مجلة الأستاذ

عبد الله النديم

العدد 1

مجلة الأستاذ (جريدةٌ علميةٌ تهذيبيةٌ فكاهيةٌ) العدد 1 - بتاريخ: 24 - 8 - 1892

الفاتحة

الفاتحة بسم الله الرحمن الرحيم عالم الغيب والشهادة. له الحمد على ما أفاده. من علوم عرفنا بها كنه آثاره. وعقول وقفنا بنورها على بعض أسراره. فسبحانه من إله دلّنا على أنه موجد الكائنات. خروجه عن سلسلة الممكنات. وبتكثر الصادرات علمنا أنه واحد لا يتعدد. لامتناع تأثير مؤثرين في أثر مفرد. فالعوامل منفعلة وهو الفاعل المختار. والكون صنعته وكل شيء عنده بمقدار. والصلاة والسلام على من امتلأ الكون بحكمه وآدابه. سيدنا ومولانا محمد وإخوانه الأنبياء وآله وأصحابه. مقدمة يقول عبد الفتاح النديم الإدريسي بالاتكال على جانب الحق سبحانه وتعالى والاستعانة به جل شأنه عقدنا العزيمة على إصدار هذه الجريدة المسماة (الأستاذ) كل أسبوع مرة وجعلناها خزانة لشوارد العلوم وفوائد الرسوم لا تتقيد بفن ولا تقتصر على موضوع فتنشر ما يحسن نشره ويلذ سماعه من المعقول والمنقول مما لا يطعن في دين ولا يمس شرف شخص ولا يقرب من الأهاجي ولا تتعرض للأمور السياسية الحاضرة أي أنها لا تتكلم في الإدارات والأعمال والعمال سواء في ذلك الداخلية والخارجية وأما فن السياسة من حيث هو فإنه يدخل في موضوعها العلمي فإن علم

التاريخ والأخلاق والعادات وتدبير الممالك ووحدة الاجتماع العالمي من الفروع السياسية وهي مستقلة عما يتعلق بالسياسة الإدارية. والحامل لي على فتح هذه الجريدة أني رأيت شقيقي الفاضل السيد عبد الله أفندي النديم المنشئ الشهير قد قضى مدة اختفائه مشتغلاً بوضع كتب لا تخلو من الفوائد لما اشتملت عليه من الأبحاث العلمية فاستأذنته في نشرها لإتمام خدمته المقصودة له من تأليفها فرخص لي بنشر عشرين كتاباً منها مما تم تحريره وتنقيحه. ومع كوني اتخذت هذه المؤلفات مادة للجريدة فإني وكلت تحرير مطالبها وترتيب رسائلها لقلمه لسهولته. وقد بست يد القبول لما يرد علينا من كتب الأفاضل ورسائل سادتي رجال المعارف في أي فن كتبوا. وسنفرد لكل فن باباً بعد صور العدد الأول فإننا أصدرنا هذا العدد مشتملاً على مقدمة تاريخه الأدبي المسمى (كان ويكون) يتقدم ذلك رسالة شكر النعم ويتبعه مقدمة المدح ثم الفوائد والنوادر والفكاهات وعسى أن تقع هذه الخدمة موقع القبول عند ذوي الألباب والآداب فنرى إقبالهم على الجريدة إقبال إخوان الصفاء على الأخذ بيد المعارف ونشر الفضيلة وتخليداً لذكر تتلوه السطور على ورَّد العصور والمسؤول من جانب الحق سبحانه وتعالى الإعانة والتوفيق لما فيه منفعة الأمة والوطن وحفظ القلم من الزيغ عن الصراط المستقيم. والشكر لأهل الفضل والمجد يتقدم هذا كله من خادمهم المخلص. عبد الفتاح النديم الإدريسي

شكر النعم

شكر النعم أيها المتطلع لغريب الأخبار أصخ لي أذنك وافرغ لي ذهنك من صوارفه عني واسمع النبأ الحق من لسان الصدق فإذا انتهيت فكن معي من الشاكرين. في اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر الماضي عثرت الحكومة المصرية علي بدلالة رجل في قرية الجميزة من قرى مركز السنطة التابع لمديرية الغربية فاشتعلت نيران الأفكار وكثرت الظنون واختلفت الآراء ولم يبق ذو روح في الديار المصرية إلا وهو يهجس ويخمن بما سيكون من شأني وكان العطب أقرب عند الجمهور من السلامة وبينما هم في حيص بيص فاجأهم الأمر الكريم بسفري إلى الأقطار الشامية المحروسة ممتعاً بحياتي ممنوحاً مادة معاشي مرسلاً على صورة التكريم والإجلال موعوداً بدوام العناية بي مبشراً بقرب العفو عني فامتلأت قلوب الأحباب سروراً وانطلقت ألسنتهم بالثناء على الحضرة الخديوية التوفيقية وانتفخت أوداج أعداء الإنسانية غيظاً على سلامتي وغضباً من حلم أميرٍ العفو طبيعته وما انتقم من مذنب إلا بإغراء أو غلبة آراء أما أنا فقد خصصت أنفس أوقاتي لذكر المحاسن التوفيقية والمراحم المحمدية كلما جلست في مجلس فضل بين من تقوم صدورهم مقام صحف التاريخ والتزمت الدعاء له ولأنجاله الكرام حتى صار ورداً لي في غالب الأوقات وبينما أنا في بستان نعمته أجيل الفكر في فضائله ومناقبه فاجأني خبر انتقاله من دار الفناء إلى دار البقاء حيث دعاه مولاه فلباه

مستعيضاً ملك مصر الصغير بجنة عرضها السموات والأرض فجرت أنهر الدموع حزناً وضاق وسيع الصدر كمداً وأسفاً والتفت لسان المدح والثناء إلى جانب التأبين والرثاء فأنشدت قصيدتي الدالية الغريبة في بابها ومطلعها وما بعده ما للكواكب لا ترى في المرصد ... والكون أصبح في لباس أسود عم الكسوف الكل أم فقد الضيا ... أم كلنا يرنو بمقلة أرمد وتاريخها فملائك الجنات قالت أرخوا ... توفيق في عز النعيم السرمدي 596 90 77 201 345 سنة 1309 وقد تكفل بها وما معها من تاريخ حياته الطيبة كتاب النحلة في الرحلة فإني رثيته لتفضله علي وإحسانه لا ليقال أجاد فيما قال ولا ليكون الرثاء وسيلة أبتغي بها مقصداً فلذا لم أرسلها وأنا في الشام لتنشر مع المراثي التي دونت فرحم الله تعالى روحاً زكية وذاتاً نقية وجعل مضجعه المنير روضة من رياض الجنة ممطوراً بسحائب الرحمة والرضوان. وما زحزح الهم عن الفؤاد ومسح دموع الحزن بمنديل السرور إلا ارتقاء صدر الصدور وعين أعيان الأمراء وخلاصة العائلة المحمدية وبدر سماء بيت الإمارة أفندينا الخديوي المفخم ذي الفخامة والجلالة مولانا عباس باشا حلمي الثاني أيده الله تعالى فتسلت النفس بأشرف خلف لخير سلف وانطلق لسان التهاني منشداً

مقدمة مدح ومعرفة جميل

خل الأسى ومصادر الأحزان ... جاء السرور فقم بنا للحان حان به خمر المعاني روقت ... لمريد مدح السيد المحسان فالأنس عم الكون عند دخوله ... مصراً لملك ثابت الأركان والصفو قال لأهل مصر أرخوا ... صدر الصفا عباس حلمي الثاني 294 202 133 88 592 سنة 1309 وما فرغ اللسان من الإنشاد حتى جاءني خبر عفوه الكريم عني وصدور أمره العالي بعودتي إلى وطني تفضلاً وإحساناً فاعتقل اللسان ولم يستطع النطق لعظم النعمة وخروجها عن حد ما يشكر فإني لو جمعت اللغات ونظمتها في سلسلة قصائد لا نهاية لها لكنت مقصراً في أداء الواجب لمرحوم أطلق لي قيد حياتي ومحفوظ خلصني من أسر الغربة ومتعني برؤية وطن أهله مبعث سروري ومرجع أنسي فله الشكر ما حييت وإن أمت سمع الثناء عليه من رنين صوت عظامي. كل هذا والثناء على ذات العصمة والمقام الأسمى ذات الدولة الوالدة الفخيمة مرتبط بكل فاصلة من فواصل الشكر والحمد فمدح هذا البيت الكريم حق واجب على هذا المخلص في دعائه وأهل بيته ما دام اللسان ينطق بما ينسب للمخلص عبد الله النديم مقدمة مدح ومعرفة جميل ليس من يتكلم على شيء بالحدس والتخمين كمن يتكلم فيه عن علم

وتحقيق. ذلك أني كثيراً ما رأيت كلاماً في المروءة وأهلها ورجال الهمم والعزائم وثابتي القلوب عند النوازل والمعدمات وما كنت التفت لهذا البحث لتبختري في ثوب الأمن واستغنائي عن الناس باستوائي معهم في الدعة والرخاء حتى وقت في شدتي المعلومة وخرجت من مصر مختفياً فدرت في البلاد متنكراً أدخل كل بلد بلباس مخصوص وأتكلم في كل قرية بلسان يوافق دعواي التي ادعيها من قولي إني مغربي أو يمني أو مدني أو فيومي أو شرقاوي أو نجدي. وأصلح لحيتي إصلاحاً يوافق الدعوى أيضاً فأطيلها في مكان عند دعوى المشيخة وأقصرها في آخر عند دعوى السياحة مثلاً وأبيضها في بلد وأحمرها في قرية وأسودها في عزوبة (عزبة) وقد رأيت من رجال المروءة والهمم من لم يكونوا في حسابي ولو حُدثت بما هم عليه من الهمة قبل رؤيتهم في الشدة لوقع الحديث موقع الاستبعاد أو الاستغراب خصوصاً وأن معظم من آووني لم يكن بيني وبينهم نسب ولا قرابة ولا سابقة صحبة ولم أدخل بلادهم قبل الاختفاء لغرض من الأغراض وكان يعز علي بل يستحيل ذكر أحدهم قبل صدور العفو العام أما الآن فقد حفظ لهم كتابي (الاختفاء) تخليط ذكرهم الجميل ومجدهم الأثيل. وعند ما دُلّت الحكومة علي لم تبعث رجلاً فظاً للقبض علي بل بعثت رجلاً مهذباً هو محمد أفندي فريد وكيل حكمدارية الغربية إذ ذاك فاشتد في أول الأمر وأراد أن يكتفني فلما ذكرته باني مذنب سياسي لا مجرم جنائي انصاع لأفكاري وتلطف بي وتساهل معي ومكنني من دخول البيت لألبس ثيابي وأوصي أهل البيت بما يفعلونه بعد توجهي وعندما

وصلت معه إلى مركز السنطة لم يضعني في السجن بل وضعني في محل العساكر وفرش لي كبود عسكري وأمر لي بماء أتوضأ به لأصلي العشاء ثم أخذ خادمي واستنطقه وحده بما اضطره للإقرار ببعض من آووني وأكرموني في الاختفاء ثم استحضرني إليه آخر الليل وحاول أن أعترف له بأن أحداً ممن ذكرهم خادمي كان يعرف حقيقتي فأكدت له عدم معرفة واحد منهم لي وكانت همته متجهة لإقراري بمعرفة سعادة منشاوي باشا لي فعز عليه ذلك وامتلأ عجباً عندما قلت له إني لم أعرف المنشاوي إلى الآن ولم يكن بين وبينه سابقة اجتماع فقال كيف ذلك مع شهرتكما فقلت الشهرة لا تقضي بالتعارف ما لم يكن هناك اختلاط وصحبة ولا صحبة بيننا فتكلم معاون البوليس بما هو أهله وأعرضت عن ذكره لئلا ألوث الصحيفة بهُجر القول. وعندما وجدت في طنطا وسألني الفاضل الماجد قاسم بك أمين رئيس النيابة إذ ذاك قال لي أنت حر في كلامك فقل ما شئت فلم يسمع مني أن أحداً من الناس آواني على أني فلان المطلوب للحكومة بل قلت له أني كني أدخل بدعوى ادعيها وأخرج خوفاً من تفرس صاحب البيت في وقبضه علي وعندما دخلت إسكندرية سألني إلياس أفندي ملحمة وأما معه في العربية عن منشاوي باشا فقلت له لم يكن يعلم من شأني غير أني رجل عالم يمني وعندما جلست مع سعادة الهمام عثمان باشا عرفي محافظ إسكندرية إذ ذاك أخذ يلاطفني ويستميلني لأخذ أفكاري على ما هي عليه فمازال يتنقل من تهنئة إلى تبشير إلى استعطاف حتى سألني عن منشاوي باشا أن كان يعلم حقيقتي فقلت له علمه بي كعلم دولتلو رياض باشا فإنه

كان يعلم وجود رجل عالم يمني في القرشية وكان يحدثه بأخباري الشيخ سعد والجوهري المنشاوي وبسيوني بك المنشاوي وغيرهم كما كانوا يحدثون سعادتي عثمان باشا ماهر وحسام الدين باشا وجاءني الشيخ سعد مرة يسألني عن أشياء على لسان دولة رياض باشا منها المثل المشهور. بعلة الورشان يأكل الرطب المشان. وقد رآه في جريدة فكتبت له جواب ما سأل عنه. فقال لي ودولة رياض باشا كان يعلم حقيقتك فقلت له مبلغ علمه وعلم سعادة منشاوي باشا أني رجل عالم يمني متمكن من العلوم فإني كنت منكراً هيئتي وصوتي ولهجة كلامي بحيث يعز على والدي معرفتي بتلك الحالة وكنت أجتمع بالناس في المجالس وعلى الطعام من غير مبالاة لعلمي بعدم اهتدائهم لمعرفتي بهذه الصورة والعقل يقضي بأنه إذا كان منشاوي باشا يعلم شأني وأني نديم لأخفاني عن أعين الناس خوفاً على مظهره وشرفه أن يمس إذا قبض علي عنده. على أني لم أقم عنده أكثر من خمسة أشهر وقمت باسم التوجه إلى الحج الشريف فأعرض عن السؤال بعد ذلك وانتهى الأمر بتفضل وإحسان المأسوف عليه أفندينا توفيق باشا علينا وعلم كل ممن آووني أن ضيفهم الذي كان نزيلاً عندهم باسم المدني أو الفيومي أو اليمني أو السبكي أو الغزي أو المغربي أو الناجي أو المصري هو عبد الله النديم فأقدم لجمعهم السعيد خالص الشكر ودائم الحمد والثناء على ما طوقوني به من النعم كما أشكر محمد أفندي فريد دون صاحبه محمد أفندي علي وجليسه مصطفى أفندي شوقي. وأثني على همة وعناية قاسم بك أمين العالم الفاضل فإنه اعتنى بشأني وأرسل لي خالداً أفندي الفوال لينظر حالة السجن

أنظيف هو أم لا وهناك تضييف أو تعذيب فلم أطلب منه أكثر من تنوير المحل ليلاً ورفع باب الملقف ليدخل الهواء ففعل وأمر أن يرش في المحل حمض الفنيك كل يوم وأن ترفع مستيلة البراز كل يوم مرتين أو ثلاثاً وأن لا أمنع من شرب القهوة والدخان إن أردت وزاد الفضل بقوله إن كان معه نقود فبها أو لا فاستحضروا له ما يطلبه على حسابي ثم بادر بكتابة تلغراف إلى المسيو لوجريل النائب العمومي وجاءه رده بأن المسألة إدارية لا تخص بالمحاكم. ثم لا أنسى همة كل من اللورد كرومر (السير بارنج) وعطوفتلو حسين فخري باشا ناظر الحقانية إذ ذاك وعطوفتلو تجران باشا ناظر الخارجية كما لا أنسى الثناء على رجال الوزارة العظام والأصولي الماهر المستر سكوت مستشار الحقانية فما من رجل منهم إلا وله أثر يذكر في هذا الشأن وكأن ما جرى على ألسنهم سر من أسرا المحزون عليه أفندينا توفيق باشا فإنه لم يحدث نفسه بشيء من الضرر بالنسبة إلي وإنما كانت الأصوات تسمع حوله من غير فمه الطاهر تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه وأضم لهذا كله الثناء والشكر لمحرري الجرائد المحلية المؤيد والوطن والمقطم والأهرام والفلاح والمحروسة والبسفور والفارد الكسندري والاجيبسيان غازت وغيرها من الجرائد التي أشفقت على هذا الضعيف فاستمالت القلوب إليه. ثم أني أشكر عناية إخواني الوطنيين واهتمامهم بي قبل السفر وعند العودة فرحين مهنئين بالنجاة والسلامة. أما فضلاء الشام وأمراؤه فقد ضمن لهم كتابي النحلة في الرحلة ما وجب لهم من الثناء وحسن الذكر. ولتكن هذه العجالة مقدمة شكر وفاتحة ثناء لأناس باعوا حياتهم ومظاهرهم بمجد خالد

اشتروه بالمحافظة على أخيهم الوطني لا يبتغون إلا الذكر الجميل في الدنيا ورضا الله تعالى في الآخرة فلله هم ثم لله هم فإن أسير إحسانهم وحافظ معروفهم خادمهم عبد الله النديم الإدريسي ... (فصل) في الأخلاق والعادات جرت عادة الله تعالى في خلقه أن يجري كل أمة وطائفة على أخلاق وعادات يلهمهم إياها عند حكم الضرورة بالتزام العادة والتلبس بالخُلُق فيقلد الضعيف القوي والبليد الذكي حتى يسري ذلك في أفراد الأمة أو الطائفة ويصير كأنه جبلي فطري يتوارثه الأبناء عن الآباء، وبوصولها هذه الدرجة يظهر استحسانها استقباح غيرها من أخلاق وعادات الغير حتى لو اتخذنا محكمين من أمتين لأصر كل منهما على تصويب أمته وتخطئ غيرها وتفرقا على النفرة والتضاد، وإذا استبصر أحد الأفراد ورأى قبح شيء مما عليه طائفته ونبههم على ذلك محتجاً بالدليل النظري والبرهان العقلي حكم عليه بالجنون والغفلة عن خصائص الأمم، وبهذا يعز على الأمم أن تغير عاداتها ما دامت في حيز لا يدخله غيرها وليس هذا من خواص الشرق أو الغرب بل هو من لوازم الأمم البعيدة عن الاختلاط الإنساني يشهد بذلك عصر العزلة الذي قضى على كثير من العقلاء بإراقة الدماء حفظاً لعادة أو تأييداً لخلُق، ومن هنا يعلم قدر

نعمة الاختلاط وتبادل التجارة والسياحة والاستيطان بين الأمم شرقية وغربية فإن وجود العدد الكثير من أمة بين أفراد أمة أخرى يجرون أمورهم على عاداتهم في الصناعة والفلاحة والملاحة واستخدام الأفكار في مواردها من إنشاء وخطب وتدريس وتهذيب وتأديب يقوم مقام أساتذة منتشرين في أنحاء البلاد فتستنكر النفس بادئ بدء ما تراه مما يخالف عادتها وتفر من رؤية من يخالفها ثم لا تزال تتأخر في الفرار والاستمرار يستدنيها ويتألفها وهي تميل شيئاً فشيئاً حتى يحلو في عينها ما تراه ثم تهجس بتقليد الغير وعادتها تمانعها إلى أن يبعثها التقليد على الهجوم مرة فتفعل أو تقول وهي تخاف الرقباء ولا تزال تأخذ بالتقليد يوماً فيوماً حتى يحسن عندها التظاهر بما أخذته من عادة الغير ثم يترقى عندها الاستحسان فترى قبح ما كانت عليه مما جرب عليه الآباء في عصور متتالية. ولا نستطيع أن نحكم بسوء عادات القدماء بالمرة فإن حاجتهم التي دعتهم لاتخاذها هي حاجتنا التي تدعونا لتغييرها أو تحسينها، ولكن ينبغي لمن يغير عادته بعادة الغير أن ينظر في أصل عادته وفوائدها ومضارها ثم في عادة الغير كذلك فإن رأى حسن عادته وأنها من لوازم حفظ المظهر أو الثروة أو الوطنية أو الجنسية أو اللغة أو الدين لزمه البقاء عليها وإن لم تحسن في عين الخليط وإن رآها مضرة بذاته أو وطنه أو الهيئة الاجتماعية غير منها ما لا يفقده الاعتقاد الديني والشعور الجنسي والغيرة الوطنية، فإن انتقل من عادته بلا رؤية ولا نظر للعواقب فقد سلم ذاته لمن انتقل لعادته بلا حرب ويعز عليه الرجوع لجنسيته ووطنيته وخصائص

أمته بعد نسيانه ما هي عليه من العادات وما لها من الأخلاق، إنما قلنا حفظ المظهر أو الثروة أو الوطنية أو الجنسية أو اللغة أو الدين؛ لأن الإنسان إذا ترك مظهره ووجاهته للغير بتنزله إليه حتى يحله محله فقد سلم الأفراد الذين كانوا يسيرون بسيره ويهتدون بتدبيره ونزل هو إلى درجتهم وإن مشي في ثياب العظماء، وإذا تهاون في مستغل ثروته من صناعة وتجارة وأخذ يقلد الغير في استعمال مصنوعه وصورة تجارته أمات الصنعة والصناع وأعدم التجارة وحوّل ما كان بيده إلى الغير من غير شعور وعاد فقيراً محتاجاً لما بيد الغير لا يجد ما يقوته إلا ما بقي من فضله ومهن الأمور، وإن جهل الوطنية وحقوقها وواجبات أهلها سهل عليه الانقياد للغير وتسليمه الوطن غروراً بالظاهر وجهلاً بالعواقب؛ إذ لا يعلم من الوطنية إلا أنه ساكن بهذه الأرض ينتفع بالسكنى فيها انتفاع الوحش بالأودية والمغارات فلا يعرف تاريخ الحياة الوطنية ولا الأمم المؤسسة لها ولا شرف استقلال الاستيطان ولا مجد وقاية المأوى وبهذا يكون بين يدي الغير بمنزلة أجنبي يستعمله في مهنه وليس له إلا أجر أجير ومنزلة نزيل. وإذا تجنس بغير جنسيته بالتقليد واتباع محسنات الغير ومجاراته في أقواله وأفعاله وقعت جنسيته عنده موقع العدو وعدم فوائدها التي يأتي بها اجتماع أفراد الجنس فإن الوطنية تجمع أجناساً شتى يدعوهم حب الوطن إلى توحيد المعاملة والسير في كل ما من شأنه حفظ الوطن وعماره وانتظامه وامتداد تجارته وتحسين صناعته لا يفرق بينهم جنس ولا دين لسير الجميع خلف مقصد واحد فإذا سمع صوت الجنس في وطن آخر تداعت

إليه آحاد الجهات مجيبة للصوت إجابة أدبية أو مادية فإن فقد المرء جنسيته أو جهل مجدها وتاريخها وآثارها انسلخ عنها وإن تكلم بلهجتها ولزم عادتها، وإذا ترك لغته بلغة أخرى لزمه التخلق بأخلاق أهلها واستحسان ما هم عليه من العادات والمألوفات وإن أمات بذلك عادات جنسه وينطوي تحت انفعاله بتأثير التعبير بغضه من غايره وحبه من ماثله فيكون أجنبياً بين قومه أو في قوة الأجنبي والمراد بترك اللغة جهلها والاستعاضة عنها بلغة الغير لا علمه بها مع المحافظة على لغته واستعمالها في أقواله بين قومه واشتغاله بالمحافظة عليها وإتقان قواعدها بما يراه في لغة الغير مما يسهل تناوله لو ترجم إلى لغته فإن الجامع بين لغته ولغات الغير أساس من أسس العمران المدني ومنبع من منابع الأبحر العلمية، وإذا تهاون في أحوال دينه وفروعه هان عليه التقاعد عن نصرة أهله الجامعة لما تشتت في الوجاهة والثروة والوطنية والجنسية واللغة فإننا نرى مقيماً في الشرق يتألم بمصاب دينيّة في الغرب وليس بينه وبينه جامعة وطن أو جنس أو لغة وإنما تتحرك ذاته بحركات دينيّة لسري الجاذبية الدينية في الجسم سري الماء في العود فإذا فقدها بتقليد الغير فقد استخدم نفسه لأفكاره حتى لو اضطره لمقاتلة أبيه وأخيه معه لفعل لاستقباحه ما هم عليه واستحسانه ما عليه الغير، ويدخل في هذا التقليد في الملابس والمطاعم والمشارب والمجامع فإن عادات الغير أو حسنها من قبل أن ينظر في منافعها ومضارها. وحيث أن هذا البحث من أعظم مباحث الأخلاق والاجتماع المدني

الذي لابد منه لكل أمة استوطنت المعارف بلادها وقامت لمضارعة الأمم المختلطة بها تجارة وسياحة واستيطاناً لزمنا أن نفصل كل فرع من فروع التقليد ونبين منافعه ومضاره عند المقلّد بصرف النظر عن حسنه عند المقلّد فقد يكون الشيء الواحد سبباً لعطب شخص كما يكون نجاة لآخر والدواء الواحد يكون سماً لذات شفاء لأخرى فلا يلزم من استحسان الغير لشيء نفعه لآخر، وما أريد بذلك إلا الخدمة الإنسانية ومحافظتي على الفضيلة من حيث هي فضيلة في قومها وتبين الرذيلة بمباينتها أخلاق وعادات ذوي الأفكار والله المستعان جل شأنه. ... رثاء فجئَ الأدب ورزئَ الإنشاء وبكت الأقلام على كاتب شق بفكره بحار العلوم حتى أدرك مغاص لآلئها فساح في قاع تلك البحار الزاخرة طلباً لما حلّى به صدور الكتب والرسائل حتى بهر الكتاب بحكمه وآدابه وملأ البلاد بأسفار خدمته التي بذل فيها نفيس العمر متحملاً مشاق المحادَّة ومضض سيوف المعارضة وصبر للدهر ونوازله صبر الجبال على انهمار السيول حتى وضع قدمي جريدته الأهرام على أساس متين وكساها حلة وطنية صيرتها محبوبة عند المصريين ولطالما عالج الوقت بما يناسبه وألبس جريدته لكل سياسة لباساً يناسبها وما ذاك إلا بقوة الحزم وشدة العزم، وأظنه لا يحتاج لتعريف بعد ذلك فإن من سمع هذه الأوصاف قال أنها لا تنطبق إلا

على المحرر المنشئ الفاضل البليغ (سليم بك تقلا) وقد أمضى عمره في خدمة الشرق وأهله ثم قضى نحبه مأسوفاً عليه معزّى فيه كل كاتب وفاضل خصوصاً أخوته الأشقاء النجباء الفضلاء الجهابذة بشارة بك وإبراهيم بك وحبيب بك ولا ننسى تفتيت كبد والدته التي جف جذع شجرة مجدها وغاض بحر ماء حياتها فأصبحت تلطم خد الثكالى وتصعد الزفرات من قلب اشتعلت به نيران لا تطفأ. كما لا ننسى قرينة فقدت ألفها في عنفوان شبابه وبضاضة صباها وكان الأمل أن تحيا به حياة طيبة فحييت بعده حياة هموم وأحزان. وكنا نود أن لو تمكنا من وجودنا مع الأخوة الأفاضل لنضع أيدينا في أيديهم للعزاء ونرثي فقيدهم في حفلة التشييع وإذ قد عز ذلك فليتقلبوا هذه الكلمات ممن شاركاهم في حزنهم ولينت كل منهم في تعزية المصابتين، والصبر على مصيبتهم مسئول من جانب الحق سبحانه وتعالى بلسان معزييهم عبد الله النديم عبد الفتاح النديم ... تحية بلدي حبيب. سلامات يا بو الندمان. والله الحمد لله على سلامتك. زمان يا أحبابي زمان. أنت كنت فين المدَّادي واحنا قلوبنا مِشَعْتفا عليك. نديم. أنا كنت في بلادنا بلاد الفتوه والمروة قاعد آكل شارب مبسوط وضارب الدنيا طبنجة. ح. والله عفارم عليك اللي صبت عشر سنين

والحكومة تدوَّر عليك وانت قاعد في بلادها. ن. المدار على فضل سِيدك واللي يحفظو ربنا ما حدّ يضيّعه. ودا كلُّو دعا الوالدين. ونرجع ونقول الله يرحم أفندينا المرحوم توفيق باشا اللي سامحنا وعفا عنا بفضله. وربنا يخلي أفندينا عباس باشا ويحفظو لنا فإنه أنعم علينا بالرجوع لبلادنا وخلاَّنا نمشي في الأوطان على كيفنا بعد ما كان الواحد يمشي ويتلفت. ح. إي والله واجب عليك تترحم على الأمير الغالي اللي فاق الدنيا بحلمه ومكارم أخلاقه. وواجب عليك تشكر الأمير الهمام اللي ركب كرسي الخديوية بقوة قلب وشجاعة الفتوات حتى حير العقول في أفعاله الجميلة ومآثره الصّنعة. وشفت لنا إيه في الدنيا لما جيت وإيه اللي رايح تعلمه. ن. يا حبيبي أنا كنت مستخبي عشر سنين وطلعت رأيت الدنيا تغيرت والأحوال بقت جنس تاني فسيبني شوية أيام لما أشوف الخبر إيه والدنيا جرى فيها إيه وأشوف الناس وأعرف نكتتهم وإيه اللي في كيفهم وإيه اللي طلعو فيه اليوم وبعدين أقول لك على اللي في بالي. ح. احنا مالنا ومال الناس احنا عاوزين توضّب لنا كلمتين في السياسة وتورينا الدنيا رايح يجري فيها إيه. ن. احنا مالنا ومال السياسة اللي توجع الرأس وتلخبط العقل. السياسة لها ناس بالعِنْيه واحنا ناس بتوع نكت وتفريح وشَبرَقة وتسالي. والجريدة دي جريدة علم وتهذيب أخلاق ونكت مضحكة وحاجات مفرّحة فإن كنت عاوز أتكلم وياك في تهذيب الأخلاق أنا وياك وإن كنت عاوز السياسة دَّورلك على واحد غيري. ح. يا شيخ احنا عاوزين نشم ريحة السياسة يوم ونشوف الدنيا إيه أحسن بنسمع عليها كلام أشكال وألوان

والجراميل خرفشت عقولنا وكل واحد بيقول لنا كلام على كيفه واحنا ماشيين وراهم زي العمي ما احنا عارفين أخرتها إيه. ن. السياسة يا حبيبي في إيدي رجال والرجال في إيد أفندينا وهوَّا ويَّاهم يعرفوا شغلهم في حكومتهم. واللي علينا إننا نسمع ونتفرج وربنا يعينهم وانت خلّيك في بر خِليص. ح. دهدَا يا سيدنا احنا كنا بنقول أهو جِه الواد الوطني اللي يعرف قيمة بلاده ومقامات الناس ودلوقت ينقي لنا القَمْحة من الشعيرة ويكشف لنا البر جيت انت على رأي جبتك يا عبد المعين تعيني لقيتك يا عبد المعين وحلان. تهذيب إيه وعلم إيه ما كلنا علما وكلنا افنديه وكلنا أمرا بقى دول كلهم ما يعرفوش التهذيب فُضّك بقى من العلم والفقهنة دي وقول لنا كلمتين نِتنعْنش بيهم حَبّة. ن. أنا ما انكرش يا واد إن بلادنا مليانا بالمهذبين اللي كل واحد منهم اجعص مني ألف مرة ولكن كل واحد منهم في حالة وشغلانتو اللي هوّا فيها وأنا فاضي والفاضي يعمل قاضي. وقلت لك ألف مرة مَلْناش دعوَا بالسياسة اللي مَلْيانا بالقيل والقال وكل يوم نشوف فيها أشكال وألوان وكل أحوالها تغم وتقرف خل ملوكنا وأمرأنا في اللي هما فيه أحسن الواحد منهم ما بيبات متهني يوم وسهرانين على شاننا وانت اد نتَ داير تبرطع ما انت عارف إن كانت بتهوي ولاَّ بتدوي. ادعي لمولانا السلطان بالنصر وسيدنا الخديوي بالعز والإقبال وخليهم يعافرو في الناس اللي تعتعوا الساكن وربنا يعينهم. فإن كلامي وكلامك في السياسة ما فيه إلا لخبطه العقول وتشويش الأحوال فخليك كل طَرف ونام وِسط وخل السياسة لأهلها. ح. طيب قول لنا كلمتين في التهذيب لما نذوق طعم الكلام دا

ونشوف رايح تقول إيه. ن. أنا رايح أكلمك بالكلام البلدي اللي تعرفه وتفهمه فإنك نسيت لغتك الأصلية ومشيت على كيفك في الكلام.ح. وانا مالي قول للجماعة اللي علمونا اللي كنا في ايديهم زي الحنة العجينة وسابونا طلعنا زي العوام. ن. يا خسارة على لغتنا العربية اللي عرف فضلها العدو قبل الحبيب ولفّت الدنيا وما خلّت ولا حِتَّى إلا دخلتها بعلومها وفنونها وغرايبها. وجت الآخر وقعت في يد جماعة زينا لا تعلموها ولا حافظوا عليها. هيا دي عملا تِنعِمِل وتراكيبها البديعة احنا نضيعها بالكلام الفارغ. يا ميت خسارة على لغتنا اللي ما هي لاقيه حد يحوشها. ح. انت رايح تقعد تنشّف ريقنا وتقول لغتنا لغتنا موش الإنسان يدور مع الزمن ويتكلم بلغة الناس للي ويّاه وزي ما تجي تجي. ن. أهُودا الكلام الذي يغم على القلب. بقى لما تتكلم بلغة ضيوفك وكل من جه تاخد لك من لغته كلمتين حتى تركب لك لغة من هنا ومن هنا ما بقيت غريب في الديار وضيعت مجدك وشرفك. ويبقى كل واحد من الناس يعرف لغتة وجنسيته وانت زي حمار السكة كل ما ركبك أهو صاحبك. هوّ احنا رايحين نحيي الموتى بقَى. فضّك من الكلام ده وقول لنا شويه في الآ لافرانكة واللّبس المقمط والشخلعة والدرْدَحة ورنّة الجنيهات على طرابيزة الكاسات. وأوعا تفتح حنكك بالعلم واللي فيه أحسن يرمولك الجريدة ويستقلو عقلك. ن. هوَّ إيه يا واد الكلام ده. هيّا المدارس انقفلت ولا المعلمين مَاتُمْ ولا العلما راحُم

ولاّ الأمرا مقصرين في الصرف. لسّا الدنيا بخيرها وبلادنا مليانا علما وأدبا من أهل الأزهر والمعارف. ومفيش ولا بلد إلا وفيها من أهل الفضل أظن انت غرك الكلم جدع اللي لفعوا الدنيا على أكتافهم وداسوا اللغة برجليهم وجعلوا الجنسية عدوهم وتهتكوا في الصرمحة والبهدلة والأمور اللي ما خلت لهم عرض ولا شرف. دول جماعة لا للطور ولا للطحين وقاعدين بيننا زي الجماعة بتوع التياترو اللي كل يوم يطلعو لنا في تقليعه جديدة. ح. طيب ما تِهِف لنا الجدعان دول بكلمتين سخنين يليقو لوشهم خليهم يتنبهوا ويقولوا راحت السكره وجَت الفكرة ويلتفتوا لأمورهم زي الناس ويشوفوا الأمم بتعمل إيه في بلادها. وإلا إن فضلنا على رأي المثل هات يا سِدرة ودّي يا مِدْره ما يفضل الحال على ما هو عليه وتتعب أفكار حكامنا في الترتيب والنظام والأولاد دول دايرين في حل شعرهم واللي يدخل البلاد يقول لهم دول اللي فيها ويظلم الأمراء والعلماء وأهل المعارف وأعيان البلاد. اللي كل منهم يصح معلم سياسة وواسطة تهذيب. ن. قال إيمتَا طلعت القَصر قال إمبارح العصر. أنا لسَّا جاي من الغربة وبدِّي أشم نَفسي شويه واسأل عن أحوال الجدعان دول واجتماعاتهم في الحانات والبيَر والبيوت التلفانة وكيفية كلامهم الموضة وأكلهم وشربهم ولبسهم واكتب لك في المعنى دا كتابة تؤدّب العنتيل فيهم وتخلي اللي ما يشتري يتفرج. وأخلي لك الواحد منهم بِدّاري ما يتْوَارى لما يعف أن النديم حبيب الإنسان وعدو البهيمة رايح ينبه أفكار الأمراء والفضلاء على عيوب الأولاد اللي لا نفعوا طار ولا طبلة لما أخلي الواحد منهم ما يلقى لُو

وش ينقلب عليه. وأخلي لك الحكومة تقول عفارم يا واد يا نديم يللي فتحت مدرسة تهذيب بجريدتك وجعلتها أجعص من البوليص السري في معرفة أخبا السكارى والحشاشين والصرامحة اللي سخّمووِش المجد بهباب وضحَّكوا علينا الناس. احنا بطّلنا الضرب بالكرباج وانت جيت تضرب بالكلام والمؤلم اللي يتعتع الحجر. بس سيبني لما أروق حبتين قول هات يا منى عيني. ويَامَا قدامكم يا حجاج من الليالي الملاح. ودِيني دّوقتك كلمتين من العِينة اللي بدّي أتكلم فيها يخلو كل من سمعهم يطرطق ودانه للي جيّ بعدهم. وإيّاك تكون الخِدمة دي مقبولة عند أولاد بلدنا اللي أحب لهم كل خير وربنا ما يحرمنا منهم. ح. أي والله يابُو عَبْده آدي الكلام اللي يؤدب صحيح ويخلي الناس تعرف مقام بعضها. ويا رب لك ألف حمد اللي جيت بالسلامة. ... فكاهات ومن فكاهات شقيقي الفاضل ما كتبه لبعض إخوانه أهل الفضل وهو في حالة الاختفاء يسليه به على نازلة دنيوية نزلت به فقلت مادة المعاش ونصه يا صاحبي دع عنك قول الهازل ... واسمع نصيحة عارف بالحاصل اجهل تجد صفو الزمان فإنه ... من قسمة الفدم الغبي الجاهل ودع التعقل بالتغفل يستقم ... أمر المعاش فحفظه للغافل وارض البلادة تغتنم من بابها ... مالا وجاهًا بعد ذكر خامل

وإذا أبيت سوى العلوم فلا تضق ... بحروب دهر لا يميل لفاضل قِلّب تواريخ الأولى سبقوا تجد ... دنياك ما قيدت بغير الباطل تجد الأفاضل في الزوايا كلهم ... حال الحياة وبعدها تجافل العلم ستر كالسحاب به ترى ... شمس الحقيقة خلف ذاك الحائل هل أبصرت عيناك ديواناً به ... مدح البليغ جميل سعد حافل إن قلت أي فاذكر لنا من ناله ... أو لا فعش كالناس في ذا الساحل ضدان لا تلقاهما في واحد ... مال الغبي وحكمة للكامل فإن من رزق العقل. اكتفى بالفضل. لا بالمال. وحسن الحال. فله التصرف في قالوا وقلنا. لا نالوا ونلنا له من الأدب قناطير. ومن المال قدر النقير. فإذا وضع نقير العفة. أمام ألف قفه. تساوى مع جامع الحطام. في كسوة وطعام. ولا اختلاف إلا في الألوان. ومظاهر الأكوان. فما رأينا غنيا يأكل الذهب. ولا فقيراً يطعم الحطب. ولا مثريا جعل ثوبه عقيانا. ولا فاضلاً مشى عريانا. وإذا استوى الناس في هذه العادة. كان الفضل لأهله زيادة. ومن ربح الفضل غبط. إذ يرى عمل غيره حبط. فطرة الله التي فطر الناس عليها. فعش بحالة أوصلك إليها. فقد تولاك طفلاً لا تعرف الحيلة. ولا تتصور الوسيلة. رفع زيداً وعمراً. وجعل لهما غنية وأمرا. يستخدمهما لك. عندما تظهر فضلك. فلك الراحة وعليهم التعب. ولهم الغلظة ولك الأدب. لا ذكر لهم بعد ذهاب الجسم. والفاضل خالد الرسم. وسيرتهم من العدميات.

وسيرته من الباقيات الصالحات. بخ بخ للأدب. مع قلة الأرب. وتعساً تعساً للمال. مع سوء المآل. نعم إن مستفعلن فعول. ليس فيها خل ولا بقول. والفاعل والتمييز. غير الذهب الإبريز. والبديع والبيان. لا تشتري بهما الأطيان. والهندسة والحساب. والكيميا وعلم الاسطرلاب. قل إن تدخل في الأسباب. وتوسع مادة الاكتساب. فلو أتيت الجزار. بديوان مهيار. وإشارات الرئيس. وموجز ابن نفيس. والدر المختار. ومفردات ابن البيطار. ووسائل الابتهاج. ومخترعات ابن الحجاج. ومعاهد التنصيص. والتهذيب والتلخيص. ومجمع الميداني. وأجزاء الأغاني. والبحر والغنية. والهداية والقنية. وما يتبعها من كتب العلوم. والحدود والرسوم. وبعته ذلك برأس عجل. أو كارع رجل. لرأى أنه المغبون. إذا باع اللحم بالفنون. وحملك هذه الأسفار. وقال اذهب بها إلى العطار. فإن أعطاك قطعة صابون. برسالة ابن زيدون. أو درهماً من الطيب. بمغني اللبيب أو أوقية من الفلفل المعلوم. بالشفا وإحياء العلوم. أو بعض التوابل. بأنساب قريش والقبائل. فتعال خذ الشاطور والوضم. والحقني بهما بالعدم ثم خذ القاموس والصحاح. ولسان العرب والمصباح. والمنهاج والمفتاح. والبهجة والإيضاح. والزبد والمنخول. والروض والمحصول. ومجمع البحرين والمحيط والمستصفي والوسيط. ومفاتح الغيب ولباب التأويل. وروح البيان وأسرار التنزيل. وكامل المبرد والتجريد. والمواقف والعقد الفريد. والمطالع والمقاصد. والفصول والفرد. وايسا غوجي والغرر. والجوهرة وتنساق الدرر. والفتوحات وكشف الران. واليواقيت والإتقان. واذهب

بها في الحال. إلى الخضري والزيات والبقال. فإن أعطوك بعض البقول. أو جانباً من الخلول. أو درهماً من الزيت. توقد به في البيت. فخذ الخطاف والسكين. ودعني مُلاً مسكين. ولا ينفرك من الصناعة. كساد هذه البضاعة. فإن شرف الإنسان. موقوف على العرفان. وإنك وإن فارقت صاحب الميرة. ولزمت ساحة البيت الصغيرة. فعما قريب تنجلي شمس الكروب. وتمحي آثار الخطوب. وتقطع نحر العسر. بسيف اليسر. فتجلد ولا تكن من القانطين. واصبر فإن الله مع الصابرين. ... (التماس) أتقدم بين يدي إخواني الوطنيين وقراء هذه الصحيفة بالتماس العفو عما يجدونه من القصور والتقصير وما يرونه مما لا يوافق أذواقهم ومشاربهم وما اصطلحوا عليه في هذه المدة الأخيرة من الألفاظ والعبارات السائرة بينهم فإن حضرة شقيقي صاحب هذه الجريدة دعاني لتحريرها في وقت لم أدرس فيه أحوال البلاد وأهلها بعد تغيبي فيه عشر سنين فإن صادفت خدمتي لأفكارهم المقصود فذلك من فضل الله علينا وعلى الناس. وإن رأوا ما لا يوافق فإني مستعد لقبول نصائحهم وإرشادهم مع الشكر والثناء إذ المقصود المنفعة العامة ويد الله مع الجماعة. والرأي إذا كان نتيجة أفكار متعددة كان أبعد عن الخطاء وأولى بالقبول فليتفضل علينا أصحاب الفضل والكياسة من القراء بما يروه ليشاركوا في الخدمة الإنسانية والحمد والثناء واجب لكل فاضل على الخادم عبد الله النديم

العدد 2

العدد 2 - بتاريخ: 30 - 8 - 1892 الحياة الوطنية يزعم كثير من الناس أن الحياة الوطنية هي الجَمْهَرة أي تجمع الأمة في مكان متكثّرين متضامّين وليس كذلك. فإن وفرة العدد والتجمع لا يغني شيئاً مع الفراغ مع العلوم والصنائع الموصلين إلى توسيع دائرة العمران وحفظ الوطن مع العاديات بما ينشأُ عن العلوم من احتكاك الأفكار وتبادلها في تناول بواعث الاختراع والإتباع وبث النظام الهندسي والتحفظ الصحي والتحصن العسكري والإصلاح الزراعي والضبط الحسابي والإبداع الإنشائي والتعميم التجاري والتسهيل الآلي وحفظ الوحدة الوطنية في الأجناس القاطنة فيما يسمى وطناً بتوحيد القضاء والمعاملة وتمكين الطوائف من إجراء عاداتهم في مجامعهم وأعيادهم كلٌّ بما هو حق في معتقده جميل في عادته بلا حجر ولا تضييق وإطلاق حرية الإنشاء والمطبوعات إلى حد لا يبلغ تشويش الأفكار ولا المطاعن الدينية ولا

الأهاجي الشخصية وفتح باب الاستيطان والمرور لمجاور ومعاهد وبعيد غير محارب وتبادل السياحة وتلقي المعارف بين الأمة ومعاهديها توسيعاً لنطاق الآداب والفنون وتعميم الأمن في أنحاء الوطن بضبط الوقائع والتضييق على الأشقياء واللصوص بالعقاب الشديد والتبصر ومراقبة أحوال الأفراد والالتفات إلى الأحزاب المضادة للوطن أو الدين أو السياسة وتبديد جموعهم أولاً فأولاً حرصاً على بقاء الملك وحفظاً للوحدة الوطنية من تجزيئها حول الأهواء والمقاصد المضرة أهلية كانت أو أجنبية. وكل هذا لا يحصل بالتجمهر المجرد والتجمع البسيط إلا ترى أن هذا التجمع الخالي من المعارف لم ينفع فرانسا وانكلترة أيام مغالبة الرومانيين لهما واستيلائهم على المملكتين الأولى سنة 94 والثانية سنة 98 ولا نفع البروسية حين تغلبت عليها الطائفة التونيقية تحت رئاسة البرت البرند برغي سنة 1249 ولا أهالي اغرونلند حيث تغلب عليهم البرتوغاليون سنة 970 كما تغلبوا على الكاب سنة 1483. ولا أهل كندة (بريطانية الجديدة) حيث تغلب عليها البنادقة سنة 1498. ولا البرازيل حيث تغلب عليها الإنكليز سنة 1514. ولا بلاد الشيلي حيث فتحتها أسبانيا سنة 1514. كما فتحت بونس إيريس سنة 1515. وبلاد برغة سنة 1518. وبلاد المكسيك سنة 1521. وبلاد غوتيملا سنة 1523. وبلاد البيرو سنة 1524. وجزائر لوكيه وانتيلة سنة 1494. وبلاد كلومبيا سنة 1635. ولا نفع ايتاليا عند وقوعها في أيدي فرانسا ولا غير هذه من الممالك شرقية وغربية فإن كثرة العدد مع فقد النظام والعُدد لم يفدها غير الدمار.

فلما تربت هذه القطع تحت أحضان بعضها البعض وتحلى أهلها بالمعارف وملكوا زمام الصنائع دعتهم الأنفة من ذل التابعية لطلب عز الاستقلال الجنسي وإظهار المجد الوطني فقامت الطائفة المسماة أفرنكة وخلصت غالة (فرانسا) من الرومانيين سنة 594 وقام الإيكوسكيون وخلصوا بريطانيا سنة 448 ثم قامت طائفة الانكلو سكسونه واستبدت على الايكوسيين. وتخلص البرتوغاليون من أسبانيا واستقلوا سنة 1640. وخرجت سيسيليا (صقلية) من يد فرانسا سنة 1283. وخرجت اغرونلند من يد البرتوغال سنة 1408 ثم عادوا تحت سطوة الإنكليز سنة 1721. وخرجت البرازيل من يد الإنكليز سنة 1722 وامتدت الحرب بين انكلترة وايتازونيا (أمريكا المتحدة) من سنة 1775 إلى سنة 1782 حيث خرجت من يدها واستقلت ثم حاربت أسبانيا فخلصت منها افلوريده سنة 1803. وتخلصت ورتمبرغ من النمسا سنة 1806. وانفصلت سكس من النمسا سنة 1806. وتغلبت انكلترة على الكاب وطردت الفلمنك منها سنة 1806. واستقلت بونس ايريس من أسبانيا سنة 1810. واستقلت بورغة سنة 1811. واستقلت كولمبيا سنة 1811. واستقلت غوتيملا سنة 1812. واستقلت هانوفرة من النمسا سنة 1814 وانفصلت طسكانه من ايطاليا سنة 1814. وانفصلت برمة من النمسا سنة 1814 كما انفصلت مودينه وهسالراره منها في تلك السنة. وتغلبت انكلترة على جزيرتي موريغه وردريغه وأخرجت فرانسا منهما سنة 1814 وانفصلت ممالك جرمانيا المتعاهدة من

حماية فرانسا سنة 1814. وتغلبت انكلترة على جميع أراضي غيانة وطردت الفلمنك منها سنة 1814. واستولت الروسيا على مملكة له (بولونيا) سنة 1814. وتخلص الفلمنك والبلجيك من فرانسا سنة 1815. وتخلصت الشيلي من أسبانيا سنة 1818. وتخلصت المكسيك من أسبانيا سنة 1820. وتخلصت جزيرة انتيلة الصغرى من فرانسا سنة 1821. وتخلصت البيرو من أسبانيا سنة 1821. وتخلصت كلومبيا من أسبانيا سنة 1822. وتخلصت البيرو العليا من بونس ايريس سنة 1825 وكل ذلك بتربية الأمم تحت أحضان بعضها البعض وتعليم الجاهل وتنبيه الغافل حتى إذا انبعثت الحياة الوطنية في أمة سارت خلف شرفها بما يؤهلها به العلم للسعي خلف الكمال. وبهذه الحياة تغلبت الدول وتلونت بألوان شتى وتشكلت فتوحاتها وتقهقرها ومدنيتها وتوحشها وانحطاطها وارتفاعها وتابعيتها واستقلالها أشكالاً يخرجنا استقصاؤها عن الإيجاز اللازم للجريدة. وهذا الذي ساق الأمم المحكومة بالغير لطلب عز الاستقلال فكثرت الثوار في جميع الأقطار بالتقليد لا بالعلم والمادة وهل ينجح ثائر تجردت جماهيره من المعارف وبعدت عن الصنائع والتفنن في الآلات واندفعت خلف الأهواء يسوق بعضهم بعضاً لغاية شخص أو تعصب رجل وقد كان الشرق قبل الفتح الإسلامي أمماً وقبائل وممالك مندفعة خلف العدوان بباعث الهمجية والفراغ من المعدات الكمالية يورّث الكبير الصغير الضغائن والأحقاد بين أهل بيت يجمعهم أب وقبيلة ترجع إلى أصل

واحد فكانت أكف الشرقيين ملوثة بدماءِ الإنسان ونفوسهم جارية خلف التدمير والتخريب والحروب متواصلة تواصل أمواج البحار في الساحل كلما سكنت حرب قامت أخرى وكلما هدأت فتنة تحركت ثورة. لا يفتخرون في محافلهم وأشعارهم إلا بإزهاق النفوس وسبي الأبناء وثلم الأعراض وتخريب البلدان حتى كان يزين أميرهم مجلسه برؤُس الأمراء والعظماء والنبهاء الذين سقى الأرض دماءهم وخرب ديارهم. فكان الكل على التقاطع والتدابر ولا أمر على التجارة ولا وجود للسياحة ولا انتظام في السياسة ولا عهود للممالك والقبائل ولا وصول للمعارف مع هذه النيران الدائمة الوقود. فلما جاء الإسلام جمع هذه العشائر والقبائل وكثيراً من الممالك تحت سلطة واحدة وذلل النفوس العاتية وجمع الشعوب النافرة وألف البطون المتباغضة ووحد الحكم في محكوميه على اختلاف الجنس والدين والوطن وأنزل المجموع منزلة أهل بيت وجعلهم أعضاء لهيكل القوة الحاكمة فمالت إليه النفوس واتحدت الكلمة وائتلفت العشائر وجعلوا وجهتهم مساعدة هذه القوة بالنفس والنفيس يستوي في ذلك المسلم والمسيحي والإسرائيلي والمجوسي وغيرهم يدعوهم لذلك وحدة النظام وتمتعهم بأديانهم وعاداتهم ولغاتهم لا يجبرون على ترك اللغة ولا يلزمون بتعلم العربية ولا يكلفون بترك أديانهم ولا يقهرون على التخلي عن أملاكهم. أرواحهم وأموالهم تحت رعاية وكفالة وحراسة الراعي الأكبر والعلوم متبادلة بينهم تعلما وتعليما يأخذ كل عن وطنيه ما يراه من العلوم النافعة والأندية ملآى بالجموع المتغايرة جنساً

وديناً يتبادلون الحديث على اختلاف شجونه وشؤُنه. ثم اعتنى القائمون بالأحكام بالمعلمين والكتب فاستدعوا كثيراً من أفاضل الدنيا وترجموا ألوفاً من كتب القدماء وربوا العدد الكثير حتى ظهر العلماء والفضلاء والحكماء والأمراء وتحلى الشرق بحلية علمية وتزين بزينة عمرانية لا يحفظ التاريخ مثلها عن المتقدمين وإن قيل بما يقرب منها ففي قطعة من الأرض صغيرة لا في هذه الممالك الواسعة والأقطار المتباعدة كل هذا تم لرعاة المسلمين والمواصلة متعذرة والتجارة ضعيفة والأمم متقاطعة والحروب قائمة والطرق مخوفة فلا وأبورات بحرية ولا برية ولا تلغراف ولا معاهدات تجارية دولية ولا آلات مخترعة بل بالحياة الوطنية وضعوا قدماً في آسيا وقدماً في أفريقيا وتخطوا لأطراف أوربا فتحاً واستيلاءً. فسمع الغرب صدى صوتهم ورأى سيل الفتوح منحدراً نحوهُ وعلم أنه إني بقي على التخاذل الحاصل فيه وبقيت أقطاره ممالك ودوقات وكونتات وجمهوريات وكل يرى استقلاله وانفراده عن الغير أولى له من الانضمام والاتحاد لا بد وإن تربط خيول العرب في أواسط أوربا. فتنبه النائم وتراجعت الملوك والأمراء إلى المخابرات والمعاهدات وعملوا بما أخذوه من سياسة العرب من التجمع والأخذ بالمعارف والصنائع والاستماتة في وقاية أوطانهم بتوحيد الكلمة الدفاعية بالجامعة الدينية. ووقفوا أمام الشرق دفاعاً وحفظاً للوطن وقد احتكت أفكارهم بأفكار الشرقيين فتنوروا بما أخذوهُ عن مدارس العراق والغرب وتلقوا فنون السياسة والحرب من مبادلة الأحوال بينهم وبين الأمويين والعباسيين والأدارسة وأمويي الغرب والملثمين والترك

حتى تمت معدات الحياة الوطنية فتخلص كثير من الممالك إلى الاستقلال بعد التربية تحت أحضان الشرقيين. ثم كانت الحروب الصليبية فاختلط الفريقان ودام الالتحام الدموي بينهما قرنين أخذ الغربيون فيهما كثيراً من فوائد الشرقيين ونقل الشرقيون كثيراً من عادات الغربيين وأخذ كل يزيد وطنه بسطة وحسناً في العمران. وعندما انعكست الدورة الشرقية وتقهقر العلم وأخذت الجهالة تنتشر في الأقطار الشرقية اشتغلت الأمم الغربية بالعلم والصناعة وبذلوا فيهما نفيس الوقت والمال وعقدوا لهما الجمعيات وفتحوا المدارس وجلبوا موارد الصنعة والتجارة من جميع الأقطار تعظيماً للثروة فحييت أوطانهم حياة طيبة وخيمت عليها السعادة فكانت رجال المعارف أرواحاً في هياكل مجامع الأمة تحرك قواها للسير خلف المدينة والاستعمار. وقد تعلم الغربي طريق الشرقي التي بها جمع هذه الجموع وشقها من جذوع أوطانها وأجناسها فأخذ يلقي العداوة بين الملوك والأمراء ويغري الرؤُوس على الشقاق والثورة ليمزّق ثوب المجتمع الشرقي بيد أبنائه ويحفظ لنفسه حق الوثبة عندما تضعف قوى الجار وتتخاذل جموع التخوم. فانتشرت الفتن وثارت الحروب الداخلية وكثر الثوّار وضاع الأمر وانتشر العيث والفساد فنزعت العروق إلى أصولها وتراجعت الوحدات الدينية إلى مماثليها وحيطت التخوم بالأمم المهاجمة ووقع الشرق في الهرج والمرج حتى قامت الدولة العثمانية فتداركت بعضاً ثم ضمت الكل وجمعت تحت سلطتها ما تمكنت منه في ذلك العصر المظلم والوقت الضيق وقامت تقابل الدول وحيدة وتماثلها قوة وعصبية وتجاريها استرجاعاً وفتوحاً.

فبهذا نعلم ونتحقق أن الحياة الوطنية هي انتشار المعارف والصنائع في الأمة وأن التهور والتذمر مع الجهل والفراغ من المعدات لا يفيدان إلا الخذلان. إذ ليس لطالبي المعارف والصنائع سلم يُرتقى عليه إلى الحياة الوطنية إلا الهدوء والسكون وقطع الوقت في تحصيل المراد منها حتى تتهذب الأفراد وترسخ أقدام الآخذين بيد النظام هنالك يُعرفون بين الأمم وتُظهرهم الحياة الوطنية ظهور من جاروهم في الجد والاجتهاد في تحصيل العلوم. وهذه حوادث الدول ووقائع الأمم تتلو علينا دروساً تهذب النفوس وتسكن الطائش وترد الأمم التائهة في فدافد الجهالة إلى رياض العلم والرفاهية. ولا ينسى هذه الدروس إلا غبي نسبته إلى الوطن نسبة البهيم العامل المسير بلا إرادة. وقد دخلت مصر والأستانة والشام والغرب تحت عموم الدورة فلعبت بها أيدي الجهالة حتى خرجت الديار وتدمرت الحصون وذهبت آثار الفاتحين ومعالم المبتدعين. ثم عادت تبحث في أمور الحياة الوطنية فافتتحت المدارس الكثيرة في الأستانة ودمشق والقدس وتخرج فيها كثير من الشاميين والترك والجركس والروم والأرمن وأخذت الحياة تدب في أرواح الهياكل السياسية والمجامع العلمية والأقطار الشرقية فظهر الكثير من الأمراء وتولوا مقاليد الدوائر داخلية وخارجية ملكية وحربية علمية وصناعية. ثم افتتحت المدارس في بيروت وضواحيها وإن كان بعضها فتح لغاية دينية أو ملكية ولكنها هذبت ألوفاً من أخواننا السوريين والشاميين وتخرّج فيها مئات من الأساتذة الأفاضل وأخذوا بعضد العلم وانتصروا له بالجد والاجتهاد حتى بعث فيهم روح الرحلة خلف الثروة

اجتناءً لثمرة أتعابهم فتخللوا بين الأمم شرقية وغربية مظهرين معارفهم قابضين على حفظ وحدة الجنس باليمنى حافظين للحياة الوطنية باليسرى عاضّين على أسباب تقدمهم بالنواجذ حتى بهروا العالم بنشاطهم وهممهم وسرعة تقدمهم في المعارف وصبرهم على وعثاء السفر وصروف الزمان ثم عممت الدولة التعليم وجعلته إجبارياً في جميع القرى والمدن وهي حسنة من حسنات أمير المؤمنين أيده الله تعالى. وانتبهت رجال الغرب في مراكش وفاس وطنجة وغيرها فأخذت تتلقى دروس الحياة الوطنية من الملاعب السياسية التي تظهرها الأمم الغربية بداعية الأطماع وحب الأُثرة فأصبحت بلادهم مدارس أفكار ومجامع جدال وقد تحولت الأفكار من السكون والخمود إلى الحركة والاشتغال ووقفوا أمام رجال الغرب يبادلونهم الأفكار والمناظرة وكيف يجهلون أمراً تتناقله الكبار والصغار عن الجرائد غربية وشرقية. وهل يغيب عنهم أنهم في مركز حرج محاط بالطامعين فيه لا يغيب عنهم ذلك فقد دلتنا حكمة مولاي السلطان الحسن حرسه الله تعالى على التفاته لبلاده وسعيه في بث الحياة الوطنية في أنحاء مملكته ولا نلبث أن نراهم حفظوا استقلالهم بجمع وحدتهم وحياطة بلادهم بحزم وعزم ناشئين عن الأفكار ونشر العلوم وتهذيب النفوس وقطع الأحقاد ومنع التقاطع والتدابر وسير الأمة خلف النظام العام بتبادل المعاملة والمساكنة بين الأمة والأمم المستوطنين والمجتازين مع المحافظة على الحقوق الوطنية والخصائص الدينية والروابط الجنسية لتحيا المملكة حياة لا تميتها التظاهرات ولا تضعفها المجادلات فإن القوة السلمية أسرع في تحصين الممالك وأحسن من القوة

الحربية ولا وصول إليها إلا بتعميم المعارف والآداب. خصوصاً والمغربة رجال الفضل ومنابع العلم وشجعان الكر وأهل الحزم قديماً وحديثاً يشهد بذلك العدو الطامع والجار الآمل والحبيب الراجي لهم الحفظ من تفريق الكلمة وشق عصا الاجتماع معاذ الله تعالى. وقد انتهت مصر في أول القرن الثالث عشر إلى أمية كادت تعم آحادها إذ لم يبق فيها من يحسن العبارة إلا علماء الأزهر الشريف ولا من يكتب إلا كتاب الحكومة وصيارفة البلاد. فكانت الأمة في نهاية التقهقر المدني والفراغ العلمي وبقي ذلك إلى أن جاء ساكن الجنان المرحوم محمد علي باشا ففتح المدارس لتعليم فنون الهندسة والطب والحساب والحرب وما يتبع ذلك من فروع العلوم الطبيعية والرياضية وأحضر إليها كثيراً من أساتذة الترك ومعلمي الأجانب وجمع فيها كثيراً من أولاد الأمراء والأعيان ومن فيه اللياقة من الآحاد فنتهى دورها الأول بتخريج كثير من الترك والجركس والمصريين وتولى الترك إدارتها وأخذوا في تحسينها بما تدعو إليه الحاجة وقد وجه عنايته إليها وجعلها مطمح عينيه لعلمه أن الحياة الوطنية موقوفة على حياة المعارف وانتشارها. ومع كون نهضتها غريبة في الديار فقد ثبتت على قدم الاستمرار والنجاح حتى تهذب فيها كثير من المصريين وبرعوا في الفنون والصنائع فوزعوا في الأعمال والإدارات وقام كل بما عهد إليه أحسن قيام ثم ظهر جهابذة صاروا أساتذة ثم مديرين ثم أمراء. وما زال الحال يتقدم نحو النجاح والهمم مصروفة في تعميم التعليم والتهذيب إلى

عهد المرحوم سعيد باشا ففترت بعض الهمم بإقفال بعض المدارس حيث كانت وجهته المدرسة العسكرية وتمرينها على النزال والدفاع فقد ألجأته أحوال وقته وعوارضه لزيادة القوة استعداداً لمفاجئ كان يرصدهُ وتهيأ لمصادمة طارئٍ ينزله عن إمارته أو يبتلع دياره ثم انقضت مدته بسلام. وجاء معمم المعارف وممدن مصر أفندينا إسماعيل باشا الأفخم خديوينا الأسبق فوسع نطاق المعارف ونشرها في المدن والقرى بفتح كثير من المدارس في المديريات واستحضر ما يلزم لجميع الفنون من الآلات والأدوات وبسط يده لبذل نفيس الذهب في تنظيم المدارس ومكافأة رجالها على أتعابهم فارتقت المعارف إلى ذروة التقدم والنجاح وكثر أهل الفضل والأدب وفتفت أذهان الأساتذة بالمؤلفات وظهرت مصر عروساً في الشرق. ثم جاء على أثره أفندينا المرحوم توفيق باشا فمشى على قدم أبيه الجليل في العناية بالمعارف وأهلها وتوسيع دائرتها ومع وقوف قانون التصفية بينه وبين صرف ما يلزم لزيادة المعارف لم يقصر في تنقيح بعض الدوائر الإدارية لرد ما فضل منها على المعارف فخدم البلاد بهمته وعنايته خدمة خلدت ذكره الجميل في أمراءِ المآثر. ثم جاء الملحوظ بعين العناية الربانية أفندينا الأفخم عباس باشا الثاني وهو ابن المدارس وأخو المعارف وأبو العلوم والأمل في همته أعظم لتلقيه علو الشرقيين والغربيين ومعرفته أخلاق الأمم وعادتها فالمرجو من فضله تعميم التعليم وبسط يد العلوم على أفكار الأمة حاضرها وباديها وهو رجاء مقرون بالتحقق إن شاء الله تعالى. وكان الفضل في هذه الدوائر العلمية

وانتظامها وتأسيسها لسعادة مختار باشا وأدهم باشا وعلوي بك ودولتلو البرنس حسين باشا ودولتلو رياض باشا وعلي باشا إبراهيم وعبد الله باشا فكري ورفاعة بك. أما سعادة علي باشا مبارك فإنه شمس نور نظامها وقطب دائرة اتساعها فقد خدم العلوم خدمة جد واجتهاد فله القدم الثابتة والأثر الخالد ومحاسنه أكثر من أن تحصى ومن أجلها دار العلوم التي خرّجت للمعارف أفاضل حازوا فضيلتي الأزهر المنير والمعارف البهية ولله مشروعه في كتاتيب الأرياف لو تم. وقد أسند أمر المعارف الآن إلى سعادتي ذكي باشا ويعقوب باشا فبذلا في تحسين الإدارة الجهد ولكننا نرجوهما توسيع الدائرة التي منها تجري مياه الحياة الوطنية فقد شاهدا نجاح أبناء البلاد في دوائر الحكومة السنية. فهذه دائرة القضاء التي هي أعز الدوائر وأرقاها قد امتلأت بأبناء البلاد من المسلمين والأقباط وكان ظن الغير أن تقعد بهم الهمم عن الصعود لمرتقى النظام والأحكام فقبضوا على زمام المحاكم بل الحكومة بقوة عزم وحسن تبصر ونزاهة نفس وعلو همة وظهروا بين ذوي الفضل بحكمة وأعمال بهرت كل من كان يقول المصري لا ينجح في عمل. وقد شاد هذا النظام سعادات حسين فخري باشا مؤَيد الهيئة القضائية وقدري باشا وفؤاد باشا وبطرس باشا وقد قرر ما سنّوه وأقر بحسن ما اعتمدوه حضرة الأصولي البارع المستر سكوت إذ وجد النظام ثابتاً على قواعد تضارع قواعد الدول العظيمة ووجد القائمين بتنفيذ القانون لا ينزلون درجة عن قضاة أوروبا علماً ونشاطاً وعفةً وتمسكاً بالعدل. ومن ينكر عليهم ذلك

وقد انتظم كثير من القضاة الوطنيين مع القضاة الأوروبيين في المحاكم المختلطة وشهدت لهم أعمالهم بأنهم مثل الغير في العلم والنزاهة وحسن التصرف في المواد القانونية لتضلعهم بالقوانين والشرائع وإحاطتهم بما يلزم لوظائفهم العالية. وهذه دائرة الطب أنجبت الكثير الطيب من أفاضل الأطباء وجهابذة الكيماوية والصيادلة حتى صارت البلاد روضة علم بأبنائها الأفاضل الأجلاء ولا ينكر ذلك إلا من عمي عن الأطباء المنبثين في المديرات والمراكز والأقسام والألايات والمتقاعدين والذين يشتغلون خارج دوائر الحكومة والذين تربوا في مصر من السوريين وعادوا إلى بلادهم أساتذة ودكاترة. والفضل في هذه الدائرة للطبقة الأولى والطبقة الثانية من الأطباء مثل أصحاب السعادة المرحوم محمد علي باشا الطبيب ومصطفى بك السبكي وإبراهيم بك النبراوي وأفضل الفضلاء سالم باشا سالم وعيسى باشا حمدي وحسن باشا محمود وجستنل باشا وأحمد بك ندى وكلوت بك وفوزي بك ودري بك وهاشم بك ومحمد بك عوف وبدر بك ومصطفى بك المجدلي وهراوي بك وقطاوي بك وعلي بك رياض وغيرهم ممن اعتنوا بتربية أبنائهم المصريين حتى ملأوا البلاد بالدكاترة والأساتذة وزادوا العلم بسطة بتآلفهم النافعة ومشاهداتهم الغريبة وتجاربهم المفيدة وشروحهم البديعة. وهذه دائرة الهندسة قد امتلأت بالمهرة الذين عمت منافعهم وظهرت نتيجة تربيتهم بتكثير البحور (جرياً على التعبير العادي في تسمية الأنهر بحوراً) والترع والقناطر والجسور والحصون والقلاع وتنظيم المدن والقرى.

وكان الفضل في ذلك للمربين الأول مثل حكاكيان بك ولمبير بك وبهجت باشا ومظهر باشا وعلي باشا مبارك وثاقب باشا ومحمود باشا الفلكي وإسماعيل باشا محمد وعلي باشا إبراهيم وأستون باشا وحماد بك وأحمد باشا فائد وأحمد أفندي دقلة وأحمد أفندي طائل ومرعشلي باشا وأحمد بك كوجك وغيرهم ممن ظهرت ثمرة أتعابهم بتخريج كثير من المهندسين الملكية والحربية. وهذه دائرة الحربية قد ربّت طبقات عديدة ودخلت بهم في الحروب والأسفار منفردة مرّة ومجتمعة مع دول أخرى. وكان الفضل في تربية الطوبجية لأصحاب السعادة سكورة بك وبورنو بك ومرعشلي باشا وعلي باشا وهبي وعلي باشا حمدي وعلي باشا رضا وقاسم باشا راسم وعلي باشا إبراهيم وخورشيد باشا محمد وحاذق باشا وسليم باشا الجزائرلي وراشد باشا حسني وعثمان باشا نجيب وغيرهم. وكان الفضل في تربية السواري لأصحاب السعادة إبراهيم باشا الفريق ومحمد باشا رضا ووسيله بك يرأس هذا النظام العسكري سليمان باشا الفرنساوي ومعه من الرجال العظام شريف باشا ومراد باشا حملي وحسن باشا المناستيرلي ومصطفى باشا الكريدلي وأحمد باشا المنيكلي وجعفر باشا الكبير وإسماعيل باشا سليم الفريق وإسماعيل باشا عاصم وسليمان باشا الخربوتلي ومحمد باشا الخربوتلي وإسماعيل باشا أبو جبل وحسين باشا أبو أصبع وأفلاطون باشا وعلي باشا الأرناؤُود ودولتلو البرنس حسين باشا وشاهين باشا وراتب باشا وعاكف باشا وطاهر باشا وغيرهم من الأمراء كما كان الفضل في تربية البحرية المصرية لأصحاب السعادة عبد اللطيف

باشا ومطوش باشا وصفر باشا وجعفر باشا مظهر وحافظ باشا خليل وحافظ باشا مصطفى وحسين شرين باشا وقاسم باشا ومصطفى باشا العرب وكامل باشا ورضوان باشا والأستاذ الأكبر سليمان قبودان حلاوة. والفضل الأعظم في ترتيب هذه المدارس لأصحاب السعادة مختار باشا ناظر المدارس ورئيس المجلس الأعلى إذ ذاك وأدهم باشا ومشيد أركان المعارف علي باشا مبارك وعلي باشا إبراهيم ودولتلو البرنس حسين باشا ودولتلو مصطفى باشا رياض ورفاعة بك وعلوي بك وعبد الله باشا فكري. وهذه دوائر الإدارة ترقت من الحسن إلى الأحسن بحسب تقدم المدينة بتقدم المعارف وكان الفضل في وضع نظامها الإدارية والكتابية والحسابية لأصحاب الدولة والعطوفة والسعادة البرنس حسين باشا ومناستيرلي باشا ويوسف باشا كامل وكاني باشا وأبو بكر راتب باشا ورياض باشا وشريف باشا الكبير وفاضل باشا وراغب باشا وإسماعيل باشا صديق وشاهين باشا وقاسم باشا راسم ومصطفى بك رحمي وعريان بك وباسيلوس بك وتادرس بك ودميان بك وغيرهم ممن كان لهم في تنظيم الحكومة اليد الطولى وترقت الأعمال بعدهم بترقي الأفكار والمعارف حتى وصلت ما هي عليه الآن. وكل هذه ثمرات أتعاب الخديوين الفخام من أفندينا المرحوم محمد علي باشا الكبير إلى أفندينا عباس باشا الثاني المعظم ونتيجة أفكار الأمراء والمعلمين والمهذبين والكل تربى في مدارس البلاد ومنهم من أرسلته الحكومة إلى أوروبا فضمّ إلى علومه الوطنية العلوم الغربية وعاد فنفع الوطن بالعلمين وألف فيهما باللغتين ولا ننكر على الأوربيين سعيهم معنا في طريق التقدم

بمن استخدمناهم من أهل العلوم والصنائع حتى درّبوا أبناء الوطن فكانوا اليد الثانية في تقويم الحياة الوطنية. فنقدم لسابقهم ولاحقهم الشكر على هذا السعي المحمود كما نشكرهم على تعليمنا أنواع التجارة والمعاملات ونشر مخترعاتهم ومكتشفاتهم وتكثير المحسنات العمرانية فكم للغرب من آثار كانت زينة للشرق وزيادة في قوته العاملة والمدبرة. ومن رأى أن مثل انكلترة أوقعها الفراغ من المعدات العلمية في يد الدانيماركا من من سنة 1017 إلى سنة 1041 ثم نظر إليها الآن وهي ناشرة جناحيها على مستعمراتها وأملاكها العظيمة في الشرق والغرب وعلم ما تبديه من الحكمة والثبات في سياستها ثم نظر إلى فرانسا ومجاراتها لها في الاستعمار والفتوح شرقاً وغرباً ثم حوّل نظره إلى بقية الدول وعلم ما هي فيه من الجد في توسيع دوائر الاستعمار والقوى العاملة ورأى سير مصر أمام الدول لتضارع الأمم المتمدنة بالمعارف عرف مقدار نعمة المرحوم محمد علي باشا وسلالته الطيبة على كل مصري. فإن ما نحن فيه الآن أثرهم الجليل. وعلم أن اختلاط الأمم موجب لتربية الأمم تحت أحضان بعضها بالتقليد والتلقي فلا يتطرف لذم استيطان الغير من قبل أن ينظر إلى الفائدة الحاصلة منه حتى لو كان الغير قاهراً فإنه يتعلم بقهره كيفية تكوين العصبية وإحياء الوطنية وفي صدر الرسالة من البراهين ما يغني عن البيان. فإذا أقللنا من المدارس بعد أن عرفنا ثمراتها أو قصرنا التعليم على أفراد معلومة أو حولنا طريقة التعليم باللغة الوطنية الرسمية إلى التدريس باللغات الأجنبية فقد رجعنا بمدنيتنا القهقري إذ يموت العلم بموت أهله ويحيا الجهل في الطبقة

شكر جميل وثناء جليل

التالية وهناك تقوى حجة الغربي في قوله. الشرقي لا يصلح لتولي الأعمال ونعوذ بالله تعالى من السقوط في هذه الوهدة وكيف يحصل هذا والقائم بأمر الدولة مولى الفضل وحبيب المعارف أفندينا المفخم أيده الله. ومن يرى الشرق الآن وتدافع أهله في تعلم العلوم الدينية والرياضية والطبيعية يعلم أن التربية تحت الأحضان تنتج العمران والمدنية. ويشهد بحبهم للمعارف قول اللورد كرومر (السيربارنج) ما مررت بقرية من قرى مصر إلا رايت أهلها يطالبون بتكثير المدارس. ولا بدع إن قلنا أن الحياة الوطنية بعد إن زارت الغرب والبسته ثوب التمدن وأطلعت فيه شموس المعارف والمخترعات عادت إلى وطنها ومحل نشأتها فتلقاها أهلها بالتحية والسلام. شكر جميل وثناءٌ جليل نتقدم بين أيدي حضرات الأفاضل خدمة أفكار المم وأطباء أمراض المدنية زملائنا الأجلاء محرري الجرائد المحلية عربية وإفرنجية علمية وسياسية بشكر جميل صادر من لسان يترجم عما انطبع في الفؤاد من حبنا لهم وميلنا إليهم يصحبه ثناءٌ جليل على تلقيهم العدد الأول من جريدتنا الأستاذ بيد القبول وتقريظه بلسان المحبة الناطق بالسحر الحلال وبديع البيان. ولا نجد ما نقابل به ثناءهم بعد أن سبقونا بالفضل واتبعوه بالتفضل فعجزنا عن الثناء لما لعنايتهم وتوجهاتهم العالية من العظم عندنا بل وعند الناس. فإن تفضلوا وقبلوا عذرنا عن أداء واجب الشكر والثناء كان ذلك فضلاً على فضل

الآداب

فما هذه الكلمات إلا تذكار لما أسدوه من الفضل للشاكرين. عبد الله النديم عبد الفتاح النديم الآداب جريدة علمية صاحبها ومحررها نبعة الفضل ولسان الفصاحة والبلاغة الجامع لشتات الآداب حضرة الفاضل التحرير محمد أفندي مسعود. وقد استلمنا العدد الثاني منها بيد القبول وتصفحناه فملأنا سروراً وزاد القلب نوراً بمحكم آياته وبديع كلماته كيف والمشترك مع هذا الفاضل في تحرير بعض المطالب أفضل الفضلاء وأوسع المنشئين باعاً صديقنا الفاضل الحجة الشيخ عبد الكريم سلمان الغني بشهرته عن التعريف والبيان. وكثير من أفاضل الكتاب وبحور العلوم أعانهم الله تعالى على هذه الخدمة العامة ونفع بعلومهم القراء والسامعين وجعل أعمالهم مقرونة بالنجاح موشحة بالقبول. ولا نقول ذلك حثاً على اقتنائها فإن علومها المفيدة وآدابها البديعة تستميل القلوب وتجذب النفوس إليها كما جذبت نفس الصديق. عبد الله النديم الهلال جريدة علمية تاريخية صاحبها ومحررها المؤرخ المحيط والكاتب المجيد

التقاريظ

المتفنن فيما حواه من العلوم والآداب المهذب الفاضل جورجي أفندي زيدان وقد قرأنا العدد الأول منها فرأيناه غذاءً للنفوس ومنيراً للأفكار بما فيه من غريب الأخبار وصحيح الآثار وما تزين به من الفوائد العلمية والرقائق الأدبية فتمنينا له النجاح والفلاح لتوسيع دائرة العلوم وتربية الأفكار في مدارس الجرائد والمسؤول من الحق سبحانه تعميم النفع به كما نفع بغيره يصحب هذا الدعاء الثناء على محرره من زميله. عبد الله النديم التقاريظ ورد إلينا في هذا الأسبوع تقاريظ شتى من إخواننا الأفاضل من العلماء والذوات والنبهاء والوجهاء وأرباب الأقلام ونشر هذه التقاريظ العديدة يستدعي كتاباً مستقلاً فنتقدم بين أيدي حضراتهم بالمعذرة عن عدم نشرها بنصها والاكتفاء بالإيماء إليها وربما نشرنا بعض القصائد تتميماً لخدمة الأدب وترويحاً للأفكار. وقبول العذر مرجو من سادة تفضلوا علينا بما هم أهله فاعتقلوا لسان خادمهم. عبد الله النديم تهنئة قدوم عاد إلى وطنه تصحبه السلامة وتلازمه الصحة أستاذ الأساتذة وقدوة الجهابذة عنوان الفضل وكتاب الحكمة العالم الحجة الثقة الجامع

نوادر

بين علمي الشرع الشريف والقوانين صديقنا الشيخ محمد أفندي عبده قاضي المحكمة الجزئية بعابدين بعد أن تغيب عنا شهرين لتغيير الهواء بالشام وقد لقيه بمحطة مصر كثير من الأفاضل والأمراء فرحين بسلامة عضو مهم من أعضاء الهيئة المصرية مهنئين إماماً له في كل قلب مجلس تربعت فيه محبته ونحن نقدم لفضيلته تهنئة يعلم صدق مصدرها في أخباره بما حصل له من السرور إذا وجه نظرة نحو مهنئه. عبد الله النديم تنبيه كنا أعلنا في العدد الماضي عن تأخير الجريدة عن الظهور في هذا الأسبوع حتى تتمكن الإدارة من ترتيب شؤونها وطبع عناوين المشتركين ولكن كثرت الكتب الملحة بإصدارها وشافهنا كثير من الفضلاء بعدم التأخير فأصدرناها إجابة للطلب شاكرين الذين تفضلوا بقبولها فقد وزعنا فوق الألف وخمسمائة نسخة ولم يعد إلينا إلا إحدى عشرة نسخة وهذا مما يستحق تقديم الشكر لعشاق الآداب ومحبي المعارف أيدهم الله. نوادر مر سائل برجل مقطوع الأنف وسأله فأعطاه فأخذ يدعو له بصحة عينيه وأطال في قوله الله ينور عينيك الله يحفظ عينيك الله يقوي

عينيك فقال له الرجل أليس لي عضو غير العينين حتى خصصتهما بالدعاء فقال له إنما خصصتهما بالدعاء لأنك إذا اشتكيت مرضهما لا تجد محلاً تضع فيه النظارة. مر رجل ريفي في مدينة فأخذ يسأل أصحاب الدكاكين ماذا يبيعون وماذا يصنعون حتى مر بصاحب بنك فقال له ماذا تصنع هنا أراد أن ينكت معه فقال له أبيع الحمير فقال الريفي وكيف جبرت قبل أهل السوق فقال صاحب البنك من دلك على أني جبرت قال لأني لا أرى في الدكان إلا حماراً واحداً. دخل جملة من التلامذة إلى لوكاندة وتغدوا فيها أحسن غداء وكان صاحبها غائباً والذي يقرب لهم الطعام والشراب خادمه وبعد فراغهم من الأكل دبروا حيلة لعدم دفع النقود فوضع أحدهم يده في جيبه يوهم أنه يريد دفع القيمة ففوق أحدهم طبنجة نحوه وأقسم أنه إن دفع شيئاً فإنه يقتله وأراد الثاني الدفع فحلف الثالث وهكذا إلى آخرهم فقال الخادم وممن آخذ القيمة إذاً فقالوا نصنع حيلة لفداء الإيمان وهي أننا نربط عينيك بمنديل ونقف حولك دائرة فأي تلميذ قبضت عليه فهو الذي يدفع القيمة ثم ربطوا عينيه وتسللوا خارجين من غير شعور منه وهو دائر في المحل يبحث عنهم فصادف مجيء صاحب اللوكاندة فلما دخل صادفه الخادم فقبض عليه وقال له أنت الذي تدفع النقود فانتهره وسأله عن الخبر فأخبره بالحيلة فقال نعم أنا الذي أدفع الفلوس.

فكاهات

فكاهات حبيب. في الجمعة اللي فاتت قلب لي أنك تتكلم في الناس التلفانه ولكن أنا لفّيت البلاد بعدها وشفت الناس مكشّرين مبوّزين وقاعدين يقولوا يعني النديم ملَقَاش كلام يقوله لما رياح يرذلنا على شرب الدمعة الخمرة اللي بنْرَوَق بها عقولنا. نديم. أنا قاصد النصيحة موش الرذالة فإن الخمور مَتْنَاسِبْشي بلادنا لكونها تتسلط على العقل وتتلف الرئة والكبد بل وجميع الأحشا واللي يسمع أن في بلاد أوروبا يوضع بسببها في المُورستان كل سنة أكتر من أربعة آلاف مجنون يقول تغور الخمرة واللي يدوقها. واللي ما هوّاش مصدّق يسأَل الحكيم ويشوف يقول له عليها إيه. وكمان مسألة الفلوس فإن السكري يرُوح على شان ياخد كان يقوم ياخد عشرة حتى يبقى طلطميس ما يعرف الجمعة من الخميس يقوم الخامورجي يحاسبه على أبو قرش بريال. وبعدها يروّح بحاله عِبرة ويصبح راسه مصدَّعة ونفسه مسدودة عن الأكل وحالته مبهدلة. فاللي ينظر للمفاسد دي يقول الله يسم الخمرة. وأهو دا اللي خلاَّ قلبي يا كلني على أهل بلدي وأخوفهم بكلام الأستاذ وحيث أنك شفت بعينك أنهم ما يرجعوش وسمعت بودنك أنهم بيشتموا اللي ينصحهم لأن شرب الخمرة بقى عاده مستحكمة مثل القوة عند الناس الطيبين فأنا رايح أجعل كلامي في تهذيب الأخلاق بطريقة تانية والله يكفينا شر الخمرة واللي يشربها. حبيب. تعجبني لما تدب على المعنى. آدنت فهمت النكتة وعرفت أنهم

يسمعوا من هنا ويسيبوا من هنا فمالنا ومال الخيط المعلق ده ما تندعَق الخمرة وخلّينا دايرين مع الزمن زي ما يدور وأهي كلها عيشة وآخرها الموت. نديم. ندور مع الزمن. بقى بس إحنا اللي انكتب علينا التقليد زي القرود كل ما يشوفوا واحد يعمل حاجه يعملوا زيه. جماعة لبسوا منطلون واسع لبسنا زيهم وبعدين شفنا جماعة يلبسوا المقمط قوي ويمسكوا في أيديهم شوية شعر ينشوا بها فقلدناهم ولبسنا زيهم وإحنا عارفين أن بلادنا حارّه واللبس دِه يُحوش مرور الهوا على الجسم ويخلف أمراض الصدر وداء السل ووجع الكلى ويأخر الهضم ويحرك أمراض صعبة. وشوف أهل اسكندرية كانوا يلبسوا سِدْريه على صدرهم ملفوفة ودَا لكون بلدهم فيها رطوبة تتسلط على السدر فوضعوا لهم لبس مخصوص يحوش الرطوبة عنهم. وأهل مصر كانوا يلبسوا الجبه والقفطان على شان الهوا يضرب فيهم من فوق لتحت اكمن بلادهم حاره. وأهل الصعيد كانوا يلبسوا العِرْي الواسع جدّاً اكمن الحرارة شديده عندهم فيوسعوا للهوا يدخل على جتتهم أحسن يتعفن الجلد بمنع الهوا عنه ويصبحوا عيانين بالأمراض الوحشه. وروح اسأل واحد زي عمك سالم باشا الحكيم أهو دَا سيد الحكما وشوف يقول لك ايه على لبسنا القديم ومنفعته وعلى اللبس الافرنكي ودواهيه الحرّه واسألوا كمان على الملعونة الخمرة وشوف يقول عليها كلام زي الزفت والا لأ. بقى بالله عليك إذا كان الواحد شايف ضرر أخوانه موش يقول لهم على اللي ينفع واللي يضر. دا حقهم يدوا للأستاذ موش يزعلوا منه. حبيب. أما أقول لك أنا رايح أسأل سيدنا سالم باشا وأشوف

يقول ايه في اللبس والخمرة واللي يقول لي عليه أجيبو لك تنشره. لكن يا سيدنا أنت مقصودك إيه مقصودك الناس ترجع تلبس زعابيط ولاَّ قفاطين دا سيء مضى وراح لحاله إيش حالك اليوم. نديم. أنا سمعت من إفرنجي شتم البنطلون حتى قال إحنا زي أراجوز الإنسان عريان في الحقيقة وإن كان جلده مستور ودي حاله تمرض. فإذا كان الإفرنجي عارف ضرر الملبوس وشناعته بقى إنت يا شرقي متعرفشي. على كدا إذا كان واحد يلبس فستان وطربوش بقصب ويمشي يغني في السكه تلبسوا زيه لأنه موضه على قولكم. حبيب. بالله تصبر لما أسأل الحكما وأقول لك على كلامهم لأجل تطلع أنت من باب الجمال خالص. اسم اللي بيقول لهم الكلام عضمه خشنة شويه والعين ما ترمشّي إلا من اللي يخوِّف بعد كدا تقول لي اللي فهشي ما يخلهشي. حبيب. الإنسان إذا مسك حبل وقعد يحك به على حجر صوّان هَلْبَت يؤَثر فيه. وأنت نفسك حكمت أن احتكاك الأفكار يولّد علوم وآداب فما يغركشي قولي ناس كشَّروا ناس زِعْلُم بكره يعرفوا قيمة كلامك ويقولوا اللي تخاف منه ما يجيش أحسن منه. نديم. الله يبشرك بالخير وحياتك أهل بلادنا كلهم ذوق وقابلين للكمال والإنسان في زمن الشبوبيه يا ما يحصل منه. بس ورّيهم السكه العِدْله وشوف يعملوا إيه. تلاقيهم مشيوا في الكمال مشي الاماره ويقولوا يا ريت اللي جرى ما كان.

العدد 3

العدد 3 - بتاريخ: 6 - 9 - 1892 التماس عفو ألف حضرات القراء مطالعة المقالات العلمية والرسائل الأدبية في الجرائد العلمية المحلية وتخيلوا في هذه الصحيفة مجاراتها فيما ألفوه ونرجو أن تتحقق هذه الظنون وتحصل تلك الآمال فقد أخذنا نتكلم على المعارف ومنافعها وبينا فوائدها الأدبية ونتائجها الملكية وحاجة العمران المدني إليها. والضد إنما يعرف بضده. فلهذا أخذنا نتكلم في هذا العدد على المجاهل (جمع مجهلة لما يجعل المرءَ جاهلاً بسبب استعماله) لنبين مضارها وعواقبها الرديئة وما تجر إليه من سيء الأحوال فنلتمس العفو من القراء عما يرونه من خوضنا في هذا العباب فإننا لم نخرج عن دائرة العمليات والأدبيات وإنما ندخل في كل فن بما يناسبه ونعبر عن المقصود بعبارات متداولة بين الخاص والعام تعميماً للنفع فلا يرى المنشئون

الأخلاق والعادات

إننا قصرنا في تحرير العبارة فما كل قارئٍ يحتاج إلى الإنشاء البديع ولا يرى العلماء إننا عدلنا عن طريقهم زهداً أو كراهة وإنما نقدم كل عدد بعبارات ومواضيع تخالف ما تقدمها ترويحاً للنفوس وترويجاً لبضاعة الأدب. ولا يرى أهل الكمال أننا نستعمل الهزل في معرض الجد تهجيناً للأفكار وإضاعة للمعارف وإنما التزمنا هذه الطريقة لميل النفوس إليها وليرى كل قسم من العلماء والأدباء والعقلاء والعوام ما يحبه ويرضاه فما القصد إلا أن تكون الخدمة عامة ينتفع بها الخاص والعام ومن تأمل هذا المشرب وجده دقيقاً رقيقاً مفيداً. ومن اعتمد على جواهر الألفاظ ولم يحم حول ما قصدناهُ تكثر اعتراضاته ويعز علينا مرضاته. وقد جاءتنا رسائل شتى في الموضوع البلدي سندرج منها في العدد الآتي ما يناسب مشرب الجريدة كما جاءَتنا كتب كثيرة باستحسان هذا المشرب وبعض كتب تطلب جعل الكلام البلدي جريدة مستقلة فرأينا الرأي العام يستحسن ما علمه الجريدة الآن فالتزمناه فإن تكثر الفريق الثاني وصار صاحب الأعبية أريناهُ رأينا إذ ذاك فليتفضل بقبول ما نقدمه إليه من جد وهزل موافقة للجانبين ونحن للجميع من الشاكرين على سعيهم خلف الآداب وحبهم في المحسنات الوطنية. الأخلاق والعادات الفصل الثاني (في الأخلاق والعادات) الاقتصاد الشرقي من نظر فيما كانت عليه مصر قبل الآن بعشرين سنة ونظر ما هي

عليه الآن تحقق أنها تطورت بأطوار شتى في أوقات متلاحمة حتى وصلت درجة تحتاج للتأريخ والتدوين فقد تغيرت هيأَتها المدينة وانتقل أهلها إلى ما دعا إليه التشبُّه والمجاراة من أنواع المحسنات العمرانية والمقتنيات البيتية. وهذا مقام يقضي على القلم بتفصيل المطالب وتمييز المواضيع فلذا نرتب هذا الباب مطالب تعرف بعناوينها كما ترى. مطلب الطعام كان المصريون قبل العشرين سنة الأخيرة منقسمين ثلاثة أقسام فقراء وأغنياء وأمراء. فطعام الفقراء قليل الأنواع والآنية ولا يخرج في الريف والمدن عن صنف واحد يطبخ كل ليلة من عدس أو كشك أو بيسارة أو فول أو دشيشة أو شعرية أو محمصة أو كسكسو أو نوعٍ من الخُضر وإدام النهار مِشّ أو جبن أو كراث أو فجل أو مخلل والريفي ينتظر وقوع بهيمة فيأكل من لحمها ولا يصنع إلا مسلوقاً (صليقة) أو محمراً أو مدقوقاً مع ذرة ليصنع كباباً أو كفتة ولا يأكل اللحم الطيب المسمى عنده (بالغصيب) إلا في الأعياد والمواسم. والمدني إن أراد أكل اللحم اشترى كرشة الحيوان أو أرجله أو أخذ رطلاً أو رطلين من لحم الجاموس الرخيص السعر ولا يعرف من المطاهي إلا جعله مسلوقاً أو محمراً أو مقطعاً في ماء وسمن يسمى دمعة أو مطبوخاً ببصل يسمى عنده قاورمة وعند الريفي يخني وبعض البلاد لا يأكل إلا الأرز والبعض جلُ طعامه التمر. والغني الريفي كان يساوي الفقير في طعامه ويزيد عنه ذبح فرخة

أو حمامة أو أرنب إذا جاءهُ ضيف كما يزيد طاجن أرز خالياً أو مدفوناً فيه فرخة أو حمامة أو لحم وأرزاً بلين مفرداً أو ملّى بعسل أسود من عسل القصب أو لحمة ببصل كثير يسمونه قلاية. وآنيته كآنية الفقير طواجن وصحاف تصنعها النساء من مدقوق الطوب الأحمر (الآجر) وشوال للبن (جمع شالية مقلوب شائلة) كما يساويه في أكل اللبن المخيض وتقديمه للضيفان في الصباح والظهيرة. والغني المدني كان يأكل اللحم والخضر مقتصراً على الصليقة والمحمر والكباب والكفتة والدمعة وأنواع الخُضر زكان يطبخ الصنفين أو الثلاثة لا يزيد على ذلك وأوانيه الزبادي الخضر والصحف البرامية المدهونة وعظيم الثروة يتخذ بعض آنية من الصيني يحفظها في الصناديق ولا يخرجها إلا في الولائم والأفراح فإن أراد عمل حلواء صنع الأرز باللبن من السكر أو صنع المهلبية أو الفطير أو البسيسة ولا يصنع الحلواء إلا في ليالي الضيفان والولائم الكبيرة. والأمراء كان خوانهم يشتمل على خمسة أصناف أو ستة في الأكثر مركبة من شوربة وصحن لحم وصحنين من الخضر أو صحن حلو وصحن أرز وأغلبهم يقتصر على الشوربة واللحم وصحن الخضر والأرز يتداولون في هذه الصحون المحمر والكباب والكفتة وكباب الفرن والقارومة والقبه مه وأنواع الخُضر والصوبريك والرواني والمهلابية والحريرة والفطير والسنبوسك والألماسية وبعض الفواكه وآنيتهم الصيني ولا يزيد الطقم عن اثنى عشر صحناً وأغلبهم كان يستعمل آنية النحاس الصفر أو الأحمر المبيض المصنوع في توقات أو الأستانة أو مصر. وملاعق الفقراء والأغنياء

الخشب غير أن ملاعق الأغنياء من خشب البقس وملاعق الأمراء من خشب الأبنوس ويندر عمل الملاعق الفضية عند كبار الأمراء وبهذا الاقتصاد العظيم كانت الثروة عظيمة كلٌّ بحسب حاله مع قلة النقود إذ ذاك وعدم اتساع التجارة والزراعة فإن آنية الفلاح إذا كسرت صنعت المرأة غيرها في الحال وآنية الغني يشتريها بالنص والميدي لا بالفرنك والريال والجنيه وآنية الأمير يشتريها بالقروش ولكن لقلتها لا تكلفه فوق طاقته. وعدم التوسع في المطاهي كان حجاباً عظيماً بين الذهب والذهاب والفضة والانفضاض. حتى إن القدماء لما لم يجدوا باباً ينفقون فيه ذهبهم التزموا دفنه في الأرض ليكون سداداً من عِوَز إذا دعت إليه الضرورات وهو الذي نسميه الآن خبيئة وكنزاً وما هو الأفضل الاقتصاد وما زاد عن ضروريات المعيشة. فلما حصل الاختلاط وامتدت التجارة واتسع نطاق الزراعة وساكن الأجنبي الوطني وتبادل الفريقان الزيارة قبح الغربي اقتصاد الشرقي وعده بقاءً على الهمجية والتوحش وحسّن له التوسع في المآكل والمشارب وآنيتها ليماثل الأمم المتمدنة في العالم وما قصد بذلك إلا تحويل ما بيده من النقود إلى بلاده واتخاذه أجيراً يشتغل ويكد الليل والنهار حتى إذا طاب زرعه وامتلأت يده بالنقود جاءهُ الأجنبي بمحسناته فأخذ ما بيده وتركه في أسواء مما كان فيه. فهجم الوطني الفقير والغني والأمير على المحسنات الغربية يشتريها بنفيس الذهب وتعلم التفنن في المطاعم والمشارب حتى صارت آنيته مركبة من مئات من الصحون المختلفة الأشكال والكاسات المتنوعة إذ صُنع له أواني للشوربة وأواني للحم

وأواني للسمك وأواني للخضر وأواني للسلطة وأواني للسردين وأواني للبيض وأواني لمخلل (التورشي) وأواني للحلواء وأواني للفاكهة وأواني للفاكهة اليابسة (اليميش) وأواني للجبن وكاسات للماء القراح (وقليل شاربه على الطعام) وكاسات للنبيذ وكاسات للكنياك وكاسات للبيرة وكاسات للابسنت وكاسات للشامبانيا وكاسات للنساء غير كاسات الرجال يتبع ذلك ملاعق الأرز وملاعق الحلواء وملاعق القهوة وملاعق السلطة وملاعق الدولدرمة وملاعق الشوربة وسكاكين كل صنف وشوكة وآلات كسر الفاكهة وعصير الليمون يستخدمون ذلك في طعام الكستليتة والبوفتيك والروسبيف والدندي والكباب والمحمر والكلاوي والمخ ولحم الصلصة ولحم البطاطس ولحم البسلة ولحم الخل ولحم الحمص ولحم التومية والقارومة والشاورمة والقبه مه ولحم الفرن والباصطرمه والسجق والكل باستي والضلع والمحشي والشركسيه والتورلي والمسقعة والصلايق والفطير وأنواع الحلواء الشهيرة (بالطاتلي) وأنواع الخُضر وما يتبع ذلك من السلطات والمخلات والمربيات والفواكه والهواضم المصنوعة. وهذه الأواني تصنع قابلة للكسر بأدنى سبب وهذه المطاهي تستدعي طاهياً ماهراً وخدماً يقومون بهذه الأعمال وتستدعي الفوط والترابيزات والكراسي والدواليب وغيرها مما يلزم للسفرة وتستدعي كثيراً من الحلل (القدور) اللازمة للمطاهي العديدة فإذا كان عنده وليمة استدعت مئات من الأواني إذ كل فرد يأكل وحده على القاعدة الإفرنجية ولزمه تكثير اللحوم والخُضر وبقية الأصناف لأن كل إنسان يأكل في إناءٍ مخصوص فيلزمه أن يأخذ ما يكفيه. هذا

بالنسبة إلى الأمراء والأغنياء أما الفقراء فقد تركوا الطاجن والصحفة واستعملوا الأطباق الصينية والأواني الرقيقة التي لا يمكنهم التحفظ عليها لعدم معرفتهم بترتيب البيوت فيلقون الأواني في وسط البيت وفي جانب الحائط فتدوسها البهائم وتكسرها فيشترون غيرها وقد توسعوا في المآكل إلى حد لا يطيقون البقاء عليه لعدم كفاية الواردات المالية لهذا الإسراف العظيم. وقد أماتوا بهذا الإسراف الاقتصاد الشرقي فماتت معه ثروة الفوطية والفاخورية وتجار البرام والزبادي والخراطون وصناع الملاعق والمغارف وتجار النحاس وحيي مقابلهم في المغرب. ولما لم تكفهم وارداتهم لاستحضار الآلات والمطاعم والمشارب الجديدة اقترضوا ورهنوا الأملاك والأطيان وكانت الغاية سكنى الغريب فيما بنوه وانتفاعه بما ملكوه ولو رأيت إسرافهم في الفرش والملابس لرأيت العجب فانتظر الأسبوع القادم تنظر عجائب الزمان وتميز بين الاقتصاد الشرقي والإسراف الغربي. نعم أن المحسنات المعاشية تألفها النفوس ولكن الإسراف فيها والتهالك عليها غير محمود إلا ترى أن الرجل كان يزرع العشرة فدادين أو الخمسة عشر فيعيش بمحصولها طول السنة مع إكرامه الضيفان كل ليلة ويدخر كثيراً من النقود ويزيد فدادينه بمشترى غيرها والآن يزرع المائة فدان ولا تراه إلا مقترضاً لا يجد من القوت إلا الضروري وما ذاك إلا بتركه الاقتصاد الشرقي. وترى المستخدم الأول كان يأخذ الألف قرش كل شهر وتجد عنده آغا للحريم وخدماً وحشماً ويشتري أملاكاً والآن يأخذ الحاضر الأربعين والخمسين جنيهاً ولا ترى في صندوقه شيئاً ولا يجدد عقاراً ينفعه

باب التهذيب

وربما وجدته مديناً وقد لا يكون له عائلة أكثر من زوجة وخادمة وخادم وما جره للحرمان من كسبه إلا السرف الغربي فلو أخذنا من محسنات الغرب ما لا بد منهُ واقتصرنا على ما يوافق أخلاقنا وعاداتنا لحفظنا لأنفسنا حتى الانتفاع بثمرة الاقتصاد الشرقي ولكن طرنا حوْل الأهواء وجرينا خلف المرئيات المزخرفة الظاهر وتتبعنا سير الغربي فجاريناهُ حتى سبقناهُ وأصبحنا نعض الأنامل من الغيظ ونضرب الكف بالكف أسفاً وندماً وهيهات هيهات إن نفع الندم مع التمادي على هذا التهالك في السرف اللهم إلا إن تداركنا بقية صارت على شفى جرف الضياع وما ذلك على الله بعزيز. باب التهذيب يعلم الناس أن النفوس تشتاق للأمر الواقع أكثر من اشتياقها إلى المتخيل وقد كنت أتناظر في اختفائي مع صديق غربي فإن غاب عني يوماً أخذت أتكلم مع خادمي وكان غلاماً أمياً فارغاً من الآداب لا يعرف إلا ما أخذه عن والدته وما تلقاه عن أمثاله فعلمته الكتابة وهذبته ولقنته ما يلزم لمثله وقبل وصوله لهذه الدرجة جرت بيني وبينه محاورات في مواد كثيرة وذلك أني كتبت كلمات من باب المثل السائر أو الحِكَم وأخذت أقرؤُها عليه وأفهمه مهناها فكان يصدر منه ما يحرك الحليم للغضب وأصبر رجآه وصوله إلى التهذيب. وهذه الطريقة التي التزمتها في تهذيبه أسهل تناولاً من كتاب مؤلف في هذا الباب ولهذا عزمت على نشر تلك المحاورات لاشتمالها على فنون أدبية شتى في طي

فكاهات. ولنشر إليه بحرف ص فإنه اسمه صالح ولكنني أرجو القراء أن يغضوا الطرف عما يجدونه من نتائج جهله قبل أن يتعلم فإن الفراغ من المعارف يصدر عن المرء من الشذوذ والأغلاط ما لا يتصوره ذوو العرفان. ن. يا صالح تعلم أن صاحبنا لم يحضر اليوم وقد كتبت كلمات سميتها حِكماً وأريد أن أقرأها عليها لتستفيد منها ما عساه أن ينفعك مما فيه صلاح دينك ودنياك فما تفهمه منها قل لي فهمته والذي لم تفهمه سلني عنه. ص. يا سيدي أنا طول عمري ما سمعت بالحِكم ولا شفتها بعيني وأعرف أنه لا يهدي الناس بالكلام إلا العلماء في المساجد والحمد لله عمري ما عييت وطلبت حكيم وإنما كانت أمي تعمل لي الدواء بمعرفتها. وأسمع من الناس أن الحكما دول فلافسه فإن كنت تحفظني كلمتين ينفعوني أحسن من الحكم فإنها بطَّالة. ن. هذه الحكم عبارة عن كلام من باب النصائح والمواعظ مثل كلام الخطباء على المنابر يوم الجمعة فلا تتصور أنه خارج عن الدين أو طاعن فيه معاذ الله. والحكماء الذين ذكرتهم يقال لهم أطباء وليس المسلم منهم زائغاً عن العقيدة ولا خارجاً عن الدين وكذلك غيره بحسب معتقده وهم حفظة الأبدان وعلمهم أشرف العلوم بعد علوم الشريعة الغراء. فإن صحة الأبدان تمكّن من النظر في العلوم الشرعية وغيرها وتعلم الدين واجب وهو موقوف على صحة الأبدان وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب فتعلم الطب واجب وجوباً كفائياً يعني أنه يلزم أن

يتعلم فريق من الأمة ما يقوم بحفظ صحتها ومعالجة أمراضها. فلا تسمع كلام الجهلة فيهم ولا تعول على مجربات النساء فإنهم إن أصبن مرة أخطأن مراراً. وأنا الآن أعالجك بما أعلمه من هذا الفن بقدر الضرورة وعندما يكشف الله غمتنا إذا مرضت فلا تسأل أمك واعرض نفسك على الطبيب وأنت واثق بذمته ولا تعمل بغير كلامه فإنك إذا نظرت إلى الجهلة وفعلهم في الناس وجدت أن أكثر موتى العوام في الريف والمدن قتلى بالسموم التي يتناولونها من أيدي الجهلة باسم الدواء. ومن العجيب اعتماد العوام على الدجالين أكثر من اعتمادهم على أصحاب هذا الفن وأعجب من ذلك أن المرأة تدخل على المريض فتقول كان فلان بهذا الداء وطاب بدواء كذا معتقده تماثل الأجسام والأمراض على أنها لا تحسن تشخيص المرض فتعلم أن هذا هو عين ذاك وبخطائها في التشخيص تقتل المريض بما تصفه خصوصاً إذا وضعت له جواهر سامة. ونحن نعلم أن كثيراً من مهرة الأطباء يخطئ في تشخيص مركز المرض أحياناً فكيف نثق بالنساء والجهلة الذين ما قعدوا بين يدي معلم. ص. حيث الأمر كذلك وأنت تعرف الكلام النافع من غيره وأنت الآن مثل والدي فتفضل اقرأ الحكم ولكن فهمني الذي يكون بالنحوي. ن. أول الحِكم. ترك الحزم يضيع الفُرص. الفُرص جمع فرصة يعني فُرصة وفُرصة وفرصة تجمع على فرص مثل ما تقول لُقمة ولقمة ولقمة تجمع على لقم. والفُرصة النوبة وأصلها أن العرب كانوا يجتمعون عند البئر لسقي الإبل فإذا فرغ الأول قالوا للثاني جاءت فرصتك أي نوبتك وأنت

تقول فارصت فلاناً أي ناوبتهُ. وانتهزت الفرصة أي اغتنمتها. فإذا جاءك السرور وقتاً وانقطع وقتاً آخر فكل وقت يأتيك فيه يقال له فرصة فإذا تركت الحزم في ذاك الوقت فقد أضعت فرصة السرور أي نوبته. ص. الشيء الذي لا تراه العين ولا تمسكه اليد كيف نحزمه فإن السرور لا يرى بالعين وإلا بالعقل. ن. الحزم ضبطك الأمر والتأني في تناوله بحيث لا يغالبك عليه شيء من العوارض إلا كنت معدّاً ما تدفعه به فإذا رزقك الله تعالى عقلاً تضبط به أمورك وتحفها ممن يغالبك عليها أو يحول بينك وبينها كنت حازماً وإذا تركت نفسك للصدف والمتفقات فإنك تضيع أكثر مما تحصله وكنت من المغفلين. ص. الآن فهمت ولكن هذه الأمور من أي نوعٍ من الأكل أو الشرب أو الفلوس. ن. الأمور التي تتفارص الإنسان لا تدخل تحت حصر فإنها عبارة عن كل ما ينزل به مدة حياته صغيراً كان أو كبيراً حقيراً أو عظيماً. ص. بقى أنا الآن عاوز أروح بيت الراحة فإن بطني ماشية عليّاً فإذا لم أشخ على كلامك أكون ضيَّعت الفرصة ولا أكون حازماً. ن. نعم إنك إذا لم تقم في الحال وتذهب إلى الخلاء فإنك تجلب على نفسك ضرراً وربما أحدث التأخير ناصوراً وربما طلبت الخلاء وغيرك فيه فتتألم بالتأخير أو تُحدث في ثيابك فانتهز الفرصة وقم لقضاء حاجتك

غبطة

فإنك فضلاً عن إضاعة الفرص لا تفهم كلامي فإن الحاقن أي الذي حبس بوله يكون مضطرب الفكر. ولا تقل في خطابك الناس أشخ خصوصاً إذا خاطبت أكبر منك سناً أو مقاماً فإنها لفظة مستهجنة وإن كان معناها العربي أبول فإنهم يقولون شخّ الصبي إذا بال والأحسن أن تقول أريد قضاء حاجة تكني بذلك عن البراز أو أريد أن أتبرّز إذا كنت مع أهل العلم فإن التبرُّز معناه إخراج البراز والأصل فيه أن الرجل إذا أراد قضاء الحاجة خرج إلى البراز أي الفضاء. والأدباء تلطفوا في هذا المحل فيقول أحدهم أريد تجديد الوضوء وغيره يقول زيّ الناس أي أن هذا الأمر الذي اعتراه ساوى فيه غيره من الناس فتلطف عند مخاطبتك الناس وعبر عن مقصودك في مثل هذا بعبارات لا تثقل على الأسماع ولا تضحك الناس عليك. غبطة أيها القارئ هذا جليسي الذي لا يفارقني فلا تعترض عليه وأحمد الله تعالى على وجودك في حالة يغبطك عليها مثلي وتأمل قوله إذا لم أشخ على كلامك تعرف طهارة ذوقه ولكنه يعذر بجهله وفراغه من معدات الكمال فإذا سفهت آراءه وقبحت أفكاره فقد نزلتُ إلى رتبته وكانت معارفي جهالة فإن المعارف لا تسمى معارف إلا إذا حسنت لصاحبها كل حالة يكون عليها ومكنته من تعليم الجاهل ومسامرة الغبي وتفهيم البليد. فإن العالم لا يجد من يماثله في كل وقت ولا فضل له في معاشرة المثيل فإن الآداب وصلة بينهما. فغض الطرف عن عيوبه فإنه

التقليد ينقل طباع المقلد

استأذي الذي علمني مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات وحذرني من الغلطات ونبهني على شرف العلماء وحرضني على مخالطة العقلاء ومن أتعب نفسه في تعليمي هذه العلوم كان حقيقاً بغض الطرف عن عيوبه. . . اسكت فقد حضر من الخلاء. . ص. وأنا في الخلاء تأملت كلامك وعرفت أننا فاتتنا فرصة عظيمة وهي أننا عندما دخل الإنكليز مصر كان يلزمك أن تدخل بيت الحريم وأنا أقعد على باب البيت وكل من سأل عليك أقول له موش هنا فكانوا يلفوا عليك الدنيا ولا يعرفوا أنت فين وكنا استريحنا من الاختفاء والأمور الصعبة اللي بنشوفها دي ولكن حضرتك استعجلت وطلعت تجري وخليتنا ضيعنا الفرصة. . ن. هذه تسمى غصة لا فرصة فإن الحكومة نظرت لشاننا بعين الاهتمام وجعلته من أعظم الأمور التي يجب عليها أن تشدد الوطأة فيها فإذا أرادت أن تفتش على رجل مشترك في هذه الشأن دخلت البيت طوعاً أو كرهاً وفتشت عليه في المحلات والصناديق وكل ما يظن دخول إنسان فيه وربما فتشت ما لا يظن دخول المء فيه فلو فعلنا ما تصوره لوقعنا في شركها وأنت تسمع كل يوم المنشورات الصادرة في حقنا فاحمد الله تعالى على نجاتنا وبعدنا عن مدينة مصر الآن وخذ حكمة غيرها. التقليد ينقل طباع المقلد . ص. كيف ينقل التقليد الطباع وأنا كنت مالكي على مذهب

أبي ولما رأيتني أصلي على جهل نقلتني إلى مذهبك الشافعي ومع ذلك فإني على طبعي وطبع أبي ولو كان التقليد ينقل طباع الملقلد لكنت الآن نحيفاً مثلك ودقني طويلة زي دقنك وعالم زي ما أنت عالم وكنت أعرف كل ما تعرفه. فالحكمة دي بطالة وأدين قلت لك عليها أحسن ما يقول لك عليها وأحد غيري فألحسها من الكتاب ولاّ أشطب عليها. . ن. أنا لم أقصد بالتقليد ما ذكرته فإنه نوع من أنواع التقليد التي لا تنحصر وهو أيضاً له دخل عظيم في نقل الطباع ولكن بصورة غير التي تصورتها فإن الذي تصورته تغيير خلق لا نقل طباع وأنا الآن أضرب لك مثلاً فاسمع وافهم أنت الآن تلبس جلابية ولبدة وبلغة وبهذه الحالة يجوز أن تقعد على الأرض وتنام على التراب وتجري خلف الحمار وتأكل ما بقي من الطعام وتضرب إذا أخطأت وتقف على الباب إذا زارنا أحد وتحمل الخرج إذا سافرنا ويقال لك يا ولد يا غلام وإذا حصلت قرشاً حرصت عليه وادخرته إلى غير ذلك من الأمور التي تقلد فيها أصحاب هذه الهيئة. فإذا لبست جبة وقفطاناً وعمامة نظيفة ومركوباً أحمر وصرت في هيئة التجار أو الأعيان استنكفت من الخدمة وأنفت من وقوفك مع جلوس غيرك وكرهت من يقول لك يا ولد وربما ضربته وامتنعت من أكل فضلات الطعام وهان عليك صرف قروش في غرض تحصله وأخذت تجاري أصحاب هذه الهيئة حتى تنقل طباعك البسيطة إلى طباع من قلدتهم. فإذا صرت

بعد ذلك عالماً أو صار من يماثلك من المسيحيين قسيساً أو حاخاماً من اليهود رأيت الهيئة تحكم عليك بطلب الاعتبار والميل لتقبيل يدك والولوع بتعظيمك في المجالس والشغف بسماع الغير لكلامك بحيث تنفر كل النفور ممن لا يعاملك هذه المعاملة اللهم إلا أن يكون قد غلب عليك الورع فإنك تنسلخ من هذه الصفات وتنتقل إلى حب الخضوع والخمول والنفرة من علو الصيب وذلك بتقليد الهيئة لا بالفطرة والجبلة. فإذا لبست سترة وبنطلوناً جاز لك أن تحفظ حق اعتبارك فلا تخرج من بيتك إلا لحاجتك مع الاعتبار وأنفت من مجالسة السفلة والرعاع بحسب ما تميل إليه نفسك من الوجاهة وجاز أن تقعد في الخمارة والبيرة وأن تبول من قيام على حائط أو مَنْصَع (مبالة) وأن ترقص مع غادة في محفل إلى غير ذلك مما تميل إليه النفوس الدنيئة التي تتخذ الأزياء وسائل للدنيئات من غير أن تنظر لأهل الاعتبار والهيبة والوقار من الذين اخترعوها. وإن بلغت رتبة عالية بهذه الهيئة ملت إلى الاحتجاب عن الناس ونفرت ممن يكثر الكلام أمامك وكرهت من يدخل عليك بغير إذن وبعدت عن محال النقائص بالمرة وحفظت لنفسك حق الاعتبار. وهكذا ترى طباعك ومألوفك تنتقل بانتقالك إلى الهيئات والأزياء ولا شيء من هذه التقاليد من أصول فطرة الإنسان فإن صورته الخلقية الأولى التجرد والعرى وفطرته الجهالة منشاءً وجميع عوارضه تقاليد فهو دائر معها كيفما دارت. ولهذا قلت لك التقليد ينقل طباع المقلد. البقية تأتي

زجل

زجل وردت لنا قصيدة طويلة من أحد أفاضل طنطا وأتبعها بنشر بديع ثم ختمها بهذا الزجل الرقيق ومراده أن نرسل إليه الأستاذ مجاناً وقد أجبنا طلبه وللطف الزجل وكونه من مشرب الجريدة نشرناه بنصه وهو: قصدت واحد ما لو تأنى ... ربّ العباد إلْلي يخلَقْ آه يا نديمي ويَا روحي ... ياللي لك الرايات تخفَقْ هُوَّ الفقير ريحتُهْ وحشهْ ... قالوا عليه إِنُّو يُحْرَقْ هُوَّ الفقير مالوش قيمه ... هُوَّ الفقير يطلع يسْرَقْ ملت الكتاب كُلُّه حلاوه ... خليت عقلي يِشَّوَّقْ أمانه تعطيني لحسه ... تِرُدّ رُوحي يَا صنجَقْ إوعى تِكون واحدْ خُلَقي ... تِقُوم عَليَّا تتخلَّقْ رَتِّبْ لنا الأُستاذ ديمه ... واعملْ جميلَه يَا محندَقْ ولا تقولشي لأ أبداً ... أحسنْ أنَا خُلْقي ضَيِّقْ عاوِز هُنا الأُسْتَاذ يحْضر ... لمَّا أشوفو واتْحقَّقْ وبعدَها ابلغ قصدي ... لمَّا أشُوفوُ يِتْرَسْتَقْ يبقى حبيبي يفرح لي ... أمّا عدوَي بينهَّقْ واللهْ النديم ذِكرُه طيّب ... وديمه للخيْرات يعْشَقْ يَا سَيَّدِي إسمَعْ قولي ... وبس إوعَى تِزَّمْزَقْ المركب اللي ما فيها ... أشيا تِكوُون لله تِغْرَقْ

المعلم حنفي ونديم

المعلم حنفي ونديم . ن. أنا من نهار ما جيت وأنا أدوّر عليك يا شيخ وأنت دايرلي من هنا لهنا إزي حالك اليوم إن شاء الله تكون الصنعة وياك مبحبحة والزهر مشخشخ شويه. . ح. أنت معذور بقى لك عشر سنين وأنت زي اللي في الجب وطلعت ما أنت عارف الدنيا جرى فيها إيه. أنت فتني وأنا فانهوكار. . ن. في أنهو كار أنت فت الشبكشيه ما فتناها من زمان سبحانك يا دايم من يوم ما طلعت السجاره انقفلت بيوتنا وقمت عملت خراط وقعدت أشتغل كراسي لطيفة ودرابزينات صنعة وطقاطيق وشبابيك حاجة حلوه طلعت لنا الطربيزات بطلت على الكراسي وجولنا الجماعة الآلافرانكه وعملوا الداربزينات الحديد والشبابيك الأمريكاني بطلت صنعتنا فرحت عملت فوطى وقاسيت الهول وشفت المر لما اتعلمت القزازة وفتحت لي قاعة شغل ورحت اتلفت كام قرش وجبت لي حبة غزل وقصدت باب الكريم. طلعت الصنعة عال وجانا شوية زباين عمولة وجريت الميه نوعاً التفتنا لقينا الفوط جايا تفتفل من بلاد برا معموله من القطن القطاع والكهنة اللي بياخدوها من عندنا يحلوها تاني ويعملوها قماش أشكال وألوان ويضحكو علينا بها. لما شافوها الجماعة بتوعنا وعينك ما تشوف إلا النور سابونا قاعدين ننش وراحوا للخواجات وصاروا ياخذوا اللي بنبيعه إحنا بعشرة قروش بعشره

افرنك وأحب على قلوبهم من العسل. تقول يا أخي حدش يفتكر في الكلام ده ويقول ضيعنا فلوسنا للغريب وموتنا صنعة بلادنا وخلينا الصنايعيه دايرين صايعين. لا وعينيك إلا كل إنسان زي اللي على عينيه غما وسابونا قرايه على بلاط. فمن غلبي رحت أشتغل عند الجماعة بتوع الشاهي والقطني وقلت آهي دي صنعة ماسكه حيلها شويه. ما صدقنا إننا نشم ريحة المعاملة والتفتنا لقينا الصنف جه يرف من بلاد برا مصنوع من نبات يشبه الحرير على قطن اسكيرتو ومصبوغ صباغه لعنه من لبستين تهد وتلاقيه راح زي الحتة الشرموطه. قمنا إحنا قلنا إيه من غفلتنا هما أولاد البلد عمي لما رايحين يفوتو الحاجه المضمونة المتقونه ويروحو يا خدو البلاوي دي وحد يحط فلوسه في الهلاهيل والحاجة اللي ما تنفعشي. وعينيك ما نفع كلامنا وشفناهم نزلو على البضاعة المغشوشة زي المهابيل من غير ما يفتكرو ولا يشوفو أصلها إيه وفاتو الواحد منا يروح آخر النهار يلحس صوابعه ويدخل البيت على رأي المثل. سيدي ما أحسن وصفه لا في أيده ولا في طرفه. ولا يخفاك همِّ العيال والبيت ما يعذر شيء فقلت يا حنفي رايح تقعد بطال وعيالك عاوزين القوت الضروري روح دورلك على صنعة فضلت أقلب وأعاير وأجيب من هنا وأودي من والدنيا قدامي زي خرم الإبرة لما ربنا هداني بعد حوس ودوس وقمت بعت الحتتين الصيغة بتوع الوليه واشتريت حبة نحاس وقعدت على باب الله فتح الفتاح وانعدل الريح نوعاً وسديت القرشين لصاحبهم وقمت كسيت العيال

وخزنت البيت وبانت علينا النعمة شويه. احنا في الكلام ومتله وجاتنا الصحون الصيني والحلل الحديد وكأنِّ اللي جرى ما كان قعدنا نعد الماشيين وزي ما نفتح الدكان زي ما نقفله سنة كاملة حتى بعنا اللي ورانا واللي قدامنا وأخيراً بعنا الدكان بحاجة دنيئة وطلعنا يا مولاي كما خلقتني. . ن. على كده عمك الأوسطى حسن الخياط فات الصنعة والحاج محمود الحرايري فات عمايل القيطان والشريط والزراير وعمك يوسف مبقاش بيغزل والمعلم علي فات النجارة والسيد درويش القصبجي قفل دكانه والجماعة اللي زي الحمصاني والهجين فضوها سيرة وبقية أخوانا الصنايعية والتجار بقى حالهم عبره. ح. أنا بقول لك أنت كنت في الجب تقول اطلعوا من البلد صنايعنا راح عليها ليل والعمد والأعيان والذوات قاعدين اللي بيزرع واللي مستخدم واللي بيتاجر وكل ما جالهم نصّين على بَرّه تقولشي إلاّ احنا فعله للخواجات بنشتغل عندهم باللقمة. أدحنا بقينا زي دودة الحرير تمّوِت نفسها في عمله وغيرها يلبسه. ن. بقى العبارة بقت على الحديدة ما بقاش عندنا صنايعية أبداً دا شِ يغم. ح. الحمد لله لسَّه الزبَّالين منا والحمارة والشيالين والكيالين والخدامين والفعلة ومسَّاحين الجِزَم والبوابين وشوية عطَّارين على كام بتاع بفته على بعضش جزَّارين وشوية حدَّادين وخردجية وبياعين طعمية وكرشه وكحك وفول نابت وفجل وكرات ومِسكه وبُقمه ومَلانه وبرسيم على شوية عيَّاشة وبيَّاعين طواقي وكام صَرَماتي على كام نحَّاس وأنت تفهم

الباقي يعني ما بَقَلْناش إلا الحاجة الدُّقة. والدكاكين اللطيفة والبضايع العال كلها بتاعت الخواجات وهيَّا اللي ماشية في البلد. ن. طيب ما تشتروا من بضاعة الخواجات وتبيعوا في دكاكينكم زيهم. ح. اشترينا يا سيدي منهم وحطينا كمبيالات علينا وقعدنا ننش برده يفوت علينا ابن البلد ويفوتنا ويميّل على الخواجه وتقول له ليه ما بتشتريش من ابن بلدك يقول لك بضاعة الخواجه عال وكلامو واحد ولا يعرفش الغش زي أولاد البلد. شوف دي الغفلة قال اللي يبيع لو أبو خمسة بعشرة ما يعرفش الغش واللي بدو يكسب منه في الميّة خمسه يبقى غشاش. وحياتك فضلت التجار تستنَّه البيع والشرا لمَّا جه وقت الكمبيالة والمعاملة مقصره راحت الخواجات وضعت ايدها على البيوت وطلعوا أصحابها التجار منها وصبح الواحد منَّا يقول يا حيط داريني. وترجع وتقول لي بيع بضاعة افرنكي. ن. اللي عندك ادحنا عرفناه لما أسأل كمان جماعه غيرك وأشوف الحكاية إيه حقَّا إن كان كلهم على المعدل ده قو يا رحمن يا رحيم. ح. شوف الجماعة اللي واقفين وراك دول أهم من الموضة. ن. أنا مالي ومال الجنسية دي. ح. إيوَا اللي واقف على شمالك اسمه سِ لطافت أبوه مات وفاتلو دمعة فلوس طيبة واللي جنبو اسمه سِ ظرافت مراته ماتت وفاتت لو دواهي متلتله. ن. طيب نسمع ونشوف رايحين يقولو إيه لأجل اتفرج على أولاد اليوم. .

لطافت. بونو سوار موسيو ظرافت كُومَن سافا مُنْشير. ظرافت. بونو سوار عزيزي أنت جاي منين. لطافت. من المحل إياه ولكن يا موسيو أنا اجنَّنت وطَلَعت عفريتي الليلة. رحت ألعب القمار ويّا أسيادنا اللي أنت عارفهم خسرت ميتين جنيه في ساعتين وطلعت أفرج عن نفسي شوية رحت البيرة إياها خدت أربعة أنصاص بيرة واتنين مارتل واستلفت خمسة جنيه من يني لحد الصبح ورحت عند البنت وجدتها متَيَّهه عليه مع أن فلوسي كلها رايحه عليها وعلى القمار وحيات أبوك خمسة آلاف جنيه بقيت مضيعهم السنة دي. ظرافت. تشكي لي وأنا أبكي لك وعلى رأي المثل لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك أهو مِنْدّا جادا والحالة من بعضها وعلى رأي المثل ما يغرك الباب وتزويقه اللي جُوَّا نشفان ريقه (كلام السكارى كلُّولت). أنا لي حكاية عجيبة وقصَّة غريبة بس خايف نديم يسمعها يقوم يحطها في الجرنال بتاعه. لطافت. بلا نديم بلا غيره إحنا إذا كنا رايحين نحسب حسابده وحسابده لا إحنا مِسَّلْيِيّن ولا رايحين ولا جايِيّن. دا زمن حرّية يا عم وأبوك ما هو أبوك وأخوك ما هو أخوك. هوّا نديم موش شايف لما رايح يتكلم في أسياده أُمَّال البِيرَ دي واللوكاندات والخمامير والمحاشش وقهاوي الرقص دي معمولة لمين موش للكام جدع النضاف اللي في البلد يسلُّو غلبهم فيها. ظرافت. ما هو الكلامده صحيح ولكن هوّا مقصوده جنس. مقصوده إننا نوفّر القرشين اللي معانا ونشتغل بهم في تجارة في صناعة في زراعة زي الأوروبيين على شان نصبح أغنيا شوية وتفضل البلد ماسكه حيلها شوية

سؤال

بالناس اللي فيها ولكن نديم جانا بعد خراب بصره. ومَعَلهِش أقول لك على اللي جرى لي وستين سنة ولكن اصبر عليّ لما أفوق أحسن أنا سكران والكلام دلوقت ما يطلعش موزون يوم الثلاث اللي جي أقول لك على الحكاية من طَقْطَق لسلامو عليكم. ح. شوف يا سيدنا نبقى احنا لا حسين اللهلوبة ودول دايرين يبعزقو في الجنيهات. ن. ما هو معذور فلوس لا تعب فيها ولا شقى ولا يخفاك مال تجيبو الأرياح تاخدو الزوابع ومع ذلك ده عرفنا بلوته لما نشوف حكاية التاني إيه. سؤال اضبط لنا المثل الذي في العدد الأول وفسره لنا وقل لنا على أصل ضربه ولكم الفضل. محمود ونسي بالزقازيق ج. الوَرَشَان بفتح الواو والراء والشين طائر وهو ساق حرّ ويجمع على وِرْشان كعرفان ووَرَاشين كعَنَاوين والمُشان بضم الميم وفتح الشين ويقال فيه المُوشان والمشان بكسر الميم في الثاني أطيب الرطب وهو مضاف إلى الرطب من إضافة الخاص إلى العام. والمثل يضرب لمن يظهر شيئاً والمراد منه شيء آخر ورواية القاموس. بعلة الورشان باكل رطب المشان. وهي التي نشرها الأستاذ غير أن الرطب وقع معرفا والمشان وقع وصفاً له والصواب أن الرطب منكر والمشان مضاف إليه أما سببه فقد قال الدميري سببه أن قوماً استحفظوا عبداً لهم رُطب نخلهم فكان يأكلهُ فإذا عوتب على سوءِ الأثر فيه يقول أكله الورشان

همة تشكر

فقيل ذلك أهو على هذا تكون روايته بعلة الورشان تاكل رطب المشان وبعضهم عرّف الرطب فيكون وصفه بالمشان من باب وصف الشيء بأخص أوصافه كقولك جاء العالم القانوني. همة تشكر بعث إلينا أحد الأدباء بيتين من الزجل يحثنا بهما على إرسال من يستلم قيمة الاشتراك منهُ وهما: ماهيتي قرْبت تفرغ ... واللي يحصل ماجاني هيا ابعتوه ياخذ قسطه ... ولاّ امهلونا للتاني فنشكره على هذه الهمة كما نثني على الذين بادروا بدفع قيم الاشتراك ليكونوا معنا يداً ثانية في تقديم هذه الخدمة الوطنية. شرح قانون العقوبات لحضرة المحقق الفاضل والقانون البارع الكاتب المنشيء المجيد أمين أفندي البستاني وهو جزآن عظيمان يبلغ الجزءُ الواحد فوق الستمائة صحيفة وقد شرع في طبع الجزء الأول منه وينتهي طبعه قريباً وهو يطبع في مطبعة المحروسة بحروف اسلامبولية طبعاً نظيفاً معتنى به كما هو جارٍ في الكتب التي تطبع في هذه المطبعة وبدل الاشتراك فيه 25 قرشاً صاغاً وثمنه بعد الطبع 35 قرشاً صاغاً أيضاً فمن أراد الاشتراك في هذا الكتاب فليخابر إدارة الأستاذ وهي تخابر مؤلفه نيابة عن المشتركين. وهو شرح كبير وافٍ بالمقصود يحتاجه كل من لهُ

إصلاح

تعلق بالقضايا والمرافعات بل كل من يلزمه الوقوف على القوانين المصرية وشروحها لما فيه من كبير الفائدة. إصلاح وقع غلط طبع في صحيفة 24 من العدد الأول في السطر الثامن عشر منها. بما يروه. والصواب. بما يرونه. وفي السطر الثاني عشر من الصحيفة الثالثة من كان ويكون. وما تعلمون. ونص الآية. وما تعلمون. وفي صحيفة 17 سطر 6 من كان ويكون في هذا العدد. من الخصائص وإلغائها وهي وإلفائها. وفي صحيفة 18 سطر 10. ثم لا أره وهي لا أراه. وفي صحيفة 19 سطر 5. لا الوالدان وهي الولدان. وفي هذه الصحيفة سطر 9. والكل يجهله وهي يجلُّه. وفيها أيضاً في سطر 10. وقد قدر رزق وهي وقد رزق بحذف قدر وفي صحيفة 22 سطر 6. كل فريق فجعله وهي فجّاً جعله. وفي صحيفة 22 سطر 18. والأمن ناشرٌ وهي ناشراً. فنرجو المشتركين إصلاح هذا الخطأ بالقلم فقد طبعت هذه الملزمة الأخيرة قبل مراجعة تصحيحها. حسن عناية مما يحسن ذكره ويحمد فاعله أن حضرة الماجد مهدي بك أحمد أمين صندوق الدين العمومي مع كونه لم يفرغ من مأتم المرحومة حرمه فإنه أحيا ليلة جلوس الحضرة الشاهانية الفخيمة بالقرآن العزيز والذكر والصلوات جرياً على عادته ولم يمنعه حزنه من خدمة سلطاننا الأفخم وأمير المؤمنين الأعظم وكانت الليلة جامعة لكثيرين من الأمراء والأعيان فنثني على حسن عنايته كما نثني على كل من شاركه في هذا العمل الجليل من المصريين الذين قلوبهم ممتلئة بحب خليفتهم الأكبر خلّد الله تعالى ملكه. (نديم)

العدد 4

العدد 4 - بتاريخ: 13 - 9 - 1892 الجامعة الوطنية والاختلاط العمراني لا تعمر البلدان إلا إن رأت ... مجموع من في أرضها إنسانا وقد كانت الأقطار الشرقية قبل الإسلام في تخاذل وتنافر بعارض ديني أو طمع ملكي يلجئُ الحاكم إلى ترك معتقده بالقوة والإلزام أو بالقهر والإذلال سعياً في توحيد كلمة المحكومين وسيرهم تحت قانون ملكي وحكم ديني يقضي على المجموع بالتضّام والتعاضد وربط القلوب بداعية لا يختلف فيها اثنان. وكان ذلك معدوداً من حزم الملوك وحسن تبصرهم بالعواقب. فلما جاء الإسلام قبل من الناس أحد أمرين الإسلام أو الانقياد لطاعة القائم بأمر الأمة فدخل في ذمة المسلمين ملايين من المسيحيين والموسويين والمجوس على اختلاف مذاهبهم وأجناسهم وشملهم القانون العادل وحكم بأنهم مثلنا في الحقوق الوطنية لهم ما لنا وعليهم ما علينا ثم استعان بهم الخلفاء والسلاطين على قطع العقبات السياسية

واستعملوهم في الأعمال الكتابية والحسابية والعلمية الحكمية وتوحدت الجامعة الوطنية بالقانون الشرعي الذي يعد ناقضه عاصياً لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومع اتصال الحروب مع الدولة الإسلامية والدول المسيحية لم يجن أحد على مستوطن أو وطني ولو كان من الأمة المحاربة حفظاً للجامعة الوطنية التي قررت حرمتها النصوص الشرعية. وقد توالت العصور والمسلمون هم رعاية للذمة وحفظاً للعهود ودفاعاً عن المستوطن لم يعاملوا من غايرهم ديناً معاملة البلغار للمسلمين ولا معاملة الروسيا لليهود ولا معاملة فرانسا للجزويت ولا معاملة ريجار أحد ملوك انكلترة لليهود ولا معاملة أسبانيا للمسلمين. فإننا نرى البيت ثلاث طبقات المسلم في واحدة والمسيحي في الثانية والموسوي في الثالثة يتزاورون ويتهادون ويجتمعون في الأفراح والمآثم ويتعاملون معاملة المستوين ديناً. لا يتعرض أحدهم لتقبيح دين الآخر ولا تزييفه ولا يتعرض المسلم لتغيير شيء من الإنجيل والتوراة كما تتعرض الطوائفالأخرى لكتابه. على أنه إلى الآن لم يدخل تحت سلطة الغير كما دخل كثير من المسيحيين تحت سلطة المسلمين ولم يتعرضوا لكتبهم بشيء ولا منعوهم عادة دينية ولا أقفلوا لهم كنيسة ولا هتكوا عرضاً ولا نهبوا مالاً ولا استحلوا دماً بل كانت الجامعة الوطنية حجاباً بينهم وبين كل ما من شأنه أن يثلم الشرف أو يضر بالذوات والأموال وقد تركت لهم حرية التعليم في كنائسهم ومعابدهم ومدارسهم من غير أن يكون عليهم رقيب أو يحجر عليهم تعليم فرع من فروع الدين فضلاً عن

أصوله. وإذا تعدى احد الرعاع الجهلة على وطني أو مستأمن عوقب عقاباً شديداً بقدر جنايته. وبهذا العدل الشامل تمت الجامعة الوطنية في الأقطار الشرقية حتى كان المسيحي والموسوي يساعدان المسلم على قتاله مثيلهما حباً في الوطنية وحفظاً للجامعة المؤيدة بالنظام العام. وعندما لعبت أيدي الفتن بالشرق وتوزعت وحدته شذر مذر وتفرق ممالك وولايات كانت مصر مخصومة بجامعة وطنية لم يسمع بمثلها في الأقطار إذ كانت الأمة الإسلامية مع الطائفة القبطية كاهل بيت يتعاونون على المعاش ويتعاورون الأعمال ويتقاسمون النظر في شؤون البلاد ويتعاضدون على حفظ الوطن من طوارئ العدوان. فكنت تسمع بالثوار من المسلمين والنصارى في الشام والبلغار وهرسك ورومانيا وكريد وغيرها ولا تسمع يوماً بوقوع فتنة دموية بين المسلمين والأقباط لشدة الرابطة بينهم. حتى في الحروب الصليبية التي تحرك لها عالم أوروبا برمته وامتدت قرنين وكان لمصر فيها الشأن الأكبر واليد القوية ولم يسمع أن مسلماً تعدى على قبطي مع اشتغال نيران الحروب. ولقد امتد ذلك إلى الآن حتى في زمن الحركة الأخيرة التي كانت مظنة لحدوث فتنة بين المسلمين والأقباط فإنه لم يسمع بتعدي احد الفريقين على الآخر وعلى الخصوص في بلاد الصعيد التي يسكنها معظم الأقباط وهذا كله دليل على أن التسوية بين المحكومين تكون الجامعة الوطنية فإذا عدل فريق من أفرقاء الجامعة الوطنية عن توحيد الكلمة وأخذ جانباً عن إخوانه الوطنيين وتبعه فريق آخر ففريق غيره تجرأت

الجامعة وتبدد الشمل المجتمع ولعبت الأهواء بالأفكار وتحولت المحبة إلى العداوة وانقلب الائتلاف نفوراً وتداخل الغير بين ذوي الأهواء يحثهم على النفرة ويحرضهم على البغضاء ليتوسل بإيغار الصدور إلى مقصد ديني أو مطمع ملكي. ونحن لساعة تحرير هذا المطلب لم نفقد حاسة من حواس الجامعة الوطنية ولم أشعر بفارق بيننا وبين الطائفة القبطية ولا بين الطوائف العديدة التي دعت ضرورة الاختلاط العمراني لتمسكنا بحبل الأنس بكل وارد منهم مستوطناً أو مجتازاً فإنك ترى الأجناس المختلفة الدين والوطن واللغة يساكنوننا معاشر المصريين فلا يجدون إلا صدوراً رحيبة ووجوهاً ضاحكة وألسنة رطبة بالتحيات والتهاني فترى الرجل منهم يسكن في قرية من قرى الريف والفلاح يحرسه ويقضي له أشغاله ويحفظ له أمواله وهو في عزة وسعادة كأنه بين عشيرته في بلاده وهو أمر لا يحلم به شرقي في غير بلاده. ومعلوم أن القانون إذا لم يجد منفذاً ضاع ووقعت الأمة في الهرج والمرج وإذا وجد منفذاً غير عادل أوغر الصدور وحرك النفوس وملأ القلوب بالأحقاد وقد وضع القانون الشرعي والسياسي في يد المرحوم محمد علي باشا أخيراً وانتقل التمسك به إلى ذريته من بعده فجرى الخلف على أثر السلف في حياطة الأمة المحكومة والمحافظة على أرواحها وأعراضها وأموالها وتنفيذ أحكام القانون في الأفراد مسلمة , مسيحية وإسرائيلية. وقد ملأوا الوظائف برجال هذه الطوائف بحسب الاستعداد والقابلية ووجهوا الرتب إلى المستحقين من كل فريق وسوّوا بينهم في الضرائب والعوائد وسائر

الحقوق الوطنية حتى إن من دخل الديار ورأى هذا النظام البديع وتوحيد الجامعة الوطنية حكم بأنهم على دين واحد ومن جنس واحد فلا يعلم أنهم مختلفون ديناً إلا عندما يسمع صوت المؤذنين ودق الأجراس. وقد دخل كثير من الأقباط في المدارس الأميرية ولم يرَ تلميذ منهم معلماً ينقله من دينه ولا إكراه على أداء صلاة المسلمين كما يفعل الغير في إكراه أطفال المسلمين على أداء صلاة المسيحيين قبل الدخول في الدروس. ولا أرى كتاباً يتعلم فيه وفيه تهجين دينه أو تقبيحه كما يوجد في كتب مدار الغير. وكل هذا بسعي القوة الحاكمة في توحيد الجامعة الوطنية وقطع عروق الشقاق والبغضاء وتأييد القواعد الإسلامية التي تقضي على الآخذين بها بوجوب المحافظة على الوطني والمستوطن ومعاملته معاملة المثيل. ومع كون الأقباط عاشوا دهراً طويلاً وهم أصحاب مشية واحدة يأتمرون بأمر رئيسهم الديني وينتهون بنهيه فإنهم لم يجتمعوا يوماً لتفريق عصا الجامعة ولا لشق ثوب الائتلاف ولا تنافروا مع المسلمين بسبب من الأسباب دينياً كان أو دنيوياً ولا مالوا للخروج من ظل عدل الحكومة المصرية إلى حرارة غيرها لعدم الموجب. فقد عملوا بالتجارب والمعاينة أن التمتع بالحكومة المحلية هو النعيم الدائم ولهم في تعب الطوائف المحكومة بغير أكبر واعظ وأشد زاجر. فلا تعجب إذا قلت لك أن العائلة المحمدية الحاكمة لمصر امتازت بحكمة لم تتيسر للملوك. والدليل القطعي وجود هذه الأعداد الكثيرة من الأجانب في المدن والقرى آمنين مطمئنين ممتعين بنعمة الصيانة والوقاية

فائزين بدرجة التقدم والرفعة قابضين على أعنة الثروة والرفاهة ملحوظين بعين العناية الخديوية مختلطين بالمسلمين والأقباط واليهود المصريين في المعاملات والمجامع والطرقات يتبادلون التزاور والتهاني والتعازي والمعايدات ومجموع الوطنيين والمستوطنين قائمون بشعائرهم الدينية فإذا وقفت في شارع مرّ عليك ميت مسلم تفتح أمامه المصاحف ويتلى القرآن العزيز ويتلوه مست مسيحي ترفع أمامه الصلبان وتمشي القسس بالملابس الدينية الرسمية أمامه وربما حيطت الجنازة بفريق من العسكر الوطني. وما ذاك إلا بما فطر عليه المصريون من لين الطباع وحب الغريب وسهولة الأخلاق وحسن المعاملة وسرعة الائتلاف وبعدهم عن الخديعة والمكر والنفاق وخفر الذمم ونقض العهود والسعي في المفاسد والمضار. فهم في المجتمع الإنساني أمة قريبة من كل أمة محبة لكل جنس لا يحوّل طباعهم إلا دخيل يزين لهم التخاذل وعدو يواددهم حتى يتمكن من قلوبهم ثم يزرع بينهم بزر الشقاق والتنافر فتراهم يتسارعون للانقياد والاستسلام معتقدين صدق من يستميلهم وهذا الذي أخرهم في العصور الخالية إما وقد جرّبوا الزمن وأهله فإنهم أعدوا لكل شبهة جواباً ووقفوا بين يدي خديويهم الأفخم حذرين من الطوارئ منقادين للأوامر شاكرين لأنعمه حامدين لأعماله المبرورة لا يفرق بين دخيل ولا يشق عصا اجتماعهم عدو بعد أن رأوا سوء عاقبة الواقعين في شرك الغير وكانوا يعِدونهم ويمنونهم فأصبحوا وقد أخلفت الوعود وكذبت الأماني. فنحن معاشر المصريين نفتخر بين الأمم بهذه الجامعة التي لا تنحل

عقدتها ولا يبدد نظامها. ونعني بالمصريين كل وطني من العرب والترك والجركس أما العرب فإنهم سكنوا الأقباط من مبداء الفتح الإسلامي إلى الآن فتوغلوا في الوطنية من أمدٍ بعيد. وأما الترك فإنهم وإن تأخروا عن العرب في الاستيطان ولكنهم هجروا بلادهم وتعاقبوا الإقامة ولداً عن والد حتى نسوا بلادهم فلو عاد أحدهم إليها لكان أجنبياً فيها لطول العهد فإن منهم من له عشرة أجداد في مصر ومنهم من له أكثر وأقربهم من دفن أباه فيها وولد بين أهليها فصارت وطناً صحيحاً لكل قاطن فيها من هذا الجنس العالي الهمة بل كلهم مصريون أصليون لا يميزهم من غيرهم إلا المحافظة على لغتهم بالتلقي عن الآباء والأمهات. وأما الجركس فإن من ولد منهم في مصر فحكمه حكم العرب والترك ومن ولد في غيرها فقد جاءها صغيراً دون سن التمييز في الغالب وربما أنهُ لا يعرف اسم بلده أو والده ووالدته عند كبره لمفارقته وطنه قبل المراهقة فهم مصريون حقيقيون لا يمتازون إلا بمعرفة أصل الجنسية بينهم. والأقسام الثلاثة تجمعهم الرابطة الدينية قبل الجامعة الوطنية. فاعتبارنا الأجناس الثلاثة مع الأقباط مصريين اعتبار صحيح حجته المشاهدة والعيان. وقد امتزجت جموعهم هذه بفريق من إخواننا السوريين فشاركونا في الإدارة والتجارة مشاركة ذكرتنا اتحاد المصريين والفينيقيين في العصور الأولى حيث توحدت جامعتهم وبها شرقوا وغرّبوا وملأوا الدنيا بعلومهم وصنائعهم وعلموا الأمم القديمة علوم المدينة فأحسنت اليونان الأخذ عنهم قم قاموا عليه بعد أن تربوا تحت أحضانهم فانعكست الدورة وانتقلت السيادة إلى اليونان إلى أن جاء

اعتذار

الفتح الإسلامي واشتغل علماء العرب بالعلوم الحكمية اليونانية ثم تبودلت بين المسلمين والمسيحيين والإسرائيليين حتى رجعت الدورة على ما كانت عليه. يشهد بذلك ظهور الألوف من النبهاء والبلغاء والجهابذة ومئين من المؤلفين وتشكيل المحافل من المصريين والسوريين على اختلاف أديانهم لا ينظرون إلا إلى وجهة واحدة هي حفظ الشرق للشرقيين. وهذا الذي دعا الجرائد الأجنبية للثناء على أعمال هذه الجامعة ومدح القوة الحاكمة والرضا بهذا النظام البديع. فإذا عاد هذا الاجتماع تفريقاً معاذ الله تعالى بأن تعصب كل فريق لجنسه أو دينه فقد وقعنا فيما وقع فيه السابقون وعكسنا على الحكومة المصرية مساعيها الجليلة في توحيد الجامعة وقطع عروق الشحناء. فعلينا معاشر المصريين والسوريين أن نحيي ما أماته التخاذل من مجد السابقين وشرف المتقدمين فإن التاريخ يتلو علينا من فضلهم آيات ويؤكد لنا أنهم ما وصلوا إلى ذروة المجد بالمعارضات الدينية ولا بالمنافرات الجنسية وإنما ظهر مجدهم في مصر وصيدا وصور وقرطاجنة بالجاذبة الكهربائية المسماة بالجامعة الوطنية والاختلاط العمراني. فالناس شتَّى في التنافر والمِرا ... والكل إن ألَّفتهم إنسان اعتذار سي ظرافت بات مخموراً فأصبح مريضاً من تلك السكرة وعندما يشفى نسمع حكايته وننشرها. وباب التهذيب يتخلل مطالب الأعداد ولكن على غير توالٍ. ولدينا رسائل وأسئلة ندرجها بالأعداد الآتية إن شاء الله تعالى الأول فالأول ولا نقبل من الأسئلة ما يخالف مشرب الجريدة.

الاقتصاد الشرقي

الاقتصاد الشرقي الفصل الثالث في الأخلاق والعادات وعدنا في عددنا الماضي بالمقابلة بين الملابس والفرش القديمة والحديثة. وحيث أن أثاث البيوت يعتنى به عند الزواج غالباً وما بعده يكون من باب المحسنات فلنذكر عاداتنا القديمة والحديثة ومنها يعرف الفرق بين اقتصاد الآباء وإسراف الأبناء. الناس هنا على ثلاثة أقسام أيضاً فقير ومتوسط وغني أو أمير. فالفقير الريفي كان يقتصر في تجهيز بنته على مقطعين من قماش تصنعهما ثلاثة أثواب ومقطع آخر تصنعه جلباباً يسمونه الآن خَلَقَة أو توباً وعَصبَةٍ تلبس على الرأس تصنع في المحلة الكبرى والمقاطع تصنع في سِرس وقليوب وبلبيس وغيرها. وعلى حَلَق وأساور وخزام وطوق عند أهل الشرق كلها فضية. وبرقع عند سكان الشرقية وبلاد البحر الشرقي وسكان براري بلقاس والمعصرة والزاوية فإن نساء غير هذه الجهات من البحيرة إلى أسوان يمشين مكشوفات الوجوه وبعضهنَّ إذا رأت رجلاً ضمَّت طرفي ثوبها على وجهها وعضت عليهما بأسنانها. وعلى صندوق يصنعه نجار بلدي وبعض طيب. أما الفرش فإن كان من سكان البراري وبلاد الأرز اكتفى بقش الأرز والبردي يفرشه كل ليلة وتغيره المرأة في الصباح لتوليده البرغوث لو بقي وإن كان من سكان غيرها اكتفى ببردة منسوجة

من خيوط قطنية تغزلها النساء والغلمان أو حصر من البردي. والغطاء إن كان في الشتاء أوقد فرن القاعة بالحطب فتحمى فلا يحتاج إلى غطاء وإن برد آخر الليل دخل هو المرأة تحت الدفئية حتى يصبحا وفي الصيف ينام مع زوجته وأولاده على السطوح تحت السماء. ومتوسط الريف يزيد في الثياب غزلية يقال لها رومية تصنعها المرأة سراويل ولبة من ذهب وربما زاد ثوباً من الكريشة التي تصنع في دمياط ومخدتين للرأس حشوهما قش فإن كان شرقاوياً زاد سركوجاً (هي كلمة تركية أصلها سَرْقوج أي طير الرأس تشبيهاً له بطير واقف على الرأس) وهو عبارة عن كيس من حرير أخضر وأحمر واسع الفم ضيق الأسفل تدخل فيه المرأة شعرها ثم تسحبه حتى يغطي رأسها والأغنياء يخيطون فيه بعض نقود من القرش والبشلك أو الخيريات الصغيرة. وبعضهم يزيد عيوناً للبرقع وهي سلاسل خمس أو ست تعلق في جانبي البرقع قد علق في آخرها قطع مستديرة يسمونها البرق وقد تكون من نحاس أصفر أو من فضة والأغنياء والأمراء يصنعونها من ذهب ولكن الذهبي منها إنما حدث في العهد الأخير. وغني الريف يصنع الحلق واللبة والأساور والخزام والعيون والطوق من الذهب ويزيد عليها خلخالاً من الفضة. ويجعل الثياب من الكريشة ويضم إليها شعرية وهي فوطة من منسوج حريري لها أهداف مفتولة تضعها المرأة على رأسها. وسواعد وهي قياطين من حرير في أطرافها أصابع مجدولة تضرب على أرداف المرأة هكذا وهكذا وربما فضضوا تلك الأصابع وتجتهد المرأة في رفع طرحتها عن الأصابع حتى تظهر للناظرين

عجباً وخيلاء. ومَلساً تتغطى به في الطريق والولائم وبعض سراويل من القطني وهو نسيج مصري من قطن وحرير تلبسه النساء سراويل والرجال قفاطين أو من الشاهي (نسبته إلى الشاه أي الملك إما لكونه كان يصنع له أولاً ثم ابتذل أو لكونه كان يصنع ويباع لحسابه) وهو نسيج مصري أيضاً من قطن وحرير ولكن حريره أقل من القطني ولذا يكون سعره نصف سعر القطني غالباً. وقد انتقلت صنعته إلى الشام وصار يصنع في الإقليمين ثم أخذته أوروبا ولسرعة العلم بالماكينات وغش القطن والحرير أنزلوا سعره إلى حدٍّ بارت به تجارة مصر والشام من هذين الصنفين. أما الفرش والغطاء فالفرق فيه بين الغني والفقير واهٍ وبعض الأغنياء من العمد يزيد دِستاً (قدراً) للطبخ فيه وبعض صحون من النحاس ويبعث مع ابنته بكثير من صناديق الكعك وجاموسة أو جاموستين ليساعد الزوج في معاشه وبعضهم يصنع السراويل من نسيج حريري يسمى السلاوي (نسبة إلى سلا مدينة من مدن الغرب الأقصى) وبعضهم يعلق على البقع بعضاً من النقد الشهير بالبندقي (نسبة إلى بلاد البندقية وهي نسبة الذهب الذي ضرب منه لا نسبة الضرب) أو المحبوب أو المجر. ويندر أن يكون لبنت الغني نعلٌ تمشي فيه فإن اتفق فمركوب يسمى الصرمة تلبسه المرأة عند خروجها من البيت لزيارة جارتها (والأصل الصِّرم وهو الخف المنعَل حرفوه وأنثوه وقالوا صرمة) والمهور كانت من عشرة ريال (الريال بتسعين فضة) إلى مائة أي إن قل مهر اثنان وعشرون قرشاً ونصف وأكثره 225 قرشاً وهذا كان في حكم النادر الوقوع وكانوا يدفعون

الثلثين ويؤخرون الثلث وبعضهم يؤخر النصف وبعضهم يكسو الزوجة ويأخذها ومواد الوليمة خاروف أو عجل وأرز وبصل يصنع فتاً أو لحم دمعة أو لحم يخني أو محمراً والغني يزيد أرزاً بلبن ومشمشاً يابساً يطبخ مفرداً أو بلحم والبعض يضع عليه بصلاً. أما فقير المدن فكان يقتصر في الكسوة على مقاطع قماش أيضاً وملاءة من القطن وسراويل من كمبريت (نوع من البفتة المتينة) ولحاف ومخدة وحصير من السمار أو البردي وحلق وأساور وخاتمين من فضة وحلة وصحنين من نحاس وأربع من زبادي الفخاري أو خمس وصندوق ومكحلة ومرآة قدر الكف. والمتوسط يستبدل الكمبريت بالغزلي أو الألاجة أو الشيت عند ظهوره ويجعل الحلق واللبة من الذهب ويزيد مرتبة ولحافاً وأربع وسائد ومرتبة طويلة تسمى شلتة وطوالة ومندراً وأربع حلل أو خمساً وعشرة صحون وسلطانية نحاسية للشوربة وبكرجاً للقهوة وشمعداناً من الخشب وكرسي عشاء وصينية (كأن أصل صنع الصواني كان بالصين فلذا نسبت إليه) وطشتاً وإبريقاً. والأمير والغني يستبدل كل منهما الثياب الغزلية الكتانية بالثياب الحريرية من الأطلس والسلاوي والإسكندراني والأصفهاني والقطيفة ويقصبون ما يريدون منها بالإبرة الشهير عملها بشغل الطارة لكون الصانع يضع القطعة الحرير على الطارة ويشدها شداً محكماً ثم يطرزها فهو من باب تسميه الشيء باسم آلته ويضمون لذلك بعض الأصواف كالأبخوري والتيبيت ويفصلون من ذلك الليلك وهو ثوب يخاط إلى ما

تحت الثديين ثم يترك شقتين كل شقة تزيد على طول المرأة ذراعين فإذا لبسته أخذت طرف الشقة ورشقته في حزامها. والبلكة وهي عبارة عن ثلث ثوب له كمان يصلان رسغ اليد تلبسها المرأة فوق الثياب تزيناً وبعضهم يزركشها وبعضهم يطرزها بالقصب والكركة وهي نوع من الملبوس قصير ينتهي إلى آخر الثديين ولا كم له تزرره المرأة تحت ثديين فيرعهما وييبسهما فكانت بدل الآلة الإفرنكية المسماة (بالبوستي) المصنوعة من أسلاك مغطاة بالبفتة البيضا محكمة الصنع لتضم صدر المرأة وثدييها. والتنورة وهي كالفستان لها باكية تدكك فيها وتلبس تحت الكركة أو السلطة أو الليلك فتصير كالفستان. والشنتيان وهو سراويل واسع الرجلين تثني المرأة طرفه وتربطه عند منتهى الساق ثم تلقيه مثنياً إلى ظهر الكفين وغير ذلك من الملابس القديمة. وبدل الملاءة يشتري سابلة وهي ثوب من حرير دقيق النسج تلبسه المرأة تحت الحبرة لتمشي فاتحة يديها بالحَبَرَة فتكون الثياب مستورة بالسابلة وهذا سبب تسميتها سابلة أي مُسبلة وإلا فإن أصلها سَبَنية نسبة إلى قرية من قرى بغداد تسمى سَبَناً وهي عبارة عن أُزُر سِوِد كانت تلبسها النساء جلابيب فوق الثياب فلما لونت لبسنها تحت الحَبَرة وهي نسيج من حرير أسوط تتخذه النساء أُزُراً الآن والأصل حِبَرة وكانت تصنع في اليمن قبل ذلك فحرفوها حَبَرة. وفرش الغني والأمير بساط عجمي كبير وسجادة للصلاة ومراتب للنوم وألحفة ومراتب للجلوس على ألواح من الخشب تسمى كرويت وسرير من خشب مخروط له نامسية وطشوت وأباريق وحنفيات وأطباق

باب الأدبيات

وحلل وظروف ومباخر وشمعدانات وصواني وبكارج ومناقد (مواقد) وطاسات للحمام وأغطية للقلل كلها من نحاس وصناديق متينة وكراسي جلوس من الخشب مجلسها من القش والمفتول ودكك خشبية لا فرش عليها وكرسي شمعة وكرسي وضوء وكرسي مطبخ كلها من الخشب البسيط. ويطبخون في ولائمهم المطابيخ النفسية الجارية على عادة أهل البلاد من العرب والترك والجركس ويزفون كلاً من العروسين بالطبل والمزمار ويقضون ليالي الأفراح بالقرآن الكريم أو الذكر أو الإنشاد أو مغنى الآلات أو العوالم (أي المغنيات من النساء). كف أيها القلم فقد استطردت الكلام وأطلت الحديث وأبلع ريقك الآن حتى يأتي الأسبوع القادم عن شاء الله تعالى فاشرح لنا ما عليه الناس مما انتقلوا إليه بالتقليد الأعمى والمشابهة الصماء ليمتاز الاقتصاد من الإسراف. باب الأدبيات هذا الباب فتحناه بطلب كثير من الأدباء وقد ألزمونا بتصديره بأبيات من شعرنا في الاختفاء فاعتذرنا لبعضهم بأن معظم شعر الاختفاء استغاثات ومدائح نبوية وآلية وهذه الصحيفة قد اشترك فيها مع المسلمين كثير من المسيحيين والإسرائيليين وما هو من خصائص أمة لا يحسن في عين غيرها فقال نكتفي منك بنشر صدور المدائح إلى التخلص فيما لا يتناسب نشر ما بعدهُ وإرداف ذلك بالعام الذي لا يتقيد بممدوح

فإجابة لطلبه أقدم صدور مختارات القصائد مع بعض المقطعات فإن حسنت في أعين العموم والينا النشر. فمن ذلك صدر قصيدة حسنية وابتدأت بها لكوني حسني النسب من جهة الأب انتهي إليه من طريق سيدي ومولاي إدريس الأكبر بن سيدي عبد الله المحض الملقب بالكامل أيضاً ابن سيدي الحسن المثنى بن سيدي ومولاي الحسن البسط بن إمام المؤمنين سيدي ومولاي علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم. واسم هذه القصيدة شكوى النديم إلى جده العظيم ملك الحسن دولة العشاق ... بعد حرق القلوب بالأشواق أرسل التيهُ للتصبر جنداً ... أنزل الدمع من حصون المآق صال بالقد والعيون رماةٌ ... ترسل السهم في كمين الصفاق والهوى صارع الفؤاد فلما ... غزَّه جرَّه من الأطواق وفريق الدلال لما تبدى ... كسر القلب واستباح البواقي وبديع الحمال لما تولَّى ... وضع العقل في شديد الوثاق مال للظلم فاتك كان يدعى ... عادلاً في صفا زمان الوفاق كان قلبي لكل عضو رئيساً ... صار طوع العيون والأحداق كلما لاح في الوجود مليح ... قدمته لحبه بالخناق أظهرت عفة وأخفت هواها ... في اختلاس يرود لثم العناق كاتبت أختها فدمعي مداد ... وخدودي صحائف الأوراق سودتها بأثمد الجفن لما ... بيَّضت عارضي من الإشفاق سالمت دولة المحاسن لما ... سلمت قلبها لدى الإخفاق

تهنئة قدوم

ذَلَّ هذا المليك من بعد عزٍّ ... حين باتت جنوده في شقاق برطلت قومه العيون بغمزٍ ... يوهم الوصل عند ترك السباق ووعود الملاح للعين مدَّت ... تلِفونا منها إلى الأعماق ومثير اللهيب فسفور جسمي ... وارتجافي بدِينَميت الفراق تطبع العين في السويدا رسوماً ... بالفُتُغراف من قدودٍ رشاق وإذا أظلمت مسالك قلبي ... نورتها بكهربا الإشراق صرت أحكي السماع من غير فكر ... كالفُنُغراف من عظيم اشتياقي ووريدي مع الشرايين أمسى ... منبع الغاز من فحوم احتراقي لا تلمني بصبوتي وغرامي ... إن ماء الغرام حلو المذاق كررته على حريق عظامي ... صبوتي سكراً بعصر المراق والتصابي إذا أقام بقلب ... أخرج العقل عن حدود النطاق لست أسلو ولو أذوب غراماً ... أو يدير الفناء فوقي السواقي لذَّ لي الوجد مثل ما لذ مدح ال ... حسن البسط طاهر الأعراق نبعة المجد منتاه حلاه ... وابن من سار للعلى بالبراق وهي خمسة وتسعون بيتاً اشتمل عليها ديواننا المسمى. ترصيع الماس. في خير الناس. وهو خاص بشعر الاختفاء الزائد عن عشرة آلاف بيت. تهنئة قدوم شرَّف وطنه العزيز نبعة الفضل وغصن دوح المجد وفرع شجرة السيادة

وجامع نسبتي الشرف أفضل الفضلاء وأجل النبهاء وإمام الأذكياء وعين أعيان السادة والوجهاء صاحب السماحة السيد الأجل الماجد توفيق أفندي البكري الصديقي تصحبه السلامة وتلازمه الكرامة وترافق الصحة كل عضو من أعضاء ذاته الكريمة. وقد أشرقت أنوار مجده السامي على رتبة الوزارة العلمية (قاضي عسكر) فشرفت بتوجيهها لسيد ارتفع مقام سيادته على ذروة سنام الرتب وطلعت بدور فضله على النيشان العثماني من الدرجة الأولى فحظي بوضعه على صدر مليء حكمةً وعلماً فنهنئ الرتبة والنيشان بما نالاه من النسبة إلى نسيب تتلو المفاخر آيات حسبه الجليل ومجده الأثيل كما نهنئ مقامه الرفيع بما ناله من توجهات الحضرة السلطانية الفخيمة وما خص به من عناية سيدنا ومولانا أمير المؤمنين الذي أحل عنوان كتاب الفضل محله ولا بدع فمولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى أعرف الخلفاء بمقام أهل الفضل والسيادة وأولى الناس بمن تولوا حضرة جلالته العظمى بمعرفة سلطته الملوكية وسيادته العامة وغذوا أرواحهم بمحبته حتى صاروا يرونها من مواد الحياة. وليست تهنئتي لهذا السيد الأفضل تهنئة خاصة بذاته الشريفة بل هي لجميع المصريين فإنه فرد لا يثنى بينهم ولا يزاحم فيما له من الخصائص والفضائل فكأن هذه الرتبة وجهت إلينا معاشر المصريين جميعاً وهذا النيشان تحلت به الصدور التي امتلأت بقدومه سروراً وحبوراً وإن تنازل لقبول هذه التهنئة مع القصور والتقصير كان متفضلاً بقبوله. عبد الله النديم عبد الفتاح النديم

الجاه

الجاه من يوم صدور العدد الأول والتقاريظ متواردة وقد اعتذرنا لأصحابها فلم يقبلوا وأبوا إلا نشر تقاريظهم فمع عدم الرغبة منا ننشر القصير منها برمته ونقتصر على بعض طويل العبارة ونلحق ذلك بباب الأدبيات فمن ذلك تقريظ من فاضل إسكندري نسأل الله أن يعجل له بالفرج وحسن الخلاص. وهو بشائر النجح في مصر قد انتشرت ... وطالع السعد بالأستاذ عززها صحيفة نشرت بين الورى حكماً ... فكر النديم خطيب الشرق أبرزها فالصدق ألفها والحق حالفها ... والفضل أرخ أستاذ النديم زها م. وسنة 1310 1162 135 12 والبقية تنشر على التوالي إن شاء الله تعالى. سعيد وبخيته س. ازيك يا بخيته انت خدامه فين اليوم. ب. ما فيش. س. ما فيش خدم خالص. ب. ما فيش. س. ورايحه تعملي ايه دلوقت. ب. أنا عارفه يا خويه يا ريتنا فضلنا عند أسيادنا كنا قاعدين مبسوطين ناكل ونشرب وننكسي أربعة وعشرين قيراط. س. ولكن يا أختي كنا عبيد مذلولين وكانوا أسيادنا يضربونا ويعذبونا وأما دلوقت بقينا أحرار وزينا زي أسيادنا جاتهم داهية يا ما عملوا فينا. ب. صحيح

إننا بقينا أحرار والحرية طيبة ولكن ما تدعيش على أسيادنا احنا جينا من بلادنا زي البهايم وهمّا اللي علمونا الكلام والحديث وعلمونا النضافة والأكل والشرب واللبس وعدلوا لساننا بعد ما كان الواحد يتكلم كلام ما حدش يعرفه. كثَّر خيرهم وشكر الله فضلهم. ويعني يا سيدي هما كلهم كانوا بطالين أهم فيهم وفيهم. أنا كنت عند ستي زي بنتها وكان سيدي إذا جه يضربني تتخانق ويّاه وتخبيني منه وكان إيدي بإيديها في الأكل والشرب. يعني ما كانشي ناقص الواحده إلا الحاجه دِكهيَّه س. لكن يا أختي ما تفتكريش لما كان الواحد منا كل يوم عند سيد الجلابه يورينا العذاب أشكال وألوان. ب. يعني يا خويه كنا كل يوم عند سيد واحنا دلوقت ما احنا كل يوم عند سيد الواحده ولاّ الواحد منا يخدم عند دا جمعه وعند الثاني شهر وداير من بيت البك لبيت الشيخ لبيت الأفندي لبيت الخواجا يعني الإنسان داير ملطمه وكمان بيرضى بالأمور اللي ما يصحش الكلام فيها ودا كلو من الغلب. س. بقى على كده كنت تحبي الرق ولا تحبيش الحرية. ب. أنا موش أحب الرق بس أنا بأقيس حالتنا وبهدلتنا على الحاله اللي كنا فيها بالاقي فرق بعيد. وأما الرق أنا سمعت من سيدي التاني وهوّا عالم طيب كان سألني وقال بلادكم مسلمين ولاّ ايه قلت لو مسلمين قال بقى ما يجوزشي افتراش الواحده منكم إلا بعقد فان الاسترقاق باطل وسمعته يتكلم ويّا واحد عالم كلام كتير في الجلابه وخطفهم أولاد المسلمين وبيعهم ولكن راح من بالي دلوقت فانا أعرف أن الحرية طيبة ولكن مسألة عتقنا وتركنا

في السكك دي بطاله كتير. س. والله كلامك صحيح لو كانت الحكومة بدال ما تسيبنا بطالين تجمعنا وتعطينا أراضي بور من الأراضي الميرية في برية بلقاس وسيدي غازي والمندوره وأراضي البحيرة الواسعة وتعطينا مواشي وآلات وتتمنهم علينا ولما يطلع المحصول نسدد المطلوب شيء فشيء كانت تحيي بنا أراضي كتير وتحيي أنفس كتير وسنة في سنة تعمر الأرض ويبقى فيها بلاد وتاخد من أولادنا عسكر ومن الصنايعيه ويركو وتضرب على الأراضي ضريبه زي ما بيعمل السلطان أنا سمعت انه جاب الناس اللي طلعوا من بلادهم وِدّالهم أرض في حوران وفي الشوبك وفي البلقا وصرف لهم فلوس جابو بها بهايم وآلات وعمروا الأرض وبنوا فيها بلاد كتيره وصار ياخد منهم الخمس ويترك لهم الباقي حتى صبحوا ناس وكسبت الدولة بلاد وفلوس وبني آدم. فلو كنا نعمل زيهم تكسب الحكومة مكسب طيب واحنا نلم بعضنا وتجوَّز بعض ونقعد متهنيين. ب. أي والله كلامك طيب يا سعيد وقول حاجه كمان. لو كانوا لما يعتقوا الواحد منا يعطوه لسيده وياخدو عليه تعهد انّو ما يضربناش وكنا نرجع نقعد ويّا أسيادنا إلا الواحد منا ساعة ما يطلع من عند سيده يفتكر انُّو طلع من جهنم ويفرح بالعتق ولكن يبات ويصبح يضرب راسه في الحيط. س. انت ترجعي وتقولي أسيادنا أسيادنا احنا مالنا ومال أسيادنا همّا في حالهم واحنا في حالنا قولي لو كانوا الجماعه الأغنيا يعملوا جمعية تجارة ويجمعوا فلوس من بعضهم ويفتحوا لنا محلات شغل نشتغل فيها بالأجرة وكمان أهل البلاد يساعدوهم ويشتروا الحاجه اللي نشتغلها

كانت العبارة تبقى معدن خالص. ولاّ لو كان الجماعة المقاولين يجمعونا ويعملونا فرق ولك فرقه لها شيخ وكل ما ياخدوه مقاولة ترعه ولاّ عملية جسور أو قناطر يستعملونا في الأشغال من تحت أيديهم واحنا يا رجّاله نلم إخواتنا النسوان ونجوَّزهم ونقعد بهم في حته كانت تبقى عال. وأما مسألة الخدمه في البيوت دي صارت هزيان والخدامين كتير من البرابره والصعايده وأولاد البلد. ب. مش تقول الخدامين كتير قول الواحده منا تخدم لما تموت وكل جريها رايح للمخدّم ولاّ المخدّمة. لاني لما أقعد عندها جمعه ولا اتنين على ما يجي واحد يا خدني تكون عملت عليه حسبه طويله في الأكل والشرب وما يلحق الواحد يسد لما يطلع من عند سيده ويجع لها وهيّا ترجع تحسب على الواحد زي ما يعجبها تلاقينا ما احنا عارفين نعمل ايه ولا يغركشي الأولاد اللي طلعوا تلفانين دول افتكر في الناس الطيبين منا يا ما نسوان ما هي راضيه تفرط في عرضها وعلى شان كده تلاقيها كل يوم في بيت وياما جدعان يعبوك في المرجله ولا يحبوش الكلام الفارغ ولا يتوسطو فيه وتلاقيهم دايرين ملطمه ودَا اكمن الناس دلوقت بقت بطالة ومسألة الحرام والحلال دي بقت عندهم كلام فارغ آهو كل من طاب لو شي يعمل ووزي ما تجي تجي. س. احنا ننشر كلامنا دا في الأستاذ ونشوف أهل المروءة يعملوا لنا ايه إياك الناس المتقدمين والأغنيا يسعوا لنا في حاجه طيبه ونبقى زي الناس وربنا يجزيهم عنا خير.

مرويات

مرويات الأولاد غير الشرعيين أحصى عدد الذين يولدون في ممالك أوروبا من غير زواج شرعي فوجد عددهم من كل ألف مولود على ما في الجدول التالي. ارلندا 26. روسيا 28. هولندا 32. انكلترة 48. إيطاليا 74. فرنسا 82 اسكتلندا 82. اسوج 100. بافاريا 140. النمسا 146. ويظهر من ذلك أن عدم العفة لا يتوقف على المذهب ولا على الغنى والفقر والعلم والجهل ولم يزل السبب الحقيقي مجهولاً ولعله متعلق بالوراثة والمصاعب التي تحول دون الزواج. (مقتطف) (الأستاذ) يظهر أن اختلاط الرجال بالنساء في المجامع وتخاصرهم في المراقص وتداول كاسات الخمور بين الفريقين من اكبر دواعي ترك العفة مهما بلغ تهذيب المرأة صغيرة فإن كثرة علومها تصل إلى حد التلطف والتحايل على أداء الغرض بصورة لا تنكر عليها لا إلى مغالبة الفطريات والغرائز خصوصاً إذا كانت شابة في عصمة شيخ وقد أبيح لها مخاصرة الفتيان وتأثر الغشاء المخاطي بالملامسة والعين بنقل الصورة فإن الحركة الاستحسانية تصل إلى المخ في أسرع وقت وهو يردها على الأعضاء هياماً وثورة غرام فهذه نساء الشرق الفلاحات اللاتي يجتمعن بالرجال اجتماعاً إما صدفة أو لغرض صحيح لما لم تبح لهم محادثة الشبان ومغازلة الغلمان ومخاصرة الفتيان ندر فيهم الميل لترك العفة لعدم توفر الدواعي. فالعفيفة في نساء الغرب مع هذا الاختلاط الكلي حكيمة قاهرة لفطرياتها دائمة

رثاء

الحرب بين لذتها وشرفها. ولعل ذلك هو الداعي الأصلي وما بعده عوارض عليه وهذا العدد لمن تحقق مجيئهم بلا أب شرعي وربما كان فيمن ينسبون إلى الآباء بحكم المعاشرة وهم أدعياء في الواقع ما يزيد عن هذه الأعداد ولكن للتستر بالزواج لم يعدوا وبالجملة فإن اجتماع النساء والرجال في مكان واحد بثياب الزينة يحدث تيار غرام كهربائي لا يقطعه إلا الوصال. رثاء رزئنا بوفاة من ألقيت عليها سُتُر العفة في خدر العصمة وكانت وعاءً لفرع مجد وغصن شرف السيدة الشريفة العلوية والدة صديقنا الماجد السيد يوسف خفاجه المنشد وأقيمت ليالي المآتم فازدحمت بأمراء مصر وعلمائها وأعيانها ونبهائها حتى كأن المصاب عم كل بيت فأرسل نائباً عنه يعزي هذا السيد المحبوب عند طوائف المصريين وقد كانت صالحة قانتة قضت عليها الوصلة النبوية بالتمسك بما كان عليه الآباء من السنة الطاهرة فأمضت عمرها في تقوى وطاعة وقد بذل ولدها الماجد جهده في استحضار أمهر الأطباء وأشهرهم ولكن حال بينهم وبين الشفاء حضور الأجل المحدود فلم ينجع الدواء ولن يؤخر الله نفسه إذا جاء أجلها. فنسأل الله تعالى أن يلهم ولدها البار بها صبراً جميلاً. فجئنا بوفاة السيد عبد الحميد عزت نجل شقيقي السيد عبد الفتاح أفندي النديم مدير الجريدة بعد مرض تعاصى عن الدواء لحلول الأجل

البوسطة

وكان وحيداً عند أبيه وأمه وعمه وجده وجدته فلذا كان الأسف عظيماً والحزن ملء البيت نسأل الله تعالى لوالده وآل بيته صبراً وتعويضاً حسناً بفضله جل شأنه. البوسطة جاءتنا جوابات عديدة من جهات متفرقة يشكو محررها من عدم وصول الجريدة لهم وقد تعونا من البوسطة حسن نظام واستقامة من عهد إناطتها بعناية سعادة سابا باشا فبعد أن حررنا كشفاً بالجهات التي تعدد ذهاب الجريدة فيها وعدم وصولها لأربابها وأردنا تقديمه لسعادته عدلنا عن ذلك رجاءً أن ينتبه المتهاون فإن عادوا اضطرتنا الحال لتقديم أسماء تلك المكاتب لسعادة المدير حرصاً على انتظام مصلحة مصرية شهد لها الأجنبي قبل الوطني بحسن النظام. المنحة الدهرية أهديت إلينا نسخة من المنحة الدهرية في تخطيط مدينة الإسكندرية وهي من تأليف الفاضل التحرير والجهبذ الكامل صديقنا محمد أفندي مسعود صاحب جريدة الآداب ومحررها وهي منحة ما منحها غيره فقد جمعت ما تشتت من تاريخ هذه المدينة الشهيرة وقد توخى الصدق في الخبر عنها واجتهد في ترجمة كثير من العبارات الأجنبية التي لم يلم بها غيره وأردف الواقع بالروايات المختلفة قديمة وحديثة ليميز القارئ بين الحقائق والوهميات فنرجو إخواننا الوطنيين أن لا يقصروا في المسارعة لمشتراه قبل أن ينتهي المطبوع منه ويعز الحصول عليه.

العدد 5

العدد 5 - بتاريخ: 20 - 9 - 1892 المرافعة الوطنية رفع الوطن العزيز دعوى على أبناءه في محكمة الحقوق ونادى منادي العدل أنه ستنعقد الجلسة المشكلة من حضرات الفاضلين التمدن والعمران ورئيسهم النظام التام فمن أراد الحضور من ذوي الألباب وطلبة الحقوق فليحضر هذه الجلسة العلنية فهرعت مع من هرع وزاحمت الواقفين في ساحة المحكمة حتى صرت على مقربة من موقف الوطن العزيز وكان أبناؤه أنابوا عنهم المدنية الحاضرة لتذب عنهم وتقيم الحجة عليه. فلما انتظمت الجلسة فتح الرئيس الجلسة باسم القابض على زمام الحقوق تأييداً وتنفيذاً وبعد تلاوة أوراق القضية طلب من الوطن إثبات مدعاه وإقامة البرهان عليه فبادر قائماً وقال أتقدم بين يدي حضرات أعضاء المجلس الموقر ورئيسه المرجوع إليه بتقديم خضوعي للهيئة الحاكمة واعترافي بحقية القانون وعدالته وإقراري بأن

الأمة المكفولة حقوقها بمحاكم متنوعة الاختصاص هي أمة المدنية والمساواة في الحقوق الوطنية. وأردف هذا كله بما يحس به كل عضو من أعضائي من سريان الفرح في كل ذات من ذوات المحكومين لبعدهم عن مهواة الاستبداد وتخلصهم من قيد الاستعباد وتمتعهم بنعمة أمير سوّى بين العظيم والحقير في الوقوف بين يدي سطوة العدل الناطق بها القانون المؤيد بتنفيذ الحاكم الأكبر اعتماداً على القضاة المقيدين بالنصوص الشرعية والمواد القانونية. وهذا الذي دعاني للوقوف في المقام الكفيل بالإنصاف. فإن تنزل حضرات القضاة الفضلاء لسماع دعوى العارف بقدرهم وعلو مقامهم وطهارة نفوسهم الزكية وبعدهم عن الدنئيات فإني بلسان الحق ولهجة الصدق أقول: هؤلاء أبنائي الذي حضنتهم صغاراً وبذلن لهم خيري كباراً قد أحللتهم في روضةٍ خصبة الأرض طيبة التربة غزيرة الماء نقية الهواء حسنة الموقع الجغرافي لا تكلفهم في طلب معاشهم وتعظيم ثروتهم أكثر من حرث المزارع وبذرها وخدمة ما زرعوه وقتاً قصيراً فإذا طاب أخذوا منه الغذاء واللباس وما يتفكه به الإنسان من أطيب الفواكه وأحسن الخضر ثم باعوا الفال عن الضروريات بالذهب الرنّان واشتروا به المحسنات العمرانية وجددوا المآثر المدنية وأحيوا من ميت المجد ما صيرني عروساً حنَّت إلي النفوس عشقاً وهياماً فانجذب إليهم بكهرباء حُسنى أناس هجروا أوطانهم ووصلوني وخربوا بيوتهم وعمروني وخرجوا من ظلم جوهم إلى نور جوى الزاهي واستغاثوا بثروتي من فقر بلادهم الذي ألصق أيديهم بالتراب أغثتهم بالذهب الأحمر والنعمة الكبرى وجرى الفريقان أبنائي والغرباء في طريق العمران

فبنوا المباني الشاهقة الجميلة ووسعوا دوائر مُدني إلى حد زاحمت فيه إسكندرية باريس وفاخرت به مصر لندن وعارضت به الهيئة العمومية كثيراً من البلاد التي قطعت الدهور الطويلة في الوصول إلى ما وصلت إليه في قرن. ثم انتقلوا من صور الملابس والطعام والشراب إلى ما هو حسن في اعتقادهم وجميل في مناظرهم. وكل هذه حقوق منحوها بعنايتي بهم وحسن توجهي إليهم فلم أترك حقاً من حقوق المدنية المنتشرة في عالمي الشرق والغرب إلا وقد مكنتهم منه ومنحتهم إياه. وكنت أظن أنهم يؤدون حقوقي الشرعية التي أوجبها عليهم شرع الوطنية وحفظها لي استيلاؤهم على حقوقهم الشخصية والاجتماعية فلما رأيتهم تمادوا في الإغضاء وتغافلوا عن حقوقي التي لعبت بها أيدي الضياع بينهم ناداني لسان عدلكم القويم هلّم هلّم وأبسط دعواك بين أيدي حفظة الحقوق فإنك لا تظلم في حق من حقوقك وها أنا بسطت لسادتي أُمناء الشريعة والقانون ما كان من شأني معهم وبكل احترام وتعظيم أطلب من عدل المجلس الحقي تكليف أبناء بإعطائي حقوقي الشرعية والمدنية وإلزامهم بالمصاريف التي يقتضيها مقام تنفيذ الحكم العدل في أمة تواطأت على أكل حقوق من وفاهم حقوقهم الوطنية والمدنية. هذا والمستعين على رد حقوقه بهذا المجلس العادل من أبنائه الذين أجلسهم على بساط العز الوطن الجامع المسمى بين الأوطان مصر. المدنية الحاضرة ثم جلس وقامت المدنية الحاضرة فقالت إن هذا الوطن العزيز ادعى دعوتين الأولى إيفاؤه موكلي حقوقهم والثانية مطالبته بحقوقه منهم. فعن

الأولى أقول إن أبناءه ما تحصلوا من حقوقهم إلا على شيء قليل فإن معظم مدنيته لغيرهم وإنما هم متفرجون على ما فيه فحكمهم حكم ضيف نزل البلاد ليرى ما فيها. وأما عن الثاني فإنه لم يبين حقوقه التي يدعيها ولا أعلم له حقاً عند موكلي. وحيث أن الدعوتين بنيتا على أساس غير متين وطلب غير قانوني فإني أرجو من هيئة المجلس رفض دعواه وإني حافظ لحقوق موكلي التي اهتضمها بدعواه ونسبتهم إلى أكل الحقوق معتمداً على القانون الحق في إقامة فرع أمام محكمة الجنح لرد شرفهم الذي ثلمه بدعواه الباطلة. (الوطن) إن الذي ادعاه الخصم هو من حقوقي التي أطالب بها لا من حقوق موكليه ولكنه يموه على حضرات قضاة الهيئة ليفر مما هو مطالب به ولا يجد له محيصاً عن الإقرار به فإن الغير الذي عرض به ليس من أهل البلاد ولا من المولودين بين يديّ وإنما هم أقسام من الناس رأوا أبنائي سائرين خلف أهوائهم فجاؤوهم بالمحسنات والمشتهيات وعرضوها عليهم فانكبوا عليها شراءً واقتناءً حتى فرغ ما بأيديهم من المال عادوا إليهم بطلب الذهب بالربا الفاحش وانتهى الأمر ببيع المرتهن على ما أخذوه فوضع الغير يده على ما استحقه بجهالة أبنائي وخروجهم عن حد الأدب وميلهم مع الشهوات من غير نظر في العواقب فالذي اتخذه حجة يدفعني بها هو عين برهاني على صدق دعواي وأما حقوقي الشخصية فإنها غير محتاجة إلى البيان اللهم إلا أن يتغافل عنها ويزعم أنه لا يعرفها فإني أقدمها إذ ذاك حقاً حقاً. وعلى هذا فإني أعاود الطلب من المجلس العادل بحقوقي الشخصية والمدنية وإحالة الذين جنوا على شرفي على المحكمة الجزئية والذين قصروا في المحافظة على ما بأيديهم على مجلس

التأديب. والمجلس يستحق الشكر والثناء من الخاضع لأحكامه مصر. المدنية هذا الوطن يزعم أن موكلي اشتغلوا بالمشتهيات وتتبعوا المستحسنات الغريبة فوقعوا في الدين إلى آخر عبارته وبهذا سلبت حقوقه وامتهن قدره والحال أن أبناءه عندما انبعثت فيهم حمية الوطنية والغيرة الإنسانية اشتغلوا بالصناعة والتجارة والفلاحة والملاحة قديماً وحديثاً فكنت ترى في كل قرية الكثير من القزازين ينسجون القماش والزعابيط والدفئيات والحُرُم والملاءات وغيرها. والنساء والرجال والغلمان يغزلون القطن والكتان في وقت فراغهم من الأشغال وبهذا الاجتهاد توصلوا لعمل الملاءات من الحرير والقطن في مصر وإسكندرية والمحلة الكبرى وأسيوط وبسيون والفيوم. وعمل العصبة والغزليات والكريشة والشعاري والفوط والمناديل والثياب الحريرية في المحلة ودمياط. والقطني والشاهي والغزلي والبشاكير والفوط في مصر وإسكندرية. ومقاطع الحرائر الرقيقة سادجة ومنقوشة ومزركشة ومطرزة بالتلي والترتر والأزرار الحرير والصوف والقطن والشريط والتحرير والسواعد والبرانس الحرير والأُزُر وزر الطربوش والطواقي المقصبة والحزام والمخيش والكمر الحرير وفوط الحمام والوضوء والدكك والأكياس والمحارم ووجوه المخدات الحريرية والصوفية مزركشة وغيرها كل ذلك في إسكندرية. وعمل الشرابات (الجوارب) الصوف والقمصان والحرام (أصله الحريم لما يلبسه المحرم) والبطانيات الخفيفة والسراويل وخمر النساء والزعابيط والدفئيات الرقيقة والمقاطع الصوفي في الفيوم. وعمل الحصر في منوف والقماش في كل بلد والنعال في مصر وإسكندرية ورشيد

ودمياط. وعمل القلل والدوارق والمحالب والقدور والبلاص والزير والماجور والطاجن والبوشة والشالية والصحفة والزبدية والخابية والإبريق والقادوس والمسرجة والمصحن كل ذلك يعمل من الفخار في جريس وقنا ومصر وكثير من البلاد. وعمل القفة والمقطف والفرد والطبق والنخ والبُرش والزنبيل والسمط والنطالة والمرجونة (وعاء من خوص تحفظ فيه الأشياء) كل ذلك من الخوص والحلفاء. وعمل السواقي من توابيت وذات قواديس والطواحين المائية والحيوانية والمحراث والقصابية والزحافة واللواطة والفاس والبارية والنورج والشرشرة والمنجل والقدوم والمنشار والمسطرين والدبورة والموس والمقص والملقاط وكماشة الأسنان والنجار والمسمار والشاطور والكلاب والمسلة والميبر والسكين والحربة والبريمة والمثقاب والفارة والدقماق واللجم ودناجل العربيات وأطواقها والطشوت النحاس والأباريق والهاوون والحنفيات والمناقد (المواقد) والمباخر والقماقم والصحون والطاسات والقزانات والصواني والغلايات. وعمل الكيزان والفانوس والفنار القماش والمصافي والمسارج الصفيح. وعمل الكراسي والطبالي والملاعق والمغارف والصلايات والمراجيح (الأراجيح) والمشايات والدرابزين الخرط والسرائر الخشبية والجريدية والأقفاص والنمالي (جمع نملية لما يوضع فيه الخبز خوفاً من النمل). وصياغة القرص وترصيعه بالماس والياقوت والحلق واللبة والصنيبرة والشعيري والكردان والخزام والأساور والخواتم والقصبة والعيون والجبين والقصة والطوق والدلمج والخلخال والحياصة وقفل الحزام والمنطقة وأصابع السواعد والمرايا وظروف القهوة وبكرجها

وأزقيها وصينية القلل والقهوة وطشت الوضوء والحمام والغسيل وطاسات الحمام والشبكات والماء والمباخر والقماقم والملاعق والأطباق وكل ما يلزم لخوان الأمراء وعرائسهم وعمل العيدان والتراكيب والشمع والقناديل والسروج والبراذع والتخت روان والطبل والمزمار والعود والقانون والدف والدربكة والرباب والكبريت الفتايل والزناد وورق البردي وحجارة العيدان والجوزة والشيشة واللبد والماشة (الكماشة) والمقشة والمنشة والمروحة والمشربيات والخورنقات ودولاب السر (هو دولاب يصنع في الحائط يدور على قطب وله باب فإذا كان الرجل لا خادم له تضع المرأة الشيء فيه وتديره إليه فيأخذه إذا كان عنده ضيوف من غير أن يرى المرأة أحد) والملاعق والرفوف والسقوفات الجميلة والملاقف الغريبة والقمريات يتخلل ذلك كثير من صنعة الخراطة البديعة والنقوش اللطيفة. وعمل المراكب والذهبيات بآلاتها والقوارب. وعمل الشنف والطونس والدبلاق والدبارة والحبال وحجارة الطواحين والأرحاء وعدد الجمال وقطع الأحجار والرخام والبلاط وصنع الجير والجبس والقرب والزلع الجلد (أصلها السلع) وأكياس الدخان وخريزة النقود والشماسي والمراتب والألحفة والمخدات والناموسيات والستر والشلتات والمنصات والدكك والكرويت. ويخيطون من ضرورياتهم الزعبوط والدفية والقميص والسراويل والجبة والبنش والفرجية والقفطان والصديري والعنتري والقاوشمة والبلكة واليلك والكركة والفستان والتنورة والشنتيان والجلابية والملس والعرِي والبدّاوي والبشت والعباية والبرنس والكاكولة والضلمة والشخشير

والطوزلق والمريون. ويبنون البيوت المشتملة على باب ودركة وحوش فيها طاحون وإسطبل وبئر ومنظرة وتخته وبوش وحاصل ومحل للبواب وسلم يوصل إلى فسحة فيها قاعة حريمبة وقيعان أخرى ومقاعد وغرف وحمام ومطبخ وكيلار وصفف. ويبنون الحمامات اللطيفة والمعاصر ودوائر الأرز وأحواض النيلة (النيل) والقناطر والمآذن البديعة الرفيعة والعقود الغريبة. ولهم اليد الطولى في استخراج الدجاج من البيض بصناعة المعامل وتربية النحل والغنم والمعز والجاموس والبقر والخيل والبغال والجمال والحمير والإوز والأرانب والكلب. وقد برعوا قديماً في زراعة القمح والذرة والشعير والفول والترمس والحمص والبسلة والسمسم والكتان والحلبة والبرسيم واللوبية والبامية والملوخية والعدس والقرطم والخشخاش والثوم والبصل والكراث والتيل والقنّب (شجرة الحشيش المسماة شهدانج) والقلقاس والباذنجان والطماطم (الباذنخان القوطه أو البندورة) والفجل والجرجير والخس والسلق والنعنع والكرنب والقنّبيط والسبانخ (الاسفاناخ) والهندبا (الشوكرية) والجزر والكزبرة والانيسون والشمار والصعتر والحبة السوداء (الشونيز) والخيار والقثا والقرع والمقدونس والكرفس واللفت والرجلة والهليون (قوش قونمز) والخردل وحب الرشاد والكمون والفلفل الأحمر والخبازى والعنب والتين والنخل والموز والتوت والجميز والبرتقال واليوسف أفندي والليمون المالح والحلو والشعيري والكبد والنارنج والأترج والمشمش والبرقوق (الإجاص) والخوخ والتفاح والمشملة (الزعرور) والورد والياسمين والفل والنرجس والبنفسج والنمام والخيري (المنثور) والبان والمرزنجوش (البردقوش) والريحان والقرنفل والعتر (العطر) والمرسين والريحان الخطمي واللبلاب

وست الحسن واللوف والمخيط واللبخ والسنط والدوم والإثل والحور والصفصاف والسرو والخيار شنبر والسيسبان والزيتون والمصطكى والخروع والدفلي. وعندما حكمهم المرحوم محمد علي باشا زادوا زراعة القطن والقشطة (القشدة) واللوز والجوز والبندق والفستق والعناب والكافور واللستك والفنس والجوافا والإهليلج واللاشين وشجرة الخبز وشجرة اللبن والبن والصنوبر والشليك (التوت الأرضي) والكمثرى والسفرجل والبرسيم الحجازي والبنجر (الشوندر) وزادت الورود والرياحين وأشجار الزينة التي لا تثمر أضعافاً مضاعفة. ثم أحدث في البلاد ورشة للبفتة والجوخ في بولاق وواحدة في شبرا لعمل الشيت (البصمة أي المطبوع عليه النقش) وواحدة في فوّه لعمل الطربوش وكثيراً منها في المنيا وقليوب وشربين وكفر الشيخ لعمل القماش ومعملاً للزجاج ومعملاً للصابون ومعامل للبارود وورشة للسلاح وترسخانة (دار السفن) لعمل السفن الحربية والتجارية وحاط البلاد بالطوابي والمعاقل والاستحكامات المتينة وربي العساكر والمهندسين والأطباء والكتاب والصناع ومد التجارة ووسع نطاق الصناعة والزراعة وحفر الترع والجسور وملأ البلاد بمواد العمران. وكان في أبناء هذه الوطن التجارة في القماش والحرير والصوف والعطارة والزيت والسمن والجواهر والأخشاب والأحطاب والأنواع اللازمة للعمارات والبيوت والمأكول والمشروب والملبوس واستخرجوا منه الملح المعدني والمائي والنطرون والحجر والبلاط والرخام والجبس والذهب المصري والزمرد والغرانيت (حجر المسلات والعمد) وملح الطرطير والقلى وفحم السنط. ولهم اليد الكبرى في زراعة

القصب واستخراج السكر وتكريره. وبهذا التقلب في الصنائع وغيرها صار فيهم البناء والنحات والمبيض والمبلط والنقاش والنجار والخراط والحجار والحداد والمنجد والنساج والحائط والخياط والقصبي والرفاء والحباك والمجلد والسروجي والبراذعي والغنداقلي والشماع والسمكري (القمراتي) والمرخم والنحاس والمبيض والقفاص والصناديقي والحصري والعقاد والعصايبي والملائي والفوطي والخراز والشوبكشي (شوبقجي) والحبال والصراماتي والإسكاف والجباس والجيار والطحان والفران والمراكبي والفلاح والجنايني والطباخ والفراش والقهوي (القهوجي) والمقرئ والمغني والمنشد والجوهري والصائغ والمزين والماوردي والطبيب والمهندس والكاتب والكيال والقباني والتاجر والطبال والزامر والحاوي والقرداتي وأرباب الحرف التي دعا إليها عمران هذا الوطن. وهذا وإن كان بعضاً من كل ولكنه أنموذج يقرب لحضرات قضاة الحق قيام موكلي بكل واجب عليهم لهذا الوطن بحيث صاروا غير محتاجين لشيء من مصنوع غيره واكتفوا بما في بلادهم وما هو عمل أيديهم وأهليهم واستغنوا به عن المصنوعات الأجنبية اللهم إلا فيما لابد منه مما ليس في بلادهم كبعض الآلات الحديدية والمنسوجات العربية والعجمية التي يشترونها من الحج الشريف زينة وتوسعاً في الرفاهة. فأي حق لهذا الوطن يقتضيه موكلي بعد هذا كله حتى رماهم بالجهالة والتهاون فألتمس من حضرات قضاة العدل رفض دعواه وتكليفه بمصاريف الدعوى الرسمية وغيرها وإني أحفظ لموكلي حق قذفهم ورميهم بما هم منه براء حتى أقدم ذلك لجهة الاختصاص. وهذا كله يصحبه الشكر لهيئة المجلس من الخاضع للقانون.

المعلم حنفي ونديم

المدنية الحاضرة (الوطن) إن هذا الوكيل أطال في العبارة وشرح شرحاً طويلاً هو الذي أطالب به الآن وأنا أكلفه بإثبات مدعاه على يد أهل خبرة يعينهم المجلس ليعاينوا هذه المعامل والورش والحرف وأربابها والتجارة وأهلها والأملاك وأصحابها وما عليه أبنائي الآن وأنا خاضع لما يترتب عليه معاينتهم من الأحكام فأرجوا المجلس أن يعين لجنة من أهل الخبرة ليفصل النزاع ويرد الحقوق لأهلها فقامت المدنية وقالت حيث أنه يلزمني إحضار أكثر مما أبديته من البراهين وتقديم تقرير لأهل الخبرة بما يلزم ليكون دليلاً لأعمالهم فألتمس تأجيل تعيينهم إلى الأسبوع القادم. فختم الرئيس الجلسة وانفض الناس ينتظرون الجلسة الآتية وهم يخبطون خبط عشواء فيما سيكون. المعلم حنفي ونديم ح. نهار سعيد يا سي نديم. ن. نهارك سعيد يا معلم حنفي ألا ايش جرى في سي ظرافت يا أبو محمود. ح. يا سيدي بلا سي ظرافت بلا سي حمار احنا مالنا ومال الأولاد دول. يعني ايه اللي رايحين نسمعو منه فيش إلا حكايته تركة وقعت في ايده فضل يبعزق فيها شمال ويمين لما صبح سبحانك يا دايم. ن. لكن الإنسان لما يسمع الحكاية من صاحبها يبقى لها طعم جنس تاني موش زي ما تنحكى لو من غيره ويزود فيها وينقّص وتروح محاسنها. ح. بقى انت تعرف إني اندعكت في وسط الجماعه دول وبقيت ويّاهم حال وقال مده لما استقيت منهم وعرفت نكتتهم ودواهيهم الحرّا.

والحسبه كلها معلومه الجماعه بتوع الطقم القديم كانوا ياكلوا النار وكل من حكم في جهه مأمور ولاّ كاتب ولا غيره يقول المال يا سعد يفضل يخطف وينهب ويظلم دا على شان كيلة رز ويحبس دا على شان فرختين ويسعى في هلاك دا على شان نصين وهوّا بيحوش لسى ظرافت. يدنّو مسكين في جهله وغروره لما ينقلب ويروح لحاله وعينك ما تشوف إلا النور الواد ينفرد للقمار والسكر والتحشيش والبيوت التلفانه وحواليه شوية عفاريت من أولاد حياك الله اللي كل يوم في حال يفضلو يغروه بحيلهم الغريبة ان شخ يقولوله عفيتم وأن أكل يقولولو بالشفا والعافية وان زعل لا بأس عليك وإن نام نوم العوافي وإن صحي صح نومك وان مشي اسم الله عليك وان قعد بسم الله ما شاء الله وان اتكلم تبارك الخلاق العظيم وان لعب لعبه عيني عليك باردة وإن حشش أما تفوّه وان سكر براوه عليك وان لعب القمار يا ما انت واعي وان نام على حجرهم ياتتوّ عليك وهوّا غرقان في بحر الغفلة حتى يصبح حاله عبره. ن. ليه أولاد الأغنيا تملي يربوهم طيب ويتعلمو يقرم ويكتبم واللي يقرا ويكتب يعرف يعمل حساب نفسه ما يبقاش زي ما بتقول. ح. صحيح انهم يعرفوا يقرم ويكتبم لكن أنا باقول لك على أولاد الطقم القديم اللي كان الولد يطلع من تحت ايد المرضعه يستلمه اللاّلا يفضل يعلمو لعب الحمام والفراخ ونطاح الخرفان ويفرح اللالا بلكام قرش اللي يطيرهم من حواليه ويسيبو على كيفه يقوم يجتمع ويّا أولاد الحارة ويتلفوه ويعلموه الدهوله من صغره على ما يكبر يكون اتودك على الأمور دي والطبع والروح في جسد موش زي أولاد اليوم اللي اتعلمو في المدارس تلاقيهم ولاد حنت الواد من

دول يوديك البحر ويجيبك عطشان. وسي ظرافت من الجوقة القديمة اللي ارتبت تربية خباب. اذا جه وحكالك حكايته يغمك ويخليك تقول لو الله لكان يطلعك انت طلعت بيضه فاسده ولكن دا كله ذنب الجماعه اللي ابوه خد ذنبهم في رقبته وراح فربنابيروّ ي الناس في أولاد الناس البطالين لأجل العايب يتربى ويمشي في ادبه. ن. والله يا شيخ انت غميتني وزعلتني. بقيى البيوت العظيمة دي اللي كانت تضرب تقلب الخدّامين والاغوات والمقدمين والفراشين والعربجية والقمشجية والسقايين تصبح خراب وأهلها يروح عليهم ليل والإنسان يشوف دا بعينه ولا يبكيش على أهل بلاده. ح. احنا بنقول ربنا يخلي الكام نفس الباينين في البلد يفتحو عين الواحد شوية تجي انت تفهمنا انه ما بقاش حاجه تملا العين. ح. ليه يا شيخ الدنيا لسه بخيرها والبلاد مليانه بالأعيان والأمرا والوجها وأولادهم المهذبين الكويسين اللي طالعين مصحصحين والواحد منهم زي الحصوة. بس يا خسارة ما يسمعوش كلامك زي اللي بتضرب في حيط. ن. ليه يا ابو محمود أهل بلادنا ناس طيبين يستاهلو كل سلامة وانت بتتكلم في حقهم الكلام دا ليه. ح. بقى الكلام يجر بعضه ولما فتحت الباب د هانا رايح أقول لك على الكلام اللي حبلت منه ورايح يفرتك مرارتي. ادنت تقول على الصنايع والفقراء والناس الغلابا اللي زينا شفتش واحد قام وقال أي والله يا جماعه رايحين نفضل ساكتين لإيمته الدنيا كلها بتعمل شركات وفاوريقات وبتشتغل طيب واحنا دايرين ننهز من هنا لهنا. ن. هما رايحين يعملو ايه ما هم معذورين يا أبو محمود دلوقت الحاجة كلها بتجي من بره حتى

اللحمة بتجي مستويه في سناديق واللبن بيجي ناشف والهدوم بتجي مخيطه اللي يا شيخ حتى الصوف الغزل بتاع الزعابيط والكتان الغزل بيجي مغزول من بره يجلي ما يبقاش حيلتنا حاجه بقى الجماعه بتوعنا رايحين يعملوا ايه في البلاوي دي. ح. بقى شوف يا سي نديم المفرد أولى بالخساره وقالو في الأمتال يا فرعون ليه اتفرعنت قال ما لقيتش حد يردني همّا لقوش حد من أهل البلاد عمل حاجه وقالوا لو عملت كدا ليه ألاّ شافونا زي الأموات نطّلع للحاجه بعينا ونصّعب زي النسوان آدي مسألة وأبور المياه كان موجود في البلد يجي الفين تَلتْ تلاف سقه وكام نجار يعملوا البراميل والعربيات وكام قربي يعملو القرب ويلزم السقا بغل ولا حصان يشتريه من التاجر ويلزمه تبن وفول يشتريه من ناس وطنيين طلع البابور بطل عليهم وقفل بيوتهم ولكن الحق ان الوابور حاجه حلوه بيروق الميه ويطلعها في كل دور والإنسان ياخد الميه وهو قاعد مرتاح ولا يقول السقه اتأخر السقه ما جاش لكن حدش افتكر الفكر ادي من أولاد البلد الاّ افتكروها الخواجات وصاروا يجرّوا منها فلوس صنعه القرش بيجيب عشره ولا يخفاك وابور النور ومكسبه وشو فدي العَمَه وابورات بوسطة قلي قال ياخدها واحد غريب والعمد بتوعنا قاعدين يطّلعوا من بعيد لبعيد حدِش يتقدم ويقول يا جماعه احنا أولى آدي إلا عنده قريشين بايت يرك عليهم زي الفراخ وسايبها تفتل. وعندك مسألة ملاّحة أبوفير أهم خدوها جماعه خواجات وعملو لها شركة ونزحو الميه وخلّوها أراضي تنزرع لما صبحوا يأجروا الفدان بأربعة جنيه. وشوفا لجماعه اللي عاملين لهم ورشة كسفريت في اسكندرية واللي بيعملو الشمع واللي بيعملوا

السمن الصناعي ويوكلونا الدردي واللي بيعملوا الدخان الصناعي ويسقونه الوحل واللي بياخدوا مقاولات القناطر والترع والبحور والمباني الجسيمه واللي بيتعهدوا بحضور الآلات والأدوات اللازمة للميري من بلاد بره واللي عملوا عربيات الركوب الكبيره وموّتوا صنعة الحمّاره والعربجية. وأقول لك ايه وأعيد لك ايه ادنت بتنفخ في قربه مقطوعة والناس فاهمة ان كلامك يضحّك ولو كان فيهم حساسه لا تنحررو شوية الا الواحد فرحان بنفسه وقول الناس له حضرتك وسعادتك وسيادتك بالمظرطة الكدابة. وأنا جايلي ايه من عربية سي فلان وحنطور البك انا بدي حاجه تبل ريق اخوانا الغلابا وتخليهم يشمو نفسهم شوية. ن. زي ايه كدا اللي بدك فيه. ح. ورشة بولاق آهي موجوده ليه ما يخدوهاش جماعه من الأغنيا ويشغلوها وليه ما يخدوش قد عشرة آلاف ولا خمس طاشر ألف فدان من أرض الفيوم والاّ البراري ويربو فيها قد عشرين ألف راس غنم ينتفعوا بصوفهم للتجارة والصناعه في البلاد ويعملوا من اللبن سمن وجبنه ولبن يابس زي الإفرنج ويربحوا ربح عظيم ويأخذوا من نتاجهم ويبيعوا للجزارين وليه ما يعملوش شركة تعمل ورشه كبيرة تشتغل الأصواف والحراير والبصمه وتتعهد الحكومة بانها تاخد كل ما يلزمها للعسكر والدواوين منهم وأمراء البلاد يفرشوا بيتهم ويلبسوا من شغل بلادهم هيّا الافرنج بتضربنا على ايدنا وتقول الا تشتروا منا ما احنا اللي نستاهل الضرب بالصرم. وترجع وتقولي لي بلادنا وأهل بلدنا لو كانوا زي الناس كانوا يشوفوا الناس اللي بتهلّ عليهم من برازي المطر اللي تاجر واللي صانع واللي مرابي واللي سمسار واللي مقصوده مقصود عفريت واللي

بيعموا الورش والمعامل لو كانوا يتحركوا الا تكلم الواحد منهم يقول لك لو عملنا كدا تروح فلوسنا علينا ونصبح نطقر بالعصا ونقول يا ريت اللي جرى ما كان مع انهم غلطانين أنا أعرف واحد جاركم في إسكندرية اسمو حسبو أفندي محمد فتح لو ورشه يبيع فيها وابورات وطرنبات وأدوات الوابورات ويصلح الوابورات المسكرة والخربانه وطلع له اسم حلو في البلاد وصبحت ورشته أحسن الورش اللي في إسكندرية وانفتح لو باب التجارة مع ورش الافرنج في بلادهم واعتمدوه وعرفوا قدره. لسه هات لي كم واحد زي ده يهجموا على العمل بقوة قلب معتمدين على الله ويشوفو حالهم يبقى ازاي إلا قاعدين يحسبوا لنا حساب الفرن وهما مجعوصين في المندره والتخته بوش وأول ما يحسبوا يحسبوا الخسارة. فضها فضها وقول لنا كلمتين في أبو زيد في جر مالك والا احكي لنا قصة الدلهمة والزير سالم وإبراهيم بن حسن وسيف اليزل واعمل لنا شوية زجل وكلام يضحك وخليك في الكلام الماشي وفضك من الصنايع والتجارة وقول يا عيني يا حيلي وخلي اللي ينفلق ينفلق. . ن. هوا ايه يا واد أنا منيش وياك في قلة الحيا والكلام الفارغ أنا لسه مالي ايدي من الناس الطيبين وعارف انهم بدّهم يسعم ولكن عاوزين اللي يوريهم السكه وأنا رايح اتكلم لك ويا شوية مهندسين وأفنديه من بتوع الصنائع وأشوف الطريقه اللي تخلصنا ايه ونعرضها على الأنياء والأمراء على لسان الأستاذ ونشوف رايح يجري ايه وحقا بعدها ان محدش اتحرك احط لك صباعي في الشق وافضها سيره. . ح. بلاش وجع راس في الكلام ده أحسن احنا فينا حاجة ما

توجدشي في غيرنا إذا اجتمعتم جماعة في عملية ز يدي كل إنسان منهم عاوز يبقى ريس والعمل باسمه وتحت اذنه لن كل واحد منهم فاكر انه ابن السيادة والثاني بن الإمارة ودا من بيت المجد ودا من بيت الشرف وكل دي أوهام مسلطنة على الباينين فينا وما دامت دي فينا عمرنا ان فلحنا يعروش يشوفوا الناس بتعمل ايه ويعملوا زيهم اهو دلبس فتح القنال باسمه ونسب اليه مع انه فتحه بمال غيره ولكن غيره عاوز يكسب فسلم العمل لأربابه وادي حسبو اللي قلت لك عليه كان عنده مخرطه واحد فحسن لو الحاج علي فرغلي إنو يفتح ورشة يصلح فيها وابوراته وساعده على ذلك وسلم الورشة لحسبو أندي لكونه مهندس ودا فنّه فدارت الورشة وتقدمت وصار حسبو أفندي يصلح الوابورات بقيمة دنيئة وصنعه عموله حتى انكبت عليه الناس وصارت ورشته أم الورش والحق أنو يستاهل فانو عمل عمل ما حدش عمله غيره واجتهد في تحسين اسمه بحسن صنعته ومهاودته الناس في الأسعار. فاللي بدّو يعمل عمل من الأغنياء يدوّر على اللي يقوم به من المهندسين والصناع ويسلمو له ويجعل نفسه مع شركاه نفس واحده ويسلم الإدارة للي فيه اللياقة من أهل الشركة وان كان فقير عن غيره لان القصد المكسب واحيا الصنايع موش المظهر وابو يا وجدي فان كان عندك ناس يقدروا على نفسهم ويعملوا كده خليهم يقومو يحلو لباسهم ويورونا شغلهم وهمّا يصبحوا شمّامه في البلاد وكل الناس يقولولهم عفارم عليكم. ادي اللي بدو يعمل عمل ينفع موش تقول لي نعرض كلامنا على المهندسين همّا المهندسين لقوش حد يقول لهم تعالم وقالو لايه. كنا الأول نقول دامين رايح يروح بلاد برّا ويجيب اللي احنا

سؤال

عاوزينه ودلوقت عندنا ألوف من أولادنا اللي لفوا بلاد لفرنج وعرفوا مخارزها ولكن العين بصيرة واليد قصيره. ن. انت يا أبو محمود طوّرت النار في جتتي وان قلت لك دلوقت كاني ولا ماني بلكي الحساب يخرم ويجي كلامك في محله ولكن أنا رايح اعرض كلامي وكلامك على كل الناس ونشوف رايحين يجاوبونا بإيه وربنا يروّق بال الأعيان ويهديهم للطريق المستقيم. سؤال ورد إلينا هذا السؤال من درة صدف الحجاب. الجامعة بين فضيلتي العلوم والآداب. الست زينت هانم فواز ونصه قد علم السواد الأعظم ما لفلاسفة العصر الحاضر وأشهر العلماء من البحث في أمر المرأة والمساواة بينها وبين الرجل في العقل والذكاء والقدرة على الأعمال. ولكن لم نعلم أن أحداً بحث في هذا الموضوع وهو أيهما أشد تعباً في هذه الحياة الدنيا الرجل بتعاطيه الأشغال من تجارة وصناعة وسياسة وزراعة أم المرأة في حملها ووضعه وتربيته وتدبير منزلها ومشاركتها للرجل أحياناً في أعماله. فأرجو من حضرتكم وحضرات علمائنا الأفاضل جواباً شافياً فقد سطعت علينا أنوار علوم الأفاضل فأضاءت الخافقين وأتت تتهادى على أكف نسيم رياض الصحف مبشرة بإدراك درجة الفلاح وارتقاء أريكة التقدم. وإننا نهني الطرس والقلم والحكم ببزوغ شمس معارفكم بعد الأفول ولكم مني ومن الجنسين خالص الشكر. إلى آخره.

الجواب إن هذا الموضوع تكلم فيه كثير من رجال العصر ولعل الفاضلة لم تطلع على رسائلهم وقد اختلفت عبارتهم وتنوعت مقالتهم وكان جوابهم كلياً بلا تفصيل وقد سبقهم إلى الكيات أبو العلاء المعري الفيلسوف العربي حيث قال: وأعط أباك النصف حياً وميتاً ... وفضل عليه من كرامتها الأما أقلَّك خفا إذ أَقلتك مثقلا ... وأرضعت الحولين واحتملت تما وألقتك عن جهد وألقاك لذة ... وضمت وشمت مثل ما ضم أو شما ولكن هذا جواب عن خاصة لا يفي بالمراد ولا يمكن التوصل للحكم إلا بسرد أعمال كل قسم من أقسام النساء ومقارنتها بأعمال الرجال ونترك الحكم لذوي الألباب وعلى هذا فإني أقسم النساء قسمين فلاحة ومدنية وأقسم المدنية ثلاثة أقسام فقيرة ومتوسطة وغنية. فعمل الفلاحة تقوم قبيل الفجر لتعلف البهائم إن كانت سارحة للطاحون أو للحرث وإن كانت ممن يخبزن كل يوم عادت فعجنت العجين وغطته فيكون النهار قد طلع فتصنع لزوجها وأولادها ما يفطرون عليه في الصباح ثم تقوم فتحلب الجاموسة أو البقرة قبل أن تسرح وبعد خروج البهائم تكنس روثها ثم تخرجه على رأسها بالمقطف على الكوم الذي تكومه ليكون سباخاً وتستحضر بدلهُ من التراب الخالص لتفرشه تحت أرجل البهائم لتبول عليه وتروث وتخرجه ثاني يوم إلى الكوم الذي يكون سباخاً آخر السنة ثم تعود للعجين وقد خمر فتحمي الفرن وتخبزه وإن كان العجين من الذرة المخلوط بالحلبة حمت الفرن في الحال ولا تكنس للبهائم إلا بعد الخبز. ثم تقوم فتكنس البيت وتخرج حصير النوم والبردة للسطوح

ثم تعود فتطلق الفراخ من الخم والحمام من البناني وتعلفه. ثم تضرب اللبن وتستخرج زبده وتعلق مخيضه في حصير الجبن ثم تقعد فتأكل لقمة وتقوم لإحضار الحطب من الغيط إن كان هناك حطب قطن أو ذرة وإلا ذهبت تقشش أو تقطع السنط أو الخلال أو البرنوف أو الطرفا أو الحجنا أو الخريزة أو الحدادي أو الطرطير أو الزيتة أو العاقول أو شارب عنت راو غيره من أحطاب أرضها وبعد توصيله ونشره على السطوح ليجف إن كان رطباً تعود فتأخذ الغداء لزوجها ومن معه من الأنفار وتستحضر معها بعض الخضر لتطبخها للعشاء وإن كان عندها بهائم في البيت أحضرت معها عقدة برسيم. ثم تعود قبل الغروب إحضار البهائم إن لم يكن لها ولد ولا تابع والرجل يأتي بالمحراث على حماره. ثم تحلب البهائم الحلبة الثانية وتعلفها بالتبن أو البرسيم ثم تقف فتطبخ العشاء وتقدمه لزوجها وضيوفه فإن كانت في الشتاء قامت لتحمي قاعتها وتكنسها بعد الحمية ثم تعود فتلاحظ البهائم قبل النوم وتؤكد رباط الحمار والعجلة وتزيد العلف وتتربس الباب وتجمع أوعية بيتها في ركن من حوش الدار وتغسل يديها ورجليها بعد أن تقضي الضرورة على السطح أو في الخلاء ثم تدخل لزوجها وتغلق باب قاعتها وتنام. هذه أعمالها اليومية أما واجباتها اللاحقة بهذه فإنها إن كانت من سكان البراري والعزب أخذت تستحضر الطين من الترعة أو تعجن التراب بنفسها وتخلطه ببعض التبن وتبني منه بيتاً طوفاً بعد طوف كلما جف طوف وضعت عليه غيره حتى يرتفع قدر قامة أو أقل فتعقده ولا تزال تبني بيتاً بعد بيت حتى تبني الدار وحدها وإن كانت من سكان القرى عليها شيل

الطين وقت البناء وإحضار الطين من الترعة لتدهك الحيطان به بعد خلطه بالتبن ليقوم مقام البياض في المدن ويقي الطوب من التأثيرات الجوية المبددة له في أقرب وقت ثم يكون ذلك لازماً لها في كل سنة وعلى كل فلاحة تقشير الذرة من الغلاف في الجرن وحمل الذرة والقمح والفول والشعير وبزر الكتان والسمسم والترمس وغيره من الجرن إلى المخزن في الدار. وعليها أن تلقّط الذرة خلف محراث زوجها وتزرع بزر القطن وتخلَّه وتنقي الدنيبة من الأرز وتسوق الساقية إن لم يكن لها ولد وتشتغل بالنطالة مع زوجها إن لم يكن لها ساقية وبالطنبور أيضاً (هو آلة حلزونية الشكل مستديرة فارغة الجوف لها عامود من حديد في وسطها يضع الرجل طرفه في الماء على مركز مخصوص ويضع اليد الحديد في طرفه الثاني ويديره فيتدافع الماء من الأسفل إلى الأعلى وقد رأيته عند صاحبي إبراهيم أفندي عبد الحليم قبل آلة ترعة الخطاطبة بأربع سنين فهو من صنع المصريين إلا أنهم عرفوه بعد تركيب تلك الآلة كما قيل) وعليها جمع القطن أيضاً وحمل حطبه من الغيط إلى الدار وحمل حطب الذرة من الجرن إلى البيت وتخزين التبن والسهر في الطاحون وتربية الفراخ والحمام والأرانب والإوز وبناء ما يلزم لها من خم وبناني ومساقي وبناء مطر للخزين وحضير (حظيرة) للنوم فيه صيفاً وغسل ثياب زوجها وأولادها إن كانوا ممن تغسل ثيابهم وحمل القمح أو الذرة أو غيره لبيعه في الأسواق وربما بعد السوق عنها أميلاً وعمل الروث أقراصاً تسمى الجلة لتخبز بها وتطبخ بدل الحطب والفحم في المدن. وعليها دق الذرة عند إرادة طحنه وتحميصه وغربلته وإن كانت من سكان البراري فعليها

تحميص الشعير وطحنه ونخله كبقية الحبوب التي يلزمها القيام بما يلزم لها. وهذه الأعمال تقوي عضلها وتبعث فيها نشاطاً وتعظم أعضاءها فلا تحس بما تحس به ساكنة المدن من الحمل والوضع فقد رأيت امرأة في الكوم الطويل ذهبت على بعد ساعتين من البلد لتستحضر برسيماً لجاموستها في يوم شات فأدركها المخاض هناك وحيدة فولدت ولفت الولد في جانب برسيم وحملت عقدتها على رأسها وجاءت تحمل الاثنين ثم مرت علينا تضحك وأخبرتنا بخبرها فرحة مسرورة وأخبرني صديقي الحاج أبو شعيشع الهمشري الماجد أنه رأى امرأة ولدت على شاطئ الترعة ثم ملأت البلاص وحملته وحملت الولد وذهبت إلى بيتها وللفلاحة أعمال أخرى غير هذه لا يجهلها المتجولون في البلاد الريفية وتزيد فلاحة الشام عن فلاحة مصر أنها تشتغل بالفاس كالرجل فقد رأيت النساء يصنعون خندقاً حول أرض في قرية صرفند وفي لُد وفي يزور ورأيتهن يحفرن حفاير عظيمة لمرور الماء منها في قلقيلا وطول كرم وضواحي الخليل فهن أتعب من فلاحة مصر فإنهن يشاركنها في كل أعمالها ويزدن عليها ذلك. وعمل الفلاح المقابل لذلك حرث الأرض وعزق القطن والذرة ونثر السباخ وربما نثره معه وإطلاق الماء لري الشراقي وأعمال النطالة والطنبور التي قد تشاركه فيهما كما تقدم وحراسة الغيط وحمل القطن على حمارته وربما حملته المرأة على رأسها وضم الأرز وهي حمله إلى الجرن كما تحمل ما يضمه من القمح والشعير والفول وغيره من الحبوب وعليه السهر عند الساقية وإدارة النورج إن لم يكن له ولد وحمل السباخ إلى الغيط على الحمير أو الجمال وسد القطوع وري الزرع عند الحاجة وكثيراً ما يفرغ من عمله

أياماً فيستريح والمرأة لا ينقطع لها عمل ولعلة كثرة أشغال الفلاحة وعدم إمكانها القيام بكل ما يلزم إن اتسعت أطيان زوجها يضطر الرجل للتزوج باثنتين أو ثلاث أو أربع حسب ضرورياته. . . . انتظر العدد الآتي. . . سؤال ما هي مراتب الشجاج والتمر فقد وقع الخلاف فيها بين جماعة من الأدباء وقرَّ الرأي على سؤال الأستاذ عنها فافتونا ولكم الثواب. محمود فهمي بإسكندرية الجواب أول الشجّاج القاشرة وهي التي تقشر الجلد من غير وصول إلى اللحم وتسمى أيضاً حارصة. ثم الباضعة وهي التي تقطع الجلد وتشق اللحم خفيفاً من غير إدماء. ثم الدامية وهي التي تشق الجلد وتدمي أي تظهر مجرى الدم ولا تسيله. ثم الدامعة وهي التي يسيل منها الدم كما يسيل الدمع من العين. ثم المتلاحمة وهي التي أخذت فيما يلي الجلد ولم تبلغ السمحاق. ثم السمحاق وهي التي تبلغ القشرة الرقيقة التي فوق عظم الرأس وهي المسماة بالسمحاق. ثم الموضحة وهي التي تبدي وَضح العظام إذا أزالت السمحاق. ثم الهاشمة وهي التي هشمت العظم. ثم المنقلة وهي التي تنقل منها فراش العظم. ثم الآمَّة وهي التي بلغت أم الرأس. ثم الدامغة وهي التي تبلغ الدماغ وهي آخرها. أما مراتب التمر فأولها الطلع. ثم الجدال ويقال له سَرادٌ وخَلاَل أيضاً. ثم البغو. ثم البلح ويقال له رُمخة أيضاً (والعامة تقول رامخ) ثم البُسر. ثم المخطَّم. ثم المُوَكَّت. ثم التُذنوب. ثم الجُمْسة. ثم تعدةٌ ويقال له خالع وخالعةٌ أيضاً.

شكر وثناء

ثم الحُلْقان. ثم الرطب ويقال له معو. ثم التمر وهو آخرها وما بعد ذلك فإنما هو أوصاف كاللّينة والمشان وغيره. شكر وثناء وردت إلينا كتب شتى من الوجهين القبلي والبحري يعزينا بها أصحابها الأكارم حفظهم الله تعالى في مصابنا بولد شقيقي وكثير من الأفاضل رثاه بقصائد فنشكر للمعزي والراثي حسن توجهاتهم وعنايتهم والله تعالى لا يرينا فيهم مكروهاً ويجزيهم عنا أفضل الجزاء بفضله جل شأنه. اعتذار استلمنا كثيراً من الكتب والروايات والأسئلة المختلفة المواضيع ولضيق الجريدة قدمنا هذا الاعتذار راجين قبوله ممن نعدم بأنهم سيرون التقاريظ والأجوبة في الأعداد الآتية إن شاء الله تعالى. احتفال أمس احتفل بساحة بيت سماحتلو حضرة السيد توفيق أفندي البكري للإعلان بمولد سيد الكائنات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم احتفالاً عظيماً حضره مشايخ الطرق وكثير من العلماء والأمراء والأعيان وبعد تناول الطعام كالعادة السنوية خرج الناس شاكرين داعين لهذا السيد بدوام الإقبال والأفراح. تصحيح وقع في سطر 9 صحيفة 101 جمع الملاءة على ملآءت وهو خطاء والصواب ملاءٌ وفي صحيفة 35 سطر 5 من كان ويكون في العدد الرابع ويلقمون المؤن وهي المؤف. وفي صحيفة 29 سطر 15 لا يقاوم أفراد وهي أفراداً. وفي صحيفة 30 سطر 11 منهم ما جا ومنهم ما جآء وهي من في الموضعين فليصلح ذلك القراء بالقلم.

العدد 6

العدد 6 - بتاريخ: 27 - 9 - 1892 دستور العفو يا سادتي فإني أريد أن أقدم إليكم هذا العدد السادس خالياً من المقالات مشحوناً بالأدبيات من أزجال وقصايد وبلديات ترويحاً لأفكاركم المنيرة وترويجاً لبضاعة الأدباء وليس هذا من التقصير أو العجز عن الكلام فإنكم تعلمون أن مطالبنا التي نكتب فيها وسيعة طويلة عريضة ولكني التزمت توزيع المطالب وتنويع الأعداد ليكون الشوق إلى المطالعة وألذ في الأذواق الطاهرة. على أني انتظر سوانح الأخبار لعلي أسمع أن بعض أهل الغيرة الوطنية تحركت هممهم للسعي خلف مقصد من مقاصد الأستاذ التي أرشد إليها لإحياء صناعة أو رواج بضاعة أو تحسين زراعة. فتفضلوا بقبول هذا العدد فكله شقانق ومقانق وتحف ورقائق تسوق الجد في معرض الهزل فهي من باب المضحك المبكي وذق طعم الكلام تعرف ما قصده الإعلام. وليس ما فيه موجهاً لأهل المعارف والكمال والآداب والتهذيب وإنما هي عصى تقرع

قفا من يستحق الحجر عليه لسفهه ممن خرجوا عن حدود الأدب وانسلخوا من جلد الإنسانية وظهروا بالأفعال البهيمة واسترسلوا خلف الشهوات حتى كأنهم ما سمعوا باسم المدينة فضلاً عن التلبس بها. فإن ادعى سفيه بأن ما يفعلونه من المشابهة بالبهيم من باب الحرية قلنا له أن تعريف الحرية عند عقلاء الأمم قديماً وحديثاً لم يتغير. وهو الوقوف عند الحدود والمطالبة بالحقوق. فإذا طبقنا هذا التعريف على المزدحمين في أبواب البير والخمارات وبيوت العاهرات نفر منهم وبعد عنهم وحلف إيمان القسامة إن هذا الفريق المفسد لعقله وماله ما سم رائحة الحرية ولا عرف لها حقيقة. فإذا عدلنا إلى تعريف البهيمية وهو فعل ما يشتهي مما لا ينصر بالذات. رأيناهم عن البهيم بمراحل فإننا لا نرى بهيماً يأكل سماً ولا يشرب عقاراً وهؤلاء لا يبالون بالمتناولات ولا يبحثون في الضار والنافع فهم أحط درجة عن البهيم وفعلهم أكبر دليل. فمن يرى رجلاً ينفق في الخمارة الريال أو الجنيه كل ليلة وربما كان أولاده بلا عشاء أو ربما كلن ما ينفقه من كسب زوجته أو مسروقاً من مال أبيه ثم يحكم بأن هذا من قسم العقلاء. فنحن في حاجة للحجر على السفهاء حتى يبلغوا حد الرشد فإن الوالد له حق الحجر على ولده حتى يبلغ السن الرشد أي استقامة المرء يحصل في السن المعين غالباً جعل حداً له مجازاً. والحاكم الأكبر أبو الأمة المربي لها فهو الحقيق بالحجر على السفهاء وليس ذا بأمر مفتأتٍ فقد تبادل خطباء الانكليز الكلام على وضح حد للمسكرات والسكارى وكثر كلامهم في هذا الشأن فأولى بنا نحو بين

قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي

شبابنا وبين مفسدات عقولهم وأموالهم لنحول بينهم وبين الجنون والإفلاس وهتك حرمة الأمة المصرية فإن امتلاء الطرق بهؤلاء السفهاء وشربهم الخمور وقعودهم مع المومسان بمرءى من المارة بلا حياء ولا خزي مما شين مجد الأمة بنسبتهم إليها. وفي الجعبة نبال من هذا العود نفوقها إن شاء الله تعالى لهذه الأغراض حتى إذا مرقت من الرّمية أثرت وصدنا بها المقصود وما هو إلا سير الأمة خلف السيادة الوطنية بالبعد عن الرذائل والتحلي بدواعي الكمال والانتباه من غفلة الضياع مالاً وذاتاً إلى المحافظة على ما بقي من شرق الوطنية ومجد الآباء. قصيدة الشيخ أحمد محمد القوصي ورد إلينا هذا الحمل من إنشاء الفاضل التحرير الشيخ أحمد محمد القوصي أحد طلبة دار العلوم العامرة بالمعارف والآداب وهو من الأدلة التي نقدمها على تهذيب الوفي من المصريين حتى صاروا أهلاً للبحث في الأحوال وسعى كل منتسب إلى المعارف خلف الآداب والكمال ونصه. مطلع ياسي نديم اسمع بردون ... أنا أقول لك ع الحاصل واللي بيحكي ان كان مجنون ... لا بد سامعو يكون عاقل ياسي نديم في غاية الشوق ... لرؤيتك يا نور العين عشر سنين وأنت غايب ... ويوم بعادك كان بسنين ما حد شافك من مده ... كنت غايب عنا فين وذوق كلامك أوحشنا ... يا حضرة الشهم الفاضل

دور ساسي نديم اهديك تسليم ... والفين تحيه بلديه ولحضرتك عندي أشواق ... فيها دواير بلديه أظن ذوقك ما يسلم ... انك تقول لي بلديه لأن ذوقك ذوق أصلي ... مالوش مثيل في الناس واصل دور ياسي نديم ظهر الأستاذ ... وكان ظهوره أحسن مظهر زفيه كلام ماشي بالذوق ... والنكنه ماشيه بالأكتر وكل واحد عنده ذوق ... يفهم كلامك بتنوّر ويهون عليه لو كان قارون ... يهديك قوام برّه العاجل دور واللي سكن مده في تفليس ... لا بد ما يقبل عذه والناس يسيدي مش واحد ... وكل واحد له قدره البعض عائش فس الغنيه ... البعض مزنوق في فقره

والدهر ياما يغيظ الحر ... ينعم الندل الجاهل دور والحر مالو غير صبره ... والصبر محمود في الغالب وانا يسيدي خل ودود ... ان كنت تقبلني قلّي اشمعنا وده كلام موضه وجديد ... وافق يا سيدس وكن معنا لا حسن زمان مش زي اليوم ... زاللي يفوت ماهش قابل دور واحنا ياسيدي أولاد اليوم ... ونتّبع أحوال جيلنا واليوم مشينا فسير تاني ... وطلعنا فيها وكبرنما خافين نقول لك عَ الحاصل ... ترجع ياسيدي تقفشنا لكن ضروري احنا نقول لك ... وانت تكون حاكم عادل دور ياسي نديم شف احوالنا ... احنا بقينا اليوم نكته نلبس محزّق ومقمّط ... بالبنطلون والشكيتّه ونكره اللبس المصري ... ونقول عليه سته في سته

ونقول فلان قفطان ... أظن كان اصلوا سافل دور ونقول فلان لابس قفاطين ... وعمنه فعينا نقطة وذوقه دا مجليط خالص ... واللي يصاحبه في خطه ويصبر مهزّأ راجل دون ... وكل ساعة في ورطه وف كل مجلس يبقى ثقيل ... غني فقير عالم جاهل دور وكلنا صرنا موضه ... وكل ليلة في بيره وندور نبصص طول الليل ... وفكل قهوة تعميره والكاس يدور بينا بالدور ... والكيف مناقله بالشيره وبعد ما نسكر خلاص ... نمشي ياسيدي نتمايل دور وبعد مانسكر طينه ... من سكرنا سكرت يني نفضل نهاتي في السكه ... نقول سكرنا وايه يعني واللي يلومنا دا سكران ... عند الخواجه مستني في السكر طول الليل عمره ما يفوق ... واليوم فلوس ما هوش طايل دور والموضه ماشيه جد نايت ... وبونو سوار أو بوبنو سيره وماشيه جرمنا تزيق ... وفيه ذهب اشيا كثيره

وكل ما كول لو سكين ... والشوكه للبق تناول دور وكلما نقبض ميراث ... ننزل ننزه انفسنا وفي البرص نفتح خمره ... للبنت لما اتآنسنا وتحييي امثالنا بكلمه ... لما تروح منا فلوسنا وبعد ما ننفض خالص ... على المعيشه نتحايل دور والبعض منا يبيع القطن ... ويضيّعوا كله في ليله لما يروح يكسر ويمز ... ويروح بيات عند جميله يضجك ويلعب وياّها ... وتقوم تسليه بحيله وتصيره ينسى أهله ... وعن بلاده مش سائل دور والبعض منا المستخدم ... في أول الشهر بيسكر وفي البلد يبقى جروده ... وف كل خمارة يحضر من الجزيره للنيوبار ... لقهوة الحج يعمر ويشوف له صيده آخر الليل ... بالاتفاق ويا الراجل دور وكلنا لما نفلس ... بالنفتكر باب الجامع وندور لما نصلي ونتحي ... وربنا فضله واسع ونصير ونمسي ... واحد ولي سره باتع

ونروح أل البيت ... ونقول كله كان باطل دور زي المراكبي لما يديق ... عند الغرق يعرف ربه وتزيد وتكتر دعواته ... والرب قادر يلطف به وبعد ما يصبح رايج ... يصير قوام مسرور قلبه وينسى ربه بالمره ... وهن عبادته يتكاسل دور واللي يبشطح بالدوكار ... ويروح يشرف بالسرعه وقبل ما يشطح ينطح ... يوم الاحد ولا الجمعه ولجل وعده ودواهيه ... يلف في الأرض الواسعه والقمشجي بفضل ممشوق ... على الدوام طالع نازل دور وغير كدا فيه الجيل ده ... اشيا كتير عشنا وشفنا قصر الكلام احنا بنقول ... من غير مواخذه اتمّنا ولكل هيئة طقم جديد ... وللزمن احنا طابقنا

زجل الشيخ عبد الجواد

وكل واحد بيوافق ... ان كان شاب والا كاهل دور ياسي نديم ادى الحاه ... وفيه كلام محنش اده أرجوك ياسيدي متعبش ... على الكلام اللي تشاهده وأنا كلامي على ادي ... مني اقبله ولاّ ردّه واعمل جميل وارميه البحر ... يعوم ويرجع في الساحل دور اهو الكلام أول وآخر ... هوَّ زجل لكن حكمه ومشربو يوافق الأستاذ ... ما هش كلام من ضلدرمه من غير مواخذه لو كان دون ... اسحب كلامي إن كان قابل واللي بيحكي إن كان مجنون ... لا بد سامعوا يكون عاقل زجل الشيخ عبد الجواد ورد لنا هذا الرجل من الشيخ عبد الجواد علي من أفاضل شباس الشهدا ضمّن فيه زجل الشيخ محمد يالم الطنطاوي وتلطف وتظرف في طلب النسخة المجانية وقد اجبنا طلبه ونص عبارته. ياسيدي كلو فاني * واللي خلقني ما ينساني * ما تسمعوا لي يا اخواني (قصدت واحد ما لو تاني) * فيضه عميم جوده اسبق * من بالمكارم احياني (رب العباد) أمال ياعين ليه بتنوحي * والله الأدب ما مات روحي * ظرف النديم سلب الروح

(آه يا نديمي ويا روحي) * يا اللي على الأحباب تشفق * افديك بعقلي وبروحي (يا اللي لك الرايات تخفق) تكرش محبتك كام كرشه * هو الفقير عينو عمشه * هو الفقير ودنو طرشه (هو الفقير ريحتو وحشه) * هو الفقير رزقو ضيق * هو الفقير جاتو لطشه (قالو عليه انو يحرق) هو الفقير بعده غنيمة * هو الفقير اكله غميمه * هو الفقير ما ولوش سيمه (هو الفقير ما لوش قيمة) * هو الفقير يقعد يزعق * هو الفقير جاتو ضيمه (هو الفقير يطلع يسرق) نبعت كتابك بهدواه * وفيه رواني وبقلاوه * وفطير وبسكوت علاوه (ميلت الكتاب كلو حلاوه) * أشكال والوان مزوق * وتبيع علينا بغلاوه (خليت عقلي يشوّق) طيب كدا استنه لسه * لما بابدي المس لمسه * لكن أخاف تبقى جرسه (أمانة تعطيني لحسه) * خلي لساني يذوق * واجلس مع الأستاذ جلسه (ترد روحي يا صنجق) دعني من أقلامي وورقي * خلو يجري عرقي * ما لي ومال شرقي غربي وغرقي (اوعى تكون واحد خلقي) * شوف قدر ايه لك اتملق * طول عمري ما شربت العرقي (تقوم عليا تتخلّق) والله نديم نفسه كريمه * سنع لو شيمة * ولو مفيش صحبه قديمه (رتب لنا الأستاذ) ديمه * يهذب العقل الضيق * وانوي لنا نيّه سليمهة (واعمل جميلة يا محندق)

ما ضر لو جانا امداً * إني اكون له عبداً * خلّي عزولي يمت كمداً (ولا تقولشي لا ابداً) * إلا انا فيه أعشق * اوعى تريد مني سنداً (أحسن انا خلفي ضيق) لو كنت قادر كنت احضر * حتى ولو كنت عندك محضر * لكن ما دام مثلي يعذر (عاوز هنا الأستاذ يحضر) لمّا يجينا ويتفرق * ويطفي مني لهيب وجدي (لمّا اشوفو بينهّق) ياسيدي جودك صيب * وقد قصدتك لا تخيب * اوعى كتابك لي يغيب (والله تقول لي عدّوا لي * ولا تقول لي ودّوا لي * ولا كلامي تردّوا لي (يا سيدي اسمع قولي) * يا سيدي ارحم واشفق * ما القصد الاّ تيقوا لي (وبس اوعى تزمّزق)

حنيفة ولطيفة

بالله قل لي ايش فيها * والمسئلة دي انهيها * لكن إذا ما كان فيها (المركب اللي ما فيها) * عيوب في الصنعه نفرق * لكن إذا ما كان فيها (اشيا تكون الله تغرق) حنيفة ولطيفة . ح. إصباح ياسيتي لطبفه. ل. إصباح الخير واليادة عليك يختي. انت يختي بالك كم يوم ما حد شافك هياَّ بسلامتك نبويه ما هي بعافيه. خ. سألت عليك العافية يختي إن شاء الله ما تشوفي وحش بتبوس أيدك وتسلم عليك العافية وما شا الله عليها خلصت التفصيل والنباته وبتشغيل دلوأت علمنسج. ح. ربنا يخليها لك يختي ان شا الله ما تشوفي وحش. عن سا الله ربنا ما يميتني ولايفيتني لما أشوفها متهننية بعرس يفرح قلبها واولادها تجري حواليها. ل. تسلمي يختي وربنا بخلليك بسلامته حسن وبسلامتها نبيه ملّا يملو عليك الدار ذويه ويهنيك يختي. بس. يختي الإنسان بيربي البنت اليوم وهو خايف والنبي يختي أنا قلبي تملي يرجف وخايفه تقع في واحد زي المدهول ابوها يبهددلها ويفتها ويدور طول الليل من الخماره دي للمحشه دي وبدذها واحد ابن أصل يعرف قيمتهة عرضه يصرف عليها وآخر النهار يروّح بيته ويقعد متهني. ح. اسكتي يختي متفكرنيش بالرجّله ودواهيهم احسن المسخّم جوزي موريني الغلب ومضيّأ منافسي وحياتك ياستي ام

محمد ما يجيني اللي الساعه سبعه من الليل. ل. بابختي ما يجيش كمان يتعشى ويّا اولاده. ح. يولا والنبي عمره ما عملها إلا يطلع من ديوانه علة المحلات اللي يعرفها يفضل يسخّم اللي يسخّمه لمّا يجيني آخر الليل عيضه. ولا كفّت توليش مإلا لكما يجي ويدفأ الدردري اللي في جوفه على الفرش يبأ عدوّك يختي توليش الا الدار خماره. أنا عارفه بيحطو الهم دا في بطنهم ازّاي والنبي الرجّاله اللي فيهم عقل آل تبكي لي وأنا اشكي لك والنبي يا دي الحبيبه لو كنت أول لك على اللي بيعملوا فينا الكلب بتاعنا لتتعجبي. دا يئبض المهيه يختي ويجي ما ناخذ منه أجرة البيت لبل بالضالين وأفضل اتحايل عليه وأأع في عرضه لما اعرف اخذ منه جنيهين من العشرين اللي يئبضهم وهو يختي ما يختشي ولا ينئرع الا يفوت ولاده عرايه والبيت عايز ويروح يرافئ ويفوتنا بالخمس ليالي والسته ولا يجينا إلا لما تتسخ هدومه وأنا قاعده حطّا ركي على دمعتي وأولادي يعيطوا حوليه طوال الليل وفضلت يختي ابيع في النحاس لما ما بأش عندنا إلا حيلتي وحياتك. ومن غلبي وعوزتي يختي بعت البدلتين الحرير اللي كانو حيلتي كل دا ودا والخنزير داير في حل شعره زي اللي ما وراهشي حد انا عارفه كل أولاد اليوم كده واهو دا اللي علم نسوانهم الفلت. المرا من دول لما تعرف رخره تدّ هول مطرح ما تدذهول وتجي. ل. يو تفتف تف والنبي أم حسن ايرب

ما تحكم علينا بفضيحة يارب سترتها فيما مضى استرها فيما باءَ. يعيني على اولايا لما يغلبهو الزمان. ربنا يغلب الرجاّله اللي ما يعرفو قيمة نسوانهم. ح. افرحي يختي لفرحي طلع جرنال اسموا الأستاذ ديك الليله كنت عند ستي نجيه هانم وكانت قالعده ويتئرا فيه وللئينله نازل على الجدعان التفانين اللي زي لفندي بتاعنا وبياعكم. وستي نجيه تاؤل اسكتي حليه ينشف ريئهم لجل اللي زي البيه بتاعنا يرحجع عن الخبص الا بهدل حالنا وضيع اموالنا والا بعاديه ما هي ملاحئه علينا ودا يا أختي مورينا الغلب ربنا ما يحكم على عدو ولا حبيب. امان يا ستي حنيفه كان الباشا أبوه الله يرحمه زي الأسد ما حد يعرف يكلمه ويجي من ديوانه يقعد في اللاملك والبشوات والبهوات واللفنتديه بجولو وهوا اعد سلطان زمانه ومن الساعه تلاته يطلع حريمه ما ينزل وكانت السرايه مليانه من خيرات الله وكنا اعدين مبسوطين المطبخ شغال ليل ونهار والفواكه واليميش والحلاوات والملابس اللي كل شهر بجيبو لنا شكل جديد والسرايه مليانه بالأغوات والخدامين والفراشين والسئايين. والنبي با اختي مره جه سئا الحريم علباب بيساء على حاجه وكان لغا فوق ودا لجل اطلع عيشه مسكين كان الباشا داخل وشافو وطرده ومسك لغا وعلاّ هـ في سجره في الحنيه وطلع للجوار ومسك الكرباج وفين يجيلك لما بئت الواحدة منا تنتفض زي اللي عليها السخونه. ادحنا عشنا وبئينا نشتري الحاجه من علباب بنفسنا وبعد الواحده ما كانت ماحدا يسمع حسها دلوئت يكلمنا بنتاع إلفجل والكسبه. ودا كله سببه

إن البيه جرى ويّا الأولاد البطالين وعلموه النسوان والأمور البطاله وفضل داير طول الليل في الخمارات يسكر ويلعب القمار وآخر الليل يروح ينام عند مره. الجلاله أحسن منها ويصبح يجي حاطط وشه في الأرض وأوائل لك ايه وأعيد بنت عنده داهيه سوده أن جوّزها ما هو مرتاح وإن خلاها عنده ما هو مرتاح. وربنا يلطف. وتلاقي البيه زعلان من الأستاذ زعل أهو رايح رجع يمسك لنا أفية السكارى ويجرّسنا وكل ما أؤل لو طيب ارتجع وخاف من الفضيحة دي هوّا الكلام ده موش فيك يضحك ويؤول ما ينفلق الإنسان يا خدلو يومين حظ وزي ما تجي تجي تلائيني غلبانه فيه وهو داير يبيع في الاطيان لمّا ما بآش حيلتنا الأذ ميت فدان بعد ما كانوا ألف ويتميه وخايفه يبيعهم رخرين ونصبح غلابه. أيوا بس لو كان يعرف لو صنعه ولاّ خدامه ما كانت العين بكيت إلاّ لا لدي ولا لدي تلئيني يختي محتاره وخايفه من الفضيحة. بس لو كانت الوواحده أمال مهيّش مشبوكه منه إلا اروح بالأربعة اللي وياي فين. وأنا وحياتك يختي ما أكرهوش أول يختي وبو عيالي ومربيني ونا صغار بس لو كان يتوب عن اللي في دماغه زي الأفندية زي أولاد البلد. دنا كنت ببؤل أنا اللي وقعت في الهم وحدي. ح. يختي موش كل الناس يا ما بهوات ينحطو علجرح يبرا والواحد منهم يمشي في السكة ما يرفع عينه في مره وبيته بيت أمره ونسوانهم هوانم ما

يطلعو نم الظل للشمس والواحد منهم من ديوانه لبيته ويمكن أبوه يكون كان له متين فدان خلاهم هوّ ألف بشطارته وياما افنديه واعيين وماشيين في حالهم تلائي الواحد منهم حوش اللي حوّشه واشترى لو ابعاديه وبئت حالته معدن وتلائي الواحد في مئام البيه وزيارة وياما اولاد بلو عمرهم ما يعرفة الخبص ولا الفلت وحريماتهم تؤلسيش إلا هوانم طالعين من السريات. موش زي المدهولين اللي وقعنا فيهم. والنبي تخليكي الليله دي عندنا واتفرجي على المجنون لما يجيبونه الجدعان ولاّ العربجيه ويؤلو افتحوا الباب للفندي زي الغنامه بتوع زمان لما كان الواحد يجي ىخر النهار يخبط الباب ويؤل خدو الجدي. ل. تسلمي يختي بس البنت تئعد لوحدها تخاف. ح. ابعت لها نبويه تجيبها وخلينا نسلى غلبنا شويه. (وبعد ما جت نبويه بنبيه اخذوا يتحدتو لما للمغرب يعتوا جابوا بعشره فضه طرشي وبتلاتين فضه طعمية واعدوا ياكلهم وجابت لهم ست حنيفه شويه لب اعدوا يءزأزوا فيها لنص الليل شويه والباب يخبط. ح. مين اللي علباب. الأفندي. افتجحي. ح. اهو جه المدهول دلوأت تشوفي اللي يعمله فينا ونزلت فتحا الباب وسندّته لما طلع فوق وآلتلو ست أن نبيهه هنا مسى عليها. ف. زلخير يارزت (يعني سالخير ياست) انا كنت. . . وياَّ. . . وياَّ. . الأفندي. . . بتاعكم. . هوَّاساجي. . كثيراأ وي. ل. وهو روّح فتوفين يا افندي. ف. انا فتو. . . عند أنطرت الدكه. . هاء هاء ستي لطبفه متضحكش علينا دا كلو مكتوب ومقدّر. . . ما بيدنا حيله. ستي حنيفه أنا جيعان عند كوش

ؤمه. ح. منين اللي جبتو ولاّ اللي بعتو. ف. شوف انتي باي لماتواجعينا. . . بالكلام ال. . المؤلم. . انا ما ألت لك من زمان فضك مني. . . والبركه فيكي. . شوفي لنا لؤمه بأى ولاّ افرشس انام أحسن. . . أحسن. . . أحسن راسي مقلوبه ودايخ شويه. ح. مفيش الا رغيف ناشف وحتة طعميهع. ل. متآخذنيش يا افندي ما هينط عشرين جنيه لكن مضيّعها برّه. يا ترى أنت عارف ان حريمك عندها خزنه لمّا رايحه تجيب لك أكل من عندها. ف. شوفي بأى انتي لمّا النسوان تجي وياَّ بعضها مانا كل ليله علة كده. . . وهياَّ تجيب لي الأكل من تحت الأرض. . . بس هياَّ اللي مكاره تحب تدلّع عليه. ح. والنبي يسيدي ما كان عندنا الا إرش واحد جبنا بعشره مخلل وبتلاتين طعميه وتعشينا صحن بتيك ولا كستليته. ح. اسمعي يا ستي لطيفه البفتيك دا ايه يختي. ل. دا أكل يروحو يأكلوه في الخممير ويسكروا بعدها. يأى هوَّا بيحلم انو في الخماره اللي يؤلو عليها لوكانده. يا صبرك يختي علهم دا كله. ف. أألكا أنا موش وأكل. . . انا حتى،، نفسي غمّت عليه. . أع أع. ح. شوفي يختي الراجل ازاي محروس هدوه وسخم الفرش رايحته تعمل ايع بأى. ح. بأى يختي النسوان اللي بيتفالتم كلو من رجاتهم لما يجيبلهم الراجل آخر الليل بالحلادى وتكون الواحده لسه شابه وفايره وتعرف إنوا انخمد ما يعرف راسه

من رجليه ما يمكن يلعب الشيطان بعئلها اسم الله على اختي والندل من دول يبقى بالنهار بني آدم وبالليل خروف. هي الواحده منا لولا انها بنت ناس وتختشي العيبه ما كانوا النسوان خسروها الا يارب لك ألف حمد عمر ديلي ما انكشف على غير حلالي. ل. والنبي يستي حنيفه عمر عيني ما اطلعت لجال غير جوزي ولا عمري مرّه كشفت وشي على غيره الا على اهله. هيا يختي الواحده رايحه تدخل جهنم بمرضى خاطرها. الخوف من الله كويس. ويمكن ربنا يتوب على رجالتنا وتبأى أشيتهم معدن. ح. شوفي لما أألك كله على تربية الواحده وهيأ صغيره والله إن كانت أمها ولبه طيبه ومتربيه تحت الخبا ولا هياش من النسوان الجرجاره تطلع بنتها زيها وانا أمي عمرها ما طلعت برجلها من باب الدار نهار زفّتي. وكانت تؤلي امتك ياحنيفه بابنتي في خباكي واللي تخون جوزها يا ويلها من الله. واللي تطلعغ غير جوزها يوم الا ياما يكحولوها بمرود نار. واللي تبوس غير جوزها الا يوم الا باما مفضوحة ادام الناس والمده والا يج تسيل منها يصدي وينجلي واللي تصبر عليه يا بختها. ل. والنبي أمك آهي من عينة أمي يا ما ألت لي يا لطيفة الرجال متعبين واحنا يا نسا عصا بينا سواد وعي واحده تغرّك يوم من دول وتفرطي في نفسك. واحده جرجاره. واحده مرؤا

عليك. أوعى يا لطبفه. انا كنت ست الحاره ولا فيش واحده في جمالي وكنا يمكن بنات من غير عشا وياما جريت عليّ جدعان وبشوات والنبي يا بنتي عمري ما زل عئلي وعملتها. تلائيني كل ما افتكر كلامها تهون عليّ الدنيا. ح. يختي هوَّ يبقى ألعن من الواحده اللي تفرّط في جوزها ولا في نفسها ولا في حاجته. دا الخوف من الله طيب يا ويلها عند الله لما الراجل يبأى مآمنها على نفسها وماله واولاد الأصل بردهم أصلهم فيهم. ل. والنبي يا حبيبتي عمري ما احب المره المايله ولا اللي كل ساعه ملا يتها ولا حبرتها على راسها ودايره نم الدار دي اللدار دي. فيه زي اللي تئعد ست بيتها وأميرة نفسها وصابره على غلب الزمن واهي بتاكل لئمتها ويا جوزها إن كانت حلوه ولا مرّه. فيش الا الواحده يختي بتشم الراجل من كتر ما بها. والا الراجل يختي برده عمود البيت وعز خبا الواحده. والشباب ياما يعملم يعاودوا يتوبوا وتبأى اشيتهم معدن. شوقي ستي ياسين والا ملا اللي بات فيها بعد ما كانت مهياش لائيه الداه آهو لما تاب جوزها والتفت لبيته خلاّها عايمه في الخير. لو كانت دي ما صبرتشي على غلبها أيام سبابه ودورته البطالة كانتش طالت دي المطال. ح. يعني يختي أدنت شفت احوال عدوك. وارجع عليه لما أنيمه زي العيال واصبح برضه وحياتك ابوس إيده ووأنضفه واخليه يطلع أدام الناس سنجة تسعين

باب الأدبيات

ودا كله من تربية أمي لو كانت ما وعتشي الواحده وهيا صغيره كانت دلوأت الواحده حالها عيضه وآعده دار أوها زي العله على الألب. وربنا يستر يختي ادحنا بنؤل ربنا يصلح حاله ويلتفت لعياله. والنبي اطلع على السطح في نص الليل واكشف اربزازي واخبط عليهم وادعيلو ان ربنا يهديه ويروّق بال. بس لو كان ربنا بيعده عنه أولاد الحرام إلا له واحد صاحب وياه في الديوان ألب دماغه ومخصّر عأله. ااك ربنا يهديه راخر يعني هلبت مراته ما هي غلبانه زي غلبنا. ل. إتمسي بالخير يختي احسن بئينا نص الليل. ح. يمسيكي بالخير والسعاده يختي والنبي انك سليتينا الليله ولا يورّيك وحش بأى. باب الأدبيات ومن صدور قصائد الاختفاء صدر قصيدة مدحت بها سيدي ومولاي الإمام السيد عبد القادر الجيلاني الشريف الحسيني وهو من ذرية سيدنا موسى الجون فيجتمع مع جدنا سيدنا ومولانا إدريس الأكبر في الإمام عبد الله المحض رضي الله تعالى عنهم وأعاد علينا من بركات آبائهم الكرام وهو: طاف النديم بكاسه في الحان ... ومشى ليزف البكر بالألحان وجلا لنا شمسا تحلى جيدها ... بالدر فوق قلائد العقيان برزت تقهقه بين ندمام الطلا ... فخجلت أذا ضحكت على الأذقان

يا للرجال لغادة لعبت بنا ... لعب الهواء بلين الأغضان خطرت بدرع الحرب وهي تغزنا ... من كيدها ببراقع المسوان بنت يسفه رايها أحلامنا ... وتطير في الأحشاء والأذهان تبدي لنا بشر المشوق وقلبها ... من شدة الأحقاد في غليان من أطلق الهيفاء بعد جناية ... وقضاه شيخ العصر سجن قناني إن زرتها في الدن قبل وصالها ... أبدت الكرام وخشية الخجلان فغذا رشفت رضابها من كأسها ... فتحت عليك معامع الشجعان لا تعجبوا من فعلها فهي التي ... في خدرها شبت على النيران صبحت رجال الدير دهرا وانثنت ... تسبي النهي بمخايل الكيان تهوى الوثوب وفعل أرباب الصبا ... فتحسن الطيران للنشوان تأتيك في تيه العذارى خدعةً ... وتريك عند الوصل فعل الجان عجباً لها مع ضعفها لا تتقي ... بطش الملوك وصولة الفرسان تأتيهم والجند من حول الحمى ... تحت السلاح ولا تخاف الجاني وتسير دون تهيب في خفة ... تحت اللثام على أكف غواني فإذا رمت ذلك اللثام وزغردت ... جذبتهم للرقص كالغلمان وإذا استجاشت زمرة الأعضا رمت ... ليث الحروب على بساط هوان وأباحت الخدّام عند ملوكهم ... وقت الصفا حرية الصبيان ذلت لسطوة حكمها دول الورى ... من غير ما حرب ولا أعوان خفت فطارت بالعقول وخلفت ... تلك الجسوم بحالة الحيران

سطعت أشعتها فحيرت النهى ... في الوصف والتعريف والتبيان عكست حقائق من تراه فباقل ... بفصيحها يعلو على سحبان وبجود ما در في حماها أذهبت ... عن حاتم ما نال بالإحسان حملت على الراحات حال زفافها ... وعيونها ترنو إلى العدوان فحذار منها فهي فتنة دهرها ... تدعو التقي لسحة البهتان عجباً لا رباب النهى لعبت بهم ... هذي العتيقة ومظهر العصيان أي المحاسن أبصروا في وجها ... وهي العتيقة من قديم الزمان أم الخبائث بنت عسلوج الهوى ... أخت الحشائش زوجه الشيطان ومن زفها من خدرها لفؤاده ... صرعته عند مزالق الأطيان وإذا تستر في ترشفها بدت ... من فيه تفضحه لدى الإخوان وإذا مشى لعبت به من مكرها ... ليقال هذي مشية السكران وإذا تمكن سهمها من فتية ... تركتهم في الحان كالأوثان وإذا غلت في جوف شخص كدرت ... بالقئ منه مجالس الندمان كم حسنت فعل القبيح لشارب ... فعود بعد الهدى في كفران فهي التي ما مزجت في منزل ... نور الصلاح ولا ضيا الإيمان حملت صواحبها على طرح الحيا ... فبذلن عرضا بعد حسن صيان ويكرها كحلت عيون رجالها ... فتصادموا كتصادم وكثرة النسيان خرقوا بها الأكباد جهلاً فانتهوا ... للسقم بل لمدارج الأكفان صرفوا النفيس من النفوس ودرهم ... وغدوا لا شرف ولا اكنان

تهنئة

ويل لهم تركوا الشريعة خلفهم ... وتسابقوا لمغاضب الرحمن أي الفوائد أدركوا من حانها ... وهو العدو لجملة الأديان أيسرهم أن الأمير بها يرى ... أن أفلسته بحالة الغلبان والحر يأتي حانها متعززاً ... فيقاد حال السكر كالعبدان وأخو الحجا يخشى العثار بهفوة ... وبها يرى الإنسان كالحيوان قل للندامى كسروا أقداحهم ... وبها بدد دولة الخسران ملأ النديم الكاس في حان التقى ... من سر عبد القادر الجيلاني تهنئة انتهت السنة التاسعة لجمعية حفظ التاريخ القبطي بأسيوط وقد حفظت الجمعية في سنتها الماضية وفاة عزيز مصر وأميرها المحبوب عند طوائفها المرحوم أفندينا توفيق باشا وجلوس إلهام الغيور على وطنه وأهله المتضلع من معارف الشرق والغرب المتحلي بحليتي الحزم والشجاعة الجامع بين نشاط الشبان وفطانة الشيوخ صاحب الفخامة أفندينا عباس باشا الثاني أيد الله تعالى الوطن العزيز بصائب آرائه وجليل حكمه. وأردفت هذين التاريخين بتقديم الطائفة القبطية وأعمال شبانها وشيوخها العائدة بالنفع العام فنهنئهم بهذا الثبات والأثر العظيم ونتمنى لهم التقدم واتساع نطاق التاريخ بجمع حوادث كل سنة التي يحتاجها التاريخ وعلى الخصوص الحوادث المصرية إدارية كانت أو حربية أرضية أو جوية وطنية أو أجنبية فقد استحقوا الثناء بهذا السعي الجميل.

تقاريظ

تقاريظ كتبا تهذيب الشبان بتقلب الزمان صحيفة 116 وكتاب القلائد الدرية. في أساليب الحرية صحيفة 44 والاثنان في غلاف واحد وهما من تأليف الفاضل الكامل الأستاذ الشيخ محمد الأبرشي وقد جعل ثمنها عشرة قروش بمصر واثني عشر خارجها وانه لثمن قليل جداً بالنسبة لما أودعه فيهما من رقيق العبارة ولطيف المعاني وما التزمه من النثر والنظم في الكتابين وما أودعه في الأول من الزجل الرقيق والمعنى الدقيق فعلى طلاب الآداب والرفاق أن يبادروا بمشتراتها * فخير جليس في الزمان الكتاب * التماس لم يبق بالمكتب شيء من العدد الأول وطلبات الاشتراك المترادفة كل يوم تطالبنا بالجريدة من أولها فنرجو حضرات المشتركين المتأخرين أن ينتظروا طبع العدد الأول مرة ثانية إن شاء الله تعالى وأسماؤهم محفوظة حتى يتم الطبع فيرسل ولا يفوتهم عدد من الأعداد. المكاتب الواردة من حضرات المشتركين تحثنا على إرسال معتمد لأخذ قيم الاشتراك وقد عينا حضرة محمد أفندي خليل وكيلاً عاماً متجولاً ومعه دفاتر القسائم لجميع قيم الاشتراك وإعطاء الإيصالات لأربابها ومحاسبة حضرات الوكلاء أيضاً على ما عندهم من المتحصلات وإعطائهم إيصالات بأسماء المشتركين كل مشترك بوصله. وأملنا في حضرات المشتركين التساهل معه حتى لا يتأخر عن أداء وظيفته في وقت قريب إن شاء الله. نديم

العدد 7

العدد 7 - بتاريخ: 4 - 10 - 1892 الراوي أيها النديم. إن بعض الناس انقبض صدره وضاقت نفسه وامتلأ غيظاً عليك عندما رأى محاورة حنيفة ولطيفة وألزمني أن أبلغ ذلك إليك لتعلم أن كل ما يكتب لا يوافق كل إنسان. نديم. لا يخلو إما أن يكون هذا المتغيظ سكيراً أو غير سكير فإن كان سكيراً وهذه صفته فالذي قيل فيه قليل جداً بالنسبة لما يلزم لتأديبه وعليه أن يرجع عن باب لا يدخله إلا كل من لا يعرف قدر شرفه. وإن كان سكيراً وليست هذه صفته فإننا نحذره من الوصول إليها فليرجع من قريب فمن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه. وإن كان غير سكير فليكن مساعداً لنا على سد باب المفاسد وفتح باب المصالح ونصيحة الإخوان وحثهم على اتباع طرق الهدى وما فيه حفظ الشرف والمال. الراوي. هو لا يعترض عليك من هذا القبيل وإنما يقول أنك أظهرت عيوب الشرقيين إلى الإفرنج بذكر أحوال السكارى وما يصدر عنهم وما ينتهي إليه أمرهم.

نديم. إن كان السكارى يشربون الخمر في خمارة الحاج إبراهيم بجوار مسجد الصالح فإن ذكر أحوالهم بين الإفرنج قبيح يقيناً وإن كانوا يشربون في خمارة يني وباولوا مثلاً فإن الإفرنج يعلمون من شأنهم ما أجهله أنا وأنت فإنهم هم الذين يبيعون عليهم ويعرفون حسابهم وما ينتهي إليه أمر سكرهم وأما مثلي ومثلك فغاية علمنا بهم أننا نراهم ألوفاً أمام محال الشرب في مصر وإسكندرية وطنطا والمنصورة والزقازيق وأسيوط والفيوم وبقية الجهات التي تشرب فيها الخمور وأما كيفية معاملة الخواجات لهم وما يؤول إليه حال كل فرد فعلم الخواجا أوسع من علمنا بذلك فلو كان محرر الأستاذ إفرنجياً لاتجه الاعتراض عليه لكونه يظهر من أحوالهم ما لا نعلمه. وأما إن كل ما يكتب في الأستاذ لا يوافق كل إنسان فهذا أمر مطرد في كل مكتوب عرض على ذوي الأفكار حتى كتب العلم الدراسية ولذا ترى الشروح والحواشي معترضة أو مبينة مجملاً أو ناقضة لقاعدة وهذا لا يمكن التوفيق فيه إلا إن كان المشترك محرراً معي فيكون ما يكتب عن رأينا جميعاً فنرضاه جميعاً وهذا غير معقول لا لعجز المشترك عن الاشتراك معنا في التحرير بل لقيام كل إنسان بوظيفته التي خص بها. على أننا لا نرد نصيحة وردت إلينا فعلى من يسعى معنا في إصلاح ما فسد من أخلاق السفهاء أن يكتب إلا نفع الأحسن ويبعثه لنا ونحن ننشره بحروفه حتى لو كان طعناً في نفس الأستاذ على شرط أن يكون المقصود به تهذيب النفوس ورد جماح الغواية ونكون لمن يقول يدي ويدك في هذا الباب من الشاكرين. ثم هو بالخيار إن شاء ذكرنا اسمه وإن شاء أشرنا إليه. فهل من مخلص في خدمة وطنه ينبهنا على غير الصواب كلما عثر عليه أو

أبو دعموم والشيخ مرعي

يقول زدنا من هذه الموعظة ولا تتألم ممن تغيظ لغرض ذاتي أو شهوة بهيمية فبلادنا ملئ بالمهذبين من رجال المعارف والآداب مشحونة بأهل الكمال من الذوات الفخام والعلماء الأعلام والوجهاء العيان والأذكياء الأكياس وفرد أو فردان شذا من فريق أهل التهذيب لا نعيرهما جانب التفات فاسمع حديث لطيفة ودميانة فالموعظة الحسنة مؤثرة ولكنها من النساء أشد تأثيراً وأعظم وقعاً وما علينا إذا اغتابنا همزة أو لبسنا لمزة فإننا لا نعول إلا على العقلاء وأهل المعارف والكمال. أبو دعموم والشيخ مرعي . أبو. انت بس رايح جاي من مصر سمعت لنا ش شي على اللي زي حالتنا. م. واللي زي حالتك رايح اسمع عليه ايه انت راجل فلاح في غيطك وتقضي عمرك وانت سارح الغيط رايح البيت زي حصان الطاحونه اللي يقضي عمره ما بين الدوره ودار الدولاب. أبو. هوّ أنا ناكر إني فلاح يا غاير ما نا فلاح ابن فلاح ويعني انت اللي ابن جندي ما انت فلاح زيي. م. أنا موش مقصودي أعايرك والاّ أرزلك لا سمح الله ولكن باقول لك أنت راجل فلاح يعني ما حدش عارفك يحكي في حقك حاجه في مصر. أبو. أنت صليت عَ النبي أنا باسألك عن كده يعني ايه يعني اللي زينا إذا كان لو حكايه في مصر يعرف يخلصها. م. إن كنت رايح مصر على شان تعطَّر لبنتك ولاّ تفصَّل لابنك اللي رايح تطاهره كل شيء تلاقيه هناك وإن كنت رايح تقضي حاجه للغيط زي ساقيه ولاّ تابوت ولاّ محرات ولاّ قصابيه برده تلاقي

بس ركك على فلوسك. أبو. دانا مابديش كده أنا باسألك إذا كان الواحد لو قضيه يعرف ينهيها. م. القضية د هزي ايه. أبو. إذا كان واحد زي حالتي لو فدانين طين متل وبقي لهم سنين وأيام وهمَّ تحت ايده ومعاه بهم حجه ولاّ تقسيط ميري وبيدفع مالهم بقى لو سنين وبيزرعهم من مده وياخدهم بالغصب اكمنوا راجل كبير المقام يعني بقى إذا رفعت عليه قضيه اكسبها. م. أنا مشفت حمار متلك. يا مغفل الناس دلوقت موش زي زمان دلوقت أفندينا ربنا يطول عمره عمل مجالس وقوانين وحط فيهم قضاة وحكمهم في الكبير والصغير والضعيف والعنتيل تلاقي الحمّار من دول إذا كان لو قضية حتي عند واحد باشا ويروح يطلبه في المحكمة وهيّا تجيبو قدامها من غير ما يعصي ويخالف. وإنت بتقول إن الأرض أرضك ومعاك بها حجة والا تقسيط وواضع يدك عليها بقى لك سنين وبتدفع مالها ودي كلها أمور تثبت لك الدنيا موش فدانين أنت تروح تطلب خصمك في المحكمة ولا تسأل عنه إن كان عضمة خشنة أو عضمة ناعمة والمحكمة ترفع ايده عن أطيانك غصب عن عنيه لاتنين. يا سلام هيَّ حصلت لما واحد ينهب واحد عيني عينك في زمان أفندينا العادل ولاّ كانت القضاة تحكم عليه باللومان ست سنين أقله. روح أنت وكِّل لك واحد أبو كاتوا وتوكل على الله. أبو. بس خايف يروح بترجا القضاة والذوات ويعملوا خاطر لبعض تروح عليَّ المصاريف. م. أوعا تصدق إن واحد يترجا القضاة ويقبلوا منه غير الحق القضاة دلوقت جنس تاني بياخدو ماهيات كفاية وماشيين على الحق تملي وعندهم الكبير زي الصغير

لطيفة ودميانه

زي ما قلت لك. أبو. بقى ما اخدشي كم نص أبرطل بهم القضاة على شان يخلصولي دعوتي. م. أوا يا مشوم تعملها أحسن تروح في شربة ميّه يقدر واحد دلوقت يبرطل قاضي ولاّ فيه قضاة بياخده برطيل دلوقت إن كانوا بتوع الشرق ولاّ بتوع القوانين الدنيا دلوقت ماشية سنجة أربعة وعشرين أوعا حد يغرك ولا يضحك عليك وياخد فلوسك ويقول لك أنا قلت للقاضي أنا عملت أن سويت ما فيش كلام ز يده دلوقت. أبو. بقى أتوكل على الله وأقدم قضيه فيه. م. إن كان واخد منك الأرض وطاردك منها روح اعمل عليه قضية ولا تبالي وشوف الحكومة تخلصهم لك يا فقير ولا لأ هوَّ فيه دلوقت نهب والا ظلم. كان زمان وجبر واحنا دلوقت في زمن القوانين والمحاكم وكل من وقع بزل هزي دي راح وربنا ياخد بيدك ويقضي لك حاجتك. لطيفة ودميانه . د. نهارك سعيد. ل. نهارك مبارك دا ايه آل على رأي اللي آل غيبو عام وطلُّو يوم. د. أنا كنت عُئْبال عندك في فرح أم جرجس وأنت تعرفي أنها حبيبتي ووحدانية والواحدة لما يبأى عندها زحمة زي دي متعرفشي اللي يجي مِ اللي يروح. ل. فيكِ البركة والنبي انك تعرفي الواجب يا أم حنين. إحنا افتكرناكِ ديك الليله واحنا عند ستي حنيفه وألنا يا ريت أم حنين هنا وتتفرج. د. هيّا كان عندها حاجه يختي. ل. بالك يعني حاجه زي فرح ولاّ عزومه. د. أيوه بئول. ل. لا دا احنا كنا آعدين

بنتكلم في السكارى وغلبهم وهيّا بتحكي لنا على ست نجيه وأنا باحكي لها على همي وغلبي شويه وجوزها داخل واترمى في وسطنا وأعدنا نضحك عليه وألنا يا ريت أم حنين هنا. د. الكلام دا كان ليلة ايه. ل. ليلة التلات اللي فات. د. كنتو تعالوا انتم شوفوا همي وغلبي ولاّ انتو عندكم لفند يبتاعكم بيسكر كل جمعة ليلة ولا كل شهر ليلتين ادُّور عليّ أنا اللي لفند يبتاعنا يطلع من ديوانه على الخماره ويفضل يشرب من المخسوف الزبيب لما يبأى ما هو شايف يمشي ويجيني مدهول وساعات يئع في السكه ويجي مِظَروط هدومه والإرشين اللي في جيبو يِأعم. والعَدْره يختي بئيت مستلفة من حنونه حَأ الطحين مرتين وتلائيني خايفة تكتر عليّ لديون وتخليني أبيع الحتتين السيغة اللي فاضلين عندي. ل. بأى يختي الرجالة دول إيه همّا عمي موش شايفين غيرهم ماشي إزّاي وبيحوِّش الفلوس إزّاي واللي اشترلو لهم أطيان واللي بنوا لهم سرايات واللي فاتحين لهم دكاكين تجارة موش كل دا من وَعيهم وحُرْفهم والواحد منهم يربط على الخمسة عشرين عُئده. يعني همّا كدبوا اللي آلم الدرهم لَبْيَ ينفع في اليوم لِسْوِد. د. هوّا بس رجّالتنا اللي في الهم ده امبارح كانت عندي أم جبُّور وبتحط من كل عين حِفان من غلبها وعازتها والعيال خاوتينها وهيّا ما هي لائية اللؤمة تاكلها. وصبحت يعيني عليها إي دورا وإيد أدام والحتة الفستان اللي عليها مشتّكاه من كل ناحية. ويا ألبي روزه بنتها ماشيه تتْأفأف ما هي لائية حتة شيت تعملها هدمه تلبسها والخنزير جوزها داير يجري من البلد دي للبلد دي ورا الهم اللي هو عارفه ولا يسأل عنها بخمسه. ل. بيئولو إنو يبعت لها كل شهر خمسه جنيه تصرف منهم. د. يُو

لا والعدره ما بيبعت لها حاجه الا عدوك ما تشوفي اللي بتشوفو. ل. بأى على كده ما بآش حد من حبايبنا مرتاح الا ستي رفأه. د. رِفأه يا ألبي عليك يا رِفأه وعلى همِّك التئيل. رِفأه كانت رِفأه أيام أبو الياهو الواعي اللي كان ماشي زي الألف ومن نهار ما طلع رحمين خلص الأديم والجديد وخلّى الدار حفرا جَفرا عدوك على رِفأه اليوم اللي نزلت من هدومها وصبحت يعيني عدم وندم. وتؤلي راح فين دي الجمال اللي كان فيك يا رِفأه لما صبحت زي التسويره. ل. بأى يختي رحمين راخر بيدّهول يسكر. ل. اسألي عليه ولاد الحاره اللي كل يوم يجروا وراه وهو سكران ويضحكو عليه. ل. باى على كدا فان البنك بتاع أبوه. د. بنك. بنك ايه يا حبيبتي أولي يا عيني يا حيلي هو باى حيلتهم حاجه ما ضيّعوا الكلب ده في الأمور الفارغة وصبح عمل سمسار بين التجار وكل ما جالو إرشين يروح على الأمار على الخماره على البلاوي اللي تحرقهم وتتدعأهم. همّا دول رجاله دول باب الخراب أطعم وأطعت أيامهم اللي زي وشهم. ل. تعاليلي بأى لما أأول لك لكن والنبي تؤلي الحق يا أم حنين احنا عندنا يا مسلمين العرقي ده حرام شربه وانتوا يا نصاره عندكم حرام ولا حلال. د. عندنا يا حبيبتي يؤولو اللي يشرب الخمر ما يدخل ملكوت الله. ل. طيب زي ما عندنا واليهود يا ترى عندهم ايه. د. عندهم ما يشربوش إلا القليل في العيد بس. ل. أمال يختي مال الرجاله لا بأواب يسألوا عن ديانه ولا بيخافوا من الله. د. أهم أولاد اليوم يختي أكترهم ألَلاب الدين. ل. ويا ترى بلاد النصارة رخرين كده. د. وهيّا الداهيا جات لنا منين. ل. بأى شوفي يختي كلمة الحق عأبه ادحنا بندخل بيوت

كتير وأليل ما بنلائيش زي رجالتنا تؤلي ايه في بيت أم علي بيه اللي مرتب ومنظم وما هي عارفه تودي الخير اللي داخل لها فين تشوفي دي الفروشات الجميلة يختي والستاير الحرير ودي البروهات والمرايات والدواليب والسنَدِيئ ودي الفضيات والنحاس. ولا السيغة اللي ما هي أدره تشيلها والخدامين اللي حواليها ودا كله أكمن سعادة البك جوزها طلع متربي وماشي في حاله من ديوانه لبيته ما أحلاه يختي لما يجي على بيته في عربيته ويدخل عليها عائل كامل وإن كان معاه ارشين يحطهم في سندوؤه ويقفل عليهم وإن شاف واحد من الخدامين يسكر ولا يحشش يطرده ويجب واحد غيره ياما تحكي لي عليه ستي أم علي بيه حكايات زي الكدب في عأله وأمريته وحبه لأولاده وسؤاله على أهل بيته حتى الجوار والخدامين ان ما كانو كلهم مرتاحين ومبسوطين ما يهنالوش عيش حتى يريحهم. وتؤلي ايه في بيت أم سعيد اللي خدت سي أحمد أفندي وماهيته ميتين ارش فضلت تدباء وتحوش من لؤمتها وهو داير يكدش عليها من هنا ومن هنا لما بئت زي اللي جوزها بالف ارش ولما ربنا أعطاهم وزادت ماهية جوزها ما تكبروش عَ النعمه وفضلوا حامدين شاكرين وألب الراجل على ألب المرة لما مسألتهم فائت الحظور. آهي جوزت بنتها سكينه الجمعه اللي فاتت بأى السيغة اللي عليها ولا الشوار اللي دخلت بيه تدخل بيه بنت واحد بيه من التلفانين يعيني على بنتي اللي دخلت زيا لجاريه المسحوبة من ودنها. وشوفي ام شنوده اللي ما كان حيلتها حاجه صبحت في دار تضرب تئلب وجوزها داير يجيب لها من هنا ومن هنا ولا خلّى ولا غالي ولا رخيص الا لما جابولها. وبد ما كانت زي العود السيفت صبحت ما شا

الله عليها زي الجزيرة موش كل دا من الخير والنعمه وعدل الراجل. وشوفي أم شمعون اللي انتقلت من مصر لسكندرية من عوزتها ولما ربنا فتح الباب لإبراهم جوزها ازي ما عرف إيمتها وملالها البيت من خيرات الله. والنبي ديك النهار دخلت عليّ ما عرفتها من دي السمنه والبياض اللي بئت فيه ودي الحراير اللي ماشيه تخب فيها. وشوفي أم سليم اللي جاتنا ايدها في ايد جوزها ما معاهم إلا هدومهم ازي ما صبحت ست وبتمشي يخيه ألافرانكه ودي الفساتين والبرانيط والعربية ولأملا اللي بئت فيها كل دا يا حبيبتي موش من عدل الرجاله وبعدهم عن الخبص واللبص اللي فيه رجالتنا. بأى ما تؤليش كل المسلمين ولا كل الإبط ولا كل اليهود ولا كل الشوام على الحاله اللي فيها رجالتنا أولي كل جماعه فيهم كفوهم. ل. اشمعنا النصاره في بلادهم ما بيعملوش كده طيب. د. اسكتي اسكتي دا ديك النهار كان أبو مينا عندنا وبيئرا في كتاب من بتاع نصارت براوبيؤول لنا فيه على المجانين اللي جننتهما لخمره والعيانين اللي بتموتهم والناس اللي فأرتهم شي كتير أوي دا بلويهم أكثر من بولينا الطاء ألف بس ما حدش شايفهم. دا يحكو لنا عليهم انك تدخلي الليلة من دول في عرسهم تلائي الرجالة والنسوان مرميين على الأرض سكارى ما حد منهم عارف راسو من رجليه وزي ما عندنا عئلا ومجانين زي ما عندهم رخرين لكن مجانينهم أكثر. حأ أولي هما أشطر من رجالتنا في حاجه تملي ماسكين بعضهم ويحاموا لبعض تأدري تشتمي واحده طليانيه أدام واحده فرنساويه ولا واحده نمساويه أدام واحده روميه كانت تطلع عليك تاكلك ودا لكونهم يحبو منفعة بعض ولا يبينوش عيوب بعض واما

احنا يا ابط ويا أولاد العرب زي زأزيئ البركة كل واحد شوكته في ضهره ما حيلتنا ش الا اطع الجره والإيل والآل وفلانه عملت وفلانه سوت. ل. الحأ على رجالتنا هما اعدوا يخانؤ بعض ودا يطاعن في دا ودا يدخل تحت باط الخواجه ده ودا يسلط الحاكم على ده ودا يسعى في قطع عيش ده لما صبحوا زي الإمان اللي يأطعوا بعضهم ببعض هما دول ناس يختي دول يستاهلو الكي على عينهم بمحوير نار اللي ما حد منهم يوم بيطلع للخواجات اللي جم من بلاد برا لا فيدهم ولا فطرفهم وصبحوا منحاسين في الأطيان والأملاك وما م عارفين يودو الفلوس فين تفوتي على قهوة لفرنج تلائيهم آعدين كلهم عليها دا فرنساوي ودا طلياني ودا إنكليزي واحنا تلاقي الشوام في أهوه والإبط في أهوا والمسلمين في أهوا زي اللي متخانئين ويا بعض والنبي عمرهم انفلحهم ما داموا على دى الحال. د. لأ. ولا ألتيش على الداهية الكبيرة لما بدخل الواد منهم في خدامه ويفضل يرفت اللي موش من جنسه ويخدّم اللي من جنسه لما يخلي الجنس التاني بدو يشوف العمى ولا يشوفوشي يؤلش يا ولد كلنا أولاد حته واحده وزي متنفّع ابن جنسك نفّع ابن جنسك التاني لجل تبؤا كلمه واحده وتحطوا ايدكم على ايد بعض وتعمروا بلادكم زي بلاد لفرنج. الا كل واحد بدو حبل ويخنق به صاحبه جاتهم ميله وحياة العدره ما داموا على دى الحال ويفضلوا يقطعوا في جرة بعض ما هم نافعين. ل. يكونشي يا أم حنين أكمن فيهم مسلمين ونصاره. د. يختي ادحنا والشوام ونصاره امال ما بنحبش بعضنا ليه. ما تؤليش مسلمين ونصاره أولي دا عمى ألب وإلّت بخت. يعني مفيش ناس منكم يا مسلمين

دايرين تحت باط غيرهم وناس منا يا ابط ويا شوام دايرين تحت باط ناس افرنج طيب اسكتي اسكتي أحسن احنا على رأي المتل. لا تعايرني ولا أعايرك الهم طايلني وطايلك. ل. امال يختي نعمل ازاي بأى ما تؤومي بنا نوصل أم شفيق ونخليها تجمع لنا ستي نفسيه هانم على ستي بديعه على ستي أم مليكه على ست أم إيليا على ست أم جبور ونشوف لنا طريئه في الرجاله ولا رحنا بلاش. د. طيب أومي بنا يختي إياك ربنا يهدي. ل. أصباح الخير يا ستي أم شفيق. أم. أصباح الخير يا حبيبتي يا ميت مرحبه بيهم. دا ايه وأم حنين رخره دا البواب انكسرت رجله ولا راح فين لا اطرّفت النهار ده الحمد لله على السلامه. د. والعدره يختي اني سائله عنك كل وأت أنا منيش بتعالك السلام مرتين مع أم مخاييل. أم. تسلمي يا ستي أم حنين والنبي فيك البركه ما هو يختي الود من أيام أمي وأمك هما كانوا يستريحوا إلا في بعض وأنا يختي سائله عنك وحياه عيني. ل. احنا جايين لك في حاجة يا ستي أم شفيق هلبت ما سمعت ان فيه رجاله بتسكر اليوم من المسلمين والنصارى ومبيضيعوا فلوسهم في شرب المخسوف العرئي وصبحم مفلسين اللي باع طينه واللي باع ملكه واللي باع سيغه حريمه واللي بياخد ماهيته يوديها البنك ولا يسد بيها الخمورجي ولاجل الوعد المقدر جوزي وجوز أم حنين وجوز أم جبور وجوز ستي حنيفه وجوز ستي نجيه هانم وجوز ستي رفأه من الناس اللي ألِّ عألهم وداروا الدوره الوحشه وصبحونا عيضه بين الناس والنهار دا كنت باتكلم مع أم حنين وقلنا نؤم نروح عند أم شفيق ونجمع الستات حبايبنا هناك ونشوف

طريئه في كون رجالتنا تبطل العرئي والأمار ونخليهم يشوفوا حالهم ويلتفتوا لبيوتهم. أم. يا نداما يا ستي لطيفة فيه رجاله تسكر من المسلمين دا يختي الخمره حرام في ديانتنا. ل. وام حنين بتؤول أنها حرام عندهم برده زي عندنا. أم. دانا سمعت الفئي بتاعنا بيؤول ان الإيمان يؤول للواحد لما يجي يشرب الخمره اصبري لما اطلع وادخلي مطرحي واللي يشرب العرئي يئعد حنكه نجس أربعين يوم بأى ما بيسمعوش الكلام ده. ل. فضك من الكلام د هان كان صحيح ولا حكايات ما بأش حد بيسأل عن الحرام والحلال اللي بيطيبلو شي أهو بيعمله. احنا مأصودنا بس نحفظ شرف الرجاله وأموالهم ونحوشهم عن الأمور البطالة. ام. لما نبعت للستات ونشوف يؤولو ايه ولكن شوفوا لما اأول لكم نخليّ الكلام لستي نجيه هانم هيّا بتئرا الجرانيل والكتب ومتربيه وبيدخلوا عندها بنات الذات المحتشمين وبتروح للهوانم الكبار واحنا ان ما كناش نجيب رجل الستات الكبار ويانا نخليهم همّا اللي يدبرونا محناش نافعين. ليه همّا معاشرين الناس الكبار وكل شي وارد عليهم وعارفين الطيب من الوحش وعألهم كويس وفيهم اللي يؤروا واللي يكتبوا كتير وان ما كناش ندبر في طريئه كويسه محناش نافعين ويّا الرجاله اللي عألهم فرَّغ من السكر والحشيس والبلاوي الحرّه (حضروا الستات جميعاً وبعد القهوة ومبادلة السلام آلت لطيفة). ل. يا ست نجيه هانم انت كنت حاضره في فرحي وشفتيني دخلت بشوار وسيغه بميتين جنيه ودلوقت ما بآش حيلتي حاجه وكان عندنا بيت خلفه حمايه وباعو جوزي ودا كله رايح على العرئي وفي الأمار وتسمعي

حكاية ستي حنيف هوام حنين وأم شمعون وأم جبور تتعجبي وبدنا نشوف طريئه نتوّب بها الرجاله عن الهم ده أحسن يا أختي ان ماتم واحنا فئرا كدا رايحين نعمل ايه في الاولاد دول يا ترى ندور نشحت بيهم والا نعمل ايه واحنا ألنا ستي نجيه هانم تعرف تئرا وتعرف الهوانم الكبار وتئدر تسأل منهم عن طريأه لطيفة نحوش بها الرجاله ونخليهم يبؤا زي الناس العئلا اللي حافظين شرفهم ومالهم وماشيين في حالهم ويكفى اللي جرى. ن. آه يا ستات على غلبنا وعمايل الرجاله فينا يعني يا حبايبي هوّا احنا بس اللي موش عاجبنا حالهم. دا الافرنج اللي بيبيعوا عليهم المشروبات عارفين انهم مجانين وبيضحكوا عليهم ولكن هما عاوزين ان كل رجالتنا يبئوا كده لاجل يبيعوا عليهم العرئي بتاعهم ويكسبوا منهم وئولوا ما فيش في الشرق ناس عئلا يعرفوا إيمة بلادهم وعلى شان كده تلاؤوا الافرنج حاطين بالهم منا أوي انتم لو كنتم تئرم الجرانيل كنتم تشوفوا العجايب. والعجيبة انهم يئروا الكلام دَ ويشوفوه بعينهم ولكن نؤل ايه في المؤدَّر والمكتوب. وشوفا لما أأول لكم الستات عليهم رك كبير في حفظ الرجاله من الأمور البطاله فان الست منّا يمكنها تتوّب جوزها ولكن لازم تكون اختها معاها في كده على شان رخره تتوّب جوزها ولا ينزل يلائي صاحبه يئوم يتلفه ويلخبط عأله واما ان كانت كل واحده من ناحيتها يمكنا نتوبهم. ل. والطرئه ايه اللي رايحين نعملها. ن. الليلة دي أروح بيت ستي حافظه هانم واجتمع مع ستي سنيه هانم وستي نفوسه هانم وستي عزيزه هانم وستي الحاجه أم حسن وستي أم فلتاؤس ونتكلم ويّا بعضنا لإن دول من العئلا اللي يعرفوا الصورة ايه

بضاعتنا ردت إلينا

من الناس الكمال اللي عمرهم ما يعرفوا العيبه ولما اعرف كلامهم ايه ابأى آجي ونعمل جمعيه تانية وأأول لكم على الكلام اللي ينفع. ل. ربنا يبارك فيكِ يا ستي نجيه يا الله يا انتي يا ستي والنبي تحط بالك في الأضية دي أحسن الدنيا بإت ديّا في عنيا. ن. فيه بعض ستات من دول في ابعادياتهم ويجوا يوم الاتنين إن شاء الله يوم التلات الجاي أجيب لكم عُئاد نافع. بضاعتنا ردت إلينا أيها القلم سودت الصحف بمدادك. ونبهت الأمة باستعدادك. وناديت سميعاً لدعوتك. واستقيت مدلياً بركوتك. فحق لك أن تنعم بالبشرى. متنقلاً من الصغرى إلى الكبرى. فقد جرت الحياة الوطنية في قراء عبارتك. وناظري إشارتك. فلم تك بدعا في ذا الدعاء. ولا مخطئاً في تعميم النداء. فقد سبقك بالعمل. من يتحقق بالاقتداء به الأمل. وكيف لا نكفي المعرة والاعتراض والمبتدئ باستعمال مصنوع الوطن دولتلو مصطفى باشا رياض. فإنه اجتهد في فرش محال من سرايته العامرة بفرش نسجت أقمشتها في البلاد المصرية واستحضر من الفوط والملايات والحُرُم الصوف وغيرها من صنع المحلة ودمياط والفيوم ما يشهد له بصدق الوطنية وتقدمه أمام المصريين إماماً يقتدي به في هذا السعي الجميل. وهذا أفضل الفضلاء وعنوان الأذكياء أمام محراب الإنشاء وخطيب منبر البلاغة الأستاذ السيد الشيخ علي أفندي الليثي رأى رجلاً وطنياً يشتغل

تابع الجواب عن الرجل والمرأة

صنف السجادة أحسن مما يشتغله الغير فأعطاه مقياس محلات بيته العامر ليصنع قطعاً للمخدات والطاولات والأرضية حتى فرش البيت كله من مصنوع أخيه الوطني إحياءً للصنعة وصانعها فكل من دخل بيته ورأى هذه الفرش علم أنها صناعة رجل لم يجد من الوطنيين معيناً يأخذ بيده كما أخذ هذا الفاضل الغيور على أبناء وطنه. وهذا حضرة شيخ العرب عبد القوي بك الجبالي زين قصره وسلا ملكه بمصنوع بنات العرب من السُّتر والفرش وأثاث البيت الضروري. ولقد رأيت عند المرحوم محمد آغا علام عمدة سندبيس نسيجاً من الصوف على شكل المسمى بالربس وقد غزله وصبغه ونسجه في الريف فجاء في متانة يعيش بها السنين الطويلة مع حسن المنظر وإحكام النسج فلو اقتدى الأغنياء والأمراء بهؤلاء الوطنيين في تزيين بيوتهم بمصنوع البلاد لأحيوا ألوفاً من الصناع وفتحوا بيوتاً أقفلها موت صناعة أهلها بترويج صناعة الغير ونادى كل مصري عند حياة الصناعة المصرية هذه بضاعتنا ردت إلينا. تابع الجواب عن الرجل والمرأة أما فقيرة المدن فعملها تجهيز ما يلزم للزوج عند قيامه من النوم من ماء وفطور ثم طي الفرش وتنقيته إن كان فيه براغيث ثم كنس البيت وغسل البلاط إن كان بيتها مبلطاً وغربلة القمح وتنقيته وهرسه برجليها ونخله وعجنه وخبزه إن كان عندها فرن وتفصيل ثيابها وثياب أبنائها وزوجها وخياطتها وطبخ ما يلزم للعشاء ومتى كانت فارغة من العمل البيتي قعدت تشتغل على

المنسج أو تصنع مناديل بالترتر أو الكنتير أو الزرافة والأُوية سواءٌ كانت المناديل من الصوف أو الحرير أو القطن أو تصنع الطواقي (مفرد هذا الجمع طاقية وهي ما يلبس تحت الطيلسان والطيلسان يسمى طاقاً فنسبت إليه أو إلى بلد بسجستان وبعض الناس يسميها عرَقيه نسبة إلى العرَق لتجفيفها إياه أو عراقية نسبة إلى العراق). أو تصنع التنتنه والكرديله والركامه والأويه أو تخيط ثياباً بالأجرة وبالجملة فإن أكثر الفقراء يعلمون بناتهم الخياطة والتطريز وصنعة اليد لتساعد البنت زوجها بما تبيعه من عمل يدها ولتأكل من كسبها إذا خلت من الأزواج أو صارت أرملة تعول أيتاماً. وأما متوسطة المدن فإن عندها جارية أو خادمة تقوم بخدمة البيت وعمل ما يلزم من الأكل والشرب وغسل الثياب وكنس البيت وفرشه وقد تساعد خادمتها أحياناً فإذا دخلت الشمس في الغروب ذهبت لتستحم وتلبس ثياباً نظيفة جميلة وتتزين لبعلها حتى إذا حضر سرته بمنظرها البهيج. وأما الغنية فإنها لكثرة ما عندها من الخدم والحشم لا تشتغل بشيء غير ذاتها إذ لا ضرورة تدعوها لدخول المطبخ ولا لمساعدة العجانة ولا لترتيب البيت وما عليها إلا أن تلاحظ عمل العمال عندها فتأمر بإصلاح هذا وتغيير ذاك. فهذه أعمال كل قسم من أقسام النساء أما الحمل والولادة وتربية الأولاد فنقول عنها ما لا يخطئ الصواب إن شاء الله تعالى. الحل مألوف عند النساء يفرحن به فرحاً شديداً وفيه تكون المرأة عند الرجل أحظى منها عنده فارغة ومن تأخر عنها الحمل استجلبته بالدواء ومعالجة القوابل (الدايات) واستعمال المجربات وربما نسبت التأخير إلى الرجل فتكرهه وتسعى في فراقه لعلها تحمل من غيره وهذا لكونه أمراً محبوباً

عندهم وكل عوارضه محتمله بلا تكرُّه أما الولادة فقد علمنا سهولتها عند الفلاحة وكذلك فقيرة المدن أما المتوسطة والغنية فسبب آلامهما الرفاهية وركونهن إلى التيه (الدلع) والتمارض المعدود من محسنات الدلال على أنها عبارة عن مرض يعتري المرأة أياماً وتشفى منه وكل قسم مشترك مع الآخر في تحمل تربية الأولاد مع الفرح والأنس ودوام السرور فتربية الأبناء عندهن في مقابلة خروج الغنية للتنزه حول البساتين إذ لا شيء عند المرأة أسر من ملاعبتها ابنها أو بنتها وأما الغنية فإنها لا تعرف لذة التربية لقيام اللالا والمرضعة بها. ومن هذا نعلم أن الفلاحة أكثر تعباً من الرجل في الأعمال وإن فقيرة المدن تساوي الرجل المشتغل بعمل لطيف لا النجار والحداد والبناء مثلاً والمتوسطة أقلهن عملاً والغنية لا شغل لها إلا ذاتها اللطيفة ولا عمل لها إلا فيما يختص بالزينة والقلع واللبس والنوم واليقظة وعارض الولادة قصير المدة ينسى ألمه بعد أسبوع غالباً. فإذا تألمت السائلة هذا التقسيم والتفصيل علمت الفرق بين الرجل والمرأة ورأت أن تحايل ربات الرفاهة على مساواة الرجل بدعاويهن غير مقبول عند ذوي الاختبار. وإن كان عند الغير من الفوائد ما يدعونا لتغيير هذا الحكم فليتفضل علينا صاحبها بالبيان والإرسال لنشرها باسمه تتميماً للفائدة وإلا قلنا غير الفلاحة والفقيرة من النساء لا يساوين الرجال في شيء من الأتعاب وعلى الخصوص الغنيات اللاتي لا يشتغلن بغير ذاتهن فإنهن على فراش الراحة في الليل والنهار.

قل موتوا بغيظكم

قل موتوا بغيظكم إذا مررت على رجل يضطرب ويسعل ويمرث عينيه وقد انتفخت أوداجه واحتقن مخه حقداً أو غيظاً فاعلم أن الأستاذ صار شجىً في حلقه وقذىً في عينه والتهاباً في مخه ومغصاً في أمعائه وقالجاً في أعضائه فهو يحاول معالجة نفسه وبماذا يعالجها غير افترائه الكذب على الأستاذ وإشاعته الترهات والأباطيل وجعله الأستاذ جفراً يأخذ أعداده ومراتب حروفه وباطن الظاهر وبسط المجمل ورد البنات إلى الأمهات وتحويل حروف المنطوق إلى كسر المفهوم وجمع ما سهر في رصد كوكبه وحساب طالعه في وفق ثلاثي أو رباعي ووضع الحروف الإشاعية تحت كل ضلع وضم السر المكتوم إلى مجموع الضلع والإشاعي وأخذ الباقي بعد إسقاط إعداد النار والتراب والماء والهواء ثم يعود لجمع المفردات وتوليد طبقاتها لعله يستنتج من هذه الزيارج والجفور أن الأستاذ جريدة. س. ي. ا. س. ي. ة. وهذا الذي يحتال لتركيب فرية يصدق عليها هذا الاسم المطلسم. ولكنه كلما حاول القيام لهذه الضلالة أقعدته سريرة الأستاذ الطاهرة التي يعلم إخلاصها كل ذي نفس ناطقة فإنه ما ظهر إلا للتهذيب والتأديب وإصلاح ما فسد من بعض الأخلاق والإرشاد إلى مكارم الأخلاق وإحياء الصناعة والزراعة والتجارة ومنع التخاذل والتضاغن الراجعين بأية أمة حلا بها القهقرى. ثم هو الوطني الذي لم يفتح ليكون لساناً لأجنبي أو تضليلاً لشرقي وإنما فتح تحت رعاية الحكومة المصرية الجليلة ملحوظاً بعين نظارها الفخام مرموقاً

بنظر مأموريها الكرام ليس لصاحبيه مسند ينسبان إليه إلا مسند سيدهما الخديوي الأفخم صاحب النعمة عليهما وولي أمرهما ومفيض إحسانه عليهما بالعفو عن أكبرهما وإرجاعه إلى وطنه تحت حمايته ورعايته ورجلان يقدران نعمة سيدهما حق قدرها جديران بأن يجعلا حياتهما وقفاً على خدمة سيدهما وإذ قد عز عليهما الخدمة الذاتية فهما يخدمان الأمة المحاطة برعايته المحفوظة بعنايته لعلمهما إن خدمتها خدمة لجلالة مقامه السامي حفظه الله تعالى. فقل للساعي عد خائباً فقد علم الخاص والعام سوء طويتك وخبثك في كل ما تقدمه لإنسان بدعوى الخدمة والنصيحة وإشاعتك وقوف الأستاذ ما بلغت أذناً إلا وعلمت مصدرها آثر ذي أثير فضحك السامع وخزي المبلغ ولئن ساءَك تقدم الأستاذ وإقبال الأمة عليه حتى صار يطبع منه كل مرة ألفا نسخة فقد سر كل مصري وسوري وإفرنجي بمشربه الذي لم يزاحم فيه جريدة ولا مس به حقاً من حقوق أية أمة ولا قصّر فيه عن نصيحة الطوائف الشرقية على اختلاف الجنس والدين وهذا طريق لو فوض إليك نشر جريدة لوجدته وعراً ممتلئاً بالعقبات والغابات المخوفة فلا يسلكه إلا كل خبير بطرق مسالك الإصلاح وكنت أحب أن أرفع فريتكإلى الخاصة والعامة ليكذبك كل إنسان واجهك وليحذر منك من يتوهم أنك من دعاة الحق ورجال الصدق ولكن تذكرت خيبتك وغليان جوفك بقطران حقدك فأعرضت عنك تنزهاً وتكرماً وقلت دع من خرج تحت أستار الخفاء ليصيد صيداً فسقط العشاء به على سرحان.

اعتراض مغفل

اعتراض مغفل كلام الأستاذ في السكارى والموضة ضار بمصالح الدول الأجنبية فينبغي أن يمنع هذا الكلام فإن المصريين إذا تابوا عن الخمرة بأنواعها واقتصدوا في أثاث البيت وأوانيه ومآكلهم ومشاربهم وملابسهم نقص من الجمرك قريباً من مائتي ألف جنيه سنوياً وأفلس أكثر من عشرين ألف تاجر أوروباوي وأغلق نحو خمسمائة معمل من معامل الخمور وأصبح نحو نصف مليون من صناع الخمور فقراء لا يجدون من يستخدمهم وفات وابورات النقل أكثر من مليوني جنيه أجرة شحن الخمور والأقمشة والمتعة وأفلس مئات من أصحاب الفابريقات وبالجملة فإن رجوع المصريين عن الخمرة واقتصادهم في المعيشة يفوِّت على أوروبا أكثر من عشرين مليوناً من الجنيه فضلاً عن إضراره بقانون التصفية والمعاهدات التجارية. الجواب قهقهة طويلة تستدعي استلقاء الإنسان على قفاه وبعد الفراغ من الضحك نقول لهذا الخادع المموه بالأباطيل هل رأيت في قانون التصفية بنداً يقضي علينا بأن نشرب في كل سنة مائتي ألف برميل بيرة ومليونين من قناني نبيذ بردو وقبرس وإيتاليا وكريد ومثلها من قناني الكنياك والبرمود والبتروالروم والمينتا والابسنت والجنزبيره والبيرة السوداء وغيرها ومليون اقة من العرقي الزبيب والمستكي. وإن نلبس كل ما أرسل إلى بلادنا من الملابس المستعملة والأقمشة المغشوشة والكهنة المرتجعة إلينا. وأن يحجر علينا

اشتغالنا بالصناعة وإعادة ما فقدته البلاد من ثروة أهاليها باحتكار مواردها واستخدام بعضهم البعض في المعامل وترويج بعضهم البعض بالبيع والشراء. وأن لا يصح لمسلم أو مسيحي أو إسرائيلي مصري أن يتوب من ذنبه ويقلع عن معاصيه ويترك مفسدات العقل والمال ويرجع إلى التنزه عن النقائص والبعد عن الرذائل. وإن لا يتحلى أحد بحلية الكمال ويظهر بمظهر العقلاء السائرين في طرق الإصلاح وعمار البلاد. أم هناك مادة تلزمنا بالتردد على أماكن المومسات نصرف النفيس ونتلف النفس بما نصاب به من العدوى ثم نذهب إلى عائلاتنا فنصيبهم بالعدوى منا ثم نتهمهم بما نتهم به أنفسنا وربما فارق الغير منا حرمه بهذه العلة الوهمية التي جلبها بنفسه وهي بريئة من كل ما يخدش الشرف ونحن الذين جلبنا عليها هذه المصيبة بخروجنا عن الحدود وانغماسنا في النقائص. وهل هذه المعامل والفابريقات الأوروباوية فتحت باتفاق مع حكومتنا على أننا نشتري كل ما تصنعه وهل من ضمن المعاهدات التجارية أن لا يقوم واعظ في الأمة ينهاهم عن المتلفات العقلية والمالية ويأمرهم بالاقتصاد في المعيشة ويحثهم على مكارم الأخلاق. أم هذه هي الأضاليل تبثونها بين ضعفاء العقول وقليلي الإدراك تصورون لهم الأوهام في صور الحقائق تغريراً وتضليلاً وإرهاباً للنفوس وإخماداً للأنفاس. وما تشعرون أننا بين يدي أمير حازم ساح أوروبا وهجر وطنه صغيراً في طلب العلوم والوقوف على عادات الأمم وأسباب ثروتهم ومواد تقدمهم وموارد عزتهم حتى إذا درس العلوم اللازمة لمثل فخامته عاد وقد تهيأ له كرسي إمارته الجليلة وأصبح لا ينظر إلا فيما فيه صلاح بلاده ولا يمسي إلا وهو يدبر أمر رعيته ولا ينام إلا عن فكر في

المولد النبوي الشريف

حياة وطنه ولا يستيقظ إلا آمراً بما فيه خير العباد والبلاد. وأمة وقفت بيد يدي أمير هذه صفته ينبغي لها أن تتحلى بحلية الكمال والفضيلة وتتخلى عن السقوط في النقائص والرذيلة. فكف أيها المعترض المحتال عن هذه النزغات أو عض نعلك غيظاً على خيبة مسعاك وارجع بكلامك إلى ذات الأوروبيين يخبروك إن كل إنسان حرٌّ في تصرفاته الخاصة لا يتقيد بقيد وإنهم يتألمون من تهافتنا على المشروبات وأماكن النقائص حتى أن الخامورجي يتعجب من كثيرين من السكارى الذين لا يعرفون أنهم سكروا حتى يحملوا إلى البيت في عربية أو على حمار. وبالجملة فإن المصريين متنبهون لنزغات مثلك لازمون الهدوء والسكون لا تحركنا الوهميات ولا تصرفنا عن الوجهة التي توجهنا إليها وهي إصلاح ما فسد من أخلاقنا وإحياء ما مات من صناعتنا قياماً بحق الوطن وخدمة أفكار خديوينا الأفخم أيد الله تعالى ملكه. المولد النبوي الشريف هو العيد الأكبر والمشهد الأنور ويوم التذكار لظهور ذات سيد العالمين وخاتم المرسلين مالئ الوجود بمحاسن دينه وممدن العالم ببديع شريعته ومهذب النفوس بجميل سنته منبت شعر المجد في رؤوسنا ومنير بواطننا بأسراره وبستان غذاء الأرواح مهبط الفيض الرباني والأسرار الإلهية عنوان المجد وطالع السعد كتاب الحكم الذي أخذ عنه الحكماء وجامع العلوم الذي تنورت به العلماء أبي القاسم سيدنا ومولانا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم. وقد احتفل به جميع المسلمين وكان للديار

المصرية الحظ الأوفر من هذا الاحتفال إذ عم الفرح جميع البلاد الريفية والمدن الكبيرة فلا تمر ببلد إلا وترى أهلها محيين تلك الليلة المباركة بالقرآن الشريف والذكر المنيف والصلوات أما المدن فكانت الطرق منورة بكثير من النجف واللامبات والقناديل والدكاكين مزينة بالأقمشة والورق الملون والبيوت مزدحمة بالمتزاورين يهنئ بعضهم بعضاً. وهذا العمل وإن اشترك فيه جميع المسلمين واعتنى به أهل إسكندرية خصوصاً في أسواقهم ومساجدهم وبيوتهم إلا أن الساحة العامة الخاصة بإحيائه في مصر هي بهجة الناظر التي تملأ القلوب سروراً برؤيتها وتشرح الصدور بما فيها من حسن النظام وترتيب الخيام وكثرة الأنوار وازدحام المسلمين ازدحاماً عظيماً فقد اعتنت الحكومة السنية بترتيب هذا المولد الجليل اعتناءً تاماً وحشدت فيه كثيراً من العساكر لحفظ النظام وكان في صدر هذه الساحة الجليلة صيوان ذي السماحة والفضيلة وخادم الحضرة النبوية الداعي إلى هذا الاحتفال العظيم السيد توفيق أفندي البكري حفظه الله تعالى وبجانبيه خيام دواوين الحكومة الغراء والسادة الأشراف المجتمعين من مصر ومن البلاد الريفية وكل خيمة مهيأة لوفود الضيفان بها الطباخون والفراشون والخدم الواقفون على قدم الاستعداد حتى كأن كل خيمة أعدت لفرح خاص وهذا الاحتفال بهذا النظام البديع لا يوجد في غير مدينة مصر من مدن العالم الإسلامي وكان سماحة السيد توفيق أفندي البكري يزور الأشياخ في الخيام في جماعة من الصالحين وهو في أحسن ما يكون من الوقار والاعتبار رأيته كذلك فيم حال أخصها صيوان نخبة الأشراف الأطهار الأستاذ الفاضل السيد علي المغازي عامر خليفة السادة المغازية. ورأيت في الليلة الأخيرة ما

رثاء وعزاء

بهرني من ازدحام المسلمين وفرحهم الفرح التام وتخلل جموعهم بكثير من الأقباط والسوريين والإفرنج للتفرج على هذا الموسم البديع المثال وكنت واقفاً بصيوان فاضل بني عبد مناف الأكارم السيد محمد أبي حامد حال اشتعال الألعاب النارية فرأيت ما لم أره من قبل وناهيك بمحفل ما ترك أميراً ولا عالماً ولا شريفاً ولا ذاتاً من الذوات ولا نبيهاً وفاضلاً إلا جمعهم في ساحته المنيرة وقد اجتمعت بأفضل الفضلاء وشيخ مشايخ الأزهر الشريف صاحب السماحة والفضيلة أستاذنا الأكبر وشيخنا الأطهر الشيخ محمد الأنبابي ومعه الشيخان الفاضلان العلامتان الشيخ محمد البنا والشيخ سليم البشري وكانوا منيرين لصيوان السيد علي المغازي ليلة الأحد واقتبست من كلماتهم الحكمية ما يزيد المرء علماً وإيماناً. وفي صبيحة يوم الاثنين تلا المولد الشريف بحضور عطوفتلو عبد الرحمن باشا رشدي نائباً عن الحضرة الخديوية الفخيمة وانتهى المجلس بالدعاء لذاته الكريمة وانفض المحفل وكل يقول آمين. رثاء وعزاء أصخ للقلم تجده يئن بصوت الحزين الكئيب وانظر الدواة ترها لبست ثوب الحداد على ركن الإنشاء الذي قوضت دعائمه بوفاة النبيه النبيل الشاب المرحوم محمد لي بك وكيل إدارة الأقلام العربية بالداخلية توفى صبيحة يوم الجمعة 9 ربيع الأول سنة 1310 وشيع باحتفال مشى فيه كثير من العلماء والذوات والعيان فنعزي شقيقه الفاضل محمود أفندي علي في غصن مجد ذوى في إبان نموه ونسأل له ولآله صبراً جميلاً وللمتوفي أجراً حسناً ورحمةً من الله ورضواناً.

العدد 8

العدد 8 - بتاريخ: 11 - 10 - 1892 اللغة والإنشاء وما المرءُ إلاّ قوله وفعاله ... وباقيه حظ للتراب إذا ماتا اختلفت عبارة العلماء في اللغة إن كانت توفيقية أو اصطلاحية ولسنا بصدد هذا البحث فقد سبقنا إليه ألوف من العلماء وأفعمت الكتب بأقوالهم وبراهين كل فريق. ولا نتكلم كذلك على اللغات المتداولة بين الناس البالغة أكثر من ثمانمائة لغة غير فروعها وإنما نتكلم على لغتنا العربية الشريفة التي يتكلم بها الآن أكثر من مائة مليون من الناس ويسعة كثير من الناس المحبين للغاتهم أو لذتهم في إناتة هذه اللغة وتحويل الألسنة عن التكلم بها إلى التكلم بغيرها لنفقد بفقدها المجد والشرف معاً. معلوم أن العرب تكلموا بلغات شتى ولهجة عربية وبقيت لغاتهم مستعملة في قبائلهم إلى أن جاء الإسلام على يد أبي الفصاحة والبلاغة سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وجمع القبائل وألّف بين العشائر واختلط العرب بعضهم ببعض وتناولوا لغاتهم فيما

بينهم وكان الغالب على الألسنة لغة قريش فأفرغ كثري من لغاتهم إلى هذه اللغة بالمخالطة والمجاورة والمعاملة والمشاركة في الأعمال الاجتماعية والمجامع الكلامية حتى توحدت اللغة وصار لا يشذ عنها إلا بعض أحياء من اللازمين للعراء أو التائهين في القفاز. فلو تكلمت بعبارة طويلة أمام خبير باللغة لقال لك هذه الكلمة أصلها لتميم وهذه لطي وهذه لهذيل وهذه لجدهم وهذه لحمير وهذه لعذرة وهذه لثقيف وهذه للأزد وهذه لمذحج وهذه لكذا حتى يريك اللغات التي تغلبت عليها اللغة المصرية القرشية وصيرتها من مفرداتها ثم بنتقل العرب للتجارة بين اليمن والعراق ومصر والشام والعجم والروم جرى على ألسنتهم كثير من لغات تلك الجهات وعربوها باصطلاحهم حتى صارت كلمات عربية. وبهذا اتسعت اللغة العربية اتساعاً عظيماً بادئ بدء ولما انتشر الإسلام في العالم ودعت الحاجة إلى استعمال أشياء كثيرة لم تكن العرب تستعملها وتنوقلت أسماؤها عن أهلها وضمت إلى اللغة الأصلية اتسعت اللغة اتساعاً غريباً وكثرت موادها وعز على آحاد الأمة أن يحفظوا كل ما هو من اللغة وبدخول غير العرب في الإسلام وتلقيهم اللغة عنهم قصرت همتهم في درك جميع اللغة وحفظها فصار العالم باللغة إذا تكلم بين المستعربين احتاجوا إلى مترجم يترجم عبارته. كل هذا وألفاظ اللغة صحيحة وعبارات الناس فصيحة فلما عز على المستعربين النطق بكثير من الألفاظ التي لم تساعدهم فطرتهم على النطق بها حرفوها بقدر ما يسهل عليهم لأداء المطلوب بها ولكثرة الداخلين في الإسلام غير الغرب كثر التحريف واستبدال بعض الحروف ببعض مما يساعد على النطق بها تعود المتكلم عليها في لغته حتى

تولدت لغة لا هي عربية ولا هي عجمية وسميت باللغة العامية ولضرورة اختلاط العرب بالمستعمرين وتوحيد المعاملة بينهم تناقلوا عنهم بعض كلمات محرفة أو مصحفة أو تغير بعض حروفها وبتوالي الفتح والاختلال ومزاحمة اللغات للغة العربية وأخذ العرب ما ليس من لغتهم بضرورة الاجتماع المدني كادت اللغة أن تفقد وتذهب شذر مذر فقام لحفظها وتدوينها أناس خصصوا أنفسهم لخدمة هذه اللغة الشريفة وكتبوا فيها الكتب الكثيرة وأفردوا بعضها بكتب فمنهم من كتب في الأفعال ومنهم من كتب في الأسماء ومنهم من كتب في الأضداد ومنهم من كتب في الاشتقاق ومنهم من كتب في أوصاف الخيل ومنهم من كتب في المترادفات ومنهم من كتب في أصل اللغات ومنهم من كتب في الدخيل ومنهم من كتب في الفصيح ومنهم من كتب في الصحيح ومنهم من كتب في الشعر الجاهلي ومنهم من كتب على أمثال ومنهم من كتب على لغة القرآن ومنهم من كتب على لغة الحديث ومنهم من كتب في طرق الرواية ومنهم من كتب في رسوم الخط ومنهم من كتب في قرآات القرآن حتى حيطت اللغة وكتابتها بالحصون المانعة من سقوطها ولا نحصى المؤلفين فيها وإنما نخص بالذكر من اشتهروا وتداولت كتبهم كالجوهري فإنه جمع في صحاصه أربعين ألف مادة والمجد الفيروز بادي فإنه جمع ستين ألاف مادة وابن منظور الأفريقي فإنه جمع ثمانين ألف مادة ولا أدري كم جمع محمد ابن الحسين الزاغولي في كتابه قيد الأوابد فإنه أربعمائة مجلد في التفسير والحديث والفقه واللغة وقد خص اللغة منها حكاية مجلد فصدق قول المجد أن لغة الغرب ذهبت شماطيط أي متفرقة شيئاً فشيئاً ولما كان حفظ المفردات

لا يمكن من النطق بها على طريقة العرب الأولى سعى إمام المؤمنين سيدنا علي أبن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه في وضع قواعد تحفظ اللسان من الخطأ وكتب مقدمة لهذا العلم فدخل عليه أبو الأسود فوجد في يده رقعة فقال له ما هذه يا أمير المؤمنين قال إني تأملت كلام العرب فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعني الأعاجم فأدرت أن أضع شيئاًَ يرجعون إليه ويعتمدون عليه ثم ألقى إلي الرقعة وفيها مكتوب الكلام كله اسم وفعل وحرف فالاسم ما أنباء عن المسمى والفعل ما أنبئ به والحرف ما أفاد معنى وقال له انح هذا النحو و؟ أضف إليه ما وقع إليك وأعلم يا أبا الأسود أن الأسماء ثلاثة ظاهر ومضمر واسم لا ظاهر ولا مضمر وإنما يتفاضل الناس يا أبا الأسود فيما ليس بظاهر ولا مضمرو واردا بذلك الاسم المبهم ثم وضع أبو الأسود أبواب العطف والنعت والتعجب والاستفهام وأن وأخوتها وصار كلما وضع باباً عرضه على إمام رضيا لله تعالى عنه وكرم وجهه حتى أتمك الأبواب فقال له ما أحسن هذا النحو الذي قد نحوت فلذلك سمي النحو وسبب وضع الإمام إنه سمع رجلاً يقرأ. لا يأكله إلا الخاطئين، وهي إلا الخاطئون فوضع النحو وتصدر أبو الأسود تلميذ الإمام لإقرائه فأخذ عنه عنبسة بن معدان الشهير الأقرن ونصر بن عاصم وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج (دفين أسكندرية بجامع أبي سن بسكة رأس التين على يسار الذاهب إليها) ويحيى بن يعمر العدواني ثم جاء بعدهم الخضرمي وأبو عمرو بن العلا فكان البحر الزاخر في القراءة واللغة والنحو وهو القائل ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ولو جاءكم وافراً لجاءكم علم وشعر كثير ثم شيبان التميمي ثم هارون بن موسى وحماد الراوية والقطامي والفراء

وقطرب والأخفش والضبي وسيبويه والكساءي والأصمعي وأبو زيد وأبو عبيد والجرمي وابن الأعرابي والأثرم وسلمة بن عاصم وعمارة بن عقيل والجاحظ وابن حمدويه والرياشي والزيادي والمبرد وثعلب وابن السكيت والزجاج وابن دريد والصولي ودرستويه والسيرافي وابن خالويه والرماني وابن الحاجب والمعري وابن شيطا والجرجاني والحريري والضحاك والزمخشري والميداني والأصفهاني وغيرهم ممن لا يحصون كثرة فاشتغلوا بالنحو واللغة وألفوا في العلمين كتباً كثيرة ثم انتهى الأمر بإنشاء مدرستي البصرة والكوفة وتصدى رجال كل مدرسة لتحقيق العلوم الآلية والشرعية ووقع الخلاف بينهم في كثير من القواعد فظهر من اجتهادهم علماء أفاضل أجلاء وكتب كثيرة في فنون عديدة وانتشر عنهم من العلوم ما استنار به أهل تلك العصور الأولى وعنهم وصل إلينا ما وصل. وقد انتهت بهم المناظرة ومبادلة الأفكار إلى تدوين علم التفسير والسنة والرواية والدراية والجدل والمناظرة والفقه وأصول الدين والعقائد واللغة والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والعروض والقوافي والتاريخ وتقويم البلدان (الجغرافيا) والمنطق والهيئة والفراسة والحساب والسياسية وخصائص الأقاليم والملل والنحل والقرآات والرسم وطرق اختلاف الرواة والمصطلح والوضع وأنساب العرب وغريب اللغة وطبقات الشعراء والمفسرين والمحدثين والفقهاء والنحويين وجعلوا هذا كله مادة للإنشاء وأوجبوا على المنشئ معرفة طرف من الطب والتشريح والبيطرة والبزدرة والهندسة والحرب والنجوم والأوزان والمقاييس والمكاييل وعلم الآلات والصناعة والفلاحة والملاحة واصطلاحات أهل الشعوذة والسحر

والطلمسات والسيمياء وغير ذلك مما يستدعيه مقام الإنشاء الذي هو مقام الفصاحة والبلاغة والوعظ والزجر والأمر والنهي والحل والعقد والعزل والتنصيب والعقوبة والعفو والحرب والسلم والخداع والإرهاب والتهديد والاستعطاف والفخر بل هو مقام الملوكية لترجمة المنشئ مطوية سلطانه بلسان قلمه وبهذه المواد والاشتغال بها ارتقى الإنشاء إلى أعلى ذروة التقدم ونبغ في الشرق الوفد من الكتاب المضلعين من العلوم وكان مقام الإنشاء أرقى مقام في دار الخلافة فلا ينتخب للوزارة إلا كاتب عالم بأساليب الكتابة وفنون الإنشاء وضروب التعبير فسمي الوزير أولاً كاتباً ثم صاحباً ثم وزيراً. وبقدر اجتهاد أهل المشرق في هذه الفنون كان اجتهاد الأفريقيين في المغرب بل أنهم اجتهدوا في الإنشاء والشعر حتى كأنهم هم الواضعون لهما إذ كانوا يتصرفون في الإنشاء تصرفاً غريباً ويكتبون فيه الرسائل البديعة والأوامر المريعة والنواهي الخالعة للقلوب والاستعطافات المؤلفة بين المتخاصمين والرقائق التي تستميل الطباع الصلبة وتحرك الجبلة الساكنة وتستميل النفوس العاتية فكانت المسابقة بين الغرب والشرق في ميدان ركضت فيه فرسان البلاغة على جياد الفصاحة فأدركوا المضمار وهم على ظهور العز والسيادة ولا يخفى أن الخلفاء والملوك كانوا مستقلين بآرائهم في الأمم فكان يلزمهم اتخاذ الوزراء المحيطين بهذه العلوم ليستمدوا من أفكارهم ما به قوام الأمة ونظام الملك وهذا الذي دعا المتقدمين إلى الجد في طلب العلوم وسهر الليالي الطوال في حفظ القواعد والتضلع من الآداب والتواريخ وتقويم البلدان

وتدبير المدينة والمنزل والأخلاق تطلعاً للترقي إلى الرتب العالية والمناصب الرفيعة وكان الخلفاء والملوك ناظرين لفريق الكتابة بنظر العناية فكانوا يولونهم الأعمال الجليلة وينيطون بهم الوظائف المهمة ويرتبون لهم الرواتب الكثيرة تكثيراً لعدد الكتاب وتنشيطاً للمتعلمين ولما انتهى الدور الأول وأراد الله تعالى رجوع اللغة والإنشاء القهقري كثرت الثوار والمتغلبون وامتدت الحروب متواصلة في داخلية الشرق وخارجيته وانتهى كل متغلب بقتل العلماء وإبادة الكتب حتى كأن للواحد منهم عند العلم ثاراً يطلبه من أهله فوقفت الحركة العلمية وأقفلت الخزن على ما فيها وانتهى الأمر بخراب بغداد والبصرة والكوفة وتخريب مدارسها وتشريد علمائها الباقين ونهب الكتب فلم يبق في الشرق مدرسة تحفظ فيها العلوم العربية إلا الأزهر الشريف فرحل إليه الناس من سائر الأجناس وقصدوه للتعلم والاستفادة قروناً ولضعف الهمم عن الطلب بطلت منه دروس كثير من العلوم الرياضية ثم انتهى الأمر بالاقتصار على العلوم الآلية كالنحو والبيان والمنطق ثم العلوم الشرعية وهي التفسير والحديث والفقه والعقائد. وبهذا التقهقر صار الكتاب القائمون بإدارة أعمال الحكومة قسماً من العوام غاية الأمر أنك لو قلت له أكتب كلمة كاتب مثلاًَ كتبها فإن قلت له أنشء لي كتاباً في موضوع كذا ذهب إلى الكتب المؤلفة في الرسائل وأخذ منها رسالة وزاد فيها بعض كلمات دالة على المقصود وكلامه العادي ككتابته وربما كانت عبارته العامية أفصح من عبارته في كتابته. وبهذا التقهقر الشنيع رأينا رئيس الكتاب الجليل من يكتب هكذا.

وردت أفادتكم بتاريخ نمرة وما بها صار معلوم والحال أنه ولو كان لازم النظر في التأثير الذي في هذه الخصوص ولم كان لازم التشبث بهذا الكيفية وحيث الأمر كذلك فالمصلحة لم أخذت حقوقها وأن يكون حاصل في الترتيب خلل فلازم يفادنا عما ترأى وبوقته أجرون مفعول ذلك بالدقة الكافية والحذر من التأخير وهذا إنشاء بالهذيان أشبه. وكان استعمال اللغة التركية في المخابرات الرسمية من أسباب تقهقر اللغة العربية فإن الدولة العثمانية مدت سطوتها على جميع البلاد العربية ورتبت الدواوين ووظفت فيها الترك فاضطر الأهالي لتعلم اللغة التركية لقضاء أشغالهم عند الحكام بها مخاطبة وكتابة ولم يحصل التفات في المدة السابقة لفتح مدرسة كبرى أو مدارس أولية لتعليم اللغة العربية بل كان الناس يتلقفونها من أفواه آبائهم وأهليهم ولم يبق على الطريقة العربية في مخاطباته إلا الغرب ولذا بقيت فيه اللغة حية ولولا وجود الأزهر بمصر لعدمت اللغة العربية في تلك الفترة وقد أدرك المرحوم محمد علي باشا مصر واللغة في آخر رمق الحياة والمستعمل بين الكتاب عبارات اصطلاحية مستهجنة بخطوط تشبه الرموز والرسم فاقد بينهم ولم يبق من كتب عبارة صحيحة إلا النبهاء والعلماء من أهل الأزهر فاجتهد في تنظيم الأوقاف التي يحفظ إيرادها انتظم الأزهر وهرع إليه الناس من جميع الأقطار حتى عمر بالطلاب وعيدت إليه دروس في علوم كانت ماتت وتركت الناس طلبها ثم قرب إليه العلماء وخلع عليهم الخلع وأخذ يلاطفهم ويعاملهم معاملة التكريم إظهاراً لشرف العلم وأهله حتى عشقا لناس الأزهر وتهافتوا على طلب العلم فيه ثم أعفى أهله من الجهادية ففر إليه كثير من أبناء الفلاحين

والعمد ليتخذوا العلم حماية وبهذا نبغ ألوف من المسلمين في الأزهر وانتشروا في البلاد. ثم فتح المدارس وحشد إليها الكثير من أبناء المصريين واستحضر إليهم المعلمين والمؤدبين حتى عشق الناس المعارف وأخذت أماكن التدريس تعظم وتتعدد إلى أن فتحت المدارس في المدن والأرياف وتزاحم الناس بأبنائهم على أبوابها فتربى فيها جانب عظيم من المصريين وانتشرت اللغة بعد انزوائها وتقدمت بعد تأخرها. ثم لما تركت الأفلام التركية وصارت المحررات الرسمية كلها عربية تقدمت اللغة تقدماً غريباً ونبغ ألوف من المتعلمين في الأزهر والمدارس حتى صار يوجد أمامنا عدد كبير من المنشئين والمحررين الذين أضافوا إلى علوم المتقدمين محسنات المتأخرين ومبتكراتهم ومخترعاتهم فترقى الإنشاء وعلقت بأفكار الأمة شرارة حب العلوم والكتابة فكل من نراعهم في الإدارات الآن من القضاة والكتاب والمأمورين والمديرين والمعاونين من العرب والترك والجركس والأرنؤد والأقباط إنما هم أبناء المدارس المصرية وتربية الأساتذة الوطنيين من أهل الأزهر والمعارف. وأكبر مساعد على تقدم هؤلاء المنشئين والفضلاء كون الكتب التي يقرؤونها بلغتهم العربية فاتسعت بها ملكات الطلبة وتربت لهم مخيلة المبتكرات العربية بما رسخ في أذهانهم من أصول اللغة وقواعد الفنون. ولتقدم أهل الأزهر على أهل المدارس في الإنشاء سبب واحد هو حفظ الأزهريين للقرآن الكريم في الصغر فذهن الواحد منهم محشو بمادة البلاغة وقاموس الفصاحة وأبدع أسلوب إنشائي وقف الفصحاء والبلغاء بين يديه وقد ألقموا حجارة في معارضته فلما بلغ بليغ أدنى مرتبة من مراتب الإنشاء في جانبه ولا أفصح فصيح عن معنى بديع يضارع به ركناً من أركان البلاغة التي

صحبته من الفاتحة إلى الختام. ولا يرجع باللغة القهقري ثانياً إلا أمران الأول كثرة استراق الكلمات الأجنبية واستعملاها في مخاطباتنا الكتابية والخطابية فقد قال سيدنا علي لأبي الأسود أني تأملت كلام العرب فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعني الأعاجم. وقال له زياد بن أبيه يا أبا الأسود أن هذه الحمراء قد كثرت وأفسدت من السن العرب فلو وضعت لهم أشياء يقيمون به كلامهم فكلام الإمام وزياد أكبر حجة على أن الدخيل من لغة الغير مفسد للغة محول لأهلها عن طباعهم ومألوفهم إلى طباع أهل اللغة التي ينتقلون إليها ومألوفاتهم وقد بلينا بالنقل عمن خالطناهم حتى كثر الدخيل في كلامنا الدارج والرسمي فترى الواحد يكتب الكتاب يقول فيه. في 17 ديسمبر سنة 72، بناء على الكونتراتو المأخوذ بفرمتكم بعقد اتفاق بينكم وبين بنك الخواجات فلان بشحن الوابورات تعلق القومبانية الشرقية عند وقوفها بالمرلص ورمي الهلب وتفريغ شحنها باتفاقكم مع القومندان عند ما يتراكب على الجمرك يلزم أن تقدموا الدبوزيتو اللازمة بإدارة الفنارات للمعاملة بموجبها ـ ويقول العامي في خطابه مثله ـ توجهت اليوم للدكتور وأعطيته وزيته فأعطاني ريشته للفرمشية بقطرة لودنم وزجاجة جلسرين وثلاث حباب من حبوب هوت وأمر لي بصبغة يود للدهان وبالتعاطي وجدت الرمد تلطف والروماتزم خف وهو اليوم يريد أن يعطيني يودور الحديد ويغير اللودنم بالنترات وأنا الآن شايف أني ماشي على التل توار وواقف أمامي رجل ببنطلون وجكيته وجزمة وبرنيطة وفي

يده رفلفر وجوانتي وفي رقبته كرفيت أسود ومستند على بسطونة والعربية المارة فيها واجحد باش ينيشان وخلفه حنتور فيه مدام أفرنجية وبعدها فيتون كرباجه بيد البك والقمشجي قاعد خلفه وهم ذاهبون لجهة البوسطة مارين بجهة التلغراف والتلفون أمام اللوكاندة تعلق انطون المجاورة لهوتيل شبرد المحازي للنيوهوتيل ولما كنت واقفاً معك عند الجران بار مر علينا موسيو علي والمنشير مصطفى ومعهم الدركتير حسن راكبين لاندوه ووراءهم المستر وليم في دوكار. فالحمد لله الخستكة خفت من يوم عملت البهريز وربنا يشفي. فهذه كلمات متداولة بين الخاص والعام تقهقرت بها اللغة تقهقراً عظيماً والسبب الثاني الموجب ملون اللغة نقل اصطلاحات العلوم أولاً إلى اللغات الأجنبية ثم نقل التدريس من اللغة العربية إلى أية لغة أجنبية فمتى حصل هذا في أية أمة فقد فقدت لغتها وتبعها الدين والتاريخ الوطني فإن اللغة مرتبطة بالدين ارتباط الروح بالجسد والمرء يعقل اللغة برسولين رسول لسمع ورسول البصر فالسمع متى امتلأ بالكلمات الأجنبية فقد ملأ المخ بها ونزع منه قدرها من اللغة الأصلية بدليل المسموع الآن من العوام مما دخل بطريق السمع حتى صار كأنه من اللغة الأصلية. والنظر متى رأى الجرائد والكتب ممتلئة بالكلمات الأجنبية لوصلها إلى الذهن أيضاً فيحوله إلى ما طرأ فيه. وأما نشر فصل في جريدة كالأستاذ باللغة العامية فإنه لا يؤثر هذا التأثير لأنه عبارة عن حكاية حال متكلم بلغته العادية لأنه شيء طارئ على السمع والبصر إلا ترى أن العلماء والأساتذة عند تدريسهم العلوم يعبرون عن القاعدة النحوية باللغة العامية في غالب الأحيان وكذلك بقية العلوم ولا يؤثر

ذلك في ذهن السامع لكونه لغته المعتادة. فالذي يضرنا من طريق اللغة العامية نقل كتب العلوم إليها والاقتصار عليها في التكلم والتعليم والكتابة فهذا محو للغة من أصلها ونعوذ بالله تعالى من ذلك. فعلى القائمين بأمر الأمم الشرقية أن يحولوا بين اللغة وموتها بأحداث جمعية من علماء الأزهر وأفاضل المدارس الذين جمعوا بين لغتهم العربية أو التركية وبين اللغات الأجنبية ليضعوا للاصطلاحات الطبية والكيماوية والهندسية ومفردات الكلام أسماء عربية بها تدرس تلك العلوم فأننا لو جئنا الآن بكيماوي تعلم الكيمياء بالاصطلاح الأفرنكي وقلنا له ما الذي حصلته في هذه السنة وقال تحصلت على معرفة أزوتات الكلس والاسترونسيان والباريت، والليتين، والصود، والزئبق، وبي أوكسيد البلاتين، والبالاديوم، والسيريوم، والتيتان، والبيزموت، والرصاص، والفضة، والمغنيسيا، والأولومين، والأيتريا، والميتيلين ويمككنني أن استحضر التنين والكؤل، والايتير كبريتيك، والأيتيركلورايدريك، وايتيراوومتيك، وايتيرخليك، كما يمكنني استحضار المورفين، والبروسين، والاستنزكين، والأيمتين، وتحصلت أيضاً على استعمال الكهربائية، والفوسفور، واليود، والكلور، وأوكسيد البوتاسيوم، والياريت، والمركبات الأنتيمونية، والبلاسم، والبيكروتوكسين، والتريداس، والسالسين، والسولاتين، والكينو والويراترين، وكذلك حصلت على معرفة أكاسيد الأوسميوم، والأيريديوم، وأوكسيد الأيدروجين، والاسترونسيوم، والألومنيوم، والأوران، والايتريوم، والباريوم، والبلاديوم، والبلاتين، والبوتاسيوم، والبسموت، والتللور،

والتوبخستين، والتوريوم، والتيتان، والحلوسينيوم، والروديوم، وزيركونيوم، والسلينيوم، والسيربوم، والصوديوم، والفاناديوم، والكادميوم، والكربون، والكالسيوم، والكلور، والكلومبيوم، والكوبالت، والليتيوم، والمغنيسيوم، والمولبدين، والنيكل، واليود، فهذه الأوكسيدات كلها وقفت عليها وحصلت كذلك على تحضير الأياتيد كلها فيمكنني أن استحضر ايتيرالاوكساليك، والأزوتيك، وبروم أيدريك، وجاويك وسيانوايدريك، وفتروبوريك، وموسفوريك، وكبريتكي، وكلورايدريك، ويودوايدريك، وتحصلت على معرفة بوارات البوتاس. والصود ومعرفة الأحماض بحيث أعرف حمض الأزوتيك، والأزوتي سيكونيك، والأوسميك، والاستريكينيك، والاستياريك، والأكوستيك والانتيمونوز، والانتيمونيك، والأمينيوتيك، والأوسميك، والأوشنيك، والألميك، والأوكساليدريك، والأيبوريك، والأيبوبيكروتوكسيك، والباراسيانوريك، والبروم ايدريك، زالبروميك، والبكتيك، والبوريك، والبوليك، وتحت أزوتوز، وتحت فوسفوروز، وتحت كبريتيك، والتنيك، والكلوروز، والتللوريك، والتنيك، والتوتيك، والتونجسنيك، والتيفانيك، والتيسيك، والجاويك، والسيباسيك، والسليسيك، والسلينيوز، والسلينيك، والسلين أيدريك، والسيانيك والسيانوريك، والسيانيليك، والسيانوايدريك، والسيواديك، والفتورايدريك، والفتوريوريك، والفتورسليسيك، والفرفوريك، والكبريتوز، والكاهنسيك، والفوسينيك، والكبريتيك، والكبريتوايدريك، والكيريتوالكوليك، والكبريتونفتاليك،

والكراميريك، والكبريونيك، والكلوراوكساليك، والكروتونيك، والكروكونيك، والكورايدريك، والكلوروز، والكلورسيانيك، والكلوستريك، والكومبيك، والكينيك، والكينوفيك، والكهربائيك، واللينيك، والماليك، والمنقنوز، والمنقنيزيك، والمولبديك، والميتاميكونيك، والناري كينك، والناري موسيك، والنيلوتيك، والورداتيك، واليهوديك فهذه الأحماص جميعها أتقنت معرفتها. وكذلك تحصلت على معرفة سليسات الكلس وسليسات المغنيسيا وسليسات الليتين والساسيوم، والسلينيور، والسلينيوم، والسنيكوتين، والسوسين، والسولانين، والسيانور، والسيتريوم، وتحصلت على معرفة الفوسفات كلها فاعرف فوسفات الاسترنسان والباريت والألومين، والمنقنيز، والباريت سيسكوى قاعدي، والبوتاس المتعادل، والرصاص، والصود المتعادل، والكويلت سيسكوى قاعدي وكذلك الكبريتات كلها ولا حاجة لبيانها والكربونات كلها وذكرها يطول. والكلورات كلها وصرت عالماً بكل ذلك فهل يحكم على هذا بشيء غير أنه صار يحكى أجنبياً محضاً لعدم معرفته لغته خصوصاً في فنه فلو فرض وكانت هذه الأسماء لا مقابل لها فالجمعية العلمية تضع لها أسماء وجموعاً وما يلزم لتصريف الكلمة ومشتقاتها ولو سألنا الطبيب لأجابنا بأسماء أجنبية في فنه والمهندس كذلك وهذا باب أمانة اللغة وتحويلها إلى ما أفرغت إليها من اللغات. فهذا الذي نحث الأمة المصرية على مداركته وتوحيد التعليم لئلا يطلع الأبناء لا هم مصريون ولا أجانب ويكونون من هذا امتزاج العجيب لغة جديدة في العالم لا قاعدة لها ولا ضابط ويعز على الآتي بعدنا من أبناء المسلمين أن يعرف دينه أو كتابه

لاحتياجه إلى مترجم يترجم له العربية إذ ذاك. وقد وقع الشرق بأجمعه في هذا التيار فينحدر معه رجال الغرب الأفريقيين ورجال الشرق من مصر إلى الشام إلى سواحل العرب إلى العراق إلى الهند إلى الأستانة وأخذ كل ينقل عن الأوروبي بلسانه وتعبيره من غير نظر في العواقب الوخيمة والأمل عظيم في عناية السلطان الأعظم والخليفة الأكرم فقد وجه همته العلية الآن لفتح مكاتب ابتدائية في جميع القرى ليتعلم كل أهل قرية بلغتهم عربية كانت أو تركية ونود أن لو حصل تعليم أفراد من أبناء الترك والكرد والجركس باللغة العربية ليكونوا مؤهلين لولاية الأقضية والولايات العربية في الشام والعراق واليمن والحجاز فيسمعون من الخصوم شكواهم ومقضون بينهم بلغتهم دفعاً لتحريف المترجمين أو أخبارهم بغير الواقع تبعاً للغايات والذتيات فحياة اللغة العربية في بني الترك خصوصاً وفي بنيا لعرب عموماً حياة للدولة من طريق معنوي أما نحن معاشر المصريين فإننا واقفون بين أيدي سيدنا وأميرنا الخديوي الأفخم باسطين أكف الضراعة ملتمسين توجيه عنايته إلى لغة البلاد الرسمية لحفظ آثار أبيه وأجداده الكرام التي صرفوا في انتشارها تسعة عقود من السنين وما ذلك إلا حياكة اللغة والمحافظة عليها بفريق من العلماء ورجال المدارس ونشر ما يقررونه أولاً فأولاً وإلزام التلامذة والمجاورين بالأخذ به واستعماله وتدريس العلوم بها في جميع مجامع التعليم وتعيين فريق من حفظة اللغات لترجمة الكتب التي تلزم التلميذ حتى يتأهل للأخذ من الكتب الأجنبية بعد إتقانه لغته وتمكنه منهل ولا نعدم من فخامته حسن توجه به تحيا هذه اللغة حياة أبدية فيجدد تاريخ مصر بل تاريخ العرب أجمع بعنايته وحسن

المرافعة الوطنية

رعايته فإن لسان جميع المصريين يناديه بقوله دراك أمير الناس أم لغاتنا فقد ذهبت بين اللغات شماطيطا وحاشا نراها يا أمير تبددت وعلمك يقضي أن تزيد قراريطا المرافعة الوطنية تقرير أهل الخبرة الموقعون على هذا بإمضائهم يعرضون على هيئة المجلس العادل حقيقة ما كلفهم به من سياحة الديار المصرية ومراجعة التقارير التي بأيدينا على حالة البلاد وسكانها ذلك إننا طفنا الوجهين البحري والقبلي ودخلنا القرى والمدن باحثين على الآثار سائلين من الثقاة الإثبات عن مصايل البلاد وصنائعها ومعارفها ومزارعها وتجارتها وعمارتها وبتطبيق أقوال الأجناس المختلفة والألوف المؤلفة من المصريين وغيرهم استنتجنا ما هو آت. أولاً: أن البلاد في مبدأ القرن الحادي عشر الهجري كانت متقهقرة في الصناعة والزراعة بجهل أهليها حتى لم يكن بها من المزارع إلا ما تضطرهم إليه ضرورة المعاش ولا من الصناعة إلا ما يساؤون فيه أقل الأمم علوماً سوى طائفة المعمار فإنها كانت متقدمة بحسب تلك الحالة فكانت البلاد خربة ومعظم أراضيها بور. ثانياً: أن الحكومة كانت شبيهة بالفوضى لاستبداد الكشاف والملتزمين كل بما هو فيه من البلاد يحكم بما يشاء فيمن يشاء ولا قانون يلزمه ولا شرع يردعه وقد سلط كل كاشف وملتزم أتباعه وأعوانه على الأهالي ينهبون

له ولأنفسهم ما حسن وراق من ذهب وفضة ومحصول وماشية ويتقلون من يأمرهم بقتله فرداً كان أو جماعة ذكوراً أو إناثاً فلا أمن ولا نظام. ثالثاً: كانت الأمية متسلطة على ألأهالي فلا يعرف الكتابة إلا الفقهاء وفريق من الأقباط ومع ذلك كان الخطوط قبيحة والعبارات ركيكة وبكثرة الأمية كثرت الجهالة فعمت جميع المدن والقرى وكان العلماء أفارداً أما المهندسون والأطباء فلم يكن لهم وجود في البلاد. رابعاً: كانت العمارة متأخرة والتنظيم مفقوداً بالمرة فكانت بيوت العاصمة متلاحمة وأزقتها ضيقة وعفونتها متكاثرة ولا يسكنها أكثر من مائتي ألف نفس وكانت إسكندرية صغيرة الحجم يسكنها ثلاثون ألف نفس وبقية المدن في حكم الريف ما عد المنصورة ودمياط ورشيد والمحلة الكبرى وكلها كانت ضيقة الشوارع متلاصقة البيوت قذرة الطرق. خامساً: كان النيل يفيض على البلاد فيغرقها لعدم الجسور والترع فكانوا يبنون مساكنهم على تلال يصنعونها فراراً من الغرق وحبذا لو بقيت تلك التلال فإنهم قطعوها سباخاً فهبطت البلاد وصارت تغرق بأقل رشح يتحلب من الجسور من فيضان النيل. سادساً: أنه في آخر العقد الثاني من القرن الثالث عشر الهجري حضر إلى مصر المرحوم محمد علي باشا وتم له الاستيلاء عليها فأحدث فيها عدة أسباب من أسباب العمران وهي: أولاً: أنه أسس حكومة ثابتة على نظام تام وقانون حافظ للحقوق ووحد الحكم في جميع أنحاء البلاد فخضعت الأمة إلى حاكم واحد وامتنع

الهرج والمرج وانتظمت الأحوال , ثانياً: جند الجنود وبنى الحصون وربى الرجال وفتح المدارس وعلم الجهة وهذب النفوس ورشح كثيراً من الترك والعرب والجركس والأرنؤود والأقباط والشاميين لتولية الأحكام. ثالثاًَ: وسع نطاق الزراعة واستحضر كثيراً من الأصناف من العندس والشام والأناضول وأوروبا وخدم البلاد خدمة عظيمة لا يقوم بها إلا الملوك العظام. رابعاً: استحضر كثيراً من صناع أوروبا ومعلميها وفتح المعامل والفابريقات إلى أن صبر البلاد على لصورة التي أخبرت عنها المدينة , خامساً: جاء أبناؤه الكرام من بعده وجروا على أثره من عهد المرحوم إبراهيم باشا إلى عهد المحفوظ برعاية الله تعالى أفندينا عباس باشا الثاني فأحدث كل واحد أثراُ وجدد داثراً ونظم مدينة ونقح قانوناً وأحسن نظاماً حتى صارت مصر كأنها مملكة أوروباوية لما فيها من النظام وأحكام القوانين وترتيب الأحكام وكثرة المباني وتنظيم الطرق وتنويرها وتكثير طرق السكة الحديد والتلغراف والتلفون وإنشاء وأبورات النيل ووابورات المياه ولا شيء يشهد لهم أحسن من رؤية الحالة الحاضرة التي شهد بفضل منشئيها الخاص والعام وبالبحث في الأسباب التي أوجبت تأخير الصناعة كثرة الفقر في المصريين تحقق إنه لما عقدت المعاهدات التجارية بين الحكومة المصرية وبين دول أوروبا وجيء بمصنوع الشرق والغرب إلى مصر هجم عليه الأهالي وأقبلوا على البضائع الأجنبية وتركوا صنائعهم وصناعهم فهدموا ما بنته العائلة الحاكمة

الجليلة وعكسوا آمال رجالها بخيبة مساعيهم فاضطرت لإقفال الفابريقات والمعامل لعدم الرغبة في مصنعوها وما زال الأهالي يمتنون الصنائع شيئاً فشيئاً بالأخذ من صنائع الغير حتى صارت الملابس والفرش والأواني وكل ما يلزم الإنسان من ضروريات الأثاث من صناعة الأجانب وبهذا ماتت الصناعة موتاً وحياً. ثم انهمك المصريون في الأشربة المسكرة ولعب القمار فخسروا خسراناً مبيناً وذهبت أملاك السكيرين والمقامرين وأخذها الأجنبي وأصبحوا فقراء لا يملكون شيئاً. ولا نسمع من الأهالي إلا اللوم على الحكومة المحلية في تهور الشبان وتهتك المثرين كما نسمعهم يلومون عليها في وجود المدارس الأجنبية التي إذا تعلم فيها متعلم نقلته من دينه وألزمته بدين منشئيها. وهذا الذي حققناه وشاهدناه أما الحكومة الحاضرة فإنها متيقظة حازمة حافظة للنظام قائمة بأداء ما يلوم من تقسيط ديونها سارية على أفكار خديويها الأعظم المجد في ترقية الأمة المصرية وبسط جناح العدل وحفظ الأنفس والأعراض والأموال لكل وطني أو مستوطن وهيئة نظاراه الكرام ومديري بلاده ومأموريها على أحسن ما يكون في أفضل حكومة يقع عليها استحسان الإنسان. وبكل احترام للمجلس ورجال المبرئين من كل عيب أمضى كل منا هذا التقرير بما ذكر أعلاه. قرار المجلس نحن رئيس محكمة الحقوق نحكم بما هو آت، إن الحيثيات التي اشتملت عليها الدعوى تستدعي الحكم بما تضمنته القوانين الحقة فبناء على حيثية تهاون أبناء الوطن في صناعهم وتتبعهم مصنوع الغير نحكم بإحالتهم على لجنة التأديب

لتصدر حكمها النهائي. وبناء على حيثية ميلهم مع الأهواء حتى أضاعوا المال والعقار نحن بتعزيرهم على لسان أستاذ والجرائد حتى يرتدعوا وبناء على حيثية تقصيرهم في التعلم وارتكانهم على مدارسا لحكومة وحدها نحكم باللوم والتعنيف للأغنياء وذوي الأملاك العظيمة زجراً لهم على ما قصروا فيه من أنشاء المدارس الوطنية الأهلية لتربية أبنائهم وأبناء الفقراء على نفقتهم ودينهم وعاداتهم ولغتهم ومألوفاتهم ونحيل ذلك على الأستاذ ليقرع أسماعهم بما ينبه هذه الهمم الخامدة ويحرك الطباع الساكنة ليتعاضد الناس على فتح الجمعيات الخيرية لتربية أبناء الأمة. واللوم الموجه منهم على الحكومة موجه إليهم فإن أية حكومة فيا لأرض يعز بل يستحيل عليها ترية جميع أبنائها وإنما الأغنياء والجمعيات في كل دولة هي القائمة بهذه الخدمة ألا يرون جمعيات البروتستانت والجزويت والفرير كيف انتشرت في الممالك الأجنبية ثم تخطتها حتى دخلت بلادنا واجتازت إلى السودان والحبشة والهند والصين الأقصى وليس فيها درهم لدولة وإنما هي أموال الأغنياء تنفق في سبيل أحياء دينهم باسم التعاليم الأدبية. وكما نبرئ الحكومة من ذلك نبرئها من نسبة التقصير إليها فلي فتح المدارس الأجنبية التي تنقل من يدخلها من أبناء المسلمين والأرثوذكس واليهود من يدنه إلى جين أهليها فإن الحكومة ليس وصية على كل قاصر حتى تسلمه أو تهوده أو تنصره وإنما أبواه المسؤولان عن ذلك في الدنيا وبين يدي الله تعالى. فمن قصر في ذلك فعلى الأستاذ أن يرده بعصا التهذيب ومعرفة الحقوق الوطنية والواجبات الدينية فإن الحكومة لم تأمر زائغاً بترك عقيدته ولا هي عالمة بالمغيبات فعقف على بواطن

الناس وما عليها إلا حفظ النظام والضبط والربط وكما لم تأمر أحداً بارتكاب المحرمات لم تأمر واحداً بإدخال ولده في المدارس الأجنبية حتى يوجه إليها لوم هؤلاء السفهاء وليس للحكومة تعرض لهذه المدارس بعد عقد المعاهدات الاستيطانية التي تقضي بحرية التعليم والتدين. وبناء على هذه الحيثيات كلها نحكم بمسؤولية كل مصري أمام وطنه واستحقاق كل متهاون أو مسرف أو سفيه أو سكير أو حشاش أو فاسق أو مقامر للتعزير المؤلم والزجر الشديد حتى يتهذب المجموع وتساوي هذه الأقسام أولي الفضل والأدب والكمال من ذوات المصريين وأفاضلهم وأعيانهم. كما نحكم ببراءة ساحة الوطن العزيز من كل مسؤولية وبراءة ساحة الحكومة الغراء من نسبة التقصير والتهاون والإغضاء وتلزم المدينة بدفع مصاريف الدعوى الرسمية وغيرها ونكلف الأستاذ والجرائد المحلية بتنفيذ هذ1هـ الأحكام والاستمرار على الزجر والنهي والتهذيب والتأديب والإرشاد إلى طرق الصالح والنجاح حتى يستقيم المعوج ويتوب الفاسق ويتنبه الغافل وتجمعه الأغنياء لفتح المعامل والمصانع وتكون الأمة يداً قوية تبنى بها الحكومة مدينتها وتحفظ بها ثروتها وتحيي بها معارفها. وإن قصروا بعد ذلك وعادوا للتهاون والانكباب على الملاهي كان لمحكمة الجناية الحق في الحكم عليهم بالخروج من دائرة العقلاء ونعيذهم بالله من الوصول إلى هذه الغاية السوداء وهم أبناء من سبقوا عالم المسكونة إلى المدينة قبل أن يدخلها إنسان غيرهم. هذا والمجلس يقدم تعظيمة للحضرة الحاكمة التي منحتنا حق هذا النظر ويرجوها أن تساعد الأستاذ بعنايتها ليقوى على ردع أهل الفساد والأهواء فإن الكلام يفعل في النفوس ما لا يفعله الكرباج ـ تحريراً في

بشارة نجاح

20 ربيع الأول سنة 1310. رئيس محكمة الحقوق بشارة نجاح وردت إلينا كتب من الزقازيق وميت غمر والمنصورة وطنطا تبشرنا بأن كثيراًُ من الناس انتصح بنصح الأستاذ ورجع عن شرب المسكرات رأساً وبعضهم اتخذ له حداً لا يبلغ به درجة السكر حتى يرجع عنها شيئاً فشيئاً وكأنهم كانوا لا يشعرون بقبح ما هم عليه حتى نبهم الأستاذ وعلموا أنه مخلص في نصحه محب لتحلي أبناء وطنه بحلية الفضل والكمال. كما وردت كتب تخبرنا بغيط بعض السكارى الذين باعوا شرفهم وأموالهم بكأس تفعل في أهلك صحتهم فعل النار في يبيس الحشيش وأنهم يتوارون من الناس ويسكرون وهم في أشد حالة من الغم والكدر من تشنيع الأستاذ عليهم وهؤلاء وأن كانوا مسترسلين خلف أهوائهم الآن فلا نلبث أن نراهم انتصحوا وتابوا أن شاء الله تعالى. أما القائلون بأن النصيحة على لسان الستات فضحية فإنهم لا يدرون طرقا لوعظ والإفادة مع أن الأستاذ نبههم على أن الموعظة على لسانهم أشد تأثيراً فهم في وهمهم على خطاء عظيم وبالجملة فإن هذه البشرى تطمعنا في رجوع جموع الخمور عن سيرهم البهيمي وأهذهم في أسباب الاقتصاد وحفظ الشرف والمال. وقد قال لقائل أين نقعد إذا تركنا القعود على القهاوي فقلنا أن القعود على القهاوي غير ممنوع ولا مستقج عند من يريد أن يروح فكره ويستنشق النسمات بقعوده في محل نظيف على شارع تمر فيه الأهواء متجددة وفي ذلك من التمتع برؤية المارة والاجتماع بالإخوان ومبادلة الحديث في الأحوال الحاضرة والسياسة والتجارة ما لا يجهله ذو فكر

تهنئة قدوم

وإنما الذي يؤخذ به المرء قعوده لا لهذه المقاصد اللطيفة بل لتناول أم الخبائث وضياع الوقت والمال فيما يضر ولا ينفع أما رجل قعد على قهوة ليشرب فنجالاً أو شراباً حلاً قاصداً بقعوده مقصداً حسناً فإنه لا يوجه إليه شيء مما في الأستاذ وربما كان جلوسه سبباً في ردع جاهل ورد غوي وعسى أن تتم المقاصد بتعميم التوبة ورجوع السفهاء عما هم فيه. تهنئة قدوم عاد من أوروبا إلى وطنه العزيز تصحبه السلامة والكرامة رئيس نظارنا الكرام وناظر الداخلية الهمام الكامل القائم بخدمة خديوينا الأفخم ووطنه العزيز صاحب العطوفة مصطفى باشا فهمي فاستقبله الأمراء والذوات الفخام وحظي بمشاهدة أنوار الحضرة الخديوية ثم توافد الناس على باب عطوفته مهنئين وزائرين ونحن نقدم لعطوفته التهنئة بالسلامة وتمام الصحة وعودته إلى وطنه يصحبه العز والإقبال. حكمت جريدة فارسية أسبوعية يحررها الفاضل التحرير واسع الإطلاع وغزير المادة الدكتور محمد بك مهدي التبريزي الإيراني فقد مضى على الإيرانيين المصريين مدى وهم يطالعون جرائد الغير استطلاعاً للأخبار حتى قام هذا الفاضل لخدمة أخوانه والأفكار العامة وفتح هذه الجريدة المشحونة بالأخبار والمقالات العلمية فنتمنى له النجاح وإقبال الناس على جريدته التي هي أمة وحدها في جرائد البلاد العربية.

رثاء وعزاء

رثاء وعزاء رزئنا بوفاة خبيئة الحجاب والعصمة والدة الفاضل الكامل والقانوني البارع الجامع بين درجتي الفضل والكمال صاحب السعادة أحمد بليغ باشا رئيس الاستئناف فنقلت من حلوان إلى مصر ومنها شيعت بمحفل جليل حضره كثير من الأمراء والقضاة والعلماء والأعيان كما فجئنا وفاة درة صدف المدد شقية صديقنا الفاضلين الكاملين حضرة صابر بك صبري ومحمد أفندي حافظ وجيء بها إلى مصر وشيعت جنازتها باحتفال عظيم حضره الكثير من الأصدقاء من وجهاء وأعيان فنمد لهؤلاء الأفاضل كف العزاء سائلين لهم صبراً وأجراً جزيلاً داعين بحفظ حياتهم الطيبة من عوارض المكدرات بعد هذا المصاب الذي عم حزنه كل محب وصديق. تصحيح تم طبع الملزميتين الأولى والثانية قبل المراجعة فوقع فيها الخطاء الآتي ص 172 س11 وأخوتها والصواب وأخواتها ص173 س 4 ودستوريه وهي وابن دستوريه ص176 س14 فاقد وهي مفقود ص177 س17 وعيدت وهي واعيدت ص177 الوطنين وهي الوطنيين ص178 س3 واستعمالها وهي استعمالها ص178 س5 زياد بن وهي ابن ص178 س3 المرلص وهي المولص ص178 حباب وهي حبات ص178 س20 التل ثوار وهي تراتوار ص179 س18 لأنه وهي لا أنه ص181 س5 أيتاتيد وهي أياتير ص183 س2 الأفريقيين وهي الأفريقيون وفي كان ويكون ص60 س8 موضوع وهي موضع وفي س61 س14 مقسورة وهي مقسور. العددان الأول والثاني يرسلان لمن اشترك حديثاً بعد طبعهما. نديم

العدد 9

العدد 9 - بتاريخ: 18 - 10 - 1892 المرافعة الوطنية إعلان صورة الحكم بناء على طلبا لوطن صناعته إيواء أبنائه وإعطاؤهم ما يلزم للمؤنة وضروريات المعاش وهو من أهالي إفريقية ومقيم بالمنطقة المباركة ما بين حلفاء والإسكندرية طولاً والسويس والصحراء عرضاً ومتخذ مكتب المروءة الكائن بشارع الإنسانية محلاً مختاراً ـ أنا العفاف المحضر لدى محكمة الحقوق قد انتقلت إلى محل إقامة وكيل أبناء الوطن بحارة الكسل على قرب من خان الفتور وأعلنتهم بصورة الحكم الصادر ضدهم من محكمة الحقوق ونبهت عليهم بوجوب تنفيذه في مدة أربع وعشرين ساعة تمضي من تاريخ هذا الإعلان بحيث إذا مضى الميعاد ولم ينفذوه ينفذ عليهم بالطرق القانونية ولكي يكون ذلك في علمهم قد تركت لهم نسخة من هذا

متكلماً مع خادمهم الخمول ورسم هذا الإعلان خمسون قرشاً. عريضة مرفوعة باستئناف القضية من المدينة أرفع هذه العريضة إلى مقام نصري الإنسانية رئسي محكمة الحق الاستئنافية الأهلية نائباً عن أبناء الوطن المسمى مصراً صناعتهم اللهو واللعب والتفريح وقليل منهم صناعته الحد والاجتهاد ومسكنهم على شاطئ بحر الخلاعة وهم متخذون مكتبي محلاً مختاراً بما هو آت ـ أن الوطن رفع على موكلي دعوى أمام المحكمة الابتدائية يقول فيها أنهم تركوا التجارة وأهملوا الصناعة وأغلقوا المعامل واتخذوا الضحك والسخرية وشرب المسكرات والمخدرات تجارة وصناعة حتى وصل حاله إلى ما لا يسر بعد أن أعطاهم حقوقهم وقام بما يلزم لفقيرهم وغنيهم وضعيفهم وقويهم ـ وفي اليوم الذي تحدد للمرافعة جاء الخصم وترافع بما ذكر آنفاً ونحن أقمنا من الأدلة ما دحض دعوى المدعي وبناء على براهيننا القوية طلبنا الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعي بالمصاريف لقيام حجتنا عليه وعدم تعرضه لدفع شيء منها فإنه لا يستطيع أن ينكر حالتهم الحاضرة وما هم فيه من الحضارة والرفاه وما أحدثوه به من العمران العظيم والنظام الغريب ـ وبعد المرافعة حكمت المحكمة حكاً تمهيدياً بوجوب تعيين أهل الخبرة بناء على طلب الخصم لينظروا هل لدعواي صحة فذهب أهل الخبرة وطالوا البلاد وعاينوا ما فيها وقدموا تقريراً مآله أن البلاد كانت ممتلئة بالمعامل والصناعة والتجارة والفالحة وأن موكلي اذهبوا ذلك بتهاونهم وإهمالهم وأعراضهم عن أسباب العمران وميلهم إلى اللهو واللعب

وكل ذلك مبين في الحكم المستأنف وتقرير أهل الخبرة. وبلا مناقشة في التقرير المذكور حكمت المحكمة بصحة دعوى المدعي وحكمت له بكافة طلباته التي قدم طلبها في دعواه ـ وحيث أن هذا الحكم لم يشم رائحة الصواب رفعنا عنه استئنافاً لأسباب الآتية والتي سنأتي عليها يوم المرافعة. أولاً ـ أن النزاع كان في أمر واحد وهو هل أن موكلي أعطوا وطنهم حقه من علم وصناعة وزراعة وتجارة وعمارة وإدارة أمز لا بناء على إنكار الخصم ذلك ونحن أقمنا عليه الأدلة بعدم صحة دعواه وقيام أبنائه بكل ما يلزم لمثله من الأوطان ـ فكان على المحكمة في مثل هذا المقام أن تكلف المدعي بإثبات دعواه أو أنها تكلفنا بإثبات مدعانا بعد عجز الخصم واقتصاره على مجرد دعوى بلا رهان. والإثبات في مثل هذه الدعوى يكون بالآثار أو قارئ الأخوان أو شهادة الشهود من المجتازين المستوطنين فإن تعيين أهل الخبرة لا يكون إلا في صورة ما إذا كان الأمر المطلوب فصله يخفى على القضاة وأما إثبات ما نحن بصدده فلا يكون إلا بما بيناه وهذا وجه الخطأ في الحكم بل أن المحكمة ارتكبت خطاء أعظم من هذا وهو أآن المدعي أجل الحكومة المحلية في مدعاه ضمناً والمحكمة أظهرت الحكم ببراءتها مع أنها لم تطلب من الخصم الوجه الذي به عمم دعواه في كل وطني من حاكم ومحكوم إذا أنه لم يستثن ف صورة الدعوى أحداً. والوجه الذي بني عليه التعميم وإدخالها في الدعوى أن سلطة الحكومة تنقسم إلى أربعة أقسام قسم سياسي وقسم تشريعي وقسم قضائي وقسم تنفيذي فالقسم الأول يختص بمعاهدات الدول وتنظيم الإدارات والضبط والربط وحفظ النظام العام ورد

الأعداء بالسلم أو بالحرب والقسم الثاني يختص بوضع القوانين بما تقتضيه السلطة السياسية حفظاً للحقوق وتعليماً للحدود بما تراه موافقاً للزمان والمكان وأخلاق الأمة وعوائدها. والقسم الثالث يختص بفصل القضايا بين الخصوم بما دون من القسم الثاني. والقسم الرابع يختص بتنفيذ الأحكام وملاحظة حالة الابن وردع الأمة عن العبث والفساد. وحكومتنا المحلية حال تأسيسها من نحو تسعين سنة رغبت في اتساع العمران وامتداد التجارات ونشر المدينة في أنحاء بلادها فاضطرت لعقد معاهدات تجارية من أحكامها أن تأخذ على واردات أوروبا واحداً في المائة ولسهولة العمل على أوروبا بواسطة المعامل البخارية نزلت أسعار بضاعتها إلى حد النصف أو الثلث من أثمان مصنوعا ولقلة الجمرك أرسلت إلا أصنافها الكثيرة المتنوعة فمال إلهيا الأهالي لرخصها وماتت الصنائع بكثرتها وعادة الممالك الأجنبية أن تضرب على مصنوع الغير الذي يوجد مثله في بلادها ضعف ثمنه أو ضعفيه لتحفظ لنفسها حق تمتع أهاليها بصنائعهم وتعميم الثورة في الصناع ولكن الحكومة في العهد الأول كانت مدفوعة بلسان الغير فلذا لم تتمكن من إجراء ما تحفظ به مصنوع البلاد ولو كان الحال على ما كانت عليه من أيام أفندينا عباس باشا الأول إلى عهد أفندينا عباس باشا الثاني لتداركت هذا الضرر العظيم وأجرت المعاهدة الجمركية على ما هي عليه في أوروبا وبقيت البلاد ملآي بالصنعة والصناع. فبناء على هذه الأسباب أطلب من المجلس إعلان الوطن ونائب الحكومة بالحضور لديه في الجلسة التي يحددها ليسمع الوطن الحكم عليه بقبول الاستئناف شكلاً موضوعاً وإلزام المستأنف عليه بمصاريف أول

وثاني درجة كل هذا بوجه أصلي. ومن باب الاحتياط إذا رأت المحكمة محلاً لصحة دعوى المدعي فلتحكم على الحكومة بجميع طلباته ضدها. صورة نحن رئيس محكمة الحقوق بمصر بناء على عريضة الاستئناف المقدمة من أبناء الوطن، وبناء على المادة 363 من قانون المرافعات نأمر أحد محضري هذه المحكمة بتكليف الوطن ونائب الحكومة المحلية بالحضور في الجلسة المدنية المزمع انعقادها يوم الثلاثاء 27 ربيع الأول سنة 1310 الساعة 2 صباحاً للمرافعة في الاستئناف المرفوع ضدهما من أبناء الوطن. إعلان المحضر باء على طلب حضرة باشكاتب محكمة الحقوق والعريضة المقدمة من المدينة أنا الضرورة قد انتقلت إلى محل كل من الوطن ونائب الحكومة وأعلنتهما بصورة الأمر الصادر من الرئيس وكلفتهما بالحضور في اليوم وبلاغة المبينين بأمره للمرافعة في الاستئناف المقدم من وكيل أبناء الوطن. ولكي يكون ذلك معلوماً لهما تركت نسخة للوطن متكلماً مع خادمه الشرف ونسخة لنائب الحكومة متكلماً مع تابعه الهمة ورسم هذا خمسون قرشاً. المحضر الضرورة المرافعة لم تأت الساعة الثانية من صباح يوم الثلاثاء حتى ازدحم الناس في ساحة المحكمة وجاؤها فرادي وجماعات ليتفرجوا على مرافعة الوطن مع أبنائه وبينما الناس يتحدثون بما كان من المرافعة أمام المحكمة الابتدائية وبما سيكون

في الاستئناف دق الجرس وخرج القضاة بملابسهم السمية وجلسوا على كراسي القضاء وأمر الرئيس المحضر أن يعلن بفتح الجلسة وينادي على الخصوم فقام المحضر ونفذ أمر الرئيس وقال قضية الوطن ضد أبنائه. فتقدم الخصوم وأمر الرئيس وكيل المستأنفين بالكلام فقامت المدينة وقالت أنا المدينة النائبة عن ـبناء الوطن فسجل الكاتب اسمها وقال لها الرئيس اشرحي دعواك فقالت ـ أن الوطن العزيز قدم دعوى ضد موكلي في المحكمة الابتدائية يزعم فيها أن له حقوقاً عندهم يطالبهم بما وأنههم سلبوه تلك الحقوق وتركوه عرضة للدمار إلى آخر دعواه التي لا أساس لها وهناك قدمت تقريراً وافياً ضافي الذيول كله براهين على براءة ساحة موكلي مما ينسبه إليهم الوطن وما يدعي به عليهم وطلبت رفض دعواه وإلزامه بالمصاريف ولما لم يجدل له حجة يقيمها على صدق دعواه طلب تعيين أهل خبرة لينظروا ما قلته أن كان موجوداً أو لا وبناء على التقرير المقدم منهم على جهل بالحقائق وميل للأغراض حكمت المحكمة ضد موكلي ولذا رفعت هذا الاستئناف بعريضتي المقدمة للمحكمة وبين فيها البراهين القوية على بطلان دعواه وفساد الحكم والآن أزيد الأمر إيضاحاً فأقول أن موكلي الموجودين الآن هم أبناء الذين يزعم أنهم خدموه ووفوه حقوقه والعهد غير بعيد فلو كان السابقون فعلوا شيئاً غير الذي قدمته في تقرير الابتدائي وموكلي أهملوا فيه لكان لا بد من وجود أثر يستدل به على ما كان ولكن هيئة البلاد الآن أحسن من هيئتها في أيام آبائهم وأجدادهم والحكومة الآن أحسن منها في المدى السابقة فالحكومة وأبناء الوطن الموجودين خدموه خدمة عظيمة ووفوه حقوقه وزيادة. وما

يزعمه من إفلاس موكلي بسبب الملاهي والمسكرات غير حقيقي فإن البلاد لم تزال ملأى بالوجهاء والمثرين ومن أفلسوا منهم فإنما هو عدد قليل دعتهم المدينة إلى الانتظام في سلك أرباب الرفاهة فانتقلوا من حالتهم المعيشية والبيتية التي تحصل بأقل متحصل إلى حالة كلفتهم صرف النقود الكثيرة في شراء المحسنات , والصناعة لم تزل موجودة في البلاد مع مزاخمة البضائع الأجنبية لها والمعارف والمجامع ملأى بالعلوم والمتعلمين وبهذا التحقق للمحكمة بطلان دعما الوطن وخطاء المحكمة الابتدائية في حكمها فأطلب إلغاء الحكم المستأنف ولإلزام الوطن بالمصاريف الرسمية وغيرها ثم جلس , وقام نائب الحكومة وقال أن الإيماء الذي أومأ به الوطن العزيز وصرح به وكيل أبنائه من مؤاخذة الحكومة المحلية بما فعلته من المعاهدات الجمركية الدولية كمجرد وهم وخيالات لا حقائق لها فإن الحكومة لم تسع ولن تسعى في أمانة صناعة البلاد وإعدام ثروة أهاليها بل هي تتأثر تتألم من ذلك أكثر من نفس الوطن وأهله لتعلق مجدها وشرفها وتقدم ماليتها بتقدم الصناعة والزراعة والتجارة. والمعاهدات التي أبرمتها مع الغير لم تكن في شيء مما يماثل مصنوع البلاد حتى يضرب المثل بأوروبا وترمى الحكومة بتقصيرها أو جهلها ما علمه الغير ودعوى أنها كانت مدفوعة بلسان الغير دعوى باطلة ومحض افتراء فإنها لم تعاهد دولة على إدخال الزعابيط والدفافي والقماش الغزل واللبد والمواجير والقلل والزبادي والمحاريث والقصابيات والسواقي وغيرها مما هو من الصناعة الموجودة في البلاد وإنما عاهدت الدول على إدخال مثل الجوخ والأطلس والتبت والحرائر المتنوعة

والشيت والربس والبساطات والجزم والوابورات والبسكويت والأشربة الكحولية والحلوى المتنوعة وغيرها مما ليس له في البلاد مثيل ولا تعرف الأهالي كيفية صنع ولا مواد تركيبه. ولم يكونوا متقدمين في الصناعة إلى حدان يستغنوا عن الغير حتى يعترض على الحكومة هذا الاعتراض فإنهم إلى الآن لم يعرفوا صناعة الكبريت ولا الإبرة ولا عمل الخيط فلو قفل باب أوروبا وتمزق ثوب أحدهم ما وجد أبرة ولا خيطاً فيضطر للمشي عرياناً أو للاقتصار على لبس الأصواف التي تخاط بالميبرات والمسلة. وبهذا يتحقق المجلس أن الحكومة سعت في تقدم بلاد ومدنيتها وأصابت في كل ما فعلته ولو كان في دخاليها ما يكفيها لرفعت الجمرك كما تفعل أوروبا ولكنها تساهلت مع الدول لتسهيل الأهالي الحصول على ما ليس في بلادهم وهم قاعدون في أماكنهم. على أنها هي التي سعت في فتح المعامل وحشدت فيها كثيراً من الأهالي رغم أنوفهم لتعلمهم فيفيدونها ويستيفدوا وهم الذين تهافتوا على المصنوع الأجنبي وأضاعوا أتعاب الحكومة وأماتوا الصنعة بإفراطهم في النقل إلى المظاهر العلية وهم دونها بمراحل فدعوى المدنية باطلة من جميع الوجوه والوطن لم يتهم الحكومة بشي وأهل الخبرة منزوهون عن الغايات التي رمتهم بها المدينة وتقريرهم مطابق للواقع ونفس الأمر وبناء على هذا كله أطلب من المجلس رفض دعوى المدنية ضد الحكومة والوطن معاً وبناء على المادة 357 من قانون المرافعات المصري الموافقة للمادة 401 من قانون المرافعات للمحاكم المختلفة أرفع استئنافاً فرعياً ضد الاستئناف المرفوع من أبناء الوطن لإلزامهم بالعطل والضرر

والتعويض وهو تغريم كل مهمل وكسلان ومسرف مائة قرش وقرشاً ومجموع المطالبين بها يبلغ مليونيين من الرجال ليس فيهم طفل ولا أنثى وقد طلبت هذا الطلب من المحكمة الابتدائية ورفضه وإنما طلبت هذا التعويض لأن الحكومة هي التي علمت لأهالي وفتحت لهم المدارس وعلمتهم الصنائع واستحضرت لهم كثيراً من أهل أوروبا لتعليمهم وصرفت في ذلك كثيراً من النقود وهم الذين جهلوا مقاصدها السنية وغفلوا عن شرف الوطن وواجباته فأهملوا وتقاعدوا وجلسوا على القهاوي وفي الحانات للتكلم بالكلام الفارغ ونسبوا كل عيب فيهم إلى الحكومة ظلماً وعدواناً مع رؤيتهم الجمعيات الأوروباوية التجارية والجينية والعلمية وهم نائمون تحت ردم الغفلة يسمع غطيطهم في الغرب وملء مخهم لأحلام الشيطانية والهواجس الخرافية ولا حجة لواحد منهم إلا قوله بقينا في آخر زمن القيامة قربت ما بيدنا حيلة وهكذا من كلام الجبن والجهالة واليأس فأطلب من المحكمة إجابة طلبي والحكم على أبناء الوطن بالتغريم ومسؤوليتهم أمام وطنهم في كل ما يدعيه وتبرئة الحكومة ثم جلس. وقام الوطن وقال أن المدنية حاولت أن تدحض دعواي بتمويهها الباطلة وقد صورت الباطل في صورة الحق كأنها عميت عن الألوف من أبنائي القاعدين أمام البير والخمارات والمحاشش يشربون الخمر والحشيش على قارعة الطريق بوقاحة وجه وسماجة طبع وكأتنها لم تر البيوت التي أقفلت والأطيان والأملاك التي انتقلت لملك الأوروباويين بسوء تصرفهم وكأنها لم تنظر لألوف من القضايا الجنائية والمخالفات التي تنشأ عن عربدة السكارى وجنون الحشاشين وحماقة الفيونية وفي تقرير حضرة نائب الحكومة ما يغني

تربية الأبناء

عن إعادة الكلام في هذا الموضوع فأطلب من المحكمة تأييد الحكم الابتدائي لأنه صادر عن صواب وأحقية فإن هذه الدعوى مشتملة على كثير من المواد التي تخفى على القضاة فتعيين أهل الخبرة صادف محله والحكم بمقتضاه حكم عادل لا شك فيه ولا مرية ـ ثم ختم الرئيس المجلس وأمر بإقفال باب المرافعة وأجل الحكم إلى أسبوع. تربية الأبناء اشتغل الكتاب قديماً وحديثاً بوضع الكتب والرسائل في تربية الأبناء وتهذيبهم ونقلهم من حضيض البهيمة إلى أوج الإنسانية ومدار الكمال وقد اختلفت عباراتهم باختلاف الأفكار وتباين الأقطار وكان للشرق القدم الراسخة في هذا الباب فتهذب رجاله وتراقوا إلى أعلى مقامات الفضل بما أخذوه عن أساتذة التربية وكانت طريقة التعليم واحدة في جميع أقطاره ثم انتهى إلى تعلم العلوم من طريقين طريق التلقي عن الأشياخ وسموه الطريق الديني وطريق الأخذ عن الأساتذة وسموه التعليم المدرسي وهذا الأسلوب معترض عند الأوروباويين فإنهم الآن محل الاختراع ومرجع الترتيب فالحسن ما حسنوه والقبيح ما قبحوه والرواية أن لم تنته إليهم فهي باطلة والنسبة إذا لم تتصل بهم فهي عاطلة وهذا الذي ألزمنا العدول عن البحث في طرق تعليم الشرقيين إلى النظر في طرقهم لنجاريهم فيما هم فيه فإن التمدن موقوف على تقليدهم والأخذ بطريقتهم والهمجية لا توجد إلا في مخالفتهم والعمل بغير آرائهم. ولا بد لنا معاشر الشرقيين من مجاراة الأمم المتمدنة للخروج من

مضيق التوحش المنسوب إلينا ما دمنا على تعاليم أسلافنا ولا نصل إلى هذا المقصد إلا بالوسائل التي اتخذتها أوروبا وكلها محصورة في طبرق التعليم وهي أنهم خلطوا التعليم الديني بالتعليم المدرسي وصيروهما طريقة واحدة فبنوا في كل مدرسة كنيسة يصلي فيها التلميذ قبل الدخول إلى الدرس وعند انتهاء الدروس ليخرج من صغره عارفاً بواجباته واتخذوا المعلمين من القساوسة فالكاتب والحاسب والرياضي والطبيعي حتى فراش المدرسة وطباخها كلهم منهم فقد جربوا أنفسهم في الوحدات الجامعة فلم يجدوا أنفع من وحدة المذهب ولذا تحد الكتب التي بأيدي الأطفال كلها محشوة بالأمثال الدينية فإذا ترقى الطفل إلى درجة عليا وجد العلوم الرياضية والطبيعية مخللة بقواعد دينية ليكون المذهب ملحوظاً بعين الاعتبار محفوظاً عند الصغار والكبار وقد حتموا القيام بالمظاهر الدينية على الأطفال والنساء والفتيان والشيوخ حتى أنك تجد أرباب الفكر الحر الذين لا يدينون بدين يجارون المتدينين فيما هم فيه فلا يقدر أحدهم على فتح دكانه يوم الأحد بل يقفله موافقة للسواد الأعظم ولا يأخذ زوجة بغير تكليل شرعي ولا يترك ميته يفارق الدنيا من غير أن يستحضر له قسيساً ولا سيشتغل في أيام الأعياد تظاهراً بعدم اعتقاده ولا يطعن في دينه وهو في مجمع أدبي أو عامي ولا يسكت عن إقامة الحجة على صحة دينه إذا عورض فيه. وما يعتقده من فساد العقيدة على زعمه الفاسد إنما هو أمر باطني لا يتظاهر به إلا عند من يماثله فيه , وهذا الذي جمع وحدة أوروبا الجماعية وأن اختلفت المقاصد السياسية التي هي في حكم الفروع لهذا الأصل الوثيق ثم أنهم يدونون كتب

التعليم بلفتهم المستعملة في وطنهم فلا تجد فرنسوياً يتعلم بالإنكليزي ولا رومياً يتعلم بالألماني ولا نمساوياً يتعلم بالروسي ولا إيطاليناً يتعلم بالأسبانيولي بل كل دولة تحافظ على لغتها بجعل التعليم بها فتجد جميع الكتب العلمية موضوعة بلغاتهم إلا ما يكون من بعض الكلمات التي تضعها العلماء باللسان اللاطيني أو اليوناناي فإنها تقرأ بين أهل كل لغة باللاطينية أو اليونانية لأنها في حكم الاصطلاح الذي لا يتغير ولكنهم يترجمون المعنى بلغتهم فإذ تعلم التلميذ كلمة أخذ معايناها معها حرصاً على بقا اللغة حية بمعرفة معاني لسان الغير بها. وهذا الذي طالبنا له عقد جمعية علمية والسبب الباعث على المحافظة على اللغة أنها العنوان الجامع للجنسية الحافظ له للتاريخ الداعي لاجتماع الأفراد إذا تفرقت الأمم فالمحافظة على اللغة محافظة على الجنسية بل على الملك وما يشتمل عليه ولهذا لا تميل أية دولة لنقل التعاليم من لغتها إلى لغة أخرى مهما مست الحاجة إليها ولا تعطي شهادة لتلميذ أدى لامتحان في جميع العلوم بغير لغته مهما كان تمكنه من اللغة الأجنبية عن لغته وبهذه الوسيلة حفظت مقاعد الدول وامتازت كل أمة بخصائصها التي حفظتها لها لغتها. وكثيراً ما سمعنا ورأينا أناساً من أوروبا اختلطوا بغير جنسيتهم وتكلموا بلغتهم ثم جاء أبناؤهم من بعدهم وتعلموا بغلة الغير فانسخلوا من جنسيتهم وتجنسوا بجنسية من يتكلمون بلغتهم كما حصل في الألمان الذين تأنجلوا والذين تفرنجوا أيام ثورات الأوسترغوط والنورماندية وغيرهم وما ذلك إلا بترك لغتهم واستعمال لغة الغير التي حكمت بتسليم الذات تبعاً لها ومن مبادئهم تعليم روابط الجنسية وشرفها ووجوب المحافظة عليها فيخرج التلميذ عارفاً بقدر نفسه محباً لأبناء جنسه حافظاً لتاريخ قومه

عالماً بثارات الدول معهم وارتباطهم بغيرهم محيطاً بالفروع التي تفرعت من جنسيته والأقطار التي حلت بها باحثاً فيما يحفظ وحدة جنسيته ويجمع كلمتها ويرفع قدرها وينمي ثروتها وكثير عمارتها ويقدم تجارتها ويصلح زراعتها ويحفظ حدوها وينور أفكارها فما رأى فضيلة في أمة إلا نقلتها إليها ولا مزية في موجود الأهل لها الحصول عليها وبهذا رأينا كل جنسي في أوروبا مرتبطة أفراها ببعضها ارتباط أهل بيت واحد وأن توزعت الأهواء حول المشارب السياسية والمذاهب الدينية , ومن مبادئهم تعليم التاريخ مالي والوطني فيعرف كل تلميذ أوصل آبائه والمتقلبين في وطنه وأدوار عمرانه وأسباب تقدمه وتأخره والعوارض التي طرأت عليه من خير وشر والأمم التي هاجمته والتي تتاخمه والتي توأد أهله واليت تنافرهم ومن تاريخ يعلم الرجال الذي خدموا وطنه من سياسيين وحربيين وكتاب وفضلاء فترى الأمة سارية خلف رجال الطبقة الأولى من المدربين على الأعمال معضدين آراءهم معارضين أعداءهم فإذا شرع العظيم منهم في مشروع نافع للوطن وأهله رأى الأمة أمامه منادية بصوته مؤيدة مبتكراته فيقوى بذلك عزمه ويسهر في طلب راحة الأمة وتقدمها فرحاً بمعرفة الأمة لقدره مسروراً بتدوين الأمة لتاريخه إذ لا بد لكل إنسان من غرض ذاتي مهما كانت حرية ضميره في أعمله ولا غرض لخدمة الأوطان والأمم من كبار الرجال إلا حفظ تاريخ حياتهم بين الأمة التي يخدمونها ويتركون لذائذهم ومشتهياتهم في جانب تمتع الأمة بنتائج أفكارهم التي تركوا اللذائذ والمشتهيات لأجلها وفي مقدمة رجال الهمم والآثار الملوك والوزراء فترى صورهم مرتسمة

أمام التلميذ وأعمالهم مدونة بين يديه يعرف قدر ملوك وطنه وشرف المحافظة على بيت الملك والدفاع عن أهله ومنصبهم الجليل إذ لا شرف لأمة لا ملك لها ولا مجد لمملكة أضاعت بيت ملكها ولهذا نرى الأوروباويين متعاضدين على حفظ ملوكهم متدافعين في طريق وقايتهم من العوارض الضارة قائمين بأداء واجباتهم وفروض رسومهم كمما نراهم يمتدحون بوزرائهم وينادون بمجدهم وينشرون أعمالهم في جرائدهم ويحفظونها في تواريخهم ويعاملونهم معاملة الآباء الرحماء ويعظمونهم تعظيم أشرف الناس وأعلاهم قدراً. وبهذا أفنى الوزراء أعمارهم في خدمة الأمم وجدوا في حفظ أوطانهم وجلب موارد الثورة إليها وتربية أبنائها تربية الحكماء المدربين على جميع الأعمال ومن مبادئهم تحذير التلميذ من الثورة على ملكه أو أحداث الفتنة بين قومه وتنفيره من الانضمام إلى الأحزاب الفوضوية وتقبيح كل مخالفة لأوامر ملوكه ووزرائه التي تصدر للإصلاح وأحياء المعارف والصنائع ووقاية الملك من الأعداء. ويذكرون له بعض قصص الثائرين وما تم لهم من العقاب وبعض المعارضين وما أنبنى على معارضتهم من الدمار فيخرج التلميذ قريباَ من كل خير للوطن وأهله بعيداً من كل شر للوطن وأهله. ثم يضيفون لهذا كله تاريخ الأمم وما لهم من العلائق والروابط ويضمون إلى ذلك مكارم الأخلاق ومحاسن الصفات والإرشاد إلى لاقتصاد المالي والانتظام البيتي وتعليم ضروب التجارة وما يلزم لها فإذا تمت له هذه المبادئ وانتقل منها إلى العلوم العالية خرج من المدارس قابلاً للكماليات مستعداَ للإدارات مؤهلاً للسياسات فلا يزال يطبق عمله على علمه وأشغاله تشهد له حتى ينتظم في سلك الرجال العظام وهناك تظهر ثمرات مجرباته

وفوائد مخترعاته ومروياته ويشار إليه فإنه الرجل الذي بحسن تربيته وشريف عمله زاحم بمنكبه أعاظم الرجال وهذا التربية هي التي رفعت ممالك أوروبا إلى أوج السعادة والمنعة وانتهت بأممها إلى سنام الكمال. ومن هذا الأنموذج يعلم أن رجال الدين في أوروبا هم أساتذة السياسة ورجال السياسة هم حفظة الدين فاتحد المبدأ والغاية وهذا عكس ما نراه في جميع أهل الشرق فإن العلماء مبتعدون عن السياسة مقترصون على العلوم الدينية فإذا عرض عليهم أمر سياسي أحجموا عن الخوض فيه لجهل طرقه وأن تكلموا فيه بالجراءة كان الخطاء أكثر من الصواب لعدم اشتغالهم بمثله ولهذا أهملهم الأمراء في المجامع السياسية وأخذوا بآراء من هم دونهم في الرتبة العلمية إذا كان من المشتغلين بالسياسة المدرين على أعمالها مع أن فريق العلماء أحق الناس بالاشتغال بها والتفنن فيها وغوص بحارها فإن نوازل الملوك تقضي عليهم في الغالب باستشارة العلماء فإذا جهلوا ما استشيروا فيه ربما أشاروا بما فيه ضرر الأمة وهم يظنون أنهم محسنون صنعاً بخلاف ما إذا اشتغلوا بالأمور السياسية فإنهم بما عندهم من تربية الملكة واقتدارهم على فهم عريض المعاني يمهرون في السياسة ويتقدمون على المشتغلين بها عمراً طويلاً إذا اشتغلوا بها زمناً قصيراً وليس في النصوص ما يمنع من الاشتغال بها حتى نعده معصية بل كل العلوم الشعرية من قواعد السياسة فإن أبواب البيوع والزرع والوقف والحرب والسلم والجنايات والشهادات والحقوق والقسمة وغيرها كلها من أصول السياسة ومن درس العلوم الكثيرة لا يعز عليه دراسة القوانين والمعاهدات الدولية والأخبار اليومية بعد أن تمت له المعدات ومواد التحصيل.

الجرايد

فما لنا نتقاعد عن طرق أوروبا النافعة ونسعى في طرق تفقدنا معاشر الشرقيين روابط الجنس واللغة والوطن والدين وما لنا غفلنا عن مبادئ الجمعيات الأوروباوية وسلمنا أولادنا إلى أساتذتها فأعادوهم إلينا متجسبن بجنسياتهم حقيقة وأن شابهونا صورة فنرى المصري والسوري والتركي والعراقي الذين تعلموا من بادئ أمرهم على أساتذة الفرير والبروتستانت والجزويت صاروا قسماً ثالثاً بين الشرقيين والغربيين اللهجة شرقية والمساعي غربية. فماذا على أغنياء الشرق لو عقدوا الجمعيات الخيرية تحت حماية دولتهم وتفحوا بها المدارس الوطنية وعلموا فيها هذه المبادئ تقليداً لأوروبا وساعدتهم الحكومة بحفظ مشروعهم من السقوط وتسهيل طرق تعميم التعليم وتوسيع نطاق الجمعيات بأعداد محافل الخطابة العلنية العلمية ونشر المطبوعات الأهلية ومكافأة النابغين ومساعدتهم على جنى ثمرة أتعابهم باستخدام أو تسهيل طريق معيشة أو أعانة على صناعة وحفظ الامتيازات للمؤلفين والمخترعين لتنموا الأفكار وتكثر المبتكرات فهذه أوروبا تنادينا: عني خذوا وبي اقتدوا ولي اسمعوا ... وتحدثوا بغرائبي بين الورى الجرايد فضل الجرائد على العامة كفضل المعلمين على القضاة فإن السياسية منها ناقلة للأخبار منبهة على ما فيه النفع العام من أوجه الإصلاح والنجاح مترجمة للعظماء وأعمالهم جامعة للأمة على وحدة بها تعظم الممالك وتتقدم المعارف والإدارة والآداب فلها صوت الحادي أمام الأمة والجرائد العلمية نشرة للفنون مهذبة

للنفوس قاتلة للجهالة منبهة على مكارم الأخلاق معلمة للصنائع والتاريخ وما يلزم القراء من فروع العلوم وقاعدا لفنون. وكلما كثرت الجرائد في دولة كثرت المدنية فيها وتربت الأفكار في مدرسة التذهيب والتأديب والعلم بأخبار العالم أجمع وقد تدعوا الحاجة إلى الجرائد الدينية فينشرها علماء الأديان تعليماً لحكم أو تفسيراً لمبهم أو حلاً لمعضل لا يريدون بذلك إلا حفظ الأفراد التابعين لدينهم من تتبع الأهواء والمبتدعات وقد كانت مصر قبل العائلة الخديوية الحاضرة أدامها الله تعالى خالية من الجرائد فلما جاءها المرحوم محمد علي باشا أنشأ جريدة الوقائع المصرية الرسمية ثم في عهد أفندينا إسماعيل باشا كثرت الجرائد فوجد وادي النيل وروضة المدارس والأهرام والوطن ومرآة الشرق ومصر والتجارة وإسكندرية وغيرها ثم اتسع النطاق في عهد المرحوم أفندينا توفيق باشا فوجد مع الوطن والأهرام المؤيد والآداب والعصر الجديد والمحروسة والتنكيت والتبكيت والطائف والحجاز والمفيد والفسطاط والبرهان والبيان والاعتدال والاتحاد المصري والفلاح والكوكب المصري ومصر الفتاة والمقطم وغيره ثم تقلبت الأحوال وذهب ما ذهب وبقي ما بقى وزيد عليه في زمن المحفوظ بعناية الله تعالى أفندينا عباس باشا الثاني أيده الله تعالى حتى تداول الناس الوقائع المصرية والمؤيد والأزهر والنيل والآداب والوطن والأهرام والمحروسة والحقوق والمحاكم والاتحاد المصري الفالح والهلال والفتى والرشاد ومرقى النجاح والسرور والزراعة ولابستان والمقطم والمقتطف وحكمت والفوائد الصحية واللطائف والنشرة الأسبوعية والأستاذ وكثيراً من الجرائد الإفرنجية العبارة وفي مقدمتها الفارد أسكندري التي هي أقدمها ومن أحسنها مشرباً

زبيدة ونبويه

فقد خدمت رجال البلاد خدمة عظيمة وعرفت لكل من أمرئنا حقه مع الاعتدال في السير حتى اكتسبت محبة الأهالي ورضاهم عنها وكان الفضل للحكومة الحاضرة في توسيع نطاق الجرائد حتى رخصت بفتح النشرة الأسبوعية الدينية القبطية بعد أن كان لا يحرص بنشر شيء من الفصول الدينية فحلت هذه العقدة وأباحت أهل الأديان التكلم في أداينهم بين مماثليهم على لسان الجرائد وهي مزية لحكومتنا لم توجد في حكومة شرقية غيرها أما أوروبا ففيها مئات من الجرائد الدينية المنتصبة لتعليم الدين على رؤوس الأشهاد وقد حازت حكومتنا فضيلتها بهذه النشرة. وقد علمت أن أحد الآباء البروتستانت سيصدر جريدة دينية مسيحية أيضاً ولا نلبث أن نرى الجزويت نشروا لهم جريدة مصرية غير بشير سورية وهذا مما يشهد لهيئتنا الحاضرة بحسن التصرف والاقتصاد على ضبط الأمور وتوسيع نطاق المطبوعات فنقدم لحكومتنا السنية خالص الشكر والثناء على عنايتها بمحكوميها على اختلاف أديانهم وسعيها في حفظ وحدة النظام وحقوق الطوائف الخاضعين للحضرة الخديوية الفخمة خلد الله تعالى ملكها وجعل أيامها على المصريين مواسم وثغور أوقاتها في وجوههم ووجوه المستوطنين بواسم. زبيدة ونبويه ز، أصباح الخير يا ستي نبويه. ن، أصبح الخير يا عيني يصبح بالسعادة سلامات يا أم حسن. ز، الله يسملك يا ستي ويسلم عويناتك. ن، دنتي آل يختي كننتي في المحكمة أمبارح. ز، اسكتي يا ستي

ربنا ما يغلبلك وليه أحسن اللي أبشوفه عمره ما مر على حد. ن، وليه يختي ما تخليك ويا حجوزك واللي عرفه الإنسان أحسن من اللي ما عرفوش يعني يختي هو طيب لما تبقي الواحدة منا كل يوم عند راجل زيا لحجوار اللي كل يوم عند يسرجي. ز، هوا أنا يا ستي أم أحمد كارهاه وإلا عاوزه أسيبه هةا اللي كل ساعة يخانق وكلمه والثانية ويحلف بالطلاق وامبارح حلف بالطلااق ألا يودجيني بيت القاضي ولما رجعنا بأقةول له جالك من دا أيه قال لي آهو الشيطان شاطر واد كله يختي من الدواهي الحرة اللي بيحطها في راسه. ن، هوا المعلم أبو العلا يختي بيشرفب المخسوف العرقي. ز، لا يا ستي أم أحمد عمره ما يحط العرقي في حنكه ولا يعرف هوا يتأكل بايه لكن يا ستي كل ليله ياكل حشيش ومعجون لما يجبني ما هو شايف ولا هو في وعيه ويبقى طالع يطلش في السلالم والنبي يا ستي أم أحمد أنو يبقى صعبان عليه يا سلام سلم. ن، وادا يختي مالو راخر ومال الحشيش دا رادل مصلي وأشيته معدن بقى يعمل عقله بعقل الجاهال دول بيقولوه يختي أن الحشيش يعمي ويخسر السنان. ز، هوا يا ستي بقى فيه عنين ولا أسنان دا صبح حاله عدم والداهيه يختي لما ينام ويقوم من النوم تقولي حنكه فيه خراره عدوك أبقى مننيش طايقه أشم ريحته ولا خيتي لما يجي حجعان وينزل على مشنه وياكل الرغيفين اللي عندنا ويخلين أبات بالجوع أنا والعيال أنا عرافه يختي بيودي الأكل ده فين. ن، ما هي يقولوا أحشيشة توكل كتير وأنا ما كان عندي بسلامته أحمد كانم مخلي ولا شي إلا يطه في راسه وكان كل ليلة مورني المر

كسر لي أصحن ياما قطع لمراته هدوم ياما ضربها يا عيني ياما نشف ريقها ياما وراها ليالي زي قرون الخروب وكان كل يوم يحلف عليها مائة طلاق واهوا دلوقت لما تاب رد وبقت حالته عجب وما شا الله بقى بيصلي وبيتحي ويقوم م الفجر على سيدنا الحسين وبقى يختي على وشه نور وأما لما كان بياكل الخخسوف المعجون كان وشه زي وش العفريت وكان يقوم من النوم ما يغسل وشه وأما دلوقت يا رب لك ألف حمد. ز، تستهلي الحمد يا حبيبتي عقابل أبوا العلا لما أشوفه طالع من شغله لداره والقرشين اللي يجولو يضيعهم على عياله ويصبح يروجح الجامع زيالنايس اللي خلقها ربنا قطعوا الحشاشين وقطعت عيشتهم اللي زي الهباب ما يمكن يختي الواحد من دول يطلق الواحدة ولا هوش داري ويعيش وياها في الحرام. ن، ما هو يختي عقله غايب ما يوعاش هوا بيقول ايه. ز، لا يا ستي اسم الله عليك أنا سألت سيدنا الشيخ سيد أحمد قال يقع عليه الطلاق أكمنه بياكل الحشيش بخطره لا حد غشه ولا غصبه والسكران راخ إن وقع هليع يمين وهوا سكران تطلق المره منه. ن، دا على كدا يختي ناس كتير عايشين ويا نسوانهم في الحرام. ز، لا يا ستي ما هو ما يحلفش بالطلاق إلا الناس الهم دمين بسيأل لدلوأت على الكلام ده ولا يختي محلا كلام الشيخ سيد احمد في الصبلا والصوم حسرة مره دخل ولقى كلب في الدار وفضل يشتم ويقول يللي مالكم دين يللي ما تعرفوا الطهارة من النجاسه يللي صفتكم يللي نعتكم لما غلب. ن، بقى أنتم شوافع على كده يا أم أحمد. ز، أي يختي عندنا الكلب نجلس وإذا حخط بوزه في حاجة وإلا لطم حادجة وهو مبلول متطهرشي إلا إذا انغسلت سبع

خير أعياد مصر

مرات ستة بالميه وواحدة بالتراب. ن، لا أحنا مالكيه عندما الطلب طاهر وأن لمس الواحد ما ينجسوش. ز، يا حلاوه يختي بقى ما هواش نجس عندكم أحنا عندنا هوا والخنزير زي بعضهم أقول لك أيه والنبي اللي ما يعرف دينه ما يعرف ربه يا رب لك الحمد على ما عطيتني ودا اللي يعرف الحلال من الحرام طيب يا ستي نبويه. ن، أمال أبقي أسألي أبوك الشيخ سيد أحمد تملي وتعالي قولي لنا ينوبك سواب. ز، على عيني يختي خليتك بعافيه دلوقت , الله يعافيك يا ستي. خير أعياد مصر بعد غد تشرق على مدينة مصر أنوار أميرنا الأكرم وخديونا الأفخم باعث روح المعارف في رعيته، ومينر أنحاء القطر بأنوار معيته حافظ نظام لا؟ أمة بحزمه وحامل أعباء السياسة بشديد عزمه ثابت الجاش في كل مهمة دائم الفكر فيما يقدم الأمة سيدنا وأميرنا وخديونا عباس باشا الثاني المؤيد بعناية الله تعالى في كل حركة وسكون. وقد كانت أيام إقامة فخامته بإسكندرية أعياداً ومواسم إذا كان أهلها ممتعين بمشاهدة أنوار ذاته الشريفة كل يوم فتنشرح الصدور وتبتهج النفوس ويمتلئ كل من شاهده سوراً وحبوراً والآن تعطف على العاصمة بالعودة إليها ليعطيها من إشراق أنواره وحسن توجهاته حظها الأوفر فتغبطها إسكندرية كما غبطتها مصر قبل ذلك بقليل أدام الله تعالى هذا التغابط بدوام طلعته البهية وذاته السنية وقد استعدت المحطات الحديدية بالزينة الباهرة فرحاً بمرور الأمير المحبوب للخاص

تكذيب قرية

والعام وقياماً بواجب خدمة من كسا البلاد كساء أمن وحسن نظام وللمصريين الحق في أعمال الزينة في الطرق والبيوت سروراً بغداء الأرواح وفرحاً بباعث الهمم فيهم وممدهم بعنايته وحسن رعايته فنهنئ أنفسنا معاشر المصريين كما نهنئ وطننا العزيز بنعمة حلول الركاب العالي في عاصمة حكومته الجليل تصحبه السلامة والكرامة وترافقه العناية الصمادتنية والرعاية الربانية أدام الله تعالى أيامه وحفظه حفظاً مصحوباً بدوام الأبهة والجلال أمين. تكذيب قرية في الأسبوع الماضي وهذا أيضاً سمعت كثيراً من أخواني الوطنيين يسألون عن صحة الإشاعة بإقفال جريدتنا الأستاذ ولما توجهت إلى طنطا ودمنهور وكفر الدوار ومحلة روح وإسكندرية سمعت تلك الإشاعة وقد أضيف إليها وأنه تقرر هنفي عبد الله نديم وكلنه هرب من مصر ومن العجيب أن كل سامع لهذه الإشاعة يعلم مصدرها كأن من قيل لهم أشيعوا ذلك قيل لهم وقولون أن المشيعين زيد وعبيد ولأخبار أخواني الوطنيين على اختلاف دينهم بطلان هذه الأشعة أعلنهم بأنها محض قرية على الحكومة السنية ولا أثر لها مطلقاً وكل من قرأ الأستاذ وتمنعه يتحقق كذب الإشاعة إذا أنه لم يتعرض لشيء مما يقتضي مؤاخذاته فإنه إنما يخدم أمير البلاد وخديويها الأفخم الأكبر ورجال حكومته الغراء ورعيته المشمولة بعين عنايته ولا يعاب من قام لخدمة سيده وأهل بلاده مبتعداً عن الفتن والأضاليل وموغرات الصدور. ومن العجيب أنه كلما زادت الأشعة كلما كثر عدد المشتركين ضد ما يرجوه

وداع ونرجو أن يكون ودادا

المشيعون فنقدم الثناء والشكر لرجال حكومتنا الكرام الذين يعرفون حقائق الأشياء على ما هي عليه كما نثني على أخواننا الوطنيين في تثبتهم وشفقتهم التي أظهروها مشافهة ومكاتبة على المخلص في خدمتهم. عبد الله النديم وداع ونرجو أن يكون ودادا أمس نقلننا عائلتنا من مدينة إسكندرية محل نشأتنا إلى مدينة مصر محل إقامتنا الآن وكان حضرة ودلنا الفاضل محمد أفندي أنسي أعد وليمة عظيمة دعا إليها العدد الكثير من وجهاء الثغر وأفاضله ولضرورة وجودنا بمصر ليلة الاثنين لملاحظة طبع الجريدة أنبت السيد حسن المصري في حضور الوليمة والشكر لأهل وطننا العزيز وأني أقدم الثناء على جميع سكان إسكندرية وأشكرهم على عنايتهم بأخيهم. عبد الله نديم كتاب التحفة الوفائية كتاب التحفة الوفائية في اللغة العامية المصرية تأليف الفاضل الكامل الأستاذ السيد وفا أفنيد محمد أمين الكتبانة الخديوية المصرية شرح فيه الحاجة لتوحيد اللغة العربية والأسباب النافعة لترقيها وترياخ الكتابة العربية والكلام على اللغة العامية والفنون الشعرية واختلاف العلماء في اللغات إن كانت توقيفية أو اصطلاحية فهو نسيج وحده في هذا الباب ينبغي أن لا تخلي كتيبة منه لكثرة فوائده وحسن عبارته وهو يباع بمكتب نصر الدين أنفدي زغلول باب الخلق وفي الإجزاخانة الحلمية بالقرب من سراي الحلمية فليبادر إليه من يخشى الفوات ومنا لحضرة مؤلفه الثناء العاطر على

أمل

خدمته اللغة العربية الشريفة خدمة خلدت له ذكراً جميلاً. أمل نرجو من وكلاء البوسطة في الأرياف أن يوصلوا الجريدة لأصحابها من غير فتح عناوينها فقد علمنا أن بعض المكاتب يؤخرها عن ميقاتها أو لا يوصلها ومن الآن كلما وردت إلينا شكوى من جهة نصرح بها فإن هذا ثاني إعلان بذلك. تقاريظ كتاب مصر والجغرافية ترجمة الفاضل الماجد الذي أشغل وقت شبابيته بالتراجم النافعة والتأليف المفيدة حضرة صديقنا أحمد أفندي ذكي مترجم مجلس النظار وهو كتاب مفيد يلزم كل مصري أقنناه ليقف على المواج الجغرافية التي وحدت في وطنه باجتهاد وهمة الماء العائلة الحاكمة حرسها الله تعالى فنحث أبناء الوطن على مطالعته وهو يباع بأربعة قروش وأنه لثمن قليل بالنسبة لما فيه من العلم الكثير. رثاء وعزاء فجئ حضرة محمد أفندي خليل وكيل الجريدة العام بوفاة والدته أول أمس فنسأل الله تعالى صبراً جميلاً لصديقنا ولا أراه الله بعد ذلك مكروهاً كما نعزي صاحبنا الوفي فرح أفندي جرجس أمين مخزن مصر في شقيقه حنين أنفدي تذكري محطة بنها فقد بلغنا خبر وفاته والجريدة تحت الطبع ألهمه الله الصبر الجميل.

العدد 10

العدد 10 - بتاريخ: 25 - 10 - 1892 وظائف العلماء في العالم من نظر إلى العلماء ووظائفهم في العالم حكم بان الكون السفلي ما خلق اللهم ولا عرف إلا بهم ونريد بالعلماء كل ذي علم ينتفع به في شيء مخصوص الخاصة المعلمين والمدرسين. وأول العلماء قياماً بوظائفهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فإنهم فتحة باب العلوم النافعة وعند ما نيط بهم النظر في شؤون العالم والقيام بدعوة الناس إلى الصراط المستقيم جدوا في طريق الإفادة واجتهدوا في جذب النفوس إليهم بالرفق واللين وحسن الخلق وجميل المعاشرة فلاينوا الأغنياء ولا طفوا العظماء وجالسوا الضعفاء وماشوا الفقراء ونصحوا البعيد والأحرار ووعظوا العقلاء والأغرار وصبروا على مشارق المعارضة والمجادلة وتحملوا ألم التكذيب والتعذيب ولم تعقدهم رعود التهديد والتأنيب عن بث عاويهم التي انتصبوا لنشرها في معاصرهم وقد تجافت جنوبهم عن مضاجع الراحة فما أخلدوا إلى الرفاه ولا مالوا إلى اللذائذ

البدنية ولا اشتغلوا بجمع الذهب والفضة ولا اعتنوا بكثرة الأثاث والأوعية بل ظهروا فقراء وعاشوا فقراء وماتوا فقراء عن زهد وورع لا عن قلة وضنك حال فإن هداة العقول غنيمتهم جذب النفوس وحظوظهم أخذ السامعين بدعوتهم ولذائذهم في تكوين العصبيات وتوحيد الكلمة وتطهير عنصر الجامعة الدينية والملكية من خليط التفريق وأمشاج الأهواء وقد قضوا أدوارهم العظيمة في تعب وعناء وانتهى بهم الأمر إلى ظهور الحكماء والعلماء بالأخذ عنهم بمشارة أو بالنظر في كتبهم وأنقسم الناس بعهدهم فرقاء كل فريق جعل له وجهة علمية يقضي حياته في الوصول إليها. فاختلفت مواضيع العلوم واحتكت الأفكار بعضها ببعض وتبادل العلماء التقى والتلقين والجدل والمناظرة حتى أتموا معدات الكمال العمراني بما وصولا إليه من المعارف الآتية إليهم باحتكام أفكارهم فيع ولم الأنبياء الذين قادوهم بمقود الدين والسياسة السماوية حتى أوصولهم إلى النظر في السلفيات والعلويات وغرائيس المخلوقات وهدوهم إلى المبتكرات والمترعات وعلموهم طرق السياسة السلمية والحربية وترتيب الإدارات وتقسيم الولايات ووضع الضرائب وفصل القضايا وعقد المعاهدات وتسيوع التجارة وكل ما يلزم المكل وما فيه من العلام. وبإتقان الحكماء والعلماء هذا الطريق المستقيم اعتمد عليهم الملوك وجعلوهم شركاءهم في الرأي والتدني والنساء والتنفيذ وسلموهم الأمم يتصرفون فيهم بعلومهم التهذيبية والتأديبية كأنهم هم الملوك. ولما رأوا أن العلم رفع وضيعهم إلى حيث أجالسه مع سلطانه واركبه مع أميره بذلوا نفوسهم ونفيس أوقاتهم في تحصين المركز العلمي من السقوط والتلاشي فأكثروا من المدارس

وانتقوا إليها الأذكياء النبهاء وخدموهم بأنفسهم خدمة الوالد الرحيم لطفله الصغير ثم نقلوا المتعلمين من ساحة العلم إلى صحراء العمل تحت المراقبة والملاحظة وقد نظر كل متعلم ملا عليه معلمه من الأبهة والجلال ورفعة المقام وبعد الصيت فانبعثت فيهم أرواح الغبطة وحملتهم على اقتحام عقبات المتاعب اقتداء بأساتذتهم حتى أخذت أعمالهم بأيديهم ونادتهم مآثرهم إلى منصة الإمارة فعلوها بحق واستحقاق. وقد أخذ الشرق دوره في هذا المقام الدليل لأخذه عن الأنبياء مباشرة واشتغال أهله بالمجادلة والمجادلة قروناً طويلة خصوصاً أيام الدور المحمدي الإسلامي فإنه جاء بخيري الدنيا والآخروة ملاء الكون بالعلماء والأمراء وفتح للتعليم أبواباً ما اهتداى إليها السابق ولا ذمها اللاحق حتى عرف المعايرين له كيفية الأخذ بدينهم بما رأواه في كتب علمائه من الأبحاث الأًولية والقواعد التوحيدية والفروع الفقهية والعلوم العقلية فاقتدوا بهم وجاروهم في التأليف الدينية وغيرها وكانوا عنها غافلين وقد ملأ علماؤه كتبيات العالم أجمع بفوائدهم وفرائدهم العلمية ونشروها بين أفراد الأمم وعلموها كل طالل حتى قادوا الشرق والغرب بعلومهم فكل ما في الكون الآن من العلماء بأي علم كان أنماهم تلامذة المسلمين وفي عنق كل منهم نعمة للدين الإسلامي وإن دان بغيره. وعند ما تعددت وحدة الملك في الشرق بظهور المتغلبين ضعفت قوته العظيمة بتجزئة ممالكه فسهل على الغرب شن الغارة عليها الآن الأمة الكثيرة العدد والأقطار تصدم مثلها من الأمم دفاعاً عن نفسها وتحفظ مركزها الجغرافي باجتماع كلمتها فإذا تجزأت وصارت قطعاً متقاطعة سهل

الطبقات الاجتماعية

على غيرها من الأمم أن يبتلعها لضعفها عن المقاومة وانقطاعها عن العضد والمعين. وهذا الذي فتح لأوروبا باب التغلب على الأمم الشرقية والتداخل في أعمالهم وتمزيق أوصال مجتمعهم الشرقي بإيقاع العداوة بينهم وإيغار صدور ملوكه من بعضهم البعض حتى جدعوا أنوف مجدهم بأيدي عداوتهم ووقف الغرب يتفرَّج على أهل بيت ينقضون جدران أوطانهم حجراً حجراً حتى إذا انحط الرفيع وضعف القوي وتوزعت الأهواء حول المطامع الأجنبية وقع الشرق في شرك الجهالة وتحولت قوته العلمية إلى الغرب فتلقاها أهله بالترحيب والتكريم واشتغل كل فريق بعلمه حتى أذهلوا العقول وحيروا الأفكار وملكوا معظم الشرق بجدهم الغريب. وحيث أن الأدوار الشرقية طويت في سجل كان والدور الغربي هو المعلوم الآن لزمنا أن نبين طبقات علمائه الغربيين والشرقيين تذكيراً لا تعليماً عسى أن تحيا همم النشئة الشرقية فيودي كل عالم منا واجبات علمه اقتداءً بمثله الأوروبي إذ عز علينا أن نقول اقتداء بجده الشرقي لطول العهد بيننا وبين أجدادنا ونسياننا ما كانوا عليه. ولا عيب علينا إذا أخذنا عن أوروبا واقتدينا بها الآن في إجراء وظائف العلماء كما هو حاصل فقد أخذت عن متقدمينا واقتدت بهم حتى آن لها الاستقلال بأفكارها والاشتغال على أساتذتها شأن الأدوار العمرانية في الممالك شرقية وغربية. الطبقات الاجتماعية طبقة الملوك والأمراء البرنسات هذه الطبقة الجليلة القدر شأنها النظر في أمور الأمة المحكومة من حيث ترتيب المحاكم والإدارات وإعداد الآلات وتشييد الحصون وجمع الجنود وعمل السفن حربية ونقلية وحفظ الروابط الملكية بينها وبين متاخميها

ومجاوريها ولا يصلون لذلك إلا بإتقان العلوم في الصغر ودراسة جغرافية العالم وأخلاق الأمم والشرائع والقوانين والنظامات والوقوف على مشارب الأحزاب ومساعي الملوك وبهذه العلوم سهل عليهم القيام بوظائف علمهم فشاركوا أصاغر الناس في تخصيص بعض أوقاتهم لأداء واجب الوظيفة بجد واجتهاد فالملك منهم دائم الفكر ناظر إلى الممالك بإحدى مقلتيه وإلى مملكته بالأخرى مشارك لوزرائه في المشورة واستمداد الآراء مائل إلى الأمة ميل الأب إلى ولده خائف عليها خوف الراعي على غنمه في أرض مذأبة. والأمراء من العائلات الملوكية قائمون بأعمالهم ناظرون نظر كبرائهم يتوددون إلى الناس فيعودون الأغنياء ويتألفون الفقراء ويزورون الجند ويترددون على أهل القرى تنشيطاً لهممهم وحثاً على عملهم حتى إذا انتهى إليهم الدور جاؤوا الملك وهم على أحسن ما يكون من الأهبة والاستعداد. وما رأوا من الأمة أمراً محمود العاقبة إلا كانوا في مقدمة الآخذين بأيديهم وقد حفظوا كل ما يلزم إلى الأمة وعرفوا المحكومين وما هم عليه من العادات والأخلاق فلا يغيب عنهم وجيه ولا عظيم ولا فاضل ولا غني ولا رئيس من رؤساء الجمعيات والأديان. ولهم رغبة كبرى في تأييد الجمعيات العلمية والدينية بالحضور في محافلها وحث أعضائها على المثابرة والاجتهاد ومساعدتهم بالمال والسلطة في أي أرض كانت الجمعيات وبهذه الخصال جذبوا القلوب إليهم وحوّلوا الأفكار إلى وجهتهم فاختلف الناس في أعمالهم واتحدوا في الانقياد إلى ملوكهم والتعاضد على حفظ بيت الملك الذي هو بيت مجدهم وحياة أوطانهم في الحقيقة. ومن حاد من الملوك عن هذا الطريق تداعت دعائم ملكه.

طبقة الوزراء رجال هذه الطبقة العظيمة أتعب الناس فكراً يقضون النهار ومعظم الليل في أشغال فكرية وأعمال يدية كتابية يتساءلون فيما بينهم عن الممالك وأخبارها اليومية ويبعثون البعوث إلى داخلية الغير اكتشافاً للمواقع الحربية وتطلعاً إلى الأخبار السرية وإحصاء للأعداد العسكرية ومعرفة للوسائل المؤدية إلى مقاصدهم السياسية وربما غيروا صبغة بعض الأفراد الدينية وأمروهم أن يتظاهروا بمذهب الغير أن ماثلهم في الدين أو بدينه أن غايرهم في المعتقد ليسهل عليهم الاختلاط بالأمة ويثقوا بهم في أقوالهم وأفعالهم فإذا تم لهم المقصود جدوا ولفقوا أصول الدين وفروعه بما يؤلفونه من الكتب في دين من يداخلونهم ليوقعوا بين الأمة الاختلاف والهرج والمرج حتى تتعدد الوحدة ويتمزق الاجتماع والإجماع. وعلى هذه الطبقة أيضاً السهر فيما يقدم البلاد ويحفظ الأمن ويوسع دوائر التجارة والزراعة والملاحة والصناعة والمكاتب الدينية والعلمية فتراهم يتنازلون إلى عيادة المرضى وزيارة الوجهاء وإذا مروا بأرض ريفية لاطفوا أهلها وسألوهم عن أحوالهم وحثوهم على أعمالهم ووعدوهم بما فيه خيرهم جذباً للنفوس وأداء للواجب. وإذا دخلوا مجلساً من مجالس الأعيان شاركوهم في الحديث وبادلوهم الجدال فيما فيه نجاح الأمة وعلو شأن المملكة فإذا اجتمعوا بأمثالهم اكتشفوا أفكارهم وشاوروهم في أمورهم واستمدوا منهم وأمدوهم فإذا عادوا إلى الملوك أخبروهم بأحوال المملكة وأخبار الممالك وأطلعوهم على الوقائع اليومية والأحكام القضائية وراجعوهم في مقترحاتهم بما يعود عليهم بحفظ السلطة والسطوة وعلى الأهالي بالثروة وراحة

البال وهذه دروس لا ينقطعون عنها ولا يملون من تدريسها في أي بقعة حلوا فيها فلا راحة لهم من الأتعاب ما دامت أعينهم ناظرة وآذانهم صاغية فهم في عمل دائم اليوم في تنظيم جند وغداً في بث نظام وبعد غد في إجابة نداء من أرسلوهم في ممالك الغير باحثين ومكتشفين لتوسيع دائرة السلطة وتكثير مواد الثروة باستخدام الأمم المتغلبين عليهم فيما يعود على المملكة بالمنفعة المالية والدولية وقد أحكموا التلقي لهذه العلوم حتى فاقوا أساتذتهم الأولين فهم الآن رجال الحل والعقد ينظرون إلى المغيب البعيد بمناظر المعدات والموصلات إلى الغايات لا بنظر التقاعد والكسل والاعتماد على أوهام الجفور وخرافات الرمل والزيارج. طبقة التجار والأغنياء هذه طبقة العز والمجد في أوروبا فقد اجتهد أهلها في معرفة الحساب وطرق الأرباح من الإتجار بالأصناف الصناعية والزراعية والمعدنية والأوراق والبنوك واحتكروا كثيراً من الأصناف في داخليتهم وفتحوا كثيراً من المحال في جميع المدن المعمورة وبعثوا إليها تجارة بلادهم ليميتوا صناعة الغير ويحولوا ثروتهم إليهم بحصر التجارة فيهم والصناعة في بلادهم وفتحوا المجامع الكثيرة المسماة بالبورص لاجتماع الشتيت منهم بعد الفراغ من العمل لمعرفة أحوال التجارة والوقوف على الأسعار وأخبار الممالك التجارية وبهذا توحدت كلمتهم وسيرهم فلا تستطيع حكومة ما إن تؤثر في تجارتهم شيئاً بل إنهم بما لهم من القدرة على احتكار النقود والأقوات اضطروا الممالك إلى إجابة طلبهم فيما يختص بتقدم تجارتهم. ومازالت ثروتهم تنمو حتى اقترضت الدول

منهم وصارت مدينة لهم فقبضوا بذلك على أطراف السياسة وصاروا من رجال الحل والعقد في مجالس الحكومات. وبحسن تصرفهم تداخلوا مع فلاحي بلادهم أولاً بالتجارة ثم بالقروض حتى قبضوا على الزراعة أيضاً من طريق آخر فالمعامل والتجارة والزراعة كلها تحت تصرف هذه الطبقة فلا غرو أن قيل أنها عنصر حياة الأمم في أوروبا. ومن لوازمهم أنهم ما قعد أحدهم في مجلس إلا أخذ يتكلم في التجارة وفوائدها وطريقها وكيفية النجاح فيها ليرغب السامعين في الإتجار معه لتعظم قوة المملكة بكثرة التجار ووفرة ثروتهم فهم أساتذة في فنهم منبثون للتعليم والإفادة ولم يجعلوا فوائدهم قاصرة على لذائذهم البدنية بل مدوا أيديهم إلى الجمعيات الدينية والعلمية ففتحوا الوفا من المدارس والوفا من الجمعيات وبثوا رجال الدين والعلم في العالم أجمع على نفقتهم يستميلون من غايرهم ديناً ويكتشفون ما غاب عنهم من الأمم والأراضي لا يمنعهم من ذلك كثرة المنصرف ولا توالي الأزمان كلما تقادم العهد زادت النفقات والجمعيات فهم تجار في الظاهر دعاة فتحة في الباطن فكانهم هم الملوك ورجال المملكة وعظماؤها عمال لهم. طبقة علماء الرياضة والطبيعة هذه طبقة الفضل في العالم فان رجالها أهل الابتداع والاختراع وتهذيب النفوس وتعليم الجهلة وصناعة الضروريات. منهم الطبيب والكيماوي والمهندس والفلكي والميخانيكي والنباتي والمعدني والحيواني والبحري والبري من رجال الحرب والجغرفي وغيره وكل واحد منهم منكب على عمله مجتهد في مقدم فنه بشرح غوامضه وتبيين فوائده ونشر فرائده فهم في

عقد اتفاق

سباق دائم ولا وجهة لهم إلا وقاية ممالكهم وإعلاء شأنها وتقدم معارفها وصنائعها وتعظيم ثروتها وتعضيد قوتها. يختلفون في المواضيع العلمية فيما بينهم ويتفقون في المجامع السياسية وخدمة الأمة خدمة جد وإخلاص لا تقعد هممهم عن جوب الأقطار البعيدة ومفارقة الأهل والأوطان لفائدة يفيدونها ممالكهم وشاردة يضمونها لعلومهم ومجد يكتسبونه بين أممهم وذكر خالد يحفظه لهم التاريخ فهم السلم الذي ترتقي عليه الأمم إلى درجات الكمال والمعراج الذي تصعد عليه الملوك إلى سماء الأبهة والجلال والعضد الذي تقوى به الممالك على الدفاع والوقاية من عوارض الضعف والتلاشي ولا حديث لهم إلا في فنونهم كلما قعد أحدهم في مجلس ذكر فضل علمه وفوائده وعدد الحوادث والوقائع والمشاهدات التي نشأت به وطرأت عليه وشوق السامعين إلى الاشتغال به والتعويل عليه ليثيرهم المتقاعدين عن المعارف وينبه الغافلين عن أسباب الفضائل ومظاهر المجد وناهيك بطبقة بلغ عدد المعلمين منها في أمريكا نحو ثلثمائة ألف معلم يتعلم منهم نحو 6000000 من التلامذة وقد نبغ على أيديهم نحو 130000 طبيب و16000 مؤلف و5000 محرر للجرائد ومن لا نحصيهم من ذوي الفضل في الفنون الكثيرة المتداولة فيما بينهم. البقية تأتي عقد اتفاق اجتمع المعلم حنفي وأبو دعموم ومرعي وحنيفة ولطيفة ودميانة وزبيدة ونبوية عند نديم وأنابوا المعلم حنفي ليتكلم عنهم فقال مرادنا تعمل لنا مدرسة

في جرنالك تعلم الأخلاق اللطيفة والآداب الجميلة ماذا تقول يا حلو. ن. حباً وكرامة ولكن المدرسة يلزم أن يكون كلامها بالعربي الصحيح ليس باللغة العامية. ح. ويمكن أننا ما نقدر نفهم الكلام العربي النحوي لأنه كلام صعب على الستات والناس أمثالنا. بقى أنت تريد تحرمنا من التعليم بكلامك النحوي. ن. لكم علي أني أخاطبكم بكلام يفهمه الطفل الصغير والرجل والمرأة من غير تعب ولا يحتاج لتفسير ولا لشيخ يقول لكم على معناه. ح. وإذا كنت تمشي مثل ما كنت ماشي ماذا يكون هو أحد خانقك على الكلام العادي. ن. أما أن أحداً خانقني فإن ذلك ما حصل وإنما رأيت بعض المشتركين في الأستاذ أرسل محاورة بالكلام البلدي تراها مطبوعة في الملزمة الثالثة فخفت أن الكتابة تمشي بالبلدي فنحارب لغتنا العربية بجيشين جيش الدخيل الأجنبي وجيش اللغة العامية فلذا جمعتكم لأخبركم أني مستعد لمخاطبتكم بكلام بسيط من جنس البلدي في سهولته ولكنه عربي صحيح. ح. بقى الكلام المخصوص بالمدرسة يبقى بالعربي النحوي. ن. نعم. ح. الآن أسألك عن حاجة لما تحب تتكلم مع لطيفة أو غيرها تكلمها بالنحوي وإلا بكلام النسوان. ن. أكلمها بالعربي الذي تفهمه مثل ما تفهم كلامها العادي من غير فرق. لطيفة. أسألك عن مجلس الهوانم فقل لي علي ما جرى فيه وما تم عليه الرأي. ن. عندما انعقد مجلس الهوانم قالت ام حسن لما تحضر أزواجنا سكارى نضربهم. فقالت الست نجيه أولا ضرب الرجال من النساء أمر قبيح ولا تفعله إلا قليلة الحيا عديمة التربية ولا يقبله على نفسه إلا رجل دون عادم الشرف ليس له بين الرجال قيمة. ثانياً أن العصمة بيد الرجال فيمكن أن المرأة إذا ضربت

زوجها يطلقها إذا كان فيه حرارة وبعد ما تكون ست بيتها تصبح عدم العدم والداهية إنها إذا كان معها أولاد وكانت فقيرة الحال فإنها تحتار بهم وأن راحت بيت أبيها تبقى قاعدة مثل الغريبة. فقالت نفوسه. إذا جاء الرجل وهو سكران نقفل الباب في وجهه ونتركه ينام على الباب لأجل يتأدب. فقالت الست سنية. هذا رأي بطال فإن المرأة إذا قفلت الباب في وجه زوجها يغضب عليها ويمكن يطلقها والواحدة إذا أمكنها تطرد زوجها وتخليه ينام على باب بيتها أو في بيت ثان يبقى الرجل عندها مثل الخدام فتقل قيمته وتبهدله بين الجيران والست منا إذا ما كانت تعرف قيمة زوجها تبقى هي والكلب على حد سواء. فقالت ام فلتاؤس. نعذر الرجال إن سكروا ونضيق منافسهم لأجل ما يتوب الواحد منهم وكل ما جاء واحد وهو سكران ننزل عليه بالكلام المؤلم ونرذله بين أولاده حتى يعرف قيمة نفسه ويفضها سيره. فقالت الست نجيه. الواحدة إذا طال لسانها على زوجها صارت قليلة الحياة وضيعت الأدب ويمكن الرجل ينفر من كلامها ويطلقها. وفي أي شريعة أن المرأة تشتم زوجها وترذله هذا رأي فاسد. نحن يلزمنا التمسك بالآداب مع الرجال ونحافظ على شرفهم ونعطيهم حقهم الواجب علينا في كل وقت حتى لو كانت الواحدة منا غنية وزوجها فقير لابد أنها تعطيه حقه وتعرف مقامه فإن الرجل هو عز المرأة وحافظ شرفها وهو الساعي في المعاش التعبان فيه وعليه مدار البيت والمرأة من غير الرجل ما تساوي أبيض ولا أسود والواحدة منا على رأي المثل سيدي ما أحسن وصفه لا في يده ولا في طرفه. الست عزيزة. نعمل طريقة لطيفة نكتب للحكومة نطلب منها أنها تصرف للمستخدمين السكارى نصف

ماهيتهم وتعطي نسوانهم النصف الثاني وتحيل أولاد البلد السكارى على المجلس الحسبي وتعمل لهم مشرفين مثل المعاتيه يحافظون على أموالهم أظن أننا أن عملنا هذا العمل نحفظ حقوق أخواتنا الهوانم والستات ونهذب أخلاق الرجال. الست نجيه لا يخفاك أن الحكومة لا ترضى بهذا الرأي فإن كل إنسان حر في ماله وهو المسؤول عن بيته وعياله ومسألة المجلس الحسبي لا يجوزها قانون ولا حكومة ومع ذلك فإن هذه فضيحة كبيرة للرجال وعار للنسوان وإنما الرأي عندي أنن نكتب عرض حال للسكارى عن لسان أزواجهم بقلم النديم وننشره في الأستاذ ويكون من باب الرجا والالتماس فإن نفع ورجعوا عما هم فيه من البلاوي يا دار ما دخلك شر وإن استمروا في خسرانهم نكتب عرض حال للحكومة وتبقى تعرف شغلها فيمن ياخذ فلوسها ويصرفها في ضياع عقله وشرفه. الجميع. هذا هو الصواب ثم أن نجيه هانم كتبت لي تقول أن الستات اتفقت كلمتهن على أنك تكتب عرض حال عن لسان نساء السكارى إلى أزواجهن فأنا بالنيابة عن الكل أرجوك أن تكتب عرض حال يلين الحجر ويبكي الذي عمره ما يبكي وأنت لا تحتاج لوصاية فإنك عارف بالحالة كما ينبغي وبالله عليك ما تخلي وراك ورا في الاستعطاف بالكلام الطيب وتعال لهم من باب مسح الجوخ وهز القاووق وعرفهم شرفهم وصبر نسوانهم عليهم كل هذه المدة الطويلة وربنا ياخذ بيدك ويجزيك عن الولايا كل خير. ن. سمعاً وطاعة لابد أن أكتب ولو يشتمونني.

عرض حال نساء السكارى لأزواجهن

عرض حال نساء السكارى لأزواجهن نساؤكم اللاتي أخذتموهن بكتاب الله تعالى واستلمتموهن من آبائهن على أنهن أمانات عندكم وضربتم عليهن الحجاب غيرة على أعراضكم وحفظاً لأنساب أبنائكم ومنعتموهن من مخالطة الرجال والخروج إلى المجامع تشريفاً منكم لهن وتعظيماً لمجدكم المرتبط بعفافهن وصيانتهن يتقدمن بين أيديكم بهيئة الخضوع والأدب ولسان الذل والاحترام سائلين مقام رجوليتكم أن تتفضلوا عليهم ببعض الذي تنفقونه في الملاهي ومذهبات العقل والشرف ليسددن به رمق العيال ويحفظن لأنفسهن حق التمتع بلوازم الزوجية كما يلتمسن أن تصرفوا بعض أويقات فراغكم من الأعمال بين أولادكم تلاعبونهم وتهذبونهم وتجبرون خاطرهم بوجودكم بين أعينهم وإلا إذا بقيتم على ما أنتم فيه ونحن حبيسات البيوت من ترونه يجالسنا ويؤانسنا في الليالي الطويلة التي تقطعونها في مجالس اللهو واللعب. هلا تأملتم وتدبرتم وعلمتم أننا خلق مثلكم يطرأ علينا من العوارض ما يطرأ عليكم ولولا حجاب الشرع وشرف الواحدة منا لساءكم منا ما ساءنا منكم معاذ الله تعالى. ألا ترون أن الإفرنج الذين أباحوا لنسائهم الخروج لا يدخل الرجل منهم مجلساً إلا وقرينته معه وهي كذلك لا تخرج من بيتها ما دام زوجها في عمله وما يفعل الرجل ذلك إلا ليعطيها حقها في وقت فراغه من العمل وحيث أن خروجنا ممنوع شرعاً وعادة فوفونا حقوقنا بوجودكم معنا في البيوت للإنس وبكم ودفع الوحشة والريبة عنا. على أن الإفرنج الذين قلدتموهم في شرب المسكرات والعقود في البِيَر لا يأكل الرجل

منهم لقمة إلا مع زوجته وأولاده وقد رتب أوقاته وحددها لزوجته فهي تعلم أنه يأتي ساعة كذا وأنه الآن في مكان كذا فإنه لا يخطو خطوة إلا أعلمها بها مع أنهم لا يشربون من الخمر إلا ما يمرون به الطعام لتعودهم في بلادهم الباردة وأنتم تركتمونا وديعة عند الإهمال وأهدرتم حقوقنا وأغفلتم أبناءكم وهجرتم بيوتكم ووصلتم اللوكاندات فإن كنا لا نحسن الطبخ وترتيب أدوات السفرة فاستخدموا لنا من نتعلم منهن من الطابخات لنساويكم في أكل النظيف والجميل من الأطعمة وكيف ترضون لأنفسكم أن تأكلوا شيئاً لم تره أولادكم ولا ذاقته نساؤكم. ولأي علة حبستمونا في البيوت إذا كنتم لا ترضون لأنفسكم القرار بها وتعلمون أنكم مسترسلون خلف لذائذكم لا تبالون في تحصيلها وقعتم في العار أو رددتم إلى النار. أي شرف لرجل تضحك عليه أطفاله ويعاشر المرأة معاشرة الأبله المجنون إلى من تتزين المرأة منا بعد فراغها من عمل البيت إذا جئتمونا سكارى مساطيل لا تنظرون ولا تعقلون. بأي سوط تتأدب المرأة وقد تعطلت حواسكم بسورة الشراب وربما وقع الرجل منكم طريحاً كأنه بين يدي المرأة قتيل. افتونا هداكم الله تعالى إذا نزل علينا لص وأنتم في خمود السكر من يدفعه. وإذا احتجنا القوت أو اللباس وأنتم مفلسون من يأتينا به وإذا طردتم من الخدمة أو أفلس تأجركم ولا شيء عندنا من يموننا وبماذا نقيت عيالنا. ارحمونا يرحمكم الله فقد ضج منكم أهل الملاء الأعلى يشكون إلى الله تعالى سوء فعلكم وقبح سيرتكم إن البهيم النفور ملاين فيرجع عن نفوره ويستأنس بصاحبه ونحن نخدمكم وننطف ثيابكم وأبدانكم وبيوتكم ونطبخ وننخل ونعجن ونخيط ثيابكم ونتزين لكم بكل ما نقدر

الرشاد والنصوح

عليه ولا يزيدكم عملنا إلا نفوراً منا وبعداً عنا. هل نحن جنس آخر غير مألوف عندكم. تراكمت علينا المصائب فبمن نستغيث وضاقت طرق الحيل فيمن نستجير ليس لنا في هذا الباب إلا نخوتكم الإنسانية وغيرتكم الزوجية وتعطفاتكم على كسيرات الجناح ضعيفات الجانب مغلولات الأيدي محجوبات الأبصار عما في العالم من غير أزواجهن. رفقاً رفقاً فقد دارت حولنا الضرورات. عطفاً عطفاً فقد تلوت علينا سبل الإصطبار. حفظناكم فيما مضى فاحفظونا فيما بقى. خدمناكم بالذات فكافئونا بالالتفات. ألا تذكرون أننا مع ما أنتم فيه من الأغضاء عنا نجزع إذا أصبتم ونمرض إذا مرضتم ونبكي إذا غبتم ونتلهف إذا أبطأتم سيئاتكم عندنا مغفورة واساءتكم محتملة. وهذه فروض نقدمها لكم استعطافاً لخاطركم واستجلاباً لمحبتكم ولم يفرض الله تعالى علينا شيئاً من ذلك بل كلفكم بكل ما يلزم المرأة من ضروريات المعاش وما عليها إلا أن تسمع وتطيع. أجيبوا ملتمسنا منكم فقد رفعنا هذه العريضة إليكم مشهدين عليكم أهل بلادنا وجموع العقلاء راجين من الله تعالى أن يلهمكم الصواب في أمرنا ويردكم عن طريق الغواية إلى سبيل الهداية وأن يديم علينا ستره ويحفظنا من العار والنار في هذه الدنيا ويوم القرار فإنه القادر على ذلك وحده جل شأنه. (الإمضاء) حرائركم الرشاد والنصوح جريدتان علميتان أدبيتان وطنيتان يحرر أولاهما الفاضل الكامل الجهبذ الأستاذ الشيخ أحمد أفندي سلامة بقلم ملؤه أدب وفضل وحكم وبدائع ويحرر الثانية النحرير الماهر اللوذعي الفاضل محمد أفندي توفيق بعبارة جمعت شتيت الأدب وشوارد العلوم فنهنئ الوطن العزيز ببزوغ المعارف من سماء أفكار

رثاء وعزاء

أبنائه ليمشي على نورها أخوانهم الذين أوقعتهم ظلمة الأغيار في أودية الحيرة أما وقد ظهر المرشدون من أخوانهم فلم يبق إلا الجد في العمل والتعاون على إحياء المعارف والصنائع وموارد العز والثروة التي ترشد إليها السنة المحررين. ونقدم الشكر والثناء لهذين الفاضلين على عنايتهما بخدمة بلادهما ونتمنى لهما النجاح وانتشار علومهما في أنحاء بلادنا كما نثني على حضرات الأفاضل السوريين الذين شاركونا في هذه الطريق ونبهوا الأفكار على فضل الجرائد وفوائدها ونرجو أن تتحد الكلمة الإنشائية بين المصريين والسوريين على حفظ الجامعة الشرقية وقلع أشجار الأحقاد من صدور ملئت حكمةً وعلماً. رثاء وعزاء رزئَ الأدب وفجئ الفضل بوفاة الأديب الأريب الألمعي الكامل المرحوم الشيخ أحمد أبي الفرج الدمنهوري أرق أهل عصره طبعاً وأحسنهم أدباً وأخفهم على النفوس كان رحمه الله تعالى نديماً لكل أمير وسميراً لكل ذي طبع سليم وقد هدم بموته ركن من أركان الأدب وسنكتب ترجمته بعد فإن خبر وفاته جاءنا والجريدة تحت الطبع رحمه الله تعالى رحمة واسعة وعزّى أهله وأهل دمنهور الكرام وألهمهم صبراً جميلاً وأنا عليك يا أحمد لمحزونون. رد شبهة رأينا في جريدة الفلاح جملة تحت عنوان من يضلل الله فلا هادي له يوم ظاهرها أنها قيلت فينا وبالاستفهام من حضرة الياس أفندي الحموي أطلعنا على حملة في جريدة النيل الغراء تحت إمضاء عبده نديم وأخبرنا أنها إمضاء شخص اسمه عارف أفندي نديم فانتفت الشبهة وعلمنا أن الكلام موجه لغيرنا

وردت إلينا المحاورة الآتية بقلم المهذب النبيه صليب أفندي اسطفانوس بعزبة بشارة (بحيرة) وقد كتبها بالعبارة العامية لسهولة تناولها فأدرجناها بعد التصرف فيها بما يناسب الجريدة. يوسف القماش وسلامة الصياد وزوجته خضرا ي. نهارك سعيد يا عم سلامة س. نهارك سعيد يا شيخ يوسف. ي. ما تتفضل إن كان لازمك حاجة تعال خدها وروح. س. مانستغناش والله الحوايج كتيرة يا أبو إبراهيم بس الفلوس. ي. ياسيدي تعال اقعد اتفرج وشوف لازمك ايه هوا انت ممعاكش ولا جنيه واحد. س. لو كان معايا جنيه ما كنتش شفت وشي هنا. خ. آي طيب اقعد لما نشوف عنده ايه هوّا النصب خلص من الدنيا. عندك بيسه ملكان من العريضة المشنتفه. ي. اتفضلي آدي حته عمرك ما شفتيها. خ. يا همي دي زي لحم العينين. دا اللي بنحبيبها من يعقوب اليهودي زي الكلوه تمر عليها بالمحارة حلوة الدنيا والهندازه منها بقرش وعشرين قم يا راجل قوم انت متقعدشي إلا عند اللي مقطع السلكاوي ديله. احنا ما تبناش من نهار خلقة بسلامته عمارة اللي ما قعدت عليه ولا عمر المشمش. س. بس بنقول دا ابن البلد وهو أولى من اليهود اللي ما هماش من هنا يمكن الإنسان يعوزه مره ولا يكنشي معاه فلوس. خ. والنبي تبعد عني حبيبك بفلوس وعدوك بفلوس ما قالوهاش قوله بفلوسك اصبر ايش يقلوهه قوم كدا قوم. ي. الراجل رايح يطاوع الولية ويقوم. س. لأ رايح أطاوعك انت يا خي ما هي الدنيا انفلت عيارها لما اسمع كلامك.

ي. بس أنا شايفك هامه وقامه وحق اللي زيك إذا قعد قعدة زي دي ما يقومشي بلاش. س. بقى مَنْتَش عارف وجيعتنا اللي خلتنا نخاف من التجار أنا كان عليَّ فدانين طين ملاح وجانا يوم واحد أفرنجي لابس برنيطة خوص ومنطلون من غير جزمة وسدره منّه للخلا زي جمال النهيبه لا حسك ولا مجرّ ومعاه وقتِ دخان بلدي وسكن في بلدنا وصار ياخد ويدّي يوم في يوم جاب مربع خمره واتلمت عليه ولاد حلَّق حوش اللي يسرق بيضتين من أمه ويشرب بيهم واللي يسرق لو فصين قطن من بتاع الناس واللي كدا واللي كدا وهوّا يحسب عليهم الكباية بقرشين واللي يشرب تلاته يحاسبه على عشرة سنة في سنة بقى خواجه ويطلَّع بالفرط. جيت أنا لأجل الوعد لِسْوِد وقلة البخت جبت منه سبعة جنيه أول سنة بقوا بعشرين والتانية بخمسين والتالتة خد الفدادين وصبحت يا سفَّاقه ما لك عاقه وادنت شايف الحال. وأهو ده اللي خلانا نخاف من التجار وفلوسهم. وكنت كل سنة أنزل اصطاد في بحيرة إدكو جُم الخواجات خدوها ورحت إمساهيّه لحد المقاولة لقيت اللي واخدها واحد خواجه وإن كان المتر بقرشين يشغلنا فيه بمِيْلَم ودا كله رش ما يبِلّش ومحتار اعمل ايه ما نيش عارف. ي. والله جددت عليّ الهم واحنا كل ما نقول السنادي تكلفْت بعضها تجي سنة أنحس من سنة انضر القطن كان عامنوِّل بتلاته جنيه وكان على كل حال جت السنة دي لا خلت ولا بقت. وإن جيت للدغري كتر خير الإفرنج إن خدوه منا بتمن البزرة. وإن خدوه بلاش حتى رايحين نعمل به إيه يا ترى عندنا ورش رايحين ندخله فيها وإلا رايحين نغزلوه على إيدنا لا دي ولا دي. وإن باعوا لنا

المقطع بريال يحق لهم لأننا واخدينه واخدينه على أبو ستين وأقول لك إيه وأعيد لك ايه داشي يزهق. خ. قوم بقى وانت تفوت نايبك في اللحمة ولا تفوتوش في الحديث يعني أنتم بتقلبوا في الدنيا وتعايرم انتو أشطر من الباشوات ولاَّ من العمد والمشايخ أهم صبحوا مديونين واللي باع أطيانه واللي باع داره لما صبحوا النضافة من الإيمان بعد ما كانت دواويرهم دواوير أمارة صبحت أبوابها مقفولة بالضبة. أهو الواحد منكم يعيش رِده ويموت رده. حتى اللي يفلس من دلوقت أحسن من اللي يفلس كمان شويه. آهو يدَّ مِّن على الغلب. وحق اللي في عينه دموع يصحا لنفسه ويعتبر بغيره واللي ما يسمع ياكل لما يشبع. ي. أقول لك يا سلامة أنا سمعت في سوق تيه البارود إن أفندينا حسين باشا البرنس عم أفندينا الخديوي ربنا يطول عمره رايح يعمل. تلاقي الناس فرحانه وبتدعي لأفندينا وعمه أن ربنا يعينهم ويخليهم -وكمان طلع اليوم جرنال الأستاذ بيحرق للعمد والمشايخ والأغنيا أباك يخف لحمهم شوبه ويجَّدعنوا ويَّا أفندينا اللي غاية رغبته تقدم أهل بلاده. يبقى أن خدوا منا القطن رخيص يبيعوا لنا القماش رخيص. س. الله يبشرك بالخير يا شيخ والله ماني واخد حاجتي إلاَّ منك. خ. الفرخة الجعانة تحلم أنها في سوق الحب واحنا

مالنا ومال الورش. ايش حالك اليوم. س. أما انتي متعرفيش بعد كده انتي ما سمعتيش أن حب الوطن من الإيمان وطول جارك ما هو بخير انتي بخير. اقله افتكري لما كان شيخ البلد عليه أطيانه قبل ما تاخذها الخواجات كنا نقضوا منه الحاجة ان كان محرات ولا قصابية ولا كيلتين حب ولا فلوس ودلوقت رايحين ناخذوا ايه من دول اللي عايزين ياكلونا بعروشنا بمروشنا. خ. ونسيت العملية والشفالك والكرابيج اللي كانت دايره ليل ونهار جت الأيام اللي فاتت نايبه. س. ياريت أيامها ادامت علينا كنا بنضرب وننحبس صحيح ولكن كانت أطياناً علينا وكان القمح مالي الدنيا اللي دلوقت ما يدوقه إلا العيان ويمكن ما يلاقهش واليوم وإن كان راحه صحيح لكن بعد ايه. خ. طيب بلا كلام بقى انت وياه اقطع ان كنت رايح تقطع خلينا نقوم. قال قالوا للقرد ربنا رايح يسخطك قال رايح يعمل فيه ايه غير كده ايش رايح يجد على الغلابه اللي زي حالنا. س. إذا ربنا أغنى أهل البلاد يعني شويه من الذوات والعمد أقله ينفعوا أهل بلادهم ويعمروا المساجد والتكيات ويبنوا العزب ويساعدوا السلطان إن طلب منهم حاجة. شوفي انتي أحمد باشا راشد اللي وهب ماله للحرمين وللمساكين وشوفي عزب أفندينا حسين باشا البرنس اللي أهلها أحسن الناس وبيعمر المساجد وغيره وغيره من الذوات اللي يعرفوا الصورة ايه. تلاقي بينفتح بيته من الذوات يبيفتح في جنبه ألف بيت وأما الإفرنج يبقى على الواحد أربعين ألف فدان وزورو وزور الكلب والبربري والحصان وأن أعطا واحد فدان إيجار تاني سنة ياخد جاموسته. ومين قادر يقول البغل في الإبريق. خ. قوم بقى أدنت خاطرك في دا

باب الأدبيات

كله ولكن تقرا زبورك عند مين يا داود. ي. أما يا اخي امرأتك دي لو سمعت كلامها الأغنيا والذوات كانوا يقولوا واللي دي مره ولا هوش عاجبها الأمور دي بقى احنا على كدا محناش عاجبين النسوان وصحيح أن فضل دي الحال حالهم ما يعجبوش حد. س. اقطع لنا دراعين خلينا نقوم بقى ادحنا قلنا اللي قلناه ولما نشوف رايح يجري ايه في الدنيا إن كانوا الذوات والعمد يتحركوا ويعملوا ورش ويشوفوا لهم طريقه في الفقرا والله نقول لسه الدنيا فيها خير. وحقاً إن سكتوا وفضوها سيرة قول يا رحمن يا رحيم. باب الأدبيات تأخر موزع الجريدة في مصر عن وقته الذي كان يوصل فيه نسخة العالم العلامة الفاضل الكامل الأستاذ الشيخ سعيد علي الموجي أحد مدرسي الأزهر الشريف فكتب إلينا هذه الأبيات البديعة: نفح طيب الأستاذ ضاع شذاه ... غير أن المنوط بالنشر فرط لم أجد أمس نشره ليته إذ ... ضاع نشرا ما ضاع نشراً فأفرط ما لهذا المنوط بالنشر يسطو ... بالذي لي بسوط أرقم أرقط مع أن الأستاذ قرة عيني ... وسميري إن فادح الخطب اسخط ما درى الناظر اللبيبي حلاه ... سمط در أم القوافي تمسط يا سميري روح بلفظك روحي ... ونديمي دع المعنف يغبط

وأقصر القول في السياسة وأبسط ... في سواها لكن بما هو أحوط ما علمت الأستاذ إلا علماً ... بشؤون الزمان احفظ اضبط ورد إلينا هذا السؤال من حضرة الفاضل خليل أفندي إسماعيل (خازن) مخزنجي محطة كفر الدوار ونصه: الإنس وافي بالأستاذلما ظهر لأن القاسي وادي لسان الحال بيقول ... أنا العليل وأنت الآسي يا سي نديم أرجو فضلك ... وأحمل جميلك على راسي بين لنا المثل الساير ... جعلت اضرب اخماسي (الجواب) قال المجد ويضرب أخماساً لأسداس يسعى في المكر والخديعة يضرب لمن يظهر شيئاً ويريد غيره لأن الرجل إذا أراد سفراً بعيداً عودّ إبله أن تشرب خمساً سدساً وضرب بمعنى بين أي يظهر أخماساً لأجل أسداس أي رقى أبله من الخمس إلى السدس أه وقال في اللسان فلان يضرب أخماساً لأسداس أي يسعى في المكر والخديعة واصله من أظماء الإبل ثم ضرب مثلاً للذي يراوغ صاحبه ويريه أنه يطيعه ثم ذكر أبياناً لرجل من طيء يقول فيها: الله يعلم لولا أنني فرق ... من الأمير لعاتبت ابن نبراس في موعد قاله لي ثم اخلفه ... غداً عداً ضرب أخماس لأسداس إلى آخر أبياته ثم ذكر أبيات خريم بن فاتك الأسدي وهي: لو كان للقوم رأي يرشدون به ... أهل العراق رموكم بابن عباس

إعلان

لله در أبيه أيما رجل ... ما مثله في فصال القول في الناس لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن ... لم يدر ما ضرب أخماس لأسداس يعني أنهم أخطأ والرأي في تحكيم أبي موسى دون ابن عباس وما أحسن ما قاله ابن عباس وقد سأله عتبة بن أبي سفيان بن حرب فقال ما منع عليا أن يبعثك مكان أبي موسى فقال منعه والله من ذلك حاجز القدر ومحنة الابتلاء وقصر المدة والله لو بعثني مكانه لاعترضت في مدارج أنفاس معوية ناقضاً لما أبرم ومبرماً لما نقض ولكن مضى قدر وبقى أسف والآخرة خير لأمير المؤمنين (يريد حضرة الإمام علي بن أبي طالب) فاستحسن عتبة بن أبي سفيان كلامه ثم قال وكان عتبة هذا من أفصح الناس وله خطبة بليغة في ندب الناس إلى الطاعة خطبها بمصر فقال يا أهل مصر قد كنتم تعذرون ببعض المنع منكم لبعض الجور عليكم وقد وليكم من يقول بفعل ويفعل بقول إلى أن قال أن البيعة متابعة فلنا عليكم الطاعة فيما أحببنا ولكم علينا العدل فيما ولينا فأينا غدر فلا ذمة له عند صاحبه والله ما نطقت به ألسنتنا حتى عقدت عليه قلوبنا ولا طلبناها منكم حتى بذلناها لكم ناجزاً بناجز فقالوا سمعاً سمعاً فأجابهم عدلاً عدلاً آه ببعض اختصار. إعلان لا يجوز لأحد طبع كتابنا كان ويكون الجاري طبعه في الأستاذ ذيلافان حقوق الطبع محفوظة لنا لكونه من مؤلفاتنا فلا يطبع مرة أخرى إلا بإذننا

سرد الحجة على أهل الغفلة

ومن طبعه بغير إذن حاكمناه قانوناً وطالبناه بالخسائر التي تترتب على تعطيل مطبوعنا بمطبوعه وليكون ذلك معلوماً للخاص والعام بادرنا بهذا الإعلان تنبيه قدمنا أننا نعلن عن مكاتب البوسطة التي تفقد فيها أعداد من جريدتنا والآن نقول فقد نسخ حضرات حامدات أفندي ياور وباسيلي أفندي اسحق باسكندرية والسيد افندي علي بشنوان وعبد الفتاح افندي محمد بكوم حماده بناء على ما ورد منهم وسنعلن عن المكاتب التي نخبر عنها بعد وهذا غريب من مصلحة أمينة على الذهب والجواهر وكيف تضيع فيها الأوراق وبأي طريقة نتمكن من توصيل الجريدة لأربابها أبطريق السيكورتاه أم بوضع الجريدة في ظروف حتى لا يعلم أن هذه جريدة فلان وبأي وجه نطالب المشترك الذي فقدت منه أعداد بعد أن حجد الشاهد شهادته فإن الشاهد على المشترك هي البوسطة بل هي حجة المحررين على المطالبة بحقوقهم وعسى أن يكون هذا آخر الخطاء فلا نرى إلا الصواب. سرد الحجة على أهل الغفلة تأليف الكامل السيد قاسم أفندي الشماخي تكلم فيه على آفات هجر القرآن الشريف وجهل حكمي الولاية والبراءة وفقد النخوة الإسلامية واتبع هذه الآفات بسرد الحجة التي وجبت على كل مكلف من أهل القبلة وهو كتاب نفيس يلزم كل قابض على دينه ويباع بسبعة قروش مصرية ومن اقتناه فقد اقتنى خيراً كثيراً. عبد الله نديم

العدد 11

العدد 11 - بتاريخ: 1 - 11 - 1892 رأي جمهور من الأفاضل وردت إلينا هذه الرسالة بقلم أحد أصدقائنا الأفاضل معترضاً علينا في إقفال باب الكتابة بالعبارة العامية طالباً لزوم تلك الطريقة قال أيده الله تعالى. أيها الأستاذ الداعي إلى سواء السبيل نحن معاشر القراء نختلف بين رجل وامرأة وكل قسم استولت الأمية على معظمه والقراء من بعض النساء في حكم الأميين لضعف قوة العالمية فيهن غالباً فلم يبق إلا جماعة الكتاب من أهل المعارف فإنهم هم الذين يمكنهم الاشتراك في الجرائد السياسية والعلمية وكل منهم مقتصر على قراءة الجرائد في سره أو بين من هم من طبقته فبقي قسم النساء والعامة محتاجاً إلى من يعلمه الآداب والأخلاق وعندما ظهرت جريدتكم الأستاذ وجعلتم قسماً منها يكتب بلغة العامة والتزميم التهذيب على لسان النساء وبعبارتهن العادية تناول جريدتكم الأعداء الكثيرة منهن ومن الغلمان الذين لا يعتنون بأمر

الجرائد حتى أن العامي ليشتريها وهو لا يعرف القراءة ثم يعطيها لقارئ يقرؤها له لينتفع بما فيها فصارت منفعتها عامة بين الرجال والنساء والصغار والكبار والعالم والجاهل. خصوصاً وأنكم قد التزمتم طريق النصح والوعظ والإرشاد وتعليم مكارم الأخلاق بما مدحكم عليه كل إنسان فكان لفصولكم التهذيبية الوقع الحسن عند الخاص والعام. وقد رأيت في العدد العاشر من جريدتكم فيما دار بينكم وبين المعلم حنفي أنكم أقفلتم باب الكتابة بالعبارة العامية خوفاً على اللغة العربية الشريفة من مزاحمة العامية لها فراجعت جملتكم المعنونة باللغة والإنشاء فرأيت ما يكفي لرد هذا الوهم. إلا أني قلت ربما كان عند السيد من البراهين ما لا أعلمه فعرضت عبارتكم على كثيرين من أهل الفضل من العلماء والذوات الفخام فأجمع الكل على تخطي حضرتكم في العدول عن طريق النفع العام ثم تجاذبنا الحديث اعتراضاً وجواباً وطال الكلام وقتاً طويلاً وانتهى المجلس باتفاق هؤلاء الأفاضل على تكليفي بكتابة هذه الرسالة أخباراً بنتائج البحث في هذا الموضوع فأقول إن الناس من القرن الأول الهجري ابتدؤوا يتكلمون باللغة العامة وما زال الأمر يترقى إلى أن صارت اللغة العربية الصحيحة مقصورة على العلماء والكتاب كما صرحتم بذلك في مقالة اللغة والإنشاء ومع توالي اثني عشر قرناً على ذلك لم تؤثر لغة العامة على اللغة الأصلية واختلاف عبارة العامة عن عبارة العلماء والكتاب أمر جاء في كل أمة لها لغة مستقلة ويوجد في أوروبا جرائد تتكلم باللغة العامية تعميماً للفائدة وجريدتكم تكتب فصلاً أو فصلين في كل عدد مع كتابتكم الفصول الطنانة والمقالات الرنانة بالإنشاء البديع

والتراكيب الغريبة التي تصح أن تكون دروس إنشاء للمتعلمين فقد جعلتم لكل من أهل العلوم والعامة نصيباً في الإفادة وهي وجهة شريفة شهد لكم بحسنها جموع العقلاء. والضرر الذي يخشى على اللغة لا يأتي إلا من طريق نقل العلوم والتعليم في المدارس ومجامع العلماء باللغة العامية وهذه نقطة لا نصل إليها إلا إذا عاد الكون إلى الهمجية وعودته كذلك محالة فاستعمال اللغة في التعليم والكتب العلمية مجال وإذا استحال ذلك ثبت بقاء اللغة ببقاء الكتب والتعليم ومعلوم أن مدارس التعليم في مصر ثلاثة الأزهر الشريف والمدارس الغراء والأخذ عن كاتب بقعود الطفل معه حتى يتعلم وفي كل واحدة يتعلم التلميذ بالعبارة الصحيحة أو القريبة منها من المستعمل في اصطلاح أهل الدواوين وما دامت هذه الطرق مسلوكة لا يخشى على اللغة شي. على أنك قلت أن المعلمين يعبرون عن القواعد النحوية بعبارات عامية ولم يؤثر تعبيرهم في أصل اللغة ولا في الكتابة بها شيئاً وأنا ممن يقرؤون كتباً كثيرة للمتعلمين وأعبر عما فيها بلغة المتعلم العامية كما يقرأ غيري ولم يتخرج تلميذ بهذه الطريقة إلا على اللغة الصحيحة فإننا نقرب إليه الفهم وننقله من الخطأ إلى الصواب بلغته التي يقدر على فهمها ولا يخفاك إن الموالي والزجل والقوما من فنون الشعر لا تكتب ولا تقرأ إلا باللحن وقد طال العهد عليها وهي مستعملة متداولة ولم تؤثر في اللغة الصحيحة شيئاً لجريان التعليم وإلا نشأت الرسمية على اللغة المنحية وقد كتب كثير من العلماء في الفقه والنحو بل والتفسير بالزجل تسهيلاً للعامة وترويجاً لبضاعة العلوم بين أقسام الأمة. ونحن إلى الآن نكتب كتبنا العلمية باللغة الصحيحة ومنشآتنا الرسمية

خصوصاً ما يصدر من الجهات العالية كالمعية السنية والداخلية والمعارف كلها بالعبارة البديعة والتركيب الصحيح بل إذا نظرنا إلى فن الإنشاء في كل ديوان ومديرية لوجدناه أرقى من حالته قبل ذلك بقرن وان وجد فيه بعض لحن فإنه قليل جداً حتى ان من لم يعرف النطق بالعبارة الصحيحة إذا قرأ إنسان كتابته وجدها قريبة من الصحة إنشاء فاللغة حية في مصر حياة طيبة وقد تكفل الأزهر والمدارس بإحيائها على لسان كل متعلم فيهما فلا يخشى عليها ما دام هذا البابان مفتوحين وهما لن يغلقا أبداً إن شاء الله تعالى. نعم إن تعليم الأطفال باللغات الأجنبية مع التقصير في تعليمهم المدارس الأجنبية كالفرير والبروتستانت لا يحسنون العربية لعدم تعلمهم لها فإن موت هذه اللغة مما يهم أوروبا ولهذا تجتهد مدارسها في الشرق في حياة اللغة الأوروبية وموت اللغات الشرقية من عربية وتركية وفارسية وهندية وغيرها. فارجع إلى ما كنت عليه من إنشاء بعض فصول تنتفع بها النساء والأطفال والعامة إنما لابد أن يكون ذلك بقلمك فإن فصولك التهذيبية فعلت في نفوس العامة والخاصة ما لا تفعله الخطبة ولا الوعاظ. على أن فصولك العامية نبهت كثيراً من الأفكار لمطالعة الجرائد السياسية والعلمية فإذا التزمت هذا الطريق بعثت في الأمة روحاً محباً للجرائد باحثاً فيما فيها فيشب الطفل من صغره على ميله لقراءة الأخبار ومطالعة الفصول العلمية على اختلاف مواضيعها فإنك كلما خاطبت العامي بلغته والزمته بشيء من الآداب ومحاسن الصفات بحث في طريق الوصول إليه فتكثر

طلبة العلوم في الأزهر والمدارس والمكاتب بدعوتك إليها ويعم نفع الجرائد بحثك على قراءتها وتترك طرق الخشونة بتبييين طرق المدنية ويرجع المتهالكون في اللذائذ البهيمية عما هم فيه من الإسراف وعدم التبصر في العواقب وتكون قد فتحت باب علم لا يختلف في الوصول إليه اثنان فأين هذه الفوائد كلها من الاقتصار على فصول علمية يساويك أو يزيد عنك فيها غيرك وإذا اتحد مشرب الجرائد كانت مزاحمة فإن اختلف تعددت طرق الإفادة وهذا مما لا يخفى عليك ولكني كلفت بتنبيهك عليه فالتزم البعد عن السياسة وأحوالها ودم على سيرك في طريق التهذيب والتأديب فإني سئلت عن سبب عدولكم عن الفصل العامي ممن يهمهن قراءة جريدتك للاسترشاد بها فقلت لهن أنه سيعود ويلزم طريقته الأولى فإذا نظرت لتأثر هؤلاء من حرمانهن وسرعة بحثهن في الأسباب ووقوفهن على ما في جريدتك كلمة كلمة علمت أن النفع بها عظيم وأنها تمكنت من نفوس الرجال والنساء لما فيها من الفوائد العميمة والآداب الجليلة وليس هذا رأيي على انفرادي بل هو رأي جماعة من أفضل الفضلاء يقدرون اللغة حق قدرها ويعرفونها كما يعرفون أنفسهم ولا يخافون عليها إلا من الدخيل الأجنبي واستعمال اللغات الأوروبية مكانها فبالله عليك لا تفتح مدرسة البنين والبنات في جريدتكم إلا بما يفهم الأطفال ودم محترماً مرموقاً من جموع الفضلاء بعين الرعاية والاعتبار. صديقكم أحمد

مدرسة البنات

مدرسة البنات زاكيه ونفيسة . ز. أنت رحت للمعلمة النهار ده. ن. إنا في المدرسة. ز. لتعلمي ايه في المدرسة يا أختي. ن. أتعلم الكتابة والقراءة والفرنساوي والخياطة والبيانو وعندنا ناس يتعلموا الانكليزي وناس يتعلمون الرقص الفرنجي. ز. طيب الكتابة والقراءة قلنا آهي تنفع تقعدي يوم تقرى في المصف الشريف والا لفي كتاب تعرفي منه أمور دينك والفرنساوي والانكليزي تعملي به ايه هوانت رايحه تجوزي فرنساوي والا انكليزي. ن. لا دلوقت كل أولاد الناس الكبار يتعلموا الفرنساوي والا الانكليزي بلكي الواحده تتجوز واحد من اللي يعرفوا اللغة تبقى تتكلم وياه. ز. هو أختي اللي رايحه تتجوزيه موش ابن عرب والا ابن ترك. ن. ايوه. ز. طيب أتعلمي أنت العربي والا التركي يكلمونا به أهل بلادنا وأما الراجل اللي رايح يفوت لغته ويكلم حريمه بالفرنساوي بالانكليزي وهو ابن عرب والا ابن ترك دا يبقي قليل الذوق هوا عارف أن يا بنات الشرق فرنساويه والا انكليز لما يكلمنا بلغتهم. ن. بقى على كدا أنت ما تعرفيش جرى ايه في الدنيا دلوقت بعض بنات الشام بيتعلموا في المدارس اللغات البرانية وأزواجهم رخرين. ز. طيب دول لبسوا آلاافرنكه وطلعوا في السكة بهدوم البيت زي ستان الإفرنج وإحنا يللي ما نطلع من بيوتنا إلا متغطين ولا نجتمع بالرجاله الغرب ولا نروح تياترووولا باللواحنا وأخواتنا المحجوبين في الشام نتعلم اللغات دي. ن. آهو ضمن التمدن الجديدان الواحدة تتعلم لغة

افرنجية. ز. ذا بقى يختي الرجاله مقصودهم تاني هيا الواحدة منا رايحه تفتح لها دكان والا رايحه تقابل القناصل والا رايحه تقعد ويا الرجاله في المجالس دا كلام فارغ. بدل ما يعلموا الواحدة لغة افرنجية يعلموها لغتها وأمور دينها ويعرفوها تربية الأولاد وترتيب البيت موش يعلومها الكلام الفارغ والأمور اللي ما تنفعشي اذا كانت الواحدة تعرف بالفرنساوي وجوزها ما يعرفشي بقي تروح تدور على واحد يعرف فرنساوي لاجل ما تكلمه احسن تنسي اللغة والنبي ان الناس اليوم منيش عارفه جرى لهم إيه أهم كل ما يشوفوا الغريب يعمل حاجة يعلموا زيها من غير ما يفتكرا فيها إياك بدهلم يبقوا إفرنج خالص ويفضوها سيره. طيب الرجاله بيتعلموا اللغات قلنا انهم معذورين على شان يعاشروا الإفرنج ويعوفوا كلامهم ويقروا كتبهم ويعرفوا فيها ايه واحنا يا نسوان لا احنا رايحين نخطب في مجلس ولا نكتب جرنال ولا نعمل مترجمين ولا نسافر بلاد برا ولادي ولادي يبقى تعليمنا الفرنساوي وغيره تمرته ايه دي كلها امور تغم. والرقص يختي اللي ينتعلمه رايحه ترقصي في فرح ولا رايحه الباللو وتاخدلك جدع يحط خصرك على فخده ويدور يرقص بك في وسط الجدعان زي ما بيعملوا نسوان الخواجات والا يعني مزيته ايه دا قلة قيمة وقلة حيا. نز طيب أهو ستات الملوك بيعرفوا لغات كتير بقى على كده تعليمهم في غير محله. ز. دول معذورين إكمن بيدخل عليهم نسوان الملوك والقناصل يسلموا عليهم ويعيدوا عليهم ملزومين يتعلموا لغاتهم لاجل يكلموهم من غير ترجمان فدول تعليمهم في محله لانه كمال لهم وأما احنا يلي لالدي ولالدي

نتعلم اللغات دي ليه فضيها بلا هم على القلب. ن. دلوقت تعايبي علي تعليم البيانو دا كمان إيه يا أختي. ن. البيانو آلة طرب تضرب عليها الست من دول بأصابعها وهي قاعدة امامها. ز. أنا سمعت أن الأقدمين قالوا ان الخيل أذا صهلت حنت لها الفرس يعني ان المغاني تحرك العشق فينا يا نسوان والواحدة متى عشقت ما هياس رايحة تعشق جوزها لأنه قدامها كل ساعة واللي في اليد تزهده النفس فرايحه عشق بعيد عنك الشر واحد غيره وتبقى معاره وجرسه وهتيكه. ن. دا كل نسوان الافرنج كده زاحنا بنقلدهم في التمدن. ز. يا اختي ايش جاب لجاب إحنا بشقه ونسوان الإفرنج بشقة دول بيقعدوا النسوان ويا الرجاله حتى الواحد منهم اذا قعد في مجلس والست بتاعته وياه وسكتوا عنها الجدعان ولا كلموهاشي يزعل ويقول عليهم متوحشين واحنا اذا كان واحد عربي ولا تركي والا شركي والا ارنؤطي والا أي واحد من بالدنيا يشوف واحد يكلم مراته يمكن يموته ويموتها والاقدمين قالوا المره زي الحمامه متى ريشت طارت بعني الواحده متى اطلعت لغير جوزها والا طلعت من باب دارها لا بقت مافعه طار الرجال انهلبوا يا اختي وإلا جرى لهم ايه اللي ما حد بيفتكر في إلكلام ده. ن. ودلوقت تعيبي الخياطه والتطريز وثقولي الواحده يمكن تتعب في عمل المحرمه شهر وهي تشتريها جاهزة بقرشينز على أيه تعبها بقى. ز. شوفي ياست نفيسه الخياطة لازمه لنا يانسوان الواحدة عليها تفصل هدومها وهدوم جوزها وأولادها وتخيطهم وإذا تعلمت شغل المنسج والمخيش

تعقد نسلى في شغلها تعمل لزوجها طاقية لطيفه كيس مخدة سجادة صلاه شبشب كيس فلوس وش ستاره كرنيش للسرير حزام لها قميص نوم ظريف تنتنه للهدوم أويه للمناديل كرديله حلوه غطا سفره غطته قهوة يعني إذا أتعلمت الحاجة دي تعقد طول النهار ست بيتها ان كان عندها خدامين آهي ست بيتها تسلي نفسها وان كانت وحدانية تعمل شغل بيتها ولما تخلص بدل قعدتها في الشباك تشوف الحلو الوحش والأمور الفارغة تعمل لها حاجة زي ما بيعملوا أولامد الناس الطيبين ياما بنات سيغوا نفسهم من غرزتهم ودخلوا للراجل بشيء متلتل وياما نسوان مساعدة رجالتها بغزرتها وشقا عافيتها لما تلاقي جوزها ماشي بين الرجال مستور وأشبته معدن فأنا أقول لك اشطري في الخياطة وأفتحي عينك فأن ما ينفعك إلا غرزتك بأيدك. ن. والنبي ياست زاكية انك وليه طيبة وقلبك عليه وأنا رايحه اقول لأبويه أنا يابا رايحه أتعلم القراءة والخياطة وشغل اليد وأبطل تعليم الفرنساوي والبيانو والرقص الإفرنجي وأقول له على اللي قلتيه لي كل إياك يرجع لو عقله ويقول لي طيب يا بنتي. ز. هيا المدرسة بتاعتكم ما فيهاش فقي يعلم أمور الدين. ن. فيها الشيخ إبراهيم. ز. خليه يعلمك أمور دينك والصلاة والصوم والواحد تنطهر من الحيض أزاي وتتوصنا أزاي وربنا فرض عليها ايه وايه للراجل ويعرفك الحلال والحرام أحسن إحنا يا نسوان ما كانشي عند الواحدة منا دين لا لها ذمة ولا عقل يحوشها عن الأمور البطالة شوفي ستي اللي بزورها الولية اللي يزورها الناس عمر هاش تطله لغير جوزها وإلا تكل من

شباك وإلا تطلع من باب دارها من غير جوزها وإلا تفرط في حاجة من حاجة البيت وإلا تكلم راجل غريب والا تخالف جوزها في حاجة في تطلب منه اللي ما يقدرشي عليه وإلا قالتلو بوم جبت لي ايه وإلا كدا وإلا كدا إلا ماية زي الألف وتلاقي يختي هدومها نضيفه وفرشها نضيف وحاجتها كلها نضيفة وبيتها بيشف وبرف تشربي الميه من على البلاط بتاعها ودا كله من تربيها وتعليمها الدين والواجب عليها وهيا صغار وشوفي أم نظمي اللي طلعت على هوى نفسها أزاي ما خسرت جوزها وضيعت ماهيته في الريح كل ساعة داخله عليها الدلاله دي معاها فواتير حرير ودي فواتير مقصب ودي فواتير شيت ودي فواتير تيل ودي صناديق صابون ودي مناديل وهيا تشتري من هنا وتبعزق من هنا كل ما دخلت عليها واحدة تعطيها بدله وإلا منديل لما صبحت الراجل يا عيني عدم وندم ودا كله من قلة التربية وعدم معرفتها حقوق الراجل لو كانت دي تعرف دينها ويقينها وتعرف أنها رايحة جهنم كانتشي تهمل العمله اللي زي وشها فضحت نفسها وهتكت عرضها وضيعت شرف أهلها وصبحت بين النسوان ما تسوى بصله الشر ربنا ويارتها أمال طالت عرضها إلا مسكينة الخدامة أحسن منها ويكفينا الشر ربنا بلاها بالبلا لما شرمط جتتها وصبح يبعد عنها العدو والحبيب لو كانت دي فضلت في بيت جوزها وإلا في دار أبوها كانشي نابها الهم دا كله على رأي المثل رأي جت الحزينة تفرح ما لقت مطرح وأقولك أيه واعيدلك أيه ربنا يا بنتي يهديك ويكفيك شر المستخبي

إعلان

في عالم الغيب روحي يا حبيبتي اشطري وافتحي عينك وحطي ركك على الكلمتين اللي تسمعيهم من الفقي وربنا يبعد عنك أولاد الحرام ويهنيك بعريش ابن حلال زيك. إعلان لا يجوز لأحد طبع كتابنا كان ويكون الجاري طبعة في الأستاذ ذيلاً فإن حقوق الطبع محفوظة لنا لكونه من مؤلفاتنا فلا يطبع مرة أخرى إلا بإذننا ومن طبعة بغير أذن حاكمناه قانوناً وطالبناه بالخسائر التي تترتب على تعطيل مطبوعنا بمطبوعة وليكون ذلك معلوماً للخاص العام بادرنا بهذا الإعلان. زجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي ورد إلينا الزجل بقلم الفاضل النحرير محمد حامد أفندي أحد طلبة العلم بالأزهر الشريف قال حفظه الله: منى السلام لجنات سيدي ... شريف ومن نسل الهادي ويوم حضوره كان عيدي ... انا وكل اهل الوادي عندي حكاية يا أستاذ ... تنعنش الفكر الرايق أحب تنشر في الأستاذ ... ويكون لك الفضل الفابق الشمس طلعت صح النوم ... والساعة بالعربي عشرة والله عجب يا جيل اليوم ... يللي على سنجة عشرة حقاً أزمن ده زمن عايب ... يصيح السيد مملوك والندل ديما فيه غالب ... والحر ضاع حنب الصعلوك

بونوسوار صارت بالكوم ... أما السلام أجره على الله وعمتك جدنايت البوم ... سمي وحفض باسم الله الوقت ده وقت البردون ... وادي البرول لحقه ف كعبه وخدني باللك كلمة جون ... وابن الحرام حسبه ربه صعبان علي جيل اليوم ... خسر وأحواله تحسر ولعدش ينفع كتر اللوم ... لكن نقول كله مقدر تلقى الولد تم السبعة ... وعَ الفرير قبل الكتاب وبعد ما يتم التسعة ... مقدرشي أقولك قلبه داب سنة فسنه يكبر دي الواد ... مع الشهادة السنويه ومرة عن مره يزداد ... ويمتحن في البكلوريه ويروح بها مطرح ما يريد ... ودحنا عارفين أخرتها ويدور ويفهم أنه السيد ... ما يفتكر شي عاقبتها تبص في السكه تشوفه ... مسبسب القصه وعاوج زي القمر وقت كسوفه ... اكمن جيبه صبح رايج إن كان مرادك تنده له ... لابد ما تقوله منشير وتشد حيلك وتقف له ... وتعظمه وتديه سفنير ويسير مع إخوانه المود ... وادي الغرور تالف عقله ويقول لنفسه أنا فرجود ... ومين هناك حد يسأله ستشفشي منه غير أوهام ... إلا الشيطان فيه متعشم ويعش كده كل الأيام ... ويظن انه متعلم

يا واد بقى فضك من دول ... والتفت شوف ايه بكره والقلب صارمتك معلول ... وانت مفيش عندك فكرة سايس أمورك بزيادة=يفكاك ساخر لكسمبرج والألدورادوا صار عاده ... هو انت طار من عقلك برج دور على نفسك تلقاك=مفيش كده أبداً غفله الصبح عند ذي مساك ... وكل شيء منك نفله وفوق يشيخ من دِ السكره ... وانظر لحال مسقط راسك وشد عن ساعد الفكره ... بكل قلبك وحواسك تركت لغتك بالمرة ... وقلت حالها مش ماشي ورحت تجري بلاد بره ... وقلت بلدي ممنهاشي هي بلادك دي شويه=اللي الدول تتمناها فيها العلوم مستوفيه ... وبس فتش تلقاها طاوع وتوب عن دي الدوره ... وانظر لمصلحة الأوطان واترك لنا لعب الكوره ... حب الوطن ده من الإيمان ايك عسى الله تصغى لي ... وبلاش كده جد نايت سير واتعلم العربي أحسن ... يظهر لك الفرق الظاهر وخل وطنك لك مسكن ... تعيش نديم فاخر طاهر واقبل كلام ما يتعيب ... وصحك تشوفه تتاخر وطالع الأستاذ طيب ... وافهم معانيه للآخر

باب الأدبيات

باب الأدبيات إفراح الأرواح هي أفراح صاحب السعادة والمجد الهمام الكامل أحمد فريد باشا ناظر الدائرة السنية أعدها ساعدته العناية لتأهيل نجله الكريم إبراهيم بك في ظل الحضرة الخديوية الفخيمة وجعلها 15 ليلة كلها مجامع آداب ومحافل أنس وطرب يزينها اجتماع الذوات الفخام والعلماء الأعلام والوجهاء والأعيان والأدباء والنبهاء وناهيك بليال تتداولها تخوت الآلات الموجودة بمصر على اختلاف أصحابها وفي سماء كل تخت تشرق أنوار قمري الموسيقي اللذين أعادا ذكر معبد واسحق وجددا من هذا الفن ما حسن في الإسماع وبعث في الأرواح طرباً وانتعاشاً الوحيد عبده أفندي الحمولي والفريد الشيخ يوسف خفاجة وقد أرخ هذه الأفراح الفاضل الكامل العلامة الشيخ سليمان العبد فقال: بنادي السعد أفراح وعرس ... وأنس فائق يتلوه أنس وروض البشر يبسم عن هناء ... يدور على الأحبة منه كأس وأصبح حسن هذا اليوم يزهو ... فيحسده لهذا الحسن أمس لإبراهيم قد سعت المعالي ... لتلبسه الحلى فخراً وتكسو فأصبح للعلا فرعاً عريقاً ... يطيب به بروض العز غرس إلا يا فرع إباء كرام ... حماه في الورى حرم وقدس قرانك في الهنا قرت وطابت ... من الدنيا به عين ونفس

بشائره بيمن ارخته ... تزف لسعد إبراهيم شمس سنة 1310 ... 487 154 259 400 وردت لنا قصيدة غراء من نظم الفاضل الشيخ محمد علي العوامري خطيب مسجد الموازيني باسكندرية يرد بها على من يعترض الأستاذ ويفتري عليه ما ليس من مشربه لخصنا منها قوله: بدا الأستاذ بالنفع العميم ... لنصح الناس من قلب سليم ولكن قد رمى من فرط حقد ... بالسنة حداد من لئيم وقدم قال ذا الأستاذ جفر ... له سر خفي للفهيم فاعرض أيها الأستاذ عنهم ... يموتوا منه بالغيط الأليم فلو يدري المعارض ما حواه ... من التهذيب للخلق الذميم لأثبت أنه حكم ووعظ ... وهدى للطريق المستقيم فقل للنصح لازمنا وارخ ... بجد جاء أستاذ النديم سنة 0310 ... 941162135 ومن نظم الفاضل الكامل الشيخ عبد العزيز العوامري الإسكندري لله أستاذ علم * حوى مآثر شهم * أنار في الشرق فضلاً * كأنه بدر تم * فيه بديع المعاني * يلهيك عن بنت كرم * فيه حميد المزايا * يبثها خبر قرم * أبدى النديم فصولاً * تدعو لحظة حزم * بحكمة واختبار * له ونبر فهم أبدى صحيفة فضل * عن الفضائل تحمى * هدى بها كل غير * أعماه خاطروهم لفتح أعين عمي * جاءت وآذان صم * وصقل عقل وفكر * بدر نثر ونظم

فاسلك به نهج حمد * وذدده عن نهج لوم * وانح العلاء وارخ * أستاذ آداب علم. سنة 1310 وللسيد الماجد الآخذ من المعارف بالحظ الأوفر الشيخ عبد الرحيم افندي القصبي نزيل اسكندرية الآن وأحد معلمي العلوم العربية فيها: خل الجرائد واغن بالأستاذ ... هذا النديم محرر الأستاذ أهدى الورى تحفاً تلألأ نورها ... يدعونها بجريدة الأستاذ تلك التي تروي أحاديث العلي ... فكأنها عن جابر أستاذ لله فينا سيد حاز التقى ... وكسا المقال بحكمة الأستاذ يا صاح قم فأرشف جميل سلافها ... هيا بنا هيا بنا أستاذي علل النفوس تبددت لما رأت ... حِكن النديم الفاضل الاستاذ لا زال يرقى في الأنام مهناءً ... بجريدة الأستاذ والأستاذ الأستاذ الأول أراد به النديم والثاني الجريدة. والثالث الماهر علماً للجريدة. والرابع الكيماوي المشهور. والخامس شيخنا الأكبر وملاذنا الأطهر والده الجليل سيدي ومولاي السيد شحاتة القصبي نفعنا الله به. والسادس معلمه. والسابع وصف للنديم بعد أن جعل الأول علماً. والثامن عني به نفس النديم أو شقيقه. وللحسيب النسيب الشاعر المنشئ أفضل الفضلاء صديقنا السيد محمد أفندي شكري المكي القادري الحسني: أيمن بابهج غرة لاحت لنا ... بجريدة الأستاذ والأستاذ أستاذ كل مهذب وأمام كل ... ل مؤدب وملاذ كل ملاذ

وللفاضل البليغ المنشئ التحرير حامد أفندي ياور رئيس كتاب المحكمة الجزئية بإسكندرية: أستاذنا الأستاذ وهو نديمنا ... في كل وقت يقتدى بالأنفس لاغروان قبل الورى ما قدروى ... ببشاشة وابتاعه بالأنفس ورد لنا من الفاضل الطنطاوي صاحب الزجل المدرج بالعدد الثالث قصيدة شكر وحمل زجل أيضاً مع حمل آخر في سكران فمن القصيدة قوله: قوما خليلي نجن الفضل ألوانا ... فروضة الفضل نهواها وتهوانا في جنة العلم اذهب النسيم بها ... وروح الصب في الأستاذ مجانا قوما بها نصطبح فالروض مزدهر ... والطل باكره والأنس وافانا إلى أن قال: حيث النديم ينادي كي يؤلفنا ... كونوا جميعاً عباد الله اخوانا ولا تلوما علياً في صبابته ... إذا غدا من كؤوس الراح نشوانا المراد بعلي ذات المنشئ فإنه الشيخ علي محمد سالم وهي أربعة وثلاثون بيتاً كلها غرر ومن زجل الشكر قوله: اللي عطانا الله يعطيه ... ويملا جيبو بالأموال وربنا المعطي يرضيه ... ويحفظه من وقف الحال شفت النديم بالمحروسه ... عمال يألف في رسايل ولو خصايل محروسة ... في الجو ما ترد لسايل يا قلة الحيلة ياني ... ما حيلتي إلا لساني

هوا لساني اللي رماني ... وعجزت عن شكرو تاني دا ربنا فضله واسع ... يفتح عليه ثم يزيده ويرزقو كل منافع ... وربنا ياخد بيده أما زجل السكران فقد تأجل نشره لأجل غير محدود وله أيضاً اعتراض على شرح مثل يضرب أخماساً لأسداس سنتكلم عليه في غير هذا العدد ورد إلينا هذا التقريظ من مدينة نابلس الفيحاء ولولا وجوب إجابة طلب أهل الآداب لطويته بيد الشكر فيما لا ينشر من الأوراق فمع الخجل مما فيه من الإطراء ننشره مستغفرين الله تعالى شاكرين هذا الصاحب على حسن ظنه ومحافظته على دواعي المحبة والوداد ونصه وافاني الأستاذ من سماء مصر. حاملاً لواء النصر. يرفل في مطارف البيان. وحلل التبيان. فتلقيته بيد الثناء. وشكرت تلك اليد البيضاء. التي استورت زند العلوم. فاورت بالمنطوق والمفهوم. وقد رأيته بحر فضل كثير الفوائد. غزير المادة بديع الفرائد. فيه من الآيات البينات. ما يزري برسائل البديع والمقامات. فهو حري بأن يتخذ خير أستاذ ومرشد إلى سواء السبيل. خليق بأن يعد من أنفس مؤلفات هذا العصر الجميل. وجدير بأن يشهد لمؤلفه العالم الفاضل اللوذعي المحقق العلامة عبد الله أفندي النديم المصري بطول الباع. وسعة الإطلاع. وعلو الهمة والإقدام وما عسى أن أعدد في مناقب رجل شاع فضله في الأقطار. وسرى ذكره في جميع الأمصار ولا أطلب شاهداً أعظم مما رأيته وسمعته أيام زيارته لمدينتنا نابلس الغراء فقد سمعت منه كما سمع أفاضل بلدنا وإجلاؤها وذواتها الفخام ما بهر الجميع

رثاء

وملأنا عجباً فقد كان يقضي اليوم والليلة وهو يسأل فيجيب بأحسن بيان وأقوى برهان. وطالما سمعنا منه المدح والثناء لأمراء مصر الذين تفضلوا عليه بالفو والإحسان فنحن نثني على الحكومة المصرية التي رخصت لهذا الفاضل في نشر علومه بين الجنسين المصري والسوري لتنوير الأفكار وجمع الشتيت وتأليف النافر من النفوس فإنه ينادي بالوحدة الشرقية التي ما نادى بها إنسان إلا مدحته الكائنات لازال بدرسماء وشمس فضل ينير العقول والأفكار. جلبي السامري من نابلس قد كتبنا في السامرة كتاباً سميناه التذكرة العامرة بأحوال السامرة تكلمنا فيه على دينهم وعوائدهم وتاريخهم بما لم يكتبه أحد قبلنا فما كتب الغير إلا أخباراً متطايرة وهذا أخذناه عن مصدره من أفواه الكهان وكتبهم وسنطبعه إن شاء الله تعالى. نديم رثاء قدمنا في العدد الماضي خبر وفاة المرحوم الشيخ أحمد أبي الفرج الدمنهوري ووعدنا بذكر شيء من ترجمته فنقول ولد رحمه الله تعالى ببندر دمنهور وتربى على نفقة والده وحفظ القرآن حتى إذا يفع وظهرت عليه علامات النجابة والذكاء طلب العلم بدمنهور ثم رحل إلى الأزهر الشريف وأخذ عن أشياخه حتى صار من رجال الفضل ثم عاد إلى بلده وقد ملئ أدباً وفضلاً فاستطاب الناس حديثه وشعره ونثره ودعوه إلى مجالسهم فعلا ذكره وانتشر بين الأمراء وسادات مصر فقر بوه اليهم واتخذوه نديماً وسمير الحسن محاضرته ولطف تعبيره ومزجه

الهزل بالجد ترويحاً للنفوس وكان خصيصاً بالمرحوم شاهين باشا فكان يبره ويقربه منه في كل مجلس وقد قضى عمره في عز القناعة وشرف الزهد فيما في أيدي الناس لا يقبل إلا الهدايا من الأمراء وأعيان البلاد الذين لهم به تعلق وكان قوالاً له شعر نقي رقيق ونثر بليغ يستظرفه كل من عاشره ويستخفه كل من جالسه ما دخل مجلساً إلا دخله الأنس والسرور توفي رحمه الله ثاني ليلة من ربيع الثاني سنة 1310 بعد صلاته العشاء وآخر كلامه إنا لله وإنا إليه راجعون فاحتفل أهل دمنهور بجنازته وشهدها العلماء والحكام والأعيان وأفراد الناس ذكوراً وإناثاً حتى زاد المشاة أمامه عن ستة آلاف نسمة وقد رثاه صديقه الفاضل الماجد الشيخ حميدة سالم الدمنهوري بقصيدة 44 بيتاً اختصرناها لضيق الجريدة فمنها: هو الموت كم يسطو وبالحركم يعدو ... فيلخصه شزرا يروح فلا يغدو فما الخطب بين الناس إلا مهند ... بكف المنايا والنفوس له غمد وما هذه الدنيا بدار إقامة ... وليس لمخلوق بها يعهد الخلد فيا غافلاً والموت يرعى زمامه ... تنبه لموت في تأمله الرشد تزود لدار لا يزول نعيمها ... وصفو صفاها دائم الخلد ممتد وقدم من الفعل الجميل الذي به ... تطيب لك الذكرى وينتشر الحمد فما الموت بالنائي عن المرئ لحظة ... ولم يدر إنسان عليه متى يعدو وكل عزيز للمنون مذلل ... إليه وحر النفس فهو له عبد فتبأ لموت قد عدا بأخذ العلا ... أبي فرج من راح يصحبه المجد حليف المعالي أحمد الفضل من مضى ... وقد كان من أوصافه الحلم والزهد

بديع المعاني من تحلى بمنطق ... وأشهى بيان في المقال هو الشهد كريم السجايا رب كل فضيلة ... ومنقبة حسناء لم يحصها عد لقد كان بحراً للفضائل صافياً ... حلا منه للظمآن من قومنا الورد هو العالم المفضال والشاعر الذي ... قصائده في جيد دهر العلا عقد له خير شعر هامت الشعرا به ... ونثر به ورق الحمائم كم تشدو وكان إماماً في البلاغة ماهراً ... وفي كل فن بالدليل له اليد لقد طاب حقاً سيرة وسريرة ... واصلاً وفصلاً فاح من نشره الند وقد عاش بين الناس خير مؤانس ... بألطف آداب يضاحبها الجد فمن ضاق صدراً كان عنه مفرجاً ... بحسن فكاهات برقته تبدو وكان جليساً للذوات محبباً ... إلى الناس يحلو منه عندهم الود فيا لهفي قد أصبح اليوم نازحاً ... عن الأهل والخلان ليس له عود لقد راح من دار الفنا متزوداًَ ... بصالح أعمال لدار البغا يغدو وأصبح في دار النعيم ممتعاً ... بحور وولدان صفاتهم ملد وحاز من الرحمن أطيب رحمة ... ومغفرة منه وتم له السعد فلا زال مغموراً بغفران ربه ... ومنه الرضا طول الدوام له يبدو بيد المقبول والابتهاج استلمنا الجزئين الأول والثاني من كتاب مختصر تاريخ الأمم الشرقية القديم تأليف الفاضل الكامل الأستاذ حسين أفندي ذكي مدرس اللغة الفرنساوية في المدارس الإميرية فالجزء الأول 44 صحيفة يشتمل على ملخص تاريخ مصر والثاني 30 صحيفة يشتمل على

سؤال عن خنثى

ملخص تاريخ بلاد العراق وبابل تحري فيه الفاضل مظان الصحة ومراجع التحقيق من كتب المؤرخين المتقدمين والمتأخرين ولخص ذلك تلخيصاً لم يترك من الفائدة المقصودة شيئاً وسيطبع بقية الأجزاء على التتابع ولم نجد فيه أو معه إعلاناً بثمنه أو قيمة الاشتراك فيه فنرجوه أن يحدد ثمن المجموع أو الأجزاء ليقف على ذلك محبو الآداب فإنه تاريخ يلزم كل ناطق بالضاد. سؤال عن خنثى ما يقول الأستاذ الفاضل العالم العلامة في شخص له عضو الرجال وعضو النساء وثدي امرأة ولحية رجل ولكن عضو الرجال معطل والمستعمل عضو النساء فهل يحكم عليه بأنه امرأة ولا يلتفت للحيته فيلزم بالقعود في البيت والخروج بالبرقع وهل يقهر على التزوج متى ألزمه وليه بذلك ووجد من فيه الكفاءة أم يحكم عليه بأنه رجل مع عدم مشاركته الرجال في شيء إلا اللحية أفتونا ولكم الفضل. كاتبه بباوي يني الجواب يذكر في العدد الآتي على ما هو مقر في شريعتنا كرغبة السائل. أخبرنا ثقة فاضل أن بعض السكارى كتب على عرض حال نسائه؟؟؟؟ أي أنه بطال غير مقبول لاستواء المدح والقدح والتصاون والابتذال عنده وقبل أن يصلنا هذا الخبر علمنا أن مجلس الستات انعقد تحت رآسة فاضلة حكيمة وقد انضم إليهن من لم يكن معهن قبل ذلك ثم جئن بأعداد الأستاذ من الأول إلى العاشر وتلي عليهن ثم دارت المذاكرة بينهن فتقدم

إعلان

عدد كثير يشكر الأستاذ على وعظه ونصحه لتوبة رجالهن على يديه وحمدن الله تعالى على ذلك وشكا قسم آخر من سوء تصرف أزواجهن وهجرهم بيوتهن وسفههم الخارج عن الحد وتبادلن الآراء جدالاً حتى انتهى الأمر بوضع قرار وافٍ يأتي في العدد الآتي إن شاء الله تعالى وفي ختامه يقلن لابد أن نكدر عيشة الرجال من الداخل والأستاذ يعظهم ويسفه أحلامهم من الخارج حتى يتوبوا أو يطفشوا ويروحوا في داهيه. فنقدم الشكر لهذا الفريق المعتني بتهذيب أخلاق الرجال كما نثني على عنايتهن بمطالعة الأستاذ والعمل بإرشاده ونهنئ اللاتي تاب أزواجهن كما نرجو أن يتوب الباقي فقد صاروا أضحوكة بين الأمم وما ذلك على الله بعزيز. إعلان عزم حضرة الفاضل أحمد أفندي نجيب على إصدار جريدة سماها المنظوم تنشر مدائح الملوك والأمراء والأعيان وما قيل من فنون الشعر مع انتقاد بعض الأبيات التي يجوز انتقادها وسيصدرها مرتين كل شهر وجعل الاشتراك أربعين قرشاً عن كل سنة في مصر وخمسين في الخارج فنحث حلفاء الأدب ونصراء البديع على مشاركة هذا الفاضل في هذا المشروع الجليل بالاشتراك معه بالطول والقول أحيا لصناعة الشعر الجميلة.

قاموس عربي وفرنساوي

قاموس عربي وفرنساوي هذا القاموس جامع للاصطلاحات القانونية والإدارية والتجارية اعتنى بوضعه الفاضل التحرير إبراهيم أفندي جاد مترجم محكمة الاستئناف المختلطة باسكندرية وناهيك بكتاب وضعه رجل يعاني الأعمال المختصة به سبع عشر سنة وقد بادر بطبعه وجعل قيمته خمسين قرشاً صاغاً قبل تمام الطبع وستين بعده فنحث أصحاب الأشغال الإدارية والتجارية والقانونية والترجمة على مساعدة هذا الفاضل بالاشتراك معه ليستعين بهم على هذه الخدمة الجليلة وهو جزآن كل جزء ستمائة صحيفة تقريباً نجح الله تعالى أعماله. قلادة العقيق لجيد الغرامطيق كتاب لتعليم الفرنساوي الفه النبيه التحرير حبيب أفندي فارس تسهيلاً لطلاب اللغة الفرنساوي وضعه على أسلوب جميل وطريقة سهلة التناول فنحث طلبة هذه اللغة على اقتنائه جاءنا بطريق البوسطة كراسة عنوانها آمال وطنية لصديق لنا بإمضاء أحد أبناء الوطن يذكر فيها بيان الطرق التي يسهل بها جمع النقود باسم الجمعية الخيرية الإسلامية وطريق تشغيلها ونمو إيرادها حقق الله آماله وسنتكلم عليها في العدد الآتي إن شاء الله تعالى فإنها أنموذج جميل. عبد الله نديم

العدد 12

العدد 12 - بتاريخ: 8 - 11 - 1892 إعلان لا يجوز لأحد طبع كتابنا كان ويكون الجاري طبعه في الاستاذ ذيلاً فإن حقوق الطبع محفوظة لنا لكونه م مؤلفاتنا فلا يطبع مرة أخرى إلا بإذننا ومن طبعه بغير إذ حاكمناه قانونياً وطالبناه بالخسائر التي تترتب على تعطيل مطبوعنا بمطبوعه وليكو ذلك معلوماً للخاص والعام بادرنا بهذا الإعلان. وظائف العلماء في العالم (تابع ما قبله) (طبعه الكتاب والمنشئين) هذه طبقة السلطة على العقول والسطوة على الأعمال منها رجال المحابر وخطباء المنابر وحفاظ الأموال ومؤرخوا الأحوال والقابضون على أزمة الافكار بيد الجرائد السياسية والعلمية والدينية يقضون أيامهم في نشر فضيلة

وإعدام رذيلة يغمدون السيوف المجردة بعباراتهم السليمة ويجردون المغمدة بجملهم الحماسية ويطفئون الفت الثائرة بكلماتهم السحرية ويستميلون الملوك إليهم أو إلى الأمم برقائقهم المدحية والإصلاحية يجمعون الدنيا أمام القارئ في صحيفة يتناولها باصبعين فهم اساتذة الخواص والعوام وأئمة الوزراء والعقلاء والرعية. والخلق أمانة عندهم يتصرفون في أفكارهم بإنشائهم البديع في حفظ المعلم في فكر الطفل الفارغ من العلوم. وقد اجتهد كل فريق منهم في حفظ وحدة قومه والحث على رعاية ملكه ووقاية مملكتة والارشاد إلى طرق التقدم والتحذير من التقاعد والتهاون والتقهقر. وما زالت درجتهم تعلو ومحبتهم في قلوب الأمم تنمو حتى شغلوا العالم برقم بنانهم ومبتكرات أفكارهم فلا يصبح الرجل إلا سائلاً عن الجرائد وما فيها ولا يمسي إلا قارئاً للأخبار السياسية والتجارية والفوائد العلمية حتى أن الرجل في أوروبا باليسوق العربية والجريدة بيده فمتى وقف في نقطة فتحها وقرأ فصلاً والصانع إذا اشترى الجريدة ترك ما بيده حتى يفرغ منها قراءة وزادت عنايتهم بالرائد حتى وضعوا مها نسخاً في المراحيض يقرؤها قاضي الحاجة فلا يضيع عليه وقت بل ترقوا إلى أن طبعوا الجرائد على قطع م القماش تصنع قماشً وستراً فيجلس المرءُ على فرش كله حوادث تاريخية ووقائع سياسية وينظر في ستارة نقشها علوم لا رسوم. وقد كثرت رغبتهم في الجرائد حتى بلغت عدداً عظيماً فيوجد في فرنسا وحدها 3730 جريدة ما بين سياسية وعلمية ودينية وتجارية منها في مدينة باريس 1560 جريدة والباقي في ولايتها وإذا علم الشرقي أن الجريدة النييورك هوالد تربح من اجرة الاعلانات كل

يوم خمسة وثلاثين ألف فرنك علم قدر المحررين هناك وفضيلة القراء الذين عرفوا حقوق المنشئين فساعدوهم واستفادوا وافادوا. وكذلك إذا علم الشرقي أن محرري الجرائد ترتفع بهم الدرجة هناك إلى انتظامهم في سلك الوزراء علم مقدار ما ينتج من العلم والاشتغال بالمنفعة العامة. وهذه النتائج لم يحصلها المنشئون بالغش والخديعة والسير بالأمة في طريق توصلهم إلى الغير ولا بشقشقة الألفاظ التي لا طائل تحتها ولا بتصويب عمل المخطئين وتخطئ المصيبين وتقبيح الحسن وتحسين القبيح ولا يجعل الجرائد اسواطاً للغير يضرب بها أهل البلاد ليسوقهم في مرضاته بلسان من هو منهم صورة وإنما حصلوا هذه الرتب الرفيعة بخدمة أوطانهم وممالكهم وتبين طرق الاصلاح وحفظ مراكز الرجال الظاهرين من أمرائهم وأعيانهم بتعريف الأمة قدر أعمالهم وثمرة أتعابهم واشتغالهم بنصح الأمة وارشادها إلى الصراط المستقيم وسهرهم الليالي في مطالعة جرائد لنقل فائدة أو الوقوف على خديعة يحذر قومه منها ويبين طريق البعد عنها وإخلاصهم في هذه الخدمة حتى لو كانت جريدة للسان وزير أو حزب فإنها إنما تحسن مبادئه وأعماله ووجهتها هي وجهة غيرها من جهة خدمة الوطن وأهله فالوسائل مختلفة والمقصد واحد وهذا الذي أكد للأمة ثقتهم بالمحررين حتى أخذوا كل ما قدموه لهم بيد القبول واحلوه محل الإخلاص فلا غرو أن قلنا أن الأمم الأورباوية أجسام والمنشئون أرواحها.

حنيفه ولطيفة

حنيفه ولطيفة . ح. أنت رحت قلت عدّ! ُولي هو العيش والملح مالوش حق. ل. ما نستغناش يا حبيبتي هياَّ العين تعلا على الحاجب يا ست حنيفة بس أنا كنت مشغولة شوية بنبني محلين في الدور التاني بلكي الولد يجوز يبقى يدخل هناك. ح. أنتِ كن01تِ ديك اليوم بتشكي من الفقر وغلبك من الرجل ورايحه تبني وإلا يجوزي مني. ل. عقبال عندك بختي إن شاء الله اشوفك وأنت متهنية زي ما ربنا هناني الأفندي بتاعنا ما تاب عن المخسوف العرقي وطهر هدومه والتفت لعبادته. ازاي بختي ما تلاقي اللي كا بيروح منه كل شهر اتنا عشر جنيه كانوا بيروحوا في طريق الشيطان الرجيم ودلوقت ما احلاه يختي وما احلى قرايته في الفجر حسو يلعلع في القراية تقوليش إلا كروا وياما يقوم بالليل يا ست حنيفة ويعيط ويرمي من كل عين حفان ويقول ضيعت شبابي ومالي في الفارغة أناا كنت مجنون أفوت أولادي عرايا جيعانين واروح احط فلوسي في الخمر ينعل الخمرة واللي علمونا شرب الخمرة وللي بيشربوا الخمرة اتنا عشر جنيه كل شهر ويبقى لي خمسة عشر سنة اشرب الملعونة دي يبقى صرفت الفين وميه وستين جنية لو كنت اشتريت بهم أطيان من أطيان الميري اللي الفدان بعشرة جنيه كنت اشتريت ميتين وستة عشر فدان وسنة يصلحوا ويبقوا بعاديه وإلا كنت اشتريت بهم بيتين تلاتة للأجرة ونت صيغت البنات وجددت البيت إلا زي اللي الوعد غطَّا عليه طاوعت الخنزير جارنا ومشيت وياَّه في قلة القيمة لما صبحني

في آخر الناس قطعت الخمرة واللي يشربوا الخمرة. وقلت له بقي يا سيدي ما بتيتش تشرب الخمرة أبداً فقال أنا اشربها يا أم نبوية مرة تانية أعوذ بالله إن شا الله اللي يشرب الخمرة من الناس اللي دايري في الخمارات ما يشرب إلا السم الهاري شوفي الناس الأمرا والخواجات الواحد منهم يقعد على السفرة يأخذ كأس واحد نبيت ونصه ميه واحنا نروح نشرب زي البهم المحمور اللي يفضل يشرب لما يفرتك جوفه الله يتوب على أخونا وينقذهم من الضلال اللي هما فيه. وقلت له مرَّة اظن يا سيدي لما كنت بتشرب ما كنتش تصلي ولا تتحي فقال لي طيب اسكتي هوَّ السكران يصلي وإلا يهبب لمال تبقى هدومه جسه ويقف يشخ ويطرطش على هدومه ويمكن لما يسكر يمز بلحم الخنزير يبقى اللي زي دا له صلا وإلا عبادة أهو زي الحمار والا الكلب اللي يشخه على روحه. حتى الحمار لما يجي يشخ يفرشح رجليه خايف من الطرطشة والكلب يشيل رجله ودا لا يخاف ولا يسأل. وقال لي دا يمكن السكران من دول يقعد طول الليل ويقول في كلام كفر ولا يدري باللي بقوله. على ايه أعرفي إن السكران خي المجنون يعرف بيقول أيه يبقى السكران يعرف نفسه والا يعرف يشخ ازاي. وتقولي يا ست حنيفة الراجل وشه نور وراح لك بياضه زي اللبن ودي العينين اللي كانت زي عنين النسناس ازاي ما أدورت وبقت حلوة الدنيا يختي وإلا دي الورد اللي بقى على خدوده تقولي انه رجع اب عشرين سنة. ولما كان بيسكر كان عدوك وشه زي وش القرد ويجيني مبلم زي الطور ما يعرف يتكلم وأفضل أشيل فيه واحط فيه وهو تقولي ميت والا قتيل يا ما شفت يختي وياما ورَّاني ولكن الله يسامحه ويبري دمته من

جهتي وربنا يكفيه شر اولاد الحرام. ح. عقبالي عقبالي اللي عطاك يعطيي يا أم نبوية راحت في ام جرجس تجي تسمع الكلام اللي زي الشهد ده يا عيني عليها اللي مسكها المعلم غطاس ديك الليله وفضل يا عيني يد بها ويرزع فيها لما راح منه حيل وجا حيل وهيا يا عيني زي الرجل الخدلانه لا تهش ولا تنش الا قاعدة تمسح في دموعها وهوَّا نازل لا يستحي ولا ينقرع آه يا ناري يختي لو كنت لحقته وهوَّا بيضرب فيها والنبي والنبي ما كنت إلا ادي لو لما اخليه حواليه كيمان دول رجال بقوهم خالص وصدق اللي قال جيزة صارى ما فراق إلا بالموت تلاقيها يا عيني رايحه تعمى من كتر العياط والراجل ما هو سائل لو كان ربنا يجيب للسكارى داهية ونستريح منهم. ل. ما كنا كتبنا عرض حال لهم جرى فيه أيه. ح. هو أنت ما سمعتيش ما كتبو عليه. ط. يعني بطال والنبي لو كان العرض حال دا انكتب لناس في وشهم دم ما كانوا إلا ضربوا أنفسهم بالجزم إلا ادحنا بننفخ في قربة مقطوعة ربنا يخلي الاستاذ أهو بيعشمنا بأنهم يتوبوا شوفي يا يكون زي وعد الكمون يا ربنا يتوب عليهم وادحنا كتبنا للنديم يكتب لنا عرض حال عن لسان الأولاد يحن قلب ابوهم عليهم وإن ما نفعش نكتب عن لسان الجيرا وبعدين عن لسان الحيطان وبعدين عن لسان السما وبعدي عن لسان الملايكة وإ منفعش دا كله وحياة البي ما احنا إلا مورينهم السير يطلع منين. هما بيخوفونا بالطلاق ولكن رايحين يطقلوا كام ألف مرة وكمان لما يطلقونا مين يأخذ الأندال زي دول بعد ما يفوتوا اللي طول عمرهم يخدموهم وصابرين على غلبهم بكرة تشوفي إن ما كنا نخلي الراجل

دول يمشي على العجين ما يلخبطه ابقي قولي اللي تقوليه. ل. أنا بلغني يا خيه أن أم حنين فرحانة اكمن جوزها تاب زي جوزي. ح. بارده أنا سمعت أتادرس افندي تاب ومشي في حاله وبطل كل الأمور الكدابة عقبى للباقي نصبح نلاقيهم عقلم وبقوا زي الرجالة. ل. يا صبر الاستاذ ياختي على الكلام السكارى وشتيمتهم وكل ما يبلغو عنهم كلامهم يزيدهم ولا يزعل ولا يحمق ولا كأنهم كلاب بيهبهبوا عليه. والنبي لولا ربنا رزق النسوان بالاستاذ وداير يدور لهم على مصلحة رجالهم ويوريهم طريق التوبة إلا كان الحال يزيد يوم في يوم لما تبقى الخمارات بدل البيوت وتصبح النسوان بلا رجالة. ح. احنا ما نقطعشي العشم برده نفضل ورا الرجالة بالكلام الطيب شوية والردي شوية واهو الاستاذ موش مخلي وراه ورا وخد من التل يختل لما ربنا يصلح حالهم ويفوقوا لنفسهم. ما علهش يا أم نبوية الرجال صيغه وقت ما تعزيها تلاقيها يعاودوا تبقى اشيتهم معدن بس اصبري لما نخلص من العرض حالات وتشوفي بكره الحكومة تعمل لهم رابطة وتحط على مستخدمينها بصاصين احسن ما يخرب عقلهم ولا يعرفوا يكتبوا ولا يعرفوا يحسبوا. هما ما هماش سامعين اللي بيقولوا ما فيش في مصر رجال لما يشوفوهم صفوف صفوف في البير والخمارات. حدش رايح يشوف الناس الامرا والعقلا اللي قاعدين في بيوتهم ما تطلع منهم العيبة ولا عمرهم يقلوا عقلهم ويشربوا العرقي وإلا يقعدوا في السكة زي الناس الهم دول. وياما ناس يا أم نبوية تلاقيهم قاعدين على القهاوي يشموا الهوا ويشوفوا بعض ويسالون بعض عن الأخبار والواحد منهم قاعد يشرب شيشة والا قهوة

باب الأدبيات

والا شربات والا يأكل له حتة حلاوة وقاعدين يتفرجوا على السكارى زي ما بتفرجوا على القرداتي. ولكن ما علهشي يا ما يجري على الرجالة ويرجعو يتوبوا ويصلح حالهم. ل. خليتك بعافية يختي. ح. ما هو بدري خليك موانسانا شوية. ل. ربنا يبارك فيك يا اختي احسن وراية العجين. ح. الله يعافيك يا اختي ابقي ودي يا ام نبوية كل كام يوم الواحد احسن الواحد بتشوق لك. ل. ربنا يبارك فيك يا اختي إن شاء الله ما تشوقي إلا النبي وانت متهنية على أولادك. ح. إ شاء الله ونكون سوا والله حبيبه يا ام نبوية إنشاء الله عمري ما اعدمك. باب الأدبيات بصرت بنا وانا في الاختفاء عين لامَّة واشتد الكرب على الأخوان بعدم وجود مكان آخر ننتقل إليه فتوسلت إلى الله تعالى بآل بيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وصنعت هذه القصيدة من الجد الأعلى والذخر الأغلى سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه وصدرها أصالة المجد تأصيل لآل علي ... ووصلة الفضل توصيل لكل علي فافخر بنفسك إن جاريت مصدرها ... وانزل عن المجدان قصرت في العمل بمن إذا نمت في بطن الخمول ترى ... مثيل حُرٍ يداني النجم بالحِوَل خل العظام لمن احيوا لها شرفاً ... وجدّ في الفضل جدا العامل الاصل

واحمل متاعك في وعر المراد على ... صدق العزيمة لا بكر ولا جمل فإن وصلت مقام الفضل في شرف ... حفظت للأهل صون المجد من دخل وإن وقفت على كره بمصطدم ... أَجِلَّ نفسك بالتقوى عن العدل وكن غياثا إذا ما عزة حصلت=فإن أُهنت فد العذل للعزل إياَّك. اياك بيعَ المجد في جدّةٍ ... تجري بآصلك العليا إلى الحُسُل أو أن ترى فارغاً من نفع ممتثل ... أو وصل منفصل أو هدي متصل فليس في الكون أعمال مؤجلة ... فلازم الجد تعرف خيبة الأَجِل يسعى المجدُّ وفضل الله ينقله ... حتى يخلصهُ من خطة السُفُل لمن أتى غي إنسان له عم ... هذا الوجود إذا قال الفتى بجلي لم يخلق الله عقل الناطقين سدى ... فذاهب العقل م ينأى عن الكمل حبس المطية عن ورد العلا خبل ... ومن يسود ماسوراً إلى الخبل طأحامي الصخر في الرمضاء ممتطياً ... ظهر الثبات ترد الصعب للذُّلل كم جاء قبلك آلاف مؤلفة ... وليس في الصحف غير الحر والبطل إي لأذكر آبائي على عمل ... يوهي الحديد فيذكي همتي خجلي إن زجَّ بي في رذال الناس مزدحم ... جهدت في البعد جهد المصعد النَّكل وإن سكتُّ على ضيم سكتُّ على ... فكر يروض جواد الهمة المحل حجمي وحجم قعيد العزم متحد ... مثل اتحاد جنى التفاح والبصل هنئت بالمجد يا رب العلوم فرد ... بحر المفاخر واهنأُ منه بالعلل دانٍ من الفضل مغبوط بحكمته ... ومحكم الضرب في مثل وفي مثل

وسائر في طريق خلفه أم ... تمشي على أثر الإصلاح لا الخلل فالبس قصدك درع محتملاً ... وقع التقلب في الآفاق والدول واطرد جوادك خلف الفضل مقتفياً ... آثار عثير مركوب الإمام على وإن تأخرت في مضماره تعباً ... فحسب فسك أن تدنيك من قبل ولا يغرنك يعبوب تؤوده ... طرداً وتُسْئدُه منا إلى زُحل فليس بعد إمام المؤمنين يرى ... إمام فض تناهي الخلق في الأزل ومنها في المديح في كل كون رجال عز حصرهمُ ... وليس في كونه الزاهي سوى رجل تمشى الشهام إلى الهيجا مدرعة ... فيطرد النهد فوق الهام والتُلُل يلقى المسيءَ ويدينه فيتركه=من سكرة الحلم مثل الخائف المذل منزه النفس عن شر فما بدرت ... من اصغريه دواعي الظلم والبجل ما سار قط لمظلوم على مهلٍ ... ولا تخطَّى لشانيه على عَجَل ولاتبدَّى لذي الحاجات معتذراً ... ولا ترأَى لذي عين على زّلل نالٌ على الخلق يغنيهم ويرشدهم ... بالطول والقول شأن المحسن الخَطِل احيا النفوس بنطق سقطه حكم ... تدني الجهول من الإِغراب والمُثُل أعواد منبره ترثي منابرنا ... بما علاها من الإفحام والخَطل لم تحتكر يده إلا يراعته ... وذا الفقار ومنح الكسب والنفل

تهنئة

تهنئة وردت لنبا هذه التهنئة من نظم حضرة صديقنا الكاتب الأديب الفاضل أحمد أفندي علي رئيس المبيعات والمشتريات بالدائرة السنية يهنئ بها سعادة الهمام فريد باشا ويؤرخ زواج نجله إبراهيم بك وقد طرز أوائل الشطرات بشطرين كل شطر منهما تاريخ ثالث فاعتمد على أوائل الشطرات ما عدا الشطر الثاني من البت الأخير فإن حرف السين منه ليس من التطريز وهي 400 تعالى على عرش الكمال فريد ... 400 تعالى يبدي للهنا ويعيد 7 زها بدرهٌ في الكون فليفتخر به ... 7 زمان سعود بالصفاء سعيد 6 وتحمد ذكراهُ مآثر فضلهِ ... 6 ويسمولها وصف علاه وحيد 3 جلال وإقبال ومجد يزينهُ ... 3 جميل صفات في الكمال تزيد 400 تباهي به عز الوجود فأُنسهُ ... 1اعزبهِ الأفراح وهي شهود 1 اقام لها في الناس أجمل منظر ... 2 به لبدور التم كان شهود 2 بابهى سنى حلت بهِ الشمس في سما ... 200 رحاب لها كل البدور عبيد 200 رأينا سما الياقوت بالدرر صعت ... 1 إذ انتظمت للنيرين عقود

رسالة

5 هجرنا الكرى طوعاً ومن ذا الذي يرى ... 5 هجوعاً وللأفراح اقبل عيد 10 يسير بنا وفد المسرة مسرعاً ... 10 يؤم حمّى سارت إليهِ وفود 40 معاليه في صفو التهاني تفردت ... 40 محاسنها حيث الكمال يريد 80 ففيه نرى أغصان نور تتوجت ... 300 شموساً لها أفق السعود وجود 30 لعبن بألباب الورى فصفت لها ... 40 موارد آمال وطاب ورود 10 يسير بنا في روض بهجة نورها ... 60 سرور به صفوا الوجود يجود 5 هدانا لمغنى حسنها بدر عزة ... 60 سمت لوفاه بالعهود وعود 50 وعود الأغاني إ حكى لك غمة ... 1 أعيدت لاسحاق النديم عهود 1إذا حركته للتغني أصابع ... 70 عليك بقصر حل فيه سعود 4 دَرَاك التهاني يا بليغ فإنها ... دلائل إقبال عليك تعود 20 كتبت لها رقى وقلت مؤَرخاً ... 000 سعت للتهاني بالزواج قصيد سنة 1310 سنة 131 530 526 50 204 وله قصيدة أخرىنشرها في العدد الآتي ونحن نشاركه في التهنئة والدعوات الخيرية رسالة وردت هذه الرسالة من بعض الأفاضل من خدمة البوسطة وهي من الأدب بمكان قال: رأيت تحت (تنبيه) في الاستاذ الأغر عدد 10تنبيهاً لمكاتب البوسطة التي فقدت فيها أعداد الأستاذ قلتم في أثناء كلامه (وهذا غريب من مصلحة أمينة على الذهب والجواهر وكيف تضيع فيها الأوراق)

قصيدة لمصطفى أفندي حسن

فقد تلطفتم وتنازلتم ولا يخفاكم إن هذه الوريقات أثمن من الذهب وأغلى من الجواهر عند من يعرف قيمتها في الفضل والتهذيب فما أخر الجريدة إلا أريب ولا سرقها إلى فاضل وكان الصفح عنه أصلح والتجاوز عن ذنبه أولى وإني لقائل بأسف وحق سدّت بوجه العرب أبواب النهى ... إلا الذي منهم بكم قد لاذا حتى غدا علماؤنا بمشقةٍ ... يجدون مفتاحاً لها نفاذا فإذا رأُى التلميذ ذاك ولم يجد ... ما عابه أيسرق الاستاذا مستدركاً على هذا بقولي إني من عداد المشتركين بجريدتكم دفعاً لا يخالج الذهن من ظن ياثم صاحبه ويزلني منزلاً لست من أهله فإني ما قصدت إلا التماس العذر للأخوان وأظن هذه الكلمات تقوم مقام صيحة لهم بالتي. . وفقني الله وإياهم لما فيه مصلحة البلاد والعباد قصيدة لمصطفى أفندي حسن جاءنا هذا الحمل من قنا من قول الفاضل مصطفى أفدي حسن رئيس إدارة تفتيش فرشوط سابقاً وهو مطلع يا سي نديم جيت اشكي لك ... بالله اسمع لي وأحكم واوعى تقول لما أحكي لك ... (الضر في الميت يحرُم) انظر وشوف أحوال اليوم ... يا صاحب الذوق والفطنة واحكم وورينا حكمك ... لحْسَن لنا أحوال لعْنه أحوال مترضيش الخالق ... أبداً ولا لها شي معنه

واللي يخالف ويعاند ... ينحط والبادي أظلم القصد حاجة نبديها ... واللي يوافق احسن له والنصح واجب تقديمه ... ومقدمة يشكر فضله والحق ما حد يذمه ... إلا المغفل من أصله واللي على كيفه داير ... لا بد يرجع يتندم من كام سنة طلعت موضه ... محد عارف جتنا منين نلعب قمار بالنقدية ... ونشتري الكسوة بالدين فِ التسعة لسباتي الصرة ... ومكسب القرش بقرشين واللي سحب عشرة وعشرة ... يسكت ما يعرف يتكلم فلوس تجي وتروح حالاً ... ويروح معاها كام فدان مرَّة مرّة يضيع البيت ... وترتهن باقي الأطيان بعد الغنى يصبح ما حي ... محتاج إلى حق الدخان لكن يروح يلعب تاني ... ولو بطربوشه الافندم يبقوا العيال عاوزين مونه ... وحضرته داير حايس وفْ كل قهوة يشرب كاس ... يضحك ويلعب ويجاس وبعد ما يخدَّر خالص ... في الهمبرة يروح يتآنس يلعب قمار لما يفلس ... يطلع مكش ومضمضم يطلع مهوش عارف يمشي ... وِم الزعل يكره ذاته من غفلته يعاود يلعب ... ولو يبيع لبس مراته

صدق المثل واللي قال ... التور يغِلّب حرَّاته لعب القمار كله خسارة ... لك يسيدي مين يفهم إن حد قال ارجع يكفيك ... واللي يروح خليه مصرور ولاَّ اصرفه فصْاَلح بيتك ... بعد الخراب يصبح معمور يزعل ويتخلق ويقول ... دا بس ظهري كان مكسور دعنْا يسيدي بحياتك ... القصد أنا بدي اتعِلّمْ يفضل على الألعاب عاكف ... ولا يقف عند حدوده يرمي الجنيه ووراه عشرة ... فرحان بكثرة موجودة وعندما يفض خالص ... يطلع يناجي معبوده محلاه كده لما يسأَل ... اقصد كريم والرب اكرم يفضل يحوس زي المجنون ... على الفلوس نشفان ريقه وعندما يعكم قرشين ... من أجنبي ولاَّ صديق على القمار يطلع يجري ... مش مفتكر ساعة ضيقة يحطهم لما يروحوا ... يرجع كما كان يتلطم يشوف كده ولا يرجعشي ... القصد قال عاوز يكسب كلام بعيد ميطلهوشي ... ابداً ولو ركب الأشهب لكن شطان بيحسن له ... والنجم تحصيله اقرب إ كان ينام مقدار ساعة ... بالتسعة لسباتي يحلم يا ما القمار ضيع أملاك ... وأواني كانت مخزونة

رسالة

وخرب بيوت لابل سريات ... بالعز كانت مشحونة واللي كسب يني جرجي ... عايشين بحاله مامونة وابن الوطن أصبح في حال ... اسود مزفِّت ومسخمْ آدي التمدن والموضة=واللطف والظرف الجاري وادي الخلاعة والخفه=عند الجماعة الطيارى وعندهم موضة جديدة ... اللي يخاف هيبة الباري وماشي حشمة ميخبصشي=قالوا عليه راجل أبكم وأخر كلامي أهديك تسليم ... والفين تحية عال العال وادعي الكريم ربي القادر ... يصلح إليك كل الأحوال ويكون معينك على قصدك ... وتهذيب الدون والجهال وابن الوطن من ارشادك ... يعود لمجده ويتنعَّمْ واللي ما يسمعش نصحك ... ومن القبيح ما يتلوَّم يصح فيه قول القائل ... (الضرب في الميت يحرم) رسالة وردت لنا هذه الرسالة من أسيوط بقلم أحد المصريين والزمنا أن ندرجها فاتباعاً لارشادته نشرناها بعد اختصارها وهي قد وجب على الوطن العزيز وكل أبنائه أن يرمقوك يا أستاذ الإرشاد ومدرس التهذيب بعيون الاعتبار والاستحسان ويعيروا نصائحك آذااً واعية وقلوباً مبتهجة ونفوساً تقدر تلك الجمل قدرها. إذ لم يظهر الأستاذ

الأغر إلا في زمن هجمت علينا فيه جيوش الأزياء والتقاليد فانتزفت دم ثروتا واقعدت هممنا واورتث عقولنا وأبداننا أمراضاً يعز استئصالها بمرور الأعوام الطويلة وجرعتنا غصص الفاقة والاحتياج. ومن العجيب أن هذه الدواهي المتسترة باسم اللطائف الأوروباوية حجبت أبصارنا عن طرق التقدم والنجاح إذ صارت حصناً منيعاً يمنعنا من المسابقة في هذا الميدان فإننا نشرب الأشربة الأفرجية على اختلاف أنواعها ولا بحث عن جواهر تركيبها ولا عن السموم القتالة المختلطة بها ولا عن فتكها بأبدانا وعقولنا وأموالنا. ونلبس الأزياء الأفرنجية من أحسن مودة وأظرف وارد جديد ما بين فرنساوي وانكليزي ونمساوي وغيره ولا نهتم بالبحث عن كيفية حياكتها وتفصيلها وخياطتها ولا نميز بين متانة ملبوسنا الوطنيوحسنه ومايترتبعلى استعماله من إحياء الصنعة وثروة الصناع. ولا نبالي بالأضرار البدنية الناشئة عن تقميطنا بملبوس غريب يناقض استعدادنا الصحي أو المرض الموروث عن آباءٍ وجدود ذوي عمائم وقناطين وزعابيط كما لا نبالي بضرر المآكل الأفرنجية لمن لم يعتدها فقد تهالكنا على التقاليد باسم الحرية وبعدنا عن أطوار الإنسانية بأمور سميناها تمدنماًوهي احط من درجة المتبربرين بل من درجة الحيوان. ولم ندر إلى أي حد تنتهي بنا هذه الضربات القتالة التي نزعم أنها حرية وتمدن وقد تركتنا مفتخرين بالمعاصي والشرور ولم نقتصر على هذا الضرر العادي بل تعديناه إلى مس عقائد الأديان بعدم الصوم والصلاة وترك الروابط التي تربط العبد بمعبوده. ولعمري أن هذا قد زاد في الطنبور نغمة فإننا عوضاً عن سعينا في طريق التقدم الحقيقي قد سعينا في طريق

المعلم حنفي ونديم

الرذائل لا شك أن حالتنا الحاضرة تشبه عليلاً مصاباً بمرض باطني وقد قصد دجالاً فاعطاه قابضاً فاصبح يشكو مرضين فلو قصد الطبيب القانوني للزمه أن يعالج مرض الدجال أولاً وهذا يطبق على أحوالنا فإننا بدلاً من معالجة أمراضنا القديمة بأنوار التمدن قد زدنا عليها كافة الرذائل وكفانا برهاناً أيزوغ أنوار التمدن أمام أعيننا لم يكسبنا انهاضاً ولا إيقاظاً بل زادنا خمولاً وكسلاً فلذلك كان من حق الأستاذ استعمال النصيحة على ألسنة ذوات القناع لأنهن شريكات الرجال في الأفراح والأحزان وهن أولى بابداء الصائح كونهن جزءاً مهماً في الهيئة الاجتماعية فإن لم تؤثر نصائحهن فلا أمل في إصلاح الرجال بعد ذلك ولا يكره الصيحة بلسانهن إلا متعنت قد حجب عن اللطائف فنرجوك أيها الأستاذ أتستمر على هذه الخطة الضامنة للفوائد والنجاح وإلا فإن سكت عنا وتركتنا في بحر الغرور والضلال فعلى آمالنا في التقدم السلام مسيحه إلياس المعلم حنفي ونديم . ح. أنت فتحت مدرسة البنات الجمعة اللي فاتت. ن. نعم إياك تلتفت الناس وتربي بناتها على الأدب والأمور النافعة. ح. يخي انا كنت ويا شوية سكارى ديك النهار وافتكرت أمور اعترضنا عليك بها. ن. زي أيه الأمور دي يا معلم حنفي انت راخر رايح تعترض عليًَّ أنا رايح ألاقيها منين ولاَّ منين. ح. أنا اعتراضي طيب وبيدي حق يا ترى أنت رايح تعرف ضرر الخمرة أكتر من الحكماء وإلا أنت بس اللي تعرف ضررها وكل

الناس اللي بشربوها دول ما يعرفوش ضررها مع كوهم بيعيوا بها ويمرضوا ويقاسوا الهول وعارفين إ كل البلاوي اللي حطت عليهم دي أصلها الخمرة ولا يرجعوش عنها فكلامك رايح يفيد ايه واللي يعرف أنهم عارفين ضرر الخمرة ولا يبالوا بشربها يعرف أنهم مجانين والمجنون تنصحه تقول ايه. فوت الباب ده وادخل بنا في موضوع تاني وبلاش وجع راس وتعب قلب اهو أنت على راي اللي قال ابات أعلم في المتبلم يصبح ناسي. ن. ودا كلام ايه يا معلم حنفي الكلام البطال ده انت ما تعرفشي ان الشباب لما يحكم على الإنسان يعمي عينه عن السكة العدلة وينسيه علومه خصوصاً إذا كان له صاحب فلاتي من أولاد الهجمة الصايعين اللي مالهم صنعه غلا تلف أولاد الناس الطيبين فالإنسان أسكت عن النصيحة والارشادج فتح على أهل بلاده أبواب الهلاك لكونه يعرف الحق ولا يقولوش ويعرف الطريق المستقيم ولا يينوش والحكما اللي بتقول عليهم دول من الشباب لسه مكملش عقلهم ولا عرفوش شرف نفسهم وإلاَّ كل اخواننا الحكما ما شيين في كمالهم ولا تلاقيش واحد منهم ماشي في سكة الخبص واللبص ولا يدخل المحلات المشبوهة أبداً. ودا ليه لكونهم عند الناس زي اغوات الحريم يعني الإسان يآمنهم على حريمه زي ما يآمن الاغا فإذا كان الواحد يعرف أن الحكما خباص وسكري وفلاتي ازاي يدخَّله على حريمه بالحالة دي فتلاقي الحكما الطيبين محافظين على شرفهم وما شيين في أدبهم ما حدَّش يقدر يعيبهم بعيب وتلاقي الناس عاطيينهم واجبهم وعارفين قدرهم ويخلوهم يدخلوا الحريم في غيابهم لأنهم امنا وناس طيبين قوي واما الشوية الأولاد اللي أنت شايفهم

دول لسه طايشين ولا يُحسبوش في الحكما ولا حدش يآمنهم على فرخه حتى موش على حريمه. لك يلزم الإنسان ينصحهم ويردهم عن الهلس وما تعرفشي إن الواحد منهم لما يسمع كلامنا ده يتندم ويقول يا ريت اللي جرى ما كان ويبقى الكلام داخل في جتته زي السم لأنه يعرف ان الناس تنتبه ولا تأخذ شي لحريماتها إلا الحكما الكمَّل ويفضلوا دول صايعين ما حد يعتبرهم حتى لو كاوا شطَّار ما حد يسأل فيهم إلا إذا كان واحد خباص زيهم يمكن يأخذهم لأهل بيته. وكمان الافدية اللي بتقول عليهم لابد من نصيحتهم وزجرهم لأجل يلتفتوا لحالهم وإلا إذا كنت اسكت وانت سكتت يبقى ثمرة الناس ايه. ح. لكن أنا شايف ناس بتعمل وياَّك ودايرين طول الليل من الخمارة دي للبيره دي للمحششة دي فخايف إن كلامك يقوّيها في دماغهم يوخليهم يزيدوا المبله وحل. ن. الناس اللي بتشوفهم دول يعملوا كده دول ناس دون مالهمش شرف واحنا ما نعوّلشي عليهم وإنما نعوّل على الناس اللي سحبوهم دول وتلفوا عقولهم من أولاد الناس الطيبين ياما ناس رجعوا يا معلم حنفي وتابوا وتنبهوا وعرفوا الصوره ايه. أنا لما أفوت من الازبكية على القهاوي يقوموا الناس يخبوا وشهم مني احسن ما أعرفهم وأقول عليهم فاللي يستحي النهارده يتوب بكره وأما الأولاد اللي بالك فيهم دول بايعين جتتهم ولا بقاش فيهم عقل وإن كنت تشوفهم زي بني آدم وهدومهم نضيفة لكن دول حمير حتى الحمير يمكن يفهموا عنهم فانت ما تخلطشي الناس الطيبين في الناس البطالين. وكمان يا معلمي إذا كانوا أولاد الناس الطيبين يتوبوا أولاد الإجرام رايحين يسكروا على كيس مين ملزومين يتوبوا زي أسيادهم. ح. بقى على كده نتعشم

الخير ونقول لسا في رجا. ن. أُمال ما عندك إلا كل خير دلوقت كمان النسوان اتنبهوا ونازلين على عيون رجالتهم نزله طيبه. ولسه كل ما دا يتعصبوا على الرجاله لما يخلوا عيشتهم زي القطران. يبقى هوَّا الواحد منهم بهيم خالص لما يبقى الأستاذ يرذل فيه بين الناس وامرأته تلعن أبو خاشه في البيت موش رايح يستحي على عرضه ويشوف الناس الطيبين بيعملوا ايه ويعمل زيهم. هوَّ أعمى موش شايف الأمرا أو البشوات والبيهوات الطيبين ماشيي في أدبهم والناس وتحترمهم وتعرف مقامهم. بالله يا معلم حنفي إذا فات عليك سكران إن شاء الله يكون بيه ولاَّ غيره وتكون قاعد حاطط رجل على رجل تعتبروش وإلاَّ تقوم له وإلا تسأَّل فيه ما بفى زيه زي واحد حمار لأنه ما عرفشي قيمته ولا شرف رتبته ولا شرف خدمته ولا شرف نفسه وباع دول كلهم بكاس عرقي فاللي زي ده مالوش اعتبار ولا مقام. وكمان يا معلمي إذا فرضنا وكان واحد من دو في وظيفة ويقعد باللي ويا الصغار والا ويا النسوان الهمّ رايح يحكم عليهم الصبح ازاي وهوَّ زيز زيهم هوا فيه احسن من العقل والكمال والبعد عن الأمور الهذيان وتقول لي اسكت بلاش نصايح. ح. والله أنت يا سي نديم تعرف الصورة ايه خليك نازل على الجماعة دول اياك يتوبوا وتنصلح أحوالهم وربنا يعينك ولا تنساش البنات من كام كلمه كل يوم والتاني على شان رخرين يتهذبوا ويتم المقصود. ن. إن شاء الله ربنا يصلح الأحوال ونشوف الأمور بقت صنعه والحالة عجب دا ربنا فضله واسع.

جواب على سؤال الخنثى

جواب على سؤال الخنثى جاءنا من حضرة الفاضل الشيخ علي محمد سالم م علماء طنطا جواب واعتراض على سؤال الخنثى وقد اطال فيه فلخصنا منه قوله - إن حكم الخنثى معلوم مقرر في كتب الفقه وان مثل المسئول عنه من قسم النساء ولا يعول على اللحية وعضو الرجال المعطل منه حكمه السلعة ولكن نعجب لصدور هذا السؤال من بباوي يني طالبا للجواب من الشرع الإسلامي مع أنه لا يدين به ولا بد وان يكون للخنثى حكم يخصه في الدين المسيحي فكان عليه أن يسأل رؤساء دينه والمقصود من الأستاذ عدم قبول المسائل الفقهية بعد ذلك فإك إن فتحت هذا الباب فقد عرضت الجريدة كلها للسؤال والجواب وحيث أن الفقه له كتب معلومة فمن أراد شيئاً منها فيطلبه هناك لعل لصاحب السؤال مقصداً لا نعلمه فيعذر أما أقصد السؤال مطلقاً فأنا نعترضه بتعرضه لأمر يعلمه الخاص والعام إذ ليس هذا من المباحث الخفية التي يسأل عنها في الجرائد العلمية وبالجملة فالمرجو سد هذا الباب بالمرة ـ الأستاذ ـ اننا سأّلنا السائل ع المقصود بهذا السؤال إن كان مسلماً أو مسيحياً أو اسرائيلياً فقال لم أقصد شخصاً معيناً من أي دين وإنما قصدت الاستفهام ع حكم شرعي عندكم لاقف عليه ولا يلزم من معرفتكم لهذا الحكم معرفتي مع كوني مسيحياً فإني لم اقرأ كتب فقهكم ولهذا سالت هذا السؤال على أني لا أعرف شخصاً موجوداً الآن بهذه الصفة حتى يكون مقصوداً لي ـ وبهذا اندفعت الشبهة عنه واكتفينا من جواب الشيخ علي محمد بما قدمناه وإلا فإنه اطال القول اعتراضاً على السائل باكثر من ثلاث صفحات

اعتذار

اعتذار جاءنا كثير من الالغاز لكثير م أهل الفضل والأدب وحيث أن هذا الباب لا طائل تحته لم نفتح له باباً في جريدتنا ولا نتعرض له فإن استبدال هؤلاء الأفاضل الغازهم برسائل علمية أو فوائد تاريخية أو أنواع بديعية نشرناها شاكرين سعيهم في خدمة العلم والأمة وأما الألغاز فليعفونا منها جاءنا هذا السؤال من حضرة الفاضل الشيخ بيلي علي وكيل الجريدة ببلقاس والبراري وصه يا أيها الأستاذ بل ... يا روض حسن لايمل يا بحر علم زاخر ... يا شمس عصرك يا بطل ما قصة القاضي عمر ... حتى به ضرب المثل فالناس تضربه لم ... اضحى يدقق بالعمل الجواب هو غالباً عمر الخلي=فة نجل خطاب البطل إذ أنه ضرب ابه ... حتى إلى الأخرى ارتحل واتم حد الشرب من ... بعد الممات بلا مهل أو أن قصته التي ... مع نجل عمر وفي الجبل أو انه عمرٌ فريد بني أمية في العمل هذا الذي يبدو لنا ... ولعله وفَّى الأمل وود ممن يعلمو ... ن خلافه سد الخلل برسالة عن أصله ... ولهم مدائح من فضل

ثناء وتهنئة

ثناء وتهنئة نتقدم بين يدي الحضرة الفخيمة الخديوية بالثناء والشكر الواجبين علينا في كل آن خصوصاً على توجهاته بالرأفة والحنان على المحتاجين من رعايانا لعفوه الكريم واحسانه العميم كالعفو المتفضل به في هذا الأسبوع على المشتركين في الحركة العرابية فقد عفا خلد الله ملكه عن الكل ومنحهم التمتع بجميع الحقوق المدنية وردّ إليهم ما كانوا جردوا منه من العناوين وعلامات الشرف والامتيازات وسوغ دخولهم في الخدمة بلا احتساب مددهم السابقة في تسوية مكافأة أو معاش. وهذا الأمر الكريم لا يشمل من سبق الحكم عليهم بالنفي المؤبد. فنهنئهم بتعطفات سيدنا ومولانا الخديو المعظم أيديموا الدعاء لمن اعتفهم من رق الضنك والفاقة حرسه الله. رثاء رزئنا بوفاة العالمين الفاضلين المرحوم الشيخ محمد البسيوي مفتي المعية السنية وأمام الحضرة الفخيمة الخديوية والمرحوم الشيخ أحمد القبجي الأول بمصر والثاني بالاسكندرية فنعزي آل بيتهما كما نعزي العلم وأهله في علاَّمتين كا لهما من بعد الصيت وعلوّ المكانة ما عرفه لهما كل إنسان.

العدد 13

العدد 13 - بتاريخ: 15 - 11 - 1892 طريق الوصول إلى الرأي العام يعلم الإسان إن أوقاته ثلاثة وقت عمل. ووقت نوم. ووقت فراغ منهما. ومقتضى النظر في الحصول على الرأي العام في المجتمع المدني متى يكون. أما وقت العمل فإن ذلك غير متيسر فيه لاشتغال كل إنسان بخدمته أو تجارته أو صناعته أو زراعته وتفرق المجموع حال العمل تفرق تشتيت والنظر في المصالح المدنية والواجبات الوطنية لا يكون إلا في الأندية والمجامع بتبادل الأفكار عقلاء الأمة سؤال وجواباً وسلباً وإيجاباً بما عند الأفراد من الأخبار الطارئة والحوادث العارضة والمسائل العملية والوسائل التجارية والبواعث الوطنية والحوافظ الملكية والخصائص الجنسية والفوائد اللغوية والمحسنات المدنية فإنه يستحيل على فرد ايستقل بهذه العلوم نظراً وبحثاً وتنفيذاً مهما ارتفعت درجته في المعارف واتسعت أفكاره بالتجارب بل لا بد له من أيد يكثر بها العمل والسنة تنتشر بها الفوائد وأصوات تُسمع القاصي

والداني ممن تجمعهم الوطنية أو تضمهم الجنسية او تعمهم السلطة الدولية. وهذا لا يكون إلا باجتماع العقلاء لتبادل الأفكار المنتج للرأي العام. ووقت النوم والناس فيه ثلاثة أقسام القسم الأول أهل الاجتماع في البيوت وهم الأمراء وأرباب الوجاهة والاعتبار الذي لا يتنازلون لمشاركة صغار امة وضعفائها في المباحث السياسية والمحسنات المدنية وهذا القسم وإن تعالى عن أفراد الأمة بما له من المكانة عند الوازع الأكبر وقيامه بوظائف عالية تضطره إلى راحة الفكر تارة واستعماله حيناً في واجبات الدولة وحقوق الأمة ولكنه الفاتح لأبواب المباحث للطبقة التي دونه بما يبديه من الأعمال والأقوال فهو بالنسبة إلى الأمة كالمؤلف الذي يعرض كلامه على أهل البحث والانتقاد وإن كانت أوامره محترمة بالنسبة لعلو مقامه ولكن احترامها لم يمنع العقلاء من النظر فيها وتبين فوائدها إن كانت مسلمَّة ومضارها إن كانت معترضة وأولى الناس بالبحث والتدقيق في هذا المقام محروو الجرائد ورجال المعارف. وهذا القسم في أوروبا أوسع رحاباً والي جانباً من أمثاله في الشرق فإن رجاله هناك كثيراً ما يدخلون المجامع العمومية ويقبلون الاعتراضات ويجارون الأمة في كثير من الأقوال والأفعال وهذا الذي وسع نطاق علم السياسة هناك واهَّل كثيراً للقيام بمهامها لقيام مبادلة الأفكار قيام مدرسة يتعلم فيها المرشحون لها والقائمون بأعمال الدولة ممن لابد لهم من مشاركة الأمراء في الرأي يوماً ما. والذي اخَّر هذا القسم في الشرق كون تنازل امرائه عن العظمة وشدَّة الاحتجاب عن الأمة حديث العهد ويصعب على النفس ان

تترك مألوفها دفعة واحد. وما يمنعهم من مشاركة الأمة في الرأي إلا التهور في الكلام والاعتراض بغير تروٍ ولا تبصر في بعض م يشاركونهم في المفاوضة ورى هذا القسم في مصر قد تقدم تقدماً ألحقه برجال أوروبا فقد سهل حجاب الحضرة الخديوية الفخيمة وتنازلت لزيارة المدارس والمعابد والمعامل والمستشفيات وقبلت زيارة رجال حكومتها وأعيان رعيتها وجموع النزلاء والغرباء وتجول الجناب العالي في بلاده محافظاً على راحتها سائلاً عن حالتها مجتهداً في صيانتها من الأخطار أما الوزراء فقد تنازلوا حتى شاركوا الأفراد في المجامع الأدبية والمحافل العمومية ولهم ميل لقبول أفكار العقلاء ومشورة رجال الشورى. والأمة المصرية كذلك ظهر فيها من ذوي الفضل من أدخلتهم معارفهم وتجاربهم في ديوان المرشحين للمناصب العالية والوظائف المهمة فإذا تمجضت أقسامهم للنظر فيما ينظر فيه أهل الفضل كانوا أهلاً للقيام بكل أعمالهم على الطريقة التي لا تنكرها عليهم أوروبا لاتحادهم معها في السير وهم وأ وجد فيهم أهل الكفاءة الآن ولكن إذا تكثر هذا الفريق العامل أو المهياء للعمل كان الحصن الحصين بين يدي خديوينا المعظم والركن المتين لاعتماد أوروبا عليه. القسم الثاني أهل الاجتماع في المجامع الأدبية من النبهاء والعقلاء وهم الطبقة الثانية بالنسبة إلى الوزراء وهؤلاء إن كان اجتماعهم للنظر في مصالحهم الذاتية وطوارئهم البيتية فقد قطعوا من جسم المجتمع المدني عضواً عاملاً وعطلوا وظائفه التي كان يؤديها لو لم يتقيد بذاتياته. وإن كان اجتماعهم للخدمة الوطنية والقوة الدولية ومبادلة الأفكار فيما يقدم الأمة علماً وصناعة وزراعة وتجارة والبحث في الضروريات المدنية والقواعد الملية والمحافظة على شرائع الأمم وتعريف كل

طائفة المحافظة على الأصول الدينية والعوائد الوطنية والحقوق الملكية وتضيد القوة الحاكمة بالمساعدة الأدبية وسيكون الأفكار ولزوم الهدوء في الحركات والبعد عن الفتن وتهيج الأفكار وحفظ حقوق الاستيطان للغرباء والنزلاء كانت مجامعهم اندية فضل ومجلس علم تتعلق بنجاحها الآمال بل تحط ببابها الرحال. ومعلوم أنه يشترط في رجال هذي القسمين سلامتهم من كل ما يخدش الشرف أو ينزل بهم إلى مجامع الفوغاء ومجالس التهمة لكونهم أئمة الأمة يقتدى بهم في كل ما يصدر عنهم من القول والفعل فكلما ترفعت فوسهم عن سفاسف الأمور ومجالس اللهو واللغو كلما كانت الأمة اقرب إلى التقدم وأميل إلى الآداب ومحاسن الصفات وقويت ثقة الأفراد بهم فلا ينتخب للشورى لا منهم ولا تدور دوائر الأعمال إلا بهم ولا تتجه أنظار الدول إلا إليهم ولا يعول في أخذ الرأي العام إلا عليهم ولا تتوفر شروط الكمال والاستعداد إلا فيهم. فإن نزل فريق منهم عن رتبة اعتباره وفارق مجامع أمثاله وشارك غوغاء الناس في مجالسهم المبتذلة وساواهم في تناول ما يفسد العقل من المسكرات والمخدرات في اماكن السفلة ومجامع الأنذال فقد هبط وسقط وترك مركزه من المجتمع المدني خالياً من عضو عامل فإن عاد إليه وهو على تلك الحال سرت فيه التهمة إلى بقية أعضاء المجتمع عند المراقبين الذين خصصوا أنفسهم لاستطلاع أخبار الأمم وما هم عليه فيصعب القول بوجود الرأي العام إذ ذاك لمزاحمة من لا يصلح للمفاوضة وتشويهه مجد العقلاء بعده من أفراد المجتمع المدني ـ القسم الثالث صغار الخدمة ومتوسطو التجار والعمال والصناع وهؤلاء كالعنوان للأمة التي هم منها فكلما كانت الآداب والعلوم فاشية فيهم

كلما كانت عصبية الأمة قوية الجانب عظيمة الشأن فإن هذه الطبقة مؤهلة لصعود مرقاة الطبقة الثانية ولا يمكنها مزاحمة العقلاء ومجاراة ذوي الأفكار إلا إذا تطهرت من دنس الأهواء وبعدت عن مجالس السوء ومجامع الفحش والسخرية واندية معدمات الشرف والذات والمال. وقد جرت عادة الناس إن يخرجوا إلى الأماكن المعدة للاجتماع العام عند فراغهم من الأعمال ترويحاً للنفس وتنشيطاً للفكر وقد تنوعت هذه الأماكن بحسب العادات والأذواق الاستحسانية فمنها مجامع الرياضة البدنية كالبيلياردو والنرد (الطاولة) والشطرنج وتكون هذه في مجامع الرياضة الفكرية حيث يجتمع الناس في القهاوي للأنس والسمر ومبادلة الأفكار وتطلع الأخبار ومنها مجامع الرياضة النظرية كالتياترات فإنها رياضة نظرية عائدة بالفوائد الكبيرة على البدن خصوصاً وعلى المجتمع الداني عموماً لما فيها من تمثيل الوقائع بصور المستلذات نظراً او سماعاً. وقد شذ عن المجامع الأدبية مجامع اللهو والفحش كالبير والخمارات والمراقص والمقامر والمواخير ولا ينزل من فضيلة الكمال التي يدركها في المجامع الأدبية إلى رذيلة النقائص في مجامع اللهو والفحش إلا من رضى لنفسه الانقطاع عن الهيئة المدنية والانتظام في سلك المتوحشين أو الراجعين إلى البهيمية بمنظر من أهل المدينة. ومن مجامع الرياضة مجالس السماع الخالية من الغوغاء وأم الخبائث فإن التغني بالشعر اللطيف الحاوي للمعاني الرقيقة المنبه لأفكار العامة للسعي خلف الفضيلة والمزايا الجميلة مما يحرك الطباع للعمل ويبعث في النفوس رغبة فيما تضمنه الشعر من مقاصد الشعراء الجليلة. وحبذا لو كان لنا مغنى مصري خال من الخمور والمومسات

والغوغاء لا يدخله إلا أناس مشتركون فيه شهرياً أو سنوياً بتذاكر مخصوصة برآسة أشهر المغنين كالمجيد المتفنن أمير الأغاني عبده أفندي الحمولي وأصحابه الشيخ يوسف خفاجة ومحمد أفندي عثمان وأحمد أفندي الليثي وأمثالهم ويشترط أن يكون لهذا المغنى مجلس ينظر فيما يغنَّى به من الأشعار والأدوار بحيث يحجر على الأدوار السخيفة والضروب الخارجة عن حد الآداب فلا يرخص للمغني إلا بما في سماعه تنشيط وفي كلماته معان تعجب العقلاء ويرضاها الفضلاء كما يشترط أن يكون المغني المصري تحت إدارة مصريين لا يشاركهم في إدارته أجنبي ليكون وصفه بالمصري جارياً على حقيقته ومن هذا كله نعلم أن الرأي العام لا يؤخذ إلا من المجامع الأدبية كيف كانت هذه المجامع واستبدلتها بمجامع اللهو واللعب فعلى رأيها العام السلام. ونحن نرى أن القوة الفكرية امتدت في البلاد المصرية وتغذى بالمعارف والآداب كثير من المصريين وتعددت مجامعهم الأدبية في البيوت والمنتزهات وكثر تطلعهم للأخبار وقراءتهم للجرائد على اختلاف مصادرها ولغاتها وأبعد العقلاء منهم في النظر والتدقيق حتى بحثوا في خفايا سياسية أوروبا ومظاهر أعمالها في الشرق وهذا مما يحقق آمال الأوروبي في المصريين حيث يراهم أهلاً للقيام بالأعمال الفكرية والإدارية ويرى فيهم الجامعة الوطنية المنتجة للرأي العام. ولا نكر أننا وصلنا هذه الغاية الجليلة باحتكاك أفكارنا في أفكار الأوروباويين بما تنقله لنا الجرائد من أخبارهم وما سمعه من سعيهم خلف الآداب وباعث العمران ومن هنا يعلم أالمغرمين بالشراب ومجامع

مدرسة البنين

الغوغاء قد اخطأوا طريق الوصول إلى الرأي العام وخالفوا أهل الأدب والكمال فهم أجانب من الأمة وإن ولدوا في البلاد. مدرسة البنين نديم وحافظ . ن. يا ولدي المقصود من كلامي معك تهذيبك وتعليمك العلم الذي به تعاشر أولاد المدرسة وغيرهم فخاطبني في كل شؤنك واطلب بيان كل ما لم تفهمه من الكلام وتعريف ما تراه من وقائع الأحوال. ح. أمي تضربني كل يوم جل غسيل وجهي كل يوم فأنا اغسل وجهي مثل الصغار. . غسل الوجه لازم كل يوم لإزالة الوسخ الذي يصيبه حال المشي في الطرقات ونظافة العينين من الرمص الذي تقول عيه العماص فإن الهوا حامل لغبار دقيق كلما مر فيه الإنسان لصق بوجهه الغبار فغسل الوجه يزيله وينشط الإنسان فالذي فعلته أمك معك لطيف لأجل أن تعلمك النظافة وتخرج متعوداً عليها م الصغر وإلا إذا تركتك من غير تعليم مثل أولاد الناس الجهلة المتروكين لهوي أنفسهم تطلع وسخا قذراً تنفر منك الناس وتكثر عليك الأمراض. ح. إذا كان كذلك قل لي على الذي يلزمني لما أنام ولما أقوم من النوم. ن. لما تتعشى امش في البيت أو ألعب مع أخيك قدر ساعة أو ساعتين لأجل ينهضم الأكل يعني تبقى صف جيعان وبعد ذلك تقلع ثيابك التي كنت تلعب فيها وتلبس ثياب النوم وتكون واسعة ليس فيها رباط للرجل ولا جزم للوسط ولا عمامة على الرأس فإن ربط الأعضاء عند النوم يؤثر في تعويق حركة الدم ويحدث

أمراضاً صعبة فلا جل تنفس جلدك يلزم أن تكون ثيابك واسعة فإن جلدك كله مسام أي عيوب صغيرة تخرج منها أبخرة من داخل الجسد فإذا كتمتها جلبت الضرر على فسك ولابد أن يكون نومك في قاعة نظيفة واسعة مرتفعة السقف وتقول لوالدتك والا لخادمك يقلب فرش النوم كل يوم ويفتح الباب والشبابيك لأجل تغيير هوائها ولا تترك في قاعة نومك صناديق ولا أواني فإنها إ كانت مدهونة أو بها أمتعة امتصت الأشياء التي في الهواء اللازمة لصحتك. وإذا رأيت الأكل ثقيلاً في جوفك فاعلم أنه سوء هضم فيلزمك تستعمل يديك في عمل يساعد على الهضم مثل نقل فرش م جهة إلى جهة أو مرجحة في خشبة مرتفعة فإن حركة اليدين تساعد على الهضم أحسن من المشي وعند النوم تنام على الجنب اليمين قبل تمام الهضم فإن كبدك من جهة اليمين وهي أقوى على تحمل حفظ المعدة بما فيها من القلب الذي هو في اليسار وبعد الهضم يكو النوم على اليسار. ولا تنم على ظهرك نوم استغرق فإن الاستلقاء على الظهر لا يكون إلا للراحة وقدح الفكر فيما يريده الإنسان. ولا تنم على بطنك نوم استغراق أيضاً فإن ذلك مضر بالبصر والمخ وإنما إذا كان عندك سوء هضم أو ضعف في معدتك لا بأس من نومك على بطنك مستيقظاً وجعل مخدة تحت صدرك لتحفظ الحرارة وتساعد المعدة على الهضم ولا تفتح شبابيك القاعة وأنت نايم ليلاً وان احتجت لفتحها نهاراً فلا تقعد امام تيار الهواء فإن الهواء عند مروره من الشباك أو الباب يكون كتيار الماء المندفع من عين القنطرة وهو يضر الإنسان ضرراً كبيراً. ونبه على والدتك أو خادمتك أنها لا تزعجك عند ما تنبهك من النوم بفتح الباب بقوة أو بصوت عال أو بتحريكك

بعنف فإن قيام الإنسان من النوم بالفزع يسبب أمراضاً خطرة وربما قتل الإنسان فجأة. وعندما تقوم من النوم لا تخرج من الفرش بسرعة وأنت عرقا أو محاط ببخار جسمك الذي كان محفوظاً تحت الغطاء بل زحزح الغطاء عنك شيئاً فشيئاً حتى يحيط الهواء البارد بجسمك ثم قم وخذ عليك عطاءً مثل عباؤة أو حرام أو ملاءة وافتح باب القاعة وانتظر برهة حتى يتغير هواؤها وتستنشق الهواء الجديد الداخل من الجلوس فيه الا بقدر الحاجة ثم اغسل المحل بعد الفراغ غسلاً جيداً برفق من غير عبث فيه ولا ضغط بقوة زائدة فإن القصد إزالة الوسخ لحفظ ثوبك من القذر وتمنع التعفن عن المحل فإن بقاء القذر عليه يحدث الباسور والناصور وشقوق المقعدة والمسح بالورق يكفي عندنا معاشر المسلمين إذا ازال عين النجاسة ولم ينتشر الخارج حول المحل ولذلك ترى أثر القذر في ثياب الذين يمسحون بالورق بلا اعتناء ولا بأس يتنشيف المحل بعد الاستنجاء فإن بقاء البلولة في الثوب يوجب التصاق الأوساخ به إذا قعد الإنسان على فرش غير نظيف أو كرسي معفر بالتراب. وبعد خروجك من بيت الحاجة تملأُ الإبريق ماءً نظيف مروفاً وتقعد على كرسي عال او مخدة لتبعد عن رشاش الماء وتغسل وجهك في الطشت والحسن أنك تتعلم الصلاة وتتوضأ وتصلي الصبح لتخرج من صغرك مواظباً على الصلاة وكذلك رفيقك بطرس يلزمه ينظف نفسه ويصلي على حسب اعتقاده وقواعد دينه فإن الشخص الذي لا دين له لا ذمة له والإنسان إذا كان لا يخاف من نار ولا يطمع في جنة فإن القانون لا يمنعه من فعل ما يشتهي من قبيح

مدرسة البنات

ومليح وثمرة الأديان حفظ النفوس من الفجور والتعدي على الغير وحيث الإنسان على السير المستقيم والمحافظة على حقوق أخيه وجاره ووطنيه. ح. أنا لا أعرف الصلاة ولا الوضوء. ن. في الدرس الثاني تعرفها إن شاء الله تعالى. مدرسة البنات حفصة وبنتها سلمى . ح. يا بنتي انت كبرت وبقيت عروسة حقك دلوقت تمسكي شغل البيت ولا تخلي حد يعمل حاجة على شان تتوضبي من دلوقت يا سلمى. البنت أما كانتشي تفتح عينيها وتتعلم كل حاجة تبقى زي قلتها. يا ترى يا بنتي إذا تزوجت في بيت ولك فيه سلايف والاَّ أخت لجوزك والا قرايب وكنت لوحدك لا معاك جاريه ولا خدامة اللي رايح يعمل لك حاجتك مين سلفتك وإلا حماتك ولا أخت جوزك. وخليك اجوزتي في بيت ما فيهشي حد غيرك مين يعمل لك حاجتك إ كنت فاكره في غنى ابوك وخدامينه دا يبقى عقلك بطال افتكري أنت في جوزك اللي رايحة تعاشريه طول العمر بلكي يا بنتي كان فقير ولا كان غني وافتقر تعملي ازاي وقتها يا ترى تقعدوا من غير أكل ولاَّ من غي نوم ولا من غير لبس هدوم ولا تعملوا ازاي. س. هو انت قدمتيني الحاجة وأنا قلت لا موش تقولي لي اعمل ازاي. ح. شوفي يا سلمى يا بنتي أول حاجة تلزم الست منا انها تعرف ترتيب محزنها تحط السمن في حتى نظيفة متغطي طيب وتمسح الماعون من برا كل يوم احسن ما يجي عليه الوسخ وينضح على السمن وترمي عليه فوطة الغطا على شان

ما يجيش عليه دبان ولا حاجة من اللي تبقى في المخازن وتحط العسل السكر والمربيات والحلويات في دولاب نظيف وتفرش للحاجة ورق ولا بفته نظيفة لأن زينة الواحدة نضافة حاجتها وتغطي عليها طيب وتقفل الدولاب احسن ما يدخل فيه دبان ولا برص ولا فار ولا صرصار ولا حاجة من اللي تعرفيها ولما تجي تفتحي السمن ولا العسل تشيل الفوطة الفوقانية وتفتحي بلكي يكون عليه تراب وبعد ما تشيل غطاه تبص فيه قبلة بلكي يكون وقع فيه حاجة قبل تغطيه وإلا حيوان دخل فيه من تحت الغطا ولا عفار نزل عليه لأجل ماحدش يعيب عليها في حاجة وكل من دخل عليها من النسوان تبقى تبهلل في نضافتها ونضافة حاجتها واوعي تفوتي ما عون مكشوف ابداً حتى إذا كنت رايحة تاخدي من الماعون مرتين ولا تلاتة وأنت قاعدة برضه تاخدي منه وتغطيه أحسن ما يقع فيه هافي ولا حاجة طايره في الهواء وأنت كاشفاه وتحطي اللي زي الرز والعدس والقمح والحبوب في محل موش نادي أحسن يبقل ويتلف منك ولو تعملي للحبوب صناديق تحطيها فيها لان الخشي ناشف ولا يخسرشي الحاجة اللي فيه وإن كان عندك بصله ولا تومة تحطيها في محل لوحدها احسن ريحتها تخسر لك الحاجة الحلوة وتعفن المحل اللي هياَّ فيه. وتفضلي ترتبي في حاجة معاشك لما تخليها سنجة تسعين. وتروحي للمطبخ ترمي أطباقك والصيني بتاعك في دولاب ولاَّ في صندوق ولا على رف لكن إذا كان على رف يكون له حرف عالي وتحط حواليه حاجة تحفظه بلكي قطه تنط على الرف ولاَّ ليله من دول تزلزل فيها الدنيا يبقى محفوظ وتغطيه راخر بفوطة

احسن الهواء فيه أمور بطاله تلزق على الأواني ولما تجي تاخذي صحن ولاَّ سلطانية ما تقوليش دي نضيفه تقومي تغرفي فيها ولا تحطي فيها الحاجة لا برضه طوَّقيها طيب وخليها نضيفة بلكي يكون فيها عفارة ولا وساخة ولا يكون مشي عليها حيوان صغير ورجله وسخة ولا لحسها بلسانه ويكون ريقه بطال. ولما يفرغ الصحن من دول ما تناميش إلا لما تغسليه أوعي يا سلمى تخلي الطبيخ في الصحو للصبح ولا تبيتي حله مكشوفة ولا مغرفة ولا معلقة من غير غسيل احسن يا بنتي ما فيش اعفش من المرة اللي تبيت أواعيها من غير غيسل ومن عارف الحيوان اللي رايح يأكل فيها بالليل جنسه ايه لأن الأمراض كلها حيوانات وأواعي تخلي نحاسك من غير بياض كل شهر ولا بالكتير شهرين احسن النحاس يا بنتي فيه جنزاره تموت والداهية إذا كان فيه حاجة وسخة احسن ما يزعَّلش الراجل إلا الوساخة ياما بنات يا بنتي حلوين وجمالهم وياما بنات وحشين ومرتبين وتلاقي راجل الواحدة منهم رايح ياكلها اكل من كتر محبته فيها. حتى إذا كان عندكم خدّامين يكنسوا وينضفوا محل الضيوف برضك كل كم يوم تنتبهي عليهم يطعلوا برّضا وتنزلي تشوفي المندرة ازيها ودولاب الكتب ومحل النوم وبيت الراحة وإذا لقيتي حاجة ما تعجبكيش غيريها ونضفي المحل احسن عيب البت في وش الست موش في وش الراجل والخدام إن كا كنش الإسان بفتش وراه ما بيعمل

الحاجة إلا بتعَّال. وكله إلا الهدوم إن كان جوزك غني وقوي غير يلو الهدوم كل يوم لأن الهدوم الضيفة تخلي صحة الراجل طيبه وتخلي الجسم زي الحاجة المرعرعة وتملي حميّه واغسلي لو جتته ونضيفه طيب وغيري لو الهدوم عند النوم وافتحي عينك في خدمته وخليكِ زي الصوه وتملي نفضي فرشك وسجاجيدك وبساطك وامسحي الحيطان بسعفة لما تخلي بيتك يشف ويرف وإ كان عندك خدَّامة ولاَّ جارية ما ترتكنيش عليها وتملي شوفي هيا بتعمل ايه وتسوي ايه وكله إلا فرش النوم تملي تضيفه وتغسلي الملايات كل جمعه في الشتا وكل يومين والثالث في الصيف على شان العرق وقبل ما ينام جوزك تفتشي المراتب وحوالين السرير وتنفضي اللحاف ولاَّ تخلي الخدامه تعمل كده بلكي يكون حاجة طلعت السرير زي قطه ولاَّ ديب ولاَّ حاجة بطاله. ولا تحطيش روايح في أوضة النوم زي ورد ولاَّ ياسمين ولاَّ فل احسن دا بطال على الناي وإن كان فيها حاجة زي دي بالنهار طلعيها برا بالليل وغيري الهوا وإن كنت ترشي ريحة في الفرش زي اللوانده والملكه يكون بالنهار وافتح الباب يغير الهوا احسن تفضل الريحة قوية وتخسر صدركم وأنتم نايمين. وتفتحي عينك لمحلك ما تخليش ولا باب إلاَّ ما تأخذي مفتاحه معك ولا تناميش قبل ما تشوفي أبواب بيتك وترتبي حاجتك وإن كان عندك خدامين تلاحظيهم. وبعد ما تعشي جوزك وضيوفه وخدامينكم تقومي على الحَّمام وتغسلي نفسك وتلبسي لك بدلةة نظيفة وتعدي زي العروسة تنتظري جوزك لما يجيلك. س. انت لا قلت لي على تطبيق الهدوم ولا كويها ولا جندرتها ولا علمتيني الطبيخ ولا

المقامة الخيلية

العجين ولا عمل السلطة والحلو والفطير. ح. حطي أنتِ الكلمتين دول في دونك والجمعة الجايّة علمك كمان حاجة آهو جمعه تتعلمي شوية لما تبقي اوسطى في كله. س. ربنا يخليكِ يا أُمي ولا يحرمني منك. المقامة الخيلية بقلم صديقنا الفاضل. الأديب الكامل. سلالة الطيبين. وابن خاتمة المحققين. السيد محمد افندي التميمي الداري الخليلي قل ايده الله تعالى حدَّث ابو المحاسن قال. كان لي برذون من احسن البراذين. فار هٌ رزين. ركبته يوماً من الأيام. إلى عرس بعض الكرام. فلما نزلت عنه ربطوه في الاسطبل. ليبعدوه عن مواضع الزمر والطبل. وكان به جملة من الخيول. مزينة بالجلال والحجول. وبينها جواد أشهب. اصيل الأم والاب. ولكنه مجرد من السرج واللجام. واقف يشكو الآلام. فلما رآه البرذون سلم عليه بسلام لطيف. وتصاغر له تصاغر الوضيع بين يدي الشريف. ثم سأله عن الأهل. وكيف كان الفصل. فتمايل في المجال. وتنهد وقال. أما بلادي فنجد. واما نشأَّتي ففي بني سعد. عند فارس هُمام. يدعى عويضة بن همَّام. وكان غذائي عنده الحليب والتمر. ومهنتي لديه الكر والفر. ويخوض على صهوتي غمرات الحروب. ويذهب بكرى عاديات الكروب. ويحمي بجريي الجار والدار. ويدفع بسبقي الشنار والعار. ولم يزل هذا دأُبه. حتى دعاه ربه. ولم يكن له وارث بعد الممات. إلا بعض البنات. فبعنني لشيخ في البادية. وهو باعني لبعض أهل الرفاهية.

فنزع عني سرج الجلَبَه. وادخلني في العربة. فكتفوني اقوى كتاف. وشدوا مني الأطراف. وربطوا رفيقاً معي في خشبة. واسلمونا إلى سائق العربة. فلما احسست بالوثاق. وشيق الخناق. صرت اشب واضطرب واقوم وانقلب. وقد اخذتني عزة النفس. فاكثرت من الريح والرفس. حتى كسرت العربش. وقطعت التعاريش. فربطوا تلك العدد. واصلحوا منها ما فسد. وشوا وثقي. وضيقوا اطواقي. وتناوشتني السياط. وأنا في صهيل واختباط. حتى ضعفت قوتي. وقلّت حيلتي فاستقمت في السير. فراراً من الضير. واصبحت كبعض الدواب الشغَّالة. آكل التبن والنخالة. وتمرنت على السحب والجر. ونسيت الكر والفر. وتعرَّيت من السروج المختارة ولبست الطوق والجرَّارة. فهل من حر يذهب إلى بلادي. ويقف في مرابطها وينادي. يا وجوه الخيل. وكرام بني كحيل. ويا نسل الاعوجيات وسلاسل الصافنات. إن الناس تركوا الفروسية. بالتعميق في المدينة. واستبدلوا صهرات العز. بمقاعد الخز. وتركوا الحماسة وركوب الخيل. ومالوا إلى العربيات كل الميل. وقد ذهبت دولة الخيل العظيمة. وحماسة الفرسان القديمة. ولم يبقى إلا فرسان الجنود. وحاملوا البنود. ونفر قليل. يميل إلى جنسنا الجليل. واستطرد الأمر بالناس. كأنهم سكارى الكاس. فوقعوا في سوء الأدب. وصار مقعدهم عند الذنب. ثم صهل وانشد كم وقفة لي بنجد ارهبت عربه ... والآن أُكوى بنار السوط في عَرَبه مجرَّد الجسم مغلول ومقترن ... بآخر من هجان الخيل في خشبه بعد السروج لبسنا لكل سابغة ... مثل الإِكاف وطوق الجرِّ في الرقبة

الأستاذ

كنا نكر بفرسان حجاجمة ... مثل الاسود ونار الحرب ملتهبة صرنا نجر صروحاً مثل أخبية ... فيها الرجال وذات الخدر محتجبة فكم جواد أصيل الجد مكتئب ... من شدة الحر يشكو للورى تعبه وكان يمرح زهواً تحت فارسه ... يوم الطعان ويبدي بالقنا طربه أرى الحماسة ماتت بعد صهوتنا ... وخطة العز باتت وهي منقلبه فمقعد الناس في الأمصار مركبة ... خلف الحصان يحاذي وجههم ذنبه إن هبت الريح من تلقاء باطنه ... في السير كانت من الاذقان مقتربة أعنة الخيل كانت لا يذللها ... إلا الكماة واهل النجدة النخبة والآن صارت بايدي كل ممتهن ... وحرفة يرتضبها سائق العربة يا ليت قومي بما نلقاهُ قد عملوا ... ليحذروا من عري مات من سحبه هل من رسول إليهم أو إلى بطل ... يذب عنا ويحي حلبة الجلبه فلما سمع البرذوق هذا الكلام. بكى على صاحبه همام. وقال يا سيدي لا تحزن. فالصبر احسن. وساروي حديثك العظيم. لاستاذنا النديم. وننظر ما يقول. فيا لدفاع عن الخيول. قال أبو المحاسن فعجبت لما حدثني البرذون. وطلبت للجواد العون. ووقفت وقوف من استعان بالله واستعاذ. وانتظرت معه ما يقول الأستاذ الأستاذ إن العربيات. إنما تركب في الشوارع والحارات. وهي من محسنات العمران. ولوزام رياضة الأبدان. ولكنها لم تمنع خيار الناس. من اقتناء الأفراس. وتربية الجياد. للكر والجلاد. فاين هذا الجواد الآن. لينظر

محاسن العرب

فارس الفرسان. محيي دولة الفروسية. بالغير العباسية. وحامي حمى الأصائل. بما لم تصل إليه الأوائل. من تحققت بدولته الأماني. افندينا عباس باشا حلمي الثاني. فغنه اعتنى بالصافنات الجياد. وأمر ان تتخذ لها محال لتنميتها في البلاد. واتخذ لخيله اصطبلاً يحاكي القصور. وخدمها ساستها بلا قصور. فلو رآه القائل الفاخر إذا ما الخيل ضيعها أُناس ... ربطناها واشركت العيالا نقاسمها المعيشة كل يوم ... ونكسوها البراقع والجلالا لقال كم ترك الأول للآخر. وقد قلده في هذه الأعمال الحماسية. امراء العائلة الخديوية. فافتنوا الأصائل العربية. والفواره الغربية. واعدوها للرهان. والسبق في الميدان. ولا نلبث أن نرى الامرا والشجعان. والوجهاء والاعيان. قد ادركوا قصد أميرنا الجليل. فحذوا حذو سعيه الجميل. فنراهم على ظهور الجياد. كفرسان الجلاد. يطردونها في الغياض. للتمرين والارتياض ويعدونها للسبق في الميدان. بحضور الأمراء والأعيان. فيعود عز الخيل كما كان. وتنتظم حلبة الرهان. بعناية افندينا الفارس باس. ومن يستبعد من محبي الخيل حسن سلوكهم. والناس على دين ملوكهم. محاسن العرب إن للعرب محاس عرفها لهم الناس منها ما قلدهم الغير فيها ومنها ما كان خاصاً بهم ومما يحسن إن يقلَّدوا فيه غض الطرف عن عورة الجار وعدم

التعرض لحُرمه فقد كان الرجل منهم يسافر ويترك زوجته في بيته فيمونها جاره وهو انزه الناس عن التعرض لها بسوء بل انه يكون عليها أكثر غيرة من زوجها لكونها في رعايته حتى يعود فهل يوجد الآن من يتصف بصفات حاتم الطائي حيث يقول ناري ونار الجار واحد ... وإليه قبلي تنزل القدر ما ضرَّني جار أُجاوره ... أن لا يكون لبابه ستر اعشو إذا ما جارتي برزت ... حتى بواري جارتي الخدر هذا في حضور جاره وفي غيبته يقول وما تشتكيني جارتي غير أنني ... إذ غاب عنها زوجها لا ازورها سيبلغها خيري ويرجع بعلها ... إليها ولم تسبل على ستورها أو من يقول كما قال حميد بن ثور الهلالي وإني لعف عن زيارة جارتي ... وإني لمشنوء إليَّ اعتيابها إذا غاب عنها بعلها لم أكن لها ... زُوَار ولم تنج علىَّ كلابها وما أنا بالداري أحاديث بيتها ... ولا عالم من أي حوك ثيابها وإن قراب البطن يكيفك ملؤه ... ويكفيك سوآت الأمور جتنابها ولكننا إذا رأينا تعرض الرجال للنساء في الطرقات الآن علمنا أنهم أشد تعرضاً لحُرم الجار اللَّهم الا من تدرع بدرع العفة واتصف بهذه الصفة العربية الجميلة وما ذلك بالقليل العدد فيمن وقفت الزواجر الدينية بينهم وبين البواعث الجبلية والشهوات النفسية.

تهاني

تهاني انتهت على أحسن نظام واجمل حال ليالي أفراح سعادة الهمام أحمد فريد باشا التي احياها لتأُهل حضرة نجله النبيل ابراهيم بك وكانت عشريت ليلة ابتهج بها جميع أمراء وأعيان ووجهاء العاصمة وكثير من ذوات الأرياف وقد ارَّخها جملة من الشعراء وفي مقدمتهم الإمام الفاضل العالم الكامل قدوة الفصحاء وامير البلغاء الشيخ علي الليثي فطرّز أوائل الأشطر الأُول بهذا الشطر (عش يا فريد لمن هنا مؤَرخه) والاشطر الثواني بقوله مؤّرخاً تاريخاً افرنجياً (بدر تجلت له شمس ببهجتها) وختمها بتاريخ عربي كما ترى ع. عم السرور وآيات الثنا تليت ... 2بمجلس فيه مرآة الهنا جُلبت ش. شبرى بها شيَّد الاقبال من طرب ... 4دار لتفريح أخوان الصفا بُنيت ي. يا حسن دار اديرت في حدائقها ... 200راحُ ابتهاج بكاسات الوفا سقيت ا. أحيت محاسن أيام لنا سلفت ... 400تاهت باحيائها من ما فنيت ف. فريد باشا استنار الدهر منك وقد ... 3جددت بهجة أفراح به نسيت ر. رنحَّت اعطاف آمال وسِرَت بها ... 30لخير مغنّى به النعماءُ قد غنيت ي. يا بعجة القطر اذ قطر الندى مرحاً ... 400تجلى كشمس بأنوار البها كسيت د. دام الحبور لإبراهيم اذ نظمت ... 30له بعلياك آمال قد انتقيت ل. لله انت فقد أوسعته منناً ... 5هان النضار لديها عندما حبيت م. من مثله حاز أوصاف الرضا غدا ... 300شريف نفس بغير المجد ما رضيت ن. نبيل قدر جليل في شبيبته ... 40مهذب الطبع يرعي ذمة رعيت هـ. هذا الفخار ومن يشبه اباه فقد ... 60ساد الزمانُ به ان أزمة قويت

سؤال

ن. نرى محاسنه في الناس ظاهرة ... 2بينا نرى مثلها في غيرها خفيت 1. ابان مخبره عن طيب عنصره ... 2بادي البديهة في الأنباء اذ رويت م. مولاي يا احمد الأمجاد قاطبة ... 5هنئت والنجل ما أوصافكم حكيت و. وعشت حتى ترى أبناء عِزَّته ... 3جدود أبنائهم في عزة بقيت ر. راقين أوج المعالي في سما شرفٍ ... 400تعنو لكم كل حال بالندى عنيت خ. خل السوي يا سمير الروح ممتدحاً ... 5هذا الفريد ونجليه ومن هُديت هـ. هنئتموا آل بيت في الفخار لكم ... 1أَسمى صفات لغابات الثنا عزبت و. وها كمواما ضعيف الفكر ارخه ... شمس لنجل فريد بالحلى زهيت سنة 92 400 113 294. 81 422 سنة 131 سؤال ما معنى قولهم إذا ضربتم في الأرض أميالاً وجدتم بلالاً محمود ذكي باسيوط الجواب هذا يقال عند الحث على السعي في طلب الرزق فهو معنى قوله تعالى فامشوا في مناكبها وكلوا من رقه فان البلال جميع بلَّة للخير والرزق والبلال في الأصل ما يبل به الحلق من ماء ولبن يقال ما في السقاء بلال أي لبن يبل به الحلق وما في الركبة بلال أي مآء. وبلال الرحم صلتها قال صلى الله تعالى عليه وسلم بُلُّوا ارحامكم ولو بالسلام

سؤال

سؤال ما هي حقيقة العقل وهل هو جوهر مجرد او جوهر له مادة افتونا ولكم الفضل رمزي الجواب . ح. هذا البحث امتلأت به بطون الدفاتر قديماً وحديثاً وقد اختلف العلماء في حقيقته فقيل أنه جوهر مجرد عن المادة في ذاته مقارن لها في فعله يدرك الغائبات بالوسائط والمحسوسات بالمشاه. وقيل أنه جوهر روحاني خلقه الله تعالى متعلقاً ببدن الإنسان. وقيل أنه نور في القلب يعرف الحق والباطل. وقيل أنه جوهر مجرد عن المادة يتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف وهو النفس الناطقة التي تشير إليها الإنسان بقوله أنا. وقيل أنهُ قوَّة حاصلة من فعل الدماغ ولا استقلال لها بدونه. وقيل أنهُ قوة روحيَّة مقرها الدماغ قائمة بنفسها لا تعدم بفناء مركب الذات. وقيل انه قوَّة للنفس الناطقة وهو صريح بان القوَّة العاقلة امر مغاير للنفس الناطقة وإن الفاعل في التحقيق هو النفس والعقل آلة لها بمنزلة السكين بالنسبة إلى لاقاطع. وقيل أن العقل والنفس والذهن واحد فباستعداده للإدراك يسمى ذهناً وبادراكه بالفعل يسمى عقلاً وبتصرفه يسمي نفساً وهذا الذي جرى عليه قدماء الحكماء. وله نعوت يتعدد بالنسبة إليها فالعقل اللغوي مأُخوذ من عقل البعير بالعقال لميتنع من الشرود افهو يمنع من العدول عن سواء السبيل. والعقل الهيولاني هو الاستعداد المحض لإدراك المعقولات وهي قوَّة محضة خالية عن

رثاء

الفعل كما للأطفال وإنما نسب إلى الهيولي لأن النفس في هذه المرتبة تشبه الهيولي الأولى الخالية في حد ذاتها عن الصور كلها. والعقل بالملكة هو علم بالضروريات واستعداد النفس بذلك لاكتساب النظريات. والعقل بالفعل هو أن تصير النظريات مخزونة عند قوّة العاقلة بتكرار الاكتساب بحيث يحصل على ملكة الاستحضار متى شاءت من غير تحضر عنده النظريات التي أدركها بحيث لا تغيب عنه. فهذه هي أقوال العلماء والحكماء في ماهيته واقسامهُ النسبية وإن رجعت إلى كتب الحكميات رأَيت تحقيقاً طويلاً واختلافاً كثيراً ولكل قائل دليل على قوله يؤيده بالبراهين وليسنا بصدد التحقيق والتطويل. رثاء جائتنا هذه القصيدة الفريدة من حضرة الفاضل الكامل الاستاذ الشيخ أحمد مفتاح المدرس بدار العلوم العامرة يرثي بها السيد أحمد نصر والد الفاضل مصطفى افني نصر المدرس بمدرسة الحقوق الآهلة قال ايده الله تعالى قفا نبك لو يجدي بكاً ونجيب ... ونلبس ثوب الحزن وهو قشيب وكيف يفيد الدمع أو ينفع الاسى ... وهن المنايا تعتدي وتؤوب يصيب فيصى سهمها كل مقتل ... وما السهم إلا مخطئ ومصيب

رثاء وعزاء

أَفي كل يوم ظاعن فمودَّع ... وقلب على جمر الخطوب يذوب عفاء على الدنيا فما لامرئ بها ... مقام وهل ينوى المقام غريب فبينا ترى الأحياء فيها اواهلاً ... إذا بالمغاني ما بهن غريب تقلص عن كسرى وسابور ظلها ... وفارق بالرغم الحسام شبيب وغادر قصر الجوسق الفرد ربه ... تسفٌ إليه شمأل وجنوب ولم ينجح منها احمد يوم أجلبت ... عليه بخيل الحادثات شعوب تولى ابو نصر فلا الدمع بعده ... بمغن ولا القلب اللجوج منيب هوت شمسه في مغرب اللحد فانبرت ... تئن قلوب انهن وجيب وما ضرنا ان لم تشق جيوبنا ... لحزن وقد شقت عليه قلوب رأَى عرض الدنيا وإن جل فانياً ... وإن المدى مهما نأَى لقريب فأَعرض عنا رغبة عن جوارنا ... وذو العقل يدعوه الهدى فيجيب إلى دار نعمى لا يغب نعيمها ... وليس سواءُ منهل وقليب سقت قبره الزاكي على النأُي مزنة ... تلث عليه دائماً وتنوب رثاء وعزاء زرئ الفضل والعلم والأدب بوفاة العالم العلامة الحسيب النسيب السيد سعيد افندي الدجاني الحسيني اليافي كما علمنا من كتاب أفضل الفضلاء ابن عمه ذي الفضيلة السيد علي افندي أبي المواهب الحسيني مفتي افندي يافا حالاً. توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد 9ربيع الثاني سنة 1310ودفن يوم الاثنين

باحتفال شهده جميع أهالي يافا على اختلاف أجناسهم وأديانهم وصلي عليه في المسجد الجامع ثم تليت قصائد الرثاء من كثير من لشعراء وشيعت جنازته إلى القرافة حيث دفن بمقبرة أسلافه وآله الكرام وقد صحبته أيام أقامتي في يافا فرايت سيدا ملئ فضلاً وعلماً وكمالاً أخبرني أنه ولد سنة 1256 وتربي في بيت والده بيافا ثم ظاخذ فقه الحنفية والحديث والمصطلح والطريقة الخلوتية عن شيخة العارف بالله تعالى المرحوم السيد حسين أفندي الدجاني الحسيني نفتي يافا سابقاً وأخذ النحو والصرف وجميع العلوم العقلية والآلية عن عمه المرحوم السيد علي سليم الدجاني ثم اشتغل بالتدريس في مسجد يافا باقي حياته الطيبة وانقطع عن الدنيا إلى العلم في ثراء ومهابة وله ديوان شعر جمعه حال حياته ومجموعة انشاء ورسالة فيما صح من أحاديث الاسراء والمعراج وكان متمسكاً بالسنة الشريفة محبباً للناس لا يضار أحداً ويكاد أن لا يخرج من بيته إلا للمسجد أو زيارة صديق ولا يتكلم إلا إذا سئل فإن تكلم اوجز ما رؤى في مجلس لهو قط ولا سخر بمجلسه وبالجملة فإنهُ كان شمس البيت الدجاني وأفضل رجاله وأعزهم نفساً لا يضارعه في علمه إلا العلامة فاضل يافا على الإطلاق السيد علي أفندي أبو المواهب مفتيها الحالي فنعزي البيت الدجاني خصوصاً وأهل يافا عموماً في سيد قضى عمره في خدمة العلم ووطنه ومساعدة ذوي الحاجات على اختلاف الجنس والدين وقد عاش سعيداً كما مات وسار فاحزن عليه الآل وابكى صديقه. المعزي عبد الله النديم

العدد 14

العدد 14 - بتاريخ: 22 - 11 - 1892 زيادة الحضرة الخديوية للمدارس المصرية لا يعرف الشوق إلا من يكابدهُ ... ولا الصبابة إلا من يعانيها وفخامة الخديوي الأعظم. والأمير المفخم. مولانا عباس باشا الثاني رضع ثدي الآداب. وتغذى من المعارف بلب اللباب. وجمع بين مزيتي الشرق والغرب. وعلمي الإدارة والحرب. وعلم فضل العلم وقدر أربابه. لأنه سبقهم للدخول في بابه. ولذا اعطى المدارس جزءاً من وقته الثمين. يصربه فيما يقدم العلم والمتعلمين. فكانت نعمه على المدارس. نعمة الماء على الغارس وزاد نعمة العناية بها نعمة الزياره. فعجزت عن مدح همته العبارة. فزار ايده الله تعالى مدرسة عباس ومدرسة الصنائع ببولاق ومدرسة المبتديان بالناصرية ومدرسة القربية ومدرسة المعلمين ومدرسة المعلمين التوفيقية والمدرسة الخديوية ومدرسة دار العلوم ومدرسة المهند سخانه ومدرسة الطب وسيزور مدرستي الزراعة والحقوق بعد ذلك إن شاء الله تعالى وما

دخل مدرسة الأسر بما يراهُ من حسن انتظام التلامذة وترتيب الدروس ونظافة محال التعليم والمعلمين واقتدار الأساتذة على أداء وظائفهم بأحسن ما يطلب منهم واعتناء النظار بها الاعتناء الذي لا تقتصير فيه ولا إهمال ولقدم التلامذة التقدم الذي أرضى سيدهم وسر مولاهم وأعجب أميرهم حتى تمدح بهم وشكر عناية الأساتذة والنظار وقيامهم بما عهد إليهم وكان يتفقد أوراق التلامذة ودفاترهم بنفسه ويسأل كثيراً من التلامذة في العلوم ويقضي وقته وهو واقف مشتغل من مكان إلى آخر وكان يصبحه دولتلو البرنس فؤاد باشا وصاحب السعادة الهمام الفاضل أحمد مظلوم باشا السرتشر يفاتي وصاحب السعادة الفاضل الكامل محمود شكري باشا وينتظره في كل مدرسة صاحب العطوفة ناظر المعارف والأشغال الهمام العامل محمد ذكي باشا ولو اتينا على تفصيل هذه الزيارة الملوكية وما قدم فيها من الخطب والقصائد للأساتذة والتلامذة لاحتجنا إلى كتاب مستقل فمن القصائد قصيدة الفاضل الشيخ أحمد مفتاح أحد مدرسي دار العلوم الغراء وهي زار العزيز فزارت السراءُ ... وافتر عن ثغر القبول رجاءُ سعدت به دار العلوم كأنما ... أَلفت عصاها بيننا الجوزارُ عباس مصر وابن بجدتها الذي_شرفت بنظم مديحه الشعراء ملك له في كل نفس نعمة ... وبكل قطر مدحة غراءُ ساس البلاد برأُيه ولطالما ... قعد الحسام وقامت الآراء فكر ينظم في الرعية عدله ... نظم اللآلي فيه وهي ثناءُ وحماسة هجعت بها أسد الشرى ... حذراً فلم تعبأُ بهن الشاءُ

باب الإنشاء والمآثر

لو كانت الأيام تعلم كنهها ... في البيد لم تتلوَّن الحرباءُ أو يستجير الصبح فيه من الدجى ... لغدا الزمان وما به ظلماءُ خطبته مصر وهو كفٌ بلادها ... في يوم لا بعل ولا اكفاءُ فأتى إحياء البلاد كأنه ... عيسى المسيح وفي يديه شفاءُ او أنه موسى بن عمران له ... في كل آثاريد بيضاء وازال بالتدبير كل ملمة ... إن العظائم كفؤُها العظماءُ وأعاد في مصر فضائل من مضوا ... من بعد ما طارت بها العنقاءُ مولاي مدحي عن صفاتك قاصر ... والبدر يعي طلبيه سناءُ والشمس تعشى الناظرين لضوئها ... والبحر لا تأتي عليه دلاءُ فلئن شكرت لاشكرن زيارة ... سارت بموكب فضلها الأنباءُ دبت بنا روح النشاط لأجلها_فالبشر أول والسرور وراءُ لازلت بالتدبير تحرز خطة ... بظلالها تتفيأُ العلياءُ وتدوم للأيام كعبة آمل ... والله أرجو أن يجاب دعاءُ وقد بعثت هذه الزيارة روح الاجتهاد المتعلمين والمهلمين وباتت ألسنتهم رطبة بالدعاء لهذه الحضرة الفخمية فإن احق ما توجه إليه عنايته ايده الله تعالى باب الإنشاء والمآثر طلب مني كثير من الأفاضل والأدباء أن أودع بعض أعداد الجيدة شيئاً مما كتبته لأخوان الشدة ايام الاختفاء وتكرر هذا الطلب بالمشافهة والمكاتبة حتى خجلت من الاعتذار فإجابة لهم ننشر بعض الرسائل

مبينين موجب تحريرها ولا نذكر أسماء أصحابها وإن كان الوقوف عليها مما يهم القارئ فمن ذلك أني كنت مقيماً في بلد وخادمي وزوجته في بلد وقد رتبت له راتباً شهرياً فجاء عيد الأضحى ولم يبقى عندنا جبوب ولا أدام ولا نقود وثياب الجميع صارت خلقة وصرنا في ضيق معاشي شديد وقد كنت في برية المندورة (المنظورة) اسكن داراً في وسط الغيطان لا ساكن معي فيها ولا دور بالقرب مني بل اقرب عزوبة إليَّ بيني وبينها مسير نصف ساعة وكان عندي كلي يحرس الدار وفي بعض الأيام يكون عندنا بقرة تكون في الغيط وتأخرت عن البهائم أتركت لنحلبها صباحاً وقد جاءني تابعي وأنا في غاية الاضطرار وأخبرني بما هو فيه من الحاجة وقدوم العيد عليه فأخذت افكر في الأخوان ومللهم من طول المدة وربما داخلهم اليأُس من تفريج هذا الكرب فعدلت عن إرساله إلى أحد منهم وأخذ خرجه وعاد يخفي حنين ثم زارني الشيخ الصالح العالم الفاضل الشيخ أحمد. . . . وتذاكرنا فيما نحن فيه فذكرني بصديق لي شريف مصباحي ادريسي وقال أين أنت من أخيك فلان فقلت له أن الله تعالى جعله مخزن معاشنا مدة ثلاث سنين وقد واصل معروفه حتى استحييت أن اقبل منه شيئاً وكذا وكذا حتى حركني لكتابة هذه الرسالة فانشأتها وسلمتها إليه فلم يغب أكثر من يومين وجاءنا الفتح القمح والذرة والعسل والسمن والجنب والشيت والبفتة والنقود حتى القصب واليوسف افندي وامتلأت الداء علينا خيراً وبعث لتابعي ما يلزمه كذلك فاعجزني عن شكر هذه الأيادي ثم تبين لي أني مخطئ فيما فهمته

من ملل الأخوان فقد توالت صلاتهم بعد ذلك هذا يعول المدني وذا يساعد المغربي وذا يبر الفيومي وذا يمد السبكي إلى غير ذلك مما يعلمه كلٌ عند ما كنت بجهته وامتلأت الدار علينا خيراً حتى بعث إلينا بالأطلس والحرير الملون للباس الحرم ولو جاز الإفصاح عن أهل المرؤة لذكرتهم رجلاً رجلاً والتاريخ أولى بتفصيل شؤُنهم من الجريدة. وهذه الرسالة بعد العنوان والمخاطب محب للآداب. كتابي اعزاك الله والعنبر الأشهب طرسه. والمسك الذكي نقسهُ، والنضار الخالص قلمه. والؤلؤ الرطب كلمُه. ومنثور النجوم منظوم حرفه. وهالة البدر وقاية ظرفه. والبيان براعة استهلاله. والمعاني تحوطه وفي خلاله. والبديع سائح في أقاليمه. والأدب بعض تعالميه. ثغره بسام. بجميل السلام. فما جمله بهذه الصفات. الا التحيات المباركات. بعثته سفير وداد. لا فارس جلاد. فإا صافح منك اليمين. وحلف على اخلاصه اليمين. دعه يبيدي تحية من مشوق ... حافظ العهد ليس يعرف نكثا لا يبالي إذا حفظت ولاه ... سالم الدهرُ أو تزايد خبثا غير دانٍ من النفاق بطبع ... أخذ الجد في التعامل ارثا يحفظ السر والإخاء وحاشا ... أن يداني لدى التحالف حنثا فما خرّج هذا الكتاب من كنزه المطلسم. وفر من الثغر حين تبسم إلا وهو يعلم كيف يسير وإلى أين يصير. حتى وطالما طالبتني الطبيعة بشكل الصنعية وأنا أحيل على ائتلاف الروحين. وتجاذب القلبين.

حتى شاب رأس التسويف. من ترادف أفعال التفويف. ورايتهُ جعل المجرة لثامة. وكوَّر البدر عمامة. فعلمت أن لسان الشوق يقول شب عمرو عن الطوق. فكتبت والقلب بين داعية الحب وجاذبة المعروف والقلم جائل بين سحاب الفكر وروض الحروف. مخاطباً من لا اسميه على لسان القلم. لكونه المفرد العلم. أخي نسبا ونعم الإخاء. وصديقي في الشدة والرخاء. جوهرة عقد الاشراف النفيس. وعنوان تاريخ بني مصباح وادريس. لإزالت أيامه مشرقة بسعوده وايامنا باسمة بوجوده وبعد فهذا شرح حالة غائب ... عليه من اللطف الخفي ستور تدور به الأهوال حول مدارها ... فيصبر والقلب الرضيُّ صبور عسى فرج يأتي به الله أنه ... على فرجي دون الأنام قدير ولا أقول نحن وأنتم ولا كنا وكنتم فما هذه العوارض إلا رسوم وما منا إلا له مقام معلوم. وما اختار الله تعالى للمصائب إلا الرجال ولا يثبت لانهمار الغيوث إلا الجبال. والشدة أن صوَّتت بجلجلها وحلت بكلكلها. ماذا عسى أن يكون. مما تتخيله الظنون. اليس الأمر يرجع إلى موت أحياه. وهذان لا يملكهما إلا الله. وقد فرغ من تقدير الشياء قبل خلق المسببات والأسباب. ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب. ولست متأثراً من بعد الأخوان عني لخوفهم من الدنو مني. فإن هذه عادة الناس في كل جيل. لا يحفظ الإخاء في الشدة إلا القليل. وقد وجدت من رجال الهم. من يحفظون العهود والذمم. ويقابلون الشدائد بالعزائم. ولا ترجف قلوبهم بالعظائم. فإنها ممتلئة

بالإيمان. سليمة من الخفقان. ثبتة ثبات رضوى. حافظة للسر والنجوى. ورأيت منهم كرماً يخجل الكرماء. ويقتل البخلاء. ويبهر الشعراء. ويذهل النظراء. ومرؤة بينها وبين غيرهم سدُّ ذى القرنين وبُعد ما بين المشرقين نزلت بهم وأنا مطلوب متعقب. خائف أترقب. فاحلوني محل الأهل والأحباب واسكنوني فيما تغلق دونه الأبواب. وصبروا عند توالي الاكدار. وثبتوا والعيون حول الدار هم الأهل إلا أنهم اخلفوا الذي ... ولدت من الأصلين معه من الأهل فلا غائب إلا عدو مرؤة ... ولا حاضر إلا صفا مورد نهل خلائهم غر وحسن طباعهم ... تألف فيها ما يُحب من السهل فكلهم في طلعة الدهر غرة_تضيءُ من الشبان للشيخ للكهل وكل الذي تلقاه يأُبى مروؤةً_من الناس في كل البقاع أبو جهل وقد كنت في نظام الكرام درّه. وفي وجه صنائع المعروف غره. فساعدت بالمال والحب والقماش. وتفقدت اخاك بضروريات المعاش. وواليت هذه الأيادي. وأنت تسأل عني الرائح والغادي. فلك الله يجزيك. بما يرضاه ويرضيك. فلسام الشكر لا يجد من الكلام. ما يؤدي واجب هذا المقام. فقد عظم الطَّول. فاعجز عن القول. وان سألت عني فأنا بخير وعافيه. وحالة رائقة صافية. بستاني قاعتي. وفكري في ساعتي (وكان قد ارسلها لإصلاحها) لا اجيله فيما يأتي به الليل إذا كنت في النهار. ولا اشغل ذهني بتوالي الخطوب والإكدار. ولا اتألم من طول المدة. ووقع الشدة. فاعتقادي أن الذوات مسيرة. والعمر سائح في الأمكنة والأزمنة

المقدرة. ولكل شدة. مدة. متى انتهت جفت الأوحال. وحسنت الحال. فتراني فكري كليمي. وقلمي نديمي. استودعه ما في الصدور فيحفظه في السطور ثم يرده عليَّ كتاباً. لم يجمع إلا صواباً. فاعود إليه بالنظر لترويح الفكر فتارة اشتغل بكتابة فصول في علم الأصول. واجمع عقائد أهل السنة. بما تعظم به لله المنه. وحينا اشتغل بنظم فرائد في صورة قصائد. ووقتاً اكتب رسائل مؤتلفة. في فنون مختلفة. وآونة اكتب في التصوف والسلوك. وسير الأخبار والملوك. وزمناً اكتب في العادات والأخلاق. وجغرافية الآفاق. ومرَّة أطوف الأكوان. على سفينة تاريخ الزمان. ويوماً اشتغل بشرح الأنواع البديع. في مدح الشفيع. صلى الله تعالى عليه وعلى آله واصحابه. وأنصاره وأحزابه. وقد تم لي إلا الآن عشرون مؤلفاً بين صغير وكبير. فانظر إلى آثار رحمة اللطيف الخبير. كيف جعل ايم المحتة. وسيلة للمنحة والمنة. اتراني كنت اكتب هذه العلوم. في ذلك الوقت المعلوم وقد كنت اشغل من مرضعة اثنين وفي حجرها ثالث وعلى كتفها رابع. واتعب من مربي عشر وليس له تابع. اشغل بعض النهار بتحرير الجورنال. واقضي ليلي في دراسة الأحوال. مشتغلاً بمجالس الجمعيات الخيرية. ومدارسها وزيارة الأخوان ومراقبة أبناء الزمان. وقد نسيت الأهل والعيله. وربما نسيت الطعام يوماً وليله. فكنت كآلة يحركها البخار. لا سكون لها مادا الماء والنار. فمتى كنت انظر للمخلفات. واكتب هذه المؤلفات لعمرك اني في الخطوب تحوطني ... عناية رب بالعباد لطيف

اروح واغدو في حماية جدنا ... أمام البرايا فخر كل شريف رآني غريقاً وسط ابحر كربة ... فآمنني من وقع كل مخيف وقمت بباب الله اطلب عفوه ... بقلب مجد في رضاه حنيف فدعني وربي فهو أولى بعبده ... فما بعده يا صاح غير ضعيف دعنا من الشدائد والخطوب. والهموم والكروب. ولا تنظر للمادح والساخر. فلابد لهذا الأمر من آخر. بل اقول أن حبل الشدة قد رق. واقترب الوعد الحق. فما هي إلا برهة وينادينا الفرج من رب العالمين. اخلوا مصر ان شاء الله آمنين. فقد عفا الخديوي الأعظم عن الرؤساء واطلق حياة كل من أَساء. ولي أسوة بهم. فذنبي كذنبهم وقد عهدناه محباً للعفو والانعام. بعيداً عن البطش والانتقام فلو دُلَّ عليَّ الآن. ربما أُبعدت عن الأوطان. ومساواة للأخوان. ثم أَعود في امان. إن شاء رب العالمين. وقابض أزمة الحاكمين. فاعدل عن ذكر المثيل والنقيض. وادخل بنا في الطويل العريض. جفت أيدي الناس فهي لا ترشح. وانقطع رشاءُ الأمل فبأية دلو انضح. كثرت الاراجيف فخافوا البأُس. وطال الزمن فداخلهم اليأس. ومن الأخوان من لا يعلم بمكاني. ولو اهتدى إليه لو اسأني. ومنهم من يساعد غيري من رجال الشة. وحاط به من ذوي الحاجات عده. ومنهم من لهُ همة واليد قصيرة. من حالته العسيرة. افتراني اسأَل الأنذال. ولو شربت الأُجاج وطعمت الرمال لا والله فان بين جنبي نفساً ابيه. وعفة عربية ويمنع كل فاطمي من نظر الغير بالحدقة. (أنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة). وما صرحت لك بضنك

الحال. للتكفف والسؤال. بل طلبي هو عبن الُعتبى. بداعية إلا المودَّة في القربى. فحق الإخاء الادريسي فرض. واولو الأرحام بعضهم أولى ببعض. وهذا أمر لا يعز عليك. ولا ينقص شيئاً مما لديك. فنعم الله تعالى عليم عظيمه. وطبيعتك من الشح سليمة. ومثالك من يحفظ الضالة المنشودة. ويشتري مجد الدارين بدارهم معدودة. وانهُ لثمن بخس. تسمح به النفس. وإذا لم يكن الأخ عوناً لأخيه في الشدة المفزعة. فأي احتياج إليه أن استويا في الرخاء والسعة. ويعجبني هنا من أمثال العامة (ما شلتك يا دمعتي. إلا لوقت شدتي). وقول اوس بن حجر وليس أخوك الدائم العهد بالذي ... يذمك ان ولَّى ويرضيك مقبلاً ولكنه النائي اذا كنت آمناً ... وصاحبك الأدنى إذا الأمر اعضلا فان ذكرتك في مهمة ذكرت قول ذي الرمه لكم قدم قد يعلم الناس أنها ... مع الحسب العادي طمت على البحر وقد جاءت القريحة بخريده. بين أترابها فريدة. وها هي تزف إليك. لتسلم بالنيابة عني عليك. فافتح لها باب البستان. وافرش القصر والأيوان. واجعلها في بيت الصيانة. ثم اكس الماشطة والقهرمانة والتابع والمتبوع. وحل بينهم وبين الجوع. فان حسنت كان المهر الوفا. والعقد على الصفا. وإذا خلوت بها ورفعت اللثام. فتأَملها من المجانسة إلى فض الختام. فنك ترى المعالي تحسدك. عندما تقف وتنشدك بين السرائر والسرير ... هام الفرزدق مع جرير هذي بها نار الجوى ... ثارت وذا فيه المثير

وسنان لكن جفنه ... يسطو على بيت الضمير ثمل بصرف الحسن لا ... خمر يكوّنها العصير بسَّام ثغر خلته ... للوصل من وجدي بشير واللحفظ قال لمهجتي ... لا تفرحي اني نذير بالقد صال غزيّلي ... فوقعت من جبني أسير لكنني من فرحتي ... في جو آمالي اطير إذ صرت عبداً خادماً ... في حضرة الملك الخطير ادنو فانظر جنةً ... في وجهه الزاهي النضير وارى لظى في خده ... فابيت في نار السعير اذنبت يوماً فانثنى ... بالكف يضربني الغرير فغدوت اذنب دائماً_ليجور لي مس الحرير يدنو فالثم رجله ... واشم مسكيَّ العبير تمت محاسنه التي ... لطفيف وفرتها اشير فالشعر فوق بهائه صحب على الاهوا تسير والحاجبان الشرقا=ن وطرة فلك الأثير والأنف قطب والعيون ... ن الفرقدان بلا نكير والوجنتان النيرا ... ن وحسنه الفلك المدير والخال نحل تجتني ... شهداً من الورد الشهير أو أنه (البالون) في ... آفات بهجته يطير أو أنه عبد على ... بستان سيده خفير مرآة نور لو بدت ... لرأى بها الكون البصير وأشعة من ضوئها ... قرأ المكاتيب الضرير بدر محاسنه سمت ... وتنزعن مستعير فكأنها في لطفها ... مدحي محمداً الأمير بالجد مصباح الهدى ... بلغ الفخار بلا نظير وبمجد ادري رقى ... من سلم العليا الكثير

وبجده الحسن اعتلى ... فوق القائل والعشير من سر حيدرة روى ... من سائغ عذب نمير وبفضل فاطمة غدا ... بالفخر والمدح الجدير بفخامة المختار اضـ ... عى حائز الفضل الكبير نسب كنور الشمس لم ... ينكره ذو طرف حسير رفع الأعاظم فوق عر ... ش المجد اذ اقصى الحقير هم مورد الفضل الكبيـ ... ر ومصدر الخير الغزير حُسدوا على فضل الإله بنص قرآن القدير أم يحسدون الناس أي ... آل النبي فكن خبير خلقوا لكل عظمية ... حلت فهم حل العسير بالسر أو بالبر أو ... بالكر في وقت النفير من لاذ في خطب بهم ... لم يلق يوماً فمطير انَّي وهم أهل الكسا ... ء وعترة الهادي النذير ورثوا السيادة كابراً - عن كابر لا عن صغير واستاثروا بالمجد اذ ... ما للسوى فيه نقير الله مولى جدهم ... وله الملائكة الظهير وهم الشظايا فُرقت ... من بضعة الغوث المجير غرسوا بروضة عزة ... تسقى بفضل لا غدير فهم الخلاصة من عصير المجد والباقي ثجير فابن النبي محمد ... خير من الأخيار خير يا ابن البشير ولا ارى ... مدحاً سوى يا ابن البشير مدحنكم الآيات قبـ ... ل فمدحنا يحكي الصغير في سورة الأحزاب طهـ ... ر لا يماثله نظير من لم يصلِ عليكم ... فصلاته مثل الدبير عذبت مدائحكم فما ... ظمئ الذي ورد السدير فاقبل قصور مقصر ... في المدح بالبحر القصير

فالحر ان عزَّ الكثيـ ... ر من الثنا أخذ اليسير عز الخمير من البديـ ... ع فكل ما عندي فير ما قلت هذا مدحة ... بل سار من عندي سفير يحكي لصنوي حالة ... فيها الحلي غدا مرير والرمز قرب من شقا ... شقنا واكثار الهدير فانظر لمن تدري بهم ... حتى نرى حسن المصير لم يبق في الأقوام من ... شخص معين أو معير فكأنني وكأنهم ... ضيف على باب الفقير حولي الوف نوّم ... منعوا منامي بالخشير وصديقنا المعلوم د ... رمّ المخلع والكسير لكن اتاه معوز ... غيري جبا حمل البعير واتاه آخر لم يجد ... قمحاً فلم يأب الشعير واتاه آخر بالعيا ... ل وصار للاخِ السمير فإذا اتاه رابع - اخذ الحمار أو البجبر فعذرته في محنة ... وقفت بمزلقها الحمير وكتبت للاخِ الذي ... كالظل في وقت الهجير كم قد وصلت تفضلاً ... رحماً واكثرت الخمير وكسوت آل محمد ... وأَمرت من لا يستمير ارضيت جدك بالولا - ورضيت بالخير الكثير وتركت كلاً من جدو ... دك في منامته قرير لم استمع قلمي يصرُّ لغيركم هذا الصرير لو أنه اوما لغيـ ... ر عصابتي من ذا لعشير لكسرته ورميته ... قبل الدواة بقعر بير ورضيت بالحال التي ... تأتي ولو آكل الحصير فالموت خير من مديـ ... ح الوغد بالصوت الجهير مضت الثمان وعفتي ... كالنبر من تحت الحفير

من جاد فضلاً فهو ذا ... ك ومن ابى فانا العذير ما فاض نهر الضيق عن ... جسمي ولا سمعوا الخرير لو أن نار مصيبتي ... في الغير اصلاه الزفير لكنها في ساة ... من فوقها جو مطير هو صدق ايماني وصبرـ ... ري للقضاء بلا نكير ووقوف جيش عزيمتي ... في باب مولاي البصير خذها اخي عربية ... قد بينت ما في الضمير يفنى معاصرها وتبقـ ... ى في العصور على المسير فالشعر تاريخ الكرام ... م مخلد مهما استدير خدمتك خدمة مخلص_فاصرف لها اجر الأجير واحفظ محاسنها عن الـ ... اوباش والنذل المكير وإذا فضضت ختامها ... ضع سترها كيلا تطير فالقول ينقله الورى ... كالترب يذروها العفير والسر لو يبدو يرى ... بعد القرار على شفير لا زلت توقى دائماً ... فوق الفريق بل المشير حتى اراك مع الصفا ... تدعى بعنوان الوزير كتيه من لا ينكر. وان لم يذكر. وحرره بلا مسودّة. مع صروف الشده. فان وجد خلل فالعذر شهير. أو تقصير فالمقام خطير. وحد المشوق ولوعه. وجهد المقل دموعه. وما مثلك من يطرق له الحصى. أو تقرع له العصا. فإني لم انبه نائماً. ولا دعوت صائماً. وإنما ظمئ الفصيل فرأم الضرع. ولأمرماَّ لبس الكميُّ الدرع. ولولا الهدف ما تكسرت السهام. ولو ترك القطا ليلاً لنام. فقد استنَّت الفصال حتى القرعا. وندَّت الابل لقفر المرعى. وتربت اكف أبناء العبا. وبلغ السيل الزُبى.

فقد جاءني التابع وعاد يخفي حنين. فرجع الحزام إلى الطببين. ولم اقل له حين انغبن. الصيف ضيعت اللبن. بل قلت له لراجيك والآمر. إلا وانخلي يا ام عامر. فما هو إلا أن يصل الكتاب إلى رحيب المنزل. واقول لك امرعت فانزل. فاخذ الخرج بلا خراج. وانصرف بلا لجاج. بعد ما قال كتبت لوسيع الذرا. وكل الصيد في جوف الفرا. فكانت كلماته في اذني قرطي ماريه. وبين عيني الكواكب السارية. وتهللت فرحاً لزوال الهم عني. وقلت قرّبا مربط النعامة مني. قطعت جهيزة قول كل خطيب. ولكل مجتهد نصيب. فلما رأيته تخلص تخلُّص قائبة من قوب. علمت أنه ما مر على نخل عرقوب. فلم اقل لهُ حُطني القصا. ولا لامر ما جاءت العصا. لعلمي انه نظر نظر السلامة. فكان ابصر من زرقاء اليمامة. وانكشف عني من كان من شدة الأمر. بعد ان كدت اقول بيدي لا بيد عمرو. فيقال لقي فلان حتفه. ولا مرما جدع قصير انفه. ولكني لم أقل سبق السيف العذل. ب بقيت للمدح والغزل. لعلمي أن البر على طرف الثمام. والبدر في الثالث عشر داخل في التمام خصوصاً والعيد بيننا وبينه مرحله. وما جاع من فُصد له فها انا ذا تركت الاختباط. واحضرت الخياط. وقلت للطحان قمحي قبل الجيارن. وحاصبت القصاب. على قديم الحساب. وقلت للعطار ما قدر السكر والصابون. وللزيات كم اليكون فقد قرب الجمع بعد التفريق. ولابد أن انحر قبل ايام التشريق. فقد فسر رؤياي المعبر وقال لي هلل وكبر. فقلت والصديق بذلك اخبر. الله أكبر الله أكبر. ولله الحمد

عمارة والزناتي

كتبت هذا الكتاب بنصه ولم اتصرف فيه بشيء لتناوله بايدي نفر كثير من الفضلاء قبل ظهوري وما نشرته إلا لتنويع التحرير وتسلية القراء كل أسبوع باسلوب وموجب التطويل إن المرسل إليه يحب إنشائي ونظمي ويحفظ منه الكثير الطيب فلذا جئته من الباب الذي يحبه جزاء الله تعالى عني خيراً. عمارة والزناتي . ع. أنت كنت فين يا غاير وانا قلبت عليك الدنيا وكل ما اروح حته يقولوا آهو كان هنا ومشي. ز. انا كنت دايرلي على قرشين للبوكاتو احسن رايح مصر بكرة اياك القضية تخلص ونفضى لبعنا. ع. انا ما عرفتش فضيتكم ايع لحد دلوقت بس اسمع الزناتي باع فدانين عموُّ باع عشرين الزناتي فين في طنطا عمو فين في مصر وشابف الدار خربت من الجري في الفارغ البطال تقدرش تقول لي على قضيتكم في الرواقة دي. ز. ما فيش حاجة ابويا مات وخلف لنا ميت فدان وعمي له ميت فدان وكانت العيله على بعضها والميتين فدان أصلهم بتوع جدنا ولا همَّاش مقسومين وأنا أكبر أخواتي وبعد موتة أبويا بكام يوم اجوزت وزي ما تقول النسوان حصل بينهم زعل وجت المره مسكت فيه وقالت لي يا تعزل من عمك يا تطلقني وتعرف انت اني احبها شوية قمت طلبت من عمي العزلنيه قام الراجل الحق والدُّغري زعل وقال لي يا ابني البركة في اللمة وما حدش عارف البركة فين والأمور اهي سايرة وان كان على شان الفلوس والمصروف يا ابن اخويا خليك

انت الكبير وانا الصغير وامسك المصروف والزراعة وخلي العبارة مستوره قام حكم عليَّ بهدلتني وجرَّستني في الحارة وخدت هدمتينها وراحت بيت أهلها يخي ما كترشي عليك الكلام حجل الشيطان بيننا وانعزلنا وبقى كل منا في عيشه لوحده والزراعة روك فضلت المره برضه تدوي في وداني وتقولي بكره يبقالك ولد ولاَّ بنت ويبقى عمك ياكل بتاعهم ويسيبهم يتلطمو في كل دار شوية وأنت عارف كلام النسوان اللي يوجع. لما قلت لعمي بدّنا نقسم الطين أنا قلت له الكلمة دي والراجل راح منه لون وجا لون وقال يا ابن اخويا أنا بقيت راجل كبير وأولاد عمك صغار وباقول البركة في الزناتي يربي أولاد عمه جاي أنت تطلب القسمة أُمال هيَّ داهية وطبقت علينا السنه دي ان كان حد غاويك يا ابني دا بدُّو خراب دارنا ويضحك الناس علينا فضل الراجل يوعظ فيَّ وأنا أقول له بدي اقسم لما غلب وبعدها جبت له أبوك الحاج زيدان وقلت اهو راجل كبير يكبر له ويعمل له مقام فضل وراه الراجل لما رضي بالقسمة بعد حوس ودوس. قول وقسمنا وكل واحد ارتكن بالميت فدان بتوعه على جنب بصيت لقيت في طرف غيط عمي فدانين أصلهم جزيرة فلعب الشيطان بعقلي وقلت له يانقسمهم يا تأخد فدانين غيرهم وتعطيهم لي قام زعل وقال يا ابن اخويا دي موش أمور قسمه دي تسليطه أنا لا أقسم ولا عاطيك فدان وان كان في وسطك حزاك حله. عدوَّك الراجل ما قال الكلمة دي لما شالت النار في جثتي ورحت على الدار ختِّ القرشين اللي عندنا ورغيفين وخرطتين جبنه وعلى المديرية وكتبت عرضحال ان عنده عشرين فدان للميري وبقى له تلاتين

سنة يزرعهم سرقة وانا عاوز أخذهم يا بالايجار وعلى كدا طلعوا مساحين وواحد معاون ودول عاوزين لهم قرشين على شان ما يطلعوشي كلامي بطال وفلوس ما فيش والمره ما رضيتشي تعطيني صيغتها ارهنها قمت رهنت عشر فدادين على ميت جنيه واعطيتهم للجماعة دول قاموا طلَّعوا عنده ست فدادين قام الراجل من غيظته باع عشرين فدان وكتب عرضحال وطلع مساحين تانيين وملا حنكهم بالفلوس قاموا طلَّعوا غيطة ناقص فدانين وغيطي زايد تلاتة رحت رحت انا بعت تلاتين فدان وطاعنت في المساحين يخي فضل يشاكي فيه وأنا اشاكي فيه لما فضل مع كل واحد منا فدانين اتنين وخربت الدار ولا كفَّت ولا وفت لما اتخانقوا أولادنا ويَّا أولادهم قام ولد من عندهم عصا جرح رأسه وعينك ما تشوف إلا النور وطلع ابن عمي التاني ودا بدُّه جنازة وينط فيها وراح قدم القضية في النيابة الجديدة وعان لو واحد بوكاتو وانا عنت لي بوكاتو اهو طالب مني اربعين جنيه وفلوس ما فيش ادين رهنت الفدانين على الاربعين جنيه ورحت وديتهم لخ وشوف بقى يا جال يا جالمده وادي السبب اللي غيبني عن البلد اليومين دول. ع. آه ما ميت خسارة وميت ندامة على الفدانين بتوعكم اللي ما كان زيهم في البلد. صحيح النار تخلف رماد مات أبوك وخلف كلب لا هناك ولا هنا بقى يا ميت طور وقول لي نعم حد يبقى في خالصو آكل شارب نايم بالراحة ويجيب التعب لنفسه تقوم تطاوع المرة يا حمار وتعزل من عمك نفعتك المره دلوقت. ز. لا وحيات ابوك إلاَّ لما شافت الحالة خسعت راحت دار أبوها وكل ساعة

طالبة الطلاق وان قال لها واحد جوزك يا فلانة تقول جوزي حيلته ايه انا رايحة آكل الطوب عنده ولاَّ أموت من الجوع اللي ما بقى حيلته ولا النسمة وكل اللي جرى ده سببه وشها الارشل. ع. صحيح انك تستاهل ضرب المراكيب بقى يا حمار ما كانشي فيك عقل لما قمت تطاعن في عمك اللي رباك وفضل يكدّش عليك من هنا لما خلاك بني آدم هيَّا دي عمله تنعمل يا مجنون تطاول المرة وتخرب دارين على شانها. لما حكم عليك الوعد ما كنتش تشاور واحد عاقل انت ما شفتش العمد التقال اللي مسكو في بعض دا يقتل قتيل ويحطو على باب دارده ودا يغرق زرع ده ودا يسلط الحكام على ده وداروا يرهنوا اطيانهم ويبحتروا في الفلوس لما صبحوا والفلاحين احسن منهم والبعض منهم داير حول البلد طول النهار يرعى الكلاب بالنص وتكلم الواحد منهم برضه يقول لك انا ابن فلان يخي يا ابن الحرام ابوك كان طنبه وعمده وفكَّاك مجالس وعاش طول عمره مستور ودوَّاره مفتوح للرايح والجاي ومقامه عند الحكام زي مقام واحد باشا وانت طلعت زي عفاريت القيالة فضلت تعفَّر وتدرى لما ما خليت ولا بقيت وترجع تقول ابويا وجدي. اهو أنت راخر ضيعت بتوعك وخربت دار الرجل ورجعت تمص صوابعك ولا حصلت دار ولا مره ودا كله من جهلك وتربيتك الزفت لو كنت متربي صحيح وتعرف قيمة الطين والعيشة كنت فضلت تحت باط عمك سايب كلابها على ديابها وانت داير مرتاح تسرح غيطك على فرسك وخدامك وراك وترجع آخر النهار لدارك تلاقي المطبخ والعيش مخبوز وكل شي معدن تاكل وتدب

جمعية الكمال بأسيوط

كرشك وتدخل تحط باطك في باطمراتك وتنام متهني نابك كتير دلوقت وانت داير ما انت لاقي حاجة تنستر بها ولسه يا ما تشوف والله لربنا يخلص ذنب الراجل الغلبان دامنك لما يخليك ملطمه وتشحت الملح. ز. أيوا ما بقاش إلا انت يا عمارة لما تغمني بكلامك اللي زي الوحل ده إحنا ما قلنا نستاهل ضرب البراطيش اللي طلوعنا المره واولاد الحرام ولكن رايح يجي منه إيه بقى العايط في الفايت نقصان م العقل. جمعية الكمال بأسيوط وردت لنا هذه الرسالة بهذا العنوان من وكيلنا بأسيوط قال أيده الله تعالى. لا يخفى أنه كان بأسيوط كثير من الصنائع وقد ماتت بالمصنوعات الأجنبية نظراً لاغترار الناس ببهجتها ورونقها من غير نظر في متانتها وقوتها وما يترتب عليها من فقر كثير من الوطنيين ولما رأى أرباب الصنائع ضعف صناعتهم وتأخرهم اجتمع فريق منهم تحت رئاسة الفاض السيد حسن سليمان واتخذوا لهم محلاً يجتمعون فيه وصاروا يجتمعون كل ليلة ويغلقون الأبواب عليهم ولا يمكنون أحداً من الوصول إليهم كائناً من كان ثم ظهر الأمر بعد سنتين أنهم يصنعون سيوفاً وبنادق وملابس مختلفة وأدوات خشبية مختلفة الصور بحث كل من مر عليهم يقول أن هنا ورشة تشتغل أصنافاً صناعية فكانوا يقضون جانباً من الليل في هذا العمل وفي النهار لا ينقطع أحد منهم عن عمله المعتاد ثم ظهر أنهم يقرؤون كتباً ويحفظون عبارات منها فكلما أمر الإنسان على واحد منهم وهو في دكانه نهاراً وجده يقرأُ بجد واجتهاد فاختلفت

ظنون الناس فيهم فمنهم من يقول أنهم من الماسون ومنهم من يقول أنهم يشتغلون بصناعتهم ويبيعونها نهاراً ومنهم ومنهم حتى قضوا تحت ستر الخفاء ثلاث سنين ثم انكشف الأمر عن عصابة حبست نفسها هذه المدة الطويلة لمطالعة كتب الأخبار والروايات وتعلم فن التشخيص والتمثيل وكلما استحسنوا رواية رتبوها ووزعوها عليهم وحفظوها وأعدوا ما يلزم لها من الأدوات من غير أن يشتروا شيئاً من الخارج حتى تم تثقيفهم وتمرينهم وظهر أمرهم للناس فصاروا يذهبون للتفرج عليهم وهم في أشغالهم الليلية فيجدون النجارين والحدادين والغنداقلية والنحاسين والخياطين والكندرجية والنقاشين وصانعي الشعور وغير ذلك ولما علم مشربهم واجتهادهم فيما هم فيه دعاهم إلى منزلة حضرة الهمام الكامل محمود بك خشبه ودعا كثيراً من الأعيان وفي مقدمتهم سعادة المدير وحضرة الفاضل رئيس محكمة أسيوط الأهلية فشخصوا بحضورهم رواية المعتمد ابن عباد وابتدؤا الاحتفال بتلحين السلام الخديوي وقد بهروا العقول بما أبدوه من حسن التشخيص ولطف التلحين حتى كأنهم تربوا في هذا الفن فامتدحهم سعادة الهمام الفاضل مديرنا سعد الدين باشا وحثهم على مداومة العمل فاتخذوا لهم محلاً يشخصون فيه من أول جمادي الأولى وحبذا لو اقتدى الناس بمثل هؤلاء واجتمعوا لإحياء صناعة أو اتخاذ حرفة غير ما كانوا فيه من خدمة أو صنعة فراراً من الفاقة وإظهاراً لاقتدار الشرقيين على الأعمال ومجاراة للأوروباويين في تفننهم واشتغالهم بكل نافع مفيد. الأستاذ. نتمنى لهذه الجمعية النجاح والتقدم ونثني على همتهم التي حملتهم على اقتحام عقبات التعلم بعد الكبر خصوصاً وأنهم يتعلمون فناً لم

تقاريظ

يعرفوه من قبل ولا أخذوه عن أستاذ ولله هم حيث صبروا هذه المدة لم تفتر همتهم ولا تقا عن مشروعهم حتى وصلوا إلي بهمة عالية فنجاح الأعمال موقوف على الاستمرار ولا استمرار بلا ثبات وصبر جميل تقاريظ فرصة الأوقات ـ جريدة عملية أدبية صدر العدد الأول منها مشحوناً بالفوائد الأدبية والمقالات العلمية والشوارد التاريخية محرراً بقلم الشاب النبيه النبيل بل الشيخ الفاضل الجليل محمود أفندي حلمي أحد المتخرجين في المدارس المصرية وابن هذه الديار النبلية وقد كساها حلة فضل تستدعي ميل النفو إليها لضرورة الأخذ عنها والتبصر بها فنبحث أبناء الوطن على الأخذ بناصر العلم وأهله ومساعدة هذا الخادم الأمين على خدمته الجليلة نجح الله تعالى مقاصده. المنظوم جريدة شعرية أدبية صدر العدد الأول منها مملوءاً بالرقائق والبدائع بإدارة وتحرير التحرير الفاضل أحمد أفندي نجيب وهذا الطريق ما سلكه أحد قبله فعلى أهل الأدب أن يمدوا الجريدة بمبتكراتهم وبدائعهم ويساعدوا هذا الفاضل بالاشتراك معه ليقوى على خدمة الأفكار بما تحلو به المسامرة ويحسن به الاستشهاد والله تعالى يقرن عمله بالقبول. الفتاة جريدة علمية أدبية تاريخية فكاهية صدر منها العدد الأول باسم الفاضلة

البارعة المجيدة الست هند نوفل وقد أفعم بالمواضيع العلمية والمقالات الأدبية بقلم إذا لم يطلع القارئ على اسم المحررة قال أنه إنشاء رجل فحل خبير الأحوال متضلع من علوم الإنشاء وهذا الذي كسا الجريدة حسنا وبهجة وأبرزها تختال اختيال العذراء أمام الخاطبات وهي أول جريدة عربية نسبت إلى محررة شرقية ولم تخرج في مواضيعها عما هو من لوازم النساء قياماً بحقهن عليها فنرجو لها التقدم والنجاح. أسهل كتاب في علم الحساب كتاب لطيف الحجم كثيرا لعلم وضعهُ مؤلفة الفاضل الكامل عبد المجيد أفندي خيري مدرس رياضية بالمدرسة الخديوية وجعله أربعة أجزاء صغيرة ليسهل تناوله وقد تم طبع ثلاثة أجزاء والرابع على وشك الطبع ويباع الجزء الواحد منه بستين فضة صاغاً ويطلب من مؤلفه وقد علمنا أن التلاميذ اقبلوا على شرائه لسهولته كافأه الله تعالى على هذه الخدمة إعلان عينا حضرة حسن أفندي القماش مساعداً لحضرة وكيلنا العام يتجول معه فيما عدا مصر واسكندرية من البلاد المصرية لتحصيل قيم الاشتراك ومعه قسائم مختومة بختم الإدارة ممضاة من مديرها فالمرجو من حضرات المشتركين اعتماده وتسلميه قيم الاشتراك وأخذ قسيمة الوصول منه فإن من لا قسيمة معه لا نتعمد على ما بيده من سندات الوصول إعلان حيث أن خدمة الحضرة الفخيمة الخديوية واجبة علينا وقد أُنشئت

جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي

قصائد شتى في مدحه عند زيارته المدارس ونحن مستعدون لجمع تلك القصائد في كتاب مخصوص وطبعه فعلى حضرات الأساتذة والتلاميذ الذين قالوا شعراً في هذا الموضوع أن يبعثوه لنا محرراً مضبوطاً مبيناً فيه اسم القائل والمدرسة التابع لها ووظيفته بشرط أن تكون القصائد خاصة بالزيارة لنشترك جميعاً في خدمة هذا الأمير الجليل حفظه الله تعالى جواب الشيخ عبد الفتاح الجمل عن سؤال القاضي عمر كتبنا عن سؤال القاضي عمرما حضرنا إذ ذاك والآن ورد لنا جواب من حضرة الأستاذ الفاضل الكامل الشيخ عبد الفتاح الجمل ببور سعيد ونصه خذ قصة القاضي عمر ... لما به ضربا لمثل كان الفقيه المرتضى ... القاضي العدل الأجل وله أخ متعالم ... غمر عن الحسنى عدل يتناوبان على القضا ... عاماً فعاماً في العمل فقضية لأخيه لا ... تمضي إذا العام ارتحل عمر بتدقيق يزـ ... فها ولا يخشى الملل وقضية عمرية ... بالحزم ليس لها خلل إن ساغ ذاك فحبذا ... أولا فذا قول الجمل الأستاذ. لا نعلم أخوين تناوبا القضاء عزلاً وتنصيباً إلا الشيخ عمر بن الوردي وأخاه ولكنهما لم يتناوباها عاماً وهما المرادان بقول قاضي القضاة وقد برطله أحمد فعزل وولاده. أيا عمر انزجر عن مثل هذا ... فاحمد بالولاية مطمئنُّ فإن يك فيك معرفة وعدل ... فاحمد فيه معرفة ووزن عبد الله نديم

العدد 15

العدد 15 - بتاريخ: 29 - 11 - 1892 بمَ تقدموا وتأَخرنا والخلق واحد هذا السؤال لهجت به ألسنة الشرقيين واشتغل العقلاء به في كل الممالك الشرقية فغدوا يتساءلون فيما بينهم عن الأوروبين ما قدمهم وأخرنا والخلق واحد. وكما ورد السؤال على ألسنتهم دار عليها كثير من الأجوبة وكل واحد يزعم أنه عرف السبب ووقف على علل التأخر فمنهم القائلون أن الجوَّ له حكم في انفعال الأجسام بحسب ما تدعو إليه طبيعته وقد قضى على الشرقيين بالكسل والتقاعد عن الأعمال العمرانية كما نضى على الأوروبين بالعمل وعلوا الهمة وعللوا ذلك بعلل تنكرها عليهم الأدوار الماضية فقد أخذ الشرق أدواراً علمية مدنية استمدت أوروبا مدنيتها من دوره لأخير أيام كانت على أسوء مما عليه الشرق الآن. ومنهم القائلون إن الدين الإسلامي مانع من التقدم وهو علة العلل في هذا الباب وأصحاب هذا القول كالببغا يحكون الصوت ولا يدركون المعنى فقد قلدوا في هذا الوهم أوروباوياً في قوله الذي

طارت به الصحف في كل مكان وفاتهم إن الشرق ممتلئٌ بأديان تغاير الدين الإسلامي والآخذون بها أضعاف الآخذين بالاسلام ومع ذلك فإن تقهقرهم في المدينة والقوى العلمية أكثر من المسلمين بل لا نسبة بينهم وبين المسلمين في المدينة والألفة بين الناس ومعاشرة المغايرين لهم جنساً وديناً. فلو كان الإسلام مانعاً لرأينا الهند والصين في تقدم أوروبا وحالهم شاهدة بأنهم احط من المسلمين بدرجات. ودعوى الأوربي إن الإسلام سبب لحركات الشرق ضد الغرب أنه لا سكون للأفكار إلا بإعدام القرآن والآخذين به مدحوضة بالحروب المتواصلة بين دول أوروبا المسيحية من عهد الرومانيين إلى الآن وكلما كثرت مدنية دولة أوروبية كثر تفننها في آلات القتال والتدمير مع سكون الشرق هذه القرون الطويلة لا يتحرك إلا دفاعاً عن وطنه الموطؤ بأقدام أوروبا الملوثة بالدماء الشرقية. ولا يحركه إلا فتنة أوروبية ولا داعي لأوروبا في تحريك الممالك الشرقية إلا الطمع الملكي والتعصب الديني وإنما لشدة تمسك هذا الأوروبي بدينه كره ان ير ديناً غيره واحب أن يسمع صدى صوته في بلاده لتميل النفوس إلى رجل غيور على الدين. وقد كان الإسلام اليد القوية أيام صولته فلم يبطش بها بمواطنيه ولا مدها إلى معاهديه بل ولا حرَّك بها عصا نحو المتوحشين عند نزولهم على حكمه تحت سطوة سلطانه. ولم يكن عند رجاله من التعصب ما يحملهم على قهر الناس بالتضيق على ترك أديانهم بل خيرَّ من نازلهم بين الأخذ به أو الاستطيان على حكمه وهذه خصوصية له من بين الأديان ويكفيه من إطلاق حريّة الأعمال إن وفداً من نصارى العرب وفد على سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم

وهو في مسجده فلما أدركتهم الصلاة قاموا ليصلوا جهة الشرق فاراد الصحابة التعرُّض لهم فمنعهم النبي وتركهم يصلون في حضرتة لغير قبلته وعلى غير ملته وليس بعد هذا مسلك لحرية الأفكار والأديان. ومنهم القائلون أن اختلاف الجنس مانع عظيم وهذا وإن كان له وجه ولكن هناك وحدات أُخرى تترك للجنس خصوصيات ومزايا لا تبعده عن الانقياد للسلطة الجامعة للأجناس. ومنهم القائلون إن الأديان سبب التخاذل الحاصل في العالم ولا سبيل لمنعه إلا بتركها جملة وإعدامها من الوجود وهذا الفريق مقلد لدهاة أوروبا الذين أفسدوا كثيراً من الأخلاق الشرقية بهذه النزهات والأوهام. مع أننا لو فرضنا عدم صحة الأديان وأنها وضعت نظامات في أيام الخشونة والجهالة ولا لزوم لها الآن مع وجود القوانين الوضعية لكان من الواجب احترامها واعتبارها فإن تأُثير وعدها ووعيدها في النفوس لا يبلغه قانون فإن الشخص يمكنه أن يفر من عقوبة القانون أما بالبعد عن موجبها وأما بالتحايل على تأويل مواده بالوسائط ولكنه لا يمكنه أن يفر من عقوبة الله باية حيلة على معتقده. ولو ترك الناس وشأُنهم لأكل بعضهم بعضاً ولعجزت أية دولة قانونية عن ضبط أفرادها ولو كان لها في ذراع عسكري حارس. وما ساعد الملوك على النظام وبث الأمن إلا القانون الديني وما فتح الباب لأهل القوانين الوضعية إلا الشرائع الدينية. والدين هو الذي يحمل العسكري على بيع حياته في حرب دينية انتصاراً للدين وإقدامه في الحرب الدينية يفوق إقدامه في الحرب الملكية أضعافاً وما يدعوه للدخول في ساحة القتال إلا الطمع الأخروي الآتي به الدين. فلو علم العسكري أن

لا بعث ولا أجر على عمله لفر من ساحة القتال فإن ارغم قاتل مكرها. ولا يقال أن الشرف الوطني يلزمه باقتحام غمرات الموت فإنه إذا علم أنه يقدَّم للموت ليفوز الملك أو الأمير بمراده ولا ثواب ولا نعيم فإنهُ لا يبيع حياته بلذة غيره. وإذا بطل هذا كله لزمنا البحث في العلل التي أوجبت التأخر ولا نتوصل إليها إلا بمعرفة الأسباب التي قدمت أوروبا فبضدها تتميز الأشياء. السبب الأول لا ينكر أن ممالك أوروبا كانت دوقات وكونتات وايالات وممالك صغيرة وكبيرة وإن الذين صيروها إلىما هي عليه الآن عائلات تسلطت على عائلات وضمت الأجزاء إلى بعضها وصيرت كل قطعة عظيمة مملكة مستقلة. وعند ما تغلبت هذه العائلات خافت من تحرك الهمم خلف الاستقلال فهدتها التجارب إلى توحيد اللغة في بلادها لتميت حمية الجنس التي تدفع إليها اللغة فلم يكن في بلاد فرنسا أو انكلترة أو ألمانيا من يتكلم بغير لغة البلاد والمراد بعدم التكلم بلغة الغير ان المملكة توحد اللغة في المعاملات والتأُليفات والتعليم والمخاطبات فلا يستعملون لغة الغير إلا لضرورة تدعو إليها بحيث لا يتوسع فيها إلى حد أن تسطو على اللغة المحلية. وقد اعتنت الدول بذلك حتى أن مثل البلغار قلدت الدول الكبيرة ومنعت لغات الغير من استعمالها في مدارسها. وبهذا القانون نقلوا كل جنس دخل تحت سطوتهم إلى لغتهم فحكمت اللغات على الأجناس التي أخذت بها وصيرتهم كأهلها في الأخلاق والعادات لنسيانهم لغاتهم وانفعالهم

بفواعل اللغة الموضوع لها تلك الألفاظ. ملوك الشرق اخطأُوا هذا الغرض وتركوا المحكومين يتكلمون بلغاتهم ويتعلمون بها فبقيت الجنسيات حية بحياة اللغة وذلت خاضعة بقدر ما دعت ضرورة الضعف والفراغ من المعدات وكلما فتح لجنس باب ثورة أو محرك لاستقلال تدافع حول الداعي وتفانى ف الخروج من السر الغير يشهد بذلك الأمم التي حكمها الرب ولم يوحدوا اللغة فيهم فخضعوا بقدر ما استعدوا للخروج من سلطتهم أو للتغلب عليهم حتى تمزقت المملكة وتوزعت في أيدي الثائرين والمتغلبين. والترك والفرس عندما افرغت إليهم دولة العرب تركوا الناس ولغتهم ولم يوحدوا لغتهم في محكوميهم لا بطريق الإجبار ولا بطريق التعليم فبقيت نار الجنسيات تحت ردم انتهاز الفرص حتى تمت المبادئ فقامت عليها الأجناس ثائرة بنفسها أو منبعثة بتحريك الغير لها. ولا ينكر ذلك إلا من جهل استقلال الفرس والأفغان وبخاري واليمن وتونس ومراكش ومسقط وزنجبار والبلغار ورومانيا والجبل الأسود والسرب وممالك السودان والهند الإسلامية وقد كانوا تحت السلطة العربية ثم التركية والفارسية بعدها. وهذا الذي أخاف ممالك أوروبا فاتخذت ما حصل للعرب والترك والفرس كتاباً تدرس فيه وقاية ممالكها من العوارض المعددة لوحدة كل أمة منها. وكما اتخذت هذه الطريقة لتوحيد الجنسية في بلادها التزمتها في الأمم المتغلبة عليها ولكنها لم تجعل الانتقال إلى لغتها إجبارياً بل التزمت التدرج لذلك بتعميم التعليم بها لئلا بنفر المحكومون إذا علموا سعيها في إماتة لغتهم فهي تخادعهم باسم التعليم حتى إذا انقرضت الطبقة الحاضرة خرجت

التي بعدها مذبذبة فإذا مضت جاءت الطبقة الثالثة من جنس الأمة الحاكمة لغة وديناً فتأمن ثورتها وتحركها عليها لكونها صارت منها. وإذا دامت هذه الحرب الخفية قرناً أو قرنين والشرق في غفلته منحدر في تيار الأوهام ماتت الأجناس العربية والتركية والفارسية والهندية والمغلولية والحبشية والإفريقية وأصبح الشرق مسكوناً بأمم أوروبية لغة وديناً وإن ولدوا في آسيا وافريقيا السبب الثاني عندما تم لكل عائلة أوروبية الاستيلاء على قطعة مخصوصة وحدَّت السلطة في الجنس المتغلب فلم تمكن أي إنسان من المتغلب عليهم من أي إدارة فراراً من توزيع السلطة وضياع القانون بالأهواء والأميال الجنسية وخوفاً من اتساع سلطة المقهورين بما يحركهم للاستقلال واستمرت الحال كذلك حتى تم نقل الأجناس لغةً وديناً وصار المجموع جنساً واحداً. وعند تغلب مملكة أوروبية على مملكة شرقية تجعل الإدارات العالية بيد رجال منها لتوحد السلطة وتتمكن من القبض على أزمة القوى الحربية والمالية والإدارية فتراها تسوق الملايين من الشرق بعشرة رجال منها. وهي لا نمكن أجنبياً من إدارتها فلا ترى روسياً قائداً لجيش انكليزي ولا انكليزياً وزيراً لمالية روسيا ولا فرنساوياً وزيراً لمعارف ايتاليا ولا ايتاليانياً وزيراً لحربية فرانسا وهكذا بقية الدول. ودول الشرق اخطأت هذا الطريق ولفقت العمال من الأجناس المحكومة وغيرها فانحلت عرى قواها وكثر فيها الثورات والتغلبات حتى جاءت الدولة العربية فوحدت سلطتها

في دورها الأول فنمت مملكتها بكثرة فتوحاتها ونفذت قوانينها الشرعية والوضعية في الممالك التي ربطت خيولها بأبواب ملوكها وأمرائها. فلما اتسع نطاق المدينة وجنح الخلفاء والأمراء إلى الرفاهة والسكون اسلموا أمور إدارتهم إلى الأجناس المحكومة بهم فدعاهم حب الأُثرة إلى نزع ما بيد مواليهم وساداتهم ورجعت العرب القهقرى وكثر المتغلبون وفسد النظام وجرت الدماء في كل جهة وطمعت دول أوروبا فهاجمت الشرق بعد أن كانت ترعد من ذكره ثم انتهى الأمر بجمع السلطة للأمة التركية فأخذت دورها الأول بما لا ينزل عن دور العرب بل تخطت من آسيا لأوروبا وفتحت بعض قطع منها واستولت عليها قروناً. وما زالت تزاول الأعمال بنفسها حتى وقفت برزخاً ضيقاً بين أوروبا وبين بلادها وممالك الشرق ولما انتهت في المدينة إلى حد الرفاهية والخلود إلى الراحة وفوضت أمر كثير من الإدارات إلى غير جنسيتها كانت تلك الأجناس الوسيلة العظمى لتداخل أوروبا في مملكتها وكذلك بقية الممالك الشرقية التي أصبحت ميداناً للعب رجال أوروبا بعقول أهلها. السبب الثالث كل عائلة تغلبت على قطعة في أوروبا وحدت دينها والزمت المحكومين بالأخذ به وأراقت غزير الدم في سبيل توحيد الجامعة الدينية لئلا تترك بينهم ديناً آخر يوجب النفرة والفتن الداخلية والتداخل الخارجي وقد اعتنت أوروبا بالدين اعتناءً غريباً حتى ملأت بكلماته كتب التعليم من أي فن كانت ورسمت الصليب الذي هو الصورة ديناً على ديناً على

الملابس وأواني الأكل والشرب والبُسط والفُرش والآلات وأوراق الزيارة والمباني حتى على اعتاب الأبواب فلا يكاد يقع بصر إنسان على شيءٍ إلا وعليه هذه الصورة المقدسة ليكون الدين في فكر الواحد منهم في كل طرفة عين. ولعلمهم أن وحدة الدين إذا انضمت إلى وحدتي اللغة والسلطة قامت الملكة على أساس متين اهتموا بنقل الأمم الشرقية بطريق التدرج فلم تقهر فرنسا أهل الجزائر وتونس على ترك دينهم كما فعلت أسبانيا في مسلميها عند تغلبهم عليهم حيث الجامتهم إلى التنصر أو الخروج من البلاد وكذلك انكلترة لم تكره مسلمي الهندولا روسيا قهرت مسلمي طرغستان والتركمان وغيرهم ممن هم في حوزتها وإنما التزمت كل دولة أن تعمم لغتها فبهم وإن تفتح المدارس لتعليم الأبناء على أخلاق الأمة الحاكمة وتمنع تعلم الدين إلا مبادئ قليلة جداً تموه بها على ضعفاء الإدراك ليخرج المتعلمون فارغين من الدين فيسهل نقلهم لأي دين بعد فإن تعرضت أمة شرقية لذكر دينها ولو لم تكن محكومة بأمة أوروبية نودي عليها بالتوحش والخشونة والهمجية وقيل ان هذا تعصب ديني مع أن التعصب الديني لا يوجد إلا في صنع أوروبا ولكن القوة تقول للضعف ما تشاء. وقد اخطاء ملوك الشرق هذا الطريق واكتفوا بالفتوح أو التغلب على الغير وتركوه على معتقده كما كان يصنع قدماء المصريين والبابليين والفرس والهنود وغيرهم ثم جاء الإسلام فاكتفى من الناس بالأحذبه أو الاذعان لملوكه وعند ما نشر جناحيه في الشرق والغرب ترك أُمماً كثيرة على أديانهم المسيحية والموسوية والبرهمية والمجوسية والوثنية وإعطاهم حرية التعبد من غير أن يتعرض لهم أحد من المسلمين وهذه

مزية لا توجد في دين غيره. ولكنه لم يجن من هذا الغرس الجميل ثناءً ولا شكوراً بل هاجمت أوروبا بأجمعها الشام بالنزعات الدينية وخرجت دياره واراقت في كل شبر منه دم إنسان فجلبت الدمار على مسلميه ومسيحييه واسرائيلية وأصبح فارغاً من معدات العمران مُحالاً بينه وبين التقدم بسور الفقر الذي بنته أوروبا بيد التعصب الديني. ومع كل هذه الفتن فإن أصول ديننا توجب علينا حسن معاملة من غايرنا ديناً ومعاشرة الوطني والمستوطن معاشرة المثيل وإن عاملنا بضد معاملتنا له لعدم إكاننا التصرف في أصول ديننا. ولم تكتف أوروبا بتوحيد الدين في بلادها بل عقد الأهالي الجمعيات الدينية وربوا لها أُلوفاً من القسوس وبذلوا لهم الملايين من الذهب وبثوهم في الشرق تحت حماية دولهم ورعايتها فجاسوا خلال افريقيا وآسيا داعين إلى الدين وقد انحدر الشرق في هذا التيار الذي لا مرسى له ولا مرجع إلا توحيد الدين شرقاً وغرباً. وقد اخطأ الشرقيون هذا الطريق فنامت الأمم في زوايا الإهمال وعكفوا على الملاهي يصرفون فيها الذهب والفضة وتركوا العلماء والأحبار والرؤساء يجلسون في المساجد والمعابد والهياكل منتظرين من يقطع البراري والقفاز ليتعلم منهم الدين وقد التزموا الطرق البطيئة وصعبوا على المتعلم طريق الحصول على المعارف ولا نعيبهم بالتقاعد عن جوب الأقطار مع ماهم عليه من الفاقة والحاجة إلى الطريق وجعلوا أموالهم غنيمة لمن لا يستحقها من نائم في نكبة أو شموع لمولد أو نذور لا صرحة حتى من وفق لرصد شيء للتعليم صودر بما لم يكن في حسابه ولهذا تأخرت المعارف في الممالك الشرقية وعمت الجهالة عوامه واقتصر العلماءُ على

التعاليم الدينية في بعض البلاد وتركت العلوم الرياضية فماتت الصنائع بموت أهلها وعم بحث الملوك في إحيائها وغفلة الأمم عن فتح المدارس والمعامل على ذمة الجمعيات الخيرية والتجارية فاصبح الناس يعدون مخترعات أوروبا من وراء العقول وحكموا على أنفسهم باستحالة الوصول إلى تقدم أوروبا لفراغهم من المبادئ العلمية وبعدهم عن المسائل الدولية. السبب الرابع لما تمت تربية أمم أوروبا تحت أحضان ممالكها وجمعياتها العلمية والتجارية ورأت الدول لو بقيت على التقاطع والتضاغن مع توحيد الدين بينها صارت عرضة للتفاني في سبيل الأطماع وفتحت للشرق بتخاذلها باب تداخل في شؤنها الحربية أو السلمية ولم تجد شيئاً تسد به هذا الباب إلا المعاهدات الدولية لتأمن كل مملكة شر جارتها وتلتفت لتنظيم إدارتها فاجتمعت كلمة ملوك أوروبا على حفظ الوحدة الأوروبية من مس الشرق لها مهمما تقلبت المسائل الدولية بين أيديهم وعلى توجيه الهمم إلى الشرق فتحاً واستعماراً فتراهم إذا هموا بأمر ضد مملكة شرقية خابر بعضهم بعض فإذا ارضى هذا ذاك وتمت كلمة التداخل والاستيلاء وثبت الدولة العاملة تحت مراقبة اخوانها فإن فازت بالظفر فذاك وإن خذلت تدارها الكل وأوقفوا الشرقية عند حدودها وكلفوها ما لا يطاق. فإذا انتهت من ورها قامت الأخرى لوقبتها التي اباحها لها الاتفاق وعلى هذا جرت ممالك أوروبا حتى مكنها الوفاق من التغلغلي في افريقيا وآسي. وقد اخطأت ممالك الشرق هذا الطريق الجليل فاستبدلت الاتفاق

بالنفرة وبث العدوة بين أفراد الأمم وانتهت العداوة إلى مساعدة دولة شرقية لدولة أوروبية على أمة شرقية مثلها لاستيلائها عليها وما تشعر أنها واقعة في حيالتها بالقومة وبالحيلة المالية ولهذا لا نرى اتحاداً بين ملوك الصين والهند ولا بين هؤلاء والفرس ولا بين المجموع والترك ولا بين هؤلاء والأفغان وبخاري ومراكش وزنجبار وبهذا التقاطع تمكنت أوروبا من التداخل بين ملوك تحسبهم جميعاً وقولوبهم شتَّى فبتقاطعهم صارت ممالكهم أجزاء صغيرة في قارتين عظيمتين فسهل الاستيلاء عليها واحدة فواحدة وكل ملك ينظر الحاصل لجاره ولا تتحرك همته لجمع الكلمة الشرقية أو الاتفاق الدفاعي. وكان لأوروبا اليد القوية في إفساد ملوك الشرق وإيقاع العداوة بينهم بالأكاذيب الموهمة حتى صيرتهم أشد عداوة لبعضهم من عدواتهم لها بل بتطلفها في الخداع والتمويه صارت محبوبة عند البعض من ملوك الشرق. وعلى هذه الأصول الأربعة بنت أوروبا قواعد ممالكها وبتربية الأمم تحت أحضانها على هذه المبادئ العظيمة تفرع عن هذه المدينة وتقدم العلم والصناعة واتساع العمران. السبب الأول الفرعي إطلاق حرية الكتَّاب في نشر أفكارهم بين الأمم لحياة أفكار العامة باحتكاكها في أفكار العقلاء وبهذه الواسطة ربى الكتاب الأمم وهذبوهم ونقلوهم من حضيض الجهل والخمول إلى ذروة العلم والظهور ووجدت الدول رجالاً مدربين لم تنفق في تربيتهم إلى ذروة العلم والظهور ووجدت الدول رجالاً مدربين لم تنفق في تربيتهم درهماً ولا ديناراً وإنما

رباهم المحررون والعلماء وقد اخطأ الشرق هذا الطريق فخاف ملوكه من الكتاب والعقلاء فضغطوا على أفكارهم حتى اماتوها في أذهانهم إلى أن جاءت الدولة العربية واطلقت حرية الأفكار وجمعت العلماء من جميع الجهات وترجمت كتب الأوائل الحكمية وغيرها باباً أغلقه الجهل قروناً طويلة م انقضى دور الضخامة وتوحيد الكلمة وجاء وقت المتغلبين فتجزأت المملكة وتصدى الثائرون لقتل العلماء وإحراق الكتب وهدم المدارس فانطفأت أنوار العلم الشرقية وضيق ملوك الشرق على أرباب الأقلام فبات الصين والهند والعرقان وبلاد لعرب والجبال والغرب على ماكانوا عليه من عداوة الكتاب ونفي الظاهر منهم أو إعدامه حتى الجأوا كثيراً منهم على الالتجاء لأوروبا وخدمتها بتغيرير قومه وتضليلهم انتقاماً أو قياماً بحق حاميه من الإعدام ولو اطلق ملوك الشرق حرية التحرير وجعلوا المحررين تحت مراقبتهم وساعدوا المخلص في خدمة مملكته وجنسه واسكتوا المفسد والمهيج لاحيوا الأمم التهائهة في القفار وبعثوا فيهم أوراح غيرة وحمية تصان بها الممالك. السبب الثاني الفرعي بهداية الأمم الأوروباوية إلى المعارف وطرق التقدم تجمع أرباب الأموال منهم لفتح صناديق الأعمال المالية فتحصلوا بالسهام القليلة على نقود كثيرة واستعملوها في المعامل والتجارة وساعدتهم الدول فحجرت على مصنوع الغير وتجارته لتروج البضاعة الأهلية وتحفظ الثروة في داخلية البلاد وبهذه الطريقة استعت الثروة وارتفع الفقراء إلى مقام الأغنياء وأصبحت الممالك تباهي بعضها بثروة أهاليها ووفرة ماليتها. وقد اخطأ الشرقيون هذا الطريق وجمعوا المال

لوضعه تحت الأرض خبيئة أو لصرفه في الملاذ والشهوات وتركوا صنائعهم عرضة للضياع واستعملوا مصنوع أوروبا حتى أماتوا الصنعة والصناع وحولوا ثروتهم إلى أوروبا بافترى الصانع الشرقي يئن من ألم الفقر وهو جار الغني ولكنه لا يشعر بانينه لاشتغاله بالملاذ والملاهي. السبب الثالث الفرعي لما رأت دول أوروبا أن المخترعات والصنائع النافعة لا تكون إلا في فريق الفقراء سنت قانون الامتياز والمكافأة والشهادات العلمية والعملية ونياشين الشرف لتبعث في الناس غيرة المجاراة والمبارة في التفنن والاختراع وكلما اخترع واحد شيئاً كوفئ على اختراعه والتزامه منه الأغنياء وأرباب المعامل فكثر المخترعون وانتهت بهم البعثة العلمية إلى استخدام البخار والكهرباء واكتشاف العوالم القديمة والحديثة. وقد اخطأ الشرقيون هذا الطري فحطوا على المخترعين وتركوهم وأعمالهم وانكبوا على الأجنبي ومصنوعه واغمض الملوك عنهم عين الرعاية والاعتبار ففترت الهمم وقعدت عن السعي خلف النافع من بنات الأفكار واكتفى كل صانع بالبسيط من الأعمال المتداولة التي لا بد منها لكل أمة. السبب الرابع الفرعي لما رأت دول أوروبا أن الأمية ما تمكنت من أمة إلا عرضتها للضياع والاستسلام إلى الغير عممت التعليم وجعلته إجبارياً حتى أصبح الأميون يعدون في ممالكها العظيمة. وقد اعتمدت كل دولة على توحيد التعليم فعلمت الأمة الدين وتاريخ الجنس واللغة وأخلاقها وعاداتها والقانون المدني

الجامع لوحدة الأمة وتاريخ المملكة وحقوق الملك وواجبات الدفاع عنه حتى سرت روح الحياة الدولية في كل فدر من أفرادها واتسع نطاق الأفكار فاصبحوا في حروب فكرية نتائجها الإحياء وامتداد السلطة. وقد أخطا الشرقيون هذا الطريق فتركوا الأمم تائهين في الجهالة العمياء لتوهمهم إن المتعلمين يعارضونهم فيما هم فيه وما صيرهم لذلك إلا أستاذ بعض الأحكام إلى الجهلة وضعفاء العقول. وقد نامت الأمم الشرقية تحت ردم التهاون وعدمالتبصر حتى مات العلم وأهله وما تحركت طائفة لعقد جميعة تساعد من بقى من العلماء لتقاعدهم عن جوب البلاد وجوس الفدافد والقفار وهم يعلمون من شأن العلماء أنهم لا يملكون شيئاً من الذهب والفضة وقد حبس الأمراء والأغنياء الذهب والفضة وجعلوهما وقفاً للملاهي واللذائذ وكلما هبت عليهم ريح تبكيت قالوا ما أخر الشرق إلا العلماء. وبموت أهل المعارف احتاج ملوك الشرق لاستخدام أناس من أوروبا يقومون بهم أود ممالكهم ومن نظر الجمعيات أغنياء أوروبا وعدم حصر مدارسها في الشرق والغرب ورأى أغنياء الشرق وهم يبعثون أولادهم إلى مدارسهم ليتعلموا على قساوة اوروبا أمور دينهم ودنياهم سفه أحلامهم وايقن أنهم العلة الوحيدة في تأخر الشرق عن أوروبا فالفقير العالم ماذا يقول والصانع المعدم ماذا يصنع والعاقل المحتاج ماذا يعمل وكلٌ يحتاج إلى المادة ولا مادة إلا جمعيات الأغنياء والأمراء واتجاه الملوك إليها بالعناية والمساعدة المادية والمعنوية. السبب الخامس الفرعي لما رأت ممالك أوروبا أن الملوك كثيراً ما يقعون في خطاء الرأي

بالانفراد فيه احدثوا مجالس الوزراء والشورى التي تقيدت بها الممالك ظاهراً فالقت اوزراها على عواتق أعيان الأهالي ومنتخبيهم لتستمد من أفكارهم مابه يحسن النظام وتبقى المملكة حية بحياة قواها العاملة وصار للأمم الثقة بملوكهم ووزرائهم لعلمهم أنهم لا يصرفون شيئاً ولا يحدثون عملاً ولا يبرمون أمراً إلا بمشورة نوابهم وبتبادل الأفكار بين الوزراء والنواب ظهرت ثمرات عظيمة واشتد عضد الدول وعظمت قوتها واتسعت تجارتها ومعارفها وكثر المرشحون للأعمال والإدارات العالية بالتربية في المجالس. وقد اخطأ الشرقيون هذا الطريق بسبب الجهالة التي عمت الأمم الشرقية فلم يكن عند ملوكهم ثقة باعيانهم ووجهائهم ولا يحبون كثرة العقلاء خوفاً من التغلب الذي يحلم به كل ملك شرقي وهو وهم لا حقيقة له ولذا نراهم إذا نبغ في ممالكهم أناس وضعوهم تحت سوط التضييق حتى يبغض الغير طريق العقلاء والنبهاء فراراً من الوقوع فيما وقعوا فيه من البلاء والعناء. السبب السادس الفرعي انتجت تربية الأمم على المعارف أحداث أندية السَّمر والتجارة فاتخذت المجالس العديدة لاجتماع أهل الأفكار ممتزجين ببعض الضعفاء لينقلوا عنهم ويتربوا تحت أحضانهم وفي تلك المجالس تدور الأحداث على الأمم والممالك وأعمال الملوك وأخلاق العالم وتاريخ العمران فكانت هذه المجالس روحاً ثانية في جسد المملكة المتحرك بروح الوزراء والنواب والعمال وقد علم الملوك حسن مقاصدهم فلم يصيقوا عليهم بشيء يحول بينهم وبين مدارسهم الأدبية. والشرقيون اخطأُوا هذا الطريق وجعلوا مجالسهم قاصرة على الغيبة والنميمة والسعي في أذية فلان ومعاكسة علاَّن والتحاسد والتباغض وتقبيح بعضهم بعضاً واللهو واللعب

وانقطعوا عن العالم بالمرة ومنهم من اقتصر على الإقامة بين أولاده ومنهم نفر قليل اشتغلوا بالمعارف واضطرهم تيار المجتمع المدني إلى الانحدار معهم في غالب الأوقات وقلَّ أن يجتمع جماعة للبحث فيما ينفع الأمة أو الدولة لعلم العقلاء إن أبحاثهم غير معوَّل عليها ولا ملتفت لانصراف معظم الأمة إلى الشهوات فهذه هي السباب التي قدمت أوروبا ونشرت ألوية التقدم في جميع جهاتها وبالوقوف عليها عرفنا العلل التي أخرت الممالك الشرقية على اختلاف مواقعها وأوقعتها في فخاخ أوروبا وعلمنا أن الدين الإسلامي والأديان الشرقية لم تكن السبب في التأخر كما يزعم كثير من الطائرين حول دهاة أوروبا بل أن الدين الإسلامي كان السبب الوحيد في المدينة وتوسيع العمران أيام كان الناس عاملين بأحكامه. والجوُّ هو هو الذي كان فيه المتقدمون من المصريين والفنيقين والفرس والهنود والعرب والترك وقد تحققنا أن التأخر إنما جاء من تعميم الجهالة باغضاء الملوك عن وسائل التعليم والتضيق على أرباب الاقلام والأفكار وبعد الاغنياء عن الجمعيات وتقاعدهم عن ضروب التجارة والنصاعة والزراعة ورضاهم بالبقاء تحت الشهوات فإذا أطلق الملوك حرية الأفكار والمطبوعات تحت المرابة وبذل الأغنياء الذهب في حياة الصنعة وتعميم المعارف في المدن والقرى ومساعدة العلماء على الرحلة خلف حياة العلم واجتمعت كلمة الملوك والوزراء والأمم على السعي خلف التقدم أمكنهم أن يوقفوا تيار أوروبا شيئاً فشيئاً حتى يضارعوها قوَّة وعلماً. وإلا إذا تركوا هذه الأسباب وبقوا على ما هم فيه من التقاطع والتحاسد والجهالة كان من العبث في الاندية وتمشدقهم بقول بعضهم لبعض بم تقدم الأوروبيون وتأخرنا والخلق واحد.

مدرسة البنين

مدرسة البنين نديم وحافظ . ن. حفظت الدرس الماضي. ح. نعم واحب أن تعلمني الصلاة كما وعدتني. ن. قبل الصلاة يلزمك تتعلم كيفية الطهارة. إذا كانت ثيابك نجسة يلزم أن تظهرها بالماء حتى تزول عين النجاسة ورائحتها إن كان لها رائحة ولونها إن كان لها لون ظاهر في الثوب. ح. والنجاسة التي يزم تطهير الثوب منها ما هي. ن. هي البول والعذرة سواء كانا من إنسان او حيوان عندنا معاشر الشافعية ودم الحيض والنفاس ودم الجروح والخمر ولمس الكلب المبتل والخزير أو بيد مبتلة فكل هذه نجاسات إذا تلوث الثوب بشيء منها لا يظهر حتى يغسل وتزول النجاسة والنجاسة الكلبية تغسل سبع مرات منها مرة بالتراب. ح. البول ليس له لون وكذلك الخمر إذا كاانت غير ملونة فكيف نعرف طهارة الثوب منها. ن. عن كان لها رائحة فتغسل حتى تذهب وإن كانت خالية من الرائحة فتغسل حتى يغلب على ظنك إزالتها ويكفيك ان تصب الماء على الثوب المتنجس بهذه النجاسة حتى تذهب النجاسة. ح. إذا كان الإنسان ماشياً في الطريق وحيوان يبول فأصابه رشاش هل ينجس ثوبه. ن. إذا كان الرشاش يرى بالعين الصحيحة ويحس باليد تنجس ويلزم غسله وإذا كان لا يرى ولا يحس يعفى عنه. ح. إذا كان الإنسان في زمن الشتاء والأرض فيها وحل او ماء راكد وأصابه شيء من الوحل أو الماء يصنع. ن. مثل هذا يعفى عنه وإن كان نجساً لأن الإنسان لا يمكنه الاحتراز عنه فالشرع خفف عنا ولم يلزمنا بغسل ذلك إلا إذا كانت تحب

أن ثوبك يبقى نظيفاً دائماً فاغسله وإذا تعذر عليك الغسل او لم تجد ماءً يكفي الغسل والوضوء فصل بأثر الوحل والصلاة صحيحة. ح. وذا تقيأ الإنسان وأصابه شيء منه ماذا يصنع. ن. يغسل الجزء الذي يصيبه القي فإنه نجس لنه خارج من المعدة فحكمه حكم الخارج من أسفل الإنسان. ح. على هذا يصير الفم نجساً أيضاً. ن. نعم ويكفيك ان تتمضمض حتى يزول أثر القيء منه. ح. ورمص العين ووسخ الآذان نجس أيضاً. ن. لا بل هما طاهران والعرق كذلك طاهر وإن كانت رائحته كريهة بل لو كانت رائحته رائحة العذرة فإنه طاهر لا ينجس الثوب ولا البدن وإنما إذا كان الرمص في العين قبل الوضوء يلزمك غسله لئلا يبطل الوضوء لأنه يكون حائلاً بين الماء وبشرة لجفن أو الماق وفضلاً عن كونه حائلاً فإنه ضار بالعين مشوه للوجه أمام الناس وإذا كنت عرقاناً عرقاً له رائحة يلزمك الاستحمام لئلا يتضرر الناس برائحتك فتكون مبغوضاً عندهم ينفرون من مجالستك ومع لك فإن تراكم العرق على الجلد يسد المسام ويحدث أمراضاً صعبة فيلزمك تنظيف بدنك ليكون التنفس الجلدي مستقيماً ولابد من غسل الإفرازات الجلدية لنظافة البدن والتحفظ على الصحة. ويلزم أن لا تتهاون في الأشياء الطاهرة الملوثة للثوب مثل الطين والتراب ووسخ الجسد فإن وساخة الثياب تضر بالصحة وتنفر الناس منك وتصيرك في حالة الازدراء فيلزم أن تكون ثيابك نظيفة طاهرة على الدوام ولأجل التحرز من النجاسة عند قضاء الحاجة يلزمك أن تقعد لقضائها إن كان في الخلاء أو في المرحاض لئلا يصيبك رشاش البول إذا بلت من قيام ولا تقعد في مهب الريح لئلا يرد عليك البول فينجس ثيابك

ولا تبل في الطريق لشلا تؤذي الناس وتنجس نعالهم وربما كان في المارين امرأة فتستحيي من المرور عليك ولو كنت مستور العورة على أن البول في الطريق وقاحة وتشبه بالحيوان البهيم إلا إذا كان في محل معد لذلك فلا بأس به. ح. وإذا احتلمت وتلوث الثوب بالنطفة هل يتنجس. ن. أما عند الشافعية فإنه لا يتنجس لأن هذا الماء طاهر عندهم وإنما يغسل الثوب تنظيفاً وعند المالكية يجب غسله لأنه نجس وعند الحنفية أن كان طرياً يغسل وإن كان طرياً يغسل وإن كان جافاً يفرك وعلى كل مذهب يجب عليك الغُسل وهو أن تعم جميع جسدك وشعرك بالماء وكذلك عندما تتزوج كلما باضعت زوجتك يجب عليكما الغسل فإنه لا تصح لك صلاة ولا يجوز لك أن تقرأ القرأن أو تمس المصحف أو تطوف بالبيت في الحج إلا بعد أن تغتسل من الجنابة بنية التطهير منها. ح. ماذا أقول في نية الغسل. ن. تقول نويت رفع الحدث الأكبر أو نويت استباحة مفتقر إلى طهارة فإذا اغتسلت بلا نية كان الغسل باطلاً وبقيت على جنابتك. ح. وهذه الأحكام تلزم بطرس ورحمين صاحبي. ن. هذه من احكام ديننا الإسلامي وأما بطرس ورحمين فإن لكل منهما رئيساً دينياً يأخذ عنه أمور دينه ويعلمه الواجب عليه إنما النظافة الاعتيادية تلزمهما كما تلزمك فيجب عليهما تنظيف جسدهما في الحمام أو الاغتسا في البيت وتنظيف ثيابهما لأجل حفظ صحتهما وعدم تضرر الناس منهما ولا تنسى اسنهما بالنظافة وحسن الثياب فإن النفس تسر بما تراه من حسن هيئة البدن والثياب وتنقيض بالوساخة والروائح الكريهة فالدين ليس بشرط في النظافة والتجمل باحسن ما عند الإنسان عند

مدرسة البنات

خروجه إلى المجالس العامة يولزمك أن تنبههما على ما يلزم من هذا القبيل فنهما ابنا وطنك وانسانان مثلك والدين لا يمنعك من نصح غيرك وإرشاده فيلزمك أن تحافظ على دواعي الألفة ما دمت في المجالس العامة فإذا جاء وقت العبادة ذهبت إلى المسجد وذهب أشغالكم بلا تنافر ولا أضرار فإن الحقوق كل إلى الكنيسة وبعد العبادة تعودون لتناول أشغالكم بلا تنافر ولا أضرار فإن الحقوق المدنية تقضي عليك بأمور كثيرة سابينها لك في الدرس الآتي إن شاء الله تعالى. مدرسة البنات حفصة وبنتها سلمى . ح. أنا شايفاك بتغسلي هدوم أخواتك ويَّا هدوم أبوك أنت ما تعرفيش أن هدوم أخواتك نجسة ولما تحطيهم في المية ينجسوها وينجسوا الطشت. س. أُمال اعمل ازَّاي. ح. تمسكي هدوم أبوك تغسليها لوحدها وكل ما تغسلي فم تحطي الميهَّ في طشت تاني لأجل تغسلي فيها هدوم العيال وإن ما كنشي عندك إلا طشت واحد تغسلي هدوم أبوك فُم وتطلعيهم وتحطيهم في جنب وتجيبي هدوم أخواتك تغسليهم في الغُسالة وبعدها تشاهدي ايدك بشويَّة ميه وتميلي الطشت وكل ما تحطي فيه ميهَّ تتنجس وتنجسي هدوم أبوك وتبقى عبادته بطالة وذنبه في رقبتنا. وقبل ما تنشري هدوم أبوك تشاهديهم فم تخلي الهدمة في أي والكوز في ايد وتصبي عليها وهيَّا بعيده عن الطشت وإلا أن كان عندك حنفية ميه تمسكي الهدمة تحتها

لما تجري الميه وتعصر بها وعندما تنشريها تمسحي الغسيل احسن يكون عليه تراب يعوص الهدوم أو عليه وسخ عصافير ينجسها ويوسخها وبعد ما ينشفوا ان كان عندك جندرة تجندريهم طيب ولا تتكِّيش عليهم بالجندرة احسن تدوييهم قوام وتصبري عليهم لما يتهوُّوا بعد الجندرة وتشيليهم لحسن ما تحطيهم وهمَّا طريين يعفنوا من الرطوبة وتبى ريحتهم وحشة. وإن كان عندك هدوم مصبوغة حطيهم لوحدهم وحطي الهدوم البيض لوحدهم احسن يمكن تنضح عليهم الصباغة. وتخلي هدوم جوزك الجوخ ولا الحرير على طولها يا في صندوق طويل يا في الدولاب احسن تتكسر ويمشي بها وهيَّا متينه في وسط الناس وإن كان افندي بعد ما تغسلي القمصان تكويهم وتحطيهم في حاجة نضفيه وتشيليهم. وعند ما يقلع جوزك هدومه تنفضيهم حالاً وتمسحيهم بالفرشة وإن كان فيهم بقعة ولاَّ حاجة تمسحيها حالاً وإن لقيت فيهم شرط ولاَّ فتق تخيطيه ولا تشيليهمشي إلا وهما أربعة وعشرين قيراط وان كان جوزك جاي لحاجة وطالع برضه قبل ما يطلع تنفضي هدومه وتمسحيهم وهو لابسهم ولا تخلهشي يطلع وهو ازي الشمامة وإن كان المنديل وسخ تغيريه له ولا تخلهشي يقول لك هات منديل أو غيرير لي قميص. انت اللي تعملي دا كله من عقلك خليه يحبك ويحطك في عينه زي الكحل لما يشوفك نضيفه وملتفته له في كل حاجة. س. وحنونة يلزمها دا كله ولاَّ يلزمهاش على شان اقول لها تبقى عارفة الواجب عليها للراجل. ح. شوفي يا سلمى يا بنتي كل اللي اعلمه لك من أمور البيت وترتيبه والواجب عليك للراجل واللازم لأولادك واللازم للبسك

وفرشك يلزم تعلميه لحنونة فإنها زيها زيك بس تفترق بالدين انت مسلمة وهيَّا نصرانية فاللي اعلمه لك من أور دينك اعرفيه لوحدك وهيَّا اهيّا بتتعلم أمور دينها من القسيس وأمها كمان بتعلمها على قدّ ما تعرف. س. بقى يلزم تطهرَّ هدوم جوزها زينا. ح. هيّا ما هيَّاش رايحة تغسل هدوم جوزها آهو يلزمها تنضفها طيب فان الغسيل ما فيهشي نصرانية ومسلمة دا واجب على كل واحد ينضف نفسه وان كانت عندنا الحاجة تبقى بنجسه وعندهم ما هيَّاش نجسه كل حي ودينه وأما النضافة دي عمومية يا بنتي. س. بس لما نقعد نتحدّث ويا بعض هيا تحلف بالعدرة وأنا احلف بالنبي اقوم انغاظ منها. ح. تنغاظي ليه يا حبيبتي ما هو دينها كده وكل إنسان يحلف على قدر دينه يعني أنت يا سلمى تعرفي النبي بتاعنا. س. أمال موش أبويا قال لي اسمه سيدنا محمد بن عبد الله. ح. لما اعلمك كمان النبي عربي وانولد في مكة وهاجر إلى المدينة المنورة ومقامه يزوروه الحجاج وهو اللي نزل عليه القرآن واللي علمنا الصلاة والصوم والزكاة والحج وأمور ديننا وعمره ما كدب كذبة ولا خان في حاجة ولا خبى عنا حاجة قال له عليها ربنا وكان فصيح جميل يعاشر كل إنسان على قد حاله عُمر العيبة ما تطلع من حنكة قعد طول عمره يعلم الناس النضافة والظرافة والأمور الطيبة ولما كان حد يغلبه وكان يقعد يعلم النسوان والصغار والعبيد وياكل ويَّا الخدامين والعبيد والفقرا والناس العياَّنين وما كان يخلي فوس ولا دهب ولا فضة إلاَّ لما يفرقها على الناس لا يخلي في بيته حاجة لأنه ما كانشي عاوز من الدنيا حاجة بس عاوز الناس تتعلم وتعرف ربها وترجع عن الأمور البطالة

ويمشي كل واحد في حالة لا حد يؤذي رفيقه ولا جار يطلَّع لجارته ولا صاحب يخون صاحبه ويبطلوا السرقة والقتل والفلت ويسيروا زي الأخوات حتى النصارى اللي كانوا يجوله ما كان يؤذي حد منهم ولا يعيب عليهم وكان يكلمهم باللسان الحلو والكلام الطيب ويبنه على الناس ما حدش يؤذيهم وكان جميل عيونه سود لا هو طويل ولا هو قصير ولا نحيف ولا سمين يبتسم ولا يأهأ شي وكان يستحي من كل إنسان وإذا قعدوا النسوان في مجلسه ما يشيل عينه في واحدة منهم وعلى شان يعلم الناس الأمور الكوسة كان يحلب النعجة بايده الشريفة ويساعد الخدامة ويخيط مركوبه بايده ويجيب حاجته من السوق بايده وشوفي بقى لمَّا يبقى سيدنا جبريل يخدمه وهو يخدم نفسه وأهل بيته هوَّ رايح يبقى احسن من كدا ولاَّ طبع الطف من كده خليكي عارفة صفات نبيك وأوعي تنسيها احسن الواحدة من أن ما كانشي لها دين يلعب بها الشيطان في كل حاجة وإن كان حد يجيب سيرة الانبيا التانيين قدامك إِوعي تعيبي في واحد منهم احسن كلهم خيرنا وبركتنا وأسيادنا. يوم من دول تقول لك حنونة سيدنا عيسى تقومي تعيبي فيه بكلمة تكفري احسن دا نبي عند نازي سيدنا محمد وربنا نزل عليه كتاب اسمه الانجيل وكان مشيه زي مشي النبي بتاعنا وكان لطيف يخاطب الناس باللي يعرفوه ويلاطفهم كتير قوي وعمره ما شتم حد ولا عمل حاجة تغضب ربنا ولحد ما رفعه ربنا للسما ما بطَّل الوعظ في الناس ولا نصيحتهم ولا رجع عن تعليمهم الأمور الطيبة فاللي يعيب فيه منا يا مسلمين يكفر. س. وإذا كانت حنونة تعيب في

الللآلي السنية في الأصول الحسابية

النبي بتاعنا. ح. بقى سوفي احنا عندنا كل الانبيا على حق واللي يعيب في واحد منهم يكفر آهو سيدنا محمد زي سيدنا عيسى زي سيدنا موسى زي سيدنا ابراهيم زي غيره من الانبيا ونؤمن بهم كلهم وهمَّا بشقة اليهود يآمنوا بسيدنا موسى ولا يآمنوش بسيدنا عيسى ولا سيدنا محمد والنصارى يآمنوا بسيدنا عيسى ولا يآمنوش بسيدنا محمد آهو يا بنتي كل إنسان على دينه وليه انت تعيبي في دينها ولا هيَّا تعيب في دينك لا أنت رايحة تبقي نصرانية ولا هيَّا رايحة تبقى مسلمة وبس تخسروا بعض وتصيروا اعادي على قلة قايدة خليكي انت زي ما اعلمك وتملي اتكلموا في الخياطة وشغل الابرة والنسج وحاجة البيت ولا تتكلموش في الديانة وربنا يهديك يا بنتي ويطعمك روحي افتحي عينك وخليك ويَّا رفقاتك البنات بالأدب والحشمة احسن دا الكمال ما فيش احسن منه. الللآلي السنية في الأصول الحسابية هو كتاب نفيس في علم الحساب وضعهُ الفاضل الماهر محمد أفندي شكري معلم الرياضة بالمدارس الأهلية وهو جزأن انتهى طبع الجزء الأول منه فبلغ 216 صحيفة والثاني جار طبعهُ وهو كتاب جليل في بابه وضعه حضرة المؤلف وضعاً جميلاً معتنى به لا يستغني عنه تلميذ وقد جعل ثمنه 15قرشا صاغا وهو يباع بطرف مؤلفة باسكندرية وبادارة جريدة مرقى النجاح الغراو باشهر كتبيات البيع فعلى من اشتغل بتعلم الحساب الحصول عليه قبل تصريفه. عبد الله النديم

العدد 16

العدد 16 - بتاريخ: 6 - 12 - 1892 إِنَّمَا يَقْبَلُ النَّصِيحَةَ مَنْ وُفِّق أيها الشرقي ـ نمت حتى إذا سمعت الصيحة تنبهتَ ولكني اراك مذعوراً مدهوشاً وقد اختلفت كلمة الدعاة فاذنك ملأَ بعبارات متناقضة أفكار متضاربة وأنت متردد بين المنافقين وطبيعتك المائلة بك إلى مماثلة الأجناس علماً وشرفاً. لا تأُس فان معك من اخوانك الوفا من الأفاضل العقلاء والملآء الذين ينفقون أموالهم في سبيل الصلاح والإصلاح والبلغاء الذين اقاموا أنفسهم خدماً بين يديك ليرشدوك إلى سواء السبيل والاستاذ أضعف أخوانه الشرقيين وأحوجهم إلى الاستمداد من أفكارهم العالية احب أن يكون خلف الناصحين ليخدمك بقدر ما يمكن ويبين لك بعض ما اقتبسه من حكم اخوانه واكتشفه من خفايا وضعائك المصطنعين فاسمع وقيت الشر وكفيت السوء ـ أحسن ما اتخذته قاعدة تبني عليها تقدمك الهدوء والسكون والبعد عن أهل الفتن. وأفضل أساس تضعه لعمار بلادك تعاونك

باخيك على تمهيد طرق التقدم. اياك أن تظن ان التقدم موقوف على ثورة تريق فيها الدماء فإن من زين لك هذا العمل فقد أضلك وأسلمك إلى الغير. لا يتوقف التقدم إلا على قطع الأضغان وترك التنافر بالدنيئات وجمع الشتيت مما تفرق من الأجناس الشرقية ولا يكون ذلك إلا بالتربية على الآداب ومكارم الأخلاق. وليس القصد بهذا الجمع أن تثور في وجه الأجانب مزحزحاً لهم عن أوطانك بل القصد أن تشابه الأجنبي في سعيه العلمي والتجاري. ولا تنظر لسوء تأخرك فتيأس من الوصول إلى التقدم المطلوب واعمل من الأعمال ما يكون كالأساس لم يأتي بعدك فتكون كمن غرس لغيره فجنى والفضل للغارس. وإلا فإنك إن دخلت باب اليأس وأنت أنت فكراً ونظراً جاء من بعدك قانطاً مستسلماً لأهل التقدم استسلام ضعف وذلة. وإذا رأيت مصرياً أو سورياً أو تركياً أو هندياً أو فارسياً أو مغربياً يوقع النفرة بينك وبين جنس شرقي كأّن تكون مصرياً وترى شرقياً ينفرك من السوري أو التركي فاعلم أنه يشتغل لغيره ويريد ن يأكل خبزه مؤتدماً أن اهاجك للفتنة أو بثروتك إن اسلمك إلى الغير بشقاشقه. فلا تغرنك عبارته العربية ولهجته الشرقية فما هو إلا شرك نصب لتصاد به فاضرب بما يسميه نصحاً ووعظاً حائط الإهمال والإهدار واستمسك بمحبة أخيك السوري أو التركي أو الفارسي أو غيره فما ارجعك عن طريق التقدم إلا اغترارك بالمصطنعين وأقوالهم. وإذا كنت في مصر ورأيت من يميل لمس حق من حقوق اميرك الخديوي الأفخم ويوهمك أن صالحك موقوف على ذلك فارفض قوله وحذر قومك منه فإنما

هو خادع غاشٌ بل عدو مبين واستمسك بحبل الانقياد إلى أميرك واملأ باطنك بحبه وأَخلص في خدمته فلا حياة لك إلا بحياة سلطته ولا شرف لك إلا بشرف وزرائه الحافظين لنظام حكومته. وإن رأيت تركياً يستهيج سورياً أو سورياً يحرك شامياً فابذل لهما النصح وذكرهما بحاجتنا إلى السكون وقطع عروق الفتن الداخلية وبعدنا عن كل ما يوجب تداخل الغير في شؤننا. وإيا أن يحملك الطيش على أن تسيء معاملة أجنبي استوطن بلادك أو اجتاز بها فتجلب الدمار عل بلادك بل عامل كل مستوطن في بلادك بالحسنى فإن أوروبا لا تلتمس من الأعذار عن تداخلها في الشرق إلا دعوى همجيتنا وعدم استعدادنا للقيام أمام بمواد العمران وضروريات المدينة فإن أسأت أجنبياً مستوطناً بلادك فقد قويت دعواها وساعدتها على فتح باب التداخل وإن رأيت من يطعن في سلطانك أو يستميلك إلى غيره من الشرقيين فاعلم أنه أجنبي وأن اتصل بك نسباً وقرابة. وما ضر الشرق وفرق جمعه وبدد مالكه إلا امثال هذا فاقرب من الأفعي ولا تقرب منه فإنه تاجر يتجر ببيع الأرواح بثوب ولقمة. ولا إزال أكرر عليك لزوم الهدو والسكون وحفظ حقوق الوطنيين والغرباء والأجانب واستعمال الرفق واللين مع الجد في إحياء العلم والصنعة وتقدم الزراعة في مثل مصر التي وقفت ثروتها على خدمة تربتها. واعلم أن أفاضل الشرق لبسوا قليلين حتى نستبعد الوصول إلى معارف أوروبا أو إلى مبادئها أن قصرنا ولكنهم يحتاجون لشد ازر بعضهم بعضاً في فتح محال التعليم وتكثيرها في المدن والقرى. فاجتهد في تعليم الأبناء ودع العلم يطالب بمجد الجنس وشرف الشرق فالبعثة العلمية خير من البعثة الحربية ولا شاهد

مدرسة البنين

أكبر مما نشاهده من قوة أوروبا بقوة علمائها. هذه نصيحتي إلى كل شرقي سمعها مسلماً كان أو مسيحياً أو اسرائيلياً او غيره يقبل النصيحة من وفق مدرسة البنين نديم وحافظ . ح. وعدتني فيا لدرس الماضي أن تعلمني شيئاً من الحقوق المدنية وها انا مستعد للتلقي فتفضل بما تسمح به النفس الكريمة. ن. اراك قد ترقت أفكارك ودخلت في طور أدبي وصلت إليه باحتكاك أفكارك في أفكار أخوانك التلامذة المتنورة بمصباح الأساتذة القائمين بنقلهم من الجهالة إلى العالمية فيجب عليك أن تعرف قدر نعم أشياخك ومعلميك وتحترمهم إذا حضروا وتثني عليهم إذا غابوا كما يجب عليك أن تحفظ حقوق إخوانك التلامذة الذين معك في مدرستك والمتعلمين في مدرسة أخرى وطهر باطنك من بغض أبناء جنسك فإذا رأيت أحداً متقدماً عليك في الدروس فبدل أن تحسده وتسعى في اضراره تمنى له النجاح لتنتفع به وجد لتدركه. وإن ذكر امامك واحد من أبناء جنسك فتلطف في ذكره بخير وإن ذكر الغير له معائب فادفعها بأدب واذكر محاسنه وآثاره وشرف عائلته ومجده في سيرة فإنك أن جريت على أفكار الغير وذممت أخاك فقط قطعت الوصلة التي بينك وبينه ومكنت الغير منك ومنه فهو يلعب بك وبأفكارك متى شاء ولا تجعل محبتك لأخيك طريقاً لبغض غيركما فإن المجتمع الإنساني قاض بالتنام الأجناس ووقوف كلٍ عند حدوده وانتفاع كل جنس بمزايا

الآخر وفوائده العامة وقد ملئ الشرق عموماً وبلادك خصوصاً بالأجناس المتنقلة خلف التجارة والتماس الرزق فيلزمك أن تعامل الناس معاملة العارف بحقوق المدينة الحريص على حفظ الخصائص الوطنية ولا تسع في ضرر الغير لئلا تجلب على نفسك وأخوانك الدمار وتمكن الغير منك ولا تسكت عن نصح إخوانك وتعليمهم كل ما تتعلمه منى ومن أساتذتك لتكون مدرساً أيضاً تعلم العاجزين عن دخول المدرسة أو المتخوفين منها فتحثهم بمعارفك وآدابك على دخولهم معك في أماكن التعليم. واحرص على استجلاب رضا والديك بالتأدب معهما والتلطف في مخاطبتهما والإسراع في إجابة طلبهما والبعد عما يكرهانه وإياك أن تظهر النفور من أمر يأمرانك به بل إذا أمرك احدهما بأمر ورأيته ضاراً بك أو به أو مخالفاً للأدب أو مغايراً لما عليه أبناء جنسك أو خارجاً عن حد طبقتك فتلطف في رده بتبيين السبب والضرر. ولا تقبح لها عملاً خاصاً بهما وإن رأيته موجباً لمؤاخذة أو لعار فاسلك طريق الالتماس والرجاء مع الخضوع والخشوع ليكون رجاؤك مقبولاً مثلاً إذا رأيت والدك يأكل وهو ماش فلا تقل له إن هذا شأُن الرعاع وعادة الأوباش فتنفره منك وربما قطعت ما بينك وبينه بهذه العبارة الخشنة بل قل له إن بعض الناس كان عند القاضي يترافع مع شخص في قضية واورد الشهود على حجة دعواه لعدم وجود ما يبطلها ومن وقت ما علمت ان الأكل في الطريق مسقط للعدالة مضيع لاعتبار الإنسان عند القاضي ما أكلت شيئاً في

الطريق حتى إذا اشتريت لب البطيخ الذي يأكله الناس في الطريق فإني استحيي من اكله ماشياً لئلا يسقط عدالتي وهكذا كلما رأيت منه أمراً مخالفاً تلطف في تفهميه ما فيه من القبح أو لعيب وهو ينتبه لتركه وتكون نصيحتك بهذه الصورة أوقع في النفس من التشنيع عليه الذي ربما صار اغراء على الفعل واستشر والديك في أمورك الخاصة بالبيت لتدخل عليهما السرور بارجاع أمر البيت إليهما ولو تخالفهما في مشورتهما إذا رأيتها غير نافعة وتعتذر لهما عن العدول عن رأيهما. واحفظ اسرارهما فإنها عورتك التي إذا ظهرت كان عارها عليك. واستر عيوبهما فإن مجدك الأولى مربوط بمجدهما وإذا ارتفعت لدرجة ثروة أو رتبة فارفعهما معك بتحسين ثيابهما وإجلال قدرهما وإبعادهم عن كل ما يعيرك به متتبع لعيوبك. وتغافل عن هفواتهما معك حتى إذا تمكنت من تنبيههما فتلطف في ردهما واحرص على تعليم إخوانك التلامذة هذه الفضائل ليكون مجموع الجنس في فضيلة واحدة. والتزم الصدق في أقوالك فإن الرجل إذا كذب كذبة وعلمت الناس ترقبوه فإذا كذب ثانية سقط اعتباره وأهدر حديثه الصدق وعدَّ كذباً حتى لو حلف لهم على أمر فإنهم لا يصدقونه. ح. إني إذا قلت الصدق في كل شيء تتعطل عليَّ أموري فإن الإنسان يجب ان يكذب ليروج كلامه عند السامع ويقضي له حاجته. ن. هذا عين الخطاء في الفهم فإن الإنسان يقضي بالصدق ما لا يقضيه بالكذب حتى لو وقع في جناية وأُخذ بها لإقراره فإنه اكتسب شرفاً يفوق ما كان يتمناه لو كذب على أن الإنسان إذا احتال لوقائعه فإن احتياله الجزئي لا يقدح في

صدقه الكلي فإن ما يوجب الاحتيال وقائع يندر حصولها فلا تؤثر عادة المرء التي رفعته بين قومه والمطلوب عنه هو استعمال الكذب لقضاء الأوطار به أو لغش الناس أو لإيقاع الفتن والبغضاء بينهم أو لإفساد طائفة أو غير ذلك مما هو قبيح عند كل إنسان. وإياك أن تسرق دفاتر اخيك أو قلمه أو دواته أو شيئاً مما يختص به فإن اقبح عيوب الإنسان السرقة واللصوص إنما الفت السرقة بالتعود والانتقال من سرقة البيضة إلى سرقة الفرخة ومنها إلى الخروف إلى الثور إلى الهجوم على البيوت فطهر نفسك من هذه الرذيلة وعودها على الأمانة حتى لو خانك إنسان في شيء فلا تخنه أنت لأنك استقبحت عمله وعلمت أنه نقص فيه فكيف ترضى بالقبيح والنقص بعد ذلك. ح. وإذا شتمني أحد أخواني ماذا أصنع. ن. أنت تعلم أن الشتم قلة حياء وبذالة لسان ولا يرضى هـ إلا الدون من الناس فإذا شمتمته في مقابلة شتمه فقد ساويته في رتبته وجرأته عليك وحرضته على التوسع في الشتم وافتراء القبائح إليك فالأحسن أن تسكت عنه سكوت حلم فإنك تخجله وتسكته عنك فإذا اعتذر إليك فبادر بالسماح وبش في وجهه والتمس له ما لا يلتمسه من الأعذار فإنك تأخذه أسير حلمك وتلطفك معه وتصيره حبيباً بعد أن كان عدواً فلا يعود لشتمك مرة ثانية حتى لو كنت في المدرسة فلا تبادر بشكواه إلى الضابط واستعمل الحلم معه أولا وثانياً فإن رجع فقد غنمته وإن استمر كان سفيهاً ينبغي أن يؤدي فارفع أمرك إلى رئيسك المتولي أمرك ودعه يؤدبه بما يشاء. وكما تكره شتم غيرك لك فإن الغير يكره شتمك له أيضاً فإياك أن تطيل لسانك على أحد أو تقبح عمل أحد بغير حق

أو بتشنيع عليه أو تغري إنساناً بإنسان ليؤذيه ويضره انتقاماً منه أو تجعل نفسك بمنزلة جاسوس لغيرك تنقل له أخبار الغير فإنها حالة مستقبحة عند كل إنسان ومتوليها مسترذل مبغوض لا يكلمه أحد إلا اتقاء شره وحسب الإنسان نقيه أن يعامل بالحسنى دفعاً لشره لا رغبة في ذاته وآدابه. ح. اراك تعلمنا هذه الدروس وغيرك من المعلمين يعلمون علوماً شتى بين ابتدائية وعالية ولكني مع صغر سني أكره بعض الأمور تصدر من بعض الأفاضل فإني كثيراً ما اسمع بعض أناس ممن انتسبوا إلى العلم يسهرون مع أبي فإن ذكر عندهم عالم أو معلم قبحوا سيره وجهلَّوه وعدوا حسناته سيئات وافتروا له ذنوباً وعيوباً ولم يردهم علمهم عن هذا الطريق القبيح فهل المقصود بالتعلم أن يصير الإنسان جراباً ملئ علماً مع عدم تأثير العلم في أخلاقه وإذا كان القصد أن يصير الإنسان بهذه الصورة فأي حاجة للعلم وقد ضاعت ثمرته ولم يمعل العالم بعلمه. ن. إن ما ذكرته ليس أمراً مطرداً في كل فاضل معلم وإنما يوجد فرد أو فردان في كل اقليم تحكم عليه دناءة الأصل وكبر النفس أن يوحد العالمية في ذاته ويجهل غيره ومن اتصف بهذه الصفة تراه ممقوتاً بين الناس مطالباً نفسه بما ليس لهُ بأهل وإلا فإننا لم نر معلماً إلا وهو متحل بأحسن حلية صاغتها الآداب والمعارف وله أخلاق يعشقها كل من خالطه وعاشره وقد بعد كل فاضل عن ذم الناس والوقيعة فيهم لعلمه قبح هذا الأمر ولتصديه لتعليم الفضائل والتحذير من التلبس بالرذائل فإياك أن تقع مرة ثانية في حق المعلمين الذي هم أرواح الأمم أو أن تقيس الأمة على فرد منها وما حملك على ذلك إلا صغر سنك وعدم اختلاطك بالناس وستكبر

مدرسة البنات

إن شاء الله تعالى وتتأهل للدخول في مجالس العلماء وترى من محاسن أخلاقهم ولطائف آدابهم وحسن معاملتهم وتلبسهم بكل فضيلة ما يحقق لك هذا الذي أقوله لك الآن. ح. أحب ان ترخص لي في التوجه فقد أمرني والدي أن أكون عنده وقت الظهر. ن. لا بأس من جعل الدرس ما تقدم ولكن احرص على ما فيه وأَتبع علمك العمل به أيضاً وسأقدم لك في الدرس الآتي ما يلزم من مسائل العبادة إن شاء الله تعالى. مدرسة البنات بهانه وست البلد . ب. الحمد لله على السلامة انت جيت ويَّا جوزك هنا. س. آى يختي. ب. وجوزك رايح يعمل أيه هنا لا هنا زراعة ولا قلاعه وإن كان رايح يشتغل في الفاعل دي حاجة ما فيهاش معاش اللي زيكم وأنت وأخده على الأكل ولاشرب الكتير. س. جوزي الفلاح ما طلقني من زمان وأنا دلوقت مجوزة بابن عمي ملازم عسكري بسم الله ما شاء الله عليه بس يختي ما اعرفش اعمل زي النسوان الحضر وخايفة يزعل مني ويطلقني ولاَّ يطردني على البلد تاني. ب. أنا أعلمك يختي واوريك كل حاجة بس اللي انت عاوزاه قولي لي عليه. س. اهو معانا حتى عيل ما احنناش عارفين نربيه ازاي. ب. بقى شوفي يا ست البلد يختي انتم يا فلاحين ما تعرفوش الوساخة من النضافة والواحدة منكم تفوق ابنها بدَّعفل في التراب لما يبقى عيضه وعينيه معمَّصة وجثته ممردغة في الطين والوحل والدبان على وشه لما يبقى حاجة تقرف.

ودا كله من عدم تربيتكم. س. يا ختي انت قاعدة في دار حلو الدنيا الصلا ع النبي عليها والأرض نضيفة والفرش نضيف والحيطان نضيفة واحنا عايشين زي البهايم الدار مبنية بالطين والأرض طين وشغلنا كله في الطين والواحدة منا تصبح تشيل الوحل على رأسها وتكنس الجله بأيديها ونومنا على قبة الفرن تحت الهباب في الشتا ولاَّ على السطح في الصيف بقى النضافة رايحة تجينا منين. ب. ودا كلام ايه اللي ما ينفعش ده ليه ما كناش فلاحين ولاَّ ايه انت شفت الحتتين الشيت والحتة الفرشة قلت ياما هنا ياما هناك. والنبي لما كنت في الريف كانت دارنا تشف وترف وأولادي زي الفل ليه يختي الواحدة حمارة خالص ولاَّما في عينهاش نظر انا كنت أدهك حيطان الدار بتاعتنا وازلطها لما اخليها زي النحاسة وكنت برضه أصبح اشيل وسخ البهايم ولكن قبل ما أعمل حاجة أرضعَّ الولد واصيَّره وامسح له وافرش له حبة قش رز ولاَّ شوية تبن ولا حبة دريس وإن كان ما فيش خالص احط تحته شوية حشيش اخضر لأجل إذا تقلب كدا ولاَّ كدا يبقى على نضافة وكنت اصبح اغسل له وشه طيب وكل يومين وتلاتة اسخن له حبة ميه واملط له جثته وصحيح ما كانش عندنا فرشة ولا حاجة لكن كنت كل يوم اجيب الحبة الديس افرشها على القبة ولا شوية بردي ولا حبة قش والصبح اطلعه واكنس القاعة وانضفها واطلع اشوف حالي وكل كام يوم اجيب الجريدة واهب السقف والحيطان أحسن ما ينزل علينا الهباب بالليل يوشخنا. وكنت تملي اكنس وسعة الدار ومصطبة الضيوف لما ما اخلي في الدار ولا حتى وسخة. وهدوم

الراجل ما كانشي عنده إلا خلقتين اغسل له واحدة ويسرح الغيط بواحدة يفضل يوسخ في اللي عليه إن كان عنده ري ولاَّ تلويط أرض رز ولا شغل في ترعه ولا مسقه ولما يجيني آخر النهار أخليه يغسل رجليه ويشطف وشه وألبسه الخلقة النضيفة وأخليه يطلع للناس غندور. ولم جينا البندر فضلت ابص للستات واحط عيني من كل حاجة يعملوها وأنا كل ما عملوا حاجة احطها في بالي لما اتعلمت وبقيت ست زيهم. ولما ربنا فتح لجوزي باب الخير وانعدل حالنا فضلت اتعلم من الستات ترتيب البيت والطبيخ والغسيل لما يارب لك الحمد عرفت كل شيء. وأنت يختي ادنت قاعدة ويَّايه وكل حاجة اعملها لك. وبس شوفي لما أقولك احنا لما كنا في البلد كان لنا طبع وهنا طبعنا بشقه إذا نده عليك الافندي بتاعك موش تقولي له مالك ولا عاوز ايه ولاَّ هه قولي له نعم يا سيدي ولاَّ نعم كده ولما يدل من برا تقابليه وأنت مبتسمة متكشريش في وشه احس الراجل اذا كشرت المرة في وشه يكرهها ويمكن يكون زعلان من حاجة بره ويجي يلاقيها مكشرة يمكن يطردها ولاَّ يضربها وإن قعد في محل جلوسه ما تقعديش في حضرته إلا بإذنه وإن كلمك في حاجة كلميه بحس واطي. تعرفي كلام الواحده اللي تقول عليها في الريف دي ساهية اهو دا الكلام الحلو هنا. وشوفي عادته ايه في الأكل والشرب إن كان عادته لما يجي من برَّا ياكل تعرفي معاده وتحضري الأكل وتخليكِ أَلِيصطه يبقى وقت ما يدخل دغري تقدمي له الطعام وإن كان له عادة يأكل ويَّا الضيوف تنزلي له الأكل في المضيفة وأوعي تباني من باب الحريم مش تقولي هنا زي الريف الواحدة تمشي

زي الداهية عَ البلد وشها مكشوف وخلقتها ما تسترها وحالها يلطف به ربنا. احنا هنا يا نسوان البندر ما نبقى عدلين وسيرتنا مسك إلا لَّما نستخبا في بيوتنا. وداليه اكمن رجالتنا غيارين قوي والديانة تحرم أن الواحدة يشوفها غير زوجها ولا تكلم حتى غير زوجها فتفضلي قافله بابك عليك ما تفتحيه إلا لوزك. وغن كان عادته لما يجي يشرب قهوة ولاَّ ينام شوية تعملي له زي عادته. وتملي تخلي بيتم نضيف. ولا تقوليش رجالة البندر زي رجالة الريف تقومي ترمري في الأكل وكل ما تاكلي لقمة يكون وياها بصلة ولا فجلة زي ما كنت في الريف تقومي تخلي ريحة حنكك وحشة والراجل ما يطيقشي يقبل عليك. ويكرم من سمع يمكن الواحدة يا الله السلامة كدا ولا كدا وهيا نايمة تقوم تعكنن الراجل بالريحة البطالة وتخليه يسخط عليها ولاَّ يضربها تملي خلي أكلك نضيف ويكون عندك حتى لبانه لما تخلصي من شغلك تحطيها في حنكك وإن ما كنشي عندك لبانه وحنكك حلو قبل ما تدخلي الفرش ويا جوزك تتمضضي ببق ميه لأجل إذا كان فيه نفس بطال وإلا على الأسنان وسخ ريحته وحشة يروح في الميه. وأوعي من النسوان الجرجارة اللي دايرين من الدار دي للدار دي احسن يفسدوا عقلك ويخربوا عليك البيت. احسن دول ما دخلوا دار إلا لما خربوها تجي الواحد منهم تقول لك تعالي نروح بين ست فلانة ولا ست علانة ولا نزور الشيخ الفلاني ولا نروح الحمام الفلاني متى خدت رجلك على بره خسرت وندمت ومرة في مرةيشوفك الراجل ولاَّ يأخذ خبر من الناس يايموتك من الضرب يا يطلقك. فاقفلي بابك عليك وأوعي تخلي حد من النسوان الوحشين دول يدخل

عليك. ولا تفكريش يا ست البلد أنك في الريف دي تطلب منك شوية غله ودي حتةسمنة ودي حبة رز ودي بغضش ملح ودي خلقه لما يشحتوك ويخلوا الراجل يقول بريه من عشيتك. هنا يختي كل شي بفلوس والراجل ما يبجي القرشين لما يشوف المر ففتحي عينك لحاجته ولا تفرطيش ولا في بصلة. في الريف غلتنا من الغيط وبصلتنا وفجلتنا ومخللتنا وخضارنا كل من الغيط والسمن والزبدة واللبن والجبنة من الجاموسة والكشكة والشعرية المحمصة كله عمايل أيدنا ما احناش حطين فيه لا أسود ولا أبيض وأما هنا يختي كل حاجة بالغلا والكوا وما حد بينفع حد. وإن جت لك واحدة حبيبه موش تقومي تنبهطي عليها وتجيبي لها اللي عندك كله. قدمي لها كل شي أن حصل تجبري بخاطرها احسن النسوان إذا استلينوا وحده يفضلون وراها لما يخلوها على الجريدة. وشوفي يا ست البلد رجاَّلة اليوم موش زي رجالة زمان الناس زمان كانوا يستحوا ويخافوا من الله ودقولت لا بقى حيا ولا وقار تلاقي الراجل من دول يمشي في السكة وعينيه للشبابيك زي عينين النوري وإن شاف واحدة ماشية في حالها يبقى بدو يأكلها فاقفلي شبابيك وإن كان لكم ستاي نزليهم على الشبابيك ولما تفتحي شبابيك أوضة النوم الصبح مدي أيدك وهيَّا ملفوفة في حاجة ولا تخليش حد يشوف طولك والواحدة منا ما تستغناش يوم من دول تفوت زفة على باب الدار ولا جماعة شحاتين معهم لعبة تقوم تحب تشوف فبرضة الواحدة تشوف وهيَّا مدَّارية في بيتها إن كان شبابيكها شيش ولا شمسية تقدر تبص من بين الخشب وبعضه وإن كانوا محرم ولاَّ مخروط عليهم حاجة زي ملاية

رسالة من الشيخ علي محمد سالم

ولا هدمه وتبص من تحت لتحت يعني الواحدة برضه تتفرج وهيَّا ست بيتها ما حد يقول أنا شفت لها عين ولا رجل. وأنت دلوقت ما بتشربيش دخان أوعي تقلي عقلك يوم وواحدة تديك سجراة تقومي تاخديها مرَّة في مرة تتعلمي شربه وتجيبي للراجل بلو لحده يبقى ما هو لاحق يوكلك ولا يشربك دخان وكمان يختي يخلي ريحة حنك الواحدة زي ريحة حنك الرجالة والست منا زينتها حلاوتها وشنتفتها وريحتها الحلوة. واسم الله عليها كده لما تقعد قدام الراجل تكح من الدخان زي العجايز ولاَّ لما تقعد وتطرطر السجارة في وش الرالج والنبي إنها قلة قيمة. ولكن يا ست البلد فيه ستات خدوا على كده ولا يقدروش يبطلوه مرَّة واحدة وربنا يتوب عليهم منه. س. يختي إن شاء الله عمري ما اعدمك وأنا لي مين غيرك يعلمني إلا أنت يا ام علي ان شاء الله ربنا ما يحرمني منك. ب. أنا احب ما علىَّ يختي ابقي تعالي لما تفضي وأنا أعلمك والنبي لبكرة تبقي ست ما حد زيك بس إن الله مع الصابرين. رسالة من الشيخ علي محمد سالم وردت لنا هذه الرسالة من حضرة الفاضل الشيخ علي محمد سالم بطنطا فنشرناها تحفة لأولي الألباب وتهنئة لمن تاب. قال اعزه الله بينما أنا في منزلي بعد ما فرغت من العشاء. وصليت العشاء وإذا بأقوام دخلو علي وهم يبكون ولا بكاء الخنساء. ويولولون ولولة النفساء. فقلت لهم من انتم لا كنتم فما اجابوني إلا بتقبيل كفي. ورجلي في خفي وقالوا نحن خامورجية ببندر طنطا جئنا في أمر يسير وما هو عليك بعسير.

وهو أننا قد كتبنا عرضحال. عما عرض من سوء الحال. ونريد أن نقدمه للحضرة النديمية. لعل نبلغ بها منه الأمنية. ورأّينا ان يكون التقديم بواسطتكم تحت عنوانكم والجاري ف الخير كفاعله. فقت لكم ذلك وإن كنتم لستم من أهله وقبائله ـ وهذه صورته بنصه (صورة عرضحال خامورجية بندر طنطا) مقدموا هذا خامورجية بندر طنطا الذين يقيمون الآذان في مالطا افندم أننا كنا أكثر الناس في الليل جنوداً. ومعاملة ونقوداً. كانت تأتينا السكارى من عمد. ومشايخ بلد. ومن دولة سي خفَّت. على جنس (شكلك يبهت) وأرباب الرواتب. وأصحاب النكت والغرائب. فيدخلون علينا من كل حدب. بغاية الخضوع والأدب. فيجلسون حيث تأمرهم ولا تيكدرون منا ولو ننهرهم. ويأكلون ويشربون. ولا يبالون يربحون أو يخسرون. حتى إذا دبت الخمر في رؤسهم. ولعبت بنفوسهم. قاموا يهتزون وهم السفهاء. ويرقصون ولا رقص عواهر النساء. فتارة نضع في عنق الواحد منهم حبلاً. ونسقيه من كؤوس السخرية ذلاً. وتأمره ولا مائة مرة بالقيام والعقود. وهو يضحك ويلعب كأنه ولا تشبيه من بعض القرود. وتارة نصفعه على قفاه باليد أو بالنعال. وهو يقدم لنا واجب الشكر الصحيح على تلك الفعال. ثم نفتح لهذا الخبيث باب الحديث. فيحدثنا حتى أهل بيته. وحيه وميته. ويقر لنا بكل ذنوبه. وجميع عيوبه. وبعد الحديث والخلاعة تسلب منه النقود والساعة. وربما نعطيه كبيالات فيختها أو

يمضيها. وهو لا يدري ما فيها. قم نرميه خارج الباب. كأنه من بعض الكلاب. فيتمدد كالميت في الرحبة. وربما كسرته العربة. وتارة يبيت في الضبيلية ويغرم النقدية. ومع ذلك لا يهوله ما جرى له في الليلة الماضية. بل يبادر إلينا في الليلة الآتية. وربما جر إلينا أصحابه. وخواصه وأحبابه. ونحن لا نعد ذلك منه جميلاً. بل نسقيه معهم كاساً وبيلاً. وكلما أذيناه منا تقرب وإلينا تحبب. فحينئذٍ يصح للمثل السائر إطلاقه. (القط لا يحب إلا خناقه) فكم لعبت الخمرة بعقول. وأتت إلينا بفحول. نسقيهم السموم المقطعة للكبود. ونأخذ منهم معظم النقود. حتى إذا تقطعت من أحدهم الأكباد ولزم الوساد فتح جنبه الطبيب لكي يطيب وهو حينئذٍ على شفا جرف هار. أما لنا وأما للنار. فإن مات فقد جاءنا سابقاً خبره. وعندنا ألف سكير غيره. وإن عاش فهو لا ينقطع عنا طرفة عين. ولا يفكر فيما قاساه من ألم البين. بل يحن إلينا ولا حنين الناقة للعشر. أو الكلبة للحجر. هذا ونحن نبعث المراسيل. لاستحضار البراميل حتى صار عند أقل عنتيل زهاء ألف برميل. ونحن وأن سلكنا معهم شر السلوك. ففي عيشة هنيئة مريئة لا تتحصل عليها الملوك. من دون معاناة أفكار أو ضرب سلاح بل بالراح من الراح. ولم نزل في هذه اللذة والحبور. والغبطة والسرور. ولم ندر إن دوام الحال من المحال. حتى اتانا هاذم الذات الخامورجية. ومفرق جماعات الحانة الخمرية. وميتم أولاد الناس. من تعاطي الكاس. ومخرب الخمارة من طلابها. ومعمر البيوت والمساجد بأصحابها. إنسان الإنسانية. وترجمات التمدن والرفاهية. صاحب الذوق السليم فلان. . . . فاظهر جريدة الاستاذ

وتعرَّض لكل سكير نباذ. فقلنا وماذا ينفع تعرضه هيهات. هل يحيي الإنسان بعد ما مات. على أن من ينصحهم ليسوا أهلاً للنصحية. بل هم أهل للفضيحة. فلم نشعر إلا وقد شدّد النكير. على كل سكير. ثم سل عليهم من قلمه حساماً. فاشعهم آلاماً. فكانوا يتجلدون على سماع أقواله ولكن من باب المكابرة والمجادلة والمحاورة. فصدمهم صدمة جبَّار لا يطاق وسقاهم من كؤوس اللوم كأس المحاق. واتى لهم من باب مزعجاتهم. فعنفهم على لسان زوجاتهم. فولا الأدبار. وركنوا إلى الفرار. وتركوا الخمامير وهي خراب. ينعق فيها البوم والغراب. فكنا نسهر الليل. بالأسف والويل. حيث لا أنيس ولا جليس. وتيقنا أنه لابد (إن شاء الله) من التفليس. ونظرنا لبضائعنا وهي كاسدة. وقد ضاعت منها الفائدة. فعزمنا على الرحيل. كما يرحل الدخيل. ولكن رأينا النديم سكت عنهم من العدد الثاني عشر. حتى الخامس عشر. فاستمطرنا الرواج بعد الكساد. واستعددنا لعوض ما فات غاية الاستعداد. وصرنا تجلب السكارى أصحابنا شيَّاً فشياً. بعد أن كنا نسياً منسياً. وهاهم على قدم الوصول. ونحن على قدم الحصول. ولكن في المثل. (قالت مالك مرعوبة. قالت من داك النوبة). فنحن خايفون أن يراهم كالأول. فيتعرض لهم في الأستاذ. حتى نبيه بضاعتنا الكاسدة بجواهر عقولهم الفاسدة. وبعد ذلك لا نشتريها. ولا نتجر فيها. بل نتركها هباء منثوراً. ولو كان الربح فيها لؤلؤاً منثوراً. وقد تعهدنا على

إن في ذلك لعبرة

أنفسنا بذلك. والله أعلم بما هنالك. ملتمسين الشرح على هذا العرضحال. لنعلم عاقبة الحال الامضاط تحريراً في 6جمادى أول سنة 1310 خامورجية بندر طنطا تذييل عرضحال السفهاء الجالبين كل ضرر وبلاء أنا وإن استجاروا بي في هذه العبارة. فأنا لا ارضي بالخسارة. بل مثلهم معي كمن استجار من العصا بالتيار. ومن الرمضاء بالنار. بل ارجوك إن تمزق عرض حالهم. ولا تسمع لمقالهم. ولا تسكت عنهم فإن ضرر الناس منهم يا سي نديم علشان خاطري ... إلهي الكلاب دولا بعضمه وانزل عليهم دور طيب ... إياك تزيح عنا الغمة وليش بتسكت في الأعداد ... عن الرذال مع سكرينا فين العصا يا ابن الأمجاد ... تضرب بها الطامع فينا إن في ذلك لعبرة في العددين 852 و853 من جريدة المؤيد الإسلامية المصرية مقالة تحت عناون (آلة آلات السياسة الأوروبية في الشرق) يجب على كل مسلم غيور على ملته وبلاده أن يطلع عليها ويجعلها أمام عينيه يقرؤوها كلما فرغ من أعمال وهي حقيقة بأن تطيع على حدتها في صفة كراس لتحفظ وتدرس وتوضع في مقدمة الكتبيات لأن وضعها في جريدة يومية لا يعتنى بالتحفظ عليها أكثر القراء أنزال لها عن رتبتها العلية في مقام الإنشاء والنصح والتبصير ومن لنا بأن تبلغ هذه الإنذارات والنصائح قوياً تائهين في القفار انقطعوا

جمعية العروة الوثقى باسكندرية

عنا بخلودنا إلى الراحة وموت همتنا عن ربط علاقات المسلمين في الأرض برحلة العلماء والنبهاء بواسطة الجمعيات الخيرية الواجب انشأوها على الأغنياء. وهذه البعثة الإنشائية فاتحة تيقظ الشرقيين وقيامهم من قبور الغفلة بسماع صيحة الكتاب المخلصين الذين يسؤهم تقهقر الشرق وتوالي نصائبه ونعيذ هذه البعثة الشريفة بالله القوي من أعداء يتربصون بنا الدوائر عليهم دائرة السوء. واحصن فكر أخي المصري ببالحي القيوم وارجو له توسعاً في مجال أخرس الفصحاء بالميل مع الأهواء والحم البلغاء يالُّلهي والعطايا ودعا مثله لحمل سلاح الحقائق بقاتل به من تصدى لقلبها وسترها عن الشرقيين أيده الله تعالى وأثابه على هذه الخدمة بما هو أهله. جمعية العروة الوثقى باسكندرية هذه الجمعية تأسست في اسكندرية في 6اكتوبر سنة 1892 باجتماع خمسة عشر شاباً اجمعوا رأيهم على فتح مدرسة ليلية يتعلمون فيها اللغة العربية والتاريخ واللغة الفرنساوية وضروريات فن الإنشاء وفرضوا على أنفسهم مقادير تدفع شهرية للمعلمين فكان يدفع كل واحد منهم في الشهر نصف جنيه وكلما زادت رواتب المعلين وزعت الزيادة عليهم على السواء. وقد وجدوا أنفسهم ناجحين في عملهم متقدمين في تعلمهم مع إقدامهم على هذا الأمر وهم كبار مشتغلون بموارد معاتشهم من خدمة أو تجارة ثم بدا لهم في سنة 1892 أن يشفعوا المدرسة الليلية بمدرسة نهارية يعلمون فيها أبناءهم ومن يريد الدخول فيها ويقبلون أبناء الفقراء مجاناً وسنوا قانوناً للدراسة

وسير المدرسة وافتحوها بالفعل ورتبوا لها الملعمين ووضعوا فيها أبناءهم فجاءهم من تلامذة الأجرة والفقراء سبعون تلميذاً وطالبتهم بزيادة الرواتب فالتزموا توزيع ما يلزم للمدرسة النهارية على أنفسهم حتى صار الواحد منهم يدفع جنيهاً شهرياً وربما دفع أكثر بحسب الضرورات والمشتريات اللازمة للفقراء وقد زرت هذه المدرسة فوجدتها تعلم القرآن الشريف والقواعد الإسلامية واللغة العربية والحساب والجغرافية واللغة الفرنساوية والهندسة وفي قانونها فنون لم توجد لها تلامذة الآن لكون الموجودين فيها كلهم مبتدئو وبامتحان جملة من التلامذة رأيت من نجابتهم وحسن إجابتهم ما حقق لي اجتهاد المعلمين وحسن التفات أعضاء الجمعية الكرام. وقد اعتادت المعية على إحياء ليلة كل سنة تذكاراً ليوم افتتاحها يشخص فيها الأعضاء رواية يختارونها من غير ان يكون دخيل فيهم. فحبذا لو اقتدى الشبان والشيوخ بهذا العمل المبرور وأكثروا عدد الجمعيات العلمية بهذه الصورة فإن تقليل أعضاء الجمعيات اضمن لبقائها إذ تكون الكلمة واحدة والأهواء بعيدة عن التشتت. نعم إن الجمعيات الكثيرة العدد تقوم بأعمال واسعة لا تقوم بها الجمعيات الصغيرة ولكن إذا قامت الصغيرة بالأعمال الابتدائية وسلمت تلامذتها إلى الجمعيات الكبيرة مستعدين لتلقي الفنون العالية كان ذلك من دواعي التقدم بسرعة إذ بكثرة الجمعيات تكثر المدارس فتعم المنفعة وأنا نثني على نشاط أعضاء هذه الجمعية وثباتهم في عملهم وبذلهم ما هم احق به سعياً في منفعة أبناء الوطن وتحصيل ما فاتهم في الصغر ونرجوا الله تعالى أن يثيبهم بقدر نياتهم الصالحة.

المروءة

المروءة بقلم الفاضل محمد افندي فهمي من خدمة مصلحة السكة الحديد حلية المرء وزينة الإنسان الاتصاف بالمروءة وهي عبارة عن مراعاة الأحوال التي يكون المرء على أفضلها بحيث لا يصدر منه قبيح عن قصد ولا يتوجه ذم بسبب يوجب استحقاقه له. وهذا يقضي على الإنسان إنه إذا عامل الغير ولم يظلم وإذا حدث لا يكذب وإذا وعد لا يخلف وإذا ائتمن لا يخون وإذا استنجد نهض وإذا استغضب حلم وإذا قدر عفا وإذا استعطى بذل. وقد أحسن بعض الحكماء حيث قال من شروط المروءة أن يتعفف المرء عن الحرام. ويبعد عن الآثام. وينصف في الحكم ويكف عن الظلم. ولا يطمع فيما لا يستحق. ولا يستطيل على من يسترق. ولا يعين قوياً على ضعيف. ولا يؤثر دنيئاً على شريف. ولا يصر على ما يعقب الوزر والإثم. ولا يفعل ما يقبح الذكر والاسم ـ وسئل بعض الحكماء عن الفرق بين العقل والمروءة فقال العقل يأمرك بالانفع والمروءة بالأجمل. ولا ينطبق على هذه الأوصاف إلا مراعاة الأحوال الفاضلة النافعة لا ما طبعت عليه النفوس من الأخلاق فإن غرور الهوى ونازع الشهوة يصرفان النفس عن الأخذ بالأفضل من خلائفها. والأجمل من طرائقها. وبعيد أن تسلم النفس من الوقوع في شرك الهوى اللهم الأنفس استكملت شرف الأخلاق طبعاً واستفنت عن التهذيب بالتكليف والتطبع ولكنها مع كمالها تحتاج لأخذ كثير من أحوال عصرها تتميماً للفضيلة وحيلة للأخلاق الكريمة وبهذا نتحقق أن المروءة هي مراعاة النفس لأفضل الأحوال والتحلي بأحسن الأخلاق التي

باب الأدبيات

يحكم العصريون بحسنها وإذا كان كذلك كان من الواجب على كل إنسان أن يتتبع أخلاق العقلاء وأحوال الفضلاء ليأخذ عنهم ما تتم به مروءته ولا يكون ذلك إلا بتنزل الإنسان عما تطالبه به طبيعيته من العظمة والعلو على الغير حتى على أهل الفضائل فإن ذلك حجاب بينه وبين الوصول إلى المروءة ولذلك قيل سيد القوم خادمهم لأنه يلتقط منهم بخدمته من درر أخلاقهم وعاداتهم ما لا يتوصل إليه بالتعاظم عليهم فعلينا معاشر الشرقيين أن نسعى في طلب المروءة وجه طلب الفضيلة ومكارم الأخلاق باب الأدبيات وقفنا على قصائد عراء من نظم الأديب الكامل الفاضل محمود افندي واصف حبيس سجن اسكندرية الآن فرج الله تعالى كربه فمنها قوله يمدح أحد الأمراء العظام. خل الشقيَّ بسهده وبكائه ... يلهو فلا حملت بعض شقائه يكفيه من داء النوائب أنه ... ابداً يرى في الموت عين شفائه فالهم أيسر ما حوت أضلاعه ... والسقم أهون كائنٍ من دائه الف المصائب والخطوب فؤاده ... فهو المنعم دائماً بعنائه وترنحت بيد الضنى أعطافه_كترنح النشوان من صهبائه وغدا لفرط همومه ومساءه_كصباحه وصباحهُ كمسائه وتنكرت من بعد معرفة له_الأيام فالأيام من أعدائه ثاو بأعماق السجون كصارم_في الغمد لم يصدا لطول ثوائه

فكأنه سر تقرر كتمه_أو تأذن الأقدار في إفشائه ابني الزمان دعوا الغرور فإنما_للدهر حكم الدور في أبنائه وإذا القضاء اتى فليس بدافع_حرص الفتى عنه وفرط ذكائه مهلاً أصحاب الرخاء فواصف_لم ينتقض بالسجن عهد إخائه قد كان يرجوكم على أيامه_عوناً فجاء الأمر عكس رجائه إن لم يكن نفع لديكم يرتجي_فعلى م بذل القول في إيذائه يا ليتكم لما ذبحتم وده_وتركتموه مضرجاً بدمائه احسنتموا فيه العزاء تلطفاً_واسفتمو كرماً على بلوائه لكنه لما انقضت سراءهُ ... ورماه صرف الدهر في ضرائه سلقته السنة جداد طالما ... شهدت بعفته وصدق وفائه إن تنكروا رشدي ففضصلي شاهد ... حاشا أمين ولم أكن بالتائه أو كان ذنبي الاختلاس ولم يكن ... واليم سجيني كانبعض جزائه فابن المهلب والصفات شهيرة ... قد كان بيت المال من غرامائه يا نفس صبراً فالمصائب تنقضي ... لا يستمر الدهر في غوائه واستبشري فالكرب جاوز حده ... وتمام شدته دليل رخائه هل تيأسين من الخلاص وقد بدا ... داعي النجاة مشراً بدعائه إن تصبري فالعقو اشرق بدره ... ومحا الظلام الذنب حسن ضيائه تم تخلص وانتقل إلى المدح متعه الله بالعفو

تقاريظ

لم نر جريدة المحروسة في هذا الأسبوع وبالسؤال عن المانع قيل لنا أن محررها الفاضل منحرف المزاج ولم يكن معه من يقوم مقامه في تحريرها وإصدارها فرجونا له الشفاء والحصول على العافية لإفادة المشتركين فيها وعدم انقطاع الأخبار عنهم. تقاريظ ثمرات الأفكار ديوان شعر لحضرة الفاضل النبيه والشاعر المجيد محمد افندي حمدي النشار الدمياطي يشتمل على 132 صحيفة كله مدائح ورقائق وقد ملأهُ بالمعاني اللطيفة المسبوكة في القوالب السهلة مما يدعو لاقتنائه وترويح النفس ببدائعه وثمنه خمسة قروش بطلب من حضرة ناظمه المذكور فنحث عشاق الأدب على تحصيله تبصرة وذكرى. ظريف اللطائف كتاب جمع كثيراً من الفوائد الأدبية والتاريخية والحكايات الفكاهية والألارجال والمواليا يتسلى به كل من أراد ترويج فكره بالنوادر وشوارد الحكايات جامعه وواضعه الكاتب المجيد البارع ابراهيم افندي فارس وقد اعتنى به ووضعه في أحسن أسلوب وجعل ثمنه 10قروش صاغاً فعلى محبي الآداب والرقائق الحصول عليه أحياءً للأدب ومساعدة لخدمة الأفكار. (عبد الله نديم)

العدد 17

العدد 17 - بتاريخ: 13 - 12 - 1892 لِمَ اخْتَلَفَتْ كَلِمَتُنا إذَا اتَّحَدَتْ وِجهْتَنَا تتقلب أوجه الكلام يتقلب المقاصد ملونة بطلاء المصلحة أو المنية او ضرورات العمرات مختلفة باختلاف المآرب والمشارب. وكلٌّ يدعي أنه الخادم الأمين ويرى أن الحق ما يقوله والمصلحة فيما يحث عليه والخير فيما يدعو إليه فلان يزال كل كاتب ينمق الألفاظ ويتحايل على ستر مقاصده بلثام المحسنات الكلامية والسفسطة الإيهامية حتى إذا فرغ من مقالته اعترضه المتعقبون وابطلوا براهينه ودحضوا حجته وعارضوا أدلته وجاؤا بضد ما يدعو إليه وحذروا من متابعته وامروا برد مقالته وبينوا مقاصده وكشفوا مخبأته واظهروا وجهته التي يدعى أنها هي وجهتهم زاعمين أن الحق ما في سطورهم والبلاغة نفث صدورهم واكدوا للقراء أنهم على الصراط المستقيم يدعونهم إلى سوء السبيل ويهدونهم إلى طريق التقدم والنجاح وما فيه خير العباد والبلاد فإا بعث القراء تلك المواعظ وجدوها دخاناً صاعداً من خلال تراب ينذر باشتعال ما تحتهُ من النيران ليصطلوا بتلك

الحرارة التي تذهب ما هم فيه من برد وسلام. هنالك يتبينون أن أفواه الكتاب الباسمة ما انضمت إلا على نيوب صلٍ يتحين غفلة النائم لينهشه نهشة يسرى منها صمه في جميع الأعضاء. فتراهم يجانبون المحتالين ويفتشون كلام المستعملين آلة بيد الغير ويحذرون من أدلة السوء والخدعة الذي يستميلهم بالتغرير والنفاق. ولو ناقشته في مقاصده لأقام لك الحجة على حسنها واحتياج الحال إليها وأوهمك أن طرق الإصلاح التي تخالف مشربه هي طرق الإفساد والخلل. وهكذا يفعل ويقول غيره عند تخطيئه أو إظهار خفايا رسائله المزخرفة بتلوين العبارة ولا يرجع عن دعواه الخدمة العامة وتكلمه عن الرأي العام وسعيه فيما فيه صلاح الأمة واستقامة أحوالها كدعوى غيره. كثر الشك والخلاف وكلٌّ ... يدعى الفوز بالصراط السوي هذه هي حالة فريق من الجرائد في الشرق عربية وافرنجية ترى كل جريدة انها إنما انشئت لخدمة الشرق وأهله وأنها قاصرة على السعي فيما يقدم المعارف والتجارة والزراعة وإنها ترى إلا ما فيه الأصلح للأمة والأولى لها ثم تبين من خلال عبارات بعضها ما تخدع به الشرقيين وتدعوهم إلى الغير. فإذا أظهرت ذلك جريدة أخرى قامت الحرب بينهما على ساق ورأيت كلاً مدفوعاً بيد أجنبية والشرقيون لعدم تبصرهم واغترارهم بالظواهر يطيرون حول الجريدتين وينقسمون إلى قسمين. ولكنهم بعد هذا الاندفاع يحصل عندهم التبصر ويرجع كل فريق باللائمة على نفسه عندما يرى أن الجرائد شققت عصا الجماعة وفرقت الآراء بتفرق الأهواد. وهذا الذي

علَّم الشرقيين ونبههم على معرفة نسبة الجرائد وخدمتها لأية دولة فكانت كمدرسة تربت فيها أفكارهم حتى إذا نبغوا في نقد الجرائد لم يعودوا للانخداع بأقوالها والاغترار بتلبيسها. ولا تعاب الجرائد بتلك المنازع التي نزعت إليها فإن المحرر أن كان من أمة أخرى فهو يخدم أمته قياماً بالواجب عليه وكل من رأى أنه يخدم أمة غير أمته فهو غرٌّ لم يدخل ساحة العقلاء. وإن كان أجيراً أو مدفوعاً بيد الغير فهو أجنبي يسعى خلف أجرته لا يبالي باع أباه بها أو أمه. وقليل من نراهم يخلصون النصح ويحثون على خدمة البلاد والأمة ويبينون الواجبات ويدافعون عن الأمة بما في وسعهم وطاقتهم فإذا رأوا جريدة محلية أو أجنبية اهتضمت حقوق الأمة أو أمرائها أو ملوكها شنوا عليها الغارة ودافعوا دفاع الغيور كما فعل بعض الجرائد المحلية من عربية وافرنجية في الدفاع عن حقوق الحضرة الخديوية رداً لأفكار مكاتب التيمس أو ذات التيمس وكما تفعل الجرائد ذلك عند تطرف الجرائد الأجنبية والحط على الشرقيين بما ليس من أخلاقهم وعاداتهم. ولقد صار للجرائد في مصر والشام شأن واي شأن فتربت بعباراتها الأفكار وتعلمت الأمة كثيراً من الأصول السياسية وخاضت في بحار المذكرات الدولية وابعدت في بحث المقاصد التحريرية حتى صار العامي يميز بين الجرائد إذا سمع باسمها فيقول جريدة كذا تابعة لدولة كذا وجريدة فلان تخدم أمة كذا وجريدة زيد يصرف عليها من مال عبيدة وهذه غايتها خمود الأفكار الشرقيين وهذه تقصد ينحاز الشرق لدولة كذا. وهذا أثر اختلاف الجرائد. وهذه التربية وأن حصلت بضد رغبة الجرائد وداعي إنشائها ولكنها أثبتت لها الفضل في فتح أبواب المذكرات وجلب الأخبار

وتبيين مقاصد الرجال ومحاورات الدول. ولا نرى الشرق محتاجاً لشيء أهم من نصحاء مخلصين يبينون طرق الإصلاح الحقة ويغارون على أوطانهم غيرة الحر على حرمه ولا يميلون إلى النفرة وتفريق الكلمة الشرقية والتفاخر بالاقتدار على الكتابة أو بسعة الإطلاع أو كثرة المعارف او التحايل على التقبيح والشتم بعبارات يتخيل الكاتب أنها بعيدة عن الأفكار وهي أقرب لفكر العامي من نعله. فما ضر الشرقيين إلا اختلاف الوجهة واستعمال ألسنتنا العذبة في تحويل أفكار اخواننا عن الوجه الشرقية إلى الوجه الغربية لوقوف المحررين في مقام المرشدين والوعاظ واعتماد الأمم على أفكارهم ولكن الشرق قريب العهد بالجرائد ويرى في كثير منها أن أمم أوروبا لا تعتمد إلا عليها ولا تسمع إلا نصحها وإنها السنة الأمم هناك والمتكلمة بالرأي العام لكونها تترجم عن حرب أو أمة فاغتر وظن أنها فيه كذلك فانجر خلف كثير منها حتى رأى نفسه على شفا جرف الضياع بضياع كثير من بقاعه فتنبه وأخذ يتبصر في أقوال الجرائد وما تحت عباراتها من الأشراك الخفية التي ينصبها الأُجراء. والعجب أن الأجير إذا صار في حكم الغير بعد أن يتمم له ما استؤجر لأَجله سيق مع الأمة التي أضلها وعد من الأفراد الذين خدعهم وأصبح لا مجد ولا شرف وشر الرجال من ينفق حياته في إفساد أهل بلاده وإغراء الغير بهم طمعاً في ذهب يموت ويتركه فيفنى ويبقى ذكره القبيح خالداً في بطون أوراقه. ومن لنا بتوحيد وجهتنا معاشر الشرقيين وقد نبتت لحوم الأجسام في خدمة الأجنبي فانفعلت لها الأرواح الحاملة لقواها فكلما حولتها عن وجهتها الغربية دارت إليها فهي قبلة مصلاها التي وقفت في محرابها

وقوف القانت الواعظ. ولا فما بالنا إذا قالت جريدة أن ائتلاف الشرقيين أمر واجب ليشد بعضهم عضد بعض قامت الأخرى وقالت إن هذا نداء بالتعصب والتجمع فادركي يا دولة كذا وتداركي هذه العصابة وبددي شملها قبل أن يستفحل أمرها وعد سعيها خلف العمران فتنة وثورة. وإذا قالت جريدة ينبغي أن نحافظ على عوائدنا الجنسية والدينية وتأُخذ من حسنات أوروبا ما لا يضر بمعتقد ولا يذهب بمال ولا يهتك عرضاً قامت الأخرى وقالت أن هذه الجريدة تدعو إلى الهمجية وتقهقر المدنية وإن سعيها ضد سعي دولة كذا وهي ضارة بأعمال امه كذا وإذا لم تلغ سمع صدى صوتها في الآفاق الشرقية وخيف على التمدن والنفوذ الغربي. وإذا قال كاتب صلاحنا في استقلالنا بممالكنا وأعمالنا قال له الآخر إننا غير مؤهلين لذلك وإن حاجتنا إلى الأجنبي كحاجة الجسم للروح. وإذا قال خطيب أن سعينا خلف تعلم الصناعة مما يزيد قوتنا ويعظم ثروتنا عارضه الآخر وقال لا معادن عندنا ولا معامل في بلادنا ولا صُناع فينا ولا قدرة لنا فأَولى بنا أن نبقى تحت عوامل الزمن قانعين بمصنوع الغير وإذا نادت جريدة بحفظ حقوق ملك شرقي كسلطاننا الأعظم أو امير كخديوينا المفخم قامت أخرى وقالت أن في ضياع تلك الحقوق حياة البلاد وراحة العباد فإذا سئلت عمن تحفظ له تلك الحقوق قالت دولة كذا او امة كذا وظنت أنها تنصح الأمة وتسعى في مصالحها بهذا البهتان. ولا ننكر حقوق الجرائد التي نبذل النصح وتهدي إلى الحق كجرائد أوروبا التي بذلك ما في وسعها في خدمة ملوكها ودافعت عن حقوق أممها دفاع المستميت فترى جرائد كل امة جارية على طريق واحد لا تتحول عنه ولا تميل إلى الغير فإذا

تصفحناها على اختلاف مشارب محرريها ومذاهبهم وجدنا في كل كلمة معنى يدعو إلى الوطنية ويحرض على المحافظة على الحقوق المقدسة والعوائد الأهلية والمذاهب الدينية ولا يلام أجنبي نزح عن بلاده ليخدمها في الشرق فإنه يقيم بذلك الدليل على صدق وطنيته وجده في خدمة ملته وانتصابه للدفاع عن دولته فالذي نسميه خداعاً وغريراً من الجرائد الأجنبية بالنسبة لمغايرته لمصالحنا هو عين المجد والشرف لها لكونه وجهتها التي توجهت إليها سكنت الشرق أو الغرب. ولكن العجب من شرقي يخدم غربياً بسلب حقوق إخوانه وإضاعة شرف أوطانه والحط على ملوكه وأمرائه ينادي اخوانه بلسانهم كأنه ناصح مشفق ويستعين عليهم بهم وينفق على أضلالهم من مالهم حتى إذا استلان عرائكهم قذف بهم في ساحة الغير. والأجنبي المحض خير للشرقيين من هذا المحتال ولقد أثرت أكاذيب مثله في نفوس الشرقيين حتى ميزوا الخبيق من الطيب لثقل الكذب على أسماعهم. ولا نلبث أن نرى الأفكار الشرقية وصلت إلى وحدة صرفة تصدم بها كل هماز مشاه بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل. وإنما يوصل الشرقيين لذلك قرع أسماعهم بنصح الجرائد المخلصة محلية كانت أو أجنبية وتبيين مشارب الجرائد الخادعة ووجهتها والتحذير من فتنتها التي تدعو إليها ومستأجرتها التي تنادي باسمها إذ ذاك تتجه القوى الفكرية إلى وجهة واحدة في جميع الممالك الشرقية مع مراعاة كل أمة خصائص مملكتها ومزايا متعبّدها ورجوع إلى نظام يماثل به نظام أوروبا مدنية وشرفاً واستقلالاً. ومن العبث أن يتصور وصول الشرق إلى القوة العلمية والتجارية والإدارية في زمن يسير أو عصر هذا الجيل

مدرسة البنين

فإن ذلك لا يقول به مجنون فضلاً عن فل وإنما يسمى الحاضر جد فيأتي من بعده على أثره فتتدافع قوى العلم والعمل عاماً وجيلاً فجيلاً حتى ينتهي توحيد الوجهة إلى حالة لا يقال فيها لم اختلفت كلمتنا إذا اتحدت وجهتنا مدرسة البنين كامل وحافظ . ك. أنت تعلمت من الأستاذ الوضوء. ح. نعم وأنا الآن أصلي كل وقت ولله الحمد. ك. علمني ولك الفضل فإن مدرستنا لا تعلم الدين الإسلامي. ح. أنت في أي مدرسة. ك. في مدرسة أجنبية. ح. وماذا تتعلم هناك من الأديان. ك. هم يعلمون التلامذة المسلمين والمسيحيين والموسويين الدين المسيحي فيلزموننا أن نصلي قبل الدخول في الدروس. ح. ولِمَ لم تخبر أباك بذلك. ك. أخبرته وسألني ماذا تقول في الصلاة فقلت له أقول أبونا الذي في السموات الخ ومع ذلك ما سأل عني بشيء ومعي كثير من أبنا المسلمين وكل أهليهم في غفلة عن أمر الدين ولذا ترى كثيراً من التلامذة الذين تربوا عندهم لا يقومون بشيء من شعائر الإسلام فلا يصلون ولا يصومون ولا يتطهرون من نجاسة أو جنابة ولا يفرقون بين الحلال والحرام. ح. أعوذ بالله من هذه الغفلة يا ترى المغفل من هؤلاء إذا نظر في المدرسة الأجنبية ورآها مبنية بناءً عظيماً يتكلف مبلغاً عظيماً وفيها من الأدوات ما صرف فيه كثير من الذهب ومن المعلمين ما يحتاجون لرواتب عظيمة ثم يرى

أنهم يقبلون ابنه بأُجرة لا تفي بالتعليم فضلاً عن الأكل والشرب ما الذ يتصوره في داعي اقدام على عمل كهذا ولا قرابة بينهم وبينه ولا مصاهرة ولا جامعة لغوية ولا دينية ولا دولية ولا رابطة محبة ولا أن ذلك زاد عن حاجة بلادهم بل فيها من هم احوج للتعليم منا أليس يرى بعد انقطاع هذه الروابط كلها أنها أشراك لنقل تلامذتنا من ديننا إلى دينهم. عجباً لغفلة ابيك وأمثاله. واظن أن الحامل لهم تعلمك اللغة الأجنبية فلم لم تجتمع الأغنياء وتفتح مدرسة تعلم اللغة والدين ولغات الغير تحت الملاحظة والمراقبة لتحفظ أبناءها من الأخذ بدين الغير. ك. دعنا من هذا الكلام فقد ملّته الأسماع وضاقت منه الصدور هات علمني الوئوء. ح. أنا قلت لك أمس على كيفية الاستنجا التي علمها إلى الأستاذ وبعد ذلك إذا كنت شافعي المذهب تقعد على ماء يزيد عن خمسمائة رطل أو تأخذ الماء في ابريق وتوضأ. ك. ولم يكون الماء فوق الخمسمائة رطل. ح. لأن الماء القليل عن هذا القدر إذا نزل فيه الماس المستعمل في فرض وضوءاً كان أو غسلاً استعمل ولا يجوز الوضوء منه مثلاً لو غسلت وجهك الغسلة الأُولى كان الماء الفائض عن الوجه مستعملاً فإذا نزل في الإناه قليل من هذا الماء استعمل أي صار حكمه حكم المستعمل والمستعمل في فرض وهو قليل لا يستعمل في فرض آخر. ك. فإذا لم أجد إبريقاً ولا ماءً يزيد عن الخمسائة رطل ماذا اصنع والماء القليل أمامي. ح. تنوي نية الاغتراف وذلك انك تغسل وجهك المرة الأُولى ثم قبل أن تضع يديك في الماء ثانية تقول نويت الاغتراف فلا يستعمل الماء بعد ذلك. ك. وإذا كان في الماء مسك أو عنبر يجوز

الوضوء به. ح. لا يجوز الوضوء ولا الغسل من ماء تغي ريحه بخليط أو طعمه أو لونه لو تغير بطول المكث فإن ذلك لا يضر. ك. وإذا كنت في جنينتنا ورأيت الماء مارَّا في القناة في أ {ض مسيحة بروث البهائم كيف اصنع. ح. كل جرية مرت على النجاسة تنجست فإما أن تتوضأ عند الساقية قبل وصول الماء إلى النجاسة وأما أن تنظر اجتماع الماء في حوض بحيث يزيد عن الخمسمائة رطل ولا يتغيرو بغير ذلك ولا يجوز لك الوضوء منه. وتقدم النية على الوضوء. ك. وما هي النية. ح. هي قصد الشيء مقترناً بفعله يعني أنك تقصد الوضوء وتقرن القصد بالفعل بان تقصد وأنت رافع الماء إلى وجهك فالنية أول فروضه ثم تغسل وجهك وحدُّه الشرعي من منابت شعر الرأس إلى منتهى الذقن طولاً ومن وتد الأذن إلى وتد الأخرى عرضاً فهذا كله يجب عليك غسله ثم تغسل يديك إلى مرفقيك ثم تمسح بعض رأسك ثم تغسل رجليك إلى كعبيك فهذه خمسة فرو وترتيبها هكذا هو السادس. ك. على هذا لو غسلت اليدين قبل الوجه واتممت الوضوء لا يجوز. ح. هذا لا يجوز عند الشافعي فإن ترتيب الأعضاء عنده واجب وعندما تغسل كل عضو مرة للفرض تغسله مرتين للسنة ومن السنة البسملة والمضمضة والاستنشاق ومسح الأذنين ثلاثاً ثلاثاً واياك أن تأخذ الماء الساقط من العضو وترده عليه فإنه صار مستعملاً وأما إذا كان على العضو وتأخذه من أعلاه لأسفله ومن أسفله لأعلاه فإنه يجوز لأنه لا يحكم عليه بالاستعمال إلا بعد انفصاله. ك. يكفي هذا الدرس حتى احفظه. ح. اخبرتني أنكم تتعلمون الصلاة المسيحية في المدرسة الأجنبية

أظن أن شنودة مسرور بالتعليم الديني لأنه وجد من يعلمه. ك. شنودة كان على المذهب الارثوذكسي والآن نقله المعلمون إلى المذهب البروتستانتي وكذلك نخلة كان برتستانتي والآن نقله الجزويت. ح. دعنا من هذا فإن كل أمة متعصبة لدينها وكل أهل مذهب متعصبون لمذهبهم فالذي يلزمك أن تحافظ على دينك وتخبر أباك بالحاصل في المدرسة من تعليمك غير دينك وتقول لشنودة يخبر والده أيضاً فانكم أن سكتم على ذلك انتق المسلم إلى الدين المسيحي من صغره ولا يعود ينفع فيه التعليم في الكبر كما هو مشاهد في المتعلمين على أيدي القسوس من أبناء الشرق. وانتقل القبطي من مذهب آائه إلمذاهب الأجانب الذين يصطادونه بالدين ويحصل التفري في طائفتم التي قضت القرون الطويلة على مشية واحدة فلا يفرق كلمتها ويصيرها أحزاباً غلا تعصبها للمذهب فبعدان كنا نراهم مجتمعين في المجالس والكنائس نراهم موزَّعين حول الأفكار المذهبية فليس هناك حبل متين تقاد به الأمم غير الدين. ك. وإذا اختلفت شنودة ونخلة ماذا يضرني وأنا مسلم وهما مسيحيان. ح. الأقباط مسيحيون ولكنهم أبناء وطنك فيلزمك أن تفرح بانتظامهم لكونه حجاباً بينك وبين الفشل وتغتم لتفرقهم لكونه سبباً لأمور لا يسعها عقلك الآن ووحدة الوطنية تلزمك بالمحافظة على ودادهم والالتئام معهم فإذا وقع نفور بينهم غضب شنودة من زيارتك نخلة وتكدَّر نخلة من مشيك مع شنودة وإن هجرت الاثنين فقد احدثت نفرة جديدة بين الطائفتينوهذا الذي اخشاه من تفريق كلمتهم فضلاً عن ذلك فإن الأجنبي يفرح بهذا التفريق فإن غايته أن تتبدد وحدات الشرق الاجتماعية وتصير

مدرسة البنات

أجزاء متنافرة فيجب عليك أن تحافظ على وحدة الوطنية وتستجلب قلوب جميع الوطنيين سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين أو إسرائيليين وتلزموا السكون في سيركم ولا تتعرضوا لما يوجب النفرة أو يحدث فتنة في البلاد فإننا أحوج الناس إلى لهدوّ والبعد عن الفتن وهناك أشياء يلزمك أن تعرفها سأُبينها لك في الدرس الآتي إن شاء الله. مدرسة البنات شريفة وبهية . ش. أنا رحت لك لحد البيت قالولي دي طلعت برَّا. انا ما انا قايله لك فضك من طلوع برَّا احسن ما حوالهشي إلا الخسارة. ب. أنا كنت في حضرة شتك السيدة. ش. شي لله يا ستي يا طاهرة. وهيَّا السيدة يختي تقول لك فوتي بيت جوزك واطلعي من غير أذنه وخلي الجدعان يتفرَّجوا عليك في السكك. اشمعنا يعني الحضرات اللي طلَّعوها اليوم. لا النبي قال كده ولا عمل حضره في مدنة ولا الصحابة ولا الناس الطيبين. والأيام دي الناس طلعت فيها وكل يوم يطلعوا لنا كلام جنس وأمور ما ترضيش ربنا. ب. دي الحضرة عاملينها للزيارة يعني الواحدة اللي عليها ندر ولاَّ في نفسها حاجة تروح للسيدة نهار الحضرة وتقول لها على بالها فيه وربنا يقضيها لها. ش. بقى يا ستي أنا ما اعرفشي الكلام ده أنا اعرف أن طلوع الواحدة من بيت جوزها من غير أذنه حرام. وزيارة المشايخ من غير أذن الراجل حرام. وليس الواحدة هدومها الكويسة وطولعها في السكة بهم

حرام. وصرفها الفلوس في ندر ولاَّ في قرابة قرآن حتى من غير أذنه حرام والواحدة إن طلعت من غير إذن جوزها تفضل الملائكة تلعن فيها وهيَّا رايحة وهيَّا جايه لما يقولوا بس. والنبي لما شاف النسوان طالعين ورا الميت رجعهم وقال لهم كلام خوّفهم به زي قولت ارجعوا مالكوش ثواب حرام عليكم الواحدة ما ينوبها إلا ترجع بذنوبها. بقى يختي إذا كان دا كله حرام رايحين نجي فتوى بالحضرات دي منين. وأنت إذا قعدت في بيتك وقريت الفاتحة للسيدة زينب ولاَّ للسيدة نفيسه موش ثوابها رايح يروح لها ودول ناس سرُّهم باتع شي لله يا أولاد النبي. ويعني هيَّا الست الطاهرة تحب الجرجرة وقلة القيمة دي. وشفت ايه يا خيه في الحضرة. والنبي تقولي ما تخبي حاجة يا ستي بهية. ب. آهو والواحد ماشية تشوف دي الجدعان المايصين اللي مسبسبين شعرهم زي قصة النسوان واللي عاوج طربوشه على عينه واللي كابب أو قزازة ملكه على هدومه وماشي يطلَّع لدي ولدي واللي ماسك له شوية ورد في أيده كل ما يقابل واحدة يقول لها تشمي يختي واللي معاخ حبة ملبس وكل ما يشوف عيل مع واحدة يديه شوية لأجل أمه تكلمه. وإن وقفت الواحدة في السوامر تتفرج يبقى الجدع دا ينحك فيها والراجل دا يتمحك فيها ودا يحيي وراها ويقف ودا يفضل يغمزها ويلعب لها حواجبه. ويمكن يكون فيهم واحد سكران يهجم عليها ويحط أيده عليها بالغصب. ولما تروح الواحدة لحد الجامع تلاقي الجماعة اللي بيفقروا عمَّالين يتعرجوا ويشخعلوا تقوليش يا ستي شريفة إلا هما غوازي أنا عارفة يختي الرقص دا تعلموه فين ولا يختي لما يميلوا على بعض ويبوسوا بعض ودا يلف من ورادا ودا يقصع

وسطه زي الخول ودا يقوم ودا يقعد تقوليش إلا تياترة والنسوان قاعده وراهم ودول كل ما يشوفوا النسوان يطلعوا لهم يزيدوا في الرقص والخلاعة والجدعان التلفانين واقفين ورا النسوان وكل من قدر على كلمة يقولها ولا يختشوا ولا ينقرعوا ولا هم خايفين من الله ولا من سوله. ش. طيب ولما أنت عارفة كدا يختي ايش وداك للناس الهم دول وطلعت في السكة للناس المجرمين والنبي لاسأل ايش وداك لاسأل سيدنا الشيخ سيد أحمد على العمايل دي اهو الحمد لله ربنا رزقنا به الساعة دي. من حق يا سيدنا الواحدة يجوز لها تتفرج على الجماعة اللي بيذكروا في الحضرات ويرقصوا ويشخلعوا وتبقى النسوان والرجالة واقفة تتفرج عليهم. وطلوع الواحدة من بيت جوزها من غير أذنه حرام ولاَّ حلال. س. بقى شوفي يا ست شريفة الجماعة اللي بيذكروا في الحضرات جول ناس خسرة ولا لهم ذمة ولا يحزنون دول جماعة عاملين العبارة دي حجة وحاجة شان الناس تتفرج عليهم وبيذكروا على أدوار المغنى ودي لها أمور حرام شرعاً واللي يعتقد منهم ان دا حلال يكفر وتطلق مراته الذكر له ناس بالعنية يقعدوا في المساجد يذكروا الله تعالى بقلب خالص ولا يرقصوا ولا يشخلعوا ولا يقفوا ينططوا زي القرود ولا يلتووا على بعضهم زي التعابين ولا يعملوا حاجة من الهذيان اللي شايفاها ده ويمكن الواحد منهم يذكر ويعيط خوف من الله ومن شروط ذكرهم أنهم يذكروا وعينيهم مغمضة وقلبهم مشغول بالله ودول يبقى الواحد منهم يرقص وعينيه للمرة من دول ويتنطط وفي جنبه ولد فدى أمور كلها تغضب ربنا وكلها خارجة عن الشرع ولا يغركيش لما تشوفي الواحد من دول يتفتف ويريل ويبرجم ويقولوا ليه واحدة الحال دا

كله كلام كدب وأمور نصب لأجل الناس تعتقد فيهم مع إن الواحد منهم يمكن يكون حرامي ولا سكري ولا حشاش وياما حكوا على ناس بالكلام ده وخدوا فلوسهم وخسروهم وتلفوا عقلهم. هيا الناس الطيبين تستخبا يا أم أحمد دي أمور عملتها الناس كار ويبتعيشوا منها ولكن يا ويلهم من الله يروحوا فين يوم القيامة لما يجوا وشهم أسود من الدب على الله وحالهم زي الزفت والناس تبقى تتفرج عليهم وتقول شوفوا اللي كانوا عاملين ناس طيبين في الدنيا شوفوا اللي كانوا بدينهم وأقول لك أيه وأعيد لك ايه دول ناس ينبكي عليهم لا حصلوا دنيا ولا آخره. وأما طلوع الواحدة من ورا جوزها مفيش أكبر منه عند الله ذنب كبير قوي لولا يغفروش ربنا إلا لما الواحدة تقول لجوزها أنا طلعت من وراك اليوم الفلاني واليوم الفلاني واطلعت لواحد في الجهة الفلانية وكلمت واحد في العطفة الفلانية يبقى إذا سامحها جوزها يغر لها ربنا وإذا ما سامحهاش يا ويلها من الله لأن احق الزوج يا أم أحمد موش حق ربنا حتى أنه يسامحها فيه من غير إذن جوزها. والداهية إذا كانت تلبس هدومها القديمة في البيت ولما تجي تطلع بره تلبس الهدوم الجديدة وتصلح وشها وشعرها وتخطط ولا تحط البتاع اللي بتحطوه في وشهم زي الصنايبر وتمشي تتعاجب وتوري نفسها للجدعان يا ويل دي من الله ياما تشوف يوم القيامة ياما تلعنها الملايكة وهيا ماشية ياما تحط عليها الأوليا اللي رايحة تزورهم آهي تفضل مسكينة في لعن وسخط وغضب لما ترجع عبيتها وحقاً إن ماتت على كده ولا سامحهاش جوزها قولي يا رحمن يا رحيم عليها. ش. سامعة يا ستي بهية. ب. والنبي

باب الأدبيات

ما بقيت اطلع من باب دارنا أنا كنت باحسب أن الواحدة ينوبها ثواب في العمايل د التوبة من دي النوبة يا رب ما تقدر عليَّ بقى الطلوع لمشايخ إلا إذا كنت ويا جوزي. س. الله يتوب عليك يا بنتي الدين طيب يا ستي بهية هوا فيه احسن من الست اللي ما حد يشوف لها طول مشايخ ايه يا بنتي هما يحبوا قلة القيمة دي والأمور البطالة ولا والنبي إلا يكرهوا النسوان اللي يروحوا لهم ويبقى بدهم يحنقوهم دول احباب الله ولا يحبوش إلا اللي ماشيين على شرع الله وفين اللي ماشي على الشرع دلوقت ربنا يلطف. باب الأدبيات من نظم الفاضل محمود افندي وصف حبيس سجن اسكندرية الآن ما قاله تاريخاً لورود الفرمان السلطاني مرفوعاً لأعتاب الحضرة الفخيمة الخديوية يا أيها الملك السهيد ... عش بالغل العمر المديد فبشائر الإقبال قد ... وافتك بالملك الوطيد وأتاك يسعى السعد من ... دار السعادة في البريد والعز ينشد ظله ... والمجد يطرب بالنشيد فجلست والعليا تخدم والسعود من العبيد والدهر مرتجف الجوا ... نح خيفة البطش الشديد صفحاً فقد وافاك يخلس توبة الجاني الطريد ويكون اطوع من تريد من العبيد لما تريد عباس يا ابن محمد ... بجلوسك اقترب البعيد

وأَعدت للدنيا بيمنك عصر عدت هارون الرشيد دم وارق وابق وجد سد ... ابداً بملكٍ لا يبيد واستقبل الفرمان مقرونا به النصر المجيد واجعل بعزك كل يو ... م للرعايا يوم عيد وأَفض لهم من بحر جود ... ك منهلاً يروي القعيد حتى يروا في نعمة ... ما أن عليها من مزيد ما ارخوا فرمان ملك مصر تأييد الحميد 371 90 330 425 93 1309 أو قيل في التاريخ أفراح بها عيش رغيد 290 8 380 1214 1892 وقال متوسلاً بأحد الأمراء العظام عطف الله مولانا الخديوي الأعظم عليه أَما والأماني باجتناء الرغائب ... لقد صغرت عندي كبار المصائب وبارقة من جانب النهج اومضت ... لصبري لنيل القصد ضربة لازب وغرس مني كادت تطيب ثماره ... لقد تم في فهمي بلوغ المطالب بنيت من الآمال قصراً توطدت ... دعائمه بالصبر من كل جانب والزمت نفسي الانتظار لأنني ... وثقت يقيناً من نوال المآرب فغالبت جيش الهم ماجت صفوفه ... وقد دهمتني بالقنا والقواضب وصارعت آساد الكوارث باديا ... لي الموت في أنيابها والمخال

وكأس الضنى جرعته غير جازع ... وإن كان انكي من سموم العقارب وطأطأت رأسي للعنا متجلداً ... على حمله حتى تسنم غاربي لي الله ما أقوى فؤادي على لأسى ... وأصبره عند اشتداد النوائب وما بي نفسي غير أن وراءها ... صغاراً أصابتهم سهام المعاطب دهتهم أمورٌ فادحات غدوا بها ... حيارى بهم ضاقت رحاب المذاهب يسائلهم عني الورى أين واصف ... أحي وهل يرجى له عود غائب وما من مجيب غير تصعيد أدمع ... له زفرات في الحشا والترائب يرون الردى في حفظ ماء وجوههم ... حياة وقصد الماس كبرى المصائب فحببهم في الموت عُسرة حالهم ... واسلمهم لليأُس من الأقارب ثم تخلص إلى المديح مفيضاً من بحر هذه الغرائب عفا الله تعالى عنه ورد لنا هذا الزجل من أحد مشتركي جريدتنا في الرقة بعد السلام يا مولايا ... يا صاحب الأصل الطيب اسمع حكاية ويايا ... لكن بقا اقرا واكتب خلي الحبايب تتفرج ... واللي بيسرق يتأدب إلا الزمان دا صار عايب ... يا رب بعبادك الطف يا عم أنا مالي ومالك ... يا اللي ما تسأل على حالك بدك حنيفه ولطيفة ... شوف انت صالح جرنالك يا خي دي الأيام اكتر ... إن كنت مستكتر مالك إن قلت لك جرنالي ضاع ... عدل تصدق وغلا احلف

نسخه تجيني ونسخه تضيع ... أما شريكي فيه عادل والمسألة قاسمة نصين ... بالحق انك تستاهل تبعت حلاوة في البوسطة ... وما تخفش لحسن تتاكل أما عجايب من شغلك ... هي العيال حاتخاف تخطف تشحن كتابك بالانكات ... وتشيعولي في البوسطة لما يشوف نفسه موضه ... ماهوش يدور يضرب بولطه يشطح ويرمح على كيفه ... وإن قام رسي لو في محطه أخاف اقول لك عالباقي ... شايف كلامي ده معجرف يعني أما قول لك عالجاري ... ستين سنة ايه راح يجري قرب يا سيدي واسمع لي ... خليها ضحكة بالمرَّة يقع في أيد صاحب المكتب ... يقراه ويرميه من بره اجي اسأله عنه يقول لي ... ما جاش هنا سكتر بره هي الأمانة يا ربي ... مش قلت عنها في المصحف تفضل تنبه كام مرة ... أما غريبة دي حقه تقصر كلامك عالخمرة ... مافيش شوية عا السرقة موش المحافظة في الموسكي ... وايش راح يوديها الرقة وإن كنت مش راح تنصفلي ... الاقي مين غيرك ينصف اللي معاك اسعف وابديه ... وادين حكيت لك عالوقع وعرضحالي أوعى تنفيه ... إن كان كلامك موش نافع ودي بقت خامس مره ... عسى الله ياخدلوا راجع

هو أنت عندك فوريقه ... تكتب وتطبع وتظرف اقدرش أقول لك هات حقي ... كتر الكلام ما هوش نافع والله فلوس ماني حاطط ... وإن جا الوكيل ماني دافع كل الحبايب تهديها ... اشمعنا أنا حقي ضايع اكمني ما اعرفش اتخلق ... ولا الفقير ريحته تقرف ادين حكيت لك بالعنية ... بكلام مسوكر موش عادة خليه يبرطع في الدنيا ... واهو اللي قلته بزيادة وإن كلامي دا بسكَّر ... عند الفهيم يبقى سادة ادي اللي عندي يا سيدي ... وغير كده ما نيش باعرف الأستاذ ـ لم تكن الشكوى من بعض مكاتب البوسطة قاصرة على مكتب الرقة والزقاقين بل كثيراً ما ترد لما المكاتيب بفقد النسخ في كثير من المكاتب ونرسل للمشتركين غيرها حتى مللنا ذلك فنحن نعلن حضرات المشتركين أن يطالبوا مكاتب جهاتهم بنسخهم فإن الإدارة لا تترك مشتركاً بلا إرسال مسخته ومن الآن كلما وردت لنا شكوى اعلناها أولاً فأولاً عسى أن يؤثر ذلك فيتوب السارق ويرجع الباغي لحضرة الفاضل الشيخ محمد خفاجي الاسكندري نجل استاذنا الكامل العلامة الشيخ سيف الله شيخ السادة المالكية باسكندرية يؤرخ الاستاذ لما رأَى أهل البلاد وحالهم ... أستاذنا لم يقلهم ولهم جنح ابدى نصائحه وشأن الحرحب ... بلاده وإذا رأَى خير منح

زيارة

أعظم به فجميعنا لسروره_قد قال في التاريخ استاذ نصح 1310 1162 148 زيارة عندما زار الخديوي الأفخم مدرسة المرحومة والدة المرحوم عباس باشا الأول تلا عبد الرحمن افندي وهبي التميمي الداري هذه الأبيات بين التلامذة الذين هو أحدهم وهي زار الخديوي ادام الله دولته ... من فضله مكتبا من خير عباس والشمس تشرق من أنوار طلعته ... والسعد ينشر أعلاماً على الرأس والخلق تدعو آله العرش يحرسه ... من كل سوءٍ ويبقيه على الناس فيامليكاً غدا بالحكم منصفنا ... والعدل والفضل والإحسان والباس هذي المدارس قد اثنت مؤخرة ... النحج زاد بنا في ظل عباس 92 55 90 930 133 سنة 1310 تقاريظ حرية المطبوعات بمصر جرى على المطبوعات المصرية زمن طويل وهي في يد التضييق خصوصاً على الجرائد الدينية فمع كون جمهور البلاد المصرية مسلماً وفي وسطهم الطائفة القبطية ما كنا نرى جريدة دينية إسلامية ولا مسيحية والآن قد انحل ذاك القيد تقدمت المطبوعات خطوة عظيمة فظهرت فيها النشرة الأسبوعية الدينية القبطية وأخذت تنشر أصول الدين المسيحي وفروعه علناً

فبشرنا أنفسنا بحسن المستقبل واتساع نطاق المطبوعات والآن تصدى العالم الروحاني القس وطسن رئيس مدرسة الأمريكان بمصر لنشرجريدة دينية سماها (النشرة الإنجيلية المصرية) تصدر كل خمسة عشر يوماً مدى أربعة أشهر ثم تصدر أسبوعياً وجعل اشتراكها خمسة عشر قرشاً سنوياً وقال في مقدمتها ـ قد تهيأ لنا والحمد لله الشروع في إنشاء جريدة دينية مصرية ونعم هذه الخطوة المهمة إلى أن قال ومما تحتوي عليه أخبار عمل الرب في القطر المصري خصوصاً وما يلزم من أخبار هذا العمل في جهات أُخرى عموماً تنشيطاً للكنيسة المصرية أفراداً وإجمالاً وسيتكلم فيها على المواضيع الدينية والمناظرات الدينية والقصص الدينية وقد ختم العدد الأول بالصولت لأرباب الجمعيات المنعقدة لنشر الدين المسيحي في الأرض إلى آخر عبارته. وهذا أمر ما كان يحلم به الشرقيون ونحن أقرب الناس عهداً بزمن الحجر والمنع الكلي لكل ما يشير للدين من المحررات وحضرنا وقتاً لو قال فيه المسلم إلا غله إلا الله محمد رسول الله في ديوان لقال عليه نفس المسلمين هذا متعصب للدين ولو قال مسيحي اسجد للرب في زينة مقدسة لقال له آخر فتحت باب الحرب الدينية وما زالت الحالة تخف وتنزل والناس تتدرج من كلمة إلى كلمتين ومن إشارة إلى تلويح حتى نهضوا وكتبوا الرسائل السرية ثم اجتازوا تلك العقبة وكتبوا الجرائد الدينية ونحن نرجو أن تكون الماظرات خالية من المطاعن والتعرُّض للأديان الأخر فإن ذلك يدعو كل ذي دين للدفاع عن دينه لا يبالي في أي باب كان الكلام لأننا لا يمكننا أن ندعي إطلاق حرية المطبوعات لطائفة دون أخرى بعد أن اطلقناها لمثل الأقباط والأمريكان

تنزير الأذهان

كما لا يمكننا أن نحكم على مسلم تعرَّض لنشر قواعد دينه بين قومه بالتعصب الديني بعد أن رأينا غيره يتكلم على دينه بحرية مطلقة وهذه نهضة لا ينكر حسنها إلا محنك بإصبع التعصب فإن الجرائد الدينية ترد الأمم عن الفجور والفساد وتدعو الناس إلى مكارم الأخلاق فنحن نثني على الهيئة الحاضرة التي وسعت هذا النطاق ونهني أخواننا المسلمين كذلك بمساواتهم لتلك الطوائف فإن جريدة الأستاذ لما شمت رائحة هذه الحرية أخذت تنشر فصولاً للبنين والبنات تعليماً لهم وستلتزم هذا التعليم التهذيبي مع المحافظة على الآداب وعدم التعرض لشيء من أديان الغير إغلاقاً لباب الضغائن والفتن خصوصاً ونحن في عصر خديوي جليل قائم بأداء شعائر دينه في المساجد ومجامع الأمة فهو يحرك الناس للعمل بصلاته ونحن مع إخواننا المحررين نعلم العامة ونعوذ بالله تعالى من إطفاء هذا النور الذي تهتدي به الأمم إلى سواء السبيل تنزير الأذهان في الرد على مدعى تحريف القرآن كتاب جليل القدر الفه الفاضل الشيخ محمد زكي الدين نجل العلامة الكامل الشيخ محمد سند ردَّ به على صاحب البرهان الجليل المطبوع المنتشر بين المسلمين والمسيحيين وتحرَّى فيه النصوص الصحيحة والأقوال الصريحة والتزم فيه إقامة البراهين النقلية والعقلية ولا تزيد صفحاته عن 52 صحيفة ولكنه مع صغر حجمه جاء وافياً بالغرض دامغاً لدعوى الخصم فيجب على كل مسلم اقتناؤُه بفهم ودقة ومن لنا أن يقرأ في المدارس وتحفظه التلامذة

ورشة بولاق

فإننا في زمان كثر فيه القيل والقال ممن تصدوا لنشر مفترياتهم واغليطهم بين عامة المسلمين تشكيكاً أو توهيماً فلله هذا الفاضل حيث تعرض لهذا الرد الجليل وطبعه تعميماً للفائدة وهو يباع بد كان الفاضل الكامل الشيخ عبد الواحد الطوبي وعند أمين افندي هندية وإبراهيم افندي فارس وفي مكتب جريدة المحروسة وقد رأيت حضرة الفاضل المجيد السيد بكر افندي التميمي الداري أحد أفاضل نابلس وضع كتاباً في الرد على صاحب البرهان أيضاً استوفي فيه المقصود ولابد أن يطبعه قريباً ومن الغريب إن الشيخ محمد زكي الدين عند إتمام كتابه تأليفاً سنة 1309 أراد أن يصنع له تاريخاً فاتفق له تاريخ يصلح أن يكون ردّاً وحده وهو القرآن صحيح وليس به تحريف سنة 1309 382 116 106 7 698 ورشة بولاق هي الورشة التي لا يجهل إنسان نفعها للوطن وأهله أن استعملت آلاتها وهي الآن تباع بالمزاد وقد علمنا أن بعض الناس كان قد عزم على أخذها شركة ثم عدل عنها أسباب لا نعلمها وقد رأينا طريقة لأخذها وحبسها للمنفعة الوطنية بدل أن يأخذها أجنبي وهي أن الجمعية الخيرية الإسلامية تبحث في شيءٍ تستغله ولا شيء أحسن من هذه الورشة إذا أخذت وحبست على تعليم الفقراء ومساعدتهم ولكن الجمعية في نشأتها الابتدائية ويعز عليها الآن جمع مبلغ يفي بالثمن وتصليح الآلات وإدارتها وإحضار ما تشتغل به فلو تقدمت الجمعية بفتح اكتتاب عام شامل لجميع المسلمين المصريين بأن يأخذ من كل رجل نصف فرنك وفرضنا الرجال

أفراح جليلة

مليونا فيجتمع لها خمسمائة ألف فرنك وهي كفاية لشرائها وإدارتها وهذا لا يكون إلا بتقديم هذا المشروع للحضرة الخديوية الفخيمة وجعل حضرات المديرين والمأمورين أعضاء عاملين لجميع هذه المبالغ الجزئية التي لا تعز على افقر خلق الله وفي جانب أخذ نصف فرنك من العامة تأخذ من الخاصة من ذوات وأغنياء مبالغ يتبرعون بها احتساباً لله تعالى. وإذا تيسر هذا إن شاء الله تعالى لم يبقى إلا العمل وتوزيع المصنوع فأعضاء الجمعية إذا انبثوا في الأندية والبلاد محسنين شراء مصنوع يصنع في الوطن لتربية أبناء الفقراء ومساعدة المعوزين اقبل الناس عليه ولو ارتفع ثمنه عن ثمن مصنوع الغي لعلمهم بالجهة العائدة إليها المنفعة وحبذا لو فتح هذا الباب وبودر بالسعي فيه قبل سبق الأجنبي إليه فإنه أمر يسير جداً وإذا علمت الدائرة الخاصة العامرة بهذا السعي الجليل أوقفت الإعلان لعلمها إن مثل هذا السعي من اقصى أماني الحضرة الخديوية أيدها الله تعالى أفراح جليلة ابتدأت أفراح صاحب الدولة الوزير المصري الجليل مصطفى باشا رياض التي أعدها لزواج نجله العزيز ذي الطالع السعيد صاحب السعادة محمود باشا رياض محافظ بور سعيد حالاً ومن سمع قولنا أفراح دولة رياض باشا علم كيف تكون بهجتها وحسنها واتقانها وماذا يكون فيها من آلات الطرب ودواعي الأنس وقد دعا إليها العدد الكثير من الأمراء والعلماء والدوات والأعيان والوجهاء وستنتهي بخير آخر الأٍبوع القادم إن شاء الله تعالى جعلها الله ليالي سعد وأنس وسرور فإنها عيد من أعياد مصر التي تبتهج بها النفوس. عبد الله النديم

العدد 18

العدد 18 - بتاريخ: 20 - 12 - 1892 أَتَتَقَلَّب الأُمم بتَقَلُّب الأَحوال ونحنُ نحنُ . نعم. فإن شجر العداوة والحسد مغروس في قلوبنا يسقى بماء الحقد وكلما جف احتكت جذوعه فالتهبت نيرانه وبات كل شرقيٍ يصطلب بنار أخيه المشتعلة بإجزاء ذاته التي يظن أنها تشفي غيظه وتريحه باحراق من يراه مثيلاً يدافعهُ أو قريناً يساويه في الرتبة وما احترقت إلا أعضاء الهيئة الاجتماعية ولا عدمت إلا دعائم الوطنية والملك. فنحن في انتظار هلاك بعضنا ننتظر خراب ديارنا وضياع أوطاننا واهمين أن ما حصل لزيد إنما هو انتقام سنة لعبيد وما نكب به عمرو وسيلة لرفعة خالد فالجار يترقب موت جاره مع علمه أنه غير وارثه والابن ينتظر موت ابيه مع كونة واسطة وجوده والمرؤس يرى موت رئيسه مع أنه حجاب بينه وبين الضياع والمجموع يمقت بعضهُ بعضاً وكل زي لب لا شاغل لهُ إلا الفكر في سوء إدارة زيد وعدم انتظام سير عبيد وفعود همة فلان وغفلة فلان وما دري كل منا أنه فرد من الأفراد الذين وجه إليهم اللوم وخصهم

بالتبكيت فهو يذك نفسه ويعيبها بما هو فيها فغنه مرآة أخيه فما ترآى له في ذات أخيه فهو في ذاته ولكن انحدارنا مع تيار التفاخر بالأوهام وحط بعضنا على بعض واستواء جاهلنا وعظيمنا وحقيرنا في خداع كلٍ صاحبه ومنافقة رفيقه بقدر حاجته وامتلاءُ القلوب بتمنى زوال نعم بعضنا ابعدنا عن شاطئ المصلحة الشرقية فنحن غرقى في اوهامنا التي نظنها علماً وفضلاً وحكمة ونبلاً ننتظر رحيماً ينشلنا أو شرقة تقتلنا فننزل إلى قاع بحر الضياع طعمة لحيوان أو رجوعاً إلى العدم. ولا يتعجلن معترض بالطعن في هذه الأفكار قبل أن يتأمل فيها فما زرع هذه الضغائن إلا سرعة الاعتراض بغير حق وتصدى هذا لتزييف كلام ذاك ودعوى فلان أنه أعلم من فلان تسلط شرقي على أخيه لتنمو ثروة غربي أو تعلو كلمته فهذه أجناسنا الشرقية لم تجتمع للإقامة في إقليم اجتماعها في مصر وقد اختلفت مقاصد الوافدين والنازحين في أسباب أعمالهم واتحدت وجهتهم في التماس الرزق او التدرج إلى تملك ما بيد المصري من عقار ومزارع ولكنها لم تحسن المعاملة مع بعضها واتخذت المغالبة على سلب حقوق المصري وسائل لمقاصدها فالتاجر التزم الغش والخيانة والكذب والخداع تحايلاً على رواج تجارته الرديئة. والمرابي لخيانة والغدر والتزوير طريقة لنزع ما بيد المصري من أثاث وعقار فابتدأ أمره بدارهم معدودة وانتهى بتحايله إلى قناطير منضودة وقد التزم طرق الحية فهو وطني مالان معه حاكم وطني وساعده على نهب الفلاح وتفليسه وأجنبي أن ظهر غشه وغدره يحتال لسلب الفلاح بالمحاكم الأجنبية التي لا يدري الفلاح شيئاً من أصولها والمستخدم في

الحكومة تعصب لجنسه فاجتهد في إبعاد المصريين عن الوظائف الأميرية ووضع وطنيه مكانه حتى أقفل بيوتاً كثيرة وافقر أغنياء بقطع موارد الثروة عنهم ثم تحيز كل جنس من النزلاء في نقطة سكناً واستيطاناً ليبعد عن المصري ويستقل مع جنسيته بخصائص المجامع التجارية والأدبية والأفكار الإدارية والدولية واتخذ كل فريق مجمع لو أو أنس خادمهُ وصاحبه ومديره من جنسيته حتى لا ينتفع المصريُّ بشيء من الغرباء. ثم اجتمعت كلمة النزلاء على ذم المصري وتقبيح أعماله وأقواله وإظهار خفاياه إلى من يهمهم الإطلاع على عوراته التي يرونها باباً للدخول في بلاده أو سل ما بيد. وهذه الأعمال كانت سبباً في غرس الضغائن بين المصري وبعض نزلاء بلاده إذ لا يتصور أن إنساناً يتغلب على قوت إنسان ومظهره وأثاثه وعقاره ثم يرى أنه بعد ذلك يحبه أو يحمده فغن رأى منه ميلاً او محبةً فإن ذلك نفاق يداري به بعضهم بعضاً ويتقي به كل منهم شر الآخر ولهذا ترى النزلاء لخوفهم على ما بأيديهم من التجارة والأعمال يظهرون التجنس بغير الجنسية الشرقية ويعدُّون أنفسهم من الغربيين ليشتركوا معهم فيما يسمحون لهم به من الأعمال. ولا يلام غربي على تداخله في شؤون الشرق وأهله فإن ذلك من أطماع الملوك في كل زمن وإنما نلوم الشرقيين على تعاميهم عن مصلحة بلادهم وانصرافهم عنها بالاشتغال بمصالح الغربي فإن من داخل الأجناس الشرقية القاطنة بمصر ورأى تفرق الأهواء حول المنفعة الذاتية وكراهة كل جنس لمثله وتقبيح كل فريق عمل الآخر وسعي كل طائفة في إذلال الأخرى مع غفلة المجموع عن ثمرة الاجتماع الشرقي ونتائج قلع الأحقاد وتصاممهم عن سماع الدعاة إلى توحيد الوجهة والسير وذمهم

كل من دل على فضيلة أو حذر من رذيلة وتعصبهم على كل نابغ منهم زاعمين ان ما هم فيه هو ثمرة المعارف ونتيجة العلوم واهمين أن الفضل في قلب الحقائق وعل الباطل حقاً والخطأ صواباً علم أن الشرق إنما أضاعهُ أهلهُ وافقره بنوه وأذله نباؤه. ومن رأى التقاطع الحاصل بين ذوات المصريين الأول وبين القائمين بالأحكام الآن وتمدح الفريق الثاني برأيه وتدبيره وذم السابقين بالجهالة والخشونة وكراهة الفريق الأول ولما هو حاصل من الثاني ثم رأى تباعد العلماء عن مجالس الأمراء والنبهاء ونفورهم من المحدثات من غير رد قولي او معارضة فعلية وحط بعض الناس عليهم بنسبتهم إلى أمورهم برآء منها ثم رأى تحيز افرقاء الأمة إلى هذه الأقسام وتوزيع الأهواء حول تلك الغايات الوهمية أيقن أن الوهن تمكن منا معاشر المصريين خصوصاً والشرقيين عموماً بتخاذلنا وتقاطعنا وصار وصول الغرباء إلى مقاصدهم أسهل من تناول الماء من عين تجري على وجه الأرض فلو ابدل الذوات والأمراء والعلماء والنبهاء السابق منهم واللاحق هذه المنافرات والمطاعن الافترائية بتوحيد كلمتهم وتخللوا بجامع بعضهم متذاكرين ومتشاورين وعقدوا عزائمهم على مقابلة تلك العصبيات بعصبية مصرية أو شرقية لها من فضائل الأجناس ما لغيرها وأخذوا في إصلاح ما بيدهم من الأعمال والإدارات باتفاق الآراء وتدبير شؤنهم الخاصة والتزام الاقتصاد وحسن السير لنظرتهم أوروبا بعين الاعتبار والإجلال وأمكنهم أن يحافظوا على بقي من موجبات الشرف وحياة الوطنية والجنسية. وإلا فما حظ البلاد من عظماء يجتمعون للمسامرة بما ليس فيه فائدة للبلاد وشيوخ كل حديثهم ذم الشبان وما هم فيه من الاسترسال خلف الشهوات من غير أن يبينوا لهم طرق

الهداية وسبل الاعتدال. وشبانٍ يصرفون أوقاتهم في معاقرة الراح ومنادمة الصباح والتزلف للأجنبي بصرف مياه الوجه والحياة والشرف والثروة. وما فائدة البلاد من غوغاء يبيتون سكارى ويصبحون حيارى وقد اشتغل عنهم العظماء بالفكاهات والتياترات وحسن المسامرة وأعرض عنهم العلماء وتركوهم في غيهم يمرحون بلا وعظ ولا تحذير اكتفاءً بمعرفتهم ان ما يفعلونه ضلال وبهتان واحتقرهم الشبان والنبهاء فابعدوهم أو بعدوا عن مجالسهم وخاللوا النزلاء وخالظوا الغرباء غاض الله الدمع وصرنا نعيرَّ بالبكاء الذي هو جهد النساء. كل ما نحن فيه معاشر الشرقيين خبل وهُلاس ولا برَّ لنا منه إلا بمعرفة التركي حق العرب وفضله واعتراف العربي بمجد التركي وسيادته واتفاق السوري مع المصري وائتلاف الهندي باليمني واتحاد العراقي بالفارسي وارتباط التونسي بالمراكشي وتوجيه نظر المجموع وهمته إلى ما يسمى شرقاً لا ما يسمى جنسا فإن حاجتنا إلى توحيد الكلمة حاجة الأعمى إلى من يقطع به الصحراء. فُض فُو رجل يقول لاندرك هذه الغاية إلا بثورة نبدد بها جموع النزلاء والغرباء فإن النزيل اما شرقي تحتاج إليه لكونه أخاك وإما غربيٌ عرف منك حسن الخُلُق ووثق المعاهدات حكومتك فرحل إليك وهو موقن بالأمن على حياته وعرضه وماله. وكذب رجل يقول إن الاستظلال بظل الغير حياة للوطنية والمدنية فما يريد أن يفر كل مخلوق إلا من الأسر والاستعباد. لم تقم أوروبا على ساق القوة بعد الضعف عن النهوض غلا بالحصول على القوى الثلاث قوة العلم وقوة المال وقو العُدد ونحن الآن في حاجة إلى العلم فإذا حصلناه جاء من بعدنا فعظَّم به الثروة ثم يأتي من بعده فيعد بها العدد

ثم يأتي بعد هؤلاء من يقول للغربيين نحن وأنتم. ولا نصل للقوة العلمية وفينا من يقول العز في الخمول والسعادة في العزلة والفضل في الزهد في الدنيا والبعد عما في أيدي الناس فإن من توكل على الله كفاه وهذا الفريق متخلل بين لعامة يزعم أنه من الهداة وهو من المضلين فلو كان من البصراء لطالع سيرة نبينا سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وغزواته وفتش في سياستيه السماوية والأرضية ولأيقن أنه كان أكثر منه توكلا على الله تعالى وازهد في الدنيا في أيدي الناس ولم تقعد به همته العلية عن مزاولة الحروب بنفسه الشريفة وفصله قضايا الأمة وجلوسه لتعليم الناس وسعيه في مصالحهم ومخاطبته الملوك والأقيال والأمراء ومعاملته المسلم والمسيحي والموسوي بعدل لا يضمنه الآن أحسن قانون ولا ينفذه أقوى سلطان فهؤلاء بجهلهم سيرة نبيهم سولت لهم انفسهم أنهم قائمون بارشاد الأمة وهدايتها إلى الطريق الحق وما دروا أنهم أماتوا الهمم وصرفوا النفوس عن التعلق بحوافظ الدين والملك معاً. ومن هذا القبيل الذين دونوا دواوين الخطابة وجعلوها قاصرة على التزهيد في الدنيا والتحذير من المال وجمعه والفرار من المجامع والظهور والرضا بخشن العيش والصبر على الذل والهوان وتركوها للخبطاء بها يوم الجمعة حيث تجتمع الأمة اجتماعاً لايتفق لأمة أخرى فيدخل الرجل للصلاة وهو يفكر في عمل يصلحه وصناعة يتقنها وإدارة يحسنها ومعيشة يوسعها ونظام يحفظه وإخاء يحافظ عليه ووطن يسعى في وقايته وملك يدافع عنه وحق يطالب به ويخرج وقد ماتت همته وانصرف عن الأفكار الجليلة بما غرسه الخطيب في فكره من قبح الدنيا وسوء

مصير المشتغلين بها. فلو تصدت اوروبا بالأمانة همم المسلمين وصرفهم عن مجد الملك والدين والجنس وقطعت دهوراً في اختراع طريق تصل به هذه الغاية ما اهتدت إلى ما فعله الخطباء من تحويل الخطابة عن عهدها النبوي إلى ما قاله المتملقون إلى الملوك والغافلون عن طرق الهداية وإصلاح الأمة. ونحن نستفتي هؤلاء المثبطين. إذا كانت الدنيا يحذر منها فلمن خلقت وإذا كان الاشتغال بها بهتاناً وضلالاً ولا يشتغل بها إلا أعداء الله فلم نتألم من تسلط الغير علينا ووقوعنا في أيدي المتغلبين ونعد الرضا بذلك ذنباً ومعصيةً. كل هذا انصراف عما كان عليه السابقون فقد كان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يخطب الناس بوقائع الحال وربما طرأ عليه الأمر في غير يوم الجمعة فيرقي المنبر ويخطب به الناس وجاء الخلفاء الراشدون على أثره فكان أبو بكر يخطب بأحوال أهل الردة وخروجهم من الإسلام ووجوب قتالهم وكان عمر يرتب جيوشه ويولي الأمراء ويفرق الألوية ويعلم الأحكام وهو على المنبر كان عثمان يخبر الناس بخراج البلاد وأحوال الفاتحين وهو يخطب وكان عليٌّ يذكر الحاصل بينه وبين الثائرين عليه ويعلم الأحكام ويوصي الحكام ويلقن التوحيد ويقص أخبار السابقين وهو على المنبر ولم نسمع أن هارون الرشد خطب من ديوان أو أن المأمون ألفت له خطبة أو ان مولاي إدريس جمع له العلماء كلاماً موزوناً مسجوعاً بل كان يخطب كل خليفة وأمير بما يراه صالحاً للأمة وما طرأ عليه من وقائع الأحوال الداخلية والخارجية فعلى العلماء الأفاضل ورجال الخطابة ان يغيروا هذه الطريقة ويخطبوا الناس بضروريات دينهم ودنياهم فإنهم إن فعلوا وعلَّموا الناس الدين

والتجارة والملاحة والفلاحة والمعاملة والمخالطة وذكروا للعامة أحوال ممالكهم وما تحتاجه من العناية بها والسعي في حفظها ونبهوهم على الوقائع على الوقائع الحاصلة في ممالك الغير تحريضاً على المجارة أو تحذيراً من الوقوع فيها وحذروهم من الفتنة والدخول فيها والهيجان والقرب منه وعلموا الناس الحقوق الوطنية والمدنية وواجبات العمران ومقدماته واجتهدوا في ذلك اثروا في النفوس تأثيراً غريباً وقادوا الأمة إلى التقدم بسرعة عجيبة وفعلوا في النفوس والقلوب ما لا تفعله الجرائد وأوامر الملوك والسلاطين فإن الجرائد لا يقرؤها إلا العارفون بها وهم عدد قليل جداً بالنسبة إلى سواد الأمة الأعظم ويأخذون ما فيها على أنه وقائع أحوال وأما الخطبة فيسمعها الأُ ميُّ والقارئ والعالم والجاهل ويأخذون كلماتها على انها إرشاد من واقف موقف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يأمرهم وينهاهم فتأثيرها في النفوس يكون عظيماً جدّاً لتعلقها بالدين. وكأننا بغر يقول إن هذا دعاءٌ للتعصب الديني والدنيوي فنجيبه بأن هذا أمر ديني لا تتعرّض الملوك إليه ولا تمنع منه لقيام كل أمة بأمور دينها من غير معارضة خصوصاً في مصر او الشرق بأجمعه فإن أصحاب الأديان ممتعون فيه بحرية لا تماثلها حرية الأفكار في أوروبا تشهد بذلك الكنائس المشيدة والأجراس المرتفعة والهياكل الهندية والمعابد الإسرائيلية ومدافن الأمم المتغايرة جنساً ووطناً ودينا فلا يحصل في مصر أو الشام أو الأناطول أو بلاد العرب أو الفرس أو غيرها مثل ما حصل في نابولي أيام إقامة حضرة الخديوي الأسبق بها حيث توفي سفيان اغا فاشترى له قطعة أرضى ليدفن فيها فلما حملوا نعشه صارت الصغار ترجمة بالطوب من كل ناحية فلم يتخلصوا

منهم إلا بذكر المسيح امامه ولا مثل ما يحصل من إرسالهم كل مسلم مات في أوروبا إلى وطنه. ولقد مات تلميذ مصري بباريز فابى كل فريق دفنه في مقابره حتى أخذه بعض قسوس الكاثوليك فدفنه فقامت الجرائد تطنطن باسم ذاك الرجل مدحاً وثناءً على قبوله مسلماً في مقبرة طائفته لكون ذلك غريباً جداً عندهم. والشرقيون يقبلون ملايين من الأوروبيينفي ارضهم ولا يحمدون على شيء من ذلك كأن أهل الشرق خلقوا عبيداً لأروبا. فبهذه الحرية التي تتمتع بها الأروبي في الشرق يتمتع الشرقيون كذلك بإجراء عوائدهم واتخاذ طرق إصلاح النفوس وتهذيب الأخلاق وليس هذا من باب التعصب كما يزعم الدخلاء وإنما هو من باب تربية الأفكار التي تدعو إليها أوروبا وتريدان نصل إليها بإقامة جماعة منها بين ظهرانينا. وطريق أوصلتنا إليه أوروبا طريق مأمون والا كانت دعوتها إليه غشاً وخداعاً وهي لا ترضى ذلك ولا تقول به. على أن المسلمين الذين في غير مصر يجرون عاداتهم ولو لم تكن شرعية باية طريقة توصلهم إليها كاهل تونس عندما منع الحاكم الفرنساوي ضرب مدفع للإفطار ومدفع للسحور في بعض المدن وعلل ذلك بزيادة المنصرف فالتزم القاضي بدفع قيمة البارود الذي يصرف في رمضان من استحقاقه واستمرت العادة وهي ليست من الدين في شيء فأولى أن نطالب أنفسنا بما فيه صلاح حالنا واستقامة عامتنا. ولتكن الخطبة خالية مما يوغر صدور الشرقيين من ذم وطني غايرهم دينا فإن في الأبغار تفريق الكلمة التي نريد جمعها وباعثاً لتداخل الأوروبي بعلة طلب الراحة الدينية الشرقي كما هو جار في معاملة أمرا وبالملوك الشرق وليس من التهذيب أن نذم أوروبا

ونقج أعمال أهلها وعوائدهم فإن لكل أمة خصائص الفتها وعادات لزمتها وإنما نذم الذين أرادوا تقليد أوروبا فأخذوا بما عليه الغوغاء والرعاة من التهالك في الخمر والقمار والفسوق وتركوا ما عليه أرباب الأفكار ورجال المعارف من خدمة لأمة والبلاد بما فيه الصلاح والعمارية وإذا علم العامي وغيره أن الخطيب يخطب بوقائع الوقت ويحث على ما يناسب الزمان والمكان هرعوا إلى المساجد وكثر المصلون وعاد للمساجد من يختفون في البير حتى يخرج الناس من الصلاة. وإني لا عجب من أُناس تركوا الصلاة كسلاً وتهاوناً وهم يرون أميرهم المفخم حفظه الله تعالى تؤدي أوقاته ويحضر الجماعات في المساجد منتظماً مع أفراد في صف من صفوف المسجد ويسمعون المسجد ويسمعون أن خليفهم الأعظم يذهب إلى المساجد ويصلي مع الأمة فما بال هؤلاء الناس لا يقلدون ملوكهم ولا يستحيون من الله ولا من الناس أيرى أحدهم أنه حر الفكر أي لا تعترف بصحة دين كما يزعم كثير من دهاة أوروبا الذين اتخذوا مشدقتهم بهذه الأضاليل مصائد لضعفاء اليقين من أهل الشرق فإن كان فيهم من يرى هذا فليقلد من أضله في فعله المدني فإنه لا يتأخر يوم الأحد عن الكنيسة ولو لم يعتقدها في زعمه ليساوي بني جنسه ودينه فيما هم فيه ويجتمع معهم في روابط الاتحاد وتوحيد الكلمة ولا ينفر العامة من أصل بُني عليه أساس الملك وحفظ به نظام العمران. ولسنا في زمن فترة حتى يكون هذا الكلام دعاءً لتجديد دين وإنما نحن في زمن المشابهة والمماثلة ومجاراة الأمم بعضها بعضاً وقد امتلأت المحافل والطرق برسائل الأمريكان واليسوعيين وفرقت حتى على المسلمين في مصر الشام وبلاد العرب وعلى المجوس والبراهمة

في الهند والصين للدين وحثاً على الأخذ بالدين المسيحي وما نرى جماعة من الأوروبيين سكنوا جهة في مصر واسكندرية أو الشام إلا وبنوا في كل حارة كنيسة فهذه جهات الفجالة وشبرا والاسماعيلية والمطرية بها كثير من الكنائس وما بني فيها مسجد لمسلم كأن المسلمين الساكنين بها ليسوا من هذه الأمة. فإن قيل أن المساجد كثيرة وهم يذهبون إليها قلنا فلم لم يكتف الأوروبي بالكنائس الأخرى ويذهب إليها والمجاورة تلزمنا بتقليد أوروبا في عملها فغنها تعد ما نحن فيه همجية وما هي فيه مدنية فلم نتأخر عنها ونبقى في هممجيتنا الذمومة عندها. نرى ارتباط الأجناس مانعاً حصياً من تبديد ثروتها وأضعاف قوتها ونحن توزعت أهواؤنا فتبددت قوانا الجامعة للعصبية فلا نسمع من فلان إلا ذم صاحبه ورميه بالعجز عن عمله وربما اردف هذا الذم بالسعاية بل السعي في اندائه فنرى الظاهرين منا يصرفون وجاهتهم واعتبارهم في إقفال بيوت أخوانهم وماعدة الدخلاء والنزلاء بيدهم ولسانهم مع أننا نرى الناس امامنا إذا أراد احدهم الاشتغال بعمل ساعده أخوانه وحسنوه للناس وداروا بين العظماء أو الوجهاء فحسنين ومرغبين وإذا خلا أحدهم من خدمة اجتمعوا وجدوا في رجوعه أو دخوله في محل آخر وإذا افلس أحدهم جمعوا له مالاً وفتحوا له محلاً يستغله ونحن على عكس هذا كله وكلما زادت معارفنا كلما زاد تقاطعنا اللهم إلا بعض أناس ممن حنكتهم التجارب ودعتهم المشابهة إلى البحث في المنافع الوطنية والدينية فانبعث فيم الحمية والغيرة فهم أساتذة الوقت وعنوان كتاب الفضلاء وإن لم يتصدوا للتدريس بالصورة المعتاد بين الناس ولقد أثرت حركات أوروبا في الشرق سرعة تقلبها في المظاهر الدينية

والدنيوية في معظم شيوخ هذا العصر وشبانه فتحركت فيهم همم وغيرة وحمية لم تكن تظن فيهم لو لم ثقج أوروبا سيرهم الديني والدينوي فقابلوا بين نهيها عن التظاهر بالشعائر الدينية وبذلها النفس والنفيس في حياة الدين والدعوة إليه ببث المرسلين وتكثير المعابد فتولدت فيهم روح المماثلة فأصبحوا يقولون وغدوا يفعلون بين المصريين والشاميين والعرب رابطة اللغة والسلطة في الكل والدين في معظمهم والجنس في أغلبهم والمتاخمة التي تصير المجموع في حكم الوطن الواحد فلم نرى الهمم مصروفة نحو التفريق وإحداث النفرة لبن هذه الأمم المحتاجة إلى الجامعة الشرقية ولو كانت الهمم مصروفة جهة توحيد الكلمة والاختصاص بالمصالح الوطنية لكانوا سداً محكماً بين الشرق وبين المتهيئين للوثية عليهم. إن كان النفور بسبب الدين فقد انتهى زمن الفتح ورسخت إقدام الأديان ورضى كل بدينه فالسعي في النفرة بسببه سعي لمصلحة أوروبا لا للشرقيين. وإن كان بسبب الجنس فقد طال زمن الاختلاط والمعاشرة وكثر التولد من المتغلبين من أجناس شتى على تلك الجهات حتى كدنا أن نوحد الجنس في سكانها. اللهم إلا في البلاد العربية التي لا يدخلها الخليط. وإن كان بسبب الوطن فقد علمنا احتياجنا لتأكيد الرابطة وتأليف النفوس وإن كانت السلطة فلكنا اتباع سلطان واحد نأُتمر بامره وننتهي بنواهيه. اللهم إلا بعض أناس استمالتهم وطننا بل وإن دانوا بديننا لأنهم لا يقدرون على السعي في مصالح الشرق ولا ينطقون بكلمة فيها خير لأهله فغنهم مقيدون بتعاليم الدول المنحازين إليها قياماً بحق تعمتها عليهم. ولا يضرنا

هذا الفريق إذا فتشنا جموعنا وأخرجنا الفريق الزائف من سبيكة المجموع الشرقي وأخذنا في التواد الجسمي والتواصل القلبي حتى نرى المصريين من مسلمين وإقباط وإسرائيليين والشاميين والترك والعرب والجركس والارنؤط والفرس والهنود والافغانيين وغيرهم تجمعهم المجالس للمذاكرة والمشاورة والاتحاد على مشابهة أوروبا في تقدم العلوم والصنائع والاتفاق على وجهة تتجه إليها الأفكار مهما تقلبت صور الحوادث ليكون لنا مبدءٌ معلومٌ ومشربٌ محفوظ وغاية نسعى إليها فإن أوروبا تحركنا كل وقت لهذا العمل وترمينا بفساد الأخلاق وخور العزيمة وعدم الثبات على عمل وحبنا للمفاخرة بما لا فخر فيه ولا شرف. وأُمم يدعوهم ما يرونه خصماً إلى الطريق الذي سكله حتى دخل بلادهم وهم قاعدون عن السعي أُمم محتاجون لتخلل النبهاء مجالسهم وجوس العلماء ديارهم وبذل الأغنياء أموالهم وصرف الأمراء هممهم حتى يتم تهذيب العامة ويعرف كل إنسان حده حقوقه ويسعى كل شرقي في مصلحة بلاده ومنفعة أخوانه مع المحافظة على الروابط التي ربطتنا بأوروبا فقد دعت ضرورة التجارة والسياحة وحفظ السلم بين الدول إلى المعاهدات وتبادل الرحلة من والي الشرق والغرب. ووحدة الإنسانية رابطة كبرى بين جميع سكان الدنيا فلو لم يكن بين الأمم من الروابط لحفظ نظام الدنيا العام ولكن ما حيلة الإنسان فيمن يربونه على عداوة مثله ويسقونه كأُس البغضاء يوم فطامه من ثدي أمه فيخرج منكراً على مثيله صورته مدعياً أن غيره وحشي الطبع همجي السير وأن الإنسانية محصورة في حشو جلده. وفي الباب يحسن أسهاب أرباب الأفلام في حفظ الروابط

العالم سيديو الفرنساوي الشهير

وتبيين طرق التقدم وتفسير قول عمر بن عبد العزيز تحدث للناس قضية بقدر ما يحدثون من الفجور وكفانا من الخمول والقعود في الزوايا وحط النبهاء بعضهم على بعض بغير فائدة تؤثر عنهم أو طريقة تنسب إليهم وخوف الأغنياء من الإقدام على موارد الثروة واحتجاب العظماء عن الأوساط الذين يبادلونهم المذاكرة تهذيباً وتنويراً فهذا صوت ابنائنا في كل بد شرقيٍ انتقلت الأمم بتقلب الأحوال ونحن نحن. العالم سيديو الفرنساوي الشهير هذا العالم عند ما تضلع من العلوم أخذ يبحث في الأديان فما كان يسمع من خطباء أوروبا شيئاً عن الدين الإسلامي إلا قول بعضهم إن جماعة من العرب دعتهم الفاقة إلى اتخاذ قطع الطرق وسيلة لثروتهم فاتخذوا لهم رئيساً اسمه محمد بن عبد الله وساروا تحت رأيه وأخذوا في مهاجمة الأمم ونهب البلاد فلما علت كلمتهم وسرى صوتهم في الأقطار أدعى قائدهم أنه صاحب شريعة وأخذ يضع لهم تعاليم دينية جمعهم عليها. فإذا ترك هذا الخطيب وذهب إلى غيره سمعه يشتم المسلمين ويذمهم ويرميهم بفساد العقول وعدم التبصر لأخذهم بهذا الدين ويرمي النبي صلى الله عليه وسلم بأمور لم تصدر منه ولا تنسب لأقل خلق الله عقلاً لينفر الناس من تصديقه والنظر في دينه فإذا ترك هذا سمع من غيره أن الدين الإسلامي يحرم الجنة على النساء ولو عابدات ليصرف أفكارهنَّ عنه وبصرف أفكارهن تنصرف رجالهنَّ لنفوذ كلمتهن عليهم فإذا تركه ونظر في مؤلفات علمائه وقساوسته رأي خرافات

وعجائب وشتائم وقبائح وسباً وقذفاً ووقاحة ما بعدها وقاحة وكلها موجهة للبرئ من كل عيب سيدنا ومولانا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ولجميع الأمة فلما ضاق صدره من هذه القبائح وسئمت نفسه سماع تلك العيوب والرذائل عكف على الكتب الإسلامية بين تاريخية وتوحيدية وفقيهة وحديثية وأصولية وأخذ يطالعها بفهم ثاقب وفكر حاضر حتى تمكن من معرفة الدين تمكن أحد علماء المسلمين فرأى براءة الدين من تلك الأكاذيب ومفتريات علماء أوروبا وتعصب اهل بلاده لدينهم بتقبيح هذا وشتم الآخذين به. فحملته أمانته العلمية على وضع كتاب يشتمل على تاريخ العرب والدين الإسلامي وأصوله وما يدعو إليه والمدينة التي نشرها في العالم واقتباس جميع أوروبا منه وانفراده من بين الأديان بتعليم أساليب الحرية وافنانين الفضائل ولغرابة صدوره عن أوربي يتكلم عن العرب ودينهم بلسان الصدق وينقل من كتبهم قول الحق أمر بترجمته العالم الكامل والهمام الفاضل الوزير المصري الشهير ذو العطوفة علي باشا مبارك ناظر المعارف المصرية سابقاً ولا نمدح هذا الكتاب بأكثر من المقدمة التي وضعها له هذا الوزير فنحن ننشرها بنصها لتدل القارئ على ما في الكتاب وفضله ثم نأتي بعد ذلك بفصول منه تشويقاً للقراء وقد تم طبعه وقدر ثمنه عشرين قرشاً ويباع في أشهر الكتبيات فعلى كل مسلم إن يبادر بشرائه ومطالعته ليعلم من فضله نأتي بعد ذلك بفصول منه تشويقاً للقراء وقد تم طبعه وقدر ثمنه عشرين قرشاً ويباع في أشهر الكتيبات على كل مسلم أن يبادر بشرائه ومطالعته ليعلم من فضل دينه وشرفه ما شهد به الأعداء. قال حفظه الله تعالى بعد الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ما نصه. كل إنسان مشغوف بمعرفة حوادث سلفه لا سيما حوادث قومه وعشيرته

ونحن أبناء الأمة العربية مشغوفة بمعرفة ما كان للعرب من الأعمال والنتائج التي مهدت للنوع الإنساني طرق السعادة باتساع دائرة معلوماته وارتقائه إلى ذروة الرفعة والثروة بعد أن كان في حضيض الضعة والفاقة وأما ما زعمه ناس ودون في كتب قديمة وحديثة بلغات متنوعة من أن العرب لم يأتوا بشيء يذكر نائين عن التمدن المرفوعة أعلامه زمن الرومانية الوارثين له عن الروم بل كانوا سبباً في إخماد نار الغيرة وإطفاء نور العلم حتى خيم الجهل وعم التوحش بقاع الأرض وفي فقد الحرية الإنسانية بتوالي غاراتهم وعدم مبالاتهم بالحقوق فهو أراجيف مبتدعة دعاهم إليها حب إطفاء نور الحق ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويظهره كالشمس في رابعة النهار فانتشر والحمد لله ببقاع الأرض حتى تمسك به نحو سدس سكان االمعمورة من غير محرض لهم على اتباعه وما زال في ازدياد حتى تمسك به في هذا الزمان فرق من الفرنج فبنوا مساجد في المدن ازدياد حتى تمسك به في هذه مفتريات ما قاله المؤرخون العارفون بحقائق الحوادث التاريخية من أن العرب لم يقصدوا بأعمالهم غير نشلة الخلق من قبضة الظلم وتخليتهم من التوحش والعوائد الذميمة والمحافظة على حقوقهم بقوانين العدل الموافقة للقرآن الناطقة آياته بالحث على اكتساب الفضائل والأخذ بالعزم في اتساع دائرة العلم ولم يعلم ذلك من قبل الأمم الغربية وغيرها فإن تواريخهم تدل على أنهم كانوا قبل ان يسطع نور الإسلام وتمتد الشوكة العربية غرقي في بحار الجهالة والظلم مكبلين بقيود الاسترقاق لا يدري أحدهم حقه بل يتصرف فيه الظالم حسب ما سوَّلت له شهواته وكان أكثرهم يعيش في الأكواخ والكهوف أو يهيم الغابات وما زالوا على ذلك حتى

دخل العرب فبثوا فيهم العدل والعلم والفضائل والاكتسابات الزراعية والتجارية وفن العمارة وسائر الصنائع والحرف فعرفوا التمدن والسياسة المنزلية والمدنية وبالجملة ففضل العرب على سائر نوع الإنسان كفضل هذا النوع على سائر الحيوان لا يمكن جهله بل تجاهله لمن ضل سواء السبيل. وقد كتب السلف من رجال الأمة العربية كتباً كثيرة في المسائل الاعتقادية والعلمية وتواريخ اسهبوا فيها الكلام على الحوادث التاريخية وما لأهلها من العوائد والأخلاق ولم يقتد بهم الخلف في ذلك مع انهم جديرون بنشر فضائل العرب والشريعة الغراء لتمام درايتهم باللغة العربية بل سكتوا فاسند الأمر إلى أهله وهم الفرنج الذين ظنوا معرفتهم أساليب اللغة العربية فأضاعوا فضائل العرب واخذوا يركبون متن العمياء ويخبطون خبط العشواء فكم من حكمة حولوها عن حقيقتها وكم من آية ترجموها على غير المقصود منها فشاعت الاباطيل المضرة بشباننا في دينهم وديناهم ولم أجد من المؤرخين نصدى لتبديد هذه المفتريات سوى العالم (ٍيديو) أحد مشاهير علناء الفرنج المولود بباريس في 23يونيو سنة 1808 الموافقة سنة 1223 هجرية فقد جمع في عشرين سنة تاريخاً في سفر من مؤلفات من يوثق بهم من العرب والفرنج وبث فيه الفضيلة المحمدية والمآثر العربية وأثبت ذلك ببراهين ادحض بها ما ادعاه المبغضون من نسبتها إليهم فتحوَّل الناس عما رسخ في أذهانهم وأخذوا يقدرون الكتب العربية وعلماء العرب حق قدرهم وظهر فضل العرب لدى الفريج وانشؤا في ممالكهم مدارس لتعلم اللغة العربية وأخذوا يسارعون إلى حياة الكتب العربية في سائر الفنون والمعارف ويبذلون فيها النفيس ولم

يقتصروا على ذلك بل رغبوا أيضاً في الاستحواذ على صور مبانيهم وجميع ما كان لهم من نحو الزينة والزخرفة وآلات الملاهي والمطاعم والملابس ولذا أخذ السياحون يجوبون البلاد الدانية والقاصية ليعثروا على ذلك غير مبالين بما يقلون من المشاق الهائلة فتحصلوا على ما في بيوت التحف والآثار من الأمثلة المتنوعة بقدر تنوع الحرف والصنائع وعلى ما في خزائنهم من الكتب التي في جميع ما كتبه الإنسان من هزل وجد. وقد رتب هذا الكتاب على سبع مقالات تتضمن أبواباً مشتملة على مباحث فالمقالة الأولى في جغرافية بحيث جزيرة العرب وتاريخهم قبل البعثة وفيها بابان في طباع العرب وميلهم على الوحدة السياسية واجتماعهم بسوق عكاظ للتفاخر بالقصائد الشعرية * والثانية في الكلام على النبي صلى الله عليه وسلم وما تضمنه القرآن المجيد من الآداب والفضائل وفيها ثلاثة أبوب والثالثة * في الأمة العربية الفاتحة وفيها خمسة أبواب في الخلفاء الراشدين ومحاربة العرب البلاد الأجنبية عن بحيث جزيرتهم والحالة السياسية ببلادهم وقت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم واغارتهم على غربي آسيا وعلى مصر وفارس وإفريقية وأسبانيا وفرنسا وآسيا الصغرى وشواطئ نهر السند * والرابعة في قوة شكوكة العرب وانحطاطها بالمشرق وفيها اربعة أبواب في حدود مملكة العرب وقتال الأموية والعباسية وخلافني المشرق والمغرب ورفعة وانحطاط الشوكة العباسية والدولة الفاطمية واسلجوقية وغارة المغول والأتراك وزوال حكم العرب من آسيا * والخامسة في رفعة وانحطاط السلطنة العرب في الأقطار الغربية وطرد النصارى للمغاربة من أسبانيا وفيها أربعة أبواب في الملوك

الأغلبية والأدريسية والفاطمية بشمال آسيا والأموية باسبانيا وفي توقيف حزبي المرابطين والموحدين بتقدم نصرات النصارى على مسلمي أسبانيا وتحكم الدولة العلية على مدينتي الجزائر وتونس وإنشاء سلطنة الإشراف في مراكش * والسادسة في وصف التمدن العربي في الزمان الأول وفيها ثلاثة أبوب في ان مدرسة بغداد خلفت مدرسة الاسكندرية وفيما كان عند العرب من العلوم الطبيعية والفلسفية والإلهية والفقه والمعارف الأدبية ومخترعاتهم والسابعة في أحوال العرب في هذا الزمان (زمن مؤلف الأصل) وفيها بابان في الكلام على عرب المشرق وإفريقية وبلاد مراكش وإيالة الجزائر. وبالجملة هذا الكتاب على صغر حجمه جمع زبد التواريخ المتفرقة في خزائن الأقطار الدانية والقاصية بعبارات سهلة سالمة من الزخرف والحشو الذي ملئت به تلك التواريخ فصعب فهم خلاصتها التاريخية على أن بعضها لا يمكن تحصيله لكثير من الناس فضلاً عن كلها لتباعد أقطارها مع احتياجها إلى أثمان باهظة قل من يقدر عليها. ولنفاسة هذا الكتاب أردت نشره بين أبناء الوطن فامرت بترجمته وأنا ناظر على ديوان المعارف سنة 1285 هجرية المرحوم محمد افندي ابن أحمد عبد الرزاق أحد المترجمين بقلم ترجمة الديوان ومعلمي اللغة الفرنسوية بالمدارس الملكية المصرية فترجمه ثم أمرت أساتذة بقراءته فقرؤُه وأعلنوا بفائدة طبعه فأمرت بطبعه ثم تخليت عن نظارة الديوان فوقف الطبع وحفظت الترجمة في الكتبخانة الخديوية م عدت إلى نظارة الديوان سنة 1305 فوجدت به أبواباً لم تترجم وأخرى لم تستوف حقها في الترجمة فترجمنا

الأفراح الرياضية

ذلك وصححنا الكتاب وقابلناه على الأًل كلمة كلمة ثم كلفنا به العالم النحرير الشيخ عبد الرحمن ابن العلامة المرحوم الشيخ السيد الشرقاوي الشرشيمي المتوفي سنة 1288 وأمرناه أن ينشئه إنشاء عربياً فصيحاً فأخذ ينشئ ويقرأ علينا ما كتبه بخطه ثم صححنا أسماء البقاع والرجال وقابلناها على أصلها الإفرنجي وسميناه (خلاصة تاريخ العرب) فجاء بحمد الله كتاباً مبارك الطالع ترتاح له المسامع كما ان شموس النجاح عليه طوالع لم يدع كبيرة ولا صغيرة من تاريخ العرب إلا أحصاها ولا شاردة من شوارد فضلهم إلا ردها لأهلها وكشف القناع عن محياها مع النزاهة عن وصمة العيب والتبرئة عن مثل ما يأتي به الكثير من المؤرخين رجما بالغيب ورجائي به أن يكون لأبناء الشرق وعلى الخصوص المصريين دليلاً مرشداً يروي لهم من محاسن آبائهم الأولين حديث مجد لا يزال مدى الأيام مخلداً في عزامير البلاد المحفوف من الرحمن بالأماني سمو خديوي مصر (عباسنا الثاني) من لا يزال طالع سعده كوكباً درباً ومجد سموه بين الملوك مرتفع القدر عليا أدام الله عدله وابد بالنصر والتعزيز فعله وقوله هذا ولما كان المؤلف مصدراً كتابه هذا بمقدمة جليلة بين فيها مآخذ كتابه وما ينبئُ عن علو شأن الأمة العربية مع إقامة البرهان على صدق قوله وصحة صوابه قد جلعناها صدراً لهذا الكتاب حرصاً على ما فيها من الفوائد لذوي الألباب. الأفراح الرياضية قلنا في العدد الماضي ان دولة الوزير المصري الوحيد في قومه الغني

بشهرته عن الترعيف أعد الليالي الأفراح أحسن ما يكون من الزينة وقد ابتدأت ليالي الفرح المبارك من ليلة الجمعة الماضية وأخذ الناس في التوارد على سرايته العامرة بين أمير وعظيم وعالم ووجيه ونبيه ولزيادة رأُفته بحاضري أفراحه فرش ساحة السراية بالبسط لئلا يتألم الناس بروبة الأرضية وهو محفل جليل خال من كل لغط ومخالفة وأما انسه بالناس وحسن مقابلته لهم وسرور نجليه الكريمين بالوفود على هذه الساحة الكريمة فأمر لا يقوم القلم بشرحه ولقد ارخ هذا الفرح الجليل العالم العامل أفضل الفضلاء الشيخ علي الليثي بقصيدة طنانة جديرة بحفها والتمثل بأبياتها اتم الله تعالى هذه الليالي بخير وجعلها مبدأً لسروره برؤية الأحفاد بفضله جل شأنه. ونص القصيدة لله ليلات أنس عن سنى سَفَرت ... وأظهرت من محيا البشر ما سترت وواصلت في مغاني المجد باسمة ... وبالمراد إلى أسمى حمى وصلت كأنها ليلة القدر التي نزلت ... فيها الملائك والدنيا بها ابتهجت سرت بحسن صفاها مصر وازدهرت ... يا طيب عين بمرآها قد اكتحلت فما رأى مثلها الرائي فقد شرفت ... في خير دار بها الأفراح قد رسمت دار بسدتها الأمجاد واردةٌ ... مثل الظماء فكم علّت وكم نهلت داء بساحثها حلّ العَلاء وقد ... زال العناءُ وبالإقبال قد سعدت إن شئت قل جُنة أو جَنة وجنىً ... فيها الغياث وفيها الغيث مذبنيت تلألأَ المجد في أرجاء بهجتها ... ونمقتها يد الإيناس فانتظمت نعمّ سويداك او سود العيون بما ... يروح الفكر فاللذات قد حضرت وارع المثاني وراع العندليب بها ... فيوسف الحسن أعطاها الذي طلب

وانظر الزُهر كيف استنزلت ورقت_بين المصابيح تشريفاً وقد خدمت هل الثريا تحاكي وهي مفردة ... هذي الثريات لا والشمس إن طلعت أسعد بأُنس ليال فاق ما اشتملت ... عليه أَبهى ليال بالمنى ابتسمت صارت ربيع مسرّات لحاضرها ... فكل نفس بما قد تشتهي ظفرت ذق وانتشق واستمع وانظر ومدّ يداً_إلى يمين بيُمن طالما سمحت يد الوزير رياض من له ثبتت ... آثار حزم تباري الدهر قد عرفت شهم كسته المعالي من محامدها ... ثوباً يدوم على الأيام ما بقيت شم الوقار الذي إن سار يصحبه_وهيبة ترهب الآساد زأَرت لو رحت أُنعت من أوصافه طرفاً_لقيل لي رمت ماعنه الورى قصرت هذا الوزير الذي ذلّت لعزّته ... شمّ الأنوف وقامت بالذي أُمرت كم من ضغائن يطويها مسايرهُ ... لكنها عنه ما غابت ولا خفيت يرى الغيوب بعيني نابهٍ يقظٍ ... دارٍ بمرمى نبال القول لو بعدت رقيق طبع قد امتاز الذكاءُ به ... عظيم جاه له العياءُ قد خضعت كم مشكلات له في حل عقدتها ... رأُى به وزراء العصر قد شهدت ماضي العزيمة لأوانٍ ولا وكلٌ ... ذو همة لصروف الدهر ما تصعت مولاي شأُوُك عال لستُ أدركه ... فأين منه ثنائ والورى كتبت لكنني قمت أُهدي نجلكم طُرفاً ... من التهاني به دون الورى زُهيت بدا عليها جمال العرس فانتظمت ... بعقد جيد الليالي العز وانشرحت تنير بين مصابيح الزفاف على ... أ] دي الشراف وظني أنها رُفعت عهدي بمحمود باشا سرّ من شرُفت ... به الرياض ومن معناه قد نفحت

المولد الحسيني

يعبرها من شريف الطبع رقته ... لطفاً ويرعي معانيها إذا نشدت يا ظالماً كانت الآمال ترقبه ... والمهد هالته والنفس قد أَنست حتى بلغنا الذي كنا نؤمله_لما ترعرع والعليا له عشقت وصار بدراً سماء المكرمات به ... قد زُينت مثل أفراح به ازدهرت فالحمد لله إذا صفو السرور رقى ... إلى الخدور وبوران به حظيت فلتهن بالند ذات السعد اذقرنت_بزهرة من رياض المجد قد شرفت على الرفا والبنين القادمين وعش ... تلق الأهلة في ساحاتكم طلعت صار الشتاء ربيعاً في معاهدكم ... ونوره النور والأيام قد صلحت وقد رجونا بأن الصيف يشمله ... حسن البهار ونجري بهجة سلفت ننعم العين في عرس الحسين كما ... بالشهم محمود باشا الصنو قد نعمت هذا وإني عن التأخير معتذر ... وفي اللقاء أرى الأعذار قد قبلت ولا أصرح بالداعي ولي أمل ... يشيده من حُلى أوصافه كملت فاهنأُ فهذا القرآن السعد أرخه ... شم البهاءُ بمحمود الصفا اقترنت 400 39 100 202 1151 سنة 1892 المولد الحسيني هو مولد سيدنا الحسين بن سيدنا علي بن أبي طالب ثم ابن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء البتول بنت سيد الكائنات سيدنا ومولانا محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم وقد وفد إليه الناس من جميع الأقاليم المصرية وقام أهل مصر بإعداد مواد الزينة وتلقي الوافدين عليهم من أحبابهم

بالضيافات خصوصاً البيوت المجاورة للمقام الشريف والمزار المنيف فقد اعتنى أهلها بالزينة وقراءة القرآن العزيز والدلائل وذكر الله تعالى حتى صار الخُط الحسيني كروضة من رياض الجنة كيف لا وقد خلا مما تقدَّر به الموالد من المحاشش والمواخير والفحش والفجور وسنتكلم على الموالد وأصلها والمحمود منها والمذموم وما فيها من المنافع والمضار في مقالة خاصة. ومن دخل المسجد الحسيني الشريف ورأى ازدحام الناس حول المقام الجليل لائذين بابن نبيهم الأجل الأكرم وريحانة رسولهم العظيم الأعظم وسيد شباب أهل الجنة رأى أُمة اعتقادها في نبيها الأفخم أصفى من الصفا وحبها لذاته الشريفة وعرتع المنيفة يفوق حبها لذاتها فقد بنيت دعائم الإيمان في قلوبهم على أساس متين فهي ثابتة لا تحركها زلازل الأوهام وشبه المضلين وكلٌّ يسأل الله تعالى بحرمة هذا السيد الأفضل وجده وأبويه أن يصلح شأنه ويقضي حوائجه جعلنا الله تعالى من المحسوبين عليهم في الدنيا والآخرة وتقبل الله تعالى من زائريه هذه الزيارة التي تنتهي ليالي أفراحها بالليلة القادمة أعادها الله بكل خير ووفق الأمة لدوام زيارة ابن نبيها صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (تنبيه) وقع عند الطبع بعض غلطات وهي في س1 ص410 فيها وصوابه فيه. س13 ص418مصائد وصوابه مصايد وصوابه مصايد. س18 ص419 فيم صوابه فيهم ص419 فيم وصوابه فيهم س6 ص421 مبدء وصوابه مبداءٌ وقد وقعت أغاليط في رسم بعض الهمزات فتركنا التنبيه عليها لوضوحها عينا حسن افندي علي وكيلاً عاماً لقبلي فليعتمد عبد الله نديم

العدد 19

العدد 19 - بتاريخ: 27 - 12 - 1892 عيد ميلاد الحضرة الخديوية الفخيمة كان يوم الأربعاء الماضي يوم التبريك بعيد وتذكار مولد أميرنا المعظم وخديونا الأفخم الممتلئة قلوبنا بمجبته مولانا عباس باشا الثاني أيده الله تعالى فوفد الأمراء والعلماء والذوات والوجهاء والأعيان على السراي العامرة مهنئين ومباركين والذات الكريمة تقابل كل إنسان بالبشر والطلاقة وتلاطف كل فريق بما يهوى رجال المعية السنية يقابلون الناس بالتبجيل والاحترام فرحاً بتذكار مولانا السيد الأكبر والأمير الأجل الأفخر وقياماً بخدمة من اصطفاهم لبابه العالي ومما يحسن أيراه هنا قصيدة لحضرة السيد حسن محمد الفاكهاني إنشأها تهنئة للحضرة الخديوية بحلول سنة 1893ملاحظاً أنه عام جديد وإن كان تاريخاً للغير. اليوم قد عمت البشرى وقد سطعت ... أنوار عام وآيات الهنا تليت 87 104 510 543 110 539

الأفراح الرياضية

ولاح بدر الأماني وهو يخطر في ... ثوب الكمال وشمس المجد قد طلعت قم وأطلب السعد فالأيام باسمة ... والعز أعلامه في مصر قد نشرت لله عام علمنا من بشائره ... نيل المراد وأوقات الصفا حضرت وكيف لا ومليك العصر سيدنا ... عباس باشا به أيامنا سعدت ساس الأنام بعدل جل واهبة ... هذي العلوم التي آياتها بهرت الدهر طوع له والسعد خادمه ... أخلاق أجداده الغرا إليه سرت إلى إن قال وطالع السعد لما أرخه ... عام منيرٌ وشمس بالصفَّا تبعت وهي طويلة اقتصرنا على المختار منها وأنا مع عجزنا عن الدخول في زمرة الهنئين نسأل الله تعالى أن يجعل أعياه متتالية وأيامنا بطول حياته الطيبة مزينة زاهية وأن يمتعنا بتوجهاته العلية وحسن رعايته. الأفراح الرياضية ما شاء الله كان بسم الله ذي الجلال الحي القيوم احصن ساحة عز اشرقت فيها شموي أنس وطلعت عليها أقمار أفراح وأمطرتها سماءُ الصفا طرباً وسرور افناسبت رياض المجد والشرف بما فيها من الأنس والابتهاج وما ثلت أنوارُها وضؤها الكهربائي وزينتها البديعة أثمار انشراح وحبور على ذوات الوافدين فغنهم أغصان عز وسعادة تسقى بماء محبة نمبر الفضل وطالع السعد عنوان الكمال وأمام محراب أمراء العصر من تفخر به

مصر وتحفظ تاريخع الأيام ذي الدولة الوزير المصري الجليل مصطفى رياض باشا حفظ الله تعالى وجوده وأدام لكل مصري سسعوده. فهي ساحة احتفل فيها بالعيد الأكبر والمهرجان الجامع الذي أُعد لاجتماع أمراء المصريين وذواتهم وعلمائهم ووجهائهم ليشهدوا أفراح نجله السعيد النبيه النبيل المرشح لعوالي الرتب التي تفخر بارتقائه إليها الفاضل ذي السعادة محمود رياض باشا محافظ عموم قنال السويس حالاً أدام الله تعالى أيام سروره وجعل أوقات عمره المبارك أوقات أفراح وابنتهاج وكيف يغيب عظيم عن موسم جمع الأحباب ودعى إليه كل وجيه من المدن والقرى وشدا فيه بما ينعش الأرواح ويبعث الأفراح بلبل غصن الطرب معبد زمانه واسمحق أوانه الوحيد في صناعته وأدبه ولطفه عبده افندي الحمولي متصلاً صوته اللطيف بصوت صديقه الذي أعاد له فات من ضروبا لموسيقى وحرك النفوس برخيم صوته الشيخ يوسف خفاجة يساعدهمات على تفريح القلوب بصوتهما عودٌ غنت عليه الورُق وهو أخضر وغنيا عليه وهو يابس يكاد ينطقه بما يقولون فريدا عصرهما أحمد افندي الليثي ومحمد افندي عثمان ومن معهما من رجال تخت كادت ترقص ثريات الفرح طرباً بما يبديه. وقد رتبت الضيافة الوزيرية في ليال متتالية دعي لكل منها فريق من الناس وما أحسن ما صنعه هذا الوزير الجليل من توزيع سفر الطعام على بيوت جيرانه الذين ربما منعهم الحياءُ من مزاحمة الأمراء والأعيان في أمكنة الطعام. ولله ذاك المنظر البعج المحلي بأقمشة من صنع المصريين تمثل للناس شرفهم واقتدارهم على أحسن ما يتخذ للزينة والبهجة وتبكت الغافلين عنها بأنها تبقى في دكاكين صناعها حتى يطلبها مثل هذا الوزير

أو يأتيها ساح أوروبي ليشتريها. وبالجملة فإن العبارة لا تفى بشرح هذا المهرجان الجليل والفرح الجميل وقد أرخه الفاضل الكامل والأستاذ الجهبذ العامل أمام محراب البلاغة وخطيب منبر الفصاحة الشيخ علي الليثي بقصيدة طبعت بجريدتنا الأستاذ وتلاه العالم التحرير الشاعر المجيد الشيخ سليمان العبد أحد علماء الأزهر الشريف فارخه بقصيدة جليلة. وقد احسنا وأجاد في تاريخ فرح شهد من الأيام أسعدها وهي أيام الحضرة الخديوية العباسية التي شربت النفوس محبتها ولهجت الألسن بالدعاء الصالح لذاتها الكريمة أن يديم الله تعالى أيامها ويجعلها أيام خير وسرور. ومن غريب الاتفاق مصادفة الفرح لعيد ميلاد مولانا الخديوي الأعظم عباس باشا الثاني وهذا الاتفاق فال حسن يبشرنا بأن سيولد للعروسين أبناء كرام طوالعهم سعيدة ورتبتهم عالية يحفظ لهم تاريخ الميلاد كما حفظ لسيد بلادهم وموجه عنايته إلى جدهم وأبيهم أيده الله تعالى وقد ثنى هذا الاتفاق اتفاق أحيا المولد الحسيني الجليل فكانت أيام الفرح مشملة على أفراح عامة وخاصة وهو اتفاقعجيب. وقد وفد الأمراء والعلماء والأعيان وذوو المظاهر على هذا الوزير مهنئين ومباركين. ولا ينسى المصريون الاحتفاق بزفاف ذات العصمة عرسو الهنا والصفا حيث جاءت من ثغر اسكندرية على قطار مخصوص واستقبلت في محلة مصر بالإجلال والتعظيم وانتظم الموكب تتقدمه الموسيقى العسكرية السواري وفصيلة فرسان الجيش المصري وفرقة من خيالة البوليس وقد سارت مشاة البوليس بجانبي الموكب وهرع الناس رجالاً ونساء وكباراً وصغاراً إلى الشوارع

المار بها الموكب الجليل فسار من محطة مصر محاطاً بجاويشية الحرم المخصصين لمثل هذا الموكب إلى شارع وجه البركة ثم على شارع محمد علي إلى الحلمية حيث انتهى إلى سراي الوزير الجليل والعروس النبيل وسان التهنئة يخبر عن حسن صنع دولته مؤرخاً رب المحاسن زف الشمس للقمر 202 10 87 431 400 سنة 1310 وفي منتصف الساعة الخامسة ليلاً سار موكب العروس الفاضل مشتملاً على فرقة من العساكر حاملة للسلاح لتأديه التعظيم اللازم وأمامها فرقة أخرى تتقدمها الموسيقى العسكرية ثم مرَّ إلى شارع سبيل والدة عباس باشا الأول ثم إلى جامع الماس الكائن بميدان الحلمية فدخل العروس ومن معه لصلاة العشاء والناس كانوا يقتصرون على صلاة العروس وهم ينتظرون أما هذا فصلَّي معه كل من صحبه إظهاراً للعشائر الدينية ثم خرج الموكب ومشى محفوفاً بالأُبهة والجلال حتى دخل السراي العامرة مرموقاً بأعين التعظيم والإجلال قد خلعت عليه الأفراح ثوب أنس وسرور وكل محب يقول أُحب فرح رياض 11 288 1011 سنة 1310 وقد خطب في ساحة الفرح جماعة من أفاضل الوقت وأذكيائه ثم اطلقت العساكر بنادقها طلقات متتالية ودخل العروس بيت العز والشرف

الآداب العامة

وإنا نزولنا عن درجة المهنئين والمؤرخين نتقدم بين يدي دولته بالتبريك متبعين ذلك بدعوات تتناولها يد القبول إن شاء الله تعالى سائلين الله تعالى أن أن يديم سعوده بتوجهات الحضرة الخديوية حفظها الله تعالىة ونظره بعين العناية التي هو أحق بها وأهلها وأن يشفع هذا الفرح المحمودي بالفرح الحسيني ويردف الاثنين بأفراح البنين والبنات. فإن تفضل بقبول ذلك انثنينا إلى الثناء على الوزراء الأجلاء والأمراء العظام والعلماء الكرام والنبهاء والأدباء الذين استنارت بهم تلك الليالي وانست بهم النفوس كما نثني على حضرات ذوات الأجانب وأعيانهم الذين لبوا الدعوة فتم بهم نظام تلك المحافل الوزيرية التي جمعت بين الأجناس والطوائف فكانت عنواناً لليالي أفراح الأمراء. وما قدمنا هذه التهنئة إلا بقدرنا لا بقدر ما يجب للحضرة الرياضية من المهنئين. عبد الله النديم عبد الفتاح النديم الآداب العامة الناس تبحث في الآداب العامة المختصة بالرجال وكثر كلام في تربية الأبناء وتهذيب الشبان وتنزير الأذهان بالمعارف وسكتوا عما يختص بالنساء الللآتي هن معراج الشرف بعفتهن وبئر المصائب بابتذالهن ولا نريد بذلك قسم المتزوجات اللائي صانهن الخباء وعصمهن الأزواج وإنما أردنا المبتذلات المتعرضات لثلم الشرف وهتك الأعراض وقد كتبت جريدة النيل

الغراء في هذا الباب فصلاً بديعاً صادراً من غيور على الحُرَم وعندما نبهني عليه الفاضل الألمعي ذو العزة علي بك حيدر قال لي أخبرني وزيد من الناس أنه دخل مكاناً فقيل له نأُتيك بحرم فلان وسموا له ذاتاً عظيمة ثم في مكان آخر قيل له تأُتيك بحرم فلان وسموا له ذاتاً عظيمة ثم في مكان آخر قيل له نأتيك بحرم فلان يعنون الأولى فجيء له بامرأة تخالفها في الجسم واللون وفي مكان ثالث قيل له نأتيك بحرم فلان يريدونها أيضاً فجيء له بثالثة تخالف الثنتين فتحقق كذب العاهرات وعلم أنهن يسلبن الناس نقودهم بهذه الأوهام وما يأتين إلا بمثلهن وهذا كله في الأماكن الشهيرة بالبيوت السرية وهي ليست سرية بل هي معلومة لا تخفى على رجال الضبط والربط ونظام المدينة يقضي بان تكون بيوت المومسات بعيدة عن بيوت الناس الطيبين دفعاً لمثل هذه الشبهة فإن كثيراً من الشبان والأجانب يدخلون تلك البيوت ويزعمون أنهم قابلوا حرم فلان واجتمعوا بزوجة زيد ويتحدثون بذلك في مجالسهم الخمرية واللهوية وربما بلغ الأمر زوج المرأة فطلقها بغياً وعدواناً وربما كان له منها أولاد فتشتت شمهلم ببعدهم عنه أو عن أمهم وهي بريئة من كل سوءٍ. ولئن قيل أن الحرية تقضي بعدم تعرض أحد لأحد في أموره الخاصة قلنا أن الحرية عبارة عن المطالبة بالحقوق والوقوف عند الحدود وهذا الذي نسمه به ونراه رجوع إلى الهبيمية وخروج عن حد الإنسانية ولئن كان ذلك سائغاً في أوروبا فإن لكل أمة عادات وروابط دينية أو بيتية وهذه الإباحية لا تناسب أخلاق المسلمين ولا قواعدهم الدينية ولا عاداتهم والقانون الحق هو الحافظ لحقوق الأمة من غير أن يجنى أو يعزى بالجناية عليها بما يبيحه من الأحوال المحظورة عندها فعلى من يهمهم حفظ الأعراض وصون

الشرف مما يخدشه أن يتقدموا للحكومة الجليلة بطلب السعي في أعمال حاجز منيع بين المومسات والأحرار وتنقية الشوارع والدروب من تلك البيوت التي جلبت الضرر على كثير من الناس واتهمت كثيراً من المصونات العفيفات ظلماً وعدواناً وقيل لنا إن بعض النساء يخرجن إلى القهاوي والبير والمقامر في لباس النساء المصونات ويجلسن بجوار الناس ثم تفتري الواحدة منهم الكذب وتدعي أنها حرم فلان أو سرية علان وأنها ما خرجت من بيتها إلا هذه الليلة ولا تزال تزين له الكذب حتى يقع كلامها موقع الصدق عنده ثم تأخذه إلى بيت من تلك البيوت السرية بدعوى أنه بيت أمها وأختها أو صاحبتها فيخرج وهو على زعم أنه كان مع حرم فلان وما هي إلا بغيٌ من البغايا احتالت لغرضها بالكذب والأباطيل واتهمت حرة محتجبة تحت أستار العفاف. وبمثل هذه الحيوانيات لهجت ألسنة الفسقة بأسماء المخدرات اغتراراً بأكاذيب الفاجرات وكما نبريء ذوات الخدور من الابتذال لهذا الد لا نجرد الظن من تسلط فاجرة على حرة إذا تسامح الأزواج في دخول النساء إلى بيوتهم. وأعظم قانون يضعه الأزواج لحفظ أعراضهم إذا عز إقفال تلك البيوت أن يشدوا في منع خروج النساء من البيوت ويقفلوا أبوابهم في وجه كل داخلة من غير أقاربهم وأصهارهم ومن يثقون بصيانتهن وإلا أن بقى الحال على ما هي عليه أنجز أمر التهمة شيئاً فشيئاً حتى لا يبقى بيت وإلا وللفسفة كلام في شأنه وافتراءٌ على أهله. وأننا نسمع أن أوروبا ما تريد من الشرق إلا أن يدخل باب المدنية وهذا الذي نراه هو الهمجية بل الحيوانية الصرفة فإننا أما أن يقول أن زوجة الرجل شرعية ولا يجوز تعدي الغير عليها أو قانونية عند من

إن المساجد لله

يعتبر الدين قانوناً وعلى كلا الأمرين يلزم أخذ الطرق اللازمة لحفظها وعدم ابتذالها واتهامها حضر الزوج أو غاب وهو بمفرده لا يمكنه ذلك فإنه فرد في مجتمع أمة عظيمة فبقى الأمر منوطاً بالقائمين برعاية الأمم وصيانة أعراضهم فإن أهمل هذا الحق الشرعي أو القانوني كان باعثاً للهمجية. ثم أننا نقول أن واضعي القوانين غي معصومين من الخطاء فإنما هي أفكار فرد أو أفراد دونت بحسب استحسانهم فهي قابلة للنقض والإبرام إذا رفعت الشكوى منها للقابضين على أزمة الأمم فنرجوا أن يحال بيننا وبين هذه النكبة الفظيعة والطامة الكبرى حفظاً لنظام المدينةة ومنعاً للعيث في الأعراض النقية وحصرصاً على العوائد الشرقية شرفية كانت أو دينية وسداً لهذا الباب الذي ما فتح بين قوم إلا تركهم فوضى لا يحفظ لهم نسب ولا يعرف لهم حسب وأين الغيرة الشرقية التي من أجلها ضرب الحجاب واتخذ الاغا والبواب إذا علم أهل الحارة أن في جوارهم بيت بغيٍ وسكتوا عنه ولم يتظلموا منه إلى الحاكم فليعقد أهل الشرف عزائمهم على أنهم لا يغمض لهم جفن حتى تطهر المدن من هذه النجاسات التي لوثت كثيراً من طاهرات الذيول عفيفات الطباع وإلا فما ناب هذا اليوم سينوب ذاك غدا والآن يتكلم فلان في بيت أخيه وسيتكلم الغير في بيته فالبدار البدار يا ذوي الغيرة وجدوا في هذا الطلب العادل الحق قبل تفاقم الخطب وفرقوا بين بيوتكم الطاهرة وبين تلك البيوت الخبيثة بحدي هذا حلال وهذا حرام. إن المساجد لله لا يختلف في ذلك اثنان ولكننا رأينا جامع قوصون بشارع محمد علي

لا أكراه في الدين

المجاور بمأمورية الأوقاف بعد أن بني معظمه ترك وهجر وليته لما ترك حفظت حرمته بل اتخذ بابه منصعا (مبالاً) يبول عليه كل مار دفعه البول ويعز علينا أن نرى معابد الغير محترمة معتني بصيانتها ونظافتها ونرى مسجداً من مساجدنا بعد أن كانت توضع الجباء على ترابه صار بابه مرحاضاً فنرجو ممن يهمهم أو يناط بهم ذلك إن يقيلونا من هذه المعرة والوصمة القبيحة خدمة للدين أو مجاراة لأروبا أو حفظاً للصحة وكفانا أن نرى بعض المساجد مخبزاً أو مذبحاً وكأني بمغفل يقول هذا تعصب ديني ولو كان فينا تعصب ما شرب بيننا شربة ماء ولكننا أمضينا ثلاثة عشر قرناً ونحن متفقون مع المسيحيين والإسرائيليين في السكنى والمعاملة لم يكدر صفونا إلا الدخلاء بدسائسهم ومفترياتهم وإلا فإننا ماملنا يوماً ما لإساءة من خالفنا في الدين وإن كان من أمة محاربة لنا ولا نتعرض كذلك لمعابد الغير بل حرية الأديان مطلقة في الشرق قبل أن تعرف أوروبا كلمة حرية على أن الأوروبي لم يتعرض لنا تعرض شرقي دخل البلاد ضيفاً فسكر وعربد قالت جريدة الحاضرة التونسية ما نصه لا أكراه في الدين بلغت درجة اضطهاد اليهود بالروسيا إلى حالة لا تتلف بكثير عما يقع من الاضطهادات الدينية بأوروبا أثناء القرون الوسطى فقد كان القسوس إذ ذاك يحاكمون بمجالس التفتيش من لم يعتقد فيما جاءت به الكنيسة

الكاثوليكية ويقتلونهم صبراً بنواع من العذاب أشهرها الحرق فاهلكت الناء خلقاً كثيراً من مسلمي الأندلس ويهودها بل ومن نفس المسيحيين الذين ما تمسكوا بقيد العقدية الكاتوليكية ولقد انقضت على تلك الفضائع أربع قرون وجاء القرن التاسع عشر بانوارها العرفانية وحكمائه وفلاسفتهم فلم يكون بالحسبان ثوران التعصبات الدينية والرجوع إلى الاضطهاد القديمة ولكن أبت الأمة الروسية إلى ان تعطي للعالم المتمدن برهان على ما لها من قلة الاكتراثات بحرية الضمير فأوسعت اليهود أنواع العذاب من النهب والقتل ثم طردتهم من كثير من أوطانهم وهاهيا الأخبار الأخيرة جاء بما يفيد أن الروس كشفوا القناع عن مقاصدهم فانذروا تجار اليهود بمدينة موسكو بأنهم لا يسمحوا لهم بالتعاطي تجارتهم والإقامة بين أظهرهم إلا متى ارتدُّوا عن دينهم ودخلوا في الديانة النصرانية الاورثوذكسية واشترطوا عليهم الإقامة مدة ثلاث سنين في إحدى القرى المجاورة لمدينة موسكو تحت مراقبة القسوس فمن ثبت بعد تلك المدة حسنُ تمسكه بالديانة الاورثوذكسية سمحوا له بالعود إلى المدينة المذكورة وتعاطي أسباب المعاش فما أشبه هذه الحالة بما كانت عليه الأمم المسيحية في القرون الوسطى ولا أحد يرق لحال أولئك المساكين ولا دولة تأخذ بناصرهم ولو وقع معشار لك في إحدى الممالك الإسلامية لقامت القيامة وامتلأت أعمدة الصحف بالتنديد وتشديد النكير على البربرية والاضطهاد وربما سيقت الأساطيل وحشدت الجنود قياماً بواجب الحرية والإنسانية. (الأستاذ) هل يسمع بحدوث مثل هذا التعصب في الشرق معاذ الله.

المعلم حنفي والسيد عفيفي

المعلم حنفي والسيد عفيفي . ح. بدنا نخلص الحسبه اللي بينا وبين بعض بقى يا سيدنا وكل إنسان أولى بحقه. س. وأنت كنت فين المده دي كلها وجاي على آخر العمر تقولي الحسبة والمسبة. ح. هو سكات الإنسان عن حقه يضيعه يا سيد أنا كنت في شغلانه للأستاذ ولما فضيت منها أديني جيت. س. ابن حلال والله جبت الغايبة يا أوسطى حنفي الأستاذ دا ايه اللي طلع لنا في آخر الزمن وداير يقول لنا الإصلاح المدنية الوطنية المعارف الآداب الألفة الاتحاد شوفوا الإفرنج عملت ازاي شوفا أوروبا محتوفة أزاي بالله يا معلم حنفي انت يخلصك الكلام. ح. يخلصني يعني أيه أنت منتش شايف يا سيد تأخبرنا وضحك الناس علينا لما صبحنا معيره يبقى هو كلام الجماعة الخواجات دكله موش في عضمنا حقَّا اللي ما يختشي على عرضه بعد كدا ياكل هوى. س. بس يا معلمي احنا عملنا أيه يعايرونا الناس بيه الواحد منا قاعد كافي خيره شرُّه من بيته لدكانه ولا احنا بنقول دول بيعملوا ايه ولاَّ دول بيسوُّوا ايه إلا ماشيين في حالنا لا بأيدنا ولا برجلنا. ح. ما هي دي اللي بيعايرونا بها الإفرنج. س. بقى أُمال هَّما عاوزين ننهبل على الدنيا زيهم ونصبح زي المجانين دا يجري من هنا ودا يروح من هنا ودا يقول الجرانيل قالت أيه التلغرافات عادت ايه زي اللي همَّ رايحين يخلدوا في الدنيا. ح. ما تأخذ نيش يا سيد هوَّا أخرنا وخلانا ورا الناس إلا نقرتكم دي واقتصاركم على البيت والدكان الواحد منكم يقول الدنيا هوَّا قعادك في الدكان

موش من الدنيا وجريك على عيالك موش من الدنيا وصنعة الشغَّال اللي زيي موش من الدنيا والكام نول اللي في البلد موش من الدنيا وكل ما تشوفوا عينك وتسمه به ودنك في الناس موش من الدنيا فليه نذم الدنيا واحنا عاضين عليها بأيدينا وأسناننا قول دي قلة بخت وعدم حيلة وإلا هو أحد يكره العمار وتنظيم البيوت والعيشة الهنية بقى أنت ليلة ما تأكل لحم موش تحمد الله بكل جسمك موش زي ليلة ما تأكل عدس وتحمد من طرف شفتيك يا ترى هيَّا الدنيا بس للخواجات ما تجي أُمال نرمي نفسنا في داهية ونسيبها لهم. دا كلام بطال يا سيد عفيفي. س. شوف يا معلم حنفي ما فيش أحسن من الراجل اللي يقوم من دكانه يروَّح بيته ويقفل بابه عليه ويقعد مبسوط إن جاله واحد صاحبه اهم قعدوا للنكته شوية يضحكوا يشبرقوا بكام كلمه يكون معاهم حبوب عنبر شوية أسرار حتى جراوش قطعة هندي يتعاطوا اللي يتعاطوه ويشوفوا كيفهم شوية وينبسطوا ويَّا بعضهم وأما تقول لي فرنسا عملت انكلترا سوت ألمانيا قالت ايتاليا عادت دا كلام فارغ. هيا الدنيا دامتن لمين لما رايحين نجري عليها زي الإفرنج. ح. أنا لله وأنا إليه راجعون ولما أنت تقول كدا يدوَر على تقدم بلاده مين أنت لسَّه برده ماسك في الحشيش والداهية السودا والبلاوالحرَّ دي يبقى ما عرفتش إن دي امور تقلب الدماغ وتخرب العقل لسَّه هات لي واحد عاقل من الجماعة الشدَّاده وإلا المعاجنيه اللي الواحد منهم يروح تعمله المرة لعبه وتقعد تضحك عليه وهوَّا مغمض زي الأعمى ولسانه معووج والملعونة بتهيَّأ لو أمور عجيبه ساعة يضحك وساعة يعيّط وساعة يسكت وساعة يخاف

وهو قاعد ما هو عارف إن كانت الدنيا بتهوي ولا بتدوي بقى دي الإنسانية ودي العبادة اللي تعبدوها. لو كان الواحد منكم يفضُّه من الهذيان ده ويدوّر على أموره ويمشي مع دا وده ويدَّاخل في أمور الخواجات وياخذ ويعطي لما يتقن تجارته ويفتح له محل زيهم وإلاّ يسبَّب ويَّاهم في التجارة اللي طالعة داخله موش أحسن. س. يعني شفت مين عمل كدا وفلح. ح. طيب بس بقى يا سيد عفيفي ليه احنا ما حناش شايفين الناس اللي ربنا فتح عليهم ومشيوا مشي الناس الطيبين. شوف إنت بيت مدكور أهم دول دبروا أنفسهم وشدوا حيلهم ودخلوا وعطوا ودخلوا في زوارق الجماعة البرانيين وفتحوا لهم محل بسم الله ما شاء الله عليه ومشيوا مع الناس بالحسنى والصداقة والأمانة لما صبحوا محبوبين عند الناس وعرفتهم الأمراء والذوات وعمد البلاد ومشايخ البلد وصار كل من كان لازمه صيني سراير كراسي مرايات ترابيزات معالق سكاكين شوك بساطات أدوات أكل أدوات شرب يروح يأخذ منهم وهما رُخرين ما بحيبوش إلا الحاجة العال والبضاعة النضيفة المضمونة تلاقي الناس عرفت قيمتهم وسابوا الخواجات وصاروا ياخدوا من أولاد بلدهم وينفعوا جنسهم وشوف أولاد الجَّمال اللي بشطارتهم فتحوا لهم محلات في مصر واسكندرية وعاملوا الناس بالأمانة ولا يعرفو غش ولا يجيبوش إلا البضاعة العال لما صبحوا بين أهل بلادهم زي الشمّامة. وشوف بيت الشيخة في إسكندرية وشطارته وتداخله مع الإفرنج ومجايبه الجوخ العال والحرارير الموده والأصناف اللطيفة ومشيه بالحزم لما كسب اسم كويس وشوف أولاد أبو النصر اللي ربنا فتح لهم الباب بعدما انحرقت وكالتهم وراح فيها متاعهم وعفشهم وفلوسهم إزاي ما

اشتغلوا وتوكلوا على الله وبشطارتهم ونشاطهم وصدقهم مع الناس ازي ما رجعت الميّه لمجاريها وفتحوا لهم محل في اسكندرية ومحل في المنصورة وصاروا أحسن من الأول ورنا عوَّض عليهم خسايرهم وانفتح البيت وبقت أشيتهم معدن وشوف فوزي أفندي الصيدلي وتجار الخشب والحطب والماني فاتوره والحراير والأجواخ والخردجية وأدمات العمارات وغيرها اللي تركوا الكسل ولا عرفوش مسألة المعاجين الملعونة دي والفتوا لحالهم لما صبحت تجارتهم متقدمة وأحوالهم كدا طيب. صحيح إن فيه بعض مغفلين من أولاد اليوم اللي يروح يقضي حاجته كلها من الغريب لكن يوم في يوم يرجعوا ويعرفوا أنهم غلطانين في العمايل دي وياخدوا حاجتهم من أولاد بلدهم ما دام يلاقي الحاجة اللي رايح ياخدها من الخواجه موجودة عند ابن بلده ما هو يرجع ياخد منه بس ركهم على شوية كلام من الأستاذ تفوِّقهم من الغفلة دي وهما يرجعوا يتندموا أو يقولوا يا ريت اللي جرى ما كان. وأما مسألة المعاجين والحشيش والحلاوه المعسلة والبلح والمربات المصنوعة بالدُهنة دي كلها أمور باطلة ما حواليهاش إلا الجبن وقعاد الراجل زيو زي المره وبزيادة علينا يا سيد عفيفي من الأمور المسخره دي بدنا نفتح عينينا ونشوف الدنيا بقت إزاي. إنت منتش شايف الناس اللي فاتوا بلادهم وجم يجروا على عيشهم وتجارتهم وإحنا بس قاعدين نقول النصارى وحشين الإفرنج غشاشين الخواجات مكارين وبدل ده وداه ما نجاهد إحنا كما ونمشي مشي الرجاله لما ينعدل حالنا زيهم. إحنا بقينا حدوته في أحنكة الناس والداهية أن كل من دخل البلاد يقول لنا يلا فلاحين وإن شم واحد

يقول له امشي فلاح زي ما يقول للواحد يا حمار يا طور ودا كله من نومنا وخوفنا من الناس بسبب الحشيش اللي كسر قلبنا وخلانا ورا الناس. س. طيب أهو الفلاح ما ياكلشي حشيش ولا معاجين أمال ما بيتشطرشي زي الخواجات لي. ح. بقى إنت عاوز إن الفلاح إللي طول النهار ورا المحراث ولأ القصاببه ويرجع آخر النهار ما يصدق يجيب جنبه الأرض من القرف والتعب هوا اللي يشوف قرف أمور الدنيا ويسعى في مصلحتنا الرك كله على أهل البنادر والناس الباينين في البلاد هما لما يعملوا جمعية على شان حاجة ولا ياخدو نواب للبلاد رايحين ياخدوا من الفلاحين الضعفا ولاَّ من أعيان البنادر وعمد البلاد تملى الناس الباينين في كل حته هما اللي عليهم كلام ومين بياخد المعاجين والحشيش والخمره غير الناس المتبينين وإن كان فينا كام واحد لا يعرفوا دا ولا دا ولكن دول ناس قليلين. وإنت بدل ما تقول على اجدعان أولاد اليوم دول أولاد آخر زمن دول جماعة نطاطه دول عيال دول مجانين ما تمشي وياهم وتعلمهم الكمال وهما يستحوا منك مرَّه في مره ينعدل حالهم ويمشوا طيب ولا لما تسيبهم في حل شعرهم وكل ما جت سيرتهم تشتمهم ما يفضلوا على ما هم فيه ويكرهوك ويبقى إذا جا واحد غريب وعاز يعمل فيك حاجه هما يساعدوه من غيظتهم منك. س. طيب وليه الناس ما تورِّيش بعضها السكة العدلة خليهم يستقيموا ويمشوا في حالهم. ح. آهو الجرانيل نازلة نازلة طيبه والأستاذ كل يوم يقول لنا أشكال وألوان ويورينا طرق سهلة بس ركك على كوني أحد إيدي في إيدك ونتفق على المشي في طريقه من

باب الأدبيات

اللي بيقول عليها. س. بقى الكلام موش ليه ولك بس إحنا ويَّانا ناس طيبين كثير نشاورهم ونشوف إياك ربنا يهديهم ونفضها من التجرمه وقلة الحيا ويكفي اللي جرى أنا والله يا معلم حنفي أعرف اللي بتقوله دا كله وبس باقول لك الكلام دا أشوف رايح تقول إيه والا إحنا في غفلة كبيرة والداهيه بعدنا عن بعض وعداوتنا لبعض بالكدب وكل واحد فاهم في نفسه إنه هوّ الوحيد وهوّ العاقل وهوّ اللي ما فيش حد زيُّه مع إن دا كله قلة عقل ولا واحد في الدنيا إلا وله فايدة وله محاسن ما توجد في غيره يا ترى أنا يا بياع العطورات رايحشي أبقى زي النجار ولاّ الحداد ولاَّ زي الخياط وإذا كانوا ناس في صنعه واحده فكل واحد له مزيه جنس وإحنا محتاجين لبعضنا وكل إنسان يبذل ما عنده وإما بالله عليك إذا قعدنا بس نذم بعضنا ونفتخر بالكدب وكل إنسان ما بيدوّر إلى على هم بطنه ومنفعة نفسه إيش رايح يفيد البلاد من دا ومنين نشوف زي تقدم الإفرنج اللي تافّين في حنك بعضهم وكل واحد يساعد أخوه ويمدح فيه وماشيين زي الألف. ح. والله جبت الغايبه يا سيد عفيفي طيب شوف النصين دول لما أروح أجيب حاجه للعيال وأرجع نتكلم كما كلمتين إياك نرسي لنا على طريقة ويّا إخواننا اللي ربنا يهديهم ويصلح حالهم. باب الأدبيات من كلام الفاضل محمود أفندي واصف حبيس سجن إسكندرية الآن ما قاله مؤّرخاً تلاوة الفرمان الشريف السلطاني: دام السعود خديوي مصر عباس ... فليفرج القطر وليستبشر الناس

تقريظ

سما إلى التبة العلياء فانتعشت ... روح البلاد وزال الهم والبأس لله يوم به نالت سعادتها ... مصر وحل بها بشر وإيناس يوم به عمت الأفراح وانتشرت ... بين الرعية أعياد وأعراس يوم الجلوس الذي ضاء الزمان به ... كأنه في جبين الدهر نبراس يوم به فرمان المجد قد رسخت ... بنص أحكامه للملك آساس حيث الجلالة منشور سرادقها ... والدهر يقرأُ والعلياءُ قرطاس حيث العزيز رقى أوج العلى ونمت ... لملكه في رياض السعد أغراس حيث البشائر قد نادت مؤرخة ... دام السعود خديوي مصر عباس سنة 1309 ... 45 171 630 330 133 فرج الله كربه وعطف عليه قلب الأمير الأفخم أيده الله تعالى. تقريظ ورد لنا هذا التقريظ من الفرع الزكي والشاب الألمعي إبراهيم بك العرب ولولا وجوب إجابته في نشره لحفظناه فيما حفظ قال أعزه الله: وافاك أستاذ الندي ... فدع الملامة يا مليم واستهد بالأستاذ إن ... شئت الصراط المستقيم أيسوغ والأستاذ فينا اللهو مع خشف وريم هشم الملاهي وعظه ... فكأنها ورق هشيم بذل النصائح جهده ... فكأنه مولى حميم غسل الملاهي زجره ... فكأنه الماء الحميم نثر كنثر الدر والمرجان من عقد نظيم

رجاء وإرجاء

وفكاهة كفواكه ... من روض جنات النعيم وعبارة خفت على ... أسماعنا مثل النسيم قد أخبرت هذي اللآ - لي أن منشئها حكيم شهم دعته لمجدها ... رتب البلاغة من قديم فلذلك قلت مؤرخاً ... لبي بأستاذ نديم سنة 1310 ... 42 1164 104 رجاء وإرجاء نرى كل من يرغب الاشتراك في جريدتنا الأستاذ يطلب منا الأعداد الماضية وحيث أن الأعداد الماضية انتهت إلى السابع وتم طبع الأول والثاني الطبعة الثانية وسنطبع الأعداد بعدهما عند وجود الفرصة فنرجو الراغبين في الاشتراك قبول ما يقدم إليهم من الأعداد منتظرين طبع ما انتهى وحيث أننا نطبع الآن ألفين وخمسمائة كل أسبوع وطلب الاشتراك متواصل فسنطبع ثلاثة آلاف بعد هذا العدد فراراً من كلفة الطبع مرة ثانية فيما يأتي من الأعداد وظن كثير من الأمراء أننا ربما أعدنا طبع ما يكون من هذا العدد إذا جاوز المشتركون ثلاثة آلاف وهو ظن أوجبه إقبال الناس على الأستاذ وتواصل الطلبات حققه الله تعالى بفضله. رثاء أنشبت المنية أظفارها بالمرحوم حسام الدين باشا مفتش السنطة والهياتم

خطبة ابن السماك

سابقاً واحد عتقى المرحوم عباس باشا الأول وترك 625 فداناً وقف منها مائة لخادمه أحمد وأولاده والبقية لأولاد شكيب باشا كما كتب له جميع متروكاته من نقود وأثاث ما عدا ثيابه فإنها بقيت لدائرة البرنس عبد الحليم باشا وقد رثاه صديقه السيد محمد أفندي التميمي الداري بقصيدة طويلة منها قوله: شعر وساروا حول نعش فيه شمس ... تحيط به الأكابر كالبدور وفاضت أعين الأمراء تجري ... بدمع كالسحاب على أمير على من كان للمضطر كنزاً ... وعوناً للغنيّ وللفقير حسام الدين باشا ذي المعالي ... أبي الحسنات والخير الكثير ستبكي فضله ضعفآءُ قوم ... يعانوا في المساءِ وفي البكور وينشد خيره للناس بيتاً ... به التاريخ كالبدر المنير حسام الدين في جنات عدم ... هنيءٌ بين ولدان وحور 109 95 90 454 124=65 62 91 220 سنة 1310 خطبة ابن السماك وردت لنا رسالة من طنطا لأحد الأفاضل وفيها يقول بينتم ما يلزم للخطابة ولم تبينوا الخطب المفسدة للأخلاق الجاري العمل بها في بعض جهات الريف. فمن ذلك خطبة ابن السماك المختلقة على الله سبحانه وتعالى بعد الحمدلة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والآية والوعظ يقول الخطيب أيها الناس حكى أن كان في زمن هارون الرشيد واعظ يقال له

ابن السماك يحضر في مجلس وعظه ألف ألف واعظ نام ذات ليلة من الأيام فرأى رؤيا في المنام أن القيامة قد قامت والموازين قد نصبت واستقامت. والمنادي ينادي هلم إلى العرض على الله يا ابن السماك فعند ذلك انتبهت الملائكة الكرام. ونهضوا به وأوقفوه بين يدي الملك العلام. فقال له الله: ما حيلتك يا ابن السماك؟ فقال له: يا رب أنا واعظ أعظ الناس وأشوقهم إلى جنتك وأخوفهم من عذابك. فقال له: نعم تفعل ذلك بالنهار. وبالليل تصرُّ على معصيتي غاية الإصرار. فقال له: يا رب ومن يشهدُ عليّ بذلك؟ فقال له: الله تشهد عليك ملائكتي الكرام. فقال له: يا رب ملائكتك الكرام أعدائي. فقال له الله: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال: لأنك قلت في كتابك العزيز: {وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة قالوا تجعل فيها من يفسد فيه ويسفك الدماءِ ونحن نسبح بحمدك ونقدّس لك} فقد سبوا أبي من قبلي ومن سب أبي فقد عاداه ومن عاداه فقد عاداني ومن عاداني فلا تجوز له عليّ شهادة. فقال له الله: تشهد عليك يداك ورجلاك يا ابن السماك. قال: يا رب يداي ورجلاي كانوا لا ينطقون في الدنيا وإذا نطقوا اليوم خوفاً منك والخائف لا تجوز له شهادة. فقال له الله: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال له: لأنك قلت في كتابك العزيز: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}. فقال له الله عز وجل: تشهد عليك نفسك التي بين جنبيك. فقال: يا رب نفسي عدوتي والعدو لا يجوز له على عدوه شهادة. فقال له: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال: يا رب لقولك في كتابك العزيز: {وما أبرئُ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} وكل من أمر بسوءٍ فهو عدو والعدو لا تجوز له على

هداية السائل إلى إنشاء الرسائل

عدوه شهادة. فقال له الله: يشهد عليك سمعك وبصرك يا ابن السماك. فقال: يا رب سمعي وبصري لا تجوز لهما عليّ شهادة. فقال له: ولم ذاك يا ابن السماك؟ فقال: يا رب لقولك في كتابك العزيز: {ولا تقف ما ليس له به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً}. فقال له الله عز وجل: أشهد عليك أنا يا ابن السماك. فعند ذلك سكت قليلاً بالجواب مستحياً من هيبة الملك الوهاب ثم رفع رأسه وقال: يا رب يا من محبتك في قلبي متمكنة أنت حاكم أم عادل أم قاضٍ أم بينة؟ فعند ذلك قال الله عز وجل: إئتوا بعبدي إلى النار. فلما سحبته الملائكةُ التفت في الطريق، فقال الله: ما ألفتك يا عبدي؟ فقال: أرجو رحمتك يا ربي. فقال له الله: ولمَ ذاك يا ابن السماك؟ فقال: لقولك في كتابك العزيز: {ورحمتي وسعت كل شيء}، وقد سمعت من أبي عن جدي عن نافع عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل عنك يا رب أنك قلت: من فعل معصية في دار الدنيا ثم تاب عنها فإني لا أفضحه بها يوم القيامة. فقال الله عز وجل: صدقت أنت وصدق أبوك وصدق جدك وصدق نافع وصدق النبي صلى الله عليه وسلم وصدق جبريل وصدقت أنا، يا ملائكتي إيتو بعبدي إلى الجنة لو كان عليه ذنوب مثل الجبال لغفرتها وأنا ذو الجلال أو كما قال اهـ. (الأستاذ) فهذه عبارة وإن كان لها شواهد إلا أن اختلافها أكبر افتراء على الله تعالى وسنبين مضارها. هداية السائل إلى إنشاء الرسائل تأليف الشاب النبيه الفاضل السيد عبد الباسط الأُنسي البيروتي

عجب وعجاب

وضعه في الإنشاء لتعليم التلامذة طرق المراسلات البسيطة وقد رتبه على خمسة أبواب الأول في الألقاب ومخاطبة الملوك والوزراء والأمراء وغيرهم. والثاني في مخاطبة العلماء والقضاة والأقارب. والثالث في مخاطبة التجار والأخوان. والرابع في تهاني الأعياد والأفراح وغيرها. والخامس في العتاب والتعزية وثمنه ثلاثة قروش ويباع عند الفاضل السيد عبد الواحد الطوبي بالكتبية وعند غيره أيضاً ولا بأس باقتنائه فإن فيه كثيراً من الفوائد للمتعلمين والمشتغلين بالكتابة. تنبيه المرجو من حضرات مشتركي جريدتنا بجبهتي مينا البصل والقباري أن يدفعوا قيم الاشتراك إلى وكيلنا حضرة عبد القادر أفندي سري ويأخذوا منه الوصل اللازم إذ قد أرسلت إليه القسائم مختومة بختم الإدارة ممضاة بإمضاء مدير الجريدة وقد تفضلوا بدفع القسط الأول بلا طلب فليتفضلوا بدفع القسط الثاني أو القيمة ممن لم يسبق لهم دفع شيء قبل ذلك كما نرجو بقية مشتركي إسكندرية أن يلبوا طلب حضرة السيد حسن المصري وكيل عموم الإسكندرية فقد أرسلت إليه القسائم أيضاً وإننا لحضرات المشتركين من الشاكرين. عجب وعجاب لا نرسل عدداً من أعداد الجريدة إلى الزقازيق إلا وتأتينا الشكوى

من اثنين أو ثلاثة من المشتركين بعدم وصول الجريدة إليهم ومن الغريب عدم وصول جريدة حضرة عبد المنعم أفندي خالد معاون بوليس القنايات ولا الجواب الذي أرسل إليه فالتزمنا مخاطبته بطريق السكورتاه لعلنا نأمن على الجواب وأعجب من هذا أننا أرسلنا مائتي ورقة زيادة داخل صندوقين لحضرة وكيلنا هناك فوصله صندوق واحد وكلما شكونا واحداً من المستخدمين ادعى عدم وصول المدعي به فبأية واسطة نثبته عليه إذا لم يجعل العموم رابطة لذلك ويعز علينا أن نرى مصلحة مصرية يقع فيها هذا الخلل ومثل الزقازيق محلة دمنة التي تتلاعب بجريدة حضرة عبد المجيد أفندي محمد كاتب تحريرات تفتيش طناح وعسى أن نرى في مكاتب الخلل ما نراه في مكاتب الانتظام من الأمانة والاستقامة. إعلان لقد تعين حسن أفندي علي وكيلاً طوافاً بالوجه القبلي فالرجاءُ من حضرات المشتركين اعتماده وتسليم قيم الاشتراك وأخذ سند الوصول منه مختوماً بختم الإدارة ممضي بخط مدير الجريدة غير أننا نرجو المشتركين فيما فوق أسيوط إلى حلفان أن يرسلوا قيم الاشتراك بواسطة البوسطة وبوصولها إلينا يرسل إليهم سند الوصول حيث يتعذر على الوكيل القيام إليهم الآن وللجميع الفضل والثناء. (عبد الله نديم)

العدد 20

العدد 20 - بتاريخ: 3 - 1 - 1893 الموافق 3 يناير سنة 1893 أشتات الشرق وعصبيات أوروبا من نظر في تقدم الشرق في الأعصر الأول قوة وعلما ومدنية وتأخره مبتدئاً بالتقهقر من أربعة قرون مضت قال ما لهذه الأمم العظيمة صارت كتفاريق العصا ورجعت شعوباً وقبائل وبطوناً وأفخاذاً وانزوى كل فريق في قطعة من الأرض اتخذها وطناً فيها ولد وتربى وإن سرت فيه حمية آبائه عنها يدافع وفي أحيائها يموت وبتعدد الجوامع الشرقية من جنس ولغة ودين ووطن نبذوا الوحدة الاجماعية ظهرياً ومالوا مع الأهواء وجعلوا المنافع الذاتية والسطوة الشخصية وجهة فانحلت العرى التي ربطها الجنس العربي الذي دك كثيراً من عروش أوروبا وجلس على كثير من كراسي ملوكها وإذا نادى تلك الجموع الخاضعة إليه سمع لبيك لبيك الجواب العربي ممن جوابه سي سي أو وي وي وطرد جياده من تهامة فسمع صهيلها في ليون من أراضي فرانسا وفي جميع أراضي أسبانيا والبورتغال وصقلية ونابلي وجزائر البحر

الأبيض وسمع صداه في خط الاستواء والممالك الهندية والفارسية والتركية والتركمانية وإن شئت فقل لم تبق أذن في آسيا وأفريقيا إلا وقد سمعت صهيل خيل الفريق العربي حتى لهج كل ناطق باسم الأرب أو أرابو. ولتجرده من الانفعالات النفسية وتحركه بروح الدين وقوة الملك سوّى بين عربي وتركي وفارسي وهندي وقبطي وشامي بل بين كل أفريقي ـ وآسيوي وضم الجموع تحت نظام واحد يرجع إليه رجوع الأبناء إلى أبيهم فاختلفت المشارب والمذاهب وتوحدت الوجهة الملكية انتظاماً واستيطاناً ودفاعاً فكنت ترى في المسلمين سنيّين وشيعيين وخوارج ومعتزلة ودهرية ومعطلة ودروزاً وكل قسم من هذه الأقسام يشتمل على مذاهب شتى وترى في النّصارى الروم الكاثوليك والأرثوذكس والمارونية والأروسية والإنجيلية وفرق اليعقوبية والنسطورية واليسوعيين وما في كل مذهب من الفروع والشعب وترى في اليهود الهارونية والموسوية والقرّايين والسامريين وما في كل قسم من الفروع والأحكام المتغايرة وربما رأيت كل هذه الأديان بأقسامها وفروعها في بلد واحد يجري كل إنسان في طريقه الديني غير معارض في شيء من أصوله أو فروعه أو عاداته فإذا انتهى من العبادة عاد إلى المجتمع الملكي وانتظم مع حزبه يؤيده برأيه أو يساعده بما له في الخصائص والمزايا فإذا سمع الصيحة الجامعة انضم مع عصبيته إلى مجموع العصبيات الشرقية وطوى الخصائص المشربية تحت بساط الحاجة حتى يفرغ من صيانة الوطن والدفاع عن الملك ثم يعود إلى حزبه يشتغل معه في صالح الوطن والمنفعة العامة من طريق المشرب الخاص تحت عناية عظيم يدبره وعاقل يرشده فكنت

ترى المسيحي والإسرائيلي يقاتلان مع المسلم من ماثلهما ديناً دفاعاً عن الوطن وشرف الملك لاستوائهما معه في الجوامع الوطنية والقوانين الملكية. وهكذا الشأن في كل إقليم وبلد. والقائمون بأمور الأمة يربون الرجال تحت حضانتهم باحتكاك الأفكار والمشاركة في الأعمال وترقية المؤهلين إلى الرتب العالية بعد التجربة والاختبار والتمرين على شاق الأعمال والتربية في الإدارات المختلفة المواضيع. وبهذه العصبيات ارتفع كثير من العقلاء إلى رتب الوزارة والقضاء وولاية الأقاليم بأصوات حزبه أو جملة أحزاب تؤيّد مبادئه وترجو حسن غايته وانحط كثير ممن تحولوا عن الوجهة الوطنية والحق الدولي بسعي الأحزاب المخالفة لحزبه. والمدقق الخبير يجد هذا الاختلاف ظاهري الصورة يرجع إلى غاية متحدة هي وقاية الوطن والملك. وعند مخالطة الأوربيين للشرقيين في الحروب الصليبية التي عادت على أوروبا بكل خير ومنفعة أخذوا عنهم هذه الطريقة السياسية وانقسموا أحزاباً بين حرّ ومحافظ وجمهوري وملكي وكموني ونهليست وسوسيالست ومتطرف ومعتدل واتخذت كل عصبية وسلة تتوصل بها إلى حياة الأمة وصيانتها وحفظ الوطن وامتداد سطوة الدولة ونفوذها في التخوم وما يصلح للاستعمار فاختلفت الوسائل وتعددت العصبيات مع اتحاد الوجهة فكان للمجموع مبدأ يبني عليه أعماله التي يريد الوصول إلى غايتها وترقت هذه الأفكار عاماً فعاماً حتى انتهت بهم إلى انتخاب الوزراء بأصوات العصبيات وعظمت ثقة الأهلين بالحكومات المقيدة بأصواتهم فنفذت سطوتها في أقاليم كثيرة وممالك متباعدة ووضع بين الملك على أساس متين إذ صارت وقايته مفروضة على العصبيات بالمسابقة إلى التقدم

الملكي. ولم يجر المجموع تحت حكم وزير يستعملهم آلة في تنفيذ آرائه بل اتخذ كل فريق رئيساً عاقاً مجرباً محنكاً وعلموا مبادئه وغاياته فصاروا أعضاداً ينصرونه ويؤيدونه وينادون به في الانتخابات وينبهونه على الأغاليط ويساعدونه على امتداد نفوذه المؤيد للدولة بكل ما يقدرون عليه وكل رئيس يربي رجالاً يخلفونه إذا انقضى دوره ويمدونه بآرائهم إذا قبض على زمام الأحكام. وبهذه الوسائل المحكمة عظمت ثقة الملوك بالوزراء فأسندوا إليهم الأحكام موقنين أنهم يحافظون على الملك أعظم من محافظتهم لو استقلوا بالحكم والإدارة حتى أنهم لو عينوا سفيراً أو قنصلاً في جهة قالوا له أن سلفك وقف عند نقطة كذا الدولية فإذا لم تتمكن من التقدم عليها فاجتهد في محافظتك على ما وصلنا إليه بهمة غيرك. ولهذا لا ترى دولة أوربية تنقهر في الشرق أو في جهة أوربية إلا بقوة عظيمة مشكلة من مجموع دولي. وفي مقابل هذا الإتقان البديع مع علمنا بما عليه عصبيات أوروبا لم نزدد إلا تقهقراً بأعراض رجالنا الشرقيين عن تربية الخلف والأعضاد ونوم الأفراد تحت ردم الغفلة أو الخوف الوهمي فلا نسمع إلا عزل فلان وأسند أمر الوزارة إلى فلان في الآستانة أو طهران أو مصر أو مراكش أو تونس وإذا بحثنا في المعزول والمولّى رأينا كلا منهما لا يقول إلا رأيه ولا يعتمد إلا على قوته العاقلة وتدبيره الذي كثيراً ما يراه أحدهم صواباً وهو خطاء عظيم ونرى حول كل وزير ووال ومتصرف ومدير ومفتش ومأمور زمراً توسم بالمحاسب وهي أخلاط من الغوغاء والرعاع يستعملهم مع الجهل في الإدارات والوظائف فيعيشون في البلاد عيث الذئب في الغنم المهملة فإذا عزل أحدهم جاء الثاني

بمحاسبيه وطرد السابقين ووضع جماعته مكانهم فيفعلون فعلهم غير مبالين بسوء ما يرتكبونه لعلمهم ان المنتهى إلى من لا يسألهم عما يفعلون وبهذا ضاعت المصلحة الوطنية وتوزعت في الشهوات والأهواء وصرنا نعد العقلاء ثلاثة أو أربعة في الأستانة واثنين أو ثلاثة في مصر وإذا رأينا تخلخل وزارة أخذنا نهجس ونخمن فيمن يكون بعد الحاضر لعلمنا أنه لا يوجد من المرشحين المؤهلين لهذا المنصب إلا فلان وفلان وهما لم يربيا أحد مدة توليهما الأحكام حتى يخلف الواحد منهم آخر من مشربه فيسير بسيره ليتم عمله الذي كان مشتغلاً به وإنما كنا نرى هذا يشتغل بوضع اللوائح والنظامات وترتيب الأعمال والعمال وأحكام العلائق بين حكومته وغيرها ويسعى في توسيع التجارة والصناعة والزراعة بطرق سهلة وقبل أن يتمم عمله يعزل ويأتي غيره على هذه الطريقة. وبهذا السير اختلت ممالك الشرق وكثر فيها الفساد وتمكن الأجانب والدخلاء من الرؤساء الذين لم يربوا أحد من أهل بلادهم وخافوا من العقلاء من قومهم وظنوا أن استخدام الدخيل يقيهم فتنة الرعايا ويؤيد سطوتهم فيهم فأكثروا منهم فجاؤهم بالمصائب ولكننا إذا قابلنا أعمالهم بأعمال رجال أوروبا وجدناهم في خطاءٍ عظيم وقد تحملوا مسؤولية أمم عظيمة بإهدارهم طرق الإصلاح. وإننا نرى الآن المشابهة سرت في رجال الشرق فأخذوا يحاكمون أوروبا فيما به يفرون من اسم الهمجية والتوحش وسعوا في جمع كلمتهم وعقد الجمعيات لفتح مدارس العلوم والصنائع وتهذيب النفوس وتعميم

الآداب ولكنهم مع بقائهم على التفرق وعدم اتخاذ مبدأ يبنون عليه أعمالهم لا تزال الأيام تقيمهم وتقعدهم وهم حيارى بين المقعد والمقيم. فلا بد أن يكون لكل عصبية وزير مدرّب يرجعون إليه فإذا أسندت إليه وزارة أعانوه وساعدوه وبثوا مبادئه وتعاليمه في العالم المحكوم ليقووا بذلك أعماله الداخلية والخارجية فإذا خالف مبادئهم انضموا إلى العصبيات الأخرى وعارضوه برفع أعماله المختلة إلى الملك أو الأمير حتى يغير وجهته أو يتخلى عن الوظيفة ويتولاها آخر له مبدأ وطني أيضاً تؤيده عصبية أخرى تحت مراقبة العصبية الثانية كما هو حاصل في بلاد الإنكليز الذين تخللوا ممالك الدنيا بأعمال حزبي الأحرار والمحافظين وأحكام سيرهما في توحيد الوجهة الملكية مع اختلاف الوسائل المؤدية إلى المقصد الإجماعي. نعم إن الآستانة ومصر ليستا متأهلتين للانتخاب وحرية الأفكار كما ينبغي ولا تتوسع الحكومة بأكثر مما هو حاصل الآن ولكن إذا اجتمعت الأمة على مبدأ وطني دولي غايته حفظ كرسي الملك الأمير الأعلى وعقدت أجماعها على الخضوع إليه والرضوخ لأحكامه وتأييد مبادئه وتعضيد مقاصده وحفظ النظام الذي يبثه فيها وربطت عزائمها على حفظ مركزه ووجوده في منصة حكمه مؤيداً باتحاد الأمة معضداً بانقيادها مسروراً بما يراه من الأمن وحسن المخالطة والمعاشرة أمكنها أن تعطي لجماعة من الأمراء جانباً من الاعتماد على هذا الاتحاد والثقة بصالح نية العصبيات فإذا علم الوزير منهم أنه مسؤول بين يدي عصبيته عن أعماله وهم يرون أن غيرهم يراقب أعمال رئيسهم انبعثت في الوزير حمية الخدمة الوطنية وتقوّت أفكار عصبيته في مراقبته وبحث أعماله وتنبيهه على كل

ما يؤاخذ به أو يلام عليه أو يوجب سقوطه من منصبه. وهذه الأماني وإن كنا لا نثق بالوصول إليها تماماً في عصرنا ولكننا إذا بدأنا بتأسيس المبادئ وتخصيص العصبيات وجرينا على ذلك الهوينا جاء من بعدنا على نظام لا يكلفه إلا القيام بما فيه. وهذه العصبيات والأحزاب لا يمكن تكوينها إلا من الوطنيين الذين دفنوا أجدادهم في البلاد فهم يخافون أن تطأ خيل الغرباء تلك القبور الحافظة لعظام المجد الوطني والشرف الملكي ففي مثل بلاد الدولة العلية غير الممتازة تتكون من الترك والعرب والجركس والكرد والأرمن وفي مثل مراكش والجزائر وتونس تتكون من العرب والأفريقيين وفي مثل مصر تتكون من المسلمين والأقباط والإسرائليين وفي مثل طهران تتكون من الفرس والكرد وهكذا تتكون العصبيات من أهل كل وطن ويعقدون عزائمهم أولاً عقد إجماع على تقديس مناصب الملوك والأمراء ثم يبحثون فيمن يمشي بهم في طريق حفظ الملك أو الأمير من كل ما يمس أي حق من حقوقه المقدسة. ولا يفهم غبي من ذكر العصبيات والأحزاب أن المراد عصبيات إفساد أو أحزاب فتن وحروب فإن ذلك محض الجنون لأننا محاطون بدول أوروبا وإن كنا في قطعة شرقية وقد امتلأت بلاد الشرق وممالكه بالأوروبيين متجرين وسائحين ومعلمين وصناعاً ومع هذا الاختلاط القاضي بالمحافظة على الأمن والراحة فإن افتراق ممالك الشرق واختلاف كلمة معظم أهله يقضي عليهم بالعدول عن كل فتنة توقعهم في حرب أوربية لا يقدرون على اقتحام عقباتها لاتفاق ممالك أوروبا عليهم واختلاف ممالكهم الشرقية مع فقد المعدات والمواد الحربية

وإذا كان ذلك مرسوماً بين أعين العقلاء منا استحال تصور التجمع لفتنة أو لمعاكسة دولة أوروبية وتعين فهم مجاراتنا لأوروبا في اتخاذ طرق المدينة. خصوصاً ونحن معاشر المصريين بين يدي أمير سكنت محبته قلوبنا وتخللت أجزاء ذواتنا وتعلقت آمالنا بهمته العالية وأفكاره المنيرة ولكننا لا ننسى أننا تحت مراقبة دولة عظيمة تسعى في تقدم مدنيتنا وتوصيلنا لمعرفة حقوقنا الوطنية وتبذل جهدها في نشر التعاليم الأوروبية في أنحاء بلادنا وتفتخر وزراؤها ووكلاؤها بأنهم أوصلونا إلى المدنية وعلمونا كثيراً من طرق الإصلاح التي كنا نجهلها ونبهونا للمطالبة بحقوق خديوينا المفخم ووطننا العزيز وأرشدونا إلى طرق حرية الأفكار والمجامع فعملاً بهذه العلوم النفسية وإتباعاً لنصائحها واقتداءً برجالها ينبغي أن نقابل سعيها بالتظاهر أمامها بثمرات أتعابها ليكون فخرها بين الدول بنشأتنا الوطنية وعصبيتنا المصرية أكبر وأعظم وليعلم العالم المدني الأوروبي أنها وعدت ووفت وإلا فإن بقيت على اجتهادها وبقينا على تقاعدنا كنا علة لما لا نحبه ولبسنا ثوب عاربين الأمم وأصبحت الدولة المراقبة لنا تبكتنا وترمينا بفساد الأخلاق وجبن الطباع وعدم الاقتدار على الاختراع. فعلينا معاشر المصريين خصوصاً والشرقيين عموماً أن نبحث في طرق احزاب أوروبا وروابطهم وكيفية سيرهم وموجب استمرارهم على ما هم فيه ونقلدهم بسير لطيف واعتدال في الحركات والسكنات مع لزوم الهدوء وحسن الانقياد والمحافظة على حقوق الأجانب والنزلاء والانتباه لدسائس الدخلاء وفتن الأجراء ولتكن لكل فريق جرائد تنشر أعماله وتؤيد أقواله وتبين له دسائس بقية الجرائد وتنبهه على ما يجب اتخاذه مما تراه

باب اللغة

صالحاً آخذة أفكارها عن مجموع أعمال الحزب أو آراء عقلائه بحيث تلزم مشرباً لا تتحول عنه بتحول الأحوال ولا تتلوم أمام حزبها بتلون المطامع ولا يلزم من اختصاصها أن تكون مضادة لغيرها من الجرائد في كل ما يكتب فيها فإن الجرائد مدارس الأفكار ومعارضتها إقفال لباب التعلم الأدبي وإنما تحافظ على مبادئ حزبها وتجاري الجرائد في المقالات العامة والأفكار النافعة وإلا إذا تركت الأحزاب والجرائد وأخذت كل ما يقال بالقبول من غير بحث في مصدره وما تحته من الدسائس تحول مجرى سيلها الوطني إلى الاودية الأجنبية ووقعت في أشراك أوروبا وهي لا تشعر ولتكن المجامع مطهرة من ذوي الأفكار الفاسدة محفوظة من الطائرين خلف المحسنات الأوروبية مصونة من التخاذل والتباغض متعلقة برئيس لا يختلف في استحقاقه للرياسة اثنان فإننا إن فعلنا ذلك قالت أوروبا قد عمّت المدنية واستوى فيها أشتات الشرق وعصبيات أوروبا. باب اللغة تقدم لنا أننا بحثنا في اللغة العربية وما كانت عليه من العز والارتقاء أيام خلو العرب من الدخلاء والخلطاء وما صارت إليه بعد انتشار الدين الإسلامي وسلطتها على كثير من اللغات فعز على غير العرب النطق بها للتباين بين مخارج حروفها وبين حروفهم وعدم تعودهم على النطق فحرفوا بعض الكلمات وصحفوا ولحنوا حتى حدثت اللغة الدارجة المسماة بلغة العامة

وابتدأ ذلك من القرن الأول من عصور الدين الإسلامي فأمر إمام المؤمنين سيدنا علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بوضع قانون صناعي به يرجع اللاحن إلى اللغة الصحيحة وأخذ العلماء يدونون الكتب فيها ولها كما قدمنا ذلك في مقالة اللغة والإنشاء. وعندما انتهى بنا البحث إلى ذلك ورأينا انتشار الأمية بسبب تقصير ملوك الشرق في جانب العلوم واشتغالهم بالحروب الداخلية والخارجية عما يقدم الأمة من المعارف عزمنا على فتح جريدة تهذيبية تشتمل على فصل قصير باللغة الدارجة تحوّل به العلمي الجاهل من كراهة سماع الكتب إلى محبتها فينجرُّ به الأمر إلى سماع الكلام الصحيح وهناك لا يلزم كتابة غير الصحيح. وهذا الأمر رأينا أنه القوة الجازبة لتحويل الأفكار إلى اللغة إذ ذاك فأنشأ جريدة التنكيت والتبكيت وأصدرنا العدد الأول منها يوم الأحد 15 رجب سنة 1298 الموافق 6 يونيو سنة 1881 وفي العدد الثاني منها كتبنا فصلاً تحت عنوان ((إضاعة اللغة تسليم للذات)) فعارضنا فيه الفاضل الكاتب أمين أفندي شميل برسالة تبادل الجدال معه بسببها كل من الفاضل المنشيء أحمد أفندي سمير وكان يعنون بالفاضل السكندري والفاضل البليغ إبراهيم أفندي الهلباوي وكان يعنون بالفاضل المصري وكنا أخذنا في فصل الجدال بالنظر في دعاويهم وبراهينهم فحالت أحوال وعرضت موانع. والآن رأينا جريدة الأزهر بعد أن كانت باسم الفاضل البارع إبراهيم بك مصطفى ناظر دار العلوم وصارت باسم المستر وليم ويلكوكس الإنكليزي المشهور بطول الباع في الهندسة والصبر على شاق الأعمال وقد افتتحها بخطبة سبق أنه خطب بها في كلوب

الأزبكية مؤَداها أن المصريين لا توجد فيهم قوة الاختراع ولا مانع لهم إلا اللغة العربية الصحيحة وأنه إذا تحولت الأفكار وحتمت استعمال اللغة الدارجة في المخاطبات والتآليف العلمية والتدريس لمكن المصريين أن يخترعوا وأطال الكلام في هذا الموضوع فرجعنا إلى رسالة أمين أفندي شميل وقلنا ما أشبه الليلة بالبارحة وقد قال فيها ((وبالاختصار فإن في ضعف كل أمة فقدان لغتها مهما كانت تامة الألفاظ واسعة المعاني والمباني)) وهذه عبارة صحيحة لم يصرح بمثلها ولو لم تكن محكومة بالغير لا ضعف القوة المالكة وضياعها فكم من أمم خضعت لأمم أعظم منها قوة وأشد منها بطشاً وبقيت محافظة على لغتها فبعثتها إلى الاستقلال وعزة الملك كالترك والفرس واليونان وإسبانيا ورومانيا والبورتقال والبلغار ولو تركوا لغتهم واستعملوا اللغة الحاكمة لماتت وتجنسوا بالجنسية المتغلبة وصار المجموع أمة واحدة ثم قال بعد ذلك ((على أن بعض اللغات قد يكون لها وسائط طول البقاء لما فيها من التآليف الجليلة وافتقار العالم الديني والدينوي إليها فهي أشبه بحي في صورة ميت)) ولم يرد بهذه العبارة إلا اللغة العربية فإنها هي التي انتشرت بها التآليف في جميع أقطار العالم ونزل بها القرآن الشريف الذي هو الآية الكبرى والحجة العظمى لنا معاشر المسلمين فهو الداعي لحياة اللغة العربية الصحيحة وهو المقصود لكل محارب للغة ساع في أمانتها. وقوله فهي أشبه بحي في صورة ميت يريد به غلبة اللغات الأجنبية وامتدادها في الأقطار العربية واستعمالها في بعض المخاطبات والمؤلفات ولذا

قال بعد ذلك ((فإذاً أيها الأخ المتعصب للضاد ليس لك أن تلومني إذا تركت لغتي إلى غيرها وأنت تعلم إن الإنسان مفطور على طلب التقدم)) وهو محق فإني لا ألومه على ترك العربية لأنه لا يصيبه شيء بتركها لكون الإنجيل نزل باللغة اليونانية وبترجمته بجميع اللغات لم يفقد من مؤداه شيئاً وإنما ألوم مسلماً يتهاون في لغته تهاوناً ينسيه إياها فينسى القرآن الذي لو ترجم بأفصح لغة أجنبية لجاء عبارة عن حكاية يقتدر على إنشائها أي كاتب ولضاعت بلاغته العربية وما فيه من الأنواع البديعية والاستعارات والتشابيه والمترادفات والمشتركات والتقييد والاطلاق والتعميم والتخصيص والسجع والإرسال والحذف والإضمار والإيجاز والاطناب والتعريض والتليمح ورقة المعنى وسهولة اللفظ وغرابة التركيب وغير ذلك مما لا يتأتى وجوده في ترجمة أية لغة إلا بتكلف وتعبير سخيف كما هو معلوم في النسخ المترجمة إلى الإنكليزية وغيرها مما لا يتناسب مع القرآن العربي في شيء مطلقاً ثم أشار الفاضل في رسالته إلى قضيتين يبكت بهما القائمين بأمور الأمم الشرقية ضمناً حيث قال: ((اذهب إلى دوائر أحكامنا ومراكز وانظر بكم بؤجر الكاتب الضادي والكاتب الدالي. ثم ألف لك كتاباً واجعله كله ضاداً واصرف فيه عمرك واعرضه على قومك فترى ما لبضاعتك من رواج)) فالقضية الأولى لا توجب ترك اللغة لأن الأمة ليست كلها في دوائر الحكومة ولا متجرة مع أوروبا وإنما لجأ بعض الأمة إلى تعلم اللغات الأجنبية سوء تصرف بعض الحكام فبدل أن يتكلف الأوروبي المنتقل إلى بلادنا اتجاراً واستيطاناً تعلُّم لغتنا ليعاملنا أو يخاطبنا بها علمواهم بعض الأمة ليخدم الأوروبي ويساعده على نفوذه

باتساع نطاق لغته فينا فحق لهذا الفاضل أن يبكت الذي أحيوا لغة الأجانب بأمانة لغة البلاد. ولكننا لو فرض وتعلمنا اللغات الأجنبية وتكلم بها صغيرنا وكبيرنا عند الحاجة إليها لواجب علينا أن نحافظ على لغتنا العربية ونستعملها في معاملاتنا الخاصة بنا وبين أبنائنا وأهلينا وفي كتب ديننا وعلومنا الأصلية والفرعية لبقاء الدين والجنس ببقائها وهنا لا تضر اللغة الأجنبية المستعملة في الضرورة لا في المعاملات والمخاطبات كما كان من اليونان أيام خضوعهم للترك فإنهم اضطروا لتعلم اللغة التركية لقضاء ما يلزمهم من الحاكم بها مع محافظتهم على لغتهم فيما بينهم وفي كتبهم الدينية ودراستها فبقيت العصبية الدينية والروح الجنسية حية بحياة اللغة التي جاءت الفرصة فخرجوا من ذل التابعية إلى عز الاستقلال ولو كانوا تركوا لغتهم رأساً لصاروا أتراكاً مسلمين بحكم اللغة التي استبدلوا لغتهم بها. وحاجتنا الدينية إلى لغتنا أشد من حاجة اليونان إلى لغتهم إن الإنجيل لما ترجم بغير لغتهم تناولوه كما تناولوا الأصل والقرآن لو ترجم بلغة أخرى لعجزت الترجمة عن أداء مفهومه ومنطوقه، كما قدمنا فضلاً عن أن المصريين خصوصاً والمسلمين عموماً لم يترجموا كتبهم العلمية إلى لغة غيرهم ولا نسي من تعلم الأجنبية لغته الأصلية بل ترجموا كتب العلوم الحديثة إلى لغتهم وكتبوا بها كتبهم وجرائدهم وحكاياتهم وهزلهم وجدهم فاللغة الصحيحة هي الحية لاستعمالها بين الخاص والعام من عقلاء الأمة واللغة الدارجة هي الميتة لعدم استعمالها في غير الضرورات التي يقضيها الحيوان بلا لغة، ثم قال الفاضل: ((إن مؤلفاتنا التي تفتخر بها قد نهبت لفظاً ومعنى إلى مراكز الأمم النامية فزادوا

عليها أُمور كثيرة فهي حية في تلك الأمم ميتة عندك لأسباب منها عدم صحة النسخ فكتبنا كلها أغلاط ومنها عدم وجود من يفهمها الآن وقد مات من كان يعرف معانيها. ومنها أن كثيراً قد نسخ بما أظهرته التجارب وقام غيره مقامه. ومنها الزيادات الجوهرية التي حدثت بعدهم ويجب معرفتها مما لا وجود له في هذه الكتب)) أما قوله إن مؤلفاتنا قد نهبت الخ فإنه لا ينكر إن الإنكليزي والفرنساوي لم يفهمها إلا بعد تعلمه لغتنا العربية واتقانه معرفة قواعدها وإلا استحال عليه أن ينطق بالكلمات العربية من مخارجها فضلاً عن فهم معناها فإذا كان الأجنبي يتعلم لينقل ما فيها من لغته أفلا نتعلمها للمحافظة على ما عندنا، وإذا كان الأجنبي يقدر على فهم معاني لغتنا وهي أجنبية عنه أفلا نقدر على فهم مؤلفات علمائنا ونحن من عشيرتهم. وأما تعليله بالأغلاط فلظنه من باب التنكيت فإن الذين تمدح بهم من الإفرنج ما أخذوا تلك العلوم إلا من هذه الكتب فيلزم أن يكون علومهم فاسدة لأنها مأخوذة من أغاليط لا صواب فيها ولكنه مدحهم، والمدح يستوجب الصحة غالباً. فإن قيل أنهم صححوها وهي بغير لغتهم قلنا أفلا يقدر أصحاب اللغة على تصحيح كتبهم وهي أدرى بمركباتها من غيرهم. وأما قوله قد مات من كان يفهم معانيها فإنه منقوض بنفس القائل فإنه أحد من يتكلمون باللغة العربية وله اقتدار على فهم معاني تلك المؤلفات والأخذ منها والنقل عنها كما فعل في مؤلفاته العربية مع كونه غير مشتغل بجميع العلوم العربية فالعلماء القائمون بتعليم تلك العلوم ودراستها يعرفونها حق المعرفة على كل كتاب شروح وحواشٍ يشهد بذلك الكتب التي ألفت من القرن الأول الإسلامي إلى الآن وعلى أن العلوم التي أهملت

في الشرق كالطب والهندسة والجغرافية وغيرها واستعملت في الغرب قد ترجمها الشرقيون إلى لغتهم وقرأُوها في مدارسهم فهذه المدارس المصرية قرئت فيها العلوم القديمة والحديثة الأصلية والمترجمة ولم يفتها شيءٌ مما كتب في أوروبا ولم تتغير كيفية التدريس في اللغة العربية إلى اللغة الفرنساوية أو الإنكليزية في بعض العلوم إلا في هذه السنة، وهي نشأة مؤقتة لا تمكث إلا بقدر ما يطالب المصريون بحياة لغتهم التي يصرفون أموالهم على المدارس التي هي فيها ولا يعارضهم في ذلك معارض فإن الأجنبي لم ينفق على المدارس درهماً ولا ديناراً حتى يحتم علينا لغته التي لا حاجة لنا بها في التدريس. أما قوله أن كثيراً منها قد نسخ الخ. يريد بذلك كتب الطب والمواليد والكيمياء والهيئة وغيرها لا كتب العلوم الشرعية أو الآلية لها وتقدم أن رجالنا المصريين ترجموا تلك المحدثات إلى العربية. وأما قوله ومنها الزيادات الجوهرية الخ فإنه لا يطعن في أصل اللغة ولا يوجب تركها واستعمال غيرها فإن المحدثات تستعمل في جميع اللغات بالاسم الذي وضعه لها المخترع كالتلغراف والتلفون والفوتغراف والبارومتر وغيره فحكم اللغة العربية في تلقيها أسماء المحدثات وضمها إلى ما في معجماتها حكم جميع اللغات فلا تعاب بما ما ثلت فيه أعظم لغة متفاخر بها ثم قال بعد ذلك: ((ومن أين لك المال يا أخي وأنت تنجر ببضائع أكلها العث وبدلتها المودة أما هو أجدر بك أن تترك هذه اللغة وشأنها التي لا تفيدك سوى حطة الشأن بعد تعب ونصب وجوع لا مزيد عليه وتختار لنفسك غيرها أن كتبت بها راجت كتابتك الخ)). ولا شك أنه ما أراد بذلك إلا الهزل في صورة الجد فإنه يكتب كتبه وجريدته ويتكلم ويترافع

باللغة العربية ولم يدركه تعب ولا نصب ولا جاع بل هو يرتزق بها ومع تعلمه كثيراً من اللغات الأجنبية لم تفده فائدة معاشية فأنه لو كتب كتباً أو جرائد بها ونشرها بين المصريين والسوريين ما اشتراها أحد لعدم معرفتهم تلك اللغة ولو أرسلها أوروبا لكسدت بما فيها من المؤلفات والكتب الجمة فلو لم نحمل كلامه على الهزل لكان بقاؤُه على ما كان عليه الأولون من التحرير والتعامل بالعربي ناقضاً لقوله أكلها العث وبدلتها المودة وشهرته بين أبناء العرب بالتأليف والفصاحة والفضل ما أوصله إليها إلا كتابته العربية، فاللغة العربية هي التي رفعت قدره بين قومه ولم يزل مجهولاً في البلاد التي تعلم لغة أهلها وإذا كانت اللغة رفعت شأنه لهذا الحد كانت دعواه حط الشأن بسبها دعوى مازح يتفكه بقلب المواضيع. ثم قال بعد ذلك ((نعم أن في لغة الطفولية لذة ووطنية إلا أن الوطنية الحقة قائمة في المعاني لا في الألفاظ، أعني في صيانة حقوق الأفراد وأحكام العدل والتسوية والالتفات إلى الأمة ولغتها وعدم إعطاء خبز البنين لغيرهم، فإذا فعلت هيئتنا ذلك هان علينا كل شيء وإلا فأنت تضرب في حديد بارد)) ما أحلى هذه العبارة لو كانت مقصداً له وما تقدمها وسائل فإنه يعيب الحكومات الشرقية بأمرين الأول عدم صيانة الحقوق وأحكام العدل والتسوية وهذا اندفع بهيئة المحاكم الجديدة وتغيير صور الأحكام والإدارات إلى ما ترضاهُ أوروبا فضلاً عن غيرها والثاني عدم الالتفات إلى الأمة ولغتها وعدما إعطاء خبز البنين إلى غيرهم ونحن نوافقه على ذلك فإن نقل التعليم من لغة البلاد إلى لغة أجنبية نقل للتلميذ من الجنسية والدين معاً والعجب أن المصريين يبذلون لمعارفهم أموالهم التي

حصلوها بعرق جبينهم ثم تصرف في تعليم لغة غير البلاد ومصلحة غيرها أيضاً فما موجب تعليم مثل التاريخ والطب والهندسة والجغرافية باللغات الأجنبية والمتعلم سيستخدم بين من لا يعرفون كلمة أجنبية وهم فلاحو مصر وعوامها والكتب العربية في هذه الفنون توج احتمالاً في المخازن فأي ضرورة تلجئنا لتركها وشراء غيرها بلغة أخرى، وماذا تقول المعارف يا ترى إذا قال لها الجناب الخديوي المصري الأفخم مدارس ينفق عليها من مال رعيتي يحافظ فيها على لغتهم ودينهم وما جوابها إذا قال رجال الشورى إما أن تنفق أموالنا على أبنائنا فيما ينفعنا ديناً ودنيا أو نأخذ أبناءنا ونترك المدارس خاوية فيسد قسم من ديون الحكومة بما يصرف فيها أو يستهلك منها لا ندري ما الجواب بعد علمنا إن الأجنبي لا ينفق فيها درهماً واحداً فالحق حق أصحاب الأموال العائذين بجاه خديويهم الأكرم الأفخم، وإنا تبادلنا الفكر مع حضرة الفاضل مع طول العهد عندما رأينا جريدة الأزهر تدعونا إلى ما تسوء به عاقبتنا وتسودُّ به وجوهنا ونصير به أعجوبة بين الأمم فللفاضل شميل أفندي الشكر على ما نبهنا إليه من إحدى عشرة سنة مضت ونشني على جريدة الأزهر الثناء الطيب فإنها دقت جرس التنبيه فأيقظت الرقود ونبهت الغافل واطلعت المصريين على سر من أسرار أوروبا بعد أن كان لا يعرفه إلا العقلاء المشتغلون بالبحث في مقاصد أوروبا في الشرق على أننا نعلم علم اليقين أنه لو ظهر ألف داع بل مئات ألوف من دعاة أوروبا لاستعمال أنة تميت لغة القرآن ما وجدوا آذاناً سامعة ولقد ترجم القرآن بالإنكليزية والفارسية بقصد استعماله بهما بين الآخذين به فلم يفد ذلك

شيئاً ولا نجح المترجمون. وماذا نصنع بكتبنا التي تجل عن الحصر إذا تكلمنا باللغة الميتة العامية أنحرقها أم نترجمها بالكلام الفارغ. ولماذا لا تكتب الإنجليز كتبهم العلمية وجرائدهم باللغة الدارجة عندهم تعميماً للفائدة التي تريد أن تعممها في مصر وهل ترى أن المصريين إذا قرؤوا القرآن باللغة العامية عند استعمالها ونسيان غيرها أيرضى عنهم المسلمون أم يعدونهم منهم وهم يعتقدون أن تغيير حرف منه أو تقديمه على ما قبله كفر مخرج للفاعل من الدين. أظن أن الأزهر قصد أن يختبر المسلمين فاخترع لهم هذا الباب ليرى رسوخ قدمهم في حب لغتهم وتنبههم لأصولهم الدينية حتى إذا رأى منهم ميلاً لأفكاره واستسحاناً لاختراعه ذمهم وبكتهم وشنع عليهم في مجامع أوروبا وقال أنهم قوم لا يعرفون قدر جنسيتهم ولا حق وطنهم ولا فضل لغتهم ولا شرف دينهم فهم همل لا لغة لهم ولا دين. أما ذمة المصرين بعدم قدرتهم على الاختراع وعدم ثباتهم وعدم إقدامهم وعدم قولهم الحق فأمر تعودنا سماعه من الأوروبيين ولكن يعز علينا أن نسمع مثله من رجل من رجال دولة تريد أن تهذب المصريين وترقيهم إلى المدينة وتحب لهم الخير في كل عمل تقدمه لهم أو تدعوهم إليه فإن صدور مثل هذا الشتم منه ربما دلنا على أن ما نسمعهُ من النصح والوعظ وهمٌ فنتهم غيرهُ بما نتهمه به وربما كان بريئاً من التهمة بعيداً عن الخداع فنرجوه أن يرجع عما يملأُ قلوب المصريين بغضاً فإنه بمثل هذه الأهاجي القبيحة يضيع أتعاب رجاله عشر سنين فإنهم بذلوا جهدهم في جذب المصريين إليهم بالرفق واللين وحسن المعاملة ومراعاة الحقوق والمحافظة على الآداب والعوائد الإسلامية

إحصاء الجرائد

والشرقية وصانعوا الفلاح والصانع وداخلوا الأعيان والأمراء والوجهاء استجلاباً لقلوبهم ودفعاً للنفور الذي يحدثه سلب الغير للحقوق والتعدي بما لا منفعة فيه. ولم تذكره بذلك تعرضاً منا لأمور سياسية ليست من شأن جريدتنا وإنما ناديناهُ بلسان جريدة علمية تناظر جريدة علمية أخرى وسنعود لهذا الموضوع بعبارة أخرى في أعدادنا الآتية إن شاء الله تعالى. إحصاء الجرائد وقفنا على إحصاء الجرائد المحلية عربية وافرنجية وذلك بحسب ما ورد لقلم المطبوعات حين تحريه ذلك إذ علم أنه يطبع من المؤيد 1200 ومن الأهرام 2775 ومن الهلال 740 ومن الزراعة 600 ومن المحروسة 443 ومن الفلاح 545 ومن المقطم 1455 ومن المقتطف 1300 ومن الغار 432 ومن الغازت 438 ومن البوسفور 424 ومن التلغراف 880 ومن الأستاذ 1345، وقد أغفل النيل والوطن والاتحاد والسرور والآداب ومرقى النجاح والفتى والنصوح والمنظوم والبستان والفتاة والفرائد والحقوق والمحاكم والنشرة القبطية والنشرة الإنجيلية والأزهر قبل تحوله وفرصة الأوقات والرشاد واللطائف والوقائع المصرية والفوائد. أما هذا الأحصاء فهو عما يرسل بطريق البوسطة لا عما يطبع بدليل أن الأهرام يبيع كمية كبيرة باسكندرية ولم تدخل الإحصاء والمؤيد يبيع بمصر ويوزع على مشتركيه فوق الأربعمائة نسخة ولم تدخل الإحصاء والأستاذ كان يرسل ذاك القدر إلى البوسطة وقت الإحصاء وهو الآن يرسل ألفاً وخمسمائة وستة بالبوسطة ويوزع على المشركين بمصر 492 ويعطى للباعة بمصر 190 وللباعة باسكندرية 100 فمجموع ما يوزع منه الآن 2288 وأنه لعدد كثير على

مدرسة النبل الخيرية

جريدة عمرها الآن أربعة أشهر ونصف ونعلم أن يطبع من المحروسة فوق الثمانمائة ومن النهل فوق الألف ومن الآداب والوطن كذلك. وكثرة الجرائد مع كثرة الأعداد الصادرة منها دليل على تقدم الأمة المصرية وانبعاث روح العلم والحياة الوطنية فيها فالأستاذ مقدم الثناء لحضرات الأفاضل محرري هذه الجرائد على اختلاف لهجتها وتابعيتها على خدمتهم الأفكار وتوسيعهم نطاق الآداب وسهرهم الليالي في كتابة ما ينفع الأمة ويرشد إلى طريق ترقي الأفكار اختلاف التعبير والمواضيع كما يرجو الأمة أن تتلقى هذه الخدمة بالقبول وتمديد المساعدة لتكون مادة لحياة وظيفة الإنشاء التي هي وظيفة التدريس العلني والتعليم الأدبي ولا يعز عليهم قليل من المال ينفق في كثير من العلوم والآداب. مدرسة النبل الخيرية هي باكورة الأعمال الوطنية من شبان الوقت الحاضر أسستها جمعية النيل الخيرية بهمة وعناية ذي المجد الأثيل والشرف الأصيل سلالة الأطهار الطيبين السد محمد راتب واشا معضداً بعزيمة وسعى فرع السعادة والشرف الباذخ من زان مجد بيته بمعارفه وآدابه حضرة يوسف بك صديق مرتبطة هذه العزيمة بعزيمة الفاضل الماجد البارع النبيه محمود أفندي محمد محاطة هذه الهمم بتوجهات أعضاء الجمعية الكرام الذين قطعوا تسويف القول بسيف الفعل وسبقوا المجامع إلى عمل خيري يحمدون عليه ويخلد ذكره في التاريخ وما أعلنت هذه الجمعية عن عزمها حتى رتبت قانون الدراسة وعرضته على الحضرة الخديوية الجليلة الفخيمة فلشغف أفندينا المعظم بالمعارف وحبه

لتقدمها في بلاده قابل كلاًّ من السيد محمد راتب باشا وحضرة يوسف بك صديق بالقبول وأثنى على سعيهما ولم يمض أسبوعان حتى استحضروا الأدوات والمعدات واحتفلوا لافتتاح المدرسة يوم الأحد 13 جمادى الثانية سنة 1310 الموافق 24 كيهك سنة 1609 وغرة يناير افتتاح سنة 1893 فحضر هذا الاحتفال فريق من أفاضل العلماء وجملة من الذوات الفخام وجمهور من النبهاء والأعيان وكانت الموسيقى العسكرية تقابل كل إنسان بالسلام وفي منتصف الساعة الحادية عشرة قام الخطيب المصقع والبليغ المتفنن أحد رجال المنابر الخطابية بل هو من رجال الصف الأول في أئمة منابر الأدب حضرة الفاضل إسماعيل بك عاصم خطيب الجمعة الرسمي فحمد الله تعالى وصلى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم وثلث بالثناء على الحضرة الخديوية الفخيمة ثم أخذ يذكر المدرسة وما يكون فيها من العلوم والصنائع وما لأعضاء الجمعية ورئيسها من العناية بها ثم أثنى على من حضر الاحتفال وأخذ يبين فوائد العلوم وانتشارها ووجوب مساعدة الأمة للحكومة بمدارسها الخيرية ثم اختتم الخطبة بالدعاء لمولانا أمير المؤمنين المؤيد بعناية الله وأميرنا المعظم الملحوظ بعين الرعاية الصمدانية فوقعت خطبته موقع الاستحسان عند كل من حضر وأثنى عليه الجمع بما هو أهله وقد علمنا أن هذه المدرسة إسلامية محضة أي أنها تعلم القرآن الشريف والتوحيد والفقه وتاريخ العرب خصوصاً والمسلمين عموماً مع تعليم العلوم الرياضية ولغتين أجنبيتين وقد نظر منشئوها إلى مدارس الأمريكان والفرير واليسوعيين فوجدوها تعلم دينها المسيحي لكل داخل فيها ولو مسلماً أو يهودياً فقرروا تعليم الديانة الإسلامية لكل داخل في مدرستهم ولو مسيحياً أو إسرائيلياً للمقابلة بين

المدارس وهذه الطريقة لم تسلكها مدرسة عامة قبلها وستكون هذه الطريقة الجليلة وسيلة لإقبال المسلمين على هذه المدرسة وحشد أبنائهم فيها لتعليهم العقائد التوحيدية واللغة الشريفة العربية وقد ختم هذا المحفل حضرة الشهم الماجد محمد بك مختار ((بندائه ثلاثاً أفندمزجوق يشا)) والناس قيام تعظيماً لاسم أميرهم الأفخم والموسيقى تجبيه بمثل ما يقول والقوم بين داع ومصفق نجع الله تعالى أعمال هذه الجمعية ورزقها الثبات ووسع نطاقها ووفق الله تعالى جموع المسلمين لفتح مدرسة في كل مركز وبندر على نفقتهم فإن انتظارهم تربية أبنائهم على نفقة المعارف يرجع بهم إلى الجهالة العمياء خصوصاً ما يختص بالدين واللغة وعسى أن يتنبه ضعفاء العقول ممن يبعثون أولادهم إلى مدارس الأجانب لتعلم غير دينهم بعلة تعلم اللغات الأجنبية أو فقرهم فلا يعودون لهذا التهاون القبيح وكفانا من مرقوا من دين آبائهم ودانوا بغيره على يد المعلمين الأجانب فإنك إذا سألت الآباء عن علة إرسالهم الأبناء إلى تلك المدارس قالوا الحكومة أقفلت مدارسها في وجوهنا والفقر لا يساعدنا على فتح مدارس لأبنائنا. فها هي الأمة تنبهت وعقدت عزمها على تكثير المدارس وهذه باكورتها وسيرون تتابع الافتتاح واحدة بعد واحدة حتى توجد المدارس الكافية فارغون من العلوم علمنا أنهم ليسوا منا وأن تسموا بأسمائنا وتظاهروا بشعائر ديننا وإلا فأي دين عند رجل يعلم أن ابنه يلقن غير دينه ثم يرضى بذلك إلا إذا كان على ذلك الدين أو لا يدين بدين رأساً نسأل الله تعالى السلامة فالأمل من بقية المحافل المصرية التي تزيد عن عشرين وعندها أكثر

منتمى الحرية

من خمسمائة جنيه زائدة عن حاجتها أن تجاري هذا المحفل في فتح مدارس وطنية إظهاراً لخدمة الوطن لنسعى لصالح الوطن وبث العلوم في أبنائنا ونرجو أن يثنى عليها مستقبلهم الثناء الحسن الجميل. منتمى الحرية إن حرية الأفكار الموجودة بمصر لا توجد بمملكة أخرى مهما ارتقت مدنيتها فإنك لو مشيت في شارع من شوارع أوروبا وقلت لا إله إلا الله محمد رسول الله لتناولتك الأيدي لكما وضرباً وضعفاً حتى ترجع عن مقالتك أو تموت ولو كتبت رسالة في الدين الإسلامي ونشرتها بين جماعة منهم لجهل ظلام الليل طريقك الذي سرت فيه إلى الآخرة ولكنك في مصر ترى أصحاب الأديان ممتعين بأديانهم والتظاهر بعوائدهم الدينية في أعيادهم وأمام موتاهم ولقد وصلت حرية البورتستانت وغيرهم إلى توزيع الأوراق الدينية على المسلمين في الطرقات والدكاكين ثم انتهت بتوزيع إحدى المبشرات أوراقاً على المجاورين في الجامع الأزهر من غير أن تعارض أو ترى ما يسوء هافان عدَّت أوروبا ذلك تسامحاً وتساهلاً من الحكومة ولطفاً وحسن معاشرة من الأمة فما لها إذا ذكرنا بيننا في بلادنا ترمينا بالتعصب أفلا نتمتع بالحرية التي تمتعت بها فإن كانت أعطيتها منا ساونياها فيما أبحناه وإن كانت جاءت بها من بلادها أخذناها عنها بطريق التقليد والمشابهة وما على علمائنا لو كتبوا كلمات في أصل العقيدة وطبعوها في أوراق صغيرة ووزعوها في المدن والقرى لانتفاع المسلمين بها مجاراة لعلماء البروتستانت والجزويت فيحسن التقاعد بعد ذلك لا والله أن المتقاعد بعد جد القوم لمن الغافلين. شكر عناية نتقدَّم بين يدي حكومتنا المصرية بشكر دائم وثناء يليق بمقامها العالي على

فرصة الأوقات

ما أبدته من العناية بجريدتنا الأستاذ تفضلت بقبول اشتراكها فيها فجاءنا تذكرتنا من حضرة الصادق في خدمته القائم بواجبات وظيفته البارون مالورتي مدير المطبوعات الأولى باشتراك الداخلية الجليلة والثانية باشتراك المالية العامرة وللحكومة الفضل في هذا الالتفات فإن شد عضد الجرائد بمثل هذه العناية مما يدعوها للجد في خدمة الأمة واستمرار السير فيما هي فيه وهذه الخدمة لذات الحكومة في الواقع فلتنفضل بقبول الشكر والثناء كما نشكر همة حضرة مدير قلم المطبوعات على خدمته الجرائد المنوطة به تنشيطاً وتوسيعاً لدائرة الآداب. فرصة الأوقات يسرنا أن نرى كثيراً من الوطنيين مقبلين على الاشتراك في هذه الجريدة الإسلامية التي ظهرت خدمة الأمة والدين ولنا الأمل في إخواننا الوطنيين أن يمدوا يد المساعدة إليها بكثرة الاشتراك حتى بصدرها محررها الفاضل أسبوعية فإنها أخت الآداب والأستاذ بجامعة الدين والمشرب والجنس واللغة والوطن والدولة. نثني على سعادة مدير الفيوم ووكيله الهمامين العظيمين وعلى حضرة الفاضل مغتش الدائرة لما لاقاه وكيلنا الطواف من عنايتهم به كما نثني على حضرات مشتركي الفيوم الذين بادروا بدفع قيم الاشتراك فقد جاءتنا رسائل وكيلنا تترى بالثناء عليهم وعلى هممهم العالية فنرجو له من بني سويف والمنيا وأسيوطنا ناله في الفيوم فإن في كل مديرية غيورين على خدمة الوطن وأهله. إجابة طلب تقرر وضع 1200 جنيه بميزانية الأوقاف لتتميم مسجد قوصون واستعماله له فنثنى على رجال الأوقاف عموماً وباش مهندسه الفاضل خصوصاً وفقيهم الله لكل عمل خيري.

العدد 21

العدد 21 - بتاريخ: 10 - 1 - 1893 عيد الجلوس الخديوي هو اليوم الذي نصبت فيه السعادة أعلامها على ديارنا المصرية وطلعت فيه شمس الصلاح والإصلاح بارتقاء أميرنا الفخم وخديونا الأعظم عباس باشا الثاني كرسي الحكومة السنية التي أسَّسها جده الأعلى فكان سابع أمير شرفت مصر بالانتماء إليه والخضوع لحكومته المؤيدة بالعناية الربانية، وقد وافق يوم الأحد الماضي فازدحم الأمراء والعلماء والذوات والوجهاء والقناصل وأعيان الأوروبيين ورجال الحكومة السنية بباب السراي العامرة يهنئونه بل يهنئون أنفسهم بيوم عزهم وسعادتهم راجين تداوله بتداول الأيام طالعة فيه أنوار الحضرة العباسية الجليلة ونحن مع الراجين والداعين نسأله تعالى أن يحفظ هذه الذات الكريمة وأن يوالي علينا الأعياد ببقاء بهجتها وأنوار طلعتها. وقد أرخ هذا العيد مع عيد الميلاد الجميل حضرة الفاضل الكامل العالم العامل خادم هذا البيت الكريم بمدائحه التي ترسم على جبهة الدهر حلية له لما فيها من

البدائع والرقائق وما امتازت به من تخصيصها بأكرم بيت وأعلى مقام الأستاذ الشيخ علي الليثي فقال حفظه الله تعالى. ترويح النفوس بتهنئة عيد الجلوس خل الملام فقلبي ليس بالسالي ... يا عاذلاً لجّ في لومي لتضلالي دعني ووجدي وما ألقاه من وصب ... أبيتُ أرعى الدياجي بائس الحال ظننت لومك يثني قلب ذي شجن ... هيهات لومك لم يخطر على بالي أنا الوفيُّ وقلبي ليس يشغلهُ ... عما عليه انطوى تنميق عذال أرح فؤادك واحذر ما أكابدهُ ... أما نظرت إلى سقمي وإعلالي دمع يسيل وقلب ذاب من كمد ... وفكرةٌ شتتها لوعة البال عدتك حالي لا ذقت الهوى أبداً ... ولا رمتك اللواحي فيه بالقال ماذا يفيدك إن كان السلو وما ... عليك أن جاد لي بالوصل ذو الخال أصبحت تطلب أمراً لست تدركه ... سلوا مثلي أَيسلى المورد الحالي ذق وابتهج في الهوى نهجي وعزَّوهن ... ثم احتكم أن تذاق مقدار مثقال يا ويح نفسي فؤادي صار منقسما ... بين الملولِ وبين اللائم القالي امسى وأُصبح والأشجان تنقلني ... على غرامي من حال إلى حال كأنني كرة والوجد يلعب بي ... لا أستقر على حال لتجوال قد قال لي القلب كم حملتني نصبا ... من الغرام وقد ضاعفت أثقالي هلا التفت وألزمت اليراع بما ... يخف عني به وجدي وبلبالي فقلت يا قلب صادفت المراد فذا ... عيد الجلوس الخديوي المفرد العالي عباس مصر الذي ضاءت بغرته ... أرجاؤُها وغدت روضاً لحُلاَّل

صفو النفوس بتشريف الجلوس يدا ... كالبدر يعطى ائتناساً عند إهلال فادخل بنا في تهانيه بموسمه ... وإن تعاظم فاسلك نهج إجمال فليس تدرك بالتفصيل رونقه ... من عَدَّ للغيث قطرا عند تهظال هذي المواكب للتبريك في جذل ... تسعى إليه لتشريف وإفضال قد شاهدت في سرير الملك ذا شمم ... طلق المحيا وسيماً خير مفضال يا بهجة القطر إذ عيد الجلوس به ... في اثر ميلاده وَافى كمختال كأنه الزَّهرُ حيَّاهُ الحيا فغدا ... حَلياً على روضة غَناَء مِحلال يا قربَ ما بين عيدين ازدهى بهما ... صفو الزمان مباحاً بين أجيال شكراً لأول عيد جاَء مبتسماً ... عن بشر عباسنا الثاني سنا الآل هذا الأبيُّ الذي أمضت عزائمهُ ... ما أدهش اللب من قول وأفعال زند الشبيبة يوري رأي مكتهل ... منه ويهدي لرشد عند تسآل فيه لرائيه إيناسٌ ومرحمة ... وكم لراجيه منه فوز آمال حُلوُ الخليفة بسام لزائره ... مهذب الطبع مرقوق بإجلال ماض إلى العدل لا يثنيه ذو غرض ... وليس يحلو لديه قول محتال يولي الجميل نزيلاً حل ساحته ... من يرغب النهل يقصد خير منهال كم من إياد له ضاء الزمان بها ... من بعضها العفو عن جانٍ ومغتال وإن تخلق يوماً باسمه وجمت ... له الأسود وخافته بإذلال لا يُرهِبُ الدهرُ منه إن عدا خلدا ... حلم كرضوى وقلبٌ فوق رئبال مستحصف الرأي مرهوب الشّبايقظ ... صينت مباديه عن جور وإخلال مولاي يا من به الآمال واثقة ... ومن به الحال باهى عصرنا الخالي

إن عاق عيني عن نود الشهود عنىً ... أَلمَّ بي فلساني للثنا تالي يهدي الدعاء ويسدي من محامدكم ... وشيا من الحسن لم ينسج بمنوال سررت قومك والبيت الكريم وقد ... بررت في خير أفعال وأقوال والدهر لما علاه البشر أرخنا ... صار الجلوس الخديوي عيد إقبالي سنة 1310 ... 291 130 661 84 144 قصيدة محمود أفندي حسين يهنئُ بها الخديوي وردت لنا قصيدة غراء من نظم الفاضل الماهر محمود أفندي حسين معاون محافظة مصر يهنئُ بها الجناب الخديوي الأفخم بعيد ميلاده السعيد قال منها: بشرى بميلاد عباس السرور لنا ... وافى يهنئ في إسعاده الوطنا فمن محيّاه كل النور مكتسبٌ ... والبدر يشهد حقاً بالضياء لنا فلتفتخر دولة العرفان أن به ... دام الهناء لنا طول المدى زمنا رفعت عباس قدر القطر فابتهجت ... بك الرعية شأناً يستضيء سنا وأصبحت مصر دار العز معجبة ... تختال في حلل العليا بثوب غنى يا حسن طالعها قد ساسها ملك ... بعدلهِ لارتقاها مهّد السُّنا عباس اكسبها عزّاً تتيه به ... ومنظراً وجمالاً كاملاً حسنا له المكارم من جدواهُ واردةٌ ... والجود راحتهُ في ملكه علنا كم حتّمت منن المولى الخديو على ... كل الرعايا له شكرا وحسن ثنا لذاك ترمق بالإجلال ظلكم ال ... عالي وتختال بالإسعاد أعيينا عباس دم لبلادٍ أنت مالكها ... ممتعاً بالهنا يا رب نعمتنا واهنأ وعش بدر تم في العلا وسُد ... بالنصر والفوز مولى الفضل والمننا

رسالة من الشيخ علي سالم

إنا نبشرُ بالميلاد أنفسنا ... لأنَّ نورك في قلب الورى سكنا طوبى لنا السن الأكوان قد نقطت ... من وقت نشأتك الإسعاد حل بنا وبهجة القطر قد نادت مؤَرخةً ... بشرى بميلاد عباس السرور لنا سنة 1310 512 87 133 497 81 قصيدة حسن محمد الفاكهاني وللفاضل السيد حسن محمد الفاكهاني مؤرخاً لعيد الجلوس الخديوي المعظم عيد الجلوس حَلَت بالإنس طلعته ... والشر وافى بفرح تلك عادته عيد به افتخرت مصر ببهجتها ... على البلاد وقد عمت فضيلته عيد التهاني به شمس الصفا ظهرت ... في الكون حتى زهت بالفضل ساحته عيد به طلع البدر المنير على ... أرجاء مصر بخير تلك حالته عيد به ابتهجت أوقاتنا وسمت ... أحسن به جاءنا والسعد غرته عيد بدا بشره الوضاح مبتسماً ... واليمن طالعه والنصر رايته عيد به دامت الأفراح وانتشرت ... في مصر فهو إلى الأفراح نسبته عيد به قد رقى العباس منصبه ... وزانه فهو رب المجد نبعته عيد يدوم أدام الله دولته ... في العز دامت معاليه وسلطته عيد لسان الهنا والشكر أرخه ... عيد الجلوس حلت بالإنس طلعته سنة 1310 ... 84 130 438 144 514 رسالة من الشيخ علي سالم وردت لنا هذه الرسالة من طنطا بقلم الفاضل الشيخ علي سالم قال أيده الله بعد العنوان. دعتني الضرورة وصاحبيَّ حضرة الفاضلين الشيخ مجاهد بركات والشيخ

عبد الوهاب النجار إلى مركز السنطة فلما جن علينا الليل عثرنا ببعض أصحابنا هناك وكنا على شوق منه فجلسنا نتحدث معه وجرَّ بنا الحديثُ عن قريب إلى ذكر الأستاذ فأثنى كل منا على قدر طاقته من حيث أنه هدى الناس وعطل الكاس فقال صاحبنا أنه لمَّا شدد على المساكر خصوصاً في البنادر تاب أكثر الناس غير أنه يوجد في طنطا نحو الخمسة وفي السنطة نحو العشرة سموا أنفسهم العصاة وعقدوا الحانه في قرية السنطة وتحالفوا على رفض النصائح وارتكاب القبائح وسيتلُو كبيرهم خطبة تلك الليلة في الخمارة ستحضر عليها نهاراً فهل لكم أن تسمعوا فقلنا له حيث أخبرتنا بهذا الشأن فعليك أن تظهر لنا الحقيقة حتى لا يخفى علينا من أمرهم شيء، ثم تنكرنا وذهبنا معه إلى الخمارة وجلسنا من حيث لا يبصرون ولا يشعرون وأخذ كل واحد منا يكتب ما يصدر منهم. . . بعد أن اجتمعوا ابتدأ رئيسهم يقول: (صورة أمر واطي). نحن العصاة المجتمعين في الخمارة المختلطة من سكارى طنطا والسنطة المنعقدة تحت رئاسة إبليس نكلف خطيبنا أن يلقي على مسامعنا خطبة في هذه الجلسة تشعر عن فضل الخمر. (في الحان قام خطيب السوء من دونهم ينج) 96 90 141 621 97 90 105 70 سنة 1310 ابتدئ خطبتي الخمرية وخطيئتي السكرية باسم الشيطان العجوز اللعين الكنذوز. الذي حبب إلينا الكأس وكره إلينا الكوز نحمده على العصيان ونشكره على الخسران ونشهد أن بنت العنب ألذ من بنات العرب

تروح النفوس. وتضحك العبوس. وتبيج الحرم. وتعين على الكرم. تروق الدم وتريق. وتهوّن الكرب وتوسع المضيق. لها الأسماءُ العظمى. وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. للجسم غذاءٌ لطيف. وللعقل شيطانٌ ظريف. تكثر الدم. وتمحو الهم. . إخواننا السفهاء. الذي تعست بكم تلك الصهباء؟ ها هنا يبين القفا؟ ويطفح كأس الصفا. فتمسكوا بقول أبي مغازل. لا تسمعوا في الخمر لعاذل إذا كانت الهموم في الدنيا أكثر من الأفراح. فلم لا نتناول الأقداح. لتزول عنا الأتراح وقال عمنا نخخيها. جلسة في حانٍ خير من المساجد وما فيها. واعلموا أنه آخاكم الشيطان بنفسه. وفضلكم على أبناء جنسه. أن عدو الخمر لا يسمع له قول. ولو أتى بجميع الهول. (لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا منا يعانيها) ولو عرفوا ما الخمر لسابقونا. ولو ذاقوا طعمها ما عنفونا. نحن الذين ألفنا في المدام المغارم. ولا نخشى فيه لومة لائم. لأننا في محبته صدقنا. وعلى إتلاف مهجنا في رضاه اتفقنا. وهكذا المحب لا بد أن يكون صادقاً. وعلى رأي حبيبه موافقاً فكم تقطعت منا أمعاء. وفرحت فينا أعداء. ونحن لا نتحول عن حصان المحبة. ولا نترحل عن حار الضحية. فليتعلم منا المدعي. وليبك صادقاً فيما يدعى. علمنا ما لهج به المحدثون. أن الانعكاف على الشراب يحدث الجنون. وإن من سكر هذى. ومن هذى افترى. ومن افترى كفر. فما أحلى هذا الخبر. وتلك الفضائل. التي لا تعادل جميع الرذائل. وقد سمعنا في علم الركَّه. في صفة الدربكَّه عن الحُريَا والبُرْيَا. لو كان الناس كلهم عقلاء لخربت الدنيا. إذا كان الجنون من الأمور اللاَّبدِّية. التي عليها عمار الكرة الأرضية. فلأي شيءٍ يجهلون

تلك القضية. إذ لم يكن الجنون أمراً مهماً يا إخوان. فلأي شيءٍ خلق البيمارستان. فلا شك أن علينا مدار عمار الكون. وبين العمار والخراب بون. يقولون السكارى أحوالهم خطيرة. وأعمارهم قصيرة. يشيبون في أبَّان الشبان. من شرب الهباب. ولعلهم لم يعلموا أن المشيب وقار. يكتسب من أشعة العقار. فنحن على الدوام. نحن إليها. ومن يرجع الدنيا يبكي عليها. قالوا جننت بمن تهوى فقلت لهم ... ما لذة العيش إلا للجانين وقال جدنا أبو نواس في تعاطي الكأس. ألا فاسقني خمراً وقل لي هي الخمر ... ولا تسقني سراً إذا أمكن الجهر وقالت جدتنا حبطرش في شرح حبرشني يا حبرش المحب أعمى وأطرش فنحن لا يؤثر فينا الكلام ولو رمينا منه بسهام الملام. ومن العجب أن الأُستاذ العظيم السيد عبد الله أفندي نديم لما حرر الجريدة نزل علينا بالجريدة ولما كان أغلبنا وأكثرنا يشربها تقليداً أثرت فيها المواعظ فاتخذوا التوبة أمراً جديداً وخافوا تواتر الزواجر لأنهم لم يكونوا من العصاة الفواجر وأما نحن معشر العصاة فما تركناها تائبين بل لقلة وجود إخواننا السكيرين فلذلك رفضنا حالة طنطا واتخذنا غيرها بالسنطة لكثرة من عصي ولم تؤَثر فيه العصابل ربما ازداد حرصاً على حرصه الحريص على حد كثرة الضرب تعلم الحمير التقميص وعلى رأي سيدنا مجر العين لما تقحقح تبقى حجر يقولون إذا قام أحدكم يوم القيامة من نفقه كان الكأس معلقاً في عنقه ولو علموا أن جل إرادتنا ومعظم بغيتنا أن لا تنقطع عنا الكاس طرفة عين ولو بعد الحين لأنصفونا في هذه العبارة وغسلونا بماء الخمر ودفنونا في الخمارة ثم جلس هذا القبيح لكي يستريح.

وها هنا عجيبة وهو أنه حال قعوده مد عينيه فرأى نسخة من جريدة الأستاذ من فوق طربيزه على بعد منه فقال ما هذا فقيل نسخة من الأستاذ فعند ذلك قام وقعد وقال هذا وقت انتهاز فرصة أو غضة ويلزمه سبعمائة طلاق لا يتمم الخطبة ولا يجلس معهم أو يمزق الكتاب فعند ذلك أخفوه ومن الخمر أسقوه وبعد أن مزَّ بلحم خنزير اشتهى لحم الحمير ثم قام بع أن استراح وقال مثل مقالته الأولى. ثم قعدو قام وقل. شراً من ذلك المقال. وفي آخره زمجر ونفر. وارتد وكفر. واستحل ما حرمه رب العالمين. وقبح تاركها من المسلمين. وإخوانه يحمدونه. ويثنون عليه ويحبذونه. ونحن نكتب مقال هذا الجرف. حرفاً بحرف. بعد حذف ما لا يليق نشره. مما عدم لبه وقشره. وقد عرضنا هذه المقالة. على الأستاذ المقبح لكل ضلاله. لنرى رأيه في هؤلاء العصاة. بما يهديه إليه الله. (الأستاذ) هؤلاء شهدوا على أنفسهم أنهم مجانين وإنما يوجه الوعظ والنصح إلى العقلاء الذين غلبت عليهم الشقوة ليرجعوا عما هم فيه من الميل مع الشهوات إلى محاسن الأخلاق وجميل الصفات المرضية عند الله تعالى وعند عباده ومع ذلك فإننا نرجو أن يكون كلام الأستاذ علاجاً فعالاً فيهم يؤثر وقتاً بعد وقت حتى يذهب الداء جملة فإن تعاصي المرض عن العلاج يستدعي وقتاً تتنوع فيه الأدواء ويلاطف فيه المريض وهؤلاء شبوا على شرب الخمر وربما جاؤا من ماء خمري في ليلة لم يدر فيها والدهم أن كان مع أمهم أم مع الشيطان الرجيم وإن أعضل المرض

رسالة مغربية

ولم ينجع الدواء فإنهم ببعدهم عن طنطا إلى قرية السنطة أمن الناس العدْوَى واستراحوا من عربدة من لا يعقلون. رسالة مغربية وردت لنا هذه الرسالة من مصدر من المصادر العالمية في الغرب وحتم علينا كاتبها أفضل الفضلاء وابن العمومة أن ننشرها بنصها وكنت أود أن لو نشرت السؤال وحده ولكن امتثالاً لأمره ننشرها ببعض اختصار قال حفظ الله تعالى طلعته وأيد كلمته. الحمد لله الذي أبدع العالم الإنساني بتخصيص إرادته وباهر قدرته. وأبرزه من العدم إلى الوجود ليظهر عليه سوابغ نعمه ومواهب فضله ومنته. وأخرجه من ظلمة الجهل بنور المعرفة وأنطق لسانه بجواهر علومه وفرائد حكمته. والحمد لله الذي بعث فينا حبيبه سيدنا ومولانا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وشرف وكرم وجعله من أنفُسنا وأنفَسنا وشرفنا ببعثته. وجبل القلوب على محبته وخالص مودته. وعلى آله وأصحابه وأتباعه القائمين على طريقته المحافظين على سنته. ولا زالت ملته السمحا. وطريقته العليا لا تمحى. تتدوال في أمته جيلاً بعد جيل. وعلى رأس كل مائة يأتي من يجدد السبيل ويلم الشعث بدليل إذ جاءنا الأستاذ يعدو للإنجاد بالجد والاجتهاد في مصالح العباد (هكذا ظنه الحسن وإلا فأن الأستاذ يصغر عن القيام بما هو من خصائص الأئمة والأعلام) بعد ما كاد الحق يغيب والباطل في ازدياد فجزاه الله عن الأمة خيراً وبارك في عمره وعمله حتى يرى موارده قد وردت ونجعت ونفعت. تذكر

يا ابن البتول. ما قال الرسول. ولأن يهدي الله بك (بقية الحديث. رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) يا غزاليَّ الأحياء أحيينا ويا طبيب العباد والبلاد داويتنا أشهد لله لقد أجدت ونصحت وأرشدت وأفدت وبينت ومثلت وخصصت وعممت وأشرت وألمحت شكر الله سعيكم بعد شكره وتقبل عملكم بفضله ومنّه صلى الله عليه تعالى على سيدنا محمد المختار وآله وصحبه الأخيار ثم السلام عليكم الطيب المبارك من قليل البضاعة إلى ساحل البلاغة شكراً لأنعمه وكثيراً ما كنت أردد قول القائل: ليت شعري عواقب الأمر ماذا ... وإلى ما بنا مآل يؤُل والآن تآنست واستبشرت وعوضعت عن ترداده بقول قائله أيضاً ومع العسر أن تتابع يسر ... وصروف الزمان حال يحول ثم ذكر بعد ذلك أشياء يطلب آمره بالتحرير بيانها والحياءُ يمنع من الجواب عنها إلا تحريراً خاصاً وأردف ذلك الطلب بقوله. ونبدي مقالة أخرى وهي أرزن من الأولى أن بعض الناس هنا يحرمون قراءة الجرائد المحشوة بالوقائع وجعلوها من باب النميمة واستدلوا على التحرير بقوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم هل يصوف ذلك عليها لما فيها من فضائح وقبائح وإن كانت لا تخلو من فوائد مثمرة مرغوب فيها فنرجوكم الجواب الشافي في هذا الطلب بما هو الحق وهل بقي خيرها بشرها أم لا فالكل في انتظار جواب الأستاذ ودمتم مأجورين الأستاذ الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله

وصحبه. سألت أيها الأخ عن أمر وقف فيه قليل من الناس ممن لا خبرة لهم بما طرأ من المبدع المستحسنة فتحفظوا من المباح ووقعوا في المحرم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. الجرائد تعتريها الأحكام فإنها إن طعنت في الدين أو قاست وقائع الأنبياء من المعجزات على الحوادث الجوية أو أنكرت الآله في ضمن مقالاتها أو نادت الأمة الإسلامية للانقياد لغير سلطانها وأمرائها أو غشت القراء بمقالات مزينة بالألفاظ وتحتها خداع ونفاق أو ما ينقاس على هذا من كل ما من شأنه أن يطعن في الدين أو يوهن الملك فمطالعتها رام وشراؤُها حرام ولا يجوز لمسلم أن يتناولها اللهم إلا لمحرري الجرائد فلهم الاطلاع عليها للرد على منشئيها والدفاع عن دينهم وملكهم بما يحفظ أفكار الأمة من الزيغ بالأضاليل والمغتريات ويحول بينها وبين الفتن التي تدعوها إليها بزخرف القول وتحسين القبول. وإن نشرت أضاحيك ومدائح لا طائل تحتها كره تناولها. وإن نشرت وقائع الأحوال اليومية التي لا تتعلق بدين ولا تضر بملك كانت مباحة. وإن كانت جريدة سياسية تدافع عن الدولة أو ضدها أو علمية تعلم الناس الدين وتهذيب الأخلاق وتبين طرق الإصلاح المالي والإداري والزراعي والصناعي وترشد الناس إلى محاسن الأخلاق وتحذر من المخالفات الملكية والمنهيات الشرعية فهاتان يجب تناولهما ومطالعتهما والاعتناء بهما. وإن كانت جريدة علمية تاريخية أو طبية مجردة عن الشبه والمطاعن الدينية أو هندسية أو شعرية لا تتعرض للأهاجي فهذه يستحب قراءتها وتناولها. وبهذا يعلم أن الجرائد تعتريها الأحكام بحسب مواضيعها ومشارب

محرريها. ومن يقول أن جريدة تقول صدر أمر السلطان بكذا وينهي أمير المؤمنين عن كذا واستعدت الدولة لحرب كذا وعلى الأمة أن تفعل كذا وتكف عن كذا تكون من لهو الحديث وهي تبلغ الأوامر السلطانية التي يجب على الأمة الوقوف عليها وعندها لئلا يجهلها الأفراد فيكون متهم ما لا يحمد ومن يحكم على جريدة تقول للأمة من حوافظ ملككم كيت وكيت ومن لوازم دينكم كذا وكذا من حقوق وطنكم كذا وكذا ومن ضروريات صيانة الدين والملك كذا وكذا ويلزمنا الجد في طريق كذا الإصلاحي أنها من لهو الحديث وهي قائمة مقام أئمة سائحين في البلاد يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فمحرم مثل هذه الجريدة واقع في الحرمة من حيث لا يشعر بالجملة فإن الجرائد المكفرة والمضللة والطاعنة في الدين والمفسدة للأخلاق بأباطلها وأكاذيبها والمحركة للفتن بخداعها ونفاقها والطاعنة في سلطان المسلمين أو الجناب الخديوي أو مولاي السلطان حسن أو شريف مكة المكرمة أو شاه إيران أو غيره من ملوك وأمراء المسلمين يحرم الاشتراك فيها ومطالعتها وياثم المعين لها والمادح لما فيها وربما كان أثمها أكبر من أثم الخمر والزنا لما يترتب على قلبها صور الحقائق من وقوع الأمة في إشراك الغير ويترتب على وقوعها ضياع الدين بتغييرات المتغلب عليها فإن كان المحرمون عندكم نفعنا الله تعالى بهم قصدوا ما قصدنا بهذا البيان فقد اجتهدوا وأصابوا وإن أطلقوا فقد سموا في قطع طريق من طرق الإفادة العلمية وسدوا باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يخفاهم ما يترتب على قاطع طريق نشر الدين والعلم من الآثام إنما قلنا أن الجريدة

التي تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر يجب تناولها وقرأتها لأنها تصدر بأمر السلطان أو نائبه والسلطان إذا أمر بالمباح صار واجباً ولا يرد علينا تعرض بعض الجرائد المفتوحة بأمر السلطان للمطاعن والهجو المحرم والسعي في طرق الإفساد فإن ذلك عرض عليها فهو مخالفة وعصيان يزيدها تحريماً لخروجها عن السلطان بمخالفة أمره والله تعالى يوفقنا جميعاً لما فيه رضاه بفضله جلت قدرته. ورد لنا من سلالة الطيبين الطاهرين فخر بني هاشم الفاضل الكامل حضرة ذي السعادة محمد شكري بك الحسيني محاسجي نظارة المعارف العمومية بالآستانة العلية رسالة كلها رقائق قال في صدرها بعد العنوان. رأيت من نفثات أقلامكم ما قام لديَّ مقام شاهد عدل على رسوخ قدمكم في الفضل وبلوغكم السبق في ميدان المعارف وفقكم الله تعالى بما قدمتهم عليه من الخدمة العامة وتولى من مكافأتكم ما هو خير من شكر الخلق لكم. كنت رغبت في الحصول على أستاذ الأستاذ فأوعزت إلى فلان بطلبه فجاءني وأنا بمطالعته فرح مسرور الخ. وهذا الفاضل نجل المرحوم موسى باشا الحسيني القدسي وصهر صاحب الدولة والأبهة كامل باشا الصدر الأعظم السابق فهو شمس فضل من سماء سيادة إذ البيت الحسيني من أعلى بيوت القدس الشريف وآله من أوجه وجهائه ولهم في رحلتنا الشامية مكان فسيح. ورد لنا هذا الخطاب مشعراً بإحساس كثير من المصريين بما للنشأة

استلفات أنظار

العرفانية من الفوائد وحيث كان الخطاب لسان جمع عظيم من أفاضل المصريين ونبائهم نشرناه سروراً بما في هممهم من الحياة الوطنية ونصه. إن ما سطرتموه بيراع الحكمة في إعداد الأستاذ من عهد نشأته إلى الآن من النصح والإرشاد والآخذ بناصر الأمة فيما يبلغ بها أوج المجد والسعادة لحري بالإكرام وجدير بالإعظام. ولو قام المصريون بإفرادهم يؤدون لك خالص الشكر على هذه الخدمة الجليلة لما وفوك بشيء مما يجب عليهم ويعلم الله أننا ما طالعنا الأستاذ مرة وسبرنا غور هاتيك الدرر إلا وسكرنا بخمر معانيها وتنبهت عروق إحساساتنا الوطنية التي لم نكن نشعر بها من قبل فكأنَّ رحمة الله قد أوجدتك فينا لصلاح قلوبنا وإحيائها بعد أن كادت تموت أو قد ماتت وقد بعثنا داعي الوطنية وحب السعي والوصول إلى ما تجشمت لأجله المصاعب حباً بخير وطنك وإخوانك المصريين إلى إعلان شكر صادر من صميم الفؤاد ومشفوع برجاء المثابرة على حمل هذا العبء الثقيل تنبيهاً للأفكار وحثاً للناس على ما فيه خيرهم وصلاح أمرهم ولكم من الله على هذه الخدمة الكبرى والنعمة العظمى خير الجزاء فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. استلفات أنظار رأينا في جريدة المقتطف الغراء سؤالاً وجواباً ننقلهما عنها بالحرف راجعين بالسؤال إلى محرريها الفاضلين عما خطر بالذهن محافظة على العلاقة الودية لا ميلاً للاعتراض والمناظرة فإن ارتفاع مقام الموضوع يحول بين

المتناظرين وبين ما يميلون إليه. قالت الفيوم. اسكندر أفندي صعب ما هو سد الاسكندر الذي يضرب به المثل جوابها: يقال انه سد بناه الاسكندر المكدوني ليقي سكان بين الجبلين من أبناء بأجوج ومأجوج وجعله مائة فرسخ طولاً في خمسين عرضاً وجعل حشوه الصخر وطبقه بالنحاس المذاب. وذلك كله من الأقوال التي لا دليل على سحتها اهـ ونحن مع احترام مقام الفاضلين وبُعد الظن عن السوء فيهما نقول أن قصة السد ويأجوج ومأجوج ذكرها القرآن العزيز وهو شائع ذائع معلوم لهما وهو وإن لم يكن صحيحاً في معتقدهما لكونهما نصرانيين ولكن أدب الكتابة وحفظ علائق المحبة يقضي بالبعد عن الطعن الديني في جريدة تنشر بين المسلمين وفي بلادهم والقرآن لم يتعرض لتعيين جهته ومساحته واسم واضعه بل عبر عنه بذي القرنين فلا يقال أن السائحين وصلوا الجهة التي أخبر القرآن عن وجود السد بها ولم يروا شيئاً. فإن كان إنكارهما لما يذكره المؤرخون من جهته ومساحته فلا شيء عليهما وإن كان فيه تعرض لعلماء المسلمين. وإن كان إنكاراً للقصة من أصلها كما هو نص عبارتهما فهذا الذي نتألم منه لتكذيبهما كتاباً نعتقد أنه سماويٌ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ونكذب كل مخبر بخبر يخالف ما جاء به إذ لا حجة لهما الأقوال القبودان فلان والسائح الجغرافي فلان وهذا قول يحتمل الصدق والكذب بل هو إلى الكذب أقرب لكونه صادراً ممن يصادر القرآن بالأكاذيب على

أن السائحين والمكتشفين لم يدخلوا جميع الأراضي والجبال الشمالية حتى يقال أنهم ساحوا الدنيا قطعة قطعة فإنهم إلى الآن يكتشفون جهات إفريقية يزعمون أنهم أول من وصل إليها مع رؤيتهم آثار العرب والفتح الإسلامي فيها ولم يفرغوا من جوب افريقية مع سهولة السير فيها عن الجهات الشمالية فكيف نثق بخبر قبودان بجري أو تائه في إقليم أو جبل ونحكم بصحته ونكذب به كتاباً مقدساً عند أكثر من ثلثمائة مليون من الناس على أننا كثيراً ما نراهما إذا سئلا عن أمر ديني قالا في الجواب أن الجواب يمس الأديان ولا يذكرانه تحاشياً مما يحرك القلوب ويوقع النفرة بين أصحاب الأديان وبينهما فهلاَّ أغفلا هذا الجواب على فرض وجود حجة يدفعان بها النص القرآني أو القصة التاريخية إذ ليس في القصة أكثر من شكوى أُمة من إفساد أمة حيل بينهما بسد مضيق بين جبلين ولا يمكن القطع بأن المكتشفين دخلوا مضايق الجبال كلها وعلموا ما فيها على أن السائح المار بمصر مثلاً إنما يمر من إسكندرية إلى أسوان على خط مستقيم ثم يكتب عنها شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً بالسماع أو الظنون فإن جوب كل إقليم سهلاً وجبلاً معموراً وخراباً يستدعي قروناً طويلة لا عمر رجل يسوح عاماً أو عامين أو أكثر فعلى الفاضلين أن يحفظا قلمهما من الدخول في مثل هذا المضيق الذي ربما جر المسلمين للتعرض لكتب غيرهم رضيت الأمم المغايرة أو غضبت وهذا باب لا يفتحه مسلم وإن كان المسيحيون قد فتحوه في أوروبا من عهد بعيد وملأُوا خزائن كتبهم بالرسائل الدينية الطاعنة في الدين الإسلامي بل طالما خطب رنان وأمثاله بسبب الدين الإسلامي ورميه بما هو منه بريءٌ ولكن

تقاريظ

الذي يهون على المسلمين ذلك كون كتبهم وخطبهم بلسان غير العربي والتركي أما وهم يرون الطعن في كتابهم بلسانهم منشوراً بينهم فإنهم لا يرضون ذلك وحجتهم أوضح من النهار ودنيهم معمول به في جميع الأقاليم نعم إن إنكارهما لا يؤثر شيئاً في ديننا ولا يعول عليه مسلم ولا يلتفت إليه إلا بوجه الغضب والنفرة ولكننا نطالبها بأدب الكتاب في مثل هذا المقام ومع محافظتنا على ما لهما من الفضل والنباهة نرجوهما سد هذا الباب حفظاً لما بين المسلمين وبينهما من المعاملة والعلاقات الودية وإنها لنصيحة من محب للأدب وأهله يخشى صدع القلوب بما لا جابر له. تقاريظ سمير الأمير رواية أدبية تاريخية كتبها ونمقها حضرة الفاضل سعيد أفندي البستاني وقد اجتهد في وضعها في قالب لطيف بقلم بديعي مع سهولة العبارة وبتصفح هذا الكتاب الأدبي رأيناه محشوا باللطائف والرقائق يعجب الأدباء نسقه ويسر الظالمين مضمونه. وقد سمعت من بعض الأدباء اعتراضه على المؤلف بأنه سبكه في قالب إنشاء جليل بألفاظ لغوية وكان عليه أن يجعله باللغة الدارجة فأجبناه بأن مثل قصة أبي زيد والزبير سالم وإبراهيم بن حسن وغيرها مما هو من خصائص العامة لا تكتب إلا باللغة الصحيحة العالية ومع ذلك لا يتوقف في فهمها أحد فكيف بكتاب يتضمن واقعة تاريخية يحرره رجل له اقتدار على الإنشاء في زمن قد مليء بالكتاب والمنشئين وبالجملة فإنه كتاب له من اسمه أوفر نصيب وثمنه ثمانية قروش مصرية يباع بمكتب المحروسة

فريق التمثيل العربي

وغيره فنحث أهل الأدب ومحبي المطالعة على شرائه للوقوف على ما فيه من حسن العبارة ولطف الواقعة التاريخية وقد قدمه للحضرة الخديوية الفخيمة فحظى بالقبول. الدليل المفيد في إشغال البريد كتاب وضعته البوسطة المصرية متضمناً أسماء الكتب وكيفية المعاملة مع البوسطة في إرسال المكاتب والصر والطرود وغيرها مما هو من شؤون البوسطة فجاء كتاباً مفيداً دالاً على عناية مديرها المجتهد في تحسين إدارتها وإصلاح شؤونها حتى أفرغ إليها كثير من بوسطات أوروبا لثقة الدول بانتظام إدارتها وسيرها على محور الاستقامة فنثني على سعادة سابا باشا ورجال إدارته القائمين بهذا النظام المجتهدين في تحسين الإدارة بكل ما فيه رضا الأمم مما يزيديهم ثقة بها وقد جعلت ثمنه عشرين مليماً مع كونه 186 صحيفة وما أرخصت ثمنه إلا ليسهل على التاجر وغيره اقتناؤه للعلم بما فيه. فريق التمثيل العربي تمثيل الأحوال والوقائع المسمى بالتياتر فن بديع يقوم في التهذيب وتوسيع أفكار الأمم وأخبارهم عن الوقائع التاريخية والنخيلات الأدبية مقام أستاذ وقف أمام تلامذته يلقنهم العلم بما تألفه نفوسهم وتميل إليه طباعهم وكان ذلك شائعاً ذائعاً بين العرب والمصريين من زمن بعيد فما كانت تحيا ليالي أفراحهم إلا بالممثلين ولكن لتوالي دواعي الجهالة على الأمم الشرقية نظروا إلى أرباب هذا الفن بعين الازدراء واتخذوهم مضحكين في أفراحهم

وعدوا تشخيصهم الأحوال أموراً مضحكة وانصرفوا عن العظة بها والاعتبار بما فيها فكان ابن رابية في مصر يمثل أحوال الحكام وأخذهم الناس للسخرة في الحبال والحديد وقتل الرجل على عشرين فضة وشنق آخر يغضب المدير أو المأمور ونهب المزارع والماشية وإصدار الأحكام بحسب ما يتصور لحاكم الخط فضلاً عن المأمور وفضلاً عن المدير كما يمثل أحوال من تغاضوا عن بيوتهم وأهملوا المحافظة على أعراضهم وائتمنوا الخدم والمماليك فرأوا ما ساءهم وغير ذلك ولكن كانت فائدته عندنا أن نضحك عليه وكذلك خلبوص العرب إلى الآن يمثل وقائعهم وما جرى بين القبائل من ظفر وخذلان وحط وارتحال. فهو فن قديم أخذه الأوروبيون عن العرب عند مخالطتهم لهم في الأندلس والشام ولكنهم هذبوه وبنوه على تمثيل الوقائع الشهيرة التي لها وقع في التهذيب والتأديب وطهروه من كل ما يخل بالآداب العامة فلا تستحي الأنثى من حضور مجلسه ولا يأنف الأمير من تلك المواضيع وما زالوا به تنقيحاً وتحريراً حتى صبروه أحسن فن تميل النفوس إليه للتهذيب والترويح وكتبوا فيه الروايات الكثيرة بين حاصلة ومصوَّرة واعتنى به علماؤهم ومهذبوهم وقام به شراذم من أدبائهم ونبهائهم وبنيت له المباني العظيمة وصارت مجامع الأمراء والفضلاء والأعيان وقد أخذه الآن بصورته الأخيرة جماعة من الشرقيين منهم من أحسنه ومنهم من بقى تحت التمرين فكان من المحسنين الفريق (الجوق) الشرقي المكوّن من المجيد الماهر الشيخ سلامة حجازي ومعه المحسن أحمد أبو العدل والمتقن حسين الأنيابي وجماعة من الشرقيين يصحبهم ثلاث صفحات شرقيات لم يفتهن

جريدة الأزهر

من الإحسان شيءٌ يرأس هذا الفريق مديره المحسن المتفنن اسكندر أفندي فرح الشرقي وقد شهد كثير من الأمراء وفي مقدمتهم عطوفتلو فضيلتلو علي باشا مبارك أنهم أولى بالتشخيص في الأوبره من غيرهم لإحسانهم لتمثيل وعدم وجود فرق بينهم وبين من أتقنه من الأوروبيين وهم يمثلون كل ليلة جمعة واحد وأربعاء بجعلهم الكائن بشارع عبد العزيز وليلة الاثنين بحلوان ولقد رأيت ممن يحضرونهم أريحية عصبية لوقائع الرواية فيفرحون عند الفرح ويحزنون عند الحزن ويتأثرون بالتمثيل تأثر من شاهد الأصل فنحث أبناء مصر على الإقبال عليهم سعياً خلف ما فيه منفعة النفوس وتكثير الآداب وسنعود لهذا الموضوع في عددٍ آخر إن شاء الله تعالى. جريدة الأزهر افتتح الفاضلان المصريان إبراهيم بك مصطفى وحسن بك رفقي جريدة علمية سمياها الصحة وكانت مواضيعها طبية كيماوية ثم توسعا في المواضيع توسعاً أدخل فيها كثيراً من الفنون فاستصوبا تسميتها بالأزهر لما بينهما من مناسبة كثرة العلوم والفوائد واستمرت تخدم العلم وأهله أربع سنين ثم اختفت لأمر ما طرأ عليها بعد أن خدمت الأمة المصرية بمعارف محرريها ومن شاركها من أفاضل الأطباء والعلماء والكتاب. وما لبثنا أن رأيناها ظهرت باسم المستر ويلكوكس والفاضل أحمد أفندي الأزهري المصري متعرضة للمواضيع المناسبة وكان ظهورها بعد إعلان بعض أفاضل المصريين المهندسين عن عزمه على إصدار جريدة هندسية فلسفية تسمى المهندس ورأينا كثيراً من الناس يظنون أن الأزهر الأجنبي هو الأزهر المصري فلبيان الحقيقة أعلنا

تهيئة بشفاء

إن هذا الأمر غير ذاك وإن الفاضلين المصريين لا تعلق لهما بالأزهر الأجنبي لا في التأسيس ولا في الإنشاء وستصدر جريدة المهندس المصرية مشحونة بالفوائد العلمية والمواضيع الهندسية فإن مزاحمة الأزهر الأجنبي لها لم تقعد همتها ولا ثنتها عن وجهتها لعلم محرريها الفاضلين إن كثرة مصادر الإفادة توسع نطاق المعارف فما يوجد عند هذا لا يوجد عند ذاك ومبادلة الأفكار نقداً وجدلاً ومناظرة أكبر مساعد على تنوير الأذهان وتعميم العرفان. تهيئة بشفاء مرض عطوفتلو مصطفى باشا فهمي رئيس نظارنا فأخذ الناس يرجفون ويهجسون وذهبوا في الأقاويل كل مذهب ولقد عول الأطباء في اليوم السادس من مرضه على اليأس ولكن الفاضل الدكتور سالم باشا سالم المصري بدل كلمة يأس بكلمة خطر وانتظر حلول اليوم السابع للمرض فجاء اليوم السابع يتقدم عطوفته جهة الصحة فصدقت فراسة الدكتور المصري وإن كان العلاج بيد غيره وما زالت الحال تتحسن حتى محيت كلمة خطر أيضاً وبدلت برجاء والآن تم الرجاء وحق الهناء فنهنئ عطوفته وآله الكرام بنجاته من خطر كثرت فيه الأقاويل ووصوله إلى صحة تمنَّاها كل محب وخليل. نعمة تذكر لتشكر نظراً لما أبداه حضرة الفاضل مصطفى أفندي جودت مهندس مركز الفشن من الهمة والنشاط أيام فيضان النيل عرض ذلك عطوفة ناظر الأشغال العمومية إلى الأعتاب الخديوية السنية فيمن عرض عن أعمالهم من الوطنيين وغيرهم فورد له كتاب من سعادة رئيس الديوان العربي الخديوي فكتب إلى

تنبيه

المذكور ما نصه نظراً لما أديتموه حضرتكم من الخدمات المهمة في فيضان هذا العالم قد عرضنا ذلك على الأعتاب السنية فأرسل سعادة رئيس الديوان العربي الخديوي مكتوباً بأن ولي النعم الجناب الخديوي السامي قد تفضل فأظهر رضاه العالي من حسن أعمالكم وصدر النطق الكريم بأن نبلغ ذلك لحضرتكم وأن تكونوا دائماً على قدم النشاط والاجتهاد فبكل ارتياح وسرور قد بادرنا بتحرير هذا لحضرتكم تبليغاً لما شملتم به من التعطفات السنية على خداماتكم المرضية ولا غرابة في إظهار هذه التعطفات من أمير جبل على حب أبناء وطنه ورجال حكومته أيده الله تعالى. تنبيه كنا عينا حسن محمد الجنايني وكيلاً لجريدتنا في بني سويف والآن أعفيناه من التوكيل وصار لا تعلق له بالجريدة في شأن من الشؤون. ثم أننا نعلن حضرات المشتركين أنه ليس لنا وكيل يعتمد عليه في التحصيل فيما عدا مصر واسكندرية غير حضرة محمد أفندي خليل بالوجه البحري وحسن أفندي علي بالوجه القبلي ومن عداهم من الوكلاء فللمخابرة فيما يختص بغير التحصيل بحيث لا تكون إدارتنا مسؤولة عن معاملاتهم الناس مالية كانت المعاملة أو غير مالية. السلسلة الدرية في الفكاهات التاريخية ألفهُ اسنكندر دوماس الشهير وجعله خزانة لنوادر أدبية وحوادث تاريخية أوردها في صورة الرواية والحكاية وترجمه إلى العربية اللوذعي الماهر توفيق أفندي دوبريه مصححاً بقلم الفاضل الشيخ محمد صلاح الدين سند وثمنه عشرة قروش ميرية وهو يباع في مطبعة التأليف ومكتبة أمين أفندي

رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي

هندية والمكتبة الشرقية فمن أراده فليطلبه منها أو من وكلاء جريدة الهلال الغراء الأرياف. رسالة من إبراهيم أفندي الأنجباوي وردت لنا هذه الرسالة من الفاضل إبراهيم أفندي الأنجباري من قلم ترجمة قلم القضايا باسكندرية فنشرناها إجابة لطلبه وبشرى بتوبة التائبين. زدنا موعظةً يا خطيباً عطراً أرجاء الآداب شذى عرقه الذكي فكان الذكيّ. وشريفاً له المقام الأعلى بين أُولي النهي والأمر في كل نادٍ وضى. وارسم لنا طرق الهدى والتقدم والسداد. حتى تهذب بحكمتك وتسعميل برقة ألفاظك وعفتك شباناً قدروا نصائحك الخالصة حقق قدرها وأيقنوا أنك صاحب الإرشاد. إذ أن أحوال المتفرجين من بني المودة والخلاعة تحسنت هنا تحسناً عظيماً. وثبت لهم ثبوتاً لا يحتاج لتزكية أنك غيور على أبناء وطنك نخص بالذكر منهم بعض مستخدمي المصالح الأميرية وبعض ذوات الثغر الذين وقعوا في شرك الملاهي والشهوات البهيمية. الذين تاب أكثرهم توبة ضمنت لهم السعادة والنجاح. وعكفوا على إحياء أندية الآداب مستبشرين بالفلاح فإنهم بعد تركهم نصائح أستاذنا الأغر ونفائسه التي حاكت وفاقت الدرر عادوا فقابلوها بالثناء. والسرور والرضاء. وكفى ثناؤهم على غيرتك وهمتك فخراً إن ردهم عن الفحشاء والمنكر أنعم بهمة وغيرة وطني مخلص حكمته لا تنكر. فمن لنا بتبليغك هذه البشرى. بل الآية الكبرى. التي هي جل مناك. وعين رضاك ومنا على حضرتكم السلام. في اليد. والختام.

العدد 22

العدد 22 - بتاريخ: 17 - 1 - 1893 لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا هي كلمة أوروبا التي ترددها على أسماع الشرقيين كلما فعلت فعلاً يحملها عليه الاستعمار الملكي أو الانتشار الديني وقد أحكمت التأليف بين القوتين الدينية والملكية فجعلت الأولى سفير وداود والثانية فارس جِلاد وقد أضاف كل ملك أوروبي إلى عنوان الملك حماية الدين فيقول في مخاطباته ملك أو إمبراطور كذا وحامي الدين المسيحي أو عبارة أشد وقعاً في النفوس من هذه ليعلم الأمم أنه القابض على زمامي السياسة والدين فيؤيد رجال السياسة بتنفيذها يرونه من لوازم تأييد الملك وأتباعه ويساعد رجال الدين على نسق واحد كل فيما فوض إليه لا تفتر لهم همة ولا ترقد لهم عين عن وظائفهم التي فيها حياة الدين والملك وزيادة شرف الأمم. والأمم لكونهم أدركوا ما قصده الملوك ورجال السياسة وخدمة الدين اندفعوا معهم اندفاع السيل في

المنحدرات فعقدوا الجمعيات الدينية والعلمية والصناعية والتجارية والزراعية والسياسية وأخذ كل فريق في إحسان ما كلف به نفسه وأوجبه عليه مجاراة جاره في الملك ومباراة نظيره في العلم أو العمل ومسابقة غيره ممن قصدوا قصده فاشتغلوا بما اشتغل به. وقد بلغوا القصد في بلادهم وخرجوا من بلادهم محمولين على قوتي الدين والملك سائرين على نور العلم والصناعة فدخلوا الأقطار الشرقية سائحين ومتجرين واستوطنوها مراقبين ومتغلبين وجرائدهم الكثيرة العدد برزت تتسابق في ميادين الإنشاء بمواضيع مبتكرة ومقالات مطولة وعبارات مزينة فأصبحت ناقلة للأخبار ناشرة للآداب معلمة للعلوم مؤيدة للمبادئ حاثة على المقاصد منشطة للهمم مرشدة للأمم منبهة على الأغاليط محذرة من التقاعد والتكاسل والغفلة عن وثبة الجار أو معاكسة المتاخم ناشرة للفضائل مؤرخة لرجال الفضل والعمل وحافظة لسير الملوك داعية أفراد الأمم إلى ما فيه خير البلاد وتأييد الدين خادعة للشرقيين لاعبة بأفكار رجالهم خاتلة لعظمائهم مقبحة لما هم عليه من دين وسير ومعيشة وانتماء وصناعة وتجارة وزراعة منادية بينهم بأن الغرب محل التشريع ومنبع العلم ومرجع الفضائل لا حياة للأمم إلا بما تأخذه عنه ولا مجد لمن لم ينتم إليه ولا فضل لمن لم يتعلم فيه ولا شرف لمن لم يتكلم بلسانه ويتعبد بعبادته ويتقيد بعاداته، هذه كليات تحتاج لبيان جزئياتها التي لا تحتاج لبرهان بعد ظهورها للعيان , قالت أوروبا أنكم متوحشون لكونكم لا تحسنون صنع الأثاث واللباس وأنكم في حاجة إلى مصنوعنا ولا تصلون إليه إلا بعقد المعاهدات التجارية

وبذا تمكنت من إدخال مصنوعها في الشرق لنحول الثروة إليها فأماتت ما كان يصنعه الشرقيون وحجرت على ما لا بد منه من صناعة الشرق الهندية وغيرها فما يصنع في الهند والصين والعجم والأناطول وغيره إنما ينفق ويباع على يد الأوروبي كما يباع وينفق مصنوع بلاده فالشرقيون أُجراء يزرعون ويحصدون ويصنعون ليروّجوا تجارة أوروبا ويعظموا ثروتها ويؤيدوا قوتها الملكية بالإيرادات المالية فلا حظ لهم في الوجود ولا رغبة لهم في الملك كأنهم أمام أوروبا جنس خلق لخدمتها لتقاعدهم عن مجاراة أهلها ومما زادهم بعداً عن الصناعة وثمراتها وجود دخلاء أُجراء يزعمون أنهم نصحاء يثبطون الهمم ويرمونهم بالضعف ويوهمونهم عدم صلاح بلاده للصناعة ويغرونهم بتعذر ذلك لتعذر المعدات والآلات وهم يعلمون أن كثيراً من المماليك التي لا آلات فيها استعانت بآلات اشترتها من الغير وأحيت صناعتها الوطنية وحتمت على أهلها شراءها لرواج صانعيها ومنعت دخول مصنوع الغير حفظاً لثروة أهلها فهم بصرفهم الهمم بهذه الترهات يريدون بقاء الشرقي في قبضة الغربي احتياجاً إليه وترك الشوق ميداناً لمسابقة رجال أوروبا فلا يجدون مصنوعاً يعطل عليهم ولا معرضا عن صناعتهم فتبور. وضعفاء العقول يغترون بخداع هذا الدخيل ويظنون أنه من المخلصين فلا يتحركون لعمل من الأعمال لوقوعهم في اليأس والقنوط بالمفتريات ورجال أوروبا تتعجب من تقاعدهم وتقول لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا قالت أوروبا أن وقوفكم عند عاداتكم الشرقية وتخلقكم بأخلاق آبائكم بقاء على الهمجية والتوحش فلا بد من مجاراتنا في حركاتنا المدنية لتساوونا

في الرتبة وفتحت لنا البيرَ والخمارات والمقامر وأباحت الزنا والربا ووسعت دائرة اللهو والخسران فغفل الشرقيون عما وراء ذلك من ضياع الدين والملك والمجد والشرف وانكب الأغبياء والغفلون على الخمور فساءت أخلاقهم وضعفت عقولهم وفسدت عقائدهم وتحولوا إلى المومسات فارتكبوا الإثم بارتكاب المحرم والعار باتخاذهم اختهم الوطنية آلة للفحش وجعلها عرضة للأجنبي بعدم غيرتهم عليها فهم في رتبة القواد بل هم هم ومال فريق إلى القمار فباع الغيط والدار واضطر لبيع حلى زوجته برضاها أو بسرقته منها والكل عطف على المرابين يقترض ويصرف في الملاهي ومتلفات العقل والجسم والملك حتى أسكن الأوروبي مكانه وصار له خادماً بعد أن كان عظيماً محترماً وكلما تهالك الشرقيون على الخمور والملاهي واصلت أوروبا رسائل الخمر وارتحل إليهم المومسات وأرباب الملاهي تحويلاً للثروة وإزهاقاً لروح الدين حتى أصبح المتلبسون بهذه القبائح والفضائح لا شرقيين ولا غربيين واتخذتهم أوروبا وسائل لتنفيذ آرائها ووصولها إلى مقاصدها من الشرق وهي تحثهم على المثابرة على عملهم باسم المدينة وما هي إلا التوحش والرجوع إلى الحيوانية المحضة إذ لو كان الانغماس في الملاهي ومفسدات العقل والدين من المدينة لما تحاشته أوروبا وعدت مرتكبه همجياً جاهلاً مجنوناً ولما وضعت القوانين الشديدة للمسكرات ومنع التلامذة منها ولما كتبت الرسائل العديدة في ذم الخمر والفسوق وحرمان ضعفاء العقيدة والمتقاعدين عن العبادة وحضور الكنائس وإنما هو إشراك وفخاخ تنصب في طريق الشرقي حتى لا يخطو خطوة إلا وقد وقع في حبالة أوروبا. ولما رأت أوروبا أن الشرقيين

لا ينتبهون من غفلتهم ولا يعقلون مقاصد الدولة ولا يدركون مكايد الملوك ولا يسعون في صالح بلادهم ولا يحافظون على دينهم ولا يعرفون شرف لغاتهم ولا يحفظون كراسي ملوكهم ولا يهمهم ضياع أوطانهم اتخذتهم كرة تلعب بهم كيف تشاء وهي تقول لهم لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. قالت أوروبا أن الشرق في حاجة لتداخل أوروبا لإصلاح إدارته وماليته وتجارته وتهذيب أُممه بالتعاليم الأوروبية وأجمع رجال أوروبا على جعله قسماً مقابلاً لها وربطوا عزمهم على ضمه إليهم الجزء بعد الجزء والقطعة بعد القطعة على اتفاق معقود بين الدول هذا لي وهذا لك ثم تلووا في الدخول فيه تلوى الأفعى وملكوا بعضه بالتجارة والبذل المالي وبعضه بدعوى مس حق دولة أو إهانة بواب قنصل أو حفظاً لطريق مملكة. والداهية الدهياءُ إن ملوك ق مملكة. وا في الدخول فيه تلوى الأفعى وملكوا بعضه بالتجارة والبذل المالي وبعضه بدعوى مس حق دولة أو إهانة بواب قالشرق وعظماءه ملأُوا قلوب أُممهم بالأوهام وخوفوهم من الأوروبي وأرهبوهم باسم اللورد والبارون والكونت والمركيز والجنرال والأميرال والسير والمأجور حتى خيلوا لهم أن الأوروبي ملك يمكنه قلب المملكة أو جنيٌّ يقدر على حرقها فامتلأوا رعباً وخوفاً ولبسوا ثوب ذل وهوان وذلك بسبب المعاملة التي يعاملونهم بها في وقائعهم مع الأوروبيين وقد اضطروا كثيراً من الوجهاء والنبهاء الذين ينتفع بهم الوطن والملك إلى الاحتماء بالغير تفادياً من تلك المعاملة فكانوا أقوى يد للأوروبي في تداخله واستيلائه على ممالكهم فلوربوا رجالهم على الحماسة ومرنوهم على الأعمال وبعثوا فيهم روح الحمية بالمحافظة على حقوقهم وترقيهم بحسب استعدادهم وساعدوهم على انتشار الصناعة والتجارة وهذبوهم بالأدبيات وصانوهم من المفاسد العقلية وعلموهم

العقائد الدينية وعودهم على الشعائر الملية ونبهوهم بجرائد وطنية صادقة اللهجة صافية النية عارفة بما يقدمهم وينفعهم وأوقفوهم على تواريخ آبائهم ومسابقات الدول في بلادهم ودسائس أوروبا وحذروهم من رجال الفتن والأُجراء الذين يخدمون أوروبا باسم المصلحة الشرقية أوجدوا أمامهم رجالاً وأي رجال ولكنهم أهملوا ممالكهم وأهدروا حقوق رعاياهم فأصبح ملوك أوروبا يفخرون عليهم ويعيرونهم بما صاروا إليه من الضعف والاضحلال ويقولون لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. ولا لوم على الأوروبيين في ذلك فإنهم إنما يسعون في مصالحهم واتساع ممالكهم وتجارتهم والشرقيون يرونهم يعملون الأعمال العظيمة في بلادهم وهم ينظرون إليهم نظر المغشي عليه من الموت ولا يتحركون لمجاراتهم أو لإيقاف تيار تداخلهم ويرونهم يسلبون أعمال أمرائهم وولايتهم عملاً فعملا وهم ناكسو الرؤوس منكمشون في ثيابهم. تسمع منهم أصوات عالية في خلواتهم يظنها السامع أصوات أناس حريصين على المجد والشرف فإذا خرجوا إلى الطرقات ساقهم أضعف أوروبي بعصاه وهم بين يديه كأنهم قطعان الأغنام تساق إلى الحظائر. بمن نقيس الجزائري إذا شاركه التونسي والهندي والمصري والقبرصي والعدني والمسقطي والزنجباري والبرنوي والبخاري والمروي والطاغستاني والتركماني والسرخسي وقابله المراكشي والأفغاني برعدة الخائف الوجِل ونظر إليه العجمي والعراقي واليمني والحجازي والنجدي والشامي والسوري والطرابلسي والأناطولي نظر المتوجس الحذر الذي تبعثه الهمة وتقعده القلة كلما شموا رائحة السلم من دولة جاءهم إنذار

الحرب من أخرى سعياً خلف الدين لا طلباً لسعة الملك فإنه لو كانت الدولة العثمانية مسيحية الدين لبقيت بقاء الدهر بين تلك الدول الكبيرة والصغيرة التي هي جزء منها في الحقيقة ولكن المغايرة الدينية وسعي أوروبا في تلاشي الدين الإسلامي أوجب هذا التحامل الذي أخرج كثيراً من ممالك الدولة بالاستقلال أو الابتلاع. وأننا نرى كثيراً من المغفلين الذين حنكتهم قوابلهم باسم أوروبا يذمون الدولة العلية ويرمونها بالعجز وعدم التبصر وسوء الإدارة وقسوة الحكام ولو أنصفونا لقالوا أنها أعظم الدول ثباتاً وأحسنها تبصراً وأقواها عزيمة فإنها في نقطة ينصب إليها تيار أوروبا العدواني لأنها دولة واحدة إسلامية بين ثماني عشرة دولة مسيحية غير دول أمريكا وتحت رعايتها جميع الطوائف والأجناس والأديان وكثير من اللغات والفتن متواصلة من رجال أوروبا إلى من يماثلهم مذهباً أو يقرب منهم جنساً وكل دولة طامعة في قطعة تحتلها باسم المحافظة على حدودها أو وقاية دينها مع اتساع أراضيها وعدم وجود السكك الحديدية المسهلة للنقل والتحول وعدم وجود أنهر مستمرة الفيضان في غالب أراضيها ووجودها تحت رحمة الله تعالى إن شاء الله أمطرها فأخصبت أو منعها فأجدبت وهذه أمور لو ابتليت بها أعظم دولة أوروبية ما قاومت هذه الصواعب أكثر من عام أو عامين وتسقط أو تتلاشى. ولكنها تلام على إعطاء السكك الحديدية التزاماً للأوروبيين بواسطة أناس يزعمون أنهم من رعيتها ظاهراً وهم فرنساويون أو إنكليز باطناً فإن السكك الحديدية بالنسبة إلى المملكة كالشرايين بالنسبة إلى الجسم فهي من أعظم

العلل التي ستتخذها أوروبا وسيلة للتداخل باسم وقاية أملاك أتباعها ومن لنا بكف يد الوزراء عن مثل هذا التهاون ويكفي ما جرى وما ذهب منا سدى فإن ارتكنا على الشروط فقد ارتكنا على أوهن من العنكبوت فإننا لم نقدر على تنفيذ عهدة برلين فيما يختص بنا وقد وقع عليها الدول فكيف تنفذ شروطاً بيننا وبين رجال جعلتهم الدولة ذرائع للتداخل ووسائل لا سوء المقاصد. ولقد أذهلتنا أعمال أوروبا التي لم تسمح لشرقي بامتلاك شبر في أرضها وهي تخرجنا من مساكننا وتقيم فيها بلا شروط معقودة ولا حجة مسجلة ولكنها معذورة فإنها لم تجد من يعارضها أو يجاريها فهي لا تعترف إننا معها في ثوب الإنسانية بل تقول لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. إن دولة من دولة أوروبا لم تدخل بلداً شرقياً باسم الاستيلاء وإنما تدخل باسم الإصلاح وبث المدنية وتنادي في أول دخولها أنها لا تتعرض للدين ولا للعوائد ثم تأخذ في تغيير الاثنين شيئاً فشيئاً فلا تقدم على العمل بل تفعل الشيء على قبول التجربة فإن نفذ فقد مضى وإن عورضت فيه التزمت والتأويل كما تفعل فرنسا في الجزائر وتونس حيث سنت لهم قانوناً فيه بعض مواد تخالف الشرع الإسلامي بل تنسخ مقابلتها من أحكامه ونشرته في البلاد واتخذت لتنفيذه قضاة ترضاهم ولما لم تجد معارضاً أخذت تحول كثيراً من مواده إلى مواد ينكرها الإسلام توسيعاً لنطاق النسخ الديني ولم نلبث أن جاريناها وأخذنا بقانون يشبه أن لم يكن هو هو ولم ينتطح في إصلاح مواده المخالفة عنزان ثم تداخلت في الأوقاف واستولت على غلتها

ومنعت المستحقين وطردت كثيراً من خدمة المساجد اقتصاداً مالياً وتخفيفاً دينياً ثم رفتت ضباط العساكر الوطنيين الكبار واستبدلتهم برجالها خوفاً من ثورة يدفعونها بها عن بلادهم أو يحمون بها دينهم ثم حجرت على المدارس تعليم بعض علوم شرعية وألزمتهم بتعلم لغتها والأخذ بالطبيعيات والرياضيات حتى لا يشم الأبناء رائحة الدين لئلا يعلموا أنهم يغايرونهم ديناً فيثورون عليهم أو يلتجئون إلى دولة أخرى وهذه عواقب الالتجاء إلى دول أوروبا والاغترار بوعودها الخلبية وشروطها المكتوبة بالماء على صفحة الهواء. وهذه دولة الروسيا دخلت مرو وهراة وبخارى باسم حمايتها من أعدائها وبعثت إليها بتجارتها فنفذت ثم برجال يساكنون أهلها فمضوا ثم بعساكر في الحدود فأقاموا ثم بشروط تربطها بها فأمضيت ثم هي آخذة في تقدم لغتها هناك توصلاً لإعدام اللغات الوطنية التي يموت بموتها الدين وحمية الجنس والغبرة الوطنية وهذه إنكلترا دخلت مصر باستدعاء أهلها وأخذهم بناصرها بعلة تأييد المركز الخديوي الشريف ثم زيد على تلك العلة علة بث النظام ووضع حكومة ثابتة تشابه حكومات أوروبا وقد بذلت ما في وسعها في التحسين والتنظيم بما يتراأى لها ولم تجد غير آذان سامعة وأيد عاملة ولكننا مع كثرة سماعنا وتعليمها لنا لم نقلدها في شيء مما دخلت لبثه فينا بل تركناه تفعل أفعالها ونحن نتفرج عليها كأننا في ساحة سيماويٍّ يرينا من أعماله العجائب ونحن في حيرة من ألعابه المدهشة. ومن جهل أعمال إنكلترا في مصر بيناها له ليرى أنه حقيق بما يوجهه إليها من النكير. أولاً أطلقت حرية المطبوعات والأفكار فرأينا الجرائد الكثيرة تتكلم بما تريد وتتصرف في أفكارها كيف تشاء.

هذه تقول أنا وطنية أنادي خير البلاد وصلاحها موقوف على جعل الأعمال بيد المصريين تحوطهم عناية الحضرة الخديوية الجليلة تحت مراقبة بريطانيا حتى إذا رأتهم قاموا بحكومة ثابتة مؤيدة بالقانون الحق النافذ وقت وعدها وأجلت جندها وتركتهم يتمتعون بحريتهم في بلادهم كما تتمتع البلغار والجبل الأسود والسرب وغيره مما هو أقل من مصر بكثير والأمة مرتاحة لها. وهذه تقول مصلحة البلاد موقوفة على زيادة نفوذ الإنكليز ووضع الإدارات تحت أيديهم بمساعدة النزلاء حتى يتهيأ المصريون لاستلام أعمالهم لا تبالي رضي عنها المصريون أو غضبوا منها. وهذه مذبذبة لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وهذه علمية تهذب النفوس وهذه تورد لهم من مصادرات الأديان ما يوقعهم في الشك والتردد وهذه دينية وهذه حقوقية وهذه طبية. ثم تركت المصريين يغدون ويروحون بين هذه المتناقضات وهم يتناظرون ويتجادلون لا رقيب عليهم ولا جاسوس ولما رأت أن كثرة المؤثرات الفكرية لم تنبههم على طلب حقوقهم وظهورهم أمامها بالتظاهرات الأدبية استدلالاً على استعدادهم للقيام بأعمال بلادهم تركت الجرائد تخوض في المواضيع المتضادة وتلعب بالأفكار الجامدة ونحن في بحار اللهو غارقون. ثانياً أنها كفت يدها من الأعمال عند دخولها مصر وسلمتها إلى المصريين ظاهراً لتقيم الأدلة لأوروبا أنها ما دخلت إلا لتراقب المصريين وتشير عليه بما فيه التوفيق بين مصالحهم ومصالح الدولة ولما لم تجد أمامها من يجعل هذا الظاهر باطناً بحصر السلطة في الذات الخديوية الفخيمة

والإدارات في الوطنيين أخذت تقول وهم يفعلون حتى أصبحت تفعل وهم لا ينطقون وكانت تتقي باسمهم المطاعن الأوروبية حتى خلا الجو وأمنت الاعتراض فأخذوا يذمونها ويرمونها بخلف الوعد ونكث العهد وعدم الصدق وطول الباع في الخداع وهم غير محققين فإنها ما دخلت إلا لتعمل عملاً أمام أوروبا فلما فوضوا إليها الأعمال استلمتها بهمة ونشاط. ومثلها ومثلهم كمثل لص دخل دار قوم وقال لهم حملوني ما عندكم من أثاث وحلي وآنية فأخذوا يحملونه ما يريد من غير معارضة فهل إذا دخل عليه البوليس وأهل الدار يحملونه بأيديهم يقول هذا لص كلا بل يقول أنه صاحب الدار وهؤلاء خدمه. أيرون أن الإنكليز هم الذين نشروا منشور المومسات ورخصوا للنساء أن يخرجن للبغاء تحت حماية القانون. أم هم الذين سنوا كشف الأطباء على البغايا وإعطاءهنَّ شهادات بأنهن صالحات للزنا فهتكوا حرمة القرآن والإنجيل والتوراة بتحليل ما حرمه الله تعالى في كل كتاب. أم هل قالوا للمصريين ستنفق ملايين في المقاولات والأعمال الهندسية من غير أن نسأل عما نفعل فيها فإياكم والسؤال عن مبالغ ستكونون عبيداً مكلفين بسدادها إلى روتشلد وغيره. أم هم الذين أعطوا الالتزامات الوابورية والأرضية ووسعوا نطاق المعاهدات إلى أن ضيقوا كل عمل مصري. أم هم الذين منعوا المصريين من زراعة الدخان والحشيش لتروج مزارع أوروبا بخراب بيوت هؤلاء الضعفاء. أم هم الذين باعوا مهماتهم وآلاتهم بغير ثمن وربما أعطوا من أخذها شيئاً يستعين به على نقلها حتى تركوا البلاد محتاجة لمن يحرسها بالعصا أو النبوت. أم هم الذين أبعدوا المصريين عن الخدمة

يوحشروا الغرباء في المصالح حتى أصبح ألوف من المصريين لا يجدون القوت ولا يعرفون لاستخدامهم مرة ثانية سبيلاً. أم هم الذين قللوا من تلامذة المصريين في مدارسهم وأكثروا من استخدام الأجانب فيها وتدرجوا لأمانة لغتهم الوطنية بفرض المكافآت لمن ينبغ في الإنكليزية لتنسى لغة القرآن فينسى بها الدين الواقف عقبة أمام أوروبا كما يصرحون بذلك في مجالسهم وأندية شوارهم. لا والله ما نالوا أملا ولا قارفوا عملاً ولا أذلوا رجلاً ولا خربوا بيتاً ولا هتكوا حرمة إلا بالمصريين. ماذا على الإنكليز إذا سعوا في ربح تجارتهم واستخدام أبنائهم ولم يجدوا عائقاً أيرجعون وهم لهذا مرتحلون. ومن يلومهم إذا وجدوا طريقاً لتوسيع ممالكهم لا خوف فيه ولا عقبات أيتركونه وهم في جميع بلاد الدنيا طامعون. كانوا يرون أن المصريين إذا رأوا دولة حرة دخلت بلادهم لتأييد خديويهم وإصلاح بلادهم وتعريفهم حقوقهم بين الأمم تجمعوا حول أميرهم حاملين كرسي فخامتهم على رؤوسهم منادين باسمه قائمين بتنفيذ أوامره محافظين على حقوقه مستميتين في اختصاصهم بأعمالهم والقيام بشعائر دينهم مجاهدين في حفظ الأمن وخدمة البلاد حافظين لحقوق الأجانب والغرباء النزلاء والمجتازين جاعلين محافلهم التي استخدمتها أوروبا في مصالحها محافل وطنية تستخدم أوروبا في مصلحتهم فكانت تساعدهم على هذه الأمور التي تعهدت لأوروبا أن تعلمها للمصريين وتؤهلهم إليها ولكنها رأت غير ما ظنت فلا لوم عليها إذا وضعت قدمها على عمائمنا لتعلو جواد الفخر والخيلاء. لماذا نتألم من أعمالنا وأمراؤنا اقتصروا على القعود في القصور وركوب

العربيات للتفسح في المنتزهات وعقلاؤنا صامتون لا ينطقون بكلمة رجاء أو صوت استصراخ وضعفاؤنا حيارى ينتظرون هؤلاء وهم عنهم لاهون ونبهاؤنا في المحافل يتحاورون ويتناظرون بما لا يفيد الوطن والملك شيئاً متعللين بأن محافلهم لا تتعرض للسياسة ولا للدين فإذا انصرف النبهاء عن وجهتي السياسة والدين فبمن تقوم الأعمال ويتقوَّم أود الحكومة ويبقى عمود الدين قائماً كبقية الأديان. أبالإخاء الذي ربطناه بين الأجنبي نتخلى له عن مرجع المجد واصل الشرف. وهل تريد أوروبا أن تنتصر علينا في حرب عوان بأكثر من صرف نبهاء البلاد عن النظر في الملك والدين ليخلوا لها الجو فتفعل ما تشاء وتغير ما تشاء مع أن النبهاء يمكنهم أن يستخدموا محافلهم في مصالح بلادهم فيتمكنوا بقواهم العقلية مما لا يمكنهم منه سيف ولا مدفع من غير إثارة فتنة أو إراقة قطرة دم ويصلحون ما أفسده الاغترار والانخداع ويحدثون في البلاد عصبية وطنية لا تردها أعظم أمة عن مشربها المصري وسعيها المؤيد بربط القلوب على عزيمة واحدة صادقة. وما الذي استفاده النبهاء المصريون من الاخلاط والامشاج غير تقدم الغير وتأخرهم واتخاذنا بيت مال لفقرائهم وعجائزهم. دعونا من المجاملة في الكلام والتستر بما استهجنه العقلاء ما ابتدعت المحافل إلا لتصير الممالك دستورية وقد نجحت في ذلك وقلبت كثيراً من ممالك أوروبا وحيث أننا بين يدي حكومة دستورية فلم لم نؤيدها بعصبية وطنية ونظهر من أعمالها ما تفتخر به إنكلترا أمام أوروبا وإلا فإن بقي الأمراء في البيوت والنبهاء في المحافل على ما هم عليه والعقلاء صامتين والضعفاء طائرين حول أوهام الأجنبي وإرهابه

والخديوي الأعظم ينظر إلى هذا الجموع نظر الأب الرحيم إلى الأبناء العاقين فلا نعترض على بربر أفريقية فضلاً عن الإنكليز إذا جاؤوا وأخرجونا من مساكننا وأبعدونا عن عائلاتنا وتمتعوا بما نخلفه لهم من عرض ومال ومتاع وعقار. مضت والله أيام التقاعد والاغترار بالترهات وصرنا بين يدي خديوي يريد أن نجاري الإنكليز في الأعمال الإصلاحية والمطالبة بحقوقنا الوطنية ونحن عن إرادته السنية ساهون. ويجب أن نتقدم في التجارة والصناعة والزراعة والمعارف ونقبض على أزمة أمورنا ونحفظ عرشه المصري بالمصريين ولكننا عن نظره العالي عمون. يتالم من ضياع المصري والاستخفاف به وتركه في زوايا الإهمال أكثر من تألم المبعدين ولو أحسسنا بما عنده من الآلام لبتنا لمضاجعنا جافين. إن أوروبا تنظرنا من بعيد لترى أعمالنا وما نتقلب فيه من الأحوال وما تهدينا إليه إنكلترا مما نؤيد به الخديوي الأفخم كمنشورها التداخلي ونحن عن هذا كله لاهون. كفوا أيها المصريون عن القيل والقال فقد عيرتنا الأمم بأننا نقول ولا نفعل واظهروا بين يدي إنكلترا برجال يسرها تجمعهم حول أميرهم الذي جاءت تؤيده واطلبوا منه حقوقكم المقدسة واشكروا إنكلترا على ما أوصلتكم إليه من الحرية التي تركتكم تتظاهرون تظاهراً أدبياً طلباً للحقوق وسعياً خلف الحقائق والامتيازات الوطنية فإن كل إنكليزي يراكم في هذا التقاعد وهو يد أب في عمله الليل والنهار يقول لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. كلكم قائل ((بيدي لا بيد عمرو)) مضت السنين العشر التي قابلتم غرتها بالأفراح والزين وطرتم فيها حول الأوهام طرباً وسروراً وعميتم عن سوء

العافية فأنشد شعراؤكم الشعائر الطنانة الرنانة مدحاً وثناءً وشربتم الخمور جهاراً باسم من استعديتموهم على بلادكم ونصرتموهم بتثبيط إخوانكم وبذلتم أموالكم وأرواحكم في دخولهم البلاد والتخلي لهم عما بأيديكم من الأعمال. ولطالما طأطأتم الرؤوس وحنيتم الظهور وركعتم أمامهم تعظيماً وتسليماً وبصقتم على وجوه إخوانكم ولبستم أجمل ثيابكم تنتظرون يوما يقتل فيه مائة ألف مصري. فهذه الأيام تريكم كيف تدور الدوائر وكيف تتقلب الأحوال بالأهوال على من لم يقرأ العواقب ومن يلقي نفسه بين نيوب الضل خائفاً من العظاية (السحلية) فقد أبدلت المصائب الولائم الأجنبية بالمآتم الفقرية ودعتكم لتكسير أعواد الطرب والسرور وضرب دف الندب والرثاء. وهل تجزون إلا ما كنتم تعملون. مضى أمس بخيره وشره وجاء اليوم بتحذيره وإنذاره وقد سار المرحوم أفندينا توفيق باشا إلى جنة ربه. وزين عرش الحكومة المصرية الملحوظ بعناية الله تعالى أفندينا عباس باشا الثاني ولا عسكرية تطلب منه حقوقاً وطنية فيقال أنها تريد أن تستبد عليه أو تضعف سلطته فأولى أن يستعين بدولة كذا. ولا خوف عنده من أجنبي يهدده بمنشور ينشره ليجعله وسيلة للتداخل العدواني. ولا أحزاب بين يديه فرقتهم الضغائن الباطلة فشقوا عصا الجامعة الوطنية والوحدة الدينية بوسوسة جاهل ونزغ محتال. بل هو الهمام الحازم الصادق الوطنية المحب لجميع أجناس رعيته على اختلاف أديانهم الساعي في منح الوطنيين حقوقهم وتمتعهم بخصائصهم الإدارية وما يحتاج في تنفيذ إرادته إلا إلى رجال نبهتهم صدمة أوروبا إلى الرجوع عما هم فيه من الاعتزاز والاستغفال فحاطوا أميرهم مخلصين في انقيادهم إليه لينادي بهم

رجال إنكلترا قائلاً هؤلاء رجالي الذين تريدون أن تؤيدوا بهم حكومتي النظامية فضعوا الأعمال في أيديهم واختبروهم فيما يقومون به من الأعمال هؤلاء الذين ربتهم مصر وشهدت لهم أوروبا ووقفوا مع سابقيهم تسعين سنة يريدون الأعمال بأنفسهم ويصلحون البلاد حتى حاكوا بها مدن أوروبا الشهيرة بل ربما وجد الأجنبي فيها من الراحة ما لا يجده في أعظم مدن أوروبا هؤلاء الذين قلتم لأوروبا إذا وجدنا قوماً لهم قدرة على الأعمال وفيهم استعداد لحفظ الأمن ونشر المدينة سلمناهم بلادهم وودعناهم بسلام فهلا جربتموهم في عمل هؤلاء الذين لا يحتاجون لمجاراة غلادستون في سياسته ولا بسمارك في خداعه ولا القيصر في شدته فأنهم يريدون أعمالاً بسيطة مكفولة بالقوانين والنظامات ليس فيها سعي خلف استعمار ولا اجتهاد في نشر دين ولا تحاليل على توسيع حدود فأية صعوبة في مثل هذه الأعمال. هؤلاء الذين جئتم لتأييدهم في مراكزهم ودفع يد العدوان الوهمي عنهم وقلتم في مصر من الرجال فلان وفلان ولا يحتاجون إلا إلى مراقبتهم مدة قصيرة في إدارتهم الجديدة. هؤلاء الذين درسوا أعمالكم وحفظوا نظامكم ووقفوا منتظرين تحقيق الآمال وصدق الوعود فعلام تتعبون في تهذيبهم إن كانوا لا يصلحون. وماذا ترجون منهم بعد تعليمهم أصولكم العسكرية والإدارية والمالية والقضائية إن كانوا لا يفلحون. هؤلاء الذين هم أحق وأولى من غريب تستخدمونه بأموالهم المتحصلة منهم وتنفقون عليه من ذهب ما دفعه أوروبي ولا حصله غير مصري. فأي مانع يمنع المصريين من المطالبة بحقوقهم بالتظاهرات الأدبية أصرنا أقل درجة من فعلة الإنكليز

والغزالين الذين تعصبوا لحقوقهم وتجمعوا لراحتهم وأذهلوا العالم بأفعالهم التي ما دخلها شغب ولا تخللها خلل. وكأني بدخيل يوسوس للأجانب قائلاً أن الأستاذ يدعو إلى ثورة مصرية بهذه العبارة فقد تعودنا سماع الأراجيف من الدخلاء وتسليط الأوروبيين على كل بلد نودي فيه بالمحافظة على وطنيته ونحن نضع حجراً في فم هذه الدخيل قبل أن يحرك شفتيه بكلمة إغراء. إن المصريين قد جربوا أنفسهم في التظاهر بالقوة فوقف شقاقهم بينهم وبين الظفر بالمقصود وهم شاكو السلاح كثيرو العدد والعُدد والآن لا قوة بأيديهم ولا سلاح وقادة الجند من الأجانب ولا يحمل العسكري إلا بندقية فارغة حكمها حكم عصا الراعي ولا موجب لحركة الأهالي حركة عدوانية بعد خضوعهم لأميرهم وانقيادهم إليه في السر والعلن وقد تأدبوا وعلموا دسائس أوروبا وتنبهوا لمقاصد الدول وسعيهم في اتخاذهم آلة لبلوغ مآربهم لا لمصلحة المصريين معاذ الله ولا لمنفعة المسلمين أستغفر الله فما من مصري إلا وهو يعلم الآن أن أوروبا لا تصدق في قول ولا تفي بوعد ولا تحب شرقياً ولا تسعى في خير مصري وإنما هي ملاعب سياسية يقدمونها بين أعين الجهلاء الذين لا خبرة لهم بدهاء الدول ومطامعها يستميلونهم بها استمالة الطفل بقطعة حلوى أو ثوب منقوش. ومن انتهى بهم الأمر إلى الوقوف على الغايات والمقاصد السيئة مع إفراغهم من المعدات الآلية وعدم حاجتهم إليها يستحيل عليهم أن يكدروا صفو الراحة بشغب أصواتٍ فضلاً عن قعقعة سلاح. وما يدعوهم الأستاذ إلا إلى مجاراة الأوروبيين فيما هم فيه من معرفة قدر نفوسهم والمحافظة

على حقوقهم ولغاتهم وأديانهم وعوائدهم والدأب خلف الاستقلال بأعمال بلادهم فإنهم لا يجهلون كلاًّ من البلغار والسرب والجبل الأسود ورومانيا أقام تحت تصرف الدولة العلية أكثر من خمسمائة سنة وفي هذه المدة ما استطاعت الدولة أن تغير دينهم أو لغتهم أو عادتهم بل حافظوا على الأصلين العظميين اللغة والدين وزاحموا ولاة الترك في الأعمال والإدارات وأكثروا من الصياح والاستنجاد حتى وقعت الحرب الأخيرة واستقلوا فلم يحتاجوا لتجديد لغة أو عهد دين أو إعادة معبد ووجدوا أنفسهم هم الذين كانوا قبل ذلك بخمسمائة عام وقد قوبلوا على ذلك بمدح جميع أوروبا وثنائها عليهم وكان من أعظم المساعدين لهم بل المحركين لهم نفس إنكلترا التي نريد أن نجاريها في أعمالها أو نجاري من أنجدتهم من بعيد ونحن أقرب إليها من حبل الوريد. والأستاذ يعرض مقالته على كل عاقل متصف مصرياً كان أو غير مصري وأظنه لا يسمع إلا قول المخلصين إنها أخبار بحقائق وطلب بحقوق لا تمس شرف رجل ولا تتعرض لأمة ولا تطعن في سياسة وإنما هي محض درس تهذيبي لمن يسوءهم قول الأوروبيين لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. قضى المسلمون مع الأقباط ثلاثة عشر قرناً وهم في اختلاط أهل بيت ومعاملة عشيرة واتحاد عائلة ما جرى بينهم يوماً واقعة عدوانية مسببة عن اختلاف الدين كما نشاهد ونسمع من طرد اليهود من بلادهم وسلب أملاكهم وحليهم واستحلال تعذيبهم وسوقهم إلى سبيريا حفاة فيهم القيود والأغلال وتخييرهم بين الانتقال من دينهم أو الرضا بالأشغال الشاقة في سبيريا التي هي

جهنم العذاب أو جهنم شبيهة بها. ولا فعل معهم المسلمون مثل ما فعلته فرنسا مع الجزويت وهم إخوانها في الدين وإن اختلفوا في المذهب ولا مثل ما فعله البلغار مع المسلمين من هدم مساجدهم وقتلهم وهم في الجمعة يصلون ولا مثل ما فعله الروس في الشركس الذين اضطروا لترك أوطانهم وأثاثهم وماشيتهم وهاجروا إلى بلاد الدولة مشاة لا يحملون إلا أجسادهم. بل بقينا معهم كل هذه المدة نتبادل الوظائف والزيارات وامتلاك الطين والعقار فلم نسع في شق عصا اجتماعهم وتفريق كلمتهم لتتخذ ذلك ذريعة إلى أمر مطوي في باطن المستقبل ولهذا لم نجد دولة من الدول العدوانية علة دينية تتداخل بها في شأن مصر باسم راحة المسيحي والمحافظة على المعابد المقدسة وإعطاء الأقباط حريتهم في عوائدهم الدينية بل كان ائتلاف المسلمين بهم حجاباً بين مصر وبين تلك الدعوة التي تعودتها أوروبا تغريراً وتضليلاً وفتحاً لباب الحروب بعلل وهمية لا وجود لها في الخارج. ولهذا نرى المسلمين متألمين من انشقاق إخوان الوطنية وحل رابطتهم التي مضت عليها القرون الكثيرة وهي أوثق رابطة عقدت عليها القلوب لا الخناصر والكل يهجس ويخمن في الباعث والعاقبة فقد أدبتهم مساعي أوروبا الخيرية ووجدوا تحت كل نصيحة من نصائحها أساليب شتى للإذلال والاستعباد على أن الأمر لو كان متمحض القبطية لساء المسلمين تنافرهم وهجرهم كنائسهم ومقابلة بعضهم بعضاً بصدور ممتلئة غضباً وحقداً بعد أن كانت وعاء ألفة ومحبة وهذه ثمرة المخالطة الأجنبية وحسنة من حسنات أوروبا التي تتصدق بها علينا. ولسنا نتكلم في الشقاق من حيث داعيه وإنما نتألم منه

من حيث هو شقاق بين طائفة صغيرة يكفي في فصل القضاء بينها أحد العقلاء حرصاً على الجنسية والجامعة الوطنية وجبرا لصدع قلوب كلها فروع أصل واحد ولا نتكلم على الباعث الديني بأكثر من أملنا في التوفيق بين الفريقين وسد الآذان عن سماع الأصوات الأجنبية التي تحرك النفوس وتظلم القلوب وتدخل المجموع تحت كلية اتفقنا واختلفتم لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. فيا بني مصر لم تبق قطعة في الأرض إلا والجرائد تنقل لكم أخبارها وتريكم أعمالها فإذا لم يكونوا أهلاً لاختراع كما قال لكم أحد الإنكليز فقلدوا عقلاء أوروبا في أفعالهم وكفاكم الاغترار بترهات المضلين واللياذ بالأجنبي الذي سلبكم ثوب المجد ولم يبق إلا أن يأكل لحمكم ويشرب دمكم غيظاً على أمة تدفعها الطوارئ إلى وهدة المصائب وهي قادرة على دفعها ولا تتحرك ولا حركة مذبوح. ليُعد المسلم منكم إلى أخيه المسلم تأليفاً للعصية الدينية وليرجع الاثنان إلى القبطي والإسرائيلي تأييداً للجامعة الوطنية وليكن المجموع رجلاً واحداً يسعى خلف شيءٍ واحد هو حفظ مصر للمصريين. أيكفينا من الثروة أن نرى أكبر تاجر منا لا تزيد ماليته عن عشرين ألف جنيه وإذا عددنا هذا القسم قلنا واحد اثنان فإذا انتهينا إلى التاسع وقفت بنا الأعداد، أما تتحرك الهمم الخامدة لفتح محال التجارة وشركات وطنية تجمع من سهام قليلة فتربح كثيراً وتفتح بيوتاً أغلقت أبوابها أو كادت أعجزنا عن مجاراة الأمم حتى في هذا العمل الذي يقوم به الأميون والجهلاء الذين تبعثهم ضرورة المعاش إلى اتخاذ طرق الاتجار بالاتحاد. ألا تقدرون على عقد شركات تشتري أجزاء من أطيان الدومين أو الدائرة لتربحوا منها

وتستخدموا فيها أخاكم الفلاح وتعوضوا بعض ما أضاعه الإسراف في الملاهي والخروج عن الحد وصيره في يد الأجنبي. أفلا يحسن في أعينكم أن تفتحوا مدارس لأبنائكم تهذبونهم فيها وتعلمونهم وتحولون بينهم وبين الوجهة الأوروبية التي تغرسها ببلادنا مدارس أوروبا في أذهانهم تداركوهم قبل أن تفقدوهم. عرفوهم أنكم آباؤهم قبل أن ينكروكم. لقنوهم ما أنتم عليه من الدين قبل أن يخالفوكم. حفظوهم تاريخ بلادكم وأجدادكم قبل أن يجهلوكم. ردوهم إلى الوطنية قبل أن يحملوا سلاح العداوة ليتقربوا بدمائكم إلى من ربوهم وتبنوهم ((جاوزَ الحِزَام الطُبْيَيْن)) ومرق السهم من الرمية وأصبح لفيفهم ينادي غافلكم فإن كنت مأكولاً فكن خيرَ آكالي ... وإلا فأدركني ولمَّا أُمزَّقِ وارحمناه لصبية وضعهم الله تعالى أمانة في أيدنا فخناه فيهم وأسلمناهم إلى أجنبيٍّ يسقيهم شراباً ما شربه الآباء ويسوقهم في طريق ما سلكه الأجداد وكلنا نعلم ذلك علم اليقين وفيه القدرة على حفظ ابنه من هذه النزغات السيئة ولا ندري ما يمنعنا من ذلك أأخذت أبناؤنا في الحديد وسيقت إلى هذه الساحات الأجنبية لا والله. أم أكرهنا الحاكم على إرسال أبنائنا إلى الفرير والأمريكان وغيرهم لا والله. أم جهلنا ما يتعلمونه من مغاير الدين واللغة والعادات لا والله. نحن الذين سلمناهم بأيدينا وصرفنا على إخراجهم عنا من مالنا ورضينا بما هم فيه من النقل وسوء التعليم فنحن عنهم بين يدي الله مسؤلون. نعلم أن أوروبا لا تعطي شهادة لتلميذ إلا إذا أحسن لغته كل الإحسان ولا تدخل تلميذاً يغاير التلامذة مذهباً إلا إذا صلى على مذهبهم أو

يبعدونه عنهم وتنقل لنا الجرائد أخبارهم وسعيهم خلف تعليمهم الوطنية وحقوق الجنسية فهذه إنكلترا الحريصة على جنسيتها المتعصبة لدينها أشد التعصب تطالب الأمة بتعليم أبنائها حقوق الوطن والجنس مع أنه ليس وراء ما هي فيه من ذلك مطلب لطالب. وهذه فرنسا تصدر المناشير إلى الكنائس تلزم الأمة جميعها بالصلوات لله تعالى رجاء أن يخلصها من العراقيل التي هي فيها وهاتان هما الدولتان اللتان تدعيان انحصار المدينة فيهما فلم لا نقلدهما في المحافظة على الوطنية والجنسية والدين وننادي بذلك في القرى والمدن وحجتنا حجتهم حاجتنا حاجتهم. نرى كثيراً من الشرقيين بل المصريين يحومون حول حمى الأجنبي لياذاً به وطلباً لمعروفه فهل تناول منه إلا لقمة لو لم يجده لطرحها للكلب لكونها فضلة طعامه وفتات خوانه وهل جلس في حضرته إلا مهيناً مزدرى منظوراً إليه بعين الاحتقار بل الاستعباد وهل مكنه من أضعف الأعمال ألا يستعمله آلة في تنفيذ آماله وتحقيق أمانيه وهل بش في وجهه مرة إلا ليدخل عليه غفلة الرحمة والحنان ليصرف أنظاره عما يراه من سلب الحقوق. آن والله أن يتبصر المصري ويشابه رجال أوروبا في الأخذ بالحزم والاعتماد على صدق العزم حرصاً على ما بقى وطمعاً في فرص المستقبل وتحقيقاً لآمال الإنكليز في صلاحنا على أيديهم حتى لا يبكتونا بقولهم لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. ((طول العمر يبلغ الأمل)) وبالرفق يستخرج الإنسان الحية من وكرها فلا يحملن الطيش إلا حمق منا على التهور والتخلق بأخلاق البهيم فإننا نعلم إن صيانة بلادنا موقوفة على حفظ الراحة ومعاشرة الأجانب والنزلاء

بالمعروف وبقائنا على الهدو والسكون وبعدنا عن الفتن التي يحركها الدخيل والأجنبي لمصلحة دولته فيجني ثمارها ويلحقنا عارها وناهيكم مذبحة الإسكندرية التي تعيرنا بها أوروبا إلى الآن وهي تعلم من أحدثها من رجالها بحيث تسميهم رجلاً رجلاً وتقدر ما صرف للأجراء جنيهاً جنيهاً وقد نجت من نسبتها إليها وجعلتها قوباء في غرة مصر ومصر بريئة منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب ولا ننسى العار الذي ألحقه بنا بعض المأمورين في فتنة طنطا التي دفعته إليها اليد الأجنبية أيضاً فباء يجزي الدنيا وعذاب الآخرة ولحق ببيته غير مأجور على سعيه ولا مشكور على فعله وهذا جزاء ضعفاء العقول الذين يتجرأون على ضرر عباد الله وأهلاكهم في مصلحة من يرضيهم بما لا يساوي قلامة ظفرانسان تالله أنه لو جاز لمصري أن يصرح بكل ما يعلم لذكرنا من الحقائق العدوانية ما يكون عبرة وذكرى لقوم يعقلون. وفي الإشارة ما يغني عن الخبر. فاعتبروا يا أُولي الألباب. ومن لم يقرأ العواقب وقع في المعاطب. والعاقل من اعتبر بغيره. فالله الله أيها المصريون في أنفسكم وأميركم وأعراضكم وأموالكم وبلادكم. جاهدوا أنفسكم في توحيد كلمتكم وارجعوا عجافلكم من أبواب أوروبا وفتنتها واخدموا بلادكم بظهوركم أمة واحدة واقفة على قدم الخدمة لأميرها والمحافظة على عقوقها والمطالبة بخصائصها ولا تشغلكم المظاهر الأجنبية عن تصحيح أغاليطكم وتطهير بواطنكم ولا تطنوا أنكم عاجزون عن استرجاع مجدكم والقيام بأعمالكم فإنما أنتم بشر مثل رجال أوروبا ولكنهم تجمعوا وافترقنا وعرفوا حقوقهم وجهلناها ورفضوا نصائح الغير وقبلناها وحفظوا دينهم ولغتهم

وجنسيتهم وتهاوناً في البعض وتركنا البعض فإذا جاريناهم في طرقهم الوطنية ساويناهم في الخصائص والمزايا ودوّنَّا لنا تاريخاً جليلاً يفتخر به الأبناء وترحم بسببه الآباء عما قريب تنبش قبور آبائكم وأضرحة عبَّادكم وسادتكم لتؤخ تلك العظام النخرة إلى معامل سكر أوروبا حتى لا يبقى هناك أثر لذي مجد من الشرقيين فإن خفتم من ذلك فاتخذوا أعظم الوسائل لبقاء موتاكم متوسدي تراب قبورهم فإننا نرى الأوروبيين ينقلون عظام موتاهم من بلاد حاربوا فيها ليحفظوها في أوطانهم حتى يزورها الآتي ويقرأ تاريخا العجيب. لا تظنوا أن هذا لسان التخريف أو التنزيف فإنكم إن استبعدتم الأمر وأنتم على ما أنتم فيه من التهاون والإهمال فكل ما هو آت آت وأن تنبهتم لذلك وحافظتم على أوطانكم بالمحافظة على امتيازاتكم المكفولة ببقاء الخديوي الأعظم في منصة حكمه مؤيداً بخضوعكم إليه وتأييدكم مبادئه الوطنية وأعماله الإصلاحية رضي الله عنكم وإرضاكم وحفظت أضرحة ساداتكم وقبور موتاكم. وما زلك بعزيز على أمة خالطت كل الأمم وقرأت تواريخ الممالك وتعلمت كل ما يلزم للوطن وحكومته وساح فريق منها بلاد أوروبا وعرفوا طرق التقدم والإصلاح. أفيليق بمن هذه صفتهم أن يكون بالمذام والسعي في المضار لا والله أن هذا لمن أكبر العيوب وأعظم المصائب ومن لم تنبه الحوادث فهو الغافل ومن لم يؤدبه الماضي اضربه الآتي أفلا يحركنا قول أوروبا لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. ((أنا أخوك فلم أنكرتني)) ما الشام ومصر إلا توأمان أبوهما واحد يسوءُ

الاثنين ما ساء أحدهم فلم تنافر أبناؤهما واتخاذ السوريون في جانب بعيد عن المصريين وإن ساكنوهم في مصر ألم يكن الأجدر بنا أن نصرف علومنا ومعارفنا وقوانا العقلية في صلاح بلادنا وبث روح العلم والحياة الوطنية فيها. أبراتب قدره عشرون جنيهاً يبيع المرء منا أخاه ووطنه بل جنسه ودينه أم بكلمة تغرير نصرف حياتنا في خدمة الأجنبي لنعينه على إخواننا لينتقم منهم بغير ذنب ويجني على غير جانٍ. بئس والله ما أوصلتنا إليه هذه الخزعبلات التي نسميها بالعداوة في غير مصلحة جهلاً وحماقةً. فضحنا أنفسنا بنقل عوراتنا للغير سفاهةً وجنوناً. بعنا هيئتنا للأجنبي بلا ثمن خبلاً وبلاهة. ولو اجتمعت كلمتنا وائتلفت نفوسنا وصفت بواطننا وصرفنا هذه الهمم في حفظ الوطنيين وإعلاء كلمة الجنسين لحسدتنا المعالي ووقفت أوروبا تنظرنا بعين الإعظام والإجلال ولكن قضت شقوة الشرقيين أن يكونوا كحظب النار يأكل بعضه بعضاً لينتفع الغير بنارهم اصطلاءً وطبخاً واستعمالاً فيما يشأ. والعهد قريب والعود غير عسير فما نتكلف في جمع الكلمتين وتوحيدها أكثر من الانصراف عن شياطيننا الذين قاموا فينا خطباً ووعاظاً بدروس يتلقونها اليوم بعد الآخر عن الأجنبي وتبادل الزيارات والمسامرة في المجامع وإخلاص السير وما ذلك على الله بعزيز وإلا إذا بقينا على هذا التنافر والتضاد اتخذنا الأجنبي آلات لتنفيذ أوامره فيوقع بيننا العداوة والبغضاء وربما انتهى الأمر إلى ما لا تحمد عقباه بجهالتنا واعتمادنا على العضد الأجنبي وفي ذلك من الخزي والعار مالا تمحوه أكبر الحسنات. واأُسفاه رجال قضى أباؤهم الدهور الطويلة يتبادلون العمران والاستيطان

لا يفرق بينهم دخيل ولا يقطعهم عن بعضهم أجنبي فجاؤا من بعدهم وخالفوا سيرهم وحالفوا غيرهم وخدموا الأجنبي بمساعدته على التداخل في بلادهم بل على الاستيلاء عليها لا لعداوة بين الأمتين ولا الحرب جرت في الوطنيين بل برغيف يحصله الزبال وخرقة يملكها الشحاذ. وإن قيل إن جامعة الدين اضطرتهم قلنا إن عز الاستقلال بالوطنية خير من الإزلال بجامعة الدين فإن الأجنبي يغر الرجل منا حتى يوصله إلى غرضه ثم يلحقه بغيره عند تمام الاستيلاء ولا يعرف له حقاً غير خدمته ولا يفرق بينه وبين من غايره ديناً في الاستخدام والاستعباد. أنقول هذا وقتنا فنحصل به لذاتنا البدنية البهيمية ولا نبالي جاء المستقبل على أهلنا وإخواننا بالعز أو بالهوان. بئس ما يختاره الرجل لنفسه من أن يطعم لقمته مغموسة في دماء جنسه وإخوانه. أن البهيم ليدافع عن جاره فضلاً عن نوعه فكيف يرضى العاقل أن يكون أقل فضيلة من البهيم. إن كان هناك اعتقاداً بجنة ونار فتقربوا إلى الله بما يدخلكم به جنته وليس ذلك إلا بالبعد عن مساعدة الأجنبي على إخوانكم وإن كان الاعتقاد وجود الله وخلود النفس فقط أو لا رب ولا إله كما يقول الفريق المدني الأحمق فبيضوا صحائف التاريخ بمجد خالد وذكر جميل وإن كان لا اعتقاد رأساً ولا مجد ولا شرف وإنما هي بهيمة محضة تبعثنا الطبيعيات فيها إلى ما لا تعلق للعقل فيه فيا سوء ما وصلنا إليه. وبالجملة فإن آخر الدواء الكي وقد بلغ السيل الرُّبى فإن رفاءنا هذا الخرق وشددنا إزر بعضنا وجمعنا الكلمة الشرقية مصرية وشامية وعربية وتركية أمكننا أن نقول لأوروبا نحن نحن وأنتم أنتم وإن بقينا على هذا التضاد والتخاذل واللياذ بالأجانب فريقاً بعد فريق حق لأوروبا أن

الأستاذ والمقطم

تطردنا من بلادنا إلى رؤوس الجبال لتلحقنا بالبهيم الوحشي وتصدق في قولها لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا. الأستاذ والمقطم أطلعنا أحد قراء المقطم الأبلج على عبارة فيه نصها ـ ذكرنا في عدد أول أمس من المقطم نبذة تحت عنوان سد الإسكندر وإصلاح خطاءٍ أوضحنا بها ما وقع من النقص عند طبع الفقرة التي وردت في مقتطف الشهر الماضي ثم رأينا أمس في جريدة الأستاذ الغراء كلاماً على الفقرة التي وردت في المقتطف وذلك بعد أن نشرنا الاستدراك المذكور آنفاً في المقطم وكان بنشره غني عما أطال به حضرة الأستاذ الفاضل وخصوصاً لأمر الذين بوجه من الوجوه جرياً على خطته التي لم يحد عنها منذ سبع عشرة سنة حتى الساعة كما شهد الأستاذ الأغر بذلك في أثناء كلامه أما الآن وقد ثبت له حقيقة قصد المقتطف من تلك الفقرة وهي عدم وجود دليل تاريخي على كون باني السد الإسكندر المكدوني أو هو غيره من ملوك حمير فالذي يؤمل من حضرته أن يصلح ما تعجل في كتابته رعاية لأدب الكتاب وتقريراً للصواب وله منا الشكر الجزيل اهـ فقلت له كان على المقطم الأغر أن يقتصر على شكر الأستاذ الذي نبهه وبعد عن الظن السوء في المقتطف فأن أحد أفاضل السوريين حضر عندي بعد طبع الملزمة التي فيها الملاحظة على عبارة المقتطف وقرأت عليه العبارة بنفسي فتوجه إلى إدارة المقتطف ونبه على

ذلك فقيل له أن تلك عبارة دائرة المعارف بنصها فلما عاد وأخبرني قلت له أن الفصل بالنقطة بخبران ما بعدها لدائرة المقتطف وهو محل الاعتراض فإن دائرة المعارف لم تنكر القصة بل حكتها على ما قيل فعاد إلى إدارة المقتطف وأخبر بذلك ثم جاء وقال إن إدارة المقطم ستتدارك ذلك في هذا اليوم فالمستدرك هو الأستاذ في الحقيقة ولو كان له نية غير صالحة ما نبه إدارة المقتطف كيف والمقطم الأغر يقول وإصلاح خطاء فاعترف بأن هناك خطاءً ينبغي إصلاحه وهو الذي نبه عليه الأستاذ ثم قال ما وقع في النقص عند الطبع فأقران هناك نقصاً وهو الذي بنى عليه الأستاذ ملاحظته وليس للمقطم أن يقول وكان بنشره غني عما أطال به حضرة الأستاذ الفاضل إلا إذا كان تنبه من نفسه ولكنه نُبه بعد مضي أيام على المقتطف فتنبه والمنبه الأستاذ فكان عليه أن يشكره لا أن يلومه أما كون خطة المقتطف دينية أو غير دينية فإن الأستاذ لم يتعرض لذلك وإنما لا خط ما سماه خطأً ونقصاً في النسخة المعينة فإن رد العبارة كلها تكذيب لما جاء في التوراة والقرآن من خبر يأجوج ومأجوج والإنجيل مصدق ومقرر للتوراة فيكون التكذيب منصباً على الكتب الثلاثة وهذا الذي حسن الأستاذ ظنه في جعله غير مقصود للمقتطف ومن هذا تعلم أيها الصديق أن عبارة المقطم الأغر هي المحتاجة للإصلاح ولعله طلب منها رعاية أدب الكتاب مشاكلة لما طلبناه منه لكونه أنزل الملاحظة على المقتطف منزلة الطعن في التوراة والإنجيل والقرآن ولقد أبعد فيما رأى فبين الجانبين بعد المشرقين. أما طلبه تقرير الصواب فقد أجبناه وقررناه لك في هذا العبارة ولولا أن

الوزارة الجديدة

الفاضل السوري ترجانا في عدم التصريح باسمه في مجمع من السوريين والمصريين لصرحنا به ولكن لا حاجة لذلك وما كنا نحب أن نكتب شيئاً في هذا الباب بعد سده ولكن أخذ المقطم الحق لنفسه وعدم اعترافه بما نبهه عليه الأستاذ وخشونة عبارته في جانب من تلطف معه أوجب إيضاح الحقيقة لئلا يظن القراء أن عبارة المقطم حقة فيوجه اللوم على الأستاذ وحاشا أن يتعرض الأستاذ لحضرات الأفاضل المنشئين من أي جنس كانوا بغير حق أو أن يخرج عن أدب الكتاب طلبه من المقتطف ويطلبه من المقطم الأبلج والله تعالى يحفظ قلمنا من التعرض لخدمة المعارف والآداب فإن حرفة الكتاب تسمى حرفة الأدب. الوزارة الجديدة تشكلت الوزارة الجديدة تحت رئاسة صاحب العطوفة والفضيلة حسين فخري باشا واستبدل سعادة إبراهيم فؤاد باشا بسعادة أحمد باشا مظلوم وسعادة عبد الرحمن باشا رشدي بسعادة بطرس باشا غالي وبقي كل من أصحاب السعادة شهدي باشا وذكي باشا وتكران باشا في مراكزهم والأمل في الله تعالى أن يجري الخير للبلاد والعباد على يد هذه الوزارة التي شخصت لها الأبصار وتعلقت بهمم رجالها الآمال. تبرع بجريدة أرسلت نظارة المعارف المصرية تشترك معنا في نسخة واحدة لمدرسة إسكندرية فقدمناها تبرعاً وبودنا أن لو طلبت كثيراً من النسخ وتبرعنا بها

نتيجة التعليم الأجنبي

لحضرات التلامذة أملاً في مطالعتهم جريدة تكتب بلغتهم. نتيجة التعليم الأجنبي اجتمع فاضل من المصريين بصديق له وسأله عن ولده فقال له أنه بمدارس الجزريت بالشام فقال له أضعت ولدك وألجأته إلى الخروج من دينك فإني دخلت تلك المدارس ورأيت الدروس التي تعطى لأبناء المسلمين هناك فوجدتها كلها مسيحية ووجدتهم يلزمونهم بالصلاة مع أبناء المسيحيين فتنبه الرجل وأرسل استحضر ولده فوجده مسيحيَّ الاعتقاد إفرنجي الطباع فأرسله إلى المدرسة التوفيقية ليتمم تعليمه فيها وفي أثناء وجوده بمصر جاءته مكاتبة من المدرسة اليسوعية يستفهمون بها عن عقيدته وما صار إليه بعد مفارقتهم ومنها قولهم ((اننا طلبنا منك صورتك فلم ترسلها ومن هذا علمنا أنك بقيت على الإسلام فإن المسلمين يرون تحريم الصور وقد أضعت تعاليمنا ونصائحنا التي أعطيناها لك مدة الخمس سنين التي أقمتها عندنا وهذا كان منك غشاً حيث كنت تظهر لنا التنصر واتباعك نصائحنا وتخفي الإسلام في باطنك فنحن ننتظر منك إرسال الصورة والإفادة عن عقيدتك وإلا غضب عليك المسيح الذي تركت دينه بعد أن اعتنقته وتعلمت قواعده وإياك أن تعود لدينك بعد أن أقمت خمس سنين تدين بدين المسيح)) وفي الجواب كلام طويل من هذا القبيل وهذه طريقة كل مدرسة أجنبية لا تخالف الواحدة فيها الأخرى فليعلم المسلمون الذين يرسلون أبناءهم إلى مدارس الأجانب أنهم سعوا في إخراجهم من دينهم ونصروهم بأنفسهم فعليهم

شكر وعناية

الإثم والوزر في كل خطوة يخطوها الولد إلى المدرسة وسيعاقبون على ذلك بغضب الله وتعذيبه يوم يسأل كل واحد منهم عن هذا السعي القبيح ـ ومع هذا لا نسمع من الأوروبيين إلا قولهم أن المسلمين متعصبون تعصباً دينياً فأي تعصب عند قوم لا يحافظون على دينهم في أبنائهم فضلاً عن التعصب إليه وأي حرية تدعيها أوروبا بعد إلزامهم أبناء المسلمين بالتنصر والأخذ بدينهم رغم أنوفهم ولكن لجهل المسلمين هذه الحقائق بما تنشره عليهم الجرائد الكاذبة من حرية الأديان في أوروبا وعدم تعصبها لدينها أرسلوا أبناءهم لتلك المدارس وكفوا عن التكلم في دينهم فراراً من نسبة التعصب إليهم أما وقد انكشفت لهم الحقائق فنحن ننبه كل والد ولد في مدرسة أجنبية أنه خرج من دينه وإن ألزمه القسوس بإنكار ذلك أن سئل عنه لخوفه منهم أو رغبته فيما يزينونه له من اللغة والألعاب والأخلاق الأجنبية فإن لم يتداركوهم وإلا فعليهم الوزر في الآخرة ولهم الذكر القبيح في الدنيا. شكر وعناية في هذا الأسبوع صلى تلامذة مدرسة طنطا الأميرية الوقت الأول من مسجدهم الجديد وقد حضر افتتاح المسجد عدد كثير من العلماء والأعيان يقدمهم سعادة فيضي باشا مدير الغربية وعند ما جاء وقت الظهر صلى بهذه الجموع والتلامذة الأستاذ الفاضل سلالة الطيبين الشيخ السيد محمد القصبي شيخ الجامع الأحمدي وتلا التلامذة مقالات عديدة كلها ثناءٌ

تنبيه

على الحضرة الخديوية وشكر لعناية ديوان المعارف بهذا الأثر وكان المعين لحضور هذا الافتتاح نيابة عن عمون المعارف الأستاذ الفاضل الجهبذ العلامة الشيخ حمزة فتح الله وقد خطب في ذلك الجمع خطبة أنيقة. وقد أذكرنا هذا الصنيع صنيع ساكن الجنان المرحوم محمد علي باشا حيث كان يبني بكل مدرسة مسجداً ويعين له إماماً ومؤذناً وقد رأينا تلك المساجد تحولت إلى مطابخ ومخازن فعسى أن تعود تلك النشأة في مدارس تنسب إلى أمة إسلامية يحكمها أمير مسلم فنرجو نظارة المعارف العمومية تعميم ذلك في المدارس ولها الثناء الحسن الجميل على هذه المساعي الوطنية وإظهار شعائر دين التلامذة وآبائهم اقتداءً بأوروبا في مدارسها إن لم نقل محافظة على دين أهل البلاد وشريعتهم. ونعد هذا من حسنات أفندينا عباس باشا الأفخم لإحياء الدين في عصره المبارك حفظه الله تعالى. تنبيه حيث أن المقالة المدونة بهذا العدد استوفت الملازم الأربع لم نصدر ملزمة كان ويكون لاستيفاء حق الجريدة وسنعود لنشرها معه كالجاري في العدد الآتي إن شاء الله تعالى.

العدد 23

العدد 23 - بتاريخ: 24 - 1 - 1893 الحقوق المقدسة الحقوق الملكية تنقسم قسمين خاصة وعامة فالخاصة هي الحقوق الواجبة للراعي بحسب مركزه واستحقاقه والواجبة له على رعيته. والواجبة له بحسب المركز والاستحقاق هي التي استحقها بطريق الفتح والاستقلال بذاته أقره الغير عليها أم لا بطريق الوراثة عن مؤسس مستقل منفرد بالسلطة أو عن مؤسس ممتاز تابع لمقرر له مؤيد لمركزه ومن هذا الأخير حقوق الحضرة الخديوية الفخيمة فإنها ثابتة له من طريق الوراثة عن أبيه وجده وجد جده مؤيدة بالفرمانات الشاهانية المميزة لحكومته باستقلاله بإدارة أحكامها من سائر وجوه الإدارة والحكم وقد كفلت الفرامين رعاية هذه الحقوق وتقديسها ونصت على استحقاق القائم من هذه العائلة الشريفة لتولي الإمارة المصرية وتخويله حق العزل والتنصيب والعفو والعقوبة ومبادلة المخابرات مع دول أوروبا في العزائم والرخص التي منحتها له تلك الفرامين. وما زالت هذه

الحقوق مقدسة اجمع دول أوربا على احترامها وكف يد كل متعرض لمسها بما لا حق له فيه حتى جاء الخديوي أفندينا عباس باشا حلمي وأرسل له سيدنا أمير المؤمنين الخليفة القائم بأمر المسلمين مولانا السلطان عبد الحميد خان أيده الله تعالى بنصره فرمان الخديوية العالي وأثبت له حقوقه التي كانت لأبيه وأجداده ولم يبخسهُ منها شيئاً حفظاً للعهد القديم المحاط باتفاق الدول على استمراره وتنفيذه فوجب على المصريين قاطبة الخضوع للمقام الخديوي والاعتراف بسيادته وسلطته عليهم بأمر أمير المؤمنين الذي رضيه لنا أميراً وسلمه أرواحنا وائتمنه على حياتنا وأعراضنا وأموالنا وأنابه عنه في مخابرات الدول وحفظ المعاهدات وإجراء النظام بحسب ما يدعو إليه الزمان والمكان وبهذا التحتم السلطاني صرنا نرى معاشر المسلمين طاعته فرضاً علينا ومخالفته عصياناً يغضب الله تعالى ورسوله ونرى أن إلحاق غيره به في السيادة أو السلطة أو الإدارة مخالفة لأمير المؤمنين الذي قصر الإمارة عليه وأوجب علينا الطاعة له خاصة ما نرى أن مستحل تشريك الغير معه في الأحكام نبذّا للفرمان السلطاني يكفر ويمرق من الدين الإسلامي باستحلاله أمراً حرّمه أمير المؤمنين وأجمع المسلمون على الأخذ به. فتوحيد الطاعة للخديوي نائب أمير المؤمنين هو لازم البيعة التي صارت في عنقنا بحيث لا يجوز لمسلم أو ذمي أن يعارض أمر الخليفة الأعظم بزيادة فيه أو نقص. وقد طبق الجناب الخديوي ما فوضه إليه السلطان من السلطة وما أوجبته عهود الوراثة من الحقوق وما له على الرعية من حقوق الطاعة على ما يراه فوجد كثرة الأيدي العاملة معه ومخالفة بعض أمرائه لنصوص الفرمان واستخفافه بالأوامر الشاهانية فساءه

ذلك وأخذ يبحث فيما يوصله لحقوقه المقدسة سنة يفكر في الوسائل وينتظر الفرص حتى مرض صاحب العطوفة مصطفى فهمي باشا رئيس النظار المصريين فكلفه الاستعفاء بعد شكره على ما له من سوابق الخدمة فمال لمشاورة وكيل انكلترة بمصر وما كان ينبغي أن يوقف أمر سيده وأمير البلاد الشرعي على مشورة أجنبي لا تعلق له بما هو من خصائص الحضرة الخديوية ولهاذ أقاله الجناب الخديوي مصحباً أمر الإقالة بشكره على أعماله السابقة ثم قدمت له أسماء رجال مصريين بمعرفة وكيل انكلترة لينتخب منهم رئيساً للنظار فرأى أيده الله أن هذا التداخل سلب لحقوقه وتقييد لإطلاقه الذي قدسه الفرمان المؤيد باتفاق الدول عليه التي منها دولة بريطانيا فرفض ذلك واستقل بالانتخاب عملاً بحقه الشرعي واختار صاحب العطوفة والفضيلة حسين فخري باشا لرئاسة النظار وكلفه بتشكيل وزارة فعورض في ذلك وكثرة المخابرة بينه وبين وكيل انكلترة وخارجيتها ولم تر انكلترة بدّا من تسليم حقوقه إليه وعدم معارضته في أمر تساعده الدول على القيام به فأظهرت عداوتها الشخصية لعطوفة فخري باشا الذي ارتفع قدره بين قومه وظهر فضله بتألم دولة بريطانيا العظمى من قبضه على زمام الأحكام المصرية ولكون انكلترة لها مصالح بمصر كبقية الدول وبمنافرتها له لا يمكن التوفيق فيما يختص بها بينها وبين الحكومة المصرية قدم استعفاءه لسيده الخديوي الأفخم تقديماً لمصلحة وطنه على خصائصه الذاتية فقبله الجناب الخديوي ليدفع العلل التي توجب الخلل وفوض أمر الوزارة إلى صاحب الدولة والأبهة مصطفى رياض باشا فقبلها من أمير وقف يطالب بحقوقه بذاته الشريفة والقوة بيد من يعارضه

والإدارات محشوة بمن ينافره وهذه شجاعة ما اتفقت لغيره وثبات ما حكى عن ملك محاط بجنوده نائم بين حصونه وبهذا انحسم النزاع الحاصل في شأن الوزارة وتم مراد الخديوي ونفذت إرادته في كل ما أراده مستقلاً بفكره رافضاً لكل تداخل أجنبي كما هو مقام إمارته المحفوظ حقه فيه بتقليد سلطانه الأكبر مولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى. ولقد سرى خبر ثباته واسترجاع حقه المسلوب بنفسه في جميع الديار المصرية في أقرب وقت فهرع الناس إلى سراي عابدين العامرة يهنئون فخامته ويقدمون خالص عبوديتهم وإخلاصهم لسيادته وهو يخطب فيهم وفداً بعد وفد بم أجراه وما لاقاه وما هو عازم عليه من عدم التنازل عن حق من حقوقه كيفما تقلبت الأحوال والناس في دهشة من همة هذا الأمير وحزمه وثبات عزيمته وحسن تصرفه في معضل ما سبقه سابق لحل مثله والمحافظة على الحقوق فيه ثم جاءت التلغرافات تتري مهنئة ومظهرة للانقياد والخضوع مستحسنة كل ما أجراه من تصرفاته الحقة. ولا يسمع دولة بريطانيا العظمى ألا الاعتراف بتقديس تلك الحقوق فإنها لم تدخل مصر فاتحة ولا مستعمرة ولا مشترية لها وإنما دخلتها باسم تأييد خديويها المضمونة حقوقه بالفرمان السلطاني وأقرت أمام دولة أوروبا أنها تحترم الفرمانات السلطانية والسيادة العثمانية ولا تتعرض لمس حق من الحقوق الخديوية فلا عجب إذا رأيناها أقرت مولانا الخديوي على أعماله ولم تتعرض لسلب حقوقه وقد تألمت الدول من ميل الوكيل البريطاني لمشاركة الخديوي في الرأي بادىء الأمر وعدت ذلك مساٌ للحقوق ونقضاً للعهود وهذا هو البرهان القوي على أن ما فعله الخديوي حق لا باطل فيه وأن تعرض الغير

سلب لتلك الحقوق بلا مسوغ. والآن تنتظر الأمة ما يحدث من انكلترا بعد ذلك فإن تركت الوزارة المصرية تدير أعمالها بحسب مقتضيات الأحوال المصرية وعلى ما يناسب أخلاق الأمة وعوائدها ومساعدتها على ذلك تحقق الكل صدق دعواها أنها دخلت مصر للإصلاح لا للاغتصاب والتغلب وأن أحدثت عراقيل وعقبات في طريق الأعمال المصرية نفر كل مصري وعلم أنها تريد استعباده واستخدامه في مصلحتها الذاتية وبهذا تفقد الثقة من باقي المصريين وتوجب تداخل غيرها من الدول في شأن كان لها فيه اليد الطولى والأمل في حزم مولانا الخديوي وحسن تبصر دولة رياض باشا أن تجري الأمور على السداد وتبقى المحبة متبادلة بيننا وبين رجال الانكليز الذين يسوءهم سماع صوت دولة أخرى في مصر ويسرهم ائتلافهم بالمصريين. ولا ننسى ما لحضرة اللورد كرومر من الحسنات في هذا الشأن فإنه اشتد في الأمر وصعبه وحتم على دولته تنفيذ آرائه فكرّر المخابرة في ذلك واستشاط غضباً وفعل ما لم يفعله وكيل قبله ولكنه لما رأى ثبات الخديوي الأفخم وشدّة محافظته على حقوقه ورفضه كل تداخل أجنبي في شأن بلاده تساهل وتنازل عن تلك الحدة وأقر النظارة الرياضية وهذا مما لا ننساه لحضرته ولا نقصر في شكره عليه ولقد بهره تجمع الأمة حول أميرها وامتلاء الديار فرحاً وسروراً بمحافظة الخديوي على حقوقه واستقلاله بتعيين من يراهم أهلاً لأعمال بلاده ورفضه التعهد باستشارة انكلترة في شؤنه وعلم أن قلعة جيش الاحتلال بمصر ربي المصريين ونبههم على ماكانوا عنه غافلين فانبعث فيهم روح الوطنية على اختلاف أديانهم وأجناسهم ولاذوا بأميرهم شاكرين انكلترة على ما قدمته إليهم من دروس التهذيب

والتأديب حتى ترشحوا للنداء بالعصبية المصرية وتأهلوا للقيام بأعمال بلادهم ولله در هذا الأمير الذي قاوم بمفرده كل قوة تدفعه عن حقه ولكن تقديس حقوقه الشاهانية كف أيدي العدوان عنه لكونه لم يأت شيئاً فرياً ولا ارتكب أمراً إدّا ولا زاد عن قوله قرن حياتي بالمحافظة على حقوقي وأنها لأكبر كلمة حماسة سمعت من أمير مصري. وفي هذه النقطة يجب علينا معاشر المصريين أن نلزم الهدوء والسكون في حركتنا وأن نكف عن القيل والقال فربما عثرت الألسنة بما لا نحب أن نسمع من أفواهنا وأن يشتغل كل منا بعمله الخاص أن كان إدارة أو تجارة أو زراعة أو صناعة فإن أوروبا تتربص بنا الدوائر وأقرب الإنذارات إلينا منشور اللورد غرانفيل الذي قال فيه إذا آل أمر مصر إلى الفوضى تداخلت انكلترة وفرنسا بالقوة ومع وجود المرحوم الخديوي السابق في مركزه آمناً سائداً نافذ الأمر لعبت اليد الأجنبية بنا وأثارت الخواطر وكدرت جو السياسة فهاجر نزلاء بلادنا بإيهام أعوان مثيري الخواطر والفتن وتم من التداخل والحرب والاحتلال ما تم. وحالتنا اليوم غير حالتنا بالأمس فإننا بين يدي أمير لا يختلف في الانقياد إليه اثنان وكلٌّ معتصم بالتعويل عليه والانتماء إليه وليس بأيدينا غير عصيٍ نشتريها بقرش وقرشين وجيش الاحتلال في قلاعنا وحصوننا ورؤساء الجند المصري من الأجانب ومياهنا خالية من أساطيل تحميها ولا حاجة تدعونا للتظاهر العدواني بل لا موجب لشيء تتحرك له النفوس لكون حقوقنا مكفولة فلم يبق إلا أن نتخلى عن كل هرج ومرج ونوجه آمالنا إلى عناية أميرنا وهمة وزيرنا ولا نكثر من تأويل العبارات والتهويل في التعبير بما يهيج النفوس ويوغر الصدور لرجوع شأننا في كل ما يختص بنا وبأميرنا إلى

نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه

سيدنا ومولانا أمير المؤمنين والدول العظام المؤيدة للامتيازات المصرية المحافظة على المعاهدات بحقوق الحضرة الخديوية الكريمة ومن رجع أمرهم إلى هذه الدول الكبيرة حقيقون بأن يعيشوا في ظل أميرهم آمنين على حقوقهم رابطين قلوبهم على محبته بعيدين عن كل من يمس حقاً من حقوقه أو يستخدمهم في غير مصلحته معاذ الله تعالى لائذين به لياذ الرضيع بصدر أمه مؤيدين وزارتهم بحسن معاملتهم وسيرهم بالحكمة مع الوطني والمستوطن فاعقدوا على محاسن الأخلاق الخناصر واقروا عواقب الطيش فأنها وخيمة والله يعصم فعلنا من الخطاء بفضله. نصيحة مخلص في خدمة وطنه وأخوانه يعلم كل مصري غيور على وطنه أن ما وصلنا إليه بهمة وعناية أفندينا عباس باشا الخديوي الأفخم غاية ما كانت تتصوّر لذي فكر ونعمة لا تقابل إلا بالحمد والشكر. والعاقل إذا وصل الغاية المقصودة له وحصل المبادىء الموصلة إلى الغاية لزمه أن تهدأ أفكاره وتسكن حركاته وأن يأخذ الأمر بالرفق والتأني ويبعد عن الطيش والحدّة والتهوّر لتكون الهمة المبذولة له لا عليه يعني أنه إذا فعل ما يحمد عليه وصل الغاية بسلام وأن تهور وتشوشت أفكاره بالحدة والتغيط انقلب سعيه عليه بالحجة التي يقيمها عليه خصمه من أقواله وأفعاله. ونحن نعلم جمعياً أن بلادنا استوطن بها معظم أجناس العالم ولم يأخذوا منا شبر أرض بحرب ولا دخلوا علينا بقوّة وإنما كان دخولهم بمعاهدات دولية بين حكومتنا السنية ودولهم فصاروا مثلنا في تمتعهم بالراحة والأمن

وحرية الأعمال. والتعرّض لهم بشيء ضار تعرّض لنفس الحكومة ومعاكسة لأعمالها. ونحن وأن كنا أبعد الناس عن الحركات العدوانية ولكن من لا يرضيه سكوننا ربما بث فينا أهل فتن أو أغرى بعض الحمقا على فعل ما لا يحمد تهييجاً للأفكار وتذرعاً للفتنة فأقدم خالص النصيحة لأخواني المصريين على اختلاف أديانهم أن يقرؤا العواقب ويبعدوا عن كل ما يكدّر الراحة وأن يعاملوا الأوروبيين المعاملة الحسنة ويسلكوا معهم طريق الأدب واللطف اللذين تعودوا عليهما وأن يكفوا عن العبارات المؤثرة في النفوس والطعن في أي دولة من الدول حتى دولة بريطانيا العظمى التي هي مرجع الاختلاف فإننا يلزمنا معاملة أفرادها معاملة الرفق واللين والإغضاء عن كل شيء تقدم فإننا الآن أحوج الناس لملاينة الأجانب والمساهلة معهم في كل ما يتعلق بالمعاملات. وكلنا يعلم أن عواقب الحركة السابقة في سنة 82 كانت وخيمة على البلاد وانتهت بما لا يحمده المصريون فكأنها إنذار أبدي يخوفنا كل وقت من سوء عاقبة الهيجان واشتعال الأفكار فليكن ذلك بين عين كل مصي تدفعه الأراجيف والمختلقات إلى التهور والحدة في الكلام خصوصاً ونحن نعلم أن بعض من تسموا بأسمائنا وظهروا بالتدين بديننا يتخللون المجالس والقهاوي والمحافل مهيجين ومقبحين لأعمال انكلترا وما يسعون إلا في إثارة الخواطر وخدمة الدولة التي تستعملهم آلة لحجة تلتمسها وبرهان تقيمه أمام أوروبا وليست الفتنة السابقة ما يروى من الأخبار البعيدة العهد عنا بل كلنا حضرها وشاهدها وعلم ما جرى من كل طرف من الأطراف التي كانت عاملة فيها. وحيث أننا جمعياً نثق كل

الوثوق بالحضرة الخديوية الفخيمة والحضرة الرياضية نترك لهما الأعمال السياسية والتصرف في حوادثنا وإدارتنا الداخلية والخارجية بما هو باعث ثقتنا بهما وما علينا إلا ربط القلوب على التعلق بمحبة الذات الخديوية وصدق النية في خدمة الحكومة والبلاد بالانقياد إلى الأوامر والبعد عن كل فتنة وهيجان وتهور والإخلاص في معاملة الأجانب بما يدخل عليهم السرور منا في كل وقت ولا يدعكم مخالفة دين البعض للتعصب عليه فقد قضينا ثلاثة عشر قرناً ونحن نعاشر أصحاب الأديان المختلفة معاشرة الأحباب وهي طريقة الأمن والسلام فألزموها تفلحوا ولا تنسوا مشاركة الأوربيين لنا في الفرح والسرور وتظاهرهم أمام الحضرة الخديوية بالثناء على همته والنداء باسمه يعيش عباس باشا وهذه صفات تلزمنا وتوجب علينا حسن المعاملة والاختلاط بهم في المجالس متبادلين الزيارات وعبارات المسامرة والملاطفة وبهذه المعاملة يظهر لنا الفرق بين التمسك مع محافظته على أصول دينه وفروعه فإذا انتهى من مسامرة المغاير ذهب إلى معبده. والمتعصب يحمل الغير على الأخذ بدينه ويلتزم الطعن في دين الغير فيهيج النفوس ويحركها للعدوان وهذه طريقة ما سلكها المصريون خصوصاً ولا المسلمون عموماً من عهد ظهور الدين الإسلامي إلى الآن. فأولى بنا أن نلتزم ما التزمه السلف الصالح من المحافظة على الحقوق الوطنية والاستيطانية ونظر المستقبل بمنظار يرينا الحقائق من شباك الهدو والسكون وأننا نرى بعض الأعداء يطرح أوراقاً فيها كلمات ساقطة والبعض يدخل المجالس باسم مصري يسب انكلترا ويذم أعمالها ويحرك النفوس ضدها أو

عناية سلطانية

ضد أوروبا والشيطان أفضل من هذا فإنه يوسوس ولا يسمع له صوت وهذا له صوت مؤثر في الضعفاء ففرقوا بين العدو والحبيب بما تسمعونه وإياكم والاغترار بكل مسموع أو مكتوب فالفتنة نائمة ولعن الله من أثارها فاسمعوا واجيبوا نداء مخلص في خدمة وطنه وأخوانه. عناية سلطانية امتلأت الديار المصرية فرحاً وسروراً بما ذاع بينهم من توجيه عناية سيدنا ومولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى إلى سيدنا وأميرنا الخديوي المفخم النائب السلطاني بتأييد مبادئه الحرة والمحافظة على حقوقه الممنوحة له بالفرمان الشاهاني إذا أمر سفير جلالته بلتدن أن يعلن حكومة انكلترا بأن ما جرياتها وتداخلها في حقوق مولانا الخديوي ومس حقوقه الفرمانية أو شخص حضرته يعتبره السلطان كأنه ضد فخامة جلالته بل ضد السلطنة الإسلامية العثمانية وأن السفير عندما بلغ انكلترا ذلك أعلنته أنها تحافظ كل المحافظة على الحقوق السلطانية والامتيازات الخديوية بمصر. ومن هذا يعلم كل عاقل أن ما إجراه الجناب الخديوي الأفخم لم يكن إلا محافظة على حقوق مكفولة برعاية السلطان الأعظم ووقاية اتفاق الدول العظام وأن ما كان يفعل ما إمارته قبل ذلك كان مخالفة للفرمانات والمعاهدات الدولية فلا تقره وترضاه دولة من الدول ولا نفس انكلترا التي أعلنت شدة محافظتها على حقوق سلطاننا وأميرنا ولكنا لا نؤاخذ رجالها بما اختاروه لأنفسهم من الأثرة بالرأي والعمل فقد قدمنا أن دول التداخل تجرب نفسها أمام الأمة المتداخل في شأنها فإن أغفلت نفذت وأن عورضت

اعتذرت وهؤلاء كانوا يفعلون بلا معارضة فما عورضوا بصاحب الحق الشرعي لم يكن لهم أدنى حجة على اختصاصهم بشيء من الأعمال وأقروا أن المستخدم عامل من عمال الخديوي إن شاء أقره على عمله وإن شاء استبدله بغيره بحسب ما يقتضيه النظام فنحن معاشر المصريين رجالاً وإناثاً صغاراً وكباراً نرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى أن يحفظ حامي حوزة المسلمين ومالك أزمة المؤمنين مولانا السلطان عبد الحميد خان وأن يؤيد كلمته ويقوّي شوكته وينشر ظله على كل أرض يسكنها مسلم وأن يبارك لنا في عمر مولانا العباس ويقوّي عزائمه ويجعله ملجئاً دائماً وحصناً منيعاً لكل خاضع لأمرة العالي وأن يعين دولة وزيرنا الأول على قطع عقبات التخاذل والتوفيق بين مصالحنا ومصالح الدول المتحابة معنا لوقوف كل من الوطني والمستوطن عند حده وتمتع المجموع بثمرات الإصلاح ونتائج الاتحاد. والحق تعالى يكلل أعماله بالنجاح ويحفظنا من فتن الكارهين للإصلاح الذين شأنهم نسبة الهمجية والخشونة إلى المصريين بعمالهم المصطنعين ولنا في أخواننا عظمي الثقة بأنهم يلاحظون عناية الخليفة الأعظم وتوجهات الخديوي الأفخم وينصرفون عن أهل الفتن من أجي جنس كانوا حتى لو وجدوا في أستاذنا شيئاً يميل بهم إلى الفتنة أو يدعوهم لسلب حق أجنبي أو وطني فليضربوا به الحائط أهانة وتنكيلاً. والله تعالى يديم لنا تبادل محبتنا مع نزلائنا محاطين بسور الأمن والسلام.

قصيدة مديح في الخديوي

قصيدة مديح في الخديوي شكر النعم ومدح الهمم المحضرة الفخيمة الخديوية والعواطف العباسية أفندينا عباس مصر الثاني بلغه الله جميع الأماني. بقلم العلامة الفاضل الشيخ سليمان العبد أحد مدرسي الأزهر الشريف اصعد بعزمك فوق هام الفرقد ... وأحلّ مصرك في المقام الأصعد فالنصر يقفو منك خير مقوم ... عوج الأمور بحسن رأي أرشد لله موقفك الذي بهر الورى ... بسكينة وعزيمة لم تجحد أيدت فيه حقوق ملكك بعد أن ... عبثت بها أيدي الزمان الأنكد ونشرت من رمس الخمول أمانيا ... لولاك لم تنش ولم تتجدد وقفت سيوف الهند وهي كليلة ... وحسام رأيك باتر لم يغمد والناس بين مكبر ومهلل ... مما رأى ومعظم وممجد يتفاخرون بعزمة المولى التي ... تستسهل الصعب القصي المقصد ويرون في تأييد حقك ظافراً ... عنوان ما يمضي ثباتك في غد قل للزمان وقل لأهليه اكتبوا ... تلك الفعال وقل لأوربا اشهدي كشف اليقين من الأمور حجابها ... بعد الشكوك وضاء نهج المقتدي فاسلم لمصر فأنت بدر سمائها ... لهداية الساري ورشد المهتدي واجعل بلادك جنة محفوفة ... لا بالمكاره بل بمحض السودد وانهض بعون الله في درج العلا ... وابن المآثر في حماك وشيد فالله كاليء سدة وردت بها ... آمال هذا الملك أعذب مورد والدهر خادمك الأمن مؤرخ ... نصر الخديوي دائم فليسعد سنة 1310

تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية

تاريخ البشري البهية بعود الوزارة الرياضية من إنشاء الفاضل الماجد والشاعر المطبوع الأديب سليمان أفندي عياد من مستخدمي الداخلية الجليلة قال أيده الله تعالى: برياض حلا بهاء الوزاره ... فانثنت بهجة وماست نضاره وإليها فخامة القدر عادت ... وعليها ألقى الوقار شعاره عاودتها روح النشاط فقامت ... تتشكى حال الخمول وعاره فهنيئاً يا أهل مصر هنيئاً ... بالوزير الذي علمتم فخاره بالوزير الحر الغيور عليكم ... من حمدتم أحواله واختباره من شهدتم آثاره من قديم ... وعرفتم نفوذه واقتداره هو ذا الشهم الذي صيته قد ... ملأ الأرض خبرةً ومصاره رجل القطر والمدافع عنه ... والمفادي له المحب اعتباره من رعى أمره فشاد علاه ... وبنى مجده وأعلى مناره يا وزير البلاد عودك عيد ... نتلقاه بالهنا والبشاره أي عيد فالأمر أجلى ابتهاجاً ... وشمول السرور أعظم شاره أي عيد فكل روح عليها ... قد أدار الصفو الحقيقي عقاره فليعش ملك مصر عباس باشا ... صائب الرأي فيك لا باستشاره فله الشكر دائماً خلد الله لنا ملكه وقوى انتصاره فاعتصم يا وزير منه ببأس ... لا يفل الزمان قطّ غراره وكما شئت أصدع بأمرك وأجبر ... وطناً يشتكي إليك انكساره قرن الله بالسعادة أيامك فيه حتى تقيم أزوراره

جمعية العروة الوثقى

فلأنت الذي تعلقت الآمال فيه وعودت أنظاره ولانت الطبيب للقطر ممامسه من نقيصة أو حقاره يالها منة رجوعك فينا ... بعد ما احكم القنوط حصاره فلنعم الأمام عدت إلى المحراب يا معدن الهدى والطهارة بارك الله في وزارتك الزهراء يا در تاج كل صدارة فإذن لأمراء أن قلت أرخ ... برياض حلا بهاء الوزارة سنة 1310 ـ 1013 ـ 39 ـ 8 ـ 250 جمعية العروة الوثقى تقدم لنا ذكر شيء من تاريخ هذه الجمعية وفضائل أعضائها الكرام والآن نقول أن مدرستها التي كانت بجوار بورصة التجار بيمنا البصل ضاقت بالتلامذة لكثرتهم فيها فاضطر حضرات الأعضاء للبحث عن محل يسع التلامذة الحاضرين ومن يزيد عليهم ووجدوا مكاناً فسيحاً في ملك اسماعيل أفندي شعث أمام مسجده بأول شارع كوم الشقافة البّراني ونقلوا إليه التلامذة فنثني على همة الأعضاء الكرام وقيامهم بهذه الخدمة الجليلة مع كون عددهم لا يزيد عن تسعة عشر رجلاً ولله در رئيسهم الفاضل محمد أفندي طاهر ومدير المدرسة الماهر اللوذعي عبد القادر أفندي سري فغن كلا منهما قائم بما فوض إليه أحسن قيام وقد قبلوا في جمعيتهم المجللة بحسن العمل حضرة الفاضل الكامل أحمد بك صبري الباشمهندس بالسكة الحديدية والدمتور محمد أفندي رأفت حكيم القسم الرابع بإسكندرية وانتهى العدد على واحد وعشرين عضواً وهم المؤسسون والمعضدون وسنذكر أسماءهم جميعاً في عدد آخر تخليداً لذكرهم

الجميل ومن أحسن ما يذكر لهم أن كلاً منهم له وظيفة في المدرسة فمنهم الرياضي ومعلم العربي ومعلم اللغة الفرنساوية والطبيب القائم بعلاج التلامذة وبهذا نجحت المدرسة نجاحاً عظيماً ومن اشتغل منهم عن المدرسة نهاراً جاء ليتعلم من أخوانه ليلاً فهم على الدوام ينفعون وينتفعون كلل فعلهم الخيري بالنجاح. أنا لله وأنا إليه راجعون سبحان من تفرد بالعزة والبقاء وقهر العباد بالموت. ولن يؤخر الله نفساً إذا جاء أجلها وقد كان آخر الأجل المقدر لوالدنا المرحوم السيد مصباح بن السيد ابراهيم الإدريسي الحسني الدقيقة التاسعة والعشرين من الساعة التاسعة العربية من ليلة الأحد الموافق 4 رجب سنة 1310 و22 يناير سنة 1893 وكان مولده ببلدة الطيبة من قرى مديرية الشرقية في اليوم العشرين من شهر ذي الحجة سنة 1234 ووفاته في التاريخ المذكور قبله فعمره خمس وسبعون سنة وستة شهور قمرية وأربعة عشر يوماً وفي الساعة الثامنة من يوم الأحد خرج مشهده باحتفال تفضل علينا بالحضور فيه لفيف من العلماء الإعلام وفريق من الذوات الفخام وجماعة من النبهاء والأعيان والجهاء وصحبونا إلى المقام الحسيني الشريف حيث صلى عليه فيه بإمامة الأستاذ العلامة السيد حمرة فتح الله وبعد الصلاة قرى نسبه الشريف على إسماع هذا الجمع المنيف ثم حمل محفوفاً بهؤلاء المتفضلين بهذا الاحتفال وعند ما بلغنا رأس الشارع الموصل إلى القرافة ترجيناهم في الرجوع شاكرين سعيهم

فأبوا إلا المشي معنا إلى القرافة فلم نجد بدا من امتثال أمرهم وفي الساعة الحادية عشرة أقفل عليه باب جدته وأودعناه في روضة من رياض الجنة إن شاء الله تعالى وسنأتي على تاريخه وبعض تاريخ آبائه في وقت آخر إن شاء الله وما وصلنا البيت عائدين من القرافة حتى وفد علينا جموع الأمراء والعلماء والوجهاء والأعيان فنقدم الشكر لهؤلاء الذين أسرونا بتفضلهم وجبروا خاطرنا بعنايتهم بنا في هذا المصاب كما نشكر اشتراك أصحابنا محرري الجرائد معنا في الإحساس بآلام هذا الفراق وتفضلهم برثاء المرحوم وعيادتنا بأنفسهم فكان ذلك فضلاً من فضل ونقدم الثناء على أخواننا الوطنيين الذين أرسلوا التلغرافات تترى بالتعزية والتسلية لا أراهم الله مكروهاً والصبر على هذه المصيبة مرجو من الحي الذي لا يموت. عبد الفتاح نديم عبد الله نديم رجاء أصدرنا هذا العدد ثلاث ملازم لاشتغالنا بمأتم المرحوم والدنا فنرجوا الصفح من حضرات المشتركين عن التقصير في إصدار الرابعة ولهم الفضل ـ تأخر لدينا كثير من الرسائل والقصائد وسننشرها في العدد الآتي إن شاءالله.

العدد 24

العدد 24 - بتاريخ: 31 - 1 - 1893 لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام كثرت الأقاويل وجاهر الأجراء أضداد المصريين بقولهم أن الأمن العام مهدد أو كان مهدداً وهو قول لا يقوله إلا من يسؤه انتظام أحوال المصريين ومساواتهم للأمم في الأعمال المدنية والمحافظة على سلطة حاكمهم الأفخر وسلطانهم الأكبر فإن المسألة الأخيرة التي عدت تظاهراً وتهديداً وهرجاً ومرجاً وذهبت فيها أقوال المرجفين كل مذهب مسألة بسيطة جداً أولها وآخرها إقالة الحضرة الخديوية لوزير واستبداله بأخر لا تزيد على ذلك شيئاً ولا ينطوي تحتها أكثر من تصرف أمير بحقوقه المجمع عليها من دول أوروبا. فإن قيل أن حضور العدد الكثير من الأمة لباب أميرهم زائرين ومهنئين باسترجاعه حقوقاً كان قد أضاعها التهاون والخمول هو التظاهر الذي هدد الأمن العام. قلنا يلزم على ذلك أن يعد كل من الاحتفال بتذكار مولده وولايته والعيدين تظاهراً فإنه عبارة عن وفود الأمة على الخديوي مهنئين بأمر يستحق التهنئة كهذا الذي حصل أخيراً.

ومن أين فهموا تهديد الأمن العام لرأي المرجفون أحداً من المصريين يخاطب أجنبياً أو سورياً بكلمة قبيحة أو حمل عصا بيده خلافاً لعادته أو تعرض لسلب مال أحد أو هتك عرضه أو تجمع فريق من المصريين ضد جماعة من الأجانب أو استخف أحد بحق دولة من الدول أو أهان خادماً لقنصل أو ضرب كلباً لأوروبي وتوقف مدين في دفع دينه لمعامله الأجنبي أوصال فلاح على أوروبي أو سوري متجول في البلاد أو خرج مصري من خدمة أجنبي احتقاراً له أو منعه السكنى في بيته أو هاجر من جواره استخفافاً به أو وقفت تجارة أوروبا بتعصب المصريين أو تحيز المصريون في قهاوي ومجامع غير الأوروبين أو سمع صوت من صغير أو كبير ينادي بالتعصب الديني كما نراه من البروتستانت والفرير وغيرهم أو تطاول أحد لمس حق من حقوق المجالس المختلطة أو امتيازات القناصل أو تعدى مصري على مستخدم أجنبي برفت أو أهانة أو رؤى المصريون يشترون سلاحاً وآلات استعداداً لفتنة يثيرونها أو ما هو الذي ارجف به المرجفون وطنطنت به جرائدهم المهيجة بإيهامها ومفترياتها. لو حصل شيء من ذلك لبادر القناصل بأخبار دولهم ورفعوا التقارير إلى الحضرة الخديوية فإن كل دولة لها تابع في بلادنا أو تجارة تعد شريكة لانكلترا في المصلحة لا تزيد عنها شيئاً فإن طريق الهند الذي كان المصلحة الكبرى لها صار مكفولاً بالدول محمولاً على عواتق غير مصر فلم يبق إلا المحافظة على الإتباع والتجارة أسوة الدول الأوروبية. فبقاء المصريين على مخالطة الأوروبيين ومعاملتهم التي تعودوا عليها ومساكنتهم

لهم وتبادلهم الأفكار معهم في المجالس والمجامع ووجود الدوائر القنصلية محترمة محفوظة آمنة من كل ما يشوش الفكر أو يوجب القلق ووجود العساكر الانكليزية في الحصون والقلاع والطرقات لا يعارضهم معارض ولا يتجزأ عليهم أحد أدلة قاطعة على عدم صحة تلك الأراجيف وبراهين قوية على أن المصريين ما مسوا الأمن العام بقول أو فعل يغايره ولا غيروا سيرهم الذي مشوا عليه في معاملة الأجانب من مائة سنة مضت. ومن أكبر الأدلة على أن هذا الأرجاف لا حقيقة له وجود بقال أجنبي في خمارته بقرية من قرى الريف لا مسيحي فيها غيره ولا عسكر يحميه ممن يصول عليه ولا قنصل يدافع عنه ومع ذلك فإنه مختلط بأهل القرى سهران معهم متردد على بيوتهم آمن على نفسه وماله أحسن ما يكون في أثينا وغيرها لا يصحب الواحد منهم خادم ولا معه سلاح ومع ذلك لا يتعرض إليه أحد ولا ينافره بسبب ولا يضيع له قرض بل يمشي مكرماً محترماً يخدع الفلاح ويغشه ويمكر به وهو يكاد يحمله على رأسه إكراماً. وهذه حقائق لا ينكرها الأبله ولا يتجهلها المعتوه. وليست أوروبا غافلة عن هذه الأحوال ولا جاهلة ما نحن عليه فإنها تعلم أحوالنا الكلية والجزئية وتعمل الموجب لهذه الأراجيف التي لا وجود لها ولا يعترف بوجودها إلا أضداد المصريين الذين شوشو الأفكار الانكليزية بمفترياتهم وأوهموهم بما اشغلوهم به من الأكاذيب وعكس الأقوال بترجمة كلام المصريين بضد مرادهم تنفيراً للانكليز وتهيئاً للفتنة وإلا فإن الحال تكذبهم بعد تصديق أوروبا على

دعواهم الباطلة ووجود الأشغال والأعمال على ما هي عليه لم يتغير منها شيء خوفاً من حصول ما يرجف به أضداد المصريين. أفمن يكون من ِشأنهم أنهم نزلوا من سراي أميرهم إلى أصحابهم الأوروبيين مجلسين ومتذاكرين ولزموا أشغالهم وأعمالهم كأن لم يكن شيء يقال أنهم هددوا الأمن العام بهذا السكون سبحانك هذا بهتان عظيم ومن الغريب أننا نسمع عن أوروبا أن النهليست تظاهروا بكذا وفتكوا بالملك فلان والسوسياليست فعلوا كذا والكمون أجروا كذا وحزب كذا تظاهر بكذا والغزالون توقفوا عن العمل وفعلة الفحم أبوا إلا زيادة الأجرة وقوضت دائرة كذا بالديناميت وتظاهر الأرلنديون بالسلاح ضد البوليس ويخشى على الجمهورية من حزب كذا ثم من العجيب أنه لا يعد سعي الأحزاب في قلب الدول ولا قتل القيصر المحترم ولا هدم الأماكن بالديناميت تهديداً للأمن العام وتعد زيارة الأمة لأميرها تشويشاً للأفكار وسلباً للأمن العام وموجباً لزيادة الحامية. أصرنا أقل درجة من الزولوس والأوغنديين حتى نهدد بدعوى التهديد ولا نعرف ما نحن عليه ولا نفرق بين الأمن والخوف أن هذا لهو البلاء العظيم والذي ينبغي أن يعرفه أضداد المصريين ليقفوا على سبب فرحهم بحالة أميرهم المعظم هو أن المصريين كانوا يعدون زيادة سلطة الأجنبي وتوسعه في اختصاصاته الإدارية واستبداده بمال المصري وأحكامه أمراً حاصلاً برضا أميرهم المرحوم توفيق باشا وقد تعودوا على الانقياد والخضوع لأميرهم القائم بأمرهم فلهذا لم تسمع منهم كلمة معارضة لأي أجنبي استبد عليهم في مدته فلما رأوا حضرة الخديوي الحالي سعى في أمر هو له بمقتضى فرمان وراثته وفرمان ولايته وقوبل

فيه بشبه المعارضة علموا أن تلك الإجراءات التي سبقت كانت بسلب الغير حقوق مسند الخديوية واستئثاره بما يراه صالحاً لنفسه ودولته لا لمصر ولا للمصريين وعادوا لأنفسهم يتذاكرون فيما جرى من طرد الوطنيين من الخدمة واستبدالهم بأوروبيين أو أضداد المصريين وصرف النقود الكثيرة فيما لا يعود على البلاد بمنفعته وتوسيع نطاق اللغات الأجنبية في المدارس إماتة اللغة الوطنية واستخدام الأجنبي بالراتب الباهظ الذي لا يناله العظماء في بلاده وإعطاء الوطني الراتب القليل مسلماً كان أو قبطياً وإصدار الأوامر المختصة بالمصادر العالية من أصغر موظف أجنبي وسلب حقوق الإدارات الوطنية وجعل رؤسائها آلات يديرونها فيما يشاؤن وغير ذلك مما كان مدرسة كبرى للمصريين أحسنوا فيها دراسة الأحوال وكان أكبر منبه لهم على طلب حقوقهم تعصب أضداد المصريين الذين قبحوا كل عمل مصري وتطاولوا على أمرائهم وذواتهم بالشتم القبيح وزادوا في السفه إلى حد أن تطاولوا على السلطان الأعظم بعبارات بادرة وتهجين فظيع. وهذا الذي حمل المصريين على الفرح بمحافظة الخديوي على حقوقه ورجوعه إلى وجهة أجداده لعلمهم أن حقوقه هي حقوقهم في الواقع ونفس الأمر أفيكون فرح الأمة بسعي أميرها خلف حقوقه المقدسة تظاهراً عدوانياً وتهديداً للأمن العام كما يزعم المرجفون. وليس تألم المصريين من الأجانب والأضداد لكونهم أجانب فإنهم يتبادلون الوظائف مع هذين القسمين من عهد المرحوم أفندينا محمد علي باشا ولا ينكرون فضل بعض الأوروبيين السابقين في إصلاح بعض الإدارات وإنما تألمهم من تعصب هذين القسمين عليهم

واختصاصهما بمعظم الأعمال وأدائهما أن المصري لا يصلح لعمل ورفتهما شبان المصريين وإحالتهم على المعاش مع استخدامهم الشيوخ والكهول منهم وهو تعصب لا يخفى على المغفلين فضلاً عن النبهاء وما ساعدهم على ذلك إلا فتورهم القائمين بالأعمال من رؤساء المصريين وتهاونهم التهاون القبيح فإن الأجانب وأضداد المصريين لم يأخذوا الوظائف باستحقاق ولا اغتصبوها بحرب وإنما استلانوا الرؤساء فلانوا فاستبدوا ـ على أننا لو قابلنا بين الأعمال الأجنبية والأعمال الوطنية لوجدنا الفرق غير داخل في باب الإصلاح مطلقاً إا ما هو إلا زيادة راتب الأجنبي إضعاف ما كان لسلفه الوطني والعمل هو هو وربما كانت هناك فروق تؤيد الوطني لا يمتد القلم لبسطها الآن إلا أظهر أضداد المصريين عجز المصري واقتدار الأجنبي في عمل يقال كان كذا فساداً فصار إلى كذا صلاحاً ويعلم الله أن هذا لا يوجد في مصرنا ولا يقول به إلا أجير لا يبالي صدق أو كذب فإن الأجنبي لم يدخل علينا مستعمراً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ القوانين ووضع لنا النظام وإنما دخل على حكومة نظامية مؤسسة على قوانين لا تخالف قوانين أوروبا مقسمة إلى إدارات كتقسيم ممالك أوروبا لها مدة تعامل أوروبا وتعاهدها كبقية الدول المتمدنة فهو يدير حركة تأسست من تسعين عاماً على نظام وضعه الرجال الوطنيون وكم مرة رأيناه يحاول تغيير شيء من النظام المصري فلم ينجح ويعود لما كان عليه المصري المدعي عليه الآن أنه لا يصلح للأعمال ولس فيه أهلية لخدمة بلاده وهذه دعوة باطلة وفرية قبيحة لا يقولها لا أضداد المصريين الذين غاية مساعيهم ضررنا وإفساد ذات بيننا وجملنا طعمة للأجنبي وهذه الآلام التي

يحس بها المصريون لا توجب فتنة ولا تحركهم لثورة كما يفتري ذلك أضدادهم بل تلزمهم باللياذ بأميرهم والفرح بعودة السلطة الوطنية ليشابهوا الأمم المحافظين على حقوقهم المتمتعين بمنافع بلادهم. ولو علم أضداد المصريين أن كثرة أقاويلهم ومفترياتهم وتحاملهم على الأمير والسلطان بلا تحاش ولا حياء هي التي تعد ذريعة لسلب الأمن العام لأحسنوا العبارة ووقفوا مع الوطنيين والأوروبيين في موقف السكون والهدوء وراحة الأفكار. ولو نظرنا إلى الجرائد غير المشيعة لرأيناها سالكة طريق الاعتدال معلنة بأن الأمن العام لم يمس بشيء فهذه جرائد الوطن والأهرام والاتحاد والبوسفور والمحروسة والفار وغيرها تنادي بأن الأمن العام قوي الأركان فضلاً عن الجرائد الإسلامية المؤيد والنيل فلم يبق إلا الشاذة التي غرست الأحقاد في القلوب ونفرت المصريين من الانكليز وأعمالهم بسوء سياستها وتظاهرها عليهم وهذه عادة الأحمق يريد أن ينفع صاحبه فيضره من حيث لا يشعر ـ ثم أن المصريين يعلمون أن بقاء الأوروبيين بينهم للتجارة والزراعة والصناعة والاستيطان حصن حصين بينهم وبين الدول العدوانية فهم يعقدون خناصرهم على صدق مخالطتهم وحسن معاملتهم كما هي عادتهم فإن التعرض لنابع دولة يوجب تداخلها في أحوالنا وهذا غير خفي على أضعف المصريين إدراكاً ولو علم أضداد المصريين أن النداء يفقد الأمن العام نداء لأوروبا بالتداخل في شأن مصر فيجعلون للدولة المستأجرة لهم شركاء بجهلهم لكفوا عن هذه الإشاعات ولكنهم عن طرق الهداية عمون. ونحن معاشر المصريين على اختلاف أدياننا نعلن أضدادنا المرجفين ومن

ينافقونهم أننا لا نستبدل السكون بالحركة ولا الأمن بالخوف ولا ننافر أوربياً ولا ندر صفو الراحة بالفتن التي تثيرونها لينتفع الغير بها ولا نرجع عن معاشرة الأجانب ومعاملتهم ومزاحتمهم في أندية الأنس والسمر ولا نغير شيئاً من طباعنا التي جبلنا عليها ولا ننسى تظاهر الأوروبيين معنا بالفرح والسرور وتوافق خواطرهم معنا وإحساس جموعهم بما تحس به من الآلام المعنوية فقد نبهتنا كثرة الفتن السابقة وسعي المرجفين في إفساد ذات البين ووقفنا على دسائس المرجفين وغاياتهم وعلمنا سوء مقصد موزعي الأوراق في الطرقات تهيجاً للأفكار والواقفين في الشوارع من الأجراء يسبون عظيماً ويشتمون أميراً يحركون بذلك أحد الوطنيين للتعرض لهم ليقال أن الوطنيين تعدوا على الأجانب وهي حي صبيانية عرفها الأوروبيون قبل المصريين فكل هذا مرسوم بين أعيننا. وأني بصفة كوني عضواً من أعضاء الهيئة الوطنية أزيد أخواني نصحاً بأنه يوجد أناس يتخللون المجالس مهيجين فإنهم أجراء مناحيس واخرجوهم من مجالسكم مدحورين لئلا يحركوا فيكم حمية غضب بها تحدثون ما لا يحمد ولا يناسب السكون الذي تطالبنا به الحالة الحاضرة. ويوجد أناس من الحشاشين واللصوص والأشقياء والأسافل اتخذوا النم والكذب وظيفة لهم ينسبون إليكم أكاذيب ومفتريات فإذا رأوا أنساً اجتمعوا في مأتم لتعزية صديق لهم قالوا أنهم يدبرون ثورة ويؤلفون حزباً ويثيرون فتنة وهذه الطائفة التعيسة غير خفية عليكم فلا تدخلوهم مجالسكم

اغرب ما رؤي في مصر

فإنهم لا ينمون عليكم إلا بمفتريات يرضون بها من استعملهم وقد تحقق كل مصري أن هذه الشرذمة هي أم الفتن وجرثومة الفساد وكم تعرضت لاتهام أعيان ووجهاء بأكاذيب لا حقائق لها ولو أردنا بيان أعمالها السيئة وما أجرته من المفاسد والمضار لملانا دفاتر بمفترياتها وأباطيلها كيف وأفرادها كل وضيع لا ذمة له ولا شرف وليست قاصرة على جماعة محصورين في دائرة بل هي عبارة عن كل متخذ تجسس أحوال الناس عادة له سواء كان من الأهالي أو من أضداد المصريين الذين يريدون أن يؤيدوا مراكزهم بين الأجانب بإحداث الشغب والفتن وقد أدبتنا الأيام وقلبتنا الحوادث على جمر المصائب فليقبل كل منا على عمله الخاص به وليحذر من الأجراء وأضداد المصريين وليجعل أعراضه عنهم لجاماً يلجمهم به بل سكيناً يقطع به ألسنتهم التي لا تنطق بخير فلا بأميرنا المعظم أكبر ثقة ولنا في وزيرنا المفخم أعظم أمل ومن وقفت بهم ثقتهم وأملهم عند هذين الحصنين المنيعين كانوا آمنين من كل ما يكدر جو سياستهم صادقين في قولهم لا دليل على دعوى تهديد الأمن العام. اغرب ما رؤي في مصر عند طبع العدد الماضي من جريدتنا أردنا أن نضع فيه أبياتاً من قصيدة جعلناها نصيحة للشرقيين عموماً والمصريين خصوصاً وقصيدة جعلناها عرض حال مقدماً للحضرة الخديوية ولما رأينا الوقت يضيق عن جمعها ورأينا أننا مشغولون بالمأتم ولا نتمكن من مفارقته لتصحيح تلك الأبيات وما معها من الرسائل أخرناها لهذا لعدد فلما بلغ أضداد المصريين أننا رفعنا أبياتاً من

الملزمة الأولى أخذوا يبحثون عن مسودتها وتراسلوا إلى المطبعة جماعات يطلبونها من الخدمة بمال يبذلونه وأخذوا يزيدون في الجعل حتى أوصلوه إلى مائة جنيه يزعمون بظنهم الفاسد وحقدهم الذي كاد يمزقهم غيظاً من الأستاذ أن تلك الأبيات تدعو إلى ثورة وهو زعم من لا عقل له ولا فيه أدنى تصور فإنهم لو كانوا من صف العقلاء لحكموا باستحالة نشر الكلام ثوري في جريدة يقرؤها الوطني والمستوطن ولإقامة الدليل على جنونهم ورغبة في قطع ألسنتهم وألباسهم ثوب الخزي أثبت الأبيات الأولى في هذا العدد وأثبت القصيدة الخديوية في الآتي لأعرض ذلك على ألي الألباب لعلهم ينصفوننا من تصدي أضداد المصريين لتأسيس الفتن وترددهم على أبواب وكلاء الدول بالأكاذيب والأراجيف التي يفترونها على أوروبا وعلى المصريين ـ أما الأبيات الأولى فإني أقول للمصريين والشرقيين. وحاشوا أناساً أشر بواجب غيركم ... وهم منكم لكن يسرهم الشر المكروه مثالهم بعض الألى أنشأوا لكم ... جرائد يزهو في صحائفها السطر ومن بات مسروراً بخدمة غيركم ... ومثر له من فضل أعدائكم وفر ينادونكم للغير باسم صلاحكم ... وسم الأفاعي في صناعتهم حبر أزيلوا بني ودي تنافركم ولا ... تميلوا لما ضر الصدور به الغمر الحقد تنافركم بالدين ينثر جمعكم ... ويجعلكم نوقاً يشردها النبر فلستم رجال الفتح حتى تخاذلوا ... فقد جئتم والكون مقعده وثرموطا مذاهبكم شتى وكل بدينه ... قرير عيون لا يحوله النعر الخلاف

فليس لكم إلا المواطن وحدة ... وليس لكم إلا عزائمكم مهر خذوها بني الشرق الأثيل خطيبة ... تجود بنصح قد تضمنه الشعر تحدث صدقاً عن عيان وتبتغي ... صلاحكم بالجد فهي لكم حبر فكونوا كما كان الألى أسسوا لكم ... مواطن يحلو في مساكنها القر وشدوا عرى الأزرار فوق عزائم ... تضيع إذا ما كان في النزق الزر وردوا الأخاء الحق بين عشائر ... بنفرتهم أودى بوحدتنا الشجر وسودوا بعدل معه حسن سياسة ... تؤيد ملكاً كل تابعه عفر أسد ونادوا بأن الشرق حر وأهله ... وسيان في المأوى التعمم والزنر لبس الزنار ولا تجعلوا حرية الدين ضلة ... وسيرا مع الأهوا فذاك هو الوزر بل القصد أن نمشي على أصل ديننا ... فلا ينتحي نهي ولا ينتفي أمر ولا تجعلوا التوحيد سوء تعصب ... على النزلا لو كان دينهم الكفر ففي ذمة السلطان قوم إذا دنوا ... من العدل والأنصاف صانهم الوصر العهد وأن جنحوا للغير ضيقاً بفعلكم ... جرى خلفنا من كل ناحية عقر جمع عقور فلا ملك إلا بالمساواة والأخا ... ولا حر إلا من تنكره الحجر ومن زاد في طنبورنا بعد نغمة ... لشق عصا التوحيد فالحكم التبرالهلاك ولسنا نرى ذا الملك يغمد سيفه ... وقابضه عبد الحميد له أثر فرند مليك له في الشرق صدق محبة ... توهجها تحت الضلوع له زفر سريرته أنقى من الضوء في الصفا ... وسيرته الحسنى بأفواهنا شور عسل امولاي أنا في حماك رعية ... بحكم أمير في الملوك له قدر خذ العفو وأمر تلق في الشرق أمة ... سليقتهم طوع وفطرتهم عدر جرأة

يناديك منه كل ثبت ومخلص ... على حبكم في مهده قطع السر فرد الألى خانوا عهودك للفنا ... وقل للألى والوك يحيا بكم فخر ولسنا نرى نقض العهود مع الورى ... جزافاً ولكن لا يخامرنا الضمر الهذال تبري منك الذات عن ظلم أمة ... ولكن حواليك القليل به عذر فسن الستاوي واحتكم وأعف واصطبر ... تر الجثث الموتى يحركها النشر فعندك من أهل السياسة سادة ... طبيعتهم حزم وحليتهم حذر وقد تفعل الأقلام ما لم تصل له ... مدافع في الهيجاء ويصحبها النصر فرب الأهالي يا أمام بحكمة ... وعلمهم علماً يطيب به الشكر وعمر بلاداً بانتشار معارف ... وإصلاح أرض لا يرى أهلها الضر ولا تعط شبراً للأجانب واحتفظ ... فما بعد ذا إلا التنازع والكر وأوقف مسير الالتزام لفتية ... تراهم رعايا والجميع لهم مكر وبث رجال العمل في كل قرية ... لتعليم دين عنده يقف الظفر ووحد ضروب الحكم بين رعية ... يؤلفها التوحيد ما بقى العمر وخر للقضاء والحكم أكفاء وانتقد ... قضائهم فالترك غايته الهدر وشدد على أهل الفساد عقابهم ... وقرب رجال الحق ينتظم الأمر وأبعد جميع الأدعياء فإنهم ... يسيرون في طرق يسر بها الغير ولست نصوحاً يا أمام بلهجتي ... فأنت أبو الإرشاد ديدنك الخبر ولكن كليمات تترجم عن نهى ... جموع لهم في باب سدتكم نقر فزدنا التفاتاً للخديوي أميرنا ... نزدك ولاء لا يخالطه نفر

محل نظر

رضينا بما ترضى فأنت أمامنا ... ونائبك المحبوب سادت به مصر أمير رأى حق البلاد مضيعاً ... بترك حقوق في العهود لها ذكر فشدد في حفظ الحقوق بهمة ... ولم يثنه التهديد يوماً ولا الشزر الصعوبة وما ذاك إلا أن أمرك حاكم ... له بحقوق لا يضيعها قسر وأنت أمير المؤمنين مؤيد ... لسيدنا العباس دام له الخير وستدرج في العدد الآتي القصيدة الخديوية التي مطلعها وما بعده أمولاي أني في حمال نظام ... وأنت لنا في العالمين أمام فديناك مصر تحت أمرك فاحتكم ... فحقك فيها يا أمام لزام وقد أقمنا كل بيت من هذه الأبيات مقام سكين يقطع به ألسنة أضداد مصر ووضعنا على باب كل بيت مزلقاً إذا جاء أحدهم للدخول فيه متلصصاً هوى على أم ناصيته وذهب غير مأسوف عليه فما هذه الأبيات إلا صواعق ترمى بها أعداء الدولة العلية وأضداد الأمة المصرية من شياطين يأكلون لحوم الناس ويعيشون ببيع مياه وجوههم بلقمة خبز أو كأس خمر وعسى أن يرجعوا عن ترهاتهم ومفترياتهم وما هم فيه من الإفساد وتحريف الكلم عن مواضعه فلا نعود لتحميل القلم أوزار ذكرهم على لسانه حتى لا يصر متألماً من خط سيرة من يسعون في إضلال العباد وتخريب البلاد. محل نظر رأينا في جريدة اللطائف الغراء ما نصه ـ قال بعض الفضلاء يا ليتهم يضعون مادة في قانون المحاكم أن كل قاض من أي طائفة كانت

يثبت عليه أنه متعصب يمحى اسمه من سجل القضاء بعد ظهور تعصبه في عشرة أحكام يصدرها. وأن يباح لكل إنسان أن يبلغ عنه ما يراه من هذا القبيل (اللطائف) لو تم هذا القانون لعزل أكثر قضاة سورية وبعض من قضاة مصر ولو أبيح البلاغ لظهر أن بعض القضاة لا يستحقون أن يكونوا في أقل المراتب في الهيئة الاجتماعية علماً وعملاً. تم قالت أيضاً ـ طلب إلينا من وجه أدبي أن نوجه أفكار جناب المستر سكوت المستشار القضائي إلى الأحكام التي تصدر من القضاة بين اثنين مختلفي الطوائف وجنسية القاضي الذي أصدر الحكم بالنسبة للمحكوم له أو عليه؟؟؟؟؟. (الأستاذ) من المعلوم أن كل قاض لا يصدر حكماً من الأحكام إلا أسنده إلى مادة من مواد القانون ولا يعترض عليه بمراعاة الشديد والأشد والخفيف والأخف بعد اعتماده على القانون الذي كلف بتنفيذه وعدم الخروج عما دون فيه فلو وجهت اللطائف اعتراضها إلى القانون بالنظر لمن تألم لها من أحكام صدرت ضده قانوناً لكان أولى من الاعتراض على الأبرياء فإنه لا يمكن إثبات تعصب القاضي بعد إسناد الحكم إلى مادة قانونية اللهم إلا إذا كان قضاة سورية وبعض قضاة مصر يصدرون أحكاماً غير مسندة إلى حكم شرعي أو نص قانون ولا يقول بهذا أحدا. وأما المبلغ عن القضاة فإنه أما أن يكون خصماً حكم عليه فهو خصم للقاضي بالطعن في أحكامه فبلاغه باطل وأما أن يكون محامياً خسر قضيته بحكم القاضي فبلاغه يناقض علمه بالقوانين التي أسند القاضي حكمه إليها فالبلاغ من غير هذين لا يكون إلا أخباراً بغير الواقع ومثل هذا لا يعزل به قاض ولا يمس شرفه. وأما وجود من لا يستحقون أن

يكونوا في أقل المراتب علماً وعملاً من القضاة فهذا موجه إلى من انتخبوهم بالامتحان وأعطوهم الشهادات القاضية باستحقاقهم وظيفة القضاء فيكون رجال الدرجة الأولى من الحكومة المصرية والدولة العلية هم الذين لا يستحقون أن يكونوا في أقل المراتب علماً وعملاً. وينضم إليهم علماء أوروبا الذين أعطوا الشهادات لمن درسوا القوانين عليهم. أما طلب توجيه أفكار المستر سكوت للنظر في الأحكام التي تصدر من القضاة بين اثنين مختلفي الطوائف وجنسية القاضي فيغلب على الظن أن المراد أحداث هيئة قضائية لا مصري فيها أو إنشاء محكمة لكل طائفة وجنس من الطوائف والأجناس الحالة بمصر وإلا فما هذا الطلب مع وجود المستر سكوت في النظارة ملاحظاً ومدققاً وله مفتشون ومراجعون للأعمال والأحكام فإذا هذه النظارة مختلة النظام محتاجة لغير مصري يدير حركتها وينظمها كيف يشاء ولم لم يطلب هذا الطلب في الأحكام التي تصدر من المحاكم المختلطة بين مختلفي الطوائف وجنسيات القضاة وربما كان القاضي المصري يخالف المدعى عليه المصري جنساً وطائفة ومع ذلك ما اعترض عليها مصري هذا الاعتراض. وأظن أن تحديد التعصب في عشر قضايا إشارة لما سبق الإدعاء به على قاض من أفضل فضلاء مصر أنه تعصب لجنسيته فيها وبالتحقيق ظهر أنه راعي مصلحة الغير أكثر من مصلحة الوطني وكان يمكنه أن يراعي الوطني قانوناً وحقاً ولكنه التزم الطريق الوسط وإذا كان هذا لا يستحق أن يكون في أقل المراتب علماً وعملاً فما بقى من يصلح للقضاء بمحاكم الشرق وبالجملة فإن القضاة أحرار يريئون من التعصب حجتهم القانون وكان الأولى بمن تظلم إلى اللطائف إن يتظلم إلى

سؤال؟

هيئة أعلى من الحاكمة عليه ثم إلى أعلى منها وهكذا حتى يقطع درجات المحاكم فإذا انتهى أمره على يد جميع القضاة كان الطعن لا في بعض المصريين بل في كل قاض مصري مسلماً كان أو قبطياً. ولعل القلم جرى بغير إرادة المحرر فإننا نبرئه من كتابة ما هو طعن في نظارة ممتلئة بالأفاضل العدول المنزهين عما يشبن المجد أو يدنس الشرف. سؤال؟ ما هو البرهان الذي رآه سيدنا يوسف حتى عاد عن الهم بامرأة العزيز فقد اختلفت العبارات فيه؟ أحمد ذكي. بالفشن. الأستاذ ـ اعلم أن الهم مشترك في اللفظ مختلف في المعنى فإنه منها كان يقصد الفاحشة ومن سيدنا يوسف لدفعها عنه والدليل أن الله تعالى قال قبل ذلك في جانبها وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت هيت لك فاثبت مراودتها التي تثبت أن همها كان للفاحشة خصوصاً وقد وجدت القرائن من تغليق الأبواب وقولها هيت لك. وقال في جانب الصديق قال معاذ الله أنه ربي أحسن مثواي فشهد عليها بهم الفاحشة وشهد له بالانصراف عنه وعنها فلم يبق إلا أن يقال أن الهم مختلف ولو اتحدا لقال ولقد هما بالفاحشة أو ببعضهما فلما أعاد الهم تحققنا أنه غير الهم الأول فهمت به مراودة وهم بها مدافعة كادت تقضي إلى ضربها ولو فعل لأمرت بقتله ولولا أن رأى برهان ربه وهو النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش

فيكون هم بها جواب أولا ويكون النظم ولقد همت به مراودة وطلباً للفاحشة ولوا أن رأى برهان ربه هم بها دفعاً بالضرب المؤدي إلى قتله أو فعل كذلك لنصرف عنه السوء أي القتل والفحشاء أي الزنا ولمثل هذه الآية في حذف اللام من جواب لو وتقديمه عليها أمثال منها قوله تعالى: {أن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبه} فالبرهان هو نبوته وعلمه بتحريم الزنا على الأفراد فضلاً عن المرسلين وتيقنه من أنها تأمر خدمها بقتله لو ضربها في دفعها عنه أو عن الفاحشة. والذين لهم تعلق بهذه القصة شهدوا ببراءته من كل سوء فلم يكن هناك وهم لحمل الهم على همه بالفاحشة فالله تعالى اخبر عنه بقول قال معاذ الله وقال كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء وقال أنه من عبادنا المخلصين. والطفل شهد بقوله أن كان قميصه إلى آخر الآيتين والمرأة قالت للنسوة أنا راودته عن نفسه فاستعصم فشهدت على نفسها بطلب الفاحشة وله بالعصمة وقالت بين يدي الملك الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وزوجها قال أنه من كيدكن أن كيدكن عظيم ثم خاطب الصديق بقوله يوسف اعرض عن هذا ولو هم بها لقال له استغفار لذنبك كما قال لامرأته واستغفري لذنبك أنك كنت من الخاطئين فأثبت الذنب لها وعدها في الخاطئين وإبليس قال لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ويوسف من المخلصين بشهادة الله تعالى في قوله أنه من عبادنا المخلصين. ويوسف قال معاذ الله أنه ربي أحسن مثواي أي فلا أخونه في عرضه فإن ذلك دناءة وخسة من الأفراد فكيف من مهبط الرسالة وقال رب السجن أحب إلي ما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب

إليهن أي أنه إلى ساعة الدعاء التي هي بعد من الواقعة بكثير لم يصب أي لم يمل إلى النساء ولا هم بحبهن فضلاً عن القرب من الفاحشة. والنساء اللاتي قطعن أيديهن عند ما قال لهم الملك ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه فأثبت أنه كان منهن مراودة كما كان من سيدته فلما سألهن قلن حاشا اله ما علمنا عليه من سوء فإذا شهد الله تعالى ويوسف الصديق والطفل والمرأة وزوجها والنساء وإبليس على عصمته وبراءته من السوء كيف نحمل الهم على الفاحشة وهو تكذيب لهذا كله نعوذ بالله من ذلك. وأما ما قيل من أنه عليه السلام جلس منها مجلس الرجل من المرأة أو أنه هم بحل التكة أو أنه حل الهميان وجلس منها مجلس الخائن أو أنها استلقت له وجلس بين رجليها ينزع ثيابه وأن البرهان استحياء المرأة من صنم عندها فقامت لتستره فاستحيا من ربه أو أنه رأى يعقوب عاضاً على أصابعه ويقول له أتعمل عمل الفجار وأنت مكتوب في زمرة الأنبياء أو أن يعقوب ضربه في صدره فخرجت شهوته من أنامله أو أنه سمع صوتاً في الهواء يقول يا ابن يعقوب لا تكن كالطير يكون له ريش فإذا زنى ذهب ريشه أو أنه لم ينزجر برؤية يعقوب فجاء جبريل فركضه فلم تبق فيه شهوة فكلام لا يقوله إلا جاهل بمقام النبوة والرسالة متتبع للخرافات من غير بحث فيما تؤدي إليه ولو علموا أن ذلك يؤدي إلى تكذيب الله تعالى في الأخبار عنه بالعصمة والانصراف عن الهم لما تجرأوا على مثل هذه المفتريات التي أخفها يشين اقبح الفساق فضلاً عن نبي مرسل ولا يغرنك نسبة هذه الأقاويل إلى مثل ابن عباس وعكرمة وقتادة وسعيد وجعفر الصادق وغيرهم فإن مفتري الخبر مفتري النسبة ليروجه عند ضعفاء العقول كما لا يغرك وجود

سؤال؟

هذه المفتريات أو بعضها في بعض تفاسير من لا يتحاشون النقل من السير وأخبار القصاص إذ لو حصل منه أدنى سوء للزم أن يستغفر الله تعالى منه أو يتوب ولا خبرنا الله تعالى بذلك في قصته كما أخبر عن كثير من الأنبياء ممن وقعت منهم صور المعاصي فاردفها بالاستغفار أو التوبة ـ ولله در الأمام فخر الدين الرازي حيث قال هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف عليه السلام هذه الفضيحة أن كانوا من إتباع دين الله تعالى فليقبلوا شهادة الله تعالى على طهارته وأن كانوا من أتباع إبليس وجنوده فليقبلوا شهادة إبليس على طهارته ولعلهم يقولون كنا في أول الأمر تلامذة إبليس إلى أن تخرجنا عليه فزدنا عليه في السفاهة كما قال الخوارزمي. وكنت امرءا من جند إبليس فارتقى بين الدهر حتى صار إبليس من جندي فلو مات قبلي كنت أحسن بعده طرائق فسق ليس يحسنها بعدي والله تعالى يحفظنا من الخروج على أنبيائه بما لا يجوزه عقل ولا نقل ويوقفنا عند تنزيه هذا المقام الشريف منكل سوء بفضله جلت قدرته. سؤال؟ ورد لنا هذا السؤال من حضرة إبراهيم أفندي فهمي بمحطة القباري ونصه ـ ما هي ارم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد فقد عني جمع من العقلاء بسؤال الأستاذ عن ذلك أفتونا ولكم الفضل. الأستاذ ارم اسم ابن سام بن نوح جد عاد بن عوص بن ارم فهو اسم لقبيلة عاد

أو اسم لبلدهم التي تسمت باسم جدهم بدليل قراءة الإضافة أي بعاد إرم والمراد بعاد أولاده سموا باسم جدهم كما يسمي بنو هاشم هاشماً وأن أردنا بارم القبيلة كان المراد بذات العماد ذات الأخبية والخيام التي لابد من فيها من العماد والعماد بمعنى العمود أو ذات البناء الرفيع لما كان في تلك القبيلة من الشدة والقوة والصبر على الأعمال الشاقة كما قال تعالى فيهم {اتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون} وأن أردنا بها البلد كان المعنى أنها ذات أبنية مرفوعة على عمد محكمة الصنع. والمراد بقوله لم يخلق مثلها أي مثل عاد في صبرهم على نحت الصخور واتخاذ البيوت في الجبال وما يروى من أن شداد بن عاد ملك الدنيا ودانت له ملوكها وسمع بذكر الجنة فبنى مدينة سماها إرم أقام في بنائها ثلثمائة سنة وعاش تسعمائة سنة وبنى قصورها بالذهب والفضة وجعل أساطينها من الزبرجد والياقوت ووضع فيه أصناف الأشجار والأنهار ثم سار إليها بأهل مملكته فلما كان على مسيرة يوم وليلة منها بعث الله تعالى صيحة من السماء فاهلكتهم وأن عبد الله بن قلابة ندت أبله فخرج في طلبها فوصل جنة شداد وجمل ما قدر عليه منها وبلغ خبرة معاوية فاستحضره وقص عليه قصته فبعث إلى كعب الأحبار فسأله فقال هذه إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال يخرج في طلب أبل له ثم التفت فأبصر ابن قلابة فقال هذا والله هو ذلك الرجل. فمما لا دليل على صحته بل هو من وضع القصاص فإن شداد لم يملك الدنيا ولا أثر له في غير بلاد العرب وما جاورها وتاخمها وخبر كعب الأحبار لابد وأن يكون مذكوراً في كتاب ولا كتاب تسند

إليه أقاصيص كعب إلا التوراة وليس فيها شيء من القصة ووصف ابن قلابة ويستحيل على ملوك الدول الآن بناء مدينة من ذهب وفضة ولا يوجد في معادن الزبرجد والياقوت ما يكفي لعمل عمد قصر فضلاً عن مدينة قضى العمال في بنائها ثلثمائة سنة فيلزم لها من العمد ما يساوي جبلاً عظيماً خصوصاً وأنها عمد تقطع كما تقطع الصخور فلابد وأن يكون قد تخلف من الأحجار الثمينة عند قطعها ما يكون حلياً للعالم اجمع ولو كان شيء مثل هذا ويعلمه كعب لكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعلمه أولى ولم يصح عنه شيء في هذا على أن عادا كانوا يسكنون بين عمان وحضرموت وهي بلاد الأحقاف وكلها أرض ذات رمال ولم يكن فيها معادن ذهب ولا فضة ولا ياقوت ولا زبرجد وأن قبل أنه استحضر الذهب والفضة من بعيد قلنا أن هذين المعدنين لم يكونا مستخرجين ومستعملين بقدر ما هما عليه الآن ومع عناية الأمم باستخراجهما في العصر الحاضر فإن المستعمل منهما لا يكفي لبناء مدينة يصرف الصناع في بنائها ثلثمائة عام والقرآن الشريف لم يتعرض لهذه القصة ولا ذكر شيئاً ما يومي إليها فلا نعول عليها والحق أن ذات العماد وصف للقبيلة أو لبلدهم المحكم بناؤه الصخرى أو المنحوت في الجبال فإن القصد زجر الكفار بأن الله تعالى أهلك عادا مع شدتها وقوتها وعملها الأعمال العجيبة كما أهلك ثمود أي قوم ثمود الذين جابوا الصخر أي قطعوه واتخذوه بيوتاً وكما انزل الهلاك بفرعون ذي الأوتاد فهو قادر على أهلاكهم لتكذيبهم رسوله كما أهلك من كذب رسله السابقين والله أعلم.

عدل الانكليز وأحكامهم

ورد في جريدة الأهرام الغراء ما نصه جرجا لأحد السياح في 24 عدل الانكليز وأحكامهم كان لتعيين المسيو هربرت معاون البوليس بمركز جرجا في بادىء الأمر رنة وارتباك زائد الحد وعليه فكانت الناس اثنين راض به على رجاء الأمن وساخط عليه لأعماله المغايرة للقانون وهذه بعض إجراآته أرجو أن تنشروها في جريدتكم الصادقة التي لا تحابي عند الحق بشيء. آتي بالشقي محمد حسن إلى منزل المعاون ولما صدر الحكم عليه وتقل أمر المعاون أن يرموه على الكوم لنفترسه الوحوش فضرع إليه أهله أن يأذن لهم بغسله ودفنه جرياً على السنة فقال ما لا يليق ذكره تعرضاً للواجبات الدينية فسرقه أهله ودفنوه كم يأمر الشرع بذلك فعند ما علم المعاون توجه وأخرجه من التربة وغرسه كالشجرة رأسه إلى الأرض ورجلاه في الفلا فيا لعدل الانكليز وأحكامهم. (الأستاذ) ما سمعنا بمثل هذا في همج أفريقية ومتوحشي آسيا ومتحيوني أوروبا وبهيمي أمريكا أيام كانت هذه القطع لا دين ولا قانون ولا حكم ولا نظام وهو خبر يحتاج للتثبت والدقة في الوقوف عليه وإلا فإن انكلترا الشهيرة برجالها يصدر هذا الفعل البهيمي عن منتسب إليها فضلاً عن رجل من رجالا أن هذا لمن أكبر المصائب وأفظع العبر خصوصاً ودول أوروبا تراقب أعمال الانكليز في مصر أيحسن أن يصدر هذا الفعل الحيواني من رجال دولة تريد أن تبث النظام في مصر

قصائد خديوية

تحت مراقبة أعدائها. قصائد خديوية تأخر لدينا قصائد خديوية ورياضية منها قصيدة حضرة الفاضل وهبي بك ناظر مدرسة حارة السقايين وقد عرضت على الحضرة الخديوية وفازت بالقبول ومنها قصيدة لحضرة الفاضل محمد أفندي توفيق رفعت القاضي بمحكمة طنطا الأهلية وهي أمة وحدها وستدرج في العدد الآتي ومنها أبيات رياضية لحضرة الفاضل محمود أفندي حبيس سجن اسكندرية يؤرخ بها الوزارة مادحاً للحضرة الخديوية الجليلة مع الاختصار وهي: قد أبرم النجح حتى ... لم يبق فيه انتقاض وانهض الحزم مصرا ... فشاقها الإنهاض لله أي مليك ... لم تثنه الأغراض أعاد خير وزير ... به السرور مفاض يرى الأمور بعين ... ما مسها إغماض فليبق ما لاح بد ... وما بدا إيماض ولندع ما قيل ارخ ... دام الوزير رياض سنة 1310 ـ 45 ـ 254 ـ 1011. فنلتمس لهذا الواقع على أعتاب سيدنا ومولانا العباس عفواً ينقذه من شدائد باقي مدته فإن ذنبه كالعدم المحض في جانب عفو السيد الأكبر أيد الله تعالى ملكه وحفظ ذاته الكريمة كيف والعفو يطلق ألسنة عائلة هذا الضعيف بجميل الدعاء المقبول إن شاء الله.

شكر تفضل

(الراوي) جريدة علمية أدبية تهذيبية منشئها الفاضل التحرير بطرس أفندي حنا بأسيوط وتطبع بمطبعة التأليف بمصر وقيمة الاشتراك فيها خمسة وعشرون قرشاً كل سنة وهي 16 صحيفة جاءنا العدد الأول منها مشحوناً بما دل على تضلع محررها من المعارف واقتداره على الإنشاء البديع نسأل الله تعالى نجاحها وتقدمها لتكون عوناً لخدمة البلاد من أرباب الأقلام. شكر تفضل نقدم لأخواننا المصريين على اختلاف درجاتهم وأديانهم جميل الشكر وحسن الثناء على تفضلهم علينا برسائل التعزية تلغرافية ونظمية ونثرية ونعتذر لحضراتهم عن عدم نشرها فإنها كثرت كثرة تحول بيننا وبين ذلك والله تعالى يكافئهم بفضله ويجعل أيامهم أيام فرح وسرور حتي نقابل رسائلهم بقصائد التهاني بالمسرات. أفراح سعادة سالم باشا من جاء ساحة بيت صاحب السعادة الفاضل العلامة الدكتور سالم باشا سالم ابتهج ومليء سروراً بما يراه من زينة الفرح الدائم وما أعد من آلات الطرب لأحياء ليالي الأنس التي أعدت لتأهيل نجله السعيد عزيز بك سالم وزفاف كريمته الميمونة إلى الشاب الماهر نجيب بك نجل سعادة أحمد باشا شكري وكيل الداخلية حالا ولا تسأل عن وفود الذوات الفخام والأمراء العظام والعلماء الإعلام والنبهاء والوجهاء على هذا البيت الكريم زائرين ومهنئين جعله الله تعالى فرحاً دائماً وسروراً ملازماً لباب الفضل وبيت المعارف آمين.

العدد 25

العدد 25 - بتاريخ: 7 - 2 - 1893 مستقبل مصر مصر الآن موضوعة وضعاً إدارياً بين يدي دولة رياض باشا وقد عهد فيه علو الهمة وله إقدام على العمل بقوة جأش مصحوبة بحكمة وحسن تبصر كما عهد فيه حبه لوطنه وميله لأخوانه المصريين مع عدم التعصب على الأجانب. وله ميل كلي لتأييد الحكومة المصرية والتوفيق بين مصالح المصريين ومصالح الدول المتحابة معهم. ولهذا تعلقت آمال الأمة بإجراء الإصلاح على يده وتقوية الحكومة وتأييدها بوضع الأعمال في يد عمال أكفاء لإدارتها على محور العدل والاستقامة. ولكن البعض يظن أن هذا الإصلاح لا يكون إلا بإبعاد الأجانب عن الخدمة وهو ظن فاتر دعاه إليه ضيق صدره من ضغط الحكام السابقين عليه وتركه في زوايا الإهمال. ولو أنصف نفسه لعلل كل أمر بعلة توجيه صلاحاً أو فساداً. وأولى له أن يقول أن استقلال بعض الرؤساء بالإدارات مما يطلق أيديهم في أعمال لا توافق النظام أو تمس الحقوق الخديوية أو تضر بالهيئة المصرية كما شوهد ذلك في كثير من

الإدارات التي فوضت أعمالها إلى رؤسائها تفويض إطلاق فدخلها من الخلل ما لا يحتاج لبيان. وذلك ناشىء عن تبديد السلطة وكف أيدي العمال الوطنيين عن مداركة الخل بحصر السلطة في الأجانب. وهؤلاء لا علم لهم بأخلاق أهل البلاد وعوائدهم فاشتغلوا بما حسنته له عقولهم وظنوا أنهم ينقلون المصريين إلى ما يرونه دفعة واحدة فعز عليهم الوصول إلى الغاية المقصودة لهم وتعذر عليهم الرجوع لما كان عليه المصريون. وبهذه الحيرة ترددت الأعمال بين داعية النظام وجاذبة الخلل كل هذه المدة ولم تتحصل مصر على طريقة يمكنها أن تعيش بها آمنة من التغيير والتبديل وخلل الإدارات وليس ذلك لضعف جميع القائمين بالتنظيم والتحسين بل لتسليم الأعمال إلى من لم يفهموا مراد الرؤساء. ويستحيل أن يتم النظام على أيدي الناس لا رابطة بينهم وبين المحكومين ولا أمل لهم إلا الاسترزاق أو تمكين سطوتهم ولا نقول أن انكلترا ما أرادت من مصر إلا الفساد والخل وغنما نقول أنا أرادت الإصلاح والانتظام ولكنها لما وضعت بعض الإدارات في أيدي الجاهلين بأحوال البلاد وعضدتهم بجموع مختلفي الجنسية والتابعية وهجمت بهم على الأعمال من غير تأن حصل ارتباك في الأعمال واندهاش للأهالي وتنوع الارتباك بتنوع أفكار القائمين بالأعمال الجاهلين بأحوال الأمة والبلاد إذ لا يلزم من اتساع علم الأجنبي في الحساب أو الترجمة أن يكون ذا خبرة بإدارة أحكام وأمور بلاد يجهل كل ما فيها ولا يلزم من أول دراسة الأجنبي لأحوال البلاد أن يكون اعلم بها من أهلها فأن تصور ذلك محض تعصب لا يقبله العقل بل أن الرجل من أهل البلاد المدرب على أعمالها أعلم بإدارة أمورها

وتنظيم أحوالها م الأجنبي مهما كانت فروق العالمية بينهما. ولا تعاب انكلترا بهذا بعد أن كانت رغبتها الوحيدة تحسين الإدارة أحسن مما كانت عليه قبل وضع قدمها بمصر ولكنها اعتمدت على غير المصريين ممن لا يهمهم الإصلاح فانعكست عليها الآمال. ولهذا لم تعارض في وزارة دولة رياض باشا لعلمها أنه يقدر على إصلاح ذلك الخلل ومنع الارتباك بوضع الأعمال في أيدي أكفاء مدربين عليها عارفين بأحوال البلاد يهمهم إصلاح بلادهم وانتظام إدارتها تبعثهم إلى ذلك الوطنية والظهور بين يدي الخديوي الأفخم بما يرضيه من الهمة والنشاط وحسن الاستقامة. وهاتان علتان لا توجدان في الأجنبي إذا لاحظ له في الاستخدام إلا ضرورة المعاش بخلاف ابن البلاد. وأحسن ما قيدت به الأمم إلى طرق الإصلاح وضع مقاليدها بإيدي قوم تحبهم ويحبونها. ولا يلزم من هذا تعصب دولته على الأجانب فإن ذلك مما لا تحبه ولا يرضاه وإنما يلزم وضع مصريين معهم أكفاء يهدونهم الطريق ويعلمونهم ما يوافق الأمة وما به يتم النظام. وهذا الذي ينبغي أن يناط بهمته فإن بقاء الإدارات على ما هي عليه ووجودها في أيدي من لا رابطة لأفكارهم ولا قاعدة لأعمالهم مما يوجب تزايد الخلل الإداري والمالي. فالذي ترجوه الأمة من وزيرها الأكبر التوفيق بين المصريين والأجانب بمزج العمال وتوحيد السير حتى يتعلم الأجنبي مع المحافظة على روابط المحبة التي بيننا وبين طوائف العالم ودول المعاهدات. وليس ذلك ببعيد على رجل درس أحوال مصر وحفظ صور أحكامها وتقلباتها بين الوزارات الوطنية والأجنبية ووقف على الدقائق والخفايا ورأى من تعلق الأمة به ما صيره مسؤولاً عنها بين أمم الدنيا

وبين يدي الله تعالى. وما على الأمة إلا أن تلزم الطوع والخضوع وامتثال الأوامر وأتباع القوانين وأن تبعد عن رجال الفتن وأصحاب الغايات الفاسدة. وأمة تتخلق بهذه الأخلاق حقيقة بتوجيه العناية إليها وصرف الهمم في مصالحها كيف وعضد الوزير في هذا المقام مولانا الخديوي الأعظم المتوجه بهمته جهة حكومته بما يحفظها ويؤيدها ويجعلها حكومة وطنية حافظة لعهود أوروبا جارية على نسق الممالك النظامية تتميماً لتأسيس جده الأعلى وتخليداً لهذا الأثر الجميل. فليس أمام وزيرنا ما يحول بينه وبين إصلاح الإدارات اللهم إلا إذا أحدث بعض دول أوروبا مشاكل وعقبات لغرض يفوزون به فيكون له العذر الأكبر والحجة الواضحة أمام العالم إذا ليس في يده قوة يدافع بها إلا قوة إصلاح الإدارات. وعلى هذا فإننا نرجو أخواننا الوطنيين أن يقرؤا هذا الدرس التهذيبي ولا تدفعهم شدة الألم من الغير إلى توسيع الآمال وسعيهم في نقض ما بنى في سنين في يوم واحد. كما نرجوهم أن يجعلوا كلامهم في الاحتلال كلام الحكماء الذين يبحثون في الحقائق بفكر صائب فإن انكلترا دخلت مصر لتأييد المسند الخديوي ووضع حكومة ثابتة كمنشورها الدولي ولم تقل يوماً إنها دخلت بقصد الاستيلاء على بلادنا وعللت الانجلاء بإتمام ما دخلت لأجله وتعهدت به أمام أوروبا وهي إلى الآن ترى الحكومة غير نظامية لكونها وضعت معظم إدارتها في أيدي الأجانب ولم تمكن المصريين من إصلاح بلادهم تحت مراقبتها فلم يقدر الأجانب على ضبط النظام ولا حفظ القانون ولا المشي في طريق بعيد عن الخلل والخطر. وإلا لو كانت الحالة الحاضرة هي المقصودة لها بالذات وهي النظام الذي تريد وضعه بمصر لانجلت بعساكرها وتركت الحكومة

المركبة من الأجانب تدير أحكام البلاد. فبقاء عساكرها دليل على أن تجاربها بالأجانب في العشر سنين الماضية لم تنجح لكونها على يد غير أهل البلاد. ولو أنها استخدمت المصريين القادرين على الأعمال في تلك المدة ورسمت لهم طرق الإصلاح لا فادوها فائدة كبرى وأظهروا لها شرفاً عظيماً أمام أوروبا ولاكتسبت رضا الأهالي عنا وعن أعمالها. فأولى لها أن ترجع لإجراء النظام بأهل البلاد مستعينة على ذلك بوزيرهم الموثوق به المنفذ لآراء خديويهم المحبوب عندهم فإن لين الحكام السابقين وانصياعهم إلى الأوامر الأجنبية وتكثير الأجانب في الإدارات لم يكسب انكلترا إلا فتور السياسة بينها وبين دولتنا العلية ودول أوروبا لكونهم راوا أعمالها تخالف أقوالها فعدولها عن تلك الخطة عين العدل الذي يرضي المصريين ويرضيها. فعليها أن تعتمد على الوزير المدرب على الأعمال وتساعده على تأييد الحكومة لا تأسيسها كما يقال فإننا ما نقول وضع حكومة نظامية في بعض العبارات إلا مجاراة للأجانب وإلا فإن الحكومة المصرية موضوعة على أساس متين مويدة بالنظامات والقوانين قبل احتلال الانكليز ودليلنا على ذلك المعاهدات الدولية واستيطان جموع من طوائف العالم ببلادنا وارتحال عظماء أوروبا للسياحة في بلادنا وكفالة الحقوق الأجنبية بالمحاكم المختلطة والمجالس القنصلية. فكل هذه نظامات وضعت قبل احتلال انكلترا وما نريد الآن إلا أن يحفظها دولة رياض باشا بوضعها في أيدي أكفاء أمناء تراهم انكلترا خصوصاً وأوروبا عموماً أهلا للقيام بالأعمال ومحلاً لثقتها بهم. وهذا هو الدواء النافع لكل علة من علل مصر. ولسنا وحدنا نقول

القصائد العباسية الخديوية

ذلك أو نرى الخلل الحاصل بتسليم بعض الأعمال لغير أهلها بل أوروبا بأجمعها تقول بقولنا وترى ما نرى والدليل على ذلك جرائدها الهائجة ضد زيادة الجيش وتظاهر المستوطنين بالفرح أمام الحضرة الخديوية. فإن ترك هذا الطريق وعدل عنه إلى طريق العراقيل والفتن والمشاكل يئسنا من الإصلاح وعلمنا أن انكلترا لا تريد بنا خيراً بعد معاكستها الوزير الذي يرجو كل مصري أن يتم الإصلاح على يديه. وأية فائدة تكتسبها من المصريين إذا عرقلت أعمال وزيرهم رغبة في بقائهم تحت السلطة الأجنبية التي لم تعد عليهم بفائدة وأننا نرجو أن لا تصل بنا هذه الغاية التي تغرس في قلب كل مصري شجرة حقد لا يقلعها قانون ولا يميتها نظام ونحب أن تعاملنا معاملة الاستعطاف والألطاف توثيقاً لعرى المحبة بيننا وبينها فإنها تربح بذلك ربحاً عظيماً وتقاوم بمحبة المصريين لها كل صعوبة تراها فإنهم لا يهمهم إلا إصلاح بلادهم على أيدي رجالهم وبقاء حقوقهم مقدسة وامتيازاتهم مؤيدة وسيادة أمامهم الأعظم سيدنا ومولانا أمير المؤمنين محفوظة مرعية وهذا الذي يملاءهم حباً لانكلترا ويطلق ألسنتهم بالشكر والثناء وهي احكم من أن ترى رغبتهم وتسعى في غيرها تهيجاً للخواطر ضدها والحكيم لا يفعل العبث وهو قادر على فعل الواجب الذي تظهر حكمته في حسن مستقبل مصر. القصائد العباسية الخديوية هذه القصيدة العباسية التي وعدنا بها في العدد الماضي وهي من إنشاء الفاضل محمد توفيق أفندي رفعت القاضي بمحكمة طنطا الأهلية.

أذكى لظى الشوق في أعشار مهجته ... نسيم معهد ذي وجد بخلته فبات يطوي إليه مسلكاً وعراً ... أدنى حزونته أقصى سهولته كأن عبرته حالت بلوعته ... إلى بخار يزجيه بزفرته تكاد مهجته من فرط ما احترقت ... أن لا تميز من جلباب ليلته قد غودرت بين صباب العيون وسباب العيون وصب في غوايته فهي الغريق يلبي من سهلولها ... وهي السليق تلاشى في رمايته انسان عيني جنى وهو المعذب لا العذب المصطلي حمى جريرته فليتق الله في تغرير من برئت ... مما تزن به من هجر تهمته ويل له فاعلاً أصلاً ينم على ... شريكه ويبرأ من جريمته وهو المضل وينجو من نكايته ... كقاتل بمرامى بندقيته غيا قضوا أن منه يستدل على ... إجرامها فيزكى في شهادته إليك عني فقد ورطتها سفها ... في مذهب لست محكوماً بشرعته ما بين منتصر للحق منقطع ... للصدق متبع أجدى محجته وسيد القوم يمشي التقدمية في ... تأييده الحق مصحوباً بأمته مولى العزائم عباس العظائم غراس المكارم محيي فخر ملته دعها مهللة في الكون معلنة ... حب التفاني على تأييد سلطته ظنت حوادث هذا الدهر أن لها ... عليه شأناً وخابت عند خبرته أعضها سيفه في كل مقترح ... بدا وفي نبذه تعزيز سطوته قد كان أطمعها أطراقه فجرت ... وما درت جهلها مكنون حكمته

ومذ دهاها من الأنباء مدخر ... من العجائب هيلت عند طلعته يا سيدا بادرا السادت كلهم ... إلى التفاضل في أعظام خطته وما يفندها إلى أولو حسد ... مكابرون تعاموا عن فضيلته قد قدر الله إحياء الموات على ... أيديك ذي الطهر مكفولاً بقدرته فأنت ذخر لدهر في العباد طغا ... قد جئت تنقذهم من شر قبضته نعوذ بالله من علم بلا عمل ... وقيمة المرء في استجداء قيمته جمعت بينهما حزماً ولن يجدا ... من يجمع الأمر اشتاتاً برمته شيدت من أحد الآمال ما فرعت ... عن غور قعدته شماء قنته لبكر فعلتك الدنيا قد امتقعت ... فذالها عاشق وذا لخجلته فيا ملاذا منعياً في الورى علقت ... خواطر القوم باستمناح صنعته وأعربت عن خضوع المستكين له ... قلوب أمته في محض خدمته نعم الآباء ونعم العزم ما جبلت ... عليه حوباء ذي هم بأمرته وبئس ما أولوا في كنه وجهته ... وما أفاض وشاة في نتيجته فما دروا أننا خدام طاعته ... نستحقر الموت في عظمى محبته وللفاضل الشيخ أحمد الكناني الأبياري أحد طلبة دار العلوم في الحضرة الخديوية أيدها الله تعالى لك الله من أيد الحق والدنيا ... ومن غمرات الموت قد جاء يحيينا لك الله يا من أسهر الجفن خدمة ... لا وطانه في كل ما كان يجدينا شهدنا خلاص بأنك ذو العلى ... وأعظم مولى قد سعى في ترقينا

فأهلاً بأيام بها أنت سيد ... ولأهلاً بأيام بها أنت والينا فلا غروفي أن ترتقي أوج عزنا ... ونبلغ بين الناس كل أمانينا إذا ما مليك القطر عباسنا غدا ... بعين رعايات دواماً يراعينا خبير بأحوال الرعية عالم ... بظاهرنا في كل وقت وخافينا أمير خطير فضله سار في الورى ... وقد عم قاصينا نداه ودانينا وما البحر يحكي منه جوداً وإنما ... بأيديه سمنا أبحر الجود عشرينا فيا روح حزب الله يا دوح فضله ... ويا من غدا من سلطة الغير يحمينا اعيذك بالرحمن من شر حاسد ... ومن شر نفاث بطه ويسينا أعدت رياض العز في مصر فازدهت ... مسات قطر بعد ما كان محزونا وأضحى لسان الناس بالشكر ناطقاً ... يعيش لنا عباس حلمي أفندينا مدى الدهر حتى لا نرى الذل عمرنا ... ونلبث ثوب العز آمين آمينا وها السن التحقيق في مصر ارخت ... سيصلح أهل القطر حزم خديوينا سنة 1310 ـ 198 ـ 36 ـ 340 ـ 55 ـ 681. وله قصيدة أخرى يمدح بها دولة رياض باشا اكتفينا بذكرها عن نشرها اختصاراً. ومن القصائد قصيدة الفاضل حامد أفندي ياور التي يقول منها في عصر عباس تبسم ثغرنا ... والأنس طاف بكل قلب وعلا لما تبدى في رياض حماسة ... كالليث قال أنا أنا إبن جلا

ومن الرياضيات قول الفاضل محمد أفندي طلعت من عمال محافظة بورسعيد لنا رجال لا يهاض ... ركن لهم بالانتفاض صحاح عزم ونهى ... وفي العلا ليسو مراض وبينهم شهم على ... يديه نيل الخير فاض ارخته واحد مصر مصطفى باشا رياض 19 ـ 330 ـ 229 ـ 304 ـ 1011 سنة 1893 ولحضرة الفاضل محمود أفندي حسني معاون محافظة مصر تبسم الملك إجلالاً بطلعة من ... أحيا العدالة بالتدبير والفضل والسعد هنأ أوطاناً يؤرخها ... لها الهناء رياض لاح بالعدل سنة 1310 ـ 36 ـ 87 ـ 1011 ـ 39 ـ 137. ولحضرة الفاضل السيد حسن محمد الفاكهاني قصيدة طويلة مطلعها وتاريخها بدر المعالي منير ... في أفق مجد يسير وعدله قال ارخ ... دام رياض الوزير ولحضرة الفاضل الشيخ أحمد علي عمر السكندري قصيدة طنانة قال في ختامها: فان البلاد لك استحسنت ... ومصر اكتست من جلالك نورا فلا زلت تاجاً لهام العلى ... ولا زال مجدك ينمو ظهورا مدى الدهر أو ما السرور بدا ... يؤرخ عاد رياض وزيرا ولحضرة الفاضل الشيخ أحمد القوصي قصيدة منها.

نصيحة

فالله يعلى قدره ... ويدوم للعليا إماره والقطر قال مؤرخاً ... رياض أولى بالوزارة نصيحة جاءنا ظرف بالبوسطة داخله قصيدة ناظمها أجير غريب وأن لم يضع اسمه في الجواب وهي قصيدة مهيجة محركة للمصريين على حمل السلاح ضد الأجانب مطلعها. ألا يا بني مصر انهضوا وامنعوا مصرا وعنها ادفعوا الآفات والذل والضرا وفيها يأمر المصريين بهدم دائرة جريدة المقطم أعاذها الله من ذلك ويحرضهم على التعرض لرجالها بالسوء ويأمر أيضاً بالفتك بالانكليز ويرجونا أن نطبعها على حدتها أو في الجريدة ونرسل منها جانباً إلى طنطا وهي 33 بيتاً فنحن نحذر أخواننا المصريين من سماع مثل هذه القصيدة فإن صاحبها ربما طبعها في مطبعة أجنبية ونشرها كما أننا نرجو رجال الضبط والإدارة أن يلتفتوا لهذه المحركات ويقبضوا على أربابها منعناً لأسباب الخلل ومن لنا برجال بوليس سري مخلصين يمكنهم أن يقفوا على أصحاب هذه الثوريات لتتدارك الحكومة أمرها وبالجملة فإننا ننصح أخواننا أن لا يغتروا بكلام المنافقين المهيجين وأن يقفوا عند حد السكون والهدو معرضين عن كل منافق كيفما كانت دعواه في النصح والأخلاص والغيرة علينا فإنهم إنما يستعملون ألفاظ الشفقة والرحمة والخوف علينا ليحركوا قلوبنا وليقع كذبهم موقع الصدق عندنا فالحذر الحذر من سماع أقوال الإجراء والحذر الحذر من تشويه وجه

إمعان النظر في محل نظر

الأمن بقول أو فعل والحذر الحذر من التعرض لأجنبي بسو ولو كان ممن يقفون في الطرقات يشتموننا ويسبوننا وإياكم أن تسمعوا أجيراً وقف في الطريق يسب الدين الإسلامي فتعارضونه بمثل قوله أو تتعرضون له بسوء فإن هذه دسائس يراد بها نسبتنا للتعصب الدين والتهور ضد الأجانب وهناك أناس يقفون في الطرقات يسبون الدين المسيحي والدين الإسرائيلي وهم في ملابس المسلمين أو هم من المارقين الذين استأجروا أنفسهم لذلك يريد مستأجرهم أن يسمع الأجانب أننا معاشر المسلمين نسب هذين الدينين وهي حيلة من لا حيلة له فقد قضينا ثلاثة عشر قرناً ونحن على أحسن ما يكون من معاشرة أهل الدينين ومخالطتهم فالحذر من كل هذه الطرق المستعملة الآن فقد المنافقين وأهل الدسائس ولا يلزمنا البحث عن هؤلاء المهيجين من أي جنس وأية دولة بعد علمنا أنهم مهيجون فلنحذرهم جميعاً ولو لبسوا العمائم وعلقوا المصاحف في أعناقهم والله تعالى يحفظنا من الفتن ويحول بيننا وبين أهلها بقدرته جل شأنه. إمعان النظر في محل نظر تقدم لنا في مبادلتنا الكلام مع جريدة اللطائف الغراء أننا قلنا وأظن أن تحديد التعصب في عشر قضايا إشارة إلخ بناء على إشاعة ذلك بين الناس وتحقيق المقام أن الشكوى كانت بسبب قضية واحدة نسب فيها القاضي المصري إلى التعصب فلما بحث في الأحكام التي أصدرها ظهر أن أغلب الأحكام

المساواة بين البنين

المدنية كانت في مصلحة من يخالفه ديناً. وأن بعض القضايا الجنائية محكوم فيه بالبراءة لعدم ثبوت التهمة والبعض وهو الأقل محكوم فيه على الجاني مع استعمال الشفقة بأخف من العقوبة القانونية وهو عمل بالقانون والعقوبات المنصوص عليها في المادة 352 ولو كان القاضي متعصباً لعاقب حيث تجب التبرئة أو استعمل نص القانون حيث تجوز الرحمة ولما تحركت فيه الشفقة على من ليس من ملته إذ لا شفقة مع التعصب. أما قولنا وبالتحقيق ظهر أنه راعى مصلحة الغير أكثر من مصلحة الوطني إلخ العبارة فهو سهو مبناه خطاه الراوي أما وقد وقف الأستاذ على الحقيقة فإنه لا يتحاشي التنبيه على الخطاه رجوعاً إلى الحق في كل ما ينشره بني الناس كما أنه يقول للطائف أنه يوافقها في تفتيش أعماله مرة ثانية أو في تفتيش كل أعمال القضاة المسلمين فإنه على يقين من أنه لا يوجد في حكم قاض منهم تعصب أو ميل عن الحق يستحق به العزل بل كهم جارون على نسق واحد لا يعملون بغير الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال. المساواة بين البنين لبعض الوطنيين من ردد فكرة علم أن للأبناء على الآباء حقوقاً مثل ما للآباء عليهم فكما أنه يجب على الأبناء احترام آبائهم والسعي وراء ما فيه راحتهم كذلك يلزم الآباء أن ينظروا إليهم بعين التبصر فيما فيه حسن مستقبلهم ومن البين أن الأبوة ليست قاصرة على أبي الجسم بل أنها كذلك تكون بين

المربى والمربي نعم هي مجازية ولكن بالتأمل يرى أنها أقوى وآكد من تلك إذ لا يختلف اثنان في أن أبا الروح هو الذي تبنى عليه سعادة المرء وشقاؤه فهي أحق وأجدر بالمراعاة والقيام بواجبها من التسوية بين البنين واستنهاض هممهم جميعاً ونحو ذلك حتى يقوم بفرض الأبوة فإذا اصطفى المربي أحد أبنائه بخصوصيات دون بعض فقد أجحف بحق الآخر وفرضت عليه الأبوة المساواة وألا فقد بذر في قلوبهم بذور الحقد والشقاق وباء بأمر يحسبه هيناً وهو عند الله عظيم. إذا تمهد هذا علم أنه يجب على رئيس المعارف المساواة بين أبنائه وبث روح الجد في جميعهم لا يخص أحداً بمزية دون الآخر فإن قال ها أنا الذي قام بحقوق البنوة وقدرها حق قدرها فما علي إلا أن أقدم له نجله العربي يئن بصوت حزين متمثلاً بقول القائل: (وإذا تكون كريهة ادعى لها وإذا يحاس الحيس يدعى جندب) لما نابه من حدثان الزمان الذي غرس في قلبي أبيه محبة أبنائه الأعاجم فخصهم بمنح كان الأجدر أن يشاركهم فيها أن لم نقل هو أولى وايم الله (وأنه لقسم لو تعلمون عظيم) أنه لحقيق بأن يقول (أضاعوني وأي فتى أضاعوا) وأنه لواجب على كل ذي لب أن يتلو قوله تعالى (وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين) ولقد رأيته واقفاً بين يدي أبيه موشحاً بوشاح الآداب يقول مستلفتاً أنظاره إليه وملتمساً عواطفه عليه حتى يكون بين أخوته منتصب القامة مرفوع المكانة إلا أن الخفض قد أسقمني لما أن عوامله أو هنت جثماني مع أني منعوت بصفات حميدة فكيف تبتغي لي بدلاً والأم استثنائي من بن أخوتي ونحن مشتركون في النسب أيسوغ أن يأخذ

كل فرد من أخوتي سالم الجمع وأن لا آخذ لا جمعاً مكسراً ولا مفرداً مصغراً والحال يساعدك على جعلي من أدوات الاستفهام ومتى أمكن الاتصال لا يعدل إلى الانفصال فيا أيها الأب الشفوق أنشدك الله أن تستلفت النظر نحو نجلك ذي اللغة العربية كما نظرت إلى أخويه من قبل حتى تقوم بما فرض الله عليك لم قدمت أخوتي علي وانارشيدهم إلى طرق الخير بلساني العربي الذي هو لسان الدين وترجمان الوطن يا أبت أن لم تشملني أنظارك وألا فقد ثبطت همتي وفللت ماضي عزيمتي وحينئذ فمن ذا الذي يحفظ الدين الذي هو أقوى دعائم العمران ومن يكون للوطن ناصراً ومن يرشد أخوتي إلى الصراط السوي. لو تعلم يا أبي أني مذ بلغت رشدي وأن أبث روح الحمية فيهم وتعليمهم حقوق وطنهم فصاروا عالمين ما له من المكانة السامية وأخذت الجمعيات العلمية تنادي بواجبات الوطن وتنشرها في أنحاء البلاد بعد أن كانت في أجداثها رميمة علمت إني أوجدت في أخوتي قوة المحاورة والمباحثة ودربتهم على عذوبة المنطق وجزالة المعنى شعراً ونثراً وبالجملة فلو قارنا بين العصر الذي كان فيه اللسان العربي مضمحل الحالة وهذا العصر لوجدنا ذا في الأوج وذاك في الحضيض فلو أبقيتني على هذه الحالة التي لا يرضى بها ضب الكدى لصار أبناؤك إلى كانوا عليه فلا يكادون يفقهون قولاً ولا يسمع لهم صدى صوت ينادي بعبارة أدبية أو نصيحة وطنية بل يعكفون على طباع الغير ومحبته فتفسد طباعهم وتسوء أخلاقهم ويعودون لما كانوا قبل أن تحدث لهم الشجرة العلوية مدارس أميرية ومما ذكرنا يعلم أن استئثارك

أخوتي علي مضربهم أيضاً لا سيما وأنهم إذا علموا أن جهة انحطاطي هي تعلم اللغة العربية فإنهم لا يكترثون بها بل ينبذونها وراءهم ظهرياً فلا يبلغون فيههاشاً والظليع ولا يعلقون لها معنى وإذا يكونون يداً شلاء فإن الغرض منهم إنما هو تعريب اللغة الأجنبية بعبارة عربية وعكسه حتى تجتلب المنافع وتتبادل الفكر ولا ريب أن العاجز عن اللغة العربية لا يقدر على ذلك اللهم إلا بعبارة منسوخة المعنى خالية من الثمرة (برهانه المشاهدة) فإنه لم يرذو لغة أجنبية جاء إلينا بفائدة بأن ألف كتاباً نقل فيه أفكاراً أو أبدى فيه رأياً إلا إذا كان ذا يد في اللغة العربية ولقد شاهدنا كثيراً من عقلاء الرجال يقولون يا أسفاه على ما فرطنا في جانب اللغة العربية فإنها الركن الشديد الذي يؤوى إليه والمنهل العذب الذي يروى منه على أننا لو نظرنا إلى أية أمة متمدنة لوجدناها لا تفرق بين معلم علم وآخر. يا أبت أنا يوسف أنا يوسف وأنت يعقوب فلا تكترث بالمفسدين ولا يهولنك زخرفة المبطلين فإنهم أعداء لك ولأبنائك يريدون أن ينزغ الشيطان بينك وبينهم فتلاف بعزمك مكرهم ورد عليهم كيدهم في نحرهم لتكون أنت وأبناؤك ممن وصلت سهامهم إلى أغراضهم فبلغوا غاية آمالهم والسلام (الأستاذ) يا يوسف أنت في غيابة الجب وقد تسلى عنك يعقوب بيهودا وشمعون وروبيل وبقية الأخوة الذين يغدون ويروحون أمامه فانتظر بعض السيارة يلتقطك لعلك تنال العيش في صورة العبودية حتى ينتهي دور الاسترقاق ويعطف عليك الأمير العزيز لما يراه فيك من الأهلية إذ ذاك تقول اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم.

وردت لنا هذه الأسئلة من حضرة الفاضل المهذب حسن بك شاهين بتفتيش نشرت ونصه. قد عن لبعض محبي الآداب ودرك الحقائق أن يطلبوا الفتيا من الأستاذ عما كثرت به الأراجيف من أخبار الكنوز وأرصادها القائمين بحراستها ووجود ما يسمي مطالب بالأرض واقتدار بعض الناس ولا سيما طائفة المغاربة على فتحها بالعزائم والبخور كهوفاً وسراديب وأغوارا بالأرض ينزلون في بطونها ويسيرون فيها ويشاهدون من داخلها أمراء وسلاطين وحجاباً وما شاكل ذلك أو ما يلائمه ويقاربه وكثباناً من الذهب والفضة وغيرها من المعادن النفيسة الثمينة ويكتفون من ذلك بعلبة موجودة هناك (على زعمهم) موضوعة في مشكاة أو بين يدي أحدى هاتيك الصور يورون أنها هي الذخيرة المطلوبة. ويحتمون على النازل في تلك السراديب تحت رعايتهم أن لا يكلم أحداً ممن يلاقونه أو يعارضونه في طلبه وأنه لو خالف ذلك فيطبق عليه الكنز ويتعذر فتحه ثانية=ومما زاد هذه الأوهام تأثيراً ووقوعاً فيما يحتم عليها الصدق تواتر النقل والأخبار بها آحاداً. فما تبودل حديث بين جماعة إلا وأتى كل واحد منهم بمحفوظاته من هذا القبيل. لا يقبل فيها الريب ولا التأويل. ولا يقتصر في سردها على أقل الجمع بل يشفع الوتر ويوتر الشفع. يميز هذه بزيد ومعرفته ويسم هذه ببلده ومدينته. وأن كثيراً ما قفلت الكنوز على أناس سمع صياحهم فيها ثلاثة أيام وأهلهم يعانون مشقة الحفر حول أصواتهم في الأرض حتى تنقطع الأصوات عنهم ولا يحصلون طائلاً من أخراجهم والكل

طائر خلف هذه الأوهام معتقد أنها من الحقائق الثابتة = ويقرب من هذا ما يعتقده بعض الأفراد من تصادف العقاد أسواق ليلية ببعض التلول أو الجبانات أو غيرها من الجهات البعيدة عن السكن وأن كثيراً ما دخلتها أفراد من الناس واشتروا من الباعة الموجودين بها أصنافاً من الخضر مثل البطيخ والقثاء وغيرها أو يهادي من السوق بقشر الثوم أو قشر البصل وفي الصباح يجدون ما اشتروه واستهدوه من معادن الذهب أو الفضة الخالصة. وقد لهجت بهذه العبارة ألسن كثير من الناس وقد نقل لي الصحة فيها بعض من يوثق بصدقه. ويقال أن في ليلة عشر المحرم من كل يخرج شخص مقعد يلبس البياض راكب بغلة عليها خرج مملوء شقفاً وكل من عثر به وأخذه وأكرمه وأفرغ ما في الخرج في زاوية من بيته ثم يملأ الخرج من الحبوب كما كان ويعيده مع المقعد على البغلة ويطلقها ففي الصباح يجد الشقف ذهباً أو فضة. وحيث أن هذه الأخبار قد قرعت الإسماع. والكل خيم عليه سحاب الجهل عن أصلها وسبب اختراعها ويختبط في تلك الأحاديث اختباط عشواء منتظراً ظهور شمس الحقيقة من خلال جواب الأستاذ كما عود أولي الألباب من طرد الأوهام بالحقائق فنرجو جواباً شافياً يكون عليه المعول في خلوص المعتقدات من هذه الوساوس ولكم من الجميع مزيد الثناء وجزيل الشكر. الأستاذ ـ أما الكنوز فإنها عبارة عن الخبايا التي توجد في التلال القديمة التي هي محل بلاد خربت وانقرض أهلها ولا يخفى أن سكان القرى

يضعون ما زاد عن نفقتهم من النقود وما عندهم من الحلى قي قدور أو قواديس ويحفرون لها ويردمونها فربما وضع الرجل أو المرأة شيئاً من هذا ومات فجأة أو في غير بلده فلا يهتدي أحد ورثته إليه لعدم أخبار المتوفي وهذه توجد صدفة لا بالبخور ولا بالعزائم وأما ما يستعمله المغاربة فهو من نوع الدكيات التي تصنع له الدخن المخدرة ويكثرون من الإيهام بقولهم سيحصل كذا وينفتح باب الكنز ويرى فيه كذا وكذا فإياك أن تمد يدك لشيء لئلا يقفل عليك الكنز ثم يطلقون البخور وقد ملىء مخ الحاضر معهم بأوهامهم فعند ما يخدر يتصور له وقوع ما قالوه وهو ما قام من مكانه ولا فتح له شيء وقد ادخل جماعة من هؤلاء هذه الحيلة على رجل في سبرباي وأخدوا منه ألف جنيه وانصرفوا بسلام في قصة يطول سردها ولا يقع في أيدي هؤلاء إلا ضعفاء العقول. وأما الأسواق الليلية فإن شيوعها أقل من شيوع الكنوز فالعقول التي قبلت الكنوز وفتحها بالطلاسم والعزائم هي التي تقبل مسألة الأسواق ولا يغرك وصول خبرها عمن تراه من الأفاضل فإنه مقلد بالسماع ما رأى شيئاً ولا دخل سوقاً. وأما مسألة بغلة العشر فإن بعض المخرفين المتقدمين أذاع بين ضعفاء العقول أن سيدنا ومولانا الحسين الشهيد رضي الله تعالى عنه أخذت جثته ووضعت على بغلة ووضع معه خرج مملوء من الذهب وقد أخفى الله تعالى هذه البغلة فلا تظهر إلا في اليوم الذي قبل فيه سيدنا الحسين فكل من رأى هذه الجسد وأكرمه واخذ الخرج فاز بذلك الذهب وهو كلام باطل لا أصل له ولا حقيقة ولا يغرك شيوعه وتواتره بين العامة فإنه محض اختلاق والله تعالى يهدينا السبيل المستقيم ويحفظ أفكارهم من تصديق هذه الأباطيل.

أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد

أعياد الصعيد ـ بالسفر السعيد يوم السبت الماضي ركب الجناب الخديوي المعظم بالسكة الحديد يصحبه نظاره الكرام ماعدا سعادة تكران باشا متواجهاص إلى جرجا ليحضر افتتاح خطها الحديدي وقد أعد أهالي المديريات الخمس الجيزة وبني سويف والمنيا وأسيوط وجرجا الزين في جميع المحطات واستعدوا لمقابلة محبوبهم الأكبر وسيدهم الأفخر استعداداً لم يسبق له مثيل مع غيره واجتمع في كل محطة أهالي البلاد المجاورة لها ليقابله في مروره كل من في المديريات الخمس وأنه لاجتماع غريب وازدحام عجيب وقد اعتني المديرون والمأمورون والمعاونون ونظار المحطات اعتناء عظيماً وأخذت الاحتياطات اللازمة لمنع الغوغا وما يشوش الأفكار مما يلازم هذه الاجتماعات غالباً ولا نستطيع تفصيل هذه الاستقبالات لضيق هذه الجريدة وإضعافها معها عن كليات تلك الأفراح فضلاً عن جزئياتها صحبته السلامة غادياً ورائحاً ومسافراً ومقيماً. غبطة بطريرك الإقباط قدمنا في أعدادنا الماضية أن المصريين يسوءهم ما يسوء الطائفة القبطية وأنهم متكدرون من الخلاف الحاصل بين حزبي البطريرك والإدارة ورجونا التوفيق بين المصلحتين وإعادة هذا الرئيس المحترم لأبنائه الذين أنهكهم الحزن على بعده عنهم وقد تحقق الرجاء وعاد إلى مصر يوم السبت 28 طوبة سنة 1609 فتلقته الطائفة تلقي الفرح والسرور واستقبله على المحطة الجموع الكثيرة فركب وعلى يساره سعادة محافظ مصر ومر

المهندس

يخترق جموعاً مترامية عرى عربيته تبركاً وتبريكاً والنساء يصحن من البيوت بألفاظ الفرح وزغاريد السرور فكان هذا اليوم من أعظم أعياد الطائفة ولم ير تجمعهم على شيء كتجمعهم حول أبيهم البر الروؤف بهم وكان هذا عملاً مبروراً من أعمال الوزارة الرياضية متوجاً بشفقة الحضرة الخديوية التي تعلقت إرادتها السنية بإدخال هذا السرور على طائفة انطلقت ألسنتها بالدعاء لحضرته الفخيمة فنهنىء أخوان الوطنية بما نالوه من الأنس بغذاء أرواحهم ونرجو عودة الألفة بين الحزبين كما كانا عليه أباؤهم الأولون. المهندس جريدة علمية منشئها ومحررها حضرة الفاضل الألمعي صديقنا أحمد أفندي كامل أحد مهندسي ديوان الأوقاف وقد صدر العدد الأول منها في حجم كبير 48 صحيفة مشحوناً بالفوائد العلمية محلى بالمسائل الرياضية مختتماً بالمسائل الفلسفية كأنه بحر زاخر تقذف أمواجه اللألىء على شاطىء الأفكار وهي تصدر كل شهر مرة وقيمة الاشتراك فيها 100 قرش وأنه لثمن قليل لخير كثير مما تكفلت به هذه الجريدة الوطنية التي قام بتحريرها هذا الفاضل وتولى القسم الفلسفي منها صديقنا الجهبذ المحقق الفاضل الكامل حضرة حسن بك حسني محرر جريدة النيل الغراء وتولى القسم الطبي الألمعي الثقة الدكتور مهدي بك محرر جريدة حكمت الفارسية الوضاء فنحث حضرات المهندسين الوطنيين وأهل الأدب ومحبي

باب الرثاء

العلوم على الاشتراك فيها ليفيدوا ويستفيدوا والله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه. باب الرثاء أبي علينا بعض الأفاضل ألا نشر بعض المرائي قياماً بحق ناظميها ومنشئيها بعد أن كنا صرفنا النظر عن نشرها فظوعاً لأمره ننشر منها البعض فمن ذلك أبيات لحضرة أفضل الفضلاء وأمام محراب الأدب الأستاذ الشيخ علي الليثي قال أيده الله. عز النديم الذي قد عز مشتهرا ... وصنوه عن أب في الخلد نال قرى قد هام بالعالم العالي وشوقه ... حب اللقاء فأهدى الروح محتضراً مازال مصباح من صارت سلالته ... مثل المصابيح فينا عند من نظرا عش يا نديم وقل فيما نؤرخه ... لم يخب مصباح تاج للبقاء سرى سنة 1310 ـ 682 ـ 141 ـ 54 ـ 163 ـ 270. ومنها قصيدة العلامة الفاضل الشيخ سعيد علي الموجي أحد علماء الأزهر التي نظمها على لسان أستاذنا الأكبر وشيخنا الأطهر الأستاذ السيد شحاتة القصبي حفظه الله تعالى قال أعزه الله. نعى المجد أصل المجد فرع بنى الزهرا ... أباالفضل مصباحاً وطلعته الزهرا وكان غزير الفضل مكتنف الذرا ... كريم المحيا يمطر البشر مفترا تلوذ المنى منه بأمجد أروع ... بعيد مجال الصوت والصيت مذاثرى تقسمه شيأن جود وهمة ... فأونة غيث وأونة دهرا

فمن للعوافي تاتلي حين يممت ... يميناً لقد فاضت يمينك باليسري ولا غرو فهو البحر يقذف بالمنى ... إذا اليمن في يمناه واليسر في اليسرى عزيز علينا ان نراك أبا الضيا ... وأضلع تلك الأرض تحويك مزورا عزيز علينا أن غربت وطالما ... أظل طويل الليل يملاؤه شكرا يبيت يجافي جنبه عن فراشه ... ويطوى ضلوع الليل منه على العبرا يرقرق دمعاً ساقه الخوف والتقى ... تحدرفوق الخد والشيبة الغرا وما غره أن كان من آل أحمد ... أيمتنا والطاهرين بني الزهرا ولهفي على من كان كهفاً لأهله ... تسايره الدنيا إلى أختها الأخرى فلله مدعو إلى الله راحل ... إليه بكته الأرض والظلة الخضرا ووجه وضيء في الدياجي معفر ... بمسجده لما تقلب في الغبرا وقلب شجي طال عهد الوفا به ... تململه التقوى وتقلقه الذكرى له الله من شيخ بكاء وحرقة ... فمن مقلة رياً ومن كبد حرى لئن صدعت أيدي الحوادث شمله ... فذانكم النجلان قد جبرا الكسرا وأن عبثت أيدي النوائب بالعلا ... فعين العلا قرت بمن أعلنا السرا ومن نشرا فينا المعارف جملة ... ومن علما الآداب فهي إذن تتري أعزيكما نجليه فيه وكل من ... تعزز بالإسلام فانشرحوا صدرا ولم يقض من فرعاه طالا مهابة ... وعزا وإجلالاً وطابا وقد برا وقاما بتهذيب الخلائق والنهي ... قيام أمرىء لم يأل جهداولا نصرا طلابا لأمر ما جهلت مكانه ... ومن الدين حتي الحقا الحق بالشعرى

أمل

وقد كان بعض القوم يسفه نفسه ... فلما أتى الأستاذ أعظمه قدرا وقد كان ذا ضعف فأذكاه جمرة ... وقد كان ذا لين فصيره صخرا فلله أصل طال فرعا مفيدة ... عوائده فينا فاكسبننا فخرا ورعياً لمخطوب الحسان طلبنه ... وسقياً لقبر في رياض الثرى أثرى وقابله الرحمن جل بما اشتهى ... وحيث محياه الملائك بالبشرى وبارك في نجليه حتي نراهما ... ترضاهما الدنيا وتسعدها الأخرى ولحضرة الفاضل البارع المجيد الشيخ حميدة سالم الدمنهوري لدار صفو النعيم المرتضى جداً ... أو النديمين من طابا أبا جدا خير العزاء ووافي أجره لهما ... على فراق أب حاز العلا جدا لقدره نادت العليا مؤرخة ... برمسه ضاء (مصباح) زها مجدا أمل نعمل أن الجرائد في أوروبا هي منبع جريان الأفكار وقد ملأها المكاتبون بالأباطيل عن مصر فأولى بنا أن نعقد جميعة تعرف اللغتين الفرنساوية والانكليزية لترجمة أفكار أهل البلاد ونشرها في جرائد أوروبا وسنعود لهذا الموضوع بالبيان. رجاء نرجو حضرات المشتركين البعيدة مراكزهم عن محطات السكة ويتعذر وصول الوكلاء إليهم أن يقبلوا التحاويل التي ترسل إليهم من الوكيل العمومي على مصلحة البوسطة مصحوبة بقسيمة الوصول كما نرجوهم أن يبادروا بذلك عناية منهم بجريدة تخدمهم مع الجرائد الوطنية.

العدد 26

العدد 26 - بتاريخ: 14 - 2 - 1893 العلماء والتعليم العلماء في كل أمة وجيل هم أئمة الناس في السير إلى المدينة وقادتهم إلى الانتقال من ظلمة الجهل إلى نور العلم فهم أعضاد الملوك ودعائم الملك وأسس النظام وحفظة الأمم وحصون الأوطان. ولا يخرجهم من هذه الدائرة التي وقفوا فيها وقوف المسؤل عن الأمة إلى دائرة الاختصاص العلمي الذي لا تعلق له بالملك ولا بنظام الأمة إلا من جهل أدوارهم التي حملتهم فيها الحياة على تحمل مشاق الأعمال ودفعهم العلم إلى قطع مضيق الموانع والصبر على وعر الوقائع وتقويهم بقواهم العقلية ومظاهرهم العلمية على الصوارف عن الاشتغال بمعارفهم وجذب القلوب إليهم بتلطفهم في التعليم وتساهلهم في المعاملة فهم والملوك في رتبة الأبوة بالنسبة إلى الأمم هم الآباء الذين يؤهلون الملوك للقيام بوظائفهم المحاطة بجيوش الأوهام والأخطار. فالرتبة العلمية هي الرتبة العليا في العالم الإنساني وأن رؤي بعض أهلها في ثوب الضعة ومشية الخمول فإنه عند نزول الحوادث بالأمم يرجع أرباب

الكساوي المقصبة والنياشين المجوهرة والسيوف المحلاة إلى ذي الثوب الخلق من العلماء يسألونه جواباً عن معضل أو حلا لمشكل أو عملاً يقاومون به أو معملاً ينتفعون بما يعمل فيه هنالك يتبين الفضل ويظهر المجد وتعلم الرجال بالأقوال والأفعال. وقد قضى العلماء أدواراً في العالم ولهم في كل دور أعمال ومبتكرات مرت عليها القرون الطويلة التي ذهبت بأجسامهم وهي تحدثنا عن تواريخ رجالها وفضل أهليها فأفلاطون وفيثاغورث وبقراط وسقراط وجالينوس والناتلي وابن سينا والرازي والفارابي والكندي وابن رشد والجلدكي وجابر وابن عربي والسهروردي والغزالي والصولي والباقلاني والشهرستاني والكسائي وسيبويه والجرجاني والبيضاوي والعضد والطوسي والزمخشري والطبي وابن منظور والشريف الأدريسي والجوهري والفيروزابادي وغيرهم ممن صرفوا حياتهم الطيبة في خدمة العلوم وتنوير العقول وتوسيع دوائر العمران بمؤلفاتهم وتعاليمهم هم الآن بين أيدينا لم يموتوا مع فناء أجسادهم وبعد ما بيننا وبينهم. وقد وضعوا قوانين علمية جري عليها العالم الإنساني وما زاد عليها إلا شروحاً وحواشي دعته إليها الضرورة وهدته إليها تلك الأصول المقررة فقد فتحوا أبواب الاستنباط والقياس والابتكار فدخله الناس أفراداً واجتمعوا فيه أفواجاً فازدحم عليهم عالم المتعلمين ومن هذا الباب دخلوا إلى ساحات الاختراع والابتداع حتى زين العالم الأرضي بنتائج ما خطه العلماء من النقوش. وفي هذه الأدوار لم يقتصر العلماء على القعود في محل التعليم منصرفين عن السياسات والإدارات بل داخلوا الملوك وخالطوا الأمراء وشاركوهم في الأعمال فكان

منهم الكتاب الذين لا يكون الوزير الأول ألا منهم. والقضاة الذين يسوون بين التابع والمتبوع في مجلس القضاء والحكم والتنفيذ. والسفراء الذين ربطوا الدول بالمعاهدات والمهادنات والمخابرات السياسية وحفظوا وحدة النظام الدولي بمبادلة المكاتبات الودية ولا نقول كان منهم المهندسون والكيماويون والأطباء وعلماء الهيئة والحساب وتقويم البلدان (الجغرافية) والتاريخ والسياسة فغن هذا غير محتاج إلى بيان بعد أن وصلنا الألوف المؤلفة من كتبهم التي دونت في أكثر من سبعين عاماً. وبقبض العلماء على أزمة الدين من جهة ومقاود الأحكام من الأخرى صاروا عصبية قوية بين أيدي الملوك لا تعمل في هيئتها الأسلحة لما لهم من المنزلة العليا والمحبة الكبرى في قلوب الأمم فاستمالهم الملوك ولا ينوهم واستوجهوهم إليهم حتى تمكنوا بهم من إخضاع الرعايا وتسكين الفتن وتأليف النفوس النافرة وتوحيد الكلمة الجامعة وتأييد الممالك بوضعياتهم وتربية الأمم بآدابهم. وكانت العالمية عامة في خلفاء وملوك الصدر الأول الإسلامي فكان الخلفاء يحاجون العلماء ويعلمون الجهلاء حتى قال المنصور الخليفة العباسي للإمام مالك رضي الله تعالى عنهما لم يبق عالم إلا أنا وأنت. وبمعرفتهم قدر العلم وذوقهم لذة العقليات والنقليات سعوا في توسيع دوائر العلم وترجمت الكتب وبنيت المدارس العظيمة ورتبت للعلماء المرتبات الكافية ووقفت عليها العقارات والمزارع وهرع إليها الناس من كل إقليم وناحية حتى نبغ ألوف ألوف وصاروا أساتذة لغيرهم وانتشروا في البلاد داعين إلى الله تعالى معلمين علومهم. وامتد النمو العلمي والتحسين التعليمي إلى زمن التتار حيث

تصدوا لقتل العلماء وإحراق الكتب وإلقائها في الأنهر لعلمهم أن القوة العلمية هي القابضة على القلوب والأرواح وبهذا حصل تقهقر عظيم في عالم العلم واختفى العلماء في الزوايا خوفاً من القتل ثم ذهبت تلك السحابة التتارية وقبض الملوك المختلفون جنساً على أزمة الممالك الإسلامية واستغلوا بالحروب والمغالبات ولكن العلم أخذ في التقدم والانتشار مع تلك الموانع القاطعة وتقلبت صور التعليم بحسب الضرورات والمكان ومحدثات الزمان التي يهدى إليها التأنق في الأعمال إلى أن أنزوت التعاليم البغدادية والكوفية والبصرية والإشبيلية والفاسية والقرطبية في البقعة المباركة المصرية المسماة بالأزهر. وصار الأزهر المبارك مدرسة المسلمين الجامعة فهرع إليه أهل اليمن والحجاز والهند والجاوة وسناودرفور وبربرة وكوردفان وبرنووتمبكتو وفلاتة وجبرت والشام والعراق والمغرب والأناطول وبنيت لأهل هذه البلاد أروفة مسماة بأسماء ممالكهم ووقفت الأوقاف العظمية للطلبة وقرئت فيه كتب التفسير والحديث والفقه والتوحيد ومصطلح الحديث والأصول والقراآت والتجويد ومرسوم الخط والنحو والمنطق والبيان والبديع والمعاني والعروض والحساب والتاريخ والهندسة وتقويم البلدان والوضع والصرف والاشتقاق واللغة والهيئة والطب والعقاقير والإنشاء والفلسفة وتهذيب الأخلاق والزراعة والحيوان والإنسان واشتغل بعض العلماء فيه بعلوم الأوفاق والرمل الزايرجة والكيمياء والدخن والأبخرة والنارنجيات والسيمياء والطلاسم والتعاويذ والرقي وفنون كثيرة من فنون الشعبذة. واشتغل الناس كذلك بالتعليم والتعلم في أسلامبول (مدينة الإسلام التي هي الأستانة) ودمشق وبغداد ومكة المكرمة وفاس

ومراكش وغيرها ولكن على الاختصاص بأهل كل بلد فلم يرحل لجهة من هذه الجهات أناس مثل الراحلين إلى الأزهر من جميع الأقاليم والبلدان الإسلامية. ومع كون القوة العلمية كانت تلاشت أيام التتار فأنها عادت وتقوت أكثر مما كانت وعظمها الملوك وخافوا من رجالها حيث كان العالم الضعيف يدخل على الملك فيعظه وينهاه ولا سلاح معه ألا تعففه عن ماله ولا قوة معه إلا أخلاصه النصح ولا باعث له إلا قيامه بواجب وظيفته التي ناب فيها عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في التبليغ وتعليم الأحكام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومع كثرة الدخلاء في العلماء إذ ذاك حافظوا على أصول دينهم وقواعد فنونهم وميزوا المدسوس من المنسوب وفرقوا بين من أسلم الله عن طهارة نية ومن أسلم لا فساد كتب المسلمين وعقائدهم أو لمعرفة أصولهم وحدود بلادهم وقوى ملوكهم وطبائع أقوامهم فكانوا حرص الناس على حياة علومهم وأبعد الناس عن الاغترار بالمتظاهرين بالدين معهم وأعلم الناس بضروب السياسة وأحوال الأمم. وهذا الذي أعطاهم المقام الأول عند الملوك خصوصاً في العهود الأخيرة قبل الألف عندما فوضت الممالك إلى طوائف جهة ممن تغلبوا على ساداتهم وهم كذلك فوضوا الأحكام إلى أجهل منهم فكان العلماء مرجع المخابرات السياسية ورسل الصلح وسفراء الملوك بيدهم الحل والعقد وكلما رأوا حاجة الملوك إليهم ازدادوا بحثاً في ضروريات الممالك واجتهدوا في خدمة الأمة بالتآليف النافعة للسياسة ككتب الأخلاق وترتيب البيت وتنظيم المدن والعوائد وتربية البنين والبنات والفلاحة والمعادن والمياه والحروب وتحديد الممالك والتخوم وغير ذلك مما هو من لوازم

الاشتغال بالسياسة. ثم أخذت هذه القوة العظيمة في التنازل والضعف بوقوف العلماء بباب الأمراء لغير حاجة وتوسلهم إليهم ببعض الحاشية والجلساء ومدحهم بالقصائد طمعاً في الجوائز وكتابة الكتب بأسمائهم تقرباً منهم والخضوع إليهم إظهاراً للطاعة وموافقتهم على الأهواء أحياناً طمعاً في وظيفة حتى انعكس الموضوع فبعد أن كان الأمراء يركبون لأبواب العلماء صاروا هم يركبون إليهم أو يذهبون إليهم مشاة من المسافات البعيدة وهذا الذي سلطهم عليهم بالنفي تارة والتكدير مرة والسجن حيناً والقتل يوماً كأنهم من الأفراد الذين لا حق لهم في التعظيم والإجلال وما جلب عليهم ذلك ألا تهاونهم ونزولهم من ذروة العفة إلى حضيض الطمع وعدم محافظتهم على مجدهم وشرف وظائفهم ومراكزهم العالية الجليلة. ثم أخذت الحالة في التقهقر حتى فقد الأزهر كثيراً من العلوم واقتصر فيه على تعليم النحو والفقه طول السنة وبعض رسائل من التوحيد والمنطق والبيان في بعض الأيام وندر أن يحضر طالب شيئاً من التفسير والحديث وأصول الدين ألا أن عزم على أن يمضي عمره في الأزهر انتظاراً لشيخ يقرأ شيئاً من هذه العلوم أما علوم التاريخ واللغة والفلك والحساب وغيرها مما تمس الحاجة إليه فقد ذهبت بذهاب أهلها ثم تنبه بعض العلماء في العصر الحاضر لقراءة بعض العقليات والآليات توسيعاً لنطاق العلم فيه ولكنه بعض ضعيف في كل قوي كان ينبغي أن يأخذ بحظه من الرياضيات والآليات التي لا تمس عقيدة ولا تنقض أصلاً من أصول الدين. على أن الذي نراه مغايراً للدين لم تظهر لنا مغايرته إلا بعدم الاشتغال به ووصوله إلينا على يد من يخالفنا ديناً فلو

اشتغلنا به لأمكننا أن نرده إلى أصولنا بالتأويل أو بالقياس أو ندافع عن أصولنا ببيان الفساد الذي فيه وأما رده دفعة بلا نظر ولا استدلال فإنه تعصب للجهل لا للعلم والدين فإننا لا يمكننا أن نقيم حجة على فساده ونحن لم نشتغل به. والمتقدمون من علمائنا وأن اشتغلوا ببعض هذه العلوم وبينوا الصحيح منها والفاسد ولكنها الآن انتقلت من صورها إلى صور أخرى فبعد أن كانت تعلم بالفكريات صارت تعلم بالنظريات أيضاً وإجراء العمليات تطبيقاً للقول. على أننا لا نريد أن يخرج من الأزهر أطباء ولا مهندسون ولا بياطرة ولا كيماوية وإنما تريد أن يكون لعلمائه أو بعضهم إلمام بهذه العلوم التي هي من ضروريات العلماء بحثاً ومناظرة تعميماً للنفع وليكون طالب العلم في الأزهر مؤهلاً لتلقي هذه العلوم بالمدارس الأميرية عند الحاجة إليه. وحيث قد وصلنا هذا المقام لزمنا أن نبحث في طريقة التعليم الجارية الآن فيه أن كانت نافعة مفيدة أو هناك طرق أسهل منها وأنفع للطالب فنقول. هذا الجامع المبارك يتفق أن يوجد فيه من عشرة آلاف طالب إلى عشرين ألفاً فاجتماع هذه الأعداد الكثيرة في بقعة واحدة مع عدم وجود أطباء للكشف عليهم مما يوجب انتشار العدوى بالأمراض المصاب بها بعضهم ويلزم من ازدحامهم وخامة هواء المسجد وقذارة أرضه. ومع عدم وجود خدم لهم في الأروقة واشتغالهم بالمطالعة والحضور تبقى أماكن نومهم على أوساخها متعفنة بفضلات الطعام وما تحمله النعال. ولكونهم لا يتعلمون شيئاً من علم الأخلاق وترتيب المنازل تبقى ثيابهم وسخة وأجسامهم منتنة بما يتراكم عليها من الإفرازات الجلدية وما يلصق بها من الهباء الجوي والغبار

الأرضي ويغلب على معظمهم الفقر والحاجة فيكون المانع له من تغييره الثوب عدم وجود غيره عنده ولا يمتلك شيئاً يذهب به إلى الحمام ومع عدم تنبيههم على آداب الطالب في حضرة الشيخ يرى أكثرهم نائماً على وجهه في الدرس ويبقى كذلك ساعات ويستمر اليوم بعد الآخر حتى تنصب المواد في عينه فتضعف أو يذهب نورها فضلاً عن خروج هيئة قعوده عن حد الأدب. أما كيفية القراءة فإنها ضارة بالطالب من وجوه الأول أن الدروس تذهب في بطالة الشهور الثلاثة والجمع والأعياد ومولد السيد البدوي وسيدي ابراهيم الرفاعي والبيومي وسيدنا ومولانا الحسين وموت عالم ويوم المحمل وقطع الخليج ومرض الشيخ وعدم مطالعته وغير ذلك مما لا يكون عذراً في تأخير طالب قطع القفار وارتكب مشاق البحار آتياً من جاوة أوزنجبار أوسنار أو الغرب أو برنو أو اليمن أو الأناطول أو أفغانستان أو بغداد وما لهذا المسكين والموالد وماذا على الأشياخ لو قرأوا فيها ومن يقوم بنفقة من يأتي للتعلم إذا اضطرته حالة الأشياخ إلى الإقامة بالأزهر سنين. الثاني أن الطالب قد يحضر نصف الكتاب على شيخ ويتركه ويذهب إلى غيره مبتدئاً عليه من الثلث أو آخره وربما حضر كتاب كذا على هذا إلى آخر المقدمة ثم تركه وذهب إلى غيره يحضر عليه كتاباً أرقى منه من غير استعداد إليه إذا لا رابطة يرجع إليها الطلبة ولا مفتش عليهم في الدروس وهذا من أكبر أسباب تأخرهم وعدم نجاح معظمهم. الثالث الشيخ الذي يقرأ للطالب قد رخص له في قراءة عشرين علماً فأكثر أو أقل فكأنه رخص له في المطالعة فقط إذ بتشتيت فكره في هذه العلوم واحتياجه

لمراجعة مواد كثيرة في كل علم عند قراءته يفقد القوة التي تمكنه من درك حقائق الفن وفهم معانيه فهم تدقيق ولا يعترض على هذه العلة بوجود عالمين أو ثلاثة متمكنين من هذه العلوم فإنهم ما تمكنوا منها إلا بعد الاشتغال بها أكثر من أربعين سنة تعلماً وتعليماً وليس القصد أن يقطع كل طالب في الأزهر هذه السنين حتى يساويهم في الرتبة بل القصد حصول كل طالب على درجة في فنون مخصوصة يحصلها في وقت لا يقطعه عن الاشتغال بمصالحه الدنيوية والانتفاع بحياته ونفع العامة بما يعلمه من العلوم الضرورية لهم والكتب التي تقرأ ليست مقدرة دروسها أو مقررة ككتب الشافعية والملكية ولكن الأشباخ لا يعتنون بها فيقرأ الشيخ ما ارتحت نفسه للقراءة ويتركها متى شاء ويبقى الطالب تحت رحمة الشيخ وتعطفه وهذا من أسباب التأخير وموانع تقدم الطلبة. ولعدم امتحان الطلبة سنوياً لا يبالي الطالب بانقطاعه عن كثير من الدروس معتمداً على أنه عند الامتحان يقدم رسالة في المبادىء يتبادل فيها المطالعة والمباحثة مع غيره حتى يحسن السؤال والجواب عنها ليستحق بذلك الشهادة القاضية بأنه صار من صف العلماء ورخص له في التدريس. ونرى معظم الطلبة لا يحسنون الإملاء ولا مرسوم الخط ولا يقدرون على إنشاء رسالة أو تنميق مقالة في غرض مخصوص اللهم إلا إذا سهر لها الليالي يسود ويبيض حتى يصل إلى المقصود لا على ما ينبغي وذلك لعدم وجود من يمرنه على الإنشاء ويعوده على تحرير المطالب فهو عالم غير عالم كمن يعرف علم العروض ولا يستطيع نظم بيت لعدم محاولته ذلك. كما نرى كل مشتغل، لا زهر منصرفاً عن

الدنيا وما فيها فلا يقرأ الجرائد العلمية ولا السياسية ولا يعرف شيئاً من أحوال الممالك ولا يقرأ تقويم البلدان (الجغرافيا) ولا علم له بشيء من الجاري بين الملوك والطوائف ولا وقوف له على حوادث الحروب واختلاف الأمم ولا إلمام عنده بصنعة أو زراعة أو أصول تجارة ولا يبحث في مخترع يسمع به ومقترح يرد عليه كأنه في جب لا سكان فيه إلا من ماثله في هذا التجرد الشنيع مع أنه يعلم أنه يطلب العلم ليكون مؤهلاً للإفتاء والقضاء وهاتان الوظيفتان أرقى وظائف السياسة القضائية المتصلة بكثير من الفروع الإدارية. وبهذا الأعراض عن الضروريات الدولية والمعاشية وقع كثير من العلماء في الخطاء اغتراراً بغاش يزين لهم الألفاظ الأسئلة ليقيم عليهم الحجة بأجوبتهم وأبعدت جموع العلماء عن مجالس الأمراء لعدم اقتدارهم على مشاركتهم في تبادل الأفكار إذا لا يعلمون من لوازم الدولة شيئاً. ثم أن طريقة الامتحان التي ربطت أخيراً هي طريقة لقطع العلماء وإقفال الأزهر وما أظنها إلا دسيسة دست على العلماء ولم يتفطنوا لها فإنه إذا كان في الأزهر عشرة آلاف رجل ولا يخرج منهم بالامتحان إلا ستة رجال مثلاً كل سنة ففي كم من القرون تعطى الشهادات للباقين فضلاً عن أن الواردين يزدادون كل سنة وإذا ضاق الطالب من طول الزمن وسافر إلى بلاده بلا شهادة منع من التدريس والدخول في عداد العلماء لأن عمله لا يفيده شيئاً ما دامت يده خالية من الشهادة فإذا تأملنا في قانون الامتحان الذي وضع أخيراً تحققنا أنه سيف قاطع للعلماء من الأزهر بضيق الطلبة وعلمهم أنهم لا يعطون الشهادة إلا بعد انتهاء الأعداد

المتقدمة عليهم وذلك مما يحتاج لقرون وهو لا يعيش هذه المدة فلا سبيل لأن يكون عالماً رسمياً فانقطاعه أولى من اشتغاله بما يضيع العمر فيه سدى ولا نري كيف ساغ لواضع هذا القانون أن يضيق على الناس هذا التضييق مع علمه بالراحلين إلى الأزهر من الأقطار البعيدة الذين لا يمكنهم التخلف عن بلادهم بعد انتهاء مدة الطلب ويغلب على الظن أن واضعه أجنبي أو أنه أدخل على العلماء بواسطة أجنبية في الحقيقة وإلا فإن هذا أمر منكر شرعاً وسياسة إما شرعاً فلأن الشرع يأمر بإعطاء كل ذي حق حقه ومنع الضرر عن عباد الله تعالى خصوصاً الفقراء وأخص منهم الغرباء والطالب المستحق للشهادة إذا منعها وألزم بالإقامة لانتظارها فقد منع حقاً وجلب عليه ضرر. وأما سياسة فلأن الحكومات النظامية كمصر وضعت قوانين لمدارسها بها يحفظ الطالب حقوقه ولا يظلم أحد فمتى أنهى مدة التعلم امتحن ومت أجاب وأجاد أعطيت له الشهادة سواء كان الطالب للامتحان واحداً أو ألفاً أو أكثر. وهذا الذي وضع القانون الأزهري لم يراع الجانبين فأولى أن يبادر السادة العلماء بإلغائه والإسراع في وضع غيره مما يناسب الشرع والسياسة. فإن قيل أن العلماء لهم كساو أو مرتبات وإعطاء الشهادات بأعداد متلاحقة وينتظر أصحابها موت ذي كسوة أو راتب ليدخلوا مكان الذاهب الأول فالأول على أن من يريد السفر إلى بلاده لا يطلب كسوة ولا راتباً وما يريد إلا أخذ شهادة من سماحتلو شيخ الجامع تعلن بأنه من العلماء الذين تخرجوا على أفاضل الأزهر وبها يمكنه

التدريس في بلده والسعي في وظيفة من وظائف العلماء هناك وليس هذا من قبيل الطعن في طريق التعليم الأزهري ولا إنكاراً لفضل أشياخنا الذين برعوا فيه وانتهوا إلى درجة التأليف والاستنباط وإنما هذا من باب النظر في الانتقال من الحسن إلى الأحسن والنافع إلى الأنفع ولا فمنكر فضل الأزهر كمنكر نور الشمس في اليوم الصائف. وقد اقتضت الأحوال السابقة أن يكون التعليم على تلك الصورة وكانت أحسن ما يتخذ ويتبع أما وقد وصلت الأفكار على اتخاذ طرق أسهل وأقرب وأنفع للطالب فلم يبق إلا عرضها على الحضرة الخديوية الفخيمة والوزراء الكرام والعلماء الإعلام حتى إذا وقعت موقع القبول جرى العمل عليها أو إذا احتاجت لتنقيح أو زيادة أو حذف كانت أنموذجاً للنظر وأعمال الأفكار. أولا يلزم أن توزع طلبة الأزهر على المدارس المخصصة لطلب العلم كمدرسة السلطان حسن وشيخون وقلاوون ومحمد بك وكمساجد المؤيد وسيدنا الحسين والسيدة زينب والأشرف والغوري وغيرها مما يناسب وضع الطلبة فيه فإنه يوجد كثير من المدارس لها أوقاف حية تستغل ولكونها خالية من العلماء والمتعلمين لم يصرف من غلتها شيء على أهل الأزهر لمخالفة ذلك لشرط الواقف بل بقيت في خزينة الأوقاف فلو استعملت هذه المدارس كان أهلها ريع ينفق عليهم وعلى معلميهم فيعينهم على الطلب فضلاً عن دفع الضرر الصحي ثانياً. أن يجعل الأزهر مدرسة عليا لا يدخلها إلى من قضى ست سنين في المدارس التأهيلية فيتم علوم التفسير والحديث والأصول فيه. ثالثاً. أن ينظر إلى العلماء وقواهم في العلوم فيخصص لكل فن أو فنين علماء معينون

ويحجر عليهم التدريس في غير ما خصصوا له من العلوم ليتقن العالم الفن ويحرر مطالبه ويحل مشكلاته بانقطاعه إليه فينتفع وينفع الطالب لتمكنه من الفن بإحسان النظر فيه وعدم تشتيت الفكر في غيره. رابعاً. أن تخصص الكتب اللازمة في كل فن مدة الطلب وتعين للطالب وتقدر دروساً ويلزم الشيخ أن يقرأ الدرس المقدر من غير أن يزيد عليه أو ينقص منه خامساً. أن تقدر أيام البطالة وأيام العمل بحيث لا تزيد أيام البطالة عن مائة وخمسين يوماً في السنة وبقية الأيام يشغلها الطالب بالتعلم فلو فرضنا أنه يأخذ في السنة مائتي درس وكانت المدة المقدرة له عشر سنين لأخذ فيها ألفي درس وهذا لا يحصله الآن في عشرين سنة. سادساً. يضرب للطالب أجل تعليم عشر سنين يقضي منها ستة في المدارس التأهيلية الخارجة عن الأزهر والأربع الأخيرة يقضيها في الأزهر لتلقي العلوم العالية كالتوحيد والتفسير والحديث والأصول والكتب التي يختم بها المذهب. سابعاً. يحجر على الأشياخ قراءة الحواشي ويلزمون بقراءة الشروح فقط لمنع تشتيت ذهن الطالب. ثامناً. ترتب العلوم التي يأخذها الطالب بحيث لا يجوز للشيخ أن يقرأ علوم السنة الثانية لمن هو في الأولى وبالعكس ولا يجوز له أن ينقطع عن قراءة فن ويقرأ غيره في غير الوقت المعين له. . تاسعاً: يتخذه سماحة شيخ الجامع مفتشين على الطلبة والمشايخ بحيث يفتشون أوراقهم ويكتشفون أحوالهم وأخلاقهم ويبحثون معهم فيما أخذوه ويلاحظون أماكن نومهم وملابسهم وسيرتهم مع الناس ويقدمون كشفاً لشيخ إلا كبر بما يرونه عاشراً. لا يقبل في هذه المدارس إلا من حفظ القرآن الشريف وجوده وحفظ

المتون اللازمة للسنين الست فإنه يحفظ القرآن ليتسع ذهنه ويستعين به على البلاغة ويحفظ المتون يسهل عليه الفهم والتعلم وتبق القواعد راسخة في ذهنه وأما الطالب الذي لا يحفظ القرآن ولا المتون فقل أن ينجح (11) أن تمتحن تلامذة كل مدرسة في آخر السنة وتعطى لهم شهادات بدرجاتهم التي وصلوا إليها كشهادات المدارس الأميرية طلباً لتنشيطهم وحثهم على التقدم (12) أن يخصص طبيب أو طبيبان للكشف عن الطلبة وقتاً بعد وقت ومعالجة المصاب منهم في مستشفى يخصص بهم وتكون نفقة المستشفى والمرضى والصيدلية من الأوقاف الخيرية التي لم تقيد بقيد (13) على كل شيخ أن يبعث بياناً كل أسبوع لشيخ الجامع يتضمن أسماء الذين واظبوا طول الأسبوع والذين انقطعوا أياماً منه ليقطع جرايتهم في أيام الانقطاع وينقص من درجاتهم بقدر ما فاتهم من الدرس (14) إذا أمضى الطالب عشر سنين ولم يتحصل على الدرجة المطلوبة لدخوله في فريق المدرسين يرفت من الطلب وتقطع جرايته ومرتباته فإن رغب الاستمرار على نفقة نفسه بعد ذلك فهو حر فيما يشاء وذلك؟؟؟؟ الكسالى على الطلب والاجتهاد في التعلم فإن الكسلان إذا علم أن جرايته مستمرة اجتهد وإلا بقى على كسله سنين قانعاً بالجراية وفي ذلك من ضياعه وضياع الجراية ما لا يخفى (15) إذا دخل الطالب في السنة الثالثة اتخذ له الشيخ يوم الخميس للتمرين على الخطابة بحيث يكلفه أولاً أن يكتب خطبة في موضوع يعينه له ثم لا يزال ينقله شيئاً فشيئاً حتى يخطب ارتجالاً على القواعد الصحيحة وبهذه الطريقة يمكنه أن لا يتقيد بدواوين الخطباء ويخطب في الناس بما يناسب الزمان والمكان.

(16) لا تعطى شهادة التدريس لمن لم يقم عشر سنين في هذه المدارس ومن أراد أن يعيد الكتب مرة ثانية بعد مضي تلك المدة يكتب له ذلك في شهادته (17) بامتحان الطالب بعد مضي المدة ينظر للعلم الذي أتقنه أكثر من غيره ويكتب في شهادته أنه من مدرسي فن كذا وكذا بحيث لا يرخص له شيخ بغير الكتب التي قرأها وأما ما جرت به العادة من إجازة الطالب بكل مرويات الشيخ ومؤلفاته وأن لم يرها فلا يرجع إليه ولا يليق أن يأذن به عالم بعد علمه أن من يجيزه ربما لم تكن فيه أهلية لفهم تلك المرويات فضلاً عن قراءتها والطامة الكبرى أن الرجل يلقي الشيخ من المشايخ ويجلس معه ساعة فيجيزه بكل ما أجازه به شيخه وهي طريقة سيئة جداً إذا يلزم أن لا يأذن الشيخ إلا بفن مخصوص امتحن الرجل فيه وعلم أنه أحاط بأصوله وفروعه إحاطة فهم وتدقيق (18) يرتب ديوان الأوقاف لكل مدرسة جملة من الجرائد العلمية والسياسية لاشتغال الطلبة بها وقت الفراغ من الدروس ويكون معهم من له إلمام بالأحوال فيفهمهم ما يغيب عنهم من الأحوال التي لا تعلق لهم بها ليحيطوا علماً بما عليه الدول وما هو حاصل في بلادهم توسيعاً لملكهم وتمريناً لهم على السياسيات التي يسوقهم العلم للدخول فيها عند توليتهم الوظائف (19) يدخل في قانون الدراسة علم الهندسة والحساب وتقويم البلدان (الجغرافية) والهيئة والحقوق والتاريخ واللغة العربية فيستأجر الأوقاف معلمين للعلوم التي لا يقرها العلماء كالهندسة والحقوق حتى يتأهل أناس من الطلبة للقيام بتدريسها فيستغنى الحال عن غير الأزهريين (20) يعين ديوان الأوقاف لكل مدرسة خطاطاً أو خطاطين

لتعليم الطلبة الخط الحسن وعلى الشيخ أن يعطي الطلبة كل يوم إملاء جملة طويلة ويراجع كتابتهم ويصحح أغاليطهم ليتعودوا على الكتابة الصحيحة ويتقدموا في الإنشاء (21) يمنع الطالب من التنقل من شيخ لآخر قبل مضي السنة كما يمنع من حضور علم لم يعين له في السنة التي هو فيها لمنع تشتيت ذهنه وضياع وقته (22) على سماحة شيخ الجامع أن يجعل فرعاً للأزهر المنيف في كل عاصمة مديرية فيعين أشياخاً لقراءة علوم مخصوصة لمن يتعذر عليهم الانتقال من بلادهم وعلى الأوقاف أن ترتب لهؤلاء المنتقلين للتعليم ما يفي بمؤنهم توسيعاً لدائرة العلم ونشراً للمعارف في البلاد (23) كل من أراد الدخول في الطلبة يقدم طلباً لشيخ الجامع وبعد الكشف عليه من الطبيب المعين إذا ظهر أنه خال من الأمراض المعدية وبلغ الثانية عشر من سنة يمتحن في القرآن العزيز والمنون ثم يحال على مدرسة من المدارس التأهيلية (24) لا يقيم بالأزهر من العلماء الأرجال الطبقة العليا الذين تفردوا بالتبحر في العلوم ولهم اقتدار على قراءة كتب التفسير والحديث والأصول والحكميات التي يدعوا إليها علم الكلام. هذه أفكار وآمال نعرضها على أولي الأمر والسادة العلماء رجاء الوصول بعدها إلى انتشار القلم والتزام الطرق السهلة لتعليمه وليس بعزيز على الحكومة العباسية أن توجه العناية إلى تنظيم هذه المدرسة وترتيب الطلبة على هذا الأسلوب أو أحسن منه ووضع هذه العصابة الشريفة تحت قانون نظامي ومساعدتهم بصرف ما يلزم لهذا العمل المبرور. وإذا كانت الحكومة تصرف لمعلمي اللغات الأجنبية وبعض العلوم الرياضية والطبيعية الخمسين جنيهاً

والمائة راتباً لشخص واحد فماذا عليها لو خصصت للأزهر ودوائره مبلغاً تساعد به الأوقاف فإن تعليم علمائه عائدة منفعته إلى الحكومة فمن الطلبة يخرج القضاة ونواب البلاد والمفتون وطلبة دار العلوم وهؤلاء كلهم تابعون لإدارة الحكومة لا لإدارة الأزهر فالأزهر مدرسة من المدارس التي يجب أن تنفق عليها الحكومة لعود المنفعة إليها غاية ما في الباب أنه مستقل بإدارته تحت رياسة شيخه لا تعلق له بالمعارف ولا سلطة للمعارف عليه ولكن ذلك لم يخرجه عن رعاية الحكومة ومسؤليتها عنه مساعدة وتنظيماً. إنما قلنا يجب على الحكومة أن تنفق عليه لأن به كثيراً من المدرسين الفقراء الذين يستعينون على معاشهم بالسهر في الليالي القرآنية وقد حتمنا عليهم قراءة دروس معدودة في أوقات محدودة فمنعناهم من السهر الموجب لتخلفهم عن القراءة فلزمتنا نفقتهم بمساعدة الأوقاف على ما تعطيه لهم ليقوم المجموع بمؤنتهم والذي يظهر أن هذه الطرق توصل الطالب إلى النجاح ويكثر بها عامل العلم وتتنفع الحكومة بمن يتخرجون على هذه الطرق أكثر من انتفاعها بمن تخرجوا على الطرق القديمة. وعسى أن تحل هذه الآمال لمحل القبول فنرى القول مشفوعاً بالعمل وإن أبى الناس إلا بقاءهم على ما هم عليه تركناهم وما يريدون وعدنا إلى ديوان المعارف لنبسط الكلام عليه فإنه أشد احتياجاً لبيان ما فيه وأن كانت آلات التعليم فيه متوفرة والنظام على أحسن ما يكون ولكن فيه من الدخيل ما أوجب خلل بعض مدارسه أو دروسه والصمت على ذلك ضياع للعلماء والتعليم.

تهنئة قدوم

تهنئة قدوم ما غربت شمس يوم الجمعة الماضي حتى أشرقت أنوار الحضرة الخديوية الفخيمة عائدة بالسلامة من الصعيد السعيد بمرور السيد الوحيد بين أمة امتلأت قلوبها بمحبته وقد قام ذوات الصعيد وعمده وأعيانه ووجهاؤه بأعمال الزين الفاخرة وأحياء ليالي الأفراح بما لم يسبق له مثال ووفد الناس من أقاصي البلاد لمشاهدة خديويهم المحبوب عندهم فلم يبق بلد غلا جاء أهله للمركز القريب منه شوقاً لرؤيته وتشرفاً بالاحتفال بقدومه وهذا من أكبر الأدلة على تعلق القلوب به وعدم مشاركة غيره في هذه الخاصة وكنا قد عزمنا على ذكر من قاموا بالزين والاحتفالات فرأينا ذلك يحتاج لكتاب مستقل فلذا رجونا حضراتهم قبول العذر مع الثناء عليهم والشكر لعنايتهم أما حضرات المديرين فيضيق الكلام عن الواجب لهم مدحاً وثناء على العناية التي بذلوها لحفظ النظام ومنع الغوغا والتحفظ على الأمن العام وتنظيمهم الطرق وأماكن الزين ولله ما أبداه نظار المحطات وجميع مستخدمي الوجه القبلي التابعين للدائرة السنية والبوسطة والسكة الحديد والمديريات والمحاكم فليتفضلوا بقبول الثناء العام مع الاعتراف بقصور العبارة عن الواجب لهم شكراً على ما بذلوه من الهمة والفرح والسرور. ومع نزول درجتنا عن مقام المهنئين للذات الفخيمة نتقدم في ازدحامهم بتهنئتنا ملتمسين القبول من سيد له النعمة الكبرى في عنق خادمه عبد الله نديم قدمت للحضرة الخديوية قصائد شتى في سفره وإيابه وقيل في هذا

السفر أسفار من المدائح ومن غرر ما قدم ونال القبول وحسن الالتفات قصيدة الألمعي النحرير صاحب التآليف النافعة والصيت الطائر فضلاً وعلماً وأدباً وعفة ونزاهة نفس الفاضل حفني بك ناصف القاضي بمحكمة أسيوط الأهلية وأبيات أبيات من نظم أمام المنشئين وقدوة الشعراء السيد الأفضل الشيخ علي الليثي حلينا بها الأستاذ كما تحلت بها مظاهر الاحتفال الذي شهده الناس يوم الزينة عند مرور الركاب العالي فمنها بيتان كتبا على زينة محطة المتانية وهما: سر فالسلامة والسعود مقارن ... لركابك المحفوف بالأسعاد هذا الصعيد غدا سعيدا مذ وفي ... عباس الثاني على ميعاد وبيتان كتبا بزينة الصف حيث يقيم الفاضل المشار إليه وهما حل الركاب ولاح بدر سعوده ... عباس مصر مشرف بجنوده فالأرض قد لبست غلائل سندس ... والجو نقطها بدر عقوده ولما ورد لحضرة الأستاذ تلغراف من بني سويف بعدم تكليف خاطره بالنزول إلى شاطىء البحر وقت مرور الركاب الخديوي كتب هذه الأبيات البحر والبر والدنيا بأجمعها ... سرت بملك خديوي مصر عباس لو يغبط الفلك الأعلى بواخره ... ما لامه من لدنه بعض إحساس فإنها قد علاها منه أربعة ... بحر وبر وبدر ضيغم قاسي يا حسن يوم أنار القطر مقدمه ... حتى اجتلى من رآه شمس إيناس لا زال للملك سعداً في رعيته ... مؤزراً باله العرش والناس

أما القصيدة الحفنية فنصها مولاي باسمك تصدر الأحكام ... بين الرعية والحقوق تقام وتفيض منك على البلاد عدالة ... والعدل للملك الرفيع قوام وبهيبة العباس قر الأمن في ... مصر وقد رسخت له أقدام وبيأسك القانون يخفق بنده ... فيها فتخضع للنظام الهام كل إذا احتدم الخصام وفوقت ... منه السهام له به استعصام يرعاه باسمك من عبيدك فتية ... أخذت لديك عليهم الأقسام لم يرهبوا في الحق لومة لائم ... أن طال ما خدع النفوس ملام أقصى مناهم أن تعيش بلادهم ... وغداً ويرعى للحقوق ذمام قيسر مظلوم بكشف ظلامة ... ويبر من قعدت به الأيام ساروأوهم بك مقتدون وأنت في ... محراب عدلك للجميع أمام تعبوا ليرتاح الأنام ما شكوا ... نصباً وقاموا والخصوم نيام لا يبتغون سوى رضال لعلمهم ... أن الجنوح لغير ذاك حرام فرضاك بعد رضا الإله مرامهم ... وعلى جميع العالمين سلام شغفوا بعدل أنت شدت صروحه ... وبنته آباء نمتك كرام فتول ما غرسوا وزد في روضه ... وأعد له ما غاله الإعدام ملك أقام محمد بنيانه ... فزدا وناصره الأمين حسام رفع القواعد منه ابراهيم إذ ... نار الوغى برد له وسلام أن ينكر الخصماء سطوته فقد ... شهد الحجاز ببأسه والشام وتلاه عباس وثغر الملك في ... أيام دولة عدله بسام

ساس البلاد كان ثاقب فكره ... وحي وصائب رأيه الهام هذي مآثرهم بمصر شواخص ... فيها وآثار العظيم عظام ابقوا لهم تاريخ مجد راسخ ... أين المقطم منه والأهرام فاشهد مفاخرهم وحي رعية ... طول الزمان لعرشكم خدام طاروا سروراً من شهود أميرهم ... فكأنهم حول القطار حمام يتسابقون إلى اجتلاء سموه ... وبهم زفير نحوه وهيام لو لم تكن نار القطار لجره ... وجد يجيش بصدرهم وغرام يبدو ضمير الحب فوق وجوههم ... مثل السلاف بها ينم الجام في كل رستاق وكل مدينة ... شوقاً إليك تجمع وزحام من كل فج ينسلون فأترعت ... بهم الوهاد وما جت الآكام والنور أمسى أبحراً غرق الدجا ... فيها ومات بلجها الإظلام فكان وجه الأرض وجه أبلج ... بين الكواكب والغمام لئام والناس من كل الجوانب هتف ... عش يا عزيز يحوطك الإعظام وأسلم لمصر كنانة الله التي ... من رامها بأذى رمته سهام وأهنأ بإخلاص الرعية أنها ... والله ليس لها سواك مرام والأمر يا عباس أمرك فاحتكم ... في الكل لا نقض ولا إبرام يا من يحاول غير ذا منا استرح ... طوى الكتاب وجفت الأقلام ومن نظم الفاضل محمود أفندي واصف حبيس سجن الإسكندرية يمدح الحضرة الخديوية والجانب الرياضي ـ قوله: حمدنا سرى الحزم عند الصباح ... وإذن بالنجح داعي الفلاح

أدبيات

وزال العناء وطاب الهناء ... وعم الصفاء الربي والبطاح وقرت عيون المعالي سروراً ... وصدر الوجود غدا في انشراح ومصر استعزت بعباسها ... ونالت مناها بنصر متاح وأضحت وللسعد فيها مقام ... وأمست والنحس عنها انتزاح فلله حزم المليك المقدى ... جمال المواكب ليث الكفاح غنينا به عن جموع الجنود ... وخفق البنود ورفع السلاح رأى ما يرام ووفق رأياً ... لدفع الفساد وجلب الصلاح رأى أن يعيد الوزير الجليل الجميل السجايا الجزيل السماح فنادى بمصر منادي التهاني ... بنيل الأماني على رغم لاح وبشرى النجاح لقد أرخته ... رياض عليه كمال النجاح سنة 1310 ـ 1011 ـ 115 ـ 91 ـ 93. وأنا على يقين من أن استغاثته بالحضرة الخديوية الفخيمة تصادف القبول والإقبال وسنراه مغموراً بالنعم الخديوية رافلا في حلل العفو داعياً للمولى العباس إناء الليل وأطراف النهار أدبيات أطلعنا حضرة الفاضل الألمعي مهذب الأخلاق صاحبنا عزيز أفندي زند محرر جريدة المحروسة الغراء على قصيدة من نظمه يمدح بها الوزير المصري الجليل صاحب الدولة مصطفى رياض باشا ويهنئه برأسة النظار والنيشان العثماني الأول المرصع فرأينا كلا ما يكاد يسيل رقة قال في مطلعها يشاهد معنى خدها الجمر والورد ... ويشبه أهنى ريقها الخمر والشهد

ومشي في رقته إلى أن قال في التخلص البديع وعنفني من لا يرق لحالتي ... ولست براج أن يرق في الصلد فحسبي من ريب الزمان تخلصي ... بمدح رياض من له الحل والعقد وهي أربعون بيتاً وقد حلت عند دولة الممدوح محل القبول لما نراه من إخلاص ناظمها. رأينا أبياتاً للشاب النجيب الماهر يوسف أفندي اسكندر من كتاب الحقانية يهنىء صاحب الغيرة حضرة الماس أغا باش أغاي السراي الخديوي وهي: تذكر الوعد دهر ليس بالناسي ... أضحى له منجزاً فالأنس بالناس فقد صفا ووفي بالقصد مبتدراً ... لما غدت رتبة العليا لألماس والسعد طالعه أضحى يؤرخه ... ألماسنا باش أغا سراي عباس سنة 1892 أرخه سنة 92 لأن الأمر العالي صدر يوم الأربعاء 28 دسمبر سنة 92 والممدوح يستحق الثناء وأهل لهذه الوظيفة فإنه من الأذكياء النبهاء المستغلين بتعلم العلوم ودراسة الأحوال فهو أمة وحده بين أمثاله. (وللأستاذ الفاضل الشيخ سليمان العبد قصيدة جليلة منها) سير الخديوي للصعيد سعوده ... وبه إلى العلياء راق صعوده في مظهر الإسعاد سار بموكب ... إعلامه خفاقة وبنوده وزهت به أنواره فتممت ... ذاك الجناب الآصفي وفوده لا زال يرقى في المعالي شائداً ... ما أسست أباؤه وجدوده

ما أنشد التاريخ فيه مؤرخاً ... سير الخديوي للصعيد سعوده سنة 1310 ـ 270 ـ 661 ـ 234 ـ 145. (وللفاضل الشيخ أحمد القوصي) ركاب العلى في مصر باليمن شرفاً ... فأشرقت الأنوار والحظ أسعفا وعادت بها الأفراح في يوم عوده ... وقد حازت الإعلام فيها تشرفا وفيها تبدي طالع اليمن مشرقاً ... ووافي التهاني بالخديوي لنا وفي ومذهل عيد العوج قلت مؤرخاً ... بعود خديوينا بمصر زها الصفا سنة 1310 ـ 82 ـ 681 ـ 332 ـ 13 ـ 202. وللفاضل ابراهيم أفندي رمزي من أعيان الفيوم ووكيل الأستاذ عندما تمثل بين يدي الحضرة الخديوية أبيات منها حاكم صدر امتداحي فاشرحوه ... وإليكم متن قولي فاشرحوه فهو في العباس مولانا الذي ... في النهى كل البرايا رجحوه كيف لا وهو الذي قام بأمر به كل الملوك امتدحوه فالصعيد الآن للأهلين قد ... شاد تاريخين فيما صححوه قال في تشريف واليهم به ... خط جرجا بالسعيد افتتحوه سنة 1310 ـ سنة 1893. صحيفة سطرخطاءصواب صحيفة سطر خطاء صواب 611 10 الكاتب الطالب 615 9 يحصلها يحصله 616 15 والاأولا617 18 لا يقرهالا يقرأها . . . 19 الطلبة الطلبة

العدد 27

العدد 27 - بتاريخ: 21 - 2 - 1893 الزراعة في مصر لا يخفى على كل وطني أو مجتاز أن البلاد المصرية بلاد زراعية لاستواء أرضها وعدم وجود أراض جبلية أو صخرية فيها ولمرور النيل على كل نقطة فيها بالسيح أو بالآلات وقد اعتنى أهلها بفن الزراعة حتى اتقنوه وعرفه الخاص والعام بل لا يخفى على نساء الريف لكثرة مزاولة الرجال للفلاحة ومشاركة الأولاد والنساء لهم في كل أعمالهم فصار علم الزراعة مقرراً راسخاً في أذهانهم فترى كل فلاح يعرف وما يحفظ الزرع غالباً وهذا أمر كالفطري عندهم ولكن لهذا الفن كتب فيها كثير من الفوائد التي لا يهتدي إليها الفلاح الجاهل فإن العالم الزراعي يمكنه أن يحلل المادة الطينية والماء والنبات ويعرف العلل الوجبة لفساد الزرع والأسباب الحافظة له والأمراض التي تعتري الأشجار والنابت الذي يضر الشجر والحشرات المهلكة للزروع

والحشائش الضارة وعلاج كل ضار بما يمنعه فلهذا كان من الضروري أحداث مدرسة زراعية في مصر لأحياء هذا الفن وخدمة الأرض بما يزيدها جودة واستعداداً فينمو الحاصل منها وتكثر الفوائد الزراعية وقد أنشئت هذه المدرسة واتخذت سراي الجيزة دار مقر لها ودخلها من التلامذة فوق الستين مختلفين جنساً وديناً لتعميم المنفعة بهم وتقرر فيها تدريس الكيمياء الزراعية والعمومية والمواليد والكيميا التحليلية والطب البيطري والزراعة العلمية والعملية والطبوغرافيا (المساحة) وعلم الجناين وعمليتها والهندسة والجبر والحساب واللغة الانكليزية واللغة العربية واجتهد التلامذة في الدراسة سعياً خلف المنفعة المطلوبة من تعليمهم وكان الأمل أن تقرأ هذه العلوم بالعربية التي هي لغة الفلاح ليقف التلميذ على حقائق بما يفهمه ولكن لم يتحقق هذا الأمل فإن جميع هذه العلوم تقرأ باللغة الانكليزية ما عدا الرياضة فإنها تقرأ بالعربية ومع ما في ذلك من الضرر على اللغة العربية فإن الفوائد التي تحصلها التلامذة جمة وهناك طريقة لزيادة معرفة التلامذة وتقدمهم نعرضها على رجال المعارف لعلها تقع موقع القبول وهي تعيين اثنين من التلامذة لكل مديريتين أو أكثر ليطوفوا البلاد وينظروا الغيطان وما فيها من الاختلاف والتباين في الزروع والتربة فإذا وجدوا حوضاً تختلف زروعه ضعفاً وجودة أخذوا من طينته الجيدة والرديئة وبعثوا بها إلى المعلم الكيماوي لتحليلها ومعرفة العلل في الضعيف والنظر في دفعها حتى يكون في حكم القوي وكذلك إذا وجدوا زرعاً مصاباً بعاهة بحثوا في موجبها وبعثوا

ببعضه إلى المدرسة للنظر فيه فيمكنهم أن يدرسوا الأراضي المصرية علماً وعملاً ويدونوا فيها كتباً تشتمل على بيان أرض كل بدل وقوتها وضعفها وتحديدها بدرجات تناسبها لتكون قانوناً للحكومة في ترتيب الضرائب وفصل القضايا المختصة بها كما أنهم بهذه الحالة يعرفون الآبار الجاري السقي منها والترع والبحور ويرشدون الفلاحين حال مرورهم إلى طرق الإصلاح فتزداد معارفهم وتصلح أراضيهم وتمو ثروتهم وتعود تنقلاتهم بأعظم الفوائد على المدرسة ثم يكون التنقل على التبادل بين التلامذة ليأخذ كل واحد منهم حظه من المشاهدة النظرية ويكتب إلى المديرين بمساعدتهم على التنقل في البلاد والانقياد إليهم في العمليات التي يقتضي إجراؤها في بلد من البلاد لمعرفة ما هو ضروري لهم. وإلا فإن اشتغالهم بالعلم وحده أو بالتجارب معه في بستان الجيزة وحده لا يكفي في إحاطتهم بهذا الفن الشريف فإن الأرض تختلف جودة وضعفاً ومنه الطيني والرملي والمرتفع والمنخفض وكثير الماء وقليله وكل هذه أوصاف توجب اختلاف المحصول باختلاف مزرعته فيجب على التلامذة الوقوف عليها في أماكنها بحيث يمكنهم أن يتداركوا كل خطر يحدث للمزروعات قبل تفاقمه وانتشاره بأخذ التحفظات اللازمة كما تفعل الأطباء وقت حدوث الوباء من الحجر ومعالجة المصابين. وقد رأيت أربعين تلميذاً عائدين من زيارة فابريقة البدرشين فسألتهم عن قائدة علمهم فقالوا تقدم ثروة بلادنا بتقدم زراعتها ثم سألتهم عن معلميهم وضباطهم فاثنوا عليهم خيراً وشكروا عنايتهم بهم وخصوا حضرة خلوصي بك بثناء جميل

رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة

لعنايته بهم والتفاته لانتظام المدرسة ثم قالوا أن بعض الجرائد كذبت علينا وقالت أننا عصينا أساتذتنا وهو محض اختلاق وبهتان فإننا في غاية الانقياد لمعلمينا راضين عنهم كل الرضا ولم يحصل منا أدنى مخالفة لهم فضلاً عن التظاهر بعصيانهم ورأيت عندهم شوقاً كبيراً لتوسيع دائرة اللغة العربية وتمرينهم على الكلام الفصيح والعبارات البليغة وبالجملة فإنهم شبان عقلاء مجتهدون محتاجون لتوجيه العناية إليهم أكثر مما هم فيه ولله أساتذة المدرسة الذين لم يقصروا في تعليمهم كل ما يلزم الفلاح حتى عمل الزبدة التي هي من لوازم الفلاحين وقد برع منهم كثير وخرج من المدرسة محمد أفندي جمعة وتعين مهندساً ثانياً لجناين مصر ولا نلبث أن نراهم أتموا دروسهم وانتشروا في البلاد مستخدمين لتنتفع بهم وتعود ثمرتهم على أهلهم وحكومتهم العباسية أيدها الله تعالى. رسالة في ذم الفاحشة والعزوبة وردت لنا هذه الرسالة بقلم الفاضل العلامة الشيخ ابراهيم عبد السميع مفتي مديرية بني سويف في ذم الفاحشة والعزوبة ومدح الزواج قال أيده الله تعالى {بسم الله الرحمن الرحيم} لاشك عند عاقل أن الزنا خارج عن حد المرؤة العرفية والشرعية مستوجب فاعله للذم عادة والإثم شرعاً ولو تركت مسألته لمجال العقل السليم والطبع المستقيم لكان أول حاكم بقبحه وذمه وشؤم عاقبته لوجوه عديدة. منها أن الزنا ظلم محض بما فيه من التعدي على عدة حقوق تستوجب الحفظ والرعاية في الشرع والمرؤة. الحق الأول حق الزوج (أن كانت من ذوات

الأزواج فإنه قد هتك حرمته وأفسد عليه حليلته بفساد لا يكاد ينجبر حتى الساعة وألزمه العار بين الناس فإن الزانية لا يخفى حالها وأمرها مهما تسترت. الثاني حق أبيها وعصبتها وجميع أقاربها وعشيرتها وسائر من يلحقه العار بها. الثالث أن المرأة ربما حملت من الزاني فإن كانت خالية من الأزواج فهي حينئذ مابين أمرين لابد لها من واحد منهما أما إسقاط الحمل بالفعل فراراً من العار وستراً لحالها عن الناس وتخلصاً من عقوبة تصل إليها من أقاربها وفي هذه الحالة لزم إعدام نفس معصومة بدون ذنب جنته فلابد أن يكون لها خصومة بين يدي الحكم العدل يوم الفصل والقضاء مع من أعدمها الحياة وسلبها ثوب الوجود قبل تمامه ومع من كان السبب في ذلك وهذه من أعظم المصائب عند من يعلم أن له رباً حكماً عدلاً ينصف المظلوم من الظالم وأي مصيبة أعظم من أن يكون بعض الإنسان خصماً له يوم القيامة. والخالق سبحانه وتعالى يقول {وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت} والأمر الثاني إن تبقي حملها ولا تسعي في إسقاطه إلى تمام الوضع اتكالاً على خلاص لها فيه فإذا ولدته القتة في البراري طعمة للوحوش والطيور فالحال فيه كالذي قبله فإن التقطه أحد ورباه أو كفلته هي بنفسها كما تكفل الأمهات أولادها لعدم مخافتها من عشيرة حتى كبر فلا شك أنه ينشاء ضائعاً ليس له أب يعرف ولا نسب يوصف وكفي بذلك مقتاً بين الناس إذ لا ريب أنه يقضي حياته منكود الحظ مرموقاً بعين المقت فهو الأجدر بأن ينشد قول

أبي العلا المعري. هذا جناه أبي علي وما جنيت على أحد ومن الاحتمالات الممكنة أن يظهر حملها لذوي رحمها وعشيرتها فيقتلوها هي وحملها ولكن 10 ذنب الجنين الذي لو انطقه الخالق لنبرأ مما فعله أبوه وأمه. فإن كانت المرأة متزوجة وولد الولد من الزاني كان منسوباً بحكم الظاهر إلى زوجها لأنه ولد على فراشه فيعطي كافة الحقوق التي تستوجبها تلك النسبة التي منها التوارث بين الطرفين وأخذ كل منهما إذا لا علم عندها به وأنما الذنب على الزاني وزد على هذا ما هو داعي وهو أن الزاني ربما كان له بنت ويتفق أن هذا الولد الذي هو ولده م الزنا يتزوج بها لكونها أجنبية عنه في الظاهر حيث لا علم عندهما بتخليط أبيهما الزاني فلك هذا راجع وباله عليه وأن كان ماء الزنا لا حرمة له ولا يثبت به نسب شرعي. ومما ينبغي التنبيه عليه أن الغالب على أولاد الزنا كون أحوالهم تخالف أحوال أولاد الزواج مخالفة واضحة للناظرين المنتقدين فتغلب عليهم الطباع المذمومة والشرور من المكر والخديعة والخبث والظلم والعدوان ومن الوجوه الموجبة لتقبيح الزنا وشؤم عاقبته أن الزاني عادة يكون دنيء النفس سريع المبادرة إلى لذاته فلا يكفي بامرأة أو امرأتين ولا يقف عند حد محدود بل هو كالجائع الذي لا يشبع والظماءن الذي لا يروي يتمنى في نفسه أن لو كانت نساء الدنيا بأجمعها في حوزته فمن هذه حالته يكون عبداً طائعاً لسلطان الشهوة وفي هذا من الضرر البليغ وانحلال القوى

الطبيعية وضعف الشبيبة مالا يخفى على ذوي المعرفة. ومنها أن الزناة متعرضون للأمراض المعدية التي لا تخلو عنها المومسات كالداء المسمى بالأفرنجي ويا ليتها تقتصر عليهم ولكنها تنتقل منهم إلى زوجاتهم وإلى ذريتهم بالوراثة وشؤم الآباء قد يسري إلى الأبناء ولهذا الوجه والذي قبله ترى الزناة الذين هذا حالهم أعمارهم قصيرة في الغالب وقد أشار إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (الزنا يذهب البهاء ويورث الفقر ويقصر العمر) ويعلم من هذا الإيضاح أن انتشار الزنا هو من الأسباب العادية لانتشار الأمراض المعدية وإليه أشار صاحب الشرع صلوات الله تعالى عليه بقوله من ضمن حديث (ما فشا الزنا في قوم إلا ابتلاهم الله بالأمراض التي لم تكن في أسلافهم). ومنها أنه عرضة للتلف والموت والهلاك والمصائب الجمة فإن تزاحم الزناة على البقايا يورث بينهم الضغائن فربما يقتل بعضهم بعضاً أو يضربه ضرباً مؤثراً فيساق الجاني منهما إلى السجن أو غيره. وقد ذكر في بعض الاحصاآت أن المسجونين من ذوي الجرائم وجد أكثرهم من العزاب المغموسين في الفسوق والفواحش. بل ربما يكون له عدو يتوصل إلى إعدامه بواسطة واحدة من معشوقاته باتفاق وتواطؤ بينهما فتجرعه السم مع الملاعبة فلا يشعر إلا بأمعائه قد تقطعت فيموت قتيل الفاحشة ومنها أن فيه ضياع المال والنزول إلى حضيض الفقر فإن الزاني لو كان عنده مال قارون لا فناء فلا غرابة أذن فيما يقال (بشر الزاني بالفقر ولو بعد حين من الدهر) وكم رأينا أناساً من ذوي البيوت الشهيرة بالعز والمجد والثروة الطائلة العظيمة

أضاعوا الأموال المخلفة عن أبائهم في هذا المورد الوخيم فأصبحوا بحالة يحزن لها الصديق فتراهم متعرضون لذل السؤال في أسوء حال. ولا يبعد أن يضطره الحال إلى السرقة والاحتيال فيصبح والسجون له دار مقر بعد أن كان في قصور النعيم. فلو على أباؤهم أنهم يتعبون في جمع الأموال لتكون مادة لفساد أولادهم من بعدهم وطعمة للعاهرات لما سمحت نفوسهم بجمعها ولفضلوا فقرهم على غناهم. ولو نظرت إلى حال الملوك والأمراء المتهافتين على هذا المورد الذميم وقرأت أخبار الغابرين منهم لرأيت أن ملكهم كان سريع الزوال لأنهم والحالة هذه يغلب عليهم الطمع وهو يؤدي إلى طرح ميزان العدل والتمسك باعتساف الظلم والجور وجمع الأموال وتكليف الرعية بما فوق الطاقة لخدمة شهوتهم التي استخدمتهم وصيرتهم عبيداً لها وأن كانوا ملوكاً وحينئذ ترمقهم الرعية بعين المقت ويترقبون لهم سوء المنقلب وتنطلق الألسنة بالدعاء عليهم ودعوة المظلوم سهم صائب. فإن كان المولع بالزنا فقيراً أو من ذوي الأكساب اليومية أو الشهرية القليلة فهذا لا تسل عن شقائه وتعبه وضياعه وضياع عياله وكل هذا الذي ذكرناه من الأمور المشهودة المعلومة الواضحة عند العموم ولكن الواضح يذكر لأجل التنبيه خصوصاً إذا خوطب به من لا يعمل بمقتضى معرفته ويرى الضرر البين الحاصل له ولأمثاله ومع ذلك لا يعتبر ولا ينزجر. ومنها أن الزناة لا يكون لهم في العادة معيشة منتظمة وكي تنتظم لهم معيشة وقد أفنوا أموالهم في غير عين تقتني أو زوجة تسد العوز وتصلح الشأن وتقوم بمصالح البيت كما قال الشاعر:

إذا لم يكن للمرء في البيت ... تدبره ضاعت مصالح بيته فهذه أوجه تكفي العاقل في ذم هذا المشرب الذميم فلهذا لم يكن حلالاً في شريعة من الشرائع بل ولا في قوانين عقلاء الأمم الماضية الذين لم يكن عندهم دين سماوي يأمرهم بالمحاسن وينهاهم عن القبائح والفواحش وهذه أمة العرب في حال جاهليتهم وعدم وجود رسول بينهم يبين لهم الشرائع كانوا يعدون الزنا من أقبح وأشد العار كما يدل عليه. أجرت به عادتهم من وأد البنات (أي دفنهن وهن أحياء) فإنهم كانوا يفعلون ذلك بهن فراراً من العار الذي عساه أن يلحق بهم إذا بقيت البنت حية. بل كثير من الحيوانات العجم ينفر طبعاً من المشاركة في الأنثى الواحدة ويبطش بمن يعارضه فيها أو يخونه كما يعلم ذلك من طالع الكتب المصنفة في الحيوانات أو اعتنى بمراقبة طباعها بنفسه والبعض منها يعقد مجالس لمعاقبة الزاني. والأسد لو علم من أنثاه الخيانة قتلها في الحال ويقال أنه يدرك ذلك منها بالشم. وقد طالعت مقالة في الطيور قال مصنفها من جملة ما شاهده منها في بعض الأقاليم نوع من أنواع طيور الماء يشبه البط في الشكل إلا في منقاره فإنه محدد وهذا النوع ذكوره أكثر من إناثه عدداً ومع ذلك فالأنثى الواحدة ليس لها إلا ذكر واحد يعاهدها عهد الزواج ويأتي بها إلى البر في فصل الربيع لا خلاف النسل فيتبعها الذكور العزب التي لم تجد زوجات على أمل أن يموت ذكر من الذكور المتزوجة فيتزوج أحدها بأرملته. وحكي لنا عن طائر ببلاد السودان يشبه الهدهد يسمونه أبو تكو بأنه شديد الغيرة يضربون به المثل فيقولون فلان في الغيرة مثل أبو تكو وذلك

أنه من شدة غيرته لا يفارق أنثاه أبداً إلا أنها إذا باضت وافرخ بيضها عمد إلى ريشها فنتفه كله حتى تصبر كالطائر الصغير ثم صنع لها ولأولادها عشاً محكماً ليس فيه إلا ثقب صغير لا يسع طائراً يدخل أو يخرج وبناه عليهم ثم يغدو ويروح عليهم بالطعام حتى يكبر أولاده وتكون أنثاه قد نبت لها ريش وهكذا يصنع بها كلما أفرخت من شدة غيرته. وغير ذلك كثير ففيه دلالة على أن المشاركة في الأنثى الواحدة تأباه الطبيعة البهيمية فضلاً عن الإنسانية. وقد ذكر العلماء في كتب الفقه أن الحكمة في تحريم الزنا منع اختلاط الأنساب ولكن الإمعان في الأضرار البليغة الناتجة عنه التي تبينت بهذا البياني يزيدنا علماً بحكم أخرى ذات بال ويجعلنا نجزم بأنه أيضاً مضر بالهيئة الاجتماعية والصحة العمومية ولهذا لا يباح في الشرع بحال من الأحوال وليس التعدي على المرأة بالزنا حقاً شخصياً يسقط بالتراضي فإن ذلك ينافي الحقيقة والمصلحة العامة كمنافاة النقيض لنقيضه. ومع كون بعض الحكومات لم تجعل للزنا عقاباً ولا سلكت به مسلك الشرائع السماوية واجتهدت في منع الأضرار الناتجة منه المؤثرة على النظام والصحة بالوسائط التي اتخذتها فاجتهادها لم يكن حاسماً للضرر من أصله على ما هو مشاهد معلوم للكافة. هذا ولكون الزنا من المحرمات القطعية المعلومة من الدين بالضرورة لم نحتج إلى إيراد نصوص ولا بأس بإيراد حديث واحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فه زجر عظيم وهو قوله عليه الصلاة والسلام من ضمن حديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن) يعني أن الزاني في حال مباشرة الزنا مسلوبة عنه صفة الإيمان الكامل وبيانه أنه في حال المباشرة مخالف لأمر ربه ولأحياء

عنده من العالم بالسر والنجوى مع أنه لو كان أحد من الناس ولو حقيراً يراه في حالته هذه لما تجاسر على الفعل حياء منه فالله تعالى أحق أن يستحي منه والإنسان أن لم يمتنع عن القبح مخافة فليمتنع حياء. وقد تبين من جميع ما ذكر أن الزواج أرجح من العزوبة عند المقايسة بينهما شرعاً وطبعاً. أما الأول فله أوجه عديدة سوى ما علم أحقها بالرعاية ما في الزواج من بقاء النوع الإنساني بالتناسل وتكثير الشعوب ولذا خلقت الشهوة باعثة عليه مطالبة به وتمام إيضاح هذا الوجه مع سائر الأوجه مسطور في كتاب الأحياء وأما من كان يختار العزوبة من الأصفياء فذلك منه لمقاصد دينية مثل التخلي لإقامة الفرائض وإتمامها وفراغ القلب عما يشغله عن الله تعالى والأمور بمقاصدها وكل واحد اعلم بنفسه. وأما طبعاً فلما ذكر في قوانين الصحة أن العزوبة مضادة للحقوق الطبيعية وللصحة الشخصية وتستعقب ضرراً على الصحة العمومية بالانهماك في الفسوق المؤدي إلى انتشار الأمراض. وأيضاً الامتناع عن الزواج وقت الشبوبية يوجب تأخيره عن وقته وعدم توافق الزوجين في السن وهو سبب رئيس لعقم النساء ولتسبب الولادات العسرة والمهلكة في المرأة التي تأخر زواجها عن وقته. وأما الزواج فهو من الصحة العمومية وقد شوهد من الإحصاء أن من يموت من العزاب أكثر عدداً بتفاوت غير قليل ممن يموت من المتزوجين. والنساء المتزوجات مع كونهن يقاسين أخطاراً في الولادة وتعباً في تربية الأولاد يعشن أكثر من غير المتزوجات. وللزواج عدة فوائد منها المودة والرحمة المنبسطة بين الزوجين وما يتبعها من المساعدات والاحتراسات والتسلية لا سيما عند التقدم في

المحافظة على الصحة واجبة

السن وفي وقت عروض الأمراض. ومنها الفوائد التي تترتب على النسل فإن الأولاد لهم حنو على والديهم يمدونهم بالمساعدة ويكونون لهم سنداً وملجأ عند بلوغهم سن الشيخوخة ومنها الفائدة التي تنجم من همة العمل في معايش العيال فإنه من الضروري لحفظ الصحة وتبعيد الأمراض. ومن أحسن فوائده أنه يقلل تنبه الشوق للجماع من جهة كون المضاجعة تصير اعتيادية في أوقات معينة فلا يكون تنبه المجموع العصبي مشتداً في أغلب الأوقات بل تكون التولعات هادئة والحظوظ غير متوالية. هذا آخر ما قصدناه من هذه المقالة وفيه غنى لذوي الألباب. والحمد لله ملهم الصواب. وإليه المرجع والمآب. والصلاة والسلام على من أوتي الحكمة وفصل الخطاب سيدنا محمد. الناطق بالحق والصواب. وعلى الآل والإتباع والأصحاب. المحافظة على الصحة واجبة لا يخفى أن المحافظة على الأرواح من الواجبات وأننا نرى أرباب مقالي الحمص يطلون الفول السوداني بالأسفيداج (كربونات الرصاص) وهذا الصنف كأنه مؤنة الأطفال لكثرة ما يشترونه ويخشى على صحتهم منه فإن من تأثيره أنه متى امتص بطريق التنفس أو بالجهاز الهضمي سواء كان الامتصاص بطيئاً أو سريعاً خلف انيميا (فقر الدم) وألم المفاصل وتكسراً في الأطراف ومغصاً جافاً وفقد الإحساس ثم يعقب هذا شلل مخصوص في عضلات الساعد تارة وتارة في عضلات الساق وربما أحدث الفالج والصرع والهذيان والتشنجات الصرعية وهذه الأعراض الأخيرة تنتهي بالموت

قصائد خديوية

غالباً ـ فنرجو من الصحة منع هذا الأمر الضار حفظاً لصحة الأطفال الذين لا تمنعهم التنبيهات ولا يعرفون الضرر فإن حفظ الصحة من الواجبات. (الأستاذ) هذه الرسالة المتقدمة وردت لنا من حضرة النبيه محمد أفندي فهمي أمين مخزن العفش بمحطة مصر ونزيد هذا الموضوع بمحذورات خر هي أن الملبس الملون إنما يلونونه باشيا ضارة جداً فإن اللون الأحمر البرتقالي الذي يستعمله الحلوانية إنما يحصل باستعمال (بيكربونات البوتاسا) وهذا الجوهر مهيج كاو فإن الحلوانية الذين يلونون به يحصل عندهم طفح جلدي يعقبه تقرح غائر في الجسم ومتى دخل في المعدة أحدث فيها تهيجاً كثيراً مصحوباً بالآم شديدة ثم يحصل عسر في التنفس وأعراض هيضية مصحوبة بشلل ثم يعقبه الموت. واللون الأزرق يعمل (بسيانور الحديد وحمض الأكسليك) وهذين الجوهرين من السموم القتالة ـ واللون الأخضر من (خلات النحاس ومن ثاني طرطيرات البوتاسا) وكلاهما جوهر سام قتال. فليحذر آكلو الحلوى من هذه السموم ولا تغرنهم المحسنات الظاهرة فكم من مرض جلبته هذه الأشياء القتالة وينسب المرض لغيرها لعدم بحث الآكلين فيها وتوجد أصناف أخرى ضارة بالصحة سنكتب فيها في عدد آخر إن شاء الله تعالى. قصائد خديوية هذه القصيدة مرفوعة للأعتاب الخديوية الفخيمة من حضرة الفاضل الكامل الشيخ عبد القادر أفندي سعيد الرافعي الطرابلسي نزيل مصر الآن وهي رتب العلا في باب عزك جاريه وجياد مجدك في البرية جارية سابقه

والسعد أصبح في الرحاب مخيما ... ورست ببحر نداك منه الجاريه السفينة عباس أنت الدهر في عزماته ... رب المعسكر والجيوش الجاريه الجريئة الله أكبر يا له من سيد ... صان الرعية من عوادي الجاريه المخالفة أكرم بغر شمائل قد حازها ... من ذا يجاري قدرها بالجاريه المجاراة الله قد أعطى المليك مهابة ... ومواهباً تسمو الغوادي الجاريه الهتانه يا أيها الملك العزيز ومن به ... بدر الدياجر يزدهي والجاريه الشمس أنت الذي عم البرية فضله ... وبه غدت عين المكارم جاريه متفجرة بسموكم أرض الصعيد تشرفت ... لما علوت بساطها بالجاريه القدم وكذاك مصر يوم عيد قدومكم ... فاحت بطيب النشر منها الجاريه النسيم والكل يهدون المليك ثناءهم ... ما بين مولى منهم أو جاريه رقيقه لا زلت بالنصر المبين مؤيداً ... ما فاح مسك من ختام الجاريه هذا اللفظ أو قلت في مدح العزيز مهنئاً ... رتب العلا في باب عزك جاريه خادمه وللفاضل فتوح أفندي جنينة قصيدة بديعة في الحضرة الخديوية منها قوله: بضياء رأيك تهتدي الأفكار ... وبحسن عدلك تقتدي الأخيار وشموس عزك أشرقت أنوارها ... ونجوم سعدك في العلا أقمار أن الذي ملك القلوب بحلمه ... وبحبه قد باحت الأسرار هو صاحب الشرف الرفيع أميرنا ... عباس مصر مليكها المختار

ديوان الأوقاف

ديوان الأوقاف هو ديوان مجمع الخبرات والمبرات ومحل المحافظة على الآثار والمساجد وقد تقلبت فيه رجال وعمال وكل يحاول انتظام إدارته وضبط إيراده ومصروفه ولم نره استقامت أعماله وعماله وضبطت وارداته وأملاكه مثل ما هو عليه الآن تحت نظر الحضرة الخديوية الفخيمة وقد كان لكل عامل من عماله شأن عظيم في هذا التحسين واختص كل من حضرة عطا بك وكيل الديوان وأحمد ذكي بك باشكاتبه بمزيد الهمة والعناية والسهر في ضبط أحواله وقد شهد كثير من ذوي المعرفة لحضرة باشكاتبه بما أجراه من حصر الإدارات وتفتيش جميع الأعمال وجمع المتأخرات وبهذه الأعمال أمكن الديوان أن يقدم ميزانيته كبقية الدواوين والآن أحيلت إدارته على الرجل الشهير بالدقة وطول الباع في العمل فيضي باشا والأمل فيه عظيم أن يزداد الديوان حسناً وترتيباً وأن يكافأ كل عامل بقدر أتعابه وأنا نستلفته لجهة قلم المرافعات فإنه يوجد به ألف قضية متروكة غالبها سقط فيها الحق بمضي المدة. وسبعمائة قضية بيد محامين غير رجال قلم المرافعات كانت أعطيت لهم قبل تشكيل القلم وهم يترافعون في عشرة منها والباقي تحت الحفظ. وخمسمائة قضية بيد أرباب قلم المرافعات منها مائتان بأيديهم والباقي تحت الحفظ والآن مطلوب مترجم أو تراجمة للقضايا التي تبلغ أوراق القضية منها ثلثمائة وأكثر فإذا أحضرنا مترجمين بقدر ما يلزم للقلم لزمنا عمل ديوان آخر وما الموجب لترجمة القضايا والمرافعة عربية وبين أيدينا من المحامين الوطنيين عدد كبير من الأفاضل على أن هذا القلم كان رابحاً على عهد محامي الأوقاف الوطني

بلوغ المرام في جراحة الأقسام

أكثر مما هو عليه الآن فإذا وجهت عناية سعادة المدير لتنظيمه والنظر فيما هو أولى وأحق وأليق بمصلحة خيرية لم يشرط الواقفون صرف درهم منها على ترجمة أو غيرها مما ليس مقرراً بالوقفيات نعم أن ضرورة الأعمال تقضي بالتزام الطرق التي فيها نجاحها واستغلال الموقوف والمحافظة على عينه ولكن في الإمكان إجراء ذلك بأحسن الطرق وأليقها بالمقام ولا يبعد على مثل سعادة فيضي باشا إصلاح كل خلل وجمع كل مشتت ودفع اللوم عن هذه المصلحة الخيرية من سائر وجوهها كيف والحضرة الخديوية موجهة عنايتها إليها ومساعدة على كل عمل فيه نمو الإيراد وحفظ الأعيان والإدارة من كل عارض يخل بها وعسى أن نعود لهذا الموضوع الخيري بعبارة تنبىء القراء بما يتم فيها من التحسين والإصلاح. بلوغ المرام في جراحة الأقسام تأليف العالم النطاسي الطبيب الحكيم أكبر جراح مصري وأعظم أستاذ للجراحة في المدرسة الطبية الفاضل الكامل دري بك قسمه ثلاثة أجزاء الجزء الأول منه 466 صحيفة والثاني 797 صحيفة والثالث 635 صحيفة وقد بسط الكلام فيه على تشريح الأعضاء والعمليات الجراحية في كل عضو وجمع فيه طرق أشهر الجراحين وعمليات أفضل الأطباء فجاء كتاباً حافلاً ما سبقه مثله بسطاً وإحاطة وبياناً وقد تم طبعه في المطبعة الدرية فنحث أفاضل الأطباء ومن لهم تعلق بالجراحة وعشاق العلوم على اقتناء هذا الكتاب النفيس الجليل القدر وقد طبع معه كتاب النخبة الدرية في مآثر العائلة

سؤال وجواب

المحمدية العلوية مشتملاً على ملخص تاريخ كل من المرحومين محمد علي باشا وابراهيم باشا وعباس باشا وتوفيق باشا والبرنسين حسن باشا وطوسون باشا والمحفوظين اسماعيل باشا والخديوي عباس باشا الثاني والبرنسين حسين باشا ومحمد علي باشا وقد حلي الكتاب بصور المذكورين تخليداً لذكرهم ورسم ذواتهم وهو كتاب نفيس لا يستغنى عنه كل حب لهذه العائلة الكريمة ومتطلع للأخبار ولطائف التاريخ. سؤال وجواب وردت هذه الأسئلة من أحد أفاضل الأزهر المنير طالباً الجواب عن كل منها وهي: أن القانون الذي وضعته في جريدة الأستاذ للدراسة الأزهرية كان له وقع حسن عند معظم المجاورين والعلماء غير أن البعض منهم أخذ عليكم أشياء منه إهمالكم عنها لعل الجواب يكون دافعاً لما خطر بالأوهام أولاً. قلتم أن الداخل للأزهر يمتحن في القرآن والمتون مع أن كثيراً من الطلبة لا يحفظون القرآن والمتون بل كان أن يكون حفظ القرآن من خواص المصريين فكأنكم حجرتم التعليم على غير المصريين وهذا غير ما تريدونه من تعميم التعليم. الثاني. أن البعض فهم من عبارتكم أنكم تريدون إلحاق الأزهر بديوان المعارف وهذا يقضي أن يدخل تحت إدارة الأجانب وهذا لا يسلم به مسلم ولا يرضاه غيره. الثالث. أنكم قلتم تمتحن التلامذة في كل سنة ولم تبينوا الممتحنين ففهم البعض أنكم تريدون أن تحيلو

امتحانهم على ديوان المعارف وهذا لا يرضاه أحد. الرابع. أنكم قلتم في مادة الامتحان أنها أجنبية أو مدسوسة ففهم البعض أنكم تطعنون في هيئة المشيخة وحيث أن هذا كله مما يحتاج لبيان قدمت إليكم هذا طالباً كشف هذه الحقائق وتبيين الغامض منها وإلا فإن نيتكم الصالحة وخدمتكم الملة والوطن لا ينكرها عليكم أحد ولكم الفضل على ما تبدونه من الجواب الشافي. الأستاذ أما طلبنا امتحان الراغب في القرآن والمتون فلم نرد به إلا خث الناس على تحفيظ أبنائهم القرآن لتتسع ملكاتهم ويفرقوا بينه وبين كلام المخلوقين وليعلموا مأخذ الأحكام منه والمعاني التي انطوى عليها فإن من لا يحفظ القرآن لا يفرق بينه وبين كلام النبوة بل ولا كلام الأفراد فإن الإنسان لا يمكنه معرفة ما لم يره من قبل فلو كان طالب علم لا يحفظ القرآن وسأله رجل عن عبارة ليست من القرآن فإنه لا يدري أن كانت قرآناً أو غير قرآن إلا بسؤال الحفظة أو مراجعة جميع المصحف وفي هذا من الإخلال بمقام العالم ما لا يخفى على أننا إذا أقللنا من حفظة القرآن فقد هدمنا ركناً عظيماً من الأركان الدينية فإن الأجنبي لا يريد منا ألا ترك القرآن وعدم الاعتناء بحفظه فعبارتنا حث على حفظه والمحافظة عليه لا قطع لطريق التعلم. وغير العربي يمكنه أن يكرره في المصحف المرة بعد المرة حتى ترتسم في ذهنه صور الآيات ويعرف النظم القرآني بحيث لو مر عليه بعد ذلك لأمكنه أن يفرق بينه وبين الكلام الأجنبي وبهذا يكون بعيداً عن قبول المدسوس لو كان في جهة لا حفظة فيها ولا مصحف معه فضلاً عن أننا نرى غير المسلمين يحفظون أبناءهم الضروري من كتبهم فيخرج الطفل عارفاً

بالكلمات التي تجمع العقيدة محيطاً بغيرها ولا ينبغي أن تكون أقل درجة منهم ونحن في مقدمتهم تعلماً وتعليماً وحفظاً ومحافظة. وأما المتون فإذا لو امتحنا حافظاً لما وغير حافظ أوجدنا الفرق ظاهراً لا يحتاج لبيان فإذا علم الطالب أنه يمتحن فيها اجتهد في حفظها قبل دخوله وحال طلبه على أننا يمكننا أن نفتح مكاتب لحفظ القرآن والمتون وتعليم الخط والحساب في نفس الأزهر أو في المكاتب الموقوفة لذلك تحت رعاية ومشيخة سماحة شيخ الجامع فنحيي الأوقاف ونكثر من الحفظة. وأما إلحاق الأزهر بديوان المعارف فإني لم ألوح لذلك ولا أقول به بل أنا ممن يعارضون في ذلك كل المعارضة بل ممن يفضلون منع التدريس منه على وضعه تحت إدارة لا يهمها العلم الشرعي ولا تسعى في حياته وإنما طلبت من الحكومة مساعدة الأوقاف على نشر التعليم واتساع دائرته بتوزيع الطلبة في المدارس الخيرية والصرف عليهم بما فيه الكفاية وهذا سعي في مصلحة الأزهر لا في مصلحة المعارف ومن يقول أن المدارس الدينية ينبغي أن تكون ملحقة بالإدارة وهي عرضة لأن يتولاها أجنبي أو من لا يرون المحافظة على الدين فضلاً عن أن المجمع الديني في كل أمة منفصل عن جهات الإدارة مستقل برجاله فالكنائس المسيحية والاسرائيلية منفصلة عن دوائر الأحكام الإدارية في كل دولة فالذي فهم ذلك من عبارتنا أخطاء وأساء ولم يعط العبارة حق التأمل. وأما الامتحان فإنه يكون بحضور لشياخ المدارس وتنقل كل فريق إلى مدرسة غير مدرسته لامتحانها بحضور شيخ الجامع الأزهر ومن يدعوهم من العلماء والمتفرجين. وأما مسئلة مادة الامتحان فإن الطعن موجه للمادة من حيث هي لا من حيث نسبتها إلى زيد

أو عبيد من الأفراد فضلاً عن سماحة شيخ الجامع الذي أجله واحترمه واعرف له من الفضل ما يعرفه الخاص والعام كيف وأنا ممن تتلمذوا لسماحته في بعض الدروس افيطعن ولد في والده أو يقبح شيئاً من أعمال شيخ المسلمين استغفر الله استغفر الله وما زلت أقول أن طريقة الامتحان عقيمة لا تخرج علماء ينتفع بهم بل هي حجاب بين الطلبة ووصولهم إلى درجة التعليم بعد إنهاء الطلب على أننا نرى الأمم تسعى في تكثير الرؤساء الدينيين وبثهم في الأقطار دعاة الدين وتعليماً له وما نريد إلا أن يعطى الطالب حقه ويمتحن في وقت استحقاقه الشهادة لينصرف إلى بلده معلماً أو مؤهلاً للتعليم عند الحاجة إليه فنتقدم بين يدي سماحة شيخنا الأكبر بطلب تغيير هذه الطريقة تسهيلاً لسبيل الامتحان وقبول طلب الراغبين قلوا وكثروا تكثيراً لعاصبة الخير والبركة. وأضيف لذلك جواباً عن سؤال شوفنا به وهو أنك تدعو العلماء ليكونوا من رجال السياسة وهم ليسوا من أهلها فقلنا أن السياسة التي تريدون الفرار منها هي التي تسعون خلفها فإن القضاء والإفتاء من فروع السياسة ووجود العلماء في مجلس النواب أو الوزراء للاستشارة في أمر أو أمور هو السياسة والاستفتاء عن العقار والدعاوي والبينات والجنايات والحقوق هو السياسة فلم يبق إلا ما يتعلق بناظر الخارجية والحربية والذات الخديوية مما لا تعلق للعلماء به وهذا لم ندع إليه. وقد زاد بعض الأفاضل الأزهريين بين وجها آخر وهو عمل جريدة علمية خاصة بالأزهر لنش ما يكتبه الطالبة فيها من الفوائد والمسائل العلمية وهو وجه حسن لا بأس به عند إجراء تلك المواد وأما الآن فيكتفي الطلبة بالجرائد العلمية الموجودة ولهم نشر ما يسنح لهم فيها حتى يتم النظام المراد.

رجوع إلى حق

وربما كان هناك معترضون لا نعلمهم ولا يبلغنا خبرهم ولكننا قد أجبناهم قبل ذلك بقولنا أن ما قدمناه نموذج قابل للزيادة والحذف والتغيير والتبديل فعلى السادة العلماء أن يشرعوا في نظام يدفع تلك الاعتراضات وكلما قرروه ننشره إعلاناً بعنايتهم وتخليداً لفضائلهم. وأن ترك الأمر على ما هو عليه فلا حاجة للسؤال والجواب إذا كان الطلب عقيماً وأني أجل السادة العلماء أعزهم الله تعالى ونفعنا بهم وأعاد علينا من أسرارهم وبركاتهم آمين. رجوع إلى حق بعد أن كتبنا عبارة تلامذة المدرسة الزراعية في أخبارهم عن الجريدة التي نسبت إليهم العصيان تحرينا المصدر فعلمنا أن تلك الجريدة اعتمدت على سماع الخبر ممن توفرت فيه شروط الثقة فنشرته وإلا فغنها أنزه من أن ينسب إليها كذب وأشرف من أن تفتري أمراً من عندها بعد أن اشتهرت واتصفت بالصدق في جميع أقوالها والدقة في نقل الأخبار عن الثقاة والبيان فضلها وعلو مقامها في عالم الإنشاء والأخبار نطلب من النبهاء تلامذة مدرسة الزراعة أن يعرفوا فضلها ويعذروها في النقل عن ثقة في معتقدها وإلا فهي هي القائمة بخدمة الأمة بلسان صدق وقول حق ولا ينكر عليه الإخلاص في خدمتها إلا من يسؤه وجود الصادقين في سيرهم من المحررين الذين لا تأخذهم في إرشاد قومهم لومة لائم.

حنيفة ونديم

حنيفة ونديم ح. أنت فتنا ومسكت في الجماعة الكبار واستقلعت وقلت لنا ودعتكم عند من لا تخيب عند الودائع يا ترى أنت رأيت أحوالنا يا ستات تحسنت وإلا السكارى تباوا وإلا البنات ما بقي لازمهن شيء حتى سكت عنا أرجوك أن تجيبني فأني مكلفة بسؤالك من جمعية الصيانة. ن. أنا وحياتك يا أم يوسف ما نسيتكم ولا تركتكم ولكن الإنسان على رأي المثل خبطة لي السندال وخطبة على الوتد فكما أني أتكلم معكن أياماً أتكلم مع الرجال مدة ليأخذ كل بنصيبه وأما السكارى تاب الله عليهم فإن عندي فيهم قصائد وازجالاً ورسائل كثيرة ولابد أن نرجع لهم وننزل على عيونهم لأجل أن يخشوا ويرجعوا عن الأمور التي علمت بعض النسوان قلة الحياء حتى بلغني أن بعض النساء يشربن الخمرة أهذا صحيح يا أم يوسف. ح. هذا أول سماعي لهذا الكلام الصعب هل يوجد في بلادنا نسوان تسكر مثل الرجال وأمصيبتاه أظن أن الذي بلغك هذا الخبر كذب عليك فإنه لا يمكن أن حرة تشرب الخمر وهي تعلم أن ما بعد شرب الخمر إلا هتك حجاب العفة. والواحدة منا لما تسكر يبقى فيها عقل وألا تعرف دينها وإلا يقينها ما هي تبقى مثل المجنون تدخل عليها كل حيلة إياك أن تصدق أن هناك نساء يشربن الخمرة أن لي جملة حبيبات أروح لهن ويأتين إلي وأسرارهن عندي وما أعلم أن واحدة منهن شربت مسكراً هو الفرق بين الحرة وغيرها أن الحرة لا تشرب الخمور ولا الحشيش ولا تحضر مجالس الرجال الأغراب ولا تطلع من بيتها بغير إذن جوزها ولا تكلم أحداً في الطريق فإذا تركت هذا كله صارت

مثل الفاجرة التي لا تبالي بما تفعل. اترك هذا الفكر من ذهنك ولا تصدق ذلك إلا في النساء المبتذلات. ن. أنا بلغني أن بعض الناس كان عنده فرح وسكر فيه النساء وصرن يضربن بعضهن بالكاسات حتى وقع رشاش الخمر على الرجال. ح. أنا لا أكذب مثل هذه الأخبار ولكن جرت عادة بعض المصريين أن يستأجر النساء الفاجرات ليمشين أمام العروس في الزفاف ثم يحضرن مع العوالم (المغنيات) ويشربن الخمر معهن فتحصل منهن أمور قبيحة وهي عادة سخيفة لا يفعلها إلا سفلة الناس وإلا فأي رجل شريف النفس طاهر العرض يقبل أن يستحضر البغايا أمام عروسه فيفسدن أخلاقها وأخلاق المدعوات ويكون الرجل قد سعى في تعليم النساء طريق الفجور. ن. والله يا أم يوسف أنها عادة قبيحة جداً ينبغي أن يتنبه لها الناس فإن الأجنبي إذا رأي البغايا أمام العروس وهن يتمايلن ويبدين زينتهن للناس ويكلمن المارين وقد رفعن البراقع ومشين يضحكن ضحكاً يمنعه الحياء ظن أن نساء المصريين على هذه الصورة فربما تعرض لست من الكاملات في الطريق وكلمها كلاماً خارجاً عن الأدب وهو يظن أنها تكلمه مثل اللاتي رآهن وكلمهن أمام ناموسية العروس فعلى ذوي الغيرة والشرف أن يتنبهوا لذلك ويمنعوا غلا وباش من هذه العادة الهاتكة للحرمة. ح. من هنا تعلم أن معظم النساء السكيرات من هذا القبيل وأن وجدت واحدة من المقلدات للأفرنج فهذه ليست منا ولا يلحقنا عارها لأنها خالفتنا واتبعت عادات الغير وهذه نادرة جداً وإلا فإننا معاشر النساء المصريات لا نعرف هذه الخمور التي أفسدت غيرنا من نساء الأقطار اللاتي يشربنها حتى لم يبق هناك اسم للعفة ولا للصيانة حمانا الله من ذلك.

الهدى. والمدرسة. والثمرة

ن. يا أم يوسف الأم في البيت هي الأستاذ الأكبر فإذا شربت الخمر تعلم منها الأولاد وشبوا على فساد الأخلاق ذكوراً وإناثاً. وليس العجب من شرب المرأة الخمر أنما العجب من علم زوجها بذلك وتركها وما تشتهي وما نريد أن نعيب على غيرنا ممن تعودوا على ذلك بل نعيب أبناء جنسنا الشرقيين بتخلقهم بأخلاق تفسد عليهم البيوت فأرجوك أن تسلمي على أعضاء جمعية الصيانة وقد وضعت لكن قانوناً لسير الجمعية سأقدمه إليكن لتنظرن فيه وتقررنه بآرائكن إنما أرجوكن أن لا تكن مثل جميعات الرجال في قبول كل من طلبت الدخول ممكن من غير بحث في أخلاقها وطباعها وعاداتها لئلا تفسد الجمعية كما فسدت جميعات الرجال في كثير من الأماكن بعدم التروي في انتقاء الأعضاء فكم عمل قام الشرقييون به على مبادىء جليلة تم لم يلبث أن يذهب وتسقط الجمعية بالغوغاء والسفلة وبلغي احترامي للسيدات وعديهن بأني سأسترسل في كتابة ما يلزم للبنين والبنات أن شاء الله تعالى. الهدى. والمدرسة. والثمرة جرائد علمية يحررها مصريون صدر العدد الأول من كل منها وسنتكلم على مواضيعها وقيم اشتراكها وأقوات صدورها وفضل محرريها في العدد الآتي إن شاء الله تعالى. اعتذار جاءنا تقرير مجتمع اللغة العربية لجلسته السابعة ولطوله أجلنا نشره للأعداد الآتية. رجاء المرجو من المشتركين فوق أسيوط أن يرسلوا قيم الاشتراك بالبوسطة وسند الوصول يرسل إليهم عند استلام النقدية ولهم الفضل.

العدد 28

-[643]- (*) العدد 28 - بتاريخ: 28 - 2 - 1893 حالنا أمس واليوم أو نتيجة أتعاب المرحوم محمد علي باشا وأبنائه ورجاله أكبر عجائب مصر أن كل وارد عليها وكل مسترزق فيها من الغرباء يدعى أنه أقدر على مدنيتها وأحق بإدارتها وأولى بتجارتها. وأول كلمة يحيى بها المصريين لستم أهلاً للقيام بأعمالكم ولا تدرون طرق الإصلاح وأحكام النظام وهي كلمة أقلقت كل مصري ونبهت كل مولود في عاصمة العلوم والسياسات الأولى فلذا اخذ المجموع المصري يتذاكر فيما كان عليه بالأمس وما صار إليه اليوم. وقد تلوت عليه طرق الأفكار بتلوى صحف الأخبار وتلونها ومباينة الأخبار للحقائق مباينة لا ينطبق شيء منها على صور الواقعيات وقد التزمت جرائد الأجراء تحويل الأفكار بما تنسبه لغير المصريين من الأعمال وما تدعيه من الإصلاح وفي الناس من أدرك القرن الماضي ورأى ما كان فيه من الأعمال وعرف من قام بها من الرجال. وفيهم الشبان الذين نشأوا أخيراً ولم يروا الحال الحاضرة وقد حيل بينهم وبين تاريخ الماضين

_ (*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: حدث خلل في أرقام صفحات المطبوع في الصفحات التالية، فأثبتنا رقم الصفحة الوارد في المطبوع أعلى الصفحة، وينتهي هذا الخلل بدأ من ص 673

-[644]- بتعاليمهم الأجنبية وأصوات الجرائد الأجيرة فربما ظن ناشىء المصريين أن ما عليه مصر الآن من تدوين الدواوين وتنظيم الإدارات ونشر المعارف والصنائع وترتيب المديريات والأقسام وعمل الترع والقناطر والجسور وترتيب المجالس إنما هو عمل أجنبي وهو ظن فاسد لا دليل عليه فإن مدنية مصر تنادي بأنها أثر من آثار العائلة المحمدية العلوية وقد وضع أساسه على أيدي الوطنيين في أيام سهر لياليها المرحوم محمد علي باشا متقلباً من جنب لجنب يفكر ويقدر ويدبر حتى كاد أن لا يتنفس نفساً إلا وهو مصحوب بفكر في شأن من شؤون مصر. وتقدم لنا كتابة فصل مجمل في مقالة افتتاحية في العدد الثاني من جريدتنا والآن نريد أن نأتي على أعمال هذه العائلة عملاً عملاً بالتفصيل والبيان قياماً بواجب نعمتها علينا معاشر المصريين وتطهيراً لأفكار الشبان من أقذار الأكاذيب والمفتريات التي سلبت نسبة تنظيم البلاد عن هذه العائلة الكريمة والوطنيين وألحقتها بالأجنبي زوراً وبهتاناً ولنرشد الآتي إلى معرفة فضل ساداته ومجد آبائه حتى لا يقع فيما وقع فيه بعض الشبان من الاغترار بزخرف قول الكتاب واختلاق الغرباء ومفتريات الأجراء وإذا بينا ماهيات الأعمال والقائمين بتأسيسها سهل على القارىء مقابلة الحقائق الثابتة المشاهدة بالأقوال الكاذبة المصوغة في قال النصح والإرشاد وأيقن المصريون أن ما هم فيه إنما هو نتيجة أتعاب أمرائهم وآبائهم فلا تمنعهم مزاحمة الأجنبي من السعي خلف استرجاع ما فات بالجد والعمل وعقد العزائم على حفظ هذه الآثار باتفاق طوائفهم وأجناسهم على توحيد السير والسهر في تدارك خطأ المخطئين من ضعفائهم ولظهور بين أيدي أوروبا بالإخلاص

-[645]- في العمل والمحافظة على علائقها معنا وتزييف أقوال الأجراء لتحسين ما يسلم إليهم من الإدارات وما يناط بهم من الأعمال. خصوصاً وهم بين يدي المولى العباس الغيور على مصالحهم وتقدمهم الساعي في إعادة ما كان لآبائه من السير والسيرة إنقاذاً لبلاده من يد الخلل وحفظاً لها من الضعف والتلاشي وأمير مثل هذا حقيق بأن تؤيد الأمة مساعيه بالجد خلف آماله وتحقيق أقواله بالحزم والعزم لا بالتهور والطيش والتقاعد عن موجبات المجد والشرف ومن هنا نبدأ الكلام فنقول. معلوم أن السلطنة السنية كانت ترسل الوالي في العهد الأول إلى مصر فيقيم السنة والسنتين ثم بعزل ويأتي غيره وكانت وظيفته في مصر صورية فإن القابضين على الأحكام هم الصناجق وكانوا أربعة وعشرين صنجقاً يراسهم اثنان منهم والبلاد وأهلها تحت تصرفهم وكان يعين مع الوالي مأمور يسمى الدفتردار عليه ختم التقاسيط والسندات والأوراق التي تعطى من الحكومة لأهل البلاد والأموال كانت ترد إلى الروزنامة والروزنامجي هو الآمر الناهي في المصروفات وهناك ديوان يقال له ديوان الترسانة والقضاة كانوا يلتزمون البلاد من ملتزم القضاء الأصلي فيحكمون بما يساعدهم على نهب الأموال ويأخذون من الرشوة والرسوم ما لا حد له والنيل يأتي سيحاً فيعتكف الناس في القرى وللبلاد حتى ينصرف عن الأرض فينزلون إليها ويزرعونها والمواصلات التجارية منقطعة بين مصر وغيرها والمعارف في طي العدم ولا مدرسة غير الأزهر المنير والأمية متسلطنة على الأمة والنقود قليلة وغالب التعامل بالحبوب والاسمان والألبان والصنعة لا تزيد عن غزل القطن والكتان

-[646]- ونسجه ثياباً والأخبار الدولية منقطعة انقطاعاً كلياً فلا علم لمصري بما في البلاد المجاورة له فضلاً عن مملكة أخرى. والأوامر تصدر من الصناجق بحسب ما يرونه. اعرف منها أن بلداً كانت تدفع ثمانين ريالاً فطلب شيخها من حلاقها عشرين فضة فتوجه إلى الصنجق بمصر وقال له أن بلدنا يمكنها أن تدفع مائة ريال فأرسل معه جماعة من الأرنؤط فحاطوا بالبدل وطلبوا من مشايخها مائة ريال فأظهروا عدم قدرتهم فأمرهم الحلاق أن يهجموا بيوت البلد ففعلوا وجمعوا ما فيها من الحلى والنقود فبلغ مائة وأربعين ريالاً فكتبوا للصنجق فصدر أمره يجمع أربعين رجلاً من سن الثلاثين إلى الأربعين وشنق عشرين منهم وذبح عشرين ففعلوا فهذه مادة م مواد قانون الهمجية والجهالة. وربما قام الصناجق على الوالي فقتلوه. وكثيراً ما كانوا يسلطون الجند على العاصمة لنهبها إذا طلبوا أرزاقهم ولم يجدوا ما يعطونه لهم وكان معظم الأطيان خالياً من الزراعة لكون الفلاح لا يزرع إلا مقدار حاجته ولتسلط الصناجق على الفلاحين بنهب زروعهم سنة الخصب. فلما جاء المرحوم محمد علي باشا ورأى أن الحروب التي وقعت بمصر بين أهلها والإفرنج وبين الغز والولاة وبينهم وبينه والحروب التي وقعت في مورة والسودان والحجاز واليمن والشام قد أذهبت ثورة البلاد وعطلت المزارع وأوقفت المصانع وخربت القرى فهاجر كثير من أهلها إلى الحجاز والمغرب والشام والعراق والأناطول وأصبح كثير منها لا ساكن فيه وفسدت الأراضي بعدم الخدمة وتركها للحشائش المحمولة إليها مع مياه النيل وصارت مصر في حالة يأس من الإصلاح فجمع إليه كثيراً من الترك والجركس والأرنؤط والمورالية وفريقاً من العرب

-[647]- والمصريين على اختلاف أديانهم وصبر المجموع أمة واحدة مصرية وقرب المدربين على الأعمال إليه وشاورهم في أموره وقوض إليهم تدبير الأعمال رغبة في وصولهم إلى تنظيم البلاد وإصلاحها وبمبادلة الأفكار معهم واستمداده من آرائهم تمكن من ضبط السياسة وترتيب الأعمال الجليلة وجمع كلمة الأهلين على الاعتماد عليه والرجوع في أمورهم إليه فتحولت حال البلاد إلى حال تتقدم للنجاح من الحسن إلى الأحسن والنافع إلى الأنفع وأول ما بدأ به من العمل أنه قسم البلاد ثلاثة أقاليم. الأول يمتد من وادي حلفاً جنوباً إلى مديرية المنيا شمالاً وجعله تحت غدارة ولده إبراهيم باشا ورتب له أثنى عشر ألف كيس سنوياً. والثاني من المنيا إلى الجيزة ويتبعه الفيوم وجعله تحت إدارة أحمد باشا طاهر ورتب له ثمانمائة كيس سنوياً ولما توجه إبراهيم باشا للحروب الحجازية أحيل عليه القسم الأول فصار يحكم الوجه القبلي كله. والثالث البحري وقد قسم أربع مديريات الأولى تركب من الجيزة وجعلها تحت إدارة حسن بك الشهير بابي نيشانين وربت له ثمانمائة كيس. والثانية الغربية وجعلها تحت إدارة حفيده عباس باشا الأول. والثالثة الدقهلية وجعلها تحت إدارة حسن أفندي القوله لي ورتب له ثمانمائة كيس. والرابعة الشرقية ووادي الطميلات وجعله تحت إدارة محمد بك كتخدا ابراهيم باشا يكن ثم ضم الشرقية إلى الدقهلية وجعلهما تحت إدارة عبد الرحمن بك القبطي الأصل وجعل إدارة شرقي أطفيح للقوجه أحمد وكانت مصر قبل هذا التقسيم خمس عشرة مديرية ثم قسم المديريات أقساماً وجعل لكل قسم مأموراً والقسم ينقسم إلى أخطاط كل خط له مأمور ومجموع الأخطاط تحت

-[648]- إدارة ناظر القسم وهو تابع للمديرية. وجعل لكل بلد عمدة معه أشياخ مقررون بحسب ما تكون عليه القرية أو البلد. وجعل بكل قرية شاهدا (وهو المأذون الآن) لعقد الزواج والطلاق وفصل بعض القضايا ورتب في كل بلد خوليا لمسح الأطيان وضبطها وترك لكل بلد جانباً من الأطيان سماه المسموح وذلك لأن كل بلد بها مضايف فجعل هذا المسموح لقرى الأضياف وترك ما له وفي سنة 1228 رتب خزانة الأموال (المالية) وحول إليها إيرادات الحكومة وجعل الصرف للجهات منها ولم يبق للروزنامة إلا فائدة الالتزامات ومرتبات العلماء والحجاز ومرتبات الأوقاف والجهات الخيرية. وفي سنة 1233 رتب ديوان الأقاليم وجعله مرجع المساحة وتكليف الأطيان وتحصيل الأموال تحت رآسة المعلم غالي القبطي فقام بتنظيمه وترتيبه أحسن قيام ومسح جميع الأطيان وقسمها حياضاً وغيطاناً وحصرها في دفاتر وجعل لها مكلفات بيد صيارفة البلاد مما عز على ديوان التاريخ أن يجاريه فيه. وفي سنة 1236 جمع المديرين وكثيراً من الأعيان وربط أموال الأطيان الخراجية والعشورية وجعل أكبر فئة في ضريبتها ثمانية عشر ريالاً والريال تسعون فضة فأعظم ضريبة أربعون قرشاً ونضف قرض ثم رتب الدواوين فجعل ديوان المعاونة ملحقاً بمعيته تحت رآسة سامي بك الذي ترقى إلى باشا بعد ذلك وربت له ثمانمائة كيس سنوياً وجعل خصائصه النظر في كل ما يعرض من الدواوين والمديريات وسائر الجهات. وفي سنة 1243 رتب الديوان الخديوي تحت رآسة محمد بك لاظ أوغلي ثم شريف باشا بعده ثم حبيب أفندي

-[649]- وجعل راتب رئيسه ثلاثة آلاف وستمائة كيس وكان يعرض عليه جميع أشغال البلاد حتى أن القناصل يعرضون شؤنهم عليه فكان في رتبة ديواني الداخلية والخارجية بل والحقانية أيضاً وهو الذي ينظر أشغال مدينة القاهرة بدل الضابطة والمحافظة والأوامر تصدر إليه من ديوان المعاونة وهو يخاطبه بكل شؤنه. وفي سنة 1241 أنشأ ديوان أشغال المحروسة وأحال عليه مصلحة الجلود والمدابغ ووكائل الأصناف (الدخولية) ومصلحة البن وجمرك بولاق وعوائد الغلال والبصمة خانة (معمل الشيت) والدوكمة خانة (معمل الحديد) وأشوان الغلال وديوان المبيعات وديوان الفردة. ولما اتسع نطاق الحكومة وكثر توارد الأجانب إلى مصر للتجارة والاستيطان أنشأ ديوان الخارجية وجعله تحت إدارة بغوص بك وكان رئيساً للتجارة قبل ذلك فصارت القناصل تعرض قضايا رعاياها على الخارجية وهي تخابر ديوان المعاونة وبصدور الحكم تعلن به القناصل. ثم أنشأ ديوان العسكرية وسماه ديوان الجهادية ورأس عليه محمد بك لاظ أوغلي بعد فصله عن ديوان الكتخدا ثم عين بدله محمود بك الأرنؤط سنة 1243 براتب ثلاثة آلاف وستمائة كيس سنوياً ثم رتب فيه مجلساً عسكرياً لتسهيل الأعمال ثم عين فيه أحمد باشا يكن براتبه ولما سافر لحرب الحجاز أقام له وكيلاً عنه خورشيد بك الذي صار باشا بعد حرب اليمن الملقب ببرمقسز وكانت المهندس خانة تابعة لديوان الجهادية أيام كانت بقصر العيني والحق به أيضاً المدارس الحربية وورشة المدافع وورش الأسلحة ومخازن الأسلحة والبارودخانة ومعامل استخراج البارود وورش

-[650]- عمل الجوخ ومطبعة بولاق وقد عين لكل مصلحة من هذه ناظر مخصوص يعرض جميع شؤون مصلحته إلى ديوان الجهادية وفوض لرئيس هذا الديوان أن يرقي إلى وظيفة اليوزباشي ثم يعرض عما فوقها لديوان المعاونة. وكان تسليح الاستحكامات والحصون وتنقلات العساكر داخل القطر وخارجه من خصائص الخديوي فهو يصدر الأوامر والديوان يباشر تنفيذها. وفي سنة 1242 رتب الخزانة (المالية) تحت رئاسة محمود أفندي الشهير بناظر المبيعات ورتب له ثلاثة آلاف وستمائة كيس سنوياً والحق بها مدرسة الدرسخانة التي كان يعلم فيها اللغة التركية والترجمة منها إلى العربية ومن العربية إليها ثم تعين لها سامي باشا الموره لي وكان رئيسها مسؤلاً عن جميع شؤن الإيرادات والمصروفات وتحت إدارته صيارفة البلاد والمرتبات وبيت المال والضرب خانة وخزانة الأمتعة والكيلار ومخبز الظاهر والمسالخ والمواشي والقوافل والمحمل والروزنامة والجنائن الأقطاعات (مصالح الالتزام) ومصالح بر الشام والحجاز والسودان وقاعة المبايعجي (التي كانت لشراء ما يلزم للديوان وبيع ما استغنى عنه) وفي كل ثلاثة شهور يقدم الحساب لديوان المعاونة وفي سنة 1253 رتب مجلس الحقانية تحت رئاسة حسن باشا المنستيرلي وكانت خصائصه النظر في شؤون جمعي الدواوين وأعمال الزراعة وجمع المديرين لأخذ أرائهم في المهمات. وفي سنة 1251 رتب الجفالك وديوان الأوقاف وديوان الفابريقات وديوان تفتيش العموم والحقانية والخزانة العمومية وديوان أشغال المحروسة وديوان الترسانة وديوان الأبنية وجعل رئيس الأبنية المرحوم عباس باشا الأول. وفي سنة 1252 رتب ديوان المدارس وجعل

-[651]- فيه أقلام الهندسة والحق به النظر في الأعمال البنائية وأعمال الهندسة في جميع أنحاء القطر وجعله تحت رأسه مختار بك حال حضوره من فرنسا ثم جعله تحت رأسه أدهم باشا. ثم رتب مشورة الطب تحت رأسه قلوت بك وجعلها مركبة من خمسة أعضاء ما بين أطباء وجراحين وأجزائية (صيدلانية) ورتب اسبتاليات الآلايات وجعل لكل الآي حكيم باشا تحته أربعة حكماء وصيدلاني في زمن السلم وفي زمن الحرب يزاد حكيم وجراح لكل أورطة وكان الآلاي مركباً من أربعة ألاف عسكري وفتح في كل من القاهرة وإسكندرية اسبتالية (مستشفى) لمرضى الأهالي ورتب أطباء في المديريات للنظر في أمر الصحة ومهندسين للنظر في الري والمباني الأميرية والتنظيم وجعل في كل مديرية باش مهندساً وفي كل قسم مهندساً وإدارته تابعة لتفاتيش الهندسة ولكل تفتيش رئيس معه معانون وكتبة ورسامون فكان مهندسو الأقسام يحررون جداول العمليات ويخبرون الباشمهندس وهو يجمع الجداول وينظر فيها وبعد تصديقه يعرضها للتفتيش وبعد إجرائه ما يلزم من النقض والإبرام يعرضها للديوان وهو يصدر أمره بما يتبع إجراؤه. ثم رتب المجالس ودون لها القوانين مشتملة على الأحكام والعقوبات واعتنى بالثغور فأكثر فيها من الاستحكامات العسكرية والحصون والقلاع وقشلاقات العساكر والمستشفيات والمخابز والطواحين. ثم رتب البريد (البوسطة) براً على أيدي السعادة وبحراً بالمراكب وسفن الخيل ورتب الإشارات في جميع جهات مصر فكانت تأتيه الأخبار في أقرب وقت. وكان أكبر همه السعي في إصلاح الزراعة التي هي مصدر ثروة البلاد فكان لا يغفل عن المستخدمين المكلفين بأعمال الترع

-[652]- والجسور والقناطر ولا يهمل عقاب المهمل منهم والمسيء في عمله وسيرته حتى امتلأت قلوبهم بالرهبة منه والرغبة في القرب من مجلسه وبهذا هجموا على الأعمال هجوم من لا يحب الراحة ولا يميل إلى التمتع باللذات النفسية فانوا من الأعمال ما لا ينكره العدو فضلاً عن الحبيب. وحيث أن رجال الوقت الحاضر المتشيعين للدولة الأجنبية المحتلة يطنبون في مصلحة الري ويعدونها من أحسن ما تمدح به وينسبون للعمال الأجانب من الأعمال ما يوهم عدم اقتدار المصريين على مثلها أو أنهم هم المؤسسون لهذه المصلحة المصرية والشبان الذين لم يقرأوا تاريخاً والشيوخ الذين لا يبحثون في أعمال الرجال طائرون حول أقوال المضلين متمدحون بالأجنبي الذي تطريه جرائد الأجراء لزمنا أن نوسع القول في هذه المصلحة فنقول. أول ما بداب به المصريون سد مقطع بوقير الذي قطعه الأجانب أيام محاربتهم في مصر ليفصلوا ثغر اسكندرية عن الديار المصرية حتى يكون ملجاء لهم وميناً لمراكبهم وقت الحرب فغرق بهذا القطع مئات من بلاد مديرية البحيرة وهلك بسببه خلق كثير وفسد به ألوف من الفدادين وتلك عادة الأمم الأجنبية في كل أرض دخلنها لا تبالي بإزهاق النفوس وتخريب البيوت وتدمير البلاد في طريق وصولها إلى مقصدها فهي ترى أن المقصد يبرر الوسيلة. فاشتغل الخديوي بهذا السد حتى اتقنه ودفع عن البلاد شراً كبيراً ثم انتقل إلى سد الفرعونية الذي خلصت به الدقهلية والغربية من التشريق فإن مياه بحر الشرق كانت تتحول إلى البحر الغربي بواسطة الفرعونية وكان هذا السد يساوي سد بوقير في الجسامة والعمل. ثم اعتنى بسد اشتوم الديبة واشتوم الجميل وغيرهما من الأشاتيم

-[653]- التي كان يدخل منها ماء البحر الملح عند شدة الأنوا، فتزيد مياه بحيرة المنزلة وتملأ الأراضي المجاورة لها وبهذا الفيضان خربت قرى كثيرة من الدقهلية فلما اتم السدود وأمن الناس فيضان البحر املح على قراهم عادوا فسكنوها وعمرت البلاد. والعمل الذي يخرس كل متمشدق بأعمال الأجنبي الآن ويخلد للمرحوم محمد عل باشا ذكراً جميلاً ومجداً لا يجاريه فيه مجار أنشاؤه جسور النيل من شاطئيه ممتدة من أسوان إلى رشيد من البحر الغربي وإلى دمياط من البحر الشرقي وقد بلغ مكعب تلك الجسور أربعين مليوناً من المتر الكعب. وإنشاء الترع والجسور في داخلية المديريات البحرية والقبلية التي بلغ متوسط مكعباتها السنوية خمسين مليوناً من المتر المكعب وذلك غير تطهير الترع القديمة وردف جسورها وقد صرف رحمه الله تعالى في هذا العمل الشاق تسع عشرة سنة مبتدأة من سنة 1229 وكان يشتغل في هذه الأعمال ثلاثمائة ألف نفس. وكان الوجه البحري كالقبلي تنقسم أراضيه إلى حياض واسعة تحيط به جسور عظيمة فتمتلىء بماء النيل وقت فيضانه من ترع مخصوصة فإذا جاء وقت الزرع صرفوا المياه عنها بمصارف موصلة إلى البحيرات فمديرية البحيرة كانت تصرف في بحيرة مريوط وبحيرة المعدية وبحيرة بوقير وبحيرة أدكو والغربية كانت تصرف في بحيرة البرلس والشرقية والدقهلية تصرفان في بحيرة المنزلة فكانت البلاد وقت الفيضان كأنها بحيرة واحدة وكان تزاور الناس وتجول التجار بالمراكب فاجتهد المرحوم في عمل ترع صيفية عند مااستحدث الزراعة الصيفية كالقطن والنيلج (النيلة) والأفيون سنة 1238 وكان قد أمر قبل ذلك بحفر البار وعمل السواقي ولما لم يجدها كافية حفر

-[654]- الترع الصيفية وكان يحصل للعمال تعب شديد في تطهيرها لمصادفة زمن الشتاء وربما مات في التطهير خلق كثير ولكن ذلك لم يثن همة الخديوي عن الاستمرار والجد في هذا العمل العظيم المنفعة وقد بلغ مكعب هذه الترع مائة مليون من الأمتار المكعبة وعشرة ملايين. وبلغ عدد الترع الأمهات النيلية والصيفية في الوجه البحري مائتين وأربعة وعشرين ترعة يبلغ طولها أربعة آلاف وستمائة كيلو متر وقد شغلت هذه الترع نحو خمسة وأربعين ألف فدان ومكعب المجموع الصيفي والنيلي من هذه الترع ألف وثلثمائة وأربعة وأربعون مليوناً من الأمتار المكعبة. وهذا كله غير فروع هذه الترع وفروع الفروع والمساقي والترع الخصوصية وقد ضبطت فروع ترع مديرية البحيرة فوجدت ثلثمائة وثمانية فإذا قسنا عليها باقي المديريات البحرية قرب عددها من ألفين وسبعمائة ترعة غير المساقي الداخلة في زمام النواحي. هذا في الوجه البحري أما القبلي فقد بلغ عدد ترعه الأمهات المستعملة إلى الآن ستة وسبعين ترعة طولها ألفان ومائة واثنان وعشرون كيلو متر تشغل من الأرض نحو خمسة عشر ألف فدان ومكعبها ثلثمائة وثمانون مليوناً من الأمتار المكعبة. وعدد الجسور الكبيرة مائة وستة وعشون جسراً طولها ألفان وخمسة وأربعون كيلومتر ومكعبها مائة وستون مليوناً من الأمتار تشغل قدر أرض الترع تقريباً وهذه غير الجسور الصغيرة الكثيرة العدد. فإذا جمعنا أعمال الأقاليم وجدنا الترع الأمهات والجسور الأصلية تشغل نحو خمسة وسبعين ألف فدان فإذا أضفنا لهذا القدر الفروع والسكك بلغ المشغول من الأرض نحو مائة وسبعين ألف فدان وذلك قدر ثلثي ما يشغله النيل في مجراه أيام

-[655]- الفيضان فإن المقدر له مائتان وثلاثة وعشرون ألف تقريباً. وإذا جعلنا هذه الترع والجسور خطاً واحداً بلغ طولها ثمانية آلاف وسبعمائة وسبعة وسبعين كيلومتر ومكعب ذلك نحو ألف وثمانمائة وأربعة وثمانين مليوناً من الأمتار المكعبة. فإذا قانا بين الترع التي عملها محمد علي باشا وبين مجرى النيل من منبعه إلى مصبه وجدناها قدره مرة وثلثين تقريباً فإن طول النيل ألف ومائتان وخمسة وسبعون فرسخاً أي خمسة آلاف ومائة كليومتر. ثم اخذ يذاكر رجاله والوافدين عليه من أوربا في طريقة تزداد بها الزراعة الصيفية وتأمن ترعها من التلف فقيل له أن نابليون بونابرت لما دخل مصر لم ير لتحسين الزراعة أنفع من بناء قنطرتين أحداهما على بحر دمياط والثانية على بحر رشيد لحجر المياه زمن التحاريق وتوزيعها على أراضي الوجه البحري بحسب احتياج كل مديرية وعمل ثلاثة رياحات رياح لأراضي الشرقية والقليوبية والدقهلية ورياح للمنوفية والغربية ورياح للبحيرة ومدينة اسكندرية فأعجبه هذا الرأي واحضر لينان أفندي الفرنساوي الذي تسمى أخيراً بلينان باشا وكان على هندسة البلاد القبلية وأصدر أمره إلى سر عسكر باتخاذ الوسائط اللازمة لإنجاز هذا العمل سنة 1250 فعين مجلس من المهندسين والرجال النبهاء لانتخاب المحل وقرر رأي أغلبهم على عمل القناطر بعيداً عن النيل في رأس جزيرة البحرين وصدر الأمر بإحضار الفعلة وعين من كبار المأمورين من يباشرون وأحضرت المهمات من أحجار وأخشاب وحمرة وجير وآلات وبينماهم في العمل سعى بعض كبار الموظفين بلينان باشا عند الخديوي وعابوا عمله فبطل العمل ووزعت المهمات والأدوات على البلاد سنة 1255 وتعين لينان

-[656]- باشا رئيساً على أقلام الهندسة في ديوان المدارس. ثم حضر بعد ذلك موزيل بك الفرنساوي لعمل حوض المراكب بليمان اسكندرية فذاكره المرحوم في عمل القناطر وأمره بعمل رسم لما يراه وبعد إتمامه الرسم أرسله به إلى مجلس الهندسة بفرانسا سنة 1256 وبعد إقرارهم عليه صار الشروع في العمل واستخدم فيه كثير من الأفرنج مع الوطنيين واستمر عشر سنين ثم انتقل الخديوي إلى دار البناء والرضوان سنة 1266 وكان قد تولى الخديوية ابراهيم باشا ثم عباس باشا الأول وكانت الخزانة المالية خالية من النقود فصرف موزيل بك عن العمل وأحيل إتمامه على مظهر باشا وقد بلغ مقدار ما صرف إلى سنة وفاته سبعة وأربعين مليوناً من الفرنك غير أهل البلاد الذين جمعوا لهذا العمل. وعندا حفروا أرضية الفرش لوضع الأساس وضعاً محكماً أدركهم النيل وهجمت عليهم المياه فأمر موزيل بك برمي الدبش في الفرش ولهذا السبب حدث خلل في الفرش بسبب مرور المياه من بين الدبش. والذي حمل الخديوي على ذلك علمه أن فراعنة مصر ومن بعدهم من العجم والرومانيين والروم والعرب والجركس كانوا يوزعون أعمال الري على الأهالي فإنهم شركاء الحكومة في الفوائد ولا عبرة بتنديد بعض الأجانب على المرحوم في جمعه الأنفار إضافة للأعمال فإن ذلك تمويه على ضعفاء المصريين ولو كانت دولة أجنبية في محل محمد علي باشا وأيامه لصنعت جسور البحر وقواعد القاطر من الآدميين ولو كان عند محمد علي باشا من الثروة ما هو موجود الآن لأراح الأهالي وصاغ بوابات القناطر من الذهب ولا يليق بالأجنبي أن يفتخر على محمد علي باشا بترك

-[657]- السخرة وقد صير المصريين أرقا. فإنما تلد النساء المصريات ليكبر الغلام ويستحق الفرز فتبيعه الحكومة لأبيه بخمسين جنيهاً أو مائة وهذا عمل من أعمال الذين أسسوا جمعية عتق الرفيق فكأنهم جعلوا لها فرعاً وهو استرقاق الأحرار ليكون العتق عاماً لجميع الأفريقيين وماذا عليهم وقد وجدوا آذاناً مصغية وطباعاً متحركة بريح الأوهام. وقد رتب المرحوم الهندسة تقرير المكعبات اللازمة كل سنة وما يلزم لها من العمال وما يخص كل جهة وتعيين الوقت المناسب. ثم انتخب جملة من شبان المصريين وأرسلهم إلى أوروبا لتعلم علم الزراعةت واحضر منها بعض مهرة علم الفلاحة وتربية الحيوان وأشجار الفاكهة وتنظيم البساتين وخصص للتجربة أرضاً بشبرى وأرضاً ينبروه وجعل مع الأوروبين جملة من شبان مصر ليتعلموا العلم والعمل واحضر الآلات المستعملة في أوروبا وكان كثيراً ما يزورهم ويحثهم على العمل والثبات فيه. ثم احضر جماعة من سورية لتربية دود القز وتعليم المصريين ثم أخذ في استحضار حبوب وأشجار لتعودها على أرض مصر وهوائها فإن البلاد كانت تزرع القمح والشعير والفول ولعدس والحمس والترمس والجلبان والعصفر وفي الصيف الذرة الشامي والبلدي وبعض النواحي كانت تزرع الأرز والكتان والقطن البلدي فلما أحضر القطن الهندي قلت زراعة البلدي حتى تلاشت. ثم أخذت التجارة في الانتشار وحضر الكثير من الأوروبيين للاستيطان والتجارة مع المصريين وحصل ارتباط كلي بين الفريقين فوضع المرحوم قانون

-[658]- التجارة وعين له مجلساً مركباً من وطنيين وأجانب لفصل قضايا التجار فكان أول مجلس مختلط بمصر ثم استخدم كثيراً من الأوربيين ما بين فرنساوي وطلياني وانكليزي في كثير من أعمال المدارس والورش والمعامل والعسكرية لتعليم المصريين حتى تثقف كثير منهم واستغنى الحال عن معظم الأجانب إذ لم يبق منهم في عهده الأخير إلا نحو مائة من الأطباء والكيماوية والصيدلانية (الأجزائية) وعشرين في العسكرية وخمسة وعشرين من المعلمين في المدارس والزراعة وثلثمائة في الورش ثم نبغ كثير ممن الوطنيين فاستغنى الحال عن الأجانب إلا أفراداً لا يتجاوزون الخمسين. وكان أول ورشة أنشأها ورشة خميس العدس بجهة الخرنفش وكان المعلون فيها طليانية وكانت تصنع القطيفة والحرير ثم جعلت للأقمشة القطنية والكتانية. ثم ورشة بولاق المعروفة بمالطة وورشة السبتية وورشة ابراهيم أغا وهذه الثلاث كانت لعمل الأقمشة الرفيعة والغزل. ثم ورشة الغزل بقرب السيدة زينب رضى الله تعالى عنها وكانت محل بيت بهجت باشا الآن. ثم أنشأ قيعان الحرير بمصر فنسج فيها الشاهي والقطني والآلاجة والمشجر والأطلس وبلغ مقدار ما نسج من الحرير سنة 1249 أربعة ألاف أقة ثم أنشأ عشر ورش بالوجه البحري في قليوب وشيبين الكوم والمحلة الكبرى وزفتى وميت غمر والمنصورة ودمياط ودمنهور ورشيد وشربين وكلها للأقمشة ما عدا ورشة رشيد فكانت تصنع الغزل وقلوع المراكب. وأنشأ في الوجه القبلي ثمان ورش في بني سويف وأسيوط والمنية وفرشوط وطهطا وجرجا وقناوالواحات. وكان عدد دواليب الغزل 1459 دولاباً منها 45 للغزل الغليظ والباقي للرفيع وكان

-[659]- مقدار الغزل الغليظ في اليوم من أيام الصيف 14500 رطل من القطن وفي أيام الشتاء 1015 رطلاً ومقدار الغزل الرفيع في اليوم الصيفي 13140 رطلاً وفي يوم الشتاء 8540 رطلاً. وكان عدد دواليب نسيج الأقمشة 1215 دولاباً تنسج في يوم الصيف 6075 ذراعاً بلدياً وفي يوم الشتاء 3645 وكنت تصنع هذه الورش العبك الأسمر والبغتة البيضاء والشاش الرفيع ويباع في مصر ويرسل منه إلى الشام وأيطاليا وألمانيا. وأنشأ ورشة الجوخ ببولاق واحضر لها معلمين من فرانسا فتخرج على أيديهم كثير من المصريين الذين استغنى بهم أخيراً ثم أرسل شباناً إلى ورش الجوخ بفرانسا فتعلموا هناك أيضاً وكان يبلغ تكاليف البسطاوية التي طولها سبعون ذراعاً بلدياً 572 قرشاً و 22 فضة فتكون قيمة الذراع ثمانية قروش وسبعة عشر فضة وكان يستعمله في لباس العساكر ولما رأى أن الصوف المصري لم ينجح في الجوخ جلب الصوف من تونس والشام ومقدونياً ولكنه رأى كثرة المصروف في استحضاره فاستحضر غناماً من أوروبا تعرف بالميرنوس وجلب معها رعاة من الأفرنج وضم إليهم رعاة من العرب وجعلها أولاً في مديرية البحيرة وبعضها في الغربية وبعضها في المنصورة وفي سنة 1249 بلغ الموجود منها 7000 وكانت إدارتها تابعة للمدارس تحت ملاحظة الموسيوهامو الفرنساوي ناظر المدرسة البيطرية ولما فشا الموت فيها خلطها بأغنام مصرية ليحفظ الصوف بالتوليد من بعضها. ولما رخص بدخول تجارة أوروبا في البلاد ورأى الناس جودة مصنوعها وقلة ثمنه اعرضوا عن مصنوع البلاد ورغبوا في مصنوع الأجنبي فبطلت صناعة النسيج شيئاً فشيئاً ولكن بقي

-[660]- الغزل مدة يحمل إلى إيطاليا وألمانيا وكانت تربح منه الحكومة مبالغ وافرة. وبمحافظته على الأمن وقطع دابر قطاع الطريق واللصوص دخلت تجارة سواحل البحر الأحمر إلى مصر وتوالى ورود القوافل منا لصحاري الأفريقية ودخلت تجارة البحر الأبيض المتوسط من بلاد الترك والأرمن وأوروبا حتى بلغ عدد الأجانب في مصر سنة 1256. 5000 رومي و 2000 طلياني و 700 فرنساوي و 1000 مالطي و 100 نمساوي و 20 موسكوبي و 20 إسباني و 100 انكليزي و 3000 شامي مسيحي و2000 أرمني وفي ذلك المستخدمون في الحكومة وكانوا في سنة 1237 ستة عشر بيتاً. وكان مجموع الإيراد سنة 1237، 1125000 جنيه مصري تقريباً ونما إلى أن صار في سنة 1249، 2525275 جنيهاً ومازال ينمو بزيادة التحسين في الإدارة والزراعة والتجارة حى بلغ نحو ثلاثة ملايين في عهد المرحوم سعيد باشا ثم بلغ 9389900 سنة 1294 في عهد الخديوي اسماعيل باشا. فهذه الأعمال هي أعمال محمد علي باشا أول قائم من العائلة الحاكمة الآن وما زاد عليها في أيام أبنائه إنما هو تتميم وتكيل وسنتكلم على العسكرية البرية والبحرية والمدارس والمالية والصحة ودواوين الحكومة المحتاجة لبيان ما كانت عليه من النظام وما اعتراها من الخلل في السنين الأخيرة وما نريد أن نذم الخواجة أو نقدح في المستر أو نعيب البارون أو نقبح عمل اللورد فإن ذلك بعيد عن مغزى المؤرخين الذين لا يهمهم إلا ذكر الأعمال ويتركون التحسين والتقبيح للقراء ولا يتعرضون للشخصيات والمطاعن الذاتية. وإذا قرأ أجير من الإجراء هذا الملخص الموجز رآه لجاماً في فمه فلا يعود لقوله

-[661]- أن المصريين غير قادرين على الأعمال وأن مصراً ليست قابلة للصناعة والانكليز نقلت البلاد من الهمجية إلى المدنية ومن الجهالة إلى العالمية. وجميع المصريين يعلمون أنه وأمثاله لا يسعون معهم إلا في طريق الغش والخداع وقد وضح الصبح لذي عينين فلا يطلب أثر بعد عين ولا تمام بحث الهندسة تذكر جملة من المهندسين الذين خدموا المصلحة وهياؤها لمهندسي الأجانب الذين جاؤا إلى ديوان الأشغال وهو هو ترتيباً وتنظيماً ولا يمكن حصر المهندسين الظاهرين في هذا الملخص وإنما تذكر البعض دليلاً على الكل فمن الذين تربوا في أوروبا مختار باشا الكبير وبهجت باشا وعلي باشا مبارك وعلى باشا ابراهيم واسماعيل باشا الفلكي ومحمود باشا الفلكي ومصطفى بك صادق وابراهيم أفندي رمضان وبيومي أفندي وأحمد أفندي دقلة وأحمد أفندي طايل ومن مهندسي السكة الحديد والتلغرافات أحمد باشا فائد وحسن بك نور الدين وسلامة بك البازوسليمان بك موسى وعباس أفندي حلمي ومن الذين تعلموا في مصر سلامة باشا ابراهيم واسماعيل باشا محمد وعلي باشا رضا وثقب باشا ومحمود باشا فهمي (منفي سيلان الآن) وعامر بك حمودة أحمد بك ناصر وأحمد بك جمعة وبليغ بك ولبيب بك وعامر بك عبد البر والسيد بك شكري ومحمود بك فهمي وصابر بك صبري ومحمد بك صدقي وأحمد بك ذهني وعبد القادر بك فهمي وأحمد بك كجوك وأحمد أفندي البقلي وأحمد بك شكري ويوسف بك الحكيم وعلي أفندي الدرندلي وحسن بك الشريف ومحمد بك طلعت وعلي بك النجار ومحمد بك زاهر وعلي بك برهان وحسين بك وصفي وحسن بك وصفي ومحمد بك أبو السعود ومحمود

حنفي ونديم

-[662]- بك صفوت وأحمد بك السبكي وعلي أفندي عزت وأحمد بك عزي ومحمد بك عبد الرحمن وأحمد صبري بك وبهارد بك وغيرهم ممن سنذكرهم في إداراتهم من مهندسين وباش ومهندسين فإنهم جميعاً تربية الإدارة الوطنية وأبناء البلاد ولم ينكر عليهم الأوروبي شيئاً من أعمال الهندسة ولا زاد عليهم شيئاً لا يعرفونه أو لا يقدرون عليه اللهم إلا أن يكون صرفه النقود فيما يشاء ومتى شاء بلا إذن ولا قرار فهذا لم يتعود المصري على ارتكاب مثله وربما عدنا فذكرنا كثيراً ممن لهم اليد الطولى في أعمال الري مع الثناء على معلميهم من الأجانب والوطنيين وبالله المستعان. حنفي ونديم . ح. أنت يا سيدنا عملت كذا ليه كل جمعة نقول إياك يفتكرنا بكلمتين ويتحفنا بعبارتين نلاقيك ماسك في العضمة الخشنة ونازل على عيون الخاينين والمنافقين بقى ما فيش لنا خاطر عندك وإلا الفقراء يروحوا في داهيه. ن. أنت يا معلم حنفي لم تزل على جهلك أرى حنيفة تكلمني بكلام طيب موزون وأنت تقول ما فيش وليه وتتكلم بالكلام العامي مع أنك صاحبتني من مدة أذهنك أضعف من ذهن حنيفة. يمكنك أن تتكلم بالكلام البلدي في عبارة لطيفة تعجب الجاهل والعالم ولا يعيبك فيها أحد فجاهد نفسك وقلدني في الكلام تكن في صف اللطفاء. ح. أنا وحياتك يا سيد أقدر أكلمك بكلام مليح يعجب السلطان وإنما الإنسان أخذ على الكلام مع الجهلة فغلب عليه كلامهم. وإلا أنا دائماً اسمع الجرائد وأفهم عبارتها. ن. ومن أين تأتيك الجرائد. ح. أنا والمعلم عفيفي

-[663]- والمعلم بيومي والحاج يوسف والحاج دسوقي عملنا جمعية واشتركنا في جملة من الجرائد واستأجرنا كاتباً يقرأها لنا. ن. حيث أنك تقرأ الجرائد فقل لي على ما رأيته فيها وأخبرني عن الجريدة الطيبة والجريدة الرديئة لا تحقق انتفاعكم بها من عدمه. ح. أول ما اشتركنا في الأستاذ لكون كلامه على قدر عقولنا ولما اتسع فهمنا رأينا المؤيد ماسكاً على الجد وماشياً مع الأستاذ في طريق واحد فاشتركنا فيه ورأيناه يخدم الوطن بنية خالصة ويكتب الفصول العجيبة ويدافع عن حقوقنا بقوة قلب. وبعدها التفتنا لقينا النيل ينادي بصوت رقيق فاشتركنا فيه فوجدناه من المجتهدين في خدمة الوطن الساعين في تهذيب الناس وحفظ الحقوق العثمانية ورأيناه يكتب كل لمحة تسحر العقول وتبين للناس الحقائق بقلم لطيف وعبارة علماء فحول فقلنا تم لنا السعد بوجود هذه الجرائد ما نشعر إلا وواحد ينادي بالوطن فاشتركنا فه وجدناه من جنس هذه الجرائد ورأيناه وطنيا ينادي باسم مصر ويدافع عن حقوق رجالها ويحرض الناس على السعي خلف الأمور النافعة وأحسن مقاصده ترجمة كلام الانكليز ليطلع عليه أخوانه المصريون ومحافظته على الروابط التي بيننا وبين الإقباط بعني رأيناه واحداً منا يفرح بفرحنا ويحزن بحزننا فقلنا تم الحظ وصارت كلمة المسلمين والإقباط واحدة فلم يبق هناك خوف من أحد يفسد أحوالنا. وبعدها يا أخي سمعنا بجريدة اسمها الأهرام فاشترينا منها نسخة وقرأناها وجدناها نازلة على عيون المضلين والمضيعين حقوق المصريين فقلت لابد وأن نشترك فيها فوقع خلاف بين الجماعة وقال بعضهم محررها سوري فقلت لهم يا -[664]- جماعة السوريون أخواننا وجيراننا وتحت حكم سلطاننا ويلزمنا أن نكون عصا واحدة في المحافظة على حقوقنا الوطنية ولا يلزم تفريق الكلمة وأحداث العداوة والبغضاء ونحن محتاجون لقطع عروق العداوة فقام المعلم عفيفي وقال أن بعض السوريين يكتب ضدنا ويشتم جرائدنا الوطنية ويكذب على حكامنا ويمدح الأجانب ويذم المصريين فكيف نشترك في جرائدهم بعد ذلك فقلت له كل أمه فيها الصالح والطالح والأمين والخائن أفلاجل المنافق منهم أو الغاش نبغض هذا الجنس المختلط بنا من قديم الزمان أن الخائن منهم عرفناه فنتجنبه وقليل الحيأ منهم لا ينبغي أن نلتفت إليه ولا نعده من بني آدم ولكن لا ينبغي هجر المخلص منهم والصادق في خدمته أن كان في الجرائد أو في الحكومة وجريدة الأهرام نراها تنادي بآمال المصريين وتسعى في المحافظة على حقوقهم فلا ينبغي أن نعدها في الجرائد الغاشة فضلاً عن كونها أقدم الجرائد العربية في بلادنا وصاحبها شرقي مثلنا ومثل الأهرام المحروسة والاتحاد فإنهما مجتهدتان في خدمة مصر وأهلها فينبغي أن نشترك فيهما أيضاً فتم الرأي واشتركنا في الأهرام والمحروسة والاتحاد من جرائد السوريين وصرنا نجتمع كل ليلة نقرأ اليومي منها وفي كل أسبوع نقرأ الأسبوعي فحصل عندنا تنوير ذهن واتساع أفكار من كثرة المطالعة والسماع وهذا كله من نتائج نصائح الأستاذ وإرشاده. ن. الله يبشرك بكل خير الآن اعتقد أن المصريين تقدموا في المعارف على اختلاف طبقاتهم وصار كل منهم يبحث في الأحوال الحاضرة والمستقبل وهذه نشئة كان ينكرها علينا بعض الأوروبيين وقد ملأوا جرائدهم بتقبيح أعمالنا وتجهيل رجالنا ورمينا بالهمجية وأنهم هم الذين وضعوا النظام بمصر وحافظوا على الأمن العام مع أن

تهنئة قدوم

-[665]- النظام كان أحسن مما هو عليه الآن والأمن كان أعم من حالته الحاضرة ولا دليل أقوى من اختلاط الأجانب بنا اختلاطاً تاماً قبل أن يحل المدعي في أرضنا فاجتهدوا يا معلم حنفي في المطالعة ودراسة الأحوال لتقفوا على دسائس الغير وإخلاص المخلصين وتميزوا بين النافع من الأجانب والضار فإن في علمكم بهذه الأحوال حياة البلاد الحياة الأدبية المدنية وكلما جلستم مجلساً اذكروا محاسن خديوينا المعظم ومساعيه الوطنية ونبهوا عليها أخوانكم وأبناءكم بل وأهل بيوتكم ليقف كل منهم على ما لهذا الخديوي المفخم من الأفعال الحميدة والآثار الجليلة وعلينا معاشر المحررين أن نخلص في النصح والإرشاد وخدمة البلاد والعباد. تهنئة قدوم امتلأَت البلاد نوراً والقلوب سروراً وانشرحت الصدور بقدوم عنوان كتاب الفضل مرجع شوارد الآداب كامل أوصاف العقلاء وجامع محاسن النبلاء الشاب المدرب بل الشيخ المجرب أحمد أفندي ذكي عضو الوفد المصري في مؤتمر علماء المشرقيات اللندري وقد ساح كثيراً من بلاد أوروبا للحصول على فوائد يقدمها لقومه عند قدومه ولم تمهله الغيرة الوطنية حتى يقدم سالماً فبعث رسائله الطنانة إلى الجرائد المحلية مقدمة لرحلته التي سيقدمها لإخوانه المصريين بل الشرقيين سجل حقائق ومجموعة عجائب وقد حظى بالمثول بين يدي الخديوي الأفخم فنال أحسن قبول وتوجها تاماً ممن -[666]- يقدر العلماء حق قدرهم فلتهنأ مصر بعودة ابنها الغيور عليها وليهنأ إخوانه الذين ملئت قلوبهم بمحبة ذكي يهنئه النديم. صدر الأمر العالي بإحالة نظارة المعارف على صاحب الدولة رياض باشا مع الداخلية فتهنأْ المعارف بالغيور عليها المحب لأهلها وتقدمها وتقدمهم. تقريظ لا يمضي يوم إلاَّ ونرى أو نسمع خبراً ساراً ومشروعاً نافعاً تحدثه النشئة المصرية الخالصة من أمشاج الأجانب المحثكة أفكار أهلها في أفكار أهل الفضل من أي جنس كانوا ولا نلبث أن نرى مصر روضة علم ومنبع فضل يحقق لنا هذا الأمل ما نراه من أقدام الشيوخ والشبان على إنشاء الجرائد العلمية والسياسية فقد صدر في هذين الأسبوعين جريدة الثمرة لمحررها الفاضل انطونيوس منصور وتلتها جريدة الهدى لمحررها الكامل أحمد أفندي لطفي ثم المدرسة لمحررها المهذب مصطفى أفندي كامل ثم النديم لمحرره التحرير أحمد أفندي عبد اللطيف وغدا يصدر التلميذ لمحرره الأديب محمد أفندي البابلي وستصدر أيضاً الشرائع في الأسبوع القادم وهذه نشئة علمية تنبئنا عن حسن مستقبل مصر فقد صار لأبنائها جرائد المؤيد والنيل والآداب والوطن وفرصة الأوقات ومرقى النجاح والراوي والثمرة والهدى والتلميذ والمدرسة والشرائع والنديم والرشاد والمنظوم والمهندس والأستاذ وأنه لعدد كثير في نشئة قليلة الوقت كثيرة الفوائد.

العدد 29

العدد 29 - بتاريخ: 7 - 3 - 1893 مجتمع اللغة العربية بمصر هذا المجتمع تأسس في هذا العام من علماء أفاضل متمكنين من اللغة وعلوم شتى يقدر كل واحد منهم على مراجعة الكتب اللغوية وغيرها ومعرفة الاشتقاق وتمييز الأصيل من الدخيل والمشتق من الجامد ونحت ما يلزم من الوضعيات إذا دعت الضرورة ورد الأسماء والاصطلاحات الأجنبية التي دخلت اللغة التي مقابلها أو ما يؤدي معناها ورئيس هذا المجتمع صاحب السيادة والفضيلة والسماحة السيد توفيق أفندي البكري ولقد نادى بهذا المجتمع مؤيد المعارف العلامة المرحوم عبد الله باشا فكري من أعوام مضت ولكنه لم يجد من يلبي دعوته وأشرنا إليه في جريدة التنكيت سنة 1298 في مقالة تحت عنوان (إضاعة اللغة تسليم للذات) وكانت موضوع جدال طويل بين فاضلين مصريين هما إبراهيم أفندي الهلباوي وأحمد أفندي سمير وفاضلين سوريين هما أمين أفندي شميل وآخر معه وبقي هذا المشروع حائماً في الأذهان حتى وضعه هؤلاء الأفاضل الأجلاء على أساس عنايتهم وعقد العزائم على خدمة اللغة العربية

الشريفة وهو مبدأ حسن وعمل جليل يراه الناس الآن صغيراً قليل الفائدة كما رأى أبو الأسود قلة قول الإمام عليّ رضي الله تعالى عنه الكلام كله اسم وفعل وحرف فالاسم ما أنبأ عن المسماة والفعل ما أُنبئ به والحرف ما أفاد معنى. ثم ما مضت أيام حتى كتب أبو الأسود أبواباً وجاءَ من بعده فكتب أسفاراً لا تحصى في فن النحو. وأبو العباس عبد الله بن المعتز الخليفة العباسي وضع فن البديع على سبعة عشر نوعاً ثم ترقى بعده حتى جاوز المائتين فهكذا حال هذه الجمعية المباركة في عين المعاصر الذي لم يرّ مثلها في بلاده حتى يعرف الفوائد التي تترتب عليها قياساً على ما يعلم فهي في رتبة الشواذ عنده لا يذكرها إلا بعدم الحاجة إليها فإذا رأى فوائدها اللغوية والعلمية تنشر بين الناس انتقد واعترض وزيف وخطأ تعصباً لجهله بالعواقب لا لإظهار الحقيقة فإذا رأَى أعراض الجمعية عنه وإقبالها على ما عقدت العزم عليه اهتم بشأنها وأمعن النظر في عبارتها واشتغل بما تبديه أكثر من اشتغالها بوضعه ثم لا يزال قولها يكثر والأنظار تتجه والأفكار تتضارب والفوائد تتابع حتى يرجع إليها معتمداً على ما تدون آخذاً عنها ما تدعو الحاجة إليها وأصلاً بها على حفظ اللغة العربية التي هي لغة القرآن والحديث والألوف من الكتب المدونة في علوم شتى هنالك يعود على نفسه باللائمة فيما كان منه أيام شبوبيتها. ولا يلزم للوصول لهذه النتيجة إلا ثبات الأعضاء وانتقاء الكلمات ومبادلة النظر فيها قبل إعلانها وهذا أمر محقق الحصول إن شاء الله تعالى في أفاضل هم عنوان كتاب الأذكياء في مصر. وحبذا لو عرضت ما تقرره على العلماء وأرباب الأقلام بنشره في الجرائد المحلية

ثم تضرب أجلاً للمتناقشين معها عشرين يوماً فاقل أو أكثر حتى إذا مضت المدة ولم ينبهها أحد على شيء أمضت ما قررته وأعلنت تنفيذه بحكم الإجماع. ولا تعم فوائد هذه الجمعية إلا إذا تقرر في مجلس النظار اعتبارها جمعية لغوية وإلزام مدرسي العربية في المدارس وغيرها بالنقل عنه وتعليم الطلبة ما تقرره من الفوائد اللغوية ويصدر الأمر العالي بالتنفيذ ثم تتناقل الجرائد المحلية كلماتها وتكررها بالمناسبات لتكون في مقام مدرسين يعلمون القراء ما يتعلمه التلميذ في المدرسة من فوائدها وبهذه الطريقة تتداول الكلمات المقابلة للكلمات الأجنبية ولا نقول وتموت الأجنبية بالمرة بل تزاحمها العربية مزاحمة تضيق نطاقها. وكنت أرى أن تعلن الجمعية قبولها معارضة من يرى شيئاً فيما تقرره ولكني رأيت جريدة الهلال الفراء دخلت هذا الباب وقالت ((إننا لم نرَ في لفظة مدره الكفاءة التامة لتنوب مناب لفظة أفوكاتو بكل معانيها إذ أن هذا اللفظ في اللغات الأفرنجية يفيد المدافعة عن الآخرين في الأمور الشرعية وهذا لا تفيده لفظة مدره لأن المراد بها زعيم القوم والمتكلم عنهم بماله من الرآسة عليهم كما هو الحال في رؤساء الأحزاب وزعمائها) ثم قالت بعد كلام (أما الأفوكاتو فعلى خلاف ذلك كما لا يخفى) ونحن نقول أن اللفظ يقوم بالمراد فإنه كما يدل على السيد الشريف في قومه يدل على المقدم في اللسان واليد عند الخصومة والقتال والمقدَّم في اللسان عند الخصومة صفة جامعة لكل ما يخاصم فيه سواء كان حقاً شرعياً أو مدنياً أو جنائياً له أو عليه فهو أعم من لفظ محام الآتي من مادة حمى الشيء منعه ودفع عنه وليس فيه معنى المطالبة بالحقوق ولا درء الحدود ولا رد الشبه

ولا إبطال الدعاوي ولا تأييد سابق الأدلة والبراهين ولا تأويل معنى قانوني ولا تخطئ قاض ولا تفسيق شاهد وهذا كله يندرج في الخصومة على أن كل معنى أريد من أفوكاتو فإنه في معاني المدرة فإنه رأس القوم والدافع عنهم وزعيم القوم وخطيبهم والمتكلم عنهم ومن يرجعون إلى رأيه ولسان القوم وليس في معنى أفوكاتوا أوسع من هذا ولا غيره وأما كلمة محام فإنها في غاية القصور عما يلزم وظيفة المدره إذ ليس فيها سوى المنع والدفع. وأما قولها ((ولنا منها اشتقاقات لتسهل استعمالها فنقول حامي عنه ويحامي عنه وفن المحاماة مما لا يتأتى لنا في لفظ مدره)) فإن الذي حملها عليه هو قول الليث في المدره أميت فعله ولو مشت في المادة حتى وصلت قولهم دَرَه لقومه يَدْرَه دَرها لما أنكرت الاشتقاق وعلى هذا فيقال فن المدارهة ودره عني خصمي أي دفعه ورده وهو ذو تُدرَه القوم أي الدافع عنهم. وإذا قلنا أن دره أصله درأَ فهو مبدل منه زاد المعنى وضوحاً إذ يقال تدارأَ القوم أي تدافعوا في الخصومة فتكون هناك مفاعلة والترافع بالأفوكاتية لا يكون إلا بين اثنين يدرأُ كل منهما عن منيبه عنه وكما يقال في المبدل منه تدارأَ القوم يقال في البدل تداره الخصمان ومن هذا يظهر أن المدره هو مقابل أفوكاتو من غير إخلال بشيء من معناه ولعل عند الهلال شيئاً غير ما رأَيناه فيه يؤَيد قوله ويضعف قولنا فإن أبداه تلقيناه بالقبول وله الفضل أو لأردننا الأمر إلى الجمعية لتعلننا بما تراه. وقال الهلال إن نمرة لا تؤدي المراد من (نومرو) الأفرنجية بل هي غير معناها لأن نومرو تفيد في الأصل العدد أو الأرقام وقد أطلقت على

العلامات أو الأرقام التي يستخدمها التجار وغيرهم ليميزوا بها أصناف السلع بعضها عن بعض أما النمرة فهي النكتة من أي لون كان. والنكتة النقطة السوداء في الأبيض والبيضاء في الأسود وإذا جاز استعمالها بمعنى نومرو فينقصنا الفعل منها إذ ليس في اشتقاقاتها ما يقوم مقام نمرً العلمية وهذا نقص لا يسد إلا بالتفتيش عن لفظ آخر يؤدي هذا المعنى)) - والأستاذ يوافق الهلال في مخالفة معنى النمرة العربية لمعنى نومرو الإفرنجية وقد غلب على نومرو استعمالها في العدد فيقال بيت فلان نمرو كذا أي عدد كذا والجواب نمرة كذا أي الذي عدده كذا فالأولى استعمال عدد بدل نمرة. ثم قال الهلال ((وعندنا أن مادة رقم تؤدي الغرضين معاً لأنهم يقولون رقم الثوب خططه وأعلم بأن ثمنه كذا ومنه قولهم لا يجوز بيع الشيء برقمه قلنا الرقم بمعنى نومرو تماماً الخ)) ولا يخفاه أن قولهم رقم الثوب خططه لا يفيد معنى العدد بل المراد أنه كتب عليه ثمنه لتقع المرابحة عليه أو ليغتر به المشتري كما يفعل الإفرنج الآن من كتابة أوراق صغيرة يعلقونها في المبيعات يقدرون فيها أثماناً كاذبة ليغتر بها المشتري فهي طريقة عربية الأصل وهي فائدة للمجتمع ساقها الاستطراد وفي الحديث كان يزيد في الرقم أي ما يكتب على الثياب من أثمانها أخبار منه عمن كان يفعل ذلك ومنه أخذ الهلال قوله لا يجوز بيع الشيء برقمه أي بما كتب عليه فالرقم في الموضعين بمعنى الكتابة. وكتاب مرقوم بينت حروفه بعلاماتها من النقط والشكل. وقد سبقت الجرائد باستعمال عدد بدل نومرو على جرائدها فإن رأت الجمعية عدم العدول عنه فلتعلن ذلك ولها الفضل وإن رأَت غير ذلك نبهتنا على ما

هو الأولى وأن رأَى أحد القراء ما يؤدي المعنى من باب الترادف لا التفسير فليكاتبنا بما يراه لنقدمه للجمعية للنظر فيه - ومن هنا نأتي على بقية الكلمات التي قررتها الجمعية مردفة بما نعرضه عليها للنظر والتقرير قالت (مرحى مقابل برافو) نقول مرحى كلمة تقال للرامي إذا أصاب. أو تعجب من جودة رميه فهي خاصة بالرمي. وبرافو كلمة تقال لكل مصيب في قول أو فعل وكل محسن في أداء عبارة أو تحرير مطلب خطابي فمقابلها بخ فإنها كلمة تقال عند تعظيم الإنسان وعند التعجب من الشيء وعند المدح والرضا بالشيء وقد سبقنا لاستعمالها أفصح الفصحاء صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه لما قرأَ قوله تعالى {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة} قال بخ بخ إلا أن يقال أن الجمعية أرادت مطلق الإصابة في قول أو فعل ((المسرَّة التلفون)) لا شيء فيها فإنها هي هي ((عم صباحاً وعم مساءً في مقابلة بون جور وبون سوار)) هما كذلك ولا عبرة بقول من قال ((إن عم صباحاً فيه فعل فإن عم بمعنى أنعم وكلمة بون جور معناها نهار طيب وبون سوار معناها مساء طيب)) فإن كلمة عم صباحاً معناها التحية المرادة من بون جور كما أن عم مساءً كذلك (البهو الصالون) نقول البهوله معان منها البيت المقدم أمام البيوت. وكناس واسع يتخذه الثور في أصل الأرطى. ومقبل الولد بين الوركين من الحامل. والواسع من الأرض الذي ليس فيه جبال بين نشزين. وكل هواء أو فجوة. وأماكن البقر. وبهو الصدر جوفه من الإنسان والدواب. والسعة واستعمل في باحة الدار توسعاً أو استعير لجوف الدار أو أنه حقيقة فيه بغلبة الاستعمال خصوصاً بين المتقدمين من عرب الأندلس

الذين هم أدري بمفردات اللغة منا وبالجملة فإنه مقابل الصالون تماماً (القفاز الجوانتي) أو الإلْدِيوان وهو هو والقائل أن هذا مذكور في كتب الفقه لم يعلم حقيقة الجمعية فإنها لا تضع ألفاظاً غير موجودة في اللغة حتى يقال إن هذا تكلم به العرب قبل ذلك وإنما تضع مقابل كل دخيل كلمة عربية مستعملة كانت أو متروكة (الوشاح الكردون) الوشاح حلى النساء كرسان من لؤلؤ وجوهر منظومان مخالف بينهما معطوف أحدها على الآخر. وقال الجوهري الوشاح بنسج من أديم عريضاً ويرصع بالجواهر وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحيها ثم توسع فيه فاستعمل في الشريط الذي يلبسه الرجال وفيه النياشين ولكن مثل شريط القضاة الخالي من الجواهر يطلق عليه وشاح أو قليد بمعنى شريط أو يتوسع في الوشاح فيطلق على ما فيه جوهر وما خلا منه الرأي للجمعية (مركب التوربيد الحراقة سفينة فيها مرام للنيران يرمي بها العدو في البحر) هذا الاسم أي الحراقه حقيق بالمركب الحربية وإلا فإن سفينة التوربيد تسير بين طبقات الماء وفيها مواد مفرقعة إذا صدمت سفينة انفجرت فتغرق السفينة التي صدمتها بالمواد المفرقعة اللهم إلا أن يكون هناك معنى آخر فنحتاج لبيانه (الكلوب المِرَب هو مجتمع القوم ومتحدثهم) هذا إذا كان الكلوب للحديث ليلاً ونهاراً أما إذا كان للحديث ليلاً ونهاراً أما إذا كان للحديث ليلاً فهو السامر أي مجلس السمَّار والسمار الجماعة الذين يتحدثون بالليل. وإذا كان للحديث نهاراً فهو النادي والنديُّ والمنتدى ولا يسمى نادياً إلا وأهله فيه (المودة الجديلة وهي الشاكلة والحال والطريقة والمذهب) الجديلة بمعنى الشاكلة لا تؤدي معنى مودة غالباً لأن الشاكلة هي

الشكل وهو عبارة عن الصور المحسوسة والمتوهمة والطريقة والمذهب والمراد من المودة نوع جديد يخالف سابقه من الأنواع ويبعد فهم صورة الشيء من الجديلة بمعنى الشاكلة بمعنى الشكل بمعنى صورة الشيء فهل يجوز أن نستعمل بدلها النمط أو الطراز بمعنى النمط أيضاً فإن النمط الضرب من الضروب والنوع من الأنواع يقال ليس هذا من ذاك النمط أي من ذلك النوع والضرب يقال في المتاع والعلم وغير ذلك. وقيل النمط والزوج عند العرب ضروب من الثياب المصبغَّة ولا يكادون يقولون نمط ولا زوج إلا لما كان ذا لون من حمرة أو خضرة أو صفرة فأما البياض فلا يقال له نمط. وقد غلب استعمال المودة في المنسوجات الجديدة الملونة ثم توسع فيها فاستعملت في كل نوع أو ضرب جديد من أي شيء كان وهذا معنى النمط المتقدم والرأي للجمعية (شهادة الدراسة كالبكلوريا الحذاقة) الحذاقة أما مصدر أو اسم من حذق مهر فهي شهادة مهارة (أحد رجال البوليس الشرطي والجلواز والتؤتور) هو كذلك وسمي بذلك لأنه أعلم نفسه بعلامات يعرف بها وهذا في البوليس الظاهر أما البوليس السري فيطلق عليه جاسوس لأن الجاسوس صاحب سر الشر والبوليس السري لا يقرب من الخير (البالكون الطَنَف) (كرت فيزيت بطاقة الزيارة) البانطو أو البردسو العاطف والمعطف وهو ما يلبس فوق الثياب (. .) (الشماعة أو بورت مانتو المشجب) أو الشجاب وهو خشبات تنصب لتوضع عليها الثياب (وضع المكدام في الطريق حصب الطريق بالحصباء) هذا وقد أورد سماحة الرئيس مقالة في الوفاقات في العادات انتخب فيها أشياء كثيرة من عادات العرب من

شعرهم وتلا حضرة الأستاذ الكامل الجهبذ المحقق الشيخ محمد الشنقيطي قصيدة غراء تنبيءُ عما له من الفضل وكثرة الإطلاع والاقتدار على أساليب الفصاحة وتراكيب البلاغة. وأننا نعرض أفكارنا على المجتمع عرض مشارك في الرأْي لا مستقل بالفكر فإذا وافقنا الصواب فذاك أولا رجعنا إلى ما يُرجعنا إلهي ونرجو أن يكون ذلك طريقاً لكل من قدم شيئاً يستفتي المجتمع فيه فيعرضه عرضاً ولا يجعل الأخذ به فرضاً حفظاً لحرمة المجتمع وحقوقه. وعلمنا بما عليه أعضاء المجتمع من صدق النية والإخلاص في خدمة اللغة العربية حملنا على أن نقدم لمحضراتهم ما سنح بالفكر القاصر وهو أن يكون المجتمع عاماً في كل ما يتعلق بالفنون العربية وتقسم الأعضاءُ بحسب قواهم العلمية فيكون قسم منهم مختصاً بالمواد اللغوية. وقسم يختص بالآليات كالنحو والصرف والبيان والبديع والمنطق. وقسم يختص بالتاريخ وتقويم البلدان. وقسم يختص بالترجمة. وقسم يختص بالرياضيات. وتظهر فائدة هذا التقسيم عند ما تقرّر الحكومة اعتماده وتحيل عليه النظر في المؤَلفات الجديدة التي من هذا القبيل ليقرر منه الموافق لنشره ويمنع ما يضر بالأخلاق والدين والسياسة. وربما اتسع نطاقه فأُحيل عليه امتحان أناس في فنون مخصوصة لإعطائهم الشهادة العلمية. وإذا رأَى المجتمع نشر الكلمات التي يريد تقريرها وما يراه من شوارد تاريخ العرب في الجرائد طالباً من أرباب الجرائد والمنشئين والعلماء الذين تهمهم اللغة والمحافظة على العلوم العربية مشاركتهم له في بحث تلك المواضيع مسلما لهم فيما يستدركونه بحيث يسند كل مستدرك قوله لنص محفوظ في كتاب

أو استنباط مؤَيد بالدليل والبرهان كان ذلك أعم للفائدة وأدعى للثقة به. ويلزم أن يكون عدد أعضائه أكثر مما هو عليه مركبين من أرباب العلوم التي ينتفع بها وربما كان في الناس من لا يعلم حقيقته ولا سيره فعلى المجتمع استدعاء من يراهم من أهل الفضل سوادء كانوا لغويين أو نحويين أو مهندسين أو قضاة أو مداره وعرض موضوعه عليهم وطلب اشتراكهم معه توسيعاً لنطاقه وتكثيراً لدوائر فوائده. وعليه أن يعلن قبوله مخاطبة كل من أراد أن يقدم شيئاً نافعاً في مواضيع المجتمع لغوياً كان أو تاريخياً أو غير ذلك وأن رأَى مناظرة مكاتب فيما كتبه استحضره بخطاب يعين له فيه الجلسة التي يحضرها وأن كان في غير القطر المصري أو يعز عليه الحضور تكتب الردود عليه وتعلن أن ترسل له قبل الإعلان. وعليه أن يقدر بعض جوائز لمن يقدم له رسالة في فن يعينه أو يحقق مطلباً يخصصه أو يفيد المجتمع فائدة عامة أو غير ذلك مما يراه تنشيطاً للهمم وتوسيعاً لدائرة المعارف. وعليه أن ينتقي الأعضاء ويتحاشى دخول أهل الدعلوي والفتن ومن يسؤُهم وجود هذا المجتمع حفظاً لنظامه ومنعاً لما لا يلائمه. وهذا عمل يقضي على المجتمع بعمال ومصروف وهو لا إيراد له يقوم بالرواتب والمكافآت وأحسن ما يتخذه من وسائل الحصول على ذلك أن يفتح محفلاً للخطابة يفتح بابه كل خمسة عشر يوماً مرة وتكون فيه الكراسي مختلفة الدرجة ويقدر رسم الدخول من قرشين إلى ستة بحسب الدرجات ويكون الدخول فيه عاما لمن يريد ولا يحجر إلا على سكران ويكون للخطابة رئيس ينظر في الخطب التي يقدمها الخطباء قبل أن يخطبوا بها ليكون له حق منع ما لا يناسب المجتمع مما يمس

الحقوق الملكية أو الدينية أو الجنسية ومن يريد أن يخطب ارتجالاً يعين الموضوع قبل ارتقائه منبر الخطابة ويكون للرئيس الحق في إسكاته أن شذ عنه أو تكلم فيما يشوش الأفكار أو يوغر الصدور وعلى هذا فيكفي عقد جلسة عامة كل شهر يقرر فيها المجتمع ما نظرته الأقسام في وسط الشهر فيكن له أثنى عشر تقريراً وأثنى عشر احتفالاً خطابياً كل سنة وهذا يقضي عليه بإنشاء جريدة خاصة بتقاريره وخطبه وإيرادها يضم لا يراد محفل الخطابة للاستعانة به على إدارة المجتمع. وحيث أن اللغة العربية وعلومها منتشرة في كثير من أقسام الكرة الأرضية وقصر تقارير المجتمع على الديار المصرية يقضي بترك الدخيل على ما هو عليه في غيرها كما يقضي بوقوع الخلاف بين المصريين وغيرهم ممن لم يشاركوهم في الرأي أو لم يعلموا بمساعيهم فعلى هيئة المجتمع تقديم تقرير شامل لموضوعه وأعماله للأعتاب الخديوية طلباً لتقريره والتصديق على اعتماده من مجلس النظار وإعطائه حق مخاطبة الجهات العربية بل الشرقية بما يراه من ضرورته ووضع هذا المجتمع العظيم الفائدة تحت رعاية الحكومة تعضيداً وتأييداً بتحويله عن وجهته وللمجتمع الحق بعد ذلك في توسيط الحكومة في نشر تقاريره بصدور أوامرها لدوائر كتابها باستعمال الكلمات اللغوية التي يقررها في مخاطباتهم الرسمية والإطلاع على بقية مواضيعه العلمية توسيعاً لدائرة أفكارهم وسعياً في تداول مواضيعه حتى تصقلها الألسنة بالتكرار فتكون مألوفة مستعملة بين الخاص والعام. وليكن من أقسامه عال يعرض عليه خطأُ المكاتبين والمعترضين من الأقسام ليتصرف فيه بما يراه من إعلان المخطيَء أو الصمت عنه أو ستر

هفوة كاتب أو تنبيه على ما هو الأولى أو الصواب وهذا تكون جلسته سرْية حتى لا ينسب إلهي تعصب أو ازدراءٌ للناس أو تعرض للوقوع في جانب الأعضاء والمكاتبين. وعلى هذا القسم تعرض أعمال الأقسام قبل الجلسة العامة لينقحها ويحررها ثم يردها إلى أقسامها من غير أن يعلم كل قسم بما صنعه في عمل الآخر حتى إذا جاءَ يوم الجلسة العامة قدم كل عمله منقحاً محرراً. وهذا يقتضي أن يكن القسم العالي مركباً من علماء مختلفي الاختصاص فيكون فيه اللغوي والنحوي والمحدث والمفسر والفقيه والمؤرخ والمهندس والطبيب والقاضي والمدير والكيماوي وغيره من علماء هيئة المجتمع. ولتحرير مطالب المجتمع يلزم أن تعطى المواضيع المراد تقريرها إلى الأقسام المختصة بها في آخر كل جلسة لينظر فيها الأعضاء مدة الشهر وليكون عندهم وقت لمراجعة كبت وتنقيح ما يحتاج للتنقيح ثم يقدم كل قسم أوراقه للقسم العالي قبل الجلسة بخمسة أيام ليعيد النظر فيها أيضاً قبل انقعاد الجلسة وبهذه الطريقة وضمينة آراء القراء والمكاتبين إليها تظهر للمتجمع أعمال نفيسة جداً في غاية التحرير والتنقيح. ولا بأس من إعلان الجلسة العامة كل شهر ليحضرها أرباب الجرائد ومن يريد من الفضلاء ليكون تقرير ما تقدمه عن رأي إجماعي وهو أرقى لدرجة المجتمع وأدعى لاحترامه والثقة به في كل ما يقدمه للخاصة والعامة. وإننا نرجو إخواننا العالمين باللغات الأجنبية أن يترجموا ما يرونه من الكلمات والاصطلاحات ويبنوا اسم اللغة المترجم منها ويقدموا ذلك للمجتمع مساعدة على الخدمة العامة وعلى المجتمع أن ينسب كل قول إلى صاحبه تخليدا لاسمه ونشراً لفضيلة كل

عامل. وقد شافهنا معترض بأن كثيراً من الكلمات الأجنبية لا يمكن ترجمتها لتداولها في الصناعة والاصطلاحات العلمية فأجبناه بأنه لم يقف على حقيقة موضوع المجتمع فإن القصد وضع كلمات عربية في مقابل الكلمات المتداولة على الألسنة أما ما يتعلق بأسماء الآلات والعقاقير فإن المجتمع يضع له مقابلاً أو تفسيراً ليحفظ في الكتب العربية ويترك هجر الأجنبي بالعربي للتداول وكرور الأيام لا أنه يريد أن يغير كل كلمة أجنبية بكلمة عربية ويمنع استعمال الأجنبية دفعة واحدة فإنه يعلم أكثر مما تعلم من احتياج الشرقيين لاستعمال الاصطلاحات الأجنبية في الفنون التي انفردت أوروبا بالتأليف فيها. وبالجملة فإن هذا المجتمع سيكون أن شاءً الله تعالى مصدراً لفوائد لا يصل إليها الإنسان حال انفراده ولو أوغل في مطالعة الكتب وتعلم ما فيها فإن تبادل الجدل والمناظرة والبحث والاعتراض من أفاضل مختلفي القوى العقلية والعلمية يتولد منه علوم نافعة ونتائج لا يصل إليها المنفرد وهذا أعظم مقاصد المجتمع بل هو المقصد المحاط بكثير من الوسائل ولنا في هذا المجتمع رجاء وطني يرضاه وليس هو من باب التنبيه ولا من باب التحذير وإنما هو من باب رجاء السير على ما يضمن لنا ثقة المصري وغيره بمجتمعنا وهو أن يبعد عن الدخول في السياسيات سراً وجهراً وأن يحفظ الوصلة التي بينه وبين الأزهر المنير بعدم تعرضه لشيء مما هو من خصائص الجامع وسماحة شيخه وبهذا يمكنه أن يستعين بأشياخه في كثير من مواضيعه العلمية فإن أساسه مبني على العلوم الأزهرية وأعضاؤُه يكون معظمهم من الأزهر بين الذين يقدرون على التصرف في العبارات بالاستنباط أو القياس وإذا سلك هذا الطريق تمكن من القيام

متى يستقيم الظل والعود أعوج

بأعمال كثيرة المنافع وفاز بثقة العلماء والأذكياء به وعاد منه خير عظيم على كل لغوي وأديب بل على كل شرقي. وهذا لا يغيب عن أفكار أعضاء المجتمع ولا يعز عليهم الوصول لاتحاد الفريقين واجتماع الكلمتين فيعم النفع ويتأَيد المجتمع وهناك نسميه بالمجتمع العلمي لا اللغوي ونرى أعضاءَه باذلين جهدهم فيما يخلد لهم المجد الدائم في الدنيا ويوصلهم إلى الدرجات العليا في الآخرة جزاء بما كانوا يعملون. وردت لنا هذه الرسالة من إنشاء الشاب الذكي النجيب أمين أفندي عريف التلميذ بالمدرسة التوفيقية فأثبتناها تنشيطاً لهمم إخوانه وسننشر ما يرد من أمثاله مما يوافق مشرب الأستاذ خدمة لأبناء البلاد وعصابة المعارف. متى يستقيم الظل والعود أعوج ما أضاءت شمس المعارف في أمة إلا اهتدت إلى سبيل الرشاد وسلكت طريق الحضارة ونالت من الغايات أقصاها وقهرت المصاعب بما تتخذه من الوسائل الداعية إلى سعادة بلادها وتمتعها بنعيم العيش كتقدم الزراعة والتجارة والصنائع إلى غير ذلك مما يثبت فيها روح المدنية والعمران. ولكن ما علمناه عن السلف وما نعلمه عن الخلف قد يشذ في الغالب عن تلك القاعدة فكم من دولة نبغت في المعارف وغاصت بحار العلوم فأتت بدرها المكنون وجوهرها الثمين ولم تشعر إلا وقد صدها عن بلوغ الآمال عوائق لم تخطر لها على بال فأضحت تقاسي مرارة الهوان وتعض بنان الندم على ما فرطت فيه ولو كانت قرأَت العواقب وعززت هرعها إلى أبواب العلوم بالقيام بما يجب عليها للوطن ويرفع شأْنه ويقيه من تقول الغير ما آل أمرها

إلى الاضمحلال ولا ضربت عليها الذلة والمسكنة. فإذا سألها سائل وقال لها ألم تتفطني لحوادث الأيام وما جاء به تاريخ الغابرين فلا جواب لها إلا أن تقول أتقنت دراسة العلوم لأكون من العلماء غير العاملين أو لاتخذها آلة لارتكاب الجرائم ومعيناً على التمسك بأهداب الإهمال كلما فحصت المعارف وسبرت غورها. وقد علمنا أن من أعظم أسباب انحطاط الدول عدم الألفة بين أبنائها وترك نار الشقاق تشب فيهم فتدمر ما قل أن تصلحه الأيام. فعليكم بني الشرق عموماً وأهل مصر خصوصاً باتخاذ الحزم ديدناً وتأييد مواثيق الوفاق حتى تستردوا ما سلبتكم إياه الخطوب وأغار عليه الغير بأن تصلحوا ذات بينكم عملاً بقوله تعالى {وأطيعوا الله والرسول ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} كيف لا وقد علمتكم الحوادث ووزنتم بميزان التجارب قدر تحمل رق العبودية والانصياع للأغراض ألم يكفنا ما قرع آذاننا غير مرة من التبكيت بعدم اقتدارنا على القيام بشؤُوننا وأعباء أعمالنا وعجزنا عن حسن التصرف فيما منحناه ن لدنه عز وجل من الخيرات التي تتسابق إليها الأمم وتؤُمها من أقصى البلاد لتتمتع بها فلنسلك طريق السداد ولنعول على روابط الالتئام ولنتعاون على رد ذاك التبكيت بما ينشأُ عن اتحاد الكلمة من الصلاح والحصول على درجة من السعادة والسيادة. عجباً لنا لمَ لم نتفق على ما فيه نفعنا وعلو مكانتنا ونتبع قوله عز من قائل {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً} ولم لا نحافظ على مجد آبائنا

الأولين الذين سادوا بين معاصريهم وألفوا المؤلفات العديدة واخترعوا المخترعات المفيدة ولم تزل أعمالهم شاهدة لهم حتى ورد عذب منهلها من خلفوهم فأفاقوا من غشية الجهالة وهاهم اليوم يبكتوننا بتقصيرنا ونحن نسل تلك الأمة العربية أصل العمران ومنبع الحضارة الحاضرة. فلنعول على الاعتصام بحبل المؤاخاة حتى نتمكن من تذليل المصاعب ونستقصي المطالب. عجباً لنا لم لا نجمع بين مشتت أفئدتنا ولم لا يعمل المتنور منا الواجب عليه بأن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر حتى ينصلح حال من ضلوا عن سبيل الهداية وجمحوا في فيافي الغواية وتتهذب أخلاقنا جميعاً. وأخص بذلك الأغرار الذين يتبارون في مضمار الملاهي ويجاهرون بإتباع الشهوات بدون أن تتحرَّك فيهم حمية وطنية تستنهضهم إلى جمع شمل أفكارهم وتوحيد أرائهم التي تباينت كل التباين واتحاد كلماتهم التي تناقضت كل التناقض فأيدت دسائس الغير. لِمَ هذا التغالي في عدم المبالاة ولِمَ ولِمَ. . . بمن يقتدي الفقير إذا رأى الغني زائغاً عن طريق الصواب وكمال الصفات ولا يسوغ لنا أن نعنف مثله أو نضربه بضروب اللوم كما يفعله البعض. ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفساد الذين شبوا على ارتكاب الرذائل وصرفوا ثمين وقتهم وجسيم أموال آبائهم في ترويج تجارة الأجنبي بتعاطيهم خموره المتنوعة التي لا تروج في بلاد غير بلادنا. أولم يقرع أذانك عاقبة حال من عملوا على منوالك ولعبوا الميسر (القمار) فلعبت بهم أيدي الحوادث وأصبحوا أذلاء بعد أن كانوا أعزاء أم لم نعلم أنه لو لم يجد فينا الأجنبي استعداداً لقبول كل ما يعرضه علينا

مما خفي ضره تحت أستار التحسين ما ربحت تجارته ولا ترك وطنه العزيز وشد عنه الرحال. فلنفقه الحقائق ولتعتبر بتقلبات الأيام وصروفها ونقعد لواء العزم على تغيير الخطة قبل أن يتسع الخرق على الراقع عجباً لنا لم لا نقتدي بمن خالطناهم السنين العديدة ونتطبع بطباعهم الحميدة المؤسسة على تعزيز وطنهم مهما شطوا عنه والذب عن حقوقهم والمحافظة على عوائدهم ودينهم ولغتهم والتمسك بعروة الوفاق وغير ذلك مما ضمن لهم الفخر علينا ونحن نرتع ونلعب مفرطين في إتباع الشهوات وتضيع الأموال ولقد تمس بنا الحاجة أحياناً لاقتراض الدراهم من أحدهم فيصرف لنا من خزائن كرمه ما لا يفوته تخليده في بطون الأوراق (الكمبيالات) مع أخذ الاحتياطات اللازمة على حقوقه وتسجيل ما يراه مناسباٌ له من الربح فنثني عليه ونخرج من عنده وآخر دعوانا أن الحمد لله والشكر لهذا الخواجه الكريم وبعد أن نخرج نتذكر أيام الحظ وليالي اللهو فلا يسعنا إلا التوجه إلى (الخواجه بول مثلاً) صاحبنا القديم الذي جمعت خمارته من النبيذ اللذيذ والشمبانيا العال والبيره اللطيفة ما سلب أموالنا فنلهب هناك أحشاءنا ببعض جرعات ثم نتركه قاصدين قهوة فلان المشهورة بالراقصات وهناك نزيد الطين بلة وإذا نفد ما عندنا من الدراهم فلا نستقبح تسليم الخواجا ساعتنا حتى نوفيه حقه ولا نزال على هذه الحال والديون تتراكم علينا حتى يباع ما نمتلكه. وقس على ذلك ما يعجز عن تسطيره اليراع فليتيقظ الغافلون وليتذكر المتذكرون وإلا متى يستقيم الظل والعود أعوج.

عجباً لنا ولأَِهلينا الذين تفرقت كلمتهم ولم يتعاونوا على خدمة بلادهم بل مهدوا للعابث طريق التداخل في شؤوننا بالتشعب الذي حال بينهم وبين الإصلاح وجعلهم مضغة في الأفواه ومرمى لسهام الملام ولم يكتسبوا سوى التنديد الفاضح والتقريع الفادح. فلنتعظ بسير الغريين ونقتد بهم في غيرتهم على خدمة أوطانهم ورفع شأن أبناء جنسهم ولنجعل أعمالهم موضوع دراستنا فقد قضوا زماناً طويلاً وهم متقلدوا أهم المناصب الشرقية أفهل رأيناهم يخدمون بلادنا مهملين صوالح أوطانهم كلا بل الأيام السعيدة التي قضوها في الشدة لم ينسوا تلك الأوطان بل جعلوا لها الحظ الأوفر والنصيب الأعظم لا حذراً من انتقاد منتقد ولا خوفاً من لوم لائم بل أداءً لما فرضوه على أنفسهم من الإخلاص في خدمة محل نشأتهم وأبناء جنسهم فلله درهم من حازمين عقلاء ولله هي من خلال حميدة وغيرة وطنية. ولم لا نكون مثلهم في أمصار تربينا بها في مهد اليسار والخير ولم تلجئنا قلة ذات يدنا فيها إلى أن نأبق أو نرحل عنها كما فعل غيرنا فبالله قل لي لو ضاق العيش بنا لا سمح الباري ومستنا الحاجة إلى شد الرحال وترك الأوطان أليس من باب أولى أن نهملها ونهب أنفسنا لخدمة من يحسن مثوانا ويسد رمقنا ونحن بعيدون عنها نعم ولا شك إلا أنه لا توجد في تلك الأمم المتمدنة من تسمح لنا بالتداخل في شؤونها مهما كانت كفائتنا ولا من ترأف بنا أو ترق لحالنا ولنا في الأحوال الحاضرة والأخبار اليومية أعظم برهان وأوضح دليل فلندرك الحقائق ولنتدارك الأمر وليرتضع أُلوا الأمر منا أفاويق الوفاق فقد اشتدت الأزمة ولنعتبر بالأمثال العديدة حتى لا نقع فيما نخشاه

عجباًَ لنا ولأهلينا ما لهم لا يقلدون الأجنبي إلا فيما لا يجدي ولا ينفع كالتفنن في المأكل والمشرب والملبس حتى علموه كيف يكون التفنن والتأنق وألزموه أن يبرز لهم كل يوم من عجائب المودة (النمط الجديد) والأصناف المتنوعة ما انطوى غشه تحت أستار التحسين وبذا ضمنوا له تشغيل فابريقاته وتحويل أغلب ما تخرجه هذه الفابريقات من أنواع الزخرف على الشرق ومن به. وما أسرعنا إذا أحضر تاجر منهم صنفاً جديداً إلى التسابق لشرائه ودفع الأثمان الباهظة فيه بنية صافية ورضا قلب بدون أن تحك الوطنية فينا عواطف طاهرة تيقظنا من هذه الغفلة وتحثنا على تقليد الغير والنسج على منواله لنتخرج بالأقل من حيز الحاجة لأننا لو عللنا النفس بأكثر من هذا وعزمنا على مجاراته في جميع أعماله ونحن على هذه الحال وقصدنا تشغيل معاملنا وعرض مصنوعاتها على سوقه فإننا نرجع لاشك من عندك بخفي حنين إذ لا يحضر هناك من يبتاع منا مثقال ذرة أو من يترك مصنوعات بلده ويعكف على تجارتنا فيرفع عنها غشاء الكساد. فلنخلع لباس الإهمال ولنعر آذاناً واعية لأقوال الحكماء ونصائح أولي الجرائد الوطنية المنزهة عن الأغراض فما فيهم الأكل أستاذ مدرب خبير ومؤيّد بدلائل الحق الساطعة وأسانيده الدامغة ولنتابعد عن حث ذوي الأغراض فما فيهم الأكل مناع للخير معتد أثيم كيف لا ونحن اليوم في عهد أمير جليل عارف بواجبات وطنه ورعيته فلنخلص في محبته ولنعمل على شاكلته وإلا متى يستقيم الظل والعود أعوج

باب الأدبيات

باب الأدبيات فأتنا أن نثبت شيئاً من قصيدة حضرة الفاضل الأديب وهبي بك ناظر مدرسة حارة السقائين المقدمة للحضرة الخديوية الفخيمة فنلخص منها قوله: عوجا بذياك اللوى وسلا=أألمّ بالحب أمرؤ وسلا وتمثلا رسم الديار وما=قد كان من عهد حلا وخلا واستعطفا لي من أحب وأن=أنكرت منه كل ما فعلا فإلي مَ يحسن أن أقيم على=شرط الوفاء أماليء الغزلا وأحلّ ما شاءَ العذول وما=من مغرم إلا وقد عذلا ولقد حلبت الدهر أشطره=وطعمت منه المرّ والعسلا وبلوت ما لم يبله أحد=إلا وصار حديثه مثلا فأسأْت بالأيام معتقدي=وطويت في تعليلها الجدلا وبسطت في حوز العلوم يدي=ولو أن جيدي لم يزل عطلا ونقدت في تمحيصها عمرا=لا حول لي فيه ولا حولا ولقد رفعت لوا الولاء إلى=محيي رسوم الفضل مبتهلا فأمنت عادية الصروف وما=قد كنت إلا خائفاً وجلا (عباس) يا مولاي دم أبدا=فينا مطاع الأمر ممتثلا واصدع رعاك الله مقتضباً=بحسام جدّك كل ما عضلا وأفخر على الماضين قد حكموا=مصراً وإن كانوا هم الأُولا وتعاهد البلد الأمين بما=ترقى العلوم به رقيّ علا يا واحد الآحاد منزلة=وأجل معطاء إذا بذلا

هذا ثغور القطر باسمة=بعود جدك دائماً جذلا فأقم عماد الملك معتضداً=بالله في تدبيره رجلا ولقد تسامي بدر طالعه=في مثل هذا اليوم واكتملا وكلها من هذا القبيل درر ألفاظ في قلائد معانٍ وردت لنا هذه القصيدة من نظم الشاعر المجيد الأديب الفاضل محمود بك محرم رستم يهنئ الأستاذ الكامل أحمد أفندي ذكي مترجم مجلس النظار بعودته سالماً من المؤتمر وسياحته الأوروبية ولحسنها أثبتنا معظمها قياماً بخدمة الأدب وأهل قال أيده الله. لو جهلنا خمار سكر الفراق=ما علمنا مقدار شكر التلاقي والتداني إن لم يشبه تناءِ=ما ذكت في الفؤَاد نار اشتياق فاقتطف بالشفاه ورداً جنياً=من خدودٍ في غاية الإشراق لفتاة كالغصن قدا ولينا=وكبدر التمام في الائتلاق واثقتني وبعدها أوثقتني=في هواها ولم تحل وثاقي زرتها والدجى يولي فراراً=من هجوم الضيا على الآفاق فوجدت الأسود والبيض لفت=حول ذاك الكناس مثل النطاق أنا لم أخش غير رمح قوام=وظبي أعين ونبل مآق لمحتني بنظرة لو تعدت=لمحتني نبال تلك الحداق وجرى دمعها فشمت الدراري=نُظمت كالعقود فوق الصفاق ثم ضمت حمر الشفاه للثم=بعد ما حركت ذراعي عناق

هي روض في حسنها وذكي=غصن فضل مطهر الأعراق قد أضاءَت بفضله عين مصر=مثل بدر أضا على الأفاق كم له في الفنون باع طويل=قصرت دونه يد الطراق أرضعوه ثدي المعارف طفلاً=فعلى الفضل شب بين الرفاق غيره ساد بالنفاق وهذا=نال أوج الفخار باستحقاق أن سري طيب ذكره في زكاء=شمت كل الأنام في إطراق هو للفضل هامة وإلى المجد يمين وللعلوم كساقي هو بدر ثناه قد عم شرقاً=ثم غرباً لكن بغير محاق في سماء العلا سرى كهلال=حوله هالة من الحذاق حلى نادي العلوم فاستقبلوه=بمزيد الإقبال عند التلاقي قام فيهم يبدي بديع بيان=في المعاني بمنطق مصداق كلما عرضوا له بسؤَال=كان في الجواب كالترياق أدهشتهم علومه وعلاه=فاقرُّوا بالفضل دون شقاق فخرت مصرنا به وجدير=أن تهنيه سائر الآفاق صيته سار حاملاً لثناه=في البرايا كالمسك في الأعباق غضبت مصر مذ نأَى عن رباها=وتراها مذ عاد في إشراق فيهنيك بالسلامة خل=حرم النوم طول ليل الفراق لم يفه بالقريض قبل التنائي=مع ميل له وفرط اشتياق فلك الفضل والثنا من صديق=أنت أستاذه على الإطلاق أنت فخر الورى كريم السجايا=صادق الوعد طاهر الأخلاق

هذه يدي في يد من أضعها

قدوة العصر غرة الدهر شمس=في سما المجد نخبة في الرفاق بك يزدان كل نظم قريض=ويبرا من شائبات النفاق كلما بالغ الورى وتغالوا=في معاليك قصروا في اللحاق مذ توالت بشائر الأنس عندي=بتداني أوقات صفو التلاقي زف فكري إلى حماك عروساً=توجت بالثنا بغير صداق مهرها ستر ما بها من عيوب=واحتماها عن غائلات الطلاق أنت رب الكمال والفخر والسؤ_دد يا معدن الوفا والوفاق هذه يدي في يد مَنْ أضعها ضعها في يد وطنيك وأعقد خنصريكما على محبة أمير البلاد وسيدها الخديوي المعظم مرتبطة هذه المحبة بمحبة أمير المؤمنين الخليفة الأعظم والسلطان الأفخم وإلا فقطعها خيرٌ من وضعها في يد أجنبي يستميلك إليه بوعود كاذبة وحيل واهية يظهر لك سعيه في صالحك وحبه لتقدمك ويرهبك بأوهام لا توجد إلا بينك وبينه ويغرك بدعوى انفراده بالسلطة عليك وبُعد الدول عنك ويضلك بنسبة أُمرائك للقصور وحكامك للجهل والظلم ويصور لك الأباطيل في صورة حق يخدعك به ويحول أفكارك الشرقية إلى أفكار غربية تأْخذها وتقول بها فتكون يده القوية وعونه الأكبر على ضياع حقوقك وإذلال إخوانك واسترقاق أهلك ونزع سلطة أميرك وسلطانك وأنت لا تشعر بشيء من هذا. أن وقوف العامي بباب الأجنبي لياذاً والتجاءً قبيح شنيع ووقوف العالم أقبح وأشنع ووقوف العظيم أرذل وأفظع ونحن في وقت

اضطر فيه الأجنبي للاحتيال على بعض أهل البلاد بتردده عليهم بعد أن كانت العظمة تمنعه من قبول الزائر منهم. ومن يرجع للاغترار بالوعود والأكاذيب وهو يرى ذلك غيره ممن أوقعهم تصديق الأكاذيب في شرك الأجنبي فأصبح يئن ولا راحم له وينادي ولا سميع لندائه فما كان دخول انكلترة في الهند إلا لوضع حكومة نظامية وتشكيل هيئة مدنية وهي إلى الآن تدعى هذه الدعوى مع أنها وضعت في عنق كل هندي إلا تقوده به إلى ما تريد على أية صورة أرادت وأصبح مسلموه في ذلك وهوان يقاسون من سوء المعاملة ما تتفتت له الأكباد ويرون من قوة الحكام وسلب الحقوق والمعاكسة الدينية ما تنخلع له القلوب وتنقبض له النفوس ولو دخل المصريون الهند لكان لهم أكبر عبرة وأعظم محذر من مشاركة الهنديين فيما هم فيه من الاسترقاق والعذاب ولا يظن غير المسلم من المصريين أنه يعامل معاملة خاصة تريحه وتلحقه بالمستر في نعمه فإن رؤْية المجوس والبراهمة تؤكد كل من أوقعته المقادير تحت استبداد إنكلترة التي لا تعد غير الإنكليزي من نوع الإنسان. إننا نرى البحري الهندي في مراكبهم يأكل العدس بالخبز اليابس ولا يرى اللحم إلا في الأعياد ونرى البحري الإنكليزي تحمل له اللحوم في الصناديق من مسافة بعيدة وحكم العسكري البري حكم البحري من الفريقين فأولى بالمصري أن يعتبر ويتنبه فقد كشفت له الحقائق وذاق من مبادي الهوان ما هو أشد ألماً من سوط الاستبداد الظاهري. وإذا علم أن جرائد الإنكليز في الهند إلى الآن تقول في كل سنتين أو ثلاث قد وطدنا الأمن في الهند ونظمنا حكومته وما بقي علينا إلا أن نترك البلاد لأهلها علم

احتيالهم ووعودهم الوهمية الإنجاز وإنما يفعلون ذلك لئلا يسأم الهنديون من سوء تصرُّفهم فيهم واستبدادهم فيمنونهم الأماني الكاذبة لتطمئن قلوبهم بعض الاطمئنان ولهم العذر في ذلك فإن كل أمة حكمت أمة تغايرها جنساً ولغةً وديناً ووطناً تتوجس الشر من كل حركة من حركاتها السلمية فضلاً عن العدوانية فهي تجتهد في نزع السلاح من أيديها وتقليل ثروتها وأبعاد أبنائها عن الأعمال والوظائف العالية وهذه أمور توجب استعمالها سلطة الاستبداد في صورة الدستور. وسياسة انكلترة في تذليل الأمم سياسة كانت خفية على كثير من الشرقيين وقد أظهرتها تقلباتها وخلف وعودها فمن ذلك إسلام القسوس الثلاثة الذين أرسلتهم إلى الهند أيام اختلافها في الحدود مع الروسية وخافت من دسائس روسية إن يفتتن المسلمون بقولها أن انكلترة تسعى في تغيير دين المسلمين عندما تحكمهم فأرسلت هؤُلاء الثلاثة ينادون في الطرقات أنهم كانوا نصارى وبحثوا في الأديان فوجدوا الإسلام أصحها فأسلموا وصاروا يصلون في الطرقات ويدعون المجوس للإسلام وأسلم بدعوتهم كثير منهم ثم لما تعينت لجنة من الدولتين لتحديد التخوم عاد القساوسة إلى كنائسهم بعد أن أفهموا مسلمي الهند أن انكلترة لا تتعرَّض للمسلمين ولا لمن يسلم من قسوسها فأبطلوا دعوى روسية ونزعوها من عقولهم. ومن ذلك المسجد السياسي الموجود بليفربول الذي بناه وأظهره الاحتلال المصري ليغتر المصريون بما يسمعونه من إسلام بعض الإنكليز في نفس بلادهم وعدم تعرض الحكومة والأهلين لهم مع أنهم يعدون زيارة المصريين لأميرهم تعصباً دينيّاً وينسبون للجرائد الإسلامية أكاذيب يفترونها وعبارات يدسونها لم يقلها

مصري ولا حرَّك شفتيه بها كاتب تهييجاً لأوروبا بالوهم وحثاً للإنكليز على السعي ضدنا فإنهم لا يتأَّلمون في بلادهم إلا من مطالبة المسلمين بحقوقهم تعصباً منهم ثم أنهم يرمون الشرقيين بما لم يوجد إلا في الإنكليز فإنهم لو رأوا منشية إسكندرية وأزبكية مصر وخمارات البنادر والريف ورأوا انهماك الناس في شرب الخمور والانصراف عن المساجد لقالوا أن بعض المصريين غير متمسكين بدينهم ولم يقولوا أن هناك تعصباً دينياً ولكنهم يكذبون على من لا يعلمون من شأن مصر إلا ما يطبع في التمس والدلينوز وجرائد إيطاليا ولا يرى السائح منهم إلا نزل شبرد وما حوله من الطرق المنظمة فيظن أن مصر كلها صارت في هذا النظام على أيدي انكلترة فيعود ويملأ جرائدهم بما فعله الإنكليز من الإصلاح في مصر وبالجملة فإننا في حاجة لهجر الباب الأجنبي وملازمة أبواب حكامنا الوطنيين مع المحافظة على حقوق المستوطنين والمجنازين وعدم التعرض لشيء مما يختص بالسياسة العالية أي مما يختص بالملوك فإن زيارة بعض الأفراد لأجنبي تزين له السعي في بسط سلطته وتهيئ له أن الأمة من هذا القبيل وربما أوهم هذا الزائر أنه ينوب عن بلده فيزداد غروره وتقوى عزائمه على أحداث العراقيل أمام الوطنيين. وحيث أن انكلترة لها مصالح بمصر كبقية الدول ولكنها ترى أن مصالحها أعظم من مصالح غيرها فنحن مع صرف النظر عن مصالحها نشكرها على ما قدمته لنا من دروس التهذيب والتأْديب وما هدتنا إليه من تعلمينا المطالبة بحقوقنا وتمييزنا بين الضار والنافع وتعريفنا الفرق بين السلطتين الوطنية والأجنبية وهذا باب يلزمنا شكرها على تعبها في تأْديبنا مدة إحدى عشرة سنة حتى رشحتنا للأعمال وهيأَتنا للمحافظة على الخصائص

مقالة الشيخ محمد سلامه

والامتيازات وعلى الخصوص الدروس الأخيرة التي بها أخذنا الشهادة الدراسية وصرنا مؤهلين لما يفوض إلينا من الأعمال. مقالة الشيخ محمد سلامه هذه المقالة البديعة بقلم الفاضل الشيخ محمد سلامه وما طيب المعيشة بالتمني=ولكن الق دلوك في الدلاءِ أي وربي أن هذا لبيت قد أودعت فيه الحكمة فلنعم كنز مفتاحه النظر في معناه ويا رحم الله سلفاً قام بواجب خلفه فأضاء له السبل بنبراس عقل وأودع له الحكم في عذب كلامه حتى يكون مرآة للعاقل ومدرسة للمتفكر الذي يريد أن يكون عضواً عاملاً وإنساناً كاملاً فذو البيت المغمور يقول مستنهضاً للهم أن طيب العيش وبلوغ الأرب والسمو إلى مكانة الإنسانية لا يكون بمجرد التمني الخالي عن العمل لا بل ذلك هو الضلال البعيد والسير إلى القهقرى وإنما هو بالسعي والجد وبذل الهمة فيما فيه الإصلاح والمنفعة قال صلى الله عليه وسلم علو الهمة من الإيمان وقال بعض السلف إن شئت أن لا تتعب فاتعب فكما أن خمود الهمة ليس من شيمة العاقل كذلك ليس من الإيمان في شيء فهو مذموم بالطبع والشرع لأنه لا يوجب لصاحبه غير البوار والحلول في حضيض الهوان ولقد أظهرت التجارب أن الكسل لا يثمر إلا الفقر تزوجت البطالة بالتواني=فأولدها غلاماً أو غلامة فأما الابن لقبه بفقر=وأما البنت سماها ندامة ولما كسان السعي هو المحمود عواقبه أمر به المولى سبحانه ناهياً عن ضده

فقال تعالى {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه} وقامت البراهين الواضحة على أن جناه بلوغ الأماني فتجارته رابحة وغنيمته محصلة خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة=إن الجلوس مع الجبان قبيح ولا يقعدنك عن المعالي أوهام التقاعد وجنود اليأْس فكثيراً ما ضربت خيامها علي أناس فجردتهم من معالم الإنسانية وألبستهم ثياب المذلة وأنزلتهم في حضيض البهيمية أولئك الذين طبع الله على قلوبهم فاستحبوا العمى على الهدى فلم ينظروا قول القائل من كان يعلم أن الشهد مطلبه=فلا يخاف للدغ النحل من الم فاستصعاب الطريق جبن والركون إلى البطالة عار فعلى العاقل أن يعد الصعب سهلاً والبعيد قريباً والجموح ذلولاً كي ينال مطلبه ويظفر بغايته. لاستسهلن الصعب أو إدراك المنى=فما انقادت الآمال إلا لصابر ولئن تصفحنا التاريخ لظهر لنا جلياً أنه ما وصل إنسان إلى سعة العيش ورفعة المنزلة إلا بعد أن وصل ليله بنهاره وحرم الراحة على نفسه جاعلاً نصب عينيه قول من قال: دع الهوينا واكتسب وانتصب=وأكدح فنفس الحرّ كداحة وكن عن الراحة في معزل=فالصفع موجود مع الراحة اللهم إلا من أتاحت له المقادير أباً ترك له مجداً أثيلاً ومالاً كثيراً فمكث طول عمره يرتفع في بحبوحة الثروة بلا كدٍ ونصب فذلك الذي عاش في نعمة أبيه منعم الجسم مستريح البال (وقليل ما هم) على أننا لو

تأملنا في هذا لألفيناه في الواجب عليه قد قصر وفي حقوق الإنسانية لم يتبصر لسنا وإن أحسابنا كرمت=يوماً على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا=تبني ونفعل مثل ما فعلوا ولذا قال (ولكن ألق دلوك في الدلاءِ) أي فلا بد لك من دلو يكون نظير دلا أصحابك وقوة مثل قوتهم ونحو ذلك حتى يعود دلوك غرباً فيزول ظمأك ويطيب عيشك وإني لا خالك تقول كثيراً ما أدليت دلوي فلم أتحصل على ما به ارتوى فأقول الذي أدى إلى ذلك هو تخرق دلوك وقصر رشاك وضعف عزيمتك وما شاكل ذلك مما غرسته لك أيدي التفرق أن الرماح إذا تبدد جمعها=فالوهن والتكسير للمتبدد ولعلك تستهدي هادياً إلى ما تماثل به من يزاحمك وتسترشد مرشد إلى ما به نجاحك فأقول لك أن أقوم طريق موصل هو أن تدع الحقد والحسد والبغض لإخوانك وأن تتخذهم أخلاء أصفياء بان تعد ماله مالك وسرورهم سرورك فحينئذٍ تقوى بينكما يد المساعدة فتدلي دلوك وتنادي بالبشرى لما نلته من الحظ الأوفر قال صلى الله عليه وسلم يد الله مع الجماعة. وليس المراد من الحديث الشريف جماعة تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى وإنما المراد منه الجماعة الذين اعتصموا بحبل الله فشقوا عصا التفرق وارتضعوا لبان التآلف فصاروا كأسنان المشط في الاستواء وكالنفس الواحدة في التآم الأهواء ونبذوا الملاهي وراءَهم ظهرياً. هذا وليس الخطاب بهذا البيت مراداً به المفرد فقط بل ما هو أعم فإذا أرادت أمة أن تجاري أمة غيرها وتشرع شرعتها وتنهض نهوضها فلا بد من اتخاذ الوسائل وترتيب المقدمات

شكر عناية

ولا يعز علينا معاشر المصريين مباراة غيرنا من الأمم المتمدنة فالمال عند أغنيائنا والقوة العاملة موجودة فينا والرأي السديد متوفر لدى عقلائنا فإذا وجدت الرابطة والعلائق بين هذه الثلاث فلا ريب في أن تكون مصر أحسن حال من الأمم المتحدة فإنا والحمد لله قد شهد لنا كل عاقل بعظيم الفطنة والذكاء وأملنا وطيد بذلك مع وجود جمعيتنا الإسلامية الخيرية التي سيكون لها إن شاء الله فروع كثيرة بين سائر الطوائف قاصيها ودانيها وفقيرها وغنيها وعالمها وجاهلها حتى يكون الكل متحد الوجهة موجهاً النظر إلى سائر أنواع التقدم من إيجاد الشركات المفيدة والصنائع الجليلة العديدة وتربية أبناء وطننا العزيز ونحو ذلك مما تطيب به المعيشة فلا يدرك المجد نائم وما طيب المعيشة بالتمني=ولكن ألق دلوك في الدلاء شكر عناية تبرعت ذات العصمة والدولة الأميرة (البرنس) زبيدة هانم أفندي بثلاثين جنيهاً تشتري بها ملابس لتلامذة مدرسة النيل الخيرية مساعدة لأعضائها الكرام على عملهم المبرور وهذه الأميرة من البيت الخديوي الكريم فلا غرابة فيما أتته من الإحسان فقد تعود أهل هذه البيت أمراء وأميرات على فعل الخير والسعي فيما فيه تقدم الوطن المشمول بعنايتهم وقد أرسل ذو العزة محمد شاكر بك وكيل دائرة دولتها هذا المبلغ إلى ذي السيادة والسعادة محمد باشا راتب من مؤسسي هذه المدرسة العامرة فنقدم الثناء لدولة الهانم على ما منحته ونطلب لها جزيل الأجر من الله تعالى ونحث ذوات العصمة

تنبيه

الأميرات الكريمات على المجاراة في هذا السبيل الذي ما دخله محسن الأنال فخر الدنيا ثواب الآخرة. تنبيه وقع سهو للجميعة فنقصوا من إعداد الصحف ستة وجعلوا آخر العدد الثامن والعشرين 666 وصوابه 672 وقد بدأنا هذا العدد بالتصحيح فلا يرتاب في العدد من يرى هذا الفرق. اعتذار جاءنا كثير من القصائد يمدح بها الشعراء دولة رياض باشا وبعضهم يمدح مدير البحيرة والبعض مدير الأوقاف والبعض مدير أسيوط والبعض الغربية ونحن وأن كنا نرى الممدوحين أهلا للثناء والمدح ولكننا نرى أن تمدحهم أعمالهم فيكون تعدادها تعداداً لمحاسنهم وأثارهم بهذا نعتذر لحضرات الأفاضل الشعراء الذين لو أردنا نشرنا قصائدهم لضاق بها صدر الجريدة ولو نشرنا البعض ضاق صدر من تأخرت قصائدهم على أننا نرى أن كثرة المدائح مثبطة لهم الممدوحين لاعتمادهم على ثقة الناس بهم ورضاهم بكل ما صدر عنهم فلو تركوا وأنفسهم حتى تظهر أعمالهم وتصرفاتهم الإصلاحية ومساعيهم الوطنية لكان ذلك من أحسن ما هيئ للمديح وعلى هذا فإننا نرجو عفو الممدوحين عن عدم نشر المدائح حتى نمدحهم بما يفعلونه في الإدارات من الإصلاح وتنقيتها من الخلل وفساد النظام. عينا حضرة محمود أفندي لطفي محصلاً بمدينة اسكندرية فعلى حضرات المشتركين أن يعتمدوا عليه وعلى السيد حسن مصطفى المصري

الشرائع

الوكيل الخاص بعموم اسكندرية وأن يسلموه قيم الاشتراك بمقتضى الوصول المحررة من الإدارة ولهم الفضل. الشرائع جريدة قضائية إدارية تصدر في الخامس عشر من كل شهر عربي يحررها الفاضلان النبيهان أحمد أفندي لطفي السيد وإسماعيل أفندي الحكيم يساعدهما في التحرير الأفاضل محمود أفندي عبد الغفار وإسماعيل أفندي صدقي ومحمد أفندي عبد الهادي الجندي وقيمة اشتراكها ثلاثون قرشاً في كل سنة وقد صدر العدد الأول منها مشحوناً بالفوائد القضائية والمواد الإدارية فنحث رجال الفضل وعشاق العلوم على الاشتراك فيها تحصيلاً لثمراتها وما فيها من شوارد المواد ومواد الآداب. لم تصدر ملزمة كان ويكون في هذا العدد لازدحامه بالرسائل فراراً من تأخيرها وسنتابع إصدارها كالمعتاد ما لم تضطرنا المواضيع لتأخيرها في بعض الأعداد. بشرى يسرنا أن صاحب الفضيلة والسماحة شيخ الجامع الأزهر امتحن عدداً كثيراً من الطلبة وفي العام الآتي سيمتحن في كل أسبوع طالباً فيتم امتحان نحو خمسين طالباً كل سنة وأنها لعناية تستحق الشكر والثناء جزاه الله عن العلم وأهله خير الجزاء. ستحتفل جمعية العلم الشرقي العلمية بعيد تأسيسها السنوي غداً في الساعة الثانية العربية ليلاً بمحل التياترو العربي بشارع عبد العزيز أعاد الله عليها هذا الاحتفال بخير ونجاح وشكر سعي أعضائها الكرام.

العدد 30

العدد 30 - بتاريخ: 14 - 3 - 1893 تجاذب الجنسيات والأديان من وقف في مزدحم العالم الإنساني ورأى الحاصل بين الناس من الحب البغض والإنس والنفور والتوافق والتخالف والتواصل والتقاطع أخذته الدهشة من حصول هذه الأضداد في جموع ترجع إلى أصل واحد ولكنه إذا أنعم النظر وأبعد في الفكر ورجع بالعالم القهقري وأسكن كل فريق في قطعة من الأرض تخالف مناختها بالتغيرات الجوّية والمطعومات النباتية والحيوانية وعلَّم كل أمة لغة مخصوصة والزم كل طائفة بدين تأخذ به وتعتقده وعودها بعادات تميل إليها وتحافظ عليها ثم ترك هذه الأمم التي جزأها وقطع المواصلة بينها على هذه الحال سنين ثم الجأ فرداً من أمة على الارتحال إلى أمة أُخرى لاستنكرته لأول نظرة وفر هو منها أوفرت منه ووقع بينهما من النفرة والاستغراب ما يقضي به العاقل أن هذا المرتحل أجنبي من هذه الأمة ولولا أنه على صورتها خلقاً لقضى عليه بأنه من نوع يخالف نوعها فإذا لزمها اليوم بعد الآخر ودامت المخالطة والمعاملة وخاطبها بلغتها ودان

بدينها وقعت الألفة بينهما بقدر ضرورة الاختلاط بحيث تفرق بين محبتها له ومحبتها لفرد من أفراد جنسيتها. ولو اجتمع فريق من الأمة في مكان ومعهم هذا الدخيل لكان انعطافهم على بعضهم أعظم من انعطافهم عليه وثقتهم بأنفسهم أقوى من ثقتهم به. فإذا كان لهم س أخفوه عنه مع أنه لا يتكلم بغير لغتهم ولا يدين إلا بدينهم ولا يسكن غير أرضهم ولكن التجاذب الجنسي حال بينه وبين الوصول إلى درجة المثيل. وعكس هذا إننا لو فرقنا بين اثنين من وطن وهما صغيران ثم جمعناهما بعد أن شاخا في وطنين متباعدين وخاطب كل صاحبه بلغته وعرفه أنه من جنس كذا لجرت مياه المحبة والحنان في عروقهما وجذبتهما رابطة الجنسية بقوَّة لا يقدران على دفعها كيفما كان التباين بينهما بل لو قعد كلّ إمام صاحبه من غير أن يكلمه لوجدا في قلبيهما ميلاً لبعضهما لا يعرفان سببه. وبتفرُّق الأمم في الأقطار وطول التقاطع واختصاص كل أمة بلغة ودين صار كل فريق جنساً مستقلاً له طباع وعادات ولغات تخالف طباع وعادات ولغات الجنس الآخر وبتقلبات الدول في الفتوح قديماً وحديثاً اختلطت الأجناس فاختلفت الطباع والمألوفات وربما وجد في البيت الواحد اثنان يخالف أحدهما الآخر بحكم الوارثة الأبوية والنزوع إلى عرق التوليد

الأصلي وعند مجيء الدين الإسلامي وانتشاره في أفريقيا وآسيا وبعض أوروبا امتزج العرب بالفرس والشاميين والمصريين والترك والروم والغوط وبعض الطليانيين والإفرنج والسودان والحبشة والهنديين والويغور وغيرهم وألف بين قلوبهم فتوحدت كلمتهم وصاهر بعضهم بعضاً بجامعة الدين فنتج جنس يجنح إلى الأصول بعرق التوليد ميال للجامعة بوحدة الدين والوطن والتابعية وبكرور الزمان استقل هذا الجنس وصار مستعرباً يخالف أصوله وقد غلبت عليه المخالطة الوطنية والأخذ عن العريقين في النسب فانخلع عن أميال الأجناس البعيدة انخلاعاً تاماً وفي أيام الحروب الصليبية وتغلب اللاطين والإنكليز والألمان والإفرنج على السواحل السورية حصل اختلاط الغربي بالشرقي ونشأ عن الفريقين قسم رجاع بأصله على جهة العصبية ميال بتربيته واستيطانه إلى أرض نشأته كما حصل مثل ذلك أيام الرومانيين حيث داخلوا أمم أوروبا واختلطوا بهم عند حروبهم الدينية وبجامعة الدين حصلت المصاهرة فتولد جنس ميال لغير ما عليه الأهل وبطول الزمن عاد إلى طباع أهل وطنه بتغير أسمائه وكذلك عند تغلب الإفرنج على مصر ولكنهم لقصر مدتهم لم ينشأ عنهم إلا أعداد قليلة جداً في وسط المصريين. وإذا نظر المتأمل في سحن الشرقيين والغربيين وكان خبيراً بصور أهل الأقاليم أمكنه أن يرد كل ذات إلى جنسها الأصلي بضميمة الأفعال إلى الصورة فإن الصورة وحدها غير كافية في الحكم لأنها قد تأتي من نظر الحامل على صورة أجنبية وتأثرها بما يقع في ذهنها من استحسان أو استقباح ولهذا يحكم بخطأ من رأى ولده يخالفه في بعض أوصاف الصورة فأتهم أمه بالريبة وإنما إذا رأى ولده يحب ما يكرهه ويكره ما يحبه وقد غلبت عليه طباع من جاء بصورتهم ورآه يميل إليهم ويستحسن ما هم عليه من الأخلاق والعادات ويستقبح ما عليه أبوه من ذلك فلا شك في مجيئه من ذلك الجنس وهذا الباب وأن رآه بعض الناس قليل الفائدة بعدم تبصرهم فيه فإن له دخلاً عظيماً في الأمور السياسية والتقلبات الدولية فإننا نرى كل أمة استقلت

بنفسها وبعدت عن الخليط والدخيل تتجاذب إلى بعضها تجاذب حلقات السلسلة إلى بعضها البعض وربما كان فيها مزيج أجنبي يستره الاختلاط وطول المعاشرة ويمنع من ظهوره عدم وجود ما يحتك فيه حتى يتأثر ويرجع بالجاذبية إلى الأصل. فإذا دخلت أمة على هذه الأمة وكان في المدخول عليها عروق منها نزعت إليها وعطفت عليها وأسرعت في تلقي عوائدها وانقادت لانفعالها بأفعالها وأقوالها وعادت تذم من ولدت في أرضهم وتربت بين ظهرانيهم وعرفت لها أباً أو أبوين منها صورة واستحال على أخيها الوطني إرجاعها إلى الجامعة الوطنية لاستبداد الدم الأصلي على تلك الذات التي كانت في حكم السائح الغائب عن وطنه لغرض فلما انقضى عاد إلى وطنه وبهذه الجاذبة فاز كثير من الدول في حروب شتى بانصياع الدماء السائحة إليها فتدلها على عورات دولتها وتساعدها بتثبيط الهمم وبث الفتن حتى تمكنها من بلادها بغلبة جاذبة الجنسية على الوطنية. وهذا سر خفي ظهرت منه عجائب في الفتوحات الدولية والمجامع الاختلاطية. وهناك صبغة تنصبغ بها الذات فتقع بين طرفي تجاذبها مع الجنس وهي صبغة الدين فإنها تحكم على الذات بحسب ما أنصبغ بها وإن خالفها جنساً ووطناً ولكن إذا وقع خلاف بين منصبغين بها هربت الطباع إلى أصولها فإننا إذا رأينا حرباً قامت بين فرانسا وانكلترة مثلاً تهرب الطباع إلى الجنسية ويقابل كلٌ دينيَّه بقلب كالصخر ونفس عاتية عادية فلا يسره إلا ذبح دينيّه والانتصار عليها بهتك عرضه وتخريب بيته وإذلال سلطانه وكذلك لو وقعت حرب بين عربي وعجمي تماثلاً ديناً هربت الطباع إلى الجنسية

فترى عربياً في أقصى الأرض يفرح بانتصار مثيله على العجمي والعكس بالعكس فإذا ظهر مغاير لهما ديناً وتسلط على أحدهما سترت صبغة الدين تلك الطباع الجنسية وحولتها إلى التوحيد والائتلاف بجاذبة الطرف الديني وإذا بعدت أمة عن أمة وقد تسلطت أمة أخرى على مثيلتها تألمت من بُعد وعمه الحزن والغم بالجاذبية الجنسية إن كان التسلط بين جنسين أو بالجاذبة الدينية إن كان التسلط بين مختلفين ديناً وهذا الذي يدعو المسلمين لتألمهم من وقوع الهند تحت أيدي الإنكليز وتونس تحت أيدي فرانسا وبخاري ومرو وما وراء النهر تحت أيدي روسيا كما يدعو المسيحيين لتألمهم من وقوع مسيحيي الشرق تحت أيدي الدولة العلية والحكومات الشرقية. وقد حكمت جاذبتا الجنس والدين على اليونان ورومانيا والصرب والجبليين والبلغار بالنفرة من جاذبتي الترك والإسلام فرضيت بالخضوع مدة الضعف حتى بدا له تلاصق جاذبتها الدينية بدول أوروبا فتحركت حركة الاستقلال بدافعة الجاذبة وإعانة الدين ولو أن الترك حولوا أصولهم إلى الصبغة الدينية لبقي بينهم وبين هؤلاء من الألفة ما يوجب التوحيد الديني فكم جنسيات سترت أميالها بالصبغة الدينية كما هو مشاهد في رجال الدينين الإسلامي والمسيحي وإذا تأملنا في الأمم الشرقية الحاضرة ورأينا أفراداً مائلة إلى الأمم المتغلبة على أوطانهم كالإنكليز والفرنسيين مع مماثلة الدين في البعض أو مخالفة المذهب أو الدين ومع بعد الوطنين واختلاف اللغتين علمنا أن الجاذبة الأصلية الآتية من الاختلاط هي التي تحول المرء عما عليه قومه وتلجئه إلى الانحياز إلى الأب الأصلي وأن كان على غي دينه الآن أو لا يعرف من لغته ولا كلمة

وبهذا التجاذب تقع الثقة من الدولة المتغلبة بهذا الابن المربي في غير وطنه فتعطف عليه وتستعين به على مقاصدها في قومه وبني وطنه. وليس المراد أن الجنس الباقي على طهارته من أخلاط الغير ينفر من كل جنس يخالطه فإن التأنس في نوع الإنسان فطري لا يحتاج إلا إلى مسالمة خفيفة وإنما المراد أن كل جنس خلص من أمشاج الأغيار لا يجنح إلى الغير التجاءً واستحساناً لسلطته عليه بل يعاشره بقدر ما تدعو الضرورة فإذا جاء وقت التسلط نفر وشذ فلا يقع تحت قهره إلا بحكم الضعف والهزيمة. وكل من خالطت أصوله الأخلاط لا يختلط بالجنس الخالص إلا بقدر ما يرى أصوله حلت بين يديه فتطير طباعه إلى جو الجنس بحكم الجاذبة ولهذه العلة امتنعت أوروبا من توظيف غير جنسيتها في وظائفها العالية وسلمت جميع أعمالها خصوصاً الحربية على رجال خلصت جنسيتهم من الخليط خوفاً من رجوعهم بالغرائز إلى الأصول وقت الحروب فتذل الدولة أو وقت السلم فتقع في الفتن الداخلية فإذا بحث خبير في اختلاف أهواء الشرقيين ورجع بأفكارهم إلى ما يميلون إليه أمكنه أن يرد الدماء على أصولها بالحنين الأصلي. وكذلك لو بحث هذا البحث في الأمم الأوروبية لرد الخليط فيها على أصله بالسحنة والفعال وكما توجد الألفة بين الأقارب مع اختلاف الآباء توجد بين الأجناس المتقاربة وطناً المتحدة ديناً كما يرى ذلك بين دول أوروبا فإن قرابة الجنسية ووحدة الدين قضيا عليها بالائتلاف في وقت مقاتلة أمة شرقية فلا تشذ دولة إلا بداعية ملكية مع كراهتها انتصار الشرقي على الغربي وكذلك نرى ذلك بين الأجناس المسلمة من عرب وترك وفرس وهنديين وغيرهم فإنهم لا يفرق كلمتهم إلا المظهر الملكي

ومع ما بينهم من التفرق فإن كل قسم يتألم من أجنبي يحكم قسماً يماثله فإن الصبغة الدينية تجذبه عن وجهة الأجنبي بحكم التلاحم الديني. وأقرب الأماكن إلينا مصر التي نحن فيها فإنها بلاد إسلامية مختلطة بقليل من الأقباط الذين تجذبهم الجنسية إلى كثير ممن تولدوا ممن أسلم من سابقيهم وتدفعهم الوطنية إلى التلاصق بالجموع بجاذبة الوطنية والألفة وطول المعاشرة التي قامت مقام اتحاد الجنسين وقد طرأ على المجموع المصري الجنس الإنكليزي فإذا ساورنا الناس وسألنا كل واحد على انفراده عن ميله الحقيقي رأيناهم على الفطرة لا يقطعون حلقة من حلق التجاذب الجنسي والوطني ورأينا دماءهم بعيدة عن مشابهة الدم الإنكليزي. ثم نرى بني هذه الألوف المؤلفة أفراداً آحاداً أو عشرات لا يبلغون العشرين يميلون للإنكليز بحكم الجاذبة الأصلية التي كان يسترها بعد الجنس عنها وقد أظهرها الاحتكاك فيه الآن وكذلك غيرهم من الأجناس الشرقية فإننا لا نجد فيمن يميل إليهم ميل حنو وانعطاف ويستحسن ما هم عليه من القسوة وحب إذلال الشرقيين واستعبادهم الآت من ماءٍ إنكليزي وإن لم يعرفوه ولا يعلموا له أبا منهم الآن والحكم على أبناء الإنكليزي الشرقيين هو الحكم على أبناء الفرنسيين وأكبر شاهد على التجاذب ما رأيناه من المصريين في العهد الأخير فإنهم بضعف السياسة السابقة بتقلب الأفكار الأجنبية ناموا تحت سوط الأجنبي مدة الضعف فلما رأوا محافظة أميرهم الأفخم على عز الجنسية ومجد الحرص على الخصائص الوطنية ظهر كمين باطنهم من حبهم استقلال أميرهم بإدارة حكومته برجاله وقابلوا همته بالنداء باسمه والالتجاء إلى بابه ولم يشذ عنهم إلا من جاء من ماءٍ أجنبي فأقعدته الجاذبة عن الالتئام

بمن كان يراهم أخواناً له قبل أن يجتمع بآبائه الأولين. وكما في الجوانب الجنسية والدينية والوطنية من أسرار تظهر عجائب وغرائب والناس تنسبها للظواهر السياسية والأطماع الذاتية أو الخطاء في القول أو عدم الأحكام في العمل ولو أمعنوا النظر وأعطوا هذا المقام حقه لما حكموا على شيء من عوارض الأمم ولوازمها إلا بحكم التجاذب جنسياً كان أو دينياً أو وطنياً فمن هذا السر هو الكهرباء المتطايرة في الأقطار لتجمع كل شريد على أصله وترد كل غريب إلى وطنه ولعلنا نعود لهذا المقام ببسط أوسع مؤيداً ببراهين أقوى وأوضح ليعلم الضعفاء مثلي سر جاذبة الجنس والدين ولا يقفوا عند مرئياتهم وظواهر العالم الإنساني بعد وقوفهم على الحقيقة ومعرفتهم قانون الفراسة بما يسمعونه بالآذان ويرونه بالعيان. ولا يعترض على هذه الفذلكة بما يرى من التئام سياسي شرقي بسياسي غربي فإن الدواعي تدخل هذا في حكم الضرورات خصوصاً في المخالطة السياسية فإنها تلجئ المتخاطبين أو المخالطين إلى التظاهر بمظاهر الأخوة والأحباب كما لا يعترض بمخالطة المستوطنين والمجتازين في كل قطر من أقطار العالم فإننا قلنا أن ائتناس الإنسان بمثيله فطري لا يحتاج إلا إلى مسالمة خفيفة كما أن هذه المخالطة لا تدوم إلا بقدر الضرورة إلا تراها كيف تذهب وتعدم عند محاربة أمة لأرض استوطنها أجنبي من تلك الأمة المحاربة فإنه يعود على أمته ويحمل السلاح على من كان جاره أو شريكه أو أكيله أيام السلم والسكون وبالجملة فإن هذا بحث سهل التناول عند إمعان النظر يلذ لكل عاقل شأنه الوقوف على حقائق الأشخاص وملاعب الأمم التي تقدمها الجاذبة الجنسية أو الدينية لقوم يعقلون.

رسالة

رسالة هذه الرسالة بقلم الفاضل المهذب قاسم أفندي هلالي المهندس المصري لا يخفى على البصير العاقل والمتحقق الناقل أن العلوم الرياضية (بما فيها العلوم الطبيعية والفلكية) أجل العلوم شأناً وأدقها بياناً وأجملها تبياناً حيث بها يعرف الكائنات بأسرها ونسبتها إلى بعضها فيكون على ثقة من خصائصها ومنافعها ومضارها فنحسن له بها الزراعة وتتسع دائرة الصناعة وتحصل الثروة وتكشف الأمور النافعة المفيدة للإنسان فيستخدمها في قضاء حوائجه وأوطاره ويعلم بها كيف يجب أن تخدمه في ضروراته من حرفته وحراثته وأعماله وكيف تقوم بأمر غذائه ودفائه وغير ذلك ويعلم بها أيضاً ما يضر منها وكيف يتجنب أو يقاوم المحذورات التي تنجم عنها فهي من العلوم الضرورية للإنسان ولا حرج والحالة هذه إذا قلنا إن الإنسان ربما بلغ بها درجة فيها يستعمل سائر ما في الدنيا لفائدته بما يمنحه الله تعالى من العلم وبالجملة فهي من أجل طرق النجاح خصوصاً في هذا الزمان الذي اتسع فيه نطاق الحضارة والعمران لجميع البلدان فمنها اختراع جميع الآلات الصناعية التي عليها مدار الهيئة الاجتماعية حيث توصل بها الإنسان إلى درجة سامية من الرفاهة ورغد العيش وأصبحت مصدراً للمنافع وقانوناً للتدبير والتوفير وكنزاً للفوائد وصارت أحسن هادٍ إلى السداد وأفضل عاصم عن ارتكاب الفساد. وغير خافٍ على كل من حركته الغيرة ونظر إلى مثل هذه الأمور بعين البصيرة أنه إذا أثبت العقل منافع علم لم يحتج لإقامة البرهان على لزومه. هذا بخلاف ما يقوله بعض الذين يقرون بمنافع هذه العلوم ولكن يزعمون

أنها ضارة بالدين. فيا حبذا لو نظروا غليها بعين الاعتبار وأنزلوها ولو بمنزلة القصص الوهمية أو بعض الأخبار مع أنها وقيم الله أسمى من ذلك بكثير إذ هي للصانع والكاتب والحاسب والشاعر خير أنيس وجليس وهي لازمة أشد اللزوم لمن يريد أن يعتمد في حياته على إشغال العقل وأعمال الفكرة مهما كان البحث الذي يشتغل فيه. ألا ترى الذي تثقف عقله بها واستنار بسناها يسير على طريق الهدى في سواها من المعارف والعلوم بخلاف غيره فإنه يخبط خبط عشواء في الليلة الدهماء حيث يخلط بين الثابت والمتغير والمتمرن على طريقتها يسرع على البحث عن العلل ومعرفة ثابتها من متغيرها وتعيين التغيير الذي يلحق بالمعلول من تغيرها. فإذا نظرنا إلى قول الطبيعي الرياضي عن حرارة الشمس مثلاً لوجدناه يقول إن الله تعالى جعل حرارة كل يوم من الأيام تابعة لأمرين وهما موقع الشمس في السماء والعوامل الجوية وأخصها جهة الريح الهابة يومئذٍ ومن نظر إلى الأرض يرى الحر والبرد يتعاقبانها وأجزاؤُها تجتمع ثم تتألف وتتفرق والجذب والدفع متسلطين على كل ذرة منها فالحرارة تمدد دقائق الأجسام وتفرقها وتصيرها بخاراً بخلق الله والجذب يقرب هذه الدقائق ويرجعها سائلاً يكون الأمطار التي تملأُ البحار والأنهار بأمر الله والهواء والماء يخترقان الصخور ويفتتانها والجواذب الطبيعية والقوى الكيماوية والحيوية تجمع هذا الفتات وتعيده صخراً صلداً بتكوين الله. والأرض في حركة مستمرة واضطراب دائم بين قوتي الجذب والدفع والتخالف والتضاد ومهما ظهرت ثابتة فإنها تدور على محورها في كل أربع وعشرين ساعة فتسير بالبلدان التي على خط الاستواء

سبعة عشر ميلاً في الدقيقة وتدور حول الشمس مرة فتسير بنا كل يوم أكثر من مليون ونصف من الأميال وكل ذلك بتقدير العزيز العليم وخلقه لا بطبع تلك الأشياء فإنها مخلوقة له تعالى بعوارضها. وإذا نظرنا إلى قوله عن كسوف الشمس لوجدناه يقول كسوف الشمس على ثلاثة أنواع كلي وجزئي وحلقي وسبب هذه الأنواع أن القمر قد يقترب من الأرض حتى يظهر قرصه أكبر من قرص الشمس للواقف على سطح الأرض وقد يبتعد عنها حتى يظهر قرصه أصغر من قرص الشمس وقد يكون بين بين بحيث يظهر قرصه مساوياً لقرص الشمس فإذا اتفق أنه مر أمام الشمس وقرصه أكبر من قرصها كسفها كسوفاً كلياً بالنسبة إلى الواقف في حركة ظله وجزئياً بالنسبة إلى الذين على جوانبه وإذا مر أمامها وقرصه مساو لقرصها كسفها كسوفاً كلياً عمن تحت رأس ظله حال مروره أمامها وكسوفاً جزئياً عمن حاد عن رأْس الظل وإذ مر أمامها وقرصه أصغر من قرصها لم يصل ظله الأرض والواقف تجاه رأس ظله يرى الشمس المكسوفة حلقة مضيئة فيكون الكسوف عنده حلقياً وأما الواقف منحرفاً عن رأس ظل القمر فيرى جزءاً من الشمس مضيئاً والباقي مكسوفاً. وإذا نظرنا إلى قوله عن الشمس لوجدناه يقول الشمس أهم لنا من جميع النجوم وهي أكبرها منظراً وأوسعها نوراً وأشدها في أرضنا تأثيراً بفعل الله تعالى وتقديره وهي مركز النظام الشمسي وحولها تدور أرضنا والسيارات رفيقاتها ومنها تستمد النور والحرارة وبها تقوم حياة ما فيها ويحدث الله كل التغيرات التي تطرأ عليها من برد وحر وصحو ومطر الخ ولا يصلنا من نورها وحرارتها إلا جزء واحد من ألفين وثلاث مئة ألف ألف جزء لأن أرضنا لا تعترض إلا لهذه الأشعة من

كل أشعة الشمس المنتشرة في الكون والظاهر أن الشمس هي الكتلة الأصلية التي فصل الله تعالى منها جميع السيارات فهي بهذا الاعتبار أمهن تقوتهن بنورها وحرارتها وتمسكهن حولها بالجاذبة التي خلقها الله تعالى بينهن وبينها فهن يدرن حولها في نواحي السماء وقرص الشمس لا يبقى على حال واحدة بل يكبر في الشتاء ويصغر في الصيف وسبب ذلك أن الأرض لا تدور في دائرة تامة حول الشمس بل في دائرة اهليلجية (أي قطع ناقص). ومن الأمور الواضحة أنه إذا اقترب الشج إلينا كبر وإذا ابتعد صغر حتى يختفي بصغره فالمر يظهر بقدر الشمس وهو أصغر منها كثيراً لأنه أقرب منها إلينا وصغر الشمس عندنا هو لبعدها الشاسع فالسيارات التي هي أقرب منا إلى الشمس أكبر ما نراها نحن والتي هي أبعد نراها أصغر. وإذا نظرنا إلى قوله عن القمر لوجدناه يقول القمر جرم كروي مظلم يستمد نوره من الشمس ثم يعكسه إلى الأرض فيرفع ظلام الليل عنها وهو أقرب الكواكب إلى الأرض وأوضحها منظراً وأكبرها بحسب الظاهر إلا الشمس غالباً وهو أصغر من الأرض تسعاً وأربعين مرة في الحجم ويتبعها دائراً حولها مرة في نحو تسعة وعشرين يوماً ونصف يوم من هلال إلى هلال وبعده عنها نحو 239000ميل فلو سار إليه مسافر سيراً متواصلاً ليلاً ونهاراً على معدل ستة أميال في الساعة (وذلك مضاعف السير الاعتيادي) لبقي على الطريق نحو 1660 يوماً ودورانه حول الأرض ظاهر لكل مراقب إلا ترى كيف أن الهلال يغيب في أول ليلة مع الشمس ثم يتأخر عنها ليلة فليلة حتى إذا صار بدراً شرق عند مغيبها فذلك إنما كان من دورانه حول الأرض من الغرب إلى

الشرق وأما شروق القمر والشمس وسائر الكواكب وغيابها كل يوم فذلك من دوران الأرض على محورها مرة في أربع وعشرين ساعة لا من دوران الأجرام نفسها فدوران القمر حول الأرض هو الظاهر في تأخره عن المغيب يوماً فيوماً وهو غير دورانه المماثل لدوران بقية الأجرام بالظاهر ومن الغرائب التي حملت الأقدمين على مراقبة القمر اختلاف شكله من يوم إلى آخر فتراه تارة رقيقاً أعقف وتارة قرصاً مستديراً يضرب به المثل في الجمال وتارة بين بين وتارة أقرب إلى الهلال وتارة أقرب إلى البدر وهو على كل ذلك قمر واحد ولو لم نكن قد اعتدنا مشاهدة ذلك لعجبنا منه غاية العجب فإذا كلمنا إنساناً في هذا الموضوع ولم يكن له إطلاع على علم الفلك والرياضة لقال إن هذا حديث خرافة فسبحان الصانع الحكيم الذي حارت الأفكار في صنعته وعجائب مخلوقاته. وإذا نظرنا إلى قوله عن المطر لوجدناه يقول إذا عملت الحرارة في الماء لطفته فيخف فيصعد في الهواء وإذا عمل البرد به تكاثف وانضغط وعاد إلى ما كان عليه وذلك نتيجة الظواهر الجوّية فالبحار والبحيرات والأنهار ونحوها كلما أشرقت الشمس عليها عملت بها الحرارة فتسخنها فيتلطف ماءُها ويصعد وينتشر متخللاً دقائق الهواء شفافاً لا يرى فيبقى فيها إلى أن يشاء الله فيطرأ عليه عارض وإذا كان الماء قليلاً جف وترك ما فيه ألم تر الملح يبقى في نقر الصخور بعد جفاف ماء البحر منها وعلى ذلك تتبخر المياه ويحي الجو بخارها لسكب الرحمة وأحياء الأرض والحوادث الجوية في المطر كقوس قزح والهالة وكيفية الأنباء بالطقس متوقف على قياس آلات المطر ومعرفة مقدار الرطوبة من الجوّ واقتراب الأنواء والصحو. والهواء سيال كالماء يضغط مثله بالسواء

على كل الجهات ويختلف عنه بأن ينضغط إلى مالا نهاية له وأما الماء فقليل الانضغاط ونريد بالانضغاط أنه إذا زحم الهواء صغر حجمه تحت الزحم وبذلك قد اخترعت الآلات الهوائية والمائية وهي الذما في الكون من بائع الأحكام وغرائب الانتظام فإن العلم بها خير من العلم بأقاصيص الحب والغرام وأحلى من نوادر الاتفاق بين الأنام فسبحان القادر الحكيم الذي لم يدخل العبث شيئاً مما خلقه وكوّنه. وهذه أقوال عليها براهين ساطعة يوّيدها العقل ويعضدها الإنصاف وتسلمها البداهة نظرها من ارتفع له في مراتب العلم ذكراً وقال أنها لا تمس عقيدة ولا تنقص أصلاً من أصول الدين على أن الذي يراها مغايرة الدين لم تظهر له مغايرتها إلا لعدم اشتغاله بها فلو اشتغل بها لأمكنه أن يردها إلى أصولها بالتأويل أو بالقياس أو يدافع عن أصولها ببيان الفساد الذي يراه فيها أما رده لها دفعة بلا نظر ولا استدلال فإنه تعصب للجهل لا للعلم والدين فإنه لا يمكنه أن يقيم حجة على فسادها وهو لم يشتغل بها كما قال الأستاذ مع أن المتقدمين من علماء العرب اشتغلوا بها وبينوا الصحيح منها والفاسد علماً وعملاً قولاً وفعلاً والآن نفتخر برممهم البالية وأيامهم الخالية. فكيف بنا إذا قام من قبره ابن رشد والغزالي والفارابي وفخر الدين الرازي وابن سينا وأبو القاسم والبنساني والطوسي والنيسابوري والبيضاوي وأبو العلا المعري والخفاجي والكندي والجلد كي والعضد وغيرهم من فطاحل هاتيك الأزمان الذين صرفوا حياتهم الطبية في خدمة العلوم وتنوير العقول وتوسيع العمران بمؤلفاتهم وتعاليمهم ونظروا أن بعضاً من ذرياتهم لم يزل

يقول أعوذ بالله من شر علماء هذه العلوم بحجة أنها تخالف ما أنزله الباري بأدلة واهية وبراهين سفسطية خالية من الصحة والثبوت. تالله لقد وقفت أنوار فنونهم التي تبدد شملها وتلاشت وفنيت آيات مجدها بعد أن أشرقت عليها شمس المعارف والتبيان أيام كان الغرب يخبط خبط عشواء في ظلمات الجهالة لا يميزه من الحيوان سوى خاصة اللسان يتخذ الكهوف والأكواخ مسكناً وجلود ما يقنات به من الحيوانات لباساً وشعاراً والآن صارت فنونهم لها الاعتبار الأول عند الغربيين نظراً لتعلقها بنجاح بلدانهم حتى صار درسها من الأمور الإجبارية ليكون فلاحها متعلماً مهذباً عارف أصول حرفته حق المعرفة وضبطت قواعدها وألفت فيها كتب لا تحصى وجدوا في سبيل ترقيتها وزادوا الاختراعات فيها وسهلوا وسائط ممارستها وأتقنوها في هذا العصر إلى درجة يكاد لا يكون عليها مزيد فعند ذلك يندبون سوء حظهم ويوجهون إلى أبنائهم نبال زجرهم وملامهم ويقولون لهم ملكم جئتم بعدنا وضيعتم ما دوناه لكم من معارف العلوم ولطائف المعقول والمفهوم مما كان سبباً لترقي من كان يذهب مع الوحوش في خلواتها والطيور في أوكارها والآن أخذت العلوم تنتشر في بلدانه حتى أصبحت اليوم نبراس الهدى ومشكات الحكمة فيا أيها الأبناء أنتم الوارثون لنا من لغاتنا واعتقادنا أنتم الأولى بالمحافظة على ما وضعناه في أزماننا من علومنا فانهضوا اليوم نهضة الحكيم العارف وأطلبوا تلك العلوم من البقية التي هي بين أيديكم والكتب التي تركناها لكم والكتب الحديثة التي ترجمت إلى جميع اللغات وهي بين أيديكم تحيون بدراستها ما فات من تلك العلوم وتدونون بها الحقائق حتى

ينفي من الأذهان ما هو قائم بها من تحريم دراسة العلوم الرياضية والفلكية والطبيعية التي لا تمس عقيدة ولا تخالف السنة وبذلك تكونون قد خدمتم الأمة وأحييتم السنة ومن شق منكم عباب بحار أو جاب مفاوز قفار حملته سفن الرجاء وأوصلته مطايا الثبات والصبر على ما يؤمل. واتركوا ما فات واشتغلوا بما هو آت وهذه أقوال ذكرناها لكم على سبيل الاستطراد إذا كنا نود أن تكونوا الوارثين لنا في العلم العارفين بفضله حتى لا تكونوا مثلة بين الأفراد بأنكم لا تعرفون شيئاً منها على أنكم منسوبون لنا إذ ما من أحد فات منا إلا وله في جميع العلوم من معقول ومنقول وطبيعيات وفلكيات وغيرها مؤلفات استنارت بها الأمم التي سبقتكم في مضمار الجد والاجتهاد. وهذا مطلب سهل وصوله لا يتوقف إلا على جمعية علمية عظيمة تتركب من علماء جهابذة ذوي خبرة وبصيرة ومعرفة يعرض عليها كل أحد أقواله فمن وجدتها حسنة مقبولة قرظتها وأذنت له بنشرها وأن كان على خلاف ذلك منعته وبينت له وجه فساده وخطأ اجتهاد فإن مثل هذه الجمعية إذا امتدحت قولاً وأقبلت عليه الخواص والعوام عمت فائدته وعظمت عائدته وأقبل كل أحد على إبراز ما عنده وبذلك جهده بتربية أهل الوطن وتعليمهم ونشر ما يجدي في نفعهم ويؤثر في طباعهم ويحثهم على الاجتهاد والتقدم والتمدن وفيكم من ذوي المعارف والفضائل كفاية. (الأستاذ) إن ما أشار إليه الفاضل من عقد جمعية تنظر في الكتب المؤلفة في الرياضية والطبيعيات حتى إذا رأتها لا تخالف الدين بشيءٍ صدقت عليها هو عين الصواب الذي ينبغي أن يعول عليه في هذا الباب حتى لا تفسد العقائد بمؤلفات الغير من أهل الزيغ والضلال.

مسجد ليفربول

مسجد ليفربول وردت لنا هذه الرسالة من فاضل ماجد من أفاضل المصريين الذين يعلمون حقائق أوروبا ينبه بها الأستاذ على أمر يعلمه قال أيده الله تعالى. ذكرتم في العدد التاسع والعشرين من جريدتكم التي هي لسان الحق ومنطق الصدق بل هي الواعظ للامة المصرية المخلص في نصحه في مقالة (هذه يدي في يد من أضعها) أن المسجد الموجود بليفربول هو مسجد سياسي بقصد نجاح الإنكليز في الاستعمار الشرقي وهذا بناءً على ما ظهر لكم من تلاعبهم بالمظاهر السياسية واحتيالهم لنجاحهم في أعمالهم ولكم العذر في الحكم على أمة هذه صفتها ولكني أعلم من شأن هذا المسجد أنه بني عن عزيمة صادقة من أخينا عبد الله كيليم وإخوانه ودليلنا على ذلك رسائله الطنانة الطاعنة فيما كان عليه هو وآباؤه وإقامة الحجج والبراهين القوية على صحة الدين الإسلامي وصدق صاحب الرسالة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم وناهيك بأقوال تنشر بلغة القوم في بلادهم وقد سمع صدى صوته في أميريكا فأسلم كثير من الناس وأخذت الأعداد العديدة من الأوروبيين تبحث في الدين الإسلامي وتراجع ما تعلم من صحة أدلته الواضحة على مفتريات قسوسهم التي يفترونها على هذا الدين القويم حتى صار البحث ديدنا لكثير من العقلاء وما نبه الأفكار إلا نشر القواعد الإسلامية بلغة القوم ولو كانت كتبنا بلغات أوروبا لرأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً إلا ترى كيف يكذب رجالهم علينا في السياسة تأييداً لإطماعهم فينا وصرفاً لأفكار أوروبا عن النظر في شؤُننا فكيف بالدين الذي هو الجامعة الكبرى والعروة

شكر وثناء وتهنئة

الوثقى لعمرك أنهم لأشد كذباً علينا فهي وأقدر على الاختلاق من غيرهم ولو رأيت ترجمتهم القرآن العزيز بكلام سخيف وعبارات تمجها الأسماع لرأيت كيف يحتالون لصرف أفكار رجالهم عن النظر في الدين الحنيفي فنفضلوا بنشر هذه الرسالة ليقف الناس على حقائق إخواننا المسلمين هناك فقد أمرنا أن نحكم بالظواهر والله يتولى السرائر. محمود. س (الأستاذ) اتباعاً لإشارة هذا الفاضل نشرنا رسالته على عهدته فإن ما كان من الفرنساوي الشهير في القيروان وما حصل من السائح الإنكليزي الأعرج والقسوس الثلاثة الذين نشرت خبرهم جريدة الاعتدال بالآستانة العلية نقلاً عن الجرائد الهندية وما نراه من إسلام بعض الناس أيام الفتن والحروب حملنا على اعتبار هذا المسجد من ذاك القبيل مع علمنا بأن كثيراً من المسيحيين والإسرائيليين يسلمون في بلاد دولتنا العلية إسلاماً صحيحاً كما يعلم من جرائد الآستانة وقد نقلت لنا الجرائد إسلام كثير من أمريكا وألوف من الصينيين والهنديين فلا يبعد أن يكون الليفربوليون ممن أخلصوا لله تعالى في السر والعلن وإن كانوا في بلاد من يقولون إن القرآن عثرة في طريق التمدن الأوروبي. شكر وثناء وتهنئة استجاب الله تعالى دعاء عائلة صديقنا البار الفاضل محمود أفندي واصف فعطف عليه الحضرة الخديوية الفخيمة وشملته بالعفو عما بقي من مدة سجنه لما جبلت عليه الذات الكريمة من حب العفو وتفضلها بالإحسان على مستحقيه فنقدم الشكر لمولانا العباس الرحيم على عتقه هذا الفاضل من رق

رواية سمير الأمير

السجن ونثني على مقامه السامي بما هو أهله كما نشكر عناية صاحب الدولة والمهابة رئيس نظارنا الكرام على سعيه المشكور في كل ما يرضي الحضرة الخديوية الجليلة ونشفع هذا الشكر بشكر دائم على تفضل الخديوي الأفخم بالعفو عن سليل بيت المجد يحيي بك شتا فأدخل السرور على هذا البيت العظيم الذين خدموا البيت الخديوي الجليل المدة الطويلة وقد كتب في ذلك الأستاذ الفاضل الشيخ عبد الرحمن محمد الشافعي المحلاوي قصيدة بهنيء بها حضرة ألبك المذكور منعناً ضيق المقام من نشرها فنقدم التهنئة لهذين الماجدين وآل بيتيهما ونسأل الله تعالى أن يحفظ الذات الخديوية ويخلد ملكها مؤيداً بعنايتها وهمتها التي خضعت لها الأنوف الشامخة. وردت إلينا هذه الرسالة من أحد أفاضل السوريين المتضلعين من الفنون فنشرناها بحروفها رواية سمير الأمير مقالة الحق تلقى الناس ألوانا=فأخف المواعظ تحت الرمز كتمانا والمرء كالطفل عالجه تجده يرى=مرارة الصبر بعد الشهد سلوانا فكم عظيم كريم شاقه كذب=عذب فألقى كلام الحق بهتانا وكم ظلوم غشوم سرهُ عمل=شر إليه ولاقى النصح عدوانا فالناس إن شئت منهم منة ورضا=فأركن إلى الجد واتلُ الهزل إعلانا قد اتفق لي يوماً إن كنت جالساً في محفل غاص بالأدباء وأهل الفضل من أبناء هذه الديار فدار الحديث في هذا الباب وقال حضرة الأديب الفقيه الفاضل حفني أفندي ناصف نحن نعلم أننا لو اتحدنا وعقدنا

الخناصر على عمل من شأنه إعادة سؤددنا وعزنا الأدبيين السابقين لهان علينا الأمر إذ نحن بالرغم عما نرجم به من أننا لسنا بأكفاء لمجاراة غيرنا في العلوم والمعارف وكل أمر متعلق بالمدينة والآداب قادرون على ذلك تمام المقدرة وأقرب شاهد على قولي تاريخ الشرق وآثاره الدالة على أنه كان مهد الحضارة ومنبع التمدن والشمس المنبعثة منها أشعة العرفان المنتشرة في العالم بأسره ثم قال وما الحيلة في الوصول إلى هذا الغرض الشريف والكلمة متفرقة وكل يجر أذيال المنفعة نحوه معرضاً عن صالح أخيه ووطنه واستغرق في الكلام في هذا الباب حتى قال أن لا دواء لهذا الداء وإن الأقدار سوف ترينا ما تشاء. فأجبت أن الدواء سهل النوال قريب المأخذ لا يعترضه شيء من العقبات إلا ما كان من وهن الإرادات وضعف العزائم فاعقدوا النية على عمل وعززوها بالإرادة الثابتة والعزيمة القوية فتظفروا بالفوز إذ لا مانع يمنعنا من عقد النية على أمرٍ ما ولا يردنا راد لو أردنا عملاً وعزمنا عليه بقوة وتأنٍ وصبر وثبات وما لا نفعله نحن يفعلهُ أبناؤُنا إذ الأمم أدوار والدهر دوار يوم لك ويوم عليك فقال الجميع صدقت وبالحق نطقت. وفي هذا المقام اسأل شبابنا الأذكياء ماذا يمنعكم من تخيص جزء من أوقاتكم للمطالعات والمباحث العلمية والأدبية وصرف همتكم إلى الآداب والكمالات من تأليف وتعريب وتصنيف واقتباس فإن رأيتم الناس منصرفة أذهانهم إلا الملاهي فلم لا تأتونهم بالمواعظ من باب الملاهي وتزينون لهم الآداب بملابس اللهو وتعلمونهم الخلق الحسن في روايات مختلقة يحسن تلاوتها

لدى الرجال والنساء والأحداث. أوردت هذه الفاتحة تطرقاً إلى الكلام على رواية سمير الأمير لمنشئها الكاتب النحرير المتفنن في أسرار التحبير والتعبير سعيد أفندي البستاني فقد طالعت الرواية بتأن والتفات فألفيتها آية في بابها جامعة لمحاسن آداب القصص تقاتل ما استهجن من أخلاق قديمة وتحسن ما راق من اصطلاحات حديثة تبين وجهي الضرر والمنفعة في هذه وتلك وتحبب للقارئ مطالعتها لما فيها من إثارة عواطف العشق المباح وما تحويه من سحر حلال. وقد روى المؤلف أن أميراً من أمراء لبنان تغذى بلبان الآداب أحب فتاة من بيت حقير فأحبته وكان الفريقان متفقين متوافقين مشرباً وتربية وتهذيباً فاستاء أهل الأمير من عزمه على الاقتران بابنة من غير آله وعدوا ذلك إزراء بشرفهم وكرامة بيتهم فاضمروا له ولها الضمائر وأعدوا لهما المكايد فقضت الأقدار أن خلاص كل منهما كان على يد الآخر حتى آل الأمر إلى إطلاع الحاكم على دسائس أهل الأمير فوبخهم وسعى في قران الحبيبين وانتهت بذلك الرواية هذا ما كان من أمر القصة وأما ما كان من أمر الآداب التي تتخللها فصاغها المؤلف بأن ضمن الرواية حكاية لشقيقة للأمير قهرها أهلها على الاقتران بقريب لها فأفضى أمرها إلى أن ماتت بأسباب الكدر وعدم الوفاق وزاد على ذلك أنها وضعت غلاماً ناقص الخلقة نتيجة القران بذوي القربى. ومما يذكر من آداب الرواية أن الأمير لما خلص الفتاة حبيبته من مكيدة أعدها لها والده جبر على قتل رسول أبيه ثم ذهب ليسلم نفسه للموت ولم تسمح نفسه الأبية بأن يطلع الحاكم على سر الأمر خوفاً من أن يزري بكرامة

والده وآله وظل مصراً على القول باله هو القاتل حتى علم الحاكم السر من خطاب وجهه الأمير لحبيبته ومنها أيضاً سلوك الأمير وإحسانه المعاملة ولين جانبه مع أهله وهو عالم بما أعدوه له من المكاره والمكايد وتدقيقه في واجبات وظيفته وما كان يبثه في الأذهان من الإرشادات والمواعظ وخطبته التي منع بها فتنة عظيمة إذ بين للجمهور مضار التعصب والتشيع وما ينسني عليهما من التأخر والانحطاط وغير ذلك مما ملأ صفحات الرواية بين حكم ومواعظ وإرشادات تتخلل سطور اللهو والعشق والغرام لما مواضع الانتقاد على الرواية فقليلة تكاد لا تذكر لاسيما أنها عديمة التأثير في جوهر القصة بل عرضت في أمور عارضة لأصل الرواية مثل سرعة فعل السم في خادمة شقيقة الأمير ومعشوقة بعلها وإطالة الخطبة التي ألقاها الأمير إلى حد يوجب الملل حالة كون المقام كان مستوجباً للإيجاز مع اختيار العبارات المؤثرة الفاعلة في النفوس وغير ذلك من دقائق معدودة لا يدركها إلا المدقق لاسيما مع ما في الرواية من محاسن لا تحصى ولا يقدرها حق قدرها إلا العارفون. وقد عارض بعضهم المؤلف لاختياره الألفاظ اللغوية في تغبيره وأنكر عليه قوله (بتك) في موضع قطع و (زنهر) في موضع شدد النظر و (فذ) في موضع فرد على أنني لا أرى لهذا الاعتراض وجهاً من ذلك لأن المؤلف لم يركن إلى هذه الألفاظ تكلفاً منه بل استعان بصحيح الكلام أولاً لأنه صحيح وثانياً لأنه أكثر بلاغة من غيره وهو صادر منه عن ملكة في حسن الصوغ حتى صح لنا أن نقول أن استعمال غيره لديه يعد من باب التكلف لاسيما أن هذه الألفاظ في موضعها جاءت في محلها لأن

تقرير جمعية العروة الوثقى

المترادفات وإن كثرت في لغتنا العربية فإن لكل لفظ مترادف معنى قائماً بنفسه لو استبدل بغيره أفاد غير إفادته فالبتك غير القطع وإن كان مرادفاً له والزنهرة غير تشديد النظر كما أن الشيء الفذ لا يعبر عنه بالفرد إلا من وجه التقريب والتساهل فهو أحق بالشكر على اختيار الألفاظ ألحقة محافظة على صحيح اللغة وحرصاً على تأدية المعنى بالكلام الموضوع له عند العرب. أما ما كان من أمر الرسول الذي أعلن حبيبة الأمير لما أراد الشروع في قتلها بأن في نفسه حاجة منها فإني لا أصادق على أن ذلك لا يستحسن في رواية أدبية يطالعها الرجال والنساء فإن المؤلف اقترح هذه العبارة لتعليم النساء العفة والطهارة لأن الفتاة لما فوتحت بهذا الكلام وتحققت أن لابد من التسليم بعرضها أو الموت قالت الموت الموت ولا أضاعة الشرف ولا يخفى ما في هذا العزم من الشهامة وتفضيل العفاف على كل أمر دنيوي وهو من أجل محاسن الرواية وأبدع ما جاء فيها على لسان الآداب. ومجمل القول أن الرواية توجب لصاحبها الشكر الجزيل والثناء الجميل إذ هي أقرب واسهل نوالاً من سائر أصناف التأليف في هذا الباب والله الهادي إلى ما به الصواب والسلام. سليم. ب. با. تقرير جمعية العروة الوثقى ورد لنا هذا التقرير من جمعية العروة الوثقى بإسكندرية ونصه لما كانت جمعيتنا (العروة الوثقى) قد أخذت على نفسها خدمة الوطن العزيز بقدر إمكانها ورأت احتياج كثير من أبنائه إلى التعليم وأن منهم من نسي أو كاد لينسى في مدارس النزلاء عادات بلاده وسنة آبائه وأجداده فأخذ ما علم وترك ما لم يتعلم نهضت وأعلنها الله فافتتحت مدرسة

للبنين يدرس فيها بادئ بدئ القرآن الشريف وقواعد الإسلام والتوحيد واللغة العربية توحيداً للكلمة وحفظاً للذات فقد قال القائل العاقل (ضياع اللغة ضياع للذات) ثم فيها تدرس العلوم الرياضية وغيرها التي بها يستقيم نظام المعيشة وتهنأُ الحياة ثم اللغات الأجنبية إذ كان لابد منها نظراً لاختلاط الفريقين وعلماً بالشيء والحمد لله قد تحقق القوم حسن نيتها فاقبلوا بأبنائهم حتى ضاقت بهم فانتقلت إلى مركز أفسح وبلغت بحوله ما لم يبلغه غيرها في سنين معدودة ولكن أحست الجمعية أن البنات أشد احتياجاً للمساعدة من البنين من حيث أن فساد الرجل منحصر في نفسه عائد على شخصه أما فساد المرأة فمتعد إلى من حولها من البنين والبنات فعقدت النية كما عقدت الخناصر على افتتاح مدرسة لهنّ تديرها تحت ملاحظتها سيدة كاملة وطنية يساعدنها كثير من أمهر المعلمات وأصدقهن. وسيعلم فيها جميع الفنون اليدوية والعلوم الأدبية وبالاختصار كل ما تمس إليه حاجة النساء من دين ودنيا وهذه خدمة ثانية وطنية نقدمها لا رغبة في مال ولا تفاخراً بأعمال والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين. تقدم لصاحب السماحة السيد توفيق أفندي البكري تقريران من جماعة وخلفاء الطريقة البكرية يشكون خادم ضريح السيد علي البكري المسمى مصطفى عمر لكونه مهملاً في وظيفته وطلبوا تعيين الأستاذ الفاضل الشيخ مصطفى سلامة بدله لكونه قائماً بخدمة الضريح والأخوان البكري نحو عشرين سنة فصدر أمر المشيخة بذلك فنهيئ البكريين بما نالوه من تولية من يستحق التكلم عليهم كما نثني على سماحة السيد ومجلسه الأسمى أحسن الثناء (عبد الله نديم).

العدد 31

العدد 31 - بتاريخ: 21 - 3 - 1893 المعارف بمصر حالنا أمس واليوم أو نتيجة أتعاب المرحوم محمد علي باشا وأبنائه ورجاله معلوم أن رؤساء الهيئة الاجتماعية الإسلامية بدأوا أمرهم بالتبصر في الأمور والعناية بمعرفة ما يقدم الأمة وينشر فيها المدنية ويوسع العمران ومع كون الدين الإسلامي نشأ في بلاد الأميين وانتشر على أيديهم فقد علموا أن لا واسطة للتقدم ورسوخ قدم الملك إلا بالعلم فاشتغلوا به جمعاً وتعليماً حتى علا شأن الهيئة الاجتماعية ونفذت كلمتها وخافت أمم الدنيا سطوتها وصارت تستنجد بها وتحتمي بظلها وكانت مدرستا الكوفة والبصرة فاتحة باب العلوم العامة والتعليم الأدبي ومنها ظهر كثير من العلماء وفي الأولى ظهر الخط الكوفي وكان مسجد المدينة المنورة المدرسة الدينية العليا وبانتقال الخلافة على دمشق فتحت مدرستها ورحل الناس إليها ووفد عليها عالم الأقطار المختلفة ديناً للتعلم والأخذ عن علماء المسلمين ثم تعددت فيها المدارس والمكاتب حتى فاخرت

الدنيا بقوتها العلمية ثم بانتقال الخلافة إلى بغداد تحولت القوة العلمية غليها وفتحت فيها المدارس العديدة واعتنى العباسيون بالعلم والعلماء والتربية حتى زينوا الدنيا بالمعارف والآداب وبامتداد الفتوحات كانت العرب ترحل وترحل معها العلوم الإسلامية والآداب المحمدية والفنون العقلية والفوائد المدنية فانتقل معهم نور العلم من آسيا إلى أفريقية وأطراف أوروبا ودخل مصر وطرابلس وأسبانيا والبورتغال وجميع البلاد المغربية وصقيلية (سيسيليا) وبعض جزائر البحر الأبيض المتوسط وعمت المعارف المحمدية بكثرة تلامذة مدارس بغداد والقاهرة ودمشق وحلب وتونس والقيروان وفاس وقرطبة وأشبيلية وغرناطة ومكة والمدينة وصنعاء وسمرقند وأصفهان ودهلى وغزنة وكابل وغيرها من المدن والعواصم الإسلامية واعتنى الخلفاء بجمع الكتب وترجمتها مع عدم المطابع إذ ذاك فقد وضع الحاكم بأمر الله الفاطمي مائة ألف كتاب في المدرسة الفاضلية. وتوجهت هم الأعيان والوجهاء لإحياء العلم وتعميم التربية فكانوا لا يصرفون نقودهم إلا في بناء كتاب وتشييد مدرسة كما شهدت لهم آثارهم وبهذه العناية انبثت روح العلم في المسلمين وظهر منهم علماء الشريعة الغراء والآليات والرياضيات والطبيعات وزينوا الدنيا بعلومهم وملأوها بآدابهم ومزقوا ثوب الجهالة والضلالة بسيف الدين والعلم ثم جاءت فتنة التتار فقهقرت سير المسلمين وأوقفت التقدم العلمي وأعظم منها فتنة الحروب الصليبية التي غرست العداوة بين الملتين الإسلامية والمسيحية ولاشت القوة العلمية بالقوة العدوانية فأخذ العلم في الانزواء ثم في التلاشي بموت أهله وإقفال مدارسه وإحراق كتبه ونهبها. ثم وجد من الناس من أخاف الملوك من كتب الرياضة والطبيعية فصدرت

أوامرهم بإحراقها والتفتيش على المشتغلين بها لتعذيبهم أو قتلهم مع أنها ما جاءتهم إلا عن سابقيهم ولا كتبت إلا بيد أئمتهم كالغزالي والرازي والفارابي وغيرهم فارتحل العلم إلى أوروبا بسبب هذا العدوان وأخذ نجم الدولة الإسلامية في الأفول بكثر الجهل في الأمة وكثر المتغلبون والممزقون لمجدها إلى أن أفرغت تلك الدول إلى الدولة العلية العثمانية وكان بالبلاد بقية من العلماء فسلك الخلفاء مسلك الحكمة وفتحوا المدارس وحشدوا فيها من المتعلمين ألوفاً حتى تخرج في مدرسة بروسة (بورصة) كثير من العلماء وصاروا أساتذة في مدارس عديدة اعتنى بها ملوك بني عثمان أيدهم الله تعالى حتى أن السلطان مراد مع كونه كان لا يقرأ فإنه وسع دائرة المعارف ورحّل قاضي زادة إلى سمرقند لتعلم العلوم الرياضية التي كان بين العلماء وبينها عدواة كبرى وبتركها فقدت الهيئة الاجتماعية الإسلامية قوتها وتعددت كلمتها وتقهقرت مدنيها ولو بقيت على ما كانت عليه في الصدر الأول من الاشتغال بالعلوم الدينية والرياضية والطبيعية لعجز العقل عن تصوّر ما كانت تصير إليه من الضخامة والعظم والقوّة والسطوة. وقد تنبه بعض الولاة وعلم أن القوة لا تكون إلا بالتربية فأخذ يسعى خلف تعميم التعليم وفي مقدمة كل ذي همة وعناية بالتعليم نزيل الجنة وضيف الرحمن المرحوم. محمد علي باشا فإنه عندما تولى مصر في 19 محرّم سنة 1219 وجد التربية قاصرة على معرفة القراءة وحفظ القرآن الشريف في المكاتب الصغيرة وأما كتب الفقه والنحو والحديث وغيرها من العلوم الدينية فإنها تقرأ في الأزهر

الشريف وبضع المساجد ووجد البلاد قد خرب الكثير منها وعمت الجهالة فيها فسعى في إحسان التربية وتهذيب الأبناء وتثقيفهم وترشيحهم للأعمال فدبر أمر المعارف وجعل لها ديواناً خاصاً كما قدمنا ووضع لها قانوناً وفي مدة قليلة فتح 49 مدرسة ومكتباً في بنادر وقرى الوجهين البحري والقبلي جعل منها إحدى عشرة مدرسة أميرية عسكرية تشتمل على 7975 بين تلميذ ومعلم وخادم وفي المدارس الملكية 3396 كذلك وفي مكاتب الأرياف 4575 تلميذاً ومعلماً وبلغ مصروف المدارس الأميرية 2606 جنيه مصري و21 قرشاً شهرياً ومصروف المكاتب الريفية في الشهر 781 جنيهاً و23 قرشاً وبلغ مرتب ديوان عموم المدارس في كل شهر 511 جنيهاً و32 قرشاً فجموع ما كان يصرف على المعارف في بادئ الأمر 3898 جنيه و69 قرشاً ولزيادة الإيضاح والإرشاد إلى فضل هذا الأمير الجليل وبيان عنايته بمصر وأهلها نذكر المدارس وعدد تلامذتها ومعلميها ومصروفها مدرسة مدرسة باعتبار ميزانية سنة 1255 هجرية شهرياًعدد التلامذةالخدمةالمعلمون 14842 137 042 07 مدرسة الألسن 30435 397 094 22 مدرسة المبتديان بالسيدة زينب 09168 434 059 12 مدرسة الموسيقى 06611 164 001 08 مدرسة الطب 35665 296 101 24 مدرسة الطب البيطري والزراعة والمساحة 23335 117 040 10 120056 1545 337 83

شهرياًعدد التلامذة الخدمةالمعلمون 120056 1545 337 83 ما قبله 23888 145 144 15 مدرسة الطوبجية بطره 57093 615 381 13 مدرسة السواري بالجيزة 30759 606 285 14 مدرسة التجهيزية بأبي زعبل 07322 029 000 04 مدرسة العمليات ببولاق 21460 211 041 14 مدرسة المهند سخانة ببولاق 260578 3151 1188 143 مجموع المدارس ومصروفها 1517 100 14 3 مكتب شبين الكوم 1409 081 14 3 مكتب الزقازيق 1411 088 09 3 مكتب كفور نجم 1511 081 15 3 مكتب العزيزية 1432 099 14 3 مكتب أبو تيج 1349 087 13 3 مكتب جرحا 2121 157 17 5 مكتب سوهاج 1702 098 15 3 مكتب طنطا 2789 191 24 6 مكتب ميت غمر 1451 098 14 3 مكتب أبيار 3526 284 21 6 مكتب بوش 10218 1364 170 41

10218 1545 337 83 ما قبله 1464 098 13 3 مكتب الرحمانية 1582 100 13 3 مكتب المحلة الكبرى 2714 200 22 6 مكتب منوف واشمون 1487 099 14 3 مكتب نبروه 1499 093 93 3 مكتب النجيله 1482 97 14 3مكتب فوه 1212 84 11 2 مكتب الساحل قبلي 1548 99 17 3 مكتب زفتى 2738 206 17 7 مكتب بني سويف 1128 69 11 2 مكتب أخميم 2323 170 18 6 مكتب فارسكور 1517 94 4 3 مكتب ميت العز 2544 184 19 6 مكتب المنيا 1381 106 1 3 مكتب قمولة قبلي 1448 101 13 3 مكتب طهطا 1340 89 13 3 مكتب ساقية موسى 1465 94 14 3 مكتب بلبيس 1516 100 14 3 مكتب الجعفرية 1409 103 13 3 مكتب اسنا 41915 3731 671 151

41915 3731 671 151 ما قبله 1393 87 14 3 مكتب حلوان 1616 116 13 3 مكتب قنا 2198 167 18 5 مكتب منفلوط 2494 155 20 4 مكتب قليوب 1414 96 14 3 مكتب الجيزة 2514 174 16 4 مكتب أسيوط 2841 190 22 6 مكتب المنصورة 5638 44 23 9 مكتب الزراعة 02623 4760 564 188 فيكون مربوط ديوان المدارس في تلك السنة 46784 جنيهاً و28 قرشاً وهو نصف عشر إيراد المالية إذ ذاك تقريباً ونفس تسمح بنصف عشر إيرادها مع احتياجها للمصروف الكثير في العسكرية والدواوين نفس سخية كريمة محبة للعلم وأهله ساعية في تقدم بلادها وارتقاء رعيتها إلى أوج العرفان. ولكون الأهالي كانوا يجهلون ثمرة التعليم كانوا لا يسلمون أولادهم برضاهم فأخذوا للمدارس بالرغم فلما رأوا من نجح منهم قد تقدم في الحكومة رغبوا في التعليم وأرسلوا أبناءهم بأنفسهم ومع ما كان يجده المرحوم من المشاق ومعاكسة الأحوال وصعوبة الأمر في أوله فقد أمكنه أن يؤسس التعليم بأنواعه وجعله من ضروريات حكومته فكانت مكاتب الأرياف أولية يعلم فيها الخط والمطالعة والحساب ويؤُخذ المتقدم فيها إلى مدارس المدن ليتمم اللازم فيها وبهذا تحصلت الحكومة على عمال كثيرين ممن ربتهم في وقت قصير وانتفع الأهالي بشرف

أبنائهم وترقيهم إلى الرتب العالية وحصولهم على المرتبات الشهرية التي انفتحت بها بيوت كثيرة في المدن والقرى وخرج أبناء المتعلمين مهذبين وظهر منهم الوجهاء والأعيان والعمد فكانت فائدة التربية عامة في الحكومة والرعية ولكون الحكومة كانت في نشأتها مجردة من المساعد والمعين والمشير الأمين مع توالي الحوادث والحروب والفتن لم يكن أسلوب التعليم على ما ينبغي فقد كان الغرض سرعة تربية أناس وطنيين تستعين بهم الحكومة على مهامها فكان التلميذ بتعلم بعض الضروريات لعدم وجود من يتمم له العلوم العالية والذين كانت تستخدمهم الحكومة من الأجانب ليسوا من المتمكنين في المعارف فكانت تستخدم من تجده منهم على أية كان حالة كان ولما رأت أنها مضطرة لأناس متضلعين من العلوم الرياضية والطبيعية وأصول التربية وترتيب المدارس والدراسة أخذت ترسل الإرساليات إلى أوروبا لكونها صارت مقر تلك العلوم وقد نقلت الكتب القديمة إلى لغاتها وضمن إليها ما ألف من رجالها بلغاتهم فاحتكرت التعليم. فأول إرسالية كانت في شعبان سنة 1241 وقد مكثت في أوروبا ثمان سنين وتسعة اشهر مفرقة في ممالك شتى مقسمة أقساماً لكل فن قسم مخصوص فلما تحصلت على المقصود حضرت في جمادى الأولى سنة 1250 وكان من رجالها العلامة الفاضل المرحوم رفاعة بك ومظهر باشا وبهجت باشا وكان عدد تلامذتها 137 تلميذاً فيهم المشايخ وأولاد الذوات والعمد والأهالي مركبين من العرب والترك والجركس وبعض الروم والأرمن من أولاج المستخدمين منهم في الحكومة وفي سنة 1253 أرسل ثلاثة عشر تلميذاً أقام بعضهم ثمان سنين والبعض إحدى عشرة سنة وفي سنة 54 و55 و56 و57 و58 و59 أرسل

أفراد بلغوا سبعة وعشرين تلميذاً ومجموع هذه الرسائل 177 تلميذاً صرف عليهم 123174 جنيهاً مصرياً وبحسب اختلاف مدة أقامتهم اختلفت مقادير ما خص التلميذ منهم ففي الإرسالية الأولى تكلف التلميذ 518 جنيهاً وأما الإرساليات الأخر فإنها مختلفة فمن أقام إحدى عشرة سنة تكلف 949 جنيهاً ومحمد أفندي إسماعيل أقام إحدى وعشرين سنة فتكلف 2425 جنيهاً وحسن أفندي الدمياطي أقام تسع عشرة سنة وتكلف 2107 جنيه ومحمد أفندي الشباسي أقام 13 سنة وتكلف 1332 جنيهاً ومصطفى أفندي السبكي 19 سنة وتكلف 2107 وإبراهيم أفندي النبراوي أقام 13 سنة وتكلف 949 جنيهاً ومحمد أفندي علي البقلي أقام 13 سنة هو وحسين أفندي الرشيدي وتكلف كل منهما 1361 جنيهاً وهكذا كانت مصاريف كل بحسب مدته وفي سنة 1260 أرسلت الإرسالية الخاصة التي منها حسين بك وعبد الحليم باشا نجلاً المرحوم المؤسس وكانت سبعين تلميذاً منهم أفضل الفضلاء العلامة الوزير الخطير علي باشا مبارك يرأسها اسطفان بك وكان بلغ المرسلون إلى أوروبا 290 تلميذاً معظمهم من الترك والعرب وبلغ مصروف المجموع 273360 جنيهاً. وفي مدة المرحوم عباس باشا الأول بلغ عدد المرسلين 48 تلميذاً صرف عليهم 82923 جنيهاً أما مدة المرحوم سعيد باشا فلم يرسل فيها أحد وفي مدة حضرة الخديوي إسماعيل باشا أرسل 155 تلميذاً صرف عليهم 137866 جنيهاً وفي مدة المرحوم توفيق باشا أرسلت إرسالية مع موجيل بك لم نعلم مقدار ما صرف عليها ولاتمام الفائدة

نذكر تواريخ افتتاح المدارس والمكاتب فتحت مدرسة البيادة في شهر الحجة سنة 1240 وجعلت بقصر العيني ثم ألغيت سنة 1252. مكتب الحربية بالقلعة سنة 1241. مدرسة النخيلة في شوال سنة 1244. مدرسة الاجزائية بالقلعة في جمادى الثانية سنة 1245. مدرسة السواري بالجيزة في ذي القعدة سنة 1246 تحت نظر حافظ أفندي إسماعيل. مدرسة الطب البيطري بأبي زعبل سنة 1247. مدرسة الطوبجية بطره سنة 1247 تحت نظر خورشد أفندي وفي سنة 56 أحيلت لنظر الموسيو بورتو. مدرسة البحرية في شهر ربيع آخر سنة 1247. مكتب البياده في الخانكه في شهر جمادى الأولى سنة 1248. المكاتب بالريف سنة 1249. مكتب المهمات الحربية سنة 1249 وإلغي سنة 1251. مكتب البياده بأبي زعبل سنة 1250. مكتب البياده بدمياط في صفر سنة 1250. مدرسة المهند سخانة ببولاق سنة 1250 تحت نظارة الموسيو حاليكان وفي رجب سنة 1254 أحيلت لنظر لامبير بك وفي رجب سنة 1266 أحيلت لنظر العلامة علي باشا مبارك عند عودته من أوروبا. مدرسة التجهيزية فصلت من البياده في رجب سنة 1252. مدرسة الطب البشري والولادة في ذي القعدة سنة 1252. مدرسة المحاسبة بالسيدة زينب في ذي القعدة سنة 1252. مدرسة الألسن بالأزبكية في ربيع الأول سنة 1252 مدرسة الطب البيطري بمصر في ذي القعدة سنة 1252. مدرسة العمليات في محرم سنة 1255. مدرسة المفروزة بمصر في ذي القعدة سنة 1265. مدرسة المفروزة بإسكندرية في صفر سنة 1267. مدرسة الزراعة ومدرسة المحاسبة القبطية بالعباسية لا نعلم لهما تاريخاً.

وعند هذا الحد يقف الفكر مستعظماً هذه الأعمال في تلك الأيام الخالية من المعارف المكتنفة بالعقبات والصعوبات وقلة المال والرجال ويرى العاقل أن عمل المرحوم محمد علي باشا عمل أمير عالي الهمة بعيد الغور في نظر العواقب وأنه ربي من المصريين رجالاً ورشحهم بالتمرين في الأعمال حتى استلموا إدارة حكومته باستعداد واستحقاق. ولا يعترض على هذا التأسيس باستعمال بعض الرجال الذين لم يدخلوا المدارس أو دخلوها وغلبهم حب الاستبداد فإن تأسيس الممالك يحتاج للنقض والإبرام واستعمال ما فيه الكفاءة وما يصلح لان يكون كفوءاً لفراغ البلاد إذ ذاك من المهذبين خصوصاً في مثل حالة مصر أيام استيلاء المرحوم محمد علي باشا عليها فهذا أمر مغتفر لا يؤاخذ ويعترض به إلا جاهل بوضع قواعد الملك المدني في عصر همجي أو متعصب لا ينظر ما كان عليه آباؤُه وبلاده في تلك المدة الخشنة ولو أنصفه المعترض وقاس المدة التي أنقذ فيها مصر من أيدي الجهل والدمار وأوصلها إلى أوج العلم والعمارة بالمدة التي انتقلت فيها أعظم دولة أوروبية لرأي أنه كان يجري في طريق المدنية مغذاً وغيره كان يخطو خطواً. ولقد قلت أبياتاً أخاطب بها المؤسس الوحيد وأنا واقف بجوار قبره ليلة المعراج سنة 1293 نوردها هنا تذكرة لأولي الألباب أمحمد أسمع ذاكراً لمآثر=شهدت بها الأحباب والأعداء أحسنت في تأسيس ملك شامخ=قد طاول الأهرام منه بناء زينت مصرا بالعمارة باذلا=جهد الملوك وما اعتراك عناء شيدتها لما أخذت زمامها=وجمعت فيها المجد وهو هباء

وصرفت عمرك في اقتحام مخاوف=تنجيك منها همة وقضاء سست البلاد بحكمة وتبصر=فتجمعت في أرضها النعماء ونشرت فيها العلم بعد جهالة=حتى زهت برجاله الانداء حصنتها من كل خصم طامع=فجرت على أرباضها الأكماء حيرت أفكار الملوك بهمة=ما عاقها عن قصدك اللأواء لله قلب ثابت ما راعه=حرب الملوك ولا جفاه دهاء ربيت للأحكام كل محنك=شهدت له الأعمال والعقلاء وتركت مصرا دنة من حولها=أسد تزمجر أن عدا العداء زاحمت مقدام الملوك بمنكب=في ساحة من جندها الأمراء وكتبت في التاريخ احسن سيرة=شرفت بها الأبناء والآباء ثم ارتحلت وما ترحل من له=في الملك مجد صانه الأبناء ساروا على سير الأمير تجلهم=عن كل وهن همة علياء لولا تعلق قائم من بينهم=بالملك حلت أرضنا البأساء قاموا خديوي بعد آخر حافظاً=لبلاد من خضعت له الاعتاءُ فعظيم ملكك لا يزال مؤيداً=ما دام يرعى أهله الحكماء لا زالت الأبناءُ تعلو عرشه=ليدوم إصلاح لنا وصفاء وبعد انتقاله إلى رحمة الله تعالى قام بالأمر بعده ولده الغيور البطل المشهور المرحوم إبراهيم باشا ولو طالت مدته لملأ البلاد بالمعارف لفرط حبه لها ولكن حالت المنية دون الأمنية. ثم قام بالأمر بعده المرحوم عباس باشا الأول في 27 صفر سنة 1264 فقلل بعض المدارس وزاد البعض فكانت

أعدادها ومصروفها على ما في هذا الجدول باعتبار شهر من سنة 1265 شهرياً عدد التلامذة والمعلمون والخدمة 7070 209 مدرسة المبتديات 31750 126 منهم 30 بنتاً مدرسة الطب والولادة 25023 245 مدرسة السواري بالجيزه 23635 72 الرسالة المصرية بباريس 13097 186 مكتب الطوبجية في طره 47549 320 مدرسة الألسن والمحاسبة 25713 132 مدرسة المهند سخانة 109859 1696 مدرسة المفروزة والأبنية 1464497 322 خدمة ومرتب ديوان المدارس 430193 3308 وهذا كان في ابتداء حكومته ثم زاد المدارس وأعدادها بعد ذلك. وفي عشرين شوال سنة 1270 قام بالأمر بعده المرحوم محمد سعيد باشا فألغى ديوان المدارس ومنع إرسال تلامذة لأوروبا وأقفل جميع المدارس ولا ندري أي شيء حمله على ذلك وهو ابن المعارف والآداب وقد ذاق لذة العلوم ولا يقال أنه كان يخاف من كثرة المتعلمين فإنه الشجاع الجريء وأول مطلق لحرية الأشخاص بتنازله لمخاطبتهم ومؤاكلتهم ولكنه انصرف عن المعارف ووجه همته إلى التعليمات العسكرية واعتنى بها وباشر التعليم بنفسه وجدد فيه طرقاً من قوانين أوروبا فازدادت العسكرية حسناً وانتظاماً على ما

سنفصله وكأنه كان يتوجس من المرحوم السلطان عبد المجيد شراً فجعل شغله العسكرية واستحضار المعدات والآلات الحربية ولو اشتغل بالمعارف اشتغاله بالعسكرية ما ترك في مصر جاهلاً وفي مدنه توسط بعض المقربين إليه في إعادة مدرسة الطب فأمر بفتحها وعند عودة العلامة المرحوم رفاعة بك من السودان فتح له مدرسة في القلعة اجتمع فيها 256 تلميذاً وكان يصرف عليها كل شهر 738 جنيهاً و35 قرشاً ولكنه لم يعين المقصود منها ووضع فيها مع رفاعة بك معلمين للعسكرية أما بقية المدارس فإنها قد استعملت مخازن وغيرها وبيعت أدوات التعليم كلها ووقف فن التربية في مصر إلى أن قام بالأمر بعده حضرة الخديوي إسماعيل باشا في 27 رجب سنة 1279 ففتح جميع المدارس وفروع التعليم وجعل لها ديواناً خاصاً ووجه على المعارف كل عنايته واستحضر كثيراً من الأوروبيين للتعليم وفصل التعليم العسكري من التعليم الملكي والحق كل قسم بديوانه ثم ألفت على المكاتب الأهلية وعمل قانوناً للمدارس والمكاتب وسعى في نشر التعليم في المدن والقرى فجعله على ثلاثة أقسام. القسم الأول التعليم الابتدائي في مكاتب القرى والمدن وهو قاصر على تعليم القراءة والكتابة وحفظ القرآن الشريف ورسالة في علم التوحيد ومعرفة القواعد الأربع الحسابية. القسم الثاني المدارس العامة في المدن المركوية من المديريات وتلامذتها يتعلمون قواعد النحو العربي والحساب والهندسة والجغرافية والتاريخ وبعض قواعد علم الطبيعة كالحوادث الجوية وبعض فوائد كيماوية تتعلق بالنبات والشجر وإصلاح الأرض ليترشحوا للدخول في المدارس العالية. القسم الثالث المدارس

رمضان المبارك

الأميرية وفيها يتعلم تلامذتها جميع العلوم الأولية التي يتأهلون بها للدخول في المدارس الخصوصية وكان يصرف على المدارس الخصوصية من طرف الحضرة الخديوية. وأما الابتدائية والتجهيزية فكان يصرف عليها من الحكومة ومما يتحصل من أهالي التلامذة من عشرين قرشاً على مائة بحسب اقتدارهم. وأما المكاتب الآخر فكان يصرف عليها من إيراد إقطاع (جفلك) الوادي الذي أعطاه الخديوي على المكاتب الأهلية ومن الوقف الخيري المحصور في ديوان الأوقاف والموجود تحت نظر بعض الأهالي ومما يتحصل من آباء التلامذة من خمسة قروش على خمسة عشر بحسب اقتدارهم وكانت الأيتام تربى في كل مدرسة ومكتب على طرف الحكومة وجميع أدوات التعليم وآلاته تعطى لعموم التلامذة بلا مقابل. وبهذه الطريقة صار التعليم عاماً في المدن والقرى والمدارس والمكاتب وانتفع بتربية ألوف من أبنائهم وكان الفضل في حمل حضرة الخديوي إسماعيل باشا على هذا التعميم لأبي المعارف ومرتب المدارس وواضع فن التعليم على قواعد مستقيمة بعد أن كان اجتهادياً العلامة الفاضل الوزير الجليل علي باشا مبارك فإنه من يوم مجيئه من أوروبا ما انقطع يوماً عن الاشتغال بما يعمم التعليم في مصر وكثيراً ما فتح مدارس ومكاتب بلا إذن ثم لما وقعت وقع الاستحسان تقررت ولو عددنا أعماله لاحتجنا لمؤلف مخصوص وفي العدد الآتي نأتي على بقية آثار الخديوي إسماعيل باشا والمرحوم توفيق باشا إن شاء الله تعالى رمضان المبارك أقبل هذا الشهر المبارك على الأمة المحمدية بخيره وفضله فإنه شهر

تكثر فيه الصدقات على الفقراء ويتلى فيه القرآن العزيز في معظم البيوت وتتمتع فيه العائلات بزيادة النفقة والتفنن في المتناولات الغذائية ويكثر تزاور المسلمين لبعضهم البعض وتفتح بيوت الكرام للواردين عليها من الفقراء والضيفان وتمتلئ فيه المساجد بالعباد والقراء والمدرسين وتتردد الأمة على مزارات الأولياء تبركاً واستمداداً ويحصل فيه من الأنس والسرور والعبادة ما لا يحصل في غيره من الشهور وقد وفد المصريون على باب الخديوي الأفخم مهنئين ومباركين وهو يقابل جموعهم العديدة بالبشر والطلاقة ويخاطبهم بما يجبر خواطرهم من رقيق العبارة والتلطف في الخطاب معهم ثم توافدوا على باب المبعوث العثماني صاحب الدولة مختار باشا الغازي ثم على باب صاحب الدولة رياض باشا مهنئين كذلك وقوبلوا في كل ساحة بما ملاءهم سروراً من الترحيب والموانسة ثم أخذ الناس يتزاورون يهنئُ بعضهم بعضاً كالعادة أعاده الله تعالى على الأمة بكل خير. وقد كنا عزمنا على نشر جريدة رمضانية تصدر كل يوم طول الشهر مشحونة بالفوائد والفكاهات ثم رأينا تعذر ذلك بسبب أن نصف أسماء المشتركين لم يطبع إلى الآن فيعز على عمال الإدارة كتابة فوق ألف اسم كل يوم ولهذا عدلنا عن ذلك والتزمنا نشر هذه الفوائد والفكاهات مع الجريدة بدل ملزمة كان ويكون تسلية للصائم وتفريحاً لقوم يقرأون. يوم الخميس الماضي كان امتحان مدرسة المرحوم خليل آغا أمين فحضر الاحتفال كثير من الأمراء والعلماء وفي مقدمتهم أستاذنا الفاضل الكامل

تهنئة

صاحب السماحة شيخ الجامع الأزهر الشريف وقد أجاد التلامذة وأحسنوا الإجابة بما دل على عناية ناظرها حضرة بلال آغا خليل وأساتذتها الأفاضل جعلها الله تعالى دار علم وحكمة وجزى منشئها أحسن الجزاء. تهنئة كانت ليلة الجمعة الماضية موسما جامعاً لذوات المصريين وأعيانهم حيث أقيمت أعلام الزينة ورصعت الطرق بالفوانيس وامتلأت ساحة بيت المرحوم سلطان باشا بالأنوار احتفالاً بزفاف كريمته لحضرة الوجيه الماجد ذي المرؤة والشهامة علي بك شعراوي وقد دعى إليه النظار الكرام وكثير من الأمراء والعلماء والأعيان والأجانب وأطرب المدعوين بصوته الرخيم كل من عبده أفندي الحمولي والشيخ يوسف المنيلي وكان السرور عاماً والأنس شاملاً لجميع داخل تلك الساحة وكل يدعو للعروسين بالائتلاف والوفاق ودوام الأنس والسرور. رسالة الشيخ إبراهيم بصيلة وردت لنا هذه الرسالة من حضرة الفاضل الشيخ إبراهيم بصيلة من أفاضل الأزهر الشريف فنشرناها لما فيها من الفوائد الجمعة قال حفظه الله قال تعالى {ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتي المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتي الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} المراد بهذه الآية مخاطية المؤمنين لما ظنوا أنهم قد نالوا البغية بالتوجيه إلى الكعبة فخوطبوا

بهذا الكلام وقال بعضهم خطاب للكل لأنه عند نسخ القبلة وتحويلها حصل من المؤمنين الاغتباط بهذه القبلة وحصل منهم التشديد في تلك القبلة حتى ظنوا أنه الغرض الأكبر في الدين فحثهم الله بهذا الخطاب على استيفاء جميع العبادات والطاعات فكأنه تعالى قال ليس البر المطلوب هو أمر القبلة بل البر المطلوب هذه الخصال التي عدها فالآية الكريمة حاوية لجميع الكمالات البشرية برمتها تصريحاً أو تلويحاً لما أنها منحصرة في خلال ثلاث صحة الاعتقاد وحسن المعاشرة مع العباد وتهذيب النفس وقد أشير إلى الأولى بالإيمان بما فصل وإلى الثانية بإيتاء المال وإلى الثالثة بإقامة الصلاة الخ ولذلك وصف الحائزون لها بالصدق نظراً إلى إيمانهم واعتقادهم وبالتقوى اعتباراً بمعاشرتهم مع الخلق ومعاملتهم مع الحق وإليه يشير قوله عليه الصلاة والسلام من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان فجعل الله سبحانه وتعالى ما كلف به الخلق ثلاثة أقسام قسماً أمرهم باعتقاد وقسماً أمرهم بفعله وقسماً أمرهم بالكف عنه ليكون اختلاف جهات التكليف أيقن على قبوله وأعون على فعله حكمة منه ولطفاً وجعل ما أمرهم باعتقاده قسمين قسماً إثباتاً وقسماً نفياً فأما الإثبات فإثبات توحيده وصفاته وإثبات بعثة رسله وتصديق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فيما جاء به وأما النفي فنفي النقائص والقبائح أجمع وجعل ما أمرهم بفعله ثلاثة أقسام قسما على أبدانهم كالصلاة والصيام وقسما في أموالهم كالزكاة والكفارة وقسما على أمواله وأبدانهم كالحج والجهاد ليسهل عليهم فعله ويخف عنهم أداؤُه نظراً منه تعالى لهم وتفضلاً منه عليهم وجعل ما أمرهم بالكف عنه ثلاثة أقسام قسماً لإحياء نفوسهم وصلاح أبدانهم كنهيه عن القتل وأكل الخبائث

والسموم وشرب الخمور المؤدية على فساد العقل وزواله وقسماً لائتلافهم وإصلاح ذات بينهم كنهيه عن الغضب والغلبة والظلم والسرف المفضي إلى القطيعة والبغضاء وقسما ًلحفظ أنسابهم وتعظيم محارمهم كنهيه عن الزنا ونكاح ذوات المحارم فكانت نعمه فيما حظره علينا كنعمه فيما أباحه لنا وتفضله فيما كفّنا عنه كتفضله فيما أمرنا به فهل يجد العاقل في رويته مساغاً أن يقصر فيما أمر به وهو نعمة عليه أو يرى فسحة في ارتكاب ما نهي عنه وهو تفضل منه عليه وهل يكون من أنعم عليه بنعمة فأهملها مع شدة فاقته إلا مذموماً في العقل مع ما جاء فيه وعيد الشرع. هذا وكان أول ما فرض بعد تصديق نبيه عبادات الأبدان وقدمها على ما يتعلق بالأموال لأن النفوس على الأموال أشح وبما يتعلق بالأبدان اسمح وذلك الصلاة والصيام فقدم الصلاة على الصيام لأن الصلاة أسهل فعلاً وأيسر عملاً وجعلها مشتملة على خضوع له وابتهال إليه فالخضوع له رهبة منه والابتهال إليه رغبة فيه ثم فرض الله الصيام وقدمه على زكاة الأموال لتعلقه بالأبدان وكان في إيجابه حث على رحمة الفقراء وإطعامهم وسد جوعاتهم لما عاينوه من سوء المجاعة في صومهم فقد قيل ليوسف عليه السلام أتجوع وأنت على خزائن الأرض فقال أخاف أن اشبع فأنسى الجائع. ثم فرض زكاة الأموال فكان في إيجابها مواساة للفقراء ومعونة لذوي الحاجات تكفهم عن البغضاء وتبعثهم على التواصل لأن الأمل وصول والراجي هائب وإذا زال الأمل وانقطع الرجاء واشتدت الحاجة وقعت البغضاء واشتد الحسد فحدث التقاطع بين أرباب الأموال والفقراء هذا

مع ما في أداء الزكاة من تمرين النفس على السماحة المحمودة ومجانبة الشح المذموم. ثم فرض الحج فكان أخر فروضه لأنه يجمع عملاً على بدن وحقاً في مال فجعل فرضه بعد استقرار فروض الأموال ليكون استئناسهم بكل واحد من النوعين ذريعة إلى تسهيل ما جمع بين النوعين فكان في إيجابه تذكير ليوم الحشر بمفارقة المال والأهل وخضوع العزيز والذليل في الوقوف بين يديه واجتماع المطيع والعاصي في الرهبة منه والرغبة إليه. فجميع ما ذكر مشتملة عليه الآية الكريمة تصريحاً أو تلويحاً هذا وجعل من البر الصبر على البأساء والضراء لأن الصبر على الملمات من حسن التوفيق وأمارات السعادة انظر آية {يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} يعني اصبروا على ما افترض الله عليكم وصابروا عدوكم ورابطوا فيه تأويلان أحدهما على الجهاد والثاني على انتظار الصلوات فنزل الكتاب بتأكيد الصبر فيما أمر به وندب إليه وجعله من التقوى فيما افترضه وحث عليه وروى عن الصادق المصدوق أنه قال الصبر ستر من الكروب وعون على الخطوب وقال بعض الحكماء بمفتاح عزيمة الصبر تعالج مغاليق الأمور وللتنبيه على علو طبقات المذكورين باتصافهم بالنعوت المذكورة أشار لهم بإشارة البعيد فقال {أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون} أي صدقوا في الدين وإتباع الحق وتحري البر حيث لم تزلزلهم الأهوال فوصفهم بالصدق الذي هو أول سعادة للإنسان بشهادة {ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين} فعليكم معاشر العقلاء بما فيه صالح معاشكم ومعادكم باتباع الأوامر واجتناب النواهي ولا تتبعوا الهوى فيضلكم

المسلمون والأقباط

عن سبيل الله لأنه عن الخير صاد وللعقل مضاد يجعل ستر المرؤة مهتوكا ومدخل الشر مسلوكاً قال ابن عباس رضي الله عنه الهوى أله بعيد من دون الله ثم تلا أفرأيت من اتخذ إلهه هواء وقال عكرمة في قوله تعالى {ولكنكم فتنتم أنفسكم} يعني بالشهوات وتربصتم يعني بالتوبة وارتبتم يعني في أمر الله وغرتكم الأماني يعني بالتسويف حتى جاء أمر الله يعني الموت وغركم بالله الغرور يعني الشيطان. وقال عليه الصلاة والسلام طاعة الشهوة داء وعصيانها دواء وبالجملة فترك الخطيئة خير من معالجة التوبة فرب نظرة زرعت شهوة وشهوة ساعة أورثت حزناً طويلاً ومكنت العدو مما يتمناه ولذا قيل في منثور الحكم من أطاع هواه أعطى عدوه مناه وقال بعض العلماء العقل صديق مقطوع والهوى عدو متبوع فافضل الناس من عصى هواه والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب. المسلمون والأقباط هم أبناء مصر الذين ينسبون إليها وتنسب إليهم لا يعرفون غير بلدهم ولا يرحلون لغيرها إلا زيادة قلبتهم الأيام على جمر التقلبات الدولية وقامت الدنيا وقعدت وهم هم أخوان الوطنية يعضد بعضهم بعضاً ويشد أزره في مهماته يتزاورون تزاور أهل بيت ويشارك الجار جاره في أفراحه وأتراحه علماً منهم أن البلاد تطالبهم بصرف حياتهم في أحيائها بالمحافظة على وحدة الاجتماع الوطني الذي يشمله اسم مصري من غير نظر إلى الاختلاف الديني وقد كانوا كذلك أيام الجهالة والهمجية وأيام التقدم الأول وهم الآن أحوج للالتئام وتوحيد السير من أيام الجهالة فقد عمتهم المعارف وتحلوا بالآداب

ووجد في الفريقين أعداد كثيرة من الفضلاء وأرباب الأقلام والملاعب الدولية تشخص أمامهم أدوارا توجب عليهم مجاراة الأمم في البحث عن حوافظ الوطنية والتمسك بما يؤيد سيرهم المصري تحت رعاية وعناية أميرهم المفخم السالك بهم سبل الخير والإصلاح وأنا وأن رأينا الألمة والمحبة على ما كانتا عليه من عهد دخول الأعلام في مصر على الآن ونعلم أن ذكاء نبهاء الفريقين يبعثهم على التمسك بحبل الارتباط الوطني ولكننا نحب أن تزاد علاقات الوطنية بعقد جمعية مصرية موضوعها البحث في الوطن وخصائصه وواجباته وضروريات حياته ولا تخرج في هذا كله عن الأديبات والمحافظة على ما بين المصريين وغيرهم من روابط المحبة فقد رأينا كل جنس له جمعيات وطنية ونحن لا جمعية لنا تبحث في الوطنية فإن الجمعية الإسلامية والجمعية القبطية لا تعلق لكل منهما بما نحن في صدده فإنهما جمعيتا إعانة وتربية أيتام. ولا يشك عاقل في أن تكوين جمعية من الفريقين يفيدهما فوائد جمة أدبية ويحول بينهما وبين النزغات الأجنبية وما يمنع المصريين من ذلك وهم بين يدي أمير محب للفريقين لا يفرق بين تابع وتابع بل المسلمون والأقباط والإسرائيليون عنده في حكم الفريق الواحد رعاية ودفاعاً واستخداماً وحكماً فأولى بهم أن يؤيدوا سعيه المشكور في تأييد الوطنية بجمعية تحفظ النظام الوطني بمساعيها الأدبية وما يترتب عليها من تطهير البواطن وتوحيد الكلمة وظهور الوطنية بين رجال هم أحق الناس بخدمة بلادهم بآدابهم وعلومهم وسنعود لهذا الموضوع إن شاء الله تعالى بشرح وافٍ خدمة لأخواني المصريين وفقهم الله تعالى لما فيه خير البلاد ومصالح العباد.

أسف ورجاء

أسف ورجاء معلوم لكل ذي لب أن الجرائد أساتذة قائمة بتهذيب الأمم وتأديبها وبث ما لا يعلم من الأخبار والفنون وعليها مدار الأعمال السياسية وانتظام أحوال الأمم والتجارة والصناعة والزراعة وبها تحفظ النفوس العاتية وتهتدي العاملة وتستنير الفاضلة وقد نجحت في أوروبا نجاحاً عظيماً صيرها لسان الأمم وترجمان الدول وكلما كثرت متعددة المصادر متنوعة المواضيع والأخبار كانت الفائدة أكثر والنفع أعم ونراها في مصر آخذة في التقدم والترقي مما بدل على أن المصريين انبعثت فيهم روح الحياة العلمية والأدبية ولا تخلو جريدة من فائدة حتى جرائد الأعداء ومن الجرائد الوطنية التي خدمت خدمة خالصة من الخداع والنفاق جريدة النيل الغراء ولكم رأت من أعدائها بل أعداء الوطن والملة مصادرات وهي ثابتة القدم أمامهم وطالما أشاعوا أنها إنكليزية المشرب لا يريدون بذلك إلا تنفير المصريين منها وهي سالكة في طريقها لا تتحول عنه وكان الظن أن تقابل بالرعاية والمساعدة المالية التي توجب على محررها الفاضل التوسع في المواضيع وتعميم علومه التي لا ينكرها عليه إلاّ متعصب وجاهل ولكنا رأينا بعض المشتركين تأخر في دفع قيم الاشتراك لمن يخدمهم وهم قعود ويسهر الليل في مصلحتهم وهم نيام حتى ترتب على ذلك عزم صديقنا على إصدارها أسبوعية وهو خبر يكدر كل وطني بل كل محب لنشر العلوم والآداب فإننا في أشد الاحتياج لظهورها يومياً حتى تكون لنا جريدة يومية تنزع من أفكار الأمة ما تدخله فيها جرائد الغير من الأوهام والأكاذيب وهي وإن لم تقعد عن الخدمة ولم نحرم من فوائد محررها ولكننا نحب أن لا تححب

استلفات

عنا في وسط أيام الأسبوع فنستنهض همم الأمراء والنبهاء والوجهاء للمحافظة على جريدة ثابتة القدم في خدمة الدولة والدين وحمل محررها الفاضل علي العود لإصدارها يومية ببذل ما به يستعين على الخدمة الوطنية فإنه لو كان من الموسرين لتبرع بما له كما تبرع بعلمه وثمرة حياته وإلا فإنه يعز علينا أن تتأخر فوائدها عنا ونحن لمعارف محررها محتاجون. استلفات علمنا أن حضرة عفيفي أفندي أنور الصيدلاني فكر في مصلحة الكنس والرش في مدينة القاهرة فوجدها تنفق كل سنة خمسين ألف جنيه ثم نظر لما أغلق بسببها من بيوت السقائين والكناسين فوجدها أغلقت أبواباً كثيرة فحمله حب الاقتصاد لحكومته الغراء ومنفعة أهل بلاده على تقديم عريضة يلتمس بها التصريح له في التزامه هذه المصلحة بتسعة آلاف جنيه كل سنة فيوفر للحكومة 41 ألف جنيه وأنه لمبلغ تسعى الهمم خلف اقتصاده لتنتفع به الحكومة في وجه من أوجه الانتفاع وقد كتب على عريضته بالاستعلام عن الحقيقة وتنقلت الكتابة من المعية السنية إلى الداخلية ومنها إلى الأشغال ومنها إدارة المحروسة في 13 مارس سنة 93 نمرة 1926 فإن ساعدت العناية على نجاح هذا السعي المحمود كان ذلك خدمة كبرى من هذا الوطني لحكومته ولأهل بلده إذ تكون هذه المصلحة وطنية كمصلحة الخفراء وعند وقوفنا على الطريقة التي سيتخذها لإدارتها ننشرها مبينين ما فيها من الفوائد أو الموانع حسبما يقتضيه المقام (عبد الله نديم)

العدد 32

العدد 32 - بتاريخ: 28 - 3 - 1893 حافظ ونجيب . ح. كل عام وأنتم بخير. ن. وأنتم في مراقي الصحة يصحبكم السرور وترافقكم السلامة وأعاده الله تعالى عليكم وأنتم على ما تحبون من الخير والنعم. ح. قرأت تاريخ المعارف في الأستاذ. ن. نعم ولقد أحسن الأستاذ في تذكير المصريين والأجانب بتاريخ العائلة المحمدية العلوية وإظهار فضل مؤسسي الحكومة المصرية من الترك والعرب والجركس والارنؤط والروم الذين خدموا البلاد حيث لا أجنبي فيها فإن بعض الناس لجهلهم هذا التاريخ يغترون بكلام الأجراء وينسبون كل عمل صالح إلى الأجنبي ويرمون المصري بالعجز والجهل والخشونة فإذا وقفوا على هذا التاريخ تحققوا أن الأجانب دخلوا على حكومة نظامية وأمة متمدنة قبل أن تحل قدمهم في أراضيهم وعلموا مقدار فضل هذه العائلة ونعمها التي طوقت بها عنق كل مصري. ح. ليته يستقصي الإدارات والأعمال ويقص على الناس مجمل هذا التاريخ البديع. ن. ما فتح هذا الباب إلا وهو يريد استقصاء ولكنه يقدمه في

إعداد متفرقة ترويحاً للنفوس. ح. أخشى أن يدخل باب التاريخ ويترك باب التهذيب والتأديب فيحجب عنا مقالاته الافتتاحية التي هدت الناس لكثير من الفوائد والطرق الأدبية. ن. هو لا يترك هذا الباب وإنما يقدم المطالب بحسب مقتضيات الأحوال وهنا أحكي لك حكاية كان رجل يخطب قومه يوم الجمعة بخطبة لا يغيرها واستمر على ذلك شهوراً فجاءه رجل وقال له يا أستاذ لك شهور تخطبنا بخطبة واحدة هلا غيرتها بأخرى فقال له وهل عملتم بما فيها حتى أتركها بغيرها فخجل الرجل وانصرف. والأستاذ يطالبنا بمطالبه فإن قمنا بما فيها فتح أبواباً غير ما قدمها وأن رآنا مقتصرين على القراءة بلا عمل كان له أن يحجب عنا المقالات التهذيبية بما يراه مناسباً للزمان وأهله صح. لقد نصحت ووعظت ولكننا بلينا بخلطاء يشوشون أفكارنا ويقبحون أعمالنا ويميتون هممنا فنشأ عن سعيهم السيئ وقوف الأفكار وسوريين وفرس وغيرهم فقد أخطأت ورميت الأبرياء بما يرمى به الجناة وأن عنيت فرداً أو أفراداً فما ينبغي أن تلصق بهم رجال جنسهم وهم لك في الوطن شركاء ولا يضاح هذا الأمر أنبهك على أنه يوجد كثير من الأوروبيين والسوريين والفرس لهم الأملاك العظيمة والمزارع الكثيرة وقد اختلطوا بالتجار والفلاحين والمستخدمين وشاركوهم في كل عمل من أعمالهم فهم الآن في حكم المصري من حيث المصلحة العامة وإن أمتاز كل فريق بتابعيته لدولة أخرى أو نسبته على وطن آخر وحيث أن المصلحة العامة تجمعهم مع جموع المصريين كان عليهم أن لا يسيئوا الظن بهم بسبب تهور بعض السفلة الرعاع وتعصب الأدنياء الوضعاء

إلا يسمعون قول سيدنا موسى عليه السالم خطاباً للحق سبحانه {اتهلكنا بما فعل السفهاء منا} على أننا نعلم أن في كل جنس الأمين والخائن فلا تؤاخذ هذه الجموع الأمينة بالخونة الذين حملتهم ألفاقة على بيع مياه وجوههم سعياً خلف ثروة يحصلونها أو وجاهة يدركونها ولا طريق لهم إلا السعاية بما يسود وجوههم ويرفع النعل الخلقة الملوثة عليهم قدراً والغبي من يؤاخذ المصريين أو السويين أو الأجانب بفعل سفلتهم بعد علمه بأن فعل الخائن لا يضر الأمين المخلص {وإن ليس للإنسان إلا ما سعى} على أن الروابط التي بين الوطني والمستوطن كثيرة وكلها تدعو لحفظ نظام الاجتماع وتوحيد المعاملة من غير نظر للجنس وأقوى روابط المصري بالسوري اتحاد التابعية في العثماني منهم والعهود الدولية في الحماية الذي يعطى حكم انباع دولته الأصليين. فكل محب لحكومته من المصريين يلزمه تنفيذ أوامرها وحفظ عهودها وتأييدها بإجراء ما سنته من السير والمعاملة ومن سعى في مس حق من حقوق الذين تكفلت بالمحافظة عليهم فقد سعى في معاكستها وعصيان أوامرها فيجب علينا معاشر المصريين أن نعرف حقوق المعاهدات الدولية ونظهر مجد الأمة والحكومة بالقيام بما يؤيد ثقة أوروبا بنا ويكذب الإجراء وما نقلته الأخبار الكاذبة على الجرائد الأجنبية وهذا الذي يدعو إليه الأستاذ وينبه عليه وأن أرجف الإجراء بما ألجأهم إليه اشتعال نار الحسد في صدورهم وقد تنبهت الحكومة السنية لدسائسهم وعلمت ما وراء سعايتهم فلم تلتفت لمفترياتهم وأراجيفهم فإنها ابنه من أن تدخل عليها حيلة قوم يتجرون بالناف والأباطيل والأمة درست ما قدمه الإجراء من الدروس التضليلية فتحققوا تلونهم ونفاقهم وأعرضوا عنهم كل

الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة

الإعراض حتى أن كثراً من أهليهم كرهوا رؤية ذواتهم لزرعهم الشحناء بينهم وبين أمة قضت الدهور في معاشرتهم بالحسنى وحسب المرء ذلة أن يبغضه أخوه ويقبح عمله من يسعى في مصلحته وهذه عبارة نصرفها في كل خائن مصرياً كان أو غير مصري. ح. هلا رجوت الأستاذ في كتابة فصل افتتاحي في رمضان في موضوع الواحدة الشرقية. ن. لا يخفاك أن رمضان يحب ترويح النفوس بعبارات سهلة التناول والفهم ومعظم المشتركين مسلمون فنرجو أخوان الوطنية أن يتساهلوا معه حتى ينتهي رمضان ويرجع إليهم بما فيه رضا الجميع أن شاء الله تعالى. ح. أن بعض الأجانب الأجراء يقول أن المصريين متعصبون تعصباً دينياً ولا تدري لعبارته معنى فماذا أراد بها. ن. الوجود يكذب هذا القائل فإنه لا توجد أمة لينة الأخلاق لطيفة التعامل بعيدة عن التعصب مثل المصريين ولذلك يفتخر مولانا الخديوي المفخم بأنه يحكم أمة شأنها الهدو والسكون ومخالطة الناس بالمعروف وأما التعصب الديني فإنه لا يوجد إلا في أوروبا خصوصاً عند البروتستانت والفرير والجزويت وسأطلب من الأستاذ كتابة فصل يبين فيه تساهل المسلمين وتعصب الغربيين بحقائق لا ينكرها عليه أكبر منافق يستر الحقائق بترهاته وهناك تعلم أن المصريين بل الشرقيين بريئون من التعصب وأنه خاصة من خواص أوروبا أن شاء الله الخلاصة الوجيزه ودليل المتفرج على متحف الجيزة المتحف هو دار الآثار المصرية التي هي اللسان الصادق في إظهار

تاريخ قدماء المصريين وما كانوا عليه من المدنية والحضارة والتقدم في العلوم والصناعة وقد مضى عليه 32 سنة من عهد تأسيسه على الآن ولا علم للمصريين بما فيه وما هو عليه مع علم كل فرنساوي بذلك فتصدى لوضع فهرسته الأثري الفاضل العلامة أحمد بك كما المصري الأمين الوطني المساعد بهذا المتحف وبين ما فيه من الآثار أثراً أثراً وأعقب البعض بشيء من تاريخه فجاء كتاباً نفيساً لم يؤلف باللغة العربية مثله بل ولا جمعت الكتب الإفرنجية ما جمعه بالبيان والتفصيل وقد عزمنا على تقديمه هدية للمشتركين إن نطبعه ملازم في كل عدد حتى ينتهي كما أننا نحفظ منه نسخاً في ورق متين نقدمها لمن يطلبها بعد إتمامها وما قصدنا بطبعه الأوقاف المصريين خصوصاً والمتطلعين للوقوف على الآثار عموماً على تاريخ أمة سبقت سكان الأرض إلى كل فضيلة وفتحت باب المدنية من نحو سبعين قرناً جزى الله مؤلفه الفاضل خير الجزاء وإننا نعد نشر هذا الكتاب من حسنات مولانا الخديوي الأعظم عباس باشا الثاني أيد الله ملكه. تعين حسن أفندي علي أحد وكلائنا لتحصيل قيم الاشتراك من مديريتي القليوبية والشرقية ومدينتي بورسعيد والسويس كما تعين محمود أفندي لطفي وكيلنا بإسكندرية لتحصيل اشتراكات الوجه القبلي وبقي محمد أفندي خليل في مديريات الغربية والمنوفية والبحيرة والدقهلية فنرجو حضرات المشتركين إجابة طلبهم ولهم الفضل.

تنبيه

تنبيه نشرنا في العدد الماضي جملة تحت عنوان استلفات ذكرنا فيها أن ما يصرف من مصلحة الكنس والرش 50000 جنيه بناء على عريضة عفيفي أفندي أنور ثم تحققنا أن الذي يصرف ستة عشر ألف جنيه منها ثمانية آلاف لمصلحة المياه وثمانية لجميع خدمة المصلحة ومواشيها وللمعلومة بينا هذا. تنبيه آخر وقع سهو في العدد الماضي عند ذكر قيام الخديويين واحداً بعد واحد فذكر المرحوم إبراهيم باشا بما يفيد أن المرحوم والده توفي قبله مع أنه توفي بعده وقد لاحظ ذلك صديقنا الفاضل محرر جريدة الهلال الغراء وحضرة شقيقنا السيد عبد الفتاح أفندي النديم كذلك قلنا أن الإرسالية التي كانت في عهد المرحوم عباس باشا الأول بلغ عددها 48 تلميذاً وفاتنا أن نذكر أنها توجهت إلى ألمانيا والنمسا وكان منها النطاسي الفاضل والطبيب الحكيم الكامل مربي أطباء المصريين الأستاذ سالم باشا سالم وقبل توجههم خطب فيهم الخديوي المرحوم خطبة بسيطة ولكنها غاية في التأديب والحث على التعلم ونصها ((يا أولاد مصر أنا أرسلكم بلاد ألمانيا والنمسا ولا أرسلكم إلى فرنسا لئلا تفسد أخلاقكم بكثرة الملاهي فيها فاجتهدوا في تعلم العلوم التي تسافرون لطلبها ووالله العظيم إذا رجع أحدكم غير متعلم ومحصل كما ينبغي لابد أن أرده للفلاحة ليمسك النطالة ويقعد طول النهار يقول يا حدويه وحْدَويه)) فتأمل هذه العبارة وأحم على التلميذ عندما يسمع من أميره الأكبر هذا

جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية

الأمر وهذا الوعيد ماذا يكون اجتهاده وتصور الخديوي أمامه في كل لحظة وعدم غفلته عن اليوم الذي يرجع إليه فيه وقد كانت هذه الخطبة سبباً في اجتهاد هذه الإرسالية حتى لم يخب منها تلميذ. ورد لنا كتاب من أحد أعيان إسكندرية الذين توجهوا لفربول واجتمعوا بعبد الله كليم ورأوا صلاة مسلمي الإنكليز وسندرجه في العدد الآتي إن شاء الله تعالى. رأينا في جريدة فرصة الأوقات الغراء ما نصه جمعيتا المسامرة والفتوح الخيرية هما جمعيتان تشخيصيتان يؤسس الأولى حضرات محمود أفندي حمدي ومصطفى أفندي العوامري وصالح أفندي فهمي ومحمد أفندي منجي وهي تشخص مقامات الحريري بصفة مقبولة لدى الأذواق باعثة إلى التهذيب خصوصاً للوعظ الذي يقوم بأهم أدواره حضرة الأديب صالح أفندي فهمي فإنه يؤثر في القلوب ويعث المتفرجين على ترك الرذيلة ولزوم الفضيلة وكلهم من الشبان المتخرجين في المعارف القائمين بنشر الآداب ويؤسس الثانية حضرات مصطفى أفندي كامل وزايد أفندي إبراهيم وأمين أفندي فهمي وحافظ أفندي بيومي والرئيس هو مصطفى أفندي كامل هي تشخص الروايات المقبولة شخصت رواية الملكة بلقيس في تياترو البراديزو فخرج الناس شاكرين فضلها متشكرين لحضرات أعضائها. حيث أبدوا من إتقان

الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة

التشخيص وحسن التمثيل ما دعا الناس إلى الثناء عليهم وعلاوة على ذلك فإنها جمعية خيرية تدرس العلوم والمعارف لها مدرسة في كوم الشقافة وعازمة على تأسيس مدرسة أخرى في قسم القباري أيد الله أعمال هاتين الجمعيتين بالفوز والنجاح. (الأستاذ) نثني على همة أعضاء الجمعيتين ونتمنى لهم النجاح فإن في نجاحهما حياة الآداب واتساع دائرة التهذيب خصوصاً وأنهم جميعاً من الوطنيين الذين تشرف باجتهادهم البلاد وتسر بمعارفهم العباد. الجزآن الرابع والخامس من كتاب الانتصار لواسطة عقد الأمصار تأليف إبراهيم بن محمد الشهير بابن دقماق يشتملان على إحصاء الديار المصرية من حيث البلدان يذكر فيه ما كان في مدينتي مصر والقاهرة من الدور والشوارع والدروب والحارات والأسواق والحمامات والمساجد ثم يذكر بلاد الوجهين القبلي والبحري ومساحة كل بلد ومقدار المتحصل منه ويبين جهة اختصاصه أن كان وقفاً أو إقطاعاً وهو كتاب نفيس يدل على اشتغال العرب بالإحصاء وتقويم البلدان (الجغرافيا) قبل أن يشتغل به الغربيون وقد طبع على مصرف الكتب خانة المصرية ويباع فيها وعند الفاضل السيد محمد عبد الواحد الطوبي.

العدد 33

العدد 33 - بتاريخ: 4 - 4 - 1893 بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء اقتد بمن إذا أسبغت عليكم النعم كان مهنئاً معك وإذا نزلت بك مصيبة كان معك معزّى فإن إخلاص النصح من غيره لا يتأتى إلا إذا عاد لبطن أمه وولد مرة ثانية في أرض مس ترابها جسمك وليداً وخدمت في إصلاحها شاباً ودبرت شأنها شيخاً. وكيف يقتدي العاقل بنازح عن داره وقد لطفت هواءً وعذبت ماءً وطابت مقرّاً وكثرت خصباً فلم يرض ما رضي به آباؤه واستهجن ما استحسنه أجداده وقطع رحماً تجب صلتها عليه وهجر عشيرة بين رجالها ولد ومن أظاهرها رضع وعلى عاداتها شب وبلغتها تكلم وخرج يضرب وجه الأرض بنعليه ارتحالاً لا يحمل غير كف الحاجة ووجه السؤال يتفيأ ظلال غني يستميحه أو وجيه يستجديه أو عظيم يخدمه أو أمير يتصيد بالانتماء إليه أو أبدا الثراء لا يبالي في أية بلاد رمى سهمه ولا بأية يد تناول قوته فإذا اختلفت آراء من استضافهم في نازلة تقدح فيها زناد الأفكار كان مع اليد التي تناولته من أيدي الحاجة وأنقذته من

مخلب الفاقة يتقرب لربها بأخيه بيعاً وإذلالاً ويسترضيه بصاحبه استخداماً وربما قرب إليه ذوي الأرحام خدماً وعبدانا طمعاً في دوام صلة واستعظام عطية. ففرّ من هذا فرارك من المجذوم لئلا تتقرح بالعدوى فينفر منك الأخ ويجفوك الصاحب وينكر العشير. وقد يكون هذا النازح ممن تجمعك وإياه أصول بعيدة أو قريبة أو روابط من روابط الأمم فيعطف عليك ويخلص في القول والعمل طمعاً في صلاح شؤُنه بصلاح شؤُنك ولا يمكنك سبرغور أفكاره إلا بعد قلبك أوجه التجربة وصور الاختبار حتى إذا وجدته ثابت القدم في صحبتك صادق اللهجة في مخاطباته وجهته وجهتك في كل حالة كنت عليها يتألم بألمك ويسر بسرورك اتخذته عضدا ونصيراً وناصحاً ومشيراً واعتمدت عليه في دفع صدور الحوادث بقوة الحزم واتحاد الكلمة وتفارصت معه الأوقات لبلوغ المراد حيث لا مانع ولا دافع. فإن اعثرتك الأيام بنزيل هذه صفته فذاك وإلاّ فعليك بمن إذا حلت المصائب وآب النازحون إلى مقارّهم فراراً من مشاركتك في همومك كان قسيمك في النكبات يتناوب معك حمل الخوب ويحملك إذا ضعف ويبرك إذا احتجت ويعودك إذا مرضت وينصرك إذا خذلت ويدفع معك عدواً يحاربك ويحفظ معك وطناً لزمته ويصون لك عرضاً تبذل الروح في حمايته. أليس المهاجر من وطنه خلف القوت أو الثروة كالدرويش الذي يقف أمامك يبكي تارة ويتأوه أخرى ويحلف أنه ما ذاق في يومه طعاماً ولامست يده نقوداً ولا يمتلك غير ردائه وعصاه ثم يصعر خده ويلتوى التواء الأفعى إظهاراً لألم الجوع ويده ممدودة وعينه

محملقة ولسانه طلق بالدعاء والشكوى حتى إذا نقدته درهماً أو جيناراً هش وبش ومال على يدك لثما وحلف أنه صار لك عبداً وزوّدك دعوات بلفظ فخم يرتفع لهُ الصدر وينخفض كأنه من قلب مخلص وما ذلّ إلا توسلاً ولا دعا إلا فتحاً لباب العود كلما مست الحاجة. ومن كانت هذه صفته يصرفه عنك الغير بلقمة يزيدها له وثوب يعطيه إياه فإذا زاده ديناراً على أن يقذفك ويهجوك أضحك الناس بما يفتريه عليك وابتدع لك عيوباً ليست فيك ونسب إليك أقوالاً وأفعالاً تدنس المجد وتثلم الشرف. فالعقل من إذا نزلت به النوازل اعتصم بإخوان الوطنية وكان من آراء الغير على حذر ونحن معاشر الشرقيين في حاجة إلى نقد الأفكار وتفتيش الآراء حتى فيما يصدر منا في الشؤُون الأهلية لنبذ الضار والأخذ بالنافع فقد يصدر الرأي من إنسان عن الإخلاص ويكون قد تلوت عليه المطالب فيخرج الرأي فطيراً يضرنا الأخذ به وأن كان صاحبه لم يقصد الضرر ولا ينبغي الاعتماد على ذوي المظاهر العلمية والإدارية قبل أن نعرض أفكارهم على المبادئ والخواتيم فإن الحائز لثقة الناس به كثيراً ما تدعوه العجلة للسقوط في وهدة الارتباك فيقول من غير تروٍ ويعمل بغير تدبير لعلمه بأنه لا يعارض قوله ولا يقبح عمله. وقد درست الأمم الغربية هذه المقدمات وعلمت ما وراء الاقتداء بالنزلاء وأهل الشهرة من الانحطاط فاعتمدت على مجالس شوراها لتستخلص من تضارب الأفكار واختلاف الأحزاب قواعد لا تنقضها الحوادث وقوانين تلائم التابع والمتبوع وتبقى بها دعائم الدولة قائمة على أساس متين ولم تتوصل لهذا المقصد الحسن إلا باعتمادها على من

يخوض لجج المنايا في حفظ وطنه من طامع في امتلاكه أو عادٍ على أهله وبهذا التمحيض نجحت أعمالهم وقويت شوكتهم ونفذت سلطتهم وتخطت سطوتهم أوطانهم إلى غيرها فتحاً واستعماراً بقوتي العلم والعمل وعزيمتي الأمة والحكومة وتوحيد وجهة الفريقين. وقد توالت الأعوام والجرائد تنقل لنا معاشر الشرقيين أخبار أولئك الفائزين وتشرح لنا من أعمالهم التي حيرت الأفكار وأدهشت العقول ما ساعدهم عليه تمحيض الرأي وتوحيد الكلمة وتمحيض المتشاورين ونحن قعود على قارعة الكسل والتهاون نكتفي بالتفرج على الأمم العاملة ونفرح بما نراه من فوزها ونغضب إذا تأخر فريق منها وقد انصرفنا عن مصالح أوطاننا وعمينا عن طرق تقدمنا وحيل بيننا وبين مجاراة هؤلاء العقلاء بسور الأنفة من استشارة الفقراء ومفاوضة الضعفاء وإن كانوا قد امتلأُوا علماً وكُسُوا نباهة فإذا عولنا على التشاور يوماً جمعنا أرباب الأموال وأهل الوجاهة من غير تخير العقلاء منهم ولا تمييز الأغبياء من الأذكياء وحشرنا هذا الشتيت في قاعة حبس لا يراهم فاضل ولا يسمعهم خبير فيحيصون حيصة تنجلي عن نكبات تُجلب في صور مضار تدفع أو منافع تصنع وليس وراء هذا التقصير غير التدمير. ولئن قيل أن التجارب دلتنا على أن الشورى لا تنجح في الشرق أو أن الشرقيين غير عقلاء كما يزعم محبو الأثرة والانفراد بالتسلط قلنا إن اتحاد الشرقي مع الغربي في الخلق يرد هذه الدعوى الباطلة وإنما ثابر الغربيون على العمل بالشورى وأخذوا يصححون الأغاليط ويراجعون الخطأ وتبادلون الجدل عن عزائم صادقة حتى تربت الملكات

وتصورت المطالب أمامهم بصُور الواقعيات وما أوصلهم لهذه الغاية إلا اعتمادهم على الفضلاء والأذكياء منهم حتى اضطراب الأغنياء والوجهاء لدراسة العلوم والفنون السياسية التي بها ترشحوا للدخول في أندية الشورى وما زالوا يزاولون العلوم ويبحثون في الأمم والدول حتى قبضوا على أزمة الملك بعصبية قوية ووقفوا أمام ملوكهم حصوناً تقيهم الفتن الداخلية والغوائل الخارجية. فماذا على الشرقيين لو جاروهم في هذا الطريق وهي سهلة لا حزن فيها ولا وعورة ولا يلزم للدخول فيها أكثر من انتخاب العقلاء والفضلاء وانسلاخ أهل الذاتيات من التوجه إلى الوجهة الأجنبية وجمع الكلمة على توحيد السير في مذهب وطني لنخرج من مضيق هذه المصيبة التي أصيب بها بعض نبهاء الشرق من خدمة الأجنبي ولو بيع الوطن إليه. وما وضعهم في هذه النقطة الذميمة إلا التربية الأجنبية من جهة وتغافل الملوك عنهم من جهة أخرى ولكنهم لو تمعنوا الأمر وجمعوا كلمتهم على خدمة ممالكهم لا مكنهم أن يستميلوا الملوك لآرائهم النافعة ويستخدموا العظماء في المصالح التي تهدي إليها الاستشارة وتنقيح الآراء فإن تيار الأفكار والأعمال إذا انصب في أمة ساق المجموع أمامه وشغل كل إنسان عن سواه فتنصرف الأفكار إلى الوجهة التي جرى فيها والغاية التي ينتهي إليها فيكون كلٌ عاملاً مشتغلاً بفرع من فروع الأصل الإصلاحي ولا تسعى الملوك خلف شيء غير إصلاح ممالكها وتقوّي رعاياها على دفع العدو ومنع الخلل وتشييد دعائم المملكة بما يزيدها عظماً وضخامة ويكسبها ثروة ومدنية وإلا فما حظ الملك منهم من اختلاف آراء الأمم وتخاذل الناس عن نصره والتجائهم إلى الغير يخدمونه

بأضرار ملكهم والسعي في إزالة سلطانهم جرياً خلف الأوهام واغتراراً بخداع الأجنبي وتمويهه وهم قادرون على تربية أبناء بلادهم على حب الوطن والملة والدولة وتدريبهم على الأعمال الإدارية والحربية والصناعة وترقيتهم بقدر استحقاقهم وسد باب الأجنبي أمامهم بإعطائهم الحقوق الوطنية والملكية وتسليهم الأعمال العالية التي ترشحوا لها واستعدوا للقيام بأعبائها. فإنهم أن فعلوا ذلك ملأوا صدور الأمم محبة لهم واستمالوهم إليهم فكانوا أسهل انقياداً إليهم من رجال الاستعباد فإن المستعبد يقاد اضطراراً وهذا يخدم اختياراً وشثان بين الحالتين وسنعود لهذا الموضوع أن شاء الله تعالى معتمدين على الشواهد القرآنية والأعمال النبوية مؤيدين ذلك بما كان أيام الخلفاء الراشدين ليتحقق الشرقي إن السلامة والنجاح في الشورى وأخذ آراء المحنكين العارفين بالأمم وأحوالها فلا يعود للوثوق برأي النازحين ولا للاغترار بأقوال المحتالين ولا يقعد عن السعي خلف هذا المقصد الجليل الذي ما اخطأه قوم الإدار العاقل منهم بين الناس ينادي من حيرته ويقول بمن اقتدي إذا اختلفت الآراء. هذا ملخص الجواب الذي ورد لنا من صديقنا الماجد أحد أعيان الإسكندرية قال أيده الله تعالى. رأينا في العدد 25 من جريدتكم الغراء عبارة عن مسجد ليفربول ثم رأينا الرسالة المدرجة باسم الشيخ محمود س فكتبت لكم بما رأيته بعيني وسمعته بإذني وذلك إني دخلت بلاد الإنكليز لأشغالي التجارية فبلغني من أخواني الشاميين المسلمين أنه قد أسلم خمسون رجلاً في ليفربول واتخذوا

لهم مسجداً للصلاة فأخذت أحد أخواني وقمت من مانشستر إلى ليفربول فرأينا المسجد عبارة عن بيت قديم البناء مكتوب عليه (هاوس مسلمان) فطرقنا الباب فخرج لنا خادم وأدخلنا فرأيت في صدر البيت لوحاً عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وقد جعلوه قبلة لهم فوزنته على بيت الإبرة فوجدته في محلها فسألنا عن عبد الله كليم فقيل أنه يأتي وقت الغروب فتركنا له ورق الزيارة وعدنا إلى مانشستر وقد أعطانا الخادم رسائل صغيرة كتبت للترغيب في الإسلام ثم جاءنا كتاب من كليم بعد ذلك يشكر سعينا ويرجو مقابلتنا فأعلناه باستعدادنا فجاء مانشستر وقابلناه على المحطة مع جميع مسلمي الشاميين الموجودين هناك وتوجهنا به لمنزل أحد الأخوان ومعه ست من اللاتي أسلمن اسمها فاطمة وبعد تناول الطعام أخذ يشرح لنا قصته وما لاقاه من الصعوبة حتى أسلم معه خمسون رجلاً وأنه زوج أحد المسلمين بعقد شرعي وكل يوم جمعة ويوم أحد يخطب لهم خطب وعظ وترغيب ويبين لهم الصواب وجميع ما يصرف على المسجد هو من جيبه وإن سبب إسلامه أنه كان مسافراً لجبل طارق واجتمع بحجاج مسلمين في الوابور فسألهم عن عقيدتهم فأخبروه بها فأكب على مطالعة الكتب الإسلامية وتعلم من الحجاج بعض سور قرآنية وعقائد إسلامية. ثم حرض المسلمين على فتح مسجد في مانشستر فقاموا في الحال وقمت معهم للتفتيش على محل يليق ثم قر رأيهم على بنائه ثم اشتقنا لرؤية مسجد ليفربول وهم يصلون فيه فتوجهت مع جماعة من إخواني المسلمين وعند مجيء الوقت قام تلميذ هندي وإذن بالعربية ثم قام أحد الإنكليز وأذن بالإنكليزية في بلكون البيت

فاجتمع خلق كثير وحضروا لسماع الخطبة وبعد الفراغ منها قال لهم كليم الآن تقام الصلاة فمن كان مسلماً فليبق ومن أراد الخروج فليخرج وأقيمت صلاة المغرب وصلينا جماعة وأخبرنا الرئيس أنه عزم على جعل محل خاص بالنساء وأنه كتب على أمراء الهند ليرسلوا إليه مرشداً يعرف الإنكليزية وأنه عازم على إنشاء مطبعة لطبع رسائل دينية وجرائد إسلامية ثم ودعناه وانصرفنا راجعين على مانشستر ومن عهد أيام حضرت نسخة من جريدته التي أنشأها وقد كتبت لحضرتكم بحقيقة الأمر تاركاً بواطنهم إلى الله تعالى فليس لنا إلا الظاهر والله يعلم البواطن. (الأستاذ) معلوم أن إسلام الإنكليز من الممكنات فلا يبعد على الله تعالى أن يشرح صدر بعضهم إلى الإسلام فإنه ممكن ونحن نرضى بما رضي به إخواننا من الظاهر الذي رضيه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من ابن أبي ابن أبي سلول وإخوانه وننتظر العاقبة فإن انتهت بطرد مسلمي ليفربول على البلاد الإسلامية بدعوى أنهم أفسدوا عقائد العامة رجعنا إلى رأينا الأول وأن استمروا على ما هم عليه أدخلنا إسلامهم في باب الممكنات وما يدعونا لعدم التصديق إلا ما نراه من التضييق على المسلمين الأصليين وهم في بلاد الإسلام فكيف بهم بين أظهر الإنكليز في بلادهم وما نحب أن تعود لهذا الموضوع فإن الأعمال تغني عن الأقوال. وغاية ما نتمناه من جانب الحق سبحانه وتعالى أن يوفق من شاء لما شاء فإن الأمر مرجعه إليه وهو جل وعلا الفاعل المختار وبه الاعتصام في كل حال.

الحرب أخت الإنسان

الحرب أخت الإنسان بقلم الأديب المجيد محمد رفيق بك العظم الدمشقي قال لو تتبعنا تاريخ الإنسان لوجدنا الحرب علة ملازمة له منذ نشأ في بقعته الضيقة الأولى ونما بفعل التوالد فتحول عن تلك البقعة جماعات وأحزاباً في التماس الرزق واضطرت تلك الجماعات والأحزاب إلى الاجتماع المدني الذي ولد فيها المنافسة والحسد وحب التغلب فأخذ بعضها يسطو على بعض ثم عمدوا من ثم إلى أعمال الفكرة فيما يدافعون به عن أنفسهم عند مسيس الحاجة فاستعملوا العصا ونحوها من الآلات الحقيرة حتى اضطروا بحكم الضرورة إلى استبدالها بما هو أشدّ منها تأثيراً وأقوى فعلاً فاخترعوا الفؤُوس والسكاكين من الحجر الصلد ثم ترقوا من ذلك على عملها من النحاس ثم من الحديد وترقت بهم الحاجة مع ترقي المدنية إلى تخطيط المدن وتشييد الأمصار وحفر الخنادق وإقامة الأسوار واختراع السيوف والرماح والدروع وما ماثل ذلك من آلات القتال. ولا يخفى أن كل هيأة اجتماعية لابد لها من رئيس يدبر أمورها والظاهران أول جمعية من الإنسان انضم أفرادها في سلك الاجتماع أقامت لها رئيساً ينظم سيرها ويقوم بأمرها ومن ثم تأسست الحكومات البسيطة التي يرأسها الشيخ ثم الأمير وهكذا تقدمت بتقدم المدينة والعمران إلى أن صارت حكومات كبرى منتظمة يتولاها الملك أو السلطان ومن البديهي أنه يقدر عظم الجمعية تعظم مطامعها فتندفع إلى التغلب على الضعيف من الجماعات

وذلك مما يدعو إلى التفنن باختراع الآلات الحربية التي يترتب عليها حماية الذمار ودفع الأخطار. وبناء على ذلك تكون الحرب قد نشأت من الإنسان وترقت بترقيه في كل زمان وهي باعتبار أسبابها علة سارية في جسم المجتمع العالمي لا سبيل لاستئصال جراثيمها المتولدة في الجمعيات الإنسانية إلا بأحد أمرين أما بوضع قوانين أشبه بالقوانين الموضوعة للأفراد ترتبط بها الأقوام كارتباط الأفراد فتلزم كل قوم بمراعاة جانب الحق وأما بوقوف الإنسان عند حد الواجب ومعرفته ماله وما عليه. فالأول يحتاج على قوة تقوم بتنفيذ ذلك القانون كالقوة الحاكمة التي تتولى فصل المشاكل بين الأفراد طوعاً كان أو كرهاً والثاني يتوقف على بلوغ المرء من المدنية درجة تقف به عند حد الكمالات الإنسانية. ولما كان الإنسان مفطوراً على الطمع وطلب المزيد دائماً ولو بلغ من الارتقاء ما بلغ كان كلا هذين الأمرين ممتنع الحصول بين الناس. أما الأول فلأننا نرى الحاكم الذي يتولى فصل الخصومات بين الأفراد لو حكم على أحد بمقتضى القانون أن يدفع حقاً لآخر مثلاً ثم تركه لاختياره في قبول ذلك الحكم أو رفضه لاختار الرفض على القبول بلا كلام فحينئذٍ تنفي الفائدة المقصودة من وضع القانون لو لم تكن وراءه قوة تجبر على تنفيذ مقتضياته وهي القوة الإجرائية التي هي في غير شخص ذلك الحاكم مما اختص به رجال التنفيذ المكلفون باتخاذ وسائله التي رتبها لهم القانون وإذا كان القانون قائماً بالقوة بين الأفراد فما بالك به بين العموم لا جرم أنهُ يستحيل

وجود قوة إجرائية تكون نسبتها إلى عموم الجماعات أو بعضها كنسبة تلك إلى خصوص الأفراد وعلى تقدير إمكان وجود تلك القوة وتنفيذها للأحكام فبأية صفة إجرائية ينبغي أن تكون إذ يلزم أن تخالف الصفة التي يعامل بها الأفراد خلافاً ربما يكون من نتيجته المقاومة التي يبعث عليها انضمام العصبية فإن المجموع صعب من الفرد انقياداً. ورب قائل أن وضع القوانين وأن استحال لهذه الأسباب فإنه ممكن إذا كان الغرض جعله حكماً يرجع إليه عند وقوع الخلاف بين الدول فيفصل فيه بطريق المسالمة والتراضي فالجواب عن هذا أنه وإن يكن قريب الحصول عديم الجدوى لأنه لابد وأن يكون مصدر الخلاف بين الدول تعدياً ناشئاً عن طمع إحداهن في اهتضام جانب الأخرى وسلب حقوقها والمتعدى غالباً يكون على ثقة من قوته وقدرته ولولا ذلك ما اعتدى وهو يعلم أنه إلى جانب الخيبة أقرب فكيف مع هذه الثقة العمياء يقبل حكماً يسلبه ما طمحت نفسه إليه وتعلقت مطامعه به وهكذا الحال بين عامة الدول ولا حكم لديها إلا للقوّة والسيف فكثيراً ما يقع بين الدول معاهدات وشروط على حفظ السلم وصيانة حقوق الرعايا مما هو أشبه بالقوانين فلا تلبث أيدي المطامع أن تمزقه فنثور ثائرة الحرب وغائلة العدوان، وفي هذا كله برهان على عدم إمكان الأمر الأول. وأما الأمر الثاني فهو كذلك أيضاً بدليل مرور الآلاف المؤلفة من السنين على نوع الإنسان مع عدم وصوله إلى نهاية الكمال فإن الكمالات لا تتناهى وكيف لا يكون كذلك ونحن نرى أعظم الأمم في هذا العصر علماً

ومدنية أقربها على الشر واشدها تهافتاً على بواعث المنازعات والمخاصمات فإني للإنسان أن يصل إلى درجة الكمال الصحيح. ولا عبرة بما يراه البعض من أن الاختراعات الحديثة المتوالية في معدات الحروب ستكون سبباً في منع الحرب بين الدول المتمدنة نظراً لخطر غوائلها من تخريب البلدان وإزهاق الأرواح وما شاكل ذلك مما تأباه بزعمهم العواطف الإنسانية الشريفة. فلو سلمنا باحتمال منع الحرب بين الأمم المتمدنة فإنما يكون المانع منها إلى أجل محدود هو المناظرة القائمة بين الدول في إعداد المهمات الحربية التي تستلزم بقاء التوازن بينهن جميعاً على أن هذا الاحتمال بعيد عن اليقين أيضاً لما عسى أن يفضى إليه استمرار المناظرة من تحمل الناس من مصائبها ما ينزع منهم الصبر فيثورون مندفعين بحكم الضرورة إلى الحرب تخلصاً من تلك المصائب وبيعاً لتعب الحال براحة المآل ولو زمنا ما. ولو تأملنا في أحوال الوجود قليلاً لرأينا أن التمدن الغربي الحالي من أهم الأسباب الجالبة للحرب نظراً لوصول أهله من التفنن في الأعمال على درجة أوجبت سد أبواب الأرزاق في أوجه الضعفاء منهم فاضطرتهم الحال لأحد أمرين أما أن يقوموا ضد حكوماتهم وأغنياء بلادهم وأما أن يهاجروا سعياً وراء الرزق وكلا الأمرين لا يتم بغير القوة والعصبية أما الأول فيكفي في إثباته ما نراه ونسمعه من ازدياد الفوضويين والاشتراكيين والعدميين في أوروبا وما هم الأقوم ضيقت عليهم سبل الأرزاق فاضطروا إلى التجمهر والتماس الرزق بقوة السيف وطلب المساواة في جميع الحقوق وهو أمرٌ وإن لم يبعث الآن على حرب فلسوف يزداد هو له بازدياد تقدم التمدن الجديد.

التشخيص العربي

وأما الأمر الثاني وهو المهاجرة فإنه قائم بالاستعمار في البلاد التي لم تطأها قدم التمدن الجديد وهيهات أن يستسلم سكان تلك البلاد على عوامل التغلب عليها دون حرب ولا قتال وذلك من المشاهد المحسوس وزد على هذا ما ينشأ عن التزاحم الاستعماري فإن الحاجة إلى الاستعمار تزداد يوماً عن يوم وسوف يظهر تسابق الدول في ميادين المناظرة الاستعمارية في أفريقيا وآسيا ما هو خفيٌ الآن. وبناءً على ما تقدم يلزم أن نحكم باستحالة امتناع الحرب إلا إذا استحال الإنسان وزال منه الطمع بالمرة فهي ما زالت ولن تزال ناشرة جناحيها على الخافقين. وللحرب أسباب سنفرد لها مقالة أخرى إن شاء الله تعالى. التشخيص العربي سرنا تقدم هذا الفن الجليل في هذه الأيام وارتقاؤُه إلى درجة لا تنحط عن درجة التشخيص الغربي وسرنا أيضاً ما رأيناه من إقبال الجمهور عليه وارتياحهم إلى تقدمه ونجاحه فقد كان تياترو شارع عبد العزيز في ليلة الجمعة الماضية غاصاً بالناس على اختلاف طبقاتهم لحضور تمثيل رواية محاسن الصدف وهي رواية بديعة نالت من القبول أوفر نصيب من تأليف صديقنا الفاضل ((محمود أفندي واصف)) ولقد أجاد المشخصون كل الإجادة وأبدعوا غاية الإبداع ولاسيما حضرة المتفنن البارع الشيخ سلامه حجازي فقد خلب القلوب بحسن تشخيصه وشنف الأسماع بدرر أنغامه. وقد قام في وسط هذه الحفلة حضرة الخطيب البليغ الفاضل إسماعيل

بك عاصم وخطب في موضوع هذا الفن وشهد لهذا الجوق الوطني المصري بالتقدم والبراعة وحض الناس على موازرته والإقبال عليه ثم دعا صديقنا مؤلف الرواية للكلام فقام وارتجل خطاباً في فضل التشخيص ومنفعته للهيئة الاجتماعية وحرض الناس على الأخذ بما فيه تقدمه وارتفاع شأنه ثم مدح هذا الجوف بما هو أهله وختم خطابه بالدعاء للحضرة الخديوية الجليلة أصل كل تقدم وسبب كل نجاح هذا وإننا نلتمس من قومنا الفضلاء أن لا يضنوا على هذا الجوف الوطني بإقبالهم عليه وحسن التفاتهم إليه فهو الجوق الذي طالما تمنيناً وجود مثله من زمن مديد. ولقد تكرمت الحضرة الفخيمة الخديوية بتياترو الأوبره الأعظم على جناب النبيه سليمان أفندي حداد ليشخص فيه خمس روايات فباشر العمل وانتهى إلى الآن من تشخيص ثلاث منها قام المشخصون في كل واحدة منها بما استلفت الأعين وأجرى الألسن بامتداح اقتدارهم والثناء على رئيس الجوق فنسأل الله تعالى أن يوفق الجميع ويمن عليهم بنعمة الإقبال. في الأسبوع الماضي تشرف صديقنا البارع محمود أفندي واصف بمقابلة صاحب الدولة والمهابة رياض باشا فنال من دولته مزيد الرعاية والالتفات. وردت إلينا رسالة مسهبة في فضل الزواج وبيان فوائده وإظهار مضار الجهاز (الشوار) وما ينشأ عنه من الخسائر الجسيمة وهي من إنشاء حضرة الذكي النجيب إبراهيم أفندي الانجباوي أحد مستخدمي قلم قضايا الحكومة

الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس

بالإسكندرية وقد أخرنا ضيق المقام عن أدراجها في هذا العدد فنعتذر لحضرته عن ذلك. الجوهر النفيس على صلوات ابن أدريس تأليف العلامة الفاضل والمحقق الكامل الشيخ محمد خليل الهجرسي كشف به غامض هذه الصلوات الجليلة وبين المعمى من معانيها الدقيقة بعد أن تاه في مشكلاتها كثير من الناس وهو كتاب كأسمه جوهر نفيس يدل على طول باع المؤلف وتمكنه من العلوم الصوفية وغيرها وقد التزم طبعه صديقنا الماجد الحاج أمين أفندي مَدْور في المطبعة الأميرية فجاء كتاباً لطيف الطبع والوضع ينير البصيرة ويصفي السريرة. أما ثمنه فعشرة قروش مصرية. مرآة التأمل في الأمور رسالة لطيفة لذات العصمة والعفة الفاضلة عائشة هانم التيمورية نددت فيها على كثير من عادات النساء وبعض المصائب التي تحدث من خروجهن وفساد أخلاق الجواري اللاتي تركن وشهواتهن فكانت أكبر عظة من فاضلة لها في الآداب والأخلاق باع طويل وأننا نهنيء عصرنا بوجود مثلها فيه ونرجو أن ينفع الله تعالى بتأليفها ويطيل حياتها الطيبة المباركة.

التقدم المصري

التقدم المصري مجلة شهرية ورد إلينا العدد الأول منها فوجدناها كما كتب في طرتها علمية أدبية تنشيطية وقد اشترك في تحريرها حضرات أعضاء جمعية التقدم المصري وعدوا بإدارتها لحضرة الكامل الشيخ أحمد القوصي أحد نوابغ الشبان بمدرسة دار العلوم وقيمة اشتراكها في السنة 25 قرشاً في مصر و30 في البلاد الأجنبية فنرجو لها رواجاً ولأصحابها الكرام توفيقاً ونشكر هذه النهضة التي تبشرنا بأن في السويداء رجالاً يظهرون عند الحاجة إليهم. وقد تصفحنا هذا العدد فوجدناه سهل العبارة قريب المفهوم ورأينا في ختامه حمل زجل بديعاً لمدير الجريدة فسألنا الله تعالى أن يكثر من رجال الفضل والأدب وأن يجعل التقدم المصري دائماً بدوام نهضة أبنائه. يسرنا أن نرى تلامذة المدارس المصرية يتسابقون في مضمار الإنشاء ويشتغلون بتمرين قرائحهم على الكتابة في مواضيع الآداب والحكم وقد وقفنا على رسالتين من هذا القبيل أحداهما في الصيام وفوائده من إنشاء محمد أفندي عسكر والثانية فيما يجب على التلميذ بالمدرسة من إنشاء محمد أفندي إبراهيم وكلاهما من تلامذة السنة الرابعة بمدرسة الجماليه فنحث إخوانهما التلامذة على مجاراتهما في هذه السبيل ولكل مجتهد نصيب.

العدد 34

العدد 34 - بتاريخ: 11 - 4 - 1893 العيد السعيد صرنا في العقد الثالث من شهر رمضان المبارك الذي هو غنيمة الصالحين وطلبة المتقين قام فيه المسلمون بشعائر الصوم امتثالاً لأمر الله تعالى الذي لا تنفعه الطاعة ولا تضره المعصية وإنما تعبدنا بمثل الصوم والصلاة والحج والزكاة ليمتاز الطائع من العاصي ويتحقق كل فريق بحقيقة حكمة هذه للجنة ولا أبالي وهذه للنار ولا أبالي {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفون إلا من رحم ربك} فكان منا معاشر المسلمين الساهر في المساجد اعتكافاً وتهجداً والذاكرون الله كثيراً والذاكرات والمتصدقون والمتصدقات والمعفرون جباههم ذلاً بين يدي مولاهم وإظهاراً لفقرهم وعبوديتهم لمن ابتدعهم وأنشأهم والمترنمون بالقرآن العظيم تبعداً واعتباراً وتفاهماً وادّكاراً والمشتغلون بالأوراد في الأسحار لا يطلبون إلا رضا الله تعالى والمتزاورون تأليفاً وجذباً للقلوب وتصفية للبواطن وأنسا بالمحادثة

والمسامرة فنحن في أيام رضوان وإحسان تمطرنا سحب الرحمة والغفران فحق لنا أن نبكي على فراق شهر كثرت فيه الغنائم الأخروية والمسرات الدنيوية لولا مجيء العيد عقبه ينشر علينا رايات الفرح ويدق طبول السرور لتفرغ الناس من أعمالها وأشغالها المعاشية إلى الملابس الفاخرة والتظاهر بالفرح والابتهاج وليتبادلوا التهاني والتبريك بوجوه مسفرة ضاحكة مستبشرة وليهرعوا إلى باب خليفتهم الأعظم وسلطانهم الأفخم أمير المؤمنين بالآستانة وخديويهم الأجل الأكرم أميرهم المعظم في مصر مهنئين ومقتبسين من أنواع الحضرتين ما تبتهج به النفوس وتنشرح له الصدور فإذا انتهوا من حضرتي المجد والشرف خرجوا كالأقمار مترددين على أبواب الأمراء الفخام والذوات الكرام ثم على أبواب بعضهم البعض في يوم ما ترك بيتاً إلا ملأه بالفرح والسرور ولا فقيراً إلا غمره بالإحسان من فضل زكاة أو تحف مبرة فلله رمضان ولله عيده. وعند تذكرنا هذا كله نودع هذا الشهر الجليل وداع الراجين لعودته الآسفين على فراقه ونستقبل العيد الجليل بإدخال السرور على الفقراء والمساكين ليكون السرور عاماً وحيث أن يوم العيد صادف يوم صدور الجريدة فلا تصدر فيه لنساوي من فرغ من عمله وتجرد لاغتنام الإنس والحظوظ ولهذا فإننا نتقدم بين يدي الحضرتين السلطانية والخديوية بتقديم واجبات التبريك والتهنئة داعين بحفظ هذين السندين وتخليد مجد الدولة العلية التي هي مرجع الكلمة الإسلامية وأن توزع المسلمون في أقطار متباعدة ووجد بعضهم تحت سلطة دول أخرى فإنهم جميعاً يحترمون مقام الخلافة العظمى ويعترفون أن السلطة الأجنبية عارض لا يدفعهم عن تعظيم إمام

العدوى الأوروبية للبلاد الشرقية

المسلمين وأمير المؤمنين ولا يحل الرابطة التي عقدها توحيد الدين فيهم وفيمن هم تحت سلطته وسيادته أعزه الله تعالى كما نهنيء أمراءنا العظام والوجهاء والأعيان بل وجميع أفراد الأمة المحمدية بهذا العيد المبارك ونرجو لهم دوام الإنس والابتهاج وقد تخللت رمضان أيضاً أعياد مواطنينا ونزلائنا من الشرقيين والغربيين فكانت التهاني عامة والإنس شاملاً فنهنئهم بأيام أنسهم وأعياد سرورهم راجين دوام اتصال المحبة والمعاشرة ومبادلة التزاور والتهاني بين أمم حاجتهم على الألفة وتوحيد السير حاجة المريض على الشفاء. وإذا تفضل المجموع بقبول تهنئتنا كانوا من المتفضلين على من جعل هذه الكلمات في مقابلة وقوفه في كل باب قائلاً كل عام وأنتم بخير تحفكم النعم ويعمكم الإنس والسرور. العَدْوَى الأوروبية للبلاد الشرقية من قابل بين بلاد الشرق قبل استيطان الأوروبيين بها وقبل استيلاء بعض دول أوروبا على بعضها وبين حالتها الراهنة من حيث الآداب العامة رأى فرقاً كبيراً وتبايناً عظيماً فإن الواقف على عادات الشرقيين وقواعد أديانهم يعلم أن المسلمين والمسيحيين والإسرائيليين يرون تحريم الزنا من الجهة الشرعية وقبحه من الجهة العقلية ويرون صيانة الأعراض من الواجبات ومع خروج نساء الريف مكشوفات الوجوه كنساء عرب البادية واليهود فإنه ما كان يجرأ رجل على التعرض لامرأة بشيء يمس الشرف ولو وقع شيء من ذلك لهلك في الحال بإيقاع أهلها به وربما أوقع به أجنبي منها. وكان الناس

على اختلاف أديانهم يتحاشون وجود النساء معهم في المجامع واختلاطهم بهن في الأفراح ويمتنع كل الامتناع دخول امرأة في مجمع لهو. وإذا لعب الهوى بعقل امرأة تركت بلدها وإقليمها وسكنت في بلد آخر خوفاً من فتك أهلها بها ولا يمكنها أن تنتسب إلى أهلها أو تخبر باسمها الأصلي بل تغيره وتدعي النسبة لغير أهلها ستراً عليهم وخوفاً من عثورها بهم. ولا توجد بغي في بيت متظاهرة بالبغاء بل تتستر بقدر ما يمكن خوفاً من علم الحكومة بها فإن الحكومات الشرقية كانت محافظة على الآداب الشرعية والحقوق الشخصية فكانت إذا عثرت ببغيّ عاقبتها وأبعدتها خشية أن يسري ضررها على جارتها بإفسادها عقولهن بما تغرسه فيها من تزيين البغاء وتحسين مجامع الفساق ومدح الغلمان وذم الاحتجاب وغير ذلك مما تحتال به على هتك الأعراض وإخراج المخدرات على الطرقات بالحيل والإيهام. فكانت الأعراض مصونة والرجال آمنون على بيوتهم غابوا أو حضروا لعدم اشتغال أفكارهم بشيء يشوش عليهم من جهة النساء وإذا سافر أحدهم سفراً بعيداً أو قريباً أوصى جاره على بيته فيتعهد أهله وأولاده ويقضي حوائجهم ويغار عليهم غيرته على أهله ويحافظ عليهم محافظته على بيته وعرضه وربما جاور الرجل أخاه من الصغر إلى الشيخوخة ولم يتفق له أن رفع بصره لشباك أخيه مرة فضلاً عن تعرضه لحُرمه وكان الرجال المسلمون أبعد خلق الله عن الخمر والإسرائيليون لا يشربونها إلا في الأعياد والمسيحيون لا يشربون منها إلا القليل في أوقات مخصوصة أما نساء الأقسام الثلاثة فإنها ما كانت تذوقها ولا كان الرجال يدخلونها عليهن لعلمهم أن ما بعد سكر المرأة إلا الافتضاح والميل على البغاء. فلما تداخل

الأوروبيون في البلاد الشرقية بالتجارة والتغلب أفسدوا أخلاق الرجال والنساء بما أدخلوه فيهم من مسمى مدنيتهم التي هي الرجوع إلى البهيمية حيث دخل الشرق الكثير من نسائهم البغايا وفتحت المحلات جهاراً وتعرضن للشبان والكهول في الطرقات وتزين بأحسن ما يمكنهن وخرجن يعرضن أنفسهن على المارة في الطرقات فاستملن عقول الشبان ثم جذبن ضعفاء العقول وما زلن يتنقلن من صورة إلى أفظع منها حتى دخلن البيوت زائرات فأفسدن أخلاق كثير من النساء الشرقيات ثم اتخذهن الفساق وسائط فلبسن الملابس البلدية ودرن في بيوت الأحرار فعمت البلوى وأخذ نساء الشرق يتجرأن على الخروج من البيوت سراً ثم تظاهرن فخرجن جهراً ثم تمادين حتى صارت المرأة تترك زوجها وتفتح لها محلاً في بلده أو حارته وانتهى الأمر بشرب النساء الخمر فزاد التهتك وضاعت أعراض كثيرة وافتضحت مخدرات وذهب مجد بيوت عالية بخروج بعض نسائها لهذا الأمر الشنيع ثم ترقى الفجور إلى أن صار النساء يحضرن مجالس اللهو ويذهبن إلى التياترات ويرقصن في البالو بأنفسهم بحضور أزواجهن ويشربن الخمور في المواخير ومجامع الأوباش وهم بحضرة رجالهن وصار الرجل لا يأمن أخاه على زوجته والجار لا يخاف إلا من جاره ووقعت الشبهة على كل مارّ في الطريق وأصبح أصحاب الأعراض النقية في حروب شديدة بما يقاسونه من السعي خلف الصيانة والحفظ والخوف من الانحدار في هذا التيار القبيح الذي جرف البيوت المقفلة على من فيها فهدم أسوار صيانتها وزلزل أركان عفتها وتركت من كان فيها كالدر في الصدف مبتذلاً بين الناس معرضاً للفساد. وقد

وقف الناس على أسرار بعضهم فحدث كل صاحبه بمن يعرفها من النساء وما فعله من القبيح وأخذ كل يشيع ما سمعه عن امرأة غيره وهو لا يدري أن غيره يشيع على ارمأته ما هو أشنع وأفظع وقد تهاونت الحكومات الشرقية في هذا الباب تهاون الراضي بهذا الابتذال وربما رخص بعضها فيه بأمر وعالج البغايا للزناة بأطباء من عنده بدعوى المحافظة على الصحة ولو حافظت على الأعراض ما وقعت في هذا العار الشنيع. وقد زاد ضرر الزناة حتى صاروا يتكلمون في أعراض الطاهرات المصونات كذباً وافتراء ويرمونهن بالقبيح بغياً وعدواناً وصار البغايا كذلك يسمون أنفسهن بأسماء نساء البيوت العالية والنساء الطيبة البريئة من هذه الدنيئات. وهذه أمور لم تكن معهودة في الشرق قبل تجول الغربيين فيه وكنا نتألم نحن معاشر المصريين من هذا العيب القبيح والخروج المذموم ظناً منا أن ما أدخله الإفرنج في بلادنا من المصائب لم يصب به غيرنا ولكننا علمنا من أحوال تونس ما هو أقبح وأشنع فعلمنا أن ذلك أمر مقصود لكل دولة أوروبية حلت بلاداً شرقية لحل عروة الدين التي هي العروة الوثقى في الجامعة العصبية والالتئام الوطني فقد رأينا في جريدة الزهرة التونسية حال كلامها على الحكومة الفرنساوية ما نصه (وليس لها من مأثرة حميدة تذكر أو صنع جميل يشكر سوى تكاثر الفواحش والفساد والأضرار بالعباد فمنذ تغيرت الهيئة البلدية السابقة عظم مصاب المومسات الأوربيات وتفاقم خطب انتشارهن بين الحرائر في معظم الشوارع المعتبرة وفي حارات الأهالي والأجانب وكثرت أسواق الفجور واشتدت وطأة انتصابهن بالشوارع وأبواب دكاكينهن

وتجاذبهن أثواب العابرين واتسع خرق اعتدائهن على الجيران والعبث براحتهم بألوان المنكرات آناء الليل وأطراف النهار وما لجيرانهم من ظهير ولا نصير يقدمون العرض حالات ولا يجابون ويشتكون ولا يسمعون وكيف يرجى الإصلاح من إدارة مهملة مستبدة معتدية على القوانين لا دأب لها إلا استخلاص الفرنكين ونصف معلوم الاختبار الطبي من ساكنات حواني مصدرة بفرش لا تبعد ذراعين عن أبوابها بدون أن تأخذها في هذا العار لومة لائم) وبعد كلام طويل في الإدارة وسوء أعمال الأجانب فيها قالت ((وطالما كتبنا المقالات المسهبة والاستلفاتات المطولة وبينا سوء الحالة الراهنة وهتك الإدارة البلدية لحرمات النظامات والعوائد بإباحتها للمومسات السكني حيث يشأن وأحداثها أسواقاً للفسوق بأحسن مراكز وأهم شوارع مدينة توفرت فيها محاسن المدنية وحافظ أهلها على قوانين الحياء والآداب العامة فلم تكترث بشيء من ذلك ولم يزدها إلا عناداً وكأن لسان حالها يقول إني أفعل ما أشاء وأخالف القوانين والعاجز من لا يستبد)) ثم أطالت في هذا الموضوع بما يوقف كل شرقي على توحيد وجهة الأوروبيين في إفساد أعراض الشرقيين وعقولهم وإذهاب أموالهم ومعتقدهم بما يدخلونه عليهم من هذه المصائب والدواهي ولكننا معاشر المصرين لم ندخل تحت الحماية الإنكليزية دخول تونس تحت الحماية الفرنساوية فماذا يمنعنا من المحافظة على الآداب والقوانين الشرعية فيما يختص بالعرض وصيانته ونبعد المومسات والبيوت السرية عن مساكن الأحرار ونحجر على كل امرأة ذات يعل أو بيت شريف الوصول إلى البقعة النجسة التي تتعين للبغايا ونشدد العقاب والنكال على

من هتكت حجاب عفتها من أي بيت كانت ردعاً وزجراً وحفظاً لذوات المجد والشرف. ومن يرى مانعاً من ذلك ولأوربيون عند اختلاطهم بنا لم يشترطوا علينا التخلي عن بعض أحوال ديننا والتنازل عن عوائدنا وشرف بيوتنا وإنما كان ذلك بتهاون الرجال في خروج النساء من البيوت وتغاضي الحكومة عن امتداد القبائح وانتشارها والتوسع للنساء في المجامع وأماكن الملاهي وابتذال الرجال في السكر وسهرهم في البيرة والخمارات وبيوت العاهرات وتركهم نساءهم يتقلبن على جمر الانتظار حتى وقع الملال وجر إلى الخبل والخلل ثم إلى تكاثر العلل والتعود على الزلل وأصبحت الطرقات ممتلئة بالمومسات في صور الحرائر وفتحت القهاوي لرقص الشرقيات بين أهلهن والأجانب وأسودّ وجه المجد بما يسفه أحلام الشرقيين ويلحقهم بالقرود في التقليد الأعمى. فنحن نقسم على الحكومة بما علمته من شرف الصيانة ومجد الاحتجاب وما متعت به رعاياها قبل ذلك من قطع عروق الفساد وعقاب الزناة وإصلاح شأن الشبان أن تغيثنا بتدارك الخطب قبل أن يقع فيه العظيم والحقير ويرجع الناس إلى البهيمية بمزج الأنساب بطريق العيث والإفساد ووقوع البلاد في مصائب التلوث بالقبيح إلى درجة لا يمكن تداركها فإننا نرى هذا الأمر يزيد كل يوم بقدر ما كان يحصل منه في قرن قبل هذه الأيام السوداء. ولا يعز على الحكومة اتخاذ طرق الصيانة وكف البغاة عن أعراض الحرائر وهي في قبضة الأمير الغيور على الحرمات حضرة الخديوي الأفخم مولاي الشهم عباس باشا الثاني ولا همّ له إلا إصلاح شؤُون بلاده وتقدم الأمة في الآداب وحفظها من لك ما يثلم الشرف وقد عهد إلى وزيره

الشهير بصدق الوطنية ذي الدولة رياض باشا الذي يهمهُ في هذا الشأن ما لا يهم غيرهُ لشدة غيرته على آداب الأمة وصيانة حقوق أهل بلاده المقدسة. ونحن على يقين من سماع هذا النداء وإجابة الطلب فقد اتسع نطاق الفساق وراجت أسواق الفسوق وغفل الشبان الأغرار عما وراء ذلك من ضياع المجد وسوء المصير إذ لم يجدوا زاجراً يردعهم عن غوايتهم ويردهم إلى ما هو الأنفع الأصلح لهم خصوصاً أبناء الأغنياء الذين شبوا على السرف والتلف وبعدوا عن طرق الكمال واسترسلوا خلف الشهوات آذانهم لم يتعبوا في تحصيل شيء مما ينفقونه حتى يعرفون قيمته وإنما جمعهُ آباؤهم من وجوه شتى فتسلط عليه هؤلاء السفهاء الأغبياء بالصرف فيما يجلب العار والنار وابقوا لهم السؤال عنه يوم لا ينفع مال ولا بنون فعليهم أن يساعدوا الحكومة بالحجز على أبنائهم والتجسس عن أحوالهم وزجرهم بما يردّهم عن هذا الطريق الهمجي ويكفي ما فات فقد ضحكت علينا الأمم بكل ما يضحك به على الأطفال ونحن عن مقاصدهم ساهون. نخدم ونصنع ونزرع فإذا حصلنا شيئاً من المال صرفناه للأجنبي والأجنبية حتى اصبحوا أغنياء وأصبحنا فقراء وكل ذلك طرأ علينا بعدم المحافظة على عوائدنا الدينية والوطنية وتهاون القادة وتساهلهم والدواء غير متعذر إذا بحثت الحكومة في هذا الأمر العظيم وحافظت على المال والعرض بوضع الحدود والأوامر النافذة ولا نلبث أن نراها اجتهدت وفعلت وما ذلك على الله بعزيز.

تهنئة

تهنئة نهنيء صاحب السعادة الفاضل محمد سعد الدين باشا مدير الغربية بمولود طالما حامت حول قدومه الأماني وهو أول مولود ذكر لهذا الماجد جعله الله تعالى خلفاً مباركاً وفرعاً زكياً لأصل طيب طاهر فقد سررنا بقدومه لسرور صديقنا ببلوغه هذه الأمنية المحفوظة بعناية الله تعالى كما نهنيء بمثل هذا الفاضل الكامل علي بك ذو الفقار رئيس النيابة الزقازيق فقد رزق بمولود اسمه محمد جعله الله خلفاً باقياً وأدام لهذين الفاضلين سرورهما بكل محبوب عندهما آمين. الطرق وما فيها من البدع لا تزال هذه الطوائف تبتدع أموراً تضحك السفهاء وتبكي العقلاء وتحتال لمطامعها البهيمية بما جلب العار على الأمة وسلط علينا الأجنبي يهزأُ بديننا ويقبح أعمالنا ظناً منه أن ما يجريه هؤُلاء الجهلة من الدين. فقد كتب جون بول صهر عبد الله كليم مسلم ليفربول كتاباً يرد به على صهره وجعل الرد وسيلة للطعن في الدين الإسلامي بأقبح ما يقال واستدل على بطلانه بأعمال هؤُلاء الجهلة فقال ورأيت في مصر درويشاً كان معتقداً وله مقام يجتمع عنده الناس في مولوده حتى الخديوي وهناك يرى الإنسان المسلمون يرقصون ويطبلون ويزمرون ويفعلون أموراً فظيعة يزعمون أنها كرامات لهم وهي أمور تياترية الخ ما قال فهلاَّ اتخذ الناس طريقة للموالد والمجالس غير هذه الطريقة الشنيعة وهلاّ رجع هؤلاء الجهلة عن بدعهم والتزموا

طرق أشياخهم الذين يدّعون أنهم على آثارهم وما هم إلا في أيدي الشياطين يلعبون بهم كيف يشاؤن أين تصفية الباطن التي هي مدار الطريق وأين الخمول مع هذا الظهور وأين التواضع مع ركوب الخيل والبغال يقدمها الطبل والمزمار كأن الخليفة مأمور مركز أو ضابط بلد وأين البعد عن الناس مع هذه المزاحمة الدنيوية وأين البعد عن الرياء مع الوقوف بين مئات الألوف نتمايل ونتلوى وأين الإرشاد مع هذه البدع وأين الأشياخ إذا أردنا السلوك ومن نراهم رجال اتخذوا الطريق وسيلة معاشية أما آن لهذه البدع أن تموت ولهؤلاء الجهلة أن يتنبهوا ويعلموا أنهم بين أمم ينظرون أعمالهم وينتقدون أحوالهم ويكتبون عنهم ما يكتب عن الهمج وسكان البوادي. إن الطريق المسلوك للقوم مبني على الإخلاص في العمل وحب الخلوة والبعد عن الناس والصمت عن اللغو وملازمة الذكر ومداومة السهر فيه وفي التهجُّد والزهد فيما في أيدي الناس والتمسك بالسنة والإرشاد إلى الطريق المستقيم وأين هذه الأصول الشريفة مما نراه الآن من الخروج عن الحدود واستبدال السنة بالبدعة وترك الشرع بهوى النفس والطامة الكبرى دعوى بعض الأشياخ وانتحاله ما يضر بالعقيدة وإصلاحه العامة بما ينقله إليهم عن بعض الصوفية مدعياً وصوله إليه من طريق الفتح أو الإلهام فقد كثرت النحل والبدع وسمعنا من أقوالهم ما ليس من ديننا ولا يقول به أهل دين أخر اللهم إلا عند البوذية من المجوس فإن لهم أقوالاً تشبه أقوال القائلين بوحدة الوجود وهم لا يدرون معنى القول بالوحدة فقد رأيت طائفة بكفر الشيخ طلحة من بلاد مديرية الغربية تدعى هذه الدعوى

وتقول كل شيء في الوجود هو الله وسمعت من أكبر شيخ فيهم تفسيراً لبعض آيات قرآنية لا يقوله مجنون ولهذه الفئة الضالة دعاوٍ لا تنطبق على كتاب ولا سنة ولولا ما نرجوه من رجوعهم على السنة وتركهم هذه الأباطيل لأتينا على ما سمعناه منهم وسميناهم رجلاً رجلاً وعرفنا الناس حيلهم التي يصطادون بها ضعفاء العقول ومن لم يقرؤا العقائد التوحيدية وأن تمادوا في بهتانهم وافترائهم على الله ورسوله اضطررنا لكتابة رسالة في عقيدتهم وفسادها وأوردنا أقوال أهل السنة فيها وتكفيرهم القائلين. وما الكلب والخنزير إلا الهنا. والقائلين أنا من أهوى ومن أهوى أنا. ولا ندري بأيّة يد ندفع أعداء هذا الدين إذا كان في داخليته مثل هؤلاء ولقد علمنا أن أحد معتبري الإنكليز دخل جامع القلعة وقد اجتمع جماعة من أهل الأهواء فرآهم يرقصون ويصيحون صياح جنون فقال لترجمانه ما هذه الغوغاء ونحن نعلم أن صلاة المسلمين في غاية الخشوع والآداب فقال له ترجمانه أن هذه أكبر صلاة عندهم يريد تنفيره من الدين الإسلامي ولقد حكى هذه الحكاية فاضل من فضلاء المصريين وقد سمع الترجمة بإذنه للمغفور له المرحوم توفيق باشا وترجاه في إبطال هذه الأمور الفظيعة. وحكى لي شاب من أذكياء شباننا أن الإفرنج جميعاً يعتقدون أن ما يصنع في دورة السيد وزفة الخليفة بطنطا والموالد أمور دينية وأنها من قواعد الدين الإسلامي وأصوله والدين بريء من نسبة هذه البدع إليه فإن سيرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم معلومة محفوظة إذ لم يترك الحفاظ وكتاب السير شيئاً من أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته إلا دوّنوه وجاء الخلفاء الراشدون ومن عاصرهم على أثره

صلى الله تعالى عليه وسلم وكذلك جاء الصوفية المتقدمون على هذا الأثر فلما تشيخ الجهلاء في الطريق التزموا البدع وجاء من لهم إلمام بكتب القوم فانتحلوا أقوالاً لا يعرفون شيئاً من أصول الطريق ولا يفرقون بين الشيخ المحق والشيخ المبطل فسنكتب كتاباً في هذا الباب نبين فيه الطرق الأربعين وأصولها وواضعيها ثم نبين أشياخ عصرنا ونحلهم ودعاويهم وما يصيدون به العامة من الخيالات والأوهام هذا إذا لم يظهر مبطل للمناضلة عن بهتانه فإننا نضطر للرد عليه في الجريدة وننشر معتقده بين عامة المسلمين لئلا يقعوا في حباله كما وقع ضعفاء اليقين الذين تصيدهم بحبال الأوهام. ولنا أمل عظيم في سماحة صاحب الفضيلة السيد محمد توفيق أفندي البكري أن يسعى في إماتة هذه البدع وأحياء السنة فإنه ابن المعارف المتضلع من العلوم العارف بالسنة وحقائق الطرق ويسره أن يرى الأمة بعيدة عن الخرافات لما له من قوة اليقين وحب السنة المطهرة ويكفي قول الإفرنج لنا كرنفال في السنة ولكم في كل مولد كرنفال. وليس القصد إبطال الطرق نفسها فإنها من أحسن طرق التعليم الديني والتربية الأدبية فإن الشيخ عندما يلقّن المريد لا إله إلا الله محمد رسول الله يشرح له معناها فيبين له صفات الله تعالى وما يجب له وما يستحيل عليه وما يجوز وما يجب للرسل وما يستحيل عليهم وما يجوز ثم يبين له كيفية الصلاة وترتيب العبادات وليس في تعلم الدين عن العلماء أكثر من هذا للعامة ثم يعلمه الآداب الواجبة واللازمة فيوقفه على ما يعامل به إخوانه وأهله

وجيرانه وما يعامل به من يغايره في الدين وما يعامل به الحيوان ثم يعرفه فضيلة الكسب والسعي على العيال ورذيلة التكفف وسؤال الناس وهذه أمور من أحسن ما يتخذ لتهذيب النفوس وتعليم الدين فلو لزمها الأشياخ كما لزمها واضعو الطرق لاهتدى بهم خلق كثير وخدموا السنة خدمة يثابون عليها من الله تعالى ويشكرهم عليها كل مسلم. وكذلك تجمعهم في الموالد فإنه مظهر ديني جليل لم يتفق لغير المسلمين ولكن إذا أبطلت البدع واجتمع فإنه مظهر ديني جليل لم يتفق لغير المسلمين ولكن إذا أبطلت البدع واجتمع الأشياخ بمريديهم يذكورن الله تعالى ذكراً شرعياً ليس فيه اللاّم إلا الله ولا لُوها إلا الله ولا اللوّم إلا الله ولا آل بلام مغلظة ولا أن له ولا آلله بهمزة الاستفهام ولا إه ولا هْه ولا إها ولا إِهْ ألله ثم لا يكون معه رقص ولا أكل نار ولا ضرب دف ولا أكل ثعبان وزجاج وصبر ولا صياح ولا اختباط نولا وضع صابون في الفم ولا تطوّر ولا ضرب باللاّوندي ولا ناي ولا ضرب باز ولا مزمار ولا نقرزان ولا وضع دبوس في الذراع ولا ضرب سيف ولا شيء من هذه البدع السيئة فإذا خلت المجالس من هذه المفتريات وعاد الناس إلى ما كان عليه السلف الصالح كانت الطرق محل اعتبار وجلال ومرجع هدى وارشاد وانتفع بها المسلمون انتفاعهم بالأخذ عن العلماء وعمت منفعتها العوام فإنها أحوج الناس إلى التعلم ولهم حسن اعتقاد في الأشياخ. وكيف الوصول إلى ذلك وغالب المسلكين جهلة لا يعرفون العقيدة الإسلامية إلا سماعاً وتقليداً وربما كان في مريديهم من هو أعلم منهم والعارف فيهم لا يعتقده الجهلة لكونه لا يدَّعى كرامة ولا يقول لمريديه كنت اليوم في حضرة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا أفيض علي من العلوم كذا

الاتجاه إلى الأستاذ

ولا عارضني فلان فحصل له كذا وكذا ولا رأيت في اللوح المحفوظ كذا مما هو جار على السنة المبطلين الضالين فلو تصدى سماحة شيخ مشايخ الطرق لتنقية هؤلاء الناس ومنع الجهلاء من إعطاء العهود حتى يعرفوا العقيدة لأفاد الدين أعظم فائدة ولخدم الأمة خدمة لهم يشاركه فيها غيره ولخلد له ذكراً جميلاً واستحق من الثناء والمدح ما هو أهله. الاتجاه إلى الأستاذ نشرت جريدة الاندبندنس بلج والتيمس وبعض جرائد أوروبا خبر الملاحظة التي لاحظتها الداخلية الجليلة على مقالة ((هذه يدي في يد من أضعها)) وأسندت صدور ذلك لإشارة أجنبية وما كانت الملاحظة إلا وطنية لا دخل للأجنبي فيها فإن الحكومة الخديوية متنبهة لمثل هذه الدقائق وقد ظننت أن بعض ما اشتملت عليه المقالة غير واقعي فبنت ملاحظتها على عدم شيوعه رعاية لجانب دولة لها مع حكومتنا معاهدات وروابط تجارية وليس هذا لكونه خاصاً بهذه الدولة بل أنها حريصة على رعاية مصالح جميع الدولة على السواء. وقد اعترضت جريدة الحاضرة التونسية الغراء على تلك الملاحظة بما تراه من إطلاق حرية المطبوعات في مصروما تقرأُه في بعض جرائد النزلاء من التعرض لما لا ينبغي في كثير من شؤون دولتنا ثم أوردت معظم المقالة وشفعتها بتحامل الغير على الأستاذ ونحن نشكر عنايتها بشأن جريدة إسلامية مثلها ونعلنها أن الملاحظة وطنية محضة وأن الأستاذ ممتع بالحرية التي تمتع بها البروتستانت في نشر جريدة دينية باللغة العربية تتكلم على الدين

المسيحي بحرية تامة والتي تمتع بها جرائد الأجراء في تكلمهم على أحوالنا بما تهواه أنفسهم وما يوعز به المستأجرون وليس هناك حجرٌ على الأستاذ ولا تضييق اللهم إلا أن يكون ذلك في صدور قوم لا يحبون الحق ولا يميلون إلى الصدق أو في شقاشق شرذمة تكره كل جريدة إسلامية وقليلٌ ما هم ولقد بلغ الوهم من هذا الفريق أن قال بعضهم أن وكيل الأستاذ بالزقازيق يخطب الناس يوم الجمعة بالأستاذ وهو على المنبر وبلغ ذلك لكبيره وهو أخذ يحقق هذا الأمر وكلها أوهام وخيالات لا حقائق لها دعاهم إليها كراهة تقدمنا وإصلاح شؤُننا ولو فرضنا وخطب الخطباء بالجرائد على المنابر ماذا يكون عليهم بعد انتشارها في جميع البلاد وقراءة الناس لها في المجامع والطرقات والدكاكين هل الأستاذ جريدة سرّبة حتى يكون ظهورها في مسجد أمراً خارقاً للعادة أو جريدة ضارة بالأمة فيخشى من تلاوتها بين العامة الذين يرون منها ألوف نسخ منتشرة بينهم أم ما هذه الأوهام التي اشتغلت بها الأفكار في اليقظة والمنام. ليهدأ روع كل متجه إلى الأستاذ فما هو إلا لسان صدق وناطق بحق ولقد تحقق من هذه الأوهام جهل الواشي والسامع بأمور ديننا فإنه لم تسبق عادة بقراءة الجرائد في خطبة الجمعة التي لها أحكام مخصوصة نعم أنه يجوز أن يقرأ الخطيب أي كالم فيه أمر بمعروف ونهى عن منكر ولكن لم يصدر ذلك بقراءة جريدة على منبر وإنما الأمر على حد حكاية الذئب مع الحَمل حيث دخلا الحمام وجلس الذئب على الفسقية فمر عليه الحَمل فقال له أرفع ذيلك فإنه أثار التراب في وجهي فقال له يا سيدي أن الجاري تحت رجليك ماء لا تراب فقال الذئب وتعارضني أيضاً في كلامي وتنسبني

حرب الأقلام بجيوش الأوهام

للجهل فقال له الحمل إنما أتكلم بالواقع المشاهد فقال الذئب لا ينبغي أن تسفه قولاً قلته وما عليك إلاّ أن تسمع وتطيع فمشى الحمل وهو يقول قاتل الله القوة ما أشد ولوعها يسلب حقوق الضعفاء. حرب الأقلام بجيوش الأوهام معلوم أن الحرب المتداولة في العالم داعيتها نشر دين أو حب استبداد على الغير وقد تنوعت صور الحروب لإعدام الإنسان بقدر ما توصل إليه قوة الاختراع وما عند المعتدي من حب الأثرة والانفراد بالسلطة فكانت الحروب الأولى مضاربة بالعصيّ ثم مراشقة بالنبال ثم مطاعنة بالرماح ثم مجالدة بالسيوف ثم انتهت إلى المراماة بالبنادق والمقاذفة بالمدافع وكل نوع أخذ لُه دوراً وأعدم خلائق لا يحصون كثرة وترك لهُ في النفوس أقبح وقع وقد اخترعت الدول الآن نوعاً أخف كلفة وأكبر تأثيراً وهو الإيهام المحير للأفكار الموقع في الارتباك والاضطراب فأخذت كل دولة تزيد في جنودها وتعبئُ الجيوش وتحشدها في حدودها وتصدر الأوامر بعمل الاستحكامات وبناء السفن وتكثير الآلات وإعداد المهمات ولا حديث لكل دولة بين وزرائها ونوابها إلا الاستعداد للحرب حتى إن من نظر إلى الأهبة التي عليها أوروبا الآن وصوّر أنها أثارت الحرب يوماً ما أيقن أن نصف العالم على وشك العدم ومعظم العواصم عرضة للدمار والخراب. ومعلوم أن كل دولة مطالبة بحق وأخذ ثار أو متوقعة هجوم جارتها عليها فالخوف واقع في كل أمة من سكان الأرض وليس هناك أمة تبيت تحت سماء الأمن حتى همج أواسط أفريقية فإنهم وصلتهم عدوى أوروبا

وامتدت إليهم الإطماع فأصبحوا بين مخلب المنون بدعوى توسيع الاستعمار وتعميم المدنية وقطع عروق الجهالة والخشونة من العالم وهي علل باطلة ودعاوٍ كاذبة يبعث على افترائها حب الاستبداد من أمم تدعي الحرية وهم لم يشموا لها رائحة إلى الآن. وبهذا الاهتمام بشأن الجند والأساطيل والحصون أصبح الكون يموج في بعض حدساً وتخميناً. ثم برز فرسان الأقلام في ميدان الإرهاب والتحذير والإيهام والتخويف والإنذار والوعيد فشغلوا الأفكار وتركوا الناس في حكم الفوضى يتجارون على مكاتب الجرائد والتلغرافات يتساءلون عن الأخبار اليومية والأقوال الوهمية وقد ارتجفت قلوبهم وبلغت الرهبة منهم مبلغ تصديق تلك الأيهامات فخافوا من تهديد هذا الوكيل ووعيد ناظر خارجية كذا وإنذار دولة كذا وزيادة الجند بين أمة كذا كأن تلك الأمور حقيقية محققة الوقوع وما هي إلا حروب وهمية التزمتها الدول تخفيفاً لمصرف الحروف وحقنا للدماء. فإن كل عقل يعلم أن الدول موزعة المطامع في العالم وكل دولة ترى أنها أحق بإقليم كذا لكونه طريقها إلى أملاكها والأخرى تقول بل أنا أحق به لكونه مجاوراً الأملاكي وفيه مصالحي وهذه تقول أن هذا إقليمي وملكي الشرعي يشهد بذلك فلان وفلان وبهذا التخالف لا يمكن لأمة أن تسطو على أمة ولها رقيب يعارضها أو مثيل يدافعها إلا إذا اجتمع الدول على قسمة الكرة قسمة إفراز وانعقد إجماعهم على تعيين النقط وتحديد الحدود فإن المطامع تنقطع عند ذلك وتمتنع المعارضات خشية أن ينقض الجميع على المعارضة بحكم الاتفاق وهذه نقطة يعز الوصول إليها فإن كل دولة تمني نفسها بأنها ستكون مالكة لدنيا يوماً ما وما دامت هذه الأفكار جائلة في رؤوس رجالها أنه يستحيل الوصول

إلى مجمع الإجماع الآن إلاّ أن بقاء الدول على ماهي عليه من تكثير الجند وأعداد العدد مما يقطع العقل باستحالته لتحملها في سبيل تأييده وبقائه ما يعود على ما ليتها بالإفلاس وعلى رجالها بالملل والسآمة فلابد وأن يأتي يوم فيه تخفف الدول أثقالها وتطرح عن عواتقها أحمالاً أضعفتها ولا تصل لذلك إلا باتفاق على سلم محدودة وهذا موهوم أو حرب اشتراكية وهذه هي مرجع الأفكار غير أن العلة لم تزل في غموض ومعظم العالم يظنها القطعة المباركة الواقفة في باب إفريقية التي لا تحمل سلاحاً ولا تريد قتالاً وهي التي حركت العالم للمحالفات والمعاهدات بإصبع من يريد أن يعبث بالدول ليتناول طاووس الشرق بيد الصيد والقنص وقد اتخذ له كتاباً ينازلون الضعفاء بأقوال الإيهام والوعيد ليمكنوا الرهبة من قلوب من قصدوا استعبادهم وإذلالهم ظانين إن كل ما تصوروه يقع في قلوب الناس وهو وهم دعا إليه الجهل بحقائق العالم والاغترار بأغرار يقفون بأبوابهم لا يدرون لأية علة وقفوا ولا يعاب على طاووس الشرق وجود أفراد أوقعتهم الجهالة في حبالة الأوهام فظنوا خلف السراب ماء وغابوا عن الحقوق المقدسة المكفولة بضمانة الدول ولئن سكتت الدول ساعة فستقول أعواماً ولئن سكنت أعواماً فستتحرك أياماً فليبرق كتاب الأوهام ويرعدوا حتى تنكشف الحقائق وترفع ستارة الأوهام عن نار مؤصدة أو سلم دائمة قاعدتها رد الحقوق لأهلها ووقوف كل دولة عند حدودها التي عينتها لها المعاهدات. وبهذا نرى أن السكون أحسن ما تحلى به الشرقيون الآن طارحين إيهام المهددين خلف ظهورهم ضاربين بأقوال المنذرين حائط الإهدار منصرفين عن هذه الترهات إلى ما يهمهم من

التعلق بملوكهم وأمرائهم والتوصل إلى حفظ الحقوق برعاية جانب الدول والمحافظة على الأمن العام وقيام كل عامل بعمله على قانون العدل وطريق الاستقامة ليحق الله الحق ويبطل ولو كره المجرمون. وليعلموا أن مصيبتهم بهذه المبارزات قبضت نفوس إخوانهم في جميع الأقطار فعادوا للتساؤُل فيما كانوا يسمعونه عن مهدديهم من أنهم محبون للأمة الشرقية مدافعون عنها لا يتعرضون لإضرارها ولا لسلب سلطتها من سلطنها وأمرائها وقد تبين لهم أن تلك الكلمات كانت بروقاً خلبية وحيلاً سيماوية استمالوا بها النفوس وجذبوا القلوب حتى وقع في حبالهم من وقع وقد انكشف الغطاء ووضح الصبح لذي عينين وأيقن الكل أن القصد الاستعباد بسوط الاستبداد. وحركات النفوس لا تزال تختلج في الصدور والقوّة تمانعها والعوارض تدفعها حتى تخرج من مقارّها إلى ساحة حياة أو موت والكون شاهد عدل على تربية أمم كثيرة تحت أحضان أمم أُخرى وعودتها لعز الاستقلال والتخلص من قيد الاستعباد. ومن هذا نعلم أن ضغط أوروبا على أفكار الشرقيين ومسارعة ملوكها للتغلب على أقطارهم هو عين الحياة للشرق وأهله وباعث المحافظة على الحقوق والمطالبة بها عند تمكنهم من فرصة الظفر فإن أعمال أوروبا في الشرق ما هي إلا دروس تعطى لأهله وتمرين على الأعمال الجديدة وأعداد لقوى يكونها الاحتكاك في الأفكار والتربية تحت الأحضان. ولو لم تتداخل أوروبا في الشؤُون الشرقية بالتجول في هذه الأقطار والتغلب على بعضها ونقل التجارة إليها ونشر جرائدها بين قوم ما كانوا يعلمون شيئاً من أحوال أوروبا لبقي الشرق على اغتراره بكلام أهل الأطماع وظنه الصدق في أخبار محبي الاستعباد وتوهمه الحق في

فعل ملوك الاستبداد وما كشف لأهل الشرق حقائق الأوهام إلا تلك المخالطة المباركة التي استفاد بها الأوروبيون مالاً واستفاد الشرقيون منها علوماً ولئن تجزأت أقطارهم ووقع الكثير منها تحت سوط استعباد أوروبا ولم يبق إلا رأس الجسم الشرقي وقلب حياته فلسوف ترينا الأيام من تدافع القوى الفكرية في جميع الأمم الشرقية ما يحملها على التخلص من ذلك الاستعباد بضغط المستعبد وسلبه حقوقهم وإكراههم على التخلي عما ألفوه واعتقدوه فإن الشرقيين ليسوا نوعاً غير نوع الإنسان حتى يحكم عليهم بعدم مجاراة الأمم التي خضعت لغيرها بحكم الضعف والجهل حتى تربت وقويت مادتها العلمية فحملتها على الرجوع إلى ما كان عليه السابقون من سكان أرض هم أحق بها وأهلها. وكأني بجاهل بحقائق الأمم وكيفية تكوين الدول بالتربية والاختلاط يعترض على هذا الكلام بل يسخر منه اغتراراً بقوّة من اشتروه بثمن نعل فنكل أمره إلى المستقبل حتى تناديه أمم الشرق قائلة أن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون. ولا يظن جاهل أن تلك الحركات الشرقية ثورة عدوانية أو اضطراب فوضوي فإنما هي قوّة فكرية تمكنها منها حركات أوروبا بين دافع ومدفوع فيخلوا الجو لأمم الشرق تحت مراقبة الغرب يوم يساوي الشرقي الغربي في التصرُّف في الأمور بالحذق والدهاء والصبر على الشدائد ولئن استبعدنا حصول ذلك في قرن نحن في أوله كما يزعم المموهون فإننا لا نستبعد حصول ذلك في قرن نحن في أوله كما يزعم الموهون فإننا لا نستبعد أن تلد الأيام من حوادث أوروبا ما يمتعنا بنوال تلك الأمنية عن قريب فكم في بطون الليالي من بواعث لم تستعد لها أوروبا الآن وما دامت الأطماع تزيد والأفكار تتوارد على الأمم رغبة ورهبة فالسكون يكون نسبياُ

مؤقتاً بين الملوك وما علينا إلا أن نقعد على بساط الأمن متفرجين على العالم حتى تنتهي الدول إلى مضمار الانبعاثات العدوانية وهناك نرى السابق من اللاحق ونتحقق من إحراز الرهان. وقعودنا بهذه الصورة يقضي بعدم ارتجافنا من الوعيد الوهمي وخوفنا من التهديد الخيالي ولإعراض عمن يغمسون أقلامهم في نعمة الشرقيين ليكتبوا بها معايب لمن أغنوهم ويجلبوا بها مصائب على من آووهم فما يضرك إلا رجل يدعي أنه أخوك ويزعم أنه شريك لك في الحقوق يناديك بلهجتك ليخرجك من بيتك ويسلمك إلى النخاسين الذين طافوا الأرض لاسترقاق الأحرار. فلو ترك الشرقيون والأوربيين لتمتع الفريقان بثمرة المخالطة وتمكنت مهما دواعي المحبة وتأكدت روابط الألفة بالاشتراك في المعاملة والمساكنة وما أوغر الصدور وأفسد النيات إلا هؤلاء الكتاب الذين قبحوا الشرقي للغربي وافتروا عليه الأكاذيب وملأُوا بها جرائدهم وكتبهم ونشروها بين العالمين الشرقي والغربي فظن الغربي أن الشرقي بهيم لا يصلح للملك ولا يليق إلا للاستعباد والقهر وظن الشرقي أن الغربي عدوه إلا لد الساعي في سلب سلطته ونهب ثروته وإعدام دينه واستعباد إخوانه فوقعت النفرة بهذه المفتريات وما زاد النار احتداماً إلاّ بعض الشرقيين الذين استخدمهم الغربيون بأجرة لا تزيد عن ثمن نعل فأخذوا يبارزون من كانوا إخوانهم قبل أن يبيعوا أنفسهم ويوهمونهم بكلمات لا طائل تحتها فكانوا أشد على الشرقيين من الغربيين فهم الأعداء إلا لداء والخوّنة العادون فيجب على كل شرقي أن يحذر من فتنهم وينتبه لدسائسهم ويفتش كلامهم ليستخرج منه ما شابوه به من دعوى

تهنئة قدوم

المماثلة في الجنس والموافقة في التابعية والمحافظة على المصلحة الشرقية تغريراً للمغفلين واستجلاباً لقلوب الحمقى فإنك لا تجد مصدقاً لدعاويهم إلا أن كان أبله أو معتوهاً وليست هذه الشرذمة ناصرة على فردين أو ثلاثة في أرض مخصوصة بل هي أفراد منتشرون في الشرق والغرب يستهيجون الشرقيين بدعوى التحميس والتشجيع ويستدعون أوروبا بدعوى المحافظة على الأمن والخوف من الحركات الدينية التي لا يعرفها الشرقي وهي نصب عين كل غربي. وكم كتب هذا الفريق كتباً ونشرها بين الغربيين ليبيع وطنه وإخوانه بلقمة يتماطاها طيبة ويخرجها منتنة وبئسما اختاروا لأنفسهم فإن أظلم الناس لنفسه من يظلم الناس للناس. وإذا ضلت العقول على علـ_م فماذا تفيده النصحاء فنحذر إخواننا الشرقيين من مقاربة المضلين ومخالطتهم ونطلب منهم أن يقرأُوا عواقب ما هم فيه من الشدة وينظروا المستقبل بعين البصراء الذين لا تزعزعهم العواصف ولا تستميلهم إلا أباطيل وأن يجعلوا معاملة الأجنبي بالمعروف ومخالطته مخالطة المثيل نصب أعينهم مع التزام الهدوء والسكون وعدم الميل إلى الأوهام وما ينصبه الأعداء من إشراك الهيجان والاضطراب فإنهم أن لزموا هذه الحالة قاوموا كل تهديد ووعيد وأظهروا لأوروبا أنهم بقصدهم وحسن تصرفهم في الأمور قد قاوموا بقوة مدنيتهم حرب الأقلام بجيوش الأوهام. تهنئة قدوم لقد عاد إلى مصر حضرة الأديب الكاتب السياسي الفاضل

الزيارة العيدية

سليم بك الحموي صاحب جريدة الفلاح الغراء بعد أن غاب زماناً في الآستانة العلية كان فهي مظهر الاحترام والإجلال وكيف لا يكون كذلك وقد وقف نفسه وفكره وجريدته على خدمة الدولة العلية في سفره ومقامه مخلصاً في النصح قياماً بالواجب على أمثاله ممن لم تلعب بهم نزغات الوساوس ولا زخارف الدسائس فنهنئُ حضرته بهذا القدوم السعيد ونرجو له دوام الرعاية وحسن الالتفات. الزيارة العيدية أيام العيد هي أيام الفراغ من العمل والتفرُّغ للزيارة والتهنئة وقد اختلفت عادات الناس في الزيارة العيدية فجرى المسلمون بل الشرقيون على زيارة بعضهم بعضاً في البيوت وتناول الأشربة السكرية والطعام في بعض البلاد وفي عموم الأرياف ولا يخلو اجتماع من مذاكرة في الأحوال الجارية بينهم وفي الأعمال المعاشية والأحكام الإدارية فإن المسلمين خصوا بمزايا دعاهم إليها الدين وهي الاجتماع في الحج والجمعة والعيدين ففي الحج يجتمع أفرقاء من المسلمين من جميع أقطار العالم ويتبادلون الحديث فيقفون على أخبار بعضهم وأحوالهم في بلادهم ويتعلم الجاهل من العالم وقد حاولت دول أوروبا منع الناس من الحج بدعوى أنه منشأُ الكوليره (الهيضة * وغلى الآن يحاولون ذلك مع أن منشأها الهند وقد استوطنت أوروبا ومنها تتنقل في أقطار العالم بدليل أن الحج في العام الماضي مع كثرته وشدة الحر لم يصب فيه واحد بهذا المرض مع أنه كان منتشراً في أوروبا لم يدخلها حاج

وكذلك بقية الحميات الأوروبية وداء الزهري المسمى بالإفرنجي نسبة إلى محل نشأته ولله در الفاضل النطاسي العلامة سالم باشا سالم أستاذ الطب المصري حيث طلب منه أن يقرر ظهور الهيضة من الحجاج بسبب اجتماعهم فأبى وهدد على ذلك فقال ذمتي تأبى أن اتهم الحجاج بما ليس فيهم فإن محل نشأتها الهند لا البلاد الحجازية وهي أكبر حسنة من حسناته أطال الله أجله، وعلى كل ففي مشروعية الحج فوائد لا تحصى منها تعارف المسلمين واجتمع المصري بالهندي والاثنين بالعراقي والثلاثة بالتركي والأربعة بالمغربي وهؤلاء بالشامي والأفغاني والطاغستاني والتركماني والتونسي والجزائري والبرنوي واليمني والزنجباري والصيني والبخاري والأرمني والفارسي والزيلعي والشنقيطي والمسقطي والحضرمي والسوداني والبلغاري والهرسكي والجركسي والأرنؤُطي والمروزي والخوارزمي والغزنوي والفلاَّتي وغيره من المسلمين الآتين من مشارق الأرض ومغاربها فيعود كل فريق لقومه بعلم جديد عن إخوانه المسلمين الذين لا يعرفهم وهو في وطنه وهي فائدة عظمى ومنقبة كبرى للإسلام. وفي مشروعية الجمعة كذلك فوائد أدبية منها اجتماع أهل البلد كل أسبوع في مكان أو أمكنة يسمعون خطيباً يقف فيهم آمراً ناهياً واعظاً مبلغاً معلماً مرشداً لما فيه الصلاح والنجاح ثم ينفضون وقد رأى الصديق صديقه والحبيب حبيبه واجتمع الغائب بالحاضر وتساءلوا عن أحوالهم وأمور دينهم ودنياهم. وفي مشروعية صلاة العيدين وخطبتيهما ما في الجمعة وزيادة لكونه يوم سرور وفرح وتهنئة وتبريك ثم إذا انفضوا من الصلاة زار بعضهم بعضاً ولكن جل الناس يجعل الزيارة قاصرة على رؤية أخيه وشرب القهوة لا يزيد على قوله كل

عام وأنتم بخير ثم يقوم ليتردد على بيوت الأخوان ويرجع إلى بيته مستعداً لزيارة من زارهم وهي طريقة عديمة الجدوى فإن الاجتماع الجامع لابد أن يكون فيه تساؤُل عن الأحوال والطوارئ إلا ترى أن الفرنساويين مثلاً إذا جاء يوم 14 يوليو الذي هو عيد الجمهورية عندهم جمعهم إليه قنصلهم وخطب فيهم بالأحوال الماضية والحاضرة وسألهم عن أحوالهم وما يلزم لهم وما يرونه من أعماله وأعمال الدول ليفيدهم ويستفيد منهم ولا يخلي العيد من فوائد تعود على الدولة والأمة بلا نفع العظيم فلو جمع مثل رئيس نظارنا الذوات والأعيان وخطب فهيم بما يراه من مقتضيات الأحوال وسألهم عن آرائهم في الحال الحاضرة وما عندهم من الأفكار فيها لاستفدنا منه أحسن فائدة ولسنّ للأمة سنة حسنة يخلد بها ذكره الجميل وكذلك لو كان مثل سماحة أفضل الفضلاء شيخ الجامع الأزهر يخطب في العلماء وسماحة الحسيب النسيب نقيب الأشراف يخطب في جموع الشيوخ وكل شيخ طائفة يخطب في طائفته لكان يوم العيد يوم دراسة الأحوال وجمع الآراء وتنبيه الأمة على ما يجب لها من الضروريات. وأما جعل الزيارة قاصرة على كل عام وأنتم بخير فإنه تضييع للفوائد المرادة من الزيارة العيدية ونرى أن بعض الناس يريد أن يقتصر على إرسال ورق الزيارة بالبوسطة وهذا إعدام لثمرة العيد بالمرة فإن قال أنه مقلد للأوروبيين في ذلك قلنا أن الذي دعا الأوروبي للاكتفاء بورق الزيارة كون امرأته تقعد مع الرجال وتتلقاهم وهو لا يحب أن تقعد مع أجنبي في غيبته غالباً فلو التزموا التهنئة باجتماعهم في البيوت لخشي من دخول الناس عليها وهو غير موجود وربما

اغتنم عدوه فرصة العيد ودخل بيته وهو غائب لا فساد أهله فلهذه العلة اكتفوا بالأوراق أما نحن فإن نساءنا خلف الحجاب لا يصل إليهن واصل من الزائرين فاستعمال الورق جهالة وتضييع لثمرة العيد وبهجة النفوس التي تحصل عند مقابلة الأحباب والأصدقاء فعلى إخواننا المسلمين أن يلاحظوا هذه المزايا في زياراتهم ويغتنموا فرصة الاجتماع في أوقات الهناء والسرور فإن الخطب في المجامع والأفراح أصل نشأتها العرب المسلمون ثم تناقلها الأوروبيون وصرنا نستشهد بفعلهم كأننا لمن نعرف ذلك قبل أن نراهم يفعلونه وإنها لمصيبة حلت بالشرقيين حيث جهلوا كل شيء هو لهم وصاروا يتلقونه من الغربيين على أنه مبتكر لهم وبالجملة فإننا بيناً ما عندنا في هذا المقام تبصرة وذكرى لأولى الألباب. ولا يقال أن خطبة العيد في المسجد كافية فإن الخطيب لا يقرب من الأمور الإدارية والأحوال الدولية والضروريات الوطنية والقصد من خطب الأمراء والأشياخ أن تكون فيه هذه المواضيع فيخطب رئيس الحقانية مثلاً في أعمال القضاة وتقدم المحاكم ولزوم العدل وتقبيح الرشوة والعدول عن القانون ويبين فضيلة من يرى له فضائل قدمها في أحكامه وسيره مع الناس ويحذر من رذيلة اقترفها مقصر في وظيفته ويخطب بقية النظار بأحوال إداراتهم وما فيها وما قاموا به من الأعمال وما يلزم لهم من مساعدة الأمة وهكذا كل شيخ طريقة وحرفة وليس في هذا ما يسميه متعصب تهييجاً ولا دعاء للتعصب كما يفترون فإن هذا طريق مسلوك في أوروبا وليس فيه غير تنبيه الأمة على المجريات وما يلزم لصيانة المستقبل من العبث والخلل وجمع الأفكار على ما فيه الإصلاح ونجاح الأحوال وهو رأي يعرض لا إلزام فيه ولا تحتيم والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

المربّي تقدمت لنا كتابة من ثلاث وعشرين سيدة يطلبن بها إنشاء جريدة تختص بهن لاتعلق لها بالرجال وشؤُنهم ويكون موضوعها تربية البنت والولد والتكلم عليهما من يوم وضعهما فيلزم التكلم على الحمل والرضاع وأمراض الأطفال والحوامل والمراضع وبيان مضار التربية القديمة ومنافعها وما يترتب على الاجتماع في الأفراح والمآتم من المنافع والمضار وما يجب على المرأة من حقوق الزوج ولأبناء وما يجب لها على الزوج والأبناء وبيان الأخلاق المحمودة في النساء والمذمومة وترتيب معيشة الفقيرة والمتوسطة والغنية وفوائد التعلم والاشتغال بمصالح البيوت وتفصيل أبواب الاقتصاد البيتي والإسراف المذموم وتهذيب البالغات وتأديب القاصرات وبيان منافع الأعطار ومضارها واتخاذ الطرق الصحية في المآكل والمشارب والنوم واليقظة وتبيين الزيارات الأدبية النافعة من الزيارات الخارجة عن حد الأدب والكمال وكيفية معاشرة الأزواج على اختلاف أخلاقهم وما يلزم للمتزوجة والعزباء من الآداب وترتيب النفقات وكيفية تنظيم محال النون والأكل والجلوس والمطبخ والمخزن وغير ذلك مما هو من ضروريات النساء وتكون مشتملة كذلك على أخبار السيدات اللاتي لهن فضل ليقلدن في فعلهن ونوادر اللاتي لهن رذائل لتجتنب وعلى حكايات تقدمها الأمهات للبنين والبنات للتهذيب ونزع ما يدخل في أذهانهن من الخرافات التي يسمعنها ممن يعاشرنه وشرطن أن تكون بلغة النساء والأطفال وعللن ذلك بعلتين الأولى أن الأستاذ تجرد من اللغة العادية فيختص بالرجال الثانية جعل الكتابة باللغة العادية وسيلة للتعود على القراءة حتى إذا

المربي

تمرنت البنت على قراءتها ترقت لقراءة الكتابة الصحيحة فإن الغالب أن قراءة النساء ضعيفة فإذا أكثرن القراءة في شيء مألوف لهن انبعثت فيهم محبة المطالعة والاشتغال بكتب العلم والآداب. وهذا الذي حملني على إجابة طلبهن في نشر جريدة أسبوعية تسمى (المربي) 16 صحيفة قيمة اشتراكها في الديار المصرية خمسون قرشاً وفي خارجها خمسة وخمسون وسنشرك معنا بعض أفاضل الأطباء لتحرير ما يختص بالأمراض والحوامل ونحن نسبكه في قالب لغتهن ليفهم بسهولة وقد سمع بهذا المشروع جملة من الأفاضل فاشتركوا في الحال وأخذوا يحثون أمثالهم على الاشتراك فإذا اجتمع لنا عدد يقوم بنفقة الجريدة أصدرناها باحثة في هذه المواضيع المقترحة. وأنا نشكر السيدات اللاتي اقترحن هذا الاقتراح البديع كما نثني عليهن في اختيار هذا الضعيف لهذه الخدمة وقد عللن ذلك بقولهن ((أنه لا يقدر على تحرير جريدة بلساننا ولسان الأطفال إلا مثلك فلذلك رجوناك هذا الرجاء)) وإني كذلك أرجوهن أن يبعثن لي أفكارهن في المواضيع التي تطرأُ عليهن وما يقع لبعضن من نادرة أدبية أو واقعة مفيدة مما يصدر وهن خلف الحجاب نشراً لفضائل سيدات العصر كما نشر المتقدمون فضائل من عاصروهن ولهن أن لا نصرح باسم واحدة منهم إلا من شاءت ذلك. فمن أرادت الاشتراك فلتخاطبنا بواسطة بعلها أو ابنها أو محرم لها وكذلك من أراد الاشتراك لتهذيب بناته وأبنائه فليكتب لنا عن اسمه ولقبه ومحل إقامته وحيث كان القصد جعل لغتهن العادية وسيلة لقراءة الكتب الصحيحة كان ذلك تعميماً للكتابة الصحيحة في المستقبل وتكثيراً لقرائها وبهذا يسقط اعتراضنا عليهن وإنما الأعمال بالنيات والله تعالى يوفقنا لما فيه رضاه ونفع الأمة ذكراناً وإناثاً.

هناء المحبين

هناء المحبين هي الرواية الأدبية التي أنشأها حضرة الأديب الكاتب المدره إسماعيل بك عاصم ونشرت الجرائد اليومية خبر التأهب لتمثيلها في ليلة الأحد الثاني والعشرين من شهر رمضان الجاري فما دنا الميعاد حتى توافد سراة المصريين وأكابرهم وأدباؤُهم على ملهى الأوبرة الخديوي يقدمهم صاحب الدولة الغازي مختار باشا وحضرات النظار الكرام وكان المقر (اللوج) الخديوي مهيأ لتشريف الجناب العالي لسابق وعد كان قد تفضل حفظه الله به فلما قارب وقت التشخيص أقبل صاحب السعادة محافظ القاهرة ودعا بمنشئ الرواية فأطلعه على إفادة واردة إليه من سعادة تشريفاتي أول خديوي هذا نصها. ((سبق أخبار سعادتكم بأن الجناب العالي سيشرف الأوبره واليوم اقتضت الإرادة السنية أن ينيب عنه دولت الباشا رئيس مجلس النظار وعلى هذا ينبغي أخبار إسماعيل أفندي عاصم بذلك كما صدر به النطق العالي)) وقد شرف بالفعل دولة الوزير الأكرم بالنيابة عن الجناب الأفخم الخديوي وأخذ المشخصون بإدارة البارع اسكندر أفندي فرح يشخصون الخيالات في صور حقائق واقعية أخذت بمجامع القلوب وأطلقت السن الحضور بشكر المؤلف والثناء على هيأة التشخيص ولا تسل عما كان لذلك المنظر ليلتها من البهجة والرواء فقد شمل السرور لفيف الأفاضل شمولاً عاماً حتى أنه لم يكن هناك موقف قدم خالياً بل أن كثيراً من الناس طلبوا أماكن بضعف قيمتها فلم يصلوا إليه وبالجملة فإنها كانت ليلة من محاسن الدهر التي تدفع سيئات الأيام أما دخلها فقد خصص لمساعدة الجمعيات الأدبية

نهاية الأوطار في عجائب الأقطار

بالقاهرة جزى الله مؤلفها وأعان رجال الخير على كل عمل حسن مبرور. نهاية الأوطار في عجائب الأقطار هو كتاب صغير الحجم كبير الفائدة جمع فأوعى مع سلاسة العبارة وجزالة التركيب من تعريب حضرة الشاب النبيه ألكسي أفندي جاسبارولي المهندس بديوان الأشغال وهو عبارة عن خلاصة الرِحل الأربع التي قام بها في جوف أفريقية السياح الشهير المستر ستانلي مع ترجمة حياته العجيبة منذ كان فقيراً بائساً خملاً على أن نمت شهرته وعمت في شرق البلاد وغربها بما اكتشفه من الفوائد الجليلة التي عادت على العالم الجغرافي بعدة منافع كبرى لو لم يكن منها إلا اكتشاف نهر الكنغو ومنبع النيل السعيد لكفاه فضلاً عظيماً وشرفاً عميماً. وهذا الكتاب في أربع وستين صحيفة لم يخلُ فيها سطر من فائدة وثمنه ثلاثة قروش مصرية فنستنهض همم الكرماء ومحبي الإطلاع على الغرائب الكونية أن يتسابقوا للحصول عليه حتى تكون المنفعة مزدوجة خصوصاً وهو يغني الواقف عليه عن كثير من كتب السياحات المطولة التي وضعت في هذا الباب. وهو يطلب من شقيق صاحبه اسكندر أفندي جاسبارولي بالمدرسة التوفيقية. ولمؤلف هذا الكتاب معرفة تامة بالتصوير المعبر عنه بالرسم النظري ومن أعماله البديعة فيه صورة للجناب العالي الخديوي أهداها لمدرسة عباس فلما حل الركاب السعيد بها يوم زيارتها وأطلعت الحضرة العباسية عليها تكرمت بنظرة استحسان إليها بعثت في صانعها روح النشاط وبشرته بطالع سعيد وحظ حسن في مستقبل أيامه يضمن له الفوز والنجاح. رثاء عظيم رزئ المجد وفجع الشرف بوفاة عين أعيان مديرية المنيا بل أحد

أفراد المصريين المرحوم حسن باشا الشريعي فامتلأت النفوس حزناً وغماً على عظيم قضى حياته الطيبة في أعمار مبرورة ومساع مشكورة وقد خدم الحكومة المصرية خدمة صدق وإخلاص وآخر خدمته نظارة الأوقاف العمومية أيام كانت من النظارات العالية في الوزارة السامية وهو ممن شهدت لهم أعمالهم بقوة الإدراك وحسن التبصر ولم ينسب إليه شيء يشين مجده أو يثلم شرفه مما يتدنس به مجد كثير من الذين حظهم من المناصب جمع المال وتكثير الأطيان توفي رحمه الله تعالى يوم الأحد 15 رمضان سنة 1310 ببلده سمالوط وما انتشر خبره حتى وقد الناس مئات على بيته الكريم فاجتمع خلق لا يحصون واعتنى حضرة الفاضل الكامل حسين بك واصف مدير المنيا بمشهده فأصدر أمره على معاون بوليس المركز بالمشي أمامه بالعساكر والمحافظة على نظام الجنازة كما عرض الأمر بالتلغراف على الداخلية إعلاناً بموت عظيم من عظماء البلاد وأهتم حضرة الهمام محمد بك رسمي مفتش المعصرة ومن معه من المأمورين وجميع مستخدمي المركز وبكاوات المديرية بترتيب المشهد فكان على أحسن ما يكون من الاعتبار إلا أنه كان مشهد حزن عظيم على رجل جليل له في كل قلب منزلة كبرى وبعد الصلاة عليه أدخل جسده الممطور بالرحمات وحيل بينه وبين أهله ومحبيه بالتراب فنعزي أنجاله الكرام وآل بيته في ركن مجد تداعى وما مات من ترك له ذكراً جميلاً يخلد في بطون الأوراق أسكنه الله تعالى فسيح جنته وغمره بالمغفرة والرضوان.

العدد 35

العدد 35 - بتاريخ: 25 - 4 - 1893 تشرف أهل القطر برؤية أميرهم في عيد الفطر من لم ير ساحة عابدين العامرة يوم عيد الفطر لا يمكنه أن يتصوّر ما كانت عليه من الأبهة والجلال والبهجة والسرور. فما راءٍ كمن سمع غاية ما يسمعه أن يقال له وفد على بابها أمراء مصر وعظماؤُها وعلماؤُها وأعيانها وتجارها ونبهاؤُها من برنسات ونظار وذوات عسكرية وملكية من جميع الإدارات يصحبهم قناصل الدول وأعيان الأجانب والرؤَساء الرحانيون من كل صنف وتلامذة المدارس ليتشرف المجموع بلثم يد السيد السند البطل المقدام الأمير المفخم والخديوي المعظم أفندينا عباس باشا الثاني أيده الله تعالى وأدامه عضداً لأمة لا حديث لها إلا الأخبار عن محاسن صفاته وجميل أفعاله وحسن أخلاقه ولا شغل لها إلا الدعاء لذاته الفخيمة بالحفظ والتأييد والنصر والتعزيز قد سكنت محبته قلوب الأكابر والأصاغر والوطنيين والمستوطنين فأصبح كالشمس يستضاء بنور أفكاره وكالسيف يستعان بعلو همته وكالسحاب

يستنبت غرس المجد بفيض فضله وهو الأمير الذي يفتخر بالانتماء إلهي ويعتمد في المهمات عليه وقد حظى كل فرد من هذا المجموع الكثير العدد برؤية هذا الهمام الذي ملاء النفوس هيبة وزان الإمارة بالوقار والجلال ومن أحسن ما تزينت به هذه الساحة الفيحاء استعراضه الجند المصري تحت العلم العثماني المؤيد المنصور فكان لهذا المنظر الغريب بهجة وحسن وقع في النفوس حتى أنه لما نودي بالدعاء. أفند مزجوق يشاء أجاب الجند والأهالي فكان لهذه الأصوات ضجيج كضجيج الحاج في عرفة وبالجملة فإن القلم لا يمكنه أن يسطر ما يقرب عظم ذلك اليوم إلى الأفهام إلا بإيماء كهذا ولقد تقدمت للحضرة الخديوية الفخيمة قصائد التهاني وفي مقدمة المهنئين أفضل الفضلاء وأبلغ الشعراء وأعلى ذوي المظاهر همة الفاضل الأستاذ الشيخ علي الليثي فقدم قصيدة غراء تتحلى الجرائد بدرجها لتمتع بها الأنظار وتشنف برقائقها الأسماع وبعد أداء واجب التبريك في هذه الساحة الآهلة بالمحاسن انصرف الناس لأداء واجب التهنئة في باب ذات العصمة والفخامة الوالدة المصونة الملحوظة بالعناية الربانية ثم إلى أبواب أصحاب الدولة والسماحة والعطوفة والسعادة الرنسات الكرام والنظار الفخام والأمراء العظام والعلماء الأعلام ثم أخذوا يتبادلون الزيارة فيما بينهم فرحين مسرورين متحدثين بمكارم الأخلاق العباسية جعله الله تعالى عيد هناء وسرور وأعاده على هذا الأمير المحبوب والأمة الإسلامية بكل خير ونصر وتأييد. وهذا نص القصيدة الليثية الجليلة قال حفظه الله.

قلائد التهاني

قلائد التهاني لسمو عباس مصر الثاني عيد فوز به الخديوي تهلل ... في مقام به الفخار تجمل 84 93 7 661 465 سنة 1310 ساحة تدهش النواظر مجداً ... كل ذي عزة لديها تذلل صدرت بالجلال لولا جمال ... ما دري وصفها أريب تمثل كل راء رأي بقدر قواه ... هكذا الناس فاضل ثم أفضل يا رعى الله يوم عيد حبانا ... صفوه المجد منعماً وتطول وأرانا من ازدشير مليكاً ... لا يرى الدهر غيره منه أعدل سيد ساد والزمان كبحر ... زاخر بالفخار في كل محفل ترقب الناس يره في مدار ... وهو دارٍ بسيره إذ تجوّل ساسة العصر تجتليه بعين ... قد رأى نفسه بها وهو أمثل وإذا ما رأى العظيم علاه ... طاب نفساً إذا علا أو تنزل هل دري الشيب ما أفاد شباب ... من يساوي وللشبيبة منهل وهل الدوح في الذبول يحاكي ... ناضر الغصن بالثمار تهدل أن ترم شاهد الفروق فهذا ... مجد عباسنا العزيز المبجل الخديوي الذي به مصر نالت ... صفو عيش نعيمه لا يحول ذو السجايا الحسان خلقاً وخُلقاً ... مظهر الحلم والثناء المرتل إن تزره تزر كريماً عطوفاً ... عالماً صارماً يقول ويفعل

هذا عندكم فما مقابله عندنا

صاغه الله من نعوت كمال ... كيفما شاء فاستوى وتعدل يا عظيم الزمان وابن المعالي ... وسليل الأُلى علاهم تأثل إن ذا العيد مثلنا جاء يرجو ... حسن تشريفه وللباب قبل فأنله مراده وعلينا ... بشريف القبول منّاً تفضل فهو راق على السماء ومثن ... بالذي نال من نداك المذلل يغبط الصوم والصلاة ويطري ... عيد عفو ثوابه قد تسجل وغدا شاكراً وباهي بسعد ... كل عيد مضى وتيهاً تدلل ولنا مثله إذا ما رجعنا ... لبلاد لها عليك المعوّل نجعل الدر للمسامع حليا ... وجليل الدعا من الدرّ أجمل ونقول الذي شهدنا عياناً ... وسمعناه من حديث مسلسل كي يرى السامعون أنا ظفرنا ... مثله بالعلا ونلنا المؤمل وينادوا يعيش عباس فينا ... خير ثان سليل توفيق الأول كلهم أخلصوا الولاء بصدق ... واعتلوا بالوفاء فوق السمؤال يسألون الإله حسن صفاء ... في بقاءٍ ودولة لا تبدل فابق وأسعد وسد ودم وأنه وأمر ... وأحتكم واعتزم فسعدك أقبل وأقبلن مدحة أبانت قصورى ... عن بلوغ الكمال فالقدر أكمل هذا عندكم فما مقابله عندنا كثيراً ما ترمينا جرائد إنكلترة بالتعصب الديني تشويشاً لأذهان أهلها وترويجاً لأفكار سياسييها التي تبعثها المطامع ولو تأملنا حال المسلمين وقابلنا

بين سكونهم وعدم تعرضهم لدين غيرهم وبين سعي غيرهم في تنصيرهم لرأينا أمراً يذهل العاقل ويحير الأفكار بهذه الدعوى الباطلة فأننا لم نسمع أن مسلماً دخل أوروبا لدعوة أهلها للإسلام ولا أن جمعية عقدت لنشر دين الإسلام بين النصارى ولا أن أناساً اجتمعوا للمذاكرة في كيفية إخراج النصارى من دينهم ولكننا نرى ونسمع هذا كله من أوروبا ومع ذلك يقول عنا ذوو المطامع الملكية إننا متعصبون تعصباً دينياً والله يعلم أن هذا التعصب لا رائحة له في جميع بلاد الأمة الإسلامية وأنه لا يوجد إلا بين رجال أوروبا ولتأييد هذه الدعوى بالبرهان نقول إننا رأينا في تقرير جمعية التوراة الإنجيلية الإنكليزية عن سنة 1892 ما ترجمته. تأسست هذه الجمعية سنة 1804 بقصد نشر كلمة الله في الدنيا كلها وقد صرفت على الآن 11000000 جنيه في الترجمة وطبع الكتب المقدسة ونشرها وصرفت من مخازنها 130000000 كتاباً تقريباً وترجمت الإنجيل بثلثمائة لغة ومنها لغات كثيرة لم تكتب بها كتب قبل ذلك. وقد ساعد هذه الجمعية كل علماء النصرانية ولم يبق إقليم في الأرض إلا وحصل فيه تأثير من هذه الجمعية ولم تقتصر على اتخاذ عمالها وباعة كتبها ومكاتبها من أوروبا بل اتخذت لها عمالاً في جميع أقطار العالم وهي تطلب المساعدة من كل أوروبا بنشر كتبها والكتابة إليها. ثم أنه يصرف من مخزنها العمومي الموجود بلندرة وحده ستة آلاف كتاب كل يوم ولها مخازن أخرى في لوندرة وغيرها من أوروبا ولها مطابع في لوندرة واكسفرد وكمبريج وباريس وبروكسل وامستردام وبرلين وكولونيا وفينا ورومة ومدريد ولسبون وكوبنهاجن وسنت بطرسبورج واسلامبول وبيروت وبومباي ومدراس

وكلكوتا وشانجاي وكابتاون وسدنه وجهات كثيرة أخرى ملخصاً. فهل هذا عمل المتساهلين مع غيرهم البعيدين عن التعرض لدين الغير أم هذا عمل المجدين في تعميم دينهم ومحو غيره وهل هؤلاء مع هذا الاجتهاد الغريب غير متعصبين والمسلمون مع بعدهم عن هذا كله وعدم وجود جمعيات لنشر دينهم كهذه يقال أنهم متعصبون سبحانك هذا بهتان عظيم. وكأني بمغفل أو منافق يقول أن كل أمة تسعى لنشر دينها وهذا اجتهاد لدينهم لا لدين الغير فلا تعاب الجمعية ولا تنسب للتعصب ما دامت لا تتعرض لدين غيرها فلاجل الجامع بلجام من نار نذكر له فصلاً من كتاب يوحنا هوري الألماني المطبوع في لايدن سنة 1882 الذي سماه الإسلام وتأثيره في تابعيه وهو كتاب ألف بناء على سؤال عرضه القسوس من جمعية (هاجر) على الناس وطلبوا الجواب عنه وصنعوا نيشاناً من الذهب لمن يحسن الجواب وهذه الجمعية تأسست للدفاع عن الدين المسيحي ونص السؤال؟ ما هو تأثير الدين الإسلامي على تابعيه وما هي واجبات الأمم النصرانية ضد هذا الدين وتابعيه. فلما كتب يوحنا كتابه هذا أحرز النيشان وطبع كتابه على نفقة الجمعية وهو كتاب حافل قال في الفصل الثالث عشر منه ما ترجمته بالنص حيث أن الدين الإسلامي دين غير صحيح وأنه لا تأثير له في حياة تابعيه الدينية ولا على تقدمهم في العلوم ويستحيل إصلاح فحينئذٍ يلزمنا أن نضع الدين النصراني محله وهل ذلك ممكن وكيف يحصل. ثم أظهر صعوبة

كلية في معالجة تنصير المسلمين وشبَّههم بجسم مريض مرضاً مزمناً يحتاج لعلاجات شتى في أزمان طويلة وقال. نحن لم نكن المخترعين لهذا السير بل الحروب الكتابية ضد الدين الإسلامي ابتدأت من القرن الثامن وأول كتابة جاءتنا هي من يوحنا الدمشقي وقد سمى كتابه. مجادلة الشرقي مع النصراني. ثم أن تلميذه تيودرس أبو كاره بطريق كاريا سار على سيره ولكنه لم يفد فائدة. ولم تحصل فائدة كذلك من كتاب الكندي المنسوب لعربي نصراني كان بمعية المأمون (هو كتاب مكذوب وضعوه من عند أنفسهم ونسبوه للكندي ترويجاً لأعمالهم إذ لا ذكر له في أي تاريخ خصوصاً والمأمون كان في العصر الذي كان فيه الدين قوي الشوكة والعلماء ملء مجلسه وفي كل بلد فلو حصل إسلام كندي كما قيل وكتابة هذا الكتاب لنبه عليه بعض العلماء من المؤرخين وغيرهم فعدم وجود رائحة لذكره أكبر دليل على افترائه) وفي القرن الحادي عشر اجتهد سموناس بطريق غزة في مجادلة المسلمين بالكتابة والحط عليهم. وفي القرنين الحادي عشر والثاني عشر كتب كثير من العلماء منهم ألانوس رئيس كلية باريس ضد الإسلام بدون فائدة. والقديس فرنسيسكوس أيام حصار دمياط طلب من السلطان الكامل أن يتنصر وطلب أن يدخل النار مع أحد علماء المسلمين فالذي يحترق يكون دينه باطلاً ولما لم يرض العالم الموجود قال إني أدخل النار فإن لم تحرقني تتنصر أنت ورعيتك ولكن الكامل لم يقبل (هذا كلام شبيه بالهذيان أو الهذيان مأخوذ منه إذ لو كان يمكن دخول أحدهم النار من غير أن يكون مطلياً بمادة تقيه حرها وحرقها لطافوا العالم بهذه الآية الكبرى

يدعونهم إلى دينهم ويقيمونها برهاناً على صحته ولكنهم لا يجرأُون على دعواها فإن النار تكذب المدعي في الحال) وهذا القديس جرب أموراً كثيرة لتنصير المسلمين فلم ينجح كما أن القديس دومونيكوس ومن جاء بعده تبعوه في ذلك ولم ينجحوا. ثم من الجمعيات الدينية (المسماة كونسيل) جمعية اجتمعت في فينا سنة 1312 وقررت فتح جملة مدارس في باريس وسلمنكه واكسفرد ومدن أُخرى لتعليم اللغات الشرقية لإخراج المبشرين منها. وفي سنة 1345 دخل راهب على أكبر مسجد في القاهرة وطلب من سلطانها أن يتنصر ثم خطب خطبة شديدة أثرت في رجل كان نصرانياً وأسلم حديثاً فارتد ولم تفد شيئاً غير ذلك. وفي الأجيال الأخيرة استمر الجهاد القلمي وظهرت كتب كثيرة ومن نصارى الشرق والغرب ضد الإسلام ولا لزوم لتعدادها فإنها لم تفد أدنى فائدة. وقد سافر خلق كثير للدعاء للدين النصراني منهم هنري مارتان فإنه سافر بلاد العجم لتنصيرهم ولم ينجح والجمعية التي تأسست في مدينة بال من سويسره وسافرت لتنصير الشركس فصدر أمر القيصر سنة 1833 بإبعادها عن بلادهم خشية أن يقتل الشركس أهلها. ثم تكلم على جمعية تأسست في انكلترة سنة 1861 تحت عنوان ((جمعية المبشرين للمسلمين)) وهي التي جعلت قوتها ووجهتها تنصير المسلمين بالهند وغيره والأخبار الواردة عن هذه الجمعية مختلفة فإن أخبار كلكته ومدارس وبومباي تقول أن جعل المسلم نصرانياً من المستحيل أما أخبار البلاد الهندية الوسطى فإنه يقال فيها أن كثيراً من المسلمين تنصر ومنهم واحد اسمه خير الدين وقد صار مبشراً للمسلمين سبع سنين ثم عاد لدينه الإسلام بعد ذلك (وهذا كلام لا أصل

له فإنهم يشيعون تنصر بعض المسلمين ليستمر الأغنياء على الصرف عليهم بدليل هذا الذي يدعون أنه صار مبشراً ثم عاد لدينه ولا شك أن مثل هذا ما تنصر إلا بعد ما ظهر له حقية الدين المسيحي فما كان يعود لدين غير صحيح كما يزعمون والحقيقة أنهم لا يتصيدون إلا بعض المعاتيه ولم يقدروا على تنصير أكثر من أربعة معاتيه أو خمسة كما سيأتي في كلامه ثم تكلم على البلاد التي لا سلطة للأجانب عليها فقال) يندر تنصير واحد في البلاد التي فيها القوّة السياسية للإسلام (يشير بهذا أن الجمعيات الدينية تجتهد في تنصير من أوقعته المقادير تحت سلطة أجنبية حسب اعترافه) واحد المبشرين الذي أقام بين المسلمين كثيراً كتب في سنة 1878 وقال أني بذلت جهدي لمعرفة حقيقة انتشار الدين النصراني في المسلمين وعملت تحقيقات من كل جهة فالذي وصلني من الأخبار الحقيقة أنه تنصر في اسلامبول ثلاثة وفي مصر اثنان وفي القدس ثلاثة وغير ذلك لم يحصل (هذا دليل على شدة اعتنائهم بتنصير المسلمين وفرحهم بتنصر رجل أو رجلين ومع ذلك فإن اللذين تنصرا بمصر معتوه في طنطا ومجنون في مصر وقد عاد أحدهما لدينه عند شفائه من الجنون وإذا بحثنا فيمن تنصروا في القدس واسلامبول وجدناهم من الروم الذين أسلموا لطلب الرزق فلما زادهم البروتستانت نقوداً عادوا لدينهم) ومن هذا كله نعلم أنه لا ينبغي أن نعامل المسلمين معاملة الوثنيين بل لابد لهم من معاملة أخرى فإن الأمة التي لها دين ترى أنه مبني على أساس لا ينبغي أن تعامل معاملة الوثني الذي لا يبنى دينه على أساس قوي. وعرض الإنجيل على ضعفاء الوثنيين أسهل من عرضه على

المسلمين بلا شك فإنهم يدعون أن دينهم سيغلب كافة الأديان وينسخها فما دامت لهم حياة وقوّة يستحيل عرض الإنجيل عليهم (يريد بذلك تحريض دول أوروبا على التغلب على المسلمين ليسهل عليهم ألزامهم بالتنصر أما بالقوّة أو بالتعليم المدرسي كما هو حاصل في بعض البلاد التي أوقعها سوء البخت في يد الأجانب) وبالجملة فإن كل قطعة من الأرض بقي فيها للإسلام قوّة سياسية فإن التبشير فيها بالإنجيل لا يفيد شيئاً فإن الداعي منا والمجيب له منهم تحت حكم القتل عندهم نعم أنه صدر أمر من الدولة العلية سنة 1839 بعدم قتل المتنصرين ولكنه لم ينفذ (انظر اضطراب الأجانب عندما يسلم واحد منهم وتعصبهم عليه وأخذه من الحكومة بالقهر وسجنه في دير أو كنيسة حتى يعود ثم تأمل في اعتراضهم على المسلمين بغير حق تعرف قدر تعصبهم واعتذاراهم لمن ينفقون عليهم بصعوبة الحال ما دام المسلمون تحت سلطة سلطانهم ولو قدر المسلمون هذا الكلام قدره لربطوا قلوبهم على حب ملوكهم وأمرائهم وعقدوا عزائمهم على عدم الاعتراف بغير سلطة سلطانهم وأمرائهم فإن سيف السياسة البروتستانتية ما جرد إلا لنشر الدين ودعوى الاستعمار ومنع التوحش والهمجية دعوى صورية تكذبها أعمال القسوس والجمعيات الدينية الكثيرة العدد) ولما أراد المسيحيون تنفيذ هذا الأمر توقف العلماء توقفاً كلياً. وقال المبشر المذكور أن أبواب الدولة العثمانية كلها مقفلة الآن أمام كل شيء. اسمه تبشير للمسلمين بالإنجيل ولذلك جعل المبشرون الأمريكان قوتهم في تنوير كنائس النصرانية الشرقية في تركية أوروبا ومصر والأناضول. أما جمعية التبشير الإنجليزية فإنها قررت إقفال محالها في مصر وأسلامبول وأزمير لعدم فائدتها

(هي جمعية من عدة جمعيات إنجليزية لا أن الإنجليز لم يبق لهم جمعيات بهذه الجهات فإن الجمعية المصدرة بتقريرها هذه المقالة إنجليزية النشأة والأعضاء والقسوس والمقر) وبعد البحث الدقيق والتحقيق التام وصلنا على النتيجة الآتية وهي - ما دام الحال هكذا في الدولة العثمانية فانتشار كلمة الله بالحرية وتوزيع الكتب النصرانية وتعميد المتنصر من المسلمين يعد من المستحيلات. ثم أن أحد المبشرين المسمى القسيس فولترس الذي أقام بين المسلمين مدة قال إني أخاف أن أعمّد مسلماً بسبب الصعوبات الكثيرة الموجودة أمامنا. ثم هناك عقبة أخرى لتعميد المسلمين توجد في الكنائس الشرقية التي بين المسلمين وهي أن أقباط مصر وباقي نصارى الشرق بسبب بعدهم عن كنائس أوروبا وقعوا في وهدة الانحطاط وما بقي عندهم من الديانة النصرانية غير بعض الظواهر أما أفكارهم وعوائدهم وأخلاقهم واحساساتهم الدينية فإنها تميل إلى أخلاق المسلمين وعوائدهم أكثر من ميلها إلى النصارى ومن المعلوم أن حالة النصرانية الشرقية بهذه الحالة تمنع كل مسلم أن يتنصر (تأمل هذا التعصب الخارج عن الحد حيث يرى معاشرة الأقباط ونصارى الشرق للمسلمين بلا تعصب ضعفاً في الدين ويرى عدم تعصبهم كتعصب أوروبا نقصاً في دينهم مع أنهم لا يدخلون بلداً إسلامياً بالقوة إلا بعلة راحة المسيحيين من تعصب المسلمين وما يريدون إلا إفساد ما بينهم من الألفة ومبادلة المحبة والمعاملة يعلم ذلك من يقابل بين حالة المسيحيين الشرقيين قبل تعلقهم بالمتعصبين وبين حالتهم بعده فإنه يراهم كلما ازدادوا قرباً من المتعصبين زاد نفورهم من المسلمين الذين كانوا معهم كعائلة في بيت

ولذا نرى المتعلق بالمتعصبين يبعد عن مجامع المسلمين وإخوانه الباقين على عهدهم القديم ولا يجلس إلا في مجالسهم ولا يحب إلا ما يحبونه اغتراراً بما يراه من التظاهر بحبه وما اتخذوه إلا هدفاً يرمون إليه سهام أغراضهم) ولو تكلمنا مع عقلاء المسلمين وأظهرنا لهم أن حالة الدين في أوروبا أحسن فإنهم يعترضون علينا بالشقاق والجدال الحاصل بين الكنائس ثم بعبادة الصور عند الكاثوليك ثم بالجزويت ثم يسخرون بالقول بأن الباب معصوم ثم بحدوث أمور مخلة بالهيئة الاجتماعية مما يقع من الاشتراكيين وغيرهم خصوصاً وأنهم الآن صاروا يعلمون سقطات أوروبا وأمورها التي لا تؤلف. ونحن نوجه المسئولية على أناس كثيرين من المرتحلين إلى بلاد الإسلام فإننا إذا بحثنا فيهم وجدناهم من أرباب السوابق الفظيعة في أوروبا فعندما يراهم الشرقيون يظنون أن النصارى كلهم من قبيلهم ولهذا كان تأثيرهم في الشرق قبيحاً فإنهم من الرحالة خلف اللقمة ولا مقصد لهم غير المكاسب المادية ويقبلون كل طريقة توصلهم إلى الغنى ولا ينكر أحد منهم حتى الذين تربوا وتهذبوا أنهم لا مقصد أهم إلا المكاسب المادية. فحالتهم توجب المسلمين أن يقولوا أن النصارى ليسوا أفضل منابل إننا أحسن منهم لما يرونه من سوء سيرهم (انظر سخط القسوس على الشرق ومن حل به حيث رموا الأوربيين المقيمين فيه بأنهم رعاع من أهل السوابق وأن ارتحالهم إلى الشرق إنما هو فرار من العقوبة وأنهم في أسوء حال دينية مع أن معظم الأوروبيين المرتحلين إنما دخلوا الشرق للتجارة التي لا يمتنع الاشتغال بها في أوروبا ولم يقصروا في بناء الكنائس وإظهار الشعائر الدينية وتمسكهم

بدينهم وإنما عيبهم عند القسوس إنهم لم يسعوا في تنصير المسلمين ومعاكستهم فبئس ما يلتزمه هذا المؤلف من ذم قومه ومن أخذوا بدينه لدخولهم في جلد الإنسانية وعدم رضاهم بالتوحش الذي يسعى فيه. وهل سمع ذو روح أن المسلمين تعصبوا على أخوانهم الذين يعاشرون النصارى بالحسنى كتعصب هذا أو رموهم بنقص الدين لعدم سعيهم في إسلام النصارى كما يرمي هذا قومه بسبب تقاعدهم عن تنصير المسلمين. إن في ذلك لعبرة) ومن هنا يعلم أن المسلمين حتى الذين يعترفون باحتياج القرآن إلى التنقيح ويقولون لو كان رسولهم موجوداً لغير بعض أشياء لا يحبون الديانة النصرانية ولا يسمعون كلامها (هذا كذب يروج به بضاعته على من ينفقون عليه فإنه لا يوجد مسلم في الأرض يقول أن القرآن محتاج للتنقيح فإن من يقول ذلك لا يكون مسلماً وإنما لنفوذ كلمتهم يفترون هذه المفتريات كما يفترون أشياء كثيرة على نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم لا يسّلم العقل بوقوعها من طفل فضلاً عن أعقل العقلاء ولكنهم يسعون بهذه الترهات بين بسطاء أوروبا الذين لا يعرفون من الدنيا غير ما يسمعونه من القسوس فإنه يوجد فرق كبير بين عامي الشرق وعامي الغرب فإن الأول سريع التصور قريب الفهم والثاني يأخذ بالتقليد الأعمى بلا بحث ولا تصور ولا يعترض بعقلائهم ونبهائهم فإنهم في معزل عما نحن فيه) ومن أصعب ما يوجد لتنصير المسلمين ما غرسه رسولهم في قلوبهم من اشارك من يقول بالتثليث فإنهم يبشعون من القواعد الأساسية النصرانية لأن المسلم يرى أن تثليثنا هو القول بتعدد الآلهة وكيفما حاولنا تفهيمه فإننا لا يمكننا صرفه عن هذا

الفكر وهم معذورون فإن تعليم الكنيسة يؤدي إلى ذلك بلا شك. ثم أننا كيفما جاهدنا في تفهيمه أن لله ابناً وضع أمامنا في الحال قول القرآن {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد} وقوله {وخرفوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون} وقوله {لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ولا الملائكة المقربون} ومن هنا يعلم أن القواعد الإسلامية سهلة جداً وقريبة للعقل منيرة له أسهل من قواعد الدين النصراني ولو أنها بعيدة عن الأفكار الغريصة. وإذا جاهدنا في تنصير مسلم قال كل شيء طيب عندكم فإنه عندنا وكل ما تريدون منا غيره فإنه قبيح. وهذا التوقف العظيم الحاصل من المسلمين يوقعنا في شك قوي من إمكان إدخال الإنجيل الأصلي بين المسلمين بطريقته القديمة وما دامت الكنيسة النصرانية ملتزمة عرض تعاليمها بالكيفية التثليثية التي نتجت من المنازعات الدينية في القرون الأولى بعد المسيح فإن الإسلام لا يزال معارضاً لهذه التعاليم. وفي الكنائس البروتستانتية يوجد شعور باطني شديد بأن الأصول النصرانية يلزم تغييرها والآن قد أخذ في تغيير بعض القواعد شيئاً فشيئاً ولابد أن يأتي يوم فيه تقهر التعاليم القديمة بالتعاليم الجديدة وغذ ذاك يمكن نجاح التبشير بالإنجيل في بلاد الإسلام وعلاوة على ذلك لا يصح أن تتصور بلوغ الأمل كيفما كان الجسم الإسلامي متعفناً (تأمل هذا التعصب القبيح وسعي القسوس في تغيير قواعد دينهم ليكون مقبولاً عند المسلمين على زعمهم وكيف يثق النصارى بهم إذا رأوهم غيروا الأوضاع الدينية بشيء من عند أنفسهم فيكون الدين وضعياً لا إلهيّاً وهل يسلم لهم ذلك ومثل هذه الأقوال تدلنا على جنون هؤلاء الساعين

في تنصير المسلمين وهم يتلاعبون بدينهم هذا التلاعب وينشرون هذه الأقوال بين الناس من غير نكير فقد طبع من هذا الكتاب ملايين من النسخ ووزعت كلها بين الناس ولا ندري كيف يسكت المسيحي عندما يرى قوماً شارعين في تغيير دينه بما يرونه) ولا يفهم مما تقدم أن مرادنا تغيير بعض حقائق الإنجيل لإدخاله بين المسلمين فقد بل المراد تغييره لنا ولهم ليكون مقبولاً عند الجميع فإننا ما دمنا نحس بأن الدين لم يزل مستحقاً للترقي فإنه لا يمكننا عرض الإنجيل على المسلمين بهمة ونشاط وأين البروتستانتي الحقيقي الذي لا يحس باحتياج الدين للترقي فما دمنا كذلك فالنجاح قليل ولا يمكننا إدخال التعاليم النصرانية على هؤلاء الخوارج (يريد المسلمين) لأننا أنفسنا نعترف بنقصان هذه التعاليم وهؤلاء لم يخرجوا عنا إلا بسبب غلط تعاليمنا انتهى. فمن قرأ هذا الفصل وعلم سعي الجمعيات في نشر دينها واجتهادها في تنصير المسلمين خصوصاً والعالم عموماً رأى الفرق بين لطف الشرقيين وخشونة قسوس الغربيين ولو كتب مسلم كتاباً مثل هذا لقامت على المسلمين قيامة أوروبا وقالوا هذا دعاء للحرب الدينية وتعرُّض للدين المسيحي وسحبوا قناصلهم ونادوا بين إتباعهم المقيمين في الشرق بالرحيل بدعوى فقد الأمن العام وتوحش المسلمين فنحن نسأل من ملأوا أعمدة التيمس وغيرها من نسبة التعصب الديني إلى المصريين خصوصاً والمسلمين عموماً هل رأوا المسلمين اجتمعوا لتغيير دين النصارى ليكونوا معهم أو تعرَّضوا لمسيحي بالمجادلة والمناظرة أو طعنوا في دين غيرهم أو قالوا أن دين النصارى أو دين غيرهم غير صحيح يلزم أن يمحى كما قال يوحنا أو عقدوا جمعيات كجمعيات البروتستانت والجزويت والفرير وتصدوا لتعليم أولاد النصارى دينهم كما

يصنع هؤلاء في بلاد المسلمين وأبنائهم تالله أنهم لا يجدون لهذا السؤال جواباً سوى قولهم إننا مفترون عليكم لنستهيج أفكار أوروبا ضدكم فيحل لنا ما يحرمه الهدوء والسكون. ومع ذلك فإننا معاشر المصريين نفتخر بحسن معاملتنا كل من سكن بلادنا وبأنصاف مواطنينا ومقاسمتهم الوظائف والأعمال والسكنى والزراعة وعدم تعرضنا لدين من الأديان بالتقبيح والقدح كما يفتخر المسلمون جميعاً بأنهم أدركوا فضيلة ما أدركتها أوروبا وهي رعايتهم حقوق الأمم وتركهم كل ذي دين ودينه وهذه فضيلة سلبتها القسوس من جميع أنحاء أوروبا وغرست مكانها التعصب الذميم والاعتداء الفظيع يشهد بذلك قول القسيس سيروس هملن وقد أقام مدة طويلة في بلاد المسلمين بصفة مبشر أمريكاني فإنه خطب خبطة في مدينة بوسطن من أمريكا المتحدة في أكتوبر سنة 1876 قال فيها أن موظفي حكومة الترك رجال قلوبهم سليمة ميالة للخير وكل مضادة أضرت بالإرساليات البروتستانتية في بلاد الترك فإنها نتجت من قسوس النصارى وجمعياتهم ومن الكنائس المضادة للبروتستانت أما المسلمون فإنهم فطروا على عدم معارضة أحد في دينه خصوصاً وأن قرأنهم يمنعهم من التعرض لأهل الكتاب وبناءً على هذا تأسست عندهم الحرية التامة لكل الطوائف النصرانية ولليهود ثم أننا نجد رقاً كبيراً بين الترك والموسكوف فإنك في تركية ترى الطوائف النصرانية وغيرها ممتعة بالحرية التامة في الكنائس والمدارس حتى تراهم مجتهدين في جذب أناس لدينهم من المسلمين ولكنك في بلاد الموسكوف لا ترى مسكوفياً يترك الكنيسة الوطنية فإنه أن تركها عوقب أشد العقاب حتى أن الوثنيين والتتار المسلمين لو فرض وأراد واحد منهم ترك

دينه لابد وأن يكون على مذهب الأرثوذكس. ثم أنه لصالح الدين النصراني يلزم أن نأمل المسلمين معاملتهم لنا فإنهم أحسن الناس أخلاقاً وألينهم جانباً فأين هذا الكلام الصدق من الأكاذيب التي تنشر عن المسلمين في جرائد انكلترة وغيرها وكيف يحصل التعصب المكذوب علينا ونحن بين يدي أمير يحب الهدوء والسلام ولا يرضى لرعيته غير ائتلافهم مع سكان بلاده من أي جنس كانوا وبأي دين دانوا فهو يفتخر بكونه يسوس أمة هينة لينة تعاشر الناس على ما هم عليه وتعرف لكل إنسان حقه ولا يوجد عندها ما يوجد في أوروبا من هذا التعصب الذميم. وكأني بمغفل يقول لا ينبغي ترجمة مثل هذه الكتب ونشرها فإنها تؤثر في النفوس فنقول له كان الأولى عدم تأليفها ونشرها بين سكان الكرة أما وقد طبعت ونشرت بين المسلمين والنصارى واليهود والمجوس وغيرهم فلم يبق هناك محذور في ترجمتها خصوصاً وإن أمة البروتستانت ترمينا بالتعصب وتشيع ذلك عنا في أوروبا على ألسنة جرائدها وأجراؤها عندنا يتمدحون بتساهلها وعدم تعصبها ويرمون الشرقيين بالتعصب الدينين وما يريدون إلا المسلمين فإظهاراً لحقائق التعصب وجهات وجود التزمنا نشر هذا الفصل إلجاماً لمن يفترون علينا الأكاذيب وردعاً لمن يطيلون ألسنتهم بذم الشرقيين ونسبتهم للتعصب القبيح. وقد فات المؤلف طريقة الأمريكان والجزويت والفرير الملتزمة في المدارس حيث يعلمون أبناء المسلمين وبناتهم عقائدهم ويلزمونهم بصلواتهم وحفظ الكلمات الإنجيلية المتعبد بتلاوتها وقد تعددت مدارسهم في بلاد المسلمين شرقاً وغرباً ولم يسمع أن أحداً تعرض لهم بسوء أو منعهم من إجراء عوائدهم الدينية مع أن أحد أعضاء الوفد

المصري العلمي عند دخوله جنيفيا الطربوش منع من الدخول حتى يلبس البرنيطة أسمع مثل هذا التعصب الذميم في بلاد المسلمين ويوحنا هوري يقول في رسالته المتقدة أن جمعية التبشير للمسلمين تأسست في إنكلترة سنة 1861 لتنصير المسلمين بالهند وغيره فهل سمع أن مسلماً سعى في إسلام إنكليزي وهل يبعد عمل هذه الجمعية تمدناً وعدم تعرض المسلمين لغيرهم تعصباً. وإذا تنصر معتوه من المسلمين يؤخذ إلى قبرص أو غيرها خوفاً عليه من تعدي المسلمين ولا يتعرض له أحد وإذا أراد نصراني أن يسلم استحضر رئيسه الديني في ديوان الحكومة العثمانية وسئل عن سبب إسلامه وإذن لرئيسه أن يختلي به برهة فهل هذا هو التعصب الموجود في بلاد الدولة العثمانية كما يقول البروتستانت وغيرهم من المستأجرين لإشاعة الأكاذيب. وإذا علم المفترون أن النصارى ابتدأوا بالطعن في الدين الإسلامي والسعي في تنصير رجاله من القرن الثامن أي من عهد ألف سنة كما قال يوحنا والمسلمون باقون على سكونهم ومعاشرتهم جميع طوائف العالم بالألفة والتساوي في الأعمال والسكنى تاركين كل إنسان وما يريد من العبادة والأديان أفلا يخجلون من تكذيب العالم لهم وقد أسودت وجوههم وكلحت وهم لا يرتدعون كأنهم خلقوا للدعاوي الباطلة. ومهما يكن عندهم وعند غيرهم من التعصب فإن المسلمين لا يغرون طريقتهم التي جبلوا عليها ويلزمهم الدين الإسلامي بالأخذ بها وهي معاملة كل وطني ومستوطن في بلادهم بالحسنى وعدم التعرض لمغايريهم في الدين ولا في الكنائس ولا في العوائد إذ كل معامل لهم ومساكنٍ له ما لهم وعليه ما عليهم وقد أعرض العلماء عن تهييج الأفكار بمثل كتابة القسوس حفظاً للنظام العام

وحرصاً على بقاء الألفة مبتادلة بين المسلمين وبين وطنييهم ونزلائهم يشهد بذلك كل مسيحي سكن البلاد الإسلامية وتمتع فيها بما يحب ويرضى فهذه طائفة الأقباط في مصر وغيرهم من النصارى في الشام والعراق وبلاد العرب ومراكش وتونس وأرمينية وكريد وغيرها من الجزائر والقارات التي اختلط فيها النصارى بالمسلمين توطناً واستعماراً واتجاراً كلهم ممتعون بالحرية التامة التي لا توجد في أوروبا صاحبة الدعاوي العريضة ولاسيما مصر محل الاعتراض المدعى عليها بالبهتان فإنها عبارة عن مجتمع إنساني جمع جميع الأصناف والأديان واللغات والدول وقد قضى أهلها عصوراً وهم على أحسن ما يكون من معاملة الأجانب فضلاً عن الوطنيين وقد عاب يوحنا الأقباط ونصارى أوروبا بعدم تعرضهم لتنصير المسلمين مع أنهم ما فعلوا إلا واجبات الإنسانية ولوازم المدنية ومقابلة الجميل بمثله فنحن نقول ليوحنا وأرباب جمعيان الدين المتعصبين قد تعودنا على مخالطة الناس ومعاشرة أهل الأديان على ما هم عليه من ألف وثلثمائة سنة فلا نغير سيرنا ولا نتخلق بأخلاق المتعصبين ولا نكدر صفو الراحة العامة بمثل هذا التعصب الفظيع فإن كل مسلم ممنوع من التعصب بقول الله تعالى: {لا إكراه في الدين} وإذا قابل المخلفين له هش وبش وقال {لكم دينكم ولي دين} فإن عارضه متصعب أجنبي ذكر له أعمال الجمعيات البروتستانتية وغيرها وقال له هذا عندكم فما مقابله عندنا.

الطرق وإصلاحها

الطرق وإصلاحها وعدنا في العدد الماضي بالتكلم على أصل الطرق وفوائدها الدنيوية والأخروية وما أحدث فيها من البدع التي ليست من الدين ولا من الطريق ولو قدر الناس الطرق حق قدرها لأجلوها ونزهوها عن البدع والأهواء فإنها في الأمة أكبر داع لاجتماع العصبية وتأليف القلوب وتوحيد الكلمة ويؤدي بها ما لم يؤده صاحب السوط فإن صاحب السوط يحرك الأجسام وصاحب الطريق يحرك القلوب وفرق عظيم بين من يعمل بظاهره وبين من يعمل بالظاهر والباطن وسنبسط الكلام على هذا في عدد آخر إن شاء الله تعالى. والآن نتكلم على حقيقة الطرق التي أُخذت عن الأشياخ فإننا إذا عرفنا ما قاله أشياخنا المتقدمون فيها سهل علينا تمييز الحق من الباطل فيما نسمعه ونراه من شيوخ الوقت قال كبير القوم وحجتهم سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه طريقنا الكتاب والسنة ألا أن الفقير على الطريق ما دام على السنة فمتى انحرف عنها ضل عن الطريق. طريقنا أن لا تسأل ولا ترد ولا تدخر وإن تتحقق أن الكل بيد الله وكل ميسير لما خلق له وأن تقف عند حد الشرع ولا تتعداه. هذا الطريق واضح أغلق منهاجه جماعة اضطرب عليهم الحال وما بلغوا مقام التمكين فتجاوزوا بالشطح والدعوى الحدود فتبعهم فريقان فريق انقاد بحسن الظن وفريق قاده الجهل وكلاهما على شفا جرف ألا أن الطريق محجة بيضاء كل ما فيه من قول وفعل بطن أو ظهر لا يتجاوز دائرة الشرع إلا أن كل طريقة خالفت الشرع زندقة الطريق أن تقول آمنت بالله

ووقفت عند حدود الله وعظمت الله وانتهيت عما نهى الله ولا طريق بعد هذا أبداً إذ ليس بعد الحق إلا الضلال - وقال إمام أئمة الصوفية على الإطلاق أبو القاسم الجنيد رضي الله تعالى عنه مذهبنا هذا التقيد بالكتاب والسنة وأفراد القِدم عن الحدوث وهجر الإخوان والأوطان ونسيان ما يكون وكان - وقال أبو بكر الشبلي المحبة ابتاع أوامر المحبوب واجتناب نواهيه ومع ذلك يجب الصدق والإخلاص وكتمان الحال مع بذل الجهد في المجاهدة لا توصل للمحبوب إلا بفضله قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا - وقال رجل لرويم البغدادي دلني على الطريق فقال ليس لك إلا بذل الروح وإلا فلا تشتغل بترهات المتصوفة. وقال الطريق يطلب بالله ويسلك لله ويوصل على الله وإلا فيمن يطلب الطريق بنفسه يسلك بها بسبيل البدعة - وقال أبو القاسم السندوسي هذا الطريق مبني على الغيرة لله ولرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فمن كان يعد نفسه في إعداد أهل هذا الطريق وليس له غيرة على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله تعالى عليه وسلم فهو دجال والغيرة لله تعالى ولرسوله هي الغيرة على حركة الأوامر الإلهية والنبوية أن تهتك ومن رأيتموه ينتصر لأبيه وجده وشيخه على الأوامر الشرعية فهو منافق مبتدع فاجتنبوه ولا تخالطوه - وقال العارف الشيخ علي القرشي الشهير بالعجمي من لم يكتف بالكتاب والسنة وإجماع الأمة فهو على الضلال - وقال أبو يعقوب إسحق النهر جوري وقد سأله رجل عن الطريق استعمل العلم وداوم الذكر وأنت إذا من أهل الطريق - وقال أبو عمرو محمد الزجاجي النيسابوري من انحرف عن جادة الظاهر فلا باطن

له هكذا وجدنا السلف الصالح - ونال جعفر الخواص البغدادي من أخلص لله في المعاملة وطرح حب الجاه والرفعة والتعالي والتقد والتعزز عن قلبه حفظ الله تعالى لسانه من الشطحات وأراحه من الدعاوي الكاذبة - وقال أحمد الجريري طريقنا الأدب مع الفتح والتباعد عن الشطح والسكون تحت مجاري الأقدار - وقال عمرو بنعثمان المكي علامة المعرفة الخاصة التجرد من الدعوى والتواضع لله وللخلق ودوام الذكر وعلامة القطيعة الدعوى والتعالي على الخلق والغفلة - وقال أبو يزيد البسطامي إذا نظرتم إلى رجل يطير في الهواء فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف هو عند حفظ الشريعة - وقال بشر الحافي أخباراً عن أهل الطريق كانوا لا يأكلون تلذذاً ولا يلبسون تنعماً وهذا طريق الآخرة والأنبياء والصالحين فمن زعم أن الأمر في غير هذا فهو مفتون. الفكرة في أمر الآخرة تقطع حب الدنيا وتذهب شهواتها - وقال ذو النون المصري علامة محب الله متابعة الرسول في كل ما أمر به - وقال أحمد ابن أبي الحواري الدمشقي من عمل بلاد إتباع سنة فعمله باطل - وقال الإمام معز الدين طلحة الشنبكي الأنصاري من أدعى سراً مع الله تعالى لا يشهد له حفظ ظاهره فاتهمه في دينه ومن ادعى حالة مع الله تعالى تخرجه عن حد علم الشريعة فلا تقربن منه ومن رأيته يسكن إلى الرآسة والتعظيم ويدعي الفوقية ويطمح إلى التعالي فانقطع عنه وإياك وأياه ومن رأيته مستغنياً بنفسه فاحكم عليه بالجهل القاطع ون رأيته راضيا عن نفسه ساكنا إلى وقته فاعلم أنه مخدوع ومن رأيته مطمئناً لقوة حاله منبسطاً للكرامات فاشهد بسخافة عقله ومن رايته يشطح

ولا يقدر على ضبط لسانه فاعلم أنه ناقص ولا يرجي خيره ومن رأيته اتخذ الذل باباً والانكسار محراباً ووقف مع الحدود وحفظ العهود وضبط لسانه بالآداب المرضية وقيد أفعاله بالقيود الشرعية وحاسب نفسه على الأنفاس وأعرض بقلبه عن الناس وأخلص بطرحه على باب الله فاعلم أنه قد بلغ حقيقة المعرفة وصار من أهلها - وقال الشيخ منصور الباز الأشهب البطائحي الأنصاري المنتهي بنسبه لأبيه على زيد الأنصاري الصحابي الجليل من عرف الله تعالى آثر رضاه ومن لم يعرف نفسه فهو مغرور وما ابتلى الله العبد بشيء أشد من الغفلة والقسوة ومن فر بدينه إلى الله تعالى وهو يتهمه في رزقه فهو يفر منه لا إليه وكل موجود في الدنيا لا يكون عوناً على تركها فهو عليك لا لك. وكان الإمام عبد القادر الجيلاني الشريف الحسني يطلب علم الشريعة ويقول هذا هو السلوك وكان أبو النجيب السهرودي يحافظ على الشريعة ويقول هي الطريق وما عداها قواطع - وسئل الواسطي عن أعلى حالة للصديقين فقال هو الطائع والمحدث قال عليه الصلاة والسلام أن في أمتي مكلمين ومحدثين وأن عمر منهم - وقال سيدي عبد العزيز الدباغ رضي الله تعالى عنه إذا أردتم الشيخ الملك فاطلبوه من رجال السنة ولا تخطوهم إلى أهل البدع والأهواء وقال من يدعي الوصول بغير الشريعة فهو كاذب فإنه لا وصول إلا بالنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ولا باب ندخل منه عليه إلا شريعته فمن حاد عنها فقد انقطع عن الله تعالى وعن رسوله. وقال ابن المنير يستحيل أن تكون الولاية شيئاً غير الاستقامة قال تعالى فاستقم كما أمرت. فهؤلاء هم رجال السلاسل الذين أخذت الطرق عنهم وإيهم تعزى

وكلهم قيد الطريق بالشريعة الغراء رجوعاً إلى قوله تعالى {قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببك الله} وقوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} وقوله تعالى {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام} وقوله تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وفراراً من وعيد ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله} ومن زجره صلى الله عليه وسلم بقوله كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد. إذا تحققنا ذلك علمنا أن الطريق الموصل على الله تعالى فتحاً وشهودا هو طريق النبي صلى الله عليه وسلم. ما ذلك إلا التمسك بالكتاب والسنة وإجماع أئمة الدين فإن طرأ علينا أمر عرضناه على الكتاب ثم على السنة ثم على الإجماع ثم على القياس فإن لم نجده في واحد من هذه الأصول فهو باطل يؤيد هذا الأمر السماوي وهو أطيعوا الله أي كتابه والرسول أي سنته وأولى الأمر منكم أي الأئمة العلماء وهم أهل الإجماع فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله أي كتابه والرسوله أي سنته بطريق القياس وليس لنا طريق لمعرفة الحق من الباطل إلا هذه الأصول الأربعة وقد عرضنا عليها كثيراً من البدع المستعملة الآن فلم نجدها فيها ثم عرضنا عليها القول بوحدة الوجود فلم نجدها في كتاب الله ولا في سنة رسوله فتكلمنا على القائلين بها في العدد الماضي وقد اهتم سماحة ذي الفضيلة السيد توفيق أفندي البكري بهذا الشأن وبحث فيه فوجد هذا القول اشتهرت نسبته إلى الفاضل الأستاذ الشيخ علي الجربي فاستحضره وجاء معه الشيخ محمد الخيامي قاضي مركز كفر الشيخ وبعض تابعيه وصادف أني توجهت لزيارة هذا السيد لما بيننا من المحبة فرايتهم هناك فقال السيد للشيخ علي تكلم فأخذ يسرد عبارة مؤداها إني أخبرته بكلام عن الشيخ الخيامي وأنه سأله عنه فأنكره فطلب

السيد مني الكلام فقلت له دع عنك مسموعي بالذات وعلي أن آتيك بمحاضر من ألوف من الناس بما سمعوه فقال الشيخ ماذا يقولون فقلت سمعت من فاض بالمنصورة إنك قلت له اجلس معي نصف ساعة وأنا أدعك تقول أنا الله - فقال فاضل آخر هو لا يقول أن الله وإنما يقول الله أنا. فقال له الفاضل الشيخ الطاهري العبارة واحدة ولا ينبغي أن يقال مثل هذا بين العامة فقال والله ما قلت ذلك فقلت قلت لبعض الناس لا اتصال ولا انفصال بين العبد والرب فإن الحقيقة واحدة فقال والله ما قلت فقلت سمعك جماعة توصي إتباعك في كفر الشيخ وأنت مسافر وتقول لهم اشتغلوا بما أمرتكم به ولا تظنوا أنكم تغيبون عني ببعدي عنكم فإني أرى غائبكم كما أرى حاضركم فقال والله ما قلت فقلت قال لي شيخي وشيخك الأستاذ الشيخ محمد العشري أنه سألك وقال بلغني عنك أنك تنكر صفات المعاني فقلت له وماذا علي لو أنكرت الصفات كلها ليس الله إلا صفة الوجود وأنك لا تتقيد بمذهب إمامك فقال والله ما قلت (ومقام شيخنا يجل عن الافتراء) فقلت اشتهر عنك القول بوحدة الوجود وأن كل شيء في الوجود هو الله فقال ابرأ إلى الله من ذلك ولا أقول به فقلت قال لي أحد تلامذتك أنك قلت في قوله تعالى ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فيمن نفسك إن الحسنة والسيئة صادرتان من واحد وهو الله بدليل قل كل من عند الله فجعلت العبد والرب شيئاً واحداً فقال والله يكذب فقلت نسب إليكم في تفسير آية {نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم إني شئتم} أن تلميذكم الشرباتلى كتب عليها فأتوا حرثكم أنى شئتم كيف شئتم أن ناسوتيا وأن لا هوتيا فقال ما حصل ذلك فقلت أنها نشرت

في جريدة النيل فقال أعداؤنا كثير ويكذبون علينا - ثم قال السيد الفاضل البكري وماذا سمعت من الشيخ الخيامي فقلت سمع منه في مجمع قوله أن الذين يبايعونك يا محمد إنما يبايعون الله الذي هو أنت يد الله التي هي يدك فوق أيديهم وقال في وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى أن الرامي محمد فهو هو وذكر حديث ولا يزال عبدي يتقرب إلي الخ فقلت له أن عدم التأويل يؤدي للإثبات الجارحة لله تعالى فقال الأستاذ الشيخ علي عدم التأويل مذهب السلف فقلت كان إيمان الناس قوياً ولم يخالطهم أهل شبه ولا بدع ولا نحل ولما كثرت المذاهب الظنية أول العلماء فراراً من تجسيم الحق سبحانه وتعالى ثم قلت وسمع منه الشيخ علي المبيض قوله أن نديماً يريد أن يردني عما أنا فيه وهذا لا يكون فإني مع الله حيث كان حتى لو دخل الله جهنم فأنا معه وسمع منه غيره أنه قال لامرأة طلقها زوجها أن الذي طلقك هو الله وقرأ علي رسالة للشرباتلي ملخصها أن اشتغال الأزهريين بعلومهم اشتغال بالباطل ولما أنكرت عليهم ذلك وسفهت رأيه وضعها في جيبه وراجعته في كلام كثير لابن العربي يوهم الحلول والاتحاد في مولد سيدي غازي وقلت له أن أربعة أخماس الفتوحات مدسوس على ابن العربي ثم استنطقه سماحة السيد البكري عما سمعه مني فقال أن الندي نصحني وقال لي ألزم الكتاب والسنة فقبلت نصيحته ومن يومها لم أجتمع بأحد في الذكر حتى إني ما نزلت ليلة في رمضان من بيتي ثم أوردت أشياء كثيرة من المكفرات التي يقولها من يدعون الانتماء والتلمذة على الشيخ الجربي فأقسم عليها إيماناً أنها لم تصدر منه ولا يقول بها ثم قال لي أنت تعرف عقيدتي من الصغر فقلت أعرف أنك

متمسك بعقيدة أهل السنة والجماعة ولكن هذا الكلام المنسوب إليك بلغ حد التواتر على السنة ثقات مختلفي المراكز والأزمنة يجل مقامهم عن الافتراء فحلف إيماناً أنه لم يصدر منه شيء مما ينسب إليه من القول بوحدة الوجود وما يتبعها وأن ذلك صادر من أعدائه وأنه رجل كثير الأعداء فقال له السيد البكري إذاً بين عقيدتك في مقالة تنشر في الأستاذ ليتحقق الناس كذب المفترين عليك وليقفوا على عقيدتك فإن بقاء الأمر على ما هو عليه مضر جداً فإن الشيخ جمال الدين عند دخوله الآستانة قال له السلطان المفخم قد اشتهر عنك كلام يخالف عقيدتنا فأذهب لباب المشيخة وبين عقيدتك هناك فذهب وسرد عقيدة أهل السنة وأنت يلزمك أن تبين حقيقة ما تعتقده لردع المفترين عليك خصوصاً في مثل قولهم أنك تقول أنا أنت أنت أنا أنا الله الله حشو خلقه كل شيء في الوجود هو الله ما اشتهر عنك على السنة ابتاعك أو أعدائك إظهاراً لحقيقة شأنك حتى لا يبقى في أذهان الناس شك ويعلم المفترون عليك أنك سنيٌ لا تقول بهذه المكفرات فقال الأستاذ الجربي - إني أشهد الله سبحانه وتعالى بأني أبرأ مما أشيع عني مما يخالف الكتاب والسنة وما يوهم القول بالحلول والاتحاد والاتصال والانفصال وكل ما يأباه تنزيه الباري جل شأنه وأني احترم الأئمة رضي الله تعالى عنهم وأقول آمنت باله وبما جاء عن الله على مراد الله سبحانه وتعالى فقلت له أنشر عنك أنك تكفر القائل بالحلول والاتحاد والاتصال والانفصال والمكالمة والمشاهدة العينية ومن يذكر ويقول أنا الله أو أنت أنا أو أنا أنت فقال نعم فإني أنكر ذلك كله ولقد عجبت لانتشار هذا الأمر عني حتى

أن الفاضل الشيخ محمد بخيت قاضي إسكندرية قابلني وقال لي بلغني أن أبتعك يذكرون ويقولون أنت أنا فحلفت له أني ما قلت شيئاً من ذلك ومن هذه المناظرة يتحقق القارئ أن الأستاذ الجربي بريءٌ من القائلين بوحدة الوجود وأن الله حشو خلقه وأن الجواهر الفردة هي الله وإن كلاّ من المكان والزمان وما فيهما من العوالم هو الله وإن حقيقة الحق واحدة وهذه العوالم مظاهر لا حقائق لها إذ كل هذه مكفرات لا يقولها إلا مارق من الدين فإنه ينبني على هذه الأباطيل تعطيل الشرائع وتكذيب الكتب السماوية وتوجيه اللعنة إلى الله تعالى في مثل قوله خطاباً لإبليس وأن عليك اللعنة إلى يوم الدين إذ ليس لإبليس حقيقة وإنما هو على زعمهم مظهر للحقيقة الإلهية المتوغلة في الأحدية وإذا قال الجهلة أن حقيقة الحق سبحانه وتعالى تجلت وظهرت في محمد فماذا يقولون في قوله تعالى قل إنما أنا بشر مثلكم وقوله وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم وقوله وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وقوله ليس لك من الأمر شيء وقوله ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين وإذا كان لا اتصال ولأنفصال بين العبد وربه بل هما واحد في المكلّف ومن المكلّف وما معنى وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه والمخاطبون غير المخاطب وقوله أنّا خلقنا الإنسان من نطفة أفيكون خالقاً مخلوقاً ورازقاً مرزوقاً وعابداً معبوداً وطائعاً ومطاعاً وعاصياً ومعصياً وإلهاً وعبداً سبحانك هذا بهتان عظيم. وقد تمسك هؤلاء الضالون بأبيات في تائية ابن الفارض وكلمات من الكتاب المسمى بالإنسان الكامل المنسوب إلى عبد الكريم الجيلي زوراً وبهتاناً وبعض عبارات نسبت لابن العربي

وكلما عارضتهم بالقرآن والسنة أوردوا عليك هذه الأقوال الفاسدة فكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لك الإسلام ديناً} فلم يكن الدين ناقصاً حتى يتممهُ مثل ابن العربي والجيلي وابن الفارض وكيف نترك القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وقد تناقلته العصور من غير أن يشك واحد في أنه كلام الله تعالى ونتبع مثل ابن العربي وأمثاله مع عدم الثقة بأن هذا كتابه أو قوله إذ لم نعاصره ولا شافهناه وإنما تناولنا أوراقاً من أيدي أناس يقولون بهذه الأقوال الخارجة عن السنة فيحتمل أنها كلامهم ويحتمل أن تكون كلامه على أننا لو وجدنا قولاً لأي عظيم ولو كان من الصحابة عرضناه على الأصلين المحفوظين الكتاب والسنة فإن وجدناه فيهما أو في أحدهما أخذنا به وإلا ضربنا به الحائط ولا نبالي بنسبته لعظيم من عظماء الأمة بعد مخالفته الكتاب والسنة والإجماع وحيث أن كثيراً من الضالين المحتكين في الأستاذ الجربي بدعواهم يدورون بين الناس متمسكين على إلهية كل شيء بمثل وما رميت غذ رميت ولكن الله رمى. أن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به إلى آخر الحديث. لما خلقت بيدي. كل شيء هالك إلا وجهه. فإنك بأعيننا وغير ذلك مما يوهم الجسمية أو الاتحاد فسنفرد هذه الآيات وما ماثلها من الأحاديث بمقالة تنشر في الأستاذ نبين فيها قول أهل الحق من رجال السنة خوفاً على ضعفاء العقول من هذه الشرذمة الضالة التي انتشرت في البلاد انتشار الهيضة وظلمت هذا الأستاذ بدعوى الانتماء إليه والأخذ عنه وقد حلف على براءته من مقالتهم

الشنعاء في مجلس شيخ الشيوخ السيد البكري حفظه الله تعالى فصرف عن الأفكار ما كان خالطها من تصديق هذه الأخبار المتواترة المتعددة المصادر المنتشرة على ألسنة ألوف من الناس والحمد لله على سلامة عقيدة صاحبنا القديم من هذه المكفرات ونزع تلك الأوهام من الأذهان بعد علمنا بطهارتها وقد قال له العلامة الفاضل الأستاذ السيد محمد الشنقيطي ليس في كتاب الله ولا في سنة رسوله شيء من وحدة الوجود فيمن أين جاء القول بها وكيف نأخذ بما لم يأت به وحي ولا قاله النبي صلى الله عليه وسلم على ظنه صحة نسبة القول إليه فتبرأ كذلك وأقسم إيماناً أنه لا يقول بشيء مما اشتهر عنه. وأول ظهور هذا المذهب القبيح الآن بعد موته كان في عكاء ثم انتشر منها حتى دخل مصر وغيرها ونقله هؤلاء المفترون ونسبوه إلى الأستاذ الجربي الذي تربى بيننا وما سمعنا منه كلمة من هذا الانتحال قبل المدة الأخيرة التي أدعي عليه فيها زوراً وبهتاناً كاعترافه ومن هذا الوقت كلما سمعنا من رجل كلاماً من هذا القبيل نشرناه معزوّاً إليه ليستحضره سماحة شيخ شيوخ الطريق ويرده إلى الحق سداً لباب المكفرات والبدع وقد علمت أن هذا السيد الفاضل وضع نظاماً لأهل الطرق وسيكون العمل به شيئاً فشيئاً وأنه يبذل جهده في إصلاح الطرق إصلاحاً سنياً حتى لا ترى فيها بدعة وهو أحق من يقوم بذلك فإنه واسع الإطلاع طويل الباع في العلوم مقتدر على التصرف في الأمور بحذق وحسن تدبر ولقد رأيت منه تأففاً كلياً وانقباضاً ظاهراً عند ما كان يسمع تلك الأقوال الفظيعة استبشاعاً لها وتعجباً من التقول بها في مثل هذا الوقت الذي رفعت فيه ستارة العلوم وتنورت فيه الأفكار ولا أظن

إلا خلل عقول الناس الذين يتقولون على الأستاذ الجربي فإننا نسمع الرجل منهم يقول أن شيخنا يجلسنا في مجلس المراقبة ويطفئ النور ويقول تجرد عن نفسك تخاطب ربك وترما غاب عنك ثم إذا حققنا الأمر أنكر ذلك وهذا دليل على أنهم تعتريهم نوبة خلل في العقل فلا يفرقون بين الإيمان والكفر وإلا فلو كانوا عقلاء ما اتهموا شيخهم ولا افتروا عليه هذه الأقوال القبيحة. وبالجملة فإننا نعجز عن الثناء على سماحة السيد البكري الفاضل الماجد حيث أزال عن الأمة غمة ومحا ضلالة وأظهر حقاً ولله در الأستاذ الجربي حيث أظهر افتراء الناس عليه بما أنكره من تلك الأقوال وما أبداه من التبرؤ مما يخالف الكتاب والسنة. وهنا ينبغي أن نورد ما قاله القاضي عياض في الشفاء مما وقع عليه إجماع الأمة أنه مكفر فمنه قوله. وكذلك نكفر من أدعى مجالسة الله تعالى والعروج إليه ومكالمته وحلوله في أحد الأشخاص كقول بعض المتصوفة والباطنية وغيرهم. وكذلك نقطع على كفر من قال بعدم العالم أو بقائه أو شك في ذلك أو قال بتناسخ الأرواح وانتقالها أبد الآباد في الأشخاص وتعذيبه أو تنعمها فيها بحسب ذكائها أو خبثها ومن اعترف بالإلهية والوحدانية ولكنه جحد النبوة من أصلها عموماً أو نبوة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم خصوصاً. ومن دان بالوحدانية وصحة النبوة ولكن جوّز على الأنبياء الكذب فيما أتوا به أدعى في ذلك المصلحة أو لم يدعها كالمتفلسفين وبعض الباطنية والروافض وغلاة المتصوفة والإباحية فإن هؤلاء زعموا أن ظواهر الشرع وأكثر ما جاءت به الرسل من الأخبار عما كان ويكون من أمور الآخرة والحشر والقيامة والجنة والنار ليس فيها شيء على مقتضى لفظها ومفهوم خطابها وإنما خاطبوا بها الخلق على جهة

المصلحة لهم إذ لم يمكنهم التصريح لقصور إفهامهم فمضمن مقالاتهم أبطال الشرائع وتعطيل الأوامر والنواهي وتكذيب الرسل والارتياب فيما أتوا به. ومن أدعى النبوة لنفسه أو جو اكتسابها والبلوغ بصفاء القلب على مرتبتها كالفلاسفة وغلاة المتصوفة. وكذلك من أدعى منهم أنه يوحي إيه وأن لم يدع النبوة أو أنه يصعد إلى السماء ويدخل في الجنة ويأكل من ثمارها ويعانق الحور العين فهؤُلاء كلهم كفار مكذبون للنبي لأنه أخبر أنه خاتم النبيين وأخبر عن الله أنه خاتم النبيين وأنه أرسل كافة للناس وأجمعت الأمة على حمل هذا الكلام على ظاهره وإن مفهومه المراد منه دون تأويل ولا تخصيص فلا شك في كفر هؤلاء الطوائف كلها قطعاً إجماعاً وسمعاً. وكذلك وقع الإجماع على تكفير كل من دافع نص الكتاب أو خص حديثاً مجمعاً على نقله مقطوعاً به مجمعاً على حمله على ظاهره وتكفير كل من استحل القتل أو شرب الخمر أو الزنا مما حرم الله تعالى بعد علمه بتحريمه كأصحاب الإباحة من القرامطة وبعض غلاة المتصوفة. وكذلك نقطع بتكفير كل من كذب وأنكر قاعدة من قواعد الشرع وما عرف يقيناً بالنقل المتواتر من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام ووقع الإجماع المتصل عليه. وكذلك أجمع المسلمون على تكفير من قال من المتصوفة أن العبادة وطول المجاهدة إذا صفّت نفوسهم أفضت بهم على إسقاطها وإباحة كل شيء لهم ورفع عهد التشريع عنهم. ومن أنكر الجنة أو النار أو البعث والحساب أو القيامة فهو كافر بإجماع للنص عليه وإجماع الأمة على صحة نقله متواتراً. وكذلك من اعترف بذلك ولكنه قال إن المراد بالجنة والنار والحشر والنشر والثواب والعقاب معنى غير ظاهره وإنها

لذات روحانية ومعان باطنة كقول الفلاسفة والباطنية وبعض المتصوفة وغيرهم. ومن زعم أن معنى القيامة الموت أو فناء محض وانتفاض هيئة الأفلاك وتحليل العالم. ومن أنكر القرآن أو حرفاً منه أو غير شيئاً منه أو زاد فيه أو زعم أنه ليس بحجة للنبي ولا معجزة ولا يدل على الله تعالى ولا على ثواب ولا عقاب - انتهى ملخصاً من محال متفرقة ولولا خشية الإطالة لاستقصينا المكفرات التي وقع الإجماع عليها ولعلنا نوردها في كلام آخر إذا دعت الضرورة ولله در العلامة الشيخ جمال الدين حيث أخبر السيد البكري أن القول بوحدة الوجود أصله دين قدماء اليونان ودخل في العرب عند ترجمتهم كتبهم فهو دين متداخل في دين من غير شعور الآخذين به. قلت يشهد بذلك قتل العلماء والخلفاء لمن قال أنا الله أو ما في الجبة إلا الله كالحلاج وحطهم على مثل ابن سبعين وابن العربي وغيرهما فيما شطحوا فيه مما يوهم القول بالوحدة. وليكن في علم إخواننا المسلمين أن صاحب السماحة السيد البكري مستعد لإبطال هذه النحل والبدع فكل من سمع قولاً مكفراً من رجل يشهد عليه ويكتب إليه لردع ذلك المارق والنداء عليه بأنه ليس من أهل الطريق حتى لا يدنس رجالاً يدعون إلى الله تعالى وقد أقاموا أنفسهم في وظيفة تطهير القلوب وتهذيب النفوس وتصفية الخواطر وتهيئة الرجال للكمالات فهم أساتذة مدرسة دينية لا يوجد لها مثيل في العالم ومن كانوا بهذه الدرجة العليا كان حقاً على كل إنسان أن يحافظ على قدرهم ومراتبهم الرفيعة وما ذلك إلا بالأخبار عن الضالين والمنتحلين. والأستاذ مستعد لنشر ما يلزم نشره

ردعاً للضالين والمبتدعين وإعلاناً للأجانب وغيرهم أن ذلك ليس من ديننا وإنما هي كلمات صادرة من قوم لا خلاق لهم في الدين وإلا فإن مصاحفنا وعقائدنا أصولاً وفروعاً محفوظة مأمونة من الدس فما يفتري عليها رجل شيئاً إلا ظهر وأنكره عليه العامي قبل العالم. وإننا نسأل الله تعالى أن يهدي هؤلاء الناس ويزيل عنهم هذه الشبهات الوهمية ويكفي الدين ما يلاقيه من الحروب المعنوية الخارجية فإذا حاربه هؤلاء من الداخل كانوا يداً ثانية للأجنبي في تمزيق ثوب الاجتماع الإسلامي وشق عصا الجماعة وإيقاع النفرة والعداوة بين المسلمين فتكون خدمتهم للغير لا للأمة ودينها وبئس ما يصنعون. والله تعالى يحفظنا جميعاً من الابتلاء بهذه الشبهات الوهمية والنزغات الشيطانية. والأستاذ الفاضل الجربي مستعد كذلك لقبول كل مكاتبة ترد إليه عما يقوله الناس وينسبونه إليه ليظهر البراءة منهم وهي خدمة يحمد عليها وتلجم كل من يدعي أنه على ذلك المذهب الباطل حماه الله تعالى. ولقد أعدت على حضرة الأستاذ الجربي ما قلته له في مجلس سماحة السيد البكري في مجلس آخر بحضور الفاضل أحمد بك ذكي باشكاتب الأوقاف والأستاذ الكامل العلامة الشيخ محمد المنصوري وزدته مما يقوله بعض المنتمين إيه من أنه يوصل المريد في ساعة وأنهم يرون الله تعالى ويكلمونه في مجلس المراقبة وغير ذلك من الخرافات فأنكر كل ذلك وشدد في النكير على المفترين علية فقال له الشيخ المنصوري يلزمك أن لا تصحبهم بعد علمك أنهم يفترون عليك ذلك فقد علمت أن بعض المنتسبين إليك تهيأُ وللرد على الأستاذ بمقالة يثبتون فيها صحة القول بوحدة الوجود فقال له الأستاذ الجربي هذا لا يكون

التهاني الخديوية

وقل له الفاضل ذكي بك تعدد الرواة في أماكن مختلفة يثبت أن للإشاعة أصلاً فقال أنا ابرأُ إلى الله تعالى من كل هذه الأقوال - واتباعاً لإشارة سماحة شيخ شيوخ الطرق ونقيب الأشراف بنشر ما جرى في مجلسه تماماً إظهاراً لبراءة الأستاذ الجربي وإعلاناً لإحقاق الحق نشرنا هذه الرسالة بالإيضاح والتفصيل ولقد قرأناها قبل طبعها على سماحته فأقر ما فيها وأمر بنشرها من غير تصرف في شيء منها لكونها بالنسبة لمقام المشيخة رسمية فتمعنها أيها القارئ ونزه جانب الأستاذ الجربي عما تبرأ منه وقل جاء الحق وزهق الباطل أن الباطل كان زهوقا. التهاني الخديوية تقدمت للحضرة الخديوية الفخيمة قصائد بديعية تهنئة بالعيد غير قصيدة الأستاذ الفاضل الشيخ علي الليثي فمن ذلك قصيدة للفاضل الشيخ سليمان العبد مطلعها وختامها لك الدهر يا عباس لا زال باسما=ولا زال بالإقبال سعدك خادماً فقد قام داعي البشر فينا مؤرخاً=سعود الخديوي صير العيد باسماً وأنشد في الحضرة الجليلة بيتين وهما مولاي عيد الفطر أقبل باسماً=يهدي لسدتك الهناء الأكبرا فاهناء به فالسعد قال مؤرخاً=عيد العزيز قد ازدهى واستبشرا ومنها قصية للشاب النبيه محمود أفندي خاطر من تلامذة المدرسة الخديوية مطلعها.

المكرر أحلى

سعدت بك الدنيا ودام سرورها=وتبسمت مصر وأنت أميرها ومنها قصيدة لحضرة التحرير النبيه محمود أفندي حسني معاون محافظة مصر مطلعها وفيه التاريخ وهو: أوقات عباس أعياد لنا بسمت=وشمس إسعادها قد أشرقت وسمت ومنها قصيدة للشاعر الماهر الشيخ أحمد الكناني وقد حظيت بالقبول مطلعها وتاريخها. بنيل الأماني وعده الدهر أنجزا=وألبسنا ثوب التهاني مطرزا ودم في صفا فاليمن قال مؤرخاً=يعيش الخديوي كل عيد معززا ومنها قصيدة للفاضل محمد أفندي فتحي ناظر مدرسة بنها مطلعها أدم لمصرك رغما عن أعاديكا=مراسم العز فالدنيا مواليكا ولدينا قصائد شتى منعتنا كثرة المواد من استيفائها ولولا استيفاء الجريدة بالمواد لأوردناها ولكننا نثني على هؤلاء الأفاضل الذين اخلصوا في خدمة أميرنا المويد المحبوب ونتقدم معهم بالتهنئة والتبريك ففي هذا المقام تحسن المزاحمة والمسابقة أدامه الله تعالى وأيده بنصره آمين. تواردت الرسائل بطلب العودة إلى كان ويكون وسنعود لتذييل الجريدة به من العدد الآتي إن شاء الله تعالى. المكرر أحلى أدام الله سيدنا ومولانا الخديوي الأكرم نصيراً للأدب وأهليه فقد بعث في أذكياء المصريين روح النشاط والجد في توسيع دائرة الآداب بما

يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم

يبديه من العناية بأهلها وتوجيه نظره العالي إليهم كما تشهد بذلك زيارته المدارس والأزهر الشريف وسعيه في توسيع نطاق التعليم وتشريفه دوائر التشخيص خصوصاً إذا كان المشخصون من الوطنيين فإنه سيشرف الاوبره الخديوية بعد غد ليحضر إعادة تشخيص رواية هناء المحبين تأليف الألمعي التحرير إسماعيل بك عاصم الذي سيكون دوره فيها أحسن الأدوار في حضرة من تشرف به المحافل وتتحلى به أندية المعارف والآداب أيده الله تعالى. يا بني الإنسان أدركوا إخوانكم تتفطر الأكباد وتنقبض النفوس عندما تسمع خبر القحط الواقع في بلاد الجزائر فقد تناقلت الجرائد والرواة خبر هذا الخطب المحزن ووقوع إخواننا في شرك الفاقة ووهدة الاحتياج لما تحفظ به الحياة بعد أن كانوا في أعلى ذروة الرفاهة وسعة العيش وليس لما قضاه الله تعالى مرد. وقد تحركت همم ذوي المكارم والغيرة الإنسانية شرقاً وغرباً فافتتحوا قوائم الاكتتاب في المجامع والمحافل تداركاً لبلاد عربية وقبائل إنسانية فاستحقوا الثناء على هذه النجدة والإغاثة خصوصاً ما كان من المحافل المصرية التي عقدت الاجتماعات المتتالية وفتحت أبواب الاكتتاب ووزعت جوابات الطلب والحث على الإعانة والإغاثة وعينت وجوها من ذوي الفضل لجمع تلك الإعانات حتى إذا توفر لديها من النقود ما يقوم بالمساعدة مع المساعدات الشرقية والغربية قدمت ذلك لجهة الحاجة ولقد أثرت حالة هذه المجاعة في جميع النفوس فتسابق النساء مع الرجال وبرزت الستات في ميدان المساعدة والدعاء إليها فعلى رجال الهمم

رثاء

أن لا يتأخروا حتى يسبقهن ربات الحجال في مضمارٍ هم أحق بالركض فيه. رثاء قدمنا في العدد الماضي خبر وفاة المرحوم حسن باشا الشريعي عين أعيان مديرية المنيا وقد تفضل مولانا الخديوي المعظم بتوجيه عنايته إلى أنجاله الكرام وآل بيت الشريعي العظام فأرسل يعزيهم ويسليهم تعطفاً من جانبه السامي ورعاية لبيت من كبار البيوت المصرية وقد حضر ولداه وشقيقه الأماجد لتقديم واجب الشكر للحضرة العباسية أدامها الله تعالى ووفد الناس على بيتهم بمصر معزين لما للمرحوم من المنزلة الكبرى عند كل مصري وقد رثاه أفضل الفضلاء الأستاذ الشيخ علي الليثي فقال: أبكي وجودي أم أبكي لمفقود=أودى وغادرني في حال مفؤُد لم يعص دمعي عيني إذ دها أذني=صوت النعيّ بترجيع وترديد وقد ذهلت وصار اللب مندهشا=من هول خطب رمى جفني بتسهيد نقد تخير فيه كل معدود ليت المنية لما أنشبت قرنت=نفساً براها الأسى وجدا بملحود ذب يا فؤادي أسى وأترك شجاك على=غير الفقيد ولا تجزع لتجديد فبعد ذا الرزء لا تبك العيون دما=وأين منه سواء عند تعديد الماجد الأصل فياض الندى أبدا=مستحكم العقل في أمن وتهديد جليل بيت الشريعي الأُلى ورثوا=عز المكارم من شيب ومولد لا ينظر الطرف منهم غير مطرف=بالصدق والسبق في وعد وموعود

قد قلدوا كل جيد من صنائعهم=لذا الملوك حبتهم خير تقليد هم الأهلة إلا أنّ بدرهمو=أبو عليّ حليف المجد والجود من للنزيل وللراجي وذي أمل=سواه أن عزّ قصد دون مقصود قد كان للبرّ بحراً جود راحته=فالحمد والمال في جمع وتبديد رحب المجالس هشاش لزائره=والصدر أرحب في غيب ومشهود كنا نؤمل أن يبقى ويسعدنا=عيد الصيام به في يوم تعييد لكن أبى الله إلا أن يجيب وقد=دعاه للفطر في جنات تخليد فارتاح أُنساً وأهدى الروح من فرح=وقد حوى فرحتي فطر وتمجيد وراح بالرَّوح في الجنات مبتهجا=ونحن من فقده في نار أخدود دنياك ليست بسلم جافها أبداً=ولا يغرنك منها ميسم الغيد بينا تراها خداعاً أقبلت وصفت=إذ أدبرت وصغت غدراً بتنكيد ذا شأنها والأريب الندب في حذر=منها فكن لصفاها غير معمود كم ذا نعد نفوساً للبقاء سمت=مرغومة بقضاء غير مردود فليت أنا على ما كان من أسف=قد اتعظنا وسرنا سير محمود نلهوا ونلعب في أمن وفي دعة=ونجهد النفس في تحصيل مزهود وغاية الأمر أنا إثر من سبقوا=يُسعى بنا لمقام غير محدود عزّ الإخلاء والأنجال محتسباً=وزر ضريحاً عليه نور تحميد وقل له أن تغب يا بدر عن نظري=فلي التفات إلى أنجالك الصيد أهداه مولاه في دار النعيم علا=وزاد أنجاله من خير تأييد فهم ثمار معاليه التي بسقت=والأصل ينبي عن طيب العود

رثاء فاضل

صبرا وأن قال ناعيه يؤرخه=مات الشريعي عهيد الحلم والجود 441 621 89 109 50 رثاء فاضل فجأتنا أخبار إسكندرية بوفاة العالم العلامة الثقة الحجة شيخنا الشيخ خفاجة سيف الله المالكي يوم الخميس الثالث من شوّال سنة 1310 وقد كان أمة وحده في فهم الدقائق وإظهار الحقائق وحل المعضلات قضى عمره الطيب في تعليم الناس فربى أشياخاً وتلامذة منهم هذا المقصر في خدمته محرر جريدة الأستاذ ولم يختلف اثنان في كونه كان نسيج وحده حجة فيما يقرره مقتدرا على التصرف كأنه بحر تغترف منه الطلبة ولكم استدرك على المتقدمين بما لم ينكره عليه جهبذ من جهابذة الأزهر المنير لما له من اتساع الملكة وقوة التصور أمطر الله روضة إيوائه صيب الرحمة والرضوان وألهمنا مع آله الصبر الجميل فكلنا فيه معزى وبفراقه مصاب فأنا الله وأنا إليه راجعون. تعيين قد تعين الشيخ فتح الله سعد من وكلاء التحصيل لجريدتنا بعد تقديم محمد أفندي خليل استعفاءه فاعفي من توكيل جريدتنا موشحاً بالثناء عليه. وقع في السطر 12 من الصحيفة 832 خطاءٌ صوابه والرسول وفي السطر 13 منها الأربع وصوابه الأربعة وقد تداركناه في بعض النسخ.

العدد 36

العدد 36 - بتاريخ: 2 - 5 - 1893 تشريف الجناب العالي مدينة إسكندرية من يوم إعلان عزم الحضرة الخديوية العباسية على القيام من مصر إلى المنصورة ثم إلى إسكندرية وأهل البلاد والأجانب القاطنون بها آخذون في أعداد الزين بالمحطات التي يمر بها الركاب السعيد حتى كان خط السكة الحديدية من مصر على بنها على الزقازيق إلى المنصورة إلى طنطا من طريق طلخا إلى إسكندرية من طريق الخط الأصلي كأنه ساحة فرح نشرت فيها الإعلام وأقيمت فيها أندية الأفراح وفي صبيحة يوم السبت قام الذوات الفخامة من البرنسات والنظار ودولة الغازي مختار باشا والعلماء وأعيان العاصمة على محطة مصر ينتظرون تشريف أمير لم ير في قلوب المصريين أمير مثله فقد سكنت محبته القلوب وما زجت الأرواح وتعلق الناس بصدق ولائه تعلق الأبناء بالأب الرحيم وبينما هم يرقبون الطرق التي اصطفت فيها العساكر من الجانبين أشرقت عليهم الأنوار العباسية فحظى الجميع بمشاهدتها وأطلقت المدافع إيذاناً بتحرك الركاب العالي وقد تشرف بركوب العربية الخديوية مع

رجال المعية النظار الكرام والمستشار المالي والمستشار القضائي ومفتش عموم البوليس ومديرو السكة الحديدية ومدير القلوبية وبعض أعضاء صندوق الدين العمومي وكلما مر بمحطة وجد الناس صفوفاً من الجانبين ينتظرون شروق شمس أميرهم الساكن في الأفئدة فلا تسمع إلا أصوات الداعين والمداح وقد وقف القطار بمحطة بنها ثم بمينا القمح ثم في الزقازيق وكان الأهالي والأجانب قد أعدوا من الزين وضربوا من الخيام حول المحطات ما أشعر عن عظم تعلق القلوب بالحضرة الخديوية خصوصاً ما كان من البيت الاباظى الجليل وسعادة مدير الشرقية وحضرة حكمدارها إبراهيم بك صبري والوجيه أمين بك الشمسي وحسين بك أبي حسين وطنطاوي بك ومحمد أفندي صبح وأولاد شديد المحترمين وغيرهم فإنهم اعتنوا بالزينة كل الاعتناء أما ما قام به أهل المنصورة فأمر يجل عن الوصف ولا يسع القلم بسه فقد كانت المدينة بجملتها بيت فرح كله سرور وحبور والزينة عامة في المحطة والطرق والمنازل وشاطئ النيل واستيفاء ذكر القائمين بهذا الاحتفال يوجب الطول فاكتفينا بالتلويح عن التصريح وفي محطة المنصورة تفرج الجناب العالي على الكوبري الجديد الذي يصل خط دمياط بخط المنصورة وبعد أداء رسوم التشريفات وتمتع الأمة بأميرها برهة ركب تصحبه السالمة وقد ركب بعربية الخاصة تشرفاً بمعيته السنية سعادة مدير الغربية فسار والعيون تنظره والقلوب سائرة معه حتى وصل طنطا وهناك كان الناس أفواجاً والزينة باهرة ومنها إلى دمنهور وقد اهتمت بالزينة والاحتفال بما لم يسبق له مثال أما تشريفه اسكندرية واستعداد الأهلين له هناك فأمر يرى ولا يعبر عنه فقد كان

الناس كالكواكب من جانبي الطريق والسطوح والبلكونات ممتلئة بالستات المتفرجات على هذا المنظر البهج والاحتفال البديع والزينة ممتدة إلى سراي رأس التين ولم يبق في الثغر وطني ولا مستوطن إلا وقد وقف لاستقبال هذا السيد الذي اتخذ له في القلوب مركزاً لم يحل فيه غيره ولله در أعيان إسكندرية وذواتها الذين جعلوا الثغر باسماً بالأنوار والأعلام وتفننوا في صنوف الزينة تفنناً صير بلدهم العامر المحروس كأنه بيت عروس أعد للزفاف وهذه المظاهر العجيبة والتظاهر الحبي الأدبي من الأهلين والأجانب أكبر دليل على رضا المجموع عن أعمال الحضرة الخديوية وحبهم لاستقلاله بإدارة أعمال بلاده بواسطة رجاله المصريين الأمناء وليس للمجموع إلا هذه الوجهة العزيزة وأما دعوى تعلق الأهلين بالوجهة الأُخرى فدعوى لا حقيقة لها بل لا وجود لها إلا في عالم خيال ذوي الأطماع فنهنيءُ إخواننا الوطنيين بما نالوه من شرف المشاهدة وما أظهروا من أدلة صدق الوطنية وبراهين الإخلاص في التابعية والولاء ونشكر المستوطنين على ما أبدوه من مشاركتنا في هذه الشعائر الإنسانية وإظهار علامات الحب والوداد للذات الخديوية الفخيمة ولو أردنا بسط مجريات هذا السفر الحميد لاحتجنا على مجلد نستوفي فيه شرح الاحتفالات وما كان فيها ولكننا اكتفينا بهذا الملخص لضيق العبارة وكثرة أسماء من يجب علينا ذكرهم وبيان ما قاموا به من الزين من أمراء البلاد ووجهائها وأعيانها والله تعالى يحفظ لنا هذه الذات الفخيمة ويديم لمولانا الخديوي العز والإجلال مؤيداً بالعناية الربانيّة والرعاية الصمدانية أمين.

وردت لنا هذه القصيدة الغراء على لسان نهر النيل المبارك من إنشاد الألمعي الفاضل الشيخ طه محمود الدمياطي من مصححي المطبعة الميرية ولرقتها وتشخيص حالة النيليين بلسان الوعظ والنصيحة نشرناها برمتها قال حفظه الله تعالى يا قوم ادُّوا لنهر النيل ما وجبا ... ألم ترَوا كلّ قلب نحوهُ وجبا ألم تروا كلّ عين نحوه طمحت ... كأنه الشمس للعباد مرتقبا مالي أراكم نياماً عنه وهو لكم ... مستيقظ في هواكم يسرع الطلبا كم قام فيكم خطيباً لا يشق له ... عند البيان غبارا أفصحُ الخطبا يقول يا أيها الناس اسمعوا عظة ... من مشفق قد حباكم خيره وجبى يا هؤُلاء اقتدوا بين إنَّ لي شيماً ... بيضا بها قد تحلى السادة النجبا أخلاق صدق عليها قد جبلتُ ولم ... أجد لها بينكم صهراً ولا نسبا لم أستفدها بتعليم ولا كتب ... وكم حمار رأينا يحمل الكتبا ألستُ يا قوم قد لبيت دعوتكم ... يوم الكريهة أجلو عنكم الكربا ومن مكان بعيد قد سعيت لكم ... سعى الرؤُم التي لا تشتكي تعبا كم جبت قفراً إلى مرضاتكم عجلا ... وهمت في كل وادٍ لأن أو صلبا وكل دار أواسيها وأضحكها ... فهل سمعتم بمثلي مضحكا دعبا سيّان عندي في محض الوداد أخو ... قرب وبعد ومن أثرى ومن تربا وكم أروح وأغدو سائلاً لكم ... أعطى الجزيل وأحبوكم مزيد حبا فأكرموا السائل المعطي فما حسنٌ ... أن تنهروا سائلاً نلتم به الإربا ألست نيلا وفي قلبي لعيشكم ... لين غدوت به أُما لكم وأبا

إني لكم منية لا شيء يعدلها ... وابن الخصيب إلى خصبي قد انتسبا ولم أعدكم بوعدٍ قط أخلفه ... وكم وعدتم فاخلفتم فيما عجبا سعيي لكم كل عام في رخائكم ... وسعيكم في جزائي عكس ما طلبا يا أهل مصرانا الظهر الذلول لكم ... وكم عزيز أذقت الذل والحربا اثقلتموني بأعباء فقمت بها ... وشيمة الحر حمل الأمر أن صعبا كم بالأذى والقذى ترمونني سفهاً ... أن السفيه يداري عند من لببا دنستموني فلم أقطع مودّتكم ... على صفائي ولا أدري لذا سببا أغرّكم أن تروني ساكناً دمثا ... فإن من شيمتي الطغيان والغضبا لو شئت يوما أُجاريكم وأُوسعكم ... ضرباً ولكنني أوسعتكم ضربا وكم مررت بوَهدٍ في تواضعه ... أترعتُ كأسي له حتى انتشى وربا ولم أُبالِ بعالٍ أن حفرتُ له ... تحت القواعد حتى خر منقلبا إني غريبٌ فإن ذلّ القريبُ بكم ... فعزّزوني كما عزّزتم الغُربا لو كان غيركم أهلي سعدت بهم ... واظمؤُوكم من الماء الذي عذبا مالي أٌقيم بأرض لا مكانة لي ... فيها وقد نيل ملءُ الأرض بي ذهبا تلكم مكارم أخلاق عرفت بها ... قدما وأحسن لي ربي بها الأدبا عليكم البرّ والإحسان واستبقوا ... إلى الرشاد وخلوا اللهو واللعبا وقوّموا منكم المعوّج واجتهدوا ... فيما يكون لكم مجدا وحسن نبا وما لكم معقل إلا تألفكم ... بأقوم فأووا إليه تأمنوا العطبا والصدق ما الصدق لا تبغوا به بدلا ... فليس خير بغير الصدق مكتسبا ولو صدقتم لراج الصدق عندكم ... وهو الكتاب الذي قد حرَّم الكذبا

الصنائع والصناع

قد جاءكم جيداً لا زيف فيه فلم ... يجد لكم في سوى زيف العدا رغبا والدين لا تجعلوه خلف أظهركم ... إنّ الحياة بغير الدين محض هبا فقد بذلت لكم نصحي وملتمسي ... يا قوم قلبٌ سليمٌ للقبول صبا الصنائع والصنّاع بقلم حضرة البارع رفله أفندي تاوضروس من سوهاج من يلتفت إلى الصنائع ببلادنا وما صارت إليه أحوالها من التقهقر والاضمحلال حتى أمست في زوايا النسيان مسدولاً عليها حجاب الإهمال بين غالب الوطنيين ويرى أن الصنّاع بعد ما صرفوا النفس والنفيس وجاهدوا كل الجهد لحفظ حالتها كما كانت ولم يجدوا مساعداً ولا نصيراً يئست نفوسهم وتركوها ورضوا بما دونها مسلمين للمقادير تجري في أعنتها لا يسعه إلا أن يأسف عل تلك الحالة التعيسة. ولو نظرنا على حالة أوروبا من جهة الصنائع لرأيناها كل يوم في تقدم باهر ونرى السياسيين وأصحاب الثروة يشتغلون بأنفسهم لتقدمها ويساعدون بأموالهم لنجاحها والحكومات هناك تعيرها جل الالتفات وتتخذ كل الطرق التي يتوصل بها لترويج بضائع المشتغلين فيها وتعقد المعاهدات التجارية مع الدول الأخرى توصلاً على ازدياد تداولها وقد وضعتها في المركز الأسمى فكم من صانع عنده من أبدع في عمله فنال من حكومته الجوائز المالية والنياشين العلية مثل المسيوجيكار الفرنساوي الذي اخترع نولاً للمنسوجات المنقوشة وعرضه في معرض الصنائع الذي صار في باريز فنال عليه نيشاناً ثم زاره

الرئيس كرنوا بنفسه وهنأه بنجاحه في هذا الاختراع ومثل هلمن الذي اخترع آلة للتطريز تحرك عشرين إبرة في وقت واحد ونال عليها نيشاناً ذهبياً ونيشان الشرف سنة 1834 ويوشيا ووجود الخزاف الإنكليزي الذي نال من أجل براعته في صناعة الخزف لقب خزافاً ملكيّاً واعتبر هذا اللقب أكثر مما لو لقب بأمير فانهالت عليه بسببه الثروة أي انهيال ومثل كثير ممن يضيق بي المقام لو أردت تعدادهم. وهذا الذي أحدث غيرة عظيمة في الآخرين فسرى في عروقهم حب الاختراع والشهرة وقام كل منهم يسعى لاكتساب ذلك والنفس ميالة إلى العلياء طبعاً فكم منهم من ركب البحار وسار من بلاده قاصداً أبعد الجهات ليطلع على بعض الصنائع وينقل منها لبلاده ما كان غير موجود فيها وكم نقلوا عن آثارنا المصرية جملة اختراعات ونسبوها لأنفسهم ونحن عن ذلك لأهون فتقدمت على أيديهم الصنائع واشتهروا بإتقانها وزاحموا جميع الجهات ببضائعهم فاليوم لا يخلو منها مكان في العالم فحيثما وجهت نظرك في الأسواق ببضائعهم فاليوم لا يخلو منها مكان في العالم فحيثما وجهت نظرك في الأسواق تجد الدكاكين والخانات مشحونة بها وقد صدق فيهم قول الشاعر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم=وتأتي على قدر الكرام الكرائم على أن من يجول في أسواق المدن المصرية ويتفحص البضائع الموجودة فيها ليرى ما كان وطنياً منها فإنما يجد نزراً يسيراً قد ترك في زوايا الإهمال لا يطلبه طالب ولا يؤمل صاحبه أن يستفيد منه شيئاً إذ من عهد طويل قد قضى على صنائعنا بالبوار وقد كانت بلادنا ممتلئة بالصناع الماهرين والصنائع كانت رائجة فيها وقد عاش أجدادنا ولم يروا شيئاً من بضائع أوروبا

النشأة المصرية

النشأة المصرية الحمد لله الرحمن رب الأكوان مرسل رسوله بالرحمه مولى له فضل وإحسان عم العبدان وكل شيء منوُّ نعمه حاشا العَبَث يدخل فعله أو كون فضله بل كل شيء كان لحكمه كل العباد صنعه وخلقه تطلب رزقه أو صرف غمه أو نقمه يعطي ويمنع من يسأل ما شاء يفعل والكل مستور في حلمه من رحمته أهدى للناس نور العباس حتى انجلت تلك الظلمة نبه بعزموا أهل النوم خوف اللوم فسار ثباتو في قومه عتق البلاد من رق الغير صرف الضير عن كل من ذاق الأزمه صبحت بلادنا بوجوده تحكي سعوده نِفِدت وفرت مِن الغمه انظر إلى بلد الأخيار مصر الأمصار تلقى الجميع عرف الصدمه وانتبهت كل الأفكار من دي الأسرار والخير قد عم الأمه تقول وجوده شمس النور فوق الدور وما بقي في الاكون عتمه انظر إلى جمع الأمرا ويّا الوزرا تلقى فريق عالي الهمه وانظر إلى العلما الأعلام أهل الأحكام تعرف بهم حسن اللمه وارجع إلى أهل الأقلام ويّا الأقسام تلقى المجدين في الخدمه وانظر إلى مفتي وقاضي تلقى الراضيعن حسن ترتيبنا ونظمه وأدخل مجامع أعيانه مع شبانه تلقى الجميع قام من نومه دارت دواليب الأفكار حول الإنكار على فعال أهل التهمه

والكل قد عرف الاعدا بين الاندا واللي يريد مقتو بلومه دبت حرارة الوطنية في الجمعية والكل خايف من ذمه ما أحلى اجتماع شبان مصر في دار العصر بسر توحيد الكلمه حملت جموعنا الأدبية عَ العصبية كثرة كلام ناقض الذمه وحط أعداء ذموهم بل شتموهم وعنونوهم باللخمه قالوا رجال مصر العرفا مثل الضعفا ما يعرفوش غير البرمه والشيخ والشبان ناموا بل لو قاموا ما كان قيامهم غير زحمه أثر كلامهم في العقلا ويّا النبلا فما رضي حد بشتمه ومن يرى شتم اللؤَما لبني الكرما وينام على فرشة غمه انظر لشبانّا الظرفا ابنا اللطفا وضمهم مثل الحزمه واللي استعانوا بجرايد تبدي فوايد تخلص الشيخ من وهمه ظهروا دعاة للعرفان بين الأخوان والكل مسرور بفهمه ردوا كلام جمع الغربا عمن طربا جهلا بتشويش النغمه وبينوا غش الأجرا والكل جرى يبدي النصائح من حزمه فنهبوا فكر الأمة بعد النومه وحركوا أهل الهمه فما ترى إلا أعلام نظموا الأحكام وجد مجموعنا بعزمه والأغنياء عقدوا شركه فيها البركه عملت سهام لأجل القسمه وانظر ترى جمع الشبان فاق الأعيان لما بدا لو سعود نجمه تحوا مجامع أدبية بل علميه تشفي الوطن من سوء سقمه مهلاً ترى نور العرفان ملاء الأوطان وأنزل الغير عن زعمه

وأسكت الأُجرا الكذَبه عن دي الغلبه ورد كلاًّ عن نمه وحيات أبوك بكره تسمع عن ذا المجمع لما تجي أوقات غنمه وتشوف سعوده بجموعه وسط ربوعه وسطوته بعزم الضمه ما تغرك الغوغا وحالها شوف أوحالها بكره تجيف مثل الرمه مصر العزيزه محبوبه بل مرغوبه وكل دوله مهتمه فيها مصالح لأوروبا لا تتخبا والكل يفيدها بدمه وبحزم عباس وثباته في وثباته يرجع عدو عن ظلمه كل الملوك تعرف حقه في نور شرقه وتؤيد القول باللكمه واللي يقول لك ضاع حقه أقطع حلقه وحط صخره في فمه هوّ أميرنا ذا الشرعي حقو مرعي ما حد ينئيه عن حكمه والأجنبي عندو خدام أي مثل غلام ويرفتوا ببيان جرمه اسمع كلامي وأتعلم واوعا تكلم من يُشتَرَى بحتة لحمه وأثبت على حب أميرنا ويا وزيرنا والهي العدا عنو بعضمه وأوعا تهيج أفكارك أو أنصارك فالشر يبدو من كلمه وألزم سكونك وهدوك تلقى عدوّك يعض من غيظه الجزمه لا بد المحال من آخر لا تتأخر وأصبر تنل حفظ الحرمه ما يغرك الشنّه ورَنه ولاّ الزنة فظلمة الكون من غيمه سحابة الصيف تتبدد لا تتمدد وتذهب الشمس الغمه سر الجرائد بيهذب بل بيأدب إذ كل أقوالها حكمه شوف المؤيد ولسانه حسن بيانه شكم العدا أحسن شكمه

ياما هجم هجمة فرسان في الميدان فداخ عدوه من هجمه وكل من يقرأ الأهرام عن إفهام يلقاه بيضرب بالجزمه فرد دراعه واتمطع ضرب المدفع في وش من نقض الذمه والنيل جري في أرض القول جلب الهول على الأعادي بالصدمه والحسن يظهر في الآداب للألباب وكل من كره اللخمه وفرصة الأوقات قامت بعد ما هامت تهدي النصايح بالرُزمه أما الوطن حرك أهله تشرب نهله وتقوم بأحكام الخدمه لله در المحروسة دي المأنوسه حفظت حقوق كل الأمه قل للفلاح شمر أيدك الله يزيدك من حسن فضله والنعمه والاتحاد أعني الفك ما شي خلفك يبدي النصايح من رقمه وادي النديم طرد حصانه في ميدانه فرتك من الأعدا الحزمه أما الهدى الجدع الطيب ما يتعيب رد الضلالي عن زعمه حسن الشرائع يعجبني بل يطربني فهي الضيا وسط الظلمه قل للمهندس يا كامل أنت الشامل لفضل من يهدي بعلمه والفرس والدنيا حكمت من نور حِكمت بأنه عالي الهمه أما الحقوق ما أحلاها من مولاها لزمت طريق حافظ النعمه والحق عند المحاكم تهدي الحاكم بما تريه من حال قومه أما الهلال نوره ظاهر فضله باهر كله محاسن في رقمه مرقى النجاح والفوائد كالفرائد نشم من بابها النسمه أما الرشاد مثل الراوي فضله داوى والمدرسة صارت نعمه

النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة

أنعم بتلميذنا المعلوم مثل المنظوم نبه أخا الذوق من نومه سير الزراعة بتقدم دون تندم أما الرياض صبحت ضمه قل للفتاة المنصانة يا إنسانه نبهت ربات العصمه هذي الجرائد المصرية صافيه النية والكل خالي من ذمه قل للأُلى صانوا لسانهم عن إخوانهم صرتم نيشان فوق العمه خدموا البلاد خدمة صادق غير منافق يحفظ لأوطانه الحرمه جعلوا المعارف كالأنوار للأفكار وأبرزوها للحومه فنبهوا من كان نايم فصبح هايم خلف الأمير أعني شهمه حامي البلاد مع أنداها من أعداها وسلب أولاد الهرمه والله يصلح أحوالنا مع أقوالنا ويدرك الناس بالرحمه ويزحزح الأعداء عنا لو كانوا منا ويبدل النقمة بنعمه فكل شيء عنده بميقات في الأوقات وكل شيء فعلوا لحكمه وردت لنا هذه الرسالة من إنشاء الفاضل الشيخ أحمد جندية من المحلة الكبرى وهي بنصها: النصيحة العامة بأوجز مقالة في النهي عن البطالة والجهاله هذا النوع الإنساني قد تنوعت فيه الحقائق والصفات وتباينت فيه المحسوسات والمشاهدات واختلفت فيه الأجناس والهيأت وتقاربت وتباعدت فيه درجات الإدراك والتمييز والفهم والتعليم أبدعه موجد الكائنات على غير سبق مثال ولا تقدم نظام وأتاح له أسباب الرزق على التنويع

وجعل بين أفرده الرابطة العمومية لتمام الغرض المقصود بالذات وتنظيم دائرة الاكتساب على أحكام بديع فحملني باهر هذا النظام على التأمل في هذا المجتمع فبعثت الفكر فجال في ذوي الصنائع فرأيتهم مميزين في صناعاتهم ومهارتهم مثابرين على أعمالهم وفي ذوي الفلاحة والزراعة ما بين ذي بسطة في المال والغنى ودرجات في الضيق والفقر وفي ذوي التجارة على تفاوت درجاتهم وتفاضل أموالهم وفي ذوي الوظائف المختلفي الدرجات ما بين أرباب الإدارة والجباة العاملين بمقتضى القوانين وذوي الأوامر المطلقة والمقيدة وغير ذلك وفي ذوي العلوم والفضائل على اختلافهم في الطبقات وأرباب الفنون المختلفة المواضيع وتفاوتهم في المقاصد مع تنوعهم في المشارب واختلاف مشاربهم في المذاهب وكل من هذه الأقسام مع مباينة بعضها لبعض بينه وبين الآخر رابطة الاحتياج حتى في كل قسم أو نوع يحتاج أفراد بعضه لبعض احتياجا حسياً أو معنوياً ومع استغراق الفكر في ذلك طويلاً فما رأيت من احتاج لذوي البطالة والجهالة والقد جاس قدمي خلال الديار فأريت المأخوذين بذنوبهم والمشحونة بهم السجون والمرتكبين سفاسف الأمور أغلبهم من ذوي البطالة والجهالة فقف بنظر المتأمل عند بيوت المومسات ومحال الخمور والملاهي ترها ملآنة بذوي البطالة والجهالة كما أن اللصوص والمقامرين بأنواعها من ذوي البطالة والجهالة غالباً فيا بني الوطن العزيز هاتان اللفظتان (البطالة والجهالة) مع اختصارهما جامعتان لمعاني الخسة والدناءة مانعتان من مراقي الفلاح داعيتان إلى سوء الأعمال يتبرأ منهما المنعوت بهما حاملتان على الاشتغال باللهر واللعب أهلهما كلٌّ على كاهل النوع الإنساني لا

يرجى منهم فلاح ولا يؤمل فيهم نجاح محجوبون بجالهتهم عن المعارف لا تثقف أذهانهم المواعظ ولا تنور أفهامهم النصايح فلو كان لهم قلوب يعقلون بها ما تمادوا على البطالة والجهالة بل كان أولى لهم أن يسلكوا سبل الرشاد ويشتغل كل منهم بعمل يليق به لا ينفك عنه بجد واجتهاد حتى يكون له حسن الذكر في الهيئة الاجتماعية ولا يشوه محيا تاريخه بهدم ما شاده أسلافه ويخمد ذكرهم ببطالته وجهالته. إن الإنسان أشرف الحيوانات وخلاصة المخلوقات ركبه الله في أحسن صورة بشهادة (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وخصه بالعقل والنطق وزين ظاهرهُ بالحواس وباطنه بالقوي (صنع الله الذي أتقن كل شيءٍٍ) وجعل على يمينه ويساره كراما كاتبين ومعقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه وذلل له الحيوانات لركوبه ومأكوله وحمل أثقاله وأداء مصالح وغير ذلك فهل مع هذا التكوين العجيب والأسرار التي أودعها الخالق فيه والمذللات التي أكرمه الله بها دون سائر مخلوقاته يحسن أو ينبغي له أن يضيع أوقاته في البطالة والجهالة وفضلاً عما ذكر فإن الإنسان لو نظر إلى اللقمة التي يأكلها في غذائه كم استعملت فيها القدرة الإلهية من التأثيرات الجوية والأرضية كإرسال الرياح والأمطار والشمس والقمر والحرارة والبرودة وغير ذلك ومن الحرث والبذر والنضج والدراس وعاجن يعجن ونار تنضج ونحو ذلك وعرف بفكره تلك المسخرات الإلهية خدمة لهذا النوع الإنساني وتحقق هذه النعم المتعددة التي أسبغها الله ظاهرة وباطنة لم يرض البطالة شعاراً والجهالة دثاراً بل يستغرق أزمان عمره في الأعمال النافعة لمعاده

والأشغال التي يقوم بها أود معاشه ويقوم بشكر الخالق الأكبر الكفيل بدفع ما لم يقدر عليه من المهمات والملمات العظام فيا بني الأوطان ولا أريد العموم لقد جئتم شيئاً إدّا ما هذه النفرة وتفرق هذه الكلمة هل تأمركم أحلامكم بهذا أم اتخذتم التحاسد والتباغض ديدنا أم سولت لكم أنفسكم حتى تخلل بينكم ذوو البطالة والجهالة بسوء أعمالهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً فلو صفت منا السرائر وأخلصنا الضمائر وتركنا العجب والكبر والحقد والبغضاء ومالت القلوب لبعضها ظاهراً وباطناً وخدمنا الوطن بأهله وأدينا ما تطالبنا به الشرائع والقوانين فلا ريب كنا تسنمنا ذروة سنام المجد والسعادة ووصلنا إلى ما وصل إليه غيرنا وزيادة وأدركنا ما أدركه أسلافنا الأقدمون الذين لم يزل ذكرهم حياً باقياً في صفحات التاريخ يشهد لهم بين أيدي الإعصار بشامخ المجد ولم يزاحمنا الغير في أشغالنا وصنائعنا. فهذه الجرائد الوطنية كالأستاذ الأغر والمؤيد والآداب والفرصة وغيرها من جرائد فضلاء المصريين تنادي على إسماعنا بالنصائح غير مرة وترشدنا إلى أقوم الطرق وضربوا لنا الأمثال وحضُّونا على إدراك ما فيه المجد والشرف عاجلاً وآجلاً ولم يزالوا على مقاصدهم في خدمة الوطن عاملين بما يجب من عهد نشأتهم لم يتغير مشربهم ونحن لم نسترشد بهذه النصائح ولم نتعظ بهذه الزواجر بل لم يزد البعض منا على النظر في بعض الجرائد التي تصل إليه وينبذها ورآه ظهرياً ولم يدر ما استعمله أربابها فيها من القوى الفكرية والجسمانية لمقصد النفع العام والأتعاب التي كابدوها في الإنشاء والأوقات التي صرفوها من نفيس الأعمار ليلية أو نهارية كل ذلك في خدمة الملة والوطن (ليس إلا)

محاسن أمير المؤمنين أيده الله

مع أن الأجدر بنا أن نقابل نصائحهم ونتناولها بيد الشكر والامتنان ونجعلهم القدوة العامة إلى الهدى إلى الصراط المستقيم كيف يكون المتقاعد وقد أظلتكم شمس السعادة بسمو خديوينا المعظم الذي لم يأل جهداً في ترقي الوطن بما فيه النجاح والفلاح وفتح لنا طرقاً إصلاحية كانت خيمت عليها العناكب فكونوا له أعواناً وأنصاراً وأرفعوا كف الضراعة متوجهين بحسن نياتكم إلى خلاق البرايا أن يحفظ لنا ذاته العلية ويحرسه بعين عنايته ويجعله مؤيداً منصوراً في كل آونة ودعوا من يتربص بكم دوائر السوء من الذين جاسوا خلال الديار مظهرين خلاف ما يبطنون متسترين باسم الوطنية وهي بمعزل غير جانحين لترهات أقوالهم فإن السم في الدسم وكونوا بالاتحاد على قلب رجل واحد متعاونين بالائتلاف على إيجاد المنافع العمومية والأعمال المرضية العايدة ثمراتها على الوطن وذويه تصلوا إلى الغاية المطلوبة وتدوا من سمو الخديوي حفظه الله بعنايته أكبر نصير وأعظم مساعد والتزموا جانب الهدوء والسكينة واسألوا الله من فضله صلاح الحال والتوفيق لما فيه سعادة المال وما لم تقدروا على دعه من الملمات فدعوا أمره إلى القاهر القادر على إصلاح الأمور عامة وخاصة فإن إليه في أمورنا المنتهى وكل شيء بلغ الحد انتهي. محاسن أمير المؤمنين أيده الله من علم أحوال دولتنا العلية وما كانت عليه قبل أن يتحلى كرسي الخلافة بجلوس سيدنا ومولانا سلطاننا الأعظم وخليفتنا المفخم السلطان عبد الحميد أيده الله تعالى وقابل بين تلك الحالة وما آلت إليه الآن من التقدم

والنمو عرف قدر هذا السلطان المؤيد بالعناية الربانية ووقف على بعض ما له من المكارم والمناقب الحميدة فقد تعلقت إرادته السنية بجعل التعليم إجبارياً في جميع بلاده وفتح في كل بلد وقرية مكاتب ابتدائية تعلم الخط والحساب والقرآن الشريف والفقه والتوحيد وشدد في إقامة شعائر الدين من الصلاة والصوم بحيث تجبر التلامذة على أداء الفرائض وبهذا السعي الحميد لا يمضي على بلاده العامرة قليل من الزمن حتى تقطع منها عروق الأمية وتنتشر المعارف في جميع أنحائها وتنهض الأمة أمام الأمم نهضة الباحث عن مجده المجاري لأمثاله المحافظ على سلطانه القائم بخدمة وطنه وهذا سعي ما مشى فيه أحد قبله من الخلفاء فقد علم حفظه الله تعالى أن لا قوّة إلا بالعلم ولا نمو للأمة إلا بمعارفها ولا تقدم للتجارة والزراعة إلا بالعلماء فجعل وجهته الشريفة تعميم المعارف بالتعليم الإلزامي توصلاً لسعادة الأمة. ومن محاسنه سعيه في عماية كثير من الأقطار الطيبة التربة الخالية من السكان بإعطائها لأُناس من الجركس والعرب والكرد ماداً يد المساعد بإعطاء ما يلزم من الآلات والماشية وجعل ذلك ديناً يفيه المدين عند ثروته بأن يعطي خمس محصوله ليخصم من دينه وكذلك أعطى أراضيه الواسعة للفلاحين على أن يأخذ منهم خمس المحصول في مقابلة الإيجار وما يأخذونه من النقود إعانة لهم وبهذا عمر كثيراً من الأودية والأقاليم التي كانت جنة وأقفرها الإهمال كمعمورة العزيز والبلقا والكرك وتخوم حوران وبامتداد هذه العمارية لا نلبث أن نرى البلاد العثمانية نامية بالغة من العمران أحسن ما يرجى. ومن محاسنه فتح المجالس والمحاكم والتسوية بين رعاياه في تنفيذ القانون في كل خاضع

لحكومته السنية من مسلم ومسيحي وإسرائيلي لا يفرق بين تابع وتابع وقد رفع بهذا القانون وترتيب المحاكم يد الاستبداد عن العباد فأصبح كل تابع للدولة حرّاً في عمله ممتعاً بحقوقه وهذا الذي غرس محبته في قلوب رعاياه مع اختلاف الجنس والدين. وما يتشدق به بعض المنافقين فإنما هو أداءٌ لما استؤجروا له من المفتريات والأكاذيب لإيغار الصدور وإثارة الفتن. ومن محاسنه تقريبه العلماء من مجلسه العالي استجلاباً لخواطرهم واستعانة بأفكارهم وفتاويهم وقد انتقى لهذا المجلس كل عالم محقق وصالح تقي وشريف نقي كصاحب السماحة والفضيلة والسيادة السيد أبي الهدى الشريف الحسيني الصيادي فإنه من أفضل الفضلاء الذين حازوا فضيلة العلم والسياسة بما له من حسن الاستعداد وقوة الإدراك وسعة الإطلاع وغزارة مواد الأدب وصدق الفراسة وقد وقف حياته الطيبة على خدمة سلطانه الأعظم ودولته العلية موشحاً سعيه الجليل بالمحافظة على الشريعة الغراء وإحياء السنة ومساعدة الضعفاء والسعي لذوي الحاجات على اختلاف طبقاتهم وأديانهم حتى استحق المنزلة التي أنزله فيها مولانا أمير المؤمنين لما رأه من إخلاصه وعلو مقامه وصحة نسبه وكثرة فضله فأصبح ممدوحاً بالسنة الأهلين والأجانب لا يؤثر في علو رتبته ولا يحط من مقامه شيء لما له من المكانة العظمة عند جميع الناس ولطهارته من دنس الذاتيات ووضر الضرر وتجمله بمكارم الأخلاق وأحاسن الصفات. ومثل السيد جمال الدين الأفغاني الشهير الغني عن التعريف فإنه رجل جرب الأمور وساح الأقطار وخالط الأمم وداخل السياسيين ودرس التاريخ الحاضر والماضي

تهاني

وامتد باعه في العقليات فأصبح أمة واحده بين ذوي الفضل وهذا الذي دعا مولانا الخليفة الأعظم لاستدعائه وإدخاله في لفيف العلماء الخاص بمجلسه العالي فقد أهلته المعارف والتجارب والمخالطة العامة لمسامرة الملوك والنظر في السياسيات العالية وهذا كله من فضل السيد الأعظم حفظه الله تعالى. ومن محاسنه أيده الله تعالى بسط الأمن في جميع أنحاء المملكة وسهره في تطلع أخبار الأمم والنظر في شؤُون دولته ومشاركة الوزراء والأمراء في جميع الأعمال السياسية والقضائية والإدارية وبحثه في التجارة والزراعة وما به تتقدم البلاد حضارة وخصباً وعمارية وسنعود لهذا الموضوع بتفصيل أعمال لا علم لإخواننا المصريين بها ليقفوا على مكارم هذا الخليفة المفخم وفضائله التي أمتز بها بين بني عثمان بل بين الملوك والسلاطين خلد الله ملكه وقوى شوكته وجعله ملجأ القاصدين. تهاني عند تشريف الجناب العالي ثغر إسكندرية المأنوس تسابق أُدباؤُه بتقديم القصائد البديعية فرحاً بطلعة أميرهم المحبوب فمن ذلك قصيدة غراء لفرع شجرة العز الذكي إبراهيم بك العرب حفيد المرحوم مصطفى باشا العرب قال منها: ثغر تبسم عن سنا العباس ... فروى محاسن في بني العباس ولا حديث الشكر وهو مفاخر ... عن شعر حسان وفكر إياس فاقرأ مدائح من به المدح اكتسى ... ثوب البهاء وحلة الإيناس فالقول يحسن في عزيز مدحه ... فرض يقدمه جميع الناس

لله يوم فيه شرّف ثغرنا ... وكساه منه النور خير لباس وهي تسعة وعشرون بيتاً كلها محاسن وآداب. ومنها قصيدة غراء لحضرة الفاضل الشيخ أحمد أبي علي الأزهري معاون المكتبة البلدية بإسكندرية قال منها: شيدت للعليا رفيع معاهد ... ومنحت أيدي العدل عهد معاهد سدت البلاد وشدْتها فلك الهنا ... من سائد بالمكرمات وشائد #وأقمت مُناد الزمان بحكمة ... صدعت بنيرها فؤاد الجاحد #لله در شبيبة لك ناهزت ... سن المشيب وجاوزت بتصاعد #الله أكبر أي عقل راجح ... يزن الأمور وأي طرف ناقد #رعت الكهول بنهضة وطنية ... وشهامة أخذت بعين الحاسد يحدوك طبعك للسيادة والعلي ... والطبع للإنسان أعظم قائد لم يلف مرقى في المعالي باذخاً ... إلا وأنت إليه أول صاعد ومنها أعزيز مصر فداك نفسي والورى ... من أروع ماضي العزيمة ماجد لا زلت بدر سمائها في دولة ... سمحاء باسمة وملك خالد إلى أن قال يا سعد يوم عدت فيه مشرفاً ... ثغر الصفاء وأنت أكرم عائد تقضى به في الصيف عادتك التي ... تلقى بعودتها سعود عوائد فتبسمت أرجاؤُه وتنسمت ... وغدت تميس صفا كميس خرائد وتزينت فرحاً بأحسن زينة ... وتبينت بمناظر ومشاهد

رياض التوفيق

حتى رأينا الأرض نافست السما ... بمشارق وشوارق وفرائد وهناك أفواه البشائر أرخت ... وافي الخديوي بالسرور الزائد سنة 1310=97 661 499 43 وتقدم غيرها من القصائد الرنانة منعنا ازدحام الجريدة من نشرها فنهنئ إخواننا بنعمة التشرف بالأنوار الخديوية أيدها الله تعالى بنصره عند تشريف الركاب العالي المحلة الكبرى قدمت له قرينة الخواجا ملتيادي أفرينو مع أختها باقة ورد وقصيدة من نظمها فتضل بقبولهما فنهنئهما بهذا القبول رياض التوفيق مجلة علمية أدبية تاريخية تصدر كل شهر مرة وتحرره جمعية رياض التوفيق بأسيوط وقد وصل غلينا العدد الأول منها فأبصرنا رياضاً مثمرة بالمعارف والآداب فنرجو لها انتشاراً وإقبالاً طب الركه كتاب وضعه الدكتور الفاضل عبد الرحمن أفندي إسماعيل صاحب رواية غادة الأندلس جمع فيه الأمراض التي تعرفها العامة بأسماء وضعوها لها كشوكة الريح ووجع الشقة والتقريفة وبزلة العين والكبسة والمشاهرة والقرينة وغيره وبين ما يستعمله الجهلة والدجالون علاجاً لهذه الأمراض وما يترتب عليه من التلف أو الموت واتبع ذلك بالنافع لكل مرض طباً فجاء كتاباً نافعاً ما سبقه بمثله سابق وقد طبع الجزءُ الأول منه فجاء 112 صحيفة في الحجم اللطيف ويباع بخمسة قروش فمن أراده فليطبه من مؤلفه ومن السيد محمد الزمزمي وهو ضروري لكل إنسان ليتخلص من شرك عجائز الركة ودجالي الغجر والنور.

البصبرة والرأي العام

البصبرة والرأي العام الأولى جريدة أسبوعية سياسية تصدر في تونس المحروسة صاحب امتيازها أنجلي أفندي نجيب ملحمه ومحررها النبيه فرج الله أفندي نمور وقد افتتحت أعدادها بالكلام على الإنكليز في مصر كما هو لازم مركزها. والثانية جريدة أسبوعية سياسية أدبية صدرت بمصر بامتياز ألكسندر أفندي زهيري وتحرير الألمعي نجيب أفندي الحاج فتمنينا لذوي الأقلام نجاح أعمالهم التي تبني على الإخلاص وحسن النية تكثيراً للفوائد الأدبية وتعاضداً على تقدم الأمم بكثرة المنشأت العلمية والسياسية. تهنئة بنجاح نهنئ صديقنا الفاضل حسن أفندي أحمد العلاف بقبوله محامياً أمام المحاكم الأهلية إذ قد توفرت فيه شروط المحامين بما له من حسن الإطلاع وطول الباع وقوة الجأش في المرافعات وقد اتخذ له مركزاً ببندر الزقازيق ولا نشك في نجاح أعماله وسرور من يعتمدون عليه في التوكيل من أرباب القضايا بما يرونه منه من الصدق والأمانة وعلو الهمة والله تعالى يجعل أعماله مقرونة بالنجاح. أعجب ما كان في الرق عند الرومان كتاب لطيف عرّبه وجمعه صديقنا الفاضل مصطفى أفندي كامل محرر جريدة المدرسة الغراء فجاء عشرين صحيفة وفيه نبذ تاريخية يهم أهل الأدب الإطلاع عليها وثمنه ثلاثة قروش ويباع بإدارة النديم والمدرسة وعند السيد حسن مصطفى المصري وكيل الأستاذ بإسكندرية.

العدد 37

العدد 37 - بتاريخ: 9 - 5 - 1893 التربية والتعليم معلوم أن سعادة كل أمة موقوفة على تربيتها وانتشار العلوم فيها فإن الجهل يسوق أهله إلى الدمار والخراب وتواصل الفتن والحروب الداخلية والخارجية مع حيلولته بين أهله وبين ما يوصلهم إلى الظفر وبلوغ المقاصد بسبب فقد المعدات والآلات التي حرمهم منها وقد كانت الممالك قديماً محاطة بسور الجهل فكانت الحضارة فيها قليلة والرفاهية متعذرة والأمن معارضاً بالغارات والثورات الأهلية والخارجية الصناعة متأخرة تأخراً أوقفها عند الضروري الذي تلجئُ إليه شدة الحاجة. وللجهل تاريخ في كل أمة ومملكة يحفظه العقلاء ويعلمون مقدار ما جلبه من المصائب وما ترتب عليه من الخسائر. وقد أخذ الشرق دوره الأول ففي التربية والتعليم حتى أهّل غيره للأخذ عنه فكانت أوروبا أسرع في التقليد وأدق في

التعليم وآداب في طلب المعارف بترجمة الكتب العربية والتركية والفارسية كما ترجم العرب اليونانية واللاطينية والنبطية وغيرها من لغات الأمم السابقة في التقدم العلمي فانتهت أوروبا الآن إلى غاية لم يلها غيرها ووسعت دوائر التعليم وأكثرت مواد العلوم وآلاتها وانتهت إلى الاختراع حتى زينت العالم الأرضي بثمرات أتعابها من علم وصناعة وزراعة وعمارية وتجارة وآلات حربية وفنون سياسية وقوانين إدارية ولو قابلنا بين وقفتها الأولى وحركتها الجارية لرأينا فرقاً عظيماً وتقدماً غريباً أوصلها إليه التربية والتعليم. والنفس تشتاق لمعرفة الطرق التي بها تخلصت من أسر الجهل ووصلت بها إلى حرية العمل والقول ولا نجد من تواريخ التربية فيها إلا بعض كلمات يلتقطها الكتاب من لائحة أو واقعة تاريخية لا تفي بالمقصود فكانت النفس متطلعة لكتاب شامل لقوانين التربية والتعليم في كل مملكة أوروبية ليتمكن الإنسان من المقابلة بين الأمم وليستنتج ما عساه أن ينتفع به أهل بلاده حتى رأيت ما للعلامة الفاضل خادم وطنه الوزير الخطير علي باشا مبارك من تعريب وجمع ما فيه الكفاية في هذا الباب فإنه لم يضع وقته سدى بل قضى عمره المبارك إما مستخدماً فيشتغل بمصلحته وأما مشتغلاً بالكتابة النافعة أيام خلوه من الخدمة وهذه خصوصية لم يشاركه فيها إلا القليل من أمثاله وقد بين حالة كل دولة وما كانت عليه من الانحطاط أيام الجهل وما صارت إليه من العز والحضارة والقوة أيام تحليها بحلية المعارف ونحن نلخص ما كان خاصاً بالتربية والتعليم تبصرة وذكرى لأولى الألباب وتنشيطاً لهمم إخواننا الشرقيين وحثهم على المجاراة.

مملكة بروسيا

مملكة بروسيا إن هذه الأمة اجتهدت في التربية والتعليم قروناً طويلة وسبقت أوروبا في الطريق وقد لازمت الجد والاجتهاد وقلبت أنواع التعليم ونقحت القوانين مرة بعد أخرى حتى وصلت إلى ما هي عليه ن القوة والاستعداد بسبب اجتهادها في التربية والتعليم. والذي ساعد الحكومة على التقدم والنجاح اتحاد مقصدي الدين والحكومة وتوحيد الوجهة فإن أمناء الدين بنوا الطرق التي توصل إليه ولم يحجروا على الأهلين شيئاً من العلوم الضرورية لهم والحكومة لم تقصر في نشر التعلم وحث الناس عليه وبذلك ما في وسعها إجابة لطلب رؤساء الدين وحباً في نجاح الأمة وارتقائها. ومن سنة 1540 إلى الآن صدرت أوامر ملكية وظهرت قوانين تنظيمية تتعلق بالتعليم ونشرت في المدن والقرى وكان التعليم اختياراً فمن شاء أن يعلم ولده من أهل البلاد أرسله إلى المكتب ومن لم يرد لا يجبر على ذلك حتى كانت سنة 1713 حيث أمر الملك فردريك بجعل التعليم إلزامياً وجاء من بعده من الملوك فأنشأوا لوائح ودونوا قوانين للتعليم والصحة ومجال التربية وفي سنة 1737 صدرت أوامر الحكومة لجميع جهات المملكة ببناء المكاتب في البلاد من طرف الأهالي وإلزامهم بمرتبات المعلمين وجعلت لكل معلم قطعة أرض تزرع على ذمته ليتعيش منها وقطعة أُخرى ترعى فيها ماشيته وأقطعت الدولة أراضي واسعة خصصت حاصلها للصرف على الطلبة الذين أعدتهم لطبقة المعلمين وعينت مفتشين فيها البلاد للإطلاع على ما هو جار من التربية ولتنبيه المعلمين على ما يجب

عليهم وما ينبغي من القوانين وطرق التعليم وهؤُلاء المفتشون إذا رأوا أمراً يقتضي التغيير أو الزيادة أو التحوير فيما يختص بالتربية والتعليم نبهوا الحكومة عليه لتحسن حالة التربية ويتقدم التلامذة فنجم عن ذلك فوائد جمة وتحصلت الحكومة والأمة على نتائج جليلة. وعندما ظهرت هذه النتائج اشتغل الملوك والأهالي بما يقوي التربية حتى صارت عند الأهالي من أهم الواجبات. وما نزلت بهذه المملكة نازلة أو حرب أهلية أو خارجية إلا كانت داعية لزيادة التعليم وتحسين طرق التربية حتى بلغ عدد المكاتب في سنة 1840 ثلاثين ألف مكتب غير ست مدارس عامة ومائة وعشرين محلاً لتعليم الجنباز وقد كان عدد الأهالي في تلك السنة خمسة عشر مليوناً. والأساس الذي بني عليه التعليم فيها وضع على أمرين الأول كل ناحية مكلفة ببناء مدرسة لأبنائها والصرف عليها. والثاني إلزام الأهالي بإرسال أبنائهم إلى المكاتب ومعاقبة من تأخر عن ذلك بغرامة أو حبس. ومن قوانينها أن سن التعليم من خمس سنين إلى 14 سنة فرئيس كل ناحية مكلف بتحرير قائمة بأسماء الأطفال الذين دخلوا في السنة الخامسة على رأس كل سنة وإرسالها إلى القسس القائمين بالتعليم لطلب الأولاد من آبائهم. وإن من رغب تربية ابنه عنده لا يمنع وإنما يتحصل على رخصة من رئيس مجلس بلده ومن أراد استخدام طفل من الأطفال وهو في سن التعلم لا يسلم له إلا إذا تعهد بعدم منعه من التوجه إلى المكتب. وقد أنشأت مكتباً بجوار كل معمل وورشة لتعليم الشغالين بها وجعلت رئيس كل مكتب قسيس الناحية ليرغب الأهالي ويحث على التعلم ويرأف بالأولاد في العقوبة وما زالت المملكة

تترقى شيئاً فشيئاً حتى بلغ عدد المعاقبين بالحبس بعض مئين وعدد الغرامة النقدية ثلاثة آلاف فرنك في الأيام الأخير حال كون التعداد صار تسعة عشر مليوناً. ومن هذا يعلم أن جميع المأمورين ورجال الحكومة صاروا معاً يداً واحدة وإن المتأخر عن تعليم ولده قليل جدّاً. وقد اختصت الحكومة بإصدار الأوامر وترتيب طرق التعليم أما الصرف على تلامذة المكاتب فمما يؤخذ على الأطفال ومن جهات معينة لذلك ومن ضريبة مقدرة على الأهالي بحسب اقتدارهم وقد تساعدهم الحكومة إذا رأت عدم اقتدار ناحية على ما يلزم للمكتب. وكانت المكاتب الابتدائية مؤسسة على تعليم الأمور الدينية وفن القراءة والكتابة الذي هو المقصد الأعظم والذي سهل هذه الطرق ظهور المذهب البروتستانتي فإنه حتم على كل إنسان قراءة الإنجيل بنفسه ولذلك عظمت رغبة الأهالي في تعلم القراءة ليتمكنوا من قراءة الإنجيل بأنفسهم. واستمرت الحال كذلك مدة إلى أن سعى بعض النواحي في فصل التربية الدينية من التربية المعاشية كما هو حاصل في بلاد النيمسا ولكن الحكومة البروسيانية لم توافق على ذلك وألزمت الطفل بتعلم ما يلزم لدينه ودنياه في المكتب بحسب ما يرى لرجال الديانة خوفاً من أن يعدل عن طريق الفضل وليشب الطفل على الطاعة والامتثال واعتبار الناس على اختلاف درجاتهم وحب ذوب القربى والميل إلى اصطناع المعروف وفعل الخير واجتناب السوء وأهله فإذا انتهى من تعلم القواعد الدينية والحكم الأدبية بلغ الشجاعة من غير تفاخر والأقدام من غير نكير والحرية من غير تعد للحدود ويحصل على علم ما له وما عليه فلا يتساهل في طلب

ما هو له ولا يتوقف ما هو له ولا يتوقف في أداء ما هو عليه. وكان الواجب على الطفل معرفته سنة 1853 أن يتعلم أصول الديانة في ست ساعات من كل أسبوع والقراءة والكتابة في 12 ساعة والحساب في خمس والألحان في ثلاث ثم يتعلم الجنباز ويأخذ في أثناء تعلم القراءة بعض فصول تاريخية وحوادث طبيعية ومواد نافعة تمريناً له ويقتصر في التاريخ على الوقائع والحوادث الوطنية ليغرس المعلم في ذهنه حب وطنه ويبين له ما يجب عليه في حفظه والدفاع عنه ثم يشرح له بعض التاريخ الطبيعي ليقف على حقائق الحيوان والنبات والمعدن بعبارات تناسب سنه. ومعلم الجغرافية يبدأ بشرح حال الناحية التي هم فيها ثم يتكلم على الخط التابعة له ثم على القسم الجامع للاخطاط ثم على المديرية ثم على الولاية ثم ينتقل إلى شرح الكرة الأرضية ثم يعلمون الأطفال أدعية وأناشيد دينية ووطنية يترنمون بها في المكتب ليغرسوا في قلوبهم حب الوطن والدين من الصغر. وفي سنة 1850 تقرر أن تكون التربية في جميع البلاد مجاناً ولكن هذا الأمر لم يتم في بعض الجهات إلى الآن ثم بعد أن كنت طرق التعليم قاصرة على العلم صارت الآن شاملة هل وللعمل وبعد أن كان الأهالي لا يعرفون شيئاً مما تفعله الحكومة أصبحوا مشتركين معها في جميع ما تجريه معهم من الأعمال النافعة اللازمة لتوسيع دائرة الثروة في الداخل ورد العدو وإرغامه في الخارج. وهذه المملكة أول مملكة رأت وجوب إنشاء مدارس خصوصية لأُناس تجعلهم معلمين في المكاتب الأهلية فكان عدد هذه المدارس سنة 1764 اثنتين وستين مدرسة فيها من الشبان 3614 وهي تكون في المدن غالباً في معابد مهجورة. ومن قوانينها أن كل من كان بيده شهادة وفيه

قدرة على التعليم له أن يفتح مدرسة يعلم فيها من يشاء التعلم وللحكومة النظر والتفتيش على تعليمه بحيث لا يخرج عن القوانين المتبعة في جميع المملكة. ومدة التعليم في المدارس الابتدائية ثلاث سنين يتعلم فيها التلميذ ما هو آت. سنة أولىسنة ثانية سنة ثالثة ساعات من كل أسبوع ساعات من كل أسبوع ساعات من كل أسبوع تمرين2 2 2 الديانة 6 6 6 اللسان الألماني 5 5 3 التاريخ 0 2 2 جغرافية 2 2 0 علوم طبيعية 2 2 2 حساب 3 3 1 كتابة2 1 0 رسم2 1 0 غناء2 2 2 موسيقى 1 2 1 ومن هذا يعلم أنهم يعتنون بفن الموسيقى اعتناءً كبيراً حتى أن الأطفال يجتمعون ليلاً للترنم بالأناشيد ولا يقبل في الفن إلا من فيه قابلية واستعداد له وأما الجمباز وفن البستاني فهما من ضمن التعاليم ومعدود أن من مواد التسلية والرياضة. وفي السنة الثالثة يكلف تلميذ هذه المدارس بإعطاء

بعض دروس في المكاتب الأهلية ليتمرن على التعليم وتفهيم الغير ويكون ذلك تحت ملاحظة المعلم وفي المدة التي يقيمها الطلبة في المدارس يعلمون الخدم الداخلية بأنفسهم ليتعودوا على تأدية وظائفهم بعد خروجهم من المدرسة إلى الأرياف. وفي آخر السنة الثالثة يعمل امتحان عام بحضور جميع المعلمين تحت رئاسة مجلس تربية المديرية وبحضور رئيس مجلس تربية الدائرة فإنه هو الذي يعين الجهة المحتاجة إلى معلم. وبعد سنتين من خروج التلميذ يصير امتحانه في العمل المختص بوظيفته إمام المعلمين ومتى وجدت فيه الأهلية قيدوا اسمه وصار معلماً مثلهم وعلى المعلمين أن يجتمعوا في أوقات معلومة ليتمرنوا ويتفننوا في طرق التعليم بما يمارسونه فيما بينهم. وفي كل شهر يجتمع معلموا الخط مرة تحت رئاسة القسيس ويجتمع معلموا الاخطاط في القسم كل شهرين مرة تحت رياسة قسيس يعينه مجلس القسم ويجتمع معلموا الأقسام في الدائرة كل ستة أشهر ومعلموا المديرية كل سنة مرة تحت رئاسة مجلس تربية المديرية في هذه الاجتماعات يتذاكرون في طرق التعليم المتبعة وما يجب إصلاحه منها وما يوجب التقدم أكثر من الحاصل. وبسبب قلة ثروة الحكومة وكثرة مصروف العسكرية لم تكن مكاتبها كافية للمتعلمين ففي سنة 1822 كان العدد المتوسط من الأطفال لكل مكتب سبعين وفي سنة 1840 كان المتوسط لكل مكتب خمسة وتسعين وفي سنة 1852 بلغ المتوسط مائة وخمسة وفي سنة 1864 بلغ مائة وثلاثة عشر. وبسبب بكثرة الأطفال وتعدد الطبقات لم يكن المعلمون كافين للعمل فإنه بمقارنة عددهم بعدد التلامذة علم أن المتوسط معلم واحد لكل 79 تلميذاً وفي الجهات الكثيرة العمران معلم لكل 90 تلميذاً. وما يوجب تعب المعلم التعب

الشديد أنه يوجد في كل مدرسة ثمان طبقات من طبقات التعليم فإن مدة التعليم ثمان سنين فيلزمه أن يشتغل بتعليم كل طبقة على حدتها. ومرتبات المعلمين في هذه المملكة قليلة جداً غير كافية لمعاشهم فمتوسط المرتب للمعلم يبلغ كل سنة 218 تالير أعين 817 فرنكاً ونصف فرنك وفي الأرياف يبلغ 181 تاليراي 678 فرنكاً وفي ولاية سكس يبلغ 268 تاليراً وفي ولاية الوسفالي 226 وفي بعض المديريات لا يزيد المتوسط عن مائة تالير وفي بعضها يكن 150 تاليراً ويوجد في جملة المعلمين 1926 معلماً مرتب الواحد منهم 100 تالير ومن هذا يعلم أن معظم المعلمين لا يزيد مرتبهم عن 500 فرنك. وبالنسبة لغلو الأسعار الآن صار ما يتحصل عليه المعلم أقل من أجرة الأجير مع أنه لم يتحصل على درجة معلم إلا بعد امتحانات احتاج فيها إلى الاستعداد وصرف الوقت فيما يؤهله للتعليم ثم أنه لا يصل إلى هذه الرتبة إلا إذا بلغ العشرين من عمره فيكون قد قضى شبيبته في الوصول إلى هذه الدرجة ثم لا يجد ما يكفيه من المرتب ولهذا نقص طلاب هذه الوظيفة فبعد أن كانوا يزيدون عن المحال المحتاجة لهم صار المحال محتاجة إلى معلمين. وهذا بيان إحصاء سنة 1864. عدد الأهالي 139 ر255 ر19 مكاتب الأرياف الميرية 35058 مكاتب ريفية غير ميرية 906 عدد المعلمين في المكاتب الميرية 30805 عدد المعيدين أعني العرفاء 2427 عدد المعلمات في المكاتب الميرية 2815 عدد المعلمين في المكاتب غير الميرية 995 عدد المعلمات فيها 688 عدد الأطفال في المكاتب الميرية 1427191 عدد الإناث فيها 1398131 عدد الأطفال

في المكاتب غير الميرية 25226 عدد الإناث فيها 27406 وفي السبع مدارس العامة 6047 من الشبان وفي الاثنين وستين مكتباً المعدة لتعليم المعلمين 3610 فيخص كل 740 شخصاً من الأهالي مكتب ويكون على كل ستة أشخاص وستة أعشار شخص من الأهالي طفل واحد في المكاتب وهذه نتيجة طيبة بالنسبة إلى عدد الأطفال غير طيبة بالنسبة لعدد المكاتب. ومن الإطلاع على هذا الإحصاء يعلم أن درجة التعليم أخذت في التقدم تدريجاً ففي سنة 1822 كان يوجد 2و12 من الأطفال في كل مائة وفي سنة 1831 بلغ 15 وفي سنة 1852 زاد بقدر العشر وفي سنة 1864 نقص وصار 14 وسبعة أعشار وبمقارنة الذكور بالإناث يرى أن النسبة للذكور 14 وسبعة أعشار في المائة وللإناث 14 وأربعة أعشار فالفرق بينهما قيل جداً. ومقدار المنصرف على المكاتب ومحال التعليم في سنة 1864 هكذا مرتب المعلمين والمعلمات في مملكة بروسيا 224 و449 و7 تالير. وباقي المصروف لجهات سائرة 472 و453 و2 تالير يكون ذلك بالفرنك باعتبار التالير ثلاثة فرنكات وثلاثة أرباع 110 و135 و37 وبتوزيع هذا المبلغ على الأهالي يخص كل شخص فرنكان ويخص كل طفل ثلاثة عشر فرنكاً. ومن سنة 1861 إلى سنة 1864 حصلت زيادة المتعلمين في مدينة برلين فإنه انتقل من 73196 إلى 84829 مع أن عدد الأهالي في هذه المدينة سنة 1864 كان 607309 وفي سنة 1861 كان عدد مكاتب المدينة 21 مكتباً فيها مائتا فصل وفي سنة 1864 بلغ عددها 37 وفصولها 300 وبناءً على قانون التربية المدون سنة 1864 زيد مرتب المعلمين بالصورة الآتية من

أمضى في الخدمة ثلاث سنين فمرتبه 450 تاليراً ومن أمضى ست سنين فمرتبه 500 ومن أمضى تسعاً فمرتبه 600 ومن أمضى أربع عشرة سنة 650 ومن أمضى 19 سنة 700 ومن أمضى 24 سنة 750. ومن عهد قريب أنشئت مدارس لتكميل تعليم الأطفال الذين خرجوا من المكاتب واشتغلوا بالصنائع والحرف وتسمى مكاتب التمرين والغرض منها أن التلامذة الذين خرجوا من المدارس بعد أن أمضوا ثماني سنين يجدون محلاَّ يمكنهم الاجتماع فيه للمذاكرة في العلوم التي درسوها حتى لا ينسوها أو لتلقون أموراً عملية مطبقة على ما قرأُوه ولتساعدهم على كسب الضروري لمعاشهم وكان أول وجود هذه المحال في ولاية ويرتمبرغ من ألمانيا ف سن 1735 وانتشرت في ولاية باد سنة 1756 وفي بلاد بروسيا سنة 1763 وفي ولاية باويره سنة 1803 وكان فن الرسم لا يوجد إلا في هذه المدارس ثم توسعوا فيها حتى فتحوا عدة مدارس من ذلك على أسلوب بديع وغالب هذه المدارس لا يفتح إلا يوم الأحد وفيها من فروع التعليم الحساب والرسم والخط ويوجد في بعضها زيادة فرع أو فرعين كالهندسة والطبيعة والتاريخ الطبيعي والجغرافيا والتاريخ والأصول التجارية والاصطلاحات والقوانين وكيفية مسك الدفاتر وغير ذلك. وأهم المدارس ما يوجد في المدن المشتملة على مدارس الصنائع بقرب المدارس المذكورة والمدرسون مرّة أو مرتين في الليل لمن يحضر ومعه ما يلزم من مواد التعلم المهمة وأما ما يدفعه التلميذ في السنة فهو تالير واحد.

أسباب الحرب

أسباب الحرب بقلم الأديب المجيد محمد رفيق بك العظم الدمشقي أسباب الحرب هي بواعثها الجوهرية وتنحصر في أمرين الأول مجرد حب التغلب والثاني العداوة السابقة أما حب التغلب الذي هو ثمرة الطمع فإنه ملكة تدفع صاحبا إلى استجلاب المنفعة إلهي بالخروج عن دائرة السكون إلى براح الحركة طلباً للمزيد على ما لديه من القوة والسلطان والممالك والبلدان كما هو شأن المجتمع الدولي المنتظم من هيئة الدول العظام بخلاف الشعوب المتبربرة والأمم المتوحشة ممن يؤثرون الرحلة على المقام فإنما منفعتهم عبارة عن مجرد السلب والنهب اللذين هما مادة ارتزاق أولئك الأقوام. ويحسن أن نسمي الحرب الناشئة عن هذا السبب حرباً مجردة. وأما العداوة السابقة فهي أما أن تكون ناشئة عن تعدٍ قديم يوجب إيغار الصدور حتى إذا جاء ألقت المناسب للانتقام وأمكنت الفرصة استحال السكون إلى حركة تضطر للتألب سعياً وراء الأخذ بالثأر واسترجاعاً للحق المغصب أو الشرف المسلوب فإن الإنسان مطبوع على إباء الضيم والأنفة من اهتضام الحقوق ومن هنا نشأت المخاصمات والمنازعات التي كانت علة لوضع القوانين بين الناس. وأما أن تكون منبعثة عن حب الرآسة والرغبة في الاستئثار بالمنفعة مما لا مصدر له إلا الحسد الذميم الذي يتولد في عناصر الأمم فيدعو إلى البغضاء ويبعث على الشحناء ويهيج النفوس لحب إزالة النعم ويناسب أن تلقب الحرب المنبعثة عن هذا السبب حرباً غير مجردة. فهذه هي أسباب الحروب المستمرة التي فطر الإنسان على إثارتها فجرّ

على أبناء نوعه بها الهلاك ودوام الارتباك فليته لم يكن شيئاً مذكورا. ولما كانت الأمة المحاربة لا تَقدم على الحرب إلا إذا تيقنت من نفسها الفوز والغلبة على عدوّها كان لابد لها من قوة تستند عليها وتعوّل في نوال النصرة عليها. وتلك القوة تختلف باختلاف الدول والأمم فإنها أربعة أقسام قوة المال وقوة الرجال وقوة الموقع الجغرافي وقوة المركز السياسي. فقوّة المال مرجعها تقدم الأمة في التجارة والصناعة والزراعة وما يتبع ذلك من العلوم والفنون التي عليها مجار التقدم في الثروة والغنى. وقوّة الرجال مرجعها عمارة البلدان واتساعها ووفرة السكان وانتظام الجند وصبرهم على تحمل مشاق الحروب ودُرْبة القوّاد وأمانتهم. وقوّة الموقع الجغرافي الصدفة. وقوّة المركز السياسي مرجعها انضمام أطراف المملكة وخلوّها من الاضطرابات الداخلية وتوفر دواعي الأمن والانتظام فهيا واتفاق أهليها على المصلحة الوطنية وإن اختلفوا فيها طرقاً وانقسموا احزاباً وفرقاً مع ما يلحق ذلك من عدم طموح الدولة إلى طلب المزيد على ما لديها محافظة على مركزها ودفعاً لأسباب العداوة مع سواها وقد ينضم إلى مراجع هذه القوّة الأخيرة كون وجود الدولة في العالم السياسي فيه مصلحة لدولة أو عدة دول ترى نفسها مراعاة لمصلحتها مضطرة عند مسيس الحاجة للمدافعة عن تلك الدولة حسياً أو معنوياً. ولكل من هذه القوى الأربع دخل عظيم في الظفر والانتصار فإذا اجتمعت لدى دولة كانت إلى الربح أقرب منها إلى الخسران والعكس

بالعكس ومثله ما إذا كانت الدولة ذات قوة جندية يسعها بواسطتها أن تحشد لساحة القتال عدداً عظيماً من الرجال فإنها أن لم تكن مصادر القوة المالية متوفرة لديها فلن تستطيع القايم بمؤونة الجند إلا بالتقتير أو جلب المال من أوجه المظالم وذلك مما يفضي بداخليتها إلى الوهن والضعف بخلاف ما إذا اجتمع لديها قوتا الجند والمال مثلاُ فإنها تنفق عن سعة لتتأهب بما يجعلها ترجح سواها. وعلاوة على ذلك فإن لكل قوة من هذه القوى على انفرادها فعلاً خاصاً لا تنكر أهميته كقوة الموقع الجغرافي مثلاُ فإن المملكة التي تكون محصنة الجواب بالمضائق البرّية والبحرية ممنعة الأطراف لا يقدر العدوّ إن يأتيها إلا من طريق واحدة ليست كالمملكة التي تكون متفرقة الأجزاء والقوة محاطة بالأجزاء وقس على ذلك بواقي القوات وفعلها بالنسبة لحال المتحاربين. ثم أنا لو قابلنا بين الحروب القديمة والحديثة لوجدنا الحديثة أشد بلاء وأقوى خطراً وأدعى إلى الهلاك وإن كانتا كلتاهما سبباً فيه فكم من أمم تلاشت ودول دخلت أخبار عظمتها في خبر كان بما جنته عليها الحروب التي يسعى إليها الإنسان مجداً في كل زمان كأنما نسي أن الحروب من أعظم مصائب النوع الأناني فأصبح عاملاً على حتفه بيديه يخترع لذلك الآلات المهلكة ويعد المعدّات التي لم تقف به عند حد معلوم بل كلما ترقى في المدنية درجة ترقت معه مثلها حتى كأن المدنية الحديثة عدوّة للإنسان أقامت عليه رقيباً بتأثره إنّي ذهب وكيفما صعد حتى إذا أصاب

منه غرة ألقاه من أعلى درجات المدنية إلى مهاوي الهلاك وذلك بحكم القياس على من تولى من الأمم القديمة التي أبادتها الحروب وذهبت بحضارتها وعمران ممالكها أيدي الغارات كالمصريين والفرس والرومان واليوانان وغيرهم من الأمم العظيمة التي كانت لها المنعة والسلطان. فقد ذكر بعض المؤرخين أن أقدم دولة رتبت جيشاً خاضعاً لقوانين منظمة فرقت بها بينه وبني طبقات الناس دولة الفراعنة في مصر. وأعظم من أعتنى من الفراعنة بالجيوش وتنظيمها وإحراز معدات الحروب هو رمسيس الثاني فإن بعوثه وصلت إلى ممالك الهند والتتار والآشوريين وغيرهم. فلو تأملنا تدويخه معظم هذه الممالك لوجدناه بلا ريب أعظم قواد المصريين القدماء ومع هذا العظم وذلك الاقتدار وما وصلت إليه المدنية في تلك العصور كما تدل عليه الآثار الخالدة إلى هذه الأيام لم يكن السلاح إذ ذاك إلا من السهام والفؤس سيوف النحاس ولم تكن الدروع إلا من اللبد. وكذلك أمة الفرس التي فاقت بنظامها الحربي من تقدمها من الأمم لم يكن سلاحها إلا كسلاح المصريين وقد أبادتهم جميعاً الحروب وأتت على مدنيتهم الغرات حتى لم يبق لهم إلا أثر يبصر أو خبر يذكر. ولا جرم فإن عقول رجال العصور المتمدنة الأولى لم تتوصل إلى اختراع آلات وإبداع أدوات لإهلاك الإنسان الضعيف أكثر مما ذكر فماذا يقال في شأن المدنية الجديدة الغربية وما هي عليه الآن من التقدم كيف يتفنن رجالها في اختراع الآلات الحربية المهلكة للإنسان كالمدفع الرشاش والارمسترنغ والكروب والبندق السريع الطلق والبارود غير ذي الصوت

وغير ذي الدخان والتوربيد والديناميت والمنطاد الحربي إلى غير ذلك من الأسباب التي تسدّ في وجه المدنية المذاهب وتفضي إلى اضمحلالها وصيرورة أهليتها أخباراً تحار عند ذكرها الأذهان. فلا ريب أن مضار هذه المدنية على النوع الإنساني أكثر من نفعها بل أيّ نفع يرجى ن مدنية صيرت العالم على شفا جرف هار من البوار وفتحت على الممالك أفواه البنادق والمدافع كمن ينتظر إشارة ليلهب الأرض ومن عليها بنيران الهلاك والتدمير. ولا عجب فالحرب أخت الإنسان نشأت معه وتربت بين يديه فلما لم يتق شرها انقلبت بالوبال عليه. ومن يجعل الصِل الخبيث ربيبه=ويأْمل منه الخير بشره بالشر وهل يرتجي ممن نشا طبعه الأذي=سوى بثّه سمّ الأذية والضرّ والحمد لله الذي جعل البلاد المصرية في مأمن واق من الحروب وحصن حصين دون الكروب وجعل بأسها عباسها فدفع له عنها كل محظور فنسأل الله تعالى لمقامه العالي تأييداً وإعزازاً حتى تصل به مصر إلى معنى التقدم الحق والكمال المطلوب أمين. انتهى المولد الأحمدي الصغير وكان خفيفاً قليل الزوّار بائر التجارة لم يربح فهي إلا بعض الخمارات فإن معظم أصحاب الأطيان بأع7وها أو رهنوها ولم يبق بيدهم ما يشترون بضاعة أو يضيعون به شرفاً ومالاً وديناً أم أصحاب الطرق وأهل الخير فكانوا على أحسن ما يكون من الهدوء والنظام والاشتغال بأنواع الطاعة والقربات ولنا في هذا الموضوع كلام نؤجلهُ إلى فرصة أخرى.

صبر جميل

صبر جميل بارت تجارة الإجراء فلم يجدوا طريقاً تنفق به سلعتهم إلا السعاية من جهة والحط على الأمراء الصادقين في الخدمة من جهة أخرى ولما لم يفدهم ذلك ارجفوا بأن محرر الأستاذ سيبعد عن مصر إقعاداً لهمم المشتركين وسداً لباب تحصيل قيم الاشتراك فنحن ننادي في مشارق الأرض ومغاربها إننا من رجال الهيئة الوطنية المشمولين برعاية الحضرة الخديوية وحياطة الحكومة المصرية لا ننطق بكلمة ولا نتحرك حركة إلا وهي أعلم بها وكذلك رجال بريطانيا العظمة يعلمون من حركاتنا وسكناتنا ما هو مقرر بالتقارير المتتالية ممن لا نخطو خطوة إلا وهم على أثرنا ولم نزد في جريدتنا على النصح وتقبيح القبيح وتحسين الحسن وهو الذي تريد انكلترة أن تهدينا إليه ولا ينكر أحد أن حرية المبطوعات انتهت في مصر إلى أن يطعن الإجراء في المصريين طعناً شخصياً ويقبحوا أعمال من يرون صرف الأفكار عنه لا يبالون في أي عظيم كتبوا ولا بأية عبارة نطقوا ولا يليق بدولة عظيمة كدولة بريطانيا أن تحجر على زيد ما أباحته لعمر أو أن تبعد سيبويه لتنفق بضاعة نفطويه وعلى كل فإن ما أرجف به المرجفون من أبعادنا عن أوطاننا محض افتراء وكذب لا يكون في حكومة نظامية مقيدة بمجالس قانونية لا تستبد عليا بفعل من الأفعال وإذ دار إنسان على دوائر حكومتنا السنية وسأل عن هذه الإشاعة فإنه لا يجد لها أثراً ولا خبراً عند أصاغر الخدمة فضالً عن الأمراء الفخام وهناك يعلم أن المرجف بهذه هو المرجف بإغلاق الأستاذ أولاً ونفي صاحبه ثانياً على السنة أمثاله في الأرياف والمدن

وكلما زادونا أرجافاً وسعاية زدناهم إعراضاً وإهداراً ووقفنا أمامهم وقوف الجبل في مهب الرياح ولنا في مثل هذا المقام قصيدة قلناها في الاحتفاء وقد أحاطت بنا الجواسيس وتواترت أخبار الأراجيف ففترت همم الإخوان وداخلهم الخوف والرعب وثبتنا أمام تلك المزعجات وأخذنا ننشدها محاربة للنوائب وإظهاراً لما في الطوية من الصبر والثبات وإذا كان لساننا ذلك في حالة الشدة أفيرى المرجف أنه يحرك منا ساكناً بإرجافه في وقت الرخاء ونحن بين يدي أمير حكيم خبير بأحوال رعيته ووزير خطير هو أدق الناس في اختبار الناس ومعرفة ما هم عليه ولنورد بعض القصيدة هنا ترويحاً للنفس وتذكيراً بأيام التجلد للمحن والنوائب وقد أنشدناها توسلاً بالجد الأعظم صلى الله عليه وسلم وهي: أتحسبنا إذا قلنا بُلينا ... بَلينا أو يروم القلب لينا نعم للمجد نقتحم الدواهي ... فيحسب خامل أن دهينا تناوشنا فنقهرها خطوب ... ترى ليث العرين لها قرينا سواءٌ حربها والسلم أنا ... أناس قبل هدنتها هدينا سُررنا بالصلى والبشر بادٍ ... وكيُّ السر يستديع إلا نينا ومرضعنا تغذينا بصبر ... مرِير حين مازجنا حلينا فطمنا بالظماء على ثبات ... فصمنا عن شراب الجازعينا إذا ما الدهر صافانا مرضنا ... فإن عدنا إلى خطب شفينا لنا جلد على جَلَد يقينا ... فإن زاد البلاد زدنا يقينا ألفنا كلّ مكروه تفدّى ... له فرسانه بالرّاجلينا

فأعيا الخطبَ ما يلقاه منا ... ولكنا صحاح ما عيينا صلينا يا خطوب فقد عُرفنا ... بأنّا الصُلب صُلنا أو صُلينا وقرّي فوق عاقتنا وقولي ... نزلت اليوم أعلى طور سينا علينا للعلا دين وضعنا ... عليه الروح لا الدنيا رهينا فهل يمسي رهين في سرور ... وهل تلقى بلا كدر مدينا إذا ما المجد نادانا أجبنا ... فيظهر حين ينظرنا حنينا يغنينا فيلهبنا التغنيّ ... عن الباكي وينسينا الحزينا ولسنا الساخطين إذا رزئنا ... عم يلقى القضا قلباً رزينا فإنا في عداد الناس قوم ... بما يرضى الإله لنا رضينا إذا طاش الزمان بنا حلمنا ... ولكنا نُهينا إن نهينا فبيت المجد يهدمه التغابي ... وزند الفضل ينتن أن أُبينا وإنا والورى قسمان لكن ... إذا ماتوا بنازلة حيينا وإن لاذوا بعترتن ضعفنا ... فإن رفعوا أنوفهم قوينا وإن شئنا نشرنا القول درا ... وإن شئنا نظمناه ثمينا وإن شئنا سلبنا كل لب ... وإن شئنا سحرنا المنشئينا ومسطرنا يناجي كل حبر ... بما يهوى ويعلى الكاتبينا سلوا عنا منابرنا فإنا ... تركنا في منصتها فطينا لحكمتنا تقول إذا هذرتم ... الاهبي بصحنك فاصجينا ورثناها عن الآباء بحق ... فإن سرنا نورّثها البنينا بعيد أن يرى حبر غبياً ... وسيد عترة يلفى هجينا

سرى فينا من الآباء سر ... يسوق البر نحو الموذينا فإن عشنا منحنا سائلينا ... وإن متنت نفحنا الزائرينا _ ومنها بعد التخلص والمديح _ أأنسى يوم مصر والبلايا ... تطاردني ولا ألقى معينا فكنتَ الغوث في ويم كريه ... أخاف الشهم والحبر ألسمينا مدحا فيه في إشراق شمس ... فلما جاء مغربه هجينا وهل أنسى هجوم الجند عصرا ... بلا علم وقد كنا فجينا أحاطوا بي وسدوا كل باب ... وصرنا بين أيدي الباحثينا وكان السطح مملوءاً بجند ... وخلف البيت كم وضعوا كمينا فأدركت الوحيد وكان صيداً ... قريباً من فخاخ الطالبينا وأرشدت النديم إلى مكان ... رآهُ بعد حيرته مكينا وأعمى الله عنا كل عين ... وكان للعساكر ناظرينا وصرنا فوق سطح فيه علو ... يحطم هاوياً منه متينا فلم أرهب وثوبي من طمار ... ولم أنظر شمالاً أو يمينا فقد كنا بلا ستر يرانا ... أمام العين كل القاصدينا وكم سرنا بلا خوف جهارا ... ركبنا الخيل أو جئنا السفينا وهل أنسى تصدّي بعض قوم ... لأن أُمسي بحيهم طعينا فخلفت العيال وسرت ليلاً ... ولم أحمل حمول الظاعنينا فكنت الغوث يا جداه دوما ... وقعنا في المهالك أو قُفينا

الكسوة الشريفة

وإني الآن في خطب عظيم ... أرى في طيه داءً دفينا أتانا مخبر عن قوم سوءٍ ... أرادوا وصفنا للحاكمينا وخاف الضُرّا حبابي جميعا ... وقالوا بالوشاية قد رمينا فعجل بالرحيل بلا توانٍ ... ولا تخبر صديقنا أو خدينا فأدرك يا أبي نجلاً دهاه ... من الأهوال ما يوهي البدينا فما خفت المنون ولا الأعادي ... نعم خفت انشراح الشامتينا فسرت الليل يصحبني ثبات ... لخلّ نحو منزله دعينا ورافقني خليل كان قبلا ... يوافي حين كنا ظاهرينا وأدركنا القطار بغير خوف ... وكنا بالثياب منكَّرينا وألقى الله ستر الحفظ فضلاً ... فلم ترنا عيون المبلسيا وكان الخل منتظرا قدومي ... بخيل أوصلتنا سالمينا ونجى الله بعد اليأْس عبداً ... يرى الرحمن خير المنقذينا ومن كامنت هذه عقيدته في الشدة وهذا صبره في الخطوب التي كان يجهل عاقبتها لا تؤثر فيه أوهام المرجفين بعد سكاه دار الأمن بأمر وعفو الحضرة الخديوية أيدها الله تعالى وأدام علينا سوابغ نعمها. الكسوة الشريفة احتفل ليلة السبت في ديوان محافظة مصر احتفالاً جليلاً دعى إليه العلماء والأمراء وأرباب الطرق وكثير من الوجهاء والأعيان سروراً بإنجاز كسوة مقام سيدنا الخليل عليه الصلاة والسلام وقد بلغت مصارفها 1700

مصنوع البلاد

جنيهاً وفي الصباح انتظم الموكب مركباً من فرق العساكر الخيالة والمشاة والمدفعية وكان + الوزراء الكرام يقدمهم صاحب الدولة رياض باشا نائباً عن الحضرة الخديوية قد اجتمعوا في سقيفة المنشية يصحبهم لفيف من العلماء الإعلام في مقدمتهم صاحب السماحة والفضيلة شيخنا الأستاذ الشيخ الانبابي وفي مقدمة رجال الطرق وأصحاب الأشاير صاحب السماحة والسيادة السيد توفيق أفندي البكري الصديقي وسماحة قاضي أفندي مصر أي أن هؤُلاء الإعلام وجدوا مع النظار الكرام بالملابس الرسمية في مقدمة من وجد معهم من العلماء والأشياخ ومن ساحة المنشية سار الموكب حتى دخل مسجد الغمام الحسين رضي الله تعالى عنه وقد هرع الناس إلى الشوارع التي مر بها حتى لم يبق في مصر أحد ممن يميلون لرؤية هذا الموكب المنف إلا وقف له داعياً للحضرة الخديوية الفخيمة بطول العمر ودوام العز والاقبا متفرجاً. مصنوع البلاد معلوم للمصريين أنه يوجد بالمحلة الكبرى صناع يصنعون الأقمشة اللطيفة المحتا إليها لباساً وأثاثاً مع إتقان الصنع وجودة القماش وحسن المنظر فيصنع فيها العصائب والملآت الحريرية والقطنيه والبشاكير والمناديل والناموسيات والفرش البهيجة الحريرية والقصبية والقطنية ولكن الناس مغرمون بمصنوع الأجنبي الذي لا يساوي شيئاً في جانب مصنوع البلاد لما أشتمل عليه من رداءة المغزول وغلو السعر وفقد المتانة وقد تنبه الأمراء لمصنوع المحلة ومصر والفيوم وغيرها من البلاد المشتغلة بعمل الأصواف ونسج

رجاء

السجاجيد والقطني والشاهي والغزالي والفوط والبشاكير وملأت النساء والفرش والستائر والناموسيات والمناديل أحياءً لصنعة البلاد وأهلها فقد رأيت صاحب السعادة والفضل سعد الدين باشا مدير الغربية استحضر أصنافاً كثيرة من أقمشة الفرش الملونة وملأت الفرش القطنية اللطيفة والبشاكير المتينة والمناديل الرقيقة من مصنوع المحلة ليأخذ منها ما يلزم وليقتدي به في استعمال المنسوجات الوطنية ترويجاً لأهليها وتزييناً للبيوت بما يفتخر به وإننا لنشكرهُ على هذا المقصد الحسن ونرجو أن يقتدي به الناس في التمتع بمصنوع البلاد على أنه أرخص سعراً من القماش الأجنبي بالنسبة لمتانته وحسن منظره وبقائه زمناً طويلاً يغير فيه الإنسان أمثاله من المصنوع الأجنبي كما نحث عمال المحلة وبقية البلاد المصرية ذات الأعمال النسيجية أن يجتهدوا في تنميق الألوان والتفنن في النقوش المبهجة وتوسيع دائرة المصنوعات أملاً في انتشارها ورجوع الناس إليها وما ذلك على الله بعزيز. رجاء نرجو من مديري مصلحة السكة الحديد أن يوجهوا النظر نحو محطة الشين التي هي عبارة عن صدوق من الخشب طوله ثلاثة أمتار وعرضه متران وفي هذا الصندوق التلغراف والتذاكر والبوسطة ودفاتر المحطة ومحل جلوس ناظر المحطة ومن معه وأضيق منه بيته المنحط عن الجسر أربعة أمتار والماء يرشح من أرضه فهو بيت المرض وسجن الهلاك ومصلحة كهذه ملاءت جهاتها نظاماً وتحسيناً وسبقت الإدارات بنباهة رجالها وسعيهم في

المسويو بطرون

تقدمها حقيقة بأن تلتفت لهذه المحطة وما كان على شاكلتها من المحطات المستجدة التي وضعت لاه الصناديق الخشبية موقتة وعلى كل فإننا نثني على مديريها ونظارها ومفتشيها أحسن الثناء ولسان أعمالهم أحسن ثناء من لسان الأستاذ. المسويو بطرون تناقل الناس عبارته التي جعل بها المصريين كالأغنام وجعل من وافقه على خلطه عنوان المصريين ولا أرى أن تتعرض الآن له برد أو تبكيت بعد علمنا أنه عدو لمصر وأهلها والعدو يقول ما يشاء ولو علم أنه أدخل الريب من فرنسا في قلب كل مصري بهذه العبارة لحثا التراب على رأسه توبة واستغفار ولله در القائل لي حيلة فيمن ينم=وليس في الكذاب حيله من كان يخلق ما يقو_ل فحيلتي فيه قليله فاجعه رزئ الفضل والأدب بوفاة الشاب الفطن اللبيب إسماعيل أفندي عزت خريج مدرسة المعلمين التوفيقية ومعلم اللغة الفرنساوية بمدرسة عباس غير بالغ من العمر إلا اثنتين وعشرين سنة وقد كان رحمه الله من دعة الأخلاق وكرم النفس وقوة الحافظة على جانب عظيم فنحن نعزي عترته وإخوانه ونشاركهم في حق الأسف عليه أسبغ عليهم جميعاً ثوب الصبر الجميل وأسكنه فراديس جنته وأولاده مغفرة ورضوانا.

العدد 38

العدد 38 - بتاريخ: 16 - 5 - 1893 دفع اعتراض البشر عن اعتقاد القضاء والقدر لأحد أفاضل مصر مضت سنة الله في خلقه بأن يكون للعقائد القلبية سلطان على الأعمال البدنية فما يكون فيها من صلاح أو فساد فإنما مرجعه فساد العقيدة وصلاحها على ما بينه الشارع ورب عقيدة واحدة تأخذ بأطراف الأفكار فيتبعها عقائد ومدركات أخرى ثم تظهر على البدن بأعمال تلائم أثرها في النفس. ورب أصل من أصول الخير والكمال إذا عرض على الأنفس في تعليم أو تبلغ شرع وقع فيه الاشتباه عند السامع فيلتبس عليه بما ليس من قبيلة أو يصادف بعض الصفات الرديئة والعقائد الباطلة فيعلق به عند الاعتقاد فاسدة مبنية على الخطأ في الفهم أو على خبث الاعتقاد فتنشأُ عنها أعمال غير صالحة على غير علم من المعتقد كيف اعتقد هذا ولا كيف يصرفه اعتقادهُ والمغرور

بالظواهر يظن أن تلك الأعمال إنما نشأت عن اعتقاد ذلك الأصل ومن مثل هذا الانحراف وقع التحريف والتبديل في بعض أصول الأديان غالباً وهو علة البدع والنحل في كل دين وكثيراً ما كان هذا الانحراف وما يتبعه من البدع منشأ لفساد الطباع وقبائح الأعمال حتى أفضى بمن ابتلاهم الله تعالى به إلى الهلاك وهذا يحمل بعض من لا خبرة لهم على الطعن في دين من الأديان أو عقيدة من العقائد ألحقة استناداً على أعمال بعض السذج المنتسبين إلى الدين أو العقيدة. ومن ذلك عقيدة القضاء والقدر التي تعد من أصول العقائد في الديانة الإسلامية فقد كثر فيها لغط بعض الإفرنج وزعموا أنها ما تمكنت من نفوس قوم إلا وسلبتهم الهمة والقوة وحكمت فيهم الضعف والضعة ورموا المسلمين بصفات ونسبوا إليهم أطوارا حصروا علتها في اعتقاد القضاء والقدر وقالوا أن المسلمين في فقر وتأخر في القوى الحربية والسياسية عن سائر الأمم وقد نشأ فيهم الكذب والنفاق والخيانة والتحاقد والتباغض وتفرقت كلمتهم وجهلوا أحوالهم الحاضرة والمستقبلة وغفلوا عما ينفعهم وما يضرهم وقنعوا بحياة يأكلون ويشربون فيها وينامون ثم لا ينافسوا غيرهم في فضيلة ومتى أمكن أحدهم أتن يضر أخاه لا يقصر في ذلك فجعلوا بأسهم بنهم والأمم من ورائهم تبتلعهم لقمة لقمة وقد رضوا بكل عارض واستعدوا لقبول كل حادث وركنوا إلى السكون في زوايا بيتهم. والأمراء منهم يقطعون أزمنتهم في اللهو واللعب ومعاطاة الشهوات وعليهم فروض وواجبات تستغرق أعمارهم في أدائها ولا يؤدون شيئاً منها يصرفون أموالهم فيما يقطعون به زمانهم أسرافاً وتبذيراً ولا ينال ملتهم وأوطانهم منهم شيء. وقد خلطوا المصالح العامة بالمصالح

الذاتية فكم من تنافر بين أميرين أضاع أمة. وكل منهم يخذل صاحبه ويستعدي عليه جاره فيدخل بينهم الأجنبي وقد وجد قوة ضعيفة ونفوساً متخاذلة فيتمكن من بلادهم بغير عدد ولا عدد شملهم الجبن وعمهم الخوف وقعدوا عن الحركة وخالفوا في ذلك كله أوامر دينهم مع رؤيتهم جيرانهم بل بعضه من هم تحت سلطتهم يتقدمون عليهم ويباهونهم بما يكسبون. ولا توجد فيهم جمعيات ملية لا سرية ولا جهرية يكون من مقاصدها أحياء الغيرة وتنبيه الحمية ومساعدة الضعفاء وحفظ الحقوق من تعدي الأقوياء وتسلط الغرباء. هكذا نسبوا هذه الصفات إلى المسلمين وزعموا أن لا منشأ لها إلاّ اعتقادهم القضاء والقدر وإحالة جميع وقائعهم على قدرة الله وحكموا بأن المسلمين إذا داموا على هذه العقيدة لا تقوم لهم قائمة ولا يعود لهم مجد ولا يرجع إليهم حق ولا يؤيدون سلطاناً ولا يحفظون ملكاً ولا يزال الضعف يعمل بهم حتى يفنيهم بالمنازعات وما يسلم من أيدي بعضهم تحصده الأجانب. واعتقد أولئك الناس أنه لا فرق بين الاعتقاد بالقضاء والقدر وبين الاعتقاد بمذهب الجبرية القائلين بأن الإنسان مجبور في جميع أفعاله وتوهموا أن المسلمين باعتقادهم هذا يرون أنفسهم كالريشة المعلقة في الهواء تقلبها الرياح كيفما تميل ومتى رسخ في نفوس قوم أنهم لا اختيار لهم في قول ولا عمل ولا حركة ولا سكون وإنما ذلك بقوة قاهرة تتعطل قواهم ويفقدون ثمرة ما وهبهم الله تعالى من المدارك والقوى وتمحي من خواطرهم داعية السعي والكسب هكذا ظنت طائفة من الإفرنج أيضاً وذهب مذهبها كثير من ضفعاء العقول في المشرق. وقد أخطاء أصحاب هذا الزعم فإنه لا

يوجد مسلم في هذا الوقت سنياً كان أو شيعياً أو زيديا أو إسماعيلياً أو وهابياً أو خارجياً يرى مذهب الجبر المحض ويعتقد سلب الاختيار من نفسه بالمرة بل كل هذه الطوائف المسلمة يعتقدون بأن لهم جزءاً اختيارياً في أعمالهم ويسمى بالكسب وهو مناط الثواب والعقاب عند جميعهم وأنهم محاسبون بما وهبهم الله تعالى من هذا الجزء الاختياري ومطالبون بامتثال جميع الأوامر الإلهية والنواهي الربانية وإن هذا النوع من الاختيار هو مدار الكتليف الشرعي وبه تتم الحكمة والعدل. نعم كان بين المسلمين طائفة تسمى بالجبري ذهبت على أن الإنسان مضطر في جميع أفعاله اضطراراً لا يشوبه اختيار وزعمت أنه لا فرق بين أن يحرك الشخص فكه للأكل وبين أن يرتعد بشدة البرد. ومذهبه يعده المسلمون من منازع السفسطة الفاسدة وقد انقرض أرباب هذا المذهب في أواخر القرن الرابع من الهجرة ولم يبق لهم أثر وليس الاعتقاد بالقضاء والقدر هو عين الاعتقاد بالجبر ولا من مقتضياته ما ظنه أولئك الواهمون فإن الاعتقاد بالقضاء يؤيده الدليل القاطع بل ترشد إليه الفطرة ويسهل على من له فكران يلتفت إلى أن كل حادث له سبب يقارنه في الزمان وأنه لا يرى من سلسلة الأسباب إلا ما هو حاضر لديه ولا يعلم ماضيها إلا الله مبدع نظامها وإن لكل منها مدخلاً ظاهراً فيما بعده بتقدير العزيز العليم. وإرادة الإنسان إنما هي حلقة من حلقات تلك السلسلة وليست الإرادة إلا أثراً من آثار الإدراك والإدراك انفعال النفس بما يعرض على الحواس وشعورها بم أودع في الفطرة من الحاجات فلظواهر الكون من السلطة على الفكر والإرادة ما لا ينكره عاقب وإن مبدأ هذه

الأسباب التي ترى مؤثرة في الظاهر إنما هو بيد الله مبدع الكون الذي خلق الأشياء على وفق حكمته وجعل كل حادث تابعاً لشبهه كأنه جزء له خصوصاً في العالم الإنساني. ولو فرضنا أن جاهلاً ضل عن الاعتراف بوجود آله صانع للعالم وليس في إمكانه أن يتخلص من الاعتراف بتأثير الفواعل الطبيعية والحوادث الدهرية في الإرادات البشرية فهل يستطيع أن يخرج بنفسه عن السنة التي سنّها الله تعالى في خلقه. هذا أمر يعترف به طلاب الحقائق وإن بعضاً من حكماء الإفرنج وعلماء سياستهم التجأوا إلى الخضوع لسلطة القضاء والقدر وأطالوا البيان في إثباتها ولا حاجة لإثبات آرائهم هنا ثم إننا نعلم أن التاريخ هو العلم الباحث عن سير الأمم في صعودها وهبوطها ومنا ينشأ عن الحوادث من التغيير والتبديل في العادات والأخلاق والأفكار بل في خصائص الإحساس الباطن والوجدان وما يلحق ذلك من نشأة الأمم وتكون الدول واندراس بعض الممالك. وهذا الفن عد من أجل الفنون الأدبية وأعظم فوائده بناء البحث فيه على القضاء والقدر واعتقاد أن قوى البشر في قبضة مدبر الكائنات ومصرف الحادثات وهو الله الفاعل المختار ولو استقلت قدرة البسر بالتأثير ما انحط رفيع ولا ضعف قوي ولا ذهب سلطان والاعتقاد بالقضاء والقدر إذا تجرد عن شناعة الجبر تتبعه صفة الجراءة والإقدام والشجاعة والبسالة ويبعث على اقتحام المهالك التي ترجف لها قلوب الأسود ويطبع الأنفس على الثبات واحتمال المكاره ومقارعة الأهوال ويحليها بحلية الجود والسخاء بل يحملها على بذلك الأرواح والتخلي عن نضرة الحياة في سبيل الحق الذي دعاها لاعتقاد هذه العقيدة التي منها اعتقاد

تحديد الأجل والرزق وإن الأشياء بيد الله تعالى يصرفها كيف يشاء. فكيف يرهب الموت في الدفاع عن حقه وإعلاء كلمة ملته والقيام بما فرض الله عليه من ذلك من هذا اعتقاده وكيف يخشى الفقر مما ينفق في سبيل تعزيز الحق وتشييد المجد وتنفيذ الأوامر الإلهية. وقد امتدح الله المسلمين بهذا الاعتقاد مع بيان فضيلته بقوله. الذين قال لهم الناس أن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم. وقد اندفع المسلمون في أول نشأتهم إلى الممالك والأقطار يفتحونها فأدهشوا العقول وحيروا الألباب عندما دوّخوا الدول وقهروا الأمم وامتدت سلطتهم من جبال بيريني الفاصلة بين أسبانيا وفرنسا إلى جدار الصين مع قلة عددهم وعُددهم وعدم تعودهم على الأهواء المختلفة وطبائع الأقطار المتباعدة وقد أرغموا الملوك والقياصرة والأكاسرة في مدة لا تتجاوز ثمانين سنة وهذا يعد من خوارق العادات وعظائم المعجزات. وما ارجفوا قلباً ولا أذلوا ملكاً ولا فتحوا بلداً غلا وقائدهم اعتقاد القضاء والقدر الذي ثبتت به أقدام هذه الجنود القليلة أمام جيوش لا عدد لها فكشفوهم عن مواقعهم وردوهم على أعقابهم وهو الذي حملهم على بذل أموالهم وأرواحهم في سبيل إعلاء كلمتهم وامتداد سلطتهم وسهل عليهم حمل أولادهم ونسائهم إلى ساحات القتال في أقصى بلاد العالم كأنهم سائرون إلى الجدائق والرياض وكأنهم أخذوا لأنفسهم بالتوكل على الله أماناً من كل غادرة وأحاطوها بحصن الاعتماد عليه من كل طارقة. وكان أولادهم ونساؤُهم يخدمون الجنود بلا رهبة

ولا خوف كأنهم في قصور الأمن والدعة وهو الذي رفع قدرهم وأسكن هيبتهم القلوب فكانوا ينصرون بالرعب يقذف به في قلوب أعدائهم. والتاريخ يخبرنا أنه من أول الاجتماع البشري إلى اليوم ما وجد فاتح عظيم ولا محارب شهير نبت في أوسط الطبقات ثم ارتفع بهمة إلى أعلى الدرجات وبلغ من بسطة الملك ما فيه العجب إلا كان معتقداً بالقضاء والقدر. سبحان الله. الإنسان حريص على حياته شحيح بوجوده على مقتضى الفطرة والجبلة فما الذي يهون عليه اقتحام المخاطر وخوض بحار المشاق والمهالك إلا اعتقاده بالقضاء والقدر وركون قلبه إلى أن المقدر كائن لا محالة وقد أثبت التاريخ أن كورش الفارس (كيخسرو) ما حمله على الأقدام واقتحام غمرات الحروب التي فاز فيها بالنصر إلا اعتقاده بالقضاء والقدر وإن اسكندر الأكبر كان ممن رسخ في نفوسهم اعتقاد القضاء والقدر بل عدو نابليون الأول بونابرت من أشد الناس تمسكاً بعقيدة القضاء وهي التي كانت تدفعه فعسكره القليل على الجماهير الكثيرة. فنعم الاعتقاد الذي يطهر النفوس من الرذائل. ولا ننكر أن هذه العقيدة قد خالطها شوائب من عقيدة الجبر في بعض العامة وربما كان هذا سبباً في أحاطتهم بالمصائب التي أخذتهم بها الحوادث في العصور الأخيرة فرجاؤنا من العلماء العصريين أن يسعوا جهدهم في تخليص هذه العقيدة الشريفة من بعض ما طرأ عليها من لواحق البدع خصوصاً هذا المذهب الفاسد الذي نبه عليه الأستاذ وبين بطلانه فقد انتشر في كثير من بلاد الوجهين القبلي والبحري وفسدت به الأخلاق وتهافت عليه الرعاع والأوباش الفارغون من المعارف اغتراراً بشقشقة لا طائل تحتها

إلا غرس الجبن في الطباع وشق عصا المسلمين وإيقاع العداوة بينهم بتفريق لكلمة وتوزيع الأهواء بكثرة البدع والنحل وعليهم أن يذكروا العامة بسنن السلف الصالح وما كانوا عليه من الاعتقاد والعمل وينشروا بينهم ما أثبته الأئمة الإعلام ووقع عليه إجماع الأمة. وأن يرشدوا الأمة إلى أن التوكل والركون إلى القضاء إنما طلبه الشرع منا في العمل لا في البطالة والكسل وما أمرنا الله أن نهمل فروضنا وننبذ ما أوجبه علينا بحجة التوكل عليه فإنها حجة الحائدين عن الصراط المستقيم ولا يرتاب أحد من أله الملة الإسلامية في أن الدفاع عنها في هذه الأوقات من الفروض العينية في مقابلة دفاع الأمم عن مللهم وليس في ذلك تعصب كما يقول المفسدون فإن تدافع الأمم في حفظ عقائدهم يقضي علينا بمجاراتهم فيما هم فيه. ومن هنا يعلم أن ما زعمه الإفرنج ومن كان على شاكلتهم من أن تأخر المسلمين منشاؤُه اعتقاد القضاء والقدر لم يصادف الحقيقة بل أن نسبته إليه كنسبة النقيض إلى نقيضه وإنما حدث للمسلمين بعد شأتهم الأولى نشوة من الظفر وثمل من العز فركنوا إلى الرفاهية وأخلدوا إلى الراحة ثم فجاءهم صدمتان صدمة التتار من الشرق وصدمة الحروب الصليبية وتدافع أوروبا بعدها من الغرب ثم تدالوتهم حكومات متنوعة ووسد الأمر فيها إلى غير أهله وولى أمورهم من لا يحسن سياستهم فتمكن الضعف من نفوسهم وأخذ كل منهم بناصية الآخر يطلب له الضرر ويلتمس له السوء لفساد الأخلاق وعدم التربة وإهمال الحاكم شأن المعارف واقتصاره على اللذائذ البدنية فانتهى بهم الإهمال إلى ما صاروا إليه. ومع ما آلت إليه الأمة من الضعف فإنها

سؤال

لن تموت ما دامت هذه العقيدة فهيا فإن رسوخها في نفوسهم وثبوتها في قلوبهم يدفع عنهم الأمراض النفسية والأعراض الخيالية ويبعثهم على النظر في العواقب ويحيى ما مات من العزم والثبات حتى يعود مجدهم القديم ويرد حقهم المسلوب ولا يتوقف ذلك إلا على عقد جميعات علمية وسياسية هذه تعلم العقيدة وتنشرها بين الناس على نفقة المثرين كما تفعل جميعات أوروبا وهذه تربي الأفكار وتقرأُ التاريخ وتعلم الفنون السياسية فتمشي الأمة بقوتي العلم والعمل بباعث الاعتقاد الحق ومن قال نريد أن نقلد الأمم المتمدنة في سيرهم وتقلباتهم لا ينسب إلى خشونة ولا تعصب ديني فإن عورض في سيره علم أن دعوى الحرية والمساواة دعوى احتيال على التغلب بغير حرب وإذلال الأمم بطريقة التمويه والتغرير وإلا فإنهم أن انصفونا تركونا نضارعهم في اجتهادهم حتى إذا ظهر لهم صدق معاملتنا لمن غايرنا وطناً وجنساً وحبنا لانتظام أحوالنا بائتلافنا مع جميع الأمم تحققوا أن فساد الأخلاق إنما نشأ عن ترك العقيدة وأصبحوا ممن ينادون بدفع اعتراض البشر على اعتقاد القضاء والقدر. سؤال بعض وكلاء الجرائد يوهمون الناس أن من لم يشترك في جريدة كذا أو من اشترك فيها ورفضها ربما ناله ضرر في معاشه أو ربما تعطلت عليه مصالحه في الحكومة أو صودر بما لا تحمد عقباه وقد أثرت هذه الإيهامات في بعض الضعفاء فاعتقدها وأخذ يتكلم بها ولابد أن يكون لكم علم بما للجرائد في دوائر الحكومة فهل هناك ارتباط بين بعض الجرائد وبين الحكومة أو جماعة من رجالها

القائمين بأمر الأمة أم الجرائد مستوية في استقلالها وبعدها عن الالتصاق بدوائر الحكومة والناس أحرار في أميالهم وأموالهم يشتركون مع من يشأون وينفصلون متى شأوا وأية جريدة يلزم الأمة الأخذ بناصرها ومساعدتها والانكباب على مطالعتها وأية جريدة يلزم الأمة البعد عنها والإعراض عن قراءتها وأي دليل تقيمونه على أن الجرائد منفصلة عن الحكومة كل الانفصال أفتونا فقد طال الجدال وكثر القيل والقال وعول الكل على طلاب الجواب من الأستاذ ولكم من الأمة الثناء ومن الله الثواب. الجواب الحمد لله وحده لا تعلق لجريدة من الجرائد المصرية بالحكومة إلا الجريدة الرسمية وما عداها فإنه خاص بأصحابه وبمحرريه وهذا الذي تذكرونه من توهيم بعض الوكلاء لا حقيقة له في دوائر الحكومة ولا ترضى به الحضرة الخديوية الفخيمة ولا النظار الفخام بل لو رفعت قضية على مدعي ذلك لكان على الحكومة الحكم عليه بمقتضى القانون حتى لو كان الموهم الملزم بالاشتراك من رجال الإدارة أو رجال الضبط ورفعت عليه الشكوى لأنصف الحكومة الشمتيك وعاقبت المتصدي لذلك م رجال الحكومة فقد أصدرت قبل ذلك منشوراً بأنه لا تعرض ولا تداخل لأحد من رجال الحكومة في شأن الجرائد أفبعد هذا يفهم الضعفاء أن أقوال تجار الأباطيل صحيحة لها أثر يعول عليه نعم تقدم هذا الوقت زمن كان للحكام يد في توزيع بعض الجرائد وتحصيل قيم اشتراكها بمعرفتهم كمال الميري حتى أنهم الزموا كثيراً من الأميين بدفع قيم

اشتراك جرائد رموها عليهم وعندما اعتذروا إليهم بعدم معرفتهم القرأة قيل لأحدهم سد بورقها شبابيك البيت أو أعمل عليها القهوة في الصبح ولكن حالنا اليوم غير حالنا بالأمس فقد جاء الحق وزهق الباطل ولكل فرد من الأفراد الذين الزموا بأخذ بعض الجرائد أن يردها حتى على الرئيس الذي ألزمه بها من غير أن يتحاشى شيئاً فإن أعيدت إلهي كان عليه أن يقدمها لدائرة من دوائر الحكومة ومعها ورقة الشكوى لترفع تلك الدائرة مظلمته التي ظلمها بالإرهاب والإلزام ولا يخشى مستخدم أو شيخ بلد أو عمدة على وظيفته أرفض جريدة فرغت رغبته منها أو رآها ضد حكومته أو لا توافق مشربه فإن الحكومة متنبهة لذلك مستعدة لدفع أي عدوان عن الأمة. فكل ما تسمعونه من هذا القبيل إنما هو سمسرة لإنفاق ما كسد من بضاعة الذين ما ارتفعوا إلا على سلم النفاق ولا ربحوا إلا من الأضاليل والمفتريات وقلب الحقائق. أما طلبكم بيان الجريدة التي يلزم الأخذ بناصرها ومساعدتها والتي يلزم رفضها والإعراض عنها فإنكم أدرى بمصالح بلادكم ومن كان عارفاً بمصالح بلاده أمكنه أيميز بين الضار والنافع فما وجده من الجرائد يخدم وطنه وسلطانه وأميره وينتصر لرجال وطنه وذوات بلاده ويذكر مفاخر أمرائه وأعمال أهل بلاده نويرشد على طرق الإصلاح ويبين الخل الواقع في الإدارات وما يجب اتخاذه لتلافيه وينبه على الحقوق الملية والروابط الاختلاطية وينهاه عن الهيجان والفتن كان له أن يشترك فيها أن أراد ليهتدي بها إلى طرق الفلاح والنجاح وما رآه منها سالكاً طريق الغش والخيانة وقلب الحقائق وسب الأمراء والحكام وتهجين أعمال الوطنيين والتمدح

بالأجنبي وإن لم يكن مخلصاً وتحسين الانحياز إلى غير سلطانه والخضوع لغير أميره والقدح فيمن خالف مذهبه القبيح من الحكام الوطنيين فهذه يحرم على الأمة الاشتراك فيها وتحرم قراءتها ومساعدة أصحابها ويعظم الإثم بعظم الرغبة فيها فكلما كانت رغبة وطني في قراءتها عظيمة كلما تزايد أثمه وساء مصيره فإنه يكون عاقاً لسلطانه وأميره مصادر الحاكمة ساعياً في إضاعة وطنه مساعداً على توهين قوته وإذلال أهل بلاده معيناً لأعداء سلطانه وأميره وبلاده وأي وزر أعظم من هذا عند الله تعالى وقد وقف المشترك في مثل هذه الجريدة وقفة من حارب الله ورسوله وأعلن بالمعصية وجاهر بعداوته للأمة وأصبح بغيضاً مذلولا كل من رأى تلك الورقة في يده قال هذا عدو السلطان والخديوي والحكومة الأمة هذا الذي يعصي الله جهاراً ويرتكب الإثم نهاراً هذا الذي جهل حقوق الوطنية وفضل الجنسية هذا الذي طار مع الأكاذيب والترهات من غير بحث في العواقب هذا الذي باع مجده وشرفه بكلمة مدح أو عبارة ثناء ممن يضحك عليه بما يكسب به ماله وإلا فأي وطني صادق يساعد عدو وطنه على إفساد الوطنيين وتحسين القبيح في أعينهم وأي حر يعلم ذلك ولا يضرب الحائط بأوراق الأعداء التي ملئت شتماً لأمرائنا وتزييفاً لأعمالنا وذماً لأسلافنا. نرى بين أيدينا جرائد شتى تكتب بغير لغة البلاد ولا نرى فيها إلا بعض جرائد تسعى سعي المفسدين المضلين وكلها بين فرنساوية وايتاليانية ويونانية تنادي بسياسة معتدلة وتنبيه الأمة على ما فيه صلاحها وإن شذ بعض محرريها بقول في جانب أحد كان من الشخصيات

التي لا تمس العموميات أما التي وقفت منها لذم الأمة وتضليلها فحق على كل مصري أن لا يقبل عليها ولا يتحمل بالاشتراك فيها من العار ما يلحقه بالسفلة الرعاع والأوباش الأدنياء الذين لا يفرقون بين النافع والضار وإلا كان يداً ثانية لعدو المصريين يساعده على إفساده وتغريره. ويمكنك أن تمر في الطرقات وتنظر الجرائد التي في أيدي الناس فمن وجدت في يده جريدة مصرية أو إفرنجية مخلصة في خدمتها فاعلم انه وطني مخلص ومن وجدت في يده جريدة لخائن أو غاش أو مستأجر فأعلم أنه عدو لك وإن شاركك في مسمى الوطنية واللغة والجنس إذ يستحيل على وطني غيور على سلطانه وأميره وحكومته ومصالح بلاده أن يشترك في جريدة تضاده وتكون على غير طريقه المسلوك للأمة التي هو فرد منها ولا يشترط في الإخلاص أن تكون الجريدة مصرية بحتة بل كل جريدة اعتدلت في سيرها وأخلصت في نصحها وخدمتها فتلك المحبوبة المألوفة مصري كانت أو سورية أو إفرنجية وكل جريدة خالفت هذه الطريقة فهي العدوة المبغوضة المزدراة التي وجودها أثقل من وجود الوباء مصرية كانت أو غير مصرية وأعلم أن رجال الضب ورجال الإنكليز لم يكن لهم دخل الآن في شأن الجرائد فإنك تعلم أن أنكلترة ما أرادت من مصر إلا وضع حكومة حرّة نظامية وإلزام الأمة بقراءة ما تكره بعيد عن هذا المقصد فلهذا قلت لك أنهم يريدون أن يتألفوا الأمة بما تحب ولا ينفروها بما تكرهه. وقد أخطأت الجرائد المستأجرة هذا المرمى فجعلت شتم الأمراء المصريين وتهجين أعمال المسلمين والأقباط كشكولاً تمده لرجال الإنكليز لتنال به العيش ففرقت بين

الأمتين المصرية والإنكليزية بتقبيحها الحسن وتحسينها القبيح تعصباً للتطفل وتغرضاً للشحاذة فخدمت المصريين أكثر من خدمتها الإنكليز ولك بغير قصد منها شأن الأحمق يريد أن ينفع صاحبه فيضره ولا نلبث أن نرى الإنكليز تنبهوا لما جلبته عليهم من ضياع أتعابهم وعكس آمالهم ينفروا منها نفور المصري بل أشد. ولا يغرنك ما قدمته من أن بعض الحكام كان يساعد بعض الجرائد فإن ذلك كان في فترة قبل العصر العباسي كانت فيه الحكومة شبيهة بالفوضى فكل مأمور مستقل بأعماله مستبد على محكوميه. وليس ذلك لقصد أو بأمر من صاحب العطوفة مصطفى فهمي باشا فإننا ننزه وطنيته عن ذلك وإنما تكاثرت عليه الآراء وتعدّدت الأيدي العاملة وفترت همم أعضاء وزارته فأصبح وحيداً لا يقوى على دفع تلك السيول المندفعة على حد قول القائل. تكاثرت الظباء على خراش=فما يدري خراش ما يصيد وقد ذهب أمس بما فيه وجاء اليوم يطالبنا بسد الخلل ودرء المفاسد وكل إنسان حر في ماله وأعماله الخاصة به فلا إلزام ولا إرغام وإن مسموعكم مجرد إيهام من قوم لا يستطيعون أن يظهروا أمام الحكومة بشيء من هذا ولا يستطيع أحدهم أن ينسب عمله أو يسند ظهره إلى إنكليزي معين فإنه يكذبه في الحال فإن انكلترة جرّبت الأجنبي في القول والفعل فلم تنجح فعادت إلى الوطني تستعين به على الإصلاح المأمول لها فإنه أدرى ببلاده وأعرف بأخلاق إخوانه وأعلم بما يصلح شؤُنهم ولو فوّضت إليه الأمر تفويض إطلاق لرأت من همم الوطنيين ما يبهرها ويكذب كل دعوى ادعاها بغيض

المصريين بأنه لا يصلحون لعمل ولا يحسنون التصرُّف في الأمور فإن الخلط والخبط الذي وقعت فيه البلاد مدة العشر سنين أكبر دليل على أن الإصلاح موقوف على تسليم الأعمال إلى الوطنيين. ولا يقال أن الأعمال كانت في أيدي الوطنيين كل هذا المدة فإنا نقول أن الوطنيين مقيدون بالنظامات والمنشورات التي تلزمهم الإنكليز بالعمل بها فكل خلل نشأ في إدارتهم فإنما نشأ من المنشورات والتراتيب الأجنبية والحال أكبر شاهد. نعم أننا لا ننكر أن لإنكلترة محاسن أظهرتها في البلاد منها حرية الأفكار والمجامع بحيث يتمكن كل ذي لهجة من إبداء آرائه والمحادثة مع إخوانه في بيته وفي القهوة والطريق من غير حجر وإن كل مع هذا الإطلاق بعض تجسس بواسطة البوليس السري ولكن هذا لا يضر بحرية الأفكار ما دامت في غير تهييج أو تعصب ديني أو حث على فتنة وكل أمة لابد وأن يقف حاكمها على خفاياها بواسطة أناس يختارهم لذلك حفظاً للأمن والنظام نعم أن معظم رجال البوليس السري عندنا أغبياء كذبة إذا رأى أحدهم أنه مشى يوماً ولم يعثر على خبر ينقله افترى على رجل فرية يثبت بها عملاً لنفسه فكثيراً ما علمنا أنهم أخبروا بأخبار مختلفة وذلك بسبب جهلهم وسوء أخلاقهم. ولا يقال أنهم وطنيون فكيف تذمهم فإننا نقول أن غالبهم رعاع فإن وظيفة التجسس عند الشرقيين أقبح الوظائف ولا يرضى بها إلا أرذل الناس وأوقحهم فلذا يندر أن يكون فيهم مهذب خصوصاً إذا علم أحدهم أن رئيسه يحب أن يقف على عثرة لفلان فإنه يكتب عنه تقارير مفتراة أرضاءً لرئيسه وتنفيذ لآرائه. على أن رجال البوليس في أوروبا منتقون من الناس المؤدبين

المهذبين ولهم حسن تصرف في أعمالهم وتأدب في معاشرة الناس ومعاملتهم ويندر أن يفتري أحدهم على أحد شيئاً ولهذا كانت تقاريرهم مصدقة من غير طلب دليل عليها فمعاملة بولييسنا بهذه المنقبة مجاراة لأوروبا مع فساد أخلاق معظمهم تخليط في العمل وتشويش للأفكار وعلى كل فإن هذا لم يؤثر في حرية الأفكار والمجامع تأثيراً سيئاً. ومن محاسن الإنكليز إطلاق حرية المطبوعات إطلاقاً كاد أن لا يدخلها تحت نظام فإننا نرى بعض الجرائد تتعرض لمسند الخلافة العظمة ورجالها الفخام وتلحق ذلك بالأمراء المصريين والحكام الوطنيين ولا تؤاخذ بقول ولا تنذر على خروج عن حد وحبذا لو سدّ رجال إنكلترة آذانهم عن سعاية الشحاذين وأكاذيبهم وتركت المصري مع غيره يتبادل المناظرة والدفاع تصريحاً لا تلويحاً لنرى أي الفريقين أحق بلازجر ومع ما فيه من بعض التضييق على المصري في بعض شؤون التحرير فإن الحرية التي نالها تكفيه الآن مع ما يلاقيه في جانبها من سعاية المكذبين ووشاية النازحين خلف ما يسكت عصافير بطونهم من لقمة يغمسونها في قذر الكذب ويلو كونها على أضراس النفاق ليسهل نزولها في معدة الشره والدناءة. نعم أن هناك حرية مدنية ينفر منها البهيم وهي حرية أغراض النساء فإنها لا توافق عوائد أهل الشرق ولا أديانهم فقد أتفق المسلمون والنصارى واليهود والمجوس على الغيرة على الناس وصيانتهن وأجمعوا على تحريم الزنا وقبحه فإطلاق الحرية في هذا الباب مذمومة لا تحمد الحكومة عليها وأقبح من إطلاقها الكشف على البغايا بمعرفة أطباء الحكومة ليصلحن للزنا وما سمعنا بمثل هذا في الجاهلية الأولى فإنه توسع محذور وانتهاك لحرمات تجب على الحكومة المحافظة عليها. وبالجملة

فإن انكلترة أثرت تأثيراً ما في بعض المواد المدنية وإن عجز معظم رجالها عن إصلاح الأعمال المسلمة إليهم إنما قلنا المعظم لأن في رجالها رجالاً صرفوا أوقاتهم في ترتيب ما نيط بهم من الأعمال وسهروا في تنقيح قوانين إداراتهم واجتهدوا في كسب الشرف بحسن تصرفهم واستخدموا من الوطنيين من استعانوا به على أداء مصالحهم وأرضوا به كل وطني كالمستر سكوت. ومنهم من ترك هذه الطريقة وأبعد الوطنيين واستبدلهم بأغراب فاستحق المقت والنفور منه والحط عليه وليته مع استعانته بالأغراب أصلح ما وسد إليه من الأعمال كلاً فإنك لا تجد الخلل إلا بين الغرباء كما لا تجد الإصلاح إلا بين الوطنيين. ورجال الإنكليز يعلمون أن الجرائد المخلصة وقفت موقف الناصح المرشد م عهد نشأتها فلو سمعوا نصحها وأعرضوا عن الجرائد التي يعلمون من سيرها تنفير المصريين بتفريق الكلمة وتوزيع الأهواء لرأوا من الأمة استحساناً لعملهم وميلاً لأفكارهم الإصلاحية وما دامت تقرب إليها الشحاذين (الشحاتين) وهم يستعملون إهانة المصريين بعبارتهم الخشنة وسياستهم السخيفة فإنها لا تربح ولا رجلاً واحداً من المصريين حتى الذين يرون معاشهم مربوطاً بتنفيذ آرائهم فإنهم أنما يفعلون ذلك تقيّة بخلاف ما إذا استعانوا بأهل البلاد على الإصلاح فإنهم يجدون رجالاً نصحاء شرفاء أذكياء فضلاً أمناء أقوياء على الأعمال والأقوال مع إخلاص وحسن نية. فإن الإصلاح موقوف على توحيد الفكرين الوطني والإنكليزي لينتج من ذلك نتائج تأتي بالمقصود وما دامت تستعمل أهل الكدية الجهلة فإنها لا ترى إلا تفريقاً في الكلمة وتشتيتاً في الأهواء وإيغاراً للصدر وأين هذا من وعودها وطنطنة

جرائدها بأنها ما تريد إلا إصلاح مصر وإن مصر للمصريين. وبالجملة فإن اتكاء انكلترة على جرائد تنافر المصريين اتكاءٌ على محضاءٍ (عود تحرك به النار) كلما حرّكت عضدها عليه أضرم ما خمد من نار النفرة. والعجب للإجراء حيث يقولون في بعض العمال المصريين أنهم مسالمون للإنكليز وهم لا يدرون ما تحت هذه العبارة من التفريق ومعاكسة الإنكليز فإنهم يوهمون أن العمال قسمان قسم مسالم للإنكليز وقسم مسالم للحكومة أو الحضرة الخديوية بالضرورة إذ لا مقابل للأول لا هذا فيكون هناك تضاد بين سعي الحكومة الوطنية وبين سعي الإنكليز والإنكليز تنكر ذلك إمام أوروبا وتقول إنها إنما تشير على الحكومة المصرية بما فيه الإصلاح فإن صدقت كان الإجراء جارين على ما استؤجروا لأجله من الكذب والافتراء على أنهم يعلمون أن المديرين وبقية العمال الملوحين بهم مصريون ربتهم الحكومة المصرية على نفقتها وهذبتهم برجالها ورقتهم بإحسانها وحلتهم بالرتب والنياشين بتفضلها وهم إلى الآن يأخذون أجورهم من مالها ولم يروا في مسند الخديوية غير العائلة التي نشأُوا في نعمتها وعظموا تحت ظلها واستلموا إدارة الأحكام باسم المولى العباس الأفخم صاحب الحق الشرعي والبيعة المأخوذة عليهم وعلى كل مصري فنسبتهم إلى الإنكليز بعد ذلك هو عين رميهم بأنهم خانوا مواليهم وكفروا نعم ساداتهم وجهلوا حقوق وطنهم وغفلوا عن خصائصهم وأهدروا واجبات إنسانيتهم وأنهم قوم لا يميزون بين الوطنية والأجنبية حتى أصبحوا يخدمون الغير بتقديم بلادهم طعمة لمن لم يتعب في تربيتهم ولا صرف لهم درهما من جيبه ولا يعرفهم بعد قضاء الوطر منهم إلا بصفة الخدم ويسميهم الخائنين

كما عرف من خدمه أيام دخوله مصر من الخائنين ونحن نبرئُ إخواننا الوطنيين من هذه المعرة الشنعاء وننزه جانبهم العالي عن الجهل الذي وسمهم به الإجراء وعن السعي مع الغير ضد الحكومة الوطنية التي هم هيئتها ويد حركتها ونكذب هؤلاء الأدعياء بسير الأحكام على نظام واحد بين من سمى من الحكام مسالمين وبين غيرهم فاللوائح والمنشورات لا يخص بها مدير دون أخر ولا مأمور دون غيره ولا ضابط أو محافظ دون سواه بل تصدر من النظارات لكل مرؤوس ولا يتوقف عامل في تنفيذها والقايم بما تدعو إليه فسير الأعمال على وتيرة واحدة أكبر دليل على كذب الإجراء وأعظم برهان على أنه لا يوجد خائن ولا بائع لشرفه ولا خارج على أميره ولا مقصر في عمله ولا منتظر لقمة يطعمها من الأجنبي وهو غارق في نعم سيده ومولاه الخديوي الأفخم. وإن كان الإجراء يعرفون أن هناك أعداد اللاجئين أعداد للحكومة فليسموهم لنا رجلاً رجلاً لعلنا نتبصر على زعمهم ولو كانوا يفقهون لعلموا أن نفس الإنكليز الموجودين بالإدارات المصرية إنما هم خدم للحكومة تستعملهم في ضرورياتها بأجور تنفق عليها من ماليتها ولكنهم قوم وُجدوا لإثارة الفتن وقلب الحقائق يشهد بذلك ترجمتهم كل مقالة يكتبها الحمقى مثلهم ذماً في أمرائنا أو هجوا في عمالنا كذباً وزوراً فلا ينشرون عن الإنكليز إلا الشتائم والقبائح التي أبعدت المصريين عمواً عن محبتهم لما يرونه من التهكم بملوكهم وأمرائهم والحط عليهم بما ليس فهيم فالأجراء والمغفلون من كتبة جرائد انكلترة سواء في الذنب أمام رجال الإنكليز والطامة الكبرى أن الإنكليز لا يعرفون العربية وإنما يترجم لهم أعداءُ المصريين ما يقال وما ينشر في جرائدنا فإن رأونا نقول يلزمنا الهدوء والسكون

ومعاشرة نزلاء بلادنا بالحسنى قالوا لهم أنهم يقولون ما هذا السكون والهدوء فوموا فخلصوا بلادكم من الإنكليز وإن رأونا نمدح إنكلترة على فعل نافع قالوا لهم أنهم يذمونكم ويشتمونك وإذا رأوا واحداً مثلي سافر إلى بلد لزيارة ولي أو صديق أو أهل أو لغرض معاشي قالوا أنه توجه ليستهيج الأفكار ضد الإنكليز وليخطب في الناس بإثارة فتنة فهذا هو قلب الحقائق الذي تربص له الأعداء. وأرى الناس يتسألون عن الإنكليز متى يرحلون عن بلادنا وكان الأولى أن يسألوا عن هؤلاء متى تطهر البلاد منهم وتبقى المحبة متبادلة بين المصريين والسوريين والأجانب على ما كانت عليه قبل أن تصاب بلادنا بمصيبة الإجراء ولله در المصريين حيث وقفوا على سوء مقصدهم فنبذوا تلك الجرائد وراء ظهورهم وعلموا أن المشترك فيها يأثم إثماً كبيراً وإن استحل قراءتها بعد علمه بأنها تشتم سلطانه وأمراءه وتسعى به في طريق الفتنة والالتجاء إلى الغير مرق من الدين وفارق الجماعة وكفر باستحلاله أمراً محرماً ولو خُلى الضعفاء الملزمون بها وشأنهم ما مسها واحد منهم بيده ولا نظرها بعينه لخروجها على سلطانه وأمرائه وانتهاكها حرمة حكامه ورميهم بالجهل وعدم التبصر وهي في كل ذلك ظالمة باغية كافرة لنعم من تنفق على ذمهم من أموالهم. فنحن ننبه رجال الإنكليز على الفساد الذي أحدثه الأجراء ليتداركوه قبل أن تزهق النفوس وتنحرف عنهم كل الانحراف إذ يظن الناس أن انكلترة تستعمل هؤلاء قصدا لإهانتهم وإيقاع العداوة بينهم وتفريق كلمة الحاكم والمحكوم فيكون ذلك أكبر عيب للإنكليز أمام أوروبا التي تعهدت لها أن تدخل الإصلاح في مصر ولم ير المصريون منها غير رجال استعملتهم فلم يحسنوا السير حتى ولا في طرق البهتان الذي هم فيه والأستاذ مع

كونه متمحضاً في الوطنية عريقاً في المصرية لا يخدم غير سلطانه ولا يعرف غير أميره ولا يرجع عن نصح إخوانه فإنه مستعد لذكر أعمال الإنكليز إذا رآهم يعملون أعمالاً نافعة للبلاد منصرفين عن أهل الكدية والفساد ولا يتأخر عن مدح المخلص منهم كما يمدح الوطني الصادق وكذلك بقية الجرائد المخلصة. ولا يقول ذلك استرضاءً لخاطر أو استجداءً للقمة أو اتقاء لشر فإنه غني برضا مولاه الخديوي المفخم وميسور عيشه عن جانب لا يصل إليه إلا بالخيانة والنفاق إن جره الطمع الذي جر غيره على وجهه حتى شخبت منه دماء الوقاهة ولحقه اصفرار الذل والهوان. ومن قال أخدم من خدم وطني وعرف حق سيدي واستعان بإخواني الوطنيين لا يكون معرّضاً بما ذل به الغير وكيف يرضى لنفسه مذلة ارتقى إليها الضعفا يجذب الغير حتى إذا وصلوا لغاية سقطوا على أم ناصيتهم فأصبحوا يعضون الأنامل من الغيظ وقد خابت ظنونهم وانعكست آمالهم وبارت تجارتهم فإنهم لا ينوا المصريين فلا نوا واستعانوا بهم على سد خلة الفاقة فأعانوهم ثم عادوا فكفروا بالنعمة ونقضوا الذمة وانكروا المعروف وأخذوا يشتمونهم بعد المدائح الطنانة ويغشونهم بعد ظهورهم في مظهر النصحاء فغدوا ولهم في القلوب منازل وراحوا وهم كالقذى في العين وكالمغص في المعدة فقد هدموا سور الألفة بمعول التفريق. ولله الحضرة الخديوية الفخيمة أيدها الله في عنايتها برجال حكومتها ورعيتها وتمييز الأمين من الخائن ومعرفتها الغاش من المخلص فإنها وقفت على غاية كل محرر وسعيه وعرفت أميال الأمة واتجاهها لأية الجهة وقد عرفت الأمة هذا من سيدها المعظم فانبعثت فيها روح الغيرة لوطنية ففرقت بين مشارب أرباب الأقلام وميزت الأجير

الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس

من الخديم الوطني وأصبح كل فريق يتلو على مثيله ((لا تتخذوا بطانة نم دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر)) فها أنا بينت لك أحوال الجرائد وأخبرتك أن الحكومة المصرية ورجال الإنكليز لا يتعرّضون الآن ليشيء مما يختص بها وكيف يكون ذلك في عهد وزير خطير غاية سعيه إصلاح حال الأمة ووقوف كلٍ عند حدِّه وتصرف كل إنسان في شؤونه الخاصة بحرية لا يدخلها حجر ولا يشوبها تضييق. فأنت بالخيار في الاشتراك فأية جريدة مخلصة أردت الاشتراك فيها فاشترك ممتعاً باختيارك وإياك وجرائد أعداء الوطن الخائفين. فمن ينصر الخوان فهو شريكه=ومن يألف الكذاب ساءت مقاصده ومن يصحب النصاح يعليه نصحهم=ويمسي وفوق النيرين مراصده الأزهر الشريف بمصر وجامع الزيتونة بتونس هذان المسجدان هما روضتا العلم اليانعتا الثمر الطيبتا الأثر أما الأزهر فلا ينكر أحد ما له من الأهمية في العالم الإسلامي أجمع ومن تخرج فيه من الجهابذة والأساتذة والمؤلفين الذين هدوا العالم الإنساني إلى طرق المدنية والفضل بتأليفهم المفيدة ومبتكراتهم البديعة وهو يزداد كل يوم حسناً ويزهوا جمالاً بأفاضله القائمين بحفظ الشريعة ونشرها بواسطة تعاليمهم فقد ملئ بالأئمة الأعلام الحائزين رتب المزايا والفضائل وكلهم قائم بتدريس ما نيط به من فنون التفسير والحديث والأصول والفقه والتوحيد والمنطق والبيان والبديع وأدب البحث والوضع والتجويد والقرآت والمصطلح والحساب

والتاريخ والإنشاء والعروض والقوافي وغيرها من العلوم النقلية والعقلية التي لابد للعالم الشرعي منها والهمة مبذولة في تحسين طرق التدريس وترتيب حال الطلبة من أفضل الفضلاء شيخ لإسلام العلامة صاحب السماحة والفضيلة الشيخ محمد الأنبابي الذي وجه كل عنايته في تنظيم هذا المسجد المبارك وقد علمنا أن ديوان لأوقاف المشمول بنظارة الحضرة الخديوية الفخيمة ساع في ترتيبه مساعدة لحضرة شيخ الإسلام على هذه الخدمة الجليلة فأملنا من هذا الديوان معرفة استقلال هذا الجامع واحترام شيخه وعدم إدخاله في الملحقات التي تصيره فرعاً وهو أصل لا يصح أن يلحق بغيره استتباعاً فإن تقلبات الأحوال حذرتنا من التهاون في مثل هذا الاستتباع لاختلاف العمال الموردين على إدارة الأوقاف ولا ينجي الأزهر الشريف من تلاعب الأفكار به إلا استقلاله تحت إدارة شيخ شيوخه وأولى أن يكون التفات الأوقاف نحو صرف المستحق له فإنه يوجد نحو الثلاثين من العلماء الذين تم امتحانهم لا راتب لهم والبعض من السابقين راتبه لا يقوم بمعاشه مع انقطاعه للتدريس فحبذا لو كان توجيه عناية أوقاف لهذه الوجهة وسنعود لهذا الموضوع بعبارة أوسع وأعم. أما جامع الزيتونة فحكمه حك الأزهر ولكننا علمنا من جرائد تونس أنه حجر على طلبته إعطاء الشهادة إلا لمن يمتحن في الرياضيات والطبيعيات وهذه علوم لا تقرأ فيه ولا يعول عليها علماء الشريعة فكيف يكلف الإنسان بأداء ما لم يره ولا يقول به وأملنا في الدولة الفرنساوية أن تسعى في راحة إخواننا التونسيين وتتركهم وما اعتادوا عليه في مسجدهم الشرعي الذي لا يتعرض للسياسيات فإن إلزام أهله بتدريس هذه العلوم

مع عدم اعتقادهم لها بل مع علمهم بضرر معظمها بالعقيدة الزم بترك الدين شيئاً فشيئاً وحكمة فرنسا في سيرها تأبى أن توغر صدور المسلمين بضغطها على أفكار علمائهم فإن المسلمين كالجسد الواحد إذا أصيب بعضه تألم كله فنرفع لحضرة الوزير التونسي هذا الرجاء على لسان جريدتنا وإنما هو على لسان المسلمين موقنين أنه يصدر أمره بترك العلماء وشأنهم يدبرون شؤُونهم بأنفسهم ويجرون في تدريسهم وامتحانهم على عاداتهم ولا يعز ذلك على عناية فخامة الباي المعظم. وهذا الذي نتخذه نذيراً لإلحاق الأزهر بالأوقاف إدارة وترتيب فإن ثقتنا بالقائمين بالأعمال الآن لا تمنع من تخوفنا من المستقبل إذا استمر الاحتلال لأجل طويل معاذ الله تعالى. حظينا بمقابلة الوجيه المحترم عزتلو محمود بك العظم صهر صاحب السماحة والفضيلة السيد الماجد أبي الهدي أفندي الصيادي الحسينين قادماً من الآستانة العلية ومعه عائلته وصاحبة العصمة حر السيد أبي الهدى أفندي ووالدتها الكريمة قاصدين الأقطار الحجازية لأداء فريضة الحج وقد نزلوا مكرمين مبجلين بسراي سماحة الفضل السيد توفيق أفندي البكري بالخرنفش وعين حفظه الله من يلزم من الأغوات لاستقبالهم وكان ألم بالمصونة والدة الحرم انحراف في الصحة فبادر بإحضار طبيبه الخاص لمعالجتها فنقهت ورزقت تمام الشفاء وقد رأينا من هذا الصهر أدباً وكمالاً وتهذيباً وسيقوم الجميع لبيت الله بعد أدائهم زيارة آل البيت النبوي هنا صحبتهم السلامة ورافقتهم العناية الإلهية وجعله الله حجاً مبروراً موشحاً بالقبول.

العدد 39

العدد 39 - بتاريخ: 23 - 5 - 1893 الأعداء ولو أني بليت بهاشمي ... خُولته بنو عبد المدانِ لهان عليَّ ما ألقى ولكن ... تعالوا فانظرا بمن ابتلاني ربّ أعوذ بك من همزات الشياطين. ولمزات أمثال الخراطين. واستعين بك على نزع قلوب المردة. وقلع أعين الحسدة. وإخماد أنفاس الخائنين. وإعدام ذكر المارقين. فاجعل كلامي سماً بال ترياق. وجمراً قوي الإحراق. يصير به يانع نبات الأعداء هشيماً. ويعود به موجود المنافقين عديماً. لا يمر على الخائنين إلا طلاهم بالقطران والقار. ليكونوا مثلة لأهل النار. وصبه على رؤوسهم صبّ حميم آن. أجعله لهم رداء خزي في كل آن وأعني على إزالة هذا المنكر. حتى لا يرى ولا يذكر. فقد أطلعني بعض المصريين على وريقه. وجدها تحت الأرجل في سويقه. فدحرجتها عني درجة اللاعب الحلقه. ورميتها رمي النعل الخلقه. وقلت لو غير بعوض حطمتني. أو غير ذات سوار لطمتني. لحليت رمح البيان بالسنان.

وقمت للوخز والطعان. ولكن ما لهؤلاء الجهلة تمد الخُطا. ولا على مثلهم يعد الخطأ. فأقسم عليّ بحرمة الوطن. ومن فيه لإصلاح قطن. أن أعيرها نظره. تعود على أهلها بحسره. فاستعذت بالله من الشيطان وقباح الفعل. وتناولتها برجلي وهي في النعل. ولو وجدتها من ذوات البال لبسلمت. أو من النعم الحقيرة لحمدلت. فإنها من الخبث والخبائث. وإن لم تكنها فمن البواعث. خرج فيها كتابها من الزمنيات إلى الشخصيات. والتزموا ما لا يجدي من السعايه. التي هيه لهم مبدأ وغاية. ظانّين أنهم يخدمون الإنكليز بترهاتهم. ويشوشون الأفكار بمفترياتهم. موهمين إنهم يسعون في صالح الأمة المصرية. بل الأمم الشرقية. وإذا انكشفت الحقائق تبين المخلص من المنافق ومحب الأمم من العدو والداعي إلى الحركة من الهدوء فنحن نسرد من الحقائق ما يلحقهم بأهل الفهاهة والعي. ويبين الأصيل في الوطنية من الدعي فاسمع وُقيت الشر براهين تذهل بها أفكارهم وتعمي أبصارهم وتنخلع قلوبهم وتشق لها جيوبهم وتكرى بها كبودهم. وتنضج جلودهم وتهصر بها أمعاؤُهم. وتذوب أحشاؤهم وحججاً تقطع ألسنتهم البذيه. وتدفع عن الأمة الأذيه. فقد نطق لسان الحق. وقال قول الصدق انهزم الشجعان بربات الحجب. إن هذا لمن العجب أم هل تشن الغارات على الأسود الأرانب. لقد ذلك من بالت عليه الثعالب. أبعوض مع أبل ترى. استنت الفصال حتى القرعا. لئن قال جاهلهم ما قال وهو فرحان. فقد سقط العشاء به على سرحان. فلا قلبنه فوق أحر من الجمر حتى يقول بيدي لا بيد عمرو. ويطوي خبره في أحد يومي النعمان يوم يحمل خرجه

ذاهباً إلى الأوطان. أقضية وأبو حسن لها لا جد ولا لها؟؟ أراهم يستغيثون من سقوطهم ويستعدون الحكومة لقنوطهم ومن ينصر الغاش الخوان على خادم سلطانه وأميره والأوطان فلا لبسنهم ثوب خزي بأيديهم نسجوه. وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه. يسبون سادة الأستاذ ويسكت عنهم ويذمون حكامه ولا ينتقم منهم ما بعد حرق الزرع جيره وليس لأوضاع الرجال سيره قفوا قفوا أيها الشاردون وعلى رسلكم أيها الجاحدون فخلفكم من يسل الألسن ن القفا. ويعيدكم إلى حالة الجوع والحفا. فلا غنمن الأجر ببيان مخازيكم وولا جعلنكم ترضون بالإياب من مغازيكم. ولا ظهرن قبائحكم للأمة وللخديوي العزيز ولا يبنن إفسادكم سياسة الإنكليز ولا مطرنّ عليكم من سحب البيان الغزير الصيب. ليميز الله الخبيث من الطيب. فميز أيها القارئ الجيد من الرثيث. فإنه لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث. فقد قرب طهر الوطن من هؤلاء الجهلة العلوج. يوم يسمعون الصحية بالحق ذلك يوم الخروج. أعداء الله وأنبيائه عدو الله تعالى من يرتكب النواهي ويهدر الأوامر ويضل الناس ويقدح في الأنبياء ويتبع شيطانه وهواه ولا يزال يعاني الوساوس والأوهام حتى ينكر على الله تعالى أفعاله بجهالته ويثهم أنبياء بما هم منه بريئون وينسب إليهم ما هم منه معصومون والأستاذ يعرف ذلك كله فهو يحث على تعلم العقائد والتمسك بالدين وعبادة الله تعالى ومعرفة حقوق أنبيائه ورسله ويعلم الناس ما عساهم ينتفعون به من الأصول التوحيدية والفروع الفقهية ويحث على إتباع

الأوامر واجتناب النواهي ويعلم الأمة حقوق الحاكم والمحكوم واحترام الشرائع المعتبرة المعمول بها بين الأمم ويخلص النصح للمسلمين والمسيحيين ولإسرائيليين ويرشد الأطفال والنساء إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب قاصداً بذلك كله إرجاع العامة إلى بارئهم بالعبادة والطاعة وتنفيذ أوامره واجتناب نواهيه فإن الخير كل الخير في التمسك بالدين لا بالصورة التي يسميها الأعداء تعصباً بل بالصورة التي هي الأخذ بما جاء به الرسول والمحافظة عليه من غير تعرض للغير بمجادلة أو تقبيح أو ازدراء لا يضركم من ضل إذ اهتديتم والأجراء انشاؤا لهم جريدة جعلوها خزانة لترجمة كلام م لم يدينوا بدين مم ينسبون معجزات الأنبياء إلى الظواهر الطبيعية والتراكيب الكيماوية ويرجعون بالمكونات إلى المادة والطبيعة منكرين وجود الإله الحق وقد ستروا هذه الأباطيل تحت اسم فصول علمية وما هي إلا معاول يهدمون بها عموم الأديان فهم يحاربون الله ورسله بما ملأوا به أوراقهم المحفوظة بأيدي الناس حتى زحزحوا كثيراً من ضعفاء العقول عن عقائدهم التقليدية لعدم رسوخ قدمهم في التوحيد ومن وقفوا يحاربون الله ورسله يعز عليك أن تستميلهم إلى الحق وتلزمهم بقول الصدق فإنهم أعداء الله ورسله قارنهم الشيطان فصحبوه ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قرينا. أعداء السلطان الأعظم سلطان المسلمين والخليفة القائم بأمر الأمة الإسلامية ومن استوطن معها من بقية الطوائف هو السلطان المفخم والخليفة المعظم السلطان عبد الحميد أيده الله تعلى وله على مصرنا السيادة الثابتة فهي له بحكم التابعة وكونها قطعة

من مملكته العظيمة والدول العظام تعترف بذلك بل هو مقرر في معاهداتها ومذكور في مخاطباتها فنحن نؤدي الخراج السنوي إلى خزانته العامرة ونخطب باسمه ونضرب السكة باسمه ورتبنا ونياشينا والقاينا عثمانية ممنوحة منه ومن أسلافه للبيت الخديوي الجيل وأعلامنا أعلامه نساعده بأنفسنا وأموالنا في الحروب وندعو إليه ونعول عليه في السلم لا نخرج عليه بعصيان ولا ننبذ طاعته ولا نلتجيء إلى غيره من الملوك ولا نعترف بغير سيادته له علينا حق البيعة الشرعية التي نودي بها في أنديتنا وعلى منابرنا فقابلنا الداء بالسمع والطاعة ووجب علينا الدفاع عن منصبه الرفيع والرد على أعدائه بما في الوسع والاستطاعة وتنبيه لأمة على حقوقه المقدسة وواجباته المرعية. والأستاذ من أول عدد ينادي باسم سلطانه ويدفع صدر الأعداء بما يبعدهم عن تشويش أفكار الأمة يحث الرعية على الخضوع إليه والتعويل عليه والتمسك بحبل الولاء والتابعية وينهى عن الاغترار بترهات الأعداء والميل مع الأهواء ويحذر من الفتنة والتلبس بها ومن معاكسة السياسة العثمانية بالتعصب والتخاذل لم يقصد بذلك الاتجار بنصائحه ولا التزلف بمواعظه وإنما هو يقضي واجباً عليه تطالبه بعد الذمة والشرف وما المقام الخلافة العظمى من النعم في عنقه وقد لاحظ في جانب الدول المتحابة مع دولته العلية ما لها من الحقوق فحافظ على روابط المحبة بينه وبين إتباع الدول وحث أخوانه العثمانيين على حسن المعاملة ورعاية الحقوق المدنية والآداب الإنسانية والإجراء انشؤوا لهم جريدة يومية التزموا فيها تقبيح أعمال دولتنا العلية وذكر عمالها بالنقائص ونسبتهم إلى الظلم والجهل والعدوان ونددوا بنفس الأعمال

السلطانية فسخروا بالمعرض العثماني واستهزأوا بالدونمة العثمانية وطعنوا في أكبر رجال دولتنا والتزموا نشر مقالات أعدائها بين إتباعها تنفيراً للنفوس وإيغاراً للصدور وتفريقاً للكلمة وسعوا بمن اغتر بأقوالهم في طريق الالتجاء إلى الغير شقاً لعصا الجماعة وفتحاً لباب الفساد وهم مع هذا الارتداء يغرون ضعفاء العقول بأنهم عثمانيون محبون للدولة وما هم إلا أجانب صورة وحقيقة وملء جوانحهم العداوة والبغضاء لدولة عاشوا في ظلها آمنين ثم خرجوا عليها كافرين نعمها منكرين إحسانها أولئك حزب الشيطان إلا أن حزب الشيطان هم الخاسرون. أعداء الحضرة الخديوية الفخيمة خديوي مصر الحالي أيده الله تعالى هو أفندينا عباس باشا ابن أفندينا المرحوم توفيق باشا ابن أفندينا الأسبق إسماعيل باشا ابن أفندينا المرحوم إبراهيم باشا ابن أفندينا المرحوم محمد علي باشا أقر خلفاؤُنا الفخام أمراء هذا البيت الكريم على خديوية مصر وقرّروا حقهم التوارثي بالفرامانات الشاهانية فقابل أسلافنا هذه الأوامر السلطانية بالسمع والطاعة وجئنا على عقبهم سامعين مطيعين خاضعين للخديوي الأفخم موقنين أن حقه الواجب علينا هو حق الخليفة الأعظم وأن الانقياد إليه انقياد إلى السلطان إلا كرم فقد أقامه علينا مقامه وأنابه عنه وفوض إليه تدبير شؤُننا وترتيب أحكامنا وحياطة بلادنا والمحافظة على أرواحنا وأموالنا وأعراضنا وميزه بإطلاق التصرف في هذا كله مع حرية مخابرة الدول وعقد المعاهدات التجارية والقروض السلفية وأوجب علينا الأمر السلطاني الكريم الاعتراف بذلك كله والسير تحت لواء خديويتا

الأفخم والدفاع عن حقوقه والارتباط بمحبته وعدم الاعتراف بغيره وقد عرف ذلك الأستاذ فالتزم التنبيه عليه من أول عدد وحث الأمة على التمسك بمحبة المولى الخديوي والخضوع إلهي والانصراف عن غيره والبعد عن الهيجان وتشويش الأذهان والتعصب الديني وخدش الأمن العام وألزم الأمة بالسكون والهدوء ومعاشرة النزلا. وحسن معاملة لأجانب وبذل النصح لإخوانه المصريين وأرشدهم إلى ما فيه توحيد الكلمة ومنع التنافر والتخاذل وعمم النصح في المسلمين والمسيحيين والإسرائيليين الخاضعين للسلطة الخديوية ونادة بجمع القلوب المتنافرة وبين أعداء الوطن وحذر من سماع أقوالهم وقد عرف ما لحكومته المصرية من الارتباط بالدولة المحتلة فحفظ لها من الحقوق ما لا يمس حقاً من حقوق أميره ولا يذهب بواجب من واجبات وطنه. والإجراء التزموا في جريدتهم اليومية تنفير الأمة وتحسين الاعتراف بسلطة الغير والتلويح بما يشف عن سوء مقاصدهم في الجانب الخديوي والتزموا ترجمة أوهام مستأجريهم التي توهم الوعيد والتهديد ليظهروا للأمة وهن المسند الخديوي وقوّة مستأجريهم وهم في ذلك كله كافرون لنعمه التي أطلقت ألسنتهم فما سكنوا إلا في بلاده ولا نامو إلا تحت ظله ولا أثروا إلا بماله ولا تمتعوا إلا بنعمه ثم خرجوا عليه خروج البغاة وتظاهروا بالانسلاخ عن الإنسانية والتلبس بالبهيمية فهمهم ملء بطونهم لا يبالون بأية وسيلة وصلوا لهذا المقصد السيئ فهم أعداء المسند الخديوي الجليل وإن كانوا لا يضرونه بشيء فإن نبيح الكلاب لا يؤذي القمر في مداره خصوصاً والأمة عالمة بأن هؤلاء المناحيس ما خرجوا من بلادهم إلا مفسدين ولا نطقوا بكلمة إلا وهم

يريدون بهم شرّاً فتمسكوا بحبل ولاء خديويهم الأفخم وأعرضوا عمن دفعتهم يد الناقة إلى بلاد الخصب والرفاعية فجاؤُا لا يحملون إلا لحوم أجسامهم حتى إذا أثروا بمال الحضرة الخديوية أخذوا ينفقون على تنفير الأمة منها بمالها شأن الخائنين الكافرين للنعم يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره. أعداء وزراء مصر وحكامها وزراء مصرهم الأمراء الذين كلفهم الخديوي الأعظم بالنظر في شؤون الأمة تحت رعايته ومراقبته وترتيب الأحكام والنظام بمشاركته ومشورته وواجب على الأمة الاعتراف بما خلوهم من السلطة وحرية العمل بالقوانين والنظامات المقررة باسمه وأمره فقاموا بما كلفوا به أحسن قيام وبذلوا جهدهم في تنظيم المصالح وترتيب الأعمال وحفظ الأمن وتأييد القوانين وتربية الأمة على مكارم الأخلاق وإحسان الصفات وقد حفظوا الوكلاء الدول المتحابة مع الحكومة المصرية حقوقهم المرعية وشملوا إتباع دولهم بالرعاية والوقاية والمحافظة على أموالهم وأرواحهم وأطلقوا لهم حرية ألأعمال الدينية داخل معابدهم وخارجها وأقاموا لتنفيذ هذه الأحكام وضبط النظام قضاة ومديرين ومحافظين ومأمورين بثوهم في البلاد فقاموا بأعمالهم وتنفيذ أوامر رؤسائهم بهمة ونشاط وعفة وشرف وطهارة ذمة وقد اجتهد الوزراء الكرام والحكام العظام في التوفقي بين العمال الوطنيين والعمال الأجانب من إنكليز وفرنساويين وايتليايين وغيرهم لسير الأحكام والأعمال الإدارية وغيرها على طريق وطني يرضاه الخديوي الأعظم ويظهر به الأجانب أمام

أوروبا مصلحين ومساعدين. وقد عرف الأستاذ هذا كله فالتزم بيانه من أول عدد وإظهار حقائق أعمال الحكومة وحث على إتباع الأوامر واجتناب النواهي والخضوع إلى السلطة القانونية وبين مآثر الوطنيين من ترك وعرب وجركس وارنؤط وأقباط وما لهم من سابق التأسيس والاجتهاد في وضع حكومة نظامية نحن في ظلها الآن. والإجراء التزما تقبيح أعمال الوطنيين وتحسين أعمال الغير وغشوا الأمة بالأكاذيب وما يفترونه على الوزراء والحكام بغياً وعدواناً لينفروا الأمة من رجال يسهرون وهم نائمون ويتعبون وهم في راحة لا نصب فيها وليظهروا للأجانب سوء إدارة رجالنا بما يفترونه عليهم ليشوشوا أفكار الأوروبيين بمختلقاتهم وما يخدمون بذلك إلا شهواتهم البهيمية ومطامعهم الجهنمية والعجب أنهم لا يثبتون على طريق من طرق النفاق فتراهم يمدحون اليوم من ذموه بالأمس ويقبحون من الأعمال ما حسنوه قبل ويتقلبون في سور النفاق تقلب الحريق على الجمر يزعمون أنهم يخدمون إنكلترة بهذا البهتا وقد جلبوا عليها الشرور بسوء تصرفهم في أفكارهم الجنونية وصدع القلوب بأقوال البله والعته. وقد تبين لكل مصري عداوتهم للوزراء والحكام فسخطوا عليهم وتشأموا مهم ونفروا من قراءة جريدتهم وتركوهم في ضلالتهم كالذي يتخبطه الشيطان من المس فلا تلقي جريدتهم المسؤُمة إلا في يد منافق ولا ترى وطنياً يقرب منها أو يرغب فيها الأمن أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولا أمل في علاج هؤلاء المجانين مما أصيبوا به من فقد الإدراك والشعور فقد أضلهم الله عن طريق الهداية ومن يضلل الله فما له من هاد.

أعداء المصريين المصريون أمة مؤلفة من عرب وترك وجركس وارناؤُط وأقباط وسودانيين وإسرائيليين وهم بين مسلم ومسيحي ويهودي تضمهم البقعة المباركة الطيبة التربة عاشوا العصور الطويلة مرتبطين ببعضهم محبة ومعاشرة ومساكنة ومعاملة لم يفرق بينهم اختلاف دين ول تباين جنس ولا تغاير لغة وقد رحل إليهم كثير من السوريين والأوروبيين ونزلوا بلادهم متجرين ومستخدمين فبلادهم المعاملة والمؤانسة وأنزلوهم منزلة أنفسهم فصاروا كأنهم مصريون أصليبون لما بين الجميع من الارتباط والاختلاط وقد عرف الأستاذ هذا فلزم إرشاد المجموع إلى ما فيه الصلاح والحث على الألفة والتحابب والتواد ومعرفة حقوق الجار والصاحب والصديق ونهى عن تفريق الأهواء وشعب شمل الاجتماع المصري وبين طرق التعاضد والتعاون على حفظ الأمن والنظام بتوحيد الكلمة والسر وأخذ على نفسه أن لا يميل إلى الخصائص الجنسية والمزايا الملية إلا في ييان ما لكل جنس وملة من ذلك حفظاً لفضيلة وتخليداً لمأثرة وتذكيراً بسابقة تاريخ وسالف أعمال لما يراه من احتياج الوطن إلى راحة الأفكار وتأليف النفوس ووصل الروابط الوطنية بالاستيطانية ليكن مجموع سكان البلاد أمة قائمة بحفظ حقوق الحاكم ورعاية القانون فتعم المدنية وتتسع العمارية وينتظم شمل الاجتماع المصري. والأجراء سعوا في تفريق الكلمة فميزوا بين فريق وفريق وأخذوا يذمون المصريين ويرمونهم بعدم قدرتهم على الأعمال وينسبوهم إلى الجهل وفساد الأخلاق ويقذفون حكامهم ويسفهون آراء نوابهم ويتطاولون على أمرائهم وينسبوهم إلى التعصب الديني

مرة والسعي في إثارة الفتن تارة وأن رأوا حسنة ستروها وأغمضوا عنها وإن رأوا سيئة شنعوا عليها ونشروها مشفوعة بأفكار الخلل والخبل وأوهام الجنون والسفه فهم لهم بالمرصاد كأنهم خلقوا لأضرار الناس وإفساد ذات بينهم ولو انصفوا المصريين لأكبروهم وأعظموهم فقد لفظتهم بلادهم لفظ الدُبر للعذرة فخرجوا منها أذلاء مستضعفين يزر أحدهم سترته على غير قميص ونزلوا على المصريين ضيوفاً مكرمين فتخللوا مجامعهم مؤاخين ومتعارفين حتى إذ ذهب الخوف وسكن الروع وشبع البطن وسترت العورة ولعبت الراحة بالذهب الرنان وأخذت نشوة الثروة المصرية ما بتلك الرؤوس البهيمية من الإلهام والإدراك قاما فعربدوا بين من ناولوهم كؤوس العز بأيديهم وسقوهم شراب الفضل إحساناً وتصدقاً وأخذوا يغشونهم ويخدعونهم بأقوال النفاق ويتلونون تلون الحرباء فلا ترى فصلاً شبه الآخر بل ولا سطراً يناسب ما بعده لقلة بضاعتهم وسوء جهالتهم وفراغهم من المعدات الكمالية فإن كثرة نعم المصريين لم تؤثر في طباعهم السيئة ولا حوّلتهم عن شهواتهم البهيمية فهم بين هماز مشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم عتل بعد ذلك زنيم وقد نفر منهم سكان مصر على اختلاف جنسياتهم ودينهم فتركوهم ترك المصلى نعله وأصبحوا مبغوضين حتى لأقاربهم ومستأجريهم فيهم في فقد إدراكهم وذهولهم من هذا الخذلان كأنهم خشب مسندة يرى الواحد منهم أنه كالميت وما هو يميت ومن ورائه عذاب غليظ. أعداء السوريين السوريون أمة تسكن الأرض المباركة التي تجاور مصر جوار التصاق

قد سكنت بعرب وترك وكنعانيين وإسرائيليين تبادلوا التجارة مع المصريين والاختلاط بهم قديماً وحديثاً جاهلية وإسلاماً وقد دخلت تلك الديار السورية والشامية تحت سلطة المصريين المرة بعد المرة وانتهى الأمر بخضوعها للسلطة العثمانية التي تشمل مصر بسيادتها الملوكية فرحل الكثير من أهلها إلى مصر استيطاناً واتجاراً واستخداماً فتلقاهم أهلها بما عهد فيهم من البشر والطلاقة وكرم الأخلاق حتى ملئت بهم دوائر الحكومة والمدن والقرى ممتعين بأحسن ما يتمتع به عظيم بين قومه آمنين على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم بين أخوانهم وقد عرف الأستاذ ذلك فنادى بالجامعة العثمانية والعصبية الشرقية وبين ما كان بين الفينيقيين والمصريين من قديم الألفة والاختلاط وتبادل التجارة والاستيطان وحث على قطع عروق الشقاق والتباغض واعتدال كل فريق في سيره من غير تعصب على أخيه بما يسلبه فضيلة المحبة الأخوية ولكنه صودر في سعيه بأجراء فتحوا لهم جريدة لشق عصا الاجتماع الشرقي وتفريق كلمة الفريقين فأخذوا يذمون المصريين أخوان السوريين ويتهكمون بمن آووهم بعد الضياع وأعزوهم بعد الهوان وأغنهم بعد ألفافة فكان لصدى صوتهم سوء الوقع في قلوب المصريين والسوريين معاً لما في ذلك من دواعي النفرة والبغضاء وقد زادوا الطين بلة بالسعي في إذلال الفريقين وإخضاعهم لغير سلطانهم وهم يعلمون أن فيهم العثماني والفرنساوي فنفر الجميع من سياسة السخافة والذهول وقامت الجرائد السورية تذم تلك الجريدة البلهاء نثراً ونظماً وتبين فساد عقيدة محرريها وسوء نياتهم ومساعيهم المذمومة فما أرادوا إلا إيقاع النفرة بين المصريين والسوريين تسهيلاً لطريق التمكن

الأجنبي بما يفترونه من وجود التعصب الديني أو التحامل على الأجانب كأنهم غفلوا عن أن كثيراً من المصريين أبعد إلى سورية والشام فما وجدوا غير أخوان كرام قابلوهم بوجوه مستبشرة ونفوس طيبة وأحلوهم محل الكرامة والتجلة حتى قضى الكل مدته وهو في أحسن ما يكون من الأنس والراحة ومنهم هذا الضعيف محرر الأستاذ فقد غمره أهل يافا والقدس الشريف بفضلهم وأروه من مكارم الأخلاق ما لا يحصى الثناء عليه فقد أجلوه وأكرموه وبادلوه الزيارة والضيافة وساعدوه في تنقلاته وخدموه بما زادهم شرفاً وفضلاً ولم يقصر المسيحيون في مشاركة المسلمين في الزيارة والمودة حتى جئت ولساني رطب بالثناء عليهم ولا انثني عن ذلك ما ذكرت سورية وأهلها. فهؤُلاء الإجراء شذوا ونزعوا إلى الأجانب فصاروا أعداء السوريين كما أنهم أعداء المصريين ولكن إفسادهم وسوء سياستهم لم يؤثر في فضلاء المصريين شيئاً لكونهم لا يبخسون فضلاء السوريين شيئاً مما يقدمونه من الأعمال وأن ضغط هؤلاء المناحيس على أفكارهم بسوء تصرفهم وذم المصريين توصلاً للقمة يلقمها الكلب تحت وضم الجزار من غير تعب ولا شقاء ولا يُرى أحقر من قوم أصبحوا عالة على الناس فلا يتألم أخواني المصريون من السوريين المخلصين بفعل هؤلاء الخائنين فإنهم جماعة لا هم منكم ولا منهم بل هم قوم غضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم عذاباً عظيماً. أعداء انكلترة وفرنسا الإنكليز هم الأمة البريطانية صاحبة الأملاك العظيمة والمستعمرات الوسيعة والثروة الكبيرة اشتهرت بأغنيائها وحسن تصرفهم في تجارتهم التي

تبتدئ في الممالك الشرقية بالقروض وشراء الأملاك وتنتهي بالتداخل القوة أو التغلب بدعوى بث المدنية ومنع الهمجية ونشر التعاليم الأوروبية بين الطوائف الشرقية وبهذه السياسة الخفية دخلت ممالك كثيرة في الهند واستعمرت كثيراً من سواحل آسيا وأفريقيا واستوطنت بعض جزائر البحر الأبيض والمحيط الهندي وامتندت سياستها إلى أن دخلت مصر بصورة لا نبحث فيها الآن لشهرتها حتى بين رجال برلمانها وتدوينها في كتبهم وجرائدهم وكانت علة التداخل بالقوة تأييد الحضرة الخديوية في سندها ووضع حكومة نظامية تشابه حكومات أوروبا ونشر التعليم المدرسي في إنحاء البلاد حتى تذهب الخشونة بالعالمية ويتأهل المصريين للقيام بأعمال حكومتهم على زعمهم. فهذه المقدمات حسنّت للمصريين مساعدتهم على الوصول لهذه الغاية الحميدة فشاركوهم في الأعمال واستشاروهم وأخذوا بآرائهم وقبلوا نصائحهم وأخلصوا في محبتهم ومودتهم حتى كاد أن يتم الامتزاج بين الأمتين المصرية والإنكليزية وقد لاحظ الأستاذ ذلك فأخذ يحث المصريين على مجاراة الأوروبيين في الإدارة والصناعة والتجارة والزراعة والسياسة ويرشدهم إلى طرق الوصول إلى ذلك ولك حال بينه وبين أمنيته إجراء زعموا أنهم خدم للإنكليز وعبيدهم الواقعون على أعتابهم فأخذوا ينشرون سلطانهم وخليفتهم وافتراء مكاتبيهم على أميرهم المفخم وحكامهم الطاهرين من دنس اللؤم والخيانة ويرمون المصريين بأنهم ضعفاء الإدراك لا يحسنون صناعة ولا يصلحون إدارة ثم داروا حول أبواب الإنكليز يوهمونهم أنهم عبيدهم

الخاضعون وخدمهم المخلصون وجواسيسهم الناقلون وتراجمتهم المتبرعون فوسوسوا لهم وسوسة إفساد وإغراء وخوفوهم من المصريين وحذروهم من الركون إليهم والاعتماد عليهم فأبعدوهم عن الخدمة فرادى وجماعات وحشروا مكانهم طوائف من الغرباء مختلفي الجنسية والتابعية حتى كأنّ ثمرة مصر ما حرمت إلا على أبنائها ثم نشروا تلك الجريدة الخرقاء يوهمونهم أنه مقبولة عند المصريين ولها تأثير في نفوسهم ولجهل الإنكليز باللغة العربة صدقوا هؤلاء إلا بالسة وألزم إتباعهم كثيراً من الناس بالاشتراك فيها وفي غيرها من جرائد هؤلاء الإجراء ليعمموا نشرها في البلاد ظناً منهم أنهم ينتفعون بشيء من جهالة محرريها وما دروا أنهم مكروا بهم لتروج بضاعتهم الكاسدة وليربحوا من سعي الإنكليز ما يصيرهم من ركاب العربيات بعد ركوب الحذاء أميالاً فوق الصخور والجبال. وقد أفسدوا سياسة الإنكليز ونزعوا من قلوب المصريين الميل الذي كان فيها للإنكليز وغرسوا مكانه النفور والبغضاء لما يرونه من اعتماد كثير من رجال الإنكليز على أوهام هؤلاء الجهلة الذين فرقوا الناس شيعاً وقهقروا رجا الإنكليز بسوء أقوالهم وأفعالهم حتى صار المصري لا يثق بوعد إنكليزي ولا يعتمد على مستخدم منهم إلا بحكم الضعف فإن جريدة الإجراء أظهرت لهم أن الإنكليز أعداؤهم وأعداء سلطانهم وأعداء أميرهم وأعداء حكامهم بما تنشره عنهم مما كان مستوراً عن المصريين وما تفتريه عليهم من ترجمة أقوالهم بعكس ما تؤدي إليه ونسبتهم إلى التعصب الديني زوراً وبهتاناً. ولو حاسبت انكلترة نفسها على محبة المصريين لها قبل أن يفتح الإجراء جريدتهم ونفرتهم منها بعد فتحها لرأت أنها خسرت شيئاً كثيراً

وأن إجراءها كانوا عليها لا لهاز ولا تنسى انكلترة إفساد هؤُلاء الإجراء ما بينها وبين فرسنا من المحبة والوفاق لا نقول أنهم أثروا في سياستها الخارجية عن مصر فإنهم أحقر من أن يسمع لهم صوت خارج إسكندرية وإنما جرحوا حواس الفرنساويين المقيمين هنا فأحدثوا في قلوبهم من النفرة ما زاد عن نفرة المصريين فخسرت انكلترة محبة أمة تحاول أن تؤكد المودة السياسية بينها وبينها لتستريح من أوهام تبدد التحالف الثلاثي الذي إذا انحل صيرها وحيدة لا تقوى على دفع الجارة ولا دخول الغارة. ثم ما كفى هذه الجريدة الحمقاء ذلك حتى أخذت تندد بسياسة دول أوروبا وتناديه بعدم وجود مصالح لهم في مصر تقتضي مشاركتهم للإنكليز في التداخل في إدارتها ولو انصفوا السياسة لقالوا أن مصر آمن من سويسرة والبلجيك على استقلالها بأميرها الشرعي لما لها من الروابط مع دول أوروبا وما لمركزها الجغرافي من الأهمية عند دولة العالم وكان يمكن لانكلترة أن تدفع كل دولة بجذب المصريين إليها والنداء باسمهم ولكنها استعانت بجهلة لا تعلق لهم بالسياسة ولا يعرفون شيئاً من العلوم التي تقربهم منها فافسدوا الأخلاق وحولوا النفوس وملاؤُا القلوب ضغائن فأصبت لا تتمكن من دفع الدول عن مصر إلا بقوتها وهيهات أن نجحت بين أمم طامعة ودول متناظرة ويمكنها أن تسترجع ما فات من المحبة بالتبري من الجهلة وأبعادهم عن أبوابها التي انطبعت صورهم في موطئ الجزم منها لكثرة ترددهم عليها تطفلاً ليتحقق المصريون أنها تريد صلاحهم وإصلاح بلادهم وإلا فما دام هؤُلاء حول رجالها فإنها لا ترى من أحد ثقة بها ولا تسترضي المصري بأية حيلة احتالت عليه بها فإن المعلول يدوم

بدوم العلة والعلة في تهييج الغربي هؤُلاء الأوباش الذين شوشوا ضروب السياسة بجبالتهم العمياء وإني لأعجب لرجال انكلترة الذين اشتهروا بالدهاء والتصرف في الأمور كيف غاب عنهم سوء مصير هذا السعي بواسطة الحمقى وكيف لا يحسون بالآلام التي يحس بها المصريون من التعرض لسلطانهم وأميرهم ووزرائهم وحكامهم وكيف اغتروا بكذب هؤُلاء الأوضاع وكتبوا لوزرائهم وجرائدهم بما لم يقله مصري ولا تحركت به شفة أمير. أما آن للإنكليز أن يتبصروا ويعلموا أن لإصلاح لمصر إلا بالمصريين ولا سبيل لمدحهم إلا بالمصريين ولا طريق لتأييد سياستهم إلا بالمصريين. لا تريد أنها تطرد جميع المستخدمين الأجانب وتستبدلهم بمصريين فإننا لا ننكر احتياجنا لمساعدة فريق منهم وإنما نريد أن تعرف حق خديوينا لأفخم ووزرائنا الكرام وتطلق لهم حرية العمل في لإدارات فإنها أن فعلت ذلك مع مراقبتها أعمالا واستجلبت خاطر الخديوي المفخم بمعرفة حقوقه وعدم التعرض إليها جلبت قلوب المصريين وقادتهم بحبل محبتهم لأميرهم المعظم ومن هذا تعلم أن الجرائد الوطنية خصوصاً الإسلامية لم تكن ضد الإنكليز وإنما تدافع عنت المصريين أعداءهم وأعداء الإنكليز لتحفظ وحدة الاجتماع المدني بما تبينه من فساد سياسة الإجراء وسوء جهلهم الذي أوقعهم في وهدة الخزي والوبال ولعل الإنكليز يتبصرون ويعرفون قدر الوطنيين وطهارة نية جرائدهم فيصبح الكل لهم من الشاكرين. أعداء أنفسهم هم جماعة دفعتهم يد الطرد إلى النزوح عن وطنهم إلى مصر المحروسة

من الأذي وعند ما حلوا بها للتجأُوا إلى بعض أمرائها فأكرمهم ومد إليهم يد المساعدة فضلاً وإحساناً يظن أنهم من أرباب الأقلام أو ذوي الأفهام بما يراه في جريدتهم التي ما فيها إلا تراجم عن جرائد أوروبا العلمية وهذه درجة يستوون فيها مع حمارة إسكندرية بل أن الحمارة يفضلونهم بمعرفتهم كثيراً من اللغات ولكن هؤُلاء يفضلون الحمارة بمعرفة القراءة والكتابة وقد صادف دخولهم مصر غيبة طبقة المنشئين المصريين الموجودين إذ ذاك كأفضل الفضلاء وإمام محراب الإنشاء الأستاذ الشيخ محمد عبده والجهابذة المتفنين والكتبة المقتدرين حسن بك حسني وإبراهيم أفندي علي اللغاني وإبراهيم أفندي الهلباري وحسن أفندي الشمسي وأحمد أفندي سمير ووفا أفندي محمد وسعد أفندي زغلول والطيب الذكر أديب أفندي أسحق وغيرهم من الفضلاء الذين عرفتهم الأقلام بما أودعوها من أسرار الإنشاء وضروب التحرير فقربهم أمراءُ مصر اعتماداً على أنهم شرقيون عثمانيون لا يخدمون إلا دولتهم ولا يغشون أخوانهم فما لبثوا أن كفروا بالنعمة وانكروا المعروف وانحازا إلى الغير يخدمونه بفض لما أعطاهم أمراء مصر فقد أبت النفس الخبيثة أن تخرج من الدنيا حتى تسيء من أحسن إليها والعجب أنهم مع علمهم أنهم ليسوا على شيء لم ينتصحوا بنصيحة المؤيد الأغر ولا تعلموا من سياسة الأهرام التي قدمها لهم ولا أخذوا بقول الفلاح وهو يرشدهم ولا أدركوا سياسة الاتحاد التي دعاهم إليها ولو أرادوا الخير لأنفسهم لتعلموا من هذه الجرائد كيفية السير وفنون السياسة ولكنهم اغتروا بعناوينهم وظنوا أن العلم محصور في تعلم الإنسان لغة غير لغته يترجم بها كتب قومها ويغرب بها على من لم يعرفوها موهماً أن المسطر

تصنيفه والجموع تأليفه وهذا هو الجهل المركب الذي صيرهم أعداء لأنفسهم وهم لا يشعرون وأعجب نتائج جهلهم إنكارهم من أكرمهم وتلقاهم وعيبهم سياسته ورميه بحب الأثرة والمغالات في القول ورمى الحكام الذي انتقاهم واختارهم لإدارة لأعمال بأنهم جهلة أو متعصبون لأفكارهم مستبدون على الأهلين وقد كانوا بالأمس أمناء أجلاء فضلاء معصومين من الخطأ منزهين عن العيوب أيام كانوا يقرؤون ورقة تخاريفهم الشبيهة بتخريف الرومانيين. وأعجب من كفرانهم النعم عودتهم إلى واضع أساس ثروتهم يستنصرونه ويستصرخونه استعداءً على الأستاذ ظانين أن مخازيهم نسيت وشتأمهم نسخت وصحائفهم مسخت وما دروا أنهم يستعدونه على رجل هو أعرف به من غيره وأعلم بسيره وما هو عليه وما يذكرونه من ماضي شأنه أمر معلوم يحفظه الخاص والعام فكل الحاضرين شهدوا ذلك الوقت وكانوا فيه شركاء وقد قلدني المرحوم أفنادينا توفيق بابا بنعمة العفو من الانتقام وطوّقني بطوق إحسانه بما أفاضه عليّ من المال وجاء محبوب المصريين أفندينا عباس باشا المعظم فتفضل بالعتق من رق الغربة من غير توسط أحد فجئت لأقضي بقية حياتي في خدمته وما يعدونه لآن إثارة للأفكار وإعداداً للفتنة نما نشأ من سوء الطوية وكساد بضاعتهم ولقد تقدم للأستاذ أنه أفتتح جريدته بشكر كل من كان له سعي في جانبه أيام المرحوم أفندينا توفيق باشا كاللورد كرومر والمسترسكوت والموسيولوجريل والجرائد التي لوحت ببعض العبارات فلم يكفر لأحد نعمة ولا لاذ بغير باب مولاه الخديوي وهذه خطته التي لا يرجع عنها وطريقه المسلوك له لا يكتب إلا نصحاً لإخوانه وإرشادا لمواطنيه وثناءً على سلطانه

وأمير وذكر الفضائل وزراء بلاده وحكامها ولا يغمد سيف بيانه وبين يديه كتبة منافقون ومحررون خائنون حتى يقطع ألسنتهم التي طالت بغير حق ونطقت بغير صدق وما عليه إذا أكثروا من الشتم والسب فهم بذلك جديرون ولا يجاريهم في الوقاحة مجار فإن الغير يكتب الكلمة والكلمتين تكلفاً وهم يسطرون كتباً من القبائح فطرة وجبلة ويكفي أعداء أنفسهم أنهم أعداء لله ولأنبيائه ولسلطان المسلمين وللخديوي ولإنكلترة وللمصريين وللسوريين ولملوك أوروبا وهذا تأديب لهم الآن فإن عادت العقرب عدنا لها=بالنعل والنعل لها حاضرة أعداء الأمن العام هم الأجراءُ الأغبياءُ الذين شقوا عصا الألفة بالتفريق والتنفير وأصبحوا يخدشون الأذهان بالإرهاب والتخويف عادتهم التي اعتادوها وفطرتهم التي جبلوا عليها فإنهم عندما بارت تجارتهم ولم يصدقوا أمام الإنكليز حيث أوهموهم أنهم كتبة يمكنهم جمع قلوب المصريين على محبتهم فعجزوا عن ذلك بجهلهم طرق التأليف والتوفيق وصدعوا القلوب بما ملأوا به جرائدهم من لمطاعن الذاتية فيهم وفي حكامهم وأمرائهم وملوكهم برزوا الآن بصيغة الفتنة يدعون إليها ويذكون الناس بما كان من أمثالهم المستأجرين من تلوثهم بدماء الأبرياء بقصد اتهام المصريين بها فنحن نحذر إخواننا الوطنيين على اختلاف أديانهم من هؤلاء الجزارين المعنويين ونؤكد لهم أن البلاد في غاية الأمن والسكون وإن الحكومة المصرية ساهرة على مراقبة أحوال البلاد وأهليها وإن رجال الإنكليز متيقظون لما يعلمونه من أنهم متعهدون

أمام أوروبا بتأييد لأمن وتوطيده ومساعدة الحكومة المصرية على إحسان النظام فما يرجف به المضلون محض بهتان وتأسيس للفتن والفظائع التي خلقوا لجلبها على العالم وقد جربنا معاشر المصريين فتن الإجراء وكلنا شاهد تلك الفظائع التي أسستها اليد المستأجرة الأجنبية ويكفينا ما ألحقوه بنا من العار الذي هم باعثوه والعاقل من اعتبر بماضيه فألزموا السكون واشتغلوا بمصالحكم منصرفين عن هذه المفتريات وإياكم ووساوس رسلهم الذين يسرهم ما يسؤُنا فإن كلام هؤُلاء الإجراء كالإنذار لان معاشر المصريين فلنتمسك جميعاً بمحبة أميرنا وتنفيذ أوامر وزرائه القاضية بالخضوع والطاعة والبعد عن الفتن والمهيجات ولنعش آمنين في ظله منقادين لأمره بعيدين عن كل مالا يرضاه مقامه السامي متمتعين بمعاشرة الأجانب معاشرة الأنس والمجاملة ضار بين صفحاً عن تهور الأجراء الذين غايتهم الإفساد بيننا وبين الأجانب بما يفترونه علينا فإياكم والاغترار بأقوالهم والتأثر بما يرجفون به فالبلاد ممتلئة بالأمن محاطة بالقوتين المصرية والإنكليزية لا يكدر صفو راحتها شيءُ وليس فينا معاشر المصريين عموماً من يميل لفتنة أو يذهب لثورة كما يقول الإجراء المفسدون وإنما نحن قوم قد رضينا بما يرضى به خديوينا الأفخم ووزراؤُنا الكرام وهم لا يرضون إلا بسط الأمن وائتلافنا بالأجانب وتبادلنا المحبة معهم فنحن ننصح كل مصري غيور على وطنه ونحذره من متابعة المفسدين فما تحت كلام السفهاء الإجراء إلا الشرور التي تكنها صدورهم فنعيذ بلادنا وأهليها من شياطين لا يعرفون للإصلاح سبيلاً.

أعداءُ الصدق هم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه وتحملهم العداوة على افتراء ما يوافق طبائعهم السيئة فلا يخجلون من مخالفة الواقع وقلب الحقائق يعرفهم بسيماهم من قرأ جريدة الإجبسيان غازت ثم رأى ترجمتها في الجريدة الساقطة الموقوفة للكذب والأخلاق فإن الغازت قالت في ضمن مقالتها قرأنا الأستاذ بالدقة فوجدناه ينادي باسم الإنكليز ويمدحنا ولكنه يشتكي من الخائنين الأعداء الشحاذين الذين ينتهزون فرصة جهلنا باللغة العربية ويترجمون كلام المصريين الأصليين وكتاباتهم على غير صحة وسندفع تظلم الأستاذ حتى تنتهي هذه الحالة الشنيعة وسنكون نحن تراجمة الأستاذ أمام الرأي العام الإنكليزي وتكون أعمدة جريدتنا من الآن فصاعداً مهيأة للأستاذ الخ فهل يرى القراء موافقة هذا لما جاء في جريدة المحرفين ومن هذا تعلم الغازت أنهم لم يكذبوا في ترجمة كلامن إلى الإنكليزية فقط بل هم يكذبون أيضاً في ترجمة الإنكليزي إلى العربي للعداوة التي بينهم وبين الصدق. أما ما قدمته الغازت في صدر مقالتها أن قصدت به الجد أو الهزل فإنها تعذر لأنها جريدة إنكليزية المنشيء والتابعية. وتعجبها من مقابلة بعض الناس لنا حول زيارة إخواننا إنما حملها عليه سوء فهم المكاتبين الذين هم من قبيل الإجراء وإلا فقد جرت عادة الشرقيين والغربيين أن يشبع بعضهم بعضاً في الأسفار ويرحب بعضهم ببعض عند القدوم فلا غرابة في الأمر ولا إنكار وركوبنا مع مدير أو وزير أمر غير خارق للعادة فإن هذا إنما يستبعد حصوله في جانب من تربي على كسب أمه ومن قضى عمره بجوارها وهي تبيع الخبز في الطرقات لتنفق عليه وهو يأكل

من كسبها بشراهة وطيب نفس ومن تربى لقيطاً في حجر مراضع الصدقة وتعلم في مدارس الغير على نفقة أهل الخير فخرج مصطنعاً لا يعرف له وطناً ولا شرفاً ولا قبيلة. وما طرأ على الغازت من نزغات هؤلاء ستتبين كذبه عندما تتمعن فصول الأستاذ وتعرف من إخلاص طويته أنه ما مال يوماً للتعصب الديني الذي اشتهر به البروتستانت والجزويت وغيرهم ولا دعا لثورة كما يقول الكيذُبان ولا نفر وطنياً من أجنبي من عهد أن خط بالقلم إلى الآن فهذه أعداد التجارة ومصر أيام كنت أكتب فيهما مع طيب الذكر أديب أفندي أسحق وهذه أعداد المحروسة والعصر الجديد أيام كنت أكتبهما باسم باقي الذكر سليم أفندي النقاش وهذه أعداد التكبت والتبكيت والطائف من يوم كتبت فيهما إلى يوم ضرب الإنكليز إسكندرية فليفنشها القراء سطراً سطراً وما وجدوه منها تحريضاً على الأجانب أو دعاءً لثورة أو خروجا ع حد الحث على مشابهة الدول المتمدنة ورفع يد العدوان عن الأمة فليقدموه لنا تكذيباً لدعوانا أما ما كان يكتب في الطائف بعد ضرب إسكندرية فيسأل عنه الكتبة الكثيرون من ضباط الجند ورجال أركان حرب الذين كانوا يكتبون للمكتب بما يأتيهم من أخبار الجواسيس أو الكذبة إذ ليس لي فيه إلا ما كان يكتب باسم ناظر الجهادية إذ ذاك إلى وكيلها من الأخبار الرسمية ومن هنا يعلم جميع القراء أن ما يطنطن به الأجراء ومكاتبهم الوهمي من وقوع الطائف في جانب المسند الخديوي السابق إنما هو سعاية بغير حق وتعرض لما لم يجر به قلمنا ولقد سئل البرنسات والأمراء والوجهاء والعلماء عن اشتراكهم في الحركة العرابية فكان جواب كل منهم أنه أكره أو أتقى الشر

فتخلص بما أمكنه وما وسع هؤلاء يسع الطائف ذاته إنما قلنا ذاته لأننا لم يقع منا بالذات ما يوجب التبري منه فهذه مقالاتنا وخطبنا كلها مسطورة محفوظة عندنا وعند غيرنا من يوم كتبنا وخطبنا إلى يوم ضرب إسكندرية على أن العفو محا الذنب فليمضغ العدو نعله. وإذا أضفنا سعاية هؤُلاء ومكاتبهم على شتمه وقبحه وطلبه أبعاد محرر الأستاذ وافترائه عليه أنه يسعى في مذبحة أو فتنة علمنا قدر خسة هؤُلاء المناحيس ومساعيهم الضارة فإن ما يضمره الزنديق يظهر في فلتات لسانه فلعل لهم مساعي في مثل ما تقدم من الفظائع التي كان لمثلهم من أعداء مصر فيها اليد السوداء بشهادة المستر لا بوشير واللورد شرشل أمام جموع إنكلترة يوهمون الأجانب بما لا حقيقة له فإنهم جميعاً يعلمون أن القوّة العسكرية وقوّة الضبط والربط بيد رؤساء من الإنكليز فلا يمكن لثائر أن يدعوا إلى ثورة إلا إذا كان هؤلاء معه وإذا اتحد هؤلاء على الثورة كان المصري بريئاً منها وهل يعقل هذا أو يتصوّره مجنون وانكلترة إنما تسعى في حفظ الأمن العام ومن هذا يعلم الوطنيون والأجانب أن الإجراء هم رجال الفتنة وأهل الفساد لا صاحب الأستاذ. قاتل الله الأعداء فإنهم ما وجدوا طريقاً للفتنة إلا سلكوه ولا باباً للدسائس إلا فتحوه فقد نقل لصاحب العطوفة مصطفى باشا فهمي أن الأستاذ يذمه ويهجوه ولو قالوا أنه يمدح ويثني عليه لصدقوا ولكنهم قوم شأنهم تحريف الكلم وقلب الحقائق وهل ينسى الأستاذ عناية عطوفته به ورده أعداءه خائبين

الحكاكه في الركاكة

مدحورين وكيف يرضى لنفسه ذم أمراءٍ بلاده كم يأكلون لقمتهم بذم هذا أرضاء لذاك وأن ذكرنا شيئاً من لوازم السياسة في مدته فإنما هو منسوب للزمنيات لا لذاته ولا لأفكاره فإن وطنيته الصادقة وشرفه الذاتي لا ينكرهما إلا قوم عن الحق عمون. الحكاكه في الركاكة كتب كتاب جريدة الإجراء فصولاً منسوبة إلى مكاتبين لجهلهم أن أنفاس الكتاب تشم من بعد فيفرق ذو الذوق بين الفصول وينسبها لأهلها وأن لم يرهم وهم يكتبون وكيفما كانت الحالة فإنهم يذمون مديراً امتلأت أعدادهم السابقة بمدحه والثناء عليه ونشر فضائله وماله من الهمة وعلو القدر ونزاهة النفس وهو على ما كان عليه شرفاً وهمة وفضلاً وحسن تبصر وتصرف والحقيقة أنهم يطعنون في نفس الداخلية فإن تغيير المشايخ وترغيب البلاد لا يكون إلا بأمرها والتصديق على انتخاب الأهلين لمشايخهم لا يصدر إلا منها فالمديرية واسطة بين أهل البلاد والداخلية. ونسبتهم قضاء الحاجات على يد رجل يرضيه الناس بالالتجاء إليه فيسعى معهم فهذه نشأت عن ميلهم لشيخ سوء يكره أن يشد عضده بأخيه وله في مثل هذه الدسائس الراية السوداء والذكر القبيح وما أشعل نار السفاهة والبذاءة في هؤُلاء الجهلة إلا حرمانهم من أجر المطبوعات التي كانت تقدم إليهم على ما يقولن ورفض جريدتهم عدوة المصريين ورجوعها إليهم قُففاً وأفراداً من أمة عرفت خيانتهم وسعيهم في الفتن والهيجان فردت ما ألزمت به من قبل ولا ينكر الإلزام إلا من جهل قضية المعاون المرفوت بسبب توقفه

في إلزام مشايخ ميت الغرقى وديرين بالاشتراك في عدوة المصريين أيام كانت ترمى على البلاد رمي فراخ المعامل على بيوت الفلاحين وعندنا من الأوراق التي تحررت منهم ومن أعضادهم ما تسودُّ به وجوههم ويشهد بأنهم سكروا بشراب اللتجاء فخرجوا عن حدودهم وصاروا يخاطبون الحكام بما يشبه أوامر المصادر العالية وهذا الذي يبكون عليه الآن ويندبون زمانه ولو أحسنوا السري لاتخذوا لهم مركزاً في القلوب ودوائر الحكومة ولكنهم جهلة والجاهل عدو نفسه. يزعم مكاتبهم الوهمي الثاني أنه مخلص في خدمته وأن جريدته الخائنة تنبه الحكومة على أمور غير معلومة لها شأن سخيف الفكر قليل العقل البعيد عن الإدراك وما حمله على ذلك إلا جهله الأيدي الأجنبية التي حركت حركة إسكندرية بنقود مضروبة في أوروبا موزعة على أيدي رجال منها أرادوا أن يمهدوا لضرب إسكندرية طريقاً يدخلونه إمام أوروبا بعلة تأديب الثائرين والمحافظة على الأجانب وحقوقهم مع أن الأجنبي الحقير في بلادنا أعز م اللورد والسر والبارون في بلاده فضلاً عن عظمائهم الذين لهم التجلة والتعظيم وليس في تاريخ مصر أن أهلها تعرضوا لأجنبي مستوطن أو مجتاز في عصر من العصور حتى تقاس عليه تلك الفظائع الأجنبية التي نسبت للمصرين زوراً وبهتاناً بدعوى التعصب الديني الذي التزموا نشره في أوروبا وجعلوه محللاً لأغراضهم وأكبر دليل الآلاف المؤلفة من إخوان الوطنية الأقباط في الوجه القبلي والبحري ومخالطتهم المسلمين دارا وغيطاً لغيط ولم يسمع أن مسلماً تعدي على قبطي فقتله

في بلد من البلاد فلو كانت فتنة اسكندرية إسلامية كما زعموا لجرت الدماءُ أنهراً في الصعيد فسكون المصريين وامتزاجهم بالأقباط امتزج الأهلية أيام الفتنة أكبر دليل على أن المصري لا يعرف التعصب الديني ولا ينقض عهداً ولا يخفر ذمة ولا يتعدى على وطني أو مستوطن. والخفايا التي ستروها عن أوروبا تسهيلاً لمقاصدهم قد ظهرت ظهور الشمس حتى في مجامع انكلترة وبعض الإنكليز كتب فيها كتباً وبين حقائق الواقعيات على ما هي عليه فالمكاتب الذي يرمينا بخيان الوطن وتهيج الأكفار والسعي في إثارة الفتن يعذر بفقده الإدراك وعدم بلوغه مبلغ الرجال فإنه من جماعة جهلة يتجرون بذاتهم ونفاقهم وأكاذيبهم ولو لقنوا كلمة الحق ما نطقوا بها لعدم تعود ألسنتهم على ذلك فليهدأ روعاً وليسكن جاشاً فإنه لا في العير ولا في النفير وهو أوهي وأحقر من أن يدخل مع الكتاب في ميدان لا تتطاول إليه أعناق ساداته إذ لولا اليد الأجنبية التي حملتهم على أصابعها ما دار لسان أحدهم في فمه تهيأ لكلمة ينطق بها أمام المصريين. إلا يرى أن ساداته الجهلة اطردوا من بلادهم مدحورين مذمومين بهذه المساعي الخبيثة وإفساد أفكار مواطنيهم تذرعاً للفتنة وتهيئاً لثورة يمهدون بها طريق التداخل الأجنبي في بلاد مس جلدهم ترابها وكيف يرجى الصدق والإخلاص ممن خانوا وطنهم وسلطانهم وأهلهم وخلانهم وكانت بلادهم أولى بالخدمة أن كانوا من المصلحين. وأقرب الحوادث منا وجود أحد الأجراء خطيياً في محفل من محافل بيروت الماسونية يحرض الناس فيه على نبذ الطاعة السلطانية والإنجاز إلى الغير فاستحق هذا الخائن الطرد والإبعاد. فأية عصبية ينتسب إليها الإجراء وهم

يذمون المصريين خصوصاً والعثمانيين عموماً أما دروا أن ذم المصري ذم للسوري فإنه أخوه ومثيله فقوم لا عصبية لهم ولا شرف ولا ذمة ولا عهد ولا أمانة من أي طريق يصلون إلى الإخلاص وقد سدت عليهم طرقه فهم حيرى في طرق البهتان كالذي يتخبطه الشيطان من المس. وبالجملة فإن المصريين حريصون على تفتيش قلوب الإجراء من كلامهم وقد أدبتهم الأيام وحذرتهم المصائب من سماع أقوال الغرباء والاغترار بما ف جريدتهم من النداء بالثورة والهيجان وتحريك الأجانب على المصريين بدعوى أن فيهم من يدعو للتعصب أو يحرك الفتنة كل هذا موضوع أمام أعيننا نقراؤُه ونحذر وختم عاقبته فإن ترك الأدعياء طريق الإضلال وتحريك الفتنة وسلكوا طريق النصح والخدمة الإنسانية غفرنا لهم تلك السيئات التي ملئت بها صحفهم ولزمنا مخالطتهم والسير معهم في طريق شرقي نحن فيه سائرون وإن أبوا إلا البقاء على الخيانة والإفساد حصنا أفكار إخواننا المصريين على اختلاف أديانهم بما نبينه من فساد عبارتهم وسوء مقاصدهم وأظهرنا لهم الخفيّ من سعيهم العدواني ليتذكروا ويحفظوا الأمن في بلادهم وما يتذكر إلا أولو الألباب. علمنا أن بعض الناس استأجر أُجراء آخرين للاستعانة بهم على الأستاذ بما يفترونه عليه من الأكاذيب تهييجاً للأفكار الأوروبيين فنحن على خطتنا الأمنية متمثلين بقول القائل أن قوماً تجمعوا ... وبقتلي تحدثوا لا أبالي بجمعهم ... كل جمع مؤنث

جريدة بروج

جريدة بروج هي جريدة خاصة بالسكارى والبقالين وبعض الحمارة تكتب فيها كلمات السخرية والمضحكات وما يناسب أخلاق السكارى والحشاشين وقيمة اشتراكها مرور محرره أعلى الخمارات والقهاوي فيتناول كأساً أو كأسين كل ليلة على حساب السكارى قيمة أتعابه في جمع المضحكات ونشر الهذيان والتخريف وقد مر صاحبها يوماً فوجد شاباً يمسح بها جزمته فظن أنه يقراؤُها فقال له هل أعجبك مشربي ولذّ لك كلامي فأزيدك من بهتاني وزوري فضحك على عقله وقال له أنا مشترك فيها فذهل عندما علم أن عاقلاً مسكها بيده وتوجه في الحال إلى مكتبه وأراد أن يكتب أن جريدة بروجـ. . صار لها قبول عند السكارى وغيرهم لما فيها من الترهات والأضاحيك فكتب غلطاً نطلب من الحكومة أبعاد محرر الأستاذ عن مصر لما في وجوده من الضرر علينا والصحيح أنه لم يغلط فإن الأستاذ ضد السكارى وجريدته إنما فتحت لهم فهو معذور إذا طلب أبعاد محرره لتروج جريدته بكثرة السكارى. وإلا فإن الأستاذ ما سرق حلق أمه ولا صفعه على قفاه ولا عرض بجريدته التي لا توجد إلا في محلات الضرورة ولولا مساعدة الغير له بما ينقده له ما وجد حق الدخان ولا كان له في عالم التحرير وجود. هذا بيان حاله أما شتمه وبذاؤُه فإني=أعرض عن شتم اللئيم تكرما وأعجب من هذا المسكين وطلبه أبعادنا تهوره بطلب الجواب من دولة رئيس النظار عن ذلك بوقاحة وسماجة كأنه دولة مستقلة تطلب حقاً لها ثابتاً ولكن لو كان هو المحرر لتركناه وإنما نوجه هذا الكلام لحضرة. . . الذي احتمى

الغرب الأقصى

في اسم هذا المسكين وتصدي لتحريرها بقلمه وغاية ما عندنا أن نقول أنفلق أو أشرب من البحر فما في جريدتنا غير تكذيبك وإظهار تخريفك. من رأى البيتين المصدر بهما الأستاذ في وريقة الأجراء تحقق تلصصهما وتجسسهما حتى على المطابع فإن ملزمة الأستاذ الأُولى طبعت في يوم الأحد الغرب الأقصى أسعدتنا العناية بمقابلة الأستاذ الفاضل والمولى الكامل العلامة الجهبذ الصالح السيد عبد الهادي بن السيد أحمد الصقلي السيد عبد الهادي بن السيد أحمد الصقلي الحسيني قاضي القضاة بمدينة فاس المحروسة أي شيخ الإسلام بالغرب الأقصى قادماً من الديار المغربية قاصداً الأقطار الحجازية برفقة من بني عمه السادة الإشراف وكانت المقابلة بمنزل صاحب السماحة والفضيلة السيد توفيق أفندي البكري الصديقي حيث نزلوا عند أمس ضيوفاً مكرمين فتلقاهم بالبشر والترحاب ولشغفه بالتطلع لأخبار الممالك الإسلامية أخذ يسأل هذا العلامة عن أحوال بلادهم وما عندهم من العلماء والعساكر وغير ذلك فلخصنا من محاضرتهماً أن مولاي السلطان حسن أعزه الله تعالى حسني النسب ينتهي إلى سيدي محمد المهدي الملقب بذي النفس الذكية وأنه مالكي المذهب كجميع أهل الغرب وله أولاد أعزهم عده سيدي الأمير عبد العزيز وقد استحضر من بنادق رامنتون ومدافع كروب جانباً عظيماً وأن العساكر الموجودين إنما هل لحفظ داخلية البلاد في وقت السلم أما في وقت الحرب فالأمة كلها تحمل السلاح لا يتأخر صغير ولا كبي ولا توجد في فاس وبقية بلاد المملكة خمارات ولا بيوت للعاهرات ما عدا طنجة لسكن كثير من الأجانب فيها وإن الحدود الشرعية

مقامة على العظم والحقير والعلم يقرأ بجامع القرويين كما يقرأ في جامع الزيتونة بتونس والأزهر بمصر غير أن العلماء هناك يقرأون الدروس عن حفظ لا من الورق وإن السلطان حسنا أيده الله تعالى يقرأ البخاري الشريف ويجمع العلماء للمناظرة والمذاكرة في مجلسه العالي ولا يوجد في داخلية البلاد مع المسلمين إلا اليهود المغاربة سكان البلاد وهم يستوون معهم في الحكم والانتفاع بالأمور الوطنية. وسألته عما نشرته بعض جرائد الإجراء من أن السلطان عند ما قبض على الشقي المحرك للفتنه أمر أن تشق راحته وتحشى بالمليح وتربط فقال معاذ الله فإن الحك صدر بحضوري وذلك أن الله تعالى قال. إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض فالسلطان اختار له الأخف ونفاه فعلمت أن هذه الجرائد تريد أن تخدم الأجنبي هناك على بعد كما خدمته في مصر. وقال أن الجرائد غير معروفة عندهم وإنما يقرأُها نفر قليل جدّاً وليس عندهم سوى مطبعة في فاس. ورأيت معه ابن عمه السيد عبد الغني الصقلي الشاعر المفلق وأسمعنا شيئاً من ديوانه الذي خمّس به وتريات ابن رشيد البغدادي في المديح النبوي فسمعنا أحسن شعر وأجوده وكان بمعية هؤُلاء السادة الأفاضل الأستاذ العلامة السيد محمد الشنقيطي وهم على وشك القيام إلى الأقطار الحجازية بلغهم الله تعالى السلامة وفي هذا السيد هيبة وعليه وفار واعتبار وله حسن عبارة منحية وقد تربى مع جلالة السلطان في مكتب واحد أيده الله تعالى وحفظه.

الكرباج والعفريت

الكرباج والعفريت علمنا أن ستصدر جريدتان تسمى أحداهما الكرباج والثانية العفريت تناديان بالجامعة الشرقية وتطالبان بالحقوق الإنسانية أوروبية كانت أو شرقية وتدافعان عن المصريين والحضرة الخديوية كل الدفاع ويصدر الكرباج يوم الخميس والعفريت يوم الأحد منكل أسبوع وقيمة الاشتراك في كل جريدة عشرون قرشاً بمصر وخمسة وعشرون بغيرها وعلى ما فهمناه من صاحبيهما أنهما يحرران بقلم مصري لا قصد له إلا الدفاع عن المصريين خصوصاً والشرقيين عموماً وبهذا نرى أن سيقبل عليهما المصريون إقبالاً عظيماً لانتصارهما لهم انتصار من لا تأخذه في الحق لومة لائم. تهنئة نهنئُ حضرة المنشيء البليغ هيكالس بك محرر جريدة الفار الغراء بما ناله من النيشان المجيدي المهدي إليه من دولتنا العلية لصدق خدمته لها فإنه ممن لهم في خدمة الشرق يد بيضاء. علمنا أن الحضرة الخديوية الفخيمة كلفت العالم الميكانيكي الشهير محمد أفندي حسبو الإسكندري بتركيب قزانات وأبور المحروسة لما له من وثيق المعرفة بهذا الفن ومثل هذه العنابة لا تستغرب من خديوي غاية آماله تقدم رعيته وسنعود لهذا الموضوع في العدد الآتي أن شاء الله تعالى. كتاب طب الركه موجود منه جملة في مطبعة المحروسة تباع للراغب في هذا الكتاب المفيد وثمن النسخة خمسة قروش ميرية فنحث طلاّب الحقائق على اقتنائه فإنه من الكتب العزيزة.

العدد 40

العدد 40 - بتاريخ: 30 - 5 - 1893 حفظ الصحة لما كان من أهم واجبات الوالدين معرفة سن الطفولية وكيفية تربية المولود وتنقله في أطواره الابتدائية وعلم الوسائط الواقية لصحته من العوارض كتب الطبيب الفاضل أحمد أفندي صادق ذكي أحد متخرجي مدرسة قصر العيني رسالة في هذا الباب ملأها بالفوائد العلمية والأصول الطبية فأحببنا نشرها لضرورة معرفة المربين بها قال حفظه الله تعال السن هو تعاقب الأطوار المختلفة للحياة وتعرف تلك الأطوار بظهور بعض وظائف أو أعضاء وبزوال البعض الآخر ومع ذلك فإنه لا يمكن معرفة حد واضح يفصل أحد الأطوار عن الذي يليه حيث لا يظهر عند ذلك تغيير تشريحي في الجسم عند انتهاء أحد الأطوار وابتداء الثاني ولذا قال بعضهم لا يوجد فاصل واضح بين أطوار الحياة غير البلوغ ويختلف ظهور تلك

الأطوار على حسب الطقس والمعيشة والعوائد والأمزجة فمتى ولد الطفل يزداد في النمو شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى سن البلوغ وفي هذا الوقت يقال أنه انتهى سن الطفولية الذي يمكن قسمته إلى ثلاث أقسام. القسم الأول الطفولية الأولى ويبتدئُ من الولادة إلى انقطاع الحبل السري أي على اليوم الخامس والسادس. والقسم الثاني من انقطاع الحبل السري إلى سبع سنوات. والقسم الثالث من سبع سنوات إلى البلوغ. والأولى تقسيم الطفولية إلى قسمين فقط الأول من الولادة إلى سبع سنوات. والثاني إلى البلوغ وأما البلوغ فظهوره يختلف على حسب النوع والطقس والمعيشة والعوائد والأمزجة ففي القطر المصري تبلغ الرجال من 14 - 15 سنة حداً متوسطاً وتبلغ النساء من 12 - 14 سنة وفي البلاد الباردة قد يتأخر البلوغ إلى أربعين سنة وفي البلاد الحارة قد يحصل البلوغ في سن العشر سنوات. وقد ثبت بالمشاهدات أن الأغنياء يبلغون بسرعة عن الفقراء لكثرة توفر الشروط الصحية التي تساعد نمو أجسامهم وكثيراً ما يشاهد أن سكان المدن يبلغون بسرعة عن سكان القرى وذلك لكثرة الملاهي والمناظر المنبهة للقوة التناسلية عند سكان المدن أكثر من سكان القرى. وكذلك أصحاب المزاج الدموي والعصبي يبلغون بسرعة عن أصحاب المزاج الليمفاوي والصفراوي وذلك لكثرة كمية الدم الذي منه يتكون المنى وبتنبه المخ في الدموي وكثرة تأثر العصبي من أي منظر بهج وينتهي البلوغ في سن العشرين ثم يبتدي سن الشبوبية من 20 - 40 ثم سن الكهولة من 40 - 60 ثم سن الشيخوخة من 60 الموت ويوجد تقسيم آخر لسن الطفولية فيجعل قسمين سن بلوغ

وسن شيخوخة وصاحب هذا الرأي يقول أن سن البلوغ يبتديءُ من الحُلُم إلى ستين سنة وهناك تقسيم آخر مذكور في قول الشاعر: أصح صفات الآدمي وضبطها=لتلقط دراً تقتنيه بديعا جنين إذا ما كان في بطن أمه=ومن بعد يدعى بالصبي رضيعا فإن فطموه فالغلام لسبعة=كذا يافع للعشر قله مطيعا إلى خمس عشر بالحزوّر سمه=لتحسن فيما تقتنيه صنيعا كذاك إلى خمس وعشرين حجةً=فتى قد دعاه الفاضلون بديعا . . . لحد الأربعين وبعده=بكهل إلى الخمسين فادع سميعا وشيخاً إلى حد الثمانين فادعه=بها ثم هِمّاً للممات رجيعا والحد المتوسط لزمن الحياة من 70 - 80 سنة وقال بعضهم أنه يمكن وصوله إلى مائتي سنة. وقد اتبعت في رسالتي هذه التقسيم الثاني وهو سن الطفولية وسن البلوغ وسن الشيخوخة تسهيلاً للقاريء وبالله التوفيق سن الطفولية يبتديء هذا السن من الولادة إلى البلوغ وينقسم إلى قسمين طفولية أولى وطفولية ثانية. فالطفولية الأولى تبتديء من الولادة إلى سبع سنوات ومتى ولد الطفل وكان كامل الترتيب يكون طول قامته نصف متر للذكر و483 ملليمتر للأنثى ويزن 3250 جراماً أي ستة أرطال ونصف رطل وينقص هذا الوزن من 100 - 300 جرام مدة الثلاثة أو الأربعة أيام الأول التي تعقب الولادة بسبب خروج العقي (وهو ما يخرج من المولود عند ولادته من المادة البرازية) والتبخير الجلدي ثم يزداد وزن الطفل كل يوم

من 20 - 30 جراماً مدة خمسة شهور ثم يزيد كل يوم من 10 - 15 جراماً إلى تمام السنة فتصير زنته عند انتهاء السنة الأولى تسعة كيلوجرام وفي انتهاء السنة السابعة تكون زنته 18 كيلوجرام. وحرارة الطفل حال الولادة تكون 37. 5 أي ارفع من درجة حرارة الشاب نصف درجة ثم بعد مضي بعض دقائق تصل إلى 36 أو 35 درجة بسبب التبخير الجلدي الذي ينزع من الجسم كمية عظيمة من الحرارة ثم ترتفع ثانياً إلى 37 وكسور ونبض حديثي الولادة من 120 - 140 في الدقيقة الواحدة ثم ينزل في السنة الثانية إلى 110 وفي الخامسة إلى 100 وفي الثامنة إلى 90 ثم من العاشرة إلى الثانية عشرة يصل الحد الطبيعي أي من 72 - 85 وعدد حركات التنفس بعد الولادة 44 في الدقيقة الواحدة ثم يصل إلى 35 في السنة الثالثة وفي الخامسة يصل على 25 وفي الثامنة يصير التنفس اعتيادياً أي من 12 - 20 مرة في الدقيقة. ودم الطفل المولود حديثاً كدم الشبان مع اختلاف في نسب عناصره فقط لكثرة كراته الحمراء عن البلاسما (أي سائل الدم) ولكثرة احتوائه على كراة بيضا بنسبة أكثر مما يكون عند الشبان. ومقدار وزن دم الطفل يساوي عشر وزن جسمه وبول حديثي الولادة يكون 1003 ثم يزداد إلى أن يصل 1006 في اليوم العاشر ثم يزداد إلى أن يصل إلى الحد الطبيعي وهو من 1015 - 1025 وبرازهم يكون أخضر اللون لكثرة احتوائه على الصفراء المنفرزة مدة الحمل والحبل السري يسقط من اليوم الخامس إلى السادس. ولون جلد حديثي الولادة يكون أحمر بنفسجياً ثم يستبدل بلون أصفر إلا في الوجنتين من اليوم الثالث إلى الخامس ولا يظهر اللون الأصلي الخاص بشكل الإنسان إلا بعد

أسبوعين أو ثلاثة وأما شكل حديثي الولادة فإنهم يحفظون أولاً الانحناء إلى الإمام برأسه وأطرافه وجذعه فيكون شبيهاً بالحالة التي كان عليها في بطن أمه ثم يحرك يديه وفي الشهر الثاني يمكنه حفظ رأسه ومن الشهر الرابع إلى الخامس يمكنه حفظ الوضع الجلوسي ومن السابع إلى الثامن يمكنه التحرُّك إلى جميع الجهات وأما هيئة سحنة الأطفال المولودين حديثاً فإنها لا تدل إلا على اللذة والألم فمتى علم ذلك نقول أنه متى ولد الطفل متصفاً بالصفات المتقدمة فإنه يخرج صائحاً وليس ذلك دليلاً على آلام كما يظن بل لاستنشاقه الهواء ووصوله إلى الرئتين كي يمددهما وهذا الصياح يطمئن خاطر أمه وينسبها ما قامته من الأتعاب وأما إذا ولد في حالة موت ظاهري فإنه يكون ناشئاً أما عن انقذافه من يد القابلة مباشرة بعد الولادة في السائل الذي خرج من الرحم أو من التفاف الحبل السُري حول عنقه حال الولادة أو من امتلاء فمه أو أنفه أو هماً معاً بمواد مخاطية أو من عائق اعتراه أثناء سير زمن الولادة فيجب في مثل هذه الأحوال وضع الطفل على ظهره ويدخل الإصبع المغطي بقماش نظيف في فمه لإخراج المواد المخاطية التي ربما تكون هي السبب في إعانة التنس الذي نجم عنه هذا الموت الظاهري ثم يدلك الصدر ثم تضرب الأقدام ضرباً خفيفاً لتحويل الدم من الدماغ إليها لأنه ربما يكون سبب هذا الموت الظاهري اختناق دماغي وإن لم يفد كل ذلك وجب عمل التنفس الصناعي الذي غايته مسك يدي الطفل من معصميهما مع قبضة اليد ويبعدان عن الجذع دفعة واحدة لأتساع جدر الصدر ثم يرجع بهما إلى جدر الصدر ثانياً مع الضغط الخفيف فيضيق بذلك

التجويف الصدري ويستمر على ذلك فبهذه الصفة يقلد التنفس الطبيعي. وإن لم يفد ذلك يستحضرانا آن أحدهما مملوء بماء بارد جدّاً والثاني مملوء بماء حار فيغمر الطفل في الإناء الممتليء بالماء الحار ثم يرفع منه ويوضع في الحال في الماء البارد فيتنبه مجموعه العصبي أو يشمم النشادر أو البصل وأن لم يفد كل ذلك يسرع بانتداب طبيب أو طبيبة ليتدارك هذا الخطر كان يجري قطع الحبل السري وإخراج قليل من دم الجنيين يسيل إلى الخارج إذا كان سبب الموت اختناق رئوي أو مخي ومتى تنبه الطفل من إحدى هذه الوسائط وجب الألتفات إلى الفتحات الخلقية كالأعين والآذان والفم والأنف والشرج والفرج وفتحة الصماخ البولي وجميع أعضاء النين فإنه كثيراً ما شوهد ولادة الطفل مصاباً بجملة تشوهات فالأعين قد تكون مغمضة بالكلية وقد تكون مفتوحة إنما الحدقة تكون مدورة وقد يولد الطفل ومعه كتركتا (المائية) فيجب تقديم الطفل المولد بهذه الصفة إلى الطبيب ليفعل ما يلزم له من العمليات. وقد تكون الأذنان مسدودتين من الظاهر فيجب ثقبهما وكذا الأنف والفم. وقد يكون مصاباً بالشفة الأرنبية وهي ما كانت قصارة على الشفة وغالباً تكون العليا وقد تكون مزدوجة أي أنه يوجد شقاق في الشفة فيقسمها إلى ثلاثة أقسام وقد تكون مزدوجة أي أنه يوجد شقاق في الشفة يصطحب بانشقاق سقف الحنك وفي مثل هذه الأحوال يعشر الرضاع وقد توجد تشوهات كثيرة جداً يولد بها الطفل لا يسعنا ذكرها الآن فإن ذلك ليس من موضوعنا.

رسالة

رسالة وردت لنا هذه الرسالة بقلم أحد أفاضل دار العلوم العامرة قال أيده الله تعالى: قال تعالى {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم أذية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً} إذا نظرت إليها المتبصر بثاقب فكرك إلى هذه الحكمة البالغة وتفكرت أيها العاقل فيما اشتملت عليه آية الله من لطف العبارة وعبير الموعظة رأيت أن الله سبحانه وتعالى أمر بهذه الآية الشريفة كل من ولي أمر الذرية التي بها العمران ونظام النوع الإنساني بالقيام بجميع أمورهم والاعتناء بواجباتهم من احترام وتنمية أموالهم وأمعان النظر في تربيتهم وتقويم أودهم ونحو ذلك م لك ما يجب للصغير على الكبير ولكن الحكيم سبحانه لم يأمر بذلك أمراً صريحاً بل جعل الأمر بعبارة أخرى ليكون أوعى إلى الامتثال وأقرب إلى الانقياد فقال جل ذكره (وليخش الآية) أي وليخف أولو الأمر من أن يتركوا ذريتهم الخ ومن البين أن العاقل إذا علم أنه سيترك ذريته وأنهم محتاجون إلى من يرشدهم إلى حسن مستقبلهم وما به نجاحهم فلا ريب أنه يجتهد في أن يقوم حق القايم بجميع ما عهد إليه من أمر هؤلاء الضعفاء عسى الله أن يقيض لذريته من يعاملهم بمثل معاملته ويكفلهم كفالته اللهم إلا من استولت عليه أوهام الطمع وأحاطت به جيوش الغي فنبذ تلك الحقوق وراءه ظهرياً أولئك أضلهم الله فاتبعوا أهواءهم وأكلوا أموال اليتامى ظلماً ولم يعلموا أنهم قد ملأوا بطونهم ناراً غافلين عن وعيد ذي البطش بأنه يجازيهم على ذلك في الدنيا بالذل والإهانة وضياع مستقبل أولادهم ولا يكونون الأكثر الحنظل بل هم أسوأ حالا منه وسيصلون سعيراً في الدار الآخرة وياليتهم نظروا إلى قوله تعالى {وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان

تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك} ويا حبذا لو جعلوا أسلافهم مدرسة لهم فدرسوا أحوالهم ووزنوا أعماله بقسطاس العقل المستقيم وميزان الحكمة {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} فالعم شغف باغتيال حقوق أبناء أخيه ولوع بسلب ما أدخره له أبوه ساع في حلول الخيبة بهم مخافة مزاحمته في مكانته أو أخذ حقوقهم منه والخال محتال في أكل ميراث أخته يرى تحريمه عليهم وإذا استأنس ذلك المسكين رشداً رغماً عما يلاقيه منهم وأراد أن يأخذ ما تركه أبواه بدت العداوة والبغضاء من أفواههم وما تخفى صدورهم أكبر كل ذا وذاك الغلام ينظر إلى هذه الأمور الذميمة فلا يستطيع لها رداً ولا يجد عنها محيصاً إلا أنه يمسي ويصبح في حرجته مكرراً قول القائل وكم عم أتت منه هموم=وخالٍ من جنى الخيرات خالِ اللهمّ إلا أن يسعف برجال الحق فينقذونه من ربقة الظلم وقل من نصادفه تلك العناية الربانية وغير خاف أن الآية الشريفة ليست قاصرة على الأوصياء فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فكما أنها تشملهم كذلك تأمر جميع أولياء الأمر بالاعتناء بأمر الذرية من حسن تربيتهم وتسهيل طرق نجاحهم من رفع كل صعوبة تكون أمامهم وإرشادهم إلى ما به سعادة البلاد وتسهيل طرق نجاحهم وبث روح الأمل فيهم وتثقيف عقولهم بنشر المعارف وإذ ذاك تحسن تربيتهم فيعول عليهم في مهام الأمور وتعظم الثقة بهم. شبان المصريين الذين قد ارتضعوا لبان المعارف في عصرنا الحالي أعظم شاهد على ذلك فإنا نجد المربي منهم يكون أعظم وأنجب من غيره ذلك

أمر أذعنت به عقلاء الأمم واعترف به فلاسفتهم فلا التفات لما نراهُ من بعض الأغبياء الذين يرمونهم بسفاسف الكلام وما علينا معاشر المصريين إلا أن نربي أبناءنا ونوطد دعائم المعارف بينهم حتى يكونوا مثل من نبغوا من أعاظم الرجال ذلك هو الفوز العظيم فعلى كل عاقل أن يخاف من سطوة الجبار سبحانه ويراعي تلك الحقوق المقدسة ولاسيما من بأيديهم زمام الحل والعقد فإنه يجب عليهم وجوباً عينياً تقديس تلك الواجبات وذلك بأن ينظروا نظر الخائف من المحاسبة على النقير والقطمير فيقولوا قولاً سديداً ناشئاً عن روية وفكر ثاقب وعظيم أخلاص لا عن أغراض شخصية وأعراض دنيوية كما أنه يجب على كل مصلحة من المصالح أن توجه العناية نحو المترشحين للوظائف من الوطنيين كي تعظم الرغبة في المعارف ويربوا الأمل ولئن قالت المصالح نحن ناهجون هذا المنهج وسالكون هذا الطريق خاطبتهم المهند سخانة بصوت خاشع وقلب خاضع قائلة - أيها القابضون على زمام الإشغال المطالبون بحقوقي بين يدي ذي الجلال ما بال حظي دائماً في انحناء وزاويتي في انزواء وشكلي غير منظم ومتواليتي تنازلية وكسري لم يجبر أما أنا التي كنت بالأمس تالله أن أخذت حظي وأعطيت حقي لأكون في مقدمة من تقدم وأعود على بلدي بل وعلى سائر المعمورة بالنجاح فأبنائي أبنائي وأبائي أبائي لم يغيرهم سوى طلوع الشمس من مغربها وأجابهم الطب بلسان عليل وقلب كسير يا من هو على الصحة محافظ ولأنواع العقاقير حافظ نظراً إلى شبح أنتم روحه وجسم أنتم حواسه لم يبق منه إلا خياله حتى لم يكن له حظ من الوجود إلا في عالم المثال فالله الله في تلافيه قبل أتلافه وإلا فليس له عيش بدون صحة وكيف تبصر عين بغير ضياء

تابع التربية والتعليم

وسبب كل ذلك تنوع المرض وتبادل العلل وتغاضي الطبيب حتى صار يعافني كل ذي أمل فلا يرد موردي لما وقر عنده من ملوحة مائي الذي كان عذباً (فطرة الله التي فطر الناس عليها). ذلك مطلب شريف عائد بجليل المنافع على الأمة عموماً وعلى المتعلمين الذين بهم صلاح البلاد خصوصاً كما لا يخفى ولما أن الولد يتعلم واجباته الضرورية من الخط والحساب وبعض العقائد وبعض ما يجب له وعليه فيخرج من ذلك الدور على نور من ربه وإذا أراد أن يثبت على اقتطاف أزهار المعارف كان ذلك نوراً على نور وأن أراد أن يسلك طريقاً آخر من طرق المعيشة يسهل عليه السير بنبراس عقله والله يهدي إليه من أناب. تابع التربية والتعليم لخادم وطنه عطوفة علي باشا مبارك مملكة النمسا هذه المملكة لم تعتن بأمر التربية مع مجاورتها لألمانيا التي تقدمت درجة التربية فيها في وسط القرن السادس عشر إلا في أواخر القرن الثامن عشر وقد كانت حالة التربية في غاية الإهمال وإنما كان هناك بعض مكاتب في بعض جهات قليلة جداً وفي سنة 1770 كان كل مائة طفل من أطفال المملكة يدخل في المكاتب منهم أربعة وعشرون وفي عهد المملكة مارية تريز ملكة النمسا بعد حرب السبع سنين تيقظت الحكومة لهذا الأمر والتفتت إليه وشكلت مجلساً للنظر في تحسين التربية وتعميمها وصار إنشاء مدرسة للمعلمين في مدينة فينا قاعدة مملكة النمسا الآن وفي سنة 1774

انتظم القانون الذي على مقتضاه تكون حالة التعليم في المملكة ومن المقرر فيه أنه يجب على كل ناحية أن تبني مكتباً لتعليم أولاد أهاليها وتكون مصاريفه من طرف تلك الناحية مع ما يضاف لذلك من الإعانة وتقرر أيضا بناء مكاتب للبنات وإن جميع الأطفال من ست سنين إلى اثنتي عشرة سنة مكلفون بدخول المكاتب وإن يكون تعليم قواعد الديانة موكولاً للقسوس وترتب جزاء على من يمنع ولده من الدخول في المكتب فحصل من ذلك نوع تقدم وأخذ الأهالي يشتغلون بالتعليم وفي مدة يسيرة زاد عدد المكاتب في جميع جهات المملكة ووصل عدد الأطفال الموجودين في المكاتب إلى ستة وستين في كل مائة طفل من أطفال المملكة وقد بي في ولاية بهيميا خمسمائة مكتب في مدة أربع سنوات. ولما جلس على تخت المملكة الملك يسوف الثاني سلك مسلك والدته المذكورة وأصدر أوامره بتكليف جميع الأطفال بالحضور إلى المكاتب ورتب المفتشين في البلاد وحكم على أمراء النواحي ببناء المكاتب على طرفهم وعين ما يلزم المعلمين من المرتبات ولما انتهت مدته آل أمر التربية إلى القسوس فتهاونوا وتراخوا فيها ونشأ من اختلاف الألسن والمذاهب وحدوث حوادث شتى زمنية عدم تقدم التربية في المملكة وعدم جريانها على نصوص القوامين المتعلقة بأمر التربية وفي سنة 1748 شرعت الحكومة في تنظيم هذا الأمر المهم وجعله على سير مستحسن فرتبت ديواناً مخصوصاً وعينت مفتشين من ذوي الدراية والهمة فأخذوا في البحث عن أسباب التقدم ونشرها وأسباب التأخير إزالتها وصدرت أوارم شتى في هذا الخصوص ومع ذلك لم يحصل النجاح التام لأسباب كثيرة منها اختلاف

الملة واللسان ومنها توالى حوادث شغلت الحكومة والأهالي وكانت سبباً في تعطيل كل منهما عن النظر في التربية العمومية وفي سنة 1855 تقرر أن يكون جميع درجات التعليم تحت نظر أمناء المذهب الكاثوليكي ثم أن سنة 1868 تقرر انفصالها عنهم وجعل أمرها مفوضاً إلى الحكومة وقررت المجالس التي انعقدت للنظر في ذلك أن المدارس الجاري صرف إعانة لها من طرف الحكومة لا مانع من أن يدخلها جميع الأطفال بقطع النظر عن دين الطفل ومذهبه وأضافوا إلى العلوم المعتاد تعليمها ما يلزم من مواد التاريخ الطبيعي والجغرافيا والتاريخ ومعرفة الأشكال الهندسية والجنباز وجعل مفتشون من طرف الحكومة على المكاتب للنظر فيما هو جار فيها فثقل ذلك على رجال المذاهب ولم يمتثلوا لهم بل حصل طردهم وإهانتهم في جهات كثيرة والمكاتب الآن على نوعين نوع لتعليم الأطفال العلوم الابتدائية ونوع لتعليم المواد العالية وفي أغلب المكاتب يشترك الذكور والإناث في الحضور إلهيا وأما في ولاية التيرول فنصف المكاتب لهما معاً والنصف الآخر بعضه للذكور وبعضه للإناث. ومتوسط المكاتب بالنسبة إلى الأهالي ليس واحداً في جميع جهات المملكة ففي سنة 1863 كان لكل 447 من الأهالي مكتب واحد في ولاية التيرول وأما في ولاية سالزبيور فلكل 972 من الأهالي وفي النمسا الواطية لكل 1198 مكتب وفي ولاية السليزي لكل 1093 مكتب وفي ولاية المورادي لكل 1112 من الأهالي مكتب وفي بوهيميا لكل 1264 مكتب وفي بوقونيا لكل 2000 مكتب وفي ولاية الدلمسيا 2264 م الأهالي مكتب واحد ومن هذا يظهر أن عدد المكاتب قليل في جميع ولايات المملكة ما عدا ولاية التيرول. ويعلم من

جدول الإحصاءات إن الجهات المعمورة بالألماني أكثر أولادهم يدخلون المكاتب وكل جهة عليها مصروف المكتب الكائن بها ما عدا بعض جهات فيعطي لمكاتبها إعانات من طرف الحكومة. وقد تقرّر في قانون سنة 1869 إن جميع الأطفال مكلفون بالدخول في المكاتب من سن ست سنين إلى أربع عشرة سنة وكان الدخول قبل ذلك من سنة إلى 12 سنة وتقرر أيضاً أن المعلم مكلف بتحرير جرائد يبين فيها من غاب من الأطفال ويقدمها إلى حكومة الناحية التي لها القوّة التنفيذية في إجراء الجزاء على الأهالي فإن تكرر الذنب عرض ذلك على حكومة القسم للأمر بما تراه من القصاص. ومن منذ عهد قريب صدرت أوامر زيد فيها مرتب المعلمين ومساواة مرتب المعلمات بمرتبهم وفوض أمر التربية الدينية إلى رجال الدين وصار للمعلم زيادة على مرتبه ما يؤخذ من كل طفل وأما أصل المرتب فيدفع من الناحية والعادة أن يعطي أرضاً تقوم بالمرتب أو يصرف له أصناف معاشية تاسوي المرتب ولا يسوغ عزل معلم إلا بأمر المديرية. وأما مرتب كل طفل فمن سبعة ستأتيم إلى عشرة إلى اثني عشر أي ثمانية عشر فضة في كل أسبوع وذلك بحسب عمر الطفل ومركزه فيدفع في السنة فرنكين في الأرياف ومن سبعة إلى ثمانية في المدن وأما محال التمرين فإنها تكون ملحقة بالمكتب عادة وفيها تدخل التلامذة من عمر 12 إلى 15 سنة وعدد محال التمرين في بلاد النمسا الواطية مساو لعدد المكاتب الابتدائية بها وأما في بعض الولايات فمحال التمرين 94 في كل مائة مكتب ابتدائي وفي بعضه 95 في المائة. وفي كثير من الولايات لا توجد أماك للتمرين وأن وجدت فنادر جداً. وأما مدة الدرس فيها فساعتان أو

ثلاثة وتكون في الليل أو في يوم الأحد وجميع الأطفال مكلفون بالحضور فيها إلى سن 15 ومن تأخر عوقب أهله على تأخيره. ولأجل تعليم المعلمين ألحقت ببعض المكاتب فصول لتعليم الأمور اللازمة لهم وأما التلامذة فإنهم مكلفون بالصرف على أنفسهم والجاري صرفه عليهم فإنه شيء جزئي جداً. ودرجة التعليم غير واحدة في جهات المملكة ففي الولايات الألمانية بلغ عدد من له معرفة بالقراءة والكتابة في المنتخبين للعسكرية 88 في المائة وفي ولاية المجر 16 في المائة وفي ولاية دلماسيا 1 في المائة. ومع أن هذه المملكة عرضت لها حوادث عظيمة من ابتداء سنة 1847 لم يحصل بها تقهقر لسير التربية بل حصل تقدم عظيم وبنيت مدارس ومكاتب عديدة في جميع الجهات وزاد عدد المتعلمين زيادة بالغة ومع ذلك لم تكن درجة التعليم هي الدرجة المرغوبة. ويعلم من جداول الإحصاءات الأخيرة أنه في سنة 1862 كانت أهالي المملكة 35 مليوناً وكان عدد المكاتب 30000 مكتب ابتدائي وكان في مملكة البروسيا في هذا التاريخ 27000 مكتب موزعة على أهاليها البالغين 17500000 يعني أن مكاتب النمسا نصف ما يلزم لها إذا أريد مقارنتها بمملكة بروسيا ولأجل أن تكون معها على قدم واحد يقتضي أن يكون عدد المكاتب بها 72000 مكتب. وبمقارنة عدد المكاتب مع عدد الأهالي يوجد مكتب واحد لكل 1170 من الأهالي مع أنه يوجد في بروسيا لكل مكتب 650 وفي مملكة سويسة مكتب لكل 450 وبمقارنة عدد الأطفال بعدد الأهالي في بلاد المجر يوجد طفل على 13 من الأهالي وكذلك مملكة أسبانيا وأما مملكة فرنسا فعلى كل تسعة من الأهالي طفل.

وفي سنة 1851 كان بولاية المجر 8083 مكتباً فيها 15423 معلماً ومن الأطفال 647954 وفي ترانسا لوانيا 2116 مكتباً ومن الأطفال 80718 وفي سنة 1857 كان في دوقية النمسا 2323 شخصا يعرفون القراءة من ضمن المنتخبين للعسكرية وهم 2649 وفي ولاية بوهيميا 6597 شخصاً يعرفون القراءة من ضمن 11213 وفي ولاية دلماسيا 9 من ضمن 928 وهاك بيان حال التربية في جميع المملكة سنة 1862. عدد المكاتب 15588 عدد المعلمين والمعلمات 30012 عدد الذكور في المكاتب 919858 عدد الإناث 808410 عدد مكاتب الكاثوليك 14588 عدد مكاتب العبادة والتمرين 12575 عدد ما فيها من الذكور 361205 عدد ما فيها من الإناث 304302 مجموع الأطفال ذكوراً وإناث في جميع المكاتب 2393925 ثم أخذت الحالة تتحسن وقوة التعليم تتقدم بمشابهة الدول المتقدمة حتى بلغت الدرجة أقصاها الآن وانتشر التعليم في جميع أنحاء المملكة وبعد أن كان إجبارياً صار اختيارياً لمعرفة الآباء ثمرة التعليم ورؤيتهم فوائده ونكتفي بهاذ الملخص الآن نموذجاً للمقابلة والمقارنة بين الدول وبعضها في التربية والتعليم.

مملكة البلجيك كان تعليم الأطفال في هذه المملكة في القرون الوسطة من الأمور المعتني بها وقد اتبدأت الأرياف والمدن في الكثرة من سنة 1192 وكان التعليم منتشراً بين الأهالي حتى أن بعض السياحيين لفرنسا وبين تعجب من كثرة عدد من لهم إلمام بالمعارف وبالقراءة والكتابة بين الأهالي حيث كان وجود ذلك في ذاك الوقت نادراً في فرنسا وغيرها فكانت مملكة البلجيك مستنيرة بشموس المعارف المشقة في أفاقها ومتحلية بحلي السعادة والرفاهية رافلة في حللها إلى أن استولت عليها أمة الأسبانيوليين في القرن الرابع عشر فتغيرت أحوالهم وأدبر عن ميدان المعارف إقبالهم وأخذت تلك المعارف تزول عن ناديهم وانتشر الجهل في جميع الجهات يصحبهم ويعاديهم وما ذلك إلا بسبب ما لحق الأهالي من الفقر والإهانة بحيث صاروا إلى الحضيض بعد بلوغهم أرفع مكان وقد استمرت هذه الحال إلى انضمام هذه المملكة إلى هولانده وصارتا مملكة واحدة فاجتهد الملك جيوم في أمر التربية فابتدأت تظهر ثمرات همته ولكن حصلت بعد ذلك حوادث عطلت سيره ثم بعد سنة 1830 زاد تراخي الأهالي وتركوا المكاتب هملاً فتركها المعلمون لما لحقهم من الفقر والفاقة وسعى كل منهم في طريقة لمعاشه يكون بها حال انتعاشه ولم يبق فيهم إلا من ليس لهم قدرة على الحصول على المعاش بطريق آخر وفي سنة 1842 صار الألتفات لهذا الأمر من طرف الحكومة وصار تنظيم القانون الذي على مقتضاه تكون التربية في المملكة وقد تقرر فيه أن كل ناحية بجعل فيها مكتب وجعل لجميع الأطفال الحق في الدخول بلا

استثناء وتوضحت فيه مواد التعليم كتعليم الأمور الدينية وقواعد الأدب الأساسية وتعليم القراءة والكتابة و؟؟ الموازين والمقاييس وقواعد الحساب واللسان وفوض تعليم الديانة إلى القسوس وترخص للأطفال أن من لم يرد أن يتبع مذهب القسوس لا يحضر درس القسيس وجعلت إدارة المدرسة للحكومة المحلية ما عدا ما يتعلق بالأمور الدينية فهو من خصائص رجال الدين وقد تعين مفتشون من طرف الحكومة للتفتيش في المكاتب فيما لا يتعلق بالأمور الدينية فإن ذلك له مفتشون من رجال الديانة يفتشون على ما يتعلق بالدين وكل من الفريقين مفتشي الحكومة ومفتشي الديانة يقرر ما رآه على مقتضى تفتيشه وأما انتخاب المفتشي فهو بمعرفة المجلس المحلي ومما يشترط في حقهم أن يكونوا قد احضروا دروس المدارس المعدة لتعلم المعلمين الواقعون تحت تفتيش الحكومة مدة سنين فإن لم يكن مع الشخص المقتضي انتخابه شهادة من الحكومة لزم أن يعرض أمره على الديوان للحصول على رخصة انتخابه وللمجلس المحلي أن يوقف المفتش عن وظيفته بحيث لا تزيد مدة التوقيف عن ثلاثة أشهر والحكومة هي التي تأمر بانفصاله ع وظيفته أو رجوعه إليها وفي كل سنة يجتمع المفتشون تحت رأسة ناظر الداخلية ليقدم كل منهم نتيجة ما أجرى التفتيش عليه من المكاتب ويبين المجلس ما يلزم زيادته من المكاتب ومن التحسينات ولا مانع من حضور أعضاء من المذاهب على اختلافها في المجلس المذكور لتقرير ما يرومون تقريره بخصوص التربية فينظر في ذلك ويعطي عنه القرار وكل ثلاثة أشهر يجتمع مفتشو كل قسم للمداولة فيما يتعلق بطرق التربية ومما تقرّر في القانون أن جميع مصروف المكتب على الناحية لكن متى زاد

المصروف عن مقدار معين طلبت الزيادة من المديرية إلى حد معين فإن تجاوز ذلك الحد طلبت الإعانة من الحكومة وكان مرتب المعلم قبل ذلك مائتي فرنك ومبلغاً مقرراً يأخذه على تعليم الفقراء من الأطفال وذلاك زيادة على مسكنه وأما الآن فمرتبه على ما يأتي بيانه وفي سنة 1869 كان في كل مديرية من التسع مديريات التي هي عبارة عن الحكومة بتمامها مفتش ماهيته أربعة آلاف وخمسمائة فرنك للتفتيش على إدارة المكاتب والذي صار تفتيشه من المكاتب بمعرفة المفتشين في سنة 1863 هو 1851 مكتباً وعدد مفتشي مكاتب البنات 16 وعدد مفتشي الديانة تسعة وجميع المعلمين والمعلمات 10578 من هذا العدد 3680 بيدهم شهادات ومرتب المعلم 850 فرنكاً في النهاية الصغرى في المكتب الذي عدد أطفاله 60 و950 إذا زاد عدد الأطفال عن ستين إلى مائة ويكون 1050 إذا زاد على المائة وأما مرتب المساعدين للمعلمين فهو 750 فرنكاً فإذا أخذنا المتوسط مما يتحصل عليه المعلم والمعلمة نجده يبلغ 1262 فرنكاً ما عدا محل السكني وقطعة أرض مجعولة على سبيل الإحسان وقد يتحصل من بعض أعمال خصوصية باعتبار المتوسط على 233 فرنكاً فيكون إيراده حينئذ 1500 فرنك تقريباً وفي سنة 1869 كان عدد الأطفال في المكاتب الابتدائية 953375 منهم 494590 في المكاتب الجاري عليها التفتيش ومن هذا القدر المذكور 267688 ذكور و226902 إناث وفي المكاتب الأخرى 98789 منهم 35181 ذكور والباقي إناث وعدد أطفال مكاتب النواحي من الذكور 257298 ومن الإناث 1667051 مجموع ذلك 434349 وعدد

الإناث فيها أكثر منهن في المكاتب الخصوصية وسببه أن البنات يشتغلن فيها بصنعة اليد كعمل الدنتله بأجرة يأخذنها وكان عدد أهالي البلجيك 5021336 وحينئذٍ فبمقارنة عدد أطفال المكاتب بعدد الأهالي يتحصل طفل على ثمانية أشخاص وأربعة أعشار أو قليل من اثنى عشر في المائة وفي كل مديرية صندوق لمعاش المعلمين يدفع فيه ما يحجز من كل معلم وما تدفعه الحكومة والمديرية ن الإعانة وقد بلغ إيراد التسعة صناديق في سنة 1869 - 208095 فرنكاً ومبلغ المعاشات بلغ في سنة المذكورة 637322 فرنكاً وقد تقرر في سنة 1862 أن المعلمين الذين يتحصلون على شهادة تدل على اجتهادهم في التعليم يكافؤُن بنقود وكتب ونياشين شرف فإنهم أعطوا في سنة 1869 مائة وتسعة وستين مكافأة وصرف لهم من النقود 25250 فرنكاً و184 مكافأة كتب تبلغ قيمتها 9000 فرنك وإبعادية المكاتب والمدارس بلغت 14300518 فرنكاً وما صرف على المكاتب الابتدائية يبلغ تقريباً ثلاثة عشر مليوناً وبتخصيص هذا المبلغ على تعداد الأهالي يخص الواحد فرنكان وستون سنتيما وما دفعته الحكومة من الأربعة عشر مليوناً السابق ذكرها هو 568503 6 فرنكاً وما دفعته المديريات 1633318 وما دفعته النواحي 5258366 وما دفعه أهل الخير 477990 وما تحصل من المخصص على الأهالي 1009951 وأما مصروف المكاتب الابتدائية المعتاد السنوي فهو 7888484 فرنكاً على 324245 طفلاً فيكون المنصرف على الطفل في السنة أربعة وعشرين فرنكاً وقد كان عدد من ليس له معرفة بالقراءة والكتابة من ضمن المنتخبين للعسكرية سنة 1849 أربعين في المائة وفي سنة 1869 صار 24 في المائة وهذه النسبة تقرب

ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية

مما هو في مملكة فرنسا ولكن لا يصدق هذا على المملكة جميعها وقد أتضح من الإحصاءات في هذا الأيام الأخيرة أن نصف المملكة ليس له معرفة بالقراءة والكتابة وبالجملة فجميع الجهات المفوض أمر التربية فيها إلى القسوس درجة الجهل فيها عظيمة جداً ومع أن هذه المملكة تصرف على التربية مبالغ عظيمة لم تتحصل على التقدم المرغوب وما ذلك إلا بسبب أن القانون لم يسوغ جبر جميع لأطفال على الحضور للمكاتب مع تصريحه بأن قسوس الديانة لهم التكلم على هذا الأمر فينبغي لأجل الحصول على الثمرة التي تكافئ ما هو جار صرفه عليها من المبالغ منع تصرف القسوس وجعل الأمر الديني منوطاً بهم فقط فبهذا يحصل بهذه المملكة في زمن قريب ما حصل في غيرها من الممالك المجاورة لها. ورشة حسبو أفندي محمد بإسكندرية هذا الوطني اجتهد في فتح هذه الورشة وأخذ يزيدها آلة فآلة حتى صارت أحسن ورش اسكندرية وليس حسن الورشة هو الداعي لشهرتها وإقبال الناس عليها بل علم هذا الوطني وتفننه هو الذي أوجب الثقة به فأقبل عليه أرباب البابورات والآلات المحتاجة للتصليح أو التجديد وانتشر خبر براعته حتى وصل الحضرة الخديوية العباسية أيدها الله تعالى فأقبلت عليه وابتدأ خدمته لها بعمل طاحونة هواء للماء أحسن صنعها وأتقنها فوقعت عند مولانا الخديوي الموقع الحسن ثم أمر حفظه الله تعالى أن يركب هذا الوطني قزانات وأبور المحروسة وهو عمل لا يسلم إلا إلى مهرة الميكانيكية فنحن نثني

تهنئة

على الحضرة الخديوية الجليلة لعنايتها بأبناء البلاد ومساعدتهم على تقدمهم كما نهنئ هذا الوطني الفاضل بما فاز به من حسن توجهات سيدنا ومولانا ونتمنى له زيادة النجاح وهذه الورشة عند باب السدة بإسكندرية وقد تواتر أن الحضرة الخديوية ستشرفها بالزيارة فعلى الوطنيين أن يقلدوا مولاهم الأفخم في مساعدة أخيهم على اتساع نطاق ورشته بإرسال ما يحتاجون لتصليحه إلهي تكثيراً للفوائد الوطنية فإنه تساوي أعظم ورشة أوروبية بمصر. تهنئة أقام صديقنا الماجد الشيخ حنفي فرغل ليالي أفراح أنجاله وكريمته من ليلة السبت وستنتهي ليلة الجمعة بخير فمن جاء بيته الكائن ببولاق وجده ساحة أُنس وميدان أفراح ومنتزه طرب وقد دعا لولائمه الكثير من الذوات والعلماء والأعيان لا زالت الأفراح تتوارد على باب هذا البيت الفرغلي وكذلك تم عقد اقتران نجل حضرة أحمد بك أبو حمر من أعيان مديرية الغربية على كريمة المرحوم موسى بك ناظر الترسانة سابقاً وقد حضره لفيف من أعيان ووجهاء ثغر اسكندرية وفي المساء كانت الموسيقى العسكرية تطرب الجمهور مع تخت محمد أفندي عثمان المطرب الشهير وكان حضرة إسماعيل بك توفيق قائماً بمقابلة الوفود وبنظام الحفلة وانصرف العموم يدعون للعروسين بالهناء ويثنون على حضرة إسماعيل بك فنهنئ نجل صديقنا بليالي أنسه التي نتمنى دوامها وندعو له بالرفاء والبنيين القول المفيد في آثار الصعيد هو كتاب جمعه جماعة من طلبة دار العلوم العامرة وتصدى لوضعه وجمعه

المنتقد

على هذا النسق الفاضلان الشيخ محمد عاطف والشيخ محمد مهدي وكانا قد توجها إلى الصعيد على وأبورات كوك ضمن ستين تلميذاً من المعارف منهم اثنى عشر من دار العلوم وقد بينا فيه الآثار والمباني والصحاري والأماكن القديمة التي يهم المتفرج معرفتها فجاء كتاباً حافلاً مملوءاً بالفوائد وإننا نرى حسنات طلبة دار العلوم تتوالى بعناية الأستاذ الفاضل العلامة إبراهيم بك مصطفى ناظرها واجتهاد المدرسين الأفاضل فإن هذا الناظر له اليد الطولى في العلوم الرياضية والطبيعية وله حب لتقدم الطلبة في العلوم الشرعية والعقلية وقد نجحت المدرسة في مدته نجاحاً لم يعهد مثله قبل ذلك فهنيء الطلبة بنظارته عليهم ونثني على عطوفة الفاضل المحقق خادم وطنه على باشا مبارك فإنها أثره الشاهد بفضله حفظه الله تعالى. المنتقد جريدة علمية أدبية تصدر كل شهر مرة يحررها الفاضلان المنشآن أحمد أفندي الأزهري ومصطفى أفندي الدمياطي وقد أخذا على أنفسهما انتقاد بعض المواد الكتابية قديمة أو حديثة وبعض العوائد الشرقية والغربية وابتداء النقد الكتابي برواية والعادات بكذبة ابريل ولو فرض إلينا الاشتراك معهما في الرأي لقلنا يلزم أن يكون انتقادها على الجرائد الحاضرة خاصة فنتمنى لها التقدم والنجاح فما ظهرت إلا لخدمة الأفكار بما فيه تنويرها. الكمال جريدة علمية أدبية إخبارية تصدر مرة في الأسبوع لصاحبيها الأديبين توفيق أفندي عزوز وبطرس أفندي وقد صدر العدد الأول منها مشحوناً

ثناء

بالفوائد نجح الله مقاصدها وأعان محرريها على هذه الخدمة العامة ثناء نثني على حضرات الأفاضل محرري جرائد الفارد اكسندري والمؤيد والوطن الونيل والإهرام والاتحاد والفلاح واليوسفور الذين دافعوا عن الأستاذ دفاع المحقين وردوا عنه رد الصادقين كيف وهم إنما يدفعون أراجيف يختلقها عليها المضادون له فلهم منا الثناء الحسن الجميل فإنهم إنما خدموا الأمة برد المفتريات وحفظ الأفكار من وساوس أصحاب الغايات وهذه وظيفة الجرائد متع الله البلاد فيها من النصح والإرشاد. بروجر شاع أن قد وجد في زبالة الحمامات جريدة تسمى بروجر. . مخصوصة بنشر الكذب والبهتان وبالسؤال عن لغتها قيل أنها تطبع بالفرنسية فحصل كدر عظيم لجراءة هذه الكذابة على استعمالها لغة خص أهلها باللطف وحسن الأخلاق وتميزت بين اللغات برقتها وبالبحث على نسخة منها لم نجدها فأوصينا باعة الهلاهيل والبطارخ والكسبة والنشوق الذين يلزمهم الورق عديم المنفعة عسى أن نعثر على نسخة منها فقد قيل أن كذبها لم يسبقها به سابق ولا يلحقها فيه لاحق فكل أيامها أول إبريل وقد ترجانا صديق أن نكذبها بذكر عباراتها والرد عليها فقلت له: لو كل كلب عوى ألقمته حجراً ... لأصبح الصخر مثقالاً بدينار المقطم خصتنا جريدة المقطم بسب شخصي وقذف ذاتي افتراءً فقابلناها بحلم

وكيل تحصيل

الأدباء وصفح الكرماء وصمت الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس. وكيل تحصيل تعين الشيخ أحمد الزهيري من وكلاء جريدتنا المحليين وكيلاً متجهولاً مع وكلاء التحصيل وتسلمت إليه قسائم من الإدارة فالمرجو من مشتركي مديرية الشرقية وغيرها ممن يمر عليهم اعتماده وتسليمه قيم الاشتراك بوصول الإدارة ولهم الفضل. رثاء انتقل إلى رحمة الله المرحوم فوده بك حسم حمدار الآلاي الثالث من الجيش الملغي بعد داء إعياء ألزمه الفراش ثلاثين شهراً وكان رجلاً صادقاً محباً لوطنه قانتاً لم يرتكب المنكرات وقد احتفل بجنازته احتفالاً عظيماً مشي فيه العدد الكثير من الأعيان والذوات والفقهاء وأبناء المدارس إلى قرافة السيدة نفيسة وصلى عليه في مقام السيدة سكينة بنت سيدنا الحسين رضي الله تعالى عنهم وكانت وفاته بعد ظهر يوم السبت عن ستين سنة ووضع في جدثه مودعاً يوم الأحد أسكنه الله تعالى فسيح جنته وأمطره الرحمة والرضوان والهم أه8له الصبر الجميل. وكما نعزي أهل هذا الصديق وأصهاره نعزي صديقنا الفاضل سليم بك رحمي في والدته البارة التقية فقد فارقت الدنيا راغبة في فردوس الآخرة تاركة فاضلاً يواصل الصدقات عليها والدعاء لها فإنه من الأعمال التي لم تنقطع بعد الوفاة رحمها الله تعالى رحمة واسعة وأسكنها فسيح جنته.

ورد لنا هذا الحمل من إنشاء الفاضل الشيخ علي سالم من أفاضل طنطا قال أيده الله تعالى. الحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل وللي يسير فيه بالنيه ... عمره مينضمشي واصل والحق له سكنه واحده ... وألف سكه للباطل وللي يفوت في السير واحده ... دا مذهبه باطل عاطل ياللي هجرت اليوم للذوق ... بالله يا هاجر واصل سيف الحقيقة يودي الطوق ... وفي رقاب الزور فاصل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل يللي تميل نحو يقينك ... اسأل عليه أهل معارف يعطيك كتابك بيمينك ... هو الجهول زي العارف حسك تميل يم مخاوز ... يقل فهمك ويقارف ويسلبك ويقول عاوز ... جنيه مشنير ويحارف واحذر تسير بطريق انثى ... ولاّ جدع حاتف ناتف تلقاه تمام زي الخش ... وللي يشوفه يقول راجل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل حال المزور ما يخفاش ... تلقاه يبيع مجده بلقمه عن الصباح أعمى خفاش ... للزور يفتح في الضلمه أن كان بيستفتاه جاهل ... في مسائله أو عن حرمه يقول له هات أمرك ساهل ... ويركبو في الحال حرمه

ياللي بتنقد في العالم ... ما يعجبك كبر العمه ولا التخين في الناس ما لم ... يكون جليل عالم عامل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل وللي أدعى ما لم يدري ... بالامتحان تكشف حاله وللي يتقيّ من بدري ... قبل الجميع يجمع ماله وللي يزكي بمعاده ... في البحر يحفظ أمواله وللي تساعده أوعاده ... في الناس تكتر عماله يبقى مشرف ومسيد ... والدهر جي في إقباله والناس تقول هذا مسعد ... حقيقة أنه فاضل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل يللي بتعصى للمولى ... والله ذنبك على جنبك وربنا العالي الأعلى ... بكره يواخذك على ذنبك أمشي صحيح وأمسك صابعك ... في كل شيء ترضي ربك وأرعى الجميل واحفظ تابعك ... وَوْعى تبيح بعيوب صاحبك وإن كنت في كربه منه ... دار ربنا يخفف كربك وكل شاطر في فنه ... يقرأ العواقب في الآجل والحق له ناس بالعنية ... وله طريق لله واصل أوعى الجماعة اللي ابتاعوا ... علوم ولكن بالتدليس ياما من التزوير جمعوا ... اهوا رووها عن إبليس وإن رأوا واحد حشاش ... سرح مراته دي الخرسيس

جابوا كتاب بدع الأوباش ... وطلعوا رجعة تفليس وينطقوا جهلاً بالقاف ... ويلبسوا المعنى تلبيس ولهم كلام كله أجحاف ... شرك يقع فيه الجاهل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل وكل قول محدث بدعه ... والبدعه لاشك ضلاله أما الضلاله في جهنم ... والنار عليهم شغاله أما الصحيح قوله يغنم ... في الجنه له ألف دلاله اتبع كلام أهل السنه ... واترك كلام الخماله اللي كلامهم له صنه ... على الخلاف طالع نازل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل أوصيك يا عاقل أن ترجع ... عن الأذيه للأخوان بينك وبين الموت مرجع ... والدهر من عادته خوان شف الحصان لما ينزل ... على لطحونه زي الجان يبقى مفرعن ويزلزل ... ما يلحقه ولاميت هجان أما الطحونه متفكرشي ... ولو دخلها ألف حصان تصبر عليه ما تقلقشي ... أكمنها عارفه الفاضل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل دتقول له مهلاً يا سريخ ... دا بكره تطلع متجرجر يا ما الجمل كسر بطيخ ... هوا كمان كسر اكتر وللي ميقراش في العاقبه ... ويكون بها أدرى أخبر

لابد ما يلقى عقبه ... وأن مشى لازم يعتر وللي يحب الله لازم ... يطيع ولا يفعل منكر ويكون على التقوى ملازم ... أن كان بيرجاه في القابل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل البحر واسع بيموج ... وللي على شطُّه عايم وللي بيمشي ويتعوج ... عن الزمان غفلان نايم وللي مالوش في الناس حرفه ... وفي طريقه السوء هايم أدي الحرامي بالوصفه ... ولو يسج يا دايم تبقى تشوفه في اللمه ... غراب على الرمه حايم ومكسبه وقت الوخمه ... عمال يعربد في الداخل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل أوعى من الشيخ الكذاب ... الي يدوّر عَ الفته وللي بيذكر بالأحباب ... أنا أنا أنتا انته وللي يقول أصل الشرعه ... تهذيب يراه أهل النكته وللي يدور حول البدعه ... ويدور على الناس في لفته ومقصده الذهب الرنان ... يجمع الوفو في سكته ومذهبه هتك العرفان ... ويقول أنا الله دي الجاهل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل أوعى تصدق للكاذب ... ولو يكون من بيت عالي تسمع كلامه كلام عادب ... تملي شايل في العالي

بالله متستفتاس فاسق ... قلبه من التقوى خالي ووعى بقوله تكون واثق ... ولو يكون ابن الحالي واحذر من البدعة تدعى ... على الدوام قدرك غالي وأمشي ورا القرآن وأسعى ... وذق طعام وعظ القايل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل وللي يبيح مرّه بسرك ... أوعى تعاتبه على فعله وارجع لكن عاتب نفسك ... وصن لسانك من أصله وشريك سنه ما تحاسبوشي ... ولو يروح مالك كله وللي مضى ما تعيدوشي ... وللي يسيئك أحسن له ووعى تشيل هم الأرزاق ... والكل يرزق من فضله وأترك حمولك ع الخلاق ... سبحانه حاكم عادل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل شف السكوت كله سلامه ... على الدوام فيها راحه أما الكلام كتره ندامه ... وربما يجر قباحه اسمع وذق طعم الكلمه ... تعرف معاني روّاحه وكن أدوب عالي الهمه ... تبقى معظم في الساحه وإن كنت تحكي في السكنه ... يكون كلامك بفصاحه لازم كمان يا ابن النكته ... عن بعض أشياء نتغافل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل واحفظ مقام صاحبك ديمه ... وإن جنى أعفي عنه

ربما تأتي جريمه ... وتطلب الغفران منه وأوعى تآمن للظالم ... ولو عليك يسيل أمنه لابد يوم يبقى حاكم ... عليك وتنزل في سجنه حسك تنام يوم لعدوك ... اللي العقارب في ذهنه ومقصده أنه يسوّك ... ويعظمك حين يتقابل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل أعدى العدا ما كان لين ... والشر كامن في قلبه يخفي العداوة ويبين ... من الكلام أنك صاحبه لحين يشوف منك فرصه ... يضحك ويظهر لك حبه وبعدها يسقيك غصه ... ويحذفك جوا جبّه آدي العدو ولاّ بلاشي ... اللي الكهانه من دأبه السن يضحك عالماشي ... وتخشىّ قلبه بمشاعل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل وللي يريد يأخذ مالك ... والاصل جالك يضيّف اصبر عليه بكره تخامره ... داهيه تخليه يتأفاف يروح وحبله على ظهره ... ذليل ووشه بيخوف لما يريد ربك سعدك ... تضرب عصاتك متهبف حتى الزمان يبقى عبدك ... وتشوف هناك ضدك راحل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل وللي حفر لأخيه نقره ... لابد فيها يتكربس

وللي نوى أي مضره ... لابد من توبها يلبس والرزق ما هش بالحيله ... ولا بعزمك يا ريس والحق ما فيهشي جميله ... والزور تملي مدّخمس والصدق مركب مشروعه ... تسير ونورها متونس والكذب بدعه مصنوعه ... يلوذ بها الشخص الميل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل الحر يصبر ما يقلق ... والندل ما يشكر خيره والقلب مهما كان يخفق ... من الزعل ما لوش غيره ما كل إنسان في الدنيه ... بين الورى يأكل طيره والناس ما هياش بالميه ... ومن الشجاع تعرف سيره يمكن تشوف واحد مفرد ... كل الأنام تخشى ضيره وله مقام عالي أمجد ... والناس تقول ملاّ عاقل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل أمشي على قدم العباس ... اللي عواقبه محموده ملك وله يوم الميدان ... بالنصر رايات مفروده والعز كله له ديدان ... وله طوالع مسعوده وله على كيد الأعدا ... في الفتح آيات مشهوده ياما نياشين له تهدى ... من الملوك من غير حائل والحق له ناس بالعنيه ... وله طريق لله واصل ودي نصيحه للعارف ... عملتها ساده باده

هدية

على كتافه وقطايف ... والسمن ووفقها بزياده أوعى تقطع وتخالف ... وتسير على غير العاده ولا تسئني بلطايف ... مقطفه عَ اللباده أحسن أنا قلبي عايف ... باش حداده وبداده وحيات أبويا أنا شايف ... كلام ولكن مش قايل الحق له ناس بالعنيه ... ولو طريق لله واصل هدية أهدانا الفاضل وهبي بك ناظر مدرسة حارة السقايين كتاباً من تأليفه سماه مرآة الظرف في فن الصرف وهو كتاب أشتمل على مائة صحيفة ملئت فوائد نحوية وصرفية ولغوية يهم كل متعلم معرفته وقد اعتنى حضرة مؤلفه به كما اعتنة بجميع مؤلفاته الكثيرة الفوائد وفقه الله لمثل هذه الخدمة العامة. وكذلك أهدانا صديقنا الألمعي بشاره بك تقلا كتاباً يشتمل على 182 صحيفة شحنت بالمراثي التي قدمها الفضلاء من أرباب الأقلام وأهل الأدب نظماً ونثراً يرثون بها شقيقه المأسوف عليه سليم بك تقلا مؤسس جريدة الأهرام فبالنيابة عن صديقنا نشكر هؤلاء الأفاضل الذين دونوا تاريخ الفقيد بتعداد محاسنه وآثاره ونثني عليهم ثناءً جميلاً.

العدد 41

العدد 41 - بتاريخ: 3 - 8 - 1893 محمدةٌ عُدت مذمة لا يخفى على أهل العلم أن الزجل من أبواب الشعر كالدوبيت والقوما وكان وكان والموشح موقد تناظر به كثير من الشعراء وافتخر بأحكامه بعض الأدباء حتى عدت صناعته أصعب من قرض الشعر إذا كان مشتملاً على المعاني الغريبة مسبوكاً في قوالب لطيفة فالتفنن فيه من محامد الشعراء لا من مذامّهم وقد كنت أحاول نظم شيء منه في الأيام الخالية فيتعاصى لعدم الباعث ثم اتفق لي أني كنت بمولد سيدي أحمد البدوي رضي الله تعالى عنه سنة 1294 هجرية وكان معي السيد علي أبو النصر والشيخ رمضان حلاوة والسيد محمد قاسم والشيخ أحمد أبو الفرج الدمنهوري فجلسنا على قهوة الصباغ نتفرّج على أديب وقف يناظر آخر فلما فطن أحدهما لانتقادنا عليهما استأنف أخاه إلينا وخصانا بالكلام فأخذا يمدحاننا واحداً فواحداً إلى أن جاء دورهم إليَّ فقال أحدهما يخاطبني

أنعم بقرشك يا جندي ... وإلاّ اكسنا أمال يا أفندي إلا لا وحياتك عندي ... بقي لي شهرين طول جيعان فقلت على سبيل المزح معه أما الفلوس أنا مدّبشي ... وأنت تقول لي ما مشيشي يطلع عليَّ حشيشي ... أقوم أملَّص لك لِودان ثم أخذنا نتبادل الكلام نحو ساعة حتى غلباً عند ما فرغ محفوظهما فلما قمنا وتوجهنا منزل المرحوم شاهين باشا وكنا نازلين عنده جميعاً أخبره السيد على أبو النصر بما كان مني مع الأديبين فلما أصبحنا استدعى شاهين باشا شيخ الأدبية وطلب منه أن يستحضر أمهر الأدبية عنده ووعده أنهم أن غلبوني يعطهم ألف قرش وأن غلبتهم يضرب كل واحد منهم عشرين كرباجاً فرضي بذلك واستحضر الشيخ داود والحاج إسماعيل الشهيرين بعمل الزجل وإنشاده ارتجالاً في أي غرض واستحضر معهما ستة من أشهر الحفظة المقتدرين على ارتجالاً في أي غرض واستحضر معهما ستة من أشهر الحفظة المقتدرين على الارتجال أيضاً وعقد الباشا لذلك مجلساً إمام بيته بطنطا وأجلسني بينه وبين المرحوم جعفر باشا مظهر وقد وقف الناس أُلوفاً والعساكر تدفعهم عنا ثم ابتدأ الشيخ فقال: أول كلام حمد الله ... ثم الصلاة على الهادي ماذا تريد يا عبد الله ... قدَّام أميرنا وأسيادي فقلت أنا أريد أحمد ربي ... بعد الصلاة على المختار وإن كنت تطمع في أدبي ... أسمعك حسن الأشعار

فقال دعنا من الأدب المشهور ... وأدخل بنا باب الدعكه ندخل على أسيادنا بسرور ... ونغنم الخير والبركه فقلت هياّ احتكم في البحر وشوف ... فن النديم ولاّ فنك دلوقت تسمع يا متحوف ... أحسن أدب وحياة دقنك فقال هات مدح في الحضرة على قد: تعمل عمايلك يا منصان ... يابو الشفيفه العسليه يا صاحب الحجل الرنان ... ودي الأمور الحيِليه ماذا تريد من دي الولهان ... قل لي وأسعف أحسن أنا من خمر الحان ... قصدي أرشف وإن كنت تسمح يابو الخير ... يبقى الوصال الدّواليه فقلت المجلس العالي محمود ... فيه الأمارا والأعيان واليومُ دا يومٌ مشهود ... خلعت عليه حلة إحسان شاهين باشا فيه موجود ... حظو أزهر أما المدير هذا المسعود ... جعفر مظهر فإنه في الناس معدود ... من ضمن أرباب العرفان دور مجلس عليه حسن مهابه ... كأنه مجلس سلطان

والحاضرين أهل نجابه ... وينقدوا قول الإنسان اترك بقي شرب الغابه ... وأنشد نسمع وإن كان تغني بربابه ... تطرب مجمع حسن الكلام مثل سحابه ... تمطر على شجر البستان فقال القصد منك يانديمنا ... تعمل زجل هِيله بِيله إلا أنت دلوقت غريمنا ... قصدي أحدفك بالفلفيله وإن كنت تجهل تقريمنا ... اسأل عنا أوعا تعيب في تكليمنا ... وأحذر منا أحسن أوديك لعظيمنا ... يشيّلك الفين شيله فقلت أننا صغرا له نُونُو ... وفي الزجل منتش مجدع اتبع نديم تلقى فنونو ... تأتيك من المعنى الابدع أما عظيمك وجنونو ... يأكل نفسه وإن كان يعارض بمجونو ... يطلب عكسه لأن فني وشجونو ... لكل متعنطظ يردع وبعد أن دار الكلام بيني وبينه في كثير من هذا الوزن قام الشيخ داود وقال: قصدي أقولُ كلاماًيحكي لضمات الزهورهات أشجنا بنظام من فن كان وكان ادخل بنا لمعانكالبكر من خلف الستورفي قلب متحلٍّ

في النظم إلاتقان فقلت اسمع كلام نديممن طيه كل السرور وأعقل نصيحة حبر يدعوك للعرفان لا تستخف بخصم لو كان من أوهى الطيوروأصفح فكل صفوح يعلو على الأعيان وأخش اللئيم دواماًفاللؤْم داع للشرورواحفظ مودة حر في عهده ما خان لا تصطحب بوضيعينزلك عن سرج الظهوروأصحب أخيّ شريفاً وأطلب رضا الأخوان وأنزل ببيت كريمإن كنت ضيفاً في العبور واسمع سؤال فقير أودى به الحرمان هذى نصيحة حرقد جرب الدهر الجسورإن كان يعجب هذا أولا فخذ تبيان فالبحر بحر لآلٍإن قُلدت زانت نحوروالفكر فكر ذكيّ لا يعرف النسيان فأعرض عن كان وكان عجزاً منه وقال هات فخراً على؟؟ يا صبا نجد ورامه ... هجت للمشتاق وجدا كل صبّ في غرامهُ ... ما اشتكى في الليل سهداً عنفوني عذبوني ... ذقت في التعذيب شهداً

والهوى أحرق ضرامه ... كل أحشائي وقلبي فقلت فخر مثلي في بيانُه ... والغبي يفخر بمالهُ والأدب أحسن صفاتي ... فالذكي حسنوُ كماله واللبيب يظهر بعلمو ... والغلام مجده جماله كل قول المرء يفنى ... غير محمود المآثر فقال فخر مثلي في نكايت ... تضحك الشيخ العبوس ألحس المعنى برجلي ... وأشرب القول بالكؤُس لا تلم من قال حظي ... وائتناسي بالفلوس لا تقل زيد وعمرو ... ليس في النحو مفاخر فقلت الفلوس حظ المفلس ... والجعيدي والحرامي والعلوم روض الأكابر ... لطفها في العقل نامي والمضاحك والمساخر ... مالها دخل فْ كلامي كل مضحك بين قومو ... مسخره للمجد خاسر فقال ساعة الحظ وحيده ... عند محبوب وحان لا أُبالي يوم أُنسي ... بالمعاني والبيان منتهى قصدي فلوس ... تملأ البيت بالأوان

إن كيسي أن كيسي ... مجمع الدنيا ولآخر فقلت كل ما في الكيس بفارق ... يادَوُد فاسمع وفكر والفخار والمجد كلوُّ ... في العلوم فاطلب وبكّر وإن تكن شيخ حق عالمٍ ... فامش بين الناس وذكر تحي كل الناس بعملك ... بل ترى المجموع شاكر وبعد مبادلة الكلام في هذا الوزن نحو نصف ساعة قال هات عزلاً على قد: مدود حمارك مطرحو في الغيط ... في جنب بستان الأمير وإن كان يجي لك لدارك أربطو في الحيط ... أحسن يبرطع في الحمير وإن كان مكسر فأنو يمنعك مِن الميط ... وقت السفر في الهجير أوعا حمارك يا فتى أوعاه ... أحسن ما تمشي عَ القدم فقلت من يوم عرفتك والفؤَاد ولهان ... في حسنك الزاهي النصير والخد من دمع العيون ريان ... تجري عليه كالغدير أبيت ليلي بالأرق سهران ... بين الكراسي والسرير وكل وِردي في الدجى آه آه ... من يستطع من يصبرِ دور قلبي المعذب في لهيب الخدود ... والوجد في الأحشا جحيم بالله من أوراك باب الصدود ... لقتل مضناك العديم

أين الوفا يا منيتي بالوعود ... ورقة القلب الرحيم أواه من نار الجفا أوّاه ... لو يعشق الريم يعذرِ دور قد كان لي سعد السعود خدام ... لما التقينا في الطريق وقلت بالحاجب أروح قدام ... وأنت ورايا يا صديق فصرت أنظر للقوام القوام ... وعادل القد الرشيق حتى ملكت الروح وأروحاه ... لو يرجع اليوم ينظرِ دور قال المدلَّع عاشقي ما الحال ... جفني جرح منك الفؤَاد طم من شجي مثلك سباه الحال ... حتى غدا خصم الرقاد قلت أرحمو من في التصابي مال ... عن كل أبواب الرشاد قال أن ترم مني الوصال وصفاه ... هات اليمين الأكبر ثم طلبت منه أن يأتي باليمين من هذا الوزن فوقف فقصدت الحاج إسماعيل فوقف فطلبت من الستة فوقفوا فقال المرحوم شاهين باشا نحسبها لك واحدة ثم قال الشيخ هات غزلاً بمعنى بديع على قد: اهيف رشقني بقوام مثل المران والوجد عذبني بناره فقلت له أقول تحميلة وتقولون أخرى من جنسها فقال هات فقلت: يأهل الصبابا يا عشاق سلوا المشتاق فالعشق مالو غير أهلُه فوقف الجميع ولم يستطع واحد منهم الدخول معي في هذا المضيق فقلت ومشيت إلى آخر الأدوار الآتية:

أشكو إليكم أحزانيبل هجرانيمن أهيف صادني نبُله أهيف بنظره في خدهخدني عبدهوجت سقامي تشهد له وأدمعي نزل تجريتنظر صدريرأت فؤَادي بيرقص له قالت لو اتلفت عيونيقال سيبونيسيد الملاح يعرف شغله ما دمت إني في رقهياخد حقهوأن مال لعتقي من أصله أنا خديم ولاّ أكترالله أكبرالعشق ما ينكر فضله العشق ترياق الأرواحوياّ الأشباحوَنضا الذي طاب لي نهله ما يعرف العشق الأجلافياهْل الأنصافما للعذول يكثر عذله عاقل رأى مجنون يشربحتى يطربفراح شعوره مع عقله ومال لعذلي يتفرَّجبل يدّرّجللعشق لما حان قتله ظن الغرام قصعة فنهفوقها حتهمن لحم قد طاب لو أكله لما رآه سلب الألبابخاف الأسبابوراح يعضعض في نعله وصرت وحدي متهنيأفضل أغنيللحب أن شخشخ حجله أرى النجوم والنار تكويقلبي المشويوالوجد كتفني بحبله قد بعت روحي للفتانمن غير أثمانوبعت ملكي من أجله كيف الخلاص والقلب كسيروالصب أسيروالجفن يجرحني بنصله والشهد في ثغر المحبوبهوّا المطلوبلكن أخاف قرصة نحله خالو يلوح كالشمسيةفي الظهريهوالخد نايم في ظله عزمت وجدي يتعشّىجوا الأحشافجِه بخيله مع رجله والصدر وسع لو النادييا أسياديوالكبد قامت تطبخ له

والعين كبت خمرتهامن فرحتهاوالقلب قابلنا بطبلُه قعد وربّع في صدريوالنار تجريمثل الصواريخ من حلوُله لما رأى روحي وجديأتلف كبديبعث رساله مع رُسله يقول يا مسكين مالكبين حالك عسى يكون عندي حله فقلت يا سيد عبدكمن نار خدك حرق اللهيب جسمه كله أخذت حبيب قلبي النخوهبعد القسوهوجا يغازلني بدلّه خطر ولكن في قلبيبهجة لبيوجاد لمسكيغو بوصله من فرحتي هرولت أبكيمن غير ما شكيوالدمع من كترو بلّه حركت قلبو للرحمهمن دي الفحمهفجاد بياسمينو وفُلّه فقلت أحييت الفاني يا إنسانيالله يجازيك بفضله وكان ما يرجو العاشقغير الفاسقوالسر لا يحسُن نقله وإلى هنا صفق الباش والحاضرون ثم عدنا للزجل المعتاد بما يطول ذكره فإن الشيخ رمضان كتب من زجل هذا المجلس خمسة كراريس وكله محفوظ عندنا لم يضع منه شيء وقد استمرت هذه المناظرة ثلاث ساعات فرجل تكون بديهته هكذا لا يذم بمجلس كهذا بل يمدح فإنه قل أن يدخل معه قوّال في هذا المضيق البديهي ولو أن أصحاب المقطم يعلمون حقيقة هذا المجلس ما قبلوه من المكاتب على أنه ذم فإنه من أحسن ضروب المدح والفخر أما مسألة المنصورة فسنأتي عليها في عدد آخر فإنها لا تقل عن هذه بل تزيد لما فيها من بداهة الشعر الجيد في مجلس خاص بالشعراء وما دعانا لهذا البيان إلا لكون هذه الحالة محمدة عدت

تابع حفظ الصحة

مذمة. ولقد عدل المرحوم شاهين باشا عن ضرب الأدبية وأعطاهم خمسة جنيهات وقد شهد هذا المجلس عدد لا يحصى وناهيك بمجلس يعقد في الشارع في المولد الكبير وقد قلبنا فيه أوزان الزجل وتكلمنا في فنون الشعر الثمانية مع الإسهاب في القول وكنا إذا دخلنا في باب الزجل العادي يتكاثر عليّ جميع الأدباء بسرعة غريبة ومع ذلك فإني لم أقف معهم في شيء وكانت الشروط أن من تنحنح أو بلع ريقه أو سكت بعد فراغ صاحبه عد مغلوباً وقد تناقل الناس هذا المجلس وما قيل فيه حتى بلغ حد التواتر وحفظ بعض الشراء كثيراً من أحماله الأدبية والبديهة تدفع عنا اعتراض مكاتب عاجز عنها فإنها مزلق أقدام فحول الشعراء ومحل أحجام كثير من الأدباء. تابع حفظ الصحة للدكتور أحمد أفندي ذكي المصري وإنما الواجب فعله هو أنه متى شوهد انسداد إحدى الفتحات الخلفية يرسل الطفل إلى الطبيب ليجري فتحها خوفاً من امتصاص الخلط الذي يخرج منها كالبراز مثلاً في حال انسداد الشرج والبول في حال انسداد مجرى البول. وقد يولد الطفل مصاباً ببعض أمراض كالرمد الصديدي البلينوراجي والليكوري والزهري والدرن والسرطان والفتوق. أما الرمد الصديدي فيعرف بحصول احمرار الأجفان وانتفاخها ثم يحصل إفراز من مادة صديدية لو بحثت بالنظارة المعظمة لوجد فيها الميكروب (كائن حي مولد للمرض) المسمي اسنافيلوكوكيس أي ذات الرأُس ومتى استمر هذه الأعراض تصاب القرنية فتلتهب وتتقرح ويحصل فتق قرحي ثم ينتهي الأمر بفقد الأبصار أن لم يتدارك

بالمعالجة وفي هذا المرض يحصل ألم ناخس شديد للأطفال يجبرهم على الصياح الدائم والمشاهد أن هذا الرمد يقطع أدواره الثلاثة وهي دور الهجوم ودور الارتقاء ودور الانحطاط بكل سرعة بحيث لا يمكن تمييز أحدها عن الآخر فيجب على أهل هؤلاء الأطفال المبادرة بمعالجتهم ويكون ذلك باستعمال الغسيل المتكرر بالماء المرشح أو المضاف إليه قليل من عصارة الليمون ويمس باطن الأجفان بمحلول خفيف لعصارة الليمون والأحسن إرسال الطفل إلى طبيب ماهر يفعل له المس بمحلول نترات الفضة أو والغسيل المتكرر بمحلول حمض البوريك أو السليماني أو وأسباب هذا الرمد لم تعلم إلى الآن وبعضهم قال أنه يصيب الأطفال الآتين من أُمهات مصابات بسيلان نوعي ومع ذلك فقد شوهد هذا المرض في أطفال آتين من أمهات خاليات من هذا المرض ونسب إلى وساخة أيدي القابلات ولكن بعد اعتنائهن بتنظيف أيديهن لم تزل تصاب به الأطفال فنسب إلى الكؤل وما شاكله من المواد المهيجة التي تستعملها أهالي بعض البلاد لتنظيف الطفل وهذا أيضاً غير مقبول والجمهور يقول أنه مرض يأتي من العدوى ومتى وجد ميكروبه في العين أحدث الأعراض السابق ذكرها. وحيث أنه معد فيجب بعد الأطفال عن الطفل المصاب به وكذلك يبعد غيرهم من المتقدمين سناً ويعتني بالنظافة جيداً ويمنع الذباب من وصوله إلى عين الطفل المصاب فإنه يحمل برجليه القذى المحتوي على الأصل المعدي ويوصله إلى عين شخص آخر. أما الرمد البلينوراجي أي الآتي من السيلان النوعي فإنه يأتي للطفل حال ولادته إذا كانت أُمه مصابة بسيلان نوعي وأعراضه كأعراض الرمد

الصديدي ويحتوي على ميكروب يسمى جوتوكوكيس وهذا الرمد أكثر شدة وألماً من الرمد الصديدي ومواد إفرازه أقل ميوعة من الأول وإتلافه للعين أن أهمل يكون في زمن أقل من زمن الصديدي ومعالجته كمعالجته - أما الرمد الليكوري أي الآتي من السيلان الأبيض فإنه يصيب الطفل حال ولادته متى كانت أُمه مصابة بسيلان أبيض وأعراضه أخف من أعراض الصديدي والبلينوراجي والمعالجة واحدة. أما لزُهري الوراثي فإنه أما أن يصاب به الطفل في الرحم ويولد به وأما أن يصاب به بعد الولادة بأسابيع أو أشهر وقد لا يظهر إلا في سن البلوغ ويصاب الجنين به إذا كانت الأم مصابة به حال تكوُّن البيضة وإذا كان أبوه هو المصاب فيأتي للجنين حال تلقيح المنيّ للبيضة التي يتخلق منها لجنين أي أنه يكون في المنيّ نفسه وقد تصاب الأم بالزهري قبل الولادة ببعض أيام وتظهر عندها القرحة في مزلق الطفل فند نزول الجنين يحتك بالقرحة ولرقة جلده يدخل الفيروس الزهري في جسده فيصاب به وقد يتفق إصابة الأبوين معاً أو أحدهما بالزهري ولا يصاب به الجنين وذلك إذا كانت إصابة الوالدين قديمة جداً. وإذا ولد الجنين مصاباً به تظهر عليه هيئة حويصلات نفاطية خصوصاً في أخمص القدمين وراء حتى اليدين ثم تتفجر وتترك الجلد متعرياً وقد يصحب ذلك طفح زهري يمتد إلى أعضاء التناسل فيحدث تشققا في الشرج يحصل منه ألم للطفل وقت التغوط وقد تتولد لطخ مخاطية في الفم فيعسر إرضاع الطفل وضحكه وبكاؤُه وقد يحصل تقرحات متسعة في الجلد أو الأغشية المخاطية فتتآكل وتتآكل معها الأنسجة حتى تصل إلى العظم

باب الأدبيات

ويعالج الزهري الوراثي بدلك الجسم بالمرهم الزئبقي بأن تؤخذ منه قطعة قدر القمحة ويدلك بها الفخذ الأيمن ابتداءً دلكاً جيداً وفي اليوم الثاني يدلك الفخذ الأيسر مثلاً وفي اليوم الثالث يدلك الزراع الأيمن وهكذا ثم يعطي هـ من الباطن المركبات الزئبقية كالزئبق الحلو أو السليماني أو ثاني يودور الزئبق أو ألخ ويغيّر على القروح بحسب ما يناسبها ويلزم استحمام الطفل الآتي من أبوين زهريين يومياً لأن النظافة تسهل التبخير الجلدي بإزالتها الأوساخ التي لو تراكمت لهيجت الجلد المستعد للتقرح أو التسلخ من أقل سبب. ويجب تجنب العادة القبيحة المستعملة في مصر وهي عدم غسل الطفل الآتي من أبوين زهريين إلا بعد مضي سنة فإنها من أضر العادات إذ لا يخفى أنه يعدم الغسيل تتراكم الأوساخ على الجلد فيمتنع التنفس الجلدي فيتراكم حمض الكربونيك فيتلف الدم فيحدث فساد في التغذية العمومية للأنسجة فيضعف الطفل ويصير عرضة لظهور أعراض الزهري الخبيث وبمخالطة الأوساخ للجلد يصاب الطفل بجميع الأمراض الجلدية أيضاً. باب الأدبيات نفتح هذا الباب بكتاب نضعه للمطارحة ترويحاً للنفوس وقد وضعنا له المقدمة الآتية ليكون مستقلاً عند الفراغ منه وهي بسم الله الرحمن الرحيم بعد حمد الله تعالى والصلاة والسلام على أشرف رسله سيدنا محمد وعلى

آله وصحبه فهذا كتاب أفقر العباد إلى مولاه الكريم. عبد الله النديم الإدريسي الحسني الأشعري. الشافعي الخلوتي الأسكندري. سميته نظم (ألف باب لمطارحة الألباّ). ورتبته على حروف أب ت ث ألخ ملتزماَ بدء كل بيت بحرف بابه آتيا بالقافية على بقية الحروف غير ملتزم بحراً من أبحر الشعر لما في ذلك من السآمة والملل ورمي المطارح بأنه يحفظ قصيدة واحدة ولم ألتزم التزام الارتقيات لما فيها من التكلف ولمنع دخولها في المطارحة سالكاً بالنظم مسلك الأمثال في غالبه وقد آتى في بعضه بمدح أو غزل أو هزل ترويحاً للنفس مذيلاً كل حرف من الحروف العشرة القليلة الاستعمال بعشرين بيتاً والحروف هي ث خ ذ ز ش ص ض ط ظ غ وبإتمام نظمه يكون مجموع ما فيه 1041 بيتاً وهي كفاية لمجالس متعددة خصوصاً إذا ضم إليها ما يحفظه المطارح من غيرها وقد أخبرني شقيقي السيد عبد الفتاح أفندي النديم أنه رأى كتاباً للمرحوم العلامة الفاضل عبد الله باشا فكري في هذا الموضوع فكدت انثني عن عزمي لولا أنه قال أن ذلك من منقوله لا من مقوله كهذا فلذلك عدت للعزيمة وأنشدت حرف الألف الحمد الله البديع الأول ... من انشأ الأكوان طُرا كيف شا أوحى إلى خير الورى قرآنه ... يهدي به الأكفار والألبابا أنواره كالشمس تهدي مؤمنا ... كي لا يرى في زمرة الأموات آياته الحق المبين المرتضى ... من هديه تنأى العقول عن العبث أضرب بها شكاً وظناً واتبع ... للحق أمراً ترتقي أعلى درج

أحسن إلى الاعداء تجذب قلبهم ... واصفح عن الزلات تعرف بالسماح أن رمت أن تدري الوجود وما به ... جبُه بحسن قراءة التاريخ أيام سعدك فرصة فاجعل لها ... شكر الإله وسيلة تتجدد إن كنت تدعى سيداً في معشر ... كن للجميع من الخطوب معاذا اسأل عن الأحساب قبل الإصطفا ... واستفت فعل المرء تظفر بالخبر أقبل على الملهوف بالوجه الذي ... ترضاه إن كنت اللهيف المعُوِزا اصبر على صرف الزمان فإنه ... أمر يدور على جميع الناس أكرم ذوي الهيئات عند سقوطهم ... وأرفعهمُ عن خطة الأوباش أشرب كؤُس الصبر أن ... رمت النجاة من الغصص أترك جميع الناس أن ... كنت الذي يخشى المرض أيام دهرك كلها ... تأتي على هذا النمط أدبار يوم واحد ... يُنسى النعيم وكلّ حظ أسأك من والى عدوك لحظة ... وسرك من زار الصديق بلا وجع أجرت إذا كنت الدليل لخائف ... يريد مجيراً عاقه الخصم أو بلغ أجب لم تسُد بالعلم أو أصل عزة ... أو الجود أو عقل فأنت رقيق أُصول مجدك لا تُعليك مرتبة ... وكل فعلك بين الناس متروك إذا كتبت فأوجز مظهرا غرضاً ... وأجعل كتابك رأساً ما له ذيل أذاقك الفضل من أولاك مكرمة ... فكن شكوراً تحرك هِزّة الكَرَم أجد جوابك في وقت الجدال تسُد ... فجوهر اللفظ للألباب عنوان

الطاف الله لها مَدد ... يأتيك لتنجو من شُبه أقبل عذر المغلوب ولا ... تبخل بالعفو تنل صفوا ابدأ أهل الإحسان بما ... يرضون تنل منهم أملا اختم بالخير مطارحة ... واردد منشورك للطيّ حرف الباء باسم الإله تسهّل الأشياء ... وتنال بعد إبائها العلياء بعث النبي مؤيداً في شأنه ... فدعا إليه ونور الألبابا بادت به زمر الردى وتعززت ... فرق الهدى بالنصر والآيات باعوا النفوس فعوضوها جنة ... مُدت لها الأعناق من كل الجثث بالله أن السابقين تدرعوا ... بالصبر حتى أعدموا كل الهمج بات العذول بوصل الحب في خبل ... يقلب الفكر حتى جاءه الصبح بارت تجارة من يمشي على دغل ... بين الرجال ولم يرجع بتوبيخ بدر التمام وقد حفته هالته ... أدنى ارتفاعاً من المغمور بالمجد بعر الجمال على تلٍ بمزبلة ... أعلى اعتباراً من الغالي لأستاذ بادل الأفكار مصقول النهي ... تلتقط من رأيه أغلى الدرر باطل الأقوال يردى ربه ... بين أهل الحق مارَى أو عجز بارز الشجعان وأحذر خدعةً ... وأسهر الداحي إذا كنت الحرَس كل علم جاَء في سن الصبا ... فوق لوح الفكر يا صاح انتقش بعدتَ وقلبي بين جنبي خافق ... فإن ثبت الهجران طار من القفص بُقول أراضي النز يكره أكلها ... فإن أُكلت حُم المكابر وانتفض

منقبة

بغيضك من تلقى الصدور بذكره ... تضيق فحاذر أن تكلفها الشطط بلاء جميع الناس في خطأ الحجا ... وصبحة أرباب البلادة والغلظ برّ الوصول وجانب قاطعاً أشراً ... وألزم نصوحاً له في النصح إبداع بعد العلو إذا زاحمت من سفلوا ... سلواك عبد وصناع وصوّاغ بين النفوس وبين الفضل مضطرَم ... لايصطليه من الطلاب إجلاف بسم الحبيب رسول للوصال فإن ... أو ما بلحظ فقد حياك أشفافا باب المعالي ظاهر ... لكنه فوق الفلك بحر المعاني زاخر ... من خاضه يأبى الملل يظن الأماني واسع ... ما شقه إلا الهمم بيع المحيا بالُّلهي ... موت تعجله المنن باذل الأموال فضلاً ... لا تُبخّله بمهْ بادر المأمول تغنم ... قبل أن تعييك لو بدّل السُوآى بحُسنى ... تلقى كل الناس أهلاً بعد برءٍ من غرام ... لا تقل سُعدى ومَى منقبة من محاسن أمير المؤمنين وخليفة الله في أرضه سيدنا ومولانا السلطان عبد الحميد أيده الله تعالى صدور أمره السامي بصرف تسعين ألف قرش وخمسمائة برسم ترميم مقام ابن بينت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سيدنا ومولانا الحسين رضي الله عنه بكربلأ عناية منه بهذا الضريح الشريف

الذي هو محل تنزلات الرحمة فنقدم الشكر للحضرة السلطانية الجليلة والثناء الدائم على الذات الشاهانية المنتشر ظلها في على الممالك العثمانية المحروسة أيدها الله تعالى. كذلك علمنا من أخبار نابلس أن عطوف تلو حسين أفندي متصرفها شرع في ترميم مسجد سيدنا زكريا وهو مسجد كائن بسبسطية من أعمال نابلس كان في العهد السابق كنيسة للسامرة وأخذه يوسف صلاح الدين وصيره مسجداً إلى الآن وهو بني بناءً محكماً بالأحجار الضخمة ولكن بابه الشرقي تهدم وكذلك الباب الغربي آيل للسقوط وقد بسطنا الكلام عليه في رحلتنا الشامية فتجديد هذا المسجد يعد من محاسن عطوفة المتصرف وقبر سيدنا زكريا في مغارة ينزل له بدرج ويقال أن جسد سيدنا يحيى معه فقد اشتهر أن رأسه الشريف بجامع دمشق وذراعه ببيروت وبقية جسده بسبسطية ويوجد قبر بمقبرة اليهود بالقدس الشريف على صورة هرمية تقول له العامة طرطور فرعون والبعض يقول أنه قبر سيدنا زكريا عليه السلام والصحيح أن قبره بسبسطية وحيث أن همة عطوفة المتصرف تعلقت بتجديد هذا المسجد الذي بنيت دور سبسطيته من أحجاره فنرجوه أن يجدد مسجد سيدنا يعقوب الكائن أما قبر سيدنا يوسف بنابلس على ما اشتهر فإن هذا المسجد تهدم ودفنت عمده في التراب ولكن بقي منها ثلاثة ظاهرة وأثر محرابه يرى بالعين وبجواره بئر يعقوب التي وقف عليها المسيح عليه السلام واستقى من السامرية كما هو منصوص في الإنجيل وقد اشترى بعض أهل نابلس قطعة ارض بجار هذا المسجد وجعلها بستاناً ولكنه أدخل قطعة منه وما يريد إلا إعفاء أثره فنرجو من جرائد طرابلس وثمرات الفنون وبيروت أن تنبه على

من أحد السوريين

ذلك وتستنهض همة عطوفة المتصرف للمحافظة على هذا الأثر القديم فإن ذلك مما يهم الأمم الثلاث الإسلامية والإسرائيلية والمسيحية وهو مسجد صغير يكفي لإقامته عشرون ألف قرش وعسى أن تتحرك همة بعض رجال الخير في الآستانة للعرض عن ذلك لأعتاب مولانا الخليفة الأعظم فإننا على يقين من صدور أمره العالي بتجديده أن رفع أمره إلى مسامعه الكريمة حفظه الله تعالى. من أحد السوريين صورة ما ورد لا من أحد نابغي السوريين المسيحيين بمدينة بطرسبورج عندما أرسلت إليه جريدة الأستاذ بناء على طلبه قال بعد العنوان بعد الإطلاع على مضمون العدد 35 من مجلتكم تحققت أنكم لا تزالون على خطتكم الوطنية العربية التي بها وبنشرها بني كل ناطق بالضاد يقطع النظر عن اختلاف الأديان والأخلاق حتى تتقدم الوحدة العربية وتقف أمام صدمات الأعداء من جميع الأوجه. هذا ولما كنت ممن يوافقكم قلباً وقالباً على هذا المبدأ الوطني ولا يتوخى سواه بعثت بهذه الدراهم (سبع روبلات روسية ثمن الفرد منها 14 قرشاً) طلباً للاشتراك بمجلتكم الغراء التي لابد أنها ستصبح آجلا أو عاجلاً آلة فعالة لبث هذه المبادئ الوطنية العربية بين أفراد الأمة العربية التي لا ينقصها أمر سوى جمع شتاتها تحت راية هذه الوحدة فالأمل م وطنيتكم المعروفة والمشهود بها حتى لدى أعدائكم أن تبعثوا لنا عند استلام هذا التحرير ما صدر وما سيصدر من أعداد مجلتكم الغراء لحولها الأول ونحن نعدكم بترويج مجلتكم بين الأهل والأحباب من إسلام ونصارى وذلك بحسب الاستطاعة ثم إرسال ما سطعنا كتابته من المقالات

لا حر في الدنيا بل الكل رقيق

العلمية وغيرها مما يتعلق بالأمة العربية وما يوافق ذوق أبناء الشرق ومشتركيكم الأدباء إلى أخر كتابه والإمضاء محفوظ. فهذا الكتاب يرد على من ينسبون الأستاذ إلى التعصب الديني أو إلى تفريق الكلمة الشرقية فأعداده شاهدة بأنه ما حام حول هذا المقصد وما اختزله الغير منه إنما فعل مثل ما فعل رجل رأى في كتاب لعدوه أنه يعتقد أن لا إله إلا الله فقال ورأيت في كتابه أنه يعتقد ألا إله والحقائق لا تستر إلا بقدر ما ينجلي الحق ويظهر ظهور الشمس للعيان ولو قال هذا الفاضل أننا ننادي بحفظ الوحدة الشرقية من عرب وعجم وترك وجركس وكرد وأرمن وغيرهم على اختلاف الدين لأصاب الغرض فإننا ننادي بها لا بالجامعة العربية وحدها. لا حر في الدنيا بل الكل رقيق وردت لنا رسالة بهذا العنوان من إنشاء الكاتب الماهر مصطفى أفندي أحمد أحد المقبولين في امتحان اللجنة المستديمة قال: ما سود المداد وجه القرطاس بكلمة انخدع بها الإنسان مثل كلمة حرية التي اعتبرناها كلمة حق بغير ترو وأخذنا نبني عليها بيوتاً أو هي من العنكبوت وقاد التصور الوهمي بني الإنسان فأهدروا دماءهم خف هذه الكلمة المشؤمة مع أنها لا وجود لها إلاّ في الأوهام وقد أساء الكتاب والعلماء الذين بنوا عليها أموراً تخيلية ودليلنا على عدم وجدودها أن الكواكب السيارة وسيارة السيارة والثوابت (أي ثبوتاً نسبا لا إنها ثابتة بالفعل) لا تتحرك بذاتها ولا تثبت بذاتها بل الذي يدفعها للحركة عامل قائم بذاته وهو الجاذبية المخلوقة

لله تعالى وهذا أمر لا ريب فيه فإذا كان كذلك كانت هذه العوالم خاضعة لقوة لا تقدر على مقاومتها فهي منقادة لها بحكم القهر والغلبة فهي رقيقة لا تعرف الحرية ولا تقرب منها. ونرى السحاب لا يسير إلا بحكم الهواء عليه فيمشي معه إنيّ سار ولا يمكنه مخالفته فهو عبد للهواء يسير بسيره. وإذا تأملنا حالة الهواء الناتج من دوران الأرض نجده يسير سيراً مستقيماً ما لم تعارضه قوة ثابتة كالجبال والسدود الخلقية فيكون الهواء منقاداً لقوتين قوة دفعه التي بها يسير وقوة الجبال التي تحوله من مجراه إلى مجرى آخر فهو رق لهاتين القوتين. وهكذا بقية العوالم نجدها منفعلة لفاعل قاهر متسلط عليها بالقهر والتسخير. والإنسان وجد على ظهر هذه البسيطة وأخذ يناضل عن الحرية ويدعى البعض أنه حر مطلق التصرف ولو أمعن النظر لوجد نفسه عبداً مقيداً بسلاسل العبودية لا يستطيع فراراً من سلطاتها ليس بينه وبين الحرية وصلة ولا فرق في ذلك بين الغني والفقير والملك والمملوك والصغير والكبير فإن الجميع مستورون في العبودية وهكذا الطيور والحشرات وجميع الحيوان والنبات. فإن قيل إننا لا نجد من الاستعباد شيئاً بل نحن أحرار قلنا أنتم مقيدون بقانون الآداب وعبيد لسلطان العلم أن كنتم علماء وأرقأ للمنكران أن كنتم جهلاء والكل عبد للجوع والعطش والحر والبرد والنوم والسهر والحب والبغضا والحزن والفرح والصحة والمرض وغير ذلك مما يطرأ على الإنسان فأولى بكم أن تنبذوا هذه الأوهام وتتحققوا أن لا حرية في الوجود فما فيه غير عبيد كلما تخلصوا من قيد ارتبطوا بقيد آخر وأن كان هناك من ذاق طعم الحرية خالياً من الطوارئ والعوارض فليأتنا بإنبائه إن كان

من الصادقين. (الأستاذ) لم ينظر الكتاب للحرية من هذه الحيثية وإنما هم ينظرون إليها من حيث التصرفات الشخصية فإذا وجدوا أمة تبيح تمتع كل إنسان بماله وتصرفه في أقواله وأفعاله التي لا تمس القانون قالوا أنها أمة حرة تحب الحرية وأن رأوا أمة مستبدة تحب الانفراد بالرأي ولا تبالي بالظلم في جانب غرضها الذاتي قالوا أنها أمة ظالمة محبة الاسترقاق فلا تمكن أحداً من التصرف في أمواله وأقواله وأفعاله إلا إذا كان في ذلك فائدة لها وهذا الذي جرت فيه أقلام العلماء في تعريف الحرية الإنسانية وعلى هذا فالحرية توجد في أمة باعتبار قانونها الحر وتعدم في أخرى باعتبار استبدادها والكلام في هذا الباب كثير سبقنا لتحريره جمع من الفضلاء أما ما ذكرتموه من خضوع بعض العوالم إلى البعض الآخر فهذا أمر يتوقف النظام عليه فلا تصلح الناس فوضى ولا الطبائع مسترسلة بل لابد من قواسر تقف بها المنفعلات عند حدودها وحوافظ تربط العوالم ربط وقاية وانتظام وفعل الله تعالى منزه عن العبث فما من فاعل ومنفعل إلا ووجوده لحكمة تارة نعرفها وتارة نجهلها لغموضها عن إفهامنا فراجعوا أنفسكم في ارتباط السفلى بالعلوي وتوقف وجود هذا على سبق وجود ذاك تجدوا أن الحرية المرادة لكم في العوالم غير ممكنة لوقوع الكون في التشويش والتعاكس إذا انعدمت الروابط وكان كل شيء فاعلاً بذاته غير منفعل ولا متأثر بغيره فلابد من الارتباط والانفعال بالجذب والتأثر ذلك تقدير العزيز العليم.

سؤال

سؤال هل يتيسر للأستاذ وضع جدول يتضمن أسماء الخلفاء ومددهم وأسنانهم ووفاتهم من سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه إلى آخر خيفة عباسي كان يمصر فإن أمكن ذلك فليتفضل بنشره وله الفضل محمود محمد بإسكندرية الجواب نعم أن ذلك متيسر على ما حرره المؤرخون فقد اعتنوا بشأن الخلافة والقائمين بها نم العرب إلى أن أفرغت إلى العائلة العثمانية التركية القائمة بأمر الأمة الآن ومن تحريرهم أخذ الجدول الآتي وفيه الجواب بأحسن بيان. مدة الولاية أيامشهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء 00 3 2 11 13 63 22 جمادى الأخرةأبو بكر الصديق رضي الله عنه أول الخلفاء قيل مسموم 5 6 10 13 23 63 27 ذي الحجةعمر بن الخطاب رضي الله عنه شهيد 22 11 11 23 35 80 15 ذي الحجةعثمان بن عفان رضي الله عنه شهيد 00 9 4 35 40 63 رمضانعلي بن أبي طالب رضي الله عنه شهيد 27 5 00 40 50 47الحسن بن علي رضي الله عنه مسموم بعد تنازله

مدة الولاية أيامشهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء 00 03 19 41 60 75 غرة رجبمعاوية بن أبي سفيان 00 06 03 60 64 35 ربيع الأوليزيد بن معاوية 10 01 00 64 64 23معاوية بن يزيد خلع نفسه 00 10 00 64 65 63 شهر رمضانمروان بن الحكم قتلته زوجته 00 00 21 65 68 63 15 شوالعبد الملك بن مروان 22 00 09 64 73 73عبد الله بن الزبير في وسط مدة عبد الملك 00 07 09 86 96 42 15 جمادى الأخرةالوليد بن عبد الملك 05 05 02 96 99 39 20 صفرسليمان بن عبد الملك 00 05 02 99 101 40 رجبعمر بن عبد العزيز 00 01 04 101 105 40 25 شعبانيزيد بن عبد الملك

مدة الولادة أيامشهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء 21 09 19 105 125 55 6 ربيع الآخرهشام بن عبد الملك 22 02 01 025 126 42 28 جمادى الأخرةالوليد بن يزيد ابن عبد الملك قتيل 12 05 00 126 126 42 ذي الحجةيزيد بن الوليد بن عبد الملك 10 02 00 126 127 00إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك خلع 10 02 05 127 132 56 27 ذي الحجةمروان بن محمد قتل 00 08 04 132 136 33 13 ذي الحجةعبد الله السفاح أول خلفاء بني العباس من مدته ثمانية شهور كان يقتل فيها مروان 06 11 21 136 158 63 6 ذي الحجةأخوهُ أبو جعفر المنصور أبن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب 00 01 10 158 168 43 22 محرممحمد المهدي ابن المنصور

مدة الولادة أيامشهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء 00 03 01 168 170 026 15 ربيع الأولموسى الهادي ابن المهدي قتله الجواري 18 02 23 170 193 047 3 جمادى الأولىهارون الرشيد ابن المهدي 05 08 04 193 198 028 24 محرممحمد الأمين ابن هارون قتل 23 05 20 198 218 049 18 رجبعبد الله المأمون ابن هارون 02 08 08 218 226 047 18 ربيع الأولالمعتصم بالله ابن هارون 05 09 05 226 232 032 24 ذي الحجهالواثق بالله هارون ابن المعتصم 03 10 14 232 247 040 4 شوالالمتوكل على الله جعفر ابن المعتصم قتله ابنة بواسطة خدمه 02 06 00 247 248 025 25 ربيع الآخرأبو جعفر المنتصر ابن المتوكل بن المعتصم 00 09 02 248 252 031 رمضانأحمد المستعين ابن محمد ابن المعتصم قتل بعد خلعه وعودته فصافي مدته ما ذكر

مدة الولاية أيامشهورأعوام سنة الولايةسنة الوفاة السناسم الشهرأسماء الخلفاء 23 06 04 252 255 024 2 شعبانمحمد المعتز ابن المتوكل خلع وقتل بما في مدته أيام وجوده في عهد المستعين 15 11 00 255 256 038 18 رجبمحمد المهتدي ابن الواثق بالله قتل بعد تقطيع أطرافه 00 06 23 256 279 050 19 رجبالمعتمد على الله أحمد ابن المتوكل 13 09 08 279 289 047 22 ربيع الآخرأبو العباس المعتضد بالله أحمد ابن الموفق ابن المتوكل 19 06 06 289 295 033 ذي القعدة أبو محمد المكتفي بالله على ابن المعتضد 00 00 00 295 000 000أبو الفضل جعفر المتقدر ابن المعتضد ثم خلع 01 00 00 296 296 050 20 ربيع الأول المنتصف بالله عبد الله ابن المعتز ابن المتوكل قتل ليومه 00 00 00 296 317 000عود المقتدر بعد قتل ابن المعتز ثم خلع مرة ثانية 02 00 00 296 296 000القاهر بالله محمد بن المعتضد خلع 16 11 24 296 320 038 27 شوالعود المقتدر ثم قتل

مدة الولاية أيامشهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء 08 06 01 320 322 00القاهر بالله محمد ابن المعتضد خلع وسملت عيناه 10 10 06 322 329 32 15 ربيع الأولأبو العباس الراضي بالله أحمد ابن المقتدر بالله 18 05 03 329 333 00 صفرإبراهيم المتقي لله ابن المقتدر خلع وسملت عيناه 00 04 01 333 334 00 22 جمادى الآخرةأبو القاسم المستكفي بالله عبد الله ابن المكتفي بالله ابن المعتضد خلع وسملت عيناه 00 05 29 334 363 00 15 ذي القعدة أبو القاسم المطيع لله الفضل ابن المقتدر 06 08 17 363 381 76أبو الفضل عبد الكريم الطائع لله ابن المطيع لله خلع ومات بعد خلعه بمدة 20 03 41 381 422 86 ذي الحجة أبو العباس القادر بالله أحمد ابن اسحق ابن المقتدر 00 08 44 422 467 76 13 شعبانالقائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله ابن القادر بالله 28 07 19 467 487 38 15 محرمالمتقدي بأمر الله عبد الله بن محمد ابن القائم بأمر الله

مدة الولاية أيامشهورأعوامسنة الولاية سنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء 11 03 24 487 512 41 16 ربيع الآخرأحمد المستظهر بالله ابن المقتدي بأمر الله 20 06 17 512 529 43 17 ذي القعدة المسترشد بالله الفضل بن المستظهر بالله قتل 18 09 02 529 532 47 25 رمضانأبو جعفر الراشد بالله ابن المسترشد بالله خلع وقتل 16 03 24 532 555 67 2 ربيع الأولمحمد المقتفي بأمر الله ابن المستظهر 16 00 11 555 566 56 9 ربيع الآخرالمستنجد بالله يوسف بن المقتفي بأمر الله 00 07 09 566 575 39 2 القعدةأبو محمد الحسن المستضيء بأمر الله ابن المستنجد بالله 28 10 46 575 622 70 غاية رمضانالناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بالله 14 09 00 622 623 00 14 رجبالظاهر بأمر الله محمد بن الناصر لدين الله 03 11 16 623 640 51 10 جمادي الثانيأبو جعفر المنصور المستنصر بالله ابن الظاهر بأمر الله 10 06 15 640 656 00 20 محرمالمستعصم بالله عبد الله بن المستنصر بالله قتله هولاكو التتاري وهو آخر بني العباس ببغداد

مدة الولاية أيام شهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهرأسماء الخلفاء العباسيون بمصر سقط ستة أشهر مدة الهرج 07659 660 أولهم أحمد المستنصر بالله ابن الظاهر ابن الناصر بايعه الظاهر بيبرس في 13 رجب سنة 659 04 40 660 7018 جمادى الأولىالحاكم بأمر الله أحمد بن الحسن بن أبي بكر بن الحسن أبي علي بن جعفر الراشد بالله الخ 01 39 701 740شعبانالمستكفي بالله سليمان ابن الحاكم المتقدم نفي إلى قبرص وبها مات 05 01 740 742 الواثق بالله إبراهيم بن محمد بن الحاكم بأمر الله خلع 07 11 742 753رجب الحاكم بأمر الله أحمد بن المستكفي بن الحاكم الأول تولى وخلع ثم عاد 01 10 753 763 المعتضد بالله أبو بكر بن المستكفي بالله 763 785خلعالمتوكل على الله محمد بن المعتضد بن المستكفي وسنذكر مدته بعد عودته

مدة الولاية أيامشهورأعوامسنة الولايةسنة الوفاةالسناسم الشهر أسماء الخلفاء 04 03 785 788خلع 28 رجبالواثق بالله ابن إبراهيم ابن ابن محمد المستمسك بالله ابن الحاكم 01 03 788 791 المعتصم بالله زكريا بن إبراهيم المتقدم 02 45 791 808 عودة المتوكل بن المعتضد ومدته في الخلافتين 04 07 808 815 المستعين بالله العباس ابن المتوكل خلع وأعيد 30 815 845 المعتضد بالله داوود بن المتوكل 09 845 854 المستكفي بالله سليمان بن المتوكل 11 04 854 859 القائم بأمر الله حمزة ب المتوكل خلع 25 859 884 المستنجد بالله يوسف بن المتوكل 03 19 884 903 عبد العزيز المتوكل على الله بن يعقوب ابن المتوكل الأول 903المستمسك بالله يعقوب بن عبد العزيز وهو أخرهم ومدته مجهولة

العدد 42

العدد 42 - بتاريخ: 10 - 8 - 1893 مذهب النباتيين النباتيون هم القائلون بتحريم ذبح الحيوان لأية مصلحة كانت ويرون أن الإنسان من الحيوان وكل حيوان إنما يعيش بالتغذية بالنبات فالإنسان مفطور كذلك على التغذي بالنباتات والأثمار والألبان والبيض وأكله اللحم أمر عرض عليه لم يكن من فطرته ولا عادته وهو مذهب قديم في العالم كتبت فيه كتب وعللت فيها أحكامهم بعلل شتى والنفس تشتاق للوقوف على هذا المذهب وأحكام أهله وقد أطلعنا حضرة الفاضل السيد محمد عبد الواحد الطوبي على رسالة فيه فأحببنا نشرها بعد التصرف في عبارتها تصرفاً يكسرها ثوب إنشاء سهل التناول ومن عباراتها يظهر أنها لأحد المسيحيين المنشئين ولا يخفى على أهل العلم والفضل أن كثيراً من المتقدمين كان يميل لهذا المذهب كأفلاطون وفيثاغورس وكذلك وجد في المتأخرين من أخذ به كأبي العلا المعري ولقد وصف له الطبيب لحم الفراريج في مرض

موته فطلب أهله ذبح ديك عندهم فهرب منهم ودخل عليه فأمسكه وصار يمسحه ويقول له روّعوك وأبي عليهم ذبحه ووجد في اليونان جماعة يقال لهم الأعشابيون لهم بقية إلى الآن وإذا نظرنا إلى كثير من سكان القرى والأودية والصحارى نراهم يعيشون على أكل الخبز والخضر والثمار واللبن والبيض من غير أن يتمذهبوا بهذا المذهب وربما كان فيهم من لا يأكل اللحم إلا في عيد أو فرح فحكمه حكم من لم يأكله تمذهباً للندرة ولوقوف القراء على هذا المذهب وعلله ننشر الرسالة طالبين من أفاضل الأطباء الأجلاء كالنطاسي سالم باشا سام وحسن باشا محمود وصدقي باشا ودري بك وبدر بك وغيرهم ممن هو في طبقتهم أو دونها من تلامذتهم أن يوافونا بشرح للأغذية النباتية والحيوانية نقضاً لمذهب النباتيين أو تأييداً له ليقوم الأستاذ مقام مبلغ عنهم يتلو على الناس ما يريدون تعليمه لهم شاكراً لعنايتهم عارفاً لكل ذي فضل فضله وكان النباتيين لم يراعوا الشرائع الإلهية المبيحة ذبح الحيوان للتغذي به قال قائلهم أخذ القوم من أعوام بإنكلترا يبالغون في البحث في أمر المعاش ومقتضياته ووضعوا في ذلك التأليف النفيسة ونشروا التعاليم المفيدة وألفوا جمعيات خصوصية منها جمعية. البقول والنباتات. وهي عبارة عن قوم تألفوا تحت لواء واحد جعلوا مركزهم الأول في مدينة منشستر ووضعوا لتأليف واستنبطوا المسائل ونشروا المنشورات في مذهبهم القائم بعدم أكل اللحوم أي بعدم قتل الحيوان وإنما يقتاتون من النبات كالبقول والثمار ثم الحليب والبيض وقد تسموا نباتيين وتغلب عليهم هذا الاسم لتغلب البقول في الأقوات البشرية. فإن الإنسان يصبو إلى قوته الطبيعي الفاكهة والبقول

لا اللحوم وقد رأينا كل حيوان أهلي يقوم بخدمة الإنسان قوته من الأعشاب كالفرس والبقر وغيرها لا من اللحوم فإذا لا الإنسان في أول فطرته ولا ما يقوم بخدمته من الحيوان يعد نم الضواري فإن قوت القسمين من الثمار والبقول لا من الحيوان المذبوح. وإما اغتذاء الإنسان فيما بعد باللحوم فإنما هو أمر على غير فطرته ونشأته الأولى واستدلوا على ذلك ببراهين ساطعة وأدلة قاطعة. قالوا عار على الإنسان أن يستولى عليه الجوع أو أن يرى قوم بل أطفال وأحداث يهلكون جوعاً لقلة القوت ولو انتفع الناس بما يستغلونه من الأرض بمساعدة الماء والهواء لكان نصف الدخل وافياً بمعاش أضعاف أضعافهم من البشر فما بال الناس يتعامون عن حرق الأرض وإحيائها حتى تضعضعت أحوالهم مأكلاً ومشرباً ومركباً وأصبح هذا يهلك شبعاً وذاك يموت جوعاً وهم يتحاسدون ويتنازعون في المعاش وأرض الله واسعة كثير ثمارها فما ضرهم لو حرثوا الأرض واستثمروها على ما ينبغي وخدموها خدمة جد واجتهاد فإنا نراها الآن مع ما عليه الزراعة من التقهقر ووجود أراض واسعة لا يستنبت الإنسان فيها شيئاً في محصولها بالمطلوب لقوت الموجود من الإنسان والبهيم ويزيد ع مؤنه فما الظن إذا أحكمت الزراعة واتسع نطاقها وعمرت الأراضي المتروكة وحسنت تربية الحيوان للانتفاع بدرّه وبيضه وصوفه وشعره ووبره وجلده عند انتهاء أجله بالموت العادي. ثم قالوا ليس من المكروه قتل الحيوان لتغذية الإنسان أن ذلك أمر يمجه الذوق السليم وتمقته النفس لما في ذلك من القسوة بل التوحش فضلاً عما هناك مما ينفر الذوق منه فما

اللحوم إلا جثث مقتولة وهل يوجد شيء أكره من أكل الجثث. ولو فرضن أن جماعة بلغوا من العمر عشرين سنة ولم يأكلوا لحماً ولا عرفوا مسلخاً هل يطيق أحدهم مشاهدة القصابة وما فيها من الذبح والسلخ والتقطيع والكسر ثم تميل نفسه لأكل هذا اللحم بعد ذلك. لا. وإنما العادة أخذت تتدرج في التألف بالإنسان حتى غالبت فطرته ثم غلبتها بالفعل وجعلته يأكل شيئاً لم يكن اعتاد أكله. ولنا في أهل آسيا الجنوبية وأهل البراري وسكان الجبال أعظم شاهد فإنهم قلما يقتاتون بلحوم الحيوان ومع ذلك فإنهم أحسن الناس بنية وأشدهم قوة وأعظمهم بسالة. وأعظم الناس وأشهرهم من الفلاسفة قد ألف أكل البقول ونبذ اللحوم وأمتاز بذلك كثير منهم في العصور الأولى كفيثاغورث الشهير والجميع ينادى بفضل الأقوات البقلية والنباتية وما نسميه الآن الصيامية (يعلم من هذه العبارة أن صاحب الرسالة مسيحي الدين كما تقدم) وللنباتيين في هذا الباب حجة واضحة فإن ما نطلبه في الحيوان من الغذاء إنما أخذه عن النباتات فلم نعدل عن طريقته التي هي تناول القوت من النبات رأساً ونطلبه بطريقة أكل لحم الحيوان. وقد بحث القوم في المسألة بحثاً كيماوياً واقتصادياً ومزاجياً فوجدوا الغذاء باللحوم بعدة من البدع وأتوا بأدلة لا يختلف اثنان في قوتها فقالوا في تصنيف تكرر طبعه تسعين مرة. لم نأكل اللحوم وهي أغلى قوت وأضره وأكرهه فإن الاغتذاء بالدقيق والفاكهة والبقول والبيض والحليب أرخص وأسلم وألذ فإنك تجد فيها عناصر الألومونيا والنشا والسكر والزيت إلى غير ذلك وأما الغذاء باللحوم فإنه غير كاف وحده لخلوه من النشا ولذا اضطررنا أن نزيد على اللحوم ما

يتم به الغذاء كالخبز وما في معناه. ولا توجد خاصة في اللحوم إلا وهي موجودة في سواها من البقول والثمار والحليب والبيض وربما كانت أكثر وأحسن وأسلم عاقبة فإن أكل البقول يلائم مزاج الإنسان في كل مكان ويقدر أن يتحصل عليه بكل سهولة وهو غذاء مفضل على أكل اللحوم فإنك إذا أخذت درهماً من لحم البقر أو الضمان ودرهماً من اللوبيا والعدس والحمص كانت الخلاصة الغذائية 3 من 19 من البقول (كذا يقول صاحب الرسالة ولعله محل نظر) وبالجملة فإنه ليس في أكل اللحم ما يرغب فيه فإنه يقتضي لتناوله استعداد عظيم من إنضاج وتتبيل ومعاناة ذلك. النباتيون لأجل تأييد مدعاهم وترجيح مذهبهم أتوا بأدلة وبراهين نأتي بها مفصلة. البرهان الأول إن الإنسان يغتذي طبعاً بثمار النبات وبقول الأرض لأن أسنانه أسنان كل حيوان يقتات بذلك وإنما أضراسه دون نيوب الضواري ويستعملها في تكسير الثمر ذي النوى والصلب مما جف م الثمار وأمعاؤُه كأمعاء الحيوان الذي يقتات بالحشيش لا أنه كأمعاء الضواري والكواسر فينتج من ذلك أن الإنسان حيوان يقنات بالثمار طبعاً وفطرة فضلاً عن أن البقول أسهل هضماً وأقل ضرراً وأكثر قو وأثم تمثيلاً. البرهان الثاني. ليس في اللحم عنصر قابل للتمثيل إلاّ وهو مأخوذ عن العالم النباتي فهو غذاء ناقص لا يحتوي على سكر ولا نشا ولك الحبوب والدقيق والثمار تحتوي على هذه العناصر التي لابد منه وقد قرر أهل النظر عدم وجود فرق معتبر بين الفبرين النباتي والحيواني ولا بين الألبومين النباتي والألبومين الحيواني. البرهان الثالث. أن اللحوم مهما كانت نظيفة وملائمة فلابد من

احتوائها على مواد فاسدة مضرة من ذلك الدم الباقي في الأهلية الشعرية والعناصر الآخذة في الانحلال عند الذبح والعلل الثابتة الضرر ما قد يوجد من الخميرية والطفيلية والأدواء التي قل أن يلتفت إليها البرهان الرابع أجمع أهل العرفان أن ربع المذبوح من الحيوان في المدن معتل لقلة الغذاء أو لكثرته أو لفساد بنيته وأن أكثر أمراض البقر والغنم تسري إلى الإنسان كالتيفوس والسل الرئوي وعلل الرئة والطاعون البقري وغير ذلك. البرهان الخامس أن جميع النباتيين يصرحوا بكونهم على أحسن صحة وأجود مزاج مما كانوا عليه قبل تركهم أكل اللحوم واقتصارهم على النبات والثمر فضلاً عن أن النبات كثيراً ما يشفي من داء المفاصل والصرع والفالج والأمراض الجلدية واستعمال الخضر والبقول والحليب والبيض يلائم سرعة الشفاء في الجرح والرض وما ينشأ عن العمليات الجراحية حتى قالوا لم نرى إنساناً اغتذى بالبقول وحدها وأصيب بلعة الهواء الأصفر البرهان السادس إن ضرر المسكرات ظاهر وإنما عوّل عليها السكارى لكثرة أكل اللحم فإذا شئت إرجاع سكير عن غيه فحوله عن الأغذية اللحمية إلى النباتية (لم يكن آكل اللحم علة في تناول المسكرات فإنا نجد الهمج الذين يعيشون على النباتات في الجبال والصحارى يصنعون مثل البوزة ويشربونها ونرى بعض العرب الذين لا غذاء لهم إلا التمر واللبن ينتبذون فهذا برهان واه) السابع أن الاغتذاء بالبقول يسبب حسن الخصال وتطهير الأخلاق وارتفاع الأفكار وحسن الألفة والمعاشرة وحب السلام فهي خير إذا يناسب الصحة أدبياً وعقلياً ومالياً في كل فرد وأمة (هذه النتائج ليست مطردة فإننا كما لا ننكر

صفاء فكر المرتاض الذي لم يأكل غير النباتات ووصوله إلى علوم ومعان لم يصل إليها لو كان آكلاً للحوم لا ننكر وجود الكثير من النباتيين الجبايين مشتغلين بالإفساد وقتل المارّين بهم مع جهلهم الجهل الشنيع وشراسة أخلاقهم فهذا برهان غير مطرد) الثامن. الاغتذاء النباتي يناسب الجمال الطبيعي جداً فإنه يخول الهيئة ومنظر الجسم سمة خصوصية من الرقة والخفة ويعطي اللون والبشرة بهاء خصوصياً حتى قال بعض أهل النظر أننا نرى أجمل النساء في بريطانيا من أهل إيرلانده أي من نساء القرى اللاتي يغتذين بالكمأة (البطاطة) (وكذلك نساء العرب اللاتي لا يأكلن الحم إلا في الأعياد والأفراح فإنهم في جمال خلقي لا يبلغه الجمال الصناعي وإنما يضاف للنبات جودة الهواء وعدم اختلاط الأنساب فكل قبيلة تمتاز بسحنة معلومة لعدم اختلاطها بغيرها بخلاف المدن فإنها لكثرة الاختلاط التناسلي توجد فروق كثيرة في السحن وربما وجدت بين شقيين أو توأمين أخذ كل واحد منهما شكلاً من أشكال أبويه وأجداده) التاسع. أن شعائر الإنسانية تأنف من تلك المشاهد الفظيعة من ذبح وسلخ وغير ذلك مما يكرهه الذوق (كل إنسان وما اعتاد فلا يلزم من استبشاع البعض استبشاع الكل فإننا نجد الاختلاف في نفس النبات فنرى قوماً يأكلون نباتاً يستقبح أكله قوم آخرون) العاشر. من ألزام أن نفصل عن الألفة طبقة من الناس مهنتهم اليومية ذبح الحيوانات وسلخها فلو كلف كل منا بذبح ما يلزم لأكله لعدل عن أكل اللحم من تلقاء نفسه وفضل عليه أكل البقول (هذا برهان ضعيف جداً فإن فصل طبقة من الناس تنزح المراحيض وتشتغل في مناجم الفحم ودبغ الجلود أظلم لو كانت

القصابة ظلماً ومعاناة الإنسان صنع البر خبزاً والخضر طبيخاً أكثر مشقة من ذبح الحيوان وسلخه) الحادي عشر. إننا إذا خصصنا بقعة من الأرض للزرع والاستثمار فأن محصولها يقيت عدداً كثيراً من الناس الذين لو اقتاتوا بحيوان يرعى في تلك البقعة ما كفاهم. الثاني عشر. المشتغلون بالزراعة أكثر من المشتغلين بتربية الحيوان. الثالث عشر. النتيجة من الاغتذاء بالبقول واللحوم واحدة والبقول أرخص من اللحوم سبعة أمثال والرابع عشرة أن من الظلم قتل الحيوان الذي يساعد الإنسان ويشاركه في أعماله ويعينه على حملانه وغزواته وضروريات معاشه ومع ما نراه في الحيوان من الشدة والشجاعة والإقدام فإن هلا يغتذى بغير أحشائش والأعشاب الخامس عشر أن الشعوب الأشد نشاطاً وأكثر كداً وسعياً هي التي تقتات بالبقول فأهل سكسونيا يقتاتون بمغلي الشوفان وأهل أيرلندا بالكماءة وهم أكبر من الإنكليز وأقدر على العمل وفلاح أوفزنيا يأكل الكستنا (أبو فروة) والطلياني يأكل شربة الذرة الصفراء وقد اشتهر الجندي العثماني والبستاني الصيني والحمال الجزائري بجَلدهم على التعب وهم لا يأكلون من اللحوم كغيرهم (قلت وفلاح مصر وسورية وعرب الحجاز واليمن بل وجزيرة العرب بأجمعها لا يأكلون اللحوم إلا في أيام قلائل وهم أصح أجساماً من سكان المدن ولكن لجودة هواء القرى أكبر دخل في تقدم صحة أهلها) السادس عشر من الشعوب الشهيرة في التاريخ بثباتها وشجاعتها السبرتيون وما كانوا يقتاتون إلا بالنباتات وكذلك الرومانيون أيام عظمتهم واليونان كانوا على جانب عظيم من القوة والشدة قبل أن يألفوا أكل اللحوم فلما أكلوها قلت

إعلان

همتهم وقهروا السابع عشر. إن كثيراً من المشاهير ألفوا البقول منهم فيثاغورث وأفلاطون وبلوتدرك ويوليونوس وغشندي وميلتون وينطون وروسو وفولتير وفرنكلن ولا مرتين وغيرهم. الثامن عشر. لما كان الغذاء النباتي طبيعياً للإنسان وأسلم عاقبة وأكثر تضاداً للسكر وسائر الرذائل وأحسن لنمو القوى العقلية وأخص كان عدم التعويل عليه جنوناً بل أثماً. وهذه أدلة النباتيين وتعاليمهم وقد تتصور أن القوت بالنبات يضيق النطاق فإذا استبصرت أنفسح أمامك وقد ذكر القوم خمسمائة شكل على الأقل تصنع من الخضر والألبان فلا عدول عنها سخافة وقلة عقل. الأستاذ لا يعول على هذه الأقوال بعد أن أحلت الشرائع ذبح الحيوان للتغذي بلحمه فمنكر الأوامر السماوية منكر للشرائع اللهم إلا أن يقول لا نحرم ذبح ما أحله الله ولكن نأنف من أكل حيوان في حكم القتيل فيرجع الأمر للعادة والله أعلم. إعلان طبع من الجزء الأول من كان ويكون 32 ملزمة وبقى 8 سيباشر طبعها مدير الأستاذ وترسل لمن دفع قيمة اشتراك السنة الأولى وسيباع هذا الجزء مطبوعاً في ورق جيد النسخة بعشرين قرشاً في القاهرة واثنين وعشرين خارجها وأربعة وعشرين خارج القطر المصري فمن أراده فليخابر مدير الأستاذ مع إرسال القيمة فإننا لا نرسله إلا لمن قدم قيمته وسنباشر طبع الجزءين الثاني والثالث منه وكتاب الأحتفا في الأختفا. والسانحه في علوم الفاتحة. والآلام

تابع حفظ الصحة

واللذات في اتصال الروح بالذات. وصرف الوضمه عن صرف العصمة. ووفد البديع على باب الشفيع. وخلاقة ما كان في ليس في الإمكان أبدع مما كان والفرائد. وطهارة القلوب والأفواه شرح لا إله إلا الله. وحلة الأنوار لمادح المختار. وسيف الموحد في نحر الملحد. وترصيع الماس في خير الناس. ومأتم البُكى على آل النبي. ووطنية الشرق. والنحله في الرحلة. والسكر النبات في تربية البنين والبنات. ونحن وأنتم. وإنقاذ البليد من ورطة التقليد. والدر النفيس في تاريخ بني أدريس. ونيل الأرب في أخبار العرب. وكلها تأليف شقيقنا الفاضل محرر الأستاذ وكلما بدأا في كتاب أعلنا عنه في الجرائد المحلية ليخابرنا عنه من يطلبه بقيمته وما حملني على ذلك إلا علمي بأن شقيقي ما كتب كتاباً إلا أخلص في وضعه وبذل الجهد في تنقيحه ويقيني بأن المصريين بل الشرقيين يميلون لكلك ما خطه بقلمه خصوصاً هذه الكتب العلمية الأدبية التي خدم بها الشرق وأهله أيام اختفائه الذي لم يقعد همته عن خدمة قومه وهو في أشد ما يكون من صعوبة الحال وقد عقدنا العزم على مباشرة طبعها في مطبعة الأستاذ الخاصة بنا وبالله يستعين. عبد الفتاح النديم تابع حفظ الصحة الدرن. يولد الطفل الذي يكون أحد أبويه مصاباً بالدرَن أو هما معاً ضعيفاً معرضاً لأمراض شتى وتكون بنيته درنية وينتهي بأن يصاب بالدرن في السحايا أو الرئتين أو بعض الأحشاء المهمة وقد أخرت الشرح للدرن والبنية

الدرنية وقواعدها الصحية إلى فصل آخر سيأتي قريباً. واللازم معرفته الآن بيان أن الطفل المولود من آبادرنيين تكون بنيته درنية ويكون جسمه مشتملاً على باسيلوس الدرن وهو الأصل المولد له. السرطان. يولد الطفل الآتي من أبوين مصابين بهذا المرض ضعيف البنية معرضاً لجملة أمراض ويكون جسمه مشتملاً على ميكروب السرطان في سن الشيخوخة. الفتوق. كثيراً ما شوهد أطفال ولدوا مصابين بفتوق مخية وسحائية وشوكية وسرية وأربية فخذية وهي تأتي من عدم تمام نمو الأعضاء فالفتوق المخية تحصل من اليوافيخ أو التداريز (أي محل انضمام العظام) وقد تحصل من نفس العظم أي أن جزأَ من المخ يخرج من نفس العظم ويولد المولود بهذه الصفة وهذان يحصلا من وقوف في نمو العظم. وأما الفتق الشوكي فهو عبارة عن خروج النخاع مع غُلُفه فقط المسماة بالسحايا وهذا يحدثه وقوف في نمو السلسلة الفقرية بحيث لم يتم التحام قطعها ببعضها وهكذا يقال في كل فتق والغالب عدم حياة الأطفال التي تولد ومعها فتوق مخية أو شوكية أما باقي الفتوق فتستعمل لها الأربطة اللازمة لمثلها. ومتى ولد الطفل تام الأعضاء سليم البنية ممتعاً بالحياة جب قطع الحبل السري بأن يربط من أعلى السرة بنحو قيراطين ثم يربط أعلى من ذلك بقيراطين أيضاً ويقعط ما بين الرباطين ثم يغير عليه بوضع رفادة مدهونة بالمرهم البسيط ويربط وبغير عليه يومياً إلى أن يسقط في اليوم الخامس أو السادس وبعد ذلك يمسح جسمه بخرقة نظيفة لإزالة الطبقة الدسمة الآتية من الإفراز الجلدي الدهني مدة الحمل ثم يلبس

تحية وسلام

ملابسه التي يلزم أن تكون متعسة لعدم ضغطها على جدر الصدر فتحدث عسر التنفس ولا على الحبل السري المقطوع حديثاً فتحدث آلاماً شديدة ولا يلزم استعمال القماط الضاغط الذي يستعمله بعض أهالي مصر. تحية وسلام عبد الله النديم الإدريسي الحسني يتقدم بين يدي أخوانه المصريين بل الشرقيين الذين اشتركوا في قراءة جريدتنا الأستاذ بتحية وسلام لائقين بهم مذكراً هؤُلاء الأفاضل أني عندما لبست ثوب العفو الخديوي العباسي وعدت من غربتي بعد اختفائي عشر سنين لم أجد شيئاً تقرب به إلى الله تعالى وأخدم به سلطاني المعظم وأميري المفخم وأخواني الشرقيين غير إنشاء جريدة علمية تهذيبية أخلص فيها النصح للشرقيين عموماً والمصريين خصوصاً ففتحت جريدة الأستاذ في غرة صفر سنة 1310 وما رأيت باب نصح أو إرشادا أو موعظة أو تعليم أو إنذاراً وتحذير إلا دخلته جاعلاً الإخلاص مطيتي في هذا الطريق الوعر والمسلك الحزن ولقد لاقيت من الصعوبات ما لا يطاق وهددت الجريدة بما صيرها تحت الخطر فصبرت وثبت أمام تلك النوائب حتى طلبت بقلم المطبوعات والداخلية ورأيت من الشدة والتعصب ما زادني ثباتاً ثم ظهر لعطوفة مصطفى باشا فهمي سوء سعاية المفسدين فأعرض عن التعرض للأستاذ لما علم من إخلاصه في النصح واجتهاده في التهذيب وأقبل الناس على الاشتراك فيه من غير أن نقدم لأحد طلباً لاشتراكه بل تواردت كتب الاشتراك حتى بلغ

المشتركون فيه خارج العاصمة والديار المصرية ألفاً وسبعمائة وثمانين مشتركاً كان يرسل إليهم بواسطة البوسطة واشترك فيه من سكان العاصمة ثمانمائة وستون كان يوزع عليهم بواسطة خدمة الإدارة من هذا المجمع أربعمائة وعشرون مسيحياً مصرياً وسورياً ويباع منه مائتا نسخة مفرقة فمجموع ما كان يوزع منه كل طبعة 2840 ومعلوم أن مثل الجرائد الأدبية لا يشترك فيها إلا الأفاضل والنبهاء فكل مشتركي الأستاذ من الأفاضل والأمراء والأعيان الذين هم من الطبقة الأولى في العالم الشرقي. ولقد عز على بعض أناس غربيين تنبه الشرقي واستعداده لمضاهاة الأوروبي وتقليده في أعماله وأقواله الحرة ورأى أن ذلك ضار بسعيه الخاص وعلم أن الأستاذ صار في مقدمة الجرائد المرشدة إلى طرق الإصلاح والنجاح فأثار بعض الجرائد الإنكليزية في مصر وفي انكلترة كالغازت وبروغريه والتيمس والدلينيوز والمقطع على الأستاذ ثورة عدوان فرمته بأنه متعصب للدين زورا وبهتاناً فإن هذا لا يوجد في صفحاته وافترت عله أنه يقبح أعمال جميع الأوروبيين ويذم المقلد لهم في أفعالهم لإثارة الأفكار ضده مع أنه لم يزد على تبيين عوائد الشرقيين والغربيين وأخلاقهم ومعلوم أن الناس تختلف في العادات فما يناسب إيطاليا لا يناسب فرنسا غالباً إلا في الأمور العامة فإذا كان للشرقي عادة ينبغي أن ينبه على المحافظة عليها لا يقال أن ذلك طعن في شخص الأوروبي وتقبيح لفعله ولكن المفسد يحتال لغرضه بما يراه وقالت وهي كاذبة أن محرره ثوروي مهيج مع أنه لزم السكون والهدوء ودعا إليهما وما أهاج الأفكار إلا هذه الجرائد الثائرة ولعلم الناس أن ثورتها لغاية شخصية لم تؤثر دسائسها في نفوس كبار القوم الواقفين

على الحقائق ثم انقشعت تلك السحب وتبين لأعاظم الناس فساد تلك الآراء حتى لبعض رجال انكلترة فخمدت ثورتها المصطنعة كل ذلك والأستاذ ثابت القدم لم تتزلزل قواعد أركانه بالرعود الوهمية. ولقد كان معظم الجرائد العربية في مصر خصوصاً المؤيد والإهرام والوطن وبعض الفرنساوية فيها وفي أوروبا خصوصاً الفار والكوريه دي فرائس تدافع عن الأستاذ وتبين مقاصد تلك الجرائد السيئة بما استحقت عليه الشكر والثناء. وكان الفضل الأكبر في رعاية الأستاذ والعناية به لأَثبت أمراء الوقت جأشاً وأحسنهم سيرة وسيراً سيدي وأميري وولي نعمتي وحافظ حياتي مولاي عباس باشا حلمي الثاني ورجل مصر ووحيدها ذي الهمة العالية والدولة مصطفى رياض باشا وإخوانه النظار الكرام فإنهم علموا من أخلاص الأستاذ في خدمة سلطانه وأميره ووطنه وإخوانه ما استمالهم للعطف عليه وتوجيه العناية إليه ولا أنسى همة بعض قناصل الدول في دفع الثائرين على الأستاذ خصوصاً ما كان من عناية قنصلي دولتي فرنسا والروسيا المحترمين كما لا أنسى التأثر الذي حصل في نفوس جميع المصريين وإشفاقهم على جريدة قامت بينهم مقام الخطيب الواعظ حتى كثر اللغط في المدن والقرى والكفور وانقبضت النفوس من هيجان تلك الجرائد عليه بغير حق بعد أن عرفهم حقوقهم وثمرة الاختلاط بالأوروبي ونزع من النفوس ما غرسه أصحاب الغايات الفاسدة من النفرة والتباغض والتحاسد وبين لهم الجرائد المخلصة في خدمتهم والتي تخدم غيرهم باسمهم فأثني على أصحاب المكاتيب التي لا أحصيها الواردة في هذا الشأن وأقول لهم مازلت أحثكم على التمسك بحب أميركم والانقياد له ولحاكمكم وحسن معاشرة الأوروبي

المقيم بينكم والمحافظة على روابط المحبة بينكم وبين الأجناس المختلفة النازلة ببلادكم ولا يحملنكم تحامل بعض الجرائد عليكم على الطيش والخفة فإن ذلك ضارّ بكم ما فيه غير مصلحة الغير ولا تنسوا تعاونكم على البر والتقوى وتعاضدكم على تكثير المعارف في بلادكم فليس لكم طريق إلى المعالي غير تكثير المتعلمين والقراء. وكنت أود أن لو دامت لي صحتي فأدوم على خدمتي ولكني أصبت بضعف فيها وأشار عليّ جمع من الأطباء بتغيير الهواء خارج القطر المصري حتى يقوي ضعيفكم ويشفى مريضكم فيعود لخدمة وطنه وأهله وعلى ذلك فإني سأقضي فصل الصيف خارج البلاد وأرجو من أخواني الوطنيين أن يذكروا هذا الخديم مدة غيبته بما قدمه من النصح والموعظة وما تركه بين أيديهم من أجزاء هي كتاب العبر وباب المبتدأ والخبر. ولا يأسفن أخ شرقي على احتجاب الأستاذ عنه مدة حتى يعود محرره يخطر في ثياب الصحة ولباس السلامة لعدم وجود من يقوم مقامه. وإني أقدم لحضرات المشتركين شكراً جميلاً على إقبالهم وعنايتهم بقراءة الأستاذ كما أثنى على مكارم من سارعوا بدفع قيم الاشتراك وأعذر المتأخرين في الدفع لعدم مرور الوكلاء عليهم وهم ألف وأربعمائة وثلاثون مشتركاً تمتعوا بقراءة الجريدة عشرة شهور وأقتنوا مجلداً فيه ألف وثلثمائة صحيفة بما في ذلك كان ويكون ومن رأي مقدار هذا المتأخر علم أني لم أتجر بأفكاري وإنما أخدم وطني وأهله بما أقدر عليه من قول ومال لا أرجو غير الصلاح والنجاح. وأخص أخواني المحررين بشكر جميل وثناء طيب على خدمتهم هذا الوطن العزيز حتى جريدة المقطم فإنها خدمت الأفكار بمادتها الجرائد المصرية وأفادت الوطنيين فوائد لم يروها في غيرها غير أني

أرجو أن يكف محرروها عما كان من التعصب لذواتهم فإن كلاّ منا راعي مصلحته الأستاذ يرى خدمة وطنه بأهله وهم يرون خدمته من طريق إنكليزي وكل يؤيد حجته ببرهانه فلا لوم ولا تثريب بعد انكشاف الحقائق التي كانت مستترة بستر المحاباة. وحرفة الأدب تدفع تلك العوارض التي أخذت دورها وانتهت بسلام. وقد تركت شقيقي السيد عبد الفتاح أفندي يشتغل بطبع رحلة الاختفاء وكان ويكون وبعض كتبي التي لا تتعلق بسياسة ولا دولة فمن أراد شيئاً منها فليخاطبه في إدارة مطبعته الخاصة التي ستكون معدة لطبع كتب علمية وأوراق تجارية وغيرها حتى نعود من تغيير الهواء ولتك الفاتحة والخاتمة الدعاء للحضرة السلطانية الحميدية الشاهانية والذات الخديوية العباسية وجميع الأخوان الشرقيين الذين تجمعنا وإياهم جوامع الشرق المعلومة ولا يظن شرقي أن ما أُلاقيه من المشاق والمتاعب في خدمته يكدرني أو يؤلمني أو أن تزندق بعض المستعقلين وإظهارهم شبه الحنو والترحم على الأستاذ نفاقاً لجلسائهم يسيئني كلا فاتفاق الجمهور على إخلاص الأستاذ يدفع عنه من يدعي خدمة وطنه وهي تصعب على مثله. وما خلقت الرجال إلا لمصابرة الأهوال ومصادمة النوائب والعاقل يتلذذ بما يراه في فصول تاريخه من العظم والجلالة وإن كان المبدأُ صعوبة وكدراً في أعين الواقفين عند الظواهر وعلى هذا فإني أودع إخواني قائلاً: أودعكم والله يعلم أنني ... أحب لقاكم والخلودَ إليكمُ وما عن قلى كان الرحيل وإنما ... دواعٍ تبدت فالسلام عليكمُ

§1/1