل قيطاز) فهو الفريد عندهم. وقيطاز اسم محلة من محلات بدرة، أضيف إليها الدقل المذكور، و (الزهدي) و (القسب) لا يأكلونه لأنهم في غنية عنه. وإنما يحملونه إلى بغداد وعندهم (الأشرسي المكبوس) وغير ذلك مما يطول شرحه ويقتضي تطويلاً. وكل ما ينبت في العراق ينبت في تلك البلاد، ولا شأن عندهم للزيتون فهو مهمل بينهم يثمر، فلا يجنون ثمره ولا يعنون به. ويكثر عندهم (النرجس) الزهر المشهور الذي تلاعبت في وصفه أقلام الشعراء لطيب رائحته ودقة عرفه المنشور و (الفرصاد) و (التوت) لا يكادان يذكران عندهم. وكذلك (الكمأة) فأنهم محرموها ويكثر عندهم (الرمان) و (التين) و (الأعناب) قليلة عندهم. والبطيخ الأحمر) و (الأصفر) لا يكادان يذكران عندهم. والخوخ والأجاص عندهم أحسن من خوخ بغداد واجاصها والباذنجان والشلجم والشمندور من جملة ما يزرعونه. وبالجملة فكل ما ينبت في العراق ينبت في بدرة إلا قليلاً. ولولا خراب تلك القرى وتأخرها لأصبحت تلك البيوت قصوراً تحف بها المروج والحدائق فتكون كجنات عدن. أخلاقهم وعاداتهم هم قليلو التمسك بالدين، وأغلب خواصهم يؤدون ما عليهم من الفروض الإسلامية ومساجدهم لا تكاد ترى فيها أحداً إلا قليلا. والكل ضارب في إطنابه، وإذا تخاصم اثنان منهم في أمر يتقاضيان عند القاضي الرسمي أو عند بعض الأشراف. والمنكر يحلف بإمام مدفون هناك يسمى (علي اليثربي)، كما رأيته مكتوباً على قبره. ويبعد عن نفس القرية نحو ساعة ونصف، وينطقون باسمه (على أثره) وهم لا يحلفون به كذبا أبداً فأن المنكر عنده ما نكره أقر. وهكذا يفعلون بمن ظنوا به أنه سارق، فأنه يقر ويرجع ما سرقه إلى المسروق منه.

وهم يتزاورون فيما بينهم في مجالسهم، وقلما يزورون من ليس من أبناء قريتهم. وعاداتهم عادات الشيعة في بغداد يقرؤون التعزية ويضربون صدورهم ووجوههم في العشر الأولى من المحرم، ويعظمون السيد تعظيما فائقاً، ويقتلون الزاني والزانية كما هي عادات بعض أعراب العراق. وهم يحقرون اليهودي والنصراني، وليس في بدرة إلا بيتان من اليهود، وغناؤهم على حسب رطناتهم الأعجمية. وليس عندهم إلا الطبل والمزمار والدفوف الصغار. بعض الآثار في بدرة على مقربة من بدرة آثار عافية يسمونها (العقر) وهي كقلاع ممتدة، ويقول أبناء بدرة أن هذه الآثار هي بدرة القديمة، أصابها مطر غزير فتهدمت بيوتها. ودثرت رسومها، وبدرة الحالية هي غير بدرة القديمة التي نراها اليوم آثاراً هامدة، وهذه الآثار تبعد عن القرية نصف ساعة، ويقيم فيها بعض الأعراب، وإذا أمطرت يبدو منها قطع من الخزف والزجاج القديم وبعض (الخرز) والفخار، وقد وجد فيها بعض قطع الذهب. والأعراب يعتنون بما يجدونه من آثارها اعتناءً بالغاً، وكلما يقع في أيديهم تعلقه نساؤهم في رؤوسهم بعد ثقبه وتحسينه بالحك. ويسمون ذلك المعلق (اللولاح) أو (اللولح) أو (الدلاعة) وتجد في (اللولح) الأنواع المختلفة من الصخر والزجاج والعظام وغيرها. وبقايا الآثار المبنية تعلو إلى نحو خمسة عشر متراً. وقد زارها بعض المستشرقين في السنين الأخيرة. هذا أهم ما يذكر عن هذه الآثار، وهو الذي تواتر عن البدرين تواتراً صحيحاً. والله أعلم. م. ر (لغة العرب) كتبت هذه المقالة في سنة 1911، فأبقيناها بحلتها المذكورة من غير أن نبدل منها شيئاً، فهي مزوجة الفائدة من جهة وصف المدينتين المذكورتين قبل عشرين سنة، ومن جهة إفهام بعض الكتاب أن بيدنا مقالات قديمة العهد منذ أن أسست هذه المجلة، فإذا تأخر نشرها فلا يحمل ذلك على سوء نية بل على تراكم المواد لا غير.

مدن العراق القديمة

مدن العراق القديمة فنسان م. ماريني تابع وقتل (سنحاريب) سنة 681 ق. م. فعقبه أبنه (اسرحدون) وأهم مآثره في الحرب فتحه الوجه البحري من مصر سنة 672 ق. م. واحتلاله (منف) ولعل المحفورات التي تمثل بسالة الملك في الحرب لن تنكشف. إذ أنه يقوم فوق قصره الواقع في (تل النبي يونس) مسجد للمسلمين، ولا شك في أنهم ينفرون من نبش هذا البناء. ومن غريب الاتفاق أن هذا الجامع كان في أول أمره، كنيسة للمسيحيين، ويزعم بعضهم أنها قبر (يونان) الشهير، أما الحقيقة فهي أن ذلك الموطن كان مدفن بطريرك نسطوري اسمه (حنا الأعرج). وقد وقف في القصر العظيم ل (أشور بنيبل) بن (اسرحدون) على عاديات هي من أجمل ما أكتشفه الأثريون وأغربه. إذ أن خزانة كتب هذا الملك نفيسة لا يقدر ثمنها حق قدره، وفيها زهاء خمسة وعشرون ألف من المخطوطات الباحثة عن الدين والفن والآداب، وترى تلك التحف الآن في المتحفة البريطانية وكان البابليون الذين ثقفوا الملك وهذبوه بثوا في صدره حب العلم، فتقدم إلى نساخه بأن يجمعوا الصفائح المخطوطة أو ينقلوها حيثما عثروا عليها. وأمر أن تنقل المخطوطات الشمرية إلى الآشورية. ونحن لخزانة كتبه مدينون لنشيد الحماسة الشمري للبطل (جلجمش)، ولرواية خلق العالم، ومثل ذلك قل عن النص البابلي لرواية الطوفان. وفاق (أشور بنيبل) سلفاءه في حملاته العسكرية، فأتى بلاداً لم تطأها أقدامهم. فقد وصل إلى (طيوة) في صعيد مصر سنة 666 ق. م. وسبى

(السوس) (سنة 640 ق. م)، فدوخ (عيلام) بأسرها. ولكن آشورية حازت مرتبة فاقت طاقتها، ولذا لم تحافظ عليها، فأطرت إلى أن تحشد الفلاحين أنفسهم، حتى تسد احتياج جيوشها التي أخذت تتوسع يوماً فيوماً. وعليه أبيدت الزراعة في قطرها، وتولى الآرميون مصانعها. فتشتت شمل إدارة جندها فانقرضت. وبينما كان (أشور بنيبل) يطفئ نيران ثورة في بابل، تملصت مصر من نفوذه. وأتحد الماذيون والبابليون بعد وفاة هذا الملك بقليل سنة 626 ق. م، وهجموا على نينوى فسقطت (تلك المدينة الجليلة)، وكان ملكها الآشوري أودع نفسه وزوجاته وأولاده خشب المحرقة الذي أعد لحفلة دفنهم. وبعد أن مضى على ذلك قرنان مر (زينفون) وجنده العشرة الآلاف ب (نينوى) فلم يعرفوها. كالح (نمرود) هي على مسافة عشرين ميلا من الموصل بالسيارة يرى في المتحفة البريطانية حيوانان هائلان مجنحان، ذوا حجم عظيم، ولهما رأسان بشريان، أحدهما أسد وثانيهما ثور، واثناهما مغشيا بالرقم المسمارية وبروايات خيالية. وقد عثر عليهما (لايرد) في روابي نمرود، وتاريخ اكتشافهما ونقلهما من أجل ما ورد عن أعمال الباحثين عن الآثار القديمة، إذ أنه داهمت ذلك المنقب صعوبات كثيرة، ومضت عليه أوقات أثلجت صدره فرحاً وفزعاً معاً في حمله التمثالين إلى الكلكين اللذين نقلاهما إلى البصرة ليوضعا في الباخرة، وكان كلا الكلكين يطوف على ستمائة جراب منفوخ. وترى الثيران المجنحة إلى هذا الحين مبعثرة بن تلول نمرود، وفي خنادق تلك الأرجاء، وتدل تلك العاديات على المواضع التي حفر فيها (لايرد) و (رسام) أي أن هذين الفاضلين نقبا في جانبي أبواب المباني. كما أن هناك شكلاً ضخماً جداً لملك أو لإله، تسميه الأعراب هنالك (ملك نمرود) ونصف ذلك التمثال مدفون في أنقاض مدينته، لأن المنقبين أنفسهم دفنوا النفائس التي لم يتمكنوا من حملها فحفظوها في موطنها، وأعانهم ويعينهم على ذلك مرور الزمان، كما جاء فيما يخص نينوى. والطبيعة تأتي في الربيع فتعير التلول برود أزاهير زاهية،

تتألق وتتلألأ أياماً ثم تذبل، كأنها رمز إلى المدينة التي تحتها، وقد تباهت بمجدها زمناً فزالت. وجاء في التوراة أن (كالح) أسسها (أشور) بن (سام) الذي خرج من سهل شنعار في أثناء حكم نسيبه نمرود (سفر الخلق 10: 11) وأتجه نحو الشمال فطاف وجه الأرض. وربما كانت هذه البلدة عريقة الأصل، بيد أنه لم تحصل أنباء عنها قبل (شلمن أصر) الأول الذي بنى له فيها قصبة جديدة، وقد هجر أشور لصعوبة الدفاع عنها. على أن (تغلت فلاشر) الأول (1100 إلى 1060 ق. م) أعاد أشور إلى سابق مجدها، ويكاد لا يعرف شيء عن (كالح) في القرنين التاليين اللذين مضيا على آشورية، وهي خاملة الذكر آنئذ. ولما خرجت آشورية من عصرها المظلم، عصر نير الأرميين، عادت (كالح) إلى سابق عزها، ورد (أشور ناصر بل) (885 إلى 860 ق. م) الغزاة الأرميين وغزا بنفسه (فينقية) وسورية، وشيد له داراً ملكية فخمة وهيكلاً وأقامهما على اخربة أبنية (شلمن أصر) التي تعرف اليوم بالقصر الشمالي الغربي، وحصل من هنالك على مجموعة عجيبة، فيها محفورات وحيوانات وعروض وعاج وشبه (برونز) منقوش عليها نقشاً جميلاً. ووردت رواية حملات (شلمن أصر) الثاني المحراب ابن (أشور ناصر بل) في مسلة الرخام الأسود التي ترى في هذا اليوم في المتحفة لبريطانية، ووقف على تلك المسلة في القصر الأوسط ل (شلمن أصر) المذكور في نمرود، ويتضح أنه أفنى الأرميين المتمردين إفناءً تاماً، فأصبح سيد بابل. بيد أن فتحه دمشق لم يكن أمراً يسيراً، ولا ظفراً سهلاً كما يصفه، بل ربما أستغرق ذلك وقتاً طويلاً، وحمل حملات عديدة. ومن ألطف الصور التي رسمت على هذه المسلة، صورة (يا هو) بن (عمري) ملك إسرائيل ممتثلاً بين يديه. ويظهر أن شوكة أشور ضعفت مرة أخرى. حتى قام (تغلث فلاشر) الثالث (745 إلى 727ق. م) وأعاد المملكة إلى نفوذها الأول، ووسع أركان حكمه حتى امتدت إلى تخوم مصر نفسها، وقد بعث إليه (أحاز) ملك اليهودية بفضة وذهب من دار الرب بمثابة هدية له حتى ينجيه من عتو ملك سورية (2 سفر

الملوك 16: 7 إلى 8) فحمل ملك آشورية على سورية ومر بعض الإسرائيليين. ولما نقب في القصر الفخم ل (تغلث فلاشر) في نمرود، أصيب عدد غير قليل من صور هذه الحملات، ويعرف ذلك البناء بالقصر الجنوبي الغربي، وتتضمن تلك الرسوم سسكش من تلك الكبوش التي كان يتخذها الآشوريون لهم جدران للبر فأبلوا بها أيما بلاء. ولكن إسرائيل لم يبق خاضعاً لآشورية مدة طويلة، بل أتفق ملك إسرائيل عند وفاة (تغلث فلاشر) مع مصر لكي يخلعا عن عاتقهما نير الآشوريين، فحلا إذ ذاك (شلمن أصر) الرابع ملك آشورية، مدينة (السامرة) (سنة ق. م) فقاومته ثلاث سنوات، ولكن بالتالي فتحها (سرجون) وهو الملك الذي أغتصب عرش آشورية من ملكها في إحدى ثوراتها. ونقل سرجون مقره إلى (دور شروكين) (مدينة سرجون) لتوؤه العرش. و (دور شروكين) مدينة جديدة بناها على عشر أميال عن نينوى وفي شمال شرقيها. دور شروكين (خرساباد) هي على بعد خمسة عشر ميلا بالسيارة من الموصل يقع تل (خرساباد) المرتفع في ضفة (خوسر) اليمنى و (خوسر) هو النهر الجاري بين تلي نينوى الرئيسين، ورابية (خرساباد) تمثل مثولا صادقاً العادة التي أتخذها الآشوريون لتشييد قصورهم وهياكلهم فوق مسطبة يبلغ ارتفاعها نحو ثلاثين أو أربعين قدماً عن مستوى البلدة. وقد بنيت مسطبة القصر في خرساباد من اللبن، وغشيت جميع أطرافها بكتل صخر محكمة القطع (مخدومة) وكانت المسطبة على شكل مهراس (أي آ) مرتفع، وبعضها داخل سور المدينة، والبعض الآخر خارج عنه. ولا ريب في أن باب القصر ذا المنافذ الثلاثة كان جميل المنظر مهيباً. إذ كان يرى في جانبيه ثيران فخمة ضخمة مزخرفة بالزليج وهي قائمة أمام الدرج المؤدي من البلدة إلى مسطبة القصر التي هي فوقها.

وباشر (بوتا) وكيل القنصل الفرنسي في الموصل في التنقيب في (خرساباد) سنة 1843، وواصل (بلاس) الحفر بعده. وكشفت الغرفة بعد الأخرى، فظهر أن جميع جدرانها مزينة بالهيصمي المحفور، ودلت دلالة عجيبة على العادات العسكرية في الجيش الآشوري ل (سرجون) الثاني وأعمالهم المخيفة. وأغتصب هذا الملك العرش من (شلمن أصر) الثاني في أثناء ثورة فاز بها المتمردون، وكان (شلمن أصر) آنئذ مشتغلا بمحاصرة مدينة (السامرة). ولما فتح تلك المدينة سنة 722 ق. م. أسر الإسرائيليين وأعتقلهم في عدة بلدان في آشورية، وأحل محلهم في (السامرة) والأراضي المجاورة لها أناساً غرباء من (كوثى) وغيرها (2 سفر الملوك 17، 24 إلى 30). (راجع أيضاً ما يخص كوثى). ويتضح أن (سرجون) الثاني آثر أن يبني له عاصمة جديدة على أن يتخذ مدينة سلفه مقراً له، ويظهر أنه أتخذ اسمه من (سرجون) الأول الذي عرف بهذه الخصلة (راجع ما يخص أكد). وفرض (سرجون) الثاني على جميع مدن مملكته أن يمدوه بمواد بناء وبعملة بمثابة جزية حتى يقيم قصره بكل بهاء يليق بعظمته وجلالته. ولما خرب القصر احترقت جميع المحفورات التي كانت داخل الغرف حين سقط عليها السقف الملتهب، فلم يستصوب نقل أية محفورة كانت، هذا أمر يؤسف له. وأما المحفورات التي خارج الجدران فحملت إلى (اللفر). وهناك رسوم كثيرة نفيسة جداً، تري حالات الآشوريين في الحرب والولائم والقنص والدين، ولولا الرسام (فلاندن) الفرنسي الذي نقلها، لفقدت برمتها. ويتضح أن الآشوريين كانوا كثيري الولع بالحرب. وقد أتقنوا فنونها أتقانا بارعاً، ولا سيما أنهم تعلموا من الحثيين اتخاذ الحديد. وقيل أنه عثر في غرفة واحدة في (خرساباد) على مائتي طن أسلحة حديد. اربلا (اربل) تبعد عن الموصل بالسيارة نحو ثلاثين ميلا هذه المدينة هي الوحيدة من مدن آشورية التي لا تزال آهلة وتعرف باسمها

الأول. وأهم ما اشتهرت به أن بقربها سهلاً كافح فيه (دارا) ملك الفرس، كفاحه الأخير في محاربته الاسكندر (سنة 330 ق. م) والتل الذي شيدت عليه البلدة الجديدة يشمل القلعة الخربة التي ترك (دارا) كنزه فيها فهرب، ولكن أتباعه قتلوه. والمواطن الأخر التي تزار هي: جبل سنجار (مقر اليزيدية)، و (تلكيف) و (دير القوش) و (دير ربان هرمز)، و (دير مار متي). جدول التواريخ سلالة كيش الأولى: كانت كيش على ما ورد في أنباء شمر (موشور (ولد بلندل) أول عاصمة في البلاد بعد الطوفان وحكم ملوك هذه السلالة الثلاثة والعشرون 24510 سنة. سلالة أرك الأولى: نحو ثمانية ملوك، مع تموز و (جلجمش). سلالة أور الأولى: 3200 ق. م. 1 - (مس انيبدة): 2 - أ (أنيبدة): الرقيم المسماري وجعل الذهب في (تل العبيد) الخ. سلالة أوان: وسلالة أخرى لكيش (لعلها سلالة خيالية) وسلالة همزي (وقد قهره (اوتج) فاتشي في كيش) ربما كانت هذه السلالة معاصرة لسلالات كانت قبلها أو بعدها وهي تتالى في موشور ولد بلندل. سلالة كيش الثانية: 3300 إلى 3200 ق. م. (مسلم) (؟): يرد اسمه في رؤوس الصوالجة وأوعية الأزهار. ولكنه لم يذكر في موشور ولد بلندل. (اور زج آد): في وعاء أزهار فيه الرقيم المسماري.

(لجل ترسي): في صفحة لازورد. (أنبي اشدر): غلبة (انشجهشنا) ملك أرك. سلالة أرك الثانية: الخ انشجهشنا. سلالة أور الثانية: سلالة اكشك سلالتا أدب وماير. (اوفس) 2943 إلى 2849 ق. م فاتشي لجش معاصرة: ل (انخجل). سلالة كيش الثانية: اورننة (2900 ق. م). كج باو: ايناتم (دوخ كيش واكشك). سلالة كيش الرابعة: ايناناتم الأول 2850ق. م. جمل سن انتمنا اور البابا الخ. ننيجة سلالة أرك الثالثة: 2777 ق. م. لجل زجسي: كان في أول أمره فاتشي أما، ثم دوخ لجش (اورو كجنا) وكيش (ننيجة). مملكة أكد 2752 إلى 2696 ق. م. سرجون الأول (دوخ كيش وارك) ريموش فاتشي لجش منشتوزو أورباو (2700 ق. م) نرأم سن (حفيد) الخ

سلالة أرك الرابعة (2600 ق. م) وسلالة جوتيوم (لعلها حثيه). سلالة أرك الخامسة فاتشي لجش، جوديا (معاصر لسلالة جوتيوم) اور ننجر سو. نهضة المملكة الآشورية الأولى (2500 ق. م) سلالة اور الثالثة: 2409 إلى 2301 ق. م اور نمو (اور أنجو) دنجي برسن جمل سن أبي سن (اعتقله العيلميون) سلالة آسن: 2301 ق. م سلالة لرسا: 2301 ق. م سلالة بابل الأولى: 2169 ق. م 16 ملكا سمو أبو 17 ملكا سمولا الو (آخر السلالة 2075 ق. م) (ثلاثة ملوك) سلالة الملوك البحريين حمرب 2067 إلى 2025 ق. م شمشويلونة (11 ملكا) الخ (آخر السلالة 1870 ق. م) سلالة كيش (بابل) 1746 ق. م مملكة أشور الأولى 2500 ق. م

(69 ملكا) (36 ملكا) فوزور أشور الرابع 1486 إلى 1460 ق. م كوريجلزو شلمن أصر الأول 1276 إلى 1257 ق. م تكلتي ننورتة الأول (آخر السلالة 1169 ق. م) 1256 إلى 1233 ق. م (؟) سلالة فاشة في بابل 1169 ق. م نبو كدر أصر الأول 1146 إلى 1123 ق. م تغلث فلاشر الأول 1100 إلى 1060 ق. م (؟) الزمن الذي كان تاريخ السلالة غامضا من جراء غزوات المأذيين مملكة آشورية الثانية ق. م 889 إلى 884 تكلتي ننب الثاني 884 إلى 859أشور ناصر بل 859 إلى 824شلمن أصر الثالث 745 إلى 727تغلث فلاستر الثالث 727 إلى 722شلمن أصر الخامس 722 إلى 705سرجون الثاني 705 إلى 681سنحاريب 681 إلى 668اسر حدون 668 إلى 626أشور بني بل (في اليونانية سردنابالس)

مملكة بابل الحديثة (آخر مملكة آشورية 606ق. م) (كلدانيون) 625 إلى 604 ق. منبو بل أصر 604 إلى 561 ق. منبو كدر أصر الثاني 555 إلى 539 ق. منبو نيد 539 إلى 331مملكة الفرس (سلالة الكيانيين) 559 إلى 529كورش قهر بابل (539 ق. م) وأجاز اليهود أن يرجعوا إلى فلسطين 529 إلى 522قنبوزيا دوخ مصر. 522 إلى 485دارا العظيم. تمت إعادة بناء الهيكل في أورشليم. محاربة ماراثون. 485 إلى 465ارتخششتا محاربة سلامس. 400قدوم زينفون واليونان العشرة الآلاف. 331دارا الثالث قهره الاسكندر في معركة اربل (جو جميلا). 331 إلى 323مملكة المكذونيين. 323وفاة الاسكندر في بابل. 312 إلى 140مملكة السلوقيين. 312اصبح سلوقس ملك أرض الرافدين وسورية وإيران. 140احتل الفرنسيون سلوقية. 140 ق. م إلى 226 مملكة الفرثيين. 117 مغلب ترايانس انبرطور روما الفرنسيين وزار بابل. 162 مآباد لقيوس ويرس قائد الرومان سلوقية. 226 مقهر اردشير الفرثيين.

اليقظة

226 إلى 641 مملكة الفرس (سلالة الساسانيين). 265حاصر أذينة ملك تدمر طيسفون ولكنه أضطر إلى أن يرجع القهقرى. 363احتلال يليانس إمبراطور روما بعد أن أقتحم أسوار طيسفون ثم رجع. 627غلب هرقل الإنبراطور كسرى الثاني في نينوى. 641غزا المسلمون الفاتحون طيسفون، فسقطت مملكة الفرس. اليقظة مذ أشرقت شمس التمدن في الورى ... بزغت أشعت علمها تتعالى وبنورها ضاءت شعوب فارتقت ... أوج العلى وأجدت الترحالا وابن العراق فكان عنها نائياً ... حجبته غيمه جهلت أجيالا فعرته بعد النوم يقظة غافل ... فرأى ثياب فخاره أسمالا عض الأنامل حرقة وتفجعاً ... وبغى إلى ذاك الشعاع مآلا نصيحة أمل الخير وكل الأمال ... لا ينالان بغير العمل أيها السارون في نهج العلى ... حملوا الآمال زاد النقل أرأيتم أمة راقية ... في المعالي ضربت بالمثل؟ نالت العز وفيها ثلة ... نذله معروفة بالكسل؟ حكم الكبر شؤم للنعيم مبيد ... ويضر صاحبه وليس يفيد أن السعادة لا تظن لمن طغى ... بل من تواضع أنه لسعيد والحق فانصر أنه شرف الفتى ... وفضيلة عنها الجبان بعيد والصدق عز لا يزال لأهله ... والكذب شؤم والكذوب طريد والحلم فخر فاتبع سبل الهدى ... ذو العقل ليسس عن الرشاد يحيد وبالاقتصاد تنال خيراً دائماً ... أن المبذر لرفاه فقيد والجهل داء فاتك ودواؤه ... علم إلى حيث الرفاه يقود وعليك بالعلياء فأطلبها فلا ... ترقى البلاد بدونها وتسود م. جواد

أمثلة من كتاب الجماهر للبيروني

أمثلة من كتاب الجماهر للبيروني (لغة العرب) كنا قد تكلمنا مرارا عن هذا التصنيف الجليل (راجع مثلا: 9: 291) وقد أهدى إلينا حضرة الأستاذ الدكتور ف. كرنكو بعض الأمثلة من أبوابه، ليحكم القارئ على ما فيه من الفوائد الجلية والمصطلحات العلمية الواردة في ذلك الحين، وهو أمر جليل، لأنه يطلعنا على أن لغتنا هذه البديعة هي كالعجين بيد العجان تتقلب بين أصابعه وتطيعه كل الإطاعة، لكنها تتطلب من يعرف التصرف فيها، ودونك شيئاً من تلك الأمثلة: قال في باب (أخبار في اليواقيت والجواهر) (من نسخة الاسكوريال ص 51) في كتاب أخبار الخلفاء: إن المتوكل جلس يوماً لهدايا النوروز، فقدم إليه كل علق نفيس، وكل ظريف فاخر، وان طبيبه بختيشوع بن جبريل، دخل وكان يأنس به فقال له: ما ترى في هذا اليوم؟ قال: مثل خرباشات الشحاذين إذ ليس لها قدر. وأقبل على ما معي. ثم أخرج من كمه درج آبنوس، مضبباً بالذهب وفتحه عن حرير أخضر، أنكشف عن ملعقة كبيرة فيها جوهر، لمع منها شهاب، ووضعها بين يديه. فرأى المتوكل ما لا عهد له بمثله، وقال: من أين لك هذه؟ قال: من الناس الكرام. ثم حدث أنه صار إلى أبي من أم جعفر زبيدة في ثلاث مرات، ثلاث مائة ألف دينار، بثلاث شكايات عالجها فيها: إحداها أنها شكت عارضاً في حلقها منذراً بالخناق، فأشار عليها بالفصد، والتطفئة، والتغدي بحسو، فأحضر على سفتجة في عضادة (كذا. والصواب في غضارة) صينية عجيبة الصفة، وفيها هذه الملعقة. فغمزني أبي على رفعها ففعلت ولففتها في طيلساني، وجاذبنيها الخادم، فقالت: لاطفه ومره بردها وعوضه منها عشرة آلاف دينار، فامتنعت وقال أبي: يا ستي أن أبني لم يسرق قط، فلا تفضحيه في أول كراته لئلا ينكسر قلبه، فضحكت ووهبتها. هذا وان لم يكن في الخبر نسيج الملعقة، فلمعان الشعاع في الحكاية، يدل على أن الياقوت أحمر. وسأل عن الآخرتين، فقال: إنها شكت إليه تغير النكهة بأخبار إحدى بطانتها إياها، وذكرت أن الموت أسهل عليها من ذلك. فجوعها إلى العصر، وأطعمها سمكاً ممقوراً، وسقاها دردي نبيذ دقل بإكراه، فأغثت

نفسها وقذفت، فكرر عليها ثلاثة أيام، ثم قال لها: تنكهي في وجه من أخبرك بذلك واستخبريه هل زال. والثالث أنها أشرفت على التلف من فواق شديد كان يسمع من خارج الحجرة، فأمر الخدم باصعاد خوابئ إلى سطح الصحن وتصفيفها حوله على الشفير، وملئها ماء، وجلوس خادم خلف كل جب (كذا. لعلها حب) حتى إذا صفق بيده على الأخرى دفعوها دفعة في وسط الدار. ففعلوا وارتفع لذلك صوت شديد أرعبها فوثبت وزايلها الفواق. (من ص 59) إن (الجبل) المشهور الذي ينتحل اسمه لغيره فأنه (كذا. ونظنه من زوائد النساخ) كان فصاً من ياقوت أحمر على أقصى النهاية في النقاء. ذكر إبراهيم بن المهدي أنه اشتري لأبيه بثلاثمائة ألف دينار، وكانت أكياسها نضد بعضها على بعض كالجبل، وأنه وهبه للهادي. ووهب الرشيد الخاتم المعروف (بإسمعيل) (لعله بالإسماعيلي) من زمردة لم ير مثلها اسماً (كذا. ولعلها ماءة) وفيها ثقبة، وطلب لها سنين ما يشابهها ليسد تلك الثقبة به حتى وجده بعد حين، وعمل له ما يهندم عليها، وأحضر الصواغ، وصاغوا بين يديه خاتماً، وطلى المنحوت بمصطكي ليركبه في ثقبة الفص فوضعه الرشيد على كفه فتعلقت ذبابة، وتعلق برجلها، وطارت وذهبت به فقال الرشيد، صدق الله تعالى في قوله. (ضعف الطالب والمطلوب). ولما أستخلف الهادي ودخل عليه الرشيد ورأى (الإسمعيلي) في يده حسده عليه، وأراد أن يقترن (بالجبل). وحين خرج من عنده أتبعه الفضل بن الربيع مع إسمعيل الأسود بأن يبعث (الإسمعيلي) إليه وأن لم يفعل، فجئني برأسه. ولحقه الربيع وأخبره بالقصة فقال: والله لا أعطيه إلا بيدي. فرجع معه إلى أن بلغنا الجسر فأخرجه من إصبعه وقال: يا فضل أهو (الإسمعيلي؟). قال: نعم. فرمة به في دجلة. فطلبوه، فلم يوجد إلى أن استخلف الرشيد ومضت من خلافته سنة وكان بالخلد يذكر ما عامله به موسى فتذكر الخاتم. وأمر الفضل بالغوص لطلبه فقال: يا سيدي قد طلب مراراً، وأني لأظن أن قد علاه أكثر من أربع أذرع من الطين لتطاول المدة. ثم مضى الفضل مع الغواصين فقال له أحدهم: قف موقف الرشيد وارم بمدرة في قدر الخاتم كما رمى به. ففعل وأول ما غاص الغواص

في مسقط المدرة بعد أن قدر ما يميل الماء به إلى أن يبلغ القرار، أخرج الخاتم بعينه كما هو. وقرنه الرشيد بالجبل كما أراد الهادي، ولم يكن أن تبلغه المقادير ما أراد. وذكر نصر: إنه كان بهرماناً معصفراً صافياً يتزن ثلاثة مثاقيل غير دانق وقيمته مائة ألف دينار. (وفي ص 264) حكاية في عدم الاسرب في بلاد الصين ولعزة الاسرب في أرض الصين يستعمل الرصاص القلعي بدله فيما يحتاج إليه منه، ولهذا يحمل إليها في البضائع. قال بعض تجار الحرب: إن من رسمنا أن نحمل للضعفاء بضائع، ويتبرك بذلك، وأنا كنا في بعض المرات بالابلة قد أصلحنا شأن السفن إلى الصين، إذ وقف علي شيخ وقال: إن لي حاجة قصدت بها غيرك، فخيبني فيها، وقصدتك واثقاً منك بأنك لا تفعل فعلهم. قال: وما هي؟ قال: قال لا أقول حتى تضمن قضاءها، ففعلت وأحضر وصلة أسرب نحو المائة مناً. ثم قال: حاجتي أن تأمر بحملها حتى إذا بلغت اللجة الفلانية أمرت بطرحها في البحر. قلت: لا أفعل. قال: وأين الضمان؟ وما زال بي حتى أخذتها وكتبتها في الروزنامجة باسمه وداره في البصرة. فلما توسطنا تلك اللجة إنساناً الله عز وجل بعصوف الرياح أنفسنا فضلا عن تلك الرصاصة، وبلغنا القصد، وبعنا ما معنا، فحضر رجل يطلب أسرباً فأجبته: إني ما حملت منه شيئاً. وذكرني الغلام تلك البضاعة فقلت: خالف الآن الضمان وما علي بيعها. فاشتراها الرجل بمائة وثلاثين ديناراً، وابتعت لصاحبها طرائف من الصين، وانصرفنا ولم يأتني الشيخ، فصعدت داره وسألت عنه فقيل: إنه توفي. فقلت: هل خلف أحداً. فقالوا: إن له ابن أخ في بعض نواحي البحر، وأن داره موقوفة في يد أمين القاضي. فتحيرت ورجعت إلى الأبله وبعت تلك البضاعة بسبع مائة دينار. وبينا أنا ذات يوم (كذا) إذ وقف رجل على رأسي وقال لي: أنت فلان؟ قلت: نعم. قال: كنت خرجت إلى الصين وبعت بها وصلة عام أول. قلت: نعم. قال: أنا اشتريتها، وقد قطعتها للاستعمال فوجدتها مجوفة وفيها اثنا عشر ألف دينار. وقد جئت بها إليك فخذها. قلت له: زدت ويحك

في البلية وقصصت القصة عليه فتبسم متعجباً وقال: أتعرف الشيخ؟ قلت: لا إلا بما حكيت. قال: هو عمي وليس له وارث غيري، وكان يفرط في بعنائي حتى اضطررت إلى الهرب من البصرة منذ سبع عشر سنة، وأراد أن يزوي المال عني، فأبى الله إلا ما ترى على رغمه، فأعطيته السبع مائة دينار وذهب إلى البصرة وأستوطن دار عمه في أوسع نعمة وأرغدها. ف. كرنكو تصحيحات بعد السلام والاحترام. نسيت في مكتوبي الأخير تصحيح بعض الهفوات في الجزء السابع من مجلتكم: ورد في ص 544 س1: (حلية الأولياء للفضل بن دكين أبي نعيم). قلنا: ليس الفضل بن دكين صاحب الحلية، لأن بين الفضل هذا وأحمد بن عبد الله صاحب الحلية نحو من مائة سنة. فالفضل اقدم من أحمد وهو شيخ شيوخ أحمد. وجاء في 544 س13: (الأمثال للمدائني). قلنا: لا نعرف للمدائني كتاباً بهذا الاسم، إنما كتاب الأمثال للميداني، على ما هو مشهور. وفي ص 545 س8: (طبقات ابن أسعد) والصواب: (طبقات أبن سعد) بغير ألف، ويقال: طبقات محمد بن سعد) وتصنيفه مشهور مطبوع. (ل. ع) اسعد من غلظ الطبع. في 28 تموز سنة 1931 وستكليف اون سي (إنكلترة): المخلص ف. كرنك صاحب كتاب الفاضل في صفة الأدب الكامل بعد أن طالعنا كتباً عديدة لنتبين اسم صاحب هذا الكتاب أصبنا أنه: (محمد ابن اسحق بن يحيى النحوي المعروف بالوشاء). قال: ناشر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1: 254) في الحاشية ما هذا نصه: (قلت: له من المؤلفات كتاب الموشى المعروف بكتاب الظرف والظرفاء طبعه الخانجي (وقد سبقه الإفرنج إلى طبعه سنة 1886) وله كتاب الفاضل من الأدب الكامل، توجد منه نسخة بمكتبة مجلس بلدية الإسكندرية ونسخة قديمة في المكتبة الخالدية بالقدس. وأبو الطيب الوشاء حدث عن أبي العباس ثعلب والمبرد وطبقتهما كما في تاريخ الخطيب. مصطفى جواد

أصل اليزيدية وتاريخهم

أصل اليزيدية وتاريخهم - 5 - الغلو في العقائد والعوائد 1 - قبل عدي: إن هؤلاء قبل مجيء عدي إليهم، كانوا يتعصبون ليزيد. ولكن دخول الشيخ يزيد بين ظهرانيهم، خفف نوعاً من غلوائهم، فدعاهم للإصلاح، فمالوا إليه كل الميل وأطاعوه طاعة عمياء، ليس وراءها طاعة، فصار لا يرد له قول. 2 - عدي لا يأكل ولا يشرب: وهذه المتابعة أدت إلى أن اعتقدوا فيه اعتقاد المغالين، وهو في قيد الحياة، فقالوا عنه أنه لا يأكل ولا يشرب. ولما سمع بذلك برز إليهم وصار يأكل ويشرب بمشاهدة منهم، وأبدى أنه بشر يحتاج إلى ما يحتاجون إليه، بلا فرق من تعاطي ضروريات الحياة، وأنه لا غنى له عنها. (راجع: ص 89 من القلائد نقلا عن الذهبي.) 3 - الغلو بعد وفاة عدي: وأهم ما جرى من الغلو بعد وفاته، ما أشار إليه (ابن تيمية) في وصبته الكبرى. وكذا ما أورده صاحب البهجة وهو معاصر لأبن تيمية. فقد نقل عن الشيخ عدي خوارق لا تزال آثارها مرعية إلى اليوم. وأيدها صاحب القلائد بالمنقول عن مؤرخين عديدين مثل الذهبي، وابن كثير، والعليمي. وإني ذاكر ما يوضح الموجود اليوم ضارباً صفحاً عما أندثر، أو لم يعثر عليه في عقائدهم الموجودة. وهنا أكرر القول أن المتعلمين إذا نقلوا في كتبهم أمثال هذه، فمن الأولى أن لا يستغرب نقل اليزيدين عن كبارهم وأن يحمل ذلك على جهلهم. فإذا انتبهوا وزال الجهل عادوا إلى صفوة العقيدة، ونفذوا إلى روحها. والرجوع إلى الأصل، كما حصل شذوذ في المبدأ، شأن العقلاء الذين لم تكن نياتهم سيئة.

4 - الخطة أي الدارة: هذه من أقدم العوائد المنقولة. يقال أن عدياً كان لا يخرج من زاويته إلا وبيده عكازته. وهي من الخشب اليسر. فخيط بها (دارة). وهي المعروفة اليوم (بالخطة) يراقب فيها. وكان يجلس من أراد فيها من أكابر أصحابه ليسمع كلام الشيخ عبد القادر الجيلي في بغداد. وأما الشيخ عبد القادر فكان يقول حينئذ لأهل مجلسه: عين الشيخ عدي ترمقكم فدخل يوما الدارة، فحنى عنقه حتى كاد رأسه ينال الأرض، وأخذه وجد عظيم، وتكلم بكلام حسن لطيف، بين فيه حال الأولياء فسئل عن ذلك فقال: قد قال الشيخ عبد القادر ببغداد في هذا اليوم: (قدمي هذه على رقبة كل ولي) في الوقت الذي أرخناه. (ر: القلائد والبهجة) ومهما كانت درجة صحة هذا النقل فأن تاريخه يصل إلى عام 618هـ أي بعد وفاة عدي بمدة ومنه يعلم درجة ارتباطهم (بالخطة) بحيث أننا نشاهدهم الآن لا يجوزون خرقها، أو انتهاك حرمتها، بحيث لا يحلف أحدهم بها كذباً، وإذا خطت حوله، لا يتمكن من الخروج منها ولا خرقها بيده، ولو أدت إلى هلاكه (ر: أوليا جلبي ج 4 ص 69 وغيره)، ومن هذا الأمر عم الشمول وتولد ليزيد خطة كما لعدي. ومن أيمانهم المعروفة ما جرى حين حسم قضية إدارية بين يزيديين فأحيلت إلى مجلس التحكيم فقرر لزوم تحليف أحد المتنازعين بما صورته: (أخرج من خطة يزيد، وأدخل خطة العجم، أن كنت فعلت كذا وكذا.) ومن شكل اليمين هذه يفهم درجة ارتباط اليزيدي بالخطة، وفي الوقت نفسه يعرف عداؤهم المتمكن للعجم. ثم أن الغلو في هذه الخطة، بلغ حده إلى درجة أن المخالفين لهم نرى أطفالهم يتخذون من اليزيديين بعض المهزئ للنكاية، أو لاستجلاب نفع طفيف بأن يتربصوا الفرصة لاتخاذ خطة حول أحدهم. وحينئذ لا يرفعونها إلا بعد الالتماس والرجاء الكثير، أو أخذ دريهمات، أو حصول من يمر ويشاهد هذه الحالة فينقذ من أجريت الدارة حوله.

هذا مبدأ هذه العقيدة أو الاعتياد، وهذا تطورنا إلى هذا اليوم.! وما يعطف لها من الأهمية. وعندنا نظيرها تقريباً، ومعروفة في إنحائنا. ولكن الأمة المتكتمة تسجل كل حركاتها وسكناتها باعتبارها كلها غرائب وعجائب. ولو دونا كل معروف عندنا لفتحنا فتحاً عزيزاً من الخرافات والأساطير التي لم يعثر عليها من قرأ كتبنا الدينية ومدوناتنا. 5 - مقاطعة اللعن: إن مقاطعة اللعن كانت نصحاً صوفياً قويماً، أختاره الشيخ عدي بن مسافر، ويراد به الانصراف إلى العبادة والتقوى، دون التفات إلى ما لا يعني من الأمور الشخصية، مما يولد الشحناء بين المسلمين. بالوجه الذي أشير إليه فيما سبق. وأساس ذلك آية (ولا تنابزوا بالألقاب) وحديث (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) و (المسلم من سلم الناس من يده ولسانه) الخ. ولكن قد يتولد من المبدأ الحق عكس الغرض المطلوب الذي هو إزالة البغضاء بين العناصر الإسلامية. لم تمض مدة إلا وقد طبق الموضوع بتمامه وروعي حرفياً، وقاوموا اللعن بشدة. وما زالوا عليها ولا يزالون. سوى أنه حصل منهم ما يدعوا إلى التمسك بالألفاظ وقلب الغرض. إن ترك المبدأ الأصلي وعد هذا النصح ديناً. ومن غلهم في أمر اللعن وشدة تمسكهم باللفظ أنهم حرموا: 1 - اللعن وما أشتق منه فلا يجوز لأحدهم أن ينطق بذلك. 2 - نعل. وهو مقلوب لعن، ونعل الدابة يسمونه (صول) و (نعلبد) المألوف عندنا (صولبند). 3 - نيل. وهذا تحتوي ألفاظه على أكثر حروف اللعن، فهذا أيضاً من المحرمات، خوفاً من أن يجر إلى اللعن. 4 - الصبغ بالنيل. لأنه يجر إلى تسميته. 5 - خسأ الذي هو بمعنى لعن أو ما يقاربه. 6 - الخس. منعوا التلفظ به وأكله للسبب المار ذكره في النيل وذلك

لقربه من أخسأ (فعل الأمر). 7 - التفل (البصاق). وذلك لأنه يستعمل للإهانة والسب. فالأفعال التي يشوبها التحقير والقذف محرمة أيضاً. أما إذا دعت الضرورة أن يبصق المرء فيجب عليه أن يمسح فمه للدلالة على أنه لم يقصد النكاية أو الإهانة بأحد، وإنما أراد البصاق المجرد. ومثلها يقال عن أفعال الشتم كالإشارة باليد وسائر الأعضاء. 8 - الشيطان وإبليس. لأن المادة تدل على الذم. كذا مشتقاتهما. ولذا عبروا عنه (بطاووس ملك). 9 - النطق بأكثر حروف الشيطان في كلمات تردد ذكرها مثل: 1: شط - 2: شخاط - 3: طشت - 4: مشط. 10 - لا يأكلون التمر ويطرحون النوى إلى جهة الخلف لأنه يؤدب معنى الرجم. ولم يكتف هؤلاء بهذه الأمور، ولا وقفوا عندها. إذ أدت إلى عقائد جديدة وغلوا آخر، وحصل لهم من آمال فكرتهم إلى لزوم احترام (طاووس ملك). وأن عدم لعن يزيد منبعث عن اعتباره بدرجة رفيعة بحيث صار ذلك ديناً لهم، وترك (الدين الأصلي). وصار الشيطان ويزيد يعدان في المكانة العليا المحترمة المبجلة، فسول لهم بعض المغرضين، بأن قالوا لو لم يكن هؤلاء محترمين لما كف أجدادكم عن سبهم ولعنهم. وبلغ من غلوهم في العقيدة أن صاروا يضعون الشمع على لفظ (الشيطان) في القرآن الكريم، فصاروا لا ينطقون به تجنباً لذكر اسمه، والمعروف المنقول عن الثقات أن القوم يسمعون القرآن الكريم ويقرئونه. والفرق بيننا وبينهم - كما يقولون - (كسر الجرة) أي أننا في نظرهم نكسر الجرة ونخرق قاعدة (تحريم اللعن وذكر الشيطان) بالنطق بالألفاظ الممنوعة عندهم. وأن المثل عندنا (فلان كسر جرة) أي خالف معتقد اليزيدية وخرقه معروف، مشهور. ومن ثم يظهر رسوخ (قضية مقاطعة اللعن) وما تولد منها من نتائج مما ذكر وما يأتي. وهكذا يقال في كثير أمثالها مما دخلته العقلية المغلوط فيها

أو الفكرة الزائفة. 6 - عقيدة الشيطان عند اليزيدية: المشهور أن اليزيدية عبدة إبليس. وهذه لم تكن في الحقيقة عبادة، وإنما هي من نتائج مقاطعة اللعن، فانجرت إلى احترام للشيطان، وعده طاووس الملائكة بسبب تحريم ذكره لا بخير ولا بشر. وبهذا تراهم قد شذوا عن عقائد الأمم جميعها مع بعض الأقوام فلا نجد من يعظم الشيطان (أو يحترمه) سواهم. ولذا دعت هذه العقيدة إلى تقولات عنهم عديدة. فصار يخبط في القول بعض الكتاب، ويسحب أنه أتم البحث وبت فيه بتاً حاسماً. ولما كانت هذه القضية من أهم ما زاوله الكتاب، ولها مكانتها من البحث نظراً لما دعت إليه من التقولات والظنون. فأقدم نفسي إلى القراء في بسط القول عنها لإزالة ما علق أو يكاد يعلق بالأذهان مما هو غير صحيح. ولبيان حقيقة تولد هذا المعتقد أقول: لما كانت اليزيدية من أهل السنة، وعقيدتهم في الخير والشر كعقيدة (خيره وشره من الله تعالى) فلا يرون سلطة لأحد في التدخل في شؤون الكون لا للشيطان ولا لغيره إلا أنهم لما كانوا صوفية غلب عليهم التفويض وبالغوا في التوقي من نسبه أي فعل لأي مخلوق تنزيهاً للبارئ تعالى من شائبة الشركة. ومن الضروري أن ننظر أن هذه العقيدة كانت عندهم كذلك في الأصل. وحينئذ يعرض لنا سؤال: متى داخلتهم (عبادة الشيطان)؟ لا أقطع في تاريخ تبدل العقيدة وتحولها، وهو كما ترى غير دقيق، لأن هكذا قضايا لا تتبع في تدوينها الوقائع اليومية. وإنما يكون تبدلها تدريجياً. والتبدل المحسوس المنقول بصورة واضحة ظهر في نحو القرن الثاني عشر الهجري. والصحيح أن هذه العقيدة كانت قبل ذلك التاريخ بكثير وأما صاحب (دبستان مذاهب) - وأن كان لم يذكرها - فأن مؤرخي الموصل - ذكروها بصورة متأخرة، إلا أن الاعتقاد قد سبق التدوين بلا شك، ولم يشعر بها الخارج إلا بعد مضي وقت طويل. والأمر الذي يستوقف الأنظار أنهم من أين داخلتهم؟

لننظر إلى المجاورين: أننا لا نرى أمامنا من العقائد المجاورة سوى المسلمين، وبغض فرق النصارى من أرمن ونسطوريين ويعاقبة. ممن موطنهم الأصلي مجاور لهم، أو مختلط بهم، ولو راجعنا مدونات المسلمين، فلا نرى في عقائد النصارى عن الشيطان ما يماثل عقيدة اليزيدية، وإنما نشاهد النص التالي: قال في (كتاب الفرق): (. . . - هذا ما جمعوا عليه - أما الذين انفردوا (من فرق النصرانية) فأن فريقاً منهم قال أن الله لما رأى الشيطان قد علا شأنه، وعجل (كذا) أمره وعجزت الأنبياء عن مناوأته وجه أبناً له أزلياً قديماً منفرداً، يخلق الخلائق كلها فدخل في بطن امرأة، ثم ولد منها ونشأ وناهض الشيطان فأخذه الشيطان فقتله ثم صلبه بين يدي شرذمته من إخوانه. . . الخ) أهـ. هذا ما قص صاحب كتاب الفرق. ولم أعثر على ذكر لهذه النحلة في غيره. ولعل هذه العقيدة النصرانية الشاذة دخلت هؤلاء القوم وحذرتهم من الشيطان فصاروا يرهبونه ويتقون شره ويخشون ذكر اسمه. واللعن محظور في مذهبهم في الأصل فلا يذكر هو ولا غيره بسوء. ولما لم يجد سند قطعي في هذا الصدد يعول عليه لم نقطع بالأخذ من هؤلاء. ولكننا على كل حال لا نفكر بوجود عقيدة نصرانية شاذة إلا في تلك الديار أو ما جاورها، خصوصاً أننا نرى أكثر كتاب الغربيين يقولون بالاقتباس من عوائد النصارى كما عليه الفاضل الإيطالي وصاحب كتاب النسطوريين وغيرهما. وقد ذكرت المعلمة الإسلامية تحت لفظ (شيطان) معتقد اليهود والنصارى فيه، وعددت النصوص المعتبرة للإحالة والمراجعة. وكذا دائرة المعارف للبستاني بينت نصوصاً للمراجعة، وعينت كتباً تاريخية ذكرت قضية إبليس، ونتفاً عن

اليزيدية لم تتعد بها من سبقها. وأيضاً كل التواريخ الإسلامية التي تتكلم على الخليقة تبحث عن قصة إبليس. ومما يلفت الأنظار فيها ما ذكره صاحب (الجدول الصفي من البحر الوفي) نقلا عن وهب بن منبه وغيره عن خلقة العالم وخلقة الإنسان فليراجع فأنه يصلح أن يكون موضحاً لعقائد كثيرين بسبب انتشار هذه الأقوال، خصوصاً في إبليس. ومن (الجدول الصفي) هذا نسخة مصورة في مكتبة الأوقاف العامة. 7 - عقيدة المتصوفة في الشيطان: وعلى كل حال يجب أن لا نقف عند هذا الحد بل نتجاوز هذه الناحية من التحقيق وأن كان لها تأثير، فنراجع مصدر آخر أقوى يصلح للأخذ فتكون عقيدة اليزيدية شكلاً موسعاً لها ولما تقدم ذلك: إن بعض غلاة الصوفية ممن انتشرت طريقتهم في هذه الأنحاء مثل الحلاج ومحيي الدين بن عربي، والقنوي، وابن سبعين. قد أحدثت طرائقهم دوياً وأثرت في متصوفة كثيرين بسبب ما رأوه من المناصرة. وأني أنقل للقراء: 1 - عقيدة الحلاج في الشيطان. قال في الطواسين: (ما صحت الدعاوى لأحد، إلا لإبليس وأحمد (ص)، غير أن إبليس سقط عن العين، وأحمد (ص) كشف له عن عين للعين. . .) الخ ما جاء في هذا الفصل والفصول الأخرى فيبرر له الامتناع والسجود. ويجعله في منزلة لم ينلها أحد. وبين أن أساتذته إبليس وفرعون. وفيه ذكر اشتقاق إبليس وعزا زيل. وفيه أيضاً: (قال الحسين بن منصور لما قيل لإبليس: أسجد لآدم! خاطب الحق. أرفع شرف السجود عني إلاك حتى أسجد له. إن كنت أمرتني فقد نهيتني! قال فأني معذبك عذاب الأبد فقال: أولست تراني في عذابك لي قال: بلى. فقال: فرؤيتك لي تحملني على رؤية العذاب، أفعل بي ما شئت. فقال: أجعلك رجيماً. قال إبليس: أليس لك بحامد. أفعل بي ما شئت. وأورد: جحودي لك تقديس ... وعقلي فيك تهويس فمن آدم إلاك ... ومن في البين إبليس

ومبدأ ذلك هو ركون اليزيديين، بل رؤسائهم إلى غلاة المتصوفة. فقالوا عن إبليس (طاووس الملائكة) كما قال المتصوفة، وأنه وجب عليه أن يمضي بمقتضى ما قدر عليه. وأساساً قد داخلهم الغلو بشهادة مؤرخين كثيرين. 2 - قول أحمد الغزالي: قد توجع له أحمد الغزالي (أخو حجة الإسلام محمد الغزالي) حينما سئل عن إبليس في قصة إبائه عن السجود قال: - لم يدرك المسكين أن أظافر القضاء إذا حكمت أدمت، وقسي القدر إذا رمت أصمت. وأنشد: وكنا وليلى في صعود من الهوى ... فلما توالينا ثبت وزلت قال صاحب الكواكب الدرية: وقد رمي الغزالي المذكور بأشياء من ابن طاهر وابن الجوزي، على عادة المحدثين، والفقهاء مع الصوفية (راجع الكواكب الدرية ج2) و (اليزيدية لأحمد تيمور ص 46 نقلا عن شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد). 3 - نقول أخرى: قال السيد محمود شهاب الدين الآلوسي في تفسيره عند ذكر آية (وإذ قلنا للملائكة أسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس). (إن القوم - يعني الصوفية - يفيدون أن جميع المخلوقات علويها وسفليها سعيدها وشقيها، مخلوق من الحقيقة المحمدية (يريدون أن يغشوا العوام بهذه الكلمة). إلا أن الملائكة العلويين خلقوا منه (ص) من حيث الجمال، وإبليس من حيث الجلال. ويؤول هذا بالآخرة إلى أن إبليس مظهر جلال الله تعالى. ولهذا كان ما كان ولم يجزع، ولم يندم، ولم يطلب المغفرة لعلمه أن الله يفعل ما يريده، وان ما يريده هو ما تقتضيه الحقائق. فلا سبيل لتغييرها وتبديلها. وأستشعر ذلك من ندائه بإبليس ولم يكن اسمه من قبل، بل كان اسمه عزازيل، أو الحارث، وكنيته أبا مرة. ووراء ذلك ما لا يمكن كشفه. والله تعالى يقول الحق وهو يهدي السبيل.) أهـ.

ثم أورد الآلوسي ما أورد أحمد الغزالي وقال: (وكم أرقت هذه القصة جفوناً، وأراقت من العيون عيوناً. فأن إبليس كان مدة في دلال طاعته، يختال في رداء مرافقته، ثم صار إلى ما ترى، وجرى به القلم ما جرى.) وعلق على آية (فأزلهما الشيطان) أنه قيل أرسل بعض أتباعه إليهما، وقيل بينما هما يتفرجان في الجنة إذ راعهما طاووس تحلى لهما على سور الجنة، فدنت حواء منه وتبعها آدم فوسوس لهما من وراء الجدار، وقيل توسل بحية تسورت الجنة. إلى آخر ما جاء في قضية الازلال والاضلال. وهذا الإجمال من الآلوسي، بصورة عامة يوضح درجة حب المتصوفة له وتعصبهم نحوه. ومن ثم ندري كيف تعبر الأمة الجاهلة عن جهلها. وتبين عن درجة تعلقها به، ومغالاتها فيه إلى درجة إنها تضع على لفظه من القرآن الكريم الشمع. ويقال - على ما هو الشائع عند اليزيديين - أنه كانت له سبعة تماثيل من معدن نفيس لا مثيل له فيما يرونه من المعادن. ولكنها رفعت أو غابت من البين. والموجود الآن من التماثيل قد أتخذه القوالون للارتزاق. وهذه تمثل الحمام أو الدجاج. 8 - زبدة البحث: إن منشأ هذه العقيدة في الأصل أن الخير والشر من الله تعالى، فلا يسند إلى غيره تصرف، وان اللعن مذموم، فحصل من آمالهم إلى أنه ما ترك لعن إبليس إلا لمكانته وحرمته، واستفادوا من سلوك الصوفية في التعصب له، وهو منهم فداخلهم غلاتهم وشوشوا معتقدهم. وقد ساعد على ذلك المنقولات القصصية الخرافية من أنه: 1: كان أعبد الملائكة - 2: وكان يحمل العرش وحده ستة آلاف سنة - 3: وكان طاووس الملائكة - 4: وما ترك في السماء رقعة؛ ولا في الأرض بقعة إلا وله فيها سجدة وركعة؟ وهذه وأمثالها لم يثبت بالنقل الصادق ورودها، وليس في القرآن شيء

من ذلك، ولا جاء خبر صحيح عن النبي (ص) بإسناد صحيح، ولا ضعيف. فلا يحتاج بها في أصول الدين. فأن كان قد قالها الوعاظ أو المصنفون في الرقائق أو بعض من ينقل في التفسير من الإسرائيليات مما لا اصل له، فلا يعتبر ذلك ولا يحتج به. فإذا أضيف إلى ذلك ما تستر به غلاة المتصوفة وزنادقة الإسلام كان ما تمكنوا به إفساد عقيدتهم بالتسويلات المذكورة، وبالجهل. وقد صرح ابن تيمية أن هذه العقيدة منقولة عن الأكراد بسبب الجهل ويقصد بالأكراد هنا اليزيدية. (راجع: ج 2 من منهاج السنة) وإلا فالآيات المعارضة كثيرة منها: 1: كان من الجن ففسق - 2: إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين - 3: اخرج منها فإنك رجيم - 4: وان عليك لعنتي إلى يوم الدين. إلى آخر ما جاء منها. 9 - عقيدة المعتزلة والقدرية (الفرقة الشيطانية): ولا يعلق بالأذهان أن هؤلاء اليزيدية قد اقتبسوا عقيدتهم من المعتزلة والقدرية: لما يشاهد من النصوص الموهمة، لأن هؤلاء صوفية لا ينكرون في شيء فعل لغير الله تعالى، فهم أقرب إلى الجبر والتفويض بخلاف أولئك. قال في (التمهيد): (قالت المعتزلة والقدرية: إن الخير من الله والشر من العباد. وقال بعضهم أن الله خلق إبليس وإبليس خلق البشر. وقال بعضهم أن الله تعالى خلق العباد والعبد خلق الشر. وقال بعضهم: إن الله ما خلق إبليس، لأنا لو قلنا بأن الله تعالى خلق إبليس يؤدي إلى إثبات الشر من الله تعالى. لأن إبليس خلق الكفر والشر، والله خلق إبليس فصار كأنه خلق الشر وأراده. وهذا لا يجوز. وهؤلاء القوم من القدرية تسمى (الشيطانية). وهذا هو المذهب عند المجوس بعينه. وهذا كفر. ولهذا المعنى قال النبي (ص): القدرية مجوس أمتي. لأن إبليس لو لم يكن مخلوقاً لكان قديماً، فيكون في إثبات الشركة مع الله، وهذا كفر. . .) أهـ. وهذا النص وأمثاله كثير يؤيد أن لا علاقة لهؤلاء اليزيدية به. وأصل العقيدة هو الموضح للتقلبات والتطورات.

(ملحوظة). وهناك عقائد للباطنية تخالف كل العقائد المارة في الشيطان، ولكن ليس لها صلة بهذا الموضوع. ولذا اضربنا عن ذكرها، إذ ليس الغرض بيان كل العقائد فيه. 10 - المجرة عند اليزيدية: قال عبد الرحمن العمري الموصلي في مجموعته التاريخية المكتوبة بخطه عام 1246هـ وعندي النسخة الأصلية وأظنها الوحيدة، (- بعد أن ذكر عدياً - قال: وقد ابتلاه الله بعبدة الشيطان الدنادية والشيخان والموسسان، يزعمون أنه الإله وهو (رض) بريء منهم. ومن اعتقادهم الفاسد: إنهم يزعمون أن الله سبحانه وتعالى دعا الشيخ عدي (كذا وصوابه عدياً) إلى الضيافة، ورقاه إلى السماء، ومعه مريديه على الخيل فأطعمهم وسقاهم ولم يكن عنده شعير ولا تبن. فأرسل الشيخ عدي أحد مريديه إلى الأرض وحمل له شعير وتبن (كذا) من زرع الشيخ عدي وعرجوا به إلى السماء وجروه. فصار محل الجر ابيض. وهو نهر المجرة المعروف بين العامة بمسحل الكبش. وكثير من هذا الكفر المحض. ويبدلون لفظ الشيطان من القرآن، ولا يذكرون بكلامهم شط، ولا نعل وأمثال ذلك.) أهـ بحروفه. وفيه نصوص تصلح لتأييد الكلام عليه. وعقيدة المجرة مما لا يعول عليه وهي أساطيرية، ومنشأها الجهل والنقل عن القصص، فلا يؤمل أن يرى القارئ في هؤلاء البدو عقيدة نقية عن الزيغ. ولغتهم غير لغة الدين الذي يتمسكون به. وعندنا تسمى المجرة (بمسحال الكبش. وهذه منقولة عن قصص مشهورة ومتداولة. ويقال لها أيضاً: درب التبانة). ومن ثم ترى المقاربة. المحامي عباس العزاوي

الراية واللواء وأمثالهما

الراية واللواء وأمثالهما - 2 - وذكر صاحب مسالك الأبصار عن ابن القويع أن سلطان مملكة تونس له (علم أبيض) يسمى (العلم المنصور) يحمل معه في المواكب، وذكر أن الأعلام التي تحمل معه في المواكب سبعة أعلام: الأوسط أبيض، وإلى جانبه أحمر، وأصفر، وأخضر. قال: ولا أتحقق كيف ترتيبها وذلك غير أعلام القبائل التي تسير معه فلكل قبيلة علم تمتاز بما عليه من الكتابة مثل (لا أله إلا الله) أو (الملك لله) وما أشبه ذلك (راجع صبح الأعشى لأحمد القلقشندي ج 5 ص 143). ويقال أن دولة (قرا قوينلو) أي الخروف الأسود إنما سميت بهذا الاسم لاتخاذها في أعلامها رسم خروف اسود. ودولة (أق قوينلو) كانت ترسم على راياتها (خرافاً بيضاً) وكلتاهما من التركمان. أما التركمان السارلو، فالظاهر إنهم اتخذوا الرايات الصفر لأن معنى (ساري) اصفر، ومعاصرتهم لتينك الدولتين اقتضت مخالفتهم لهما. وكان الشيخ حيدر أبو الشاه إسماعيل الصفوي الأول قد أجتمع ناس إليه وحسنوا له الجهاد والغزو في حدود كرجستان (جورجية) فجعلوا لأنفسهم رماحاً من أعواد الشجر، وألبس كلاً منهم تاجاً أحمر من الجوخ فسماهم الناس (قزلباش)، ويقال أن حيدراً أول من ألبس أتباعه التاج الأحمر. تبييض الأمويين على عهد العباسيين في سنة (132هـ) بيض حبيب بن مره المري وكان من قواد مروان الحمار وفرسانه، وسبب تبيضه خوفه على نفسه وقومه فبايعته قيس وغيرهم ممن يلهم من أهل تلك الكور، البثنية، وحوران، فقاتله عبد الله بن علي العباسي بأرض البلقاء والبثنية وحوران وحصلت من الفئتين واقعات. ثم صالحه عبد الله

ابن علي وآمنة ومن معه وخرج متوجهاً نحو (قنسرين) للقاء أبي الورد مجزأة ابن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي وهو من أصحاب مروان أيضاً وقوداه وفرسانه، وتفصيل أمره أن مروان لما هزم كان أبو الورد بقنسرين فقدمها عبد الله بن علي فبايعه أبو الورد ودخل في ما دخل فيه جنده، وكان ولده مسلمة بن عبد الملك مجاورين له ببالس والناعورة، فقدم بالس قائد من قواد عبد الله بي علي في مائة وخمسين فارساً، وعبث بولده مسلمة بن عبد الملك ونسائهم فشكا بعضهم ذلك إلى أبي الورد فخرج من مزرعة له يقال لها (زراعه بني زفر) ويقال لها (خساف) في عترة من أهل بيته حتى هجم على ذلك القائد وهو نازل في حصن مسلمة فقاتله حتى قتله ومن معه وأظهر التبييض والخلع لعبد الله بن علي، ودعا أهل قنسرين إلى ذلك فبيضوا جميعهم، وأبو العباس يومئذ بالحيرة. فلذلك توجه عبه الله بن علي لقتال أبي الورد، فمر بدمشق وخلف فيها أبا غانم عبد الحميد بن ربعي الطائي في أربعة آلاف رجل من جنده. وكان يومئذ بدمشق امرأة عبد الله بن علي (أم البنين) بنت محمد بن عبد المطلب النوفلية أخت عمرو بن محمد، ومعها أمهات أولاد لعبد الله أيضاً وثقل له. فلما قدم عبد الله (حمص) في وجهه إلى قنسرين أنتقض عليه أهل دمشق و (بيضوا) ونهضوا مع عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي، ولقوا أبا غانم ومن معه فهزموه وقتلوا من أصحابه مقتلة عظيمة وانتهوا ما كان عبد الله بن علي خلفه من ثقله ومتاعه في دمشق ولم يتعرضوا لأهله. وكان قد تجمع مع أبي الورد جماعة من أهل قنسرين، وكاتبوا من يلهم من أهل حمص وتدمر، وقدم إليهم ألوف عليهم (أبو محمد عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فرأسوا على أنفسهم أبا محمد المذكور ودعوا إليه وقالوا هو (السفياني) الذي كان يذكر، وكانوا نحو من أربعين ألفاً فتحاربوا غير

مرة وقتل أبو الورد في نحو من خمسمائة من أهل بيته وقومه وهرب أبو محمد السفياني ومن معه من الكلبية إلى تدمر، وآمن عبد الله بن علي أهل (قنسرين) و (سودوا) وبايعوه في طاعته ثم أنصرف راجعاً إلى دمشق لما كان من تبييضهم وهزيمتهم أبا غانم، وفي هذه السنة بيض أهل الجزيرة وخلعوا أبا العباس) وتتمة الخبر في الأصل. في السواد أيضاً أول من لبس السواد من العلويين مظاهرة للعباسين (الحسن بن زيد بن الحسن ابن علي بن أبي طالب - ع -)، يكنى أبي محمد وكان أمير المدينة قبل المنصور الدوانيقي وعمل له على غير المدينة، وكان معاوناً للعباسين على بني عمه (الحسن المثنى بن الحسن) وبلغ من السن ثمانين سنة وتوفي - على ما قال أبن الخداع - بالحجاز سنة ثمان وستين ومائة وأدرك زمن الرشيد ولا عقب لزيد أبن الحسن إلا منه، وكان أحمد بن عبد الله بن موسى الجون الحسني يلقب (المسود) لأنه كان يعلم في الحرب بسواد يلبسه. وكان على أبواب المقصورة من جامع المدينة التي بناها المنصور بوابون بثياب سود يمنعون من دخول أحد إليها إلا من كان من الخواص المتميزين بالأقبية السود، ومن لم يتقب بسواد يردوه وكان هذا رسماً جارياً مأخوذاً به في سائر مقاصير الجوامع ثم بطل ذلك فلا يلبس السواد والقباء سوى الخطيب والمؤذنين. ويهود اليمن اليوم يلبسون السواد وطاقية سوداء من قطن ورئيسهم الديني يلف منديلاً أسود على الطاقية، وق ذكرنا فيما تقدم راية رسول الله - ص - يوم الفتح وفاتنا أن نذكر ما جاء في كتاب الأعلام ونصه: (ومنها (أي من المساجد المباركة) مسجد الراية فيه مئذنة ذات دورين تهدم رأسها الآن. . . ويقال أن النبي - ص - ركز رايته يوم الفتح في هذا المسجد) كذا والصواب (في موضع هذا المسجد).

الصفرة للدولة الأيوبية إن الدولة الأيوبية لما محقت الدولة الفاطمية لم يكن لها بد من مخالفتها في شعارها وغيره فطرحت البياض شعار الفاطميين واتخذت (الصفرة) شعاراً لها مقلدة بذلك الدولة الاتابكية. فالرايات كانت عندهم عدة، منها راية عظيمة من حرير أصفر مطرزة بالذهب عليها ألقاب السلطان واسمه، وتسمى (العصابة) ومنها راية عظيمة في رأس خصلة من الشعر تسمى (الجاليش) ورايات صفر تسمى (السناجق). قال السلطان عماد الدين أبو الفداء صاحب حماة في تاريخه: وأول من حمل السنجق على رأسه من الملوك في ركوبه (سيف الدين) غازي بن (عماد الدين) زنكي) (راجع صبح الأعشى ج 4 ص 8). تحقيق قد ذكرنا في ما تقدم أن أعلام بني أمية كانت بيضاً نقلا من مجموعة المستشرقين واستدركنا ما مضى منا في مضادة ذلك، ثم رأينا الدكتور الفاضل داود جلبي ينبهنا على ذلك الغلط بأسلوب أوعر من أسلوبنا (9: 542، 543) فخالفنا إلى أعظم ما نهانا عنه، فأن كان قولنا خطأً مؤكداً ففي أقوال بعض الأقدمين ما يدغم الشك في تأكده، فهذا الحسن بن عبد الله العباسي يقول في ص 102 من كتابه: (آثار الأول في الترتيب الدول) الذي أبتدأ تأليفه سنة (708) ما صورته: (وكانت للنبي - ص - راية من صوف أسود، وكانت له راية سوداء تسمى (العقاب. . .) وكان له عليه السلام ألوية بيض (وكانت أعلام بني أمية حمراً) وكل من دعا إلى الدولة العلوية فعلمه أبيض، ومن دعا إلى بني العباس فعلمه أسود) أهـ. ونقل هذا الفصل جرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي. أما تخطئته إيانا في ذكرنا البياض شعاراً للفاطميين، وان شعارهم الخضرة فهي خطأ مؤكد، وأما إغفالنا الخضرة في محفوظات الصبيان، فلا بد منه لأن سرد أخبارها صعب عليهم، وقيمة كل امرئ ما يحسن وفقه الله وإيانا للحق. مصطفى جواد (لغة العرب): (بعد أن أطلعنا على ما نمقه حضرة الكاتب المحقق في الأعلام حاولنا أن نزيد القراء فائدة فراجعنا عدة مؤلفات تبحث عن هذا الموضوع فلم

نزدد علما، ومن ذلك ما جاء في معلمة الإسلام في مادة (علم) قال: (العلم كلمة عربية وتجمع على أعلام وهو في الأصل العماد يهتدي به والراية، وفي هذا المعنى الأخير أتخذ في اللغة العربية الضادية (اللواء والراية) وكان لكل قبيلة بدوية قبل الإسلام علم خاص يميزها عن سائر القبائل بلونه، وكان يناط العلم برمح ويدفع إلى الرئيس الذي كان يأخذه إلى الحرب بوجه عام، وكان للنبي علم خاض اسماه (العقاب) ويقال أنه كان اسود ويروي النقلة أنه كان له أيضاً أعلام بيض، وفي عهد العباسيين أتخذ اللون الأسود، أما الأمويين فاتخذوا اللون الأبيض والعلميون اللون الأخضر (كذا) ويرى في مقامات الحريري الخطية التي في باريس تصوير بديع (راجع نقل هذه الصورة في كتاب الصناعة الإسلامية لميجون - 2: 3 - ) ففيه صورة علم العباسيين الأسود. وقد جارى الفرس والترك العرب فاتخذوا أعلاماً (راجع في هذه المعلمة مادة بيرق ودرفش وسنجق). وللأعلام مكان رفيع لا في الحرب فقط، بل في الحياة الإسلامية الدينية فللمسلمين في مثل هذه الحالة أعلام مختلفة الأشكال مع آيات مطرزة وأغلب هذه الآيات تتعلق بإيمان المسلمين وتعلق برماح مزينة وفي الطوافات الدينية، ولا سيما في أيام عاشوراء يحمل عدد عديد من هذه الأعلام في إيران وفي الهند (كذا واغفل العراق) وفوق الرماح صورة كف إنسان مفتوحة وهي مما تجلب الأنظار إليها ومن العادة الجارية أيضاً أنه في صلاة الجمعة يركز علمان عن يمين المنبر ويساره) أهـ وممن أجرى قلمه في وادي هذا المعنى جرجي زيدان قال: في (1: 166) من تاريخ التمدن الإسلامي ما نصه: (لا نعرف ما كانت ألوان الرايات في الجاهلية سوى راية (العقاب) فقد تقدم إنها كانت سوداء وكذلك كانت راية النبي، وذكر صاحب آثار الأول أنه كانت له أيضاً ألوية بيضاء (كذا والصواب بيض) أما الرايات الإسلامية فقد كانت ألوانها تختلف باختلاف الدول فكانت أعلام بني أمية حمراء (كذا والصواب حمراً) وكل من دعا إلى الدولة العلوية فعلمه أبيض ومن دعا إلى بني عباس فعلمه أسود، والسواد شعار العباسيين على الإطلاق اتخذوه حزناً على شهدائهم من بني

لا ضمير بلا دين

هاشم ونعياً على بني أمية في قتلهم (كذا) ولهذا سموا (المسودة) ولما أفترق الهاشميون وخرج الطالبيون عن العباسيين في كل جهة وعصر ذهبوا إلى مخالفتهم في ذلك فاتخذوا الرايات بيضاء (كذا) فسموا (المبيضة) والظاهر إن شعار دعاة بني هاشم من الشيعة كان الخضرة لأن المأمون لما بايع لعلي بن موسى بولاية العهد، أمر جنده بطرح السواد ولبس الثياب الخضر حتى إذا رجع عن البيعة عاد إلى السواد.) أهـ فمن راجع هذه النصوص يتحقق أن الكتبة خلطوا البحث خلطاً شنيعاً ووجدنا حضرة الأستاذ المصطفى هو المصيب في كل ما وشته أنامله ولهذا نشكره على تحقيقه ونتمنى أن يجري على أثره كل من يكتب في مجلتنا. تراجم المشعشعيين كنا قد اقترحنا على حضرة مؤازرنا المحقق الأستاذ مصطفى أفندي جواد أن يضع لنا مقالاً في المشعشعيين فوشى لنا برداً بديعاً يقدره حق قدره كل من يعني بشؤون التاريخ، ولا سيما ما كان منها غير معروف. ثم دفع إلينا بعد ذلك فصلاً ثانياً في الموضوع نفسه، إلا أنه حصره في تراجم أولئك السلاطين، بعد أن قيد البحث الأول في أحداث أولئك الرؤساء ووقائعهما. ولما كان هذا الفصل الثاني يقارب في طوله صنوه الأول. أخرناه للجزء القادم لنحلي نحره بهذه القلادة الثمينة. لا ضمير بلا دين قد قيل سعي المرء يبلغه المنى ... ولطالما السعي الحثيث ونى به من منقذ شخصاً ألم به الأذى ... مذ شج من فتك الزمان ونابه أن الجهود هي الذنوب ولم يفد ... في النجح من ساع يجد ونابه قل للخطوب دعي القسوة جانباً ... وإذا هجمت فقي الضعاف ونابهي أني صديقك يا فتى ... ويهمني ما أنت به ولقد نصحتك دائماً ... فتقول لي: ما أنتبه مصطفى جواد

كنوز هيكل أدب

كنوز هيكل أدب أعظم مصدر لهذه الأنباء كتاب (بسمايا أو مدينة أدب المفقودة) لصاحبه الدكتور جمس بنكس النقاب الأمريكي وبعض كتب إنكليزية أثرية. كان في حروب العصور القديمة يفتك بالشعب المغلوب فتك ذريع، فيقتل الرجال وتسبي النساء وتهتك العذارى وتذبح الشيوخ والأطفال بدون رحمة وتدك القلاع والأسوار وتهدم الهياكل والقصور وتقلع المباني والدور بعد سلب ما فيها من الأحجار الكريمة والذهب والفضة والأثاث النفيس والتحف النادرة. وقد حدث لمدينة أدب ما حدث لغيرها من المدن الكبيرة التي دكت أسسها إلى الحضيض فأصبحت قاعاً صفصفاً بعد أن أستأصل العدو من ربوعها الحضارة والعمران فان آثار الدمار والخراب لا تزال ظاهرة كل الظهور في أطراف هذه العاصمة العظيمة فقد عثر المنقبون في هيكلها الكبير على تماثيل مبتورة الرؤوس مهشمة الأعضاء وعلى بضعة آلاف شقفة وشظية لأوان حجرية وصلصالية وخزفية وكلها تنبئنا بأن الجيش المنتصر لما استولى على هذه المدينة أخذ يسلب ما في قصورها وهياكلها ودورها من الجواهر واللآلئ بعد أن مثل بملكها وأمرائها وقوادها وأبطالها شر تمثيل وأغتال كهنتها ورؤسائها واستباح دماء الضعفاء العاجزين عن مقاومته. كانت العادة قديما في ديار شمر أن تصف على أحد أطراف قاعدة الهيكل تماثيل الملوك والملكات وأنصاب آلهة المدينة المقامة لحراستها من الطوارئ والنوائب فكان من أول واجبات الجيش الظافر أن يستأصل تلك الآلهة بقطع رؤوسها وبتر أذرعها وإنزالها من فوق قواعدها اعتقادا منه أن ذلك مما يزيل عنها قوة الألوهية التي فيها، ويحط من عظمتها وجبروتها، وبعد أن يتم لهم قطع أعناق الآلهة والملوك يقبلون على الهيكل فينزعون صفائح الذهب الملصق على جدرانه ويجمعون الآنية الفضية والنحاسية والأوعية المصنوعة من الجزع والهيصمي واللازورد وسائر ضروب الأحجار الكريمة فيحملونها إلى ديارهم

علامة للظفر والانتصار على عدوهم الأزرق باستيلائهم على تحف هياكله المقدسة ومجوهراته كما حدث للعبرانيين بعد ذلك بقرون. فأن نبوكد نصر الملك العظيم لما قهر الأمة الإسرائيلية حمل آنيتهم المقدسة المصنوعة من الذهب والفضة من هيكل أورشليم إلى بلاد بابل وقد خف لاستقباله الكهنة وشيوخ المدينة مستبشرين متهللين بفوزه المبين. أما المحفورات والأواني الخزفية والمصابيح والقناديل وما يضارعها من أدوات الزينة التي تحطمت كسراً عديدة حينما هجم الجيش الغالب على الهيكل للسلب والنهب؛ ولم تكن تصلح لشيء ما فألقيت في النفايات وطرحت في الزوايا ومنها دفن في أنقاض المباني فشيدت فوقها الأسس وقامت عليها العمارات ولم يحفل بها لأنها عدت في ذلك الحين من سقط الديار، فتلك العروض التي نبذها الفاتحون نبذ النواة ورموا بها عرض الحائط كشيء خسيس تافه أصبح في نظر الأثريين لا نظير له، بل لا يقاس بثمن لأنها وقفتهم على حياة أبناء تلك القرون وأنبأتهم بأساليب عيشتهم وصور عباداتهم وفنون حروبهم وضروب من شن غاراتهم. إن عثور المنقبين على تمثال (دا او ود) بين أنقاض قاعدة هيكل أور أنجور وعلى قطع تماثيل أخرى وشظايا أوان حجرية. (وقد وجدت مبعثرة تحت طبقات الأرض) تثبت قولنا كل الإثبات وتؤيد ما كتبه رجال التحقيق والتدقيق في مصنفاتهم وخلاصة قولهم: إن الأمة المغلوبة على أمرها كانت تسلم الذل والمسكنة وتمسي صاغرة لا حول لها ولا طول، فينزع من هياكلها وقصور ملوكها كل التحف والآثار النفيسة قسراً. إني رأيت أولاً أن أبحث في التماثيل التي زينت هياكل أدب لأن أهميتها في نظر الباحثين تفوق سائر التحف، ومنها تمثال الملك (دا او ود) إذ أن منزلته عظيمة عند الأثريين. وقد قال بعضهم أنه أقدم تمثال في العالم وعليه سأفرد له مقالا قائما برأسه وأنشره على صفحات هذه المجلة في فرصة أخرى. لقد عثر المنقبون على رؤوس تماثيل واذرع وأقدام وملابس ليست من الهيكل فقط، بل من جميع أطراف خرائب بسمى، فبعد أن أتموا جمعها وأكملوا تنسيقها ألفوا أن حجمها لم يكن واحدا فبينها الصغير والمتوسط والكبير، ومنها

أكبر من تمثال (دا او ود) وكان معظمها مصنوعاً من حجر يشبه حجر الرخام الأبيض، وبعضها مصنوع من الهيصمي ومن المستماز، وقد وجد الأثريون أن سبعة تماثيل كانت من طراز وعصر تمثال الملك (دا او ود) وثلاثة من رؤوس التماثيل كانت صحيحة، وهي سالمة من التشويه والتمثيل بها، غير أن بعض التماثيل كانت ناقصة الأعضاء فلو أهتم النقابون اهتماما صادقاً بالحفر والتنقيب لكانوا عثروا على القطع المفقودة وأعادوا تلك التماثيل الصحيحة كما كانت في أول أمرها بهيئتها ومنظرها. كشف النقابون أكبر رأس تمثال بالقرب من سطح احدور قائم إلى جنوبي الرابية السادسة وقد حمل من الهيكل وألقي هناك وهو من نوع تمثال الملك (دا او ود)، ومن حجمه بيد أن حجره أبيض مرن، وقد تشوه منظره على أثر إلقائه بقوة على الأرض وسحقه كرها له، فأعلى رأس التمثال مكسور، وكان وجهه عريضاً بصورة خارقة للعادة، وأنفه منبسطا، ومحاجر عينيه واسعة جدا ويعلوها أثناء ومطاو فارغة، وقد أزيلت تلك المادة التي كانت تركب فتمثل الحواجب، ويظهر أن إحدى المقلتين قلعت عمداً، هذا وان أغلب رؤوس تماثيل الشمريين مكتشفة، بيد أن على هذا التمثال أثناءاً قليلة الغور متوازية سائرة من طرفي الرأس إلى أعلاه. وهي تمثال شعرا منسدلا على الكتفين. وعثر الحفارون على رأس تمثال أصفر من الأول، وعلى هامته شعر طويل منسدل على المنكبين بصورة ضفائر، وقد كشفوا رأس هذا التمثال مع رأس تمثال الملك (دا او ود) بالقرب من الزاوية الشمالية القائمة على قاعدة الهيكل وكان علوه سبعة سنتيمترات في عرض ستة سنتيمترات ونصف سنتيمتر، ويلوح للناظر انه رأس امرأة، بيد أن المحققين من الأثريين ذهبوا إلى أنه رأس تمثال رجل وهو منحوت من حجر رخو، ولم يطرأ عليه ما يشوه رونقه، ويذهب بحسن تقاطيعه. على أن مادة الترصيع التي مثلت الحاجبين والمقلتين قد أزيلت. كان الرأس الثالث أصغر من الرأسين المتقدمين، وحجمه لا يزيد على حجم برتقالة، وهو مستدير، ونوعه وهيئته يشبهان رؤوس التماثيل التي اكتشفت في أنقاض المدن الشمرية، ولم يصبه أدنى عطب، وقد حفظ رونقه من التشويه

لأن الحجر الأبيض الذي نحت منه كان أصلب وأشد من غيره، وقد جدع أنفه وصلحت أطراف أذنه، وكان رأسه أملس ورأسه أصلع، وهو يشبه تماثيل رؤوس الشمرين، غير أن نقر الحواجب ومحاجر العينين كانت فارغة. كانت شظايا رؤوس التماثيل الأخرى مشوهة تشويها عظيماً، ومقطعة قطعا يصعب تلفيقها وتركيبها بحيث لا ينطبق عليها وصف كاتب، وعندي أحسن وصف لها عرض رسومها على نظر المطالع لتثبت صورها في ذهنه. فمنها ما كان مكسورا كسرا عديدا يصعب تركيبها، ومنها ما كان يظهر طرفا من الوجه الأيمن، ومنها كان يبين الطرف الأعلى من الأذن اليسرى، ومنها كان يشاهد منه قحف رأس يمثل شعره خطوطاً متعرجة تشبه الموج، وكانت هذه أحسن وأكبر رؤوس التماثيل المحطمة التي عثر عليها المنقبون. أما سواها فلا تستحق الذكر لأنها كانت كسرا صغيرا من الحجر المحطم بالمطارق والفؤوس. وقد كان من بينها قطع من قدم محفورة حفراً بديعاً وهي واقفة على قاعدة عمود، وأيضاً شظية طرف من العضد اليمنى مع الكتف مصنوعة من الهيصمي وفيها كتابة تكاد أن تكون آثارها طامسة لطول عهدها. أن معظم هذه الرؤوس كان متماثلا. بيد أن أحدها كان يختلف في شكله اختلافاً عظيماً، ويعد من أبدع واحسن الآثار التي وجدت في الأنقاض، وقد أكتشف هذا الأثر أحد رؤساء الفعلة بينما كان يزيل النفايات من غرفة صغيرة تبعد ثمانية أمتار عن الزاوية الغربية من برج الهيكل، وهنا عثر أيضاً على قطعة من أناء مثلم مصنوع من حجر أزرق وفيه بقايا أطراف كتابة لثلاثة اسطر. كان رأس ذلك التمثال مصنوعاً من الهيصمي الأبيض الناصع، وكان طوله من جبهته إلى أطراف لحيته عشرة سنتيمترات، وعلى رأسه غطاء ووجهه نحيف ذو أسل أي مثلج، وأنفه طويل، وهيئته تدل على أنه سامي النجار، وهو لا يشبه بوجه من الوجوه الرؤوس الشمرية، وكانت مقلتاه من العاج، وقد ألصقتا في محجريها بالقار الصلب، ولما كشفتا للنور سقطتا، لأن القار تكسر كسراً عديدة وقد أعادهما النقاب الأمريكي (جمس بنكس) إلى موضعيهما وألصقهما بغراء الزجاج، بيد أن بؤبؤي العينين كانا مفقودين، وقد بالغ في البحث عنهما

بين تلك الأنقاض ولكن بلا جدوى، إذ يحتمل أنهما كانا مصنوعين من حجر كريم نادر الوجود، وقد قلعا حينما نهبت كنوز الهيكل، وقد اكتشفت في الهيكل صور حيوانات مصنوعة من الهيصمي، وعيونها مرصعة بالحجر اللازوردي فيغلب على الظن أن ذينك البؤبؤين كانا من الحجر الأزرق. إن من يقابل هذا الرأس بالرؤوس الأخرى، فمن أول وهلة يرى أنه يمثل رجلا من سلالة غريبة، ومما لا ريب فيه أنه من عنصر سامي يرتقي إلى عصر سرجون الأول أو إلى الفاتحين الساميين الأشداء الذين اجتاحوا هذه البلاد واستولوا على المدينة ودمروا هيكلها ونهبوا ما فيه من الكنوز النفيسة، وهذا الرأس يمثل أقدم تمثال لملك سامي عرف حتى اليوم. وقد كشف النقابون تمثالا صغيراً منحوتاً من الحجر الأبيض ارتفاعه ثمانية سنتيمترات ونصف سنتيمتر، وهو يمثل صورة آلهة جالسة، وهذه الآلهة كان مقامها الأول في الهيكل، على أنها وجدت ملقاة تحت وجه الأرض بنحو متر ونصف متر في الرابية الثالثة بين أنقاض المنازل القائمة في محلة الساميين ولهذه الآلهة شعر طويل، ويداها مضمومتان، ورداؤها يشبه تنورة ذات طيات متعددة، وهي جالسة على قاعدة عمود منخفض. وقد عثر المنقبون على جملة تماثيل صغيرة من الخزف لهذه المعبودة القائمة في أطراف عديدة من الأنقاض وكلها تمثل (لن هرسج) آلهة ذلك المحل. كان ردم الهياكل القديم ومحل النفايات أعظم مكتشفات (بسمى) أهمية في عالم الآثار، لأن الكهنة كانوا يلقون هناك الأواني المحطمة والمصابيح المكسرة وسائر أدوات زينة معبدهم التي لم تكن تفيدهم شيئاً في أجراء شعائرهم ومراسيم دينهم. وقد وجدت هذه اللقى في الطرف الشمال الغربي من دكة الهيكل في الزاوية المنعطفة أي الجانحة إلى السهل. وكان هذا الاكتشاف نبهاً، فبينما كان أحد الفعلة يزيل التراب المتلبد والأوساخ المتراكمة من أساس الدكة لكي يقاس ارتفاعها إذ عثر على شظية من أناء حجري، ثم أخرى فأخرى، وفي لحظة كشف بقعة مملوءة من شظيات وشقف وقطع من آنية مختلفة الأشكال والأنواع، وفي نهاية ذلك النهار نقل بضع سلاسل مملوءة قطع آنية مصنوعة من الهيصمي والجزع وحجر

البرفير والرخام وغيرها. كان معظم تلك الشظايا بسيطاً وكثير منها منقوشاً وبينها عدد قليل مكتوب وكان عمق خزانة الردم نحو قدمين. وهي تمتد إلى قاعد الهيكل؛ وهذه الخزانة حوت قطع آنية من هيئات وأشكال شتى منحوتة من أحجار متنوعة، فبعضها كان من الهيصمي وغيرها من حجر البرفير وأخرى من الجزع، ومنها من حجر البلاط والرمل والرخام والحجر المسمى بالصلبي، فكل شظايا هذه الأواني كانت مصقولة، بيد أن منها ما هو منقوش نقشاً بسيطاً، وبعضها مزينة ومزخرفة زخرفة بديعة برسوم رجال وحيوانات، وقليل منها كان مرصعاً بالعاج وبأحجار لامعة براقة، وأخرى كان مكتوباً عليها اسم الملك أو الهيكل، ومما يؤسف منه أن أغلب تلك الأواني كان محطماً، غير أن بعض المصابيح كانت صحيحة. وقد بذل النقابون غاية جهدهم في غسل وتنظيف وإزالة التراب المتلبد، وحك ملح البارود (الشورة) منها، ثم جلاء تلك الأواني وتركيب قطعها معا لإعادة رونقها وبهائها الأولين. كان من السهل تعيين عصر خزانة ردم الهيكل لأنه وجد بين النفايات قطع من الآجر المسنم، وأسماء الملوك المسطرة على بعض تلك الآنية لم تكن معروفة، وصور حروف الكتابة وقطع الآجر تنبئ بأن الزاوية الصغيرة القائمة في السهل المنعطف لم تكن قد أصبحت خزانة الردم قبل عصر سرجون وعصر الآجر الرابع. والأمر الذي لم يجزم بصحة جوابه علماء الآثار هو من أين أحضر سكان السهل الغريلي الخالي من الحجر مواد تلك الأواني الحجرية البديعة المختلفة الأشكال والأنواع، فقد صرح الملك جودياء أن المستماز الذي صنعت منه تماثيل (أدب) جلبه من مجان. ولعلها شبه جزيرة سينا، فأن الرحالين الذين قطعوا السهل العربي المرتفع، أو تبعوا مجرى الفرات أو رحلوا إلى جبال أرمينية وحطوا رحالهم في بلاد فارس، وجدوا في هذا الموطن ضروباً وأشكالا متعددة من الحجر.

هذا وأن سرجون الأول سار بجحافله إلى البحر المتوسط، وهجم بجيوشه الجرارة على بلاد جبليه. فحمل شيئاً كثيراً من حجارها الكريمة. ونحت منها تماثيل وآنية كثيرة. وأعراب العراق اليوم النازلون في البوادي البعيدة عن العمران يقطعون حجاراً عظيمة من الجبال الكثيرة المنبثة حول مكة لينحتوا منها هواوين واجراناً لسحق البن وطحنه. فيظهر من هذا أن قدماء هذه الديار لم يبتعدوا كثيراً في طلب الأحجار، ففي منطقة الفرات بالقرب من الدير هضبة من الحجر الأبيض الرخو الشبيه بالرخام وفي الصحراء الواقعة في أطراف حائل صخور كثيرة من المستماز. وفي الجبال القائمة في شمال وشرق العراق أنواع مختلفة من الحجر الذي يضارع حجر تلك الأواني كل المضارعة ويمثلها تمثيلاً صادقاً. إن المسألة التي حيرت عقول علماء الآشورية هي جواب (كيف استطاع قدماء هذه الديار أن يصوروا آنيتهم ويشكلوها بأشكال متنوعة؟) فان اغلب الأواني كانت مستديرة ومنها مستطيلة ومربعة ومقعرة. هذا وانحناء الدائرة المناسب كل المناسبة يدل على إن عمل الإناء تم بواسطة المخرطة في صناعة اسطوانات الخواتم أيضاً. كان الحجر الآنية المستديرة مصقولا صقلا نعما بحيث لم يبق للمخرطة اثر فيه. بيد أن المصابيح الصدفية لا تزال آثار الأزميل ظاهرة فيها برغم الصقل المجود وكانت الأدوات القاطعة من النحاس. لان الشبه والحديد لم يكونا معروفين في ذلك الحين. وعليه فقد استعمل النحاس لقطع اصلب الأحجار وأمتنها. من أين جاء الشمريون بأشكال آنيتهم البديعة إلى هذه الأقطار؟ فهذا السؤال ليس بسهل أن يجيب عنه الأثريون جواباً شافياً. فقد ظهر لهم من تتبعهم آثار الشمريين. إن هذا الشعب قدم العراق وهو حامل في حقائبه بذور حضارة قديمة من بلاد مجهولة. واخذ بنشر الفن والعلم والصناعة التي زاولها في دياره الأصلية حتى عم انتشارها. واخذ السكان الأولون يقلدونهم ويحاكونهم محاكاة عجيبة أدت إلى توالي السنين إلى اتحادهم بالتحالف والتعاضد. ثم بالاقتران والمصاهرة حتى اصبحوا أمة واحدة. رزوق عيسى

فوائد لغوية

فوائد لغوية نقد معجم الأدباء - 3 - 21 - وفي ص 192 (وارتدت عشية كملابس العرس حللا سنيه) والصواب (وارتدى عشيه) و (ارتدت عشبه) بالباء. 22 - وفي ص 216 (فانخزل وما أحار جواباً) وإنما هو (فانخذل) بالذال أي فارتدع وفشل. 23 - وفي ص 224 (فأخذت بيده وأدخلته رماده) ولعل الأصل (وأدخلتها رماده) لموضع التأنيث من اليد. 24 - وجاء في ص 226 عن اسحق بن راهويه (قال سألت رافع بن الليث ابن المظفر عن قول النبي - ص -: كل مسكر حرام) فعلق به مرجليوت الأستاذ (الصواب: سكر) وهو ليس بصواب فالأصل صحيح، قال الطريحي في مجمع البحرين (وفي الحديث: كل مسكر حرام هو بضم الميم وكسر الكاف. ما اسكر أزال العقل) وفي المصباح بمادة س ك ر (يروى ما اسكر كثيره فقليله حرام. . . وقد صرح به في الحديث فقال: كل مسكر حرام). 25 - وفي ص 228 (المبارك. . . أبو الفرج المؤدب كان يسكن قراح بني رزين من بغداد) فعلق عليه الأستاذ المذكور (أرض على حيالها من منابت النخيل وهو اسم لمكان) فنقول: إنه قراح بن رزين كما نقلناه في (8: 444، 578) من لغة العرب، وقوله: (اسم لمكان، قول مطلق فيجب تقييده ب (معين) أو غيره مثل (عينه) قال المبرد في أول الكامل (وكان يقال لنهر بعينه: الثرثار وإنما سمي به لكثرة مائه) وفي المختار (والقراح بالفتح: المزرعة التي ليس عليها بناء ولا فيها شجر والجمع اقرحة) والمراد بالشجر هنا غير النجم، ففي

(1: 158، 159) من معجم الأدباء ورد قراح قثاء، وفي (مج 4 ص 132) من شرح ابن أبي الحديد ما صورته: (أتي ابن شبرمه بقوم يشهدون على قراح نخل فشهدوا - وكانوا عدولا - فامتحنهم فقال: كم في القراح من نخلة؟ قالوا: لا نعلم. فقال أحدهم: أنت أيها القاضي تقضي في هذا المسجد منذ ثلاثين سنة فأعلمنا، كم فيه من اسطوانة؟ فسكت وأجازهم). وفي ص 459 من هذا الكتاب المنقود (فجاء بنا إلى قراح باقلي) وبه يعرف أن لفظ القراح قد تطور معناه وان اشترط مرجليوث كون النخيل حياله ليس بلازم. 26 - وجاء في ترجمة المبارك ابن الدهان الوجيه كما في ص 232 (ومولده في سنة 502) والصواب (532)، 27 - وفي ص 232 (والأعمال التي كانت مفوضة قبله إلى ابن ناصر) قلنا: إن ناصر هذا هو ابن المهدي العلوي وزير الناصر لدين الله العباسي، وكان ابنه (صاحب المخزن). 28 - وفي ص 236 (لو تسألوا كيف حالي بعد بعدكم) والصواب (لم). 29 - ورد في ص 247 والضمير راجع إلى قصيدة عمرو بن كلثوم. يفاخرون بها مذ كان أولهم ... يا للرجال لفخر غير مشؤوم والصواب: (مسؤوم) لأن الشاعر أنكر عليهم تماديهم في الافتخار بها واستغاث من هذا الفخر غير المملول. 30 - وجاء في ص 250 (فيك ووجدي فسال مكتهل) شطر بيت فقال (كذا بالأصل) ونحن نرجح إن الأصل (فينان مكتهل) فالفينان يراد به التام على الاستعارة والمكتهل من اكتهل النبت إذا نمى وائتشب وتم. 31 - وجاء في ص 262 قول المحسن التنوخي (أما اصطناع الملك لي فأنا معترف به. وأما الفساد على دولته فما علمت إنني فعلته. ومع ذلك فقد كنت مستوراً فهتكتني ومتصوناً ففضحتني وأدخلني من الشرب والمنادمة بما قدح في)

فعلق الأستاذ ب (أدخلني) ما صورته: (لعله: وأدخلتني) قلنا: ولم يفطن لهذا الفن من لغة العرب فعلق ما علق. لأن التفاته من الغيبة (اصطناع الملك لي) إلى الخطاب (فهتكتني) والتفاته من الخطاب (ففضحتني) إلى الغيبة (وأدخلني) باب كبير من أبواب (علم البيان) ومنه قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين) ثم انتقل إلى الخطاب: (إياك نعبد) وقوله: (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك. ثم التفت إلى الغيبة فقال: (وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها. . . الآية) ومنه قول الإمام علي - ع - في نهج البلاغة: (ومن مات فإليه منقلبه. لم ترك العيون فتخبر عنك) وقوله في وصيته: (هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله. ليولجني به الجنة ويعطيني به الآمنة) وأسباب الالتفات: (أ) الأهمية (ب) وتوكيد الحجة (ج) وتوكيد التنبيه (د) ومراعاة الأدب. ففي قوله: (وأدخلني من الشرب والمنادمة بما قدح في) أدب اكثر من (أدخلتني) لان التصريح بالشرب صعب دون غيره من التعابير العامة مثل (هتكتني) فهذا واضح. 32 - وجاء في ص 265 (فعلمت انه اتهمني به وبأن خرجت بذلك الحديث فعلق على (بأن) ما صورته: (لعله: وبأني) مع أن العبارة لا تحتاج إلى تعدي اصلها لأن قوليه (بأن خرجت) و (بأني خرجت) سواء و (أن وأن) كلاهما مصدريان. 33 - وورد في ص 277 (قباطياً عن قريب سوف تستكب) والصواب (تستلب) من الاستلاب ويقصد بالقباطي أغشية الطعام الموصوف فهو لا يؤكل إلا باستلاب الأغشية. 34 - ورد في ص 285 (كتاب عيار الشعر) لمحمد بن أحمد ابن طباطبا وفي ص 153 من عمدة الطالب (كتاب نقد الشعر) وكلاهما بمعنى. 35 - وفي ص 289 (لو واصل به عطاء الباني لها) قال في الحاشية (لعله: له) قلنا والصواب ما في الأصل لأن الضمير يعود إلى القصيدة أفلم يره قد قال: (خذها الغداة أبا الحسين قصيدة)؟. 36 - وجاء في ص 294 (متى تلق ذا أو تلق ذاك لحادث. . . تلاقى مهيناً. . .)

والراجح (تلاق) بالجزم جواباً للشرط بعد متى. 37 - وورد في ص 298 قول الأزهري اللغوي: (ودخلت داره غيره فألفيته) قال مرجليوث: (لعله: مرة) قلنا: وهو عين الصواب فقد ورد في ص 486 على صورة (غير مرة). 38 - وفي ص 299 قول الأزهري أيضاً: (ولا يكاد (يكون) في منطقهم لحن أو خطأ فاحش) فيظهر أن المعضود بالعضادتين من زيادة التوجيه والإقامة من الناشر وفي (2: 78) من الوفيات (ولا يكاد يوجد. . .). 39 - وجاء فيها (كتاب تفسير السبع الطول) فعلق به (لعله: الطوال) قلنا: ولا مانع من أن تكون (الطول) جمع طولى ووزن (فعل) كزفر مطرد في مؤنث أفعل التفضيل مثل (العلى والأخر والدنا والكبر) وفي ص 358 من هذا الجزء قول أبي إسمعيل الطغرائي: هبني بلغت من الأعمار أطولها ... أو انتهيت إلى آمالي الكبر 40 - وجاء في ص 307 عنه (وكانت له ابنة بقيت إلى سنة 40 وباعت كتبه) والأولى (سنة 400) لأنه مات 349 فيكون مبقاها بعده (51) سنة وهو غير مستحيل. 41 - وفي ص 317 (وذكراك ما يريم فؤادي) والصواب: (تريم) للتأنيث. 42 - وفي ص 319 (قد قدم العجب على الرويس) بفتح القاف وكسر الدال من (قدم) والمرجح (قدم) بضم القاف وتشديد الدال المكسورة وليس في معاني (قدم) الأولى ما يفيد الثانية ههنا، ولعل الهمزة سقطت طبعاً من (الرؤيس). 43 - وجاء في ص 323 من ترجمة المفجع محمد بن احمد البصري الكاتب الشاعر (وكانت وفاته قبل وفاة والدي بأيام يسيرة ومات والدي يوم السبت لعشر خلون من شعبان سنة 327 وفيها مات الحراوري الشاعر) قال الأستاذ مرجليوث (لعله الخروري وعند الذهبي أن الخروري الشاعر توفي بعد ال 400) قلنا: إن في تباين سنتي الوفاتين لقرينة مانعة للأستاذ المصلح الغيور من هذا

التعليق، والصواب (الخبزأرزي) قال: قاضي القضاة شمس الدين بن خلكان في (2: 285) من ترجمته (والخبزأرزي: بضم الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة وفتح الزاي وبعدها همزة ثم راء ثم زاي (وفتح الهمزة وضمها وتشديد الزاي وتخفيفها في الأرز يختلف باختلاف اللغات في هذه الكلمة) وفيها ست لغات) وقال: (وكان يخبز خبز الأرز: بمربد البصرة في دكان وكان ينشد أشعاره المقصورة على الغزل والناس يزدحمون عليه ويتطرفون باستماع شعره ويتعجبون من حاله وأمره) قال: (وكان أمياً لا يتهجى ولا يكتب) وأسمه نصر وكنيته أبو القاسم. قال (وتوفي سنة سبع عشر وثلاثمائة) - رح - وتاريخ وفاته فيه نظر. لأن الخطيب ذكر في تاريخه أن احمد بن منصور النوشري المذكور سمع منه سنة خمس وعشرين وثلاثمائة) قلنا: فما في معجم الأدباء يزيل النظر والشك بأنه توفي سنة (327) قال ياقوت في (7: 208) من معجم الأدباء (توفي نصر بن احمد الخبز أرزي سنة 327). 44 - وورد في ص 327 قول محمد بن أحمد بن أشرس: كأنما الأغصان لما علا ... فروعها قطر الندى قطرا ولاحت الشمس عليها ضحى ... زبرجداً قد أثمر الدرا والصواب (زبرجد) بالرفع لأنه خبر الأغصان) وفي ص 383 من شرح الطرة (قطر الندى نثراً) بدلاً من تلك الرواية وهي ألوليا لأنه شبه قطر الندى المتناثر على الفروع بالزبرجد الحامل لؤلؤاً. 45 - وجاء في ص 326 من ترجمته (ويختلف إلى أبي بكر الخوارزمي فلما نزف ما عنده ارتحل إلى مدينة السلام) فعلق ب (نزف) ما اصله (بمعنى فرغ ولعل الصواب: نفذ) قلنا: وهذا الصواب المحتمل مرجوح لان (نزل) ههنا من بديع المجاز ومعناه (استخرج ما عنده من العلم كله) فهو متعد بهذه العبارة وفي المختار (وقوله تعالى: ولا ينزفون. أي لا يسكرون، يريد لا تنزف عقولهم) فاستعمل النزف في غير الجواهر ومنه (نزف روحه أي زهق) وفي ص 84 من جمهرة الأمثال (فجعل يقول: وما غناء اثنين بين عشرة ويضرط حتى نزف روحه ومات) في صفة جبان. مصطفى جواد

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة العروسان بيروت. ي. س. قرأت في إنجيل متي (25: 1) من ترجمة الآباء اليسوعيين ما هذا نصه: (حينئذ يشبه ملكوت السماوات عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العروسين.) وفي ترجمة الآباء الدمنكيين: (. . . للقاء العريس) وفي الترجمة البروتستانية. . . للقاء العريس.) وفي ترجمة مجمع انتشار الإيمان (سنة 1671). . . للقاء العريس والعروس.) فأي هذه الترجمات هي الصحيحة. ج. قل أن نجيب على سؤالكم علينا أن نعلم أن لفظة (العروس) تأتي في لغتنا للرجل الحديث الزواج أو الرجل مادام في أعراسه. وللمرأة كذلك. فصيغة فعول هنا واردة للمذكر والمؤنث معاً. تقول: رجل عروس وامرأة عروس وان لم يذكر بجانب اللفظة ما يزيل الالتباس. قيل عروس للمذكر وعروسة للمؤنث. تقول رأيت عروساً وأنت تريد رجلاً عروساً. ورأيت عروسة (بالهاء) وأنت تريد امرأة في أعراسها. فإذا عرفنا هذا نقول: إن العوام تزيل الالتباس بين المؤنث والمذكر بقولها في المذكر: (عريس) وزان قديس، أو وزان كريم، كما هو الشائع في العراق. فالذي على وزن قديس في لغة المسلمين، والذي على وزن كريم في لغة النصارى. وبوزن كريم وردت في كلام المولدين منذ اكثر من أربعمائة سنة. فترجمة الموصل أو الترجمة الدمنكية وترجمة البروتستان موافقتان للنص اليوناني حيث لا يذكر إلا (للقاء العروس) (للمذكر أي العريس بلغة المولدين). - وترجمة مجمع انتشار الإيمان موافقة لنص الترجمة العامية (أي الفلغاتا) ونص هذه التوراة هو المعتمد عليه في الكنيسة الكاثوليكية كلها.

وأما الترجمة اليسوعية فلا توافق نصاً من النصوص المأخوذة بها. فقولها: (العروسين) يحتمل: العروسين الذكرين. والعروسين الانثيين، والعروسين الذكر والأنثى. فمترجم هذه الآية لما رأى أن الأصل الفلغاتي هو: (العروس والعروسة) قال في نفسه: أذن هما (عروسان). ولنقل: (العروسين) وهو صحيح من جهة. وغير صحيح من جهتين كما رأيت: أذن الترجمة اليسوعية غير صحيحة فهي مغلوطة فيها، أشاء المكابرون أم أبوا قنعوا أم لم يقنعوا. وما سوى هذه الترجمة فيوافق أصلاً من الأصول التي ترجمت إلى لغتنا. فلينتبه المكابرون. أمن نبات اسمه أبو برجيس بغداد. ب. م. م. قرأت في المشرق (29: 381) عن نبتة سماها صاحبها (من النوع المعروف بأبو برجيس ونقرت عنها ف المعاجم التي بيدي فلم أظفر بها. فما هذه الكلمة ومن أين جاءتنا؟ ج. ليس في العربية الصحيحة. ولا في المعربات الفصحى نبت بهذا الاسم. والمعروف في معنى الإفرنجية هو انوبريخيس، والكلمة من اليونانية فصحفها الجهلة تصحيفات مختلفة شنيعة وغير شنيعة، فمن الأخيرة: اونوبروخيش وانوبروخيس وانوبرخيس وانوبرخيش. ومن القبيحة ابوبرحبيس. وهي واردة في معجم الأب بلو الفرنسي العربي الكبير. وصاحبه أعجمي ضعيف النظر في الألفاظ العلمية. يشهد عليه بذلك ديوانه من أوله إلى آخره، فإنك لا تكاد ترى فيه كلمة علمية صحيحة الوضع، مقابلة اللغة الإفرنجية. وأما انوبروخيس بالسين المهملة، فقد ذكرها ابن البيطار (في النص المطبوع في باريس) وانوبروخيش بالشين المعجمة في الآخر، (ذكرت في النص المطبوع في مصر. وفي معجم شرف اونوبريخيس. وفي معجم الدكتور عيسى انوبريخس وانوبروخيس. وهذه الأخيرة وردت أيضاً في معجم دوزي ومعجم باين سميث الارمي اللاتيني). والعرب لم يذكروا له اسماً خاصاً به لأنه ليس من انبتة ديارهم.

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة حول رسائل الجاحظ جاء في مجلتكم الغراء (9 - 626) حول رسائل الجاحظ التي نشرتها قولكم: (. . . والرسالة الثانية التي كتب بها الجاحظ إلى أبي الفرج بن نجاح الكاتب جاءت مصحفة في بعض حروفها وأعلامها فأصلح (جرجيو ليفي دلافيدا) منها شيئاً كثيراً وأجال النظر على بعض المؤلفات لتصحيح بعض الأعلام فجاءت هذه المقالة التي نشرها في مجلة المباحث الشرقية الإيطالية، واستل منها سلالة على حدة، من المقالات الطافحة بالفوائد لأنها تصلح شيئاً غير يسير من هذه الرسالة. . .). أقول أن الأستاذ الإيطالي (دلافيدا) أهدى إلي نسخة من السلالة المذكورة وإني أشكره على عنايته وهديته، وقد كلفت أحد الأفاضل العارفين باللغة الإيطالية بترجمتها فوجدت أن الأستاذ عني فيها بوصف طرز كتابة الجاحظ لهذه الرسالة ولخصها ولخص الأبيات المدرجة فيها. وترجم ابن نجاح وقص نكبته ومقتله. ولم يصلح شيئاً من حروفها خلافاً لما ظننتم، ولعلها أتت خالية من كل تصحيف على ما يظهر. وأما الأعلام فقد أصلح في حواش في مقالته ثلاثة منها فقط. فقال: (عبد الرحمن بن مل النهدي) عوض عبد الرحمن بن مليك الهندي) و (عمرو بن عبيد بن باب) عوض (ابن مآب) و (فيروز بن حصين) عوض (فيروز بن حصن). أصلح ذلك بمراجعة بعض أمهات الكتب العربية فاستحق الشكر والثناء. كلمة على التركمان وجاء في مجلتكم أيضاً (9: 608) في الكلام على التركمان: (. . . وفي العراق قبيلة اسمها اليعافرة، تقيم في أراضي تل أعفر. . أصلها من هؤلاء التركمان).

أقول أن أهل الموصل وحواليها يسمون قطان تل عفر خاصة (أعافرة) الواحد أعفري. ولم يسمهم أحد (يعافرة). وهم ليسوا قبيلة برأسها. بل خليط من تركمان وعرب وغيرهم، تغلبت عليهم الأكثرية التركمانية بمرور الزمان. منهم من هو سني وآخرون شيعيون، وعدد قليل من النصيرية. وهم يجهلون تماماً منشأهم وتاريخ وكيفية قدومهم إلى هذه الديار، ويتكلمون بلغة تركية غريبة يستقبحها ابن أستانبول جداً، ولا يكاد يفهمها. (نظرات) 1 - جاء في ص 341 من هذا المجلد: (وقدم له فرس بمركب ذهباً ومشد ورفع وراءه سنجقان مذهبان وخرج من الباب القائمي المعروف بباب التمر بالمشرعة) فقال الصديق الوديع يعقوب نعوم سركيس: (أظنها شريعة خان التمر الحالية. . .) وهو الذي قال في (6: 359) من لغة العرب عن باب الغربة: (وهو أول أبواب الجريم من جهة الغرب أي انه حده الأعلى) وهذا يمنع أن يكون بين دجلة وباب الغربة باب آخر. فأين يكون الباب القائمي أي باب التمر؟ وقال قبلاً في (5: 453) منها (باب الغربة هو في المشرعة التي نسميها اليوم بشريعة المصبغة، وان عندها يبدأ حريم دار الخلافة). قلنا: أما المخلوع عليه المقام له إقامة فهو فارس، فمن أين خرج أن كان الباب القائمي أي باب التمر بشريعة خان التمر؟ ثم انه نقل في (5: 451) أن الباب الثاني شرق باب الغربة (باب سوق التمر باب شاهق البناء) ثم قال: (ولا منافاة بين القولين، إذ الظاهر أنهما بابان أحدهما بالمشرعة وثانيهما يخرج منه إلى المدينة، ولعلهما سميا بالإضافة إلى كلمة واحدة لإفضاء أحدهما إلى الثاني بأقرب مسافة) وتعيينه مضطرب كل الاضطراب فضلاً عما أوردناه من القرائن المحيلة له. على أن العلامة لسترنج وضعه في خريطة ص 263 من تاريخه قرب جامع مرجان اليوم، وذلك أقرب إلى الصواب وأوفق لكل النصوص التاريخية ومكانه قريب من المشرعة.

2 - وقال محمود الملاح في ص 764: (لأن طائفة المرجئة تقول: الإيمان لا يزيد ولا ينقص) قلنا: وكذلك الإمام أبو حنيفة النعمان (رض) ففي حوادث سنة 617 من الحوادث الجامعة قال مؤلفه: (وفيها كتب إنسان فتيا مضمونها: هل الإيمان يزيد وينقص أم لا؟ وعرضت على جماعة فلم يكتبوا فيها، فكتب ابن وضاح الحنبلي وعبد العزيز القحيطي وبالغا في ذم من يقول: إن الإيمان لا يزيد ولا ينقص، ثم سلمت إلى فقيه حنفي فحبسها عنده ولم يكتب فيها، فانتهى حديثها إلى الديوان وتألم الحنفية من ذلك وقالوا: هذا يعرض بذم أبي حنيفة فتقدم بإخراج ابن وضاح من المدرسة المستنصرية، ونفي ابن القحيطي عن بغداد فحمل إلى الحديثة والزم المقام بها) قال ابن أبي الحديد في (2: 114) من شرحه: (وقال شيخنا أبو عبد الله: أول من قال بالإرجاء المحض معاوية وعمرو بن العاص كانا يزعمان انه لا يضر مع الإيمان معصية، ولذلك قال معاوية لمن قال له: حاربت من تعلم وارتكبت ما تعلم فقال: وثقت بقوله تعالى: إن الله يغفر الذنوب جميعاً، وإلى هذا المعنى أشار عمرو بقوله لابنه: تركت أفضل من ذلك: شهادة أن لا إله إلا الله) ثم قال في 249: (لأن ظاهر هذا القول يشعر بمذهب المرجئة الخلص وهم أصحاب مقاتل ابن سليمان القائلون انه لا يضر مع الشهادتين معصية أصلاً وانه لا يدخل النار من في قلبه ذرة من الإيمان، ولهم على ذلك احتجاج قد ذكرناه في كتبنا الكلامية) ثم فرع في ص 251 وقال: (وكذلك اكثر الناس يتوهمون أن عذاب النار يكون أياماً وينقضي كما يذهب إليه المرجئة أو انه لا عذاب بالنار لمسلم أصلاً كما هو قول الخلص من المرجئة أو أن أهل النار يألفون عذابها فلا يستضرون به إذا تطاول الأمد عليهم) وقال في ص 465: (لأنه قسم الجزاء إلى قسمين، أما العذاب أبداً أو النعيم أبداً، وفي هذا بطلان قول المرجئة أن ناساً يخرجون من النار فيدخلون الجنة لأن هذا لو صح لكان قسماً ثالثاً) وجاء فيه غير ذلك. 3 - وأنكر الملاح في ص 765 ورود السن في (إنك لو عمرت سن الحسل) وفي (2: 155) من كامل المبرد (قال أبو العباس: وحدثني غير واحد من أصحابنا قال: قيل لرؤية ما قولك لو إنني عمرت سن الحسل. . .) فالرواية واردة.

4 - وورد في (7: 128) من لغة العرب قول المرحوم عبد الحميد عبادة: (اليوم النادي العسكري الواقع أمامه رباط أبي النجيب السهروردي). وهذا خطأ فقد قال ابن خلكان في (1: 324) من وفياته عن أبي النجيب: (وبنى رباطاً على الشط من الجانب الغربي ببغداد) والنادي العسكري بالجانب الشرقي. وما هو أمامه فمعه لأن بابه نحو الشرق، ولعله أراد ذلك فخانه التعبير. 5 - وقال هو في ص 129: (فهذه المحلات كلها في الجانب الشرقي من بغداد جانب الرصافة) وأين الرصافة من المحلات التي كانت قبل قرن أو أكثر؟ وهو الذي نقل في ص 218 عن أبن جبير في وصف بغداد (وللشرقية أربعة أبواب) فإنه لم يقل: الرصافة لأنها قرب قبر أبي حنيفة كما ذكرنا وذكر يعقوب نعم سركيس المحقق المفضال، وقد وهمت أنا أيضاً في مقالة قصر القلعة والمدرسة الشرابية. مصطفى جواد. من الدكتور هنري جورج فارمر إلى الأب انستاس ماري الكرملي صاحب مجلة لغة العرب في بغداد سيدي: وقفت قبل هنيهة على مجلتك التي تذكر فيها آخر كتبي: (أرغن الأقدمين) (9: 553) ولاحظت يا أسفاً إنك انتقدت ورقة الغلاف التي عليها العنوان وهي من (الناشرين الذين في لندن) لا مني (ولندن بعيدة عني نحو أكثر من 400 ميل). ولك ملء الحرية في نقد أي قسم من كتابي أو من مؤلفاتي لكني أرجو منك أن لا تنسب (إلي) ما يرجع إلى (الناشرين) أي الغلاف الذي وضعوه هم أنفسهم. هذا وإني لأطيب خاطراً إذا نشرت هذه المطالعة في أول جزء يصدر من لغة العرب بعد وصولها إليك. غلاسكو (اسكتلندة) في 12 - 8 - 1931: صديقك الودود هنري جورج فارمر

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 90 - الكتاب الأقدس من شرع ميرزا حسين علي الملقب ببهاء الله مع مقدمة لناشره: خدوري الياس عناية، طبع بمطبعة الآداب ببغداد سنة 1349هـ - 1931م. هذا الكتاب والمقدمة بقطع الثمن وقوام الأول (53) صفحة وملاك الثانية (26) وجهاً، والورق جيد والطبع سيئ، ولكن الكتاب كان وجدانه على شيء من الصعوبة ولا سيما في العراق لأن أهله متكتمون في مذهبهم الجديد حرصاً على إخفاء الكتاب كل الحرص، ولذلك قال الناشر عنه في ص (ب) ما صورته: (ذاك الكتاب الذي بالجهد الجهيد حصلت عليه في مدة الثلاثين سنة التي قضيتها في العجم مناضلاً (كذا) ومجادلاً ومباحثاً مع هذه (كذا: والصواب لهذه) الفرقة البهائية في تبريز ومرند ومرغة ومياندواب وميانج وزنجان وهمدان (كذا أي همذان) وسرآب وأردبيل وأطرافهم جميعاً وذلك بروح المحبة والإخلاص إلى أن سهل الله عز وجل وحصلت عليه وذلك في سنة 1937 (كذا وأراد 1927) حيث كنت سافرت. . . .) ولكن لو درى إن في خزانة كتب المرسلين الكرمليين ببغداد نسخة خطية من الكتاب الأقدس ما قلمى هذا النصب المستمر ولا كابد البحث المسئم، وأياً كان تعب المؤلف فهو لا يناسب مبالغته في الكلام، بيد أن عمله مقرون إلى الشكر وحسن الذكر، وقد عدد الآيات بأرقام للتسهيل. ولغة المقدمة ركيكة جداً مملوءة لحناً فاحشاً والكتاب الأقدس أقل منها وهماً، والأعلام كثيراً ما تصحفت، ولذلك قد اعتذر الناشر إلى القراء من هفواته فقال في ص (لو) ما عبارته: (وفي الختام اطلب من أصحاب العلم والأدب أن يغضوا النظر عن الأغلاط التي يروها (ومنها: يروها هذه أي يرونها)

في هذه المقدمة وذلك لقصر باعي في الإنشاء والإملاء (والنحو واللغة) والعفو من شيم الكرام والسلام) ولو كان الناشر يعرف للكلم مواقعها ما قال أولاً: (مناضلاً) ثم قال ثانية (بروح المحبة والإخلاص) فالمناضلة لا محل لها مع المحبة والإخلاص. والمقدمة مقصورة على نقد المؤلف شيئاً من (الكتاب الأقدس) منه آية 12 وهي: (لا تحسبن أنا نزلنا لكم الأحكام بل فتحنا ختم الرحيق المختوم بأصابع القدرة والاقتدار) فقال في ص (و) ما نصه: (يفهم من هذه الكلمات انه لم يأت بأحكام، وهذا القول هو ضد الحقيقة لأنه قد شحن كتابه بالأوامر والنواهي التي هي أحكام ظاهره للعيان شاملة للأصول والفروع وغير قابلة التأويل والتفسير كالصلاة والصوم و. . .) وعلى هذه الشبهة بنى قوله في ص (لج): (وإذا كنت مسلماً أيها القارئ وكنت من الذين ينتظرون ظهور المهدي، فما أظنك تؤمن أن المهدي يأتي بكتاب أو بشريعة جديدة وينفي الكتب السماوية بأسرها ويحكم على الذين يتبعوها) كذا) بالضلالة، بل بموجب معرفتي عن عقيدتك هي (كذا) أن المهدي سيظهر لكي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً). وإذا عرف الناشر إن كل دين سماوي مبني على سابقه مكمل له في ما يخص تطور الإنسان وتبدل الزمان. فبذلك يفهم المراد بقوله: (لا تحسبن أنا نزلنا لك الأحكام) أما ما يخص المسلمين من قوله المذكور فهو على رواية دون أخرى ولمعالجة الأمر من جانب التاريخ نقول: أن الأخبار التي رويت بكتب أصحابنا الإمامية في ما يجئ به المهدي هي كما يأتي: جاء في ص 119، 120 من كتاب بشارة الإسلام عن غيبة النعماني والمهدي (إذا خرج يقوم بأمر جدي وكتاب جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد وليس شأنه إلا القتل لا يستبقي أحداً ولا تأخذه في الله لومة لائم) وجاء في ص 124 من البشارة (فو الله لكأني انظر إليه بين الركن والمقام

يبايع الناس بأمر جديد وكتاب جديد وسلطان جديد من السماء، أما انه لا ترد له راية حتى يموت) وفي ص 143 (يقوم بأمر جديد وسنة جديدة وقضاء جديد على العرب شديد ليس شأنه إلا القتل. . .) وهي كالأولى، وفي ص 158 (يبايع الناس عن كتاب جديد على العرب شديد وقال: ويل للعرب منشر قد اقترب (وفي ص 292 عن البحار للمجلسي (فيكون أول من يضرب على يده ويبايعه جبرائيل وميكائيل ويقوم معهما رسول الله وأمير المؤمنين فيدفعان إليه كتاباً جديداً هو على العرب شديد) وفي ص 303 عن المفيد في الإرشاد (إذا قام القائم - ع - جاء بأمر جديد كما دعا رسول الله - ص - في بدو الإسلام إلى أمر جديد) وفي ص 305 عن النعماني في غيبته أيضاً (عن ابن عبد الله جعفر ابن محمد - ع - انه قال: كيف انتم لو ضرب أصحاب القائم الفساطيط في مسجد كوفان ثم يخرج إليهم المثال المستأنف أمر جديد على العرب شديد). وفي ص 309 عن الطوسي في غيبته: (إذا قام القائم جاء بأمر جديد). وفي الكتاب نفسه ما ورد في ص 297 (فيصبح بمكة فيدعو الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه - ص -) وفيها: (يدعو الناس إلى كتاب الله وسنة نبيه والولاية لعلي بن أبي طالب - ع - والبراءة من أعدائه) وفي ص 315 ما صورته: (وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر خفي يستخرج التوراة وسائر كتب الله عز وجل من غار بإنطاكية ويحكم بين أهل التوراة بالتوراة وبين أهل الإنجيل بالإنجيل وبين أهل الزبور بالزبور وبين أهل القرآن بالقرآن ويجتمع إليه أموال الدنيا. . .) وفي ص 360 ورد من أخبار أهل السنة عن عقد الدرر (عن أبن الحسن بن هرون بياع الأنماط قال: كنت عند أبي عبيد الله - ع - (أي جعفر الصادق) فسأله المعلى بن خنيس: أيسير المهدي - ع - إذا خرج بخلاف سيرة علي - ع -؟ قال: نعم. . .). فقد بدا الصريح من الرغوة وصرح الحق عن محضه، أعن صبوح ترقق؟ وتسر حسواً في ارتغاء؟ يداك أو كتا وفوك نفخ، والله من ورائهم محيط. مصطفى جواد

91 - الإكليل المجلد 8 طبعنا من هذا المجلد الثامن 474 صفحة ولم يبق لنا منه إلا طبع نحو عشر صفحات لا غير وما كاد ينتشر العزم على طبعه حتى جاءتنا الاشتراكات من كل ناد وواد، وكادت تنفذ هذه الطبعة الأولى لكثرة الإقبال عليها. وقد كلفنا نشره مبالغ طائلة لم نكن نفكر فيها، وكان الاشتراك فيه دون أجرة الطبع. فجعلنا الآن ثمنه جنيهاً مصرياً أو 14 ربية ماعدا أجرة البريد المسجل الذي يبلغ أما ربية وأما ثلاثة شلنات. فالمرجو ممن يطلبه بعد أول هذا الشهر أن يبعث إلينا بخمس عشرة ربية أو 23 شلناً إن كان في خارج بغداد و 14 ربية أو 21 شلناً إن كان يشتريه منا مباشرة. وهذا الكتاب يحوي ثمانية عشر فهرساً. وإليك ترتيبها ومحتوياتها: فهرس أول للفصول فهرس ثان للقواعد العرب فهرس ثالث للمعمرين من العرب فهرس رابع للشعراء فهرس خامس للقوافي فهرس سادس للمحدثين والرواة فهرس سابع عمراني فهرس ثامن للاسداد فهرس تاسع للقبور والمدافن فهرس عاشر للجبال فهرس حادي عشر للحصون والقلاع فهرس ثاني عشر للقصور وحدها فهرس ثالث عشر للألفاظ العربية وما يقابلها عند الفرنسيين ويصعب الحصول عليها في المعاجم العربية الفرنسية. فهرس رابع عشر يحوي التأليف والمطبوعات الوارد ذكرها في المتن والحاشية. فهرس خامس عشر أو مفتاح المغلق ويحوي الألفاظ الخاصة بالمؤلف وهي ما حصرت بين قوسين، والألفاظ التي يجب المطالع أن يعرف إنها أيضاً في هذا الكتاب للوقوف عليها عند حاجته إليها. فهرس سادس عشر للأمثال والأقوال المأثورة. فهرس سابع عشر يحوي أسماء المواضع على اختلاف أنواعها.

فهرس ثامن عشر يحوي أسماء الرجال وآبائهم وأجدادهم خلافاً لما في سائر الفهارس التي من هذا القبيل والتي لا تحوي إلا أسماء الأبناء من الرجال دون آبائهم. فأنت ترى من هذه الفهارس ما في هذا الكنز من الدرر واللآلئ وما حوى من النفائس التي تغني معاجمنا البلدانية والتاريخية واللغوية إلى غير ذلك. ولسوء الحظ وقع أوهام طبع كثيرة وحصلنا على رواية نسخة برلين ورومة (الفاتيكان) ولهذا قصدنا أن نضع له ذيلاً يحتوي على إصلاح ما ورد في مطاوي الطبع من الخلل وذكر النسخ المختلفة ومعارضة بعضها ببعض وترجيح رواية على رواية. ويكون ثمنه ثلاثة شلنات. ولكون نسخ الإكليل محدودة وقليلة سوف نضاعف الثمن المذكور هنا بعد ستة أشهر ويبقى ثمن الملحق ثلاثة شلنات أو ربيتين. 92 - لذكرى الأب سيستيان شيل الدمنكي (بالفرنسية) الأب سبستيان شيل هو أخو العلامة الشهير الأب فنسان شيل وكان قد جاء إلى الموصل قبل نحو خمس وأربعين سنة وأخرج تلاميذ يعدون من كبار الفضلاء الذين نفعوا بلادنا العراقية هذه ولا يزالون يستقتلون للوطن ولإعلاء شأنه. وتوفي الأب سبستيان في 25 شباط من سنة 1929. وهذه الرسالة وقعت في نحو 62 صفحة بقطع 16 تخليداً لذكراه. فنعزي الأب فنسان أخاه بهذا الفقد الجلل ونطلب للراحل الرحمة والراحة الأبدية. 93 - الرس الشمري (بالفرنسية) هذه مقالة في 10 صفحات لصاحبها صديقنا العلامة الفريد بواسيه وهي خلاصة تحقيق من تقدمه من الباحثين في هذا الموضوع مع آراء خاصة به. ومن جملة ما قاله: (إن العراقيين الحاليين الذين يرون في كلدية المنخفضة (جنوبي العراق) هم صلب الشمريين، كما أن المصريين الحاليين منحدرون من مصريي الأهرام)، وإذا اتسع لنا المقام نعربها لقرائنا الكرام لأنها زبدة ما قيل في هذا الموضوع.

94 - قانون المطبوعات رقم (82) لسنة 1931. أصدرت حكومتنا الجليلة قانوناً جديداً للمطبوعات وقع في 17 صفحة بقطع 16 فألغي بنشره القانون السابق الذي كان على صورة قانون المطبوعات التركية. 95 - مدن العراق القديمة انتهينا من طبع كتاب (مدن العراق القديمة) واستللنا منه سلالة في مائة نسخة، عدد صفحاتها 56 بحجم هذه المجلة. وثمن النسخة ربية. والنسخة الإنكليزية تباع بأكثر من ربيتين. 96 - قطعة من مأثورة (أترم خسس) (أترم خسس) عند البابليين يقابل (نوح) التوراة. وقد أصاب العلماء صفيحة من صلصال مشوي فيها ثمانية أعمدة والسطور مصفوفة عشرة عشرة والكتابة تهدي الباحثين إلى إن قصص (أترم خسس) كان محفوراً على ثلاث صفائح الأولى منها لم يعثر عليها. ولم يظفر العلماء إلا بقطع من الثانية والثالثة، وقد نقل نصوص هذه القطع صديقنا العلامة الفريد بواسيه بصورها وحروفها. وترجمها إلى الفرنسية ونشرها في (مجلة المباحث الآشورية) لصاحبها الأب فنسان شيل وف. ثورو دانجين. والرواية تلذ لكل من يعنى بالمواضيع المتعلقة بالتوراة والقصص القديمة. فنشكر الصديق على هديتيه الكريمتين. 97 - المروج والصحارى تأليف مراد ميخائيل، هدية الحاصد لمشتركيه في 56 ص بقطع 16 محتوى هذا الكتيب خيال عال. ووميض أفكار مختلفة، تتألق فيه الأنوار البديعة من آفاقه العديدة، فهو ينثر على نفس القارئ أزاهير متنوعة الألوان والعبير، تنسيه ما يحيط به من الجو الراكد المألوف، وتنقله إلى جنان السلم والاطمئنان، فهو حقيقة تسلية (للحاصد) بعد أن يكون قد تعب في معاناة أشغال الحصاد. فنعم الكتاب ونعم الهدية.

98 - الإخاء الوطني جريدة يومية سياسية جامعة تصدر ببغداد بست صفحات للمحامي رفائيل أفندي بطي صفحة مجيدة في تاريخ الصحافة العراقية، لأنك ترى مكتوباً في أعلى صدرها: (رفائيل بطي كاتب جريء يتقحم الغمرات، غير هياب ولا وجل، يضرب على كفه اليمنى، فيمد اليسرى؛ وإذا شلت اليسرى، هاجم برجله اليمنى، وإذا قطعت هذه، قاوم محاربيه برجله اليسرى، وهو في كل الأحوال: هجام، هدام، مقدام، لا يروعه نار ولا بتار. أنشأ في 25 أكتوبر سنة 1929 صحيفة (البلاد) ثم انتابتها الأرزاء فظهرت لنا بأسماء أخر بعد أن سدت مراراً بعد كل أسم. وفي 2 آب (أوغسطس) من هذه السنة (1931) أصدر تلك الجريدة باسم (الإخاء الوطني) وأصبح صاحب امتيازها علي جودت. ومديرها المسؤول عبد الإله حافظ. أما إنشاؤها فبقي بيد هذا الصحفي الجسور. فنتمنى أن تكون هذه الجرأة مقرونة بحكمة وفطنة حتى لا يحرم قراءة مقالاته الوطنية المتلهبة غيرة وقومية. 99 - قصص الأنبياء للشيخ الإمام العالم العلامة محمد بن عبد الله الكسائي، تصحيح اسحق بن ساؤول ايزنبرغ. أهدي إلينا أحد مستشرقي النمسيين هذا الكتاب وطلب إلينا أن ننقده. ولحسن الحظ وجدنا في خزانتنا نسخة منه خطية. ولما قابلنا تلك المطبوعة بنسختنا الأصلية. وجدنا الفرق بينهما عظيماً. وقد لاحظنا أن الآيات المذكورة في هذه القصص وردت محرفة ومصحفة. والشواهد كثيرة، دع عنك الاختلافات في الروايتين مما يتطلب مقالة طويلة، فنرجئ البحث فيها إلى وقت آخر إن اتسع لنا المجال.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - انتهاء قضية المخفر بين العراق وإيران (رسمي وبحروفه) في أواخر حزيران (يونيو) الماضي بدأت الشرطة الإيرانية تشيد مخفر الشرطة في موقع (جيغار سورخ) الكائن داخل الحدود العراقية، ولما اتصل الخبر بالحكومة العراقية، فاتحت الحكومة الإيرانية بالأمر، وبفضل سياسة التفاهم وما يسود صلات الطرفين من الود والولاء، انتهت المفاوضات بين الحكومتين حول هذه القضية التي نشأت من اشتباه موظفي الحدود في تعيين الموقع، وعليه أصدرت الحكومة الإيرانية أمرها بإرجاع جنود الشرطة إلى ما وراء الحدود وإخلاء الأرض التي كان يجري فيها تشييد المخفر، وتم ذلك بالفعل وهكذا انتهت الحادثة. في 5 أوغسطس: ملاحظ مكتب المطبوعات 2 - الجيش العراقي في الزيبار حل الجيش العراقي محل الجيش المعروف (بالليفي) في منطقة (بلة) الواقعة في قضاء الزيبار، وقد تم ذلك بعد ما تم القرار بين حكومتنا والدولة الحليفة على تسريح جيش (الليفي) وكان قوام هؤلاء الجند الآشوريين المتعرقين والآشوريين العثمانيين الذين اصبحوا بحكم المعاهدات الدولية عراقيين أيضاً. وقد كان تسريح هذا الجيش ضرورياً لتوحيد نظام الجندية في البلاد وتوحيد قيادتها ومراجعها الخاصة وجميع ما يتعلق بها. 3 - تقويم الحكومة الرسمي عزمت الحكومة على إصدار تقويم سنوي ورسمي لدواوينها وشؤون دولتها ورجالها وحالتها العلمية والاقتصادية والبلدانية وكنوز العراق الطبيعية ومساعي الري فيه إلى غير ذلك مما يجري مثله في سائر الدول الراقية. فعسى أن تنتدب لهذا العمل رجالاً أكفاء.

4 - المياه والمعادن في الحجاز كان يظن أن ليس في ديار الحجاز مياه ولا معادن وقد ظهر المستر توكشل المهندس الأميركي ما يخالف هذا الرأي برفائع كثيرة الفوائد. 5 - وفاة المحامي عبد الله ثنيان عبد الله ثنيان من خيرة رجالنا الحقوقيين العراقيين. وله منزلته الرفيعة في معشره، وقد فاجأته المنية وهو ذاهب بسيارته من الكرادة (جنوبي بغداد) إلى العاصمة ليستشير طبيبه حينما أحس بألم في داخله في صباح 4 آب وما كادت السيارة تجاوز الدار حتى أسلم الروح وهو في نحو الخامسة والأربعين من عمره. وكان قبل عدة أسابيع أصيب بوفاة أخيه نجيب في البصرة بمثل هذه الوفاة الفجائية. وبوفاة قرينته قبل نحو بضعة أشهر. كل ذلك أثر في قلبه فأسكته فجأة. والفقيد هو ابن أخي صديقنا العزيز عبد اللطيف ثنيان. فنعزيه بهذا الفقد العظيم ونطلب لروح الراحل الرحمة الواسعة. 6 - الحبوب الصادرة من البصرة يؤخذ من الإحصاءات الرسمية إن مقادير الحبوب والبقول التي شحنت من البصرة إلى الخارج ابتداء من نيسان إلى نهاية تموز سنة 1931 كانت كما يلي: الشعير شحن من الشعير إلى المملكة المتحدة 59. 615 طناً بمليون و 825 ألف ربية. وإلى بلاد العرب 59 طناً بألفي ربية وإلى بلجكة 30. 785 طناً ب 199 ألف ربية. وإلى ألمانية 1067 طناً ب 34 ألف ربية، وإلى هولندة 3300 وطنان ب 98 ألف ربية. الحنطة شحن من الحنطة إلى المملكة المتحدة 10. 168 طناً ب 437 ألف ربية، وإلى بلاد العرب 1. 971 طناً ب 100 ألف ربية. الأرز شحن من الأرز إلى بلاد العرب 168 طناً ب 14 ألف ربية، وإلى ألمانية 1. 446 طناً ب 72 ألف ربية وإلى هولندة 559 طناً ب 28 ألف ربية. دقيق الحنطة شحن من دقيق الحنطة إلى بلاد العرب 637 طناً ب 51 ألف ربية. الدخن شحن من الدخن إلى المملكة المتحدة 254 طناً ب 8 آلاف ربية، وإلى بلجكة

100 وطنان ب 4 آلاف ربية، وإلى ألمانية 966 طناً ب 37 ألف ربية، وإلى هولندة 25 طناً بألف ربية. ذرة بيضاء شحن من الذرة البيضاء إلى المملكة المتحدة 305 أطنان ب 20 ألف ربية، وإلى ألمانية 4. 369 طناً ب 284 ألف ربية. الماش شحن من الماش إلى الهند 408 أطنان ب 32 ألف ربية؛ وإلى بلاد العرب 12 طناً بألف ربية. الباقلاء شحن من الباقلاء إلى الهند أربعة أطنان بقيمتها الاعتيادية، وإلى بلاد العرب 52 طناً بألف ربية، وإلى هولندة 51 طناً بثلاثة آلاف ربية. رة صفراء شحن من الذرة الصفراء إلى المملكة المتحدة 100 وطنان بأربعة آلاف ربية. البقول شحن من البقول إلى الهند خمسة أطنان بقيمتها الاعتيادية، وإلى بلاد العرب طنان. 7 - الهيضة في البصرة ظهرت الهيضة في البصرة فجأة في 8 آب (اوغسطس) فارتاعت لها القلوب فجدت الحكومة بردعها أشد ردع. ودونك جدول الإصابات والوفيات الرسمي أول ظهورها: التاريخ الإصابات الوفيات 8 آب 9 8 9 آب 12 6 10 آب 32 18 11 آب 27 20 12 آب 44 14 13 آب 49 27 14 آب 58 39 15 آب 41 16 16 آب 56 16 17 آب 29 28 18 آب 39 17 19 آب 33 19 20 آب 4 3 ويرى من هذا الجدول إن التناقص في الوفيات بدأ منذ 15 آب أي بعد أن بذلت الحكومة كل سعيها لتطعيم مصل هذا الداء الفتاك. وفي مدة أسبوع لا أكثر طعم من الأهالي ما يزيد على ستين ألفاً. وهو رقم يظهر ما بذلت

الحكومة من الهمة العالية رداً لهجمات هذا العدو الهائل الفتك. فالشكر لحكومتنا على ما سعت ولا تزال تسعي له. 8 - عواطف قداسة البابا نحو معالي مزاحم بك الباجه جي وزير داخلية العراق عرف صاحب المعالي مزاحم بك وزير داخلية العراق برقة الأسلوب ودقة الفكرة، والمهارة والحنكة. وقد لاحظ كل هذه الأمور سيادة القاصد الرسولي السيد أنطونين درابيه رئيس أساقفة بغداد وهو من الرهبان الدمنكيين وكتب إلى الكردنال سنشيرو ليذكره بهذه المزايا الجليلة فأنعم عليه قداسة الحبر الأعظم بنوط (بمدالية) جليل هو نوط مدينة الفاتيكان. وسوف يأتي سيادة القاصد في نحو أوسط أيلول (أي أواسط هذا الشهر) ليقلده صاحب المعالي مزاحم بك لأن القاصد هو اليوم في الموصل وتؤذيه شدة حرارة بغداد وهو نحيف المزاج. فنهنئ معاليه بهذا الامتياز الجليل ونتمنى له الرقي المتواصل ونشكر سيادة القاصد الجزيل الاحترام على سهره على وظيفته وتقدير الناس حق قدرهم من دون محاباة.

العدد 95

العدد 95 - بتاريخ: 01 - 10 - 1931 المشعشعيون ومهديهم - 2 - أما المولى كمال الدين خلف المشعشعي المذكور، فقد كان عالماً فاضلاً، ومتكلماً وأديباً وشاعراً ومحدثاً ومحققاً جليل المنزلة، وكان من معاصري الشيخ البهائي المشهور، وله مصنفات منها: (فخر الشيعة) و (سيف الشيعة) في الحديث و (حق اليقين) في الكلام، و (برهان الشيعة) في الإمامة و (الحجة البالغة) في الكلام أيضاً. وكتاب كبير في المنطق والكلام أسمه (الحق المبين) ورسالة في النحو اسمها (سبيل الرشاد) ومنظومة فيه. و (سفينة النجاة) و (المودة في القربى) و (النهج القويم) ورسالة (الاثنا عشرية) و (دليل النجاح) و (شرح دعاء عرفة) للحسين (ع) و (ديوان شعر) عربي وآخر فارسي وغير ذلك - كما في الأمل - وجاء في الرياض أن السيد خلفاً المذكور اجتمع مع الشيخ ميرزا محمد الاسترابادي صاحب (الرجال) في سفر الحج. وكان دعاء (الحسين) - ع - عند ميرزا محمد، فدعوا به في الموقف فقال له خلف: (يا مولانا هذا الدعاء قابل للشرح وينبغي أن تشرحه) فقال ميرزا محمد له: (أنا التمسه منك)

فقال خلف هضماً لنفسه: (وأنا لست بفارس هذا الميدان) فقال: (بل أنت أحق الناس به) قال السيد خلف: (فقبلت التماسه، ولما رجعت إلى الوطن (الحويزة) لم يكن لي هم إلا ذلك) ثم شرحه ولما أتمه بعث بنسخة منه إليه فأعجب بها كل الإعجاب وكانت عنده في خزانته إلى أن توفي، فانتقلت إلى ورثته وقد طلبت نسختها الأكابر إلى السيد خلف وانتسخوها وأسم الشرح: (مظهر الغرائب). وقد سلب البصر بجفاء أخيه وازداد نور بصيرته، وكان زاهداً مرتاضاً يأكل الجشب ويلبس الخشن اقتداءاً بسيرة آبائه، وكانت عبادته يضرب بها المثل وكان كثير الصيام لم يفته صوم، ولا صلاة نافلة، ولا ختم كلام الله في ليالي الجمعات (قبل أيام عماه) ومع هذا كان من أشجع أهل زمانه وأشدهم بأساً وأسدهم عزماً وأقواهم قلباً. وبعدما توفي رثاه السيد شهاب الدين ابن معتوق (المتوفى بالفالج يوم الأحد 14 شوال سنة 1087 هـ وله (62) سنة) بقصيدة رائية صارع بها قصيدة أبي تمام في (محمد بن حميد الطائي) وكانت وفاته سنة (1074) هـ ومن مرثيته: مضى خلف الأبرار والسيد الطهر ... فصدر العلى من قلبه بعده صفر وغيب منه في الثرى نير الهدى ... فغارت ذكاء الدين وأنكسف البدر هو الماجد الوهاب ما في يمينه ... هو العابد الأواب والشفع والوتر هو الحر يوم الحرب تثني حرابه ... عليه وفي المحراب يعرفه الذكر فتى يورد الهندي وهو حديدة ... ويصدق فيه وهو من علق تبر يعز على المختار والصنو رزؤه ... لعلمهما في انه الولد البر أجل بني المهدي، لو انه ادعى ... وقال: أنا المهدي وأزره الخضر فمن لليتامى والأرامل بعده ... وممن نرجي النفع أن مسنا الضر لئن سلمت أبناؤه وبنوهم ... فويل العدى وليفرح الذئب والنسر كأن (علياً) بينهم بدر أربع ... وعشر أضاءت حوله أنجم زهر

إذا ما (علي) كان في المجد والعلى ... سليماً فلا زيد يقول ولا عمرو ومن أولاد المولى خلف (المولى علي خان) المشعشعي المذكور ومن أجله جمع (معتوق بن شهاب الدين الموسوي) ديوان أبيه، فقد قال في مقدمته: (وهو المولى النسيب النجيب الحسيب ذو الأصل الطاهر والفضل الباهر الظاهر. الجامع بين فضيلتي السيف والقلم حامل لواء الشريعة المحمدية، ومؤيد دين الملة الحنيفية (أبو الحسين السيد علي خان) ابن المولى كمال الدين خلف الموسوي) وكان فاضلاً عالماً شاعراً أديباً جليل القدر له مؤلفات في الأصول والإمامة وغيرها منها: (النور المبين) في الحديث أربعة مجلدات وموضوعه النص على إمامة علي - ع - و (خير المقال) في الأدب والنبوة وغيرهما و (شرح قصيدته المقصورة) أربعة مجلدات و (تفسير القرآن) أربعة مجلدات و (نكت البيان) في ذلك قال شهاب الدين ابن معتوق سنة (1087) هـ، ص 190. أيدت دين الحق بعد تأوه ... وسددت بالأحكام كل فجاجة وشفيت علته بكتب قد غدت ... مثل الطبائع لاعتدال مزاجه أسفار صدق كل خصم مبطل ... منها سيعلم كاذبات حجاجه (نور مبين) قد أنار دجى الهوى ... ظلم الضلالة في ضياء سراجه و (غدير ختم) بعدما لعبت به ... ريح الشكوك وآض من لجاجه أمطرته بسحابة سميتها ... (خير المقال) وضاق في أمواجه وأنبت في (نكت البيان) عن الهدى ... فأريننا المطموس من منهاجه وكذاك (منتخب) من التفسير لم ... تنسج يدا أحد على منساجه للاعرجان وان بدت شرفاته ... لن يبلغا المعشار من معراجه وهذا التفسير (منتخب التفاسير) وطريقته فيه أن يذكر أولاً كلام المفسرين الذين كانت تفاسيرهم عنده من النيسابوري والكشاف والقاضي ومجمع البيان وتفسير العياشي وعلي بن إبراهيم، ثم يذكر من فوائد نفسه رداً لكلامهم

أو تنبيهاً على ما لم يفطنوا له، وكان ابتداؤه به في جمادى الآخرة سنة (1086) هـ ووصل في شهر ربيع الأول سنة (1087) إلى تفسير سورة الرحمن، وأما نكت البيان فهو مشتمل على أبواب: (الأول) في تفسير الآيات القرآنيات وتكلم فيه فيما أغفله المفسرون و (الثاني) في شرح الأحاديث المشكلة التي تكلمت العلماء في شرحها والتي لم يتكلموا قبل شرحها، وفي شرح حديث الأسماء و (الثالث) في ذكر ما تكلم فيه مع العلماء السابقين والمعاصرين له في مسائل شتى وباقي الأبواب في إيراد كلمات حكيمة عن الأنبياء والأئمة وأهل الفضل والصوفية، وفي فنون الأدب من الكلام على الشعراء والإيراد عليهم والانتصار لهم، ثم يورد أقسام فنون الشعر من غزل وتشبيب ومديح وفخر ورثاء إلى غير ذلك من الحكايات المستطرفة، وكانت مدة تأليفه خمسة أشهر من سنة (1084). وقيل إن أكثر فوائد السيد نعمة الله الشوشتري الجزائري مأخوذة من تصانيف هذا السيد الوالي وكتب المولى علي خان رسائل إلى الشيخ (علي) سبط الشهيد الثاني في اصفهان يفصل بعض فوائد نفسه وترجمة أحواله وأحوال والده السيد خلف ومنها نقل صاحب الرياض اجتماع المولى خلف مع ميرزا محمد الاسترابادي المذكور، ونقلنا قول صاحب الرياض عن السيد خلف (وأما ولده هذا السيد (علي خان) فقد توفي في عصرنا وخلف أولاداً كثيرة، وقد أخذ حكومة تلك البلاد من أولاده واحداً بعد واحد إلى هذا اليوم وهو عام (سبعة عشر ومائة بعد الألف، وكان بعض أولاده مشتغلاَ بتحصيل العلوم في الجملة)، وقد ذكره صاحب السلافة وأثنى عليه، وأورد له أشعاراً، وقد مدحه شعراء عصره من أهل بلاده وغيرهم، وله ديوان شعر بالفارسية، وديوان شعر بالعربية اسمه: (خير جليس ونعم أنيس) ومن شعره قوله في قصيدة: ولولا حسام المرتضى أصبح الورى ... وما فيهم من يعبد الله مسلما وأبناؤه الغر الكرام الآلي بهم ... أنار من الإسلام ما كان مظلما وأقسم لو قال الأنام بحبهم ... لما خلق الرب الكريم جهنما وما منهم إلا إمام مسود ... حسام سطا بحرطما عارض همى وقال صاحب الرياض: (ومن مؤلفاته أيضاً مجموعة مشتملة على طرائف

المطالب التي أوردها في مؤلفاته الأربعة المذكورة، وقد انتخبها منها مع جم من لطائف سائر المقاصد وأرسلها (كذا) هدية للشيخ (علي) سبط الشهيد الثاني إلى اصبهان، وقد رأيتها في جملة كتبه قدس سره وهي حسنة الفوائد جليلة المطالب). والسيد (علي خان) هو ممدوح ابن معتوق في أكثر ديوانه ففي ص 62 (وقال يمدحه ويهنئه أيضاً بعيد الفطر سنة 1063) وفي ص 66: (وقال يهنئه بعيد النحر سنة 1064) وآخر مدحه له سنة (1087) لأنها سنة وفاة ابن معتوق - كما قدمنا - وفي ص 50: (وقال يمدح المؤيد بالرحمن السيد علي خان ويذكر وقعته مع الأعراب والكرخ ويهنئه بالظفر) ومنها: فلله يوم الكرخ موقفه ضحى ... وقد سالت الأعراب بالجحفل المجري أتوه يمدون الرقاب تطاولا ... فأضحوا ومنهم ذلك المد للجزر رموه بحرب كلما قام ساقها ... ركض المنايا في القلوب من الذعر سطوا وسطا كالليث يقدم فتية ... يرون عوان الحرب في صورة البكر ليهنئك نصر عزه يخذل العدى ... وفتح يفل المغلقات من الأمر وفي ص 100 (وقال يمدحه وأولاده ويهنئه بالظفر على الأعراب) ومنها: واهزمت أحزاب الضلال ولو ونوا ... لألحقتهم في أثر سيدهم عمرو وأخرجتهم في زعمهم عن ديارهم ... وما اعتقدوا هذا إلى أول الحشر وألقوا حبال المنكرات وخيلوا ... فعارضتهم في آية السيف لا السحر أبا السبعة الأطهار لازلت ناظماً ... بهم عقد جيد المجد بالأنجم الزهر وفي ص 106: (وقال يمدح السيد علي خان ويهنئه بعيد الفطر سنة 1074) هـ ومنها: لولا ورودك للجزيرة ما زهت ... وجنات جنات لها بورود فارقتها فخشيت بعدك أنها ... تضحي كما أضحت ديار ثمود

أنقذت أهليها ولو لم تأتهم ... ما قوم لوط منهم بسعيد وفي ص 113: وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر سنة 1077) هـ ومنها: لو لم تعد لم للخوز بهجته ... ولا تورد يوماً خده الترب لولا وجودك فيه أهله هلكوا ... كذاك يهلك بعد الوابل العشب لو كنت مولى تجازيهم بما اقترفوا ... من الذنوب أذن بادوا بما كسبوا كسرت جبتهم بالسيف فاجتمعوا ... عليك أحزاب ذك الجبت واغتصبوا هموا بإطفاء نور المجد منك فلا ... فتم فيك ويأبى الله ما طلبوا وفي ص 1043: (وقال يمدحه ويذكر وقعته مع الأعراب ويهنئه بالفطر سنة (1079 هـ) ومنها: ولم أنس في المنيات يوم تجمعت ... قبائل أحزاب العدى والعشائر عصائب بدو أخطأوا بادئ الهوى ... فراموه بالخذلان والله ناصر أصروا على العصيان سراً واظهروا ... له طاعة والكل بالعهد غادر وقد جحدوا نعمى (علي) وأنكروا ... كما جحدوا نص القدير وكابروا توالوا على عزل الوصي ضلالة ... وقد حسنوا الشورى وفيها تشاوروا فلما التقى الجمعان وانكشف الغطا ... وقد غاب ذهن المرء والموت حاضر فلم يخل منهم هارب من جراحة ... فان قيل فيهم سالم فهو نادر تولوا وخلوا غانيات خدورهم ... مبرقعة بالذل وهي سوافر تنادي ولا فيهم سميع يجيبها ... فتلطم حزناً والرؤوس حواسر فرد عليها سترها بعد هتكه ... وبشرها بالأمن مما تحاذر ألا فأسمعوا يا حاضرون نصيحة ... تصدقها إعرابكم والحواضر عظيم ملوك الفرس تعرف قدره ... وتغبطهم فيه وفيك القياصر وفي ص 148: (وقال يمدحه ويذكر وقعته مع الأعراب في شهره يهنئه بالظفر) ومنها: ويوم مثل يوم الحشر فيه ... تميد الراسيات من الجبال

به الأعلام كالآرام تسري ... فتشتبه الرعال مع الرعال به اجتمعت (بنو لام) جميعاً ... تستر جانب الطرف الشمالي ولاذوا بالحصون فما استفادوا ... نجاة بالجدار ولا الجدال غواة قام بينهم غوي ... يمينهم بأنواع المحال أما علموا بأنك يا (علي) ... لباري قوسها يوم النزال ملأت الرحب حولهم جيوشاً ... تكاثر عد حبات الرمال تركت سراتهم صرعى غداة ... وحزت الحمد في ستر العيال ألا يا معشر الأعراب كفوا ... وتوبوا عن خبيثات الفعال وفي ص 151: (وقال يمدحه ويهنئه بعيد الفطر سنة (1081) هـ ومنها: فيكم من نهر سابور تأتى ... له نصر كيوم النهروان وكم في التابعين لآل حرب ... له من فتكة بكر عوان وأشرف ما له في الدهر يوم ... قضى يوم الصفوف بشهر كان ومن شعر المولى علي خان بن السيد خلف: وإني لأخفي لوعتي عن محدثي ... وفي القلب ما ينهى الجفون عن الغمض فلولا رضا الرحمن والصبر والحجى ... لما كان بعض القلب يصبر عن بعض تسيل دموعي من جفوني ولم أقل ... مقالا يفيت الأجر مني ولا يرضي ومن المشعشعيين الذين جاء ذكرهم في ديوان ابن معتوق: (المولى السيد منصور خان بن السيد عبد المطلب الحيدري المذكور) أخو العلامة السيد خلف الماضي ذكره. ففي ص 19: (وقال يمدح المولى السيد منصور خان بن السيد عبد المطلب الحيدري) ومنها: كم غزا الصبر باللحاظ كما قد ... قد غزت الشوس أنصل (المنصور) يوم غازت جياده (آل فضل) ... بلهام على الكماة قدير سار وهناً عليهم وأقامت ... خيله بالنهار حتى العصير

وأتى منهل (الدويرق) ليلاً ... وسرى من معينه في سحير وأتى (الطيب) و (الدجيل) نهاراً ... تقتفيه الأسود فوق النسور وغدا يطوي القفار إلى أن ... نشرت خيله ثراء الثغور وغدت عوماً بدجلة حتى ... صار لجي مائها كالأسير وأتى بالضحى (الجزيرة) تردى ... بأسود تروعها بالزئير فرماها بها هناك فأضحوا ... ما لهم غير عفوه من نصير اسلموا المال والعيال وولوا ... هرباً في النفوس في كل غور سفهاً منهم عصوه وتبهاً ... وضلالاً رماهم بالغرور وجاء في ص 40: إن للسيد منصور ابناً اسمه (راشد). وفي ص 30 أن له آخر اسمه (بركة) ونص العنوان: (وقال يمدح السيد بركة خان ابن السيد منصور ويهنئه بعيد الفطر). ومثله في ص 33 ومن هذه التهنئة: قاض بأحكام الشريعة عالم ... بقواعد الإرشاد والتبيين عدل تحكم في البلاد فقام في ... مفروض دين الله والمسنون بلغ الكمال وما تجاوز عمره ... عشراً وحاز الملك بالعشرين مولى يلوذ المذنبون بعفوه ... ويفك قيد المجرم المسجون فبهذا نستدل على أن السيد (بركة) تسلطن على (الحويزة) بعد أبيه (منصور) وفي ص 39 و 46 جاء فيه: تملك (الخوز) فلتهرب ثعالبه ... فقد تكفل جيش الملك قسوره تولى دولة المهدي فأحيا ... مناقبه وقد عفت العظام وجاء في ص 160 إن للسيد (بركة) سبطين من صهره: للسيد حسن وذكر تهنئة بختنهما سنة (1083). وجاء في ص 26: (وقال يمدح السيد علي خان بن السيد منصور خان عند قدومه من عند الشاه طغى (كذا) في سنة 1055 ومنها: لولا إيابك للجزيرة ما صفت ... فيها مشارع أمنها المتكدر لم ألق أطيب بهجة من نشرها ... إلا البشارة في إياب الحيدري

ولعل (علياً) هذا كان رهينة عند الشاة من سلطان الحويزة. ومنهم السيد عبد الله بن السيد علي خان بن خلف المشعشعي كما في ص 179 من الديوان وابنه نصر الله المختون سنة (1085). ومنهم السيد حسين بن السيد علي خان المذكور. وقد توفي سنة (1080هـ) ورثاه ابن معتوق كما في ص 219 ومنها: فلو لم يتم الله نور الهدى لنا ... بوالده عشنا بسود الغياهب جواد بأرض الكرختين مقامه ... ومعروفه يسري إلى كل طالب ومنهم السيد محسن بن السيد علي خان وله ابن اسمه (ناصر) كما في ص 222 من الديوان، وقد توفي ناصر سنة (1084 هـ) ورثاه صاحب الديوان وفيها يقول: فحق لملك (الخوز) يشكو فراقه ... فعن غابة قد غاب خير بني الأسد وحق لعين الحرب تبكي له دماً ... فقد فقدت في فقده سيفها الهندي وجاء في ص 101: (وقال يمدح السيد حيدر خان عند إيابه من عند الشاة). وفي ص 131: (وقال يمدح السيد حيدر خان ويهنئه بعيد الفطر سنة (1079هـ) ففي الإياب يقول: ما الخوز بعد نداك إلا مقلة ... مطروفة فدموعها لا تهجع ورجعت مسروراً فقرت باللقا ... عيناً وقر فؤادها المتفزع ناداك من نور عليها دوحة ... صفو به أزكى الأصول واينع فوطأت أشرف بقعة قد قدست ... ولبست خلعة أن نعلك يخلع وخصصت بالرؤيا هناك وفزت في ... شرف الخطاب ولذ منك المسمع ونقلنا في (9: 616) من لغة العرب قول نعمة الله الجزائري (لما صارت الواقعة العظمى بين أهل بلادنا وهي الجزيرة وبين جنود السلطان محمد خرجنا منها وتوطنا البلدة المحروسة شوشتر، لكن في كل سنة يطلبنا

سلطان (الحويزة) لأنه كان من أهل العلم والأدب) وتتمة الحديث كما في ص 319 من زهر الربيع: (وكان في تلك الولايات من الأعراب سكان الصحارى وغيرهم من أهل السنة، والخلاف، ما لا يحصى عددهم. فمن الله علينا بالمواعظ لهم والإرشاد لجهالهم حتى دخلوا في دين أمير المؤمنين وصاروا من الشيعة الإمامية). ونقلنا هناك أيضاً قوله: (كتب إلي سلطان (الحويزة) أبياتاً يستحثني على المجيء إليه وأنا يومئذ في شوشتر) والأبيات هي كما في ص 210، 211 من زهر الربيع: يا أخا بشرنا تأخرت عنا ... قد أسأنا ببعد عندك ظنا كم تمنيت لي صديقاً صدوقاً ... فإذا أنت ذلك المتمنى فبغصن الصبا لما تثنى ... وبعهد الصبا وان بان عنا كن جوابي لكي ترد شبابي ... لا تقل للرسول: كنا وكنا فحكم أبناء المشعشع بقي في الحويزة إلى ما بعد القرن الحادي عشر للهجرة - كما تقدم - ونحن ما نعرف أسم سلطان الحويزة الذي ذكره السيد الجزائري بيد إننا رأينا في التاريخ أن (علي باشا) والي بغداد استعد سنة (1111) لمحاربة قشعم وسار إليهم فحاصرهم، ثم صالحوه على مال وكان المتسلم للبصرة داود خان فخرج من البصرة وتسلمها واليها السابق حسين باشا، وكان في الحويزة (فرج الله خان) فلم يتعرض له الوالي. وفي السنة (1112) أرسل فرج الله خان إلى دالدبان مصطفى باشا والي بغداد الجديد يطلب إليه الأمان ويبذل له تسليم الحويزة، وذلك لأن مصطفى باشا كان قد وصل إلى البصرة وهرب منه أمير قشعم، ثم استأمن إليه على مال فعفا عنه وعاد إلى بغداد. هذا مرادنا وعلى الله اعتمادنا. مصطفى جواد (لغة العرب) لم يدر الشرتوني أن في جنوبي العراق وبلاد العرب مواضع ومدناً منها: السوس والخوز والحويزة والطف وغدير خم، فقلبها بالصورة الآتية: الشوس والجزيرة والحوز والصف وغدير ختم، وهذه كلها لا معاني لها تتفق والمعنى، فلتصحح على ما ذكره هنا حضرة الأستاذ المصطفى المدقق المحقق.

موقع هوفة

موقع هوفة اوبس (لغة العرب) من المدن العراقية القديمة التي لم يعرف إلى الآن موقعها (هوفة) فإن الباحثين لا يزالون ينقرون عن موضعها، ولما يهتدوا إليها، وفي ما يأتي فصل معرب عن الإنكليزية لأحد هؤلاء العلماء ومن كلامه يتبين عدم قرار فكرهم في هذا الموضوع. اكثر المشاكل البابلية متعلقة بتحقيق موقع هوفة (اوبس) الصحيح، وعليه أصبحت معرفة حقيقة هذه المدينة القديمة، معرفة صادقة باتة، من أهم الأمور المختصة بالبلدانيات، والتاريخيات، وعلم الآثار القديمة. وعلينا قبل أن نشرع بتعيين موقع (هوفة) الحقيقي، أن نراجع ما بينه الثقات من مواقعها العديدة، ويجدر بنا أن نخصص قبل كل أمر، الزمن الذي زهت فيه. وأول تنويه بهوفة يرى هو في رقيم من عصر (انشاغوشنا) مؤسس السلالة الملكية الثانية، في (أرك) في نحو سنة 3488ق. م. بحيث يقال إن أحد الملوك الشمريين القدماء ظفر بملك هوفة وملك كيش. وذكرت هوفة أيضاً في رقيم (اناتم) ملك لجش، الذي حكم في سنة 2900 ق. م. وروى (أناتم) في رقيمه هذا، كيف تعقب (زوزو) ملك هوفة فقهره، فيمكننا أن نستنتج مما بينوه أن (هوفة) كانت قصبة مملكة قبل نيف و 5000 سنة. وكثيراً ما أشار (استرابون) إلى هوفة في كتبه في سنة 24 ق. م. وبالتالي إذا كان تاريخ سنة 3488 صحيحاً، فنعلم إنها كانت مدينة ذائعة الصيت إلى مدة لا تقل عن 3500 سنة. وقد تعطف علينا الدكتور (لنغدن) وأحاطنا علماً بأن الاسمين القديمين: أحدهما يوناني وهو (أوبس) والثاني بابلي وهو (هوفة) وكانا يطلقان على (اكشك) ثم حل الاسم (هوفة) محل (أكشك) في أثناء عصر الكشيين، ولكن لم يعلم المؤلف سبب هذا التغيير في الأسماء، كما انه لا يعلم أعثر على الدليل الحقيقي في الرقيم المسماري توجيهاً لذلك التغيير أم لا. ولكن يحتمل أن تغيير الاسم نتج من تغير موقع المدينة الذي حدث بتبدل في عقيق نهر دجلة

وإذا تمكنا من أن نتحقق معرفة أوبس اليونانية وهوفة البابلية، فلا يكون ذلك أمراً واقعاً حالاً. فلندرس الآن الإفادات التي تخص هوفة وأوبس والتي نراها أيضاً في رقم البابليين وفي كتب اليونانيين والرومانيين التاريخية. وأول إفادة موضعية ذات أهمية؛ ترى في رقم سنحاريب وهي على الثور رقم 2 في سنة 694 أو 693 ق. م. فاقتبسنا منها ما يلي: (رجال أرض الحثيين وهم من مغلوبي قوسي، أسكنتهم نينوى، سفناً عظيمة من شغل بلادهم صنعوا بمهارة، بحارة من صور وصيدا وبلاد اليونان من مقهوري يدي أمرتهم، على دجلة نزلوا بصعوبة في أرض يابسة تمتد إلى هوفة، ومن هوفة نقلوها (أي نقلوا السفن) على البر على مدحرجات (؟) فسحبوها حتى (المدينة؟. . .) وفي قناة ارحتو وضعوها.) يطلعنا نبو كدر أصر الثاني على الحلقة الثانية من سلسلة الأدلة الموضعية، ويسلم ذلك الملك العظيم إلى أعقابه النبأ التالي: (شيدت سداً من تراب ارتفاعه 5 (بروات) فوق هضبة هوفة والى وسط (سفر) ومن شاطئ دجلة حتى الفرات، وجمعت حوالي المدينة على بعد 20 (برواً) مياهاً كثيرة تشابه سيل البحر، وحكمت السد بالملاط والآجر، ليحفظ من أي ضرر كان يأتي به الفيضان). ونرى إشارة أخرى بارزة في تاريخ هوفة في سنة 555 إلى 538 ق. م. في تاريخ كورش نبو نئيد وفيها الرفيعة الآتية: (قهر كورش سكان أكد حين حارب جيشها في شهر تموز في هوفة على ضفة دجلة) ويذكر زينفون هوفة في سنة 401 ق. م. عند رجوع العشرة آلاف يوناني، ذيالك الرجوع التاريخي، وكان بعد المحاربة القاضية في كناسة، ويروي ما يأتي بعد أن مر بستاكة: (قطعوا من دجلة في مدة أربعة أيام مسافة 20 فرسخاً فوصلوا إلى نهر فسقس الذي عرضه مائة قدم، وعليه جسر، وكانت ترى هنالك مدينة كبيرة آهلة بالسكان تسمى هوفة).

ولا نزال نسمع بعد 75 سنة أي في 325 ق. م. بأن أوبس مدينة عارمة ويخبرنا عنها (أريان) بما يلي: (ركب الاسكندر في أول أمره نهر (أولاوس) إلى البحر فاجتاز الخليج الفارسي ودخل دجلة حتى وصل معسكره، وكان (هيفائستيون) ينتظر رجوعه هناك، وتحت إمرته جيش، ثم واصل الاسكندر سفره إلى أوبس وهي مدينة واقعة على نهر دجلة وأمر برفع جميع الموانع والسدود التي تحول دون طريقه وبفتح جميع القني). ويروي لنا استرابون في كتابه في السنة ال 24 ق. م. ذاكراً دليلاً فيه بعض الخطورة الموضعية إذ يقول نقلاً عن (أيراتستنس) ما يأتي: (بعد أن يقترب الفرات شيئاً فشيئاً من دجلة بقرب سور سميرام وقرية تسمى أوبس، وبعد أن يجري في وسط بابل يفيض في الخليج الفارسي). ويروي هذا المؤلف عند وصفه سير مجرى دجلة ما يلي: (بعد أن تجري دجلة جرياناً طويلاً تحت الأرض، تظهر ثانية في (خالونيتس) وتجري إلى أوبس فسور سميرام على ما يسمى، ثم تغادر (كردياي) وكل أرض العراق إلى يمناها). ويخبرنا أيضاً (استرابون) في وصفه لآشور: (إن الأراضي يتخللها أنهار عديدة أكبرها الفرات ودجلة. وتصلح دجلة لسير السفن وذلك من فوهتها، والى فوق، حتى أوبس، واوبس قرية فيها سوق للأماكن المجاورة لها). والمؤرخ الآتي ذكره الذي نتوقع منه ذكراً لاوبس هو (بلينيوس) ولكن مؤلفاته لا تنوه تنويهاً صريحاً بوجود هذه المدينة ولا يجوز أن يكون سبب إهماله هذا واقعاً من باب المصادفة، ولا من وهم منه، ولاسيما إنه ذكر في مؤلفاته أسماء بلدان ربما كانت أقدم من سواها، وقد أهمل ذكرها نظراؤه من المؤرخين. أفلا يعقل أن تكون إحدى المدن التي وصفها (بلينيوس) بأسماء يونانية هي بالحقيقية أوبس؟ وذكر لانبريير الفائدة التالية بخصوص اوبس في معجمه التاريخي: (مدينة واقعة على دجلة سميت بعد ذلك إنطاكية).

فهذه الإفادة تؤكد لنا تأكيداً لا ريب فيه لما ذكر. وإذا اعتمدنا على أن (لانبريير) أسند روايته إلى أمر واقع، وتمكنا من معرفة موقع إنطاكية من دون معارضة، نتمكن حين ذاك من أن نشير إلى طائفة خاصة من الروابي ونقول للباحث عن الآثار القديمة: امسك بيدك المعول والمجرفة وباشر العمل، ولكن لم يتمكن المؤلف من سوء الحظ أن يحصل في أثناء بحثه أو بمعونة العلماء الشهيرين، على أي برهان يثبت ما بينه (لانبريير)؛ وان يحتمل أن يكون حدس (لانبريير) صحيحاً. وإذا زدنا على ذلك أننا إذا تمكنا من أن نتحقق بصورة مقنعة موقع باقي البلدان التي ذكرها (بلينيوس) والمؤرخون القدماء، فيمكننا أن نصل بطريقة الانتقاء، إلى افتراض يرضي بعض الإرضاء من الوجهة الموضعية، ويسوغ لنا مقابلته بالإفادات التي وصلت إلينا من الأساتذة القدماء. وإذا بينا الآن بالتفصيل موقع إنطاكية نقلاً عن بيان (بلينيوس)، فيكون ذاك في محله. ويذكر هذا المؤرخ في بيانه عن أرض العراق ما يلي: (كانت تعود جميع أراضي العراق في السابق إلى الآشوريين، وكان لا يكسوها غير القرى، اللهم إلا بابل ونينوى، فجمع المكذونيون هذه الجماعات ومصروا مواطنهم تمصيراً، والذي أهاب بهم إلى ذلك العمل كثرة خصب الأراضي. وفي أرض العراق مدينة (سلوقية) و (لاذقية) و (آرمية) فضلاً عن المدينتين المذكورتين. وفي جزيرة العرب أناس يسمون (الأوريون) و (المردنيون) ما عدا إنطاكية التي أسسها نيقانور حاكم أرض العراق فسميت (عربية)). ويوضح بلينيوس في فقرة أخرى في شرحه عن موقع (إنطاكية عربية) توضيحاً صريحاً فنقرأ ما يأتي: (إن بين هذه الأقوام وميشان تقع (ستاكة) وتعرف أيضاً باسم اربيلية وفلسطين. ومدينتها ستاكة من أصل يوناني. وتقع تلك المدينة ومدينة سبداتة في الشرق وترى إنطاكية في الغرب بين النهرين (دجلة) و (ترنادوتس) الذي أطلق عليه أيضاً انطيوخس اسم (افامية) وهو اسم والدته).

يأتي بنا البحث أخيراً إلى مؤلفات هيرودوتس في سنة 430 ق. م. ويذكر فيها حوادث زحفه كورش إلى بابل فيروي ما يلي: (مر كورش بضفة نهر جندس حينما كان زاحفاً إلى بابل، وجندس نهر ينشأ في جبال متانية ويجري خلال أراضي الدردنيين ثم يصب في نهر دجلة. وأما دجلة فبعد أن يصب فيه نهر جندس، يجري ماراً بمدينة أوبس فيفيض في بحر اريثرة. وعند وصول كورش إلى هذا النهر (أي إلى جندس) - ذلك النهر الذي لا يمكن اجتيازه إلا بزوارق - أقبل بعض الخيل البيض المقدسة على الماء، وهي خيل تتدفق فيها القوة والنشاط، وحاول أن يقطع النهر وحده ولكن جره التيار وأغرقه في أغواره). وأما معرفة حقيقة جندس فيأتينا (هيرودتس) في فقرة أخرى بإفادة متقنة كل الإتقان، وفي وصفه الطريق الملكية المؤدية من سردس إلى السوس يذكر ما يلي: (إن عدد مواقع الاستراحة في أرمينية خمسة عشر والمسافة 56 فرسخاً ونصف فرسخ. . . ويتخلل هذه المنطقة أربعة أنهار كبيرة توجب على الإنسان أن يعبرها بواسطة زورق أولها دجلة، والثاني والثالث يسميان باسم واحد مع انهما نهران مختلفان وكل واحد منهما يجري في موقع ممتاز عن موقع صاحبه لأن النهر الذي سميته الأول ينشأ في أرمينية بينما إن الثاني يجري خارجاً من بلاد المتانية والنهر الرابع يعرف بجندس وهو النهر الذي حفر له كورش ثلاثمائة وستين فرعاً ففرقه. من كتاب (معضلات بابل) تأليف اللفتنت كرنل و. هـ. لين من الجيش الهندي سابقاً تعريب فنسان م. ماريني (ل. ع) قد تنتقل بعض أسماء المواضع من موطن إلى موطن آخر ربما كان بعيداً جداً. ذلك ما حدث في القديم ويحدث إلى اليوم. فاسم بغداد معروف في أميركة مثلاً، ودار السلام معروف في أفريقية. ونظن أن هوفة محفوظة في العراق نفسه باسم (الهفة) (راجع ياقوت) وان لم تكن في موقع هوفة المذكورة هنا.

في المتحفة العراقية

في المتحفة العراقية افتتح جلالة نائب الملك في صباح أول أيلول (سبتمبر) المعرض الموسمي للمتحفة العراقية، وقد شرف جلالته المتحفة في الساعة الثامنة، وحضر الوزراء ورؤساء الدوائر، ورجال السلك السياسي، والقنصلي، وبعض البريطانيين، فطاف الجميع في الغرفة التي وضعت فيها الآثار التي نبشت في هذا العام. وأكثر هذه الآثار حديثة تعود إلى العهد الفرثي. وفيها قليل من الآثار الشمرية وآثار أور القديمة. وهناك تحف نادرة ثمينة بينها: آثار إصابتها في أور البعثة المشتركة للمتحفة البريطانية وجامعة بنسلفانية بينها حلي جميلة، وخرز وأدوات زينة مختلفة، تدل على مبلغ عناية الأوريات القديمات بالتأنق، والظهور بمظهر خلاب، تعادلهن فيه نساء (تل عمر) الذي أصاب فيه الدكتور (واترمن) جواهر نادرة كانت تتخذ للزينة. أما تأنق رجال أور فقد أبقت ذكراه لهذا العهد، تلك المقابض الجميلة التي كانوا يضعونها على عروض كثيرة حتى على رؤوس (دبابيسهم). وبينها أشكال مختلفة تدل على عنايتهم الفائقة بهذا السلاح، الذي يبدو أنهم كانوا يتخذونه أينما ذهبوا. وبين آثار أور، صفائح مكتوبة، ولم يكن أهل أور لينسون موتاهم من الزينة، ففي المتحفة خرز استخرج من المقابر، بعضها بديع جداً، وهناك أختام أورية أيضاً بالغ أصحابها في نقشها والتفنن بها وقد يكاد المرء يعتقد أن التأنق حصر في سكان العراق الأسفل في ذلك العهد، لولا بعض الآثار التي أصابها في نينوى (كمبيل تومس) من المنتمين إلى المتحفة البريطانية، فعرضت في هذا المعرض ودلت على عناية السكان في شمالي العراق، بأثاثهم آن ذلك ولاسيما بالقسم الخاص بالمأكولات والزيوت منها، فالآثار الباقية من عهد نينوى بديعة، فيها أوان فخارية لا تزال باقية على لونها الذي لونت به وهو لون براق اجتمع فيه الحسن إلى الهندسة فجعل منها تحفة، لها قيمتها من حيث النفاسة كما هي من حيث القدم.

ولعل أثمن ما في المعرض، رأس نحاسي بالحجم الطبيعي، أصيب في نينوى وهو يعود إلى 3000 سنة قبل المسيح، وملامحه الدقيقة تدل على أن سكان الشمال كانوا يصورون في المعادن تصوير سكان الجنوب في الكلس والطين. وهناك في زاوية من المعرض اجانة من (تل بلة) في الشمال، وجدتها بعثة جامعة شيكاغو، التي على رأسها الدكتور سبايزر، ولعلها من الآنية التي كانت تقدم بها العطور إلى الآلهة والأصنام. ويحملها الأمراء وكبار الكهان تقرباً إليها. ويبدو أن مدينة (تل عمر) كانت ذات مركز كبير في عالم الفنون، وخاصة في العهد اليوناني، فقد عرضت من آثاره تماثيل من حجر متقنة النحت بعضها كاملة، وبعضها ناقصة وكلها صنعت بتناسق لا نتصور أن التماثيل الحديثة تفوقها فيه إذ جسمت فيها أعضاء الجسم الإنساني، أحسن تجسيم، ولم ينبغ الفنان في (تل عمر) بصنع التماثيل وحدها، بل إن هذه الأواني الخزفية المزججة. وبعض المسارج التي عرضت معها مسارج آخر، من (كيش) تدل على إن يده كانت تستطيع تصوير الجمال في كل ما تمسه أن من الطين، أم من الحجر، أم من المعدن، والظاهر إن الأغنياء، والأمراء والكهان، كانوا يشجعون هؤلاء الفنانين، باستخدامهم في منازلهم لصنع الدعائم الجميلة، ونقشها بالأزاهير، وصور الحيوانات. ففي المعرض من هذه أنواع مختلفة، نقشت عليها تماثيل جميلة لبشر، وحيوانات. وهي تعود إلى العهد الفرثي. ومن بقايا آثار (تل عمر) تمثال صغير مقطوع الرأس صاحبه ولد جالس جلوساً طبيعياً، ولعله ابن أحد الأمراء، فكوفئ صانعه مكافأة عظيمة عليه. ومما يلاحظ إن هذه التماثيل الآتية من (تل عمر) مصنوعة كلها من نوع واحد من الأحجار الشمعية اللون وربما جيء بهذه الأحجار من محل بعيد لصنع التماثيل والأصنام في (تل عمر). وهنالك تمثال أسد أصيب في (تلو) وهو يكاد يكون بالحجم الطبيعي. وقد يكون هذا التمثال، مما اتخذ زينة لقصر الأمير، ليدل به على قوته وجبروته، تشبهاً بأمراء الشمال، الذين كان من عادتهم الذهاب لصيد الأسود وجرها وراءهم في المدينة، افتخاراً ولكن أمير (تلو) اكتفى من الأسد بتمثاله، فزين به باب قصره، أما أور فقد تركت لهذا المعرض عدداً كبيراً من التماثيل الصغيرة والكبيرة،

ففيه صور متنوعة من طين، وآخر حجرية مختلفة الأشكال، تمثل رجالاً ونساء بمواقف مختلفة، وفيها صور لبعض الآلهة، ومن تماثيلها الكبيرة تمثال كلسي من عهد الأسرة الثالثة، تبدو على شكله الدمامة، وليست فيه رشاقة تماثيل (تل عمر) وهنالك تمثال أوري آخر، أعلاه إنسان، وأسفله ثور، ولحيته ورأسه آثوريان، وهنالك نصب تبدو عليه آثار نقوش بارزة تحيط بأطرافه. وفي المتحفة رؤوس لتماثيل شمرية، بعضها من حجر، وبعضها من طين، والآخر من كلس، وكلها جميلة متقنة قريبة بدقتها من تماثيل (تل عمر) مع أنها من عهد طفولة فن النحت وصنع التماثيل. وفي المعرض رأسا تمثالين، متوسطا الحجم، صنعا من الجبس، وأصيبا في كيش، وهما متشابهان يكاد الواحد يكون نسخة الآخر، ولولا تأكيد بعضهم انهما من كيش، لخلناهما تمثالين لرجلين فرنسيين من عهد الثورة الكبرى، فشكل الشعر الموجود على رأسهما، شبيه بالشعر الذي نراه في صور (مارا) و (دانتون) وتقاطيع الوجه لا تبدو عليها السحنة المغولية المشهورة في بعض التماثيل الأخرى مثلاً. وثم تصميم لمعبد (اشتر) والظاهر أن المعماري أراد أن يظهر فيه فنه كله فقد رغب في أن يجعله مربع الشكل، ومن ثلاث طبقات، وعند نهاية كل واحدة وبداية الآخرة، تعاريش ونقوش بارزة وفي كل جانب وفي كل طبقة باب أو شباك، زينت أطرافه زينة بديعة، ولا يدرى أتمكن هذا المعماري التركلاني من بناء العبد لمعبودته، أم أن الأيام لم تساعده، فاكتفى بهذا التصميم، فكان يضعه في داره كل ليلة عيد، وينير فيه الشموع والمسارج ويحتاطه هو وأهلوه، فيتعبدون له، وقد يكون لهذا التصميم شأن آخر، إذ ربما صنعه المعماري وقدمه للأمير فعجز هذا عن تقويم المعبد واكتفى بالتصميم تحفة نفيسة وضعها نصب عينيه، يريها لكل زائر، ويقول سأبني، ثم ذهب، ولم يعمل وبقي التصميم في خزائن قصره. وفي المعرض زينات من (الحضر) و (كيِش) بعضها نقوش أزاهير ونباتات والأخرى تماثيل بشر: حيوانات ناتئة، وأبدع ما فيها مدمر (تمثال نصفي)

تعصب الجهلاء

من الرخام وجد في (الحضر) وهو من العهد الفرثي، وصورة أخرى من (الحضر) تمثل أسداً يصرع جاموساً. وليس كل هذه التماثيل مما جاءت به البعثات الأثرية، ففيها ما عثر عليه لدى المهربين، وأخذ منهم بعد إقامة الدعاوي في المحاكم، والحكم بالمصادرة، وقد عرضت دار المتحفة صورة هذه التماثيل للبيع، وسيبقى هذا المعرض مفتوحاً كباقي غرف المتحفة. (عن جريدة العالم العربي العدد ال 35، الصادر في 1 أيلول سنة 1931 ببعض تصرف في الكلام.) تعصب الجهلاء داء التعصب يهلك الأقطارا ... ويصير أحجى العالمين حمارا ولكم على وضم التعصب قطعوا ... أمل العزيز ليأخذوا الأوضارا أعماهم عن خوض كل حقيقة ... وأخالهم أهل الهدى أشرارا أنى لعمي أن يروا سنن الهدى ... سنناً يفيض صوى ويشرع نارا خاضوا الغواية والعماية وأنثنوا ... يكسون أنفسهم جهاراً عارا فأولاك هم شر البرية مقصداً ... وأخس أبناء الورى أوطارا لا يأمنون مخالفاً في شرعة ... أو مذهب وتوهموا الأخطارا هاهم أولاء رؤوسهم قد أينعت ... فمن القطوف لها ليدرك ثأرا؟ حلوا من الإفساد دار إقامة ... ولبئس للفئة الغوية دارا يبقى العراق مذللاً ما دام في ... حكم التعصب يدمغ الأحرارا ماذا يعزي النفس عن حوجائها ... يحل دار الظالمين بوارا؟ بل أي عصر أبلج متوهج ... يذر التعصب في العراق مبارا؟ مصطفى جواد

كنوز هيكل أدب

كنوز هيكل أدب (تتمة) وقد سأل بعضهم ما الغرض من وجود تلك الآنية والأمتعة في الهيكل؟ قلنا: الجواب الوحيد هو أن الكهنة وسدنة الهيكل اتخذوها للزينة وللإنارة في معابدهم كما اتخذ كهنة بني إسرائيل المصابيح المنيرة، والقناديل المتقدة دائماً في مجامعهم، وهياكلهم، بل في الدور أيضاً للصلاة أو للعبادة، وبعض تلك الظروف والسرج والمناور، اتخذت لمجرد الزينة، فكان باطنها رحراحاً صغيراً لا يسع إلا بعض قطرات من الزيت وكان ظاهر بعض تلك الأوعية رقيقاً جداً، ويكاد يفنى ويتلاشى من كثرة الاستعمال؛ ويحتمل أن هذه الأقداح كانت مشارب ماء، أما الأوعية الكبيرة، فكانت تتخذ أجراناً لحفظ الماء، وخزن زيت المصابيح. ومنها كانت تستعمل مجامر للبان، وصحوناً يوضع فيها خبز التقدمة وغيره من الأطعمة أمام تماثيل الآلهة، لتحل بركتها عليها قبل تناولها ومنها ما كانت تقوم مقام أباريق للوضوء والتطهير من الأوساخ والأدران، وكان باطن معظم هذه الآنية مغشى بغشاء مادة سوداء، ومنها ما كان نظيفاً جداً وأياً كان الغرض من ذلك الغشاء، فإننا نعلم إنها استعملت لأغراض دينية في الهيكل. وقد دام استعمال هذه الأواني المقدسة إلى عصر البابليين الأخير؛ وكانت منزلتها سامية في معابدهم، إذ كان مفروضاً عليه اتخاذها عروضاً للزينة والزخرف ليزيدوا بذلك هياكلهم رونقاً وبهاءً، حتى قيل إن الرومان واليونان لم يفوقوهم في زخرفة هياكلهم. أن أهمية الأقداح والقناني، والمشارب، والقدور، والصحون، والأوعية، والمصابيح المنقوش عليها كتابات، كانت أكثر من شقف الأواني الحجرية الخالية من الكتابة؛ لأن الأولى وقفت الأثريين على تاريخ الهيكل والمدينة في أوائل عهدهما، وقد اكتشف النقابون خمساً وثلاثين شظية مكتوبة لا يختلف حجمها وشكلها ومادتها عن الشظايا الخالية من الكتابة.

وكانت بعض تلك الكتابات محفورة حفراً غير متقن على ظاهر الإناء، ومنها ما كان قد اعتني بكتابته اعتناءً فائقاً. كالإناء المصنوع من حجر الفرفير، فانه آية في الإبداع والإتقان، وعلى ظاهره وفي باطنه نقوش كتابة بديعة. وقد حفر على كثير من تلك الظروف والأوعية كلمة واحدة هي (إي سار). وفي بعضها وردت كلمة هيكل بعدها لفظة أخرى معناها: (وقف لآي سار). ولم يرد ذكر اسم آلهة المحل على شظايا الآنية، بيد أن اسم (دنجير مخ) أحد الآلهة الذي عبد في بسمى ظهر على صفائح الشظايا ووجدت طائفة من الأوعية مخطوطاً عليها كتابة أطول من الأولى كان قدمها للهيكل (بركي) ملك كيش. كانت الشظايا المحفورة كثيرة جداً، وكانت صورها بديعة وعديدة، وشكلها أبسط من الشظايا الآنفة الذكر المكتوبة، والخالية من الكتابة، والحجر الذي نحتت منه كان رخواً وبينها وجدت شظية عليها صورة برج هيكل، وتعد فريدة في نوعها وقد سبق وصفها. وأخرى من حجر أزرق كان عليها صور تنانين وغيرها عليها صورة أوراق شجر غضة موضونة أي قائمة الواحدة منها فوق الأخرى. وملتفة التفافاً يظنها الناظر إليها ورقة واحدة. ومن الأواني ما كان عليها خطوط متوازية وأحدها قطع من إناء ملصق بالقار وهو ذو شكل بديع. إن أنفس شظايا الأوعية التي أصابها النقابون في خزانة ردم الهيكل، كان منقوشاً ومرصعاً بنقوش بديعة مبهجة، والإناء الذي يستحق أن يصف في مصاف أعلى وأثمن كنوز الآثار المكتشفة في تلك الخزانة الإناء الحجري الأزرق الذي يكاد يكون قائماً وقد بلغ اثنين وعشرين سنتيمتراً في قطر دائرته. أما ارتفاعه لم يتحقق لأن شظاياه كانت مثلمة الأطراف، وقد ركبت شظيتان من شظاياه فظهر عليهما نقش بارز يمثل عشر صور: خمس منها تري موكباً على طرف جبل، وكانت تلك الصور مكشوفة في أعلى صدرها إلى حقويها ويستر عوراتها نقبة (تنورة) تبلغ الركبتين.

وضفائرها منسدلة على كتفيها وعلى رؤوسها قبعات مزركشة تشبه الخوذ، وفي إحدى القبعات ثلاث أرياش بارزة، ووراءها صبيان صغيران، وفي قبعة كل منهما ريشة واحدة. إن تلك الأرياش تدل على أن أصحابها من سلالة الملوك، ويظهر أن صاحب الأرياش الثلاث هو الملك، وكل من صاحبي الريشة الواحدة ولده أو ولي عهده. أما الرجلان السائران في مقدمة الموكب، فهما عوادان يوقعان على عودين ليشنفا بنغمهما أسماع أتباع الملك وحاشيته وللعود إطار من خشب وعلى وجهه سبعة أوتار ممدودة، بيد أن الأوتار أطول من الإطار، وقد تدلت إلى الإمام وكان العوادان يوقعان باليد اليسرى، وهذا خلاف ما نعهده في عصرنا فإن

الموقعين على آلات الطرب يضربون بيدهم اليمنى. وقد جاءت صورة أحدهم بهيئة رجل يسرع إلى لقاء الموكب وهو مرتد نقبة متخذة من العاج، مركبة تركيباً دقيقاً في شق صنع لهذه الغاية. أما سائر الصور فكانت في أول أمرها مرتدية نقباً (تنورات) عاجية، غير أنها نزعت منها بصورة من الصور، ولم تحافظ على حشمتها ووقارها. إلا صورة ذلك الرجل الذي خف للقاء الموكب الحافل بالملك وولديه. كانت جميع الخوذ، والضفائر، والأسورة، والأحذية، والعيون، وأوراق الأشجار الغضة، القائمة على بعد من الموكب، مرصعة ترصيعاً بديعاً، وكانت لم تزل إحدى قطع اللازورد معلقة بأحد الأغصان، أن وجوه هذه الصور كانت تكاد غريبة المنظر، لكبر أنوف ذويها؛ ولم يعثر المنقبون في كل ديار بابل على ما يضاهيها. ومما لا ريب فيه أن أصحابها كانوا من الشمريين الأولين الذين سكنوا ديار الرافدين. إن حذاقة الفن ومهارة الصناعة في هذا الإناء من أبدع ما يتصوره الفنان في هذا العصر. وبعد هذا الإناء من أقدم العروض وأنفس الآثار التي كشفت في بسمى. ويذهب الدكتور جمس بنكس إلى أن صورة هذا الموكب ناقصة. وعليه أقول: إنه لو أتيح لأحد النقابين العثور على ما تخلف منها في الأنقاض، لظهرت بقيتها تمثل موكب ملك ظافر، أمامه العوادون ووراءه الأميران الصغيران، يتبعهما الأعيان والقواد، وجماهير من الأسرى، ويحيط بهم جنود الملك، ويفصل بينهم وبين أفراد الشعب الذين خرجوا للقاء ملكهم الظافر، الكهنة وهم مرتدون ملابس الهيكل، وفي أيديهم السعف علامة الانتصار والغلبة على الأعداء وهم ينشدون الأناشيد الدينية الحماسية، وبأيدي الرجال الغنائم والأسلاب، وهم جذلون والنساء يهللن فرحات مغتبطات بفوز ملك البلاد العظيم. وقد وجد في نفايات خزانة الهيكل، شظايا آنية أخرى، ومنها شظية إناء من الحجر الأزرق مرصعة، وأطرافها قائمة، علوها نحو ثمانية سنتيمترات وقطر دائرتها ستون سنتيمتراً، ويطوق أطراف الإناء ثعبانان عظيمان مكوران معاً، وجسماهما مرصعان بأحجار براقة لامعة، وعلى جسميهما الطويلين زرود

مرصعة بأحجار براقة؛ ولم يبق من تلك الزرود سوى زردين في أحدهما تسعة ثقوب لتعليق الأحجار، وفي الآخر ثمانية، بيد أن تلك الأحجار قد فقدت ويظهر أن هذا الإناء الكبير كان قد اتخذ في الهيكل، أما للزينة وأما لطرد الأرواح الخبيثة. وقد عثر المنقبون على شظية أخرى مرصعة، وهي تمثل صورة بقرة ترضع عجلها وأصابوا أيضاً شظية من الحجر الأزرق الأصيفر الرخو طولها اثنا عشر سنتيمتراً ونصف في عرض ستة سنتيمترات؛ وهي منقوشة ومرصعة من الظاهر، أما باطنها فكان محفوراً عليه اسم (بركي ملك كيش) وكان النقش يمثل رأس ثعبان أو تنين، وعينه مرصعة بحجر كريم. هذا وبعض أوان مصنوعة من حجر أبيض، وعليها نقوش مشتبكة التركيب، معقدة الشكل مزينة بأخاديد مملوءة بالحمر، ملصقاً بها حجر اللازورد، ولا يزال في بعض تلك الخطوط المحفورة مواد الترصيع ثابتة في مواضعها. إن منزلة المصابيح والقناديل والسرج التي وجدت في خزانة نفايات الهيكل منزلة أثرية عظيمة، فضلاً عن إنها سالمة من العطب وبديعة للغاية، وقد ظهر إنها مصنوعة من أصداف البحر. وبعض تلك المصابيح الصدفية كانت صغيرة الحجم، وقد اسودت لتقاوم عهد استعمالها، ووجد مصباح بهيئة صدفة، وقد قطع وصقل فتحول قنديلاً كاملاً، وحفرة صمامها في القعر ناتئة تصلح لأن تكون مغرزاً للفتيلة، طوله ستة عشر سنتيمتراً، وارتفاعه ستة عشر سنتيمترات وعرضه تسعة سنتيمترات. وقد كشف المنقبون أيضاً مصباحاً آخر مصنوعاً من الحجر بالحجم والشكل المار ذكرهما. بيد إن ظاهره مخدد أخاديد متوازية، ووجدوا مصباحاً ثالثاً عليه خطوط مشتبكة ورابعاً عليه صورة رأس كبش وقد برزت من فمه الفتيلة، وأصابوا شظية سراج يختلف عن البقية، فيكاد يكون بيضي الشكل مستوى القعر. علوه ثمانية سنتيمترات، وتكاد تكون أطرافه قائمة، بلبله طويل دقيق بارز، ينتهي طرفه برأس كبش، وفي قعره دعامة تشبه مقبض إبريق مربع، وقد عثر النقابون أيضاً على بعض مصابيح من طين وهي أحدث عهداً من المار ذكرها؛ وعصرها يرتقي إلى زمن استنباط دهان

الخزف في بابل. وشكل القنديل المصنوع من الطين في ديار بابل؛ كان شائعاً في فلسطين ومصر وبلاد اليونان والرومان وشبيهاً بالقناديل الصدفية، وقد صنع على مثالها. قال الدكتور جمس بنكس النقابة الأميركي: إني لما كنت في بغداد اقتنيت طائفة صالحة من القناديل والسرج الصغيرة المصنوعة من الصلصال، وقد استخرجت من بين أنقاض إحدى المدن من عهد خلفاء العرب، ولا يزيد حجمها عن صحون الزبد، وكان باطنها مدهوناً بدهان أزرق، وظاهرها خالياً من ذلك الدهان. وهو غير مصقول، ولكل منها بلبل. ونوع هذه المصابيح من عهد علاء الدين، وقد تصور أمام مخيلتي فعل مصباح علاء الدين السحري العجيب. فقلت في نفسي: لعله بينها قلت هذا؛ وفركت بإصبعي أحدها. فخاب ظني إذ لم يظهر أمامي مارد ولا جان، ليدلني على كنوز مطمورة، أو يحضر لي من عالم الخفاء أميرة حسناء. لقد عثر المنقبون في خزانة نفايات الهيكل القديم على قطع من صور بقرات صغار مصنوعة من الهيصمي ذات أشكال بديعة وهي رابضة على الأرض تجتر. ولا تزال عيونها العاجية وحدقها اللازوردية ثابتة في المحاجر، وعلى ظهور تلك البقرات الحجرية آثار بينة تدل على أن الغرض منها كان تعليقها على جدران الهيكل للزينة، أو إلصاقها بإناء كبير على سبيل التجمل والظهور بمظهر حسن جذاب؛ ووقع في أيدي النقابين أيضاً صفيحة من المرمر عرضها سبعة سنتيمترات، وعلوها خمسة سنتيمترات، وعليها صورة إنسان عريان محفورة حفراً خشناً، وهو يسوق ثوراً وآثار القار والطلاء الأحمر لا تزال ظاهرة فيها، تدل على إنها كانت في حين مطلية بطلاء زاه لم تقو يد الطبيعة على محوه. ووجد في تلك الخزانة سمك من العاج أسود وأبيض؛ طول الواحدة منها أحد عشر سنتيمتراً. وهيئتها منحنية كأنها تسبح في الماء، بيد إنها مثقوبة من رأسها حتى ذنبها، وهذا يدل على إن أبناء ذلك الجيل القديم كانوا يعلقونها على صدورهم، أو يربطونها بأذرعهم كعوذة لطرد الأرواح الخبيثة عنهم، ووجد أمثال هذه السمكات مصنوعة من الصدف لكنها عديمة الإتقان. ومن تلك اللقى:

قطط وحيوانات آخر وكلها مصنوعة من العاج، ومنها عقدة شريط وردية من العاج، عرضها سنتيمتران وقد حفر عليها رسم نجم ومرصعة بحجر كريم، لكنه فقد. ووجدت عقدة شريط وردية أخرى أكبر من الأولى، قطر دائرتها خمسة سنتيمترات وهي مصنوعة من الصدف (عرق اللؤلؤ) وعليها رسم نجم أيضاً، ولا أثر للأحجار الكريمة التي رصعت بها في أول عهدها، ويحتمل أن عقود الشريط الوردية وسائر التحف المصنوعة من العاج والصدف كانت تعلق على ملابس تماثيل الملوك لمجرد الزينة، وأبدع بل أنفس تحفة منحوتة من العاج صورة وعل يرتع فوق شجرة. لم يعثر النقابون في خزانة نفايات الهيكل على تحف مصنوعة من الذهب والفضة، بل وجدوا قطعاً قليلة من صحون نحاسية منبسطة، وقد علاها الصدأ فتآكلت كل التآكل حتى إنها لم تقو على رؤية النور والهواء؛ ولما رفعها الفعلة من بين الأنقاض تكسرت كسراً عديدة قبل أن تمسها أيدي المنقبين فتفتتت وتحولت تراباً ومما أصابوه مسامير من النحاس عند قاعدة الهيكل. وفي رواقه كشف أسد وصفائح نحاسية من عصور متأخرة في داخلها ثلاث فؤوس من النحاس، طول الواحدة منها أربعة عشر سنتيمتراً ونصف في عرض خمسة سنتيمترات ونصف وعليها كتابة باسم الملك (أي شي أل فا أد دو)، وقد ظهرت هذه الكتابة على صفائح النحاس وعلى ألواح المرمر أيضاً، في وسط صفائح النحاس ثقوب ادخل فيها مسامير كبيرة طول الواحد منها سبعة سنتيمتراً وفي أطرافها خطوط محفورة لكي تثبت في الجدار حينما تنفذ فيه. أما الأدوات المصنوعة من الحمر فقد وجد في خزانة نفايات الهيكل إناء كبير هو المذكور آنفاً، ووجد أيضاً رأس كبش قياسه أربعة عشر سنتيمتراً عرضاً. وثلاثة سنتيمترات وربع بروزاً، وله قرنان معقوفان ممثلان أحسن تمثيل، وعينان كانتا مرصعتين، وفي فمه ثقب مستدير يصل إلى ظهره المجوف. ويظهر أن ذلك الثقب كان يتخذ منفذاً لمجرى ماء من ينبوع. وفي ظهره ثقوب أيضاً لهذه الغاية. فلعلها كانت فوارة ماء كما هو جار الآن في بعض بيوتات بغداد.

إذ في وسط أفنية دورها شاذروان ينبجس الماء منه فيندفع إلى فوق ثم يتناثر لآلئ ودرراً. كانت كنوز الهيكل وخزانة نفاياته ثمينة جداً في نظر الأثريين والمؤرخين، وقد حاول النقاب الأميركي جمس بنكس أن يعثر على كتب الهيكل لكن ذهبت أتعابه أدراج الرياح، فقد كان من عادة البابليين أن يفردوا محلاً خاصاً بخزائن كتبهم. نعم عثر النقابون على صفيحتين مكتبوبتين وقعتا عرضاً من أصحابهما في رابية الهيكل ولكن عند إزالة ما عليها من الملح تفتتت كسراً ولم يوقف على ما فيها من الأنباء. هذا آخر ما وصلت إليه معاول النقابين في ذلك الهيكل القديم الذي يعد من أنفس الآثار. وأملنا أن القائمين بشؤون المتحفة العراقية يصونون ذلك الأثر القديم من طوارئ الزمان؛ فقد بات بعد التنقيب فيه ملجأ للصوص ومكمناً لقطاع الطرق. ويجدر بحكومتنا الساهرة على تقدم العراق أن تهتم كل الاهتمام بصيانة آثار البلاد وحفظها من الدثور والطموس. رزوق عيسى نظرات ورد في هذه المجلة 6: 29 س 25: (27 رجب هو الأيام المعتبرة لدى الطائفة الجعفرية)، قلنا: لأنه يوم بعث فيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة. وفي ص 32 س 8 (وإذا ذكر صاحب الزمان يقوم الناس على أقدامهم ويقولون: (عجل بالظهور يا صاحب الزمان)) (كذا)، والصواب: وإذا ذكر صاحب الزمان واسمه (القائم) يقوم الناس على أقدامهم وربما قال بعضهم: (عجل بالظهور يا صاحب الزمان) أو ما يقارب معناه. وفي ص 91 س 1: (أكر خسته جاني) الخ ثم فسر الكاتب هذه العبارة بقوله: إذا كنت مريضاً (كذا). وخسته جان ليس بمعنى المريض بل هو الضجر لأن (خسته) بالفارسية معناه التعبان وجان معناه الروح فيكون المراد تعب الروح وهو غير المريض. محمد مهدي العلوي

أصل اليزيدية وتاريخهم

أصل اليزيدية وتاريخهم 11 - الديك - ديك العرش لليزيدية تماثيل يطوفون بها في أيام أعيادهم، والتماثيل المعروفة ليست في الحقيقة إلا تماثيل (حمام)، أو (ديك) كما تقدم ولها أصل أساطيري محكي عن عدي بن مسافر. وذلك أن الحادي أو القوال (وردا في البهجة والقلائد بهذين اللفظيين) كان ينشد القصائد الدينية على طريقة الصوفية، وقد أخذ القوم الحال، ونسوا أنفسهم، على ما يشاهد لديهم في أكثر الأحيان إلى اليوم، إذ نادى المنادي بالأذان. فلما سمع الشيخ عدي ذلك، تألم وعاتب المؤذن قائلاً له: (أنزلتنا من العرش إلى الفرش). وأوضح معنى ذلك. إن ديك العرش كان يصيح بالأذان، فلما أذن المؤذن، غاب عنه صوته، فلم يسمعه بعد. ويقال أن بعض مريديه طلب إلى الشيخ أن يسمع ديك العرش، فلما بلغ إلى أذنه كاد يموت، وبقي بضعة أيام لا يشعر لما أصابه من الاندهاش. وحينئذ حصل لهم من صوره لهم؛ وانه رآه فتمكن من إقناعهم وغشهم وصاروا يسمون ذلك المثال (السنجاق) أي العلم أو اللواء. وقد وصفه كثيرون تمام الوصف، ولكن لم يقفوا على أصل المعتقد وتاريخ نشوئه. (راجع كتاب النساطرة وشعائرهم تأليف ج. ب. بادجر). وما هذا المعتقد إلا قصة خرافية لبس شكلاً مادياً. وهذه القصة لا تزال آثارها عندنا إلى اليوم. وذلك أن الأهلين في الأكثر يقتنون الديك الأبيض، الأفرق العرف، الأزرق الرجلين ليوقظهم للصلاة، ويزعمون انه يصيح كلما صاح ديك العرش، وانه بركة في البيت، كما أن الديك الذي (يقيق) (يصيح) كالدجاجة مشؤوم. ولذا يبادرون إلى ذبحه ولا يبقونه لاعتقادهم أن الأول يطرد الروح الخبيث، وهذا يأتي بما يكره.

ولا يعلق بهذه الخرافات أكثر من أنها قصص محفوظة لحقها التغير والتبدل فنالت أوضاعاً مختلفة. المحامي عباس العزاوي الطاووس (لغة العرب) لم يتفق الرواة في وصف هذا الطائر الذي له تمثال من معدن، فمنهم من قال انه يشبه (الطاووس) ولهذا يسميه بعضهم (طاووس ملك) ومنهم من يقول انه بصورة ديك غير واضح الشكل. وعلى كل حال أن في أحاديث الصوفية ما يحمل على الظن أن اليزيدية تلقوا معتقدهم عن سلفهم فالذين يظنون أن صورة ذلك (السنجق) تمثل الطاووس، يجدون ما يدعم رأيهم في كتاب قصص الأنبياء للكسائي فقد جاء ما هذا نصه: ((حديث الطاووس ومحاورة إبليس له) قال: فلما سمع إبليس بذلك (بإسكان الله آدم وحواء الجنة) فرح وقال: لأخرجنهما من ذلك الملكوت بعد أن أمرا ونهيا، ثم مر مستخفياً في طرق السماوات حتى وقف على باب الجنة فإذا بالطاووس قد خرج من الجنة وله جناحان إذا نشرهما غطى بهما سدرة المنتهى، وله ذنب من الزمرد الأخضر؛ وعلى كل ريشة منه جوهرة بيضاء لها ضوء كضوء الشمس، ومنقاره من جوهرة بيضاء، وعيناه من ياقوتة، وهو أطيب طيور الجنة صوتاً وتغريداً، وأحسنها ألحاناً بالتسبيح. وكان يخرج كل وقت ويمر في صفح السماوات السبع ويتبختر في مشيته، ويرجع في تسبيحه إلى الجنة، فلما رآه إبليس دنا منه وكلمه بكلام لين): (أيها الطير العجيب الخلق، الحسن الألوان، الطيب الصوت، أي طائر أنت من طيور الجنة؟ - فقال له طاووس الجنة: فما لك أيها الشخص كأنك مرعوب، أو كأنك تخاف طالباً يطلبك؟

- فقال له إبليس: أنا ملك من ملائكة الصفح الأعلى من زمرة الكروبيين الذين لا يفترون عن التسبيح ساعة واحدة. انظر إلى الجنة والى ما أعد الله فيها لأهلها. فهل لك أن تدخلني الجنة، ولك علي أن أعلمك ثلاث كلمات، من قالهن، لم يهرم، ولم يسقم، ولم يمت. - فقال الطاووس: ويحك! أيها الشخص! أو أهل الجنة يموتون؟ - قال نعم. يموتون ويهرمون ويسقمون، إلا من كانت عنده هذه الكلمات وحلف له على ذلك. فوثق به الطاووس؛ ولم يظن أن أحداً يحلف بالله كاذباً. - فقال الطاووس: أيها الشخص، ما أحوجني إلى هذه الكلمات، غير أني أخاف من رضوان أن يستخبرني، ولكن أبعث إليك بالحية سيدة دواب الجنة، فإنها تدخلك الجنة). (وهنا جاء ذكر حديث الحية وهو طويل) وبعد ذلك ذكر حديث إخراج الطاووس والحية من الجنة فقال: (ثم أتي بالطاووس وقد معطته الملائكة حتى انتفض ريشه وجبريل يجره ويقول له: أخرج من الجنة خروج الأبد فانك مشؤوم أبداً ما بقيت. وسلب تاجه، ونتفت أجنحته، ثم جيء بالحية، وقد جذبتها الملائكة جذباً شديداً، فإذا ممسوخة مبطوحة على بطنها، لا قوائم لها، وصارت ممدودة، مشوهة الخلقة، ومنعت النطق، وصارت خرساء، مشقوقة اللسان. فقالت لها الملائكة: لا رحمك الله ولا رحم من يرحمك ومروا بها على آدم. . .) أهـ. قلنا والذي علمناه من اليزيدية انهم يجلون الحية لأنهم يزعمون: إن سفينة نوح صدمت أنف جبل وهي طافية على الماء، فثقب صدرها، فجاءت الحية وتحوت في الثقب ومنعت من دخول الماء في السفينة. وهكذا نفعت أهل الفلك فنجوا من طامة الغرق. ولهذا تراهم يحترمون الحية إلى عهدنا هذا. وهذا يوافق احترامهم (لطاووس الملك) و (الحية) معاً. حديث الديك: أما الذين يزعمون أن اليزيدية يجلون الديك لا الطاووس، فهذا الزعم أيضاً مبني على رواية للأقدمين من المتصوفة. قال الكسائي المذكور في كتابه قصص

الأنبياء في ص 26 من نسختنا: (وكان آدم ربما اشتغل بأمر معيشته، فغفل عن الصلاة والتسبيح حتى لا يعرف الأوقات، فأعطاه الله ديكاً ودجاجة، وكان الديك أبيض، أفرق، أصفر الرجلين كالثور الكبير، يضرب بجناحيه عند أوقات الصلاة ويقول: سبحان من يسبحه كل شيء، سبحان الله العلي العظيم، وبحمده يا آدم الصلاة، يرحمك الله. فكان آدم يقوم عند صوته إلى الوضوء ويصلي صلاته، وكان ذلك الديك على باب منزله، فإذا خرج آدم إلى حرثه وزرعه، يسبح الله ويقدسه وصوت الديك على إبليس أشد من الصواعق. (قال ابن عباس: أحب الطيور إلى إبليس اللعين، الطاووس؛ وأبغضها إليه الديك. فأكثروا في بيوتكم الديك، لأن الشيطان لا يدخل إلى بيت فيه ديك. وقال كعب الأحبار: إذا صاح الديك وقت الأسحار، نادى مناد في السماء من المخاطب في درجة الرضى: أين الخاشعون؟ أين الراكعون الساجدون؟ أين الحامدون الشاكرون؟ أين الموحدون المستغفرون بالأسحار؟ - فأول من يسمع ذلك ملك من السماء على صورة الديك له زغب وريش، ورأسه أبيض تحت باب الرحمة، ورجلاه في تخوم الأرض السابعة السفلى؛ وجناحه منشور. (فإذا سمع النداء من الجنة. يضرب بجناحيه ضربة ويقول: سبحان من خلق الرحمة التي وسعت كل شيء. من الذي يشتاق إلى الجنة، جنتك يا إلهي، دار النعيم؟. . . (قال قتادة: أكثر طيور الجنة الديك، وإن الله تعالى خلق ديكاً إذا سبح تسبح الديوك كلها التي في الأرض، فيهرب منها الشيطان ويبطل كيده، فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يشتم الديك. . .) أهـ. قلنا: يرى من هذا ما يحمل على الظن: إن اليزيدية - وأصلهم من المتصوفة بلا أدنى ريب على ما أوضحه حضرة الأستاذ العزاوي - كانوا يجلون الديك في أول أمرهم، تبعاً لعدي بن مسافر، ثم لما رأوا ما بين الشيطان والطاووس من الارتباط، عدلوا عن إكرام الديك وإجلاله إلى إكرام الطاووس. ونظن أن هذا التأويل وحده يجمع بين آرائهم الأولى، آراء سلفهم

إلى آرائهم في هذا العهد الذي يجلون فيه الطاووس لا الديك، على ما أكده لنا كثيرون من اليزيدية. هذا رأينا نعرضه على القراء بكل تحفظ. وعلمه فوق كل ذي علم. على إننا لا نجهل أن بعض المستشرقين ذهبوا إلى أن معنى (طاووس ملك): (الملك الإله) مدعين إن (طاووس) كلمة يونانية معناها: (الإله) على أننا لا نوافقهم على هذا الرأي؛ لأن هذا مخالف لمعتقدهم، فضلاً عن أن ليس منهم من قال هذا القول الغريب. نعم أن المستشرقين كثيراً ما ينخدعون بظواهر الألفاظ فيذهبون مذاهب شتى لمجرد مجانسة بين كلم وكلم؛ مع أن ذلك لا يكفي ألم يكن هناك من الأدلة ما يدعم ذلك الرأي. وكيف نقبل هذا الخاطر وثم من البراهين ما يحملنا على القول، أن الطاووس الممثل عندهم بتماثيل مختلفة؛ والذي يذكرونه في مجالسهم ومجتمعاتهم هو هذا الطائر المعهود، فضلاً عن أن رواية المتصوفة تؤيد زعمهم هذا. أذن ليسمح لنا أولو البحث أن نقول أن (الطاووس) هنا لا يعني أبداً (الله) بل الطائر المختال، لا غير. فلينتبه إليه.

عبدة الشمس

عبدة الشمس 1 - تسمية العرب والفرس لهم كانوا العرب يعرفون عبادة الشمس بالمجوس (راجع لغة العرب 3: 309 ح) والفرس يسمونهم (خورشيد برستان - بالباء التحتية المثلثة الفارسية). 2 - عبادة الشمس عند الأمم كان الشنغاريون أي البابليون والكلدانيون القدماء والفنيقيون والكنعانيون يعبدون (في القرون الخالية) الشمس والقمر؛ فكان البعل عندهم الإله الشمس وعشتروت الإلهة القمر (راجع لغة العرب 2: 549 - 550) وكان المصريون الذين عاشوا في عهد بعض فراعنة مصر يعبدون الآلهة الكثيرة وكان أكبر آلهتهم الإله الشمس (راجع مجلة اليقين البغدادية 2: 31 - 32) وكان بعض الملوك الاشكانيين في إيران يعبدون الشمس عند طلوعها باسم (مترأ) (راجع دورة تاريخ عمومي لميرزا عباس خان إقبال آشتياني). وفي القرآن: (وجدتها (أي بلقيس ملكة اليمن) وقومها يسجدون للشمس من دون الله) وكانت بلقيس من حمير (بطن من قحطان كان يقيم في ربوع اليمن) وحمير

كانت تعبد الشمس وكان في الهند جماعات تسجد للشمس كما سيأتي بيانه ولعل في الهند الآن بقية من تلك الفئام وقد قيل أن رعايا الملوك الأشكانيين كانوا يدينون بما كان يدين به ملوكهم على حد ما جاء في المثل السائر: (الناس على دين ملوكهم). وقد نقل عن بعض المؤرخين انه قال: (إن ديار فارس لم تكن تعرف عبارة الشمس قبل الاشكان) فالظاهر أن هذه العقيدة دخلت إيران في حدود سنة 250 قبل الميلاد. 3 - تاريخ عبادة الشمس عندنا أن العقيدة الفيدية الهندية هي التي سبقت الجميع إلى عبادة الشمس ودونك ما ذكره الشيخ محمد الخالصي في كتاب المعارف المحمدية عن هذه الديانة قال: (ونحن نذكر إشارة إجمالية إلى بعض العقائد الوثنية الهندية. . . وكانت قبل المسيح بعشرات القرون. (تعاليم (الفيدا) ولقد تكلم عنها (مالفير) في كتابه المطبوع في باريس سنة 1895 م بما يلي: (ذكر في الكتب الهندية الدينية القديمة التي ترجمت إلى اللغة الإنكليزية في مدينة كلكتا في سنة 1840م وفي كتاب الأناشيد الذي ترجمه (لانجلواه) إلى اللغة الأفرنسية في سنة 1848م وسنة 1850م ما هو آت: (إن آنى (النار) مولدها من سافيسترى (الشمس) الأب السماوي فتكونت في أحشاء مايا (العذراء) فولدتها وأب (كذا) النار الأرضي تواستى (النجار) الذي يشتغل في صناعة سواستيكا (الخشب) وسواستيكا هي عبارة عن عودين وبوسطهما تجويف يشتمل على مايا أي المادة القابلة للاشتعال مثل الزناد والصوان والصوفان وهذا هو قانون إيمان المذهب الفيديكي. نؤمن بسافيسترى (الشمس) إله واحد أب ضابط الكل خالق السماء والأرض وأبنه الوحيد آنى (النار) نور من نور مولود غير مخلوق مساو للأب

في الجوهر تجسد من فايو (الروح) في بطن مايا (العذراء) ونؤمن بفايو الروح المحيي المنبثق من الأب والابن الذي هو مع الأب والابن يسجد له وبمجده) أهـ. ثم قال الخالصي: فالثالوث القديم وهو سافيستري (الشمس) أي الأب السماوي أو آنى (النار) أي الابن وهو النار المنبعثة من الشمس وفايو (نفخة الهواء) في الروح هو أساس المذاهب عند الشعوب الأربانية أي الهنود القدماء) انتهى (المعارف المحمدية 1: 43 - 44). فأرى أن عبادة الشمس التي كانت ترى عند بعض الصابئين هي وليدة الديانة الفيدية، أما إن عبادة الشمس كانت عند بعض فرق الصابئين فلا ريب في ذلك، قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة 528هـ: (ومنهم (أي من الصابئة) من جعل الشمس إله الآلهة ورب الأرباب) (الملل والنحل ص 154 من طبعة إيران). وقال لاروس نقلاً عن موسى بن ميمون الفيلسوف اليهودي: إن في الدين الصابئي عقيدتين: الأولى هي الاعتقاد بالقدرة البالغة للشمس. والثانية هي كالاعتراف بوجود جوهرين أصليين في النجوم الخ (راجع مجلة اللسان البغدادية 1: 79). وعندنا أن عباد الشمس الذين ظهروا في إيران اقتبسوا دينهم من البابليين أيضاً إذ الديانة البابلية أثرت كل التأثير في سكان الممالك الأخرى الذين كانوا يبطنون عبادة الأصنام والأوثان؛ وذكر الشهرستاني النحلة الشمسية في الهند فقال: (عبدة الكواكب: ولم ينقل للهند مذهب في عبادة الكواكب إلا فرقتان توجهتا إلى النيرين الشمس والقمر. . . من تلك عبدة الشمس: زعموا أن الشمس ملك من الملائكة ولها نفس وعقل ومنها نور الكواكب وضياء العالم وتكون الموجودات السفلية وهي ملك الفلك تستحق التعظيم والسجود والتبخير والدعاء وهؤلاء يسمون الدينكيتية أي عباد الشمس ومن سنتهم أن اتخذوا لها صنماً بيده جوهر على لون النار وله بيت خاص بنوه باسمه ووقفوا عليه ضياعاً وقرايا (كذا أي قرى) وله سدنة وقوام فيأتون البيت ويصلون ويدعون ويستشفعون به) (الملل والنحل ص 284) ويخيل إلينا أن هؤلاء الشمسيين لم يكونوا من الهنود القدماء بل كانوا متأخرين عن أصحاب العقيدة الفيدية بقرون وهذه النحلة الشمسية التي تعرض لها الشهرستاني وليدة الصابئية

الهندية التي أخذت مبادئها وأفكارها عن الصابئة العراقية. قال السيد هبة الدين الشهرستاني: إن الصابئة الهندية هي بنت الصابئة العراقية ونشريات رسل المسيحيين تؤيد الحفريات الأثرية في أن الصابئة العراقية هي أقدم عهداً وأرقى عصراً من صابئة الهند ومن دياناتها الأخرى وقد شادت في العراق هياكلها وأبراجها لعبادة الدراري والنجوم منذ ستة آلاف سنة أو أكثر (مجلة المرشد البغدادية 1: 133). أما إن الصائبية العراقية تقدمت العقيدة البابلية في عبادة الشمس أو إنها تأخرت عنها فذلك أمر لم يقم عليه دليل قطعي، ولعل الشمسيين الذين وصفهم العلامة الكرملي في المجلد السابع من لغة العرب هم من بقايا الصابئة العراقية القديمة. 4 - هل في الديانة الزرادشتية عبادة الشمس قال محمد بهجة الأثري البغدادي في كتابه أعلام العراق ص 128: (ولكن جماعة من بعض تلك الأمم التي كانت تدين بمذهب زرادشت وعبادة (أهريمان) و (هرموز) وكذا وتسجد للشمس الخ) ولعل الأثري اعتمد في ما كتبه على الشهرستاني فهذا يقول: (ومن المجوس الزرادشتية صنف يقال لهم السيسانية والبهافريدية رئيسهم رجل من رستاق نيسابور يقال له خواف خرج أيام أبي مسلم صاحب الدولة وكان زمزمياً في الأصل يعبد النيران ثم ترك ذلك ودعا المجوس إلى ترك الزمزمة ورفض عبادة النيران ووضع لهم كتاباً وأمرهم فيه بإرسال الشعور وحرم الأمهات والبنات والأخوات وحرم عليهم الخمر وأمرهم باستقبال الشمس عند السجود على ركبة واحدة. أهـ) (الملل والنحل ص 116). والحقيقة أن الديانة الزرادشتية التي سبقت الإسلام بقرون عديدة لم تكن تعرف عبادة الشمس قطعاً والظاهر أن هذا الرجل مصلح المجوسية الذي أمر مريديه باستقبال الشمس حين السجود لم يكن يعبد الشمس وإنما جعل الشمس قبلته عند السجود كما جعل المسلمون الكعبة قبلة لهم في صلواتهم وما كتبه

العلامة صديقنا الشيخ أبو عبد الله الزنجاني عن اتباع زرادشت هو أحسن وصف ينطبق عليهم قال: (أما المجوس فهم أتباع (زرادشت) الحكيم المؤسس لشريعة المجوس التي كانت ديانة أغلب الفرس في زمان ملوك بني ساسان وأصل من المحتمل من إقليم (آذربيجان) وزمان حياته في أوائل القرن السابع وأواخر السادس قبل المسيح على رأي (جكسن) الأمريكائي (أي الأميركي) و (وست) الإنجليزي اللذين بحثا عن حياته وشريعته بحثاً دقيقاً مستقصى. يعتقدون أن النور أو إله الخير (أهرمزد) والظلمة أو إله الشر (أهريمن) اصلان متضادان وهما مبدأ كل موجودات العالم لا يزالان يتضادان إلى انتهاء الدهور أي مدة (1200) سنة فحينئذ يغلب أصل الخير على أصل الشر). (والذي يظهر بالتتبع أن زرادشت موحد في مذهبه ولكنه وضع مذهبه الثنوي لإرشاد الناس إلى أن العالم ممزوج بالشرور فينبغي أن يتبع الإنسان مبدأ الخير للصلاح العام وقوله: يغلب إله الخير على إله الشر، لعله يرشد به إلى رقي العالم الإنساني وإبطال الشرور بسعي معلمي الإنسانية وهم الأنبياء عليهم السلام والأولياء والحكماء. انتهى) (طهارة أهل الكتاب ص 13 - 14). 5 - ليست المانوية من عبدة الشمس قال السيد عبد الرزاق الحسني: (والمانوية تفرض على معتنقيها تقديم العبادة للشمس وللشيطان الذي هو مصدر الشرور كلها) أهـ. (رسالة اليزيدية أو عبدة الشيطان ص 9). والمانوية لا تفرض عبادة الشمس كما هو بين لكل من اطلع على عقائد المانوية وأسرارها، والمانوية ظهرت بعد المسيح فاعتقدت نبوته (راجع الملل والنحل للشهرستاني ص 120 طبعة إيران وص 188 من طبعة الإفرنج). سيزوار في 16 ذي الحجة سنة 1349: محمد مهدي العلوي (ل. ع) إن استشهاد حضرة الكاتب بأقوال المعاصرين غير (المتفرغين للبحوث العلمية) لا يبقي لمقالته قيمة تذكر. وهناك عيب آخر مهم هو أن حضرة الكاتب خرج عن الموضوع الأصلي لأنه تعرض لعبادة الشمس بمنزلة فرع دين من الأديان، لا بمنزلة أصل هو عبادة الشمس دون شيء سواها. أما المنوية فإنهم خرجوا من النصرانية لكنهم لم يعتقدوا نبوة المسيح البتة وما قاله الشهرستاني غير صحيح. وكم من الأوهام في كتابه بخصوص النصرانية وغيرها!

نخل نجد وتمرها

نخل نجد وتمرها مقدمة لم يكتب إلى اليوم أحد عن نخل نجد ولا عن تمرها، لا أبناء الناطقين بالضاد، ولا غيرهم. والآن وفقت لان أحقق أماني الراغبين في هذا الموضوع فاعدد لهم ما هناك من هذه الضروب، وهي: 1 - أحيمصية هي نخلة اكثر ما يكون تمرها صغيراً اصغر من سائر التمور وان كان بعض الأحيان يجيء كبيراَ إذا اعتني بتسميد نخلة صادقة وتمرتها صفراء. وتلفظ بفتح الهمزة يليها حاء مهملة محركة حركة مختلسة ممالة يليها ياء وميم ساكنتان ثم صاد مكسورة يليها ياء مشددة مفتوحة وفي الآخر هاء. 2 - أشقر اسم نخل أحمر اللون واصلها من البصرة. ومن هناك أتي بها. وحمرتها غير صميم. 3 - أصابع العروس تمرها طويلة وحمراء بطول البلوط. 4 - أم الأصابع هي نخلة حمراء البسر طويلة كالأصابع إلا أنها دون أصابع العروس طعماَ العروس طعماً وحلاوة. 5 - أم البيض صفرا هي نخلة متينة الجذع عريضة الكرب شديدة السعف، لها تمر ضخم ولهذا سميت أم البيض. 6 - أم حمام بيضا هي كالسابقة إلا أن صفرتها أجلى من الأولى. 7 - أم حمام صفرا سميت بهذا الاسم لأنها تبشر آكلها بكل خير وتمرتها صفراء فاقعة. 8 - أم الخشب هي نخلة حمراء البسرة. ولثقل عذوقها تسند بالخشب ومن هذا اسمها.

9 - أم رحيم تمرة صفراء. وتلفظ رحيم بإسكان الراء وفتح الحاء فتحاً ممالا وياء ساكنة فميم. ورحيم تصغير رحمة تصغيراً مرخماً. وسميت كذلك لأنها رحمة على الفقراء لكثرتها. 10 - أم كبار هي نخلة صفراء الخال كبيرته ومن ذلك اسمها وتلفظ كبار بإسكان الكاف وفتح الباء يليها ألف ثم راء. 11 - أم النحاوة هي نخلة صفراء البسرة علكتها ململمة. والنحاوة في لغة أهل في القصيم جمع نحو (بضم فسكون فواو) وهو النحي عند الفصحاء. وهو ظرف السمن أو الدهن. وسميت التمرة كذلك لأنها تذخر في تلك الظروف. وتلفظ النحاوة بفتح النون بعدها حاء ويليها ألف فواو فهاء في الآخر. 12 - برحية هي نخلة صفراء التمر أتي بها إلى القصيم من البصرة حيث هي معروفة بهذا الاسم. 13 - بريمة هي من نخيل البصرة نقلت قبل نحو مائتي سنة فكانت أحسن من بريمة البصرة. 14 - بيدجانة حمرا البيدجانة في لغة أهل القصيم (وتلفظ بباء مفتوحة فتحاً ممالا وياء مثناة تحتية ساكنة ودال مهملة محركة مختلسة وجيم ثم ألف فنون فهاء في الآخر) هي الباذنجانة. وسميت هذه التمرة بها للونها ولضخامتها. وليست حلاوتها عظيمة. 15 - تناجيب هذه نخلة صفراء الخلالة. واصل الكلمة هو طن عاجف. والطن رطب معروف في سابق الزمن شديد الحلاوة، وهذا الطن مضاف إلى عاجف موضع في شق بني تميم.

16 - خصى البغل هو تمر خشن أحمر اللون هو أكبر ما يكون لكن طعمه قليل الحلاوة والناس المتأنقون في أكلهم لا يذوقونه. وتلفظ الخاء بحركة مبهمة يليها صاد مفتوحة بعدها ألف لا تظهر في اللفظ وكذلك لا تظهر الألف التي تليها. يليها لام ساكنة بعدها باء مفتوحة وغين مفتوحة كذلك وفي الآخر لام. 17 - الجامدة اسم نخلة بسرها قليل أصفر اللون وإذا حفظت تمرتها للأكل أسرع إليها الشراث وهو نغف أو دود يكون في التمر اليابس القليل الصقر. وتلفظ الجامدة بفتح الجيم يليها ألف فميم ساكنة ثم دال مهملة وهاء. 18 - جوزة حمرا سميت كذلك لأنه مدورة كالجوزة وبحجمها. وضم الجيم فيها غير صميم. 19 - جوزة صفرا هو شكل الجزوة الحمرا إلا أن خلالتها صفراء وأحلى من الحمراء. 20 - جيب غراب حمراء البسرة. وأضيفت إلى الغراب كأن هذا الطائر هو الذي أتى منها إلى القصيم وهي غير لذيذة ولا يرغب الناس في أكلها. وتلفظ بجيم مفتوحة فتحاً ممالا فياء مثناه تحتية ساكنة ثم باء تحتية موحدة. وغراب بسكون الغين وفتح الراء بعدها ألف ثم باء ساكنة. 21 - حساوية اصلها من الاحساء أو الحسا وحسن غرسها وتمرها في القصيم. وهي صفراء الخلال. 22 - حلوة البسر هي حمراء الخلالة حلوتها. وكثيراً ما تؤكل قبل النضج ولهذا سميت حلوة البسر. وتلفظ البسر بباء موحدة تحتية وسين مهملة محركتين بحركة مبهمة وفي الآخر راء. 23 - حلوة صفرا هي كحلوة عرينية حلاوة وقدراً إلا أن لونها أصفر.

24 - حلوة عربية هي كحلوة عرينية حمراء البسر. إلا أنها دونها حلاوة واخشن منها. واصل تسميتها مأخوذ من أن الأم كانت في بيت أعرابية فاعتنت بها، ومن تالها أخذ الغير يغرسها في غيطانهم. 25 - حلوة عرينية حمراء التمرة نادرة الوجود. وهي لذيذة الطعم صادقة الحلاوة. وعرينية اسم رجل أهتم كل الاهتمام باستنباتها فنجح في سعيه. ويلفظ الاسم بإسكان العين وفتح الراء فتحاً ممالا يليها ياء ساكنة ثم نون مكسورة فياء مشدودة وفي الآخر هاء. 26 - حلوة المدينة أتى بهذه النخلة من مدينة الرسول (يثرب) وبسرها حمراء. 27 - حلوة واسط حمراء البسرة مضافة إلى واسط اسم موضع وهم يلفظون السين كالضاد لا فرق. ويقال أن هذا الموضع هو اسم البلدة الشهيرة في العراق، لكن التمارين لا يقبلون هذا الرأي. 28 - حمرة المذنب هي نخلة حمراء البسرة. والمذنب اسم قرية من قرى القصيم. (ومذنب بفتح الأول). 29 - حميلية هي نخلة كثيرة الحمل وتلفظ بحاء ساكنة وميم مفتوحة فتحاً ممالا وياء ساكنة يليها لام مكسورة فياء مشددة وهاء في الآخر. 30 - خصية (بالتصغير) صفراء البسرة. ومعنى خصية الخصية الصغيرة التي هي بيضة الرجل. وتلفظ بخاء معجمة ساكنة ثم صاد مفتوحة فياء مشددة فهاء في الآخر، وسميت كذلك لأنها بقدر خصية الولد. 31 - خضيرية حمرا هذه النخلة تكثر في السدير والوشم وحوطة بني تميم. وهي رقيقة اللحم

ومن هذا اسمها. وتلفظ بخاء محركة مختلسة مبهمة وضاد معجمة ساكنة وراء مكسورة وياء مشددة ثم هاء. 32 - خنزير هو من أدنى أجناس التمر في نظر أهل البلاد ولا يأكله إلا الفقراء. وسمي كذلك لأنه لا يليق آكله إلا بالخنازير. ويلفظ الخنزير بإسكان الخاء وفتح النون فتحاً ممالا وياء ساكنة وزاي مكسورة ثم ياء وفي الآخر راء. 33 - الخوخة نخلة صفراء البسرة كأنها الخوخ الأصفر. وتلفظ بخاء معجمة مضمومة ضماً غير صريح يليها واو ساكنة بعدها خاء ثانية وفي الآخر هاء. 34 - الذاوية نخلة حمراء البسر أصل منبتها السدير وهي بفتح الذال المعجمة يليها ألف ثم واو فياء وهاء ومعناها ذات القشرة الرقيقة. 35 - رزيري هذا التمر وزين ومن ذلك أسمه لأنه منسوب إلى الرزاز مصفراً والرزاز هو الرصاص، ويلفظ الرزيزي بإسكان الراء وفتح الزاي فتحاً ممالا ثم ياء ساكنة فزاي مكسورة وفي الآخر ياء مشددة. 36 - رسينية صفرا تمرة لذيذة الطعم علكة شديد الحلاوة. أول من عني بها رجل أسمه رسيني وتلفظ براء ساكنة وسين مفتوحة فتحاً ممالا وياء ساكنة يليها نون ثم ياء مشددة في الآخر. 37 - رشودية هي نخلة تنسب إلى رشود، وتلفظ بإسكان الراء وضم الشين المعجمة يليها واو ساكنة ثم دال مهملة مكسورة بعدها ياء مشددة وفي الآخر هاء. ورشود اسم أرض ببريدة. لان هذه النخلة حسن نبتها في تلك الأرض. وتمرة هذه النخلة صفراء اللون. 38 - روثانة بيضا هي كالسابقة إلا أن صفرتها غير محضة ودون الأولى حلاوة.

39 - روثانة صفرا الروثانة تمرة طويلة الأنف والأنف مستدق التمرة وهي مأخوذة من الروثة التي هي طرف الأنف. وتلفظ بضم الراء ضماً غير صريح وراء ساكنة وتاء مثلثة يليها ألف فنون فهاء. وخلالتها صفراء فاقعة. 40 - شقرا حمرا نخلة بسرها بين الحمرة والصفرة وليست بكثيرة الحلاوة. وتلفظ قاف شقرا كالجيم المصرية. 41 - زلفية حمرا نسبة إلى زلفة وهي قرية بين السدير والقصيم، وتلفظ الزلفية بزاي مفتوحة أو مكسورة كسراً غير بين يليها لام ساكنة ففاء مكسورة وياء مشددة ثم هاء. وبسرة هذه النخلة حمراء. 42 - سالمية صفراء البسر وسالمية في الأصل اسم بستان معروف في عنيزة نسب إلى صاحبه سالم. وتلفظ سالمية بفتح السين بعدها ألف فلام ساكنة فميم مكسورة فياء مشددة مفتوحة وفي الآخر هاء. 43 - سداوية هي نخلة حمراء البسر أصل منبتها السدير (مصغرة) إلا أن النجدين يلفظونها بإسكان السين وفتح الدال فتحاً ممالا وراء. 44 - سكرية القرعا هي سكرية مضافة إلى القرعاء مؤنثة الأقرع. وهي اسم قرية لا اسم امرأة. وهي معروفة هناك كثيرة الوجود فيها. وتلفظ قاف القرعاء كالجيم المصرية وبسرتها صفراء. 45 - سكرية الجمعة الجمعة اسم القرية التي اشتهرت بها، وتمرها أصفر حار صادق الحلاوة كالسكر ولهذا سميت كذلك. وتجمع على سكري. 46 - سكرية زعاق تمرتها حمراء بديعة وهي منسوبة إلى زعاق. وهو بيت معروف في القصيم

عني باستنبات نوى السكرية المأخوذ من قرية الجمعة فجاء من أفخر الضرب من السكري. وتلفظ زعاق بإسكان الزاي يليها عين ثم ألف وفي الآخر قاف تلفظ كالجيم المصرية. 47 - سكرية القدهي لون رطبها أحمر. وتلفظ قاف القدهي كالجيم المصرية. والقدهي بيت معروف من عنيزة اعتنى أبناؤه بهذا النخل فجاء من أفخر نوعه. 48 - سكرية المذنب وخلالتها حمراء طيبة لذيذة. والمذنب من قرى القصيم. 49 - سلجة سجلة مبهمة الحركة بعدها لام ساكنة فجيم مفتوحة وفي الآخر هاء مأخوذة من معنى الطعام السلج أي الطيب الذي يبتلع بلا عسر. وخلالتها صفراء. 50 - صبيحية حمرا نخلة حمراء البسر إلا أن هذه الحمرة تذكرك لون الفجر. ولهذه سميت صبيحية مصغر صبح مضافة ومؤنثة والفظ بإسكان الصاد وفتح الباء الموحدة فتحاً غير صريح وكسر الحاء وياء مشددة ثم هاء. 51 - صقعية هي نخلة صفراء الخلال منسوبة إلى صقع، رجل اعتنى بغرسها واستثمارها وتلفظ بصاد محركة حركة مبهمة مختلسة وقاف ساكنة وعين مكسورة يليها ياء مشددة ثم هاء. وقيل أن الصقعية منسوبة إلى الأصيقع وهو موضع في القصيم ويلفظون قافها جيماً. 52 - طيارة هي نخلة خفيفة التمرة صفراؤها لا يرغب فيها كثيراً. 53 - غريبية منسوبة إلى غريب رجل معروف. وتلفظ بإسكان الغين المعجمة وفتح الراء فتحاً ممالا يليها ياء ساكنة ثم باء مكسورة فياء مشددة وفي الآخر هاء. وبسرها صفراء. 54 - الفحلة هذه النخلة تختلف عن سائر النخل وتمتاز عنه بسعف خشن كز كأنه سعف

الفحال وبسرتها صفراء ضخمة. وتلفظ الكلمة إذا دخلتها أداة التعريف بفتح الهمزة وبلام محركة حركة مبهمة مختلسة ففاء ساكنة يليها حاء ولام مفتوحان وفي الآخر هاء. 55 - قطارة حمرا تمرة هذه النخلة من أفخر ما يكون حتى أن دبسها ليقطر قطراً إذا نضجت وتلفظ القاف كالجيم المصرية وطاء مشددة بعد ألف وراء وهاء. 56 - قنطارة صفراء البسرة اصلها من البصرة وتلفظ بقاف تشبه الجيم المصرية محركة بحركة مبهمة يليها نون ساكنة؛ فطاء فألف فراء فهاء. واصل اللفظ قطارة أي يقطر الدبس منها ويتصبب. 57 - قهارة هي نخلة تطول أكثر من النخل وتكون متينة الجذع واصلها من نواحي الأحساء، وتلفظ بقاف مفتوحة يليها هاء مشددة فألف فراء فهاء. 58 - كل وأشكر هذه تمرة صفراء البسرة وسميت كذلك لان حلاوتها تدفعك إلى أن تشكر الله إذا أكلتها. ولهذا قيل: (كل) أمر من فعل آكل. (وأشكر) أمر من فعل شكر. 59 - كل والتذ تمرتها صفراء وهي إذا أكلتها التذذت بها. ولهذا سموها (كل) أمر من أكل (وألتذ) أمر من التذ. 60 - لاحمية صفرا نسبة إلى اللاحم بكسر الحاء كسراً غير صريح. وهم جماعة من العرب من أهل القصيم اعتنت بغرس هذا الضرب من النخل. وتلفظ لاحمية بفتح اللام يليها ألف وحاء ساكنة خلافاً لكلمة اللاحم التي تلفظ كما قلنا. يليها الحاء ميم مكسورة ثم ياء مشددة فهاء. 61 - متروثنة هي نخلة تشبه الروثانة؛ صفراء البسرة. وتلفظ الكلمة بميم محركة

حركة مبهمة يليها تاء مثناة ساكنة يعقبها راء مضمومة ضماً غير صريح يليها واو وثاء مثلثة ساكنتان فنون مفتوحة وفي الآخر هاء. 62 - مسكانية هي تمرة صفراء اللون وتلفظ بميم مبهمة الحركة وسين ساكنة وكاف تلفظ كالجيم الفارسية المثلثة النقط بعدها ألف يليها نون مكسورة فياء مشددة مفتوحة وفي الآخر هاء. ومسكانية منسوبة إلى مسكة؛ وهي قرية من قرى القصيم. 63 - المصياف هذه النخلة تمرتها حمراء ولا تنضج إلا في أواخر الصيف ومن ذلك أسمها وتلفظ بفتح الميم فتحاً مبهماً خفيفاً يليها صاد ساكنة بعدها ياء فألف وفي الآخر فاء. 64 - مفرحة بميم وفاء محركتين بحركة مبهمة ثم راء ساكنة يليها حاء مفتوحة ثم هاء. وهي صفراء البسرة، وسميت كذلك لأنها تفرح من يراها بحسن لونها وطعمها وشكلها. 65 - مكتومية المكتومية هي المسماة بالمكتوم في ديار العراق، والمكتومية نجد أحلى من مكتوم العراق وأحسن وأحر فعلا، كثيرة السكر طيبة علكة متماسكة اللحم. والمكتوم اصلها المكوم لأثر يظهر على ظاهرها كأنها آثار كدم. وبسرها صفراء. 66 - منيعية حمرا منسوبة إلى ابن منيع، وهو رجل شهير من أهل القصيم. وتلفظ منيعية بإسكان الميم وفتح النون فتحاً ممالا وياء ساكنة يليها عين مكسورة بعدها ياء مشددة ثم هاء. وخلالة هذه النخلة حمراء. 67 - منيعية صفرا هي كالسابقة إلا أن بسرها صفراء. 68 - نبتة ابن راشد صفر الخلال نسبت إلى الرجل الذي اعتنى بغرسها.

69 - نبتة الحصان هي النخلة عني بغرسها حصان أي بائع أحصنة، كان يتاجر بها بين نجد والبصرة. وبسرتها صفراء. 70 - نبتة حوشان حوشان اسم بيت معروف أضيفت النبتة إليهم. وتلفظ حوشان بحاء مضمومة ضماً غير صريح يليها واو ساكنة فشين معجمة مفتوحة ثم ألف فنون وبسرها صفراء. 71 - نبتة السعيد السعيد اسم بيت اعتنى بهذه النخلة فأضيفت إليهم. وتلفظ بلام محركة حركة مبهمة مختلسة يليها سين ساكنة بعدها عين مهملة مكسورة فياء ساكنة وفي الآخر دال مهملة. وبسرة هذه النخلة صفراء. 72 - نبتة سيف نخلة تمرها أصفر وهي منسوبة إلى رجل غرسها واعتنى بها ورباها. 73 - نبتة شما شما اسم امرأة ربت النخلة فسميت باسمها. 74 - نبتة الصرينح هي نخلة صفراء الخلالة منسوبة إلى رجل اسمه الصرينح وتلفظ بصاد محركة حركة مبهمة مختلسة وراء محركة بتلك الحركة يليها ياء ساكنة بعدها نون محركة حركة مبهمة مختلسة وفي الآخر حاء مهملة. 75 - نبتة العقيلي معنى النبتة النخلة التي اعتنى بغرسها من تنسب إليه. والعقيلي أحد بني عقيل بالتصغير لإعراب معروفين إلا أن العقيلي هنا كان في قرية المذنب، وتلفظ العقيلي باسكن العين وفتح القاف فتحاً ممالا وتلفظ القاف كالجيم الفارسية يليها ياء ساكنة فلام مكسورة وفي الآخر ياء مشددة. تمرة هذه النخلة صفراء اللون. 76 - نبتة عيد هي نخلة صفراء التمر اعتنى بغرسها وتربيتها رجل من نجد أسمه عيد.

البحر الأحمر لا بحر القلزم

77 - نبتة محمد صفراء البسرة إلى من عني بغرسها. 78 - نبتة مزعل حمراء البسرة منسوبة إلى الذي أنجبها، ومزعل تلفظ بميم محركة بحركة متهمة وزاي ساكنة ثم عين محركة بحركة مبهمة وفي الآخر لام ساكنة. 79 - نبتة منيف نخلة صفراء الرطب وهي من غرس منيف أحد مشاهير الرجال في القصيم في سابق العهد. وتلفظ بإسكان الميم وفتح النون وتشديد الياء المحركة بحركة مختلسة وفي الآخر فاء. 80 - نبتة يوسف هي صفراء البسرة؛ مضافة إلى رجل أنجبها فعرفت به. 81 - ونانة حمرا يقال أن سبب تسميتها هو أن آكلها يتذكرها طول عمره حتى أنه ليئن (وبلسانهم يون) لكونه لا يجد مثل حلاوتها في ثمر من أثمار الأشجار. والونان: الانان. ب. م. م البحر الأحمر لا بحر القلزم في سفر الخروج (10: 19) فرد الرب ريحاً غربية شديدة فحملت الجراد وطرحته في البحر الأحمر. . .) هكذا في نسخ التوراة العربية المعروفة. أما في النسخة اليسوعية فورد: (في بحر القلزم) وهو غلط صريح لأن (القلزم) هو السد باليونانية. وسميت بالقلزم مدينة ذكرها البلدانيون من عرب وغير عرب. لكن هذه البلدة لم تكن في عهد يشوع بن نون حتى يسمى البحر بها. إنما العرب أطلقوا هذا الاسم على (البحر الأحمر) بعد بناء المدينة بكثير. فيجب أن يصحح هذا اللفظ في جميع المواطن التي ورد فيها اسم (البحر الأحمر) ويهمل ذكر اسم (بحر قلزم) وهي نحو 35 موطناً لا يسعنا ذكرها هنا.

ذييل في المشعشعيين

ذييل في المشعشعيين قال أبو العباس أحمد بن يوسف الدمشقي الفرماني في كتابه أخبار الدول وآثار الأول في تاريخ (ص 337، 338) ما صورته: (وفي سنة تسع وثمانين وثمانمائة بعث يعقوب شاه (بن حسين التركماني) عسكراً كثيراً إلى بلاد المشعشع فكسروه كسراً شنيعاً وكان المشعشع يعد نفسه علوياً ثم تعالى حتى قال: انتقلت روح علي بن أبي طالب - رض - إلي، واستفحل أمره واستولى على بلاد ابن علان). وجاء في لغة العرب (6: 277) في الحويزة: (ولم يكن للحويزة شأن كبير من أول نهوضها إلى القرن الثامن للهجرة ولكن في غضون القرن التاسع برزت وظهر شأنها وذلك بواسطة المشعشع المتمهدي الذي اختار الحويزة عاصمة لإمارته على البطائح لما رأى فيها من المناعة والمناسبة للموقع، وقد كانت تابعة لحكومة شيراز فواقع المتمهدي، الأمير الشيرازي عدة مواقعات على أبواب الحويزة فشل في بعضها، ونجح في الأخيرة منها فاحتل الحويزة وجعلها قاعدة إمارته فعمرت وتوسعت وهكذا بقيت زاهية في كل زمان إمارة المالي وسقط شأنها بسقوطهم وذلك في القرن الرابع عشر للميلاد فقد انحازت البطائح إلى حكومة العراق وأصبحت إمارة خوزستان في بيت الشيخ جابر أمير المحمرة. فنهضت المحمرة وسقطت الحويزة وهي اليوم قرية واهية تريد أن تنقض وفيها بقية للموالي وبقية لنفوذهم الأدبي قلت: وحدثني أحد المعاصرين أنه رآهم مرة قد وفدوا على الشيخ خزعل الذي كان أمير خوزستان يستوفون رواتبهم وفي رؤوسهم الصمادات (اليشاميغ) الزرق تعقلها العقل. وذكرنا في (9: 65) السيد مبارك المشعشعي، ثم رأينا في ص 129 من مختصر تاريخ البصرة (ولم تمض إلى أمر افراسياب أشهر حتى قوي أمره

وخافه الأمراء وكان أهلا للإمارة فأحبه الناس لسيرته الحسنة ثم استولى على أكثر الجزائر ومنع ما كان يأخذه من البصرة حاكم الحويزة السيد مبارك خان من الجزائر السنوية التي كانت أشبه بالجزية وكذلك من أخذ شيء من جهة شط العرب الشرقية) وفي الحاشية (يقول المؤرخين (؟) أن السيد مبارك (كذا والصواب: مباركا) هذا هجم بجموعه سنة 1006هـ على قرى البصرة فقتل ونهب فوجهت الدولة العثمانية ايالة بغداد للوزير حسن باشا وأودعت إليه قيادة جيوش العراق وضمت إليه شهرزور على أن يقمع الفتن التي يثيرها السيد مبارك في جهات البصرة والظاهر أن المؤرخ اخطأ في التاريخ وان الحادثة كانت قبل بيع إمارة البصرة إلى افراسياب). قلت: ولكنه لم يذكر اسم المؤرخ ولا تاريخه ولا دليله على هذا الظاهر. وجاء في ص 140 عن فرج الله خان الذي قدمنا ذكره: (وبقي الشيخ مانع أميراً على البصرة. إلى سنة (1109) هـ منفرداَ بالحكم والدولة العثمانية لا تبدي حراكا لضعفها وكانت النتيجة أن خدع حاكم الحويزة فرج الله خان مانعاً واستعمل عليه الحيل والدسائس حتى أخرجه من البصرة فاستولى عليها. استولى فرج الله خان حاكم الحويزة على البصرة كما ذكرها، فلما استتب أمره فيها أستخلف عليها أحد رجاله المدعو داود خان فدخلت البصرة تحت سيادة الفرس (كذا) وبلغ خبر استيلاء فرج الله على البصرة إلى السلطان فلم يشأ أن يتركها له وهو من ولاة الفرس المستقلين في تلك الجهات فوجه ولاية البصرة والي حلب علي باشا وأمره بجمع العساكر من البلاد لقتاله وإخراجه من البصرة. فاجتمعت الجيوش من حلب وديار بكر والموصل وسيواس وبغداد حتى بلغ عدد الجيش نحو الخمسين ألفا - على ما نقل - فسار علي باشا بالجيوش حتى القورنة (كذا والصواب القرنة) في سنة (1111) هـ فسمع داود خان بقدوم هذا الجيش الكبير فانهزم من البصرة (تقدم هذا الخبر) فدخلها علي باشا بدون قتال فدانت له المدينة وما يتبعها من القرى والقبائل فساد الأمن والسكون وعادت البصرة إلى الدولة العثمانية بعد أن ملكها حاكم الحويزة

الدوالي أو العريش

الفارسي (كذا) نحواً من سنتين. وعند الصديق العزيز المحقق يعقوب سركيس مخطوط بالفارسية في تاريخ المشعشعيين لنور الدين بن نعمة الله الموسوي (راجع 8: 508) من لغة العرب، ولعلي باشا كتاب ألفه في غزواته من بغداد إلى سجاد، ومشعشع، في سنة 992 وهو كتاب مختصر في مجلد سماه ظفر نامة راجع (5: 303، 304) من لغة العرب. مصطفى جواد الدوالي أو العريش كتب إلينا أحد علماء الفرس في سلطان آباد واسمه ميرزا حمد الله الحسيني أنه وجد في مصنف طبي قديم للداء المعروف بالدوالي باسم آخر، هو (العريش) وطلب إلينا أن تفيده عن ورود هذه الكلمة العلمية واللغوية التي في الأيدي وهل هي عربية الأصل. - قلنا: لقد بحثنا ما بلغت إليه تحقيقاتنا فلم نجد من ذكر هذه اللفظة بمعنى الدوالي للداء المذكور، إنما وردت بمعنى (ما ينصب للكرم ليتعلق يه) ومن باب التوسع الكرم نفسه، أي الدوالي ومفردها الدالية من مادة دلا - يدلو. فتكون (العريش) عندنا معرب اللاتنية أو أن اللاتينية مأخوذة من العربية، لان الغربيين يظنون أن اللاتينية مشتقة من أي الملوي إلى الداخل، أو الملوي من باب الإطلاق. على أننا لو قلنا أنها من العربية لكان المعنى أنسب للداء، إذ نعلم أن الدوالي العروق انتفاخاً دائماً، فتظهر تلك العروق بشكل دالية متفرعة ذاهبة في أنحاء مختلفة. وأنت تعلم أن حرف الإفرنجي يقابل حرفاً حلقياً في اللغات السامية والحرف كثيراً ما يأتي بازاء (ش) العربي. نعم أن هذا الحرف تقابله أحرف أخرى في لغتنا كالكاف والقاف والحاء والخاء إلى غيرها؛ إلا أنه هنا يقابل الشين على ما ذكرناه لك. وهناك كلم أخرى قوبلت فيها ال الإفرنجية بالشين أيضاً، لكن لا محل لذكرها الآن. ولعلنا نذكرها في فرصة أخرى. وعلى كل حال فالمسألة تستحق التأمل.

فوائد لغوية

فوائد لغوية نقد معجم الأدباء - 4 - 46 - وفي ص 331 (سيف المشيب على المفارق منتضا) والصواب (منتضى). 47 - وجاء في ص 337 عن فأرتين (وجعلا يلعبان. . . وكانت بيدي طلبية فأكببتها عليها فجاءت صاحبتها فدخل سربه). قال العلامة مرجليوث في الحاشية (الضمائر الواردة بعد ذلك كلها بالتذكير خلافاً لما يقتضيه السياق المتقدم ولعل الأصل كل فيه: ودخل صاحبها سربه) قلنا: ليس السياق بمقتض للتأنيث ولا للتذكير إنما يجوز فيه الوجهان لان تاء (الفأرة) للأفراد لا للتأنيث كتاء البقرة والحمامة والبطة والدجاجة ويفرق بين الذكر والأنثى عند اجتماعهما (بهذا) و (هذي) و (الذي) و (التي) و (ذكر) و (أنثى) كأن يقال (خرجت الفأرة الذكر) ولا حاظر في العربية من استعمال ذي الوجهين المستويين بوجهيه في عبارة واحدة ومنه قول الإمام علي - ع - في نهج البلاغة (إنه لا غناء في كثرة عددهم مع قلة اجتماع قلوبكم، لقد حملتكم على الطريق الواضح التي لا يهلك عليها إلا هالك، من استقام فإلى الجنة ومن زل فإلى النار) وقد ذكر (الطريق) وأنثه في تعبير واحد لجواز الوجهين فيه، ومنه قول سيبويه (حاشى: حرف يخفض ما بعده كما تخفض حتى وفيها معنى الاستثناء، فذهب في تذكير (حاشى) إلى الحرف وفي التأنيث إلى الكلمة. 48 - وجاء في ص 349 (ولا يرقبون في مؤمن إلا) قال مرجليوث (يعني يرعون) قلنا: (والصواب (لا يرعون) لأنه بقوله (يعني) اسند

الفعل إلى صاحبه فاستوجب النفي، ولو كان قد قال (معنى يرقبون: يرعون) لصح: 49 - وفي ص 358 (انشدي أبو اسحق يحيى بن إسماعيل المنشئ الطغرائي قال: سمعت والدي ينشد لنفسه مرثياً للابيوردي) قلنا فهو إذن (ابن أبي إسماعيل) لا (ابن إسماعيل) قال صاحب الوفيات (العميد فخر الكتاب أبو إسمعيل الحسين بن علي. . . المنشئ المعروف بالطغرائي) وفي ص 182 من الجزء هذا (وكتب إلى المؤيد أبي إسمعيل الطغرائي). 50 - وفي ص 362 (يا ابن الآلي جادوا وقد بخل الملا) والصواب: الآلى بإهمال الياء. 51 - وجاء في ص 363 من ترجمة (محمد ابن جيا شرف الكتاب) ما صورته (ومن كلامه في جواب رسالة لابن الحريري كتبها إلى سديد الدولة ابن الانباري يشكره) فعلق به (راجع صفحة 182) والصواب أن يقول (راجع ص 174) ففيها (وكتب ابن الحريري إلى سد يد الدولة محمد بن عبد الكريم الانباري كتاباً). 52 - وفي ص 368 قول الشافعي (ولدت باليمن فخافت أمي على الضيعة فحملتني إلى مكة) ولعل الأصل (علي) أي بجر ياء المتكلم. 53 - وورد في ص 373 (طعنك. . . إن كنت أردت رجلا واحداً. . .) فعلق به (لعله سقط: به) قلنا هذا مما لا يستوجب التعليق لان حذف الضمير في مثل هذا جائز ألا ترى إلى قوله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) والتقدير (فانتهوا عنه) ومنه قول عتبة بن ربيعة ابن عبد شمس كما في (3: 462) من شرح النهج (الذي هجاهم في غير

ذنب اجترموا إليه) والتقدير (اجترموه) ومنه قوله تعالى في سورة البقرة بآية (47) (واتقوا يوماً لا يجزي نفس عن نفس شيئاً) والتقدير (لا تجزي فيه. . .). 54 - وجاء في ص 395 (وأمر فتيان فضرب بالسياط وطيف به على جمل) والصواب (بفتيان) لأنه المضروب يقال (أمر بفلان كذا) أي (الزم بفلان أن يفعل به كذا) وليس في الفعل (أمر) استعداد لنصب ثلاثة مفاعيل (راجع لغة العرب 9: 253، 254) ولكنك تقول (أمرتك الخير) لاشتراك الكاف والخير في المفعولية. 55 - وورد في ص 407 لأبي النضر محمد النحوي المصري: فلو تراني إذا انتشيت وقد ... حركت كفي بها من الطرب قال مرجليوث معلقاً ب (انتشيت) ما نصه (في الأصل: انتشأت) قلنا فلينظر إلى ص 256 فقد ورد هكذا: فلو رآني إذا اتكأت وقد ... مددت كفي للهو وللطرب وفيها (من لازورد يشف من ذهب) وفي ص 256 (يشف عن ذهب) وهو الصواب. 56 - وجاء في ص 420 عن محمد بن زيد الداعي (وهو الذي كان أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني. . . قد صار عامل أصبهان و. . . يكتب له ويتولى أمره) والصواب (وقد صار. .) لان الجملة اعتراضيه مسبوقة بواو الاستئناف ولان خبر (كان) هو جملة (يكتب) من الفعل والفاعل لا جملة (قد صار. . .). 57 - وجاء في ص 423 (علام ما مشكل مستبهم) فقال في الحاشية (لعله: علامة) قلنا فيكون الشطر (علامة ما مشكل مستبهم) وليس على شيء من أسلوب العرب والراجح (علام ما هو مشكل مستبهم) لان الصلة من اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وافعل التفضيل المجردات من (أل الموصولة) لا تستقيم به ضمير فتقول (أقض ما أنت قاض) و (أفعل ما هو محمود)

و (صادق من هو وفي) و (لا تحتقر من هو أضعف منك) والأفصح بال الموصولة ولكن الشاعر مضطراً. 58 - وفي ص 435 (قال له أبو جعفر: هذا خطأ من جهة كذا ومثلي لا يذاكر به فيخجل وينقطع) قال مرجليوث (في الأصل اضطراب ويظهر أنه قد سقطت جملة) ونحن لا نرى اضطراباً فيه ولا يظهر لنا سقوط جملة منه فأنه مستقيم. 59 - وفي ص 442 عن الطبري (وعجبت من ذلك مع قراءته لحمزة وتجويد له) قال بالحاشية (لعله: لها) والصواب الأصل فالضمير يعود إلى (حمزة) والتجويد معطوف على (القراءة) وجاره كجارها. 60 - وجاء في ص 460 عن الطبري أيضاً (وكان أبو القاسم سليمان بن فهد الموصلي يهدي له العسل، ويقبله منه، فلما مات وجد عنده إحدى عشرة جرة عسلا ومنها ما قد نقص منه) قلنا: والراجح أنه (وما منها ما قد نقص منه) لأنه كان يكره العسل ألا ترى إلى قوله في ص 459 في السمسم والشهد (إنهما يفسدان المعدة ويغيران النكهة). 61 - وجاء في ص 463 قول محمد بن جعفر الصيدلاني: وقينة أن تشأ غنتك من طرب ... (ودع هريرة أن الركب مراحل) فقال مرجليوث (راجع الأغاني 8: 99) قلنا: هو من أصوات معبد الخمسة وقد أشار إليهن المبرد في الكامل قبل صاحب الأغاني فراجع (2: 203) من الكامل طبعة المطبعة الأزهرية. 62 - وفي ص 477 (إذا ردع النفس الهدى سطاها) والراجح (إذا ردع النفس الهدي شطاها) ليستقيم الوزن ويتكون المعنى فالهدي بمعنى المهدية و (شطاها) مخفف (شطأها) المهموزاي قهرها وانكصها. 63 - وفي ص 481 (لاحت خلفها) والمعروف (مخايل) بالياء جمع (مخيلة) وتشبيه الأصلي بالزائد ليس مطرداً فنعدها من باب (مصائب ومنائر) جمع مصيبة ومنارة. ولكن ابن جني يقول في التصريف الملوكي (إذا كان قبل إلف التكسير وبعدها (حرفا علة) وجاور ما بعد الألف (الطرف)

قلبت الحرف الآخر من المعتل همزة وذلك نحو (أوائل) اصلها (اواول) فلما اكتشفت الألف (الواوان) وقربت الأخرى من (الطرف) قبلت همزة وكذلك (عيل وعيائل ووسيقة وسيائق) هذا مذهب صاحب الكتاب، وأبو الحسن يخالفه فلا يهمز إلا في الواوين جميعاً خاصة فان تراخى (الطرف) بحاجز صح في القولين جميعاً وذلك نحو طواويس ونواريس). وقد عرف أن (كل واو انضمت لغير علة جاز همزها وتركها على حالها (والعلة أن تكون ضمتها أعراباً مثل (هذا غزو) و (تلك دلو) أو خوفاً من التقاء ساكنين مثل (اخشوا الرجل، ولتبلون في أموالكم)) وبهذه القاعدة جاز أن تقول (أدور وأدؤر) و (القوول والقؤول) و (وجوه وأجوه) و (وقتت وأقتت). وقال الفراء (ربما خرجت بهم فصاحتهم إلى همز ما ليس بمهموز قالوا: لبأ بالحج وحلأ السويق ورثأ الميت فالإنسان يحير. 64 - وجاء في ص 483 من ترجمة أبي بكر محمد بن دريد (مات. . . سنة 321 وفي هذا اليوم مات أبو هاشم عبد السلام بن محمد فقيل مات علم اللغة والكلام) فعلق به الأستاذ مرجلبوث (لعله: علما) قلنا: إن الأصل صحيح وقد ورد في (2: 76) من وفيات ابن خلكان، على أن ما رجا الأستاذ في التعبير أن يكونه هو الأفصح (راجع لغة العرب 7: 635) أما الوجه العقلي لصحة هذا التعبير وأمثاله فهو أن المضاف لاشتهاره وعمومه وعدم التباسه بغير جاز حذفه بعد واو العطف فلم يتكرر لان الأصل (علم اللغة وعلم الكلام) ومنه قوله في (ب خ ل) من المختار (بخل بكذا من باب فهم وطرب) وفي (ب ط ش) قال: (وقد بطش به من باب ضرب ونصر) وقلنا في المادة الأولى (في ما أثره باب قتل وضرب). 65 - وفي ص 484 من ترجمة ابن دريد أيضاً (ثم صار إلى عمان فأقام

بها مدة (12 سنة في الوفيات) ثم صار إلى جزيرة ابن عمارة ثم صار إلى فارس) فعلق به (لعله يزيد: عمر) ونحن نستغرب هذا التعليق كل الاستغراب لان المراد بهذه الجزيرة جزيرة بحر لا الجزيرة. أفلم ير في الصفحة نفسها (وحدث أبو بكر ابن علي قال: أبو بكر ابن دريد: بصري المولد ونشأ بعمان وتنقل في جزائر البحر والبصرة وفارس)؟ 66 - وجاء في ص 490: (حدثني أبو العباس الميكالي قال: أملى علي أبو بكر الدريدي كتاب الجمهرة من أوله إلى آخره حفظاً في سنة 297 فما رأيته استعان عليه بالنظر في شيء من الكتب إلا في باب الهمزة واللفيف) قال مرجلوث في اللفيف (لعله: الألف) ونحن ما نعرف الصارف للأستاذ عن اللفيف إلى الألف، ففي (1: 58) من المزهر: (وقال بعضهم: أملي ابن دريد الجمهرة في فارس ثم أملاها بالبصرة وببغداد من حفظه ولم يستعن عليها بالنظر في شيء من الكتب إلا في الهمزة واللفيف. . .) وأراد باللفيف (ما كنت فاؤه ولامة حرفي علة وما عينه ولامه حرفا علة فالأول المفروق نحو (وعى، وفى، ونى) والثاني المقرون نحو (عوى، وغوى، وهوى) وسبب ذلك أن ابن دريد لم يكن صرفياً ولذلك قال ابن جني في الخصائص - على ما في (1: 57) من المزهر: (وأما كتاب الجمهرة ففيه أيضاً من اضطراب التصنيف وفساد التصريف ما أعذر واضعه فيه لبعده عن معرفة هذا الأمر) أي التصريف: فأما الألف فلجهله مواضع زيادتها وأصالتها، وأما اللفيف فمثل (ارعوى يرعوي) أيوضع في مادة (رعى) أم في غيرها؟ 67 - وفي ص 497 (صانك الله عن مقام الدنات) والصواب (الدناة). 68 - وفي ص 507 (إذا كان بعض الناس سيف لدولة) والصواب (سيفاً) وهذا موقفنا وقد بقي شيء كثير أهملناه سأما من نصب النقد. خاتمة تاريخية جاء في ص 523: (فرغ من نقله وما قبله من الأجزاء الفقير إلى عفو الله ومسامحة لؤلؤ بن عبد عتيق السعيد الشهيد شرف الدين أبي الفضل محمد بن موسى بن جعفر بن احمد بن محمد الطاوس العلوي الحسني في أواخر

صفر ختم بالخير من سنة تسع وسبعين وستمائة هلالية (كذا) ببغداد) قلنا: ووصفة بالشهيد لان هولاكو لما استحوذ على بغداد سنة 656 أمر بقتله، قال في الحوادث الجامعة: (ثم قتل مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير. . والنقيب الطاهر شمس الدين علي بن مختار وشرف الدين محمد ابن طاوس) وفي عمدة الطالب ص 168 (ومنهم أبو عبد الله محمد الطاوس بن اسحق المذكور لقب بالطاوس لحسن وجهه وجماله، وولده كانوا بسوارء المدينة ثم انتقلوا إلى بغداد والحلة وهم سادات وعلماء ونقباء معظمون؛ منهم السيد الزاهد سعد الدين أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن احمد (ورد في معجم الأدباء: محمد) بن محمد بن احمد ابن محمد الطاوس، كان له أربعة بنين شرف الدين محمد. . . أما شرف الدين محمد فدرج. . .) وفي الحاشية (كانت وفاة السيد عز الدين الحسم سنة (أربع وخمسين وستمائة)، وأما شرف الدين محمد فقتل ببغداد في غلبة التتار في سنة ست وخمسين وستمائة). من عيوب الفهرس 1 - قد مر شيء منها وقد وضع (جمال الدين أبا غانم محمد المذكور في صفحة 19 بين أبي (جرادة) و (الجرمي) ثم ذكره بعد ابن (جلباب) لصفحة 33 وكلاهما واحد. 2 - هشام بن معاوية الضرير ذكر في ص 83 بسطر (11) وهو في سطر (12). مصطفى جواد

باب المكاتبة والمذاكرة

باب المكاتبة والمذاكرة البانكة سيدي الفاضل منشئ مجلة العرب المحترم. إني من المعجبين بما تخطه براعتكم من التحقيق والتدقيق، ولهذا تراني أطالع مجلتكم من أولها إلى آخرها، قصد اقتباس الفوائد من خلال سطورها. ورد إلي الجزء الثامن من السنة التاسعة. فأخذت أطالعه كعادتي. ولفت نظري ما جاء في ص 621 - 623 بعنوان (البانكة) فقد ذهبتم إلى أن هذه اللفظة فارسية الأصل، محرفة عن (بادفر) بمعناها؛ غير أنى أرى أن هذه الكلمة هندية النجار، ومعناها المروحة؛ وقد راجعت المعاجم الإنكليزية التي بيدي، فوجدتها كلها أجمعت على ذلك، وصورتها هكذا ووولزيادة البيان أقول: جاء في معجم جمبرس الإنكليزي الذي اسمه القرن العشرون؛ لمؤلفه القس توماس دافسن المطبوع في لندن عام 1908 ما ترجمته: (البانكة: مروحة كبيرة يبرد بها هواء الدار الهندية وهي إطار دقيق مغشى بنسيج يعلق بسقف الغرفة ويجر بحبل أو بآلة. والكلمة هندية معناها المروحة.) ومن أسماء المروحة بالفارسية (بادكش) و (بادبان) والأخيرة وردت بمعنى المروحة والشراع. أما باذكار فجمعها باذكارات، فهي من بادكر أو بادكرد الفارسية ومعناها مسبب أو محرك الهواء وتفيد المروحة أيضاً. واليوم يستعمل البغداديون (البادكير) (للبادهنج) في عصر العباسين وهو المنفذ الذي يجيء منه الريح. بغداد: رزوق عيسى

كلمة ياسج جاء في هذه المجلة في عددها السابق (9: 648) لفظة (ياسج) عند الكلام عن جرح المشعشع السيد السلطان علي بن محمد من قبل رجل نزل من قلعة بهبهان لما كان محاصراً لها، حيث قيل: (. . . فمد القوس ورماه ب (ياسج؟) فخرقه من حالبه إلى وركه. . .). بحثت عن هذه الكلمة فوجدتها في معجم (فرنسيس جنسن) الفارسي العربي الإنكليزي المطبوع في لندن سنة 1852. وهذا ما قيل هناك بحرفه: ياسج ياسج وهذه ترجمة: ف (أي فارسي) ياسج (بكسر السين وبجيم عربية) (أو ياسج) (بضم السين وبجيم فارسية مثلثة) سهم محدد الطرف. سهم عليه اسم ملك. والذي يوافق سياق الكلام هنا السهم المحدد. فتكون الياء في (ياسج) الواردة في المتن زائدة، أو يقال أن نقطتي الياء ونقطة الجيم هي غلط في النقط الثلاث للجيم الفارسية. ويقابل الياسج في العربية الفصحى: السهم المؤلل، والمذلق، والرهيش، والمحذلق. الدكتور داود الجلبي نظرات جاء في 6 ص 92 س9 (احمد بن الحسن بن الحر العاملي) والصواب احمد ابن الحسن الحر العاملي. فأسرة الحر من الأسر الشيعية في جبل عامل بسورية يعرف كل من أبنائها بالحر ويقال أنها تمت بنسبها العريق إلى الحر بن يزيد الرياحي شهيد الطف فحينئذ لا يصح أن نقول: الحسن بن الحر إذ أن الحسن هو ابن علي ابن محمد وليس بابن الحر. وفي 6ص 96 س9 (خزانة كتب النجف آبادي) والنجف آبادي هو الحاج الملا علي محمد النجف آبادي وخزانة كتبه معروفة ب (الحسينية) (عن مجلة المرشد 4: 283). وفي الصفحة المذكورة س25: (ايالة كردستان الإيرانية) وليس في إيران سوى أربع ايالات: (1) ايالة آذربيجان (2) ايالة خراسان (3) ايالة فارس (4) ايالة كرمان. أما كردستان فهي ولاية (انظر كتاب أصول علم جغرافيا للميرزا عبد الرزاق خان السرتيب ص 50 والكتاب مطبوع في طهران في سنة 1328هـ). محمد مهدي العلوي

أسئلة وأجوبة

أسئلة وأجوبة القطارة أو الساعة المائية س. الله آباد (الهند) السيد. م. م الحسني. ما كانت الساعة التي أهداها هرون الرشيد إلى شرلمان؟ وما تسمى في العربية؟ وكيف كان صنعها؟ وهل ورد ذكرها في التاريخ؟ وهل عرف العرب اتخاذ تلك الساعات قبل زمن العباسيين؟ ج. المشهور أن الساعة التي أهداها هرون الرشيد كانت ساعة مائية على ما نقل لنا مؤرخو الإفرنج وأخبار يوهم في كتب التاريخ. واسمها عند الإفرنج وسماها بعض كتبة العرب الساعة المائية، واسمها الحقيقي في لغتنا: (القطارة). وفي معجم لاروس الذي يرى في المدارس: (أهدى هرون الرشيد إلى شرلمان قطارة بديعة). والكلمة الإفرنجية من اصل يوناني من أي أخفى أي ماء فيكون محصلها (مخية الماء. وقد ذكر لاروس في معجمه الوسط أن فتروف يعزو اختراعها إلى كتيسبيوس الحيلي المشهور، وكان عائشاً في مصر في نحو سنة 124ق. م. إلا أنه يخالفه بقوله أن القطارة كانت مستعملة في الصين وديار مصر. وكان الغالبون (وهم الفرنسيون الأقدمون) عرفوها قبل قدوم قيصر إليها إذ دهش لوجودها في غالية. أما أن العرب عرفوها في الجاهلية فظاهر مما ذكره الهمداني في كتابه الإكليل في الجزء الثامن منه الذي أتممنا الآن نشره من مدفنه (في ص 16 من طبعتنا) عند وصفه غمدان مأرب، قال: . . . وبكل ركن رأس نسر طائر ... أو رأس ليث من نحاس يزأر متضمناً في صدره (قطارة) ... لحساب أجزاء النهار تقطر. . .

فهذا نص واضح على وجود القطارة في صدر القصر على حد ما يرى في ديار الغرب، إذ كثيراً ما تقام الساعات الكبار في صدور الابنية، ولا سيما أبنية الحكومة. نعم أن (القطارة) اسم عام يشمل كل آلة تقطر الماء، على أن تخصيصها هنا بالساعة المائية أمر لا ينكر. وصنعها يختلف في الشكل والهيئة والجرم والطول والعرض، إلا أن المبدأ الذي توضع عليه واحد. وقد وصف الغزالي صنع ساعة قطارة للصلاة. قال: (إن صندوق الساعات التي بها نتعرف أوقات الصلوات يتركب من آلة على شكل اسطوانة، تحتوي مقداراً من الماء معلوماً. وآلة أخرى مجوفة موضوعة فبها فوق الماء، وخيط مشدود أحد طرفيه في هذه الآلة المجوفة، وطرفه الآخر في اسفل ظرف صغير موضوع فوق الآلة المجوفة، وفيه كرة، وتحته طاس، بحيث لو سقطت الكرة وقعت في الطاس وسمع طنينها. ثم يثقب اسفل الآلة الأسطوانية ثقباً بقدر معلوم ينزل الماء منه قليلا قليلا، فإذا انخفض الماء انخفضت الآلة المجوفة الموضوعة على وجه الماء، فامتد الخيط المشدود بها، فحرك الظرف الذي فيه الكرة تحريكا يقربه من الانتكاس إلى أن ينتكس، فتتدحرج منه الكرة وتقع في الطاس، وتطن، وعند انقضاء كل ساعة تقع واحدة. وإنما يتقدر الفصل بين الوقتين خروج الماء وانخفاضه، وذلك بتقدير سعة الثقب الذي يخرج منه الماء. ويعرف ذلك بطريق الحساب فيكون نزول الماء بمقدار معلوم، بسبب تقدير سعة الثقب معلوم، ويكون أعلى الماء بذلك المقدار، ويتقدر به انخفاض الآلة المجوفة وانجرار الخيط المشدود بها. ويولد الحركة في الظرف الذي في الكرة. وكل ذلك يتقدر بتقدر سعته لا يزيد ولا ينقص. ويمكن أن يجعل وقوع الكرة في الطاس سبباً لحركة أخرى وتكون الحركة الأخرى سبباً لحركة ثالثة، وهكذا إلى درجات كثيرة حتى يتولد منها حركات عجيبة مقدرة بمقادير محدودة. وسببها الأول نزول الماء بقدر معلوم.) أهـ ولم نجد مؤرخا عربياً قديماً ذكر هدية هرون الرشيد لقارله (هكذا اسمي المسعودي وابن الأثير وغيرهما شرلمان أي شارل الكبير أو قارله العظيم)

وسبب سكوت إخباريينا عن التصريح هو أن السلف كبار النفوس أباه لا يذكرون الهدايا إذا ما جادوا بها بل يسكتون عنها، لان من أمثالهم قولهم: (المن يبطل المن) أما الذين ذكروها في المائة المنصرمة وهذه المائة فقد أخذوا الخبر عن الغربيين لا عن كتبتنا. وصنع هذه الساعات المائية معروف في جزيرة العرب قبل أن يصنعها إخوانهم العراقيون. وما نقلناه من كلام الهمداني في صدر جوابنا هذا دليل واضح على أن اليمانين كان يحكمون صنع أشياء أخرى. أشار إليها الهمداني في كتابه الإكليل المذكور. الخص بغداد: ت. م. م. من مبادئكم اللغوية: إن ما كان من الكلم اليونانية والرومية مثنى الهجاء له صلة بالعربية. وهذه كلمة اللاتينية فبأي كلمة عربية تتصل؟ ج. معنى اللاتينية البيت من القصب والكوخ والبيت الحقير، وهو يتصل (بالخص العربية (بالضم) قال المجد الفيروز ابادي: (الخص، بالضم: البيت من القصب أو البيت يسقف بخشبة كالازج.) أهـ الكاسة والمكناسة ومنه: يسمي بعض البغداديين الغضارة: الكاسة آخرون (المنكاسة) فمن أين جاءتنا هتان اللفظتان؟ ج. الذي عندنا أن الكاسة جاءتنا عن طريق الترك الذين يخففون كل حرف عربي فخم. واصلها (القصعة) أي ق - ك. وص - س. وع - أ. - وفيها قدمت الألف على الصاد من باب القلب المكاني. وأما (المنكاسة فنظنها تصحيف ميكاسة من (مي) الفارسية أي خمر، وكاسة أي القصعة، فيكون معناها (الباطية) أو قصعة الخمر، لان توضع فيها.

باب المشارفة والانتقاد

باب المشارفة والانتقاد 100 - كتاب فرق الشيعة تأليف أبي محمد الحسن بن موسى النوبختي، عني بتصحيحه هملت ريتر، طبع في استانبول بمطبعة الدولة سنة 1931. لجمعية المستشرقين الألمانية أياد بيض على إحياء آثار السلف. فهي تعنى بنشر أحاسن المؤلفات العربية وأطايبها، وقد عنونتها ب (النشريات الإسلامية) وقد جادت علينا هذه الجمعية بثلاثة مصنفات نشرتها في هذا العام وهي: كتاب فرق الشيعة، والوافي بالوفيات (الجزء الأول منه) وبدائع الزهور لابن اياس (الجزء الرابع منه) فنتعرض هنا لذكر (فرق الشيعة). هذا الكتاب نادر النسخ. وهو جليل لأنه يطلعنا على أنواع المقالات التي قال بها الشيعة منذ نشأتها إلى عهد المؤلف الذي طوى أيامه بين أواسط القرن الثالث ورأس المائة الرابعة. والوقوف على المذاهب وتاريخها من ألذ المباحث واجلها في هذه السنين، إذ انصرف هم الناس إليها. إن في ديار العرب وان في ديار الغرب. ومما يزيد في ثمن هذا السفر أن الأستاذ هبة الدين الشهرستاني وضع ترجمة لمؤلفه وقعت في 13 صفحة، وأجاد فيها كل الإجادة. هذا فضلا عن مقدمة الناشر صديقنا الدكتور هملت ريتر. وعن الحواشي التي طرز بها الكتاب. وفي مطاوي مطالعتنا لصفحاته عثرنا على بعض ألفاظ شككنا في صحتها، نذكرها هنا مع ما يبدو لنا في تصحيحها بغض النظر عما ورد من هذا القبيل في الصفحات المحصورة بين ص (هـ) وص (كز). ص7 س 8 وجميع الكلمة: وجمع الكلمة 11 4 فيكلفم: فيكلفهم

19 6 اللتان ينتحلان:. . . تنتحلان 24 13 فلما توفي محمد بن الحنفية بالمدينة: في الطبري انه توفي بالطائف وفي نسب أمه خولة اختلاف عظيم عما في الطبري إذ ورد فيه: ابن عبيد بن ثعلبة بن يربوع بن ثعلبة بن الدول ابن حنيفة بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر (راجع: 3472) 25 13 فشدهم في إطناب القصب: في إطناب القصب؛ إذ لا إطناب للقصب حتى يشد فيها. أما الإطناب فجمع طن وطن جمع طنة وهي حزمة القصب 26 4 تغذوه الاماري (؟): تغذوه الارواي جمع أروية. 31 6 فامرر لأصحاب (؟) عبد الله: فاتزر لأصحاب عبد الله (من الوزر). 35 11 في كل عصر وزمانة: وزمان 43 11 زيد منات: زيد مناة 43 11 تيم الله: تيم اللات 54 1 وانه قتل (؟): وانه نقل 59 8 والسكاكين كانت بعضهم جعلوا القصب مكان الرماح: والسكاكين كانت لبعضهم وجعلوا القصب مكان الرماح. 65 4 بشبهني يشبهني 67 9 سمه في رطب وعنب بعث بها إليه. بعث بهما إليه (وان كان لذلك القول وجه) 77 13 خلين من رجب: خلون. . . وكذلك في ص 79: 10 79 16 عشره: عشرة وجاء رسم الهمزة في هذا الكتاب مخالفا لما تواضع عليه الكتاب وكان الأوجه أن يتبع المنهج الذي اتفق عليه أهل العصر والتحقيق، وينبذ المنهج القديم وان ورد الرسم موافقاً للأصل.

101 - كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور لمحمد بن احمد بن اياس الحنفي، الجزء الرابع من سنة 906 إلى سنة 921، باعتناء باول كاله ومحمد مصطفى ومورتس سوبر نهيم، طبع في استانبول في مطبعة الدولة سنة 1931 في 502 ص بقطع الثمن. قال أحد ناشري هذا الكتاب وهو باول كاله: (تاريخ ابن اياس المسمى بدائع الزهور، في وقائع الدهور، طبع سنة 1312 هجرية (الهجرية) بمطبعة بولاق الأميرية، على ذمة الكتبخانة الخديوية عن نسخة خطية انتهت كتابتها سنة 1295 هجرية (الهجرية) موجودة الآن بدار الكتب المذكورة. ولا يخفى أن تاريخ السنوات 906 - 921هـ لم يذكر في هذه النسخة، وذلك لنقصانه في النسخ الخطية الموجودة في مصر وفي اغلب النسخ الأوربية. وهذا الجزء من التاريخ يوجد فقط في نسختين منسوختين عن نسخة المؤلف في سنة 1127 أحدهما في باريس (في الخزانة الأهلية 1824) وتشمل على سنة 891 - 912هـ والأخرى في لنينجراد (دار التحف الآسيوية. روزن 46) وتشمل على سنة 912 - 921 هجرية (الهجرية). (وعندما فكرت في نشر هذا الجزء من التاريخ في (النشريات الإسلامية) مع محمد مصطفى مدرس اللغة العربية بجامعة (بن) قدم لنا الأستاذ موريتس سوبر نهيم نسخة كان قد استكتبها عن هاتين النسختين لنفسه. وبحصولها على نسخة لنينجراد وعلى نسخو مصورة عن نسخة باريس اطلعنا على نسخة سوبر نهيم وقابلناهما بهما. ثم أرسلناها إلى استانبول (ثم أرسلنا بها إلى استانبول) حيث طبعت في مطبعة الدولة وجرى تصحيح ملازمها بمساعدة هـ. ريتر. وقد اطلع سوبر تهيم أيضاً على الملازم المطبوعة وكتب لنا عنها عدة ملحوظات تختص بجدول الخطأ والصواب وبمعجم الكلمات المستغربة الذي عند انتهائنا من طبع التاريخ.) أهـ كلام الناشر. وبين هذه الصفحة كلام وقع في 29 صفحة وكله بالألمانية وكنا نتمنى أن يكون بالعربية ليستفيد منه قراء هذا السفر الجليل.

ونزيد على كل ما قيل أن الكتاب حسن الورق والطبع وقد بذل أقصى الجهد لإخراجه بأحسن صورة ممكنة. على أننا لاحظنا في النص أغلاطا عديدة لا نعلم أهي من النسخة الأصلية أم من المنضد. نذكر لذلك ما ورد في ص 4 س6 فيمن يولوه، فكتب القاضي الحنبلي صورة محضراً. . (س 7) بأنه سفاكا (س 13). . . نايم. . . (س 18) وجلس على سرير الملك والباقي للزوال نحواً من خمسة وعشرين درجة. والصواب: في من يولونه. . . صورة محضر. . . بأنه سفاك. . . نائم. . . نحو من خمس وعشرين درجة. وهكذا كل صفحة لا تخلو من عدة أوهام. - قلنا: فإذا كانت هذه الزلات من المؤلف نقسه فيحسن أن ينبه عليها في الحاشية، أو لا اقل من أن يردف الغلط بكلمة (كذا) لينتبه المطالع. أما إذا كان الخلاف، فكان يحسن تصحيحها. على أن الإخباري الذي يتطلب حقائق الوقائع لا يهمه هذه المزالق الطفيفة، إذ غايته القصوى التقاط الأخبار من معادنها الثمينة لا غير. 102 - كتاب الوافي بالوفيات لصلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي، الجزء الأول وعدد صفحاته 385 بقطع الثمن، (يبتدئ بترجمة محمد بن محمد وينتهي بترجمة محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن)، باعتناء هـ. ريتر، طبع في أستانبول بمطبعة الدولة سنة 1931. الوافي بالوفيات من أوسع الكتب في التراجم يدخل في نحو ثلاثين مجلداً لكنها لا ترى مجموعة في خزانة من خزائن الكتب المعروفة في الشرق والغرب. بل ترى مبثوثة في مواطن عديدة من أمصار العالم (راجع مقدمة الناشر ص (أ)). ولا جرم أن جمعية المستشرقين الألمانية تخدم العالم خدمة جليلة بإخراج هذا الكنز من مدافنه المختلفة وتخدم العرب خدمة أخص بوضع هذا النور الجديد على منار بحار العرفان، ليستضئ بسناه كل من يهمه أدب الشرق وفضله على المنتمين إلى الحضارة العصرية. هذا المجلد مطبوع بخاتم التحقيق والتدقيق في كل صفحة من صفحاته على

غرار ما توشيه العصابة الألمانية من مطبوعاتها. وما من أحد يجهل الدكتور هملت ريتر، ولا سيما البغداديون فانهم يعرفونه كل المعرفة منذ سني الحرب فكان يجول من بيت إلى بيت ومن خزانة إلى خزانة باحثاً عن غرر التصانيف، بل درها، لا بل دراريها. وقد حصل على شيء كثار لا يستهان به. وفي كل سنة نراه يخرج لنا أثرا من متاعبه، وهذا الكتاب من اجل ما يستفيد منه عالم الأدب. وقد ترجم صاحبه في هذا الجزء فقط 246 رجلا. وجميعهم تبتدئ اسأميهم بمحمد، وهو لن ينته من ذكرهم، بل لا بد له من أن يتابع المحمدين في الجزء الثاني. وفي بعض الصفحات تعاليق في غاية الفائدة. ومن جملة أصحاب هذه الطرر (المعلم رفعت بك) الذي استنسخ النسخة الأصلية على وجه الصحة، وعلق على المتن من التعليقات المفيدة ما يحق للناظر في هذا الكتاب أن يشكره عليه (راجع المقدمة ص (و)) وقد رمز إلى هذه الهوامش بحرف (م). وقد أنعمنا النظر في كثير منه فوجدناها على أتم وجه من الصحة والإتقان. على أننا وجدنا بعض هنيهات كنا نود أن لا تكون في السفر الجليل، منها أنه جاء في ص (و): (ولد (الصفدي) سنة 6 أو 797 تقريباً وتعانى صناعة الرسم) والمشهور أن الصفدي ولد سنة 696 أو 697 وقوله: (تعانى) لعلها: (عانى). وفي ص 11 يقول المؤلف: (. . . وبين ذي القرنين إلى عامنا هذا وهو سنة إحدى وسبعين وستمائة للهجرة فبلغ من آدم عليه السلام إلى الآن ستة آلاف سنة وسبعماية (كذا) وتسعاً وسبعين سنة على ابلغ ما يمكن من التحرير) - قلنا: ولم تفهم معنى (سنة إحدى وسبعين وستمائة) والصفدي لم يكن في الخلق يومئذ. أفي هذا التعبير يا ترى غلط أم وهم؟ - ومن غريب ما رأيناه في هذا المجلد أن المؤلف قد نبه في ص 37 على رسم الهمزة. قال: (وان كان ما قبلها متحركا، فان كان مضموماً أو مفتوحاً أو مكسوراً. فالمضموم تكتب همزته المفتوحة والمضمومة واواً. نحو جؤن وذؤوب. والمفتوح تكتب همزته على جنس حركة نفسها نحو لؤم وسأل وسم (كذا بياء منقطة باثنتين من تحت وعليها همزة)، والمكسورة تكتب

همزته ياء نحو سل (وضبطت بضم السين وبالياء المنقوطة من تحت بنقطتين وعليها همزة أيضاً).) أهـ. قلنا: وهذا مخالف لما قرره من أمر القاعدة. فقد تقدم أن ما قبل الهمزة مكسور وهنا مضموم وتقرر أيضاً أن ترسم على جنس حركة نفسها، ويراد بها الياء غير المنقوطة، وهنا قد نقطها. ولهذا نظن أن الكلمة هنا ليست (سئل) بصيغة ما لم يسم فاعله من فعل (سأل)، بل (شتم) جمع شئمة (بكسر فهمزة ساكنة) بمعنى شيمة أي طبيعة. وعلى هذا المثال يكون رسم همزة (مائة) على صورة الياء غير النقطة. وترى المؤلف قد خالف قاعدته هذه في كتابه كله من أوله إلى آخره. فهو رسم (مائة) أما (ماية) وأما (مامة)، ولم يرسمها مرة واحدة كما يجب أي (مائة) وقد جاءت الكلمة مراراً عديدة. وإذا رجعت إلى خط المؤلف على ما أخذت منه صفحتان يظهر أنه لا يحسن رسم الهمزة في مواطنها ولا يميز بين الياء ولا بين الهمزة فيرسم (بصائرنا) جمع بصيرة بالياء أي يرسمها (بصايرنا) ومثلها يرسم (فوائدها) أي أنه يكتبها (فوايدها) بالياء الصريحة. وهكذا يكتب (فنائهم) المجرورة فيرسمها (فنايهم) بالياء وهذا كله مخالف لما قرره الكتاب والصرفيون والنحاة، فيجب أن يعدل عن هذا الرسم المرغوب عنه إلى الرسم المشهور الذي اتفق عليه الأقدمون والمحدثون والعصريون في جميع الديار العربية، أفيمكن أن نخطئ جمهور البصراء والباحثين لتسير على قاعدة يرسمها لنا كاتب واحد. وان كان متضلعاً من بعض العلوم؟ - كلا، إن هذا لا يجوز (راجع هنا ص 775). وقد وقع في بعض الأعلام تصحيفات أو لغيات وكان الأحسن أن يرجح عليها اللغات الفصحى. فقد ذكر مثلا في ص 12 (ازدشير) بالزاي وهي لغة فاسدة ذكرها بعض النساخ والصواب (اردشير) بالراء. وكان يحسن بالناشر أن ينبه على هذا الخطأ المشهور. وفي ص 56: (ناحور بن ساروح ين راعو بن فالخ بن عيبر بن شلخ بن ارفخشد بن سام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ.) والمشهور في نسخ التوراة: (ناحور بن سروج (بالجيم) بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح بن

ارفخشد. . . بن متولشلح بن اخنوخ.) وجاء بعده: يرد بن مهليل بن قينين بن يانش بن شيث) والمشهور في التوراة: (يارد مهللئيل (بلامين) بن قينان بن انوش بن شيث.) وقد ورد بعض الأحيان كلام يناقض بعضه بعضاً أو لا معنى له. فمن الأولى قوله في ص 26: (وإذا نسبت إلى المؤنث ولم يكن على هذا الوزن (وزن جهينة) حذفت التاء أين وقعت فتقول: طلجي ومكي وبصري. . . نسبة إلى الطلحة ومكة والبصرة.) - قلنا: وذكره (البصري) هنا في النسبة إلى البصرة في غير موطنها، لان النسبة إليها يكون بحذف الهاء وبكسر الياء كما ذكر ذلك في ص 19، فكان الأحسن أن ينبه على ذلك في الحاشية. - ومن الثاني قوله في ص 30: وقالوا (في النسبة إلى) الربيع والخريف: ربعي وخرفي. بسكون الرائين والباء والخاء.) فهذا كلام لا يفهم. وكان الأولى أن يقال: (بكسر الأولين وسكون الثانيين.) وهناك غير هذه الأوهام الطفيفة. وهذا لا يضر بشيء لان الكمال لله وحده. 103 - قصص وأدب وفكاهة عنيت بنشرة إدارة الهلال بمصر سنة 1931 كتاب يحوي قصصاً موضوعة من القصص المترجمة عن الإنكليزية والفرنسية والفارسية والصينية. وعن المصرية القديمة أيضاً. واغلب هذه القصص مصورة وقد وقع الكتاب في 144 ص بقطع الربع الصغير. 104 - قاموس الرجال كتاب تاريخي سياسي جامع يبحث عن النهضة العراقية وأسبابها ومقدماتها وتطوراتها ورجالها ويصدر كراسات لمؤلفة محمد الجزائري. صدر منه الكراس الأول في 26 ص بقطع 12. وهو لا يحوي إلا الكلام على مدحت باشا وفيه 15 صورة من رجال النهضة في تركية. وثمن كل كراس ثلاث آنات. ولم تجده مرتباً ترتيب القواميس (أي المعاجم).

105 - منشور عام أصدره غبطة الجليل يوسف عمانوئيل الثاني بطريك بابل على الكلدان في فرصة تذكار المائة الخامة عشرة بمجمع افسس المسكوني الثالث طبع بالمطبعة الكلدانية في الموصل سنة 1931. 106 - منشور بطريركي في التذكار المئوي الخامس عشر لانعقاد المجمع الافسسي، وجهه غبطة السيد الياس بطرس الحويك، بطريرك إنطاكية وسائر المشرق إلى أبناء بطريركيته، طبع بمطبعة المرسلين اللبنانيين في جونية 1931. 107 - الذكرى الجزء الأول من ديوان إبراهيم العريض، طبع بمطبعة النجاح في بغداد سنة 1350 في 116 ص بقطع 16. هذا ديوان صغير الحجم، بديع الوضع، محكم النظم؛ مدهش بمعانيه، إذ انك لا ترى فيه باباً مطروقاً معبداً، بل مسلكا مبتكراً. تتحقق ذلك من أبوابه فالباب الأول في الطبيعيات - والباب الثاني في العاطفيات - والباب الثالث في الوصفيات - والباب الرابع في الاجتماعيات. ونحن نتوسم في شاعرنا الشاب البحراني النبوغ في الشعر؛ فهو سائر إليه لا محالة. 108 - خريطة العراق الشمالي رسمها حضرة صاحب الفخامة الفريق طه باشا الهاشمي. عودنا حضرة طه باشا الهاشمي أن يهدي إلينا والى جميع العراقيين أثراً طيباً من آثار يراعته البديعة في كل سنة. وفي هذه الأيام أطرفنا خريطة عربية فاخرة طولها 78 سنتيمتراً في عرض 66 تحوي شمالي العراق أي من بغداد وأنت ذاهب صعداً إلى أعاليها. وكل منا يستطيع أن يحكم على ما عانى فخامته من الكد والنصب بالوقوف

على ما فيها، فهي تشتمل على مراكز المتصرفيات، ومراكز الاقضية، ومراكز النواحي، والقرى وحدود المملكة وسكك الحديد والطرق الصالحة لسير السيارات، والأودية الجافة، والأراضي المعرضة للغرق، والبلدان القديمة والجسور ومضايق الجبال والعبارات والنفاطات (محلات النفط) وارتفاع الجبال بالأقدام. وقد اصطلح على كل هذه المواطن بالإشارات اللازمة وبثلاثة أنواع من الحبر: بالأسود والأحمر والأزرق. وأما القبائل والعشائر المحتلة تلك الأرضين فقد عني بها عناية خاصة لا مزيد عليها. فلا جرم أن هذه الخريطة من أحسن الخرائط التي أنشئت لهذه الغاية. 109 - مباحث في فجر التصوف في الشرق الأدنى والأوسط (بالإنجليزية) تأليف مرغريت سميث معلمة في الآداب ودكتورة في الفلسفة، قيمة الكتاب ستة شلنات ونصف. عرف القراء هذه الآنسة الإنكليزية من كتابها (رابعة المتصوفة (المعروفة في أخبار العرب برابعة العدوية) واتباعها الأولياء في الإسلام (راجع لغة العرب 7: 263)، ثم وضعت كتاباً آخر سمته (مقدمة في إخبار التصوف) واليوم تبعث إلينا بمصنف جديد هو الذي ذكرنا اسمه فويق هذا. وتحصر مواضيعه في الكلام على التصوف منذ نشوءه إلى تبسيطه في فجر النصرانية في الشرق الأدنى والأوسط، إلى المائة السابعة للميلاد. ويتلوه انتشاره في الإسلام مع تفاصيل عن اتصاله بالتصوف النصراني مع ذكر أول أخباره عند المسلمين. فأنت ترى من هذه النظرة المجملة أن الآنسة الدكتورة تتابع المجرى المتدفق اليوم في ديار الغرب، ذلك المجرى الذي مادته التحدث عن علم السلوك والسالكين، وارتقاء النفس إلى الخالق من منزلة إلى منزلة ارفع، وقد وضع الغربيون لهذه المباحث الطيبة. مجلات وكتباً تمعن في هذا المعنى إمعاناً بعيداً، كل أمة في لغتها والآنسة الذكية أتقنت لغتنا كل الإتقان، وأخذت تستقي لأبناء لغتها ماء نميراً من معين لغتنا، وتفيضه على المتكلمين بلغتها بعبارة سلسة، واضحة، فصيحة،

تحبب للقارئ مطالعة ما توشيه يراعتها البديعة. وقد طالعنا عدة فصول من هذا التصنيف فوجدناه حاوياً لباب التصوف في النصرانية والإسلام. على أننا رأينا المؤلفة تكتفي في بعض الأحيان بالوشل عن الفيض، فقد ذكرت مثلا في ص 106 بعض القبائل البدوية النصرانية وسمت (بني تنوخ وقالت عنهم انهم كانوا يقيمون في جوار حلب، وبني سليح، والجرامجة (وضبطتها بضم الجيم. وكررت هذا الضبط في ص 109) وقالت عن هؤلاء انهم كانوا يقيمون في جوار إنطاكية. وذكرت بين تلك القبائل النصرانية بني بهراء ولخم وجذام. ثم ذكرت انتشار النصرانية في ديار الرافدين وامتدادها إلى خليج فارس). قلنا: لم نجد من صرح بمقام بني تنوخ حلب والذي وجدناه في ابن خلكان (ص 49 من طبعة الإفرنج) أن (تنوخ اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديماً بالبحرين (لا بحلب) وتحالفوا على التناصر. وأقاموا هناك، وسموا تنوخاً. وتنوخ إحدى القبائل الثلاث التي هي من نصارى العرب، وهم: بهراء وتنوخ، ةتغلب.) أهـ - وصحة الجراجمة بفتح الأول لأنه جمع وفعالة جمعاً لا يكون إلا مفتوح الصدر. - ونسيت الكتابة قبائل كثيرة كانت على النصرانية. ولا غرو في إنها لم تعددها جميعها لكثرتها، لكننا نعجب من أنها نسيت (تغلب) وهي من اشهر تلك القبائل ديناً، ودنيا، وعزة، وإباء، ونوهت بيابلاها الناسك وسمته: (جابلاها) (ص 30) وعكست الأمر في

(الجزية) وذكرتها باسم (اليزية) (ص 109) إلا أنها ذكرتها بعد ذلك (ص 111) بلفظها الحقيقي. وقد قسمت كتابها البديع إلى عشرة فصول وخاتمة، خصت الفصول الخمسة الأولى بالتصوف النصراني، والفصول الخمسة الآخر بالتصوف الإسلامي، وجعلت الخاتمة عقداً يجمع بين التصوفين ويطلعنا على مختصر ما مر به نظر المطالع. وقد طالعت الكتابة لهذه الغاية ستة وتسعين كتاباً أوربي اللغة، بين إنكليزي وفرنسي وألماني ولاتيني ويوناني، وثمانية وأربعين كتاباً بين عربي وفارسي وسرياني، ويرى في الآخر فهرسان: فهرس للأعلام على اختلاف أنواعها، وفهرس للمصطلحات العلمية. فوقع الكتاب في 276 ص بقطع 12 فجاء تحفة من التحف تدل على تضلع من العرفان في صاحبتها؛ وكنزاً يزيد في ثروة التصوف. فنهنئ الكاتبة بما نمقته وفازته من ثقة العلماء والقراء. 110 - وصف البناء الساساني في بيكلي وتصويره لمؤلفة الدكتور ارنست هرتسفلد، وهو رسالة من رسائل المجمع العلمي الملكي البروسي، طبع في برلين في سنة 1914 في 29 ص، وفيه خريطتان و 5 تصاوير. في هذا الكتاب وصف السفرة التي سافرها المؤلف مع صديقه ورفيقه الشيخ كاظم الدجيلي من بغداد إلى بيكلي ذاهبين إليها من بغداد ومارين بسامراء ودستكرد خرسو، وقصر شيرين، وبيكلي، والسليمانية، وكركوك، وسامراء. وفي هذه الصفحات ذكر المشاكل والصعوبات التي قاساها المسافران المتآخيان في ديار الكرد وبعد ذلك وصف خربة البناء الساساني وهدد الأحجار المكتوب عليها وقد صورت احسن تصوير وليس فيها معنى تلك الكتابات. أميل شبروته (لغة العرب) ما كتبه البحاثة شبروته كان في سنة 1914 قبيل الحرب بأيام. فنفينا إلى قيصرية (المعروفة الآن بقيصري) وسافر شبروته على الحرب بمنزلة ضابط ولم يأتنا منه خبر. أما الدكتور هرتسفلد فقد نشر بعد ذلك هذه الرقم ومعانيها بالإنكليزية ونسخ الكتاب عزيزة، غالية. فحقق الدكتور ما تمناه الكاتب الألماني.

111 - ابن مسرة وطائفته لمؤلفه ميكيل آسين بالاثيوس، طبع في مدريد في سنة 1914 في 164 ص. قسم المؤلف هذا التصنيف ثمانية أقسام: (القسم الأول) الأفكار الإسلامية في الشرق في المائة الأولى والثانية والثالثة. ونفوذ الأفكار الغربية فيها (القسم الثاني) الأفكار الإسلامية في ديار الأندلس في المثلث الثلاث المذكورات (القسم الثالث) ترجمة ابن مسرة وفيها ذكر تأثير أفكار المعتزلة في عهد تربيته ثم تأسيس الطائفة الباطنبة، واتهامه بالكفر والزندقة وفراره إلى المدينة، ثم عودته إلى قرطبة، وإعادة تأسيس طائفة وذكر تآليفه، وطرد أهل الدين إياه ثم موته. (القسم الرابع) ذكر تعاليمه ومبادئه وهي محصورة في سبعة عشر مبدأ وهي: 1 - الفلسفة افضل الأفكار وأشرفها. - 2 - أول شروط التقدم في الفلسفة: معرفة أحكام الروح. - 3 - لمعرفة النفس ينبغي أن تكون نفية من ادران الأهواء: - 4 - النفس بسيطة وخالدة. - 5 - الكائن الأول هو أيضاً بسيط وخالد. - 6 - لا يمكن معرفة الكائن الأول معرفة صادقة ولا إيضاح كيفية. - 7 - للكائن الأول حالان: الحركة والسكون. - 8 - الكائن الأول هو خالق العالم وإخراجه من نفسه (من قدرته). - 9 - أذن العالم موجود بعد الكائن الأول. - 10 - المخلوقات من الكائن الأول هي: الهيولى (المادة الأصلية أو الأولى) والعقل والنفس. - 11 - للهيولى حالان: الحب والكراهية. - 12 - أهم أوصاف النفس: المحبة. وهم أوصاف الطبيعيات الكراهة. - 13 - المخلوقات الأصلية هي: الهيلولى، العقل، والنفس، والطبيعة، والمادة الثانية وهن مختلطات بعضهن ببعض. - 14 - الأرواح الخاصة مخلوقة من روح العالم. - 15 - تلك الأرواح متنوعات. - 16 - لكل جنس من المواد الأولى أوصاف خاصة بها. وتلك الأوصاف خالدة. - 17 - غاية وجود البشر في هذه الدنيا أن يوقنوا تفاهتها وعدم قيمتها. وكل من يصل إلى درجة ذلك التحقيق يستحق الخلود في العالم الروحاني أي اللاهوتي وليس صورته في قدرة أهل

هذه الدنيا الدنية. (القسم الخامس) تقريظ هذه الآراء الفلسفية والبحث عما فيها من تعاليم أنبيد قلس اليوناني. (القسم السادس) تعليم ابن مسرة الدينية والمهم فيها نصيحة الزهد وإمكان البلوغ إلى القدرة النبوية لكل واحد، وإنكار المكافآت والعقاب لأعمال البشر. (القسم السابع) تاريخ الطائفة المسرية ومزايلة إسماعيل الروائي إياها. (القسم الثامن) تراجع صدى تعاليم ابن مسرة في الشرق وعند بعض فلاسفة ديار الغرب. هذا مجمل ما يقال عن هذا التأليف ومن أراد التفصيل والتحليل فعليه بمراجعته. أميل شبروته 112 - بحث عن الأصل العربي لمحاورة الحمار والراهب انسلموا طرميده لمؤلفه ميكيل آسين بلاثيوس، طبع في مدريد في سنة 1914 في 55 ص. أنسملو طرميده رجل إسباني، ولد في جزيرة ميورقة في نصف القرن الرابع عشر للميلاد، وترهب في إسباينة، ثم انتقل إلى تونس وهناك أسلم، وتسمى (عبد الله)، وبقي هناك في خدمة السلطان أبي العباس احمد، وبعده في خدمة ابنه أبي فارس عبد العزيز. وفي تلك الغضون كان يعنى بتصنيف الكتب، منها باللغة العربية، ومنها باللغة القطلانية. ومما وضعه في هذه اللغة الأخيرة: (المحاورة بين الحمار وبين الراهب أنسلمو). ومن الغريب أن هذا الرجل يعتبر ولياً عند أهل تونس، فانهم إلى اليوم يزورون قبره ويتبركون به. أما المحاورة فتدور على هذا المحور: حضر ذات يوم الراهب انسلمو مجلس الحيوانات من غير أن تشعر به. ثم وقفت على وجوده بينها فطلبت إلى ملكها الأسد أن يصدر حكمه عليه، لا سيما لأنه حط من شرف الحيوانات، إذ قال مرة: (إن الإنسان أحسن الحيوانات واعزها قدراً، وأدقها فكراً، وأفضلها منزلة.) واخذ يؤيد رأيه أمام مجلس تلك المخلوقات، فطلب الحاضرون من

الحمار أن يفند آراءه القائلة في نظرها. فقام الحمار ورد مزاعم الراهب في جميع مدعياته. ومن جملة ما قاله ما يأتي: (إن ما يسمى فضائل عند البشر ليست بها على الحقيقة، وإنما هي أوهام خيالية). وفي الآخر قام الراهب انسلمو ونزع آخر سهم كان في جعبته فقال: (لو كان الحيوان اشرف من الإنسان، لما تأنس المسيح، ولا تخذ صورة الحيوان.) سمعت الحيوانات هذا القول فسلمت له وخذل الحمار. وبعد أن فصل الكاتب هذه المحاورة تفصيلا تاماً ووفى البحث حقه، انتقل إلى مأخذ هذه الحكاية، فاثبت أنها منتحلة من إحدى رسائل أخوان الصفا في البصرة، وكانوا فيها في نحو السنة ال 400 من الهجرة، فأنهم وضعوا إحدى وخمسين رسالة، ليبسطوا فيها آراءهم في جميع المواضيع والمباحث العلمية والدينية: وفي جملة تلك الرسائل، رسالة فحواها مطابق لما وضعه أو اقتبسه الراهب انسلمو. وهي الرسالة الحادية والعشرون، وملخصها: إن الإنسان يستحق التقدم على الحيوان فقط، إذا سار بحسب الأحكام الأدبية والأصول الدينية بلوغاً إلى الله الغاية القصوى وذلك مباشرة بلا واسطة. فمشابهة حكاية أخوان الصفا لمحاورة انسلمو طرميدة، تظهر أن هذا الرجل قلد تقليداً أعمى لمن سبقه. وليس له فيها فكر جديد طريف، بل بالعكس أنه حرم الحكاية الأصلية رونقها اللغوي؛ ومعناها الأدبي، ولم يبلغ أبدا إلى محاسن الأصل الجليل، وليس فيها تلك الآخذة بالألباب، وذلك ما يتحققه كل من يقف على الروايتين. أميل شبروته 113 - بلاد الزنج أو ساحل أفريقية الشرقي في العصور الوسطى بقلم ل. مارسل دفيك. أمامنا هذا الكتاب صاحبه يبحث عن بلاد الساحل الشرقي الأفريقي وأخلاق أهاليها وما ينتج فيها وما ذكر عن حيواناتها الخرافية، كل ذلك نقلا عن كتب الناطقين بالضاد. ولحسنه أجاز معهد العلم في فرنسة مؤلفه. وقد وجدناه حقيقية من الدواوين الحافلة بالفوائد والجديرة بالمطالعة والانتفاع بها.

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره

تاريخ وقائع الشهر في العراق وما جاوره 1 - شكر على تعزية نشكر لجميع الذين شاطرونا بوفاة أخينا الكبير. مارين ميكائيل ماريني؛ سواءاً أكان ذلك بحضورهم أم برسائلهم، أم ببرقياتهم؛ أم بأي وسيلة كانت. ونطلب من الله أن لا ينكبهم بمصيبة فوق طاقتهم، وان يسليهم في أرزائهم. ويشترك معنا في هذا الشكر جميع أعضاء بيت الأخ الفقيد من كبيرهم إلى صغيرهم. (كانت ولادة أخينا في 2 شباط 1858 وتوفي في 26 آب (أوغسطس) ودفن في مقبرة الباب الشرقي. رحمه الله رحمة واسعة). 2 - الهجرة إلى إيران لجأ إلى الديار الإيرانية زهاء خمسة آلاف بيت من فلاحي تركستان الروسية، فراراً من تشديد السوفييت وتدرس الحكومة الإيرانية مسعى لإسكانهم في الربوع الخالية لتعميرها واستثمارها. 3 - الولادات والوفيات في العاصمة ولد في آب (أوغسطس) 398 ذكراً و337 أنثى وتوفي 309 ذكراً و 263 أنثى. وكان المتوفون بالسل اربعين، وبالزهري واحداً، وخمسة بالزحار وواحداً بالبطاحي (الملارية) وأربعة بالسرطان وامرأة بحمى النفاس. 4 - بين إيران والعراق قررت الحكومات الإيرانية والعراقية الاحتفال في أكتوبر (ت1) القادم بتدشين الطريق التجارية العظيمة بين بغداد وراوندوز وتبريز. واتخذت الحكومة الإيرانية تدابير حازمة لوصول هذه الطريق بطريق طرابزون. وبذلك يتسنى للعراق الاتصال بثغور البحر الأسود على أهون سبيل، وأقل كلفة، وتتقوى العلاقات الاقتصادية بين العراق وشمالي الأناضول (ديار الروم) وتتمكن إيران من تحطيم السيطرة السوفيتية على تجارة الشمال.

5 - طوابع بريد عراقية جديدة وضعت حكومتنا الموقرة طوابع بريد مناسبة للنقود العراقية الجديدة التي تثبت في السنة القادمة: والطوابع وقعت في 15 شكلا وقيمتها بالفلوس كما يأتي: 3 فلوس و5 و8 و10 و15 و20 25 و30 و40 و50 و75 و100 و200 بالدنانير، نصف دينار ودينار. أما ألوانها وحجومها فتختلف. وفي كل طابع صورة جلالة ملكنا المحبوب وقيمة الطابع مذكورة باللغتين العربية والإنكليزية. 6 - نفقات العراقيين في الاصطياف يؤكد البصراء من أهل الاقتصاد أن ما صرفه العراقيون للاصطياف في الخارج يبلغ مائة ألف ليرة إنكليزية وهو مبلغ عظيم تفقده هذه الديار في كل سنة. 7 - قنصل عام لجمهورية بولونية في بغداد صدرت البراءة الملوكية إلى حضرة الدكتور زدزسلاف كورنكو فسكي يا كوبي بتخويله القيام بمهام قنصل عام لجمهورية بولونية في العراق. 8 - (كفر زي) تحارب جنداً تركياً بجوار (مدياة) في ديار الترك، قرية اسمها (كفر زي) سكانها يعاقبة. فجاءها جند ترك يوماً وفرضوا عليها غرامة ألف ليرة ذهباً وقدراً من الأسلحة لوجود جندي مقتول في جوارها. وفي 23 آب، وهو اليوم المعين لاستيفاء هذه الغرامة، وافها الجند ولم يجدوا فيها دياراً وكان سكانها سبعين نسمة، وفروا لأنه لا قبيل لهم على دفع المبلغ، فاتخذوا سلاحهم وهجروا لقرية إلى الحدود السورية. وحينما صدرت الأوامر بمطاردتهم قبل أن يجاوزها الحدود. لا قوهم على بعد 7 كيلو مترات من التخوم الشامية وبادروهم بإطلاق الرصاص فقابلهم الهاربون بالمثل ودارت معركة شديدة دامت خمس ساعات، قتل فيها خمسة من الجند وعشرة من الأهالي وتمكن الباقون من الفرار والالتجاء إلى (قامشلي) البلدة السورية الجديدة، وهناك سلموا أنفسهم بأسلحتهم إلى ضابط الاستخبارات في 28 آب. 9 - عودة ملكنا المحبوب كان ملكنا المحبوب سافر إلى

اوربة مع كتومه الخاص وزير المالية صاحب الفخامة رستم حيدر وذلك في العقد الأول من حزيران (يونيو) ووصل إلى حاضرته العراقية في 29 أيلول (سبتنبر) وفي كل رحلته هذه لم يكن همه سوى ترقية شؤون بلادة وطلب الرفاهية لها، مخاطباً أكابر الساسة ومراجعاً أعاظم الدول. ولما تثبت أبناؤه من جهده وسعيه أقاموا له احتفالاً لم يكن له مثيل في السابق العهد، فنهنئه بقدومه هذا ونتمنى له الصحة والعافية ليتابع مساعيه الجليلة. 10 - الجزءان ال 11 و12 يصدر الجزاءان الآخرين وليس فيهما سوى فهارس السنة كمألوف عادتنا وأما الهدايا التي أرسل بها إلينا في هذه المدة الأخيرة فنتكلم عليها في الأجزاء التالية لها. 11 - لطفي أفندي المحامي انتقل حضرة مديرنا المسؤول لطفي أفندي المحامي إلى الشرطة ودخل دورة ضابطها، فنرجو له كل التوفيق ونشكره على مديريته في طول مدة الأشهر الستة.

§1/1