لمحات مهمة في الوصية

سليمان الجاسر

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهدِ الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء:1]. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70 - 71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار. وبعد: فقد أعلم الله سبحانه وتعالى أنه جعل المال قوامًا للأنفس وأمر بحفظه، ونهى أن يؤتى المال السفهاء من النساء والأولاد وغيرهم، وقد مدحه النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان من كسب حلال ووضع في حلال فقال: «نعم المال الصالح للمرء الصالح» (¬1). ¬

(¬1) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1/ 112، رقم 299)، وأحمد في المسند برقم (17763)، وابن حبان في صحيحه (8/ 7، رقم 3210)، من حديث عمرو بن العاص.

وقال سعيد بن المسيب: لا خير في من لا يريد جمع المال من حله، يكف به وجهه عن الناس، ويصل به رحمه، ويعطي حقه (¬1). * وهذه مسائل مختصرة في الوصية، أردت بها تسهيل مهمات المسائل فيها على العامة، ولم أُغفل نكاتًا تقود الخواص إلى معرفة دقائق المسائل والتنبيه على مآخذ الخلاف. أسأل الله عز وجل أن ينفع بها الكاتب والقارئ، وأن يجعلها لوجهه الكريم خالصة صالحة، ولعباده المؤمنين نافعة، وأن يستعمل الجميع في طاعته، ويعصمنا من إهمال العمر وإضاعته، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. وكتبه الفقير إلى عفو ربه أبو عبد الرحمن سليمان بن جاسر الجاسر غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين ¬

(¬1) الضوء المنير على التفسير جمع لتفسير ابن القيم (1/ 322،323)

تعريف الوصية

تعريف الوصية: الوصية لغة: أصل الوصية من الوصل، قال ابن فارس: «الواو والصاد والياء أصل يدل على وصل شيء بشيء، ووصيت الشيء وصلته» (¬1) وقال الزمخشري: «وصى الشيء بالشيء: وصله به، وأوصيت إلى زيدٍ لعمرو بكذا، ووصَّيت، وهذا وصييّ، وهم أوصيائي، وهذه وصيتي ووصاتي، وقبل الوصي وصايته» (¬2). وأوصيت إليه إذا جعلته وصيّاً (¬3). ويقال (وصيّة) بالتشديد، و (وصاة) بالتخفيف بغير همز. الوصية اصطلاحًا: هي: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت عن طريق التبرع، سواء كان ذلك في الأعيان أو في المنافع (¬4). سبب التسمية: وسميت وصية؛ لأن الميت يصل بها ما كان في حياته بعد مماته (¬5). ¬

(¬1) مقاييس اللغة (ص: 1055). (¬2) أساس البلاغة للزمخشري (ص: 501). (¬3) مختار الصحاح، لأبي بكر الرازي، مادة "وصى"، والصحاح (6/ 2525)، والمحكم (8/ 394 - 395)، ولسان العرب، لابن منظور (15/ 394)، والقاموس المحيط للفيروز آبادي (ص: 1731). (¬4) تكملة فتح القدير (8/ 416) طبعة بولاق، ومغني المحتاج، للخطيب الشربيني (3/ 39)، وكشاف القناع، للبهوتي (4/ 336)، وتبيين الحقائق، للزيلعي (6/ 181 - 182). (¬5) فتح الباري، لابن حجر (5/ 502)، وشرح مسلم للنووي (6/ 77). وكشاف القناع للبهوتي (3/ 2121).

الفرق بين الوصية والوقف

وعرَّفها بعضهم: بأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع. ومن هذا التعريف يتبين الفرق بين الهبة والوصية، فالتمليك المستفاد من الهبة يثبت في الحال، أم التمليك المستفاد من الوصية فلا يكون إلا بعد الموت، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فالهبة لا تكون إلا بالعين، والوصية تكون بالعين وبالدَّين وبالمنفعة (¬1). الفرق بين الوصية والوقف: • الوصية تدخلها الأحكام التكليفية الخمسة كما تقدم، أما الوقف فإنه في الأصل مستحب، وقد يكون حرامًا أو مكروهًا. • الوصية لا يعمل بها إلا بعد الموت، أما الوقف فيعمل به حال العزم عليه. • الوصية يجوز للموصي الرجوع فيها بعد إنشائها، أما الوقف فلا. • الوصية لا تجوز إلا بالثلث فأقل، أما الوقف فإنه لا حد لأكثره. الموصى له بالمنفعة يملك الإجازة والإعارة، والسفر بها، وتورث عنه، أما الوقف فإنا الموقف عليه لا يملك إجارتها ولا إعارتها ولا تورث عنه لا يملكه إجازةً ولا إعارةً ولا يورث عنه (¬2). • الوصية لا تجوز للورثة أما الوقف فيجوز عليهم. • الوصية تجوز بما لا يقدر على تسليمه كجمل شارد وطير في الهواء (أما الوقف فليس كذلك). ¬

(¬1) فقه السنة، سيد سابق (3/ 284). (¬2) نبذة في الوصايا مع بعض النماذج الخاصة بها، للشيخ: عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم.

الأدلة على مشروعية الوصية

الأدلة على مشروعية الوصية: الوصية مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول (¬1). أولًا: الأدلة من الكتاب: 1 - قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180]. عن بن عباس رضي الله عنهما: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} يعني مالًا (¬2)، وقال القرطبي: الخير هنا المال من غير خلاف (¬3). والمراد بحضور الموت: حضور أسبابه وأماراته من العلل والأمراض المخوفة، وليس المراد منه معاينة الموت؛ لأنه في ذلك الوقت يعجز عن الإيصاء (¬4). 2 - قوله تعالى في توزيع الميراث والتركة: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:12]، وقوله عز وجل: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:12]، فهذان النصان جعلا الميراث حقًا مؤخرًا عن تنفيذ الوصية وأداء الدين. فدل على مشروعيتها. 3 - وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ¬

(¬1) تكملة فتح القدير (10/ 414)، وكشاف القناع (4/ 371). (¬2) رواه ابن جرير الطبري (3/ 134)، وابن أبي حاتم (1/ 299)، وانظر: الدر المنثور، للإمام السيوطي (2/ 161). (¬3) الجامع لأحكام القرآن، للقرطبي (2/ 259). (¬4) انظر: الوسيط في تفسير القرآن المجيد للواحدي (1/ 268)، والتفسير الكبير، للرازي (5/ 64).

ثانيا: الأدلة من السنة

حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ} [المائدة: 106]، ففي الآية مشروعية الوصية، حيث بين سبحانه مشروعية الإشهاد عليها، وعدد شهودها، فدل ذلك على مشروعيتها وأهميتها. ثانيًا: الأدلة من السنة: ما رواه ابن عمر رضي الله عنها قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬1). وفي لفظ عند مسلم: «له شيء يريد أن يوصي فيه» (¬2). ومعنى الحديث أن الحزم هو هذا، فقد يفاجؤه الموت. قال الشافعي: ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه، لأنه لا يدري متى تأتيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك (¬3). زاد مسلم (¬4) عن ابن عمر رضي الله عنهما: «ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك إلا وعندي وصيتي». وأخرج البخاري- ومسلم بنحوه- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما قال: مرضت فعادني النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، ادع الله أن لا يردني على ¬

(¬1) رواه البخاري: كتاب الوصايا (5/ 419، برقم 2738)، ومسلم: (3/ 1249، برقم 1627). (¬2) رواه مسلم (3/ 1249، رقم 1627). (¬3) فقه السنة، سيد سابق (30/ 285). (¬4) رواه مسلم (3/ 1250، رقم 1627/ 4).

ثالثا: الإجماع

عقبي، قال: «لعل الله أن يرفعك ويرفك بك ناسًا»، قلت: أريد أن أوصي، وإنما لي ابنة، فقلت: أوصي بالنصف؟ قال: «النصف كثير»، قلت: فالثلث؟ قال «الثلث، والثلث كثير- أو كبير-»، قال: فأوصى الناس بالثلث فجاز ذلك لهم (¬1). وعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة، ومات مغفورًا له» (¬2). وقال الحسن: «المؤمن لا يأكل في كل بطنه، ولا تزال وصيته تحت جنبه» (¬3). ثالثًا: الإجماع: فقد حكاه غير واحد من أهل العلم، قال ابن عبد البر: «واتفق فقهاء الأمصار على أن الوصية مندوب إليها، ومرغوب فيها، وأنها جائزة لمن أوصى في كل ماله، قل أو كثر، ما لم يتجاوز الثلث» (¬4). وقال ابن قدامة: «وأجمع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية» (¬5). وفي الاستذكار (¬6): «وأجمع الجمهور على أن الوصية غير واجبة على أحد ¬

(¬1) رواه البخاري (5/ 434 - 435، ورقم 2744)؛ ومسلم (3/ 1250 - 1251، رقم 1628). (¬2) رواه ابن ماجه: باب الحث على الوصية، برقم (2692)، وضعفه الألباني. (¬3) رواه الدرامي: كتاب الوصايا برقم (3220)، وهو صحيح. (¬4) التمهيد، لابن عبد البر (5/ 507)، (14/ 297)، والإقناع في مسائل الإجماع، ابن القطان الفاسي (3/ 1376، 1377). (¬5) المغني (8/ 390). (¬6) الاستذكار، لابن عبد البر (7/ 23).

وصية الصحابة رضي الله عنهم

إلا أن يكون عليه دين، أو يكون عنده وديعة أو أمانة، وشذَّ أهل الظاهر فأوجبوها فرضا لمن ترك مالًا كثيرًا». وصية الصحابة رضي الله عنهم: انتقل الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى ولم يوص لأنه لم يترك مالًا يوصي به. روى البخاري عن ابن أبي أوفى أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يوصل، قال العلماء في تعليل ذلك: لأنه لم يترك بعده مالًا. كما صح بذلك الحديث عن عمرو بن الحارث (¬1)، الحارث (2)، وعائشة (¬2)، وطلحة بن مصرف (¬3)، رضي الله عنهم. وأما الأرض فقد كان سبلها (وقفها)، وأما السلاح والبغلة فقد أخبر أنها لا تورث عنه بل جميع ما يخلفه صدقة ذكره النووي. أما الصحابة رضي الله عنهم فقد كانوا يوصون ببعض أموالهم تقربًا إلى الله. وكانت لهم وصية مكتوبة لمن بعدهم من الورثة. قال النخعي: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يوص، وقد أوصى أبو بكر فإن أوصى فحسن، وإن لم يوص فلا شيء عليه (¬4). وأخرج عبد الرازق بسند صحيح أن أنسًا - رضي الله عنه - قال: كونوا- أي الصحابة- يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أوصى به فلان بن فلان، أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ويشهد ¬

(¬1) صحيح البخاري (5/ 419، رقم 1739). (¬2) صحيح مسلم (3/ 1256، رقم 1635). (¬3) صحيح البخاري (5/ 420، رقم 2740)، ومسلم (3/ 1256، 1634). (¬4) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (2/ 260).

رابعا: المعقول

أن محمدًا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله، ويصلحوا ذات بينهم، ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه يعقوب {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132]. وتبع الصحابة في ذلك من بعدهم السلف الصالح، فقال الضحاك: «من مات ولم يوصِ لذوي قرابته فقد ختم عمله بمعصية» (¬1)، وقال مسروق: «أوص لذي قرابتك ممكن لا يرثك، ثم دع المال على ما قسمه الله عليه» (¬2) رابعًا: المعقول: هو حاجة الناس إلى الوصية زيادة في القربات والحسنات وتداركًا لما فرط به الإنسان في حياته من أعمال الخير، وقد روي في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة لكم في أعمالكم» (¬3) فإن الإنسان مغرور بأمله، مقصر في عمله، فإذا عرض له المرض، وخاف الموت، احتاج إلى تلافي بعض ما فرط منه، من التفريط بماله، على وجه لو مضى فيه يتحقق مقصده المالي. ¬

(¬1) أخرجه سعيد بن منصور في سنته (1/ 135، رقم 356). (¬2) أخرجه سعيد بن منصور في سنته (1/ 136، رقم 360). (¬3) رواه ابن ماجه، برقم (2709)، وحسنه العلامة الألباني في الإرواء (1641).

حكم الوصية

حكم الوصية: حكم الوصية له جانبان: أحدهما: من حيث الفعل أو الترك. والثاني: من حيث الأثر الشرعي المترتب عليها (¬1) وإليك بيان ذلك: أولًا: حكم الوصية من حيث الفعل أو الترك: وحكم الوصية من ناحية الفعل أو الترك يراد به الوصف الشرعي لها، والوصف الشرعي من حيث ذاته فيما يتعلق بالوصية لا خلاف بين الفقهاء في أنه يمكن أن يعتريها الأحكام التكليفية الخمسة (¬2)، حيث يدور حكم الوصية بين الوجوب والاستحباب والكراهية والتحريم والإباحة. 1 - الوصية الواجبة (¬3): تجب الوصية على من له مال يوصي فيه (¬4)، وإذا كان على الإنسان حق لله تعالى ككفارة، أو دين لا بينه فيه أي أن يكون مدينًا ولا أحد يعلم عن دينه إلا الله والموصي وصاحب الدين فهنا تجب الوصية؛ لأن وفاء الدين واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ¬

(¬1) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل، (ص:107). (¬2) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل، (ص:106). (¬3) الإقناع لابن المنذر (2/ 414)، والأحكام الصغرى لابن العربي (1/ 50)، وروضة الطالبين للنووي (5/ 92)، والتذكرة الندية في أحكام الوصية لعبد الرحمن عبد الكريم (ص:29، وما بعدها). (¬4) اللباب في فقه السنة والكتاب، محمد حسن حلاق (529).

2 - الوصية المستحبة

وكذا تجب الوصية للأقربين الذين ليس لهم حق في الإرث وكانوا فقرات والموصي غنيا فهنا تجب عليه الوصية لهؤلاء الأقارب. دليل ذلك قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180]. 2 - الوصية المستحبة: إذا كان الموصي ذا مال وورثته أغنياء وكذا أقاربه لا حاجة لهم بالمال، فهنا يستحب الوصية بما يراه الموصي نفعًا له بعد موته (¬1)، لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (¬2). 3 - الوصية المكروهة (¬3): وتكون مكروهة إذا كان مال الموصي قليلًا وورثته محتاجين، لأنه في هذه الحالة ضيق على الورثة، ولذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسعد - رضي الله عنه -: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» (¬4). كما تكره لأهل الفسق متى علم أو غلب على ظنه أنهم سيستعينون بها على الفسق والفجور، أما إذا غلب على ظنه صرفها في المباحات وفيما يساعده على البعد عن المعاصي والتوبة الخالصة والرجوع إلى الله فإنها تكون مباحة وقد ¬

(¬1) انظر: الملخص الفقهي، د. صالح الفوزان (2/ 219). (¬2) أخرجه مسلم (3/ 1255، رقم 1631). (¬3) انظر: الكافي لابن قدامة (4/ 6)، وكشاف القناع (3/ 2124). (¬4) رواه البخاري: (3/ 1007، رقم 2593)، ومسلم (3/ 1252، رقم 1628).

4 - الوصية المحرمة

تصل إلى درجة الندب (¬1). 4 - الوصية المحرمة (¬2): وهي الوصية التي لا تجوز ويأثم صاحبها وهي أنواع: الأول: ما زاد على الثلث بلا إذن من الورثة لورود النهي عنه في حديث سعد - رضي الله عنه - المتقدم فإن أذنوا فالصحيح جوازها. الثاني: إذا كانت لوارث، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا وصية لوارث» (¬3). الثالث: الوصية لأمر محرم كالوصية للكنيسة- مثلاً- أو بالسلاح لأهل الحرب؛ لأن ذلك لا يجوز في الحياة، فلا يجوز بعد الممات. لقوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]. الرابع: تحرم إذا كان فيها إضرار بالورثة، لما روى عن عبد الرزاق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حافٍ في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمل فيدخل الجنة»، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] (¬4). ¬

(¬1) فقه السنة، سيد سابق (3/ 287)، وفقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل، (ص: 107 - 108). (¬2) انظر الكافي، لابن قدامة (4/ 7). (¬3) أخرجه الدارقطني (4/ 98)، والبيهقي (6/ 236، رقم 12315)؛ وصححه الألباني في صحيح الجامع (7570). (¬4) ضعيف سنن الترمذي للألباني.

5 - الوصية المباحة

5 - الوصية المباحة: وهي ما عدا ذلك من الوصايا المتقدمة كأن يكون الموصي ماله قليل وورثته غير محتاجين، فهنا تباح الوصية. قيد: وتكون مباحة في الصور السابقة بشرط أن يكون الشيء الموصى به مباحًا أما إذا كان من أفعال القربات فإنها مستحبة. حكم الوصية المعلقة بشرط: تصح الوصية المضافة أو المعلقة بشرط أو المقترنة به متى كان الشرط صحيحًا، والشرط الصحيح: هو ما كان فيه مصلحة للموصي أو الموصى له أو لغيرها، ولم يكن منهيًا عنه، ولا منافيًا لمقاصد الشريعة. ومتى كان الشرط صحيحًا وجبت مراعاته ما دامت المصلحة منه قائمة. فإن زالت المصلحة المقصودة منه أو كان غير صحيح لم تجب مراعاته. (¬1) حكم الوصية من حيث الصفة الشرعية: وهو حكمها من حيث صفتها الشرعية ابتداءً، وقد اختلف فيها الفقهاء حسب النصوص الشرعية المتعلقة بها على النحو التالي: أولًا: أنها فرض على كل من ترك مالًا: وإلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري، واستدل بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ....} [البقرة: 180]، وبقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ما حق امرئ ¬

(¬1) فقه السنة، سيد سابق (3/ 287).

ثانيا: أنها واجبة للوالدين والأقربين غير الوارثين

مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة» (¬1). واستنادًا إلى ما ثبت من وجوبها عن صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد روي القول بوجوب الوصية عن ابن عمر وطلحة والزبير، وعبد الله بن أبي أوفى، وبهذا قال كثير من التابعين منهم طلحة بن مصرف، وطاووس، والشعبي (¬2). ثانيًا: أنها واجبة للوالدين والأقربين غير الوارثين. وإلى هذا ذهب داود الظاهري، وحُكي عن مسروق وطاووس، وإياس وقتادة وابن جرير الطبري، واستدل أصحاب هذا المذهب بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: 180] وبحديث ابن عمر السابق: «ما حق امرئ مسلم ...» الحديث. ثالثًا: مذهب الأئمة الأربعة: ذهب الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المشهورة إلى أن الوصية ليست واجبة ولا مفروضة على الموصي بعد آية المواريث التي نسخت وجوبها للوالدين والأقربين، وإنما يمكن أن تعتريها الأحكام التكليفية الخمسة حسبما يتعلق بها من قرائن وأفعال، وتتعلق بالموصي نفسه بناء على ما سبق ذكره وتوضيحه من قبل. وقال ابن عباس في قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} الآية. إنه منسوخ بقوله: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ} الآية، ورووا من طرق أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ¬

(¬1) سبق تخريجه. (¬2) انظر: المحلى (9/ 213، 322).

حكم الوصية بالمعنى الثاني وهو الأثر المترتب عليها

«لا وصية لوارث» (¬1). وأجابوا عن حديث ابن عمر السابق في لفظ مسلم: «وصية يريد أن يوصي بها»، بأنها: «لو كانت واجبة لم يجعلها إلى إرادة الموصي، ولكان ذلك لازمًا على كل حال» (¬2). والمذهب الراجح هو ما ذهب إليه الأئمة الأربعة. حكم الوصية بالمعنى الثاني وهو الأثر المترتب عليها (¬3): لا خلاف بين الفقهاء في أن الحكم الشرعي للوصية بهذا المعنى الثاني إنما هو حدوث الملك للموصى له في الموصى به وقت الموت لا وقت الوصية، لأن الوصية ليست بتمليك في الحال، بل هي تمليك مضاف لما بعد الحياة بدون عوض (¬4). كما اتفق الفقهاء على ضرورة الإيجاب بالوصية من الموصى لصحتها لأن إيجاب الموجب ركن في الوصية بالإجماع، ولكنهم اختلفوا في القبول لها هل يعتبر شرطًا في صحتها، أو ركنًا فيها أم لا، على النحو التالي: 1 - جمهور الفقهاء وهم الأئمة الأربعة يذهبون إلى أن الوصية إن كانت لغير معين كالفقراء لزمت بموت الموصي ولا تحتاج إلى قبول الموصى له حيث لا يعتبر القبول هنا ركنًا ولا شرطًا. ¬

(¬1) حاشية ابن عابدين (5/ 428)، وحاشية الدسوقي (4/ 422)، والحديث سبق تخريجه. (¬2) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (2/ 260). (¬3) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل، (ص: 112،113). (¬4) انظر (ص:5) في تعريف الوصية اصطلاحًا، من هذا البحث.

وأما إذا كانت الوصية لمعين فإنها تحتاج إلى قبول، ويكون القبول ضروريًا لصحتها ولزومها، سواء كان ركنًا أم شرطًا (¬1). 2 - وذهب نفر من الحنفية إلى أن قبول الموصى له لا يعد ركنًا ولا شرطًا سواء كانت الوصية لمعين كمحمد بن فلان أو لغير معين كالفقراء والمساكين. وذلك لأن الوصية ركنها الإيجاب فقط ولا تحتاج إلى قبول (¬2). ويتفق جميع الفقهاء على أن القبول لا يلزم الفور به بعد الموت وأنه إذا حدث القبول بعد الموت تأكد صحة الوصية ولزومها ودخولها في ملك الموصى له. ولكنهم اختلفوا فيما إذا تأخر القبول بها لفترة ثم تم القبول هل العبرة بوقت القبول في الملك أم بموت الموصي أم هما معًا. 1 - المالكية ولهم في ذلك ثلاثة أقوال: أحدهما: أن ملكها من حين الموت مطلقًا. والثاني: من وقت القبول. والثالث: اعتبارهما معًا (¬3). 2 - جمهور الفقهاء: وهو التفريق بين ما إذا كانت الوصية لمعين أو لغير معين، فإن كانت لمعين لزم القبول واعتبر من وقته حتى لا يؤدي التأخير إلى ضرر الورثة، ولحثه ¬

(¬1) بدائع الصنائع، للكاساني (7/ 230)، وحاشية ابن عابدين (5/ 430)، وحاشية الدسوقي (4/ 424). (¬2) بدائع الصنائع (7/ 230). (¬3) الميراث المقارن، للكشكشي (ص: 108).

فضل الوصية

على سرعة القبول أو الرد حتى تتحدد الحقوق بالنسبة لآثار المال الناتجة عنه. أما إن كانت الوصية لغير معين فإنها تلزم بالموت ولا تحتاج إلى قبول هذا يكون المرعى في المالكية هنا وقت الموت. وهو المذهب الراجح. فضل الوصية (¬1): قال الشعبي: «كان يقال: من أوصى بوصية فلم يَجُرْ ولم يحِفْ كان له من الأجر مثل ما إن لو تصدق به في حياته» (¬2). نماذج من وصايا السلف: عن أنس - رضي الله عنه - قال «هكذا كانوا يوصون: هذا ما أوصى به فلان بن فلان، أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور. وأوصى من ترك بعده من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم، وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}، وأوصى إن حدث به حدث من وجعه هذا، أن حاجته كذا وكذا ...» (¬3). وروى الدرامي بسنده وصية الربيع بن خشيم وهي (¬4): «هذا ما أوصى به ¬

(¬1) انظر سنن الدرامي (4/ 2028). (¬2) رواه الدرامي برقم (2322)، وسعيد بن منصور برقم (345)، وغيرهما وهو صحيح إلى الشعبي، ولم يصح فيها شيء مرفوع فأذكره، والوارد إما صحيح غير صريح أو صريح غير صحيح. (¬3) رواه ابن أبي شيبة (11/ 232)، برقم (11078)، وسعيد بن منصور (326)، والدرامي برقم (3227)، وغيرهم وهو صحيح. انظر الإرواء برقم (1647). (¬4) أخرجه سعيد بن منصور في سنته (2/ 104)، والدرامي (2/ 2031)، وعبد الرازق في المصنف (9/ 54).

الحكمة من الوصية

الربيع بن خثيم وأشهد الله عليه، وكفى به شهيدًا وجازيًا لعباده الصالحين ومثيبًا فإني رضيت بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبيًا، وإني آمر نفسي ومن أطاعني أن نعبد الله في العابدين، ونحمده في الحامدين، وأن ننصح لجماعة المسلمين» (¬1). الحكمة من الوصية (¬2): مما ينبغي التنبيه عليه أن الله -تعالى- حينما تعبدنا بما أمرنا به فقد يبين لنا الحكمة من هذا الأمر أو هذا النهي وهذا موجود في كتاب الله -تعالى- كثير وقد لا يبين الحكمة في بعض الأوامر أو في بعض المنهيات لكن ليس معنى ذلك أننا نتوقف في فعل ما أمرنا به لعدم بيان الحكمة فيه بل نقوم بفعله وإن لم تظهر لنا الحكمة من تشريعه. 1 - ولما كانت الوصية من هذا النوع الأخير التي لم تأت نصوص الكتاب والسنة في بيان الحكمة من تشريعها أحببت أن أنبه على هذا الجانب فلو لم تظهر للبعض الحكمة من تشريعها فإن التشريع لها باقٍ مع العلم بأنه من نظر بعين البصيرة والفقه في الوصية وجد الكثير من جوانب الحكمة في تشريعها؛ فمن هذه الجوانب: 1. قال الله تعالى عن يعقوب عليه السلام: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آَبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 133]. ¬

(¬1) وللزيادة انظر: نماذج من وصايا السلف في مصنف عبد الرزاق (9/ 54). (¬2) انظر: الوصايا والتنزيل في الفقه الإسلامي لمحمد التاويل.

فهذه وصية من يعقوب لأبنائه بالتمسك بعبادة الله وحده لا شريك له فهذه وصية جامعة للموصي والموصى إليه بل هي من أنفع الوصايا على الإطلاق, وللأسف غفل الكثير عن هذه الوصية ونظروا لما هو دونها في النفع فهي وصية الأولين والآخرين وأتباعهم بل هي وصية رب العالمين لعباده. فما ينبغي التفطن له أن يوصى أحدنا أولاده إذا حضرته الوفاة بما وصى به يعقوب أولاده لكي يثبتوا عليه حتى يلقوا ربهم سبحانه وتعالى. 2 - ومن الحكمة في تشريعها أنها تبرأ بها ذمة الموصى مما يحدث بعد موته وبخاصة إذا كان في أماكن يكثر فيها الجهل بعقيدة التوحيد فالموصي يوصي أولاده مثلاً وكذا أقاربه ببراءته من الحالقة والشاقة والصالقة كما قال أبو موسى الأشعري - رضي الله عنه - في مرض موته: «أنا بريء ممن برئ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الصالقة والحالقة والشاقة» (¬1) , وكذا براءته من دعوى الجاهلية الممقوتة فإذا وصي الموصي بعدم شق الجيوب ولطم الخدود وحلق الرؤوس وغيرها من الأمور المنهية شرعاً فإنه ينجو من عذاب القبر فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه» (¬2) , والمراد بالبكاء هنا هو المصحوب بما ذكرناه آنفاً فإذا وصى بعدم فعل هذه الأشياء وبراءته منها نجا بلا شك من العذاب المرتب على ذلك. 3 - ومن حكمتها أنها عمل ينتفع به الميت بعد موته فلو أن أحد الموصين ¬

(¬1) أخرجه البخاري رقم (1234) , ومسلم رقم (104). (¬2) أخرجه البخاري رقم (1226) , ومسلم رقم (928).

أوصى بعمل خيري دائم النفع فهذا بلا شك ينتفع به الميت فهو رصيد دائم يزيد له في حسناته بعد مماته. كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو علم ينتفع به, أو ولد صالح يدعو له» (¬1). 4 - ومن حكمتها أن فيها الحفاظ على مال الدائن وبراءة ذمة المدين وبهذا تظهر الحكمة من أن حقوق الآدميين محفوظة حتى وإن مات من عليه الدين. 5 - ومن حكمتها أنها حماية للأموال ورعاية للقُصَّر, فلو أن رجلاً مات وترك ثروة مالية للورثة وبين هؤلاء الورثة قُصَّر لا يحسنون التصرف في أموالهم وقد أوصى هذا الرجل بأن يكون زيد من الناس وصياً على أولاده, فإن هذا الوصي يقوم مقام والدهم فيحافظ على القصر وعلى أموالهم. 6 - ثم إنها صدقة تصدق الله بها على الموصى بعد وفاته, فينبغي إذا كان صاحب مال ألا يحرم نفسه من الخير. 7 - ثم إن وصية المرء بأقاربه غير الوارثين هو من باب العناية بهم, وصلة رحمهم, و «يعلم الله العليم الحكيم أن بعض الأثرياء أو أكثرهم لهم أجداد محرومون من الميراث بآبائهم, سواء كان جده لأبيه أو لأمه, هل يبقى محروماً من الوصية؟» (¬2). ¬

(¬1) أخرجه مسلم (3/ 1255, رقم 1631). (¬2) صفوة الآثار والمفاهيم من تفسير القرآن العظيم, عبد الرحمن محمد الدوسري (3/ 52).

أركان الوصية

أركان الوصية (¬1): 1 - الموصى: وهو صاحب الوصية. 2 - الموصى له: وهو المستفيد من الوصية. 3 - الموصَى به: وهو الشيء المستفاد منه غالباً. 4 - الموصى إليه (الوصي): وهو القائم بتنفيذ الوصية. وأضاف بعضهم ركناً خامساً, وهو: الصيغة: وهى الألفاظ المستعملة في الوصية, كأن تقول أوصيت بكذا لفلان, أو جعلت لفلان ثلث مالي بعد موتى ونحو ذلك. وبيان الأركان كما يلي: أولا: الموصى: والمراد به صاحب الوصية. الشروط المعتبرة في الموصي: 1 - كونه أهلاً للتبرع أي كامل الأهلية. ويستثنى من ذلك السفيه وضعيف العقل والصغير المميز, فتصح منهم الوصية إذا كانت تشتمل على نفع لهم بلا ضرر أما الصغير المميز فلما رواه مالك في الموطأ (¬2) بإسناد حسن (¬3) " أن عمر - رضي الله عنه - أجاز وصية غلام من غسان" , وكان عمره عشر سنين, ولأن ¬

(¬1) روضة الطالبين للنووي (5/ 93)، وحاشية الجمل (6/ 121، وما بعدها) لسليمان بن عمر المصري المعروف بالجمل والذخيرة للقرافي (7/ 10)، وكشاف القناع (3/ 2131). (¬2) الموطأ (2/ 769)، الاستذكار لابن عبد البر (23/ 23، وما بعدها). (¬3) الإرواء (6/ 81)، وقوله: «وكان عمره عشر سنين» ليست موصولة

ثانيا: الموصى له: وهو المستفيد من الوصية

الصبي محتاج إلى الثواب، وهذا محض مصلحة من غير ضرورة، وكذلك المحجور عليه لأن علة الحجر تبديد المال وإتلافه وتلك علة مرتفعة عنه بالموت (¬1). وكذلك المحجور عليه لحظ غيره، فإن الحجر لحظ الغرماء ولا ضرر عليهم في وصيته، لأنه إنما تنفذ وصيته في ثلثه بعد وفاء دينه. 2 - أن لا يكون معاينًا للموت: فإن عاينه لم تصح، لأنه لا قول له حينئذٍ معتبر شرعًا. 3 - أن يكون مالكًا للمال أو المنفعة. 4 - أن يكون الموصي غير مدين دينًا يستغرق كل ماله: فإن كان كذلك فإن الوصية لا تصح؛ لأن سداد الدين مقدم على الوصية، كما في أثر علي - رضي الله عنه - «قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالدَّين قبل الوصية» (¬2). ثانيًا: الموصى له: وهو المستفيد من الوصية: فإن كانت الوصية لجهة عامة فشرطه أن لا تكون جهة معصية، وإن كانت خاصة فالشروط المعتبرة فيه: 1 - أن لا يكون وارثًا للموِصي: نُسخت الوصية للوارثين بآية المواريث عند جمهور الفقهاء، وبقيت لغير الوارثين من الأقربين بقوله تعالى في المواريث: ¬

(¬1) الاستذكار (23/ 26)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف، لعبد الوهاب البغدادي (2/ 1010)، الإقناع لابن المنذر (2/ 416)، كشاف القناع (3/ 2122). (¬2) رواه الترمذي برقم (2094)، وأحمد برقم (595) عن علي وفيه الحارث الأعور، ورواه ابن ماجه (2122).

{مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ}، وهذا مذهب جمهور الفقهاء (¬1)، لما ثبت عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث» (¬2). ومذهب الحنفية وهو الأظهر عند الشافعية وظاهر مذهب الإمام أحمد وقول عند المالكية أن الوصية للوارث صحيحة موقوفة على إجازة الورثة (¬3). لما رُوي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة» (¬4). وري بلفظ: «إلا أن يشال الورثة» (¬5). وقال به الحسن وابن سيرين (¬6). 2 - كونه الموصَى له معينًا: فإن كان مجهول العين فلا تصح له الوصية، ويكفي العلم بالوصف كقوله أوصي للمساكين والفقراء. 3 - كون الموصى له أهلًا للتملك: فإن كان ممن لا يصح تملكه فلا تصح الوصية له، كالجني والبهيمة والميت (¬7)، ونحوه. ¬

(¬1) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية د. نصر محمد فريد واصل (ص: 106). (¬2) أخرجه أحمد في المسند (4/ 186)، والترمذي رقم (2120)، وقال: حديث حسن، وأبو داود (3/ 114 برقم 2870)، وابن ماجه رقم (2712)؛ والنسائي رقم (3643 - 3645)، وذكره الحافظ ابن حجر وأفاد أن له شواهد كثيرة، ونقل عن الشافعي أنه متواتر (فتح الباري 5/ 372)، وصححه الألباني في الإرواء برقم (1655). (¬3) شرح الترتيب (2/ 4)، وحاشية الدسوقي (4/ 427)، والمغني (6/ 6)، والملخص الفقهي (2/ 218). (¬4) أخرجه البيهقي (6/ 246، رقم 12320)؛ والدارقطني (4/ 152). (¬5) أخرجه أبو داود في المراسيل (ص:256، رقم 349)، والدارقطني (4/ 98، 152)؛ والبيهقي (6/ 263، رقم 12315) حسنه الحافظ في البلوغ، وقال في الفتح: رجاله ثقات، والصنعاني في سبل السلام (3/ 105، 106). (¬6) مصنف ابن أبي شيبة (11/ 150، رقم 31363). (¬7) وقيل بجوازها للبهيمة وتصرف في مصالح البهيمة خصوصًا إذا كانت من بهيمة الجهاز والميت تصرف صدقة له في أعمال الخير، رجحه في الشرح الممتع (11/ 168)، وكذا الموصي للميت لقضاء دين عليه، انظر مصنف عبد الرازق (9/ 24).

4 - كون الموصى له حيّاً غير ميت (¬1): جاء في الكافي: «ولا تصح الوصية لمن لا يملك كالميت، لأنه تمليك فلم يصح لهم»، وقال في المهذب: «ولا تصح الوصية لمن لا يملك، فإن وصى لميت لم تصح الوصية، لأنه تمليك فلم يصح للميت كالهبة». فإن كان حيّاً حياة تقديرية كالجنين في بطن أمه هل تصح الوصية؟ الصحيح أنها تصح للحمل الذي تحقق وجوده قبل صدور الوصية، أما إن كان غير موجود حينها كما لو قال: أوصيت لحمل فلانة وهي لم تحمل بعد، فلا تصح؛ لأنها وصية لمعدوم (¬2). فإن أوصى لحمل تحقق وجوده فنزل ميتًا بطلت الوصية، وتعرف حياته باستهلاله. والاستهلال هو صياح المولود أو عطاسه أو ارتضاعه أو تنفسه ونحو ذلك. لكن هناك سؤال قد يطرأ على البعض بماذا يتحقق وجود الحمل؟ الجواب: يتحقق تحقيق وجود الحمل إن ولد قبل تمام ستة أشهر من وقت الوصية؛ لأن هذه الفترة أقل مدة تضع فيها المرأة حملها، أما في عصرنا الحاضر فوسائل التقنية الحديثة سهَّلت لنا معرفة مثل ذلك. ¬

(¬1) انظر: الكافي (2/ 479)، والمهذب للشيرازي (3/ 713)، وروضة الطالبين (6/ 99)، ومغني المحتاج للشربيني (3/ 40). (¬2) الوصايل لمحمد التأويل (ص:181، وما بعدها)، وقيل بجوازها للمعدوم؛ لأنها محض تبرع دائرة بين السلامة والغنم ولا غرم فيها فخالفت البيع. وهو الصحيح واختاره شيخ الإسلام كما في الاختيارات، وكذلك قال بصحة الوصية للمعدوم العلامة صالح الفوزان في شرحه المختصر على زاد المستنقع (ص: 316).

قبول الموصى له الوصية

5 - كون الموصَى له غير قاتل للموصِي: فإذا أوصى شخص لآخر ثم قتله الموصى له بعد الوصية بطلت الوصية إن كان القتل عمدًا قياسًا على الميراث، وللقاعدة الفقهية المشهورة (من تعجل شيئًا قبل أوانه عوقب بحرمانه)، وقال الإمام مالك رحمه الله: تصح لأنها هبة، والقتل لا يمنعها كالحياة (¬1). والأول أولى. أما إن أجازها الورثة فهل تصح؟؟ الصحيح أنها لا تصح وعند الأحناف تصح. قبول الموصَى له الوصية: فإن لم يقبل بطلت، فلو قال الموصي: أوصيت لفلان بن فلان كذا، وقلنا هذه وصية من فلان لك فقال لا أريدها، فهنا تبطل الوصية ويردها إلى الورثة. هل يشترط إسلام الموصي والموصى له؟ لا يشترط إسلام الموصي والموصَى له. فتجوز الوصية من المسلم للكافر لما روى الدرامي: «أن صفية أوصت لنسيب لها يهودي» (¬2). قال ابن عبد البر: «لا خلاف علمته في جواز وصية المسلم لقرابته الكفار ¬

(¬1) شرح الترتيب (2/ 3)، وحاشية الدسوقي (4/ 428)، وبدائع الصنائع (7/ 340)، وكشاف القناع (4/ 358)، والإشراف لعبد الوهاب البغدادي (2/ 1018)، وروضة الطالبين (5/ 102)، وتحفة الطلاب، لزكريا الأنصاري (ص: 385). (¬2) رواه الدرامي في سننه (3341)، وهو صحيح، وورد في منار السبيل بلفظ الوقف ولذا لم يخرجه العلامة الألباني، انظر الإرواء (6/ 89).

ثالثا: الموصى به

لأنهم لا يرثونه» (¬1) ا. هـ. بشرط كونه معينا، وأن لا يكون محاربا للمسلمين. فإن كان مرتداً هل تصح له الوصية؟ قولان لأهل العلم (¬2): والصحيح أنها لا تصح له لأن ملكه غير مستقر ولا يرث ولا يورث، ولكون ملكه يزول عن ماله بسبب ردته، فلا يثبت له الملك بالوصية. أما الوصية من الكافر للمسلم فإذا كانت الوصية تصح من المسلم إلى الكافر فمن باب أولى صحتها من الكافر للمسلم. ثالثا: الموصَى به (¬3). وهي العين التي أوصى بها أو المنفعة. ويشترط في الموصَى به أمور: 1 - كونه بعد موت الموصي: فإن كان قبله فهو هبة وليس وصية. 2 - أن يكون قابلاً للتمليك: فلو أوصَى بشيء يزول ملك الموصَى له عنه، أو أوصَى بشيء سوف يملكه فمات قبل ملكه له فلا تصح الوصية به. لكن إن أوصى بما لا يقدر على تسليمه صحت الوصية به، وللموصِي السعي في تحصيله. ¬

(¬1) فتح المالك بتبويب التمهيد على موطأ مالك (8/ 385). (¬2) الكافي (4/ 13)، والفروع، لابن مفلح (ص:1165)، وروضة الطالبين (5/ 102)، وحاشية الجمل على شرح المنهج (5/ 586)، والذخيرة للقرافي (7/ 14). (¬3) انظر الفروع (ص: 1169)، والروضة للنووي (5/ 111)، وكشاف القناع (3/ 2153).

رابعا: الموصى إليه (الوصي)

3 - أن يكون الموصى به مباحاً: فإن كان الموصى به غير مباح الانتفاع به فإنه لا يجوز للموصى له تنفيذه، كما لو أوصى فلان بالتبرع بالمجلات الخليعة المفسدة للدين والدنيا. رابعا: الموصَى إليه (الوصي): تعريفه: هو المأمور بالتصرف في الوصية بعد الموت وهو من يسمى بالوكيل على الوصية، أو الوصي على الوصية وغيرها. الشروط المعتبرة فيه (¬1): 1 - التكليف: أي كونه مكلفا أي مسلماً بالغاً عاقلاً. 2 - الرشد: والمراد به إحسان التصرف أي كونه ممن يحسن التصرف فيما ينفعه وينفع غيره. 3 - العدالة: فإن كان مخروم العدالة فلا تصح نيابته عن الموصي. تنبيهات على الوَصِي: الأول: يتم تحديد التصرف من قبل الموصَى إليه بما أُوصي إليه فقط، فإذا أوصَى إليه أن ينظر في المال فليس له أن يزوج البنات مثلا، وكذا إذا أوصَى إليه بأن ينظر في الوقف الفلاني فلا يحق له أن ينظر في غيره. الثاني: فيمن يكون وصياً من قبل نفسه للضرورة: صورة هذا أن الميت لم يوصه بشيء لكن هو الذي تولى مال الميت بعد ¬

(¬1) كشاف القناع (3/ 2178).

خامسا: الصيغة

موته لأجل الضرورة من خوف إتلاف المال، أو ضياعه بعدم معرفة وجوه التصرف فيه، فيجعل نفسه وصياً لأجل المصلحة فيجوز إن توفرت فيه شروط الوصي (التكليف، والرشد، والعدالة). الثالث: لا يجوز للموصى إليه عزل نفسه إذا في عزله ضرر على الوصية، كأن يعرف ظلم الحاكم وعدم مبالاته بأوقاف المسلمين ووصاياهم، فيخاف أن يُسند الوصية إلى غير أهل (¬1). خامسا: الصيغة: وهي الألفاظ في الوصية. لا يشترط في الصيغة التي تنعقد بها الوصية ألفاظ مخصوصة، فتكون بكل لفظ يدل عليها سواء كان لفظا صريحا كقول الموصي أوصيت لفلان بكذا، ونحوه، أو لفظاً غير صريح يفهم منه الوصية بالقرينة كقول الموصِي أعطوا كذا لفلان بعد موتي. قال الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي (¬2): «قوله: وصَّيت بعشرة آلاف لفلان، فهذا لفظ صريح، ويعتبر إيجاباً واضحاً في الدلالة ليس فيه أي احتمال. والألفاظ الضمنية التي تدل على الوصية ضمناً ما جرى به العرف من الألفاظ المعروفة، كقوله: أعطوا فلانا من ثلثي كذا وكذا، فنعتبرها وصية، رغم أنه ما قال: وصية مني، بل قال: أعطوا فلانا، لكن (أَعطوا) تدل ضمناً ¬

(¬1) الوصية للشيخ صالح بن عبد الرحمن الأطرم (ص: 135)، وشرح الوقاية للمحبوبي الحنفي (2/ 210 - 212)، وكشاف القناع (3/ 135). (¬2) في شرحه لزاد المستنقع (11/ 103).

حكم تنفيذ الوصية

على أنه يريد الوصية، فهذا هن اللفظ الصريح واللفظ غير الصريح» ا. هـ. ومثل اللفظ الكتابة وهذا يسمى الإيجاب. أما القبول: وهو قبول الموصَى إليه (الوصى) الوصاية التي اسندت إليه، فهو شرط لتنفيذ الوصية بعد الموت وهو أن يقول قبلت ويحصل أيضاً بالفعل كأخذ الموصى به، ونحو ذلك مما يدل على الرضا. ولا يشترط الفورية في القبول، بل يجوز القبول ولو كان على التراخي ما لم يتعين تنفيذ الوصاية (¬1). حكم تنفيذ الوصية: يغفل كثير ممن أوصي إليهم عن حكم تنفيذ ما أسند إليهم في الوصية وأحيانا لا يبالون بها، وهذا خطأ، فحكم تنفيذ الوصية واجب يأثم الموصَى إليه بعدم تنفيذها أو تأخيرها إن كانت محددة بوقت؛ فعلى من كان وصياً على شيء أن ينتبه لهذا الحكم. ومن الأمور التي تحث على تنفيذها ما أخرجه أبو داود أن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن أبي أوصى أن يعتق عنه مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين، وبقيت عليه خمسون رقبة، أفأعتق عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لو كان مسلماً فأعتقتم عنه، أو تصدقتم عنه، أو حججتم عنه بلغه ذلك» (¬2). ¬

(¬1) أسنى المصالب للأنصاري (3/ 69)، مغني المحتاج (4/ 121)، الوصايا في الفقه الإسلامي (117). (¬2) أبو داود (2883).

متى يشرع تنفيذها؟

متى يشرع تنفيذها؟ يشرع تنفيذ الوصية إذا مات الموصي، فإن كانت هذه الوصية حالة، يمعنى أنها في أمر يكون بعد موته مباشرة، فهنا يجب في الحال تنفيذها كأن يكون أوصي به؛ وإن كانت في أمور مالية فهنا يشرع تنفيذها أيضاً بعد موت الموصي، وعلى حسب ما تقتضيه الحاجة. ولا تستحق الوصية للموصى له إلا بعد موت الموصي وبعد سداد الديون (¬1)، فإن استغرقت الديون التركة فليس للموصى له شيء لقول الله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا} [النساء: 11]. قضاء الدين مقدم على الوصية وجوباً: ومن الأمور التي يجب العناية بها أن قضاء الدين مقدم على تنفيذ الوصية لقوله تعالى في سورة النساء: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12]، وعن سعد بن الأطول: أن أخاه مات وترك ثلاثمائة درهم، وترك عيالاً، فأراد أن ينفقها على عياله، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه» فقال: يا رسول الله، قد أديت عنه إلا دينارين، ادعتهما امرأة وليس لها بينة، قال: «فأعطها فإنها محقة» وهو حديث صحيح (¬2). وقال البخاري -رحمه الله- (¬3): «وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية». ¬

(¬1) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، (ص: 106). (¬2) أخرجه ابن ماجه (2/ 813، رقم 2433). (¬3) صحيح البخاري (5/ 443).

الحث على الوصية في حال الصحة

الحث على الوصية في حال الصحة: حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة عامة في حال الصحة، فحين سئل: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: «أن تصدق وأنت صحيح حريص، تأمل الغنى وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان» (¬1). كما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - معيار فائدة المال هو فيما يذهب في سبيل الله تعالى، قائلا: «أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟» قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد إلا ماله أحب إليه. قال: «فإن ماله ما قدَّم، ومال وارثه ما أخر» (¬2). وأخرج عبد الرازق، وعبد بن حميد عن قتادة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أيها الناس، ابتاعوا أنفسكم من ربكم، ألا إنه ليس لامرئ شيء، ألا لا أعرفنَّ امرأ بخل بحق الله عليه، حتى إذا حضره الموت أخذ يدعدع ماله ههنا وههنا» ثم يقول قتادة: «ويلك يا ابن آدم، كنت بخيلاً ممسكاً، حتى إذا حضرك الموت أخذت تدعدع مالك وتفرقه، يا ابن آدم، اتق الله ولا تجمع إساءتين في مالك، إساءة في الحياة، وإساءة عند الموت، انظر إلى قرابتك الذين يحتاجون ولا يرثون، فأوص لهم من مالك بالمعروف» (¬3). ¬

(¬1) أخرجه البخاري (5/ 439، 440، رقم 2748)؛ ومسلم (2/ 716، رقم 1032). (¬2) أخرجه البخاري (3/ 334، رقم 1419). (¬3) الدر المنثور، للسيوطي (2/ 163).

مبطلات الوصية

مبطلات الوصية (¬1): تبطل الوصية بعدم استيفائها الشروط المعتبرة في أركانها. لكن أظهر ما يبطلها ستة أمور: 1 - موت الموصَى له؛ وذلك لأن الوصية إنما يملكها الموصى له بعد موت الموصي فإن مات قبل الموصِي بطلت الوصية، لأنه لم يملكها بعدُ. 2 - قتل الموصِي من قبل الموصَى له؛ لأن القتل يمنع الوصية فلو قلنا بعدم بطلان الوصية بالقتل لفتحنا باب شر عظيم فكل من أوصي له أبطأ عليه موت الموصي قد يقتله ليأخذ الوصية (¬2). 3 - تلف الموصَى به؛ فمتى تلف الموصَى به بطلت الوصية فلو أوصى الميت لزيد بمال أو سيارة مثلا فتلفت باحتراق أو غيره فإن الوصية تبطل. 4 - وزاد بعضهم أمراً رابعاً، وهو إذا جُنَّ الموصي جنوناً مطبقاً واتصل الجنون بالموت، والجنون المطبق هو الجنون الذي يستمر سنة عند محمد بن ¬

(¬1) ينظر: تحفة الفقهاء للسمرقندي (3/ 339، 341، 342، 354)، وبدائع الصنائع (7/ 394)، وعقد الجواهر الثمينة، لابن شاش (3/ 1219، 1224، 1231)، والإجماع لابن منذر (ص: 73)، والتهذيب للبغوي (5/ 73، 93، 99،100)، وروضة الطالبين (6/ 107، 108، 116، 143)، والمغني (8/ 396، 413، 415، 422، 467 - 470)، والورض المربع مع حاشية ابن قاسم (6/ 52، 69، 80)، وكشاف القناع (4/ 344)، والوصية للشيخ صالح الأطرم (ص: 135 - 137). (¬2) وأما حديث: «ليس لقاتل وصية» فلا يصح رواه الدارقطني برقم (115) عن علي وفيه مبشر بن عبيد متروك، وانظر: البدر المنير لابن الملقن (7/ 262 - 263)، وتلخيص الحبير لابن حجر (4/ 2065)، والأحكام الوسطى لعبد الحق (3/ 322). وحديث: «ليس لقاتل شيء» رواه أحمد برقم (348)، عن عمر مرفوعاً وهو صحيح لكن ليس بصريح في الوصية وظاهره في الميراث وقيس عليه الوصية.

الحسن، وقال أبو يوسف: هو الذي يستمر شهراً، وعليه الفتوى (¬1). 5 - إنكار الموصِي للوصية وجحودها؛ فمتى أنكر الموصي أنه أوصى لزيد بكذا فإنها تبطل لكونه لا يريد إيصالها له. 6 - ردة الموصي أو الموصَى له؛ فإذا ارتد أحدهما بطلت الوصية. ¬

(¬1) فقه السنة، سيد سابق (3/ 291).

مسائل مهمة في أحكام الوصية

مسائل مهمة في أحكام الوصية: المسألة الأولى: استحسان تحديد الوصية في شيء معين: إذا أوصى المسلم بشيء من ماله ثلثاً كان أو أقل منه، احتاج الورثة إلى أن يقوموا بحصر جميع ما خلفه مورثهم للتوصل إلى قدر هذه النسبة، وبما أن الأشياء التي يخلفها الموصي قد تكون كثيرة ومتنوعة، وربما احتاج حصرها لوقت طويل؛ مما يكون سبباً في تعطيل تنفيذ الوصية بعض الوقت، وقد تحدث شقاقاً ونزاعاً بين الورثة؛ لذا فإن من الأولى أن تكون الوصية في عقار، أو عقارات معينة، أو مبالغ محدودة، أو أسهم معلومة، في حدود الثلث فأقل؛ ليكون ذلك أسرع في تنفيذ الوصية، وأسهل على الوارث، وعلى الجهات المختصة من المحاكم وكتابات العدل وكتابات العدل وغيرها (¬1). المسألة الثانية: حكم المضارة في الوصية: المضارة في الوصية كبيرة من الكبائر، قال ابن عباس - رضي الله عنه -: «الإضرار في الوصية من الكبائر» (¬2). وقال تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12]. قال ابن كثير _رحمه الله_: «لتكن وصيته على العدل لا على الإضرار ¬

(¬1) نبذة في الوصايا مع بعض النماذج الخاصة بها، لعبد العزيز بن قاسم (ص: 17). (¬2) رواه البيهقي في الكبرى (6/ 271)، وابن عبد البر في الاستذكار (23/ 19)، والتمهيد (5/ 515)، ورواه سعيد بن منصور برقم (343) بلفظ: «الجنف في الوصية والإضرار فيها من الكبائر»، وروي مرفوعاً ولا يصح، انظر: تفسير ابن كثير (1/ 105)، وسنن الجراقطني وبذيله التعليق المغني (3 - 4/ 151).

والجور والحيف بأن يحرم أحد الورثة أو ينقصه، أو يزيده على ما فرض الله له من الفريضة، فمن سعى في ذلك كان كمن ضاد الله في حكمه وشرعه» (¬1) ا. هـ. قال ابن الأثير _رحمه الله_: «ومعنى المضارة في الوصية: أن لا يمضيها، أو ينقص بعضها، أو يوصي لغير أهلها ونحو ذلك» (¬2) ا. هـ. والإضرار في الوصية من قبل الموصي بالوصية يكون من قبل الموصي ويكون من قبل الموصى إليه. فالإضرار بها بأن يوصي بأكثر من الثلث أو يوصي لغير الوارثين مع كون الورثة محتاجين وهذا على نحو ما ذكرناه في أحكام الوصية (¬3). قال أبو هريرة - رضي الله عنه - وروي مرفوعاً-: «إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة، فإذا أوصى حاف في وصيته، فيختم له بشر عمله فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته، فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة»، ثم قال: فاقرؤوا إن شئتم: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} إلى قوله: {عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 13 - 14] (¬4). ¬

(¬1) تفسير القرآن الكريم (1/ 569). (¬2) جامع الأصول (11/ 626). (¬3) انظر: الملخص الفقهي (2/ 219،220). (¬4) رواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيرهما، كما في تفسير ابن كثير (1/ 461)، والدارقطني فى سننه (4/ 151، رقم7) وغيرهم، وقال ابن كثير: قال الطبري: الصحيح الموقوف. وكذلك قال غير واحد من العلماء. السنن والأحكام عن المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، للإمام ضياء الدين المقدسي (5/ 14 - حاشية 5).

ومن الإضرار فيها أيضاً من قبل الموصي تفضيل بعض الورثة على بعض بالوصية له بالمال مضارة بالورثة ونحوه أما الإضرار بالوصية من قبل الموصى إليه فيكون بإهمالها وعدم القيام بحقها أو التصرف فيها بما ليس من مصلحتها بل فيه إفساد لها أو نقص منها ونحو ذلك فهذا إضرار بالوصية. والإضرار في الوصية نوعان: إثمٌ وجنف. فالإثم هو الإضرار بالوصية مع القصد، أما الجنف فهو الإضرار بالوصية من دون قصد. وقد أوضح ابن القيم في إغاثة اللهفان معناهما مع التمثيل لهما وما يجب نحوهما بقوله: «والضرار نوعان: جنف وإثم. فإنه قد يقصد الضرار، وهو الإثم، وقد يضار من غير قصد، وهو الجنف، فمن أوصى بزيادة على الثلث فهو مضار قصد أو لم يقصد، فللوارث رد هذه الوصية. وإن أوصى بالثلث فما دون ولم يعلم أنه قصد الضرار وجب إمضاؤها. فإن علم الموصَى له أن الموصي إنما أوصى ضراراً لم يحل الأخذ، ولو اعترف الموصي أنه إنما أوصَى ضراراً لم تجز إعانته على إمضاء هذه الوصية. وقد أجاز سبحانه وتعالى إبطال وصية الجنف والإثم، وأن يصلح الوصي أو غيره بين الورثة والمُوصَى له فقال تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 182]. وكذلك إذا ظهر للحاكم أو الموصي الجنف، أو الإثم في الوقف ومصرفه أو بعض شروطه فأبطل ذلك مصلحا لا مفسدا. وليس له أن يعين الواقف على إمضاء الجنف والإثم، ولا يصح هذا الشرط ولا يحكم به، فإن الشارع قد

المسألة الثالثة: مقدار ما يوصى به

رده وأبطله. فليس له أن يصحح ما رده الشارع وحرمه، فإن ذلك مضارة له ومناقضة» (¬1). المسألة الثالثة: مقدار ما يوصَى به: قال القرطبي (¬2): لم يبين الله تعالى في كتابه مقدار ما يوصى به من المال، وإنما قال: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}، والخير المال، كقوله: ... {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ}، {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ}، فاختلف العلماء في مقدار ذلك، فروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه أوصَى بالخمس، وقال: رضيت لنفسي بما رضي الله به لنفسه، وقال علي - رضي الله عنه -: رضي الله لنفسه من غنائم المسلمين بالخمس، وقال معمر عن قتادة: أوصى عمر بالربع، وذكره البخاري عن ابن عباس، وروري عن علي - رضي الله عنه - أنه قال: لأن أوصي بالخمس أحب إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إليَّ من أن أوصي بالثلث. المسألة الرابعة: الوصية بالثلث: تجوز الوصية بالثلث ولا تجوز الزيادة عليه، والأولى أن ينقص عنه، وقد استقر الإجماع على ذلك، فعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال: جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يعودني، وأنا بمكة - وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر فيها - قال: «يرحم الله ابن عفراء» قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: «لا» قلت: الثلث؟ قال: «فالثلث، والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم، وإن مهما ¬

(¬1) إغاثة اللهفان، لابن القيم (1/ 392 - 393) (¬2) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (2/ 260)، والكافي لابن قدامة (4/ 6).

المسألة الخامسة: حكم الوصية بأكثر من الثلث لمن كان له وارث

أنفقت من نفقة فإنها صدقة، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك ...» الحديث (¬1). وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: لو غضَّ الناس إلى الربع، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الثلث، والثلث كثير» (¬2). المسألة الخامسة: حكم الوصية بأكثر من الثلث لمن كان له وارث: الموصي إما أن يكون له وارث أو لا. فإن كان له وارث فإنه لا يجوز له الوصية بأكثر من الثلث كما تقدم، وذهب جمهور الفقهاء الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه إذا أوصى بالزيادة على الثلث فإن وصيته لا تنفذ إلا بإذن الورثة، فإن أجازوها جازت وإن لم يجيزوها بطلت (¬3)، ويشترط لنفاذها شرطان: 1 - أن تكون بعد موت الموصي: لأنه قبل موته لم يثبت للمجيز حق فلا تعتبر إجازته، وإذا أجازها أثناء الحياة كان له الرجوع عنها متى شاء. وإن أجازها بعد الحياة نفذت الوصية، وقال الزهري وربيعة: ليس له الرجوع مطلقاً. 2 - أن يكون المجيز وقت الإجازة كامل الأهلية: غير محجور عليه لسفه أو غفلة. ¬

(¬1) سبق تخرجه، وانظر: الملخص الفقهي (2/ 217، 218). (¬2) أخرجت البخاري رقم (2743)؛ ومسلم (3/ 1253). (¬3) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل (ص: 116).

المسألة السادسة: حكم الوصية بأكثر من الثلث لمن لا وارث له

المسألة السادسة: حكم الوصية بأكثر من الثلث لمن لا وارث له: قال ابن قدامة رحمه الله (¬1): «فيه روايتان: الأولى: تجوز وصيته بماله كله، لأن النهي معلل بالإضرار بالوارث لقوله: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء ...» الحديث، وبه قال ابن القيم (¬2). الثانية: الوصية باطلة، لأن ماله يصير للمسلمين، ولا مجيز منهم» ا. هـ. وعدم الجواز هو رأي الجمهور (¬3)، لأن الحق فيها لكافة المسلمين ولا يتصور الإجازة منهم جميعاً (¬4). وجاء في المهذب: «وإن أوصَى بما زاد عن الثلث، فإن لم يكن له وارث بطلت وصيته فيما يزيد على الثلث لأن ماله ميراث للمسلمين، ولا مجيز له منهم فبطلت» (¬5). وقال البغوي (¬6): «وفي الحديث (حديث سعد المتقدم) دليل على أنه لا يجاوز الثلث سواء كان له وارث أو لم يكن؛ وذهب أكثر أهل العلم إلى أن الورثة إن أجازوها جازت وبه قال مالك والشافعي (¬7)، كما لو أوصى لأجنبي ¬

(¬1) الكافي (2/ 8). (¬2) إعلام الموقعين (4/ 52 - 54). (¬3) فقه السنة، سيد سابق (3/ 290). (¬4) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل، (ص: 117). (¬5) المهذب للشيرازي (3/ 708)، وروضة الطالبين (6/ 108)، والمدونة لابن سحنون (6/ 25)، والمحلى لابن حزم (9/ 317). (¬6) شرح السنة (5/ 284). (¬7) حاشية الدسوقي (4/ 458)، وشرح الترتيب للشنشوري (2/ 5).

المسألة السابعة: تزاحم الوصايا

بأكثر من الثلث وأجازه الورثة جاز. والإجازة تكون بعد موت الموصي ولا حكم لإجازة الوارث ورده في حياة الموصِي» ا. هـ. أما من أجازها فاستدل بأن «المنع فيما زاد على الثلث لحق الورثة فإذا عدموا زال المانع» (¬1). المسألة السابعة: تزاحم الوصايا (¬2): الوصايا لا تتزاحم إلا إذا كثرت ولم يف المال بتنفيذها. سواء أكان هذا المال الذي يخصص لتنفيذها الثلث، أو الأكثر منه وأجازت الورثة. والوصايا إما أن تكون من بينها وصية واجبة، أو لا يكون من بينها وصية واجبة، فإن كانت من بين الوصايا وصية واجبة، فإن وسع الثلث جميع الوصايا نفذت كلها ولا تزاحم، وإلا نفذت الوصية الواجبة، فهي مقدمة على غيرها من الوصايا، فإن لم يبق شيء من الثلث بطلت هذه الوصايا، إلا إذا أجازها الورثة من أكثر من الثلث. وإن لم تكن بينها وصية واجبة أو بقي لها شيء من الثلث بعد الوصية الواجبة أو أجاز الورثة إخراجها من أكثر من الثلث فإن وسعها المال المخصص لتنفيذ الوصايا نفذت كلها ولا تزاحم، وإن لم يسعها تزاحمت، وفي حالة هذا التزاحم إما أن تكون الوصايا كلها للعباد، أو تكون كلها لله تعالى، أو يكون بعضها للعباد وبعضها لله تعالى. ¬

(¬1) الروض المربع (7/ 555)، وانظر: الملخق الفقهي (2/ 220، 221). (¬2) فقه المواريث والوصية في الشريعة الإسلامية، د. نصر فريد محمد واصل، (ص: 133 - 135)، وانظر: الملخص الفقهي (2/ 221).

فإذا كانت كلها للعباد قسم المال بينهم بالمحاصة على نسبة سهام وصاياهم، إلا أنه إذا كان لأحدهم وصية بعين، فإنه يأخذ سهمه من تلك العين، لا من غيرها (¬1). وإن كانت كل الوصايا لله تعالى، فإما أن تكون كلها من نوع واحد بأن كانت كلها بالفرائض، كالزكاة والحج أو كانت كلها بالواجبات، كصدقة الفطر والأضحية والنذر أو كانت كلها تطوعاً كحج التطوع، وبناء المسجد والمستشفى والصرف على الفقراء، وإما أن تكون من أنواع مختلفة بأن كان بعضها بالفرائض ويعضها بالواجبات، وبعضها بالتطوع. فإن كانت كلها من نوع واحد كالفرائض مثلاً، قسم المال المخصص لتنفيذها بينها بالمحاصة على نسبة سهامها إذا كانت سهامها معلومة مختلفة، كالربع والثلث مثلاً، وإن لم تذكر سهامها يقسم المال بينها بالتساوي، وقيل تقدم الزكاة على غيرها لتعلق حق العبد بها مع حق الله تعالى، والباقي بعد الزكاة يتبع فيه المقاسمة بالمحاصة على نسبة سهامها إذا علمت سهامها، أو بالتساوي إن لم تعلم السهام، وقيل إذا كانت كلها نوافل يقدم ما قدمه الموصي (¬2). وإن كانت الوصايا من أنواع مختلفة قدمت الفرائض، ثم الواجبات ثم ما كان بالتطوع، فإذا استنفذت الفرائض المال كله بطلت الوصايا الأخرى وإن بقي شيء لما بعد الفرائض وهكذا في كل نوع مع ما بعده. ¬

(¬1) الميراث المقارن، للكشكي (ص: 131، وما بعدها). (¬2) الميراث المقارن (ص: 132).

المسألة الثامنة: حكم زكاة الموصى به

وكل نوع يقسم ما يخصه بينه بالطريقة السالفة فيما إذا كانت كل الوصايا من نوع واحد. وإن كانت الوصايا بعضها للعباد وبعضها لله تعالى قسم المال بينهما بالمحاصة ثم قسم ما يخص العباد بالمحاصة بين وصاياهم وما يخص الله تعالى يتبع فيه ما اتبع في الوصايا التي كانت كلها لله تعالى، في حالة ما إذا كانت كلها من نوع واحد وفي حالة ما إذا كانت خليطاً من أنواع مختلفة (¬1). المسألة الثامنة: حكم زكاة الموصى به: من الشروط المعتبرة شرعاً في وجوب إخراج الزكاة الملك التام للمزكي وهذه الملكية يتناولها صاحب المال والمستحق له فمتى ملكها أحدهما وجبت عليه الزكاة ومن خلال هذا الشرط نقول: لما كان صاحب المال الحقيقي غير موجود في الوصية بقي المالك الثاني له وهو المستحق لهذا المال ولكنه لا يخلو من حالتين: الأولى: إما أن يكون معيناً من قبل الموصي كزيد من الناس فهنا الصحيح أن الزكاة تجب في هذه الحالة. الثانية: أن تكون الوصية عامة أي لا تشمل أحداً بعينه أو جماعة بعينها كالفقراء والمساجد والغزاة واليتامى والأرامل وغيرهم ممن لم يعينوا من قبل الموصي فلا خلاف بين أهل العلم في عدم وجوب الزكاة فيها لافتقار شرط الملكية. ¬

(¬1) الميراث المقارن (ص: 132).

الأمور المعتبرة في إثبات الوصية

قال النووي في المجموع: «قال أصحابنا إذا كانت الماشية موقوفة على جهة عامة كالفقراء أو المساجد أو الغزاة أو اليتامى وشبه ذلك فلا زكاة فيها بلا خلاف وإن كانت موقوفة على معين واحد أو جماعة فإن قلنا بالأصح أن الملك برقبة الموقوف لله _تعالى_ فلا زكاة بلا خلاف كالوقف على جهة عامة وإن قلنا بالضعيف أن المال في الرقبة للموقوف عليه ففي وجوبها عليه الوجهان المذكوران في الكتاب أصحها لا تجب» (¬1). قلت والصحيح ما ذكرناه من وجوب الزكاة على الوصية المعينة لأن ملكية الوصية انتقلت إلى هذا المعين وهو يملكها ملكاً مستقراً فكان وجوب الزكاة فيه أرجح عندي من عدم الوجوب. الأمور المعتبرة في إثبات الوصية: أولاً: الكتابة: ودليل ذلك حديث ابن عمر: «ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده» (¬2). فإذا كتب الموصي وصيته بقلمه وتحقق أنه قلمه وخطه فإن هذا يكفي في ثبوت الوصية ولو لم يشهد، قال إسحاق بن إبراهيم: قلت لأحمد: الرجل يموت ويوجد له وصية تحت رأسه من غير أن يكون أشهد عليها، أو أعلم بها أحداً، هل يجوز إنفاذ ما فيها؟ قال: إن كان عرف خطه، وكان مشهور الخط، فإنه ينفذ ما فيها (¬3). ¬

(¬1) المجموع للنووي (5/ 312). (¬2) سبق تخرجه. (¬3) فتح الباري (5/ 263)، والمغني (14/ 178)، والطرق الحكمية لابن القيم (205).

والحديث المتقدم كالمتقدم كالنص في جواز الاعتماد على خط الموصي. وكتبه - صلى الله عليه وسلم - إلى عماله، وإلى الملوك وغيرهم تدل على العمل بالكتابة. لكن: هل يلزم أن تكون الوصية مختومة بخاتم الموصي أو هل يلزم الإمضاء عليها؟ (¬1). أما الختم عليها فهذا لا بأس به فإن وجد فهو زيادة في التوثيق لكن كونه لازم الوجود فهذا لا نقول به لأن الخط أبلغ وأوكد وبخاصة إذا كان الورثة يعلمون خط الموصي فإن إقرارهم بخطه كاف في ثبوت الوصية أما كون الختم لا يلزم من ثبوته ثبوت الوصية وذلك لأمرين: الأول: أن الختم قد يزور عليه. الثاني: أن الختم يمكن فيه التغيير والتصوير. وهذا مما نشاهده كثيراً ونسمع عنه كثيراً. أما الإمضاء فهذا العمل به أعجب من سابقه، بل هو غريب وعجيب في الاكتفاء به، فإنه مما هو معلوم لدى الجميع أن الإمضاءات قد تتشابه بل يمكن تزويرها بعد الممارسة وهذا أيضاً مشاهد، فالمعمول به في الوصية هو الخط؛ ولهذا نجد أن أهل العلم إذا جاءت إليهم وصية لا يبحثون إلا على الخط. لكن هناك أمر لا يمكن تجاهله وهو: أن عدم لزوم العمل بالوصية إذا كانت مختومة ليس على إطلاقه، بل إذا كانت الوصية مختومة بخاتم الموصي وهناك قرائن أخرى حفت بها وانتفت قرائن العكس فيعمل بالختم عندئذٍ. ¬

(¬1) الوصية: ضوابط وأحكام، أ. د. عبد الله بن محمد الطيار، (ص:32، 33).

ثانيا: الإشهاد

ثانياً: الإشهاد: فإن كان الموصي أُمياً يجهل الكتابة فالمشروع في حقه الإشهاد على وصيته عند تعذر كتابتها من قبله أو من قبل غيره. لكن إن تمكن من الجمع بين الكتابة والإشهاد على الوصية فهذا فيه خير، لأن فيه زيادة توثيق وإثبات وهو لا يلزم كما ذكر آنفاً إذا كان الخط معروفاً. لكن كلامنا عن الإشهاد العاري عن الكتابة فهل هو كاف في ثبوت الوصية؟ نقول نعم، الإشهاد العاري عن الكتابة كاف في ثبوت الوصية ولذا عده أهل العلم مما تثبت به الوصية. دليل ذلك بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106]. فدلت الآية على مشروعية الإشهاد على الوصية، لكن لابد من استيفاء الشروط التي جاءت الشريعة بها في الوصية المشهود عليها. فمن هذه الشروط: 1 - كون الشاهدين مسلمين: فإن تعذر الحصول عليهما فتكفي شهادة غيرهما من أهل الكتاب. فإذا كان المسلم في سفر وحضر الموت وليس عنده رجلان مسلمان جاز له أن يشهد على وصيته كافرين للضرورة. 2 - كونهما ذكرين: أما شهادة المرأة فهي مقبولة في الوصية له، وغير مقبولة في الوصية إليه. 3 - كونهما عدلين: وهذا الشرط هو الذي اشترطه رب العالمين حرصاً

ثالثا: ومما تثبت به الوصية الإشارة

منه سبحانه على المحافظة على أموال الناس ووصاياهم. أما صفة العدالة فقد مرت بنا في الشروط المعتبرة في الموصى إليه فلتراجع. ثالثاً: ومما تثبت به الوصية الإشارة: فإن كان عاجزاً عن الكلام لاعتدال في لسانه أو لخرس فإن إشارته كافية في ثبوت وصيته لكن بشرط كونها مفهومة. وتصح الوصية من الأخرس بإشارته أو كتابته (¬1). قال ابن قدامة: «وتصح وصية الأخرس بالإشارة ولا تصح ممن اعتقل لسانه بها ويحتمل أن تصح، إذا فهمت أشارة الأخرس صحت وصيته بها؛ لأنها أقيمت مقام نطقه في طلاقه ولعانه وغيرها فإن لم تفهم إشارته فلا حكم لها به، قال أبو حنيفة والشافعي وغيرهما: فأما الناطق إذا اعتقل لسانه فعرضت عليه وصيته فأشار بها رفعت إشارته فلا تصح وصيته إذا لم يكن مأوساً من نطقه. ذكره القاضي وابن عقيل وبه قال الثوري والأوزاعي وأبو حنيفة، ويحتمل أن يصح وهو قول الشافعي وابن المنذر؛ لأنه غير قادر على الكلام أشبه الأخرس واحتج ابن المنذر «بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى وهو قاعد فأشار إليهم فقعدوا» [رواه البخاري]، وخرجه ابن عقيل وجها: إذا اتصل باعتقال لسانه الموت، ولنا أنه غير مأوس من نطقه فلم تصح وصيته بالإشارة كالقادر على الكلام، والخير لا يلزم فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قادراً على الكلام ولا خلاف في ¬

(¬1) انظر الحديث رقم (2746) في البخاري كتاب الوصايا، إذا أومأ المريض برأسه إشارة بينة جازت.

حكم التغيير أو الرجوع في الوصية

أن إشارة القادر لا تصح بها وصيته ولا إقراره، وفارق الأخرس فإنه مأوس من نطقه» (¬1). حكم التغيير أو الرجوع في الوصية: الوصية عقد من العقود الجائزة التي يصح للموصي أن يغير فيها ما يشاء أو أن يرجع فيها. قال القرطبي: «أجمعوا أن للإنسان أن يغير وصيته ويرجع فيما شاء منها» (¬2). فمتى أراد الموصي أن يرجع في وصيته أو أن يغير فيها شيئا جاز له ذلك ما دام على قيد الحياة مثل لو أوصى لبناء مسجد من ثلث ماله ثم رجع جاز ذلك، فإن الوصية لا تلزم إلا عند الموت ولا تلزم أيضا إلا بالقبول إذا كان الموصى له معيناً أو محصوراً يملك، فإذا كان كذلك فإنه يجوز أن يرجع فيها أو أن يبدل ويغير فيها ما شاء ما دام على قيد الحياة. الدليل الإجرائي لكتابة الوصية: الجهة المختصة: هي المحكمة العامة. • في حالة كون الموصى به عقاراً فلابد من إحضار صك التملك، ويكون خالياً من الرهن حتى يتم التهميش عليه، وحجزه لصالح مصارفه وذلك بعد الوفاة، وكذلك يقال في الأسهم فلابد من إحضار شهادة الأسهم. ¬

(¬1) الشرح الكبير له (6/ 420). (¬2) الجامع لأحكام القرآن، القرطبي (2/ 261).

أحكام لابد من معرفتها عند كتابة الوصية

• حضور الموصي ومعه إثبات شخصيته، فإن كان رجلاً يحضر بطاقة الأحوال، وإن كانت امرأة تحضر دفتر العائلة. • حضور شاهدين مع إثبات شخصيتهما. • تقديم استدعاء لرئيس المحكمة العامة بطلب إصدار صك وصية. • مراجعة المحكمة العامة المحال عليه لاستيفاء الإجراءات، وأخذ موعد لضبط الوصية. • مراجعة كاتب العدل في الموعد المحدد لضبط الوصية، واستخراج الصك واستلامه. • في حالة كون العقار موجوداً مثلا في الشرقية والموصي في الرياض فيمكن ضبط الوصية في كتابة العدل وليس في بلد العقار. • يمكن للموصي أن يكتب وصيته في أي مقر لكتابة العدل بالمملكة. أحكام لابد من معرفتها عند كتابة الوصية (¬1): لا تصح الوصية لوارث؛ لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث» (¬2). تستحب الوصية لذوي القربى غير الوارثين؛ لأن الله أمر بها بقوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: 180]، ونسخ قولُه: «لا وصية لوارث» الوصية للوارث، وبقي من لا يرث على أصل الاستحباب. ¬

(¬1) التذكرة الندية (ص:64، وما عبدها). (¬2) رواه أبو داود والترمذي، وصححه الأباني، وقد تقدم.

لا يجوز أن تتجاوز الوصية الثلث، ويجب على صاحب المال ألا يوصي بما يضر الورثة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الثلث، والثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس» (¬1). يستحب الإشهاد على الوصية سواء أكانت نطقاً أم كتابة؛ لأنه أحفظ لها، وأحوط لما فيها، والدليل على مشروعية ذلك قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:106]. قال ابن كثير (¬2): «قال ابن جرير: اختلف في قوله: {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} هل المراد به أن يوصي إليهما أو يشهدهما؟ على القولين، والثاني: أنهما يكونان شاهدين وهو ظاهر سياق الآية الكريمة». ... هذا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العاملين على ما يسره لي من القيام بإعداد هذا البحث راجياً منه عز وجل أن يجعله عملاً خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفعنا بما علمنا، فهو وحده جل وعلا القادر على كل شيء، إنه نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. ... ¬

(¬1) رواه البخاري، ومسلم وقد تقدم. (¬2) تفسير ابن كثير (2/ 126)، وانظر حاشية الروض المربع لابن قاسم (6/ 41).

المراجع العامة

المراجع العامة 1 - الإجماع لابن المنذر، ط. دار مكتبة الحياة، بيروت_ لبنان. 2 - الأحكام الصغرى لابن العربي، ط. منشورات المنظمة الإسلامية (إيسيسكو). 3 - الأحكام الوسطى لعبد الحق الإشبيلي، ط. مكتبة الجمهورية العربية. 4 - الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية، ط. مكتبة الرشد. 5 - إرواء الغليل، للعلامة الألباني _رحمه الله_، الناشر: المكتب الإسلامي _ بيروت_ لبنان. 6 - أساس البلاغة للزمخشي، ط. دار المعرفة، بيروت. 7 - الاستذكار لابن عبد البر، ط. دار الوعي، حلب. 8 - الإشراف على نكت مسائل الخلاف، لعبد الوهاب البغدادي، ط. ابن حزم. 9 - الإفصاح عن معاني الصحاح، ابن هبيرة، المحقق: فؤاد عبد المنعم أحمد، ط. دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت لبنان. 10 - الإقناع لابن المنذر، ط. مكتبة الرشد. 11 - بدائع الصنائع، للإمام الكاساني، الناشر: زكريا يوسف، مطبعة الإمام. 12 - البدر المنير لابن الملقن، ط. دار المعرفة، بيروت_ لبنان. 13 - بلوغ المرام، لابن حجر العسقلاني، ط. دار ابن الجوزي.

14 - تحفة الطلاب، لزكريا الأنصاري، دار البشائر. 15 - تحفة الفقهاء للسمرقندي، ط. دار ابن الجوزي. 16 - التذكرة الندية في أحكام الوصية لعبد الرحمن عبد الكريم، دار الرشاد للنشر والتوزيع. 17 - تفسير القاسمي، ط. دار الحديث، القاهرة. 18 - تفسير القرآن العظيم لابن كثير، ط. دار السلام. 19 - التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر، ط. مطبعة الاستقامة، القاهرة. 20 - التمهيد لابن عبد البر، ط. الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 21 - التهذيب للبغوي، ط. دار الكتب العربية الكبرى بمصر. 22 - جامع الأصول في أحاديث الرسول، لابن الأثير تحقيق: عبد القادر الأرناؤوط، ط. الحلواني. 23 - حاشية الجمل لسليمان بن عمر المصري المعروف بالجمل، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 24 - حاشية الروض المربع لابن قاسم، رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية. 25 - حاشية شرح عمدة الفقه للشيخ د. عبد الله بن عبد العزيز الجبرين. 26 - الذخيرة للقرافي، ط. دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان. 27 - الروض المربع تحقيق مجموعة من المشايخ، ط. دار الوطن.

28 - روضة الطالبين للنووي، ط. دار عالم الكتب. 29 - سنن أبو داود، ط. دار الرسالة العالمية. 30 - سنن البيهقي الصغرى، ط. الفاروق، مصر. 31 - سنن البيهقي الكبرى، ط. الفاروق، مصر. 32 - سنن الترمذي، ط. دار الرسالة العالمية. 33 - سنن الدارقطني، ط. دار المحاسن القاهرة. 34 - سن الدارمي، ط. دار المغني، الرياض. 35 - سنن النسائي، ط. دار الكتاب العربي _بيروت_ لبنان. 36 - سنن سعيد بن منصور، ط. دار الكتب العلمية، بيروت. 37 - شرح الزركشي، لشمس الدين الزركشي_ طبعة العبيكان في الرياض. 38 - شرح السنة للبغوي، ط. المكتب الإسلامي. 39 - الشرح الممتع، للشيخ محمد بن عثيمين، ط. دار ابن الجوزي. 40 - شرح الوقاية للمحبوبي الحنفي، ط. المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان. 41 - شرح صحيح مسلم للنووي، ط. دار عالم الكتب، الرياض. 42 - صحيح مسلم، للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري وقف على طبعه، وتحقيق نصوصه، وتصحيحه، وترقيمه وعلق عليه ملخص شرح الإمام النووي مع زيادات عن أئمة اللغة،

محمد فؤاد عبد الباقي نشر- وتوزيع رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. 43 - عقد الجواهر الثمينة، لابن شاش، مطبعة المدني، بمصر. 44 - فتح الباري شرح صحيح البخاري، ط. رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. 45 - فتح المالك بتبويب التمهيد على موطأ مالك، ط. دار الكتب بيروت. 46 - الفروع، لابن مفلح، ط. بيت الأفكار الدولية. 47 - الكافي لابن قدامة، تحقيق د. عبد الله التركي، ط. دار هجر. 48 - كشاف القناع عن متن الاقناع للعلامة منصور البهوتي، الناشر: مكتبة النصر الحديثة بالرياض. 49 - لسان الميزان، للحافظ ابن حجر _ تحقيق: عبد الفتاح أبو غدة، ط. دار الفكر بيروت. 50 - مسند ابن أبي شيبة، ط. الدار السلفية. 51 - مسند الإمام أحمد، ط. مؤسسة الرسالة. 52 - مصنف عبد الرازق، ط. المكتب الإسلامي - بيروت- لبنان. 53 - المغني لابن قدامة، ط. مكتبة الرياض الحديثة. 54 - معجم مقاييس اللغة، لابن فارس، ط. دار إحياء التراث، بيروت. 55 - الموسوعة الكويتية، إصدار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية _الكويت.

56 - موطأ الإمام مالك، المكتبة الإعدادية مكة المكرمة - ط. دار الفكر. 57 - نبذة في الوصايا مع بعض النماذج الخاصة بها، للشيخ: عبد العزيز بن إبراهيم بن قاسم. 58 - الوصايا والتنزيل في الفقه الإسلامي محمد التأويل، ط. وزارة الأوقاف. 59 - الوصية للدكتور صالح بن عبد الرحمن الأطرم.

§1/1