مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص

محمد عباس الباز

تقريظ فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله خليل

تقريظ فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله خليل الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا والصلاة والسلام على من بعثه الله هاديا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. أما بعد .. فإن تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أجل القربات وأعظمها عند الله تعالى. ومن صور تعلم القرآن الكريم تعلم القراءات التي يقرأ بها هذا القرآن العظيم. وقد أنزل الله القرآن على سبعة أحرف ليوافق لهجات العرب ونزل به الأمين جبريل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن فضل الله تعالى على ابننا محمد عباس الباز أن وفقه لتلقي القراءات القرآنية وقد قرأ علي شيئا منها. وقد وفقه الله لوضع هذا الكتاب الذي جمع فيه كل ما يختص برواية حفص عن عاصم كما بين فيه الكلمات التي انفرد بها حفص دون غيره من القراء العشرة ورواتهم. وقد وضع له عنوان «مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص» وهذا من فضل الله عليه أن وفقه لهذا العمل الجليل وأرجو من الله تعالى أن ينفع به المسلمين في كل البلاد. وقد سمعت منه الكتاب وصححت فيه وأضفت عليه وسررت به كثيرا لأن فيه الجديد الذي لم يذكره غيره من المشتغلين بهذا العلم.

وأقدم شكري للابن محمد بن عباس الباز على هذا العمل الجليل الذي لا يضاهيه أي عمل فلا يوجد أفضل من الاهتمام بالقرآن الكريم. وأسأله سبحانه أن يعين المؤلف لخدمة كتابه الكريم. فضيلة الشيخ المقرئ محمد عبد الحميد شيخ مقارئ الإسكندرية

تقريظ فضيلة الشيخ محمد بن عوض بن زائد الحرباوي

تقريظ فضيلة الشيخ محمد بن عوض بن زائد الحرباوي الحمد لله الذي أنزل القرآن هدى ونورا وجعل له حلاوة وعليه طلاوة لمن تلاه حق التلاوة. والصلاة والسلام على أشرف خلقه وخاتم أنبيائه وعلى آله وصحبه الكرام الذين حملوا أمانة القرآن العظيم سالمة نقية من كل تحريف وأدوها إلى أتباعهم كما تلقوها حتى وصلت إلينا بالسند المتواتر النقي بارزة فيها معجزة قوله تعالى في كتابه الكريم: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9]. وبعد .. فقد اطلعت على كتاب: «مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص» لصاحبه الأخ الشيخ محمد بن عباس بن محمد الباز فألفيته قد أحاط بمفردات حفص عن عاصم الكوفي مستقصيا جميع المواضع التي انفرد بها عن غيره من القراء العشرة. وهذا الكتاب بحق مفيد للمهتمين بهذا الفن. ونسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياه لخدمة كتابه وأن يجعل العمل خالصا لوجهه الكريم. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كتبه محمد بن عوض بن زائد الحرباوي المدرس بقسم الدراسات القرآنية في كلية المعلمين بالرياض

المقدمة

المقدمة الحمد لله، خلق الإنسان، علمه البيان، قال في محكم القرآن: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17]، والصلاة والسلام على إمام الهدى وصاحب أفصح وأبين لسان، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أرسله ربه بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً [الأحزاب: 45، 46]. أمرنا ربنا بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب: 56]. وبعد .. فإن القرآن الكريم هو حبل الله المتين، وصراطه المستقيم، نور للفرد والأمة، يقاس تقدم الأمة وتقهقرها بقدر تمسكها بهذا النور الهادي؛ ذلك لأن فيه العلاج الناجح لكل تقهقر وتأخر، وفيه الدليل المرشد لكل تقدم ورقي. حينما تمسك به السلف الكرام عزوا وسادوا وقادوا، وحينما تخلى عنه الخلف تقهقروا وتخلفوا وذلوا، ولسان الحال أبين من لسان المقال. يوم أن كان القرآن قائدا؛ جيشت الجيوش تعلي كلمة الله، وتستجيب لصرخة «وا معتصماه!» واليوم تنطلق ملايين الصرخات: «وا إسلاماه! وا معتصماه!» ولكن .. لكن قومي وإن كانوا ذوي عدد ... ليسوا من الشرفي شيء وإن هانا فليت لي بهم قوما إذا ندبوا ... شدوا الإزارة فرسانا ورهبانا

«إن القرآن هو حقيقة الخلق الاجتماعي في الأمة، وهو الذي يجعل الأمة كلها طبقة واحدة على اختلاف المظاهر الاجتماعية عالية ونازلة وما بينهما، فهو بذلك الضمير القانوني للشعب، وبه لا بغيره ثبات الأمة على فضائلها النفسية. ولهذا كان القرآن من أقوى الوسائل التي يعول عليها في إيقاظ ضمير الأمة وتنبيه روحها. وكل أمة ضعف الدين فيها اختلت هندستها الاجتماعية وماج بعضها في بعض. إن هذه الأمة التي يكون واجبها أن تشرف وتسود وتعتز، يكون واجبا عليها ألا تسقط ولا تخضع ولا تذل» (¬1). كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران: 110] إن القرآن هو القلب النابض لأفراد هذه الأمة، ومتى كان القلب سليما وقويّا ومتينا؛ استطاع أن يضخ العزة والشرف في قلوب أبنائه. لقد مر على الأمة زمن لم يفلت من حفظ القرآن فيه إلا نفر قليل عن غير عمد قصدوه، فكنت تقابل الطفل ابن العاشرة فتجده حافظا لكتاب الله ولشيء من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واليوم لقد عجزت الأمة، بل عجز المثقفون فيها، بل عجز بعض أئمة المساجد، عجز كل هؤلاء عن أن يقيموا بالقرآن ألسنتهم، فعجزوا عن أن يقيموه في قلوبهم، فضلا عن تطبيقه في واقع حياتهم. ألا يا أمة القرآن عودي: ألا يا أمة القرآن عودي، عودي إلي الخير والفلاح، والبر والرشاد، والعزة والسيادة، والتقدم والنماء، ولن يكون ذلك إلا بالشرب من هذا النهر العذب ¬

_ (¬1) وحي القلم للرافعي.

الصافي، الذي يفيض نورا وعطاء. يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة: 15، 16].

التمهيد

التمهيد الحمد لله الذي اختار من عباده أقواما شرفهم بحمل كتابه، وأوجب عليهم تجويده والعمل بما فيه، وأجزل لهم العطاء والرضوان على ذلك سبحانه من إله كريم وهاب فضل أهل القرآن على من سواهم. وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة نتخلص بها من النزعات، ونعلو بها أرقى الدرجات، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وخيرته من خلقه، القائل: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (¬1). اللهم صلّ عليه وعلى آله وصحبه، الذين حفظوا القرآن، وحافظوا عليه، وجودوه، وتدبروا معانيه، وعملوا بما فيه من أحكام، وتخلقوا بما فيه من آداب، فرضي الله عنهم، ورضوا عنه أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة: 22] أما بعد .. فإن أفضل ما يشغل الإنسان به جوارحه كتاب الله الكريم، من حفظه وتجويده وتدبر معانيه، والعمل بما فيه، ليكون بذلك من أهل السعادة في الدارين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما، ويضع به آخرين» (¬2) وهذه رفعة الدنيا في التمسك به والانقياد لأحكامه. وقال عليه الصلاة والسلام: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة» (¬3). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) رواه مسلم. (¬3) رواه البخاري.

هذا الكتاب:

وهذه رفعة الآخرة، فقد جمع القرآن بين سعادة الدارين. هذا الكتاب: يبحث في علم القراءات، وهو علم يتعلق بالقرآن الكريم، وعنوان الكتاب «مباحث في علم القراءات مع بيان أصول رواية حفص». جمعت فيه الألفاظ والكلمات التي انفرد بها حفص عن عاصم، وقرأها وحده ولم يتفق معه راو أو قارئ في قراءته لها، كما ضمنته تعريفا بعلم القراءات، وخصصت رواية حفص ببيان أصولها. والسبب في ذلك أن (رواية) حفص انتشرت انتشارا واسعا في أصقاع العالم، ولم يعد عامة المسلمين وكثير من خاصتهم يعرفون غيرها. فأردت أن أبين لإخواني أن هذه القراءة المنتشرة، والتي يقرءون بها اختلفت في كثير من الكلمات والألفاظ عن كل القراءات والروايات، بل إن حفصا اختلف مع قرينه شعبة، وكلاهما تلقى القراءة عن إمام واحد هو الإمام عاصم الكوفي. وفي الحقيقة إن قراءات وروايات القرآن الكريم كانت منتشرة في عالمنا الإسلامي، وكان التلاميذ الصغار يتلقون هذه القراءات عند مشايخهم بأسانيد متصلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحصلون على إجازات في هذه القراءات. «وكانت قراءة عامة المصريين منذ الفتح الإسلامي إلى أواخر القرن الخامس الهجري على طريقة أهل المدينة المنورة سيما التي رواها ورش المصري عن نافع القارئ المدني، ثم اشتهر بعدها بينهم قراءة أبي عمرو البصري، واستمر العمل عليها قراءة وكتابة في مصاحفهم إلى منتصف القرن الثاني عشر الهجري، ثم

حلت محلها قراءة عاصم بن أبي النجود الكوفي» (¬1). وكان أهل السودان يقرءون برواية الدوري عن أبي عمرو البصري وقد طبع في السودان مصحف خاص بهذه الرواية، وفي ليبيا يقرءون برواية قالون عن نافع المدني، ولديهم كذلك مصحف مطبوع بهذه الرواية. ولا يزال أهل بلاد المغرب العربي يقرءون برواية ورش عن نافع المدني، وهي القراءة التي لا يعرف أهل موريتانيا غيرها، وقد قام مجمع الملك فهد في المدينة المنورة بطباعة مصحف خاص برواية ورش عن نافع، وتوجد تسجيلات صوتية تخص هذه الرواية لمشاهير قرائنا، وأشهرها: تسجيل الشيخ محمود خليل الحصري، وتسجيل الشيخ محمد صديق المنشاوي لكامل المصحف. وحينما أنعم الله عليّ بتلقي القراءات السبع على يد مشايخ أفاضل علمت عظم هذا العلم، وعلمت كذلك فائدته الجليلة في خدمة كتاب الله تعالى، كما علمت السر في نزول القرآن هكذا، وذلك ليتحقق الغرض الإلهي من التعبد بتلاوته، حيث إنه يصعب جمع ألسنة الناس مع تباينها على قراءة واحدة، وصدق ربنا تبارك وتعالى: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 17] وربما اطلع على هذا الكتاب عدد من المسلمين فعرفوا وأفادوا منه شيئا في انفراد حفص (صاحب القراءة المشهورة) عن غيره من الرواة والقراء، في قراءة بعض الألفاظ والكلمات، فكان ذلك حافزا لطلب هذا العلم وإنعام الدراسة خدمة لكتاب الله وحفاظا على ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفقنا الله لحفظ كتابه والعمل بما فيه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. كتبه/ أبو معاذ محمد عباس الباز حاصل علي إجازة في القراءات السبع ¬

_ (¬1) مقتبس من كتاب الإضاءة للشيخ الضباع.

مكانة القرآن وأهمية حفظه

مكانة القرآن وأهمية حفظه أولا: فضل القرآن الكريم: القرآن الكريم هو كلام الله المبين، المنزل على الصادق الأمين، ليرشد الأمة ويدلها على خيري الدارين، ويقودها إلى السعادة الأبدية. وقد نقل القرآن إلينا نقلا متواترا عن جبريل أمين الوحي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صحابته الكرام عن التابعين وأئمة القراءة، حتى وصل إلينا كما أنزله الله على رسوله الكريم. إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: 9]. والقرآن الكريم هو الحبل الذي يصل السماء بالأرض، فمتى أوصلت الأمة خيوط هذا الحبل وشدتها وقوت من حبكها، انعكس ذلك على أوضاعها. القرآن الكريم قاموس اللغة العربية، وسر بقائها، وهو قانون الشريعة الإسلامية، ودستور قيام الدول العادلة الناهضة. لقد كان القرآن وما يزال نورا يضيء القلوب والعقول، وما نبغ علماء الإسلام السابقون إلا بنبوغهم في القرآن الكريم لأنه مفتاح العقول. ولقد شاهدت- بحكم عملي في مجال التربية والتدريس- طلابا يهتمون بحفظ القرآن الكريم، وآخرين لا يعنون بتلاوته فضلا عن حفظه، فكان الذين يحفظون أوائل مدارسهم، والتحقوا بأوائل الكليات، وقابلت منهم القاضي والطبيب، والمهندس، والمترجم، فقلت في نفسي: صدقت يا ربنا حيث قلت: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ [آل عمران: 190]، أي أصحاب العقول.

وقد أحسن الإمام الشاطبي حين أشار إلى ذكاء قراء القرآن الكريم فقال: وما كان ذا ضد فإني بضده ... غني فزاحم بالذكاء لتفضلا (¬1) 1 - القرآن بشارة: في الدنيا والآخرة. قال تعالى: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل: 89]. 2 - القرآن نور: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [المائدة: 15، 16]. 3 - القرآن علو ورقي: عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها» (¬2). فمن أراد من الجنة أعلاها وأرقاها فليرتل دائما القرآن الكريم. 4 - القرآن شفيع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» (¬3). وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما» (¬4) ومعنى تحاجان: أي تدافعان. وذلك من صور الشفاعة. ¬

_ (¬1) متن الشاطبية. (¬2) رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده. (¬3) رواه مسلم. (¬4) رواه مسلم.

5 - القرآن عمار: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب» (¬1). 6 - القرآن يجمع لصاحبه سلامة الباطن وحسن الظاهر: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن مثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: لا ريح لها وطعمها مر» (¬2) فانظر إلى المؤمن كيف حكم له الرسول صلى الله عليه وسلم بسلامة الباطن وحسن الظاهر مثل الأترجة وذلك بقراءة القرآن. 7 - حامل القرآن يظفر بصحبة الملائكة: عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران» (¬3). 8 - حامل القرآن يلبس والداه تاجا يوم القيامة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا» (¬4). وإلى هذا المعنى أشار الإمام الشاطبي بقوله: فيا أيها القاري به متمسكا ... مجلّا له في كل حال مبجلا ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه. (¬4) رواه أبو داود.

ثانيا: فضل تلاوة القرآن الكريم:

هنيئا مريئا والداك عليهما ... ملابس أنوار من التاج والحلى (¬1) 9 - القرآن ينير قبر صاحبه: وإلى هذا يشير الإمام الشاطبي بقوله: وحيث الفتى يرتاع في ظلماته ... من القبر يلقاه سنا متهللا والمعنى: «إذا كان قارئ القرآن يخشى من أعماله السيئة المظلمة أو من ظلمات القبر فإن القرآن يلقاه مشرقا باسم الوجه، فيأنس به ويتبدل خوفه أمنا وطمأنينة» (¬2). ثانيا: فضل تلاوة القرآن الكريم: إن تلاوة القرآن الكريم وتدبر معانيه من أجلّ العبادات وأعظم القربات إلى رب البريات، خالق الأرض والسموات. وقد أمرنا الله عز وجل بقراءة القرآن فقال: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ [المزمل: 20]. كما أمرنا ربنا بتدبر آياته فقال: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29]. كما أن الذين يداومون على تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار هم أصحاب التجارة الرابحة التي لا تخسر أبدا ولا تبور قطعا. قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللَّهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر: 29، 30]. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى عظيم ثواب من يقرأ حرفا من كتاب الله تعالى. فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من ¬

_ (¬1) متن حرز الأماني ووجه التهاني للشاطبي. (¬2) الوافي في شرح الشاطبية.

ثالثا: أهمية تعلم القرآن وتعليمه:

كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف» (¬1). والقرآن خير جليس يأنس إليه العبد، كما أن الذي يحب القرآن وتلاوته، يظفر بحب الله ورسوله. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «من أحب أن يحبه الله ورسوله فلينظر: فإن كان يحب القرآن فهو يحب الله ورسوله». وإلى هذا يشير الإمام الشاطبي حيث يقول عن القرآن الكريم: وإنّ كتاب الله أوثق شافع ... وأغنى غناء واهبا متفضلا وخير جليس لا يمل حديثه ... وترداده يزداد فيه تجملا ثالثا: أهمية تعلم القرآن وتعليمه: إن الاشتغال بالعلم والتعليم هو أشرف عمل في هذه الحياة، فما كان الأنبياء إلا معلمين، وأفضل العلوم علوم الدين، وأفضل علوم الدين ما كان متعلقا بكتاب الله جل وعلا، وأفضل ما يتعلق بكتاب الله حسن تلاوته وإتقان قراءته، وضبط حروفه. لهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» (¬2). فهنيئا لمشايخ الكتّاب، ومحفظي القرآن الكريم، هنيئا لهم هذا الشرف العظيم، وهذه الخيرية بالشهادة النبوية. ومعلمو القرآن الكريم يجب أن يفخروا على الناس كلهم، فإن كان الناس يفخرون بأموالهم وأحسابهم وأهليهم، فإن أهل القرآن أحق بالفخر لأنهم أهل الله وخاصته القريبة كأقرب ما تكون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أنس بن مالك: «إن لله أهلين من الناس، فقيل: من أهل الله فيهم؟ قال: أهل القرآن هم أهل الله وخاصته» (¬3). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه.

القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم

القواعد الذهبية لحفظ القرآن الكريم لما كان حامل القرآن الكريم يحظى بشرف عظيم، كان لزاما على من أراد أن يحظى بهذا الشرف أن يعرف القواعد الذهبية في حفظ وضبط وإتقان القرآن الكريم، وقد ذكر حملة القرآن الكريم عدة قواعد في الحفظ والضبط، أخذت من تجارب الحفاظ، ودعمت بالآيات والأحاديث. وهذه القواعد بإيجاز كما يلي: 1 - الإخلاص: وهو لازم من لوازم أي عمل يتقرب به إلى الله. قال تعالى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ [الزمر: 11]. وإذا كان الأمر بإخلاص العبادة لله في كل شئون المسلم، فإن هذا الأمر يتأكد ويتعين على حفظة القرآن الكريم، لأنهم أمناء على رسالة الوحي الخالدة، كما أنهم لا يبتغون على حفظهم أجرا ولا جزاء من أحد، لذلك جاء الوعيد الشديد في حديث: «أول ثلاثة تسعر بهم النار» (¬1). فجاء أولهم قارئ القرآن الذي قرأه وعلمه ليقال عنه: إنه قارئ. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه عن رب العزة: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه» (¬2). ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه.

2 - تصحيح النطق:

2 - تصحيح النطق: ويكون ذلك بالقراءة على المشايخ، والتلقي منهم مشافهة، ولا يصلح لتلقي القرآن الكريم، وضبط قراءته، الاستماع من شريط أو من أي آلة، ولكن لا بد من العرض على القراء وأهل الأداء. وهذه الطريقة اتبعها الرسول صلى الله عليه وسلم- وهو أفصح من خلق الله- في تلقي القرآن الكريم، حيث إنه كان يتلقاه من أمين الوحي جبريل عليه السلام، كما أنه كان يعرض القرآن على جبريل، يعني يقرأ ويسمع جبريل، وهذا تمام التأكد على وصول الرسالة مؤداة على الوجه الأتم الأكمل. فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض القرآن على جبريل مرة في كل سنة، فلما كان العام الذي توفي فيه عليه الصلاة والسلام- عرضه مرتين زيادة في الاطمئنان والضبط والإتقان. وقد جربت هذا في التلقي عن علماء القراءات، فكنت كلما قرأت ختمة جديدة على أحدهم، ازددت ضبطا وإتقانا، فكانت ملاحظاتهم- حفظهم الله- تجدد عليّ نفعا وفائدة في كل ختمة. وأذكر عن شيخي وأستاذي فضيلة الشيخ/ سعيد علي حماد أنه كان يسافر إلى أساتذته ليضبط حرفا أو كلمة، وذات مرة التبس عليه الأمر في قراءة الكلمة من سورة القصص «اتبعكما» في قوله تعالى: قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ [القصص: 35]. فسافر الشيخ سعيد إلى المدينة المنورة، والتقى بفضيلة الشيخ الدكتور/ إيهاب فكري وصحح عليه قراءة هذه الكلمة.

وتلقي القرآن من أهله وعلمائه، وعرضه عليهم هي الطريقة التي علّم بها الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام، فكان يقرأ عليهم، ويقرءون عليه. وحديث عبد الله بن مسعود في السنة الصحيحة يبين ذلك، حينما طلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليه، فقال ابن مسعود متعجبا: أأقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال له الأمين صلى الله عليه وسلم: «إنني أحب أن أسمعه من غيري» إنها الأمانة العظيمة، والحرص البالغ للتأكد من أن الصحابة يقرءون القرآن كما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حرص الصحابة شديدا على تعليم التابعين، وحرص التابعون كذلك على تعليم من بعدهم، وهكذا، حتى وصل القرآن إلينا بهذه الطريقة- التلقي بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- ولله الحمد. وفي زماننا هذا، ما تزال هذه الطريقة موجودة معروفة عند أهل القرآن، وما تزال الإجازات تعطى من قبل المشايخ لطلابهم بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومهما بلغ تمكن المسلم وتفوقه في اللغة العربية، فلا بد له من تلقي القرآن بهذه الطريقة، فقد كان العرب الأوائل- وهم أفصح منا- لا شك في ذلك بل إننا لم نعد عربا بألسنتنا، لقد كانوا وهم أهل اللغة وأربابها لا يعرفون في تعلم القرآن غير هذه الطريقة (طريقة العرض والتلقي). ورب قائل يقول: وأين المشايخ وأهل القرآن؟ وكيف أصل إليهم؟ والجواب على ذلك: إنهم موجودون، فلا تخلو بلدة، ولا قرية من كتّاب ومحفظ، ومعاهد القرآن منتشرة، وحلقات التدريس في المساجد قائمة، كما أنك لن تعدم صديقا أو زميلا يحسن ويجيد التلاوة فتقرأ وتتعلم معه، من سلك وسأل عرف، ومن عرف وصل.

3 - تحديد كمية الحفظ:

3 - تحديد كمية الحفظ: إن لكل إنسان طاقة، وكل إنسان يختلف عن غيره في الذاكرة، ومن الخطأ أن يحمل الإنسان نفسه فوق طاقتها، لأن لذلك أضرارا منها: (أ) عدم ضبط ما يحفظ. (ب) بذل جهد فوق طاقة الإنسان. (ج) عدم القدرة على السير والمواصلة والاستمرار. والله تعالى أرشدنا إلى ذلك في كتابه فقال: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [البقرة: 286]. وقال سبحانه: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا ما آتاها سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً [الطلاق: 7]: ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك: «لا تعملوا من الأعمال إلا ما تطيقون». فمن أراد حفظ القرآن الكريم فهو أعلم بطاقته، ووقته، فيرتب في ذهنه زمنا معينا لحفظ القرآن الكريم، ويضع خطة عريضة، تشمل الشهر والأسبوع واليوم، فيلتزم بها، وليعلم أن التكرار لازم للحفظ، وليحرص على الحفظ بنغمة يحبها حتى لا يمل من التكرار. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به» (¬1). ويستحسن الترديد جهرا، فقد أثبتت الدراسات أنه كلما ازداد عدد الجوارح المشاركة في عملية التعلم، كان ذلك أدعى للحفظ والفهم. 4 - اختيار الزمان والمكان المناسبين: وهذا من الأهمية بمكان، ففي وقت الظهيرة واشتداد الحر يصعب الحفظ، كما يشق الحفظ إذا كان الإنسان مشغول الذهن، وأفضل أوقات الحفظ والوعي ¬

_ (¬1) متفق عليه.

5 - لا تنتقل لحفظ جديد حتى تضبط القديم:

وقت السحر، وبعد صلاة الصبح. «وأجود الأوقات للحفظ: الأسحار، وللبحث: الأبكار، وللكتابة: وسط النهار، وللمطالعة والمذاكرة: الليل» (¬1). كما أن مكان الحفظ مهم جدّا، فلا يصلح مكان العمل مكانا للحفظ، ولا تصلح وسيلة المواصلات كذلك، كما أنه لا يصلح مكان يتجمع الناس فيه ليكون مكان حفظ، وأفضل مكان هو المسجد، أو في الخلاء بين المزارع، أو في البر، ويحفظ الإنسان في بيته في غرفة خالية، بعيدا عن إزعاج أطفاله. 5 - لا تنتقل لحفظ جديد حتى تضبط القديم: إنك إذا انتقلت لحفظ جديد، دون أن تضبط القديم كما ينبغي، تشتت ذهنك، فلن تضبط جديدا ولا قديما، وكان القرآن في ذهنك مشوشا، وذلك لأن القلوب والعقول أوعية، ولكل وعاء قدر يحفظه، فلا تتجاوزنّ قدر وعائك. وأوصيك بتكرار ما تحفظ في صلاة النوافل، وبخاصة قيام الليل، فقد أرشدني أخي وأستاذي الدكتور محمود عبد الملك إلى هذه الطريقة فقال لي: إذا حفظت شيئا فتهجد به في يوم حفظك، وادع الله أن يعيه عقلك وقلبك، ففعلت فأفدت كثيرا، بارك الله فيه. 6 - حافظ على رسم واحد لمصحفك: إذا بدأت الحفظ في مصحف له رسم معين، وعدد سطوره معروفة فلا تحفظ، ولا تقرأ في غيره، وذلك لأن عقل الإنسان يحفظ الجزء في مضمون كله؛ بمعنى: أن العقل يرسم الصفحة ويحدد موقع الكلمة فالعقل يحفظ الكلمة وهي الجزء في مضمون الكل وهي الصفحة. وقد التقيت بإخوة حفظوا على طبعة معينة ذات أسطر محددة، وسافروا وتركوا مصاحفهم، ولم يجدوا في أماكن إقامتهم الجديدة مصاحف طبعتهم التي ¬

_ (¬1) صفحات من صبر العلماء على شدائد العلم والتحصيل.

7 - حافظ على ترابط السورة:

حفظوا عليها، فغيروا فتشتت الحفظ. لذلك فإني أنصح إخواني باختيار طبعة منتشرة معروفة يسهل العثور عليها في أي مكان. 7 - حافظ على ترابط السورة: إن سور القرآن- خاصة الطوال منها- لها أحداث متسلسلة متتابعة، فاحرص على حفظ هذا التسلسل، واربط أحداث السورة ترابطا جيدا، فاعرف أول السورة وآخرها، واربط أولها بآخرها. ومن طرائف اختبارات القرآن الكريم، ما يحكي عن فضيلة الشيخ محمود خليل الحصري يرحمه الله، أنه أمر طالبا بقوله: أكمل بعد قول الله تعالى: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف: 89] وهذه آخر آية في سورة الزخرف فأخذ الطالب يقلب ذهنه عن الآية بعدها. ومن طرائف مشايخ الكتّاب أنهم يصلون آخر كل سورة بأول التي تليها وهذا غاية الضبط والإتقان. فإن صعب عليك هذا الترابط فإن: 8 - الفهم طريق الحفظ: والمقصود بالفهم: الفهم العام لمضمون الآيات، وترتيب هذا الفهم في الذهن بحيث لا يختلط ولا يتداخل، ومما يعين على هذا الفهم التدبر الواعي للآيات. لذلك قال الله تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها [محمد: 24] فهذه الآية نص صريح يوضح أن التدبر والفهم يفتح القلوب والعقول فتحفظ. فإذا عجزت بعد ذلك فإن: 9 - التفسير معين ومساعد: احرص على قراءة تفسير ولو بسيط وسهل للقرآن الكريم، وهناك تفاسير

10 - العناية بالمتشابهات:

بهوامش المصاحف، ومنها: تفسير الجلالين، ومختصر تفسير الطبري ولكن احرص على أن يكون هذا المصحف هو نفس مصحفك الذي تحفظ منه، وإلا فهناك كتاب: «تفسير القرآن كلمات وبيان» لشيخ الأزهر: محمد حسنين مخلوف. 10 - العناية بالمتشابهات: إن العناية بالمتشابهات هي غاية الضبط في الحفظ والإتقان، وما كان شيء يشق عليّ حفظه في القرآن الكريم من الآيات المتشابهة. والقرآن متشابه في ألفاظه ومعانيه قال تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23]. وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ [آل عمران: 7]. وإذا كان عدد آيات القرآن الكريم يزيد على ست آلاف آية، فإن هناك قرابة الألفي آية فيها تشابه كبير، يصل أحيانا إلى درجة التطابق. ولأهمية ضبط المتشابه في القرآن الكريم، نجد أن العلماء قد اعتنوا به عناية فائقة فألفوا فيه الكتب ومن أشهرها: 1 - كتاب «البرهان في توجيه متشابه القرآن» للشيخ محمود بن حمزة الكرماني. 2 - كتاب «فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن» للشيخ زكريا الأنصاري. 3 - كتاب «كشف المعاني في المتشابه من المثاني» للشيخ بدر الدين بن جماعة.

11 - التسميع والتسابق مع الحفاظ:

وقد ألف أخي الأستاذ الشيخ السيد محمود محمد سند كتابا في المتشابه عنوانه: «أوجز البيان في متشابه القرآن» وقد أفدت منه. 11 - التسميع والتسابق مع الحفاظ: فليتخير حافظ القرآن رفيقا له يسمع عليه، ويا حبذا لو كان ضابطا ويكون التسميع متبادلا بينهما، على شكل مسابقة، فكل حافظ لديه علامات في رأسه، يستفيد منها رفيقه، وقد استفدت كثيرا من هذه الطريقة، فأفدت من شيخ قرأت عليه فعرفني طريقة ترتيب ما التبس في الذهن عن طريق حروف الهجاء مثل الآيتين في سورة الصافات: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ [الصافات: 27] فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ [الصافات: 50] فقال لي الشيخ عبد العزيز ندا- وكنت أقرأ عليه قراءة الإمام أبي عمرو البصري قال- لي: «إن ترتيب هاتين الآيتين عكس حروف الهجاء فالواو بعد الفاء وقد سبقتها في الآية الأولى. فأفدت من طريقته وأخذت أطبقها على آيات كثيرة. وكان لي شيخ بدأت الطلب معه، هو فضيلة الشيخ سعيد حماد كثيرا ما سمّع لي وقرأت عليه، تارة عن طريق الاختبار منه، وأخرى عن طريق التسميع فأفدت منه، وأفدت من هذه الطريقة. وأقول: إنني استفدت من عدد من الإخوة كانوا يقرءون عليّ، بل إنني استفدت من طريقة أخ كان مبتدئا في الحفظ وكنت أسمع له. وخلاصة القول: ألّا يعتمد الحافظ على التسميع على نفسه بل لا بد من التسميع على غيره أو التسميع لغيره. 12 - معاهدة القرآن الكريم: وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية تعاهد القرآن الكريم. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تعاهدوا هذا

13 - اغتنام سنوات الحفظ:

القرآن فو الذي نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الإبل في عقلها» (¬1). وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثل صاحب القرآن كمثل الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها وإن أطلقها ذهبت» (¬2). إن القرآن الكريم ليس كأي محفوظ آخر، فهو سريع الهروب من الذهن بخلاف الشعر، والحكمة في ذلك أن يظل الحافظ للقرآن مرتبطا به لا يفارقه، فإذا فارقه نسيه، وقد حفظت متونا: شعرا ونثرا فأمسكها ذهني زمنا دون مراجعة، بخلاف القرآن الكريم الذي يحتاج إلى التعهد الدائم ليظل الحافظ مرتبطا بكتاب الله تعالى. 13 - اغتنام سنوات الحفظ: إن مراحل عمر الإنسان تتفاوت في تحصيل وحفظ العلوم وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في حديث الاغتنام «اغتنم خمسا قبل خمس» فذكر منها: «شبابك قبل هرمك». لذلك حرص الصحابة على تحفيظ أولادهم القرآن الكريم في سنيهم المبكرة، كما أننا نجد كثيرا من الأئمة الأعلام قد حفظوا القرآن كاملا دون سن العاشرة؛ فحفظ الإمام الشافعي وهو ابن سبع، وحفظ الإمام أحمد بن حنبل في تمام العاشرة. ولما أدركت الجاحظ الشيخوخة كان ينشد هذين البيتين متحسرا متألما: أترجو أن تكون وأنت شيخ ... كما قد كنت أيام الشباب؟ لقد كذبتك نفسك ليس ثوب ... دريس كالجديد من الثياب ¬

_ (¬1) متفق عليه. (¬2) متفق عليه.

ويمكننا أن نقسم سنوات الحفظ ومراحل العمر حسب القدرة على الاستيعاب كما يلي: 1 - من 5 سنوات إلى 10 سنوات مرحلة ذهبية. 2 - من 10 سنوات إلى 14 سنة. مرحلة ذهبية* من حفظ في هاتين المرحلتين يصعب نسيانه. 3 - من 14 سنة إلى 23 سنة. مرحلة فضية. 4 - من 23 سنة إلى 35 سنة. مرحلة برونزية. ولكنني أقول: إنه لا يصعب على أي مسلم في أي مرحلة من عمره أن يحفظ القرآن الكريم، إذا عزم على ذلك، وعرف الله صدقه، فكلمة المستحيل لا يعرفها عقل المسلم ولا خياله. وقد رأيت أخا بدأ في حفظ القرآن بعد الأربعين فأتمه في سنتين ونصف وكان ضابطا متقنا. والأعجب من ذلك أنني أعرف رجلا بدأ في حفظ القرآن بعد الخمسين ثم تلقى عن المشايخ، وسافر عدة بلدان يقرأ عليهم، وحصل على إجازات كثيرة في القراءات السبع، ثم العشر الصغرى، ثم الكبرى، وقد أصبح الآن عالما يسافر الطلاب إليه ويقصدونه، ولم يبدأ إلا بعد سن الخمسين فلا تكسلن أيها المسلم عن الحفظ والتعلم في أي عمر كنت. كان إبراهيم بن المهدي كبيرا في السن، فدخل على المأمون وعنده جماعة يتكلمون في الفقه فقال له المأمون: يا عم ما عندك فيما يقول هؤلاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين شغلونا في الصغر واشتغلنا في الكبر. فقال المأمون: لم لا تتعلمه اليوم؟ قال: أو يحسن مثلي طلب العلم؟ قال: نعم. والله لأن تموت طالبا للعلم خير من أن تعيش قانعا بالجهل.

14 - الصلاة خلف إمام حافظ متقن:

14 - الصلاة خلف إمام حافظ متقن: لقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسمعون السورة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فيحفظونها عنه. إن الصلاة خلف إمام حافظ متقن تشجع المسلمين على الحفظ، لأن الإمام قدوة، كما أنها تجعل الحافظ الذي يصلي خلف هذا الإمام متيقظا دائما، ليرد على الإمام خطأه إذا أخطأ. وفي هذا نداء وتوجيه إلى الأئمة- بارك الله فيهم- بأهمية حفظ القرآن الكريم والقراءة به كاملا في صلواتهم، ولتكن لهم ختمات في صلواتهم الجهرية دون إطالة. 15 - حافظ على الورد: إذا أتم المسلم حفظ القرآن الكريم، فلا يقنع بذلك ويكسل، بل لا بدّ من ورد يومي ثابت لا يقل عن جزء، يراجعه دائما من حفظه، وبكثرة مراجعته يتعرف على نقاط ضعفه، ويتعرف على المواضع التي تلتبس عليه، فيرعاها بالاهتمام الدائم. وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه (¬1). ¬

_ (¬1) استفدت في كتابة هذه القواعد من كتابين هما: القواعد الذهبية للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق. وأوجز البيان في متشابه القرآن للشيخ السيد سند. وزدت بعض القواعد من خلال تجربتي.

كيف نقرأ القرآن الكريم؟

كيف نقرأ القرآن الكريم؟ القرآن الكريم هو كلام الله المنزل على رسوله الأمين، يتعبد المسلم بتلاوته في الصلاة وغيرها، ونحن أمرنا أن نصلي كما كان يصلي رسولنا صلى الله عليه وسلم، «صلوا كما رأيتموني أصلي» (¬1) فكما شرع الله الصلاة بصفة معينة، شرع كذلك تلاوة القرآن بصفة معينة، وجاء الأمر بهذه الصفة في القرآن الكريم، قال تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] قال الإمام ابن كثير: «أي اقرأه على تمهل فإنه يكون عونا على فهم القرآن وتدبره، وكذلك كان يقرأ صلوات الله عليه. قالت عائشة رضي الله عنها: كان يقرأ السورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها (¬2). وقال الإمام الطبري: أي اقرأ بتمهل وتبيين حروف. «وقد أكد الله عز وجل فعل الأمر (ورتل) بالمصدر (ترتيلا) تعظيما لشأنه واهتماما به» (¬3). ولن يتأتى للمسلم ذلك إلا برياضة اللسان بالتلقي، فيرقق المرقق، ويفخم المفخم، ويقصر المقصور ويمد الممدود، ويظهر المظهر ويدغم المدغم، ويخفي المخفى، ويغن الغنة، ويخرج كل حرف من مخرجه، وهذا هو التجويد. فما حكم القراءة بأحكام التجويد؟ إن قراءة القرآن الكريم يجب أن تكون قراءة مجودة مطبقا فيها أحكام التجويد، فتلاوة القرآن تلاوة مجودة أمر واجب وجوبا عينيا على كل مسلم يريد أن يقرأ شيئا من القرآن الكريم. ¬

_ (¬1) رواه البخاري. (¬2) مختصر تفسير ابن كثير. (¬3) غاية المريد في حكم التجويد.

والأدلة على وجوب التلاوة المجودة كثيرة، من الكتاب والسنة والإجماع.

والأدلة على وجوب التلاوة المجودة كثيرة، من الكتاب والسنة والإجماع. أما من الكتاب: فقول الله تعالى: وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا [المزمل: 4] والأمر في الآية للوجوب، أما كيفية الترتيل فتكون بالتلقي عن علماء القراءات. وقد أثنى الله تبارك وتعالى على حفظة القرآن بقوله: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [البقرة: 121] قال الإمام الشوكاني في تفسيره: أي يقرءونه حق قراءته ولا يحرفونه ولا يبدلونه. قال ابن مسعود: «والذي نفسي بيده إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزله الله» (¬1). وإذا كان الله عز وجل قد مدح الذين يتلون الكتاب حق تلاوته، فبمفهوم المخالفة يتبين ذم الذين لا يحسنون تلاوة القرآن ولا يراعون الأحكام. والدليل من السنة: ما ثبت من حديث موسى بن يزيد الكندي رضي الله عنه قال: كان ابن مسعود رضي الله عنه يقرئ رجلا فقرأ الرجل: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ [التوبة: 60] مرسلة. فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الرجل: وكيف أقرأكها يا أبا عبد الرحمن؟ قال أقرأنيها هكذا: إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ومدها (¬2). «وهكذا أنكر ابن مسعود رضي الله عنه على الرجل أن يقرأ كلمة (الفقراء) بالقصر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه إياها بالمد، فدل ذلك على وجوب تلاوة القرآن تلاوة صحيحة وهي الموافقة لأحكام التجويد» (¬3). ¬

_ (¬1) تفسير ابن كثير. (¬2) أخرجه سعيد بن منصور والطبراني وابن مردويه ورجاله ثقات. (¬3) غاية المريد في علم التجويد.

ودليل الإجماع:

والواقع إن الناس كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، فهم متعبدون أيضا بتصحيح ألفاظه، وتجويد حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة المتصل سندهم بالنبي صلى الله عليه وسلم. ومن الأدلة من السنة أيضا ما ثبت عن يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة رضي الله عنها عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته؟ قالت: مالكم وصلاته؟ ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة مفسرة حرفا حرفا (¬1). قال فضيلة الشيخ عطية نصر قابل عميد معهد القراءات بالقاهرة، والمدرس بقسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين بالرياض، قال في كتابه القيم: «غاية المريد في علم التجويد» معلقا على هذا الحديث: «وفي هذا الحديث دليل على أن تحسين القراءة وتجويدها هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم». ودليل الإجماع: إن الأمة الإسلامية أجمعت على وجوب التجويد أثناء تلاوة القرآن من زمن النبي صلى الله عليه وسلم إلى زماننا هذا، ولم يختلف في ذلك أحد، فلا يجوز لأي قارئ أن يقرأ القرآن بغير تجويد، لأن الله توعد الذين يخالفون رسوله والمؤمنين فقال سبحانه: وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً [النساء: 115]. وقد أدرك الأئمة السابقون، والعلماء المحققون أهمية التجويد، لأنه يتصل اتصالا وثيقا بكتاب رب العالمين، فألفوا الكتب في ذلك، كما نظموا الشعر والنثر فيه. ألف الشيخ سليمان الجمزوري متنا في التجويد سماه «تحفة الأطفال» قال فيه: ¬

_ (¬1) رواه النسائي والترمذي.

«أرجو به أن ينفع الطلابا ... والأجر والقبول والثوابا» (¬1) وقد ألف العلامة شمس الدين محمد بن الجزري (751 - 833 هـ) متنا في التجويد نسب إليه وسمي (متن الجزرية) يقول في مقدمته: يقول راجي عفو رب سامع ... محمد بن الجزري الشافعي الحمد لله وصلى الله ... على نبيه ومصطفاه محمد وآله وصحبه ... ومقرئ القرآن مع محبه وبعد إن هذه مقدمه ... فيما على قارئه أن يعلمه إذ واجب عليهم محتم ... قبل الشروع أولا أن يعلموا مخارج الحروف والصفات ... ليلفظوا بأفصح اللغات (¬2) وإذا كان الإمام ابن الجزري وهو الملقب بإمام الفن قد أشار إلى وجوب التجويد في مقدمة متنه وأكده بقوله (محتم) فإنه عاد وأكد هذا الوجوب في الباب الثالث من أبواب متنه بعد باب مخارج الحروف، وباب الصفات، يقول في باب التجويد: والأخذ بالتجويد حتم لازم ... من لم يجود القرآن آثم لأنه به الإله أنزلا ... وهكذا منه إلينا وصلا وهو إعطاء الحروف حقها ... من صفة لها ومستحقها (¬3) يقول فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الفتاح قارئ رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف، بمجمع الملك فهد بالمدينة المنورة وعميد كلية القرآن ¬

_ (¬1) متن تحفة الأطفال. (¬2) متن الجزرية. (¬3) متن الجزرية.

تعقيب:

الكريم، يقول في كتابه «قواعد التجويد» معلقا على قول ابن الجزري «لقد جعله واجبا شرعيا يأثم الإنسان بتركه، وبه قال أكثر العلماء والفقهاء، ذلك لأن القرآن نزل مجودا وقرأه الرسول صلى الله عليه وسلم على جبريل كذلك، وأقرأه الصحابة فهو سنة نبوية». تعقيب: بعد أن تبينت الأدلة من الكتاب والسنة والإجماع على وجوب قراءة القرآن قراءة مجودة، رأيت أنه من الواجب بسط القول في هذا الموضوع، والتعقيب على من يقول بعدم وجوب ذلك، ويتناول تعقيبي هذه النقاط: 1 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» (¬1): هذا الحديث حجة على وجوب قراءة القرآن مجودا، فهو أمر من النبي صلى الله عليه وسلم، والأمر يشمل هيئة الصلاة الظاهرية من حركات وغيرها، ويشمل قراءته صلى الله عليه وسلم للقرآن فيها، وإذا كان العلماء قد اختلفوا في بعض حركات الصلاة، مثل وضع اليدين عند قراءة الفاتحة، وكذلك وضعهما أو إرسالهما بعد الرفع من الركوع، وغير ذلك من الخلافات الظاهرية. إذا كان العلماء قد بسطوا القول في كل حركات الصلاة، وحرصوا على الوصول إلى الكيفية الصحيحة التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الحرص أشد في روح الصلاة، ومبعث الخشوع فيها، وهو القرآن الكريم، كتاب الله وكلامه، فما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ القرآن إلا مرتلا مجودا كما بينت الروايات. فإذا كان حرص المسلمين شديدا على تقليد النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية حركات الصلاة، فلا بد وأن يكون التقليد أشد في كيفية قراءته لكتاب الله تعالى. وهكذا يكون فهم أمر النبي صلى الله عليه وسلم «صلوا كما رأيتموني أصلي». ¬

_ (¬1) رواه البخاري.

2 - حديث الأحق بالإمامة:

2 - حديث الأحق بالإمامة: عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنا .. » (¬1). إن تقديم النبي صلى الله عليه وسلم للأقرإ لكتاب الله، دليل واضح على أهمية تجويد القرآن وضرورة حفظه للإمام، كما يبين لنا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أن يستمع الصحابة القرآن الكريم استماعا صحيحا سليما كما أنزل. 3 - لما جمع الفاروق عمر بن الخطاب المسلمين- وأكثرهم من الصحابة- لصلاة التراويح في رمضان، اختار إمامهم سيد القراء (أبي بن كعب) وما هذا إلا لشدة حرصه رضي الله عنه على أهمية ضبط القرآن وتجويده ليسمعه المسلمون من سيد القراء. 4 - قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد» (¬2). وابن أم عبد هو الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود الذي أنكر على الرجل قراءة كلمة (الفقراء) دون مد. «ولعل المقصود من الحديث والله أعلم- أن يقرأ القرآن على الصفة التي قرأ بها بعد الله بن مسعود من حسن الصوت وجودة الترتيل ودقة الأداء» (¬3). تنبيه: إن قراءة القرآن قراءة مجودة تجب وجوبا عينيا على كل مسلم، أما العلم بأحكام التجويد فإنه لا يجب إلا على أهل الأداء ومعلمي الناس. ¬

_ (¬1) رواه أحمد ومسلم. (¬2) رواه البخاري. (¬3) غاية المريد في علم التجويد.

آداب تلاوة القرآن الكريم:

آداب تلاوة القرآن الكريم: 1 - الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر. 2 - تطهير الفم بالسواك تعظيما للقرآن. 3 - نظافة الثوب والبدن والمكان. 4 - وضع الطيب والروائح الحسنة إن أمكن. 5 - استقبال القبلة إذا أمكن ذلك. 6 - القراءة المرتلة المجودة. 7 - حضور القلب فيتأثر بما يقرأ تاركا حديث النفس وأهواءها. 8 - يستحب البكاء مع القراءة ما أمكن. 9 - تزيين الصوت بقدر المستطاع بحيث لا يخرج إلى حد التمطيط. 10 - القراءة بتفكر وخشوع وتدبر (¬1). قال تعالى: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ [ص: 29]. ومن آداب الاستماع: 1 - خشوع القلب. 2 - التفكر والتدبر في المعاني. 3 - الاتعاظ بما في القرآن من حكم وأحداث. 4 - البكاء عند سماع آيات الجنة والنار. 5 - حسن الاستماع وهو الإنصات الذي أشار إليه الله تعالى بقوله: وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: 204]. ¬

_ (¬1) معظم هذه الآداب ذكرها الشيخ عطية نصر قابل في غاية المريد.

علم القراءات

علم القراءات (¬1) تعريفه: هو علم يعرف كيفية النطق بالكلمات القرآنية، وطريق أدائها اتفاقا واختلافا مع عزو كل وجه لناقله. موضوعه: كلمات القرآن من حيث أحوال النطق بها، وكيفية أدائها. استمداده: من السنة والإجماع؛ حيث إنه مأخوذ من النقول الصحيحة والمتواترة عن علماء القراءات المتصل سندهم برسول الله صلى الله عليه وسلم. فضله: من أشرف العلوم الشرعية لتعلقه المباشر بكلام رب العالمين. غايته: معرفة ما يقرأ به كل واحد من الأئمة والقراء. واضعه: أئمة القراءة، وقيل أبو عمر حفص بن سليمان الدوري، الراوي الأول عن الإمام أبي عمرو البصري، وأول من دون فيه أبو عبيد القاسم بن سلام. حكمه: فرض كفاية تعلما وتعليما. فائدته: 1 - العصمة من الخطأ في النطق بالكلمات القرآنية. 2 - صيانة كلمات القرآن عن التحريف والتغيير. 3 - العلم بما يقرأ به كل إمام من أئمة القراءة. 4 - التمييز بين ما يقرأ به. 5 - التسهيل والتخفيف على الأمة. 6 - استنباط الأحكام الفقهية نتيجة لاختلاف القراءات (¬2). ¬

_ (¬1) علم القراءات: جمع قراءة وهي تعني: وجها مقروء به. (¬2) راجع البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة للشيخ عبد الفتاح القاضي. وكذلك علم القراءات للشيخين عطية نصر قابل، ومحمد عوض زائد.

ولتوضيح أهمية القراءات في استنباط الأحكام الفقهية نضرب بعض الأمثلة العملية: 1 - الآية: فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ [البقرة: 36] والمعنى المفهوم من هذه القراءة فَأَزَلَّهُمَا كما قال الطبري: يعني أوقعهما الشيطان في الخطأ والزلل فأكلا من الشجرة (¬1). وقرأ الإمام حمزة (فأزالهما) فيختلف المعنى، فأزالهما بمعنى أبعدهما عما كانا فيه. 2 - الآية: وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ [آل عمران: 79] قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي وخلف (تعلمون) بتاء مضمومة وعين مفتوحة ولام مشددة مكسورة بعدها ميم مضمومة والمعنى: تعلّمون غيركم. وقرأ الآخرون (تعلمون) بتاء مفتوحة بعدها عين ساكنة ثم لام مفتوحة بعدها ميم مضمومة، (تعلمون) بمعنى تعلمون في نفوسكم دون تعليم غيركم، والفرق ظاهر. 3 - الآية: وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ [محمد: 4] قرأ البصري وحفص ويعقوب (قتلوا) بالبناء للمجهول، وقرأ الباقون (قاتلوا) والفرق كبير بين المعنيين، فقتلوا لا بد فيها من الشهادة، وقاتلوا يكفي فيها مجرد المشاركة. 4 - الآية: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة: 6] قرأ نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب بنصب «أرجلكم» على أساس عطفها على وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ فلا بد من غسل الرجلين مثل الوجه واليدين. وقرأ الباقون بالخفض أَرْجُلَكُمْ على أساس عطفها على «برءوسكم» فيكفي مسح الرجلين، وهكذا يستمد الفقهاء أحكامهم من القراءات. ¬

_ (¬1) مختصر تفسير الطبري.

5 - الآية: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة: 111] قرأ حمزة والكسائي وخلف: «فيقتلون ويقتلون» بتبديل الكلمتين: فكيف يكون ذلك: يقتلون ثم يقتلون؟ إن هذه القراءة نص صريح في شرعية العمليات الاستشهادية التي يقوم بها المجاهدون فهم يقتلون ثم يقتلون أعداءهم. والأمثلة كثيرة جدا. والله أعلم.

أركان القراءة الصحيحة

أركان القراءة الصحيحة لكل قراءات القرآن أركان ثلاثة هي: 1 - موافقة القراءة لوجه من وجوه اللغة العربية ولو ضعيفا: ومن الأمثلة على ذلك: (أ) قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ [البقرة: 37] في قراءة ابن كثير بنصب آدم ورفع كَلِماتٍ. (ب) قوله تعالى: لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ [النساء: 162] فنصب المقيمين بفعل تقديره (أخص- أمدح) جائز لغويّا. وقد يكون وجه اللغة العربية ضعيفا ومثال ذلك: (ج) قوله تعالى: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الأنعام: 137] قرأ ابن عامر الشامي: (زيّن لكثير من المشركين قتل أولادهم شركائهم). فبني الفعل (زيّن) للمجهول ورفع (قتل) على أنه نائب فاعل ونصب (أولادهم) مفعول للمصدر، وجر (شركائهم) مضافا إلى المصدر. ولقد ثبت أن (شركائهم) مرسوم بالياء في المصحف الذي بعثه الخليفة عثمان رضي الله عنه إلى الشام. والعلة في ضعف هذه القراءة لغويّا، والسبب في إنكار بعض النحاة لها، أن الفصل بين المضاف (قتل) والمضاف إليه (شركائهم) لا يكون إلا بالظرف وليس بالمفعول به ويكون ذلك في الشعر خاصة، ولكن لما كانت قراءة ابن عامر ثابتة

2 - موافقتها للرسم العثماني ولو احتمالا:

بالتواتر القطعي فهي حجة ولا تحتاج إلى ما يسندها من كلام العرب (¬1). 2 - موافقتها للرسم العثماني ولو احتمالا: إن موافقة الرسم قد تكون تحقيقا أو تقديرا، كما في قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: 4] «فقراءة حذف الألف (ملك) لنافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وحمزة وأبي جعفر. هذه القراءة تحتمل اللفظ تحقيقا. وقراءة مالِكِ لعاصم والكسائي ويعقوب وخلف في اختياره تحتمل إثبات الألف تقديرا. وقد تكون القراءة ثابتة في المصاحف العثمانية دون بعض ومثال ذلك الآية من سور التوبة: وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ [التوبة: 100]. قرأ ابن كثير المكي جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ بزيادة (من) وهي ثابتة في المصحف المكي دون غيره من المصاحف. وإلى قراءة الإمام ابن كثير أشار الشاطبي بقوله: ومن تحتها المكي يجرّ وزاد من ... صلاتك وحد وافتح التا شذا علا 3 - صحة سندها: وذلك بتواترها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عن زيد بن ثابت قوله: «القراءة سنة متبعة». وإلى هذه الأركان الثلاثة يشير الإمام ابن الجزري في طيبة النشر بقوله: فكل ما وافق وجه نحو ... وكان للرسم احتمالا يحوي وصح إسنادا هو القرآن ... فهذه الثلاثة الأركان وحيثما يختل ركن أثبت ... شذوذه لو أنه في السبعة ¬

_ (¬1) غاية المريد في علم التجويد.

أنواع القراءات

أنواع القراءات أنواع القراءات ستة يوضح هذا الجدول أحوالها: نوع القراءة/ تعريفها/ أمثلة من القرآن/ الحكم عليها المتواترة/ هي التي رواها جمع عن جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب وقد اتفقت الطرق على نقلها./ ملك يوم الدّين مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ/ صحيحة المشهورة/ هي التي صح سندها بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه ووافقت العربية والرسم./ ما أشهدنا هموا خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متّخذ المضلّين عضدا [الكهف: 51] (¬1) / صحيحة الآحاد/ هي التي صح سندها وخالفت الرسم أو العربية./ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [التوبة: 128] (¬2) / غير صحيحة الشاذة/ هي التي لم يصح سندها./ ملك يوم الدّين/ غير صحيحة الموضوعة/ هي التي لا أصل لها./ إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ [فاطر: 28] / غير صحيحة المدرجة/ هي التي زيدت على وجه التفسير./ وله أخ أو أخت من أم [النساء: 12] (¬3) / غير صحيحة ¬

_ (¬1) قراءة أبي جعفر. (¬2) قراءة ابن محيصن. (¬3) قراءة سعد بن أبي وقاص بزيادة كلمتي (من أم) وهذا غير صحيح.

نشأة القراءات وتطورها

نشأة القراءات وتطورها إن نشأة القراءات القرآنية كانت بتبليغ أمين الوحي جبريل عليه السلام أول كلمة قرآنية للنبي صلى الله عليه وسلم وهي كلمة (اقرأ) فلهذه الكلمة قراءتان متواترتان الأولى بتحقيق الهمزة والثانية بإبدالها ألفا. ثم تتابع نزول القرآن بعد ذلك بالأحرف السبعة (¬1). عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف» (¬2). كما ثبت عن عمر بن الخطاب أنه قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأنيها على غير ما قرأت. فانطلقت به أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرسله. اقرأ يا هشام». فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت». ثم قال: «اقرأ يا عمر» فقرأت القراءة التي أقرأني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت. إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه» (¬3). وعن أبي بن كعب قال: كنت في المسجد فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر، فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة، دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرءا، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم ¬

_ (¬1) علم القراءات للشيخين عطية نصر قابل، ومحمد عوض زائد (¬2) متفق عليه. (¬3) متفق عليه.

شأنهما فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذ كنت في الجاهلية، فلما رأى رسول صلى الله عليه وسلم ما قد غشيني ضرب في صدري، ففضت عرقا، وكأنما أنظر إلى الله عز وجل فرقا. فقال لي: «يا أبيّ أرسل إليّ أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه: أن هون على أمتي. فرد إليّ الثانية: اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي. فرد إليّ الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف، ولك بكل ردة رددتها مسألة تسألنيها. فقلت: اللهم اغفر لأمتي. اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلهم حتى إبراهيم عليه السلام» (¬1). وقد بلّغ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لأصحابه وقرأه عليهم كما أنزل عليه. قال تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ [المائدة: 67] وقال تعالى: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا [الإسراء: 106] وربما علّم النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه قراءة لم يسمعها غيرهم «فكل ميسر لما خلق له» فصار كل صحابي يقرأ القراءة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن الصحابة من أخذ القرآن بحرفين ومنهم من زاد حتى جمع القراءات مثل أبيّ بن كعب وسوف تجد اسمه مكتوبا عند عرض سند كل قارئ في هذا الكتاب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود وسالم مولى حذيفة ومعاذ وأبيّ بن كعب» (¬2). ¬

_ (¬1) رواه مسلم. (¬2) رواه البخاري. ويسمى أبيّ سيد القراء.

كيف نشأ اختلاف القراءات في الأمصار

كيف نشأ اختلاف القراءات في الأمصار؟ لما وجه الخليفة عثمان بن عفان المصاحف إلى الأمصار بعث جماعة من الصحابة يعلمون الناس القرآن بالتلقين والتلقي، وكانت المصاحف غير منقوطة. فعلّم الصحابة الناس القراءة التي سمعوها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لكل صحابي قراءة تلقاها فعلّمها القوم الذين بعث إليهم من قبل الخليفة عثمان بن عفان. لذلك نجد قراءة نافع المدني بالمدينة، وقراءة عاصم الكوفي بالكوفة، وقراءة ابن عامر الشامي بالشام، وقراءة ابن كثير الملكي بمكة، وقراءة أبي عمرو البصري بالبصرة. ولما كان العلماء يرحلون طلبا للعلوم ومنها القراءات، نجد أن قراءات القرآن قد انتشرت في بلدان العالم الإسلامي. فقرأت مصر منذ الفتح الإسلامي وحتى أواخر القرن الخامس الهجري برواية ورش عن نافع المدني، ثم قرأت بقراءة الإمام أبي عمرو البصري حتى منتصف القرن الثاني عشر الهجري، وهكذا كانت باقي الأمصار. ويجب أن نعلم أن اختلاف القراءات اختلاف تنوع وليس اختلاف تضاد مثل: تعلّمون وتعلمون- تكذبون وتكذّبون، وهكذا. ولما كان مصحف عثمان رضي الله عنه غير منقوط، فكان رسمه يحتمل كل القراءات القرآنية ومثال ذلك كله (فتبينوا) من قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات: 6] فرسم هذه الكلمة بغير نقط. (فتبينوا) يحتمل القراءتين: فتبينوا- فتثبتوا.

ما المقصود بالأحرف السبعة؟

ما المقصود بالأحرف السبعة؟ يقول فضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي- رحمه الله تعالى في كتابه: «الوافي في شرح الشاطبية»: وقد اختلف العلماء في المراد بالأحرف السبعة اختلافا كثيرا وذهبوا فيه مذاهب شتى، والذي نرجحه من بين هذه المذاهب مذهب الإمام أبي الفضل الرازي، وهو أن المراد بهذه الأحرف الأوجه التي يقع بها التغاير والاختلاف، وهذه الأوجه لا تخرج عن سبعة وهذا بيانها: الأول: اختلاف الأسماء في الإفراد والتثنية والجمع: ومن أمثلة ذلك: 1 - قوله تعالى: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ [البقرة: 184] قرئ (مسكين) بالإفراد وقرئ (مساكين) بالجمع. 2 - قوله تعالى: فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات: 10] قرئ (أخويكم) بالتثنية، وقرئ (إخوتكم) بالجمع. 3 - قوله تعالى: وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ [سبأ: 37] قرئ (الغرفات) بالجمع، وقرئ (الغرفت) بحذف الألف والإفراد. ويدخل في هذا الاختلاف: اختلاف الأسماء في التذكير والتأنيث. ومن الأمثلة: 1 - وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ [البقرة: 48] قرئ (يقبل) بالتذكير، وقرئ (تقبل) بالتأنيث. 2 - الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [النحل: 28] قرئ (يتوفاهم) بالتذكير، وقرئ (تتوفاهم) بالتأنيث. 3 - وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ [الأنفال: 65] قرئ (يكن) بالتذكير، وقرئ (تكن) بالتأنيث.

الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر

الثاني: اختلاف تصريف الأفعال من ماض ومضارع وأمر . ومن أمثلة ذلك: 1 - قوله تعالى: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً [البقرة: 184] قرئ بفتح التاء والطاء مخففة مع فتح العين على أنه فعل ماض (تطوّع)، وقرئ (يطّوّع) بياء مفتوحة وبعدها طاء مشددة مفتوحة مع جزم العين على أنه فعل مضارع مجزوم بمن. 2 - قوله تعالى: فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ [يوسف: 110] قرئ (فنجّي) بجيم مشددة بعد النون المضمومة وبعدها ياء مفتوحة على أنه فعل ماض. وقرئ (فننجي) بزيادة نون ساكنة بعد النون المضمومة مع تخفيف الجيم وسكون الياء على أنه فعل مضارع. 3 - قوله تعالى: قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأنبياء: 4] قرئ (قال) على أنه فعل ماض، وقرئ (قل) على أنه فعل أمر. 4 - قوله تعالى: فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 259] قرئ (أعلم) بهمزة قطع مفتوحة مع رفع الميم على أنه فعل مضارع، وقرئ (اعلم) بهمزة وصل مكسورة تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج مع سكون الميم على أنه فعل أمر. الثالث: اختلاف وجوه الإعراب . ومن الأمثلة على ذلك: (1) قوله تعالى: وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ [البقرة: 119] قرئ (تسأل) بضم التاء ورفع اللام على أن لا نافية، وقرئ (تسأل) بفتح التاء وجزم اللام على أن لا ناهية. 2 - اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ [إبراهيم: 2] قرئ بخفض لفظ الجلالة وقرئ برفعها على الابتداء. 3 - قوله تعالى: يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ [النور: 36] قرئ (يسبّح) بكسر الباء والبناء للمعلوم، وقرئ (يسبّح) بفتح الباء والبناء للمجهول.

الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة

الرابع: الاختلاف بالنقص والزيادة ومن الأمثلة على ذلك: 1 - قوله تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ [آل عمران: 133] قرئ (وسارعوا) بإثبات الواو، وقرئ (سارعوا) بحذفها. 2 - قوله تعالى: قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ [يوسف: 19] قرئ (بشراي) بزيادة الياء مفتوحة بعد الألف، وقرئ بحذفها. 3 - قوله تعالى: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى: 30] قرئ (فبما) بالفاء وقرئ (بما) بحذف الفاء. الخامس: الاختلاف بالتقديم والتأخير : ومن الأمثلة على ذلك: 1 - قوله تعالى: فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا [آل عمران: 195] قرئ بتقديم (وقاتلوا) وتأخير (وقتلوا) وقرئ بتقديم (وقتلوا) وتأخير (وقاتلوا). 2 - قوله تعالى: خِتامُهُ مِسْكٌ [المطففين: 26] قرئ (ختامه) بكسر الخاء وتقديم التاء المفتوحة على الألف، وقرئ (خاتمه) بفتح الخاء وتقديم الألف على التاء المفتوحة. السادس: الاختلاف بالإبدال: أي جعل حرف مكان حرف ومن الأمثلة على ذلك: 1 - قوله تعالى: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ [يونس: 30] قرئ (تبلو) بفتح التاء فباء ساكنة، وقرئ (تتلو) بتاءين الأولى مفتوحة والثانية ساكنة. 2 - قوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [الشعراء: 217] قرئ (وتوكل) بالواو، وقرئ (فتوكل) بالفاء. 3 - قوله تعالى: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ [التكوير: 24] قرئ (بضنين) بالضاد، وقرئ (بظنين) بالظاء.

السابع: الاختلاف في اللهجات:

السابع: الاختلاف في اللهجات: كالفتح والإمالة، والإظهار والإدغام، والتسهيل والتحقيق، والتفخيم والترقيق. ومن الأمثلة: 1 - قوله تعالى: وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى [الضحى: 1، 2] قرئ بفتح (الضحى- سجى) وقرئ بإمالتها إمالة كبرى أو صغرى. 2 - قوله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها [آل عمران: 145] قرئ بإظهار الدال في (يرد)، وقرئ بإدغامها في الثاء. 3 - قوله تعالى: أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة: 6] قرئ بتحقيق الهمزتين في (أأنذرتهم) وقرئ بتسهيل الثانية. 4 - قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ [المزمل: 20] قرئ بترقيق اللام في (الصلاة) وقرأ ورش بتفخيمها. ويدخل في هذا النوع الكلمات التي اختلفت فيها لغة العرب وتباينت ألسنتهم في النطق. ومن هذه الكلمات: خطوات، خطوات/ البيوت، البيوت/ خفية، خفية/ زبورا، زبورا/ السّحت، السّحت/ يعزب، يعزب. وغير ذلك من الكلمات المذكورة في فرش السور. وهذا السبب (الاختلاف في اللهجات) هو من أعظم الأسباب تيسيرا وتخفيفا على المسلمين، ومن الناس من لا تستقيم ألسنتهم على الفتح فالإمالة تناسبهم ومنهم من لا تستقيم ألسنتهم على الإظهار فالإدغام يناسبهم. هكذا.

ما الحكمة في إنزال القرآن على هذه الأوجه

ما الحكمة في إنزال القرآن على هذه الأوجه؟ الحكمة في ذلك أن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، ألسنتهم مختلفة، ولهجاتهم متباينة، ويتعذر على الواحد منهم أن ينتقل من لهجته التي درج عليها، ومرن لسانه على التخاطب بها، فصارت هذه اللهجة طبيعة من طبائعه، وسجية من سجاياه، واختلطت بلحمه ودمه، بحيث لا يمكنه التغاضي عنها، ولا العدول إلى غيرها، ولو بطريق التعلم، وخصوصا الشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والغلام والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط. عن أبيّ بن كعب رضي الله عنه قال: «لقي رسول الله لله جبريل فقال: يا جبريل إني بعثت إلى أمة أميين فيهم العجوز والشيخ الكبير والغلام والجارية والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط، قال يا محمد: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف» (¬1). فلو أن الله تعالى كلف العرب مخالفة لهجاتهم والعدول عنها لشق ذلك عليهم، ولكان ذلك من قبيل التكليف بما لا يدخل تحت الطاقة لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها [البقرة: 286]. فاقتضت رحمة الله بهذه الأمة أن يخفف عليها، وأن ييسر لها حفظ كتابها وتلاوة دستورها، كما يسر لها أمر دينها، وأن يحقق لها أمنية نبيها حين سأل جبريل زيادة الأحرف، لأنه يعلم أن أمته لا تطيق ذلك، فما زال النبي صلى الله عليه وسلم يلح في السؤال حتى أذن له أن يقرئ أمته القرآن على سبعة أحرف، فكان يقرئ كل قبيلة بما يوافق لغتها ويلائم لسانها (¬2). «ولعل من الحكمة أيضا أن يكون ذلك معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم على صدق رسالته، حيث ينطق صلى الله عليه وسلم القرآن بهذه الأحرف السبعة، وتلك اللهجات المتعددة، وهو النبي الأمي الذي لا يعرف سوى لهجة قريش» (¬3). ¬

_ (¬1) رواه الترمذي وقال حسن صحيح. (¬2) الوافي في شرح الشاطبية. (¬3) غاية المريد في علم التجويد.

صلة القراءات بالأحرف السبعة

صلة القراءات بالأحرف السبعة يظن بعض الناس أن قراءة أي قارئ من القراء السبعة هي أحد الأحرف السبعة المذكورة في الحديث «إن القرآن أنزل على سبعة أحرف». فيزعمون أن قراءة الإمام نافع حرف، قراءة الإمام ابن كثير حرف، وهكذا باقي القراءات، كل قراءة منها حرف من الأحرف السبعة، وهذا القول بعيد عن الصواب ومخالف للإجماع كما يقول فضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي يرحمه الله. وذلك لأسباب كثيرة منها: أن الأحرف السبعة: نزلت في أول الأمر للتيسير على الأمة ثم نسخ الكثير منها بالعرضة الأخيرة، مما حدا بالخليفة عثمان بن عفان إلى كتابة المصاحف التي بعث بها إلى الأمصار وأحرق كل ما عداها من المصاحف. والصواب أن قراءات الأئمة السبعة بل العشرة التي يقرأ الناس بها اليوم هي جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن وورد بها الحديث «أنزل القرآن على سبعة أحرف». وهذه القراءات العشر جميعها موافق لخط مصحف من المصاحف العثمانية، التي أرسلها الخليفة عثمان رضي الله عنه إلى الأمصار، بعد أن أجمع الصحابة عليه، وعلى اطراح كل ما يخالفها (¬1). ويجب أن يعلم أن عثمان رضي الله عنه من كبار قراء الصحابة كما سيتضح في الأسانيد. ¬

_ (¬1) الوافي في شرح الشاطبية.

أثر القراءات في علوم العربية

أثر القراءات في علوم العربية لقد أثرت القراءات تأثيرا واسعا في علوم اللغة العربية مما حدا بفضيلة الشيخ الدكتور محمد سالم محيسن أن يضع كتابه القيم «القراءات وأثرها في علوم العربية» في مجلدين كبيرين. ومما ذكره فضيلته: 1 - أثر القراءات في اللهجات العربية من حيث أصواتها مثل ظاهرة الإدغام والإظهار وظاهرة النقل وظاهرة التسهيل وغير ذلك. 2 - أثر القراءات في اللهجات العربية من حيث الألفاظ المعربة في القرآن مثل: جبريل- ميكائيل- إبراهيم- زكريا- زبورا- آزر- اليسع. 3 - أثر القراءات في بيان الجامد والمشتق اللغوي. 4 - أثر القراءات في البلاغة العربية مثل: الحذف والذكر والالتفات. إلى غير ذلك من الأبواب الكثيرة التي ذكرها فضيلته، وليس هذا مجال بسطها وسردها، فمن أراد أن يعرف أثر القراءات في علوم العربية من نحو وصرف وبلاغة فليرجع إلى كتابة القيم: «القراءات وأثرها في علوم العربية».

القراءة .. الرواية .. الطريق

القراءة .. الرواية .. الطريق القراءة: هي الاختيار المنسوب لإمام من الأئمة بكيفية القراءة للفظ القرآني على ما تلقاه مشافهة بسند متصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. مثل: قراءة نافع، قراءة ابن كثير. الرواية: هي ما نسب لمن روى عن إمام من أئمة القراءة من كيفية قراءته للفظ القرآني، ولكل إمام قارئ راويان، اختار كل منهما رواية عن إمامه في إطار قراءته فعرف بها ذلك الراوي مثل: رواية ورش عن نافع، رواية حفص عن عاصم. الطريق: هي ما نسب للناقل عن الراوي. مثل: - رواية ورش من طريق الأزرق. - رواية حفص من طريق عبيد بن الصباح. ««فكل ما نسب للإمام فهو قراءة، وكل ما نسب للراوي فهو رواية، وكل ما نسب للآخذ عن الراوي وإن سفل فهو طريق» (¬1). وإليك جدول يبين كل إمام من الأئمة العشرة وراوييه وطريق كل راو. ¬

_ (¬1) البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة.

جدول القراء العشرة ورواتهم وطرقهم

جدول القراء العشرة ورواتهم وطرقهم (¬1) الإمام/ راوييه/ الطريق نافع المدني توفي سنة 169 هـ/ قالون: عيسى بن مينا المدني. ورش: عثمان بن سعيد المصري./ أبو نشيط محمد بن هارون. أبو يعقوب يوسف الأزرق. ابن كثير المكي توفي سنة 120 هـ/ البزي: أحمد بن محمد بن أبي بزة المكي قنبل: محمد بن عبد الرحمن المكي./ أبو ربيعة محمد بن إسحاق. أبو بكر أحمد بن مجاهد. أبو عمرو البصري توفي سنة 154 هـ/ الدوري: أبو عمر بن عبد العزيز البغدادي. السوسي: أبو شعيب صالح بن زياد./ أبو الزعراء عبد الرحمن بن عبدوس. أبو عمران موسى بن جرير. ابن عامر الشامي توفي سنة 118 هـ/ هشام: هشام بن عمار القاضي الدمشقي. ابن ذكوان: عبد الله بن أحمد بن ذكوان القرشي./ أبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني. أبو عبد الله هارون بن موسى الأخفش. عاصم الكوفي توفي سنة 127 هـ/ شعبة: شعبة بن عياش الكوفي. حفص: حفص بن سليمان الكوفي./ أبو زكريا يحيى بن آدم الصلحي. أبو محمد عبيد بن الصباح. ¬

_ (¬1) لقد استفدت في إعداد هذا الجدول من كتاب البدور الزاهرة، للشيخ عبد الفتاح القاضي.

تابع .. جدول القراء العشرة ورواتهم وطرقهم

تابع .. جدول القراء العشرة ورواتهم وطرقهم الإمام/ راوييه/ الطريق (¬1) حمزة الكوفي توفي سنة 156 هـ/ خلف: خلف بن هشام البزار. خلاد: خلاد بن خالد الكوفي./ أحمد بن بويان عن إدريس بن عبد الكريم الحداد عنه. أبو بكر محمد بن شاذان الجوهري. الكسائي الكوفي توفي سنة 189 هـ/ أبو الحارث: الليث بن خالد البغدادي. حفص الدوري: أبو عمر بن عبد العزيز البغدادي./ أبو عبد الله محمد بن يحيى البغدادي. أبو الفضل جعفر بن محمد النصيبي. أبو جعفر المدني توفي سنة 128 هـ/ ابن وردان: عيسى بن وردان المدني. ابن جماز: سليمان بن مسام بن جماز المدني./ الفضل بن شاذان. أبو أيوب الهاشمي. يعقوب البصري توفي سنة 205 هـ/ رويس: محمد بن المتوكل البصري. روح: روح بن عبد المؤمن البصري./ عبد الله بن سليمان النخاس عن التمار عنه. أبو بكر محمد بن وهب بن العلاء الثقفي عنه. خلف العاشر الكوفي توفي سنة 229 هـ/ إسحاق: إسحاق بن إبراهيم البغدادي. إدريس: إدريس بن عبد الكريم البغدادي./ أحمد بن عبد الله السوسنجردي عن بن أبي عمر النقاش عنه. المطوعي والقطيعي. ¬

_ (¬1) الطرق المذكورة للرواة هي طرق الشاطبية والدرة.

وقد أشار الإمام الشاطبي إلى القراء السبعة الأوائل ورواتهم بقوله:

وقد أشار الإمام الشاطبي إلى القراء السبعة الأوائل ورواتهم بقوله: جزى الله بالخيرات عنا أئمة ... لنا نقلوا القرآن عذبا وسلسلا فمنهم بدور سبعة قد توسطت ... سماء العلا والعدل زهرا وكملا لها شهب عنها استنارت فنورت ... سواد الدجى حتى تفرق وانجلى وسوف تراهم واحدا بعد واحد ... مع اثنين من أصحابه متمثلا تخيرهم نقادهم كل بارع ... وليس على قرآنه متأكلا ... فأما الكريم السر في الطيب نافع ... فذاك الذي اختار المدينة منزلا وقالون عيسى ثم عثمان ورشهم ... بصحبته المجد الرفيع تأثلا ... ومكة عبد الله فيها مقامه ... هو ابن كثير كاثر القوم معتلى روى أحمد البزي له ومحمد ... على سند وهو الملقب قنبلا ... وأما الإمام المازني صريحهم ... أبو عمرو البصري فوالده العلا أفاض على يحيى اليزيدي سيبه ... فأصبح بالعذب الفرات معللا أبو عمر الدوري وصالحهم أبو ... شعيب هو السوسي عنه تقبلا ... وأما دمشق الشام دار ابن عامر ... فتلك بعبد الله طابت محللا هشام وعبد الله وهو انتسابه ... لذكوان بالإسناد عنه تنقلا ... وبالكوفة الغراء منهم ثلاثة ... أذاعوا فقد ضاعت شذا وقرنفلا

وقد ذكر الإمام محمد بن الجزري في الدرة الثلاثة المتممين للعشرة فقال:

فأما أبو بكر وعاصم اسمه ... فشعبة راويه المبرز أفضلا وذاك ابن عياش أبو بكر الرضا ... وحفص وبالإتقان كان مفضلا ... وحمزة ما أزكاه من متورع ... إماما صبورا للقرآن مرتلا روي خلف عنه وخلاد الذي ... رواه سليم متقنا ومحصلا ... وأما علي فالكسائي نعته ... لما كان في الإحرام فيه تسربلا روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا ... وحفص هو الدوري وفي الذكر قد خلا ... أبو عمرهم واليحصبي ابن عامر ... صريح وباقيهم أحاط به الولا لهم طرق يهدى بها كل طارق ... ولا طارق يخشى بها متمحلا (¬1) وقد ذكر الإمام محمد بن الجزري في الدرة الثلاثة المتممين للعشرة فقال: أبو جعفر عنه ابن وردان ناقلا ... كذلك ابن جماز سليمان ذو العلا ويعقوب قل عنه رويس وروحهم ... وإسحاق مع إدريس عن خلف تلا (¬2) وقد ذكر الإمام محمد بن الجزري أيضا في طيبة النشر: ثم أبو جعفر الحبر الرضا ... فعنه عيسى وابن جماز مضى تاسعهم يعقوب وهو الحضرمي ... له رويس ثم روح ينتمي والعاشر البزار وهو خلف ... إسحاق مع إدريس عنه يعرف ¬

_ (¬1) حرز الأماني ووجه التهاني (متن الشاطبية). (¬2) متن الدرة.

شجرة إسناد القراء العشرة

شجرة إسناد القراء العشرة

شجرة إسناد الإمام نافع

شجرة إسناد الإمام نافع هو أبو رويم عبد الرحمن بن أبي نعيم مولى جعونة وقيل غير ذلك وأصله من أصفهان، أسود اللون، وكان إمام دار الهجرة، عاش عمرا طويلا. أمّ الناس في المسجد النبوي ستين سنة، وقرأ على مالك رضي الله عنه الموطأ وقرأ عليه مالك القرآن. قالون ورش نافع المدني قرأ على سبعين من التابعين منهم يزيد ابن القعقاع وشيبة ابن نصاح وعبد الرحمن بن هرمز وهم على عبد الله ابن عباس عن أبيّ ابن كعب. على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام ابن كثير

شجرة إسناد الإمام ابن كثير الإمام ابن كثير: هو أبو معبد ابن كثير المكي مولى عمرو بن علقمة تابعي جليل، وأصله من أبناء فارس، وكان طويلا جسيما أسمر أشهل يخضب بالحناء. البزي قنبل ابن كثير المكي قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي الصحابي على أبيّ وعلى مجاهد بن جبير ودرباس على عبد الله بن عباس على أبيّ وزيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام أبي عمرو البصري

شجرة إسناد الإمام أبي عمرو البصري هو أبو عمرو بن العلاء البصري المازني من بني مازن كازروني الأصل عربي أسمر طويل وهو صريح خالص النسب للعرب واختلف في اسمه، فقيل: اسمه كنيته وقيل: زبان وقيل غير ذلك. الدوري السوسي أبو عمرو البصري قرأ على جماعة من التابعين بالحجاز والعراق منهم ابن كثير ومجاهد وسعيد بن جبير على عبد الله بن عباس على أبيّ بن كعب. على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام ابن عامر الشامي

شجرة إسناد الإمام ابن عامر الشامي هو عبد الله بن عامر الدمشقي التابعي، عربي خالص. هشام ابن ذكوان ابن عامر الشامي قرأ على المغيرة بن شهاب عن عثمان ابن عفان وأبي الدرداء على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام عاصم الكوفي

شجرة إسناد الإمام عاصم الكوفي هو عاصم بن أبي النجود وكنيته أبو بكر تابعي جليل. شعبة حفص عاصم الكوفي قرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وعلى زر بن حبيش الأسدي وعلى سعد بن إلياس الشيباني وقرأ هؤلاء الثلاثة على عبد الله بن مسعود وقرأ السلمي وزر على عثمان بن عفان وعلي ابن أبي طالب وقرأ السلمي على أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت وقرأ ابن مسعود وعثمان وعليّ وأبيّ وزيد على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام حمزة الكوفي

شجرة إسناد الإمام حمزة الكوفي هو حمزة بن حبيب الزيات الكوفي، كان كما وصفه الشاطبي زكيا متورعا صبورا متحرزا عن أخذ الأجرة على القرآن لا ينام من الليل إلا القليل. خلف خلاد حمزة الكوفي قرأ على جعفر الصادق على أبيه محمد الباقر على أبيه زين العابدين على أبيه الحسين على أبيه عليّ. وقرأ حمزة أيضا على الأعمش وعلى عمران بن أعين على أبي الأسود على عثمان. وقرأ أيضا على الأعمش على يحيى بن وثاب على ابن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام الكسائي الكوفي

شجرة إسناد الإمام الكسائي الكوفي هو أبو الحسن علي بن حمزة الكسائي النحوي مولى لبني أسد كان من أولاد الفرس- قيل له الكسائي من أجل أنه أحرم في كساء- والسربال القميص وكل ما يلبس كالدرع. أبو الحارث الدوري الكسائي الكوفي قرأ على حمزة بن حبيب الزيات وقد تقدم سنده. وقرأ أيضا على عيسى بن عمرو على طلحة بن معروف على النخعي على علقمة على عبد الله بن مسعود على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام أبي جعفر المدني

شجرة إسناد الإمام أبي جعفر المدني هو إمام المدينة المنورة أبو جعفر يزيد بن القعقاع المخزومي المدني قرأ عليه نافع، وكان أبو جعفر تابعيا جليلا صالحا. روي عن نافع أنه قال: لما غسّل أبو جعفر بعد وفاته، نظروا ما بين نحره إلى فؤاده، مثل ورقة المصحف، فما شك أحد ممن حضر أنه نور القرآن. ابن وردان ابن جماز أبو جعفر المدني قرأ أبو جعفر على كثير من الصحابة منهم أبو هريرة وأبيّ بن كعب وقرأ على ابن عباس على زيد بن ثابت وقرأ زيد وأبيّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام يعقوب البصري

شجرة إسناد الإمام يعقوب البصري هو إمام البصرة ومقرئها أبو محمد يعقوب بن إسحاق بن زيد بن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي البصري. رويس روح يعقوب البصري قرأ على سلّام بن سليمان الطويل وشهاب بن شرنفة ومهدي بن ميمون وأبي الأشهب جعفر ابن حيان العطاردي وقرأ سلّام على عاصم وأبي عمرو وسندهما معروف. وقيل إن يعقوب قرأ على أبي عمرو نفسه فهو بمنزلة يحيى اليزيدي وقرأ شهاب على هارون بن موسى الأعور على أبي عمرو وعلى عاصم الجحدري وقرأ عاصم على الحسن البصري على أبي العالية على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب. وقرأ الجحدري على سليمان بن وقتة وعلى ابن عياش وقرأ مهدي على شعيب بن الحجاب وقرأ على أبي العالية وقرأ على أبيّ وعلى زيد بن ثابت وقرأ أبو الأشهب على أبي رجاء عمران بن ملحان العطاردي وقرأ على أبي موسى الأشعري وقرأ عمر بن الخطاب وأبيّ وزيد وأبو موسى على رسول الله صلى الله عليه وسلم

شجرة إسناد الإمام خلف العاشر الكوفي

شجرة إسناد الإمام خلف العاشر الكوفي هو خلف بن هشام البزار راوي حمزة، كان عالما ثقة، حفظ القرآن وهو ابن عشر سنين على سليم صاحب حمزة. إسحاق إدريس خلف العاشر الكوفي حفظ على سليم صاحب حمزة وعلى يعقوب بن خليفة الأعشى صاحب أبي بكر، على ابن أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري صاحب المفضل وقرأ أبو بكر والمفضل على عاصم المتصل سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم

إسناد فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله

إسناد فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي ختم أنبياءه بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأنام وأنزل عليه القرآن بأبلغ معنى وأحسن نظام وأورثه من اصطفاه من عباده ورفع مقامهم إلى أعلى مقام، وأدخلهم حرز الأماني فبلغوا به الأقرب إلى أقصى مرام، وأسعدهم بتيسير نشر قراءته وعمهم بجزيل فضله وفضلهم بعد النبيين والمرسلين على سائر الأنام. أحمده حمد عبد مستمر على تلاوة كتابه، محافظ على دراسته، مخلص ببركته من الظنون والأوهام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة أدخرها ليوم الزحام وأن سيدنا محمدا عبده ورسوله. نبي أدام الله شريعته إلى يوم القيام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم يشفع القرآن في أهله ويدخلهم الجنة بسلام. وبعد فيقول الفقير إلى لطف ربه الخفي فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله خليل. المولود بالنقيدي مركز كوم حمادة بمديرية البحيرة بتاريخ 22 من شهر شوال سنة 1344 هـ الموافق 5 مايو 1926 م. المقيم بالإسكندرية المالكي المذهب. يقول: إن أهم العلوم علم القراءات لاشتماله على جميع العلوم بالدلالات؛ لذلك اعتنى به أهل العلم الأخيار ونبهاء الأنام من كبار وصغار. وقد أخبرني فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله خليل بسنده المتصل برسول الله صلى الله عليه وسلم حينما شرفني الله بالقراءة على يديه مع العلم بأن إسناد فضيلته من أعلى الأسانيد في عالمنا الإسلامي اليوم ولله الحمد والمنة. ويشرفني أن

أضمن عملي هذا إسناد فضيلته وبخاصة بعد أن قرأ عليه كبار قراء عالمنا الإسلامي فقد بلغت كثرتهم بحيث يصعب إحصاؤهم. ومما قاله فضيلته حينما أجازني: وأخبره أني تلقيت القراءات العشر بمقتضى الكتب الثلاثة: الشاطبية والدرة وطيبة النشر على أستاذي الجليل الشيخ محمد بن عبد الرحمن الخليجي العباسي المقرئ الحنفي الإسكندري. وأخبرني أنه أخذ ذلك عن شيخه الشيخ عبد العزيز علي كحيل شيخ القراء بالإسكندرية، وهو قرأ ذلك على شيخه الشيخ عبد الله عبد العظيم الدسوقي شيخ القراء بالجامع البرهامي، وهو قرأ ذلك على شيخه الشيخ علي الحدادي الأزهري وهو قرأ ما ذكر على المحقق السيد إبراهيم العبيدي المقرئ الأزهري، وهو قرأ ما ذكر على سيدي الشيخ عبد الرحمن الأجهوري المالكي الأزهري، على العمدة الفاضل السيد على البدري وعلى الشيخ محمد المنير. فأما الشيخ عبد الرحمن فقرأ على محققي عصرهم: الشيخ أحمد البقري، والشيخ عبده السجاعي، والشيخ أحمد الإسقاطي، ويوسف أفندي زاده شيخ القراء بالقسطنطينية عام إحدى وخمسين ومائة وألف بقلعة مصر وقت قدومه للحج الشريف وكذا على الشيخ محمد الأزبكاوي الشهير نسيب بالجامع الأزهر، وكذا على الشيخ محفوظ به برواق أبي معمر، وكذا على الشيخ عبد الله الشماطي وقت رحلته إلى المدينة المنورة عام اثنين وخمسين ومائة وألف من الهجرة. فأما الشيخ عبد الله السجاعي فقد قرأ على محقق عصره أبي السماح الشيخ أحمد البقري. وأما الشيخ أحمد الإسقاطي فقد قرأ على أبي النور الدمياطي. على كل من المحققين: الشيخ أحمد الشهير بابن البنا صاحب كتاب الإتحاف

والشيخ أحمد سلطان المزاحي محرر الفن. وقرأ الشيخ أحمد سلطان علي سيف الدين البصير. وأما يوسف زاده فقد قرأ على مولانا الشيخ علي المنصوري بالديار القسطنطينية وقت رحلته إليها وإقامته بها. وقرأ المنصوري على الشيخ سلطان وعلى الشيخ علي الشبراملسي. وقرأ الشيخ أحمد البقري على الشيخ محمد البقري على الشيخ عبد الرحمن اليمني على والده الشيخ شحاذة اليمني على الشيخ أحمد بن عبد الحق السنباطي. وقد قرأ الشيخ علي الشبراملسي على الشيخ عبد الرحمن اليمني. وقرأ سيف الدين البصير على السنباطي. وقرأ الشيخ علي الأزبكاوي على الشيخ محمد البقري. وقرأ الشيخ محفوظ على الشيخ الرميلي على الشيخ محمد البقري. وقرأ الشيخ عبد الرحمن الشماطي على كثيرين منهم: الشيخ محمد عبد الخالق الشماطي المتصل سنده بشيخ الإسلام عبد الله الهبيطي صاحب كتاب الأوقاف الشهير المتصل سنده بأبي عمرو الداني. وقرأ الشيخ شحاذة أيضا على الناصر الطبلاوي. وقرأ السنباطي والطبلاوي على شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، على شيخه رضوان العقبي، على الشيخ محمد النويري شارح الطيبة، وعلى الشيخ محمد القلقيلي، على شيخهما محمد بن الجزري محرر الفن صاحب كتاب النشر وطيبته وتقريبه، وهو عن شيخه إمام الجامع الأزهر المعروف بابن اللبان، على الشيخ أحمد صهر الشاطبي وهو على الإمام الحبر العلامة الشاطبي وهو على الشيخ أبي الحسن علي بن هذيل على أبي داود سليمان بن نجاح على الحافظ أبي عمرو الداني مؤلف كتاب التيسير.

إسناد قراءة حمزة

إسناد قراءة حمزة هو حمزة بن حبيب الزيات الكوفي كان كما وصفه الشاطبي زكيا متورعا صبورا متحرزا عن أخذ الأجرة على القرآن لا ينام من الليل إلا القليل. قرأ على جعفر الصادق، على أبيه محمد الباقر، على أبيه زين العابدين، على أبيه الحسين، على أبيه علي بن أبي طالب. وقرأ حمزة أيضا على الأعمش، وعلى عمران بن أعين، على أبي الأسود على عثمان وقرأ أيضا على الأعمش، على يحيى بن وثاب، على ابن مسعود، على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فضيلة الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله خليل وقد أخبرت الابن محمد بن عباس بن محمد الباز أنني قد قرأت للأئمة السبعة بمقتضى الشاطبية على ما اختاره الشيخ سلطان المزاحي والشيخ عبد الرحمن اليمني، على فضيلة الشيخة نفيسة بنت أبي العلا بن أحمد بن محمد ضيف الإسكندرانية بلدا، المالكية مذهبا. وقد أخبرتني أنها تلقت طرق الشاطبية والدرة المرضية على أستاذها الحافظ الثقة شيخ قراء الإسكندرية المرحوم الشيخ عبد العزيز على كحيل الإسكندراني بلدا الحسيني نسبا، عن شيخه الأستاذ الكامل والعمدة الفاضل المرحوم الشيخ محمد سابق، عن شيخه المرحوم الشيخ خليل عامر المطوبسي، عن شيخه المرحوم الشيخ علي الحلو إبراهيم السمنودي، عن المرحوم الشيخ سليمان الشهداوي الشافعي، عن المرحوم الشيخ مصطفى الميهي، عن والده الشيخ علي الميهي البصير بقلبه. وهو قد نقل ما ذكر عن مشايخ أعلام وجهابذة محققين فخام منهم: أستاذه الفاضل الجليل سيدي وأستاذي المحلي، والمرحوم الشيخ إسماعيل وهو عن شيخه الرميلي وهو عن الشيخ محمد البقري ح 1. وأخبرني أيضا أنه أخذ للأئمة الأربعة عشر عن شيخه المغدق بالعطاء المزيدي

الحجة الحافظ الشيخ أحمد البقري، وهو عن الشيخ محمد بن قاسم بن إسماعيل البقري ح 1، وأخذ الرشيدي أيضا عن الشيخ العباسي الشهير بالعطار، وهو عن المشايخ الثلاثة: الشيخ سلطان بن أحمد المزاحي والشيخ علي الشبراملسي والشيخ محمد البقري ح 1. وأخذ الرشيدي أيضا عن الشيخ مصطفى بن عبد الرحمن الإزميري، وهو عن شيخه محمد القرا بإزمير، عن الشيخ القسطنطيني، عن الشيخ شعبان بن مصطفى، عن محمد بن جعفر الشهير بأوليا أفندي ح 2. وأخذ الشيخ مصطفى الإزميري عن الشيخ عبد الله بن محمد بن يوسف الشهير بيوسف أفندي زاده عن والده الشيخ محمد بن يوسف عن والده الشيخ يوسف، عن الشيخ محمد بن جعفر الشهير بأوليا أفندي زاده ح 2. وأخذ الشيخ مصطفى الإزميري أيضا عن الشيخ علي بن سليمان المنصوري وأخذ الشيخ حجازي عن الشيخ علي المنصوري عن المشايخ الثلاثة: سلطان المزاحي والشبراملسي ومحمد البقري- وأخذ الشيخ سلطان عن شيخه سيف الدين البصير بقلبه، والشيخ سيف الدين عن الشيخ شحاذة اليمني، وأخذ البقري والشبراملسي عن الشيخ عبد الرحمن اليمني، عن والده الشيخ شحاذة اليمني إلى قوله تعالى في سورة النساء: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ ... [النساء: 41] ثم مات والده فاستأنف ختمه على تلميذ والده العلامة ابن عبد الحق السنباطي وابن عبد الحق عن الشيخ شحاذة اليمني، وهو عن الشيخ محمد بن جعفر ح 2 وهو عن شيخه أحمد المسيري المصري، وهو عن شيخه نصر الدين الطبلاوي، وهو عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وهو عن الشيخ أحمد بن أسد الأنبوطي، وأبي العباس أحمد بن أبي بكر القليتاني، وأبي نعيم الفقير، وطاهر بن أحمد العقيلي الشهير بالنويري، والإمام نور الدين علي بن محمد بن صالح المخزومي البلبيسي، وأخذ الأنبوطي والقليتاني والعقيلي والفقير ونور الدين عن الشيخ حافظ عصره ووحيد دهره الشيخ محمد بن محمد بن محمد الجزري المقرئ الشافعي مؤلف

طيبة النشر. قالت الشيخة نفيسة بنت أبي العلا: وقد أخبرت الشيخ محمد عبد الحميد عبد الله أنني تلقيت هذه القراءات أيضا مع طيبة النشر على أستاذي الجليل الشيخ عبد العزيز علي كحيل وأخبرني أنه أخذ ذلك عن شيخه الشيخ عبد الله عبد العظيم الدسوقي المالكي بنفس السند الأول المذكور في هذه الإجازة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ترجمة الإمام عاصم

ترجمة الإمام عاصم اسمه وكنيته: هو أبو بكر عاصم بن بهدلة بن أبي النجود، وقيل: اسم أبيه عبد وبهدلة اسم أمه (¬1). أصله: مولى بني نصر بن معين الأسدي (¬2). منزلته: هو شيخ الإقراء بالكوفة وأحد القراء السبعة، وكان من التابعين الأجلاء، عده الإمام مكي بن أبي طالب القيسي في الطبقة الثالثة من التابعين هو والإمام نافع (¬3). حدث عن أبي رمثة رفاعة التميمي والحارث بن حسان البكري وكان لهما صحبة، أما حديثه عن أبي رمثة فهو في مسند الإمام أحمد، وأما حديثه عن الحارث فهو في كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام. جمع رضي الله عنه بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وقد أثنى عليه الأئمة وتلقوا قراءته بالقبول. انتهت إليه رئاسة الإقراء بالكوفة بعد أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه، حيث جلس مجلسه، ورحل الناس إليه للقراءة من شتى الآفاق قال أبو بكر شعبة بن عياش (راويه الأول): لا أحصي ما سمعت أبا إسحاق السبيعى يقول: ما رأيت أحدا أقرأ للقرآن من عاصم بن أبي النجود، وكان عالما بالسنة لغويا ¬

_ (¬1) التبصرة في القراءات. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق

اتصال سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم:

نحويا فقيها (¬1). فضله ومناقبه: مناقبه كثيرة جدا منها: 1 - قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن عاصم بن بهدلة فقال: رجل صالح خير ثقة، فسألته: أي القراءة أحب إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، قلت: فإن لم توجد؟ قال: قراءة عاصم. 2 - قال أبو بكر شعبة بن عياش: دخلت على عاصم وقد احتضر فجعل يردد هذه الآية: ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ [الأنعام: 62] يحققها كأنه في الصلاة، لأن تجويد القرآن صار فيه سجية (¬2). أساتذته: قرأ على زر بن حبيش وقرأ زر على عبد الله بن مسعود. وقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي وقرأ السلمي على علي بن أبي طالب. تلامذته: راوياه المشهوران هما: أبو بكر شعبة بن عياش، وحفص بن سليمان، ومن تلامذته: أبان بن تغلب، وحماد بن سلمة، وسليمان بن مهران الأعمش، وأبو المنذر سلام بن سليمان، وسهل بن شعيب، وخلق لا يحصون (¬3). وروى عنه حروفا من القرآن: أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد الفراهيدي صاحب العروض ومعجم العين، وحمزة بن حبيب الزيات إمام القراءة المعروف. اتصال سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم: يتضح اتصال سنده عند النظر في شجرة سنده السابقة. فقد قرأ على زر بن ¬

_ (¬1) غاية المريد في علم التجويد. (¬2) المرجع السابق. (¬3) المرجع السابق.

اتجاهاته في القراءة:

حبيش وأبي عبد الرحمن السلمي وكلاهما قرأ على عبد الله بن مسعود وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وأبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. اتجاهاته في القراءة: 1 - شعبة عن عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود رضي الله عنه. 2 - حفص عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب (¬1). وفاته: توفي رضي الله عنه آخر سنة سبع وعشرين ومائة هجرية ودفن بالسماوة في اتجاه الشام، وقيل: توفي أول سنة ثمان وعشرين ومائة هجرية (¬2). ¬

_ (¬1) إعجاز القراءات القرآنية. (¬2) غاية المريد في علم التجويد.

ترجمة حفص

ترجمة حفص اسمه وكنيته: هو أبو عمر حفص بن سليمان بن المغيرة بن أبي داود الأسدي الكوفي البزاز- نسبة إلى البز: أي الثياب. معروف بحفيص صاحب عاصم وربيبه، فهو ابن زوجة عاصم. مولده: ولد سنة 90 هـ. منزلته: عالية في القراءة، ومما قيل عنه: 1 - قال الذهبي: هو في القراءة ثقة ثبت ضابط. 2 - قال أبو هشام الرفاعي: كان حفص أعلم أصحاب عاصم بقراءته، فكان مرجحا على شعبة بضبط الحروف. وليس ذلك بغريب عليه فقد تربى في بيت عاصم ولازمه. 3 - قال ابن المنادي: قرأ على عاصم مرارا وكان الأولون يعدونه في الحفظ فوق أبي بكر شعبة بن عياش ويصفونه بضبط الحروف التي قرأها على عاصم وأقرأ الناس بها دهرا طويلا (¬1). ضبطه وإتقانه: أخذ القراءة عرضا وتلقينا عن عاصم فأتقنها حتى شهد له العلماء بذلك، ولقد كان رحمه الله كثير الحفظ والإتقان، وقد أثنى عليه الإمام الشاطبي وفضله على شعبة بقوله: وذاك ابن عياش أبو بكر الرضا ... وحفص وبالإتقان كان مفضلا ولذلك اشتهرت روايته وتلقاها الأئمة بالقبول، قام بإقراء الناس بعد وفاة ¬

_ (¬1) غاية المريد في علم التجويد.

اتصال سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم:

عاصم فترة طويلة من الزمان (¬1). تلامذته: أخذ القراءة عنه عرضا وسماعا أناس كثيرون منهم: حسين بن محمد المروزي، وعمرو بن الصباح، وعبيد بن الصباح، والفضل ابن يحيى الأنباري، وأبو شعيب القواس وغيرهم. اتصال سنده برسول الله صلى الله عليه وسلم: قرأ حفص القرآن الكريم على عاصم وقرأ عاصم على أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم. حفص وشعبة: روي عن حفص أنه قال: «قلت لعاصم: إن أبا بكر شعبة يخالفني في القراءة فقال: أقرأتك بما أقرأني به أبو عبد الرحمن السلمي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، وأقرأت شعبة بما أقرأني به زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (¬2). وفاته: توفي رحمه الله تعالى سنة ثمانين ومائة هجرية. ¬

_ (¬1) غاية المريد في علم التجويد. (¬2) المرجع السابق نقلا عن كتاب «تاريخ القراء العشرة ورواتهم» للشيخ عبد الفتاح القاضي.

أصول رواية حفص عن عاصم

أصول رواية حفص عن عاصم 1 - روى حفص إثبات البسملة بين كل سورتين سوى بين الأنفال وبراءة. 2 - روى إسكان ميم الجمع: وهي الميم الزائدة للدلالة على جمع المذكرين حقيقة أو تنزيلا إذا وقعت قبل محرك نحو «عليهم غير». وإذا كان قبل الميم هاء مسبوقة بياء ساكنة أو كسرة فله في هذه الهاء الكسر نحو: عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وفِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ. وإذا كان قبلها غير ذلك فله فيها الضم كبقية القراء نحو: مِنْهُمُ الَّذِينَ. 3 - إذا التقى في الخط حرفان متحركان متماثلان أو متقاربان أو متجانسان فله في ذلك الإظهار قولا واحدا. فمن أمثلة المتماثلين: قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ [يس: 26]، ما نَنْسَخْ [البقرة: 106] ومن أمثلة المتقاربين: كَذَّبَتْ ثَمُودُ [الشمس: 11]. ومن أمثلة المتجانسين: الصَّالِحاتِ طُوبى [الرعد: 29]. إلا أنه روى قالَ ما مَكَّنِّي بالكهف بنون واحدة مشددة على الإدغام، وكذلك روى ما لَكَ لا تَأْمَنَّا بيوسف لكنه مع الإشارة إما بالروم أو الإشمام. وقد اتفق القراء على إدغام ست مسائل في المتجانسين كما يلي: (أ) الباء التي بعدها ميم في: ارْكَبْ مَعَنا [هود: 42]. (ب) التاء التي بعدها دال مثل: أَثْقَلَتْ دَعَوَا [الأعراف: 189]. (ج) التاء التي بعدها طاء مثل: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ [آل عمران: 122]. (د) الثاء التي بعدها ذال في: يَلْهَثْ ذلِكَ [الأعراف: 176].

(هـ) الدال التي بعدها تاء مثل: وَمَهَّدْتُ [المدثر: 14]. (و) الذال التي بعدها ظاء مثل: إِذْ ظَلَمْتُمْ [الزخرف: 39]. واختلف عنه في قوله تعالى بالمرسلات: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ فله فيه وجهان: 1 - إدغام القاف في الكاف إدغاما كاملا وهو المقدم. 2 - إدغام القاف في الكاف إدغاما ناقصا. وقد علق فضيلة الشيخ عباس مصطفى أنور إبراهيم المصري على هذا الوجه بقوله: «ثبوت هذا القول لحفص محل نظر». 4 - روى هاء الضمير المسبوقة بساكن وبعدها متحرك. نحو: فِيهِ هُدىً عَقَلُوهُ وَهُمْ بالقصر أي: ترك الصلة إلا في قوله تعالى بالفرقان: فِيهِ مُهاناً فبالصلة. وقد أشار الإمام الشاطبي إلى ذلك بقوله في باب هاء الكناية: ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن ... وما قبله التحريك للكل وصلا وما قبله التسكين لابن كثيرهم ... وفيه مهانا معه حفص أخو ولا (¬1) وإذا وقعت بين متحركين فله فيها الصلة مثل باقي القراء إلا في أَرْجِهْ في موضعيه وفَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ في النمل فرواهما بالإسكان، ويَرْضَهُ لَكُمْ في الزمر فرواهما بالقصر. 5 - روى المد المنفصل والمد المتصل بمدهما قدر أربع حركات. وهو مختار الإمام الشاطبي أو خمس وهو المذكور في التيسير وليس له في مد البدل إلا القصر. 6 - روى تحقيق الهمز المفرد والمزدوج في جميع القرآن إلاءَ أَعْجَمِيٌّ المرفوع بفصلت فإنه رواه بتسهيل الثانية. وإلا آلذَّكَرَيْنِ بالأنعام فإنه رواها بتسهيل الثانية على وجهين أحدهما: جعلها بين الهمزة والألف، والثاني: ¬

_ (¬1) متن حرز الأماني ووجه التهاني.

إبدالها ألفا خالصة مع المد بقدر ست حركات للساكنين ولم يدخل ألفا بين الهمزتين مطلقا. 7 - جاء عنه السكت في أربعة مواضع هي: عِوَجاً قَيِّماً بأول الكهف، ومَرْقَدِنا هذا بيس، ومَنْ راقٍ بالقيامة، وبَلْ رانَ بالمطففين. 8 - روى الفتح قولا واحدا في جميع ما أماله غيره، لكنه أمال الراء في قوله تعالى مَجْراها بهود. 9 - وقف بالتاء وقفا اختباريا اتباعا لخط المصحف العثماني على هاء التأنيث المرسومة بالتاء المجرورة ووقعت في ثلاث عشرة كلمة: 1 - رَحْمَتَ في سبعة: في البقرة والأعراف وهود وأول مريم والروم والزخرف موضعان. 2 - نِعْمَتَ في أحد عشر موضعا: ثاني البقرة وفي آل عمران والمائدة وثاني إبراهيم وثالثها ورابع النحل وخامسها وسادسها وفي لقمان وفاطر والطور. 3 - سُنَّتُ في خمسة: في الأنفال وغافر وثلاثة بفاطر. 4 - لَعْنَتَ في موضعين: في آل عمران وحرف النور. 5 - امْرَأَتُ في سبعة: في آل عمران واحد، واثنان في يوسف، وواحد في القصص، وثلاثة في التحريم. 6 - بَقِيَّتُ اللَّهِ في هود. 7 - قُرَّتُ عَيْنٍ في القصص. 8 - فِطْرَتَ اللَّهِ في الروم. 9 - (شجرت الزقوم) في الدخان. 10 - (جنات نعيم) في الواقعة.

11 - ابْنَتَ عِمْرانَ في التحريم. 12 - (معصيت) في موضعي المجادلة. 13 - كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى بالأعراف. ويدخل في وقفه بالتاء حكم ما اختلف القراء في إفراده وجمعه وهو اثنا عشر موضعا هي: 1 - كَلِمَتُ رَبِّكَ بالأنعام وحرفي يونس وموضع بغافر. 2 - غَيابَتِ الْجُبِّ حرفي يوسف. 3 - آياتٌ لِلسَّائِلِينَ- آياتٌ مِنْ رَبِّهِ بالعنكبوت. 4 - الْغُرُفاتِ في سبأ. 5 - (على بينات) بفاطر. 6 - (من ثمرت) بفصلت. 7 - جِمالَتٌ بالمرسلات. 8 - أَبَتِ بيوسف ومريم والقصص والصافات. 9 - مَرْضاتِ بموضعي البقرة وفي النساء والتحريم. 10 - هَيْهاتَ بموضعي المؤمنون. 11 - وَلاتَ حِينَ ب ص. ومثلها اللَّاتَ في النجم. 12 - ذاتَ بَهْجَةٍ بالنمل. 10 - وقف على الهاء بدون ألف بعدها كالرسم في (أيه) بالنور (وتوبوا إلى الله جميعا أيّه المؤمنون لعلّكم تفلحون) [النور: 31]، والزخرف: (وقالوا يا أيّه السّاحر) [الزخرف: 49]. والموضع الثالث في الرحمن: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ [الرحمن: 31] فوقف على هاء أَيُّهَ بدون ألف وإذا وصل فتح الهاء.

11 - وقف على أَيًّا وعلى ما في أَيًّا ما تَدْعُوا بالإسراء. 12 - وقف على (ما) وعلى (ل) في أربعة مواضع: 1 - (فمال هؤلاء القوم) [النساء: 78]. 2 - مالِ هذَا الْكِتابِ [الكهف: 49]. 3 - مالِ هذَا الرَّسُولِ [الفرقان: 7]. 4 - فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ [المعارج: 36]. وفي هذه الحالة لها ثلاثة أوجه في القراءة وهذا بيانها: الأول: الوقوف على ما. الثاني: الوقوف على مال. الثالث: وصل مال بما بعدها. 13 - وحاصل مذهبه في ياءات الإضافة المختلف فيها بين القراء العشرة أنه أسكن كل ياء وقع بعدها همز قطع نحو: إِنِّي أَعْلَمُ، إِنِّي أُعِيذُها، مِنِّي إِنَّكَ لكنه استثنى من ذلك ثلاثة عشر ياء ففتحهن وهن: 1 - يَدِيَ إِلَيْكَ، أُمِّي إِلهَيْنِ بالمائدة. 2 - مَعِيَ أَبَداً في التوبة. 3 - مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا في الملك. 4 - أَجْرِيَ إِلَّا في تسعة مواضع: موضع بيونس وموضعين بهود وخمسة بالشعراء وموضع بسبإ. 14 - فتح كل ياء وقع بعدها لام تعريف نحو رَبِّيَ الَّذِي بالبقرة لكنه استثنى من ذلك عَهْدِي الظَّالِمِينَ بالبقرة فسكنها ويلزم من تسكينها حذفها وصلا.

15 - مذهبه في الياءات الزوائد حذفهن في الحالين وصلا ووقفا إلا أنه استثنى قوله تعالى: فَما آتانِيَ اللَّهُ [النمل: 36]. فرواه بإثبات الياء مفتوحة وصلا. واختلف أهل الأداء عنه في حذفها وقفا. هذه الأصول التي ذكرتها لحفص نقلت أكثرها من كتاب: «الإضاءة في بيان أصول القراءة» لفضيلة الشيخ علي محمد الضباع.

الأصول والفرش

الأصول والفرش قراءات القرآن الكريم قسمان: أصول: وهي عبارة عن القواعد الكلية المطردة التي يسير عليها القارئ أو الراوي في قراءته وهي التي ذكرت آنفا لحفص. فرش: الفرش عبارة عن الأحكام الخاصة ببعض الكلمات القرآنية مثل: مُلْكِ، مالِكِ. وسوف يتضح انفراد حفص بكثير من الكلمات وقراءته لها وحده عند الحديث عن: «المشكاة في بيان ما انفرد به حفص عن غيره من القراء والرواة». أصول رواية حفص تشمل القراءات إن لكل قارئ أو راو مذهبا يسير عليه في أصوله، إلا أننا نجد أن رواية حفص تشتمل على كثير من أصول غيره من القراء، مما يوضح صلة رواية حفص بغيرها، وهذا يؤكد لنا- ونحن نقرأ برواية حفص- أن تعلم باقي القراءات ليس صعبا. فما هي إلا رياضة امرئ بفكه، ودخوله بحذقه وفهمه. ويتضح شمول رواية حفص لغيرها من القراءات والروايات من سرد هذه الأمثلة: 1 - الإدغام: مذهب حفص الإظهار وبالرغم من ذلك فقد أدغم ما أظهره غيره وبهذا الإدغام يخالف مذهبه ويتضح أن قراءته تشتمل قراءة غيره. ومن الأمثلة على ذلك:

2 - صلة هاء الضمير المسبوقة بساكن وبعدها متحرك:

(أ) قوله تعالى: يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا [هود: 42] حيث أدغم الباء في الميم موافقا من مذهبه الإدغام مثل: (أبو عمرو البصري). (ب) قوله تعالى: يَلْهَثْ ذلِكَ [الأعراف: 176] فقد أدغم الثاء في الذال. 2 - صلة هاء الضمير المسبوقة بساكن وبعدها متحرك: هذه الهاء يصلها ابن كثير المكي فقط ولم يصلها غيره مثل قوله تعالى: فِيهِ هُدىً [البقرة: 2] ومثل قوله تعالى: وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ [القصص: 7]. ابن كثير يصل هذه الهاء ويقرأ مشبعا إياها بمقدار حركتين من جنس ما قبلها. ولم يوافق أحد من القراء ابن كثير في هذا الأمر إلا حفص فقط وقد وافقه في موضع واحد هو قوله تعالى: وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً [الفرقان: 69]. وقد أشار الإمام الشاطبي إلى ذلك بقوله: ولم يصلوا ها مضمر قبل ساكن ... وما قبله التحريك للكل وصلا وما قبله التسكين لابن كثيرهم ... وفيه مهانا معه حفص أخو ولا (¬1) 3 - تسهيل الهمزة الثانية: مذهب حفص تحقيق الهمزتين المتتاليتين في القرآن الكريم إلا أنه خالف مذهبه في موضع في القرآن الكريم، في قوله تعالى: ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ [فصلت: 44] فسهل حفص الهمزة الثانية. 4 - الإمالة: مذهب حفص الفتح مطلقا، وقد خالف مذهبه وأمال كلمة في القرآن إمالة كبرى وهذه الكلمة هي مَجْراها في قوله تعالى: وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها [هود: 41]. ¬

_ (¬1) متن حرز الأماني ووجه التهاني.

5 - وقوفه بالتاء المفتوحة على هاء التأنيث:

وقد أشار الإمام الشاطبي إلى ذلك بقوله في باب الفتح والإمالة: وما بعد راء شاع حكما وحفصهم ... يوالي بمجراها وفي هود أنزلا 5 - وقوفه بالتاء المفتوحة على هاء التأنيث: يقف حفص بالتاء على هاء التأنيث وقد سبق بيان ذلك ومن أمثلته: «رحمت- نعمت- امرأت» وغير ذلك مما سبق بيانه وقد وقف غيره بالهاء مثل الكسائي، وبذلك نجد أن حفصا قرأ مرة مثل الكسائي فوقف بالهاء ومرة مثل غيره فوقف بالتاء. 6 - فتح ياءات الإضافة: مذهب حفص في ياءات الإضافة الإسكان مثل قوله تعالى: إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ [هود: 31] إلا أننا نجد حفصا قد خالف مذهبه ووافق غيره في فتح بعض ياءات الإضافة مثل قوله تعالى: ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ [المائدة: 28]. 7 - إثبات الياءات الزوائد: مذهب حفص حذف الياءات الزوائد مطلقا إلا أننا نجد أنه قد وافق بعض القراء وأثبت ياء زائدة في قوله تعالى: فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ [النمل: 36] فنجد أن حفصا يثبت الياء مفتوحة وصلا ويثبتها ساكنة وقفا. ومما سبق: يتبين لنا أن قراءة حفص شملت كثيرا من أصول قراءة غيره مثل التسهيل والإمالة والإدغام كما سبق البيان ويتضح لنا من ذلك أن علم القراءات ليس صعبا كما يتصوره البعض فما هي إلا رياضة امرئ بفكه، وإقحام نفسه بعقله وذكائه.

المشكاة في بيان ما انفرد به حفص عن غيره من القراء والرواة

المشكاة في بيان ما انفرد به حفص عن غيره من القراء والرواة

المشكاة في بيان ما انفرد به حفص عن غيره من القراء والرواة الجدول الذي أعددته يبين كل الكلمات التي انفرد حفص بقراءتها بشكل يختلف عن غير من القراء والرواة. وقد بينت في الجدول ما يلي: (1) رقم الآية. (2) اسم السورة. (3) قراءة حفص. (4) البيان: ويشمل خلاف حفص مع غيره من القراء والرواة ويتضح فيه انفراد حفص بالكلمة المشار إليها. كما يوضح البيان قراءة باقي الأئمة والقراء للكلمة القرآنية ما أمكن ذلك.

السورة/ الآية/ قراءة حفص/ البيان البقرة/ 67/ قالوا أتتخذنا هزوا/ الباقون بالهمز في القرآن كله: هزؤا آل عمران/ 83/ وإليه يرجعون/ الباقون بالتاء: ترجعون ويعقوب: يرجعون آل عمران/ 157/ خير مما يجمعون/ قرأ بالياء وحده والباقون بالتاء: تجمعون النساء/ 152/ سوف يؤتيهم/ قرأ بالياء وحده والباقون بالنون: نؤتيهم المائدة/ 107/ الذين استحقّ/ بالبناء للمعلوم وحده والباقون: استحقّ الأعراف/ 105/ فأرسل معي بني إسرائيل/ فتح ياء معي والباقون بالإسكان: معي بني الأعراف/ 117/ فإذا هي تلقف/ شدد الباقون القاف: تلقّف الأعراف/ 164/ قالوا معذرة إلى ربكم/ بالنصب وحده والباقون بالرفع: معذرة الأنفال/ 18/ موهن كيد/ غيره بالتنوين: موهن كيد التوبة/ 83/ معي عدوا/ فتح ياء معي والباقون بالإسكان: معي عدوا يونس/ 23/ متاع الحياة الدنيا/ بنصب متاع والباقون بالرفع: متاع يونس/ 45/ ويوم يحشرهم/ بالياء وحده والباقون بالنون: نحشرهم هود/ 40/ من كلّ زوجين/ نون كلّ والباقون بترك التنوين: كلّ زوجين يوسف/ 5/ يا بنيّ/ فتح ياء بنيّ والباقون بكسرها: بنيّ يوسف/ 47/ سبع سنين دأبا/ فتح همزة دأبا والباقون بإسكانها: دأبا يوسف/ 109/ نوحي إليهم/ قرأ بالنون وحده والباقون بالياء: يوحى إبراهيم/ 22/ وما كان لي عليكم/ فتح ياء لي والباقون بإسكانها: لي عليكم النحل/ 43/ إلا رجالا نوحي إليهم/ قرأ بالنون نوحي والباقون بالياء: يوحى

السورة/ الآية/ قراءة حفص/ البيان الإسراء/ 64/ ورجلك/ بكسر الجيم والباقون بإسكانها: ورجلك الكهف/ 59/ وجعلنا لمهلكهم/ شعبة: لمهلكهم، والباقون: لمهلكهم الكهف/ 63/ وما أنسانيه إلا/ كسر الباقون الهاء: أنسانيه إلا الكهف/ 67/ معي صبرا [كلها] / فتح ياء معي والباقون بإسكانها: معي صبرا مريم/ 25/ تساقط عليك/ ضم التاء وحده والباقون بالفتح طه/ 63/ إن هذان/ الباقون شددوا نون إنّ ووافقه ابن كثير إلا أنه قرأ إن هذانّ طه/ 69/ تلقف/ شدد الباقون القاف: تلقّف الأنبياء/ 7/ نوحي إليهم/ بالنون وحده والباقون بالياء: يوحى الأنبياء/ 24/ من معي ومن قبلي/ فتح الياء والباقون بإسكانها: معي ومن الأنبياء/ 112/ قال رب احكم/ الباقون بالأمر: قل الحج/ 25/ سواء العاكف/ الباقون بالرفع: سواء المؤمنون/ 27/ من كلّ زوجين/ الباقون بترك التنوين: من كلّ زوجين النور/ 9/ والخامسة أن غضب/ الباقون بالرفع: والخامسة أن النور/ 52/ ويخش الله ويتقه/ أسكن القاف وحده مع عدم إشباع الهاء الفرقان/ 19/ فما تستطيعون/ الباقون بالياء: فما يستطيعون الشعراء/ 45/ تلقف/ الباقون بتشديد القاف: تلقّف الشعراء/ 62/ معي ربي/ الباقون بإسكان الياء: معي ربي

السورة/ الآية/ قراءة حفص/ البيان الشعراء/ 187/ كسفا/ الباقون بإسكان السين: كسفا النمل/ 49/ مهلك أهله/ شعبة: مهلك والباقون: مهلك القصص/ 32/ الرّهب/ غيره: الرّهب والرّهب القصص/ 34/ معي ردءا/ الباقون بإسكان الياء: معي ردءا الروم/ 22/ للعالمين/ الباقون فتحوا اللام: للعالمين لقمان/ 13/ 16/ يا بنيّ/ فتح ياء بنيّ وحده لقمان/ 17/ يا بنيّ/ وافقه البزي فقط والباقون بالكسر بنيّ الأحزاب/ 13/ لا مقام/ الباقون بفتح الميم: مقام سبأ/ 9/ كسفا/ الباقون بإسكان السين: كسفا الصافات/ 102/ يا بنيّ/ الباقون بكسر الياء: بنيّ ص/ 23/ ولي نعجة/ الباقون بإسكان الياء: ولي نعجة ص/ 69/ لي من علم/ الباقون بالإسكان: لي من غافر/ 37/ فأطلع إلى إله موسى/ الباقون بالرفع: فأطلع الفتح/ 10/ عليه الله/ الباقون بكسر الهاء: عليه الله الطلاق/ 3/ بالغ أمره/ الباقون بالتنوين: بالغ أمره المعارج/ 16/ نزاعة للشوى/ الباقون بالرفع: نزاعة للشوى الإخلاص/ 4/ كفوا أحد/ الباقون بالهمز: كفؤا أحد

سكتات حفص الخاصة

سكتات حفص الخاصة لحفص أربع سكتات بدون تنفس انفرد بها في القرآن الكريم وهذا بيانها: 1 - قوله تعالى في الكهف: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (1) قَيِّماً [الكهف: 1، 2]. ويجب السكت في هذا الموضع حال الوصل ويجوز له الوقوف على عِوَجاً والبدء ب قَيِّماً. 2 - قوله تعالى في يس: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ [يس: 52] ويجب السكت على مرقدنا حال الوصل أيضا. 3 - قوله تعالى في القيامة: وَقِيلَ مَنْ راقٍ [القيامة: 27]. ويجب السكت هنا ولا يجوز الوصل. 4 - قوله تعالى في المطففين: كَلَّا بَلْ رانَ [المطففين: 14] ويجب السكت هنا ولا يجوز الوصل. توضيح: الحكمة من السكت على عِوَجاً حتى لا يوهم أن قَيِّماً صفة ل عِوَجاً ولا يستقيم أن يكون القيم صفة للمعوج. أما الحكمة من السكت على مَرْقَدِنا حتى لا يوهم أن قوله تعالى هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ من كلام المشركين المنكرين للبعث.

ما يراعى لحفص عند القراءة

ما يراعى لحفص عند القراءة

1 - وجوب مد المتصل والمنفصل أربع حركات.

ما يراعى لحفص عند القراءة إذا كنت تقرأ لحفص من طريق الشاطبية فيجب أن تعلم ما يراعى تطبيقه والقراءة به، حتى لا تخلط في القراءة وإليك بيان ذلك: 1 - وجوب مد المتصل والمنفصل أربع حركات. 2 - كلمات بالصاد والسين: (أ) قوله تعالى: وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ [البقرة: 245] تقرأ بالسين الخالصة. (ب) قوله تعالى: وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً [الأعراف: 69] تقرأ بالسين الخالصة. (ج) قوله تعالى: أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ [الطور: 37] تقرأ بالصاد أو السين والقراءة بالصاد أشهر. (د) قوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية: 22] تقرأ بالصاد الخالصة. 3 - كلمة ضعف: في قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً [الروم: 54] وردت كلمة ضعف في الآية ثلاث مرات، وحفص له فيها فتح الضاد وضمها (ضعف- ضعف) والفتح مقدم في الأداء. 4 - حذف الألف وصلا وإثباتها وقفا: (أ) قوله تعالى: أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ [يوسف: 45] فيثبت الألف وقفا في (أنا) ويحذفها وصلا. ويقاس عليه مثله حيث وقع في القرآن الكريم. (ب) قوله تعالى: لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي [الكهف: 38] أثبت ألف لكِنَّا

5 - سورة الإنسان:

وقفا وحذفها وصلا. (ج) قوله تعالى: .. وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنالِكَ ابْتُلِيَ [الأحزاب: 10، 11] أثبت ألف الظُّنُونَا وقفا وحذفها وصلا (الظنون هنا لك). (د) قوله تعالى: وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا [الأحزاب: 66] أثبت ألف الرَّسُولَا وقفا وحذفها وصلا (الرسول وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا). (هـ) قوله تعالى: فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا [الأحزاب: 67] أثبت ألف السَّبِيلَا وقفا وحذفها وصلا (السبيل آتهم ضعفين من العذاب). 5 - سورة الإنسان: (أ) قوله تعالى: وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا [الإنسان: 15] أثبت ألف (قواريرا) وقفا وحذفها وصلا. (ب) قوله تعالى: (قوارير من فضّة) [الإنسان: 16] فقد حذف ألف (قوارير) وقفا ووصلا. (ج) قوله تعالى: إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ [الإنسان: 4] وقف حفص على (سلاسلا) بوجهين: الأول بإثبات الألف والثاني بحذف الألف وإسكان اللام. أما إذا وصلها فإنه يفتح اللام من غير تنوين سَلاسِلَ وَأَغْلالًا. 6 - الاسم: قال تعالى: بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ [الحجرات: 11] عند البدء ب (الاسم) لنا وجهان: الأول: البدء بهمزة مفتوحة فلام مكسورة فسين ساكنة هكذا (السم). والوجه الثاني: البدء بلام مكسورة فسين ساكنة هكذا (لسم). 7 - المد الطويل أو التسهيل بين بين: وردت ثلاث كلمات في القرآن الكريم هي (ءالذكرين- ءآلئن- ءآلله)

8 - حرف عين:

وحفص يقرأ هذه الكلمات بوجهين: الأول: المد الطويل بمقدار ست حركات وهو الأرجح. الثاني: التسهيل بين بين ومواضع هذه الكلمات في القرآن كما يلي: أ- قوله تعالى: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ [الأنعام: 143، 144] في موضعين بالأنعام. (ب) قوله تعالى: آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ [يونس: 51]. (ج) قوله تعالى: آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ [يونس: 91]. (د) قوله تعالى: قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ [يونس: 59]. (هـ) قوله تعالى: آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل: 59]. 8 - حرف عين: ورد حرف (عين) مرتين في مرتين في القرآن الكريم، في حروف فواتح السور وهو في أول سورة مريم كهيعص وفي أول الشورى حم عسق وله في (عين) وجهان: الأول: المد ست حركات وهو الأفضل. الثاني: التوسط بأربع حركات. 9 - تأمنا: في قوله تعالى: ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ [يوسف: 11] فله في تَأْمَنَّا وجهان: الأول: الإشمام: وهو الإشارة بضم الشفتين عند نطق النون مع الغنة. الثاني: الروم: وهو الإتيان بثلث حركة الضم على النون (تأمننا). وزاد بعض أهل الأداء الاختلاس: وهو الإتيان بثلثي الحركة وهو قريب من الروم.

10 - إظهار النون الساكنة عند الواو:

10 - إظهار النون الساكنة عند الواو: وذلك عند الوصل في أول سورة يس وأول سورة القلم. (أ) قوله تعالى: يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: 1، 2] يظهر النون ساكنة في (يس) عند وصلها بما بعدها. (ب) قوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ [القلم: 1] يظهر النون ساكنة في (ن) عند وصلها بما بعدها. 11 - القراءة بالنون وصلا وبالألف وقفا: قرأ حفص بعض الكلمات في القرآن الكريم بالنون وصلا وبالألف وقفا وهذا بيانها: (أ) وَلَيَكُوناً في قوله تعالى: وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف: 32]. (ب) لَنَسْفَعاً في قوله تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق: 15]. وأصل (ليكونا- لنسفعا) أنهما فعلان مؤكدان بنون التوكيد الخفيفة (ليكونن- لنسفعن). (ج) إِذاً وهي كثيرة ومن أمثالها قوله تعالى: وَإِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: 76]. 12 - أيّا مّا: في قوله تعالى: أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى [الإسراء: 110] لحفص وجهان عند الوقوف على (أياما). الأول: الوقوف على أيا. الثاني: الوقوف على ما. وهذا الوقف اختباري أو اضطراري.

13 - بهادي - بهاد:

13 - بهادي- بهاد: (أ) في قوله تعالى: وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ [النمل: 81] يثبت الياء وقفا (بهادي). (ب) في قوله تعالى: وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ [الروم: 53] يقف حفص على (بهاد) بدال ساكنة أو بالرّوم. 14 - الم: في أول آل عمران في قوله تعالى: الم اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة: 255] عند وصل (الم) بلفظ الجلالة فإنه يفتح الميم وله في (ميم) المد ست حركات والقصر حركتان، والمد مقدم، أما (اللام) فإنها تمد ست حركات. 15 - خمس كلمات تبدأ بكسر الهمزة: قاعدة حفص أنه يضم همزة الوصل في أول الكلام إذا كان ثالث الكلمة مضموما مثل (اركض- اسجد). وقد وردت خمس كلمات في القرآن الكريم بدأت بهمزة الوصل وضم ثالثها وبالرغم من ذلك فإنه يكسر الهمزة ابتداء وهذه الكلمات هي (امشوا- اقضوا- ابنوا- ايتوا- امضوا) والعلة في كسر الهمزة ابتداء أن الضمة هنا عارضة فأصل هذه الكلمات: (امشيوا- اقضيوا- ابنيوا- ايتيوا- امضيوا). 16 - هاءات السكت عند حفص: لحفص تسع كلمات يقف عليها بهاء السكت وهي: 1 - يَتَسَنَّهْ في قوله تعالى: فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ [البقرة: 259]. 2 - اقْتَدِهْ في قوله تعالى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ [الأنعام: 90]. 3 - (كتابيه- سلطانيه- حسابيه- ماليه) وقد تكررت كتابيه وحسابيه مرتين

17 - السكتات الجائزة:

في قوله تعالى يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ. وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ. يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ. ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ. هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ [الحاقة: 25 - 29]. 4 - ما هِيَهْ في قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ [القارعة: 10]. والأصل في هذه الكلمات أنها: (يتسن- اقتد- كتابي- سلطاني- حسابي- ما لي- ما هي). 17 - السكتات الجائزة: لحفص أربع سكتات واجبة عرفناها فيما سبق. وله سكتتان جائزتان هما: 1 - في آخر سورة التوبة وبداية الأنفال له السكت بدون تنفس (عليم براءة). 2 - في قوله تعالى بالحاقة: مالِيَهْ هَلَكَ له السكت على مالِيَهْ وله إدغام الهاء في الهاء مالِيَهْ هَلَكَ والسكت مقدم. 18 - ألم نخلقكم: في قوله تعالى: أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ [المرسلات: 20] لحفص في نَخْلُقْكُمْ وجهان هما: الأول: إدغام القاف في الكاف إدغاما كاملا وهو المقدم نَخْلُقْكُمْ. الثاني: إدغام القاف في الكاف إدغاما ناقصا: يعني بقاء صفة حرف القاف، وقد علق فضيلة الشيخ عباس المصري على الوجه الثاني بقوله: ثبوت هذا الوجه لحفص محل نظر. ولكن الشيخ عطية نصر قابل في كتابه (غاية المريد) قال: والوجهان صحيحان واستدل بقول العلامة ابن الجزري: «والخلف بنخلقكم وقع» (¬1). ¬

_ (¬1) غاية المريد في علم التجويد.

19 - أوجه الوصل والقطع بين كل سورتين:

19 - أوجه الوصل والقطع بين كل سورتين: لحفص ثلاثة أوجه بين كل سورتين وهذا بيانها: 1 - قطع الجميع: آخر السورة عن البسملة عن أول السورة. 2 - وصل الجميع. 3 - قطع آخر السورة ووصل البسملة بأول السورة. ويمتنع الوجه الرابع: فلا يجوز وصل آخر السورة بالبسملة ثم قطعهما عن أول السورة وإلى هذا أشار الإمام الشاطبي بقوله: ومهما تصلها مع أواخر سورة ... فلا تقفن الدهر فيها فتثقلا (¬1) والمعنى أنك إذا وصلت البسملة بآخر السورة فلا تقفنّ على البسملة ثم تبدأ أول السورة. والسبب في ذلك أن البسملة إيذان بافتتاح سورة جديدة، وليست إعلاما بنهاية السورة. 20 - براءة لها حكم خاص: آخر سورة التوبة مع أول سورة الأنفال له حكم خاص فيه ثلاثة أوجه هي: 1 - القطع: فتقطع آخر الأنفال عن أول التوبة بدون بسملة. 2 - السكت: فتسكت على (عليم) بدون نفس ولا تنوين ثم تقرأ (براءة) والسكت مقداره حركتان. 3 - الوصل مع التنوين: (عليم براءة) والإقلاب مع الإخفاء الشفوي. وقد أشار الإمام الشاطبي إلى ذلك بقوله: ومهما تصلها أو بدأت براءة ... لتنزيلها بالسيف لست مبسملا (1) ¬

_ (¬1) متن حرز الأماني ووجه التهاني.

تعليق:

تعليق: أفدت من ذكر (ما يراعى لحفص عند التلاوة) من مصدرين: الأول: كتاب غاية المريد في علم التجويد. الثاني: مذكرة أعددتها منذ سنوات عند تلقي رواية حفص على فضيلة الشيخ سعيد عبد الله علي حماد حفظه الله. وبعد جمعي لما كان يلقيه علينا أثناء القراءة عرض ما دونته على فضيلة الشيخ عباس المصري حفظه الله، فصوب وحسن الصياغة في بعضها فشرفت بخطه الذي ما يزال يضيء كراستي إلى يومنا هذا.

قصر المنفصل لحفص وما يترتب عليه من أحكام من طريق روضة الحفاظ للإمام أبي إسماعيل موسى بن الحسين ابن موسى المعدل

قصر المنفصل لحفص وما يترتب عليه من أحكام من طريق روضة الحفاظ للإمام أبي إسماعيل موسى بن الحسين ابن موسى المعدل

قصر المنفصل لحفص

قصر المنفصل لحفص اعلم يا أخي أن كل ما ذكر في هذا الكتاب من أحكام لقراءة حفص إنما هو من طريق الشاطبية، ويجب على القارئ بها أن يمد المتصل والمنفصل أربع حركات. ولما كان القارئ كثيرا ما يحتاج في قراءته إلى قصر المنفصل لتناسبه في قراءته بمرتبة الحدر (الإسراع) وأحيانا يحتاج الأئمة للقراءة بقصر المنفصل وبخاصة في تراويح رمضان، كان من الواجب أن أذكر في آخر هذا الكتاب الأحكام التي تترتب على قصر المنفصل لكي يراعيها القارئ عند القراءة. طريق القصر: الطريق التي سأذكر أحكامها هي طريق (روضة الحفاظ) للإمام الشريف أبي إسماعيل موسى بن الحسين بن إسماعيل بن موسى المعدل. الأحكام المترتبة على قصر المنفصل لحفص: 1 - يتعين (يجب) الإتيان بالبسملة في أجزاء السورة إذا بدأت القراءة بأي جزء من أجزاء السورة، بخلاف طريق الشاطبية حيث يجوز تركها. 2 - وجوب توسط المتصل بمده أربع حركات فقط. 3 - عدم المد للتعظيم في لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ. 4 - عدم التكبير بين السورتين من آخر الضحى إلى آخر الناس. 5 - وجوب إبدال همزة الوصل ألفا ومدها ست حركات في هذه الكلمات: (أ) آلذَّكَرَيْنِ بموضعي الأنعام. (ب) آلئن بموضعي يونس. (ج) آللَّهُ بيونس والنمل.

6 - وجوب الإشمام في (تأمنا) بيوسف. 7 - وجوب الإدغام في (يلهث ذّلك) بالأعراف. 8 - وجود الإدغام في (اركب مّعنا) بهود. 9 - وجوب الإدغام الكامل في (نخلقكم) بالمرسلات. 10 - ترك السكت على سكتات حفص الأربع الواجبة وهي: (أ) عِوَجاً قَيِّماً بالكهف. (ب) مَرْقَدِنا هذا بيس. (ج) مَنْ راقٍ بالقيامة. (د) بَلْ رانَ بالمطففين. 11 - وجوب قصر (عين) في موضعيه وهما: (أ) كهيعص بأول مريم. (ب) حم عسق بأول الشورى بمقدار حركتين فقط. 12 - وجوب التفخيم في راء فِرْقٍ بالشعراء في قوله تعالى: فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ [الشعراء: 63]. 13 - وجوب حذف الياء من (آتانى) بالنمل في حالة الوقف، فتقف آتان. 14 - وجوب حذف الألف من (سلاسلا) بالإنسان حالة الوقف، فتقف (سلاسل). 15 - وجوب قراءة الْمُصَيْطِرُونَ بالطور بالسين فقط. 16 - جواز قراءة بِمُصَيْطِرٍ بالغاشية بالسين أو الصاد. 17 - جواز قراءة يَبْصُطُ في الموضع الأول بالبقرة بالسين أو الصاد.

كن على حذر:

18 - جواز قراءة بَصْطَةً بالأعراف بالسين أو الصاد. 19 - جواز إدغام وإظهار النون في موضعيها من: (أ) قوله تعالى: يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ [يس: 1، 2]. (ب) قوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ [القلم: 1]. 20 - جواز قراءة (ضعف) في مواضعها الثلاثة بالروم بالفتح أو الضم (ضعف- ضعف) من قوله تعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً [الروم: 54]. كن على حذر: (أ) إذا قرأت بوجه الإظهار في (يس- ن) وجب عليك ما يلي: 1 - القراءة بالصاد فقط في بِمُصَيْطِرٍ بالغاشية. 2 - القراءة بالسين فقط في يَبْصُطُ بموضعه الأول من البقرة. 3 - القراءة بالسين فقط في بَصْطَةً بالأعراف. 4 - الفتح في ضاد ضَعْفٍ بالروم. (ب) إذا قرأت بوجه الإدغام في (يس- ن) وجب عليك ما يلي: 1 - القراءة بالسين فقط في بِمُصَيْطِرٍ بالغاشية. 2 - القراءة بالصاد فقط في يَبْصُطُ بموضعه الأول من البقرة. 3 - القراءة بالصاد فقط في بَصْطَةً بالأعراف. 4 - الضم في ضاد ضَعْفٍ بالروم. وقد جمع العلامة الشيخ إبراهيم علي شحاتة السمنودي هذه الأحكام في نظم بديع بعنوان (بهجة اللحاظ بما لحفص من روضة الحفاظ) قال في نظمه:

وبعد فهذا ما رواه معدل ... بروضته الفيحاء من طيب النشر بإسناده عن حفص الحبر من تلا ... على عاصم وهو المكنى أبا بكر ففي البدء بالأجزاء ليس مخيرا ... لبسملة بل للتبرك مستقري ومتصلا وسط، وما انفصل اقصرن ... ولا سكت قبل الهمز من طرق القصر (¬1) وما مد للتعظيم منها ولم يجئ ... بها تكبير ولا غنة تسري (¬2) وفي موضعي آلآن آلذكرين مع ... ءآلله أبدلها مع المد ذي الوفر وأشمم بتأمنا ويلهث فأدغمن ... مع اركب ونخلقكم أتم ولا تزر وبل ران من راق ومرقدنا كذا ... له عوجا لا سكت في الأربع الغر وبالقصر قل في عين شورى ومريم ... وفخم بفرق وهو في آية البحر وآتان نمل فاحذف الياء واقفا ... كذا الألف احذف من سلاسل بالدهر وبالسين لا بالصاد قل أم هم المصي ... طرون وبالوجهين في فرده النكر وفي يبصط الأولى وفي الخلق بصطة ... ويا سين نون ضعف روم كذا أجر ولكن مع الإظهار صاد مصيطر ... وفي بصطة سين كذا يبصط البكر وفتح لدى ضعف عن الفيل وارد (¬3) ... وبالعكس عن زرعان والكل عن عمرو (¬4) وقد أفدت في ذكر هذه الأحكام الخاصة بقصر المنفصل لحفص من كتاب فضيلة الشيخ عطية نصر قابل (غاية المريد في علم التجويد). ¬

_ (¬1) المقصود بقوله: «لا سكت قبل الهمز» أي أنه لا يسكت على ال وشيء والمفصول والموصول. (¬2) المقصود بقوله: «ولا غنة تسري» أي أنه لا يغن عند إدغام النون الساكنة في اللام والراء. (¬3) المقصود بقوله: «وفتح لدى ضعف عن الفيل وارد» يعني هذا رواه الفيل عن عمرو بن الصباح عن حفص. (¬4) المقصود بقوله: «وبالعكس عن زرعان» يعني هذا ما رواه زرعان عن عمرو بن الصباح عن حفص.

وختاما:

وختاما: فإنني أحمد الله عز وجل على نعمة حفظ كتابه الكريم، كما أحمده عز وجل أن يسر لي تعلم قراءات القرآن الكريم، وأعترف أنني مدين بالفضل لكل من علمني هذا العلم النافع. والله أسأل أن ينفعني وإخواني طالبي علم القراءات وجميع المسلمين بهذا الكتاب. وأسأله سبحانه أن يجعله خالصا لوجهه الكريم. وقد انتهيت من كتابته صباح يوم الخميس غرة شهر رجب المبارك لعام 1421 هـ، في مدينة الرياض بالسعودية. أبو معاذ محمد عباس الباز

§1/1